Professional Documents
Culture Documents
1
األخالقيات النسوية
ونانس ويليامز ،حول المقاربات المختلفة لألخالقيات النسوية ،والمنشوري روزمتي تونغ
ر مقدمة :هذا نص رمتجم لد.
ر ر
والت قد
ه للنسخة المؤرشفة يف الموسوعة عىل هذا الرابط ،ي عىل (موسوعة ستانفورد للفلسفة) .ننوه بأن التجمة ي
ا
األختة بعض التحديث أو التعديل من فينة ألخرى ر تختلف قليال عن النسخة الدارجة للمقالة ،حيث أنه قد يطرأ عىل
نخص بالشكر محرري موسوعة ستانفورد ،وعىل رأسهم د .إدوارد زالتا ،عىل تعاونهم، ّ ا
وختاما، منذ تتمة هذه رالتجمة.
واعتمادهم رللتجمة ر
والنش عىل مجلة حكمة.
إن األخالقيات النسوية حماولة تنقيح األخالقيّات التقليدية ،وإعادة صياغتها أو إعادة التفكري يف مدى
انتقاصها من قدر خربة النساء األخالقيّة أو احلط من قيمتها .وضمن آخرين ،تعيب الفيلسوفة النسوية أليسون
جاغر على األخالقيات التقليدية تقليلَها من شأن املرأة خبمسة طرق متصلة ببعضها البعض؛ فتقول أهنا :أوال،
1
Tong, Rosemarie and Williams, Nancy, "Feminist Ethics", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2016
Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2016/entries/feminism-ethics/>.
تبدي اهتماما أقل بقضااي املرأة واحتياجاهتا مقارنة ابلرجل .اثنيا ،تعرض القضااي األخالقية اليت تنشأ فيما
يسمى ابلعامل اخلاص يف صورة مبتذلة ،فهو ذلك العامل الذي تقوم فيه املرأة أبعمال املنزل ،وترعى األطفال
السن .اثلثا ،تفرتض ضمنا أن النساء عموما غري انضجات أخالقيا أو عميقات مثل الرجال.
العجزة وكبار ّ
و َ
رابعا ،تبالغ يف تقدير السمات املذ ّكرة ثقافيا كاالستقالل واحلكم الذايت والفكر واإلرادة واحلرص والتسلسل
التنسك واحلرب واملوت ،بينما حت ّقر السمات املؤنثة ثقافيا كاالتكالية
اهلرمي والسيادة والثقافة والتفوق واإلنتاج و ُّ
واالجتماعية والطبيعة واالرتباط واملشاركة والعاطفة واجلسد والثقة وغياب التسلسل اهلرمي والطبيعة والذاتية
تفضل طرق املنطق األخالقي "الذكورية" اليت تش ّدد على
والعملية واملتعة والسالم واحلياة .خامسا -وأخرياّ ،-
القواعد واحلقوق والعاملية واملوضوعية ،على طرق املنطق األخالقي "األنثوية" اليت تش ّدد على العالقات
واملسئوليات واخلصوصية والتحيّز (.) Jaggar, “Feminist Ethics,” 1992
ينصب كل
ّ كان النسويّون قد طوروا مقارابت أخالقية واسعة النطاق ترتكز على اجلنوسة/اجلندر،
منها على واحدة أو أكثر من الطرق اليت فشلت فيها األخالقيات التقليدية أو أمهلت فيها النساء .وش ّدد
بعض النسويني األخالقيني على القضااي اليت تتعلق بسمات وتصرفات النساء خصوصا قضااي الرعاية ،وعلى
النقيض ش ّدد آخرون على الدوافع السياسية والشرعية واالقتصادية واأليديولوجية وأثرها يف وضع النساء كجنس
آخر .وأاي تكن هذه التشديدات ،فكل النسويني األخالقيني يتشاركون نفس اهلدف وهو خلق أخالقيات
جندرية هتدف إىل إزالة اضطهاد أي جمموعة من الناس ـ والنساء خصوصا ،أو ختفيفه على أقل تقدير ( Jaggar,
ليست املقارابت النسوية لألخالق أو اجلدال حول الطبيعة اجلندرية لألخالق تطورا جديدا ،فخالل القرنني
الثامن عشر والتاسع عشر ،تكلّم العديد من املفكرين يف موضوعات متعلقة بـ "أخالق النساء" ،منهم :ماري
ولستونكرافت ،وجون ستيوارت ِمل ،وكاثرين بيتشر ،وكارلوت بريكن جيلمان ،وإليزابيث كادي ستانتون.كل
من هؤالء املفكرين أاثر أسئلة مثل :هل مسات النساء "املؤنثة" انجتة عن الطبيعة البيولوجية أم أهنا حصيلة
التكيّف االجتماعي؟ ،هل تتصل الفضائل األخالقية والسمات اجلنوسية/اجلندرية بعواطف املرء وقدراته
اإلدراكية أم بفسيولوجيته وسيكولوجيته؟ إذا كان األول ،فهل علينا أن نقبل ببساطة حقيقة أن الرجال والنساء
هلم فضائل أخالقية ومسات جنوسية خمتلفة ونتصرف وفقا لذلك؟ وإذا كان الثاين ،فهل علينا أن نبذل ما يف
وسعنا لنجعل الرجال والنساء يلتزمون نفس األخالقيات ،أخالقيات واحدة تالئم كل البشر؟
تفرق
عرفت ولستونكرافت العقل -بدال من احلس -أبنه الصفة اليت متيز بني اإلنسان واحليوان ،فهي ّ
ّ
بني قواعد السلوك اليت جتعل املرء يتصرف بال عقل مثل إنسان آيل يستطيع أي شخص التحكم فيه ،وبني
األخالق اليت تتطلب تفكريا انقدا ،فبينما يعلّم اآلابء األوالد األخالق ،جندهم يعلمون البنات قواعد السلوك،2
على حد قوهلا .وبشكل أكثر مشولية ،فإن اجملتمع ككل يشجع النساء على تنمية السمات السيكولوجية
السلبية مثل املكر ،والغرور ،والطيش ،وكل ذلك يعيق تطور النساء األخالقي .واألسوأ من هذا أن اجملتمع
حيول مزااي النساء إىل نقائص ،وحتديدا ت ّدعي ولستونكرافت على سبيل املثال أن الرقّة -وهي مسة سيكولوجية
ّ
إجيابية للنساء -سرعان ما تتحول إىل خضوع ،تقول ولستونكرافت" :عندما يكون تصرف التبعية اخلاضع هو
الداعم للضعف الذي حيب ألنه يريد احلماية ،ويتسامح ألنه البد أن يتحمل اإلهاانت يف صمت ،لن تكون
مثبّطة ابلسمات النفسية السلبية األنثوية املعاصرة هلا ،خصوصا املوجودة يف الطبقة الوسطى ،أوضحت
ولستونكرافت أن أفضل طريق يسلكه النساء ليصبحن عوامل كاملة النضج أخالقيا هو أن يفكرن ويتصرفن
مثل الرجال ،ومل حيدث أن تساءلت ولستونكرافت عما إذا كانت أخالقيات الرجال يف احلقيقة إنسانية أم ال،
كل ما عرفَته يف املقابل هو أن أخالقيات الرجال تبدو أفضل من أخالقيات النساء وابلتايل فهي مرشح أمسى
للقب "األخالقيات اإلنسانية الصحيحة".
أكدت ولستونكرافت أن نساء عصرها حيتجن تعليما أفضل ،ولكنها فشلت يف تقدمي عرض تعريفي
تلمح أن اهلدف من تعليم النساء هو ببساطة مساندة الرجال "مبتابعة
لتزويدهن بتعليم الرجال .فأحياان ّ
عقالنية" ،أي" :ببنات يقظات أكثر ،وأخوات عطوفات أكثر ،وزوجات وفيّات أكثر ،وأمهات حصيفات
أكثر .)Wollstonecraft, A Vindication of the Rights of Women( ".ومع ذلك ،تقرتح يف أحيان
أخرى أن النساء حيتجن التعلم مثل الرجال كي يصبحن راشدات يتمتعن ابلعقالنية واملسئولية واالستقالل.
والحظت أنه إذا كانت النساء حقا "متميزات وانفعات" ،فمن الضروري أن يستقللن اقتصاداي عن الرجال
(.)Wollstonecraft, A Vindication of the Rights of Women
مل تنته املناقشات عما جيعل اإلنسان جيدا عند ولستونكرافت ،بل استمرت حىت القرن التايل .ويف
واحدة من سخرايت التاريخ ،اعتُربت النساء أكثر أخالقا من الرجال خالل القرن التاسع عشر -مع كوهنن
أقل فكرا أيضا ،-مما أقلق الفيلسوف النفعي جون ستيوارت ِمل ،فقد رأى أن اجملتمع خمطئ يف أتسيس مقياس
أخالقي مزدوج تُفرض وفقا له أخالق النساء خالفا ألخالق الرجال .وانعكاسا على مسو أخالقيات النساء
املزعوم ،استنتج ِمل أن أخالقيات النساء انجتة ببساطة عن التكييف االجتماعي املمنهج ،فامتداح النساء
ألجل "إنكارهن ذواهتن املعقدة" ،ليس إال ثناء على اجملتمع الذي غرس يف النساء تلك السمات السيكولوجية
اليت ختدم احلفاظ عليه ( .)J.S. Mill, The Subjection of Women, p. 32تعلمت النساء أن تعيش ألجل
اآلخرين ،لكي تعطي دائما وال أتخذ أبدا ،تعلمت أن تستسلم وتسمع وتطيع ،لكي تعاين على طول املدى،
وتعلمن أيضا االعرتاض على الرجال ،ألهنن لسن ذكيات وقوايت مثلهم .فاحلال أن مزااي النساء ليست نتاج
خيارهن االستقاليل ،وإمنا نتيجة النظام االجتماعي .وال يوجد يف األصل إال فضيلة واحدة ،البد من دفع
النساء والرجال لاللتزام مبقاييسها ،وهي الفضيلة اإلنسانية ،وبعد ذلك فقط ،سيكون اجملتمع مستقيما ومزدهرا
ألقصى حد ممكن ()J.S. Mill, The Subjection of Women, 1970
على النقيض من ولستونكرافت وِمل ،أنكر مفكرون آخرون من مفكري القرن التاسع عشر أن تكون
الفضيلة -أو ينبغي أن تكون -واحدة لكال اجلنسني .وق ّدموا -بدال من ذلك -نظرية منفصلة للفضيلة ولكنها
مكافئة ،خيتلف الرجال فيها عن النساء وفقا هلا نوعا ما .أو أهنم شرحوا نظرية للفضيلة منفصلة وغري مكافئة،
تعترب فضيلة األنثى يف األساس أفضل من فضيلة الذكر .وهذه اجملموعة املخالفة من املفكرين ال يتوافقون مع
بعضهم البعض على كيفية تقييم الصفات املرتبطة ابلنساء كالرتبية واحلنان والشفقة والتضحية ابلنفس والعطف،
فقد تساءلوا عما إذا كانت هذه الصفات "املؤنثة" أو "األنثوية":
وكانت كاثرين بيتشر من بني هذه اجملموعة من املفكرين ،وكانت تعتقد أن مكان النساء هو البيت ،وأن عمل
األسر القوية اليت تزدهر فيها الفضيلة األخالقية واحلفاظ عليها ،مهم لبناء اجملتمع ،خالفا
املرأة مبفهوم إنشاء َ
لبعض معاصريها .ويف حماولة منها ملساعدة اجملتمع على احرتام عمل النساء املنزيل ،طورت بيتشر هتذيب "العلم
املنزيل" .وشددت على أن عمل النساء املنزيل يتطلب الكثري من الذكاء والكثري من املهارات التنظيمية واملهنية.
رمبا تكون إدارة أعمال املنزل ،مثل إدارة عمل صغري على سبيل املثال.
