Professional Documents
Culture Documents
التعريف:
األشاعرة فرقة كالمية كربى ،تنسب أليب احلسن األشعري املتوىف سنة (324هـ) ظهرت يف القرن
1
الرابع وما بعده.
سبب التسمية:
نسبة إىل إمامها ومؤسسها أيب احلسن األشعري ،الذي ينتهي نسبه إىل الصحايب اجلليل أيب موسى
األشعري ،وأشعر قبيلة ميانية من قبائل العرب.
هو علي بن إمساعيل بن أيب بشر إسحاق بن سامل بن إمساعيل بن عبد اهلل بن موسى بن بالل بن أيب
بردة بن أيب موسى األشعري .وكنيته أبو احلسن.
واألشعري نسبة إىل أشعر قبيلة مشهورة باليمن من ولد سبأ.
واألشعر امسه :نبت بن أدد
ولد أبو احلسن األشعري بالبصرة سنة ستني ومائتني من اهلجرة 260هـ.
وسكن بغداد وتويف هبا سنة أربع وعشرين وثالمثائة من اهلجرة على األرج
المراحل واألطوار التي مره بها ابي الحسن األشعري في حياته:
عاش فيها يف كنف أيب علي اجلبائي شيخ املعتزلة يف عصره وتلقى علومه حىت صار نائبه وموضع
2
ثقته .ومل يزل أبو احلسن يتزعم املعتزلة أربعني سنة.
تبين كذب المفتري فيما نسب إلي اإلمام أبي حسن األشعري البن عساكر ص41 - 40 2
المرحلة الثانية :المرحلة (الكالبية)
ثار فيه على مذهب االعتزال الذي كان ينافح عنه ،بعد أن اعتكف يف بيته مخسة عشر يوماً ،يفكر
ويدرس ويستخري اهلل تعاىل حىت اطمأنت نفسه ،وأعلن الرباءة من االعتزال وخط لنفسه منهجاً
جديداً يلجأ فيه إىل تأويل النصوص مبا ظن أنه يتفق مع أحكام العقل ،وفيها اتبع طريقة عبد اهلل بن
سعيد بن كالب يف إثبات الصفات السبع عن طريق العقل :احلياة والعلم واإلرادة والقدرة والسمع
والبصر والكالم ،أما الصفات اخلربية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأوهلا على ما ظن أهنا تتفق مع
أحكام العقل وهذه هي املرحلة اليت ما زال األشاعرة عليها.
وهي تكمن يف إثبات الصفات مجيعها هلل تعاىل من غري تكييف ،وال تشبيه ،وال تعطيل ،وال حتريف،
وال تبديل وال متثيل ،ويف هذه املرحلة كتب كتاب اإلبانة عن أصول الديانة الذي عرّب فيه عن تفضيله
لعقيدة السلف ومنهجهم ،الذي كان حامل لوائه اإلمام أمحد بن حنبل .ومل يقتصر على ذلك بل
خلّف مكتبة كبرية يف الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تق ّدر بثمانية وستني مؤلفاً ،تويف سنة 324هـ
3
ودفن ببغداد ونودي على جنازته" :اليوم مات ناصر السنة".
1
مقاالت اإلسالميين واختالف المصلين
نسب البغدادي يف " هدية العارفني " كتايب " اللمع الكبري :و " الصغري " إىل األشعري وهذا
الكتاب إجابة لطلب أحدهم تصنيف كتاب خمتصر.
هذا الكتاب اهلام من أبرز مؤلفات أبو احلسن األشعري،ـ وحيتوي على كثري من األبواب املاتعة،
وأبرزها :باب يف ختليق آدم على صورة نبينا ،وباب يف ذكر املالئكة ،وباب يف ذكر خلق املوت،
وباب يف ذكر جواب الروح ،وباب يف ذكر األعضاء ،وباب يف ذكر النداء.
نشأة المذهب األشعري وأطواره ،وأبرز أعالم األشاعرة وأثرهم في هذه األطوار:
الحالة األول :النظر إىل حقيقة املذهب الذي متيز به األشاعرة عن غريهم ،فهنا ال ترتبط النشأة بأيب
احلسن األشعري،ـ وإمنا ترتبط بابن كالب ومدرسته الكالبية.
