You are on page 1of 6

‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫آنا فرويد وعلم النفس‬


‫(‪ 3‬ديسمبر ‪ 9 -1895‬أكتوبر ‪)1982‬‬
‫أ‪.‬هيام حمدى العنانى‬

‫نشأتهـا‬
‫آنا فرويد هى أول من تناول التحليل النفسى عند األطفال‪ ،‬وهى ابنة العالم وطبيب األعصاب‬
‫الشهير سيجموند فرويد ومارثا بيرنيز‪ ،‬مارست خالل حياتها أعماال عديدة تتعلق‬
‫جميعها باألطفال فمن معلمة صف‪ ،‬إلى طبيبة نفسية‪ ،‬فكاتبة‪.‬‬

‫ولدت آنا فرويد فى النمسا وهى من مواليد عام ‪1895‬م‪ ،‬ترتيبها السادسة من أصل ثالثة‬
‫ذكور وثالث إناث‪ ،‬وكان الحمل بها غير متوقع إضافة إلى أن فرويد كان يتمنى أن يرزق بولدٍ‪،‬‬
‫وتقول آنا عن ذلك ‪ " :‬لو كان هناك موانع حمل في حينها لما ولدت" ويرى بعض‬
‫علماء التحليل النفسىى أن هذه األشياء أفضت بها إلى الشعور بالرفض‪ ،‬ومع هذا كله كانت‬
‫أقرب أبناء فرويد له وشديدة االلتصاق به‪ ،‬وأخذت عنه اتجاهاته العلمية واهتماماته‬
‫منذ‬ ‫مرضه‬ ‫فى‬ ‫ترعاه‬ ‫وظلت‬ ‫والدها‬ ‫بجانب‬ ‫وقفت‬ ‫السيكولوجية‪،‬‬
‫إصابته بالسرطان سنة ‪ 1923‬وحتى وفاته فى لندن سنة ‪.1939‬‬

‫‪124‬‬
‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫تخصصت آنا فرويد فى علم النفس عند الطفل‪ ،‬حيث إن بداية حياتها العملية كانت فى‬
‫مدر سة لألطفال ومن هنا أتى تعلقها بسلوك الطفل وما يحتويه من ردة فعل ال ينظر إليها‬
‫البالغون بشكل صحيح‪.‬‬

‫فى عام ‪ 1922‬أصبحت آنا فرويد أحد أعضاء الجمعية النمساوية للتحليل النفسى‪ ،‬وخالل‬
‫نهاية العشرينيات عملت على بحث لها متخصص فى طب النفس عند األطفال التى تتراوح‬
‫أعمارهم بين ‪ 8‬و‪ 12‬سنة فى حين أنها لم تتطرق كثيرا إلى أعمار أقل من ذلك‪.‬‬

‫انتقلت آنا فرويد للعيش فى بريطانيا عام ‪ 1938‬وكان لها دور هام خالل الحرب العالمية‬
‫الثانية فى رعاية األطفال واليتامى حيث اعتبرتهم الضحية األولى والوحيدة لتلك الحرب‬
‫آنا فرويد لم تتزوج لكنها كانت تعتنى بأوالد أختها صوفى المتوفاة وتتشارك فى‬ ‫الشنيعة‪.‬‬
‫تربيتهم مع والدها فرويد‪ ،‬حيث وهبت نفسها لدراسة علم النفس‪ ،‬وبدأت حياتها العملية مدرسة‬
‫أطفال‪ ،‬وفى أثناء عملها كانت تدون الكثير من المالحظات عنهم‪ ،‬وبدأ من هنا اهتمامها بعلم‬
‫نفس الطفل‪.‬‬

‫آنا فرويد ووالدها‬

‫حياتها المهنية‬
‫مارست آنا التحليل النفسى وأصبحت عضوا فى الجمعية النمساوية للتحليل النفسى‬
‫سنة ‪ ،1922‬واُنتخبت رئيسا للجمعية من عام ‪ 1925‬إلى عام ‪ ،1928‬ورئيسا لمعهد التدريب‬
‫على التحليل النفسى فى فيينا حيث مقرها‪.‬‬