وأكدت بيتشر أيضا أن أهم أعمال النساء هو أن جيعلن أفراد أسرهتن مثل املسيح ،الذي مات موات
مؤملا ليخلّص البشر من أوضاعهم الساقطة املذنبة .فمن املفرتض أن تكون النساء يف وضع أفضل للرتشح
يكن منعزالت يف
للتشبه ابملسيح يف فضيلة "خريية إنكار الذات" وأن يؤدين أدوارا حيتذى هبا ألسرهن ،عندما ّ
صماوات عن النداءات الفاتنة للثروة العاملية ،والقوة ،واملكانة .وكلما
يكن ّ
عاملهن اخلاص ،إذ من املفرتض أن ّ
كانت النساء أكثر صفاء وكماال ،كلما كان اجملتمع أفضل .وقد كانت بيتشر مقتنعة أبن النساء مسئوالت
عن رجال وأطفال كاملني أخالقيا ،ومل تسأل نفسها أبدا ملاذا محّل هللا النساء دون الرجال هذه املسئولية فارضا
للرب أن عليهن االختصاص بفضيلة خريية إنكار الذات .على ٍّ
كل ،مبا أن املسيح كان رجال ،أما كان ينبغي ّ
( Beecher and Stowe, The American Woman's Home, خيتار الرجال ليكونوا ُمحاة فضيلة اجملتمع؟
.)1971
يف الوقت الذي كتبت فيه بيتشر ،كانت إليزابيث كادي ستانتون أيضا ترى اختالفات بني أخالقيات
النساء والرجال .وعلى الرغم من أن ستانتون مل تكن متأكدة من أن ما تدركه عن تشعب مزااي وعيوب الرجال
والنساء كان نتيجة التالعب االجتماعي أم احلتمية البيولوجية ،إال أهنا كانت تعرف أن أخالقيات الرجال اليت
ترى فيها رأاي سيئا عموما ،كانت قد أرست مقياسا للتعامل يف العامل العام .تقول ستانتون أن احلل هلذه األمور
املؤسفة هو حل بسيط نسبيا ،وهو دفع النساء أبخالقياهتن السامية للعامل العام .فالنوع اإلنساين ال يستطيع
أن يتحمل غياب النساء يف العامل اخلاص -كما تتمىن بيتشر ،-ابذالت أثرهن احملمود هناك ،وهناك فقط
(.)Buhle and Buhle, eds., The Concise History of Women's Suffrage, 1988
)ought implies can( 3هو مبدأ أخالقي قال به كانط ـ وقد انتُقد عليه ـ ويعين اختصارا أن الشيء ال يكون واجبا أخالقيا على شخص إال إذا كان
ابستطاعته فعله.
لآلخرين كليا ،كما تقول ستانتون ،فهن حيتجن إىل الرتكيز على الذات أحياان كي يرعني أنفسهن ،ويصنعن
تقدما يف احلصول على نفس امتيازات وقدرات الرجال السياسية واالجتماعية واالقتصادية.
ورغم أن كارلوت بريكنز جيلمان مل حتاول أن متد خط املنطق الذي رمسته ستانتون عمدا ،إال أهنا
ختيلت جمتمعا نسائيا كليّا ،واملسمى بـ هريالند ) ،4(HerLandتستطيع فيه النساء وبناهتن -الاليت نشأن عن
طريق التوالد العذري -أن ميارسن أخالقيات سامية .فـ هريالند هو جمتمع نسائي أمومي أعيد فيه رسم اخلطوط
اليت تصل بني العامل اخلاص والعامل العام جذراي .والنساء يف هريالند يظهرن يف حماكم القانون ومراكز املؤسسات
التجارية متاما كما يظهرن يف دور الرعاية واملدارس .وختتفي املقارابت التنافسية والفردانية يف هريالند حيث
يستطيع النساء أن يرتبطن تعاونيا ألهنن يشعرن أن ال حاجة للسيطرة على بعضهن البعض.
وال عجب بعد ذلك أال يعلم ثالثة من الرجال املستكشفني " تريي وجيف وفان" ماذا يفعلون ابملدينة
(هريالند) حني وصلوا إليها ،فقد كانوا يستهزئون ابملدينة اخليالية قبل وصوهلم ،مفرتضني أنه البد أن يكون
هلن األهلية الكافية إلدارة ّأمة دون مساعدة الرجال .وعندما رأوا
فيها رجال ،ألن النساء ال ميكن أن تكون ّ
كيف تدار هريالند بنجاح ،كان واحد منهم فقط أمينا مبا يكفي ليعرتف أن سكاهنا الذين هم مجيعا من
النساء هم جمموعة من البشر البارعني استثنائيا .وألنه رأى ذلك ،غرست النساء يف هريالند أفضل الفضائل
األنثوية وأفضل الفضائل الذكورية ،فالفضائل اليت تتحد معا تكون على امتداد الفضيلة اإلنسانية .ومن مث ،إذا
( Gilman, Herland, أراد أي جمتمع يف العامل احلقيقي أن يكون فاضال ،فعليه أن جيعل هريالند مثله األعلى
.)1979
إن هريالند يوتوبيا خيالية ابلتأكيد ،تسمح فيها األوضاع االجتماعية واالقتصادية والسياسية والثقافية
املتخيَّلة للنساء ابلتطوير يف الطرق اجليدة أخالقيا والسليمة سيكولوجيا .ولكن تعرتف جيلمان أن األوضاع
العامل احلقيقي .فقد كتبت يف كتاهبا "النساء وعلم االقتصاد" ( Women and ختتلف كثريا ابلنسبة للنساء يف
) Economics 1966أنه ما دامت النساء يعتمدن على دعم الرجال االقتصادي ،سيظل النساء يعرفن
)HerLand( 4هي رواية كتبتها جيلمان ،تتحدث خالهلا عن مدينة افرتاضية كل سكاهنا من النساء.
خبضوعهن ،والرجال يعرفون بغطرستهم .حتتاج النساء إىل املساواة االقتصادية ابلرجال قبل أن يستطعن تطوير
فضيلة إنسانية أخالقية ميتزج فيها الفخر ابلتواضع ،تدعى :احرتام الذات!
.)1993
لقد استمر جمموعة من النسويني األخالقيني يف القرن العشرين يف استخدام "املرأة الكوميونية/الطائفية"
لتطوير العديد من مقارابت الرعاية النسوية لألخالق ،بناء على وصية الكثري من املفكرين الذين سبقوهم.
وخالفا ملقارابت الرعاية غري النسوية لألخالق ،تناغم نظراؤهم النسويون مع قضااي اجلنوسة/اجلندر .فقد الحظوا
5الرعائية هو مصطلح استخدمته للداللة على املقارابت النسوية األخالقية اليت ترتكز على الرعاية ( care-focused approaches to
.)ethics
سريعا مراحل خضوع األنثى ونزعات اجملتمعات البطريركية/األبوية إىل عدم احرتام طرق النساء يف التفكري،
والكتابة ،والعمل ،واحلب.
شدد مؤيدو أخالقيات الرعاية النسوية -ومن بينهم كارول غليغان ونيل نودينغ -على أن نظرايت األخالق
التقليدية ،ومبادئها ،وممارساهتا ،وسياساهتا ضعيفة إىل احلد الذي جيعلها تُعوز القيم والفضائل املتعلقة ابلنساء
فعرضت غليغان عملها كنقد للنظرية الفرويدية القائلة أبن الرجال جيدو التطور
ثقافيا ،وتتجاهلها وتس ّفههاَ .
أخالقيا ،بينما النساء لسن كذلك .ويعزو فرويد مركب النقص األخالقي املفرتض عند النساء إىل التطور
النفسي اجلنسي للفتيات ،فبينما يقطع األوالد صلتهم أبمهاهتم خوفا من أن خيصيهم آابؤهم إن فشلوا يف فعل
هذا ،تبقى الفتيات مرتبطات أبمهاهتن ألن التهديد ابخلصي ليس له نفوذ عليهن .ونتيجة هلذا االختالف
املنَظَّر بني الذكر واألنثى ،من املفرتض أن تكون الفتيات أكثر بطئا من األوالد يف تطوير شعورهن أبنفسهن
ُ
كعوامل أخالقية مستقلة ،ومسئولة شخصيا عن عواقب تصرفاهتا ،مثل األشخاص الذين جيب عليهم اتباع
قواعد اجملتمع أو مواجهة عقوابته .وبعبارة أخرى ،فإن األوالد والرجال حيرتمون القانون أكثر من الفتيات
والنساء.
ووفقا لغليغان ،فإن فرويد -ببساطة -واحد من املفكرين التقليديني الذين صوروا النساء كتابعات
موسع .فقد ّادعى كولربغ أن التطور
للرجال أخالقيا .وقد انت َقت السيكولوجي التعليمي لورانس كولربغ لنقد ّ
األخالقي هو عملية تتكون من ست مراحل .األوىل هي "التوجه للعقاب واالمتثال" ،فاألطفال يفعلون ما
يقال هلم لتجنّب أمل العقاب أو الوصول لسعادة املكافأة .والثانية هي "التوجه للنسبية اآللية" ،فاألطفال جياهبون
أحك
ك ظهري وسوف ّ "ح ّ
احتياجات اآلخرين ،فقط إذا جابه اآلخرون احتياجاهتم ،بناء على نظرية املقابلة ُ
ظهرك" ،والثالثة هي توجه "الولد اجليد ،والبنت اللطيفة" ،فاملراهقون يلتزمون ابلقواعد العامة ليحصلوا على
حب اآلخرين واستحساهنم .والرابعة هي "توجه القانون والنظام" ،فاملراهقون يطورون الشعور ابلواجب ،وينزلون
عند حكم السلطة ،ويدافعون عن النظام االجتماعي ،كي حيظوا إبعجاب اآلخرين واحرتامهم .واخلامسة هي
"توجه العقد االجتماعي القانوين" ،فالراشدون يتبنون وجهة النظر النفعية األخالقية اليت يفعل األفراد ما
يسعدهم وفقا هلا دون أن يؤذوا اآلخرين .والسادسة هي " توجه املبدأ األخالقي العاملي" ،فالراشدون يتبنون
منظورا أخالقيا كانطيّا ،يتجاوز كل األخالقيات التقليدية .فلم يعد االهتمام الشخصي أو آراء اآلخرين أو
اخلوف من العقاب هو ما حيكمهم ،وإمنا املبادئ العاملية املفروضة ( Kohlberg in Mischel, ed., Cognitive
تقر أبن التدرج األخالقي عند كولربغ يروق لكثري من دارسي األخالقيات التقليدية،
ورغم أن غليغان ّ
فقد أشارت إىل أن القبول الواسع لنظرية التطور األخالقي ليس ابلضرورة مقياسا حلقيقيّتها .وتتساءل عما إذا
كانت مراحل كولربغ الستة للتطور األخالقي عاملية ،واثبتة ،ومتسلسلة هرميا .فهي تسأل -على وجه
اخلصوص -ملاذا من النادر أن تقفز النساء للمرحلة الثالثة ،بينما ينتقل الرجال للمرحلة الرابعة أو حىت اخلامسة
روتينيا يف خمطط كولربغ لألشياء؟ هل يعين هذا االختالف اجلندري/اجلنوسي أن النساء أقل تطورا أخالقيا من
الرجال؟ أو أنه يعين -بدال من ذلك -أن هناك خطئا يف منهجية ( )methodologyكولربج ،كبعض االحنياز
الذي يسمح للرجال بتحقيق أهداف للتطور األخالقي أعلى من النساء؟
تعتقد غليغان أن منهجية كولربغ منحازة للذكر .تنصت آذاهنا ألصوات الذكر األخالقية دون
األصوات األخالقية لألنثى .ومن مث ،فقد فشلت يف تسجيل الصوت املختلف الذي ت ّدعي غليغان أهنا قد
جداي يف قرار اإلجهاض .وهذا الصوت األخالقي املميز -
مسعته خالل دراستها لتسعة وعشرين امرأة يف ّكرن ّ
كما تقول غليغان -يتحدث بلغة الرعاية اليت تش ّدد على العالقات واملسئوليات .ويبدو أن هذه اللغة غامضة
إىل حد كبري ابلنسبة للباحثني الكولربغيني الذين يتحدثون اللغة األخالقية السائدة لألخالقيات التقليدية ،أي
لغة العدالة اليت تشدد على احلقوق والقواعد.
