You are on page 1of 16

‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫إلمرصف‬
‫ري‬ ‫ليال إلخريف إلمظلمة‪ ،‬جال‬‫يف ليلة من ي‬
‫إلعجوز يف مكتبه‪ ،‬من ركن ؤل ركن‪ ،‬و عقله يستجع‬
‫تفاصيل إلحفل إلذي أقامه‪ ،‬يف ليلة تشبه هذه إلليلة‪،‬‬
‫ُُ‬
‫عاما‪ .‬ضم إلحفل مثقفي ك ُت وأحاديث شيقة‬ ‫منذ ‪ً 51‬‬
‫أكت‪ .‬وكانت عقوبة إؤلعدإم من ضمن تلك إألحاديث‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عارض إلمدعوون‪ -‬إلذين كان من بينهم عدد إل بأس به‬
‫فه‬
‫من إلباحثي وإلصحفيي‪ -‬فكرة عقوبة إؤلعدإم؛ ي‬
‫وسيلة عتيقة وغت أخالقية وإل تالئم دولة مسيحية‪،‬‬
‫يف رأيهم‪ .‬وقال بعضهم ؤنه يجب عىل إلعالم بأجمعه‬
‫‪.‬أن يستبدل عقوبة إؤلعدإم بالسجن مدى إلحياة‬

‫قال صاحب إلحفل‪:‬‬

‫أنا إل أوإفقكم إلرأي‪ .‬بالطبع أنا لم أجرب عقوبة ‪-‬‬


‫إؤلعدإم أو إلسجن مدى إلحياة‪ ،‬لكن ؤذإ إضطر إلمرء أن‬
‫يحكم ببديهته‪ ،‬فف رأي أن عقوبة إؤلعدإم ُ‬
‫أكت‬ ‫ي يي‬
‫أخالقية و ؤنسانية من إلسجن مدى إلحياة‪ .‬إؤلعدإم‬
‫يقتل ر‬
‫مباشة‪ ،‬بينما إلسجن مدى إلحياة كالسم إلذي‬
‫ينتش ببطء‪ .‬فأي إلجالدين ُ‬
‫أكت ؤنسانية؟ ذلك إلذي‬ ‫ر‬
‫يقتل يف بضع لحظات‪ ،‬أم ذلك إلذي يمتص منك‬
‫إلحياة بال توقف لسنوإت؟‬

‫‪1‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫حوإل‬
‫ي‬ ‫كان هناك من ضمن إلحضور محام شاب‪ ،‬يف‬
‫إلخامسة و ر‬
‫إلعشين‪ ،‬وإلذي قال عند سماعه لهذإ‬
‫إلرأي‪:‬‬

‫عقوبت إؤلعدإم و إلسجن مدى إلحياة يتسمان ‪-‬‬ ‫ر‬ ‫ؤن‬


‫ي‬
‫بذإت إلقدر من إلالأخالقية؛ لكن لو كان بيدي إإلختيار‬
‫إلختت إألخت‪ .‬فنصف حياة أفضل من إل حياة‬ ‫بينهما‪ ،‬ر‬
‫عىل إؤلطالق‪.‬‬

‫إلمرصف‪ ،‬إلذي‬
‫ي‬ ‫تال هذإ إلرأي نقاش قوي‪ ،‬و فجأة فقد‬
‫َ‬ ‫كان حينها ُ‬
‫أكت يفوعا و عصبية‪ -‬صوإبه وضب‬
‫إلمحام‪:‬‬
‫ي‬ ‫بقبضته عىل إلطاولة وهو يصيح يف‬

‫هذإ كذب! أرإهن بمليوني من إلجنيهات أنك لن ‪-‬‬


‫تستطيع أن تصمد يف زنزإنة ولو لمدة خمس سنوإت!‬

‫إلمحام‪:‬‬
‫ي‬ ‫فأجابه‬

‫أنت ‪-‬‬
‫فأنا مستعد للرهان ي‬ ‫لو أنك جاد يف كالمك‪،‬‬
‫ً‬
‫عش عاما وليس خمسة فقط!‬ ‫سأصمد لخمسة ر‬

‫إلمرصف‪:‬‬
‫ي‬ ‫صاح‬

‫‪2‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫خمسة ر‬
‫عش! وهو كذلك!‪ ...‬ياسادة‪ ،‬أنا أرإهن ‪-‬‬
‫بمليوني‪.‬‬

