Professional Documents
Culture Documents
03- موعد مع الملك أستاذة أناهيد السميري
03- موعد مع الملك أستاذة أناهيد السميري
لألستاذة أناهيد السمريي حفظها اهلل
1
بسم هللا الرحمن الرحيم
تنبيهات هامة:
2
بسم اهلل الرمحن الرحيم
احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذه كلمات بسيطة أذ ّكركم فيها باملشهد العظيم الذي ستنتقلون إليه!
يوم عرفة!
يوم أن يباهي امللك سبحانه وتعاىل هبؤالء اخللق الذين أتوا إليه طائعني منكسرين منذلني!
أول مقاصد هذا احلج كما تعلمون :التقوى ،وكلنا حنفظ قوله تعاىل{ :وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} وحنفظ
يضا أول سورة احلج الذي وصف فيها احلج{ :يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا}
أ ً
ماذا تفعل؟ {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ولَكِنَّ عَذَابَ
.1اتَّقُوا
.2رَبَّكُمْ
هي نفس هذه الكلمات اليت ستكون طريقك هنا يف احلج ،فمطلوب منك أن تتقي.
1
سورة البقرة 171 :
2
سورة احلج 1،2 :
3
التقوى هلا عامودين:
.1معرفة الرب
.2وذكر الدار اآلخرة
إذا عرف العبد ربه وبقي يف باله لقاء ربه يف اآلخرة؛ البد تكون النتيجة أنه سيتقي ربه.
من اليوم إىل عشية عرفة حتتاج أن جتمع قلبك على األمرين ،سنتكلم عن أحد أعظم أمسائه سبحانه وتعاىل ،وهذا
دائما يف سورة الناس ،قال اهلل تعاىل{ :قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ} وأنت اآلن
االسم نردده ً
مدعوة من الملك!
ّ
اللقاء هبذا امللك سبحانه سيكون عشية عرفة ،بعدما نصلي الظهر والعصر ،سينزل امللك إىل السماء الدنيا! مث
ينظر إىل عبيده ،ينظر إىل قلوهبم وليس إىل أبداهنم! فإذا رأى قلوب خاشعة منكسرة ذليلة ،باهى هبا املالئكة!!
هذا الملك وصف نفسه في آيات كثيرة ،ومن أعظم املواطن آية سورة احلشر ،يقول اهلل تعاىل عن نفسه{ :هُوَ
اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ( ) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
اإلله
يعين تؤّهله القلوب وحتبّه وتعظّمه ،األلوهية أتت من الوله ،ش ّدة احملبة مع شدة التعظيم ،ملاذا ال إله إال اهلل ،ملاذا ال
أحب وال أعظم إال اهلل ،ملاذا أمأل قليب مبحبة اهلل وتعظيمه مث أضع (ال) حارسة على قليب؟
2
ما هي وصوفات هذا امللك؟ وصف نفسه بأنه {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ}
1
سورة الناس 1،2،3 :
2
سورة احلشر 22،23،22 :
4
فانظر إىل صفاته:
القدّوس
أبدا ،أي أنك عبد لملك كل صفاته صفات كمال ،ال يأيت منزه عن النقص ً
يعين كل صفاته صفات كمالّ ،
منزه عن كل نقص
الشيطان فيوسوس لك ويقع يف قلبك شعور بنقص يف صفاته ،بل امللك الذي يعاملك ق ّدوس ّ
وعيب ،وهذا امللك القدوس الذي يعاملك صفاته كلها صفات كمال بل هو
السالم
تعرف السالم الذي تقوله بعد كل صالة(( :اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّالَمُ وَمِنْكَ السَّالَمُ)) 1يعين يا رب يا ملك أنا أعلم أن كل
صفاتك كمال ،وكمالك سامل ،من أي وجه؟ سالم أن تكون أي صفة كمال فيها نقص.
اخللق هبم صفات كمال ،هناك قضاة وصفهم أهنم أهل عدل ،لكن هل عدهلم %111؟ هناك أشخاص هبم
صفة الكرم ،لكن هل كرمهم %111؟ ال ،إذن كل اخللق وإن وصفوا بالكمال لكن صفات كماهلم ليست ساملة
من النقص.
أما ربك امللك الذي أنت عبد له ،ق ّدوس كل صفاته كمال ،وصفات كماله ساملة من أي نقص ،فال يظلم مثقال
ذرة!
املؤمن
ّ
يؤمن عباده املخاوف.
