Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 03 علم النفس الفردي عند ألفرد أدلر
المحاضرة 03 علم النفس الفردي عند ألفرد أدلر
المحاضرة الثالثة :عمم النفس الفردي أو السيكولوجيا الفردية عند ألفريد أدلر
كون "أدلر" مع بعض زمالئو ممن كانوا مع "فرويد" ،وكان عددىم تسعة ،جماعة البحث
ّ
وغير اسميا في عام 1312م إلى جماعة "عمم النفس الفردي"، الحر في التحميل النفسيّ ،
والتي أكدت عمى أىمية النظرة الشاممة لشخصية الفرد ،وكممة "الفردي" قد استخدمت لمتأكيد
تميز واختالف كل شخصية عن األخرى ،وعن عدم إمكانية تقسيم أو تجزئة الشخصية،
عمى ّ
بل وجوب النظر إلى الشخصية عمى أنيا وحدة ال تتجزأ.
كان "أدلر" وجماعة عمم النفس الفردي بداية جديدة تماما لحركة التحميل النفسي ،وقد
طبعت اىتمامات أدلر االجتماعية نظرياتو ،وجعمتيا متباينة كل التباين عن نظريات "فرويد".
ويشترك مع أدلر من جماعة التحميل النفسي عمماء ساروا في الطريق االجتماعي نفسو ،منيم:
"إريك فروم"" ،كارين ىورني"" ،ىاري ستاك سوليفان".
إن "أدلر" ىو الرائد لمنظرة "االجتماعية النفسية" كمجال لتأكيد الذات ووسيمة إلحراز
التفوق ،ولم يوافق "أدلر" أستاذه "فرويد" في قولو بالجنسية الشاممة ومرضية السموك والبحث عن
1
مسبباتو؛ إذ ركز "أدلر" نظريتو عمى غائية السموك؛ فإذا كان "فرويد" في بحثو يحاول أساسا أن
يتتبع المسببات والعمل التي أدت إلى أن يتم ىذا السموك بتمك الكيفية ،وبالتالي ييتم بكشف
معنى ىذا السموك بالنسبة إلى تمك الشخصية التي قامت بو أو تقوم بو ،فإن "أدلر" ال يعير ىذا
اىتماما كبيرا؛ إنما يتجو مباشرة نحو دراسة اليدف من ىذا السموك.
وتركز نظرية "أدلر" عمى أن إرادة القوة والتفوق وبموغ الكمال وقير اإلحساس بالدونية أو
ب النقص أو بالقصور ىي الدافع الرئيسي لدى اإلنسان .وكأن اإلنسان في سعيو الدؤوب إنما
ييدف إلى شيء واحد ىو أن يكون محققا لذاتو في مجتمعو كأفضل ما يكون التحقيق.
إن التحقيق األفضل لمذات سوف يكون معياره مختمفا بين األفراد ،فينما يراه البعض في
القوة والغنى واألمور األنانية الضيقة ،كما يفعل المرضى النفسيون ،يراه آخرون في األىداف
النبيمة ذات الطابع االجتماعي والتي تؤدي إلى تقوية المجتمع ومساعدتو عمى النيوض وتحقيق
تقدمو ورفعتو ،كما ىو الحال لدى أصحاء النفوس .ومن ىنا تتبدى نزعة "أدلر" االجتماعية
الواضحة مما أكسبيا بريقا ىوى إليو بعض العمماء والمفكرين.
يعطي "أدلر" لشعور الفرد بالقصور(النقص أو الدونية) الدور األكبر في سعيو نحو القوة
والسيطرة لتعويض ىذا القصور ورد االعتبار إلى الذات .إن مشاعر الدونية وعدم الثقة بالنفس
ىي التي تحدد الفرد في الوجود ،وىناك ذلك الميل لمظيور عندنا جميعا ،ويظير ىذا الميل منذ
2
اليوم األول في الحياة عندما نطالب بأن ييتم بنا الوالدان ،وسنجد أن المؤشرات عمى نمو
وتطور الرغبة في أن يعترف الجميع بوجودنا يسير جنبا إلى جنب مع الشعور بالدونية،
والغرض من ىذه المؤشرات ىو ا لحصول عمى حالة يمكن فييا لمفرد أن يبدو متفوقا عمى البيئة
المحيطة.
يعبر الطفل عن السعي الحثيث نحو التفوق والحصول عمى المزيد من القوة بطريقة
ال ّ
واضحة ،ولكنو يخفي ىذا السعي تحت ستر الحب والعواطف أو خمف مظاىر القمق واالىتمام
باآلخرين ،والطفل يتوقع ويأمل في أن يتمكن من أن يخدع الجميع بيذا القناع الزائف.
