Professional Documents
Culture Documents
com
السداسي :الثاني الطور :ماستر السنة :األولى
التخصص :دراسات إستراتيجية وأمنية
اسم المقياس :السياسة الدفاعية المقارنة
إسم األستاذ :د.بوازدية جمال
أهمية وأهداف المقياس:
مع بداية معاهدة وستفاليا عام ،1648اصبحت العالقات الدولية عملية متغيرة ومتطورة تتسم بالحراك والمرونة
والديناميكية بين الدول القومية ذات السيادة ،هذا الواقع يعتبر في أدبيات التحليل السياسي ذلك النمط أو حالة التي
تسعى القوى الفاعلة إلى الحفاظ على أوضاعها ومصالحها التي تعكس ما تحوزه من قدرات وامكانات ،الن البيئة
الدولية ال يحكمها إال منطق التنافس والصراع والذي يتحول بدوره إلى سياسات مضادة وتتغير معه القدرات بشكل
حاسم لدى طرف من أطراف التفاعل ،وامام إستحالة بناء قواعد تعاونية توافقية في العديد من التحديات التي باتت
تواجه العالم ،تصبح المسلحة الوطنية والقومية هي الرهان الدافع المتالك القوة والسعي الدائم إلى زيادة هذه القوة
وتعظيمها إلى أبعد مدى ممكن ،وعليه يسعى باقي األطراف 1إلى إعادة التوازن من جديد عبر تفعيل سياسات
واستراتيجيات جديدة تتناسب مع مستجدات الواقع الدولي وتحوالته أو ما يسمى بالسياسة الدفاعية.
واذا سلمنا أن الواقع الدولي متغير وفق محددات ومرتكزات القوة التي تحوزها الفواعل المؤثرة وترتبط بالنسق الدولي
السائد في مرحلة زمنية معينة وما يتضمنه من عناصر ومحددات جديدة فهذا بدوره سوف يكون له إنعكاس إيجابي
أو سلبي على واقع الدول الذي سوف يتوجه من الثبات إلى التغير في سياساته واستراتيجياته وتفاعالته الدولية،
األمر الذي يطرح التساؤل حول أنماط ومحددات التغيير في السياسات التي تصيغها وتنتهجها الدول إزاء اآلخر
سواء الحليف أو المنافس أو التابع.
ومادامت االوضاع الراهنة تشهد حالة من السيولة في التفاعالت ،2سواء التعاونية أو الصراعية ،التي إنتهت نوعا
ما في العجز على إرساء قواعد فعلية لمواجهة العديد من االزمات المتفاقمة حول العالم ،والتي باتت تهدد الوحدة
المقياس والسالمة اإلقليمية للعديد من الدول ،بل وتتضمن في بعض الحاالت اعتداء علي السلم العالمي ،فإن اهمية
تهدف إلى معرفة االليات المنتهجة لتحديث السياسات الدفاعية واإلستراتيجيات العسكرية ،وذلك من خالل إدراك المفاهيم واألبعاد وتحديد المتغيرات
العالمية واإلقليمية والمحلية واإللمام بتأثيرها لمعرفة كيف توصلت الدول إلى أنسب أسلوب مالئم لتطوير سياستها الدفاعية (االستراتيجية العسكرية
المقترحة للقوات المسلحة) بالنظر إلى التطور الهائل في وسائل الصـراع المسلح الذي سمح بامتالك القوى اإلقليمية لمنظومة عسكرية متطورة
في جميع المجاالت من جهة وحدوث العديد من المتغيرات العالمية واإلقليمية التي كان لها تأثير على السياسة الدفاعية من جهة ثانية.
مقدمة
وصناع القرار
ّ لقد أصبحت القضايا األمنية في القرن الحادي والعشرين ذات أهمية قصوى لدى كل من الباحثين
في الدول ،ولم يقتصر االهتمام بقضايا األمن المفهوم التقليدي له وهو أمن الدول من االعتداء الخارجي المسلّح،
بل تجاوزه إلى مفاهيم ومستويات متعددة كأمن المجتمع وأمن الفرد أو أمن البيئة وسالمتها.
إن منطق استخدام القوة العسكرية في العالقات الدولية ال يزال يلعب أدو ار أساسية في التأثير على مجرى التفاعالت
ّ
السياسية الدولية ،ومقولة كالوزفيتز الشهيرة أن“ :الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى” ال يزال صداها قويا
لدى القوى النافذة في المسرح الدولي ،األمر الذي يحتّم على األمم التي تروم البقاء واالستمرار والتنمية واالزدهار
أن تهتّم ببناء دفاعاتها الوطنية وقواتها العسكرية حتى تضمن حصولها على معادلة الوقاية والدفاع.
من هنا ،إعتبر الكثير من المفكرين أن الدفاع أصحى قضية جماعية ،وهو بذلك اكثر تعقيدا ،الن قضية الدفاع
تهم االفراد ويريدونه مجتمعين ،لذا يصعب تحديد ما ندافع عنه اذا أمكن ،وعما يهمنا ان ننقذه في جميع االحوال
(اذا اردنا الدفاع عن هذا األمر ،فأنه ينبغي لنا اوال ان ندافع عن ذاك الشيء) او (اذا كنا ال نستطيع الدفاع عن
ذلك االمر فلندافع على االقل عن هذا الشيء) ،وبهذا ،فانه ال يكفي ان نقوم بتعداد ما لهذه االشياء من مدخالت
ومخرجات ،فال بوجد على صعيد التصورات والمفاهيم افكار بإستطاعتها أن تؤلف بين هذه االشياء ،مثل مصطلح
(الثورة) او (الوطن).
-تعريف السياسة الدفاعية
السياسة الدفاعية هي العملية التي تتم بواسطتها تحضير للقوات للدفاع عن البالد وفق روية أو منظور إستراتيجي
الذي يحمل تصو ار شامال حول مسرح المعركة والعمليات المحتملة لمواجهة قوات العدو من اجل تحضير القوات
الكافية لالنتشار في المواقع المناسبة ،ولتحقيق ذلك يوظف اإلستراتيجي عددا من االعتبارات والعناصر التي
تستغل أو يتم تفاديها في العملية الدفاعية( ،الجغرافيا ،الموارد ،طبيعة العدو ،مصادر التهديد التقليدية وغير
التقليدية ،الفعلية والمحتملة ،القدرات المتاحة ،والمصالح الحيوية المراد حمايتها).
في معناها االستراتيجي فإن السياسة الدفاعية تمثل الجزء األهم في سياسة الدولة العامة حول مسائل الدفاع أو
باألحرى هي التصورات اإلستراتيجية حول المحافظة على أمن واستقرار الدولة والمجتمع عبر المستويات المختلفة
التي تمتد من المستوى الوطني إلى أكثرها عمقا في الجوار اإلقليمي ،على افتراض أن التطورات األمنية المتالحقة
مددت مسافات االستقرار من الداخل الوطني إلى دول الجوار ،خاصة في تلك الدول التي تعاني من هشاشة أمنية
وبنائية ،وتصدر مصادر التهديد نحو العمق اإلستراتيجي الوطني للدولة.
لإلشارة هناك العمق اإلستراتيجي الوطني والعمق اإلستراتيجي اإلقليمي ،والسياسة الدفاعية للدولة معنية بالنوعين،
حتى ولو تعطى األولوية للنوع األول ويشكل قلب السياسة الدفاعية ،إال أن ال معنى وفي بعض األحيان أن يكون
االستقرار األمني والوجود اآلمن للدولة مرهونا بالنوع الثاني الذي يضم الجوار القريب ،3واذا كان أنصار نظرية
مركب األمن اإلقليمي حددوا جوهر األمن في العالقة الثنائية بين دولتين محوريتين في منطقة معينة ،فإن المفهوم
الجديد لسياسة الدفاع يقتضي طرح مفهوم "األمن المتفاعل عبر اإلقليم".
أما في المعنى العملياتي ،فإن السياسة الدفاعية تتضمن أفكار التحضير القتالي المستمر وجاهزية القتال للحرب
في كل األوقات وتحت كل الظروف ،ويختص بذلك الهياكل التابعة لقيادة األركان التي تتولى عمليات التدريب،
التجهيز والتخطيط الدفاعي من أجل كل قطاعات القوات للتفاعل القتالي المتزامن على عدد من مسارح العمليات،
التي هي عادة محددة في خمس مسارح قتالية :المسرح الجوي ،البري ،البحري ،الفضائي ،والسيبراني .لكن هذا
المعنى هو جد محدود في بيان المعنى الرئيسي لسياسة الدفاع ،أو باألحرى ذو مضمون تقني يتلخص في قدرات
االشتباك زمن الحرب وطريقة إدارة القتال مع قوات العدو.
لقد لخصت نظرية إدارة الحرب جوهر السياسة الدفاعية في االنتظار وتفادي الهجوم ،ويعني ذلك اتخاذ كل
اإلجراءات المطلوبة في التحضير لساعة قدوم المهاجم واالشتباك معه ،ومن ثم إستراتيجية المدافع محددة في
الدفاع عن المنطقة أو الحدود التي يتموقع فيها ،وليس هناك مهمة للمدافع إال "انتظار المهاجم ليأتيه داخل حدوده،
وحال بدء الهجوم ،فأية أنشطة وأية تحركات تعرضية تقريبا يقوم بها المدافع وقتها لن تلغي مفهوم الدفاع ،فقد تم
إرساء ميزته الهامة وفائدته األساسية في االنتظار".
بهذا المعنى ،يتألف مفهوم الدفاع من عنصرين أساسيين :االنتظار واألعمال القتالية عند قدوم المهاجم ،بالنسبة
لالنتظار اإلستراتيجي يجب توفر التخطيط الدفاعي ،تحضير جاهزية القوات المسلحة ومعداتها ،نظم االستخبارات
واالستطالع والمراقبة ،وتحضير مسرح القتال ،وهنا تظهر إستراتيجية المدافع صارمة أو جامدة بحيث يقبع في
موقع معين وينتظر قدوم المهاجم ،وانما يمكنه البحث في الخيارات المثلى لهزيمة المعتدي دون أن يلغي ذلك
جوهر مفهوم الدفاع ،أما األعمال القتالية فتتضمن كل األنشطة التي يتم مباشرتها أثناء المواجهة فيجب ان تتفاعل
المرونة والحركية بشكل متطور مع ظروف بيئة الدفاع.
في هذا السياق "االنتظار" ،إقترح كالوزفيتز مجموعة خيارات تساعد المدافع للبحث وتقيّيم مخرجات كل واحدة
على حدة:
أ-يتحدد الخيار األول في إمكانية القيام بمهاجمة العدو لحظة اجتياحه لمسرح العمليات الدفاعية ،ألن عادة تكون
قواته مكشوفة وغير مهيأة للدفاع عن نفسها ،ضمن هذا الخيار يكون للمباغتة قيمة كبيرة في عطب قوات العدو
وخلخلة خط هجومها.
ب-الخيار الثاني هو قيام المدافع باالنتشار في منطقة قريبة من الحدود للتحصن فيها وانتظار عبور العدو للحدود
لمهاجمته ،ولهذا الخيار ميزة منع توغل قوات العدو في العمق اإلستراتيجي للبالد وحرمانه من السيطرة على بعض
المدن الحيوية أو موارد حيوية يستعين بها في تعزيز إمداداته.
3في مفهوم "مركب األمن اإلقليمي" لخص باري بوزان وأوول ويفر أفكارهم األمنية بالقول "ان أمن إحدى الدول يكون مرتبطا بشكل أساسي بأمن دولة
أخرى.
ج-الخيار الثالث يتمثل في إمكانية االنتظار حتى يتأكد من نية العدو وبدئه للهجوم فعال وليس مجرد ظهوره أو
حشد قواته على الحدود ،على اعتبار أنه ُيحتمل أن يكون استعرض العدو لقواته هو مجرد جزء من إستراتيجية
الردع وليس القيام فعال بالهجوم على خصمه.
