You are on page 1of 5

‫التاريخ‪2021/01/12 :‬‬ ‫دروس عبر الخط‪:‬‬

‫األستاذ‪ :‬فريد زغالمي‪.‬‬ ‫المقياس‪ :‬التحميل النفسي لألدب‪.‬‬

‫تخصص‪ :‬نقد ومناىج‬ ‫الجمهور المستهدف‪ :‬السنة الثالثة ليسانس‬

‫المحاضرة الثالثة‪ :‬عمم النفس الفردي أو السيكولوجيا الفردية عند ألفريد أدلر‬

‫يعتبر "ألفريد أدلر"(‪ )1338-1780‬واحدا من الثالثة –مع كل من سيغموند فرويد‬


‫وكارل غوستاف يونغ‪ -‬الذين كان ليم فضل تأسيس عمم النفس الحديث‪ .‬وقد بدأ اىتمام "أدلر"‬
‫بالتحميل النفسي في بداية القرن العشرين‪ ،‬وانضم إلى حمقة المناقشة التي أنشأىا فرويد في عام‬
‫‪1302‬م‪ ،‬وفي عام ‪ 1310‬أصبح "أدلر" رئيسا لمجتمع التحميل النفسي بفيينا‪ ،‬وبتزكية من‬
‫"فرويد" نفسو‪ ،‬لكن رغم ذلك فإن الخالفات سرعان ما تفاقمت بينو وبين "فرويد" مما أدى إلى‬
‫استقالة "أدلر" عام ‪.1311‬‬

‫كون "أدلر" مع بعض زمالئو ممن كانوا مع "فرويد"‪ ،‬وكان عددىم تسعة‪ ،‬جماعة البحث‬
‫ّ‬
‫وغير اسميا في عام ‪1312‬م إلى جماعة "عمم النفس الفردي"‪،‬‬ ‫الحر في التحميل النفسي‪ّ ،‬‬
‫والتي أكدت عمى أىمية النظرة الشاممة لشخصية الفرد‪ ،‬وكممة "الفردي" قد استخدمت لمتأكيد‬
‫تميز واختالف كل شخصية عن األخرى‪ ،‬وعن عدم إمكانية تقسيم أو تجزئة الشخصية‪،‬‬
‫عمى ّ‬
‫بل وجوب النظر إلى الشخصية عمى أنيا وحدة ال تتجزأ‪.‬‬

‫كان "أدلر" وجماعة عمم النفس الفردي بداية جديدة تماما لحركة التحميل النفسي‪ ،‬وقد‬
‫طبعت اىتمامات أدلر االجتماعية نظرياتو‪ ،‬وجعمتيا متباينة كل التباين عن نظريات "فرويد"‪.‬‬
‫ويشترك مع أدلر من جماعة التحميل النفسي عمماء ساروا في الطريق االجتماعي نفسو‪ ،‬منيم‪:‬‬
‫"إريك فروم"‪" ،‬كارين ىورني"‪" ،‬ىاري ستاك سوليفان"‪.‬‬

‫إن "أدلر" ىو الرائد لمنظرة "االجتماعية النفسية" كمجال لتأكيد الذات ووسيمة إلحراز‬
‫التفوق‪ ،‬ولم يوافق "أدلر" أستاذه "فرويد" في قولو بالجنسية الشاممة ومرضية السموك والبحث عن‬
‫‪1‬‬
‫مسبباتو؛ إذ ركز "أدلر" نظريتو عمى غائية السموك؛ فإذا كان "فرويد" في بحثو يحاول أساسا أن‬
‫يتتبع المسببات والعمل التي أدت إلى أن يتم ىذا السموك بتمك الكيفية‪ ،‬وبالتالي ييتم بكشف‬
‫معنى ىذا السموك بالنسبة إلى تمك الشخصية التي قامت بو أو تقوم بو‪ ،‬فإن "أدلر" ال يعير ىذا‬
‫اىتماما كبيرا؛ إنما يتجو مباشرة نحو دراسة اليدف من ىذا السموك‪.‬‬

‫وتركز نظرية "أدلر" عمى أن إرادة القوة والتفوق وبموغ الكمال وقير اإلحساس بالدونية أو‬
‫ب النقص أو بالقصور ىي الدافع الرئيسي لدى اإلنسان‪ .‬وكأن اإلنسان في سعيو الدؤوب إنما‬
‫ييدف إلى شيء واحد ىو أن يكون محققا لذاتو في مجتمعو كأفضل ما يكون التحقيق‪.‬‬

