Professional Documents
Culture Documents
الأدب الصغير والأدب الكبير
الأدب الصغير والأدب الكبير
ومن أخذ كالماً حسناً إن غريه فتكلم به يف موض$$عه وعلى وجه$$ه ،فال ت$رين علي$ه يف
كالم املص$$يبني ،وه$$دي لإلقت$$داء بالص$$احلني، ذلك ضؤولة .فإن من أعني على حف$ِ $ظ ٍ
ووف$ق لألخ ِ$ذ ع ِن احلكم$اء ،وال علي ِ$ه أن ال ي$زداد ،فق$$د بل$غ الغاي$ة ،وليس بناقص ِ$ه يف
رأي$$ه وال غامط$ِ $ه من حق$$ه أن ال يك$$ون ه$$و اس$$تحدث ذل$$ك وس$$بق إلي$$ه .فإمنا إحي$$اء
$ار باحملب $ِ $ة ،واملبالغ $$ة يف الطلب،
$بع :اإليث ُ $
$ال س ٌ $
العق $$ل ال $$ذي يتم ب $$ه وس $$تحكم خص ٌ $
$اد للخ ِ $ري ،وحس $ُ $ن ال $$رعي ،والتعه $$د ملا اخت $$ري واعتق $$د،
التثبت يف االختي $$ا ِر ،واالعتي ُ $
و ُ
ووضع ذلك موضعهُ قوالً وعمالً.
أما احملب$ة فإهنا تبل$غ املرء مبل َ$غ الفض ِ$ل يف ك$ل ش$يء من أمِ $ر ال$دنيا واآلخ$رة حني ي$ؤثر
مبحبته .فال يكون شيءٌ أمرأ وال أحلى عنده منه.
الطلب ،ف$$إن الن$$اس ال يغ$$نيهم حبهم م$$ا حيب$$ون وه$$و أهم م$$ا يه$$وون عن طلب$$ه ُ وأم$$ا
تدرك هلم بغيتهم ونفاستها يف أنفسهم ،دون اجلد والعمل. وابتغائه .وال ُ
ٍ
الطلب ال ينف$ُ $ع إال مع$هُ وب$ه .فكم من ط$الب رش$$د وج$دهُ َ التثبت والتخ$$ريُ ،ف$إن
وأم$$ا ُ
$رب ،وألغى ال $$ذي إلي $$ه س $$عى ،ف $$إذا ك $$ان منهم $$ا ال $$ذي من $$هُ ه َ $
والغي مع $اً ،فاص $$طفى ُ
ني وحسِ $ن يد ،وهو ال يشك يف الظف ِر ،فما أحقه ِ
بشدة التب$ي ِ الطالب حيوي غري ما ير ُ
ُ ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
يطلب من إح $راز الفض$$ل بع$$د $اد الش$$يء بع$$د اس$$تبانته ،فه$$و م$$ا ُ االبتغ$$اء! وأم$$ا اعتقُ $
معرفته.
الدرك .ألن اإلنسان موكل به النسيا ُن والغفلةُ :فال ب$$د ظ والتعهد ،فهو متام ِ وأما احلف ُ
فعل من أن حيفظهُ عليه ذهنهُ ألوان حاجته. قول أو ٍ له ،إذا اجتىب صواب ٍ
ُ
$افع كله$$ا إىل وض ِ $ع األش$$ياء مواض$$عها ،وبن$$ا إىل وأم$$ا البص$ُ $ر باملوض ِ $ع ،فإمنا تص$$ريُ املنُ $
وخفض ولكن مبوضِ $ع ِ ه$$ذا كل$$ه حاج$ةٌ ش$$ديدةٌ .فإن$$ا مل نوض$$ع يف ال$$دنيا موض$َ $ع غ$$ىن
$بت ٍ ٍ
ميسك أرماقنا من املأكل واملشرب ب$$أحوج من$$ا إىل م$$ا يشُ $ فاقة وكد ،ولسنا إىل ما ُ
$ات األدب ال $$ذي ب $$ه تف $$اوت العق $$ول .وليس غ $$ذاء الطع $ِ $ام بأس $$رع يف نب ِ $ عقولن $$ا من ِ
َ ُ ُ
يلتمس ِبه الذي املتاع
ِ العقل .ولسنا بالكد يف ِ
طلب نبات ِ األبد يف ِ اجلسد من غداء ٍ ِ
ُ
$الح ال$$دي ِن $ص طلب العل ِم ال$$ذي يلتمس بِ $
$ه دف$ُ $ع الض$$رِر والغلب$ةُ ب$$أحق من$$ا بالك$$د يف ِ
ُ ُ
والدنيا.
ما وضع يف هذا الكتاب
$وظ حروف$اً فيه$$ا ع$$و ٌن على عم$$ارِة $اس احملفِ $
$عت يف ه$$ذا الكت$$اب من كالم النِ $ وق$$د وضُ $
القلوب وص$$قاهلا وجتلي ِ$ة أبص$ارها ،وإحي$$اءٌ للتفكِ $ري وإقام$ةٌ للت$$دبري ،ودلي ٌ$ل على حمام ِ$د ِ
األخالق إن شاء اهللُ! ِ ِ
ومكارم األمور
انظر أين تضع نفسك
الفاعلني.
َ أكثر من
أكثر من العارفني ،والعارفون ُ الواصفون ُ
فلينظ$ُ $ر ام$$رؤ أين يض$ُ $ع نفس$$ه .ف$$إن لك$$ل ام$$رئ مل ت$$دخل علي$$ه آف $ةً نص$$يباً من اللب
$يب من اللب يعيش ب $$ $ه ،ال حُي ب أن ل $$ $هُ ب $$ $ه من ال $$ $دنيا مثن$ $ $اً .وليس ك $$ $ل ذي نص ٍ $ $
ُ
$ف بص $$فاهتم .فمن رام أن جيع $$ل $اب ،وال يوص ُ $$توجب أن يس $$مى يف ذوي األلب ِ $ مبس ٍ $
$ف أهالً ،فليأخ$$ذ ل$$ه عت$$ادهُ وليع$$د ل$$ه ط$$ول أيام$$ه ،ولي$$ؤثره نفس$$هُ ل$$ذلك االس$$م والوصِ $
$درك ب$العجزٍة ،وال $لح على الغفل$ة ،وال ي ُ ِ
على أهوائ$ه .فإن$هُ ق$$د رام أم$راً جس$يماً ال يص ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
يص$$ريُ على األث$$رِة .وليس كس$$ائ ِر أم$$وِر ال$$دنيا وس$$لطاهنا وماهلا وزينته$$ا ال$$يت ق$$د يُ $
$درك
احلازم.
العاجز ما خيطئ ُ ُ ويصيب منها
ُ الثابر،
يفوت ُ منها املتواين ما ُ
مجاع الصواب ومجاع اخلطأ
العاقل أموراً إذا ضيعها حكم عليه عقلهُ مبقارنة اجلهار. وليعلم أن على ِ
احلب ملا يواف$ُ $ $ $ق و ِ
البغض ملا فعلى العاق$ِ $ $ $ل أن يعلم أن الن$$ $ $اس مش$$ $ $رتكو َن مس$$ $ $تون يف ُ
$اس ،مث اختلف $وا بع $$دها يف ثالث ي $$ؤذي ،وأن ه $$ذه منزل$ $ةٌ اتف $$ق عليه $$ا احلمقى األكي ُ $
$رقت العلم$$اءُ واجله$$ال ،واحلزم$ةُاب ومجاع اخلط$$أ ،وعن$$دهن تفِ $ $ال هن مجاعُ الص$و ِ خصٍ $
ُ
والعجزةُ.
الباب األول من ذلك
$الطلب ،إن ك$$ان مماأن العاق$$ل ينظ$$ر فيم$$ا يؤذي$$ه وفيم$$ا يس$$رهُ ،فيعلم أ ّن أح$$ق ذل$$ك بِ $
ُ
أدوم$$هُ وأبق$$اهُ ،ف$$إذا ه$$و ق$$د أبص$$ر
حيب ،وأحق$$هُ باالتق$$اء ،إن ك$$ان مما يك$$رهُ ،أطوال$$هُ و ُ
املروءة على ل$$ذة اهلوى ،وفض$ل ال$رأي اجلام ِع فضل اآلخ$$رِة على ال$$دنيا ،وفض$$ل س$روِر ِ
جيد علي$$ه موافق$اً وإن ظن أن$$هُ جينب عن املض$$ي على ال $رأي ال$$ذي ال ُ وعلى العاق$ِ $ل أن َ
ني.على اليق ِ
$ويف وعلى العاق $ِ $ل أن يع $$رف أن ال$ $رأي واهلوى متعادي $$ان ،وأن من ش ِ $
$أن الن ِ $
$اس تس َ $
فيخالف ذلك ويلتمس أن ال ي$زال ه$واهُ مس$$وفاً ورأي$$ه مس$$عفاً َ وإسعاف اهلوى،
َ الرأي
ِ
اب أن ينظر أهوامها عندهُ، وعلى العاقل إذا اشتبه عليه أمران فلم يد ِر يف أيهما الصو ُ
فيحذرهُ.
علم نفسك قبل تعليم غريك
$اس إمام $اً يف ال $$دي ِن ،فعلي $$ه أن يب $$دأ بتعليم نفس $$ه وتقوميه $$ا يف $ب نفس $$هُ للن ِ $ومن نص َ $
$دان ،فيكن تعليم $$هُ بس$ $ريته أبل $َ $غ من تعليم $$ه الس $$رية والطعم $ِ $ة وال$ $رأي واللف $$ظ واألخ ِ $
$ذلك عم$ُ $ $ل احلكم$ِ $ $ة يُ $ $
$روق األمساع ،فكَ $ $
َ $انه .فإن$$ $ه كم$$ $ا أن كالم احلكم$ِ $ $ة يون$ُ $ $قبلسِ $ $
$يل من معل ِم الن ِ $
$اس ِ
$اإلجالل والتفض ِ $ ومعلم نفس $$ه ومؤدهبا أح $$ق ب $ $وبُ . العي $$و َن والقل َ $
ومؤدهبم.
أعمدة السلطان
$ال هي أعم$دةُ الس ِ $اس بالء عظيم .وعلى ال$وايل أرب$ع خص ٍ
$لطان وأركان$هُ ال$يت ُ والي$ةُ الن ِ ٌ ٌ
$ديد،
$دم ،والتعه$$د الشُ $ $اد يف التخ ِ $ري ،واملبالغ $ةُ يف التقِ $ يثبت :االجتهُ $
$وم وعليه$$ا ُ هبا يقُ $
واجلزاءُ العتيد.
$ام األمِ $ر ووض$ُ $ع مؤون ِ$ة البعي$$د املنتشِ $ر .فإن$هُ عس$$ى ِ
فأما التخريُ للعمال والوزراء فإنهُ نظُ $
$ريه رجالً واح$$ $داً ق$ٍ $ $د اخت$$ $ار ألف $ $اً .ألن$$ $ه من ك$$ $ان من العمِ $ $
$ال خي$$ $اراً أن يك$$ $و َن بتخِ $ $
ُ ُ
$ال عُمال$ِ $ه يبلغ$$و َن ع$$دداً كث $رياً ،فمن$ال العام$ِ $ل وعمَ $ $ري .ولع$$ل عُمَ $
$يختار كم$$ا اختَ $
فسُ $
$بب وثي$ٍ $ق ،ومن أس$$س أم$$ره على غ ِ $ري ذل$$ك مل ِ
جيد لبنائ$$ه ت$$بني التخ$$ري فق$$د أخ$$ذ بسٍ $
ُ َ
قواماً.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$وه األم$$ $وِر لب أو ذي أمان$ٍ $ $ة يعُ $ $
$رف وجَ $ $ وأم$$ $ا التق$$ $دمي والتوكي$ُ $ $د ،فإن$$ $هُ ليس ك$$ $ل ذي ٍ
$ال .ول$$و ك$$ا َن ب$$ذلك عارف$اً ،مل يكن ص$$احبهُ حقيق$اً أن يك$$ل ذل$$ك إىل علم$ِ $ه واألعمِ $
االحتجاج عليه ِبه.
ِ ِ
وتبيينه لهُ و توقيفه ِ
عليه دو َن ِ
ذلك كان مسيعاً بصرياً ،وإن العامل إذا فعل ذل$$ك ب$$ه فعل َ التعهد ،فإن الوايل إذا َ ُ وأما
كان متحصناً حريزاً.
تشبيت احملس ِن والراحةُ من املسيء. ُ وأما اجلزاء فإنهُ
مباذا يُستطاع السلطان
ِ
النصيحة ،وال ِ
باملودة و ينفع الوزراء إال ِ
ال يُستطاعُ السلطا ُن إال بالوزراء واألعوان ،وال ُ
املودةُ إال مع الرأي والعفاف.
ٍ ِ
$ال احملم$$ودةُ عن$د أح$د ،وإمنا الوج$هُ $تجمع اخلص ُ
وقليل م$ا تسُ $أعمال السلطان كثريةٌٌ ، و ُ
يف ذلك والسبيل الذي به يستقيم العلم أن يكون ص$$احب السِ $
$لطان عاملاً ب$$أموِر من ُ ُ ُ
$وب .ف$$إذا يري$ُ $د االس$$تعانةَ ب$$ه وم$$ا عن$$د ك$$ل رج$ٍ $ل من ال $رأي والغن$$اء ،وم$$ا في$$ه من العيِ $
ِ
$أمتن وج$هَ لك$$ل عم$ٍ $ل من ق$$د ع$رف أن عن$$دهُ استقر ذلك عنده عن علمه وعلم من ي ُ
يوب ال يضر بذلك، فيه ،وأن ما فيه من الع ِ األمانة ما حيتاج إليه ِ
النجدة و ِ من الرأي و ِ
ُ ُ
$أمن ٍ
حيتاج فيه إىل م$روءة ،إن ك$انت عن$دهُ ،ال ي ُ ظ من أن يوجه أحداً وجهاً ال ُ ويتحف ُ
عيوبهُ وما يكرهُ منه.
$ك ،تعاه$ُ $ $د عم$$ $اهلم وتفق$$ $د أم$$ $ورهم ،ح$$ $ىت ال خيفى عليهم $وك ،بع$$ $د ذلَ $ $مث على امللِ $ $
إحسا ُن حمس ٍن وال إساءةُ مسيء.
$ك ،أن ال ي$رتكوا حمس$$ناً بغِ $ري ج$ز ٍاء وال يق$$روا مس$يئاً وال ع$اجزاً على مث عليهم ،بع$$د ذل َ
اإلساءة والعجِ $ز .ف$إهنم إن ترك$وا ذل$ك ،هتاو َن احملس ُ$ن ،واج$رتأ املس$يءُ ،وفس$د األم ُ$ر، ِ
العمل.
وضاع ُ َ
الدنيا ُدول
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ار الس$عي إبق$اءٌ للجم ِ$ام ،ويف بع$د اهلم ِ$ة يك$ون النص$$ب ،ومن س$أل ف$وق قدرت ِ$ه اقتص ُ
محل الفاق ِ$ة أن محل الغ$ىن أن يك$و َن عن$د الف$رِح مرح$اً ،وس$وءُ ِ استحق احلرم$ا َن ،وس$وءُ ِ
ِ ِ
$ار الفق$$ر أه$$و ُن من ع$$ار الغ$$ىن ،واحلاج$ةُ م$$ع احملب$$ة خ$$ريٌ يك$$ون عن$$د الطلب ش$$رهاً ،وعُ $
ِ
البغضة. من الغىن مع
وتك. ضعفك ،وما كان عليك مل تدفعهُ ب ُق َ َ أتاك على
دول ،فما كان لك منها َ الدنيا ٌ
املثل أوضح للمنطق
أبيس يف املع$$ $ىن وآن$$ $ق للس$$ $م ِع ِ
الكالم مثالً ،ك$$ $ان ذل$$ $ك أوض$َ $ $ح للمنط$$ $ق و َ ُ إذا جع$$ $ل
ِ
احلديث. ِ
لشعوب أوسع
و َ
ال مال أفضل من العقل
العقل ،وال أفضل من ِ مال وال ، اللجوج
ِ ة
ُ وحد ِ
الوحدة د
ّ أش و ، ِ
العقل عدم أشد ِ
الفاقة
ُ ُ
آنس من االستشارِة. أنيس ُ
كن ستوراً
املذنب س$تُوراً
ُ $تعتب
$اس أن يك$و َن إذا اس َ $الح الص$ا ِحل وحس ُ$ن نظ$رِه للن ِ مما يعتربُ به ص ُ
ال يش$$ $ $يع وال ي$$ $ $ذيع ،وإذا استش$$ $ $ري مسحاً بالنصِ $ $ $
$يحة جُم ته$$ $ $داً لل $ $ $رأي ،وإذا استش$َ $ $ $ار َ ُ ُ
للحق. ا معرتف مطروحا للحياء منفذا ِ
للحزم
ّ ً ً ً
احلارس واحملروس
فاحلارس
ُ $ارس ومن $$هُ حمروس،
القس $$م ال $$ذي يقس $ُ $م للن $$اس وميتع $$و َن ب$$ه حنوان :فمن $$هُ ح ٌ $
$ؤنس الغرب$ $ةَ، $ يو احلظ، حيرز $ذي $ ل ا $و$ ه ، املال ،والعق $$ل ،ب $$إذن ِ
اهلل $وس ُ
ُ ُ ُ العق $ُ $ل ،واملرح ُ $
ويطيب الثم$$رَة ،ويوج$$هُ الس$$وقةَ عن$$د ُ $رف النك$$رة ،ويثم$ُ $ر املس$$بكبة، وينفي الفاق $ةَ ،ويعُ $
الصديق ،ويكفي العدو. ويكسب ِ
السوقة، ِ
للسلطان نصيحةَ ويستنزل
ُ ِ
السلطان،
َ ُ
األدب العظيم
عظيم ،ومقارف $ةُ املأمث ،وإن ك $$ان حمتق $راً ،مص $$يبةٌ كالم الل ِ $
أدب ٌ $بيب ،وإن ك $$ان ن $$زراًٌ ، ُ
حسن. ِ
جليلةٌ .ولقاءُ اإلخوان ،وإن كان يسرياً ،غنم ٌ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
أجناس الناس
$اس كث $$ريٌ ،أم$$ا الص$$احلُ فم$$دعو ،وأم$$ا $اس من النِ $ ِ ِ
ق$$د يس$$عى إىل أب $واب الس$$لطان أجنٌ $
فمختلس ،وأم $$ $ا أدب ل $$ $هُ ِ
ٌ $الب ،وأم $$ $ا من ال َالص $$ $احلُ فمقتحم ،وأم $$ $ا ذو األدب فط ٌ $ $
$دافع ،وأم $$ $ا الض $$ $عيف فم $$ $دفوعٌ ،وأم $$ $ا احلس $ُ $ $ن مس $$ $تثيب ،وأم $$ $ا املس $$ $يء فمٌ $ $الق $$ $وي ُ
يف والوضي ِع. اجلاهل ،والشر ِ
جممع الرب والفاجر ،والعا ِمل و ِ فمستجري .فهو ُ
$اغ ،وس$$ $امعهم $اس ،إال قليالً ممن عص$$ $م اهللُ ،م$$ $دخولو َن يف أم$$ $ورهم :فق$$ $ائلهم بٍ $ $ النُ $ $
هم غ$$ $ريُ حمق$ٍ $ $ق لقول$ِ $ $ه بالفع$ِ $ $ل،
$ف ،وواعظُ ُ متعنت ،وجميبهم متكلٌ $ $ ٌ $اب ،وس$$ $ائلهم عيٌ $ $
األمني منهم غ $$ $ريُ متحف $ٍ $ $ظ من إتي $$ $ان ِ
وموع $$ $وظهم غ $$ $ري س $$ $لي ٍم من االس $$ $تخفاف ،و ُ
الكذبة ،وذو ال$$دي ِن غ$$ريُ مت$$ورٍع عن تفري$ِ $ط ِ حمرتس من حديث الصدوق غريُ ٍ ُ اخليانة ،و
تارك لتوق ِع الدوائ ِر.الفجرِة ،واحلازم منهم غري ٍ
ُ ُ
يتناقضون األنباء ،وي$رتاقبون ال$$دول ،ويتع$$ايبو َن ب$$اهلمز ،مولع$$و َن يف الرخ$$اء بالتحاس$ِ $د، ُ
ِ
الشدة بالتخاذُ ِل. ويف
ال تغرت بالدنيا
$ال أعم$اهلم $بحت األعم ُ $تزعت ال$دنيا مم ِن اس$تمكن منه$ا واعتكفت ل$ه فأص ِ كم قد ان ِ
ُ َ
والدنيا دنيا غريهم ،وأخذ متاعهم من مل حيمدهم ،وخرجوا إىل من ال يع ُذ ُرُهم.
فنحن إذا ت $$دبرنا أم $$ورهم، $زل هبمُ ، فأص $$بحنا خلف $اً من بع $$دهم ،نتوق $ُ $ع مث $$ل ال $$ذي ن َ $
خناف عليهم منه فنجتنبهُ. أحقاءُ أن ننظر ما نغبطهم به فنتبعهُ وما ُ
كيف تطلع السلطان على عورتك
$أمر بالش$$ $يء ويبتلي بثقل$ِ $ $ه وهنى عن الش$$ $يء ويبتلي $ال إ ّن اهلل تع$$ $اىل ق$$ $د يُ $ $
ك$$ $ان يُقُ $ $
بشهوته.
$رتك من الش$$ر إال م$$ا كرهت$$هُ ،فق$$د كنت ال تعم$ُ $ل من اخلري إال م$$ا اش$$تهيتهُ ،وال تُ $ ف$$إذا َ
أطلعت الش$$يطان على عورت$$ك ،وأمكنت$$هُ من رمت$$ك ،فأوش$$ك أن يقتحم علي$$ك فيم$$ا َ
$ك
$ك وفيم$$ا تك$$رهُ من الش$$ر فيحبب$$هُ إلي$$ك .ولكن ينبغي لَ $ حُت ب من اخلري فيكره$$هُ إليَ $
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك يف كراه$ِ $ة م$$ا $تثقل من$$ه ،وينبغي لَ $
يف حب م$$ا حُت ب من اخلري التحام$ُ $ل على م$$ا سُ $
التجنب ملا حيب منهُ.