ورغم إشارة غليغان إىل أن لغات الرعاية والعدالة احملرتمة ليست جندرية/جنوسية أبي حال ،ليكون
حتدث كل النساء بلغة الرعاية فقط وحتدث كل الرجال بلغة العدالة فقط ،إال أن األمثلة اليت استخدمتها كانت
تقوض إنكارها هذا .فقد وضحت يف دراستها لإلجهاض حركة النساء فقط داخل وخارج األطر األخالقية
املرجعية الثالثة اليت تشكل معا أخالقياهتا االتصالية :ففي املستوى األول تعظم النساء اهتماماهتن الشخصية،
ويف املستوى الثاين يعظمن اهتمامات اآلخرين ،ويف املستوى الثالث ينسجن اهتماماهتن مع اهتمامات اآلخرين.
وعلى ذلك ،فاملرأة يف املستوى األول تتخذ قرار اإلجهاض من منطلق األفضل هلا ،ويف املستوى الثاين تتخذه
من منطلق األفضل لآلخرين ،وأما يف املستوى الثالث فمن منطلق األفضل هلا مع اعتبار اآلخرين ذوي الصلة
Gilligan, ابلنسب .فالنساء يف املستوى الثالث يطبقن نوعا من التفكري النسوي متاما (يف الصوت املختلف -
َ
.)In a Different Voice, 1982
لقد استُحسنت رعاية غليغان األخالقية وأقِّرت على نطاق واسع ،ولكنها انتُقدت أيضا .فقد رأى
بعض النقاد أن املستوايت اليت طرحتها غليغان ال تقدم أي تطوير لألخالقيات اإلنسانية أكثر من املراحل اليت
وضعها كولربغ ،بيد أن كولربغ يركز على اخلربة األخالقية للرجال ،وغليغان تركز على اخلربة األخالقية للنساء.
جداي ،سنجد أن غليغان أجرت دراسات عديدة على خربة الرجال األخالقية.
وإذا فحصنا هذا االعرتاض ّ
وكان هدفها املركزي هو اكتشاف الطرق اليت يكبت هبا اجملتمع -يف الوالايت املتحدة على سبيل املثال-
حساسيات األوالد والرجال األخالقية ،ويشجعهم على عدم اكتمال تنشئتهم اإلنسانية لينجحوا يف العامل
التنافسي العام .وتشدد غليغان على أن أوالد اليوم ورجاله ما زالوا يستصعبون جدا تبيني اهتماماهتم األخالقية
أبي وسيلة سوى لغة العدالة واحلقوق األخالقية ،خبالف نساء اليوم الاليت يستطعن حتدث تلك اللغة بنفس
األويل لدراسات غليغان احلديثة هو إثبات أن
الطالقة اليت يتحدثن هبا لغة الرعاية واملسئوليات .فاهلدف ّ
ِ
يوجه املداوالت األخالقية.
املستوى الثالث للتفكري هو الذي ينبغي أن ّ
بينما أكد نقاد آخرون أنه حىت إذا كانت الرعاية فضيلة أخالقية أصيلة ،فهي أقل أمهية من العدالة.
ويدعي هؤالء النقاد حتديدا أن التعامل من منظور مبدأ أخالقي عام مثل "مساعدة احملتاجني" أفضل من
التعامل وفق شعور الرعاية اخلاص عند شخص حمدد .ويقولون أن املبادئ الثابتة مرشدات أكثر وثوقية لألفعال
من املشاعر العابرة .ويروجون أيضا لفكرة أنه عند تعارض العدالة والرعاية ،ينبغي أن ترجح اعتبارات املوضوعية
على اعتبارات التحيّز ،فحقوق أطفايل األساسية واحتياجاهتم اجلوهرية ليست أوىل من حقوق أطفال اآلخرين
واحتياجاهتم.
ويدعي نقاد آخرون -عالوة على ذلك -أنه ال يوجد شيء جديد حقا بشأن "الصوت املختلف"
الذي تسمعه غليغان .ويؤكدون أن العمل اخلريي (الذي يقصد به الرعاية) ال يقل حضورا عن العدالة يف
األخالقيات التقليدية .فمن العمل اخلريي تتدفق أفكار مثل الوصول إىل أقصى حد ممكن من النفع ،وعدم
إيذاء أحد ،وعدم التدخل يف حرية اآلخرين .ومن العدالة تتدفق مفاهيم املساواة يف احرتام األشخاص وكذلك
أمام القانون .ولكن -دفاعا عن غليغان -ما تعنيه بعض األخالقيات التقليدية بـ"العمل اخلريي" ليس هو ما
تعنيه غليغان بـ "الرعاية" .فقد طلب منا الفيلسوف لورانس أ .بلوم أن نعترب املبدأ احملدد القائل "امحوا أطفالكم
من اخلطر" مبدأ انبعا من املبدأ األخالقي للعمل اخلريي .وكما يرى بلوم ،فإن كثريا من اآلابء سيؤيدون هذا
املبدأ ،ولكن اآلابء الذين "يرعون" أبناءهم فقط -أي يشعرون هبم ويدركون اهتماماهتم واحتياجاهتم اخلاصة-
هم من سيعرفون مىت وكيف يواجهوهنا.
ومع أن أغلب الفالسفة التقليديني يتفقون مع بلوم يف أن اآلابء الراعني غالبا ما يتعاملون بنبل فعليا
أكثر من غري الراعني ،فإهنم خيتلفون معه يف كون اآلابء الراعني فقط هم القادرون على مثل هذا التعامل.
ويقررون بدال من ذلك أن الشعور األساسي ابلواجب كفيل أبن ينتج فعال أخالقيا ،بغض النظر عما إذا كان
مصحواب مبشاعر الرعاية أم ال .ويعتقد بلوم -ككثري من األخالقيني الذين يطورون مقارابت أخالقيات الرعاية-
أن على األخالقيني من الناس أن يفعلوا أكثر من جمرد اتباع املعىن احلريف للقانون .فيجب عليهم أيضا أن
( Blum, Friendship, يقدموا التعبريات ،والعواطف ،واملشاعر املناسبة لتأدية فعل أخالقي نبيل متاما
.)Altruism, and Morality, 1980
وابإلضافة لالنتقادات غري النسوية املوجهة لغليغان ،وجهت إليها العديد من االنتقادات النسوية،
تؤكد أقواها تلك اليت تش ّدد على أنه حىت إذا كانت النساء راعيات أفضل من الرجال ،فرمبا يكون من احلمق
أن ترتبط النساء ابلقيمة الرعائية معرفيا ،وأخالقيا ،وسياسيا .فربط النساء ابلرعاية هو مبثابة تعزيز فكرة أن
كلفهن ذلك ،ألهنن من
ّ النساء مسئوالت عن الرعاية ،واألسوأ من ذلك ،أن الرعاية جتب على النساء مهما
يستطعنها.
تكون مبتهجة دوما ،حىت إذا كان العمالء ،أو املرضى ،أو الزابئن ،وقحني ،أو بذيئني ،أو متعسفني ،يعين
محلها على أن تكون لطيفة حىت إذا كانت ال تشعر بذلك .لكن الواحدة منهن تتظاهر ابللطف ما دامت ال
تعرض قدرهتا على إدراك الفرق بني اللطف املصطنع واللطف احلقيقي للخطر.
ّ
واعرتفت ابرتكي أبن النساء يشعرن ابلنشاط بدال من االستنزاف مبمارسة العمل العاطفي .فكثري من
الزوجات واألمهات يعتقدن أن خربة الرعاية لألزواج واألوالد تعين العطاء مهما كان ذلك صعبا .وكلما كانوا
أكثر رعاية كلما بدوا أشخاصا جيمعون كل شيء ألجل أانس آخرين .ولكن -كما تقول ابرتكي -ليست
مشاعر اهليمنة الذاتية مثل احلقيقة املوضوعية المتالك القوة يف النهاية .فتتضايق بعض النساء عندما يفشلن يف
إسعاد الرجال يف حياهتم مثال .على أن الرجال قد ال يلحظون قدر األمل الذي تسببه كلماهتم وأفعاهلم أحياان
يف حياة النساء ،ويبدو الرجال أقل قلقا بشأن مشاعر النساء مقارنة ابلعكس ،ومن مث ،فرعاية النساء للرجال
-وفقا لبارتكي -قد تقود إىل "عبودية املرأة التامة للرجل ،فهي إثبات لسلطة الذكر اليت ال ميكن استبداهلا"
(.)Bartky, Femininity and Domination, 1990
عربت ابرتكي عن أمر آخر بشأن رعاية النساء للرجال خصوصا ،وهو أن النساء قد يضحني بنزاهتهن
ّ
األخالقية يف سبيل تلك الرعاية .وضربت املثل بـ "تريزا ستناجل" زوجة قائد تريبلينكا "فرتز ستاجنل" ،فمع
وعيها حبقيقة أن زوجها كان يلقي آبالف اليهود إىل حتفهم يف معسكره احملشود ،ظلت تعتين ابحتياجاته
شره مقارنة ابمرأة مل
ب .وبفعلها هذا -كما تقول ابرتكي -فإهنا قد تواطأت معه يف ّ
إبخالص ،أو حىت حبُ ّ
شرا حىت وإن
تستطع أن تسكت يف وجه الشر وظلت حتتفظ بصالحها سليما متام السالمة .وألن الشر يبقى ّ
ارتكبه شخص حنبّه ،حيتاج النساء إىل حتليل "مزالق ومغرايت تقدمي الرعاية نفسه" قبل أن يعتنقن أخالقيات
الرعاية إبخالص (.)Bartky, Femininity and Domination, 1990
دعمت ميولت حتفظات ابرتكي حول أخالقيات الرعاية ،وميّزت بني الرعاية املشوهة وغري املشوهة،
فكما ترى ميولت ،لن تكون املرأة يف وضع تقدمي الرعاية ألحد حقا إذا كانت جمربة على تقدميها اقتصاداي،
واجتماعيا ،وسيكولوجيا .وحتديدا ،ال ميكن أن تتم الرعاية احلقة حتت شروط فرضها سيطرة الذكر وخضوع
األنثى .فقط إذا متتعت النساء ابملساواة الكاملة مع الرجال ،عندئذ يستطعن تقدمي الرعاية للرجال دون خوف
ويف تقدير النسويني الرعائيني ،كانت عناية ابرتكي وميوليت ابلرعاية جديرة ابالهتمام ،لكنهم مل
يكونوا ابلقوة الكافية ليشككوا يف عمل غليغان خصوصا ،إذ أهنا أطلقت مبفردها مشروع الرعاية النسوية
عموما .فحىت إذا كانت الرعاية يف جمتمع بطريركي حمفوفة ابألخطار ،ستبقى الرعاية جزءا من أي أخالقيات
موثوقة ،فحالة الرعاية املتنازع عليها تنادي بتطوير أخالقيات نسوية رعائية أكثر قوة تشمل الرجال والنساء،
وال تنادي -طبعا -بنبذ الرعاية.
واستجابة لدعوات التطوير لألخالقيات الرعائية النسوية ،طورت نيل نودنيغ أخالقيات تعلي قيمة
الفضائل والقيم اليت ترتبط عادة ابلنساء ،فاألخالقيات حسب نودينغ هي مبثابة عالقات خاصة بني طرفني:
"الراعي" و "املرعي" .فالرعاية احلقة ال تتألف من إعالن احلب العاملي لكل البشر ،أو إرسال املساعدات
لضحااي احلروب ،أو اجملاعات ،أو الكوارث البشرية .واقعيا ،ال تستطيع امرأة من الوالايت املتحدة أن ترعى
أطفال السودان كما ترعى أطفاهلا ،فالرعاية احلقة تتطلب لقاءات فعلية أبفراد خمصوصة ،وال ميكن أن ُمتنح من
أفراد بعيدين عموما.
