Professional Documents
Culture Documents
المحور الثالث (النظم الضريبية
المحور الثالث (النظم الضريبية
يدخل التنسيق الضرييب يف اطار العمل على إحداث تقارب يف السياسات الضريبية وجتنب املنافسة الضريبية الضارة هبدف حتقيق التكامل االقتصادي ،و تشجيع االستثمار
بشكل حيقق مصاحل كل دولة.
أوال .مفهوم التنسيق الضريبي:تضمنت الدراسات االقتصادية اليت تناولت هذا املوضوع العديد من التعاريف من بينها:
.1التعريف األول ":يقوم التنسيق الضرييب بني الدول على إزالة أوجه االختالف بني النظم و التشريعات الضريبية ،حبيث تصبح متناغمة و متناسقة و متقاربة يف خمتلف
اجملاالت الضريبية ،و من أمهها :قواعد حتديد الواقعة املنشئة للضريبة ،و أحوال و شروط منح اإلعفاءات الضريبية ،و معدالت الضرائب".
.2التعريف الثاني ":يعين السعي إىل إزالة أهم أوجه االختالف بني النظم و التشريعات الضريبية حبيث تبتعد عن التناقض و تصبح متقاربة يف خمتلف اجلوانب.وقد يتسع جمال
التنسيق ،و قد يقتصر على جانب أو جوانب قليلة".
.3التعريف الثالث ":التنسيق الضرييب هو جمموعة القواعد و االتفاقيات و التعاقدات املربمة بني عدة دول ،هبدف إزالة التناقضات فيما بينها و اليت تعرفها أنظمتها الضريبية
املختلفة ،و منعها من اإلضرار بالتكامل االقتصادي".
.4التعريف الرابع ":التنسيق الضرييب هو جمموعة اإلجراءات اليت هتدف إىل ختليص الضريبة من آثارها غري املالئمة لتنمية العالقات االقتصادية واملالية الدولية ،وحماولة خلق
ظروف مشاهبة لتلك اليت توجد يف اقتصاد موحد تسوده املنافسة ،وتتمتع فيه السلع ورؤوس األموال واألفراد حبرية االنتقال ،مما يساعد على التخصيص األمثل للموارد".
تأسيسا على التعاريف السابقة ميكن استنتاج أن التنسيق الضرييب يشمل ما يلي - :التعديل اجلزئي والتدرجيي لألنظمة الضريبية الوطنية املختلفة ،اليت تعرف اختالفا
يف اهلياكل و تباينا يف األعباء الضريبية اليت تقرها؛ -يستهدف التنسيق الضرييب حتقيق التقارب يف توزيع األعباء الضريبية بني الدول األعضاء ،حتقيقا ملبدأ العدالة الضريبية ،و
جتنبا لظاهريت التهرب و االزدواج الضريبيني؛ -إزالة العقبات و احلواجز الضريبية اليت ميكن أن حتد من املنافسة بني الدول.
ثانيا .نطاق التنسيق الضريبي :ال يقتصر التنسيق الضرييب على اجملال الدويل ،حيث ميكن أن يكون التنسيق مطلوبا حمليا أو داخل الدولة الواحدة:
.1على المستوى المحلي :كما هو احلال يف الدول الفيدرالية اليت متنح كال من احلكومة الفيدرالية و حكومات الواليات أو األقاليم احلق يف فرض الضريبة .و قد يقتصر
جمال التنسيق الضرييب على أنواع حمددة من الضرائب و قد يكون شامال لكل الضرائب.
.2على المستوى الدولي :ينطلق التنسيق الضرييب بإبرام الدول التفاقيات و معاهدات قصد إزالة التناقض بني نظمها الضريبية ،و يشمل اجملاالت التالية - :أساليب حتديد
الواقعة املنشئة للضريبة ،األوعية الضريبية ،و مستوى معدالت الضرائب؛ -ظروف و شروط منح املزايا الضريبية ،و أساليب مكافحة الغش الضرييب.
ثالثا .أهداف التنسيق الضريبي :اهلدف من التنسيق الضرييب هو - :جتنب االنعكاسات السلبية للمنافسة الضريبية الضارة؛ -حتقيق حيادية الضريبة اجتاه االستثمار
والتجارة الدوليني ،بواسطة التنسيق و إزالة العوائق أمام انتقال األشخاص والسلع و رؤوس األموال بني الدول املعنية بالتنسيق ،ومن مث تشجيع االستثمارات املشرتكة وتنميتها.
ختتلف هذه األهداف تبعا ملستوى العالقات االقتصادية بني الدول من جهة و املدى الزمين من جهة أخرى.
