You are on page 1of 5

‫علم النفس العسكري‬

‫‪Military Psychology‬‬
‫علم النفس العسكري‪ :‬مقدمة‬
‫ا كتسب علم النفس العسكري أهميته من تطور الصراع العسكري؛ إذ لم تعد الحرب مجرد‬
‫اقتتال بين فريقين في ساحة معينة بعيدة عن المناطق اآلهلة بالسكان‪ ،‬بل امتدت الى األمة‬
‫جميعاً‪ ،‬ال فرق بين المقاتل والمدني وال فصل بين ساحات الحركات والمدن‪ ،‬وعليه تحتاج هذه‬
‫األمة إلى دعم لمعنوياتها حتى تستطيع االستمرار والوقوف خلف مقاتليها من ناحية‪ ،‬والصمود‬
‫تجاه تأثيرات العدو من ناحية أخرى‪.‬‬

‫كما أن أساليب القتال نفسها قد شملها التطور والتعقيد فأصبح الجندي أو العسكري يتطلب‬
‫منه قدرات وكفاءات خاصة ويعد لذلك إعداداً علمياً دقيقاً؛ إذ لم يعد الجندي لوحده في ساحة‬
‫القتال‪ ،‬بل رافقته كافة االختصاصات لتكون معه (جندي واحد يقاتل يخدمه الكثيرون)‪ .‬ومن ثَم‬
‫أصبحت العسكرية مدرسة شاملة ألفراد ينتمون إلى مستويات ثقافية واجتماعية ونفسية مختلفة‬
‫يأخذون قسط كبير من التدريب االجتماعي والتوجيه المهني‪.‬‬

‫ويمكن القول أن الجيوش تحتاج إلى معظم فروع علم النفس التطبيقية‪ ،‬لذا فإن مصطلح (علم‬
‫النفس في القوات المسلحة) أكثر دقة من (علم النفس العسكري)‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن العمل في‬
‫هذا الميدان يقتضي تخصصاً مزدوجاً قلما يتوافر للكثيرين‪ ،‬أي تخصصاً في علم النفس وفي‬
‫العلوم العسكرية‪.‬‬

‫ويقوم التوجه الذي يحكم دراسة علم النفس العسكري على الجوانب اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬ان الحرب يقودها الجنود ويكسبها الجنود‪ ،‬لذا وجب أن يتجه االهتمام إلى هذا الجندي‬
‫من حيث االهتمام بلياقته الجسمية والنفسية وحسن تدريبه في التخصصات التي يوجه إليها والتي‬
‫تتناسب مع قدراته وذكائه وسمات شخصيته بحيث يصل إلى أعلى كفاءة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن هؤالء الرجال من المحاربين األبطال بشر قبل كل شيء بحيث يجب أن ترضى‬
‫حاجاتهم األساسية من طعام وشراب وراحة وأن تحترم آدميتهم بحيث يستطيعون تأدية ما هو‬
‫منوط بهم من واجبات‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن هؤالء الرجال الذين يحملون السالح ويخوضون الحرب يجب أن يكونوا في مستوى‬
‫"شرف الجندية" وفي مستوى "شرف حمل السالح"؛ ذلك أن الجندية وحمل السالح في سبيل اهلل‬
‫والوطن شرف ال يدانيه شرف آخر فيجب أن يكون سالحه في خدمة وطنه وفي مواجهة أعدائه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رابعاً‪ :‬أن السالح الذي يحمله الجندي أمانه ألن الشعوب دفعت في هذا السالح ثمناً باهظاً‬
‫واستأمنت عليه أبناءها من الجنود فجدير بهم أن يحافظوا على تلك األمانة‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬أن الجندي هو المثال األمثل للمواطن االصالح وليعلم أن الجيش الذي ينتمي إليه هو‬
‫مؤسسة عسكرية مهمتها مصالح الوطن وأن هذه المؤسسة شغلها الشاغل االستعداد للقتال أثناء‬
‫السلم وممارسة هذا القتال أثناء الحرب‪ .‬وأن هذه المؤسسة العسكرية متفرغة تماماً لهذا األمر فال‬
‫تشغل نفسها بالصراعات السياسية وال تتدخل فيها وال تنتمي ألي حزب سياسي‪ ،‬وهنا يكون‬
‫االعتصام بشرف الجندية هو مبدأ المؤسسة العسكرية ورجالها من الجنود البواسل‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬أن شرف حمل السالح هو تاج فوق رؤوس الجنود فال يفرط الجندي في سالحه بأية‬
‫حال من األحوال وأن يحسن استخدام هذا السالح فال يقتل به أسي اًر أو أعزالً وأن يحترم آدمية‬
‫أعدائه حتى يسمو فوق الغرائز الوحشية لبعض البشر‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬من مظاهر التزام الجندي "بشرف العسكرية" أن يطيع قاداته ويعامل رفاقه بأقصى قدر‬
‫ممكن من التعاون واإليثار واألخوة (محمد ربيع‪.)26 ،2010 ،‬‬