وأكدت نودينغ أننا كأطفال نتصرف من منطلق رعاية طبيعية حتفزان على مساعدة اآلخرين ألننا -
ببساطة -نريد مساعدهتم .وبعد ذلك ،عندما نصري مشغولني أو "مهمني" لدرجة أننا نعتقد أبنه ال وقت لدينا
للرعاية ،فإن التأمل فيما يسمى بـالرعاية األخالقية حي ّفز العفوية للرعاية الطبيعية ،فنحاول أن نكون يف متناول
شخص ما حىت عندما تكون قائمتنا مليئة ابالجتماعات واملواعيد ،ونسرتجع ذكرايت تلك األايم اليت كانت
الرعاية فيها سهلة علينا ،حينما كان لدينا الوقت دوما ملن حيبوننا أو حيتاجوننا .فحسب نودينغ ،مهما بلغت
قيمة الرعاية األخالقية ،لن تكون أساسية مثل الرعاية الطبيعية ،فالرعاية الطبيعية هي شرط إمكانية الرعاية
األخالقية ،فاملعتلون اجتماعيا ال ميكنهم الرعاية األخالقية ،ألهنم ال يستطيعون الرعاية الطبيعية .ومن احملتمل،
أن يكونوا قد ولدوا يف هذا العامل دون الرتابط الذي جيعلهم يطورون سلوك الرعاية.
ورغم أن نودينغ تقر أن الرجال يستطيعون الرعاية ،بل وجتب عليهم ،إال أهنا تستخدم النساء غالبا
يف أمثلتها ملن يقدمون الرعاية .واعتقد بعض انقدي نودينغ أهنا تعلي قيمة النساء الاليت يقدمن الرعاية لدرجة
تعريض هويتهن ،ونزاهتهن ،وحىت حياهتن للخطر ،فأكدت نودينغ أن انقديها أساءوا فهمها ،فهي تعتقد مثلهم
أن من يرعى اآلخرين عليه أيضا أن يرعى ذاته .فمازال ممكنا أن تقوم حجة معقولة وهي أبن نودينغ تعتقد يف
األساس أن املرأة الراعية ينبغي أن ترعى ذاهتا لكي تستطيع رعاية اآلخرين بشكل أفضل .إن احلفاظ على
العالقات بقدر اإلمكان له أولوية كبرية عند نودينغ ،فتحطيم عالقة دون العمل جبد إلجياد طريق للحفاظ
عليها مدعاة للقلق ابلنسبة هلا ،واقرتحت نودينغ أنه عندما حيطم الشخص عالقة ،خاصة إذا كانت قريبة،
( Noddings, Caring: A Feminine Approach to Ethics and فإنه/إهنا خياطر بكونه "منحط أخالقيا"
.)Moral Education, 1984
نشرت نودينغ مبادئها ألخالقيات الرعاية النسوية يف حلبة السياسة العامة يف كتاهبا "البدء من املنزل:
الرعاية والسياسة االجتماعية" ( ،)Starting at Home: Caring and Social Policy, 2002وأكدت أن
تدرس يف ميدان خاص ،ردا منها على هؤالء الذين
الشعور القوي ابلعدالة االجتماعية يستند إىل الدروس اليت ّ
انتقدوا أخالقيات الرعاية النسوية كـ "نظرية حملية جيدة" ال ميكنها أن تعاجل التعقيدات األخالقية للقضااي
والسياسات االجتماعية األعم .فمن وجهة نظرها ،إذا كان علينا حقا أن نطور سياسات اجتماعية مؤثرة
كالتشرد ،واملرض العقلي ،والتعليم ،فلدينا الكثري لنتعلمه عن طريق "البدء داخل املنزل" حيث متد أصول
الرعاية جذورها.
أخذت فيوان روبنسون الفكرة العامة اليت طرحتها نودينغ عن العالقة بني األخالقيات اخلاصة والعامة،
ووفقا لروبنسون ،ال ميكن يف عامل العالقات الدولية أن يتحقق إجناز حقيقي ملعاجلة مشكلة مثل الفقر دون
األخالقيات النقدية النسوية للرعاية .وأشارت روبنسون إىل أنه لوال اجلهود اليت بذهلا املنظّرون التقليديون عن
احلقوق والواجبات األساسية لتحفيز األمم من أجل تطهري العامل من فروق الدخل الضخمة ،لظل الفقر مشكلة
أكرب من ذي قبل .وتعتقد روبنسون أن املقارابت األخالقية التقليدية جتريدية جدا وتعميمية لدرجة جتعلها ال
تتمكن من تشجيع العمل الكايف إلزالة املعاانة الفعلية اليت يسببها الفقر .على األخالقيات أن جتعل الوعي
ابلفقر جزءا من احلياة اليومية ملن ليسوا فقراء على اإلطالق .وأكدت روبنسون أننا حنتاج إىل األخالقيات
النقدية النسوية للرعاية كي تساعد األثرايء على فهم كيفية ارتباط ترفهم بفقر من ليسوا أثرايء .ما مل خيصص
األثرايء شيئا من مصاحلهم لتعزيز التغريات االقتصادية ،والسياسية ،واالجتماعية املوثوقة ،فاملشاركات اخلريية
اليت يقومون هبا هنا وهناك لتقليل شقاء اإلنسانية ليس يف مجلتها إال لبث شعور جيد حنو أنفسهم
(.)Robinson, Globalizing Care: Ethics, Feminist Theory, and International Relations, 1999
تشرتك كل من سارة روديك ،وفرجينيا هيلد ،وإيفا كيتاي مع غليغان ونودينغ يف الكثري ،فقد أك ّدن أن
العالقات اإلنسانية ال تقوم بني أشخاص متساوين يف التكوين أو القوة ،بل بني أشخاص غري متكافئني ويعتمد
كل منهم على اآلخر .فحينما يتعامل والد مع طفل ،أو مراهق واثق من نفسه ومنظم مع صديق كئيب
ومضطرب مثال ،فإهنم ال يتعاملون كشركاء يف العمل يعقدون تفاوضا ،وإمنا كأشخاص خمتلفني يف املكانة،
حياولون معاجلة قضية هلدف مشرتك .ينبغي أن تؤسس األخالقيات على منوذج يالئم أسس احلياة اليت ميارسها
اجلميع يوميا يف الغالب .وليس على االفرتاضات ،أو االستعارات ،أو الصور املتعلقة إبجراء تعاقد ،وإمنا الصور
املرتبطة مبمارسات مثل األبوة/األمومة هي التعبري األمثل عن ديناميكية احلياة األخالقية يف رأي روديك ،وهيلد،
وكيتاي.
أعلنت روديك يف أخالقياهتا النسوية للرعاية أنه ينبغي على اجملتمع أن يعلي من قيمة ما أطلقت عليه
"املمارسة األمومية" .متتلك املمارسة األمومية طريقتها اخلاصة يف التفكري وكذا مصطلحاهتا ومنطقها اخلاص،
وأهدافها ومراميها اخلاصة ،كأي ممارسة إنسانية .ويف حالة التفكري األمومي ،فإن هذه األهداف تتمثل يف
احلماية ،والنمو ،وقبول أطفال الفرد (.)Ruddick, Maternal Thinking, 1989
فحماية حياة الطفل هي السمة األوىل للممارسة األمومية حسب روديك ،فليس على وجه البسيطة
فالرضع ال يستطيعون العيش دون شخص يطعمهم ،ويكسوهم ،وحيميهم.
الرضعّ ،
إنسان معرض للهجوم مثل ّ
الرضع على القائمني على رعايتهم ،قدمت روديك مثاال بـ "جويل" ،وهي أم شابة غارقة
ولبيان مدى اعتماد ّ
يف الديون ،ومعها طفلها احملتاج ،فحينما وجدت رعايتها برضيعها تزداد صعوبة ،فكرت يف أن تقتله ،وحني
أفزعتها تلك اخلاطرة رك بت أحد أتوبيسات املدينة مع رضيعها ،وقضت ليلتها يف األتوبيس ،معللة ذلك أبهنا
لن تؤذي رضيعها ما دامت حتت نظر العامة.
حتكي روديك قصة جويل لتؤكد أن األمومة ليست سهلة ،ليست كل أم جتد نفسها مضطربة مثل
سرا -لو مل ي ُك ّن أمهات .ولكي يستطعن معاملة
جويل ،ولكن أتيت أايم على معظم األمهات يتمنني فيها -ولو ّ
أطفاهلن جيدا يف هذه األايم العصيبة ،فإهنن حيتجن إىل غرس فضائل مثل التأمل (القدرة على رؤية األشياء
من منظور معني) ،والتواضع ،واالبتهاج .وسيستطيع األوالد املتسلحون هبذه الفضائل التكيّف مع الضرابت
اليت توجهها احلياة لألطفال والكبار على السواء.
السمة الثانية للممارسة األمومية عند روديك هي تعزيز منو األطفال ،وتعزيز منو الطفل ال يعين فرض
نوع من خمطط احلياة املثالية عليه ،فال ينبغي على األمهات أن حياولن جعل أطفاهلن كاملني ،وعليهن بدال من
ذلك مساعدة أطفاهلن ليدركوا أن املهم يف احلياة هو حماولة أن يكون املرء شخصا أفضل رغم عيوبه ونقاط
ضعفه.
والسمة الثالثة واألخرية للممارسة األمومية لروديك هي التوجيه ،فمثلما تعمل األمهات جب ّد جلعل
أطفاهلن اجتماعيني ،عليهن مساعدهتم ليصبحوا مواطنني حيرتمون القانون .لكن رمبا ترفض بعض األمهات
ذات الضمري احلي االنص ياع الحتياجات أو ممارسات اجملتمع يف بعض األوقات .فمثال ،ترفض األم ذات
الضمري احلي أن جتهز ولدها للحرب ألجل قضية جائرة ،أو أن تنقص ابنتها من وزهنا لتشبه املراهقات يف
لباسها .فيتجا ذهبا طرفان ،قيم اجملتمع التنافسي الفرداين املهووس ابلقوة من انحية ،وقناعتها الداخلية اخلاصة
دربت األم ولدها على مسارات العامل ،رمبا حيظى ابلنجاح
أبن هذه القيم معيبة أساسا من انحية أخرى .فإذا ّ
فيه ،لكن رمبا أيضا يصبح صاحب عمل مغرور يضرب مبوظفيه عرض احلائط .وعلى النقيض ،إذا ربّت األم
ولدها لكي يصبح "شااب شريفا" ،رمبا ينشأ بصفة "اخلاسر" يف أنظار اجملتمع .تقول روديك أنه جيب على األم
ذات الضمر احلي -ككل األمهات -أن تقرر ما إذا كانت قيمها هي ما ينبغي أن يرشد ممارسات طفلها
الناشئ أم قيم اجملتمع العام .هل األهم أن يلتحم طفلها مبعايري اجملتمع أم أن حياكمها نقداي؟
كان أقصى طموح روديك أن تق ّدم تفكريا أموميا للعامل العام ،أن جتعل رجاال ونساء أكثر يفكرون
يف قضاايهم "أموميًّا" .فأشارت -مثال -إىل أن من يفكرون مثل األمهات جديرون بفهم ما تعنيه احلرب واقعيا
ال نظراي ،فاحلرب ال تعين التأكد أن بلدك أتيت على قمة أي شيء ابلنسبة للمفكرين األموميني ،ولكنها تعين
املخاطرة حبياة الطفل الذي قضيت سنوات يف محايته ،ورعايته ،وتوجيهه .ابلنسبة للمفكرين األموميني ،احلرب
تعين املوت ،تعين فقدان "انتج/حصيلة" املمارسات األمومية ،إهنا تعين فقدان أمثن شيء ابلنسبة للفرد.
