Professional Documents
Culture Documents
New Microsoft Word Document
New Microsoft Word Document
المقدمة:
الخاتمة:
قائمة المراجع:
المقدمة:
إن األنسان يعيش في بيئة من الناس واألشياء وهو يسعى فيها ويكد للظفر بطعامه ومأواه وألرضاء
حاجاته المادية والمعنوية وهو في سعيه هذا يلقى موانع وعقبات ومشاكل مادية وأجتماعية مختلفة
ويجد نفسه مضطرا الى التوفيق بين مطالبه وأمكانات البيئة والى تعديل سلوكه حتى يتالئم مع ما
سيعرض له من ظروف وأحداث ومواقف جديدة وذلك عن طريق التفكير والتقدير وأستخدام ذكائه أو
تعلم طرق جديدة للسلوك يستعين بها على حل مايلقاه من مشكالت.
كما يجد نفسه مضطرا لما تفرضه عليه البيئة وخاصة األجتماعية من قيود وألتزامات بل إنه يرى نفسه
في كثير من األحيان مرغما على أن يصبر ويتحمل األلم أو يلجأ الى أساليب وحيل ملتوية من أجل
إرضاء حاجاته ومطالبه ويكون في ذلك معرضا للرضا والسخط والغضب@ والخوف والحب والكره
واألقدام واألحجام والنجاح واألخفاق وهو في تفاعله هذا يتأثر وينفعل بشتى األنفعاالت ويرغب ويفكر
ويصمم وينفذ ويتعلم كما أنه يعبر عن أفكاره ومشاعره باللفظ مرة وبالحركة أخرى ويحاول أنواعا
مختلفة من السلوك ...
كل هذه األوجه المختلفة من النشاط العقلي واألنفعالي والجسمي والحركي التي تبدو في تعامل األنسان
مع بيئته وتفاعله معها والتي تعكس تأثيره فيها وتأثره بها هي موضوع دراسة علم النفس فهو يبحث
في كل مايفعله األنسان ويقوله أي كل ما يصدر عنه من سلوك حركي أو لفظي كالمشي والكالم
والكتابة والهرب@.
وكذلك كل مايصدر عن األنسان من نشاط عقلي كاألدراك والتذكر والتخيل والتفكير والتعلم واألبتكار
وكل ما يستشعره من تأثرات وجدانية وأنفعالية كاألحساس باأللم والشعور بالضيق أو األرتياح وكل ما
يميل إليه أو يريده أو يرغب فيه أو ينفر منه.
الفصل االول :ألفرد أَد َلر
ألفرد أَد َلر ( 7فبراير 28 – 1870مايو )1937وُ لِد ألفريد أدلر في السابع من فبراير عام 1870
في بينزنغ بالنمسا ،وتوفي في الثامن والعشرين من مايو عام 1937في أبردين شاير باسكوتلندا.
استحدثت طريقته المؤثرة وأسلوبه في علم النفس الفردي مصطلح «الشعور بالنقص» الذي غالبًا ما
عي الح ًقا ومن غير دقة بعقدة النقص .طوَّ ر أدلر عالجً ا نفسيًا داعمًا ومر ًنا لتوجيه األشخاص الذين ُد َ
تعوقهم عقدة النقص عاطفيًا عن النضج والحس السليم -الفطرة السليمة -والمنفعة االجتماعية.
حافز
ٍ اتبع أدلر خالل حياته مبدأً يقوم على فهم المشكالت االجتماعية فهمًا ضلي ًعا ،وهذا ما كان بمثابة
أساسي في عمله.
حائزا على درجة الماجستير من جامعة فيينا الطبية ً أ َّكد أدلر -منذ أولى بدايات عمله عندما كان طبيبًا
عام -1895على االهتمام بالمريض ورعايته ضمن عالقته بالبيئة المحيطة ،وبدأ بتطوير منهج
إنساني وشامل يهتم بالمشكالت اإلنسانية.
باشر أدلر باستكشاف علم األمراض النفسية عام 1900ضمن إطار الطب العام ،وفي عام 1902
أصبح على عالقة مقربة مع سيغموند فرويد ،إال أن االثنين اختلفا ولم يعد ممك ًنا التوفيق بين آراء كل
منهما خاصة بعد ظهور كتاب أدلر «دراسة في النقص العضوي (دونية العضو) والتعويض الجسدي
عن هذه النقص» الذي يشير فيه إلى أن األشخاص يحاولون التعويض عن اإلعاقة الجسدية وشعورها
المصاحب بالدونية عن طريق الجانب النفسي ،وهذا التعويض غير المُرضِ ي@ ينتج عن مرض
«العصاب».
