‫أﻃﺮاف اﻷرض‬

‫ﻣﺤﺴﻦ اﻟﻐﻴﺜﻲ‪ ،‬أرﺷﻴﻒ اﻷرض اﻟﻤﺴﻄﺤﺔ‪ 11 ،‬أﻏﺴﻄﺲ ‪.2020‬‬

‫ّ‬ ‫َ‬
‫ﻗﺎل ﷲ‪) :‬أوﻟﻢ ﻳﺮوا أﻧﺎ ﻧﺄ�ﻲ اﻷرض ﻧﻨﻘﺼهﺎ ﻣﻦ أﻃﺮاﻓهﺎ‪] (..‬اﻟﺮﻋﺪ‪.[41 :‬‬

‫هﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻟيﺴﺖ ﻳتﻴﻤﺔ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ هﻜﺬا‪ ،‬ﺑﻞ ﻟهﺎ ﻣﺎ ﻗﺒﻠهﺎ‪ ،‬وﻣﺎ �ﻌﺪهﺎ‪ ،‬وﻟهﺎ ﻣﺜﻴﻼ��ﺎ ﻣﻦ اﻵﻳﺎت‪ ،‬ﻧﺒﺪأ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ‬
‫ً‬
‫آﻳﺔ اﻟﺮﻋﺪ هﺬﻩ‪ ،‬ﻟﻨﻨﻈﺮ هﻞ �ﻌ�ي ﻃﺮف اﻷرض وﺣﻮاﻓهﺎ؟! وهﻞ ﻓﻌﻼ اﻻﻧﺘﻘﺎص ﻳﺤﺪث ﻟﻸرض ﻣﻦ ﻃﺮﻓهﺎ؟!‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ﻗﺎل ﷲ )و�ن ﻣﺎ ﻧﺮ�ﻨﻚ �ﻌﺾ اﻟﺬي �ﻌﺪهﻢ أو ﻧﺘﻮﻓﻴﻨﻚ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺒﻼغ وﻋﻠﻴﻨﺎ ا�حﺴﺎب * أوﻟﻢ ﻳﺮوا أﻧﺎ‬
‫ﻧﺄ�ﻲ اﻷرض ﻧﻨﻘﺼهﺎ ﻣﻦ أﻃﺮاﻓهﺎ وﷲ ﻳﺤﻜﻢ ﻻ ﻣﻌﻘﺐ �حﻜﻤﮫ وهﻮ ﺳﺮيﻊ ا�حﺴﺎب * وﻗﺪ ﻣﻜﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠهﻢ‬
‫ﻓﻠﻠﮫ اﳌﻜﺮ ﺟﻤﻴﻌﺎ �ﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﻜﺴﺐ �ﻞ ﻧﻔﺲ وﺳﻴﻌﻠﻢ اﻟﻜﻔﺎر ﳌﻦ ﻋﻘ�ى اﻟﺪار( ]اﻟﺮﻋﺪ‪.[42 - 40 :‬‬

‫ﻓﻜﻤﺎ ﺗﺮى ﻣﻦ ﺳﻴﺎق اﻵﻳﺔ‪� ،‬ﻠهﺎ ��ﺪﻳﺪ ووﻋﻴﺪ ﻣﻦ ﷲ ﻟﻠﻜﻔﺎر‪ ،‬وﻋﻴﺪ ﺑﺎﳌﻮت أو اﻟﻮﻓﺎة‪ ،‬واﳌﻼﻗﺎة ﻟ�حﺴﺎب‪،‬‬
‫ووﻋﻴﺪ ﺑﻤﻜﺮ ﷲ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ﺗﻮﺟﺪ آﻳﺔ أﺧﺮى �� ﻳﻮ�ﺲ‪ ،‬ﺷﺒ��ﺔ ��ﺬﻩ اﻵﻳﺔ )و�ﻣﺎ ﻧﺮ�ﻨﻚ �ﻌﺾ اﻟﺬي �ﻌﺪهﻢ أو ﻧﺘﻮﻓﻴﻨﻚ‪ (...‬ﻟيﺲ ﻓ��ﺎ ﻧﻘﺼﺎن‬
‫اﻷرض‪ ،‬وﻟﻜ��ﺎ ﺗﻔﺴﺮهﺎ وﺗﻮ�حهﺎ‪ ،‬وﺳﺘﻼﺣﻆ أ��ﺎ ﻋ�� ﻧﻔﺲ اﻟﺴﻴﺎق‪ ،‬وﻧﻔﺲ اﳌﻘﺼﺪ ﻣﻦ اﻵﻳﺔ اﻷو��‪.‬‬