ُ تكرهُ من الشر
زخرف الدنيا
احلكيم من يغضي عنهُ ومل يشغل األلباب .و ُ ُ يغلب اجلوار َح ،ما مل تغلبهُ
زخرف ُ ٌ الدنيا
$رب ك$درهُ ليحل$$و فأكل م$رهُ وش َ اطلع من أدناهُ فيما وراءهُ ،وذكر لو َ ِ
احق شره َ به قلبهَُ :
$ائف للرش$ِ $د إن مل يل ل$$هُ ويص$$فو يف طلٍ $و من إقام$ِ $ة العيش ال$$ذي يبقى وي$$دوم ،غ$$ري عٍ $
ُ َ
يلقه برضاه ،ومل ِ
يأته من طر ٍيق هواهُ. ُ ُ
القيام على الثقة
تألف املستوخم ،وال تُِقم على غ ِري ِ
الثقة. ال ِ
ْ
شكر اهلل على نعمه والعمل بطاعته
ق$$د بل$$غ فض$$ل اهلل على الن$$اس من الس$$عة وبلغت نعمت$$هُ عليهم من الس$$بوغ م$$ا ل$$و أن
أخسهم حظاً وأقلهم منهُ نصيباً وأضعفهم علم$اً وأعج$$زهم عمالً وأعي$$اهم لس$$اناً بل$$غ
من الش$$كر ل$$ه والثن$$اء علي$$ه مبا خلص إلي$$ه من فض$$له ،ووص$$ل إلي$$ه من نعمت$$ه ،م$$ا بل$$غ
لهُ منه أعظمهم حظاً وأوفرهم نصيباً وأفضلهم علماً وأقواهلم عمالً وأبس$$طهم لس$$اناً،
غاية الشكر بعيداً.بلوغ ِ لكان عما استوجب اهلل عليه مقصراً وعن ِ
ومن أخ$$ذ حبظ$$ه من ش$$كر اهلل ومحده ومعرف$$ة نعم$ِ $ه والثن$$اء علي$$ه والتحمي$$د ل$$هُ ،فق$$د
اس$توجب ب$$ذلك من أدائ$ه إىل اهلل القرب$ة عن$$دهُ والوس$يلة إلي$ه واملزي$د فيم$$ا ش$كرهُ علي$ه
اب اآلخرة. من خري الدنيا ،وحسن ثو ِ
$الح ذي الص $$الح أن يستص $$لح مبا أويت من أفض $ُ $ل م $$ا يعلم ب $$ه علم ذي العلم وص ُ $
ذل $$ك م $$ا اس $$تطاع من الن $$اس وي $$رغبهم فيم $$ا رغب في $$ه لنفس $$ه من حب اهلل ،وحب
ِ
$بني ال$$ذي هلم حكمت$$ه ،والعم$$ل بطاعت$$ه ،والرج$$اء لس$$ح ِن ثواب$$ه يف املع$$اد إلي$$ه ،وأن يَ $
من األخ $$ذ ب $$ذلك وال $$ذي عليهم يف ترك $$ه ،و أن ي $$ورث ذل $$ك أهل $$هُ ومعارف $$هُ ليلحق $$هُ
أجره من بعد ِ
املوت. ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
الدين أفضل املواهب
أمحدها يف اهب ال$$يت وص$$لت من اهلل إىل خلق$ِ $ه ،وأعظمه$$ا منفع $ةً ،و ُ ال$$دين أفض$$ل املو ِ
ُ
ك $$ل حكم $ٍ $ة ،فق $$د بل $$غ فض $$ل ال $$دين واحلكم $$ة أن م $$دحا على ألس $ِ $نة اجله $$ال على
وعماهم عنهما. ُ جهالتهم هبما
أحق الناس
أح$$ $ق النِ $ $
$اس بالس$$ $لطان أه$$ $ل املعرف$$ $ة ،وأحقهم بالت$$ $دبري العُلم$$ $اءُ ،وأحقهم بالفض$$ $ل
أع$$ودهم على الن$$اس بفض$$له ،وأحقهم ب$$العل ِم أحس$$نهم تأديب $اً ،وأحقهم ب$$الغىن أه$$ل
اجلود ،وأقرهبم إىل اهلل أنفذهم يف احلق علم$اً وأكملهم ب$$ه عمالً ،وأحكمهم أبع$$دهم
من الش$$ك يف اهلل ،وأص$$وهبم رج$$اءً أوثقهم باهلل ،وأش$$دهم انتفاع$اً بعلم$$ه أبع$$دهم من
$اس أفش $$اهم معروف $اً ،وأق $واهم أحس $$نهم معون $ةً ،وأش $$جعهم األذى ،وأرض $$اهم يف الن ِ $
أش $$دهم على الش $$يطان ،وأفلحهم حبج $ٍ $ة أغلبهم للش $$هوة و ِ
احلرص ،وآخ $$ذهم ب $$الرأي
أت $$ركهم لله $$وى ،وأحقهم ب $$املودة أش $$دهم لنفس $ِ $ه حب$ $اً ،وأج $$ودهم أص $$وهبم بالعطي $$ة
موض$$ $عاً ،وأط$ $وهلم راح$ $ةً أحس$$ $نهم لألم$$ $وِر احتم $$االً ،وأقلهم دهش $ $اً أرحبهم ذراع$ $اً،
وأوس $$عهم غ $$ىن أقنعهم مبا أبع $$دهم من اإلف$ $راط ،وأظه $$رهم مجاالً أظه $$رهم حص $$افة،
وآمنهم يف الناس أكلهم ناباً وخلب$اً ،وأثبتهم ش$$هاد ًة عليهم أنطقهم عنهم ،وأع$$د هلم
فيهم أدومهم مساملةً هلم ،وأحقهم بالنع ِم أشكرهم ملا أويت منها.
العُجب آفة العقل
النافع واإلخوا ُن الصاحلون.
األدب ُ احلسن و ُ ُ ورث اآلباءُ األبناء ،الثناءُ
أفضل ما يُ ُ ُ
فص$$ل م$$ا بني ال$$دي ِن وال$رأي ،أن ال$$دين يس$$لم باإلميان ،وأن ال$رأي يش$$بت باخلصِ $
$ومة، ُ ُ
فمن جع$$ل ال$$دين خص$$ومةً ،فق$$د جع$$ل ال$$دين رأي$اً ،ومن جع$$ل ال$رأي دين$اً فق$$د ص$$ار
الدين فال دين لهُ. ِ
شارعاً ،ومن كان هو يشرعُ لنفسه َ
الدين والرأي يف أماكن ،لوال تشاهبهما مل حيتاجا إىل الفصل. قد يشتبهُ ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$اد ِ
احلرص ،واملراءُ فس ُ $ $ $اح
$ود اهلوى ،والبُخ $$ $ل لقُ $ $ العُجب آف$ $ $ةُ العق $$ $ل ،واللجاج$ $ $ةُ قُع ُ $ $
ِ
العداوة. أخت ِ سبب ِ ِ
األنف تو ُأم السفه ،واملنافسة ُ اجلهل ،و ُ اللسان ،واحلميةُ ُ
حكمتان
تظفر. إذا مهمت خب ٍري فبادر هو َاك ،ال يغلبك ،وإذا َ ٍ
مهمت بشر فسوف هواك لعلك ُ
الغنم. ِ ِ
فإن ما مضى من األيام والساعات على ذلك هو ُ
أيت
أيت من رأي$ه ص$واباً واالص$$طفاء ملا ر َ صغر شأن ام$$رئ من اجتن$$اء م$ا ر َ ال مينعنك ُ
من أخالقه كرمياً ،فإ ّن اللؤلؤة الفائقة ال هتا ُن هلو ِان غائصها الذي استخرجها.
العلم زين لصاحبه
الرجل ا لذي يتوجهُ فيه من العل ِم التوفيق يف التعل ِم أن يكون وجه ِ التوفق و ِ اب ِ من أبو ِ
$ذهب عن$$اؤهُ يف غ$$ري
$ول .فال يُ $ واألدب فيم$$ا يواف$ُ $ق طاع$ةً ويك$$و َن ل$$ه عن$$دهُ حمم$ٌ $ل وقبٌ $
يسنجع فيه ،وال يك$$ون درك ،وال يستفرغُ نصيبهُ فيما ال غناء ،وال تفىن أيامه يف غري ٍ ٍ
ُ ُ
كرج $ٍ $ل أر َاد أن يعم $$ر أرض$ $اً هتم$ $ةً فغرس $$ها ج $$وزاً ول $$وزاً ،وأرض$ $اً جلس$ $اً فغرس $$ها خنالً
وموزاً.
لصاحبه يف الرخاء ،ومنجاةٌ لهُ يف الشدة. ِ ين
العلم ز ٌ
األحالم.
ُ تستحكم
ُ القلوب ،وبالعل ِم
ُ تعمر
باألدب ُ
العقل الذايت
اب. كاألرض ٍ
الطيبة غري اخلر ِ ِ العقل الذايت غري الصني ِع،
الدليل على معرفة اهلل
بالغيب لكل ظاه ٍر من الدنيا ،صغ ٍري ِ معرفة اهلل وسبب اإلميان أن يوكل مما يدل على ِ
أو كب ٍ $ري ،عين $اً ،فه $$و يُص $$رفهُ وحيرك $$هُ .فمن ك $$ان معت $رباً باجللي $$ل من ذل $$ك فلينظ $$ر إىل
$دبر أمره$$ا ،ومن اعت$$رب بالص$$غري ،فلينظ$$ر $يعلم أن هلا رب $اً جيري فلكه$$ا ،ويُُ $ الس$$ماء فسُ $
$در هلا أقواثه $$ا من األرض إىل حب $ِ $ة ِ
$يعرف أن هلا م $$دبراً ينبته $$ا ويزكيه $$ا ويق ُ $ اخلردل فس ُ $
حيدث يف ِ
األحالم وم$$ $ا ُ واملاء ،ي$$ $وقت هلا زم$$ $ا َن نباهتا وزم$$ $ا َن هتش$$ $مها ،وأم$$ $ر النبِ $ $
$وة و ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
حيث ال يعلم $$ $و َن ،مث يظه $$ $ر منهم ب ِ $ $
$القول والفع $ِ $ $ل ،مث اجتم ِ $ $
$اع $اس من ُ أنفس الن ٍ $ $
ِ
ُ
$اع من ش$$ك يف $ال واملهت$$دين والض$$الل على ذك$$ر اهلل وتعظيم$$ه ،واجتمِ $ العلم$$اء واجلهِ $
اهلل وكذب ِبه على اإلقرا ِر بأهنم أنشئوا حديثاً ،ومعرفتهم أهنم مل حيدثوا أنفسهم. ِ
يد ذلك األمور ،مع ما يز ُويدل على الذي كانت منهُ هذه ُ فكل ذلك يهدي إىل اهلل ُ
ِ
بالباطل. يقدر أح ٌد على أن يوقن أنه حق كبريٌ وال ُ يقيناً عند املؤمنني بأ ّن اهلل ٌ
حق السلطان املقسط
$لح خباص $ٍ $ة وال عام $ٍ $ة أم $ٌ $ر إال بإرادت $ِ $ه ،ف $$ذو اللُّب ِ ِ
إن للس $$لطان امل ُقس $$ط حق$ $اً ال يص ُ $
ين س $$ريهتم، هلم النص $$يحة ،ويب $$ذل هلم الطاع $$ة ،ويكتُم س $ّ $رهم ،وي $ز َ حقي $ٌ $ق أن خيُلص ُ
$ار ِ
$ذب بلس$$انه وي$$ده عنهم ،ويت$$وخى مرض$$اهتم ،ويك$$ون من أم$$ره املؤات$$اهُ هلم واإليثُ $ ويُّ $
$در األم$$ور على م $وافقتهم وإن ك$$ان ذل$$ك ل$$ه $ ق وي ، أله $وائهم ورأيهم على ه $واه ورأيِ $
$ه
َ ُ
خمالف $اً ،وأن يك$$ون من$$هُ اجلد يف املخالف$$ة ملن ج$$انبهم وجه$$ل حقهم ،وال يواص$$ل من
$اس إال من ال تُباع$$د مواص$$لتهُ إي$$اهُ منهم ،وال حتمل$$هُ ع$$داوةُ أح$ٍ $د ل$$هُ وال إض$ر ٌار ب$$ه النِ $
$طغان عليهم ،وال مؤات $$ $اهُ أح $ٍ $ $د على االس $$ $تخفاف بش $$ $يء من أم $$ $ورهم على االض ِ $ $
واالنتق$$ $اص لش$$ $يء من حقهم ،وال يكتُمهم ش$$ $يئاً من نص$$ $يحتهم ،وال يتش$$ $اقل عن
ش$$ $يء من ط$$ $اعتهم ،وال يكتمهم ش$$ $يئاً من نص$$ $يحتهم ،وال يتثاق$َ $ $ل عن ش$$ $يء من
ط $$اعتهم ،وال يبط $$ر إذا أكرم $$وهُ ،وال جيرتئ عليهم إذا قرب $$وه ،وال يطغى إذا س $$لطوهُ،
عليهم املؤون$$ة ،وال يستش$$قل م$$ا محل$$وهُ ،وال يع$$تز ُ وال يلح$$ف إذا س$$أهلم ،وال ي$$دخل
$اب
عليهم إذا رض$وا عن$$هُ ،وال يتغ$$ري هلم إذا س$$خطوا علي$$ه ،وأن حيم$$دهم على م$$ا أصَ $
$در أح ٌ $د على أن يُص $$يبهُ خب ٍري إال ب ِ $
$دفاع اهلل من خ $ري منهم أو من غ $$ريهم فإن $$هُ ال يق ُ $
ٍ
عنهُ هبم.
الدليل على علم العامل
$درك من األم$$وِر وإمس$$اكه عم$$ا ال يُ $
$درك وتزيين$$هُ $دل على عل ِم الع$$ا ِمل معرفت$$هُ م$$ا يُ $ مما يُ $
علمه ِ نفسه باملكارم ،وظهور ِ
عجب ،ومعرفت$$هُ ٌ للناس من غ$$ري أن يظه$$ر من$$هُ فخ$ٌ$ر وال ُ ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$اس ،وأخ ُ $ذهُ بالقس$ِ $ط ،وإرش$$ادهُ املسرتش$$د ،وحس$$ن زمان$$هُ ال$$ذي ه$$و في$$ه ،وبص$$رهُ بالنِ $
$انه ،وحتري$ه الع$$دل يف ك$$ل أمٍ $ر ،ورحب ذرع$$ه خمالقت$ِ $ه خلط$$اءه ،وتس$$ويته بني قلب$ِ $ه ولسِ $
ُ ُ ُ
ِ
تبصريه. وحسن باحلجج فيما عمل،
ُ ِ فيما نابهُ ،واحتجاجهُ
علم اآلخرة
$رف ب$$ه ذل$$ك ،ومن أرداد أن من أراد أن يبصر شيئاً من عل ِم اآلخرة ،فالعلم ال$$ذي يعُ $
يبصر شيئاً من أمر الدنيا فباألشياء اليت هي تدل عليه.
ماذا جيب على املرء
ليك ِن املرء س $$ؤوالً ،وليكن فص $$والً بني احلق والباط $$ل ،وليكن ص $$دوقاً لي $$ؤمن على م $$ا
ق$$ $ال ،وليكن ذا عه$$ $د لي$$ $وىف ل$$ $هُ بعه$$ $ده ،وليكن ش$$ $كوراً ليس$$ $توجب الزي$$ $ادة ،وليكن
جواداً ليكون للخري أهالً ،وليكن رحيماً باملضرورين لئال يبتلى بالض$$ر ،وليكن ودوداً
لئال يك $$ون مع $$دناً ألخالق الش $$يطان ،وليكن متواض $$عاً ليف $$رح ل $$هُ ب $$اخلري وال حُي س $$د
$اس ب$$اخل ِري لئال يؤذي$ه احلس$ُ $د ،وليكن عليه ،وليكن قنعاً لتق$$ر عين$ه مبا أويت ،وليس$$ر للنِ $
ح$$ذراً لئال تط$$ول خمافت$$هُ ،وال يك$$ونن حق$$وداً لئال يض$ّ$ر بنفس$ِ $ه إض$راراً باقي$اً ،وليكن ذا
حياء لئال يس$تذم إىل العُلم$اء .ف$إن خماف$ة الع$ا ِمل مذم$ة العُلم$اء أش$د من خمافت$ه عُقوب$ة
السلطان.
نصائح سنية
$رك العل ِم ،وروح$$ه وجس$$ده اجله$$ل ،ومعدن$ه يف أه$ل احلق$ِ $د والقس ِ
$اوة، حياةُ الش$$يطان ت ُ
ُ ُ ُ ُ
ِ
الذنوب. املصارمة ،ورجاؤهُ يف اإلصرار على ِ الغضب ،وعيشهُ يف ِ ومثواهُ يف أهل
وق$$ال :ال ينبغي للم$$رء أن يعتم$$د بعلم$$ه ورأي$$ه م$$ا مل ي$$ذاكرهُ ذوو األلب$$اب ومل جيامعوه
علم األشياء ِ
بالعقل الفرد. يستكمل ُ
ُ عليه .فإنهُ ال
بنفسك ،فال تأيت إليهم إال ما ترضى أن يؤتى إليك. َ أعدل السري أن تقيس الناس ُ
وأنف ُ$ع العق ِ$ل أن حتس َ$ن املعيش$ة فيم$ا أوتيت من خٍ $ري ،وأن ال تك$رتث من الش$ر مبا مل
يصبك.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
تعلم. ِ
تعلم مبا ال ُ ومن العلم أن تعلم أنك ال ُ
ومعاده تقديراً ال يفسد ِ العقول عقالً من أحسن تقدير أم ِر معاشه ومن أحس ِن ذوي ِ
نفاد اآلخر ،فإن أعياهُ ذلك رفض األدىن وأثر عليه األعظم. عليه واحداً منهما ُ
$ؤمن بش $$يء وال املؤمن بش $$يء من األش $$ياء ،وإن ك $$ان س $$حراً ،خ $$ريٌ ممن ال ي ُ $ وق $$الُ :
يرجو معاداً.
الذنوب أحداً إىل ِ
اجلنة. ِ ال تؤدي التوبةُ أحداً إىل النار ،وال اإلصر ُار على
اجلود يف العس$$رِة ،والعف$$و عن$$د $ب ،و ُ $دق يف الغضِ $$ال :الصُ $ من أفض$$ل ال$$رب ثالث خصٍ $
القدرِة.
رأس الذنوب
$ذب :ه $$و يؤس ُس$ $ها وه $$و يتفق $$دها ويثبته $$ا .ويتل $$و ُن ثالث $$ة أل$ $و ٍان: ِ
أس ال $$ذنوب الك ُ $ رُ
ين ل $$ $هُ من ِ ِ ِ ِ
باألمني $$ $ة ،واجلح $$ $ود ،واجلدل ،يب $$ $دو لص $$ $احبه باألمني $$ $ة الكاذب $$ $ة فيم $$ $ا ي$ $ $ز ُ
ِ
$اجلحود ات فيش$$ $جعهُ عليه$$ $ا ب$$ $أن ذل$$ $ك س$$ $يخفى .ف$$ $إذا ظه$$ $ر علي$$ $ه قابل$$ $هُ ب$ $ الش$$ $هو ِ
باجلدل ،فخاص $$م عن الباط $$ل ووض $$ع ل $$هُ احلجج، ِ واملك $$ابرِة ،ف $$إن أعي $$اهُ ذل $$ك ختم
للضاللة ومكابراً بالفو ِ
احش. ِ والتمس به التثبت وكابر ِبه احلق حىت يكون مسارعاً
دين املرء
احدة أبداً ،ولكنهُ ال يز ُال إما زائداً وإما ناقصاً. حالة و ٍ ال يثبت دين املرء على ٍ
ُ
$ول ،س$$يء الفع$ِ $ل، $ادع أن يك$$ون حس$$ن القِ $ $ات الل$$ئيم املخِ $ عالم$$ات الل$$ئيم من عالمِ $
للفحش ،حمازي$اً باحلق$$د ،متكلف$اً للج$$ود ،ص$$غري ِ بعي$$د الغض$$ب ،ق$ريب احلس$$د ،محوالً
ميلك.
اخلطر ،متوسعاً فيما ليس لهُ ،ضيقاً فيما ُ
اشتغل باألعظم
$ال :إذا ختاجلت $$ك األم $$ور فاش $$تغل بأعظمه $$ا خط$ $راً ،ف $$إن مل تس $$تنب ذل $$ك وك $$ان يق ُ $
فأرجاها دركاً ،فإن اشتبه ذلك فأجدرها أن ال يكون له مرجوعٌ حىت تويل فرصته.
الرجال أربعة
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ال أربع $ $ةٌ :اثن$$ $ان ختت$$ $ربُ م$$ $ا عن$$ $دمها بالتجرب$ِ $ $ة ،واثن$$ $ان ق$$ $د كفيت
$ال :الرجُ $ $
وك$$ $ان يقُ $ $
جتربتهما.
ِ
حتتاج إىل جتربتهما ،فإن أحدمها ٌّبر كان مع أبرا ٍر ،واآلخر ٌ
فاجر ك$$ان م$$ع فأما اللذان ُ
$ار أن يتب$$دل فيص$$ري ف$$اجراً، جَ ج$ا ٍر ،فإن$$ك ال ت$$دري لع$$ل ال$$رب منهم$$ا إذا خال$$ط ال ُف ّ$ فُ ّ$
فيتبدل الرب فاجراً ،والفاجر براً.
ُ ولعل الفاجر منهما إذا خالط األبرار أن يتبدل براً،
$اجر ك$$ان يف
كفيت جتربتهم$$ا وت$$بني ل$$ك ض$$وءُ أمرمها ،ف$$إن أح$$دمها فٌ $ وأم$$ا الل$$ذان ق$$د َ
أبرا ٍر ،واآلخر بر كان يف فُ ّجا ٍر.
حكم متفرقة
ني ،فينظر من إح$$دامها يف مس$$اوئ نفس$$ه فيتص$$اغر هبا حق على العاقل أن يتخذ مرات ِ
$اس ،فيحليهم هبا ويأخ$$ذ ويص$$لح م$$ا اس$$تطاع منه$$ا ،وينظ$$ر يف األخ$$رى يف حماس$$ن النِ $
ما استطاع منها.
الضعيف ،واحتج عليهم باحلجج. ِ لد والصديق و أحضر خصومةَ األهل والو ِ
ختلص منهُ.خلصت منهُ يف آخر لعلك ال ُ َ ال يوقعنك بالءٌ
يب ال خيدعُ. الورعُ ال خيدعُ ،واألر ُ
يعلم. ِ ومن ورِع ِ
يعلم ،ومن اإلرب أن يتشبت فيما ُ يقول ما ال ُ الرجل أن ال َ
ِ
$ال :عم $$ل الرج $ِ $ل فيم $$ا يعلم أن $$ه خط $$أ ه $$وى ،واهلوى آف$ $ةُ العف $$اف .وترك $$هُ وك $$ان يق ُ $
وإقدام$$هُ على م $$ا ال ي $$دري
ُ اب هتاو ٌن ،والته $$او ُن آف $ةُ ال $$دين. العم $$ل مبا يعلم أن $$ه ص $و ٌ
اب هو أم خطأ مجاح ،واجلماح آفة ِ
العقل. أصو ٌ
$ال :وف$$ر من فوق$$ك ،ولن ملن دون$$ك ،وأحس$$ن مؤات$$اة أكفائ$$ك .وليكن آث$$ر وك$$ان يقُ $
ذلك عندك مؤاتاةُ اإلخوان ،فإن ذلك هو الذي يشهد لك بأن إجالل$$ك من فوق$$ك
اللتماس خدمتهم. ِ لينك ملن دونك ليس خبضوع منك هلم ،وأن َ ٍ ليس
غري املغتبطني
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
اهن املف$ر ُط إذا فات$ه العم ُ$ل،مخسةٌ غري مغتبطني يف مخسة أش$ياء ،يتن$دمون عليه$ا ،ال$و ُ
$تمكن من$ه ع$دوهُ لس$وء رأي$ه إذا ِ
ائب ،واملس ُ املنقطع من إخوان$ه وص$ديقه إذا نابت$هُ الن$و ُ و ُ
بالطاحلة ،واجلريء على الِ $
$ذنوب إذا ِ ت$$ذكر عج$$زهُ ،واملف$$ارق للزوج$$ة الص$$احلة إذا ابتلي
املوت.
حضرهُ ُ
ماذا ينفع
البطش بغ$$ري ش$$دة القلب، ِ ظ بغِ $ري عق$ٍ $ل ،وال ش$$دةُ ال ينف$$ع العق$ُ $ل بغ$$ري ورٍع ،وال احلفُ $
السرور بغري أم ٍن ،وال الغىن بغ$$ري أدب ،وال حالوة ،وال احلسب بغري ٍ ٍ اجلمال بغ ِري
ُ وال
ُ ُ
االجتهاد بغري ٍ
توفيق. ود ،وال املروءةُ بغري تواض ٍع ،وال اخلفض بغري ٍ
كفاية ،وال جٍ
ُ ُ
أمور هن تبع األمور
$رور $س ال
و $اء،$ن الث ِ
ن $س حل $ع$ب ت ُة $ط الغب
و ، ف$املروءات كله$ا تب$$ع للعق ِ$ل ،وال$رأي تب$$ع للتجربِ $
$ة
ُ ٌ ٌ ٌ ُ
ِ ِ
لإلنفاق. تبع للقد ِر ،واجلدةُ ٌ
تبع تبع لألم ِن ،والقرابةُ تبع للمودة ،و ُ
العمل ٌ ٌ
أصول ومثرات
التثبت ،ومثرت $$هُ الس $$المة ،وأص $$ل ال $$ورع القناع$ $ةُ ،ومثرت $$هُ الظف $ُ $ر ،وأص $$ل أص $ُ $ل العق $$ل ُ
النجح. العمل ،ومثرتهُ ِ
ُ التوفيق ُ
الذكر السيء
احلذول يف الكرم $$اء ،والُ $ذوب يف األع ّف$$اء ،وال $اجر يف العقالء ،وال الك ُ $ ال ي $$ذكر الف ُ $
بشيء من اخل ِري. الكفور ٍ
ُ
من تؤاخي
تستعينن كسالً.
ّ ال تؤاخني خباً ،وال تستنصر ًن عاجزاً ،وال
مب يروح املرء عن نفسه
يروح به املرءُ نفسهُ أن ال جيري ملا يه$وى وليس كائن$اً ،وال ملا ال يه$وى ومن أعظ ِم ما ُ
كائن.