‫تعريف علم النفس العسكري‪:‬‬


‫يعرف علم النفس العسكري بأنه أحد فروع علم النفس التطبيقية‪ ،‬ويعنى باستخدام المعارف‬
‫والمبادىء والق وانين النفسية وتوظيفها في األمور العسكرية في أوقات السلم والحرب على السواء‪.‬‬
‫ويكمن الهدف األساسي الستخدام مثل هذه المعارف في تنظيم أعمال القوات المسلحة وتحسين‬
‫كفاءة األفراد ورفع مستوى أدائهم في األعمال العسكرية المتعددة (عماد الزغول‪.)33 ،2004 ،‬‬

‫كما يعرف بأنه فرع تطبيقي من علم النفس يهتم بتوظيف المعارف النفسية في المجال‬
‫العسكري وذلك في عمليات االختيار المهني ألفراد القوات المسلحة في التخصصات العسكرية‬
‫المختلفة وتطبيق األسس النفسية في عمليات التدريب العسكري إلى جانب دراسة العوامل النفسية‬
‫والفيزيقية المؤثرة على أداء الجنود أثناء األعمال القتالية‪ ،‬هذا إلى جانب دراسة أساليب الحفاظ‬
‫على الروح المعنوية للجنود وصحتهم النفسية واألساليب المثلى للقيادة العسكرية (محمد ربيع‪،‬‬
‫‪.)29 ،2010‬‬

‫أهداف علم النفس العسكري‪:‬‬


‫‪ -1‬تهيئة كوادر متخصصة في مختلف الميادين العسكرية لسد الحاجة النفسية فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬القيام بأبحاث ودراسات نفسية تخص الميادين العسكرية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -3‬نشر الثقافة والمعرفة النفسية بين الطالب المتخصصون بالميدان العسكري‪.‬‬
‫‪ -4‬استيعاب مفاهيم علم النفس العسكري والتطورات الجارية في الميدان‪.‬‬
‫‪ -5‬ترجمة الموضوعات النظرية إلى تطبيق في الميدان العسكري‪.‬‬
‫‪ -6‬استخدام وسائل علم النفس كاالختبارات والمقاييس وطرق التجريب استخداماً خالقاً في‬
‫الميدان العسكري‪.‬‬
‫‪ -7‬استيعاب وفهم العالقات اإلنسانية ودراسة الشخصية العسكرية والقيادة والحرب النفسية‪.‬‬
‫‪ -8‬التعرف على األسس النفسية في رعاية المعوقين وتأهيلهم وتأهيل أسرى الحرب‪.‬‬
‫‪ -9‬التعرف على األمراض النفسية الناتجة عن الحروب‪.‬‬
‫‪ -10‬االستفادة من البا ار سيكولوجي في الميادين العسكرية‪.‬‬

