Professional Documents
Culture Documents
2
اﻟﻣﺣور اﻷول :ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﺗﻌرف اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﺣدودي ،وﯾﻔﯾد ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣدود ﺿﻣﻧﯾﺎ أن
اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﻣﺗد ﻧﺷﺎطﻬم ﻟﯾﺷﻣل ﺑﯾﺋﺗﯾن :ﺑﯾﺋﺔ داﺧﻠﯾﺔ
ﻣﺣﻠﯾﺔ ،وﺑﯾﺋﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أو ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ،ﻟذا ﻓﺎن ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
ﯾﻘﻔﺎن ﻋﻧد اﻟﺗﻘﺎء ﻫﺎﺗﯾن اﻟﻧﻘطﺗﯾن ،وﯾﺳﻌون ﻟﻠﺗوﺳط ﺑﯾن اﻷوﺳﺎط اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،اﻷﻣر
اﻟذي ﯾﻌﻛس ﻣدى ﺗﺷﺎﺑﻛﻬﺎ و ﺗﻌﻘﯾدﻫﺎ ،وﻟﻌل ﺳﺑب اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺗﻣﺎﯾز ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف
اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ،راﺟﻊ إﻟﻰ دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ اﻟظﺎﻫرة اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﺣرﻛﺗﻬﺎ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ .
ﯾﻌرف ﻗﺎﻣوس ﺑﻧﻐوﯾن ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ " :اﻟﻧﺷﺎط اﻟذي
ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻷطراف اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل وﺑرد اﻟﻔﻌل وﺑﺎﻟﺗﻔﺎﻋل " ،وﻫو ﻣﺎ ﺣﺎول ﺑﻬﺟت ﻗرﻧﻲ
اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﯾﻪ ﺑوﺻﻔﻪ " :أن اﻟﺗﺣدﯾد اﻟدﻗﯾق ﻟﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﻣﺛل ﻧﻘطﺔ اﻟﺑدء
ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻣﺗﺳﺎﺋﻼ ﺣول اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ أﻫداﻓﺎ ﻋﺎﻣﺔ أم أﻧﻬﺎ أﻓﻌﺎل
ﻣﺣددة ،أم ﻫﻲ ﻗرارات واﺧﺗﯾﺎرات ﺻﻌﺑﺔ ".
ﻫذا و ﻋرف اﻟﺑﻌض ﻣن اﻟدارﺳﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻌﺎرﯾﻔﺎ ﻻ ﺗﻛﺎد ﯾﻣﯾز ﺑﯾن
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ،وﻟﻌل ﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻫو اﻟﺗﻌرﯾف
اﻟذي ﻗدﻣﻪ ﺟوزﯾف ﻓراﻧﻛل " :ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺟﻣوع اﻟﻘرارات واﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز اﻟﻌﻼﻗﺎت
ﺑﯾن دوﻟﺔ وأﺧرى " ،ﻣوﺿﺣﺎ ﻓﻲ ذات اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻧﺷﺎط اﻟداﺧﻠﻲ واﻟﻧﺷﺎط
اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎﺗﻲ ﻟﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ،ﺣﯾث ﺗدور ﺣﺳﺑﻪ اﻟﻘرارات ﻓﻲ ﻋﻘل ﺻﺎﻧﻊ
اﻟﻘرار ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق اﻟﻧﺷﺎطﺎت ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﻣﻠﯾﺎﺗﻲ " .
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻌرف ﺣﺎﻣد رﺑﯾﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ " :ﺟﻣﯾﻊ ﺻور
اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم ﺗﺻدر ﻋن اﻟدوﻟﺔ ﻛﺣﻘﯾﻘﺔ ﻧظﺎﻣﯾﺔ وﯾﺿﯾف " :إن ﻧﺷﺎط
اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻛوﺟود ﺣﺿﺎري ،أو اﻟﺗﻌﺑﯾرات اﻟذاﺗﯾﺔ ﻛﺻور ﻓردﯾﺔ ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻧطوي
وﺗﻧدرج ﺗﺣت ﻫذا اﻟﺑﺎب اﻟواﺳﻊ اﻟذي ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ " .
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘدم ﻛورت ﻓﺎﻟدﻫﺎﯾم ﺗﻌرﯾﻔﺎً ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻔﺎدﻩ أن " :اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻟدول ﺗﺣدد ﻣﺳﻠﻛﻬﺎ ﺗﺟﺎﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻷﺧر ى " ،أي أﻧﻬﺎ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟذي
ﯾﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻓﺿل اﻟظروف اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﺎﻟطرق اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺻل إﻟﻰ ﺣد
اﻟﺣرب " ،وﯾﺿﯾف ﻛورت ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ " :أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺑر ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ
ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣن ﺗﻠك اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﻓﻲ ظﻠﻬﺎ ﺗدار ﻋﻼﻗﺎت دوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺧرى " ،إﻻ
أن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب واﺣد ،ﻫو أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌد اﻟﻘﻧوات اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ أداة ﻣن
أدوات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .
أﻣﺎ ﻟﯾون ﻧوﯾل ﻓﻘد ﻗدم ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺟد ﻣﺧﺗﺻر ﺧﻼﺻﺗﻪ أن ﻫذﻩ
اﻷﺧﯾرة ﻫﻲ " :ﻓن إدارة ﻋﻼﻗﺎت دوﻟﺔ ﻣﻊ اﻟدول اﻷﺧرى ".
ﻣن ﺟﻬﺗﻪ ﯾرى ﺟورج ﻣودﻟﺳﻛﻲ ﺑﺄﻧﻬﺎ " :ﻧظﺎم اﻷﻧﺷطﺔ اﻟذي ﺗطورﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
ﻟﺗﻐﯾﯾر ﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟدول اﻷﺧرى ،وﻷﻗﻠﻣﺔ أﻧﺷطﺗﻬﺎ طﺑﻘﺎً ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ " .
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص رﯾﺗﺷﺎرد ﺳﻧﺎﯾدر ،ﻓﺎﻧﻪ ﯾرى أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻫﻲ " :ﻣﻧﻬﺞ
ﻟﻠﻌﻣل أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ،ﺗم اﺧﺗﯾﺎرﻩ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻣﺷﻛﻠﺔ أو واﻗﻌﺔ
ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺣدث ﻓﻌﻼً أو ﺗﺣدث ﺣﺎﻟﯾﺎً ،أو ﯾﺗوﻗﻊ ﺣدوﺛﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل" ،وﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف
ﯾزاوج ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﺑﯾن ﻗواﻋد اﻟﻌﻣل وأﺳﺎﻟﯾب اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ
اﻟﻣﺷﻛﻼت ،ﻛﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ودورﻩ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻷﯾﺔ دوﻟﺔ ،إذ ﯾرى ﺳﻧﺎﯾدر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺣدد ﺑﺄﺷﺧﺎص
4
ﺻﺎﻧﻌﻲ ﻗراراﺗﻬﺎ ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن اﻟرﺳﻣﯾﯾن ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﺳﻠوك اﻟدوﻟﺔ ﻫو ﺳﻠوك
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن اﻟذي ﯾﻌﻣﻠون ﺑﺎﺳﻣﻬﺎ ،وا ٕ ن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺣﺻﻠﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ
ﻣن اﻟﻘرارات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذ ﻣن ﺧﻼل أﺷﺧﺎص ﯾﺷﻐﻠون اﻟﻣﻧﺎﺻب اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدو ﻟﺔ.
وﻫو ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻧﻔس ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ ﺗﺷﺎرﻟز ﻫﯾرﻣﺎن ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،
ﺣﯾث ﯾرى ﺑﺄﻧﻬﺎ ":ﺗﻠك اﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ ﺻﺎﻧﻌوا اﻟﻘرار اﻟرﺳﻣﯾون
ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ أو ﻣن ﯾﻣﺛﻠوﻧﻬم ﻣن اﻹدارﯾﯾن ،ﻗﺎﺻدﯾن ﺑﻬﺎ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﺳﻠوك اﻟوﺣدات
اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ " .ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق اﻋﺗﺑر ﻧﺎﺻف ﯾوﺳف ﺣﺗﻲ أن اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻫﻲ ﺳﻠوك اﻟدوﻟﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ .
ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾرى ﺟﯾﻣس روزﻧو أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ " :اﻟﺗﺻرﻓﺎت
اﻟﺳﻠـطوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذﻫﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺎت أو ﺗﻠــﺗزم ﺑﺎﺗﺧـﺎذﻫﺎ ،إﻣﺎ ﻟﻠﻣﺣـﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟواﻧب
اﻟﻣرﻏـوﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ أو ﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﺟواﻧب ﻏﯾر اﻟﻣرﻏوﺑﺔ ﻓﯾﻬﺎ ".
ﺑﯾﻣﻧﺎ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻬﺎ ﺣﺳب واﻟﺗر ﻟﯾﺑﻣﺎن ﺑﺄﻧﻬﺎ ":ﻗدرة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق
أﻣﻧﻬﺎ ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﺿطر إﻟﻰ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ اﻟﻣﺷروﻋﺔ.
اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻧﻲ :أﻫم اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻓﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺻﻧﻊ داﺧل اﻟدوﻟﺔ ،ﻓﻬﻲ اﻧﻌﻛﺎس ﻟﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﺷﻣل ﻣن ذﻟك ﺑﻛﺛﯾر ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺑر
ﻋن ﻣﺟﻣل اﻟﺗدﻓﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر اﻟﺣدود أو ﺣﺗﻰ ﺗﺗطﻠﻊ ﻧﺣو ﻋﺑورﻫﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺗدﻓﻘﺎت ﯾﻣﻛن
وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻻ ﺗﺷﺗﻣل ﻫذﻩ اﻟﺗدﻓﻘﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن ﺣﻛوﻣﺎت ﻓﻘط وﻟﻛن
أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻷﻓراد واﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﻲ
اﻟﺣدود_ﻛﻣﺎ ﺗﺷﻣل_ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ،اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ،
اﻟﺣرب…اﻟﺦ ،وﻛﻣﺎ ﺗﺷﻣل أﯾﺿﺎ ﺗدﻓﻘﺎت ﻣن طﺑﯾﻌﺔ أﺧرى –اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ -إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ
– ﺳﻛﺎﻧﯾﺔ -رﯾﺎﺿﯾﺔ – ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ -ﺳﯾﺎﺣﯾﺔ… اﻟﺦ .
إذن ﻓﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول ﺗﺷﻛل ﺟزء ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،
ﻷن ﻓواﻋل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﺷﻣل ﻣن اﻟدول ،ﻓﻬﻲ ﺗﺿم ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻻ ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ ،اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺗﻌددة
اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت ،اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ أﻛﺛر اﺗﺳﺎﻋﺎ
6
وﺷﻣوﻻ ،ﻓﻬﻲ ﻣﺣﺻﻠﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻔواﻋل اﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ
اﻟﻧﺳق اﻟدوﻟﻲ.
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺑﺎﻟرﻏم وﺿوح ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف وا ٕ ﻗرارﻩ ﺑﺎن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع
اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﺻﺎدرة ﻋن أﻛﺛر ﻣن دوﻟﺔ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﻔﺎﻋل ﻣﺟﻣوع
اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول ،إﻻ أن ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف أﻋطﻰ ﻟﻬذﻩ اﻟﺗﻔﺎﻋﻼت ﺻﻔﺔ اﻟﺗﺻﺎدم
واﻟﺗﺷﺎﺑك ،وﻫذا ﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﯾز اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ داﺋﻣﺎ ﻓﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗﺿﻣن
ﺗﻔﺎﻋﻼت ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ وﺗﻌﺎوﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول ،وﻫذا ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ
ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻔﺎﻫم واﻟﺗواﻓق وﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺻﺎدم واﻟﺗﺷﺎﺑك.
ﻓﯾﻣﺎ ﺗﺗﻣﺛل أﻫم اﻟﻔروق ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻓﻲ أن ﻋﻧﺎﺻر
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻫم اﻷﻓراد واﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻷﺣزاب وﻫﻲ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟدول واﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ وﻫﻛذا ﻓﺄن ﻋﻧﺻر
اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻋﻧﺻر اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ.
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذاﻟك ﻓﺎﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﺗﺗﺳم ﺑﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ وﺗﺳﺗﻌﻣل وﺳﺎﺋل ﺳﻠﻣﯾﺔ ،
أﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﺳﻠﻣﯾﺔ أو ﻋﻛس ذاﻟك ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺗﺳم ﺑﻌدم اﻟﺛﺑﺎت
ﻋﻠﻰ ﺣﺎل واﺣدة وﻓﻘﺎ ﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ .
8
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ و اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ:
اﻷوﻟﻰ :ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أن اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﯾﺋﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﺈن
طﺑﯾﻌﺔ ودرﺟﺔ اﻟﺗﻬدﯾدات ﻟﻠﻘﯾم اﻟواﺿﺣﺔ ﻗد ﻻ ﺗﻛون واﺿﺣﺔ أو ﻗد ﯾﺗم إدراﻛﻬﺎ ﺑﺷﻛل
ﻣﺧﺗﻠف .
