You are on page 1of 44

‫جمهورية التونسية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة سوسة‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة‬

‫ندوة حبث‬
‫لوىل ماجس تري حبث قانون خاص‬
‫إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري‬
‫للبضائع‬ ‫إعدإد إلطلبة‪:‬‬

‫إعدإد‪:‬‬
‫إلس تاذ(ة) إملرشف‪:‬‬
‫ش اميء ه ّلول‬
‫نرجس إلتلييل‬ ‫ليىل إلوردإين‬
‫آاثر إملس تريي‬
‫إلغزي‬
‫سريين ّ‬
‫سلسبيل إلغول‬

‫‪2020/2021‬‬
‫إخملطط‪:‬‬
‫جزء آول‪ :‬مسؤولية إلناقل إلبحري للبضائع إلناش ئة عن إلنإعات إلبحرية‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬نطاق إخالالت الناق ل البحري‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التأسيس الق انوني لقيام المسؤولية‪ :‬الخطأ المفترض‪.‬‬

‫إجلزء إلثاين‪ :‬نظام حل إلنإعات‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ممارسة دعوى التعويض‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آلية التعويض‪.‬‬


‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫المقدّمة‬
‫يشهد النقل البحري تطورا كبيرا في المجال االقتصادي فيعتبر النقل البحري من اهم‬
‫الوسائل التي تنقل بواسطتها اغلبية البضائع وبما ان عملية النقل البحري تتم بين دول مختلفة‬
‫وتجمع أطراف لهم جنسيات مختلفة وبالتالي مصالح مختلفة وأحيانا متضاربة فانه ال يستغرب‬
‫ان تتولد عنه مشاكل متعددة وأحيانا متشعبة جدا وذلك يعود باألساس ألهمية القيمة المالية‬
‫للبضائع المنقولة ب حرا االمر الذي جعل جل الدول تبادر بوضع قوانين قصد تنظيم هذا القطاع‬
‫والحفاظ على مصالحها‪.‬‬

‫دوليا وصل حجم البضاعة المنقولة بحرا في سنه ‪ 2016‬الى ‪ 9.1‬مليار طن اي ما‬
‫يعادل ‪ 289‬طن يتم نقلها عبر البحار في كل ثانيه لتبلغ بذلك نسبة مساهمة التجارة البحرية‬
‫‪ %90‬من التجارة العالمية‪ 1‬على غرار االهمية الدولية للنقل البحري يحظى هذا االخير بأهمية‬
‫بالغة بالنسبة لالقتصاد الوطني اذ يؤمن النقل البحري ‪ %98‬من حجم المبادالت التجارية للبالد‬
‫التونسية‪ 2.2‬ولعل الموقع الجغرافي لتونس وامتداد شريطها الساحلي الذي بلغ طوله ‪1400‬‬
‫كلم جعل من البحر اهم مسلك لتجارتها الدولية حيث تمثل التجارة البحرية أكثر من ‪% 70‬‬

‫من مبادالت تونس مع الخارج وقد انعكست هذه االهمية على عمل المحاكم فأخذت‬
‫النزاعات المتعلقة بالتجارة البحرية حيزا هاما من عمل القضاء‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يتنزل موضوع ندوة البحث المتمثل في المنازعات الناشئة عن عقد‬
‫النقل البحري للبضائع الشاحن‬

‫عقد النقل البحري للبضائع يمكن ان يكون بمقتضى مشارطة ايجار او بمقتضى وثيقة‬
‫شحن يستخلص من احكام الفصل ‪ 165‬م‪.‬ت‪.‬ب ان مشارطة اإليجار هو العقد الذي يضع‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.planetoscope.com/Mobilite/1835-marchandises-transportees-par-voie-maritime-dans-‬‬
‫‪lemonde.html.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪http://www.transport.tn/index.php?option=com-‬‬
‫‪_content&view=catagory&layout=blog&id=37&Itemid=156&lang=ar.‬‬

‫‪1‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫بموجبه شخص يدعى مؤجر السفينة تحت تصرف المستأجر مقابل اجرة ويمكن ان يتم استئجار‬
‫السفينة كلها او بعضها على اساس الرحلة او لمدة زمنية معينة‬

‫خالفا لمشارطة االيجار يتخذ النقل البحري صورة ثانية تتمثل في قيام مالك البضاعة‬
‫بالتعاقد مع أحد شركات النقل البحري العاملة على خطوط منتظمة للقيام بنقل بضاعته من‬
‫مكان آلخر لقاء اجر ويسمى هذا العقد بعقد النقل بسند الشحن‬

‫عرف المشرع التونسي سند الشحن او وثيقة الشحن ضمن الفصل ‪ 206‬م‪.‬ت‪.‬ب بأنه "‬
‫االتفاق الذي يتلقى بمقتضاه ناقل بحري بضاعة يسلمها اليه الشاحن مع االلتزام بتسليمها في‬
‫المكان المقصود يعبر عنه "بعقد النقل بوثيقة شحن""‬

‫اما اتفاقية هامبورغ فقد عرفت سند الشحن بالمادة االولى سابعا بكونه " وثيقة تثبت‬
‫انعقاد عقد نقل وتلقي الناقل للبضائع او شحنه لها ويتعهد الناقل بموجبها بتسليم البضائع مقابل‬
‫استرداد الوثيقة وينشأ هدا التعهد عن وجود نص في الوثيقة يقضي بتسليم البضائع ألمر شخص‬
‫مسمى او تحت االدن او لحاملها‪.3‬‬

‫يستنتج مما سبق بيانه سواء ما نصت عليه المادة االولى سابعا من اتفاقيه هامبورغ او‬
‫ما نص عليه الفصل ‪ 206‬م‪.‬ت‪.‬ب ان محل وثيقة الشحن هو البضاعة وذلك خالفا لعقد مشارطة‬
‫االيجار الذي ينصب محل العقد فيه على السفينة‪.4‬‬

‫يمكن تفسير كثرة اللجوء الى اعتماد وثيقة الشحن في المعامالت التجارية البحرية بكون‬
‫هذه االخيرة ال تكتفي بإثبات عقد النقل البحري بل هي ايضا وثيقة تمثل البضاعة وهي قابلة‬
‫للتداول وبالتالي فان الحامل لوثيقة الشحن هو المالك للبضاعة‬

‫‪ 3‬حكم ابتدائي صادر عن الدائرة المدنية االولى بالمحكمة االبتدائية ببن عروس ‪ -‬تحت عدد ‪ 28652‬مؤرخ في ‪12 / 03‬‬
‫‪ 2014/‬ملحق عدد ‪ 3‬اعتبرت فيه المحكمة "ركزت اتفاقية هامبورغ في تعريفها لوثيقة الشحن على دورها في اثبات انعقاد‬
‫عقد النقل البحري وفي اثبات تسليم البضاعة وهو ما جعل المحاكم التونسية تشترط لقبول الدعوى المؤسسة على وثيقة شحن‬
‫وجوب االدالء بها بأصل وثيقة شحن"‪.‬‬

‫ماجدة بن جعفر‪ .‬االثبات في منازعات عقود النقل البحري للبضائع م‪.‬ق‪.‬ت عدد ‪ 1‬جانفي ‪ 2006‬ص ‪15‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪2‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وتبعا لذلك فان وثيقة الشحن تستجيب أكثر من غيرها من العقود لمتطلبات النشاط‬
‫االقتصادي‪.5‬‬

‫يثير النقل البحري للبضائع بموجب وثيقة الشحن عدة مسائل لعل اهمها تلك المتعلقة‬
‫بمسؤولية الناقل البحري عن االضرار او النقص الحاصل للبضاعة خاصة وان االشكاليات‬
‫المثارة بموجب وثيقة الشحن تطرح مشكلة تفاوت موازين القوى بين االطراف المتداخلة في‬
‫عقد النقل البحري‪ .‬فالناقل في عقد النقل البحري للبضائع هو الطرف االقتصادي االقوى‬
‫ويصعب على اي شاحن مواجهة الشروط التي يمليها الناقل في وثيقة الشحن السيما فيما يتعلق‬
‫باألجرة وحاالت اعفائه من المسؤولية‪.6‬‬

‫وبالتالي فان عقد النقل البحري يرتب التزامات على عاتق كل من الطرفين المرسل‬
‫والناقل فيلتزم المرسل بتسليم البضاعة للناقل ودفع اجره النقل ويلتزم الناقل بتسلم البضاعة‬
‫ونقلها وتسليمها الى المرسل اليه في نهاية النقل وعند االخالل تنشا المنازعات‬

‫عديدة هي النصوص التي عنيت بتنظيم عقد النقل البحري‪ .‬على المستوى الدولي‬
‫معاهدة بروكسل المتعلقة بتوحيد سندات الشحن الموقعة في ‪ 1924/ 8 /25‬إال ان عجز هذه‬
‫االتفاقية عن مواكبة التطور االقتصادي لكونها كانت تخدم مصالح الدول الناقلة أكثر من الدول‬
‫الشاحنة خاصة في مجال االعفاء من المسؤولية ساهم في ابراز الحاجة الى تغيير هذا الوضع‬
‫الى ان ظهر البروتوكول المعدل لمعاهدة بروكسل في سنه ‪ 1968‬وبعده البروتوكول المعدل‬
‫لسنه ‪ 1997‬وقبل ذلك ابرمت اتفاقية هامبورغ الصادرة بتاريخ ‪1978/3/31‬‬

‫والتي صادقت عليها البالد التونسية ودخلت حيز التنفيذ في ‪1992 / 11 / 01‬‬

‫والتي يستلهم منها حاليا اغلب احكام مسؤولية النقل البحري في تونس‪.‬‬

‫‪ 5‬زكية الجازي‪ ،‬البضاعة والمسؤولية في قانون النقل البحري رسالة تخرج من المعهد االعلى للقضاء السنة القضائية ‪-2015‬‬
‫‪2016‬ص ‪8‬‬

‫وهيب األسبر‪ .‬القانون البحري‪ .‬المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس لبنان ‪ .2008‬ص ‪155‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪3‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫سن اتفاقية هامبورغ كان بغاية ارساء التوازن بين مختلف المتداخلين في عمليه النقل‬
‫البحري فقد مثل ذلك توازن جديد ومفيد لالقتصاد العالمي عامة والقتصاد الدول النامية خاصة‬

‫وذلك بغية القطع مع احكام معاهدة بروكسل المتعلقة بتوحيد سندات الشحن الموقعة في‬
‫‪ 1924 / 8 / 25‬والتي كانت احكامها في مجملها خادمه لمصالح الدول الناقلة أكثر من الدول‬
‫الشاحنة‪.7‬‬

‫أ ّما على المستوى الوطني فقد كان النقل البحري للبضائع في بالدنا خاضعا الى حدود‬
‫سنه ‪ 1942‬الى م‪.‬ا‪.‬ع التي لم تفرده بتنظيم خاص بل اخضعته الى الفصول من ‪ 888‬الى ‪953‬‬
‫المنظم لعقد النقل بصفة عامة بريا كان او جويا او بحريا إال ان غياب تنظيم منفرد للنقل البحري‬
‫للبضائع لم يدم طويال ذلك ان المشرع التونسي وتأثرا منه بالقانون الفرنسي المؤرخ في ‪2‬‬
‫أفريل ‪ 1936‬أصدر في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1942‬أمرا عليا نظم ألول مرة النقل البحري للبضائع‪.‬‬

‫إال ان هذا االمر لم يخدم البالد التونسية باعتبارها بلدا شاحنا وباعتبارها بلدا شاحنا‬
‫وباعتبار انه كان يستجيب لمصالح البلدان االوروبية بوصفها دوال ناقلة فسارع المشرع‬
‫التونسي خالل السنوات االولى لالستقالل الى اصدار م‪.‬ت‪.‬ب بمقتضى القانون عدد ‪ 13‬لسنه‬
‫‪ 1962‬المؤرخ في ‪ 24‬فيفري ‪ 1962‬وقد اهتمت هذه المجلة بأحكام قانون النقل البحري‬
‫وتناولت عدة مسائل من ذلك ما تعلق بالسفينة برجال البحر بعقود النقل البحري التامين البحري‬
‫واألخطار البحرية‬

‫وقد مثلت م‪.‬ت‪.‬ب وسيلة هامة" للحفاظ على مصالح االطراف التونسية المتدخلة في‬
‫عملية النقل البحري‪ 8‬وذلك من خالل السعي لكسر القيود التي تحول دون تقدم تجارتنا البحرية‪.‬‬
‫سعيا منه لاللتحاق بركب الدول التي سارت على نهج التوحيد و لضمان تقدم التجارة البحرية‬
‫سارع المشرع لتحقيق انسجام القانون الداخلي مع القانون الدولي المتعلق بالتجارة البحرية‬

‫‪ 7‬أحمد محمود حسني‪ .‬دراسة حول نصوص اتفاقية هامبورغ الخاصة بنقل البضائع بحرا لسنة ‪ 1978‬منشاة المعارف باإلسكندرية‪.‬‬
‫ص ‪13‬‬

‫محمد الحبيب عويدة اتفاقية هامبورغ وقانون النقل البحري التونسي م ‪ .‬ق‪ .‬ت عدد‪ 7‬جويلية ‪ ،1993‬ص ‪.24‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪4‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وذلك من خالل المصادقة على اتفاقية االمم المتحدة للنقل البحري للبضائع لسنه ‪ 1987‬وذلك‬
‫ونشرت هذه المعاهدة بالرائد‬ ‫‪9‬‬
‫بمقتضى القانون عدد ‪ 33 - 80‬المؤرخ في ‪1980/ 5 /28‬‬
‫الرسمي للجمهورية التونسية بمقتضى االمر عدد ‪ 117‬لسنه ‪ 1981‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي‬
‫‪ 198101‬و دخلت حيز التطبيق مند ‪ 1992/ 11/ 1‬اي بعد مرور عام على مصادقة الدورة‬
‫العشرون لألمم المتحدة على المعاهدة واكتمال النصاب للدول العشرة المنخرطة فيها‪.10‬‬

‫بعد ان تمت المصادقة على اتفاقية هامبورغ اكتست احكام هذه االتفاقية طابعا إلزاميا‬
‫وذلك تطبيقا للمبدأ الدستوري المنصوص عليه بالفصل ‪ 20‬من الدستور "المعاهدات الموافق‬
‫عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها اعلى من القوانين وأدنى من الدستور"‬

