Professional Documents
Culture Documents
ميلاني كلاين
ميلاني كلاين
تعتبر ميالني كالين سيدة التفكير للجيل الثاني للتّحليل النفسي على الصعيد العالمي،
التيارات الفرويدية .مدرسة التفكير الكالينية التي
وهي بالمناسبة أصيلة التّكوين من أحد أكبر ّ
ستسهم في انبثاق مدرسة التحليل النفسي اإلنجليزية .وقد اشتهرت ميالني كالين باهتمامها بفرع
الشيئية “Object relations” .الذي يتم فيه التركيز
محدد في علم النفس ،يسمى العالقات ّ
على العالقات المكونة بين الصور واألفكار والمشاعر في العقل والناس واألشياء في العالم
المسمى بتكنيك اللعب،
الخارجي .كما كانت أيضا رائدة في منهج التحليل النفسي لألطفالّ ،
والذي ال يزال من الممارسات التحليلية المستخدمة حتى الوقت الراهن.
1
المبحث األول:
ميالني كالين ولدت في عام 2881توفيت في عام ،2691هي عالمة نفس نمساوية من
أصل أسرة يهودية ،اهتمت في مجال أبحاثها نحو دراسة علم النفس الطفولة ،وكانت تمتاز
بطريقتها في البحث عن سيغموند فرويد ،لم تهتم بعلم النفس أو التحليل النفسي ،ولكن بالصدفة
وقبل وقوع الحرب العالمية األولى ،قرأت مقاالً لفرويد فولد لديها شغف التحليل النفسي وبدأت
تدرس على يدي ساندوز فيرينزي.
كتبت أول تقرير بحثي لها بعنوان “تنمية الطفل” في عام .2612ثم دعاها كارل أبراهام
إلى االستقرار في برلين لفترة .طلقت زوجها ،وكرست نفسها للتحليل النفسي تحت تأثير إبراهام
وأعماله .خضعت للتحليل كل يوم بإشرافه ،وبعد وفاته واصلت التحليل كل يوم.
في عام ،2611دعاها إرنست جونز إللقاء محاضرة في لندن ،وفي عام 2619قبلت
مثير للجدل ،إال أن
موضوعا ًا
ً الدعوة للعيش واإلقامة في لندن .على الرغم من أن بحثها ال يزال
بحثها تم ت وسيع النطاقه ،لكنه أثر على جميع المحللين النفسيين في المملكة المتحدة ،وبسبب
تفردها وتميزها ،تم عمل مدرسة تسمى المدرسة البريطانية في المملكة المتحدة في التحليل
النفسي.1
-1روبرت هنشل وود ،ميالني كالين ،تر :حمدي الجابري ،المجلس القومي للثقافة ،اإلسكندرية ،1111 ،ص .28
2
المطلب الثاني :إسهامات ميالني كالين في التحليل النفسي للطفل
اتجهت ميالني كلين إلى دراسة التكوين النفسي عند األطفال ،كانت لها طريقتها في تحليل
نفسية األطفال ،كما أكدت على أهمية النمو المبكر للطفل (اللحظات األولى من الحياة) ،وبهذا
قد قامت بتطوير نظرية فريدة للحياة النفسية باعتبار أن مرجعها األساسي هو فرويد.