الحالة الثانية :النظر إىل التسمية ،فال شك أن التسمية باألشاعرة أو املذهب األشعري مرتبطة بأيب
احلسن األشعري وتالمذته من بعده .ويتضح الفرق بالنسبة ملن كان معاصرا لألشعري وتتلمذ على
ابن كالب أو تالمذته دون األشعري وتالمذته مع أنه يقول بقول ابن كالب الذي هو قول
األشعري ،فمثل هذا أشعري االعتقاد لكنه ال ينسب إال إىل ابن كالب.5
ويُرجع املؤرخون األشاعرة نشأة املدرسة األشعرية إىل مواجهة املعتزلة على يد أيب احلسن األشعري
الذي يعد أبرز متكلمي أهل احلديث ،حيث ان أبا احلسن األشعريـ كان معتزليا يأخذ املذهب عن
اجلبّائي ،وما لبث أن عارض شيخه ورجع إىل مذهب أئمة السلف ومنهم أبو حنيفة النعمان
والشافعي وغريمها من أهل احلديث ،وسبقه عبد اهلل بن كالّب وأيب العباس القالنسي ،واحلارث بن
2
أسد احملاسيب .يف االنتصار باألساليب الكالمية لعقائد السلف أهل السنة ،خصوصا يف املسائل املتعلقة
خبلق القرآن والقضاء والقدر.
الطور األول :األشعرية الكالبية - :وسبب التسمية بذلك هو موافقة األشعرية يف هذا الطور البن
كالب على طريقته اليت مَي يل فيها إىل مذهب أهل احلَديث والسنة ،لكن فيها نوع بدعة ،واليت
أعظمها ما قرره أن الرب تعاىل ال يقوم به ما يكون مبشيئته وقدرته ،ويسميها حلول احلوادث.
مث نبه إىل أن هذا الطور يبدأ منذ حتول األشعريـ عن االعتزال إىل وفاة ابن فورك ( ،)406وإن كان
ابن فورك مهد لألشعرية املعتزلة.
ومن أبرز ِ
أعالمهم في هذا الطور:
وأهم كتبه "اإلبانة عن أصول الديانة " وفيه إثبات الصفات اخلربية ،والعلو واالستواء وال خالف يف
نسبته إليه 7وإن كان بعض األشعرية ينكرها وجيحدها.
الطور الثاني :طور األشعرية المعتزلة - :وسبب تسميتهم بذلك هو خمالفة أعالم األشعرية املعتزلة
لسلفهم األشعرية الكالبية يف أهم املسائل ،وموافقة املعتزلة فقد وافقوهم يف نفي الصفات اخلربية
والعلو واالستواء ،وموافقة سلفهم املعتزلة أيضا يف نفي الصفات االختيارية وغري ذلك.
6تبيني كذب املفرتي فيما نسب إىل اإلمام األشعري ،ابن عساكر ،الطبعة 2 :سنة:ـ ،1979دار الفكر ،صفحة472 :
رسالة في الذب عن أبي الحسن األشعري للشيخ حماد األنصاري ص20 - 12 7
3
وإن بعض أعالم األشعرية املعتزلة أكثر موافقة للمعتزلة من غريه ،كاجلويين الذي خطا مبهذب
األشعري حنو اإلعتزال والتأصيل الكالمي.
من كتبه "الفرق بني الفرق" و"أصول الدين" وأبرز تطور جاء علي يد البغدادي هو رد خرب اآلحاد
وهذا خلل كبري يف منهج التلقي واالستدالل ونفي الصفات اخلربية وتأويل العلو واالستواء ويتبىن
دليل حدوث األجسام بقوة وهو من أدلة املعتزلة وعرضهـ كأنه دليل مسلم ال جيوز االعرتاض عليه مع
8
أنه حمل خالف بني األشعرية والكالبية.
وسبب تسميتهم بذلك هو مزج الفلسفة بعلم الكالم عندهم ،وموافقتهم للفالسفة يف املنهج
واملسائل ،وهذا الطور يبدأ من الغزايل ( )505إىل يومنا هذا.