قلل أدلر من قيمة ادعاء فرويد أن الصراعات الجنسية في الطفولة المبكرة تسبب المرض العقلي،
ص َر النشاط الجنسي لإلنسان على دور رمزي يتمثل في كفاح اإلنسان وذهب أبعد من ذلك حين ق َ
وسعيه للتغلب على مشاعر القصور وعدم الكفاية.
في عام 1911انتقد أدلر فرويد عل ًنا وبصراحة ،وقطع -هو ومجموعة من التابعين له -العالقات مع
فرويد والحلقة المحيطة به ،وبدأوا بتطوير ما سموه علم النفس الفردي الذي لُ ِّخص ألول مرة في كتاب
«التكوين/الطبيعة العصابية »عام .1912
شرح أدلر علم النفس الفردي شرحً ا مفصاًل في طبعات الحقة وكتابات أخرى مثل «فهم الطبيعة
البشرية» المنشور عام .1927
يذهب علم النفس الفردي إلى أن دافع السيطرة والهيمنة عند أغلب الناس يتجلى في النزوع والسعي لما
أشار إليه أدلر إشارة خاطئة بالتفوق (فهم الذات أو الكمال).
قد يعطل الشعور بالدونية والنقص -الذي ينبع من العيوب الجسدية ونقائصها أو المنزلة االجتماعية
المتدنية أو التدليل أو التجاهل في مرحلة الطفولة أو أسباب أخرى قد نواجهها في مسرح الحياة -هذا
السعي نحو التفوق .يستطيع األفراد تعويض مشاعرهم بالدونية عن طريق تطوير مهارتهم وقدراتهم أو َ
ضا غير صحي بتطويرهم عقدة نقص تهيمن على سلوكهم في نهاية األمر. قد يعوضون تعوي ً
قد يأخذ التعويض المبالغ فيه عن مشاعر الدونية شكل السعي الفردي لحيازة القوة والسلطة وسلوك
تضخيم الذات على حساب اآلخرين.
ينمي كل شخص شخصيته ،ويسعى نحو الكمال ك ٌل بطريقته الخاصة ،ذلك ما دعاه أدلر بأسلوب
الحياة.
يتشكل أسلوب الحياة في الطفولة المبكرة ويتحدد بدونية محددة (شعور بالنقص من شيء ما) أثرت فيه
في أثناء سنواته التكوينية.
يتمازج السعي نحو التفوق بدافع آخر داخلي وذلك بالتعاون والعمل مع اآلخرين من أجل الصالح العام،
ودعا أدلر هذا الدافع أو الرغبة بالمصلحة االجتماعية.
توصف الصحة العقلية عند الفرد بالمنطق والمصلحة االجتماعية والسمو الذاتي ،أما االعتالل العقلي
فيوصف بمشاعر الدونية وحب الذات وانشغالها بسالمة الشخص وتفوقه أو هيمنته على اآلخرين. َ
يوجه العالج النفسي عند أدلر انتباه المريض إلى الشخصية الفاشلة والعصابية الناتجة عن محاوالته
إلشباع مشاعر الدونية والنقص وإرضائها ،وحالما يدرك المريض هذه المحاوالت ،يساعده المعالج
على بناء احترامه لذاته وتقديرها وتب ّني أهداف أكثر واقعية ويشجعه على اتخاذ سلوك أكثر إفادة
واهتمامًا اجتماعيًا أقوى.
في عام 1921أسس ألفريد أدلر أول عيادة توجيه لألطفال في فيينا ،وسرعان ما افتتح الح ًقا أكثر من
ثالثين عيادة تحت إدارته.
ً
أستاذا زائرً ا لدى جامعة كولومبيا عام انتقل أدلر أواًل إلى الواليات المتحدة عام 1926وأصبح
ً
أستاذا زائرً ا عام .1932 ،1927وعيّن في جامعة لونغ أيالند للطب في نيويورك
أغلقت الحكومة النمساوية عياداته في عام .1934
توجهت العديد من كتابات أدلر إلى القارئ العام مثل «ماذا يجب أن تعني الحياة لك» ،وفي عام
1931نشر هينز إل و روينا .أر أنسباشر Heinz L. and Rowena R. Ansbacherكتاب
1
«علم النفس الفردي» عند ألفريد أدلر عام 1956وكتاب «تفوق المصلحة االجتماعية» عام .1964
الفصل الثاني :جوردون ألبورت
جوردون ألبورت ( 11نوفمبر 9-1897أكتوبر )1967كان عالم نفس أمريكي .كان ألبورت من
أوائل علماء النفس الذين درسوا الشخصية ،وغالبًا ما تتم اإلشارة إليه على أنه أحد األشخاص الذين
وضعوا األساس لعلم نفس الشخصية .ساهم ألبورت في إنشاء معايير القيمة ورفض التحليل النفسي
ضا أسلوب السلوك للشخصية؛ ألنه كان يعتقد أن الشخصية كانت دائمًا عميقة ج ًدا .رفض ألبورت أي ً
هذا ،معتق ًدا أنه لم يكن عمي ًقا بما يكفي .ويؤكد ألبورت دائمًا على تفرد كل شخص ،ومن الضروري@
دراسة حاضر كل شخص بدالً من ماضيه لفهم شخصية ذلك الشخص.