‫خصائص عقد النقل البحري‬

‫يعتبر هذا العقد رضائي فال بد من توافر الرضا الخالي من الوعود فينعقد العقد بمجرد‬
‫توافق ارادتي الناقل والشاحن دون حاجه لشكل معين لالنعقاد عقد النقل البحري من عقود‬
‫االذعان حيث ان الشاحن ال يستطيع مناقشة مناقشه شروط العقد التي يفرضها الناقل فهو‬
‫مضطر لقبول الشروط الموضوعة من قبيل الناقل عقد من العقود الملزمة للجانبين فيرتب‬
‫التزامات في ذمة كل من الشاحن و الناقل حيث يلتزم الشاحن بدفع اجرة النقل وشحن البضاعة‬
‫كما يلتزم الناقل بنقل البضاعة وتسليمها الى المرسل اليه لذلك فان عقد النقل البحري يخضع‬
‫ألحكام العقود الملزمة للجانبين خاصة الفسخ والدفع بعدم التنفيذ‬

‫يعتبر من العقود التجارية بالنسبة للطرفين وان كان البعض ال يعتبره تجاريا بالنسبة‬
‫للشاحن إال إذا كان هو تاجرا ايضا واعتباره عقدا تجاريا كون ان جميع الرسائل البحرية‬
‫المتعلقة بالتجارة تعتبر عمال تجاريا وطني أو دولي عقد ومن عقود القانون الخاص‬

‫‪ 9‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ ،1980 .32‬ص ‪174‬‬

‫‪ 10‬اصبحت هذه االتفاقية وحدها المنطبقة على جميع عمليات النقل الدولي البحري وأحكامها امرة وتتعلق بالنظام العام وال يمكن‬
‫مخالفتها بصرف النظر عن ارادة االطراف كلما توفر عنصر من عناصر انطباقها الواردة بالفصل الثاني منها قرار تعقيبي عدد‬
‫‪ 21444/2007‬غير منشور ملحق عدد واحد قرار تعقيبي ‪79035 / 2012‬‬

‫‪5‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫إن تدخل المشرع سواء على الصعيد الدولي او على الصعيد الوطني بفرض قواعد‬
‫امرة ملزمة متعلقة بالنظام العام لحماية الشاحنين وال يمكن مخالفتها ال يجعل من عقد النقل‬
‫البحري عقد اداريا وال عقدا من عقود القانون العام اذ يجب عدم الخلط بين العام واالمر وعلى‬
‫كل فان اال دارات والمؤسسات العامة عندما تلجا للتعاقد مع ناقل بحري فإنها تتعاقد معه في‬
‫صيغ القانون الخاص‬

‫محل العقد هو القيام بنقل البضاعة لذلك فان عقد النقل البحري يعتبر من عقد المقاولة‬
‫الذي يتعهد فيه أحد الطرفين ان يؤدي عمال مقابل اجر يتعهد به الطرف االخر وبذلك فهو عقد‬
‫مقاولة نقل له ذاتيته وطبيعته الخاصة‪.‬‬

‫وتجدر االشارة الى ان القانون التجاري البحري التونسي عريق وله اصول ثابتة في‬
‫التاريخ فآثاره تعود الى الفينيقيين الذين تركوا عديد االضافات كالرمي في البحر والخسائر‬
‫المشتركة وعقود االستئجار البحري ولم يفوت المشرع التونسي عليه الفرصة لمالئمة القانون‬
‫الوضعي التونسي وتحديثه ومواكبة احكامه للتطورات المطردة والتغييرات المتعددة االوجه‬
‫والتحوالت القانونية الدولية بنسق بطيء لكنه ثابت‪ 11‬ويتجلى ذلك من خالل إحداث الشركة‬
‫التونسية للمالحة‪ 12‬في مارس ‪ 1959‬لتعزيز المبادالت التجارية التي تتم عن طريق البحر بما‬
‫أنها تمثل ‪ %82‬من المبادالت التجارية العالمية‪.13‬‬

‫إن دراسة موضوع المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع يكتسي اهمية‬
‫نظرية وتطبيقية كبيرة‬

‫أما االهمية النظرية فتتمثل في الجدال الفقهي القائم حول تحديد مسؤولية الناقل البحري‬
‫للبضائع و شروط االعفاء من هذه المسؤولية‪ .‬اضافة الى ان الصبغة الدولية لعمليات النقل‬
‫البحري للبضائع قد تثير العديد من االشكاليات في خصوص تنازع القوانين بسبب تضارب‬

‫‪ 11‬لطفي الشملي‪ ،‬ت طور القانون الوضعي التونسي على ضوء تأثيرات المعاهدات الدولية البحرية‪ ،‬م‪.‬ت جانفي ‪ 2006‬ص ‪43‬‬
‫‪12‬‬
‫‪-www.ctn.com.tn‬‬
‫‪13‬‬
‫)‪(www.snt.com.tn‬بوابة النقل في تونس‬

‫‪6‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫العديد من القوانين وهذا ما استوجب التدخل دوليا إلبرام اتفاقيات توحد القواعد المتعلقة بهذا‬
‫المجال‪ .‬وتتجلى األهمية العملية خاصة بالرجوع إلى فقه القضاء التونسي والبحث عن دوره‬
‫في فصل النزاعات خاصة مع تكثيف التجارة الدولية البحرية وتعدد االطراف المتدخلة فيها‬
‫وتشعب العالقات الناشئة عنها اد قد تجمع عملية النقل الواحدة الشاحن وهو الشخص الذي‬
‫يبرم بنفسه او نيابة عنه مع الناقل عقد نقل بضائع بطريق البحر‪ 14‬والمجهز الذي يمكن ان‬
‫يكون الناقل البحري او مالك السفينة او مؤجرها وقد تعهد اليه البضاعة الى ناقل فعلي وهو‬
‫والمرسل اليه‬ ‫‪15‬‬
‫كل شخص يعهد اليه الناقل االصلي بتنفيذ عقد نقل البضائع او بتنفيذ جزء منه‬
‫كما يمكن ان يتعدد الناقلين في عمليه النقل‬ ‫‪16‬‬
‫وهو الشخص الذي له الحق في تسلم البضائع‬
‫الواحدة‬

‫كل ذلك يجعل من الضروري التطرق الى مسؤولية الناقل البحري فإذا كان النقل‬
‫البحري هو اهم موضوعات القانون البحري فان مسؤولية الناقل تحتل الصدارة التي يثيرها‬
‫هدا النقل خاصة إذا كانت هده المسؤولية قائمة على الخطأ المفترض وهو ما يفسر كثرة القضايا‬
‫المعروضة على القضاء والمتعلقة بمسؤولية الناقل للبضائع وأهميتها في نفس الوقت وذلك من‬
‫خالل تدخل عدة أطراف بصورة او بأخرى في عملية نقل البضائع بحرا وقد تتسبب بخطئها‬
‫في الحاق اضرار بالبضائع‪.‬‬

‫كل ما سبق ذكره يقودنا الى تناول موضوع النازعات الناشئة عن عقد النقل البحري‬
‫للبضائع مما يدفعنا لطرح االشكالية التالية‪:‬‬

‫كيف نضم إملرشع إلتونيس إلنازعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع؟‬

‫‪ 14‬الفصل ‪ 166‬فقرة أولى م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ 15‬الفصل ‪ 165‬م‪.‬ت‪.‬ب‬

‫‪ 16‬الفصل ‪ 166‬فقرة ثانية م‪.‬ت‪.‬ب‬

‫‪7‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫ولإلجابة عن هذه االشكالية سنتطرق في جزئين إلى مسؤولية إلناقل إلبحري للبضائع‬
‫إلنإعات في الجزء الثاني‪.‬‬ ‫إلناش ئة عن إلنإعات إلبحرية الجزء األول من ثم نظام حل‬

‫‪8‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫جزء آول‪ :‬مسؤولية إلناقل إلبحري للبضائع إلناش ئة عن‬


‫إلنإعات إلبحرية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬نطاق إخالالت الناق ل البحري‪.‬‬

‫عديدة هي االلتزامات المحمولة على عاتق الناقل عند نقل البضائع بحرً ا لذلك رتب‬
‫المشرّ ع مسؤوليته لتنفيذ هذا األخير بمجرد االخالل بعقد النقل من بينها االلتزام بضمان السالمة‬
‫وهو التزام بتحقيق نتيجة ال يبذل عناية فقط‪ 17‬هذا ما اقرته محكمة التعقيب في قرارها عدد‬
‫‪ 51351‬الصادر في ‪ 2010/08/23‬القاضي نصّ ه‪ ... ":‬والحال أن الناقل البحري هو المسؤول‬
‫‪18‬‬
‫والملزم بتسليم البضائع وهو يتحمل التزا ًما بنتيجة‪"...‬‬

‫والمبدأ هنا ان مسؤولية الناقل البحري هي مسؤوليّة أساسها العقد ومع ذلك فإن هذه‬
‫المسؤولة ال تبدأ من وقت ابرام العقد بل من وقت تسليم البضاعة حيث يلتزم الناقل بنقل‬
‫البض اعة من ميناء الشحن إلى ميناء التفريغ‪ ،‬بقراءة عكسية فإن إخالالت الناقل البحري تبدأ‬
‫من وقت تسليم البضاعة‪.‬‬

‫كما سبق الذكر‪ ،‬تتعدد التزامات هذا األخير‪ ،‬فهو ملزم بتقديم سفينة صالحة للمالحة أي‬
‫قادرة على نقل البضاعة في أحسن صورة والمقصود بذلك تجهيزها وتزويدها بالمعدات‬
‫والمؤن الالزمة للرحلة البحرية كما يقوم بإعداد العنابر والغرف الباردة وجعلها في حلة حسنة‬
‫كما يتوجب على الناقل أيضًا أن يتولى الشحن والتداول والرصف والتفريغ بطريقة مناسبة‬
‫وبعناية خاصة داخل عنابر السفينة بطريقة تقي البضاعة من التلف والهالك‪.‬‬

‫وانطالقا من الفصل ‪ 146‬م ت ب نستنتج أن نزاعات عقد النقل البحري للبضائع تنشأ‬
‫في صورة عدم التزام الناقل بالصور المبينة في الفصل المذكور وهي التزامات تتمحور حول‬

‫مسؤولية الناقل البحري للبضائع‪ ،‬سهام المناعي‪ 2017 ،‬ص ر‪ 17‬ف ‪.2‬‬ ‫‪17‬‬

‫قرار تعقيبي غير منشور‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪9‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫االلتزام بالنقل والتزام بالحفاظ على سالمة البضاعة من جهة وااللتزام بتفريغ البضائع‬
‫وتسليمها للمرسل إليه باإلضافة إ لى ما نصت عليه معاهدة هامبورغ وهو التسليم في الموعد‬
‫‪19‬‬
‫المحدد من جهة أخرى‬

‫تظهر اإلخالالت في عدم تنفيذ الناقل اللتزاماته حيث يتعهد هذا األخير في عقد النقل‬
‫بتحقيق نتيجة تنطلق بداية سريانها بإيصال البضاعة إلى المكان المراد نقلها إليّه وفي هذا‬
‫االطار ويتعهد الناقل بنقل البضاعة وأيضًا االلتزام بسالمتها والناقل الملتزم بنقل البضائع يلتزم‬
‫عادة بعملية الشحن على اعتبار أن العمليّة النقل تقتضي الشحن أوالً‪ ،‬فقد عرف المشرّع‬
‫التونسي من خالل م ت ب ضمن الفصل ‪ 206‬وثيقة الشحن أو سند الشحن بأنه‪ ":‬االتفاق الذي‬
‫يتلقى بمقتضاه ناق ل بحري بضاعة يسلمها إليه الشاحن مع االلتزام بتسليمها في المكان المقصود‬
‫يعبر عنه بعقد النقل بوثيقة الشحن"‪.‬‬

‫لذا يتبيّن من خالل ما ذكر أنه يتعيّن على الناقل البحري استالم البضائع من الشاحن‬
‫وتعتبر واقعة االستالم نقطة االنطالق لعقد النقل البحري فبمج ّرد استالم الناقل البحري تنطلق‬
‫التزاماته ومسؤوليته‪.‬‬

‫إلى جانب االلتزام بالنقل الذي هو التزام الرئيسي هناك التزامات أخرى تجب على‬
‫الناقل في عملية النقل من ذلك االلتزام بالسالمة حيث جاء بكل من الفصل ‪ 144‬فقرة ثانيّة‬
‫والفصل ‪ 146‬من م ت ب أنه على الناقل البحري أن يسلّم البضاعة إلى المرسل إليّه في نفس‬
‫الحالة (نفس الطبيعة والكميّة والنوعيّة) التي كانت عليها عند تسلمها وامضاء وثيقة الشحن‬
‫فهو ملتزم بنتيجة وبالتالي هناك قرينة مسؤوليّة أي قرينة خطا وتجدر اإلشارة أيضا أن المشرع‬
‫الوتنسي قد تعرّ ض بداية لواجب السالمة في جهة الناقل بالمجلة التجاريّة في الفصل ‪ 640‬الذي‬
‫نص على أنه‪ ":‬يضمن الناقل من وقت تسليمه األشياء المراد نقلها ضياعها كالّ‬
‫أو بعضًا أو تعيبها أو التأخير في تسليمها‪ ".‬وللحفاظ على سالمة األشياء المنقولة البدا على‬
‫الناقل من اتخاذ الحذر كما أنه يجب ان يكون على درجة عالية من الفطنة واتخاذ تدابير وعناية‬
‫استثنائيّة تقتضيها أنواع معينة من األشياء إذا كان متفق عليها في العقد قبل االتفاق على اطعام‬

‫مرجع سابق‪ ،‬سهام المناعي‪ ،‬ص‪.21‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪10‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫الحيوانات المنقولة أو سقيها او تقديم الخدمات الطبيّة أو رش النباتات بالماء ‪ ...‬ويترك لقاضي‬
‫الموضوع تحديد ما يعتبر من التدابير الضروريّة التي ال يلتزم بها الناقل إال إذا تم االتفاق‬
‫عليها‪ ،‬وبالتالي فمنذ ان يتسلم الناقل األشياء المراد نقلها فإنها تعد في عهدته وحراسته ويلتزم‬
‫ببذل العناية الالزمة في المحافظة عليها وصيانتها ولكن مجرد العناية ال تكفي فعليه أن يسلمها‬
‫بنفس الحالة التي تسلمها وقت الشحن وهذا ما يؤكد ان االلتزام بضمان السالمة التزاما بتحقيق‬
‫نتيجة مثلما هو مؤكد األمر المؤرخ في ‪ 16‬أفريل ‪ 1942‬المتعلق بنقل البضائع بح ًرا كما أكدت‬
‫محكمة التعقيب أن "الناقل يضمن سالمة البضائع المعهودة له بها من تلقيها إلى وقت تسليمها‬
‫وهو الضامن عمال بالفصل ‪ 17‬من االتفاقية بصحة البيانات المضمنة بوثيقة الشحن بخصوص‬
‫كميّة البضاعة ووزنها فهو ملزم بالوزن المنصوص عليه بوثيقة الشحن باعتباره المرجع في‬
‫ثمن البضاعة وضبط أجرة النقل وحينئذ ال مناص من تحميله مسؤوليّة كل نقص يلحق‬
‫‪20‬‬
‫بالبضاعة‬