‫خصائص المجتمع العسكري‪:‬‬


‫تمثل المؤسسة العسكرية مجتمعاً قائماً بحد ذاته كأي مجتمع تنظيمي آخر‪ ،‬ويشتمل على‬
‫مجموعة كبيرة من األفراد تجمعهم عالقات معينة ويسعون إلى تحقيق أهداف وغايات محددة‪.‬‬
‫ومثل هذا المجتمع له بنية تنظيمية ومشاكل وأهداف خاصة تجعل منه كياناً على درجة مرتفعة‬
‫من الحساسية‪ ،‬األمر الذي يستدعي الحذر واالنتباه لجميع األمور المرتبطة بهذا التنظيم‪ .‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أن المجتمع العسكري يشتمل على جميع المقومات والمجاالت التي تشتمل عليها‬
‫المجتمعات التنظيمية األخرى كالمجتمعات الصناعية والتجارية وغيرها‪ .‬وفي الوقت ذاته تقع‬
‫على عاتق هذا المجتمع أعباء ومسؤوليات حرجة غير متوفرة في المجتمعات األخرى؛ وتتمثل‬
‫في الحفاظ على أمن وسالمة المجتمع في أوقات السلم والحرب‪ ،‬والمساهمة في أعمال اإلنقاذ في‬
‫حاالت الكوارث والطوارىء الطبيعية‪ .‬وهذا يعني ضرورة إيالء المجتمع العسكري عناية فائقة‬
‫للحفاظ على تماسكه واستمرار بقاءه وتطوره حتى يستطيع القيام باألعمال واألعباء الموكلة إليه‬
‫(عماد الزغول‪.)33 ،2004 ،‬‬
‫ولكي يتضح األمر حول إمكانية تطبيق مبادىء علم النفس في الشؤون العسكرية البد من‬
‫التعرض إلى أهم المالمح والخصائص التي تمتاز بها القوات المسلحة‪ ،‬والتي يمكن إبرازها على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬يعد المجتمع العسكري من أكثر التجمعات عدداً في أي مجتمع من المجتمعات‪ ،‬فالقوات‬
‫بناء معقداً من العالقات المتداخلة‬
‫المسلحة تأتي بالعدد بعد جماهير الطالب‪ ،‬وهي تشكل ً‬
‫والمتشابكة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -2‬يشكل المجتمع العسكري حقالً للنزاع والصراعات داخل األفراد بسبب طبيعة هذا المجتمع‬
‫واألهداف التي تسعى إلى تحقيقها‪ ،‬وترتبط مثل هذه النزاعات بطبيعة المهمات القتالية والدفاعية‪،‬‬
‫أو الحاجة إلى األمن واالستقرار‪ ،‬أو بسبب كثرة الضغوط والتحديات‪.‬‬
‫‪ -3‬يخضع المجتمع العسكري مباشرة لسيطرة الدولة أو الحكومة‪ ،‬فالقوات المسلحة تقع تحت‬
‫تعهد الدولة من حيث تخطيط أهدافها االستراتيجية والتكتيكية واختيار واعداد القادة‪ ،‬وتلبية‬
‫االحتياجات الضرورية لألفراد كالغذاء والمسكن والملبس والتعليم والتدريب والرعاية الصحية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى توفير االمكانات والوسائل المادية الحربية والمدنية‪.‬‬
‫‪ -4‬عراقة التقاليد واألعراف العسكرية التي تشكلت وترسخت مع الزمن‪ ،‬وهذا ما يجعل القوات‬
‫المسلحة في حالة من الجمود وعدم القابلية للتغيير‪.‬‬
‫‪ -5‬يعد المجتمع العسكري بالمفهوم االقتصادي قطاعاً غير منتج‪ ،‬وهذا بالتالي يضعنا أمام‬
‫موقف غير منطقي يتمثل في أن عمل القوات المسلحة يتناقص بقدر ما تكون طاقتها الذاتية‬
‫أقوى‪ ،‬فإذا كان باإلمكان تحديد مستوى التدريب والمهارة الذي حققته القطاعات العسكرية‪ ،‬فإنه‬
‫من الصعب تحديد سلوكها أو موقفها في المعارك المحتملة الحدوث مستقبالً (عماد الزغول‪،‬‬
‫‪.)40 ،2004‬‬

‫موضوعات علم النفس العسكري‪:‬‬


‫يتسم علم النفس العسكري بقاعدة معلوماتية عريضة‪ ،‬ويمكن أن تنقسم هذه القاعدة إلى‬
‫الموضوعات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬االختيار المهني للتخصصات العسكرية الهامة‪ :‬وذلك أن عملية االختيار المهني تقوم‬
‫على انتقاء أصلح العناصر من بين المتقدمين لتخصص معين‪ ،‬ومن التخصصات الهامة على‬
‫سبيل المثال الطي ارن والمراقبة الجوية‪ ،‬وما يلزم هذا االختيار المهني من أدوات تتمثل في‬
‫االختبارات النفسية التي تقيس الوظائف النفسية المختلفة من ذكاء وقدرات وسمات شخصية‬
‫وكفاءة وظائف اإلحساس واإلدراك‪.‬‬
‫‪ -2‬التدريب‪ :‬وهو عملية تعلم وتعليم ألفراد القوات المسلحة بمختلف رتبهم العسكرية‪ ،‬ولهذا‬
‫التدريب مبادىء وقواعد بحيث يستفاد من هذا التدريب إلى الحد األقصى في رفع الكفاءة القتالية‬
‫لألفراد‪.‬‬
‫‪ -3‬العوامل الفيزيقية المؤثرة على أداء الجنود في العمليات الحربية‪ :‬هناك العديد من هذه‬
‫العوامل مثل الح اررة والبرودة والرطوبة وتضاريس مسرح العمليات‪ ،‬وهذه العوامل متشابكة وشديدة‬