د-الخيار الرابع يتحدد في اتخاذ قرار االنسحاب إلى مواضع داخل البالد واستدراج قوات العدو إلى العمق
اإلستراتيجي من أجل إنهاكها وتمديد خطوط إمداداته ،حتى يوقف تقدمه أو تنهار معنويات جنوده نتيجة لنقص
اإلمدادات ،ومن ثم يسهل االنقضاض عليها وتدميرها.
ضمن هذه الخيارات ،تقوم القيادة بتقييم قدراتها الدفاعية وامكانياتها القتالية ،وتبني خيار معين للدفاع ،بالطبع
هناك خيارات أخرى مثل الهجوم على العدو قبل أن يستكمل استعداداته ،إذا تم التأكد من نيته العدائية أو التعاون
مع الحلفاء لمحاصرته ومنع حصوله على الموارد الحيوية من الخارج.
أما في بعدها اإلستراتيجي فإن السياسة الدفاعية تعتبر المرأت للسياسة العامة للدولة حول تأمين نفسها ضد
المخاطر المتعددة الخواص ويحافظ على كيانها متحدة ومتفاعال وقاد ار على التأثير اإلستراتيجي في االتجاهات
المختلفة ،إن تشمل العناصر السياسية ،العسكرية ،الدبلوماسية ،الثقافية ،األمنية ،األخالقية والجيو-إقليمية .بهذا
المعنى ،تتخطى السياسة الدفاعية المعنى التقليدي للحدود الجغرافية وأدوات التأثير السياسي ،لتتمدد بشكل طردي
مع تمدد الخريطة الجيو-إستراتيجية لمصادر التهديد وعوامل االستقرار ،والتي ليس بالضرورة أن تكون منبثقة فقط
من الحدود الوطنية لإلقليم ،وانما تشمل الفضاء اإلستراتيجي للجوار اإلقليمي ،إذ ال يمكن للقيادة استيفاء شروط
السياسة الدفاعية بهذه المعاني بدون اخذ مجموعة من العناصر في الحسبان كسياسة عامة للدولة
من خالل ما تقدم يتضح أن السياسة الدفاعية هي السياسة التي تتعامل بها الدولة مع المسائل االمنية (االزمات
والتهديدات المفروضة من الجهات الخارجية المعادية العدوانية واالضطرابات الداخلية) .من خالل المكونات
العملياتية وعلى رأسها مؤسسة الجيش ،للحفاظ على السيادة الوطنية واستقرار وسالمة الحدود الوطنية .ويتعلق االمر
في بدايته بصنع القرار المتضمن إستراتيجية الدفاع الوطني وكيفية تحقيقها ،كما تضم مجمل التدابير واالجراءات
والخيارات المتاحة التي تأخذها الحكومة على عاتقها للتعامل مع تلك التهديدات ،من أهم الق اررات السياسة الدفاعية
تفوض القوات المسلحة مهمة تحقيق السياسة الدفاعية".
"كيف ومتى َّ
صانع القرار في السياسة الدفاعية في العديد من االنظمة السياسية هو رئيس الدولة الذي يشغل منصب القائد
االعلى للقوات المسلحة في حين أن هناك وحدات سياسية تقوم بتعيين وزير للدفاع الوطني وقد يجسد هذا المنصب
عسكري برتبة سامية أو مسؤول مدني من الكفاءات الوطنية.
أما العامل االساسي الذي تعتمد عليه السياسة الدفاعية في تحديدها للتهديدات المعادية والعدوانية هي المعلومات
االستخبارية ،والتي بفضلها يمكن معرفة القدرات الواجب توفرها في المجال العسكري (االستعداد القتالي ،التنظيم
العسكري للقوات المسلحة من التجهيزات ،المعدات...إلخ) ،كما يمكن من خاللها تحديد أولويات األمن القومي من
الناحية الداخلية في المجاالت السياسية ،اإلقتصادية واالمنية ومن الناحية الخارجية في مجاالت التعاون والتحالفات
الدفاعية.
إذا تحدد السياسة الدفاعية بناء على تحليل المعلومات االستخبارية لمجموع االزمات لتقييم مدى خطورة التهديدات،
االمكانيات المتوفرة في المجال العسكري ،األمن الوطني ،التحالفات الدفاعية ،االستعداد القتالي ،التنظيم
العسكري للقوات ،وبعد ذلك يتم إتخاذ مجموع التدابير الرامية الى صنع القرار وتحديد األهداف اإلستراتيجية.
صانع القرار الرئيسي لهذه السياسة بحسب طبيعة النظام يجسده شخص رئيس الدولة الذي يشغل في نفس الوقت
وظيفة وزير الدفاع أو من ينوب عنه.
-أسس السياسة الدفاعية للدولة
األساس الروحي :ويتمثل في العقيدة القتالية التي يعتنقها االفراد المكلفون بالدفاع على مستوى كافة االجهزة االمنية
وفي الرسالة التي يحملها ويستعد للتضحية من أجلها لبلوغ االهداف المحددة في االستراتيجية االمنية الشاملة .
األساس المعنوي :وهو أحد األسس التي يتم غرسها لدى أفراد الدفاع من عسكريين ورجال االمن ،بحيث تتوفر
لديهم القدرات التي تجعلهم قادرين على تحمل المواقف الصعبة التي تسود ساحة الصراع ،ومن أبرز هذه السمات
(صفاء الذهن وحسن تقدير الموقف والتصرف بذكاء وشجاعة) وذلك عند مواجهة المخاطر.
لذلك تسعى القيادة في هذا المجال إلى المحا فظة على الروح المعنوية العالية لدى القادة والضباط وضباط الصف
والجنود ،وذلك لتأمين متطلبات أساسية في مقصد وسلوك المقاتل وأبرزها االنضباط والطاعة والنظام مع التمسك
بروح الفريق واإلخالص للوطن واالستعداد للتضحية بالروح لتحقيق النصر
األساس المادي :تعتمد السياسة الدفاعية التي تنتهجها دولة ما ،على ثالث دعامات أساسية هي:
-1بناء منظومة أمنية قوية إبتداء من المؤسسة العسكرية يعتمد على ما وصلت إليه التقنية الحديثة في تسليح
وبناء العسكري وتوسيع مداركه العملية بما يتفق وهذه التقنية المتقدمة.
-2التضامن والتعاون األمني مع دول الجوار والدول األصدقاء في إطار اتفاقيات الدفاع المشترك
3ـ االتفاقيات األمنية مع الدول الشقيقة والصديقة.
-خصائص السياسة الدفاعية للدولة
عامة يجب احترامها من اجل وضع سياسة عصرّية وفاعلة ومنها:
الدفاعية اليوم مبادئ ّ
ّ للسياسات
الفعلية بالق اررات المصيرّية هما
ّ ان القناعة باالنتماء الى الوطن الواحد والشعور بالمشاركة
–تعميم ثقافة المقاومةّ :
معني
ّ طبيعيان لتعميم ثقافة المقاومة بين االفراد ،لذا يجب ان يشعر الفرد المكلف بالدفاع كمواطن ّانه
ّ شرطان
إمكانياته بالمجهود العام لتأمين الدفاع عن الوطن.
ّ مباشرة باستقرار بلده وامنه ،بحيث ّانه يساهم حسب
–التكامل ما بين الدفاع الخارجي واألمن الداخلي :ال يمكن الفصل اليوم بين األمن الخارجي واألمن الداخلي ،او
بين سياسة للدفاع الخارجي وسياسة لألمن الداخلي .فالتهديدات ومراكز الضعف متشابكة بين الخارج والداخل.
ان مصادر الخطر والتهديدات والضعف متعددة وتأخذ اشكاال مختلفة؛ لذا
االمنيةّ :
الدفاعية و ّ
ّ شمولية السياسة
ّ –
متنوعة .وعليه يجب على سياسة الدفاع واالمن الوطني
فمعالجتها تحتّم تصور اشكاال مختلفة من الدفاع وامكانات ّ
تهتم بمصادر التهديد العسكري واالمني وبضرورة تقوية المحيط االقتصادي بما يتوافق ومتطلبات العالم
أن ان ّ
السياسية في الداخل الخ.
ّ وبضرورة تدعيم النسيج االجتماعي والتركيبة
بإن االخطار هي اخطار مستدامة ،فمن
–وضع سياسة مستدامة :من البديهي ،على القيادة أن يكون لها قناعة ّ
التام لردع اي اعتداء وضرب اي مشروع عدواني
الضروري محاربتها باستمرار واالبقاء على الجاهزية واالستعداد ّ
على مصالح الدولة.
-مراحل صياغة السياسة الفاعية
أ-تحديد المشكلة :حتى يسمح اصناع القرار التحرك بسرعة للتعامل معا ها والتصدي ألثارها المباشرة أو الغير
مباشرة وبالتالي االستجابة إلى مجموعة المطالب والحاجات والقيم االمنية الواجب االستجابة لها.
ومن اهم النقاط الواجب االلمام بها في هذا العنصر ،قبل إعداد المقترحات إلتخاذ القرار:
-1تعريف المشكلة وتمييزها
-2تحليل المشكلة من خالل معرفة أسبابها ،اهدافها ونتائجها مع إعداد قائمة من الحلول الممكنة.
-3تجديد الخيار االفضل.
-4وضع خطة للتنفيذ .
ب-بلورة السباسة الشاملة :بعدما يتم تحديد المشكلة ،تعرض القضية على الحكومة أو رئاسة الجمهورية ،ويتم
فتح نقاش فعال ومن هنا تتبلور االفكار الرئيسية وتبدأ مالمح السياسة الواجب إتباعها للتعامل مع التحديات مع
تغليب االولوية في المعالجة.
ما يالحظ في هذه المرحلة أن التحكيم إلى العقل بغض النظر عن طبيعة النظام يبقى المحدد االساسي لبسط
االجماع في إتخاذ االجراءات السليمة والفعالة للتعامل مع المشكلة المطروحة ،بعيدا عن المساومة والمفاوضات
والضغوطات التي يتعرض لها االطراف الفاعلة في صنع القرار.
ج-إتخاذ القرار والبدء في التنفيذ :ويتضمن القرار الصادر عن أعلى هيئة في الدولة في الحسم في إختيار بين
البدائل المقترحة ،وهنا نكون أمام رسم السياسة العامة ،ثم تحول من الحالة االعالنية (القرار) إلى الميدانية إلى
االجهزة التنفيذية (الحكومة) من أجل وضع الخطط التنفيذية ،التنسيقة التعاون ،على أن تكون عملية المتابعة
الميدانية للمخططات متواصلة بإستمرار من أجل تقييم وبالتالي إستخالص العبر سلبا أو إيجابا .
المحور الرابع :مرتكزات السياسة الدفاعية (االستعالم-الدفاع-االمن)
منذ نهاية الحرب الباردة وانتهاء موجة الصراع بين الكتلة الشرقية والغربية ،حل مفهوم الدفاع واألمن محل مفهوم
الحرب وبدأ ذلك جليا في الخطابات السياسية ،باعتبار أن الحرب لم تكن الحل االمثل للنزاعات لسببين إثنين،
أولهما :أنها حملت في ثناياها الكثير من المآسي والصدمات واألحزان باإلضافة إلى الخسائر البشرية والمادية
الهائلة التي أتت على تحطيم البني التحتية للدول وثانيهما :أن الحرب بقدر ما تستهلك عند تصنيع معدات
السالح ،اإلمكانات البشرية و االقتصادية و تجنيد القدرات االجتماعية بقدر ما تصل أثارها السلبية إلى ترسيخ
إزمة مستقبلية ممتدة وعميقة.
4
Kenneth N.Waltz, “Structural realism after the Cold War,” in Perspectives on World Politics, 3rd ed., ed. Richard Little
and Michael Smith (London, New York: Routledge Taylor & Francis Group, 2006), pp. 101-11.
