You are on page 1of 2

‫‪ :‬طرح المشكلة‬

‫إن الذات اإلنسانية كيان مركب ومعقد ‪ ,‬يحمل كثيرا من التفاعالت و الوظائف التداخلة ‪ ,‬حيث يصعب تحديد‬
‫وفهم العمليات العضوية ‪ ,‬بعيدا عما يصاحبها من أحوال نفسية ودالالت انفعالية ‪ ,‬ومن بين أهم هذه الوظائف‬
‫والعمليات ‪ :‬عمليتا اإلحساس و اإلدراك ‪ ,‬وهما وظيفتان غالبا مايخلط الناس بينهما ‪ .‬وهذا ما يدفعنا للتساؤل ‪:‬‬
‫كيف نميز بين اإلحساس و اإلدراك وما الفرق بينهما ؟‬

‫‪ :‬محاولة حل المشكلة‬

‫‪ :‬أوجه اإلختالف‬

‫تذهب المواقف التقليدية خاصة بين العقالنيين والتجريبيين إلى التفرقة بين اإلحساس و اإلدراك والنظر إليهما‬
‫كعمليتين مختلفين من الضروري التمييز بينهما ‪ ,‬لكن كل ينتصر لجانبه الذي ينتمي إليه‬

‫فاإلحساس من حيث المفهوم هو حادثة فيزيولوجية وظاهرة عضوية وانفعالية تعبر عن أعضاء الحس ‪-‬‬
‫بواسطة المؤثرات الخارجية ‪ ,‬وما يصاحب ذلك من شعور بالتغير والتبدل لدى الذات الحاسة وانطباعاتها ذلك‬
‫أما اإلدراك فهو عملية عقلية ونوعا من البناء الذهني تتداخل فيه الكثير من العمليات النفسية كالذاكرة والتخيل‬
‫‪ .‬والذكاء ‪ ....‬لهذا يعد اإلدراك عملية إنشائية متشابكة ومعقدة ذات طبيعة معنوية مجردة‬

‫على عكس اإلحساس كعملية بسيطة أولية ومباشرة بين الكائن الحي المؤثر بال واسطة أو عالقات بينهما ‪- ,‬‬
‫"فهو حادثة تلقائية تحركها شروط بسيطة "المؤثر ‪ ,‬الذات الحاسة ‪ ,‬اإلنطباع النفسي‬

‫من ناحية أخرى نجد أن اإلدراك خاصية إنسانية خالصة تؤسس لمضمون الوعي اإلنساني وفعليات العقل‪-‬‬
‫المختلفة كالتفكير ‪ ,‬والتصور والتخيل ‪ ,‬والفهم والحكم ‪ ...‬وغيرها من العمليات الذهنية التي ال تتكون المعرفة‬
‫إال بها ‪ .‬أما اإلحساس فهو عملية يشترك فيها اإلنسان و الحيوان ‪ ,‬ألنه يمثل حاجة حيوية للتكيف و االتصال‬
‫بالمحيط الطبيعي ‪ ,‬وتكييف مختلف المنبهات الخارجية مع حاجات الكائن الحي ‪ ,‬ومساعدته على توفير‬
‫الشروط المالئمة لحياته وكيفيات تأقلمه مع بيئته وطبيعتها لهذا نجد الحيوانات تكاد تعتمد في تكيفها على‬
‫حواسها وحدها ‪ ,‬وكذلك الطفل في السنوات األولى من حياته ‪ ,‬وعليه كان اإلحساس و األدوات الحسية هي‬
‫نواف يطل منها الكائن الحي على العالم الخارجي أو نقاط العبور إليه والتعامل معه فهو تجربة مباشرة مع‬
‫األشياء ووسيلة من وسائل المعرفة لكنها تتوقف عند إثارة العقل وتحريك انتباهه ‪ ,‬ألن اإلحساس مجرد‬
‫‪ .‬انطباعات أولية وليست معرفة‬

‫أما اإلدراك فهو معرفة ووظيفة في بناء المعرفة وتكوينها ‪ ,‬فهو يمضي بنا إلى ما خلف المحسوسات بعد‬
‫تحولها إلى معنى من المعاني ( المعرفة ) ‪ ,‬فاإلدراك فهم وتفسير وتحديد لمعاني األشياء ومميزاتها ‪ ,‬فالمعرفة‬
‫‪ .‬إدراك ينشئه العقل‬

‫‪ :‬أوجه التشابه‬
‫إن عمليتا اإلحساس و اإلدراك ال يمكن أن تقوما إال من خالل وجود ذات تنفعل وتتفاعل مع الموضوعات ‪-‬‬
‫المختلفة في نطاق الحاضر الراهن كما أن كالهما يلعب دورا في المعرفة التكيف مع المحيط الطبيعي‬
‫وموضوعاته ‪ ,‬كما أنهما قدرتان تبرزان في الذات اإلنسانية وفعالياتها المختلفة ‪ ,‬زيادة على أنهما عمليتان‬
‫‪ .‬تفسيريتان تحكمهما شروط وقوانين‬

‫كما أنهما وسيلتان عند اإلنسان يعتمدهما لمعرفة العالم الخارجي والتواصل معه برغم محدوديتهما ما ‪-‬‬
‫يصالن إليه‬

‫‪ :‬أوجه التداخل‬

‫إن اإلحساس واإلدراك من قدرات الذات اإلنسانية التي تتفاعل وتتداخل فيما بينها ‪ ,‬من هنا تبرز عملية‬
‫التداخل والتأثير المتبادل بينهما ‪ ,‬فاإلحساس يعتبر مقدمة اإلدراك ألنه تجربة مباشرة مع األشياء تقدم معطيات‬
‫وانطباعات أولية ومادة خام ال تحصل المعرفة وإدراك األشياء إال بها ‪ ,‬فأدوات اإلحساس هي وسائط اإلدراك‬
‫إلى العالم الخارجي ‪ .‬كما أن التأثيرات الحسية وانطباعاتها ال يكون لها دور وقيمة إال من خالل اإلدراك الذي‬
‫يستقبلها ويفسرها ويضفي المعاني المجردة عليها ‪ .‬وبالتالي تكوين المعرفة وفق أطر عقلية محددة ‪ ,‬وبالتالي‬
‫‪ .‬هناك عالقة تكامل وظيفي بين اإلحساس و اإلدراك‬

‫‪ :‬حل المشكلة‬

‫إن عمليتا اإلحساس و اإلدراك عمليا متكاملين ومن الصعب الوقوف على حدود ونشاط كل منهما ‪ ,‬فحواسنا‬
‫تنفعل لمداركنا وتشكل لها معينا من المعطيات ‪ ,‬وفي نفس الوقت تتفاعل مداركنا معها ‪ ,‬قبل وأثناء وبعد‬
‫‪ .‬األتصال بالعالم الخارجي‬

You might also like