Professional Documents
Culture Documents
قصيدة الإنسان الإله - الجزء الثاني 25.03.17
قصيدة الإنسان الإله - الجزء الثاني 25.03.17
الجزء الثاني
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
اجلزء الثاين ( 4 -مل يكن يوحنا يف حاجة إىل أيّة إشارة)
اجلزء الثاين ( 12 -يسوع يلتقي بفليبس ونثنائيل يف بيت صيدا يف منزل بطرس)
اجلزء الثاين ( 13 -يوضاس تداوس يف بيت صيدا ،دعوة يسوع إىل عرس قاان)
اجلزء الثاين ( 17 -لقاء اإلسخريوطي وتوما .معجزة على مسعان الغيور)
رب األردن)
اجلزء الثاين ( 19 -يوضاس بن حلفا وتوما ومسعان يُقبَلون قُ َ
اجلزء الثاين ( 20 -العودة إىل الناصرة بعد الفصح مع التالميذ الستة)
اجلزء الثاين ( 29 -االسخريوطي يلتقي يسوع يف اجلسمانية ويسوع يَقبَله تلميذاً)
يوطي)
ر اإلسخ يهوذا فقاجلزء الثاين ( 32 -يسوع يـثـ ِّ
ّ
ّ َُ
الراعي)
اجلزء الثاين ( 40 -يسوع يف ايفا عند اسحق َّ
رب اخلليل)
الرعاة قُ َ
اجلزء الثاين ( 43 -يسوع على طريق العودة مع ُّ
اجلزء الثاين ( 47 -يسوع يبكي بسبب يهوذا .ومسعان الغيور يواسيه)
اجلزء الثاين ( 48 -أنتم كذلك ،الصاحلون منكم هم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا)
اجلزء الثاين ( 50 -يسوع يعود إىل أورشليم .االسخريوطي يتحدث يف اهليكل .الذهاب إىل
اجلسمانية)
اجلزء الثاين ( 51 -يسوع يتحدث إىل اجلندي اسكندر عند ابب السمك)
اجلزء الثاين ( 52 -يسوع واسحق قرب .Doccoالذهاب إىل مرج ابن عامر)
اجلزء الثاين ( 53 -يسوع عند الراعي يوان يف مرج ابن عامر)
اجلزء الثاين ( 58 -تثقيف التالميذ مع الكلية القداسة مرمي يف حديقة الناصرة)
اجلزء الثاين ( 60 -يعقوب بن حلفا يُقبَل بني التالميذ .يسوع يَ ْك ِّرز قُرب مكتب ّ
مّت)
اجلزء الثاين ( 63 -يسوع يف حبرية طرباي .تعليم التالميذ قرب هذه البلدة)
اجلزء الثاين ( 70 -يسوع يف املدينة الساحلية ،يتلقى رسائل تتعلق بيوان)
اجلزء الثاين ( 71 -يسوع يف بيت مرمي اليت حللفاُُِّ .ي ُّل السالم مع ابن عمه مسعان)
اجلزء الثاين ( 72 -النعمة تعمل دائماً حيث توجد اإلرادة ابالستقامة)
اجلزء الثاين ( 75 -يسوع يف موسم القطاف يف بيت حنة .معجزة الطفل املشلول)
اجلزء الثاين ( 82 -شفاء طفل مشرف على املوت .اجلندي اسكندر .إنذار إىل يسوع)
اجلزء الثاين ( 83 -يسوع يتحدث إىل نيقودَيوس ،أثناء الليل ،يف اجلسمانية)
اجلزء الثاين ( 84 -يسوع عند لعازر قبل ذهابه إىل منطقة املياه احللوة)
اجلزء الثاين ( 85 -يسوع يف منطقة املياه احللوة بداايت حياة اجلماعة مع التالميذ)
إهلك")
الرب َ
اجلزء الثاين ( 86 -يسوع يف منطقة املياه احللوة" :أان هو ّ
اجلزء الثاين ( 88 -يسوع يف منطقة املياه احللوة" :ال تتلفظ ابمسي ابطالً")
أمك")
أابك و َ اجلزء الثاين ( 89 -يسوع يف منطقة املياه احللوةِّ :
"أكرم َ
الرب") ِّ
اجلزء الثاين ( 92 -يسوع يف منطقة املياه احللوة" :قَ ّدس يوم ّ
اجلزء الثاين ( 93 -يسوع يف منطقة املياه احللوة" :ال تقتل" .موت دوراس)
اجلزء الثاين ( 96 -يسوع يف منطقة املياه احللوة يشفي الروماين اجملنون .يتحدث إىل الرومان)
اجلزء الثاين ( 97 -يسوع يف منطقة املياه احللوة" :ال تشهد ابلزور")
اجلزء الثاين ( 99 -يسوع يف منطقة املياه احللوة خطبة ختامية .تعقيب على :من األعماق.
وارمحين اي هللا)
اجلزء الثاين ( 100 -يسوع يغادر منطقة املياه احللوة وَيضي صوب بيت عنيا)
اجلزء الثاين ( 102 -يف بيت عنيا ،يف بيت مسعان الغيور)
الرعاة)
اجلزء الثاين ( 103 -عيد األنوار يف بيت لعازر مع ُّ
يؤدي إىل
جيلس يسوع إىل الطاولة أيكل ،ومرمي ختدمه ،فتذهب وتعود من ابب صغري أظُنُّه ّ
حيث ال ُـموقِّد الذي يُرى وميضه من خالل الباب املو َارب.
وهتز رأسها وهي مرات أن جتلس وأتكل ،ولكنّها أتىب ّ مرتني أو ثالث ّيطلب يسوع من مرمي ّ
حمل احلساء ،ومسكاً مقليّاً ،مثّ جبناً
حتل ّ تبتسم ابتسامة حزن .مثّ جتلب اخلضار املسلوقة اليت تبدو ّأهنا ّ
طرّايً بشكل كتلة تذ ّكرين حبجارة السيل املتدحرجة ،مثّ بعض الزيتون األسود الصغري .على الطاولة خبز
عادي مسيك قليالً .إنّه ابألحرى أسود ألنّه ُيتوي على النخالة .أمام يسوع مدور واسع مثل طبق ّ ّ
حبب متأِّّمل.
جرة ماء وكأس .وهو أيكل بصمت ،بينما ينظر إىل ّأمه ّ ّ
جليّ .إهنا تذهب وجتيء لتتمالَك نفسها .وعلى الرغم من أ ّن نور النهار ما
مرمي تعاين بشكل ّ
ض َعته أمام يسوع وهي مت ّد يدها لتداعب رأسه خلسة .مثّ تفتح ِّخرجاً
وو َ
أشعلَت قنديالً َ
يزال كافياً فقد َ
وخت ُرج إىل احلديقة
بين اللون ،تبحث يف داخلهَ ،يدوايً وهو غري نفوذّ ،
من الصوف اخلام منسوجاً ّ
تقَتب مرمي جم ّدداً من الطاولة ،من اجلانب األكثر ضيقاً على يسار يسوع وتنظر إليه أيكل.
تنظر إليه أبسى ،هبيام ،بوجه أكثر شحوابً من املعتاد ،يبدو وكأ ّن املعاانة َج َعلَته يشيخ ،بعينني أكثر
اتّساعاً بسبب هالة ُم َزر َورقة حوهلما ،وهي دليل على الدموع املذروفةّ .إهنما تبدوان أكثر بريقاً من
تنه ِّمر .عينني متألِّّ َمتَني وتَعِّبَـتَني.
متألُها ،وهي على وشك أن َ
املعتاد وقد َغ َسلَ ُتهما الدموع اليت ُ
واضح أ ّن يسوع أيكل بدون شهيّة ،إّّنا فقط لريضي والدته .إنّه يف ّكر أكثر من املعتاد ،يرفع
رأسه وينظر إىل مرمي ،يقابِّل نظرة مليئة ابلدموع فيخفض رأسه احَتاماً ملشاعرها .يكتفي أبخذ يدها
الناعمة اليت تسندها على حافّة الطاولةَ .يسك هبا بيده اليسرى وُيملها إىل خ ّده الذي أسندها إليه
احلب ِّ
ومرره عليها ليشعر مبالطفة تلك اليد املسكينة اليت ترجتف ،مثّ يـُ َقبّلها من ظهرها بكثري من ّ
ّ
واالحَتام.
احلرة ،اليسرى ،إىل فمها ،كما لتخنق بكاءها .مثّ متسح أبصابعها دمعةأرى مرمي أتخذ يدها ّ
جتاوزت الرموش وسالت على خ ّدها .يعاود يسوع األكل وخترج مرمي بسرعة إىل احلديقة الصغرية اليت
ما زال فيها بقيّة من نور ،وختتفي.
احلديقة صامتة اآلن وقد أقبَ َل الليل .هناك فقط نور قمر مجيل ،ووميض منبعث من غرفة
الطعام .الليل ساكن .يسوع يتكلّم مع مرمي .مل أ ِّ
ُدرك يف البدء الكلمات اليت كانت ابلكاد مهموسة
واليت توافق مرمي عليها ابحنناءة من رأسها.
مثّ أَمسَع« :دعي األهل أيتون .ال تبقي وحيدة .سأكون أكثر اطمئناانً أثناء أتدية رساليت .ولن
ِّ
وسأخربك حني أكون يف اجلليل وال أستطيع العودة إىل البيت، إليك .سوف آيت غالباً، يسيء حيب ِّ
ّ
فتأتني حينذاك لرؤييت .ماما ،كان جيب أن حتني هذه الساعة ...لقد ب َدأَت هنا عندما ظَهر ِّ
لك املالك؛ َ َ
تدق وجيب أن حنياها ،أليس كذلك اي ّأماه؟ وبعدها سيأيت سالم االختبار الذي سنجتازه واآلن هي ّ
الرب
ولكن ّ
عرب هذه الصحراء مثل أجدادان للدخول إىل أرض امليعادّ . والفرح .إّّنا ينبغي ّأوالً أن نَ ُ
روحي لتغذية أرواحنا عندما يشت ّد االختبار.
ساع َدهم .سـوف َينحنا عونه مثل َم ّن ّ سيساعدان كما َ
فلنقل معاً ألبينا»...
يَ َنهض يسوع ومرمي معه .يرفعا نظريهما صوب السماءّ .إهنما ذبيحتان حيّتان تتألّقان يف الليل.
وشدَّد على اجلملتنيِّ « :
ليأت ِّ
صالً الكلمات ،الصالة الرّابنيةَ َ .
جليُ ،م َف ّ
يسوع يقول ببطء ،إّّنا بصوت ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 12 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ِّ
صالً ّإايُها جيّداً أكثر من اجلُ َمل األخرى .إنّه يصلّي وذراعاه ممدوداتن،
مشيئتكُ ».م َف ّ
َ ملكوتك .لتكن
َ
الرب معكم» .وتُ ِّبقي مرمي
ليس ابلضبط على شكل صليب ،إّّنا مثل الكاهن حينما يقول« :ليكن ّ
يديها مضمومتني.
جرة على ن مث يعودان إىل البيت ،ويسوع الذي مل أَره أبداً يشرب اخلمر ،يس ُكب يف كأسِّ ،
م
ّ َ َُ َّ
الرف ،قليالً من النبيذ األبيض وُيملها إىل الطاولة .أيخذ مرمي من يدها وجيعلها جتلس إىل جانبه ّ
شرب ِّ ِّ ِّ ِّ
سرة خبز ويُطعمها ّإايها ،ومرمي تُذعن نتيجة اإلحلاح .ويَ َ
وتشرب من هذا النبيذ حيث يَغمس ك َ
يسوع ما تَـبَـ َّقى ِّمن اخلمر.
مثّ يش ّد ّأمه إليه ،إىل قلبه .يسوع ومرمي ليسا متّكئني ،بل ُُها جالسان مثلنا للطعام .لقد توقّفا
عن الكالمّ ،إهنما ينتَ ِّظران .مرمي تالطف يد يسوع اليمىن وركبتيه .ويسوع يالطف ذراع مرمي ورأسها.
كل حلظة
مرات كثرية ،كثرية .يبدوان يف ّ مثّ يَ َنهض يسوع وتَ َنهض مرمي معه .يتعانقان ويتالمثان ّ
لكن مرمي تُ ِّ
عاود ش ّد ابنها إليهاّ .إهنا السيّدة العذراء ...ولكنّها أ ُّم ،وابختصار ّأهنما يريدان االفَتاق ،و ّ
لن
عرف إىل أين سينتهي به هذا االنفصال .فال يقو ّ ض عليها االنفصال عن ابنها ،وهي اليت تَ ِّ هي أ ُّم فُ ِّر َ
كنت أعتَ ِّقد بذلك سابقاًّ ،أما اآلن فاعتقادي أكثر رسوخاً. إيل إ ّن مرمي مل تتأ ّمل .لقد ُ
بعد أحد َّ
أيخذ يسوع معطفه األزرق القامت ،ويتدثّر به على كتفيه ،ويغطّي رأسه ابلقبّعة .مثّ َُي ِّمل اخلِّرج
َورَابً على صدره لكيال يضايق مسريه .ومرمي تساعده وال تنتهي من ترتيب ثوبه ،املعطف والقبّعة ،وبني
احلني واحلني تالطفه أيضاً.
العتَـبَة يتالمثان
يتوجه يسوع صوب الباب بعد أن يقوم إبشارة بـََرَكة للبيت ،فتتبعه مرمي ،وعند َ
ّ
للمرة األخرية.
ّ
مرتني لينظر إىل ّأمه اليت ت الطريق صامتة وموحشة ،مضاءة ابلقمر .يبدأ يسوع رحلته .يلت ِّ
ف
ّ َ
وم ِّشعَّة خلف دموعها الصامتة .يبتعد يسوع ابطّراد ِّ
تظل ُمستَندة إىل الباب ،أكثر بياضاً من القمرُ ، ّ
على الطريق البيضاء ،ومرمي ما تزال تبكي ُمستَنِّ َدة إىل الباب .مثّ َيتفي يسوع عند املنعطف.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 13 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
دخل مرمي وعيناها تدمعان وتُغلِّق لقد بَ َدأَ طريقه َك ِّ
كارز ،الطريق اليت ستنتهي يف اجللجلة .تَ ُ
الباب .وهي كذلك قد بَ َدأَت طريقها اليت ستقودها إىل اجللجلة...
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 02 / 09
كالم يسوع:
عادالً للذي يف األانجيل .سوف آخذ النقاط اليت أراها أكثر لن أتَّبع يف التأمالت ترتيباً زمنياً م ِّ
ّ ُ ّ
الصالح».
أجلك ومن أجل اآلخرينُ ،متَّبعاً ترتييب يف التعليم ويف َّ نفعاً يف يوم حم ّدد من ِّ
صادفون ذلك يف احلياة! ّإهنا أشواك إقامتكم األرضيّة اليت ختَتق القلب :أعرف ذلك .إّّنا كم تُ ِّ
قلت: ِّ
ل َمن يتقبّلها إبذعان -انتبهي ،مل أقل" :ملن يرغب هبا ويتقبّلها بفرح" فهذا هو الكمال؛ بل ُ
"إبذعان" -فهي تتب ّدل بورود متفتِّّحة لألبد .ولكن الذين يتقبَّلوهنا إبذعان قليلون ج ّداً .وكاحلمري
تتمردون وتصطَ ِّدمون إبرادة اآلب ،هذا إذا مل تَسعون أيضاً إىل جرحه برفسات ولسعات روحيّة، احلرونة ّ
أي بثورتكم وبتجديفكم ض ّد هللا.
ال تقولوا" :أان مل يكن يل سوى هذا اخلري وقد انتَـَز َعه هللا ِّم ّين .إّّنا أان مل يكن يل سوى هذه
العاطفة وقد انتَـَز َعها هللا ِّم ّين" .كذلك مرمي املرأة ال ُـم ِّحبَّة والعطوفة بشكل كامل ،إذ يف "املمتلئة نعمة"،
ب واحد على فحّت األشكال العاطفيّة كلّها واحلسيّة كانت كاملة ،مل يكن هلا سوى خري واحدُ ،ح ّ ّ
املودة .فأبَواها كاان ُمتَـ َوفَّني منذ زمن ،ويوسف منذ أكثر من
األرض :ابنها .مل يكن ابقياً هلا سوى هذه ّ
حتس ّأهنا ليست وحيدة .فاألهل كانوا ُمعادين هلا قليالً بسبيب سنة .مل يكن هلا غريي ألحبّها وأجعلها ّ
األم اليت ال تعرف فرض رأيها على ابنها الذي ال يبايل ِّ
أان ،جاهلني طبيعيت اإلهليّة .فهي ابلنسبة هلم ّ
وحّت
املشَتك ،والذي يرفض مشاريع الزواج اليت كانت ستزيد عزوة العائلة وترفع شأهنا ّ ابحلس السليم َ ّ
مادايً.
تساعدها ّ
احلس السليم ،ولكنّه ليس سوى شعور البشري -تُ َس ُّمونه ّ
ّ احلس
احلس العامّ ، األهل ،صوت ّ
بشري ،يعين أاننيّة -كان األهل يريدون تغيرياً عمليّاً يف حيايت .ويف األعماق كان اخلوف من املتاعِّب ّ
كنت أجرؤ على التعبري عن أفكار مثاليّة ج ّداً ،حسب اليت سَتهق كاهلهم يوماً بسبيب أان الذي ُ
اليهودي كان مليئاً ابلعَِّرب حول مصائر األنبياء.
ّ تفكريهم ،وقد كان ممكناً أن تغيظ ال ُـم َج َّمع .والتاريخ
للنيب واملتاعب ألهله .يف األساس كانت النيب مل تكن سهلة ،وغالباً ما كانت جتلب املوت ّ فرسالة ّ
دائماً فكرة وجوب َحتَ ُّملي يوماً مسؤوليّة والديت.
كانت مرمي تعرف طباع األهل ،إذ مل يكن اجلميع مثل يعقوب ويوضاس ومسعان ،وال مثل
التصرفات .وكانت تَعلَم ماذا سيكونلكالواب ،وكانت تتوقّع كيف ستصبح هذه ّ ّ والدهتم ،مرمي اليت
مصريها يف غضون هذه السنوات الثالث ،وماذا ينتظرها فيما بعد ،وتَعلَم كذلك مصريي أان؛ ومع
تتمرد مثلما تفعلون .بل لقد بَ َكت .من منكم مل يكن ليبكي على فراق ابن ُيبّه كما ذلك مل تكن ّ
كنت سأتغيّب خالهلا عن منزهلا الذي بَِّقيَت فيه وحيدة،
ابألايم الطويلة اليت ُ
جملرد التفكري ّ
كنت أحبّهاّ ،
ُ
أمام مستقبل ابن ُمهيّأ لالصطدام بشرور الناس الذين ُُِّي ّسون أبنفسهم مذنبني ،وأ ّن ذنوهبم تدفعهم
حّت إرادة قتله.
حملاربة الربيء ّ
البشري الذي تَـ َقبَّل من هللا حياة جديدة.
ّ ألهنا كانت الـم ِّ
شارَكة يف الفداء وأ ُّم اجلنس لقد بَ َكت ّ
ُ
كأمهات إكليل
آالمهن ّ
ّ من أن جيعلن من األمهات اللوايت ال يعلَ َ
كل ّ كان ينبغي هلا أن تبكي من أجل ّ
أزيل.
جمد ّ
األمهات تنتَ ِّزع إرادة فائقة ِّ ِّ
أيديهن ابناً! َكم من ّّ األمهات يف العامل َيتطف املوت من بني َكم من ّ
بقائهن أمل يف اهتا
و أخ كل أجل ن مالطبيعة ابناً من جانبهن! فَ ِّمن أجل كل بناهتا كأمهات ملسيحينيِّ ،
ّ ّ ّ ّ ّ ّ
كل أبنائها ،املولودين من املرأة ،وقد أ ُِّع ّدوا ليُصبِّحوا ُر ُسالً هلل
وحيدات ،بَ َكت مرمي .وكذلك من أجل ّ
وشهداء حلبّه ،ابلوفاء لـه أو بوحشيّة الناس.
وحّت األخطاء
بطويلَ ،يحو نقصهم ّ املدعوين إىل مصري ّ
يقوي ّ دمي ودموع مرمي ُها املزيج الذي ّ
املرت َكبَة بسبب ضعفهم ،مبنحهم ،عدا عن الشهادة ،مهما كانت ،سالم هللا ،وإذا أتلّموا من أجل هللا،
فمجد السماء.
َِّجتدهُ النفوس ال ُـم َكَّرسة يف هذه الصحراء اليت هي احلياة الرهبانيّة الشاملة :صحراء ،أل ّن ال شيء
كل عاطفة أخرى تتفتّح فقط حني تُصبِّح حمبّة فائقة الطبيعة :لألهلاالحتاد ابهلل ،وأ ّن ّحي سوى ّ فيها ّ
واألصدقاء والرؤساء واملرؤوسني.
اإلهلي وسط العامل الذي ال يفهمهم وال ُيبّهم ،صحراء كذلك ِّ
ال ُـم َكَّرسون هلل َجيدون هذا املزيج ّ
ستهزأ هبم بسبب
وم َ ابلنسبة ألولئك الذين ُييون كما لو كانوا وحيدين بقدر ما هم غري مفهومني ُ
احلب الذي ُيملونه يل. ّ
ب يسوع ،وكذلك اللوايت
جتده "ضحيّايت" احملبوابت ،أل ّن مرمي هي األوىل اليت كانت ضحيّة ُح ّ
ِّ ِّ
تقوي وتثري احلماس من أجل التضحية الكربى.
كأم وكطبيبة ،دموعها اليت ّتَبِّعنَهاّ .إهنا َهتب من يدها ّ
دموع ّأمي املق ّدسة.
مرمي تصلّي .ال ترفض الصالة أل ّن هللا يبتليها ابألمل .احفظوا هذه الذكرىّ ،إهنا تصلّي مع يسوع.
تصلّي لآلب ،أبينا وأبيكم.
مل يكن لدينا شيء يغفره اآلب ،وحنن الـذين "بال خطيئة" قد طَلَبنا حينئذ مغفرة اآلب ليغفر
لنا ،وهذه املساحمة مل تكن سوى لتنهيدة ال ترقى إىل جالل رسالتنا .لتعليمكم أنّه بقدر كوننا يف حالة
صلّون ّاحتدوا دائماً ،دائماً ،دائماً يب .وأان سوف أصلّي من أجلكم بصوت مرتَِّفع ُجمَلِّّالً
عندما تُ َ
خَتقَـتَني وأرفعها لآلب، يدي ال ُـم ََ
صوتكم كبشر بصويت كإنسان-إله .سوف أضع صالتكم على َّ
ومحرةفتصبح ذبيحة ذات قيمة ال ح ّد هلا .وصويت الذائب بصوتكم سريتَِّفع ك ُقبلة بنويّة لآلبُ ،
يف إذا أردمت أن يثبت هللا فيكم ومعكم وبكم.
جراحايت ستجعل صالتكم أكثر قيمة .اثبتوا ّ
حبق اإلثنني اللذين ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
لقد أهنيت الرواية بقولك" :وحنن "...وقد أردت القول" :وحنن اجلاحدين ّ
ُظهر إحدى صعدا اجللجلة ألجلنا" .لقد ِّ
فعلت جيّداً بوضع هذه الكلمات .ضعيها يف كل مرة أ ِّ
ّ َ
َّدم.
التأمل والن َ
آالمنا .ولتكن مثل اجلرس الذي ير ّن ويدعو إىل ّ
هذا يكفي اآلن .اسَتُيي .السالم ِّ
معك».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 02 / 03
كالم يسوع:
«ما َكتَبتِّ ِّه يف 30كانون الثاين (يناير) َيكنه أن ََينَح الفرصة ألصحاب ّ
الشك أن يتمادوا بـ ـ
بت" :عندما أرى هكذا تتب ّدد قواي عنك .لقد َكتَ ِّ
"لكن" و"إذاً" اليت هلم .وأان من سيجيب بدالً ِّ
َ
وخاصة القلبيّة" .وحتماً سوف يقول "علماء املستحيل"" :هذا دليل على أ ّن ما ُيدث معها ّ اجلسديّة
القوة وليس الضعف ".فليُـ َف ِّّسروا يل إذاً ملاذا أصحاب االخنطافاتبشري ،أل ّن فائق الطبيعة ََينَح دائماً ّ
ّ
املادة النامجة عن اجلراح ِّ
الكبرية ،بعد اخنطاف تَـ َع ّدوا خالله القدرات البشريّة بعد اختفاء األمل وثقل ّ
فإهنم ،منذ توقّف حّت بدنيّاًّ ، ِّ ِّ
ظهرون رائعني ّ الداخليّة والنزوف اخلطرية ،مستمتعني بغبطة جتعلهم يَ َ
صلَت عنهم. االخنطاف ،يَبقون مغشيّاً عليهم على األرض لدرجة تدعو لالعتقاد أب ّن أرواحهم قد ان َف َ
وليُـ َف ِّّسروا يل كذلك ملاذا ،بعد ساعات من النزاع ال ُـمريع الذي هو صورة عن نزاعايت ،مثل نزاع خادميت
حيب وحبّها أهالً ألن حتيا آالمي، جيما ونفوس أخرى كثرية َج َعلَها ّ
ترييزاي ،وكما هي نزاعات الق ّديسة ّ
وهؤالء األشخاص يستعيدون أو كانوا يستعيدون ّقوة وتوازانً بدنيّني ال َيتلكهما أكثر الناس سالمة.
الصحة واملرض .إنّين أجلَأ إىل خ ّدامي وفقاً ملشيئيت ،مثل خيط مجيل
أان سيّد احلياة واملوت و ّ
فيك هي إحدى املعجزات يف هذا املضمار .ففي احلالة البدنيّة اليت يضحي لعبة بني يدي .املعجزة ِّ
ّ
كونك تستطيعني الوصول إىل هذه الغبطة دون أن متويت فيها،أنت فيها ،حالة تدوم بشكل عجائيبِّ ، ِّ
ّ
حّت من التفكري ابلشكل األكثر ِّ ِّ
الوهن َينع آخرين ُّمتَ َح ّملة هذه االنتقاالت بينما أنت يف حالة من َ
إليك يف هذه األوقات كما عادت يف األوقات اليت بدائية .املعجزة تكمن يف هذه احليوية اليت تعود ِّ
ّ ّ
السماوي .املعجزة يف هذه بت فيها إمالءايت أو إمالءات األرواح األخرى اليت حتمل ِّ
إليك كالمها َكتَ ِّ
ّ
لك للكتابة. االستعادة احلاصلة للقوة ،بعد أن استَهلَ َكت الفرحة تلك البقية من احليوية اليت تبقى ِّ
ّ ّ ّ
ابحلب». ِّ
واآلن انطَلقي قُ ُدماً ،بطاعة ،مفعمة ّ
املتفرقة هنا
أرى سهالً غري مأهول وال نبات فيه .ال حقول مزروعة ،بل بعض النبااتت القليلة ّ
أقل َجدابً.
جتمعات نباتيّة حيث يف األرض بعض العمق ،وهي هنا ّ وهناك على شكل طاقات ،مثل ّ
ابجتاه
هذه األرض القاحلة وغري املزروعة هي على َييين ،بينما الشمال خلفي ،فهي ابلنسبة يل متت ّد ّ
اجلنوب.
إذا كان الكالم عن صحراء صحيحاً يف تعيني هذا املكان غري املأهول والذي ال أثر فيه لعمل
أقل تناسباً مع الفكرة اليت نُ َك ِّّوهنا عن الصحراء .فهنا ال كثبان صحراويّة ملموسة ،إّّنا
إنسان ،فهو ّ
فقط أرض عارية مزروعة حجارة وفضالت ،كما هي أراضي الطمي بعد الفيضان.
أثناء هذه املشاهدات ،أرى املشهد املليء ابلناس على طول الض ّفة اليمىن لألردن -اليمىن
عامة الشعب ،وآخرون من ابلنسبة يل -هناك الكثري من الرجال مبالبس خمتلفة .يبدو البعض من ّ
الفريسيّني بثياهبم املزيّنة ابألهداب
األغنياء ،وهؤالء يوجد منهم عدد ال أبس به ،ويبدو البعض من ّ
والشرائط.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 22 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يف الوسط ،رجل يقف على صخرة ،وقد عرفتُهُ من النظرة األوىل :إنّه املعمدان ،هذا على الرغم
للمرة األوىل .إنّه يتح ّدث إىل اجلمع ،أؤّكد أ ّن ِّعظتة تنقصها النعومة .لقد دعا يسوع
من أنّين أراه ّ
الو َّاثب؟ َيكن عندفِّ
َ ـم لا اخلطيب هذا على قيعقوب ويوحنّا "ابين الرعد" .ولكن ماذا َيكن أن نُطلِّ
َ ُ ّ
هزة أرضيّة ،على ما هو عليه من اجل ّدية القول عن يوحنّا املعمدان أبنّه ضربة صاعقة ،سيل جارفّ ،
والصرامة يف حديثه وحركاته.
صل خلف يوحنّا .يتق ّدم دون جلبة وهو يستمع يسري يسوع مبفرده ،ببطء ،وبينما هو يتق ّدم ي ِّ
َ
املدوي ،صوت واعظ التوبة يف الصحراء ،كما لو كان يسوع كذلك واحداً من األشخاص إىل الصوت ّ
ليعتمدوا ويستع ّدوا ابلتطهري لقدوم ماسيا .ال شيء َييّز يسوع عن ابقي الكثريين اآلتني إىل يوحنّا َّ
عامة الناس ،سيّد جبمال مساته ،إّّنا ال إشارة إهليّة متيّزه عن اجلمع. الناس .يبدو بلباسه وكأنّه من ّ
ويتعرف على الفور على منبع ِّ
خاص .يلتَفت ّ
أحس بفيض روحاينّ ّحينئذ يبدو يوحنّا وكأنّه قد َّ
ويتوجه طلق احمليّا صوب ِّ
هذا الفيض .فيهبط مسرعاً من على الصخرة اليت كان يستخدمها َكم َنربّ ،
يسوع الذي وقف على بعد أمتار من جمموعة من الناس ،ويتّكئ على جذع شجرة.
إيل؟»
أنت أتيت ّ
إليك ألتقدَّس ،و َ
«أبداً اي سيّدي .أان من جيب أن آيت َ
وبينما يضع يسوع يده على رأس يوحنّا املنحين أمامه جييبه« :دعين اآلن وما أفعل ،فهكذا
السر العظيم ،وأن يُعلَن هلم أن األُضحية هي ِّ
شعائرك الناس إىل ّ
َ كل ّبر ،وأن تقود
ُُيسن بنا أن نُ ّتم ّ
اآلن يف هذا العامل».
وينزع يسوع معطفه وجلبابه ،وحمتفظاً يتأمله يوحنّا بعني لَطََّفت نظرهتا دمعة ،ويسبقه إىل الض ّفةَ ،
ّ
ويعمده يوحنّا بسكب ماء النهر على رأسه بواسطة بسروال له قصري ،ينزل إىل املاء حيث يوجد يوحنّاّ ،
رعة ُم َفَّر َغة وجمَ َّف َفة.
ص َدفة أو نصف قَ َ
يتدىل من حزامه ،يبدو وكأنّه َ
فنجان ّ
ظهره يوحنّا للجميع وهو صعد يسوع إىل الض ّفة ،وبعد أن يرتدي ثيابه َيتلي للصالة ،ويُ ِّ
بينما يَ َ
شهد أنّه تَـ َعَّرف عليه إبشارة حم ّددة من روح هللا تشري بشكل ال َُيتَمل اخلطأ أبنّه هو ال ُـم َخلِّّص.
يَ َ
ذت مبنظر يسوع الذي يصلّي ،ومل أعد أرى سوى هذا الوجه الذي بـََرَز على ِّ
ّأما أان فقد أُخ ُ
أرض الض ّفة اخلضراء تلك.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 02 / 03
يقول يسوع:
«مل يكن يوحنّا يف حاجة إىل إشارة من أجل ذاته .فَـ ُروحه السابق تقديسها مذ كان يف أحشاء
كل الناس لوال خطيئة آدم.
والدته كانت متتلك رؤية الذكاء فائق الطبيعة اليت كانت ستكون نصيب ّ
لو بقي اإلنسان يف حالة النعمة ،يف الرباءة والوفاء خلالقه ،لكان رأى هللا عرب املظاهر اخلارجيّة.
ي ،ومل يكن يغشى على ود ّ
قيل يف سفر التكوين إ ّن الرب اإلله كان يتكلّم مع اإلنسان الربيء بشكل ّ
ذاك اإلنسان لدى مساع هذا الصوت ،ومل يكن َيطئ يف متييزه .هكذا كان مصري اإلنسان :رؤية هللا
وإدراكه مثل االبن حيال أبيه .مثّ أتت اخلطيئة ،ومل يعد اإلنسان على إثرها جيرؤ على النظر إىل هللا،
ومل يعد يستطيع معرفة واكتشاف وإدراك اإلله الذي ابتت معرفته به تتناقص يوماً بعد يوم.
جتلّيات املسيح كانت كثريةّ .أوهلا بعد الوالدة حيث كان للمجوس؛ والثاين يف اهليكل؛ والثالث
على ضفاف األردن .مثّ أتت التجلّيات األخرى اليت ال حتصى واليت سوف أ َُع ِّر ِّ
فك عليها ،أل ّن معجزايت ّ
حّت األخرية منها ،قياميت ،وصعودي إىل السماء .لقد امتأل وطين كانت جتلّيات لطبيعيت اإلهليّةّ ،
كل موضع يف كل طبقة و ّ صلَت إىل ّ بتجلّيايت ،مثل البذور املرميّة يف اجلهات األصليّة األربع ،وقد َو َ
احلياة :للرعاة ولذوي النفوذ ،للعلماء والكفرة واخلطأة ،للكهنة واملتسلّطني ،لألطفال واجلنود ،ولليهود
والوثنيّني.
تتكرر ،ولكن مبا أ ّن العامل يرفضها ،أو ابألحرى ال يتقبّل املعجزات احلاليّة
واآلن أيضاً هي ّ
أكرر ذايت ألخلّصكم وألقودكم إىل اإلَيان يب.
وينسى القدَية .إذاً فأان ال أصرف النظر .أان ّ
ِّ
أجعلك تَـَرين اإلجنيل؟ إ ّهنا حماولة قويّة أتعرفني اي ماراي ماذا تفعلني؟ ابألحرى ماذا أفعل عندما
احلارة .لن أكتفي بعد ابلكلمة ،فهي تتعب وتبعدهم. رغبتِّها ِّ
أنت بصلو ِّ
اتك جللب الناس إيل .لقد ِّ
ّ ّ
وهذه خطيئة ،ولكنّها هكذا .فأعمد إىل الرؤاي ،إىل رؤاي إجنيلي وأشرحه ألجعله أكثر وضوحاً وأكثر
جاذبيّة.
مين؛ ويف صراعي ض ّدهأقر هبزَييت لكي ال أجعل هذا الشيطان املخادع يضحك ّ ّإال أنّين ال ّ
الروحي ،أكتب لكم فرحي اليوم مؤّكدة لكم يف ذات الوقت أ ّن يف حسايب
ّ وض ّد ما يف داخلي من غري
أن أكون ج ّداً مسرورة لو َرفَ َع عين يسوع عطيّة الرؤاي هذه اليت هي فرحي األعظم ،شريطة أن ُيتفظ
حببّه يل ورأفته يب.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
الربية)
جيرب يسوع يف ّ
( -5الشيطان ّ
1944 / 02 / 24
أنت اتئه؟»
وصلت إىل هنا؟ هل َ
َ «كيف
هتب
هتب اآلن ،وسوف ّ
بقيت هنا فسوف متوت؟ الرايح ّ
ك لو َ
«أال جتيب؟ هل تعلم أنّ َ
العاصفة .هيّا».
تك .هلذا السببثك عن النساء .لقد خارت ّقو َ أنت جائع وأان أح ّد َ
غيب! َولكن ،اي يل من ّ
احلب وحتييه غري ذات قيمة .إّّنا انظر إىل هذه
لك عطر األرض وزهرة اخللق والثمرة اليت متنح ّ تبدو َ
ومذهبة حتت أشعة الشمس املائلة إىل الغروب .أال حتسبها خبزاً؟مدورة ومصقولة ّاحلجارة ،كم هي ّ
حّت تصبح خبزاً رائحته منعشة ،مثل ذاك بك ّإال إىل القول" :أريد ذلك"ّ ،أنت ابن هللا ،وال حاجة َ
َ
الذي ُخت ِّرجه رّابت البيوت من التنّور يف مثل هذا الوقت من أجل الوجبة العائليّة .وهذه األسناط
أردت أفال َيكن أن تغطيها مثار لذيذة ،بلح حلو مثل العسل؟ اشبع اي (األكاسيا) اجملدبة ج ّداً ،لو َ
جوعك.
َ قدميك وتُشبِّع
َ فأنت سيّد األرضّ ،إهنا تنحين لتضع نفسها عند
ابن هللاَ .
ضعفت إىل
َ جملرد مساع الكالم عن اخلبز .اي يسوع املسكني! هل
أنت شاحب ،وتَتنّح ّ انظر كم َ
لست يف
أجلك؟ أان َُ أصبحت عاجزاً عن اجَتاح املعجزة؟ هل تريدين أن أفعلها من َ ك
درجة أنّ َ
مستو َاكّ ،إال أنّين أستطيع فعل شيء .سوف أحجب ّقويت ملدة عام ،وأمجعها كلّها ،وأان راغب يف أن
عليك هذا
كنت اآلن غري أهل ألن أطلق َ حّت ولو ُ ك إهلي ّ
ك صاحل وأتذ ّكر دائماً أنّ َأخدمك ألنّ َ
َ
بصالتك ألمت ّكن من»...
َ االسم .فساعدين
استحققت
ُ أخدمك أان .لقد
َ وتشمئز من أن
ّ ك أمسى من االحتياجات األرضيّة َفهم ذلك .إنّ َ
«أ َ
هلم وانظر إذاً ماذا ُيدث يف بيت هللا .انظر كيف الكهنة أيضاً ال يك ّفون عن التوفيق أان ذلك .إّّنا ّ
آخذك
َ أنت معجزة روحيّة .سوف بني الروح واجلسد ،أل ّهنم يف النهاية بشر وليسوا مالئكة .فاجَتح َ
واند بعد ذلك طغمات املالئكة وقل هلا أن جتعل إىل شرفة اهليكل يف األعلى ،فتتجلّى جبمال رائعِّ .
لريوك ويتذ ّكروا أ ّن هناك
لك هكذا إىل الساحة الرئيسيّة َ لقدميك وأن تنز َ
َ من أجنحتها املتشابكة موطئاً
خاصة يف ما هو روحاينّ إهلاً .هذه التجلّيات ضروريّة بني آونة وأخرى أل ّن ذاكرة البشر ضعيفة ج ّداًّ ،
لك موطئ قدم وسلّماً لتهبط!» أنت تَعلَم كم يَ ُسّر املالئكة تقدَيهم َ
و َ
إهلك"».
الرب َ
بن ّ
«قيل أيضاً" :ال جتر ّ
حكمتك
َ سيستمر يف كونه سوقاً ومفسدة. يغري شيئاً وأ ّن اهليكل
ظهورك ذاته لن ّ
َ «تُ ِّ
درك أن
ّ
عش لألفاعي ،يفَتس بعضها بعضاً كي تصل إىل النفوذ. اإلهليّة تعرف أ ّن قلوب كهنة اهليكل هي ّ
وليس هناك سوى القدرة البشريّة لقمعها.
فأعطيك األرض كلّها؛ ويكون اإلسكندر وزائريوس وقيصر وأعظم منافسي َ هلم إذاً واسجد يل
كل
أنت الذي ستملك ّ بك َ املاضي والذين ما يزالون أحياء ،أشبه بقادة قوافل اتفهني إذا ما قورنوا َ
كل أجماد األرض والنساء
كل الثروات و ّ
سلطانك ،ومع املمالك ّ
َ هذه املمالك األرضيّة حتت صوجلان
تك أينما تشاء حينما تكون ملك امللوك وسيّدواجلياد واجلنود واهلياكل .سوف تتم ّكن من رفع شار َ
ك وحتَتم ِّمن قِّ
وختدمك ألنّ َ
َ لك
ستبج َ
ّ الطبقات كل
ّ الكهنة.
و الشعب ل ب
َ العامل .حينئذ سوف تُطاع ُ ََ
الرب.
ستكون املقتدر الوحيد ،السيّد ّ
اسجد يل حلظة فقط! ِّ
ارو يل ظمأ أن أكون معبوداً! فهذا الظمأ هو الذي َج َعلَين أضيع .ولكنّه
ما يزال ِّ َّ
يف وُيرقين .ونريان جهنّم تصبح مبثابة نسيم الصبح العليل إذا ما قورنت هبذه احلرارة اليت حترقين
1944 / 02 / 24
كالم يسوع:
ِّ
متنحك ّإايها إراديت ،ومل تكوين ابلنتيجة سوى كائن نصف القوة اليت ِّ
«أمس مل تكن لديك ّ
قلبك :الصوم عنوجعلتك تقومني ابلصوم الوحيد الذي ينوء به ِّ
ِّ ِّ
أعضاءك حي .لقد أرحت ِّ
لك ُ ّ
ِّ
أحسست بطعم الرماد يف كل شيء ألنّ ِّ
ك لقد الرماد. بعاء
ر أ كالمي .اي ماراي املسكينة! لقد مار ِّ
ست
ّ َ
كنت هنا. مك .مل أ ِّ ِّ
كنت بدون معلّ ِّ
ُظهر وجودي ولكنّين ُ
لك يف شبه ِّ
نومك" :اي َمحَل هللا احلامل خطااي متبادل ،فلقد َُهَست ِّ
هذا الصباح ،مبا أ ّن القلق َ
ُ
ِّ
اعتقدت أنّين سوف وردد ُهتا أان يف الوقت نفسه.
ترددينها ع ّدة مرات َّ ِّ
وجعلتك ّ العامل هبنا السالم".
لك والذي سأشرحه ِّ
لك فيما بعد، أتكلّم عن هذا املوضوع .ال .لقد كان أوالً املوضوع الذي أظهرتُه ِّ
ّ
لك هذا اآلخر. أما هذا املساء فسأشرح ِّ
ّ
عادي .وإذا كانت النفوس متنبّهة ظهر دائماً بشكل ُمؤنَّس ومبظهر ِّ ِّ
ّ الشيطان ،وقد رأيته ،يَ َ
متحسبة وحاضرةّ فإهنا أتخذ حذرها من هذه املالحظة اليت جتعلها وابألخص على صلة روحيّة ابهللّ ،
ّ
البديهة حملاربة مكائد الشيطان .إّّنا إذا كانت النفوس غري متنبّهة هلل ،منفصلة عنه ابمليول اجلسديّة
توحدهـا ابهلل وتنقـل ّقوتـه كما َعـربصماء غري مستفيدة من عون الصـالة اليت ّ اليت جتتاحها واليت جتعلها ّ
قنـاة إىل قـلب اإلنسان ،فال تعود حينئذ متيّز الفخ املسـتَت حتت مظهر ال ُـمس ِّـامل ّإال بصعوبـة وتقع فيـه.
ويكون التح ّـرر منـه فيما بعد صعباً ج ّداً.
الطريقتان اللتان يسلكهما عادة الشيطان للوصول إىل النفوس ُها إغراء اجلسد والشراهة .إنّه
يوجه هجومه إىل اجلزء األمسى.
يبدأ دائماً ابلناحية املاديّة للطبيعة .وبعد تقويضها وإخضاعها ّ
س الشيطان حماولة مار فإذا ت. م ص وصالة. بصمت ذلك. تصرفت أان .لقد ر ِّ
أيت
َ َ ْ َ كيف َّ ُ
حتمله ِّمن غري ما نفاذ صرب أمحق وال خماوف ُمثبِّّطة للعزَية ،إّّنا
ب ّ اإلغواء ،وعمل على مراوغتناَ ،و َج َ
ابلتصرف حبزم إزاء وجوده ،وابلصالة إزاء إغواءاته.
ّ
ال فائدة ِّمن احلوار مع الشيطان .سوف يكون النصر له ألنّه األقوى يف اجلدال .فما ِّمن أحد
وع َربان ،وإظهار هذا االسم
يتغلّب عليه غري هللا .وحينئذ ال ب ّد من اللجوء إىل هللا الذي يتكلّم فينا َ
وهذه اإلشارة للشيطان ،ليس بشكل مكتوب على الورق أو حمفور على اخلشب ،إّّنا بشكل مكتوب
ِّ
يلمح أبنّه مثل هللا وذلك
وحمفور يف القلوب .امسي وإشاريت .واإلجابة على الشيطان تكون فقط عندما ّ
ابستعمال كالم هللا .فهو ال ُيتمله.
صر منكم وُيمونه من حقد الشيطان. مث بعد املعركة ،أييت ال نصر ،واملالئكة َيدمون الـمنتَ ِّ
ُ ّ
مساوي ،ابلنعمة اليت يسكبوهنا ملء أيديهم يف قلب االبن األمينمع بركة هي مالطفة
ّ يؤاسونه بندى
للنفس.
جيب امتالك اإلرادة يف االنتصار على الشيطان ،واإلَيان ابهلل وبعونه ،واإلَيان بقدرة الصالة
شراً. ِّ
الرب .حينئذ ال يستطيع الشيطان أن يُلحق بنا ّ
وصالح ّ
ِّ
سأهبجك هذا املساء مبا تَـبَـ ّقى. اذهيب بسالم.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 02 / 25
يتمشى على طول الشريط األخضر لض ّفة األردن .لقد عاد إىل ذات املكان حيث أرى يسوع ّ
تعم َد ،إنَّه قرب َ
املعرب الذي يبدو معروفاً ج ّداً ويراتده الكثريون للعبور إىل الض ّفة األخرى ابجتاه برياي. َّ
عرب فيه سوى بعض املسافرين سرياً أو لكن املكان الذي كان فيه الناس مجاعات يبدو اآلن قفراً ال يَ ُو ّ
على جواد أو على محار.
يبدو أ ّن يسوع ال يعريهم أدىن انتباه .إنّه يتق ّدم يف طريقه صاعداً صوب الشمال وكأنّه ُمستَ ِّ
غرق
عرب يَلتقي مبجموعة رجال خمتلفي األعمار يتناقشون حبيويّة فيما بينهم، ِّ
يف تفكريه .وعندما يَصل إىل ال َـم َ
مثّ يفَتقون ،فيمضي قسم منهم صوب اجلنوب ،والقسم اآلخر صوب الشمال .أرى يوحنّا ويعقوب
املتوجهني صوب الشمال. ضمن ّ
ُيث
شرع يوحنّا ّيرى يوحنّا يسوع ّأوالً ويُريه ألخيه ورفاقه .يتح ّدثون فيما بينهم قليالً ،مثّ يَ َ
يهتمون ،بل إ ّهنم يسريون ببطء
اخلطى للّحاق بيسوع .يعقوب يلحق به بشكل أبطأّ .أما اآلخرون فال ّ
ويتناقشون.
عندما يصبح يوحنّا مبحاذاة يسوع ،على بعد مَتين أو ثالثة يهتف« :اي َمحَل هللا احلامل خطااي
العامل!»
يَلتَ ِّفت يسوع وينظر إليه .لقد أصبَ َح اإلثنان على بُعد خطوات من بعضهما .ينظر الواحد إىل
الفيت الذي يبدو كوجه بوجهه البامسة،
و الطاهرة تهر بنظ ا نويوح قة،اجلادة الـم َِّ
خَت
ّ ّ اآلخر .يسوع بنظرته ّ ُ
الحظ ِّسوى زغب أشقر يبدو كوشاحفتاة .يـُ َقدَّر عمره حبوايل العشرين عاماً ،وعلى خ ّديه الورديّني ال يُ َ
من ذهب.
مين؟»
«وماذا تريد ّ
«أن تقول لنا كالم احلياة األبديّة ،وتُـ َفِّّرج عنّا».
أنت؟»
«ولكن َمن َ
«أان يوحنّا بن زبدى وهذا أخي يعقوب .حنن من اجلليل ،حنن صيّادا مسك وكذلك تلميذان
ليوحنّا .وقد كان يقول لنا كلمات احلياة وكنّا نسمع له ألنّنا نريد اتِّّباع هللا ،وابلتوبة نريد استحقاق
عليك،
تستقر َ
أنت .يوحنّا قال ذلك :إذ رأى هيئة محامة ّ غفرانه بتهيئة ُسبُل القلب لقدوم ماسيا .وهو َ
لك :اي َمحَل هللا احلامل خطااي العامل امنحنا السالم ،فلم يعد لناوقال لنا" :هوذا َمحَل هللا" .وأان أقول َ
دليل ونفسنا مضطربة».
«أين يوحنّا؟»
لكن ذلك
«لقد اعتَـ َقلَه هريودس .إنّه يف سجن مكرونة ،وقد حاول األكثر وفاء منا حتريره ،و ّ
إليك ،اي معلّم .أ َِّران أين تَقطُن».
ننضم َ
مستحيل .إنّنا عائدون من هناك .دعنا ّ
وحدك َمن عنده الكالم الذي َينحنا النور .والذي إذ يَ ِّنزل َُي ِّمل نور
َ فأنت
«نعم اي معلّمَ .
الشمس إىل حيث الظالم والقفر بغياب الدليل».
1944 / 02 / 25
يقول يسوع:
«اجلَّمع الذي التقى يب كان غفرياً ،إّّنا واحد فقط َع ِّرفَين .وهو الذي كانت لـه نـَ ْفس وفِّكر
كل فجور. ن م وجسد ِّ
طاه ِّرين ِّ
ّ
ُصُّر على قيمة الطهارة .فالع ّفة هي دائماً منبع صفاء للذهن .البتوليّة تُ ِّرهف مثّ تصونإين أ ِّ
ّ
ظل بَتوالً.
حساسيّة الذكاء والعواطف إىل درجة من الكمال ال َيتربها ّإال َمن ّ
االستمرار يف البتولية َيكن أن ُيصل أبساليب خمتلفة:
فهناك بتولية قسرية :وهذه تكون بشكل خاص لدى النساء ،عندما ال َيتارهن أحد للزواج.
كما َيكن هلذا النوع من البتولية أن ينطَبِّق على الرجال كذلك ،لكنه أمر خطري ،إذ ال َيكن أن يتأتى
وم َع َّق َدة.
من شباب مكبوت الفكر واجلسد سوى رجولة انقصة ُ
للرب وفق اندفاع للوفاء .بتوليّة املكرسة ّ وهناك بتوليّة مبنيّة على رغبة شخصيّة .بتوليّة النفوس َّ
مجيلة! تضحية َمرضيّة لدى هللا! ولكنّهم مجيعاً ال يعرفون احملافظة على بياض الزنبقة اليت تبقى مستقيمة
ومن َفتِّ َحة فقط على قُبالت مساء هللا ونَ َداها. على ساقها املنتصبة صوب السماء ،جاهلة وحل األرض ُ
ض َّحت يّ ،إال ّأهنم َك َفَرة أبفكارهم النادمة والراغبة فيما َماد ّ
هنالك الكثريون ممّن ال ُيفظون سوى وفاء ّ
به .هؤالء ليسوا سوى أنصاف بتوليّني .فإذا كان اجلسد سليماً فالقلب ليس كذلك .إنّه جييش ،يغلي،
تصورات اإلشباع ِّ ِّ
رعى وتُ َدغدغ ّ حسية أكثر رهافة وإدانة من بنات األفكار اليت تُداعب وتَ َ يَ َبعث أخبرة ّ
غري املشروعة ابلنسبة لألحرار ،وأكثر من غري مشروعة ابلنسبة ملن نَ َذ َر نَذراً.
مالئكي .هو
ّ نقي .إنّه "الطاهر" وسط تالميذي .ونفسه زهرة يف جسد يوحنّا بن زبدى كائن ّ
مين أن أمنحه السالم .ولكنّه َيتلك السالم يف ذاته بنقاء حياته،
األول ،ويطلب ّ يناديين بعبارات معلّمه ّ
إيل قد ائتمنتُه على تعاليمي وأسراري.
األحب ّ
ّ ولقد أحببتُه بسبب الطهارة املتألّقة فيه .وهذا املخلوق
أَستَبِّق وأجيب على مالحظة .قال يوحنّا يف إجنيله أثناء كالمه عن لقائه يب" :ويف الغد" .فيبدو
إيل يف اليوم الذي تال العماد ،وأ ّن يوحنّا ويعقوب قد تَبِّعاين حاالً .وهذا
هكذا أ ّن املعمدان قد أشار ّ
يناقِّض ما قاله اإلجنيليون اآلخرون خبصوص األايم األربعني يف الربية .إّّنا اجعلي قر ِّ
اءتك هلا هكذا: ّ ّ ّ ُ
عين
للمرة الثانية وانداين وتبعين التلميذان اللذان أشار هلما ّشاه َدين ّ
"(بعد اعتقال يوحنّا) بيوم واحد َ
بقوله’ :هوذا َمحَل هللا‘" وكان ذلك بعد عوديت من الربيّة.
عين
أت ألبدأ من هناك كرازيت ،وقد تكلّم اإلثنان ّ ومعاً عُدان إىل ضفاف حبرية اجلليل حيث َجلَ ُ
لكن
وظال يوماً كامالً يف ضيافة صديق لعائليت ،من األقارب .و ّ للصيّادين .لقد سارا معي الدرب كلّه ّ
املبادرة يف هذه احلوارات كانت من يوحنّا ،من النفس اليت ،بينما كانت نقيّة ج ّداً بسبب طهارهتا ،قد
َج َعلَت منها إرادة التوبة إحدى روائع النقاء تنعكس فيها احلقيقة بوضوح؛ وهكذا كانت لديه اجلرأة
املق ّدسة ،جرأة األطهار والكرام الذين ال َيشون أن يكونوا يف املق ّدمة عندما يرون أ ّن األمر يتعلّق
1944 / 10 / 12
فَجر ساكن متاماً على حبر اجلليل .السماء واملاء هلما انعكاسات ورديّة ختتلف قليالً عن تلك
اليت تُنري بنعومتها جدران احلدائق الصغرية يف قرية حبرييّة صغرية ،حيث ترتفع وتنفصل ُمنحنية على
الضبايب لألشجار املثمرة.
ّ املشعث و
أزقّة الشَّعر ّ
البلدة الصغرية على وشك أن تستيقظ مع خطوات امرأة متّجهة إىل النبع أو إىل مغسل،
وصيّادي مسك امتَ َألَت سالهلم وهم يتناقشون بصوت ُمرتَفع مع ابعة أتوا من مكان آخر ،أو ُيملون
قلت بلدة صغرية ،إّّنا ليست صغرية ج ّداً ،بل هي ابألحرى متواضعة ،على سالل السمك إىل بيوهتمُ .
األقل من اجلهة اليت أراها منها ،ولكنّها واسعةَ ،يت ّد اجلزء األكرب منها على طول البحرية.
ّ
ابجتاه البحرية .يتبعه يعقوب إّّنا خبطى أكثر هدوءاً .ينظر سرع ّ
ََي ُرج يوحنّا من أحد األزقّة ويُ ِّ
لمحه على بعد بضعة مئات من األمتار يوحنّا إىل الزوارق الراسيةّ ،إال أنّه ال جيد الذي يبحث عنه .مثّ يَ َ
ملوحاً بيديه «او! هي!» يف نداء طويل وكأنّه املناداة عن الشاطئ ،أثناء حماوالت اإلرساء .يصرخ عالياً ّ
املعتادة .مثّ حني يرى ّأهنم َِّمسعوه يشري بيديه حبركات كبرية تعين« :تعالوا ،تعالوا».
يَسأل أندراوس« :ملاذا مل أتتيا أنتما اإلثنان؟» ّأما بطرس فمستاء ومل يَـ ُقل شيئاً.
السن وأان
أصبحت يف هذه ّ ُ يقول يعقوب هبدوء ولكن بتأثُّر« :اي مسعان ،أان ُ
لست طفالً.
مسعت كثرياً خالل الساعات اليت ُ مت قليالً ،ولكنّين
أنت تعرف ذلك .لقد تكلّ ُهادئ وأف ّكر .و َ
حبق إنّه ال َيكن أن يكون ّإال ماسيا .ملاذا عدم اإلَيان؟ ملاذا َرفْض
لك ّقضيناها مع َمحَل هللا .وأقول َ
ك مل تسمعه ،إّّنا أان فأؤمن .هل حنن مساكني وجهلة؟ هو قال متاماً إنّه لك ألنّ َ
اإلَيان؟ هذا جائز َ
يقول يوحنّا« :آه! نعم .لـه وجه! وعينان! أليس صحيحاً اي يعقوب؟ ونظرة ،أيّة نظرة!
وصوت! ...آه! اي له من صوت! عندما يتكلّم حنسب أنفسنا حنلم ابلفردوس».
«أهكذا قال؟ إذاً سآيت .حت ّدث عنه ،تكلّم بينما حنن نسري .أين هو؟»
«كان جيدر بنا أن حنمل معنا مسكاً وخبزاً وفاكهة ...بعض األشياء .حنن ذاهبون حملادثة رايب،
فهو متاماً مثل رايب ،ومع ذلك ّنضي إليه أبيد فارغة! ...ليس هذا ما ينتظره منّا حاخاماتنا»...
«لكنّه ال يشاطرهم الرأي .مل يكن لدينا ،أان ويعقوب ،سوى عشرين دانقاً .قدمناها له على
ضها .وعندما أحلحنا قال" :هللا يعيدها لكما مع بركات املساكني. ِّ
حسب عادة احلاخامني ،ولكنّه َرفَ َ
تعاليا معي" .وعلى الفور َوَّز َعها على أانس فقراء يعرف بيوهتم .وسألناه" :اي معلّم ،أال تُبقي شيئاً
"املسرة تكمن يف إمتام مشيئة هللا وصنع جمده" .فأضفنا أيضاً" :تدعوان ،أيها املعلّم. لك؟" فأجابّ : َ
ولكنّنا فقراء متاماً .ما تُراه جيب أن جنلبه معنا؟" .فأجابنا اببتسـامة َج َعلَتنـا ابلفعـل نتذ ّوق الفـردوس:
"إ ّن مـا أطلبـه منكمـا هـو كنز كبري" .فقلنا" :ولكن إن مل يكن لدينا شيء؟" قال" :هو كنز له سبعة
حّت األكثر تواضـعاً ،بينما امللك األكثر ثراء قد ال َيتلكه ،وأنتما متتلكانه وأان أريده. أمساءَ ،يتلكه ّ
امسعوا أمساءه :احملبّة ،اإلَيان ،اإلرادة الصاحلة ،النيّة املستقيمة ،الع ّفة ،اإلخالص وروح التضحية .هذا
ما أريده ِّمن الذي يتبعين ،فقط هذا ،وأنتما متتلكانه يف ذاتكما .هو يَرقُد مثل البِّذار يف األخدود
لكن مشس ربيعي ستُنبِّت فيه السنابل السبع" .هكذا تَ َكلَّ َم».شتاءاً ،و ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 49 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
احلقيقي ،املسيح املوعود ،فهو ليس قاسياً على الفقراء ايب
ر ال أنه ن «آه! هذا جيعلين متأ ّكداً ِّ
م
ّ
بكل ثقة». ِّ
فلنمض إليه ّ حّت يقال عنه أبنّه ق ّدوس هللا.وال يطلب ماالً ...هذا يكفي ّ
وينتهي كل شيء.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
األول مع ماسيا)
( -10لقاء بطرس ّ
1944 / 10 / 13
عت على الفصل الثاين عشر من الرسالة ُصلّي ألانل نوراًَ .وَوقَ ُ
بنفس ُمث َقلَة بكثري من األمور ،أ َ
القوة إىل روحي وهتبين القدرة لـ "أمسع" ،ذلك أنّين حتت وطأة إىل العربانيني ،يف احلقيقةّ ،إهنا تعيد ّ
وصلت إىل حد التفكري« :مل أعد أريد أن أعمل شيئاً .أريد حياة عادية ،حياة ُ ضغط أمور كثرية ،فقد
مين
إيل بعينني عطوفتني تطلبان ّعادية أبي مثن ».إّّنا "الذي يتكلّم" ،وأان أعرف من يكون وأراه ينظر ّ
إبحلاح .فلم أعد أعرف أن أقول "ال أريد".
وردي أجرد ابلكاد اكتمل شكله ،عالوة على يف رؤاي اليوم ،يبدو يوحنّا فتيّاً ج ّداً .وجه رجل ّ
ذلك هو أشقر .كذلك ال أثر لشارب أو حلية ،إّّنا فقط بشرة ورديّة خلدود ملساء ،وشفتان محراوان،
الفريوزي الغامق بقدر ما هو
ّ املشع فرحاً من ابتسامته احللوة ونظرته النقيّة ،ليس للون عينيه
والنور ّ
يتموج اآلن حيث
ف عنهما .شعره أشقر كستنائي طويل وانعمّ ، لصفاء النفس غري املشوبة اليت تَ ُش ّ
يسري خبطى سريعة ،يكاد جيري .ينادي عندما يوشك على اجتياز السياج« :اي معلّم!»
إليك».
فأتيت َ
عين ُ
ك تبحث ّ
أيت أنّ َ
«ر ُ
كنت اي معلّم؟»
«رأيتين؟ أين َ
كنت هناك» ويشري يسوع إىل غيضة شجر بعيدة ،لوهنا وأوراقها جيعالنين أقول عنها زيتوانً. « ُ
كل شيء حينما عت بعدئذ ّ لكين قَطَ ُ
كنت هناك ،أُصلّي وأف ّكر يف ما أقوله هذا املساء يف اجملمع .و ّ
« ُ
أيتك».
ر َ
لك أن تراين ،وأان ابلكاد أميّز املكان املختبئ خلف ذاك املنحدر؟»
«ولكن كيف َ
احلب».
أيتك ،ذلك أ ّن ما ال تستطيع العني فعله ُي ّققه ّ
ملالقاتك ألنّين ر َ
َ أتيت
«ومع ذلك تراه؟ ُ
فأنت حتبّين اي معلّم؟»
احلب يفعله .إذاً َ
«نعمّ ،
أنت هل حتبّين اي يوحنّا بن زبدى؟»
«و َ
أعرفك .قبل ذلك كانت نفسيَ أحببتك على الدوام .قبل أن
َ إيل أنّين
«كثرياً أيّها املعلّمَ .ييّل ّ
التقيتك ،فإ ّن نفسي
َ أيتك قالَت يل" :ها هو ذا الذي تبحث عنه" .وعندماعنك ،وعندما ر َ تبحث َ
تك».هي اليت َعَرفَ َ
بك .كم من
أحست َ
ملالقاتك أل ّن نفسي ّ
َ أتيت
«لقد قُلتَها اي يوحنّا ،وهذا صحيح .وأان أيضاً ُ
ك يل؟» الوقت سيدوم حبّ َ
لك أن
التكهن ابملوت! ...إّّنا لو كان ينبغي َ «آه! ال يكن هكذا! ال تقل ملن ُيبّك هذا ّ
ك ».ونظرة يوحنّا كانت نظرة تَـَرٍّج ،منحنياً أكثر من ذي ك .امسح يل أن أحبّ َ
أظل أحبّ َ
متوت ،فسوف ّ
قبل ،يسري إىل جانب يسوع ويبدو مستجدايً حبّه.
يتوقّف يسوع .ينظر إليه .يَلِّج بنظرته إىل أعماقه ،مثّ يضع يده على رأسه املنحين« .أريد أن
حتبّين».
الفيت
«آه! اي معلّم!» يوحنّا سعيد .وعلى الرغم من أ ّن دمعة لَ َم َعت يف عينه ،فهو يبتسم بفمه ّ
ويضمها إىل قلبه .ويتابعا املسري. ِّ
املرسوم بشكل ُمت َقن وأيخذ اليد اإلهليّة ،يـُ َقبّل ظهرها ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 53 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
عين»...
كنت تبحث ّ
ك َ قلت إنّ َ
« َ
«ومع اخلطأة؟»
يتحولون ظاهرّايً
«كذلكّ .أما مع غري املستقيمني ،أي أولئك غري املستقيمني روحيّاً ،والذين ّ
حّت على حساب ابلرايء إىل صاحلني ،بينما ُهم أشرار ،وهم أانس يبحثون عن مصلحتهم الشخصيّة ّ
القريب؛ مع هؤالء سوف أكون صارماً».
الصيب من بني يدي يسوع ويركض ملالقاة عروسة شابة عائدة وهي حتمل ت «ماما! ماما!» يفلِّ
ّ ُ
جرة حناسيّة«.ماما ،قال يل الرايب اجلديد إنّين سأمضي مباشرة إىل السماء عندما سأموت ،وإنّين سوف
ّ
آكل الكثري من العسل ...ولكن بشرط أن أكون َح َسن السلوك .وسوف أكون َح َسن السلوك».
األمهات قداسة».
حّت أكثر ّ
«هللا فوق ّ
سأتعرف عليها؟»
«هل ّ
«سوف تعرفها».
«وستحبين؟»
يقول« :الروح جيعلين أقرأ هذه األشياء لكم .من الفصل السابع من ِّسفر إرميا نقرأ" :هكذا
قال رب اجلنود إله إسرائيل’ :أَصلِّحوا طُرقكم وأعمالكم فآيت وأسكن معكم يف هذا املوضع .ال تَـت ِّ
َّكلوا ُ ّ
الرب .فإنّكم إن أصلحتم طرقكم ِّ
الرب ،هيكل ّ
الرب ،هيكل ّ على قول الكذب ُمَرّددين هنا هيكل ّ
َجريتم احلكم بني الرجل وقريبه .إن مل جتوروا على الغريب واليتيم واألرملة ومل تسفكوا الدم
وأعمالكم وأ َ
فإين أسكن معكم يف هذا املوضع يف األرض ِّ
الزكي يف هذا املوضع ومل تتبعوا آهلة أُخرى ل َم َساءاتكم ّ
اليت أعطيتُها آلابئكم ِّمن الدهر إىل الدهر‘".
ملاذا تبكون؟ هل الباري تعاىل الذي كان دائماً صاحلاً جتاه شعبه قد أدار نظره اآلن إىل جهة
ومرر إسرائيل به ،الذي قاده عرب رمال الصحراء أخرى وأىب أن يريه وجهه؟ أمل يعد هللا الذي َش ّق البحر ّ
رد عنه أعداءه؛ أليس هو الذي ،لكي َينع عنه التيه على طريق السماء َمنَ َح النفوس وغ ّذاه ،الذي ّ
املن بينما
أنزَل ّ الشريعة كما أعطى األجسام عمود السحاب؟ أمل يعد هو اإلله الذي َحلَّى املياه ال ُـمّرة و َ
كانوا ُم َنهكني؟ أليس هو اإلله الذي أراد أن جيعل لكم مكانة على هذه األرض وأن يقطع عهداً
يتربعون للهيكل بسخاء ولكنّهم ال يعرفون أن يقولوا إين أرى أغنياء قساة القلوب ّ انظروا اآلنّ .
لك وال جتعلين
ك عطيّيت َ لهماِّ .من القلب للقلب ،فال تذلّنّ َ ِّ
لفقري" :اي أخي هاك رغيفاً ودانقاً ،اقبَ ُ
صلّون ويشتكون إىل هللا ِّمن أنّه ال يستمع إليهم سريعاً ،ولكنّهم بعدئذ ُجييبون إين أرى أانساً يُ َ
متكرباً"ّ .
ّ
البائس الذي يقول هلم" :امسعوين" ،وقد يكون أحياانً من األُسرة ذاهتا ،بقلب قاس مثل احلجر" :ال".
فرغ خزائنكم .ولكنّكم بعد ذلك تَستَ ِّنزفون دم َمن متقتون وال ّ
تتورعون عن احملتل يُ ِّ
أراكم تبكون أل ّن ّ
األمنيات الدمويّة ض ّد احلياة.
فاضلِّني
اي أبناء إسرائيل! زمن الفداء قد أتى ،إّّنا هيئوا سبله يف ذواتكم ابإلرادة الصاحلة .كونوا ِّ
ّ ُُ
ِّ
صاحلِّني ،أحبّوا بعضكم بعضاً .أيّها األغنياء ال تَ َزدروا الفقراء؛ أيّها الباعة ال تغ ّشوا؛ أيّها املساكني ال
توصدوا دون ومن إله واحد .ومجيعكم مدعوون إىل مصري واحد .ال ِّ َحتسدوا .أنتم مجيعاً ِّمن دم واحد ِّ
ّ
فحّت هذا احلني؟ اآلن ال .فلتَختَ ِّ
أنفسكم ،خبطاايكم ،السماء اليت سيفتحها ماسيا لكم .هل تُ ْـهتُم ّ
توصل إىل الوصااي العشر األوليّة ،إّّنا مطبوعة كل متاهة .بسيطة ،صاحلة وسهلة هي الشريعة اليت ِّ
ّ
احلب.
بطابع نور ّ
بوحبّكم هللُ .ح ّ
ب هللا لكم ُ
بُ .ح ّبُ ،ح ّ
بُ ،ح ّتعالوا سوف أدلّكم عليها كما هيُ :ح ّ
احلب .أان
ب وأل ّن أبناء هللا اآلب هم أولئك الذين يعرفون أن يعيشوا ّب ،أل ّن هللا ُح ّ
القريب .دائماً ُح ّ
تتحول فيكم إىل غذاء .تعالوا،
هنا من أجل اجلميع ،ألَمنَح اجلميع نور هللا .هذه هي كلمة اآلب اليت ّ
كل شهوة جسديّة. لتمت و السموم. كل فتذوقوا ،ج ّددوا دم نفوسكم هبذا الغذاء .ولتَختَ ِّ
ّ ّ ّ
ك».
لصدقك أقول إنّين أحبّ َ
َ يبتسم يسوع مثّ يقول« :و
لست قادراً على ما قُلتَه يف اجملمع .أان سريع الغضب ،وإذا أساء
لست صاحلاًُ .«ولكن أانُ ...
ب امتالك املال ...وخالل بيعي السمك ...إيه ...ليس دائماً... أح ّ
إيل أحد ...إيه! ...أان طَ َّماع و ُ
ّ
باعك ألحصل على النور .فما
لدي الوقت الكثري التّ َ غش .أان جاهل .وليس ّ إّّنا ليس دائماً دون ّ
العمل؟ أريد أن أُصبِّح كما تقول ...ولكن»...