مؤمن مص ّدق لعباده كل ما وعدهم:
1
الصالة وب يان صفته)1332 /
"صحيح مسلم" (كتاب املساجد /باب استحباب الذكر ب عد َّ
5
oقال لنا{ :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 1فلو دعوته ال بد أن امللك سيستجيب لك.
oقال{ :وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 3إن اتقيته ال بد جيعل لك خمرجا! هلذا يقول ابن عباس" :لو انطبقت السماء
على األرض جيد املتقي بابًا خيرج منه!" ألن اهلل تعاىل قال{ :وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}.
هذا من متام إميانك أنه ملك مؤمن ،يؤمنك من كل املخاوف ،ملك مؤمن مصدق لنفسه مصدق لوعده ،إذا وعدك
أبدا .
هذا امللك ال خيلف وعده ً
أال ترى يوسف عليه السالم وأبوه يعقوب ملا رأى الرؤية أتت هذه الرؤية يف أحسن حال هلم كلهم؟! فهذا ربك
اللطيف اخلبري ،هذا امللك الذي يدبّر األمور من أجل أن يصل إليك اخلري ،امللك الذي أنت على موعد معه ما
وصفه؟
امليهمنن
يعلم خفاياك ،قد ال تنطق مبا تريد ،لكنه ينظر إليك وإىل ما قام يف قلبك ،وهلذا إذا علمت أن امللك ال ينظر إىل
ظاهرك {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِنيَ} يف قلوبكم {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِنيَ غَفُورًا} 2هذا امللك الذي تعامله ال ينظر إىل لونك ،ال
تطهر قدر ما
ملستواك االجتماعي ،وال ملستواك الثقايف ،إمنا ينظر إىل ما قام يف قلبك ،فلما تذهب للقاء امللك ال ّ
تكبريا؛ ليطهر قلبك ،ليدخل اإلميان ،فل ّما تلقاه
كرب ً استغفارا و ّليب تلبية و ّ
ً تطهر قلبك ،وهلذا اعمل أعماالً واستغفر
ّ
ينظر إىل قلبك وهو خايل!
1
غافر 31 :
2إبراهيم 7 :
3الطالق 2 :
2اإلسراء 22 :
6
كررها ،ولينظر اهلل عز وجل إىل قلب -وهو وهلذا من أعظم االستعدادات لعشية عرفة ( التوبة ) ّ
كرر التوبة ّ
امللك املهيمن -ينظر إىل خفايا قلبك وأنت ال تبطن إال إرادة رضاه!
أحدا ،ألست تبغض أن تفعل فعالً فتسقط من عينه؟ اهلل عز وجل أهل للتقوى ،أهل
انظر لنفسك عندما حتب ً
أن ختاف أن تفعل فعالً فيغضب عليك ،فتخرج من محى امللك! وإذا خرجت من محى امللك إىل محى من
ستخرج؟! لن ينفعك أحد ،ليس لك إال اهلل.
فإذا بلغت – نسأل اهلل أن يبلغنا أمجعني وحنن يف أحسن حال يف قلوبنا -عشية عرفة
oاستع ّد هلا(( ،تَعَرَّفْ إِلَى اهللِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ))
1
تطهر؛ قلبك ألن امللك الذي ستلقاه مهيمن مطلع على اخلفايا ،مطلع على
oاستع ّد لعشية عرفة بأن ّ
اخلبايا ،مطلع على ما يف قلبك ،ال ينظر إىل ظاهرك ،ينظر إىل ما قام يف القلب ((أال وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً
إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ))(( ،2إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ ولَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ))
ال تذهب لتقابل امللك وأنت ظاهرك حسن وباطنك فيه من سوء الظن باهلل! من سوء الظن باخللق! من األحقاد
من األغالل! ال تذهب وأنت هبذه الصورة ،إمنا طهر قلبك هلل ،فأنت على لقاء بامللك املهيمن .وهذا امللك
سبحانه وتعاىل املهيمن
7
العزيز
من هذا الذي بيده أن ينفع اهلل أو يضره؟! إذا ذهبت إىل لقائه ال تظن أنك تكثّر اجلمع ،فاهلل عز وجل له
مالئكة يطوفون حول البيت العتيق ،حول البيت املعمور يف السماء يدخل هذا البيت املعمور كم؟ سبعون ألف
كل يوم ال يعودون إليه مرة أخرى!! فاهلل عز وجل غين عن عبادتك ،أنت الفقري إليه.
أال ترى موسى استقر حتت الشجرة فقال{ :رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِريٌ} 1فأعاده اهلل إىل دياره معه الزوج
واألبناء!