ولتحليل شخصية مرضاها الصغار استعملت األلعاب بحيث تعتبر وسيلة لجذب األطفال،
وقد عالجت االختيار والرفض والتعليقات حول ردود أفعال األطفال اتجاه اللعب وفسرتها تبعا
لمبادئ التحليل النفسي ،وتمكنت بفضل عبقريتها وثاقب نظرتها من التوغل في أعماقهم
الالواعية ،فكسفت النقاب عن ذلك العالم الهوامي الذي يعيش فيه الطفل في السنوات األولى
من عمره ،كما أوضحت أن المتأزم األوديبي يبدأ في فترة أبكر مما حددها فرويد ،وأهم إنجازاتها
على الصعيد العملي هو اكتشاف تقنية التحليل بواسطة اللعب.1
تركز كالين على الصراعات التي تسبق األزمة األوديبية والتي تحدث في العالقة باألم ،وتحدد
ميالني كالين مرحلتين في السنة األولى من العمر تتميز كل منهما بنمط خاص من "العالقة
بالموضوع"،
المرحلة االولى :السادي الفمي ( 4-3أشهر من حياة الطفل) :تتميز هذه المرحلة بـ:
يقيم الطفل عالقات "بموضوع جزئي" وهو ثدي األم الذي تسقط عليه النزوات اللبدية (غريزة
-1أحمد سهي كامل ،دراسات في سيكولوجية الطفولة ،مركز اإلسكندرية للكتاب ،اإلسكندرية ،1111 ،ص .51
3
يوزع ثدي األم إلى "موضوع" و"موضوع سيء" فإذا كان الثدي مصدر إسباع يصبح "الثدي
الطيب المحبوب" ،وفي حالة عدم اإلشباع "اإلحباط" "الثدي المكروه" وهنا يحدث انشقاق لألنا أنا
طيب وانا سيء.1
تحدد إدراكات الطفل في هذه المرحلة يدرك األمر كشخص متمايز عنه.
يقيم الطفل عالقات بأفراد آخرين ويبرز في هذه المرحلة الموقف المخزن.
يتم توجيه النزوات الليبدية والعدوانية إلى "الموضوع الكلي" فيكون الموضوع ذاته األم محبوبا
ومكروها في الوقت ذاته ،بمعنى هنا الطفل يختبر التجاذب الوجداني المولد للذنب ،فهو يحب
أمه ويحتاج إليها ويكون تابعا كليا لها وإذا لم تكن أمه تشبع رغباته ينمي اتجاهها نوع من الكره
والحقد تجعله يخشى فقدانها (يبرز االنهيار والكآبة).
ركزت “ميالني” على أوجه القلق عند الطفل وطرقه في الدفاع عن نفسه إزاءها ،ووجدت
أن ما ذكره “فرويد” عن األطفال يبدأ معهم في سن مبكرة عن السن التي حددها ،فإحدى
مريضاتها كانت طفلة بعمر سنتين وتسعة أشهر ولديها أنا أعلى قوية جداً و”فرويد” يعتقد بعدم
وجودها قبل الخامسة من العمر ،وكان للطفلة عالقات أوديبية مع والدها و”فرويد” يعتقد أن
عقدة أوديب ال تتكون قبل 5-1سنة من العمر.2
كما أن “ميالني” بينت أن العنف والقسوة لهما دور أكبر في تكوين الطفل مما اعتقده
“فرويد” ،وكتبت عن نظرية القلق والذنب وربطت بين أقوال “فرويد” و”كارل ابراهام” في
وبذلك وجدت “كالين” التطورات التي اعتبر “فرويد” إنها تحدث للطفل في المرحلة األوديبية (1
– 1سنوات) تحدث في الواقع في السنة األولى من حياة الطفل .كما توصلت إلى نتائج مثيرة
للجدل ومنها أن خيال المولود أو الطفل الصغير يدور حول ثدي األم وأعضائها التناسلية
ورغبته في تدمير ثديها.