إين أفهمه .الشريعة هي ذاك ...هي ذاك ...ها أان مل أعد أعرف أن أنظر إليها«هذا يروق يل! ّ
سأتوصل إىل ذلك .وستساعدين.
ّ إيل أنّين
أنت ،نعمَُ .ييَّل ّ
مبنظار احلاخامني! ...بل كما تشرحها َ
هل تبقى يف هذا البيت؟ أان أعرف صاحبه».
«أخي خجول».
«سوف يُصبِّح ليثاً .الليل يهبط .فليبارككم هللا ويكثر صيدكم .امضوا».
لك ».وَيضون.
«السالم َ
«أَأ َ
َذهب اي يعقوب؟»
«اذهب».
معك إىل
تود أخذي َ قلت له" :هل ّ َيضي يوحنّا وهو جيري ...ويعود جيري مغتبطاً« :لقد ُ
أورشليم؟" وأجابين" :تعال اي صديقي" .لقد قال يل اي صديقي! غداً يف مثل هذه الساعة سآيت إىل
هنا .آه! إىل أورشليم معه»...
1944 / 10 / 14
الحظوا سلوك يوحنّا ،يف إحدى نواحيه اليت تُغ َفل دائماً .تُـ َق ِّّدرونه ألنّه
يدك واجلميع أن تُ ِّ
«أر ِّ
وويف ،ولكنّكم ال تالحظون أنّه كان عظيماً بتواضعه. ب وحم ِّ
طاهر ُِّ
ّ ّ
اخلاصة .إنّه
بكل تواضع تلك النقطة ّ إيلَُ ،يفي ّ إنّه ،وهو الذي كان له الفضل يف جميء بطرس ّ
الرسول إىل بطرس ،وابلنتيجة أ ََّول ُر ُسلي ،فلقد كان يوحنّا ّأول َمن َعرفينّ ،أول َمن كلّمينّ ،أول َمن
تَبعين و ّأول َمن بَشَّر يب .ومع ذلك انظروا إىل ما يقوله" :وكان أندراوس أخو مسعان أحد اللذين َِّمسعا
كالم يوحنّا فَـتَبِّعا يسوع .و ّأول من التقى به أخو مسعان فقال لهَ :و َجدان ماسيا .وجاء به إىل يسوع".
إبنصافه ،إضافة إىل صالحه ،يعرف أ ّن أندراوس ُمرتَبِّك لكونه ال َيتلك سوى شخصيّة ُمنغَلِّ َقة
عرف وخجولة ،وهو يريد فعل أشياء كثريةّ ،إال أنّه ال يـُوفَّق يف ذلك ،وهو يريد لألجيال القادمة أن تَ ِّ
َ
ِّطيب إرادته .إنّه يريد أن يبدو أندراوس ّأول رسول للمسيح ابلنسبة إىل مسعان رغم أ ّن َخ َجله وتالشيه
أمام أخيه قد َمحَاله على الفشل يف رسالته.
رب ِّ
بعد جناح عظيم ،ال ُمتَ ّجدوا أنفسكم كما لو أ ّن ال َفضل ال يعود ّإال لكم .سبّحوا هللاّ ،
احلق
العاملني يف حقل الرسالة .فلتكن لديكم النظرة الصافية والقلب الصادق ملالحظة وإعطاء َمن له ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 62 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يستحق .نظرة صافية ملالحظة الرسل الذين ح ّققوا التضحية والذين كانوا الركائز األوىل ّ ابلثناء الذي
كأهنم ال يفعلون شيئاً وهم،
احلقيقيّة يف عمل اآلخرين .وحده هللا يراهم ،هؤالء اخلجولني الذين يبدون و ّ
على العكس من ذلك ،الذين َُيفون يف السماء النار اليت تُـنَ ّشط اجلَسورين .فينبغي على القلب
يضحي بنفسهمينّ ، مين ،يصلّي أفضل ّ احلب أكثر ّ
الصادق أن يقول" :أان أعمل إّّنا ذاك َيتلك من ّ
ذاتك يف اخلفاء لتصلّي ِّ
خمدعك وأغلق على ََ كما ال أعرف أان أن أفعل ،وكما قال يسـوع...’ :ادخل
ابلسّر‘ .أان الذي أرى فضيلته املتواضعة املق ّدسة ،أريد أن أعلنها على املأل وأقول’ :أان األداة الفاعلة
القوة من العالء‘".
ابحتاده ابهلل أتل ّقى أان ،بواسطة قناتهّ ،
القوة اليت ال تتزعزع ألنّه ّ
وهو ّ
ِّ ِّ وبركة اآلب اليت تنزل لِّتُكافِّئ الـمتو ِّ
للر ُسل ،تنزل
القوة ُ
صمت ليُـ َؤّمن ّض ّحي بذاته بِّ َ
اضع الذي يُ َ ُ
كذلك على الرسول الذي يعَتف بصدق ابلعون فائق الطبيعة والصامت الذي أيتيه ِّمن املتو ِّ
اضع الذي
ال يالحظه األشخاص السطحيّون.
فك اي حمبويب! فالزوردا قلبيكما ابلطهارة الكاملة قد ذاابآه! املمتلئة حكمة ،كم كانت تعر َ
األم ليوحنّا ويوحنّا
حّت قبل أن أعطي ّابحلب ،وأصبَ َحا حبّاً واحداًّ ،
ّ بوشاح وحيد ليش ّكال يل محاية
ليتعرفا على تشاهبهما :أبناء وإخوة لآلب واالبن».
حتااب ّ
لألم .لقد ّ
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 10 / 15
«أان آت على الـرغم من أنّه ينبغي يل الذهـاب إىل النـاصـرة قبـل ذهايب إىل أورشليم».
لكن يوحنّا هو الذي ُيملهما له .وَيضيان بعد وداع صاحبةو ج،رأيخذ يسوع معطفه واخلِّ
ّ
املنزل.
«شكراً اي معلّم ،اليوم ليس السبت ،إّّنا من أجلنا ومن أجل الذين ينتظرون ،أال تلقي كلمة يف
ينتظرونك؟»
َ الناس الذين
بيتك».
«نعم اي بطرس ،سوف أتكلّم يف َ
يقول بطرس مبتهجاً« :تعال إذن .هذه زوجيت ،وهذه ّأم يوحنّا ،وهؤالء هن صديقاهتما إّّنا
ينتظرونك كذلك ،بل هم أهل وأصدقاء لنا».
َ هناك آخرون
«قُل هلم أبنّين سوف أرحل هذا املساء ،وقبل ذلك سأحت ّدث إليهم».
أبهنما َذهبا ِّمن كفرانحوم عند غروب الشمس ،وأنّين رأيتُـهما ي ِّ
صالن بيت ُ َ لقد فاتين القول ّ َ
صيدا يف الصباح.
حبملك يف
َ صرتُه
حّت ولو قَ َّ
أرجوك ،ام ُكث ليلة يف بييت .الطريق طويلة إىل أورشليمّ ،
َ «اي معلّم
وح َسن االستقبال .فامكث معنا هذه الليلة».
طرباي .بييت فقري ولكنّه نزيه َ
املركب إىل ّ
ويتفرس فيهم ،مثّ يبتسم
يَنظُر يسوع إىل بطرس واآلخرين الذين ينتظرون إجابة .ينظر إليهم ّ
ويقول« :نعم».
ويشورون .ينادي رجل يعقوب ابمسه وُي ّدثه هبدوء وهو يشري إبصبعه
يطل أانس من األبواب ّّ
إىل يسوع .يشري يعقوب بنعم ،وَيضي الرجل ليتح ّدث إىل آخرين واقفني عند مفَتق الطرق.
لدي ،وحسب ما أعرف»... رّفمتو هو مما لك م «اي معلّم ،إنّين أُقَ ِّّ
د
ّ َ
حبب».
ك تق ّدمه يل ّ
َيكنك القيام أبفضل من ذلك ألنّ َ
َ «ممتاز ،وال
ومن مثّ اخلبز والزيتون .يشرب يسوع بضعة جرعات لِّيُ ِّ
ظهر أنّه تَـ َقبَّ َل ذلك يق ِّّدم املاء ليسوع ِّ
ُ
منه ،مثّ يُبعِّد الباقي شاكراً.
أطفال يف احلديقة ويف الطريق ينظرون إليه بفضول .ولكنّين ال أعرف إذا ما كانوا أوالد بطرس.
أعرف فقط أنّه كان يشري إليهم ابلنظر ليضبط هؤالء الغُزاة الصغار .يبتسم يسوع ويقول« :دعهم
يفعلون».
لك
«هل تريد اي معلّم أن أتخذ قسطاً من الراحة؟ هنا َمس َكين ،وهناك مسكن أندراوسَ .
ضجة أثناء راحتك».
االختيار ولنا العمل على عدم إحداث ّ
لديك أيضاً شرفة؟»
«هل َ
فإهنا تعطي قليالً من الظل».
حّت وإن كانت ما تزال عارية تقريباًّ ،
«نعم مع كرمةّ ،
كرسي ويسند كتفيه على اجلدارَ .يسك بطرس بشراع وَيده يف األعلى وإىل
جيلس يسوع على ّ
جلي.
الصمت .ويُ َسّر يسوع بذلك بشكل ّ جانب الكرمة لريد الشمس .وَييم هناك النسيم و َّ
«كنا نريد أن نلعب لعبة احلرب ،لكنّه هو مل يُِّرد ،لذلك نلعب لعبة صيد السمك».
مشعتان ج ّداً .رّمبا كان يَعلَم أنّه هلزاله قد هذا الذي مل يُِّرد هو إنسان صغري حنيف ،و ّ
لكن عينيه ّ
يُز ِّامحه اآلخرون أثناء "لعبة احلرب" لذلك هو يُدافِّع عن السالم.
حق .فاحلرب هي قصاص لكن يسوع يغتنم الفرصة للتح ّدث إىل أولئك األطفال« :إنّه على ّ ّ
من هللا لِّيُعاقِّب الناس .وهي تعين أ ّن اإلنسان مل يعد ابناً حقيقيّاً هلل .عندما َخلَ َق الباري تعاىل العامل،
األهنار والنبااتت واحليواانت ،ولكنّه مل يَصنَع األسلحة .لقد كل شيء :الشمس والبحر والنجوم و ّ صنَ َع ّ َ
يضران .علينا أن نرفض شيئاًيضران ألنّه ّيبتسم يسوع ويقول« :جيب ّأال نرفض الشيء الذي ّ
مضراً للجميع .إذا قال أحد" :ال أريد هذا ألنّين سأكون اخلاسر" .فهذه أاننيّة .بينما على إذا كان ّ
متفوقاً ولكنّين أقول لكم:
العكس من ذلك ،فإ ّن ابناً هلل حقيقيّاً يقول" :إخويت ،أعرف أنّين سأكون ّ
َدرَك الوصيّة الرئيسيّة! َمن منكم يعرفها فيقوهلا
نفعلن ذلك ألنّه سيؤذيكم" .آه! مثل هذا يكون قد أ َ
"ال ّ
يل؟»
كنفسك». يبك
تك وقر َ
بكل قدر َ ِّ
َ ب هللا ّ
فيجيب األحد عشر فماً على شكل جوقة« :أَح ّ
«آه! إنّكم أوالد طيّبون .أتذهبون مجيعكم إىل املدرسة؟»
«نعم».
امسك؟»
«ما َ
«يوئيل».
ك! نعرف َمن تكون! مسعان ويعقوب قاال ذلك و ّأمهاتنا قلن لنا
أنت! حنبّ َ
أنت! َ
«نعم! نعم! َ
معك!»
كذلك .خذان َ
«يف احلقيقة سوف آخذكم إذا كنتم َح َسين السلوك ،ال كلمات فاحشة وال عنف وال مشاجرات
ودرس وعمل وطاعة .حينئذ سأحبكم وآيت معكم».
وال أجوبة غري الئقة لألهل بعد اآلن .بَل صالة َ
يقف األوالد حول يسوع على شكل دائرة ،ختاهلا تُـ َويج زهرة يف الكأس أبلوان خمتلفة حول
مدقّة طويلة الزورديّة قامتة.
يدنو رجل فُضويل متَـ َق ِّّدم يف السن قليالً .يلتَ ِّفت يسوع لِّي ِّ
داعب طفالً يش ّده من ثوبه ،ويراه،ُ َ ّ ُّ َ
ُُيَ ِّّدق فيهُُ .يَيّيه الرجل وقد عاله امحرار ومل يزد شيئاً.
«تعال اتبعين».
«نعم اي معلّم».
أمامك».
َ انتظارك .إنّه
َ «مل ََيب
«معلّمي وإهلي!»
ك،
أمامك .هناك آخر وهو صديق َ َ ائيلي مستقيم النيّة .لذلك أكشف عن نفسي
أنت إسر ّ
« َ
اذهب وقل لـه" :لقد َو َج ْدان الذي تَ َكلَّم عنه موسى واألنبياء، ِّ ِّ
ائيلي خالصَ .
يَنتَظر ،إنّه كذلك إسر ّ
وهو يسوع بن يوسف من الناصرة وهو من نسل داود" .اذهب».
لك اي نثنائيل».
غش فيه .السالم َ
ائيلي خالص ال ّ
«هوذا إسر ّ
« ِّمن أين َ
لك أن تعرفين؟»
أيتك».
أنت حتت التينة ر َ
«قبل أن يَدعوك فليبّس و َ
«السالم للناس ذوي اإلرادة الصاحلة .السالم والربكة لبيوهتم ونسائهم وألوالدهم .ولِّتَ ُس ْد فيهم
نعمة هللا ونوره ويف القلوب اليت تسكنهم.
إيل .فالكلمة تتح ّدث ،تتكلّم بَِّفَرح إىل الناس الشرفاء ،وأبمل إىل الذين ُهم
لقد َرغبتُم االستماع ّ
حبب للق ّديسني واألطهار ،وللخطأة برأفة ورمحةّ .إهنا ال تَـتَ َمنَّع ،فقد أتت كنهر يروي
غري ذلك ،تتكلّم ّ
األراضي العطشى للماء ،وحتمل هلا رطوبة املاء وغذاء الطمي.
هل تريدون معرفة ما هي األمور الضروريّة ليكون املرء تلميذ كلمة هللا ،ماسيا ،كلمة اآلب الذي
سمع من جديد كلمات الوصااي العشر املق ّدسة وغري املبتذلة ،وإذا كانت أتى ليجمع مشل إسرائيل فيَ َ
ألهنا يف العامل ،فكم يستطيع اإلنسان أن يتق ّدس بزايدة يف ساعة الفداء وامللكوت.
نبع تقديس ّ
هل ما أطلبه منكم صعب؟ ال .فأان ال أفرض عليكم املئات واملئات واملئات من أحكام
احلاخامني .أقول لكم :اتّبعوا الوصااي العشر .فالشريعة واحدة وغري قابلة للتب ّدلَ .مَّرت قرون كثرية منذ
ُعطيَت للناس مجيلة ،نقيّة ،نديّة ،مثل خليقة مولودة حديثاً ،مثل وردة بَ َدأَت تتفتّح على ساقها، أن أ ِّ
مر العصور َع َّق َدهتا األخطاء وميول البشر بقوانني وأحكام بسيطة واضحة ،لطيفة يف اتّباعها .وعلى ّ
إين أعيدكم إىل الشريعة كما أعطاها الباري تعاىل. ِّ
اثنويّة مع أعباء وقيود وكثري من البنود ال ُـمره َقةّ .
ولكن أرجوكم ،لصاحلكم ،تَـ َقبَّلوها بقلب إسرائيليّي هذا الزمن املخلّص.
مهمون يف قلوبكم أكثر ممّا يف الكالم أل ّن اخلطيئة عند َمن ُهم فوق أكثر ممّا هي فيكم أيّها ُهتَ ِّ
الصغار .أعرف ذلك .يف تثنية االشَتاع قيل ما جيب فعله ،مل يكن يوجد شيء لإلضافة .ولكن ال
كل ذلك،تدينوا الذين يطبّقونه على اآلخرين وليس على أنفسهمّ .أما أنتم فافعلوا ما يقولـه هللا .وفوق ّ
كل إمكاانتكم فلن ختطئوا ،إذ اجتَ ِّهدوا يف أن ُمت ِّ
اتم .إذا أحببتم هللا ب ّ
ارسوا الوصيّتني الرئيسيّتني بشكل ّ
ُيب ال يريد أن يسبّب أملاً .إذا أحببتم القريب مثل أنفسكم، ِّ
إن اخلطيئة هي أمل نُ َسبّبه هلل .فإ ّن َمن ّ
فلن تكونوا سوى أبناء ُحم َََتمني آلابئكم ،أزواج أوفياء للشريك ،أانس شرفاء يف التجارة ،دون عنف مع
األعداء ،بغري زور يف الشهادات ،خالني ِّمن احلَ َسد ملال سواكمُ ،متَ ِّّنزهني عن الشهوة الفاسقة المرأة
الغري .ال تريدون أن تفعلوا لغريكم ما ال تريدون أن يفعله هو بكم ،اختالس وقتل وافَتاء ودخول مثل
عش الغري. وقواق يف ّ
احلب إىل ح ّد الكمال :أحبّوا
إّّنا على عكس ذلك ،أقول لكم" :ادفعوا ،بطاعتكم لوصيّيتّ ،
حّت أعداءكم".
ّ
احلب لكم سلّما ،حني تصبحون مالئكة ،تصعدون بواسطته ،كما يف رؤاي أحبّوا وليكن ّ
ذهبت
حافظك أينما َ
َ لكل واحد" :سأكون
سمعون اآلب قائالً للجميع و ّ
يعقوب ،إىل السماء ،وأنتم تَ َ
األبدي".
ّ أقودك إىل هذا الوطن :السماء ،امللكوت
و َ
والسالم لكم».
الفريسيّون»...
«إذاً فالكتبة و ّ
أنت فامتَنِّع».
خبصوصك َ
َ «مسعان ،ال تُدن ،إّّنا
الشر؟»
«وإذاً ملاذا ال ننظر ّإال إىل ّ
حمق اي معلّم».
«إنّك ّ
«فإذاً ،غداً عند الفجر سوف أرحل مع يوحنّا».
«معلّم»...
بك اي مسعان؟»
«ما َ
«أان أيضاً ذاهب إىل هناك من أجل الفصح ...وكذلك أندراوس ويعقوب»...
«وأان كذلك».
يتصرف دائماً
«سأقول لكم .فما عليكم سوى أن تفعلوا ما أقوله لكم ليكون حسناً .فاملطيع ّ
كل إىل بيته». ِّ
بشكل َح َسنّ .أما اآلن فسنصلّي حاالً ومن مثّ َيضي ّ
«ماذا ستفعل اي معلّم؟»
«سأصلّي أيضاً .فأان نور العامل ولكنّين كذلك ابن اإلنسان .هلذا السبب ينبغي أن أتّصل دائماً
ص ِّّل». ِّ
ابلنور ألكون اإلنسان الذي يَفتَدي اإلنسان .لنُ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 75 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يتلو يسوع مزموراً ،وهو الذي يبدأ هبذه الكلمات« :الساكن يف سَت العلي يبيت يف ظ ّل إله
صمي وملجأي .هو إهلي وفيه رجائي .سينقذين من ِّشباك الصيّادين أنت ُمعتَ َ
الربَ " :
السماء .يقول ّ
الشر" .اخل »...يبدو يل أنّه املزمور التسعون.
ومن كالم ّ
وعلى هذا تنتهي الرؤاي.
أَفتَح الكتاب املق ّدس على الفصل الثالث والعشرين من سفر يشوع بن سرياخّ ،إهنا صالة
إضاعتك
َ تعجبين .ما أسهل أن يتيه الفكر وينتفخ القلب ابلكربايء! ال فاملوت قبل ذلك .هذا يعين
"بنفسجتك". خدم السوط واجمللدة ،ولكن احفظ يف األرضأيها الرب ،وال أريد أن أضيعك .است ِّ
َ َ َ ّ ّ
كنت أقرأ مجلة قاهلا يسوع
رب قدين بيدي (لقد ُ يف الساعة الثانية عشرة أقول ليسوع« :نعم اي ّ
لألخت بنينيا وقد كانت فكريت هلذا اليوم ).أريد ما تريد وليس شيئاً آخر ،ولكنّين أخشى العامل»...
صمت، وجييبين يسوع ،وهو الذي يعرف عن أي نوع من اخلوف أحت ّدث« :عندما يفرضون ِّ
عليك ال َّ ّ
ك تفعلني ما تفعلينه ابمسي ووفقاً ملشيئيت ،أجييب مبا أجاب بطرس ويوحنّا جممع وهم يرفضون معرفة أنّ ِّ
اليهود بعد شفاء األعرج" :لو كان من العدل أمام هللا الطاعة لكم من دون هللا ،فاحكموا أنتم ابلذات.
حنن (أان) ال نستطيع (ال أستطيع) االمتناع عن الكالم عما رأيناه (رأيتُه) ومسعناه (مسعُته)" .وابلتايل
السماع للعامل وإرغامك على الرؤية والسماع وسيكون غباء ِّ
منك َّ ِّ فلن تستطيعي منعي من اجمليء ِّ
إليك
أردت أان ذلك فمن يقاومين؟» الذي يَفرض إسكات هللا ،دون هللا الذي يريد أن َينح النور للعامل .إذا ُ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -13يوضاس ت ّداوس يف بيت صيدا ،دعوة يسوع إىل عرس قاان)
1944 / 10 / 17
أرى مطبخ بيت بطرس ،وهناك ،ابإلضافة إىل يسوع ،موجود بطرس وزوجته ويعقوب ويوحنّا.
يبدو ّأهنم قد انتهوا من العشاء وهم يتبادلون احلديث .يبدي يسوع اهتماماً ابلصيد.
يدخل أندراوس ويقول« :اي معلّم يوجد هنا الرجل الذي تقطن عنده ومعه آخر ي ّدعي أنّه ابن
عمك».
َ
متوجهاً صوب الباب وهو يقول« :فليأتيا ».وعندما يرى يوضاس ت ّداوس على
يَ َنهض يسوع ّ
أنت يوضاس؟!» ضوء مصباح الزيت ونور املوقد يدخل ،يهتفَ « :
«أان ،اي يسوع ».ويـُ َقبِّّالن بعضهما.
قوي
الرجويل .كبري ،ولو أنّه ليس أكثر من يسوعّ ،
ّ يوضاس ت ّداوس رجل وسيم ،يف غاية اجلمال
مشَتك
ومتناسق متاماً ،أمسر كما كان يوسف يف شبابه ،سحنته زيتونيّة إّّنا ليست ترابيّة ،يف عينيه شيء َ
مع عيين يسوع ،فهما بلون الالزورد إّّنا َييل قليالً إىل لون الدفلة ،حليته املربعة بنيّة ،وشعره متماوج
أقل تقصيباً من شعر يسوع ،وهو ّبين مثل شعر اللحية. ّ
أرسلَتين
أكملت به إىل هنا ألصل بسرعة .لقد َ يت مركباً و ُ «إنّين قادم من كفرانحوم .استقلّ ُ
تدعوك ومعها
َ ين أن حتضر هذا العرس" .مرمي ستتزوج غداً .أرجوك اي بُ َّ
لك" :سوسن ّ الدتك ألقول َ
و َ
يرجونك أن تفعل إرضاء
َ مدعوون ،وستكون الوحيد ال ُـمتَ َخلِّّف .واألهل والديت واإلخوة .األهل مجيعهم ّ
للعروسني».
لك كما هو للمعلّم .اجلس ».مثّ يلتفت بطرس إىل يسـوع ويقول« :إذاً فلن ّنضي
«بييت مفتوح َ
معك إىل أورشليم؟»
«بلى ،ابلطبع ستأتون .سوف أذهب بَعد العرس .إّّنا فقط لن أتوقّف يف الناصرة».
العم».
«نعم اي ابن ّ
أي كالم! آه! ال نسمعه من فم آخر!»
ويق ّدم مسعان شرحاً« :و ّ
وتتنهد؟»
إيل ّ بك اي يوضاس؟ ملاذا تنظر ّ
يناديه يسوع« :ما َ
«ال شيء».
سراً؟»
حتب ،والذي مل تكن ختفي عنه ّ
كنت ّ
«ال ،بل هناك أمر ما .أمل أعد يسوع الذي َ
عمك األكرب سنّاً»...
أنت ،معلّم ابن َ
أفتقدكَ ،
َ إنك ابلتأكيد ما تزال كذلك ،وآه َكم
«آه! نعمَ ،
«إذن تكلَّم».
أنت تريد
لديك أ ُّم ...ليس هلا سو َاكَ ... لك ...يسوعُ ...كن متي ّقظاًَ ... كنت أريد أن أقول َ « ُ
مين أ ّن ...أ ّن الطبقات ال ُـمتَـنَـ ِّّفذة ال تسمح أبشياءأن تكون رايب إّّنا ليس كاآلخرين ،وتعرف أكثر ّ
لكن العامل ليس ق ّديساً... و س... د
ّ مق هّنإ ... تفكريك
َ أسلوب أعرف أان أقاموها. اليت العادات ض تُناقِّ
ّ
نسيبك املعمدان ...إنّه اآلن يف السجن ،وإن مل َ وهو يُعيِّي الق ّديسني ...يسوعَ ...
أنت تعرف مصري
الربع َيشى اجلموع وصواعق هللا .إنّه قَ ِّـذر ويؤمن ابخلرافات ويف َيت بعد ،فهذا أل ّن ذاك ال َق ِّذر حاكم ُّ
أي مصري تريد بلوغه؟» الوقت نفسه جمرم ِّ
أنت ...ماذا ستفعل؟ ّ
ومتَـ َهتّكَ ... ُ
أنت؟
كالمك َ
َ أنت الذي تعرف جيّداً ما أُفَ ِّّكر به؟ هل هذا
أنت تسألين ذلك ،و َ «يوضاسَ ،
لت لتقول يل هذه األشياء ...وطبعاً ليس ِّمن قِّبَل والديت». ِّ
ال .ال تكذب! لقد أُرس َ
َيفض يوضاس رأسه ويصمت.
العم».
«تكلّم اي ابن ّ
معك ومع مرمي ...فهم غري
ملصلحتك وتَعاطُفاً َ
َ «أيب ...ومعه يوسف ومسعان ...تعرف...
يدونك أن تُـ َف ِّّكر بو َ
الدتك». مطمئنّني ملا تنوي فعله ...و ...وير َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 79 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أنت ماذا تعتقد؟»
«و َ
«أان ...أان»...
ك؟»
«لكن ...و ّأم َ
«يوضاس ،ليس سواها من َيلك احلق يف تذكريي بواجبايت كابن ،حسب املفاهيم األرضيّة :أي
بواجب َع َملي من أجلها ،لتأمني متطلّباهتا املاديّة ،بواجيب يف العون واملواساة ،ببقائي إىل جانبها .وهي
علي وهي تعرف أنّه ينبغي هلا أن
صلَت فيها ّ أي شيء من هذا القبيل .منذ اللحظة اليت َح َ ال تسألين ّ
العائلي ،ومنذ تلك اللحظة وهي تستع ّد لذلك. الوسط عد ب ن تفقدين لتعود فتجدين يف بعد أوسع ِّ
م
ّ ُ ُ
َّمتها
ليست هذه اإلرادة ال ُـمطلَ َقة يف تقدمي الذات هلل ابلشيء اجلديد يف دمها .فوالدهتا قَد َ
تضمين
مرات ال ُحتصى عن طفولتها املق ّدسة ،عندما كانت ّ للهيكل قبل أن تبتسم للنور .لقد َح َّدثَتين ّ
تعج ابلنجوم .لقد َمنَ َحت ذاهتا هلل
إىل قلبها يف ليايل الشتاء الطويلة أو يف ليايل الصيف املضيئة اليت ّ
علي لتكون صلَت ّ منذ الومضات األوىل لفجر جميئها إىل العامل ،وقد َمنَ َحت ذاهتا ابألكثر عندما َح َ
عين .ستكون حيث أان ،على طريق الرسالة اليت أتتيين من هللا .ستأيت الساعة اليت يتخلّى فيها اجلميع ّ
لدقائق ،إّّنا سوف يُ َسيطر اجلُّنب على اجلميع وستف ّكرون أنّه كان من األفضل لكم أن ال تكونوا قد
إيل
أدرَكت وهي تَعلَم ،ستكون معي على الدوام .وأنتم ستعودون ّ علي مطلقاً .إّّنا هي ،وقد َ تعرفتم ّ
ّ
إيل ألنّين أان يف والديت وهي تعيدكم وهكذا بذاهتا، جتذبكم ، ب حبواسطتها .بقوة إَياهنا الـمتَـيـ ّقن والـم ِّ
ّ ُ ّ َُ ّ
يف وحنن معاً يف هللا.
َّ
غبت ِّ
معك ابلتأكيد ،وبصحبتهم ،لو ر َ ُُيَ ّدق فيه يوضاس .يف ّكر .يقول« :وأان أيضاً ،سآيت َ
أقدس ِّمنّا
ك َ وع َمى إخويت ،فإنّ َ
ك تقول أشياء صحيحة .اغفر يل َع َماي َ
يف ...ذلك أنّين أعتقد أنّ َ َّ
كثرياً!»...
يقول بطرس« :إذا أردمت أن تكونوا عند الفجر على طريق قاان ،ينبغي لكم الرحيل مباشرة.
سوف يبزغ القمر وسيكون العبور جيّداً».
1944 / 10 / 23
1944 / 01 / 16
«عنـدما ُيني الوقت للقيـام بعمـل منظّم ،سـتندرج رؤيـا عـرس قـانـا هنـا .اكـتيب التـاريـخ (/ 16
»)1944 / 01
عرس قاان:
أرى منزالً شرقيّاً حقيقيّاً :هو مكعّب أبيض ،رحابته أكثر من ارتفاعه ،ذو فتحات قليلة ،تعلوه
شرفة هي مبثابة السطح وحماطة جبدار يرتفع حوايل املَت تقريباً ،وتظلّلها عريشة َكرمة تتسلّق إليها ِّ
ابسطَة َ
أغصاهنا إىل أكثر من منتصف هذه الشرفة املشمسة.
خارجي يصعد على طول الواجهة إىل مستوى ابب يُفتَح يف منتصف الواجهة .يف األسفل، ّ سلّم
فضيعلى مستوى األرض ،هناك أبواب منخفضة وقليلة ،ليس أكثر من اثنني يف كل جهة ،وهي تُ ِّ
ّ
ومعتِّمة .يرتفع البيت وسط ساحة ،هي ابألحرى مرج ،ويف مركزها بئر ،كما توجد إىل غُرف منخفضة ُ
يطل البيت على الطريق دون أن يكون على حافّتها .إنّه إىل اخللف قليالً، هناك أشجار تني وت ّفاحّ .
حّت الطريق اليت تبدو رئيسيّة.
وَيَتق املرج زقاق عرقوب ّ
فالحني مالّكني يعيشون وسط حقلهم الصغري .ومتت ّد
يبدو البيت وكأنّه يف حميط قاان :إنّه بيت ّ
القرية إىل أبعد من البيت أببعاد اخضرارها اهلادئ .مشس هذا اليوم مجيلة وزرقة السماء صافية ،ابدئ
ذي بدء ال أرى شيئاً آخر .املنزل فقط.
مثّ أرى امرأتني ،ثوابُها طويالن ومعطفاُها يقومان مقام الوشاح كذلكّ .إهنما تتق ّدمان على
الطريق ،مثّ على الزقاق .الواحدة وهي األكرب سنّاً ،يف حوايل اخلمسني من عمرها ،بثياب قامتة بلون
الزوردي،
ّ طبيعي .واألخرى بثياب أفتح ،ثوهبا أصفر شاحب ومعطفها
كستنائي أصهب ،وكأنّه صوف ّ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 83 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كأهنا يف اخلامسة والثالثنيّ .إهنا مجيلة ج ّداً ،هيفاء ،مظهرها مليء ابلوقار ،كما ّأهنا مفعمةوتبدو و ّ
الحظت لون وجهها الشاحب ،وعينيها الالزورديّتني ُ لُطفاً وتواضعاً .عندما أصبَ َحت على مقربة،
فت على مرمي الكلّية القداسةّ .أما األخرى تعر ُ
ظهر على جبهتها حتت الوشاحّ ، وشعرها األشقر الذي يَ َ
فلست أدري من تكونّ .إهنما تتحاداثن فيما بينهما ،وتبتسم السيّدة العذراء. ُ السمراء األكرب سنّاً،
وعندما تصبحان جبانب البيت متاماً ،هناك من هو ابلتأكيد م َكلَّف بَِّتقُّب ِّ
القادمني ،ويقوم ابلتنبيه، ََ ُ َ
وخاصة مبرمي الكلّية القداسة.
فيهرع رجال ونساء ملالقاهتما ،واجلميع بثياب احتفاليّةُ .يتفي اجلميع هبما ّ
أقل ،إذ إ ّن مظهر القرية ما يزال حمتفظاً
يبدو الوقت صباحاً ،أظنّها الساعة التاسعة تقريباً أو رمبا ّ
بنداوة ساعات النهار األوىل مع الندى الذي جيعل العشب أكثر اخضراراً واملرج غري ذي غبار .يبدو
يل أنّه الربيع ،ذلك أ ّن عشب املروج مل حترقه مشس الصيف ومل يـََزل القمح يف احلقول بشكل عشب،
لست أرى زهراً على شجر دون سنابل ،وهو أخضر .أوراق التني والت ّفاح خضراء وطريّة أيضاًّ .إال أنّين ُ
ظهر
لكن الثمـار الصغرية مل تَ َ
الت ّفاح وال التني وال الكروم .ذلك أ ّن الت ّفاح قد أزَهَر منذ وقت قليل ،و ّ
للعيان بعد.
اخلارجي
ّ فَتض أنّه صاحب البيت ،تصعد السلّم
سن يُ ََ
مرمي ُحمتَفى هبا جيّداً ،يصحبها رجل ُم ّ
كل الطابق العلوي.
وتدخل غرفة كبرية ،يبدو ّأهنا تشغل القسم األكرب إن مل يكن ّ
األرضي هي غرف السكن احلقيقيّة ،وغرف املؤونة وغرف ّ كت أ ّن غرف الطابقأظنّين أدر ُ
اخلاصة :أعياد أو احتفاالت
ّ العلوي خمصص لالستخدامات ّ املهمالت وأقبية اخلمر ،وأ ّن الطابق
فرغ
استثنائيّة ،أو أعمال تتطلّب مكاانً رحباً أو لتخزين املنتجات الزراعيّة .ففي أثناء االحتفاالت تُ َّ
وسجاد وموائد حافلة.
وتُزيَّن ،كما هي اليوم ،أبغصان خضراء ّ
يف الوسط مائدة حافلة ،غنيّة ج ّداً ،عليها أابريق وأطباق زاخرة ابلفواكه .على طول اجلدار،
أقل غىن ،وإىل يساري نوع من طاوالت اخلدمة ،طويلة ،عليها إىل َييين ،طاولة أخرى حافلة ّإال ّأهنا ّ
كأهنا فطائر مغطّاة ابلعسل وحلوى .على األرض ،ودائماً
أطباق فيها أجبان ومآكل أخرى تبدو يل و ّ
نصت مرمي ابنتباه إىل ما يقوله هلا اجلميع ،مثّ ختلع معطفها بتؤدة وتساعد يف إهناء استعدادات تُ ِّ
الطاولة .أراها تروح وجتيء ترتّب فرش الطاولة ،وتُـ َع ِّّدل أكاليل الزهور ،جاعلة أطباق الفواكه يف أهبى
ومهتمة بزيت املصابيحّ .إهنا تبتسم وتتكلّم قليالً ج ّداً بصوت خافت ج ّداً .ابملقابل ،هي تسمع
مظهر ّ
كثرياً وبكثري من الصرب.
لقد فاتين القول إ ّن انطباعي هو أ ّن مرمي من أهل أو من أصدقاء الزوج احلميمني ،ذلك أنّين
أراهم يف انسجام اتم.
رب املنزل للقاء يسوع ومعه َولَده العريس ومرمي، ِّ ِّ
عندما يَصل يسوع َُيطر اخلَفري اآلخرين ،فينزل ّ
وُييّيه ابحَتام ،وُييّي كذلك اآلخرين ،ويفعل العريس الشيء نفسهّ .أما ما أاثر إعجايب فهو حتيّة مرمي
ب ،والعكس كذلك .ليس هناك اندفاع يف إظهار العواطف ،إّّنا نظرة ِّ
البنها املفعمة ابحَتام ُحم ّ
معك ».مع ابتسامة تساوي مائة قبلة ومائة معانقة .ترجتف القبلة
صاحب كلمات التحيّة« :السالم َ تُ ِّ
صعد يسوع إىل جانب والدته ،يتبعه التلميذان وصاحب املنزل ،ويدخل غرفة االستقبال حيث يَ َ
أظن أ ّن جميء
للزوار الثالثة غري املنتَظَرين ،على ما يبدو يلّ .
هتتم النساء إبضافة كراسي ولوازم املائدة ّ
ّ
يسوع كان غري مؤّكد وجميء صاحبيه غري ُمنتَظَر بتااتً.
(إين أمسع أزيز البَ َكَرة اليت تُصعِّد وتُ ِّنزل الدلو
أرى اخل ّدام َيألون األجاجني ماء حمموالً من البئر ّ
جيربه إبَياءة دهشة الذي يَط َفح ).أرى كبري اخلَ َدم الذي يستقي القليل من هذا السائل بذهول ،وهو ّ
رب البيت والعريس الذي جبواره.
ويتذوقه .مثّ يتح ّدث إىل ّ
كبرية ّ
يرد عليها اببتسامة ختفض رأسها وقد اعَتاها االمحرار
تنظر مرمي أيضاً إىل ابنها وتبتسم ،مثّ بينما ّ
قليالًّ .إهنا سعيدة.
جتري ُههمة يف الغرفة .الرؤوس تدور صوب يسوع ومرمي .يَِّقفون لَِّريوا بشكل أفضل .يذهبون
صمت ،مث َسيل ِّمن املديح ليسوع. ِّ
صوب اجلّرارَ .
يكرر:
لكنّه يقف ويقول كلمة واحدة« :اشكروا مرمي ».ومن مثّ يَتك الوليمة .وعند العتبة ّ
يك أمي».«السالم هلذا البيت وبركة هللا عليكم مجيعاً ».ويضيف « :أحي ِّ
ّ
1944 / 01 / 16
مدعوة ِّ
ت أن أُظهر للعامل قدرهتا بنفس الوقت مع قدريت .كوهنا ّ ابإلضافة إىل ذلك فقد أرد ُ
لالحتاد يب ابجلسد -ذلك أنّنا كنّا جسداً واحداً :أان فيها وهي حويل ،مثل بتالت الزنبق حول املدقّة ّ
ممتلئة عطراً وحياة ،ومتّحدة يب ابألمل ـ ذلك أنّنا كنّا معاً على الصليب ،أان جبسدي وهي بروحها ،متاماً
مثل الزنبقة يفوح أرجيها من توجيها ومن العطر املستخرج منها على السواء -فقد كان صحيحاً ّأهنا
كانت متّحدة يب ابلقدرة اليت ظَ َهَرت للعامل.
1944 / 10 / 24
دخل مع بطرس وأندراوس ويوحنّا ويعقوب وفليبس وبرتلماوس داخل سور اهليكل.أرى يسوع يَ ُ
كل أرجاء املدينة. ِّ
هناك مجوع كثرية تدخل وخترج .زائرون يتوافدون زرافات من ّ
تعج ابملارة. ِّ ِّ
ومتعرجة وهي ّ
ّ قةّضي املدينة عار وش رىُت اهليكل، عليها ين
َ ُب اليت اهلضبة أعلى ن م
متحرك ِّمن ألف لون .نعم ،فللمدينة مظهر لعبة
يبدو أ ّن بني لون البيوت األبيض الزاهي َيت ّد شريط ِّّ
غريبة مصنوعة من شرائط متع ّددة األلوان بني ص ّفني من البيوت البيضاء اليت تتّجه كلّها صوب نقطة
الرب.
تتألّق فيها قباب بيت ّ
حقيقي .فال ُخلوة وال خشوع يف املكان املق ّدس .إّّنا ركض، ّ مثّ يف الداخل ،هناك معرض
وصراخ ولَعنات بسبب األسعار ال ُـمبالَغ فيها ،ودفع للحيواانت املسكينة اليت ِّ
مناداة ،وشراء محالنُ ،
بدائي ،حم ّددة حببال وأواتد عند املداخل حيث َأي ُخذ البائع
تثغو يف الزرائبّ .إهنا أماكن مغلقة بشكل ّ
لنفسه مكاانً أو رّمبا صاحب الرزق الذي ينتظر املشَتين .ضرابت عصي ،وثغاء ،شتائم واحتجاجات،
بطئِّني يف مجع وإحاطة احليواانت أو للمشَتين الذين يـُ َقَِّّتون يف الثمن ،أو يبتعدون،شتائم للخ ّدام الـم ِّ
ُ
للمتبصرين الذين َجلَبوا احلَ َمل من عندهم.
ّ وشتائم أقوى
لست أدري ما إذا كان األمر هكذا على الدوام أو حول مناضد الصرافة هناك ضوضاء أخرىُ .
الحظ أ ّن اهليكل كان قد ُجعِّ َل مثل البورصة ،أو السوق السوداء.
ُ َ ـملا ن كان مبناسبة الفصح فقطِّ .
وم
فأسعار العمالت مل تكن اثبتة .فبالرغم من وجود سعر قانوينّ حم ّددّ ،إال أ ّن الصيارفة كانوا يفرضون
تعسفية مقابل التبديل .وأؤكد لكم ّأهنم كانوا متّفقني على التضييق على
سعراً آخر ابقتطاع نسبة مئويّة ّ
الزابئن! ...وكلّما كان الزبون فقرياً ،وكلّما كان املكان الذي أتى منه بعيداً ،كانوا يُغالون يف سلخه.
ولقد كان هناك شيوخ أكثر من الشباب ،وكان القادمون من خارج فلسطني أكثر من الشيوخ.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 92 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كان هناك شيوخ مساكني يَنظُرون ويـَتَطَلَّعون إىل ُمدَّخراهتم ال ُـم َوفَّرة بكثري من العناء طوال العام،
األول
وهم يَدورون حول الصيارفة وينتهون ابلعودة إىل ّ مرة ُ خرجوهنا من صدورهم ويعيدوهنا إليها مائة ّ فيُ ِّ
الذي يَنتَ ِّقم البتعادهم اآلينّ برفع عمولة الصرف ...وكانت القطع النقديّة الكبرية تفارق أيدي أصحاهبا
وتنهدات جديدة ِّ
عرب إىل خمالب املرايب فيب ّدهلا بقطع أصغر .مثّ تراجيداي حساابت ّ التنهدات لتَ ُ
وسط ّ
أمام ابعة احلِّمالن الذين يتآمرون على العجائز املساكني شبه العميان يف انتقاء احلمالن األكثر هزاالً
هلم.
أرى عجوزين ،رجل وزوجته ،عائِّ َدين َجيُّران َمحَالً مسكيناً َو َج َده ُم َق ِّّدمو الذابئح معيباً.
يرف للبائع جفن. ترجيات ،قلّة أدب وخشونة تتقابل كلّها دون أن ّ تش ّكياتّ ،
« ُمقابِّل الذي تريدان دفعه أيّها اجلليليّان ،ما أَعطَيتُكماه مجيل ج ّداً .ارحال! أو فادفعا مخسة
دوانق أخرى لتحصال على واحد أمجل!»
نستحلفك ابهلل! إنّنا عجوزان فقريان! هل تريد َم َنعنا من تقدمي الفصح الذي قد يكون األخري؟
َ «
َخذتَه ِّمنّا ال يكفي مثناً حليوان صغري؟»
هل ما أ َ
يشرفين بقدومه .هللا معك!
إيل .إنّه ّ
«افسحا اجملال أيّها الشحيحان .ها هو يوسف الشيخ قادم َّ
تعال واخَت!»
فعم شباابً ،ال َـمهيب بثوبه األبيض ومعطفه ـملا الكبري الرجل هذا د تلت ِّفت املرأة العجوز وتُ ِّ
شاه
ُ َ َ
الثلجي اللون؛ اجلديد والنظيف .من املفروض أن تكون قد اعتَََربته أحد األحبار بسبب ثوبه ومظهره، ّ
ألي حال لدى الناس وال َُي ُمون املساكني
ومع دهشتها ،إذ إ ّن األحبار والكهنة ال يقيمون عادة وزانً ّ
قص أسباب حزهنما عليه. ض ّد جشع وضراوة الباعة ،وتَ ّ
يلتَ ِّفت يسوع إىل ابئع احلمالن« :بَ ِّّدل هذا احلَ َمل هلذين املؤمنني فهو ال يليق ابملذبَح ،كما أنّه
تستغل عجوزين فقريين أل ّهنما ضعيفان وليس هلما من يُدافِّع عنهما». ّ من غري الالئق أن
جليلي .وهل َيكن أن ََي ُرج ِّمن اجلليل رجل عادل ومستقيم؟»
ك ّ افقوك تُشري إىل أنّ َ
ومر َ هلجتك ُ
« َ
أنت عادالً ومستقيماً».
لك وُكن َ
افعل ما أقوله َ
« َ
ظرييه! هو يريد أن يعطينا درساً ،حنن الذين يف اهليكل!» ن
َ عن ع«امسعوا! امسعوا اجلليلي الـمدافِّ
َ ّ ُ َ َ
اجلليلي األكثر تنغيماً واأللطف من هلجة أهل يهوذا .على
ّ ويَضحك الرجل مستهزائً ومقلّداً هلجة
األقل حسب ما يبدو يل.ّ
وأي ُخذ ابعة آخرون وصيارفة يدافعون عن شريكهم يف اجلرم ض ّد يسـوع.
يـَتَ َج َّمع الناس حلقات َ
أنت ِّمن األحبار؟» بلهجة
ـخرون .ويَسـأل أحدهم« :هل َ وكان بني احلضور حاخامان أو ثالثة يَس َ
فقد أيّوب صربه. تُ ِّ
قلت».
أنت َ
« َ
هرع كهنة ومعهم بعض احلاخامني والفريسيني .ويسوع ما يزال يف وسط الساحة عائداً من يَ َ
املالحقة ،والسوط ما يزال يف يده.
لنفسك بفعل هذاُ ،م َع ِّّكراً صفو االحتفاالت ال ُـم َقَّرَرة؟ ِّمن أيّة مدرسة
َ أنت؟ كيف تسمح
« َمن َ
نعرفك وال نعرف َمن تكون». أتيت؟ ابلنسبة لنا ،حنن ال َ
َ
احلقيقي وأان أقمه لتمجيد هللا .فأان ال
ّ ضوا هذا اهليكل
كل شيء .ان ُق ُ
«أان القادر .أستطيع فعل ّ
الغشاشني
للمرابني و ّ
أع ّكر صفو قداسة بيت هللا وال االحتفاالت .إّّنا أنتم َمن تع ّكروهنا بسماحكم ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 95 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ألزيل الذي كان ِّ
لكل إسرائيل ،ب َفم ا ّ
ابإلقامة يف بيته .مدرسيت هي مدرسة هللا ،املدرسة ذاهتا الكائنة ّ
أتيت؟ سوف تَعلَمون ذلك». ِّ ِّ
يُ َكلّم موسى .أال تعرفوين؟ سوف تَعلَمون َمن أكون .أال تعرفون من أين ُ
وبينما يلتَ ِّفت إىل الشعب دون اكَتاث ابلكهنة مهيمناً على احمليط بقامته ،مرتدايً الثوب
األبيض ،واملعطف مفتوح ،واسع من اخللف عند الكتفني ،ويداه ممدوداتن مثل خطيب يف اللحظة
األكثر وجدانيّة يف خطابه ،ويقول:
امسَعوا اي أبناء إسرائيل! وقد جاء يف تثنية االشَتاع" :ال يكون للكهنة والالويّني وجلميع سبط
الرب ومرياثه .ومرياث فيما بني أخوته ال ِّ ِّ
الوي نصيب وال مرياث مع إسرائيل ،فَـ ُهم أيكلون من َوقَائد ّ
الرب هو مرياثه".
يكون له إّّنا ّ
فضة أو طعام
قرض أخاك برىب يف ّ امسَعوا اي أبناء إسرائيل! كذلك جاء يف تثنية االشَتاع" :ال تُ ِّ
كل حاجته قرض ابلرىب .بل ابلعكس تُ ِّ أو شيء آخر ممّا يُقرض ابلرىب ،بل األجنيب ّإايه تُ ِّ
أخاك ّ
قرض َ ّ َ
دون رىب".
الرب.
هذا ما قاله ّ
الر َجحان
واآلن أنتم تَـَرون أ ّن حكم القضاة جتاه الفقراء غري عادل يف إسرائيل .فال يكون َّ
تتحمل أن يعين فهذا الناس ة عام ن لصاحب احلق ،ولكن لِّمن هو أقوى .أن تكون فقرياً أو تكون ِّ
م
ّ ّ َ ّ
الظلم .كيف يستطيع الشعب القول" :إ ّن حاكمنا عادل" إذا ما رأى أ ّن ال ُـمقتَ ِّدرين وحدهم هم
الرب
احملَتمون واملسموعة كلمتهم ،بينما ال جيد الفقري من يبغي مساعه؟ كيف يستطيع الشعب احَتام ّ
الرب يف خمالفة
إذا ما رأى أ ّن من يقع عليهم هذا الواجب أكثر من غريهم ال ُيَتمونه؟ هل احَتمتم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 96 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
العشارين واخلطأة الذين يفعلون هذا
وصيّته؟ وملاذا إذاً هلم يف إسرائيل ممتلكات ويتقبّلون الرشاوى من ّ
ليحظوا ابهتمام الكهنة وهؤالء يَقبَلوهنم مقابل صندوق مليء ابلنقود؟
إيل.
احلق واحلياةَ ،من يَر َغب مساع صوت هللا يتح ّدث إىل شعبه فليأت ّ
َمن يَر َغب معرفة النور و ّ
لقد تَبِّعتُم موسى عرب الصحارى اي أبناء إسرائيل .اتبعوين فأقودكم عرب صحراء أكثر كآبة إىل األرض
كل ِّ ِّ
الطوابويّة احلقيقيّة .عرب البحر الذي ينشق أبمر هللا ،إليها أان أقودكم .وبرفع إشاريت أُبرئ ُكم من ّ
شر.
ّ
وهم يف انتظارها .لقد تنبّأ عنها األنبياء ِّ
لقد أتت ساعة النّعمة .لقد انتَظََرها األحبار وماتوا ُ
متعزين هبذا احللمّ .أما اآلن فلقد قامت.
وماتوا على هذا الرجاء .لقد حلم هبا املستقيمون وماتوا ّ
الرب شعبه ويَتأّف ابلذين َيدمونه" ،كما َو َع َد على لسان موسى».
تعالوا" .سوف يدين ّ
الناس الذين َحتلَّقوا حول يسوع ابتوا يستَ ِّمعون إليه أبفواه ِّ
فاغرة .مثّ َعلَّقوا على كلمة الرايب اجلديد َ َ
فسرين ِّمن ُمرافِّ ِّقيه.
مستَ ِّ
ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 97 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يتوجه يسوع بعدئذ إىل ساحة أخرى منفصلة عن هذه عرب رواق .يتبعه أصدقاؤه.
ّ
وتتوقّف الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
كان يسوع متواج ّداً مع تالميذه الستّةّ .إال أنّين ،ال أمس مساء وال اليوم ،مل َأر يوضاس ت ّداوس
الذي قال إنّه كان يريد اجمليء مع يسوع إىل أورشليم.
من املفروض أنّه ما يزال زمن الفصح ،ذلك أ ّن ازدحاماً كبرياً لَ ّما يـََزل يف املدينة.
يتوجه صوب البيت الذي يقَتب املساء ،ويعود الكثريون مسرعني إىل منازهلم .وكذلك يسوع ّ
حقيقي وسط يفي ر منزل هّنإ ها. يستضيفه .وهو ليس بيت العلّية .إنّه داخل املدينة مع كونه يف ُخت ِّ
وم
ّ ّ
كرم زيتونِّ .من الساحة الصغرية اليت تَسبقه ،تُرى األشجار اليت تَ ِّ
حّت
الحق ّ نحدر ِّوفق صفوف تَـتَ َ َ
أسفل اهلضبة .تتوقّف حيث تتدفّق مياه سيل قليلة ج ّداً ،وجتري عرب ثغرة موجودة بني هضبتني قليليت
االرتفاع .على قِّ ّمة إحداُها يوجد اهليكل ،وعلى األخرى أشجار الزيتون على مدى النَّظَر .يسوع يف
بكل هبجة أشجاره الوادعة. أسفل هذه اهلضبة املمتعة ،الصاعدة وفق منحدر لطيف ّ
مسن قد يكون البستاينّ أو صاحب
صديقك ».هذا ما قاله رجل ّ
َ «يوحنّا ،هناك َر ُجالن يَنتَ ِّظران
َكرم الزيتون ،وكأ ّن معرفة مسبقة تربطه بيوحنّا.
ألين... ِّ
« ّإهنما يَنتَظران يف املطبخ و ...و ...نعم ...هناك واحد أيضاًكلّه قروح ...أوقَفتُه هناك ّ
أرجو ّأال يكون جمذوماً ...ويقول إنّه يريد رؤية النيب الذي تَ َكلَّ َم يف اهليكل».
حّت هذه اللحظة يقول« :فلنذهب ّأوالً لرؤية هذا األخري .قُل ِّ
يسوع الذي كان قد بَق َي صامتاً ّ
لآلخَرين أن أيتيا إذا أرادا ،سوف أحت ّدث إليهما هنا يف كرم الزيتون ».ويلتَ ِّفت صوب املكان الذي
َ
َّده الرجل.
َحد َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 99 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ويسأله بطرس« :وحنن ماذا نفعل؟»
يفي ُيمل إفريزاً ،جبانب حدود األمالك. ر جدار إىل ظهره يسند الربد يقيه اب
ً ثو روإذا بِّرجل متَ َدثِّ
ّ
ّ َُ ُ
ص َع َد سالكاً درابً ُي ّد اجلدار حماذايً للسيل الصغري .وعندما يـََرى
من املفَتض أن يكون الرجل قد َ
يسوع ُمقبِّالً إليه يهتف« :ارجع ،ارجع! إّّنا ارمحين!» ويـُ َعّري جذعه اتركاً ثوبه يسقط.
إذا كان وجهه مليئاً ابلقشور فجذعه ليس سوى موزاييك من القروح .منها ما هي عميقة
وأخرى محراء مثل احلروق ،واثلثة بيضاء نصف ش ّفافة كما لو كان عليها زجاج أبيض.
مين؟»
أبرص! ما الذي تريده ّ
أنت َ
« َ
يت أمس مساء كصوت هللا وحامل النِّّعمة .وقد قيل ك َجتَلَّ َ
تلعين! ال ترمجين! لقد قيل يل إنّ َ
«ال ّ
أتيت من القبور ...هناك...علي .لقد ُ ك أ َّ
ك .ارفعها ّ كل اآلالم برفع إشارت َ ك تشفي ّ دت أنّ َ
َك َ يل إنّ َ
انتظرت حلول الظالم ألفعل
ُ زحفت مثل حيّة بني علّيق السيل ألصل إىل هنا دون أن يراين أحد. ُ
التقيت برجل البيت هذا الصاحل ،وهو مل
أت ...و ُ جتر ُ
الظل ال تُرى حاليت جيّداً .لقد ّ ذلك ،ففي شبه ّ
أنت أيضاً ارمحين ».يتق ّدم يسوع وحده ،إذ إن التالميذ
يقتلين بل قال يل فقط" :انتظر أمام اجلدار"َ .
َظهروا امشئزازهم بوضوح .وقال اجملذوم أيضاً:
الستّة وصاحب األمالك مع اجملهولني ظلّوا بعيدين وقد أ َ
«ال تتق ّدم أكثر! ليس أكثر! إنّين َِّجنس!»
لكن يسوع يتق ّدم .يَنظُر إليه بَِّرأفة َج َعلَت الرجل يبكي .فيجثو ويكاد وجهه يالمس األرض
و ّ
تك!»
تك! إشار َ وهو يئن« :إشار َ
عاَف .أان أريد ذلك .وُكن يل عالمة يف
لك أقول :قُم .ولتكن ُم َ «سوف تُرفَع يف أواهنا .ولكنَ ،
لك اهنَض! وال تَـعُد ُخت ِّطئ ،اعَتافاً ابجلميل هلل!»
هذه املدينة اليت جيب أن تعرفين .أقول َ
«نعم ولكن إىل جمد ليس ِّمن هذه األرض ،إىل جمد يسود يف السماء وال َيكن بلوغه ّإال
ابلفضيلة والتضحية ».مثّ سأَ َهلُما ِّمن جديد« :ملاذا تريدان أن تتبعاين؟»
مبجدك».
َ «ليكون لنا نصيب
« َحسب السماء؟»
«ال يستطيع اجلميع بلوغه .أل ّن الشيطان ينصب الفخاخ للراغبني ابلسماء أكثر من اآلخرين.
العدو الذي مع ا
مستمر
ً ا
ً اع
ر ص سيستلزم كان إذا باعيوال يثبت ّإال من كانت إرادته صلبة .فلماذا اتِّّ
ّ ّ َُ
العدو-الشيطان؟»
العدو ،ومع ّ
فينا ،مع العامل ّ
فأنت ق ّدوس وقَدير وحنن نريد
لكَ . «أل ّن روحنا هي اليت َحت ِّملنا َ
إليك ،روحنا اليت ظَلَّت أسرية َ
أصدقاءك».
َ أن نكون
ويتنهد .مثّ َُيعِّن النظر فيمن تَ َكلَّ َم طوال الوقت والذي قد تَـَرَك
«أصدقاء!!!» يصمت يسوع ّ
أنت
يوطيَ « .من َ
اآلن معطفه يسقط ،وقد كان يغطّي رأسه ،اتركاً رأسه مكشوفاً .إنّه يهوذا االسخر ّ
عامة الشعب؟» ِّ
اي َمن تتكلّم أفضل ممّن هو من ّ
«أان يهوذا بن مسعان .أان من إسخريوط ولكنّين يف اهليكل .إنّين أنتَ ِّظر ملك اليهود ،وهذا هو
معك».
كتك .خذين َ عرفتك ِّمن حر َ َ ك امللك .امللك،
كالمك أنّ َ
َ فت ِّمن ِّ
حلمي .ملك ،وقد عر ُ
آخذك؟ اآلن؟ فوراً؟ ال».
« َ
«ملاذا اي معلّم؟»
«ألنّه من األفضل أن ََيتَِّرب اإلنسان نفسه قبل سلوك طريق شديدة االحندار».
زت بينهما اي معلّم؟ هل كان هناك فرق بينهما؟ لقد كان لكليهما
يسأل يوحنّا« :ملاذا َميَّ َ
االندفاع نفسه!»...
«وأان كذلك».
«وأان».
«وأان».
«وأان».
كاملِّني؟»
«إذاً فنحن ِّ
كاملِّني؟!
«آه! ال! ولكنّكم سوف تصبحون كذلك مثل توما إذا ما ثـَبـتّم يف إرادتكم احلبِّ .
ّ َ
آه! اي أصدقائي! ومن ِّ
كامل غري هللا؟» َ
أنت كائنه!»
« َ
نيب .فال إنسان دجمر وى سيف ِّ
احلق أقول لكم أبنّين ال أكون كامالً إذا مل تكونوا تَـَرو َن َّ
ّ ّ احلقّ ،
« ّ
إن الذي يُ َكلِّّم ُكم هو كلمة اآلب ،والكلمة من اآلب ،فِّكرهُ الذي أصبَ َح كامل .لكنّين كامل ،أان ،إذ َّ
كلمة .أان أملك الكمال يف ذايت وهذا ما جيب أن تؤمنوا به إذا ما آمنتم أبنّين كلمة اآلب .ومع ذلك،
كل شقاوات ِّ
كما تَـَرون اي أصدقائي ،أريد أن تَدعوين ابن اإلنسان ،ذلك أنّين أتالشى يف ذايت ُمتَ َح ّمالً ّ
األول -وأحموها بعد َمحلها إّّنا دون أن َمتَ َّسين .اي له ِّمن ِّمحل ،اي اإلنسان ألمحلها -وهذا هو صلييب ّ
أمحله بفرح .فأن أمحله هو فرحي .ذلك أ ّن كوين ابن اإلنسانية فسأعيد لإلنسانيّة أصدقائي! ولكنّين ِّ
األول».
بنوهتا هلل كما يف اليوم ّ
يتكلّم يسوع هبدوء وهو جيلس إىل الطاولة الفقرية ويداه تقومان حبركات وادعة ،ووجهه املنحين
قليالً ُمنار ِّمن األسفل مبصباح الزيت املوضوع على الطاولة .يبتسم ابتسامة خفيفة .إنّه اآلن املعلّم
الذي يفرض نفسه والذي تَنطق ِّمساته بصداقة رائعةّ .أما التالميذ فإ ّهنم ينصتون إليه ابنتباه.
ُدرك ،ولكن ال َحت ُكم .فالواحد منّا يف حاجة إىل اآلخر ،على األرض ،والصاحلون «نعم ،أ ِّ
كي سام) إىل جانب اخلُبّيزة املفيدة».
َيتلطون ابألشرار مثل الزهور يف احلقل :الشوكران (نبات شو ّ
«أريد أن أسأل»...
«ماذا اي أندراوس؟»
«أنت ق ّديس».
«وقاان إذن؟ »
لي لوالديت.
«يف قاان كان واجب َمنح والديت الفرح .يف قاان كانت دفعة على احلساب الواجب َع َّ
وهنا سوف أُ َكِّّرم املدينة املق ّدسة أبن يكون فيها ّأول إعالن فقد كانت هي أول من جلَ ِّ
ب النّعمةُ . ّ َ َ َ
ص َل
عن قدريت كماسيا ،إّّنا هناك يف قاان فقد كان ينبغي يل إكرام ق ّديسة هللا ،الكلّية القداسة .هبا َح َ
لي .فَ ِّم َن العدل أن يعود هلا الفضل يف اجَتاحي أوىل معجزايت يف هذا العامل».
العامل َع َّ
هناك َمن يقرع الباب.
تك.
دخل ويرمتي عند قدمي يسوع« .اي معلّم ...ال أستطيع انتظار عود َ ِّ
إنّه توما من جديد .يَ ُ
لك،
وحقيقي ،إنّه كنزي ،وهو َ
ّ حب كبري
احلب ،فقط ّ
لدي هذا ّ
فعم ابألخطاء .إّّنا ّ
معك .أان ُم َ
دعين َ
أجلك .احتفظ يب اي معلّم»...
إنّه من َ
إين يف هناية
حّت ّ
دت نفسي مريضة ج ّداً ّ األول (أكتوبر) كذلكَ ،و َج ُ
ولكن يف 24تشرين ّ
الرؤاي املوصوفة وأثناء أمل يف رأسي يشبه التهاب السحااي ،دون شك ،مل أجرؤ على إضافة أنّين أخرياً
ظهر يل عندما يكون بكلّيته يل ،ثوابً صوفياً انعماً ذا لون أبيض َييل قليالً
أيت يسوع مرتدايً ،كما يَ َ
ر ُ
العاجي ومعطفاً متناسباً .الثوب الذي كان يرتديه عند ّأول ظهور له كماسيا يف أورشليم.
ّ إىل
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 10 / 27
هذا الصباح ،عند االستيقاظ من النوم الثقيل الذي دام ع ّدة ساعات ،وأثناء صاليت ،يف انتظار
عاوَدتين إذ:
عاوَدتين الرؤاي .أقول َ
بزوغ النهارَ ،
ما زلنا يف املكان ذاته :املطبخ واسع ومنخفض ،جدرانه مليئة ابلدخان ،وهو ابلكاد ُمنار
مبصباح زيت موضوع على الطاولة الريفيّة ،وهي طويلة وضيّقة ،جيلس إليها مثانية أشخاص :يسوع
كل جهة.
رب املنزل ،أربعة من ّ
وتالميذه ابإلضافة إىل ّ
ما يزال يسوع ُملتَ ِّفتاً ،وهو على كرسيّه .ال يوجد هناك ابلفعل سوى كراسي أبرجل ثالث ودون
َمسنَد ظَ ْهر ،موبيليا ريفيّة حقيقيّة .ما يزال يسوع يتح ّدث إىل توما .ولقد نـََزلَت يد يسوع إىل كتف
عشاءك؟»
َ لت
القادم اجلديد .يقول له يسوع« :اهنض اي صديقي .هل تناو َ
لت عائداً
مشيت بضعة أمتار مع اآلخر الذي كان يرافقين ،مثّ تركتُه وقَـ َف ُ ُ كال اي معلّم .لقد
« ّ
كنت ِّ
قلت له ذلك ألنّين ُ كنت أريد التح ّدث إىل األبرص الذي ُشف َيُ ... على أعقايب قائالً له أبنّين ُ
أنت وليس اجملذوم... أطلبك ََ كنت
ص َّح ظَ ّين .ولكنّين ُ
أظنّه سيأنف من االقَتاب من رجل جنس .ولقد َ
كنت أفعل.
حّت سألين شاب عن ماذا ُ رت حول كرم الزيتون ّ لك" :خذين!" ...فَ ُد ُ
كنت أريد أن أقول َُ
لقد اعتَََربين سيّئ النية ...وقد كان قريباً من حدود امللكيّة».
عصَرة ،ذلك
ناوب على حراسة ال َـم َ مفسراً« :إنّه ابين» مثّ يُضيف «إنّه يُ ِّ
رب البيت ويقول ّ يبتسم ّ
أ ّن حتتها توجد أقبية حتوي حمصول العام كلّه وقد كان رائعاً ،فلقد أَنتَ َج زيتاًكثرياً .وعندما تتواجد مجوع
جتد اللصوص ََيتَلِّطون هبم ويَسطون على األماكن غري احملروسة .منذ مثانية أعوام ويف عشية السبت
«لقد قال يل" :ماذا تريد؟" إّّنا بلهجة َج َعلَتين ،لكي أمحي كتفي من ضرابت العصـا ،أسـارع
عما يف نفسـي" :أَحبَث عن املعلّم املقيم هنا" .حينئذ أجابَين" :إذا كان ما تقوله صحيحاً
يف التعبري ّ
ص َحبين إىل هنا وهو الذي قَـَرع الباب وقد ذَ َهب بعد مساعه بداية كالمي».
هيّا إىل املنزل" .وقد َ
«هل تقطن بعيداً؟»
الشرقي».
ّ «أسكن يف اجلهة األخرى من املدينة قريباً من الباب
وحدك؟»
أنت َ«هل َ
وبقيت أان أحبث
ُ كنت مع األهل .ولكنّهم اآلن ذهبوا إىل أقارب لنا على طريق بيت حلم.
«لقد ُ
وجدتك».
َ حّت
عنك ليل هنار ّ
َ
ينتظرك؟»
َ «إذاً ال أحد
«ال اي معلّم».
أردت فامكث
لك :إذا َ
«الطريق طويلة والظالم دامس ،والدورّايت الرومانيّة جتوب املدينة .أقول َ
معنا».
ينهض يوحنّا يف احلال وَيضي ليجلس يف زاوية الطاولة إىل جانب املالك.
«اجلس اي توما وُكل ».مثّ يقول للجميع« :هكذا ستفعلون على الدوام اي أصدقائي لتُ ِّ
مارسوا
تتوجب حمبّته أكثر .حينما أيتيكم أحد
شريعة احملبّة .فالزائر مصون بشريعة هللا أصالً .إّّنا اآلن فبامسي ّ
سائالً رغيفاً أو ملجأ أو جرعة ماء ابسم هللا ،فاستجيبوا لطلبه وابسم هللا كذلك .وسوف جيازيكم هللا.
حّت اآلن: ِّ
حّت مع األعداء .تل ُكم هي الشريعة اجلديدة .لقد قيل لكم ّ عليكم فعل ذلك مع اجلميع ّ
حّت الذين يبغضونكم" .آه! لو تَعلَمون
"أحبّوا حمبّيكم وأبغضوا أعداءكم"ّ .أما أان فأقول لكم" :أحبّوا ّ
كم سـتكونون حمبوبني ِّمن هللا إذا ما أحببتُم كما أقول لكم! عندما يستطيع أحد القول" :أريد أن
أحب ِّ
احلقيقي واتّباع َمحَله" .عندئذ جيب أن يكون ابلنسبة لكم ّ
ّ الرب اإلله
أكون شريككم يف خدمة ّ
أبدي :رابط املسيح».
من أخ لكم من دمكم ،ألنّكم سَتتبطون به برابط ّ
الحظنا فيما بعد أ ّن أحدهم مل يكن صادقاً؟ فأن
فيقول بطرس وهو شبه غاضب« :ولكن إذا َ
لست أدري ،إنّه
يقول" :أريد فعل كذا وكذا" سـهل ،ولكن الكالم ال يتماشى دائماً مع احلقيقةُ ».
ليس على ما يرام ،ذلك أنّه عادة يكون َم ِّرحاً.
«جيّد ،جيّد! سيكون هكذا!» ومل يعد بطـرس يتكلّم ،بـل يبقى حـَِّرداً ُمسنِّداً رأسه إىل يده.
شك».
«بدون أدىن ّ
منك هذا اإلرضاء تضحية؟»
ب َ حّت ولو تَطَلَّ َ
« ّ
خدمتك .ما الذي تريده مين؟»
َ «ليس عندي ما هو أمثن ِّمن
يوطي؟»
« َمن؟ االسخر ّ
«نعم اي معلّم».
ب .إّّنا ال تكن حسوداً اي مسعان بن يوان .هل تَعلَم كيف دك انجم عن احل ّأساحمك ،فَ َحَر َ
َ «نعم
احلقيقي؟ نعم؟ إذاً فقليب أوسع كثرياً ج ّداً من امتداده.