وقوع الهجوم من قبل قوات العدو ،تفادي االشتباك مع قوات العدو ،االمتناع عن إثارة غضب العدو ،دفع الرسوم
من أجل تفادي التعرض للغزو ،االنخراط في األحالف العسكرية الدفاعية وغيرها من اإلجراءات التي يمكن أن
تجنب الدولة الحرب ،فالدفاع في وجهه هذا هو نزعة محافظة في المقام األول ،أي المحافظة على القوات ومراكز
الثقل اإلستراتيجي آمنة وبعيدة عن ضربة العدو.
بصفة عامة ،يمكن القول أن مفهوم الدفاع يتعارض مع مفهوم الحرب من حيث الجوهر كمقاربة الستخدام العنف
المسلح من أجل أغراض السياسة ،إال في حاالت استثنائية عندما تشن الحرب من أجل الدفاع عن النفس أو
ألغراض إنسانية أو ما يسميه البعض "بالحرب العادلة" 5،و"التدخل اإلنساني".
-المبادئ األساسية للدفاع
-حق القيام وتوجيه الدفاع يبقى من صالحيات الدولة سواء لصد عدو قائم بذاته (حالة الحرب) أو لمواجهة
تهديدات اللينة والهادئة لحماية حدودها ومصالحها.
-مفهوم الدفاع أصبح يشمل جميع الميادين الحياة (السياسية ،االقتصادية ،االجتماعية.)...
-الدفاع يعتبر معيار ثابت النه مرتبط بالسيادة (الهيكل التنظيمي للمنظومة الدفاعية) ،عكس الوسائل االخرى
التي تتغير زيادة أو نقصان من ناحية الفعالية وفق المتغيرات والظروف التي تط أر على الساحة االمنية.
-المهام االساسية للدفاع
-1حماية المصالح العليا للدولة في زمن السلم والحرب في الداخل والخارج.
-2عدم اللجوء إلى عامل القوة للمساس بسيادة الشعوب (الحقوق المحمية بنصوص ميثاق هيئة االمم المتحدة).
-3المساهمة في إحالل السلم واالمن العالمي (حل النزاعات) وفق الوسائل السلمية.6
-جدلية االمن والدفاع في القرار االستراتيجي
أنظر مذكرة التحديات االقليمية الراهنة لالمن االقليمي الجزائري دراسة في الجيو امني للحدود ملف السياسة
الدفاعية المقارنة صفحة 45وما يلي.....
-اهمية المكون العسكري والمعلوماتي في األزمات الدولية
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو :هل يمكن توظيف القوة إلى جانب الديبلوماسية في إدارة األزمات الدولية؟
أم أن من شأن ذلك تعميق األزمة واإلسراع بإشعال الحرب غير المرغوب فيها؟ على عتبار أن من الحقائق الثابتة
في العالقات الدولية أن القوة أداة للديبلوماسية وعليه فإن إدارة أية أزمة دولية بشكل فعال تتطلب إمكانيات بشرية
ومادية وعسكرية وسي اسية...مهمة ,لذلك يعتبر الباحثين ان الجزء االكبر من إدارة أية أالزمة هو بلورة وسائل
وسياسات وضغوط أخرى أمنية تجعل الذي يفكر في االعتداء يتردد قبل المغامرة.
5
Paul R. Viotti and Mark V. Kauppi, International Relations and World Politics: Security, Economy, Identity (New
Jersey: Prentice Hall, Upper Saddle River, 1997), pp. 146 -51.
6د.خليل حسين ،د.حسين عبيد "،االستراتيجيا ،التفكير والتخطيط االستراتيجي ،إستراتيجيات االمن القومي ،الحروب وإستراتيجيات االقتراب الغير
مباشر" ،بيروت (لبنان) ،منشورات الحلي الحقوقية ،2013الطبعة األولى ،ص.241.
االجابة بالنسبة لمناصري مرتكز القوة كفاعل في السياسة الخارجية ،أن الممارسة الدولية تؤكد على ضرورة
استعمال القوة العسكرية لردع 7الخصم أثناء تصعيد األزمة مع تجنب العمليات التي يمكن أن يفسرها الخصم بأنها
استعداد ألعمال قتالية ،إستنادا إلى ميثاق األمم المتحدة الذي جرم اللجوء إلى القوة أو التهديد باستخدامها في
العالقات الدولية (التدخل في شؤون الدولية الداخلية) ,إال أنه في حالة تطور األزمات والمنازعات الدولية بشكل
يهدد السلم واألمن الدوليين ،خصوصا بعد استنفاذ محاوالت إدارة األزمة سلميا ,أو عبر الضغوطات غير العسكرية،
انظر المادة 42من الميثاق ،خول لمجلس األمن التدخل عسكريا في إطار نظام األمن الجماعي وسمح للدول
ممارسة حقها في الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي عن النفس (المادة .8)51
إلى جانب القوة ،فإن للمعلومات دور جد هام في هذا المجال ،فالحلول المقترحة الحتواء األزمة وتقييم مألتها
يتطلب توافر معلومات كافية ودقيقة حول مالبساتها وحول قدرة وامكانيات األطراف للمساهمة في تقديم الدعم،
الن سوء التصور والمغاالة المبني على األخبار واآلراء التي قد ال تتسم في غالب األحيان باالستقرار والمصداقية
وبالخصوص مع تطور وسائل اإلعالم ومبالغتها في تضخيم األمور قد يؤدي إلى ردود أفعال سلبية مع عامل
ضغط الوقت وهذا ما يعجل بوقف االتصال بين أطراف األزمة والذي قد يصل إلى تصعيد هذه األخيرة وعليه فإن
صناع القرار عادة ما يلجؤون نظم االتصال واالستخبارات الفعالة للحصول على المعلومات الكفيلة بطرح النزاع
في سياقه الحقيقي.9
من جهة ثانية ،فإن غياب المعلومات ،قد يؤدي إلى تصاعد حدة األزمة مما يتطلب من االطراف اتخاذ الحيطة
والحذر وتجنب المخاطرة واالرتجال ،الن البعض يعتقد أن تصوراته ومالحظاته ومعلوماته مهما كانت دقيقة حول
أزمة معينة ،فإن األزمة التي يتصور تفاصيلها ليضع لها إطا ار نظريا للتعامل معها تختلف عن تلك التي تجري
في الواقع ،وعليه يجب القيام باستعدادات مسبقة وايجاد نسق تنظيمي فعال ،حتى يتسنى له مواجهتها عند الوقـوع،
أما أثناء الوقوع ،فإن المعلومة الصحيحة له دور التعريف باألسباب والمالبسات وتطوراتها وقدرات وامكانيات
الخصوم ،ويمكن توظيفها الستخالص الدروس السابقة واالستشراف لمواجهة أزمات مماثلة قد تقع مستقبال.10
من هذا المنطلق ،أصبح الدفاع واألمن يحتل مكانة مرموقة في مختلف المحافل السياسية والنظريات الفكرية،
وبالتالي أصبح توفر االمن من خالل المنظومة الدفاعية (االستعالم-بالدفاع-االمن) 11حلقة إيجابية تسمح بالتطور
العادي والمنسجم للمجتمع إضافة إلى السماح بالتطور االقتصادي واالندماج المجتمعي لمختلف الدول.
7حسب أراء العديد من الباحثين ،فإن الردع كوسيلة معهودة قد استخدمت على نطاق واسع في إدارة األزمات بين القوى الدولية الكبرى دون استعماله
فعليا في إطار "توازن الرعب" ،فقد أسهم بشكل كبير وفعال في إدارة العديد من األزمات بين االتحاد السوفيتي والواليات المتحدة خالل فترة الحرب الباردة،
لكن هذا لم يمنع االستثمار في القوة في إدارة العديد من األزمات الدولية عبر سياسة الردع ،وهو النهج الذي اصبح يميز السياسة الخارجية للواليات المتحدة
وحلفائها بعد اختفاء تحدي االتحاد السوفياتي.
8هذا األمر دفع بالعديد من الدول إلى المطالبة بتعديل ميثاق األمم المتحدة بالشكل الذي يسمح بتوسيع العضوية الدائمة بهذا الجهاز حتى يعبر بصدق عن
الخريطة السياسية واالقتصادية في العالم وعلى عالقات القوة السائدة فيه وال معنى الذي ينصرف إلى خدمة البشرية جمعاء ،مع األخذ بعين االعتبار جميع
مكونات المجتمع الدولي بشماله وجنوبه ،خصوصا وأن تشكيلته الحالية ما هي في واقع األمر إال تعبير عن موازين القوى في النظام الدولي الذي أعقب نهاية
الحرب العالمية الثانية منه عن موازين القوى في عالم اليوم ،ولإلشارة فإن توسيع عضوية مجلس األمن تقتضي تعديل المادتين 23و 27من الميثاق األممي
كما سبق تعديلهما في سنة 1963عندما توسع العضوية من 11عضوا إلى 15عضوا.
9يرى أحد الباحثين أن توقع المنازعات ال يعني التنبؤ بتوقيت واتجاه األحداث مستقبال بدقة متناهية ،أي أنه ليس ما يطلق عليه تسمية التنبؤ "أحادي النقطة"
في دوائر المخابرات ،فاإلدعاء بإمكانية التنبؤ بمثل هذه الدقة – في نظر هذا الباحث -هو في الحقيقة أمر من األفضل أن يترك للعرافين.
10جيمس دورتي وروبرت بالستراف" ،النظريات المتضاربة في العالقات الدولية" ،ترجمة وليد عبد الحي ,كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع ،الطبعة األولى
،1985ص.232-231
11االستعالمات هي المعطيات الجد حساسة التي يتوقف عليها مصير القرار السيادي للدولة من أجل توجيه السياسة العامة للدفاع سواء داخليا أو خارجيا ،أما
والجو والبحر والثروات المائيّة واالقتصاديّة ،يجتمع المنتمون لوطن حول قيم مشتركة يدافعون عنها .فان
ّ الدفاع فهو حماية القيم المشتركة لالمة ،فقبل االرض
فالسياسة الدفاعية للدول من خالل الثالثية ،تجتهد إلى المحافظة على السيادة وسالمة أراضيها وتأمين حدودها
ومصالحها الوطنية وممتلكاتها ،مع االستثمار من أجواء االستقرار والهدوء التي يوفرها النظام الدولي من أجل
تطوير ،بناء وتجهيز مختلف القوات العسكرية واالمنية على أسس قوية ،تؤمن ردع أي تهديد ومنع العدو من
تحقيق أهدافه وذلك في إطار التعاون الدولي.
من جهة أخرى ،فإن السياسة الدفاعية في الجبهة الداخلية من واجب توفير األمن للمواطنين داخليا قد يؤدي إلى
تبني سياسة دفاعية خارجية إستباقية ،من خالل عقد اتفاقيات أمنية دفاعية مشتركة مع دول الجوار ،من خالل
عقد تحالفات عسكرية أو عبر توسيع دائرة المراقبة بالوسائل التكنولوجية الحديثة خارج الحدود اإلقليمية.12
وجدت تلك القيم واتّفق الجميع حولها فيكون من الطبيعي أن يتوصلوا لبلورة سياسة دفاعيّة وأمنيّة وطنيّة شاملة ،أما األمن فهو أهم المتطلبات التي تسعى أي
دولة لتحقيقها والحفاظ عليه سواء في اإلطار المحلي ،اإلقليمي أو الدولي ،ويشمل هذا المفهوم (االمن الوطني ،األمن القومي ،األمن االقتصادي ،األمن
اإلنساني..إلخ).
12حسب المالحظين فإن ظهور تهديدات أمنية جديدة ت وإن إختلفت في طبيعتها ومصادرها ،عسكرية ،سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ثقافية وبيئية ،دفعت
بالدول للبحث عن ميكانيزمات جديدة تعالج بها هذه التهديدات ويتجلى ذلك في مبادرات التعاون والحوار ،التمارين المشتركة الميدانية للقوات العسكرية وتبادل
الخبرات ،النه لم يعد من الممكن معالجة هذه الظواهر في إطار المفهوم التقليدي لألمن (إستعمال القوة العسكرية).