ومثل روديك ،رأت فريجينيا هيلد يف العالقة بني األشخاص األموميني وبني األطفال منوذجا ممتازا
للعالقات اإلنسانية عموما .وقد أقلق هيلد أن األخالقيات التقليدية ال هتمل أخالق النساء فحسب ،وإمنا
تقدم ما بَلغته أخالق الرجال على أهنا أخالق جندرية/جنوسية حمايدة .وأعلنت أنه إذا كانت األخالقيات
التقليدية حمايدة جندراي حقا ،ملا آثرت مناذج كنموذج التعاقد الذي يتحدث إىل خربة الرجال أكثر من خربة
النساء .ففي تقدير هيلد ،كثري من األخالقيني التقليديني يعتربون العالقة اإلنسانية أخالقية بقدر ما ختدم
املصاحل املختلفة للمتعاقدين الفرديني العقالنيني ،بيد أن احلياة أكرب من كوهنا صراعا ،أو منافسة ،أو نزاعا
بشأن احلصول على ما يريده املرء ،إهنا -كما يعلم األموميون -تدور حول التعاون ،واالتفاق ،والوحدة ،حول
مواجهة حاجات اآلخرين .وتتفكر هيلد يف أنه لو كانت العالقة بني شخص أمومي وطفل ،بدال من العالقة
( Held, “Feminism and متعاقدين عقالنيني ،هي النموذج للعالقة اإلنسانية اجليدة ،لبدا اجملتمع خمتلفا
َ بني
.)Moral Theory,” 1987
تقر هيلد أن عالقة األمومة والطفولة ليست خالية من املشكالت ،فعالقة األب اببنه أو
ومع ذلكّ ،
األم اببنتها قد تكون غامشة كعالقة املدير ابملوظف .وبعض العالقات العاطفية أكثر تعسفا وقسوة من بعض
العالقات الرمسية ابلتأكيد .فالنجاة من مدير متعسف أسهل بكثري من النجاة من زوج متعسف!
وأكدت هيلد أن أتييدها لألخالقيات األمومية ال يشري إىل رفضها لألخالقيات التقليدية ابجلملة،
ببساطة ألن كون األخالقيات النسوية الرعائية تستطيع معاجلة القضااي اليت تفوق "احلد األدىن األخالقي" من
هتون من هذا "احلد األدىن األخالقي" .فاألموميون جيب أن يكونوا
احرتام حقوق األفراد ال يعين ابلضرورة أهنا ّ
ـ-اإلضافة إىل الرعاية -مفكرين انقدين ورقيقني عاطفيا أيضا ،يستطيعون أن يضعوا قوانني عامة حول مبادئ
العالقات اإلن سانية ويستخلصون صفاهتم املميزة على حد سواء .فالعالقات معرضة للتقييم مثل املبادئ ،فيها
ما هو جيد ،أو أجود ،أو األجود مطلقا ،وكذلك (سيء ،وأسوأ ،واألسوأ مطلقا) ،فإذا كانت املبادئ السيئة
ال ينبغي أن تُتبع ،فإن العالقات السيئة ال ينبغي أن تستمر.
ومثل روديك اليت تتحدث عن املفكرين األموميني ،وهيلد اليت تتحدث عمن ميثلون دور األم ،هتدف
إيفا فيدير كيتاي إىل جتنب هتمة ماهوية األنثى* ( ،)female essentialismوترجع أخالقياهتا النسوية للرعاية
إىل "العالقات االعتمادية" بدال من "العالقات األمومية" و "األمهات" .فبالنسبة لكيتاي ،يتمثل منوذج املعتمد
عليه يف شخص قريب ،أو صديق ،أو عامل مدفوع األجر ،أيخذ على عاتقه مسئولية يومية لبقاء ِ
املعتمد،
ومهمة املعتمد عليه تتسم ابلرعاية ،واالهتمام ،والتواصل مع ِ
املعتمد ،وهي (األم ابعتبارها معتمد عليها) تعاين َ
ولألمهية ،تؤكد كيتاي أن منوذج العالقة االعتمادية ينبغي أن يوجه السياسة العامة للمساواة اإلنسانية.
فمن وجهة نظرها ،حنن مجيعا متساوون ألننا مجيعا نتاج كفاح األمهات/املعتمد عليهن .وألن كل شخص هو
طفل ألم ،فكل شخص لديه خربة يف االعتماد على آخر ،أن يعتمد على شخص جذراي حىت يف جمرد وجوده.
املعتمد عليهم ،مبا فيهم األمهات احل ّقة .وإذا فعل اجملتمع أي شيء سوى
ومن العدل أن يرعى اجملتمع كل َ
ِ
للمعتمدين أيضا .سيكون هذا مبثابة نقض تدرجيي للمعتمد عليهم فحسب ولكن ذلك ،لن يكون ظاملا
َ
للنسيج الكامل الذي يربط اجملتمع ببعضه .ومن مث ،فتؤكد كيتاي أن أول هدف للسياسة العامة البد أن تكون
( Kittay, Love's Labor: Essays تقوية/متكني من يعتمد عليهم اجملتمع إذا أراد اجملتمع أن حيافظ على ترابطه
.)on Women, Equality, and Dependency, 1999
اعتنت املقارابت النسوية ذات املنحى االعتباري لألخالق ابألسئلة عن القوة -اليت هي السلطوية واخلضوع-
،قبل التوجه للسؤال عن اخلري يف مقابل الشر ،أو الرعاية يف مقابل العدالة ،أو التفكري األمومي يف مقابل
التفكري األبوي ،وليس النسويون ذو املنحى االعتباري أقل أو أكثر نسوية من النسويني الرعائيني ،إمنا أتكيدات
هؤالء ختتلف عن أتكيدات أولئك فحسب.
ق ّدم األخالقيون النسويون ذو املنحى االعتباري خضوع املرأة املمنهج للرجل بطرق كثرية وخمتلفة،
فقدم كل من النسويني الليرباليني ،والراديكاليني ،واملاركسيني/االشرتاكيني ،ومتعددي الثقافات ،والعامليني،
والبيئيني جمموعة خمتلفة من التفسريات واحللول لوضع "اجلنس اآلخر" للمرأة ،وكذلك النسويون الوجوديون،
ونسويو التحليل النفسي ،وما بعد احلداثة ،ونسوايت املوجة الثالثة .وأكد أنصار تلك املدارس اليت تتبىن الفكر
النسوي أن تدمري كل األنظمة ،والبُىن ،والعادات ،واملمارسات اليت تصنع أو تدافع عن القوة احلاقدة املميزة
بني الرجال والنساء شرط الزم لتحقيق املساواة اجلندرية/اجلنوسية ،ويف بعض األحيان يبدو أهنم يعتقدون -
على النقيض من هيلد -أن العدالة تفوق الرعاية.
كان لدى النسويني الليرباليني جذورهم التارخيية متمثلة يف دفاع ماري ولستونكرافت عن حقوق النساء ،وكتاب
جون ستيوارت ِمل "خضوع النساء" ،وحركة حق املرأة يف االنتخاب يف القرن التاسع عشر .ومن ضمن
( National املنظمات اليت ينحاز هلا الليرباليون النسويون املعاصرون بشدة ،املنظمة األممية للنساء
.)Organization of Womenوأكد الليرباليون النسويون أن السبب املبدئي يف إخضاع النساء للرجال هو
تصعب النجاح على النساء يف العامل العام ،فلو مل حيصل
جمموعة من املعايري االجتماعية والقوانني الرمسية اليت ّ
يكن قادرات على حتقيق أقصى جهدهن يف التعليم ،واملنتدايت ،وساحات
النساء على نفس فرص الرجال ،لن ّ
السوق ،وغرف العمليات ،وما إىل ذلك .ورغم أن كثريا من الناس يعتقدون أن النسوية الليربالية عتيقة ،وأن
1967 القضااي األخالقية اليت شغلتها قد ُحلّت ،فاحلقيقة أن وثيقة حقوق النساء اليت أعلنتها ( )NOWعام
يف الوالايت املتحدة -مثال -مل ُحت ّقق ابلكامل حىت عام ،2009فحقوق نساء الوالايت املتحدة يف اإلجناب
ما زالت غري آمنة ،وحتسني احلقوق املتساوية مل يَس ِر بعد .واألكثر من ذلك ،أنه يف عام 2009ما زال معدل
Maher, The ( %20 كسب األنثى العاملة يف الوالايت املتحدة أقل من معدل كسب الذكر العامل بنسبة
( Confessore and ،)Wall Street Journal, 2008فقط 17من أعضاء جملس النواب املائة من النساء
،)Hakim, NYTimes, January 21, 2009ويف ديسمرب 2008كان نصيب النساء 13فقط من جمموع
500رئيس تنفيذي ( .)CNNMoney.com, 2009فإذا كان هدف النسوية الليربالية هو دفع قوة النساء
الكاملة إىل العامل العام ورفعهن إىل أعلى مداراته ،فإن عملها بعيد عن التطبيق ،فالنساء يتجهن إىل ممارسة
الوظائف االعتمادية -اليت ركزت عليها إيفا فيدير كيتاي ،-وهلذا العمل الذي يقدم الرعاية مكانة منخفضة
وأجر زهيد يف العامل العام.
يعتقد النسويون الراديكاليون أن األجندة النسوية الليربالية ركزت أكثر من الالزم على إصالحات
ضعيفة لـ "الفعل اإلجيايب" مثل مفهوم (األجر املتساوي للعمل املتساوي) ،أو إجازة الوالدة .ستظل النساء
جنسا آخر -يف تقديرهم -حىت أييت الوقت الذي يكتسنب فيه سيطرة كاملة على قدرهتن اإلجنابية وشهواهتن
اجلنسية .يف البداية ،كان النسويون الراديكاليون خيالفون "الليرباتريني" يف مفاهيمهم عن اجلنس واإلجناب ،فقد
شجعوا النساء أن جيربن كل أنواع اجلنس الذي حيصل برضى الطرفني ،مبا يف ذلك األنواع املثرية للجدل أخالقيا
مثل السادية املاسوشية ،وحثوا النساء أيضا على أن يلدن األطفال أبقل أمل ممكن ،فلم اخلوض يف جتربة محل
كنت تستطيعني استخدام أم بديلة ،وأفضل من ذلك استخدام رحم صناعي لتحصلي متعب ووالدة مؤملة إذا ِ
على طفل ِ
لك؟ ويف النهاية ،دفع النسويون الراديكاليون " الليرباتريون" النساء ليصبحن خنثوايت قدر املستطاع،
فكلما قلت حماولة النساء يف جتسيد صفات "املرأة" كما وجهها اجملتمع ،كلما كانت النساء أكثر حرية ومساواة
ابلرجال.
وفيما بعد ،بدأت الشكوك تنتاب بعض النسويني الراديكاليني بشأن احلقوق الليرباترية للنساء ،وتُعرف
هذه اجملموعة من النسويني الراديكاليني أحياان ابلنسويني "الثقافيني" ،فتعجبوا من أن تكون الرغبة يف اجلنس
اآلخر مؤذية وحتمية ابلنسبة للنساء أكثر من كوهنا مفيدة وقائمة على الرتاضي ،ودافعوا عن أن الرغبة يف
اجلنس اآلخر -اليت تبدو كمفهوم -هلا هدفها من التحكم يف شهوة النساء اجلنسية إلشباع الرجال وتشييئها.
وأوضح النسويون الثقافيون الراديكاليون أن وسائل اإلجناب الصناعية/التكنولوجية متثل هتديدا للنساء ،ألهنا
تعين حرمان النساء تدرجييا من قدرهتن اخلاصة على اإلتيان حبياة جديدة للعامل ،ومن شأن حرمان النساء من
تلك القدرة أن جيعل قيمتهن يف كوهنن "أداة للجنس" ابلدرجة األوىل .وأخريا ،ويف مواجهتهم للنموذج "اخلنثوي"
اخلري ،رفضوا الطرق "الذكورية/املذ ّكرة" للوجود ،والتفكري ،والتصرف كناقصات ،ملاذا حتاولني
املثايل لإلنسان ّ
التشبه ابلرجل ذلك الفرد العدواين ،األانين ،اتجر احلرب ،إذا كان إبمكانك أن تكوين امرأة ،تلك املتعاونة،
الراعية ،صانعة السالم؟ (.)Tong, Feminist Thought, 2009
ورغم وجود مشكالت بني التشكالت املتطرفة للنسوية الراديكالية الليرباترية من انحية ،والتشكالت
املتطرفة للنسوية الراديكالية الثقافية من انحية أخرى ،إال أن الفكر النسوي الراديكايل قد أنتج بعض الدراسات
األخالقية املفيدة جدا ،فما تسمى ابألخالقيات املثلية -مثال -ثريّة بشكل خاص ،رغم اإلضافة املثرية للجدل
للنظرية األخالقية النسوية ،فهي تنازع الطبيعية النامجة من احلقيقة اليت قد طورهتا أساسا لتخدم متركز النساء
حول النساء ،ويف بعض الرواايت ،لتخدم النساء املثليات فقط.