ّ يسوعك؟ أمل َتر البحر أبداً؟ البحر َ هو قلب
احلب ما
وهو يتّسع للجميع ،لإلنسانيّة مجيعها .يتّسع لألصغر كما لألعظم .وجيد اخلاطئ فيه من ّ
بكل أتكيد .هل تريد منعي من تكليفهم هبا؟ أان من اخَتتكم، برسالة، هؤالء ف جيده الربيء .وأان أُ َكلِّ
ّ
ّ
كت هؤالء هنا مع رسالة حر يف اختيار كيفيّة تكليفكم .وإذا ما تَـَر ُ
ولستم أنتم من اخَتمتوين .فأان إذاً ّ
مهمة -قد تكون كذلك اختباراً ،كما قد تكون الربهة الزمنيّة املمنوحة لإلسخريوطي على سبيل أو ّ
مساعك أهم؟ أوليس احدة و ب لك ظ فالرمحة -فهل تستطيع لومي؟ هل تعلم أنت إذا ما كنت أحت ِّ
َ ّ َ ُ َ َ
تقول" :هل ستأيت معي؟" هو أروع دليل حب؟»
غيب! ساحمين»...
«صحيح ،صحيح .أان ّ
أي شيء .آه! اي بطرس ...ولكن أرجوكم مجيعاً :ال تُناقِّشوا أبداً موضوع كل شيء و ّ
«نعم .أَغ ُفر ّ
دت فقرياً يف إسطبل .إبمكاين أن أكون االستحقاق واألمكنة .فلقد كان إبمكاين أن أُولَد ملِّكاًِّ ،
وول ُُ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 113 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
عشت ِّمن َع َملي واآلن ِّمن احملبّة .ومع ذلك ،ثقوا اي أصدقائي ،ال يوجد يف عيين هللا
ُ غنيّاً ثرّايً .وقد
مين شخصيّاً ،أان الذي هنا :خادم اإلنسان». من هو أعظم ّ
أنت خادم؟ ال أبداً!»
« َ
«ملاذا اي بطرس؟»
سيخدمك».
َ ألين أان من
« ّ
أتيت خلدمة اإلنسان وسأكون فادايً له.
كنت ختدمين مثلما َخت ُدم أ ُّم َولَ َدها ،فأان إّّنا ُ
حّت ولو َ« ّ
قارن هبا؟»
وأيّة خدمة َيكنها أن تُ َ
كل شيء .وما كان مظلماً يصبح فجأة ّنرياً!»
ك تشرح ّ
«آه! اي معلّم! إنّ َ
أنت متأ ّكد ِّمن ِّ
أنت مسرور اآلن اي بطرس؟ دعين إذاً أُكمل حديثي إىل توما .هل َ «هل َ
ضى حتت أَلَق النجوم ليَ ِّجد ُمسافِّراً
معرفتك لألبرص؟ ليس سواه من ُشفي .ولكن َيكن أن يكون قد َم ََ
ت ِّ
ُجمامالً .وآخر يريد دخول املدينة لرؤية أقارب له ،فيمكنه أن َيكث بدالً عنه .هاك وصفه ،وقد كن ُ
قريباً منه ج ّداً والحظتُه جيّداً يف الغسق ،إنّه طويل وحنيف ،سحنته قامتة ،ذو دم ُخمتَـلَط ،عيناه غائراتن
وجمعد ،أنفه طويل أفطس الطرف وسوداوان قامتتان حتت حاجبني أبيضني كالثلج ،شعره بلون الكتّان ّ
مثل الليبيني ،شفتاه غليظتان خاصة من الداخل وابرزاتن .إنّه َييل إىل اللون الزيتوينّ لدرجة أن شفته
البنفسجي .على اجلبهة جرح قدمي وقد تَـَرَك أثراً سيكون العالمة الفارقة الوحيدة ،اآلن وقد
ّ متيل إىل
بَرئ ِّمن القشور واألدران».
ض».
فالربص هو الذي َج َعله يَبيَ ّ
«ال اي فليبّس .هذا ما يبدو ،إّّنا هو ليس كذلكََ ،
«ما هو الدم ال ُـمختَـلَط؟»
«إيه! إن مل يكن كذلك فيمكنه الذهاب .فكثري عليه أن ُيصل على الشفاء».
احلق
حّت ولو كان وثنيّاً ،فأان ال أصرفه .يسوع قد أتى من أجل الناس مجيعاًّ .
«ال اي بطرسّ .
لك أبن شعوب الظلمات سيسبقون أبناء شعب النور»... احلق أقول َ
ّ
يتنهد يسوع .مثّ يَ َنهض .يشكر اآلب بتالوة ترتيلة ،ويُ ِّ
بارك. ّ
وهكذا تنتهي الرؤاي.
كنت أنظر إىل األبرص« :إنّه مسعان، قلت إ ّن الذي َيطرين داخليّاً قال يل أمس عندما ُ لقد ُ
الرسول .سوف ترين قدومه وقدوم ت ّداوس إىل املعلّم ».وهذا الصباح ،بعد املناولة (إنّه يوم اجلمعة)
فوجدت أ ّن اليوم هو ابلضبط اليوم السابق لعيد الرسولني مسعان ويوضاس، ُ حت كتاب الصالة فَـتَ ُ
وإجنيل الغد يتح ّدث ابلتحديد عن احملبّةُ ،مَرِّّدداً تقريباً نفس الكلمات اليت َِّمسعتُها يف الرؤاي األوىلّ .أما
يوضاس ت ّداوس فلم أره يف هذه اللحظة.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
رب األردن)
( -19يوضاس بن حلفا وتوما ومسعان يُقبَلون قُ َ
1944 / 10 / 28
النهر ،وابلنتيجة الطريق ،يف املوضع الذي أتواجد فيه ،يُ َش ِّّكل قوساً ابحنناءة خفيفة جتعلين أرى
بقيّة الض ّفة مغطّاة أبوراق تُ َش ِّّكل جداراً من االخضرار ُييط بربكة مياه ساكنة .حتسبها حبرية حديقة
لكن املياه ليست كمياه البحرية الساكنة ،ذلك ّأهنا جتري ،وإن تكن بطيئة ،وهذا ما يشري إليه ُم َّتفة .و ّ
الرملي ،والشرائط
تالطم املاء مع القصبات األوىل األكثر جرأة اليت نـَبَـتَت يف األسفل ،على الشاطئ ّ
ُيركها اجملرى .وكذلك جمموعة تتدىل على سطح املياه واليت ّ الطويلة املتماوجة من األوراق اليت ّ
َيشطه
الصفصاف املتدلّية األغصان اليت تَتك طرف شعرها األخضر يساير النهر الذي يبدو وكأنّه ّ
مبداعبة لطيفة بِّ َش ِّّدهِّ هبدوء يف سياق اجملرى.
صمت وسالم يف هذه الساعة الصباحيّة .فقط تغريد ونداءات العصافري وخرير املياه على َ
األوراق وبريق الندى على العشب األخضر الطويل الذي ينمو بني األشجار والذي مل جتعله مشس
ت بعد أوىل األمطار الربيعيّة اليت َغ َّذت األرض
مصفراً ،بل ما زال طرّايً وجديداً .فلقد نـَبَ َ
الصيف قاسياً ّ
ِّ
صبة.
حّت األعماق ابلرطوبة والعناصر ال ُـم َخ ّ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 116 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يتوقّف ثالثة مسافرين عند هذه االحنناءة من الطريق ،ابلضبط عند رأس القوس .ينظرون إىل
األعلى وإىل األسفل ،إىل اجلنوب صوب أورشليم وإىل الشمال صوب السامرة .يبحثون بني جذوع
صل.عل الذي ينتظرونه يكون قد َو َ
الشجر َّ
ّإهنم توما ويوضاس ت ّداوس واألبرص ال ُـمربأ .وهم يتح ّدثون.
«أان؟ ال!»
أي أهل؟»
« ّ
فمَتدد ...أيب عجوز ،ومل أجرؤ على أن أك ّدره .إّّنا «أيب وأخي البكر والثاينّ .أما اآلخر ّ
اآلن ...اآلن األمر خمتلف .اآلن أمضي إىل حيث أجد َمن يش ّد قليب وروحي إليه .أمضي إىل يسوع،
بتصريف هذا .إّّنا اآلن ...لو مل يكن الذي أريد فعله عادالً ومستقيماً لكان
وال أظنّين أخالف الشريعة ّ
نت
ُيق أن يعارض ابناً يبحث عن اخلري؟ إذا ك ُ علي .هل ّيسوع يقول يل .وأان سوف أفعل ما يشري به َّ
مقتنعاً أب ّن جمدي هو هنا ،فلماذا منعي من الوصول إليه؟ ملاذا يكون اآلابء أعداء لنا؟»
يتنهـّد سـمعان كما لو كان هناك من يعيد إىل ذهنه ذكرايت حزينةَ .يفض رأسه ولكنّه ال
يتكلّم.
ابرَكين قائالً يل: وقد . ين م زت العائق .لقد َِّمس َعين أيب وفَ ِّ
ه جتاو ُ
َ َ توما ،ابملقابل ،جييب« :اآلن ،أان َ
أنت اي َمن تستطيع التحرر من عبوديّة االنتظار .مغبوط َ لك مبثابة ّ"اذهب! وليكن هذا الفصح ابلنسبة َ
أبيك العجوز لتقولاإلَيانّ .أما أان فأنتَ ِّظر .وإذا ما كان هو ح ّقاً ،وستكتشف ذلك ابتِّّباعه ،فعد إىل َ
له’ :تعال! إسرائيل متتلك ال ُـمنتَظَر‘"».
مين! أقـول إنّنـا عشـنا إىل جانبه! ...ومل نؤمن به ،وحنن عائلته! ...ونقول،
أنت حمظـوظ أكـثر ّ
« َ
أو ابألحرى يقولون" :لقد ُج ّن!"»
«اي معلّم!»
«يسـوع!»
«سـيّدي!»
لقد َد َّوت اهلتافات الثالثة ال ُـم َعِّّربة عن اهليام والفرح من التلميذ وابن عمه والذي َجَرت عليه
املعجزة.
أي صوت آخر ،إنّه مليء،«السالم لكم!» إنّه الصوت اجلميل الذي ال َيكن اخللط بينه وبني ّ
أنت أيضاً ،اي يوضاس ،ابن عمي؟»
رجويل ،لطيف وانفذَ « .
ّ معرب ،صاف، رانن ،هادئّ ،
يتعانقان ،فيبكي يوضاس.
معك!»
«آه! يسوع! أريد أن أمكث َ
انتظارك .ملاذا مل ِّ
أتت؟» كنت دائماً يف
َ «لقد ُ
َيفض يوضاس رأسه ويصمت.
آمرك».
«ولكنّين مل َ
أبوك؟»
«و َ
لك».
أتيت ألكون وفيّاً َ
«لقد ُ
الظل َخ ِّجالً .تعال إىل هنا .ال ختف».
أنت ،اي من ختتىبء يف ّ
لك .و َ
«ستكون كذلك .أقوهلا َ
ريب!» ويرمتي األبرص سابقاً عند قدمي يسوع.
«ّ
امسك؟»
«اهنض ،ما َ
«مسعان».
وعائلتك؟»
َ «
«سيّدي ...لقد كانت ُمقتَ ِّدرة ...وأان كذلك كان يل اعتباري ...إّّنا األحقاد الطائفيّة و...
هفوات الشبابَ ،جَر َحت سلطاهنا .أيب ...آه! ينبغي يل أن ألومه وهو الذي َكلّفين دموعاً مل تكن
لتأيت من السماء! أنت ترى ذلك ،لقد رأيت أيّة هديّة ق ّدمها يل!»
لكن إصابته كانت مبرض ُيمل امساً آخر ،وحنن اإلسرائيليّني نصنّفه
«مل يكن جمذوماً ،وال أان ،و ّ
مع خمتلف أنواع اجلذام .هو ...كان بيته ما يزال ذا سلطان ،عاش ومات وما يزال له اعتباره يف بيته.
لكنت ُمت بني القبور».
وأان ...لو مل تنقذين ُ
«هل أنت وحيد؟»
شَتكاً. ِّ
يُدنيهما يسوع معاً ويضع يديه على كتفيهما كما ليمتلكهما ،كما ليَفرض عليهما نرياً ُم ََ
أنت مسعان ستبقى هنا مع توما .ومعه َستُعِّ ّد
مثّ يقول« :أَمجَع ُكما ،إّّنا يف هذه اللحظة فأان أُفَـِّّرق ُكماَ .
الطرق من أجل عوديت .سوف أعود بعد قليل ،وأريد أن يكون حشد كبري ينتظرين ،قل للمرضى،
آت .وقل للذين ينتظرون :إ ّن ماسيا وسط شعبه. وأنت من يستطيع قول ذلك ،إ ّن الذي َينح الشفاء ٍ
َ َ
قل للخطأة :إ ّن هناك َمن يَغفر ليَمنَح ّقوة االرتقاء»...
«نعم ،فليس لكم سوى القول" :هو قد أتى ،إنّه يدعوكم ،وينتظركم .لقد أتى ليصفح عنكم.
العم ،تعال معي ومع هؤالء.
أنت يوضاس ،اي ابن ّ
سارعوا لرؤيته" .وأَضيفا هلذه الكلمات ممّا تعرفانه .و َ
ك ستبقى يف الناصرة». ألنّ َ
«ملاذا اي يسوع؟»
عليك أن تع ّد يل الطريق يف موطننا .هل تظنّها رسالة سهلة؟ احلقيقة أنّه ال يوجد ما هو
«أل ّن َ
ويتنهد يسوع.
أهم منهاّ »...
ّ
«هل سأجنح؟»
بكل أتكيد ،فسآيت كثرياً للقائكم وسأدعوكم عندما أكون يف كفرانحوم .اآلن َوِّّدعوا بعضكم
« ّ
اي أصدقاء ،وسنمضي .أابرككم اي من تبقون .سالمي معكم».
وتنتهي الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1944 / 10 / 31
عمه والتالميذ الستّة إىل مشارف الناصرةِّ .من أعلى املنحدر حيث ُهم ِّ
يَصل يسوع مع ابن ّ
موجودون تُرى املدينة الصغرية ،بيضاء وسط اخلضرة الصاعدة واهلابطة وفق املنحدرات اليت قد بُنِّيَت
عليها .تتماوج الطريق بلطف وهي ابلكاد مرئيّة ِّمن هنا ،بينما ِّمن هناك هي ابرزة املالمح أكثر.
صلنا اي أصدقائي .وهذا هو بييت .ووالديت يف داخله ،ذلك أنّين أرى الدخان يتصاعد«ها قد َو َ
من البيت .قد تكون ختبز .أان ال أقول لكم" :امكثوا" ،ألنّين أظنّكم على عجلة للوصول إىل بيوتكم،
تعرف عليها يوحنّا ،فأقول لكم" :تعالوا"».
التعرف على من قد ّ
إّّنا إذا أردمت كسر اخلبز معي و ّ
كان احلزن قد بدأ َُيَيِّّم على الستّة بسبب الفراق الوشيكّ ،إال أ ّن السرور عاد ليمألهم ،ويَقبَلون
الدعوة عن طيب خاطر.
يهبطون اهلضبة الصغرية بنشاط ويسلكون الطريق الرئيسيّة .الوقت حوايل املساء .ال يزال الطقس
دخلون البلدة .نساء
لكن الظالم قد بدأ يرخي سدوله على القرية حيث بدأ القمح ينضج .يَ ُ حاراً ،و ّ
ّ
ذاهبات إىل العني أو عائدات منها ،رجال على عتبات املشاغل أو يف احلدائقُ ،ييّون يسوع ويوضاس.
مثّ يتهافت األطفال مجاعات حول يسوع.
دت؟»
«هل عُ َ
«ستمكث هنا اآلن؟»
حقيقي للشريعة».
ّ كل شيء وأنّين ابن
«لقد قال يل املعلّم أبنّين أعرف ّ
ألهنا خائفة».
«سارة ليست هنا أل ّن ّأمها مريضة ج ّداًّ .إهنا تبكي ّ
«ماما!»
ويتعانق االثنان .ومرمي األقصر ِّمن يسوع تَسند رأسها على أعلى صدر ابنها ال ُـمتَـلَملِّم يف حميط
ذراعيها .وهو يـُ َقبِّّل شعرها األشقر .ويَ ُ
دخالن البيت.
التالميذ ،مبا فيهم يوضاس ،يبقون خارجاً اتركني هلما حريّة إظهار عواطفهما وهي يف ذروهتا.
«يسوعَ ،ولَدي!» يرجتف صوت مرمي كما لو كانت موشكة على البكاء.
«يوضاس؟»
أنت مندهشة .ابلتأكيدِّ ،ضمن الذين حت ّدثوا عن الذي جرى كان «نعم يوضاس .أعرف ملاذا ِّ
قلت ّإهنم قد انتَـ َقدوين .إّّنا ال ختايف .اليوم كذا وغداً خمتلف.
حلفا وأوالده ...ولن أكون خمطئاً إذا ُ
فاإلنسان مثل األرض ،يف املكان الذي كانت األشواك تنمو ،أصبَ َحت تنمو الورود .ويوضاس الذي
حتبّينه حبّاً مجّاً هو اآلن معي».
«أين هو اآلن؟»
«إنّه هناك خارجاً مع اآلخرين .هل ِّ
لديك خبز يكفيهم؟»
«نعم اي ولدي .فمرمي زوجة حلفا يف الفرن ،وهي ُخترِّج اخلبز منهّ .إهنا طيّبة ج ّداً ،ومرمي إىل
جانيب .اآلن بشكل خاص».
وهتتم ابلضيوف .ومع ذلك فهي ما تزال تَ ّرد مرمي التحيّة وتدعوهم للجلوسّ .إهنا ربّة البيت ّ
كمل نقاشاً صامتاً مع ابنها .لقد كانت تبغي حتتفظ ليسوع بنظرة هيام .تبدو روحها مع عينيها تُ ِّ
لك بذلك .امكثي أن ِّ
ت ندفِّع« :ال اي امرأة ،ال َيكن أن أمسح ِّ
لكن بطرس يَ َ
لب املياه لتنعشهم ،و َّج َ
األم الق ّديسة ،وأان سأذهب بل نذهب مجيعنا إىل احلديقة لِّنَغتَ ِّسل». ِّ
إىل جانب ابنك ،أيّتها ّ
ها هي مرمي زوجة حلفا هترع محراء ويكسوها الطحنيُ .حتَيِّّي يسوع الذي يباركها مثّ تقود الستّة
أخربين يوضاس .كم إىل احلديقة صوب الفسقيّة .وها هي تعود سعيدة لتقول للعذراء« :آه! مرمي! لقد ََ
"سل َفيت" .أعرف أ ّن اآلخرين سيزجرونين .إّّنا الأنت اي ِّ
أجلك ِّ
أان سعيدة! من أجل يوضاس ومن ِّ
حنس ما فيه خري أبنائنا.
األمهات ،نعرفّ ... يهم .سأكون سعيدة يوم يُصبِّحون مجيعهم ليسوع .فنحن ّ
أنت اي يسوع ،خري أبنائي».
كَ ، أحس أنّ َ
وأان ّ
ي ِّ
الطف يسوع رأسها وهو يبتسم.ُ
جرة عصري لب جت
َ مث اجلنب. و يتون ز ال مع ا
ً ساخن اخلبز حلفا زوجة مرمي هلم م يعود التالميذ ،وتُـ َق ِّّ
د
ّ ّ َ
العنب األمحر الذي يسكبه يسوع ألصدقائه .إ ّن يسوع هو الذي يـُ َق ِّّدم ويـُ َوِّّزع على الدوام.
يف البدء كان التالميذ ُمرتَبِّ ِّكني قليالًّ ،أما بعدئذ فَـيَهدأ روعهم .وهم يتح ّدثون عن بيوهتم وعن
اول بطرس أنوُي ِّ
دودونُ ،
متحمسونَ ،و ُ
اجَت َحها يسوعّ .إهنم ّ رحلتهم إىل أورشليم وعن املعجزات اليت ََ
يتحالف مع مرمي َعلَّهُ يتمكن من السفر مع يسوع مباشرة دون احلاجة إىل االنتظار يف بيت صيدا.
يَنظر يسوع مبتسماًّ ،إال أنّه ال يقول شيئاً .ومرمي تُـ َؤِّّول هذه االبتسامة كدليل ُحسن التفات:
َير بسرعة مثل طريان
انتظارك ال ُـمطيع سوف ّ
َ لك :إ ّن َزَمن
«اي مسعان بن يوان ،إنّه يبتسم ...وأان أقول َ
السنونو فوق البحرية».
«شكراً ِّ
لك اي امرأة».
أنت اي يوحنّا؟»
«أال تتكلّم اي يوضاس؟ ...و َ
«أَنظُر ِّ
إليك اي مرمي».
«وأان كذلك».
دي
«أان كذلك أَنظُر إليكم ...وهل تَعلَمون؟ يعود إىل ذهين زمن بعيد .فحينئذ كذلك كان ل ّ
حبب .هل تَذ ُكرين تالميذي الثالثة اي مرمي؟»
ثالثة أزواج من العيون تتعلّق بوجهي ّ
سن متماثل بشكل حمسوس .ينظرون حقيقي! فاآلن أيضاً هم ثالثة ،يف ّ
ّ «آه! طبعاً أتذكر! هذا
احلب الذي لديهم .أظُ ّن أ ّن يوحنّا هذا يبدو يل مثل يسوع آنذاك ،بشعره األشقر وخ ّديه ِّ
بكل ّإليك ّ
احلمراوين وهو أصغرهم سنّاً».
1944 / 10 / 07
تغص هبم :نسـاء ذاهبات إىل النبع ،صيّادون رجال ها الناس وقد بَ َدأَت شـوارع كفرانحوم ّ
الليلي ،أطفال َجيرون وهم يلعبون عرب الشوارع ،محري ُحم َّملة سالالً للصيد اكبهم
ر وم باكهم شُِّجي ِّهزون ِّ
ّ ّ
متضي إىل القرية ،رمبّا لتحميل اخلضار.
ابجتاه ابب يُفضي إىل ساحة صغرية مظلَّلة بكرمة وشجرة تني .بعد ذلك هناك يتق ّدم يسوع ّ
درب مرصوف حجارة ُي ّد البحرية .املفروض أنّه منزل بطرس ،فهو على الشاطئ مع أندراوس ُجيَ ِّّهز
الشباك ويـَُرتِّّب املقاعد واحلبال .ذلك مبجمله من أجل الصيد .وأندراوس يساعده ِّ
سالل السمك و ِّّ
بذهابه وإايبه بني البيت واملركب.
«الوقت مناسب واملياه ساكنة ،ابإلضافة إىل ذلك نور القمر .لذا فسيصعد السمك من
األعماق وستحمله ِّشباكي».
«أنذهب وحدان؟»
«انظر اي معلّم :هذا ما سوف نقوم بهَ .خن ُرج جنباً إىل جنب مع مركب يعقوب بن زبدى،
أنت أن متسك ابجتاه املكان املناسب .مثّ نرمي ِّّ
الشباك وّنسك حنن بطرفها .وتريد َ وّنضي هكذا سويّة ّ
ابلطرف اآلخر ،هذا ما قُلتَه يل».
«آه! ليس هناك سوى مراقبة رمي الشَّباك ،لتَ ِّنزل ِّّ
الشباك هبدوء ودون حدوث عُ َقد .هبدوء ألنّنا
سنكون فوق مكان الصيد ،وأيّة حركة مفاجئة َستُبعِّد السمك ،ودون عقد لكيال تُغلَق الشباك اليت
صرة ،أو ابألحرى مثل شراع منفوخ ابهلواء .وحاملا تنتهي عمليّة اإلنزال سوف جيب أن تُفتَح مثل ّ
جن ّذف ببطء أو نتق ّدم شراعيّاً حسب ما جيب أن يكون ،دائِِّّرين نصف دورة على البحرية .وعندما
نتوجه إىل اليابسة ،وهناك حوايل الشاطئ ،ولكن حتركات شارات األمان أبن الصيد جيّد ّ تشري لنا ّ
متأخرة لكيال َيرب السمك ليس يف مرحلة مسبقة لتحاشي خطر هروب الغنائم ،وال يف مراحل ّ
الشباك .حينئذ جيب االنتباه جيّداً إذ جيب على املراكب أن تقَتب الشباك على احلصى ،وسننشر ِّّ و ِّّ
كثرياً إىل احل ّد الذي نستطيع معه اإلمساك أبطراف ِّّ
الشباك اليت ُمتََّرر من املركب اآلخر ،ولكن على
عينك
لك اي معلّم ،إنّه قُوتنا ورزقناَ .
أفوض األمر َالشباك املمتلئة مسكاً .سوف ّ ّأال نصطدم لكيال هنرس ِّّ
الشباك لكيال تُفتَح مع اهتزاز السمك .فالسمك يدافع عن حريّته بضرابت َذنَب قويّة ،وإذا كان على ِّّ
عددها كبرياً ...تدرك ذلكّ ...إهنا حيواانت صغرية ،إّّنا كوهنا ابلعشرات واملئات واأللوف فهي تصبح
ذات ّقوة هائلة».
«األمر ذاته مع اخلطااي اي بطرس .يف البداية خطأ واحد َيكن إصالحه .إّّنا بعدئذ إذا مل نتوقّف
عن هذا اخلطأ "الواحد" وإذا ما تركنا األخطاء تَتاكم وتَتاكم وتَتاكم ،فالذي ُيصل أخرياً هو أ ّن هذا
ويتحول
جمرد إُهال بسيط أو ضعف بسيط ،يصبح يوماً بعد يوم أكثر ّقوة ّ اخلطأ الصغري ،وقد يكون ّ
«كان َيكن كذلك أن يكون قاسياً مع مسعانّ ،أما مع بطرسي ،اإلنسان اجلديد ،رجل
ك».
ك وسيحبّ َ
مسيحه ...فال ،اي بطرس ،إنّه ُيبّ َ
«وأان؟»
تاري األوائل».
أنت كذلك اي أندراوس ،وكـذلك يوحنـّا ويعقـوب وفليبـّس ونثنـائيـل .فأنتم ُخم ّ
«و َ
عمك ،ويف اليهوديّة»...
«هل سيأيت آخرون؟ هناك ابن َ
لك إ ّن صيدي يف ليل الدهور احلق أقول َاحلق ّ
البشري ،و ّ
ّ لكل اجلنس
«آه! إ ّن مملكيت مفتوحة ّ
صيدك كلّه ...ألن كل دهر سيكون مبثابة ليل مظلم ،حبيث أن ال نور النجوم َ سيكون أوفر من وفرة
الـمتألِّّق ،وال نور القمر ،سيكوانن الـم ِّ
رشد واملنارة للبشرية ،بل إّّنا كلمة املسيح والنعمة املتأتّية منه. ُ ُ
غرب ،نوراً سيعيش فيه مجيع املؤمنني ،مشساً يلبسها املختارون فتجعل وهذا الليل سيعرف فجر يوم لن يَ ُ
مظهرهم هبيّاً ،وجتعلهم أزليّني ،سعداء مثل اآلهلة ،آهلة أدىن من اآلب الذي هم أبناؤه وشبيهون يب...
احلق أقول لكم إ ّن حياتكم املسيحيّة ستوفّر لكم التشبّه احلق ّ لكن ّال تستطيعون اآلن إدراك هذا ،و ّ
تالميذك؟»
َ «ولكن هل سنكون وحدان
ب للجميع .ال «هل بطرس حسود غيور؟ ال تكن كذلك .سيأيت آخرون وسيكون يف قليب ُح ّ
دت النجوم يوماً؟ أو احلجارة
ك .هل َع َد َ فأنت ال تعرف بعد طبيعة الذي ُيبّ َ تكن خبيالً اي بطرسَ .
أقل.
احلب اليت يستطيعها قليب ّ
تك على ع ّد خفقات ّ اليت تَفرش قاع البحرية؟ ال ،ال َيكن ذلك ،وقدر َ
هل استطعت أبداً حساب عدد املّرات اليت يـُ َقبِّّل فيها البحر الشاطئ مع قبلة املوج خالل اإلثين عشر
نس ِّكب من هذا القلب لتعطي ب اليت تَ َ
تك على حساب أمواج احلُ ّ َيكنك ذلك ،وقدر َ
َ قمراً؟ ال ،ال
حيب اي بطرس». أقل كذلك .كن أكيداً من ّ قبالهتا للناس ّ
أيخذ بطرس يد يسوع ويـُ َقبِّّلها وهو متأثّر بش ّدة.
ك كثرياً .ويف
أنت أيضاً أحبّ َ
يَنظُر أندراوس وال جيرؤّ ،إال أ ّن يسوع يضع يده يف شعره ويقولَ « :
لك
عينيك ،يبتسم َ َ فجرك سَتى يسوع منعكساً على قبّة السماء ،سَتاه ،دون وجوب رفع ساعة َ
لك يف هذا الفجر سيكون أمتع من الدخول إىل غرفة الزفاف»... ك ،تعال" ،ودخو َ ليقول" :أحبّ َ
لتك
وصلت »...جيري يوحنّا الهثاً «آه! اي معلّم هل جع َ
ُ «مسعان! مسعان! أندراوس! ها أنذا قد
ب. تنتظر؟» وينظر يوحنّا إىل يسوع بعني الـم ِّ
ح
ُ ّ
كبك بسرعة.
جهز مر َ
ك لن أتيتّ ...
أظن أنّ َ
بدأت ّ
كنت قد ُ
وجييب بطرس« :يف احلقيقة ُ
ويعقوب؟»...
يظن أ ّن يسوع يف بيتنا فأتى إليه .ولكنّنا قلنا له" :إنّه يف
«لقد أتخران بسبب رجل أعمى .كان ّ
انتظرت
َ يشفيك غداً .انتَ ِّظر" .ولكنّه مل يكن يريد االنتظار .وكان يعقوب يقول" :لقد
َ مكان آخر ،وقد
النور طويالً ،فما املانع من انتظاره ليلة أخرى أيضاً؟" ّإال أنّه مل يكن ليَقبَل مساع حجة»...
ك مبعطفه وال يَتكه ،ولكنّه يسري ببطء ألنّه يتعثّر على الشاطئ
متس َ
«إنّه قادم مع يعقوب .لقد َّ
املغطّى ابحلجارة ...اي معلّم ،هل تغفر يل قسويت؟»
إيل».
«نعم ،إّّنا إلصالح اخلطأ اذهب وساعد األعمى واجلبه ّ
جيري يوحنّا مبتعداً.
يهز بطرس رأسه بشكل خفيف ولكنّه يصمت .يَنظُر إىل السماء اليت تُصبِّح الزورديّة بعد أن
ّ
ويتنهد.
أدرَكتهـا العتمة .ينظر إىل البحرية ،وينظر إىل املراكب األخرى اليت خرجت للصيدّ ،
َ
«مسعان!»
«معلّم!»
خرجت األخري».
َ حّت ولو
صيدك وفرياً ّ
َ «ال َختَف ،فسيكون
«ها هو ذا األعمى».
يتق ّدم املسكني بني يعقوب ويوحنّا .بني يديه عصا ال يستخدمها الساعة ،ذلك أنّه يعتَ ِّمد على
اإلثنني اللذين يقودانه .وهذا أفضل له.
أنت أعمى؟»
«أتريد أن ترى؟ اهنض .منذ مّت و َ
يتحلّق التالميذ األربعة حوهلما.
نت
كنت أعمل .ك ُ كنت يف السابق أرى بشكل جيّد و ُ «منذ سبع سنوات اي سيّدي .وقد ُ
التجار الكثريون يف حاجة
أكسب جيّداً .لقد كان املرفأ و ّ كنت َصاحب حرفة يف القيصريّة الساحليّةُ .
ص َّور احلديد ال ُـم َح َّمر ليصبح جاهزاً للعمل، ِّ ِّ
إيل يف أعماهلم .ولكن لدى طَرقي حديد مرساة ،وتَ َ
دائمة ّ
خسرت
ُ أحرقَت عيين .ولقد كانت عيناي آنذاك عليلَتَني بسبب حرارة الكور .ف انطَلَ َقت شرارة منه َ
كل ُم ّدخرايت ،وأان اآلن أعيش من أنفقت ّ
ُ عيين اليت أُصيبَت ،وانطََفأَت األخرى بعد ثالثة أشهر.
اإلحسان»...
مبفردك؟»
أنت َ «هل َ
لدي أ ُّم عجوز،
حّت إنّين ال أعرف وجه أصغرهم ...و َّ
لدي زوجة وثالثة أطفال صغار ج ّداً ّ « َّ
هي وزوجيت َمن تكسبان اآلن اليَسري ِّمن القوت .وهذا مع الصدقة اليت أمجعها يكاد يكفينا لكيال
ائيلي صاحل
ك تشفيين! ...فأعود إىل العمل .فأان ال طلب يل سوى العمل كإسر ّ ّنوت جوعاً .لو أنّ َ
ِّألَقوت الذين أحبّهم».
لك ذلك؟»
أتيت تبحث عين َ ،من قال َ
«و َ
عودتك إىل البحرية بعد اخلطبة الرائعة».
َ أبرص شفيتَه عند أسفل طور طابور أثناء
«َ
لك؟»
«ماذا قال َ
«ستشفيين إذن؟»
أيخذه يسوع إىل بيت بطرس ،يف نور احلديقة الصغرية اخلافت ،ويضعهُ ُمقابِّالً له ،حبيث ال
تكون البحرية املتأللئة هي أول ما تراه العينان اللتان ستُش َفيان ..وقد بدا الرجل طفالً مطيعاً بقدر ما
كان مستسلماً دون سؤال.
ابنك!» وَي ّد يسوع يديه على رأس الرجل اجلاثي .يبقى هكذا حلظـة نورك هلذا الذي هو َ «أبتاه! َ
مثّ يـُبَـلِّّل أطـراف أصـابعه ابللعـاب وَيسـح بيده اليمىن العينني املتفتّحتني إّّنا بغري حياة.
حلظة .مثّ ُُيَِّّرك الرجل جفنيه .يفركهما مثل إنسان ما زال يستفيق ،وما تزال غشاوة على عينيه.
«ماذا ترى؟»
كل شيء... «اي معلّم! اي معلّم! سيّدي! يسوع! الق ّديس! املبارك! النور ...أان أرى ...أان أرى ّ
لكن الالزورد
األول من القمر ...و ّها هي البحرية الالزورديّة والسماء الساكنة والشمس الغاربة والربع ّ
ففيك أرى مجال الشمس األكثر حقيقة واألَلَق األطهر للقمر عينكَ .األمجل والصفاء األكثر أراه يف َ
الكلّي قدسه .اي جنم املتألِّّمني ونور العميان والرمحة احلية ِّ
الفاعلَة!» ّ ّ
«أان نور األرواح .فكن ابناً للنور».
كل رفّة جفن على حدقة عيين اليت عادت إليها احلياة.
«دائماً اي يسوع .عهد أج ّدده مع ّ
أنت والباري تعاىل!»
فلتكن مباركاً َ
«ليكن الباري تعاىل ،اآلب ،مباركاً! اذهب!»
وتنتهي الرؤاي.
1944 / 10 / 11
1944 / 11 / 02
لك؟»
تسأله امرأة حتمل طفالً بني يديها« :ماذا قال َ
إيل بعد أن يتح ّدث إىل اجلموع».
«لقد قال يل إنّه سيأيت ّ
سيشفيك إذاً؟»
َ «
أيخذ يسوع مكانهُُ .يَيّي رئيس املعبد الذي يَ ّرد التحيّة مع خ ّدام املذبح .إنّه رجل قصري القامة
ولكنّه بدين وكهل .ينحين يسوع ليتح ّدث إليه ،فتخاهلما خنلة تنحين ابجتاه شجرة ليست طويلة بقدر
ما هي ضخمة.
أعطيك؟»
َ يسأله رئيس املعبد« :ماذا تريد أن
يقودك».
«الذي تريده ،أو ابألحرى ال على التعيني ،فالروح َ
َيد رئيس املعبد يده إىل كوم اللفافات ويسحب واحدة ،يفتحها ويقف عند أحد املواضيع
قائالً« :ها هو».
التام.
َي ّد يسوع يديه حسب عادته أثناء اخلطبة .فيسود الصمت ّ
«لقد قام الذي جاء ليق ّدسكم .لقد َخَر َج ِّمن خافية البيت الذي هتيّأ فيه هلذه الرسالة .ولقد
تَطَ َّهر ليكون قدوة لكم يف التَّطَ ُّهر .ولقد َّاختَ َذ موقعه مقابل متن ّفذي اهليكل وشعب هللا .واآلن هو
يظن وأيمل بعضكم من ذوي الروح املظلم والقلب املضطرب .واململكة لست كما ّ بينكم .إنّه أان! و ُ
اليت سأكون ملكها واليت أدعوكم إليها أكرب ج ّداً وأنبل كثرياً.
كل شعب آخر ،ألنّكم من خالل آابء آابئكم حصلتم على الوعد أدعوكم أيّها اإلسرائيليّون قبل ّ
ابلرب تعاىل .إّّنا ليس ابجليوش املسلّحة وال إبراقة الدم الوحشيّة ستنشأ هذه
االحتاد ّ هبذه الساعة و ّ
املتكربون سريعو الغضب ،احلاسدون ،الفاسقون اململكة .كما لن يكون اإلرهابيّون وال املسيطرون وال ّ
واجلشعون الذين يدخلوهنا ،بل هم الصاحلون ،اللطيفون ،الطاهرون ،الرحيمون ،املتواضعون احملبّون هلل
والقريب والصبورون.
قلبك
مدعواً حملاربة األعداء اخلارجيّني ،بل إّّنا األعداء الداخليّني املوجودين يف َ
لست ّإسرائيل! َ
أبنائك .أزيلوا وصمة اخلطيئة من قلوبكم مجيعاً ،وإذا أردمت
َ ويف قلوب عشرات وعشرات األلوف من
غري عليها
لك اململكة اليت لن يغلبها ولن جيتاحها ولن يُ َ
الرب غداً ويقول لكم" :اي شعيبَ ،
أن جيمعكم ّ
األعداء".
احلق أقول لكم إ ّن بني احلاضرين هنا سبعة وعشرين فقط ينبغي هلم انتظار املوتّ .أما
احلقّ ، ّ
اآلخرون فَ َسيُدانون منذ ما قبل املوت ،واملوت هو العبور إىل هللا أو إىل الشيطان دون مهلة ،أل ّن
ابحلق وليضمن لكم
ماسيا قد أتى ،إنّه فيما بينكم ويدعوكم ليعطيكم البشرى احلَ َسنَة ،ليث ّقفكم ّ
اخلالص والسماء.
األبدي.
ّ توبوا! فإ ّن "غد" ملكوت السماوات وشيك ،فليجدكم أنقياء لتُصبِّحوا مالكي اليوم
والسالم لكم».
أنت...
نيب كانت له هذه اجلرأة .و َ
ذاتك كممثّل هلل؟ فما من ّ
نفسك َجسوراً بفرض َ َ «أال جتد
أنت اي من تتكلّم ،وأبمر َمن تتكلّم؟»
أنتَ ، َمن َ
«مل يكن األنبياء يستطيعون أن يقولوا عن ذواهتم ما أقوله أان عن ذايتَ .من أان؟ أان ال ُـمنتَظَر،
آت ...مثل املوعود ،الفادي .ها قد مسعتُم من سبـ َقين يقول" :أَعِّ ّدوا طُرق الرب ...هوذا الرب اإلله ٍ
ّ ّ َ ََ
احلقيقي!" أانس ِّمن بينكم قد َِّمسعوا هذه األقوال ِّمن السابق
ّ ر ٍاع سريعى قطيعه رغم كونه َمحَل الفصح
«أان يسوع بن يوسف ِّمن نسل داود املولود يف بيت حلم إفراات حسب الوعد ،املدعو انصرّايً
أل ّن َمس َكين يف الناصرة .هذا ابلنسبة للعاملّ .أما ابلنسبة هلل فأان مسيحه ،وتالميذي يعرفون ذلك».
أنت يقولونه».
«آه! ُهم يستطيعون قول ما يريدون ،مما جتعلهم َ
حّت أدعو أحد املوجودين». ِّ
«سيتكلّم واحد آخر ال ُيبّين وسيقول َمن أكون .انتَظر ّ
ضني .إنّه ص ِّدموا وانش ّقوا إىل فريقني م ِّ
تعار َ
ينظُر يسوع إىل اجلمع الـم َ ِّ ِّ ِّ
ندهشني من احلديث ،وقد ُ َ
ُ
آمرك».
ينظر ابحثاً عن واحد بعينيه اللتني كالسفري ،مثّ ينادي بصوت عال« :حاجي تق ّدم ،أان َ
فيتِّ .
امض بسالم وكن مستقيماً». آمنت! قد ُش َ
يتق ّدم املريض .يالطفه يسوعَ « :
ِّ
لك صرخ الشـابَ ،من يدري ما كان ََيتَرب؟ يرمتي عند قدمي يسوع ويـُ َقبِّّ ُ
لهما شاكراً« :شكراً َ يَ ُ
ِّمن أجلي ِّ
ومن أجل والديت!»
صل إىل اخَتاق اجلُّموع شق يسوع لنفسه طريقاً وهو يبتسم .ورغم ضخامة قامته مل يكن يـَتَـ َو َّيَ ّ
لو مل يكن بطرس ويعقوب وإندراوس ويوحنا ،يـُ ْع ِّمل كل واحد منهم ِّمرفَـ َقيه بَِّو َفرة كي يَفتَحون هلم
ِّ
حّت خروجه إىل الساحة اليت غابت ِّ َمن َفذاً ِّمن ُّ
الركن الذي ُهم فيه كي يَصلوا إىل يسوع ،مث يُرافقوه ّ
عنها الشمس.
1944 / 11 / 03
أرجوك أن أتيت إىل بييت .مل أجرؤ على قول ذلك يوم
َ بطرس يتح ّدث إىل يسوع« :اي معلّم،
يدك أن أتيت».
السبت املاضي ،ولكن ...أر َ
أنت
بت منها ،لكان انتهى األمر ...نعم ،فإ ّن خالصة القولَ ، كنت أريد القول ...لو تَـ َقَّر َ
« ُ
تَعلَم أ ّن مساع حديث عن شخص ما َيتلف متاماً عن رؤيته ومساعه ابلذات ،وإذا كان هذا اإلنسان
يف النهاية هو الذي يشفيها ،إذاً»...
أنت تَعلَم ...لقد ان َق َس َمت البلد إىل آراء متع ّددة ،وهي ...ال تعرف
«ال ليست ضغينة ،إّّنا َ
أي منهم متيل .تعال اي يسوع».
إىل ّ
بيتك». «هيّا بنا .أان آت .أ ِّ
َخرب الذين ينتظرون أنّين سأحت ّدث الليلة يف َ
يف احلديقة اليت متت ّد أمام املنزل ،من جهة البحرية ،ال يوجد سوى َك َرمة َه ِّرَمة كثرية العُ َقد تغطي
عريشة ريفيّة ،وشجرة تني عتيقة قد تدلَّت صوب املنزل بفعل رايح البحرية .أوراق الشجر الفوضويّة
تالمس اجلدران وتضرب أُطُر النوافذ املغلقة لتحتمي من الشمس احملرقة اليت تضرب البيت الصغري.
نخ ِّفض والضارب إىل اخلضرة. فليس هناك سوى شجرة التني وال َك َرمة وبئر عند اجلدار ال ُـم َ
ادخل اي معلّم».
« ُ
فأنت ِّ
تتصرف اي مسعانَ ،
لك أن ّ
يبتسم يسوع دون أن يفقد هدوءه ،ويلتَفت إىل بطرسَ « :
اذهب».
قلت يلَ .رجل ،واألكرب بني األصهرة ،كما َ
دخل إىل إحدى الغرف ،وأَمسَعه من خالل
يَ َنهض بطرس عابساً ولكنّه جيتاز املطبخ ُمطيعاً ويَ ُ
الباب املغلق يتح ّدث إىل امرأةَُ .يرِّج رأسه ويده ويقول« :تعال اي معلّم ،بسرعة ».وَيفت أبكثر
تغري رأيها».
هدوءاً وابلكاد مفهوماً« :قبل أن ّ
سرعاً ويَفتَح الباب على مصراعيه .ويقف عند العتبة ويلقي سالمه العذب جيتاز يسوع املطبخ ُم ِّ
نخ ِّفض حيث تستلقي امرأة
رب َمرقَد ُم َ
ذهب قُ َ
الرد .يَ َ
دخل رغم عدم ّ ِّ
واملهيب «:السالم لك ».مثّ يَ ُ
املتأجج أمحراً.
صغرية الق ّد ،رماديّة اللون ،هزيلة الهثة بسبب احلرارة املرتفعة اليت َج َعلَت وجهها ّ
ابجتاه السرير ،يبتسم للعجوز «أتتألّمني؟»
ينحين يسوع ّ
«إنّين أموت».
ِّ
شفائك؟» «ال ،لن متويت .هل تستطيعني اإلَيان أبنّين قادر على
ك ال تعرفين».
«وملاذا تفعلها؟ إنّ َ
ِّ
نفسك فرصة لَتى النور وحتبّه». « ِّمن أجل مسعان الذي رجاين ...وكذلك ِّمن ِّ
أجلك ،ألَمنَح
«هذا ألنّه أفضل ِّممّا تعتقدين .أان أعرفه .أان أعرفه وسعيد ابالستجابة له».
يَبتَ ِّسم يسوع أيضاًَ .يسك بيدها ،فتختفي اليد اخلشنة ذات األوردة املنتفخة يف يد يســوع
صب متّخذاً الوضعيّـة اليت أيخذهـا عند اجَتاح املعجزة ،ويهتف« :تعايف فأان أريد ذلك! الرجوليـة .وينتَ ِّ
ّ
تتذمر على الرغم ِّمن أ ّهنا قبالً قد أَنَّت ِّمن احلركة حينما
اهنضي!» ويَتك يد املرأة تنزل ،فتعود دون أن ّ
ك هبا يسوع رغم أنّه فَـ َعل ذلك بلطف. أمس َ
َ
صمت قصرية تصرخ العجوز بعدها بصوت عال« :آه! اي إله اآلابء! ولكن مل يعد يب فَتة َ
فيت! أقبِّلن! أقبِّلن!» وتُقبِّل كنّاهتا ،فتقول العجوز« :ولكن انظرن! إنّين أحترك
شيء! ولكنّين قد ُش ُ
ضت احلرارة! انظرن كم أان نضرة! ومل يعد قليب يبدو مثل مطرقة احل ّداد .آه! لن وال أشعر أبمل وقد اخنََف َ
للرب.
أموت!» ومل تقل كلمة واحدة ّ
إّال أن يسوع مل يَغتَظ ،بل يقول للكنّة األكرب« :ألبسيها كي تَ َنهضّ .إهنا قادرة على ذلك».
خرج.
ويبتعد ليَ ُ
يلتَ ِّفت مسعان ُحمرجاً صوب محاته« :املعلّم قد ِّ
شفاك ،أفال تقولني له شيئاً؟» ََ َ
ألشكرك؟»
َ «ابلطبع! مل أف ّكر بذلك .شكراً .ما الذي َيكنين فعله
ِّ
يزعجك فامسحي يل أن «أن تكوين صاحلة ،صاحلة ج ّداً .فاألزيل كان طيباً ِّ
معك .وإذا مل يكن ّ ّ
ووصلت فجر هذا اليوم .إنّين جلت احمليط كلّه خالل هذا األسبوع ِّ
ُ أسَتيح اليوم يف بيتك .لقد ُ
متعب».
«اي معلّم!»...
«بطرسي؟»
«إنين َخ ِّجل».
خدم الرجال ُم َوِّّزعة عليهم حساء دخلون إىل املطبخ وجيلسون إىل الطاولةّ .أما العجوز فتَ ُ
يَ ُ
لدي شيء آخر ».ولكي ال تُـغَِّّري عادهتا تقول املقلي بسخاء .وتعتذر« :ليس ّ السمك والسمك ّ
رحلت إىل بيت صيدا! فلو َ وهم على هذه احلال مذ لبطرس« :عدالؤك أيتون ابلكثري منه وحدهمُ ،
ك يف الغالب غائب وال ألدى إىل غِّ َىن ابنيتّ ...إال أنّين على يقني أبنّ َ
األقل ّ
منك على ّ
كان ذلك َ
تصيد».
ك ِّ
َيكنك اخلروج إىل الصيد من هنا .ويبدو يل أنّ َ
َ لك نصيحة رائعة.
محاتك تُـ َق ّدم َ
َ «مسعان ،إ ّن
فيمكنك العودة اآلن أيضاً».
َ حّت يف كفرانحوم. كنت يف السابق تصيد َّ
أنت ال»...
الس َكن هنا من جديد؟ ولكن اي معلّم َ
«و َّ
ك دائماً ُِّحم ّق .سأفعلها .ولكن ...هؤالء؟» ويشري إىل شري َكيه يعقوب
حق .إنّ َ
أنت على ّ
« َ
ويوحنّا.
والطفل املتهيِّّب قليالً من الناس ال ُكثُر الذين يَنظُرون إليه ،يُ َس ِّّكن روعه ويَرُكض صوب يسوع.
ناوله ِّمن مسكته لقمة يف قطعة خبز. وجيلِّسه على ركبتيه ويُ ِّ
يُعانِّقه املعلّم ُ
لك .اليوم أيضاً قال يل ذاك الشخص" :إنّه يوم السبت .خذ هذا حلاخام
«هاك اي يسوع ،هذا َ
الصيب سعيداً
ّ ك صديقي! »...يضحك لصديقك أن يصلّي ِّمن أجلي" .إنّه يعرف أنّ َ
َ الناصرة وقل
وأيخذ لقمة السمك ابخلبز.
ـنت اي يعقوب الصغري! ستقول لذاك الشخص إنّين سأرفع صاليت إىل اآلب من أجله».
«أحس َ
فيسأل بطرس« :هل هذا للفقراء؟»
«نعم».
وسأعطيك الفواكه».
َ لك من صارم! هيا كن طيّباً
«اي َ
«لئن َشتَمتَين أو الطَفتَين فلن أقول».
أي لِّسان!»
«ولكن انظروا ّ
حق اي بطرس .إنّه يفي بوعده .دعه وشأنه».
«يعقوب على ّ
أنت اي معلّم؟»
«هل تعرف الشخص َ
املقلي بعد نزع احلَ َسك؛ السمك ن ال جييب يسوع بل يهتَم ابلطفل الذي يعطيه لقمة أخرى ِّ
م
ّ َ ّ
بكل شيء اي سـمعان».
فيضطر يسوع إلجابته« :أان أعلم ّ
ّ صر،
ولكن بطرس يُ ّ
«وحنن ،أفال َيكننا أن نَ ِّ
عرف؟»
ك؟» ينتقده يسوع وهو يبتسم .مثّ يُضيف« :سوف تعرفه قريباً .فإ ّن «ألن تُشفى أبداً ِّمن ِّعلَّتِّ َ
ستحق األجر، ِّ
ظل متخ ّفياً ،ال ينجح دائماً يف ذلك .بينما اخلري الذي يبقى ُمستََتاً ليَ ّ الشر إذ يبغي أن يَ ّ
ّ
احلب .وذاك قد أ َ
َدرَكهــا. فيأيت يوم يُكتَ َشف فيه جملد هللا الذي تتألّق طبيعته يف أحد أبنائه .طبيعة هللاّ :
ُيب قريبه .اذهب اي يعقوب حامالً بركيت لذاك اإلنسان». ألنـّـه ّ
وتنتهي الرؤاي.
يقول يسوع بعدئذ ،يل ِّ
ومن أجلي:
السالل واحلِّبال يف مدخل حديقة منزل محاة بطرس .والناس جمتمعون يف ِّ ِّ
يَعتَلي يسوع كومة من ّ
احلديقة ،وبعضهم على شاطئ البحرية ،منهم من جيلس على الرمل ،ومنهم على َمراكِّب ُس ِّحبَت إىل
اجلاف .يبدو أنّه يتح ّدث منذ م ّدة أل ّن احلديث جا ٍر.
املكان ّ
فالرب
لكن هذا غري واردّ .
أَمسَع ...« :ابلتأكيد لقد قلتُم ذلك ألنفسكم مراراً يف قرارة قلوبكم .و ّ
املرات. مل يـ َق ِّ ِّ
صر جبُوده جتاه شعبه على الرغم من تقصري هذا األخري أبمانته آالف بل عشرات آالف ّ ُ ّ
ِّ
أنصتوا إىل هذه الكلمة :فهي تساعدكم على اإلدراك.
خاصاً .فلقد
كان مللك يف اصطبالته أعداد من اخليل الرائعةّ .إال أنه كان يويل واحداً منها حبّاً ّ
ض َعه يف مكان رائع ،وكان يذهب لرؤيته، صل عليهَ ،و َ حّت قبل امتالكه؛ مثّ بعد أن َح َ
كان يشتهيه ّ
املفضل لديه ،حالِّماً أن يصنع منه رائعة مملكته .وعندما متَّرَد احلصان
متأمالً ّفريّكز عليه نظره وقلبهّ ،
على أوامره وعصاها هبروبه إىل سيّد آخر ،ورغم أمل امللك وعدله ،فقد َو َع َد ِّّ
املتمرد ابلعفو بعد التأديب.
احلراس الذين يعيدون ِّ
املفضل لديه ُمرسالً لـه اهلدااي و ّ
ووفاء لوعده فقد كان يسهر من بعيد على هذا ّ
احلب والرغبة
لكن احلصان ،ورغم أمله من منفاه خارج اململكة ،مل يكن مثل امللك يف ّ ذكراه إىل قلبه .و ّ
الشر ،إّّنا العكس
لكن اخلري مل يكن ليتغلّب فيه على ّ وشرير حيناً ،و ّ
التام .فهو صاحل حيناً ّ يف العفو ّ
اترة وابملالطفة أخرى ،أن جيعل من اول ،ابلتقريع ّوُي ِّ
يصرب ُ
هو األحرى .ومع ذلك فقد كان امللك ُ
ب. حصانه الصديق الطيِّّع و َ
األح ّ
َير ،كلّما كان احليوان يصبح أكثر ُمجوحاً .لقد كان ينادي ملكه ويبكيوكلّما كان الوقت ّ
حتت وقع سياط أسياده اآلخرين ولكنّه مل يكن ابحلقيقة يرغب أن يكون يف حيازة امللك .مل تكن له
داع للسؤال! كان سيُجيب أنّه اآلن وقد َعرف كم يكلّف االبتعاد عن امللكوت ،فإنّه
«آه! ال ٍ
يريد أن يكون متاماً كما يقول له ابن امللك».
يتصرف هكذا؟»
«وإذا مل ّ
ِّ
متوحش». ِّ
«يكون مستح ّقاً املوت ألنّه أسوأ من حيوان ّ
تصرف ذاك احلصان».
فتصرفوا إذاً أنتم كما أردمت أن يكون ّ
«ابلصواب حكمتم اي أصدقائيّ .
َرس َل لكم
أنتم أيّها الناس ،اخلالئق ال ُـم َفضَّلة لدى ملك السماوات ،هللا أيب وأبيكم؛ أنتم اي َمن أ َ
وألين أحبّكم كما يستطيع هللا ِّ
بعد األنبياء ابنه اخلاص ،كونوا ،آه! كونوا -أرجوكم من أجل خريكم ّ
األقل كما َحت ُكمون أنّه ينبغي على ذاك على اوكون - الفداء معجزة ق يف ليح ِّ
ق
ّ ّ ُيب ،هللا الذي َّ ُ َ
فقط أن ّ
ينح ِّدر إىل مستوى أدىن ِّمن مستوى احليوان! إّّنا لو احليوان أن يكون .والويل ملن ،رغم كونه إنساانًَ ،
حّت اآلن ،فاآلن مل يعد هلم عذر .سابقاً ،نعم ،فلقد ِّ
كان من املمكن وجود أعذار ملن ارتَ َكبوا اخلطااي ّ
أتيت ِّ
ساه َم العامل فيها بَتاكم الغبار على الشرائع ،منذ الزمن الذي أُعطيَت فيه .لقد ُ َمَّرت أزمنة كثريةَ ،
ألطرح ِّمن جديد كلمة هللا .وابن اإلنسان هو بني الناس ليعيدهم إىل هللا .اتبعوين .فأان الطريق واحلق
واحلياة».
إيل ابلفقراء أوالً .فلهم العطيّة الثمينة ،عطيّة إنسان يوصي هبا هلم لينال
أيمر يسوع التالميذَّ « :
غفران هللا».
مك».
«آه! ابلتأكيد أان أؤمن بذلك! من أجل هذا أان أكلّ َ
استقبالك عند عتبة الباب».
َ ابنتك يف
بيتك اي والدي .ستكون َ
«عُد إىل َ
فهمت .آه! شكراً أيّها املعلّم
ُ «ولكنّها يف السرير وال تستطيع النهوض منذ حوايل الثالثة ...آه!
أرسلك! اجملد هلل وملسيحه!»
َ ومن
أنت َ
الصاحل! مبارك َ
يهم ابخلروج من احلديقة يقول« :أيّها ويبتعد العجوز وهو يبكي ،ويسري بسرعة .ولكنّه حني ّ
قدميك ،ليغسلهما بدموعه
َ ينتظرك ليُـ َقبِّّل
َ املعلّم ،هل ستأيت مع ذلك إىل بييت املتواضع؟ إ ّن إسحق
عنك ألبناء بلديت».
احلب .تعال اي يسوع .سأحت ّدث َ لك خبز ّ ويق ّدم َ
اذهب بسالم وكن سعيداً».
«سوف آيتَ .
بعد ذلك يتق ّدم العجوز الثالث الصغري الق ّد .يبدو أ ّن ثيابه رثة أكثر من الباقني .إّّنا مل يبق
الفضة .ينادي بصوت مرتفع« :تعايل أيّتها املرأة مع لدى يسوع سوى الكومة األخرية الكبرية من ّ
ِّ
أطفالك».
ضر املرأة الشابة واهلزيلة ،ورأسها منحن .إهنا تبدو مثل دجاجة أ ُّم مسكينة وسط فراخها
َحت ُ
املساكني.
«انظروا مجيعكم إذا كان هذا عدالً! إنّين قادم من بعيد ألنّه قيل يل أب ّن دراهم تُـ َوَّزع هنا .مثّ
هاكم ،أرى أنّه يوجد َمن يُعطى كثرياً وال شيء يل أان ...عجوز مسكني مريض! ويريد أن نؤمن
به!»...
الفضة و ِّّ
الراب». أنت حتيا من أجل ّ
أنت خبيل وسارقَ .
«ال ،بل َ
علي». «مل أمارس ِّّ
الراب أبداً ،يشهد هللا َّ
ِّ
«أليس هذا ِّراب ،بل من َ
أفحشه ،أن تسرق َمن هو حقيقة يف عوز؟ اذهب .واطلب التوبة ليغفر
لك هللا».
َ
لك»... «أ ِّ
ُقسم َ
جادة الصواب ،فال تفعلوا مثله .كانت تنقصه سالمة النيّة :إنّه «صمتاً! إذا ما َخَر َج هو عن ّ
لكل امرئ خطيئة؛ كان غري شريف .وأنتم إبهانته تنقصكم احملبّة .جيب عدم إهانة األخ الذي َيطئّ .
ينبغي أن أُشعِّره ابخلجل ألنّه غري مسموح أبداً أن يكون املرء سارقاً .أبداً .وخاصة مع الفقراء .إّّنا هللا
مت لذلك .وأنتم أيضاً ينبغي أن َختتَِّربوا األمل لرؤيتكم إسرائيليّاً َيالف الشريعة يف
وحده يعلم أنّين أتلّ ُ
حماولته اإلساءة إىل الفقراء واألرملة .ال تكونوا َج ِّشعني .ولتكن نفسكم هي كنزكم وليس املال .ال
تكونوا حانثني اليمني .وليكن كالمكم طاهراً وشريفاً كأفعالكم .احلياة ليست خالدة وساعة املوت
الرب .عودوا إىل تقَتب .عيشوا بشكل جيعل أرواحكم ساعة املوت يف سالم ،يف سالم َمن عاش يف ّ
منازلكم»...
ُُييط يسوع يوحنّا بذراعيه ُمسنِّ َداً رأسه على رأس ذاك .إنّه حزين .بطرس ،أندراوس ،ويعقوب
حوله وينظرون إليه حبب وحزن.
1944 / 11 / 05
أرى يسوع الذي ََيرج أبقل قدر ممكن من اجلَّلَبَة من بيت بطرس يف كفرانحوم .وأ ِّ
ُدرك أنّه ّ ُ
أمضى الليلة هناك إرضاء لبطرسه.
يَدفَع يسوع الباب ويَنظُر إىل السماء والبحرية والطريق .يـُ َف ِّّكر مثّ يسري ،ليس مبحاذاة البحرية،
دخلها ،يسري ،يتغلغل،
االجتاه مثّ َيضي صوب القرية .يَ ُ بل صوب البلدة .يسري بعض الوقت بذلك ّ
متوجات حقل مزروع ابلزيتون ،يدخل يف ذلك السالم األخضر والصامت، يَسلُك درابً متّجهاً إىل أوىل ّ
سجد للصالة.وهناك يَ ُ
ازدادت عزَيته ،يقف ويصلّي أيضاً ،وجهه إىلحارة! إنّه يصلّي راكعاً ،بعدئذ ،وكمن َ صالة ّ
صيفي صاح .إنّه اآلن يصلّي مبتسماً،
األعلى ،وجه أكثر روحانيّة أيضاً مع والدة النور القادم من فجر ّ
بينما كان قبل ذلك يُطلِّق زفرات عميقة كأنّه حتت أتثري أمل مميت .يصلّي وذراعاه مفتوحتان فيبدو
كل القرية، ِّ
ظهر وكأنّه يُبارك ّ
صليباً حيّاً ،سامياً ،مالئكيّاً ،وذلك على قدر العذوبة اليت تفيض منه .يَ َ
والنهار الذي يُولَد والنجوم اليت ختتفي والبحرية اليت تت َكشَّف.
السمكحاملِّني َّ
عنك كثرياً! وجدان الباب اخلارجي مفتوحاً عندما عدان ِّ
ُ ّ ََ «اي معلّم ،لقد حبثنا َ
الفالحني الذي كان َيأل
لنجدك .أخرياً أعلَ َمنا أحد ّ
َ خرجت .ولكنّنا مل نكن
َ كنت قد
ك َ وف ّكران أبنّ َ
نناديك" :يسوع ،يسوع!" فقال لنا" :أتبحثون عن الرايب الذي يتح ّدث
َ سالله حلملها إىل املدينة ،وكنّا
أنت».
«إنّنا نرغب يف أن نصلّي كما تصلّي َ
«سوف أ َُعلِّّمكم الصالة كذلك .سوف أُلَِّّقنكم الصالة األكثر قداسة ،ولكن لكي ال تكون
جمرد صيغة اتفهة على شفاهكم ،أريد أن يُصبِّح قلبكم ُممتَلِّكاً يف ذاته احل ّد األدىن من القداسة والنور
ّ
واحلكمة ...إنّين أث ّقفكم هلذا اهلدف .وفيما بعد سوف أ َُعلِّّمكم الصالة املقدَّسة .هل كنتم تطلبونين
حّت حبثتم عين؟»
يف شيء ّ
كل
احلب والنور واخلالص ّ
«ال اي مسعان .ينبغي ّأال يُقال هذا .فال يوجد يوم حم ّدد للرمحة .أان ّ
أايم األسبوع».
«امضوا وقولوا هلم أبنّين سأكون يف كورازين وبيت صيدا والقرى بني هذه وتلك».
1944 / 11 / 06
أنت اي هابيل؟»
صوت ينادي« :أين َ
لكن شفتيه متآكلتان لدرجة أ ّن حماولة
يتحرك األبرص ،وعلى شفتيه شيء وكأنّه ابتسامة .و ّ ّ
االبتسامة هذه كانت عدَية الشكلُ .جييب بصوت غريب ُمصرصر يذ ّكرين أبصوات بعض العصافري
ب أ ّن مكروهاً أحس ُ
كنت َ عت األمل أبن أتيتُ .كنت قد قَطَ ُ
اليت أجهل امسها ابلتحديد« :أان هنا! ُ
أنت أيضاً فمن الذي سيبقى هلابيل املسكني؟» وبينما
عين َ يت ّكنت حزيناً ...لو ختلّ َ
لك .وقد ُ
ص َل َ
َح َ
يتوجه صوب الشارع ضمن املسافة املسموح هبا يف الشريعة .يُرى ألنّه واقف يف منتصف يتكلّم هكذا ّ
الشارع.
ي ِّ
صل إىل الشارع رجل يبدو وكأنّه يركض لش ّدة سرعته يف املشي. َ
إيل!»
أىن تكن فال تُسئ َّ ِّ
أنت الذي أنتَظر ،و ّ
أنت صموئيل؟ آه! إن مل تكن َ
«ولكن هل َ
متأخر ،أعرف ذلك ،وأان «هذا أان ،هابيل ،أان بذايت ،ومبظهر َح َسن .انظر كيف أجري .إنّين ّ
أجلك .إّّنا حينما َستَعلَم ...آه! ستكون سعيداً .وهنا ،ليس معي فقط كِّ َسر اخلبز االعتياديّة،
متأ ّمل من َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 173 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يدك أن تكون
لك .أر َ
كل هذا َ
بل رغيف كامل طازج وجيّد ،وكذلك معي مسكة لذيذة وقطعة جنب .و ّ
يف عيد أيّها الصديق املسكني ،استعداداً لعيد أعظم كثرياً».
يهم .مل أعد أخشى شيئاً ».إ ّن هذا الرجل ليس ِّسوى األحدب املسكني الذي
«آه! هذا ال ّ
صل ابلفعل خبطى سريعة على بُعد خطوات ِّمن األبرص، شفاه يسوع وعاملَه معاملة حسنة ،وهو ي ِّ
َ ََ َ
ويتكلّم وهو َيشي ،ويضحك سعيداً.
رآك أحدهم»...
حبق هللا ،لو َ
يكرر القول« :توقّف ّ
لكن األبرص ّ
ّ
صرة على
ضع ال ّ
أنت بينما أتكلّم أان ».ويَ َ
«ها أنذا أتوقّف ،انظر :إنّين أضع املؤونة هناُ .كل َ
صخرة كبرية ويفتحها.
مثّ يبتعد خطوات بينما يدنو األبرص ويرمتي على هذه الوليمة غري االعتياديّة« .آه! َكم ِّمن
ذهبت ألانم هكذا ومعديت فارغة .ماُ كنت
الزمن مضى ومل أستمتع هكذا! كم هو لذيذ! وتصور لو ُ
أكلت فجالً»...
أنت ...لقد ُحّت َ من إنسان رحوم اليوم ...وال ّ
كنت أقول :حسناً اآلن هو حزين ،ولكنّه
كنت أف ّكر يف ذلك .ولكنّين ُ
«مسكني اي هابيل! لقد ُ
بعد ذلك سيصبح سعيداً!»
املضي
«نعم ،فأليشع كذلك شفى نعمان األبرص ...أعرف ذلك ...إّّنا أان ...أان ال أستطيع ّ
إىل األردن».
«سوف تُشفى دوّنا حاجة إىل املاء .امسع :هذا الرايب ،هو املسيح ،أتفهم؟ املسيح! ابن هللا.
وهو يَشفي مجيع الذين يؤمنون ...يقول" :أان أريد ذلك" .فتهرب الشياطني وتعود األعضاء لتستوي
والعميان يستعيدون النَّظَر».
ئت من أجل ذلك .إنّه هنا يف هذه البلدة .أعرف أين يكون هذا املساء .إن ِّ
هاك ...لقد ج ُ
« َ
قلت لنفسي" :أقول ذلك هلابيل ،وإذا اهتدى إىل اإلَيان أقوده إىل املعلّم"».
أردت ...فقد ُ
َ
ُرجم». «هل أنت جمنون اي صموئيل؟ إذا ما اقَت ِّ
بت من املنازل فسأ َ
ُ َ
سآخذك إىل هذه الغابة الصغرية .وبعد
َ حّت املنازل .فلقد أوشك الليل أن يهبط.
«ال ،ليس ّ
إليك»...
َذهب كي أاندي املعلّم .وسآيت به َ
ذلك سأ َ
«هل يؤمن؟»
«آه! لقد كان ميتاً من اجلوع .وكان يرى هذا الطعام بعد سنوات من احلرمان ،ومع ذلك فقد
كل شيء بعد جرعات قليلة ليجري إىل هنا». اف ّ
َع َ
فت عليه؟»
«كيف تَـ َعَّر َ
كنت أقطع املسافات ألذهب منليت ،وقد ُكنت أعيش على احلسنات منذ أن ابتُ ُ «تَعلَم أنّين ُ
ـأت عالقة مع هذا البائس املسكني ...ففي مكان إىل آخر .كنت أمُّر ِّ
أنش ُ
كل سبعة ّأايم ،وقد َ
ّ هنا ن م ُ ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 176 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
حّت الطريق اليت تقود إىل البلدة، َّم ،يدفعه اجلوع ،يف قَلب عاصفة جتعل الذائب هتربّ ، ذات يوم تَـ َقد َ
كنت أمحل يف جعبيت خبزاً ايبساً أعطانيه سعياً وراء شيء ما .وقد كان ينبش الفضالت مثل كلب .و ُ
كل أسبوع ألُج ِّّدد له املؤونة ممّا
علي ،فتقامستُه معه .ومنذئذ حنن صديقان وآيت إليه ّ أانس أش َفقوا َّ
َعمل قَدر استطاعيت كما لو أملك .فإذا كان ما أملكه كثرياً فكثرياً ،وإذا كان ما أملكه قليالً فقليالً .أ َ
وبك».كت ،وأان أف ّكر بهَ ...كان أخي .ومنذ الليلة اليت شفيتَين هبا ،بور َ
كل شيء .ولكن
يستحق من هللا ّ
ّ ُيب
تك النعمة .من ّ
أنت صاحل اي صموئيل ،لذلك زار َ« َ
هناك شيء ما بني األدغال»...
أنت اي هابيل؟»
«أهذا َ
«نعم هذا أان».
َلص َق
«أيّها املعلّم ،املسيح ،الق ّديس ،ارمحين!» ويرمتي على العشب عند قدمي يسوع ،وقد أ َ
تطهرين!» مثّ جيرؤ على الركوع
فأنت قادر أن ّ
شئت َوجهه ابألرض ،ويتابع القول« :آه! اي سيّدي ،إن َ
جري ِّ
صَرتني ووجهه ال ُـمتلَف ابدي العظام ...وتسيل الدموع من حم ّ
وَيد ذراعيه اهليكليتني ابليدين املختَ َ
الربص.