وهو ال حمالة ٌ
ال تفرح بالبطالة
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك. اغتنم من اخلري م$$ا تعجلت ،ومن األه $واء م$$ا س$$وفت ،ومن النص$$ب م$$ا ع$$اد عليَ $
بالبطالة ،وال جتنب عن ِ
العمل. ِ وال تفرح
ضياع العقل
من اس$$تعظم من ال$$دنيا ش$$يئاً فبط$$ر ،واستص$$غر من ال$$دنيا ش$$يئاً فته$$اون ،واحتق$$ر من
ضياع ِ
العقل. اإلمث شيئاً فاجرتأ عليه ،واغرت بعد ٍو وإن قل فلم حيذره ،فذلك من ِ
ذو العقل ال يستخف بأحد
العقل ٍ
بأحد. يستخف ذو ِ ال
ُ
وأح$$ $ق من مل يس$$ $تخف ب$$ $ه ثالث $ $ةٌ :األتقي$$ $اءُ وال$$ $والةُ واإلخ $ $وا ُن ،فإن$$ $هُ من اس$$ $تخف
$الوالة أهل$$ك دني$$اهُ ،ومن اس$$تخف ب$$اإلخو ِان باألتقي$$اء أهل$$ك دين$$ه ،ومن اس$$تخف بِ $
ُ
أفسد مروءتهُ.
أزواج
$ور احت $$ $اج فيه $$ $ا إىل س $$ $ت :العل ِم ،والتوفي $$ $ق ،والفرص $ِ $ $ة ،واألع$ $ $و ِان،
من ح $$ $اول األم َ $ $
ِ
االجتهاد. و ِ
األدب ،و
األدب وهن أزواج :ف $$الرأي واألدب زوج .ال يكم $$ل ال$ $رأي بغِ $ $ري ِ
األدب ،وال يكم $ُ $ل
ُ ُ ُ ٌ ُ ٌ
إال بالرأي.
زوج ال ينف$ُ $ع األع$وا ُن إال عن$$د الفرص$ِ $ة ،وال تتم الفرص$ةُ إال حبض$$وِر واألع$وا ُن والفرص$ةُ ٌ
األعو ِان.
االجتهاد. ينجح ِ ِ
ُ سبب التوفيق ،وبالتوفيق ُ فاالجتهاد ُ
ُ زوج،
االجتهاد ٌ
ُ التوفيق و
و ُ
سالمة العاقل
وحماسبة ِ
النفس. ِ ِ
بالقناعة ِ
العيوب ِ
الذنوب و يسلم من ِ
عظام ُ
خياف منع $$هُ ،وال يع $ُ $د مبا ال
$أل من ُ خياف تكذيب$$هُ ،وال يسُ $ دث من ُ جتد العاق$َ $ل حُي ُ ال ُ
العجز عنهُ. ِ
خياف َ يقدم على من ُ يعنف برجائه ،وال ُ جيد إجنازهُ ،وال يرجو ما ُ ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ذيب ،ويس $$خي عيب لتك ِ $ ط ب $ِ $ه القوال $$ون خروج $اً من ِ وه $$و يس $$خي بنفس $ِ $ه عم $$ا يغب ُ $
$ألة ،ويس $$خي بنفس $ِ $ه عن حمم ِ $
$دة $ال الس $$ائلون س $$المةً من مذل $ِ $ة ملس ِ $ بنفس $$ه عم $$ا ين ُ $
$وف اإلك $$داء،$ف ،ويس $$خي بنفس $ِ $ه عن ف $$رِح الرج $$اء خ َ $ املواعي $$د ب $راءة من مذم $ِ $ة خلل ِ $
فضائح املقصرين.
ِ اتب املقدمني ما يرى من ويسخيه عن مر ِ ِ
ذو العقل
ِ ال عقل ملن أغفلهُ عن آخر ِته ما ُ
جيد من لذة دني$$اهُ ،وليس من العق$ِ $ل أن حيرم$$هُ حظ$$هُ
من الدنيا بصرهُ بزواهلا.
ومرجو
ّ سعيد
الن :سعي ٌد ومرجو. حاز اخلري رج ِ
ُ
فالسعيد الفاجلُ ،واملرجو من مل خيصم.
$مة اخلص$$ماء من األه$واء نت يف خُم اصٍ $$اة وتع$$رض الف ِ والف$اجل الص$احل م$$ا دام يف قي$ِ $د احليِ $
ُ ُ
واألعداء.
السعيد يرغبه اهلل والشقي يرغبه الشيطان
السعيد يُرغبهُ اهللُ يف اآلخرِة حىت ي ُقول :ال شيء غريها ،ف$$إذا هض$َ $م دني$$اهُ وزه$َ $د فيه$$ا ُ
بذلك نصيبهُ من الدنيا ومل ينقصهُ من سرورِه فيها. آلخر ِته ،مل حيرمهُ اهلل َ
والشقي يرغبهُ الشيطا ُن يف الدنيا حىت يقول :ال شيء غريه$$ا .فيجع$ُ $ل اهلل ل$$ه النغيص
يف الدنيا اليت آثر مع اخلزي الذي يلقى بعدها.
الرجال أربعة
$يب آخرت$ِ $ه
$رف ،ومقتصٌ $د .ف$$اجلو ُاد ال$$ذي يوج$$هُ نصَ $ وخبيل ،ومسٌ $ الرجال أربعةٌ :جو ٌادٌ ، ُ
ونصيب دنياهُ مجيعاً يف أم ِر آخر ِته. َ
البخيل الذي خيطئ واحد ًة منهما نصيبها. و ُ
املسرف الذي جيمعهما لدنُياهُ. و ُ
منهما نصيبها. ٍ
يلحق بكل واحدة ُ املقتصد الذي ُ ُ و
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
أغىن الناس وخري ما يؤتى املرء
أغىن الناس أكثرهم إحساناً.
عقل .ق$$ال :ف$$إن مل يكن? ق$$ال: رجل حلكي ٍم :ما خريُ ما يؤتى املرء? قال :غريزةُ ٍ قال ٌ
$كوت
$ان ق$$ال :ف$$إن حرم$$هُ? ق$$ال :سٌ $ $دق اللسِ $ فتعلم عل ٍم .ق$$ال :ف$$إن حرم$$هُ? ق$$ال :صُ $ ُ
طويل .قال :فإن حرمه? قال :ميتةٌ عاجلةٌ. ٌ
أش ّد العيوب
$ان خف$$اءً عيوب$$هُ علي$$ه .ف$$إن من خفي علي$$ه عيب$$ه خفيت علي$$ه $وب اإلنسِ $ من أش$$د عيِ $
$ريه فلن يقل$َ $ع عن عيب$ِ $ه ال$$ذي ال حماسن غريه ،ومن خفي عليه عيب نفسه وحماس$$ن غ ِ
ُ ُ ُ
يبصر أبداً. ِ
حماسن غريه اليت ال ُ َ يعرف ولن ينال ُ
اخلصال املذمومة
أمجل من الذك ِر الذميم. مخول الذكر ُ ُ
$وب مس $$ $روراً ،وال احلر حريص$ $ $اً ،وال الك $$ $رميُ $ور حمم $$ $وداً ،وال الغض ُ $ $ال يوج $$ $د الفخ ُ $ $
امللول ذا إخو ٍان.
حسوداً ،وال الشرهُ غنياً ،وال ُ
$ال يس$$ر هبا اجلاه$$ل ،كله$$ا ك$$ائن علي$ِ $ه وب$$االً :منه$$ا ،أن يفخ$$ر من العل ِم و ِ
املروءة ٌ ُ خصُ ٌ $
اجلفوة ما يشمتهُ هبم .ومنها، مبا ليس عنده ومنها ،أين أرى باألخيار من االستهانة و ِ
ُ
أن يناقل عاملاً وديعاً منص$$فاً ل$$ه يف القِ $
$ك اجلاه ِ$ل علي$ه مث يفلج$هُ $وت ذلَ $
$ول فيش$تد صُ $ ُ
بشدة الصوت. اجلهال حوله ٍ نظراؤه من ِ
ُ ُ
ومنها ،أن تفر َط منه الكلمة أو الفعلة املعجبة ِ
للقوم فيذكر هبا. ُ ُ ُ ُ
الفضل ِ
عليه. ِ السلطان فوق ِ
جمالس أهل ِ ومنها ،أن يكون جملسهُ يف ِ
احملفل وعند
سخافة املتكلم
$ب م$$ا سخافة املتكل ِم أن يك$$ون م$ا يُ$$رى من ض$حكه ليس على حسِ $ ِ من ِ
الدليل على
$ول ،أو الرج $ُ $ل يكلّ ُم ص $$احبهُ فيُجاذب $$هُ الكالم ليك $$و َن ه $$و املتكلم ،أو عن $$ده من الق ِ $
ُ
الكالم.
َ نصت لهُ مل حيس ِن
غ وأنصت لهُ فإذا َ يتمىن أن يكون صاحبهُ قد فر َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
القائد إىل النار وخازن الشيطان
األدب يف غِ $ري رض$و ِان اهلل ومنفع$ِ $ة األخب$$ا ِر
فض$$ل العل ِم يف غ$$ري ال$$دي ِن مهلك$ةٌ ،وك$$ثرةُ ِ
ُ
قائ ٌد إىل النا ِر.
ظ ال$$ذاكي ال $واعي لغ ِ $ري العل ِم الن$$اف ِع مض$ٌ $ر بالعم$ِ $ل الص$$ا ِحل ،والعق$ُ $ل غ$$ريُ ال $وازع واحلف ُ $
ِ
الشيطان. ِ
الذنوب خاز ُن عن
أخوف ما يكون
إلف.اجلاهل قرابةٌ وال جو ٌار وال ٌ ِ ال يؤمننك شر
$رب م$$ا يك$و ُن منه$$ا ،وك$ذلك اجلاه ُ$ل إن فإن أخوف ما يكو ُن اإلنسا ُن حلري ِ$ق الن$$ا ِر أق ُ
ناسبك جىن عليك ،وإن ألفل$$ك محل علي$$ك م$$ا ال تطي$ُ $ق ،وإن َ أنصبك ،وإنَ جاورك
ظ ،وعن$د $ك فٌ $سبع ضا ٍر ،وعن$د الش$ب ِع مل ٌ اجلوع ٌ
عاشرك آذاك وأخافك ،مع أنهُ عند ِ
افقة يف الدين قائ ٌد إىل جهنم. املو ِ
$وف وال $$دي ِن $اهلرب من س $$م األس ِ $
$اود واحلري $ِ $ق املخ ِ $ $ك ب ِ $ ف $$أنت ب ِ $
$اهلرب من $$ه أح $$ق من َ $
الفادح والداء العياء. ِ
ماذا يعمل احلازم
$دوك بعض املقارب $$ة ،تن $$ل حاجت $$ك ،وال تقارب $$هُ ك $$ل املقارب $ِ $ة، $ال :ق $$ارب ع َ $ وك $$ان يق ُ $
ناصرك.
َ فيجرتئ عليك عدوك وتذل نفسك ويرغب عنك
$مس ،إن أملت$$هُ قليالً زاد ظل$$هُ ،وإن جاوزت$$هُ $وب يف الشِ $ ومث$$ل ذل$$ك مث$$ل الع$$ود املنصِ $
إمالته ،نقص الظل. احلد يف ِ
$ال :إن ك$$ان بعي$$داً مل ي$$أمن مغاورت$$ه ،وإن ك$$ان قريب $اً مل احلازم ال ي$$أمن ع$$دوه على حٍ $
ُ ُ ُ
يأمن مواثبتهُ ،وإن كان منكش$$فاً مل ي$أمن اس$$تطرادهُ ،وكمين$$هُ ،وإن رآه وحي$$داً مل ي$أمن
مكرهُ.
احلزمة كما يزداد البحر مبو ِ
اده من األهنا ِر. امللك احلازم يزداد برأي الوزراء ِ
ُ ُ ُ ُ
ني األسرا ِر.احلزم بإجالة الرأي بتحص ِ و ، الظفر ِ
باحلزم
ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
فائدة املشورة
$ار
$زداد النُ $
يزداد برأيه رأي$اً ،كم$$ا تُ $إن املستشري وإن كان أفضل من املستشار رأياً ،فهو ُ
ِ
بالودك ضوءاً.
اب م$$ا ي$$رى ،والرف$ُ $ق ب$$ه يف تبص$$ري خط$$أ إن على املستش$$ا ِر موافق$ةُ املستش$$ري على ص$و ِ
ُ ُِ
وتقليب الرأي فيما شكا فيه ،حىت تستقيم هلما مشاورهتما. ُ أتى به،
الطمع
ب يف كثرة الص$$ديق ،وال الس$$يء ِ
األدب يطمعن ذو الكرب يف حسن الثناء ،وال اخلِ ُّ َ ال
جب املع $ك$ ل امل وال ، $دة ،وال احلريص يف اإلخ$ $و ِ
ان $رف ،وال الش $$حيح يف احملم ِ $ يف الش ِ $
ُ ُ ُ ُ ُ
بثبات ِ
امللك. ِ
صرعة اللني
صرعةُ اللني أشد استئصاالً من صرعة املكابرة.
أربعة أشياء
الدين.
املرض ،والعدو ،و ُ النار ،و ُ قليلُ :أربعةُ أشياءَ ال يستقل منها ٌ
الناس بالتوفريأحق ِ
$دة و اللني والغضِ $ $
$ب $ال ومواض ِ $ $ع الشِ $ $
$رص األعمِ $ $
احلليم ،الع$$ $املُ ب$$ $األموِر وفِ $ $
$ك ُ امللُ $ $
ِ
أعماله. وغده وعو ِ
اقب املعاجلة واألناة ،الناظر يف أم ِر يومه ِ والرضا و ِ
ُ
العاجز واحلازم
احلازم وبني ِ
طلبته. حيول بني ِ
العاجز حاجتهُ هو الذي ُ ّ ُ يندرك به
السبب الذي ُ ُ
أهل العقل والكرم
معروف وصلةً وسبيالً. ٍ الكرم يبتغون إىل كل العقل و ِ إن آهل ِ
واملودة بني األخيار سريع اتصاهلا بطئ االنكسار هني اإلصالح .واملودة بني األشرار
سريع انقطاعه$ا بطئ اتص$اهلا ،ك$الكوز من الفخ$ار يكس$ره أدىن عبث مث ال وص$ل ل$ه
أبداً.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$دة أو معرف$ِ $ة يٍ $
$وم .والل$$ئيم ال يص$ُ $ل أح$$داً إال والك$$رمي مينح الرج$$ل مودت$$ه عن لقي$ٍ $ة واحٍ $
ُ
رغبة أو ٍ
رهبة. عن ٍ
النفس ،وذات ف$$إن أه$$ل ال$$دنيا يتع$$اطون فيم$$ا بينهم أم$رين ويتواط$$أون عليهم$$ا :ذات ِ
اليد.
$اع
$هم االنتفَ $ يلتمس بعضُ $
ُ $ذين
فه ُم املتع$$اونون املس$$تمتعو َن الَ $ فأم$$ا املتب$$ادلون ذات الي$$د ُ
ومكايلةً.ببعض مناجزًة ُ ٍ
كل شيءاملال ّ
املال .وال ال$رأي
$ال .وال يظه ُ$ر املروء َة إال ُ ما التب$$ع واألع$وا ُن والص$$ديق واحلش$$م إال للم ِ
ُ ُ ُ
وال القوةُ إال باملال.
عقل لهُ فال دني$ا
أهل لهُ ،ومن ال أوالد لهُ فال ذكر لهُ ،ومن ال َ ومن ال إخوا َن لهُ فال َ
لهُ وال آخرة ،ومن ال مال لهُ فال شيء لهُ.
الفقر جممعة للباليا
$اس ،وه $$و مس $$لبةٌ للعق $ِ $ل و ِ
املروءة ،مذهب$ $ةٌ للعل ِم مقت الن ِ $ ِ
والفق $ُ $ر داعي$ $ةٌ إىل ص $$احبه َ
ِ
للتهمة ،وجممعةٌ للباليا. و ِ
األدب ،ومعد ٌن
ذهب ِ ِ
ومن ن$$ $زل ب$$ $ه الفق$ُ $ $ر والفاق $ $ةُ مل جيد بُ ّ $ $داً من ت$$ $رك احلي$$ $اء ،ومن ذهب حي$$ $اؤهُ َ
مقت أو ذي ،ومن أوذي خ $$ز َن ،ومن ح $$ز َن مقت ،ومن َ ذهب س $$رورهُ َ س $$رورهُ ،ومن َ
استنكر حفظُهُ وفهمهُ.
ذهب عقلهُ و َ فقد َ
وعمله فيما يكون عليك ال لهُ. ِ وحفظه كان أكثر قو ِله
ِ ِ
وفهمه أصيب يف عقله ومن
َ
ف$$إذا افتق$$ر الرج$ُ $ل اهتم$$هُ من ك$$ان ل$$ه مؤمتن$اً ،وأس$$اء ب$$ه الظن من ك$$ان يظن ب$$ه حس$$ناً،
للتهمة وسوء الظن موضعاً. ِ فإذا أذنب غريهُ ظنوهُ وكان
ٍ
عيب ،ف$$إن ك$$ا َن ش$$جاعاً مسي أه$$وج، $دح إال هي للفقٍ $ري ٌ وليس من خل$$ة هي للغ$$ين مٌ $
وإن ك $$ا َن ج$ $واداً مسي مفس $$داً ،وإن ك $$ان حليم$ $اً مسي ض $$عيفاً ،وإن ك $$ان وق $$وراً مسي
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
مفس $$داً ،وإن ك $$ان حليم $اً مسي ض $$عيفاً ،وإن ك $$ان وق $$وراً مسي بلي $$داً ،وإن ك $$ان لس $$ناً
مسي مهذاراً ،وإن كان صموتاً مسي عيياً.
املوت راحة
$ده ال يفارق $$هُ ،أو بف $راق األحب $ِ $ة واألخ $وان ،أو مبرض يف جس ِ $$ال :من ابتلي ٍ وك $$ان يق ُ $
$رف مبيت$اً وال مقيالً وال يرج$$و إياب$اً ،أو بفاق$ٍ $ة تض$$طرهُ إىل املس$$ألة: حيث ال يعُ $بالغرب$ِ $ة ُ
املوت له راحةٌ.
موت ،و ُ فاحلياةُ لهُ ٌ
الباليا يف احلرص والشره
صاحب الدنيا ُ احلرص والشرهُ .وال يز ُال
ُ وجدنا الباليا يف الدنيا إمنا يسوقُها إىل أهلها
احلرص والشرِه.
ِ وتعب ،ألنه ال يز ُال ِ
خبلة بلية ٍ يتقلب يف ٍ
ُ
ماذا قال العلماء
$ب كحس ِ $ $ن ومسعت العلم$$ $اء ق$$ $الوا :ال عق$$ $ل كالت$$ $دبري ،وال ورع ك$$ $الكف ،وال حسَ $ $
$ريه .وأفض$ُ $ل ال$$رب اخلل$ِ $ق ،وال غ$$ىن كالرض$$ى .وأح$$ق م$$ا ص$$رب علي$$ه م$$ا ال س$$بيل إىل تغيِ $
وطيب أس العق$ِ $ل املعرف$ةُ مبا يك$$و ُن وم$$ا ال يك$$و ُن، الرمحةُ ،ورأس ِ
ُ $ال ،ور ُ
املودة االسرتسُ $ ُ
$دل ص $$حبةَ $رور يع ُ $ ِ ِ
النفس حس$ُ $ن االنص $راف عم$$ا ال س$$بيل إلي$$ه .وليس من ال$$دنيا سٌ $
يعدل غم فقدهم. اإلخو ِان ،وال فيها غم ُ
متام حسن الكالم
علم دواء نفس ِ$ه ،ف$إذا ه$و العمل ،كاملريض الذي ق$$د َ الكالم إىل حبس ِن ِِ حسن
ال يتم ُ
مل يتداو به مل ِ
يغنه علمهُ.
صاحب املروءة
يهاب وإن كان عقرياً. ٍ
يكرم على غري مال ،كاألسد الذي ُ الرجل ذو املروءة قد ُ ُ
$اس وإن $الكلب ال$ذي يه$و ُن على الن ِ والرجل الذي ال مروء ًة لهُ يها ُن وإن كثر مالهُ ،ك ِ
ُ
وخلخل.
َ هو طوق
تعاهد نفسك
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
فعلت ذل$ك ،أت$اك اخلريُ نفسك مبا تكو ُن به للخ ِري أهالً .فإن$ك إذا َ َ تعاهدك
َ ليحسن
ُ
يطلب املاءُ السيل إىل احلدورة. يطلبك ،كما ُ َ
أشياء غري ثابتة
$ات وال بق$$اءٌ :ظ$ل الغم$ِ $ام ،وخل$$ة األش$را ِر ،وعش$$ق النس$$اء، وقيل يف أشياء ليس هلا ثبٌ $
املال الكثريُ.
الكاذب ،و ُُ والنبأ
باملال الكثري ،وال حيزنهُ قلتهُ .ولكن مالهُ عقل$هُ وم$ا ق$$دم من ص$ا ِحل وليس يفرح العاقل ِ
ُ ُ
ِ
عمله.
أوىل الناس
$ربح رحل$$ه من إخوان$ِ $ه $ي ال من $اء
$ ن الث ِ
ن وحس ِ
العيش بفضل السروِر و ِ
كرم إن أوىل الناس ِ
ُ
$ام ،ويس $$رهم ويس $$رونهُ من وأص $$دقائه من الص $$احلني موط $$وءاً وال ي $زال عن $$دهُ منهم زح ٌ $
$ورهم ،ف$$إ ّن الك$$رمي إذا ع$ثر مل يس$$تقل إال ب$الكرِام ،كالفي ِ$ل إذا وح$ل وراء حاجاهتم وأمُ $
مل يستخرجهُ غال الفيلةُ.
شراء العظيم بالصغري
ال ي$$رى العاق$$ل معروف $اً ص$$نعه ،وإن ك$$ان كث $رياً .ول$$و خ$$اطر بنفس$$ه وعرض$$ها يف وجِ $
$وه ُ ُ
يعلم أمنا أخط$$ $ر الف$$ $اين بالب$$ $اقي ،واش$$ $رتى العظيم
املع$$ $روف ،مل ي$$ $ر ذل$$ $ك عيب $ $اً .ب$$ $ل ُ
بالصغري.
العقل أكثرهم سائال منجحاً ،ومستجرياً آمناً. وأغبط الناس عند ذوي ِ
املشاركة يف املال
ماله ،وال تعد نعيماً ما كان فيه تنغيص وسوءُ ثناء ،وال ال تعد غنياً من مل يشارك يف ِ
$اة م$$ا$اق غنم$اً ،وال تعت$$د من احليِ $
$رم غُرم$اً إذا سَ $
تعد الغنم غنماً إذا ساق غرماً وال الغَ $
كان يف فر ِاق األحبة.
املعونة على تسلية اهلموم
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
األخ أخ$$اهُ ،وإفض$$اءُ ك$$ل واح$ٍ $د النفس لق$$اءُ ِ $وم وس$$كون ِ ومن املعون$$ة على تس$$لية اهلمِ $
صاحبه ِ
ببثة. ِ منهما إىل
وح َرم سرورهُ. ِ
لب قرارهُ ُ وإذا فرق بني األليف وأليفه فقد ُس َ
من بالء إىل بالء
ف َع َقبَةً من البالء إال صرنا يف أُخرى. وقل ما ترانا خُن لِّ ُ
ّ
تقلب األحوال وتعاقبها
لق $$د ص $$دق القائ $$ل ال $$ذي يق$$ول :ال ي $زال الرج$ُ $ل مس$$تمراً م $$ا مل يع $$ثر ،ف $$إذا ع$$ثر م $$رة
$ار ،وإن مش$ى يف ج$دد ألن ه$ذا اإلنس$ان موك ٌ$ل ب$ه ث الع أرض اخلب$ا ِر جل ب ِ
$ه واحد ًة يف ِ
ُ
$دوم تصرف ويف ٍ ٍ
يدوم له شيءٌ وال يثبت مع$$هُ ،كم$$ا ال يُ $ تقلب ال ُ البالءُ ،فال يز ُال يف
$الع تقلب وتع$$اقُ ٍ
$وم طلوعُ$$هُ وال آلفله$$ا أفول$$هُ .ولكنه$$ا يف ٍ لط$$ال ِع النجِ $
ب :فال ي $زال الطُ $
ي ُكو ُن آفالً طالعاً.