كما أن للتنسيق الضرييب جمموعة من األهداف األخرى ميكن تلخيصها يف اجلدول املوايل:
األهداف يف املدى الطويل األهداف يف املدى القصري
-التوجه حنو التكامل االقتصادي؛ -جذب أكرب قدر من االستثمارات الدولية للدولة املضيفة؛
-التنسيق يف السياسات املالية و النقدية؛ -تقدمي تسهيالت تـؤدي إىل عملية تراكم رأس املال؛
-زيادة حجم التجارة البينية؛ -احلصول على حصة من حجم األموال املتاحة لالستثمار الدويل؛
-زيادة حجم االستثمار املشرتك؛ -توفري قاعدة لبناء أسواق املال و البورصات احمللية؛
-القضاء على التضخم؛ -توفري فرص املنافسة مع الدول الصناعية الكربى؛
-ختفيض أسعار املنتجات ملا يسمح بالتصدير الدويل؛ -حتقيق تكامل اقتصادي يف شكل مشروعات مشرتكة جديدة؛
-جذب مزيد من االستثمارات؛ -تشجيع توطن رأس املال احمللي؛
-استقرار مناخ االستثمار؛ -االستفادة من مزايا مثيلة من الدول األعضاء يف التنسيق؛
-حتسني العائد على االستثمار؛ -تشجيع التجارة البينية؛
-توظيف عوامل اإلنتاج احمللية؛ -حتسني مناخ االستثمار.
-حتقيق مزايا اإلنتاج الكبري؛
-االستخدام األمثل للموارد املتاحة.
رابعا .آليات و أساليب التنسيق الضريبي :حيتاج التنسيق الضرييب الدويل إىل عدد من اآلليات اليت تضمن جناحه ،تتمثل يف وجود هياكل ومؤسسات ضريبية ،وخطط عمل
وعقود قانونية تسهر على التطبيق العملي ملخطط التنسيق الضرييب.
.1االتفاقيات الضريبية :تعد أكثر اآلليات استخداما يف هذا اجملال:
أ .هدف االتفاقيات:هتدف االتفاقية الضريبية إىل - :تفادي االزدواج الضرييب؛ -مكافحة التهرب الضرييب؛ -إرساء قواعد التعاون يف اجملال الضرييب.
15
لذلك فهي تعرب عن سعي كل طرف فيها لتحقيق مبدأ العدالة واملساواة يف فرض الضريبية من خالل جتنب اآلثار السلبية لكل من االزدواج والتهرب الضريبيني ،والعمل
على ترقية وتشجيع االستثمار.
ب .أشكال اتفاقيات التنسيق الضريبي :قد يكون هذا التنسيق من خالل - :اتفاقية عامة اقتصادية أو جتارية تتضمن بعض بنودها ما يتعلق بالتنسيق الضرييب بني الدول؛
-اتفاقية خاصة باجلانب الضرييب ف قط ،مثل اتفاقيات جتنب االزدواج الضرييب عن طريق منح تسهيالت للمستثمرين بإعفائهم من الضرائب على األرباح.
.2اإلدارات واألجهزة الضريبية فوق القطرية :حيث يقتضي التنسيق بني الدول يف اجملال الضرييب ،تعاونا وثيقا بني أجهزهتا الضريبية ،يشمل تبادل املعلومات واخلربات،
تقريب التشريعات و املصطلحات وطرق املعامالت.
.1.2أشكال تعاون اإلدارات واألجهزة الضريبية :يعد التعاون بني اإلدارات الضريبية كشكل من أشكال التنسيق الضرييب أداة فعالة ملكافحة ظاهريت التهرب واالزدواج
الضريبني الدوليني نتيجة املعطيات اليت توفرها هذه األجهزة ،وعلى املستوى الدويل هناك العديد من املشاريع املتعلقة بالتعاون والتنسيق الضرييب الدويل املرتكزة على مدخل
اإلدارة الضريبية منها:
-االتفاق الثنائي الخاص بالتعاون اإلداري في تحديد الوعاء الضريبي :يهدف إىل تبادل املعلومات املتعلقة باإليرادات اخلاضعة للضريبية بني الدول املتعاقدة يف ظل
احرتام كل دولة لسيادهتا الضريبية يف حدود إقليمها.
-االتفاق الخاص بالتعاون اإلداري في تحصيل الضرائب :يهدف إىل متكني الدول املتعاقدة من جباية ديوهنا الضريبية يف إقليم الدول األخرى ،شريطة أن تكون مستحقة
األداء و حتصل طبقا لقوانني الدولة املطلوب منها للك.