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ﻻ ﯾوﺟد ﻣﯾﻛﺎﻧﯾزم ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻪ وﺿﻊ إﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﻘوﻣﯾﺔ ،وﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك ﻓﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﺧطﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟدوﻟﺔ
ﺗﻘود ﺗﺷﻛﯾل ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑراﻏﻣﺎﺗﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺗﻣﯾل إﻟﻰ أن ﯾﺗم ﺗﺷﻛﯾﻠﻬﺎ ﻣن
ﺧﻼل اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻣﻌﺗﻘدات ﻟﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﻘرار ﻛل ﻋﻠﻰ ﺣدة ،واﻟﻬﯾﺎﻛل ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻣن
اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وﺻﻧﻊ اﻟﻘرار اﻟﻣرﺗﺑط ﺑﻬﺎ
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﯾﺗطﻠب ﺗﻧﻔﯾذ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﺳﺗﺧدام اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ
ﺗﺣت ﺟﻣﯾﻊ اﻟظروف ﻣن أﺟل إﻧﺗﺎج أﻗﺻﻰ ﺳﯾطرة ﻣﻣﻛﻧﺔ ﻓﻬﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب
واﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺧدام اﻷﻣﺛل ﻟﻠﻘوى واﻟﻣﺻﺎدر اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣن
أﺟل ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف اﻟدوﻟﺔ ،أو أﻧﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺧطط واﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻷﻫداف
اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺟﺎﻻت ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﺗﻌﺎون اﻟدوﻟﻲ وا ٕ دارة ﺗﻠك اﻟﺧطط
واﻟﻣﺑﺎدئ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻘوة اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ،وﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺑﺎدئ واﻟﻘواﻋد
اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر
وﻻﺷك أن زﯾﺎدة اﻟﻘوة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ )ﻋﻧﺎﺻر وﻣﻛوﻧﺎت اﻟﻘوة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺎً
وﻣﻌﻧوﯾﺎً ( ﺗؤدي إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻷﻣن اﻟﻘو ﻣﻲ واﻟﻌﻛس ﺑﺎﻟﻌﻛس ،وﻫﻧﺎ ﻧﺟد اﺧﺗﻼﻓﺎً
ﻓﻲ وﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول ،ﺣﯾث ﯾوﺟد رأي ﯾذﻫب إﻟﻰ أن
اﻟﺻراع ﻫو اﻟﻧﻣط اﻟرﺋﯾﺳﻲ واﻟوﺣﯾد ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول ،وﻻﺑد أن ﺗﻘوم ﺳﯾﺎﺳﺎت
واﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻓﺗراض ﻣؤداﻩ أن اﻷﻣﺔ ﻻ ﺗﻛون آﻣﻧﺔ إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗزﯾد
ﻣن ﻗوﺗﻬﺎ اﻟذاﺗﯾﺔ إﻟﻰ أﻗﺻﻰ ﺣد ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟدول اﻷﺧرى.
وﻫﻧﺎك رأي آﺧر ﯾرى أن اﻟﺗﻛﺎﻣل واﻟﺗﻌﺎون ﻫو أﺳﺎس اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول وﻻﺑد
ﻣن إﻧﻘﺎص ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﻟﻛﻲ ﯾزداد ﺷﻌور اﻟدول اﻷﺧرى ﺑﺎﻷﻣن ،وﺗﻧﺗﻬﻲ ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻬدﯾد
ﻓﯾزداد اﻟﺗﻌﺎون واﻟﺗﻛﺎﻣل واﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﻓﯾﻧﺷﺄ ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ
اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدول ﻓﯾﺣﻘق ﻓﻲ إطﺎرﻩ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﻛل دوﻟﺔ.
10
اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻟث :أﻫداف اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻣﺻطﻠﺢ ﯾﺳﺗﺧدم ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ
ﺗﺣﻘﯾﻘﯾﻬﺎ اﻷطراف اﻟﻔﺎﻋﻠون ﺑل أن اﻟﻬدف واﻟﻐﺎﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑران ﻣرادﻓﯾن ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧﺻوص،
ﻫذا وﯾﻣﯾل اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻓﻲ أدﺑﯾﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻷﻫداف ﻣﺳﺎوﯾﺔ
ﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺣول ﻣﺳﺎر اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ ﻣﺗﻣﺣور ﺣول اﻟدوﻟﺔ
وطﺑﯾﻌﺔ أﻫداف وﻣﺻﺎﻟﺢ ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻷطراف اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣن ﻏﯾر اﻟدول ﻣﻊ أﻧﻬﺎ
ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف – أﻏراض -ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﻧطﻘﯾﺎ أن ﻧﻌﺗﺑر أﻧﻬﺎ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾق
ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻗوﻣﯾﺔ ،ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل وﺟدت ﻧزﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟرؤﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻻ ﺗﺗﻐﯾر واﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﺑﺷﻛل ﻣوﺿوﻋﻲ ،وﻗد ﻫﺎﺟم ارﻟوﻧد ووﻟﻔز ﻫذﻩ
اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺗﻪ ﻋن اﻷﻫداف ﺣﯾث ﺟﺎدل ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺟب اﻟﻧظر ﻟﻸﻫداف ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ
ﻣﺗﺣوﻻت ﻫﺎﻣﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﻔﺎﺳﯾر .
ﻟﻘد اﺧﺗﻠف دارﺳو اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻬدﻓﯾﻪ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،إﻻ اﻧﻪ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻘدﻣﻪ " أرﻧوﻟد ووﻟﻔرز " ﻣن أن أﻫداف اﻟدول
ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻻ ﺗﺧرج ﻋن ﻛوﻧﻬﺎ ﺛﻼث ﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣن اﻷﻫداف
ﻫﻲ:
ﺗﺳﺗﻧد ﻧظرﯾﺔ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ اﻟﻣﺑﺎدئ
واﻟﻣﺻﺎﻟﺢ واﻷﻫداف اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ وذﻟك ﺑﻐﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻛﯾﺎﻧﻬﺎ وﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﯾش ﻓﻲ إطﺎر
ﻣن اﻷﻣن ﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻛﺎﻓﺔ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﺑﻛﻔﺎءة ﻟﺗﻧﻔﯾذ أﻫداف اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ
وﺗﺎﻣﯾن ﻣﺻﺎدر اﻟﻘوة ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺟﺎﻻت .
إن ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻣﻔﻬوم اﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﺷﻣل ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻐﯾﯾر ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑﯾﺋﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻘد ﺻﺎﻧﻌو اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻬدد اﻣن دوﻟﻬم ،و ﻟذﻟك أﺻﺑﺣت
اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺣﺔ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻟدوﻟﺔ و اﺳﺗﻣرارﯾﺗﻬﺎ
ﻧﺗﯾﺟﺔ ارﺗﻔﺎع ﻧﺳﺑﺔ اﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟدول وﺑﯾن اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ
اﺗﺟﺎﻩ ﻣﺄﺳﺳﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎون وﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻراع واﻟﺗﻧﺎﻓس ،
ﺑل وﺣﺗﻰ اﻟﺣدﯾث ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ أﺻﺑﺢ ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻌﺎد اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ
ﻓﻲ اﻷﻣن اﻟﻐذاﺋﻲ ،اﻟﺻﺣﺔ ،اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻷﻣوال ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺟﺎوز ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن
اﻟﻌﺳﻛري إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻷﻣن اﻟﺷﺎﻣل
ﻓﺎﻟﻌﺎﻣل اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﺑرز اﻟﻌواﻣل و أﻛﺛرﻫﺎ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘوة اﻟدوﻟﺔ ﻓﻬو
ﯾﻣﻧﺣﻬﺎ ﺛﻘل ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻻﻗﺗﺻﺎد ﻗوﯾﺎ ﻟﻌﺑت اﻟدوﻟﺔ دورا أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻟدوﻟﻲ و اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﺈن اﻟدول اﻟﻣﺗﻔوﻗﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻋن طرﯾق اﺳﺗﺧدام
أدوات اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ أﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ إرﻏﺎم اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻬدﻓﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣول إﻟﻰ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
اﻟذي ﯾﺗﻔق وﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ .
اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ذات ﻗﯾم ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻗد ﺗﻌﺗﺑر ﺟدﯾرة ﺑﺄي ﺛﻣن وﻟﻛن ﻣن
ﻣﻧطﻠق ﻋﻣﻠﻲ ﻓﺎن اﻋﺗﺑﺎرات ﻣﺎ ﻫو اﻟﻛم اﻟذي ﯾﻛﻔﻲ؟ ﺳوف ﯾﻛون ﻟﻬﺎ أﺛرﻫﺎ داﺋﻣﺎ وﺣﺗﻰ
اﻟﻬدف اﻟﻣرﻛزي اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﻣن ﻟﯾس ﻫدﻓﺎ ﻣطﻠﻘﺎ ﺑل ﻫو ﻧﺳﺑﻲ وﺣﺳﺎﺑﺎت اﻟﻛﻠﻔﺔ ﺗﺟﻌﻠﻪ
ﻧﺳﺑﯾﺎ ،ﺛم أن اﻟزﻣن ﻋﻧﺻر ﻣﺗﺣول ذو ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع ﻓﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻫداف ﺗﻌرف ﻣن
12
ﻣﻧطﻠﻘﺎت اﻟﻣدى اﻟﻣﺗوﺳط أو اﻟﻣدى اﻟطوﯾل ،ﺗﻬدف ﺑﺎﻷﺳﺎس إﻟﻰ ﻣﺣﺻﻠﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋن
اﻟﻘﯾم واﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟوطﻧﯾﺔ.
ﯾﻌﺗﻘد رﯾﺗﺷﺎرد ﺳﻧﺎﯾدر أن ":اﻟﺑداﺋل اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﺑﻬدف اﻟﺗوﺻل ﻟوﺿﻊ ﻣﻌﯾن " ،
ﻫﻛذا ﯾﻛون اﻟوﺿﻊ ﻛﻣﺎ ﯾﺗﺻورﻩ ﺻﺎﻧﻌوا اﻟﻘرار ،أي ﻫو اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﯾرﺗﺳم ﻓﻲ ذﻫن
ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑﻌض اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻣﺛل اﻟﺗﺻورات واﻟﻘﯾم واﻟﻣواﻗف واﻟﻣﻌﺗﻘدات واﻟﻣﺑﺎدئ واﻷﯾدﻟوﺟﯾﺎ
ﻛﻠﻣﺎ ﻗل ﺿﻐط اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻛﻠﻣﺎ زادت ﻓرص اﻟﺗﺻرف واﺗﺳﻌت ﻣﺟﺎﻻت
اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺑداﺋل .وﻓﻲ إطﺎر ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﺑﺎﻟذات ﺣﺎول ﻫﺎروﻟد ﺳﺑراوت أن ﯾﻔرق ﺑﯾن
ﺷﻛﻠﯾن ﻟﻠﺑﯾﺋﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﻫﻣﺎ:
اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ :
واﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ :
اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﻘرار :
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺧﯾﺎرات واﺿﻌﻲ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﻬﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻣﻼﺣظﺎت
اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ وﻫﻲ:
أوﻻً :أن واﺿﻌﻲ اﻟﻘرارات ﻋﻧد اﺧﺗﯾﺎرﻫم ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﻬم ﻻ ﯾﺧﺗﺎرون
ﻣن ﺑﯾن ﻛل اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺑدﯾﻠﺔ اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﺑل ﻣن ﺑﯾن اﻟﺑداﺋل اﻟﻣﻧظورة ﻟﻬم ،وﻫﻧﺎك ﺳﯾﺎﺳﺎت
ﺑدﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﻧوع ﻏﯾر اﻟﻣﻧظور ﻗد ﻻ ﺗﻛون أﻛﺛر ﻗﺑوﻻً ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ أن
ﺑﻌض اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺑدﯾﻠﺔ اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻗد ﻻ ﺗﻛون ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺎً ،وﻟﻛن ﻋدم ﻣﻌرﻓﺔ واﺿﻊ
اﻟﻘرارات ﺑﺎﻟﻧوع اﻷول ﻫو اﻟذي ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﺣﺻر ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ وﯾﺧﺗﺎر ﻣن
ﺑﯾﻧﻪ أﻛﺛر اﻟﺑداﺋل ﻗﺑوﻻً .
ﺛﺎﻧﯾﺎً :ﻻ ﺗوﺟد ﻗواﻋد ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﺗرﺷﯾد أﺣﻛﺎم واﺿﻌﻲ اﻟﻘرارات ﻓﻲ
ﻣﺳﺎﺋل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻟذا ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﺻﻠون
إﻟﯾﻬﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺑﻌض ﻧﻘﺎط اﻟﺿﻌف
14
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗزﯾد ﻣن ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗوﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻘرارات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ :
-وﺟود ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻷطراف ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻘرارات
ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻌب اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ردود اﻟﻔﻌل وأﻧﻣﺎط اﻟﺳﻠوك اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻟﻛل
واﺣد ﻣن ﻫذﻩ اﻷطراف.
-أن ﻫذﻩ اﻷطراف ﻗد ﺗﺗﻧوع ﻣن ﺣﯾث طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ وﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ واﺣﺗﯾﺎﺟﺎﺗﻬﺎ وأﻫداﻓﻬﺎ
،وﻫو ﻣﺎ ﯾﺿﯾف إﻟﻰ ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗوﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺣدث ﻓﯾﻬﺎ
ﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن أطراف اﻟﻣوﻗف ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﻌﻘدة.
-أن ﻣﻌدل اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﻣرﺗﻔﻊ أﺣﯾﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣوﻗف ﯾﺟﻌل اﻟﺗوﻗﻊ ﻓﻲ ﻣواﻗف
ﻏﯾر ﻣﺳﺗﻘرة ﺑطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻣﻛﻧﺔ أو ﻏﯾر دﻗﯾﻘﺔ.
-أن اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﺑﻬﺎ اﻷطراف ﻓﻲ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣوﻗف ،واﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر
ﺑﻬﺎ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣوﻗف ﻓﻲ أطر اﻓﻪ ،ﻗد ﺗﻛون ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾد ﻓﻲ ﻣواﻗف ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،أي أن اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻻ ﯾﻌﻛس ﻧﻣطﺎً طﺑﯾﻌﯾﺎً وﻣﺄﻟوﻓﺎً
وﺑﺳﯾطﺎً .
إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻌدم ﺗواﻓر اﻟﺣﻘﺎﺋق واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛﻔﻲ ﻟﻐرض ﻫذﻩ اﻟﺗﻧﺑؤات
واﻟﺗوﻗﻌﺎت ،ﺗطرح ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وأﺟﻬزة اﺗﺧﺎذ
ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻓﻣن اﻷﻣور اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻬﺎ أﻧﻪ ﺑدون اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﺗﺻﺑﺢ ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺑﻼ أﺳﺎس ،ورﺑﻣﺎ ﻛﺎن
ذﻟك ﻟﻠﺳﺑب اﻟذي دﻋﻰ إﻟﯾﻪ وﻟﯾﺎم دوﻧوﻓﺎن ﻣدﯾر ﺟﻬﺎز اﻟﻣﺧﺎﺑرات اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﺣرب
اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،وﻫو اﻟﺟﻬﺎز اﻟذي ﻋرف ﺑﺎﺳم ﻣﻛﺗب اﻟﺧدﻣﺎت اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ،ﺑﺄن
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ أن ﺗﻛون أﻗوى ﻣن أﺳﺎس اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﻠك
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ .
وﻟﻌل ﻫذﻩ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺗﻣﺛﻠﻬﺎ اﻟﺣﻘﺎﺋق واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺗﺧﺎذ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑرز ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وأﺟﻬزة اﺗﺧﺎذ
ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وأﻧﻪ ﻣن أﻧﺳب اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﻌﻠﻰ
ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل :ﻫل ﺗﻛون ﻣﻬﻣﺔ أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت وأﺟﻬزة اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرارات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻫﻲ ﻣﺟرد ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻘط ،ورﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ أﺟﻬزة اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرارات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ دون أن
ﺗﺑدي ﻓﯾﻬﺎ أي رأي ﻣﻌﯾن ،أم أن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻫﻲ ﺗﻘدﯾم ﺗﻠك
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻲ إطﺎر ﺗﻔﻬﻣﻬﺎ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ .
وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﺈن ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻛﺎن ﻣوﺿﻊ ﺟدل ،وا ٕ ن ﻛﺎﻧت
اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت ﺗﺗﺟﻪ ﻏﺎﻟب ﻧﺣو اﻗﺗﺻﺎر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﯾم
اﻟﺣﻘﺎﺋق ﺑﺷﻛﻠﻬﺎ اﻟﻣﺟرد اﻟﺧﺎم ﻟﺗﺗﺧذ اﻟﻘرارات ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ،وﯾﺑﻧﻰ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻋﻠﻰ
ﺑﻌض اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺗﻘدﯾم ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻣﺟردة دون إﻗﺣﺎم ﺗﺣﯾز
أﻣﺎ إذا ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة إﻟﯾﻬﺎ ،وﻫو ﺿﻣﺎن ﻟﺣﯾﺎدﻫﺎ وﻣوﺿوﻋﯾﺗﻬﺎ وﻗرﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟواﻗﻊ .
ﻗﺎﻣت أﺟﻬزة ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣواﻗف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ طرﯾﻘﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ وﺟﻣﻊ
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ،ﻓﺈن اﻷﻣر ﻗد ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺗﻘدﯾم ﺻورة ﻣﺷوﻫﺔ وﻏﯾر
واﻗﻌﯾﺔ ﻟﻠﻣواﻗف اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .
16
اﻟﻣﺣور اﻟﺧﺎﻣس :ﻧﻣﺎذج ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟذي ﯾﺣدد اﺗﺟﺎﻫﺎت واﺿﻌﻲ اﻟﻘرارات ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣواﻗف ﻫو
طﺑﯾﻌﺔ اﻷﻫداف اﻟﻣﻧﺗظرة ﻣن وراء ﻫذﻩ اﻟﻘرارات وارﺗﺑﺎطﻬﺎ ﺑدواﻓﻊ ﻣﻌﯾﻧﺔ.
ﻟﻘد ﻛﺎﻧت ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺳﻧﺎﯾدر وزﻣﻼﺋﻪ دﻋوة ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﻹدﺧﺎل وﺧرط اﻟﻌﻧﺻر
اﻟﺑﺷري ﻓﻲ ﻗﻠب ﺗﻔﺎﻋﻼت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺑﻌد أن ﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺻدارة ﻟﻠﻌواﻣل
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،واﻟﻧﺳق اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن وﺗﺻرﻓﺎﺗﻬم إزاء ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﻲ
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻟﻧﻣوذج اﻟﻣﻌرﻓﻲ :ﯾﻘوم ﻫذا اﻟﻧﻣوذج ﻋﻠﻰ أن اﻷﺻل واﻟﻔﯾﺻل ﻓﻲ
ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻫو ﻣدرﻛﺎت ﺻﻧﺎع اﻟﻘرار وﻋﻘﺎﺋدﻫم ،وأﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺗﻬم.
اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر :ﻫو اﻟﻔﻛرة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟرأﺳﻲ ،ﻓﺎﻟﺑداﺋل
ﺗﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﻓﻘﻲ ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر ﺗﻛون ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟرأﺳﻲ ،ﻓﻘد
ﺗﻛون ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻋﺳﻛرﯾﺔ ،اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
وﻫﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻊ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﯾﻬﺎ أوزاﻧً ﺎ ﻧﺳﯾﺑﺔ ﻟﻛل ﻣﻌﯾﺎر ﻣن
اﻟﺛﻘل :
اﻟﻣﻌﺎﯾر ،وﻣن ﺛم ﯾﻧﻌﻛس ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯾﯾم اﻟﺑدﯾل .
اﻻﻧﻌﻛﺎﺳﺎت واﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻛل ﺑدﯾل :ﻓﻛل ﺑدﯾل ﻟﻪ اﻧﻌﻛﺎس ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ
ﻧﻔﺳﻬﺎ ،وﻋﻠﻰ اﻟوﺣدة اﻟﻣوﺟﻪ ﻟﻬﺎ اﻟﻘرار.
اﻟﺗﻘﯾﯾم :ﻫﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻘﯾﯾم اﻟﺑدﯾل اﻷﻫم ﻣن ﺣﯾث ﺛﻘل اﻟﻣﻌﺎﯾر واﻷﻛﺛر ﺗﺄﺛﯾرات
إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻣن وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻣﺗﺧذ اﻟﻘرار.
ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﺎﺑق ﻟﻣﺿﻣون ﻋﻣﻠﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرارات ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
واﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺗﻧﻔﻬﺎ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﺷﯾر إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻔرد ﺑﻬﺎ ﻗرارات
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗواﻓر ﻷي ﻧوع ﻣن اﻟﻘرارات وﻣن ﻫذﻩ اﻟﺧﺻﺎﺋص:
18
-أن اﻟﺑﯾﺋﺎت واﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧذ ﻓﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻘرارات ﺗﺗﺻف ﺑﺎﻟﺗﻌﻘﯾد اﻟﺷدﯾد ﻛﻣﺎ
ﺗﺗﺻف أﯾﺿﺎً ﺑﻌدم اﻟﺗﯾﻘن وﻋدم اﻻﺳﺗﻘرار ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻌب اﻟﺗﻧﺑؤ
ﺑﺎﻟﻧﺗﺎﺋﺞ أو اﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻌﻛس اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ.
-ﻓﻘدان اﻟﺗﺟﺎﻧس ﻓﻲ أوﺿﺎع اﻷطراف اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺳﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻘرارات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺗزاﯾد اﺣﺗﻣﺎل ظﻬور ﺑﻌض اﻟﺿﻐوط وردود اﻟﻔﻌل اﻟﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﻣن ﻗﺑل
ﺑﻌض اﻷطراف اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻘرارات ﺗﺄﺛﯾراً ﺳﻠﺑﯾﺎً ،أو ﺑﺳﺑب ﻣﺎ ﻗد
ﯾﻧﺳب إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻘرارات ﻣن ﻣﺿﺎﻣﯾن ﻋداﺋﯾﺔ.
-أن ﻣﺻﺎدر اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﺗﺷﻌب واﻟﺗﻌﻘﯾد ﻛﻣﺎ أن درﺟﺔ اﻟﺛﻘﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺣدودة ،وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟذﻟك ﻓﺈن
اﻟﺣﺎﺟﺔ ﺗﺗﺟﻪ إﻟﻰ ﺗﺻﻧﯾف ﻫذﻩ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﻟﺗﻣﺛل ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻻ ﯾﺳﺗﻬﺎن ﺑﻬﺎ
-ﻋدم وﺟود طرق ﻟﻼﺧﺗﺑﺎر واﻟﺗﺟرﯾب واﻟﺗﺣﻘﯾق ،وﯾزﯾد ﻣن ﺣدة اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋدم
ﺗﻛرار ﻣواﻗف اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ أو ﺗﻣﺎﺛﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﺑﻣﺛل ﻫذا
اﻟﺗﺣﻘﯾق.
-وﺟود ﺻراﻋﺎت واﺧﺗﻼﻓﺎت ﻋﻣﯾﻘﺔ ﺣول اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻧﻘﻬﺎ واﺿﻌﻲ اﻟﻘرارات
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺑﻌﺎً ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗرﺷد ﺑﻬﺎ اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﯾﻌﻣل ﻓﻲ إطﺎرﻩ ،
وﻫذا اﻻﺧﺗﻼف ﯾﻔرض اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺎوﻣﺔ واﻟﺣﻠول اﻟوﺳط
-اﻧﻘﺿﺎء ﻣدد زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻧﺳﺑﯾﺎً ﺑﯾن اﺗﺧﺎذ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﺑﯾن ﺗﺑﻠور
اﻷﺑﻌﺎد اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﻘرارات.
اﻟﻣﺣور اﻟﺳﺎدس :اﻟﻣﺣددات اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .
ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻟﯾس ﻛﺎف ﻟوﺣدﻩ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
دور ﻓﺎﻋل ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺎ ،دون ﺗواﻓر اﻟﻣﺣددات اﻷﺧرى ،ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﺗؤﻛد
اﻏﻠب أدﺑﯾﺎت اﻟدراﺳﺎت اﻟﺟﯾواﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ إن اﻟدول اﻟﻐﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻐﻼﻟﻬﺎ ﺑﺷﻛل ﻓﻌﺎل دون ﺗدﺧل أو وﺻﺎﯾﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻣﺗﻠك ﻗدرة وﻓﺎﻋﻠﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن
ﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟدوﻟﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻣﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ وﯾﺣﻘق أﻫداف
ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﺗوﻓر اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣوارد طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﻣﺻﺎدر اﻟطﺎﻗﺔ
ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﻬﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﻟﻌب دور ﻓﺎﻋل ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ
واﻟدوﻟﻲ ﻛﻘوة اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول اﻷﺧرى،
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن اﺗﺧﺎذ ﻣواﻗف دوﻟﯾﺔ ﺗﺗواءم ﻣﻊ ﺗوﺟﻬﺎت ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ.
ﯾﻠﻌب اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وأﺳﻠوب
ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣﻊ اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌواﻣل اﻷﺧرى اﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺣﻠﯾل دور اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻟﻠدوﻟﺔ وﺗوﺟﻬﺎﺗﻬﺎ ﯾﺟب أن ﯾﺷﻣل ﻛﻼ ﻣن :
-1دور اﻟﻘﺎﺋد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ :ﺣﯾث ﺗﻠﻌب ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋد و طﻣوﺣﺎﺗﻪ دورا ﻣﻬﻣﺎ
ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘرارات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺧذﻫﺎ –ﻫل ﻫﻲ ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ رﺷﯾدة أم ﻏﯾر
رﺷﯾدة ؟
-2اﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ :ﯾؤﻛد اﻟﻣﺧﺗﺻون ﻓﻲ ﻣﺟﺎل دراﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
أن اﻟﺗﻌددﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
أﻛﺛر ﻗوة واﺳﺗﻘرارا وﻫو ﻣﺎ ﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ ﺻﻧﻊ وﺗﻧﻔﯾذ ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺢ اﻟدوﻟﺔ ﻗدرة اﻛﺑر ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ وﺣﻣﺎﯾﺔ
ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ
-3اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت :ﯾﻣﺛل اﻟﻔﺻل وﻋدم اﻟﺗداﺧل ﺑﯾن اﻟﺳﻠطﺎت
اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﺳﺗﻘﻼل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻣن
ﺧﻼل اﺳﺗﻛﻣﺎﻟﻬﺎ ﻟﻠﻣدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺷرﻋﯾﺔ وﻋدم ﺗدﺧل
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ،اﺣد أﻫم اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻘرار
اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻧﺢ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺻﯾﺎﻏﺔ وﺗﻧﻔﯾذ
ﻗرارات اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻫرﻣﻲ ﺗراﻋﻲ ﻓﯾﻪ ﻛل ﺳﻠطﺔ ﺣدود
ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺎت اﻷﺧرى .
ﺗوﺟﻪ اﻟدول ﻋﺎدة ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺟﺎﻩ ﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟدوﻟﻲ اﺳﺗﻧﺎدا
إﻟﻰ ﻗوﺗﻬﺎ اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺿرورة ﻻزﻣﺔ
22
ﻟﻠﺳﻠوك اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻓﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻣﺑﺎﺷر وﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق أﻫداف
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول ،ﻓﻛﻠﻣﺎ اﻣﺗﻠﻛت اﻟدوﻟﺔ ﻗوة ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻣﺗﻧوﻋﺔ ورادﻋﺔ اﺳﺗطﺎﻋت
ﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻬﺎ ﺑﺷﻛل أﻓﺿل ﻟذﻟك ﻓﺎن اﻟدول ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾث وﺗطوﯾر ﻗدراﺗﻬﺎ
اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﻣرار.