‫إلمحام‪:‬‬
‫ي‬ ‫فجاء رد‬

‫ر‬
‫بحريت! ‪-‬‬ ‫أوإفق‪ .‬أنت ترإهن بمليوني وأنا أرإهن‬
‫ي‬

‫وهكذإ‪ ،‬بالفعل تم هذإ إلرهان إلطائش إلعجيب‪ .‬شعر‬


‫ا‬ ‫ً‬
‫إلمرصف‪ ،‬إلذي كان حينها طائشا‪ ،‬مدلًل يملك من‬
‫ي‬
‫إلماليي ما إل يعد وإل يحىص‪ ،‬بالنشوة تشي يف‬
‫ً‬
‫ممازحا‪:‬‬ ‫للمحام أثناء إلعشاء‬ ‫عروقه‪ ،‬فقال‬
‫ي‬

‫إألغت‪ ،‬قبل أن يفوت إألوإن؛ ‪-‬‬


‫ر‬ ‫عد لرشدك‪ ،‬أيها إلفرس‬
‫ً‬
‫فمليونان إل يعنيان شيئا بالنسبة يل‪ ،‬لكن ثالث أو أرب ع‬
‫ه خسارة فادحة بكل تأكيد‪.‬‬ ‫من أفضل سنوإت عمرك ي‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫و أقول ثالث أو أرب ع ألنك لن تصمد يوما أكت من هذإ‪.‬‬
‫و أريدك أن تتذكر‪ ،‬أيها إلتعس‪ ،‬أن قضاء هذه إلعقوبة‬
‫شيا‪ .‬ففكرة أنك تملك‬‫طوإعية أصعب من تنفيذها ق ً‬
‫حق تحرير نفسك يف أي وقت‪ ،‬ستسمم كل لحظة‬
‫تقضيها دإخل زنزإنتك‪ .‬كم أشفق عليك!‬

‫‪3‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫إلمرصف يجول من ركن ؤل ركن‪ ،‬وهو‬


‫ي‬ ‫و إآلن‪ ،‬هاهو‬
‫ر‬
‫‪:‬يستجع هذإ إلمشهد و يتساءل‬

‫إلمحام ‪-‬‬ ‫إقتحت هذإ إلرهان؟ ما إلفائدة؟ خش‬‫لماذإ ر‬


‫ي‬ ‫عشة ً‬
‫عاما من حياته‪ ،‬وأنا ألقيت مليوني يف‬ ‫خمس ر‬
‫إلهوإء‪ .‬ولكن‪ ،‬هل سيدفع هذإ إلناس لإليمان بأن‬
‫عقوبة إؤلعدإم أسوأ من إلسجن أو إلعكس؟ كال‬
‫ئ‬
‫ممتىل‬ ‫بالطبع! مجرد هرإء‪ .‬كانت مجرد نزوة من رجل‬
‫ومحام متعطش للمال‬
‫ٍ‬ ‫‪.‬إلجيب‪،‬‬

‫و إستطرد عقله يف تذكر ما حدث بعد تلك إلليلة يف‬


‫إلمحام للسجن إلمشدد يف‬‫ي‬ ‫إلحفل؛ قرروإ أن يخضع‬
‫ر‬
‫إلمرصف‪ .‬وكانت إلشوط‬ ‫جناح ملحق بحديقة متل‬
‫ي‬
‫كالتال‬
‫ي‬ ‫‪:‬خالل إلمدة إلمتفق عليها‬

‫يعت عتبة إلباب لتى ر‬


‫إلبش‪ ،‬أو يسمع «‬ ‫ممنوع أن ر‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫‪.‬صوتهم‪ ،‬أو يتلف خطابا‪ ،‬أو يقرأ صحيفة‬