ويتوجب على الدول املتعاقدة أن تنشئ يف ما بينها جملسا أعلى للضرائب تعهد اليه مهمة دراسة العقبات اإلدارية و التنظيمية اليت تعيق التنسيق الضرييب ،فضال عن العمل
على حتسني األداء الضرييب و تعبيئة املوارد املالية مبا خيدم األهداف التنموية للدول األعضاء .مع إخضاعه لسلطة اجلهة املشرفة على التكتل أو االحتاد ،حبيث تكون له
الصالحية القانونية يف وضع القرارات والتعليمات امللزمة ،و مراقبة التشريعات الداخلية للدول مبا يضمن تنفيذ التنسيق على حنو فعال.
.2.2صعوبات التعاون اإلداري :يواجه إبرام االتفاقيات اخلاصة بالتعاون اإلداري يف اجملال الضرييب عدة صعوبات منها:
-عدم تكافؤ مزايا الدول المتعاقدة :نتيجة قبول مبدأ التعاون الضرييب اإلداري ،للك أن الدول اليت تتوفر على نظم ضريبية فعالة و عادلة قد ال تشعر حباجة ماسة ملكافحة
التهرب و االزدواج الضريبيني اليت يتيحها التعاون اإلداري؛
-تباين أسس وأهداف النظم الضريبية :حيد من فرص التعاون اإلداري بينها ،حيث يصعب حتقيق تعاون ضرييب سليم بني دول ختتلف على املستوى الضرييب واالقتصادي
والسياسي؛
-التحفظ في تقديم المعطيات االقتصادية :تتيح االتفاقيات الضريبية يف جمال التعاون اإلداري طلب معلومات عن بعض أوجه النشاط االقتصادي ،ما ينجم عنه إفشاء
بعض األسرار االقتصادية كإفشاء األسرار املهنية ،و املعلومات اخلاصة باألرصدة النقدية و األوراق املالية و غريها ،األمر الذي قد ال يلقى قبوال لدى كافة الدول.
يف اإليرادات الضريبية: .3الصناديق التعويضية :قد يتطلب تنسيق التشريعات و النظم الضريبية إنشاء صندوق تعويضي لتصحيح االختالل
.1.3تمويل الصندوق :ميول الصندوق من قبل الدول األعضاء وفق نظرية القدرة على الدفع أو من خالل فرض رسم مجركي لفائدة هذا الصندوق؛
.2.3هدف الصندوق :اهل دف من إنشاء هذا الصندوق هو تعويض الدول اليت قد تتضرر من عملية التنسيق و تعرف اخنفاضا حادا يف إيراداهتا الضريبية.
خامسا .اآلثار االقتصادية للتنسيق الضريبي :ميكن أن حيقق التنسيق الضرييب مجلة من املنافع أو اإلجيابيات،كما قد يتسبب يف احلاق الضرر ببعض الدول.
.1اآلثار االيجابية :تتمثل أبرز اآلثار االجيابية اليت ميكن أن حيدثها التنسيق الضرييب يف:
1.1التقليل من حجم التشوهات االقتصادية :تعمل االختالفات يف القواعد الضريبية اليت تطبقها الدول أحاديا على تشويه االقتصاد العاملي ،ألهنا تؤثر على قرارات
املنتجني و امل ستهلكني ،حبيث ال تصبح الضريبة حيادية بالقدر املطلوب لضمان التبادل احلر للسلع و اخلدمات و رأس املال،و من بني هذه التشوهات:
ا) في مجال الضرائب على االستهالك :يؤدي فرض الضريبة على القيمة املضافة على السلع و اخلدمات املستهلكة داخل الدولة مبعدالت خمتلفة تبعا لنوع أو طبيعة السلعة
أو اخلدمة أو على سلع أو خدمات دون غريها إىل التأثري على التدفقات التجارية من و إىل هذه الدولة .و فرض الضريبية هبذه الكيفية حيدث تغيريات يف أسعار
االستهالك؛ مما يؤثر على قرارات الشراء و منه االستهالك بالزيادة أو النقصان ،وبالتايل التأثري على مستويات الرفاهية االقتصادية للمستهلكني .و سينعكس للك على
إعادة ختصيص موارد اجملتمع بني أوجه االنتاج املختلفة بشكل ال يكون بالضرورة أمثال .و ينتج عن عدم التنسيق تباعد أو احنراف األسعار احلدية للمنتجات البديلة على
املستوى العاملي؛
ب) -في مجال الضرائب على الدخل :قد تفرض هذه الضريبة على أساس مبدأ مصدر الدخل ،ما ينجم عنه إخضاع الشركات اليت حتقق دخال يف الدولة بصرف النظر
عن مكان إقامتها ،يف الوقت الذي قد ختضع هذه الشركات للضريبة مرة أخرى يف الدول اليت تعترب مقيمة فيها ،كون هذه الدول تطبق مبدأ عاملية اإليراد ،و من مث تتعرض
الزدواج ضرييب يقلل من العائد و يزيد من تكلفة االستثمار ،األمر الذي يؤثر على قرار االستثمار.