ولم تقتصر “كالين” في تحليالتها على الدوافع الغريزية والصراعات الداخلية لدى الطفل ،بل
اهتمت أيضاً بالروابط العاطفية بين الطفل والعالم الخارجي ،خصوصاً مع أمه ،حيث وجدت أن
عالقة األم والطفل عالقة تجمع بين الحب والكراهية في آن واحد.1
من أهم أعمال “كالين” :التشخيص بواسطة اللعب عند األطفال والمراحل المبكرة لعقدة
أوديب .وكتاب “الحسد والعرفان بالجميل” .وكذلك كتاب “الحب والكراهية” الذي شرحت فيه
-1قنطار فايز ،األمومة :نمو العالقة بين الطفل واالم ،سلسلة عالم المعرفة ،ع ،299المجلس الوطني للثقافة ،الكويت،
،2661ص.251
5
عمليات النمو البدئي في حياة الطفل الذهنية والوجدانية .وأوضحت كيف أن الحسد هو
يؤدي في المستقبل المصدر األساسي للعنف لدى األطفال .وكيف َّ
أن المبالغة في هذا الحسد ّ
إلى إنتاج أشخاص عاجزين عن الحب ،وعاجزين حتى عن الشعور باالمتنان! وكيف يمّثل
ليقدم ذاته للعالم ،وألعابه التلقائية
اللعب الوسيلة المثلى للتواصل مع المحيط ،حيث يلعب الطفل ّ
هذه هي نواقل صراعاته وأحاسيسه ودوافعه الداخلية.
وككل باحث سيكولوجي كان ل”كالين” رأيها الخاص في الهستيريا والوساوس التسلطية ،حيث
ّ
ألي فرد بمعزل عن وساوسه القهرية .وكأنها بذلك
رأت بأنه ال يجوز دراسة الحالة الهستيرية ّ
لكل فرد.1
تمنح الوسواس الصفة المميزة ّ
هو عند “ميالني كالين” ميكانيزم أساسي في البناء الشخصي ،أي يقوم الفرد بإسقاط
شخصيته وذاته داخل الموضوع فبهدف االمتالك ،و التحكم و حتى التدمير.ووصفت “ميالني
كالين” في كتابها “تحليل األطفال” عام 2611هوامات هجومية على داخل جسد األم وفق
اختراق سادي له ،لكنها لم تقدم مصطلح التقمص اإلسقاطي إال في مرحلة متأخرة من عام
2659للداللة على شكل خاص من التقمص الذي يرسخ النموذج األول للعالقة العدوانية مع
الموضوع.
و يلخص التقمص اإلسقاطي في شكل وضعية ذات صلة وثيقة مع الوضعية الشبه فصامية
عن طريق إسقاط هوامي للجسم أو جزء منه داخل جسد األم ،و هذا الهوام يكون مصدر ألنواع
كثيرة من القلق مثل قلق االحتجاز أو فوبيا األماكن المغلقة .وترى كل من “ميالني كالين” و
“جوان رفيير” أن هوام التقمص اإلسقاطي يظهر كثي ار في فئات مرضية مثل الفوبيا .واألساس
ينطوي المفهوم من وجهة نظر “كالين” على درجة من تنظيم «األنا» أعلى من درجة
التنظيم التي يفترضها “فرويد” ،كما أن األنا منذ الوالدة قادرة على أن تعاني القلق ،وأن تستخدم
آليات الدفاع ،وتقيم عالقات أولية مع الموضوعات في االستيهام وفي الواقع .أي إن «األنا»
تتكون ّ
تكوناً مبك اًر ،وهي غير منظمة في جزء كبير منها ،مع أنها تميل منذ الوالدة إلى ّ
التكامل ،ومنسجمة مع كل اتجاه للنمو الفيزيولوجي والنفسي .كما أن األنا تسقط في الخارج
جزءاً من الليبيدو (الطاقة النفسية الجنسية كما ذكرها فرويد) وما يبقى منه (الليبيدو) يستخدم
يكون األنا عالقة بموضوع (الثدي)
إلقامة عالقة ليبيدية بالموضوع المثالي .وعلى هذا النحو ّ
الذي ينقسم في هذه المرحلة إلى موضوعين هما :الثدي المثالي والثدي المضط ِهد ،وتُنتج
التجارب مع مصدر الحب والغذاء وهو األم الحقيقية استيهام الموضوع المثالي وتؤكده ،وينجم
استيهام االضطهاد أيضاً عن التجارب الفعلية؛ تجارب الحرمان واأللم ،ولكن الطفل يستشعرها
وكأنها آتية من الموضوعات المضط ِهدة.