ألبورت هو مؤثر عميق ودائم في مجال علم النفس ،على الرغم من أن عمله لم يصل إلى مستوى
اآلخرين ،نظرً ا لتعدد استخداماته في الهجوم والعديد من أفكاره حول العديد من الموضوعات المثيرة
لالهتمام (مثل الشائعات والتحيز وسمات الشخصية) ،لعب ألبورت دورً ا مهمًا في علم النفس ،كما زاد
ألبورت من أهميته من خالل عمله التدريسي ،ألنه اعتاد أن يترك انطباعًا عمي ًقا ودائمًا في نفوس
الطالب ،ومنذ ذلك الحين أصبح الكثير منهم مهتمًا في مجال علم النفس.
يشمل الطالب في ألبورت جيروم برونر ،وأنتوني غرينوالد وستانلي ميلجرام وليو بوستمان وتوماس
بيتيجرو وإم بروستر سميث .شقيقه فريد هنري ألبورت أستاذ علم النفس االجتماعي وعلم النفس
السياسي من 1924إلى ،1956عمل في مدرسة ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة بجامعة
ً
أستاذا زائرً ا في جامعة كاليفورنيا، سيراكيوز (سيراكيوز ،نيويورك ،الواليات المتحدة األمريكية) وكان
بيركلي.
أبرز أعمال ألبورت :الشخصية ،التفسير النفسي ،هولت ،رينهارت ونستون؛ في عام 1937في
نيويورك @.الفرد ودينه مكميالن في عام 1950في نيويورك .طبيعة التحيز .1954اإلعتبارات
3
مدخل إلى التحليل النفسي سيغموند فرويد دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت 1995
التنويم المغناطيسي ،وفي عام 1886شارك العالم فيري في تأليف كتابه “مغناطيسية الحيوان” @.ثم
أصبح مدير المختبر في علم النفس الفسيولوجي.
أثناء عمله في المختبر ،تمكن من تأسيس علم النفس التجريبي الفرنسي لوحده ،وكان “الكتاب السنوي
لعلم النفس” نافذة مفتوحة على العالم الخارجي حتى وفاته في عام .1911من الضروري الرجوع إلى
كتابه الكالسيكي “مقدمة في علم النفس التجريبي” الصادر عام ،1894ويتضمن ذلك الكتاب المحاولة
جادة لرسم صورة حية لعلم النفس الجديد وتحديد أساليبها ومجاالت البحث العلمي األساسية .في هذا
الصدد ،وصف بينيه إلى الشخص الذي علمه “ريبو” أنه يجب أن يحول علم النفس من شكله التأملي
إلى صورته للتجربة العلمية.
في وقت الحق ،أصبح علم نفس الطفل أحد المجاالت المهمة لعمل بينيه ،وقد انعكس هذا االهتمام في
عملية إنشاء مختبر تعليمي تجريبي في مدرسة شارع كرانج أوبل بالتعاون مع فاني .كما يثبت كتابه
4
األخير “أفكار معاصرة عن األطفال” اهتمامه بالطفولة ،وهو ملخص لعمله في عام 1911م.
الفصل الخامس :ويليام جيمس
ويليام جيمس فيلسوف وعالم نفس أمريكي وأحد قادة الحركة الفلسفية الذرائعية ومؤسس الحركة
الفلسفية االنتفاعية .ولِد في 11يناير 1842في نيويورك بالواليات المتحدة ،وتوفي في 26أغسطس
1910في تشوكوروا ،نيوهامبشير ،بالواليات المتحدة.
حياته المبكرة ومسيرته التعليمية
كان ويليام أكبر أبناء المتفرد هنري جيمس ،الذي كان فصيح اللسان متأثرً ا فلسفيًا بالهوت إيمانويل
سويدنبرغ ،وقد حمل كراهية «لكل المتزمتين@ في الشريعة ،عبّر عنها خالل سنواته األخيرة بازدراء
وتهكم دائمين» .هذا عن والد ويليام أما عن إخوته فقد كان الروائي هنري جيمس أحدهم.