يتضح التشوه يف احلاالت السابقة من خالل مقارنة أسعار املنتجات نتيجة تأثرها بتلك القواعد الضريبية مع األسعار البديلة هلذه املنتجات فيما لو كان التنسيق الضرييب
موجودا بني هذه الدول ،ما يعين أن غياب التنسيق الضرييب يؤدي إىل عدم كفاءة ختصيص موارد العامل نتيجة تباعد أو احنراف األسعار احلدية للمنتجات البديلة .و مع للك
16
هناك من يرى أن االختالف يف معدالت ضرائب الدخل و ال سيما الضريبة على أرباح الشركات ميكن أن يكون مقبوال إلا كانت هذه املعدالت منخفضة و تعوض التشوه
املتوقع على ختصيص املوارد.
2.1التقليص من التأثيرات الخارجية السلبية للضريبة :إن قيام أية دولة بصفة منفردة باختيار املعدالت الضريبية اليت متكنها من حتقيق أعلى مستوى من الرفاهية ،سوف
يؤثر على مستويات الرفاهية يف الدول األخرى ،و هو ما يعرف بالتأثريات اخلارجية للضريبة و اليت من أمهها:
ا .التأثير على رفاهية المجتمع :عند قيام دولة من الدول بفرض ضرائب انتاج مبعدالت منخفضة عن تلك املطبقة يف دولة أخرى ،سيؤدي للك إىل تسهيل جذب االستثمار
إليها ،ما قد يؤدي إىل خ سائر يف رفاهية الدولة الثانية نتيجة ما يعرف باغتصاب وعاء الضريبة ،رغم أن هذا األثر السليب مل يؤخذ يف حسبان الدولة األوىل عند اختال
قرارها متجاهلة الكفاءة االقتصادية الدولية .وقد يؤدي تنافس الدولتني على حتسني ظروفهما االقتصادية إىل مزيد من االختالف يف مستوى معدالت الضرائب و العمل
على ختفيضها إىل حد تفرضه املنافسة الضريبية ،لذا من الضروري جلوئهما إىل التنسيق الضرييب بينهما للحد من االختالف يف معدالت الضريبة .و التنسيق الضرييب ال
يعين بالضرورة تبين مبدأ توحيد املعدالت ،حيث ميكن اإلبقاء على الضريبية املختلفة بني الدول األعضاء ،إلا توفرت هلا خيارات احلد من التأثريات السلبية للمنافسة
الضريبية،من توفري الوعاء الضرييب املالئم و القواعد القانونية الواضحة
ب .التأثير على األسعار و التكاليف :الدول لات االقتصاد القوي ميكنها تصدير أوعيتها الضريبية إىل اخلارج ألهنا قادرة على فرض ضرائب على وارداهتا من الدول ،ما يزيد
كلفة مؤسساهتا مبقدار الضرائب الداخلة يف االنتاج .و نظرا للمركز االحتكاري للدول القوية يف السوق العاملي بإمكان مؤسساهتا إعادة تصدير ضريبة الواردات املفروضة
عليها يف صورة ارتفاع يف أسعار السلع املصدرة إىل اخلارج؛ و من مث نقل العبء الضرييب إىل املستهلك األجنيب.
ج .التأثير على العبء الضريبي للمؤسسات:إن التأثريات اخلارجية للضريبة تبدو جلية أكثر على الشركات من خالل أثر السياسة الضريبية اليت تطبقها دولة معينة على
الدول األخرى ،فإلا كان عبء الضريبة على الشركات يف هذه ا لدولة مرتفعا نسبيا عن بقية الدول ،ساهم للك يف انتقال وعاء الضريبة إىل الدول اليت ينخفض فيها
العبء ،ما يتولد عنه تدفقات خارجية لرأس املال من الدول لات العبء الضرييب املرتفع إىل الدول لات العبء املنخفض.