األدب الكبري
ُ
بسم اهلل الرمحن الرحيم
ق $$ال عب $$د اهلل بن املقف $$ع :إن $$ا وج $$دنا الن $$اس قبلن $$ا ك $$انوا أعظم أجس $$اماً ،وأوف $$ر م $$ع
أجسامهم أحالم$اً ،وأش$د ق$وًة ،وأحس$ن بق$وهتم لألم$ور إتقان$اً ،وأط$ول أعم$اراً ،وأش$د
ق $$وةً ،وأحس $َ $ن بق $$وهتم لألم $$وِر إتقان$ $اً ،وأط $$ول أعم $$اراً ،وأفض $$ل بأعم $$ارهم لألش $$ياء
اختباراً.
$احب ال$دين من$ا، فكان صاحب ال$دين منهم أبل$غ يف أم$ر ال$دي ِن علم$اً وعمالً من ص ِ
ُ ُ
البالغة و ِ
الفضل. ِ مثل ذلك من صاحب الدنيا على ِ وكان
ُ
الفضل الذي قسم ألنفسهم ح$ىت أش$ركونا معهم ِ ووجدناهم مل يرضوا مبا فازوا به من
$ال
الكتب الباقي$$ $ة ،وض$ $ $ربوا األمث َ $ $
َ يف م$$ $ا أدرك$ $ $وا من عل ِم األوىل واآلخ$$ $رِة فكتب$ $ $وا ب$$ $ه
الشافيةَ ،وكفونا به مؤونة التجارب والفط ِن.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$اب من العلم ،أو يفتح ل $$ $ه الب ُ $ $
$ذلك أن الرج $َ $ $ل منهم .ك $$ $ان ُ وبل $َ $ $غ من اهتم $$ $امهم ب َ $ $
املأهول فيكتب$$هُ على الص$$خوِر مب$$ادرًة لألج$ِ $ل ِ اب وه$$و يف البل$$د غ$$ري الكلم$$ة من الص$و ِ
وكراهية منهُ أن بسقط ذلك عمن بعدهُ.
$ده ،ال $$رحي ِم ال $$رب هبم ،ال $$ذي فك $$ان ص $$نيعهم يف ذل $$ك ص $$نيع الوال $ِ $د الش ِ $
$فيق على ول ِ $
الطلب ،وخش$يةَ عج$$زهم، ِ هلم األم$وال والعق$$د إرادة أال تك$$ون عليهم مؤون$$ة يف جيم$ٌ $ع ُ
إن هم طلبوا.
$ان أن يأخ $$ذ من علمهم ،وغاي $ةُ إحس ِ $
$ان حمس $$نناً أن فمنتهى علم عاملن $$ا يف ه $$ذا الزم ِ $
يفتدي بسريهتم.
حياور،
$يب من احلديث حُم دثنا أن ينظ$ر يف كتبهم فيك$و َن كأن$ه إي$اهم ُ وأحس ُ$ن م$ا يص ُ
يستمع ،وآثارهم يتبع. ُ ومنهم
غري أن الذي جند يف كبتهم هو املنتخل من آرائهم واملنتقى من أحاديثهم.
$فة ل $$ه مق $$االً مل يس $$بقوهُ إلي $$ه :ال يف$ف بلي ٌ $غ يف ص ٍ $جيد واص ٌ $ ومل جندهم غ $$ادروا ش $$يئاً ُ
$رغيب فيم$ا عن$دهُ ،وال يف تص$غ ٍري لل$دنيا وتزهي$$د فيه$ا ،وال يف عز وجل ،وت ٍ ِ
تعظيم هللّ ّ ،
ني مآخ$$ذها، وتوضيح سبلها وتبي ِ ِ حترير صنوف العل ِم وتقسي ِم أقسامها وجتز ِئة أجزائها
ِ
األخالق. ِ
وضروب وجوه ِ
األدب وجه من ِ وال يف ٍ
مقال.
لقائل بعدهم ٌ صغرية ٍ ِ فلم يبق يف ِ
جليل األمر وال
$ائف األم$وِر فيه$ا مواض ُ$ع لص$غا ِر الفط ِن ،مش$تقةٌ من جس$ام وق$د بقيت أش$ياء من لط ِ
ُ
اب ِ
األدب بعض ما أنا كاتب يف كتايب هذا من أب$و ِ لني وقوهلم ،فمن ذلك ُ حك ِم األو َ
ٌ
الناس.
حيتاج إليها ُ اليت ُ
يا طالب األدب
$ول والفص$$ول .ف$$إن كث$رياً من األدب إن كنت ن$$وع العل ِم تري$ُ $د فِ $
$اعرف األصَ $ ي$$ا ط$$الب ِ
َ َ َ
$اعة األص$$ $ول فال يك$$ $و ُن دركهم درك $ $اً .ومن أح$$ $رز $اس يطلب$$ $و ًًََ$ن الفص$$ $ول م$$ $ع إضِ $ $
النِ $ $
أفضل. ِ أصاب الفصل بعد إحرا ِز ِ األصول اكتفى هبا ع ِن
األصل فهو ُ َ الفصول .وإن
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ائر ،وتُ $$ؤدي وجتتنب الكبَ $ $
َ فأص $$ل األمِ $ $ر يف ال$$ $دي ِن أن تعتق$$ $د اإلميان على الص$ $واب،
ني ،ومن يعلم أن $$هُ إن حرم $$هُ الفريض $ةَ .ف $$الزم ذل $$ك ل $$زوم من ال غ $$ىن ل $$ه عن $$هُ طرف $$هَ ع ٍ
$درت على أن جتاوز ذل $$ك إىل التفق $$ه يف ال $$دين والعب $$ادة فه $$و أفض $ُ $ل هل $$ك .مث إن ق َ $
$اه إال املآكل واملش$$ارب والبِ $
أصل األم ِر يف صالح اجلسد أال حتمل عليه من ِ أكمل و ُ و ُ
ُخفاق$اً ،مث إن ق$$درت على أن تعلم مجي$َ $ع من$$اف ِع اجلس$$د ومض$$ارِه واالنتف$$اع ب$$ذلك كل$$ه
أفضل.
فهو ُ
دث نفس $$ك باإلدب $$ا ِر ،وأص َ $
$حابك مقبل $$و َن $جاعة أال حُت َ$أس والش ِ $ وأص $$ل األم $$ر يف الب ِ $
ُ
$رف ،من غ$$ $ري أول حام$ٍ $ $ل وآخ$$ $ر منصٍ $ $ على ع$$ $دوهم .مث إن ق$$ $درت على أن تك$$ $و َن ِ
أفضل. ِ
تضيي ٍع للحذر فهو ُ
ِ
$درت أن تزي$َ $د ذا احلق وأص$ُ $ل األم ِ $ر يف اجلود أال تض$$ن ب$$احلقوق على أهله$$ا .مث إن قَ $
أفضل.
على حقه وتطول على من ال حق لهُ فافعل فهو ُ
$قط بالتحف$ِ $ $ظ .مث إن ق$$ $درت على ب$$ $ارِع الكالم أن تس$$ $لم من السِ $ $ ِ وأص$ُ $ $ل األم ِ $ $ر يف
أفضل. ِ
الصواب فهو ُ
احلالل ،وأن حتس$$ن التق$$دير ملا تفي$$د وم$$ا طلب ِ وأص$$ل األم$$ر يف املعيش$$ة أال ت$$ين عن ٍ
ُ
$اس يف ال $$دنيا خط$ $راً أعظم الن ِ $$ك من ذل $$ك س $$عةٌ تك $$و ُن فيه $$ا .ف $$إن َ تنف $ُ $ق .وال يغرن َ $
تعيش بغِ $ $ري ِ ِ
$وج إلي $$ه من الس $$وقة ألن الس $$وقة ق $$د ُ $وك أح ُ $أح $$وجهم إىل التق $$دير ،واملل ُ $
ِ
الطلب $ف يف$درت على الرف$ِ $ $ق واللطِ $ $ باملال .مث إن قَ $ $ $وك ال ق$ $وام هلم إال ِ $ال ،وامللَ $ $ مٍ $ $
أفضل. فهو ِ
املطالب والعل ِم ِ
بوجوه
ُ
األخالق اللطيف$ِ $ة واألم$$وِر الغامض$ِ $ة ال$$يت ل$$و حنكت$$ك س$ٌ $ن ِ $ك يف أش$$ياء من وأن$$ا واعظَُ $
$ك فيه$$ا $دم إليَ $
أحببت أن أقَ $
ُ كنت خليق$اً أن تعلمه$$ا ،وإن مل خترب عنه$$ا .ولكن$$ين ق$$د َ
$ادة مس$$اوئها .ف$$إن اإلنس$$ا َن ق$$والً ل$$رتوض نفس$$ك على حماس$$نها قب$$ل أن جتري على عِ $
$ادة ،وإن $بيبته املس$$اوئ ،وق$$د يغلب علي$$ه م$$ا ب$$در إلي$$ه منه$$ا للعِ $ ق$$د تبت$$در إلي$ِ $ه يف شِ $
ُ ُ
العادة مؤونةً شديد ًة ورياضةً صعبةً. لرتك ِ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
يف السلطان
إذا ابتُليت بالسلطان تعوذ بالعلماء
ليت بالسلطان فتعوذ بالعلماء. إن ابتُ َ
الرجل بالسلطان فرييد أن ينتقص من ساعات نص$ِ $به ِ
واعلم أن من العجب أن يبتلى ُ
وشهوته وعبثه ِ
ونومه. ِ دعته وفر ِ
اغه ساعات ِ ِ وعمله فيزيدها يفِ
وإمنا ال$ $رأي ل $$هُ وح $ُ $ق علي $ِ $ه أن يأخ $$ذ لعمل $ِ $ه من مجيِ $ $ع ش $$غله ،فيأخ $$ذ ل $$هُ من طعام $ِ $ه
ِ
ونسائه. وحديثه و ِ
هلوه ِ ابه ِ
ونومه وشر ِ
وإمنا تكون الدعةُ بعد الفر ِاغ.
ني :إم $$ا رجال مغتبط$ $اً ب $$ه، ف $$إذا تقل $$دت ش $$يئاً من مِ $ $ر الس $$لطان فكن في $$ه أح $$د رجل ِ
عامل يف سخرٍة :إما فالكاره . عليه خمافة أن يزول عنه ،وإما رجالً كارهاً ِ
عليه حمافظاً ِ
ٌ ُ ُ
للملوك ،إن كانوا هم سلطوهُ ،وإما هلل تعاىل ،إن كان ليس فوقهُ غريهُ. ِ
$ك
للهالك على نفسَ $ ِ $وك أهلك$$وهُ .فال جتع$$لوق$$د علمت أن$$ه من ف$$رط يف س$$خرِة امللِ $
َ
سلطاناً وال سبيالً.
وحب املدح إيّاك ّ
$اس
$رف الن ُ $ املدح والتزكي $$ة وأن يع َ $
حب ِ نت والي$ $اً ،أن يك $$و َن من ش $$أنك ّ $اك إذا ُك َ وإي َ $
$ك ،فتك $$و َن ثلم $$ة من الثلم يتقحم $$و َن علي $$ك منه $$ا ،وباب $اً يفتتحون $$ك من $$هُ، ذل $$ك من َ $
وغيبةً يغتابونك هبا ويضحكون منك هلا.
املدح ه $$و ال $$ذي ِ
$دير أن يك $$و َن حب $$هُ َ $ادح نفس $$ه .واملرءُ ج ٌ $
املدح كم ِ $واعلم أن قاب $$ل ِ
معيب. ِ
حممود ،والقابل له ٌ حيملهُ على رده .فإن الر ّاد لهُ ٌ
$ك ورض $$ى س ٍ $
$لطان ،إن ك $$ا َن $ك يف الوالي $$ة إىل ثالث $$ة خص ٍ $
$ال :رض $$ي رب َ $ لتكن حاجتُ َ $
فوقك ،ورضى صا ِحل من تلي ِ
عليه.
ِ
ويطيب ويُكتفى به. ُ حيسن
منهما ما ُ عليك أن تلهو عن املال والذك ِر ،فسيأتيك ُ وال َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك مبك$$ان م$$ا ال ب$$د ل$$ك من$$ه .واجع$$ل املال وال$$ذكر مبكٍ $
$ان الثالث منَ $
َ واجع$ِ $ل اخلصَ $
$ال
ُ
أنت واج ٌد منهُ بداً. ما َ
اعرف الفضل يف أهل ال$$دي ِن واملروء َة يف ك$$ل ك$$ورٍة وقري$ٍ $ة وقبيل$ٍ $ة .فيكون$وا هم إخوانَ $
$ك
$اءك .وال تق$$ذفن يف روع$$ك $ك وخلطَ $ $دانك وأص$$فياءك وبطانت$$ك وثقاتَ $ وأعوان$$ك وأخَ $
فإنك لست تري$ُ $د غريكَ ، منك احلاجةُ إىل رأي َ للناس َ أنك إن استشرت الرجال ظهر ِ
$ك م$$ع ذل$ك أردت ال$$ذكر ،ك$$ان يدهُ لالنتفاع هبِز ولو أن َ الرأي لالفتخا ِر به ،ولكنما تُر ُ
$رد برأي$ِ $ه دو َن أحس$َ $ن ال$$ذاكري ِن وأفض$$لهما عن$$د أه$ِ $ل الفض$ِ $ل والعق$ِ $ل أن يقَ $
$ال :ال يتفُ $
استشارِة ذوي الرأي إنك إن تلتمس رضى مجيع الناس تلتمس ما ال ُ
يدرك.
اجلور ،وإىل
$ك إىل رض$$ $ى من رض$$ $اهُ ُ املختلفني ،وم $$ $ا حاجتَ $ $
َ وكي$$ $ف يتف$ُ $ $ق ل $$ $ك رأي
$اس رض $$ى األخي $$ا ِر منهم وذوي موافق $ِ $ة من موافقت $$هُ الض $$اللةُ واجلهال $ةُ? فعلي $$ك بالتم ِ $
عنك مؤونة ما سواهُ. العقل .فإنك مىت تصب ذلك تضع َ ِ
ما ينبغي للسلطان حنو رعيته
اهم من
$ك ،وال متكنن من س $ $و ُ ال مُت كن أه$$ $ل البالء احلس ِ $ $ن عن$$ $دك من التِ $ $
$دلل عليَ $ $
الجرتاء عليهم و ِ
العيب هلم.
اب ال $$يت ال $دك من اخل ِري إال هبا ،واألب$ $و َ $ال م $$ا عن َ $
$ك ال $$يت ال ين ُ $
$ك أبواب َ $
لتع $$رف رعيت َ $
خائف إال من قبلها. ٌ خيافك
َ
$رق من$ك ،ف$$ $إن املس$$ $يء يفُ $ $ $رص احلرص كل$$ $هُ على أن تك$$ $و َن خ$$ $ابرا أم$$ $ور عمالَ $ $ احِ $ $
وفك.
معر َ قبل أن يأتيهُ ُ بعلمك َ
َ يستبشر
ُ احملسن
َ عقوبتك ،وإن
َ تك قبل أن تُصيبهُ خرب َ
اب وال بالعقِ $
$اب، $رف الن$$اس ،يف م$$ا يعرف$$و َن من أخالق$$ك ،أن$$ك ال تُعاج$$ل ب$$الثو ِ ليعِ $
ُ ُ
اخلائف ورجاء الراجي. ِ فإن ذلك أدوم ٍ
خلوف ُ
$ك من ذوي النص$$ $ $يحة ،والتج$$ $ $رع ملرارِة ق $ $ $وهلم ع$$ $ $ود نفس$$ $ $ك الص$$ $ $رب على من خالفَ $ $ $
املروءة ،لئالً ينتش $$ر من وع $$ذهلم ،وال تس $$هلن س $$بيل ذل $$ك إال أله $ِ $ل العق $ِ $ل والس $$ن و ِ
َ
يستخف به شانئ. ُ ذلك ما جيرتئ به سفيهٌ أو
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
مباشرة الصغري تضيع الكبري
$ك مباش$$ $رَة$أنك ص$$ $غرياً ،وال تُل$$ $زمن نفسَ $ $
$ود شَ $ $ ال ت$$ $رتكن ُمباش$$ $رة جس$$ $ي ِم أمَ $ $
$رك فيعَ $ $
فيصري الكبريُ ضائعاً.َ الصغ ِري،
$اس كلهم فاخص$ص ب$ه أه$ل احلق ،وأن كرامت$ك ال تطي ُ$ق $ك ال يغ$ين الن َ وأعلم أن مال َ
يتسع لكل شيء ففرغه للمهم ،وأن قلبك ال ُ الفضل ،وأن َ ِ العامة كلها فتوخ هبا أهل
$ك ،وإن دأبت فيهم $$ا ،وأن ليس ل $$ك إىل إدام $$ة وهنارك ال يس $$توعبان حاجات َ $ $ك َ ليل َ $
$متهما بني ِ ِ
$بيل م $$ع حاج $$ة جس $$دك إىل نص $$يبه منهم $$ا فأحس $$ن قس ُ $ ال $$دأب فيهم $$ا س ٌ $
ودعتك.
َ عملك
$ك
$رفت من مالَ $ $ك يف املهم ،وم$ا صَ $ واعلم أن ما شغلت من رأي$ك بغ$ري املهم أزرى ب َ
ِ
النقص أض$$ر عدلت به من كرامتك إىل أه$ِ $ل َ للحق ،وما
حني تُريدهُ ّ الباطل فقدتهُ َ يف ِ
وهنارك يف غ$$ري احلاج$ِ $ة أزرى$ك َ $غلت من ليلَ $ $ك يف العجِ $ز عن أه$ِ $ل الفض$ِ $ل ،وم$$ا شَ $ بَ $
منك ِ
إليه. ِ
احلاجة َ بك عند َ
إياك واإلفراط يف الغضب
غضب ،أن حيمل$$هُ ذل$$ك َ الغضب ،إذا
ُ يبلغ من أحده ِم الناس ناساً كثرياً ُ اعلم أ ّن من ِ
وجه غ ِري من أغضبهُ ،وسوء اللفظ ملن ال ذنب ل$$هُ ،والعقوب$ِ $ة القطوب يف ِ ِ الكلوح و
ِ يف
$ان والي$$د ملن مل يكن يري$ُ $د ب$$ه إال دون ملن مل يكن يهم مبعاقبت$ِ $ه ،وشِ $
$دة املعاقب$ِ $ة باللسِ $
يبلغ به الرضى ،إذا رضي ،أن يتربع ب$$األمر ذي اخلطِ $ر ملن ليس مبنزل$ِ $ة ذل$$ك ذلك .مث ُ َ
$رم من مل يُ $$رد إكرام $$هُ وال ح $$ق ل $$ه وال عن $$دهُ ،ويُعطي من مل يكن يُري $ُ $د إعط $$اءهُ ،ويك َ $
مود َة عندهُ.
فاح $$ذر ه $$ذا الب $$اب احلذر كل $$ه! فإن $$ه ليس أح ٌ $د أس $وأ في $$ه ح $$االً من أه $ِ $ل الس ِ $
$لطان
$ف هبذه ال$$ذين يفرط$$ون باقت$$دارهم يف غض$$بهم ،وبتس$$رعهم يف رض$$اهم .فإن$$هُ ل$$و وصَ $
ِ ِ الص ِ $
$اقب عن $$د غض $$به غ $$ري من أغض $$بهُ يلتبس بعقل $$ه أو يتخبط $$هُ املس أن يع َ $ ُ من $فة
ذلك يف ِ
صفته. وحيبو عند رضاهُ غري من أرضاهُ لكان جائزاً َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
امللك ثالثة
ٍ
وملك هوى. وملك حزمُ ، ملك دي ٍنُ ، اعلم أن امللك ثالثةٌُ :
$ك ال$$دي ِن فإن$$هُ إذا أق$$ام للرعي$ِ $ة دينهم ،وك$$ان دينهم ه$$و ال$$ذي يعطيهم ال$$ذي فأم$$ا ملُ $
ويلحق هبم الذي عليهم ،أرض$$اهم ذل$ك ،وأن$زل الس$اخط منهم منزل$$ة الراض$ي يف ُ هلم
اإلقرار والتسلي ِم.
طعن $ر ض ي لنو . احلزم فإن$ه يق$وم ب$ه األم$ر وال يس$لم من الطع ِن والتس ِ
$خط وأم$ا مل$ك ِ
ُ ُ ُ ُ ُ ُ
الضعيف مع ِ
حزم القوي. ِ
ساعة ودمار ده ٍر. ملك اهلوى فلعب ٍ وأما ُ
االعتدال يف الكالم والسالم
أيت أم$راً اس$تقام بغِ $ري رأ ٍي ،وأعوان$اً أج$زوا بغِ $ري ِ ٍ
ك عن$د ج$دة دول$ة ،ف$ر َ إذا كان س$لطانُ َ
ني$ٍ $ل ،وعمالً أجنح بغِ $ري ح$ٍ $زم ،فال يغرن$$ك ذل$$ك وال تس$$تنيمن إلي$$ه .ف$$إن األم$$ر اجلدي$$د
$وم على عني قٌ $ $ $ين ،فيُ ُ ِ رمبا يك$$ $ $و ُن هلا مهاب$ $ $ةٌ يف ِ ِ
أنفس أق$ $ $وام وحالوةٌ يف قل$$ $ $وب آخ$ $ $ر َ
$ك األم$ُ $ر غ$$ري طوي$ٍ $ل مث تص$$ريُ الش$$ؤو ُن إىل $وم مبا قبلهم .ويس$$تتب ذلَ $ ويعني قٌ $
أنفس$$هم ُ
حقائقها وأصوهلا.
$ان وثيق$ٍ $ة وال دع$$ائم حمكم$ٍ $ة أوش$ك أن يت$داعى فما ك$$ان من األم$ور ب$ىن على غِ $ري أركٍ $
ويتصدع.
$الم ،وال تبلغن هبم $$ $ا إف$ $ $راط اهلشاش $ِ $ $ة والبشاش $ِ $ $ة .ف $$ $إن ال تك $$ $ونن ن $$ $زر الكالم والس ِ $ $
إحدامُه ا من الك ِرب واألخرى من السخف.
بأي شيء تكون الثقة
$وم لس$$ت منهم على ثق$ٍ $ة من دي ٍن عدوك بقٍ $ وتصول على َ ُ ط أموركإذا كانت إمنا تضب ُ
$تطعت إىل ال $رأي $ك نافع $ةٌ ح$$ىت حتوهلم ،إن اسَ $ $اظ من ني$ٍ $ة فال تنفعنَ $وال رأي وال حفٍ $
األدب ال$$ذي مبثل ِ$ه تك$ون الثق$ة ،أو تس$تبدل هبم ،إن مل تس$$تطع نقلهم إىل م$$ا تري$$د. و ِ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
ِ $ك هبم على غ $$ريهم ،فإمنا أنت يف ذل $$ك ك $ر ِ
اكب األس $$د ال $$ذي يهاب $$هُ $ك قوت َ $وال تغرنَ $
أهيب. ِ
من نظر إليه ،وهو ملركبه ُ
جتنب الغضب والكذب.
ِ
حاجته. يغضب ،ألن القدرة من وراء ِ
للملك أن ليس
َ
يد.
اهه على غري ما ير ُ وليس له أن يكذب ،ألنه ال يقدر أح ٌد على استكر ِ
ُ َ ُ
الناس عذراً يف ختوف الفق ِر. وليس له أن يبخل ،ألنه أقل ِ
ُ
$اس وليس ل$$هُ أن وليس ل$$ه أن يك$$ون حق$$وداً ،ألن خط$$رهُ ق$$د عظُ َم عن جمار ِاة ك$$ل النِ $
$ف$وك ،فإمنا حيم$$ل الرج$$ل على احللِ $ $اس باتق$$اء األميان امللُ $يك$$و َن حالّف$اً ،ألن أح$$ق النِ $
َ ُ
$ديق النِ $
$اس إح$$دى ه$$ذه اخلص$$ال :إم$ا مهان$ةٌ جيدها يف نفس$$ه ،وض$$رعٌ وحاج$ةٌ إىل تصِ $
إياهُ.
بالكالم ،فيجعل األميان لهُ حشواً ووصالً. ِ عين
وإما ٌّ
$نزل نفس$$هُ منزل$ةَ من ال يقب$ُ $ل قول$$هُ إىل $اس حلديث$ِ $ه ،فه$$و يُ $
وإم$$ا هتم$ةٌ ق$$د عرفه$$ا من النِ $
بعد جهد اليمني.