كان جانبا حياة األب؛ المادي والروحاني ،مضطربين ال يقر لهما قرار ،وقد تجول كثيرً ا خصوصًا في
ً
متخذا أعمال أوروبا ،ما ّأثر على تعليم أوالده في المدرسة وفي البيت .أقام األب نظامًا خاصًا به
سويدنبرغ -التي قُ ِّدمت بوصفها وحيًا من هللا يُبشر بعصر جديد من الحقيقة والعقالنية في الدين -أساسًا
ً
ورؤية للحياة الروحانية. له .وقد استخدم هذا النظام -كما يبدو -تصورً ا
جوا عقليًا ثاب ًتا في حياة ويليام المنزلية ،فعوّ ضت -إلى حد ما -عن حياته الدراسية
و ّفرت هذه الفلسفة ً
الشاذة التي تنقل فيها بين نيويورك وبولونيا وفرنسا وجنيف.
عالم النفس األمريكي ويليام جيمس :سيرة شخصية -الحركة الفلسفية الذرائعية -مؤسس الحركة
الفلسفية االنتفاعية -عصر جديد من الحقيقة والعقالنية في الدين
اكتسب ويليام سلوكه المتعاطف والمنتقد في نفس الوقت ألي وجهة نظر وفي جميع المناسبات من
تعامله مع أبيه في أثناء العشاء أو في أوقات شرب الشاي ،وحين بلغ الثامنة عشر من عمره جرب
نفسه في دراسة الفن تحت إشراف رسام اللوحات الدينية األمريكي ويليام هانت ،إال أنه سرعان ما م ّل
األمر فاتجه -في السنة التالية -إلى مدرسة لورنس العلمية بجامعة هارفرد.
درس ويليام جيمس فصواًل في الكيمياء والتشريح وما شابه ذلك هناك ثم انتقل إلى دراسة الطب
ضا ،لكنه قطع دراسته ليرافق عالِم الطبيعيات البارز لويس أغاسِ ز في رحلة بمدرسة الطب بهارفرد أي ً
إلى األمازون مساع ًدا له ،وهناك ساءت صحته وأرهقته واجباته فرجع إلى كلية الطب لفصل واحد قبل
أن يذهب إلى ألمانيا خالل سنتي 1867و 1868ليدرس مع عدد من الشخصيات منهم عالم الفيزياء
4ما وراء األوهام إريك فروم دار الحوار للنشر والتوزيع الالذقية 1994
والطبيب النفسي هيرمان فون هلمولتز الذي صاغ قانون حفظ الطاقة ،ومختص األمراض رودولف
فيرتشو ،وكلود بيرنارد الذي كان أشهر مجربي القرن التاسع عشر في الطب ،إضافة إلى آخرين.
وفي نفس الوقت ،قرأ جيمس كثيرً ا في علم النفس والفلسفة ،وخصو ً
صا كتابات النسبوي والمثالي
الكانطي تشارلز رينوفيير ،وكان لقاؤه باألخير نقطة فارقة في مسار حياة جيمس من الناحيتين
الشخصية والفكرية.
بدا جيمس -مذ كان يافعًا -ول ًدا رقيق الصحة علياًل ،وعانى انهيارً ا خالل فترة مكوثه في ألمانيا حتى أنه
فكر في االنتحار ،ولم تكن صحته على ما يرام لما عاد إلى وطنه في نوفمبر 1868بعد 18شهرً ا
قضاها في ألمانيا ،ومع أنه نال شهادته في الطب من هارفرد في يونيو 1869لكنه لم يكن قادرً ا على
ممارسة مهنته.
منذئذ حتى عام 1872عاش جيمس في بيت أبيه في حالة هي وسط بين المرض والصحة ،ال يفعل إال
القراءة وكتابة مراجعات في مناسبات عرضية ،وقد عانى في بداية هذه الفترة نوعًا من الخوف
ال َم َرضي الزمه حتى أبريل ،1870ثم تحسن -كما يقول -بفضل قراءته لما كتبه رينوفيير عن اإلرادة
الحرة ،وبفضل قراره في أن يكون أول عمل يقوم به معبرً ا عن حرية إرادته هو إيمانه بحرية اإلرادة
نفسها.
تضمن القرار ترك كل أنواع الحتميات (الجبرية)؛ العلمي منها والالهوتي ،وكان قد اعتقد بالنوع األول
بفضل دراسته ويبدو أن لذلك عالقة بعصابه (النفسي) ،وقد اعتقد بالجبرية في الالهوت والماورائيات
ضا ثم عارض ذلك الح ًقا على أساس مبدأ (أو فلسفة) الكون األبدي (حيث كامل الوجود في كل أي ً
األوقات حقيقي).