فوفقا للفيلسوفة سارة لوشيا هواجالند -إحدى مطوري األخالقيات املثلية املعروفني ،-فالسؤال
األخالقي اجلوهري للمثليات هو "هل هذا يتماشى مع إبداعي وحرييت وحترري؟" بدال من" :هل هذا خري؟"،
خرية؟" ( .)Hoagland, Lesbian Ethcs, 1989وتثنية لفكرة هواجالند ،أكدت مارلني فري أن
أو" :هل أان ّ
خريين،
األخالقيات التقليدية مليئة ابألسئلة عن اخلري ألن لدى أنصارها رغبة راسخة ليس فقط يف أن يكونوا ّ
خريين أيضا .فعلى سبيل املثال ،يؤسس الذكر األمريكي األبيض املسيحي ذو
ولكن يف أن جيعلوا اآلخرين ّ
الطبقة الوسطى الراغب يف اجلنس اآلخر تصوره عن نفسه كصاحب سلطة ،أو قائد ،أو زعيم على دفاعه عن
أنه على حق يف كونه يعرف ما فيه خري لآلخرين ولنفسه على حد سواء ،وما دام النساء يقبلن تصور الوساطة
األخالقية هذا ،سيبقني -مثل الرجال -يعتقدن أن األخالقيات هي يف معرفة ما هو األفضل لكل شخص
( Frye, “A Response to ومن مثّ فرض هذا األفضل عليهم بغض النظر عن ثبوت كونه مؤملا أو ضارا
.)Lesbian Ethics: Why Ethics?”, 1991
معلنتني أن األخالقيني املثليني ال يهتمون بفرض اجليّد من وجهة نظرهم على اآلخرين ،نظّرت
هواجالند وفري ألن القدر الذي تُعىن به املثليات هو أن ممارسة االختيار يف حد ذاهتا جتعل الشيء أو الفعل
جيدا ،وهذه القضية هي اليت أاثرت تعليقا من النقاد أكثر من أي قضية أخرى لألخالقيات املثلية ،فقد
شككوا يف أن يكون االختيار احلر للمرأة املثلية يف فعل شيء ما تسويغا أخالقيا هلا يف فعله.
ولدى هواجالند رد على هذا االعرتاض ،فقد الحظت أن اجملتمع فرض الكثري من احلدود واحلواجز
على خيار املثلية الذي رمبا يكون خيارا له أمهية أخالقية للمثليات أكرب من األمور اليت خيرتهنا .لكن هواجالند
ليست مستعدة متاما لتعلن أنه ال توجد حدود على خيار املثلية ،ففي إحدى نقاط حتليلها ملا ينشئ الوكالة
األخالقية أو التفاعل -على سبيل املثال ،-الحظت هواجالند أنه أثناء اختيار املرأة املثلية لنفسها فإهنا ختتار
لصاحل املثليات ،الاليت بدورهن خيرتن لصاحلها .فاملثليات ال ينسجن القيمة يف عزلة عن بعضهن ،وإمنا ينسجنها
معا ،فاألخالقيات ليست مطالبة فردية بقيمة أخالقية منبثقة من أعماق املرء أو خارجة عنه .على النقيض،
تنبثق القيمة األخالقية -ابملعىن الشخصي -مما مسّته هواجالند بـ"السياق املثلي" من جمال للطاقة قادر على
مقاومة االضطهاد .ومن مث ،فاملقاربة املثلية لألخالق هو عن أن تصبح املثليات نوعا من البشر يرفض أن
يتسلّط أو يُتسلّط عليه (.)Hoagland, Lesbian Ethics, 1989
ال يتفق النسويون املاركسيون/االشرتاكيون عموما مع النسويني الليرباليني ،فقد أكدوا أنه من الصعب
-إن مل يكن من احملال -على املضطهدين -وخصوصا النساء -أن يعملن جيدا يف نظام طبقي .والطريق املؤثر
الوحيد إلهناء خضوع النساء للرجال هو استبدال األنظمة الرأمسالية أبنظمة اشرتاكية يتمتع فيها النساء والرجال
أبجور عادلة لعملهم .جيب على النساء املساواة االقتصادية ابلرجال قبل أن تساويهم يف القوة.
ومما له داللته ،أن النسويني املاركسيني/االشرتاكيني املعاصرين ال يدينون ابلفضل للرؤية املاركسية
التقليدية أبن مقياس الوضع االجتماعي املتدين للنساء هو فقط ما إذا كانت املرأة جزءا من القوى العاملة
املنتجة مدفوعة األجر .وعرب السنني ،وابحتاد كثري من األفكار الراديكالية النسوية بنظريتهم وتطبيقهم ،تزايدت
األعمال اليت ينتجها النسويون املاركسيون/االشرتاكيون مثل "ملكية النساء" جلوليت ميتشل الذي حتتج فيه
أبن أربعة من البىن االجتماعية-االقتصادية حتدد وضعية النساء ،وهي حتديدا :دور املرأة يف اإلنتاج ،واإلجناب،
كن يردن املساواة
واجلنس ،والتنشئة االجتماعية لألطفال ،فدور املرأة يف كل من هذه البىن البد أن يتغري إن ّ
ابلرجال .واألكثر من ذلك ،كما تضيف ميتشل يف التحليل "النفسي والنسوية" ،البد أن يتبدل عامل النساء
كن واثقات من
التغيري يف عامل النساء اخلارجي حتريرهن كليا إال إذا ّ
الداخلي (العقل/النفس) ،ألنه لن يستطيع ُ
قيمتهن.
يؤكد أرابب النسوية متعددة الثقافات ( )Multicultural feministsالكثري من أفكار املدارس النسوية
األخرى عن وضع النساء ،لكنهم عابوا عليهم كوهنم مل ينتبهوا بشكل كامل إىل تالزم بُىن وأنظمة النوع والعرق
والطبقة .فكما يرون ،ال ينبغي أن يركز النسويون حصرا على اضطهاد النساء كنساء ،أو عامالت ،أو أعضاء
يف جمموعة تفتقر للعرق أو األصل .وبدال من ذلك ،عليهم استيعاب أن كل شيء عن املرأة -لون بشرهتا ،وما
متلكه من مال ،واجتاه رغباهتا اجلنسية ،وعمر شهادة ميالدها -يفسر وضعها يف اجملتمع .فحىت لو كانت
العنصرية ،وامليل اجلنسي ،والطبقية ،أمورا قابلة لالنفصال نظراي ،فهي ليست كذلك يف احلقيقة ،فكثري من
( bell hooks, Yearning: Race, Gender, النساء ضحااي "األخطار املضاعفة" و"أنظمة القمع املتشابكة"
.)and Cultural Politics, p. 59على سبيل املثال ،عمل امرأة غري موثقة من أصل التيين يف الوالايت املتحدة
كمساعدة منزلية أبجر زهيد المرأة بيضاء تعمل حمامية أبجر كبري هو اضطهاد مضاعف ،فهي تظهر على
هيئة متطفلة ،وأجنبية ،وغريبة ،وواحدة من هؤالء الذين ليس هلم "احلق" أن يكونوا يف الوالايت املتحدة ،ورمبا
تشعر بشعور سيء حيال نفسها ،فهويّتها ونظرهتا لنفسها كامرأة تعمل مبسئولية بقدر اإلمكان يف ظروف شاقة
رمبا تتآكل ،فاالضطهاد املضاعف له ضريبة روحية/نفسية على الناس ابإلضافة للضريبة املادية.
رغم أن النسويني العامليني ( )Global feministsوما بعد الكولونياليني ميتدحون بشكل كبري عمل
النسويني متعددي الثقافات إال أهنم يعتربوهنا نقاشات غري مكتملة عن اضطهاد النساء ،فهم يؤكدون أن النساء
فيما يعرف ببلدان العامل األول (اليت تقع يف نصف الكرة الشمايل) حيتجن إىل إدراك وضع وحال النساء فيما
يعرف ببلدان العامل الثالث (اليت تقع يف نصف الكرة اجلنويب) .وغالبا ،يركز النسويون على نسق كلّي يف
لسن قوانني متنع
السياسات اجلندرية/اجلنوسية يف بالدهم .ومن مث ،بينما يناضل النسويون يف الوالايت املتحدة ّ
رجم النساء حىت املوت يف بلدان أخرى ألجل العهر أو التعرض للختان
التحرش اجلنسي يف أماكن العمل ،تُ َ
(مبا يف ذلك اخلتان الفرعوين يف بعض احلاالت) .وابملثل ،بينما تشكوا نسوايت الوالايت املتحدة من الصيادلة
فيصعبون على بعض النساء احلصول على حبوب منع
الذين ميلي عليهم ضمريهم االعرتاض على اإلجهاض ّ
احلمل الضرورية ،ال تتوفر لكثري من النساء يف بلدان أخرى خدمات تنظيم األسرة ،فيالقني حتفهن نتيجة
اإلجهاضات الغري شرعية الفاسدة أو املتابَعة السيئة للحمل والوالدة .أرعت نسوايت مابعد الكولونيالية
( )global and postcolonial feministsمزيدا من االهتمام حلقيقة أن نساء العامل األول حيظني مبزااي مادية
اشرتيت
أكثر من نساء العامل الثالث ،وأكدن أيضا حقيقة أن بعض ممتلكات النبيالت من نساء العامل األول ُ
على حساب نساء العامل الثالث الاليت يص ّدرن لنساء العامل األول للعمل كمساعدات يف رعاية املنزل أو
خادمات أو مربيات أبجور زهيدة.