‫إذن وكما سبق الذكر فإن الناقل البحري ملزم بإيصال البضاعة إلى المرسل إليّه كما‬
‫وصفت بوثيقة الشحن وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها عدد ‪ 18133‬صادر سنة في‬
‫‪ 2008/05/23‬أما إذا لم تحقق هذه النتيجة أي لم يقم بإيصال البضاعة أو وقع ايصالها معيبة‬
‫أو متضررة أو منقوصة فإنه يكون مخطأ ً ويجب عليه كي يتفصى من المسؤولية ان يثبت‬
‫أنه قام ببذل العناية االزمة إليصال البضاعة سليمة وأن الضرر حصل بسبب خارج عن ارادته‬
‫‪21‬‬
‫حيث تتمثل السالمة في التغليف‪ ،‬التعليب والرصف‪.‬‬

‫هذا بالنسبة لاللتزام بالنقل والسالمة طوال طريق الرحلة‪ ،‬أما بالنسبة لوقت الوصول‬
‫إلى الواجهة المتف ق عليها في العقد‪ ،‬فإنه من واجب الناقل االلتزام بالتسليم كما انه ملزم‬
‫بالتوقيت‪ ،‬حيث يقصد بالتسليم "تسليم البضائع إلى المرسل إليّه أو وضعها تحت تصرفه وفقا‬
‫للعقد أو القانون أو العرف الخاص بالتجارة المعينة في ميناء الشحن في الحاالت التي ال يتسلم‬

‫‪ 20‬قرار تعقيبي عدد ‪ 9298‬صادر في ‪ ،2014/11/24‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ 21‬مرجع سابق‪ ،‬سهام المناعين ص ‪.23‬‬

‫‪11‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫فيها المرسل إليّه البضائع من الناقل أو بتسليمها إلى السلطة أو أحد من الغيّر يوجب القانون أو‬
‫‪22‬‬
‫اللوائح الساريّة في ميناء التفريغ تسليمها إليّه"‪.‬‬

‫كما عرفت األستاذة ماجدة بن جعفر تسليم البضاعة "بالعملية القانونية التي ينتهي بها‬
‫تنفيذ العقد ويتحرر بها الناقل من التزاماته الناتجة عن عقد النقل إذا اتمت األجال المتفق عليها‬
‫‪23‬‬
‫أو التي يقتضيها العرف وإذا تم التسليم لمن يجب عليه"‬

‫فالتزام المتعهد بالنقل ال ينتهي بمجرد إيصال المنقول للمكان المقصود حيث وجب عليه‬
‫التسليم بل يجب على الناقل أيضا التأكد من مطابقة البضاعة لما هو متفق عليه في عقد النقل‬
‫من حيث نوع البضاعة وكميتها أو وزنها لذلك أعطى المشرّع الناقل الحق في فحص األشياء‬
‫المطلوب نقلها للتحقق من صحة البيانات التي أدلى بها المرسل بشأنها‪.‬‬

‫كما أنه من األساسي أن يلتزم الناقل في عملية النقل بتسليم البضاعة في المكان المحدد‬
‫وهذا ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها عدد ‪ 51352/51351‬المذكور سابقًا‪ 24‬كما يتعهد‬
‫الناقل بالتفريغ إال إذا تم االتفاق في العقد على خالف ذلك‪ .‬والتفريغ هو عملية عكسيّة تقابل‬
‫عملية الشحن عند بداية تنفيذ عقد النقل وفيها يتم تسليم األشياء المنقولة المرسل إليّه‪.25‬‬

‫وقد عرفت محكمة الت عقيب الفرنسية عملية التسليم بكونها العملية التي بمقتضاها يقوم‬
‫‪26‬‬
‫الناقل البحري بإرجاع البضاعة إلى أصحاب الحق الذين يقبلونها‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا الشأن إلى وجوب التفرقة بين تفريغ البضاعة وتسليمها بعملية‬
‫التفريغ هي واقعة ماديّة تتمثل في إنزال البضاعة من السفينة ووضعها على رصيف الميناء أو‬
‫شحنها في المخازن أما التسليم فهو تصرف قانوني يتمثل في إعطاء البضاعة ومنحها لصاحبها‬
‫أو من ينوبه بعد تفريغها‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالمشرع التونسي يتعيّن على الناقل طبقًا للفصل ‪ 260‬م ت ب تسليم البضائع‬
‫في المكان المتفق عليها للمرسل إليه بناء على البيانات المحدد في وثيقة الشحن وعليه فإن‬

‫‪ 22‬أحمد محمود حسني‪ ،‬دراسة حول نصوص اتفاقية هامبورغ‪ ،‬الخاصة بنقل البضائع بحرً ا لسنة ‪ ،1978‬منشاة المعارف االسكندرية‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 23‬ماجدة بن حعفر‪.‬‬
‫‪ 24‬قرار تعقيبي غير منشور‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪ 25‬مرجع سابق‪ ،‬سهام العنابي‪.‬‬
‫‪ 26‬قرار صادر عن محكمة التعقيب الفرنسية بتاريخ ‪( 1992/11/17‬شركة النقل اللوجستيك ‪.1993 ،BTC‬‬

‫‪12‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫عملية التسليم ال تتم بمجرد تفريغ الناقل للبضاعة في ميناء الوصول بل تنتج أثرها عند قبول‬
‫األطراف وهو نفس التوسع الذي ذهبت إليه اتفاقية هامبورغ في المادة ‪.4‬‬

‫يلتزم الناقل البحري إذن التزاما رئيسا يتمثل غي نقل البضاعة إلى المكان المراد نقلها‬
‫إليه حسب االتفاق لكن إذا تسلّم الناقل البضاعة بأختامها فهو مسؤول على إيصالها على حالتها‬
‫وهو غير متحمل للمسؤوليّة لما قد يحصل للبضاعة أثناء السفرة ذلك أنه لم يقم بتغليفها وانما‬
‫قام بإيصالها على حالتها وذلك حسب القرار الذي أقرته محكمة التعقيب عدد ‪18133/2007‬‬
‫بتاريخ ‪ 2008/05/23‬ومراد هذا التوسع أن بمجرد اخالل الناقل التزاماته بالتسليم يجعله‬
‫مسؤوالً عن البضاعة وبالتالي نشوب نزاع يجعله يتحمل مسؤوليته" بإيصال ما تسلمه على‬
‫الحالة التي كان عليها زمن تسلمه لها وكل تغيير بالنقص أو التعييب يحمل على قرينة الخطأ‬
‫‪27‬‬
‫في جانبه"‬

‫واستنا ًد إلى ما سبق ينتهي عقد النقل البحري باتجاه إرادة الناقل إلى تسليم البضاعة إلى‬
‫صاحبها بشرط قبول صاحب البضاعة من التسليم بدون تحفظ واخطار الناقل‪.‬‬

‫هذا بخصوص التزام الناقل بالتسليم أما بالنسبة اللتزامه بالتوقيت‪ ،‬فالمقصود من ذلك‬
‫أن يتم الناقل عملية إيصال البضاعة إلى المكان المقصود في التوقيت المحدد‪.‬‬

‫وحسب ما هو متفق عليه في عقد النقل أي االلتزام بالتوصيل على الوجهة المقصودة‬
‫‪28‬‬
‫في الموعد المحدد‬

‫وهذا االلتزام بالوصول هو ما يتعهد به الناقل البحري للبضائع مقابل أجرة إليصال‬
‫البضاعة م ن ميناء إلى أخر في وقت محدد متفق عليه ضمن بنود العقد‪ .‬ما تجدر مالحظته هنا‬
‫ان م ت ب لم تورد أي إشارة مهما كانت عابرة إلى مسألة التسليم في األجل في حين خصت‬
‫اتفاقية هامبورغ بقواعد محددة تضمنتها المادة ‪ 5‬منها واعتبرت أن التأخير في التسليم اخالل‬
‫بتنفيذ العقد ترتب عنه مسؤولية الناقل‪.‬‬

‫‪ 27‬قرار تعقيبي‪ ،‬غير منشور‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 28‬مرجع سابق‪ ،‬سهام المناعي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وإذا أخل الناقل بالتزام التوقيت من الطبيعي أن تقوم في حقه المسؤوليّة إذا قد يترتب‬
‫مثال على التأخير في نقل البضائع ضياع فرصة بيعها يوم السوق أو اصابتها بضرر أو تلف‪.‬‬
‫ذلك أن عقد النقل أبرم بين الناقل وصاحب البضاعة على أن يتعهد الناقل بإيصال البضاعة في‬
‫وقت محدد يتفق عليه الطرفان‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫الفصل الثاني‪ :‬التأسيس الق انوني لقيام المسؤولية‪ :‬الخطأ المفترض‪.‬‬

‫تنشا المسؤولية نتيجة اخالل بالتزام تعاقدي ولقيام تلك المسؤولية الب ّدا من وجود عقد‬
‫بين الطرفين وأن يكون الضرر االحق بالدائن هو نتيجة لعدم تنفيذ المدين اللتزام تعاقدي ففي‬
‫غياب عقد صحيح بين الدائن والمدين وتحديدا في عقد نقل البضائع بين ناقل وشاحن إليه فال‬
‫تكون مسؤوليته التعاقديّة مثالً النقل المجاني على سبيل المجاملة‪.‬‬

‫كما يجب لقيام المسؤولية التعاقدية أن يكون الضرر الذي أصاب الدائن قد وقع بسبب‬
‫عدم تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬فيتحمل الناقل التزام بنقل بضاعة من مكان إلى أخر دون الحاق‬
‫ضرر بها فإذا أتلفت البضاعة أثناء نقلها يكون الناقل مسؤول تجاه الدائن‪.‬‬

‫وشكل عام فإن المسؤولية التعاقدية تقوم على ثالث أركان‪ :‬الخطأ العقدي‪ ،‬الضرر‬
‫والعالقة السببية بينهما‪ .‬ذلك أن عقد النقل البحري للبضائع من خالل ما أقرته اتفاقيّة هامبورغ‬
‫والقانون التونسي يرتكز على مسؤولية مشددة قائمة أساسا على قرينة الخطأ المفترض‪ ،‬كما‬
‫تستوجب حصول أضرار للبضاعة المنقولة بحرا والفتراض ركن الخطأ المفترض لقيام‬
‫مسؤولية الناقل البحري للبضائع يجب أن تتوفر قواعد متعلقة بهذا الركن لتحديد مسؤولية الناقل‬
‫البحري أوال ثم التعرض إلى وسائل الحد من هذه المسؤولية وذلك بإعفاء الناقل والتف ّ‬
‫صي من‬
‫المسؤولية‪.‬‬

‫إن الناقل البحري للبضائع يسأل عن كل ما يلحق البضاعة من األضرار أو النقص‬


‫الحاصل لها فحسب ما جاء بمعاهدة هامبورغ للنقل البحري للبضائع فإنها قائمة على خطا‬
‫مفترض فيكون مسؤول عما يلحق البضاعة من تلف أو تعيّب أو ضرار جسي ًما وهو ما اقتضاه‬
‫الفصل ‪ 145‬من مجلّة التجارة البحريّة‪.‬‬

‫فحسب اتفاقية هامبورغ إلن الناقل يسأل عن الخسارة الناتجة عن هالك البضاعة أو‬
‫تلف ها وكذلك التأخير عن التسليم‪ .‬إذ وقع الحادث الذي تسبب في الهالك أو التلف أو التأخير‬
‫أثناء وجود البضاعة في عهدته على الوجه المبين في المادة ‪ 4‬ما لم يثبت الناقل أنه قد اتخذ‬

‫‪15‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫هو أو مستخدموه أو وكأله جميع ما كان من المعقول تطلب اتخاذه من تدابير لتجنب الحادث‬
‫ونتائجه‪.‬‬

‫يلتزم الناقل بإيصال البضاعة إلى المرسل إليه كما وصفت بوثيقة الشحن‪ ،‬فإذا لم يحقق‬
‫هذه النتيجة أي إذا لم يوصل البضاعة أو وصلت معيبة أو متضررة أو ناقصة فإنه يكون‬
‫مخطئ ويجب عليه كي يتفصى من المسؤولية أن يثبت أنه قام ببذل العانية الالزمة إليصال‬
‫البضاعة سليمة وأن الضرر حصل بسبب خارج عن ارادته‪.‬‬

‫تأخذ حكم مسؤولية الناقل البحري للبضائع حكم المسؤولية المدنية طبقًا للقواعد العامة‬
‫لاللتزامات فتقوم على الخطأ والضرر والعالقة السبيبة بينهما أي الضرر يصيب الدائن وخطأ‬
‫من المدين وعالقة سببية بينهما‪.29‬‬

‫إال أن المشرع سعى لحماية الشاحن أو المرسل إليّه لذلك افترض مسؤولية الناقل‬
‫وبالتالي كلفه أن يثبت الشاحن حصول الضرر ومداه الناجم عن اخالل الناقل بالتزامه التعاقدي‪.‬‬

‫وتلك العالقة السبيبة تكون من خالل تضرر البضاعة وهي في حراسة الناقل ومن ثم‬
‫يجب أن يثبت أن البضاعة سلمت إلى الناقل وهي في حالة جيّدة لتكون أحكام اتفاقيّة هامبورغ‬
‫غير مختلفة عن أحكام م ت ب التونسية بالرغم من أن المشرع التونسي كان أكثر وضوحا‬
‫بخصوص قرينة المسؤولية في جانب الناقل البحري‪.‬‬

‫فنص‪ ":‬كل تلف أو تعيّب أو ضرر يلحق بالبضاعة يحمل على أنه لحقها بين وضع اليد‬
‫عليها وتسليمها ما لم يثبت الناقل خالف ذلك‪".‬‬

‫إن ما يظهر اتفاقية هامبورغ وم ت ب يجد تضمن أحكام مسؤولية الناقل البحري في‬
‫اتجاه تشديد المسؤولية لغاية القطع مع تعمده استغالل مركز القوة الذي يحتله في عقد النقل‬
‫البحري من أجل ابرام عقود نقل بحري تتضمن تحديد مجحفًا لمسؤوليته وذلك من خالل‬
‫التنصيص التعسفي على حاالت االعفاء من المسؤوليّة وعلى تحديد مسقف للتعويض يكون‬
‫رمزيًا ج ًّدا‪ :‬ادراج بند عدم مسؤولية الناقل البحري عن أخطأ األطراف العاملة لحسابه‪.‬‬