من كتبه الفلسفية "مشكاة األنوار" و "معارج القدس" وغريمها ،ويعترب هو من أدخل املنطق عند
األشعرية وألف فيه كتبا مستقلة ،أو ضمن أصول الفقه ،منها "معيار العلم" ،ومن أقوال الغزايل
الفلسفية اخلطرية يف معارج القدس ذكر خلصائص النبوة على طريقة الفالسفة الذين يقولون( :إن
النبوة مكتسبة) ومنها ميوله إىل تأويل عذاب القرب ،ونعيم اجلنة ،وعذاب النار بتأويالت قرمطية
9
باطنية.
منهج األشاعرة يف االستدالل يتباين تبايناً واضحاً مع منهج أهل السنة واجلماعة وذلك لعدة أوجه
وهي:
4
أوالً :اعتبارهم علم الكالم األصل في معرفة_ العقائد:
األشاعرة يعرتفون بأهنم فرقة كالمية فتجدهم يقولون يف تراجم علمائهم ":املتكلم على مذهب
األشعري "
فقيه متكلم على مذهب األشعري وقد وىل حسبة دمشق ومصر"ـ
والعجيب أن مجاعةً منهم أوجبوا على املسلمني إقامة األدلة العقلية على العقائد اإلميانية ومسوا من ال
يفعل ذلك (مقلداً) مث اختلفوا يف إسالم املقلد وقد شرحت ذلك يف مقال مستقل بعنوان (الغلو يف
التكفري عند األشاعرة)
قال أبو إمساعيل األنصاري يف ذم الكالم ( )5/140واصفاً حال األشاعرة":ـ وأبطلوا التقليد فكفروا
آباءهم وأمهاهتم وأزواجهم وعوام املسلمني وأوجبوا النظر يف الكالم واضطروا إليه الدين بزعمهم
فكفروا السلف "
قال يف اإلحياء ( " :)434 / 4أن اهلل تعاىل مقدس عن املكان ومنزه عن االقطار واجلهات وأنه ليس
داخل العامل وال خارجه وال هو متصل به وال هو منفصل عنه ،قد حري عقول أقوام حىت أنكروه إذ مل
يطيقوا مساعه ومعرفته "
وقال العز بن عبد السالم قوله يف القواعد ص ((( 10)201أن من مجلة العقائد اليت ال تستطيع العامة
فهمها هو أنه تعاىل ال داخل العامل وال خارجه وال منفصل عن العامل وال متصل به))
5
وقد تواتر عن أئمة السلف ذم علم الكالم ومن أشهر من ورد عنه ذلك اإلمام أمحد واإلمام الشافعي.
مما يشتهر عند األشاعرة بيت اللقاين يف جوهرته اليت أمساها جوهرة التوحيد
وكل ٍ
نص أوهم التشبيها *** فأوله أو فوضه ورم تنزيها
قلت :فاعترب أدلة الكتاب والسنة املتكاثرة على إثبات الصفات مومهةً للكفر الصريح الذي هو
التشبيه ،فهذا هو قدر النصوص عندهم!! والتنزيه والتوحيد يف علم الكالم!! واهلل املستعان
وقال أبو احلسن اآلمدي يف غاية املرام ص ":138واعلم أن هذه الظواهر وإن وقع االغرتار هبا حبيث
يقال مبدلوالهتا ظاهر من جهة الوضع اللغوي والعرف االصطالحي فذلك ال حمالة اخنراط يف سلك
نظام التجسيم ودخول يف طرف دائرة التشبيه وسنبني ما يف ذلك من الضالل ويف طيه من احملال إن
شاء اهلل"
ثالثاً :تنصيصهم على أن أخبار اآلحاد تفيد الظن سواء احتفت القرائن به أو لم تحتف:
نص مجاعة من أساطني األشاعرة على أن أخبار اآلحاد تفيد الظن مطلقاً منهم الباقالين يف متهيد
الدالئل ص ،44وعبد القاهر البغدادي يف الفرق بني الفرق ص ،325وابن فورك يف مشكل احلديث
ص ،5والرازي يف أساس التقديس _ هذه النقول مستفادة من كتاب موقف املتكلمني من االستدالل
بالنصوص للغصن _
قال اجلويين يف اإلرشاد ص ":161وأما األحاديث اليت يتمسكون هبا ،فآحاد ال تفضي إىل العلم ،ولو
أضربنا عن مجيعها كان سائغاً "11
6
قلت :هذا قدر السنة عند القوم ومع ذلك يأيت من جيعلهم أهل سنة ،وال أدري أي سنة يقصد هذه
اليت لو ضرب عنها اجلويين صفحاً لكان سائغاً!!
