Professional Documents
Culture Documents
ﺗﻌﺪدت اﻷﺻﻮات ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺮض ،ﻓﻤَﻨَﺢ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرَ ﺻﻮﺗﺎً ﻛﻤﺎ ﻣﻨﺢ ﻧﺎﻗﺪﻳﻪ .وﻟﻜﻨﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻴﺮﺗﻮﻟﺖ ﺑﺮﻳﺨﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﻤﻠﺤﻤﻲ،
ﻛﺎن ﻳﻜﺴﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺼﻮﺗﻲ ﻣﺮاراً ﻟﻴﻘﺪم ﻟﻨﺎ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻟﺤﻈﺎت ﺗﺘﺠﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ وﻳﻜﺮر اﻟﻤﻤﺜﻠﻮن ﻛﻠﻤﺔ أو ﻣﻘﻄﻌﺎ ﻣﺎ ،أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
وﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻜﻮرس/اﻟﺠﻮﻗﺔ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،رؤﻳﺔً ﻣﻠﺤﻤﻴﺔ ﺗﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ ﺗﺴﺎﺋﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﺗﺤﻤﻠﻪ
اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ.وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺪور أﺣﺪاث اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻲ 1926و 2006ﻳﻌﻮد اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺮاراً إﻟﻰ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻘﺼﻒ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﻠﻌﺮاق ﻟﻮأد ﺛﻮرﺗﻪ
ﻓﻲ ﻋﺎم 1920وإﻟﻰ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻘﺼﻒ واﻟﻐﺰو اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ،وإﻟﻰ ﻟﺤﻈﺔ ﻧﻬﺐ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﻐﺰو.وﺗﺼﺒﺢ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺘﺰج
ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﻣﺎر ﺑﺎﻟﻤﻴﻼد "ﻣﻮﺟﺔً/ﺗﺘﻀﺨﻢ /ﻋﺎﺻﻔﺔ /إﻋﺼﺎر /ﻣﻦ اﻹرادة/ﺗﺪاﻓُﻊ ﺣﺘﻰ/اﻟﻔﻴﻀﺎن /اﻟﺴﺪود ﺗﻨﻬﺎر /ﻣﻮﺟﺔ ﻋﺎرﻣﺔ /ﻣﻦ اﻟﻨﻮاﻳﺎ/ﻣﻦ
اﻟﺪﻣﺎر /ﻳﻘﻬﺮ /ﻳﻘﻬﺮ /ﻳﺒﺘﻠﻊ/ﻳﻐﺮق /ﻳﻐﺮﻗﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ /ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﺳﻴﺒﻘﻰ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻬﻤﺪ اﻟﻤﻴﺎه؟" )ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ(.
ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﻮر ﻃﻮﻓﺎن ﻧﻮح وﻓﻴﻀﺎﻧﺎت ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻐﺮقُ ﺣﻀﺎرةً ﻟﺘﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎﺿﻬﺎ أُﺧﺮى—وﻣﻨﻬﺎ ﻃﻮﻓﺎن
ﻏﻠﻐﺎﻣﺶ .وﺗﻤﺘﺪﻫﺬه اﻟﺼﻮر إﻟﻰ ﺑﻨﻴﺔ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ؛ إذ ﺗﺘﺪﻓﻖ أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻨﺎﻏﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،وﻣﺘﻨﺎﻓﺮ ﻣﺘﻀﺎرب ﻓﻲ
أﺣﻴﺎن ] [D1أﺧﺮى ،ﻣﻨﺘﻘﻠﺔً ﻣﻦ زﻣﻦٍ إﻟﻰ زﻣﻦ ،وﻣﻦ ﻓﻜﺮة إﻟﻰ ﻧﻘﻴﻀﻬﺎ أو إﻟﻰ اﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﺎت ﻣﻦ اﻟﻄﻮﻓﺎن أو ﺷﻈﺎﻳﺎ
اﻧﻔﺠﺎر ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ دون أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺤِﺪﱠﺗِﻬﺎ.
وﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ﻟﻠﺘﺪﻓﻖ اﻟﺴﻠﺲ ﻷﺣﺪاث اﻟﻌﺮض ،ﻳﺤﻔﺰﻧﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻼﻃﻢ وﻫﺬه اﻟﺤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﺄن اﻟﻮاﻗﻊ أﻟﻴﻢ وأن ﺣﻜﺎﻳﺔ
ﻣﺘﺤﻒ اﻟﻌﺮاق ،وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻐﺰو ،واﻟﺘﺮﻛﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ ،ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد ﺗﺴﻠﻴﺔ .وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻫﺬا اﻻﻏﺘﺮاب اﻟﺬي ﻳﻨﺸﺄ ،ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﺮﻳﺨﺖ ،ﺑﻴﻦ
اﻟﻤﺸﺎﻫﺪﻳﻦ وﺑﻴﻦ أﺣﺪاث اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻻ ﻧﻌﺪم ،ﻧﺤﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪي اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﻌﺮب ،ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺎت ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺔ ﻣﻊ اﻟﺨﺸﺒﺔ وﻣﻊ اﻟﻌﺮض ،ﺑﺎﻟﺬات
واﻟﻤﻤﺜﻞ اﻟﻌﺮاﻗﻲ رﺳﻮل اﻟﺼﻐﻴﺮ ﻳﻌﻠﻦ اﻓﺘﺘﺎح اﻟﻌﺮض ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ .ﺗَﻤَﻜﱠﻨَﺮﺳﻮل اﻟﺼﻐﻴﺮ ،اﺑﻦ اﻟﻌﺮاق واﺑﻦ اﻟﻤﻨﻔﻰ ،ﻣﻦ أن ﻳﺴﺒﻚ
ﻓﻲ أداﺋﻪ ﺣُﺒﱟﺎ ﻟﻠﻌﺮاق وﻣﺎﺿﻴﻪ وآﺛﺎره ،وﻗﻠﻘﺎً )ﻳﺨﺎﻟﻄﻪ اﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗَﺪَر اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪي( ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ،وﻫﻮ
ﻳﻠﻌﺐ دور أﺑﻲ زﻣﺎن اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻛﺄﻧﻪ روﺣﻪ واﻟﺬي ﻳﺘﺤﺮك ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺑﻴﻦ زﻣﻨﻲ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،واﻟﺬي ﺗﻤﻨﺤﻪ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻗﺪرة اﻟﺘﺤﻜﻢ
ﻓﻲ ﺧﻄﻮط اﻟﺰﻣﻦ وﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ –ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺼﻄﺪم داﺋﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﻳﺎت اﻟﻤﺄﺳﻮﻳﺔ إذ ﺗﺴﺘﻠﻬﻢ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﺻﺮاعٌ
ﻣﻊ ﻗﺪرٍ ﻣﺤﺘﻮم ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻌﻴﺾ ﻋﻦ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﻟﻠﻘﺪر ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺬي ﺗﺼﺒﺢ ﻛﻞ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت ﻣﺄﺳﻮﻳﺔً ﻓﻲ ﻇﻠﻪ.
ﺗﺘﻼﺣﻖ أﺣﺪاث اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﻊ أﺣﺪاث اﻟﺤﺎﺿﺮ إذ ﻧﺮى أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮازي أﺣﺪاث 1926ﺣﻴﻦ أﻧﺸﺎت اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ وﻋﺎﻟﻤﺔ اﻵﺛﺎر ﻏﻴﺮﺗﺮود
ﺑﻴﻞ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻟﺘﻤﻮت ﺑﻌﺪ اﻓﺘﺘﺎﺣﻪ ﺑﺠﺮﻋﺔ زاﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﺒﻮب اﻟﻤﻨﻮﻣﺔ ،واﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ ﻟﻌﺎم 2006إذ ﻳﺤﺎول ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ
ﺑﻘﻴﺎدة اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ-اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﻴﻦ )اﻟﻤﺴﺘﻮﺣﺎة ﺑﺘﺼﺮف ﻣﻦ ﻟﻤﻴﺎ اﻟﻐﻴﻼﻧﻲ اﻟﺘﻲ رﺣﻠﺖ ﻋﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺎري( إﻋﺎدة اﻓﺘﺘﺎح
اﻟﻤﺘﺤﻒ وﺳﻂ أﺟﻮاء اﻻﺣﺘﻼل واﻟﻌﻨﻒ.وﻳﺘﻘﺎﻃﻊ اﻟﺰﻣﻨﺎن ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل،ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻌﺔ آﺛﺎر ﻇﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ إﻟﻰ ذاك
ﻓﻨﺮى اﻟﻤﺮأﺗﻴﻦ ﺗﺪرﺳﺎﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ وﺗﻠﺘﻘﻄﻬﺎﻫﺬه ﻣﻦ ﻳﺪ ﺗﻠﻚ أو ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻋﻴﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎت اﻟﺰﻣﻨﻴﻦ.
ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ ﺣﺎﺿﺮه ﻫﻮ زﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﻟﺤﻔﺮﻳﺎت-اﻷرﻛﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ اﺳﺘﻜﺸﺎف ﺧﻄﻮط اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ
اﻟﻤﻜﺎن ،واﺳﺘﻜﺸﺎف ﻗﻄﻊ اﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ زﻣﻦ إﻟﻰ زﻣﻦ.وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ زﻣﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺗﺠﻤﻴﻊ ﻷزﻣﻨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن
واﺣﺪ ﻟﺘﺤﻜﻲ رواﻳﺔ واﺣﺪة )وإن ﻛﺎن ﻧﺺ ﻫﻨﺎء ﺧﻠﻴﻞ ﻳﻘﻠﺐ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﺬي ﻳﺼﻄﻨﻌﻪ اﻟﻤﺘﺤﻒ إﻟﻰ اﺿﻄﺮابٍ ﻳﺤﻔﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ(.وﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ
اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻮﻃﻨﻲ )ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﻘﻪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﻨﺨﺐ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻤﻌﺎدﻳﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء( اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﻌﺎﻗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ ﻓﻲ ﻫﻮﻳﺔ واﺣﺪة ﻣﺨﺘﻠﻘﺔ وﻳﻔﺘﺮض أن اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻳﻌﻴﺸﻮن اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻌًﺎ.
اﺳﺘﻄﺮاد ﻧﻈﺮي :ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻛﺄداة أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺘﺤﻠﻴﻞ ﺑﻨﻴﺪﻛﺖ أﻧﺪرﺳﻮن ﻟﻮﻇﻴﻔﺔ
اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ .وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﻜﺸﻒ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺪور اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﻟﻠﻤﺘﺤﻒ – ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ
ﻧﻬﺐ اﻵﺛﺎر ﻓﺤﺴﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ رواﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻳﻀﺎً—ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﻨﻘﺪ دراﺳﺎت ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻟﻠﻤﺘﺎﺣﻒ وﺑﺤﺪﻳﺚ ﺗﻴﻤﻮﺛﻲ
ﻣﻴﺘﺸﻴﻞ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »اﺳﺘﻌﻤﺎر ﻣﺼﺮ« ،ﻋﻦ دور اﻟﻤﻌﺮض ﻓﻲ إﻧﺘﺎج ﻧﻈﺎم ﻣﻌﺮﻓﻲ )إﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ( ﻏﺮﺑﻴﺔ .أﻣﺎ زﻣﻦ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﺴﻜﻦ
ﻣﺎﺿﻴﻪ ﺣﺎﺿﺮه ،وﻳﺘﺠﺎور ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﻓﻴﺬﻛﺮﻧﺎ ﺑﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻪ ﺟﻮزﻳﻒ ﻣﺴﻌﺪ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎب »آﺛﺎر اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ« ﻋﻦ اﻟﺰﻣﻦ
اﻟﻮﻃﻨﻲ "اﻟﻤﺰدوج-اﻟﻤﺘﺰاﻣﻦ" "ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪه وﺣﺎﺿﺮه اﻟﻨﺎﺷﺊ وﺣﺪاﺛﺘﻪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ وﻗﺖ واﺣﺪ)".اﻧﺘﻬﻰ
اﻻﺳﺘﻄﺮاد(
وﺣﻴﻦ ﺗﺠﻤﻊ اﻵﺛﺎر ﺧﻄﻮط اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﺤﺎﻛﻲ إﻳﻤﺎن أﺑﻲ زﻣﺎن ﺑﺄن اﻵﺛﺎر ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ وﻳﻠﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ،
وﺗﺤﺎﻛﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻇﻦ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ أﻧﻬﺎ إذ ﺗﺤﻔﺮ ﻓﻲ رﻣﻞ اﻟﻌﺮاق وﺗﺴﺘﺨﺮج آﺛﺎره وﺗﺠﻤﻊ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﻒ )إذ ﻳﺬﻫﺐ اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﻟﻤﺘﺎﺣﻒ
أوروﺑﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻄﺘﻬﺎ ﺑﻴﻞ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ(ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺨﻠﻖ اﻟﻌﺮاق ﺧﻠﻘﺎ.
إﻻ أن اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ،ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﻮﻫﻢ اﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر واﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺴﺤﻴﻖ اﻟﺮاﺑﻂ اﻟﻮﺣﻴﺪ
ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷﻣﺔ ،إذ ﺗﺮﺑﻂ ﻫﻨﺎء ﺧﻠﻴﻞ أزﻣﻨﺔ ﺣﻜﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴﺘﻴﻦ ﻋﺮاﻗﻴﺘﻴﻦ أوﻟﻬﻤﺎ أﺑﻮ زﻣﺎن ،وﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ﻧﺎﺳﻴﺔ ،اﻟﻌﺮاﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺒﺄ
ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ "ﻣﻌﺘﻤﺪة ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺮآة /وﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎوﻳﺬ ﺳﺤﺮﻳﺔ/وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺴﺎﺑﺎت/ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ،ﺑﻤﻴﻜﺮوﻓﻮن ،ﺑﻜﺎﻣﻴﺮا /ورؤﻳﺔ واﺿﺤﺔ ﻟﻤﺎ
ﺣﺪث ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪ واﻟﺘﺎرﻳﺦ/اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﻓﻬﻢ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن – ﻷﻧﻤﺎط ﺳﻠﻮك /اﻟﺒﺸﺮ" )ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺼﻔﻬﺎ أﺑﻮ زﻣﺎن ،ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ
اﻷﺻﻞ(.
ﻧﺎﺳﻴﺔ ،إذن ،ﻫﻲ ﻧﻘﻴﺾ اﻟﻤﺘﺤﻒ ،إذ ﺗﻤﺜﻞ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ وﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻤﺘﺤﻒ وﻋﻦ ﻣﺆﺳﺴﺎت
اﻟﺪوﻟﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ إذ ﺗﺆدي اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ذات اﻷﺻﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﺎدي ﻛﻤﺐ-ﺻﻴﻔﻲ اﻟﺪور ﺑﺂداء ﺷﻌﺒﻲ وﺑﺘﻘﻤﺺ ﺑﺪﻳﻊ ﻟﺪور اﻟﺒﺪوﻳﺔ.وﻓﻲ
ﻣﺸﻬﺪ ﻣﻦ أروع ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ،ﺗﻘﺘﺤﻢ ﻧﺎﺳﻴﺔ اﻓﺘﺘﺎح اﻟﻤﺘﺤﻒ )اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ( ،وﻳﺜﻴﺮ وﺟﻮدﻫﺎ ﺑﻤﻼﺑﺴﻬﺎ
اﻟﺒﺪوﻳﺔ وﻫﻲ ﺗﺘﺄﻣﻞ اﻵﺛﺎر اﺳﺘﻐﺮاب اﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ،إذ ﻓُﺘِﺢ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻟﻠﻤﺴﺆﻟﻴﻦ ﻓﻘﻂ وﺣﻴﻞ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﻷﺳﻮار واﻟﺤﺮاس ،ﻣﺎ
ﻳﻄﺮح اﻟﺴﺆال "ﻟﻤﻦ ﻫﺬه اﻵﺛﺎر؟" ،ﻧﻔﺲ اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻣﺎﻟﻜﻮﻟﻢ رﻳﺪ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻓﺮاﻋﻨﺔ ﻣﻦ؟ ،وﻧﻔﺲ اﻟﺴﺆال
ﺗﻄﺮﺣﻪ ﻧﺎﺳﻴﺔ ﻓﺘﻘﻮل ﻟﻐﺎﻟﻴﺔ" :إذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻟﻨﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺗﺰﻋﻤﻴﻦ ،ﻓﻠﻤﺎذا ﻳُﺘﺮك اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﻳﻮن ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج؟" ﺛﻢ ﺗﺮد
ﺑﻌﻨﻒ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻟﻢ ﻳﺮﺣﺐ ﺑﺎﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ وأﻧﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺳﻴﺘﺬرﻋﻮن ﺑﻤﺎ ﺣﺪث ﻟﻠﻤﺘﺤﻒ ﻣﻦ ﺗﺨﺮﻳﺐ وﻧﻬﺐ )ورﺑﻤﺎ ﺗﺸﻴﺮ
ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻟﻶﺛﺎر( ﻟﻜﻲ ﻳﻈﻞ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﻐﻠﻘﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮر؛ وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺳﻴﻨﺴﻮن أﻧﻬﻢ ﻫﻢ
)أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ( ﻣﻦ دﻓﻊ ﺑﺎﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل":ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ ﻃﻌﺎم ﻟﻨﺄﻛﻠﻪ ،ﻻ ﻣﺎء ،ﻻ ﻣﻜﺎن آﻣﻦ .ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻠﻮا ﻣﻨﺎ ﻫﻤﺠﺎً ،اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ"
وﺗﻌﻴﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﻣﺴﺘﺒﺪﻟﺔً ﺑﺎﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ ﻣﺮة ،واﻟﺪوﻟﺔَ ﻣﺮةً أﺧﺮى )وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺑﺨﻄﺒﺘﻬﺎ إﻟﻰ زﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ،
ﻣﻦ دون أن ﺗﺴﺎوي ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﻤﻊ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻗﻤﻊ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ" :ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ أﻳﺎم ﺻﺪام ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ .(".وﻓﻲ
ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺗﻌﻤﺪ إﻟﻰ اﻟﺘﺎج اﻷﺛﺮي )اﻟﺬي ﻳﻮﺣﺪ اﻟﻤﺸﻬﺪﻳﻦ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺠﺮﻳﺎن ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻓﻲ زﻣﻨﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ( وﺗﺮﻓﻌﻪ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺧﻄﺒﺔ
أﺧﻴﺮة ﻋﻦ ﺗﻔﺎﻫﺔ اﻵﺛﺎر ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻀﻮر اﻟﻨﺎس ﺟﻮﻋﺎً ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج ،ﺛﻢ ﺗﺪﻣﺮه .وﻳﺘﺠﻤﺪ اﻟﻤﺸﻬﺪ ،وﻳﻨﺘﻬﻲ وﻋﻴﻮن اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻨﻴﻦ ﻣﻌﻠﻘﺔ
ﺑﻬﺎ ،وﺑﻨﺪﻗﻴﺔ اﻟﻤﺠﻨﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆَﻣﱢﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻣﺼﻠﺘﺔ ] [D2ﻓﻲ وﺟﻬﻬﺎ ،وﻣﺪﻳﺮﺗﺎ اﻟﻤﺘﺤﻒ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻨﻴﻦ ﺗﻘﻮﻻن ﻓﻲ ﻧَﻔَﺲٍ واﺣﺪ
"ﻛﻴﻒ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ أن ﻳﺤﺪث؟"
ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ أﺑﻲ زﻣﺎن وﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻧﺎﺳﻴﺔ )وﻫﻮ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﺬي أﺳﺮت ﺑﻪ ﻫﻨﺎء ﺧﻠﻴﻞ إﻟﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪﻳﻬﺎ اﻟﻌﺮب
دون ﺳﻮاﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻠﻔﻈﻲ ﺑﻴﻦ اﻻﺳﻤﻴﻦ( .ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻮازي ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ ،إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ )إذ ﺗﻈﻬﺮ
ﻧﺎﺳﻴﺔ أول ﻣﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ وﻗﻊ وﺻﻒ أﺑﻲ زﻣﺎن ﻟﻬﺎ وﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻳﺘﺤﺪﺛﺎن ﻣﻌﺎ ﻛﺠﻮﻗﺔ واﺣﺪة( ،ﻓﺈن أﺑﺎ زﻣﺎن ﻳﺤﺎول أن ﻳﺤﺎﻓﻆ
ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻮط اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ وﻳﻮﺟﻬﻬﺎ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﻬﺎر ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﻮط ﺣﻮل ﻧﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻣﺮ اﻟﺘﺎج اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮط .وﻧﺮى ﻛﺬﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ
ﺑﻴﻦ إﻳﻤﺎن أﺑﻲ زﻣﺎن ﺑﺄن اﻵﺛﺎر ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻜﻲ ﺗﻠﻬﻢ اﻷﺟﻴﺎل اﻵﺗﻴﺔ ،وﺗﺪﻣﻴﺮ ﻧﺎﺳﻴﺔ ﻟﻶﺛﺎر ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻠﻬﻲ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي
ﺧﻠﻘﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ )ﻧﻔﺲ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻫﺬه اﻵﺛﺎر ﻟﻔﺮض رؤﻳﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻟﻬﻮﻳﺔ(.
اﻟﺤﺒﻜﺔ واﻟﺸﺨﺼﻴﺎت
ﻫﺬا اﻟﺘﻮازي واﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻳﻤﺘﺪ إﻟﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺷﺨﻮص اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ؛ ﻓﺎﻟﺤﺒﻜﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮازي ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻏﻴﺮﺗﺮود
ﺑﻴﻞ وﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﻦ ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷﻧﻬﻤﺎ اﻣﺮأﺗﺎن ﻣﻬﺘﻤﺘﺎن إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺸﻐﻒ ﺑﺎﻵﺛﺎر وﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ وﻟﻜﻦ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻈﻨﺎن أﻧﻬﻤﺎ
ﺗﻤﻨﺤﺎن اﻟﻌﺮاق ﺷﻴﺌﺎ .ﺗﺤﺎول ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﺼﺪق ،ﻓﺘﺼﻄﺪم ﺑﻤﻮﻗﻌﻬﺎ ﻛﺠﺰء ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ،وﺑﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮاق اﻟﺬي ﻳﻔﺎﺟﺌﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﻇﻨﺖ
أﻧﻬﺎ ﺧﺒﺮﺗﻪ)وذﻟﻚ ﺻﺮاﻋﻬﺎ ﻣﻊ ﻗﺪرﻫﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪي( ﻓﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﻄﺎف ﻣﻨﺘﺤﺮة – أو ﻣﻄﻤﻮرة ﺗﺤﺖ أﻛﻮام ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻞ ﻓﻲ
ﺗﻤﺜﻴﻞ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺮﻣﺰي واﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻲ ﻻﻧﺘﺤﺎر ﻏﻴﺮﺗﺮود.وﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ وﻫﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ اﻟﻤﺄﺳﻮﻳﺔ ،ﻧﺮى
ﻏﺎﻟﻴﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻴﺮ ﺷﺒﻴﻪ إذ ﺗﺼﻄﺪﻣﻬﻲ اﻷﺧﺮى ﻣﻊ واﻗﻊ اﻟﻌﺮاق وواﻗﻊ اﻻﺣﺘﻼل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وواﻗﻊ أﻧﻬﺎ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ
ﻋﺮاﻗﻴﺔ اﻷﺻﻞ،ﻓﺘﺸﻜﻮ ﻣﻦ اﻷرق وﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ أﻧﻬﺎ ﺑﺪأت ﺗﺘﻌﺎﻃﻰ ﺣﺒﻮب اﻟﺘﺎﻣﺎزﻳﺒﺎم اﻟﻤﻨﻮﻣﺔ .ﻣﻨﺬ أﺗﺖ إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق.وﺗﺤﺎول أن ﺗﻬﺮب ﻟﻜﻲ ﻻ
ﻳﻘﺘﻠﻬﺎ "ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن" )اﻟﻤﺘﺤﻒ؟ اﻟﻌﺮاق؟( ﻛﻤﺎ ﻗﺘﻞ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ.
ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻢ ﻫﻨﺎ أن اﻟﺘﻲ ﺗﺮث ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ﻫﻲ ﻋﺮاﻗﻴﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺮاﻗﻴﺔ-ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻬﺎ اﻟﺼﺎدق ﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻟﺪى
ﻗﺴﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ أﻧﺼﺎف اﻟﻌﺮب وﻋﺮب اﻟﻤﻬﺠﺮ )ﺑﺎﻟﺬات اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﻢ( ،ﻓﺈن ﻟﻨﺎ أن ﻧﻘﺮأ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺎز ﻋﻦ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ
اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻹرث اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ﺷﻴﺌﺎ وﻃﻨﻴﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎزﻋﻬﺎ ﻣﻴﻮﻟﻬﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻧﺤﻴﺎزاﺗﻬﺎ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ-اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ.
وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﻤﺎ ﻟﻴﻠﻰ ،ﻋﺎﻟﻤﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم رداً ﺣﺎﺳﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﺔ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ" :ﻫﺬه اﻟﻤﺮأة!" ﺗﻘﻮل ﻟﻴﻠﻰ ﻋﻦ
ﻏﻴﺮﺗﺮود" ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻬﻮوﺳﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﺑﻨﺴﺨﺘﻬﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ] .وﺑﺴﺒﺒﻬﺎ[ أُﺧِﺬَ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ وذﻫﺐ اﻟﻨﺼﻒ ﻣﻜﺎﻓﺄةً
ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻧﻈﻤﻮا اﻟﺤﻔﺮ ،أي اﻟﻐﺮب!"وﺗﺤﺎول ﻏﺎﻟﻴﺔ أن ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺗﺮﻛﺔ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﻓﺘﻘﻮل ﻟﻠﻴﻠﻰ إﻧﻪ ﻟﻮﻻ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﻟﺬﻫﺒﺖ آﺛﺎر اﻟﻌﺮاق إﻟﻰ ﻣﺘﺎﺣﻒ ﻟﻨﺪن
وﺑﺮﻟﻴﻦ وﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻓﺘﺬﻛﺮﻫﺎ ﻟﻴﻠﻰ ﺑﺄن آﺛﺎر اﻟﻌﺮاق ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ .وأﻣﺎم اﻫﺘﻤﺎم ﻏﺎﻟﻴﺔ اﻟﻔﻮﻗﻲ ﺑﺎﻵﺛﺎر وﺗﺬﻣﺮﻫﺎ ،ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ،ﻣﻦ ﻋﺪم
اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ ﺑﺂﺛﺎرﻫﻢ ،ﺗﻀﻊ ﻟﻴﻠﻰ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ ﻓﺘﻘﻮل"ﺛﻤﺔ ﺟﺜﺚ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ،ﻣﺎ ﻳﻀﻊ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ اﻟﻤﺪﻣﺮة ﻓﻲ ﺣﺠﻤﻬﺎ
]اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ[".
ﺗﺆﻣﻦ ﻟﻴﻠﻰ ﺑﺄن اﻵﺛﺎر ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﺮك ﺣﻴﺚ وﺟﺪت "أﻣَﺎ وﻗﺪ أُﺧﺬت ﻫﺬه اﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﻣﻦ اﻷرض ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺘﻤﻲ ،ﺣﻴﺚ ﻋُﺜِﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ،
ﺟُﺰءًا ﻣﻦ ﻣﺘﺤﻒٍ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻻ ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻤﻌﻮﻟﻤﺔ ،اﻟﻤﺴﻠﻌﺔ ،اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ،اﻟﺘﻲ ﺗُﺸَﻜﱢﻞ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻮى أﺻﺤﺎب
اﻟﺴﻠﻄﺔ ]وﺗﻌﺮض[ اﻵﺛﺎر ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺣﺮب".
ﺗﺰداد ﻗﻮة ﻫﺬه اﻟﺴﻄﻮر إذ ﺗﻘﻮﻟﻬﺎ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔﻫﺪى اﻟﺸﻮاﻓﻨﻲ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ وﺑﺤﻀﻮر ﻃﺎغ ﺟﻌﻠﻬﺎ ،ﻣﻦ دون ﻣﻨﺎزع ،ﻧﺠﻤﺔ اﻟﻌﺮض،
وﺟﻌﻞ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻫﻮ اﻷﻛﺜﺮ ﺣﺰﻣﺎً وﺣﺴﻤﺎً ،وأﻋﻄﻰ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻋﺪﺳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻧﺎﻗﺪة ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر ﻟﻴﺮوا ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺪور اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺒﻪ
ﻏﻴﺮﺗﺮود وﻏﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ.
وﻷﻧﻬﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن اﻵﺛﺎر ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺣﻴﺎة ﻣﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻓﺈن ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻐﻮاﻳﺔ أن ﺗﺮﺗﺪي اﻟﺘﺎج اﻷﺛﺮي اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ
ﺧﻴﻮط اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻓﺘﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻤﺴﺮح ﻟﺘﻨﺰع ﺣﺠﺎﺑﻬﺎ وﺗﺮﺧﻲ ﺷﻌﺮﻫﺎ ،ﺟﻌﺪاً وﻣﺴﺘﺮﺳﻼً وﺗﻀﻊ اﻟﺘﺎج ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ
وﺗﺘﺴﻤﺮ ،ﺷﺎﻣﺨﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺎج ،ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ أو ﺗﻘﻮل ﻟﻨﺎ ﺑﺄن ﺛﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻮراﺛﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺧﺎرج إﻃﺎر "ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻤﻌﻮﻟﻤﺔ،
اﻟﻤﺴﻠﻌﺔ ،اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﻮى أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ ]وﺗﻌﺮض[ اﻵﺛﺎر ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺣﺮب ".ﺛﻢ ﻳﺪﺧﻞ
ﻋﻠﻴﻬﺎ أﺑﻮ زﻣﺎن وﻏﺎﻟﻴﺔ ﻓﺘﻬﺮب ﺧﺠﻠﻰ وﻫﻲ ﺗﻠﻤﻠﻢ ﺣﺠﺎﺑﻬﺎ وﺗﺘﻮارى ﻣﻦ أﻋﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﻼﺋﻤﺔ – وﻣﺮة أﺧﺮى ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺮاﻋﺔ ﻫﺪى اﻟﺸﻮاﻓﻨﻲ اﻟﺘﻲ
اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ ﺷﻤﻮخ ﻟﻴﻠﻰ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺎج إﻟﻰ ﺧﺠﻠﻬﺎ وارﺗﺒﺎﻛﻬﺎ.
اﺳﺘﻄﺮاد :ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻴﻠﻰ ﻫﻨﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻧﺎﺳﻴﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻬﺎ ﺗﻘﻒ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺎج ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺒﻘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺮﻓﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﺎج ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ
ﻗﺒﻞ أن ﺗﺪﻣﺮه) .اﻧﺘﻬﻰ اﻻﺳﺘﻄﺮاد(
ﺗﺤﻤﻞ ﻟﻴﻠﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﻋﺪاءً واﺿﺤﺎ ﻟﻼﺣﺘﻼل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻄﻴﻖ وﺟﻮد ﺣﺎرﺳﺔ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻟﻤﺘﺤﻒ .وﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮل آﺧﺮون إﻧﻬﻢ أﺣﺴﻨﻮا
اﻟﻈﻦ أول اﻷﻣﺮ ﺑﻨﻮاﻳﺎ اﻷﻣﺮﻳﻜﺎن ﺗﻘﻮل ﻟﻴﻠﻰ" :أﻧﺎ ﺗﻮﻗﻌﺖ أﻧﻪ ﻣﺎ إن ﻳﺄﺗﻲ رﻋﺎة اﻟﺒﻘﺮ ﻓﺴﺘﺘﺤﻮل ﺑﻐﺪاد إﻟﻰ زﻗﺎق ﻹﻃﻼق اﻟﻨﻴﺮان".ﺛﻢ ﻓﻲ
ﻣﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻧﺮى ﺳﺎﻣﻴﻮرك ،اﻟﻤﺠﻨﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺴﻮداء ،ﺳﺎذﺟﺔً إﻟﻰ درﺟﺔ ﺗﺜﻴﺮ اﻟﻐﻴﻆ أﺣﻴﺎﻧﺎً واﻟﺸﻔﻘﺔ أﺣﻴﺎﻧﺎ أﺧﺮى .وﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﻛﻔﺎءﺗﻬﺎ،
وﻋﻠﻰ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮات اﻟﺴﺎذﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﻟﻠﻐﺰو وﺟﺮاﺋﻤﻪ ،ودودة ودؤوﺑﺔ وﻻ ﺗﻤﺎﻧﻊ ﻓﻲ ﻛﻨﺲ اﻟﻤﺘﺤﻒ )ﻟﺘﻘﺪم ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺻﺮاﻋﺎ ًﻣﺠﺎزﻳﺎً
ﺑﻴﻦ اﻟﻐﺰاة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ وﺑﻴﻦ رﻣﻞ اﻟﻌﺮاق ،وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻨﺲ ﻳﻮرك وﺗﻜﻨﺲ ﻻ ﻳﻨﻀﺐ اﻟﺮﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﺮاﻛﻢ ،ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﻤﻜﺎن وﺑﺴﺒﺐ ﺣﺮﻛﺔ
اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ(.