المحور الخامس :العوامل المؤثرة في صناعة السياسة الدفاعية
في صناعة السياسة الدفاعية يعتمد االستراتيجيون على مجموعة من العوامل التي لها عالقة مباشرة بأهداف
الدفاع والتي عادة ما تنتج ردودا سواء سلبا أو إيجابا ضعفا أو قوة تطور أو تخلفا نموا أو اضمحالال ،فهي
كثيرة ومتنوعة تتطور وتتغير وتتبدل مع مرور األيام واألزمان فما كان مؤثر في الماضي ليس بالضرورة عامل
حيوي في الحاضر قد يتقلص دورها ويتراجع مركزها في التأثير من المقدمة إلى المؤخرة ومن أبرز العوامل نذكر
ما يلي:
-1العوامل الداخلية :ويقصد بها كل العوامل والعناصر المكونة للبيئة الداخلية والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير
مباشر في عملية صناعة السياسة الدفاعية.
أ-العوامل الشخصية لصانع القرار :ويمكن تلخيص ذلك في الميول واالتجاهات الشخصية لمعرفة رؤيته لمصالح
الدوله وطريقة تقييمه لألوضاع وادراكه للموقف الخارجي الذي سوف يحسب له أو عليه وكذلك إدراكه لمدى ما
يتضمنه من خطورة أو تهديد .التركيبة الفكرية التي تؤثر عليه في عملية تحليله لبيئة الخطة االستراتيجية ،كيفية
تقييمه للنتائج التي يحتمل أن تقود إليها مشاريع الق اررات البديلة .كما يمكن دراسة الجوانب الموضوعية والذاتية
(ثقافته ،انتماءاته المذهبية أو ميوله العقائدية).13
لإلشارة أن موقف صانع القرار له عالقة مباشرة الظروف الخاصة بالبيئة الداخلية ،الضغوط التي تمارس عليه
من جراء تقيده بارتباطات وتعهدات سابقة ،التقاليد واألعراف ،االتجاهات الشعبية في الدوله (والمقصود بها الرأي
العام لقياس االتجاهات وعوامل تكوينه ،)14توقعاته عن السلوك الذي يحتمل أن يصدر عن األطراف أو القوى
ذوى العالقة بالموقف (أصحاب الضغط).
ب-النظام السياسي :االعتماد على تحليل النظام السياسي تنبع أهميته من خالل قراءة المتغيرات الرئيسة التي
تؤثر وتتأثر في عملية صنع السياسة الدفاعية ،فالقرار في االنظمة الديمقراطية تخضع هذه العملية إلجراءات
ومشاو رات ومناقشات طويلة مع جهات عديدة ،ويلزم لتنفيذها موافقة أكثر من جهة ،الن صناع السياسة في هذا
النظام يعملون على مالئمة مصالح المجموعة أو الحزب الحاكم بالمصلحة العامة ،وهذا ما يؤدي إلى تأخير
اإلجراءات في اتخاذ القرار وتنفيذه ،وهذا ما يؤثر على الفعلية في الوصول إلى الغاية المرجوة في الوقت المحدد
كما تنجر عليه بعض النتائج الغير متوقعة.
13حسب جاك تيلور "فإن الخصائص الرئيسة للشخصية القيادية لصانع القرار المتمثلة في القدرة العقلية ،االهتمام بالعمل ،المهارة في االتصاالت ،القدرة
على حفز المرؤوسين إلى انجاز العمل بدقة ،المهارة السياسية التي تتطلب القدرة على التصور ،المبادرة ،التخطيط ،التقرير " ،تلعب دورا كبيرا للتأثير على
مجريات القرار.
14لقد عرف" فلويد أولبورت "الراي العام ،بأنه تعبير عن حجم كبير من األفراد عن أرائهم في موقف معين ،أما من تلقاء أنفسهم أو بناء على دعوة توجه
اليهم تعبيرا مؤيدا أو معارضا لمسألة أو شخص معين أو اقتراح ذي أهمية واسعة بحيث يكون العدد ذا نسبة كافية لممارسة التأثير على اتخاذ إجراء معين
سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .لذلك يعد الراي العام إحدى العوامل المهمة للمشاركة في عملية صنع القرار
كما أن المشاركة المفتوحة في هذه االنظمة تؤدي إلى فقدان السرية ،واحتمال وصول أطراف خارجية إلى معرفة
بعض التفاصيل خاصة ونحن في عالم أصبح بال حدود وأصبحت التكنولوجية قوة ناعمة من السهل أن تخترف
أنظمة المعلومات مهما مانت إجراءات الحماية (وصول أجهزة االستخبارات الروسية إلى معرفة جزئيات االنتخابات
الرئاسية االمريكية لسنة ،)2016يكفي للداللة على إحدى مساوئ هذه االنظمة(.
أما في األنظمة غير الديمقراطية ،فان عملية صنع السياسة الدفاعية من باب المصلحة مرتبطة بشخص صانع
القرار الذي يقرر في الكيفية التي تم بها العملية في نطاق ضيق ال يتعدى المشاركون أصابع اليد ،مما يضفي
عليها السرعة في التنفيذ لمواجهة االوضاع والتهديدات الخارجية ،في حين ال تراجع المؤسسات االخرى في الدولة
إال لضرورات التنفيذ الميداني.
ت-الممارسة السياسية:
يعد الحزب السياسي من أبرز المؤسسات السياسية التي تسهم في صنع السياسة ويتوقف دور الحزب في العملية
على طبيعة النظام السياسي الذي يعتمد التعددية أو نظام الحزب الواحد ،ففي هذا االخير فإن الحزب الحاكم
يقصي مشاركة أي طرف في العملية النه ينطلق من مبدأ ال معارضة ،أما في األنظمة التعددية ،فإن دور
األحزاب السياسية في العملية يكون بارز بغض النظر إن كان في الحكم أو في المعارضة ،فتقنين العالقة يؤدي
إلى خلق التفاعل الطبيعي بين اهتمامات القاعدة والسلطة ،األمر الذي يضمن الحفاظ على االستقرار السياسي
واالجتماعي من ناحية وأحداث التغيرات المجتمعية بطريقة سليمة
ج-النظام االقتصادي ويعتبر من أهم العناصر الفاعلة في العملية المصيرية ويمكن تحليل ذلك من جوانب عديدة،
فالنظام االقتصادي يحكم على قدراته التالية ( ثروات طبيعية ،طاقات إنتاجية ،النسيج صناعي متنوع ،معدالت
تضخم ،معدالت البطالة ،االستثمار ...إلخ) .لمعرفة القدرة على اختيار البدائل المطروحة أمامه لمساعدته على
تحقيق أهدافه وبالتالي معرفة درجة التأثير عل السياسة الدفاعية.
د-جماعات الضغط:
هي منظمات تضم مجموعة من الناس ذات مصالح مشتركة ،وهي على أنواع مختلفة ،فمنها ما هو سياسي،
ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو مهني ....الخ .وتختلف هذه الجماعات عن األحزاب السياسية ،في انها
تضغط على صانع القرار في السلطة من اجل تحقيق أهدافها ،وليس الوصول إلى الحكم ،كما هو الحال بالنسبة
لألحزاب السياسية.15
15في الواليات المتحدة االمريكية أمريكا أفرزت هجرة الجنسيات المختلفة إليها نشأة العديد من الجماعات ومعا التطور االقتصادي أصبحت هذه االخيرة لها
مصالح خارجية مختلفة وأحيانا تكون متعارضة مما عقد عملية اختيار القرار في السياسة الخارجية األمريكية ،وحّد من القدرة على حشد الراي العام األمريكي
لمساندة أو رفض قرار قبل أو بعد اتخاذه.
ه-البيئة العسكرية :وتعتبر أهم النقاط التي يركز عليها صناع السياسة ،فالقدرة القتالية والجاهزية والوسائل
اللوجيستية والمعدات الحربية والتجربة الميدانية تلعب دو ار كبي ار في توظيف البيانات االخرى قبل إتخاذ القرار
الفاصل لرسم الخطط العملية التي سوف تمتحن فيها قدرات البالد لمواجهة األزمة المفروضة.
فبناء القوة العسكرية ضروري جدا لكل دولة وذلك لكي تحافظ على أمنها القومي وتحمي مقدراتها وتحقق أهدافها
فامتالك السالح أمر ضروري لكل دولة وبه تقاس أهمية الدولة وقوتها وقدرتها على فرض نفسها على خريطة
العالقات الدولية كعنصر فاعل ومؤثر .فالقوة العسكرية تعبر عن الحشد العلمي للعناصر البشرية والمقومات
التقنية واالعتبارات االقتصادية لما يخدم أهداف هذه المؤسسة التي من مظاهرها القوات المسلحة وذلك بما يخدم
أعمال الدفاع والهجوم.16
ويرتبط هذا العامل ارتباطا وثيقا بقدرة الدولة االقتصادية ،فالدولة الغنية ذات االقتصاد القوي التي تتوفر فيها
اإلمكانات المادية والبشرية تستطيع أن تتفوق على غيرها بامتالك السالح وتطويره
و -أجهزة االمن :تعتبر عملية الحصول على المعلومة في الوقت الحاضر من أعقد وأصعب المهمات خاصة
وأن صانع القرار يعتمد على جزء كبير أن لم يكن االكبر في وضع سياسة الدفاعية الفعالة لمتغيرين إثنين (حجم
المعلومات وتنوعه ،أهمية ونوعية المعلومات التي يريدها صانع القرار) .فعصر العولمة جعل من المعلومة الحالية
أو ما أصطلح عليه بنمط االنتاج الخدماتي من أهم المصادر السياسية والعسكرية التي يتوقف عليها االستقرار
السياسي واالمني الي دولة.
فعملية جمع المعلومات وان كانت عملية ميكانيكية ،فإن عملية التحليل لها من االهمية البالغة في تقدير قيمتها
17
لذلك خاصة وأن القرار السيادي سوف يتوقف على هذا التقدير وال مجال للبحث عن العواقب إذا ثبت العكس
يعتبر الكثير من الخبراء في الميدان أن المعلومات التي تزود بها أجهزة اتخاذ الق اررات تعد األساس األول لق اررات
السياسة
فثورة المعلومات قد أثرت في الواقع تأثي ار مباش ار في اإلعالم ،وفاجأت العالم بإسقاط الثنائية القطبية ،مما يجعل
الوصول إليها ليس باالمر الهين ،الن السيادة المعرفية هي األساس في السيطرة سواء من حيث استرايجيات
الردع أو معرفة نيات الطرف اآلخر.
ليبقى الخالف مفتوح حول معرفة أو فك لغز طبيعة العالقة التي يجب أن تكون بين أجهزة جمع المعلومات وأجهزة
صنع الق اررات ،هل العملية متوقفة على جمع المعلومات ورفعها إلى صانع القرار أو المشاركة في إبداء الرأي أو
المشاورة في صانع القرار.
16االستاذ هايل عبد المولى طشطوش "مقدمة في العالقات الدولية" ،جامعة اليرموك ،االردن ،2010 ،ص34.
17أنظر في هذا الشأن ما قاله كولن بأول وزير خارجية الواليات المتحدة األسبق "،أن قرار الحرب على العراق كان مبني على معلومات غير مؤكدة
، %100وأنه ليس لدينا معلومات دقيقة عن أسلحة دمار شامل في هذا البلد"
-2البيئة الخارجية :وهي تعني كل العوامل الخارجية المؤثرة في عملية صناعة السياسية ولتحديد الفرص
والتهديدات التي تواجه الدولة ضمن هذه البيئة يعتمد على جمع مجموعة العوامل والمتغيرات المحيطة والمؤثرة
بشكل أو بآخر بالدولة واستراتيجياتها ،وهذه المتغيرات تخص البيئة اإلقليمية التي تضم دول الجوار الجغرافي
والدول القريب من االقليم والبيئة الدولية التي تضم بقية دول العالم ،وتتباين فيها الدول المؤثرة في حسب قربها
الجغرافي والمصالح المشتركة وطبيعة القوة الفاعلة في النظام الدولي العام.