ونصر القول برد أخبار اآلحاد يف العقيدة الرازي يف أساس التقديس ص 215ومن املعاصرين البوطي
يف كربى اليقينيات ص35
وقال التفتازاين املاتردي يف شرح النسفية ص ":138إن خرب الواحد على تقدير اشتماله على مجيع
الشرائط املذكورة يف أصول الفقه ،ال يفيد إال الظن وال عربة بالظن يف باب االعتقادات "فهذا قدر
األحاديث عند القوم ،ال تفيد إال الظن وال حيتج هبا يف مسائل العقيدة وما ثبت من النصوص وكان
حجة من جهة النقل فإن ظاهره يفيد التشبيه أو التجسيم فيجب فيه التأويل أو التفويض واهلل املستعان
وقد نتج عن هذا املنهج الفاسد إعراض أساطني األشاعرة عن التعمق بدراسة احلديث وعلوم السنة.
من أبرز أراء األشاعرة التي خالف فيها أهل السنة والجماعة والرد عليها:
ان أخطر ما خالف به األشاعرة أهل السنة خوضهم يف صفات اهلل عز وجل بالتأويل الذي
هنى عنه السلف خاصة الصفات اخلربية اليت وصف اهلل هبا نفسه أو وصفهـ هبا رسوله صلى
اهلل عليه وسلم مثل صفات اليد ,والعني ,والنفس ,والوجه ,واالستواء على العرش ,والنزول,
واجمليء ,والرضا ,والغضب,ـ واحلب ,والبغض ,وحنوها من الصفات اخلربية اليت ذكرها اهلل
تعاىل يف كتابه ,أو صحت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فإهنم مل يؤمنوا هبا كما
جاءت ,وكما فعل السلف ,فقد أولوها وصرفوا ألفاظها إىل غري ظاهرها ,هروبا من شبهة
التجسيم والتمثيل ,وغفلوا عما يرتتب على فعلهم هذا من حتريفهم لكالم اهلل وتعطيل ملعانيه
والقول على اهلل بغري علم ,وغري ذلك من املستلزمات اليت يقتضيها التأويل وتنايف التسليم هلل
تعاىل إذ كيف يليق أن يقول اهلل عن نفسه ويقول عنه رسوله صلى اهلل عليه وسلم بصفات
ال تليق ,أو تقتضي التشبيه والتجسيم ,مث ال يكتشف هذه املسألة إال املتكلمون بعد القرن
الثالث اهلجري!
مث كيف فات هذا الفهم على الصحابة والتابعني وسلف األمة مث يدركه املتكلمون؟! هذا مما ال يليق
جتاه كالم اهلل – تعاىل – وكالم رسوله صلى اهلل عليه وسلم والصحابة والتابعني وأئمة اهلدى األوائل
ممن هم أعلم منهم وأتقى هلل فإن اهلل سبحانه حني وصف نفسه بتلك الصفات :كاليدين ،والوجه،
7
والنفس ،والرضا ،والغضب ،واجمليء ،واالستواء ،والعلو......إخل .من الصفات ،فقد سد باب شبهة
الس ِميع الْب ِ
صريُ [الشورى:ـ .]11 ِ ِِ
س َكمثْله َش ْيءٌ َو ُه َو َّ ُ َ
التمثيل بقوله سبحانه :لَْي َ
ومن األصول التي خالف فيها األشاعرة أهل السنة تعويلهم على العقل واجلدل وعلم
الكالم (النظر) يف صفات اهلل ومسائل القدر والغيب وتقدميهم العقل ما يسمونه القواطع
العقلية – على النقل (الكتاب والسنة) ،يف أمور الغيب ومسائل االعتقاد ،بل يف مسائل
صفات اهلل تعاىل!