‫مسموح أن يحتفظ بآلة موسيقية‪ ،‬أو يقرأ ً‬


‫كتابا‪ ،‬أو‬
‫يشب إلنبيذ‪ ،‬أو يدخن إلتبغ‬ ‫ً‬
‫خطابا‪ ،‬أو ر‬ ‫‪».‬يكتب‬

‫‪4‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫ً‬
‫وفقا لهذه إإلتفاقية‪ ،‬كانت إلطريق إلوحيد إلمسموح‬
‫إلخارج هو إلصمت‪ .‬فكلما أحتاج‬ ‫ر ي‬ ‫للتوإصل مع إلعالم‬
‫ر‬
‫لش ضوري بأي كمية كالكتب‪ ،‬أو إلموسيف‪ ،‬أو‬ ‫ر ئ‬
‫ً‬
‫خصيصا‬ ‫عت نافذة صغتة صممت‬ ‫ر‬
‫إلنبيذ‪ ،‬ألف رسالة ر‬
‫لهذإ إلشأن‪ .‬شملت إإلتفاقية أدق إلتفاصيل و أصغرها‪،‬‬
‫ا‬
‫صارما تما ًما‪ .‬وألزمت‬
‫ً‬ ‫مما جعل إلحبس منعزًل و‬
‫عاما منذ إلساعة إلثانية‬‫عش ً‬ ‫إلمحام بالبقاء خمسة ر‬
‫ي‬
‫نوفمت عام ‪ ،5781‬ؤل إلساعة‬ ‫من‬ ‫عش‬‫ر‬ ‫إبع‬
‫ر‬ ‫إل‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫عشة ي‬
‫نوفمت عام ‪.5771‬‬‫ر‬ ‫عش من‬ ‫عشة ف إلرإبع ر‬ ‫إلثانية ر‬
‫ي‬
‫للمحام لخرق ًأيا من هذه إلقوإعد‪ ،‬أو‬ ‫ي‬ ‫وأصغر محاولة‬
‫حت ولو لدقيقتي قبل إلوقت إلذي حدده‬ ‫للهرب ر‬
‫إلمرصف من دفع إلمبلغ‬
‫ي‬ ‫‪.‬إلمرص يف‪ ،‬كانت كفيلة بععفاء‬

‫يف إلسنة إألول من إلمدة‪ ،‬كانت إلخطابات إلقصتة‬


‫تش بما يعانيه من إلوحدة وإلملل‪ .‬لم ينقطع‬ ‫للمحام ر‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫صوت إلبيانو إلمنبعث من جناحة ليًل وإل نهارإ‪ .‬رفض‬
‫ا‬
‫إلنبيذ وإلتبغ‪ ،‬معلًل إلسبب ب «أن إلنبيذ يحرر إلغرإئز‪،‬‬
‫ه إلعدو إللدود للسجي‪ .‬كما أنه ليس هناك‬ ‫ئز ي‬ ‫وإلغرإ‬
‫ر‬ ‫ً‬ ‫ر‬ ‫ُ ا‬
‫أكت ملًل من شب كأسا من إلنبيذ إلطيب بال شيك‪.‬‬
‫‪».‬أما إلتبغ فهو يسمم إلهوإء يف إلغرفة‬

‫‪5‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫تلف إلمحام ف هذه ر‬


‫إلفتة ً‬
‫كتبا خفيفة؛ روإيات‬ ‫ر‬
‫ي ي‬
‫تتحدث عن قصص حب معقدة‪ ،‬وقصص إلجريمة‬
‫‪.‬وإلخيال‪ ،‬وقصص إلكوميديا‪ ،‬وهكذإ‬

‫يف إلسنة إلثانية‪ ،‬إنقطع صوت إلبيانو‪ .‬وإنحرص طلب‬


‫فقط‪ .‬ي‬
‫وف إلسنة‬
‫ً‬
‫إلمحام يف إلكتب إلكالسيكية‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫إلمحام‬
‫ي‬ ‫إلخامسة‪ ،‬عادت إلموسيف مجددإ‪ .‬وطلب‬
‫إلنبيذ‪ .‬وقال إلذين شاهدوه خالل هذه إلسنة ؤن كل ما‬
‫وإلشب‪ ،‬وإإلستلقاء عىل شيره‪.‬‬ ‫كان يفعله هو إألكل‪ ،‬ر‬
‫كثتإ ويتحدث مع نفسه بغضب‪ .‬توقف‬ ‫كان يتثاءب ً‬
‫إلليال‪ ،‬كان يجلس للكتابة و‬
‫ي‬ ‫عن إلقرإءة‪ ،‬لكن يف بعض‬
‫ينهمك فيها لوقت طويل‪ ،‬ثم يمزق ما كتبه يف إلصباح‪.‬‬
‫‪.‬أكت من مرة كان يصلهم صوته وهو ينتحب‬ ‫ُ‬