‫إن التحقيق األفضل لمذات سوف يكون معياره مختمفا بين األفراد‪ ،‬فينما يراه البعض في‬
‫القوة والغنى واألمور األنانية الضيقة‪ ،‬كما يفعل المرضى النفسيون‪ ،‬يراه آخرون في األىداف‬
‫النبيمة ذات الطابع االجتماعي والتي تؤدي إلى تقوية المجتمع ومساعدتو عمى النيوض وتحقيق‬
‫تقدمو ورفعتو‪ ،‬كما ىو الحال لدى أصحاء النفوس‪ .‬ومن ىنا تتبدى نزعة "أدلر" االجتماعية‬
‫الواضحة مما أكسبيا بريقا ىوى إليو بعض العمماء والمفكرين‪.‬‬

‫منا منذ والدتو يبدأ مراحل نموه‬


‫إن نظرية "أدلر" في نمو الشخصية تتركز في أن كال ّ‬
‫اليادفة تصاعديا إلى بموغ الكمال أو االقتراب منو قدر المستطاع‪ .‬فالفرد في نموه يتجو دائما‬
‫إلى أعمى متخطيا مراحل الضعف محققا القوة‪ .‬فمثال الطفل الصغير تدفعو رغبة جامحة نحو‬
‫منا أسموبو‬
‫تحقيق االنتصار والقوة والنجاح واثبات الذات‪ .‬وىذا ما يساعده في نموه‪ ،‬كما أن لكل ّ‬
‫الخاص ورؤاه في كيفية تحقيق قوتو أو إثبات وجوده‪ ،‬فيذا يحققيا‪ ،‬أو يريد أن يحققيا‪ ،‬عن‬
‫طريق التفوق العممي‪ ،‬وىذا يحققيا أو يريد عن طريق الغنى أو الشيرة وىكذا‪.‬‬

‫*) التعويض؛ سعي اإلنسان نحو التفوق بديال لنظرية الجنس‪:‬‬

‫يعطي "أدلر" لشعور الفرد بالقصور(النقص أو الدونية) الدور األكبر في سعيو نحو القوة‬
‫والسيطرة لتعويض ىذا القصور ورد االعتبار إلى الذات‪ .‬إن مشاعر الدونية وعدم الثقة بالنفس‬
‫ىي التي تحدد الفرد في الوجود‪ ،‬وىناك ذلك الميل لمظيور عندنا جميعا‪ ،‬ويظير ىذا الميل منذ‬
‫‪2‬‬
‫اليوم األول في الحياة عندما نطالب بأن ييتم بنا الوالدان‪ ،‬وسنجد أن المؤشرات عمى نمو‬
‫وتطور الرغبة في أن يعترف الجميع بوجودنا يسير جنبا إلى جنب مع الشعور بالدونية‪،‬‬
‫والغرض من ىذه المؤشرات ىو ا لحصول عمى حالة يمكن فييا لمفرد أن يبدو متفوقا عمى البيئة‬
‫المحيطة‪.‬‬

‫يعبر الطفل عن السعي الحثيث نحو التفوق والحصول عمى المزيد من القوة بطريقة‬
‫ال ّ‬
‫واضحة‪ ،‬ولكنو يخفي ىذا السعي تحت ستر الحب والعواطف أو خمف مظاىر القمق واالىتمام‬
‫باآلخرين‪ ،‬والطفل يتوقع ويأمل في أن يتمكن من أن يخدع الجميع بيذا القناع الزائف‪.‬‬

‫إن الفرد المولود بإعاقة جسدية يشعر أن عميو أن يحمل عبئا إضافيا منذ أول أيام‬
‫حياتو‪ ،‬وكنتيجة ليذا فإنو يصبح شديد التشاؤم من الحياة ككل‪ ،‬والطفل الذي يعاني من كثير‬
‫من مشاعر الدونية‪ ،‬وحتى عندما تكون إعاقتو الجسدية من البساطة بحيث يمكن التغاضي‬
‫عنيا؛ فإنو في موقف مشابو قد تتركز مشاعر الدونية بطريقة صناعية‪ ،‬مثميا في ذلك مثل‬
‫حالة الطفل الذي أتى إلى العالم بإعاقة جسدية شديدة‪.‬‬

‫*) مركب النقص والفن‪:‬‬

‫إذا كان "فرويد" قد رأى بأن الفن واإلبداع تعويض عن كبت جنسي يعاني منو المبدع‬
‫وضربا من ضروب التنفيس في لحظات غياب األنا األعمى‪ ،‬فإن تمميذه ألفرد أدلر (ت‪1338‬م)‬