يبدو أن مشكلته الشخصية المحزنة دفعت به إلى كل اكتشاف ثوري قام به في علم النفس وفي الفلسفة،
وإلى آرائه حول طرق العلم وسجايا البشر وطبيعة الحقيقة.
أهميته وتأثيره
ال شك في أن عمل جيمس في علم النفس أصبح من الماضي ،بنفس الطريقة التي أصبحت فيها أعمال
غاليليو في الفيزياء أو داروين في األحياء ،إذ إنها كانت الرحم الذي أنجب كل التطورات الجديدة
المختلفة في علم النفس ،تلك التي يحتفي بها الناس اليوم.
أما في الفلسفة فما يزال عمل جيمس نبوئيًا ،إذ إن العا َلم الذي جادل الناس حوله ودافع عنه سرعان ما
صا آينشتاين وبرتراند انعكس في الفيزياء الجديدة ،وفُ ِّسر بتنوع مع أصدائه عند تشارلز بيرس ،وخصو ً
رسل وعالم الفيزياء الكمية الدنماركي نيلز بور ،فقد دافع جيمس عن رؤية لعالم تتصل أحداثه ببعضها
على مراحل ،عالم متنوع متشعب متغير وُ لِد بالصدفة واستمر بالوجود بفضل العادة (التي يدعوها
العلماء :قوانين) وتحوّ ل بعفوية باستغالل الفرص المتاحة وحيز الحريات.
آمن جيمس -حين تحدث عن الطبيعة البشرية -بأن سمات العا َلم واضحة جميعها ،وأن الحدث المعين
الحقيقي هو الفرد ،فبتدخله في التاريخ يحوّ ل التاريخ إلى وجهة جديدة وغير متوقعة .لكن الجريان
المتواصل@ للتغيرات والصُدف@ في التاريخ -كما في الطبيعة -يحول كل كائن ويُبطِ ل كل قانون ويغير كل
حالة مثالية.
عاش جيمس وف ًق ا لفلسفته ،إذ تسللت هذه الفلسفة إلى نسيج أسلوبه األدبي الثري والحيوي وإلى
إيقاعاته ،وحددت موقفه من المثاليات البغيضة كالروح العسكرية ،مثلما حددت موقفه من العالجات
غير المقبولة علميًا كالعلم المسيحي أو شفاء العقل.
فلسفة ويليام جيمس جعلته ضد االستعمار ،مداف ًعا عن الصغير والمختلف والضعيف والمُستحدث أينما
-وحيثما -و ِجد ،وكانت هذه الفلسفة عملية ج ًدا مصقولة بمهارة معزولة أكثر من الالزم تجريبية وأولية،
ما يجعلها غير صالحة ألن تكون عقيدة مدرسة فلسفية ،فلم تنجح في التحول إلى نموذج تقليدي يسير
5
عليه الناس ،لكنها نجحت في زرع بذور األفكار الجديدة في عقول اآلخرين.
الفصل السادس :سيجموند $فرويد
سيجموند فرويد ( 6أيار/مايو 23-1856أيلول/سبتمبر@ )1939مؤسّس علم التحليل النفسي (أحد
طرق العالج السريري التي يتحدث فيها المريض إلى المعالج النفسي).
بالرغم من إثارة أفكاره للجدل إاّل أنّ فرويد كان أحد أكثر العلماء تأثيرً ا في مجا َليْ علم النفس والطب
النفسي .وبالرغم من مُضي مئة عام على نشرها ،إاّل أنّ نظريات فرويد ما تزال تؤثر في فهمنا
للشخصية والعقل.
حياة سيجموند فرويد
وُ لِدَ فرويد ألبوين يهوديّين ،هما جايكوب الّذي عمل كتاجر صوف وإميليا الّتي كانت زوجته الثانية ،في
السادس من أيار/مايو 1856شهدت مدينة فرايبرج مولد سيجموند شلومو فرويد بمقاطعة مورافيا
باإلمبراطورية النمساوية المجريةُ ،تعرف المدينة اآلن باسم بريبور وتقع في جمهورية التشيك.
قضى فرويد معظم سنوات حياته ونشأته بفيينا ،حتى زواجه بمارثا بارنز عام ،1886وأثمر الزواج
عن ست أطفال ،منهم ابنته آن فرويد الّتي أصبحت الح ًقا محللة نفسية متميزة.
في عام ،1909سافر فرويد إلى الواليات المتحدة لعرض نظرياته بجامعة كالرك بماساتشوستس.