فهما ََ
عينيه املصابتني وقد أتلَ ُ
يَنظُر إليه يسوع بكثري من الرمحة .يَنظُر إىل هذا الشبح الذي يلتهمه مرض فظيع ،والذي ال
يستطيع جماورته سوى من َيلك حمبّة حقيقيّة ،لكثرة ما يثري من االمشئزاز ،ولرائحته الكريهة .وها هو
داعب املسكني.املسيح َي ّد يده اليمىن اجلميلة والسليمة ،كما لي ِّ
ُ
سك!»
وذاك ،دون أن يَ َنهض ،يقفز إىل اخللف وعلى عقبيه ويصرخ« :ال تلمسين ،ارحم نف َ
عليك
فلتحل َ
ّ للمرة الثانية
مرة أخرىّ .
افعل اآلن ما تفرضه الشريعة .بعدئذ سوف نلتقي ّ
« َ
بركيت».
يبتعد يسوع وهو يشري لصموئيل أبن يبقى .ويبكي الصديقان من السرور ،بينما يعودان حتت
للمرة األخرية أمام ذاك اجلّحر اخلَِّرب. فا أتلُّق ربع القمر إىل الكهف لي ِّ
ق
ّ َ ُ
ّإهنا هناية الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
أرى ضفاف البحرية ،جنّسارت ،وأرى َمراكِّب الصيّادين مسحوبة إىل الشاطئ .هناك كان
بطرس وأندراوس يسندان ظهريهما إىل املراكب ُم َنه ِّم َكني يف ترتيب الشباك اليت جيلبها هلم
خدمون ،واليت تبدو مثرية لالمشئزاز بعد ختليصها من النفاايت اليت بَِّقيَت عالِّقة فيها يف البحرية.
ال ُـمستَ َ
كل شيء ،يساعدُها وعلى بُعد عشرة أمتار يوحنّا ويعقوب منحنيان على مركبهما ،يَهتَ َّمان يف ترتيب ّ
فالصيب يناديه «ريّس» وهو
ّ صيب ورجل يَتاوح عمره بني اخلمسني واخلامسة واخلمسني ،أظنّه زبدى، ّ
يشبه يعقوب متاماً.
أعني ِّّ
الشباك يَسند بطرس وأندراوس أكتافهما إىل املركب ويعمالن بصمت يف إعادة ربط ُ
َيص عملهما الذي أ ِّ
ُدرك الغمازات يف مواضعها .يتبادالن من حني آلخر فقط بعض كلمات فيما ّ
و ّ
أنّه مل يكن مثمراً.
ال يشـتكي بطرس من كيس نقوده الفـارغ وال من التعب غري اجملدي ،ولكنّه يقول« :هذا ال
تربعات قليلة ،وهذه الدوانق سوى لنا يعجبين ...تُرى ما العمل لتأمني الطعام هلؤالء املساكني؟ مل تَ ِّ
ص
ّ
أمسها .للمعلّم وحده أن يـُ َعِّّني
األايم األربعة هذه فال ّ صلَتنا خالل ّ العشرة والدرامخات السبعة اليت َو َ
َّرت
كنت َحض ُ ملن ينبغي أن تذهب الدراهم .وهو لن يعود قبل السبت! لو كان صيدان وفرياً! ...إذاً ل ُ
تؤدي ُههمة َمن يف البيت إىل شيء .فاألشخاص ذوو ِّ
وجبة مسك أُق ّدمها هلؤالء املساكني ...ولن ّ
الصحة اجليّدة يستطيعون الذهاب لتحصيل رزقهم ّأما املرضى!»...
يقفز بطرس وأندراوس .يصيحان« :آه! اي معلّم!» ويناداين« :يعقوب ،يوحنّا ،إنه املعلّم ،هيّا
أَقبِّال!»
هرع االثنان ويتزاحم اجلميع قرب يسوع .فمنهم َمن يـُ َقبِّّل ثيابه ومنهم يديهّ ،أما يوحنّا فيذهب
يَ َ
إىل أبعد من ذلك ،إنّه يلف ذراعه حول قامته ويسند رأسه على صدره .ويـُ َقبِّّله يسوع من شعره.
إليك هنا».
ماسة َ
«كنّا نقول اي معلّم إنّنا يف حاجة ّ
«ملاذا؟ اي أصدقائي».
تنز ِّعج .فأان ال أعاين .ما يؤملين فقط هو عدم امتالكي حمبّة أكرب .إّّنا
«ال اي سيّدي ،ينبغي ّأال َ
كل ما استطعنا إليه سبيالً». ا
ً مجيع لنا ثق ،لقد عملت ،بل لقد ع ِّ
م
ّ َ ُ
تك حيّة ،فاعِّلة ،ومقدَّسة
لت دوّنا نتيجة .إّّنا عدا الطعام تبقى حمبّ َ «أعرف ذلك .أعلم أنّ َ ِّ
ك َعم َ
عيين هللا».
يف ّ
َجيري أطفـال وهم يَهتفون« :إنّه املعلّم! إنّه املعلّم! ها هو يسـوع ،ها هو يسوع!» ويتعلّقون به
وهو يداعبهم ،بينما يتح ّدث إىل التالميذ.
إيل
هلموا بعد ذلك َّ
وصلت مثّ ّ
ُ أنت وأنتم كذلك اذهبوا وقولوا أبنّين
بيتك اي مسعان ،و َ
سأدخل َ
ابملرضى».
جنّيت! أيّة جنة أمجل وأليق ابهلل من السماء حيث الزهور مالئكة َخلَ َقها هللا؟ ومع ذلك فال.
ست جسداً ال َيكنين ّإهنا جنّة أخرى شاءها االبن الوحيد لآلب ،ابن اإلنسان .إذ من أجل اإلنسان لَبِّ ُ
بدونه افتداء خطااي جسد اإلنسان .كان َيكن هلذه اجلنّة أن تكون أدىن قليالً من جنّة السماء ،لو أ ّن
ليمألوا األرض شعوابًأبناء آدم َخَرجوا من اجلنّة األرضيّة مثل حنالت لطيفة خارجة من القفري ،أبناء هلل َ
العدو زرع العلّيق واألشواك يف قلب آدم ،ومنه انتَ َشَرت األشواك
لكن ّ مق ّدسة أبمجعها مع ّدة للسماء .و ّ
والعلّيق يف األرض اليت مل تعد جنّة ،إّّنا غابة متوحشة وفظيعة حيث تسيطر احلرارة وحيث تت ِّ
َّخذ احليّة ّ
وكرها.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 182 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ولكن مع ذلك ،ما زالَت البن هللا احلبيب جنّة على هذه األرض اليت َيلك الشيطان عليها.
احلب والطهارة .األرض اليت جيين منها الزهـور الغـاليـة
السماويّ :
ّ اجلنّة اليت سيشبع فيها من الطعام
عليـه ،حيث ال توجـد عيوب امللـ ّذات اجلسـديّة والشـهوة والكربايء .هؤالء (ويداعب يسوع أكرب عدد
ماراً بيده على اتج الرؤوس الصغرية املتنبّهة ،املداعبة الوحيدة اليت تالمسهم وجتعلهم
من األطفال ّ
يبتسمون فرحني ).ها هي زانبقي.
سليمان يف ثرائه مل ُيظ بثوب أمجل من الزنبقة اليت تُـ َع ِّطّر الوادي ،وال إبكليل ذي مجال غري
ي وأكثر أتلّقاً من زنبقة يف كأسها بلون اللؤلؤة .ومع ذلك فالزانبق كلّها ال تساوي يف قليب أحد ماد ّ
ّ
ثري مزروعة ابلزانبق فقط تكون هلا قيمة أكثر من أحد هؤالء الصغار .فال وجود ألرض أو حديقة ّ
هؤالء األطفال األطهار والربرة واملخلّصني والبسطاء.
َمن منكم ليس له ابن أو ابن أخ أو أخ صغري ،طفل ما زال صغرياً يف البيت؟ أفال يكون هو
صيفي والوجه الذي
ّ الربَرة ذوي النفس الصافية مثل فجر
َم َبعثاً للراحة والتعزية ،أ ََوَال يكون أحد هؤالء ََ
يب ّدد الغيوم ويـُ َولِّّد األمل ،حيث مداعبتهم جت ّفف الدموع وتسكب ّقوة وحيويّة ،رابطاً بني األزواج ،بني
األهل وبني األصدقاء؟ ملاذا تكمن مثل هذه القدرة فيهم؟ وهم الضعفاء والعَُّزل والذين ال يزالون
جاهلني؟ إّّنا ذلك أل ّهنم َيلكون هللا يف ذواهتم وَيلكون ّقوة وحكمة هللا .احلكمة احلقيقيّة :يعرفون أن
احلب وهذا اإلَيان .فكونوا مثلهم:ُيبّوا ويؤمنوا .يعرفون أن يؤمنوا ويريدوا .يعرفون أن ُييوا يف هذا ّ
بسطاء ،أطهاراً ،حمبّني ،خملصني ومؤمنني.
يَصيح بطرس وسط اجلموع« :اي معلّم! يوجد هنا مرضى .إثنان منهم يستَ ِّطيعان انتظار
اصر من اجلمع ...مثّ إنّه ال يستطيع الوقوف ،وال َيكننا العبور .فهل ينبغي
لكن هذا ُحم َ
خروجك ،و ّ
َ
رده؟»
يل ّ
«ال بل ِّ
أنزلوه من السطح».
سمع صوت خطوات على سطح الغرفة اليت ال تش ّكل جزءاً من البيت ،واليت ال سطح من يُ َ
أي نوع من ِّ ِّ
لست أدري ّ اإلمسنت هلا ،بل غطاء من أغصان ُوض َعت فوق ما يُشبه األلواح احلجريةُ ،
دىل السرير الذي يوجد عليه املريض في ِّ
صل احلجر َيكنها أن تكونُ .حت َدث فيه فتحة ،وبواسطة احلبال يُ ّ
َ
أمام يسوع ابلضبط .ويتزاحم الناس لريوا بشكل أفضل.
محلوك».
أنت والذين َ
إَيانك َ
«عظيم َ
«آه! اي سيد! كيف َيكن ّأال يكون لنا إَيان ِّ
بك؟» ّ
خطاايك"».
َ لك
فيت) مغفورة َ
شاب ّ
لك" :اي بين (إنّه ّ
«حسناً ،أان أقول َ
جسدي .والفريّسيّون
ّ َّاب ابكياً ...رمبا هو غري ر ٍ
اض قليالً ألنّه كان أيمل بشفاء يَنظُر إليه الش ّ
ومعلّمو الشريعة يتهامسون وهم يقومون بتكشرية احتقار ابألنف واجلبهة والفم.
فيشري يسوع بِّنَـ َعم ،ومبا أ ّن اجلموع يتزامحون حوله إىل ح ّد خنقه ،يَ َ
صعد إىل مركب بطرس.
قعد املركب.
حّت َم َ
وهذا كذلك ال يكفي فهم يتبعونه ّ
«ضع املركب يف املاء وابتعد قليالً».
العجائيب)
ّ ( -28الصيد
1944 / 11 / 10
تُ ِّ
عاود الرؤاي على كلمات يسوع هذه:
كل شيء يف الربيع يقول صاحب احلقول مسروراً" :سوف يكون حمصول الثمار ر «عندما ي ِّ
زه
ّ ُ
وفرياً" .وهذا األمل َيأل روحه غبطة .إّّنا ِّمن الربيع إىل اخلريفِّ ،من شهر الزهور إىل شهر الثمار كم
متر .ومثّ احلروب وضراوة املقتَ ِّدرين، ِّ
األايم وَكم من الرايح واألمطار والشمس والزوابع ينبغي أن ّ من ّ
ِّ
الزرع يُنكش أو ُُيرث أو يُسقى أو وأمراض النبات وكذلك أمراض صاحب احلقول .حينئذ ال يعود َّ
ّنوها ومتوت متاماً أو تفقد حمصوهلا! ِّ
يُدعَّم أو يـُ َعَّزق .واألشجار اليت كانت تَعد بثمر كثري يتوقّف ّ
أنتم تتبعونين وحتبّونين ،فأنتم كالزرع يف الربيع ،تَبدون ذوي نوااي حسنة ومشاعر حمبّة .ابحلقيقة
إ ّن إسرائيل يف فجر رساليت تشبه حقولنا املمتعة يف شهر نيسان (أبريل) املشرق .إّّنا امسعوا .كاحملروقني
جمد
بفعل اجلفاف سَتون الشيطان آتياً وهو الذي سيج ّففكم بنَـ َفسه احلاسد .مثّ العامل الذي ستُ ّ
ِّ
كل أعدائيهتب عواصف الشهوات والسأم كواب ِّل املطر .وسيُقبل ّ رايحه اجلليديّة زهوركم .سوف ّ
وأعدائكم لقتل مثار الرغبة اليت كانت قد أزهرت يف هللا.
انظروا إىل تينة بيت مسعان بن يوان هذه ،فالذي َزَر َعها مل َيَت املكان الصحيح واملناسب .لقد
ُزِّر َعت إىل جانب جدار رطب ومشايل ،وكانت على وشك املوت لو مل تكن تريد محاية نفسها بنفسها
اسهروا جيّداً لتُعطوا مثار حياة خالدة .أان أعتين بكم ،ويف النهاية سأعطيكم عصارة ال َيكن
َ
تتصرفوا بشكل جيعل الشيطان يشمت على أنقاض عملي ِّ ِّ
أن يوجدها أحد مهما كان ُمقتَدراً .ال ّ
القوة .اسعوا إىل احلياة .فأان احلياة ِّ
وتضحييت ونفسكم .احبَثوا عن النور .فَـتّشوا عن الشمس .اطلبوا ّ
أتيت منه .أحتدَّث هنا ألدعوكم
القوة والشمس والنور للذي ُيبّين ،أان هنا ألقودكم إىل املكان الذي ُو ّ
مجيعاً وأدلّكم على شريعة الوصااي العشر اليت َهتِّب احلياة األبدية .أُعطيكم وصية احلب هذهِّ :
"أحبّوا ّ ّ ّ ُ
هللا والقريب"ّ .إهنا الشرط األول إلمتام كل خري آخرّ .إهنا األقدس يف الوصااي العشرِّ .
أحبّوا .فالذين ّ ّ
ُيبّون يف هللا ،الذين ُيبّون هللا ،والذين سيكون هللا رّهبم ،سيكون هلم يف األرض والسماء السالم الذي
سيكون هلم خيمة واتجاً».
ويبتَعِّد الناس على مضض بعد بركة يسوع .مل يكن هناك مرضى وال مساكني.
يقول يسوع لسمعانِّ « :
اند االثنني اآلخرين ،سنمضي إىل البحرية لنرمي ِّّ
الشباك».
اعي ُم َنه َكتَان ِّمن رمي الشباك وجذهبا طوال الليل دوّنا فائدة .فالسمك يف
«اي معلّم ،إ ّن ذر ّ
األعماق ،ومن يدري أين؟»
يهتز
الشباك .وبعد انتظار بضع دقائق ّ يُ َش ِّّكلون شكل قوس من دائرة على البحرية مثّ يرمون ِّّ
املركب بشكل غريب ،مع العِّلم أ ّن البحرية حتت الشمس املرتفعة يف األفق ساكنة مثل الزجاج السائل.
البحارة يف رفع الشبكة دون ختريب الغنيمة .مخس ،عشر سالل. سرعان ،وتَنجح جهود ّ يُ ِّ
ليفر
يتحرك ّ
فضة وبرونز ح ّي ّ
حّت اجلمام ،وما زال الكثري من السمك َيتلج يف الشبكةّ : امتَ َألَت كلّها ّ
ص َل ذلك فكان
حل واحد :إفراغ ما بقي يف الشبكة يف قعر املركبَ .ح َ
من املوت .فلم يبق آنئذ سوى ّ
حّت أعلى من الكاحل حينئذ ارتعاش حيوات حتتضر .وغاصت أرجل َّ ِّ
الصيادين يف هذا الفيض ّ َ
و َغ َمَرت املراكب إىل ما بعد خط العوم بسبب احلمولة الزائدة.
يَهبط رجل بني الزيتون .يبدو أنّه يبحث عن شخص أو عن شيء .إنّه ضخم ،يرتدي ثوابً
لست أرى وجهه جيّداً بسبب النور وردايً ،يَربُز لون املعطف املزيّن أبهداب فضفاضةُ .
زاهياً :أصفر ّ
اخلافت واملسافة ،ممّا يعيق التمييز ،وكذلك ألنّه َيسك بزاوية معطفه اليت تغطّي جزءاً من وجهه.
وُيث اخلطى .وعلى بعد أمتار منه يلقي التحيّة:
وعندما يرى يسوع يقوم حبركة كأنّه يقول« :ها هو!» ّ
«سالماً اي معلّم!»
فجائي ويرفع رأسه ،إذ كان الرجل القادم لدى وصوله قريباً منه على بشكل يسوع ت يلت ِّ
ف
ّ ََ
يك اي معلّم! أان يهوذا املنحدر .يَنظُر إليه يسوع جبديّة ،بل أقول حبزن .يُ ِّّ
كرر اآلخر« :أُحيّ َ
يوطي .أال تعرفين؟ أال تذكر؟»
االسخر ّ
إيل مع توما يف الفصح املاضي».
أنت من حتدَّث َّ
أعرفكَ .
«بل أذ ُكر و َ
أتيت». ِّ
رت وها قد ُ
وقرر قبل عوديت" .لقد ّقر ُ
قلت له" :فَ ّكر ّ
«والذي َ
حبق.
أتيت اي يهوذا؟» يسوع حزين ّ
«ملاذا َ
أنت امللك».
فيك َ
لك السبب يومها .ألنّين أحلم مبملكة إسرائيل وأرى َ
قلت َ
«ألنّينُ ...
خلريك؟»
«هل تعتقد أ ّن إجيادي كان َ
يدك».
بك ،أر َ
أرغب َ
كنت ُ
عنكُ ،
كنت أحبث َ
«نعم ،ألنّين ُ
ثت عين؟»
«ملاذا ،ملاذا َحبَ َ
لك ذلك اي معلّم! أمل تفهمين؟»
قلت َ
«ولكن قد ُ
أنت قبل أن تتبعين .هيّا .سوف
تفهمين َ
فهمتك .ولكنّين أريد أن َ
َ فهمتك ،نعم ،لقد
َ «لقد
شرعان ابلسري الواحد إىل جانب اآلخر ،صاعدين وهابطني عرب الدروب نتكلّم معاً وحنن نسري ».ويَ َ
ُثنيك عن هذا ،فأان مل
علي أن أ َ
اليت تقطع بستان الزيتون« .أنت تتبعين لفكرة بشريّة اي يهوذا .وأان َّ
آت لذلك». ِّ
عنك».
معك أدافع َ
خانك اجلميع فسأبقى أان َ
«ال اي معلّم .هذا أبداً .وإذا ما َ
حّت تؤّكِّد ذلك؟» ِّ
أنت اي يهوذا؟ عالم ترتَكز ّ
« َ
«على شريف كرجل».
تقييمك
َ ُيب .إّّنا قل يل اي يهوذا :كيف يكون
«أان ال أرفض أحداً ،ذلك أ ّن َمن يَرفُض ال ّ
آلخر َجي َهل حقيقة مرضه ويوشك أن يشرب من كأسه:
ُيس بنفسه َمَرضاً ُمعدايً فيقول َ لفعل أحدهمّ ،
َدرك ما أنت ِّ
فاعل"؟ أتُعتََرب هذا خيانة أم حبّاً؟» "أ ِّ
َ
صحته».
«أقول عنه حبّاً ألنّه ال يريد للذي َجي َهل أن يؤذي ّ
«اعتَِّرب ما أفعله أان هكذا».
وينتهي كل شيء.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -30يسوع َجي ََِّتح معجزة النَّصل املكسورة عند ابب َّ
الس َمك)
1944 / 12 / 31
يَبلُغ َر ُجالن ح ّد القتال اخلَ ِّشن ابأليدي بسبب محار أحدُها الذي تطاول فأكل من سلّة اآلخر
خر َجت ِّمن حتت
حجة لتأجيج انر ِّشجار قدمي .وابلفعل فقد أُ ِّ
املليئة َخ ّساً! قد ال يكون ذلك سوى ّ
الثياب سكينان قصرياتن وعريضتان مثل الكف :يبدو ّأهنما خنجران قصريان ولكنّهما قد ُش ِّحذا
حّت جنود احلراسة على الباب الذين َهَرعوا عند الصرخات األخرية ينظرون بدهشة .وينحين ّ
أحدهم ليلملم قِّطَع النَّصلني ُ
وجيَِّّرهبما على ظفره غري قادر على التصديق ّأهنا من الفوالذ.
حب القريب .فاهلل صاحل ويريد أن يسود الرفق والعطف بني الرب الثانية هي وصيّة ّ
إن وصيّة ّ َّ
ومن ليس لديه رفق وعطف جتاه قريبه فلن يستطيع اعتبار نفسه ابناً هلل ،كما ال َيكنه أن ُيظىأبنائهَ .
حق يف غنيمة .بل إّّنا لإلنسان فكر ِّ ِّ
ابهلل معه .اإلنسان ليس حيواانً بال فكر ،يُهاجم كما لو كان له ّ
التصرف كق ّديس. ِّ
التصرف كإنسان .وابلنفس ينبغي له أن ُيسن ّ ونفس .ابلفكر ينبغي له أن ُُيسن ّ
حّت يعانق الشياطني ،إذ
يتصرف هكذا جيعل نفسه يف مرتبة أدىن من احليوان ،إنّه ينحدر ّ ومن ال ّ
يسلّمهم نفسه خبطيئة الغضب.
أحبّوا قريبكم كما يريد إله إسرائيل .ال يكن لكم دم قايني. أحبوا .ولست أقول لكم غري ذلكِّ .
ُ ّ
تتحولون إىل قَـتَلة؟ وآخرون ِّمن أجل قطعة أرض ِّ
وملاذا تكونون كذلك؟ أَمن أجل حفنة من الدراهم ّ
كل تلك األشياء؟ أأبديّة هي؟ ال .فهي ال تدوم تكون ما أة.ر ام أجل ن أو ِّمن أجل مكان أفضل أو ِّ
م
ّ
األبدي املوعود
ّ أقل ِّمن احلياة اليت ليست سوى حلظة ِّمن األبديّة .وماذا تفقدون يف طَلَبِّها؟ السالم
ّإال ّ
احلق .اتبَعوا صوت هللا .أحبّوا ِّ
به لألبرار ،وحيث سيقودكم املسيح معاً إىل ملكوتهَ .هل ّموا إىل طريق ّ
وأتملوا».
بعضكم بعضاً .كونوا نزيهني .كونوا عفيفني .كونوا متواضعني وأبراراً .امضوا ّ
تتفوه مبثل هذا الكالم واي َمن إرادته ُحتَ ِّطّم السيوف؟ واحد فقط يفعل هذه
« َمن تكون اي َمن ّ
حّت يوحنّا املعمدان ليس يفوقه .فهل َيكن أن تكون املسيح؟» يتساءل ثالثة أو األشياء :املسيحّ .
أربعة ِّمن املوجودين هناك.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 198 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«أان هو».
يَبتَ ِّهج اجلميع ومل يـَعُد أحد يبايل ابحلمري تفعل ما تشاء .تَتاكض ّأمهات من داخل املدينة ممّا
شق طريق لنفسه يشري إىل أ ّن َخ َرب املعجزة قد انتَ َشر .يرفعن أطفاهلن .يباركهم يسوع ويبتسمُ .ياول ّ
لكن اجلُّموع ال ِّ
ذهب حيث يشاء .و ّ بني اجلمهور ،دائرة األشخاص الذين يهلّلون له ليَدخل املدينة ويَ َ
يريدون أن يَعلَموا شيئاً بل يهتفون« :ام ُكث معنا! يف اليهوديّة! يف اليهوديّة! فنحن كذلك أبناء
إبراهيم!»
يُقبِّل يهوذا ّ
ابجتاهه« :اي معلّم! اي معلّم لقد َسبَقتَين .ولكن ما الذي جيري؟»
اجَت َح الرايب معجزة! ليس يف اجلليل بل هنا ،إنّنا نريده أن َيكث معنا».
«لقد ََ
ك ِّ
ومن العدل أن تُقيم هنا أيضاً .فلماذا متضي؟» كل إسرائيل حتبّ َ
«هل ترى ذلك اي معلّم؟ ّ
«أعرف أنّه ما يزال يف السجن ،ولكنّهم يريدون إطالق سراحه .ذلك أ ّن الشعب يه ّدد ابلثورة
إذا مل يـَعُد نبيّه .هل تعرف ذلك؟»
«أعرف».
أيك فيه؟»
«هل حتبّه؟ ما ر َ
«رأيي أنّه ال يوجد َمن هو أعظم منه ويشبه إيليا».
الصبح هي اليت تُـبَ ِّّشر ابلشمس .فطوىب للذين قد هتيّأوا لقدوم الشمس
«نعم إنّه هو .إ ّن جنمة ُّ
عن طريق كرازته».
«ومع ذلك فكما أبغَضوه لصرامته سيبغضونين لطيبيت ،أل ّن هذه وتلك تُـبَ ِّّشر ابهلل ،واألشرار
يُبغِّضون هللا .ولكن كما قد قيل كذلك سيكون :كما هو يسبقين ابلكرازة ،كذلك سيسبقين ابملوت.
ومع ذلك فالويل ل َقتَـلَة التوبة والصالح».
ُعلِّّم خرق ليس «أان أعرف وأنت تعرف ،أما هم فال يعرفون ذلك .أان مل آت أل َ ِّ
ُش ّكك وال أل َ ّ ُ َ
ُعلِّّم االحَتام والتواضع
جئت ابلضبط أل َ
القوانني فقط ،بل واألعراف أيضاً .إّّنا على العكس ،لقد ُ
والطاعة وألزيل الشكوك .كذلك أريد أن أسأل عن إمكانية التح ّدث ابسم هللا بعد التعريف عن نفسي
للمأمور املسؤول وأبنّين أهل لذلك» .
املرة السابقة».
« َملْ تَفعل ذلك يف ّ
متأججاً ابلغرية على بيت هللا الذي انتُ ِّه َكت ُحرمته أبشياء كثرية .لقد
كنت ّ املرة السابقة ُ «يف ّ
يتصرف جبالله الذي يبقى الكهنة وحب بيته كان ّ كنت فيها ابن اآلب الوارث الذي ابسم اآلب ّ ُ
واملأمورون أدىن منهّ .أما اآلن فأان معلّم إسرائيل ،وإلسرائيل كذلك أ َُعلِّّم هذا األمر .ومثّ ،اي يهوذا ،فهل
تعتقد أ ّن التلميذ يسمو على معلّمه؟»
«ال اي يسوع».
أساحمك .اذهب .وتنبّه جيّداً لألمر ،وتذ ّكره ،تذ ّكره جيّداً يف املستقبل»...
َ «
مك؟»
« َمن كان معلّ َ
كل كلمة من النصوص املق ّدسة».
«روح هللا الذي يكلّمين حبكمة ويُنري ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 203 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كل مذهب؟ فكيف فك بدون معلّم وتَ ِّ
عر َ ن
ّ أ َّعي
د ت
َ الذي أنت هلليل، ن «هل أنت أعظم ِّ
م
ّ َ َ
يؤهله؟»
يتأهل إنسان إن مل يكن هناك من ّ
ّ
أتهل داود ،ر ٍاع صغري جمهـول ،أصبَ َـح َملِّكاً ُمقتَ ِّدراً وحكيماً إبرادة الرب».
«كما ّ
امسك؟»
« َ
«يسوع بن يوسف من الناصرة ،من ساللة يعقوب من أصل داود ،وابن مرمي بنت يواكيم من
أصل داود وحنّة من أصل هارون ،مرمي العذراء اليت احتُ ِّفل مبراسم زواجها يف اهليكل ّ
ألهنا كانت يتيمة
على يد عظيم األحبار حسب شريعة إسرائيل».
ألست انصرّايً؟»
حر يف أن تفعل ،ولكنَ ...
أنت ّ
« َ
دت يف بيت حلم اليهوديّة ،يف زمن االكتتاب الذي أ ََمَر به القيصر .وساللة داود ِّ
«لقد ُول ُ
يظل من اليهوديّة». ِّ
لكن األصل ّ
صلَت نتيجة أوامر ُجمح َفة .و ّ
كل األحناء بفعل إبعادات َح َ
متفرقون يف ّ
ّ
كل اليهودية ...ابلنسبة للجليل»...
الفريسيّونّ ...
«أنت تَعلَمّ ...
دت يف بيت حلم ،يف بيت حلم إفراات حيث جذوري. ِّ
«أعرف ذلك ،إّّنا ُكن مطمئنّاً ،فلقد ُول ُ
ليتم ما قيل».
كنت أعيش اآلن يف اجلليل ،فما ذلك إال ّ وإذا ما ُ
يَبتَعِّد املأمور بضعة أمتار مسرعاً إىل حيث ينادونه.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 204 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ك املسيح؟»
يسأله يهوذا« :ملاذا مل تَـ ُقل له أبنّ َ
«كالمي سيقول ذلك».
يتم؟»
«ما الذي قيل وينبغي له أن ّ
جئت ألَمجَع
َّث عنه األنبياء وقد ُ
«وحدة إسرائيل كلّها بتأثري كالم املسيح .فأان الراعي الذي حتد َ
جئت ألشفي املرضى وأعيد التائهني إىل حظرية الصالح .فال يهوديّة ابلنسبة ِّ
نعاج البَـلَد كلّها .لقد ُ
احلب الذي يُعانِّق بنظرة واحدة
يل وال جليل ،وال املدن العشر وال قيدوم .ال وجود ّإال ألمر واحدّ :
وجي َمع يف عناق واحد ليُ َخلِّّص »...يسوع ُم َلهم .يبدو وكأ ّن إشعاعاً يصدر عنه طاملا هو يبتسم.َ
وينظر إليه يهوذا إبعجاب.
يدنو فُضوليّون من االثنني اجل ّذابني اللَّذين يَلفتان االنتباه بسلوك خمتلف متاماً.
كل
افعلوا ذلك وأنتم تف ّكرون أ ّن آدم ،و ّوأان أقول لكم" :أحبّوا كذلك الذي يسيء إليكم"َ .
َخ َّل ابألمانة جتاه هللا ،وأ ّن ال وجود إلنسان َيكنه القول" :مل أ ُِّسئ إىل هللا". ِّ
إنسان من خالله ،قد أ َ
املرات ،وما
املرات ،بل آالف وعشرات آالف ّ مرة واحدة ،إّّنا عشرات ّ ومع ذلك فاهلل يَص َفح ليس ّ
يؤّكد ذلك هو استمرار وجود أانس على األرض .فاغفروا كما يَغفر هللا .وإذا مل تتم ّكنوا من ذلك بفعل
ابحلب هلل الذي يَهبِّكم ال ُقوت واحلياة ،الذي ُيميكم يف
ّ احلب للقريب الذي أساء إليكم ،فافعلوهّ
األبدي على صدرهّ .إهناّ ليؤمن لكم السالم
كل الوقائع ّ َع َّد ّ
احتياجاتكم على هذه األرض ،والذي أ َ
الشريعة اجلديدة ،شريعة ربيع هللاِّ ،حلقبة النِّّعمة ال ُـم ِّزهرة اآلتية وسط الناس ،للزمن الذي سيعطيكم
الث ََّمرة اليت ال مثيل هلا ،والذي سيفتح لكم ابب السماء.
تتعرفون على َمن يشري إليه السابق .إ ّن آالمه تفعل فعلها لدى هللا ليمنحكم النور.
اعلَموا كيف ّ
يبشر
النيب الذي ّ صوت ل ِّ
ألستبد انظُروا .وإذا ما ان َفتَ َحت أعني أرواحكم ،فستَعرفون النور اآليت .وإنّين
ّ
اخلاصة ،وأدعوكم إىل حقيقة
أضم إليه قدريت ّ أضخمه و ّ ابملسيح ،وبواسطة القدرة املعطاة يل من األبّ ،
الشريعة .هيِّّئوا قلوبكم لنعمة الفداء القريبة .الفادي بينكم .وطوىب ملن سيكونون أهالً لالفتداء
ابمتالكهم اإلرادة احلسنة.
والسالم معكم».
اعتمدت منه على ضفاف األردن قبل َسجنه .إنّين أُجلُّه ألنّه ق ّديس يف عيين هللاّ .
احلق ُ «لقد
وحّت مماته،
احلق أقول لكم ليس يف أبناء إبراهيم َمن هو أرفع منه يف النعمة .منذ جميئه إىل هذا العامل ّ ّ
يـَ َقع نَظَر هللا على هذا الرجل دوّنا إشارة إىل ازدراء».
«مّت؟ أين؟»
كل
«اطلُبوا منه بعض املعجزات .إنّه قادر .هو يُشفي ،يَقرأ ما يف القلوب .وجييب على ّ
تساؤل».
ِّ
أنت من أجلي أان املريض .فعيين اليمىن َك َّفت واليسرى ّ
جتف». «أطْلُب منه َ
«اي معلّم».
ويلتَ ِّفت يسوع الذي كان ي ِّ
الطف طفلة« :نعم اي يهوذا».ُ
ك قادر على ذلك».
وقلت له أبنّ َ ِّ
«اي معلّم ،إ ّن هذا الرجل شبه أعمى ويريد أن يرىُ .
«َيكنين ذلك ملن َيتلك اإلَيان .هل تؤمن اي رجل؟»
«أان أؤمن إبله إسرائيل .ومستع ّد أللقي بنفسي يف بركة بيت سايد ( Bethsaïdeبركة الغنم)
ّإال أ ّن هناك دائماً َمن يَسبقين إليها».
ك
تلميذك أنّ َ
َ أنت الذي يؤّكد يل
بك َكنت أؤمن ِّمبَالك الربكة ،أفال ينبغي يل أن أؤمن َ
«إذا ُ
املسيح؟»
يبتسم يسوع .يبلّل إصبعه بلعابه وَيسح عني املصاب« .ماذا ترى؟»
وأبي سلطان؟»
اجَتح األنبياء املعجزات؟ ّ
«إذاً ملاذا ََ
«ابلسلطان الذي َمنَ َحهم ّإايه هللا ليُثبِّتوا للجمهور أب ّن هللا كان معهم».
«إذاً ،فأان ابلسلطان ذاته أَُمت ّم املعجزات .هللا معي ،أان معه .وأُثبِّت للجمهور أنّه كذلك ،وأ ّن
املسيح يستطيع ابألحرى ،وعلى نطاق أوسع ،أن يفعل ما استطاع األنبياء فعله».
أنت كما ال أجيب نفساً بسيطة .فتلك يكفيها رفع نظر النفس أو الروح إىل أجيبك َ
َ «سوف
تك ِّ
نشأت يف بيئة َج َعلَ َ
َ لست بسيطاً .لقد
أجواء فائق الطبيعة ،جلعلها ُحتَلّق يف مساكن الروح .أنت َ
تك بدقائقها ومبادئها .هل تذكر سليمان اي يهوذا؟ لقد كان حكيماً، ص َم َ
تنضج ...ولكنّها كذلك َو َ
ُ
كل معارف تلك احلقبة؟ ابطل األابطيل ،ك ّل شيء أَح َكم بَين زمنه .هل تذكر ما قاله بعدما َس َرب ّ
لك إنّه ينبغي ابلفعل معرفة تناولكل اإلنسان" .اآلن أقول َ ابطل .خمافة هللا والعمل بوصاايه هي ّ
ضارة،
أدركنا أ ّن طعاماً يؤذينا ألنّه يسبّب لنا ارتكاسات ّ
السم .فإذا ما َ
األطعمة اليت تغ ّذي ،إّّنا ليس ّ
حّت ولو كان يُسيل كونه أقوى من إمكانيّة استعداداتنا الطبيعيّة لتحييده ،فيجب رفض هذا الطعام ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 210 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
تؤدي
اللعاب .فاخلبز العادي وماء النبع أفضل كثرياً من أطباق الطاولة امللكيّة املع ّقدة واملطيّبة بتوابل ّ
التسمم».
إىل االضطراب و ّ
«ما الذي ينبغي يل حتاشيه اي معلّم؟»
أنت َمن يقول هذا ،وسوف يكون صحيحاً أل ّن اإلنسان يريد ذلك .ولكن ابحلقيقة ،آه! « َ
مي اآلب -يدعى أابً اي يهوذا د ق إىل ب لك حّت بعد جرَية اجلرائم ،إذا ما هرع الـمذنِّ
ّ َ َ ََ َ ُ احلق أقول َ ّاحلق ّ
ّ
ضِّّرعاً ِّمن أجل الصفح عنه ابكياً ،إّّنا ِّ
هنائي -إذا كان يـُ َق ّدم نفسه للتكفري ُمتَ َ
ألنّه أب ذو كمال ال ّ
وَيَلِّّص روحه». ليستحق املغفرة ُ
ّ دون أيسََ ،ينَحه اآلب آنذاك وسيلة التكفري
األزيل ملن يقتل نفسه .ف ّكر بذلك اي يهوذا :احلياة هبة ينبغي أن حنبّها .إّّنا أيّة
هذا ما يقوله ّ
عطيّة هي؟ عطيّة مق ّدسة .وإذاً جيب أن حنبّها بقداسة .احلياة تدوم طاملا اجلسد صامد .بعدئذ تبدأ
احلياة الكربى ،احلياة األبديّة .فالطوىب لألبرار واللعنة ملن هم غري ذلك .هل احلياة هدف أم وسيلة؟
وختدم الروح يف أسرها .عفاف ّإهنا وسيلة للوصول إىل هناية هي األبديةِّ .
فلنعط احلياة إذاً ما يلزم لتدوم َ ّ
كل األهواء كل ميوله ،فيها كلّها .طهارة القلب يف ّ اجلسد يف ك ّل شهواته ،فيها كلّها .عفة الفكر يف ّ
رضخون للتجربة».
«َيكن للجميع أن ُجيَّربواّ .أما اخلطأة فهم فقط أولئك الذين يَ َ
«أمل ختطئ أبداً اي يسوع؟»
وحّت
قمة جبل ،إّّنا بني البشرّ . غت الثالثني سنة .ومل أَعش يف كهف على ّ «اي يهوذا ،لقد بـَلَ ُ
كل شيء يف ذواتنا:كنت يف املكان األكثر وحشة يف األرض ،أفتعتقد أ ّن التجارب ال أتيت؟ لدينا ّ ولو ُ
بخرة بعطور ممتعة مقدَّسة.
كل شيء معنا ،وينفخ نـَ َفس هللا على اخلري فيضرمه مثل َم َ الشر .حنمل ّ
اخلري و ّ
الشر جاعالً منه ِّحمَرقة بنريان ُملتَ ِّهمة .إّّنا اإلرادة املتي ّقظة والصالة الدائمة ُها
وينفخ الشيطان على ّ
كالرمل الرطب على النريان اجلهنّمية خت ّففاهنا وتنتصران عليها».
وتعض الرغبة
ّ هتف رائحة الطعام
جملرد معرفة أنّه حمروم ّ
«يف احلالة الثانية يعاين أكثر ،إذ ّ
أحشاءه».
نفسك»...
َ «ولكن لكي تكون حمَتماً وتفرض
«هل هريودس حمَتم؟ وقيصر كذلك هل هو حمَتم؟ ال .إ ّن الناس تتحملهم إّّنا الشفاه كالقلوب
وحّت جمرد الراغبني يف ذلك ،فثق متاماً اي يهوذا ،سأعرف كيف أفرض تلعنهمّ .أما ابلنسبة للصاحلني ّ
العظَ َمة»...
نفسي عليهم ابلتواضع أكثر من مظاهر َ
لك! وأان الذي ِّ
«ولكن حينئذ ...هل ستَحتَقر دائماً ذوي السلطة؟ سوف تتّخذهم أعداء َ
عنك إىل كثري من الناس الذين أعرفهم وهلم شهرهتم»...
كنت أف ّكر يف التح ّدث َ
ُ
أتوجه إىل الفقراء كما إىل األغنياء ،إىل العبيد كما إىل امللوك ،إىل ِّ
«أان لن أحتَقر أحداً .سوف ّ
كنت عارفاً جبميل من يق ّدم يل اخلبز واملأوى عندما أكون متعباً، األطهار كما إىل اخلطأة .ولكن إذا ُ
مسرات كثرية .وليس الكبار لدى ن
ّ فإ ع. مهما يكن املأوى والغذاء ،فسأعطي األفضلية دائماً للمتو ِّ
اض
ّ ُ ّ
يف ،كأطفال جيدون أنفسهم مسموعني من قبل و ص لدى الفقراء سوى استقامة ضمائرهم وحب ُخملِّ
َّ ّ
مك.لتكر َ
من هم أعلى منهم .وأان سوف أحنو على الدوام على الفقراء واحملزونني واخلطأة .أشكرك ّ
ليلهمك هللا اخلري».
َ إّّنا دعين يف مكان الصالة والسالم هذا .اذهب و
كل شيء.
يَتك يسوع التلميذ ويذهب بني الزيتون .وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 04
«آه! معلّمي!» وينحين يوحنّا بشغف ليأخذ يد يسوع ويـُ َقبِّّلها وَُيَِّّررها على وجهه كما ليداعبه.
بت معي ســمكاً جم ّففـاً أعطـانيه يعقوب وبطرس .ولـدى مـروري ابلناصـرة أعطتين
«لقد َجلَ ُ
ـيت دون توقّف ...ومـع ذلك فيكـون اآلن قـد أصبح قاسياً».
لك .لقد مش ُ الدتك خبـزاً وعسـالً َ
و َ
يدي األ ُّم».
يهم اي يوحنّا فإنّه سيحتفظ بنكهة ّ
«ال ّ
ويقول صاحب البيت« :سالماً أيّها املعلّم .إنّين وابين لَتَعبان ،وسنخلد إىل النوم .سوف أدفع
التصرف». ِّ
أنت تعرف أن ُحتسن ّ الباب وأترك النور على الطاولة ،و َ
«نعم ،اذهب اي يوان و ِّ
أطفئ املصباح كذلك ،فنور القمر مجيل ج ّداً حبيث نستطيع أن نرى دون
مصباح».
تلميذك؟»
َ «ولكن أين سينام
ََي ُرجان إىل بستان الزيتون ،إّّنا قَبل ذلك أيخذ يوحنّا شيئاً من الكيس املوضوع يف الزاوية.
يطل على مدينة اورشليم أبكملها. ردَ نحم إىل الن يسريان خطوات وي ِّ
ص
ّ َ ُ َ
يفضل اجللوس عند قدميه ويبقى على العشب القصري متّكئاً على ركبيت يسوع، لكن يوحنّا ّ
و ّ
األحب هو شخص جانب إىل طفل هن
ّ كأ
و يسوعه، إىل آلخر وقت ن انظراً ِّ
م ورأسه مستَنِّد إىل ذراعهِّ ،
ّ ُ
إليه.
«يـا معلّم ،هنـا كذلك مجيل .انظر كم تبدو املدينة كبرية يف الليل أكثر منها يف النهار».
«هذا أل ّن نور القمر يعكس عليها ظالل احمليط .انظر ،كأ ّن نوراً ّ ِّ
يؤخر احلدود إىل اخللف.
فضياً ّ َ
لك ُم َدَّالة ِّمن فراغ؟»
قمة اهليكل ،يف األعلى ،أال تبدو َ
انظر إىل ّ
الفضية».
«تبدو وكأ ّن املالئكة هي اليت حتملها على أجنحتها ّ
يتنهد يسوع.
ّ
تتنهد اي معلّم؟»
«ملاذا ّ
داسة الذي له ،يَِّقف عند حدود «أل ّن املالئكة قد َختَلَّت عن اهليكل .فمظهر الطُّهر وال َق َ
فلكل مكان روحه ،يعين الروح الذي أُنشئ من اجلدران .والذين كان ينبغي هلم أن يعطوه روحاً ّ -
ع منهم. لكن هذا كان ّأول ما انتُ ِّز َ
أجله؛ لقد كان ينبغي أن يكون للهيكل روح الصالة والقداسة -و ّ
فال َيكن إعطاء ما مل نعد ّنلك اي يوحنّا .وإذا كان كهنة والويّون كثريون َُييَون هناك ،فليس فيهم
كل عشرة يف احلالة اليت يستطيع فيها إضفاء احلياة على املكان املق ّدسّ .إهنم يضفون عليه واحد من ّ
ِّ
الصيَغ ،إّّنا املوتّ .إهنم ي ِّ
سقطون عليه املوت الـمع ِّ
لكل ما هو مق ّدس .لديهم ّ ّ املوت نفوسهم، يف ششّ َ ُ ُ
ليس لديهم احلياة اليت ينبغي هلا أن ُحتّركها .إ ّهنم جثث ال حرارة فيها سوى تلك اليت أتتيهم من التع ّفن
الرّمي الذي يَن َفحهم».
ُّ
إليك اي معلّم؟» ويبدو يوحنّا حزيناً.
«هل أساؤوا َ
«أان ال أتعب .سوف أسري كثرياً ولن أتعب أبداً .هل تعرف ما الذي يُتعبين؟ الالمباالة .آه! اي
له ِّمن ثِّقل .وكأنّه ثِّقل على قليب».
أقل؟»
أتظن أ ّن عذايب سيكون ّ
« ّ
ك
أحبَّ َ
خاصة إذا ما َ
وَيدمك أفضلّ ،
َ فسيفهمك بشكل أفضل،
َ أقل جهالً ِّمنّا،
«إن كان ّ
ابلشكل األفضل».
ب ِّ
حّت مع الَتبية .فالقلب البكر ُي ّ احلب ال يتناسب مع الثقافة وال ّ أحسنت قوالً .ولكن ّ
َ «
فاحلب يـُ َعِّّرب عن ذاته يف قلب وفِّكر بِّكريَن
ّ بكل ّقوة حبّه األول .وكذلك احلال ابلنسبة لفكر بِّكر.
ّ
أرجوك أن تكون َ للحب .إّّنا إذا هللا أراد ذلك ...امسع اي يوحنّا.
ّ أكثر منه حيث توجد أوجه أخرى
أنت احلَ َمل الذي مل ُجيَّز صوفه بعد أبداً ،إىل جانب الذي صديقاً له .إ ّن قليب لريجتف ِّمن َو َ
ضعك و َ
يعتربك َمحَالً ،ولكنّك نسر كذلك ،وفيما إذا سعى أقل حت ّفظاً ألنّه قد َ
يعرف احلياة .إّّنا ،قد يكون ّ
نت كيف الصرف ،فستعرف أ َ البشري َّ
ّ جيعلك تالمس األرض ،األرض املوحلة ،األرض ابملعىن َ كي
نفسك
َ أرجوك -مع احملافظة على
َ اض بغري الالزورد والشمس .هلذه الغاية تتحرر بضربة جناح ،غري ر ٍ
ّ
حّت اآلخرون ،كي جتعل أنت -أن تكون صديق التلميذ اجلديد الذي لن ُيبّه مسعان بطرس وال ّ كما َ
قلبك»...
قلبه مثل َ
أنت كافياً لذلك؟»
ألست َ
«آه! اي معلّم ،ولكن َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 222 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
َّلم َذة األكثر شباابً ،وسيكون
أنت فصديق الت َ بكل شيءّ .أما َ «أان املعلّم الذي لن يُفضي إليه ّ
لك .فأان أكره اجلواسيس لك ،وأان ال أطلب منك أن تَن ُقل يل ما يقوله َ أسهل كثرياً أن يفتح قلبه َ
تك اي يوحنّا .إنّه
تك وطهار َ منك أن تنقل إليه البِّشارة إبَي َ
انك وحمبّ َ النمامني ،ولكنّين أطلب َوالوشاة و ّ
احلب؛ أن تُطَ ِّّهرها نزاهة األفكار والشهوات مشس يهاقّ ـن
َ ـ
ُت أن فيجب نة. أرض ملَطَّخة ابملياه ِّ
اآلس
ّ ُ َ
يهذهبا اإلَيان .وأنت تستطيع فعل ذلك». واألعمال؛ أن ّ
كنت تقول يل إنّين أستطيع القيام به
كنت تعتقد أنّين قادر على ذلك ...آه! نعم .إذا َ
«إذا َ
بك»...فسأفعلُ .حبّاً َ
«شكراً اي يوحنّا».
لك منذ البدء.رت ما كان ينبغي يل أن أقوله َ َّثت عن مسعان بطرسَّ ،
فتذك ُ «اي معلّم ،لقد حتد َ
بسماعك أنساين الفكرة .عند عودتنا إىل كفرانحوم يف العنصرةَ ،و َجدان يف احلال املبلغ َ لكن فرحي و ّ
إيل قائالً أبن أصرف ِّ
املعهود من ذاك اجملهول .لقد َجلَبَه الطفل إىل ّأمي .وقد أعطيتُه لبطرس فأعاده ّ
الحتياجاتك ال ُـمحتَ َملة ...ذلك أ ّن بطرس كان
َ إليك الباقي
منه قليالً أثناء العودة .وقال يل أبن أمحل َ
ك تقول العكس ...وأان مل آخذ منها سوى دانَِّقني يظن أبن ال شيء هنا سيكون مرُياًّ ...إال أنّ َ ّ
فت مما أعطتين والديت وما أعطانيه ِّ
صَر ُقريين التقيتُـ ُهما قرب أفرائيمّ .أما فيما تب ّقى فقد َ
أعطيتُـ ُهما ل َف َ
ابمسك .ها هو املبلغ».
َ أانس ذوو شهامة بَ َّشرُهتم
وألجلك اي يسوع».
َ «
ب مسيحه».
« ّأوالً ألجل هللا ومثّ ألجل ُح ّ
«وما أكون أان يف عائلتنا؟»
معك».
«وأان أيضاً سأبقى وأصلّي َ
فابق».
«إذاً َ
حّت يغدو التلميذ غافياً ورأسه
شارك يف تالوهتا يوحنّاّ ،إال أ ّن صوته ََيفت ّ يتلو يسوع مزامري يُ ِّ
بكل أتكيد صالته ذهنيّاً. ععلى صدر يسوع الذي يبتسم ويفرد معطفه على َكتِّفي النائم ،مثّ يتابِّ
ّ ُ ّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 224 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
على هذا تنتهي الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
ألولئك الذين َجي َعلون ِّمن َذواهتم قُرابانً ِّمن أجل ُح ّيب)
َ ( -34يوحنّا هو النَّموذج الكامل
1945 / 01 / 04
«ما جيول يف فكري؟ إنّين ال أف ّكر بشيء حم ّدد يف هذه األثناء ،اي معلّم .إنين يف العادة أطرح
تتذمر اآلن ِّمن صميت».
بكل أتكيد ،أن َّيكنكّ ،َ عليك الكثري من األسئلة .وال
َ
ك ال تفتح يل علي أسئلة كثرية وتعطيين معلومات كثرية عن املدينة وس ّكاهنا ،ولكنّ َ
ك تطرح ّ «إنّ َ
نفسك .هل تظن أبنَّين أهتم ابملعلومات اليت حتملها يل حول ثروة أو تركيبة هذه أو تلك من العائالت؟ َ
درك جيّداًَيكنك أن تُ ِّ
جئت و َ ِّ
أنت تعرف ملاذا أان ُجئت إىل هنا لتمضية الوقتَ . لست ُمتس ّكعاً ُ
فأان ُ
ك ايأبوك ُيبّ َ
األول هو أن أكون معلّم تالميذي .وهلذا أطالبهم ابلنزاهة والثقة .هل كان َ أ ّن َُهّي ّ
يهوذا؟»
كنت أعود من املدرسة ،وفيما كنت موضع فخره واعتزازه .عندما ُ «لقد كان ُيبّين كثرياً .وقد ُ
يهتم
كل شيء .فقد كان ّ كنت أعود من أورشليم إىل إسخريوط ،كان يريدين أن أح ّدثه عن ّبعد حينما ُ
أقل جودة .وأحياانً -كما هو عين إذا كان ّ
يعزيين وَي ّفف ّ
بكل ما أفعله ،بسرور إذا كان جيّداً ،وكان ّ
ّ
املبين اخلري أرى جيعلين كان للمالمة، ضأتعر
و ان
ً أحيا ئ معروف جيداً ،الكل َيطئ -فإذا ما كنت أ ِّ
ُخط
ّ ّ ُ ّ ّ
ب اللَّذة ،وكلّهاوح ّ
العظَ َمة ُ
كنت ممتلئاً من التناقضاتَ :ح َسد وغرية وجنون َ «ال اي معلّم ،لقد ُ
ت يل معاانة .أو ابألحرى جمرد حلظة ،أترى؟ َسبَّـبَ َ
كانت تتصادم يف داخلي مع اإلُياءات الصاحلة .ويف ّ
قلت يل إ ّن
أنت َ األول ...و َ
تلميذك ّ َ كنت أظنّين
أنت الذي َسبَّبتَها ،بل إّّنا طبيعيت السيّئةُ ...
لست َ
َ
لديك آخر قبلي».
َ
كنت يف الفصـح يف اهليـكل مع عدد ِّمن اجلليليّني؟»
ـك .أال تـذكر أنّين ُ
«ولقد رأيتَـه بنفس َ
انتظرت طويالً؟»
ُ «وأان ملاذا
«يهوذا؟!»
«حقيقة ،آسف».
دل مسعان عليهَُ .يُثّان اخلُطى .حتيّة يوحنّا قُبلة يتبادهلا مع املعلّمّ .أما مسعان لمح يوحنّا املعلّم ويَ ّ
يَ َ
خادمك لتكون
َ فعلى العكس ،يرمتي عند قدمي يسوع ويـُ َقبِّّلهما وهو يهتف" :اجملد لِّم َخلِّّصي! ِّ
ابرك ُ
عيين هللا وأان أابركه ألنّه َمنَ َحين ّإاي َك!»
أفعاله مق ّدسة يف ّ
عملك .اهنض اي مسعان .هذا يوحنّا
َ ألشكرك على
َ كك،
يضع يسوع يده على رأسه« :نَعم أابر َ
احلق ،فهو ابلنتيجة أخ لكم مجيعاً». ِّ
وهذا مسعان :وهذا تلميذي األخري .هو كذلك يريد اتّباع ّ
صدم بطرس ،وليس هو وحده ،لرؤيتهم أبيّة عناية أَهتَ ّم هبذا التلميذ .إّّنا«نعم هو ذاك .قد يُ َ
أقل أهليّة كلّما كان يف حاجة إىل اهتمامات أكثر .اآلخرون... ِّ
سيُدركون يوماً ...فكلّما كان أحدهم ّ
كل شيء بنفسي .أَطلُب إرادة اإلنسان مبجرد االحتكاك .ال أريد أن أفعل ّ
يتأهل اآلخرون تلقائيّاً ّ
آه! ّ
ومساعدة اآلخرين لتأهيل شخص .أدعوكم ملساعديت ...وأان سوف أكون شاكراً لكم هلذه املساعدة».
وتنتهي الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
«السري َعرب جبال اليهوديّة مض ٍن ...وقد يكون مضنياً أكثر أن تُقابِّل بعض الذين أساؤوا
إليك».
َ
أحتمل أكثر من الشباب ومل صبحت ّ
ُ مرة أخرى أنّين ُمذ َش َفيتَين قد أ
لك ّ
«بشان املسري أؤّكد َ
ِّ
معكّ .أما بشأنأجلك ،ويف الوقت احلاضر َ خاصة عندما يكون األمر من َ أعد أشعر بِّثقل تَـ َعب أبداًّ ،
أي شعور ُمض ٍن؛ مل يعد جتاههم أيّة ذرة ُكره يف قلب مسعان لدي ّ
اللقاء ابلذين تسبّبوا أبذيّيت فلم يعد ّ
لك .فلقد سقطَت الكراهية يف الوقت ذاته الذي سقطَت فيه قشور املرضَ .وثِّق متاماً منذ أن أصبَ َح َ
شفائك جلسدي املنخور ابملرض هي أعظم، َ لك إ ّن معجزة أنّين ال أعرف إذا ما كان ينبغي يل أن أقول َ
ـلت إ ّن املعجـزة األعظـم كانت هذه
املتأججة ابحلقد .أعتقد أنّين ال أخطئ إذا ما ق ُ أَم شفاء نفسي ّ
أنت شفيتين ِّمن كِّليهما دفعة واحدة .وهذه هي املعجزة، األخرية .فشـفاء جـرح النفس أصعب ...و َ
كل قواه ،ال َيكن أن يُشفى حّت ولو استخدم لذلك ّ ألي إنسان أن يُشفى دفعة واحدة ّ ألنّه ال َيكن ّ
ادتك املقدَّسة».
أنت تتالشى إبر َ هكذا من عاهة أخالقيّة لو مل جتعلها َ
حكمك».
َ «مل ُخت ِّطئ يف
«نعم اي يوحنّا .ولكنّه مل يسبّب يل حزانً كتلميذ .إذ حينما يُصبِّح كذلك ،حينئذ ُُي ِّزنُين إذا ما
أفس َد الشيطان أصر على طريقة تفكريه .الشيء الوحيد الذي يـَغُ ُّمين هو مالحظة إىل أيّة درجة قد َ
َّ
اإلنسان بتغيري وجهة تفكريه .اعلَموا ذلك مجيعكم .فلدى مجيعكم أفكار ُمضطَ ِّربة بِِّّفعله! ولكنّه
سيأيت ،آه! سيأيت اليوم الذي متلكون فيه ّقوة هللا ،النِّّعمة ،يف ذواتكم .ستكون لكم احلكمة مع
كل شيء لتحكموا بعدل». روحه ...آنئذ سيكون لديكم ّ
«وسنَحكم مجيعنا بعدل؟»
«ال اي يهوذا».
هلموا إليه"ّ .أما آنذاك «لست استخدمكم يف الوقت احلاضر سوى يف القولِّ :
"وج َد املسيح ّ
ُ ُ
فسأجعلكم أهالً ِّ
للكرازة ابمسي ،بل واجَتاح املعجزات ابمسي»...
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 234 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
حّت املعجزات؟»
«آه! ّ
«نعم ،على األجساد واألرواح».
لدي دائماً خوف من حتقيق «آنئذ لن نكون مع املعلّم ،ويف هذه األثناء ...ابلنسبة يل ،سيكون ّ
أمور إهليّة بوسائلي البشريّة ».يقوهلا يوحنّا وينظر إىل يسوع نظرة ُمستَ ِّ
غرقة وحزينة قليالً أيضاً.
«أَتَ ِّ
عرف ّأهنا نصيحة؟»
لنظل
لك ،بل ال ينبغي لنا أن نشعر ابخلوف .ف ّ لك اي يوحنّا إنّه ال ينبغي حينئذ َ «إذن أقول َ
ُمعتَ ِّمدين على حكمة املعلّم الق ّدوس وعلى وعده .فإذا قال لنا هو" :سأرسلكم" ،فهذا يعين أنّه يعرف
إمكانيّة إرسالنا دون اإلساءة إليه وإلينا ،يعين ملصلحة هللا العزيز والغايل علينا مجيعاً كما على عروس
الروحي بريق القدرة والسلطة اليت أعطاهُ ّإايها
الفكري و ّّ متزوجة للتو .وإذا ما َو َع َدان هو إبلباس بؤسنا ّ
درتِّنا ،إّّنا برمحته. ق
ُ ب ليس ،ًال أه سنكون نان
ّ أ
و سيفعل، هّن أ ننيقاآلب من أجلنا ،فيجب أن نكون متي ِّ
ّ
َ
سيحصل كل هذا إذا مل نضع الكربايء والرغبة البشريّة يف طريق عملنا .وأعتقد أنّنا لو ّ بكل أتكيد إذاً
ّ
حّت َوعد املسيح لن يتح ّقق .ولن يكون خربنا رسالتنا اليت هي روحيّة بكاملها بعناصر أرضيّة ،فحينئذ ّ ّ
كنت أجيد التعبري». لست أدري إذا ما ُ
نحر قدرته بشريط الكربايءُ . هذا العجز منه ،إّّنا ألنّنا َسنَ َ
ك تُـ َعِّّرب عن نفسك بشكل ممتاز .أان املخطئ .إّّنا أَتَـ َعلَّم ...أعتقد أ ّن الرغبة
ُجييبه يهوذا« :إنّ َ
ستحق معها
ط اإلعجاب كتالميذ للمسيح الذي أضحينا ُملكاً له لدرجة نَ ّ يف األعماق يف أن نكون َحم ّ
أصبحت معي اآلن ،يف رحليت األوىل اليت سأقوم هبا إىل اليهوديّة.
َ ك ...ولذلك «لذلك َد َعوتُ َ
جاد،
بتأمل ّ احلق ّ
أقل أهليّة لبلوغ ّ
السن ّ
علي ...وأريد هلؤالء كذلك الذين جيعلهم ّ فك َّ أريد أن تُتِّ َّم تَـ َعُّر َ
صل معلّمهم إىل هذه الساعة ...سوف تُ ِّ
دركون فيما بعد .ها إنّنا غري بعيدين ِّ
أريدهم أن يَعرفوا كيف َو َ َ
الشرقي قريب».
ّ عن برج داود .الباب
الشرير والفاسق».
«الثعلب العجوزّ ،
ظل
«ال تَدينوا .فاهلل هو الذي يدين .لنسلك هذا الدرب َعرب البساتني ،وسوف نقف يف ّ
استشفائي طاملا الشمس ُحم ِّرقَة .وبعد ذلك سنتابع طريقنا».
ّ شجرة قرب نـَ ْزل
وتنتهي الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
ظ
ظل الزيتون قد حافَ َ
يتق ّدم يسوع مع الثالثة الواحد تلو اآلخر على امتداد حافّة الطريق حيث ّ
أقل.
على اخضرار العشب وحيث الغبار ّ
صعد بعد ذلك بشكل خفيف صوب قناة هلا شكل حدوة حصان ِّ
يَ َنعطف الطريق بزاوية قائمة ليَ َ
كبرية تبعثَـَرت عليها بيوت كبرية وصغرية عديدة لتُ َش ِّّكل قرية .وابلتحديد حيث الدرب يُ َش ِّّكل ُم َنعطَفاً،
كعب الشكل تعلوه قبّة قليلة االرتفاع مغلق متاماً ويبدو مهجوراً. يوجد بِّناء ُم ّ
يقول مسعان« :هاك ،إنّه موضع قرب راشيل».
«إذاً فنحن نوشك على الوصول .هل سندخل مباشرة إىل املدينة؟»
«ال اي يهوذاّ ،أوالً سأريكم موضعاً ...مثّ بعد ذلك ندخل املدينة .ومبا أنه ما يزال هناك بقية
قمرة ،فسنتم ّكن من التح ّدث إىل الناس إذا َر ِّغبوا يف
من ضوء النهار ،وحيث أهنا ستكون أمسية م ِّ
ُ
االستماع».
صلون إىل القرب ،إنّه قدمي ولكنّه ُحمافَظ عليه وقد طُلِّ َي ابلكلس.
وي ِّ
َ
«نعم ،إّّنا اآلن وهو زمن جين احملاصيل ،فأان هنا مع زوجي يف هذه الضيعة للعناية ابحلدائق
جليلي؟»
ّ أنت
أنت ،هل َ والبساتني .و َ
لكين أقطن اآلن يف الناصرة يف اجلليل».و حلم بيت يف دت«ولِّ
ّ ُ ُ
أنت أيضاً؟»
« ُأمضطَ َهد َ
"أنت أيضاً"؟ هل بني س ّكان بيت حلم الكثري من ال ُـمضطَ َهدين؟»
«العائلة .ولكن ملاذا تقولني َ
عمرك؟»
«أ ََوال تعلم؟ كم َ
«ثالثون عاماً».
دت متاماً عندما ...آه! اي له من بؤس! ولكن ملاذا ُولِّ َد ذاك هنا؟»ِّ
«إذاً فَـ َقد ُول َ
« َمن؟»
جراء اإلسراف «إنّه ذاك الذي قيل عنه الـمخلِّّص .اللعنة على أولئك الذين يف َغمرة ُّ ِّ
السكر من ّ َُ
ومسعوا أصوااتً ِّمن السماء وسط ثغاء النِّّعاج وهنيق احلمري ،والذين يف
يف الشراب رأوا يف الغيوم مالئكة َِّ
صدَّقوهم!» سحاب ُّ َّ
السكر اختَذوا ثالثة بؤساء كأقدس َمن على األرض .اللعنة عليهم وعلى الذين َ َ
كل هذه اللَّعنات؟» ِّ ِّ
«ولكنَّك مع كل لعناتك ال تُـ َف ّسرين يل الذي جرى .وملاذا ّ
أنت ذاهب؟»
«أل ّن ...إّّنا قل يل إىل أين َ
معك
فالح فتعال نتقاسم اخلبز وامللح َ«قبل املصيبة إذاً .امسع ،إذا مل تكن أتنَف ِّمن بيت ّ
حّت الصباح .البيت صغري ،إّّنا أرض اإلسطبل مفروشة
ورفاقك .سوف نتكلّم على العشاء وآويكم ّ َ
َيكنك النوم». ئت ِّ ِّ
َ بطبقة ال أبس هبا من التنب .والليلة دافئة وصافية .إن ش َ
بكل سرور». ضيافتك .سآيت إىل ِّ
بيتك ِّ على ائيل
ر إس إله ِّ
فليكافئك «
ّ
ت جرار ماء على اخلضار اليت ِّ ِّ
« َُيمل الزائر بـََرَكته معه .هيا بنا .ينبغي يل ّأوالً أن أس ُكب س ّ
نـَبَـتَت حديثاً».
ِّ
أساعدك». «سوف
ومنَاكِّبنا».
منكبيك َ
َ أردت احملافظة على
لست غبيّاً .لقد ُ
«ال .فأان ُ
«أحسنت صنعاً .ليس بسبب ال َـمناكِّب ،إّّنا ألنّين أريد أن أكشف عن ذايت عندما أرى ذلك
هلموا».
مناسباًّ .
يفي يف وسط
ر بناء إىل وتقودهم ات
ري األخ الثالث ار
ر أيخذه يهوذا إىل احلديقة .وتُفرغ املرأة اجلِّ
ّ ّ ُ
البستان وتقول هلم« :ادخلوا .فزوجي اآلن يف املنزل».
يُقبِّلون صوب مطبخ منخفض ومليء ابلدخان .ويلقي يسوع التحيّة« :السالم هلذا البيت».
فَتض ّأهنا ابلتأكيد ثراثرة تعود إىل القول« :لقد سافَـَر قبل املذحبة».
واملرأة اليت يُ ََ
وإال ملا كان على قيد احلياة .أمل تَـعُد إليها أبداً؟»
«إيه! أرى ذلك جيّداًّ :
«ال».
قل مبذحبة هريودس ...أكثر ِّمن ألف( )1طفل يف املدينة وألف آخرين يف عت على األ ّ
ِّ
«قد َمس َ
َخذوا ،بلعم َعة أ َ
الريف .وكلّهم ،تقريباً كلّهم ،كانوا صبيان ،أل ّن ال َقتَـلَة يف َهيجاهنم يف الليل أثناء ال َـم َ
وطعنوهن مثل ات ري صغ فالت ط حّت ة،َنصَّ ح ـم لا البيوت ن ومن أ َِّسَّرة األ َُّمهات ِّ
م انتَـزعوا ِّمن الـمهود ِّ
ّ ّ َ ُ ُ َ
الرعاة أرادوا مكافحة برد الليل كل ذلك؟ أل ّن جمموعة ِّمن ُّ ّ ملاذا
و هام. غزالن أثناء شرهبا اخَتقَتها ِّ
الس
ّ ََ
فَ َش ِّربوا قَدراً كبرياً ِّمن املشروابت الروحية حّت أَخ َذهم اهل َذاين فَـرووا ّأهنم رأوا مالئكة َِّ
ومسعوا تراتيل، َ َ ّ ّ َ
تصور، ِّ ِّ
"هلموا قَ ّدموا فروض العبادة ،فاملسيح قد ُولد"ّ . وتَـلَ ّقوا رسالة وقالوا لنا حنن أبناء بيت حلمّ :
املسيح يف مغارة!
كنت ما أزال
حّت أان وقد ُ كالسكارىّ ، يف احلقيقة ينبغي يل القول أبنّنا آنذاك أصبَحنَا ُكلّنا َّ
وحّت زوجيت اليت كان عمرها آنذاك ال يتجاوز سنوات قليلة ...ألنّنا َآمنّا مجيعاً ابمرأة مسكينة شاابًّ ،
ّ
جليلي
ّ من اجلليل ،وأردان رؤية العذراء اليت تَلِّد ،تلك اليت حت ّدث عنها األنبياء .ولكنّها كانت مع
بكل أتكيد .وإذا كانت زوجة فكيف كان َيكنها أن تكون "العذراء"؟ ابختصار جلف ،وكان زوجها ّ
بكل شيء .اي القيام إجادة نعرف اّكن لقد آه! الستقباهلم... ت ح آمنَّا ،وهدااي وعبادات وبيوت فُتِّ
ّ َ َ
كل ممتلكاهتا وحياهتا وأبناء ابنتها أيضاً ،األوىل هي الوحيدة اليت َجنَت تر سحلنّة املسكينة! لقد خ ِّ
َ َ ّ
ُحرق ،واألمالك قد ُد َّكت كلّهاتزو َجت اتجراً من أورشليم ،فخسروا كل ممتلكاهتم أل ّن املنزل قد أ ِّ ألهنا َّ
ّ
ّ
ممراً للقطعان».
أبمر من هريودس .وهي اآلن حقالً بوراً و ّ
الرعاة؟»
كل ذلك بسبب خطأ ُّ
« ّ
الرعاة واجملوس؟ إذا قضيتم أبنّكم كنتم كذلك محقى ،فكان عليكم «إذاً فلماذا تلعنون كلّكم ُّ
جتر اللَّعنة .هل أنتم متأ ّكدون أب ّن
احلب .واللَّعنة ّ
أن تلعنوا ذواتكم أيضاً .ولكن اللعنة ُحمََّرمة يف وصيّة ّ
الرعاة واجملوس حقيقة أوحى هلم هبا هللا؟ ملاذا تريدونحكمكم عادل؟ أمل يكن ممكناً أن يكون قول ُّ
االعتقاد أب ّهنم كانوا َك َذبَة؟»
«أل ّن ِّ
النبوة مل تكن قد اكتَ َملَت .وقد فَ َّكران يف ذلك آنئذ ...بعد أن كان الدم الذي َ
صبَ َغ ّ ّ ين س
الفسقيّات واجلداول ابألمحر قد فَـتَ َح أعني إدراكنا».