‫‪4‬‬
‫التعقيد ويعرف أهل االختصاص في العلوم العسكرية مدى تأثيرها ويضعونها في اعتبارهم بدرجة‬
‫كبيرة‪.‬‬
‫‪ -4‬القيادة وتأثيرها على "الجماعة العسكرية" وأهمية دور القائد العسكري وما يحفل به‬
‫موضوع القيادة من تنظيرات وتطبيقات‪.‬‬
‫‪ -5‬الطابع القومي للشخصية‪ :‬وتأثير هذا الطابع على أفراد القوات المسلحة‪ ،‬ذلك أن هؤالء‬
‫األفراد جزء ال يتج أز من هذه الشعوب لهم نفس الخصائص والسمات إيجابية كانت أو سلبية‪.‬‬
‫‪ -6‬الشخصية العسكرية‪ :‬والخصائص التي تتسم بها بحيث يؤثر ذلك في سلوكيات الشخص‬
‫العسكري من تعاون وتنافس أو صراع‪.‬‬
‫‪ -7‬الروح المعنوية‪ :‬وهي حالة نفسية يكون عليها الجنود تتميز بالهمة والدافعية والثقة بالذات‬
‫والثقة بالقيادة‪ ،‬ومن المهم أن نحافظ على هذه الروح المعنوية لتظل في أعلى مستوياتها‪.‬‬
‫‪ -8‬االضغوط النفسية في الحياة العسكرية‪ :‬الحياة العسكرية حافلة بالضغوط وقد تكون هذه‬
‫الضغوط شديدة الوطأة خاصة في أوقات الحرب‪ ،‬حيث تتأثر الصحة النفسية للجنود بأهوال‬
‫المعارك‪.‬‬
‫‪ -9‬الحرب النفسية‪ :‬وهي ممارسة التأثيرات النفسية بغرض رفع الروح المعنوية ألفراد األمة‬
‫وتدمير الروح المعنوية لألعداء باستخدام العديد من الوسائل على رأسها اإلشاعات‪ ،‬وأساليب‬
‫التحول العقائدي بحيث يتحول الفرد من إيمان بعقيدة إلى شك فيها وكفر بها‪.‬‬
‫‪ -10‬أسرى الحرب‪ :‬تحديد المالبسات النفسية للوقوع في قبضة األعداء‪ ،‬ومعرفة مدى اتباع‬
‫الدول لألعراف الدولية المنصوص فيها على حسن معاملة األسرى‪ .‬والذي يبدو أن دول العالم ال‬
‫تقيم وزناً للقوانين الصادرة في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -11‬التأهيل المهني لمعاقي الحرب‪ :‬حيث يتعرض بعض أفراد القوات المسلحة إلى اإلصابة‬
‫التي تخلف إعاقة ربما تكون خفيفة أو شديدة بحيث يحتاج معاق الحرب إلى عملية تأهيل مهني‬
‫وهي عملية إنسانية في المقام األول‪.‬‬
‫‪ -12‬المرأة ودورها في القوات المسلحة‪ :‬ويتعرض لموضوع انضمام المرأة للقوات المسلحة‪،‬‬
‫ذلك أن معظم دول العالم تسمح للمرأة بااللتحاق بالقوات المسلحة في وظائف مناسبة لها مثل‬
‫التمريض ولكن بعض الدول سمحت للمرأة بالمشاركة في األعمال القتالية‪.‬‬
‫إن هذه الموضوعات التي يهتم بها علم النفس العسكري متداخلة ومرتبطة ببعضها أشد‬
‫التداخل وأوثق االرتباط (محمد ربيع‪.)34-33 ،2010 ،‬‬

‫‪5‬‬

You might also like