‫إلثاي من إلسنة إلسادسة‪ ،‬بدأ إلسجي يف‬ ‫يف إلنصف ي‬


‫درإسة إللغات وإلفلسفة وإلتاري خ‪ ،‬بحماس‪ .‬فأخذ‬
‫حت أصبح من إلعست‬ ‫يلتهم هذه إلموإد بنهم شديد‪ ،‬ر‬
‫ً‬
‫فيه إلمزيد من‬
‫ُ‬ ‫يجلب‬ ‫ا‬ ‫وقت‬ ‫إلمرصف أن يجد‬
‫ي‬ ‫عىل‬
‫وف غضون أرب ع سنوإت‪ ،‬أحرص ستمائة‬
‫ر‬ ‫إلكتب له‪ .‬ي‬
‫ا‬
‫وف خضم هذإ إلشغف‪ ،‬تلف‬ ‫مجلد بناء عىل أوإمره‪ .‬ي‬
‫‪:‬إلمرصف من إلسجي هذإ إلخطاب‬
‫ي‬

‫‪6‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫اي إلعزيز‪«،‬‬ ‫َ‬


‫سج ي‬

‫أكتب ؤليك هذه إلسطور يف ست لغات‪ .‬أعرضهم عىل‬


‫ً‬
‫إلختإء ليقرأوها ؤذإ لم يجدوإ خطأ وإحدإ‪ ،‬فأتوسل‬
‫ر‬
‫ؤليك أن تطلق رصاصة يف إلحديقة؛ فصوت إلرصاصة‬
‫ر‬
‫مجهودإي لم تذهب هباء‪ .‬تحدث‬ ‫سيخت يي أن‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫وف دإخل‬
‫إلعباقرة يف كل زمان ومكان بلغات مختلفة‪ ،‬ي‬
‫ؤله! لو أنك‬
‫كل منهم إستعرت نتإن إلفضول‪ .‬يا ي‬
‫ر‬
‫بقدري عىل فهمهم إآلن‬ ‫سعادي‬ ‫ر‬ ‫»!تعرف مدى‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫إلمرصف‬
‫ي‬ ‫وبالفعل تحققت رغبة إلسجي‪ ،‬و أمر‬
‫‪.‬بعطالق رصاصتي يف سماء إلحديقة‬
‫ً‬
‫إلمحام‬
‫ي‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬تحديدإ يف إلسنة إلتاسعة‪ ،‬جلس‬
‫عىل طاولته بال حرإك يقرأ إلعهد إلجديد‪ .‬تعجب‬
‫يقىص إلرجل‪ ،‬إلذي تفكر يف ستمائة مجلد‬‫ي‬ ‫إلمرصف أن‬
‫ي‬
‫معرف يف أرب ع سنوإت‪ ،‬ما يقرب من إلعام يف قرإءة‬
‫ي‬
‫إلمعاي‪ .‬بعدها‬
‫ي‬ ‫بسيط‬ ‫إلفهم‪،‬‬ ‫سهل‬ ‫وإحد‬ ‫كتاب‬
‫ُ‬
‫‪.‬إستبدل إلعهد إلجديد بتاري خ إألديان وعلم إلالهوت‬

‫إتسمت قرإءإت إلسجي يف أخر عامي من إلمدة‬


‫بالغزإرة و إلعشوإئية‪ .‬لكن إآلن إنحرصت يف إلعلوم‬

‫‪7‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫إلطبيعية‪ ،‬وبعدها بدأ يف قرإءة أعمال (بايرون)‬


‫و(شكسبت)‪ .‬وتلقوإ منه يف نفس إلوقت رسالة يطلب‬
‫فيها ً‬
‫كتابا يف إلكيمياء‪ ،‬وآخر يف إلطب‪ ،‬وروإية‪ ،‬وبعض‬
‫إلدرإسات يف إلفلسفة وعلم إألديان‪ .‬كان يقرأ كمن‬
‫يسبح بي حطام سفينة‪ ،‬وي هرع ليجمع أجزإءها وإحدة‬
‫‪.‬تلو إألخرى فينجو بحياته‬