«أمل يكن ابستطاعة الباري تعاىل ،لفرط حبّه لشعبه ،استِّباق جميء ال ُـم َخلِّّص؟ على ماذا استَـنَد
لت يل إ ّهنم أتوا ِّمن الشرق»...
اجملوس يف أتكيداهتم؟ لقد قُ َ
َيص جنماً جديداً».
«على حساابهتم مبا ّ
«أمل يكن قد قيل" :جنمة تُولَد ِّمن يعقوب وصوجلان يَرتَِّفع من إسرائيل"؟ ويعقوب أمل يكن احلَرب
األعظم؟ أمل يقف كذلك يف هذه األرض ،أرض بيت حلم اليت كانت عزيزة عليه مثل بؤبؤ العني ،أل ّن
فيها ماتت حبيبته راشيل؟
واملذحبة ذاهتا اليت نـَ َّف َذها هريودس ،أمل تكن ضمن النبوءات؟ "صراخ يعلو ...راشيل تبكي
بنيها" .فكان قد أُشري إىل أ ّن عظام راشيل يف قربها يف إفراات ستنوح وتبكي يف الزمن الذي ستأيت فيه
ستتحول فيما بعد إىل ابتسامة مساويّة ،مثل قوس قزح اليت الدموع ص. املكافأة للشعب البار ابلـمخلِّ
ّ
ّ ّ َُ
الذي تُ َش ِّّكله قطرات العاصفة األخرية ،إّّنا الذي يقول" :ها ُكم زمن الصفاء قد ُمنِّ َح لكم».
كالمك نور وحقيقة .إّّنا مع ذلك ...آه! جراح كثرية ما زالت تنزف َ الحظت ذلك .ففي
ُ «لقد
يف أرض بيت حلم هذه بسبب املسيح ،حقيقيّاً كان أم مزيّفاً ...ومع ذلك ال أنصحه أبداً ابجمليء إىل
كل حال...هنا ،فسَتفضه األرض كما يُرفَض ابن الزىن الذي بسببه مات األبناء احلقيقيّون ،ألنّه على ّ
لو كان هو ...فيكون قد مات مع اآلخرين الذين ذُِّحبوا».
ثري يف أورشليم كان قد هريودي خدمة يف ني ي «ستكون األول منذ ست مخسيات .ما زاال ر ِّ
اع
ّ َ ّ
دُها مع قطعاهنما على استوىل على أمالك س ّكان كثريين قُتِّلوا ...فدائماً يوجد مستفيدون! سوف َِّجت ُ
لهما ِّ ِّ
ندم .وحنن َحنتَم ُ
مهما فَ َستَ َ
ك تُ َكلّ ُ
ابجتاه اخلليل .ولكن ،نصيحة ،ال تَ َدع أبناء أورشليم يَرونَ َ
املرتفعات ّ
وإال»...
اهلريوديّ .
ّ بسبب ...بسبب وجود
«ولكنّهم أساؤوا إلينا وجيب أن يُعانوا .كان ينبغي لنا أن نقتلهم ،كما كان جنوهنم دافعاً للقتل.
اهلريودي».
ّ ّإال أنّنا ُكنّا بـُلَهاء ...وبعد ذلك ُوِّج َد
حّت بعد حركة الثورة األوىل اليت َيكن فَهمها ،كنتم ستقتلوهنما؟»
«لواله إذاًّ ،
«واآلن كذلك بوسعنا قتلهم دون اخلوف ِّمن معلّمهم».
شر .هنا أان ال أرىلك رغبة بسوء .ال تطلب فعل ّ لك" :ال حتقد .ال تكن َ
«أيّها الرجل أقول َ
وحّت ولو كان ،فاصفح .اغفر ابسم هللا .قُل ذلك ألبناء أورشليم اآلخرين .وعندما تُطرح خطأّ ،
صلَتالضغينة من قلوبكم ،سوف أييت املسيح ،وستعرفونه حينئذ ألنّه ح ّي .لقد كان موجوداً ساعة َح َ
لك ذلك .وهذا مل يكن نتيجة خطأ الرعاة واجملوس ،بل إّّنا اجملزرة قد َوقَـ َعت بسبب املذحبة ،أقول َ
خطأ ،بل قل خطيئة الشيطان .لقد ُولِّ َد املسيح هنا ِّمن أجلكم .لقد جاء حامالً النور ألرض آابئه.
تفجر للعامل َهنر النِّّعم األبديّة ،فُتِّ َحت لإلنسان ِّ
ابن امرأة عذراء من نسل داود ،فوسط أنقاض بيت داود ّ
طريق احلياة»...
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 246 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أنت نصري هذا املسيح املزيّف والذي ال َيكنه أن يكون ّإال
«اذهب ،ارحل بعيداً عن هنا! َ
أنت تُدافِّع عنه»...
مزيّفاً ،إذ قد َمحَ َل لنا البؤس ،لنا حنن أبناء بيت حلم .و َ
يهودي ويل أصدقاء ذوو مراتب عالية .وسوف تندم على هذه
ّ اصمت أيّها الرجل ،فأان
« ُ
ويهزه بعنف وقد استشاط غيظاً وغضباً.
ابلقروي من ثوبهّ ،
ّ اإلهانة ».ويقفز يهوذا وَيسك
« ال ،ال ،اذهبوا .ال أريد متاعب مع أبناء بيت حلم وال مع روما وهريودس .اذهبوا ،ملعونني،
إذا كنتم غري راغبني يف أن أترك لكم تذكاراً .هيا خارجاً!»...
«ال يـا يهوذا ،ال .جيب أال تتكلّم هكذاّ .إهنـم عميان ...ويوجد منهم الكثري على طريقي!»...
ََي ُرجان اتبِّ َعني مسعان ويوحنّا اللَّذين أصبحا اآلن خارجاً ويتح ّداثن إىل املرأة عند طرف
اإلسطبل.
أظن أن تكون اإلساءة هبذا الشكل ...هاك :خذها.«اصفح واغفر لزوجي اي معلّم .مل أكن ّ
لدي شيء آخر .عفواً ،أين ستنام؟» (وتعطيه بيضاً)
ستأكلها غداً صباحاً ،فهي طازجة اليوم ،وليس ّ
ِّ
صالحك. أنت بسالم ِّمن أجل
«ال تف ّكري يف ذلك .فأان أعرف إىل أين أذهب .اذهيب ِّ
وداعاً».
طرح ي ال اذا مل ؟ يعبدونك جتعلهم ال أنت ملاذا « يهوذا: ر يسريون بضعة أمتار بصمت ،مث ين َف ِّ
ج
َُ َ َ َّ َ
كنت سأفعلها
أنت املسيح ...آه! ُ إليكَ ،
املقزز أرضاً؟ يُطرح أرضاً ،مسحوقاً بسبب إساءته َ هذا الكافر ِّّ
يهز السامريّني مثل حتويلهم إىل رماد مبعجزة».
أان .ال شيء ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 247 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كل خطيئة ِّ
أحول امرءاً إىل رماد من أجل ّ
مرة سأمسع ذلك! إّّنا هل ينبغي يل أن ّ «آه! كم ّ
جئت ِّألَبين ال ِّأل َُد ِّّمر».
تُرتَ َكب حب ّقي؟ ...ال اي يهوذا .لقد ُ
يدمرك اآلخرون».
«حسناً ،ولكن يف انتظار ذلك سوف ّ
ال جييب يسوع.
بت ،فكيف
ط منذ هر َ
كنت مل أتت إىل هنا ق ّ
فيسأل يهوذا وهو ما يزال منفعالً« :ولكن إذا َ
تعرفه؟»
كنت فيه مرة أخرى .وهو ليس يف بيت حلم .إنّه خارجها
«أعرفه وهو ليس مجيالً .ولكنّين ُ
االجتاه».
قليالً ...فلنذهب هبذا ّ
يسوع يف املق ّدمة يليه مسعان مثّ يهوذا ويف النهاية يوحنّا ...ويف غمرة الصمت الذي ال يش ّقه
سوى خشخشة األحذية على حصى الدرب يُسمع بكاء.
بضع خطوات ،مثّ ها هي كومة من البيوت ال ُـمتَـ َه ِّّدمة ،بقااي سكن ...مغارة بني ش ّقي جدران
عالية».
( )1العدد احلقيقي لألطفال الذين قُتِّلوا هو ( )32صبياً )18( :صبياً من مدينة بيت حلم و ( )14صبياً ِّمن ريفها .كما مت
الفالح -كما هو احلال والع َجلَةّ . ِّ
الصبية بسبب مالبسهن ،وأيضاً بسبب الظالم َ َذبح ( )6فتيات مل يَستَطع ال َقتَـلَة متيزهن عن ّ
ُعطيَت هذه املالحظة ِّمن ِّقبَل ماراي فالتورات على ورقة مستقلة أضيفت إىل
يف كثري من األحيان -استخ َدم صيغة املبالغة( .أ ِّ
َ َ
املخطوطة األصلية).
زهري على بعض شرق ،وقد اصطَبَـغَت السماء بلون ّ يف الساعات األوىل ِّمن صباح صيف ُم ِّ
الفريوزي .ويـَتَ َك َّون ائتالف
ّ سجادة ِّمن السااتن
السحب الصغرية اليت تبدو مثل قطع شاش واقعة على ّ ُّ
عصافري َس ِّكَرت ِّمن النور ...عصافري دوري وشحارير وأبو احلناء تزقزق وهتذر وتتشاجر من أجل
صبَة ،يسروع ،عسلوج حتمله إىل أعشاشها ،لتمأل مناقريها أو الختاذها كمجثم .وسنونو تنزل من قَ َ
قمتها بلون الزجنار ،وحاملا تنتعش ،بعد امللونة يف ّ
السماء يف اجلدول الصغري لغسل صدورها الثلجيّة ّ
أن تلتقط مبناقريها ذاببة صغرية ما تزال انئمة على قصبة ،تطري إىل األعايل أبجنحتها اليت تضرب اهلواء
مثل شفرات فوالذيّة صقيلة ،وهي تزقزق فرحة.
يتمشيان بلطف مثل آنستني على امتداد شاطئ اجلدولّ .إهنما رمادايً ّ
عصفوران يرتداين حريراً ّ
يرفعان ذيليهما املزيّنني ابملخمل األسود ،يَتاءاين يف املرآة فيجدان نفسيهما مجيلني ،ويتابعان نزهتهما
قي ،على شجرة حقي غابة صيب الطويل، األصفر مبنقاره اخللف من هلما ر ويسخر منهما شحرور يص ِّّ
ف
ّ ّ َُ
ت ّفاح ّبري إبيراقها الكثيف ،جانب األنقاض ،عندليب ينادي رفيقه إبصرار ،وال يصمت ّإال حينما
يراه يصل ومعه يسروع طويل يتلوى حتت ضغط املنقار الدقيق ج ّداً .محامتان بريّتان ِّ
هاربَـتَان ،على ّ
اختارَات مسكنهما يف جتاويف أنقاض برج ،وقد استسلمتا لدفق ِّ
األرجح ،من أبراج محام املدينة وقد َ
ضلِّّل وهي َهتدل حبياء. عواطفهما ،فهو مغ ٍو ُم َ
ينظر يسوع إىل كل هذه احليواانت الصغرية ،ذراعاه متصالبان ،ويبتسم.
بينما يَغتَ ِّسل مسعان وهو ال يرتدي سوى جلباب قصري ومن مثّ يرتدي ثيابه ،ينهض يهوذا
متأخران؟»
ليحفظك هللا اي معلّم .هل حنن ّ
َ ويوحنّا« :
حس اي معلّم؟»
أي ّ
« ّ
الروحي».
ّ احلس
« ّ
حّت أكثر ِّمن ُّ
الس َفراء. التصرف حبنكة وسياسة ّ
«آه! ال ،إّّنا ينبغي يف بعض احلاالت معرفة ّ
قلت أشياء ...أشياء ...نعم ،هي ذي، ملصلحتك ...ال تُ ِّ
عارضين إذا ما ُ َ وانتبه ...كن حليماً أيضاً...
غري صحيحة».
تسوق».
يقول مسعان« :إنه يوم ّ
حململة ا احلمري ن وخترج منه قافلة ِّ
م َّ
ّ ئيسي للنـ َّْزل الكبري ،مفتوح َ ُ
إن الباب ،أو ابألحرى املدخل الر ّ
ابلبضائع.
«حنن قادمون من البعيد أيّها الرجل ،يهود من الطائفة اآلسيوية .وهذا ُمضطَ َهد .وهو يف األصل
من بيت حلم ،ويبحث عن أصدقاء عزيزين عليه من هنا .وحنن معه .إنّنا قادمون اآلن من أورشليم
َيكنك أن تق ّدم لنا املعلومات؟»
َ حيث ّأدينا واجبات العبادة هلل تعاىل يف بيته .هل
لكُ .مرين».
خادمكُ ...كلّي َ
َ «سيّدي ...أان
« َميّتة؟ ملاذا؟»
كنت تعرفها؟»
«هل َ
«بشكل جيّد ج ّداً ».ويكذب يهوذا بصفاقة.
«لقد قُتِّلَت ّ
ألهنا استضافت َمن قيل عنهما ّإهنما أب وأ ُّم املسيح ...تعال هنا ...يف هذه
الغرفة ...فللجدران آذان ،والكالم عن بعض األمورَ ...خ ِّطر».
ومعتِّمةَ .
وجيلسون على أريكة منخفضة ج ّداً. دخلون إىل غرفة صغرية ومنخفضة ُ
يَ ُ
دت هنا، ِّ ِّ
لست صاحب نـَ ْزل من فراغ! لقد ُول ُ لدي ال ُقدرة على إدراك خفااي األمور .وأان ُ «إن َّ
ِّ
لهم .كان من املمكن أن أجد هلم زاوية .إّّنا... صاحب نـَ ْزل أابً عن ج ّد .الدَّهاء يف دمي ،مل أستَقبِّ ُ
كنت
غرة! مثُّ ... يؤخذ على حني ّ جليليّون ...فقراء ...جمهولون ...إيه! ال ،فحزقيّال ال يَ َدع نفسه َ
أحس ّأهنم خمتلفون ...تلك املرأة ...العينان ...شيء ما ال أدري ما هو ...ال ،ال ،ال كنت ّ أشعرُ ...
إيل ،إّّنا إىل املدينة .لقد ليس هنا، إلينا به وجاءت مها. ب ّد أن يكون الشيطان ساكِّنها وقد كان ي َكلِّ
ّ
ّ ُ
كانت حنّة أكثر براءة ِّمن نَعجة ،وأَس َكنَتهم ّأايماً بعد ذلك ومع الطفل ،وقد كان يقال إنّه ماسيا...
حّت ِّ ِّ
األايم! أكثر من ّأايم اإلحصاء! كان أانس كثريون أيتونّ ، سبت من األموال يف تلك ّ آه! َكم َك ُ
حّت ِّمن ِّ
حّت عن طريق البحرّ ، الذين مل يكونوا ُم َلزمني ابجمليء من أجل اإلحصاء .كان الناس يَفدون ّ
قت من األرابح! ...ويف النهاية أقبَ َل ثالثة ملوك، مصر ،لرؤيته ...وكان هذا طوال أشهر! وكم ح ّق ُ
كل اإلسطبالت، استأجروا ّ
ثالثة رجال ذوو سلطان ،ثالثة جموس ...ما أدراين؟ موكب ال هناية له! و َ
كل شيء هنا .وَكم َوَّزعواودفَعوا ابلذهب مثن علف يكفي مل ّدة شهر ،مثّ َمضوا يف اليوم التايل اتركني ّ َ
من اهلدااي لألوالد ولنساء اخلدمة! ويل كذلك! آه! ...ابلنسبة يل ال َيكنين التح ّدث عن هذا املاسيا
احلقيقي أم املزيّف .فلقد َج َعلَين أربح من املال ملء أكياسي .مل أحت ّمل ّ بكل خري ،سواء أكانّإال ّ
تزوجت حديثاً ،حينذاك ...إّّنا اآلخرون!»ُ كنت قد
أعباء ثقيلة .ومل أفقد قتلى كذلك ،ألنّين ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 258 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«نريد رؤية أمكنة املذحبة».
«هل تَـَرون األنقاض؟ هناك أيضاً أُحرقت منازل أل ّن اآلابء دافعوا عن أبنائهم ابلسالح .أترون
ُحر َق مع رئيس املعبد الذي ب املغطّى ابللبالب؟ إنّه كل ما تب ّقى من املعبد .لقد أ ِّهنالك ذلك اجلُ ّ
ّ
أحرقَهُ انجون أفقدهم الغضب صواهبم بسبب مقتل أوالدهم .ولقد َحتَ َّملنا أ ّكد أنّه كان املسيح .لقد َ
حسبهم كنت لتَ َآنذاك املتاعب ...وهنا ،وهناك ،وهنالك ...هل تَـَرون تلك القبور؟ ّإهنا لضحاايَ ...
نِّعاجاً مستلقية فوق العشب على مدى النظر .كلهم أبرايء مع آابئهم وأ ّمهاهتم ...هل تَـَرون هذه
الربكة؟ لقد اصطَبَ َغ ماؤها ابللون األمحر عندما َغ َس َل اجلنود أسلحتهم وأيديهم .وذاك النهر هناك يف ِّ
صبَـغَه الدم الذي تدفّق إليه ِّمن اجملاري ابللون األمحر ...وهنا ،انظروا هنا
اخللف ،هل رأيتموه؟ ...لقد َ
كل ما بقي ِّمن منزل حنّة».يف املقابل ،إنّه ّ
يبكي يسوع.
ينزلونُُ ،يَيّون وََيضون .يبقى صاحب النـ َّْزل خائب األمل ،فقد يكون آنذاك ُمنتَ ِّظراً اإلكراميّة.
«أصدقاء».
يقف يسوع على سطح ُي ّده اجلدار ويشغل مساحة مَتين تقريباً مع فسحة خلفهّ ،إهنا فسحة
خاصة وقد بقي وحده على مساويّة حتيطه أبكمله هبالة ،جاعلة ثوبه الكتّاين األبيض يبدو أكثر بياضاًّ ،
جسده بعدما تطاير معطفه من على منكبيه مش ّكالً عند قدميه متثاالً متع ّدد األلوان .ويف اخللف
هج َورين يـَعُ ّمهما
كذلك عمق اخلضرة والعوسج من بقااي ما كان حديقة ومنزل حنّة ،وقد أصبَ َحا اآلن َم ُ
اخلراب.
َي ّد يسوع ذراعيه .ويهوذا الذي يرى احلركة يقول« :ال تتكلّم .فليس هذا ِّمن الفطنة يف شيء!»
نت اي
ّإال أن يسوع َيأل املكان بصوته اهلادر« :اي أبناء يهوذا! اي أبناء بيت حلم امسعوا! امسعن أن ّ
نساء األرض اليت ُكِّّر َست لراحيل! أنصتوا إىل أحد أبناء داود ،الذي قاسى واضطُ ِّهد .وقد أضحى
أهالً ملخاطبتكم ،وهو يكلّمكم ليمنحكم النور والتعزية .أنصتوا».
«إنّه رايب!»
« َمن يكون؟»
«لنستمع ،لنستمع!»
سمعه ،ويتابع ...« :ماسيا الذي أن َق َذته نعمة هللا-اآلب ِّمن الطغاة لتحفظه
لكن يسوع ال يَ َ
و ّ
للشعب فَـيُ َخلِّّصه و»...
صرخ اجلميع« :أبناؤان ،أزواجنا ،آابؤان ،فليُعِّدهم لنا إن كان هو ال ُـم َخلِّّص!»
يَ ُ
أود إعادة أبنائكم إىل احلياة ،نـَ َعم إىل ُُيَِّّرك يسوع ذراعيه طالباً الصمت« :اي أبناء بلديُ ،
كنت ّ
أتملوا ،ابتَ ِّهجوا يف الرجاء وهتلّلوا ا،واغفر هللا. ادة
ر إل منياحلياة ،إّّنا أقول لكم :كونوا صاحلني ،مستسلِّ
ّ ُ َ
حّت تُالقوا أبناءكم ،مالئكة يف السماء ،فماسيا سيفتَح أبواب السماء، يف اليقني .لن يطول الزمن ّ
احلب العائد»...وإذا كنتم صاحلني ،فسيكون املوت ابلنسبة لكم احلياة اآلتية و ّ
حبق هللا».
أنت هو ماسيا؟ قُل ّ
«آه! هل َ
حّت لكأنّه يبدو يريد العناق ،ويقول« :أان هو».
ََيفض يســوع ذراعيه حبركته اللطيفة الودودةّ ،
فبسببك إذاً!»
َ «اذهب! اذهب!
وهنا بدا موقف يهوذا رائعاً ...آه! لو ظَ َّل هكذا على َّ
الدوام! يقف أمام املعلّم على جدار
صرخ يف مسعان ويوحنّا: الشرفةُ ،م َشِّّرعاً معطفه ،ويتل ّقى جبرأة صدمات احلجارة ّ
حّت يسيل دمه .يَ ُ
للجموع« :أيّتها
حبق السماء!» و ُّ
« ُخذا يسوع خلف هذه األشجار .وسوف أحلق بكما .اذهبوا ّ
الكالب املسعورة! إنَّين ِّمن اهليكل وسوف أشي بكم إىل اهليكل وروما».
الرهبةُ للحظة ،إّّنا ما لَبِّثوا أن عادوا إىل املعركة برشقات احلجارة ،ولكن ،حلسن
مع َّ
َخ َذت اجلَّ َ
أَ
ظ ،بشكل غري ُمَرَّكز .ويتل ّقى يهوذا الوابل برابطة جأشُ ،جميباً ابلشتائم على سوء تربية اجلمعّ .
حّت احل ّ
حي .ومبا أ ّهنم
إنّه َيسك حبجر طائر ويعيده إىل رأس شيخ مسكني فيصيح مثل طائر يُنتَف ريشه وهو ّ
« َمن تكون؟»
حنميك».
َ «اذهب وسوف
ويُعطي يهوذا اجلنود بعض القطع النقديّةِّ .من املفروض أ ّن ذلك من احملظورات ،إّّنا ...قد
عادايً ،إذ إ ّن اجلندي يَ ُد ّسها بسرعة يف جيبه ،وُييّي إبجالل ويبتسم .يقفز يهوذا إىل أسفل
أضحى ّ
املنصة ،ويهرع بقفزات عرب احلقل البور ليلحق أبصحابه.ّ
احك كثرية؟»
«هل جر َ
دت عليهم أيضاً .املفروض أنّين ُملَطَّخ
أجلك ...لقد َرَد ُ
َ «ال شيء اي معلّم ،مثّ إ ّن هذا ِّمن
ابلدم»...
ك ليؤرقين اي يهوذا ،إّّنا انظر ...هذا ابلرغم ِّمن قولنا هلم إنّنا يهود ،حسب َّ
حس َ «إ ّن هذا ّ
العملي»...
ّ
ارك».
ك ستكون ُمضطَ َهداً اي معلّم ،ولن تبقى على إصر َ
أظن أنّ َ
« ّإهنم حيواانتّ .
«آه! ال! إّّنا ليس بفعل اخلوف ،بل أل ّن ذلك ال ُجيدي يف الوقت احلايل .عندما ال يَقبَلوننا
ننس ِّحب وحنن نصلّي ِّمن أجل اجملانني املساكني الذين َيوتون جوعاً وال يرون اخلبز.
فال نَ َلعن ،إّّنا َ
الرعاة ،إذا ما املتطرفة املنعزلة .أظنّنا سنصل إىل طريق اخلليل ...عند ُّ
لنمض عرب هذه الطريق ّ ِّ
وجدانهم».
اجم ابحلجارة؟»
«لكي ُهن َ
«ال ،بل لكي أقول هلم" :هذا أان"».
بسببك!»...
َ وهم يعانون
ابلعصي! ...منذ ثالثني عاماً ُ
ّ «إيه! حينئذ! سيكون الضرب
«سوف نرى».
الروايب هنا أكثر ارتفاعاً وحراجاً من روايب بيت حلم ،وهي يف ارتفاع متزايد ُم َش ِّّكلة سلسلة جبال
حقيقيّة.
يتفحص أمامه وحوله ،كما لو كان يبحث عن شيء صعد يسوع على رأس اجملموعة ،وهو ّ يَ َ
يتأخرون ِّ
ما .إنّه ال يتكلّم ،بل يُنصت ابألحرى إىل أصوات الغابة أكثر منه إىل كالم التالميذ الذين ّ
عنه أمتاراً قليلة وهم يتح ّدثون فيما بينهم.
لجلة ِّمن البعيد ،إ ّن اهلواء ُيمل صوت جرس صغري .فيبتسم يسوع ،مثّ يَلتَ ِّفت ويقول:
سمع َج َ
تُ َ
ُحس بوجود قطعان». «أ ّ
«أين اي معلّم؟»
عين الرؤية».
لكن الغابة حتجب ّ
«يبدو يل صوب هذا املرتَـ َفع ،و ّ
يوحنّا ال ينبس ببنت شفةَ .يلع ثوبه -فاجلميع َُي ِّملون معاطفهم َورَابً على الصدر أل ّهنم يَشعُرون
ابحلر -وبينما ُيتَ ِّفظ جبلبابه القصري ،يُعانِّق ِّجذع شجرة عالية وملساء ،وكأ ّهنا شجرة الدردار ،ويتسلّق،
ّ
حّت يـََرى« .نعم اي معلّم ،قُطعان كثرية ،وهنالك ثالثة ُرعاة ،خلف هذه الغابة الكثيفة». يتسلّقّ ...
يَهبط وَيضي اجلميع إىل هناك واثِِّّقني.
«سوف نسأل اي مسعان ،وإذا مل يَكونوا فسيقولون لنا شيئاً ،فهم يعرفون بعضهم».
«انتبه اي معلّمّ ،إهنم ُرعاة »...هبذه الكلمات يـُ َق ِّّدم يهوذا النصيحة ليسوع عندما يراه ّ
ُيث
اخلطى.
لكن يسوع ال جييب .بل يتق ّدم ،عظيماً وهبيّاً ،تُنري الشمس املائلة إىل الغروب وجهه ،وهو،
و ّ
صل إىل حدود احلقل يقول« :السالم بثوبه األبيضَ ،حتسبه مالكاً ،بقدر ما يشع نوراً ...وعندما ي ِّ
َ َ ّ َ
لكم ،اي أصدقائي».
« ِّمن الناصرة».
«آه! قل يل إذاً .هل عاد إليها طفل على يدي امرأة امسها مرمي ورجل يدعى يوسف ،طفل
حّت ِّمن أ ُّمه؟ وحنن مل َنر على روايب يهوذا وردة أمجل منه .طفل ُولِّ َد يف بيت حلم يهوذا يف زمن
أمجل ّ
فاراً ِّمن أجل سعادة العامل .طفل ،أان مستع ّد لتقدمي حيايت مثناً
االكتتاب؟ طفل أصبَ َح فيما بعد ّ
لتأ ّكدي ِّمن أنّه ما يزال حيّاً وهو رجل اآلن؟»
ب مع أبيه ر ه عندما هناك أكن مل قتله. يدر ي هريودس كانو ماسيا، ص، «ألنّه كان الـمخلِّ
ّ
ََ َ َُ
لدي أطفال (جيهش ابلبكاء) اي سيّدي، كان ا
ً أيض فأان - دت ع ابملذحبة مت وأمه ...وعندما علِّ
ّ ُ ُ ُ َ ّ
كنت أخشى عليه ِّ
برب إبراهيم أبنّين ُ لكين أُقسم ّ وو َجد ُهتم مقتولني (يبكي) و ّ وزوجة… (يبكي أيضاً) َ
بّ ،إال أنّين مل أستطع االستعالم عنه ،كما أنّين مل ِّ ِّ
مت أبنّه َهَر َ
أكثر من خشييت على عائليت -لقد َعل ُ
أبرص ،مثل َِّجنس... ِّ
مجت مثل َ ور ُت قاتالًُ ، أستَطع دفن زوجيت وأوالدي املذبوحني ...فقد اعتُِّرب ُ
ِّ
برب عمل .آه! إنه ليس حظيت ّ
ُ رت للهروب إىل الغاابت ألعيش فيها مثل الذائب ...إىل أن فاضطُِّر ُ
طَيِّّباً ِّمثل حنّة ...فهو قاس وفظيع ...فإن ُج ِّر َحت نعجة أو استوىل ذئب على َمحَل ،فهو يَضربين حّت
علي ب يتوج
َّ الغري، صاحلصادر أجريت البسيطة ،ويتوجب علي أن أعمل يف الغاابت لِّ يسيل دمي أو ي ِّ
ّ ّ ُ
كنت أقول دائماً للباري يهم ،فقد ُ أن أعمل يف أي شيء كي أ َُرّد له ثالثة أضعاف القيمة .إّّنا ال ّ
كل ما تب ّقى ليس بذي ابل" .سيّدي، حي ،و ّ األقل أعرف أنّه ّمسيحك ،دعين على ّ َ تعاىل" :دعين أرى
رب َع َملي يتعامل معي ،لقد كان إبمكاين عاملَين سكان بيت حلم ،وكيف كان ّ لك كيف َ قلت َلقد ُ
أرض بغري ِّ ِّ
رب عملي .إالّ أنّين مل َ الشر عن طريق السرقة كي ال أعاين من قبَل ّ بشر ،أو فعل ّ شر ّ رد ّ ّ
التَّسامح ،املعاانة والشرف ،فاملالئكة قالوا" :اجملد هلل يف العلى وعلى األرض السالم ،للناس ذوي
اإلرادة الطيّبة»".
«أهكذا قالوا؟»
األقل .جيب أن تعرف وتؤمن أ ّن ماسيا قد على ب الطي أنت بذلك، ق«نعم ،اي سيدي ،ثِّ
ّ ّ َ ّ
لكن املالئكة ال يكذبون ...وحنن ،حنن مل نكن ُسكارى ،كما ِّ
ُولد؟ ال يريد أحد اإلَيان بذلك بعد .و ّ
قالوا .هذا الذي تراه مل يكن آنذاك سوى طفل ،وكان ّأول َمن رأى املالك .مل يكن يشرب سوى
الرب ،يف مدينة ِّ سكر احلليب؟ لقد قال املالئكةِّ : احلليب .وهل ي ِّ
"ول َد لكم اليوم ُخمَلّص ،هو املسيح ّ
ُ ُ
ض ِّجعاً يف مذود"». وم ّ
داود ،وهذه عالمة لكم :جتدون طفالً ملفوفاً ُ
كل حال مل نكن لنستطيع ذلك، «آه! ال ،هل هذا صحيح اي ليفي؟ إّّنا لكي ال ننسى -على ّ
كل مساء ،عند و صباح كل ذلك د نرد اّكن - انر من حبروف قلوبنا يف ت ش أل ّن كلمات من السماء نُِّ
ق
ّ ّ ّ َ
القوة والعزاء ،مصحوبة ابمسه واسم ّأمه».
بزوغ الشمس وعندما تسطع ّأول جنمة ،لننال منها الربكة و ّ
«آه! كنتم تقولون "املسيح"؟»
«ال ،اي سيدي ،بل كنّا نقول" :اجملد هلل يف العلى ،وعلى األرض السالم ،للناس ذوي اإلرادة
ِّ
الطيّبة ،بيسوع املسيح الذي ُول َد ِّمن مرمي يف إسطبل يف بيت حلم ،والذي كان ملفوفاً ّ
ومضجعاً يف
مذود ،إنّه هو ُخمَلِّّص العامل"».
عمن تبحثون؟»
«ولكن ابلنتيجة ّ
الناصري ،ال ُـم َخلِّّص».
ّ «يسوع ،املسيح ،ابن مرمي،
«أان هو ».ويتألّق يسوع عند هذه الكلمات ،بتجلّيه ألصدقائه الـمخلِّ ِّ
صني ،األصيلني ،إ ّهنم ُ
وصبورون.أصيلون ،أوفياءَ ،
أنت! سيّدي ،ال ُـم َخلِّّص ،يسوعنا!» َ
وَيّر الثالثة أرضاً يـُ َقبِّّلون قدمي يسوع وهم يبكون من « َ
الفرح.
يهوداين».
جليلي .ومسعان ويهوذاّ ،
ّ «هؤالء هم تالميذي :يوحنّا،
«صموئيل ،الشيخ ،قد مات ،بسبب شيخوخته ،منذ عشرين عاماً .يوسف قُتِّ َل يف معركة على
ضنتُه حبّاً بصديقي، ابب داره ماحناً بذلك لزوجته الواضعة منذ ساعات فرصة للهرب مع هذا الذي َح َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 270 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ذت معي ليفي أيضاً ...إذ إنّه كان ُمضطَ َهداً .بنيامنيَخ ُوألجل ...ولكي يكون يل أطفال َحويل .وقد أ َ
يرعى يف لبنان مع دانيال .مسعان ويوحنّا وطوبيا الذي ّاختذ اآلن اسم متّيا إلحياء ذكرى أبيه الذي قُتِّ َل
يسي يف مرج بن عامر .إسحق أُصيبَت كليتاه وهو كذلكُ ،هم اآلن تالميذ يوحنّا .يوان يف خدمة ّفر ّ
يف بؤس ُمطبق ،وهو وحيد يف ايفا ،نساعده قدر استطاعتنا ...ولكنّنا مجيعنا يف ال ُـمصاب ذاته ،وما
مساعداتنا سوى قطرات ماء على حريقّ .أما يوانن فهو اآلن خادم ألحد كبار موظفي قصر هريودس».
«نعم اي سيّدي».
«ولكن ،ابدئ ذي بدء ،سنمضي لرؤية إسحقّ .أما صموئيل ويوسف فأين ُدفِّنا؟»
«مل تعد حترقه انر البشر ،إنّه اآلن يَضطَ ِّرم بلهيب حمبة ّ
الرب ،وسيكون قريباً يف اجملد .أقوهلا
ألبيك». أنت اي يوسف بن يوسفَ .هلُ َّم أُقَـبِّّ َ
لك عربون شكر َ لك َلكم ،بل أقوهلا َ
«وأوالدي؟»
« ّإهنم مالئكة اي إيلي .مالئكة وسوف يـَُرِّّددون "اجملدلة" عندما يـُتَـ َّوج املخلّص».
« َملِّكاً؟»
«ال ،بل فادايً .آه! موكب الصاحلني والق ّديسني! ّأوالً جحافل الشهداء الصغار البيضاء
صعد معاً إىل امللكوت حيث ال موت .ومن مثّواألرجوانيّة! بعد أن تُفتح أبواب اليمبس ،سوف نَ َ
الرب! آمنوا». ِّ
األمهات واألبناء يف ّ
ستُشاهدون وتلتَقون اآلابء و ّ
«نعم اي سيدي».
أنت».
«ال ،ليس أان ،بل َ
«اجملد هلل يف العلى ،وعلى األرض السالم ،لذوي اإلرادة الطيّبة ،الذين استح ّقوا رؤية النور
أشرقَت جنمة الصبح. وقد قطيعه. وسط وهو كي ل
َ م أصل من اعير ال بينهم. فيما صوخدمته .الـمخلِّ
ّ
َ ّ َ َُ
ض َع حدود ابلرب .هو الذي َخلَ َق قبّة السماء ونـَثَر النجوم فيها ،وهو الذي َو َ
افرحوا أيّها األبرار! افرحوا ّ
اليابسة والبحار ،هو الذي َخلَ َق الريح واملطر والذي نَظَّم دورات الفصول ليَمنَح اخلبز واخلمر ألبنائه،
احلي النازل من السماء ومخر الكرمة األزليّة .هلموا ،أنتم اي َرس َل لكم اآلن الغذاء األفضل :اخلبز ّ وقد أ َ
اصة بعضها إىل بعض يف انتظار تتوقّف القطعان عن الرعي .وقد َش َّكلَت شريطاً كبرياً ،مَت ّ
يفي
قيادهتا ،رّمبا إىل زريبتها .ولكنّين أرى العكس ،فلقد قادها الرعاة الثالثة إىل الغابة ،إىل عنرب ر ّ
مصنوع من أغصان ،وله سور من حبال .ويَ َنه ِّمكون يف صنع سرير من الكأل ّ
اجلاف ليسوع وتالميذه.
يُشعِّلون النار ،رمبا بسبب الوحوش.
يوحنا ويهوذا ،وبعد قليل ينامان .كان مسعان راغباً أبن يبقى ساهراً مع يسوع ،ولكنّهيتم ّدد ّ
بعد قليل ينام هو أيضاً جالساً على الكألُ ،مسنِّداً ظهره إىل وتد.
الرعاة .إنّه يتح ّدث عن يوسف ومرمي واهلروب إىل مصر والعودة ...لتبدأ
يبقى يسوع ساهراً مع ُّ
الودودة ،وهذه األسئلة األكثر رفعة :ما العمل خلدمة يسوع؟ كيف َيكنهم بعد ذلك االستعالمات َ
الرعاة اخلَ ِّشنون؟
ذلك وهم ُّ
كل على التالميذ عكم يـوِّجههم يسوع ويشرح هلم :أان ماض اآلن عرب اليهودية ،سوف يطلِّ
ّ ُ ّ َُ ّ
شيء .مثّ آيت بكمَ .جتَ َّمعوا يف انتظار ذلك .أَعلِّموا بعضكم بعضاً عن وجودي يف هذا العامل كمعلّم
لت السخرايت واملالحقات. ِّ ُ ِّ
وخمَلّص .انشروا ذلك قدر استطاعتكم .ال أَعدكم أبن يص ّدقوكم .لقد َحتَ َّم ُ
وأنتم كذلك ستواجهوهنا .ولكن مثلما عرفتم أن تكونوا يف السابق شجعاانً وأبراراً طوال فَتة هذا
االنتظار ،كونوا كذلك بعض الوقت أيضاً ،اآلن وقد أصبحتم أتباعي .غداً سنذهب إىل ايفا مثّ إىل
اخلليل .هل تستطيعون اجمليء؟»
«طوال العمر؟»
«طوال عمري».
الراعي)
( -40يسوع يف ايفا عند اسحق َّ
1945 / 01 / 12
فض ّي
ابجتاه اجلنوب متأل أجواء الوادي رطوبة وهي تَتاكض وتزبد يف سيل صغري ّ املياه اليت تسيل ّ
ينشر نداوهتا الضاحكة على مراعي ضفافه الصغرية ،إّّنا يبدو أ ّن الرطوبة تصعد كذلك إىل املنحدرات؛
حّت ذروة أشجار غابة
زمردة متع ّددة األلوان ،تصعد من األرض عرب أدغال وأشجار شبه غابةّ ، ّإهنا ّ
بكل ما يف هذه الكلمة من معىن ،فيها مساحات نور مقتطّعة وهي كسطوح خضراء من العشب ّ
صحية تستعيد فيها القطعان عافيتها.
الكثيف ،مراع ّ
يتوجب انتظار يَهبط يسوع مع تالميذه والرعاة الثالثة إىل السيل .إنّه يتوقّف بصرب وأانة عندما ّ
الراعي الصاحل، اته عن الدرب .إنّه ابلضبط َّ الرعاة خلف َمحَل َ أتخرت أو عندما جيري أحد ُّ
نعجة ّ
ي ،اليت ترتَِّفع
الرب ّ
اآلن ...وقد استعان هو أيضاً بغصن طويل إلبعاد ُسوق العلّيق ،واألشواك ،واليامسني َ
الرعوي.
ظهرهُ َّ ِّ وحت ِّ
اول التشبّث ابلثياب .وهبذا يَكتَمل َم َ كل صوب ُ
من ّ
عرب يُستخدم يف الصيف فيوفّر علينا«انظُر ،ايفا هناك يف األعلى .سوف جنتاز السيل .هناك َم َ
ذلك». عناء الذهاب إىل اجلسر .لو أتينا من اخلليل لكانت املسافة أقصرَّ ،أّنا َ
أنت مل تشأ َ
«ال ،اخلليل فيما بعد .األولويّة دائماً للمتألِّّمني .فاألموات ،عندما يكونون أبراراً ،ال يعودون
الصلوات ،فيما بعد .فال ضرورة ألنابراً .األموات الذين هم يف حاجة إىل َّ يتألّمون .وصموئيل كان ّ
حّت نصلّي هلم.نكون إىل جانب رفاهتم ّ
حّت
أخر َج اإلنسان من تراب .ليس هناك شيء آخرّ . الرفاة؟ ما هي؟ ّإهنا دليل قدرة هللا الذي َ
ُّ
أقل كماالً من الذي لإلنسان .فاإلنسان فقط َملِّك
عظمي ،إّّنا ّ
ّ لكل حيوان هيكل احليوان لـه ُرفاةّ .
للملِّك الذي يسيطر على أشيائه ،بَِّوجه يَنظُر إىل ِّ
اخلليقة ،وهو َيتلك الوضعيّة ال ُـمنتَصبَة اليت هي َ
أي مكانّ .إهنا الصالة ِّمن روح ألجل روح كانت ّ يف قام ُت أن ات و األم أجل ن َيكن للصالة ِّ
م
كل مكان .آه! اي أيّتها احلريّة املق ّدسة ،ال مسافات، متّحدة بنا ،لروح كامل هو هللا ،وهو موجود يف ّ
روحي ،وال سجون وال قبور ...ما ِّمن شيء يـُ َفِّّرق ويُ َكبِّّل بِّ َعجز مؤِّمل ما هو لكل ما هو ّ ال منفىّ ، ،
تتوجهون أبفضل ما فيكم من خري صوب حمبوبيكم .وهم سوف خارج الروابط البشريّة وفوقها .سوف ّ
تتحاب ،يتنامى حول انر ّ بكل اخلري الذي فيهم .واجلميع ،يف هذه الدفقات الروحيّة اليت يالقونكم ّ
احلب يكون، سوف وما كائن هو وما كان ما لكل قهللا األزلية :الروح الكامل بشكل مطلَق ،اخلالِّ
ّ ّ ُ ّ
احلب…الذي ُيبّكم ويعلّمكم ّ
عرب .فأان أرى رصفة حجارة تَربُز ِّمن املاء القليل الذي يَغمر أسفلها».
صلنا ال َـم َ
أظنّنا قد َو َ
شالالً صاخباًّ ،أما اآلن فما هو سوى جداول
«نعم ،إنّه هو ،اي معلّمّ .أايم الفيضاانت تَراه ّ
عرب». ِّ
ست صخور كبرية من ال َـم َسبعة تبتسم مبرورها يف املسافات الفاصلة بني ّ
ضعة يف قاع السيل على بُعد ِّشرب كبري ست صخور كبرية ،تكاد تكون منحوتةُ ،متَـ َو ِّّ ابلفعلّ ،
يتفرق اآلن إىل سبعة الواحدة من األخرى .واملاء ،الذي كان يش ّكل يف البدء شريطاً وحيداً يلمعّ ،
عرب بعذوبة فريدة ،ويبتعد وهو جيري ُمثَرثِّراً أشرطة ،متعجل يف جريه الض ِّ
َّاحك ،ليعود فَـيَجتَ ِّمع بَ َ
عد ال َـم َ ّ
مع حصى القاع.
يبدو يل أنّين أتبَعهُ .ها هو عند طالئع البيوت .يَسلك درابً بني الدُّور واحلدائق .يسري بضعة
مؤدية إىل ساحة .فاتين القول إ ّن هذا كلّه كان َُي ُدث ِّ
عشرات من األمتار مثّ يَ َنعطف يف طريق أوسعّ ،
السوق الذي ما يزال قائماً يف الساعات األوىل ِّمن الصباح ،وأقول اآلن ذلك ألُعطي تفسرياً لوجود ُّ
يف الساحة .رّابت بيوت وابعة يتكلّمون بصوت مرتفع حتت األشجار اليت تُظَلِّّل الساحة.
تردد ،إىل النقطة اليت تُ َش ِّّكل فيها الطريق امتداداً للساحة ،طريق مجيلة ،قد
َيضي إيلي ،دون ّ
تكون األمجل يف البلدة .عند الزاوية توجد خرابة ،أو ابألحرى غرفة مفتوح ابهبا ،وعند َعتَـبَتها سرير
الش َف َقة.
ص َدقَة بشكل يُثري َّ ِّ فقري يرقُد عليه ِّ
عاجز ِّ
املارة َ
عظمي ،يَطلُب من ّ
ّ هيكل بهش َ
دخل إيلي ابندفاع« :اسحق ...هذا أان».
يَ ُ
جميئك .لقد ِّجئتَين يف آخر قَ َمر».
أنت؟ مل أ ُكن أتوقَّع َ
« َ
ئت؟» ِّ
«اسحق ...اسحق ...هل تَعلَم ملاذا ج ُ
ابلفعل ،كان اسحق مستسلماً وكأنّه كان َيوتّ .إال أنّه يتماسك« :ال .اي للنبأ ...أين هو؟
كنت أستطيع رؤيته!»
كيف هو؟ آه! لو ُ
"هلُ َّم اي اسحق فأان
لك هذا ،ابلضبط هذاَ :
أرسلَين ألقول َ
«إنّه يف األسفل ،يف الوادي .وقد َ
الك». كتك" .أان ٍ
ماض الستدعاء َمن يساعدين يف إنز َ رؤيتك ومبار َ
أرغب يف َ
«أهكذا قال؟»
فعله؟»
«هكذا ،ولكن ما الذي تَ َ
«أان ذاهب إليه».
يقذفهما خارج السرير ،يسنِّدُها على يرمي اسحق األغطيةُُ ،ي ِّرك ساقيه اللتني ال حراك فيهماِّ ،
َّ َ
كل ذلك بشكل آينّ ،بينما يَنظُر إليه إيلي بعينني األرض ،ينهض وهو ما يزال غري م ِّ
ومَتحناًّ .
تماسك ّ ُ ََ
درك أخرياً ويَهتف ...فتأيت عجوز فضوليّة وترى العاجز واقفاً ،يتدثّر بغطاء! إذ مل يكن ُحمَملِّ َقتَني ...يُ ِّ
صرخ مثل دجاجة فَ ِّز َعة. لديه شيء آخر .وتَ َ ِّ
نصرف وهي تَ ُ
« َهلُ َّم بنا ...لنذهب ِّمن هنا بسرعة لِّنَـتَ َخلَّص ِّمن اجلَّمع ...بسرعة ،اي إيلي».
يركض اسحق بني القطيع الذي يرعى ،ويرمتي عند قدمي يسوع وهو يهتف هتاف نصر وفرح
َوَولَه.
وجهك».
َ لك السالم والربكة .قُم ودعين أرى
أتيت حامالً َ
«اهنض اي اسحق .لقد ُ
عجز عن النهوض .فاملؤثرات كثرية ،ودفعة واحدة ،فيبقى على األرض مع دموع
ّإال أ ّن اسحق يَ َ
الفرح.
مت!»
وصربك اي اسحق .أان أعرف كم أتلّ َ
َ إَيانك
«بسبب َ
«اي اسحق .ينبغي يل أن أكِّرز يف إسرائيل كلّها .أان ذاهب ...ولكن إذا مل أستطع أان املكوث،
فأنت تستطيع ِّخدميت واتِّّباعي .هل تريد أن تكون تلميذي اي اسحق؟»
َ
«آه! ولكنّين لن أصلُح لذلك!»
«هل تستطيع االعَتاف أبنّين هو؟ االعَتاف رغم مواجهة اإلهاانت والتهديدات؟ وأن تقول
أتيت؟»
دعوتك و َ
َ إنّين أان الذي
طاعتك اي
َ كنت سأخالف
كل هذا .ويف هذا ُ
كنت سأقول ّ
حّت ولو مل تكن تريد ذلك ،فقد ُ
« ّ
قلت ذلك».معلّم .ساحمين إذا ما ُ
ك تُصلِّح ألن تكون يل تلميذاً؟»
يبتسم يسوع «إذاً ،هل ترى أنّ َ
أظن أنّه ينبغي ِّ
كنت ّ
كنت أظنّه أكثر صعوبةُ .
«آه! إذا كان األمر يقتَصر على فعل هذا! ُ
السن
الراببنة ...والذهاب إىل املدرسة وأان يف هذه ّ
أنت ،رايب َّ
خلدمتك َ
َ الراببنة
الذهاب إىل مدرسة َّ
املتق ّدمة!»...
«أان؟ ال».
احلب ويف أن ُِّجت َّل وتُبارك هللا والقريب ،ويف ّأال تكون حسوداً،
تستمر يف اإلَيان و ّ
ّ «بلى .أمل
حّت ولو كان
تك ومل يـَعُد ،ويف ّأال تقول ّإال احلقيقة ّ وحّت ما كان يف حوز َ
لغريكّ ،
و ّأال تشتهي ما هو َ
«نعم اي معلّم».
«أترى؟ لقد أهنيت ِّمنهاج املدرسة .استمر هكذا وأ ِّ
َضف إليه إظهار وجودي يف العامل .وال تقم ّ َ
بشيء آخر».
« ِّمن هنا اي معلّم .سوف يكون ذلك أسهل على القطيع ،ولتحاشي الناس اهلائِّ ِّجني ابلتأكيد.
فالعجوز اليت رأتين أنتَ ِّ
صب واقفاً ال بد ّأهنا قد تكلَّ َمت».
جاعلني إايه ِّمن جهة اجلنوب ،ليتَّبِّعوا مسلَكاً ِّ
صاعداً ،بشكل أسرعُ ،مسايرين السيلِّ ، يَتبَعون َّ
َ ّ
السيل اآلن معاكساً جلهة الطريق الصاعدة ويَتاكض أنف اجلبل الذي يشبه مق ّدمة املركب .لقد أصبح َّ
فت على املكان...تعر ُ يف العمق بني ص ّفني من اجلبال اليت تتقاطع ُم َش ِّّكلة وادايً مجيالً ُمتَ ِّ
ضارساً .لقد َّ
علي هبا الربيع املاضي .اجلدار ذو
ال جمال لاللتباس فيه ،إنّه مكان رؤاي يسوع واألطفال اليت َم َّن َّ
احلجارة اجلافّة معروف متاماً وهو َُي ّد األمالك اليت تقطع الوادي .ها هي ذي احلقول أبشجار الت ّفاح
وأشجار التني واجلوز ،وها هو ذا البيت األبيض يف عمق اخلضرة ،جبناحه ذي اإلفريز الذي ُيمي
ِّ
ومالذاً .وها هي ذي ال ُقبَّة الصغرية ،يف األعلى ،وبستان اخلضار مع البئر ودعائم السلَّم ويُ َش ّكل ُرواقاً َ
ُ
الكرمة وحدائق الزهور…
يف املنزل أصوات صاخبة .يتق ّدم اسحق .يدخل وينادي بصوت مرتفع« :مرمي ،يوسف،
هلموا إىل يسوع».
عمانوئيل ،أين أنتم؟ ّ
ّ
هرع الصغار الثالثة :طفلة يف حوايل اخلامسة وطفالن يف الرابعة والثانية من عمرهم ،وأصغرهم يَ َ
ث ِّمن جديد .مثّ تصرخ الطفلة« :إنَّه ِّ
ري األفواه لرؤيتهم ...الذي بُعِّ َ ِّ
ما يزال يتعثّر اخلطى .يَق ُفون فاغ ّ
حق!»اسحق! اي ّأماه! اسحق هنا! جوديت كانت على ّ
متوردة ،مسراء ،كبرية ومجيلة، ِّ ِّ
األمّ ،من الغرفة اليت تَنبَعث منها األصوات الصاخبة َخت ُرج امرأة هي ّ
ومن خالل رؤيتها عن بُعد ،هي رائعة اجلمال بثياهبا االحتفاليّة :ثوب ِّمن الكتّان األبيض يشبه قميصاً
حّت الكعبني ،مشدوداً جيّداً يف الوسط بشال متع ّدد األلوان يُ ِّربز َردفَني قويّني،
مثيناً يته ّدل بثنيات ّ
حّت مستوى الركبتني من اخللف ،ويبقى مفتوحاً من الوجهة األماميّة بعد تصالبه ي ِّ
نسدل مع أهداب ّ ََ
ملونة على أرضيّة كستنائية فاحتة، عند مستوى احلزام حتت عقدة مصاغة .وشاح خفيف أبغصان زهور ّ
أنت متشي!
س جبنونَ ...
أظن الشمس قد َج َعلَت جوديت ُمتَ ّ
كنت ّ
«اسحق! ولكن كيف؟ ُ
ولكن ما الذي جرى؟»
أحببناك دون
َ فيتشجع الزوج ويتكلّم« :ادخل أاي ماسيا .لقد صر ابتسامته على املخاوف، وتنتَ ِّ
ّ
عليك .البيت اليوم ُيتَ ِّفل مبناسبات فَـَرح ثالث:
ك أكثر بعد أن تَـ َعَّرفنا َبك .وسوف حنبّ َ معرفة لنا َ
ادخل اي سيّدي».هلمي ابلطفل! ُ أنت واسحق وختان ابين الثالث .ابركه اي معلّم .أيّتها املرأة ّ َ
كل مكان.
سجاد وزينات يف ّ
دخلون إىل غرفة مع ّدة لالحتفال .طاوالت وأطعمةّ ،
يَ ُ
حاملَة على ِّ
ساع َديها َوليداً وسيماً تدفعه ليسوع. تعود سارة ِّ
يَنظُر االثنان إىل بعضهما ،يَنظُران إليه ،يَفتَحان فَ َم ِّيهما ،يُعيدان إغالقهما دون أن يَنبسا ببنت
شفة .اجلميع متي ّقظون.
يُلِّ ّح يسوع« :إ ّن اتريخ إسرائيل حافل ابلكثري من األمساء الكبرية ،األمساء اللطيفة واألمساء
املبارَكة ،إ ّن األكثر ظُرفاً واألكثر بركة قد أُطلِّ َقت ،إّّنا يوجد أيضاً أمساء أخرى».
َ
قدسي ج ّداً»...
ّ امسك ،اي سيدي!» ويضيف الزوج« :ولكنّه
يهتف الزوجان معاًَ « :
يبتسم يسوع ويسأل« :مّت سيكون اخلتان؟»
«سأكون حاضراً أثناء االحتفال .ويف انتظار ذلك أشكر لكم اهتمامكم ابسحق .مل يعد اآلن
يف حاجة إىل الطيّبني .إّّنا ما يزال الطيّبون يف حاجة إىل هللا .لقد أمسيتُما الثالث :هللا معنا .ولكنّكما
مبارَكني .وسوف نتذ ّكر كوان فلت مي. قد حصلتما على هللا منذ اليوم الذي مارستم فيه احملبة مع ِّ
خاد
َ َ ّ ُ َ َُ
فِّعلكما على األرض ويف السماء».
الرعاة والتالميذ ...يف اخلارج،كل الصغار الذين ُييطون به و ُّ مع له،وح جمموعة يسوع ل ي َش ِّّ
ك
ّ ُ
صَرها إيلي يف زريبة .يف املنزل أصوات االحتفال .وأيتون ليسوع ومرافِّ ِّقيه ابحللوى ِّ
ثُغاء النّعاج اليت َح َ
يوزعها على الصغار.
واملشروابتّ ،إال أ ّن يسوع ّ
«أفال تشرب اي معلّم؟ أال تَقبَل؟ ّإهنا ِّمن القلب بطيب خاطر»...
ِّ ِّ
الصغار ،ويف هذا سروري»... ِّ
كل قليب .إّّنا دعين أُسعد ّ
«أعرف ذلك اي يواكيم ،وأان أقبَلها من ّ
«ال تُعِّر اهتماماً لذاك الرجل اي معلّم».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 285 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«ال ،اي اسحق .إنّين أصلّي كي يرى النور .يوحنّا خذ الصغريين لرؤية النِّّعاج .و ِّ
أنت اي مرمي، ُ َ
هلمي قريب وقويل يلَ :من أان؟»
ّ
علي
رآك اسحق ،وهو الذي أطلَ َق َّ
أنت يسوع بن مرمي من الناصرة ،املولود يف بيت حلم .لقد َ
« َ
ك ألكون صاحلة».
اسم ّأم َ
قمة اجلبل ،تقيّة كما ينبغي ِّ
«أنت صاحلة مثل مالك هللا ،طاهرة أكثر من زنبقة متفتّحة يف ّ
الوي أن يكون ،لالقتداء به .هل ستكونني كذلك».
ألقدس ّ
«نعم اي يسوع».
«دعها اي يهوذا تناديين ابمسي .فما من شيء جيعله ُيتَ ِّفظ بكامل جرسه كما هو على شفاه
والديت ،مثل مروره على شفاه بريئة .سوف يَذ ُكر اجلميع ،عرب العصور ،هذا االسم ،البعض ملنفعة،
وآخرون ألغراض خمتلفة ،وكثريون للشتيمة .فقط األبرايء ،دوّنا حساب ودون كراهية ،سوف يَذ ُكرونه
ب ّأمي .سيناديين اخلطأة كذلك ،إّّنا حلاجتهم إىل الرمحةّ .أمي ِّ
وح ّ
حب هذه الطفلة ُ حبب يُعادل ّ ّ
والصغار! مثّ يقول للطفلة وهو يداعبها« :ملاذا تدعينين يسوع؟»
كراي .حجالي)
( -41يسوع يف اخلليل .بيت ز ّ
1945 / 01 / 13
السائِّر ،والذي تتق ّدمه النِّّعاج اليت ترعى عشب املنحدر يسأل:
يتوسط اجلَّمع َّ
يسوع الذي َّ
«تُرى حوايل أية ساعة سوف نَ ِّ
صل؟» ّ
فيجيب إيلي« :حوايل الساعة الثالثة (أي ما يعادل الساعة التاسعة حاليّاً) .فهناك ما يُ ِّ
قارب
العشرة أميال».
حقيقي
ّ «أََمل تكن املسافة من ايفا إىل إسخريوط أقصر؟ املفروض ّأهنا ليست ابلبعيدة .هل هذا
أيّها الراعي؟»
«ال ...إّّنا»...
رؤيتك ُمنغَلِّقاً دون النور إىل هذه الدرجة ،وقد استوىل عليك َ «إّّنا هو كذلك .ال تروق يل
لست
ضل أن يتكلّم هو ،فأان ُ أنت أيضاً اي مسعان .أُفَ ِّّالبشري إىل هذا احل ّد .ال ،دعه اي يوحنّا ،و َ
ّ احلس
ّ
إيل اي يهوذا، هلم داخلها. إىل ج ألومه أبداً .إين أريد فقط أن تتفتح النفوس لتفسح اجملال للنور كي يلِّ
ّ ّ َ ّ ّ
وحّت كثريين سوف َنصت .إنّ َ ِّ ِّ أ ِّ
شَتك بني عدد كبري من الناس يعيشون اآلنّ ، ك تَنطَلق من ُحكم َم ََ
ك ترتكب هذا دون فَتض أنّ َ
قلتُ :حكماً .كان ينبغي يل أن أقولَ :خطَأ .إّّنا مبا أنّه يُ ََ يعيشون .لقد ُ
منك ملاهيّة احلقيقة ،فهذا ليس خطأ ،إّّنا هو فقط ُحكم غري كامل ،كما َيكن نيّة سيّئة ،عن َجهل َ
أن يكون ُحكم طفل .وإنّكم َألَطفال ،أيّها الناس البائسون .وأان هنا املعلّم ،ألجعل منكم ابلِّغِّني
احلق ِّمن الباطل ،اجليّد ِّمن العاطل ،واألفضل ِّمن الفاضل .امسعوا إذاً: ِّ
قاد ِّرين على متييز ّ
األزيل».
ويدونونه يف الكتاب ّ
فيقول يسوع« :املالئكة ُهم الذين يقولون ذلك اي مسعانّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 289 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ند ِّهشة واألخرى ُم ِّ
باركة. ظرة ُم َ
َّظراتن ،األوىل نَ َ
يَنظُر مسعان إىل يسوع ،وتَلتَقي الن َ
«كالعادة ،أان على خطأ».
أنت أيضاً».
أنت أيضاً ،اي يهوذاَ ،
« َ
يوحنّا الذي يَسبق الباقني خبطوات يقول« :لقد ابنت بعض البيوت».
فلنحث ُخطاان».
ّ «
صدر صوت يسرعون يف األمتار األخرية من الطريق ويدخلون البلدة .أجراس القطعان تُ ِّ
َ ُ ُ
صلون املنزل. صنّاجات عندما تتق ّدم على احلجارة غري املرتّبة للطريق اليت ما يزال رصفها بدائياً ج ّداً .ي ِّ
َ ّ
يَنظُر الناس إىل هذه اجملموعة من الرجال املختلفني شكالً وسنّاً وأزايء وسط بياض القطيع.
يقول إيلي« :آه! لقد اختَـلَف! فهنا كان يوجد شريط مشبّك ».واآلن توجد مكانه بوابة حديد
حتجب الرؤية ،كذلك جدار تصوينة أعلى من اإلنسان ،وبذلك مل يـَعُد أحد يرى شيئاً.
لست أراه ...لقد كان إىل جانب الغيضة ،والغيضة اآلن خارج السور ،و...
«وكذلك القرب ُ
حتسبها أرض دولةُُ .يتَطَب منها ».إيلي أتخذه احلرية.
أودع يوحنّا بن زكرّاي السجن ،والبيت مل يعد ملكهّ .إهنا «آه! صموئيل! ...نعم ،ولكن منذ أن ِّ
يوزع عائدات ممتلكاته على فقراء اخلليل .وذات صباح أقبَ َل َر ُجل ِّمن حاشية مأساة ،ذلك أنّه كان ّ
هريودس ،رمى يوئيل خارجاًَ ،ختَ َمهُ ،مثّ عاد مع بـَنَّائني لبناء السور ...وقد كان القرب هنا يف الزاوية،
الرفاة ...مجعناها قدر ِّ
فامشأز منه ...وذات صباح َو َجدانه ُخمََّرابً ،شبه ُم َهدَّم ...وقد اختَـلَطَت ّ َّ
سكن عشيقاته يف بيت الكاهن استطاعتنا ...وهي اآلن يف نعش واحد ...أما ذاك القميء فإنه ي ِّ
ُ ّ
زكرّاي .واليت تَس ُكنه اآلن هي ممثّلة من روما .لذلك َرفَ َع اجلدار .ال يريد ألحد أن يرى ...بيت الكاهن
حتملنا من بكل أتكيد ،هذا إن مل يكن هو ماسيا .وكم ّ بيت ُم َس َّور! بيت املعجزة والسابق! إنّه هو ّ
املتاعب من أجل املعمدان! ولكنّه عظيمنا! يف احلقيقة هو عظيمنا! فمولده كان معجزة .أليصاابت
كانت عجوز مثل عود ايبس ،وأصبَ َحت خصيبة مثل شجرة ت ّفاح يف آذار ،وهذه املعجزة األوىل ،مثّ
وفك عقدة لسان زكرّاي .كان امسها مرمي .إنّين أتذ ّكرها رغم أنّنا مل أقبَـلَت قريبة هلا ،ق ّديسة ،ملساعدهتا ّ
ض َعت لست أعلَم .يقال ّإهنا إرضاء ألليصاابت قد َو َ نكن نراها ّإال اندراً ج ّداً .كيف َح َدث ذلك؟ ُ
لست أعلَم متاماً .إّّنا ما هو
ض َعت أصابعها يف فمهُ . فم زكراي األبكم على أحشائها احلُبلى ،أو ّإهنا َو َ
أكيد ،هو أنّه ،بعد تسعة أشهر من الصمت ،تكلّم زكرّاي ممج ِّّداً هللا بقوله :إ ّن وجود ماسيا قد أصبَ َح
لدي .إّّنا زوجيت ،اليت كانت موجودة هناك يومذاك ،تؤّكد أ ّن زكرّاي حقيقة واقعة .ال معلومات أخرى ّ
قال وهو َيجد هللا ،إن ابنه سيسبقه .واآلن أان أقول :ليس كما يعتقد الناس .إ ّن يوحنا هو ماسيا وهو
ألست حم ّقاً؟»
يسري ق ّدام هللا ،كما كان إبراهيم يسري ق ّدام هللا .هاكمُ .
حق فيما «إنّ َ ِّ
لست على ّ
ك َ َيص روح املعمدان الذي يسري دائماً ق ّدام هللا ،ولكنّ َ
ك ُحم ّق فيما ّ
َيص ماسيا».
«إذاً فتلك اليت كان يقال عنها ّإهنا أ ُّم ابن هللا -حسب قول صموئيل -أومل تكن كذلك يف
احلقيقة؟ أمل تعد كذلك؟»
حقيقي ّنا مبفردهِّ ،من دون عون أبيه و ّأمه .فما كاد يصبح ابناً
ّ «ال ،ال ،فإنّه هو احلَ َملَ .محَل
حّت اختلى يف كهوف اجلبال املواجهة للصحراء ،وهناك ّنا وترعرع ،وهو ُُي ِّادث هللا .أليصاابت للشريعة ّ
األم .ما ِّمن ق ّديس أعظم منه .سلوا اخلليلضر .ذلك أ ّن هللا كان له األب و ّ وزكرّاي ماات ،وهو مل َُي ُ
فَتض أن يكون أهل بيت حلم على صواب .فق ّديس هللا هو كلّها .صموئيل كان يقول ذلك ،إّّنا يُ ََ
يوحنّا».
عند البوابة تَِّقف امرأة يف َريعان الشباب ،مثرية ،مجيلة ج ّداً« .سيّدي ،هل تريد الدخول إىل
املنزل؟ ادخل».
يَنظُر إليها يسوع بصرامة مثل قاض ،وال يتكلّم .فيتص ّدى هلا يهوذا ومبوافقة اجلميع« :عودي
ِّ
أبنفاسك ،أيّتها الكلبة املسعورة». إىل الداخلَ ،وقِّ َحة ،ال تَغوينا
يعلو املرأة امحرار شديد وتُطأطئ الرأس .وتَغيب بسرعةُ ،مضطَ ِّربةُ ،مهانَة ِّمن قِّبَل األطفال
املارة.
و ّ
ط الت ّفاحة املق ّدمة ِّمن حواء؟"»
« َمن منكم هو الطاهر لدرجة يستطيع معها القول" :مل أشتَ ِّه ق ّ
أتوجه إليه ابلتحيّة بعبارة :ق ّديس .ال أحد؟ إذاً ،إن يقول يسوع ذلك جب ّدية ويضيف« :عيّنوه يل وأان ّ
مل يكن ِّمن ابب االحتقار ،بل من ابب الضعف تشعرون بعجزكم عن االقَتاب من هذه املرأة،
ُّعفاء على معركة غري ُمتَكافِّئة .أيّتها املرأة أريد الدخول .إ ّن ملكيّة هذا البيت ِّ ِّ
فانسحبوا .أان ال أُرغم الض َ
َ
كانت تعود ألحد أقرابئي .فهو عزيز على قليب».
«سيّدي!»
امسك اي سيدي؟»
«ما َ
«يسوع».
ومن؟» ِّ
«كيف ُختَلّص؟ َ
الرفعة
و فَّر
الش كذلك
و األمل ادة
ر إ ، الطهارة م«الذي يريد اخلالص بصدق .أُخلِّّص وأان أُعلِّ
ّ
ّ َ َ َ
أبي مثن ».يتكلّم يسوع بغري حدة ،إّّنا كذلك دون االلتفات إىل املرأة.
واخلري ّ
«أان ميتة».
فارمحين»...
بقدميكَ ،
َ لمسين وال تدوسين
إيل وال تَ َ
الصالح كذلك ،اي َمن ال تَنظُر ّ
أنت َّ
« َ
ِّ
روحك». رمحي ترمحي ِّ
ذاتك ،تَ َ «يف البدء ِّ
عليك أن َ
«تُرى ما يكون الروح؟»
«هو الذي جيعل من اإلنسان إهلاً ال حيواانً .والرذيلة ،اخلطيئة ،تقتله ،وهو لو مات يُصبِّح
اإلنسان حيواانً مثرياً لالمشئزاز».
مرة أخرى؟»
رؤيتك ّ
«هل سأمت ّكن من َ
عين جيدين».
« َمن يبحث ّ
«أين تقطن؟»
«إذاً ...فلن أر َاك أبداً ...إذ حيث أكون أان فال أحد يريد طبيباً وال عالجاً وال استقامة وال
نزاهة».
أدعوك "يسوع" .آه! ليس بدافع األلفة ورفع الكلفة! ...إّّنا لكي يَلِّج
«الوداع اي سيدي .دعين َ
قليل ِّمن اخلالص إىل أعماقي .أان أُدعى حجالي .اذ ُكرين».
«نعم ،الوداع».
ارم .ينظُر إىل اجلميع .ي ِّ
الحظُ الص ِّ َ
اجلاد َّ
وَي ُرج يسوع ،مبظهره ّ تبقى املرأة يف عمق احلديقةَ .
خادم يُغلِّق البوابة.
االرتباك ابدايً على التالميذ ،واالزدراء لدى اخلليلينيِّ .
ّ
طرق ابب الكنيس .يتق ّدم شيخ صغري الق ّد ،حانِّقاً .ال سوي .يَ ُ
يَسلك يسوع الطريق بشكل ّ
حّت للكالم« .الكنيس حمظور ،وال جمال يف هذا املكان املق ّدس ملن يـَتَ َحدَّثون إىل
ََينَح يسوع فرصة ّ
انص ِّرف!»
البغاايَ .
حّت يَبلُغ َخمَرج اخلليل .عندئذ ِّ
يعود يسوع أدراجه دون كالم ،ويُكمل طريقه وأَتبَاعه خلفهّ .
يبدأون ابلكالم.
كل الناس!» بني نم يقول يهوذا« :أنت ابتدأت ابملشاكل ،اي معلّمِّ .
عاهرة! ِّ
ّ َ َ
يذمين ،ماذا تقول
أنت اي َمن ّ منك .واآلن َ لك ّإهنا ستسمو إىل درجة أرفَع َ احلق أقول َ
«يهوذاّ ،
يل عن اليهود؟ يف األماكن األكثر قداسة يف اليهوديّةَ ،س ِّخروا ِّمنّا وطََردوان ...ولكن هكذا .لقد حان
الرب فسوف تتلطّخ يداه ابلدم احلقّ ،أما شعب ّ السامرة والوثنيّون اإلله ّ
الوقت الذي يَعبُد فيه أهل َّ
احهن اتفهة ال وزن هلا.
