Professional Documents
Culture Documents
المحور الأول (النظم الضريبية
المحور الأول (النظم الضريبية
أوال .تعريف النظام الضريبي :تتعدد تعريفات النظام الضرييب ،من بينها:
" -جمموعة العناصر األيدلوجية واالقتصادية والفنية واليت يؤدي تراكبها إىل كيان ضرييب معني ،ذلك الكيان الذي ميثل الواجهة احلسية للنظام ،والذي ختتلف مالحمه
بالضرورة يف جمتمع متقدم اقتصاديًا عنه يف جمتمع متخلف"( فاملفهوم الواسع).
" -يعين جمموعة القواعد القانونية ،والفنية اليت متكن من االستقطاع الضرييب ،يف مراحله املتتالية من التشريع إىل الربط مث التحصيل ،كما يرى أن النظام الضرييب يتكون من
جمموعة من العناصر األيدلوجية والفنية ،تتمثل األوىل يف غاية النظام أو هدفه ،والثانية يف وسيلة حتقيق هدف النظام (.املفهوم الضيق للنظام الضرييب ،أو اهليكل الضرييب)
" -جمموعة الضرائب اليت يراد باختيارها وتطبيقها يف جمتمع معني وزمن حمدد حتقيق أهداف السياسة الضريبية اليت ارتضاها ذلك اجملتمع".
" -جمموعة حمددة وخمتارة من الصور الفنية للضريبة(ضرائب نوعية -ضرائب دخل -ضرائب ثروة ،ضرائب موحدة ،ضرائب مجركية.....،اخل) تتالءم مع ظروف وخصائص البيئة
اليت تعمل يف نطاقها ،وتتمثل يف جمموعها برامج ضريبية متكاملة ،تعمل بطريقة حمددة من خالل التشريعات والقوانني الضريبية املصدرة ،وما يصاحبها من لوائح تنفيذية مصدرة
ومذكرات تفسريية ،تسعى لتحقيق أهداف حمددة متثل أهداف السياسة الضريبية بصفة عامة ،وأهداف النظام الضرييب بصفة خاصة''
" -جمموعة الضرائب اليت يراد باختيارها وتطبيقها يف جمتمع معني وزمن حمدد حتقيق أهداف السياسة الضريبية اليت ارتضاها ذلك اجملتمع".
" -جمموعة الضرائب اليت يفرضها القانون املايل يف دولة معينة يف فرتة زمنية معينة من تارخيها االقتصادي الوطين وهو يعمل يف إطار حركة االقتصاد الوطين يف الدولة ،يتقرر
بقواعد قانونية تعد جزأ من النظام القانوين العام للدولة"
" -اإلطار الذي ينظم جمموعة من الضرائب املتكاملة واملتناسقة ،ويتم حتديدها استنادا إىل أسس اقتصادية ومالية وفنية يف ضوء اعتبارات سياسية وإيديولوجية ويؤطره تشريع
هو التشريع الضرييب ،كما أنه انعكاس للنظام االقتصادي والسياسي واالجتماعي الذي يقوم فيه بتحقيق أهدافه إذ يكون النظام الضرييب جزءا من النظام املايل ومن مث جزءا من
النظام االقتصادي واالجتماعي والسياسي".
ومن هنا ميكن أن خنلص إىل أن النظام الضرييب يقوم على العناصر التالية (مكونات النظام الضرييب):
أ -جمموعة األهداف والغايات احملددة اليت يسعى النظام لتحقيقها ،وهي مشتقة من أهداف السياسة املالية املتبعة.
ب -جمموعة الصور الفنية للضريبة ،واليت متثل وسائل حتقيق األهداف.
ت -جمموعة التشريعات والقوانني الضريبية ،باإلضافة إىل القرارات التنفيذية واملذكرات التفسريية ،واليت متثل إجراءات وطريقة عمل النظام الضرييب وأجهزته يف حتقيقه ألهدافه.
ثانيا.محاور النظام الضريبي :يرتكز إي نظام ضرييب على احملاور التالية:
.1محور التنظيم الفني :يضم السياسات والرتتيبات واإلجراءات املقررة اليت يتم إعدادها واختاذها بصدد فرض ضريبة معينة حتقيقا لألهداف اليت حددهتا الدولة.
وبالتايل فإن النظام الضرييب هو ترمجة عملية للسياسة الضريبية اليت تعين" جمموعة من التدابري ذات الطابع الضرييب املتعلق بتنظيم حتصيل الضرييب قصد تغطية
النفقات العامة من جهة والتأثري على األوضاع االقتصادية واالجتماعية حسب التوجيهات العامة لالقتصاد من جهة ثانية"
.2المحور التشريعي :يضم التشري عات اليت حتدد فلسفة وأهداف ووسائل النظام الضرييب يف اجملتمع واليت تعكس طبيعة الدولة السياسية وخياراهتا االجتماعية
واالقتصادية.
.3المحور التنفيذي :يضم األجهزة الفنية واإلدارية اليت تعمل على تنفيذ السياسة الضريبية عن طريق قيامها بعمليات احلصر والفحص والربط والتحصيل من
األشخاص الطبيعيني واملعنويني.
يتوقف جناح أي نظام ضرييب على تكامل هذه احملاور يف ظل وجود:
-سياسة ضريبية متجانسة ومتوازنة يراعى فيها كل القواعد الفنية األصولية.
-تشريع ضرييب مستقر وواضح يعرب عن تلك السياسة.
-جهاز ضرييب كفؤ يتوىل تطبيق التشريع وتنفيذ السياسة الضريبية على أكمل وجه.
ثالثا .أهداف النظام الضريبي :تعترب النظم الضريبية من أهم الوسائل اليت تستخدمها الدولة يف حتقيق أهدافها يف اجملاالت املختلفة( املالية ،االقتصادية ،االجتماعية،
والسياسية).
.1األهداف المالية :تتمثل يف توفري املوارد املالية اليت متكن الدولة من الوفاء بالتزاماهتا املتعددة اجتاها رعاياها (تغطية االنفاق العام).
.2األهداف االقتصادية:من أبرز هذه األهداف - :العمل على حتقيق النمو واالستقرار االقتصاديني - .توجيه قرارات أرباب العمل - .زيادة تنافسية املؤسسات.