وإذ ﺗﻘﺪم ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺳﺎم ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷوﻗﺎت ﻓﻲ ﻇﻞ ﻟﻴﻠﻰ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺮى اﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق رﻓﺾ أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﻟﻮﺟﻮدﻫﻢ .وﻓﻲ ﻇﻞ
ﻟﻴﻠﻰ ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ واﻟﺜﻘﺔ ﻟﺘﻌﺘﺮف ﺳﺎم ﻟﻠﻴﻠﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﺜﻘﻞ ﺿﻤﻴﺮﻫﺎ .وﺗﺘﻌﺠﺐ ﻟﻴﻠﻰ ﻣﻦ أن ﺳﺎم ،ﺑﻌﺪ "ﻛﻞ ﻣﺎ رأت ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ" ﻻ
ﻳﺜﻘﻞ ﺿﻤﻴﺮﻫﺎ ﺳﻮى ﺻﻐﺎﺋﺮ اﻷﺷﻴﺎء ،ﻓﺘﺒﺮر ﺳﺎم اﻷﻣﺮ ﺑﺄن اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﺣﻴﻦ ﻳﺘﻠﻘﻮن أﻣﺮاً ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ "ﻟﻴﺴﻮا ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻔﺬوﻧﻪ ،ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن
ﺳﻴﺌﺎً" .وﺗﺒﺮر وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﻴﺎرًاﻓﺘﻘﻮل "ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛﻤﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ]ﺣﺮﻳﺔ[ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺣﻴﺚ ﻛﻨﺖ .ﻛﻨﺖ أﺗﻤﻨﻰ ﻟﻮ ذﻫﺒﺖ
ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ .ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﻴﺎراً ﻣﺘﺎﺣﺎً) ".ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻠﻮم ،ﻣﻦ دون أن ﺗﺪري ،ﻋﻠﻰ أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ ﺑﻔﻘﺮاﺋﻬﺎ وأﻗﻠﻴﺎﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﺮب ،وﺗﺬﻛﺮﻧﺎ
ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﺎول ﻣﻘﺎوﻣﺔ زﺣﻒ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ "ﻓﺮﻗﺔ ﺗﺪرﻳﺐ ﻗﻮات اﻻﺣﺘﻴﺎط" ROTCﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ
واﻟﺬي ﻳﺒﺘﺰ اﻟﻔﻘﺮاء ﻟﻴﻨﻀﻤﻮا ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻣﻘﺎﺑﻞ دراﺳﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ(.
وﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺳﺎم اﻟﺴﺎذﺟﺔ واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ،وﻟﻴﻠﻰ ،اﻟﻌﺎﻟﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻬﺎ اﻟﻌﺎدي ﻣﺼﻄﻠﺤﺎت
إﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻻ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ ﺳﺎم ،ﻧﺮى أﻫﻞ اﻟﻌﺮاق أﻗﻮى ﻣﻦ ﻣﺤﺘﻠﻴﻬﻢ ،وﻧﺮى ﻗﻠﺒﺎً ﻟﻠﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺮب ﺟﺎﻫﻼت
وﺿﻌﻴﻔﺎت ﻣﻘﺎرﻧﺔً ﺑﻨﺴﺎء اﻟﻐﺮب.
اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﺮﻣﻞ
ﺗﻘﻠﺐ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ وﺗﺴﺘﻬﺰئ ﺑﻬﺎ .ﻳﻈﻬﺮ ذﻟﻚ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ﻣﻦ
أﺑﻲ زﻣﺎن أن ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ﻟﻴﺤﻞ اﻟﺨﻼف ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻵﺛﺎر اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺄﺧﺬ ﺗﻤﺜﺎل إﻟﻬﺔ ﻋﺮاﻗﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺘﺤﻒ
اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وﺗﺮﻳﺪ ﻏﻴﺮﺗﺮود أن ﺗﺒﻘﻴﻪ .ﺗﻘﻮل ﻏﻴﺮﺗﺮود "ﻟﻨﺤﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ :ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ" )وﺗﻘﻮل اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن
اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﺎﻣﺮ وأن ﻳﺮﻛﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﺪر واﻟﻤﻜﺘﻮب ﻫﻤﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻻ اﻟﻌﺮب ،ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ اﻟﻌﺮاﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺒﺄ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺤﺴﺎب( .ﻳﺘﻜﺮر ﻣﺸﻬﺪ إﻟﻘﺎء أﺑﻲ زﻣﺎن ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ ﻣﺮﺗﻴﻦ ،وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻳﺮى أﺑﻮ
زﻣﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺤﻠﻢ أن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﻌﻴﺪ واﺣﺪة وﻫﻲ ﺳﻘﻮط اﻟﻌﺮاق ﻓﻲ دواﻣﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ اﻻﺣﺘﻼل .ﻫﺬه اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ
اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺔ اﻟﻮاﺣﺪة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻣﻊ ﺗﻐﻴﺮ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺸﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺄن ﻗﻮى اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر )ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﺸﻖ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻲ
ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺬي ﻳﻈﻦ أﻧﻪ ﻳﺴﺎﻋﺪ أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ ،وﻏﺮﻳﻤﻬﺎ ﻟﻴﻮﻧﺎرد ووﻟﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻮاﻋﻲ ﺑﺬاﺗﻪ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ وﻳﻌﻲ أن
أﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﺳﻴﻜﺮﻫﻮﻧﻪ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ وأن ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﻬﻢ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻨﻒ( ﺗﻘﺎﻣﺮ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﺷﻌﺐ اﻟﻌﺮاق ﺛﻢ ﺗﻠﻮﻣﻪ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻘﺎﻣﺮﺗﻬﻢ.
وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺨﺮِجُ أﺑﻮ زﻣﺎن اﻟﻌﻤﻠﺔَ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ﻟﻴﻠﻘﻴﻬﺎ ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﻣﻦ ﻳﺪه ﺣﻔﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺨﺒﺌﻬﺎ ﻓﻲ ﺛﻴﺎﺑﻪ .ﻧﻀﺤﻚ ﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺎﻟﺮﻣﻞ واﻟﺼﺤﺮاء ،إﻻ أﻧﻨﺎ ﻣﻊ ﺗﻮاﻟﻲ اﻷﺣﺪاث ﻧﺪرك أن اﻟﺮﻣﻞ اﻟﻤﺘﺴﺎﻗﻂ ﻣﻦ ﻳﺪ أﺑﻲ زﻣﺎن ﻫﻮ
ﻣﺜﻞ اﻟﺮﻣﻞ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺮﻣﻞ ،وأن اﻟﺮﻣﻞ ﺧﻼل اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ وﺗﻮاﻟﻲ اﻷﺣﺪاث ،وﻳﻤﺜﻞ ﻛﺬﻟﻚ رﻣﻞ اﻟﻌﺮاق اﻟﺬي ﻳﻄﺄه اﻟﻐﺰاة
وﻳﺤﻔﺮه اﻟﻤﺴﺘﻜﺸﻔﻮن) ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ اﻟﻤﻀﺤﻚ اﻟﺬي ﺗﻜﻨﺲ ﻓﻴﻪ ﺳﺎم اﻟﻤﺘﺤﻒ وﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﻛﻨﺲ اﻟﺮﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء(.
ﺗﺴﺘﻤﺮ رﻣﺰﻳﺔ اﻟﺮﻣﻞ إﻟﻰ ﻣﺸﻬﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻧﺮى ﻏﻴﺮﺗﺮود ﻧﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻗﻔﺺ زﺟﺎﺟﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺮﻣﻞ ﻳﻨﻬﻤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺮﻣﻞ،
ﻟﻴﻐﻤﺮﻫﺎ .ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎم اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪي ،ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺘﻤﻴﺔ ﻣﺮور اﻟﺰﻣﻦ وﺗﺴﺎﻗﻂ اﻟﺮﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ ،وﻟﻜﻦ أﻳﻀﺎ
ﻷن ﺑﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺣﻔﺮت ﻓﻲ رﻣﻞ اﻟﻌﺮاﻗﻮﺧﻄّﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺪود ﻏﻤﺮﻫﺎ رﻣﻞ اﻟﻌﺮاق .وأن ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ اﻟﺘﻲ أﺣﺒﺖ اﻟﻌﺮاق وﺷﺎرﻛﺖ ﻓﻲ رﺳﻢ
ﺣﺪوده وأﺗﻘﻨﺖ ﻟﻬﺠﺎﺗﻪ ،ﻻ ﻗِﺒَﻞ ﻟﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى ﺑﺮﻣﻠﻪ .ﺗﺘﻌﺎﻃﻒ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻣﻊ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ اﻣﺮأة ﻗﻮﻳﺔ وﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ
ﻳﺤﻜﻤﻪ اﻟﺮﺟﺎل ،وﺗﻌﺎﻗﺒﻬﺎ ﺑﻘﺴﻮة ﻋﻠﻰ دورﻫﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري .ﻃﺒﻌﺎ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻫﺬا اﻟﻤﺼﻴﺮ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪي ﻣﻦ ﺗﻤﺠﻴﺪ إذ ﺗﺼﺒﺢ ﻏﻴﺮﺗﺮود ،إذ ﺗُﺪﻓَﻦُ ﻓﻲ
رﻣﻞ اﻟﻌﺮاق ،أﺛﺮا ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻌﺮاق اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ أﺑﻮ زﻣﺎن أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻠﻬﻢ اﻷﺟﻴﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ وأﺑﻮ زﻣﺎن ﻳﺨﺘﺘﻢ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺑﺤﺜﻪ اﻟﺠﻮﻗﺔ أن ﺗﺤﻔﺮ
)ﻟﻴﺴﺘﺨﺮﺟﻮا ﻏﻴﺮﺗﺮود؟(— ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺘﺮدد ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺤﻔﺮ.