د :اﻟﻣﺣددات اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻟﻘد ﺳﻌﻰ اﻟﺑﺎﺣﺛون إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ ،ﻓﻣن أﻫم
اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﺗﻬﺎ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ واﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺗوﺟﯾﻪ ﺳﻠوﻛﯾﺎت
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول ،ﻧﺟد :
وﯾﻧزع اﻟﺗﺳﻠطﯾون إﻟﻰ اﻟﺗﻌﺻب اﻟوطﻧﻲ واﻟﻌﻧﺻرﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﺗﻧزﻋون إﻟﻰ اﻟدﺧول
ﻓﻲ ﺣرب وﺗﺄﯾﯾد اﻟﻌدوان وﻣن أﺑرز اﻷﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﺳﻠطﯾﺔ ”ﻫﺗﻠر“
و“ﻣوﺳﻠﯾﻧﻲ“ ﻗﺑل اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،وﻛذاﻟك ﻣؤﺳس اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺔ ”ﻣﺻطﻔﻰ
ﻛﻣﺎل أﺗﺎﺗورك“ اﻟذي ﻋرف ﺑﺎﻟﻌﻧﺻرﯾﺔ ﺿد اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻛذاﻟك اﻟرﺋﯾس اﻷﻣرﯾﻛﻲ
اﻷﺳﺑق ﺟورج ﺑوش ﺣﯾث اﺗﺳﻣت ﺳﯾﺎﺳﺗﻪ ﺑﺎﻟﺣروب .
أﻣﺎ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻧﻐﻠﻘﺔ ﻋﻘﻠﯾﺎ ﻓﻘد ﻣﯾزﻫﺎ ”روﻛﯾﺗش“ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻘدر ﻛﺑﯾر ﻣن
اﻟﻘﻠق ،و ﺗوﻟﻲ إﻫﺗﻣﺎﻣﺎ أﻛﺑر ﺑﻣﺻدر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟدﯾدة ﺑدﻻ ﻣن ﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ ،وﻋدم
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﺳﺗﯾﻌﺎب اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻧﺳﻘﻬﺎ اﻟﻌﻘدي ،وﺗﻧﻌﻛس ﻫذﻩ
اﻟﺻﻔﺎت ﺑﺎﻟﺳﻠب ﻋﻠﻰ إﻧﺗﻘﺎء اﻟﺧﯾﺎر اﻷﻣﺛل ﻣن ﺑﯾن ﻋدة ﺑداﺋل ،وﯾزداد اﺣﺗﻣﺎل ﺗﺻور
أﺻﺣﺎب اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻧﻐﻠﻘﺔ ﻋﻘﻠﯾﺎ ﻟﻠﻣؤاﻣرات ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﯾز ﻣﻌظم ﻗﺎدة اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث
وﺑﺎﻷﺧص ﻗﺎدة اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﺣﯾث أﻧﻬم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ أزﻣﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﯾﺳﺎرﻋون إﻟﻰ ﺗﺣﻣﯾل
اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻷطراف ﺧﺎر ﺟﯾﺔ ﺗﺗﺂﻣر ﻋﻠﯾﻬم ﻣن اﺟل زﻋزﻋﺔ اﺳﺗﻘرار ﺑﻠداﻧﻬم ،وﻫذا ﻣﺎ
ﯾﺷﻛل اﻧﻌﻛﺎﺳﺎ ﺳﻠﺑﯾﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول اﻟﻣﺗﻬﻣﺔ ،ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻘوم ﺑرد ﻓﻌل ﻏﯾر
ﻣﻧﺎﺳب وﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ أزﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬم .
أﻣﺎ ﻧﻣط ﺗﺣﻘﯾق اﻟذات اﻟذي أﺗﻰ ﺑﻪ“ﻣﺎﺳﻠو“ ﻫو ﻣن ﺳﻣﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر
اﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﯾﺟب أن ﺗﺗوﻓر ﺑﻌض اﻟﺷروط ﻓﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺻﺎﻧﻊ
اﻟﻘرار ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫذا اﻟﻧﻣط ،وﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﺗواﻓر اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻔﯾزﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،واﻷﻣن
اﻟداﺧﻠﻲ واﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ واﻟﻌﺎطﻔﺔ واﻻﻧﺗﻣﺎء
24
اﻟﻣﺣور اﻟﺳﺎﺑﻊ :اﻟﻣﺣددات اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎر ﺟﯾﺔ
ﺗﺗﺿﻣن اﻟﻣﺣددات اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ﻋدة ﻋﻧﺎﺻر أﻫﻣﻬﺎ:
ب_اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟداﺧﻠﻲ :اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺗﺳﺗﻬدف ﺗﻌﺑﺋﺔ اﻛﺑر ﻗطﺎع ﻣﻣﻛن ﻣن اﻟرأي
اﻟﻌﺎم ﻟﺗﺄﯾﯾد ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ وﺑراﻣﺟﻬﺎ وﻗد اﺳﺗﻌﻣل ” اﻟﻣوﻧد“ اﺻطﻼح ﻣزاج اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت أو اﻟﻣﯾول اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدﯾﻬﺎ اﻟﻔﺋﺎت اﻟواﺳﻌﺔ ﻣن اﻟﻧﺎس ﻓﻲ
دوﻟﺔ ﻣن اﻟدول ﺗﺟﺎﻩ ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ وﻗت ﻣن اﻷوﻗﺎت ،ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﯾﻛون ﻟﻠرأي اﻟﻌﺎم دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،إﻣﺎ اﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﺗﺳﻠطﯾﺔ ﻓﻼ ﯾؤﺛر اﻟرأي اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﺳﻠوك ﺳﯾﺎﺳﺗﻬﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ،ﺑﺳﺑب
اﻧﻔرادﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ ﻟدى اﻟﻔرد أو اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ،وﻏﯾﺎب اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻛﺣرﯾﺔ
اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟﻣظﺎﻫرات .
26
اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻣن :اﻟﻣﺣددات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
ﻓﺄﺣﯾﺎﻧً ﺎ ﯾﻔﺳر ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﻣط ﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻘوة ﺑﯾن اﻟدول ،وأﺣﯾﺎﻧﺎً أﺧرى
ﯾﻔﺳر ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻧﻣط ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟدول اﻟرﺋﯾﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم ،وذﻟك ﺑﺳﺑب
ﺗﺷﺎﺑك وﺗداﺧل ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟدول و درﺟﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾد ﺑﯾﻧﻬﺎ ،ﻫذا اﻟﺗﺷﺎﺑك ﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ اﻟدول
إﻟﻰ اﻧﺗﻬﺎج ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﺗواﻓق وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﺳﺎﺋد ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ
اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗﺿرر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺗﻬﺎﺟﻬﺎ ﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻫذا اﻷﺧﯾر .
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻔﻬوم اﻟﻘوة ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟدارﺟﺔ اﻻﺳﺗﺧدام ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟدوام ﻓﻲ ﺣﻘل
اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ﻓﻲ ﺣﻘل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﺗﺧذ اﻟﻘوة
ﺷﻛﻠﻬﺎ اﻟﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟدوﻟﻲ ﻛﺄﺳﻠوب ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﺑﯾن اﻟدول ﻧظراً ﻟﻐﯾﺎب
اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺎﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺣل اﻟﺻراﻋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ
ﻓﺎن ﻋدم وﺿوح اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ ﻗﯾﺎس اﻟﻘوة وﺗوزﯾﻌﻬﺎ ﺑﯾن اﻟدول ،دﻓﻊ
ﺑﺎﻟﺑﻌض ﻣن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن إﻟﻰ اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠﻘوة ،ﺑﯾﻧﻣﺎ رﻛز آﺧــرون
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﻣﻌﯾﺎر أﺳﺎﺳﻲ ﻟﺗﺣدﯾد ﻗوة اﻟدوﻟﺔ أو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻘوة اﻟﺻﻠﺑﺔ
واﻟﻘوة اﻟﻧﺎﻋﻣﺔ ،ﻓﻣﻔﻬوم اﻟﻘوة ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﻣﺗﺟددة اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺑظﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺣﻘل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﻧذ ﻋﻬد أرﺳطو ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻫﺎﻧس ﻣورﺟﺎﻧﺛو ﻣن
أﺑرز اﻟﻣداﻓﻌﯾن ﻋن ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻘوة ،ﻓﻬو ﯾرى أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺻراع ﻣن
أﺟل اﻟﻘوة ﺑﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣن ﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻋﻘول وﺗﺻرﻓﺎت اﻵﺧرﯾن.
وﻫﻲ اﻟﺣوﺳﺑﺔ واﻻﺗﺻﺎﻻت واﻻﻟﻛﺗروﻧﯾﺎت وﻫﻲ أﻛﺑر اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺣﯾث ﺑﻠﻎ رأس
ﻣﺎﻟﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن 3ﺗرﯾﻠﯾوﻧﺎت دوﻻر.
ﻣن اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟراﻫن ،ﺑروز ظﺎﻫرة اﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻣﺗﺑﺎدل ،ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد اﻟﺗزاﯾد اﻟﻣﻠﺣوظ ﻓﻲ أﻋداد وأﻧواع اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت.
ﻋوﻟﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻬﻬﺎ اﻟﺟﻣوع اﻟﺑﺷرﯾﺔ :ﻣﺛل اﻟﻔﻘر واﻟﺗﺧﻠف واﻟﺗﻠوث اﻟﺑﯾﺋﻲ و
اﻻﻧﻔﺟﺎرات اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ اﻟﻛﺛﯾر ،ﺣﯾث ﻟم ﺗﻌد ﺗﻘﺗﺻر ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﻛﻼت ﻋﻠﻰ
دوﻟﺔ ﻣﺣددة أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ دول ،وا ٕ ﻧﻣﺎ ﺗﻌدى ذﻟك إﻟﻰ دول أﺧرى ﺑﻌﯾدة ﺟﻐراﻓﯾﺎ
ﺣﯾــث أﻧﻬت اﻻﺧﺗراﻗﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻹﻋﻼﻣﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻻﺗﺻﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ،ﻣﺎ ﺟﻌل
ﻣن ﻧظرﯾﺔ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﻧظرﯾﺔ ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺿﻣون وﯾﻘول ﺑرﺗراﻧد ﺑﺎدي " :ﺑﺄن ﻣﺑدأ
اﻟﺳﯾﺎدة ﻟم ﯾﻛن ﻣوﺟودا داﺋﻣﺎ وأﻧﻪ ﻻ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑل إﻟﻰ ﺣﻘﺑﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وأن
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺗم ﺑﻧﺎؤﻩ ﻣن أﺟل اﻟﺗﻣﯾﯾز اﻟﻣطﻠق ﺑﯾن اﻟداﺧل واﻟﺧﺎرج ،وﻟﻛن ﻫذا اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن
اﻟداﺧل واﻟﺧﺎرج أﺻﺑﺢ ﻧﺳﺑﯾﺎ ،ﻓﺎﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت واﻟﺗﺳﺎؤﻻت وﻋدم اﻟﯾﻘﯾن أﺻﺑﺣت ﻣﯾزة
اﻟﻣﺳرح اﻟدوﻟﻲ اﻟوﻟﯾد ،وﻟﯾﺳت ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺷﺎﺑك اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟدوﻟﻲ اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠت ﻣن
ﺳﯾطرة اﻟدول ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﻬﺎ أﻣراً ﻏﯾر واﻗﻌﻲ ،إﻻ إﺣدى ﺗﺟﻠﯾﺎت اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺳﯾﺎدة ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ
اﻟﺳﺎﺑق.
ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺗﺎج أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻫﻲ وﺣدة ﻛﻠﯾﺔ ﻏﯾر
ﻣﺗﺟزﺋﺔ ،ﻓﺎﻷﻓﻌﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ داﺧﻠﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺑدأ
ﻋﻧد ﻟﺣظﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﻘرار ﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣﺣدد وﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﻓﯾﻬﺎ إﺧراج ﻫذا
اﻟﻘرار وﺗرﺟﻣﺗﻪ إﻟﻰ ﺗﺻرف وﺳﻠوك ظﺎﻫر وﺑﺎرز وﻣﻠﻣوس ﻣن ﻗﺑل اﻟدوﻟﺔ .
30
اﻟﻣﺣور اﻟﺗﺎﺳﻊ :ﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ
إﻟﻰ ﺑﻠورة ﻣﻧظور ﻋﺎم ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻘرار اﺗﺟﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣدﺧل ﻟﻔﻬم وﺗﺣﻠﯾل اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻘد ﺷﻬد اﻟﺣﻘل اﻟﻌدﯾد
ﻣن اﻟﺣوارات اﻟﻧﺗظﯾرﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺣدﺛت ﺗﻐﯾﯾرات ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ذاﺗﻬﺎ
ﻟﻣﺎ ﻗدﻣﺗﻪ ﻣن ﺗﺻوﯾﺑﺎت وﺗﻌدﯾﻼت ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﻗد ﻛﺎن ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﺗﻠﻘﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣوارات ﺑظﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟذي ﯾﻣﺛل اﺣد أﻫم ﻣﺟﺎﻻت دراﺳﺔ
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﻘد ﺷﻬد ﺣﻘل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺟﻬود
واﻟﺳﺟﺎﻻت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻬد ﺑﺣﯾوﯾﺗﻪ وﻗدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟدد واﻟﺗطور ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن
اﻟﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟداﺋرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻘل إﻻ اﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺟزم ﺑﻘدرة أي ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻟوﺣدﻫﺎ أن ﺗﻔﺳر
اﻟﺳﻠوك اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻠدول .
ﺗوﺻف اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ إﻣﺎ ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ أو ﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ،ﺗﻌﺗﺑر
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ وﺻﻔﯾﺔ وﺗﻔﺳﯾرﯾﺔ وﺗوﺟﯾﻬﯾﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﺗﻬﺗم اﻟﻧظرﯾﺔ
اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻷﺑﻌﺎد اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻟﻠﺷؤون اﻟدوﻟﯾﺔ ﻏﯾر أن ﻫذا اﻟﺗﻔرﯾق ﻋﺎم
ﺟدا ﻷﻧﻪ ﯾﺻﻌب ﻋﻣﻠﯾﺎ ﺗﺻور وﺻف ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﺗﺟرﯾﺑﻲ أو ﻏﯾر ﻣﻌﯾﺎري
وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن ﻛﻠﺗﺎ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺗﯾن ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻻﺑﺳﺗﻣوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ ﻧﺷﺎط
وﺿﻊ اﻟﻧظرﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .
ﺗﺗﺻدى اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺗوﺿﯾﺣﺎت ﻧﺟد أن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﺑﺄﻧواﻋﻬﺎ
ﻟﻣﺳﺎﺋل ﺗﺗﺻل ﺑﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺳﻠوك واﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت واﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ
ﺗﺧص اﻷﻓراد واﻟدول وﻧظﺎم اﻟدول اﻟدوﻟﻲ ،وﺗرﻛز اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﺑﺷﻛل
ﺧﺎص ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻣﺛﯾرة ﻟﻠﺟدل ﻣﺛل اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﻟﻠدول واﻟﺣدود وأﺧﻼق اﻟﺣرب
واﻟﺳﻠم وطﺑﯾﻌﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗدﺧل وﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻋداﻟﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺎﻟﻧظرﯾﺔ
اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ﺗﺳﻣﻰ أﺣﯾﺎﻧﺎ اﻟطوﺑﺎوﯾﺔ وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو اﻗل دﻗﺔ اﻟﻣذﻫب " اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ
واﻟﻣذﻫب " اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة واﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ ﺳﺑق ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة اﺷﻣل ﺗﺣدي ﻧظري ﻟﻠﻣﻌﺗﻘدات اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﺳﺎﺋدة ،اﻟﺗﻲ ﺗﺷدد ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻘﯾم اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟرو ح اﻟدوﻟﯾﺔ
واﻧﺳﺟﺎم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﻟﺗﻛون اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟرﺳم اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑدﻻ ﻣن اﻋﺗﺑﺎرات
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻟﻘوة وﺑﻘﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺿﻣن ﻧظﺎم ﻻ ﻣرﻛزي ﻣﺗﻌدد اﻟدول.
إذا ﻓﻬﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻘواﻋد واﻟﻘﯾم واﻟﻣﻘﺎﯾﯾس ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﺑﻬذا
اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ أوﺟﻪ ﻣﺟﺎل اﻟﻣوﺿوع ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﺣﯾث ﺗﺳود
اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻷﻛﺛر ﺗوطدا .
-ﺗﺗﻣﺛل أﻓﺿل وﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﺎﻣﯾن اﻟﺳﻼم ﺑﻧﺷر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق
اﻟﻌﺎﻟم ﻓﺎﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب اﻟﺣروب ﻟذا ﻓﺎﻟﺳﻼم ﻣﺗﺄﺻل ﻓﻲ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺎت أﻛﺛر ﻣﻧﻪ ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻷﺧرى .
-ﯾرﺗﺑط ﺑﻬذا وﯾﻛﻣن وراءﻩ اﻹﯾﻣﺎن ﺑﺎﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ ﻓﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم
اﻟدول ﺑﺣﺳﺎﺑﺎت رﺷﯾدة ﻟﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﻋﻧدﺋذ ﺗﺗطﺎﺑق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﻊ
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ .
32
-إذا اﺳﺗﻣر ﺣدوث ﻧزاﻋﺎت ﯾﻛﻣن ﺗﺳوﯾﺗﻬﺎ وﻓق إﺟراءات ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺣﯾث
أن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون ﺳﯾطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟدول ﻣﺛﻠﻣﺎ ﯾطﺑق ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد .
-ﻣن ﺷﺄن اﻷﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ أن ﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟذاﺗﯾﺔ ،وﻗد ﺗم ﺗﺄﺳﯾس
ﻋﺻﺑﺔ وﻫﯾﺋﺔ اﻷﻣم ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻣﯾزة ﻟﺣﯾﺎة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻟﯾس
ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓردﯾﺔ.
ﻟﻘد ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ داﺋﻣﺎ ﻣوﺿﻊ اﻫﺗﻣﺎم ﻣرﻛزي ﻟﻠذﯾن ﯾدرﺳون اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑل أن ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻓرﻋﺎ ﻣن ﻓروع اﻟﺑﺣث اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ ﻛﺎن
ﻣﺑﻌﺛﻪ اﻋﺗﺑﺎرات ﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ،ﻟﻘد طرح اﻟﻣوﺿوع أول اﻷﻣر ﺑوﺻﻔﻪ ﺳﻌﯾﺎ وراء ﺣﻠول
ﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﺳﺗﻣرارﯾﺔ وﺟود اﻟﺣرب ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔوﺿوي ،ﻓﺎﻟﺗﻬﻣﺔ اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﻠواﻗﻌﯾﺔ
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻫﻲ اﻧﺷﻐﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣرب واﻟﺳﻠم ﻟذا ﻓﺎن اﻟﺳﻌﻲ وراء ﺗوازن اﻟﻘوى ﺗﻛون ﻟﻪ
اﻷوﻟوﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻌﻲ وراء اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﻣﺳﺎواة وﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،وﻗد وﺻﻔت ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻷوﻟﻲ ﻟﻠﺗﻧظﯾر ﺑﺄوﺻﺎف ﻣﺗﻌددة -ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ -ﻟﺑﯾراﻟﯾﺔ – طوﺑﺎوﯾﺔ ، -وﻗد ﻛﺎﻧت ﻋﺑﺎرة ﻋن
ﻣﺣﺎوﻻت ﻻﺳﺗﺋﺻﺎل اﻟﺣرب واﻟﻌﻧف اﻟدوﻟﻲ ﺑواﺳطﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺳﻼم ﻋﺑر اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ
،وﺗﻣﺛﻠت اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧظﯾر ﺑرد ﻓﻌل ﻋﻠﻰ ذﻟك وﻛﺎﻧت ﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو أوﻋﻰ
ﺑذاﺗﻬﺎ ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺗﺳﻌﻰ ﻟرؤﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻣﺎ ﻫو ،وﻟﯾس ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ،وﻫﻛذا ﻓﻘد
ﻛﺎﻧت اﻟواﻗﻌﯾﺔ وﺻﻔﯾﺔ وﺗﺟرﯾﺑﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ وان ﻟم ﺗﻛن ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ ﻣﺿﺎﻣﯾن
ﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ﻣﻧطﻠﻘﺔ ﻣن ﻓرﺿﯾﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ ﺑﺄن اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟدوﻟﻲ اﻟذي ﯾؤطر
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﻧظﺎﻣﺎً ﻓوﺿوﯾﺎ وﻗﺎﺋﻣﺎً ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺻراع ،وﺑﺄن اﻟدول ﺗﺳﻌﻰ
ﻓﻲ ظل ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻫدفٍ أﺳﺎﺳﻲ وﻫو ﺿﻣﺎن اﻟﺑﻘﺎء ﻓﺣﯾﺎزة
اﻟﻘوة ﻫﻲ اﻟﻬدف اﻟﻣﻧﺎﺳب واﻟﻌﻘﻼﻧﻲ واﻟﺣﺗﻣﻲ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻓﻲ ظل ﻫذﻩ
اﻟﻔوﺿوﯾﺔ واﻟﺻراع ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻓﺈن ﻛل دوﻟﺔ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺄﻣﯾن أﻫداﻓﻬﺎ
وﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟدول اﻷﺧرى ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻧدﻻع اﻟﺣروب ﺗﺑﻘﻰ
ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺳﻼم ﺣﺎﻟﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ﻷن ﻋدم اﻟﺗواﻓق واﻟﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوﻣﯾﺔ
ﺑﯾن اﻟدول ﻫو اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ اﻟﺻراﻋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻌب اﻟﻘوة دوراً ﻣﺣورﯾﺎً ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
ﻣﺟراﻫﺎ وﻧﺗﺎﺋﺟﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾؤﻛد اﻟواﻗﻌﯾون اﻧﻪ ﻓﻲ ظل ﻣﺑدأ اﻟﺻراع واﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﻓﻲ
اﻟﺷؤون اﻟدوﻟﯾﺔ ﻻ ﯾظﻬر اﻟﺗﻌﺎون ﺑﯾن اﻟدول ﻣﻣﻛﻧﺎ وﻟﻛن ﻓﻘط إذا ﻛﺎن ﯾﺧدم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻘوﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ ﺗﻧﺟذب ﻧﺣو ﻫرﻣﯾﺔ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻗدرات اﻟﻘوة ﺣﯾث
ﯾﺳﻘط ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺳﺎواة إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟرﺳﻣﻲ اﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟدول ﻫﻲ دول
ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ .
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﺗدﻋو اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻣﻬﺎ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺑدأ
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ واﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻘوة ،ﻟذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﻔﻬوم
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﯾﻌﺗﺑر اﻟرﻛﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ،ﻓﺎﻟواﻗﻌﯾﺔ ﺗﻧظر إﻟﻰ ﻓﻛرة
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻫدف وﻣﺣرك أﺳﺎﺳﻲ ﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدول اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻛﻣﺎ ﯾﺷﯾر ﻫﺎﻧس
ﻣورﻏن ﺛو " أﺣد أﺑرز رواد ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ Politics Among Nations
إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻟرﺑط اﻟوﺛﯾق ﺑﯾن اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ واﻟﻘوة ﻓﻲ إﺷﺎرﺗﻪ إﻟﻰ أن اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﺗﻌرف ﻋﻠﻰ
أﺳﺎس اﻟﻘوة.
34
إﻻ أن اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻣﻧظورا ﺑﻧﯾوﯾﺎ اﻗﺗرن ﺑﻛﺗﺎﺑﺎت ﻛﻧﯾث واﻟﺗر
ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻛﺗﺎﺑﻪ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗوﺟﻪ اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ إﻟﻰ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻧظﺎم دوﻟﻲ
وﻟﯾس ﻟوﺣداﺗﻪ اﻟﻣﻛوﻧﺔ ،ﻓﺣﺳب واﻟﺗز ﻓﺎن اﻟﻘﯾود اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ذاﺗﻪ وﻟﯾس ﻣﺎ
ﺗرﯾدﻩ اﻟوﺣدات اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻪ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺳر إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﺳﻠوك اﻟدول ،ﺣﯾث ﯾﻘول " ان
اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻣن ﺧﻼل ﺗﺻوﯾرﻫﺎ ﻟﻧظﺎم ﺳﯾﺎﺳﻲ دوﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺗوﯾﺎت
ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﻣﺳﺗوى وﺣدات ﻣﺗﻣﯾزة وﻣﺗراﺑطﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﺣﯾث ﺗؤﺛر ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧظﺎم
وﺗﻧوﯾﻌﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟوﺣدات اﻟﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ ،ﻓﺎﻟﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗﺑرز ﺗﻔﺎﻋل اﻟدول ﺛم ﺗﺣول دون
ﻗﯾﺎﻣﻬم ﺑﺑﻌض اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ،وﺗدﻓﻌﻬم ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﻪ ﻧﺣو ﺳﯾﺎﺳﺎت أﺧرى .
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى أﻛد ﺟوزﯾف ﺷوﻣﺑﯾﺗر أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻛون ﻣﺳﺎﻟﻣﺔ ﻓﻲ
ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﺎﻟﻣﻲ ﻟﺑﯾراﻟﻲ ﺣﻘﺎ ،إذ ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻠﺑراﻟﯾون أن اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻟﻠﺗﺟﺎرة وﺷﺑﻛﺔ
اﻟﺗراﺑط اﻷﺧذة ﻓﻲ اﻻﻧﺗﺷﺎر ﺑﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﺗﻣﯾل إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﺗﻌﺎوﻧﯾﺔ .
ﺑﯾن اﻟﻣوﻗﻔﯾن اﻷﺳﺎﺳﯾﯾن اﻟواﻗﻌﻲ واﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﺛﻣﺔ ﺗﻧوﯾﻌﺎت ﻋدﯾدة ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﻌﻧﻰ
وأﻫﻣﯾﺔ اﻷﺧﻼق اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﺗﺧذ ﻣﻌظم اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن اﻟﻣﻌﺎﺻرﯾن ﻣوﻗﻔﺎ وﺳطﺎ أو ﺗوﻓﯾﻘﯾﺎ ﺑﯾن
اﻟﻧﻘﯾﺿﯾن ،وﯾﺗﻣﺛل ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻓﻲ أن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺧطﻰ اﻟﺣدود
اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﻬﻣﺔ وان ﺑﻌض اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣوﺟودة ﻣن دون ﺷك ،إﻻ أن
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ اﻟﺳﺎﺋد ﻗد ﺗﻔرض ﻗﯾودا ﻋﻠﻰ اﻟدول ﻟﻠﺗﺻرف أﺧﻼﻗﯾﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﺟﻌل
ﻣن ﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟدول اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺗﻌﺎوﻧﯾﺔ أﺧﻼﻗﯾﺔ ﻓﻲ أﺣﯾﺎن و ﺻراﻋﯾﺔ ﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ ﻓﻲ أﺣﯾﺎن
أﺧرى ،وﻫو ﻣﺎ أﻛدت ﻋﻠﯾﻪ إﺳﻬﺎﻣﺎت ﻛل ﻣن روﺑرت ﻣﯾرﺗن ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﺔ
اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ،ﺑﺎرﺳوﻧز ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ.