‫‪ 29‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫تشديد يتزامن مع تشديد لقواعد اثبات المسؤولية عليه وهو ما ذهب إليّه فقه القضاء‬
‫التونسي في حكم ابتدائي صدر عن المحكمة االبتدائيّة ببن عروس حين اعتبرت أن قواعد‬
‫المسؤولية في النقل البحري وردن بنظام قانوني متكامل يتضمن تحديد قواعد اثبات المسؤوليّة‬
‫على الناقل البحري مقابل انحصار مساءلته في حدود الضرر المباشر الالحق بالبضاعة‬
‫المتمثلة أ و في إطار الحدود القصوى إذا وقع اعمال قواعد المسؤولية وذلك ما يستنتج من‬
‫أحكام الفصل ‪ 145‬م ت ب او المادة ‪ 5‬من اتفاقية هامبورغ‪.‬‬

‫إن ما نعني افتراض مسؤولية الناقل البحري للبضائع أن الشاحن او المرسل يعفى من‬
‫اثبات وجود خطأ متسبب في الضرر فمجرد وجود الضرر يعني تحميل الناقل البحري كل‬
‫المسؤولية واعتباره وحده مطالب بتعويض الضرر كما أنه ال حاجة إلثبات العالقة السببيّة بين‬
‫الخطأ والضرر‪ ،‬ضرورة أنها مفترضة بمجرد وجود البضاعة بين أيدي الناقل البحري عندما‬
‫لحقها الضرر أي أن مسؤولية الناقل البحري تشمل كل المدة التي تكون فيها البضاعة تحت‬
‫اشرافه وذلك يعني الفترة الفاصلة بين تسلم البضاعة من الشاحن وتسليمها إلى الطالب واثبات‬
‫ذلك بسائر الطرق القانونية بما أن األمر يتعلق بواقعة‪.‬‬

‫بالتالي قرينة المسؤولية‪ ،‬الخطأ كأساس لقيام المسؤوليّة قرينة ثابتة بموجب نص قانوني‪.‬‬

‫فماهي الشروط الواجبة التوفر لقيامها؟‬

‫هذه الشروط تتمثل أوالً في ضرورة تحرير االحترازات كشرط أساسي من جانب‬
‫‪30‬‬
‫المرسل إليّه إلى جانب شروط موضوعيّة أخرى‪.‬‬

‫فنص الفصل ‪ 159‬م ت ب في فقرته األولى‪ ":‬في صورة تلف البضاعة أو تعيبها أو‬
‫تضررها فعلي متسلمها أن يقدم كتابة حين تسلمه لها على أقصى حد ما له من تحفظات إلى‬
‫الناقل أو ممثله واال حملت البضاعة على أنها سلمت له كما وصفت بمشارطة االيجار أو وثيقة‬
‫الشحن إال إذا أقيمت حجة على خالف ذلك"‪.‬‬

‫مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.29‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪17‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وهو مبدأ أقرته اتفاقية هامبورغ فورد بالفقرة األولى من المادة ‪ ":19‬مل لم يقم المرسل‬
‫إليه بإخبار الناقل كتابةً بالهالك أو التلف مع تحديد الطبيعة العامة لهذا الهالك أو التفل وذلك‬
‫بتاريخ ال يتجاوز يوم العمل الذي يلي مباشرةً تسليم البضاعة إلى المرسل إليه اعتبر هذا التسليم‬
‫قرينة ظاهرة على أن الناقل سلم الضائع كماهي موصوفة في وثيقة النقل فإذا لم تكن هذه الوثيقة‬
‫قد وصفت البضاعة اعتبرت قرينة ظاهرة على أنها سلمت بحالة سليمة‪.‬‬

‫وبالتالي فأن افتراض قيام مسؤولية الناقل البحري مشروط بتحرير احترازات متمثلة‬
‫في وقوع ضرر للبضاعة التي كانت في عهدت الناقل وهذه االحترازات يقدمها المرسل إليه‬
‫كتابيا وحينيًا إلى الناقل أو ممثله‪.‬‬

‫واالحتراز هو شكل يعبر به المرسل إليه عن عدم رضاه نظ ًرا لكون البضاعة التي‬
‫سلمت إليه لم تكن مطابقة للوصف الذي تم وصفها بوثيقة الشحن‪ .‬ذلك أن هذه االحترازات يتم‬
‫تحريرها بطريقة معينة حددت باتفاقيّة هامبورغ والفصل ‪ 159‬م ت ب وفي صورة االختالف‬
‫بينهما أي بين النصيّن يتم تطبيق نص المعاهدة نظرًا لكونه أعلى في سلم القواعد القانونية‬
‫حسب مقتضيات الفصل ‪ 20‬من الدستور‪.31‬‬

‫هذه االحترازات المقدمة لن تثبت الضرر االحق بالبضاعة‪ ،‬بل لها قيمة القرينة البسيطة‬
‫التي يمكن اثبات عكسها‪ :‬فعدم تسجيل تحفظ في األجال من طرف المرسل إليّه ال يؤدي إلى‬
‫الدفع بعدم قبول دعواه وانما يؤدي في حالة عدم تقديم ما يفيد عكس ذلك إلى افتراض أن‬
‫البضاعة قد سل مت على الحالة التي وصفت بها بعقد النقل‪ .‬ذلك أن نظام تحرير االحترازات‬
‫يختلف حسب الوضعيات فطريقة االحتراز على حالة تضرر البضاعة تختلف عن طريقة‬
‫االحتراز عن عدم وصولها في األجل إما بسبب التأخير أو الضياع‪ ،‬كما تختلف بين تعيّب‬
‫البضاعة بصفة ظاهرة أو خفيّة وايضا بين تلف البضاعة جزئيا أو كليًّا‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أن المشرع التونسي قد ميّز بين كيفية االحتراز على الضرر‬
‫الظاهر والضرر الخفي دون تحديد المقصود من عبارتي الضرر الظاهر والخفي تار ًكا إياها‬
‫لالجتهاد‪ ،‬فعرّف القضاء العيوب الظاهرة بتلك التي يسهل علمها أ ّما الخفيّة هي التي ال يهتدي‬

‫مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪30‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪18‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫إليها إلى ذوي الخبرة واالختصاص‪ .‬وبالتالي فالضرر الظاهر هو الذي باإلمكان معاينته بمجرد‬
‫المالحظة العادية فهو سهل اإلدراك والمالحظة على عكس الضرر الظاهر البد من الرجوع‬
‫إلى أهل االختصاص لبيانه فال يمكن تشخيصه بالمعاينة الخارجيّة بل يتطلب النظر‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالحيّز الزمني لتقديم االحترازات على الضرر الظاهر فأن اتفاقيّة‬
‫هامبورغ و م ت ب اختالف على األجل فلفصل ‪ 159‬م ت ب اعتبر أنه على صاحب البضاعة‬
‫تقديم تحفظاته كتابيًا بوجود ضرر ظاهر بالبضاعة بصفة واضحة ودقيقة بمجرد تسلمه‬
‫البضاعة أما االتفاقية فكانت أكثر مرونة بتمكين المرسل إليّه من يوم إضافي لتاريخ تسلم‬
‫البضاعة‪.‬‬

‫بالنسبة للضرر غير الظاهر مكن المشرع المرسل إليّه من تقديم احترازاته في أجل‬
‫الخمسة األيام المواليّة لتاريخ التسلّم وهو ما أقره الفصل ‪ 159‬فقرة ‪ 2‬م ت ب‪ ":‬إذا كان التلف‬
‫أو الضرر غير ظاهر فيصبح ابالغ التحفظات خالل الخمسة أيام الموالية لتاريخ التسليم‪ ،‬أما‬
‫اتفاقية هامبورغ أوجب على المرسل إليه تقديم احترازاته خالل ‪ 15‬يوما من تاريخ تسلم‬
‫البضاعة‪.‬‬

‫بفوات هذا األجل دون تقديم احترازات تحمل البضاعة على أنها سلمت سليمة وهو ما‬
‫أقرته م‪ .‬التعقيب في قرار مدني عدد ‪ ":3666‬اقتضى الفصل ‪ 159‬م ت ب أنه في صورة‬
‫تلف البضاعة أو تعيبها أو تضررها فعلى متسلمها أن يقدم كتابةً حين تسلمه لها على أقصى‬
‫حد ما له من تحفظات إلى الناقل أو ممثله وإال حملت البضاعة على أنها سلمت له كما وصفت‬
‫بمشارطة االيجار أو وثيقة الشحن إال إذا قامت الحجة على خالف ذلك وإذا كان التلف أو‬
‫الضرر غير ظاهر فيصبح ابالغ التحفظات خالل خمس أيام الموالية لتاريخ التسليم‪".‬‬

‫بتوفر هذه االحترازات‪ ،‬كل هذه الشروط الشكليّة المتمثلة في االحترازات اشترط‬
‫المش ّرع توفر شروط موضوعيّة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫هذه الشروط وردت بأحكام الفصل ‪ 140‬م ت ب‪ ":‬على الناقل ضمان جميع ما يلحق‬
‫البضاعة من تلف أو تعيّب أو أضرار لعدم بذله العانية"‪ ...‬ونصت عليه اتفاقية هامبورغ المادة‬
‫‪ 5‬و‪ 17‬من اتفاقيّة روتردام‪.32‬‬

‫إن مبدأ المسؤوليّة يفترض وجود ضرر حاصل للبضاعة يكون نتاج لخطا عن فعل‬
‫الناقل البحري وما تجدر مالحظته أن كل من م ت ب واالتفاقية الدوليّة من ذلك هامبورغ‬
‫وروتردام أسسوا لقيام مسؤولية الناقل البحري توفر شرط أساسي متمثل في تضرر البضاعة‬
‫في عهدة الناقل البحري إن التضرر أي تضرر البضاعة يحتمل تعيبها أو تلفها وأضافت اتفاقيّة‬
‫هامبورغ صورة التأخير في التسليم واعتبرتها من قبيل الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمرسل‬
‫إليّه‪.‬‬

‫فالتعييب يتمظهر من خال ل تلف البضاعة جزئيا بحيث يكون الجزء المتعيب غير قابل‬
‫لالستعمال فتكون مسؤوليّة الناقل محددة في الجزء المعيب من البضاعة‪ .‬وبما أن مسؤولية‬
‫الناقل البحري مفترضة فإنها تقتضي ضرورة خطأ من الناقل مع وجود ضرر حاصل مع‬
‫وجود عالقة سببيّة بين الضر والخطأ‪ ،‬فتقوم المسؤولية بعدم تنفيذ االلتزام بنقل البضاعة‬
‫وتوصيلها إلى ميناء التفريغ على الحالة التي كانت عليها عندما تلقاها من طرف الشاحن وفي‬
‫األجال التي التزم بها‪ ،‬فيصبح بذلك مسؤول عن األضرار الناتجة عن عمليّة النقل ويصبح‬
‫ملز ًما بالتعويض عنها بشرط أن يثبت المدعي حقيقة وجديّة الضرر الناتج عن اخالل الناقل‬
‫في القيام بالتزامه التعاقدي ذلك أن مجرد وجود الضرر االحق للبضاعة كاف لتحميل الناقل‬
‫البحري للمسؤولية ويعتبر مقصرا وال حاجة إلثبات العالقة السببيّة بين الخطأ والضرر‬
‫ضرورة أنها مسؤولية مفترضة لمجرد وجود البضاعة بين أيدي الناقل البحري عندما لحقها‬
‫الضرر وإن كان التعيّب شرط أساسي لقيام مسؤوليّة الناقل الموجبة للتعويض فإنه ال يستقيم‬
‫إال بعد معاينة الضرر وإثباته وذلك من خالل احترازته وتحفظاته حسب الشروط ‪.‬‬

‫أما التلف فيقصد به هالك البضاعة فيجعلها غير صالحة لالستعمال‪.‬‬

‫مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.34‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪20‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار انه عندما تتعرض البضاعة إلى التالف الب ّدا من التمييز‬
‫بين التلف الكلي والجزئي الالحق بالبضاعة وهو ما تعرضت له م ت ب ضمن الفصلين ‪146‬‬
‫و‪ 159‬وتبعا لذلك فان مسؤولية الناقل البحري للبضائع تتحقق في حالة تعرض البضاعة للتلف‬
‫سواء كان التلف كلي او جزئي‪.‬‬

‫ويكون التلف ك ليا عندما يتعذر على الناقل تسليم البضاعة التي يتولى نقلها مما يجعلها‬
‫غير صالحة لالستعمال وحسب الفصل ‪ 159‬م ت ب اوجب على متسلم البضاعة أن يرسل‬
‫تحفظاته إن لم يقم الناقل البحري بااللتزام المحمول عليه وهو إيصال البضاعة إلى ميناء‬
‫التفريغ فإن المرسل إليّه يصبح معفى من تدوين احترازاته‪ ،‬كما ان الفصل ‪ 146‬م ت ب نص‬
‫على أن‪ ":‬كل تلف أو تعيّب أو ضرر يلحق البضاعة يحمل على أنه لحقها بين وضع اليد عليها‬
‫وتسليمها إن لم يثبت الناقل خالف ذلك‪".‬‬

‫أما التلف الجزئي فيكون عند وصول البضاعة إلى الميناء منقوصة أو بها تلف جزئي‬
‫في هذه الح الة فرض المشرع التونسي على المرسل إلهي واجب تدوين تحفظاته المتعلقة بالنص‬
‫او التلف الجزئي في هذا الخصوص حسب الفصل ‪ 159‬م ت ب الذي نص على وجوب اثبات‬
‫ذلك النقص بسائر الطرق القانونية من الطالب على أنه في مادة النقل البحري عادة ما يتم ذلك‬
‫بتقديم وثيقة الشحن التي يبين فيها الشاحن طبيعة البضاعة المطالب بنقلها الناقل البحري‬
‫وقيمتها‪ ،‬ذلك ان وثيقة الشحن هي الحجة التي تثبت مسؤوليّة الناقل البحري عن االتالف أو‬
‫إعفاءه من تلك المسؤوليّة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتأخير في التسليم فهي تلك الوضعية التي يقع فيها تسليم البضاعة إلى‬
‫المرسل غليه بعد األجل المحدد الذي وقع االتفاق عليه بين الطرفيّن صلب العقد‪.‬‬