3.1تخفيض الكلفة اإلدارية للضريبة :يعمل التنسيق الضرييب على ختفيض التكاليف االدارية للضريبة بالنسبة لدإدارة الضريبية و املكلف بالضريبة:
ا .بالنسبة لإلدارة الضريبية :تتقلص كلفتها لعدم احلاجة إىل البحث عن معامالت ضريبية خمتلفة يف كل دولة كما هو احلال يف حالة غياب التنسيق الضرييب ،سواء ما تعلق
بتحديد الدخل أو حتديد التكاليف و غريها؛
ب .النسبة للممول :يتحمل كلفة أقل؛ خبالف ما لو كانت األنظمة و اإلجراءات الضريبية يف الدول لات الصلة بنشاطه االقتصادي متباينة و متعددة،و ينعكس هذا
التخفيض على كلفة املنتجات ،مما خيفض أسعارها و يرفع قدرهتا على التسويق اخلارجي.
.2اآلثار السلبية :يعترب اخنفاض احلصيلة الضريبية لبعض الدول ،و عدم مالئمة برنامج التنسيق الضرييب للظروف االقتصادية لبعض الدول األخرى ،و ما ينجم عن للك من
تشوه يف هياكلها االنتاجية أبرز اآلثار السلبية للتنسيق الضرييب ما مل يتم تداركها:
1.2انخفاض الحصيلة الضريبية لدى بعض الدول :يرتتب عن التنسيق الضرييب إحداث تعديالت يف التشريعات الضريبية الوطنية للدول األعضاء يف التكتل ،ما ينجم عنه
زيادة يف املعدالت الضريبية لبعضها ،و ختفيضا يف معدالت الضرائب لدى دول أخرى ،إضافة إىل تعديل قواعد حتديد الوعاء الضرييب؛ ما يوفر إيرادات ضريبية أكثر مما
كانت حتصله بعض الدول قبل التنسيق ،و يضيع على بعض الدول جزءا من حصيلتها الضريبية السابقة ،و هذا يعين أن التنسيق الضرييب يؤدي إىل إعادة ختصيص أو
توزيع اإليرادات الضريبية بني الدول األعضاء ،فيمكن أن تتضرر الدول املعتمدة بصفة أساسية على اإليرادات الضريبية يف متويل ميزانيتها العامة.غري أن هذا الضرر قد
يكون على املدى القصري؛ فبعض الدول اليت خفضت معدالهتا الضريبية ميكن ان تستفيد من تدفقات رؤوس األموال اليها أكثر من لي قبل ،األمر الذي يؤدي اىل
التوسع األفقي للوعاء الضرييب ،ما ينتج عنه زيادة احلصيلة الضريبية يف املدى الطويل .كما أن الزيادة يف املعدالت الضريبية اليت تعرفها بعض الدول ال تعين بالضرورة زيادة
احلصيلة؛ بل قد يؤدي للك اىل نقصاهنا حبسب منطق قانون الفر.
.2.2تشوه بنية االقتصاد المحلي :رغم مسامهة التنسيق الضرييب يف احلد من التشوه الناتج عن املنافسة الضريبية على املستوى الدويل ،إال انه قد يتسبب يف التشوه
االقتصادي داخل الدولة أو الدول األعضاء ،و أبرز مظاهره:
ا .مجاالت االنفاق العام وأهميته :إن جماالت االنفاق العام وأمهيته ختتلف من دولة إىل أخرى ،ومن مث تتباين األساليب الضريبية املالئمة لضمان متويل هذا االنفاق ،األمر
الذي يتعارض مع هدف التنسيق الضرييب خاصة يف ظل اختالف مستويات التنمية االقتصادية بني الدول املتكتلة؛
ب .اختالف أولويات االنفاق العام بين الدول :ففي حني خختصص النسبة العظمى منه يف الدول املتقدمة للنفقات االجتماعية و الصحية ،ختصص حكومات الدول النامية
معظمه للخدمات االقتصادية و الدفاع و التعليم؛
ج .تباين سبل زيادة اإليرادات الضريبية بين الدول :فالدول املتقدمة تركز على الضرائب املباشرة ،بينما تركز الدول النامية على الضرائب غري املباشرة على السلع و اخلدمات
و الضرائب على التجارة اخلارجية.
مع للك تزداد أمهية التنسيق الضرييب يف ظل توسع قيام التكتالت االقتصادية و ما أدى إليه من تقليل يف أمهية السياسات املالية املستقلة لكل دولة على حدى وفقا
ملصاحلها الذاتية ،لتحل حملها السياسات املالية التبادلية بني الدول ملا هلذه األخرية من منافع ،حيث تعمل على ختفيض الضغط الذي تتعرض له الدولة اليت ختفض املعدالت
17
الضريبية جلذب االستثمارات إليها حيث تضطر يف كل مرة إىل االستمرار يف التخفيض ملواجهة املواقف املماثلة للدول األخرى يف إطار املنافسة الضريبية حنو القاع ،إضافة إىل
ما توفره هذه السياسة من تفعيل لقدرة اإلد ارات الضريبية على التعاون لتحصيل الضريبة و مكافحة التهرب الضرييب ،و تقليل االزدواج الضرييب الدويل.