36
ﻣﺣﯾطﺔ ،ﻛﺎن ﺗﺻور دوﻟﺔ او ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدول ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻛﻧﺳق ﻣﺗراﺑط
ﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺎ ﻣﻊ ﻣﺣﯾطﻪ اﻟذي ﯾﺗﻛون ﻣن ﻣﺟﻣوع اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟدوﻟﯾﯾن اﻵﺧرﯾن ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗطﺑﯾﻘﻪ
ﺑﻧﻔس اﻟﺻراﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻠزﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوع اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ أﻣر ﻏﯾر
ﻣﻣﻛن ،ﻣﺎ ﯾﺛﯾر ﺻﻌوﺑﺔ ﺑﺷﺎن ﺗﻔﺳﯾر ﻣراﺣل ﺗطور اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻣﻊ ﻫذﻩ
اﻟﺻﻌوﺑﺔ وﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺧطﯾﻬﺎ ﻓﺎن ﻣﻌظم اﻟﺳﻠوﻛﯾﯾن ﻗﺎرﺑوﻫﺎ ﺗﺟزﯾﺋﯾﺎ ﺑﺣﯾث ﻟم ﯾﺳﺗﻬدﻓوا
ﻏﯾر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻐطﻲ إﻻ ﺟزاء ﻣﻊ اﻟﺑﻧﺎء ﻛﻣﺎ أﻛد اﻟﺑﻧﺎﺋﯾون ،وﺑذﻟك
ﻓﻘد اﻗرﻧوا اﻟﺗﻔﺎﻋل )اﻟﻧﺳق(اﻟدوﻟﻲ اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟدوﻟﻲ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ ،اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻣﻊ
ﺗﺧﻠﯾﻬم ﻋن ﻓرﺿﯾﺔ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن اﻟﺑﻧﺎء آو ﻣﻊ اﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣوﺟودا داﺧل اﻟﺑﻧﺎء
ﻧﻔﺳﻪ .
ﺑﺎﻟﻣوازاة ﻣﻊ ذﻟك ﻗﺎرب " ﻣورﺗن ﻛﺎﺑﻼن " اﻟﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺻورﻩ ﻟﻌدد
ﻣن اﻷﻧﺳﺎق ﺻﺎﻏﻬﺎ اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﻪ ان اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻟدوﻟﯾﯾن ﻣوﺟود ﻓﻲ ﺳﻠوﻛﻬم
ﻓﺿﻼ ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻗﺎﻋدة اﻟﺳﻠوك اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﺳﻣﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر .
ﻧﺳق ﺗوازت اﻟﻘوى :ﺳﺎد ﻣﻧذ اﻟﻘرن 18ﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،
واﻟذي ﺗﻣﯾز ﺑوﺟود ﻗوى ﻛﺑرى أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺧرﯾطﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺗﻬدف
ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم –اﻟﺳﻠم ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗوازن اﻟﻘوى.-
ﻧﺳق اﻟﻘطﺑﯾﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣرن :وﻫو اﻟذي أﻓرزﺗﻪ ظروف ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻧﺗﺞ ﻋن وﺟود ﻛﺗﻠﺗﯾن ﻣﺗﻌﺎرﺿﺗﯾن ﻣن اﻟدول ﺗﻘود ﻛل ﻣﻧﻬﺎ ﻗوة ﻛل ﻗطب
ﺑﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ،وﯾﻌود اﺣد أﺳﺑﺎب ﻣروﻧﺔ ﻫذا اﻟﻧﺳق إﻟﻰ وﺟود دول ﻏﯾر أطراف
ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻛﺗﻠﺗﯾن ﺗﻘوم ﺑﺎدوار ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ادوار اﻷطراف ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ وﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﺧﻔﯾف
ﻣن ﺷدة اﻟﺗﻌﺎرض ﺑﺈﺧﺿﺎع اﻷﻫداف اﻟدول داﺧل اﻟﻛﺗل ﻷﻫداف اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة .
ﻧﺳق اﻟﻘطﺑﯾﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣدة :اﺗﺳم ﺑدرﺟﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻋدم اﻻﺳﺗﻘرار ،ﻣردﻩ
إﻟﻰ اﺧﺗﻔﺎء اﻷطراف ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺣﺎزة وﻏﯾﺎب دورﻫﺎ اﻟﺗو ﺳطﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﻲ .
ﻧﺳق اﻟﻧﻘص اﻻﺣدي :ﺗﻛون أطراﻓﻪ ﻗﺎدرة ﻋل اﻟﺗدﻣﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻛل
طرف ﯾﺧﺷﻰ اﻷطراف اﻷﺧرى ﻓﻼ ﯾﻘدم ﻋﻠﻰ ﺗدﻣﯾر اﺣدﻫﺎ ،وان ﻛﺎن اﻟﺻراع ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺻراع داﺋم .
ﻟﻘد ﻧﺷر ﺟون ﻟوﯾس ﺟﯾدز ﺳﻧﺔ 1992ﻣﻘﺎﻻ ﺑﻌﻧوان " ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
وﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة " اﻧﺗﻘد ﻓﯾﻪ ﻣﻧظري اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻔﺷﻠﻬم ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺑوء ﺑﻧﻬﺎﯾﺔ
اﻟﺣرب اﻟﺑﺎردة ،ﺣﯾث رأى ان ﻫذا اﻟﻔﺷل ﯾطرح ﺑدورة أﺳﺋﻠﺔ ﺣول اﻷطر اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ
38
ﺗم ﺗطوﯾرﻫﺎ ﻟﻔﻬم ﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟدول ،وﻫو ﻣﺎ طرح ﺟدﻻ اﺑﺳﺗﯾﻣوﻟوﺟﻲ اﻧطوﻟوﺟﻲ ﺑﯾن ﻣن
ﯾﻌﺗﻘد ﺑوﺟود ﻧﻣذﺟﺔ وﺗﻛرار ﻟﻠظﺎﻫرة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠدراﺳﺔ ﻋن
طرﯾق اﻟﻣﻼﺣظﺔ واﻟﺗﺟرﯾب )اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ ( وﺑﯾن ﻣن اﻧطﻠق ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﻠوك
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻠدول ﻣن ﻓرﺿﯾﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ ان " ﺳﻠوك اﻟدول ﻫو ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣر ﺳﻠوك اﻷﻓراد
اﻟذﯾن ﯾﺗﺻرﻓون ﺑﺎﺳﻣﻬﺎ )اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ ( ،ﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺑروز ﺟﯾل ﺟدﯾد ﻣن
اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﯾن ﻣﺗﺣﻣﺳﯾن ﻹﻧﺷﺎء ﻧظرﯾﺔ أطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺳم اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗُﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻘﻼﻧﯾﺔ واﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ وﻟﻛن ﺑﻧﻣوذج أﻛﺛر ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ
ﻟﻠﺗﺣﻠﯾل واﻟﺗﻔﺳﯾر أﺑرزﻫم ﻧﯾﻛﻼس اﻧوف وﻓردرﯾك ﻛروﺗﺷوﯾل واﻟﻛﺳﻧر وﯾﻧدت اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر
ﻛﺗﺎﺑﻪ " ﻧظرﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ :ﻣن أﻫم اﻟﻛﺗب اﻟﺗﻲ ﯾرى ﻓﯾﻬﺎ اﻻﻛﺎدﻣﯾﯾن
ﻣرﺟﻌﺎ ﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﺧﺻﻬﺎ ﻛل ﻣن ﺑول ﻓﯾوﺗﻲ ،وﻣﺎرك
ﻛوﺑﻲ ﻓﻲ أرﺑﻊ اﻓﺗراﺿﺎت أﺳﯾﺎﺳﯾﺔ :
-ﺗﻌدد اﻟﻔواﻋل :ﺣﯾث ﯾﻬﺗم اﻟﺑﻧﺎﺋﯾون ﺑﺎﻟﻘوى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻏﯾر اﻟدوﻟﺔ ﻣﺛل
اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﯾوﻟون أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟدور
اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ واﻟذاﺗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋن ﺗﻔﺎﻋل ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ .
-ان ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ ﻫﻲ ﺑﻧﯾﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘﯾم واﻟﻘواﻋد
واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻫوﯾﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن وﺗﺣدد ﻣﺻﺎﻟﺣﻬم .
-اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ ﻫو ﻋﻣﻠﯾﺔ داﺋﻣﺔ ﻣﺳﺗﻣرة ﻣن اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟﺗﻔﺎﻋل ﺑﯾن
اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن واﻟﺑﻧﺎء ﻧﻔﺳﻪ ،ﻓﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺑﻧﺎﺋﯾﯾن اﻟﻌﺎﻟم دوﻣﺎ ﻫو ﻗﺿﯾﺔ ﻣﺗﺟددة ﻟﯾس
ﺷﯾﺋﺎ ﺗم واﻧﺗﻬﻰ وﻋﻠﯾﻧﺎ ﻗﺑوﻟﻪ ﻛﻣﺎ ﻫو .
-ﺗرﺗﻛز اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻔﺎﻋل واﻟﺑﻧﺎء أي اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن و ﯾرﻓض اﻟﺑﻧﺎﺋﯾون اﻻﻓﺗراﺿﺎت اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺑوﺟود ﻗواﻧﯾن وﺷﺑﻪ ﻗواﻧﯾن
ﺗﺣﻛم اﻟظﺎﻫرة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﻌﯾدة ﻋن إرادة اﻟﻔﺎﻋل وﻗدرﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﺎء
ﻓﻘط ،ﻓﻼ ﺳﻠوك اﻟﻔﺎﻋل ﯾﺄﺧذ اﻷوﻟوﯾﺔ وﻻ اﻟﺑﻧﺎء ﯾطﻐﻰ ﻋن اﻟﻔﺎﻋل .
ﺑﻬذا ﻛﺗب ﻧﯾﻛوﻻس اﻧوف ﻛﺗﺎﺑﻪ " ﻋﺎﻟم ﻣن ﺻﻧﻌﻧﺎ " اﻟذي ﯾﻌد ﻣن اﻟﺑداﯾﺎت
اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺑﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﺎﻟدول واﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت واﻟﻌﺎﻟم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﻧوف ﻣﺎ ﻫﻲ
إﻻ ﻣن ﺻﻧﻊ اﻷﻓراد ﺳواء ﻛﺎﻧوا ﻋﺎدﯾﯾن أو ﺻﻧﺎع ﻗرار -ﻣن ﺧﻼل ﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻬم اﻟﺑﯾﻧﯾﺔ
وﻣﻊ اﻟﺑﻧﺎء .-
ﯾرى ﻣﻧظري اﻟﺑﻧﺎﺋﯾﺔ اﻧﻪ ﻣن اﺟل دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أي اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن
اﻟﻔﺎﻋل واﻟﺑﻧﺎء ﻻ ﺑد أن ﻧﺑدأ ﻣن اﻟوﺳط ،أي ﻣن آﻟﯾﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺗﯾن ،وﻟذﻟك ﯾﻘدم
اﻟﺑﻧﺎﺋﯾون ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻋدة ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺿﺎﺑط ،واﻟﺗﻲ ﺑﻧظرﻫم ﺗر ﺑط ﺑﯾن اﻟﻔﺎﻋل واﻟﺑﻧﺎء .
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬم ﻫﻲ اﻟﺳؤال اﻟﻣرﻛزي اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻗﺑل اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار وﺗﻧﻔﯾذﻩ
وﻫو -ﻣﺎذا ﯾﺟب أن ﻧﻔﻌل -ﻓﻣﺎذا ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻌﯾﺎر أو اﻟﻣﻘﯾﺎس أو اﻟﻧﻣوذج اﻟذي ﯾﺟب
أن ﯾﺗﺑﻌﻪ اﻟﻔﺎﻋﻠون ﻓﻲ ظروف ﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ ،وﯾﺟب ﺗﺧﺑرﻧﺎ ﺑﺿرورة اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة وا ٕ ﻻ
ﺳﻧﻛون ﻋرﺿﺔ ﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻓﺎﻋل أﺧر طﺑق ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻗﺎﻋدة أﺧرى ﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻣﺛل ﻫذا اﻟوﺿﻊ
ﻣن ﻋدم اﻟﺗزاﻣﻧﺎ ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻋدة
40
ﻧﺳق ﻣن اﻟﻌواﻣل واﻟﻣﺣددات اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻧﺧب ،أﺑرزﻫﺎ اﻟﻬوﯾﺔ واﻟﻘﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ ،
اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘوﻣﻲ ،اﻻﯾدوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺳﺎﺋدة ،اﻟﻣﻘدرات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ،
ﻛل ذﻟك ﻷن اﻟدور ﻫو ﻓﻲ اﻷﺳﺎس "ﻣوﻗف واﺗﺟﺎﻩ ﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﻣﻧظﺎر ﺗﺗداﺧل
ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾﻠﻪ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺣددات اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻫوﯾﺔ اﻟﻣﺗﺟﻣﻊ ووﺻﻔﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺑﻧﯾﺗﻪ واﻟﻘﯾم اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﯾﻪ ،وﻣدى اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻷﻓراد ﻟﻬذﻩ اﻟﺑﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗدﻋﯾم
اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟدوﻟﺔ.
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘد درس اﻟﻣﻔﻛرون اﻟﺳﯾﺎﺳﯾون ﻧظرﯾﺔ اﻟدور ﻣن ﺣﯾث ارﺗﺑﺎطﻬﺎ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ
ﻣن اﻟﻣﺣددات أﺑرزﻫﺎ :
اﻟﺑﻧﺎء اﻟوظﯾﻔﻲ :أﻣﺎ اﻟﻣﻔﻛر )ﺑروس ﺑﯾدل( ﻓﯾرى أن اﻟدور ﯾﻌﺑر ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ
ﻣن ،اﻟﺗﺻرﻓﺎت واﻟﻘرارات واﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت اﻟﺻﺎدرة ﻋن واﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ،
واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻟﻣواﻗف واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻋﻧﻬﺎ ﻋﺑر أداء اﻟدور اﻟوظﯾﻔﻲ اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ
اﻟدول ﻟﺣل ﻣﺷﺎﻛﻠﻬﺎ .