كانت هذه المحاضرة األولى الّتي يلقيها خارج فيينا.حتى هذه اللحظة ،كان فرويد ذائع الصيت بالرغم
ش ّخص فرويد بسرطان الفك كنتيجة من توجهه العلماني.في@ عام 1923وبعمر السابعة والستينُ ،
حتمية لسنوات عدة من تدخين السجائر.تضمن@ عالجه إجراء 30عملية على مدى ستة عشر عامًا
تالية ،وفقا للبرنامج التليفزيوني « »public broadcasting serviceفي حلقة «A Science
.»Odysseyعاش فرويد بفيينا حتى احتاللها من قِبل األلمان عام .1938بالرغم من كونه يهوديًا أاّل
أنّ شهرته أنقذت عنقه معظم الوقت.فقدد قام الحزب النازي بحرق مؤلّفاته على امتداد ألمانيا ،لك ّنهم
سمحوا لهه بمغادرة النمسا بعد مصادرة جواز سفره لفترة .وسافر فرويد مع زوجته إلى إنجلترا،
وتوفي بها في سبتمبر .1939
مؤلفات سيجموند فرويد
في عام ،1873التحق فرويد بعمر السابعة عشر بمدرسة الطب بجامعة فيينا.
وبحلول عام 1882أصبح مساع ًدا بعيادة المستشفى العام وتدرب مع الطبيب النفس@@ي ثي@@ودور م@@ايرنت
بحثا ها ًّم@@ا ح@@ول نخ@@اع وأستاذ طب األمراض الباطنة هيرمان نتناجل.بعد ثالث أعوام كان فرويد قد أت ّم ً
ال@@@@دماغ ( )brain’s medullaوع ُِي َن محاض@@@@رً ا لعلم األم@@@@راض العص@@@@بية ،طب ًق@@@@ا للموس@@@@وعة
البريطانية.حظِ َى فرويد بصداقة الفيزيائي وعالم الفسيولوجيا جوزيف بروير ،لعبت تل@@ك الص@@داقة دورً ا َ
مؤثرً ا على المسار المهني لفرويد.فقد أخبر بيروير صديقه عن استخدامه للتنويم المغناطيس@@ي في عالج
حالة السيدة بيرثا بابينهام من مرض الهيستيريا.حين قام بيروير بتنويمها مغناطيس ًّيا ك@@انت مارث@@ا ق@@ادرة
على التحدث عن أشياء لم تتذكرها في حالتها الواعية.بدأت أعراض المرض تزول تدريج ًّيا.
وأصبح التنويم المغناطيسي يُعرف بالعالج بالكالم (.)talking cure
5أزمة التحليل النفسي إريك فروم المؤسسة الجامعية للدراسات و الشر والتوزيع بيروت@ 1988
سافر فرويد وقتها إلى باريس للمزيد من الدراسة حول األمر تحت إشراف عالمة األعصاب جاين
مارتن شاركو الّتي ذاع صيتها الستخدامها التنويم المغناطيسي في عالج الهيستيريا.
بعد هذه الرحلة الدراسية ،عاد فرويد لموطنه عام 1886وافتتح عيادة متخصصة ألمراض االعصاب
ى نفعًا ،لذا طوّ ر فرويد والدماغ.لك ّنه وجد أنّ التنويم المغناطيسي ال يُعطِ ي النتائج المأمولة وال يُجد ِ
طريقة جديدة لحمل الناس على التحدث بحريّة.كان فرويد يجعل المريض يستلقي على أريكة ليصبح
مسترخيًا تمامًا ،ث ّم يحثه على الحديث عن أي شيء يخطر بباله ،وبعدها يقوم بتدوين كل شيء قاله
دَعى هذه الطريقة للعالج بالتداعي الحر (.)free association الشخص ،ويقوم بتحليله الح ًقاُ .ت َ
في 1985نشر فرويد نتائجه في ورقة بحثية بمشاركة صديقه بروير تحت عنوان «دراسات حول
الهيستيريا».شهد عام ،1896وضع فرويد لمصطلح التحليل النفسي ( ،)psychoanalysisوهو
منهج لتحليل العمليات العقلية الالشعورية وتوضيح العالقة بين الشعور والالشعور وطريقة للعالج
ُدعى بعلم النفس العميق ( )depth psychologyأيضًا.وطوّ ر فرويد ما يُد َعى النفسي ،كما ي َ
باألنظمة الثالثة لشخصية االنسان (الهو واألنا واألنا العليا)@.
النظام األول :الهو ()ID
هي الجزء األساسي الالشعوري الّذي تنشأ عنه فيما بعد األنا واألنا العليا.وتتكون من جزء فطري
يشمل الغرائز الموروثة وجزء مكتسب يشمل العمليات العقلية المكبوتة وتعمل الهو وفق مبدأ اللذة
وتجنب األلم دون مراعاة المنطق واألخالق والواقع.