كسريا
بدا ً ستقف وستتلقى منهم اإلهانات! ألنه {مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} أما ّ
عزك وفخرك فأن تكون ع ً
منذال بني يدي امللك ،امللك املهيمن العزيز الذي ال يبلغ أحد من اخللق نفعه فينفعه ،وال يبلغ أحد من اخللق
فيضره ،من هذا الذي نفع ربه من هذا؟! كل العباد إليه فقراء ،وهو سبحانه وتعاىل عن كل العباد غين، ضره ّ ّ
مأدبته سبحانه وتعاىل صنعها وأرسل حممد صلى اهلل عليه وسلم داعيًا إليها ،فاجلنة مأدبته والنيب صلى اهلل عليه
وسلم داعي إىل هذه املأدبة ،واخلسران هو من ترك باب الوصول إىل هذه املأدبة!
غدا ،كيف
فإذا عرفت من ستلقى ،من املؤكد أنك ستستعد؛ ألنه إذا قيل لكم امللك يريدكم أو األمري يريدكم ً
تبيتون ليلتكم؟ لن تناموا! مضطربني ماذا سنقول ماذا يريد..؟!
فإذا كان ملك امللوك وعدكم يف هذه العشية اللقاء ،فكيف ستستعد القلوب وهي منتقلة تقول :لبيك لبيك أنا
مستجيب!
مث إن لبيك هذه ليست أي كلمة ،لبيك هذه ال تقولينها إال ملن حتبني ،فهي جتمع ثالثة مفاهيم عظيمة:
.1احملبة
.2واالنقياد
1
القصص 22 :
2
احلج 11 :
8
.3واالستجابة
يعين أنا أحبك وأي أمر تأمرين به فأنا مستجيبة أتيت لندائك يارب وأنا حمبة مستجيبة منقادة ،أعدك أن أبقى
على طاعتك ،ال أستجيب هذه االستجابة مث أنتكس.
فلذلك عندما تقرأ يف سورة احلج قوله تعاىل{ :وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} يعين كان بإميانه حمفوظ يف
السماء ،فلما يتشتت قلبه ويتمزع {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}. 1
ولذلك احذر مث احذر مث احذر! أن تأيت عشية يوم عرفة وأنت مل تعرف امللك الذي سوف تلقاه! أو قلبك
مشتت مع العبيد! ألنه كما أخرب سبحانه وتعاىل يف سورة الزمر {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَالً رَّجُالً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُالً
سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَالً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} 2ضرب لنا مثل عجيب ،ضرب لنا مثل لعبدين:
.1واحد له شركاء متشاكسون ،كان العرب يشرتي جمموعة رجال عبد واحد ،يعين ساداته عشرة تقريبًا،
وهؤالء العشرة على رأي واحد أم متشاكسون؟ متشاكسون ،يرضي هذا ويغضب هذا ،يرضي هذا
يغضب ذاك!
.2وعبد ثاين لسيد واحد.
مث يسألك ربنا :هل يستويان؟ ماذا ستجيب؟ ال يستويان لذلك بعدها{ :الْحَمْدُ لِلَّهِ} فكأنه يقال لك :أنت
عندما تلقى ربك امللك
عبدا فيه شركاء متشاكسون يف تلك العشية (تلفونات ومكاملات وتذهب هلذا وتكلم هذا
)1إما أنك تكون ً
اعا
اعا أمز ً
وتشاور هذا وتفكر يف كذا )..إما يكون قلبك فيه شركاء متشاكسون أمز ً
)2وإما أنك تكون لواحد ،مللك واحد.
9
القدوس السالم املؤمن املهيمن العزيز الذي ال حاجة له بعبادتنا ،حنن نكون العبيد الفقراء املنكسرين بني يديه ،مث
اعلم أن هذا امللك:
اجلبّار
إذا انكسر قلبك من اجلبّارين جربك وقصمهم! فهو وحده جبّار القلوب ،فكلنا جئنا بآالمنا وأحزاننا ونقائصنا ،ال
جربا لكسرك ،ما جيربك إال اجلبار! ولو اجتمع أهل األرض
جربا لقلبك وال ً
تطرق بابًا غري بابه ،ال تسأل أحد ً
شديدا؟! ليس هنالك ركنًا
كلهم على أن يقصموك ،قصمهم اجلبّار سبحانه وتعاىل ،فماذا تريد؟! أال تريد ركنًا ً
وتردد امسه وتقول{ :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} ألست تقول أنه صمدك
شديدا إال ركن امللك الذي تعرفه ّ
ً
وملجؤك وموالك؟!