فالمتغيرات الخارجية السياسية التي تشمل مجمل الدول ذات العالقات السياسية ،واألبعاد والعوامل السياسية المؤثرة
في العالقات وأشكال التحالفات السياسية وأنماط توزيع القوى السياسية إقليميا ودوليا والعالقات مع األمم المتحدة
والمنظمات الدولية األخرى ،يصعب على الدولة التحكم بها والتأثير عليها بحكم شموليتها.
لكن المصلحة الوطنية ومقتضياتها تفرض على صانع القرار في دراسته لهذه البيئة إن يبتعد عن العواطف الخاصة
لترتيب سلم االولويات والتحالفات مع الدول الكبرى المحيطة (ويقصد بها الخصوم والحلفاء) وينبغي إن يكون هناك
تقييم وتحديد من هم الخصوم واالعداء ومن هم الحلفاء واالصدقاء أي كيف يمكن إن نزيد من حلفائنا وكيف يمكن
إن نقلل من خصومنا وما ذا يريدون منا وماذا نحتاج منهم وما هي قدر المساومة التي يمكن إن ندخل بها وكيف
يمكن لنا إن نكون بيئة خارجية مؤاتيه على اساس تقوية العالقة مع االصدقاء وتحيد االعداء.
لإلشارة فإن النظام العالمي لم يسلم ولو لفترة قصيرة من االزمات السياسية (الموقف سياسي المفاجئ الذي يشكل
تهديدا سياسيا لألهداف القومية لبلد ما) التي تتراوح بين التفاعل والصدام بحكم المصالح والمعتقدات والبرامج
وغير ذلك من الكيانات المتنازع عليها.18
اهمية البيئة الداخلية والخارجية في تحديد السياسة الدفاعية
مناقشة وتحليل البيئة الداخلية الخارجية بأبعادها يمثل بالنسبة للدولة خطوة مهمة في تحديد نقاط القوة والضعف،
والتي من خاللها تستطيع التحكم فيها والتأثير عليها وتغييرها (تصحيحها وتقويمها بسهولة) وفق ما تحتاجه لصياغة
استراتيجيتها والتي من خاللها تتمكن االستراتيجية من تسيير مؤسستها بفعالية اكبر وأدق .وال يمكن للدولة صياغة
استراتيجية بدون تحليل كاف وجيد لبيئتها الداخلية وامكانياتها ،وذلك في محاولة لتسخير بيئتها وتوظيفها في
أغراضها.
إذا فالتحليل وجمع البيانات حول البيئة أم ار ال مفر منه ما دام السياسة الدفاعية في صياغتها وتحديد سبل نجاحها
تتوقف على ما ستسفر عليه نتائج هذه القراءة خاصة إذا تعلق االمر بما يلي:
-تقييم القدرات واإلمكانيات المادية والبشرية.
18ما شهدته مرحلة الحرب الباردة من أزمات دولية خطيرة لدليل على أن تقاطع المصالح يستطيع أن يقضي على كل شيء وهي الوضعية التي كادت أن توقع
بين العمالقين "االتحاد السوفيتي والواليات المتحدة األمريكية " انذاك إلى مواجهات عسكرية مباشرة و كادت أن تعصف باالستقرار العالمي مثل " أزمة
كوريا ،أزمة الصواريخ الكوبية ،أزمة برلين ،لما تميزت فيه تلك المرحلة بسهولة إدارة األزمات نظرا لكونها جاءت نتاجا للصراع بين الشرق والغرب ،وتمكن
الطرفان من تطويقها في إطار سياسة الردع المتبادل والمفاوضات ،وغياب قوى دولية منافسة وفعالة ،ونتيجة الشلل الذي أصاب األمم المتحدة عامة ومجلس
األمن على وجه الخصوص بسبب كثرة استخدام حق االعتراض.
-معرفة نقاط القوة للسير بها قدما من القوي إلى األقوى للقضاء على العوائق.
-معرفة مدى كفاءة البناء التنظيمي الخاص بالدولة.
-معرفة مدى قوة العالقات بين األفراد وتماسك جماعات العمل والحرص على دولتهم.
هذا مجمل السياسة العامة التي تتعامل بها الدولة مع محيطها الداخلي والخارجي ،للحفاظ على استقاللها وسيادتها
الوطنية والتخفيف من وطأة االزمات المفروضة من جهات خارجية معادية وعدوانية.
المحور السادس :العقيدة العسكرية
19يقول نابليون بونابرت "الجيوش تمشي على بطونها " ،فهي ليست في حاجة إلى اللوجيستيك بقدر ما هي إلى الدافع الفكري الذي بخاطب العقل لتعزيز
القدرة والمحافظة عليها لمواجهة العدو وتحقيق النصر.
20
Pascal Vennesson, “Penser les guerres nouvelles, la doctrine militaire en questions », CAIRN-INFO N° 125, Paris,
2008, p.81 .
20تع تمد الواليات المتحدة االمريكية في عقيدتها العسكرية من اجل تحقيق النصر على مبدأ "من أرتبت فيه فأقتله" ،وهذا ال نجده إال في ادبيات العصابات
االجرامية الكبرى (المافيا) ،الن عقيدة الضربة االستباقية هي إصدار حكم مشمول بالنفاذ على تخمين النوايا للمحكوم عليه وبذلك فهي منافية لالعراف والقوانين
العسكرية ومبادئ القانون الدولي العام.
22بيرت تشايمن" ،العقيدة العسكرية ،دليل مرجعي" ،ترجمة طلعت الشايب ،المركز القومي للترجمة العدد ،2503القاهرة ،الطبعة األولى ،2015
ص13.
-للعقيدة العسكرية فواصل وحدود توضح االجزاء الرئيسية لهذا االمتداد العمودي الطويل ،وتعطي كل جزء منها
طابعا مميزا ،وتضعه وكل ما يحيط به ويترتب عليه في مستوى معين من النظرة العسكرية .
-للعقيدة العسكرية مداخالت جانبية تأتي من جميع االتجاهات تؤثر في مسار مستوياتها ،وتستمر هذه المؤثرات
معها على طول امتدادها من أعالها إلى أدناها (البناء الهرمي) .أنظر الشكل االول
تحديد المصالح ذات األولوية صياغة أهداف ومهام السياسة العسكرية للدولة
رغم هذه التعاريف ،إال أن هناك عدم اإللمام بمفهوم العقيدة العسكرية بالشكل الصحيح لوجود القصور في التمييز
بين مستويات العقيدة ،التي صنفت في مضمونها إلى أنواع ،لكل منها حدوده ومفهومه وخصائصه التي تميزه عن
غيره ،ورغم ذلك يبقى هناك ارتباط وثيق بين هذه األنواع ،فال يمكن فصلها عن بعضها ،وال يمكن االستغناء عن
أحدها ،ألن كل نوع مكمل لآلخر ،وجميعها يشكل العقيدة العسكرية في صورتها الكاملة ،وعلى الرغم من كونها
مميزة عن بعضها ،إال أنها تؤثر في تركيبة وتطوير بعضها بعضا ،وبمعنى آخر فإن العقيدة العسكرية في أدنى
مستوياتها قد تفرض تغيي ار رئيسيا على المستويات واألنواع األعلى من العقيدة العسكرية.
أما النقطة العامة في أنواع العقيدة العسكرية فهي وجود عقيدة على مستوى الدولة ،وتسمى" العقيدة الشاملة
للدولة" ،وغالبا ما يحدث خلط بين هذا المستوى وبين المستوى االستراتيجي للعقيدة العسكرية ،وهذا الخلط يعد من
المواضيع الرئيسية التي تسبب الغموض حول مفاهيم العقيدة العسكرية ،فالعقيدة الشاملة للدولة هي مجموعة التعاليم
والقيم السامية والمبادئ السياسية والعسكرية واالقتصادية واالجتماعية والمعنوية والعلمية التي نبعت من حضارة
الشعب ورسخت في وجدانه وضميره.
أنواع العقيدة العسكرية
-1العقيدة األساسية :وهي مبادئ تساعد على تحديد اإلطار العام للعقيدة العسكرية على المستوى االستراتيجي،
وتقوم بتوجيهها أيضا ،ونطاق هذا النوع من العقيدة واسع جدا ،وال تعلوه إال العقيدة الشاملة للدولة ،وعدم تأثر هذا
النوع من العقيدة إلى درجة كبيرة بالسياسة والتقنية مقارنة بالمستوى العملياتي والتعبوي من العقيدة العسكرية.
-2العقيدة البيئية :وتكون على المستوى العملياتي ،وهي عبارة عن المبادئ األساسية التي تنتهجها الوحدات
الرئيسية للقوات المسلحة ،لتوجيه جميع نشاطاتها العسكرية المختلفة لتحقيق األهداف المرسومة لها .وتعد العقيدة
البيئية مكملة للعقيدة األساسية التي توجه مستخدميها إلى األهداف العسكرية والوطنية التي ترسمها ،وهي التي
تربط بين العقيدة في أعلى مستوياتها (االستراتيجي) وأدنى مستوياتها (التعبوي).
وتتميز هذه العقيدة بأنها أضيق نطاقا من العقيدة األساسية ،أي أنها تركز على مواضيع ضمن حدود معينة وتبرزها
بتفاصيل أكثر وضوحا ،وتتأثر إلى درجة كبيرة بعوامل خارجية ،مثل :التغيرات التقنية والتغيرات السياسية
واإلستراتيجية ،فهي في تغير مستمر ،ومن أمثلة العقيدة البيئية :العقيدة القتالية للعمليات المشتركة ،إضافة إلى
العقائد القتالية للقوات البرية والجوية والبحرية.
-3العقيدة التنظيمية :هي المبادئ األساسية التي تتبعها مختلف القوات المسلحة لغرض القيام بواجباتها وانجاز
المهام المنوطة بها كجزء من القوات العسكرية ،وتتجلى هذه العقيدة في المستوى التعبوي ،وهي أكثرهم تفصيال،
فهي توضح المهام واألدوار ومبادئ االستخدام لكل نشاط عسكري ،وتتدرج في تفاصيلها إلى الطرق واألساليب
واإلجراءات الخاصة باستخدام أي تشكيل معين ،كما تتميز أيضا بخصائص تكسبها طابعا مختلفا على غيرها من
العقائد األخرى ،ومن هذه الخصائص ضيق إطارها مقارنة بالمستويين اآلخرين ،ومن جهة ثانية تتغير ،نظ ار
لتأثرها الكبير والمباشر بالتطورات التقنية والخبرات والتجارب الفعلية والتدريبية المستمرة .
-مصادر العقيدة
البد للعقيدة العسكرية من مرتكزات تقوم عليها ،ومصدر تتغذى منه حتى تصل إلى مرحلة النضوج ،ثم تستمر
لكي تفي بالغرض المطلوب ،وتتلخص مصادر العقيدة العسكرية في مايلي:25
-1العقيدة الشاملة للدولة :تعد المصدر األساسي لجميع مستويات العقيدة بشكل عام ،والعقيدة العسكرية األساسية
بشكل خاص ،ومن األمثلة على العقائد :العقيدة الدينية واإليديولوجيات واألسس والمبادئ التي يضعها القادة
السياسيون ،وبهذا " تختلف العقيدة العسكرية باختالف ظروف كل دولة ،فال يمكن القول إن هناك عقيدة عسكرية
واحدة ودائمة لكل الدول"
-2الدروس المستفادة من الماضي :وهي من األساسيات التي تبنى عليها العقيدة العسكرية على مختلف
مستوياتها ،ويعد التاريخ العسكري مصد ار فعاال وناجحا لبناءها وتطويرها ،ألنه حصيلة خبرة وتجارب تكررت ،ومن
بين األمثلة نذكر "استخدام األسلحة المختلفة وفي مقدمتها السالح النووي في الحرب العالمية الثانية والذي اختتمت
به ،أو المبادئ التي كانت تتحارب بها ومن أجلها األمم ،ولهذا نجد أن العقيدة العسكرية تتأثر " بأصول تاريخية،
المرتبطة بالثوابت التي تمجدها الدولة أو األمة".