أجسادهن وأرو ّ
ّ وابجلرَية ...ابجلرَية اليت تبدو أمامها خطااي البغااي اللوايت تَبِّعن
الرفاة املقدَّسة ،وابتَ ِّهجي
يهم .اسَتُيي أيّتها ُّ
البار .إّّنا ال ّ
مل أستطع الصالة على رفاة أقرابئي وصموئيل ّ
ظهرون فيه للمالئكة ِّ
أيّتها األرواح اليت كانت تسكنها .فالقيامة األوىل وشيكة ،ومن مثّ أييت اليوم الذي تَ َ
كخ ّدام للرب».
1945 / 01 / 14
لدي انطباع أب ّن القسم األكثر احنداراً ،أي العُقدة األكثر ِّضيقاً يف جبال اليهوديّة هي بني
ّ
اخلليل وايفا .إّّنا قد أكون خمطئة ،وقد يكون عبارة عن واد يَن َفتِّح أبكثر اتساعاً على آفاق أكثر
لست أدري .أراها
َر َحابة ،حيث تَربُز جبال منفردة وليست سلسلة .قد يكون إسفيناً بني سلسلتني ُ ،
لست أعرف عنها الكفاية .يف حقول أكثر ضيقاً ولكن معتىن هبا ،حماصيل خمتلفة ِّمن مرة و ُألول ّ
ّ
تعرضاً للشمس .مثّ
خاص الشيلم ،وكذلك كروم رائعة على األراضي األكثر ّ احلبوب :الشعري ،وبشكل ّ
صعوداً ،غاابت صنوبر ،وتنوب (أشجار حرجية صنوبرية) ،وعطور أخرى غاابتيّة .طريق ...منعزلة
وهي مبثابة مدخل إىل قرية صغرية.
ويقول يهوذا الذي مل يعد يتمالك نفسه من ش ّدة التأثّر« :هي ذي ضاحية إسخريوط ،أرجوك
ومن مثّ سنذهب إىل إسخريوط». تنتظرك هناكِّ . يفيّ .أمي
َ أن أتيت إىل بييت الر ّ
فالرعاة مل يعودوا معه .قد
لقد فاتين القول أب ّن يسوع اآلن مع يهوذا ويوحنّا ومسعان فقطُّ ،
يكونون َم َكثوا يف مراعي اخلليل أو رّمبا عادوا إىل بيت حلم.
ك».
فنتعرف إىل ّأم َ
«كما تريد اي يهوذا ،إّّنا كان إبمكاننا التوقّف هنا ّ
فإهنا تبقى يف
يفي ،ال أتيت إليه ّأمي إال َزَمن اجلَّين .يف ما عدا ذلك ّ
«آه! ال ،إنّه بيت ر ّ
إسخريوط .مثّ أال تريد أن تر َاك بلديت؟ أال تريد أن َحت ِّمل هلا َ
نورك؟»
لكن البيت ليس خرابة .إنّه بناء ِّمن طابق واحد ،ولكنّه َرحب ووضعه جيّد وسط حديقةو ّ
كثيفة انجحة .طريق صغرية خاصة نظيفة ج ّداً تَ ِّ
صل البيت ابلشارع العام. ّ
«أتسمح يل أبن أسبقكم اي معلّم؟»
«هيّا».
وَيضي يهوذا.
قبلك».
خلادمتك أن تست َ
َ يك ،ملك إسرائيل ،امسَح
فتقول وهي تنحين مثل رعيّة حقيقيّة« :أحيّ َ
معك ومع ِّ
ابنك». لك اي امرأة .وليكن هللا ِّ
«السالم ِّ
ّإال أن يسوع ال جييب .إنّه يـُ َقبِّّل خ ّدي املرأة اليت أهنَ َ
ضها ،مثّ يتّجه إىل املنزل ممسكاً بيدها.
كل شيء جاهز: دخلون إىل غرفة رطبة حيث ستائر أبخاديد لطيفة تُضفي عليها ظالالًّ . يَ ُ
مشروابت مر ِّطّبة وفواكهّ .إال أ ّن ّأم يهوذا تنادي ّأوالً خادمة حتمل ماء ومناشف .وقد كانت ربّة البيت
فاألم خملوقة
األمّ .لكن يسوع َيانع« :ال ،أيّتها ّ
املغربتني .و ّ
تبغي خلع حذائي يسوع وغسل قدميه ّ
مق ّدسة ج ّداً ،خاصة عندما تكون شريفة ونزيهة وابرة ِّ
مثلك .فال َيكن أن أمسح أبن أتخذي وضعيّة ّ ّ
العبد».
آه! اي يهوذا ،ماذا تنتَ ِّظر ِّمن سلطان يل حبسب اجلسد؟ ماذا َأتمل؟ لقد َمنَحتُ َ
ك الوقت لتف ّكر
كنت أعرف...
ك ألنّين ُ استبعدتُ َ
كنت قد َ حّت إنّين ُ اتم منذ الوهلة األوىلّ . ك بوضوح ّ وتقرر ،وقد َكلَّمتُ َ
ّ
داخلك .ملاذا تريد أن تتبعين إن مل تكن ترغب يف أن َ ألنّين أعرف ،نعم ألنّين أعرف وأقرأ وأرى ما يف
فلست لك.
نفسك وال تتبعين ...اذهب .فهذا أفضل َ َ تكون مثلما أشاء؟ اذهب اي يهوذا! ال تُ ِّ
زعج
َ
ففيك الكربايء والطَّ َمع بفروعه الثالثة وروح
منك كثرياًَ . أنت العامل املناسب هلذا العمل ...إنّه أرفع َ َ
َّزعة إىل الكذب ...ال .فعلى َمن يريد أن ختشاك ...وكذلك الن َ َ ك أنحّت إنّه على ّأم َ
السيطرةّ ...
لك فقط ،مع أمل عدم القدرة ألعنك .بل أقول َ
أكرهك .ال َ َ يتبعين ّأال يكون هكذا .اي يهوذا :أان ال
لنفسك مرتبة يف العامل ،إذا كان هذا ما
َ بكَ ،ك ِّّون
لك فقط ،اسلُك در َ على تغيري إنسان أحبّه ،أقول َ
تبق معي.
ترمي إليه .إّّنا ال َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 303 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
طريقي! ...مملكيت! ...أيّة آالم ستكون! هل تعلم أين سأكون ملكاً؟ مّت َسيُعلَن ُملكي؟
سيكون ذلك عندما أُرفَع على عود ذليل ،عندما سيكون دمي برفرياً يل ،والتاج إكليل شوك مضفوراً،
واإلعالن ايفطة خمزيةّ ،أما األبواق والصنوج واألراغن والقيثارات اليت حتيّي الذي يُعلَن عنه ملكاً
كل هذا؟ سوف يكون فستكون الشتائم من قبل شعب كامل :من شعيب .وهل تعلم بفعل َمن سيكون ّ
بفعل واحد مل يكن قد فَ ِّه َمين ،وال يدرك شيئاً .قلبه برونزي فارغ ،حيث الكربايء وامليل إىل الشهوة
والبُخل ستكون قد نـَ َفثَت ُمسّها ِّمن حيث تكون قد ُخلِّ َقت ثعابني متشابكة لِّتُ َش ِّّكل يل واثقاً و ...له
وبينك .فضالً
أرجوك :ال تَـ ُقل شيئاً .وليبق هذا بيين َ لعنة .واآلخرون ال يعرفون مصريي هبذا الوضوح .و َ
فهمت اي يهوذا؟»
َ ذم" .هل صمت كي ال يقال" :قد أصابين ّ عن ذلك ...فهي َم َذ َّمة ...وسوف تَ ُ
ّأما يهوذا فمن كثرة امحراره مال لونه إىل البنفسجي .وهو يقف إىل جانب يسوع ،إنّه مضطرب،
قصين.ك اي معلّم فال تُ ِّ خافض الرأس ...مثّ يركع ويبكي ورأسه ملقى يف أحضان يسوع« .إنّين أحبّ َ
همك.
املرة األخرية اليت أُسيء فيها ف َ ِّ
نعم ،إنّين ُمتَ َك ّرب ،بَل أان أبله ،إّّنا ال تصرفين .ال اي معلّمّ ،إهنا ّ
أحيطك بكثري
َ كنت أبغي أن احلب موجودُ . حّت يف هذا اخلطأ ّ معك ،فأان مل أف ّكر .ولكن ّ احلق َ كل ّ ّ
قلت ذلك منذ ثالثة فأنت قد َ كَ . ك اآلخرون أيضاً ...ألنّين أحبّ َمن اإلجالل ...وأعمل على أن جيلّ َ
أايم" :عندما ختطئون بدون مكر ،جبهل ،فهذا ليس خبطيئة ،إّّنا هو ُحكم غري كاملُ ،حكم أطفال،
ك تكون يل مبثابة األب... قلت يل إنّ َ
كبتيك ...وقد َ وأان هنا ألجعلكم تَبلغون" .ها أنذا اي معلّم عند ر َ
منك أن جتعل ِّم ّين "ابلغاً" ،ق ّديساً منك العفو .أطلب َ ك أيب فعالً ،وأطلب َ كبتيك كما لو أنّ َ عند ر َ
أنت ترى أنّينيف سيّئَ . كل شيء َّ ابلغاً ...ال تصرفين اي يسوع ،اي يسوع ،اي يسوع ...ال ،فليس ّ
أحصل عليها يف كنت َ فأنت ابلنسبة يل أمسى من الكرامات واالمتيازات اليت ُ أتيتَ . كل شيء و ُ كت ّ تر ُ
لك سوى ِّ
ب الفقري ،البائس يهوذا الذي ير َغب يف ّأال يـُ َق ّدم َ أنت ُح ّ
أنت ،نعمَ ، خدمة اآلخرينَ .
لك األمل»...
الفرح ،بينما هو على العكس يسبّب َ
أساحمك على أمل...
َ أساحمك »...يبدو يسوع تَعِّباً« ...
َ مرة أخرى
«هذا يكفي اي يهوذاّ ،
على أمل أن تفهمين يف املستقبل».
«احلقيقة»...
«آه! ال».
إليك أوامر هلذا اليوم .فهناك دائماً طريقة لقول احلقيقة دون جرح
أصدرت َ
ُ «احلقيقة :أنّين
ك واآلخرين». ِّ
احملبّة .هيّا .اند ّأم َ
صارم .وال يعود لالبتسام ّإال حينما يعود يهوذا مع ّأمه والتلميذينُ .متعِّن
يبدو يسوع مبظهر ِّ
أبهنا نـَ ْفس متألّمة.
لدي انطباع ّ
فتطمئنّ .
ّ الرفق،
األم النظر يف وجه يسوعّ ،إال ّأهنا تلحظ فيه ّ
ّ
األم على ما فَـ َعلتِّه ِّ
أخذت قسطاً من الراحة وأشكرك أيّتها ّ
ُ «ألن نذهب إىل إسخريوط؟ لقد
ِّ
زوجك الذي تَبكني ،الراحة والسعادة من أجل احملبّة اليت فلتكافئك السماء ،ولِّتَ ِّهب
ِّ وبر.
من صالح ّ
ِّ
تكنّينها يل».
ـاول األ ُّم تقبيـل يـدهّ ،إال أن يســوع يضـع يـده على رأسـها ُمال ِّطفـاً وال يَ َدعهـا تفعـل.
ُحت ِّ
األمامي ،وإىل جانبه يهوذا ،ويف اخللف املرأة والتلميذان .يهمز السائق القسم يف يسوع س َجيلِّ
ّ
الثريان وُيثّها بينما هو يسري إىل جانبها.
املسافة قصرية .أربعمائة مَت أو أكثر قليالً ،مثّ ها هي تلوح طالئع بيوت إسخريوط ،اليت تبدو
يل بلدة صغرية عاديّة ج ّداً .على الطريق املشمسةَ ،ولَد صغري يُراقِّب ،مثّ يَنطَلِّق مثل الصاروخ .وحينما
ضرة،
وخ َ
مهروا الستقباله ،مع سدائل ُ الو َجهاء والشعب قد َجتَ َ
صلَت العربة إىل مشارف البيوت ،كان ُ َو َ
ضرة على طول الطرقات بني بيت وآخر .هتافات فرح ،واحنناءات كبرية تصل وخ َ وكذلك توجد سدائل ُ
ومن على عرشه املَتنِّّح ُُييّي ويُ ِّ
بارك. حّت األرض .مع هذا مل يستطع يسوع التملّصِّ ،
ّ
تُتابِّع َ
العَربَة ،مثّ تَدور وراء ساحة يف شارع آخر .تقف أمام بيت ّبوابته مفتوحة على مصراعيها،
وعلى عتبته تقف امرأاتن أو ثالثة .يتوقّف اجلميع وينزلون.
كنت ،شكراً .والشكر هلؤالء الناس الذين َحنوا قلوهبم جتاه َكلِّ َمة اآلب ،حنو لكَّ ،أايً َ
«شكراً َ
للرب تعاىل ،الشكر ِّ
اآلب الذي أان َكل َمته ،لكي تَعلَموا أنّه ليس البن اإلنسان الذي ُي ّدثكم ،إّّنا ّ
ُبوته احملطَّمة وضعها الصحيح مع أبناء البشر. استعادت أ َّ
َ واإلكرام ،من أجل زمن السالم هذا ،حيث
ومنَ َحه ال ُـم َخلِّّص املولود .فليس ليسوع
َحبَّه َ
احلقيقي ،إلله إبراهيم الذي َر َح َم شعبه وأ َ
ّ للرب
التسبيح ّ
احلب هذه اجملد والتسبيح». خادم اإلرادة األزليّة ،إّّنا إلرادة ّ
«تتكلّم كالماً مق ّدسـاً ...أان رئيس اجملمع .اليوم ليس يوم سبت ،إّّنا َهلُ َّم إىل بييت لشـرح
كرس امللوك». عليك افضـل من الزيت الذي يُ ِّّ
ـحة احلكمـة َ أنت اي َمن َمس َ
الشـريعـةَ ،
«سوف آيت».
«ال اي يهوذا ،ال تَـ َعب أبداً يف احلديث عن هللا ،وال رغبة يل على اإلطالق يف خيبة آمال
القلوب».
ابنتظارك».
َ فكل إسخريوط هنا يف اخلارج
فيلح رئيس اجملمعَ « :هلُ َّم إذاًّ ،
ّ
«هيّا بنا».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 307 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
وَيرجون .يسوع بني يهوذا والرئيس ،مثّ ِّمن حوهلم الو َجهاء واجلُّموعَ .ير يسوع ويُب ِّ
ارك. ّ ُ َُ
يتوجه يسوع إىل املكان املع ّد للتعليم .يبدأ الكالم ،مبظهره
دخلونّ . يطل على الساحة .يَ ُ
اجملمع ّ
امللهم ،وذراعيه املمدودتني ،وحبركته املعتادة.
األبيض الكامل بثوبه الرائع ،ووجهه َ
أنصتوا .فالذي ُي ّدثكم ليس سوى َكلِّ َمة هللا .سلطانه
«اي أهل إسخريوطَ :كلِّمة هللا يتكلّمِّ .
َ
أييت من اآلب ويعود إىل اآلب عندما ينهي كِّرازته إلسرائيل .فلتُفتح القلوب للحقيقة كما النفوس،
لكيال تستكني يف اخلطأ حيث تولد البلبلة.
كل ثوب ملطّخ ابلدماء يصري وقوداً للنار .ألنّه قد ُولِّ َد قال أشعيا" :الغنائم اليت بيد مسلحة ،و ّ
ودعي امسه عجيباً ،مشرياً ،إهلاً جبّاراً ،أاب األبد، ِّ
لنا َولَد وأُعط َي لنا ابن ،فصارت الرائسة على كتفه ُ
رئيس السالم" .هوذا امسي .فلندع للقياصرة واحلُّكام غنائمهمّ .أما ابلنسبة يل ،فسأسرق ،إّّنا ليست
تستحق النار ،بل على العكس ،سوف أنتَ ِّزع ِّمن انر الشيطان غنائم وغنائم ألقودها إىل مملكة ّ سرقة
السالم اليت أان أمريها ،وإىل الدهور اآلتية :األبديّة اليت أان أبوها.
أنصتوا ابنتباه يتهامسون قليالً مضطَ ِّربني .يتح ّدث يسوع إىل رئيس اجملمعّ .
ينضم والناس الذين َ
الو َجهاء. ِّ
إىل اجلماعة أانس آخرون قد يكونون من ُ
ألست ملك إسرائيل؟ لقد قيل لنا»...
«اي معلّمَ ...
«أان هو».
قلت»...
ك َ «ولكنّ َ
«إنّين ال أملك وال أعد بثروات العامل .ال َيكنين البوح بغري احلقيقة .هو هكذا .أان أعرف
العلي .لقد قيل جتاه لديكم الذي العظيم امَت االح ن أفكاركم .إّّنا الغَلَط أييت ِّمن أتويل خاطئ ِّ
وم
ّ
وملِّك" ابحلقيقة شيء واحد.
لكم" :أييت ماسيا" .وأنتم اعتَـ َقدمت ،مثل الكثريين يف إسرائيل ،أ ّن "ماسيا َ
«اي معلّم ،اي يسوع ،كما تشاؤون .فأان املعلّم ،وأان يسوع ،ال ُـم َخلِّّص».
بقوة حبّه ،الصاعد من جديد إىل َيني اآلب «أراه ،ذاك املختار ،األمسى ،الكامل ،النازل إلينا ّ
العلي ،وكما يقول سفر مادي ،مثلما رأى موسى ّ املتّحد معه .إّّنا ذاك هو! ليس صواتً وجوهراً غري ّ
حقيقي ،أراه صاعداً
ّ التكوين :إ ّن أول زوج َع ِّرفاه عندما كان يكلّمهما يف نسيم الليل .بل هو جسد
اإلهلي! آه! اي لبهاء اإلنسان -هللا! إنّه اجلسد ىن س ممجد! آه! اي لِّ
َّ د س ج ! ع حنو األزيل ،هو جسد م ِّ
ش
ّ َ َ َ َ ّ ُ ّ
لَ َملِّك! نعم ،إنّه َملِّك .ليس ملك إسرائيل وحسب ،إّّنا العامل أمجع .وأمامه تنحين مجيع املمالك
كل التيجان يف ألق صوجلانه ونفائسه .اتج ،هو ُيمل على كل الصوجلاانت و ّ األرضيّة ،وتتالشى ّ
جبهته اتجاً .صوجلان ،إنّه ُيمل يف يده صوجلاانً .وعلى صدره وسام ،تتألأل فيه جواهر وايقوت وتتألّق
بشكل مل يـَُر لـه مثيل .ألسنه هليب خترج منه كما ِّمن أتون عظيم .يف قبضته ايقوتتان وحلقتا ايقوت يف
معك...َصعد َ األزيل! أر َاك! أر َاك! أ َ
قدميه املق ّدستني .نور ،نور الياقوت! انظروا أيّها الشعوب إىل امللك ّ
مدماة،
عيين نفسي ...امللك مزيّن بدمه! التاج أشواك ّ رب! اي فادينا! ...يتنامى النُّور يف ّ آه! اي ّ
خادمك .اي يسوع،
َ افتدائك ارحم
َ حبق
ريبّ ،
أنت!ّ ... الصوجلان صليب ...هوذا اإلنسان! هاهو! إنّه َ
ُسلِّّم روحي».
لرمحتك أ َ
َ
شاابً بفعل انر النُّبوة ،اهنَ َار فجأة وكاد يَس ُقط لو ِّ
حّت ذلك احلني ،وقد عاد ّ
العجوز ال ُـمنتَصب ّ
مل أيخذه يسوع إىل صدره.
«شاوول!»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 311 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«مات شاوول!»
«النجدة!»
«أسرعوا!»
البار الذي َيوت ».يقول يسوع ذلك بينما جيثو هبدوء ليتم ّكن ِّمن َمحل
«هدوءاً وسالماً حول ّ
العجوز ،الذي أصبَ َح أكثر وزانً ،بشكل اسهل.
يسود الصمت.
مثّ َي ّدده يسوع على األرض .يَ َنهض من جديد« .السالم لروحه .لقد مات وهو يرى النور.
وبعد زمن االنتظار الذي أصبَ َح قصرياً ،سوف يـََرى وجه هللا ويكون سعيداً .فاملوت ،أي االنفصال
الرب».
مقومات احلياة ،ليس للذين سيموتون يف ّ عن ّ
الو َجهاء ويسوع وأَتباعه ورئيس
وبعد بُرهة ،يبتعد الناس وهم يتح ّدثون عن احلَ َدث .ويبقى ُ
اجملمع.
ََي ُرجون.
«اي معلّم ،لقد مات شاوول حماطاً بروح هللا .وحنن الذين ملسناه ،هل حنن طاهرون أم غري
طاهرين؟»
«غري طاهرين».
أنت؟»
«و َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 312 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ائيلي أن ُيافظ عليها.
أي إسر ّأغري الشريعة .فالشريعة هي الشريعة ،وعلى ّ «أان كاآلخرين .ال ّ
حّت ذلك احلني ،حنن غري طاهرين .يهوذا، حنن غري طاهرين .وسوف نـَتَطَ َّهر بني اليوم الثالث والسابعّ .
َّجاسة إىل بيتها .أَعلِّمها أبيّة طريقة .السالم هلذه البلدة .لننطلق».
ك .لن أمحل الن َ لن أعود إىل بيت ّأم َ
مل أعد أرى شيئاً.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
رب اخلليل)
الرعاة قُ َ
( -43يسوع على طريق العودة مع ُّ
1954 / 01 / 15
يسلك يسوع مع تالميذه درابً ،مبحاذاة سيل .مبحاذاة ...إنّه أسلوب كالم .فالسيل يف األسفل،
متعرجة ،وهي كتلك اليت غالباً ما توجد يف
نح َدرّ ،إهنا طريق ّ َّأما الدرب فهو يف األعلى على طول ال ُـم َ
البلدات اجلبليّة .يوحنّا أمحر كاألرجوانِّ ،مثل َمحَّال َُيمل كيساً كبرياً ممتلئاً .ومن جهة أخرى يهوذا
اسَتَّد يسوع ثوبه ِّ
ُيمل كيس يسوع مع كيسهّ .أما مسعان فإنّه ُيمل كيسه فقط وال َـمعاطف .لقد ََ
فَتض أن تكون أ ُّم يهوذا قد َغ َسلَته ،إذ مل يـَعُد فيه ثنيات.
ونَعلَيه .يُ ََ
«اي هلا من فواكه! اي للكروم اجلميلة على هذه الروايب!» يقول يوحنّا الذي رغم احلرارة والتعب
ف آابؤان ِّمن على شواطئه العناقيد العجيبة؟»
مل يَفقد مرحه« .اي معلّم ،هل هذا هو سيل املاء الذي قَطَ َ
بارك ذا الثِّّمار الرائعة».
اآلخر .إىل الوسط أكثر .إّّنا املنطقة كلّها كانت املوقع ال ُـم َ
«ال ،إنّه َ
«واآلن ،مل تعد جيّدة بقدر ما هي مجيلة».
نشأ كان ال بُ َّد من إخصاهبا «حروب كثرية أَتلَ َفت األرض .هنا أ ِّ
ُنشئَت إسرائيل ...ولكن لكي تَ َ
بدماء أبنائها ودم األعداء».
الرعاة؟»
«أين جند ُّ
كنت تتح ّدث عنه». ِّ
«على بُعد مخسة أميال من حربون (اخلليل) ،على شواطئ النهر الذي َ
عد هذه اهلضبة إذاً».
«بَ َ
َبعد».
«أ َ
فيجيبه مسعان« :نعم اي يهوذاّ ،إال أنّنا جند األخطاء ذاهتا عند تلك الطبقات اليت يُقال عنها،
لك يف ذلك اي معلّم؟» بل اليت تَدَّعي القداسة لنفسها .ما قو َ
احلقيقي يف إسرائيل فَ َسنَصنَع اخلبز البخور
و ة احلقيقي اخلمرية نم«أقول أنَّه طاملا هناك حفنة ِّ
ّ ّ َ
ونـُبَ ِّّخر اهليكل».
نح َدر .وعلى السفح اآلخر ،يف ِّظ ّل غابة ،تتواجد قطعان إيلي .و ُّ
الرعاة دورون حول ال ُـم َ
يَ ُ
الظل جالسون .يـََرون يسوع ويركضون.
وهم يف ُّيرسوهنم ُ
«السالم معكم .أأنتم هنا؟»
ملالقاتك
َ يتوجب علينا الذهاب
بك ...وبسبب هذا التأخري ،كنّا نتساءل إذا ما كان ّ
«كنّا نف ّكر َ
احلب يف آن معاً .كان املفَتض أن تكون هنا ِّ
لك وبدافع ّ أم الطاعة ...وقد َّقرران اجمليء إىل هنا طاعة َ
منذ ع ّدة ّأايم».
شر؟»
«ولكن عسى ال ّ
«ال ،أبداً اي صديقي .موت مؤمن على صدري .ال شيء آخر».
«ماذا تريد أن ُيصل أيّها الراعي؟ عندما تكون األمور مهيّأة بشكل جيّد ...ابلطبع ينبغي
كل آايت التكرمي .أليس صحيحاً اي مّلللمع بلديت ت َّم
د ق
َ لقد لها. ب
ُّ ق
َ ـتمعرفة هتيئتها وهتيئة القلوب لِّ
ّ َ َ
معلّم؟»
«صحيح .اسحق :لقد َمَرران هناك يف طريق عودتنا ِّمن ِّعند سارة .ومدينة ايفا كذلك َع ِّرفَت
متجرد ومق ّدس ،دون أيّة حتضريات ،فقط الطّيبَة املعتادة عملي ّ حتب بشكل ّ إدراك جوهر عقيديت وأن ّ
لك ثياابً وغذاء ،اي اسحق .واجلميع هناك أرادوا إضافة شيء أرسلَت َ
وصدق كلمات اسحق .لقد َ
كل شيء. ِّ
دت إىل العامل ،وتفتَقر إىل ّ
لك ،اي َمن عُ َ يرك ،شيء َ على املبلغ الزهيد الذي كان على سر َ
آخذ ماالً أبداً ،إّّنا هذا ،فقد قَبِّلتُه ألنّه تَطَ َّهَر بفعل احملبّة».
ُخذ .أان ال ُ
دت تدبّر أموري».
تعو ُ
أنت .لقد ّ
«ال اي معلّم ،احتفظ به َ
سأرسلك ،وسوف حتتاج إليه .العاملَ «اآلن ،سوف تُضطَّر إىل الذهاب إىل ع ّدة بلدات حيث
حّت ولو كان يعمل يف حقل النفوس ...إذ له أيضاً جسد يُقيتُهَّ ،
إن املال كما احلمار يستحق األجرّ ، ّ
يعينك ...ويف الكيس مع يوحنّا ثياب ونِّعال.
الذي يُعني صاحبه .إنه ليس ابملال الكثري ،إّّنا سوف َ
احلب!» ِّ ِّ
ك ممّا عنده .ستكون واس َعة ...إّّنا يف هذه العطيّة الكثري من ّ
يواكيم َوَهبَ َ
وينس ِّحب إىل َخلف َدغل لريتدي ثيابه .كانت قدماه ما تزاالن عاريتني،
أيخذ اسحق الكيس َ
وكان ما يزال مرتدايً رداءه غري املألوف والذي هو عبارة عن داثر.
يعَتض يهوذا الذي يَنظُر إليها إبعجابّ « :إهنا أشياء تُثري الشُّبهة».
«ال».
َذهب أان».
«إذاً أ َ
«الَّ ».
إن الءات يسوع ذات نربة قاطعة وآمرة.
نرحل حاالً .يف الغابة ِّظالل .سوف نتوقّف يفيتعرض أحدكم للتجربة ،سوف َ «ال .ولكي ال ّ
سنفَتق .وسوف يعود إيلي إىل َرعيه مع ليفي ،بينما أييت يوسف معي إىل معرب عمق الغابة ،وهناك َِّ
بذهابك ِّمن
َ أرُيا .وبعد ذلك ...سوف نعود لاللتقاء أيضاً .أنت اي اسحق أ ِّ
َكمل ما بَ َدأتَه يف ايفا َ
«أبداً».
يدي يوحنا؟»
«على ّ
«مل أَتَـلَ َّق منه سوى العماد».
«وإذاً؟»
لت أثناء انتظاري ،وحاول اسحق ب احلليب واخلبز األسود يقول« :لقد حاو ُ إيلي الذي َجلَ َ
معي استمالة أهل اخلليل (حربون) ...ولكنّهم ال يؤمنون ،ال َُيلصون ،وال يريدون سوى يوحنّا ،إنّه
ق ّديسهم وال يريدون سواه».
مشَتَكة بني بلدات كثرية وكثري من املؤمنني ،احلاليّني منهم واملستقبليّنيّ .إهنم يَنظُرون
«خطيئة ََ
حّت دون قوهلم ِّ إىل ِّ
أرس َل العامل .يطرحون األسئلة على العامل ّ َ الذي العمل رب
ّ إىل ليس و ل العام
رب العمل هو الذي ِّ
رب العمل موجود ،وأ ّن ّ له" :قل هذا لسيّدك" .فينسون أ ّن العامل موجود ألن ّ
العامل َيكنه أن يـَتَـ َو َّسط ،إّّنا ال يوجد سوى واحد فقطي َد ِّرب العامل وجيعله أهالً للعمل .ينسون أ ّن ِّ
َ ُّ
وتنتهي الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 17
جبلي .ابلكاد هي إشراقة اليوم األوىل .يف منحدر ة قم على يطل فجر فر.َق عفَجر رائع يف موقِّ
ّ ّ ّ َ
فضية على
السماء تبدو النجوم األواخر املرئيّة ،ومن القمر هالل حنيل هو بقيّة تناقصه ،بل فاصلة ّ
خممل السماء القامت.
القمة عالية
حقيقي وليس رابيةّ . ّ يبدو اجلبل مستقالًّ ،غري مرتبط بسالسل أخرى .ولكنّه جبل
كثرياً ،ومع ذلك ،يف منتصف املرتفع نكتشف أُفُقاً واسعاً ،ممّا يؤّكد أنّنا قد ارتَـ َفعنا كثرياً عن مستوى
يشق طريقه نور الفجر غري الواضح ،األبيض ِّ
سطح األرض .ومع نسمة الصباح ال ُـمنع َشة ،حيث ّ
فيتكشف اجلوار والتفاصيل اليت كان َيفيها ،سابقاً ،الضباب ّ املخضر ،والذي يزداد وضوحاً ابطّراد،
ّ
الذي يسبق النهار ،واألكثر ظالماً من الليل ،إذ يتناقص نور النجوم أثناء عبور الليل إىل النهار ،بل
هو َُيحى .وهكذا أرى اجلبل وقد تَ َش َّكل ِّمن صخور عارية ،تقطعها جتاويف لتؤلِّّف الكهوف واملالجئ
جمع كذلك ماء السماء وُيفظه ،وطاقات يف اجلبل .يف األمكنة الفريدة حيث َجتَ َّمع قليل من الَتاب ليَ َ
وشبة ،برؤوس نبااتت أرض خضرة ،هي نبااتت بساق واحدة فقط وأشواك ،أبوراق قليلة وأدغال ُخم َش ِّ
ُ
تبدو كعيدان خضراء ال أعرف هلا أمساء.
ب ِّمن ِّ
َّسع ُجمدب أكثرُ ،م َسطَّح كثري احلجارة ،يزداد ال َقحل فيه كلّما ََ
اقَت َ يف األسفل هناك ُمت َ
نقطة ُمظلِّ َمة ،إنّه ابألحرى طويل أكثر منه عريض ،ذلك أ ّن طوله يعادل مخسة أضعاف عرضه على
قفرة .حينذاك ،وحينما يُصبِّح األقل .أظنّها واحة و ِّارفَة أوج َدهتا مياه جوفية يف تلك اللوحة الطبيعية الـم ِّ
ّ ُ ّ َ ّ
النّور أكثر سطوعاً ،أرى ّأهنا بركة ماء .مياه راكدة ،قامتة وال حياة فيها .حبرية حزهنا ال متناهٍ .يف هذا
لي ،ممّا يعيد إىل ذهين منظر العامل امليت ،يبدو أ ّن البحرية جتذب إليها صورة السماء النور غري اجلَّ ّ
كأهنا تعكس يف مياهها الساكنة ،اللون األخضر القامت املميَّز كل حزن املشهد احمليط .تبدو و ّ القامتة ،و ّ
يف األعلى ،ابلنَّظَر إىل السماء ذات الصفاء ال ُـمطلَق ،واليت تُصبِّح أكثر وضوحاً ابستمرار،
ابلنظر إىل النور الذي يَنتَ ِّشر ِّمن الشرق مثل م ّد نوراينّ ،تعود النفس إىل سعادهتا .ولكن منظر هذه
املساحة الكبرية من املياه عدَية احلياة يعصر القلب .فال جتد عصفوراً ُيلّق فوقها ،وال حيواانً على
ضفافها ،ال شيء.
كنت
صلنا إىل حيث ُ ليهزين« :ها إنّنا قد َو َ
وبينما أان أنظُر إىل هذا األسى ،أاتين صوت يسوع ّ
يتوسط يوحنّا ومسعان ويهوذا ،قرب منحدر اجلبل املليء ابلصخور ،حيث ِّ
أريد ».فَأَلتَفت ألراه خلفي ّ
عرب َوعِّر) ...وكان األجدر بنا القول :حيث َع َمل املياه الطويل ،يف موسم األمطار،(م َ
يَصل عرقوب َ
ِّ
ت األحجار الكلسيّةُ ،حم ِّداثً أُخدوداً عرب العصور على شكل شبه قناة ابلكاد واضحة ،تُستَ َ
خدم قد َح َّ
املتوحشة أكثر منها للبشر. للماعز يق
ر ط فهي اآلن اأم م، م املنحدرة من ِّ
الق ِّ أثناء سيل املياه
ّ َ ّ
أود جلبكم إليه .فهنا قد هتيّأ املسيح
كنت ُّ يَنظُر يسوع حوله ويُ ِّّ
كرر« :نعم ،إنّه املكان الذي ُ
لرسالته».
«ولكن ملاذا؟»
أنت ،األمور املهيّأة جيّداً تنجح بشكل جيّد .هكذا «ألستع ّد جيّداً لرساليت ،ألنّه ،كما تقول َ
الرب ،إّّنا لكي يُ ِّ
درك العامل قلت .ومل يكن شأين ضئيالً ال ينفع ألن يكون يف دائرة النور ،فأان خادم ّ َ
الرب الذي يف ّكر يف نصر احلق؛ وبِّئس خادم ّ
الرب ،وبواسطة هذا اإلدراك أجعلهم ُيبّونه بروح ّ ماهيّة ّ
له وليس يف النصر هلل! الذي يبحث عن فائدة خاصة له ،الذي ُيلُم ابالرتقاء إىل عرش مصنوع...
الم َست األرض ،وهي اليت كانت مصاحل آه! مصنوع ابسم مصاحل هللاَّ ،إّنا اليت ح َّ ِّ
ط من قَدرها حّت َ َ
يغش نفسه،اخلارجي .إنّه ابئع ،اتجر ،كائن مزيّف ّ
ّ حّت ولو كان له مظهره مساويّة .فهذا ليس خبادمّ ،
يغش هللا ذاته ...إنّه ابئس ،يعتَِّرب نفسه أمرياً ،وهو ال يتع ّدى كونه عبداً...ويغش العامل ،ويريد أن ّ
ّ
وم َعلِّّمه يف الكذب .هنا ،يف هذا املأوى ،قضى املسيح ّأايماً كثرية يف اإلمااتت ِّ
عبداً للشيطانَ ،ملكه ُ
كنت تريدين أن أذهب ألستع ّد وأهتيّأ اي يهوذا؟»
والتضحيات والصالة ليتهيّأ لرسالته .تُرى ،أين َ
كنت أف ّكر ...عند أحد الراببنة ...لدى
لست أدريُ ...
يهوذا حائر اتئه؛ أخرياً جييب« :ولكن ُ
لست أدري».
األسينيّنيُ ...
كنت ألمت ّكن من إجياد رايب يقول يل أكثر ّمما كان سلطان هللا وحكمته يقوالنه يل؟ هل
«هل ُ
أبي روح ِّ
األزيل اليت كانت عندما َخلَ َق اآلب اإلنسان ،وتَعرف ّ
كنت ألستطيع أان -أان َكل َمة اآلب ّ
ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 325 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ت أستطيع طَلَب غري مائت هو ُُيىي ،وأية قدرة على األحكام احلرة قد حباه (خ َّ ِّ
صهُ) اخلالق -هل كن ُ ََ َ ُّ ّ
نكرون حريّة إرادة نكرون خلود النفس بنكران القيامة األخرية ،الذين ي ِّ العلم والفهم لدى أانس ي ِّ
ُ ُ
اإلنسان ،غري عابئني ابلفضائل والرذائل ،أبفعال التقديس واألفعال السيّئة املضبوطة ابل َق َدر الذي
حتمي ال َيكن التغلّب عليه .آه! ال .لكم قَ َدر ،نعم ،لكم قَ َدر .ففي روح هللا الذي ّ يقولون عنه إنّه
ب وسالم وجمد" :القداسة اليت جتعلكم أبناءه". َخلَ َقكم ،هناك قَ َدركم .اآلب يرغبه لكم ،وهو قَ َدر ُح ّ
اإلهلي يف حلظة َخلق آدم ِّمن تراب ،سيكون حاضراً كذا هو املصري الذي ،بفعل حضوره يف الفكر ّ
حّت َخلق آخر نفس بشريّة. ّ
احلرة) .فلو كان امللك سجيناً ال يعود ملكاً، امللكي (اإلرادة ّّ لكن اآلب ال يرغمكم يف ظَرفكم و ّ
بل هو يَس ُقط .إنّكم ملوك ألنّكم أحرار يف مملكتكم الشخصيّة الصغرية ،يف أانكم .فيها تستطيعون
فعل ما تشاؤون وكما تَبغُون .ويف املقابل ،على حدود مملكتكم الصغرية ،لديكم َملِّك صديق وقُـ َّواتن
ض َعها ليجعل املوالني له سعداء .إنّه يُ ِّربزها لكم .يقول لكم: دواتن .الصديق يبين لكم القواعد اليت َو َ َع َّ
ظهرها لكم ،وهو احلكيم والق ّدوس ،لكي تستطيعوا ،إذا شئتم، "ها هي ،معها يتح ّقق النصر األزيل" .يُ ِّ
ّ
دواتن ُها الشيطان واجلَّ َسد .حتت الع َّ
أزيل .وال ُق َّواتن َ
أن تضعوها موضع التطبيق ،وتستفيدوا منها مبجد ّ
أي بذخ وغواايت العامل ،يعين الغِّىن واالحتفاالت والتشريفات ِّج جسدكم وجسد العاملْ ، اسم اجلَّ َسد أُدر َ
السلطات املتأتّية ِّمن العامل ،واملوجودة فيه ،واليت ال حنصل عليها دائماً بشكل شريف ،واليت نعرف و ُّ
توصل إليها اإلنسان ابلتايل بفضل جمموعة ظروف .الشيطان، أبقل نزاهة ،إذا ما ّ
كيفيّة استغالهلا دائماً ّ
سيّد اجلسد والعامل ،يتص ّدى لنا بذاته وابجلسد .وهو كذلك له قواعده ...آه! إن كان لديه! ...ومبا
أ ّن األان حماطة ابجلسد ،ومبا أ ّن اجلسد يبحث عن اجلسد كما أجزاء احلديد تتّجه حنو املغناطيس ،ومبا
االجتاه صوب الوالِّه يف ضوء القمر يف َعبَق حديقة الورد ،و ّ أرق من تغريد العندليب َ
أ ّن أغنية املغوي ّ ِّ
ذك صديقات يل .ادخلي". هذه القواعد أسهل كثرياً ،وكذلك اخلضوع لقدراهتا ،والقول هلاَِّّ :
"أخت ِّ
ضعف مقابل اخلدمة اليتادخلي ...هل رأيتم حليفاً يبقى نزيها على الدوام ،دون طلب مائة ُ
دخل ...تَسود ...تَسود؟ ال ،بل تَستَب ّد .تُـ َقيّدكم أيّها الناس يف قفص العبيد،
يق ّدمها؟ هكذا تفعل .تَ ُ
كل مبفرده».
«لقد ابتغاها ّ
نكرون القيامةلئك الذين ي ِّ
كنت أستطيع ،أان ،الذهاب إىل أو َ
ُ أحكامك سليمة اي مسعان .فهل َُ «
لت وهبة هللا كي أَتَـتَلمذ على أيديهم؟ لقد أتيت إىل هنا .أَخذت نفسي كابن اإلنسانِّ ، ِّ
وعم ُ َ َ ُ ُ اجمليدة َ
مهميت بكمال .اآلن، اللَّمسات األخريةُ ،منهياً عمل ثالثني سنة يف اخلفاء للتهيئة ،ألَبلُغ إىل إمتام ّ
أقل انعزاليّة ،إذ سنكون أربعة أطلب منكم البقاء معي ،بضعة ّأايم ،يف هذا امللجأ .سيكون االنتظار ّ
كنت وقتها وحيداً .واآلنأصدقاء ،نتص ّدى معاً لألحزان واملخاوف والتجارب ومتطلّبات اجلسد .أانُ ،
أتيت يف ِّ ِّ
العلو ،هواء الق َمم يـُلَطّف احلرارة .أان ُ
أقل عناء ،فاآلن صيف ،وهنا ،يف هذا ّ سيكون هذا ّ
أقل إرهاقاً ألنّه ِّ
القمة .سيكون االنتظار ّ هناية قمر شباط وقد كان اهلواء رايح صقيع آتية من ثلوج ّ
الرعاة
لت ُّ ِّ ِّ
أقصر ،وأل ّن لدينا اآلن هذا احل ّد األدىن من الغذاء َُيَّفف جوعنا ،ويف ال َـمطَرات ،اليت َج َع ُ
َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 327 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
فسني ِّمن إبليس .وليس
يعطونكم ّإايها ،ماء كاف هلذه اإلقامة القصرية .فأان ..أان ،أحتاج إىل انتزاع نَ َ
هناك سوى أعمال التوبة تستطيع الوصول هبا إىل هناية املطاف .وأطلب منكم العون .وسيفيد ذلك
يف هتيئتكم كذلك .سوف تتعلّمون كيفيّة انتزاع الضحااي ِّمن مامون (الشيطان) .وهذا غري ممكن
ابلكالم كما هو ممكن ابلتضحية ...فالكالم! ...الضوضاء الشيطانيّة تُعيق مساعه ...والنفوس اليت
هي ضحيّة العدو حممولة على دوامة ِّمن األصوات اجلهنّمية ...هل تريدون املكوث معي؟ ّأما إذا كنتم
ال تريدون ،فاذهبوا .أان ابق .وسوف نلتقي يف تِّكوا Tecuaقرب السوق».
تتوقف الرؤاي.
ليلي مجال ابلنجوم. مليء ليل ليل، اآلن فقط، ا ّن
ّ إ ل. ب جل
َّ ا نمعاود الرؤاي على املوقع ذاته ِّ
...تُ ِّ
ّ َ
أظن ،ال َيكن الشعور ابلسعادة ّإال يف هذه البلدان املداريّة .حجم النجوم وبريقها للسماء ،كما ّ
رائعان .كواكب تبدو مثل عناقيد أَلَق ،أنوار زبرجد ،حبّات زفري ابهتة ،أحجار عني ّ
اهلر لطيفة،
ترجتف ،تَشتَعِّل ،تَنطَِّفئ ،مثل النَّظَرات عندما تغشاها اجلفون حلظة ،وتستعيد ايقواتت حانيةّ .إهنا َِّ
أي أدري لست رب ع يغيب مث انر ط
ّ خ السماء يف نيزك رّومن وقت آلخر ،يس ِّ
ط بريقها أبكثر روعةِّ .
ّ ُ َ ّ َُ
ضوئي يبدو كصرخة فرح من جنمة مفتونة بطرياهنا هكذا يف هذه احلقول اليت ال حدود هلا. ط ّ أُفُق .خ ّ
يسريون ،يسريون ويسريون خالل ساعات .وتبقى األرض قاحلة أكثر وأكثر حزانً ،شظااي
وَّهاجة تَلمع يف أخاديد األرض الصغرية ،يف ح َفر وسط وعورة األرضّ .إهنا شظااي ذات تَـوُّهج ِّ
ابهت. َ ُ َ َ
ظهر مع فيضاانت ينحين يوحنّا لينظر إليها« .ذلك هو ملح ما حتت األرض .لقد أُشبِّ َعت به .وهو يَ َ
نشر املوت يف ع ّدة أماكن جماورة،الشرقي يَ ُ
ّ جيف .هلذا السبب ال مقاومة للحياة هنا .البحر
الربيع مثّ ّ
قاوم فِّعلهَ ،يكننا إجياد أشجار حنتمي بواسطة عروق عميقة .فقط حيث توجد ينابيع ماء عذب تُ ِّ
شرح يسوع.
هبا ».يَ َ
جيربه« .فلنتوقّف هنا.
أيت الشيطان ّ ما زالوا يسـريون .مثّ يقف يسـوع جانب املغـارة حيث ر ُ
اجلسوا .بعد قليل سيصيح الديك .إنّنا نسري منذ ست ساعات ،ومن املفروض أنّكم تَشعُرون ابجلوع
والعطش ،وأن تكونوا قد تعبتم .خذوا .كلوا واشربوا هنا وأنتم جتلسون حويل ،بينما أقول لكم شيئاً
وزعها ويَس ُكب وَيرِّج خبزاً وجبناً ي ِّ
قسمها ويُ ّ آخر سوف تقولونه لألصدقاء وللعامل ».يفتح يسوع كيسه ُ
َ
ويوزعه.
ماء من مطرته يف طاسة ّ
«أال أتكل اي معلّم؟»
كنت قد ُجِّّربت.
مرة سألين إنسان (يهوذا) إذا ما ُ «ال .إنّين سأحت ّدث إليكم .امسعوا .ذات ّ
ش ِّ
خت .وقد ُده َ ض ُ كنت ،أثناء التجربة ،قد َر َ
اقَتفت خطيئة يوماً .سألين إذا ما ُ
ُ كنت قد
سألين إذا ما ُ
دخلين يف جتربة"».ُقاوم ،طَلَبت معونة اآلب بقويل" :أيها اآلب ال تُ ِّ
ِّ أ لكي ماسيا، أان ين،ّنأ ن ِّ
م
ّ ُ
كل شيء مثل هللا .لقد كان عقلي كنت أعرف ّ«للتهيّؤ إىل درجة املعلّم ،ينبغي املرور ابلتلمذةُ .
ذهين .إّّنا ذات يوم ،قد يتم ّكن صديق ِّ
قادراً أن جيعلين أُدرك ماهية معارك اإلنسان بذكائي وبشكل ّ
"أنت ال تعرف ما معىن أن تكون إنساانً وأن
يل مسـكني ،ابن يل مسـكني ،من القـول ،والقـول يل أنـاَ :
جئت إىل هنا ،وهنا ابلذات، ِّ
عندك أحاسيس ورغبات" .وقد يكون آنذاك ّاهتاماً صحيحاً .لذا ُ تكون َ
على هذا اجلبل ،ألهتيّأ ...ليس فقط للرسالة ...إّّنا للتجربة .أترون؟ هنا ،حيث أنتم جتلسون ،أان
بت بتِّ .من قِّبَل َمن؟ أ َِّمن قِّبَل أحد قابل للموت؟ الّ .
وإال لكانت قدرته ضعيفة ج ّداً .لقد ُجِّّر ُ ُجِّّر ُ
ِّمن قِّبَل الشيطان مباشرة.
ِّ
مستغرقاً يف الدعاء، كنت
الزاد منذ أربعني يوماً ...إّّنا بقدر ما ُ قت َّ
كنت ُم َنهكاً .مل أكن قد ذُ ُ
ُ
أحس كنت
ُ . ال
ً م ت
َ حم
ُ حكان كل شيء يتالشى يف فَـرح الكالم مع هللا ،بل أكثر ِّمن التَّالشي :أن يُصبِّ
ّ َ َ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 331 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
دت ألشعر
دت إىل العامل ...وعُ ُاملادة فقط ...مثّ ،عُ ُ
ي ،يقف عند حدود ّ ماد ّ
به مثل انتقاص ّ
رت بربد ليل الصحراء القارس. ِّ
ئتَ .ش َع ُ
أحسست ابجلُّوع .ظَم ُ
ُ ابحتياجات َمن َُي َىي يف هذا العامل.
عت يف
أحسست جبسدي اخلائر القوى بسبب نقص الغذاء ،نقص النوم ،والطريق الطويلة اليت قَطَ ُ ُ
مثل شروط اإلهناك تلك اليت كانت متنعين ِّمن الذهاب أبعد ِّمن ذلك…
كل األوهانكل ذلك أل ّن يل جسداً ،أان أيضاً ،أيّها األصدقاء ،جسداً حقيقيّاً .وهو ُيمل ّ ّ
األول واجلزء ِّ اليت ََيتَِّ
ذت اجلزء ّ َخ ُ
لدي قلب .نعم .فَمن اإلنسان أ َ كل جسد .وإضافة إىل اجلسدّ ، ّ ها رب
ِّ
احلس بكل ميوله وأهوائه.املادة بكل متطلّباهتا ،و ّ
ذت ّ َخ ُ الثاين من األجزاء الثالثة اليت تُ َك ِّّون اإلنسان .أ َ
كت امليول وإذا كنت ،بفعل اإلرادة ،قد مت ّك ِّ
كل األهواء غري الصاحلة قبل والدهتا ،وتر ُ نت من َكبح ّ ُ ُ
كل ما هو رائع ومق ّدس ،تركتُهاحب ّحب الوطن ،الصداقات ،العملّ ، البنويّ ، احلب ّ املق ّدسة :ميول ّ
عدت إىل تنمو ،مقت ِّ
األم البعيدةُ ، أحسست ابحلنني إىل ّ
ُ معمر ألكثر من مائة عام .وهنا، ّ أرز مثل رةد َُ
أحسست بتج ّدد األمل الناجم عن ابتعادي عنُ اإلحساس ابحلاجة إىل عنايتها بضعفي كإنسان .هنا
الواحد األحد الذي أحبَّين حبّاً كامالً .هنا عاد يل اإلحساس ابلعذاب الذي كان مع ّداً يل وأمل آالم
تلك املسكينة ،اليت لن جتد دموعاً لكثرة ما سينبغي هلا أن تَذرف منها ِّمن أجل ابنها وبسبب البشر.
َّاسك الذي ،يف خالل ساعة من اإلحساس ال ُـمسبَقَ ،و َعى هنا عاد يل اإلحساس إبعياء البطَل والن ِّ
َ
ليست خطيئة أن تكون حزيناً سحري للشيطانَ .ّ وبكيت ...واحلزن ...نداء ُ عدم جدوى جهده...
إذا كانت الساعة ُم َسبِّّبة للعذاب .إّّنا اخلطيئة أن تستسلم للحزن وأن تقع يف ال ُفتور أو ال ُقنوط.
الروحي.
ّ هوة الفتور
يتوجه فوراً عندما يرى أحداً يَس ُقط يف ّ فالشيطان ّ
أتضور كنت ...ًا بحَست م ا
ر
ً ظه م ام
و الد على ذ لقد أاتين بثياب مسافِّر ُِّحمب للمعروف .إنّه يت ِّ
َّخ
ُ ّ َ َ ُ َّ ّ ُ
علي املساعدة ،وبدأ ابلقول" :قُل هلذه احلجارة أن ض َّ جوعاً ...واألعوام الثالثون تغلي يف عروقيَ .عَر َ
تصري خبزاً" .إّّنا قبل ذلك ...نعم ...قبل ذلك ،كان قد َكلَّ َمين عن املرأة ...آه! إنّه جييد الكالم
ِّ
لست فقط ابنعرفها بِّعُمق .ولقد بَ َدأ إبفسادها ليجعل منها حليفاً له يف َع َمله ال ُـمفسد .أان ُ عنها .يَ ِّ
قلت لذاك اإلنسان ،الذي كان يتحدَّث يل آنئذ ،ذاك الذي َسأَلَين ِّ
هللا .أان يسوع ،عامل الناصرة .وقد ُ
وإذ مل تكن التجربة قد ُه ِّزَمت بقويل" :ليس ابإلحساس وحده َُي َىي اإلنسان" ،فقد َكلَّ َمين
املغوي حينذاك عن رساليت .كان ينبغي له ِّغواية ماسيا بعد أن فَ ِّش َل يف غواية اإلنسان الشاب .وقد
ضتين للقضاء على مسؤويل اهليكل غري اجلديرين مبعجزة ...واملعجزة ،هليب السماء ،ليست من َحَّر َ
أجل أن نصنع منها إكليالً نتوج به أنفسنا ...وهللا ال ُجيََّرب بطريقة الطلب إليه اجَتاح معجزات تضع
املربر كان حجةّ .أما احلقيقة فكانت" :جمّد ِّ
حداً حلياة البشر .هذا ما كان يريده الشيطان .الدافع ّ
لكونك ماسيا" ،ليقودين إىل الشهوة األخرى ،شهوة الكربايء.
َ ذاتك
َ
بقوة طبيعته الثالثة: اوغةر امل ل
َ حاو "، إهلك الرب ن بِّ
جتر "ال قويل: بعد للفشل موعندما مل يستسلِّ
ّ َ َ ّّ ّ َ َ
الذهب .آه! الذهب .فإن كان اخلبز شيء عظيم؛ وإن كانت املرأة أعظم بعد ِّمن اخلبز ألولئك
املسرات .وإن كان متجيد اجلموع إلنسان ذا ُسلطة عظيم ج ّداً جداً ...وكم ِّمن املتعطّشني للشَّبع أو ّ
اخلطااي تُقَتف ألجل هذه األمور الثالثة! إّّنا الذهب ...الذهب! ...إنَّه املفتاح الذي يَفتَح ،إنَّه احلَلَ َقة
كمل إغالق الطَّوق ،إنه البداية والنهاية (ألفا وأوميغا ّ ،α & ωأول وآخر حرف من األجبديّة اليت تُ ِّ
اليواننيّة ،ويقابلها يف العربية األلف والياء) لتسعة وتسعني ابملائة من أفعال البشرِّ .من أجل اخلبز واملرأة
حّت القتل .إّّنا من أجل الذهب ،فهو يصبح وثنيّاً، السلطة يذهب ّ لصاً .من أجل ُّ يصبح اإلنسان ّ
أسجد لـه ...وقد طَ َعنتُه ابلكلمات َّم يل َذ َهبه مقابل أن ُ عابد صنم .ملك الذهب :الشيطان ،قَد َ
وإايه وحده تَعبُد".
سجد ّ األزليّة" :هلل وحده تَ ُ
كل هذا».
ث ّهنا ،هنا َح َد َ
دخلين يف التجربة .أن كان ذلك اإلنسان قد د ِّهش ِّمن طَلَيب العون ِّمن اآلب وطَلَيب منه ّأال ي ِّ
ُ ُ
تصرفوا أنتم ش. يند ِّ
ه َ لن ، مال يَتكين إذاً خلطر جتربة تتجاوز قدرايت .أظن هذا الرجل ،اآلن وقد علِّ
ّ ََ ّ
كل جتارب احلياة ،منتصراً قوايً يف ّ أيضاً كذلك لذكري ،ولتَظ َفروا مثلي ،وال تَ ُش َّكوا أبداً لرؤيتكم ّإايي ّ
إهلي.
حقيقي ،وابألكثر ككائن ّ ّ بشري
احلس والعاطفة ،على طبيعيت ككائن ّ اس اخلمسّ ، يف معركة احلو ّ
كل هذا.
تذ ّكروا ّ
كنت قد وعدتُكم أن آخذكم إىل حيث تتم ّكنون ِّمن معرفة املعلّم ...منذ فجر ّأايمه ،فجر ُ
قت منها ملالقاة مساء حّت ظهرية حياته ،هذه الظهرية اليت انطَلَ ُ نقي كالذي على وشك أن يَ ُبزغّ ، ّ
أت" .وأنتم ترون أ ّن هذا حقيقة .أشكركم على ُمرافَـ َقيت قلت ألحدكم" :أان أيضاً قد هتيّ ُ حيايت ...وقد ُ
أشعَرتين ابلغثيان
يف هذه العودة إىل مسقط رأسي وإىل مكان صومي .أوىل االحتكاكات ابلعاملَ ،
هجنّ .أما اآلن فقد تَـغَ َّذت نفسـي بِّنُخاع َّ ِّ
السـبع :االندمـاج وسبَّـبَت يل اإلحبـاط .إ ّن األمر جل ُّد ُمســتَ َ
َ
األول كفــادي: مع اآلب يف الصالة والتـوحـّدَ .يكنين العودة إىل العـامل الســتعادة صلييب ،صليبـي ّ
صليب االحتكاك ابلعامل .العامل حيث قليلة ج ّداً هي النفوس اليت تُدعى مرمي ،اليت تُدعى يوحنّا…
ب ابنها. ِّ
اج َهت ُح ّ
سوة اليت و َ األم واألصدقاء .فأرجوكم :ال ُختربوا األ ُّم عن ال َق َ إنّنا نعود إىل ّ
نقدمن هلا الكأس منذ ال ا ّن
ّ إ ...ًا
ري كث هذه، اإلنسان فظاظة ن فتُعاين منها الكثري .سوف تتأ ّمل كثرياً ِّ
م
ّ
سم ما
اآلن .وسوف يكون ُمّراً إىل درجة هائلة عندما سيُـ َقدَّم هلا فيما بعدُ .مّراً ج ّداً ،حبيث يلسعها ّ
ألمي ِّ
سوف يتسلّل مثل ثعبان يف أحشائها املق ّدسة ،ويف ش ـرايينها ،وسيُ َج ّمد قلبــها .آه! ال تقـولوا ّ
أنت كبري وطيّب،أنت اي مسعانَ ، ـذت يف بيت حلـم وحربون (اخلليل) مثل كلب! ارمحوها! َ إنّين قد نُبِّـ ُ
عزة النفس الوطنيّة.يهودي ولن تتكلّم بدافع ّ ّ أنت
أنت اي يهوذاَ ،ك لن تتكلّم .و َ أنت فَ ِّّكر ،أ ِّ
َعرف أنّ َ َ
اصمت .فيما اجلليلي ،فال تقع يف خطيئة الكربايء ،االنتقاد والفظاظةُ . ّ أنت الشاب أنت اي يوحنّاَ ، ّأما َ
وحّت لآلخرين ،فهناك الكثري مما سيقال تصمت عنه اآلنّ . أرجوك أن َُ بعد سوف تقول لآلخرين ما
َيص املسيح .ملاذا َخلط ما أييت ِّمن الشيطان ض ّد املسيح معه؟ أيّها األصدقاء :هل تَعِّدونين فيما ّ
بكل ذلك؟» ّ
بكل أتكيد نَعِّ ُد َك! كن مطمئنّاً!»
«آه! اي معلّمّ ،
حّت تلك الواحة الصغرية .هناك نبع ،خزان مليء ماء ابرداً .هناك ِّظ ّل «شكراً .فلنذهب ّ
حّت املساء .وعلى متطرفة .سوف نتم ّكن من إجياد الطعام والراحة هناك ّ وخضرة .الطريق إىل النهر ُّ
ننضم إليه ،فهو اآلن قد ِّ
عرب .وسننتظر يوسف حيث ّ ضوء النجوم ،سوف نَصل إىل النهر ،إىل ال َـم َ
عاد .هيّا».
إين أرى من جديد معرب األردن :شبه غابة خضراء حت ّد النهر على ض ّفتيه ،يقصدها املسافرون
غدون ويَعودون. كثرياً بسبب ظالهلا .قوافل من احلمري يرافقها الرجال يَ ُ
على ض ّفة النهر ،ثالثة رجال يرعون بعض النِّّعاج على الطريق ،ينظر يوسف إىل األعلى وإىل
النهري ،يـُلَ ِّّوح يسوع مع التالميذ الثالثة .ينادي
ّ يتفرع درب عن هذا السبيل األسفل .من بعيد ،حيث ّ
العشيبَ .يضون للقاء املرعى على ها إاي ين الرعاة ،وهؤالء يدفَعون النِّّعاج إىل الدرب ،م ِّ
سري
ّ يوسف ُّ
ّ ّ ُ َ
بتشوق.
يسوع ّ
أبي كالم أُلقي عليه السالم؟»
«أان ال أجرؤ أبداًّ ...
لك" .فهو أيضاً ُُييِّّي هكذا دائماً».
«آه! إنّه طيّب ج ّداً .ستقول له" :السالم َ
«هو ،نعمّ ...أما حنن»...
حّت ِّمن أوائل عابِّ ِّديه ،وهو ُيبّين كثرياً ...آه! كثرياً!»
لست ّ
فإين ُ
«وأان ،من أكون؟ ّ
«أيّهم هو؟»
«األكرب واألشقر».
«آه! نعم».
الرجال الذين َس َكتوا حتّئذ بفعل التهيّب ،عادت إليهم الطمأنينة ،وها هم َِّجيدون الكلمات:
«إنّه ما يزال يف السجن ،وقلوبنا ترتعش من أجله ،فهو بني يدي إنسان جمرم ،تسيطر عليه خملوقة
غادرت بيت َ يستحق حبّنا .منذ
ّ وحماط بِّبَالط فاسد .حنن حنبّهَ ...
أنت تعلم أنّنا حنبّه وأنّه جهنّمانيّةُ ،
أنت ،مثل أشجار َحطَّمتها العاصفة. لفقدانك َ
َ صعِّقنا ابلناس ...مل نُفجع بكراهيتهم بقدر اهنياران
حلمُ ،
مثّ بعد سنوات من املعاانةَ ،ك َمن كانت جفونه ُخماطَة وهو يبحث عن الشمس ،غري قادر على رؤيتها
ألنّه كذلك يف سجن وال يستطيع اكتشافها ،مع الفتور الذي يشعر به يف جسده ،إىل أن أَي َقنَّا أ ّن
املعمدان هو رجل هللا الذي تنبّأ عنه األنبياء أبنّه يُعِّ ّد طريق مسيحه ،فذهبنا إليه .لقد قلنا ألنفسنا:
أنت اي سيّد»."إذا كان هو السابق ،فبذهابنا إليه سوف جنده" .إذ إ ّن َمن ُكنّا نبحث عنه هو َ
«أعلَم ذلك ،وقد وجدمتوين .ها أان ذا معكم».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 337 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أتيت إىل املعمدان .مل نكن هناك يومئذ .قد نكون حينذاك ذهبنا ك َ «لقد قال لنا يوسف إنّ َ
جم،
حبب ّنقضي له حاجة يف مكان ما .كنّا يف خدمته ،يف اخلدمات الروحيّة اليت كان يطلبها منّاّ ،
لكن كالم و ة،م كما كنا نستمع إليه حنن أيضاً حبب ،رغم صرامته الشديدة ،ألنّه مل يكن أنت ال َكلِّ
ّ َ َ ّ
يتفوه به على الدوام».
هللا هو ما كان ّ
«أعلم ذلك .وهذا ،أفال تعرفونه؟» ويشري إىل يوحنّا.
« ُكنّا نراه مع جليليّني آخرين فيما بني اجلماعة األكثر وفاء للمعمدان .وإذا مل نكن خمطئني
األول وهو األخري،
املقربني إليه" :هاكم :اآلن أان ّ
عنك ،حنن ّ فأنت تُدعى يوحنّا ،وقد كان يقول لنا َ
َ
األول وأان األخري" .ومل نكن أبداً لنُدرك ما كان يرمي إليه بقوله هذا».
ّأما بَعد فسيكون هو ّ
شرح« :هو كان يريد ِّ ِّ
يضمه إىل قلبه اببتسامة ُمش ّعة ...ويَ َ
يلتَفت يسوع يساراً حيث يوحنّاّ .
القول أبنّه كان ّأول ال ُـمعلِّنِّني" :هو ذا احلَ َمل" ،وهذا سيكون آخر أصدقاء ابن اإلنسان الذي سيُ َح ِّّدث
أي إنسـان آخر .ذاك ما كان أحب إليه من ّ األول ألنّه ّ اجلُّموع عن احلَ َمل؛ ولكنّه يف قَلب احلَ َمل هو ّ
حّت الساعة يريد املعمدان قولـه .ولكن حينمـا سـَتونه -إذ سوف تعودون وترونه ،وأيضاً ختدمونهّ ،
األحب كهذا .وأنتم
ّ احمل ّددة -فقولوا له إنّه ليس اآلخري يف قلب املسيح .فليس ابلدم ،بل ابلقداسة هو
احفظوا هذه الذكرى يف قلوبكم .إذا كان تواضع الق ّديس َج َعلَه يُعلِّن أنّه "األخري" ،فكلمة هللا يعلن
أحب هذا التلميذ ألنّه ُيمل امسه،أ ّن مكانته يف قلبه مثل مكانة التلميذ احملبوب هذا .فقولوا لـه إنّين ّ
وألنَّين أ َِّجد فيه مالمح ِّمن املعمدان املكلّف بتهيئة النفوس للمسيح».
«سوف تَـَرونَه».
«ليس الفتدائه ،اي معلّم .إن كراهية هريوداي الشديدة له ،وأتثريها الكبري على هريودس ،ال
َّرهة ُجمتَ ِّم َعة
أظن أ ّن كل حاشية اململكة الش ِّ
ّ التوصل إىل افتدائه .ولكنّ ... َجي َعالان نعتقد أبنّنا سنستطيع ّ
فهم ِّ
حّت اخلدم .وإلجناز هذا ُ املسرة ،اجلميع يبتغون التَّباهي :من الوزراء ّيف مكرونة .واجلميع يبتغون ّ
حباجة إىل املال ...وقد َعثَران أيضاً على من َيكنه إطالق سراح املعمدان ُمقابِّل مبلغ ضخمّ .
حّت
يتمىن ذلك ...ألنّه خائف .ال لشيء سوى ألنه َياف الشعب وَيشى هريودس نفسه من املمكن أن ّ
زوجته .وهكذا ي ِّ
رضي الشعب ،وكذلك زوجته ال تتّهمه أبنّه أَ َاث َر ُسخطَها». ُ
«وكم يَطلُب هذا الرجل؟»
«ولكن ...كثريون!»
تسميه
قلت بلهفة إ ّن الكثريين يَبغون اقتناء هذا الذهب ،مثّ ّ «آه! اي هلذا التضارب! منذ حلظة َ
ملعوانً؟! يهوذا ،اي يهوذا! ...هو ذهب ملعون ،نعم ملعون .ولكنّها قالت" :يتق ّدس حينما ََي ِّدم َمن
هو فقري وق ّديس" .وألجل ذلك تََربَّ َعت به ،لكي يُصلّي املستفيد ِّمن أجل نفسها املسكينة اليت مثل
خادرة تنبت يف َزرع قلبها .تُرى َمن هو األكثر قداسة وفقراً ِّمن املعمدان؟ إنّه ،يف رسالته ،مسا ٍو
مين ،فأان يل أ ُّم وبيت ...ومن َيتلكهما إليليا ،إّّنا يف القداسة فهو أعظم من إيليا .إنّه أكثر فقراً ّ
ِّ
حّت قرب ّأمه.َّسني مثلما أمتلكهما ،فهو ليس بَِّفقري أبداًّ .أما هو فلم يعد َيتلك بيتاً وال ّ
طاهَرين ومقد َ
كل شيء ،وانتُ ِّه َكت قداسته بفساد األخالق البشريّةَ .من هو إذاً املشَتي؟» ع منه ّلقد انتُ ِّز َ
مشرقي ،طََّراق ذهب،
ّ «هنالك واحد يف أرُيا وكثريون يف القدس .إّّنا الذي يف أرُيا!!! آه! إنّه
الحق ٍ
بكل أتكيد وقد يكون جمرماً ...من املؤّكد أنّه ُم َ لص ّ مراب ،اتجر سلع مستعملة ،مسسار ،وهو ّ
لكن امسه احلقيقي ديوميد .إنّين أعرفه جيّداً»... ِّ
يهودايً ،و ّ
من روما .يَدَّعي أ ّن امسه اسحق ،لكي يبدو ّ
قضيت بعض
ُ ذهبت ملقابلته ...وقد
ُ «لكن ...تَعلَم ...إلرضاء أصدقاء ذوي مكانة رفيعة،
األعمال ...حنن الذين ِّمن اهليكل ...تَ ِّ
عرف»...
بكل أتكيد ،ينبغي معرفة كيفيّة البيع ،فهو يوانينّ وماكر ،وإذا
أظن ذلك ،فاملال لديه كثريّ .« ّ
بكل سرور.
عشها ،فإنه ينتف ريشها ّ رأى أ ّن له مصلحة مع رجل شريف ونزيه ،مع محامة خترج ِّمن ّ
إّّنا لو كانت له مصلحة مع َج ِّشع مثله»...
صديقك؟»
َ العلي ِّمن أجلنا .هل هذا الرجل
كك ّ بك على الدوام ،اي معلّم .فليبار َ
«إنّنا مسرورون َ
لك أنّه َيكن أن يكون كذلك؟»
«هو كذلك .أفال يبدو َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 341 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
الراعي يوحنّا رأسه ويصمت .يتكلّم مسعان التلميذ« :فقط طيب القلب َيكنه أن يرى.ََيفض َّ
إين أرى الظَّاهر بينما طيب القلب ينفذ إىل
لست طيّب القلب .فال أرى ما تراه طيبة القلوبّ .
أان ُ
لكن املعلّم طيّب القلب ...ويرى»...
أنت كذلك اي يوحنّا ،ترى مثلي ،و ّاألعماقَ .
آمرك أن تتكلّم».
«ماذا ترى يف يهوذا؟ َ
«هاك :عندما أنظُر إليه ،ختطر ببايل مو ِّ
اطن كثرية ُم َبه َمة ،تبدو مثل أوكار حيواانت مفَتسة َ
ومستنقع حمموم .ال يبدو منه سوى متاهة كبرية فقط ،ندور فيها يف حبر من اخلوف .وابلعكس...