-تشجيع االستثمار - .تصحيح إخفاقات السوق - .حتقيق االندماج االقتصادي
.3األهداف االجتماعية :من أبرز هذه األهداف - :توجيه االستهالك - .إعادة توزيع الدخل والثروة -توجيه املعطيات االجتماعية.
.4األهداف السياسية :تستخدم الدولة النظام الضرييب كأداة لتأكيد سيادهتا داخل حدودها اجلغرافية ،كما يعترب أداة من أدوات السياسة اخلارجية( من خالل رفع أو
ختفيض الرسوم اجلمركية).
1
رابعا .العوامل المؤثرة في النظام الضريبي :نظام الضرييب بالعديد من العوامل:
.1النظام االقتصادي :فالنظام االقتصادي الرأمسايل يسعى لتحقيق أهداف ختتلف عن تلك اليت يسعى إليها النظام االشرتاكي ،مما ينعكس على النظام الضرييب الذي تتبعه
الدولة ،حيث تعترب هذه األهداف من العناصر الرئيسية للنظام الضرييب.
.2النظام السياسي :خيتلف النظام الضرييب باختالف النظام السياسي السائد .فمن املعروف أن الضريبة ال تفرض وال تلغى وال تعدل إال بقانون ،وذلك من خالل القوى
السياسية املؤثرة ،سواء كان حكم الفرد أو احلزب الواحد ،أو كان نظام دميقراطي .كذلك تؤثر الظروف السياسية اليت متر هبا البالد يف النظام الضرييب ،فمثال يف حاالت
احلرب قد يتم فرض ضرائب جديدة ال وجود هلا يف حاالت غري احلرب ،كما يؤثر يف ذلك االجتاهات السياسية للدولة وعالقاهتا يف الدول األخرى كانضمام الدولة ملعسكر
سياسي معني ،قد يساهم يف منح إعفاءات ضريبية يف جماالت التعامل التجاري مع دول املعسكر.
.3العوامل التاريخية :إن تطبيق أي نظام ضرييب يؤدي إىل أن يصبح ً
تقليدا ،يعتاد عليه املكلفني ،ويرتبون أمورهم على أساسه ،وينتج عن ذلك االستقرار والثبات للنظام
الضرييب ،ولكن جيدر هبذا النظام أن ال يصل هذا إىل حد اجلمود ،بل جيدر به أن يتمتع بدرجة من املرونة ،تسمح له مبواكبة التطورات االجتماعية ،واالقتصادية ،والسياسية ،يف
الدولة اليت يطبق فيها ،مما يزيد من فاعليته وتأثريه.
.4العوامل االجتماعية :منها درجة النمو السكاين ،فالدول اليت تسعى لزيادة السكان متنح إعفاءات عالية ،والدول اليت تشكو من االكتظاظ السكاين يكون الوضع فيها
معكوسا ،كذلك بالنسبة لوضع املرأة يف اجملتمع ،هل هي عاملة أم ال ،كما أن للقيم األخالقية دورها يف تركيبة اهليكل الضرييب.
ً
.5كفاءة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية :وتشمل كفاءة كل من:
-السلطة التشريعية يف سن القوانني الضريبية حبيث تكون سهلة الفهم وواضحة ،ختلو من اللبس والغموض ،وتضمن للمكلف كافة حقوقه ،كما تضمن لإلدارة
الضريبية وسائل تقدير وحتصيل الضريبة بنصوص تشريعية واضحة.
نظرا ألمهيتها للمكلف وللدولة يف آن واحد ،كما أهنا تفسر نصوص القانون بشكل يبعث الثقة -كفاءة السلطة القضائية يف سرعة البث يف القضايا الضريبية ً
واالطمئنان يف نفس املكلف ليتابع حياته العملية باستقرار دون أن يشعر بأنه سيظلم أو ينتقص من حقه.
أخريا فإن لكفاءة اإلدارة الضريبية األثر الكبري يف النظام الضرييب ،من حيث درجة تأهيل املوظفني ،واإلعداد الكايف هلم ،ليتمكنوا من القيام بواجباهتم يف إجراءات
-و ً
الفحص ،والتدقيق ،وربط الضريبة ،والقيام بتحصيلها ،ومتابعة املتهربني منها ،واحملافظة على التدريب املستمر هلم ،ملواكبة التطورات يف اجملاالت االقتصادية
واحملاسبية واملالية.
وبناءًا عليه ،فإنه على كل دولة أن تنتقي جمموعة الضرائب اليت تشكل نظامها الضرييب ،مبا يتوافق وظروفها االقتصادية واالجتماعية والسياسية ،ومبا يتناسب
وحضارهتا وثقافتها ،وكذلك قدرات أجهزهتا اإلدارية وكفاءهتا ،للتأكد من إمكانية تطبيق الضريبة بكفاءة مرتفعة ،وحتقيق األهداف املرجوة منها ،فنجاح ضريبة يف دولة ما ال
مقياسا لنجاحها يف دولة أخرى،وذلك حىت تتمكن من حتقيق أهدافها على أكمل وجه. يكون ً
خامسا.نماذج وسمات النظم الضريبية في الدول النامية والدول المتقدمة:
.1سمات النظم الضريبية في الدول النامية :تتميز اقتصاديات الدول النامية مبا يلي - :اخنفاض الدخل الفردي مقارنة بالدول املتقدمة – ضعف نسبة االدخار الوطين
للناتج احمللي – ضعف القطاع الصناعي واخنفاض االنتاجية – عدم مرونة اهلياكل االنتاجية – االعتماد على التجارة اخلارجية(تصدير املواد األولية).
هذه السمات تطبع النظم الضريبية يف هذه الدول مبا يلي -:ارتفاع األمهية النسبية للضرائب غري املباشرة (الضرائب على االستهالك واالسترياد – )...اخنفاض األمهية النسبية
للضرائب املباشرة(الخنفاض الدخول الفردية يف هذه الدول) – ضعف احلصيلة الضريبية – اخنفاض كفاءة اجلهاز االداري الضرييب .