18
وقد تكون الضريبة يف هذه الدول أو األقاليم ضريبة إحالل سنوية تقوم بتعويض وتغطية غياب الضريبة على أرباح الشركات ،تفرض هذه الضريبة على األشخاص
املعنويني مبعدالت منخفضة.وميكن أن تكون فيها الضرائب على الشركات عابرة احلدود حمفزة جدا.إل ال تفرض الضرائب إال على األنشطة الداخلية ،وتكون
معدومة أو منخفضة على األنشطة اخلارجية.
.3دول وأقاليم متنح مزايا ضريبية لبعض املؤسسات أو األنشطة ،وميكن أن متنح اجلنات الضريبية مزايا تفضيلية تصل إىل درجة اإلغراق الضرييب.
رابعا.االنعكاسات السلبية لوجود الجنات الضريبية :تؤدي املزايا اجلبائية التفضيلية اليت تقدمها اجلنات الضريبية ،إىل:
-هتديد التوازن املايل بني دول العامل ،حيث يفضل أصحاب الثروات هتريب أمواهلم و أرباحهم و كذلك االستثمار يف البلدان اليت تقدم هلم أفضل املزايا و االعفاءات
الضريبية ،مما يرتتب عنه جمموعة من االنعكاسات السلبية على اقتصادات الدول لات الضغط الضرييب املتوسط أو املرتفع؛
-املخاطر األمنية ،خاصة من املنظمات االجرامية الدولية و التنظيمات االرهابية اليت تستغل اخلدمات البنكية اليت تلتزم باحلماية املطلقة للمعلومات و املعطيات حول
التحويالت البنكية لتمويل عملياهتا يف باقي بلدان العامل ،هذه املعطيات دفعت املنتظم الدويل من خالل منظمة التعاون و التنمية االقتصادية لبلورة جمموعة من االجراءات
للحد من ظاهرة اجلنات الضريبية.
-اخنفاض حاد و كبري يف املوارد اجل بائية ،فصغر مساحة البلدان املصنفة كجنات الضريبية و قلة عدد سكاهنا ميكنها من عدم فرض ضرائب كثرية و مرتفعة ،يف حني أن
الدول األخرى ستجد نفسها مرغمة ملنع هتريب األموال و األرباح خارج تراب الدولة على سن جمموعة من اإلعفاءات الضريبية على الشركات و األفراد خاصة األثرياء مما
سيضعف موارها اجلبائية و جيعلها غري قادرة على اجناز الربامج احلكومية يف اجملاالت االجتماعية و البنية التحتية ،و هو ما يفاقم األوضاع االجتماعية خاصة يف الدول
النامية اليت تعاين أصال من نقص يف املوارد املالية.
-تشكل اجلنات الضريبية علبة سوداء للجرمية املنظمة الدولية ،من خالل توفريها لوسائل وآليات قانونية قادرة على التغاضي عن مصدر هذه األموال و عن هوية أصحاهبا،
كما أهنا ترفض التعاون مع الدول األخرى للقيام بتحقيقات جبائية أو جنائية تتعلق هبذه األموال ،فهي تقوم بدور الوسيط بني شبكة التحويالت املالية الدولية الشرعية و
هذه األموال اجملهولة املصدر أو لات املصدر املشبوه .فهي تساهم يف تفشي االرتشاء على املستوى الدويل و متويل املنظمات االجرامية و التنظيمات االرهابية
-فاجلنات الضريبية متنح خاصية السر البنكي ،و احلماية املطلقة للعمليات املالية و التجارية اليت متكن من إبقاء هوية املالكني و املستفيدين من التحويالت املالية جمهولة،
حيث أن امتناع هذه الدول عن التعاون مع بقية بلدان العامل شكل عائقا يكفل احلماية للمتهربني من الضرائب و أصحاب الثروات لات املصدر غري املعروف.
-تشكل اجلنات الضريبية ماللا آمنا إلخفاء األموال املتحصلة من عمليات االرتشاء الضخمة ،من خالل اخلدمات اليت تقدمها البنوك عن طريق تغيري مسار األموال عدة
مرات و تغيري مصدرها و إنشاء شركات ومهية و صفقات غري حقيقية هبدف تبييض مصدر تلك األموال .