خرية وأعشاب ذات ابلعكس ،من اجلهة املقابلة هناك كذلك َيامات وحساسني واألرض غنيّة بينابيع ّ
أنت الذي تَعلَم»...
أنت ارتضيتَهَ ،
ك َ نفع .أريد االعتقاد أب ّن يهوذا كذلك ...أعتقد ذلك ألنّ َ
«نعم ،أان الذي أعلم ...هناك ثنااي كثرية يف قلب هذا الرجل ...إّّنا فيه جوانب كثرية َخِّّرية.
اخلري والذي ليس سوى صالح فقد رأيتُه يف بيت حلم ويف إسخريوط .إذا كان هذا اجلانب اإلنساينّ ّ
الروحي ،حينئذ يصبح يهوذا ما ترغب أن يكونه .إنّه شاب»...ّ مسو الصالح
إنساينّ يرتقي إىل ّ
«ويوحنّا كذلك شاب»...
ب هذا املسكني يهوذا... قلبك :وهو أفضل .إّّنا يوحنّا هو يوحنّا! اي مسعان ،أ ِّ
َح َّ كمل يف َ «وتُ ِّ
ك تبدو أفضل». أرجوك .ولو أحببتَه ..فإنّ َ
َ
صب
يتكسر قَ َ
كل حماواليت ،كما َّ
أجلك ...ولكن هو الذي ُيطّم ّ
بكل جهدي ،من َ «أحاول ّ
أحب
أنت .ولذلك أان ّ
لدي سـوى شـريعة واحـدة :أن أفعـل ما تريده َ
النَّهر ...إّّنا ،اي معلّم ،ليس ّ
يهوذا ،ابلرغم ِّمن أ ّن شيئاً ما يصيح يف داخلي ويف ضمريي ض ّده».
حار .مل
ّإهنا ساحة السوق يف أرُيا .إّّنا الوقت ليس صباحاً .إنّه املساء ،غسق طويل لصيف ّ
ش ُمتساقِّط ِّمن سالل أو ِّمن ِّ ِّ
يبق من ُسوق الصباح سوى النفاايت :بقااي خضار ،كوم من غائط ،قَ ّ
ِّ
كل ما تفعله الشمس ِّمن ِّ ِّ ِّ
كل هذا ،إنّه نصر الذابب و ّ
بردعة محار ،قطَع من أَمسَال (خَرق) ...فوق ّ
املارة قليل ج ّداً ،فّت مشاكس ِّ
َّخمرات ومن الفوح الالذع وكريه الرائحة .الساحة الكبرية خاوية .عدد ّ
الت ّ
تتوجه صوب النبع .وهذا هنا يرمي احلجارة على العصافري القابعة على أشجار الساحة .وامرأة هناك ّ
كل شيء.ّ
وبكل هدوء يتّكئ على ِّ
يُقبل يسوع عرب إحدى الطرقات وينظر حوله ،ولكنّه ال يرى أحداًّ .
جذع شجرة وينتَ ِّظر .جيد وسيلة للتح ّدث إىل الصبيّة عن احملبّة النابعة ِّمن هللا واهلابطة ِّمن اخلالِّق على
كل اخلليقة" .ال تكونوا قُساة .ملاذا تريدون إزعاج العصافري؟ لديها أعشاشها هناك يف العايل .لديها ّ
ِّ
وتؤمن النظافة وذلك ابلتهام بقااي الناس واحلشرات اليت صغارهاَّ .إهنا ال تؤذي أحداًّ .إهنا َهتبنا تغريدها ّ
تؤذي احلصاد والثمار .ملاذا َجرحها إذاً وقَتلها وحرمان صغارها من آابئها و ّأمهاهتا أو حرمان تلك من
َيربه ،أو يقتل أهلكم ،أو َيطفكم بعيداً شريراً يدخل بيتكمّ ، صغارها؟ هل كنتم ستُ َسّرون لو رأيتم ّ
عنهم؟ ال لن تكونوا كذلك .فإذاً ،ملاذا تفعلون أنتم هبذه املخلوقات الربيئة ما ال تريدون أن يفعله أحد
بكم؟ كيف َيكنكم عدم إيذاء الناس يوماً إذا ما كنتم ،وأنتم ما تزالون أطفاالً ،تُـ َق ّسون قلوبكم جتاه
خملوقات صغرية لطيفة ،ال حول هلا وال ّقوة ،مثل العصافري؟ أال تَعلَمون أن الشريعة تقول’ :أحبِّب
ُيب هللا فكيف َيكنه ُيب هللا .ومن ال ّ ُيب قريبه ال َيكنه كذلك أن ّ كنفسك‘؟ ومن ال ّ َ يبك
قر َ
أعرفك،
َ الذهاب إىل بيته ليصلّي له؟ قد يقول هللا هلم ،ويقول ذلك من أعايل مسائه’ :اذهب ،فأان ال
فلست إذاً أخاً وال ابناً ،بل
َ إخوتك وال حتَتم فيهم اآلب الذي َخلَ َقهم.
َ حتب
ك ال ّ نت ابن؟ ال ،فإنّ َأأ َ
َشهر األكثر
األزيل :يف األ ُ
ُيب هللا ،وهو ّ إلخوتك‘ .انظُروا كيف َّ أنت هجني ،ابن هلل سيّئ ،أخ مزيّف َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 344 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ظل األوراق ليقيها من بها برودة توجد أهراء (حظائِّر) وخمازن أتوي إليها الطيور .وأثناء فصل احلر ،يَ ِّ
ه
ّ ّ
سهل إجياد احلبوب لتتغ ّذى
الشمس .يف الشتاء ،يكون البذار يف احلقول ،ابلكاد مغطى يف األرض ،ويَ ُ
هبا .ويف الصيف عصارات الفواكه تلطّف العطش ،وإبمكاهنا إنشاء أعشاش صلبة ودافئة ابستعمال
الرب .أنتم ،اي صغار الناس ،اي من ُخلِّقتُم مثل
بعض القش وبقااي صوف القطعان على العلّيق .إنّه ّ
كل هذه
العصافري ،ملاذا تريدون أن تكونوا خمتلفني بظنّكم أنّه مسموح لكم أبن تكونوا قساة على ّ
َيصه ،ال الناس الذين ُهم إخوتكم، أي كان مما ّاحليواانت الصغرية؟ كونوا رمحاء جتاه الكل بعدم حرمان ّ
وال احليواانت اليت ختدمكم ،وال أصدقاءكم ،وال هللا»...
ص َل يهوذا!»
ويهتف مسعان« :اي معلّم ،لقد َو َ
كل ما حتتاجونه ،كما يفعله مع هذه املخلوقات
«ولسوف يكون هللا رحيماً معكم أبن يهبكم ّ
الربيئة .اذهبوا وامحلوا معكم سالم هللا».
انضم إليهم ،ويتّجه صوب يهوذا قد بار فرط يسوع عقد الصبية الذين كان بعض ِّمن ِّ
الك يَ ِّ
ّ َ
سر َع َني ِّمن طريق أخرى .يهوذا ُمغتَبِّطّ ،أما يوحنا فيبتسم ليسوع ...إّّنا ال ويوحنّا اللَّ َذين ي ِّ
صالن ُم ِّ َ
يبدو أنّه سعيد مبا فيه الكفاية.
زت أربع ُحجرات ...آه! ّإهنا متواضعة ،ال ختش شيئاً .متاماً لنتم ّكن ِّمن
«إىل النَّزل .لقد َح َج ُ
كل هذا احلرمان وهذه احلرارة ،لنتم ّكن ِّمن تناول الطعام كالبشر وليس االسَتاحة على سرير بعد ّ
كالطيور على الغصن ،وكذلك لنتم ّكن من الكالم براحة .لقد بِّعتُها بسعر جيد .أليس كذلك اي
يوحنّا؟»
صلون إىل ساحة اثنوية .يقول يهوذا« :انظر إىل هذا البيت الذي بدون نوافذ على الطريق، ي ِّ
َ
صدع .إنّه بيت ديوميد طََّراق الذهب .حتسبه َمس َكناً فقرياً، وهذا الباب الصغري ج ّداً الذي يبدو وكأنّه َ
أليس كذلك؟ ولكنّه َيلك من الذهب ما يكفي لشراء أرُيا و...آه! آه!» يبتسم يهوذا
ِّخبُبثِّ «...ضمن هذا الذهب َيكننا أن جند الكثري من القالدات واألواين و ...كذلك أشياء أخرى
الكل يتظاهر بعدم معرفته ،بينما اجلميع لكل األشخاص األكثر نفوذاً يف إسرائيل .ديوميد ...آه! ّ ّ
يعرفونهِّ :من اهلريوديّني إىل ...إىل اجلميع .على هذا اجلدار اخلايل من الزينات ،الفقريَ ،يكن كتابة
تفاوضت هبا من ازك الطريقة اليت
"سّر وغموض" .لو كانت هذه اجلدران تتكلّم! ملا كانت ستثري امشئز َ ِّ
ُ
كنت ستموت خمنوقاً من الدهشة واحلََرج .إّّنا أنتَ ...أنتَ ... أجل إمتام هذه الصفقة ،يوحنّا!َ ...
كل شيء. ِّ ِّ
ابألحرى امسع اي معلّم .ال تَـعُد تُرسلين مع يوحنّا لقضاء حاجات معيّنة .فلقد كاد يُفشل ّ
احاً) ،إنَّه ال يعرف أن يُر ِّاوغ ،ومع ُخم ِّادع مثل ديوميد ال ب ّد أن يكون املرء سريع
إنَّه ليس فلهوايً (لـَّم َ
البديهة ويقظاً».
كنت تقول أشياء! غري متوقَّعة إطالقاً ولدرجة ...ولدرجة ...نعم ،اي معلّم، يـُ َه ِّ
مهم يوحنّا« :لقد َ
ب ،أان»... ِّ ِّ
ال تَـعُد تُرسلين .أان ال أعرف سوى أن أُح ّ
نشغِّلِّ « :من الصعب أن حنتاج مستقبالً هلكذا بيع».
ُجييب يسوع ال ُـم َ
كان موظف الضرائب خارجاً من البيت ،فقلت لنفسي" :حسناً ،إذا ما َخَر َج هو فسوف جند
كل الذين مثل لص و املال وأيضاً سوف جند ما أريده إلجراء املقارنة" .ذلك أ ّن موظف الضرائب مر ٍ
اب
ّ ّ
ِّ
ضت عليهم ضرائب بطريقة على شاكلته ،ولديه دائماً قالدات ُمنتَـَز َعة ابلوعيد والرىب من مساكني فُ ِّر َ
السكر والعربَ َدة والنساء .إنّه صديق محيم لديوميد الذي يبيع ويشَتي صرف بتبذير على ُّغري مشروعة لتُ َ
فت على نفسي .أقولَ :د َخلنا .أل ّن هناك فرق بني الدخول ذهباً وحلماً (نساء)َ ...د َخلنا بعد أن َعَّر ُ
وهنا بدأ يوحنّا يقوم حبركاته الصبيانيّة .وديوميد الذي كان يَنظُر إليه رآه يصطبغ ابألمحر
احلمى .هل ِّ املقزز" :إيه! ما إن َِّ
األرجواين ،وقال بلهجة العجوز ِّّ
حّت أصابته ّ الصيب ذكر زوجته ّ
ّ ع
َ مس ّ
لت يوحنّا إليقاظه وإفهامه ّأال يتظاهر ابلغباء .ولكنّه أجاب بـ "نعم" زوجتك؟" َفرَك ُ
َ هي مجيلة ج ّداً،
هتتم
مت أان" :إن تكن مجيلة أم ال ،فيجب ّأال َّ خمنوقةَ ،ج َعلَت ديوميد يراتب ابألمر .عندئذ تكلَّ ُ
ألجلهن إىل جهنّمّ .إهنا شابّة شريفة،
ّ لذلك ،أيّها العجوز .فلن تكون ِّمن عداد النساء اللوايت ستذهب
سيهتم بزواجه القريب ،وأان مكلّف مبساعدة الشاب ...أان ّ وقريباً زوجة شريفة .أ َِّران َ
ذهبك .فأان من
َيونك! -هل هو
َ جليلي ،أليس كذلك؟" دائماً هذا الشَّعر الذيّ يهودي وابن مدينة"" -.وهو ّ
ثري؟"" -نعم ،ج ّداً". ّ
عندئذ نَزلنا إىل أسفل ،وفتح ديوميد خزائنه وخزنه .إّّنا قل احلقيقة اي يوحنّا ،أمل نكن وكأنَّنا يف
كل هذه األحجار الكرَية وهذا الذهب؟ قالدات وأطواق وأساور وأقراط ومشابِّك ِّمن الفردوس أمام ّ
اخَتت
ُ الذهب واألحجار الكرَية ،داببيس شعر وبكالت وخوامت ...آه! اي للروائع! وِّمبَ َ
ظهر ال ُـمتعايل
قالدة شبيهة بقالدة حجالي ،مث داببيس وخوامت وأساور ...ومجيعها شبيهة ابليت كانت معي يف
ومن هي هو؟ ن م ا ّن
ّ إ هذا؟ "كل يسأل: كانو ،ًا شهند ِّ
الصندوق وبِّ َع َدد مسا ٍو هلا .كان ديوميد ُم َ
َ َ ّ
قلت له" :الثَّمن"؟
لت على طليب كامالً ُ ص ُزوجته؟ أأمرية هي؟" وعندما َح َ
غمة نَوح على قسوة الزمن ،على املصاريف ،واملخاطر واللصوص! آه! اي للنغمة آه! اي هلا من نَ َ
قك
َصد َ
أنت ،سوف أ ُ ك َ األخرى اليت يؤّكد يل هبا نزاهته! أخرياً هي ذي اإلجابة" :ابحلقيقة ،مبا أنّ َ
كالمك؟» ِّ
توجه
َ أإيل ّ
«ماذا تعين اي مسعان؟ ّ
لصِّّ ،
مقزز ،إنَّه أكثر اللصوص ه نإ اء.
و الس على القلوب
و ابلذهب «ال .بل للجميع .إنه ِّ
عامل
ّ ّ ّ
نذالة .إّّنا توجد لديه فلسفة اليواننيّني الكبار .إنّه يعرف اإلنسان ،احليوان ابلرذائل السبع الرئيسيّة،
حب ،وألشياء أخرى كثرية يف ذاته ويف اآلخرين». لكل اهة، ز ن لكل خري، لكل ر الورم الـم َد ِّ
م
ّ ّ ّ ّ ّ ََ ُ
«ولكنّه ال يعرف هللا».
جنعلن نفوسهم تضطرب بسبب شجاران .هلالرعاة .فال ّ صل ُّ «هدوءاً أيّها األصدقاء .لقد َو َ
لك ،إذا أمكن ،يف املستقبل ،ال
أكرر َ
التزمت هبا .و ّ
َ تك كمامهم َ
دت املال؟ هذا يكفي .أكمل ّ َع َد َ
حّت ولو كان ذلك بُغية تسهيل َع ِّمل صاحل»... تكذبّ ،
الرعاة.
دخل ُّ
يَ ُ
«أيّها الرفاق ،ها ُكم عشر وزانت ونصف ،نقصوا فقط مائة دانق اقتَطَ َعها يهوذا ملصاريف
اإليواء .خذوا».
كل شيء؟»
يسأل يهوذا« :أتعطيهم ّ
كل شيء ،ال أريد االحتفاظ أبيّة قطعة ِّمن هذا املال .لدينا عطيّة هللا ،وعطية أولئك الذين
« ّ
ضروري .كن على يقني .خذوا املال ولتكونوا
ّ بكل نزاهة ...ولن ينقصنا أبداً ما هو
يبحثون عن هللا ّ
مسرورين ،كما أان مسرور من أجل املعمدان .غداً ،سوف تذهبون إليه يف السجن .إثنان منكم :يوحنّا
كل شيء ويستَعلِّما عن النتائج .إيلي ِّ
ومتّيا .وسيذهب مسعان مع يوسف ملالقاة إيلي ليَحمال له ّ
يعرف .مثّ يعود يوسف مع ليفي .موعدان بعد عشرة ّأايم قُرب ابب السمك يف أورشليم ،يف الساعة
األوىل (حوايل الساعة السادسة صباحاً)ّ .أما اآلن فلنأكل ونسَتح .غداً ابكراً سوف أرحل مع أتباعي.
سمعون أخباري فيما بعد». لدي شيء آخر أقوله لكم اآلن .سوف تَ َ ليس ّ
ويتالشى املشهد يف اللحظة اليت يَكسر يسوع فيها اخلبز.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 20
تلون بلون القرية اليت يتواجد يسوع فيها ثريّة .بستان بديع ،فردوس رائع ذو عناقيد كثرية بَ َدأَت ت َّ
َّمها لـه أحد القرويّني .قد يكون حت ّدث الذهب والياقوت .يسوع جيلس يف بستان وأيكل من مثار قَد َ
حكمتك،
َ تلميذك عن
َ ظمئك اي معلّم .فلقد ح ّدثنا
َ قليالً قبل ذلك ،فالرجل يقول« :أان سعيد إبرواء
نَتدد ليك .إنّنا على م ِّ ّإال أ ّن الذهول قد أ ِّ
قربة من املدينة املق ّدسة ،و ّ َُ أخذ لدى استماعنا إ َ َخ َذ منّا ُك ّل َم َ
َ
صعد إىل اهليكل لالستماع إىل الراببنةّ .إال ّأهنم إليها ابستمرار لبيع الفاكهة واخلضار ،وحينذاك نَ َ
حديثك .كنّا نعود ِّمن هناك وحنن نقول" :إذا كان األمر كما َ بَعيدون ُك ّل البُعد عن التحدُّث مبثل
أنت فعلى العكس! آه! حنسب قلوبنا يف سكون! إ ّن القلب يقولون ،فَ َمن ذا الذي سيَخلُص؟" ّأما َ
درك، ك تُ ِّ يستعيد طفولته مع االحتفاظ ابلرجولة .إنّين غري مث ّقف ...ال أعرف كيف أ َُعِّّرب .إّّنا َ
أنت فإنَّ َ
بكل أتكيد».
ّ
اخلاصة ابلكهول،
ك لألمور ّ نضجك ومعرفت َ
َ ك ،تريد القول أبنَّه وعلى الرغم من أفه ُم َ
«نعمَ ،
لك كما ك تشعر ،بعد مساع كالم هللا ،ابلبساطة واإلَيان والطُّهر الذي يعود ليُولَد يف َ
قلبك ،فيبدو َ فإنَّ َ
دت طفالً من جديد ،دوّنا خطااي وال أفعال ُخبث ،مع كثري من اإلَيان ،كما حينما تكون ك عُ َ لو أنّ َ
ألول مرة ،أو حني تكون على ركبتيها تصلّي ،هذا ما تريد قوله». صعد إىل اهليكل ّ ك وتَ َممسكاً بيد ّأم َ
«هذا هو ابلضبط .اي لسعادتكم ،اي َمن أنتم معه على الدوام!» يقول بعد ذلك ليوحنّا ومسعان
وَيتُم ابلقول« :وأان
ويهوذا الذين أيكلون التني الذي تَقطُر عُصارته ،وهم جالسون على جدار صغريَ .
كتك قد َحلَّت فيه».
آويتك الليلة .فلم أعد أخشى الشقاء يف بييت أل ّن بر َ
سعيد ألنّين َ
وجييب يسوع« :الربكة تفعل فعلها وتَثبُت إذا ما بَِّقيَت النفوس ُخملِّصة ووفيّة لشريعة هللا وتعليمي.
حقيقي .فإنّه ،إذا كان ح ّقاً أ ّن هللا يَ ِّهب الشمس واهلواء هذا تتالشى. عمة ويف حال العكس فإ ّن النِّ
ّ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 352 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
للصاحلني كما لألشرار على السواء ،لكي ُييوا ،وإذا كانوا صاحلني يزدادون صالحاً ،وإذا كانوا أشراراً
للشرير لكي يعود
فحقيقي كذلك أنّه من اجلهة األخرى ،محاية األب تصبح أتديباً ّّ يَرعوون ويَهتدون،
عن طريق اآلالم إىل تذ ّكر هللا».
شراً دائماً؟»
«أوليست اآلالم ّ
«ال ،اي صديقيّ ،إهنا َشّر ِّمن ِّوجهة نظر بشريّة ،إّّنا من وجهة نظر فوق بشريّة ،فهي خري.
ّإهنا تزيد من استحقاقات األخيار الذين ُيتملوهنا دوّنا أيس وال ثورة ويق ّدموهنا ،بتقدَيهم ذواهتم مع
إذعاهنم ابلتضحية التكفرييّة عن نقائصهم الذاتيّة وعن خطااي العاملّ ،إهنا فداء لغري الصاحلني».
«أَعلَم أ ّن اإلنسان جيد ذلك صعباً .ومع العلم بكيفيّة ُحكم البشر على اآلالم ،فاآلب مل يكن
صلَت على أَثَر اخلطيئة .إّّنا كم تدوم اآلالم على األرض؟ زمن حياة ض َعها يف أبنائه .لقد َح َ قد َو َ
استمر العمر بطوله .اآلن أقول لكم :أليس التأ ّمل زمناً قصرياً ّ حّت ولو
اإلنسان قصري ،دائماً قصري ّ
أفضل من التأ ّمل على الدوام؟ أليس التأ ّمل هنا أفضل ِّمن أن يكون ذلك يف املطهر؟ فَ ِّّكروا ،فالزمن هنـاك
احلق أقـول لكم إنـّه جيب ّأال نَ َلعن األمل بل أن نبـاركه وأن ندعـوه "نعمة"
مضروب أبلف ضعف .آه! ّ
ونسميه "رمحة"».ّ
«آه! اي لكلماتك اي معلّم! إنّنا نشرهبا كمن ي ِّ
طفئ هليب ظَ َمئه يف الصيف بنبيذ العسل الذي ُ َ
يس ُكبه ِّمن َجَّرة رطبة .هل سَتحل غداً اي معلّم؟»
كل ما فَـ َعلتَه ِّمن أجلي ومن أجل هؤالء الذين هم
ألشكرك على ّ
َ «نعم غداً ،إّّنا سوف أعود
منك زاداً وفَتة اسَتاحة».
أصدقائي ،وألطلب َ
«سوف َِّجتد ما تطلُبُه هنا على الدوام اي معلّم».
َيب على الطريق الَتابيّة. الذي اجلحش جبانب قيـ َقبِّل يهوذا املعلّم وينطَلِّ
ّ ُّ
أضحت ساكِّنة .ومسعان يُراقِّب عمل البُستانيّني الذين يَس ُقون
يَهبط الظالم على القرية اليت َ
حقوهلم.
يبقى يسوع يف مكانه بعض الوقت مث ينهض ،يدور خلف املنزل وي ِّ
وغل يف البستان .يَن َف ِّرد. ُ ّ ََ
ذهب إىل َغيضة كثيفة حيث توجد أشجار ّرمان كبرية تُـ َفّرقها أدغال مرتفعة قليالً قد تكون ِّمن
يَ َ
لست متأ ّكدة متاماً .فهي ال َحت ِّمل مثاراً وأان أعرف
الكشمش (نوع من العنب) ُ .Groseillers
إليك؟» ووجه مسعان هنا يـُ َعِّّرب عن الدهشة «هل تبكي اي معلّم؟ ملاذا؟ أتسمح يل ابجمليء َ
سحة املائِّلة إىل
واملعاانة .إنّه رجل َدميم ،وتُضاف إىل قسماته القبيحة ،وبشرته الزيتونيّة الداكنة ،ال َـم َ
الزرقة والعميقة لندابت قدَية ،من آاثر إصابته ،إّّنا له نظرة طيّبة لدرجة أ ّن قباحته تتالشى معها. ُّ
لدي
لك ما يق ّدمه هو ،إّّنا ّ
لست يوحنّا وال أعرف أن أق ّدم َ
«ملاذا أنت حزين اي معلّمي؟ أان ُ
لست أشعر سوى أبمل واحد ،هو أنّين غري قادر على ذلك .قل يل :ألعلّي
عنك .و ُرغبة أبن أخ ّفف َ
لك؟»بقاءك معي أضحى مصدر معاانة َ األايم األخرية لدرجة أ ّن َ
عليك يف ّ
َّصت َ نـَغ ُ
ك .وأعتقد أنّين لن أجد أبداً من
علي منذ أن رأيتُ َ ِّ
«ال اي صديقي الطيّب ،أبداً مل تُـنَـغّص َّ
منك».
املربرات ما يدعو للمعاانة َ
ّ
احلق ،أن
أنت ّأنت تتأ ّمل .كيف تستطيع ،و َ
كت أنّين أحت ّدث عن يهوذا! فبسببه َ «آه! لقد أدر َ
وصد أكثر ِّ
وم َ
تتحمل هذا الكاذب؟ إنّه يكذب دون أن يرمش لـه جفن .وهو أكثر مكراً من ثعلبُ ، ّ
كنت سوف ِّ
ب .ملاذا؟ كم من األصدقاء َيكن أن يكون لديه؟ ولو ُ َ ه
َ ذ
َ وقد اآلن اء. صم
ّ صخرة ن م
كك ،ولكنّين أر َغب بش ّدة أن أتبعه ألرى ...آه! اي يسوعي! هذا الرجل ...اصرفه اي سيّدي».
أأت ّمل لَت َ
«غري ُجم ٍد .ما ينبغي أن يكون سوف يكون».
عادي».
«ال شيء غري ّ
تصرفه يف أرُيا».
شمئز من طريقة ّ
جعلك ت ّ
َ ادتك ألنّه ...ألنّه
«لقد تَـَركتَهُ َيضي إبر َ
مرة أخرى :ما ينبغي أن يكون سوف يكون ،ويهوذا هو
لك ّ«هذا صحيح اي مسعان .وأقول َ
جزء من هذا املستقبل ،فهو أيضاً جيب أن يتواجد فيه!»
«لنا؟»
«نعم ،أمثولة لكم .فاملعلّم لن يبقى على األرض إىل األبد .سوف َيضي بعد أن أيكل اخلبز
استمر ...وجيب أن تُـ َعلِّّموا.
ّ األكثر صالبة ويشرب اخلمر األكثر لذعا .إّّنا سوف تبقون لتجعلوين
حّت الرجوع األخري للمسيح ودينونة البشر سيستمر بعدهّ ،
ّ أل ّن العامل لن ينتهي مع املعلّم ،ولكنّه
لك إنّه مبقابل أمثال يوحنّا وبطرس ومسعان ويعقوب واندراوس وفليبّس العامة .وابحلقيقة ،أقول َ
ّ
األقل سبعة أضعاف أمثال يهوذا .وأكثر ،أكثر أيضاً!»...
وبرثلماوس وتوما ،فهناك على ّ
الرعاة طيّبون .يهوذا يهزأ هبم ،إّّنا أان فأحبّهم».
يف ّكر مسعان ويصمت .مثّ يقولُّ « :
«وأان أحبّهم وأُثين عليهم».
إلرضائك».
َ «إ ّن هلم نفوساً بسيطة ،كما ينبغي أن يكونوا
لكن كثريين عاشوا يف املدينة ،ومع ذلك ...مّت ستأيت إىل بيت
«وهذا هو عذره الوحيد .و ّ
صديقي؟»
مثلك».
أنت ،أظنُّه رجالً مث ّقفاً وصاحب جتربة َ
بكل سرور ،فنحن مبفردان ،أان و َ
«غداً اي مسعانّ ،
( -48أنتم كذلك ،الصاحلون منكم ُهم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا)
1945 / 01 / 20
كيت ووجهي إىل األرض ِّمن أجل البشر! وأنتم ،أنتم تريدون أن
«اي يوحنّا الصغري ،كم مرة بَ ُ
مين؟
أقل ّ
تتألّموا وتعانوا ّ
حّت ابلنسبة لكم ،فالصاحلون منكم ُهم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا .ألنَّه كلّما كان
ّ
اإلنسان يريد أن يكون صاحلاً أكثر ،فكلّما كان عليه أن يتأ ّمل أكثرّ .أما أنتم ،وأقول هذا بشكل خاص
الضروري أن تتث ّقفوا بدراسة
ّ للذين َستُناط هبم مسؤولية العناية الروحية ابلنفوس ،أنتم الكهنة ،فمن
التحمل تلك اليت
فكل منكم هو "بطرس" ،وينبغي لكم أن حتلّوا وتربطوا .ولكن أيّة قدرة على ُّ يهوذاّ .
جيب أن تتحلوا هبا ،كم جيب أن يكون احتادكم مع هللا صلباً ،كم من اآلالم الفظيعة اليت عليكم أن
يتعني عليكم القيام هباِّ ،من أجل أن تكونواتتحملوا ،وكم من املقارانت مع أساليب معلّمكم اليت َّ َّ
كهنة حقيقيني ،كما ينبغي أن تكونوا!
سوف يبدو للبعض أ ّن ما أسلّط الضوء عليه غري ذي نفع ،بشرّايً ،بل مستحيلّ .إهنم أولئك
تعودوا إنكار األوجه اإلنسانيّة ِّمن حياة يسوع ،وجيعلوين شيئاً خارجاً عن حياة البشر لدرجة الذين ّ
إهلي .أين إذاً هي اإلنسانيّة كلّيّة القداسة؟ أين تضحية األقنوم الثاين املتأنّس؟
كبرية ،شيئاً ليس سوى ّ
كنت أأت ّمل لرؤييت اخلائن وجاحد اجلميل.
كنت بشراً ،ولذلك ُ كنت إنساانً بني الناسُ . آه! ابحلقيقة كم ُ
كنت أرتَعِّش وأبكي
إيل .ألجل ذلك ُ حبب الذين كانوا ُيبّونين ،أو يهتدون ّ ُسعد ّ كنت أ َ
وألجل هذا ُ
كنت أعلَم أنّين سأعيده إىلكيت أمام صديق ميّت ،ولكنّين ُ شت وبَ ُ أمام جيفة يهوذا الروحيّة .ارتَـ َع ُ
لست
كنت يف مواجهة مع الشيطان .و ُ ُسعد لرؤيته بروحه يف اليمبوس .هنا ...هنا ُ كنت أ َ
احلياة ،وقد ُ
أضيف شيئاً.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 359 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
سمعون كلمة ِّ ِّ
أما أنت اي يوحنّاي فاتبعيين .لنمنح العامل هذه النّعمة .ومن مثّ ...طوىب للذين يَ َ
ومن أجلهم سوف أكون بـََرَكة». هللا ويعملون هبا .طوىب للذين يريدون أن يعرفوين ليحبوين .ففيهم ِّ
ّ ََ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 21
«لقد أصبَحنا ضمن أمالك صديقي ،أترى اي معلّمي؟ إ ّن املسافة مل تكن لتتجاوز أحكام
أخدعك .خلف بستان الت ّفاح هذا تصوينة سور احلديقة
َ الشريعة ،فأان مل أكن ألمسح لنفسي أبن
املدونة يف الشريعة َ ِّ ِّ
جعلتك تَصل من هذه الطريق املختصرة ابلذات ألحَتم احلدود ّ حيث املنزل .لقد
ابلشكل األمثل».
ثري ج ّداً!»
صديقك ّ
َ «
يسي؟»
«أهو ّفر ّ
ائيلي
ر إس هّنإ ذلك: لك قلت لقد يعة.
ر للش د د
ّ متش ب«أبوه مل يكن كذلك .أما هو ...فإنّه مراقِّ
ّ َ ُ ُ ّ
حقيقي».
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 361 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
بين ،خلفه أشجار وأشجار ال يكاد يرى البيت من ِّ
يُتابعان السري قليالً ،مثّ ها هو جدار َم ّ
خالهلا .األرض هنا مرتفعة قليالً ،ليس كثرياً لتسمح برؤية احلديقة اجلميلة لدرجة أنّه جيدر بنا ابألحرى
أن نُطلِّق عليها اسم منتزه.
ِّ
يستمر ابالرتفاع ذاته ،وقد تَ َدلَّت من ّ
قمته أغصان مغطّاة ابلورود ّ دوران مع زاوية اجلدار الذي يَ َ
ظهر ّبوابة ثقيلة ِّمن احلديد املشغول.
الفواح والرائع مع التوجيات اليت تَـبَـلَّلَت ابلندى .مثّ تَ َ واليامسني ّ
دق مسعان مبطرقة الباب الربونزيّة الثقيلة.
يَ ّ
«آه! إ ّن صديقي يستيقظ مع الشمس ،ألنّه ال جيد متعة ّإال يف بستانه ووسط ُكتُبه .فالليل،
فرحك».
تتأخر اي معلّم مبنحه َ
مربح .ال ّ
ابلنسبة له عذاب ّ
يَفتَح خادم البوابة.
ينهض لعازر ،ويـُ َقبِّّل يدي يسوع ،وينظر إليه إبجالل ال َيلو من فضول .ويدخلون إىل البيت.
فالسن
ّ يتحمس لسحاابت كاذبة. ط ،وهو ليس ذاك الولد الذي ّ علي مسعان ق ّ «مل يكذب ّ
أفعالك
َ كيانك ،لكانت
تعرف عليك حبقيقة َ حّت ولو مل يكن قد ّأنض َجاه مثل حكيم .ومثّّ ... واملعاانة َ
أنت تفعلها .وتفعلها
تك "ق ّديساً" .فَ َمن يفعل أفعال هللا جيب أن يكون َر ُجل هللا .و َ
عنك وأعلَنَ َ
حتدثَت ََّ
كمجـتَـرِّح للمعجزات، تك ُ
تعلنك َر ُجل هللا .وهو ،صديقي ،قد أتى إليك منجذابً بشهر َ ابلطريقة اليت َ
يقك ممهورة مبعجزات أخرى كثرية .ملاذا ال أؤمن إذاً أنَّ َ
ك ال ُـمنتَظَر؟ ص َل على املعجزة .وأَعلَم أ ّن طر َ
وح َ
َ
َّظاهر أبنّنا نؤمن
آه! كم هو عذب اإلَيان مبا هو صاحل! كثرية هي األشياء غري الصاحلة اليت نُضطَّر للت ُ
أي شيء فيها؛ كثرية هي الكلمات اخلَدَّاعة اليت ّأهنا صاحلة ،حبّاً ابلسالم ،لعدم قدرتنا على تغيري ّ
الع َسل ،نُضطَّر ِّ
وس ّم يـُغَلّفه َ
تبدو إطراءات ومتجيداً ولطفاً ،بينما هي على عكس ذلك :هت ّكم وشتيمة ُ
أبهنا ُس ّم وهت ّكم وشتيمة ...نُضطَّر إىل ذلك ،ألنّنا غري قادرين على َّظاهر أبنّنا نؤمن هبا مع عِّلمنا ّ
للت ُ
وسلطان ،وحنن وحدان ُجنابه عاملاً أبكمله، فعل غري ذلك وحنن ضعفاء يف مواجهة عامل كامل ذي قُدرة ُ
هو مبثابة العدو لنا ...فلماذا جعِّل اإلَيان مبا هو صاحل صعباً؟ ومن جهة أخرى ،فلقد بـلَغَت ِّ
األزمنة َ ُ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 363 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
األزمنة موجودة .وما يَن َقص لتأكيد إَياننا ووضعه يف مأمن ِّمن ّ
الشكَ ،منوط ِّمألها ،ودالئل ِّملء ِّ
إبرادتنا ابإلَيان ،وبطمأنة قلبنا يف اليقني أب ّن االنتظار قد انتهى ،وأ ّن ال ُـم َخلِّّص هنا ،ماسيا موجود...
وهو الذي سوف يُعيد السالم إلسرائيل وألبناء إسرائيل .هو الذيَ ...ينحنا أن ّنوت بسكون ،جبعلنا
نَعلَم أبنّنا قد افتُدينا ،وأن جيعلنا نعيش دون هذا اهلاجس احلزين ابلنسبة ملواتان ...آه! األموات! ملاذا
نبكيهم إن مل يكن أل ّهنم ،إذ مل يعد لديهم أبناؤهم ،فليس هلم أيضاً األب وهللا؟»
الدك؟»
«هل مضى وقت طويل على وفاة و َ
«ثالث سـنوات ،وسـبع سـنوات على وفـاة والديتّ ...إال أنّين مل أعـد أبكيهم منذ بعض الوقت...
أمتىن أن يكونوا يف انتظار السماء». فأان أيضاً أتخذين الرغبة أبن أكون حيث ّ
يلك».
ضيفك ونز َ
َ حينذاك لن يكون ماسيا
َ «
فعم
عليك ...وقليب ،هبذا الفرحُ ،م َ
«هذا صحيح .فاآلن أان أوفر حظاً منهم ألنّين حاصل َ
لك .اليوم السبت ،ولن أستطيعوهب يل شرف أن أجعل من منزيل منزالً َابلسكون .ادخل اي معلّمَ ،
شرفك»...
دعوة األصدقاء على َ
لست أرغب يف ذلك .فأان اليوم بكليّيت ملن هو صديق مسعان وصديقي».
« ُ
يَلِّجون غرفة مجيلة ،اخلُدَّام فيها مستع ّدون الستقباهلم .يقول لعازرَ « :
أرجوك أن تتبعهم.
وَيكنكما ،يف البدء ،استعادة قواكما بتناول الفطور ».وبينما َيضي يسوع ومسعان إىل مكان آخر،
السادة…
ثري ،وهو يعود ألحد َّ للخدَّام .أ ِّ ِّ
ُدرك أن املنزل ّ يُصدر لعازر أوامره ُ
قطعي ،أن يَسقيه ّإايه بيده ،قبل اجللوس وبشكل لعازر، ر يشرب يسوع ِّمن احلليب الذي ي ِّ
ص
ّ ّ ُ َ َ
لتناول الفطور.
«نعم ،لقد قَبِّل هبا كلّها ،لكي َيتلك هذه األراضي ،وأان مسرور؛ إذ ،على األقلِّ ،
أعرف َمن َ
ضر البيع ،كذلك هو يريد أن يَب َقى جمهوالً سوف يكون جاري .ومع ذلك ،فكما أنَّ َ
ك تريد ّأال َحت ُ
أرجوك املوافقة على حتقيق رغبته».
إليكَ .
ابلنسبة َ
كل ما سوف تفعله سيكون أنت صديقي ،وسوف تنوب عين ...و ّ مربراً العَتاضيَ . «ال أجد ّ
خادمي األمني يف الشارع ...اي معلّم ،إنّين أبيع ،وحسب تقديري ،فأان سعيد حسناً .يكفي ّأال يرمى ِّ
َُ
خادم ُم ِّس ّن وأمني ،هو الوحيد الذي بَِّق َي
أبن ال أعود أملك أي شيء يربطين بغري خدمتك .إّّنا لدي ِّ
ّ َ ّ
لك سابقاً ،كان يساعدين ابستمرار أثناء إبعادي عن اجملتمع .ولقد اعتىن قلت َيل بعد شقائي .كما ُ
اخلاصة ،وذلك أبن َج َعلَها ،بفضل لعازر ،تؤول إليه ،حلماييت وأتمنيأبمالكي كما لو كانت أمالكه ّ
رت أن تؤول فقر ُ
احتياجايت ،منها .واآلن وقد أضحى عجوزاً ،فليس من العدل أن أتركه بال مأوىّ ،
ملكيّة بيت صغري على حدود األمالك إليه ،مع قسم من قيمة بقية األمالك ،لقضاء حاجاته مستقبالً.
السن ،كما تعلمُ ،هم مثل اللبالب ،إذا ما عاشوا م ّدة طويلة يف مكان ،فإ ّهنم يتألّمون
فالذين يتق ّدم هبم ّ
ويعانون كثرياً ِّمن انتزاعهم منه .ولقد كان لعازر يريد أن أيخذه عنده ،أل ّن لعازر رجل طيّبّ .إال أنّين
أقل»...
التصرف هكذا .فبهذا الشكل تكون معاانة خادمي العجوز ّ َّلت ّ فَض ُ
ثلك ،لكانت ِّ
أنت أيضاً طيّب اي مسعان ،ولو كان هناك الكثري من املستقيمني م َ
يـُ َعلّق يسوعَ « :
رساليت أكثر سهولة»...
« ّإهنا احلقيقة .ليس اجلميع يريدون ذلك! اي معلّم :ما هي الكلمات اليت َِّجتدها للخاطئ كي
لك؟ أهي أَ َكلِّمات أتنيب قاس مثل تلك اليت متأل اتريخ إسرائيل جتاه اخلطأة ،واليت
ضع َوَي َ
يتوب َ
استخد َمها هو السابق ،أم هي كلمات رمحة؟»
َ كان ِّ
آخر َمن
أعرفها ِّمن خالل مطالعايت -فـفي حاليت الصحيّة هذه أقرأ كثرياً وبشغف لتمضية ساعات
«نعمِّ ،
األرق الطويلة -أَعلَم بوجود بعضها يف سورية ويف مصر وأخرى قرب بالد الكلدانيّني ،وأعرف أ ّهنا
متتصه .يقول أحد الرومانيّني ّإهنا أفواه اجلحيم ،تسكنها وحوش ِّ
عمل كالـمح َجم .عندما يقع فيها املرء ّ
تَ َ
كافرة .هل هذا صحيح؟»
كنت أفعل حسناً .إّّنا املرض ...وأشياء أخرى َحَرَمتين ِّمن إشباع
لست أدري إذا ما ُ «كثرياًُ ،
الكثري من الرغبات اإلنسانيّة ...واآلن ليس يل هواية سوى الزهور وال ُكتُب ...املزروعات وكذلك
كشف عن ساقيه اخليل ...أعرف أنّين أُنت َقد .ولكن كيف َيكنين الذهاب إىل أراضي هبذه احلال (وي ِّ
َ ّ
علي استعمال عربة ،وسريعة أيضاً .من أجل ِّ
املتضخمتني واملعصوبتنيَ ).أمشياً أم على ظَهر بغل؟ ّ ّ
ِّ
شر ...فسأبيعها». لت يل إ ّن هذا ّ يت اخليل وتعلَّ ُ
قت هبا ،أُقّر بذلك .إّّنا لو قُ َ ذلك اشَت ُ
فسد .ما ي ِّ
فسد إّّنا هو ما جيعل الروح تضطرب «ال اي لعازر ،ليست هذه األمور هي اليت تُ ِّ
ُ
ويُبعِّدها عن هللا».
ب املعرفة... ِّ
َقرأ كثرياً .ليس يل سلوى سوى ذلك .أُح ّ أود معرفته .أ َكنت ّ
«هو ذا ،اي معلّم ،أَمر ُ
الشر ،والقراءة أفضل ِّمنِّ ...من فعل أشياء أخرى. عل أعتقد أنّه ،يف النهاية ،التث ّقف أفضل كثرياً من فِّ
ّ
أحب كذلك معرفة عا َمل اآلخرين .تستهويين روما وأثينا .إنَّين اآلن فقط. تناتاابولكنّين لست أَقرأ كِّ
ّ ُ َ َ
كل شيء.
ََي ُرجون .وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -50يسوع يعود إىل أورشليم .االسخريوطي يتحدث يف اهليكل .الذهاب إىل اجلسمانية)
1945 / 01 / 22
«فقط هذا .ال َيكن البقاء أكثر .فعند الفجر موعدان عند ابب السمك ،وإذا ما استبقاين
الرعاة اآلخرين ،لقد َوَّزعتُهم ،أولئكاجلميع ،فكيف تكون يل حريّة الذهاب إىل هناك؟ أريد رؤية ُّ
األقل، لى ع ابالسم القطيع، مل
ّ مع فعر ي لكي و عاج،الرعاة احلقيقيني ،عرب فلسطني كي َجيمعوا النِّ
ّ ُّ
ّ َ ُ َ ّ
إيل ملالطفتها».
أين معلّم القطيع ،وأتيت ّ
أتفوه هبذا االسمّ ،
بشكل جيعلها تعرف ،حني ّ
ك النِّّعاج».
مثلك .ولسوف حتبّ َ
«إنّه ملمتع أن يكون للمرء معلّم َ
الكباش ...بعد رؤية يوان سوف نذهب إىل الناصرة ،مثّ إىل كفرانحوم. «النِّّعاج ...إّّنا ليس ِّ
فسمعان بطرس واآلخرون يعانون من هذا الغياب الطويل ...سوف نذهب لنفرحهم ونفرح أنفسنا.
أن موسم الصيف يفرض علينا فعل ذلك .فأولئك الذين يبغون معرفة احلقيقة اليت تريح ابإلضافة إىل َّ
النفوس قليلون جداً ،فاإلنسـان ...آه! اإلنسـان! إنّه ينسى كثرياً أ ّن لـه نفسـاً ،وهو ال يهتم وال يف ّكر
ّإال ابجلسد ،وال يعتين ّإال به .يف الليل يريدون فقط إراحة أجسادهمَّ ،أما أثناء النهار ،فالشمس احلارقة
يدب يف األرواح كما يف
تعيق السفر وحتول دون التعليم يف الساحات ويف الطرقاتّ .إهنا جتعل النعاس ّ
فلنمض لتعليم تالميذي ،هناك يف اجلليل املمتع ،الغين ابحلقول اخلضراء واملياه ِّ األجساد .لذا...
املنعشة .أمل تذهب إىل هناك أبداً؟»
بلديت الناصرة! َهتِّب ذاهتا لقبلة الشمس ،بيضاء وخضراء ابلكامل ،مبتسمة بني العمالقني:
حرمون الكبري والصغري وقاعدة اجلبال اليت حتمل طابور ،قاعدة السفوح الرائعة الكاملة االخضرار اليت
قمته.
نصب يف وجه الشمس طابورها املكتسي غالباً ابلثلج ،إّّنا الرائع اجلمال عندما تغلّف الشمس ّ تَ ُ
ابلوردي ،بينما يف اجلهة املقابلة ،الكرمل ،حيث الالزورد يف ساعات معيّنة،ّ آنذاك يصبح مرمراً ملوانً
عندما تكون الشمس ساطعة ،وحيث الرخام واملياه والغاابت الصغرية واحلقول ترسم فيه عروقاً ابأللوان
زمرداً أزرق-بنفسجيّاً عند املساء ،وكتلة واحدة من حجر كرمي املتع ّددة ومعشوقاً دقيقاً عند الصباح؛ مثّ ّ
السجادة اخلصبة
احللييب .مثّ ،يف األسفل ،عند الظهريةّ ، و ي الفض
ّ نوره لون يف ا
ً م معت
ّ القمر ره عندما يُ ِّ
ظه
ّ ّ
واملزهرة من مرج ابن عامر.
وحب
ومثّ ...ومثّ ،آه! اي مسعان! هناك توجد زهرة! ّإهنا زهرة تعيش حياة عزلة ّفواحة ابلطهر ّ
تتعرف عليها اي مسعان ،وسوف تقول يل إذا كان بني املخلوقات إهلها وابنها! هناك توجد ّأمي .سوف ّ
حّت فيما يتعلّق ابلكياسة البشريّة على األرضّ .إهنا مجيلة ،إّّنا الذي ينبَعِّث من داخلها
مثيل هلاّ .
متشردة،
وشوه وجهها ،وجعلها ّ مزق أحدهم يتّسم ابلشراسة مالبسهاَّ ، كل هذا اجلمال .وإذا ما َّ
يفوق ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 371 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ملكي ،فقداستها تعود فتُلبِّسها معطفاً من الروعة والبهاء.
كأهنا ملكة يف ثوب ّ فإهنا ستبقى تظهر و ّ ّ
حصلت عليها من أجل أن
ُ كل شيء ،ألنّين كل أنواع الشرور ،وأغفر لـه ّ
َيكن للعامل أن يقَتف حب ّقي ّ
آيت إىل العامل وأفتديهّ .إهنا ملكة العامل العظيمة واملتواضعة ،اليت جيهلها العامل ،ولكنّه بواسطتها حصل
على اخلري وسيحصل عليه أكثر عرب العصور.
دخالن ويتجاوزان ّأول مسطّح لسلّمََ .يُّران عرب رواق متّجهني صوب مسطّح سلّم آخر.
يَ ُ
«اي معلّم ،انظر هناك ،يهوذا وسط جمموعة من الناس .وكذلك هناك ّفريسيون وأعضاء من
اليهودي .أان ذاهب ألمسع ما الذي يقوله .هل أتذن يل؟»
ّ اجملمع
يذهب مسعان مسرعاً إىل املوقع وأيخذ مكاانً حبيث يَسمع وال يُرى…
هاهنا يوجد أشخاص تعرفوهنم مجيعاً وجتلّوهنم ،وَيكنهم البوح يتح ّدث يهوذا بيقني عظيمُ ...« :
األول .كثريون
أتغري .فأان ال ُـمفتَ َدى ّ
غريين ،لقد َج َعلَين ّ
كنت عليه يف السابق .إذاً ،أقول لكم إنّه قد ََّ
مبا ُ
ويسميه" :الق ّديس املعادل إليليا يف رسالته ،إّّنا أيضاً أعظم من ِّ ِّ
منكم ُجيلّون املعمدان .وهو أيضاً ُجيلّه ّ
قسم أنّه ،بسبب قداسته، "محل هللا" ،وي ِّ
ُ يسميه املعمدان ََإيليا" .اآلن ،إذا كان املعمدان هكذا ،فالذي ّ
رآه مكلّالً بتاج من انر روح هللا ،بينما صوت ِّمن السماء كان يعلنه" :ابن هللا احلبيب الواجب االستماع
لست َّ
مغفالً وال سا َذج .إنّه هو. ِّ
إليه" ،فهذا ال َيكن أن يكون ّإال ماسيا ...إنّه هو .أُقسم لكم .فأان ُ
ومسعت أقواله ،وأقول لكم :إنّه هو ماسيا .املعجزة طيّعة له كطاعة العبد لسيّده. ُ أيت أفعاله
لقد ر ُ
تتغري أيضاً وأكثر من
وصحة .والقلوب ّ حول إىل فرح ّ أمراض وبالاي تتالشى دون أن تَتك أثراً ،بل تت ّ
ضعوهنا لـه؟ إذا كان لديكم ذلك ،فتعالوا غداً ومآس ُخت ِّ
يف أان .أليس لديكم مرضى ٍ اجلسد .ترون ذلك ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 372 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
عند الفجر إىل ابب السمك .سوف يكون هناك ،وسوف جيعلكم سعداء .وإىل أن ُيني ذلك ،هاكم:
ابمسه أعطي الفقراء هذه اإلعانة».
سيحني وثالثة عميان ،ويف النهاية جيعل عجوزاً صغرية الق ّد تَقبَل القطعكَ ويوزع قطعاً نقدية لِّ
َ ّ ّ
األخرية ،مثّ يَصرف اجلميع ويبقى مع يوسف الرامي ونيقودَيوس وآخرين ال أعرفهم.
لدي شـيء ،وأان اآلن كما يريد هو». يعد مل تياح!
ر ابال ـعرش أ اآلن آه! « ـوذا:هي نويعـلِّ
ّ ُ
جاداً يف
أظن ذلك مزاحاً ،ولكنّين أر َاك ّ
كنت ّ
أعرفكُ .
َ ويقول يوسف« :يف احلقيقة مل أعد
فاتك».
تصر َ
ّ
جاد .آه! يف البدء مل أكن أان أعرف نفسي .وما زلت حيواانً قذراً ،مقارنة به .إّّنا اآلن فلقد
« ّ
ت كثرياً».
تغري ُ
ّ
«ومل تعد تنتمي للهيكل؟» سأله أحد املستمعني ال أعرفه.
فأنت صديقه»...
لك اي يوسف؟ َ
«أمل تقل له ما قلتُه أان َ
مين
قلت لـه ذلك ولكنّه أجابين" :لدينا املعمدان ،وحسب تعاليم ال َكتَـبَة ،ينبغي مرور فاصل ز ّ « ُ
"أما أان فأقول إنّه ينبغي
ال يقل عن مائة عام بينه وبني ماسيا ،لتهيئة الشعب لقدوم امللك" .ويضيفّ :
ظهر املسيح أقل من ذلك .فاألزمنة قد اكتَ َملَت" .ويف النهاية" :ومع ذلك ال َيكنين تَـ َقبُّل أن يَ َ ّ
اعتقدت أ ّن ظهور ماسيا قد بدأ ،ذلك أ ّن ّأول بريق لـه كان يف احلقيقة ملعاانًُ هكذا ...ذات يوم
أخطأت"».
ُ مساوايً .إّّنا بعدئذَ ...خيَّم صمت كبري ،وأف ّكر أبنّين قد
ّ
أنت أيضاً»...
«حاول أن حت ّدثه عنه اثنية .ليت مجالئيل كان معنا ،و َ
يَ َِّ
عَتض أحد الثالثة اجملهولني« :ال أنصحك بذلك .فاجملمع ذو سلطة وسلطان ،وحنّان يسيطر
األقل ال يفرض
الظل .على ّ
مسيحك أن يعيش ،فانصحه أن يبقى يف ّ
َ وج َشع .وإذا أراد
عليه خببث َ
ابلقوة .ولكن حينذاك فإن روما موجودة»...
نفسه ّ
«لو كان اجملمع يسمعه ،لكان اهتدى إىل املسيح».
«ال تتح ّدث عن ذلك مطلقاً .إ ّن نفسه ملريضة ج ّداً .وَيكن للمديح أن يؤثّر فيه أتثري أطعمة
تُعطى ملن هو يف فَتة النقاهة ،بعد ُمحى معدية حادة .وهذا جيعله أسوأ ،إذ يتفاخر أبنّه قد ِّ
لوحظ. ّ ُ ّ ّ
وهنا النقطة اليت منها يدخل الكربايء»...
ّنر ابلناصرة
ينتظرك! أ ََو ّ
َ «أان سعيد لذلك اي معلّم .أُفَ ِّّكر بسمعان بطرس .من يدري كيف
كذلك؟»
أخيك يعقوب».
«طبعاً ،وسنمكث فيها يف انتظار بطرس وأندراوس و َ
«آه! أّنكث يف اجلليل؟»
كل شيء.
يوحنّا سعيد لذلك .ومبشهد سعادته ينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 24
فَجر آخر .وأيضاً مواكب محري تتزاحم عند ابب السمك الذي ما يزال ُمغلَقاً .ويسوع مع
يتعرف عليهم بعض الباعة ويتجمهرون حوهلم .يركض صوبه أيضاً أحد جنود احلراسة، مسعان ويوحنّاّ ،
أقل صخباً.
اجلليلي .قل هلؤالء اهلائجني أن يكونوا ّ
ّ حينما يراه ساعة فتح الباب ،وُييّيه« :سالماً أيّها
يتش ّكون منّا ،ولكنّهم ال يفعلون غري لعننا وعدم إطاعتنا .يقولون إ ّن هذا ابلنسبة هلم هو أحد الشعائر
فأي دين هو دينهم هذا القائم على العصيان؟» الدينيّةّ .
مهم أيّها اجلنديّ .إهنم َك َمن يف بيتهم نزيل غري مرغوب فيه ،وهو أقوى منهم .وللثأر،
«تَـ َف َّه ُ
الرد ابللسان».
فليس لديهم إال ّ
«نعم ،إّّنا جيب علينا القيام بواجبنا ،وابلتايل علينا أن نُعاقِّب .وهكذا نُصبِّح نـَُزالء غري مرغوب
فيهم على الدوام».
اجلندي».
ّ «اإلنسان هو اإلنسان على الدوام ،أيّها
ظل املدخل ،يستدير يوحنّا صوب املدينةَ .جيلس مسعان على حجر يستخدم
يسوع يف شبه ّ
كمقعد.
امسك؟»
«ما َ
«يسوع».
«ألنّه ...ألنّه ِّدين روما .وإذا مل َُي ََِّتم املرء ِّدين بلده ،فكيف َُي ََِّتم قيصر والوطن؟ ومثّ ،مثّ أشياء
كثرية؟»
ستمر أيّها
َّمت يف طريق الصالح .ا ّ
ك قد تقد َ اجلندي إبمعان« .يف احلقيقة ،إنّ َ
ّ يَنظُر يسوع إىل
نفسك أن متلكه يف ذاهتا ،دون معرفة تسمية هذا الشيء».
َ وستتوصل إىل معرفة ما تبغي
ّ اجلندي،
ّ
«النَّفس؟ ماذا تعين؟»
كل الناس لديهم نفس ،وهذا ما َييز اإلنسان عن احليوان .هل تريد أن تكون شبيهاً حبصان؟
« ّ
بطائر؟ بسمكة؟ جسداً ال يعود بعد املوت سوى َع َفن ونتانة؟»
شهق يهوذا.
يَ َ
شهق اي يهوذا؟»
ويسأله يسوع« :ملاذا تَ َ
أود لو يكون الذين ِّمنّا ُهم َمن يـُ َفتِّّشون عن احلقيقة .بينما ُهم على
كنت ّ
أشهق أل ّن ...ألنّين ُ
« َ
دت ِّ
وإما يبقون غري مبالني .لقد ثـَبَطَت عزَييت ،فما ع ُ وإما ُيتقروهنا ّ
فإما يهربون منّها ّ
عكس ذلكّ ،
إليك .إذ إنّين ،كتلميذ ،مل أجنح
أريد أن أطأ هذا املكان ،ومل أعد أبغي عمل شيء غري االستماع َ
بشيء».
« َأوتعتقد أنّين أجنح كثرياً؟ ال تيأس اي يهوذاّ ،إهنا صراعات الرسالة .وال َف َشل فيها أكثر ِّمن
حّت وإن مل
ادتك احلَ َسنَة ّ
لكن الفشل هنا هو دائماً نصر هناك يف األعايل .اآلب يرى إر َ النَّصر .و ّ
لك لن تنقص». تتوصل إىل شيء ،وبركته َ ّ
أنت طيّب وصاحل! إّّنا هل أُصبِّح أان صاحلاً يوماً؟»
فَـيُـ َقبِّّل يهوذا يده« :آه! كم َ
أنت ذلك».
أردت َ
«نعم ،إذا َ
عانيت ألكون كذلك ...ذلك أ ّن رغبات كثرية
ُ األايم ...لقد
كنت كذلك يف هذه ّ
«أظنّين ُ
بك».
كنت كذلك بتفكريي الدائم َ
كانت تتنازعين ...ولكنّين ُ
للرعاة.
موجه ُّ
تسرين كثرياً .وأنتم ماذا حتملون يل من األخبار؟» السؤال ّ
استمر إذاًّ ،
« ّ
يسألك أال تنساه».
َ لك بعض األطعمة وهو
أرس َل َ
ئك السالم وقد َ
«إيلي يقر َ
1945 / 01 / 25
لست أدري .إّّنا ص ّدقين ،يكفي ّأال تنظُر إىل األمام وال إىل الوراء .اعمل يوماً بيوم ،وإذا ما
« ُ
معونتك
َ وإال فقل "آمل احلصول على لك اي إهلي"؛ ّ حليفك عند املساء فقل" :شكراً َ َ كان النجاح
غداً"».
ك حكيم».
«إنّ َ
حّت ماذا يعين هذا .ولكنّين أعمل يف رساليت ما َع ِّملتُه أثناء مرضي .حوايل الثالثني
«ال أعرف ّ
عاماً من العجز ،وليس يوماً واحداً!»
أنت عاجزاً».
كنت َ
لدت أان بعد عندما َ
«أص ّدق! مل أكن قد و ُ
كنت عاجزاً ،ولكنّين مل أَعُ َّد تلك السنوات ق ّ
ط .ومل أقل أبداً" :ها إ ّن نيسان (أبريل) يعود « ُ
ُزهر من جديد أبداً مع الورود .ها إ ّن تشرين (يعترب أول شهر يف التقومي وأان ما زلت سقيماً ال أ ِّ
ُ
كنت
كنت أسري قُ ُدماً يف التح ّدث إىل نفسي وإىل الطيّبني عنه .و ُ املعاصر) يعود وأان كما أان" .ولقد ُ
إيل حبلوى العرس وحلوى مولد أطفال متر من خالل الذين كانوا يوماً صغاراً مثّ أيتون ّ أتنبّه إىل السنني ّ
دت اآلن شاابً ،فماذا أرى من املاضي؟ ال نظرت إىل الوراء ،أان العجوز وقد عُ ُ هلم .واآلن ،إذا ما ُ
شيء ،إنّه املاضي».
ينتظرك
َ الكل شيء
لك اي اسحق ،وهذا ّ "فكل شيء" َ
«ال شيء هنا .إّّنا هناك ،يف السماءّ ،
التصرف .أان أيضاً أفعل هذا .السري قُ ُدماً
هناك ».يقوهلا يسوع مثّ يتح ّدث إىل اجلميع« :هكذا ينبغي ّ
وبدون َكلَل .فال َكلَل هو أيضاً أحد جذور الكربايء اإلنساينّ .وكذلك االستعجال .ملاذا االمشئزاز من
«أبداً».
«ال ،دع العدالة لآلب وكن لـه ال ُـم َخلِّّصُ ،خمَلِّّص هذه النفس املتّجهة إىل الشيطان .ولكن
كك أيّها اخلادم األمني .تَ ِّ
عرف أن لعازر بيت عنيا هو فلنلق التحيّة على اسحق .لقد هبط الليل .أابر َ
أنت .افلح أرض يهوذا القاحلة .ومن مثّاآلن صديقنا وأنّه يريد مساعدة أصدقائي .أان ذاهب .ابق َ
معك».
سوف أعود .أنت تعرف أين جتدين عند الضرورة .سالمي َ
ويبارك يسوع تلميذه ويـُ َقبِّّله.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 26
حّت بعد حريق النهار .ال َيكن للندىتتأجج ّ الوقت ليل .إّّنا ال رطوبة .ما تزال األرض انراً ّ
تتبخر قبل أن تالمس األرض ،فاحلرارة املتصاعدة من أن يفعل شيئاً على هذه األرض اجلافّة .أظنّها ّ
أثالم األرض وشقوقها شديدة للغاية .يصمت اجلميع وهم ُم َنهكون ويتصبّب العرق منهمّ .إال أنّين
كل الشرق. ِّ
أرى يسوع يبتسم .الليل نَّري رغم أ ّن القمر الذي َييل إىل الغياب يكاد ال يُرى يف ّ
يسوع يسأل ليفي« :هل تظنّه سيكون هناك؟»
بكل أتكيد سوف يكون .ففي هذا الوقت ،قد استؤنف احلصاد ،وجين الثمار مل يبدأ بعد. « ّ
خاصة إذا كانفالقرويّون إذن منشغلون حبراسة الكروم وحقول الت ّفاح من اللصوص ،وال يفارقوهناّ ،
أرابب العمل متش ّددين مثل الذي ليوان .فالسامرة قريبة ،وعندما يتم ّكن هؤالء املارقون ...آه! يسطون
بكل طيب خاطرَ .أوال يعلمون أ ّن بعد فعلتهم هذه ُُيال اخلُدَّام إىل اجلَّلد؟علينا ،حنن اإلسرائيليّني ّ
بلى ّإهنم يعلمون ذلك ولكنّهم يبغضوننا».
ك سوف ترى كم َحتَ َّمل يوان من العذاب بسببهم منذ مخس سنوات .ومنذ ذلك «ال ،ولكنّ َ
وحشي»...
ّ احلني َُيضي الليل كلّه يف احلراسة .فاجلَّلد تعذيب
إين
أود أن أكون يف خدمتهم! ّ
الفريسيّون ُهم هكذا اي سيّدي؟ آه! ال ّ
يسأله يوحنّا« :هل ّ
أُفَ ِّّ
ضل قاريب».
لديك؟»
املفضل َ
بك إذن هو ّ
جاد« :فقار َ ِّ
ويسأله يسوع وهو شبه ّ
احلب
أنت! ّأما القارب فكان حينما مل أكن أعرف ما هو ّ
فيجيب يوحنّا حبماس« :ال ،بل َ
على األرض».
حب يوحنّا
أنت هو ّ
حيبَ .
فأنت ّ
احلب املفضَّل ابلنسبة يلَ .
احلب مجيل ،ولكنّه ليس ّ
«ذاك ّ
املسكني على األرض».
للحب ،واإلنسان
ّ فاحلب متعطّش
ّ مساعك تقول هذا.
َ كنت أريد
يضمه يسوع إليه ويقولُ « : ّ
يعطي ،ولسوف يعطي على الدوام لتعطّشه للقطرات غري احملسوسة كاليت تسقط من السماء ،وهي
حب البشر سوف تُستَن َفذ
حّت قطرات ّ اجلو ،يف وهج الصيفّ . تتبخر يف ّغري ذات أُهيّة ،لدرجة ّأهنا ّ
احلب
يف اهلواء مقتولة حبرارة كثري من األمور .ويعود القلب فينتجها اثنية ...إّّنا االهتمامات وأنواع ّ
تبخرها .وما الذي سيصعد إىل يسوع؟ آه! املتأججة ،وأمور إنسانيّة كثريةَّ ،
فإهنا ّ واألشغال ،والشهوات ّ
البشري ،ما َيكن أن يتب ّقى منها ،اخلَلَجات املعنيّة ابلطلب،
ّ كل َخلَجات القلبأشياء قليلة ج ّداً! بقااي ّ
احلب ،فستكون صفة عدد قليل تلح احلاجةّ .أما أن ُيبّين فقط من أجل ّ الطلب ،الطلب ،عندما ّ
ج ّداً :أمثال يوحنّا ...انظر إىل سنبلة نـَبَـتَت يف هناية املوسم .قد تكون حبّة َس َقطَت أثناء احلصاد .لقد
أشهر الشتاء اجلليديّة ،عندما تغفو كنت أعلم هذا! ففي ليايل ُ
نت! هي! يف الناصرة؟ ليتين ُ «أ َ
قدميك وأعود مع كنزي ِّمن
َ كنت سآيت ُمسرعاً أُقَـبِّّل
احلقول وال يستطيع األشرار أذيّة املزارعني ،آنذاك ُ
ظهر اي سيّدي؟» اليقني .ملاذا مل تَ َ
الصرب .أنت قلتها: «أل ّن ساعيت مل تكن قد أتت بعد .أما اآلن فقد أتت الساعة ،ينبغي تعلُّم َّ
"يف أشهر اجلليد ،عندما تغفو احلقول" .ومع ذلك فهي مزروعة ،أليس كذلك؟ وأان كذلك مثل احلَبَّة
َصل إىل زمن الـمبذورة .أنت رأيتَين يف وقت البِّذار .مث اختفيت أان ،مغَلّفاً بصمت ال ب ّد منه .ألّنو وأ ِّ
ُ ُ ّ َ َ
احلصاد وأَسطَع يف عيون الذين َرأوين مولوداً جديداً ،ويف عيون العامل .هذا الوقت قد حان .فاآلن،
كل اآلخرين ،أحبَث عن األوفياء يل ،وهلم ِّ
املولود اجلديد أضحى مستع ّداً ألن يُصبح ُخبز العامل .وقَبل ّ
مين"».
أقول" :تعالوا واشبَعوا ّ
يَستَ ِّمع إليه الرجل مبتسماً ،مغتبطاً وال يتوقّف عن القول كما لو كان ذلك يف داخله« :آه!
أنت إذن!»
أنت إذن! هو َ هو َ
أكنت على وشك املوت؟ مّت؟»
« َ
فت على املوت أل ّن َك َرمني قد ُس ِّرقا .انظُر كم من اجلروح!» يُ ِّنزل ثوبه «عندما جلِّ
شار ُ
َ حّت
ّ دت
ُ ُ
ضَربَين بِّ ُسوط مزود بقطع حديديّة .أحصى ليكشف عن كتفيه ،وعليهما آاثر جراح غري منتظمة« .لقد َ
كل عنقود. وجلَ َدين َجلدة مقابل ّ
العناقيد املقطوفة ،وكان ذلك ظاهراً من خالل آاثر العُنق املنزوعَ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 394 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
َسع َفتين مرمي ،زوجة أحد أصحايب .فهي كانت ُم ِّنق َذيت على ِّ
ومن مثّ تَـَرَكين يف مكاين شبه ميّت .وأ َ
قت هبذه الصغرية أل ّن امسها مرمي .لقد لت إىل هنا ،تَـ َعلَّ ُ
ص ُالدوام .وأبوها كان وكيالً قَبلي ،وعندما َو َ
حروري
ّ فيت منذ شهرين ،إذ ،بسبب احلرارة ،تَ َس َّممت اجلِّّراح ،وتسبَّـبَت يل بَتفّع اعتَـنَت يب إىل أن ُش ُ
مسيحك اثنية ،وهذا األمل كلّه ال يه ّمين .تَـ َقبَّله
َ اجعلين أرى
يهمَ . قلت إلله إسرائيل" :ماذا ّشديدُ .
حّت
أنت تَعلَم ذلكّ . لك األضاحي .فأان خادم رجل فظيع ،و َ ِّم ّين كأُضحية .ال َيكنين الذهاب ألق ّدم َ
هيكلكُ .خذين أان قرابانً ،إّّنا َهبين ّإايه هو!»
َ يف الفصح ال يَ َدعين أذهب إىل
أصحابك اآلن؟»
َ العلي يف حـالة فـرح يـا يـوان .هل تريد أن ختدمين كما يفعل
وج َعلَك ّ
« َ
«آه! كيف أفعل؟»
َيربك كم هو سهل أن ختدمين .فأان ال أريد سوى اإلرادة «مثلهم .ليفي يَ ِّ
عرف وسوف َ
الصاحلة».
ريب؟»
«لألمواتّ ،
فإهنم يَهتَـّزون فرحاً لِّتَ َخلُّصهم القريب من
الربّ ،
«للنفوس امليتةّ .أما الباقون ،الذين ماتوا يف ّ
شرق لتوقظهم من سباهتم .وقل إين أان الشمس اليت تُ ِّ
إين أان احلياة ،وللنيام ّ
اليمبس .قل لألموات ّ
احلق الذي يبحثون عنه». إين ّ
لألحياء ّ
«أوتشفي املرضى كذلك؟ لقد َح َّدثَين ليفي عن اسحق .هل املعجزة له فقط ألنّه َّ
الراعي التابع
لك ،أم للجميع؟»
َ
حقيقي. صالح إىل لبهم ج «املعجزة هي للصاحلني ،املكافأة العادلة .أما لألقل صالحاً فَلِّ
ّ َ ّ ّ
هلزهم ،إلقناعهم أبنّين موجود ،وأ ّن هللا معي .فاملعجزة عطيّة ،وهي للصاحلني. لألشرار أيضاً أحياانًّ ،
هرع
يهزه ،فهو يَ َ
لكن الذي هو رمحة ،والذي يَرى كم اإلنسان غليظ وأن حداثً خارقاً فقط َيكنه أن ّ و ّ
كل هذا مل ينفع ،فقولوا يل أنتم ماذا ينبغي يلكل شيء ألجلكم ،و ّ لت ّإىل البشر ليقول هلم" :لقد فَـ َع ُ
أن أفعل أكثر من ذلك"».