.2سمات النظم الضريبية في الدول المتقدمة :تتميز اقتصاديات هذه الدول بـ - :األمهية النسبية للقطاع الصناعي واخلدمي مما يتيح للدولة تطبيق معدل استقطاع ضرييب
مرتفع – ارتفاع مستويات الناتج احمللي اإلمجايل – ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج احمللي اإلمجايل
هذه السمات القتصاديات الدول املتقدمة جتعل أنظمتها الضريبية تتميز مبا يلي - :زيادة مسامهة القطاعات االقتصادية يف االيرادات الضريبية – ارتفاع احلصيلة الضريبية –
زيادة األمهية النسبية للضرائب املباشرة – اخنفاض األمهية النسبية للضرائب غري املباشرة – مرونة النظام الضرييب.
2
المحور الثاني :التهرب الضريبي الدولي.
التهرب الضريبي. .I
تعد ظاهرة التهرب الضرييب من العقبات اليت حتول دون و جود ببيئة أعمال قائمة على املنافسة العادلة ،فضال على أهنا حمددا رئيسيا للمدى الذي قد تصله الدولة يف تقدمي
الدعم للمؤسسات االقتصادية عرب التحفيز الضرييب ،كما أهنا أحد العوامل املغذية للضغط الضرييب ،فانتشار الظاهرة يدفع الدول إىل رفع املعدالت الضريبية لتعويض احلصيلة
املهربةـ ،غري أن ذلك سيضيف أعباء إضافية على املؤسسات املمتثلة ضريبيا ما قد يدفعها إىل التهرب ،و قد يصل األمر إىل انسحاهبا من السوق.
أوال .تعريف التهرب الضريبي و أسبابه :بقدر تعدد صور هذه الظاهرة ،بقدر تعدد العوامل املتسببة فيها:
-1تعريف التهرب الضريبي :التهرب الضرييب هو حماولة التخلص الكلي أو اجلزئي من الضريبة ،و يأخذ شكالن:
ا -التهرب المشروع :يتم من خالل استغالل الثغرات القانونية دون خمالفة التشريعات الضريبية؛
-التهرب غير المشروع :يتم من خالل خمالفة التشريعات الضريبية.
قد يكون التهرب الضرييب حمليا ،و قد يكون دوليا و هو األخطر يف الوقت احلايل بسبب االنفتاح الكبري لالقتصاديات الوطنية ،حرية انتقال رؤوس األموال واألشخاص بني
الدول ،واتساع جمال املعامالت التجارية اإللكرتونية.
-2أسباب التهرب الضريبي :يعود التهرب الضرييب إىل عدة أسباب منها :
أ .أسباب تتعلق بالتشريع الضريبي :من بني األسباب املرتبطة بالتشريع الضرييب - :املغاالة يف تعديد الضرائب وارتفاع معدالهتا ،وتعقد التشريعات الضريبية وعدم ثباهتا
واستقرارها؛ -عدم استجابة التشريعات الضريبية للتغريات واإلصالحات اليت تعرفها األنظمة االقتصادية والسياسية.
ب .نقص الوعي الضريبي :نتيجة إحساس الفرد بغياب املقابل وعدم جدوى اإلنفاق العام ،وغياب العدالة الضريبية.
ج .أسباب تتعلق باإلدارة الضريبية :من بينها - :نقص الكفاءات والوسائل املادية وضعف التنظيم على مستوى اإلدارات الضريبية؛ -ضعف التكوين والتأطري ،وتفشي
الفساد اإلداري يف مصاحل االدارة الضريبية.
د .الظروف االقتصادية :حيث تتفاقم ظاهرة التهرب يف فرتات الكساد وتقل يف فرتات الرواج.
ثانيا.آثار التهرب الضريبي وآليات مواجهته :تتعدد آثار التهرب الضرييب كما تتنوع آليات مواجهته كما سنرى فيما يلي:
.1آثار التهرب الضريبي :يرتتب على التهرب الضرييب مجلة من اآلثار السلبية على املستوى املايل واالقتصادي واالجتماعي:
أ .اآلثار المالية :حيدث التهرب نزيفا يف موارد املوازنة العمومية ويسبب هلا خسائر معتربة ،وهذا ما يدفع الدولة إىل تقليص اإلنفاق العام واإلحجام عن تقدمي اإلعانات
واإلعفاءات الضريبية املوجهة لدعم وترقية املؤسسات ،كما أهنا قد تلجأ إىل رفع املعدالت الضريبية لتعويض النقص يف اإليرادات العامة.
ب .اآلثار االقتصادية :من اآلثار االقتصادية للتهرب:
-إعاقة المنافسة :وهو تشوه اقتصادي حيدثه التهرب ،فالضريبة املرتفعة اليت يتم إسقاطها على املؤسسات ميكنها أن تعطي امتيازا معتربا للمؤسسة املتهربة باملقارنة باملؤسسة
املمتثلة ضريبيا مما يفشل املنافسة بينهما .فهناك من املؤسسات من تلجأ إىل التسيري احملكم والزيادة يف اإلنتاج لرفع أرباحها ،وهناك من تلجأ للتهرب للحصول على
وسائل التمويل وبيع منتجاهتا بأسعار أقل .ومن مث تك ون الفرصة أكرب للمؤسسات املتهربة للتفوق على املؤسسات املمتثلة للقوانني الضريبية وإن كانت أحسن منها
انتاجا وتنظيما وأفيد للمجتمع ،بسبب متكنها من ختفيض نفقاهتا من خالل التهرب ،األمر الذي قد يعطيها ميزة السيطرة على السوق؛
-إعاقة تطور المؤسسة :من آثار إعاقة املنافسة أهنا تؤخر تطور املؤسسات ،كون التهرب الضرييب يثبط اجلهود اهلادفة لرفع اإلنتاجية ،فاملؤسسة اليت تريد تعظيم إيراداهتا
بتطوير وتفعيل طرق إنتاجها وتسيريها قد حتجم عن ذلك حني تعلم باإلمكانيات اليت ميكن أن يوفرها هلا التهرب الضرييب يف هذا اجملال؛
-التوجيه الوهمي للنشاط االقتصادي :قد يدفع التهرب الضرييب املؤسسات االقتصادية إىل توجيه أنشطتها حسب االعتبارات الضريبية وليس االعتبارات االقتصادية ،كأن
توجهها للقطاعات اليت يسهل فيها التهرب عوض األنشطة املسامهة يف تكوين الثروة والقيمة املضافة ،وبذلك يصبح التهرب الضرييب أحد أسباب الركود االقتصادي؛
-ندرة رؤوس األموال وتثبيط حافز االستثمار:ينتج عن إخفاء اإليرادات املهربة واكتنازها أو هتريبها إىل اخلارج ندرة يف رؤوس األموال ،كما أن اخنفاض احلصيلة الضريبية
بفعل التهرب يدفع احلكومات إىل رفع املعدالت الضريبية أو فرض ضرائب جديدة ،األمر الذي قد يؤدي إىل جتاوز املعدالت الضريبية احلدود احملفزة على االستثمار ،ما
يضعف احلافز على االستثمار؛
ج .اآلثار االجتماعية :يؤدي التهرب الضرييب إىل تدهور عامل الصدق يف املعامالت ،وتعميق الفوارق االجتماعية.