‫‪II‬‬
‫إلمرصف‪ ،‬ثم فكر‬
‫ي‬ ‫‪:‬جال هذإ كله يف خاطر‬
‫ً‬
‫غدإ عند إلساعة إلثانية ر‬
‫عش‪ ،‬سيستعيد حريته‪- .‬‬
‫يجب أن أعطيه إلمليوني بموجب إإلتفاقية‪ .‬لكن‬
‫ر‬
‫نهايت‬ ‫‪...‬حينها سأفقد كل ر ئ‬
‫ش‪ .‬ستكون هذه‬
‫ي‬
‫عش ً‬
‫عاما كانت إلماليي يف خزإنته إل تعد‪،‬‬ ‫قبل خمسة ر‬
‫لكن إآلن فهو إل يجرؤ أن يسأل نفسه أيهما يملك ُ‬
‫أكت‬
‫َ‬
‫إلمال أم إلدين‪ .‬فالمقامرة يف سوق إألسهم‪ ،‬و‬
‫إلمجازفات‪ ،‬و إلطيش إلذي لم ُيزل ر‬
‫حت مع ِك رَت سنه‬
‫إلقت‪ .‬وتحول رجل إألعمال إلوإثق‪،‬‬‫أرسلوإ تجارته ؤل ر‬
‫ً‬
‫مرصف عادي ترتجف‬ ‫ي‬ ‫إلمغرور‪ ،‬إلذي إليهاب شيئا ؤل‬
‫‪.‬فرإئصه مع كل صعود وهبوط للسوق‬

‫‪8‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫‪:‬أمسك إلعجوز رأسه بيده وهو يغمغم‬

‫هذإ إلرهان إلملعون! لماذإ لم ُ‬


‫يمت هذإ إلرجل؟ كال‪- ،‬‬
‫كيف يموت وهو إل يزإل يف إألربعي من عمره؟ سيأخذ‬
‫ويتوج‪ ،‬ويتمتع‪ ،‬ويقامر يف سوق إألسهم‪،‬‬‫آخر ما أملك ر‬
‫أما أنا فسأبدو كشحاذ حقود وسيكرر نفس إلكالم عىل‬
‫ر‬
‫بسعادي مدى إلحياة‪.‬‬ ‫مسامع كل يوم «أنا مدين لك‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫دعت أساعدك»‪ .‬كال‪ ،‬هذإ مستحيل! إلمفر إلوحيد من‬ ‫ي‬
‫‪.‬إؤلفالس وإلفضيحة هو موت هذإ إلرجل‬

‫إلمرصف ؤل دقات إلساعة إلثالثة‪ .‬كان جميع‬


‫ي‬ ‫أنصت‬
‫من بالبيت نيام‪ ،‬وإل يوجد ما يقطع إلصمت سوى‬
‫حفيف إألشجار إلمتجمدة إلقادم من إلنوإفذ‪ .‬تسلل‬
‫ً‬
‫متجها ؤل خزإناته ليأخذ مفتاح‬ ‫عىل أطرإف أصابعه‬
‫عاما ويضعه يف جيب‬ ‫عش ً‬ ‫إلباب إلموصد منذ خمسة ر‬
‫معطفه‪ ،‬ثم خرج من إلمتل ؤل إلحديقة إلباردة إلغارقة‬
‫ً‬
‫محدثا ً‬
‫رياحا رطبة تعوي يف‬ ‫يف إلظالم‪ .‬إنهمر إلمطر‬
‫إلمرصف‬
‫ي‬ ‫إلحديقة وتحرك إلشجر بال رإحة‪ .‬لم يستطع‬
‫رؤية إألرض‪ ،‬أو إلتمثال إألبيض‪ ،‬أو إلجناح‪ ،‬أو إلشجر‬
‫رغم تدقيقه إلنظر‪ .‬نادى إلحارس مرتي بمجرد وصوله‬
‫ؤل جناح إلحديقة‪ ،‬لكنه لم يتلق ؤجابة‪ .‬فمن إلوإضح‬
‫يحتم من هذإ إلطقس إلمري ع‪ ،‬وهو عىل‬
‫ي‬ ‫أن إلحارس‬

‫‪9‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫إألغلب يغط يف نوم عميق يف مكان ما بالمطبخ‪ ،‬أو‬


‫‪.‬إلمشتل‬

‫‪:‬ففكر إلعجوز‬

‫ر‬
‫شجاعت ألنفذ ما أنوي فستشت أصابع ‪-‬‬ ‫لو إستجمعت‬
‫ي‬
‫‪.‬إؤلتهام ؤل إلحارس‬