فالقاعدة عندهم كما قررها الرازي واجلويين وغريها (أن الدالئل النقلية ال تفيد اليقني) و (أن
الدالئل النقلية ظنية ،وأن العقلية قطعية ،والظن ال يعارض القطع) . 12سبحان اهلل!!
ومن أصولهم المخالفة ألهل السنة :تفسريهم التوحيد مبا حيصره يف توحيد الربوبية
وغفلتهم عن توحيد األلوهية والعبادة هلل تعاىل وحده مع أنه التوحيد الذي أرسلت به الرسل
اعب ُد ِ ِإ ِإ ٍ ِإ ِ ِإ ِ قال اهلل تعاىل وما َأرس ْلنَا ِمن َقبلِ َ ِ
ون ك م ْن َر ُسول اَّل نُوحي لَْيه َأنَّهُ اَل لَهَ اَّل َأنَا فَ ْ ُ ََ ْ َ ْ ْ
[األنبياء.]25 :
وهو التوحيد الذي من أجله خلق اهلل اخللق قال تعاىل وما خلَ ْقت اجْلِ َّن واِإْل نْس ِإاَّل لِيعب ُد ِ
ون َ َ َ ُْ ََ َ ُ
[الذاريات.]56 :
لذلك جند التلبس بالبدع يف العبادات والوقوع يف بعض الشركيات كثرية فيمن ينتسبون إىل األشاعرة
املتأخرين لتساهلهم يف توحيد العبادة.
وهذا ال يعين أن أهل السنة يستهينون بأمر توحيد الربوبية...كال واهلل! لكنهم يبد أون مبا بدأ اهلل به
وما بدأ به رسوله صلى اهلل عليه وسلم ,ألن توحيد الربوبية فطري ,ال يكاد ينكر بالكلية إال نادرا
وغالب اآليات اليت جاءت يف تقريره جاءت يف سياق اإللزام بتوحيد العبادة والطاعة ,لذلك ال يعرف
أن أمة من األمم أنكرت توحيد الربوبية بل ال توجد طائفة أمجعت على هذا األمر على احلقيقة ,ولو
حصل هذا لذكره اهلل تعاىل يف قصص األنبياء.
وبعكسه توحيد األلوهية فهو الذي ضلت فيه األمم والفرق والطوائف حىت اليوم.
8
لذا جند أن نظار األشاعرة وأئمتهم يبدون مؤلفاهتم يف االعتقاد بالعقليات والنظريات والتصديقات
والتصورات ,واملصطلحات الكالمية والفلسفية ,وأن الدالئل النقلية (السمعية) ال تفيد اليقني! وأن
العقليات قطعية! يقينية ,مث حدوث العامل وإثبات الصانع وغري ذلك من الفلسفة وعلم الكالم,
وينتهون يف ذلك إىل تقرير توحيد الربوبية وهذا خالف ما درج عليه أهل السنة بل خالف منهج
القرآن الكرمي فاآليات اليت جاءت لتقرير توحيد الربوبية قليلة بإزاء اآليات اليت جاءت لتقرير توحيد
العبادة والطاعة مث إن كثريا من اآليات يف توحيد الربوبية جاءت لتقرير عبادة اهلل وحده كما أسلفت.
-كما أهنم خالفوا أهل السنة يف أصول أخرى مثل :قوهلم يف القرآن وكالم اهلل ,واإلميان ,والقدر,
والنبوات ,حيث تأثروا باألصول الكالمية والفلسفية يف نظرهتم هلذه األمور فجاءت عقيدهتم فيها
خليطا من احلق والباطل بني أهل السنة واملعتزلة والفالسفة ,لذا جتدهم كثريا ما يستخدمون
مصطلحات فلسفية وكالمية حمتملة للحق والصواب وضدها ,وختتلف عن ألفاظ الكتاب والسنة.