إن الفرد المولود بإعاقة جسدية يشعر أن عميو أن يحمل عبئا إضافيا منذ أول أيام
حياتو ،وكنتيجة ليذا فإنو يصبح شديد التشاؤم من الحياة ككل ،والطفل الذي يعاني من كثير
من مشاعر الدونية ،وحتى عندما تكون إعاقتو الجسدية من البساطة بحيث يمكن التغاضي
عنيا؛ فإنو في موقف مشابو قد تتركز مشاعر الدونية بطريقة صناعية ،مثميا في ذلك مثل
حالة الطفل الذي أتى إلى العالم بإعاقة جسدية شديدة.
إذا كان "فرويد" قد رأى بأن الفن واإلبداع تعويض عن كبت جنسي يعاني منو المبدع
وضربا من ضروب التنفيس في لحظات غياب األنا األعمى ،فإن تمميذه ألفرد أدلر (ت1338م)
كان يرى بأن مركب النقص أو القصور ىو الذي يصبح "قوة َو َّى َ
اج ًة لتحريك مشاعر الفنان
وعامال فعاال لنشاطو اإلبداعي الناتج عن مبدأ قانون التعويض النفسي" ،فمركب النقص يدفع
الفنان إلى "إرادة التفوق في محاولة إثبات الذات ىويتو وتأكيد الوجود"؛ لذلك رأى أدلر أن عقدة
الجنس بكل مظاىرىا ال تفمح في تفسير اإلبداع ،بقدر ما يبدو النقص عند المبدع و محاولة
تعويضو بالفن ،مقترحا إعادة تفسير سموك ليوناردو دافنشي (ت1113م) انطالقا من "واقع
عدم إشباعو عاطفة األمومة ورغبة ىذا الفنان في التعويض عن إحساسو المفقود كونو ابنا غير
شرعي أوال و لتعويض حرمانو من حنان أمو التي تزوجت برجل ثانيا".
3
*) ترتيب الميالد:
اعتقد "أدلر" أ ن عممية تسمسل الوالدة ىي أحد أىم المؤثرات االجتماعية في حياة الطفولة
يكون الفرد نمطو في الحياة ،رغم أن اإلخوة يجمعيم أبوان ويعيشون
التي من خالليا سوف ّ
تحت سقف واحد ،ولكن ليس ليم بالضرورة بيئات اجتماعية متطابقة .وأن حقيقة كون الفرد
أكبر أو أصغر من أخيو وأن اتجاه والديو كان قد تغيير نتيجة لوالدة طفل جديد في األسرة او
أكثر من طفل؛ فإنيا بالتالي سوف تؤثر كثي اًر عمى شخصية الطفل.
وقد أشار "أدلر" بيذا الخصوص أن تسمسل الطفل عند الوالدة يؤدي إلى انسحاب عدد
من الخصائص والصفات من شخصية الفرد مما يميزىا عن غيرىا ،وتعطي ليا طابعا ممي اًز
يختمف بين طفل وآخر داخل البيت الواحد واألسرة الواحدة ،فقد يظير عمى الطفل األول بعض
الصفات منيا األنانية والحسد واالتكالية ،واستخدام القوة في فرض سموكو عمى اإلخوة اآلخرين.
نوه "أدلر" إلى أن ىناك أىمية كبيرة لدور األم في االسرة من خالل إمكانية تمييد
كما ّ
الطريق ألطفاليا وال سيما طفميا األول لحياة الجماعة ،وفي تكوين مفاىيم جديدة لديو وال سيما
الميول االجتماعية وفيم اآلخرين؛ وذلك حتى يصبح في المستقبل عضوا صالحا وفعاال في ظل
الجماعة التي ينتمي إلييا ،ويصبح لديو القدرة عمى التفاعل االجتماعي بكل يسر وسيولة ،وقد
أشار "أدلر" إلى أن الطفل الوحيد المدلل يرغب في أن يكون دائما مركز االنتباه أما الطفل
الميمل فيكون سموكو دائما انقياديًا ،ويحاول أن يختفي وراء اآلخرين ،أما العصابيون
والمجرمون والمنحرفون كثي اًر ما يكونون من األطفال االوائل ،أما الطفل الثاني أو األوسط
فيتميز بالطموح فيو يحاول عمى الدوام أن يكون متفوقاً عمى األخ األكبر ،وقد يميل إلى الحسد
والتمرد لكنو في الغالب يكون متوافقا مع إخوانو .اما الطفل األصغر فيو محبوب العائمة ويكون
أكثر إنجا از في عممو ،وقد يحدث العكس؛ فإذا ُدلل يصبح اعتماديا ويجد صعوبة في حل
مشاكمو.
4
مراجع المحاضرة:
)1آلفريد أدلر ،الطبيعة البشرية ،تر(عادل نجيب بشرى) ،المجمس األعمى لمثقافة ،القاىرة ،مصر ،ط،1
.2001
)2عبد القادر فيدوح :االتجاه النفسي في نقد الشعر العربي ،دار صفاء ،عمان ،األردن ،ط.2010 ،1
)3صالح ىويدي :النقد األدبي الحديث – قضاياه و منيجو ،-منشورات جامعة السابع أبريل ،ليبيا ،د .ط،
.2001
5