‫ﻗﺎل ﷲ )و�ﻣﺎ ﻧﺮ�ﻨﻚ �ﻌﺾ اﻟﺬي �ﻌﺪهﻢ أو ﻧﺘﻮﻓﻴﻨﻚ ﻓﺈﻟﻴﻨﺎ ﻣﺮﺟﻌهﻢ ﺛﻢ ﷲ ﺷهﻴﺪ ﻋ�� ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن * وﻟ�ﻞ‬‫َ‬
‫أﻣﺔ رﺳﻮل ﻓﺈذا ﺟﺎء رﺳﻮﻟهﻢ ﻗ�ىي ﺑﻴ��ﻢ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ وهﻢ ﻻ ﻳﻈﻠﻤﻮن * و�ﻘﻮﻟﻮن ﻣ�ى هﺬا اﻟﻮﻋﺪ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺻﺎدﻗ�ن‬
‫ً‬ ‫ﺿﺮا وﻻ ً‬‫* ﻗﻞ ﻻ أﻣﻠﻚ ﻟﻨﻔ��ي ً‬
‫ﻧﻔﻌﺎ إﻻ ﻣﺎ ﺷﺎء ﷲ ﻟ�ﻞ أﻣﺔ أﺟﻞ إذا ﺟﺎء أﺟﻠهﻢ ﻓﻼ �ﺴﺘﺄﺧﺮون ﺳﺎﻋﺔ وﻻ‬
‫�ﺴﺘﻘﺪﻣﻮن( ]ﻳﻮ�ﺲ‪.[49 - 46 :‬‬
‫ﻧﻔﺲ اﻟﻜﻼم‪ ،‬اﻟﻮﻋﻴﺪ ﺑﺎﳌﻮت‪ ،‬ﺛﻢ ا�حﺴﺎب‪ ،‬ﺟﺎء �� ﻣﻌﺮض اﺳﺘ�جﺎل اﻟﻜﻔﺎر ﻟ�حﺴﺎب ﻟﻴﺘثﺒﺘﻮا ﻣﻨﮫ‪ ،‬وﻇ��ﻢ‬
‫أ��ﻢ ﻟﻦ ﻳﺤﺎﺳﺒﻮا!‬

‫اﻵن ﻧنﺘﻘﻞ ﻟﺴﻮرة اﻷﻧبﻴﺎء اﻟ�ي ﻓ��ﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻘﺼﺎن اﻷرض ﻣﻦ أﻃﺮاﻓهﺎ‪ ،‬ﻟﻨﻨﻈﺮ هﻞ ﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ‬
‫ً‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ؟!‬ ‫ً‬
‫ﻣﻐﺎﻳﺮا‬ ‫اﻵﻳﺔ اﻷو�� اﻟ�ي �� اﻟﺮﻋﺪ أم ﺳﻴ�ﻮن اﻟﻜﻼم‬