وهكذا...ـ فإن هذه األمور اليت خالف األشاعرة فيها أهل السنة ،وهي من أصول االعتقاد وفروعه
تقتضي من الباحث املنصف عند التدقيق والتحقيق أن حيكم كما هو رأي احملققني من أئمة أهل السنة
بأن مذهب األشاعرة يف العقيدة مذهب مستقل يف بعض اجلوانب عن أهل السنة بأصوله ومناهجه،
وتصوراته وأحكامه خباصة يف مسائل الصفات واإلميان والوحي والنبوات والقرآن وكالم اهلل والقدر
فاألشاعرة يف هذه املسائل وغريها يوافقون أهل السنة يف أمور وخيالفوهنم يف أخرى.ـ
-كما أنه ال جيوز أن حنمل السلف أهل السنة واجلماعة مقوالتـ األشاعرة فيما ابتدعوه من علم
الكالم والفلسفة ،وإنه ملن اإلجحاف والتجين أن ننسب تلك املقوالت للصحابة والتابعني وأئمة
اهلدى يف القرون الفاضلة ،وهذه املقوالت هي الغالبة يف معتقدات األشاعرة.
أما أهل السنة فهم الذين مل حييدوا ومل يزيدوا على مذهب السلف حىت اليوم ،فالذي ينتمي وينتسب
ألهل السنة يلزمه أن يعتقد ما اعتقدوه يف هذه األصول ،وأن يتبع ما قالوه أو قرروه ،ال أن يقول
ويعتقد حسب قواعده العقلية الكالمية والفلسفية ،مث ينسب قوله وعقيدته إىل السلف ،كما فعل كثري
من نظار األشاعرة.
9
وإذا عرضنا الكثري من معتقدات األشاعرة على ما أثر ونقل عن السلف يف القرون الفاضلة وجدنا
البون بينهما شاسعا ووجدنا أهنم – أي األشاعرة – ابتدعوا وأحدثوا من املقوالت ما كان ينهى عنه
13
السلف من الكالم يف الصفات والغيبات بالظنون واملبتدعات الكالمية.
بتتبع كالم أهل العلم من علماء أهل السنة جند أقواهلم يف ذلك متفاوتة ما بني متشدد ،دعاه
لذلك ما وقف عليه من خمالفة القوم للسنة ،وموافقتهم للجهمية واملعتزلة يف بعض أقواهلم ،فبدعهم
وحذر منهم ومل ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه .وبني متساهل يعدهم من أهل
السنة ،ملا رأى من موافقتهم للسنة يف بعض املسائل وبني هؤالء وهؤالء حاول بعض من أهل العلم
التدقيق يف املسألة ،والقول فيها بشيء من التفصيل.
القول األول :قول بعض أهل العلم :أن األشاعرة ليسوا من أهل السنة وإمنا هم أهل كالم،
عدادهم يف أهل البدعة وممن ذهب إىل ذلك :اإلمام أبو نصر السجزي "ت 444هـ" .حيث
يرى أهنم حمدثة وليسوا أهل سنة ،فيقول يف فصل عقده لبيان السنة ما هي؟ ومب يصري املرء
من أهلها؟
" ...فكل مدع للسنة جيب أن يطالب بالنقل الصحيح مبا يقوله ،فإن أتى بذلك علم صدقه ،وقبل
قوله ،وإن مل يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف ،علم أنه حمدث زائغ ،وأنه ال يستحق أن يصغى
إليه أو ينظر يف قوله ،وخصومنا املتكلمون معلوم منهم أمجع اجتناب النقل والقول به بل متحينهم
ألهله ظاهر ،ونفورهم عنهم بني ،وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون :قال األشعري ،وقال ابن
كالب ،وقال القالنسي ،وقال اجلبائي ...
ومعلوم أن القائل مبا ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ال يسمى حمدثاً
بل يسمى سنياً متبعاً ،وأن من قال يف نفسه قوالً وزعم أنه مقتضى عقله ،وأن احلديث املخالف ال
ينبغي أن يلتفت إليه ،لكونه من أخبار اآلحاد ،وهي ال توجب علماً ،وعقله موجب للعلم يستحق أن
يسمى حمدثاً مبتدعاً ،خمالفاً ،ومن كان له أدىن حتصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبني خمالفينا بتأمل هذا
14
الفصل يف أول وهلة ،ويعلم أن أهل السنة حنن دوهنم ،وأن املبتدعة خصومنا دوننا".