‫إلتمس إلطريق إلمظلم نحو إلباب ودلف ؤل ممر‬


‫إلجناح‪ .‬قاده إلطريق ؤل ممر ضيق‪ ،‬فأوقد عود ثقاب‪.‬‬
‫لم يوجد أثر لمخلوق وإحد‪ .‬هناك شير يملكه أحدهم‪،‬‬
‫لكن إل أثر لثياب نوم عليه؛ وإلح موقد حديدي يف‬
‫إلركن إلمظلم‪ .‬كانت إألقفال عىل إلباب إلمؤدي ؤل‬
‫‪.‬غرفة إلسجي سليمة‬

‫إنطفأ عود إلثقاب‪ ،‬ر‬


‫فألف إلعجوز نظرة عىل إلنافذة‬
‫‪.‬وهو يرتجف من إلقلق‬

‫تنش ضوؤها إلخافت يف غرفة‬ ‫كانت هناك شمعة ر‬


‫ً‬
‫إلسجي‪ .‬أما إلسجي‪ ،‬فجلس عىل مكتبه وحيدإ‪ .‬لم‬
‫يظهر منه سوى ظهره‪ ،‬وشعره‪ ،‬ويديه‪ .‬وتناثرت إلكتب‬

‫‪10‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫إلمفتوحة عىل إلطاولة‪ ،‬وإلكرسيي‪ ،‬و إلبساط من‬


‫‪.‬حوله‬

‫ً‬
‫مرت خمس دقائق ولم يحرك إلسجي ساكنا‪ .‬خمسة‬
‫عش ً‬
‫عاما يف هذإ إلمعزل كانت كفيلة بتدريبه أن‬ ‫ر‬
‫إلمرصف بعصبعه عىل إلنافذة‪،‬‬
‫ي‬ ‫يجلس بال حرإك‪ .‬نقر‬
‫لكنه لم يتلق رد فعل من إلسجي‪ .‬ثم أزإل إألقفال من‬
‫عىل إلباب بحرص‪ ،‬ودس إلمفتاح يف إلقفل إلصدئ‬
‫فتأوه بخشونة ثم إنفتح إلباب ُم ً‬
‫صدرإ ض ًيرإ‪ .‬توقع‬
‫إلمرصف أن يسمع ضخة فرح أو صوت خطوإت‪ ،‬لكن‬ ‫ي‬
‫ما حدث كان مرور ثالث دقائق كاملة وإلمكان إل يزإل‬
‫ً‬
‫‪.‬غارقا يف إلصمت‪ .‬فقرر أن يدخل إلغرفة‬

‫شء‪ .‬كان‬ ‫ر‬ ‫ر‬


‫أمام إلطاولة إستقر رجل إل يشبه إلبش يف ي‬
‫عظم يلتصق به جلد‪ ،‬له شعر مجعد‬ ‫ي‬ ‫أشبه بهيكل‬
‫طويل كالنساء‪ ،‬ولحية شعثاء‪ ،‬ووجه إكتش بلون أصفر‬
‫كلون إألرض‪ ،‬ووجنتي غائرتي‪ ،‬وظهر طويل ضئيل‪،‬‬
‫وقد أسند رأسه إلشعثاء عىل يدين رفيعتي بشكل يثت‬
‫إلشفقة‪ .‬بالفعل بدأ إلشيب يتسلل ؤل شعره‪ .‬ؤذإ نظر‬
‫ً‬
‫إلع َجز لن يصدق أبدإ‬ ‫أحد ؤل وجهه إلمكتش بالهزإل و َ‬
‫ي‬
‫‪.‬‬
‫أنه رجل يف عقده إلرإبع إستقرت ورقة صغتة عىل‬

‫‪11‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫ً‬
‫إلمنحت‪ ،‬وقد كتب عليها شيئا بخط‬
‫ي‬ ‫إلطاولة أمام رأسه‬
‫‪.‬صغت‬