‫فى عام ‪ 1927‬أصدرت أول بحث لها عن اتجاهاتها فى تحليل نفسيات األطفال وأسس‬
‫‪125‬‬
‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫العالج النفسى الخاص بهم‪ .‬ويذكر فى تاريخ التحليل النفسى أن فرويد كان أول من حاول تحليل‬
‫األطفال نفسيا فى الحالة المشهورة التى عالجها باسم "الصغير هانز" عام ‪ .1906‬إال أن‬
‫المحاولة الجادة كانت محاولة آنا فرويد وميالنى كالين فى بداية الثالثينات‪ ،‬حيث تمثل آنا‬
‫المدرسة األوروبية‪ ،‬بينما تمثل ميالنى المدرسة البريطانية فى التحليل النفسى للطفل‪،‬‬
‫وتخصصت آنا فى األطفال الكبار‪ ،‬بينما مارست ميالنى تحليل األطفال الصغار‪.‬‬

‫فى عام ‪ 1935‬تولت "آنا" مسئولية معهد التدريب على التحليل النفسى فى فيينا‪ ،‬لكن تقدم‬
‫القوات األلمانية النازية واحتاللها للنمسا‪ ،‬خالل الحرب العالمية الثانية‪ ،‬دفعها للحاق بوالدها‬
‫حيث هاجرت آنا فرويد بشكل نهائى إلى لندن عام ‪ ،1938‬لتنشىء برنامج وعيادة هامبستيد‬
‫لعالج األطفال‪ ،‬والتى أعيد تسميتها بمركز "آنا فرويد" بعد رحيلها فى عام ‪.1982‬‬
‫وأثناء الحرب العالمية الثانية أسست مع األمريكية دوروثى برلنجهام عددا من دور الحضانة‬
‫لألطفال اليتامى والمنكوبين وال ُمرحلين‪.‬‬

‫ألفت آنا فى تلك الفترة (‪ )1943-1942‬ثالثة كتب هى‪children in ":‬‬


‫"‪"War and Children"،Infants without Families""،Wartime‬‬

‫مساهمات آنا فرويد فى التحليل النفسى‬


‫قامت آنا فرويد‪ ،‬بالتركيز على الحياة الداخلية الخاصة مع البعد عن األوهام‪ ،‬كما شرحت‬
‫كيفية طغيان أحالم اليقظة على الوعى‪ ،‬وكان لها وجهات نظر على تربية األطفال والتى‬
‫شرحتها فى كتابها األول فى عام ‪ 1927‬عن مقدمة التقنية فى تحليل الطفل‪ ،‬واشتبكت مع‬
‫ميالنى كالين على وجه الخصوص‪ ،‬اعتمدت آنا فرويد على تحليل األطفال‪ ،‬فى مختلف‬
‫المراحل كجزء كبير من العالم النفسى ‪.‬‬

‫كان عملها الرئيسى فى عام ‪ ،1936‬هو إقامة دراسة كالسيكية على علم النفس وآليات‬
‫الدفاع‪ ،‬كما ركزت آنا فرويد على تجربتها السريرية الخاصة‪ ،‬ولكن اعتمدت على كتابات‬
‫والدها باعتباره مصدرا موثوقا لها فى رؤى النظرية‪ ،‬كما ساعدت على فهرسة وتشكيل رد‬
‫الفعل‪ ،‬والعزلة‪ ،‬والتراجع‪ ،‬واإلسقاط‪ ،‬واالستدماج‪ ،‬والتحول ضد النفس‪ ،‬واالنعكاس والتسامى‪،‬‬
‫ووضحت مفهوم آليات الدفاع‪ ،‬مع االستمرار وزيادة التركيز على نظريات آنا ووالدها ‪.‬‬

‫كانت أولى اهتماماتها الخاصة فى مرحلة الطفولة عن تطورات المراهقين مع التأكيد على‬
‫كيفية زيادة المصالح الفكرية والعلمية والفلسفية لهذه الفترة‪ ،‬وقد ذكرت مشكلة النضج‬
‫الفسيولوجى مع تكثيف الدوافع العدوانية إلى حد الهدوء التام‪ ،‬وتشكيالت رد الفعل‪ ،‬التى يبدو‬
‫راسخا فى بنية آنا ‪.‬‬