10
السفاريين ""1188-1114؛ حيث قسم أهل السنة إىل ثالث فرق فقال" :أهل السنة واجلماعة
ثالث فرق:
ومل يسلم ذلك له فقد تعقبه يف احلاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سحمان فقال" :هذا مصانعة
من املصنف رمحه اهلل تعاىل يف إدخاله األشعرية واملاتريدية يف أهل السنة واجلماعة ،فكيف يكون من
أهل السنة واجلماعة من ال يثبت علو الرب سبحانه فوق مساواته ،واستواءه على عرشه ويقول:
حروف القرآن خملوقة ،وإن اهلل ال يتكلم حبرف وصوت ،وال يثبت رؤية املؤمنني رهبم يف اجلنة
بأبصارهم ،فهم يقرون بالرؤية ويفسروهنا بزيادة علم خيلقه اهلل يف قلب الرائي .ويقول :اإلميان جمرد
16
التصديق وغري ذلك من أقواهلم املعروفة املخالفة ملا عليه أهل السنة واجلماعة.
القول الثالث :قول من يرى أهنم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبواب
االعتقاد .وممن قال بذلك:
الشيخ عبد العزيز بن باز حيث قال جواباً على قول الصابوين" :أن التأويل لبعض الصفات ال خيرج
املسلم عن مجاعة أهل السنة " .قال" :صحيح يف اجلملة فاملتأول لبعض الصفات كاألشعرية ال خيرج
بذلك عن مجاعة املسلمني وال عن مجاعة أهل السنة يف غري باب الصفات ،ولكنه ال يدخل يف مجاعة
أهل السنة عند ذكر إثباهتم للصفات وإنكارهم للتأويل.
القول الرابع :اعتبارهم من أهل اإلثبات والتفريق بني أئمتهم املتقدمني ومتأخريهم.
وهو قول شيخ اإلسالم ابن تيمية الذي يرى :أهنم يعدون من أهل اإلثبات؛ لكوهنم يثبتون بعض
الصفات ،وأهنم أقرب إىل أهل السنة من باقي الطوائف ،على أنه يفرق بني أئمتهم املتقدمني وبني
متأخريهم فعد املتقدمني أقرب إىل السلف وأهل السنة ،وجعل املتأخرين أقرب إىل اجلهمية واملعتزلة،
لعظم موافقتهم هلم يف كثري من أقواهلم.
11
يقول شيخ اإلسالم رمحه اهلل ملخصا حال هذه الفرقة" :واألشعرية األغلب عليهم أهنم مرجئة يف باب
األمساء واألحكام ،جربية يف باب القدر ،وأما يف الصفات فليسوا جهمية حمضة ،بل فيهم نوع من
التجهم" ،مث قال:
"وأما األشعرية فال يرون السيف موافقة ألهل احلديث ،وهم يف اجلملة أقرب املتكلمني إىل مذهب
17
أهل السنة واحلديث"
-1إمهال توحيد األلوهية ،وتفسري اإلله يف كلمة التوحيد ال إله إال اهلل بالربوبية ،وأنه القادر على
االخرتاع واخللق.
-2نفي الصفات االختيارية هلل تعاىل ،واالقتصار على إثبات سبع صفات مسوها الصفات املعنوية،
والعقلية ،وهي :العلم ،والقدرة،ـ واإلرادة ،والكالم ،والسمع ،والبصر ،واحلياة ،وأما الصفات اخلربية
فأثبتها متقدموهم ،وأوهلا املتأخرون منهم.
وأثبتوا األمساء احلسىن هلل تعاىل مع حتريف ملعانييها مبا يتوافق مع معتقدهم يف الصفات.
-3أثبتوا الرؤية ،وأنكروا العلو -وهو اجلهة عندهم ،-فقالوا إن اهلل يرى ال يف جهة.
- 4قالوا إن اهلل خالق أفعال العباد ،وأنه ليس لقدرة العبد تأثري يف فعله ،بل القدرة من الرب ،والفعل
كسب من العبد ،مبعىن أن فعل العبد ليس بتأثري منه ،بل لكونه حمال للفعل فحسب ،وهذا اجلرب منهم
قريب من القول باجلرب عند اجلهمية.
-5القول بأن اإلميان جمرد تصديق القلب ،وأنه ال يزيد وال ينقص ،وأنه جيب االستثناء فيه ،وقالوا
ِإن مرتكب الكبرية مؤمن كامل اإلميان.19
12
تم بحمد هلل
13