وﻳﺮﻣﺰ اﻟﺮﻣﻞ أﻳﻀًﺎ ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﻬﻢ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﻳﻦ وأﻫﻮاؤﻫﻢ .ﺗﻘﻮل ﻟﻴﻠﻰ"ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻷي ﻣﻨﺎ ﺧﻴﺎر ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺣﻞ اﻟﺠﻤﻴﻊ ]ﺗﻌﻨﻲ
اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ[ .ﺣﺘﻰ ذﻟﻚ اﻟﺤﻴﻦ ﻧﻈﻞ ﻣﺜﻞ اﻟﻐﺒﺎر ،ﻣﺜﻞ رﻣﻞٍ ﻓﻲ ﻣﻬﺐ اﻟﺮﻳﺢ ،ﺗﺤﺮﻛﻨﺎ أﻫﻮاء اﻟﻐﺮب ﻛﻴﻒ ﺗﺸﺎء ".إﻻ أن ﻫﺬه اﻻﺳﺘﻌﺎرة
ﺣﻤّﻠﺖ اﻟﺮﻣﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺘﻤﻞ وﻇﻬﺮت ﻣﺠﺘﺰأة ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﻮﺿﻴﺢ أو إﻧﻀﺎج أﻛﺜﺮ.
رﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺺ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎص ﻣﻊ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﺮﻣﻞ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﺤﺮ اﻟﺮﻣﻞ اﻟﻤﺘﺪﻓﻖ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﺴﺮح ﻓﺮﺻﺔً ﻟﻠﺘﻨﺎص ﻣﻊ ﺑﺤﺮ اﻟﺮَﻣَﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ واﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﺴﺎء "ﻓﺎﻋﻼتٍ ﻓﺎﻋﻼت".
ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻣﺒﻜﺮ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﺟﻮﻗﺔ ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻟﻴﺮوﻳﻦ ﻣﻊ أﺑﻲ زﻣﺎن )ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺑﺎﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ( ﺣﻜﺎﻳﺔَ ﻣﺎضٍ ﻣُﺘَﺨَﻴّﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء
ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ "ﻋﺰﻟﺔ" ﻓـ"ﺣﻠﻠﻦ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ /ووﺛﻘﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﻦ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ /اﻛﺘﺸﻔﻦ أدوﻳﺔ وﻋﻼﺟﺎت ﻟﻢ ﺗُﻌﺮف ﺑﻌﺪ /ﻳﺴﻤﻌﻦ ﻟﻐﺔ اﻷرض
وﻳﻔﻬﻤﻨﻬﺎ" )ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ( ،وﻟﻜﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﺳﺌﻤﻮا ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ ﻓـ"ﺗﺴﻠﻠﻮا ...ﻓﻲ ﺟﻮف اﻟﻠﻴﻞ/وأﺣﺮﻗﻮا ﻛﻞ ﺷﻲء" ﺣﺘﻰ "ﻟﻢ ﺗﻨﺞ
أي اﻣﺮأة وأﻟﻘﻴﺖ اﻟﺠﺜﺚ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺮ" وأﺧﺬوا اﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮات ﻟﻴﺼﺒﺤﻦ "ﻧﺴﺎءً ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬﻛﻮري/اﺗﺒﻌﻦ اﻟﻘﻮاﻋﺪ /ﻷﻧﻬﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻦ
اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻴﻬﻦ" إﻻ أﻧﻬﻦ "ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ /ﻳﺘﺤﺮﻗﻦ ﺷﻮﻗﺎً /إﻟﻰ ﺷﻲء ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻨﻪ /ﻟﻜﻦ أﻗﺪاﻣﻬﻦ ﺳﺘﺤﻤﻠﻬﻦ /إﻟﻰ اﻟﻐﺎﺑﺔ ،إﻟﻰ ﻣﻜﺎن
ﻣﺤﺪد/... /وﻟﻜﻨﻬﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻤﺄﺳﺎوﻳﺔ /أن ﺗﺎرﻳﺨﻬﻦ أﺳﻔﻞ/أﻗﺪاﻣﻬﻦ /ﻣﺤﺮوق وﻣﺪﻓﻮن ﻣﻊ أﻣﻬﺎﺗﻬﻦ/وﻓﻲ ﻃﻲ
اﻟﻨﺴﻴﺎن".ﻳﻠﻤﺢ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ إﻟﻰ ﺗﺼﻮر اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ وﻋﻠﻤﺎء اﻵﺛﺎر ﻋﻤﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﻣﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻤﺎ وﺟﺪت ﻳﻮﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ
اﻟﻤﺪون ،وﺗﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﺨﻴﻼً ﻟﻌﻼﻗﺔ أﺑﻄﺎل ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻬﺎ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﺤﻔﺮﻳﺎت .وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻳﻌﻄﻴﻨﺎ ﻣﺠﺎزاً ﻋﻦ ﻛﺒﺖ اﻟﺴﺮدﻳﺎت اﻟﺬﻛﻮرﻳﺔ
اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻨﺴﺎء وأﺻﻮاﺗﻬﻦ .وإن ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ﻳﺼﻄﻨﻊ ﻧﺴﻮﻳﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻟﻸﻋﺮاق ﺗﺠﻤﻊ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤِﺮة ﻣﻊ ﻟﻴﻠﻰ اﻟﺘﻲ
ﺗﻜﺮه اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر واﻟﺘﻲ ﻗﺘﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر أﺧﺎﻫﺎ ،وﺗﺠﻤﻊ اﻻﺛﻨﺘﻴﻦ ﻣﻊ ﺳﺎم ﻳﻮرك اﻟﻤﺴﺘﻌﻤِﺮة واﻟﻔﻘﻴﺮة ﻓﻲ آن ،ﻓﺈن اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻗﺪ ردت ﻋﻠﻰ
ﻫﺬه اﻟﻨﺴﻮﻳﺔ اﻟﻘﺎﺻﺮة ﺑﻌﺪة ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻫﺬا اﻟﻤﺸﻬﺪ ،وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺸﻬﺪ ﺗﺮﻓﺾ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻠﻰ ﻣﺤﺎوﻻت ﺳﺎم اﻟﻤﺴﺎواة ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﻨﻒ ﻋﻤﻮم
اﻟﺮﺟﺎل ﺿﺪ اﻟﻨﺴﺎء وﻋﻨﻒ اﻟﺠﻨﻮد اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ )اﻟﺬي ﺗﺨﺘﺰﻟﻪ ﺳﺎم ﻓﻲ ﻋﻨﻒ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﺬﻛﻮر ﺿﺪ اﻟﺠﻨﺪﻳﺎت اﻹﻧﺎث( ،وﺗﺮﻓﺾ أن ﻳﻨﺸﺄ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ
وﺑﻴﻦ ﺳﺎم ﻛﻀﺤﻴﺘﻴﻦ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺘﻴﻦ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﻨﻒ.
وﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ آﺧﺮ ﺗﺤﺎول اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﺳﺘﻨﻄﺎق ﺻﻮت ﻋﺮاﻗﻲ ﻧﺴﻮي ﻣﻌﺎد ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر ﻟﺘﺮد ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻮﻳﺔ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ﻓﺘﺘﺮك ﺳﺎﻟﻢ ،ﻋﺎﻣﻞ
اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وﻣﺴﺎﻋﺪ ﻏﻴﺮﺗﺮود ﺑﻴﻞ ،أﻣﺎم ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﻟﻴﻘﻮل ﻟﻐﻴﺮﺗﺮود إﻧﻪ ﻳﺘﻤﻨﻰ أن ﻳُﺤﻀِﺮ زوﺟﺘﻪ وﺑﻨﺘﻪ وﺣﻔﻴﺪﺗﻪ
اﻟﻤﺘﺨﻴﻼت ﻟﻴﺮﻳﻦ ﺗﻤﺜﺎل اﻹﻟﻬﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺬي اﺳﺘﺨﺮﺟﺘﻪ ﺑﻴﻞ وﺗﺤﺎول ﺣﻔﻈﻪ ،ﻟﻴﺪرﻛﻦ أن ﻗﺪرة اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻦ ﻓﺎﻋﻼت ﻟﻴﺴﺖ
أﻣﺮاً ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺎً وﻟﻜﻨﻪ أﻣﺮ "ﻋﺘﻴﻖ" . ancient
وﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﻌﺘﺎﻗﺔ ،ﺗﺨﺘﻠﻖ اﻟﺴﻠﻄﺔُ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔُ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﻳﺔ،اﻟﻬﻮﻳﺔَ ،وﺗﺘﻢ اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻣﻊ ﻣﺎﺿﻲ
اﻟﻌﺮاق اﻟﻘﺮﻳﺐ وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﻟﺤﻴﺔ.
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ/اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻴﻬﺎ ﺟﻮﻗﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻦ ﻣﺎﺿﻴﻬﻦ ،ﻓﺈن اﻟﺘﺮاث اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﺑﺎﻟﺬات ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻌﺮاق،
ﻟﻢ ﻳﻤﺢُ أو ﻳﺤﺮق آﺛﺎر اﻟﻨﺴﺎء وأﺻﻮاﺗﻬﻦ ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺼﻮص ﺗُﻜﺘﺐ ﺑﺄﻗﻼم اﻟﺮﺟﺎل؛ وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﻋﻘﻴﺪة ﺗﺪوﻳﻨﻴﺔ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺸﺬرات
ﻛﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ وإن ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ اﻟﺮواة ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ أو ﻳﻮاﻓﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ؛ وﻫﻜﺬا ﺣُﻔِﻈَﺖ ﺣﻜﺎﻳﺎتُ اﻟﻨﺴﺎء ﺣﺘﻰ وﻫﻦ ﻳﻨﺎﻇﺮن اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻗﺎت
وﻳﻔﺤﻤﻨﻬﻢ ،وﺣﺘﻰ ﻗﻮل اﻟﺘﻲ ﻫﺠﺮت زوﺟﻬﺎ ﻟﺘﻨﻀﻢ إﻟﻰ اﻟﺨﻮارج)وﻫﻲ ﻋﻤﻴﺮة زوﺟﺔ ﻣﺠﺎﺷﻊ( ،واﻟﺘﻲ ﺧﻄﺒﺖ ﻓﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻓﻲ
اﻟﻜﻮﻓﺔ وﺗﻮﻟﺖ إﻣﺎرﺗﻬﻢ )وﻫﻲ ﻏﺰاﻟﺔ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻴﺔ( ،وﻗﻮل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺎﺿﻞ ﺑﻴﻦ أﻣﻴﺮ اﻟﻌﺮاق ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ وﺑﻴﻦ ﺳﺎﺋﺮ أزواﺟﻬﺎ )وﻫﻲ
ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺑﻨﺖ ﻃﻠﺤﺔ اﺑﻨﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﷲ وﺑﻨﺖ أﺧﺖ أم اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ رواة اﻟﺤﺪﻳﺚ( .ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺎل ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻋﻦ
ﺗﻬﻤﻴﺶ اﻟﺮواة اﻟﺬﻛﻮر ﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻨﺴﺎء أو ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﻢ ﻓﻮﻗﻬﺎ وﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺎت أﻗﺮب إﻟﻰ ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺎﺑﺔ اﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ أو ﻣﻦ
إﻟﻬﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ ﺗﺴﺘﺨﺮﺟﻬﺎ ﻟﻪ ﻣﺴﺘﺸﺮﻗﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺗﻈﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺸﺊ اﻟﻌﺮاق ،واﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ ،إﻧﺸﺎءً .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ رواﻳﺎت
اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺪﻓﻮﻧﺔ وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻲ دﻓﻨﺘﻬﺎ ﺣﺪاﺛﺔ ﺗﺮﻓﺾ ﺗﻌﺪد اﻟﺴﺮدﻳﺎت واﻟﺮواﻳﺎت )ﺗﺸﺒﻪ ﺣﺪاﺛﺔ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻘﺪﻫﺎ ﻟﻴﻠﻰ(.وﻟﻮ ﻛﻨﺎ
ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ أﻣﻮﻣﻲ ﻟﻢ ﻳﺪوﱠن ،ﻓﻠﺪﻳﻨﺎﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﻟﺬات ﺣﺎدﺛﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺪوﻧﺔ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ وﺑﺮواﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ
اﻷﻣﻮﻣﻴﺔ ﺟﺰءاً ﻣﻦ دﻋﻮاﻫﺎ :أﻋﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ دﻋﻮى أم اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺨﺮوج ﻋﻠﻰ أﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ؛ وﻛﺎﻧﺖ
دﻋﻮى اﻷﻣﻮﻣﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ أﻗﻮال اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺻﻔﻬﺎ )ﻳﺎ أﻣﻨﺎ ﻳﺎ ﻋﻴﺶ ﻟﻦ ﺗﺮاﻋﻲ/ﻛﻞﱡ ﺑَﻨِﻴﻚِ ﺑﻄﻞ ﺷﺠﺎعِ( وﻓﻲ أﻗﻮال اﻟﺼﻒ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ
)وأﻣﻬﻢ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﺮاﻫﻢ /ﻳﺄﺗﻤﺮون اﻟﻐﻲ ﻻ ﺗﻨﻬﺎﻫﻢ] /[1ﻗﺪ ﺧﻀﺒﺖ ﻣﻦ ﻋﻠﻖ ﻟﺤﺎﻫﻢ( .ورﺑﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﺘﻮﻗﻌﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ
أن ﺗﺤﻔﺮ أﻛﺜﺮ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﺮاث اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻨﺴﻮة ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻬﺪ ﻣﺘﺨﻴﻞ ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻴﻬﻦ أن ﻳﻘﻔﻦ ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮﻗﺎت
واﻟﻤﺠﻨﺪات ﻓﻲ ﺻﻔﻮف ﺟﻴﻮش اﻟﻐﺰو.
ﺑﺪأ اﻟﻌﺮض واﻧﺘﻬﻰ ﺑﺄﺑﻲ زﻣﺎن وﻫﻮ ﻳﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺴﻬﻞ ﻣﻌﺪو اﻟﻌﺮض ،ﻏﺮﺑﺎً وﻋﺮﺑﺎً وأﻧﺼﺎف ﻋﺮب ،ﻣﺤﺎﻛﺎة اﻟﺼﻮت اﻟﻌﺮﺑﻲ أو
ﺗﻐﻴﻴﺒﻪ )ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻫﻮﻟﻴﻮود( .ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﺣﺮص اﻟﻤﻌﺪون أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﻘﺎﻃﻊ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ وأن ﻳﻠﻌﺐ ﻣﻤﺜﻠﻮن
ﻧﺎﻃﻘﻮن ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أدوار اﻟﻌﺮب .وﺣﺘﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﺤﺪث اﻟﻤﻤﺜﻠﻮن اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺑﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻜﺴﺮة ﺿﻤﻦ اﻟﺠﻮﻗﺔ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ أﺻﺒﺤﻮا ﻫﻢ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء أﻣﺎم
اﻟﺠﻮﻗﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وأﺻﺒﺢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻫﻮ اﻵﺧﺮ وأﺻﺒﺢ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺤﺎول اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وأن ﻳﺒﺪو ،ﺑﻌﺮﺑﻴﺘﻪ اﻟﻘﺎﺻﺮة ،ﻋﺎﺟﺰا ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺟﻮﻗﺔ ﻣﻦ
اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻄﻼﻗﺔ.وﻣﻨﺤﺖ ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ ﻋﺮب اﻷﺳﻤﺎء واﻷﻟﺴﻨﺔ واﻟﻮﺟﻮه ،ﻟﻴﺘﺼﺪروا ﻣﺴﺮح ﻓﺮﻗﺔ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ
اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ وﻟﻴﺼﺒﺤﻮا ﻋﻦ اﺳﺘﺤﻘﺎق ﻧﺠﻮم اﻟﻌﺮض.
ﻫﺬا اﻟﺤﻀﻮر اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ "ﻣﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد" .ﻓﻔﺮﻗﺔ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺆدي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺮض ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻔﺘﺮة ،ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﺎد أن ﻳﻠﻌﺐ اﻟﻤﻤﺜﻞ اﻟﻮاﺣﺪ أدواراً ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ .وﺗﺼﺎدف أن اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ
اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻫﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ "اﻟﻤﻠﻚ ﺟﻮن" ﻟﻮﻳﻠﻴﺎم ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ،واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ-
اﻟﺪﻋﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆرخ ﻷﺳﻄﻮرة ﻣﻴﻼد إﻧﺠﻠﺘﺮا) .وﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ "اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ" اﻟﻤﺼﺎﺣﺐ ﻟﻠﻌﺮض ﻓﺈن اﻟﻤﻠﻚ ﺟﻮن ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺆول ﻋﻦ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻛﻤﺎ
ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺣﻴﻦ اﻧﺴﺤﺐ ،ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ واﻟﻨﺒﻼء ،ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺎت اﻟﻨﻮرﻣﺎﻧﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ اﻵن ﺟﺰءاً ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻣﺎ اﺿﻄﺮه إﻟﻰ
أن ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻦ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻗﺎﻋﺪة ﻟﺤﻜﻤﻪ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻮرﻣﺎﻧﺪي—اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺪرﻣﻨﻬﺎ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ – ﻫﻲ ﻣﻘﺮ ﺣﻜﻢ أﺳﻼﻓﻪ .وﻫﻮ اﻟﺬي أﻋﻄﻰ ﻧﺒﻼء
اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﻏﻨﺎ ﻛﺎرﺗﺎ واﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻨﺒﺖ اﻟﺪﺳﺘﻮر –ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻜﺘﻮب— ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ( .
وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺢ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪﻣﻮن ﻟﻨﺎ ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ-اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﻣﻦ ذوي اﻷﺳﻤﺎء واﻟﻮﺟﻮه
واﻟﻠﻬﺠﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻫﺬا "اﻟﺰﺣﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ" ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮض وإن ﺑﺪا واﻓﺪًا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮي ،ﻟﻴﺲ دﺧﻴﻼً ﻋﻠﻴﻪ.ﻓﺎﻟﻌﺮب واﻟﺘﺮك واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن
وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ "اﻟﺸﺮﻗﻴﻴﻦ" ﺣﺎﺿﺮون ﻓﻲ ﻧﺼﻮص ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ،إﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺎﻣﺶ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت ﻣﺜﻞ»ﺗﺎﺟﺮ اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ«)ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺨﺼﻴﺔ
ﻣﻠﻚ اﻟﻤﻐﺮب( و»ﻫﻨﺮي اﻟﺴﺎدس« )إذ ﻳﻘﻮل اﻷﻣﻴﺮ ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﻟﺠﺎن دارك" :أأﻟﻬﻤﺖ اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪاً؟ إذن ﻓﺎﻟﻨﺴﺮ ﻳﻮﺣﻲ إﻟﻴﻚِ" ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ
اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟﺪى اﻷوروﺑﻴﻴﻦ وﻗﺘﻬﺎ أن ﺟﺒﺮﻳﻞ أﺗﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺣﻤﺎﻣﺔ( ،أو ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ »أوﺛﻴﻠﻮ«)اﻟﺘﻲ أﻓﻀﻞ
ﺗﺮﺟﻤﺘﻬﺎ إﻟﻰ »ﻋﻄﺎء اﷲ« ﺑﺪﻻ ﻣﻦ »ﻋﻄﻴﻞ« .وﻳﺤﻀﺮ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺮﻛﻲ اﻟﻤﻌﻤﻢ ﻓﻲ ﺣﻠﺐ ،واﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﻴﻦ
اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎرﺑﻬﻢ ﺟﻴﺶ اﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ،وﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ إﻳﻤﻴﻠﻴﺎ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ "ﻟﺘﺴﻴﺮ ﺣﺎﻓﻴﺔ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻟﻠﻤﺲ ﺷﻔﺔ ]ﻛﺎﺳﻴﻮ[
اﻟﺴﻔﻠﻰ ".ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻃﺒﻌﺎ إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ أوﺛﻴﻠﻮ/ﻋﻄﺎء اﷲ ﻧﻔﺴﻪ (.وإن ﻛﺎﻧﺖ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﺟﻮن وﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﻓﻲ زﻣﻦ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ،
ﺑﻴﻀﺎء ﻻ وﺟﻮد واﺿﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻌﺮب واﻟﻬﻨﻮد وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﺮاق اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺘﻠﻤﻠﻤﻬﻢ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻀﻴﻖ ﺑﻬﻢ اﻟﻴﻤﻴﻦ
اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ،ﻓﺈن اﻷﻏﻴﺎر ،ﻋﺮﺑﺎً وﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺬات،ﻛﺎﻧﻮا ﺣﺎﺿﺮﻳﻦ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﺧﻴﺎل ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺧﺎﺻﺔً ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺖ
ﺑﻈﻼﻟﻬﺎ ﺑﻘﻮة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ إﻧﺠﻠﺘﺮا وﺳﺎﺋﺮ أوروﺑﺎ .ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻤﻠﻚ ﺟﻮن ﻟﻴﻮﻃﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻮﻻ ﻏﻴﺎب أﺧﻴﻪ رﻳﺘﺸﺎرد
ﻗﻠﺐ اﻷﺳﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ .ﻓﻠﻤﺎ ﻣﺎت رﻳﺘﺸﺎرد اﺳﺘﻄﺎع ﺟﻮن أن ﻳﻨﺤﻲ أو ﻳﻘﺘﻞ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻮرﺛﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ اﻟﻤﻠﻚ
ﺟﻮن .وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﺛﻼﺛﻴﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوي ﻣﻠﺤﻤﺔ ﻫﻨﺮي اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑﺎﻟﻤﻠﻚ ﻫﻨﺮي اﻟﺮاﺑﻊ وﻫﻮ ﻳﺘﻤﻨﻰ أن ﻳﺸﻦ ﺣﺮﺑﺎ ﺻﻠﻴﺒﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة
"ﻟﻴﻄﺎرد اﻟﻜﻔﺎر ]ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ واﻟﻴﻬﻮد[ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷراﺿﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ" ﻗﺒﻞ أن ﺗﺠﺒﺮه اﻟﻘﻼﻗﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ أن ﻳﺸﻦ ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ ﻓﻲ
إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻻ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ.
اﺳﺘﻄﺮاد أﺧﻴﺮ:ﻳﺒﺪو أن ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻐﺮﻣﺎ ﺑﺎﻟﺤﺮوب اﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ إذ ﻧﺮى أن ﻣﻠﺤﻤﺔ ﻫﻨﺮي اﻟﺨﺎﻣﺲ وأﺑﻴﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﺣﻴﺪ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻻ ﻏﺰو
ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،وﻫﻨﺮى اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﺬي اﺳﺘﺒﺪت ﺑﻪ ﻓﻜﺮة ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻤﻠﺔ ﺻﻠﻴﺒﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﻌﺪ أن أﻧﺒﺄه ﻋﺮاف أﻧﻪ ﺳﻴﻤﻮت ﻓﻲ اﻟﻘﺪس ،ﻳﻨﺎزﻋﻪ اﻟﻤﻮت
ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮه أﺛﻨﺎء ﺣﺮوﺑﻪ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﺒﻼد ﻓﻴﺴﺄل ﻋﻦ اﺳﻢ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺴﻜﺮوا ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮن ﻟﻪ إن اﺳﻤﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﻘﺪس ،وﻛﺄن ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ
ﻳﻘﻮل ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ ﺑﺄن ﺑﻴﺖ ﻣﻘﺪﺳﻬﻢ ﻓﻲ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻻ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ) .اﻧﺘﻬﻰ اﻻﺳﺘﻄﺮاد(.
ﺗَﺪﱠﻋﻲ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﻃﺎﺋﻔﺘﺎن ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ،ﻓﺌﺔ ﺗﺰﻫﻮ ﺑﺎﻟﻌﺮق اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي وﺗﺴﺘﺨﺪم ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﻟﺒﺚ اﻟﻨﻌﺮة اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ،وﻓﺌﺔ ﺗﻘﺮأ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ ﻗﺮاءة
إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وﺗﺴﺘﻠﻬﻢ وﺟﻮد اﻟﻐﺮﺑﺎء ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮي وﺗﻀﻴﻒ إﻟﻴﻪ )وأزﻋﻢ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮاءة ﻫﻲ اﻷﻗﺮب ﻟﻠﻨﺺ اﻟﺸﻜﺴﺒﻴﺮي؛وﻫﺬا ﺣﺪﻳﺚٌ
ﻳﻄﻮل( .ﺗﻘﻒ ﻓﺮﻗﺔ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻊ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ إذ ﺗﻘﺪم ،ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻳﺘﻨﺎزع ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻤﻴﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻳﺴﺎرﻫﺎ ،ﻓَﺼْﻼ ﻣﻬﻤًﺎ ﻣﻦ
اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷﺳﻄﻮري ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﻗﺪ زﺣﻒ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺒﻴﺾ )ﻋﺮﺑﺎً وﻏﻴﺮ ﻋﺮب( ﻋﻠﻴﻪ ،وﺗﻘﺪﱢﻣﻪ ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﻋﺮض ﻳﺴﺎﺋﻞ
ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري وﺑﺸﻜﻞ أﻋﻢ اﻟﻨﺒﺶ اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﻫﻮاء اﻟﺴﻠﻄﺔ .
)ﺗﻌﻮد ﻫﺬه اﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺎرح ﻟﻨﺪن ﻟﻤﺪة ﺷﻬﺮ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ 22أﺑﺮﻳﻞ ﻧﻴﺴﺎن اﻟﻤﻘﺒﻞ(.
ﻫﻮاﻣﺶ