‫فى عام ‪ 1959‬كانت كتابات آنا فرويد فى علم النفس ودراستها فى تنمية الطفولة المبكرة‬
‫لطفولة العاملين في المهن األكثر تنوعا‪ .‬يمكن القول أن إقامة آنا فرويد لسنوات فى لندن جعلتها‬
‫أكثر تمييزا في كتابات أوراق التحليل النفسى بما فى ذلك “حول الفقدان والضياع”‪ ،‬والتى يجب‬
‫على الجميع قراءتها بغض النظر عن اهتمامهم بالتحليل النفسى‪ ،‬تحث فى هذه الكتابات على‬
‫ضرورة اإلخالص فى الحياة حتى الموت ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫كما ركزت بعد ذلك على البحث والمالحظة فى عالج األطفال‪ ،‬حيث تشاركت آنا فرويد مع‬
‫مجموعة من المحللين التنمويين للطفل البارز (والتى شملت إريك إريكسون‪ ،‬إديث جاكوبسون‬
‫ومارغريت ماهلر) فى مالحظة أعراض األطفال من خالل متابعة النظرية التناظرية إلى‬
‫االضطرابات الشخصية بين البالغين‪ ،‬والتى غالبا ما ترتبط بمراحل النمو ‪.‬‬

‫فى الحياة الطبيعية أصدرت كتاب علم األمراض فى الطفولة (‪ )1965‬ولخصت فيه استخدام‬
‫الخطوط التنموية مع رسم النمو الطبيعى النظرى من التبعية لالعتماد على الذات العاطفى ‪.‬‬

‫وفى أفكار الحياة الثورية‪ ،‬قدمت آنا نظرية التنموية الشاملة مع مفهوم خطوط التنموية‪ ،‬التى‬
‫تجمع بين نموذج المحرك الهام مع والدها فى النظريات من خالل المزيد من العالقات الموجهة‬
‫نحو أهمية الوالدين فى عمليات تنمية الطفل‪ ،‬ومع ذلك كان الوالء األساسى لها فى عمل والدها‪.‬‬

‫أشهر كتب آنا فرويد كان بعنوان "األنا والميكانيزمات الدفاعية" أو "األنا واآلليات‬
‫الدفاعية"‪ ،‬وبشكل عام تحدثت تلك اآلليات عن خمس آليات دفاعية يعتمدها الطفل لتحقيق دور‬
‫األنا فى حياته وهى ‪ :‬اإلنكار الخيالى عن طريق تخيل شىء ما‪ ،‬كما لو أن يرى أباه مجرد‬
‫حيوان متوحش لضربه المستمر له‪ ،‬كذلك إنكار الطفل لواقعه قوال وفعال‪ ،‬تقييد األطفال لألنا‬
‫خاصتهم‪ ،‬مثل عدم تعلم أحد األطفال القراءة ألن زمالءه يستهزؤون به كلما قرأ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫عملية دفاع التعيين بالمعتدى‪ ،‬مثل تمثيل الطفل لدور الطبيب الذى عالجه وتقليده بحركاته‪،‬‬
‫وأيضا الدفاع باإليثار‪ ،‬جميع تلك اآلليات قد تحدثت عنها آنا فرويد فى كتابها‪.‬‬

‫وقد شرحت آنا االتجاه الجديد الذى أسسته فى التحليل النفسى فى كتابها "األنا والميكانيزمات‬
‫الدفاعية ‪ "Ego and the Mechanisms of Defense‬حيث أكدت على دور اآلنا فى الحياة‬
‫النفسية وفى العالج النفسى التحليلى‪ ،‬وقالت أن التحليل النفس اليمكن أن يصدق عليه اسمه إال‬
‫إذا اتجه إلى البحث فى األنا وعدم االقتصار على اللهو‪ ،‬وترى أن تحليل الميكانيزمات‬
‫الالشعورية التى يلجأ لها األنا يمكن أن تطلعنا على التحوالت التى طرأت على الغرائز عند‬
‫المريض‪ .‬ويتلخص دور المحلل من وجهة نظرها فى إزعاج األنا باستثارة المكبوت‪ ،‬وتدمير‬
‫ماقام به األنا من أساليب توافقية َمرضية ولكنها من وجهة نظر األنا تمثل أنساقا دفاعية يحاول‬
‫من خاللها أن يسيطر على الحياة الغريزية‪.‬‬

‫حددت آنا فرويد فى كتابها خمسة أنواع من الميكانيزمات الدفاعية وهى ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلنكار عن طريق التخيل ‪:‬‬

‫كأن يكره الطفل أباه المستبد‪ ،‬فيتخيله أسدا مثال‪ ،‬ويتوهم أنه صديقه‪ ،‬وأنه يأتيه ويالعبه‬
‫ويتبعه‪ .‬والطفل بهذا التخيل أنكر واقعه وهو أنه ال يحب أباه‪ ،‬وحولها إلى صورة متخيلة محببة‪.‬‬
‫وهذه الحيلة يلجأ لها األطفال‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫‪ .2‬إنكار اللفظ والفعل ‪:‬‬