-3التطور التقني :ويلعب هذا العنصر دو ار كبي ار في تطوير العقيدة العسكرية وتحديثها على مختلف مستوياتها،
وخاصة على مستوى العقيدة البيئية والعقيدة التنظيمية ،فعند دخول معدات أو أسلحة جديدة في أي من فروع
القوات المسلحة ينعكس أثره على جميع الفروع بدرجات متفاوتة ،وبالتالي تحتاج إلى تحديث لمواكبة هذا التطور،
25بيرت تشايمن" ،العقيدة العسكرية ،دليل مرجعي" ،ترجمة طلعت الشايب ،القاهرة (مصر) ،دار الكتاب المصرية ،2014 ،ص65.
ويؤكد العسكريون أن المظاهر التقنية للحرب ذات تأثير كبير على تطور النظريات العسكرية وممارستها ،وخير
مثال على ذلك "التقنيات والنظريات العسكرية التي استخدمت خالل حرب العراق ."2003
-4مصادر التهديد والتغيرات المستمرة في النظام العالمي :تنعكس أثرها بشكل جلي على العقيدة العسكرية على
مختلف مستوياتها ،فإنهيار االتحاد السوفييتي في نهاية العام 1991كان له تأثير على العقيدة العسكرية للواليات
المتحدة األ مريكية ،مما دفع إلى تغير بعض مكوناتها وظهرت في العقيدة البيئية والتنظيمية ،وخاصة ما يتعلق
بالقوات والعمليات المشتركة ،فقد زالت العديد من العقائد التي كانت متبعة أثناء الحرب الباردة.
-5طبيعة الحرب القادمة :الحرب المتوقع أن تخوضها الدولة ،من حيث نوعها وشكلها ومستوياتها ومشروعيتها
ووسائلها ،تحدد العقيدة العسكرية للدولة على مختلف مستوياتها.
-6اإلستراتيجية العسكرية للدولة :تنعكس أثرها بشكل مباشر على وضع العقيدة العسكرية ،والسيما البيئية
والتنظيمية اللتين يجب تطويرهما بشكل مستمر بما يالئم متطلبات اإلستراتيجية العسكرية للدولة.
-7طبيعة الدولة الجغرافية :تنعكس طبيعة الدولة الجغرافية على العقيدة العسكرية بشكل مباشر ،فموقع الدولة
يحدد حجم تنظيماتها العسكرية ونوعيتها وطريقة استخدامها ،كما أن موارد الدولة المختلفة تحدد مركزها عالميا
وسياساتها الداخلية والخارجية ،ولهذا نجد أن العقيدة العسكرية ترتبط ارتباطا وثيقا بنظام الدولة ،وباألعباء الملقاة
على عاتقها في قطاع السياسة الخارجية والداخلية ،وبالحالة االقتصادية والسياسية والثقافية للبالد .
-8المهام الحالية والمستقبلية :تعد المهام العسكرية للدولة أداة قوة وطنية في الحاضر والمستقبل ،وتلعب دو ار
رئيسيا في وضع وتطوير العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها وبمختلف أنواعها ،وذلك بما يالئم طبيعة المهام
المختلفة المنوطة بالقوات المسلحة في الحاضر والمستقبل.
-أهمية العقيدة العسكرية
ال يمكن ألي دولة أن تستخدم قدراتها العسكرية ،كقوة وطنية حاسمة لتحقيق أهدافها ورعاية مصالحها ،دون
االستناد إلى عقيدة عسكرية واضحة وفعالة ،وذلك لألدوار الهامة التي تقدمها العقيدة العسكرية لتوجيه النشاطات
واألعمال العسكرية على مختلف المستويات ،والتي تتلخص في الشكل الثالث:
الدليل األساسي لتنظيم
وتدريب القوات المسلحة في
مختلف المستويات
26د.نزار إسماعيل الحيالي ،األستاذ عمار حميد ياسين" ،قراءة في المذهب العسكري الروسي بين الماضي والحاضر" ،دراسة جامعية ،مجلة دراسات
دولية (جامعة بغداد) ،العدد السادس والعشرون ،ص12.
القيادة والسيطرة في مختلف المستويات ،إجراءات صنع الق اررات العسكرية على مختلف المستويات والتدريب
والمحافظة على الكفاءة القتالية ،ثم بناء وتطوير وتنظيم القوات.
ثالثا :مكونات ذات طابع إقتصادي
تعبر عن إمكانات الدولة في تصنيع الوسائل الحربية الحديثة واقتناء السالح والقدرة على ذلك وحل مشكلة التفوق
التقني وهذا كله ال يمكن التطرق له مالم تكن للدولة مصادر مالية تفوق إحتياجات المي ازنية العامة ،خاصة وأن
الجانب الكبير في المهام الدفاعية المادية سواء داخليا أو خارجيا (أستراد االسلحة) يحتاج إلى أنفاق مالي قد
يساوي في بعض االحيان ميزانية دولة بكاملها.
-العناصر األساسية للعقيدة العسكرية
تقوم العقيدة العسكرية على أفكار تتناول كيفية التفكير ،وليس ما يجب أن يفكر فيه المرء.
-القيادة في المهام والسيطرة المفصلة:
إن الفلسفة الصحيحة للقيادة ترتكز على أربعة أسس هي اتخاذ القرار في الوقت المناسب ،الفهم الجيد لنوايا القائد
األعلى ،قدرة المرؤوسين على تفهم توجهات القيادة األعلى و إنجاز ما يوكل إليهم ،وعزم القائد على أن ينهي
خطته بنجاح
ويمكن للقادة أن يستخدموا أسلوبا واحدا أو أسلوبين أو أساليب عدة لممارسة القيادة والسيطرة والطريقة األكثر
استخداما في القوات المسلحة هي السيطرة المفصلة ،وفي هذا المفهوم تمارس القيادات العليا سلطاتها وتوجيهاتها
على معظم الق اررات.
أما األسلوب الثاني للقيادة والسيطرة ،فيعرف بـمفهوم القيادة في المهام ،وهو مستخدم بشكل واسع في حلف شمال
األطلسي ،وهو يعزز القيادة غير المركزية وحرية وسرعة العمل وأخذ المبادرة ،وكال المفهومين يمكن أن يعمال
سويا ،وهذا يعتمد على التوازن بين تدفق المعلومات وصنع القرار.
-روح القتال:
إن طبيعة العقيدة العسكرية هي نتاج ضرورات وملحات عسكرية ،تؤدي في النهاية إلى الحاجة للتحضير للحرب،
واذا اضطر األمر للقتال واالنتصار فيه ،فعلى كل فرد في القوات المسلحة أن يكون على استعداد للقتال والموت
في سبيل أي قضية مشروعة يتم النضال من أجل تحقيقها من خالل الخيار العسكري ،بالتالي فإن العقيدة العسكرية
تتضمن في جوهرها روح القتال .
-التفكر بمفهوم المناورة:
إن التفكر بالمناورة في العمليات يقتضي بأن تُعطى األهمية لتحطيم تماسك العدو الكلي ،وتحطيم إرادته للقتال
بدال من تدميره المادي ،وحرب المناورة هي تطبيق التفكر بالمناورة في الحرب.
-مبادئ الحرب:
يتطلب التخطيط للحرب وتنفيذها من القادة واألركان بكافة المستويات ،أن يأخذوا بعين االعتبار هذه المبادئ ،التي
ترجمت إلى وظائف قتال ملموسة لتكون آلية عملية تنجز في العمليات العسكرية.
-العمليات المشتركة:
ليست العمليات المشتركة مجرد قوات من مختلف صنوف األسلحة تعمل في مسرح العمليات نفسه ،وانما هي
ثم استثمار نقاط القوة الخاصة بكل منها لمساعدة األخرى.
معرفة نقاط الضعف والقوة لكل عنصر ،ومن ّ
-المرونة والتطبيق العملي:
تنعكس المرونة والتطبيق العملي في العقيدة العسكرية لدولة ما ،في تجنب القواعد اإللزامية المفروضة وتشجيع
التفكير اإلبداعي المميز في العمليات العسكرية.
وتعتبر العناصر التي تم توضيحها أفكا ار أساسية ،وهي تشكل معا أسلوب االقتراب الذاتي للدول مع العمليات
العسكرية ،ويجب أن تكون روح القتال دائما واضحة وجاهزة للتطبيق ،والعمليات المشتركة هي وسائل يتم من
خاللها تطبيق القدرات والمميزات التي تمتاز بها دولة ما بشكل فعلى ،والقوات المسلحة لدولة ما يجب أن تعمل
كمجموعة واحدة وبتماسك لزيادة قدرتها لتوليد أقصى تأثير عمليات ،وهي بذلك تتبع مبادئ الحرب مالئمة للتطبيق
في جميع المستويات ،واالستخدام الذكي لمبادئ الحرب هو عنصر أساسي للتفكير بالمناورة يشجع القادة على
تحقيق أهدافهم ،وان ظروف القيادة المتأصلة في" السيطرة المفصلة" و"القيادة في المهام " ،هي التي تؤدي إلى
27
مسك زمام المبادرة وتحقيق المفاجأة.
28نحن نهدف الى زيادة قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا الدولية بشكل اكثر فاعلية ،نحن نهدف الى تأكيد ان تحالفاتنا كفؤة ،وغير مكلفة ،ومستدامة ومهمة للمستقبل،
نحن ال نركز بشكل ضيق على مستويات القوة بل ننظر في قدرات القوة ،نحن ال نتحدث عن خوض القتال في المكان الذي نحن فيه ،بل التحرك الى حيث
القتال ،نحن ال نتحدث فقط عن مواقع قواتنا ،بل عن القدرة على تحريكها حيث نريد ومتى نريد.
االمنية الدولية في افغانستان والعراق وأوروبا الشرقية .كما يهدف هذا الباب إلى مساعدة الحلفاء والدول الصديقة
على تحديث قواتهم المسلحة واستراتيجياتهم ومذاهبهم.
هذا الدعم يمثل إلى حد ما مشاورات مع كل الحلفاء لمواجهات التهديدات االمنية العالمية وهو بدوره إحدى عناصر
مكانتها العالمية (أمريكا) التي تساعد على تقوية عالقاتها عن طريق تنسيق طرق تفكيرنا وتقديرنا للتهديدات
وللمتطلبات العسكرية .وتمنحنا فرصة ايضاح االساس المنطقي العادة تنظيم المنظومة الدولية
إستراتيجية التحول في االولويات
استراتيجية الدفاع الجديدة ("استراتيجية الدفاع الوطنية") أقرت تغييرات عاجلة على نطاق واسع ووضعت الجيش
األمريكي في مواجهة الصين وروسيا كأولوية بعد ما ركزت لعقد ونصف على التركيز على الحرب على االرهاب،
واهم االولويات :
-1إصرار االدارة الجديدة لرئيس دونالد ترامب على مواجهة التحديات التي تمثلها كل من روسيا والصين ،بحيث
إتضح بصورة متزايدة رغبة الصين وروسيا في تشكيل عالم يتسق مع نموذجهما السلطوي لكسب سلطة تتيح لهما
نقض ق اررات الدول االقتصادية والدبلوماسية واألمنية" فروسيا التي تعتبر أكثر جرأة من الصين في استخدامها للقوة
العسكرية .عبر العالم ،في حين تشهد الصين صعودا في المجاالت االقتصادية والعسكرية وذلك من خالل عملية
تحديث واسعة النطاق لجيشها والذي يتناقض مع مصالح امريكا.
-2االستراتيجية الجديدة تعبر عن تغيي ار أساسيا بالفعل وهو العودة إلى أساسيات احتمال نشوب حرب ،مما يجعل
من كل الخطط واالستراتيجيات االمريكية تركز على إعطاء األولوية لالستعداد لخوض حرب خاصة مع قوة كبرى
-3الحاجة إلى ا لتركيز على الدفاعات الصاروخية األمريكية ضد التهديد الذي تمثله بيونغ يانغ التي كدست،
إضافة لألسلحة النووية ،ترسانة من األسلحة البيولوجية والكيماوية والتقليدية .