‫إلمرصف‬
‫ي‬ ‫‪:‬فكر‬

‫بمالييت إآلن‪ ،‬عىل ‪-‬‬


‫ي‬ ‫شيطان مسكي‪ .‬ؤنه يحلم‬
‫إلشء نصف‬ ‫ر‬ ‫إألغلب‪ .‬كل ما َّ‬
‫عىل فعله هو ؤلقاء هذإ ي‬ ‫ي‬
‫إلميت عىل إلشير‪ ،‬ثم أخنقه بالوسادة لدقيقة‪ ،‬ولن‬
‫طبيع للوفاة‪.‬‬ ‫أثرإ لسبب غت‬‫تجد أدق إلفحوص ً‬
‫ي‬ ‫ا‬
‫‪.‬ولكن‪ ،‬ألقرأ أوًل ما كتبه هنا‬

‫‪:‬تناول إلمرصف إلورقة ر‬


‫وشع يف قرإءة ما فيها‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫غدإ‪ ،‬بحلول إلساعة إلثانية ع رش بعد منتصف ليل‪« ،‬‬
‫وحف ف إإلنغماس مع ر‬
‫إلبش‪.‬‬ ‫حريت ر‬
‫ر‬ ‫سأحصل عىل‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لكن‪ ،‬قبل أن ُأغادر هذه إلغرفة و أرى إلشمس مجددإ‪،‬‬
‫عىل أن أقول لكم بعض إلكلمات‪ .‬أقر أمام هللا‬‫يجب ي‬
‫أنت أحتقر‬‫إي‪ ،‬وأنا يف كامل قوإي إلعقلية‪ ،‬ي‬‫إلذي ير ي‬
‫إلحرية‪ ،‬وإلحياة‪ ،‬وإلصحة‪ ،‬وكل ما تنعته كتبكم‬
‫‪...».‬بختإت إلحياة‬

‫‪12‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫عش ً‬
‫عاما‪« .‬‬ ‫قرأت بدأب عن إلحياة إلدنيا لمدة خمسة ر‬
‫لكت إرتشفت‬ ‫ر‬
‫أنت لم أشهد إلدنيا‪ ،‬أو إلبش‪ ،‬ي‬ ‫أعلم ي‬
‫إلنبيذ إلعطر‪ ،‬غنيت إألغنيات‪ ،‬وإصطدت إلغزإلن‬
‫إلتية يف كتبكم‪ .‬أحببت إلنساء‪ ...‬وز ي‬
‫إرتت يف‬ ‫وإلخنازير ر‬
‫إلمساء نساء فاتنات كالسحب‪ ،‬خلقهم سحر قلم‬
‫أذي أروع إلحكايات‪،‬‬‫شعرإئكم إلعباقرة‪ ،‬ليهمسوإ يف ي‬
‫أسكرتت‪ .‬تسلقت يف كتبكم قمم جبال (بروس) و‬ ‫إلت‬‫ر‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫صباحا؛ ثم‬ ‫(مونت بالنك) ألشاهد رشوق إلشمس‬
‫يعقبها إلليل وهو يغمر إلسماء‪ ،‬وإلمحيط‪ ،‬ويكسو‬
‫إألرجوإي‪ .‬رأيت من فوق تلك‬
‫ي‬ ‫حوإف إلجبل باللون‬
‫إلتق وهو يرصب ويشق إلسحب‪ .‬رأيت إلغابات‬ ‫إلقمة ر‬
‫إلخرصإء‪ ،‬وإلحقول‪ ،‬وإألنهار‪ ،‬وإلبحتإت‪ ،‬وإلبلدإن‪.‬‬
‫سمعت غناء إلحوريات‪ ،‬وعزف إلمزإمت‪ .‬إلمست‬
‫ليحدثوي عن‬
‫ي‬ ‫أجنحة إلمالئكة إلجميلة إلذين جاءوإ‬
‫أذي يف هاويات‪،‬‬ ‫ر‬ ‫إلرب‪ ...‬يف كتبكم‬
‫غرقت حت ي‬ ‫ومعجزإت‪ ،‬و مدن ر‬
‫بشت بديانات جديدة‪،‬‬ ‫محتقة‪ .‬ر‬
‫‪...».‬وغزوت بالد بأكملها‬