‫هذا األجل هو من التنصيصات التكميلية الوجوبية وإذا لم يتفق على ذلك صلب العقد‬
‫فإن التأخير في التسليم يقع استنتاجه إذا ما وقع بعد المدة المعقولة يحتاج إليها مثل هذا النقل‬
‫فيساءل الناقل عن الضرر الذي ترتب عن التأخير في التسليم فبغض النظر عما إذا كان الهالك‬

‫‪21‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫أو التلف قد لحق البضائع فإنه يسائل عن التأخير بشرط إقامة الدليل عن الضرر الذي يترتب‬
‫عن التأخير في الوصول‪.33‬‬

‫إال أن المشرع التونسي لم يتعرّ ض لهذا النوع من الضرر على عكس اتفاقية هامبورغ‬
‫التي اعتبرت أن الضرر الناتج عن التأخير يستوجب التعويض‪ ،‬والتأخير فقط ال يؤدي للمطالبة‬
‫بالتعويض وذلك في نوعين من الضرر أوال الضرر الحاصل للبضاعة فهيا كما هو الحال‬
‫بالنسبة للبضاعة التي تستهلك في مدة معينة والتي ان وصلت متأخرة تكون غير قابلة‬
‫لالستهالك‪ ،‬وثانيا الضرر الحاصل للطالب جراء عدم االلتزام بالعقود التي أبرمها مع بقية‬
‫التجار كمثل التاجر الذي يستورد بضاعة قصد بيعها في موسم معين إال ان التأخير في التسليم‬
‫حال دون ذلك وجعله ملزم بالتعويض في صورة وجود تأخير في تسليم البضاعة بوضوح‬
‫وذلك في المادة ‪ 5‬التي نصت صراحةً على أن الناقل البحري مسؤول عن كل ضرر ناتج عن‬
‫تلف البضاعة أو تعيبها أو تأخير تسليمها‪.‬‬

‫كما أضافت الفقرة ‪ 2‬أنه‪ ":‬يقع التأخير في التسليم إذا لم تسلم البضائع في ميناء التفريغ‬
‫المنصوص عليه في عقد النقل البحري في حدود المهلة المتفق عليها صراحةً أو في حالة عدم‬
‫وجود هذا االتفاق في حدود المهلة التي يكون من المعقول تطلب إتمام التسليم خاللها من ناقل‬
‫يقظ مع ظروف الحالة‪".‬‬

‫وبالتالي فأن الضرر هو أهم ركن لقيام مسؤولية الناقل البحري سوا ًء ورد في شكل‬
‫تلف البضاعة أو تعيبها أو التأخير في تسلمها للذي يجب أن يكون أثناء عملية النقل من وضع‬
‫اليد على البضاعة حسب الفصل ‪ 146‬م ت ب كقرينة تحمل على كاهل الناقل البحري دون أن‬
‫يقييدها بكيفيّة محددة سلفًا وتنتهي هذه الم ّدة بتسليم البضائع إلى المرسل إليّه أي وضعها تخت‬
‫تصرفه أو بتسليمها إلى طرف ثالث أخر بموجب القاونين أو اللوائح السارية في ميناء التفريغ‬
‫لتسليم البضائع له‪.‬‬

‫كما وجب القول بضرورة اثبات الضرر بمختلف الوسائل‪.‬‬

‫مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.37-36‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪22‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫‪ ‬حاالت إعفاء الناقل البحري من المسؤولية‪:‬‬

‫قد يجد الشاحن نفسه في حاالت أصعب بكثير من تلك المسؤوليّة المفترضة الناشئة علة‬
‫الخطأ بكونها مسؤوليّة مشددة فعلى الرغم من كونها من جهة الناقل تصبح مسؤولية مخففة‬
‫نوعا ما‪ ،‬أي انها تكون شيئًا عكسيًا على المرسل إليّه إذا تم حرمانه من التعويض وذلك في‬
‫صورة إعفاء الناقل من المسؤوليّة‪.‬‬

‫فالمبدأ في القانون العام حسب م إ ع بالفصل ‪ ":282‬أنه ال يلزم المدين تعويض الخسارة‬
‫إذا أثبت شيئًا غير منسوب له منعه من الوفاء أو أخره عنه كالقوة القاهرة واآلمر الطارئ‬
‫ومماطلة المدين‪.‬‬

‫إالّ أن األمر مختلف ضمن حاالت االعفاء من المسؤوليّة بالنسبة للناقل البحري فحتى‬
‫ضمن دراستنا لحاالت االعفاء نالحظ هناك تباين كبير بين الحاالت المنصوص عليها ضمن‬
‫م ت ب وضمن اتفاقية هامبورغ لسنة ‪ 1978‬لكون هذه المعاهدة حذفت ع ّدة حاالت نصت‬
‫عليها م ت ب بالفصل ‪ 145‬ولم تبقي إال على حالة الحريق وأضافت حاالت أخرى مما يتوجب‬
‫دراسة كل منها على حدا‪.‬‬

‫كما وجب اإلشارة إلى أن الشروط االتفاقية لإلعفاء من المسؤولية والتي تندرّج ضمن‬
‫سند الشحن هي باطلة بطالنًا مطالقًا حسب الفصل ‪ 161‬م ت ب الذي نص على‪ ":‬يعتبر الغيا‬
‫سواء أكان النقل إ قليميا أو دوليا كل شرط يخالف أحكام األبواب األول والثاني والثالث والرابع‬
‫من هذا العنوان أو يرمي على النزول بالمسؤولية دون الحدود الواردة بها"‪.‬‬

‫فالمشرع التونسي من خالل الفصل بين موقف المشرع الدولي ضمن اتفاقية بروكسيل‬
‫الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن المؤرخة في ‪ 25‬اوت ‪ 1924‬وهذه‬
‫البنود تتخذ عادة شكل عبارة "فيوس" »‪ « fois‬ضمن سند الشحن وهذا الشرط االتفاقي باطل‬
‫بطالنا مطالقًا ألنه يتنافى مع الفصل ‪ 161‬م ت ب الن تونس لم تصادق على معاهدة بروكسيل‬

‫‪23‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫المتعلقة بسندات الشحن وبالتالي سنقتصر على حاالت االعفاء المنصوص عليها بم ت ب‬
‫ومعاهدة هامبورغ وحاالت تهم اطراف عقد النقل البحري‪".34‬‬

‫انطالقًا من مقتضيات الفصل ‪ 145‬م ت ب فإن الناقل عليه أن يضمن جميع ما يلحق‬
‫البضاعة من تلف او تعيّب أو أضرار لعدم بذله عناية مقبولة إلى أن يثبت أن هذا التلف او هذا‬
‫التعييب نتج عن أسباب خارجة إرادته‪.‬‬

‫سيتم تقسيم هذه الحاالت إلى حاالت لها عالقة إما بالسفينة أو البضاعة أي أنها تنتج‬
‫كنتيجة لألمر الطارئ والقوة القاهرة وتجدر اإلشارة إلى أن م ت ب لم تعرف االمر الطارئ‬
‫والقوة القاهرة لذلك واعتماد على الفصل ‪ 283‬م إ ع فإن الق ّوة القاهرة هي كل شيء ال يستطيع‬
‫االنسان دفعه كالحوادث الطبيعية كفيضان ماء وال يعتبر السبب الممكن اجتنابه ق ّوة قاهرة وهو‬
‫ما يعني استحالة توقع واستحالة الدفع ومن األمثلة على هذه األوامر الطارئة أو الق ّوة القاهرة‬
‫الدوامات البحريّة‪ .‬وما على الناقل سوى اثبات األمر الطارئ أو الق ّوة القاهرة‪ ،‬لكي يتف ّ‬
‫صى‬
‫من المسؤوليّة‪ "35‬إال أن مصطلح القوة القاهرة‪ ،‬االمر الطارئ مختلفان في بعض القوانين‬
‫المقارنة ويتحتم تحديدها بدقة خاصة في ظل ظهور المرض الحصري كورونا" وضرورة‬
‫تكيفها كق ّوة قاهرة أم أمر طارئ وإلى حد إمكانية التف ّ‬
‫صي من المسؤوليّة في ظلها ولكن كيف‬
‫تكيّف الكورونا أعلى أساس ق ّوة قاهرة أم كأمر طارئ؟‬

‫الكورونا ظاهرة قانونيّة وجب تعريفها لتصنيفها وتكييفها وترتيب أثارها على‬
‫االلتزامات التعاقديّة وأطلقت على المرض الفيروسي مع ٍد ظهر في مدينة وهان الصينية أواخر‬
‫ال ‪ 2018‬وانتشر بشكل سريع في بقية دول العالم مخلفا ضحايا وأضرار إقتصادية وظهر‬
‫خالل التمييز على أن الكورونا أكانت جائحة ‪ pandémie‬و وباء ‪ Epidémie‬رغم ترابط‬
‫بينهما إال انه يوجد تمييز بينهما ويتضح أن ال توصيف الصحيح لكورونا هو انها جائحة وهي‬
‫غالبًا من القوى الخارجيّة مستحيلة الدفع‪ ،‬ذلك أن التصنيفات التي أوردها العديد من الخبراء‬
‫تساعد في التكييف القانوني للجائحة فإقرار التشريعات بالطابع المعدي للمرض أو التصريح‬
‫بانه وباء وترتيب أثار عنه لتطبيق أثار الق ّوة القاهرة كلها تجعل من البديهي تصنيفها كق ّوة‬

‫‪ 34‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع‪ 12.040.DMS ،‬ص ‪.38-37‬‬


‫‪ 35‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫قاهرة أو كأمر طارئ مع ضرورة القول ان القانون عدد ‪ 19‬لسنة ‪ 2020‬المؤرخ في ‪12‬‬
‫أفريل ‪ 2020‬والمتعلق بتفويض بالتفويض لرئيس الحكومة اصدار مراسيم لغرض مجابهة‬
‫تداعيات فيروس كورونا ‪ covid 19‬دون تعريف أو تكييف الجائحة ونفس الشيء ينطبق‬
‫على األوامر والمراسيم الرئاسية والحكومية‪ .‬وجب القول انه توجد مؤسسات قانونية في‬
‫القانون المقارن تحكمان اختالل التوازنات التعاقدية بسبب الحوادث الطارئة هي القوة القاهرة‬
‫و االمر الطارئ وهذه االزدواجيّة أثارت تنازعًا فقهيا حول النصوص القانونية المنطبقة على‬
‫الجائحة وخاصة القادرة منها على التحكم في آثارها وتداعياتها والتقليص إلى أقصى حد ممكن‬
‫من أضرارها على الحياة اإلج واإلق و غيرها‪ ،‬في فرنسا هنا كجدل فقهي بين تيار اول يدعو‬
‫إلى تكيفها كق ّوة قاهرة حسب الفصل ‪ 1219 1218‬م م ف وبين تيار ثان يدعو إلى تكييفها‬
‫كظرف غير متوقع‪ ،‬اما فيما يتعلق بالقانون التونسي فإنه كيّف الكورونا على أساس الق ّوة‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫كما أشارت معاهدة هامبورغ في المادة ‪ 5‬منها إلى أن الحريق الذي لم يكن صاد ًر عن‬
‫خطأ مباشر او غير مباشر من الناقل او مساعديه فإنه يعفي الناقل من المسؤوليّة على عكس‬
‫إذا ما كان الحريق ناشئ بسبب خطأ أو تقصير من الناقل ومساعديه وما على الشاحن إال إثبات‬
‫ذلك لقيام مسؤولية الناقل ويضاف إليّه اضراب العملة أو األعراف فاعتبرت مجلة ت ب بانه‬
‫ّ‬
‫ينزل منزلة القوة القاهرة متى أثبت الشاحن أن اإلضراب هو المتسبب المباشر في الضرر‬

‫أما إذا كان الشاحن هو المتسبب في اإلضراب لخطأ صادر منه فتقوم مسؤوليته أما‬
‫فيما يتعلق بالحاالت التي لها عالقة بالسفينة والبضاعة فإنها تتعلق بالعيوب الخفيّة بالسفينة فقد‬
‫تبدو هذه القاعدة متناقضة مع االلتزام المحمول على الناقل البحري لتوفير سفينة صالحة‬
‫للمالحة فالقانون في نفس الوقت يعتبر الناقل ملز ًما بتقديم سفينة صالحة للمالحة ويعفيه في أن‬
‫واحد من كل مسؤولية إذا ثبت أن الضرر ناتج عن عيب خفي‪.‬‬

‫هذه القاعدة تعود أصالة إلى معاهدة بروكسيل ل ‪ 1924‬وفيما يخص اثبات العيب الخفي‬
‫يمكن للشاحن االستظهار بشهادة تصنيف السفن أو شهادة سفر إلى أن العيب المقصود هنا هو‬

‫‪25‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫العيّب الذي لم يستطع الشاحن أن يتفطن إليه عن حسن نيّة رغم خبرته في الميدان خاصة وانه‬
‫ملزم بتقديم سفينة صالحة لإليجار‪.‬‬

‫أ ما فيما يتعلق بالعيوب الخاصة بالبضاعة فقد تحدث بسبب عيب في لف البضائع لكون‬
‫طبيعتها خطيرة او لكونها ال تتحمل طول السفر عبر البحر مما تسبب لها في تلف وليس من‬
‫الطبيعي ان يتحمل مسؤوليتها الناقل بل الشاحن يجب ان يكون لديه علم بطبيعة البضاعة كما‬
‫ان العيّب في اللف كذلك ينتج عنه ضرر للبضاعة فيمكن إن كانت من قبيل البضائع التي تتأثر‬
‫بواء البحر لكن محكمة التعقيب اعتبرت ان الناقل مسؤول إن قبل بنقل البضاعة دون لف وهو‬
‫على علم بطبيعتها‪.‬‬

‫أما بالنسبة للبضائع الخطير فنص الفصل ‪ 149‬م ت ب أن البضاعة الملتهبة او المتفجرة‬
‫او الخطيرة التي ال يرضى الناقل أو وكيله بسحبها لو علم نوعها يجوز في كل وقت تفريغها‬
‫من السفينة أو اتالفها أو إزالة أذاها بدون أن يترتب على ذلك أي غرامة للشاحن الذي يكون‬
‫مسؤوالً زيادة على ذلك عن جميع األضرار والمصاريف التي قد ينتج عنها شحن هذه البضاعة‬
‫كما وقع تكريس اعفاء الناقل من المسؤولية فيما إذا ما تم نقص الطريق "‪freinte au déchet‬‬
‫" ‪ de route‬وذلك بمعاهدة بروكسيل وبالفصل ‪ 642‬م ت ب‪.‬‬