روية وال حس ِن تقدي ٍر ،وال تعوي$ٍ $د ل$$ه ق َ
$ول للسان على غ ِري ٍ وإرسال ٌِ عبث ِ
بالقول وإما ُ
التثبت. ِ
السداد و َ
التفويض إىل الكفاة
هلوه ،إذا تعهد اجلسيم من أم$رِه بنفس ِ$ه، لعبه و ِ
وتنعمه و ِ
ِ امللك يف ِ
تعيشه ال عيب على ِ
َ
ِ
الكفاة. أحكم املهم ،وفوض ما دون ذلك إىل و َ
ما يزين اجلور وحيمل على الباطل
ني الريب$ِ $ة ،وقلب$$هُ بع ِ
ني $اس ،أن يتهم نظ$$رهُ بع ِ ك$$ل أح$ٍ $د حقي$ٌ $ق ،حني ينظ$ُ $ر يف أم$$وِر النِ $
القبيح. ِ ِ وحيمالن على ِ ِ املقت ،فإهنما يز ِ ِ
احلسن وحُي سنان َ َ ويقبحان الباطل ينان اجلور
املقت الس$$لطا ُن ال$$ذي م$$ا وق$َ $ع يف قلب$ِ $ه رب$$ا
ني ِ ني الريب$ِ $ة وع ِ $اس ِ
باهتام نظ$$رِه بع ِ وأح$ُّ $ق النِ $
ناء والوزر ِاء.
ني القر ِ
يقيض له من تزي ِ مع ما ُ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ول والفع ِ$ل ال$وايل ال$$ذي م$$ا ق$ال $اس بإجب$$ار نفس$ه على الع$$دل يف النظ$$ر والق ِ وأح ُّ$ق الن ِ
أو فعل كان أمراً نافذاً غري ٍ
مردود.
ونسيان الود ،فليكابد نقض ق$وهلم، ِ ليعل ِم الوايل أن الناس يصفون الوال َة بسوء ِ
العهد َ
السوء اليت يوصفو َن هبا.صفات ِ ِ نفسه وعن الوالةوليبطل عن ِ
تفقد الوايل لرعيته وجتنبه احلسد
$ف موض$$عاً $ف أم$$وِر رعيت$ِ $ه ،فض$الً عن جس$$يمها ،ف$$إن للطيِ $ ح$$ق ال$وايل أن يتفق$$د لطيَ $
ينتفع به ،وللجسيم موضعاً ال يتسغين عنهُ. ُ
ليتفق$$د ال$وايل ،يف م$$ا يتفق$ُ $د من أم$$وِر رعيت$ِ $ه ،فاق$ةَ األخي$$ا ِر األح$رار منهم ،فليعم$$ل يف
$فلة منهم فليقمع $$ $هُ ،وليس $$ $توحش من الك ِ $ $
$رمي اجلائ ِع والل $$ $ئيم س $$ $دها ،وطغي $$ $ا َن الس ِ $ $
شبع. ِ
جاع ،واللئيم إذا َ يصول الكرميُ إذا َ الشبعان ،فإمنا ُ
حيسد الوالة إىل على حس ِن التدب ِري. ال ينبغي للوايل أن َ
$وقة ال$$يت إمنا حتس$ُ $د من وال حيس$$دن ال $وايل من دون$$ه فإن$$ه أق$$ل يف ذل$$ك ع$$ذراً من السِ $
فوقها ،وكلٌّ ال عذر لهُ.
احلرص على رض$$اهُ إال ل$$وم ٍ
أدب ِ ال يل$$ومن ال $وايل على الزل$$ة من ليس مبته ٍم عن$$دهُ يف
وتقومي ،وال يعدلن باجملتهد يف رضاهُ البص ِري مبا يأيت أحداً.
$احب ن $$ام ال $وايل واس $رتاح ،وجلبت إلي $$ه حاجات $$هُ، فإهنم $$ا إذا اجتمع $$ا يف ال $$وزير والص ِ $
غفل.
وإن هدأ عنها ،وعمل لهُ فيما يهمهُ وإن َ
الظن من نفس $ِ $ه نص $$يباً $وء الظن لق ِ $
$ول الن ِ $ ال ي$ $ولعن ال$ $وايل بس ٍ $
$اس ،وليجع $$ل حلسِ $ $ن ّ ّ َ
ِ
أعماله. صدر عنه يف ِ ِ
يروح به عن قلبه ويُ ُ موفوراً ُ
يعمل.
يقول ،وعندما يُعطي ،وعندما ُ ال يُضيعن الوايل التثبت عندما ُ
أمجل ِ ِ
الرجوع عن الكالم ،وإن العطيةَ بع$د املنِ $ع ُ ِ أحسن من
ُ الصمت الرجوع عن
َ فإ ّن
من املن ِع بع$د اإلعط$اء ،وإن األق$$دام على العم$$ل بع$د الت$أين في$ه أحس$ن من اإلمس ِ
$اك ُ َ
عنهُ بعد اإلقدام عليه.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
حمتاج إىل التثبت.
الناس ٌوكل ِ
دافع ،وليس عليهم مستحث. ِ
كهم الذين ليس لقوهلم وفعلهم ٌ وأحوجهم إليه ملو ُ
كيف يكسد الفجور والدناءة
ِ ِ
ليعلم ال$وايل أن الن$$اس على رأي$$ه إال من ال ب$$ال ل$$هُ .فليكن لل$$دين وال$$رب واملروءة عن$$دهُ
ِ
األرض. نفاق فيكسد بذلك الفجور والدناء َة يف ِ
آفاق ٌ
َ
ما حيتاج إليه الوايل من أمر الدنيا
أي يزين$هُ يف ِ
حيتاج إليه الوايل من أمر الدنيا رأي$ان :رأي يق$وي ب$ه س$لطانهُ ،ور ٌ مجاعُ ما ُ
ِ
الناس.
ِ
بالبداءة وأوالمها باألثرة. ورأي ِ
القوة أحقهما
ورأي التزيني أحضرمها حالوةً وأكثرهم أعواناً.
معظمه و ِ
أصله. ِ نسب إىل ِ ِ
مع أن ال ُقوَة من الزينة ،والزينةَ من القوة .لكن األمر يُ ُ
ماذا على املبتلى بصحبة السلطان وصحبة الوايل.
حيدثن ل $$ك ٍ $لطان فعلي ِ َ $إن ابتليت بص $$حبة الس ِ $
$ك بط $$ول املواظب $$ة يف غ $$ري معاتب $$ة ،وال َ َ
هتاوناً.
االستئناس به غفلةً وال ُ
ُ
لت من ذي منزل$ٍ $ة ك أخاً فاجعل$ه أب$اً ،مث إن زادك ف$زدهُ إذا ن$ز َ أيت السلطا َن جيعلُ َإذا ر َ
وداً وال $دك ّ أو سٍ $
$لطان فال ت $رين أن س$$لطانهُ زادك ل$$ه توق $رياً وإجالالً ،من غ ِ $ري أن يزيَ $
نصحاً.
ِ
كاملؤتنف ما قبلهُ ،وال اته و ِ
الرفق به اإلجالل .وكن يف مدار ِ التوقري و
َ وأنك ترى حقاً له َ
األخالق مستحيلةٌ م$$ع ِ
أخالقه ،فإن تعرف من
كنت ُ تقد ِر األمر َ
َ بينك وبينهُ على ما َ
بقدمه قد أضر ِبه قدمهُ. السلطان ِ
ِ امللك ،ورمبا رأينا الرجل املدل على ذي ِ
$عبة من قراب$ٍ $ة أو مٍ $
$ودة، $والة إال على شٍ $إن اس$$تطعت أال تص$$حب من ص$$حبت من الِ $
َ َ َ
أنك إمنا تعمل على السخرِة. فافعل .فإن أخطأك ذلك فاعلم َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك
$ك وص$$ $حة دينَ $ $ $حبتك ملن ق$$ $د عرف$$ $ك بص$$ $ا ِحل مروءتَ $ $ $تطعت أن جتع$$ $ل صَ $ $ إن اسَ $ $
أمورك قبل ِ
واليته فافعل. ِ
وسالمة َ َ
$اس يلق$$اهُ بالناس إال ما قد علم قبل واليته .أما إذا ويل فكل النِ $ فإن الوايل ال علم لهُ ِ
َ
$ال الن يث $$ين علي$$ه عن $$دهُ مبال ليس في $ِ $ه .غ $$ري أن األن $$ذال ب $$التزي ِن والتص $$ن ِع وكلهم حيت ُ $
عليه مثابرًة وفيه متحالً. لذلك تصنعاً وأشد ِ واألرذال هم أش ٌد َ
فال ميتن $ُ $ع ال $وايل ،وإن ك$$ان بلي $َ $غ ال $رأي والنظ ِ $ر ،من أن ي$$نزل عن $$دهُ كث $$ريٌ من األش $رار
األمناء ،وكثريٌ من الغدرة مبنز ِلة األوفي$$اء ،ويغطى ِ اخلانة مبنز ِلة
مبنز ِلة األخيا ِر ،وكثري من ِ
ٌ
ِ
التمحل والتصن ِع. الذين يصونو َن أنفسهم ع ِن الفضل أهل من عليه أمر كث ٍ
ري ِ
َ ُ
كالم املل $ِ $ق ،وال تك$$ $ثر َن من ِ ِ
$رفت نفس$$ $ك من ال$ $وايل مبنزل$$ $ة الثق$$ $ة ،ف$$ $اعزل عن $$هُ َ إذا عَ $ $
الدعاء لهُ يف كل كلمة ،فإ ّن ذل$$ك ش$$بيهٌ بالوحش$ِ $ة والغرب$ِ $ة ،إال أن تكلم$$هُ على رؤوس
الناس ،فال تأل عما عظمهُ ووقرهُ. ِ
$اج $ت حُت أن $ك
َ $ش فيو ، $لِ $ئ القبا من $ة يعرفنك ال$$والة ب$اهلوى يف بل$ٍ $د من البل ِ
$دان وال قبيلٍ $ َ ال
َ
تهم يف ذلك. ٍ ٍ
فيهما إىل حكاية أو شهادة ،فتُ َ
$يء من اهلوى ،ف$$إن ال $رأي ف$$إذا أردت أن يقب$$ل قول$$ك فص$$حح رأي$$ك وال تش$$وبنه بشٍ $
ُ َ ُ َ َ
الصديق.
ُ عليك الو ُلد و
منك العدو ،واهلوى يردهُ َ الصحيح يقبلهُ ّ َ
ط الرأي باهلوى الوالةُ ،فإهنا خديع$ةٌ وخيان$ةٌ بك خل َ احرتست من أن يظُ ّن َ َ أحق م ِن
و ُّ
كفر عندهم. و ٌ
ني ليس $ريت بني خل$$ت ِ يد صالح ِ ِ
بصحبة و ٍال ال يُر ُ
$ك ق$$د خَ $ رعيته ف$$اعلم أنَ $ َ ابتليت
َ إن
هالك الدي ِن.الرعية ،وهذا ُ منهما خيار :إما امليل مع الوايل على ِ
ُ ٌ
املوت أو
$ك إال ُ هالك ال $$دنيا ،وال حيل$ $ةَ ل َ $ وإم $$ا املي $ُ $ل م $$ع الرعي $ِ $ة على ال$ $وايل ،وه $$ذا ُ
اهلرب.
ُ
حبالك ِ
حبباله، السرية إذا علقت واعلم أنه ال ينبغي لك ،وإن كا َن الوايل غري مرضي ِ
َ َ َ ُ
ِ
اجلميل سبيالً. عليه ،إال أن جتد إىل الفر ِاق إال احملافظةُ ِ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
حتب ل$$ه وال$$يت تك$$رهُ ،وم$$ا ه$$و علي$ِ $ه من ال $رأي ِ
تبص$$ر م$$ا يف ال $وايل من األخالق ال$$يت ّ
ب ويك$رهُ إىل م$ا الذي ترضى لهُ والذي ال ترضى .مث ال تكابرن$هُ بالتحوي ِ$ل ل$هُ عم$ا حُي ّ
حتمل على التنائي والقلى. حتب وتكرهُ .فإ ّن هذه رياضةٌ صعبةٌ ُ َ
يقة هو عليها باملكابرة واملناقض$ِ $ة ،وإن مل يكن رجل عن طر ٍ رد ٍ تقدر على ّ فإنك قلما ُ َ
$در على أن تعين $$ $هُ على أحس ِ $ $ن رأي $ِ $ $ه، $ك تق ُ $ $
ممن يتجمح ب $ِ $ $ه ع $$ $ز الس ِ $ $
$لطان .ولكن َ $ $ ُ
وتُس$$ددهُ في$$ه وتزين$$هُ ،وتقوي$$هُ علي$ِ $ه ،ف$$إذا ق$$ويت من$$هُ احملاس$$ن ك$$انت هي ال$$يت تكفيَ $
$ك
اب ه$$و ال$$ذي املس$$اوئ .وإذا اس$$تحكمت من$$هُ ناحي $ةٌ من الص $و ِ
$ك الص $و ُ اب ك$$ان ذلَ $
اب ِ
حكمك يف نفس$$ه .ف$$إن الص$و َ َ تبصريك وأعدل من َ اقع اخلطأ بألطف من يبصرهُ مو َ
$احبه األش$$ياءُ ،ويظه$َ $ر بعض ح$$ىت تس$$تحكم لصِ $ يؤي$ُ $د بعض$$هُ بعض$اً وي$$دعو بعض$$هُ إىل ٍ
ِ
اقتلع ذلك اخلطأ كلهُ. عليها بتحكي ِم الرأي ،فإذا كانت لهُ مكانةٌ من األصالة َ
فاحفظ هذا الباب وأحكمهُ.
ال تسأل السلطان وال تتدل عليه
أطلب ِ
$ك .وليس ُ باملسألة ،ال تستبطئهُ ،وإن أبطأ عليَ $ طلبك ما عند الوايلال يكونن َ
$اك
طالت األناةُ منهُ .فإن$$ك إذا اس$$تحققتهُ أتَ $ استأن به وإن ِ ما قبله باالستحقاق له ،و ِ
ُ ُ
أعجل لهُ. طلب ،وإن مل تستبطئهُ كان عن غ ِري ٍ
َ
$تطعت أال ينس$$ى ِ ِ $ك علي$ِ $ه حق $اً ،وأنَ $
$ك تعت$$د علي$$ه ببالء وإن اسَ $ ال خترب َن ال $وايل أن لَ $
االجتهاد،
َ جتديدك لهُ النصيحةَ و
َ حقك وبالءك فافعل .وليكن ما يذكره ِبه من ذلك
منك إىل آخ ٍر يذكرهُ أول َ
بالئك. ينظر َ وأال يز َال ُ
$ك
األول ،وأن الكث $$ $ري من أولئ َ $ $ واعلم أن الس $$ $لطا َن إذا انقط $َ $ $ع عن $$ $هُ اآلخ $ُ $ $ر نس $$ $ي َ
أرح $$امهم مقطوع$ $ةٌ وحب $$اهلم مص $$رومةٌ ،إال عمن رض$ $وا عن $$هُ وأغ $$ىن عنهم يف ي $$ومهم
وساعتهم.
تعتب على الوايل أو استزراءٌ لهُ. إياك أن يقع يف قلبك ٌ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
كنت
$انك ،إن َ وجهك ،إن كنت حليم$اً ،وب$$دا على لسَ $ َ وقع يف قلبك بدا يف فإنهُ إن َ
سفيهاً.
$ك آلم ِن الن$$اس عن$$دك فال ت$$أمنن أن يظه$ّ $ر $ك على أن يظه$$ر يف وجهَ $ ف$$إن مل ي$$زد ذلّ $
ذلك للوايل.
ات اإلخو ِان س$راعٌ ،ف$إذا ظه$ر ذل$ك لل$وايل ك$ان قلب$هُ ه$و فإ ّن الناس إىل السلطان بعور ِ
$ك على $رف ب َ
$ناتك املاض$ية ،وأش َفمحق ذل$ك حس َ َ أسرع إىل النفوِر والتغ ِري من َ
قلبك
وتلتمس مرضا َة سلطانك مستصعباً. ُ أمرك مستدبراً
تعرف َوصرت ُ َ اهلالك،
كنت تركتهُ راضياً وازددت من رضاهُ ُدنُواً. ولو شئت َ
احذر سخط السلطان واخضع له
$لطان ذو املكان $ِ $ة
$اس ع $$دواً جاه $$داً حاض$ $راً جريئ$ $اً واش $$ياً وزي $$ر الس ِ $
ُ اعلم أن أك $َ $ثر الن ِ $
$لطان .ألن من حاس$$ديه $احب السِ $ عندهُ .ألنهُ منفوس عليه مكان$$هُ مبا ينفس على صِ $
ُ ٌ
$ازل .وهم وغ$$ريهم من عِ $
$دوه املداخل واملنِ $
ِ أحب$$اء السِ $
$لطان وأقارب$$هُ ال$$ذين يش$$اركونهُ يف ً
ال $$ذين هم حض $$اره ليس $وا كع $$دو الس ِ $
$لطان الن $$ائي عن $$هُ واملكتت ِم من $$هُ .وهم ال ينقط $ُ $ع ُ َ
ِ
احلبائل لهُ. طمعهم من الظفر ِبه ،فال يغفلو َن عن ِ
نصب
$داؤك س $$ $ $الح الص ِ $ $ $
$حة $ذين هم أع َ $ $ $ ِ ف $$ $ $اعرف ه ِ $ $ $
َ احلال ،والبس هلؤالء الق $$ $ $وم ال َ $ $ $$ذه َ
كأنك ال عدو لك وتعلن .مث روح عن قلبك حىت َ ِ
لزوم احملجة فيما تسر ُ واالستقامة و َ
حاسد.
َ وال
عينيك فال ي$رين الس$$لطا ُن وال وجهك أو يف ِ
السلطان بسوء يف ذاكر عند
َ َ وإن ذكرك ٌ
منك اختالطاً لذلك وال اغتياظاً وال ضجراً. غريهُ َ
$ك ذل$$ك املوق$َ $ع ،أدخ$$ل $ك ،فإن$$هُ إن وق$$ع منَ $ يقعن ذل$$ك يف نفس$$ك موق$$ع م$$ا يكرثَ $ وال ّ
$ك
$طرك األم$ُ $ر يف ذلَ $
العائب .وإن اضَ $ فيك
قال َ يبة مذكرًة ملا َ عليك أموراً مشتبهتةً بالر ِ
ُ
اب احلج$ِ $ة يف حل ٍم ووق$$ا ٍر. $ب واالنتق$ِ $ام وعلي$$ك جبو ِ اب الغضِ $
$اك وج $و َإىل اجلواب فإيَ $
تشكن يف أن الغلبةَ والقوَة للحلي ِم أبداً. َّ وال
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
لت عن$ه .وال ٍ
ال تتكلمن عند الوايل كالماً أب$داً إال لعناي$ة ،أو يك$و َن جواب$اً لش$يء س$ئُ َ
تؤمر حبضورِه. ِ
حتضرن عند الوايل كالماً أبداً ال تعين به أو ُ
ط اللس$$ا َن وال تع$$دن ش$$تم ال$وايل ش$$تماً ،وال إغالظ$$هُ إغالظ$اً ،ف$$إن ربح الع$$زِة ق$$د تبسُ $
سخط وال ٍ
بأس. بالغلظة يف غري ٍ ِ
منزل،
جملس وال ٌ ِ جانب املسخوط ِ
جيمعنك وإياهُ ٌَ السلطان .وال عليه والظنني به عند
أحد من ِ
الناس. وال تظهر َن له عذراً ،وال تثنني عليه خرياً عند ٍ
ّ ُ
قلب ف $$إذا رأيت $$هُ ق $$د بل $$غ من اإلعت ِ $
تلني ل $$هُ ب $$ه َ
$اب مما س $$خط علي $$ه في $$ه م $$ا ترج $$و أن َ
الناس فضع عليه عند ِ الوايل ،واستيقنت أن الوايل قد استيقن مبباعدتك إياه وشدتك ِ
ُ َ َ
رفق و ٍ
لطف. عذرهُ عند الوايل واعمل يف إرضائه عنهُ يف ٍ
تقدم إلي$$ه ِ ليعل ِم الوايل َ
تستنكف عن شيء من خدمته .وال تدع مع ذلك أن َ ُ أنك ال
وطيب نفس ِ$ه ،يف االس$تعفاء من األعم$ال ال$يت هي $االت رض$اهُ ِبعض ح ِ القول ،عن$د ِ َ
$رض وذو ِ
املروءة ،من والي $$ة القت $ِ $ل أه $ٌ $ل أن يكرهه $$ا ذو ال $$دي ِن وذو العق $ِ $ل و ذو الع ِ $
ذلك. ِ و ِ
العذاب وأشباه َ
$ك ذل$$ك تغ$رياً على أح$ٍ $د من $لطان ،فال حيدثن لَ $ وإذا أص$$بت اجلاه واخلاص$$ة عن$$د السِ $
َ
$وة أو تغٍ $ري فت$$ذل انه ،وال اس$$تغناء عنهم ،فإن$$ك ال ت$$دري م$$ىت ت$$رى أدىن جفٍ $ أهله وأعو ِِ
هلم فيها.
تلون احلال عند ذلك من العا ِر ما ِ
فيه. ويف ِ
سار أحداً من الناس وال هتمس إلي$ه بش$يء ختفي ِ$ه على أمرك أال تُ َ
حتكم من َ ليكن مما ُ
ِ ٍ ِ
الس$$لطان أو تعلن$$هُ ف$$إن الس$ر َار مما خيي$ُ $ل إىل ك$$ل من رآهُ من ذي س$$لطان أو غ$$ريه أن$$هُ
نفسه حسيكةً ووغراً وثقالً.املراد ِبه .فيكو ُن ذلك يف ِ
ُ
الكذب يبطل احلق ويرد الصدق
$ال احلق اهلزل ،فإهنا تس$$رعُ يف إبطِ $ $ريه يف ِال تته$$اونن بإرس$$ال الكذب$$ة عن$$د ال$وايل أو غِ $
الصدق مما تأيت ِبه.
ِ ورد
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
وبني اإلخ$و ِان ،خلق$اً ق$د عرفن$اهُ يف $ك َ
$ك وبني الس ِ
$لطان ويف م$ا بين َ تنكب ،يف م$ا بين َ َ
بعض ال $$وزراء واألع$ $وان يف ادع $$اء الرج $ِ $ل ،عن $$دما يظه $$ر من ص ِ $
$احبه حس $ُ $ن أثٍ $ $ر أو ِ
ُ
$ادح .ب$$ل إن$ذلك إذا مدح$$هُ ب$$ه مٌ $ عمل يف ذلك وأشار به ،وإقرارِه بَ $ اب رأي ،أنهُ َ
صو ُ ٍ
$ك ،فض $ $الً عن أن ت$$ $دعي اب رأيَ $ $ $احبك أن$$ $ك تنحل$$ $هُ ص $ $و َ
$رف صَ $ $ $تطعت أن تعَ $ $اسَ $ $
وتسند ذلك إليه وتزينهُ ِبه ،فافعل. َ صوابهُ،
ٍ
بأضعاف. فإن الذي أنت آخ ٌذ بذلك أكثر مما أنت ٍ
معط َ ُ
ال جتب إال إذا سئلت ،وأحسن اإلصغاء
$ك
$تالبك الكالم خف$ةٌ بَ $ اجمليب عن$$هُ .ف$$إن اسَ $ إذا س$$أل ال $وايل غ$$ريك فال تك$$ونن أنت َ
ِ
وبالسائل. ِ
باملسؤول استخفاف منك
ٌ و
$ؤول عن $َ $د
$ك املس ُ $ $ألت? أو ق $$ال ل َ $ $ائل :م $$ا إي $$اك س ُ $$ك الس ُ $ أنت قائ $ٌ $ل إن ق $$ال ل َ $
وم $$ا َ
دونك فأجب. يعاد له هباَ : ِ
املسألة ُ
$ألة لرج$ٍ $ل واح$ٍ $د وعم هبا مجاع $ةَ من عن$$دهُ فال تُب$$ادرن وإذا مل يقص$ِ $د الس$$ائل يف املسِ $
ُ
$ابق اجللس$اء ،وال ت$واثب ب$الكالم مواثب$ةً .ف$إن ذل$ك جيم ُ$ع من شِ $
ني ب$اجلواب ،وال تس ِ
َ
ِ التكلِ $
$ك خص$$ماءَ فتعقب$$وهُ $اروا لكالمَ $ $وم إىل الكالم صُ $ $بقت القَ $
$ك إذا سَ $ $ف واخلف$$ة أنَ $
اب وخليته للق ِ أنت مل تعجل باجلو ِ ِ
$وم ،اعرتض$ت أق$اويلهم على ُ بالعيب والطع ِن .وإذا َ
$ريك وحماس ِ $ن م$$ا َ
مسعت $أت من تفكَ $ $رت يف م$$ا عن$$دك ،مث هيَ $ $ك ،مث ت$$دبرهتا وفكَ $ عينَ $
$ك$يخ إلي$$ $ك األمساعُ و يه$$ $دأ عنَ $ $ جواب $ $اً رض$$ $ياً ،مث اس$$ $تدبرت ب$$ $ه أق$$ $اويلهم حني تصُ $ $
وم.
