Professional Documents
Culture Documents
ACSS - Volume 13 - Issue 13 - Pages 124-129
ACSS - Volume 13 - Issue 13 - Pages 124-129
نشأتهـا
آنا فرويد هى أول من تناول التحليل النفسى عند األطفال ،وهى ابنة العالم وطبيب األعصاب
الشهير سيجموند فرويد ومارثا بيرنيز ،مارست خالل حياتها أعماال عديدة تتعلق
جميعها باألطفال فمن معلمة صف ،إلى طبيبة نفسية ،فكاتبة.
ولدت آنا فرويد فى النمسا وهى من مواليد عام 1895م ،ترتيبها السادسة من أصل ثالثة
ذكور وثالث إناث ،وكان الحمل بها غير متوقع إضافة إلى أن فرويد كان يتمنى أن يرزق بولدٍ،
وتقول آنا عن ذلك " :لو كان هناك موانع حمل في حينها لما ولدت" ويرى بعض
علماء التحليل النفسىى أن هذه األشياء أفضت بها إلى الشعور بالرفض ،ومع هذا كله كانت
أقرب أبناء فرويد له وشديدة االلتصاق به ،وأخذت عنه اتجاهاته العلمية واهتماماته
منذ مرضه فى ترعاه وظلت والدها بجانب وقفت السيكولوجية،
إصابته بالسرطان سنة 1923وحتى وفاته فى لندن سنة .1939
124
أدب األطفال ع ( 13أغسطس )2016
تخصصت آنا فرويد فى علم النفس عند الطفل ،حيث إن بداية حياتها العملية كانت فى
مدر سة لألطفال ومن هنا أتى تعلقها بسلوك الطفل وما يحتويه من ردة فعل ال ينظر إليها
البالغون بشكل صحيح.
فى عام 1922أصبحت آنا فرويد أحد أعضاء الجمعية النمساوية للتحليل النفسى ،وخالل
نهاية العشرينيات عملت على بحث لها متخصص فى طب النفس عند األطفال التى تتراوح
أعمارهم بين 8و 12سنة فى حين أنها لم تتطرق كثيرا إلى أعمار أقل من ذلك.
انتقلت آنا فرويد للعيش فى بريطانيا عام 1938وكان لها دور هام خالل الحرب العالمية
الثانية فى رعاية األطفال واليتامى حيث اعتبرتهم الضحية األولى والوحيدة لتلك الحرب
آنا فرويد لم تتزوج لكنها كانت تعتنى بأوالد أختها صوفى المتوفاة وتتشارك فى الشنيعة.
تربيتهم مع والدها فرويد ،حيث وهبت نفسها لدراسة علم النفس ،وبدأت حياتها العملية مدرسة
أطفال ،وفى أثناء عملها كانت تدون الكثير من المالحظات عنهم ،وبدأ من هنا اهتمامها بعلم
نفس الطفل.
حياتها المهنية
مارست آنا التحليل النفسى وأصبحت عضوا فى الجمعية النمساوية للتحليل النفسى
سنة ،1922واُنتخبت رئيسا للجمعية من عام 1925إلى عام ،1928ورئيسا لمعهد التدريب
على التحليل النفسى فى فيينا حيث مقرها.
فى عام 1927أصدرت أول بحث لها عن اتجاهاتها فى تحليل نفسيات األطفال وأسس
125
أدب األطفال ع ( 13أغسطس )2016
العالج النفسى الخاص بهم .ويذكر فى تاريخ التحليل النفسى أن فرويد كان أول من حاول تحليل
األطفال نفسيا فى الحالة المشهورة التى عالجها باسم "الصغير هانز" عام .1906إال أن
المحاولة الجادة كانت محاولة آنا فرويد وميالنى كالين فى بداية الثالثينات ،حيث تمثل آنا
المدرسة األوروبية ،بينما تمثل ميالنى المدرسة البريطانية فى التحليل النفسى للطفل،
وتخصصت آنا فى األطفال الكبار ،بينما مارست ميالنى تحليل األطفال الصغار.