تتفق نسوايت البيئة ( )Ecofeministsمع نسوايت العاملية ومابعد الكولونيالية يف أمهية أن تفهم
النساء التقارب والتباعد بني اهتماماهتن .ومع ذلك ،فقد عابوا عليهم وعلى كثري من النسويني أهنم ال ينتبهون
إىل مسئوليات البشر جتاه احليواانت ،فقد طورت بعض نسوايت البيئة أخالقيات غليغان للرعاية كأساس لنظرية
. )Animal Rights, 1983حتتج االنتقادات أبن هذه األنظمة غري مالئمة ألهنا تدافع عن أمهية املركزية البشرية
(كلما كانت احليواانت أكثر شبها بنا ،كلما متتعوا ابعتبارات أخالقية أكثر) والنتيجة هي الفشل يف رؤية
احليواانت يف نطاقها تتمتع أبولوايت وحاجات وحقائق مميزة .يقوم نقد آخر من املقارابت املتعلقة ابلعدالة
على إنكارهم الواضح أو تقليلهم من شأن دور التعاطف يف تداولنا األخالقي بشأن إساءة احليواانت ،فعندما
يعترب املرء الشح يف االستجابة العاطفية ملعاانة احليوان سببا رئيسا يف استمرار اإلساءة ،فإنه من التناقض أن
نستبعد الرعاية عند معاجلة املعاملة اخلاصة للحيواانت ( Donovan and Adams, Feminist Care Tradition
.)in Animal Ethics, 2007وهذا ال يعين أنه جيب علينا االستغناء عن النماذج النفعية والقائمة على احلقوق،
إهنا تقدم مناقشات مفيدة للمعاملة األخالقية للحيواانت .الفكرة -وفقا لـ جوزفني دونوفان -هي أنه "من
املمكن أيضا بل من الضروري اعتبار ما هو أخالقي يف التداول العاطفي والروحي مع طرق حياة احليواانت،
ومن خالل ثقافة النساء العقالنية للرعاية واحلب ،تنبثق أسس األخالق النسوية ملعاملة احليواانت ،فال ينبغي
أن نقتل احليواانت أو أنكلها أو نع ّذهبا أو نستغلها ألهنا ال تريد أن تُعامل هبذه الطريقة ،وحنن نعلم أننا لو
استمعنا إليها لسمعنا ذلك" ( .)Donovan, Signs, p. 375تتكون املقاربة األخالقية لرعاية احليوان من طريقة
عطوفة الستيعاب مأزق احليواانت الفردية يف النظام البطريركي والرأمسايل .يؤكد األنصار أن االستجابة الودية
والتعاطف والرعاية تستطيع وينبغي أن تفهمنا ملاذا تقع على كاهلنا مسئولية حترير احليواانت من سيطرة اإلنسان،
فمعاملتنا مع العامل الطبيعي شيء آخر .تقول نسوايت البيئة أن جزءا من سبب متيّز عاملنا ابلظلم ،وقلة الرعاية،
والتباين الطبقي بني الناس ،هو أننا نتعامل مع العامل الطبيعي بالمباالة ،وأحياان ابحتقار ،فنحن خنتزن أسلحة
الدمار الشامل ،ونستهلك مصادر الطاقة كأهنا الهنائية ،ونلقي النفاايت يف ماءان ،ونذبح احليواانت ألجل
اللحم الذي ال حنتاج أكله ابلفعل ،وبذلك ،نربهن على اعتقادان أنه من حقنا التحكم يف الطبيعة لنخلق عاملا
أفضل ألنفسنا ،لكننا موهومون يف حماولتنا احملمومة للسيطرة على الطبيعة -كما تقول ينسرتا كينغ ،-فالطبيعة
اقتالع الغاابت والقضاء على احليواانت ( Ynestra King, ساع مثل
متمردة ،والنوع اإلنساين حيفر قربه بيديه مبَ ٍ
.)“Healing the Wounds: Feminism, Ecology, and Nature/Culture Dualism,” 1995
3ـ 2مقارابت الوجودية ،والتحليل النفسي ،وما بعد احلداثة ،واملوجة الثالثة:
انبثاقا من مناذج الفكر النسوي اليت تشدد على النتائج املادية لوضع اجلنس اآلخر ،ركزت النسوايت الوجودايت
على النتائج النفسية/السيكولوجية .فقد كتبت سيمون دي بوفوار يف كتاهبا "اجلنس اآلخر" أن الرجل منذ
البداية مسى نفسه "النفس" ومسى املرأة "اآلخر" ،فلو كان اآلخر هتديدا للنفس ،فإن النساء هتديد للرجال،
وإذا أراد الرجال أن يبقوا أحرارا ،فعليهم -ليس فقط إخضاع النساء هلم -ولكن إقناعهن أيضا بعدم استحقاقهن
يكن ذواات حقيقية ،جيب عليهن تعريف أنفسهن كعوامل
معاملة أفضل .ومن مث ،إذا كان على النساء أن ّ
مستقلة ختطط ملسار أقدارها حبرية .على النساء أن يرفضن تعريف أنفسهن تبعا للرجال وأن يسلكن سبيلهم
ببساطة.
تسعى نسوايت التحليل النفسي -مثل النسوايت الوجودايت -إىل تفسري وضع النساء يف خبااي
نفوسهن .فعندهن أن األوالد والبنات ينشؤون اجتماعيا بطرق خمتلفة ألن تربية األطفال تكاد تكون حمصورة
على النساء ،ينشأ األوالد على رغبة االنفصال عن اآلخرين وعن القيم األنثوية املرتبطة ثقافيا أبمهاهتم وأخواهتم.
وعلى النقيض ،تنشأ الفتيات كـ "نساء صغريات" ،يقلدن سلوك أمهاهتن ،ويردن البقاء يف ارتباط هبن
القيم اإلنسانية،
وابآلخرين .واألكثر من ذلك ،بسبب الطرق اليت تش ّكل هبا األنظمة والبىن البطريركية/األبوية َ
اتمة
يشرع األوالد والبنات يف االعتقاد أبن القيم الذكورية ظاهرًّاي مثل العدالة والوعي -واليت يربطوهنا ابلثقافةّ -
اإلنسانية أكثر من القيم األنثوية ظاهرًّاي مثل الرعاية والتعاطف ،اليت يربطوهنا ابلطبيعة.
وسعيا لتحرير النساء من جرعات اجلنس النفسي اليت جتعل النساء تبدو للنساء والرجال أقل قيمة من
الرجال ،تعتقد بعض نسوايت التحليل النفسي أن السبب يف تلك النظرة اخلاطئة للنساء متجذرة يف اعتماد
كرس
اجملتمع على النساء يف القيام مبهام تقدمي الرعاية ،وعلى الرجال يف القيام مبهام بناء العامل ،و ّادعوا أنه إذا ّ
الرجال أوقاات كثرية لألبوة كاليت تكرسها النساء لألمومة ،وإذا عملت النساء جب ّد يف عامل املغامرة كما يعمل
الرجال ،فلن يصنّف األطفال البيت على أنه للنساء والعمل على أنه للرجال ،ولكنهم سينشئون معتقدين أن
والديهم شخصان يق ّدران -مبقياس متساو نسبيا-فوائد كال من حياة البيت وحياة العمل.
وعموما ،ليس كل نسوايت التحليل النفسي يعتقدن أن تنظيمات األبوة املزدوجة/العمل املزدوج هي
عالج عقدة أوديب ( )Oedipus complexاملشينة املوضحة أعاله ،فخالل تلك العقدة ،يندمج الولد
ابلثقافة متاما ،ويف حماولته التخلي عن أمه -موضع حبه األول ،-ال يهرب الولد من اخلصي على يدي أبيه
فقط ،إنه يتحكم يف القوى الالمنطقية لكل من الطبيعة والنساء .وبصفتهن غري قادرات على ختطي عقدة
أوديب مثل كما فعل األوالد ،ال تنفصل البنات -الاليت ال ميلكن عضوا ذكراي كي خيشني فقدانه -عن أمهاهتن
كليا ،ونتيجة ذلك أن اندماج البنات مع الطبيعة لن يكتمل أبدا .تظهر النساء على حدود اجملتمع وهوامشه
على أهنن احملكومات ال احلاكمات .ومن مث ،فال طريق الوحيد لتغيري وضع املرأة يف اجملتمع يف تقدير بعض
نسوايت التحليل النفسي هو رفض وجهة النظر القائلة أن البشر سيظلون يف وضعهم الطبيعي إذا مل يتجاوزوا
عقدة أوديب .نصحت لوس أريغاراي وجوليا كريستيفا النساء أن يبقني فيما مستاه اخليال االفرتاضي
( ،)Imaginaryحيث املكان الذي تتحد فيه األم بطفلها يف تناغم اتم ،فمغادرة هذا املكان لدخول ما
يسمى الرتتيب الرمزي -عامل لغة الرجال وقواعدهم وقوانينهم -يبدو قليل املعقولية عند املرأة .وبدال من دخول
هذا العامل الذي هن فيه مضطهدات ومقموعات ال حمالة ،عليهن البقاء يف اخليال االفرتاضي حيث يتمتعن
ابختالفهن عن الرجال ويعشن حياة وفقا ملنطلقاهتن .لن تنهدم املدنيّة إذا بقيت النساء يف اخليال االفرتاضي،
ستقوض.
ولكن البطريركية ّ
وأخريا ،كما ترى نسوايت املوجة الثالثة وما بعد احلداثة ،كل احملاوالت الفردية لتفسري اضطهاد املرأة
ابءت ابلفشل ،فال توجد كينونة واحدة تدعى "املرأة" ينطبق عليها هذا الوصف ،فالنساء أفراد ،لدى كل منهن
قصة فريدة ترويها عن نفسها .وبناء على ذلك ،فأي تفسري فردي لوضع "املرأة" هو مماثلة أخرى ملا يسمى
ابلفكر "الفالوغوسنرتي" ،وهو نوع من "التفكري الذكوري" الذي يصر -كحقيقة مطلقة -على رواية قصة
واحدة ،وواحدة فقط ،عن احلقيقة .ويف تقدير نسوايت املوجة الثالثة وما بعد احلداثة ،جيب على النساء كشف
اختالفاهتن لبعضهن البعض لكي يستطعن مقاومة النزعة البطريركية لتمركز وحتجر الفكر بصدد حقيقة صارمة،
كانت دوما ،وتكون ،وستبقى كذلك إىل األبد .ولكي يثبت النساء أنفسهن ،جيب عليهن أن يتقبلن التناقض
بسرور ،حىت التناقض الذايت ،فليس هناك ما يضطرهن التباع أي نص ،مبا يف ذلك ما فُرض عليهن طوال
حياهتن.
4ـ اخلالصة
ال تفرض مقارابت الرعاية النسوية أو املقارابت النسوية املرتكزة على القوة لألخالق مقياسا معياراي واحدا على
النساء .وإمنا تعرض عليهن طرقا متعددة لفهم الطرق اليت يؤثر هبا اجلندر ،والعرق ،والطبقة وما إىل ذلك على
قراراهتن األخالقية .وألن املقارابت النسوية لألخالق متيل إىل كوهنا خنثوية وحساسة للجندر على حد سواء،
حتتج االنتقادات الغري نسوية على هذه املقارابت أبهنا "منحازة لإلانث" .وتؤكد تلك االنتقادات أن األخالقيات
ال ميكن أن تبدأ من نقطة انطالق خاصة -من املرأة يف هذه احلالة -مث تظل معتربة كأخالقيات .وعلى
النقيض ،تنطلق األخالقيات التقليدية من افرتاض أن القيم والقواعد تطبق على كل العقالء ابلتساوي .بيد أن
معظم نظرايت األخالقيات التقليدية تبدو مؤسسة على خربة الرجال األخالقية -اخلربات القوية غالبا -يف
مقابل النساء.
حتتج النسوايت الاليت يطورن مقارابت الرعاية واملقارابت الوضعية النسوية لألخالق بشكل آمن أبهنن
حياولن فعل ما كان ينبغي أن تفعله األخالقيات التقليدية يف املقام األول ،وهو أن تعري اهتماما أكثر خلربة
النساء األخالقية كالذي تعريه خلربة الرجال .وبنفس الطريقة اليت جتاهل هبا املؤرخون ضغط وجهد وصراعات
العامل اخلاص لألطفال ،والكنيسة ،واملطبخ لريكزوا على الثورات االقتصادية واالنقالابت السياسية واالحتالالت
املسلحة للعامل العام ،ركز األخالقيون التقليديون على اهتمامات الرجال األخالقية ،وقضاايهم ،وقيمهم،
متجاهلني املرأة .وبناء على ذلك ،فعندما تؤكد إحدى أنصار األخالقيات النسوية أمهية أخالق النساء ،فهي
تقوم ببعض العمل اإلصالحي ،فتضيف خربات النساء األخالقية إىل التقليد األخالقي املنحاز للرجال ،والذي
حيتاجها على حنو خطري.
ومع ذلك ،فرمبا تفعل أكثر من هذا ،رمبا تقرتح أنه ال يكفي األخالقيات التقليدية أن متزج اهتمامات
النساء وقضاايهن وتعرتف هبن كعوامل أخالقية ينبغي أن تؤخذ يف االعتبار جبدية .فعلى النقيض ،رمبا تناقش
األخالقيات التقليدية يف إعادة النظر يف الفروض األنطولوجية واالبستمولوجية اليت أتسس عليها تفكريهم ،وأن
تعترب اإلمكانية البعيدة عن كوهنم مصادر حترر اإلنسان ،ومبادئهم ،وقواعدهم ،وضوابطهم ،وأعرافهم،
ومعايريهم ،ختدم يف النهاية أمناطا من اهليمنة واخلضوع تعيد بناء أخالق كل شخص.