اﻟﻣواﻗف :ﺑﯾﻧﻣﺎ ذﻫب آﺧرون إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟدور ﻫو ﻣوﻗف وطﻧﻲ وﻋﻠﯾﻪ
ﻓﺈن اﻟﻌﺑرة ﻣﻧﻪ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻧﺗﺎﺋﺟﻪ ،واﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻟﻣواﻗف واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻋن
اﻟدوﻟﺔ ﻋﺑر أداء اﻟدور .
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹدراك :ﻛﻣﺎ ﺗﺑرز أﻫﻣﯾﺔ ﺗﺣدﯾد ﻗدرة اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ إدراك ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ
ﺑدور ﻣﺎ أو ﺟﻣﻠﺔ أدوار ﻣﻌﯾّ ﻧﺔ ،ﺑﺣﺳب ﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ إدراك اﻟدور وﺣﺳﺎب ﻧﺗﺎﺋﺟﻪ،
واﻻﺳﺗﻌداد ﻟﻠﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻻﺣﺗﻣﺎﻻت اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋﻧﻪ .
وﺑﺳﺑب اﺧﺗﻼف ﻫذا اﻟﻣﻧظﺎر ﺗﺧﺗﻠف أدوار اﻟدول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳرح اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ
اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ،وﺗﺗﻣﺎﯾز ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﺑﻌض ﺗﺑﻌﺎً ﻟﻣﻧظﺎر ﻛل واﺣدة ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻠظواﻫر اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،
إذ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻧظﺎر اﻟدور ،اﻟﻣوﺟّ ﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺗﺷﻛﯾل ﻣواﻗف اﻟدول ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ،
وادوار ﻫذﻩ اﻟدول ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﺗﺣدﯾد اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻌﻬﺎ اﻟﻧﺧب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻋﺑر وﺿﻊ إطﺎر ﻋﺎم ﻣﺣدد ﻟﻬذا اﻟﺳﻠوك،
ﻛﻣﺎ أن أداء اﻟدور ،ﯾﺗﺷﻛل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟرؤﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺿﺣﺔ ﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟدوﻟﺔ وأﻫداﻓﻬﺎ
اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ ﺗوﻓرﻩ إﻣﻛﺎﻧﺎﺗﻬﺎ واﻟﻘدرات اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣوزﺗﻬﺎ.
وﯾﻌﺗﺑر ﺗﺷﻛﯾل ﺟوﻫر اﻟدور اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻣﺣدد ﻟﻣدى ﻗدرة اﻟﻧﺧب ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ
ﺗوظﯾف ﻗدراﺗﻬﺎ ﻟﺗﺷﻛﯾل اﻟدور وﺑﻧﺎء إطﺎرﻩ وﻫﯾﻛﻠﻪ ،وﺗﻌﺑر ﻋن ﻣدى ﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ إدراك
دور دوﻟﺗﻬم اﻟﻣﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﺗﻠك اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت .
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى و ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟدور ﻓﻬﻧﺎك ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻛﺎل رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟدو ر اﻟدوﻟﺔ وﻫﻲ:
ﺗﻐﯾّر اﻟدور -ﺗطور اﻟدور -ﺻراع اﻟدور ،وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﺿﯾف اﻟدور اﻟﻣﻔرط ،وﯾﻌﻧﻲ
ذﻟك ﻋدم ﺗﻘدﯾم أﺻﺣﺎب اﻟﻘرار ﻓرﺻﺔ ﻟﺑﻧﺎء أدوار ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﻣﻊ اﻟطرف اﻵﺧر ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ ﻣواﻗف ﻫذﻩ اﻟدول اﻟطﺎﺑﻊ اﻟرادﯾﻛﺎﻟﻲ
واﻟﻐﻠو اﻟﻣﻔرط ﺑﺷﻛل ﯾﺻﻌ ّ ب ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻔﺎﻫم وﻗﯾﺎم اﻟﺗﻌﺎون ،ﻛﻣﺎ ﯾﺿﯾﻔون "ﻏﻣوض
اﻟدور" ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﻔﻬم اﻟدور ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻏﻣوض ﺷﻛﻠﻪ اﻟﻌﺎم وطﺑﯾﻌﺗﻪ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻠﻠﯾن واﻟﻣراﻗﺑﯾن ﺗﺻﻧﯾﻔﻪ ،أﻣﺎ ﺗﺷو ّ ش اﻟدور ﻓﻬو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺣو ّ ل اﻟﻐﻣوض إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ
42
ﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻣن أﻻرﺗﺑﺎك ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺿﺎﻋف ﻣن اﺣﺗﻣﺎﻻت اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ،ﺳواء ﻣن
اﻟدوﻟﺔ أم ﺗﺟﺎﻫﻬﺎ.
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﺳﺗﺧدام ﻧظرﯾﺔ اﻟدور ﻓﺈﻧﻪ أﺻﺑﺢ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺗوﻗﻊ أدوار اﻟدول ،وذﻟك
اﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﻌطﯾﺎت واﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﺣول اﻟﻣﺣددات اﻟﻣﺗوﻓرة ﻟدﯾﻬﺎ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﻰ
ﻣﺻﺎدر اﻟدور ،وﻫذا ﯾﻘود إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟدور وﺗوﺻﯾﻔﻪ .
ﻟﻘد ﺑرزت أﻫﻣﯾﺔ دراﺳﺔ "ﻋﺎﻣل اﻟﺷﺧﺻﯾّ ﺔ" ﻓﻲ إدارات اﻟدول وأﺛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم
اﻟدوﻟﻲ ،ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ،وذﻟك ﺑﻌد أن ظﻬرت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘﯾﺎدات
واﻟزﻋﺎﻣﺎت )ﻧﺎﺑﻠﯾون ،ﺑﺳﻣﺎرك ،ﻟﯾﻧﯾن ،ﻫﺗﻠر ،ﻣوﺳوﻟﯾﻧﻲ ،ﺳﺗﺎﻟﯾن ،اﯾزﻧﻬﺎور ،ﺷﺎرل
وﯾﻐول ،وﯾﻠﺳون ،ﺗﯾﺗو ،ﻧﻬرو وﻏﯾرﻫم( اﻟﺗﻲ أدت ﻗراراﺗﻬﺎ إﻟﻰ إﺣداث ﺗﻐﯾﯾرات ﻛﺑﯾرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟدول ،ﺳواء ﻛﺎن ذﻟك ﺳﻠﺑﺎً أم إﯾﺟﺎﺑﺎً ،وﻣن ﻫﻧﺎ
ﺑرزت إﺛراءات ﻧظرﯾﺔ اﻟدور ﻓﻲ ﻣﺟﺎل دراﺳﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﻋﻠم
اﻟﻧﻔﺳﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻣﺟﺎﻻت اﺳﺗﺧدام ﻧظرﯾﺔ اﻟدور ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻر
ﺗﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻣن اﻟﺗﺣﻠﯾل :
وﻗد ﺑدأ اﻟﺗﻧظﯾر ﻟﻬذﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻓﻲ ﺣﻘﺑﺔ اﻟﺳﺗﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻋﺑر
ﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻪ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟدور ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﺟﺎء ﻣﺟﺎل ﻧظرﯾﺔ
اﻟدور واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣﺗﺄﺧراً وﺑﺻورة ﺑطﯾﺋﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﺑﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﯾﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ،
ﺣﯾث رﻛز اﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟدول وﺗوزﯾﻌﻬﺎ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺗﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن رﻛز )آﻻن اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ودراﺳﺔ أﺛر اﻟﺗرﻛﯾب
اﺳﺣﺎق( ﻋﻠﻰ أﺛر ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﻲ أداﺋﻪ ﻷدوارﻩ داﺧل اﻟﻧﺳق اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،ﺑﻌد
ذﻟك ﺑدأ اﻟﺗﻧظﯾر ﻧﺣو ﺑﻧﺎء ﻧظرﯾﺔ ﻟﻠدور اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،أﻣﺎ )ﺟﯾﻣس روزﻧو( ﻓﻘد ﺗﻧﺎول ﻓﻲ
ﺟور ج
دراﺳﺗﻪ ﺳﯾﻧﺎرﯾوﻫﺎت اﻟدور ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾّ ﺔ ،ورﻛز ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻪ ،ﻣﺗﻔﻘﺎً ﻣﻊ )
ﻣﯾد( ﻋﻠﻰ أن دور اﻟﻔرد أو اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾوﺟد ﻣن دون وﺟود اﻷدوار اﻷﺧرى .
وﻫﻛذا ﻓﺈن ﻧظرﯾﺔ اﻟدور ﺗﻘوم ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻋﻠﻰ وﺟود ﺗﻔﺎﻋﻼت وﺗوﺟﻬﺎت
وﻧﺷﺎطﺎت ورﻏﺑﺎت وﻋﻼﻗﺎت ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎرﻫﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ أو اﻟدوﻟﻲ.
ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد Mintzﻣﯾﺗﻧز ﺑﺄن ﻫﻧﺎك ﻣﺣددات رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﻫﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑظروف اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻣﺛل ﻋﺎﻣل اﻟوﻗت
وﻋدم ﺗواﻓر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﺿﻐط واﻟﻣﺧﺎطرة ،وﻛذﻟك اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﯾﻛﻠوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗﻣل
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻔﺎت واﻟﻌواﻣل اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟﻣﺗﺧذ اﻟﻘرار ﻣﺛل اﻟﻘﯾم واﻟﻣﻌﺗﻘدات واﻟﻣﺷﺎﻋر وﺗرﻛﯾﺑﺔ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻌواﻣل اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻣﺛل
اﻟﻌواﻣل اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ واﻟظروف اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .
وﻫو ﻣﺎ ﺣﺎوﻟت ﻧظرﯾﺔ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﺗﺄﻛﯾدﻩ ﻋﺑر اﺳﺗﻌراض اﻟﻧﻣﺎذج اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ
Rational ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻌﺗﺑر ﻧظرﯾﺔ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ
Choice Theoryﻣن أﻫم اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﺗﻲ ﯾﺗم اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ .وﯾﺟﺎدل ﺟون ﺳﻛوت ﺑﺄن ﻋﻠم اﻻﻗﺗﺻﺎد ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أواﺋل اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣت ﻧظرﯾﺔ اﻟﺧﯾﺎر أو اﻟﺑدﯾل اﻟﻣﻧطﻘﻲ أو اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻣن واﻗﻊ أن
44
اﻷﻓراد ﻋﺎدةً ﻣﺎ ﯾﻛوﻧون ﻣدﻓوﻋﯾن ﺑﺗﺻرﻓﺎﺗﻬم وﺳﻠوﻛﻬم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ
وﺗﺣﻘﯾق اﻷرﺑﺎح ،ﻟذﻟك ﻓﻘد أﺻﺑﺢ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن وﺿﻊ ﻧﻣوذج أﺳﺎﺳﻲ وﻋﻠﻣﻲ ﯾﻣﻛن ﻣن
ﺧﻼﻟﻪ ﺗوﻗﻊ اﻟﺳﻠوك اﻟﺑﺷري ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻷرﺑﺎح اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف
ﻓﺈن اﻟرﺟل اﻟﻌﺎﻗل وﻓﻘﺎً ﻟﻬذا اﻟﻧﻣوذج ﺳﯾﻘوم ﺑﺈﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟذي ﯾﻣدﻩ ﺑﺄﻋظم ﻗدر ﻣﻣﻛن
ﻣن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ وﺑﺄﻗل ﻗدر ﻣﻣﻛن ﻣن اﻟﺧﺳﺎﺋر ،ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻣﻛناﻋﺗﺑﺎر ﻩ أﻫم ﻓرﺿﯾﺔ ﺑﻧﯾت
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺧﯾﺎ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻣﻊ ﻓرﺿﯾﺔ وﺟوب ﺗطﺎﺑق اﻟﻬدف ﻣﻊ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ،إذ ﯾﺟب أن
ﺗﻛون اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺣﺳﺎﺑﯾﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎﻓﻊ واﻟﺧﺳﺎﺋر ﻣؤدﯾﺔ إﻟﻲ إﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟذي ﯾﺣﻘق اﻷﻫداف،
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻘرار ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﻲ ﻗدر ﻣﺗوﻗﻊ ﻣن اﻟﻣﺧﺎطر ﻟﻛﻧﻪ ﯾﻣﺛل اﻟﺑدﯾل اﻷﻓﺿل ،ﯾﻣﻛن
إﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘرار ﻋﻘﻼﻧﯾﺎً ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك.
وﻗد ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺗﺻور اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻣدﺧﻼً ﻟﻠﻌﻠﻣﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﯾن اﻵﺧرﯾن وﻋﻠﻣﺎء
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺣدﯾد ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺗﺑﺎع ﻧﻔس اﻟﻣﻧﻬﺞ وﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻬم اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ،
وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻓﻘد ﺗم ﺑﻧﺎء ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺣول ﻓﻛرة أن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻓﻌﺎل واﻟﺳﻠوﻛﯾﺎت
اﻟﻔردﯾﺔ ﻫﻲ ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ وﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس وأن اﻷﻓراد ﯾﻘوﻣون ﺑﺣﺳﺎب اﻟﻔواﺋد واﻟﻣﻧﺎﻓﻊ
اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻗﺑل أن ﯾﻘرروا اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻔﻌل ﺷﺊ ﻣﺎ .