-4إلزام الدول الحليفة لتقاسم عبء الحفاظ على األمن في العالم لمواجهة تراجع التفوق العسكري االمريكي أمام
روسيا أو الصين في العديد من مناطق العالم ،فال بد من "تعزيز" قوة الحلف األطلسي وعليه يجب الحصول على
تقاسم أكثر إنصافا للمسؤوليات وعلى الحلفاء األوروبيين أن يحترموا وعودهم بزيادة ميزانياتهم الدفاعية وتلك
الخاصة بالتحديث لتعزيز قوة الحلف بمواجهة التهديدات األمنية المشتركة.
-5مبيعات األسلحة والتجارة الدفاعية للواليات المتحدة إلتزام لتقوية الحلفاء والشركاء في سائر أنحاء العالم لكي
يلبوا احتياجاتهم المشروعة للدفاع عن النفس ويتمكنوا من تحسين قدراتهم على العمل إلى جانب القوات األمريكية
من أجل مواجهة التحديات األمنية المشتركة.
ف مبيعات األسلحة والتجارة الدفاعية هي أدوات رئيسية للسياسة الخارجية مع التداعيات المحتملة الطويلة األجل
على األمن اإلقليمي ،لهذا تأخذ االدارة االمريكية بعين االعتبار الظروف السياسية والعسكرية واالقتصادية ومراقبة
التسلح وحقوق اإلنسان ضمن اتخاذ الق اررات المتعلقة بتوفير المعدات العسكرية والترخيص للمبيعات التجارية
المباشرة ألي بلد بشرط أن تثبت عملية التقييم أن المبيعات تعزز السياسة الخارجية األمريكية ومصالح األمن
القومي.
-6ميزانية الدفاع األمريكية لـسنة ،2020بلغت قيمتها 738مليار دوالر وبذلك تكون ميزانية الدفاع قد شهدت
خالل حكم دونالد ترامب زيادات سنوية وصلت إلى رقم قياسي ،وتنص الميزانية التي تسمى "قانون إقرار الدفاع
الوطني" على تخصيص 635مليار دوالر للنفقات األساسية ،و 71.5مليا ار لصندوق العمليات المحتملة في
الخارج ،و 23.1مليا ار لإلنفاق الدفاعي ،و 8.1مليارات لنفقات دفاعية أخرى.
وحسب نفس القانون ستتزود الواليات المتحدة بمئة طائرة من طراز "أف "35و 150مروحية عسكرية وأربع
غواصات من طراز فرجينيا وسفينة حربية ،فضال عن زيادة رواتب الموظفين العسكريين بنسبة هي األكبر خالل
السنوات العشر األخيرة.
بالمقابل تضمنت ميزانية الدفاع األمريكية في إطار قانون "مكافحة أعداء أميركا" فرض عقوبات المعروفة إختصا ار
باسم "كاتسا" على أحد أبرز حلفاء واشنطن (تركيا) ،حيث نص قانون الميزانية الدفاعية األمريكية على عدم تسليم
تركيا طائرات "أف "35المقاتلة بدعوى استمرار أنقرة في عمليات شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "أس
."400
-روسيا الجديدة
حسب التحليل االستراتيجية فإن السياسة الدفاعية الروسية في عهد بوتين قدرت ميزانيتها العسكرية ب 2.77
تريليون روبل (ما يعادل 42.3مليار دوالر) لعام ،2018وهي مستمرة في منافستها العسكرية الرهيبة للواليات
29
المتحدة التي بلغت ميزانيتها الدفاعية الهائلة والمتزايدة ما يقرب من 692.1مليار دوالر في نفس السنة
فيما عدا التوازن التقريبي في إمكانات الردع النووي لدى الدولتين وان كان إحدى أهم االسباب الذي يفرض تجنب
أي مواجهة مباشرة .فإنا الدوائر البحثية تعتبر القيادة العسكرية وعلى رأسها فالديمير بوتين لهم فهم عميق لطبيعة
التحديات العسكرية المعاصرة بشكل أفضل من القيادة االمريكية وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب ،وهذا ما يفسر
إحدى اهم الركائز في تخصيص النفقات العسكرية.
كما يالحظ أن السياسة الدفاعية الروسية باتت اآلن مساوية تقريبا للواليات المتحدة في مراكز إتخاذ القرار والنفوذ
في العديد من المناطق (الشرق األوسط ،شمال إفريقيا وأوروبا الشرقية).
فالنتائج المحققة من طرف القوات الروسية في أوروبا الشرقية والشرق االوسط لم تستنزف ميزانيات عالية عكس
الواليات المتحدة االمريكية ،الن الحروب اليوم ال تحتاج إلى أموال طائلة ،فمسرح العمليات اليوم غالبا ما تمثله
قوات صغيرة ،خفيفة الحركة ،ال تتوافر لها موارد جيدة ،مثل الدول القومية ،وال يحتاج قتالها سوى إلى مزيج من
المعرفة بالظروف المحلية ،لنقل المخاطر إلى صفوف المقاتلين غير النظاميين.30
29خالل المؤتمر الصحفي السنوي ( )2017سأل الرئيس الروسي فالديمير بوتين ،عما إذا كان التوتر المتصاعد في العالقات مع الواليات المتحدة ،وانهيار
معاهدات الحد من انتشار األسلحة ،يمكن أن يجر روسيا إلى سباق تسلح غير قابل لالستدامة مع أميركا ،فرد بالقول "سنعمل على ضمان أمننا من دون
االنخراط في سباق تسلح".
30حسب حزب «يابلوكو» (الحزب الديمقراطي الروسي المتحد) المعارض ،فإن القوات الروسية لم تكلفها العمليات العسكرية في سوريا إال 140.4مليار
روبل ( 2.4مليار دوالر بأسعار الصرف الحالية) ،منذ سبتمبر ،2015أي حوالي 4في المئة فقط من ما خصصته الواليات المتحدة لعمليات الطوارئ في
الخارج في عام 2017في عمليات قتالية غير ذات كفاءة نسبيا
تحول انتقالية ،كونها ما تزال في مرحلة الصيرورة ،وتعاني تحدياتفروسيا االتحادية التي ما زالت تمر بمرحلة ّ
جدية ،داخليا وخارجيا إستطاعت بفضل استراتيجيتها الدفاعية الحالية إحدى الفعاليات الحيوية المصاحبة لنموها
واستم ارريتها والتي مكنت القيادة الروسية بعد عام 2000وحتى اليوم من إعادة بناء هياكل الدولة بشكل أعاد هيبة
ومكانة روسيا على الصعيد الدولي كواحدة من القوى الدولية األساسية على المسرح الدولي ,ليس فقط ألنها تعتبر
الوارثة الرئيسية لالتحاد السوفياتي السابق ,بل ألنها تتوفر على مجموعة من عوامل القدرة التي تؤهلها للقيام بهذا
الدور حاليا وفي المستقبل.
فمن الناحية الجيوسياسية ,فروسيا االتحادية في حقيقة تمثل قلب أوراسيا وجناحاها ,وتصدق عليها النظرية
األوراسية ،التي تعتبر واحدة من النظريات الجيوسياسية ذات المصداقية العالية ,إذ هي تشكل القلب وتقترب جدا
من قوس النفط وقوس األزمات في آن واحد ،بإالظافة إلى اإلرث السياسي واإلستراتيجي المتحقق لروسيا االتحادية
بعد تفكك االتحاد السوفياتي السابق.
فمرحلة التحول التي مرت بها روسيا االتحادية في عقد التسعينات ,ولدت تحوالت متوالية في الموقف السياسي في
البلد ,بدءا من العام األول الذي نشأت فيه روسيا االتحادية بعد التفكك عام ,1992وصوال إلى بداية القرن الحادي
والعشرين وبدأ التفكير في إعادة ترتيب أال ولويات ,وتمكنت الدولة ،من إنهاء عملية التحول والوصول إلى مرحلة
االستقرار على الصعيدين الداخلي لتبدأ عملية التموقع على الساحة الدولية.31
أهم معالم السياسة الدفاعية الروسية:
-1الواقعية :في بناء السياسية الروسية واالبتعاد عن القيم األيديولوجية والتخلي عن كافة ركائز الحرب الباردة ,بما
فيها األيديولوجيا الماركسية اللينينية التي كانت تميز التحرك العسكري ،الدبلوماسي والسياسي السوفياتي في
الماضي القريب ،واحالل محلها مبررات سياسية واقتصادية أكثر براغماتية ووضوحا لتعبير عن تطلعات روسيا
المستقبلية.
-2الديناميكية :وتظهر ديناميكية أو فاعلية اإلستراتيجية الروسية من خالل ما يضمن بصورة جدية بظهور القيادة
العسكرية من منظور غربي كحام للخط اإلستراتيجي الجديد الذي انتهجته روسيا في عصر العولمة مع اإلصرار
على وحدة تراب االتحاد الروسي وعدم التفريط بها ,واتباع مختلف الوسائل ,بما فيها القوة العسكرية ,لتأكيد هذه
الوحدة.
-3إعادة هيبتها الدولية والحفاظ على أمنها وسيادتها من أي خطر يحيط بها ,وهو أمر يدفعها إلى تعزيز وضعها
العسكري في المناطق الحدودية" ،فروسيا تعتبر قضية انضمام جورجيا وأوكرانيا ,وحتى أذربيجان ,إلى حلف شمال
األطلسي خط ار كبي ار على أمنها القومي واستقرارها وامكانية حركتها وتوجهاتها ,سواء على المحيط القريب منها,
دول االتحاد السوفياتي السابق ,أو على المحيط األبعد ,مثل الصين أو إيران أو غيرهما من الدول.32
33عاطف معتهد عبد ال حميد" ،إستعادة روسيا مكانة القطب الدولي ،إزمة الفترة االنتقالية" ،الدوحة (قطر)،مركز الجزيرة للدراسات ،2009 ،الطبعة
االولى ،ص31.
34إستراتيجية روسيا في الشرق االوسط ،دراسة منشورة من طرف مركز الراند ( )RANDسنة 2017
-أهم المبادئ األساسية التي تحكم العالقات الخارجية
أوال :الصين تلتزم بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي ،وال تتدخل في الشؤون الداخلية لآلخرين وال تستخدم أو تهدد
باستخدام القوة ،وترفض التشرذم واالستقطاب في العالقات الدولية ،فتمسكها بالتعايش السلمي دائما ،واحترام
الشعوب األخرى واختيار مسار مستقل في مجال التنمية ،من المؤكد سوف يلغي أي فكرة للهيمنة على العالم ،كما
ال ترضى بان تهيمن أي دولة أخرى على منطقتها.
ثانيا :تنتهج إستراتيجية االنفتاح القائمة على المنفعة المتبادلة ،وتحرص على تحقيق وتطوير وحماية المصالح
المشتركة لجعل كعكة المصالح المشتركة أكبر وأفضل بدال من توتير العالقات مع الجيران وكسب المصالح على
حساب اآلخرين ،هذا المسعى تريد الصين ان تجعل منه قاعدة لحسن الجوار واالنسجام واألمن واالزدهار لجيرانها،
واستراتيجيتها في آسيا والمحيط الهادئ تعتبر بمثابة المسار الهادف إلى خلق االستقرار والتنمية ،بيئة محيطة
جيدة ،والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك مع الدول المعنية ،كما ترغب دائما في أن تكون صديقا جيدا لآلسيان
والدول اآلسيوية ،حسنة الجوار وشرك جيد .
ثالثا :دعوة الصين إلى تسوية المشاكل والنزاعات من خالل الحوار والتشاور بروح إيجاد أرضية مشتركة مع ترك
الخالفات جانبا ،في هذا السياق وقعت الصين مع دول آسيا اتفاقيات متعددة األطراف ،كما فتحت ابوابها للتعاون
اإلقليمي ،بشفافية وحسن النوايا .وتأمل أيضا أن اإلجراءات التي تتخذها بعض الدول المعنية في آسيا ،ليس لمنع
أغراض االحتواء وتقويض الصين ،كما تأمل من الدول األقوال واألفعال الجيدة والشفافة أيضا في تنمية الشعب
الصيني لهذه المنطقة منذ آالف السنين .