إذا كانت األخالقيات تُعىن بتحرر البشر ،فملخص أليسون جاغر عن األسس األربعة لألخالقيات النسوية ال
يعلى عليه يف أي طريقة ذات مغزى .فوفقا جلاغر ،تسعى كل املقارابت النسوية إىل ( )1تقدمي انتقادات
أخالقية لألعمال واملمارسات اليت تدمي إخضاع املرأة )2( .وصف طرق مقبولة أخالقيا ملقاومة هذه األعمال
واملمارسات )3( .تصور بدائل مرغوبة هلذه األعمال واملمارسات )4( .أخذ خربة املرأة األخالقية على حممل
اجلد ،لكن ليس بال نقد ( .)Jaggar, “Feminist Ethics,” 1992ينبغي أن يهدف األخالقيون النسويون أوال
وقبل كل شيء إىل حتسني حالة املرأة على وجه اخلصوص ،وأيضا حالة الضعفاء مثل األطفال ،وكبار السن،
والعجزة ،واملعاقني ،واملتخلفني عقليا.
رغم التفسريات املختلفة للنسوايت األخالقيات ملا ميكن اعتباره خيارا تطوعيا ومقصودا ،أو ممارسة
غري شرعية أو شرعية للسيطرة ،أو عالقة صحية أو ممرضة ،فإن اجملتمع الفكري واألخالقي يطمأن إىل أن
النسوية بعد كل شيء ليست أيديولوجية متجانسة تصف طريقا واحدا فقط لكل النساء ،هذه الطريقة يف
املناسبة ملا ميكن اعتباره انقساما سياسيا بني النسوايت .فإذا أتينا لطاولة السياسة وطلبنا
التفكري هي أيضا َ
التعبري عن وجهة النظر النسوية لقضية أخالقية ما ،فسيستطيع كل خبري أخالقي نسوي أمني أن يقول أن
وجهة النظر تلك ال وجود هلا ،وإذا كانت النسوايت ال ميلكن موقفا واضحا ومالئما وموحدا للقضااي األخالقية
الرئيسية ،فإن وجهات النظر األقل مالءمة للنساء قد متأل الفجوة.
رغم أنه من احملتم على النسويني األخالقيني أن يؤكدوا -على سبيل املثال -كيف أن السياسة اليت
تفيد جمموعة من النساء قد تضر جمموعة أخرى يف الوقت نفسه ،رمبا كان من خطأهم عدم أتييد سياسات
قادرة على خدمة أهم املصاحل ألوسع نطاق من النساء .وهلذا السبب ،يعتقد كثري من األخالقيني النسويني أن
عليهم لزاما االستماع أوال لوجهات النظر املختلفة للنساء ،مث صياغة رؤية ُجممع عليها ،بغض النظر عما إذا
كان حتقيق هذا اهلدف مؤكدا أم ال .ومع هذا كله ،مازال على األخالقيني النسويني االلتزام مبهمة دفع النساء
حنو هدف املساواة اجلنوسية ابلرجال .وسيشهد القرن احلادي والعشرون -بال شك -تقدما جديدا يف
األخالقيات النسوية ألنه يواجه حتدي العيش يف عامل معوَمل.
المراجع
• Abel, Emily K. and Margaret K. Nelson, (eds.), (1990). Circles of Care: Work
and Identity in Women's Lives, Albany: SUNY Press.
• Bartky, S.L. (ed.), (1990). Femininity and Domination, New York: Routledge.
• Bartlett, K.T. (1991). “Feminist legal methods”. In K.T. Bartlett & R. Kennedy
(eds.), Feminist Legal Theory: Readings in Law and Gender, Boulder, CO:
Westview Press, 370-403.
• Beasley, Chris. (1999). What is Feminism?: An Introduction to Feminist Theory,
London: Sage Publications.
• Beecher, C.E. and Stowe, H.B. (1971). The American Woman's Home: Principle
of Domestic Science, New York: Aeno Press and The New York Times.
• Blum, C.P. (1966). Friendship, Altruism, and Morality, London: Routledge and
Kegan Paul.
• Brownmiller, S.(1993). Against Our Will: Men, Women, and Rape, New York:
Fawcett Columbine.
• Buhle, M.J., Buhle, P. (eds.) (1978). The Concise History of Women's Suffrage,
Urbana: University of Illinois Press.
• Bulbeck, Chilla. (1998). Re-Orienting Western Feminisms: Women's Diversity
in a Postcolonial World, New York: Cambridge University Press.
• Butler, Judith. (1990). Gender Trouble: Feminism and the Subversion of
Identity, New Your: Routledge.
• Card, Claudia. (1999). On Feminist Ethics and Politics, Lawrence, KS:
University Press of Kansas.
• Chodorow, N. (1999). The Reproduction of Mothering: Psycholanalysis and
the Sociology of Gender, updated edition, Berkeley: University of Calfornia
Press.
• Confessore, N.and D. Hakim. (2009). “Paterson picks Gillibrand for Senate
seat”.NYTimes.com, January 23, URL =
<http://www.nytimes.com/2009/01/24/nyregion/24senator.html?pagewant
ed=2&_r=1>.
• Copjec, Joan. (2002). Imagine There's No Woman: Ethics and Sublimation,
Cambridge, MA: MIT Press.
• Daly, M. (1978). Gyn/ecology: The Metaethics of Radical Feminism, Boston:
Beacon Press.
• ––– (1984). Pure Lust: Elemental Feminist Philosophy, Boston: Beacon Press.
• de Beauvoir, S. (1952). The Second Sex, Toronto: Vintage Books.
• Donovan, Josephine. (2003). Feminist Theory: The Intellectual Traditions, 3rd
ed., New York: Continuum.
• ––– (1990). “Animal Rights and Feminist Theory”. Signs, 15 (2): 370-375.
• Donovan, Josephine and Carol Adams. (2007). Feminist Care Tradition in
Animal Ethics: A Reader, New York: Columbia University Press, 1-20.
• Eisenstein, Z. (1981). The Radical Future of Liberal Feminism, Boston, MA:
Northeastern University Press.
• Firestone, S. (1970). The Dialectic of Sex, New York: Bantam Books.
• Friedan, B. (1997). Feminist Mystique, New York: W.W. Norton & Company.
• ––– (1998). The Second Stage, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• Frye. M. (1991). “A response to Lesbian Ethics: Why ethics?” In C. Card
(ed.), Feminist Ethics, Lawrence, Kans.: University Press of Kansas, 52-59.
• Gilligan, C. (1982) In A Different Voice: Psychological Theory and Women's
Development, Cambridge, MA: Harvard University Press.
• ––– and D.A.J. Richards (2008). The Deepening Darkness: Patriarchy,
Resistance, and Democracy's Future, Cambridge, MA: Harvard University
Press.
• Gilman, C.P. (1979). Herland: A Lost Feminist Utopian Novel, New York:
Pantheon.
• ––– (1966). Women and Economics, New York: Harper and Row.
• Hanigsberg, Julia E. and Sara Ruddick, (eds.), (1999). Mother Troubles:
Rethinking Contemporary Maternal Dilemmas, Boston: Beacon Press.
• Held, V. (1983). “The obligations of mothers and fathers”. In J. Trebilcot
(ed.) Mothering: Essays in Feminist Theory, Totowa, NJ: Rowman and
Allanheld, 9-20.
• ––– (1987). “Feminism and moral theory”. In E. Kittay and D. Meyers
(eds.), Women and Moral Theory, Savage, Md.: Rowman and Littlefield.
• ––– (1993). Feminist Morality: Transforming Culture, Society, and Politics,
Chicago: University of Chicago Press.
• ––– (ed.), (1995). Justice and Care: Essential Readings in Feminist Ethics,
Boulder, CO: Westview Press.
• ––– (2006). The Ethics of Care: Personal, Political, and Global, Oxford: Oxford
University Press.
• Heywood, Leslie and Jennifer Drake, (eds.), (1997). Third Wave Agenda: Being
Feminist, Doing Feminism, Minneapolis: University of Minnesota Press.
• Hoagland, S.L. (1988). Lesbian Ethics, Palo Alto, Calif.: Institute of Lesbian
Studies.
• Howard, Judith A. and Carolyn Allen. (2000). Feminisms at a Millennium,
Chicago: The University of Chicago Press.
• Jaggar, A.M. (1983). Feminist Politics and Human Nature, Totowa, NJ.:
Allenheld.
• ––– (1991). “Feminist ethics: Projects, problems, prospects”. In C. Card
(ed.), Feminist Ethics, Lawrence, KS: University Press of Kansas.
• ––– (1992). “Feminist ethics”. In L. Becker and C. Becker (eds.), Encyclopedia
of Ethics, New York: Garland Press, 363-364.
• ––– (1994). Living with Contradictions: Controversies in Feminist Social Ethics,
Boulder, CO: Westview Press.
• King, Y.(1995). “Engendering a peaceful planet: ecology, economy, and
ecofeminism in contemporary context”. Women's Studies Quarterly, 23: 15-
25.
• Kittay, E. F. (1999). Love's Labor: Essays on Women, Equality, and
Dependency, New York: Routledge.
• ––– and E.K. Feder (2003). The Subject of Care: Feminist Perspectives on
Dependency, Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
• Kohlberg, L. (1971). “From is to ought: How to commit the naturalistic fallacy
and get away with it in the study of moral development”. In T. Mischel
(ed.), Cognitive Development and Epistemology, New York: Academic Press,
151-235.
• Kourany, J., Sterba, P., and Tong, R. (eds.), (1987). Feminist Philosophies:
Problems, Theories, and Applications, Englewood Cliffs, NJ.: Prentice Hall.
• Lindemann, Hilde, Marian Verkerk, and Margaret Urban
Walker.(2009). Naturalized Bioethics: Toward Responsible Knowing and
Practice, Cambridge, MA: Cambridge University Press.
• Lugones, M. (1987) “Playfulness, ‘world’-traveling, and loving
perception”. Hypatia, 2: 3-19.
• Lugones, M. and Spelman, M. (1983). “Have we got a theory for you! Feminist
theory, cultural imperialism, and the demand for ‘the woman's
voice’”. Women's Studies International Forum, 6(6): 573-581.
• Maher, K.(2008). “Campaign '08: Obama puts spotlight on women's pay
gap”. The Wall Street Journal, September 25: A15.
• Mero, J. (2008). “The myths or catching-up development”. In M. Mies and V.
Shiva(eds.), Ecofeminism, Chicago: University of Chicago Press. 125: 55-69.
• Mies, M. and Shiva, N. (1993). “Fortune 500 women CEOs”. In Fortune, URL =
<http://money.cnn.com/galleries/2008/fortune/0804/gallery.500_women_ce
os.fortune/>.
• Mill, J.S. (1970). “The subjection of women”. In A.S. Rossi (ed.), Essays on Sex
Equality, Chicago: University of Chicago Press. 123-242.
• Millet, K. (1970). Sexual Politics, Garden City, NY: Doubleday.
• Mitchell, J. and S.K. Mishra (2000). Psychoanalysis and Feminism: A Radical
Reassessment of Freudian Psychoanalysis, New York: Basic Books.
• Mullet, S. (1988). “Shifting perspectives: A new approach to ethics”. In L.
Code, S. Mullet, and C. Overall (eds.), Feminist Perspectives: Philosophical
Essays on Method and Morals, Toronto: University of Toronto Press.
• Narayan, U. (1997). Decentering the Center: Philosophy for a Multicultural,
Postcolonial, and Feminist World, Bloomington, IN: Indiana University Press.
• ––– and S. Harding(2000). The Subject of Care: Feminist Perspectives on
Dependency, Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
• Noddings, N. (1984). Caring: A Feminine Approach to Ethics and Moral
Education, Berkeley: University of California Press.
• ––– (2002). Starting at Home: Caring and Social Policy, Berkeley, CA.:
University of California Press.
• ––– (1989). Women and Evil, Berkeley, CA.: University of California Press.
• Nussbaum, Martha. (1999). “The Feminist Critique of Liberalism”. In A.
Jeffries (ed.), Women's Voices, Women's Rights: Oxford Amnesty Lectures,
The Oxford Amnesty Lecture Series. Boulder, CO: Westview Press.
• ––– (2003). “Capabilities and Functional Entitlements: Sen and Social
Justice”. Feminist Economics, 9 (2-3): 33-59.
• Puka, B. (1991). “Interpretives Experiments: Probing the Care-Justice Debate
in Moral Development”. Human Development, 34: 61-80.
• Regan, Tom. (1983). The Case for Animal Rights, Berkeley, Calif.:University of
California Press.