فى عام 1935تولت "آنا" مسئولية معهد التدريب على التحليل النفسى فى فيينا ،لكن تقدم
القوات األلمانية النازية واحتاللها للنمسا ،خالل الحرب العالمية الثانية ،دفعها للحاق بوالدها
حيث هاجرت آنا فرويد بشكل نهائى إلى لندن عام ،1938لتنشىء برنامج وعيادة هامبستيد
لعالج األطفال ،والتى أعيد تسميتها بمركز "آنا فرويد" بعد رحيلها فى عام .1982
وأثناء الحرب العالمية الثانية أسست مع األمريكية دوروثى برلنجهام عددا من دور الحضانة
لألطفال اليتامى والمنكوبين وال ُمرحلين.
كان عملها الرئيسى فى عام ،1936هو إقامة دراسة كالسيكية على علم النفس وآليات
الدفاع ،كما ركزت آنا فرويد على تجربتها السريرية الخاصة ،ولكن اعتمدت على كتابات
والدها باعتباره مصدرا موثوقا لها فى رؤى النظرية ،كما ساعدت على فهرسة وتشكيل رد
الفعل ،والعزلة ،والتراجع ،واإلسقاط ،واالستدماج ،والتحول ضد النفس ،واالنعكاس والتسامى،
ووضحت مفهوم آليات الدفاع ،مع االستمرار وزيادة التركيز على نظريات آنا ووالدها .
كانت أولى اهتماماتها الخاصة فى مرحلة الطفولة عن تطورات المراهقين مع التأكيد على
كيفية زيادة المصالح الفكرية والعلمية والفلسفية لهذه الفترة ،وقد ذكرت مشكلة النضج
الفسيولوجى مع تكثيف الدوافع العدوانية إلى حد الهدوء التام ،وتشكيالت رد الفعل ،التى يبدو
راسخا فى بنية آنا .
فى عام 1959كانت كتابات آنا فرويد فى علم النفس ودراستها فى تنمية الطفولة المبكرة
لطفولة العاملين في المهن األكثر تنوعا .يمكن القول أن إقامة آنا فرويد لسنوات فى لندن جعلتها
أكثر تمييزا في كتابات أوراق التحليل النفسى بما فى ذلك “حول الفقدان والضياع” ،والتى يجب
على الجميع قراءتها بغض النظر عن اهتمامهم بالتحليل النفسى ،تحث فى هذه الكتابات على
ضرورة اإلخالص فى الحياة حتى الموت .
126
أدب األطفال ع ( 13أغسطس )2016
كما ركزت بعد ذلك على البحث والمالحظة فى عالج األطفال ،حيث تشاركت آنا فرويد مع
مجموعة من المحللين التنمويين للطفل البارز (والتى شملت إريك إريكسون ،إديث جاكوبسون
ومارغريت ماهلر) فى مالحظة أعراض األطفال من خالل متابعة النظرية التناظرية إلى
االضطرابات الشخصية بين البالغين ،والتى غالبا ما ترتبط بمراحل النمو .
فى الحياة الطبيعية أصدرت كتاب علم األمراض فى الطفولة ( )1965ولخصت فيه استخدام
الخطوط التنموية مع رسم النمو الطبيعى النظرى من التبعية لالعتماد على الذات العاطفى .
وفى أفكار الحياة الثورية ،قدمت آنا نظرية التنموية الشاملة مع مفهوم خطوط التنموية ،التى
تجمع بين نموذج المحرك الهام مع والدها فى النظريات من خالل المزيد من العالقات الموجهة
نحو أهمية الوالدين فى عمليات تنمية الطفل ،ومع ذلك كان الوالء األساسى لها فى عمل والدها.