-2آليات مواجهة التهرب الضريبي :لتجنب اآلثار املتعددة لظاهرة التهرب الضرييب البد من -:حتسني فعالية النظام الضرييب عن طريق تبسيط وحتسني تشريعاته وإرسائها
على قواعد عادلة؛ -حتسني أداء اإلدارة الضريبية بتزويدها باإلمكانيات البشرية واملادية الالزمة؛ -حتسني العالقة بني اإلدارة الضريبية واملمول بنشر الوعي الضرييب؛
-تفعيل مصاحل الرقابة الضريبية ،و تعزيز التعاون الدويل ملكافحة الظاهرة.
التهرب الضريبي الدولي .II
أوال.تعريف التهرب الضريبي الدولي :يعرف التهرب الضرييب الدويل على أنه:
3
.
" -كل انتهاك إرادي وعن قصد للقانون الضرييب هبدف حجب الدخول ذات الطابع الدويل من اخلضوع للضريبة اليت يفرضها عليها التشريع الضرييب ألي دولة"
" -استغالل التغريات والنقائص والتسهيالت يف التشريعات الداخلية ويف االتفاقيات اجلبائية من أجل تفادي الضرائب أو االنقاص منها".
-عرفته منظمة التعاون والتنمية االقتصادية على أنه " كل فعل يقوم به املكلف بالضريبة ،ويستدعي انتهاك القانون عندما يتصرف هذا املكلف عن قصد بغية حجب مداخيله
عن الضريبة".
" -هترب اقتصادي ،مبعىن أنه ذو تأثري اقتصادي على اجملتمع ،يتمثل يف ضياع مورد من املوارد األساسية واحليوية للدولة يف الظروف العادية،يستوي يف ذلك أن تكون وسيلة
التهرب مشروعة أو غري مشروعة بل األثر املرتتب عنها ،وبذلك ميكن القول أن التهرب الضرييب الدويل ظاهرة سلبية يف اطار العالقة بني الفرد واجملتمع".
ثانيا.أساليب التهرب الضريبي الدولي :مل يظهر التهرب الضرييب على املستوى الدويل لدى العديد من االقتصاديني ،إال بعد قيام الشركات متعددة اجلنسيات أو الشركات
عابرة القارات ،ويرجع ذلك إىل نشاط تلك الشركات اليت تقوم على أساس فتح أسواق جديدة بني اقتصاديات الدول املختلفة .
وملا كان اهلدف األساسي هلذه الشركات حتقيق أقصى ربح وبأقل تكاليف وعبء ضرييب ممكن ،فهي تلجأ إىل التهرب الضرييب للتقليل من هذا العبء بصفة جزئية أو
التخلص منه كلية عن طريق آليات وهي:
.1التهرب عن طريق الجنات الضريبية :تعمد معظم الشركات متعددة اجلنسيات إىل االستثمار أو نقل نشاطها إىل اجلنات الضريبية ،ملا تقره من امتيازات ومميزات ضريبية
تصل يف الكثري من األحيان إىل حد اإلعفاءات الضريبية لبعض أنواع الدخول واألنشطة ،وبذلك تستفيد هذه الشركات من ختفيف عبئها الضرييب يف الدولة األم ،واحلصول
على أرباح كاملة دون أي اقتطاعات يف دول اجلنات الضريبية .ويتم التهرب الضرييب باستخدام اجلنات الضريبية عن طريق:
أ .إنشاء الشركات الوسيطة أو الساترة(الوهمية) في الجنة الضريبية:تعد الشركات الومهية منشآت اصطناعية هدفها جتنب اخلضوع العادي للضرائب من خالل االستفادة
من املزايا اليت متنحها اجلنات الضريبية وذلك للحصول على حتويالت األرباح من فروع اجملموعة املتواجدون يف دول يكون هبا الضغط اجلبائي مرتفع .تكون هذه التحويالت يف
شكل أرباح أسهم ،فوائد ،تأدية خدمات ،بيع أو شراء بأسعار مضخمة أو منخفضة أو ومهية ،إذ ينهض كيان الشركة الساترة على جمموعة من العناصر هي:
-أهنا شركة يتم تأسيسها يف بلد ذي معدل ضريبة منخفض أو ال تفرض ضرائب فيها هنائيا (كما يف املالجئ الضريبية).
-يتم تأسيس هذه الشركة والسيطرة عليها من قبل أشخاص طبيعيني أو اعتباريني مقيمني يف بلد ذي معدل ضريبة مرتفع.
-استخدام مناورة التهرب الضرييب الدويل من خالل هذه الشركة يقوم على أساس إدارة اإليرادات وتوجيهها من الشركة األم إىل الشركة الساترة ،ألجل متكني الشركة
األم من التهرب من الضرائب ذات السعر املرتفع املفروضة يف دولة األصل.
تتميز هذه املنشآت بعدد من املزايا أمهها:
-جتنب الضريبة على جزء األرباح املوجه للشركات الومهية املتواجدة يف البلدان اليت تتميز بأنظمة ضريبية تفضيلية؛
-إمكانية إعادة استثمار الفوائد املرتاكمة يف بلدان أخرى ،وعدم دفع الضرائب على األرباح احملصل عليها من جراء هذه العملية؛
-استعمال األرباح املرتاكمة يف صفقات خمتلفة كشراء أسهم يف بعض األحيان ؛
استخدام الشركة الومهية كأداة لعبور املنتوج من الشركة األم إىل فروعها األخرى ،وذلك بعد ما تقوم الشركة األم ببيع منتوجات منخفضة السعر إىل شركة ومهية -
تكلف بدورها بإعادة بيع هذه املنتجات وبأسعار مرتفعة لفروع الشركة مما يؤدي إىل تراكم األرباح يف الشركة الومهية واليت تستفيد من عدم دفع الضرائب على هذه
األرباح.