‫إلكسال «‬ ‫منحتت كتبكم إلحكمة‪ .‬كل ما يعرفه ر‬


‫إلبش‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عت إلقرون‪ ،‬مخزون يف ركن صغت دإخل‬ ‫ر‬ ‫حدث‬ ‫عما‬
‫ً‬
‫جميعا‪ ...‬أنا أحتقر‬ ‫ر‬
‫جمجمت‪ .‬أعلم ي‬
‫أنت أذىك منكم‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫شء‬‫كتبكم‪ ،‬وأحتقر إلحكمة وكل ختإت إلحياة ‪ .‬كل ي‬
‫وخيال‪ ،‬ومضلل كالشإب‪ .‬بعمكانكم أن‬
‫ي‬ ‫خاو‪ ،‬وهش‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫يأي إلموت يف‬‫ر‬


‫تتمتعوإ باؤلباء‪ ،‬وإلحكمة‪ ،‬وإلجمال‪ ،‬ثم ي‬
‫لحظة ليمحوكم من عىل وجه إألرض كالجرذإن‪ .‬وتندثر‬
‫ذريتكم‪ ،‬وتاريخكم‪ ،‬وعباقرتكم إلمخلدون ر‬
‫كالتإب يف‬
‫»‪..‬جوف إألرض‬

‫أنتم مخبولون‪ ،‬وضالون؛ ترون إلخطأ عىل أنه «‬


‫إلصوإب‪ ،‬وإلقبح عىل أنه جمال‪ .‬يمكن أن يندهش‬
‫وإلتتقال ضفادع‪،‬‬ ‫أنبتت أشجار إلتفاح ر‬ ‫إلمرء ؤذإ‬
‫ا‬
‫وسحال بدًل من إلفاكهة؛ أو لو أن إلزهور أصبحت‬‫ي‬
‫أيدهشت من‬
‫ي‬ ‫‪.‬‬
‫تستنشق رإئحة إلخيول إلكري هة لكن‪،‬‬
‫‪...».‬إستبدل إلجنة بالدنيا مثلكم؟ أنا إل أريد أن أفهمكم‬

‫إلشء إلذي «‬‫ر‬ ‫ئ‬


‫إي لذلك ي‬ ‫سأثبت لكم بالقول وإلفعل إزدر ي‬
‫ؤي أتنازل عن إلمليوني‪ ،‬إلذين ظننتهم‬ ‫يبقيكم أحياء؛ ي‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫إلنعيم يوما‪ ،‬وإآلن أزدري هم‪ .‬حت ي‬
‫أنت أفكر يف أن أسلب‬
‫غرفت قبل إلميعاد إلمتفق‬ ‫ر‬ ‫نفش إلحق فيهم‪ ،‬وأغادر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وبالتال أخالف إإلتفاقية‬
‫ي‬ ‫‪».‬عليه‪،‬‬

‫حت وضع إلورقة عىل‬ ‫ما ؤن أنته إلمرصف من إلقرإءة ر‬


‫ي‬
‫طاولة‪ ،‬ثم قبل رأس إلرجل إلغريب وبدأ ينتحب وهو‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫يشق طريقه خارج إلجناح‪ .‬لم يحدث أبدإ أن ش َعر بهذإ‬
‫حت عندما‬ ‫إلقدر من إإلزدرإء لذإته كما يشعر إآلن‪ ،‬ر‬

‫‪14‬‬
‫إلرهان_______________________________أنطون تشيخوف‬

‫خش خسارته إلفادحة يف سوق إألسهم‪ .‬وصل ؤل‬


‫ر‬
‫إستلف عىل شيره‪ ،‬لكن إلقلق و إلدموع أبعدوإ‬ ‫متله‪ ،‬و‬
‫‪...‬إلنوم عن جفونه لوقت طويل‬

‫ليخته أنهم رأوإ‬ ‫ً‬


‫هرع إلحارس إلمسكي ؤليه صباحا ر‬
‫إلرجل إلذي يسكن إلجناح وهو يتسلل ؤل إلحديقة‬
‫عت إلنافذة‪ ،‬ثم إتجه ؤل إلبوإبة وإختف عن ناظرهم‪.‬‬
‫ر‬
‫إلمرصف يف إلحال مع خادمه ؤل إلجناح ليتأكد‬
‫ي‬ ‫ذهب‬
‫من هروب سجينه‪ .‬وليتفادى إلشائعات غت إلرصورية‪،‬‬
‫إلتقط ورقة إلتنازل من عىل إلطاولة‪ ،‬وعند عودته ؤل‬
‫إلمتل أخفاها دإخل خزإنته‪.‬‬

‫‪15‬‬

You might also like