ألست تكرر على نفسك أنه وحده ال شريك له أنت أتيت ملبيًا له؟ يعين ال تقول كالم بلسانك وهو غري موجود
جبنانك ،أنت تقول ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ)) مل يأت قليب ألحد غريك.
ال تطوف وأنت تفكر يف فالن وفالن! وال يكن طوافك –خاصة طواف الوداع الذي فيه املشاكل!– تطوف
وأنت تفكر يف الطيارة ويف السيارة ويف اهلدايا يف فالن!! ال ،طف وأنت تدور حول رضاه ،قلبك معلق به ،طواف
اإلفاضة هذا من املفرتض أن يكون خمتلف عن طواف القدوم ،خمتلف عن طواف العمرة؛ ألنك قابلت امللك!
قابلت امللك يف احلل يف عرفة ،فكأنك وقفت خارج باب امللك ،فأنت تقف عند بابه تطلبه يباهي بك وأنت آيت
طاهر القلب
مث ذهبت إىل مىن مكان المىن! فماذا فعلت؟ أرقت الدماء تقربًا إليه سبحانه
مث أذن لك بعد هذا الطهر أن تطوف حول بيته ،أن تسعى طلبًا لرضاه ،فال بد أن يكون طواف اإلفاضة خمتلف
عن طواف القدوم
1اإلخالص 2 ،1 :
" 2صحيح البخاري" (كتاب احلج /باب التلبية.)1221 /
11
يوم العيد الذي هو اليوم العاشر هذا أعظم أيام الدنيا(( ،أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ)) 1نأكل ونشرب لكي نذكر ربنا،
فقربه فسمح له بالقرب ،فلما اقرتب مسح له بأن يأكل ويشرب
عبدا قابل امللك فرضي عنه ّ
نتقوى ،وكأ ّن ً
لكي ّ
ويتهنأ.
انظري ألهل اجلنة -نسأل اهلل العظيم من فضله -يدخلون اجلنة ضحى ،كما أن أهل املوقف يصلون مىن ضحى!
جدا ،ال نصل مىن إال ضحى ،وضحى هذا موعد
يعين أننا لو اتبعنا السنة وبتنا يف مزدلفة ودعونا حىت إذا يسفر ً
دخول أهل اجلنة –نسأل اهلل من فضله -للجنة.
مث إن أهل اجلنة يفعلون هذه الثالث أفعال :يأكلون يشربون يذكرون ،يفعلون هذه األفعال الثالثة ،بل إهنم يلهموا
الذكر كما يلهموا الن فس!
املتكبّر
متكرب عن كل نقص ،فأكيد بعدما قابلت امللك ستكثر من كلمة اهلل أكرب؛ ملا رأيت من آثار كربيائه
كبري عظيمّ ،
سبحانه وتعاىل ،فكان اليوم العاشر يوم التكبري الذي ال ينفض.
ال تشتغلوا عن الذكر ،اعلموا أن احلجاج يقصرون الصالة وال يصلون العيد،كل هذا حىت يشتغلوا مبناسك احلج،
ال تظن أنه ينتهي حجك عندما تنفر من مىن وخترج ،فكثري من املخيمات يقعون يف أخطاء ،تشغل احلجاج عن
العمل العظيم يف اليوم العاشر ،اليوم العاشر هذا يوم عبادة ،يوم ذكر ،كل واشرب ال بأس ،لكن ال يتوقف
لسانك عن تكبريه ،عن تعظيمه ،قد علمت أن امللك هو املتكرب ،املفروض تعود أكثر له ذكًرا ،أكثر له شكًرا،
انكسارا ،ذهبت فقابلت امللك ،وعدت على يقني أن امللك الذي أنت عبد له ما وصفه؟
ً أكثر رقّةً ،أكثر
11
يكربه ،علمت من
مبتكرب آخر اسم ،بقي لسانك ّ
قدوس سالم مؤمن مهيمن عزيز جبار متكرب ،انظري خرجت ّ
أعماال لذاك اليوم.
هو امللك فبقي لسانك يكربه ،اعمل ً
وغدا 1إن شاء اهلل نسأل اهلل أن جيمعنا أمجعني يف جنات النعيم وأن جيعل يوم عرفة على اجلميع
اليوم حنن يف ً ،7
غدا عندما تذهبون إىل مىن ،وعليكم
يوم خري وبركة ،استعد من اآلن اذكرّ ،ليب ،إذا كنتم متمتعني فالتلبية ستكون ً
ييسر
أعماال من أجل أن يكون اجلزاء أن ّ
بالتكبري التكبري ،أما القارن واملفرد فاآلن التلبية ،قم الليل ،سبّح ،امجع ً
ذاكرا! مث
اهلل لك مجع قلبك عشية يوم عرفة ،ال تكن متشتتًا بعد ذلك تريد أن جتد نفسك يوم عرفة باكيًا داعيًا ً
أكثر يف ذلك اليوم من ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)).