والصعب يف هذه الطريقة حتديد هوية املالكني احلقيقيني هلذه الشركات ومكاهنم ،فاملقر يف اجلنة الضريبية ومهي ،يف حني أن املقر احلقيقي يف البلد األم ،ومن هناك تقوم
هذه األخرية باإلدارة والتوجيه.
يأخذ التهرب الضرييب باستخدام الشركات الومهية صورتني:
-قبل توزيع األرباح :يكون التهرب عن طريق زيادة أو نقصان النفقات بطريقة صورية ،مما يقلل من العبء الضرييب إىل أقل حد ممكن يف الدول ذات النظام الضرييب املرتفع
،وتزيد منه يف دول اجلنات الضريبية.
-بعد توزيع األرباح :إن الشركات الوليدة الكائنة يف اجلنة الضريبية ال تقوم بتحويل تلك األرباح إىل الشركة األم لكي ال تفرض عليها ضريبة مرتفعة ،فتقوم إما باستثمار
هذه األرباح يف اجلنة الضريبية وإما حتوهلا من الدول ذات املعدالت الضريبية املرتفعة إىل دول اجلنات الضريبية أو تقوم بتحويلها إىل الشركة األم حتت مسميات غري حقيقية
كنفقات معفاة من الضريبة.
جتدر اإلشارة إىل أن التهرب الضرييب يف هذه احلالة هو هترب اقتصادي ال انتهاك فيه للقانون ،يتم على أساس االستفادة من اختالف العبء أو الضغط اجلبائي بني
الدول وهو ما يؤثر على االقتصاد القومي ككل حيث يضيع جزء كبري من اإليرادات الضريبية اخلاصة بتلك الدول.
.2التهرب باستخدام أسعار التحويل :أسعار التحويل هي عبارة عن أسعار داخلية تستعمل لتسوية املعامالت الداخلية يف إطار الشركات دولية النشاط ويقصد هبا ذلك
السعر الذي حتدده الشركة األم لبيع أو استئجار األموال املادية واملعنوية من سلع وخدمات وتكنولوجيا إىل الشركة الوليدة ،أو من الشركة الوليدة إىل شركة وليدة أخرى ،على
أن يقتصر التعامل على املعامالت اليت تتم داخل إطار جمموعة الشركة دولية النشاط.
4
يتم التالعب بأسعار التحويل قصد ختفيض الوعاء الضرييب وحتويل األرباح خصوصا يف الدول النامية اليت متنعها من إرسال األرباح إىل بلد املوطن ،أو أن البلد املضيف
يفرض ضريبة مرتفعة على األرباح ،ومتثل أسعار التحويل أهم آليات التهرب الضرييب الدويل بالنسبة إىل الشركات دولية النشاط ،فقيمة األرباح تتحدد مقدما وفقاً ألسعار
التحويل اليت يتم بناء عليها عمليات البيع والشراء للسلع واخلدمات داخل جمموعة الشركات ،ومن مث فإنه يسهل ختفيف العبء الضرييب وفقاً هلذه اآللية.
يأخذ التهرب الضرييب باستخدام أسعار التحويل صورتني:
التهرب الضريبي قبل توزيع األرباح :يتم عن طريق التالعب باملادة اخلاضعة للضريبة سواء بالزيادة أو النقصان يف النفقات من جانب الشركة األم لالستفادة من أ.
التباين يف األنظمة الضريبية واللجوء للنظام الضرييب األكثر مالءمة ،ويكون ذلك إما بأن تكون الشركة الوليدة قائمة يف دولة من دول اجلنات الضريبية ،إذ حتاول
زيادة أرباحها اخلاضعة للضريبة خاصة يف حالة ما إذا كانت الشركة األم متواجدة يف دولة ذات نظام ضرييب متشدد ،ويكون ذلك عن طريق ختفيض نفقاهتا وزيادة
إيراداهتا مما يؤدي إىل ختفيض قيمة الضريبة املفروضة على إمجايل الربح يف الدولة األم وهو ما تصبو إليه معظم الشركات دولية النشاط .وإما بأن تقلل الشركة
الوليدة من أرباحها إذا ما كانت كائنة يف دولة ذات نظام ضرييب مشدد ويتم ذلك عن طريق رفع النفقات وختفيض اإليرادات.
ب .التهرب الضريبي عند توزيع األرباح :ويكون عن طريق إنشاء شركة وسيطة تابعة للشركة األم ،تعرف بالشركات الومهية أو الساترة ،وهي شركات مالية يقتصر
نشاطها على االحتفاظ باألرباح احملققة بالفعل من شركة أخرى ليعاد حتويلها إىل الشركة األم يف ظل ظروف أفضل ،ويتم هترب الشركة دولية النشاط من الضريبة
مرتفعة السعر يف البلد األم بتحويلها لألرباح احملققة إىل الشركة الوسيطة ليعاد استثمارها يف اخلارج مبا حيقق مصاحلها ويف ظل ظروف مالئمة.
ت .عند قيام إحدى الشركات التابعة أو أحد الفروع إلحدى الشركات متعددة اجلنسيات ببيع املدخالت إىل شركة تابعة أخرى أو فرع آخر للشركة نفسها ويف بلد
آخر ،فإنه يف هذا الوضع ال تُؤخذ األسعار اجلارية واملتداولة يف األسواق باحلسبان ،وإمنا تقوم الشركة متعددة اجلنسية األم وفروعها يف اخلارج بتسجيل أسعار
الصفقات املعقودة بينهما يف الدفاتر احملاسبية على حنو اعتباطي تاركة اجملال للتالعب باألسعار
.3التهرب عن طريق آلية المنشأة الثابتة :ظهر مصطلح املنشأة الثابتة حديثاً وبرز أكثر بظهور الشركات متعددة اجلنسيات ،اليت تلجأ إىل استعمال هذه املنشأة لتخفيف
عبئها الضرييب ،فمشكلة وجوب خضوع الشركات متعددة اجلنسيات للضريبة وتالفياً لظاهرة االزدواج أو التهرب الضرييب الدويل كان لزاماً وجود حل على هذا املستوى .هلذا
فقد استقر الفقه الضرييب الدويل على مبدأ مهم هو" أال ختضع أرباح الشركات األجنبية للضريبة يف البلد املضيف إال إذا كانت ناجتة عن تنظيم حمدد يسمى باملنشأة الثابتة"
ويف هذا اجملال حاولت خمتلف املنظمات الدولية واالتفاقيات الضريبية الصادرة عن بعض اهليئات الدولية تبين فكرة املنشأة الثابتة حملاسبة الشركات متعددة اجلنسيات.