‫ونص الطريق هو النقص الذي يحصل للبضاعة أثناء الرحلة البحرية حسب طبيعتها‬
‫سوا ًء أكانت صلبة أو سائلة وهو ما يجوز حسب نسبة مئوية مسموح بها تضبط وفق للعادات‬
‫التجارية بميناء الوصول وتتراوح بين ‪ 1‬و‪ 5‬بالمائة ويعفي الناقل من المسؤوليّة ما لم تتجاوز‬
‫النسبة المحددة والمعمول بها‪.‬‬

‫ويعتبر نقص الطريق واقعة قانونية تثبن بكل الوسائل طالما لم يشترط القانون صورة‬
‫معينة وهو ما اتجهت إليّه م التعقيب في قراراتها‪.‬‬

‫كما نجد حاالت أخرى متعلقة بالقانون البحري‪:‬‬

‫تتعلق بالخطأ البحري فهو الخطأ المتعلق بالماحة عرفه الفقيه ربيان كونه الخطأ الفني‬
‫في قيادة وسير حركة السفينة كما يعرف بالخطأ في اختيار الطريق مثلما وقع للسفينة اإليطالية‬
‫‪ costa concordia‬سنة ‪ 2012‬وهي سفينة نقل مسافرين من خالل إصرار الربان على‬

‫‪26‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫محاذاة السواحل التي تبيّن فيما بعد انها سواحل صخرية تسبب في غرق السفينة أو عدم األخذ‬
‫بعين االعتبار بنصائح الرصد الجوي وبالرجوع إلى التاريخ وقع تكريس هذه المبدأ ألول مرّة‬
‫سنة ‪ 1893‬في الواليات المتحدة األمريكيّة لحماية المهاجرين ثم في معاهدة بروكسيل لسنة‬
‫‪ 1924‬وفي تونس في أمر ‪.1946/04/16‬‬

‫أما الخطأ في تسيير السفينة فال تعريف له لدى المشرع التونسي وال عند فقهاء القانون‬
‫البحري فيمكن تعريفه بانه الخطأ في الحفاظ على السفينة كتنظيفها وصيانتها وحسن توزيع‬
‫البضائع داخلها‪ .‬كما نص الفصل ‪ 145‬م ت ب إضافة إلى المادة ‪ 5‬من معاهدة هامبورغ‪ :‬انه‬
‫يمكن للناقل التفصّ ي من المسؤولية إذا اثبت ان الضرر ناتج عن التدابير الوقائّية إلنقاذ األرواح‬
‫او األموال في البحر كما ان مجلة التجارة البحريّة ومعاهدة هامبورغ لم تميّز بين انقاذ األرواح‬
‫واألموال ويندرج ضمن إطار انقاذ األرواح واألموال تغيير طريق السفينة‪.‬‬

‫فالتلف الذي يلحق البضاعة في حالة تغيير طريق السفينة يجب ان يكون مرتبطًا ارتباطا‬
‫مباشر بإنقاذ األرواح او األموال وعلى الناقل اثبات ذلك وهو ا أكدته محكمة االستئناف بباريس‬
‫بعد ان غيرت سفينة طريقها لتفادي عبور قناة السويس اثناء حرب الخليج‪.36‬‬

‫كما وجدت حاالت تهم أطراف عقد النقل البحري فطرفاه هما الشاحن والناقل البحري‬
‫وبالتالي فإن الناقل يعفى من المسؤولية إذا قام خطأ في شخص الشاحن وإن غاب الخطأ في‬
‫شخصه‬

‫وبذلك فإن الفصل ‪ 148‬م ت ب منح اعفاء للناقل إذا اثبت الناقل ان الشاحن قد تعمد‬
‫التصريح بخالف الواقع في خصوص نوه البضاعة او قيمتها وقد يلجئ هذا األخير لهذه الحيلة‬
‫لتفادي دفع أجرة النقل الباهظة في حالة بضاعة ثمينة او العكس إذا كانت البضاعة زهيدة‬
‫لالنتفاع بالتعويض مهم ويكفيه أن يثبت كذب الشاحن وحيلته دون اثبات وجود عالقة سببية‬
‫بين الضرر والتصريح ليصبح غير مطالب بالتعويض‪.‬‬

‫‪ 36‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.41-40‬‬

‫‪27‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫هذه الحاالت المنصوص عليها بالم البحرية ومعاهدة هامبورغ تمكن الناقل من التفصي‬
‫من المسؤولية اضافةً إلى حالة أخرى هي غياب خطأ الناقل‪.‬‬

‫وذلك بالفصل ‪ 145‬م ت ب‪ ":‬فالشاحن إذا أثبت خطا ينسب للناقل فال يمكن العمل‬
‫بالصور المقررة بالفصل ‪ 145‬أي على الشاحن ان يثبت عدم القيام بالعناية المعقولة ليتحصل‬
‫على الضرر‪ ،‬اما إذا أثبت الناقل قيامة بالعناية المعقولة فيعفى من المسؤولية‪.‬‬

‫والعناية المعقولة هي تلك التي تتجاوز العناية العادية لكنها ال تصل إلى درجة العناية‬
‫القصوى والعناية المعقولة تكون بإعداد السفينة للمالحة من خالل تجهيزها وتجهيزها‬
‫الستيعاب البضائع إذا جاء بالفصل ‪ 242‬م ت ب‪ ":‬الناقل بوثيقة الشحن ملزم قبل السفر وعند‬
‫بدأه ببذل عناية معقولة قصد إعداد السفينة إعداد حسنًا تكون صالحة للمالحة وتجهيزها‬
‫وامدادها بالمعدات والرجال وتزويدها بالمؤن المناسبة وتهيئة عنابرها"‬

‫وهو ما يعني ان العناية المحمولة تشمل اعداد السفينة وهو ما يجعل الناقل مسؤوالً عن‬
‫نقص في اإلعداد كما ان الناقل مطالب حسب الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 212‬م ت ب بان يتولى‬
‫الشحن والتداول والرصف والتفريغ بطريقة مناسبة وباعتبار مما يجعل من زمن العناية‬
‫البحري ة من تاريخ تلقي البضاعة إلى حين تسليمها بميناء الشحن ومبدأ بذل العناية المعقولة‬
‫يمكن اثباته بجميع الوسائل‪.37‬‬

‫وقع االعتراف بمسؤولية قانونية ومفترضة عن أخطأ الناقل في صورة حدوث ضرر‬
‫له كما وقع في المقابل االعتراف له باإلعفاء ان وجد ضمن حالة من حاالته كون المشرع‬
‫التونسي يفترض عدم وجود خطأ بالنسبة للناقل حتى يقع العمل بحاالت االعفاء‪.‬‬

‫فاإلعفاء يكون عند حدوث واقعة خارجة عن إرادة الناقل ووقعها ودفعها في نفس الوقت‬
‫مما ينفي عنه كذلك خطأه من خالل ما نصت عليه لالستدالل على صفة المجهز للناقل البحري‬
‫من خالل الفقرة األخيرة بالفصل ‪ 165‬م ت ب التي جاء فيها‪ ":‬يعتبر مؤجر السفينة ومستأجر‬
‫السفينة عندما تكون له صفة الناقل البحري وناقل البضائع وناقل المسافرين والناقل الفعلي‬
‫ومالك السفينة مجهزين على معنى الفصل ‪ 130‬من هذه المجلة‪ ".‬وبالتالي فإنه بإمكان الناقل‬

‫مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.43‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪28‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫البحري الذي له صفة المجهز أن ينتفع بالحد من المسؤولية الذي أقره الفصل ‪ 132‬و‪ 133‬م‬
‫ت ب‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫إجلزء إلثاين‪ :‬نظام حل إلنإعات‪.‬‬


‫الفصل األول‪ :‬ممارسة دعوى التعويض‬

‫وفق ما تم ذكره سابقًا أن مسؤولية الناقل تتحقق متى ضاعت البضاعة المنقولة أو تلفت‬
‫أو تأخر الناقل في تسليمها إلى المرسل إليّه في الوقت المحدد‪ ،‬ولكي يتحصل المرسل او‬
‫المرسل إليه تعويضا عن الضرر الذي لحقه ال ب ّدا ان يلجأ للقضاء برفعه لدعوى يطالب‬
‫بمقتضاها الناقل بالتعويض وتعتبر دعوى مسؤولية الناقل اهم الدعاوى التي تنشأ عن عقد‬
‫النقل‪.‬‬
‫ولمزيد التفصيل في هذا الخصوص وتحديد القواعد المتعلقة برفع الدعوى يجب التطرق أوالً‬
‫إلى أطراف دعوى المسؤوليّة تم التطرّ ق إلى مسالة االختصاص القضائي في دعوى‬
‫المسؤوليّة‪.‬‬

‫بمجرد القيام بالشكليات التي أوجبها المش ّرع عن تسليم البضاعة من اختبارات فنيّة‬
‫وتدوين احترازات يحق ممن له مصله أن يرفع دعوى المسؤولية ضد الناقل‪.‬‬

‫لقد سبق اإلشارة إلى ان عقد النقل البحري هو العقد الذي يتعهد بمقتضاه الناقل بنقل‬
‫البضاعة للشاحن لقاء أجر معلوم يعني ان عقد النقل البحري يبرم بين شخصيّن هما الناقل من‬
‫جهة والشاحن من جهة أخرى والغالب أن يكون مجهز السفينة هو الناقل بذاته اما الشاحن هو‬
‫الذي يقدم بضاعته للنقل‪ ،‬لكن الغالب أن يجعل النقل لمصلحة شخص أخر غير الشاحن يعرف‬
‫بالمرسل إليّه ويكون لهذا األخير حق تجاه الناقل للمطالبة بالبضاعة‪.‬‬

‫وإن كان األصل ان يبرم عقد النقل البحري بين الناقل والشاحن مباشرة دون واسطة‬
‫بينهما فانه قد يلتجأ كل من الطرفيّن إلى وسيط إلتمام عمليّة النقل‪ .‬فقد يمثل الناقل ربان السفينة‬
‫وقد يمثله الوكيل البحري أو أمين السفينة‪ ،‬أما الشاحن فقد يمثله وكيل بالعمولة يتعاقد مع الناقل‬
‫باسمه الخاص‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وحتى يتسنى تحديد دراسة أطراف دعوى المسؤوليّة يتجه تحديد المدعي في الدعوى‬
‫ثم التعرّ ض للمدعى عليّه‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالمدعي في دعوى المسؤولية‪ ،‬تقام هذه األخيرة من صاحب المصلحة في‬
‫استالم البضائع والتي أضرت مصلحته بهالك البضائع أو تلفها أو وصولها المتأخر‪.‬‬

‫واعتبر الفصل ‪ 19‬م م م ت أن حق القيام لدى المحاكم يكون لكل شخص له صفة وأهليّة‬
‫تخوالن له حق القيام بطلب ما له من حق أي أن تكون للقائم مصلحة القيام‪"38.‬‬

‫فالمدعي هو الشخص الذي له صفة للقيام بدعوى المسؤولية عن األضرار الالحقة‬


‫بالبضاعة ضد الناقل البحرين ويقصد بالصفة هو ان يكون صاحب الحق الموضوعي هو القائم‬
‫بالدعوى‪.‬‬

‫ويتمثل الحق الموضوعي المراد حمايته من خالل الدعوى في حق تسليم البضاعة‬


‫سليمة وفي أجل المتفق عليه‪.‬‬

‫ويكون المعدي في دعوى المسؤوليّة أما الشاحن او المرسل إليّه او من ينوب عنهما‬
‫قانونًا عرّف الفصل ‪ 166‬م ت ب فقرته األولى الشاحن بكونه‪ ":‬هو كل شخص ابرم باسمه أو‬
‫نيابة عنه مع الناقل عقد النقل بضائع بطريق البحر وكذلك كل شخص سلم البضائع أو سلمت‬
‫بالفعل البضائع باسمه أو نيابة عنه إلى الناقل في إطار عقد نقل البضائع بحرا‪ "39‬وهو نفس‬
‫التعريف الذي جاءت به اتفاقية هامبورغ في الفقرة الثالثة من المادة األولى‪.‬‬

‫ما يمكن استنتاجه أن الشاحن يعتبر طرفا في عقد الناقل للبضائع ال أنه هو الذي يبرم‬
‫عقد النقل مع الناقل حيث تقضي القواعد العامة في المسؤوليّة العقدية ان يكون لكل من طرفي‬
‫العقد الحق في مطالبة الطرف األخر الذي امتنع عن تنفيذ ما ألقاه على عاتقه العقد من التزامات‬
‫أو تنفيذها تنفي ًذا معينًا باللجوء إلى القضاء إلرغامه على التنفيذ إذا كان ممكن وإال المطالبة‬
‫بالتعويض وعليه فللشاحن حق في مطالبة الناقل ورفع الدعوى ضده فهو من يتضرر في حالة‬
‫هالك البضاعة أو تلفها أو وصولها متأخرة إلى ميناء التفريغ إذن فهو يعتبر صاحب الحق‬

‫‪ 38‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ 39‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪31‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫األصلي في الرجوع على الناقل البحري وذلك بموجب المسؤولية التعاقديّة وتتأكد صفة المدعى‬
‫لدي الشاحن بمج ّرد استظهاره بسند الشحن الذي يعد وسيلة قاطعة إلثبات عقد النقل البحري‬
‫وال يمكن أن تبقى صفة الشاحن في رفع الدعوى إال إذا ظل حائ ًزا لسند الشحن‪.‬‬

‫أما فيما يتعلّق بالمرسل إليّه‪ ،‬فقد ال تسلم البضائع إلى الشاحن نفسه انما إلى شخص‬
‫أخر‪.‬‬

‫عرفت المادة ‪ 41‬من اتفاقية هامبورغ المرسل إليه بكونه الشخص الذي له الحق في‬
‫تسلم البضائع‪.‬‬

‫كما أضاف الفصل ‪ 166‬من م ت ب فقرة ثانية بكونه‪ ":‬الشخص الذي له الحق في تسلم‬
‫البضائع"‬

‫ويستمد المرسل إليه هذا الحق من سند الشحن والذي يحدد شكله المرسل إليه إن كان‬
‫اسميا فالمرسل إليّه هو الشخص الذي ال تكون البضاعة موجهة إليّه نهائيًّا وإن كان نهائيًا تكون‬
‫‪40‬‬
‫البضاعة موجهة إليّه نهائيًا‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع التونسي جاء وبصورة استثنائيّة للمرسل إليّه النهائي‬
‫أو المؤمن على البضاعة أن يمارس ضد الناقل البحري وبقية األشخاص الذي يهمهم النقل‬
‫البحري ما للمرسل إليه األسمى من حقوق ودعاوى بشرط اعالمه بذلك بمقتضى مكتوب‬
‫مضمون الوصول وقد أجاز نص الفصل المتق ّدم للمؤمن إمكانية الحلول محل المرسل إليّه إذا‬
‫ما كانت البضاعة محا عقد النقل البحري مؤمنة لديّه‪.‬‬