-يؤدي وجود اجلنات الضريبية اىل تزايد خماطر األزمات االقتصادية العا ملية ،فهي تغري مسار املدخرات العاملية و تعمل على تركيزها يف مناطق معينة ،كما تسهل تداول
األموال بدون مراقبة ،كما جتعل من البيانات احملاسبية و النتائج املالية للشركات ،خاصة املتعددة اجلنسية غري دقيقة و اليت تشكل يف أغلب األحيان االساس الذي تعتمد
عليه بعض ا لشركات إلعالن إفالسها املتعمد للتهرب من أداء املستحقات الضريبية و الديون و غريها من االلتزامات ،كما تؤدي بسبب التداول السريع لرؤوس األموال
بدون مراقبة إىل تنامي هروب األموال من الدول النامية مما يؤثر على النمو االقتصادي هلذه البلدان.
خامسا .وسائل الحد من تنامي ظاهرة الجنات الضريبية
لقد أصبحت املنافسة اجلبائية الضارة اليت تقوم هبا اجلنات الضريبية من خالل االعفاءات و املزايا الضريبية اليت تقدمها من أجل تشجيع حتويل األموال و املشاريع من
بلدان االقامة اىل مراكزها املالية ،هاجس البلدان املتقدمة والنامية على حد السواء ،خاصة بعد األزمة االقتصادية لسنة .2002
بعد حتديد املعايري اليت من خالهلا ميكن تصنيف الدول اليت تعترب جنات الضريبية و متييزها عن غريها من الدول اليت تطبق سياسات جبائية غري ضارة ،عملت منظمة
التعاون والتنمية االقتصادية على اختال جمموعة من اال جراءات هبدف دفع هذه الدول للتعاون اجلبائي و االخنراط يف آليات التعاون اجلبائي الدويل ،حيث ميكن للبلدان اليت مت
تصنيفها كجنات ضريبية أن تندمج يف املنظومة الدولية من جديد و خترج من الئحة اجلنات الضريبية و تصنف ضمن الئحة الدول املتعاونة جبائيا.
ويف هذا االطار أصدرت منظمة التعاون والتنمية االقتصادية سنة 1992جمموعة من التوصيات ،هتدف من خالهلا إىل عزل هذه الدول و دفعها حتت تأثري الضغط لتغيري
سياساهتا اجلبائية التفضيلية واالخنراط يف التعاون اجلبائي الدويل حملاربة التهرب الضرييب الدويل و تبييض األموال.
عملية إقصاء هذه الدول تتم على مرحلتني ،ففي املرحلة األوىل يتم اختال تدابري ردعية يف مواجهة اجلنات الضريبية ،ويف مرحلة ثانية يتم إصدار الئحة للدول اليت تصنف
كجنات ضريبية.
التــدابير الــردعيــة :من أجل عزل وإقصاء الدول اليت يتم تصنيفها كجنات ضريبية ،عمل تقرير منظمة التعاون و التنمية االقتصادية على اختال جمموعة من اإلجراءات .1
من أجل حماربتها و تقليص آثارها على االقتصاد العاملي:
أ .ففي مرحلة أوىل ينبغي على الدول غري املصنفة كجنات ضريبية االمتناع عن إقامة عالقات جبائية مع اجلنات الضريبية ،حيث تقرتح منظمة التعاون والتنمية االقتصادية،
فسخ االتفاقيات اليت تربط بني الدول واجلنات الضريبية و عدم إبرام أية اتفاقيات جبائية جديدة معها.
ويهدف هذا اإلجراء إىل ابعاد اجلنات الضريبية بشكل كامل من العالقات الضريبية الدولية ،وهو إجراء القى انتقادات عديدة ،بالنظر:
-لالنعكاسات الدبلوماسية والسياسية له على العالقات الدولية؛
19
كما أن قطع احلوار مع هذه الدول ال يساعد على إجياد حلول مناسبة إلشكالية اجلنات الضريبية ،بل يتعدى األمر للك ليصبح هلذا اإلجراء مفعول عكسي، -
حيث سيزيد من إقبال الشركات واألفراد على اجلنات الضريبية ،رغبة يف االستفادة من انقطاع التعاون الذي كان يتم من خالل االتفاقيات املربمة ولو بشكل
رمزي بني بلدان اإلقامة و بلدان االستقبال.
ب .ومن جهة ثانية ،فإن التقرير يدعو الدول اليت ترتبط بعالقات خاصة سياسية أو اقتصادية أو غريها مع دول مصنفة كجنات ضريبية ،أن تعمل على أن ال تساهم هذه
العالقات يف تشجيع املنافسة الضريبية الضارة ،و يقصد هبذا اإلجراء الدول اليت لديها حدود ترابية مع دولة أو دول مصنفة كجنات الضريبية.