اخلص ُ
ُ
$ك ،فال يك$$و ُن احلديث قب$$ل ذلَ $
ُ $ريك ،أو ينقطِ $ع الكالم ح$$ىت يُكتفى بغَ $
ُ $ك
وإن مل يبلغَ $
اب.فاتك من اجلو ِ فوت ما َ نفسك ُ َ نب يفالعيب عندك وال من الغ ِ من ِ
$يب ِ ِ ِ
ف $$إن ص $$يانةَ الق $$ول خ $$ريٌ من س $$وء وض $$عه ،وإن كلم$ $ةً واح $$د ًة من الص$ $واب تص ُ $
كالم العجل$ِ $ة ِ ٍ
موض$$عها خ$$ريٌ من مئ$$ة كلم$$ة تقوهلا يف غ ِ $ري فرص$$ها ومواض$$عها .م$$ع أن َ
أحكم. والبدا ِر مو ِ
لل وسوءُ التقدير ،وإن ظن صاحبهُ أنهُ قد أتقن و َ كل به الز ُ ٌ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$رحب ال$$ذرِع عن$$د م$$ا قي$$ل وم$$ا مل يق$$ل، $ك إال بِ $ $درك وال متلُ $$ور التُ $ واعلم أن ه$$ذه األمَ $
النفس عن كث ٍ $ $ $ري من
$خاوة ِ املروءة وم$$ $ $ا مل يظه$$ $ $ر ،وسِ $ $ $
وقل$ِ $ $ $ة اإلعظ$ِ $ $ $ام ملا ظه$$ $ $ر من ِ
َ
احلسد واملر ِاء.
العجلة و ِ اخلالف و ِ ِ اب خمافةَالصو ِ
إذا كلم$$ $ك ال $ $وايل فأص ِ $ $غ إىل كالم$ِ $ $ه .وال تش$$ $غل طرف$$ $ك عن$$ $ه بنظ ٍ $ $ر إىل غِ $ $
$ريه ،وال ُ َ
حبديث ٍ
نفس. ِ بعمل ،وال قلبك أطرافك ٍ
نفسك ،وتعاهدها جبهدك. َ واحذر هذه اخلصلةَ من
رفق الوزير بنظرائه
ودخالئ$ِ $ه .واختذهم إخوان$اً ،وال تتخ$$ذهم ِ ِ
$ك من وزراء الس$$لطان وأخالئ$$ه ُ ارف$$ق بنُظرائَ $
دونك.
العمل يؤمرون به َ الكلمة يتقربون هبا ،أو ِ ِ أعداء .ال تُنافسهم يف
$ريك
رجلني :إم $$ا أن يك $$و َن عن $$دك فض $ٌ $ل على م $$ا عن $$د .غ َ $ فإمنا أنت يف ذل $$ك أح $ُ $د ُ
جممل. فسوف يبدو ذلك وحيتاج ِ
أنت ٌ منك ،و َ ويلتمس َ
ُ إليه ُ ُ
$ك عن $$د وزراء الس $$لطان $يب من حاجت َ $ $دك ،فم $$ا أنت ُمص ٌ $ وإم $$ا أال يك $$ون ذل $$ك عن َ $
$ك إي$$ $اهم ولين$$ $ك هلم من$$ $ه $ك ،وم$$ $ا أنت واج ٌ $ $د يف موافقتَ $ $ $ك إي$$ $اهم ومالينتَ $ $ مبقاربتَ $ $
ِ
باملنافسة واملنافرِة هلم. مدرك
أنت ٌ أفضل مما َموافقتهم إياك ولينهم لك ُ
$ك ومع $$رفتهم بفض $ِ $ل ِ
$ابك عن $$د ال$ $وايل ،ثق$ $ةً ب $$اعرتافهم ل َ $
ال جترتئن على خالف أص َ $
$اس يع$$رتفو َن بفص$ِ $ل الرج$ِ $ل وينق$$ادو َن ل$$هُ ويتعلم$$و َن من$$هُ ،وهم رأي$$ك ،فإن$$ا ق$$د رأين$$ا النً $
يرض أح ٌد منهم أن يقر لهُ ،وال أن يكون لهُ علي$ِ $ه أخلياء .فإذا حضروا السلطا َن ،مل َ
فضل ،ف$اجرتأوا علي ِ$ه يف ال$رأي والعل ِم فض ٌ$ل ،ف$اجرتأوا علي$ه ب$اخلالف يف الرأي والعلم ٌ
و ِ
النقض.
ني س $$امعاً فهم$ $اً أو قاض $$ياً ف $$إن ناقض $$هم ص $$ار كأح $$دهم .وليس بواج $ٍ $د يف ك $$ل ح ٍ
َ
عدالً.
مردود ِ
القول. مغلوب الرأي َ ترك مناقضتهم ،كان وإن َ
َ
لكل أليف وجليس
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك، $لطان لط$$ف منزل$ٍ $ة ،لغنٍ $ إذا أص$$بت عن$َ $د السِ $
$دك أو ه$$وى يك$$و ُن ل$$هُ فيَ $ $اء جيدهُ عنَ $ َ
$ك املزايل $$ة ل $$هُ عن أليف $ِ $ه وموض ِ $ع ثقت $ِ $ه
$اح وال تُ $زينن ل $$ك نفس َ $ فال تطمحن ك $$ل الطم ِ $
$فه ق$د يبتلى خالل السِ $ يد أن تقلعه وت$دخل دون$ه ،ف$إن ه$ذه خل$ةٌ من ِ وسرِه َ
قبلك :تُر ُ
َ ُ
حيدث الرج$ُ $ل منهم نفس$$هُ أن يك$$و َن دون $لطان ح$$ىت ُ هبا احللم$$اء عن$$د ال$$دنو من السِ $
ُ
نقص يظنه ِ ِ األهل والو ِ
بغريه. لفضل يظنهُ بنفسه أو ٍ ُ لدٍ ، ِ
$رف روح$$هُ واطل$$ع أنيس ق$$د عَ $ $وك أو ذي هيئ$ٍ $ة من السِ $ ولك$$ل رج$ٍ $ل من امللِ $
$ف و ٌ $وقة أليٌ $
$تبني من$$هُ ،أو س ٍ $ر$ذل يتبذل$$هُ عن$$دهُ ،أو رأي يسُ $ على قلب$ِ $ه .فليس$$ت علي$ِ $ه مؤون$ةٌ يف تبٍ $
$ف يس$تخر ُج من ك$ل واح ٍ$د منهم$ا م$ا مل $ك األنس$ة وذل$ك اإلل َ يفشيه إلي$ه .غ$ري أن تل َ ِ
ملتمس مث$َ $ل ذل$$ك عن$َ $د من $اض والتش $$دد .ول$$و التمس يكن ليظه$$ر من$$هُ عن$$د االنقبِ $
ٌ
$طة يف العل ِم، يس$تأنف مالطفت$ه ومؤانس$ته ومنامسته ،وإن ك$$ا َن ذا فض$ٍ $ل يف ال$رأي وبس ٍ
ُ ُ ُ ُ ُ
منتفع ب$ه ممن ه$و دو َن ذل$ك يف ال$رأي ممن ق$$د كفي مؤانس$تهُ مثل ما هو ٌ مل جيد عنده َ
ووقع على ِ
طباعه. َ
$القلوب إال م$$ا الن $وب ،وأن الوحش$$ة روعٌ عليه$$ا .وال يلت$$ا ُط بِ $ ألن األنس$$ة روح للقلِ $
ٌ
بالوحشة استقبل أمراً ذا ٍ
مؤونة. ِ األنس
استقبل َ َ عليها .ومن
$ك ،فاق $$دعها عن ذل $$ك مبعرف $ِ $ة $فت ل َ $ ِ
$ك الس $$مو إىل منزل $$ة من وص ُ $ ف $$إذا كلفت $$ك نفس َ $
$ف و ِ فض $ِ $ل األلي ِ $
$ريك ،ممن لعل $$هُ أن يك $$و َن عن $$دهُ $ك أو غ َ $ $دثتك نفس َ $
األنيس ،وإذا ح َ $
بعض دخالئ $ِ $ه وثقات $ِ $ه ف $$اذكر $روءة ،أن $$ك أوىل باملنزل $ِ $ة عن $$د الس $$لطان من ِ فض $$ل يف م ٍ $
ٌ
السلطان من ح$ق أليف ِ$ه وثقت ِ$ه وأنيس$ِ $ه يف التكرم$ِ $ة واملكان ٍ$ة وال$رأي ،وال$$ذي ِ الذي على
األنس م $$ا ليس واج $$داً عن $َ $د $ف و ِ جيد عن $$ده من اإلل ِ $
$ك من ال$ $رأي أن $$هُ ُ ُ يُعينُ $$هُ على ذل َ $
ِ
غريه.
نفسك وتعرف فيه عذر السلطان ورأيهُ. َ فيه على ظ ِ فليكن هذا مما حتف ُ
$ك$ك وأنيس َ $ $ ادك مريٌ $ $ $د على ال ِ $ $
$دخول دو َن أليف َ $ $ $ك ،إن أر َ $ك مث $ُ $ $ل ذل َ $ $وال$ $ $رأي لنفس َ $ $
لك. وجدك وهز َ
وسرك َ ثقتك َ وموض ِع َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
دث ب$$ه :إم$$ا عن بل$ٍ $د من $ديث ال ي$ز ُال حُي ُ واعلم أن$$ه يك$$اد يك$$و ُن لك$$ل رج$ٍ $ل غالب$ةُ حٍ $
ُ ُ
$اس أو وج$ٍ $ه من وجِ $
$وه $نف من صِ $
$نوف النِ $ $روب العل ِم أو صٍ $ $رب من ضِ $ البلِ $
$دان أو ضٍ $
$رف من $$هُ اهلوى، $خف ويع ُ $$رم ب $$ه الرج $ُ $ل من ذل $$ك يب $$دو من $$هُ الس ُ $ ال$ $رأي .وعن $$دما يغ ُ $
السلطان خاصةً. ِ فاجتنب ذلك يف كل موط ٍن ،مث عند
احتمل ما خالفك من رأي السلطان
اطلعت علي$$ه من رأي تكره$$هُ ل$$هُ .فإن$$ك َ $لطان ودخالئ$ِ $ه م$$ا ال تش$$كون إىل وزراء السِ $
عليك معهُ.
امليل َ ني ذلك و ِ يد على أن تفطنهم هلواهُ أو تقرهبم منهُ وتغريهم بتزي ِ ال تز ُ
ُ
ِ ِ ِ
واعلم أن الرجل ذا اجلاه عند السلطان واخلاصة ال حمالةَ أن يرى من الوايل م$$ا خُي الف$$هُ
ميتعض من َ $ك أنالناس واألموِر .فإذا آث$ر أن يك َ$ره ك$ل م$ا خالف$هُ أو ش َ من الرأي يف ِ
$اء ملن ال يه$$وى $وة يف احلاج$ِ $ة ،أو ال$$رد لل$رأي ،أو اإلدنِ $ اجمللس ،أو النبِ $$وة يراه$$ا يف ِ اجلفِ $
اإلقصاء ملن يكرهُ إقصاءهُ. ِ إدناءهُ ،أو
$ري ل$$ $ذلك وجه$$ $هُ ورأي$$ $هُ وكالم$$ $هُ ح$$ $ىت يب$$ $دو ذل$$ $ك $ $غ ت ة
ُ $ $ ي اه
ر الك ف$$ $إذا وقعت يف قلبِ $ $
$ه
َ
ِ
ومروءته سبباً وداعياً. لفساد منز ِ
لته ِ ذلك ِ ِ
للسلطان وغريه ،فيكو ّن َ
$ك من رأي الس$$لطان ،وقرره$$ا على أن الس$$لطان إمنا $ال م$$ا خالفَ $ $ك باحتمِ $ ف$$ذلل نفسَ $
$ب من خالف $ِ $ه $ك وتغض َ $ ك $$ان س $$لطاناً لتتبع $$هُ يف رأي $ِ $ه وه $واهُ وأم $$رِه ،وال تكلف $$هُ اتباع َ $
إياك.
َ
تصحيح النصيحة للسلطان
$دهم
اعلم أن الس$$لطان يقب$ُ $ل من ال$$وزراء التبخي$$ل ويع$$دهُ منهم ش$$فقةً ونظ$راً ل$$هُ ،وحيمُ $
كنت ِ ِ علي $ِ $ه ،ف $$إن ك $$ان ج$ $واداً وكنت ِّ
$احبك بفس $$اد مروءت $$ه ،وإن َ $نت ص َ $ مبخالً ،ش َ $
لتك عندهُ. مسخياً ،مل تأمن إضر َار ذلك مبنز َ
العيب والالئم$ِ $ة
املخلص من ِ ِ $يحة على وجهه$$ا ،والتم$$اس ف$$الرأي ل$$ك تص$$حيح النصِ $
ُ
$رف من$$ك يف م$$ا ت$$دعوه إلي$ِ $ه ميالً إىل شٍ $
$يء ُ $احبك ب$$أال يعَ َ $ $رتك من تبخي$ِ $ل صَ $ يف م$$ا تُ $
من هو َاك وال طلباً لغ ِري ما ترجو أن يزينهُ وينفعهُ.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
الطاعة للملوك
$وك إال بع$$د رياض$ٍ $ة من$$ك لنفس$$ك على ط$$اعتهم يف املكِ $
$روه حبتك للملِ $
َ صُ َ $ ال تك$$ونن ُ
$ك ،وتق$$دي ِر األم$وِر على أه$وائهم دون ه$و َاك ،وعلى أال عندك ،وموافقتهم فيما خالفَ $ َ
الناس كلهم ح$$ىت عليه على ِ أطلعوك ِ
َ كتموك ،وخُت في ما
َ تكتمهم سرك والتستطلع ما
التلطف حلاجتهم ،والتثِ $
$بيت االجتهاد يف رضاهم ،و ِ ِ احلديث ِبه ،وعلى حتمي نفسك
َ
$ديق ملق$$ $التهم ،وال$$ $تزيني ل $ $رأيهم ،وعلى قل$ِ $ $ة االسِ $ $
$تقباح ملا فعل $ $وا إذا حلُجتهم ،والتصِ $ $
$ال ملا فعل $وا إذا احس$$نوا ،وك$$ثرِة النش ِ $ر حملاس$$نهم ،وحس ِ $ن الس$$رت أس$$اؤوا ،وتِ $
$رك االنتحِ $
ملساوئهم ،واملقار ِبة ملن قاربوا وإن كانوا بعداءَ ،واملباعد َة ملن باع$$دوا وإن ك$$انوا أقرب$$اءَ،
واالهتمام بأمرهم وإن مل يهتموا ِبه ،واحلفظ هُل م وإن ضيعوهُ ،وال$$ذكر هلم وإن نس$$وهُ،
$ك ،واالحتم $$ال هلم ك $$ل مؤون $ٍ $ة ،والرض $$ى منهم ب $$العف ِو، $ف عنهم من مؤونت َ $ والتخفي ِ $
ِ
باالجتهاد. نفسك هلم إال وقلة الرضى من ِ
َ
$دك فإن$$هُ
$ك واعتزل$$هُ جهَ $ ذلك نفسَ $وإن وجدت عنهم وعن صحبتهم غىن ،فأغن عن َ
ِ ِ
بني ل $$ذة ال $$دنيا وعم $ِ $ل اآلخ $$رِة .ومن ال ُ
يأخ$$ذ من يأخ $$ذ عملهم حبق $$ه ،حيل بين $$هُ و َ
حيتمل الفضيحةَ يف الدنيا والوزر يف اآلخرِة. حبقهِ ، ِ
$أمن ِ
$أمن عق$$ $وبتهم إن كتمتهم ،وال تُ $ $ $أمن أنف $ $ةُ املل$$ $وك إن أعلمتهم ،وال تُ $ $ $ك ال تُ $ $ إنَ $ $
غض $$بتهم إن ص $$دقتهم ،وال ت $$أمن س $$لوهتم إن ح $$دثتهم .وإن $$ك إن ل $$زمتهم مل ت $$أمن
محلت املؤون$ةَ عليه ِم ،وإن$ك ،وإن زايلتهم مل ت$أمن عق$اهبم ،وإن تس$تأمرهم َ تربمهم ب َ
$ك أهلك $$وك .وإن قطعت األم $َ $ر دوهنم مل ت $$أمن في $ِ $ه خمالفتهم .إهنم إن س $$خطوا علي َ $ َ
طيق.
تكلفت من رضاهم ما ال تُ ُ َ عنك
رضوا َ
$وك :تعلمهم وأنت ت$ريهم بلوك ،جل$$داً إن قرب$$وك ،أمين$اً إن ائتمنَ $ كنت حافظاً إن َ فإن َ
تكلفهم الش$$كر ،بص $رياً
ُ $ك :تش$$كرهم وال أن$$ك تتعلم منهم ،وت$$ؤدهبم وك$$أهنم يؤدبونَ $
$خطوك ،وإال فالبع$َ $د منهم
$وك ،راض$$ياً إن أسَ $ ب$$أهوائهم م$$ؤثراً ملن$$افعهم ،ذليالً إن ظلمَ $
البعد ،واحلذر منهم كل احلذ ِر. كل ِ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
املال وس $$ك ِر العل ِم وس $$ك ِر املنزل $ِ $ة وس $$كر الش ِ $
$باب، $لطان وس $$كر ِحترز من س $$كر الس ِ $
$ذهب بالوق$$ا ِر وتصُ $
$رف ٍ
$لب العق$َ $ل وتُ $ يح جن$$ة تسُ $ ليس من ه$$ذا ش$$يءٌ إال وه$$و ر ُ فإن$$هُ َ
البصر واللسان إىل غري املناف ِع. السمع و َالقلب و َ َ
يف األصدقاء
أبذل لصديقك دمك ومالك
$ك،$رك وحتننَ $ $رك ،وللعام$ِ $ة بشَ $ $دك وحمضَ $ $ك رفَ $ $ك ومال$$ك ،وملعرفتَ $ $ديقك دمَ $
اب$$ذل لصَ $
ولعدوك عدلك وإنصافك ،واضنن بدينك وعرضك على كل ٍ
أحد. َ َ َ َ
ال تنتحل رأي غريك
$ك فال تنتحل $$هُ تزين $اً ب $$ه عن $$د أيت من $$هُ رأي $اً يعجبُ َ $ $احبك كالم $اً أو ر َ
إن مسعت من ص َ $
ِ ِ ِ
صاحبه. اب إذا مسعتهُ ،وتنسبهُ إىل الناس .واكتف من التزي ِن بأن جتتين الصو َ
لصاحبك ،وأن فيه مع ذلك عاراً وسخفاً. َ ذلك مسخطةُ واعلم أن انتمالَك َ
مجعت م $$ع ِ $ري ب $رأي الرج $ِ $ل
$مع َ وتتكلم بكالم $$ه وه $$و يس ُ $َ $ك أن تش َ $ف $$إن بل $َ $غ ب $$ك ذل َ $
األدب الفاشي يف ِ
الناس. الظل ِم قلةَ احلياء .وهذا من سوء ِ
$ك مبا انتح$$ل $ك ألخيَ $ األدب يف ه$$ذا الب$$اب أن تس$$خو نفسَ $ ومن متام حسِ $ن اخلل$ِ $ق و ِ
استطعت.
َ وتنسب إليه رأيهُ وكالمهُ ،وتُزينهُ مع ذلك ما َ أيك،
من كالمك ور َ
متام إصابة الرأي والقول
$وف" كأن$ك روأت في$ه $ول" :س َ ال يكونن من خلق$ك أن تبت$دئ ح$ديثاً مث تقطع$هُ وتق َ
ِ
احلديث بع $$د بع $$د ابت $$دائك إي $$اه .وليكن تروي $$ك في $$ه قب $$ل التف ِ $
$وه ب $ِ $ه .ف $$إن احتج $$ا َن َ
سخف وغم.ٌ افتتاحه
ني حيس $ُ $ن ك $$ل $ابة املوض ِ $ع .فإن $$هُ ليس يف ك $$ل ح ٍ $ك إىل عن $$د إص ِ $$ك وكالمَ $ اخ $$زن عقل َ $
أدخلت $ابة املوض ِ $ع .ف$$إن أخط$$أك ذل$$ك $ول بإصِ $ اب ،وإمنا متام إصِ $
$ابة ال $رأي والقِ $ ص $و ٍ
َ
$عه وه$$و ال هباء وال $ك ح$$ىت ت$$أيت ب$$ه إن أتيت ب$ِ $ه يف غِ $ري موضِ $ احملن$$ة على عقل$$ك وقولَ $
َ
طالوَة لهُ.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
تقول
منك على أن َ ِ
أحرص َ ُ تسمع
أنك على أن َ السهم َُ حني جُت
وليعرف العُلماءُ َ
ا ختلط اجلد باهلزل
احلديث فاجع$$ل غاي$ةَ ذل$$ك اجلد، ِ تستأنس إلي$ِ $ه يف هلو
ُ إن آثرت أن تُفاخر أحداً ممن
فيه مبا كان هزالً ،فإذا بلغهُ أو قاربهُ فدعهُ. وال تعتد أن تتكلم ِ
خلطت باجلد ه $زالً هجنت$$هُ ،وإن $ك إن وال ختلطن باجلد ه$$زالً ،وال بِ $
$اهلزل ج$$داً .فإنَ $
َ
خلطت ِ
باهلزل جداً كدرتهُ. َ
$بت ال$رأي قدرت أن تس$تقبل في$ه اجلد ب ِ
$اهلزل أص َ َ علمت موطناً واحداً إن َ ُ غري أين قد
$ب وس$$ $وء اللف$ِ $ $ظ، $فة والغضِ $ $$ورد بالسِ $ $
$رت على األق $ $ر ِان :وذل$$ $ك أن يت$$ $وردك متٌ $ $ وظهَ $ $
$ات من $رحب من ال $$ذرِع ،وطالق $ٍ $ة من الوج $ِ $ه ،وثب ٍ $ املداعب ،ب ٍ $ِ فتجيب $$ه إجاب $$ة ِ
اهلازل ُ
ِ
املنطق.
ال تتطاول على األصحاب
$بنك ذل $$ك ،فإمنا ه $$و أح ٌ $د رجلني :إن ك $$ان $دوك فال يغض َ $ $احبك م $$ع ع َ $أيت ص َ $ إن ر َ
$ك ،أو لع$ورٍة عدوك لشٍ $ر يكف$هُ عن َ اطنه لك أقرهبا من َ الثقة فأنفع مو ِ رجالً من أخو ِان ِ
ُ
$اك أن حيض$$رهُ ذو $ديقك فم$$ا أغنَ $
$ك ،فأم$$ا صَ $ $ك ،أو غائب$ٍ $ة يطل$ُ $ع عليه$$ا لَ $ يس$$رتها منَ $
ثقتك.
$اس وتكلف $$هُ أال $ك فب $$أي ح $ٍ $ق تقطع $$هُ ع ِن الن ِ $ وإن ك $$ان رجالً من غِ $ $ري خاص $ِ $ة إخوان َ $
$اول على $ك من التط ِ $ الس إال من هتوى? حتف $$ظ يف جملس $$ك وكالم َ $ $احب وال جُي َ
يتص َ $
$ول وال$رأيُ ،م$$داراةً $حاب ،وطب نفس$اً عن كثٍ $ري مما يع$$رض ل$$ك في$ِ $ه ص$واب القِ $ األصِ $
ُ ُ
التطاو ُل عليهم.
دأبك ُ أصحابك أن َ َ لئال يظن
التفتح ل$$هُ، $ك ،فال تنع ِم اإلقبِ َ $ إذا أقب$$ل إلي$$ك مقب$$ل بِ $
$ال علي$$ه و َ $دبر عنَ $
$رك أال يَ $ $وده فسَ $ َ ٌ
شأنه أن يرح$$ل عمن لص$َ $ق ب$ِ $ه ويلص$َ $ق مبن لؤم .فمن ِ ائب ٍ طبع على ضر ِ فإ ّن اإلنسا َن َ
كابر طبعهُ. ِ
ظ باألدب نفسهُ و َ رحل عينه إال من حف َ َ
غريك.
فيك ويف َ فتحفظ من هذا َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
ادعاء العلم فضيحة
$حابك فإن$$ك من ذل$$ك بني $ك وبني أصَ $ ال تك$$ثرن ادع$$اء العل ِم يف ك$$ل م$$ا يعُ $
$رض بينَ $
فضيحت ِ
ني.