‫واستنادا إلى ما سبقن يمكن لكل شخص أصابه ضرر من جراء الهالك أو التلف االحق‬
‫بال بضاعة أو بسبب التأخير في تسليمها مقاضاة الناقل البحري والذي يحمل صفة المدعى عليه‬
‫في دعوى المسؤولية باعتبار أنه مدين للشاحن بواجب نقل البضاعة حسبما اقتضاه ‪206‬م ت‬
‫ب وأيضا الفصل األول سادسًا من اتفاقية هامبورغ وذلك بموجب وثيقة الشحن وباعتبار ان‬

‫‪ 40‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪32‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫الناقل هو المسؤول الرئيسي عن كل ضرر الحق بالبضاعة أثناء عمليّة النقل البحري عمالً‬
‫بالفصل ‪ 146‬م ت ب‪.‬‬

‫ولكن اإلشكال يطرح في صورة تعدد الناقلين ‪ ...‬ذلك أن تحديد شخص المدعى عليه ال‬
‫يطرح اشكاال في صورة قيام الناقل البحري المعاقد المنصوص عليه بوثيقة الشحن بإتمام عملية‬
‫النقل البحري وايصال البضاعة إلى المرسل إليّه ولكن في صورة تداخل أكثر من ناقل بحري‬
‫من أجل إتمام عملية نقل واحدة وهذه الفرضيّة تتمثل فيما يعرف بالنقل المتتابع‪ ،‬جاءت اتفاقية‬
‫هامبورغ للتمييز بين الناقل المتعاقد والناقل الفعلي الذي يعهد إليّه من جانب الناقل األصلي‬
‫بالتنفيذ الكامل أو الجزئي للنقل‪.‬‬

‫في هذه الحالة يطرح االشكال في تحديد مسؤولية الناقل البحري إذا ثبت تضرر‬
‫للبضاعة أثناء عملية النقل‪ ،‬الناقل البحري المتعاقد أم الناقل الفعلي كما يمكن أن تحمل‬
‫المسؤولية على عاتق مستخدمو الناقل البحري‪ .‬طبيعة األمور تقتضي أن يكون الناقل المتعاقد‬
‫مسؤوالً عن أي ضرر يلحق بالبضاعة عمالً بأحكام المسؤولية المفترضة إال انه في واقع األمر‬
‫يجب القول إن هناك تعارض بين اتفاقيّة هامبورغ وم ت ب ذلك هذه األخيرة اعتبرت أن الناقل‬
‫الفعلي مسؤوالً في صورة تلف البضاعة أو هالكها أو التأخير في تسليمها وهو ما أكدته م ت‬
‫ب في فصلها ‪ 189‬عندما نصّت‪ ":‬المستأجر مسؤول عن األضرار الالحقة بالبقيّة أو بالبضاعة‬
‫المشحونة سوا ًء بسبب خطئه أو بسبب عيب خاص للبضاعة‪".‬‬

‫ما يمكن مالحظته أن المشرّ ع التونسي قد خالف االتفاقيات الدوليّة من ذلك اتفاقيّة‬
‫هامبورغ التي لم تؤسس المسؤوليّة على الناقل الفعلي وأوكلتها كليا على عاتق الناقل المتعاقد‬
‫ولكن ذلك ال يطرح اشكاالً باعتبار أن للمعاهدات الدوليّة علوية على القانون الوطني أي انه‬
‫في حالة التضارب تطبق اتفاقية هامبورغ‪.‬‬

‫اما فيما يتعلق بمستخدموا الناقل البحري الذي يمكن تعريفه على أنه الشخص الذي يقوم‬
‫الناقل بالتعاقد معه إلتمام عملية النقل البحري ضمانا إليصال البضاعة في حالة جيّدة وفي‬
‫الوقت المح ّدد‪ .‬فقد رفض فقه القضاء لفترة مطولة اإلقرار بإمكانية القيام المباشر ضد أحد‬
‫المتداخلين المنصوص عليهم ب م ت ب سيما مقاول الشحن والتفريغ وأمين الحمولة وامين‬

‫‪33‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫السفينة إال أنه في الم ّدة األخيرة وبعد إقرار قضاة األصل بذلك أقرت محكمة القانون بحق‬
‫التقاضي المباشر ضد مقاول الشحن والتفريغ سواء من طرف المرسل إليّه ومن يحل محله‬
‫سيما شركة التامين‪.41‬‬

‫حديثنا عن خصوصيات سير دعوى المسؤوليّة عملية النقل البحري هي في أغلب‬


‫األحيان عملية نقل بحري دولية وال يعتبر النقل دوليًا غال إذا رست السفينة بميناء أجنبي وإال‬
‫اعتبر النقل إقليميا حسب ما اقتضاه الفصل ‪ 163‬م ت ب‪ ":‬ان عنصر الميناء هو العنصر‬
‫المؤثر والمحدد لعمليّة النقل البحري إذا كانت قوميّة او دوليّة‪.‬‬

‫في صورة أن النقل البحري قومي فال يوجد اشكال في هذه الصورة باعتبار أن المحكمة‬
‫المختصة ستكون عادة أحد المحاكم التونسيّة والتي يكون لها كامل السلطة في تحديد المسؤولية‬
‫المترتبة عن هالك البضاعة إال في صورة اتفاق الطرفيّن على االلتجاء إلى التحكيم‪.‬‬
‫لكن اإلشكال الذي يمكن أن يطرح في هذا الخصوص يتعلق بعقد النقل الدولي وخاصةً‬
‫دولية وثيقة الشحن‬

‫ولتطرق لهذا االشكال يجب الحديث في االختصاص القضائي في الدعاوى الناجمة عن‬
‫‪42‬‬
‫تنفيذ عقد النقل البحري وأيضا القانون المنطبق على النزاع‬

‫نظرً ا ألهمية التجارة البحرية في بالدنا وتأثيرها المباشر على اقتصادنا الوطني‪ ،‬اعتبر‬
‫المشرع التونسي أنه من الصروري ان تكون الدعاوى الناشئة عن المبادالت البحريّة وطنيّة‬
‫كانت أو دولية خاضعة لقواعد مرجع النظر الواردة ب م م م ت و م ت ب وذلك في صورة‬
‫دعاوى الرجوع او في صورة تعدد المطلوبين وهذا ما نص عليه المشرع صراحة ضمن‬
‫الفصل ‪ 162‬م ت ب عالوة على تحديد اختصاص المحاكم وفقا لهذه المجالت القانونية فهو‬
‫محدد أيضا بمجلة القانون الدولي الخاص التي ال تخالف مقتضيات اتفاقية هامبورغ حيث تولت‬
‫هذه المجلة تحديد االختصاص الحكمي للمحاكم والقانون المنطبق على كل نزاع‪ .‬ولهذا يكون‬
‫من حيث المبدأ للمحاكم التونسية االختصاص في النزاعات المدنيّة والتجارية بين جميع‬

‫‪ 41‬مسؤولية النقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ‪56‬‬


‫‪ 42‬مسؤولية النقل البحري للبضائع مرجع سابق ص ‪56‬‬

‫‪34‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫األشخاص مهما كانت جنسيتهم إذا كان المطلوب مقيم بالبالد التونسية وتكون مختصة في‬
‫النزاع إذا عينها األطراف او إذا قبل المطلوب التقاضي لديها‪.‬‬

‫إذن يمكن القول ان المشرع التونسي أقر من خالل الفصل ‪ 162‬م ت ب بطريقة غير‬
‫مباشرة خضوع عمليات النقل البحري الدولية وجوبًا إلى أحكام القانون التونسي وإلختصاص‬
‫المحاكم التونسية‪ .‬بالرغم من ذلك يخالف مقتضيات االتفاقيّة الدوليّة من ذلك اتفاقيّة هامبورغ‬
‫التي مكنت المدعي من تحديد االختصاص القضائي المتعلق بممارسة دعواه‪ .‬فلئن أحال الفصل‬
‫‪ 162‬م ت ب االختصاص القضائي إلى أحكام م م م ت وبالتحديد الفصل ‪ 2‬منها والذي نص‬
‫صراحةً أنه‪ ":‬تنظر هذه المحاكم في جميع النزاعات المبينة بالفصل المتق ّدم بين األشخاص‬
‫المقيمين بالتراب التونسي مهما كانت جنسيتهم"‪ .‬فغن االتفاقية الدولية المصادق عليها أقرت‬
‫عكس ذلك وبالرجوع إلى الفصل ‪ 32‬من الدستور فإن المعاهدات الدولية اعلى من القوانين‬
‫‪43‬‬
‫وهو ما أقرته محكمة التعقيب صراحة في قرارها عدد ‪ 9298‬لسنة ‪.2014‬‬

‫إذن فإذا تعلق األمر بعقود نقل دولي للبضائع فالقانون المنطبق يكون باالعتماد على‬
‫احكام اتفاقية هامبورغ وهو ما أكده فقه القضاء في عديد القرارات من ذلك القرار التعقيبي‬
‫عدد ‪ 294 18‬لسنة ‪2008‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 21‬من هذه االتفاقية أن للمدعي حسب اختياره أن يقيم دعواه اما‬
‫المحكمة تكون ذات اختصاص ويدخل في نطاق واليتها أحد األماكن التالية‪ ":‬المحل الرئيسي‬
‫للمدعى عليه‪ ،‬مكان ابرام العقد‪ ،‬ميناء الشحن أو ميناء التفريغ أو أي مكان أخر يعين لهذا‬
‫الغرض في عقد النقل البحري‪.‬‬

‫ويجدر القول ان اختيار المحكمة المختصة يمكن ان يتم بصورة تسبق الدعوى وذلك‬
‫ب موجب بند شحن من خالله األطراف على المحكمة المختصة دوليا للنظر في النزاع إال أن‬
‫محكمة االستئناف بتونس ترى انه ال عمل على كل شرط قد ينجر عنه تغيير المكان الذي يجب‬
‫فصل النزاع فيه حسب قواعد مرجع النظر‪.‬‬

‫‪ 43‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.58‬‬

‫‪35‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫وقد حددت االتفاقية الدولية المحكمة المختصة ترابيا على مستوى االختصاص القضائي‬
‫الدولي للنظر في أي نزاع ينشأ عند تنفيذ عقد النقل البحري اما على المستوى الوطني فالمحكمة‬
‫المختصة ترابيًا عن كل نزاع ناشئ عن تنفيذ عقد النقل البحري هي مبدئيًا وفق احكام الفصل‬
‫‪ 30‬م م م ت المحكمة التي بدائرتها مقر المطلوب األصلي أو المختار ولكن عادة ما يكون‬
‫الناقل البحري شخص معنوي فان الفصل ‪ 33‬م م م ت هو النص المنطبق والذي ينص على‬
‫أن الدعاوى الموجهة ضد الشركات ترفع للمحكمة التي بدائرتها مقر الشركة‪.‬‬

‫اما االختصاص الحكمي فهو موزع بين محكمة الناحية والمحكمة االبتدائيّة وذلك حسب‬
‫مقدار المبلغ المطلوب باعتبار دعوى المسؤولية عن الضرر االحق بالبضاعة من الدعاوى‬
‫المقدرة‪ .‬وعلى الرغم من علوية المعاهدات الدولية فإن فقه القضاء التونسي بقي متشبثًا بتطبيق‬
‫احكام القانون الوطني ولعل من المفيد ان نذكر صورة االلتجاء إلى التحكيم حيث يمكن ألطراف‬
‫النزاع االلتجاء إلى التحكيم لفض النزاعات الناشئة عن تنفيذ عقد النقل البحري باعتبار ان‬
‫التحكيم يمكنهم من اختيار أشخاص اكفاء لفض النزاعات الناشئة عن تنفيذ عقد النقل البحري‬
‫ومن اختصار الوقت وذلك نظرًا لكونه يتميّز ببساطة وسرعة اإلجراءات شريطة أن يكون‬
‫هناك اتفاقية تحكيم وقد اعتبرت مجلة التحكيم ان هذه االتفاقية التزام أطراف أن يفظوا بواسطة‬
‫التحكيم كل او بعض النزاعات القائمة بينهم واعتبرت ان االتفاقية تكتسي صيغة الشرط‬
‫‪44‬‬
‫التحكيمي أو صيغة االتفاق على التحكيم‪.‬‬

‫‪ 44‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪36‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آلية التعويض‪.‬‬

‫بعد بيان قيام مسؤولية الناقل البحري للبضائع من خالل تحديد المسؤولية المترتبة عن‬
‫هذا العقد وذلك عند إخالل الناقل بالتزاماته وأيضًا عند ممارسة الدعوى والشروط التي اوجبها‬
‫المشرع قصد إرساء قرينة المسؤولية من جانب الناقل البحري فكما سبق التطرّق إلى ظهور‬
‫المسؤولية للوهلة األولى فيها تشديد على الناقل في جزء اول سرعان ما يزول في جزء ثان‬
‫وسنتبيّن حدود ذلك التشديد من خالل بيان سقف التعويض عن األضرار الالحقة بالبضاعة‬
‫أثناء عملية النقل البحري فأمام تشديد المسؤولية أثر إرساء قرينة مسؤولية الناقل عن األضرار‬
‫الالحقة بالبضاعة في جزء اول قابله في جزء ثاني زوال لهذا المفهوم وتفريغه من محتواه إذا‬
‫صح التعبير‪.‬‬