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾرى ﻣﺎﻏﺗﯾن اﻟﺑﯾن ﺑﺄن ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ أو اﻟرﺷﯾد ﯾﺗطﻠب
ﻣن ﺻﻧﺎع اﻟﻘرار ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ وﺿﻊ اﻷﻫداف اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ،ﺛم
ﺗﺣدﯾد اﻟﺧﯾﺎرات واﻟﺑداﺋل اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ﺗﺑﻧﯾﻬﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫذﻩ اﻷﻫداف ،إﺿﺎﻓﺔً إﻟﻰ
اﻟﻣﻛﺎﺳب واﻟﺧﺳﺎﺋر ﻟﻛل ﺑدﯾل ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺑداﺋل ،ﻟذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت
اﻟﺿرورﯾﺔ ﺣول ﻫذﻩ اﻟﺑداﺋل ﻟﺗﻘﻠﯾص داﺋرة اﻟﻐﻣوض ﺣوﻟﻬﺎ وﻟﺗﺣﻘﯾق أﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺎﺳب
اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻣن وراء اﻟﺧﯾﺎر أو اﻟﺑدﯾل اﻟذي ﯾﺗم أﺗﺑﺎﻋﻪ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ،
ﻓﻧظرﯾﺔ اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﻫﻲ أﺣد أﻫم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺎﻗﺷت اﻻﺧﺗﯾﺎرات اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
وأﺳﺑﺎﺑﻬﺎ وﻛﯾف ﯾﺗم اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﺣﯾث وﺿﻊ آﻟﻧﺟﻬﺎم أرﺑﻌﺔ ﺳﯾﺎﻗﺎت أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻼﺧﺗﯾﺎر
وﻫﻲ:
اﻷول -ﺳﯾﺎق اﻟﯾﻘﯾن :وﻫو أﺣد اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗﺑرﻫﺎ اﻟﻔرد ﺑﺣﯾث
ﺗﻛون اﻟرؤﯾﺔ واﺿﺣﺔ وﻣﺣددة وﯾﻘوم اﻟﻔرد ﺑﺗﺑﻧﻲ اﺧﺗﯾﺎر ﻣﻌﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻫوا اﻟﯾﻘﯾن
اﻟﻣﻧﺎﺳب.
اﻟﺛﺎﻧﻲ -ﺳﯾﺎق اﻟﺷك :وﻫو أﺣد اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻌرض ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻔرد ﻟﻠﺷك
وﻋدم اﻟﯾﻘﯾن ﻓﻲ اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﺧﺗﺑﺎر ﻋدداً ﻣن اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ﻣﺛل
اﻟﺗردد واﻟﺣﯾرة .
اﻟﺛﺎﻟث -ﺳﯾﺎق اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ :وﻫو أﺣد اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟذﻫﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻗف ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﺧﯾﺎر اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠﻔرد ﻋﻠﻰ ﻋدداً ﻣن اﻟﻌواﻗب اﻷﺧرى واﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺑدﯾﻠﺔ.
اﻟراﺑﻊ -ﺳﯾﺎق اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ :وﻫو أﺣد اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻧﻰ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻔرد
ﺧﯾﺎراً ﻣﻌﯾﻧﺎً ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺗﺄﺛر ﺑﻌدد ﻣن اﻟﺗوﺟﻬﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ .
ﻣن ﺟﻬﺗﻪ ﺣدد أﻟﯾﺳون ﺛﻼﺛﺔ ﻧﻣﺎذج ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾﺔ ﻟﺗﺣﻠﯾل ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار:
46
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ذات اﻻﻧﺳﺟﺎم اﻟﺟزﺋﻲ ﻣﻊ اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
واﻷﻫداف اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.
-اﻟﻧﻣوذج اﻟﺑﯾروﻗراطﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺣﻛوﻣﻲ :واﻟذي ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺎﺳﺎت
اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،وﻣﺎ ﯾﺟري وﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻪ ،وﯾﺗﻣﯾز ﻛﻧﺗﺎج ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﻟﻌب
اﻟﺗﻔﺎوض اﻟﻣﺗﻧوﻋﺔ ﺑﯾن اﻟﻼﻋﺑﯾن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ.
وﻗد ﺗﺎﺑﻊ أﻟﯾﺳون اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟﻧﻣﺎذج ”ﻛﻧﻣوذج ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ“ ﺑﻌرض ﻣﻧظم
ﻟﻼﻓﺗراﺿﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن ﻗﺑل ﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل ،ﺛم ﻗﺎم
ﺑﻌد ذﻟك ﺑوﺻف ﻣﻔﺻل ﻟﻠﻣﺗﻐﯾرات وﻣدى إدراك ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ
وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣدى اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻗرارات او ﺑداﺋل ﻣﻌﯾﻧﺔ دون اﺧرى
ﯾﻌﺎﻟﺞ اﻟﻧﻣوذج اﻷول اﻟﺳﯾﺎق اﻷوﺳﻊ ،وﻛذﻟك اﻟﻧﻣﺎذج اﻟوطﻧﯾﺔ اﻷﻛﺑر واﻟﻣﻔﺎﻫﯾم
اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وﺿﻣن ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﯾﻠﻘﻲ اﻟﻧﻣوذج اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ اﻟروﺗﯾن اﻟﺗﻧظﯾﻣﻲ اﻟذي
ﯾﻧﺗﺞ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻟﺑداﺋل واﻷﻓﻌﺎل .وﺿﻣن ﺳﯾﺎق اﻟﻧﻣوذج اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾر ﻛز اﻟﻧﻣوذج اﻟﺛﺎﻟث
ﺑﺗﻔﺻﯾل أﻋﻣق ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎدات اﻟﻔردﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ،ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد
اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ ،وﺗﻌﻣل أﻓﺿل اﻟﺗﺣﻠﯾﻼت ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ رﺳم
ﺧطﺔ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﻣن ﻛل واﺣد ﻣن اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﺑﻐﯾﺔ ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ
أﻣﺎ ﻛﺗﺎب إﻋﺎدة ﺻﻧﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ " اﻟﺗراﺑط اﻟﻣﻧظم -أﻟﯾﺳون وﺑﯾﺗر
زاﻧﺗون -ﻓﻘد ﻗدﻣﺎ ﻧظرة ﺑﺣﺛﯾﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺋون اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺧﻼل ﺟﯾل
ﻛﺎﻣل ،وﯾﻌﺗﺑر أﻗوى ﻋﻣﻠﯾﺔ إداﻧﺔ ﻟﺳﻠوك إدارة اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،ﺣﯾث أﻛدا
ﺑﺄن اﻟﻘوة اﻟﺿرورﯾﺔ ﻹدارة اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣوزﻋﺔ وﻣﺷﺗﺗﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻹدارات
واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ودواﺋر وﻟﺟﺎن اﻟﻛوﻧﻐرس واﻟﻠﺟﺎن اﻟﻔرﻋﯾﺔ واﻟﺻﻧﺎﻋﺎت واﺗﺣﺎدات
اﻟﻌﻣﺎل واﻟﺟﻣﻌﯾﺎت اﻻﺛﻧﯾﺔ.
أوﻻً :ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻧظﯾم ،وﻛﯾﻧوﻧﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ،واﻟذي ﯾظﻬر وﺟود إدارات وﻣؤﺳﺳﺎت
ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﻣﺎﻣ ً ﺎ واﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻟدﯾﻬﺎ ﻣﻬﻣﺎت وﺳﻠطﺎت وﻛﻔﺎءات واﺿﺢ ﻋﺑر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾﺗم اﻟﺗﻌرف ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ وﺗﻘﯾﯾﻣﻬﺎ ،وﺑﻧﺎء ً ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﺗم ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘرار وﯾوﺿﻊ
ﻓﻲ ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻟﯾﺗم ﺗﻔﻌﯾﻠﻪ ،أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠون اﻟذﯾن ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد طﺎﻗﺎﺗﻬم وﻣﻬﺎراﺗﻬم وﻗﯾﻣﻬم
أﻛﺛر ﻣن أي ﻋﺎﻣل آﺧر ،وﺗﻘرﯾر ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺗؤدي ﻋﻣﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ
اﻷﻛﻣل.
ﺛﺎﻧﯾﺎً :ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻼﺋﻣﺔ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ،وﯾﻌزى ذﻟك ﻟوﺟود
ﺛﻼﺛﺔ ﻋﯾوب رﺋﯾﺳﺔ وﻫﻲ :ﻷﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺗوازﻧﺔ ،وﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﯾن ﻣوظﻔﯾن ذوي ﻣؤﻫﻼت ذات
أﻫﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،وﻓوق ﻛل ذﻟك ﯾﺟﻌﻠون ﺣﺻول ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺗﻛﺎﻣل ﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت ﻣن
اﻷﻣور ﺷﺑﻪ اﻟﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ.
ﺛﺎﻟﺛﺎً :زادت وﺗﺿﺧﻣت اﻟﻔﺟوة ﺑﯾن ﻣﺳﺗوى ﻛﻔﺎءة اﻟﺣﻛوﻣﺔ وﺣﺟم اﻟﻣﺷﻛﻼت
اﻟﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ،وﻟﻘد ﻛﺎن اﻟﻣؤﻟﻔﺎن ﻣﺣﻘﯾن ﻓﻲ ﺗﻧﺑؤﻫﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺷرح ﻫذا اﻻﻗﺗراح اﻟﺛﺎﻟث:
" ﻧﺣن ﻋﻠﻰ وﺷك اﻟدﺧول ﻓﻲ ﺣﻘﺑﺔ ﺗﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎﺗﻧﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣﺗﺄﺛرة ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ ﻣﺛل
اﻟطﺎﻗﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﻣن اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﻧﻐﻠق واﻻﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﺎدي ﻟﻸﻣم ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض،
إن ﻗوﺗﻧﺎ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻷﻣم اﻷﺧرى ﻻ ﺗزال اﻷﻋظم ،ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﺳﺗواﺻل
اﻻﻧﺣدار" .
وﯾرى اﻟﻛﺎﺗﺑﺎن أن ﻫﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وأن اﻟﺗﻧظﯾم
اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﻣن اﻷﻣور اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وﻻ ﺳﺑﯾل إﻟﻰ اﺟﺗﻧﺎﺑﻪ ،وﺑﺷﻛل طﻣوح ﯾﺣدد اﻟﻛﺎﺗﺑﺎن
ﻣﻬﺎم اﻟرﺋﯾس اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺻﻧﻊ اﻟﻘرار اﻟﻣرﻛزي واﻟﺗﻧﺳﯾق واﻟﺗوظﯾف واﻹدارة ﻓﻲ اﻟدواﺋر
اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ وﺗﺣﺳﯾن ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ
48
اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﺗطﺑﯾق ﻣﺑﺎدئ ﻣن اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ واﻟﺗطوﯾر ﻟﺗﻧظﯾم وﺗﺣدﯾث ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار
اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ:
اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ :ﻟﻛل ﺑدﯾل أو ﺧﯾﺎر ﻣن اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﻣطروﺣﺔ ﻋدة ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﺗﺳﻣﺢ
ﻟﻼﻋب اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ ﺑﺄﺧذﻫﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻛّﻧﻪ ﻣن اﺗﺧﺎذ اﻟﺧﯾﺎر أو اﻟﻘرار اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ أو
اﻟرﺷﯾد.
(1اﺣﻣد إﺑراﻫﯾم ﻣﺣﻣود ،اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﺣﻔظ اﻟﺳﻼم ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ :ﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗدﺧل اﻟدوﻟﻲ
ﻓﻲ اﻟﺻوﻣﺎل ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﻌدد 22أﻛﺗوﺑر . 1995
(2اﺣﻣد ﺧﺿﯾر الزﻫراﻧﻲ ،اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻓﻲ اﻟداﺋرة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ) ،اﻟرﯾﺎض :ﻣﻛﺗﺑﺔ
اﻟﻣﻠك ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز اﻟﻌﺎﻣﺔ . 1992 ،
(3اﺣﻣد ﺧﻠﯾل ﺑدر ،اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘرار ) ،اﻟﻘﺎﻫرة :دار اﻟﺣﯾﺎة ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ
. (1997
(4اﺣﻣد ﻧوري اﻟﻧﻌﯾﻣﻲ ،ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ :اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة
اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ أﻧﻣوذﺟﺎ ) ،اﻷردن :دار زﻫران ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ . (2011 ،
، (5إﺳﻣﺎﻋﯾل ﺻﺑري ﻣﻘﻠد ،اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ :دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻷﺻول واﻟﻧظرﯾﺎت
)اﻟﻘﺎﻫرة :اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ .(1991 ،
(6اﺳﯾﺎ اﻟﻣﯾﻬﻲ ،اﻟرأي اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،
ﻋدد . 127
ﺗرﺟﻣﺔ ،ﻓﻬم ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ، (7أﻟﯾﻛس ﻣﯾﻧﺗس وﻛﺎري دي روﯾن
ﻣﺣﻣد وﻟد اﻟﻣﻧﻰ ) اﻹﻣﺎرات :ﻣرﻛز اﻹﻣﺎرات ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ (1999 ،
(8اﻧور ﻓرج ،اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻓﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ :دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻰ ﺿوء اﻟﻧظرﯾﺎت
اﻟﻣﻌﺎﺻرة ) ،اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﯾﺔ :ﻣرﻛز ﻛردﺳﺗﺎن ﻟﻠدراﺳﺎت اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ . ( 2007 ،
(9إﯾﻬﺎب ﺧﻠﯾﻔﺔ ،اﻟﻘوة اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ أﺑﻌﺎد اﻟﺗﺣول ﻓﻲ ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘوة ،ﺳﻠﺳﻠﺔ أوراق ،ﻣﻛﺗﺑﺔ
اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،وﺣدة اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ.2014 ،
اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟواﻗﻌﻲ واﺛرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ (10ﺑراﻫﯾم ،ﻋﺑد اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﺣﺳن،
اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐداد ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .2009 ،
،ﺗرﺟﻣت (11ﺑرﺗران ﺑﺎدي ،ﻟم ﻧﻌد وﺣدﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم :اﻟﻧظﺎم اﻟدوﻟﻲ ﻣن ﻣﻧظور ﻣﻐﺎﯾر
ﺟﺎن ﻣﺎﺟد ﺟﺑور ) ﺑﯾروت :ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ . ( 2016
50