ت .كما تضمنت التوصيات اليت مت إصدارها حملاربة اجلنات الضريبية إجراءات أخرى ،أبرزها:
التقليص من اإلعفاءات الضريبية للدخول األجنبية؛
تبادل املعلومات املتعلقة بالعمليات املالية الدولية اليت تتم فوق تراهبا؛
مالئمة التشريعات الوطنية هلذه البلدان يف ما يتعلق بالولوج للمعلومات البنكية مع املعايري الدولية يف هذا اجملال.
نشر الئحة الجنات الضريبية :شكل تأسيس املنتدى الدويل للشفافية وتبادل املعلومات ألهداف جبائية ،نقلة نوعية ملنظمة التعاون والتنمية االقتصادية ،حيث عهد .2
هلذا املنتدى القيام بتقييم دائم لألنظمة الضريبية من أجل الكشف عن الدول اليت تطبق سياسات ضريبية ضارة ومن مث حتديد الدول اليت ينبغي تصنيفها كجنات
ضريبية من خالل املعايري املستخلصة من عملية التقييم لنظامها اجلبائي ،و القيام بعد للك بإعداد الئحة باجلنات الضريبية املوجودة.
و تساعد هذه الالئحة الدول األخرى على تطبيق التدابري الردعية ضد اجلنات الضريبية من أجل عزهلا واحلد من أضرارها ،و هي الئحة ليست دائمة ،حيث يعمل
املنتدى على حتيينها كل ما دعت إىل للك الضرورة.
و يف هذا اإلطار مت إصدار أول الئحة تضم الدول اليت تتوفر فيها املعايري لتصنيفها كجنات الضريبية يف تقرير صدر سنة ،2000تضم ( )33مخسة و ثالثون دولة.
غري أن هذا التقرير يوضح أن اهلدف من هذه الالئحة ليس اختال تدابري ردعية ضد هذه الدول و إمنا فقط دفعها إلزالة املمارسات اجلبائية الضارة من تشريعاهتا و
التعاون مع بقية الدول يف اجملال اجلبائي.
والعنصر اآلخر املهم يف هذا التقرير ،يكمن يف اقرتاح إجراءات ميكن من خالهلا للدول املصنفة كجنات ضريبية أن تلتزم بالقضاء على مجيع املزايا اجلبائية التفضيلية
الضارة اليت تقدمها للمستثمرين أفرادا وشركات ،وهي إجراءات يف حال االلتزام بالعمل هبا ،يتم إزالة الدولة من الئحة اجلنات الضريبية عن طريق عملية التحيني الدورية
اليت يقوم هبا املنتدى.
كما صدر تقرير آخر سنة ،2002عمل على تقييم التقدم احلاصل يف حماربة املنافسة اجلبائية الضارة اليت تقوم هبا اجلنات الضريبية ،باإلضافة لذلك عمل هذا التقرير
على وضع أسس التعاون اجلبائي الدويل بني الدول األعضاء يف منظمة التعاون و التنمية االقتصادية و الدول غري األعضاء يف هذه املنظمة.
وعقب قمة جمموعة العشرين G20لسنة ، 2002عملت منظمة التعاون والتنمية االقتصادية واملنتدى الدويل للشفافية وتبادل املعلومات ألهداف جبائية على متييز
الدول املتعاونة جبائيا والدول غري املتعاونة من خالل االتفاقات اليت تربمها مع غريها من دول العامل بشأن تبادل املعلومات اجلبائية ،وهي نفس املقاربة اليت أعتمدها
القانون الضرييب الفرنسي يف حتديد الدول غري املتعاونة جبائيا وبالتايل فرض معاملة جبائية خاصة مع األفراد و املؤسسات حسب مصدر أو وجهة حتويالهتم و عملياهتم
املالية.
وبصفة عامة ،فقد شكلت التقارير السنوية و التوصيات الصادرة عن هذه املنظمة عامال مهما دفع العديد من البلدان املصنفة كجنات ضريبية إلعادة مالءمة
قوانينها الوطنية اليت تتضمن مزايا ضريبية و خدمات قانونية تسهل إخفاء الثروات و األموال املتأتية من مصادر مشبوهة أو غري معروفة ،و هو ما شكل نقلة نوعية
بالنسبة لالقتصاد العاملي ،حيث شرعت العديد من ا لدول اليت كانت تعترب إىل وقت قريب جنات ضريبية يف توقيع اتفاقيات لتبادل املعلومات اجلبائية ،كما عملت على
التخفيف من صرامة تطبيق مبدأ كتمان السر البنكي يف إطار التعاون اجلبائي الدويل.
20