بخصوص المقصود بالمنشأة الثابتة يمكن رصد اتجاهين أساسيين توصل إليهما الفقه االقتصادي في هذا الصدد:
-االتجاه األول :نظرية تحقق الدخل :وفقا هلذه النظرية يتم تعريف املنشاة الثابتة بكوهنا تلك املنشأة اليت متارس نشاطا يسهم إسهاماً مباشراً يف حتقيق الربح ،أي إن هذه
النظرية قد ربطت بني فكرة املنشأة الثابتة وحتقيق الربح.
-االتجاه الثاني :نظرية التبعية االقتصادية :طبقا هلذه النظرية يرتبط مفهوم املنشأة الثابتة باملنشآت كلها اليت تُعد جزءاً متكامالً من اقتصاد الدولة ،سواء أسهم إسهاماً
مباشراً أم غري مباشر يف حتقيق دخل أو إيراد للمشروع األجنيب .باعتبار أن النشاطات اليت تزاوهلا تعد نشاطات حيوية ومتكاملة مع النشاط االقتصادي للدولة.
أما حسب منظمة( )OCDEفمصطلح املنشأة الثابتة يشري إىل منشأة ثابتة لألعمال ميارس املشروع األم بواسطتها كل أو جزء من نشاطه وأن املنشأة الثابتة تتضمن
خصوصا - (:مقر اإلدارة . -الفرع -مكتب -مصنع -مشغل -منجم -بئر البترول أو الغاز -مكان استخراج الموارد الطبيعية – موقع البناء أو التركيب ) وضرورة
ممارسة أي من النشاطات املذكورة سابقا مدة 12شهرا .وحسب املنظمة جيب توافر ثالثة عناصر أساسية حىت نكون بصدد منشأة ثابتة :
-متوقع مادي أو إقامة أعمال أي حمالت ،آالت؛
-جيب أن تكون اإلقامة ثابتة ،أي تتمتع بشيء من الدميومة.
-جيب أن متارس املؤسسة نشاطها بواسطة هذه اإلقامة.
يتم التهرب الضريبي الدولي من طرف الشركات متعددة الجنسيات باستخدام المنشأة الثابتة بإحدى الطرائق اآلتية:
-إما أن تقوم الشركة األم بإنشاء املنشأة الثابتة هلا يف دولة تعفي هذه املنشأة كلية من الضرائب.
-أما إذا قامت بإنشاء هذه املنشاة يف دولة ال تعفيها من الضرائب وال تقدم امتيازات ضريبية ،فإهنا تلجأ إىل إضفاء صفة غري حقيقية على هذه املنشأة بتقسيمها
ت كالً منه منفردا ال متثل منشأة ثابتة،
َخ ْذ َ
إىل وحدات اقتصادية يف مناطق خمتلفة تقوم كل منها بنشاط معني (اخلدمات ،التنسيق ،التوزيع )...،حبيث إّنه لو أ َ
ومن مث فإن األرباح اليت حتققها ال ختضع إىل الضريبية ألهنا ليست منشأة ثابتة ،ومن مث تستطيع الشركة األم ختفيف عبئها الضرييب.
.4التهرب عن طريق التجارة االلكترونية :من أهم املشاكل اليت تقف عائقا أما فرض الضرائب والرسوم على عمليات وصفقات التجارة االلكرتونية مايلي:
-سهولة االتهرب يف عائد التجارة االلكرتونية ألهنا غري منظورة.
-صعوبة تتبع وفهم املعامالت اليت تتم عرب شبكة االنرتنت.
-صعوبة حصر وحتديد اجملتمع الضرييب للتجارة االلكرتونية.
-عدم وجود مستندات ميكن مراجعتها ضريبيا.
5
احلرص على حرية التجارة االلكرتونية وعدم فرض عوائق عليها. -
القصور احلادث يف جمال التعاون الضرييب الدويل . -
عدم تطوير اإلدارات واإلطارات مبا يتالءم مع التجارة االلكرتونية. -
ثالثا .آليات مواجهة التهرب الضريبي الدولي:
يف إطار التهرب الضرييب الدويل ،تعد االتفاقيات الثنائية واملتعددة األطراف أهم سبل العالج .إال أن الدولة ميكنها استعمال طرائق وقائية أو جزائية داخلية للتقليل من ظاهرة
التهرب الضرييب على املستوى الدويل.
.1على المستوى الداخلي :تستطيع الدولة ملا هلا من سلطة وسيادة على أراضيها سن إجراءات صارمة وفرضها لعقوبات ردعية يف نصوصها التشريعية (غرامات التأخري،
عقوبات جبائية وجنائية) هبدف فرض التزام أكثر على املكلفني بأداء الضريبة ،من بني هذه اإلجراءات جند:
-إلزام املصارف واملؤسسات املالية اليت تتم عن طريقها التحويالت املالية خبصم قيمة الضرائب املستحقة على املداخيل احملولة إىل اخلارج من طرف األجانب والناجتة عن
مشاريعهم االستثمارية داخل الوطن ،وتوريدها إىل مصلحة الضرائب املختصة.
-إجبار املكلفني على وضع وتقدمي بيان بتصرحيات عن أمالكهم املوجودة يف اخلارج ،وهذا سعياً وراء حتديد مراكزهم املالية وحتصيل الضريبة منهم.
-فرض رقابة على عملية حتويل رؤوس األموال الداخلة من الوطن وإليه ،وهذا بالتعاون مع إدارات وهيئات أحرى كإدارة اجلمارك اليت ميكنها إفادة اإلدارة الضريبية ومساعدهتا
يف هذا اجملال.