أما هذا الذكر فهو ذكر ودعاء ،ما وجه أنه ذكر ودعاء؟ كأنك تقول أنا اآلن بني يدي امللك ،نضرب هذا املثال:
لو قيل لك :ادخل على امللك واطلب منه أعلى رقم تعرفه ،أنت تعرف مليون ،قال لك ماذا تريد؟ قلت له
مليون ،وآخر أفهم منك دخل عليه وقال له أنا سأطلب منك ما يناسب عظمتك ،فأيهما أبلغ يف الطلب؟
الثاين.
فهذا مثل وقوفنا عند باب امللك سبحانه ،واحد يقول ال إله يل أطلبه وال أسأله وال انكسر بني يديه وال أفتقر إال
إليه ،أنا ليس يل غريك يارب ،أعطيين مبا يناسب عظمتك وحكمتك ووصوف كمالك ،هذا يف ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) تقول له أنا أعلم أنه ليس يل إله إال أنت ،وأعلم أنك على
كل شيء قدير ،وأعلم أنك مطلع على ما قام يف قليب ،فأعطين ما يناسبين ،وآخر يوصف له ،يارب بييت وزوجي
وأوالدي !..فرق ،وهذا ال مينع ،اطلب ما شئت ،لكن ال بد أن تعرف الكمال بقاء ماذا؟ قوله(( :خَيْرُ الدُّعَاءِ
دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ،وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي :الَ إِلَهَ إِالَّ اللَّهُ وَحْدَهُ الَ شَرِيكَ لَهُ ،لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ احلَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ )) 1ألن هذا فيه اعرتاف أنه هو وحده الذي يدلك على الصواب ،هو وحده الذي يق ّدر لك اخلري ،هو
وحده الذي يعطيك فيبارك لك ،يعطيك فال يفتنك مبا أعطاك.
12
وأما الطمع فهو الطمع يف مغفرته سبحانه وتعاىل! وأما الطمع فأن حتسن لنا اخلواتيم ،وأما الطمع فهو أن نلقى
النيب صلى اهلل عليه وسلم على احلوض ال ن ّرد عنه ،وأما الطمع يف أن جناوز الصراط وندخل إىل اجلنات ونكون
يف الفردوس األعلى -نسأل اهلل من فضله.-
فاجعل مطامعك عالية ،وامجع الدنيا كلها يف كلمتني {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
وأخريا :اخرت لنفسك من تكون من هؤالء األربعة الذين وصفوا يف سورة البقرة يف أواخر الكالم عن احلج ،وصف
اهلل الناس بأربعة أصناف :
3
{ )1فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}
2
{ )2وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
2
{ )3وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ ألَدُّ الْخِصَامِ }
يعين هذا واحد له صورتان صورة أمام الناس طائع حمب منكسر وهو من الداخل كذاب .
3
)2نأيت اآلن للصورة الكاملة {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}
1
البقرة 211 :
2
احلج 2 :
3
البقرة 211 :
2
البقرة 211 :
2
البقرة 212 :
3
البقرة 217 :
13
لن يكلفك فوق طاقتك فاخرت لنفسك من تكون من هؤالء األربعة يف احلج وبعده ،واعلم أنه ال بأس بأن تطلب
كمل نفسك بإرادة اآلخرة؛ ألن الدنيا كلها غمضة عني ،وأكيد أنك تسمع عن
الدنيا باآلخرة ال بأس ،ولكن ّ
موت الفجأة ،هذا مات حبادث ،هذا مات وهو شاب ،هذا مات وهو عريس ..هذه األخبار ملاذا ال تثقب
القلوب؟! وحنن نعلم أنه مجيعنا طريقنا واحد وإن اختلفت صوره ،وليس معىن ذلك أنك ال تطلب الدنيا ،اطلب
وامجع الدنيا كلها يف كلمة واحدة (آتنا يف الدنيا حسنة) مث أبقي فكرك يف اآلخرة ،ولذلك انظر إىل الثالث
الدعوات {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ثلث ،والباقي {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ,مث رقّي نفسك أن
تكون من {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
14