الصين تشارك بشكل فعال أيضا في القضايا العالمية التي لها صلة بالبرامج النووية الكورية الشمالية واإليرانية
والصراع العربي اإلسرائيلي وقضية دارفور بالسودان ،باالضافة الى دعوة الصين ومشاركتها في تعديل وتحسين
النظام الدولي الحالي ليصبح أكثر عدالة وعقالنية .
-المصالح الجوهرية للصين
-1استقرار دولة الصين نظامها وحكمها السياسي ،أي قيادة الحزب الشيوعي الصيني والنظام االشتراكي واالشتراكية
ذات الخصائص الصينية .
35
-2سيادة الصين وسالمة أراضيها والوحدة الوطنية وتجلى ذلك في قضية تايوان
35قضية تايوان ترتبط بوحدة الصين وسالمة أراض يها وتمثل المصالح الجوهرية للصين وتلمس وتر مشاعر الشعب الصيني المبدأ األساسي التي تلتزم به
الصين بشأن هذه القضية هو "إعادة التوحيد السلمي ودولة واحدة ذات نظامين" ،ولن تسمح أبدا أن تنفصل عن الصين ،ولن تتعهد بعدم استخدام القوة ،ضد
حفنة العناصر االنفصالية .في السنوات األخيرة ،شهدت عملية التنمية السلمية للعالقات عبر المضيق تقدما إيجابيا وكبيرا ،كما وقع الجانبان االتفاقية اإلطارية
للتعاون االقتصادي بين جانبي المضيق التي تفتح آفاقا أرحب للتنمية السلمية للعالقات عبر المضيق.
كما عارضت الصين سياسة الواليات المتحدة االمريكية التي أصرت على بيع األسلحة إلى تايوان انطالقا من عقلية الحرب الباردة واألهداف الجيوسياسية،
متجاهلة المعارضة القوية من الصين .فيجب نبذ ممارسات النفاق هذه التي ال تساعد على التنمية السلمية للعالقات عبر المضيق ،وتتعارض أيضا مع اتجاه
السالم والتعاون والتنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ .
-3توفير ضمانة أساسية لتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المستدامة للصين .ال تحتمل هذه المصالح أي
انتهاك .
تنتهج الصين سياسة عسكرية ألغراض دفاعية ،وتهدف عملية بناء الدفاع الوطني في الصين إلى الدفاع عن
سيادة بالدنا وسالمة أراضيها ،وحماية حدودنا البرية البالغ طولها أكثر من 22000كيلومت ار وحدودنا البحرية
البالغ طولها 18000كيلومت ار وضمان السالم والتنمية في الصين ،بدال من المشاركة في سباق التسلح والتنافس
على الهيمنة والتوسع الخارجي .يقلق البعض في العالم من أن الصين ستحول قوتها االقتصادية المتنامية إلى
القوة العسكرية.
ال ضرورة لمثل هذا القلق على اإلطالق .مقارنة مع عدد كبير من دول العالم مثل الواليات المتحدة واليابان ،تعتبر
النفقات العسكرية الصينية منخفضة سواء من حيث الرقم اإلجمالي أم نصيب الفرد ،فال يمكن أن تشكل تهديدا
للدول األخرى.
أما بالنسبة للشفافية ،فال يوجد بلد يكون شفافا تماما في المجال العسكري .وتزداد الشفافية العسكرية الصينية خالل
العقود الماضية ،وال سيما أن نيتها االستراتيجية أكثر شفافية من العديد من دول العالم وفي مقدمتها الدول الكبرى
الرئيسية .على سبيل المثال ،أعلنا صراحة للعالم أننا لن نسعى أبدا إلى الهيمنة ونلتزم بعدم البدء باستخدام األسلحة
النووية وعدم استخدام أو التهديد باستخدام األسلحة النووية ضد الدول غير الحائزة لألسلحة النووية .إذا حذت
الدول األخرى حذو الصين ،فمما ال شك فيه أن ذلك سيكون إسهاما كبي ار في تعزيز االستقرار والسالم والتنمية في
العالم .
لقد بذلت جهود بشأن العالقات االمريكية الصينية خالل السنوات الماضية .وقد أنشأت آليات الحوار والتشاور
االستراتيجي مع الواليات المتحدة وأوروبا واليابان وبعض الدول الناشئة لتبادل وجهات النظر بصورة معمقة حول
القضايا الهامة والكبرى والطويلة األجل بشأن الوضع العالمي والعالقات الثنائية ،بما يعزز التفاهم والثقة المتبادلة
والتوافق االستراتيجي ،ويوسع المصالح المشتركة ويقلص المتاعب والمشاكل .
أما بالنسبة إلى المشاكل التي من الصعب حلها في المستقبل القريب ،فتقترح الصين أن تترك جانبا حتى تنضج
الظروف ،أو نترك بعضها ليحلها أجيالنا المقبلة .
أما فكرة أن الصين تريد أن تحل محل الواليات المتحدة والهيمنة على العالم خرافة .ويتعين على المجتمع الدولي
الترحيب وليس الخوف من النمو السلمي للصين ومساعدته بدال من العرقلة والدعم بدال من االحتواء ،وينبغي على
العالم أن يفهم ويحترم المصالح واالهتمامات الصينية المناسبة والمعقولة في التنمية السلمية .
ذلك أنه لم يكن هناك ث قافة الهيمنة في التقاليد الصينية عبر التاريخ .حيث أن " الخير " والسالم" كانا جوهر
السياسة الصينية التقليدية منذ آالف السنين ،فقد دعت الصين باستمرار إلى الحرص على السالم ،الخير لألقارب
وحسن الجوار .واذا نظرنا من ناحية الواقع ،وفي عصر العولمة االقتصادية ،يمكن للدول تحقيق المنافسة الدولية
المتبادلة المنفعة والتعاون من خالل المساواة ،وال حاجة إلى االستمرار في طعن النظام الدولي وتحدي مسار
التنمية لبلدان أخرى ،كما يمكن أن نفهم من سقوط القوى العظمى في العالم ،أنه ال يمكن السير في طريق رئيسي
واسع،ال يمكن السير على طريق سباق التسلح،وأن طريق الهيمنة على العالم مسدود،بينما التنمية السلمية هو
الطريق الوحيد الصحيح .
أن الصين كلما أصبحت أكثر تطو ار كلما زادت حاجتها إلى تعزيز التعاون مع البلدان األخرى ،وبحاجة أكثر إلى
بيئة دولية سلمية ومستقرة .كما أن التعاون من أجل المصلحة والتنمية المشتركة ،هي أكبر وأعمق تجربة في
العالقات الخارجية الصينية منذ ثالث عقود من اإلصالح واالنفتاح ،وهو أعظم سالح لنجاح الصين .وينبغي
على الصين أن تتشبث بهذا السالح.
أما نفقات الدفاع الوطني أساس مادي هام للدفاع الوطني وبناء الجيش ،وهي تتعلق ببقاء وأمن وتطور كل فرد
في الوطن ،ويتم مناقشتها خالل الدورتين ،دورة المجلس الوطني لنواب الشعب ودورة المؤتمر االستشاري السياسي
للشعب الصيني ،وفق مبدأين "إنجاز العمل بكمية أكبر وبنفقة أقل" إذ يجب إنفاق المال في الشؤون الهامة من
أجل الحصول على فائدة أكبر".
ففي ،2017وصل معدل الزيادة في ميزانية الدفاع الصيني حوالي ،%7ما يعني أنها ستصل إلى تريليون يوان
(الدوالر األمريكي يساوي 9ر 6يوانات)( ،الصين اليوم) توظف نفقات الدفاع الوطني في ضمان سالمة الوطن
وحماية سالم العالم .بالمقابل يلغت نفقات الدفاع الوطني اإلجمالية 354ر 954مليار يوان في عام 2016بزيادة
6ر %7مقارنة مع عام ،"2015وهي تعادل من 3ر %1إلى 5ر %1من الناتج المحلي اإلجمالي للبالد.36
لكن ما يالحظ حسب العديد من الدراسات ،أن القيادة السياسية في الصين إنتهجت في إطار السياسة العامة للبالد
استراتيجية دفاعية وامنية لدعم النهوض بالدولة والحد من اوجه الضعف ومواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية،
وقد تم االفصاح عنها خالل المؤتمر السنوي للحزب الشيوعي في (جانفي (2015وهو ال يعتبر وثيقة بعنوان
"استراتيجية الدفاع الوطني "أو" سياسات الدفاع الوطني "على غرار الواليات المتحدة التي تعتمد على مجموعة
جديدة من القضايا ذات األولويات المركزية لألمن القومي ،وتشمل هذه القضايا االهتمامات بالتغيرات االقتصادية
واالجتماعية العميقة على الصعيد المحلي واإلصالحات المقترحة لمواجهتها ،وهو أمر مهم بالنظر إلى األولوية
التي توليها القيادة للقضايا المحلية ،اما بالنسبة للبيئة الدولية المتغيرة ،فإن الصين تركز على إحترام مبادئ القانون
الدولي والمساعي الحسنة للتعايش السلمي وعدم التدخل االجنبي مه مواصلة العمل على تعزيز عالقات مستقرة
37
بالقوى العظمى والبيئة األمنية في دول الجوار اللصيقة بالصين والتعاون بين الدول النامية".
36بالمقارنة مع ميزانية الدفاع الوطني األمريكية التي بلغت في عام 2016بلغت 597مليار دوالر أمريكي ،وفي عام 2017وصلت إلى و7ر 618مليار
دوالر أمريكي ،وهي تمثل 4ر %3من الناتج المحلي اإلجمالي األمريكي .فإن الفارق كبير جدا خاصة إذا أظفنا حساب متوسط نصيب الفرد من ميزانية
الدفاع.
37دراسة حول إستراتيجية الدفاع واالمن القومي الصيني من طرف مؤسسة الراند ( )RANDللبحوث والدراسات االستراتيجية.2016 ،
فالمعلومات الواردة في الكتاب األبيض المنشور في عام 2015المعني بالدفاع يمكن إستخالصها في خطابات
كبار القادة العسكريون لفهم محتوى التوجهات الصينية في مجال الدفاع كما تساعد في توضيح الموقف
االستراتيجي العام للجيش الذي يبدوا أنه ملتزم شكليا بالدفاع الوقائي أي الدفاع عن االرض ،لكن حسب الباحثين
تحول منذ عام 2010إلى ما يمكن وصفه بأنه" توسُّع سلمي" وهذا ما اكده الكتاب األبيض
فإن هذا التركيز قد َّ
بالقول في قفرة " الطبيعة الدفاعية " ،ان سياسات الدفاع الوطنية للدولة لن تسعى أبدا لفرض الهيمنة أو التوسع
لكن وجود" متطلبات جديدة " يفرض على الجيش تهيئة تموقع استراتيجي مالئم لضمان التطور السلمي للبالد
وحماية المصالح االستراتيجية المتنامية للدولة على نحو أفضل ،وذلك من خالل التوسيع الفعَّال للجيش في إطار
تعزيز التعاون العسكري واألمني خاصة إقليميا لتشكيل بيئة أمنية آسيوية سلمية ومستقرة تنهض فيها الصين
بدور رئيسي لحماية مصالحها الرئيسية عسكريا.
تجدر اإلشارة إلى العديد من سمات التحول في سياسات الدفاع أوالً :الرؤية األمنية التي توسعت لتشمل جميع
ثانيا :أدت متطلبات توثيق
اإللكتروني والمحيطاتً ،
ّ المجاالت السياسية بما في ذلك مجاالت الفضاء والفضاء
التنسيق بين الجهات الفاعلة العسكرية وغير العسكرية إلى زيادة الحاجة إلى صناعة ق اررات مركزية لسياسات
الدفاع واألمن ،ثالثًا :تضاعف التوتر مع الواليات المتحدة بسبب التحول في السياسة الخارجية للبلدين مما أعطى
أهمية إلدارة األزمات والتحكم في التصعيد والردع .
i