وكانت ترى أ ن األلعاب التلقائية للطفل تظهر صراعاته وأحاسيسه وميوله ،وهي بالتالي بديل
عدت أن خوف الطفل من هجر
ذو قيمة لتداعي األفكار الذي ُيعتمد في تحليل الراشدين ،كما ّ
أمه له هو المسئول عن عدد من اضطرابات الشخصية لدى األطفال والبالغين.
7
عرضت “كالين” أفكارها حول جنسية المرأة فيما يتعلق بعقدة أوديب لدى البنت والصبي
التي تطرق إليها “فرويد” في محور نظريته عن النمو النفسي الجنسي لدى الكائن البشري ،إذ
رأت في هذا األمر أنه يعود إلى طبيعة عالقة الطفل باألم.1
-1بن ملوكة شهيناز ،العالقة بالمعرفة في المقاربات النظرية النفسية ،جامعة عبد الجميد بن باديس ،مستغانم،1121 ،
.111
8
خاتمة
اتجهت ميالني كلين إلى دراسة التكوين النفسي عند األطفال ،كانت لها طريقتها في تحليل
نفسية األطفال ،كما أكدت على أهمية النمو المبكر للطفل (اللحظات األولى من الحياة) ،وبهذا
قد قامت بتطوير نظرية فريدة للحياة النفسية باعتبار أن مرجعها األساسي هو فرويد.
ولتحليل شخصية مرضاها الصغار استعملت األلعاب بحيث تعتبر وسيلة لجذب األطفال،
وقد عالجت االختيار والرفض والتعليقات حول ردود أفعال األطفال اتجاه اللعب وفسرتها تبعا
لمبادئ التحليل النفسي ،وتمكنت بفضل عبقريتها وثاقب نظرتها من التوغل في أعماقهم
الالواعية ،فكسفت النقاب عن ذلك العالم الهوامي الذي يعيش فيه الطفل في السنوات األولى
من عمره ،كما أوضحت أن المتأزم األوديبي يبدأ في فترة أبكر مما حددها فرويد ،وأهم إنجازاتها
على الصعيد العملي هو اكتشاف تقنية التحليل بواسطة اللعب.
9
قائمة المراجع
روبرت هنشل وود ،ميالني كالين ،تر :حمدي الجابري ،المجلس القومي للثقافة، .1
اإلسكندرية،1111 ،
كامل ،دراسات في سيكولوجية الطفولة ،مركز اإلسكندرية للكتاب، أحمد سهي .2
اإلسكندرية1111 ،
زهران حامد عبد السالم،الصحة النفسية و العالج النفسي ،عالم الكتب ،القاهرة، .3
2681
قنطار فايز ،األمومة :نمو العالقة بين الطفل واالم ،سلسلة عالم المعرفة ،ع،299 .4
المجلس الوطني للثقافة ،الكويت2661 ،
بن ملوكة شهيناز ،العالقة بالمعرفة في المقاربات النظرية النفسية ،جامعة عبد الجميد .5
بن باديس ،مستغانم.111 ،1121 ،
10
الفهرس
الصفحة العنوان
المقدمة 12..........................................................................
المبحث األول :لمحة عن ميالني كالين11...........................................
المطلب األول :تعريف ميالني كالين11.............................................
المطلب الثاني :إسهامات ميالني كالين في التحليل النفسي للطفل11.................
المبحث الثاني :نظريات ميالني كالين 15............................................
المطلب األول :القلق عند االطفال15................................................
المطلب الثاني :التقمص اإلسقاطي 19...............................................
المطلب الثالث :تنظيم األنا 19.......................................................
خاتمة 16...........................................................................
قائمة المراجع 21 ....................................................................
11