.2على المستوى الخارجي :اختذت ظاهرة التهرب الضرييب بعداً عاملياً مع ما وفرته تكنولوجيا املعلومات وحترير حركة رؤوس األموال واملعامالت الدولية ،ومنه زيادة إمكانية
التهرب اخلارجي أو الدويل بكل سهولة .هذا ما جيعل التعاون الدويل ضرورة حتمية للمكافحة واحلد من هذه الظاهرة ،ويكون ذلك يف إطار التعاون الدويل لتبادل املعلومات يف
شكل اتفاقيات ومعاهدات ثنائية (،االتفاقيات اجلبائية ،التنسيق اجلبائي ،املساعدة االدارية املتبادلة يف اجملال الضرييب ،الشفافية املصرفية ،الشفافية الضريبية ،املساواة يف املعاملة بني املستثمر األجنيب واحمللي.
ظاهرة االزدواج أو التعدد الضرييب من املشاكل اليت تثار عند تصميم أي نظام ضرييب ،وليس هناك فرق بني االزدواج الضرييب احمللي أو الدويل فكالمها ميارس
تأثريه السليب على املؤسسة ،فتحفيز استحداث االستثمارات يستهدف ايضا إعدادها إلمكانية تدويل نشاطها ،وهذا يستدعي تعريف الظاهرة وأثرها .
أوال.مفهوم االزدواج الضريبي وشروط تحققه:لالزدواج الضرييب مفهومه اخلاص وشروط حتقه كما سنرى فيما يلي:
.1تعريف االزدواج الضريبي :يقصد باالزدواج الضرييب " فرض نفس الضريبة أو ضريبة مشاهبة هلا يف النوع أو الطبيعة على نفس املؤسسة وعلى نفس الوعاء
ألكثر من مرة وعلى ذات املدة املستحقة عنها الضريبة".ويكون االزدواج الضرييب دوليا عند خضوع نفس الدخل أو بعض عناصره لضرائب أكثر من دولة يف
نفس مدة استحقاق الضريبية.
.2شروط تحقق االزدواج الضريبي :تتمثل شروط حتقق االزدواج الضرييب يف :
أ .وحدة الضرائب المفروضة :فاختالف الضرائب املفروضة على نفس مال املمول ينفي و جود االزدواج الضرييب.
ب .وحدة الشخص الخاضع للضريبة :خيرج من نطاق االزدواج الضرييب الضرائب املفروضة باالشرتاك بني شخصني ،حبيث يتحمل كل شخص الضريبة
املستحقة عن اجلزء العائد اليه من الدخل.
و تثار هنا حالة إخضاع مداخيل شركات األموال إىل الضريبة على أرباح الشركات ،وإخضاع نفس املداخيل عند توزيعها على الشركاء إىل الضريبة على
الدخل ،فإن كان هذا االزدواج الضرييب ال يعد ازدواجا من الناحية القانونية ألن الشركة شخص معنوي و املساهم شخص طبيعي أي أن الضريبة تتعلق بشخصني
مستقلني ،لكن من الناحية االقتصادية يعترب ازدواج ضرييب ألن املادة اخلاضعة هي نفسها يف احلالتني.
ج .وحدة المال الخاضع للضريبة ومدة فرضها :يتحقق االزدواج الضرييب خبضوع نفس املال لنفس الضريبة أكثر من مرة .
د .وحدة مدة فرض الضريبة :يتحقق االزدواج الضرييب خبضوع نفس املال لنفس الضريبة أكثر من مرة يف نفس املدة اليت حتققت فيها املادة اخلاضعة للضريبة
ثانيا.أنواع االزدواج الضريبي :هناك من مييز بني االزدواج الضرييب القانوين واالزدواج الضرييب االقتصادي ،غري أنه عادة ما يتم تصنيف االزدواج الضرييب حبسب
معيار االقليمية إىل:
.1االزدواج الضريبي الداخلي :هو ذلك االزدواج الذي يتم داخل حدود الدولة الواحدة ،وقد يكون مقصودا إذ تتعمد السلطة إحداثه لتحقيق بعض األهداف
منها:
6
-احلاجة إىل إيرادات استثنائية ملواجهة ظروف طارئة ،وللتمييز يف املفاضلة الضريبية للمداخيل تبعا ملصدرها؛
-زيادة األعباء على بعض املؤسسات للحد من منافسة املؤسسات الكبرية مثال للمؤسسات الصغرية؛
-جتنب رفع املعدالت الضريبية مباشرة و استبدال ذلك بفرض ضريبة مشاهبة.
.2االزدواج الضريبي الدولي :
أ.تعريف االزدواج الضريبي الدولي :هو ذلك االزدواج الذي يتم بني دولتني أو أكثر ،وقد يكون مقصودا و قد يكون غري مقصود ،فبالنسبة لالزدواج غري
املقصود يكون نتيجة عدم التنسيق الضرييب ما بني الدول ،حيث تقوم كل دولة بتشريع أحكامها الضريبية دون مراعاة تشريعات باقي الدول ،أما االزدواج
املقصود فيكون هبدف حتقيق:
-تطبيق مبدأ املعاملة باملثل يف فرض الضرائب على بعض رعايا الدول األجنبية ؛
-احلد من دخول رؤوس األموال األجنبية لكفاية رأس املال الوطين؛
-منع خروج رؤوس األموال الوطنية حلاجة املؤسسات احمللية إليها .
ب.أسباب االزدواج الضريبي الدولي :تتجلى األسباب الرئيسية لالزدواج الضرييب الدويل يف:
اختالف معايير الخضوع للضريبة :نتيجة تباين معايري حتديد الوعاء الضرييب ،ما قد يؤدي إىل تراكم الضرائب يف أكثر من دولة لنفس الشخص أو لنفس
الدخل و يف نفس الفرتة الزمنية؛ حيث ختتلف الدول يف نوع املبدأ أو األساس املعتمد عليه يف االخضاع للضريبة بني الدول:
-مبدأ التبعية السياسية(عالمية االيراد) :حيث يقصد بالتبعية السياسية أن يتم فرض الضريبة على رعايا الدولة التابعني هلا سياسيا بغض النظر عن مكان
تواجدهم أو مزاولتهم لنشاطاهتم أي سواء كانوا مقيمني داخل الوطن أو خارجه.
-مبدأ التبعية االقتصادية :فيقر حبق الدولة يف فرض الضرائب على مجيع الدخول اليت تؤول إىل األشخاص الذين اختذوا من الدولة موطنا هلم بصرف النظر عن
مصدر هذه الدخول.