$لف ،وإم$$ا أال ين$$ازعوك$ك على اجلهال$ِ $ة والصِ $ فيهجم منَ $ ادعيت
َ إم$$ا أن ين$$ازعوك فيم$$ا
َ
التصنع واملعجزةُ.
ُ منك
فينكشف َ
َ وخيلوا يف يديك ما ادعيت من األموِر،
جاهل :مصرحاً أو معرضاً. ٌ أنك عاملٌ وأنهُ
صاحبك ََ خترب
واستحي احلياء كلهُ من أن َ
تثقن منهم بالصفاء. استطلت على األكفاء فال َّ َ وإن
$ك
$ك فض$ $الً فتح $$رج أن ت $$ذكرهُ أو تبدي $$هُ واعلم أن ظه $$ورهُ من َ $ $ت من نفس َ $ وإن آنس َ $
ِ
الفضل. لك من يقرر َ ِ قلوب ِ لك يف ِ ِ
الناس من العيب أكثر مما ُ يقرر َبذلك الوجه ُ
واعلم أن $$ك إن ص $$ربت ومل تعج $$ل ظه $$ر ذل $$ك من $$ك بالوج $ِ $ه اجلمي $ِ $ل املع ِ $
$روف عن $$د َ َ َ َ
ِ
الناس.
$اب منالرجل على إظها ِر ما عنده وقلةَ وق$ارِه يف ذل$$ك ب ُ حرص ِ عليك أن َ وال خيفني َ
البخل و ِ
اللؤم. اب ِ أبو ِ
حني تك$$و ُن م$$ع من ه$$و خ$$ريٌ فليكن م$$ا تُعام$ُ $ل ب$$ه احلس$$د أن تعلم أن خ$$ري م$$ا تك$$و ُن َ
$ك يف العل ِم، $ك أفض $$ل من َ $ $ك أن يك $$و َن عش $$ريُ َك وخليطُ َ $ $ك ،وأن غنم$ $اً حس $$ناً ل َ $ من َ $
$ك يف $ك بقوت $ِ $ه ،وأفض $َ $ل من َ $
$ك يف الق $$وة ،في $$دفع عن َ $ فتقتبس من علم $ِ $ه ،وأفض $َ $ل من َ $ َ
$ك حاجتك ِ ِ املال ،فتفيد من ِ ِ
جباهه ،وأفض$َ $ل منَ $ َ فتصيب
َ منك يف اجلاه، ماله ،وأفضل َ
ِ
بصالحه. يف الدي ِن ،فتزداد صالحاً
كيف تعامل عدوك
$دوك
$ك أن خترب عَ $ تعلم أن$$هُ ال ينفعَ $
$دك أن َ $دوك وحاسَ $ ليكن مما تنظ$ُ $ر في$$ه من أم ِ $ر عَ $
$ك قب $$ل اإلع $$داد والفرص $ِ $ة، $ك ل $$هُ ع $$دو ،فتن $$ذرهُ بنفس $$ك وتؤذن $$هُ حبرب َ $ $دك أن َ $
وحاس َ $
عليك.
لك ،وتوقد نارهُ َ التسلح َ
ِ فتحملهُ على
وسبيل
ٌ أنك ال تتخذهُ عدواً فإن ذلك غرةٌ لهُ عدوك َخلطرك أن يرى َ أعظم َ واعلم أنه ُ
$داوة عن أي تك$$افئ هبا لك إىل الق$$درِة علي ِ$ه .ف$إن أنت ق$$درت واس$$تطعت اغتف$ا ِر الع ِ
َ َ َ َ
استكملت عظيم اخلط ِر. َ فهنالك
َ
$اك أن تك $$افئ ع $$داوَة الس $$ر بع ِ $
$داوة العالني $$ة، إن كنت مكافئ$ $اً بالع ِ $
$داوة والض $$رِر فإي َ $ َ
الظلم. هو ذلك فإن ، بعداوة ِ
العامة ِ ِ
اخلاصة وعداوةَ
ُ
واعلم م$$ع ذل$$ك أن$$ه ليس ل$$ه العِ $
$داوة والض$$رِر يكاف$$أ مبثل$ِ $ه :كاخليان$ِ $ة ال تكاف$$أ باخليان$ِ $ة، ُ
ِ
بالسرقة. والسرقة ال تكافأ
$دخل بين$$هُ $ادق أص$$دقاءهُ وتُ $ؤاخي إخوان$$هُ ،فتُ $ $رك م$$ع ع$$دوك أن تصَ $ ومن احليل$$ة يف أمَ $
$قاق والتالحي والتج$$ $ $ايف ح$$ $ $ىت ينتهي ذل $$ $ك هبم إىل القطيع $ِ $ $ة $بيل الشِ $ $ $
وبينهم يف سِ $ $ $
التمست ذلك من$$هُ .وإن ك$$ان اخاتك إذا ٍ ِ
َ ميتنع من مؤ َ رجل ذو طرق ُ والعداوة لهُ ليس ٌ
لك.
طرق فال عدو َ عدوك غري ذوي ٍ إخوا ُن َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$اع عورات$ِ $ه ،ح$$ىت ِ ِ $كوت عن ش$$ت ِم عَ $ ال ت$$دع ،م$$ع السِ $
$دوك ،إحص$$اءَ مثالب$$ه ومعايب$$ه وابتَ $
$ك ب$ِ $ه، $يع ذل$$ك لعي$$ه فيتقيَ $$ك من ذل$$ك ص$$غريٌ وال كب$$ريٌ ،من غ ِ $ري أن تشَ $ ال يش$$ذ عنَ $
$تعرض اهلواء بنبل $ِ $ه قب $$ل إمك ِ $
$ان $عه فتك $$و َن كمس ِ $ وس $$تعد ل $$ه ،أو ت $$ذكره يف غِ $ $ري موض ِ $
ُ ُ
الرمي.
نفس وال منزل $ٍ $ة وال $دوك س $$الحاً ،فإن $$هُ ال جير ُح يف ٍ $تم على ع َ $ اللعن والش َ $
وال تتخ $$ذن َ
مال وال دي ٍن. ٍ
$رف بال$$دهاء خات$$ل نب أن تس$$مى داهي$اً .فإن$$هُ من عَ $ أردت أن تك$$ون داهي$اً فال حُت َ إن َ
الضعيف ،ويتعرض له القوي. ُ ميتنع منهُالناس ،حىت َ عالنيةً ،وحذرهُ ُ
$احمة يف اخلليق$ِ $ $ $ $ة
$رف باملسِ $ $ $ $
$تطاع ح$$ $ $ىت يُعَ $ $ $ $ ِ
دفن إرب$$ $ $ $ه م$$ $ $ $ا اسَ $ $ $ $ ِ ِ
وإن من إرب األريب َ
االستقامة يف الطر ِ
يقة. ِ و
ومن إرب$ِ $ه أالي $ؤارب العاق$$ل املس$$تقيم الطريق$ِ $ة وال$$ذي يطل$$ع على غِ ِ $
$امض إرب$$ه فيمقتُ$$هُ ُ َ َ
ِ
عليه.
فطن
$ك اهليب$ةُ فتُ َ قلبك اهليبةَ لألموِر ،من غِ $ري أن تظه$َ $ر منَ $ وإن أردت السالمةَ فاشعر َ
هتاب.
عليك وتدعو إليك منهم كل الذي ُ بنفسك وجُت ر ُئهم ََ الناس
َ
أيك.
التهاون طائفةً من ر َ اهليبة وإظها ِر اجلر ِأة و ِ كتمان ِ فاشعب ملدار ٍاة ذلك من ِ
$ك من استش $$عا ِر $فت ل َ $
$دوك فح $$الف ه $$ذه الطريق $ةَ ال $$يت وص ُ $ ابتليت مبحارب $ِ $ة ع َ $
َ وإن
قلب ،ح$$ىت ِ $ك باحلذ ِر واجلد يف أمَ $ اهليب$ِ $ة وإظه$$ا ِر اجلر ِأة والتهِ $
$رك ،واجلرأة يف َ $اون ،وعليَ $
عملك احلذر. َ قلبك جراءةً ويستفرغ متأل َ
$احلتك ،ومنهم $ك ،ومنهم من يعم$ُ $ل يف مصَ $ $دوك من يعم$ُ $ل يف هالكَ $ اعلم أن من عَ $
منك. ِ
يعمل يف البعد َ من ُ
فاعرف على منازهلم.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ارك يف الغلب$ِ $ $ة ل$$ $هُ ،أن حتص$$ $ي على$دوك ،وأع$$ $ز أنصَ $ $
$ك على عَ $ $ ِ
ومن أق$$ $وى الق$$ $وة لَ $ $
عيب ت $راهُ أو $دوك ،وتنظُ$$ر عن$$د ك$$ل ٍ ات كم$$ا حُت ص$$يها على عَ $ $ك العي$$وب والع$$ور ِ
نفسَ ُ َ $
سلمت منهُ. العيب أ و ما شاكلهُ أو ألحد من ِ تسمعه ٍ
َ ذلك َ قارفت َ الناس :هل َ ُ
$ك
$يت ذلَ $ $ك .ح$$ىت إذا أحصَ $ $ارفت ش$$يئاً من$$هُ جعلت$$هُ مما حتص$$ي على نفسَ $ كنت قَ $ ف$$إن َ
مقاتلك.
َ اتك وإحرازني عور َ نفسك وعثراتك وحتص ِ َ بإصالح
ِ عدوك
كلهُ فكاثر َ
بذلك ممسياً ومصبحاً. نفسك َ َ وخذ
$دوك
$ك ع$$اجزاً ض$$ائعاً خائب$اً ،مع$$وراً لعَ $ $ت منه$$ا دفع$اً وهتاون$اً ب$ِ $ه فاع$$دد نفسَ $ ف$$إذا آنسَ $
رميك.
ممكناً لهُ من َ
$ك ،أو ذنب مض$$ى لَ $ إصالحه من ٍ ِ تقدر علىاتك ما ال ُ عيوبك وعور َ َ حصل من َ وإن
يقول في$$ه قائ$ٌ $ل
أنت عيباً ،فاحفظ ذلك وما عسى أن َ الناس وال تراهُ َ يعيبك عند ِ أم ٍر َ
$ب عين$$ك $ك أو ِ $بك أو مثِ $
$ك كل$$هُ نصَ $
$ك مث اجع$$ل ذلَ $ عيب إخوانَ $ $الب آبائَ $ من حسَ $
$ك ِ
وحجتَ $ $ك ُ $دك ب$$ذلك .فال تفع$$ل عن التهي$$ؤ ل$$هُ واإلع$$داد لقوتَ $ $دوك مريَ $واعلم أن عَ $
فيه سراً وعالنية. وحيلتك ِ
َ
$يء من أم$رِه ،فإن$هُ ال فأما الباطل ال ت$روعن ب ِ$ه قلب$ك وال تس$تعدن ل$ه وال تش$تغلن بش ٍ
ّ ُ َ ُ
اضمحل.
َ لك ما مل يقع ،وما إن وقع يهو َ
الشهود العدل
واعلم أن$$هُ قلم $$ا بُ$$ده أح$$د بش $$يء يعرف$$هُ من نفس$ِ $ه ،وق $$د ك$$ان يطم $ُ $ع يف إخفائ $ِ $ه عن
$ريه ،إال ك$$اد يشِ ِ ُ $ $لطان أو غِ $
$اس ،فيع$$ريه ب$$ه مع$$ري عن$$د السِ $ النِ $
$هد ب$$ه علي$$ه وجه$$هُ وعين$$اهُ ٌ ُ
$ك ،وال$$ذي يك$$و ُن من انكس$$ارِه وفت$$ورِه عن$$د تلَ $
$ك ولس$$انُهُ ،لل$$ذي يب$$دو من$$هُ عن$َ $د ذلَ $
ِ
البديهة.
أخذ ِ
العتاد لنفيها. فاحذر هذه وتصنع هلا ،وخذ أهبتك لبغتاهتا وتقدم يف ِ
َ
حاذر الغرام بالنساء
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ال وأقتله $$ا للعق $ِ $ل اعلم أن من أوق ِ $ع األم $$وِر يف ال $$دي ِن وأهنكه $$ا للجس $ِ $د وأتلفه $$ا للم ِ $
اجلاللة والوقا ِر الغرِام بالنساء. ِ للمروءة وأسرعها يف ِ
ذهاب ِ وأزراها
ليس $ا$ م إىل $اه$ ن عي وتطمح $ده $ ن ع $ا$ م $أجم $ ي $ك $ ف ين ال $ه$ نأ هبن ومن البالء على املغ ِ $
$رم
َ ُ ُ ُ ُ ّ ُ
عندهُ منهن.
إمنا النساء أشباهٌ.
باطل وخدع$ةٌ .ب$$ل القلوب من ِ العيون و ِ وما يتزين يف ِ
فضل جمهوالهتن على معروفاهتن ٌ ُ
إليه نفسهُ منهن. تتوق ِ أفضل مما ُ ِ
اغب مما عندهُ ُ كثريٌ مما يرغب عنهُ الر ُ
تغب عن طع$ِ $ام بيت ِ$ه إىل $اس ك$$املر ِ$ال النِ $ رحله منهن إىل ما يف رح ٍ وإمنا املرتغب عما يف ِ
ُ
$اس :ب $$ل النس $$اء بالنس $$اء أش $$به من الطع $ِ $ام بالطع $ِ $ام ،وم $$ا يف رح ٍ $
$ال $وت الن ِ $ م $$ا يف بي ٍ $
ُ ُ
األطعمة أشد تفاضالً وتفاوتاً مما يف رحاهلم من النساء. ِ ِ
الناس من
أيه ي$$رى املرأ َة من بعي$ٍ $د متلفق$ةً يف ثياهبا، بلية ور ِ
العجب أن الرجل الذي ال بأس ٍ
ُ
ِ ومن
$ال ح$$ىت تعل$َ $ق هبا نفس$$هُ من غ$$ري رؤي$ٍ $ة وال خِ $رب خمرب، فيص$$ور هلا يف قلب ِ$ه احلس$$ن واجلمَ $
$ك وال يقطع $$هُ عن القبح وأدم الدمام $ِ $ة ،فال يعظ $$هُ ذل َ $ أقبح ِ يهجم منه $$ا على ِ مث لعل $$هُ ُ
األرض غ$$ري ام $ر ٍأة واحٍ $
$دة، ِ ُ أمثاهلا .وال ي $ز ُال مش$$غوفاً مبا مل ي$$ذق ،ح$$ىت ل$$و مل يب$َ $ق يف
احلمق والشقاء والسفهُ. لظن أن هلا شأناً غري ِ
ذاق .وهذا هو ُ شأن ما َ
اب والنس$$اء يف بعض سِ $
$اعات ومن مل حي ِم نفس$$هُ ويظلفه$$ا وحيلئه$$ا عن الطع$ِ $ام والش$ر ِ
$ذات عن$ه خبمٍ $
$ود $ك اللِ $ شهوته وقدر ِته ،كا َن أيسر ما يصيبه من وب ِ ِ
ُ $ك انقط$اعُ تل َ $ال ذل َ َ ُ ُ
$ده .ق$$ل من جتده إال خمادع$اً لنفس$ِ $ه يف أمِ $ر جسِ $
$ده $عف حوام$ِ $ل جسِ $ $هوته وضِ $ ن$$ا ِر شِ $
ُ
ات ،ويف اب واحلمي$ة وال$$دواء ،ويف أمِ $ر مروءت$ِ $ه عن$َ $د األه$واء والش$$هو ِ عند الطع$ِ $ام والش$ر ِ
الشبهة والطم ِع.يبة و ِ عند الر ِ أم ٍر ِ
دينه َ
كن متواضعاً واحذر املراءاة
$ال ورأ ٍي وفع$ٍ $ل جملس ومق$ٍ $ام ومقٍ $ $ك يف ك$$ل ٍ $ك دو َن غايتَ $ $تطعت أن تض$$ع نفسَ $ إن اسَ $
$اك إىل $وق املنزل$ِ $ة ال$$يت حتط إليه$$ا نفس$$ك ،وتق$ريبهم إيَ $ $اك فَ $ فافع$$ل ،ف$$إن رف$$ع الن$$اس إيَ $
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك
$رك م$$ا مل تُعظم ،وت$زيينهم من كالمَ $ $دت من$$هُ ،وتعظيمهم من أمَ $ اجمللس ال$$ذي تباعَ $ ِ
اجلمال.
ُ وفعلك ما مل تُزين هو
َ أيك
ور َ
يعلم ،وال العام$ُ $ل إذا جع$َ $ل موض$َ $ع م$$ا $ك الع$$املُ م$$ا مل يكن عاملاً مبواض ِ $ع م$$ا ُ ال يُعجبَ $
$كوت ،فإن $$ $هُ لعل $$ $هُ يك $$ $و ُن الكالم وقت$ $ $اً فال تغلنب على الس ِ $ $ ِ غلبت على
يعم $ُ $ $ل .وإن َ
ِ
للحسد. ِ
للمهابة ،وأنفامها ِ
للمودة ،وأبقامُه ا إليك
لك زينةً ،وأجلبهما َ أشدمها َ
مينعنك حذر املراء من حس ِن املناظرِة وامل ِ
جادلة. َ احذ ِر املراءَ وأغربهُ ،وال
ُ ُ
اعم أن$ُ $ه
َ ٌز زعم $إن $ ف .يتعلم من$$هُ
يتعلم وال أن َ واعلم أن املم$$اري ه$$و ال$$ذي ال يري$ُ $د أن َ
$ابت احلُج$ِ $ة ظ$$اه ِر البين$ِ $ة حاض$$ر ادل يف الباط$ِ $ل عن احلق ،ف$$إن اجملادل ،وإن ك$$ا َن ثَ $ جُم ٌ
$دل باخلصِ $
$ومة إال إلي$$ه $اض ،وإمنا قاض$ِ $يه ال$$ذي ال يعُ $ ال$$ذه ِن ،فإن$$هُ خُي اص$ُ $م إىل غ$$ري قٍ $
صاحبه عدالً يقضي ِبه على نفس$ِ $ه فق$$د ِ عند
صاحبه وعقلهُ .فإن آنس أو رجا َ ِ عدل
ُ
أصاب وجه أمرِه .وإن تكلم على غ ِري ذلك كان ممارياً. َ
بعض ٍ ِ
أنت حُم تجن عن $$هُ َ $اك عن ذات نفس $$ك بش $$يء إال و َ $تطعت أال خترب أخ َ $
وإن اس َ $
قصر ،فافعل. القول واستعداداً لتقص ِري ٍ الفعل على ِ لفضل ِ ذلك التماساً ِ
فعل ،إن َ
$ام القول على ِ القول زينةٌ ،وفضل ِ الفعل على ِ فضل ِ
الفعل ُهجنةٌ ،وأن إحكَ $ واعلم أن َ
ائب اخلالل. اخللة من غر ِ هذه ِ
الصرب على األعمال خيففها
$ان منه$$ا .فإن$$هُ ال تلتمس ال$$روح يف م$$دافعتها بالروغِ $ ِ $ال فال
$ك األعمُ $ إذا ت $راكمت عليَ $
$ك ،والض$$جر ه$$و $ك إال يف إص$$دارها ،وإن الص$$رب عليه$$ا ه$$و ال$$ذي خيففه$$ا عنَ $ راح$$ة لَ $
عليك.
اكمها َ الذي يُر ُ
$ك
$ال .وذل َ $حاب األعم ِ بعض أص ِ نفسك خصلةً قد رأيتها تعرتي َ َ فتعهد من ذلك يف
ِ ِ
$اس$اغل من النِ $ $غل أخ$ُ $ر ،أو يأتي$$ه شٌ $ $ريد علي$$ه شٌ $ $ال يك$$و ُن يف أمٍ $ر من أم$$رِه ،فُ $ أن الرجَ $
ورد علي$ِ $ه ،ح$$ىت ال ِ
$ك بنفس$$ه تك$$ديراً يفس$ُ $د م$$ا ك$$ان في$$ه وم$$ا َ $در ذلَ $
يك$$درهُ إتيان$$هُ فيكُ $
$ك اللِ $
$ذان $ك وعقلَ $ $ك رأيَ $ $ك فليكن معَ $ $ك مث$ُ $ل ذلَ $ورد عليَ $
منهم$$ا .ف$$إذا َ
كم واح$$داً ُ حُي َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$غلك ،فاش $$تغل ب $ِ $ه ح $$ىت ف $$رغ من $$هُ .وال $ور ،مث اخ $$رت أوىل األم $رين بش َ $ $ار األم َ $
هبم $$ا ختت ُ $
وجعلت
َ أعملت ال$ $رأي معمل $$هُ
َ $ات وت $$أخريُ م $$ا ت $$أخر إذا
$وت م $$ا ف َ $ $ك ف ُ $ يعظُمن علي َ $
التمام عليها. لنفسك يف كل ٍ شغلك يف ِ
شغل غايةً ترجو القوَة و َ َ حقه ،واجعل
ال جتاوز الغاية
$رت إىل التقصِ $ $ري ،وإن جاوزهتا يف ِ
محل ِ
$اوزت الغاي$ $ةَ يف العب $$ادة ص َ $ $ك إن ج َ $ اعلم أن َ $
الناس و ِ باجلهال ،وإن جاوزهتا يف ِ ِ
اخلفة معهم يف حاج$اهتم تكلف رضى ِ العل ِم َ
حلقت
كنت احملشود املصنع. َ
$ان عي ،وبعض العل ِم $الطة غيم ،وبعض البيِ $ واعلم أن بعض العطي$ِ $ة ل$$ؤم ،وبعض السِ $
ٌ َ ٌ َ
$ك وب$$االً، $ك ه$$ذراً ،وال علمَ $ $تطعت أال يك$$ون عط$$اؤك ج$$وراً ،وال بيانَُ $ جه$ٌ $ل .ف$$إن اسَ $
فافعل.
احفظ املليح والرائع من األحاديث
عجبك :إما مليحةٌ وإما رائعةٌ. أحاديث تُ َ ُ عليك
اعلم أنه ستمر َ
$تحرص
اع .وسُ $ كنت خليق$اً أن حتفظه$$ا ،ف$$إن احلف$$ظ موك$ٌ $ل مبا ملُح ور َ $ك َ ف$$إذا أعجبتَ $
$أن النِ $ $
$اس. التعجب من شِ $ $ِ احلرص على ذل$$ $ك تعجب منه$$ $ا األق $ $و ُام .ف$$ $إن على أن
َ َ
لغريك.
لك معجباً َ معجب َ ٍ وليس كل
$ك ف$$ازدجر عن $امعني موقع$$هُ منَ $
ني ،فلم ت$$رهُ وق$َ $ع من السَ $ $رت ذل$$ك املرةَ واملرت ِ ف$$إذا نشَ $
سخف شديد. ٍ
عجيب العجب من غ ِري ِ
العودة .فإن
ٌ َ
احلديث ب$ِ $ه ،وال مينعُ$$هُ قل $ةُ
ِ $اس من يعل$ُ $ق الش$$يء وال يُقل$ُ $ع عن$$هُ وع ِن وق$$د رأين$$ا من النِ $
يعود. ِ ِ
يعود إليه مث َ قبول أصحابه لهُ من أن َ
احلرص على األخب$ا ِر، ُ مث انظر األخب$ار الرائع$ةَ فتحف$$ظ منه$$ا .ف$إن اإلنس$ان من ش$أنه
مسع .وذل$$ك حيدث مبا مسع ،وال يب$$ايل ممن َ $اس من ُ $أكثر النِ $
اع منه$$ا ،فُ $ وال س$$يما م$$ا ر َ
$دق،أنت ب$ِ $ه مصٌ $ ِ ِ
خترب بش$$يء إال و َ $تطعت أال َمفسدةٌ للصدق ومزراةٌ باملروءة ،فإن اسَ $
$ول الس$$ $فهاء :أخ$$ $ربُ مبا $ان ،فافع$$ $ل .وال تق $$ل كم$$ $ا يقُ $ $ $ديقك إال بربه ٍ $ وال يك $$و ُن تصَ $ $
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$امع ،وإن الس$$فهاء أك$ُ $ثر من ه$$و قائ$ٌ $ل .وإن$$ك أنت سٌ $ مسعت .ف$$إ ّن الك$$ذب أك$ُ $ثر م$$ا َ ُ
ِ ِ
$رت لألح$$اديث واعي $اً وح$$امالً ك$$ان م$$ا تعي وحتم$ُ $ل عن العام$$ة أك$$ثر مما خيرتعُ إن صَ $
ٍ
بأضعاف. املخرتعُ
من تصاحب من الناس
$لطان أو منزل$ٍ $ة ،أو من دو َن $ك بسٍ $ $اس :من ذي فض$ٍ $ل عليَ $ $احبت من النِ $ انظ$$ر من صَ $
ِ ذل$$ك من األكف$$اء واخللط$$اء واإلخ$و ِان ،ف$$وطن نفسَ $
ص$حبته على أن تقب$$ل من$$هُ $ك يف ُ
$اتب وال مس $$تبطئ وال $ك مما قبل $$هُ ،غ $$ري ُمع ٍ $ $ك عم $$ا اعت $$اص عليَ $ العف $َ $و وتس $$خو نفس َ $
$ود ،وإن االس $$تزادة من اجلشِ $ $ع ،وإن الرض $$ا ب $$العف ِو ٍ
مس $$تزيد .ف $$إن املعاتب$ $ةَ مقطع$ $ةٌ لل ّ $
$رض و ِ ِ ُ واملسِ $
املودة $ك م$$ع بق$$اء العِ $ َ $ سنف $ه $ي إل $وق
ُ $ شت $ا$ م $ل $ ك $ك
ٌ َ $ ل $رب$ ق م $ق ِ $احمة يف اخلل$
ُ
املروءةِ. و
$ك حق$$داً ،ف$$إن طلع ل$$هُ منَ $ ِ ِ ٍ ٍ
$ك س$$تبلى من أق $وام بس$$فه ،وأن س$$فه الس$$فيه س$$يُ ُ واعلم أنَ $
$أحببت أن حتت$$ذي على ِ عارض$$ته أو كافأت$$ه بالسِ $
$يت م$$ا أتى ب$$ه ،فَ $ $ك ق$$د رضَ $ $فه فكأنَ $ ُ ُ
ِ ِ ِ
عندك مذموماً فحق$$ق ذم$ك إي$$اهُ ب$$رتك معارض$$ته .فأم$$ا أن تذم$$هُ مثاله .فإن كا َن ذلك َ
سداد.