‫ويتمثل فى سلوك الطفل عندما يقول مثال "أنا كبير مثل بابا" أو "أنا ال أكره الدواء‪ ،‬أنا أحبه‬
‫جيدا" أو "المعلمة تحبنى كثيرا"‪ .‬كل هذه العبارات هى أمثله إلنكار الواقع إنكارا يحمى به‬
‫الطفل نفسه ضد عجزه وقلة حيلته واعتماده على غيره‪.‬‬
‫‪ .3‬تقييد األنا ‪:‬‬

‫مثاله طفلة فى العاشرة ذهبت لحفلة استعراضية ألول مرة‪ ،‬واستعدت لها بمالبس جميلة‪،‬‬
‫وفى الحفلة شاهدت طفال جميال استأثر على اهتمامها‪ ،‬إال أنه نهرها وانتقد طريقتها فى اللبس‬
‫والرقص‪ ،‬ومنذ ذلك اليوم صارت تكره الحفالت وال تتردد عليها‪ ،‬ولم تجهد نفسها فى تعلم‬
‫الرقص‪ ،‬وعوضت نفسها بتقييد أناها بأن حرمت على نفسها المباهج األنثوية‪.‬‬

‫‪ .4‬دفاع التعيين بالمعتدى ‪:‬‬


‫يتم من خالله السيطرة على القلق بامتثال خصال المعتدى واستدماج صفاته‪ .‬ومثاله الطفل‬
‫الصغير الذى تألم من خلع أحد أسنانه قد يلعب مع أخته بأن يمثل دور الطبيب ويجعلها تمثل‬
‫دور المريضة‪.‬‬

‫‪ .5‬الدفاع باإليثار ‪:‬‬

‫هو شكل من أشكال اإليثار‪ ،‬ومثاله مربية كانت فى طفولتها تحب المالبس الجديدة‪ ،‬وكانت‬
‫تتمنى أن يكون لها أخوات‪ ،‬فقالت لها أمها مازحة ‪" :‬إننا ال نستطيع أن نأتى لك بأخوات‬
‫ومالبس فى الوقت نفسه فهذا مكلف‪ ،‬فإما هذا وإما ذاك" وكبرت الطفلة ولم تتزوج وامتهنت‬
‫تربية األطفال‪ ،‬وصارت تدافع عنهم أمام آبائهم كلما أرادوا مالبس جديدة‪.‬‬

‫كتابات آنا فرويد‬


‫فى الفترة من ‪6619‬ـــــــ‪ 1980‬أصدرت آنا فرويد ‪ 8‬مجلدات فى نيويورك بجامعة إنديانا‬
‫‪:‬‬ ‫بنسلفانيا‬
‫المجلد األول ‪ :‬فى مقدمة التحليل النفسى ‪ :‬محاضرات لمحللين الطفل والمعلمين (‪-1922‬‬
‫‪)1935‬‬
‫المجلد الثانى ‪ :‬آليات الدفاع (‪)1936‬؛ (الطبعة المعدلة ‪)1966( :‬‬

‫المجلد الثالث ‪ :‬الرضع دون أسر‪.‬‬


‫المجلد الرابع ‪ :‬مؤشرات لتحليل الطفل وغيرها من العالجات (‪)1956 -1945‬‬
‫المجلد الخامس ‪ :‬البحث فى عيادة طب األطفال ‪ -‬عالج هامبستيد وعالجات أخرى (‪-1956‬‬
‫‪)1965‬‬
‫المجلد السادس ‪ :‬الحياة الطبيعية وعلم األمراض فى الطفولة ‪ :‬تقييم التنمية (‪)1965‬‬
‫المجلد السابع ‪ :‬مشاكل التحليل النفسى للتدريب والتشخيص‪ ،‬وتقنيات العالج (‪)1970-1966‬‬
‫المجلد الثامن ‪ :‬علم النفس فى التحليل النفسى من التطور الطبيعى‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫أدب األطفال ع ‪( 13‬أغسطس ‪)2016‬‬

‫الوفـــــــــاة ‪:‬‬
‫توفيت آنا فرويد عن عمر يناهز ‪ 86‬عاما‪ ،‬وذلك فى عام ‪ ،1982‬بعد أن قدمت أعماال‬
‫كثيرة حول طبيعة الذات عند األطفال‪.‬‬

‫آنا فرويد مع والدها سيجموند فرويد سنة ‪1913‬‬

‫‪129‬‬

You might also like