‫ﻗﺎل ﷲ )أم ﻟهﻢ آﻟهﺔ ﺗﻤﻨﻌهﻢ ﻣﻦ دوﻧﻨﺎ ﻻ �ﺴﺘﻄﻴﻌﻮن ﻧﺼﺮ أﻧﻔﺴهﻢ وﻻ هﻢ ﻣﻨﺎ ﻳ�حﺒﻮن * ﺑﻞ ﻣﺘﻌﻨﺎ هﺆﻻء‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫وآﺑﺎءهﻢ ﺣ�ى ﻃﺎل ﻋﻠ��ﻢ اﻟﻌﻤﺮ أﻓﻼ ﻳﺮون أﻧﺎ "ﻧﺄ�ﻲ اﻷرض ﻧﻨﻘﺼهﺎ ﻣﻦ أﻃﺮاﻓهﺎ" أﻓهﻢ اﻟﻐﺎﻟﺒﻮن * ﻗﻞ إﻧﻤﺎ أﻧﺬرﻛﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻮ�� وﻻ �ﺴﻤﻊ اﻟﺼﻢ اﻟﺪﻋﺎء إذا ﻣﺎ ﻳﻨﺬرون * وﻟ�ن ﻣﺴ��ﻢ ﻧﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﻋﺬاب ر�ﻚ ﻟﻴﻘﻮﻟﻦ ﻳﺎ و�ﻠﻨﺎ إﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻇﺎﳌ�ن‬
‫* وﻧﻀﻊ اﳌﻮاز�ﻦ اﻟﻘﺴﻂ ﻟﻴﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﻼ ﺗﻈﻠﻢ ﻧﻔﺲ ﺷيﺌﺎ و�ن �ﺎن ﻣﺜﻘﺎل ﺣﺒﺔ ﻣﻦ ﺧﺮدل أﺗيﻨﺎ ��ﺎ "وﻛﻔﻰ ﺑﻨﺎ‬
‫ﺣﺎﺳﺒ�ن"( ]اﻷﻧبﻴﺎء‪.[47 - 43 :‬‬
‫َ‬
‫ﻧﻔﺲ اﻟﻜﻼم‪ ،‬ذﻛﺮ ﻃﻮل اﻟﻌﻤﺮ اﻟﺬي ﻣﻦ ﺷﺄﻧﮫ أن ُﻳن ّ��ي اﻟ�ﺎﻓﺮ�ﻦ أ��ﻢ ُﻣﺤﺎﺳﺒﻮن‪ ،‬ﺛﻢ أﻧﮫ ﻳﻨﻘﺺ اﻷرض‬
‫)اﻟﺪﻧﻴﺎ( ﻣﻦ أﻃﺮاﻓهﺎ‪ ،‬اﻟ�ي �ﻌ�ي أﻧﮫ ﻳﺘﻮﻋﺪهﻢ ﺑﺎﳌﻮت وأن أﻋﻤﺎرهﻢ ﻟﻦ ﺗﻄﻮل ﻟﻸﺑﺪ‪ ،‬ﺑﻞ أ��ﺎ ﺗﻘﺼﺮ �ﻠﻤﺎ اﻗ��ﺑﻮا ﻣﻦ‬
‫ﱣ‬
‫��ﺎﻳﺔ اﻷرض )اﻟﺪﻧﻴﺎ(‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﻐﻠﺒﺔ �‪ ،‬ﺛﻢ ﻋﺬاب ﷲ وﺣﺴﺎﺑﮫ ﻟهﻢ‪.‬‬

‫ﻓﻨﻘﺼﺎن أﻃﺮاف اﻷرض‪� ،‬ﻌ�ي أ��ﻢ ﺳﻴﻤﻮﺗﻮن‪ ،‬و�تﻨﺎﻗﺺ ﻋﻤﺮ اﻟﻜﻔﺎر اﻟﺬﻳﻦ �� اﻷرض‪ ،‬ﻓهﻢ اﳌﻌﻨﻴﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺮف‪ ،‬اﻟﻜﻔﺎر‪.‬‬
‫ﻗﺎل ﷲ �� ﺳﻮرة ق‪ ،‬اﻟ�ي و�حﺖ ﻣﻌ�ى اﻟﻨﻘﺼﺎن ﻓﻴﻤﻦ ﻳ�ﻮن‪ ،‬و�ﺸ�ﻞ وا�ح ً‬
‫ﺟﺪا‪.‬‬ ‫ﻧﻨﻈﺮ اﻵن ﻣﺎذا َ‬

‫)ق واﻟﻘﺮآن ا�جﻴﺪ * ﺑﻞ �جﺒﻮا أن ﺟﺎءهﻢ ﻣﻨﺬر ﻣ��ﻢ ﻓﻘﺎل اﻟ�ﺎﻓﺮون هﺬا ��يء �جﻴﺐ * أإذا ﻣﺘﻨﺎ وﻛﻨﺎ ﺗﺮاﺑﺎ‬
‫ذﻟﻚ رﺟﻊ �ﻌﻴﺪ * "ﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻣﺎ ﺗﻨﻘﺺ اﻷرض ﻣ��ﻢ" وﻋﻨﺪﻧﺎ ﻛﺘﺎب ﺣﻔﻴﻆ * ﺑﻞ ﻛﺬﺑﻮا ﺑﺎ�حﻖ ﳌﺎ ﺟﺎءهﻢ ﻓهﻢ ��‬
‫أﻣﺮ ﻣﺮ�ﺞ( ]ق‪.[5 - 1 :‬‬