‫كان يرى بأن مركب النقص أو القصور ىو الذي يصبح "قوة َو َّى َ‬
‫اج ًة لتحريك مشاعر الفنان‬
‫وعامال فعاال لنشاطو اإلبداعي الناتج عن مبدأ قانون التعويض النفسي" ‪ ،‬فمركب النقص يدفع‬
‫الفنان إلى "إرادة التفوق في محاولة إثبات الذات ىويتو وتأكيد الوجود"؛ لذلك رأى أدلر أن عقدة‬
‫الجنس بكل مظاىرىا ال تفمح في تفسير اإلبداع‪ ،‬بقدر ما يبدو النقص عند المبدع و محاولة‬
‫تعويضو بالفن‪ ،‬مقترحا إعادة تفسير سموك ليوناردو دافنشي (ت‪1113‬م) انطالقا من "واقع‬
‫عدم إشباعو عاطفة األمومة ورغبة ىذا الفنان في التعويض عن إحساسو المفقود كونو ابنا غير‬
‫شرعي أوال و لتعويض حرمانو من حنان أمو التي تزوجت برجل ثانيا"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫*) ترتيب الميالد‪:‬‬

‫اعتقد "أدلر" أ ن عممية تسمسل الوالدة ىي أحد أىم المؤثرات االجتماعية في حياة الطفولة‬
‫يكون الفرد نمطو في الحياة‪ ،‬رغم أن اإلخوة يجمعيم أبوان ويعيشون‬
‫التي من خالليا سوف ّ‬
‫تحت سقف واحد ‪ ،‬ولكن ليس ليم بالضرورة بيئات اجتماعية متطابقة‪ .‬وأن حقيقة كون الفرد‬
‫أكبر أو أصغر من أخيو وأن اتجاه والديو كان قد تغيير نتيجة لوالدة طفل جديد في األسرة او‬
‫أكثر من طفل؛ فإنيا بالتالي سوف تؤثر كثي اًر عمى شخصية الطفل‪.‬‬

‫وقد أشار "أدلر" بيذا الخصوص أن تسمسل الطفل عند الوالدة يؤدي إلى انسحاب عدد‬
‫من الخصائص والصفات من شخصية الفرد مما يميزىا عن غيرىا‪ ،‬وتعطي ليا طابعا ممي اًز‬
‫يختمف بين طفل وآخر داخل البيت الواحد واألسرة الواحدة‪ ،‬فقد يظير عمى الطفل األول بعض‬
‫الصفات منيا األنانية والحسد واالتكالية‪ ،‬واستخدام القوة في فرض سموكو عمى اإلخوة اآلخرين‪.‬‬

‫نوه "أدلر" إلى أن ىناك أىمية كبيرة لدور األم في االسرة من خالل إمكانية تمييد‬
‫كما ّ‬
‫الطريق ألطفاليا وال سيما طفميا األول لحياة الجماعة‪ ،‬وفي تكوين مفاىيم جديدة لديو وال سيما‬
‫الميول االجتماعية وفيم اآلخرين؛ وذلك حتى يصبح في المستقبل عضوا صالحا وفعاال في ظل‬
‫الجماعة التي ينتمي إلييا‪ ،‬ويصبح لديو القدرة عمى التفاعل االجتماعي بكل يسر وسيولة‪ ،‬وقد‬
‫أشار "أدلر" إلى أن الطفل الوحيد المدلل يرغب في أن يكون دائما مركز االنتباه أما الطفل‬
‫الميمل فيكون سموكو دائما انقياديًا‪ ،‬ويحاول أن يختفي وراء اآلخرين‪ ،‬أما العصابيون‬
‫والمجرمون والمنحرفون كثي اًر ما يكونون من األطفال االوائل‪ ،‬أما الطفل الثاني أو األوسط‬
‫فيتميز بالطموح فيو يحاول عمى الدوام أن يكون متفوقاً عمى األخ األكبر‪ ،‬وقد يميل إلى الحسد‬
‫والتمرد لكنو في الغالب يكون متوافقا مع إخوانو‪ .‬اما الطفل األصغر فيو محبوب العائمة ويكون‬
‫أكثر إنجا از في عممو‪ ،‬وقد يحدث العكس؛ فإذا ُدلل يصبح اعتماديا ويجد صعوبة في حل‬
‫مشاكمو‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مراجع المحاضرة‪:‬‬

‫‪ )1‬آلفريد أدلر‪ ،‬الطبيعة البشرية‪ ،‬تر(عادل نجيب بشرى)‪ ،‬المجمس األعمى لمثقافة‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ )2‬عبد القادر فيدوح‪ :‬االتجاه النفسي في نقد الشعر العربي‪ ،‬دار صفاء‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ )3‬صالح ىويدي‪ :‬النقد األدبي الحديث – قضاياه و منيجو ‪ ،-‬منشورات جامعة السابع أبريل‪ ،‬ليبيا‪ ،‬د‪ .‬ط‪،‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪5‬‬

You might also like