أشهر كتب آنا فرويد كان بعنوان "األنا والميكانيزمات الدفاعية" أو "األنا واآلليات
الدفاعية" ،وبشكل عام تحدثت تلك اآلليات عن خمس آليات دفاعية يعتمدها الطفل لتحقيق دور
األنا فى حياته وهى :اإلنكار الخيالى عن طريق تخيل شىء ما ،كما لو أن يرى أباه مجرد
حيوان متوحش لضربه المستمر له ،كذلك إنكار الطفل لواقعه قوال وفعال ،تقييد األطفال لألنا
خاصتهم ،مثل عدم تعلم أحد األطفال القراءة ألن زمالءه يستهزؤون به كلما قرأ ،باإلضافة إلى
عملية دفاع التعيين بالمعتدى ،مثل تمثيل الطفل لدور الطبيب الذى عالجه وتقليده بحركاته،
وأيضا الدفاع باإليثار ،جميع تلك اآلليات قد تحدثت عنها آنا فرويد فى كتابها.
وقد شرحت آنا االتجاه الجديد الذى أسسته فى التحليل النفسى فى كتابها "األنا والميكانيزمات
الدفاعية "Ego and the Mechanisms of Defenseحيث أكدت على دور اآلنا فى الحياة
النفسية وفى العالج النفسى التحليلى ،وقالت أن التحليل النفس اليمكن أن يصدق عليه اسمه إال
إذا اتجه إلى البحث فى األنا وعدم االقتصار على اللهو ،وترى أن تحليل الميكانيزمات
الالشعورية التى يلجأ لها األنا يمكن أن تطلعنا على التحوالت التى طرأت على الغرائز عند
المريض .ويتلخص دور المحلل من وجهة نظرها فى إزعاج األنا باستثارة المكبوت ،وتدمير
ماقام به األنا من أساليب توافقية َمرضية ولكنها من وجهة نظر األنا تمثل أنساقا دفاعية يحاول
من خاللها أن يسيطر على الحياة الغريزية.
حددت آنا فرويد فى كتابها خمسة أنواع من الميكانيزمات الدفاعية وهى :
.1اإلنكار عن طريق التخيل :
كأن يكره الطفل أباه المستبد ،فيتخيله أسدا مثال ،ويتوهم أنه صديقه ،وأنه يأتيه ويالعبه
ويتبعه .والطفل بهذا التخيل أنكر واقعه وهو أنه ال يحب أباه ،وحولها إلى صورة متخيلة محببة.
وهذه الحيلة يلجأ لها األطفال.
127
أدب األطفال ع ( 13أغسطس )2016
مثاله طفلة فى العاشرة ذهبت لحفلة استعراضية ألول مرة ،واستعدت لها بمالبس جميلة،
وفى الحفلة شاهدت طفال جميال استأثر على اهتمامها ،إال أنه نهرها وانتقد طريقتها فى اللبس
والرقص ،ومنذ ذلك اليوم صارت تكره الحفالت وال تتردد عليها ،ولم تجهد نفسها فى تعلم
الرقص ،وعوضت نفسها بتقييد أناها بأن حرمت على نفسها المباهج األنثوية.
هو شكل من أشكال اإليثار ،ومثاله مربية كانت فى طفولتها تحب المالبس الجديدة ،وكانت
تتمنى أن يكون لها أخوات ،فقالت لها أمها مازحة " :إننا ال نستطيع أن نأتى لك بأخوات
ومالبس فى الوقت نفسه فهذا مكلف ،فإما هذا وإما ذاك" وكبرت الطفلة ولم تتزوج وامتهنت
تربية األطفال ،وصارت تدافع عنهم أمام آبائهم كلما أرادوا مالبس جديدة.
128
أدب األطفال ع ( 13أغسطس )2016
الوفـــــــــاة :
توفيت آنا فرويد عن عمر يناهز 86عاما ،وذلك فى عام ،1982بعد أن قدمت أعماال
كثيرة حول طبيعة الذات عند األطفال.
129