النظام الثاني :األنا ()ego
هي شخصية المرء في أكثر حاالتها اعتدااًل بين الهو واألنا العليا ،وهي تقبل بعض التصرفات من هذا
وذاك ،وتربطها بقيم المجتمع وقواعده ،من الممكن لألنا أن تقوم بإشباع بعض الغرائز الّتي تطلبها
الهو ،ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع وال ترفضها األنا العليا.وهي تعمل وفق مبدأ الواقع.
وتمثل األنا اإلدراك والتفكير والحكمة والمالءمة العقلية ،كما ُتشرف على النشاط اإلرادي للفرد وإذا
فشل في الموازنة بين الهو واألنا العليا أصابها القلق ولجأت إلى تخفيفه عن طريق الحيل الدفاعية.
النظام الثالث :األنا األعلى ()super-ego
تحفظا وعقالنية ،وال تتحكم في أفعاله سوى القيم األخالقية ً هي شخصية المرء في صورتها األكثر
ّ
وتمثل األنا العليا والمجتمعية والمبادئ ،مع البعد الكامل عن جميع األفعال الشهوانية أو الغرائزية
الضمير ،ويتكون ممّا يتعلمه الطفل من والديه ومدرسته والمجتمع من معايير أخالقية.
وتعتبر األنا العليا مثالية وليست واقعية ،وتتجه للكمال ال إلى اللذة أي أ ّنها تعارض الهو واألنا.
إذن ،يمكن القول إجمااًل بأنّ الهو هي الغرائز البدائية بينما األنا هي الجزء الّذي يتفاعل مع العالم
المحيط أمّا األنا العليا هي الجزء األخالقي الّذي يحدد المعايير االخالقية لألنا.
في عام ،1900كسر فرويد قواعد الطب النفسي بنشر كتابه «تفسير األحالم» ،إذ أشار فرويد إلى
طاقة العقل على أ ّنها الرغبة الجنسية الّتي يجب تفريغها لإلحساس بالمتعة وتجنب األلم.أمّا إذا لم ُتفرّ غ
هذه الطاقة جسديّا ،فإ ّنها س ُتفرّ غ من خالل األحالم.أوضح الكتاب مفهوم رمزيّة األحالم لدى فرويد،
فاألحالم ما هي إاّل رغبة الالوعي في بلوغ الكمال ،كما أنّ تحليل فحوى األحالم قد يؤدي لعالج أحد
ُعرف أشكال الخوف المرضي@ المسمّى بمرض العصاب.واستنتج فرويد أنّ ألي حلم جزئيين اثنين ،ي َ
األوّ ل بالمحتوى الواضح ( )manifest contentوهو الرؤية والصوت@ الواضحان في عالم الحلم
والثاني هو المحتوى الخفي ( )latent contentأي المعنى الخفي للحلم.واستغرق@ فرويد عامين
لكتابة «تفسير االحالم».
كانت مبيعات النسخ األولى منخفضة ونال أرباحً ا بلغت 209دوالر فقط.واستلزم األمر 8أعوام حتى
ِب َيعت 600نسخة من الكتاب ،مع ذلك ،اكتسب العمل شعبية عندما اشتهر فرويد ،وأصدر سبع طبعات
خالل حياته وف ًقا لبرنامج (.)public broadcasting serviceفي عام 1901نشر فرويد كتاب
«السايكولوجية في الحياة اليومية» ،والّذي أدخل فيه مصطلح االنزالق الفرويدي ()Freudian slip
ضا بخطل األداء ( )parapraxesوهو أحد مفاهيم التحليل النفسي الكالسيكية. الّذي ي َ
ُعرف أي ً
ث عرضيٍ بل هي نتيجة الرغبات وضع فرويد نظرية تقول بأنّ النسيان أو زاّل ت اللسان ال تحدث كحاد ٍ
المكبوتة لدى الالوعي الديناميكي ما ُي َعد أمرً ا ذا معنى حول شخصية اإلنسان.في العام التالي أصبح
أستاذا بجامعة فيينا.وسرعان ما أصبح له الكثير من المتابعين وأنشأ ما يُعرف بجمعية التحليل ً فرويد
النفسي.لم يتوقف األمر عند تلك الجمعية بفيينا بل بدأت مجموعات مماثلة تتشكل في مدن أخرى.