ومتتثلهُ فليس يف ذلك لك ٌ
ال تصاحب أحداً إال مبروءة
مودة ،وال وال$$داً وال ول$$داً ابة أو أخاً ذا ٍ التصاحنب أحداً ،وإن استأنست ِبه أخاً ذا قر ٍ
َ
التبذل على أن يصحبوا االسرتسال و ُ
ُ حيملهم أهل ِ
املروءة قد مبروءة ،فإ ّن كثرياً من ِ إال ٍ
ُ
التهاون و ِ
التبذل. باإلدالل و ِ ِ كثرياً من اخللطاء
$ك ل $$هُ يف قلب $ِ $ه رق $ةَ $احبه ص $$حبةَ ِ ومن فق $َ $د من ص ِ $
$دث ذل َ $
املروءة ووقاره $$ا وجالهلا أح َ $
وسخف منز ٍلة.
َ
ٍ
شأن
$احبك والظف$$ر علي$$ه عن$$د ك$$ل كلم$ٍ $ة ورأي وال جترتئن على تقريع$ِ $ه وال تلتمس غلب$ةَ صَ $
جتك عليه إذا وضحت. وح َ يظفرك إذا استبا َنُ ، َ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$ك على أن يتعقب$ $وا الكلم$ $ةَ ف $$إن أقوام$ $اً ق $$د حيملهم حب الغلب $ِ $ة وس $$فهُ ال$ $رأي يف ذل َ $
$عف
$ك ضٌ $ ِ
األصحاب .وذلَ $ بعدما تنسى ،فيلتمسوا فيها احلجةَ ،مث يستطيلوا هبا على
ِ
األخالق. لؤم يف يف ِ
العقل و ٌ
أي إكرام يعجب
$لطان ،ف$$إن الس$$لطا َن أوش$$ك أم$$وِر ال$$دنيا $ك ملنزل$ٍ $ة أو لسٍ $ $ك إك$ر ُام من يكرمَ $ ال يُعجبنَ $
للمال ،فإنه هو الذي يتل$و الس$لطا َن يف س ِ
$رعة يكرمك ِ َ عجبنك إكر ُام من
زواالً .وال يُ َ
ُ
الزو ِال.
$اقب اخلري غن$$اءً عن أهله$$ا األنساب أق$$ل منِ $
َ إياك للنسب ،فإ ّن عجبنك إكرامهم َ وال يُ َ
يف الدي ِن والدنيا.
ٍ
$ك يف $ك! ف $$إن املروءةَ ال تزايل َ $ $ذلك فليعجب َ $ $رمت على دي ٍن أو م $$روءة ف َ $ ولكن إذا أك َ $
ايلك يف اآلخرِة. الدين ال يز َ الدنيا .وإن َ
اجلنب والرص مقتلة وحمرمة
اجلنب مقتلةٌ ،وأن احلرص حمرمةٌ. واعلم أن َ
$ال مقبالً أك$$ $ثر أم من قت$َ $ $ل م $$دبراً? مسعت :أمن قت $$ل يف القت ِ $
َ أيت أو َ ف $$انظر يف م$$ $ا ر َ
$ك ل$$ه بطلبت$ِ $ه أم من ِ ِ
باإلمجال والتك$$رم أح$$ق أن تس$$خو نفسَ $ $ك
يطلب إليَ $
وانظ$$ر أمن ُ
$ك في$$ه ه$$وى ،ف$$ذكرهُ ذاك$ٌ$ر $ك بالش$$رِه والزيِ $غ? اعلم أن$$هُ ليس ك$ُ $ل من ك$$ان لَ $ يطلب إليَ $
ُ
ذلك .بل عسى أن يضرهُ. أنت خب ٍري ينفعهُ َ بسوء وذكرتهُ َ
$اة .ف$$إنأحد من ص$$ديقك أو ع$$دوك إال يف م$واط ِن دفٍ $ع أو حمامٍ $ فال يستخفنك ذكر ٍ
َ َ
ٍ
$ك يف $دوك إال يف م$ $واط ِن دفٍ $ $ع أو حمام $$اة .ف $$إن ص َ $
$ديقك إذا وث $$ق ب َ $ $ديقك أو ع َ $ صَ $
عليك سبيل ٍ
الئمة. له يكن ملو ، ذلك سوى مما ترك
َ مبا ِ
حيفل مل ِ
احملاماة مواط ِن
ُ َ ُ َ
$ري $س ي $د $ تع أال
و . ره $ ض ت حيث إىل $ذكره $ت أال $دوك
َ $ ع ِ
ر $ م أ يف $ك $ل أي ر $ لا وإن من أحِ $
$زم
َ ُ ُ ُ ُ َ
الضرِر لهُ ضرراً.
احرتس مما يقال فيك
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
$اس جلي ٌ $ $د،
$ول النُ $ $
احلرص على أن يقَ $ $ ُ اعلم أن الرج$$ $ل ق$$ $د يك$$ $و ُن حليم $ $اً ،فيحمل$$ $هُ
$ف اجله $$ل .وق $$د يك $$و ُن الرج $ُ $ل زميت $اً فيحمل $$هُ مهني على أن تتكل َ $ $ال ٌ واملخاف $ةُ أن يق َ $
$ول يف غ ِ $ $ري
$ال ع $$ $يي على أن يق َ $ $ $ال لس $ٌ $ $ن ،واملخاف $ $ةُ من أن يق َ $ $ احلرص على أن يق َ $ $ ُ
موضعه فيكو َن هذراً. ِ
فاعرف هذا وأشباهه ،واحرتس منه ِ
كله. ُ
العز
نزاهة العرض وبقاء ّ
$رب إىل ه$و َاك فخالف$$هُ ،ف$$إن إذا بِ َ $
أيهم$ا أق ُ $وب ف$انظر ُ $دهك أم$ران ال ت$$دري أيهم$$ا أص ُ
خالف اهلوى. ِ اب يفأكثر الصو ِ
افتقارك إليهم يف ل ِ
ني َ الناس واالستغناء عنهم ،وليك ِن االفتقار إىل ِ قلبك
وليجتمع يف َ
ُ
$ك وبق $$اء $تغناؤك عنهم يف نزاه $ِ $ة عرض َ $ $رك هبم .وليك ِن اس َ $ $ك هلم ،وحسِ $ $ن بش َ $ كلمت َ $
عزك.
َ
كيف جتالس الناس
أردت لق $$اءَ اجلاه $ِ $ل ب $$العل ِم ،واجلايف بالفق $ِ $ه، $ك إن َ الس ام$ $رأ بغِ $ $ري طريقت $ِ $ه ،فإن َ $
ال جُت ِ
$ك علي ِ$ه ثق$ل م$اال $ك حبمل َ $ك وت$ؤذي جليس َ تضيع علم َوالعيي بالبيان مل تزد على أن َ
ِ
$يح من خماطب$ِ $ة األعجمي ال$$ذي ال ِ
$ك إي$$اهُ مبث$ِ $ل م$$ا يغتم ب$$ه الرج$ُ $ل الفصُ $ $رف وغمَ $ يعُ $
يفقهُ عنهُ.
$ك، واعلم أن$$ه ليس من عل ٍم ت$$ذكرهُ عن$$د غِ $ري أهل$ِ $ه إال ع$$ابوه ،ونص$$بوا ل$$هُ ونقض$$وهُ عليَ $
$ف
اللعب ال $$ذي ه $$و أخ ُ $ وحرص$ $وا على أن جيعل $$وهُ جهالً ،ح $$ىت إ ّن كث$ $رياً من الله $$و و ِ
عليه ويغتم به. الناس ليحضره من ال يعرفه فيث ُقل ِ األشياء على ِ
ُ ُ ُ
$ك$رك ام$رؤ أو رافق َ $اك إن عاش َ $حابه ،وإي َ أنك تش$فق علي ِ$ه وعلى أص ِ صاحبك َ َ وليعلم
ُ
$ك يأخُ $ $ذ من $حابه وإخوان $ِ $ه وأخدان $ِ $ه رأف$ $ةً ،ف $$إ ّن ذل َ $$ك بأح $ٍ $د من أص ِ $ أن ال ي $$رى من َ $
$ك ب$ِ $ه$احبك أحس$ُ $ن عن$$دهُ موقع$اً من لطفَ $ $احب صَ $ $ك بصِ $ $وب مأخ$$ذاً .وإن لطفَ $ القلِ $
يف ِ
نفسه.
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
ِ
للمكتئب. ويشكر ِ
املنطلق حيقد على
احملزون ،واعلم أنهُ ُ ِ عند
اتق الفر َح َ وِ
ُ
وتستجفيه وتستشنعُهُ ب$ِ $ه عن ِ
احلديث تنكرهُ
أنك ستسمع من جلسائك الرأي و َ اعلم َ
$ريه ،فال يك $$ $ونن من $$ $ك التك $$ $ذيب وال التس $$ $خيف لش ٍ $ $
$يء مما ي $$ $أيت ب $$ $ه نفس $ِ $ $ه أو غ ِ $ $
ُ ُ َ
$ريه ،ف $$إن ك $$ل م ٍ $
$ردود $دث عن غ ِ $ $ول :إمنا ح َ $ $ك أن تق َ $ $ك على ذل َ $ جليس $$ك .وال جيرئن َ $
القوم من تكرهُ أن يستقر يف قلب$ِ $ه ذل$$ك القُ $
$ول، عليه سيمتعض من الرد .وإن كا َن يف ِ ِ
ُ
تنقض ختاف أن يعق$َ $د علي$$ه ،أو مض$$رٍة ختش$$اها على أحٍ $
$ادر على أن َ ٌ $ق $ك
َ $ن فإ $د خلط$$أ ُ
ِ
للبعضة. أبعد
للنقض و َِ أيسر ٍ
ذلك يف سرت ،يكو َن ذلك َ
املودة صامتاً ،فإ ّن الص$$مت خوف ،وأن املود َة أمن ،فاستكثر من ِ مث اعلم أن البغضةَ ٌ
ٌ
$اطقت فن$$ $اطق باحلس$$ $ىن ،ف$$ $إن املنط$$ $ق احلس$َ $ $ن يزي$ُ $ $د يف ود $ك .إذا نَ $ $ س$$ $يد عوه$$ $ا إليَ $ $
الصديق ويستل سخيمةَ الوغ ِر.
يح ومش$$ $ي القص $ِ $ $د من دواعي ِ
املودة ،إذا مل $وت وس$$ $كون ال$ $ $ر ِ واعلم أن خفض الص ِ $ $
َ
املقت والشنآن. خيالط ذلك بأو وال عجب .أما العجب فهو من دواعي ِ
ُ ٌ
املستشار ليس بضامن وجه الصواب
$رر ،ألن بكفيل ،وأن ال$رأي ليس مبض ٍ واعلم أن املستشار ليس ٍ
أي كل$هُ غ ٌ ُ ر $ل ا $لب . $مون
احلازم إىل وق$$د ٍ
$ور ال$$دنيا ليس ش$$يءٌ منه$$ا بثق$$ة ،وألن$$ه ليس من أمره$$ا ش$$يءٌ يدرك$$هُ ُ أمَ $
$احبك
$ك ص َ $ أمكن العج $$زةَ .ف $$إذا أش $َ $ار علي َ $
$اجز .ب $$ل رمبا أعي $$ا احلزم $ةَ م $$ا َ يدرك $$هُ الع ُ $
تأمل فال جتعل ذلك علي$ِ $ه ذنب$اً ،وال تلزم$$هُ لوم$اً كنت ُ برأي ،مث مل جتد عاقبتهُ على ما َ
$رم
أنت مل أفع$$ل ،وال جَ $ فعلت ه$$ذا يب ،وأنت أمرت$$ين ،ول$$وال َ $ول :أنت َ وع$$ذالً ب$$أن تقَ $
لؤم وخفةٌ. ضجر و ٌ
أطيعك يف شيء بعدها .فإن هذا كلهُ ٌ َ ال
ابك فال متنن ب$ِ $ه وال تك$$ثر ّن $ك أو ترك$$هُ ،فب$$دا ص $و َ $ري ،فعم$َ $ل برأيَ $
أنت املشَ $ف$$إن كنت َ
$رر ب$$أن تق$$ول: ِ ِ
جناح ،وال تلم$$هُ علي$$ه إن ك$$ا َن ق$$د اس$$تبا َن يف ترك$$ه ضٌ $ ذك$$رهُ إن ك$$ان في$$ه ٌ
ألدب احلكماء. لك افعل هذا ،فإن هذا جُم انب ِ أمل أقل َ
ٌ
حسن االستماع
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
الكالم .ومن حس ِ $ $ن االس $$ $تماع إمه ُ $ $
$ال ِ تتعلم حس $َ $ $ن
$تماع كم $$ $ا ُ تعلم حس $َ $ $ن االس ِ $ $
$ال بالوج$ِ $ه والنظ$$ر إىل اب ،واإلقبُ $ املتكل ِم ح$$ىت ينقض$$ي حديث$$هُ ،وقل$$ة التلفت إىل اجلو ِ
املتكل ِم ،والوعي ملا ُ
يقول.
$ذهب بطعم$ِ $ه
اب م$$ا ي$$أيت ب$ه ،ويُ $ يهجن ص$و َ ُ تكلم ب$ِ $ه صَ $
$احبك ،أن مما واعلم ،يف م$$ا ُ
$ديث الرج$$ل قب$$ل أن يفض$$ي عجلتك بذلك ،وقطعك حَ $ َ وهبجته ،ويزري به يف ِ
قبوله، ِ
بذات ِ
نفسه. إليك ِ
كيف يكون الزهد
$ال تع$$ذ ٍر$ادة فيه$$ا على حِ $ إن رأيت نفس$$ك تص$$اغرت إليه$$ا ال$$دنيا ،أودعت$$ك إىل الزهِ $
َ َ
$ادة،من الدنيا عليك فال يغرنك ذلك من نفسك على تل$$ك احلال ،فإهنا ليس$$ت بزهٍ $
َ َ َ َ
$ك عليه$$ا $ب من َ $زك من ال$$دنيا وغض ٌ نفس عن$دما أعجَ $ $جر واس$$تخذاءٌ وتغ$$ريُ ٍ ولكنها ضٌ $
$كت أن ت$رى $كت عن طلبه$$ا أوش َ عليك منها .ولو متت على رفض$$ها وأمسَ $ مما التوى َ
$ك ِ $جرك َِ $ك من الض$$ج ِر واجلزِع أش$$د من ضَ $
األول بأض$$عاف .ولكن إذا دعتَ $ من نفسَ $
عليك ،فأسرع إىل إجابتها. رفض الدنيا وهي مقبلةٌ َ نفسك إىل ِ َ
حسن اجملالسة وسوءها
اع$$رف عورات$$ك .إي$$اك أن تع$$رض بأح$$د يف م$$ا ض$$ارعها .وإذا ذك$$رت من أح$$د خيلق$ةٌ
فتتهم مبثله$$ا. $ه$ن م $اس$ن ال يعيب ملا ِ
ر $غ$ص امل فال تناض$$ل عن$$ه مناض$$لة املداف ِع عن نفسِ $
$ه
َ ُ ُ ُ
اختالط ،ف$$ $إن االختالط من ٍ اإلحلاح .وليكن م$$ $ا ك$$ $ان من$$ $ك يف غ ِ $ $ري ِ وال تُلح ك$$ $ل
ِ
حمققات الر ِ
يب.
$اس أو أم$ةً من األمم بش$$ت ٍم وال تعممن جيالً من النِ $ فال ا
ً $د$ب أ إذا كنت يف مجاع$$ة قٍ $
$وم
َ َ
$ائك خمطئ $ $اً ،فال ت$$ $ $أمن
اض ُجلسَ $ $ $ $اول بعض أع $ $ر ِ ٍذم .فإن$$ $ $ك ال ت $$ $دري :لعل $$ $ك تتن ُ $ $
$ال$فه .وال ت$$ذمن م$ع ذل$ك امساً من أمساء الرجِ $ مكافأهتم .أو معتم$$داً فتنس$$ب إىل السِ $
َ
$ك ال ت $$دري ،لع $ّ $ل ذل $$ك غ $$ريُ $بيح من األمساء .فإن َ $ $ول إن ه $$ذا لق ٌ $ أو النس $$اء ب $$أن تق َ $
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
احلرم .وال يستص$$غرن من مواف$ٍ $ق لبعض جلس$$ائك ،ولعل$$ه يك$$ون بعض أمساء األهلني ِ
َ ُ ُ َ
القلب .وجر ُح اللسان أشد من جرِح اليد. هذا شيئاً ،فكل ذلك جيرح يف ِ
ُ
اض في$ِ $ $ه، ِ ٍ ِ ِ
ومن األخالق الس$$ $يئة على ك$$ $ل ح$$ $ال مغالب $ $ةُ الرج$ِ $ $ل على كالم$$ $ه واالع $ $رت ُ
ِ
للحديث. القطع
و ُ
الرجل حديثاً تعرفهُ ،أال تسابقهُ إلي$$ه حدث إذا كها برت جدير أنت اليت ِ
األخالق ومن
ُ ٌ َ
تعلم
$ك ُ $ك تظه$$ر للن$$اس أن$$ك تري$ُ $د أن يعلم$وا أنَ $ وتفتح$$هُ عي$ِ $ه وتش$$اركهُ في$ِ $ه ،ح$$ىت كأنَ $
يعلم.
مثل الذي ُ
بذلك وتفرده ِبه.عليك أن هتنئهُ َ وما َ
البخل .وأبوابه الغامضةُ كثريةٌ. اب ِ وهذا الباب من أبو ِ
ُ
بالبالغة والفصاحة.ِ التطاول عليهم
َ فدع
قوم ليسوا بلغاء وال فُصحاءِ ، إذا كنت يف ٍ
َ
واعلم أن بعض ش $$ $دة احلذ ِر ع $$ $و ٌن علي $$ $ك يف م $$ $ا حتذر وأن بعض ش ِ $ $
$دة االتق $$ $اء مما ُ َ
يدعو إليك ما تتقي.
$اس مث$$ $البهم $ال يف التمِ $ $يض والتوقي ِ $ $ع بالرجِ $ $
$اس خيدعو َن أنفس$$ $هم ب$$ $العر ِ واعلم أن النَ $ $
$بح .فال تك$$ونن $امعيه من وض$$ح الصِ $ ومس$$اويهم ونقيص$$تهم .وك$$ل ذل$$ك أبني عن$$د سِ $
ُ
نفسك من ِ
أهله. جتعلن ٍ
َ من ذلك يف غرور وال َ
$تطعت أن تنكب األموِر ما يسمى حذراً ،ومنهُ ما يُسمى خوراً .فإن اسَ $ اعلم أن من ِ
احلذر .وال تنغمس في$$ه مث اقعتك إياهُ فافعل .فإن هذا ُ نبك من األم ِر قبل مو َ يكو َن ُج َ
مقدار غورِه.
يعلم َ خيوض هنراً حىت َ ُ تتهيبهُ .فإن هذا هو اخلو ُار .فإن احلكيم ال
$احبه ،فيك$$ون م$$ا ق $$د رأين$$ا من س$$وء اجملالس $ِ $ة أن الرج$$ل تثق$$ل علي$ِ $ه النعم $ةُ براه$$ا بص ِ $
ُ
$احبه ،يف تص$$ $غ ِري أم $$رِه وتك$$ $دي ِر النعم $ِ $ة علي $$ه ،أن ي $$ذكر ال$$ $زو َال والفن $$اء
يش $$تفي بص ِ $
ظ وقاص .فال خيفى ذلك على من يعىن ِبه وال ِ
ينزل قولهُ غريه .وال ُ الدول ،كأنهُ واع ٌ و َ
$ريه ،واالغتم$ِ $ام اإلبالغ ،ولكن مبنزل$ِ $ة الض$$ج ِر من النعم$ِ $ة ،إذا رآه$$ا لغِ $ مبنزل$ِ $ة املوعظ$ِ $ة و ِ
روح.
احة إىل غري ِ هبا واالسرت ِ
مكتبة مشكاة اإلسالمية األدب الصغري واألدب الكبري البن املقفع
أس م$$ا أعظم$$ه يف صاحب يل كا َن من أعظ ِم النِ $ ِ
$اس يف عي$$ين ،وك$$ان ر ُ خمربك عن
وإين َ
جيد ،وال بطنه ،فال يتشهى م$$ا ال ُ سلطان ِ
ِ عينه :كان خارجاً من عيين صغر الدنيا يف ِ
فرجه ،فال يدعو إليه ريب$ةً ،وال يس$$تخف ل$$ه سلطان ِ ِ وجد .وكان خارجاً من يكثر إذا َ ُ
يعلم ،وال يُن$ازعُ يف م$$ا رأياً وال بدناً .وكان خارجاً من سلطان ِ
يقول ما ال ُ لسانه ،فال ُ
ثقة مبنفعة. اجلهالة ،فال يقدم أبداً إال على ٍ ِ ِ
سلطان يعلم .وكان خارجاً من
ُ ُ
الناطقني.
َ كان أكثر دهرِه صامتاً .فإذا نطق َّ
بذ
الليث عادياً.
كان يرى متضاعفاً مستضعفاً ،فإذا جاء اجلد فهو ُ
حبجة حىت يرى قاضياً عدالً يشرتك يف مر ٍاء ،وال يديل ٍ يدخل يف دعوى ،وال ُ كان ال
ُ
وشهوداً عدوالً.
يعلم ما اعتذارهُ. حىت وكان ال يلوم أحداً على ما قد يكون العذر يف ِ
مثله
َ ُ
وكان ال يشكو وجعاً إال إىل من يرجو عندهُ الربء.
ِ
النصيحة. وكان ال يستشري صاحباً إىل من يرجو عندهُ
ط ،وال يشتهى ،وال يتشكى. يتربم ،وال يتسخ ُ وكان ال ُ
وك$$ان ال ينقم على ال$$ويل ،وال يغف$$ل عن الع$$دو ،وال خيص نفس$$ه دو َن إخوان$ِ $ه بشٍ $
$يء ُ ُ ُ
حيلته ِ
وقوته. اهتمامه ِِ من
األخالق إن أطقت ،ولن تطي$$ $ $ق ،ولكن أخ$$ $ $ذ القلي$ِ $ $ $ل خ$$ $ $ري من تِ $ $ $
$رك ِ $ك هبذه
فعليَ $ $ $
ٌ
اجلمي ِع.
$ك :من مل ترتف $$ع عن الوض $$ع ومل واعلم أن خ $$ري طبق ِ $
$ات أه$$ل ال $$دنيا طبق $ةٌ أص$$فها ل َ $ َ
تتضع عن الرفي ِع.