‫ضمن مجال التعويض عن الضرر الواقع له‪ ،‬تبدو وضعية الشاحن او المرسل إليّه‬
‫معقدة بعض الشيء‪ ،‬فالمعلوم لدى الجميع أن التعويض ضمن المسؤوليّة العقدية يشمل الخسارة‬
‫زيادة عن ضياع األرباح حسب ما نص عليه الفصل ‪ 278‬م إ ع بعبارة أخرى الحق في‬
‫التعويض الكامل إال أن ما يميّز التعويض ضمن مجال المسؤولية في النقل البحري كونها‬
‫تتصف بالتحديد أي أن المتضرر في غالب األحيان ال يتحصل التعويض الكامل ( هذا اضافةً‬
‫إلى أن الناقل كأي طرف في دعوى جبر الضرر يتمتع هو األخر بالحق في اإلعفاء من‬
‫المسؤوليّة) ويتجلى تجريد مسؤولية الناقل البحري من شدتها عبر نظام تحديد المسؤولية‬
‫واالعفاء منها فبإمكان الناقل البحري التخفيف من المسؤولية ( أو التنقيص منها) بفضل‬
‫بالقوة التي‬
‫ّ‬ ‫النصوص القانونية التي اتاحها كل من التشريع الوطني والدولي ويت ّدعم ذلك أيضًا‬
‫يكتسبها الناقل البحري مما يمكنه من فرض مصالحه على بقية األطراف المتداخلة في عملية‬
‫النقل البحري إذ مكنت النصوص القانونيّة التي تحدد وتعفي الناقل من المسؤولية من ان تصب‬
‫في مصلحته مع ما يتمتع به من مركز ق ّوة مما جعل من محاولة الموازنة بين مصالح كل من‬
‫الناقل والشاحن والمرسل إليّه عبر أرساء نصوص قانونية جديدة او تعديلها وفي هذا االطار‬
‫ان نظام تحديد قيمة التعويض عن األضرار الالحقة بالبضاعة المترتبة عن عقد النقل البحري‬
‫يختلف بين م ت ب و اتفاقية هامبورغ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫حدد المشرع التونسي ضمن أحكام م ت ب قيمة التعويض عن األضرار الالحقة‬


‫بالبضاعة وذلك ضمن الفصل ‪ 147‬الذي نص على أنه‪ ":‬مسؤولية الناقل عن التلف أو التعيب‬
‫أو األضرار الالحقة بالبضائع سواء أكان النقل قوميا ً أم دوليا ً ال يمكن بحال فيما عدا صورة‬
‫التغرير أن تتجاوز مبلغ مائة دينار عن كل طرد أو وحدة تتخذ عادة أساسا ً لنقل البضائع ما لم‬
‫يصرح الشاحن بنوع تلك البضائع وقيمتها قبل شحنها‪ ،‬ويدرج هذا التصريح بوثيقة الشحن‬
‫ويكون حجة على الناقل ما لم يثبت من جهته عكس ذلك ‪.‬وإذا نازع الناقل في صحة التصريح‬
‫عند صدوره جاز له أن يدرج بوثيقة الشحن ما له من التحفظات الخاصة المعللة في شأن كل‬
‫طرد وعندئذ يحمل عبء إثبات القيمة الحقيقية على مرسل البضاعة أو متسلمها ‪.‬ويجوز تغيير‬
‫مبلغ المائة دينار بأمر‪.‬‬

‫تناول هذا الفصل وضعيتين‪ ،‬االولى هي التي يتم فيها التصريح بقيمة البضائع ضمن‬
‫وثيقة الشحن وبالتالي وفي حالة تضرر البضاعة فإن التعويض يتم على أساس قيمتها التي وقع‬
‫التصريح بها سال ًما بوثيقة الشحن ‪ ،‬ووضعية ثانية هي التي لم يتم فيها التصريح بمواصفات‬
‫البضاعة وقيمتها بوثيقة الشحن وفي حالة حصول ضرر للبضاعة فإن التعويض ال يمكن أن‬
‫يتجاوز مبلغ مائة دينار عن كل طرد أو وحدة‪ ،‬إذن وحسب ما سبق بيانه فإن تحديد التعويض‬
‫عن المسؤولية المترتبة عن األضرار الالحقة بالبضاعة يخص الفرضية الثانية المتعلقة بعدم‬
‫التصريح بنوع وبقيمة البضائع بوثيقة الشحن‪ ،‬ومن جهة تنص المادة ‪ 6‬فقرة اولى من اتفاقية‬
‫هامبورغ على أنه‪ ":‬تحدد مسؤولية الناقل وفقًا ألحكام المادة ‪ 5‬عن الخسارة الناتجة عن هالك‬
‫البضائع او تلفها بمبلغ يعادل ‪ 835‬وحدة حسابية عن كل طرد او وحدة شحن اخرى أو ‪2.5‬‬
‫وحدة حسابية عن كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع بهالك او بتلف"‬

‫حيث تبنت اتفاقية هامبورغ نظام تحديد التعويض عن األضرار الالحقة بالبضاعة إثناء‬
‫عملية النقل البحري مختلف عن نظام م ت ب باإلضافة على انها تناولت وضعيات لم يتطرق‬
‫لها المشرّ ع التونسي من ذلك الضرر الناجم عن التأخير في تسليم البضاعة‪.‬‬

‫من خالل الفصل ‪ 147‬م ت ب والمادة ‪ 6‬من اتفاقية هامبورغ يحسب التعويض على‬
‫أساس الطرود والوحدة وهو ما يثير اشكال قانوني حول معرفة هذيّن المفهومين بالنسبة للطرد‬

‫‪38‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫فهو ال يثير إشكاالً عميقًا ‪ ،‬فالطرد هو وضع البضاعة في صناديق أو أكياس تحمل عالمات‬
‫أو أرقام تعرف بها وتميزها عن بقية البضائع وهي أيضًا سلك البضاعة التي تجمع في رباط‬
‫واضح بقصد نقلها كما لو كانت وضعت في صناديق أو أكياس من الورق والكرتون شريطة‬
‫أن تحمل ارقامها وعالمات مميزة‪ ،‬كما يعتبرها العميد روديار البضائع التي يمكن ان تكون‬
‫محددة بذاتها والتي يكون عندها موثق بوثيقة الشحن‪ .‬اما مفهوم الوحدة فهو مفهوم غير واضح‬
‫ودرج الفقه على تعريفه بعكس ما عرف الطرود أي كل ما ال يوضع في طرود او صناديق او‬
‫اكياس‪ .‬فالوحدة هي كل البضائع التي تنقل صبرة واحدة نظرا لصعوبة احتواءها في طرود او‬
‫اكياس كالزيت مثالً او القمح فهي تشحن صبا لذلك فغننا نعتبر الوحدة هنا هي إما ما يمكن نقله‬
‫سائالً وتعتمد هنا على الكيل وتكون بالتالي الوحدة المعتمدة هي الكيل او ما ينقل صبرة ويتخذ‬
‫حج ًما كالقمح ويعتمد كذلك وحدة الوزن والتي تثبت في نهاية المطاف ضمن سند الشحن وتتخذ‬
‫أساسًا لتحديد اجرة للنقل‪.‬‬

‫فيما يخص معاهدة هامبورغ ما يعتبر تطو ًرا في التشريع الدولي كونه لم تأتي على‬
‫اعتماد عملة معينة على عكس اتفاقية بروكسيل التي اعتمدت الجنيه االسترليني أو الفرنك‬
‫البونكاري كما جاء في برتوكول ‪ 1968‬من خالل المادة ‪ 26‬من معاهدة هامبورغ تم اعتماد‬
‫ما يعرف ب "حق الشحن الخاص" الذي يحدده صندوق النقد الدولي وبالرجوع إلى المادة من‬
‫المعاهدة هي ‪ 835‬وحدة حسابيّة عن كل طرد أو وحدة شحن أخرى أو ‪ 205‬وحدة حسابية‬
‫على كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع الهالكة أو التالفة وهذه الوحدة ليست عملة تتداول‬
‫وإنما هي وحدة افتراضية أوجدها صندوق النقد الدولي بموجب التعديل لألول ويقع تحديدها‬
‫يوميا وتنشر في الصحف المختصة وللبنوك المركزية ألغلب الدول وتحديد قيمة الشحن‬
‫الخاص باللجوء إلى عمالت بعض الدول األعضاء في الصندوق ذات الصادرات الكبيرة والتي‬
‫لها قدرة شرائية مرتفعة‪ ،‬اما الدول غير األعضاء في الصندوق يتعلق حسب الفقرة ‪ 2‬من المادة‬
‫‪ 26‬من معاهدة هامبورغ أن الوحدة المنطبقة هي ‪ 12.500‬وحدة نقدية عن كل طرد أو وحدة‬
‫شحن او ‪ 37.5‬وحدة نقديّة عن كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع والوحدة النقديّة تعادل‬
‫ما قدره ‪ 65.5‬ميلغرام من الذهب من وسيلة ذهبية عيارها تسعمائة من األلف والتي تحول‬
‫بدورها إلى العمالت الوطنيّة للدول غير األعضاء بالصندوق إال أن مصلحة الشاحن تظل في‬

‫‪39‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫خطر اعتمادا على مزاجية وتقلبات سعر الصرف ابتدا ًء من تاريخ الحكم إلى تاريخ الوفاء‪،‬‬
‫ذلك ان هذا الغموض جعل من موافق فقه القضاء متناقضة في بعض االحيان فتارة تعتمد‬
‫محكمة التعقيب على قواعد م ت ب وتارة أخرى على قواعد معاهدة هامبورغ‪ 45‬وتجدر االشارة‬
‫هنا إلى أن اتفاقيّة هامبورغ كانت اكثر شموالً من م ت ب باعتبار ان مجال التعويض قد شمل‬
‫باإلضافة إلى التلف أو التعييب‪ ،‬حالة الضرر المترتب عن التأخير في تسليم البضاعة والتي‬
‫لم يتم ادراجها ضمن م ت ب‪ ،‬بالرغم من كون سقف التعويض عن المسؤولية وفق المادة ‪6‬‬
‫من اتفاقية هامبورغ كان أعلى وأهم من سقف التعويض وفق الفصل ‪ 147‬م ت ب إال أنه يبقى‬
‫مقدارًا بخسًا وقاصرً ا عن لعب الدور الذي رصد من أجله وهو ضمان تعويض عاجل للمرسل‬
‫إليّه‪ ،‬إال أن هذا المبدأ ليس مطلقًا إذ توجد حاالت تحرم الناقل من التمتع بنظام تحديد المسؤولية‪،‬‬
‫إن حاالت الحرمان من حديد المسؤولية من الحاالت التي يسقط فيها الحق في التحديد وتعود‬
‫بذلك إلى تطبيق مبدأ التعويض الكامل عن الضرر‪.‬‬

‫اعتماد على م ت ب وعلى اتفاقية يمكن أن تسقط حق ناقل البحري من تحديد المسؤولية‬
‫المترتبة عن األضرار الالحقة بالبضاعة ضمن عقد النقل البحري ويكون ذلك إما باتفاق‬
‫األطراف وايضًا كجزاء للناقل‪.‬‬

‫نص الفصل ‪ 242‬م إ ع على أنه‪ ":‬ما انعقد على الوجه الصحيح يقوم مقام القانون فيما‬
‫بين المتعاقدين وال ينقض إال برضائهما أو في الصورة المقررة في القانون‪ ".‬انطالقًا من هذه‬
‫القاعدة القانونية يتبيّن لنا أن اتفاق أطراف العقد يمكن االعتداد به واعتماده لتحديد المسؤولية‬
‫وتصنيفها وهو ما يمكن تبينه بصورة ضمنيّة من أحكام الفصل ‪ 147‬م ت ب " مسؤولية الناقل‬
‫عن التلف أو األضرار الالحقة بالبضاعة سوا ًء اكان النقل قوميًا اتو دوليًا ال يمكن بحال فيما‬
‫عدا صورة التغرير أن تتجاوز مبلغ مائة دينار عن كل طرد او وحدة شحن عادة أساسًا لنقل‬
‫البضائع ما لم يصرح الشاحن بنوع تلك البضائع وقيمتها قبل شحنها"‬

‫وهو ما اكدته محكمة التعقيب في قرارها عدد ‪ 11981‬المؤرخ في ‪ 14‬اكتوبر ‪1985‬‬


‫" ان مسؤولية الناقل عن التلف والتعييب واألضرار الالحقة بالبضاعة سوا ًء كان النقل قوميا‬

‫‪ 45‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 11981‬مؤرخ في ‪ 14‬اكتوبر ‪1985‬ن ن م ت ‪ ،1985‬القسم المدني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪40‬‬
‫ندوة حبث‪ :‬إلنإعات إلناش ئة عن عقد إلنقل إلبحري للبضائع‬

‫او دوليا ال يمكن بحال فيما عدا صورة التغرير ان يتجاوز مبلغ مائة دينار عن كل طرد او‬
‫وحدة تتخذ عادة لنقل البضائع ما لم يصرح الشاحن بنوع تلك البضائع وقيمتها قبل شحنها‬
‫ويدرج بوثيقة الشحن ويكون حجة على الناقل ما مل يثبت من جهته عكس ذلك‪".‬‬

‫وهذا التشديد نص عليه صراحة في المادة ‪ 23‬من نفس االتفاقية‪ ":‬للناقل أن يزيد مقدار‬
‫مسؤولية والتزاماته بموجب هذه االتفاقية" فتشديد مسؤولية الناقل البحري يمكن يتم عبر االتفاق‬
‫بين الناقل والشاحن على تعيين حدود المسؤولية تتجاوز حدود المسؤولية كما نظمها القانون"‬

‫نص الفصل ‪ 148‬م ت ب على حالة التغرير والتي اعتبرت الحالة الوحيدة التي يفقد‬
‫من خاللها الناقل البحري حق ه في التمتع بالتحديد من المسؤولية وقد درج الفقه وفقه القضاء‬
‫على اعتبار التغرير هو الخطأ العمدي الجسيم حيث أكدت محكمة التعقيب‪ 46‬أن السرقة من‬
‫أبرز أنواع التغرير الذي يفوت على الناقل تمتعه بالحديد من المسؤولية كما ان محكمة النقض‬
‫المصريّة تستعمل عبارة الغش بدل التغرير وأن من يحتج بالتغرير وجب عليه اثباته حسب‬
‫الفصل ‪ 147‬م ت ب‪.‬‬

‫قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 15443‬بتاريخ ‪ 1982 -07-22‬ن م ت ن قسم مدني ‪ 1981‬ص ‪.183‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪41‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬

‫❖ أحمد محمود حسني‪ :‬دراسة حول نصوص اتفاقية هامبورغ الخاصة بنقل‬
‫البضائع بحرا لسنة ‪.1978‬‬
‫❖ زكيّة الجازي‪ :‬البضاعة والمسؤولية في قانون النقل البحري رسالة تخرج من‬
‫المعهد األعلى للقضاء‪.‬‬
‫❖ سهام المناعي‪ :‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع‪.‬‬
‫❖ لطفي الشملي‪ :‬تطور القانون الوضعي التونسي على ضوء تأثيرات‬
‫المعاهدات الدولية البحرية‪.‬‬
‫❖ ماجدة بن جعفر‪ :‬االثبات في منازعات عقود النقل البحري للبضائع‪.‬‬
‫❖ محمد الحبيب عويدة‪ :‬اتفاقية هامبورغ وقانون النقل البحري التونسي‪.‬‬
‫❖ وهيب األسير‪ :‬القانون البحري‪.‬‬

You might also like