باإلضافة لذلك ،كان الكثير من علماء النفس المشاهير من أمثال ألفريد أدلر وكارل يونج من أوائل
المتابعين لفرويد.في عام 1905ظهرت للنور أكثر نظريات فرويد إثار ًة للجدل ،أال وهي نظرياته عن
الدافع الجنسي ،الّتي ُنشِ َرت تحت عنوان «ثالث مساهمات للنظرية الجنسية».نصّت النظرية على أنّ
الدافع الجنسي ي َُعد عاماًل مه ًّما وكبيرً ا في تحديد شخصية اإلنسان ،حتى األطفال الرُّ ضع ،وهي الفكرة
ُعرف بعقدة أوديب (Oedipus الّتي تناولها فرويد من قبل في مؤلفاته األولى.كما طوّ ر فرويد ما ي َ
)complexالّتي تنصّ على أنّ للفتيان انجذاب جنسي تجاه أمهاتهم ما قد يخلق نو ًعا من الغيرة تجاه
األب.بعد عدة أعوام خرج فرويد بإحدى نظرياته الجنسية المثيرة للجدل في محاضرة ألقاها تحت
عنوان «األنوثة» عام .1933
النظرية الّتي أسماها «حسد القضيب »penis envy-وتنصّ على أنّ الفتيات في سنّ الطفولة تحسدن
أقرانهن من الفتية المتالكهم القضيب ،وتظهر أعراض الحسد ذاك كحُبّ من قبل االبنة تجاه أبيها
ورغبتها في إنجاب ذكر ،ألنّ ذلك هو أقرب ما يكون المتالكها قضيب خاص بها.عادة ما يُسخر من
فرويد لميله لتفسير كل شيء بأ ّنه يحمل داللة جنسية خفية.ومن القصص مجهولة المصدر ،ما قيل عن
لقيت بحضرة فرويد عن وجود داللة جنسية للسيجارة لشبهها القريب من القضيب ،فما كان من ُ
دعابة أ ِ
فرويد إاّل أن أجاب« :أحيا ًنا تكون السيجارة مجرد سيجارة وال شيء أكثر».يطلق@ البعض على هذا
الموقف أ ّنه أكثر مزحة لفرويد مضادة لألفكار الفرويدية.لكن ال يوجد دليل أكيد على أنّ فرويد قال هذه
العبارة ،وف ًقا لما نشره ألن سي آلمس عام 2001في الجريدة السنوية للتحليل النفسي.الزالت@ نظريات
فرويد تثير الجدل في دوائر علم النفس والطب النفسي سواء في حياته أو بعد مماته ،ما قد ي ُِثبت صحة
أفكاره.ويقول كارول ليبرمان الطبيب النفسي في بيفرلي هيلز وأحد تالمذة آن فرويد« :اكتشف فرويد
الالوعي والدفاعات النفسية ،بما فيها اإلنكار والكبت».وأضاف« @:إذن ،يمكن القول بأنّ ك ّل المحاوالت
إلنكار رؤى فرويد ،تزيد من تأكيد صحتها».مالحظات سيجموند فرويدال يُعد علم النفس التحليلي
ت معتبر ًة في علم النفس ،وهي ُتدرس كمرحلة هامّة من مراحل علم وطروحات فرويد اليوم طروحا ٍ
النفس ولكن ليس كعلم.كما ُتدرس ضمن علم النفس الّذي يعطي شهادة آداب في معظم دول العالم.
كما لم تسلم طروحات فرويد من األخطاء واالختالالت المنهجية من قبيل االستطراد باآلراء الشخصية
وإسقاطاتها وإحاللها محل البيانات العلمية ،أو االعتماد على حاالت فردية واعتبارها كافية إلثبات
الفرضيات.كما@ عُرف فرويد بتعتيم البيانات غير المناسبة لطروحاته في حاالت معينة.فضاًل عن ذلك
فقد فندت الطروحات الجديدة بشكل مباشر كثيرً ا ممّا قاله فرويد.وال يقتصر ما قدمه فرويد على سوء
المنهج والفكر بل سبب كثير من أفكاره السيئة الصيت في العالج النفسي أضرارً ا@ على مستوى فئات
وأفراد السيما عالج الذكريات المكبوتة.ورغم أنّ علم النفس في عهد فرويد لم يكن في مكانة تؤهله ألن
يكون علمًا وألن ينال أي وسيلة كافية للدراسة؛ فإنّ طروحات فرويد كانت من العمق والتفصيل حول
أمور غير قابلة للقياس في وقته لدرجة أنّ علم النفس المعرفي وعلم األعصاب لم يصل إلى مستوى
تفصيلها وعمقها إلى اليوم.يُعد فجر علم النفس الحديث مبتد ًئا ببوادر علم النفس السلوكي في مطلع
6
القرن العشرين@.