-مبدأ التبعية االجتماعية :تدل التبعية االجتماعية على حق الدولة يف فرض الضرائب على مجيع الدخول اليت تؤدى إىل األشخاص املقيمني بالدولة دون األخذ
بعني االعتبار مصدر هذه الدخول.
اختالف تفسير المصطلحات التقنية :نتيجة اختالف التشريعات الضريبية حول املفاهيم الضريبية األساسية مثل اإلقامة ،املوطن ،و املنشأة الدائمة .فبعض
القوانني الضريبية الوطنية ترتكز يف حتديدها للموطن الضرييب على فكرة اإلقامة الرئيسية يف حني يرتكز البعض منها على فكرة موقع املصاحل الرئيسية للممول
أو حصوله على دخل مصدره تلك الدولة؛ ويرتتب على التباين يف مدلول هذه املصطلحات إمكانية وجود تعدد ضرييب على نفس الوعاء الضرييب.
اختالف التنظيم التقني لضرائب الدخل :يؤدي التباين يف التنظيم التقين لضرائب الدخل إىل حدوث ازدواج ضرييب دويل ،بسبب تأثريه على حتديد معايري
اخلضوع للضريبة ،فعادة ما يؤخذ مبعيار املصدر أو اإلقليمية بالنسبة للضرائب النوعية ذات الطابع العيين ،بينما يؤخذ مبعيار اجلنسية أو املوطن بالنسبة
للضرائب العامة ذات الطابع الشخصي؛
ظهور التجارة اإللكترونية :أدى إىل ارتفاع درجة احتمال حدوث االزدواج الضرييب على نفس املعاملة التجارية اإللكرتونية الواحدة ،نظرا الختالف مكان
دفع قيمة املعاملة التجارية عن موطن الشركة املستفيدة منها ،إذ ترى كل دولة أحقيتها يف فرض الضريبة.
ثالثا .آثار االزدواج الضريبي :ينتج عن االزدواج الضرييب اآلثار اآلتية:
.1زيادة العبء الضريبي على المؤسسة :فيعيق نشاطها وحيد من دور السياسة الضريبية يف حتفيز االستثمار؛
.2تثبيط االستثمار :فهو يشكل عامال مثبطا لالستثمار احمللي و عائقا أمام تدفق االستثمار األجنيب ،بسبب تأثريه السليب على العائد الذي يرغب املستثمر يف
حتقيقه ،االمر الذي قد يدفعه إىل االحجام عن االستثمار؛
.3عدم عدالة توزيع العبء الضريبي :يؤدي االزدواج الضرييب القانوين إىل توزيع العبء الضرييب توزيعا غري عادل بني املستثمرين داخل الدولة الواحدة ،بينما
يؤدي االزدواج الضرييب الدويل إىل التوزيع غري العادل للعبء الضرييب بني املستثمرين احملليني واملستثمرين األجانب؛
.4تقييد حركة رؤوس األموال :االزدواج الضرييب ينعكس سلبا على منافع الدول املتقدمة والدول النامية على السواء ،ألن انتقال رؤوس أموال الدول املتقدمة
لالستثمار يف الدول النامية ميكنها من تصريف فائض مدخراهتا يف فرص استثمارية مرحبة وجينبها ما حيدثه بقاء هذا الفائض داخلها من اثار انكماشية تضر
باالقتصاد الوطين ،يف ذات الوقت تستفيد الدول النامية من استغالل موارد االنتاج املعطلة لديها بسبب ندرة رؤوس االموال الالزمة الستغالهلا .وهو ما
يضعف حوافز االستثمار الدويل.
7
.5يعوق حركة انتقال األشخاص واألموال ،ويضعف من سيولة عناصر اإلنتاج ويعرقل سري العالقات االقتصادية الدولية.
لذلك البد من العمل على معاجلة الظاهرة داخليا من خالل وضع التشريعات اليت متنع حدوثها ،و خارجيا من خالل التنسيق اجلبائي الدويل أو التوحيد
اجلبائي أو عن طريق االتفاقيات اجلبائية الدولية.
رابعا.أساليب معالجة االزدواج الضريبي الدولي :يفضي حصول االزدواج الضرييب الدويل إىل بعض اآلثار السلبية من الناحية االجتماعية ،املالية واالقتصادية ،
إذ يؤدي من الناحية االجتماعية إىل اإلخالل بالعدالة االجتماعية عن طريق حتميل املكلف أكثر من طاقته ،أما اقتصاديا فيدفع االزدواج الضرييب إىل هتريب
رؤوس األموال واحلد من انتقاهلا وكذا اإلحجام عن إقامة مشاريع اقتصادية جديدة ،أما ماليا فيؤدي إىل التهرب من الضريبة.
ملواجهة هذه املشاكل كان البد من البحث عن الوسائل واألساليب الكفيلة مبعاجلة هذه الظاهرة ،ومن أهم هذه األساليب جند:
أ .تنظيم الضريبة :يستطيع املشرع أن يتخذ من اإلجراءات ما يكفل عدم حتقق االزدواج الضرييب الدويل ،بصرف النظر عما تقرره الدول األخرى يف هذا الشأن،
ويتم ذلك بإقرار قانون يقضي صراحة بإعفاء املكلف من دفع ضريبة معينة إذا أثبت أنه دفعها إىل دولة أخرى ،أو عن طريق احرتام كل دولة ملبدأ إقليمية
الضريبة فال ميتد اختصاصها املايل خارج حدودها وبذلك تعفي مواطنيها املقيمني يف دولة أخرى دفع الضرائب املفروضة عليهم يف الدول اليت يقيمون فيها.
االتفاقيات الدولية :االتفاقيات الدولية وهي عبارة عن اتفاقيات ثنائية موقعة من طرف دولتني من أجل حتقيق جمموعة من األهداف املشرتكة ،كاالتفاق على
اإلجراءات اليت تكفل عالج املشاكل الناجتة عن االزدواج الضرييب الدويل ،كما ميكن أن تكون اتفاقيات تربمها الدول مع هيئات دولية تلتزم الدول مبقتضاها
معاجلة االزدواج الضرييب الدويل ،وقد قامت منظمة األمم املتحدة ومن قبلها عصبة األمم بدور بارز يف عقد مثل هذه االتفاقيات لفض التعدد الضرييب الدويل
بوصفه عائقا من عوائق حرية تداول الثروات ورؤوس األموال بني الدول املختلفة
8