‫ﻓﺎﻟﻨﻘﺼﺎن هﻨﺎ ﻟﻠ�ﺎﻓﺮ�ﻦ اﻟﻌﺘﺎة‪ ،‬وا�حﺔ ﺟﻠﻴﺔ ﻻ ﻣﺮاء ﻓ��ﺎ‪ ،‬هﻢ اﻟﺬﻳﻦ �ﺴتﻨﻘﺼﻮن ﻣﻦ اﻷرض‪ ،‬هﻢ اﳌﻌﻨﻴﻮن‬
‫ﺑﺄﻃﺮاف اﻷرض‪ ،‬واﻟ�جﻴﺐ‪ ،‬أن ﷲ ذﻛﺮهﺎ �� ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان وا�حﺔ ً‬
‫ﺟﺪا‪ ،‬ﻣﻦ ﻏ�� ﺗﻔﺴ��‪.‬‬

‫هﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻣﻦ آل ﻋﻤﺮان‪ ،‬ﺣﺴﻤﺖ اﻷﻣﺮ ﺑﺄن اﳌﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻄﺮف هﻢ اﻟﻜﻔﺎر!‬

‫ﻗﺎل ﷲ )وﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﷲ إﻻ �ﺸﺮى ﻟﻜﻢ وﻟﺘﻄﻤ�ن ﻗﻠﻮ�ﻜﻢ ﺑﮫ وﻣﺎ اﻟﻨﺼﺮ إﻻ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ اﻟﻌﺰ�ﺰ ا�حﻜﻴﻢ *‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫"ﻟﻴﻘﻄﻊ ﻃﺮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮوا" أو ﻳﻜﺒ��ﻢ ﻓﻴﻨﻘﻠﺒﻮا ﺧﺎﺋﺒ�ن * ﻟيﺲ ﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ��يء أو ﻳﺘﻮب ﻋﻠ��ﻢ أو �ﻌﺬ��ﻢ‬
‫ﻓﺈ��ﻢ ﻇﺎﳌﻮن * و� ﻣﺎ �� اﻟﺴﻤﺎوات وﻣﺎ �� اﻷرض �ﻐﻔﺮ ﳌﻦ �ﺸﺎء ويﻌﺬب ﻣﻦ �ﺸﺎء وﷲ ﻏﻔﻮر رﺣﻴﻢ( ]آل ﻋﻤﺮان‪:‬‬
‫‪.[129 - 126‬‬

‫ﻓﻼ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑ�ن أﻃﺮاف اﻷرض وا�جﺪار ا�جﻨﻮ�ﻲ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳنﺒ�� اﻻﺳﺘﺪﻻل ��ﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻋ�� �ﺴﻄﺢ اﻷرض‪،‬‬
‫ﺑﻞ هﻨﺎك آﻳﺎت ﻛﺜ��ة وﻓ��ة ﺗﺪل ﻋ�� �ﺴﻄﺢ اﻷرض وﺛﺒﺎ��ﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟيﺴﺖ هﺬﻩ‪.‬‬
‫َ َ ْ ََْ‬ ‫َ َُ َْ َ‬
‫َرَ� َﻨﺎ ﻻ ﺗﺆ ِاﺧﺬﻧﺎ ِإ ْن � ِﺴ َيﻨﺎ أ ْو أﺧﻄﺄﻧﺎ‬
‫﴿ذﻟ ُﻜ ْﻢ َﻗ ْﻮ ُﻟ ُﻜ ْﻢ ﺑ َﺄ ْﻓ َﻮاه ُﻜ ْﻢ َو ﱠ ُ‬
‫� َﻳ ُﻘﻮ ُل ْا� َح ﱠﻖ َو ُه َﻮ َ� ْ� ِﺪي ﱠ‬
‫اﻟﺴب َ‬
‫ﻴﻞ﴾‬
‫َٰ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