أود
فإين ّ
دخلوا األمالكّ ،
دت يل أ ّن اللصوص لن يَ ُ «سيّدي ،أال أتنف من دخول بييت؟ إذا أ َّ
َك َ
رب العمل
يعرفونك من خالل حديثيّ .
َ لك بعض الناس الذين لك واجب الضيافة ،وأمجع حو َ
لو أق ّدم َ
عنك
أَيكنك أن تؤمن أن املالئكة يقومون َ
َ ختش شيئاً ابلنسبة لألشجار والكروم.
إين آت .ال َ
«ّ
حبراسة أمينة؟»
أان ُمَرَّوعة لدرجة كبرية ِّمن ظهور الشيطان -الشيطان بشخصه دون متويه من أي نوع ،إنّه
ضبايب ،ذو جبهة منخفضة وضيّقة ،ووجه ُم َدبَّب ،وعينني غائرتني ،إنّه ّ شخص ضخم القامة ،أملَس،
كنت ِّ
كنت على وشك أن أطلب النجدةُ -. شريرة لدرجة كبرية ،ساخرةُ ،خماتلة لدرجة أنّين ُ ذو نظرة ّ
املنزه عن الدنس،
أصلّي يف عتمة غرفيت ،بينما كانت مرات يف املطبخ ،وكنت أصلّي ابلتحديد لقلب مرمي ّ
كل تفاصيل أيت ّ
املوصد .إنّه هو ،سواد على سواد ،ومع ذلك فقد ر ُ عندما ظَ َهر يل قرب الباب َ
وحشي،
ّ لست أدري ماذا أمسّيه ،شيء جسده العاري واملخيف ،ليس بفعل عاهة أو تشويه ،إّّنا بفعلُ ،
متشعبة ،وال أيّة تفاصيل
كل أعضائهَ .ملْ أ ََر قروانً وال َذنَباً وال أقداماً ّ
فظيع وثعباينّ كان ينطلق من ّ
كل الوحشيّة كانت ابدية يف سيمائه .للتعبري عن كيفيّته ،ينبغي يل عرض هبا عادة .إّّنا ّأخرى كاليت يُ َ
الشريرة.
تعرب عنه مالحمه املخادعة و ّ وترصد .هذا ما كانت ّ أن أقول :اختيالُ ،سخرية ،وحشيّة وحقد ّ
1945 / 01 / 27
ابلكاد ،ابلكاد بصيص نور .على ابب كوخ ابئس ،أمسّيه هكذا أل ّن تسميته بيتاً يُضفي عليه
الكثري من الفخامة ،هناك يوجد يسوع مع أتباعه ويوان وقَـَرويّني ابئسني آخرين مثلهّ .إهنا ساعة الوداع.
األايم
صالحك َح َّو َل هذه ّ
َ لت النور إىل قلوبنا.
يسأله يوان« :سيّدي ،ألن أر َاك اثنية؟ لقد َمحَ َ
عامل أبكثر
عامل أبفضل منّا ،واألشجار تُ َ عامل .احليواانت تُ َ
أيت كيف نُ َ إىل عيد يدوم طوال احلياة .ر َ
إنسانيّة .فهم َيثّلون املال .وحنن لسنا سوى آالت وأدوات لتأمني املال .ونُستَـغَ ّل إىل احل ّد الذي ّنوت
اجلو مثل أجنحة مالئكيّة .لقد بدا لنا ال ُقوت أوفَر كلماتك لَطََّفت لنا ّ
َ لكن
فيه من ش ّدة اإلهناك .و ّ
حّت لكالبه .عُد اي سيّدي لتُ ِّ
شاركنا الطعام ك تناولتَه معنا ،هذا ال ُقوت الذي ال يق ّدمه ّ أفضل ألنّ َ
و َ
حّت
أنت فأان أجرؤ على قول هذا ،فإن تقدمي هكذا مأوى وهكذا طعام يزدريه ّ ك َ جمدَّداً .فقط ألنّ َ
أنت»...
املتسول ويُعتََرب إهانةّ .أما َ
ّ
احلب .سوف آيت اي يوان ،سوف « ّأما أان فأجد فيهما عطراً وطعماً مساويّني أل ّن فيهما اإلَيان و ّ
كسلَّم يعقوب .ويف احلقيقة، مكانك هذا ُ
َ بطت فيه .وليكن ك ُر َ مكانك كما لو أنَّ َ
َ أنت يف
آيت .ابق َ
إليك وهي حريصة على جين استحقاقاتك كلّها لِّتَ ِّ
حملها إىل هللا .ولكنّين إ ّن املالئكة أتيت من السماء َ
حّت بشرّايً ،ولكنّين
أود منحكم سالماً ّ روحك .ابقوا كلّكم أوفياء يل .آه! ّ َ إليك ألنشل
سوف أعود َ
ُيب»...
ال أستطيع ،إذ علي أن أقول لكم" :أتلّموا بعد" .وهذا القول يسبّب األمل ملن ّ
كنت
كنت حتبّنا ،فال يعود هناك أمل .سابقاً مل يكن لنا من ُيبّنا ...آه! لو ُ
«اي سيّد ،إذا َ
ك!»األقل ،أن أرى ّأم َ
أستطيع ،أان على ّ
ك
خاصة اآلن وأان أَعلَم أنّ َ
رؤيتكّ ،
لست أبكي ،اي سيّد ...ولكن كيف العمل ألعيش دون َ
« ُ
حي؟»
ّ
داعب يسوع وجه العجوز الشاحب مثّ يبتعد .ولكنّه يقف عند حدود الساحة البائسة ،ويفتح ي ِّ
ُ
ذراعيه مباركاً القرية ،مثّ يبتعد.
كل األشياء ،كي ال يتم ّكن الشياطني ِّمن اإلساءة إليها ،وابلتايل اإلساءة على ة «لقد طَبعت ِّ
مس
ّ َ َ ُ
أي شيء آخر». هلؤالء املساكني .مل يكن أمامي فعل ّ
صلون عن وحدك ،فال يسمعه أحد ».وين َف ِّ
َ لك
«اي معلّم ...فلتتق ّدم بسرعة .أريد قول شيء َ
َ
كل
لك إ ّن لدى لعازر صالحية استخدام املبلغ لنجدة ّ اجملموعة ،ويتح ّدث مسعان« :أريد أن أقول َ
الذين ،ابسم يسوع ،يلتَ ِّجئون إليه .أفال نستطيع إعتاق يوان؟ هذا الرجل املنهوك القوى والذي مل يعد
أحببتك لست أجهلُها ،وقد «اي مسعان ،أان أَعلَم ملاذا جتردت ِّ
َ كل شيء .أفكار اإلنسان ُ ّ ن م ّ َ
وجبعلك يوان سعيداً تُسعِّد يسوع .آه! اي للضيق أن أرى صاحلاً يتأ ّمل ويعاين! فَ َشرطَ ّي َ أيضاً هلذا السبب.
أنت َكلِّ َمة هللا؟ قل
لست َ الفقر واحتقار العامل ال يضايقين إّال هلذا .لو كان يهوذا يسمعين لقال" :أو َ
أود لو أُشبِّع اجلّياع، ِّ
إين ّ فخ الشيطانّ . َكل َمة وتصبح احلجارة ذهباً وخبزاً للمساكني" .فيعاود نَصب ّ
إّّنا ليس ابلطريقة اليت يريدها يهوذا .فإنّكم لستم بعد على درجة من األهليّة إلدراك عُمق ما أقول.
ب عمليّة َسلب حبق كل األمور ،لكان قد ارتَ َك َ لك :لو كان هللا هو الذي يدبّر ّ ولكنّين أقول ذلك َ
احلب. ة وصي ابلتايل او يطيع أنو ذاهتم ن أصدقائه ،أي لكان قد حرمهم من إمكانية أن يكونوا ر َمحاء ِّ
م
ّ ّ ُ ّ َ ََ
توحدهم به :مسة الرمحة املق ّدسة اليت تتب ّدى ابألقوال ينبغي ألصدقائي أن يتّسموا بسمة هللا هذه ،اليت ّ
كت هذه الفكرة؟» واألفعال .وبؤس اآلخرين يُعطي ألصدقائي الفرصة ملمارستها ،هل أدر َ
اضع إلدراكي كم أان غليظ الفهم وكم هللا عظيم ،هذا الذيأأتمل هبا وأتو َ
« ّإهنا فكرة عميقةّ ،
كل
يتكشف هللا يل بكماالته العديدة من خالل ّ
كل صفاته األكثر وداعة ،فيدعوان أبناءهّ .
يريدان ،مع ّ
أتوسع يف معرفة هذه
هذا النور الذي تضعه يف قليب .ويوماً إثر يومَ ،ك َمن يتق ّدم يف مكان جمهولّ ،
احلقيقة العظيمة اليت هي الكمال الذي يريد أن يدعوان "أبناء" .يبدو أنّين أرتفع مثل نسر أو أغوص
وهر
األكمل ،هللا هو القدرة الالمتناهية ،هللا هو اجلَّ َ
«هللا هو الكمال بعيد املنال ،هللا هو البهاء َ
فىن ،هللا هو احلكمة اليت الصالح الذي ال َيكن جتاوزه ،هللا هو الرمحة اليت ال تَ َ
درك ،هللا هو َّ
غري ال ُـم َ
فت هللا أكثرك كلّما عر َ قلت إنّ َ
أنت َ احلب! َاحلب! إنّه َّضحى هللا .إنّه ّ
احلب الذي أ َال تُقاس ،هللا هو ّ
ظل له ...ولكن ك ترتفع أو تغوص يف عُم َقني ال هناية هلما ،لالزورد ال ّ لك أنّ َ
يف كماله ،كلّما بدا َ
احلب أضحى هللا ،ال تعود ترتفع أو تغوص يف الالزورد ،إّّنا يف زوبعة درك ماذا يعين أ ّن ّعندما ستُ ِّ
لك مواتً وحياة .سوف متتَلِّك هللا امتالكاً كامالً، سحب بغبطة تكون َ ِّ
ُم ِّبهَرة من اللَّ َهب ،وسوف تُ َ
ادتك إىل إدراكه واستحقاقه .عندئذ سوف تَثبُت يف كماله». عندما تصل إبر َ
نس ِّحق.
ريب!» مسعان ُم َ
«ّ
يتجمعون جيثو ليفي:
فَتة صمت ويَبلُغان الطريق .يقف يسوع يف انتظار اآلخرين .وعندما ّ
ك .هذا يتيم مثلي ،فال ترفض
يرجوك :خذين إىل ّأم َ
َ خادمك
َ كك اي معلّم ،إّّنا
«من املفروض أن أتر َ
يل ما َهتبه ّإايه .دعين أرى وجه أ ُّم»...
عنك هذا
«الباب نصف مفتوح .مرمي يف احلديقة .آه! كم ستكون سعيدة! كانت تتح ّدث َ
وحدك؟»
أأنت َك تتصبّب عرقاً! َ
الصباح .إّّنا أن أتيت حتت الشمس هكذا! إنّ َ
لكين سبقتهم ألرى ّأمي ّأوالً .ويوضاس؟»
«ال ،معي أصدقاء .و ّ
أي شيء .ولكنّها تبتسم وهي
«إنّه يف كفرانحوم .وهو يذهب إليها كثرياً »...وال تضيف مرمي ّ
متسح مبنديلها وجه يسوع الذي يتصبّب عرقاً.
دت اي مرمي؟» تقوهلا األ ُّم دون أن تلتَ ِّفت« .تعايل ،تعايل وانظري هذه الوردة! وهذه
«هل ع ِّ
ُ
هات أيضاً الدَّعامات لِّنَصب هذا الساق الذي
الزانبق املسكينة! سوف متوت كلّها إذا مل نسعفهاِّ .
يهوي».
يَفتَ َحان قلبيهما طويالً وهبدوء ،مرمي سعيدة للغاية ،لدرجة ّأهنا مل َتر ومل تتح ّقق أب ّن يسوع
ك أمحر كاألرجوان، ين يف مثل هذه الساعة؟ إنّ َ يتصبّب عرقاً .ولكنّها تالحظ ذلك بعدئذ« :ملاذا اي بُ ّ
وجتعلك تَغتَ ِّسل .وسأجلب
َ ك
فك ّأم َ
تعال إىل الداخل .لتج ّف َتعالَ ،
العَرق مثل إسفنجةَ . منك َويقطر َ
ين! ملاذا تسري هكذا حتت الشمس؟ الغِّراس متوت ين! بُ ّ
لك بعدها ثياابً جديدة وحذاء نظيفاً .ولكن بُ ّ
َ
أنت ،اي زهريت ،على الطرقات؟» من ش ّدة احلرارة ،و َ
«ِّأل ِّ
َصل ِّ
إليك أبسرع وقت ،اي ّأماه!»
لك»... «آه! بين! عزيزي! هل أنت عطشان؟ آه! طبعاً .سأ ِّ
ُحضر َ َ ُّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 405 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ملالطفتك .دعيين أُبقي رأسي هكذا على ِّ
كتفك ،كما عندما ِّ « َعطَشي هو لُِّقبلَ ِّ
تك اي ّأمي،
كنت طفالً ...آه! اي أمي! كم أان مشتاق ِّ
إليك!» ّ ُ
مفضلة؟ نقصك أثناء غيايب؟ أهي أكلة ّ
َ ين ،وأان آيت .ماذا إليك ،اي بُ ّ
«ولكن قُل يل أن آيت َ
ريب ،ستعمل على تَ َدبُّر
خادمتكّ ،
َ نقصك؟
َ ثياب نظيفة؟ سرير مرتّب؟ آه! قل يل اي فَـَر َحي ،ماذا
األمر هناك».
أمس َكت ّأمه بيدهَ ،جيلس على صندوق قرب اجلدار ،يف مواجهة مرمي يسوع الذي َد َخ َل ،وقد َ
يضمها بذراعيه مسنداً رأسه على صدرها ،ويـُ َقبِّّلها بني الفينة والفينة .وهو ينظر إليها اآلن إبمعان.
اليت ّ
منك اي ّأمي الق ّديسة!» إليك ،وليمتلئ انظري ِّ
«دعيين أنظر ِّ
ك كثرياً!»
«آه! املسكينة! لقد كانت حتبّ َ
الرعاة .إالّ أ ّهنم عانوا الكثري»...
«س ّكان بيت حلم عانوا كثرياً ،ومل يكونوا كما ينبغي مع ُّ
معك؟»
«ولكن هل كانوا طيّبني َ
الشر .وقد
«نعم ،لذا ينبغي اإلشفاق عليهم .فالشيطان ُيسدهم على صالحهم ويدفعهم إىل ّ
الرعاة ُمضطَ َهدون»...
كنت أيضاً يف اخلليلُّ .
ُ
«آه! أإىل هذه الدرجة؟»
حّت ولو كان أرابب عملهمصلوا على عمل وقُوتّ . ساع َدهم زكرّاي ،ومبساعدته َح َ
«نعم .ولقد َ
يت ِّ
وش َف ُ
صرح قداسة .لقد َمجَعتُهم َ
قساة .ولكنّهم نفوس بَـَرَرة ،ولقد َج َعلوا من االضطهادات واجلّراح َ
حت امسي ملولود جديد ...يف ايفا ،حيث يقطن اسحق الذي كان مريضاً جداً ،والذي اسحق وَ ...منَ ُ
ويسى»... ِّ
دعون مرمي ويوسف ّ الربَرة يُ َ
عاد إىل احلياة من جديد ،هنالك اآلن جمموعة من ََ
امسك!»
«آه! َ
ائيلي
ر إس صدري على مات التالميذ، أحد موطن يوط،
ر اسخ ويف . البار احل الص
َّ اسم
و «و ِّ
امسك
ّ ّ
لدي أخربك هبا اي صديقيت العظيمة ،اي
مؤمن ...من فرحه ابمتالكي ...ومثّ ...آه! كم من األشياء ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 407 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ِّ
أرجوك الرأفة كثرياً ابلذين سيأتون غداً .امسعي :إ ّهنم ُيبّونين ...ولكنّهم ّأمي اللطيفة! إّّنا يف البداية
ُخلِّّصهم ِّ
ليسوا كاملني .أنت معلّمة الفضيلة ...آه! ّأمي ،ساعديين يف جعلهم صاحلني ...أريد أن أ َ
ِّ
كأم.
مجيعاً»...ؤويَتك يسوع نفسه ينزلق عند قدمي مرمي .وتبدو هي اآلن يف َعظَ َمتها ّ
منك؟»
ك املسكينة أكثر َ
«ولدي! ماذا تريد أن تفعل ّأم َ
إليك ّأمي ...يوماً ما ،سوف أقول فضيلتك تُـ َق ِّّدس .لقد تَـع َّمدت أن أجلُبهم ِّ
ِّ «تقديسهم...
َ ُ
الضروري تقديس النفوس ،لكي أستطيع أن أجد فيهم إرادة لك" :تعايل" .ألنّه حينئذ سيكون من ِّ
ّ
صمتك سوف يكون فعاالً مثل كالمي .وسيكون طُ ِّ
هرك داعماً ِّ الفداء .وأان وحدي لن أمت ّكن ...إّّنا
ّ
ك قريبة منه .سوف وجودك سيبعِّد الشيطان ...و ِّ
ابنك ،اي أمي َِّجيد القوة بعلمه أنّ ِّ ِّ لقدريت وسلطاين...
ّ ّ ُ
األم العذبة؟» أتتني ،أليس كذلك أيتّها ّ
عليك؟
بك اي وليد قليب؟ العامل يقسو َ ك سعيد ...ما َأحس أبنّ َ
«يسوع! اي ابين احلبيب! ال ّ
حّت
ال؟ عزائي أبن أص ّدق ذلك ...ولكن ...آه! نعم ،سوف آيت .حيثما تريد ،كما تريد ،ومّت تريدّ .
اآلن ،حتت الشمس ،حتت النجوم ،وكذلك يف الصقيع ويف العواصف .هل تريدين؟ ها أان ذا».
ِّ
ومداعبتك! دعيين أانم هكذا ،رأسي على «ال ،ليس اآلن .إّّنا يوماً ما ...كم البيت لطيف!
وم َنهك ،وهو ِّ ِّ ِّ ِّ
لت ابنك الصغري »...وابلفعل ينام يسوع ،فهو تَعب ُ ركبتيك .إنّين تَعب ج ّداً! إنّين ما ز ُ
داعب شعره وهي يف غاية السعادة.جالس على احلصرية ورأسه على ركبيت أمه اليت تُ ِّ
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 28
أرى مرمي حافية القدمني ونشيطة ،تروح وجتيء يف البيت يف الساعات األوىل من النهار .وهي
املؤدي إىل ِّ
السماوي كفراشة لطيفة تُالمس بصمت اجلدران واألشياء .تقَتب من الباب ّ ّ تبدو بثوهبا
الشارع وتفتحه هبدوء ،دون أن ُحت ِّدث َجلَبَة ،وتَتكه نصف مفتوح بعد أن تُلقي نظرة على الشارع
دخل إىل املشغل الذي ومنذ َهجر الن ّجار ت
َ افذ.
و الن
و اب
و األب تفتح تيب،َت ال تعيد .ا
ًر الذي ما زال م ِّ
قف
ُ ُ
له ،أصبح املكان الذي حتفظ فيه مرمي أشغاهلا .وحيث تشرع أيضاً ابلعملَّ .إهنا تغطّي بعناية قطعة
قماش مل ينته نسيجها بعد ،وتبتسم لفكرة يف ذهنها ،وهي تَنظُر إليها.
وتتجمع طيور احلمام على كتفيها .ترفرف وتنتقل من كتف إىل آخر لتجد ّ َخت ُرج إىل احلديقة.
حب صاحبتها ،وترافقها إىل كوخ حلفظ املؤونة اليت أتخذ منها املكان األفضل ،مشاجرة وغرية يف ّ
ص َخب ،فإنّه تَعِّب للغاية!» مثّ أتخذ طحيناً بعض احلبوب للطيور وتقول« :هنا ،اليوم هنا .بال َ
شرع بصنع اخلبز .تعجنه وتبتسم .آه! اي البتسامة األ ُّم اليوم!
وتذهب إىل غرفة صغرية قرب التنّور .وتَ َ
األم الشابّة كما كانت عليه يوم امليالد .إىل هذا احل ّد يُعيد الفرح هلا شباهبا .أتخذ بعض َحتسبها ّ
العجني وتضعه جانباً وتغطّيه ،مثّ تعاود عملها بنشاط أكثر ،ولقد فَـتَح لون شعرها بسبب طبقة رقيقة
توضعت عليه.
من الطحني ّ
دخل مرمي اليت حللفا هبدوء« :أإىل العمل منذ اآلن؟»
تَ ُ
«نعم ،أَصنَع اخلبز ،وانظري :فطائر العسل اليت تروق له كثرياً».
«اهتمي هبا ،فهناك الكثري من العجني ألجل اخلبز .سأعجنه ِّ
لك». ّ
وتتنهد مرمي
لست أدري كيف العمل إلخبار يوضاس ...يعقوب ال جيرؤ ...واآلخرونّ »...
« ُ
اليت حللفا.
«سيأيت اليوم مسعان بطرس .فهو أييت دائماً يف غداة اليوم التايل للسبت حامالً مسكاً .سنرسله
يف إثر يوضاس».
ظهر.
«السالم هلذا اليوم ،يومكما ».يقوهلا يسوع وهو يَ َ
تقفز املرأاتن لدى مساع صوته.
ك تعاين»...
لكن هذا يؤملين .وأن أعلم أنّ َ
بين ،أُدرك ذلك .و ّ
«نعم اي ّ
ك أمجل معك ،ولست أعاينّ .إهنا الذكرى ...ولكنّها تفيد يف جعل فرح كوين مع ِّ «اآلن أان ِّ
ُ
حممرة من جراء إشعاهلا التنّور.
دخل ّوأهبى ».وينحين يسوع ليُـ َقبِّّل ّأمه .ويالطف مرمي األخرى اليت تَ ُ
«جيب إخبار يوضاس ».فهذا ما يشغل ابل مرمي اليت حللفا.
يتم
كل أسبوع ،أييت مسعان بطرس حامالً يل السمك الذي ّ بين ،يف مثل هذا اليوم من ّ
«اي ّ
اصطياده يف الصباح الباكر ،وهو ي ِّ
صل مع هناية الساعة األوىل .سوف يكون سعيداً اليوم .إ ّن مسعان َ
طيّب وصاحل .هو يساعدان عندما يكون هنا .أليس كذلك اي مرمي؟»
ََي ُرج يسوع ،بينما تعود املرأاتن ،بعد إخراج اخلبز من التنّور ،إىل البيت حيث تَنتَعِّل مرمي صندهلا
وتعود بثوب كتّاين أبيض.
َيضي بعض الوقت ،ويف تلك األثناء تقول مرمي اليت حللفا« :مل تنهي هذا العمل يف وقته».
«سأهنيه بسرعة ،وسيحتمي يسوعي به دون َحتَ ُّمل ثِّقل على رأسه».
عنك ،فأنت
أنت؟ ال أعلم ،إّّنا حسب العمر ،ولقد ح ّدثين َ أنت؟ ليفي ...و َ«أحيّيكماَ ...
بكل سرور :بييت
حتماً يوسف .هذا االسم عذب ومق ّدس يف هذا البيت .تعال ،تعاليا .أقول لكما ّ
احلب لطفلي». من ان نكأبيك ،لِّما ُكنتُما تُ ِّ
أنت من خالل َ
ّ ّ يستقبلكما ،وأ ُّم تعانقكما ُكرمى ملا كنتماَ ،
للرعاة روعة ونشوة.
ولقد كان ذلك ابلنسبة ُّ
األم السعيدة .أان هي .واآلن أيضاً أان سعيدة لرؤية ابين وسط قلوب
أيت ّ«أان مرمي ،نعم ،لقد ر َ
وفيّة أمينة».
معك دائماً».
ك صاحل .أَعلَم ذلك .فلتكن نعمة هللا َ
ت مستح ّقاً للنعمة ألنّ َ
«كن َ
ِّ
ومسعان ،ال ُـمطَّلع أكثر على عادات العامل ،ينحين ّ
حّت يالمس األرض ،ويداه متصالبتان على
األزيل شيئاً آخر ،اآلن وقد ِّ ِّ
لست أطلب من هللا ّ
صدرهُ ،ييّي« :السالم عليك اي أ ُّم النّعمة احلقيقيّة ،و ُ
وعرفتك ،ذلك أ ّن انعكاسه ألعذب وألطف من انعكاس ضوء القمر». ِّ رفت النور
َع ُ
يوطي».
«وهذا هو يهوذا االسخر ّ
ِّ
جتاهك». ُحس به
حيب هلا يتالشى أمام اإلجالل الذي أ ّ
لكن ّ
«يل أ ُّم ،و ّ
ِّ
«ال ،ليس يل ،بل له ،فَعلَّة وجودي أان ،هو وجوده هو .ال أريد شيئاً لنفسي .وإن ُ
طلبت شيئاً
قلبك هو املكان
لك أيضاً :فليكن َ
لكين أقول َ مت ابين يف املوطن .و ّفألجله هو فقط .أَعلَم كم َكَّر َ
كك بقلب أ ُّم».
منك .لذا فأان أابر َ
كل إكرام َ الذي منه يتل ّقى ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 412 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«قليب بتصرف ِّ
ابنك .خضوع السعادة هو .فقط املوت َيكنه إلغاء وفائي له». ّ
«وهذا هو يوحنّا اي ّأمي».
ويستمر مبسك يد يسوع الطويلة بيديه القصريتني والضخمتني ابألوردة ّ أخرياً يَ َنهض بطرس.
البارزة ويـُ َقبِّّلها دون أن يَتكها على الرغم من أنّه يريد تقدمي السمك الذي يف السلّة على األرض.
رؤيتك!
َ مرة أخرى بدوين ،أبداً .فال انتظار لوقت طويل بعد اآلن دون أود أن تذهب ّ«إيه! ال .ال ّ
كنت أتساءل" :أين يكون؟ كنت أيّها املعلّم؟ ُ
الظل اجلسد واحلبل املرساة .أين َ
أتبعك كما يتبع ّ
سوف َ
ماذا يعمل؟ وهذا الطفل يوحنّا ،هل سيعرف االعتناء به؟ هل سيسهر على ّأال جيعله يَ َتعب كثرياً؟
بك جيّداً!
لت أكثر .مل يعنت َ ِّ ِّ
لت! نعم َحن َفك جيّداً! ...لقد َحن َ
على ّأال يبقى دون طعام؟" إيه! أعر َ
كنت اي معلّم؟ ال تقول شيئاً!»
سوف أقول له أن ...ولكن أين َ
لك .أنتما
ك الشيطان ،فسوف أحبّه حلبّه َ «أتسأل اي معلّم؟ ولكن ،ولو حصل املستحيل وأحبّ َ
ِّ
أرق من أيضاً فقريان ،هذا واضح .إذاً فنحن متشاهبون .تعاليا أُقَـبّلكما .أان صياد مسك ،و ّ
لكن قليب ّ
كنت صارماً .الصرامة خارجيّاً فقط.
قلب زغلول محام .وهو قلب صادق وخملص .ال تُلقوا ابالً إذا ما ُ
فكل شيء مسن وعسل ...مع الطيّبني ...إذ مع األشرار»...
ّأما داخليّاً ّ
«هذا هو التلميذ اجلديد».
ك عنها». ِّ
أود لو أ ّن ليفي يـُبَـلّغ لعازر الرسالة اليت َحدَّثتُ َ
«اي معلّمّ ،
« َهيِّّئها ،اي مسعان ،فاليوم احتفال عيد .وغداً مساء سوف َيضي ليفي يف الوقت احمل ّدد ليصل
قبل السبت .تعالوا أيّها األصدقاء».
1945 / 01 / 29
أرى يسوع مع بطرس وأندراوس ويوحنّا ويعقوب وفليبّس وتوما وبرتلماوس ويوضاس ت ّداوس
يوطي ويوسف الراعي ََي ُرجون من بيته ،ويَذهبون إىل خارج الناصرة ،إّّنا إىل
ومسعان ويهوذا االسخر ّ
اجلِّّوار مباشرة حتت غيضة من شجر الزيتون.
فت
ود َرستُكم .عرفتُكم وعر ُ
يقول« :تعالوا َحويل .خالل أشهر احلضور والغياب هذه ،قَـيَّمتُكم َ
علي أن أث ّقفكم ألجعلكم
رت أن أُرسلكم إىل العامل .إّّنا قبل ذلك ّ
العامل من خالل جتربة بشريّة .واآلن ّقر ُ
ِّ ِّ
غل أهالً جملاهبة العامل ابللُّطف وحدَّة البصرية ،ابهلدوء والثَّبات ،ابلوعي وال ّدراية برسالتكمّ .
أود أن أست ّ
احلر الشديد هذا الذي يعيق الرحالت الطويلة يف فلسطني ألث ّقفكم وأجعل منكم تالميذ .ومثل زمن ّ
وي اليت ينبغي لكم نقلهاأتيت ألمنحكم نغمة التناغم السما ّ
ست ما فيكم من نَشاز ،و ُ موسيقيَ ،حتَ َّس ُ
ّ
ملهمة نقل كالمي إىل رفاقه، ِّ
إين احتفظ هبذا االبن (ويشري إىل يوسف) إذ أنتَدبه ّ إىل العامل ابمسيّ .
ذهيب األكثر
يبشرون يب فقط ابإلعالم عن وجودي ،إّّنا ابإلعالن عن مميّزات َم َ ليكونوا نواة صلبة ،فال ّ
جوهرية.
َبدأ ابلقول لكم إنّه ال ب ّد من أن حتبّوا بعضكم بعضاً وأن تتّحدوا معاً .أنتم من تكونون؟ إنّكم أَ
َّلت اختيار أُانس َخام يف علوم
كل املناطق .وقد فَض ُ كل األعمار و ّ كل الطبقات االجتماعيّة و ّ رجال من ّ
املذاهب واملعارف ،ألنّين هكذا أستطيع الولوج إىل أعماقهم مبذهيب بشكل أسهل .وغري هذا فأنتم
املبدئي ابهلل جهلهم كمتذكر عند منكم أود
ّ و ،ًا قُم َع ّدون لتبشري أانس َجي َهلون اإلله احلقيقي َجهالً ُمطبِّ
ّ ّ ّ
ّأال حتتقروهم ،وأن تُـ َعلِّّموهم برمحة ،بتذ ّكركم أبيّة رمحة َعلَّمتُهم.
حّت ولو مل نكن على درجة عالية من الثقافة أشعر ابعَتاض يراود ذهنكم" :حنن لسنا وثنيّنيّ ،
حّت الذينِّ ،من بينكمَ ،يثّلون العلماء واألغنياء،
والفكر" .ال ،لستم كذلك .ولكن ليس فقط أنتم ،إّّناّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 416 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
فإنّكم مجيعاً قد احنرفتم خالل ممارسة داينة ُم َش َّوهة ألسباب عديدة ،مل يعد هلا من خصائص الداينة
كل عشرة منهم، ن أبهنم أبناء الشريعة ،ولكن مثانية ِّ
م احلق أقول لكم ،إ ّن كثريين يتباهون ّ
ّ ّ سوى االسمّ .
ليسوا سوى َعبَدة أواثن َخلَطوا ،يف َس َحاابت ألف داينة بشريّة صغرية ،الداينة احلقيقيّة املق ّدسة،
الشريعة األزليّة إلله ابراهيم واسحق ويعقوب .وكذلك عندما يَنظُر بعضكم إىل بعض ،فأنتم أيضاً اي
صيّادي السمك املتواضعني وغري املث ّقفني ،وأنتم أيّها الباعة وأبناء الباعة ،والضبّاط وأبناء الضبّاط،
واألغنياء وأبناء األغنياءَ ،يكنكم القول" :إنّنا مجيعاً متشاهبون .لدى مجيعنا النقائص ذاهتا ،ومجيعنا يف
حاجة إىل التعليم ذاته .إنّنا إخوة يف عيوننا الشخصيّة أو الوطنيّة ،وعلينا مع ذلك أن نصبح إخوة يف
معرفة احلقيقة ،ويف االجتهاد يف وضعها موضع العمل".
أود لو يكون هذا هو االسم الذي يطلقه الواحد على اآلخر ،وأن تعتربوا أنفسكم أيّها اإلخوةّ ،
الحتاد
ط إعجاب العامل هبا؟ عندما يسودها ا ّ كذلك .أنتم كعائلة واحدة .ومّت تكون العائلة ُم َوفَّقة وحم ّ
آلخر ،فهل َيكن أن يدوم التوفيق يف هذه آلخر ،وإذا ما أساء أخ َ عدواً َ
والوائم .وإذا ما أصبَ َح ابن ّ
رب العائلة يف العمل ،يف تذليل الصعوابت ،ويف التص ّدي للعامل .وتذهب جهوده العائلة؟ ال .وعبثاً جي ّد ّ
أدراج الرايح ،فاملوارد تتبعثر ،والصعوابت تتعاظم ،والعامل يهزأ من هذه احلالة اليت تُـ َفتِّّت مشاعر املودة
ابحتادها يكون هلا سلطان ض ّد العامل -يف ركام من املنافع الصغرية احلقرية واملتضاربة ،اليت واخلري -اليت ّ
يستغلّها أعداء العائلة ليُفاقِّموا اخلراب ابستمرار.
ال يكن هذا أبداً فيما بينكم .كونوا متّحدين .أحبّوا بعضكم بعضاً .أحبّوا بعضكم بعضاً لتكونوا
حّت ما ُييط بنا يعلمنا هذه ِّ ِّ
احلب .الحظوا أن ّ عوانً بعضكم لبعض .أحبّوا بعضكم بعضاً لتُـ َعلّموا ّ
القوة العظمى .انظروا إىل هذه القبيلة ِّمن النَّمل اليت تَتاكض أبمجعها صوب مكان واحد .فلنتبعها، ّ
وسوف نكتشف سبب تسابقها الذي ال َيكن أن يكون عبثاً ،صوب نقطة حم ّددة ...ها هي ذي:
لقد اكتَ َش َفت إحدى أخواهتا الصغريات ،أبعضائها الصغرية غري املرئية ابلنسبة لنا ،كنزاً عظيماً حتت
فالح كان يدي ّ
لب اخلبز ،قد تكون َوقَـ َعت من بني ّ ي .قطعة من ّ الرب ّ
هذه الورقة العريضة من الفجل ّ
الظل ليتناول طعامه ،أو ابألحرى من يد طفل ف يف ّ قد أتى للعناية ابلزيتون ،أو من يد مسافر توقّ َ
ك تُـ َف ِّّ
ضل اجلليل على موطين .فهكذا «هذا صحيح ،ولكن ...ال َيكنين الصمت عندما أرى أنّ َ
تلق هناك سوى اإلكرام»...
ك مل َ تكون غري عادل .ذلك أنّ َ
بنفسك عندما تستسلم َ نفسك
َ أنت تَظلِّم هبذا ّ
االهتام .وتدين «يهوذا! يهوذا ...آه! اي يهوذاَ .
حظيت به يف
ُ لت جهدي كي ال أجعل أحداً يعلم بِّغري اخلري الذي كنت قد بَ َذ ُ
للغضب واحلَ َسدُ .
وبكل سرور .إذ ابلنسبة إىل َكلِّ َمة هللا ال
كنت أستطيع ذلكّ ، تك ،ودوّنا حاجة إىل الكذبُ ، يهوديّ َ
توجد حدود وال مناطق وال معاكسات وال عداوات وال اختالفات .أحبّكم مجيعاً أيّها الناس.
أجَتح أوىل معجزايت ،وأن يكون ئت أن َِّ ِّ َيكنك القول إنّين أُفَ ِّّ
ضل اجلليل بينما ش ُ َ مجيعكم ...وكيف
ائيلي؟ كيفكل إسر ّ األول على أرض اهليكل املق ّدسة ،ويف املدينة املق ّدسة ،العزيزة على قلب ّ ظهوري ّ
َيكنك القول إنّين منحاز يف الوقت الذي ،من األحد عشر الذين ُهم أنتم ،أو ابألحرى العشرة ،أل ّن َ
الرعاة ،وكلّهم أضفت ُّ
َ مسألة ابن عمي ليست مسألة صداقة ،بل قرابة عائليّة ،أربعة ُهم يهود؟ وإذا
كنت ،أان
َيكنك القول إنّين ال أحبّكم إذا ُ َ يهود ،تَـَرى كم عدد أصدقائي الذي من اليهوديّة .كيف
َّبت رحليت حبيث أعطي خالهلا امسي لطفل من إسرائيل ،وأتل ّقى على صدري األنفاس الذي أَعلَم ،قد َرت ُ
كنت ،لكي أَعلَم شيئاً عن َيكنك القول إنّين ال أحبّكم ،أنتم اليهود ،إذا ُ َ ابر؟ كيف
ائيلي ّ
األخرية إلسر ّ
أنت تتّهمينت اثنني من اليهود مقابل واحد من اجلليل؟ َ اخَت ُ
مكان والديت ومكان هتيئيت للرسالةَ ،
أنت الظامل».
ضمريك اي يهوذا وانظر إذا مل تكن َ َ ابلظُّلم .ولكن افحص
كنت مكان األقل اطلب الصفح أيّها الولد .لو أنّين ُ بطرس ال يستطيع أن يصمت« :على ّ
ك قليل األدب ك أكثر ِّمن ظامل! إنَّ َ
بوضعك عند ح ّد َك ابلكالم فقط! إنَّ َ
َ اكتفيت
ُ كنت قد
يسوع ،ملا ُ
ك قد تكون ابألساس قليل الَتبية؟ ألنّه ،إذا اي سيّدي الوسيم .أهكذا َعلَّ َم َ
ك الذين يف اهليكل؟ أم أنَّ َ
كان األمر كذلك ،فعندها»...
قلت أان ما كان جيب أن يُقال .وغداً سوف أح ّدثكم يف هذا املوضوع. «يكفي اي بطرس .لقد ُ
ألمي إ ّن اليهود قد ِّ
كنت قد قُلتُه ألولئك يف اليهوديّة .ال تقولوا ّ
ّأما اآلن فأُعيد على َمسامع اجلميع ما ُ
اجهت بعض الصعوابتَِّ .
احَتموا ّأمي. أساؤوا معاملة ابنها ،فقد كانت حزينة ج ّداً إلدراكها أبنّين قد و ُ
الظل والصمت .عملها الوحيد هو ممارسة الفضيلة والدعاء يل ولكم وللجميع .فليبق ّإهنا تعيش يف ّ
لوثوا بظالل َوميض اضطراابت العامل والنزاعات العنيفة بعيداً عن مالذها املغلق ابحلشمة والطَّهارة .ال تُ ِّّ
جاعة أكثر من يهوديت ،وسوف البغضاء ذاك املالذ حيث كل شيء فيه هو حبَِّ .
احَتموهاّ .إهنا ُش َ ّ ّ
الفاسدين من هذا العامل. تَـرون ذلك .إّّنا ال تُرغِّموها قبل األوان على َجتُّرع ال َك َدر املتمثّل مبعتقدات ِّ
َ َ
كنت أح ّدثكم عنهم حّت بطريقة بدائيّة ،ما هو هللا وما هي شريعة هللا .أولئك الذين ُ الذين ال يعرفونّ ،
وهم بذلك ،يُضيفون خطيئة الكربايء منذ البدايةَ :عبَ َدة األواثن الذين يَعتَِّربون أنفسهم ُح َكماء هللاُ ،
إىل خطيئة عبادة األواثن .هيّا بنا».
1945 / 01 / 30
خفي سيبقى كذلك على شيء فال سلوك، قاعدة لكم ابلنسبة ذلك ليكنو بثبات، ا
و ر فَ ِّّ
ك
ّ
يهتم هللا ابإلعالن عن أعمال أحد أبنائه عن طريق إشاراته العجائبيّة ،أو يفعل ذلك بواسطة
الدوام .قد ّ
الصاحلني الذين يعرفون استحقاقات أحد اإلخوة ،أو كذلك قد يُعلِّن الشيطان ،وال أقول أكثر من
الصاحلون السكوت عنها كي ال يساُهوا يف عمل املتهورين ،أشياء قد فَضَّل َّ
ذلك ،على لسان أحد ّ
مناف للمحبّةَّ ،إّنا هو يب ّدل احلقيقة بشكل يثري االضطراب يف األفكار .وهكذا أتيت دائماً اللحظة
اليت يُعلَم فيها ما كان خفيّاً .واآلن ،فليكن ذلك حاضراً يف أذهانكم على الدوام .وليُوقِّفكم ذلك عند
يتم
مرة ّالشر دون أن ُيثّكم ،بشكل أو آبخر ،على إعالن اخلري الذي تفعلون .كم من ّ شفا هاوية ّ
بشري! إذ مبا أ ّن هذا العمل ليس سوىّ حقيقي ،إّّنا بصالح
ّ التصرف بنيّة حسنة ،بصالح
فيها ّ
شري ،وينبثق من نيّة ليست كاملة الطُّهر ،فإنّنا نرغب أبن يكون هذا العمل معروفاً من الناس ،فنزبد ب ّ
ونغضب لرؤيتها ما تزال جمهولة ،وندرس أساليب جعلها معروفة .ال ،اي أصدقائي ،ليس هكذا .بل َ
عرف ،إذا كان األمر مفيداً لكم ،كيف جيعل الناس افعلوا اخلري واتركوه لإلله األزيل .وهو سوف يَ ِّ
ّ
كل قيمة من هذا العمل ينزع ّ
يَعلَمون به .وإذا كان على عكس ذلك ،أي أنه َيكن لإلفصاح عنه أن َ
ُيكمن أحد مطلقاً على فعل يراه حبسب املظاهر .ال تدينوا مطلقاً :فاألفعال البشريّة قد ّ فال
تبدو يف الظاهر منـ ِّّفرة ،بينما هي ختفي دوافع محيدة .فمثالًَ :يكن ألب أن يقول البن كسول ِّ
وماجن: َُ
التهرب من واجباته األبويّة .ولكنّه ليس دائماً هكذا. عين" ،وقد يكون هذا من قبيل القسوة و ّ "اذهب ّ
عين" هذه قد تكون جمبولة ببكاء ُمّر ج ّداًِّ ،من قِّبَل األب أكثر منها ِّمن االبن ،وتصحبها "فاذهب ّ
ك" .هذا هو العدل بعينه ابلنسبة لبقيّة أبنائه، ِّ
كلمة وأمنية لو تتح ّقق" ،وستعود عندما تتوب عن َك َسل َ
التصرف يَ َردع ماجناً عن أن يَصرف يف اجملون مال الباقني عالوة على ماله .وعلى العكس ذلك أ ّن هذا ّ
وحق أبنائه ،من خالل حبق هللا ّمن ذلك تصبح هذه الكلمة سيّئة لو كانت صادرة عن أب خمطئ ّ
حّت على نفس ابنه .ال .فالنفس أاننيّته ،حيث يَعتَِّرب نفسه أعلى مرتبة من هللا ،ويف ّكر ابمتالك حقوق ّ
التصرفات متشاهبة ،إّّنا كم َيتلف للعامل، ابلنسبة ذاهتا. بذل عدم أو بذل على ا
ً نفس م هلل ،وهللا ال ي ِّ
رغ
ّ ُ
تعسف خاطئ .لذا فال تدينوا أحداً أبداً. ِّ
األول ينبثق من العدالةّ ،أما اآلخر فَمن ّ
الواحد عن اآلخر! ّ
لن هذا بعد أبداً .وال يُ ِّدن أحد اآلخرين
مك؟" فال يقو ّ
"من كان معلّ َ ابألمس قال بطرس ليهوذاَ :
لكل تالميذهم. حبسب ما يراه من أحدهم أو من نفسه .فليس لدى املعلّمني سوى احلديث ذاته ّ
كل واحد يضيف ممّا لديه، فكيف إذن يصبح عشرة منهم صاحلني والعشرة اآلخرون سيّئني؟ هذا أل ّن ّ
الشر .كيف َيكن إذن إدانة املعلّم أبنّه ل ّقن تعاليم
ممّا يف قلبه ،وهذا ما جيعله َييل حنو اخلري أو حنو ّ
الشر الذي يتملّك القلب؟ َعد َمهُ فيض ّ
يرسخه يف األذهان قد أ َفاسدة إذا كان اخلري الذي ُياول أن ّ
للتحسن،
ّ عىن ابألان فيكم .ولكن إذا مل تكونوا قابلنياألول كامن فيكم .واملعلّم يُ َ
إ ّن عامل النجاح ّ
احلق أقول لكم ،لن يكون لكم معلّم أكثر حكمة وأطول فماذا َيكن للمعلّم أن يفعل؟ َمن أكون أان؟ ّ
أي معلّم كان مين .ومع ذلك فهذا ما سوف يقال عن أحد تالميذي" :ولكن ّ أانة وأرفع كماالً ّ
معلّمه؟"
فعلت به؟ صوت دمه أخوك؟ ماذا َ الرب لقايني" :أين َ وه َج َم قايني على هابيل وقَـتَـلَه .وقال ّ
«َ
البشري بيد أخ فَـتَ َح أوردة
ّ كل األرض اليت َعَرفَت طعم ال ّدم ك ستكون ملعوانً يف ّ يصرخ حنوي .وها إنّ َ
تسم َمت هبذا الدم البشري .واألرض اليت َّّ أخيه ،ولن يتوقّف مطلقاً جوع األرض الرهيب هذا للدم
كل إمكانيّة للخصب .وسوف هترب هبا العمر ع ط
َ ق
َ أة
ر ام عقم ن لك عقيمة أكثر ِّ
م ستكون ابلنسبة َ
ّ َ
كل زهرة وعلى جيعلك ترى الدم على َّ ضمريك سوف
َ للبحث عن السالم واخلبز ،ولن جتدُها .فتأنيب
وستأتيك أصوات ثالثة
َ لك السماء دماً وكذلك البحر، كل غذاء .ستبدو َ كل ماء و ّ
كل نبات ،على ّ ّ
من السماء ومن األرض ومن البحر :صوت هللا وصوت الربيء وصوت الشيطان .وكي ال تسمعها
سوف تلجأ إىل املوت"».
تك اي يوحنّا».
«إ ّن أبناء الظالم عبثاً كانوا على اتّصال ابلنور .احتفظ بذلك يف ذاكر َ
«هل سأكون أان من أبناء الظالم؟»
وينزلون وهم يركضون ويقفزون ،إهنم يَثِّبون يف حديقة مرمي بينما العاصفة تنفجر بعنف.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 01 / 31
ََي ُرج يسوع إىل احلديقة اليت تبدو قد اغتَ َسلَت بفعل عاصفة مساء األمس .يرى ّأمه منحنية
يلف يسوع ذراعه اليسرى حول لحق هبا .ما ألطف قُبلَتهما! ّ أمام نبتات صغرية .يُلقي عليها التحيّة ويَ َ
كتفيها ويسحبها إليه وهو يـُ َقبِّّلها على جبهتها ،عند بداية شعر رأسها ،مثّ ينحين كي تَطبَع قُبلتها
َّظرة اليت تُرافِّق ال ُقبلة .ف ُقبلة يسوع مفعمة
على خ ّده .ولكن الذي يُكمل عذوبة هذا احلدث هي الن َ
العظَ َمة واحلماية؛ وتلك اليت ملرمي مفعمة إجالالً مع كوهنا مفعمة حبّاً .ويف هذه ِّ
ابحلب مع شيء من َ ّ
القبلة يبدو يسوع وكأنّه األكرب سنّاً وهي الفتاة الفتيّة اليت تتقبّل من أبيها أو من أخيها األكرب منها
كثرياً القبلة الصباحيّة.
ط
لكن األوراق َس َق َ
األجش« :ال أذى أيّها املعلّم .و ّ
ّ ويسبق مرمي ابإلجابة صوت بطرس
بعضها».
جتلب مرمي خبزاً طازجاً :أرغفة من اخلبز األمسر مدورة .يفتحها بطرس بسكني ويفلق فوقها
التني ويق ّدم ليسوع مث ملرمي واآلخرين .أيكلون بشهيّة يف انتعاش احلديقة املتأللئة حتت مشس صباح
بكل
دخلون مجاعة :توما وأندراوس ويعقوب وفليبّس وبرتلماوس ويوضاس ت ّداوس الذين انموا ّ
يَ ُ
فلنبق هنا جمتمعني .وهكذا سيكون معنا
أتكيد يف مكان آخرُ .ييّون بعضهم بعضاً ،يقول يسوعَ « :
تلميذ جديدّ .أمي ،تعايل»...
ضَربَت وقَـلَبَت النبااتت ،وقد قلنا عنها ّإهنا َس َورةالرسويل أيضاً هبذه العاصفة اليت َ
ّ ُشبِّّه التكوين
أَ
كل
أنع َشت ّ ال طائل منها ...إّّنا انظروا إىل اخلري الذي فَـ َعلَته .اليوم اهلواء أنقى ،لقد أزالَت الغبار و َ
أشعتها تصلنا عرب شيء .والشمس هي ذاهتا مشس األمس ،إّّنا مل تعد هلا ح ّدة احلرارة ذاهتا ،أل ّن ّ
السكينةي عنها مثل الناس ،ذلك أ ّن النظافة و َّ طبقات اهلواء املن ّقاة واملنعشة .اخلضرة والنبااتت قد ُسِّّر َ
أدق ووضوح تؤدي إىل احلصول على معرفة ّ ِّ
حّت املتناقضات َيكنها أن ّ ُها من األمور اليت حتمل الفرحّ .
شر .وما تكون املتناقِّضات إن مل تكن عواصف تنتجها الغيوم من وإال فهي ليست سوى ّ أكثر جالءّ .
أنواع خمتلفة؟ وهذه الغيوم ،أال تَتاكم تدرجييّاً يف القلوب ،مع أمزجة سيّئة ال نفع منها ،مع أحاسيس
بسيطة ابلغرية ،مع مشاعر كربايء ضبابيّة؟ مثّ أييت اهلواء ِّمن النِّّعمة ليُطَ ِّّهر األمزجة السيّئة ،وأييت
ابلسكينة.
صب الرسويل يُشبِّه كذلك العمل الذي كان بطرس يقوم به هذا الصباح إرضاءً ّ
ألمي :نَ ْ ّ التكوين
فك حسب امليالن واالحتياجات ،جلعلكم "أقوايء" يف خدمة هللا ،جيب تقومي وتعليق وربط ودعم أو ّ
األفكار اخلاطئة ،السيطرة على املتطلّبات اجلسديّة ،دعم الضعف وتعديل امليول حسب احلاجة،
والتحرر من العبودية والوحل .ينبغي لكم أن تكونوا أحراراً وأقوايء ،مثل النسور ،عندما هتجر ِّ
الق ّمة ّ ّ
القمة. ِّ
حيث ُول َدت ،ال تف ّكر ّإال ابلطريان أعلى وأعلى .فخدمة هللا هي الطريان ،والعواطف هي ّ
أحدكم حزين اليوم ،أل ّن أابه يرى املوت آتياً إليه ،وألنّه يدنو منه بقلب منيع على احلقيقة وعلى
كنت أحت ّدث
عدائي .وأيضاً ،أمل يقل له الظامل الذي ُ ّ حّت من مقفل :إنّه
ابنه الذي يتبعها .إنّه أكثر ّ
عين"؟ إّّنا قلبه املنكمش وشفتاه املغلقتان ليستا بعد
متفوقاً على هللا" :اذهب ّ
عنه ابألمس ،معلناً ذاته ّ
حّت ابنه كذلك ،رؤية يناديك" .أان مل أطلب ،وال ّ
َ قادرتني على القول أيضاً" :اتبع الصوت الذي
معك املعلّم؛ وليتبارك هللا ألنّه اختار من بييت خادماً له ،خبلق
"هلم ،وليأت َ شفتيه تُفتَحان ليقولّ :
حقيقي أ ّن إسرائيل ،الذي ّنا حول النواة احليويّة لشريعة سيناء ،أصبَ َح شبيهاً بثمرة
ّ آه! كم هو
لكل اخَتاق،
اللب ذو الطبقات الليفيّة األكثر صالبة ،واحملميّة من اخلارج بقشرة مقاومة ّ رهيبة ،حيث ّ
يقرر أ ّن اللحظة اليت ََيلِّق فيها شجرة اإلَيان ابإلله الواحد
فاألزيل ّ
ّ حّت خروج البذرة .ومع ذلك وتعيق ّ
أش َّج
تتم والعربيّة تصبح املسيحيّة ،ينبغي يل أن ُ
والثالوث اجلديدة قد حانت .وأان ،كي اجعل إرادة هللا ّ
حيب فيها لتستفيق وتنتفخ البذرة ،وتنمو وتنمو وتنمو، أخَتق وأ ِّ
وأث ُقب و َِّ
أبث حرارة ّ
َصل إىل النواة و ّ
احلق أقول لكم إ ّن العربيّة لن
لتصبح الشجرة القادرة للمسيحيّة ،الداينة الكاملة واألزليّة واإلهليّة .و ّ
ائيلي الذي ال يَقبَلين وال يريد أن
سمح أبن ُختَرق إالّ بنسبة واحد يف املائة .لذلك ال أعترب هذا اإلسر ّ تَ َ
يعطيين ابنه مغضوابً عليه.
تبك من أجل اللحم والدم اللذين يعانيان ِّمن تن ّكر حلم ودم أجنَبَاُها.
كذلك أقول لالبن :ال ِّ
نفسك أي شيء آخر لصاحل ِّ
َ عمل أكثر من ّ فأملك يَ َ
حّت من أجل النفسَ ،وأقول أيضاً :ال تبك وال ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 430 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
لنفسك وسواساً
َ درك وال يـََرى .وأُضيف :ال جتعل أبوك ،والذي ال يُ ِّ
ونفسه ،هذا األب الذي هو َ
ألبيك .وأقول لكم مجيعاً :هللا أهم من األب واألم واألخوة .مل ِّ
آت انتمائك َ
َ ابنتمائك هلل أكثر من
َ
ّ ّ
َفصل ما هو حلمألوحد اللحم والدم ابلطريقة األرضية ،إّّنا ابلطريقة السماوية .وكذلك ينبغي يل أن أ ِّ
ّ ّ ّ
ودم آلخذ معي األرواح القادرة ،منذ وجودها على هذه األرض ،شريطة أن ترتقي إىل مستوى السماء،
أتيت ألدعو "األقوايء" وأجعلهم أكثر ّقوة ،إذ ابألقوايء يتش ّكل
ألجعل منها خ ّداماً للسماء .إذن فلقد ُ
فيلق الذين ُهم ُوَدعاءُ .وَدعاء جتاه اإلخوة ،أقوايء يف مواجهة األان لديهم واألان اليت للدم العائلي.
احلق أقول لكم ،عندما أدعو أحداً إىل هللا ،فما من طاعة أمسى من تلبية هذا النداء .وجيب ّ
ردة فعل اآلخرين حّت دون التوقّف ملراجعة احلساب أليّة درجة وأبيّة طريقة سوف تكون ّ االستجابة ّ
حّت لدفن األب .وسوف تُكافَؤون على هذه البطولة. جتاه وفائنا هلذا النداء .وينبغي عدم التوقّف ّ
صلتُم عنهم مع صرخة من القلب ،للذين يضربكم ولن تكون املكافأة لكم وحدكم ،بل أيضاً للذين ان َف َ
الهتامهم ّإايكم أبنّكم أبناء عاقّون ،ويلعنونكم ،يف أاننيّتهم ،كما لو كنتم
كالمهم أبقسى من السوطّ ،
املدعوين ُهم أهل بيتهم .إّّنا ينبغي التمييز
عُصاة .ال ،لستم عُصاة ...بل ق ّديسون أنتم .إ ّن ّأول أعداء ّ
ُيب بشكل فائق للطبيعة .يعين أنّه ينبغي حمبّة معلّم الفائق الطبيعة ب ،وعلى املرء أن ّ وح ّ
ب ُ بني ُح ّ
أكثر من خ ّدام هذا املعلّم .ينبغي حمبّة األهل يف هللا وليس أكثر من هللا».
عمه الذي يطأطئ رأسه ويالقي صعوبة يف إيقاف متوجهاً إىل ابن ّ
وينهض ّ يصمت يسوعَ ،
تردد من جهة
كل ّ منك ّكت ّأمي ألتّبع رساليت .فلينزع هذا َ الدموع .يالطفه« :يوضاس ...أان قد تر ُ
كك .إن مل يكن هذا العمل صاحلاً فهل كان إبمكاين القيام به جتاه ّأمي اليت مل يعد هلا أحد
نزاهة سلو َ
غريي؟»
ََي ُرج يسوع من بيت َمحَاة بطرس يرافقه تالميذه عدا يوضاس ت ّداوس .و ّأول َمن َع ِّرفهُ َ
وعَّرف
حّت الذين ال يريدون معرفته ،كان صبيّاً .يسوع على شاطئ البحرية ،جيلس على حافّة مركب عليه ّ
بطرسُ ،ييط به حاالً أبناء املنطقةَُ ،يتَفون بعودته ويطلبون منه ألف طلب ،ويسوع جييبهم بصربه
مساوايً.
كل هذه الثرثرة تناغماً ّ
الذي ال حدود له ،مبتسماً وهادائًكما لو كانت ّ
الشرقي.
ّ فينهض يسوع لتحيّته .وتبدو حتيّتهما املتبادلة مفعمة ابإلجالل
أييت رئيس اهليكلَ ،
عليك يف تثقيف الشعب؟» «أيّها املعلّم ،هل َيكنين االعتماد َ
أنت راغباً يف ذلك ،وكذلك الشعب».
كنت َ
بكل أتكيد ،إن َ
« ّ
«طوال هذه اآلونة األخرية َر ِّغبنا بذلك .وَيكنهم قول ذلك ».ويؤّكد الشعب القول بصرخة
جديدة.
يَقطَع املركب ذو الشراع مسافة ،مثّ يَدفَعه الصيّادان إىل خليج بني هضبتني تشمخان قليالً.
هزة
كأهنما مل تكوان يف األصل سوى واحدة ،ان َفلَ َقت نصفني بفعل التعرية أو ّ
وهااتن اهلضبتان تبدوان و ّ
فجاً صغرياً .على خالف شبيهه النروجيي ،فهو غري مليء ابلصنوبر ،إّّنا فقط ابلزيتون
أرضيّة لتش ّكال ّ
لست أَعلَم كيف ،على السفوح شديدة االحندار ،بني الصخور املته ّدمة ،وأخرى قدال ُـمبَعثَر الذي ّنا ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 433 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
قوة .إ ّهنا ِّ
أزهَرت .وتتشابك األغصان ال ُـمورقة املائلة بفعل رايح البحرية اليت يفَتض ّأهنا تعصف هنا ب ّ َ
شالالت، تش ّكل نوعاً من السقف ،يزبد حتته سيل صغري متقلّبُ ،حم ِّداثً َجلَبة أل ّن جلّه على شكل ّ
يزبد مع هذه املساقِّط بني مَت وآخر ،إّّنا يف احلقيقة ،مثل قَـَزم بني جماري املياه.
يقفز اندراوس إىل املياه إلرساء املركب يف أقرب نقطة وربطه جبذع زيتونة ،بينما يطوي بطرس
وثوبك وأن
َ نعليك
أنصحك بنزع َ
َ َير عليه يسوع ويقول« :ومع ذلكالشراع ،ويضع دفّاً جيعله جسراً ّ
تفعل مثلنا .فهذا اجملنون (ويشري إىل السيل الصغري) جيعل ماء البحرية يف دوامة ،واجلسر ،مع هذا
الَتنح ،ليس مأموانً».
يطيع يسوع دون مناقشة .وحني يصل إىل اليابسة يستعيد نعليه وكذلك ثوبه الطويل .ويبقى
اآلخرون بثياهبم الداخليّة القامتة.
«قد تكون قد اختَـبَـئَت بني األشجار بعد مساعها أصواتنا .تَعلَم ...ما هي عليه»...
« ِّ
اندها».
يهتف بطرس بصوت مرتفع« :أان تلميذ رايب كفرانحوم ،والرايب هنا .اخرجي».
"هلمي، ِّ
ويـُ َق ّدم اندراوس تفسرياًّ « :إهنا ال تثق أبحد ،ذلك أ ّن أحدهم انداها ذات يوم قائالًّ :
األقل ،مل على أان ين،ّنأل ة،
مر لألو آنذاك أيناها
ر وقد احلجارة. برشق ها ل
َ ـب قَاست مث ومن الطعام". ِّ
هاك
ّ ّ ّ َ
أكن أذكر منذ مّت كانت غانية كورازين».
ألهنا
«رمينا هلا رغيف خبز ومسكاً وقطعة قماش ،قطعة من الشراع ممزقة ،كانت معنا للتنشيفّ ،
كانت عارية ،مثّ هربنا لكي ال نصاب بعدوى مرضها».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 434 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«وما الذي دفعكم كي تعاودون اجمليء إذاً؟»
كل
بك أكثر .ف ّكران ب ّ ذهبت ،وحنن مل نكن نف ّكر سوى ابلتعريف َ
أنت ،قد َ كنتَ ،
«اي معلّمَ ...
وبكل العميان والكسيحني وابلبُكم ...وكذلك هبا .قلنا" :لنحاول" .تَعلَم ...كثريون ...آه! املرضى ّ
بكل أتكيد ،اعتََربوان جمانني ومل يرضوا االستماع لنا .وآخرون ،على العكس ،ص ّدقوانّ .أماواخلطأ منّا ّ
كنت أانديها وأقول أتيت وحدي ابملركب على ضوء القمر .ذلك أنّين ُ هي ،فأان الذي حت ّدثت إليهاُ .
هلا" :على الصخرة حتت الزيتونة يوجد خبز ومسك ،تعايل دون خوف" .وأمضي .وكانت هي تنتظر
مكانك.
َ اختفائي ،إذ مل أكن أراها مطلقاً .ويف املرة السادسة رأيتُها واقفة على الشاطئ ،متاماً يف
أنت؟ وملاذا هذه بك ...وقالت يل" :من َ كنت أف ّكر َ
كانت تنتظرين .اي للفظاعة! ومل أهرب ،إذ ُ
قلت هلا" :ألنّين تلميذ الرمحة"».
الشفقة؟" ُ
«من هو؟»
اجلليلي».
ّ «إنّه يسوع
«ابجلميع».
«ابلشفاء ...ابلعودة إىل العامل ...وسط الناس ..أن أموت فقرية مستجدية ،ولكن وسط
ي يف جحر حيواانت ترتعب لرؤيتها منظري هذا".الناس ...ال مثل حيوان ّبر ّ
ك لو ع ِّ
دت إىل العامل اثنية سوف تكونني نزيهة؟" فقالت: فقلت هلا« :هل تقطعني عهداً أنّ ِّ ُُ
"نعم ،فاهلل قد عاقَـبَ َين ابلفعل من أجل خطاايي .إنّين اندمة من أعماقي .لقد تَـلَ َّقت نفسي الك ّفارة،
وَك ِّرَهت اخلطيئة إىل األبد".
رمحتك اي سيّدي!»
« َ
أرحم؟»
«هل تؤمنني أ ّن إبمكاين أن َ
تلميذك ّأول َمن َر َمحَين.
َ أنت الرمحة .ولقد كان
ألنك ق ّديس وأان اتئبة .أان اخلطيئة ،إّّنا َ «نعمَ ،
رب ،إّّنا النفس قبل اجلسد .ذلك أنّين ثالثية النجاسة، أنت اي ّ إيل يعطيين اخلبز واإلَيان .فَطَ ِّّهرين َ
أتى ّ
إليك أن يكون لنفسي اخلاطئة. وإذا كان من املفروض أن متنحين تطهرياً واحداً ،واحداً فقط ،فأطلب َ
كنت أقول" :أن أُش َفى لكي أعود وسط الناس"ّ .أما يردده يلُ ، كالمك الذي كان هو ّ َ قبل أن أمسع
فت فأقول" :أن أُش َفى ألانل احلياة األبديّة". اآلن وقد َعَر ُ
ِّ
أمنحك املغفرة .ليس ّإال»... «وأان
املرأة ،وهي شبح هيكل عظمي المرأة ابئسة ،وقد أَ َكلَها الربص ،وبشعرها األبيض األشعث،
تَ َنهض وتنزل يف مياه البحرية ،تغطس فيها بثوهبا البايل الذي يُغطي جزءاً يسرياً من جسدها.
ت ِّ
فيقول له بطرس« :ملاذا أرسلتَها تَغتَسل؟ صحيح أن نتانـَتَها تبعث على املرض .ولكن ...لس ُ
أفهم».
لمي إىل هنا .خذي قطعة القماش اليت على الغصن( ».إهنا القطعة اليت وه ّ
اخرجي َ
«اي امرأة ُ
تَـنَشَّف هبا يسوع عند عبوره من املركب إىل اليابسة).
صل قريباً منها ...يَ ِّرمي عليها القماش ويداعب رأسها بشكل لطيف خفيف
يدنو يسوع ...ي ِّ
َ
ِّ
ندامتك .اّني يف اإلَيان وهو يقول هلا« :وداعاً .كوين صاحلة .لقد ِّ
كنت مستح ّقة للنعمة بصدق
ابملسيح .وأطيعي شريعة التطهري».
تبكي املرأة ،وتبكي وتبكي وتبكي ...وفقط عندما تسمع صوت الدفة اليت يسحبها بطرس إىل
أنت اي مبارك!»...
لك اي مبارك .آه! مبارك َ
املركب ،ترفع رأسها وتفتح ذراعيها وتصيح« :الشكر َ
يقوم يسوع حبركة وداع هلا قبل أن يستدير املركب ويغيب…
حّت يقول بطرس ليسوع« :هل تعلم َمن يكون هذا الرجل األجعد املعطّر أكثر جاوزه ّ ما إن يـَتَ َ
املرة األوىل .جيوز أنّه مل جيد ِّ
صل الضرائب لدينا ...ما الذي جاء به إىل هنا؟ ّإهنا ّمّتُ ،حمَ ّ
من امرأة؟ إنّه ّ
خاصة أولئك الذين َيضي معهم السبت ،مب ّذراً ،ابلسكر والعربدة ،ما يبتزه ِّمنّا ِّمن الضرائب رفاقهّ ،
مرات للحصول على املال خلزانة الضرائب ولسلوكه املعيب». مرتني وثالث ّ املضاعفة ّ
ُيمر مثل خشخاش منثور ،ويطأطئ رأسه
يَنظُر يسوع إىل بطرس نظرة صارمة لدرجة أ ّن بطرس ّ
األول.
الر ُسل بعد أن كان يف الصف ّ
الصف األخري من مجاعة ُّ
ّ ويتوقّف حبيث يصبح يف
أيخذ يسوع مكاانً له .وبعد تراتيل وصلوات متّت تالوهتا مع الشعب ،يعود ليتحدث .يسأله
لست يف حاجة إليها .فاملوضوع حاضر يف
رئيس املعبد إذا ما كان يرغب بلفيفة ،فيجيبه يسوعُ « :
ذهين».
ويبدأَ « :ملِّك إسرائيل الكبري ،داود الذي من بيت حلم ،بعد أن أَخطَأ ،بكى ،بقلب اندم،
جماهراً بتوبته إىل هللا طالباً منه غفرانه .لقد كانت روح داود ُمظلِّمة بضباب الشهوات الذي كان َينعها
من رؤية وجه هللا وفهم كالمه.
قلت :وجه هللا .ففي قلب اإلنسان موقع َُي َفظ ذكرى وجه هللا ،موقع خمتار بشكل خاص وهو ُ
لمع
"قدس أقداسنا" ،منه أتيت اإلهلامات املق ّدسة واحللول املق ّدسة ،موقع يَضوع عطراً مثل هيكل ،يَ َ
صدح ابلَتاتيل مثل مقام السريافيم .إّّنا حينما تنشر اخلطيئة فينا دخاهنا ،تُظلِّم هذه ِّ
مثل حمَرقَة ،ويَ َ
النقطة لدرجة يتالشى معها النور والعطر والَتاتيل ،وال يبقى فيها سوى رائحة الدخان الثقيل اخلانقة
وطعم الرماد .إّّنا حينما تعود اإلانرة ،أل ّن خادماً هلل ُيملها للبائس فاقد النور ،حينئذ يرى قباحته
تك
رمحتك .حسب َك َثرة رأف َ
َ صرخ مثل امللك داود" :ارمحين اي هللا حسب
ومَرَّوعاً من ذاته يَ ُ
واحنطاطهُ ،
أستمر يف اخلطيئة" .إّّنا يقول" :إنّين
معاصي" .فهو ال يقول" :ال َيكن أن يَص َفح عين ،لذلك ّ َّ امح
حّت
شرف على املوتّ ، لقد قرأمت كيف أ ّن اإلنسان ،فريسة الشيطان ،هو أضعف ِّمن َمسلول ُم ِّ
ض َخ للميل إىل الشهوة. ولو كان يف السابق "اجلبّار" .تَعلَمون كيف أ ّن مششون قد تالشى بعد أن َر َ
أود لو تتعلّموا الدرس من مششون بن منواح ،املر ّشح لالنتصار على الذين كانوا يَ ِّ
ضطهدون إسرائيل. ّ
كل ما من شأنه حتريض من نفسه على ُيافظ أن ه، دلقد كان الشرط األول إلمتام رسالته ،منذ مولِّ ِّ
ّ َ ّ
الشهوات وإشراك أحشاء اإلنسان ابألجسام الدَّنِّسة :أي اخلمر واللحوم الد ِّ
َّمسَة اليت تُشعِّل يف الصدر َ
للرب منذ الطفولة ،ويبقى كذلك يف نذر يكرس ّ احملرر ،كان أن َّ انراً َِّجنسة .والشرط الثاين ،لكي يكون ِّّ
َ
فاملكرس ليس الذي ُيافظ على قداسته اخلارجيّة ،إّّنا على قداسته الداخليّة. دائمَّ .
خدم التجربة حملاربة هللا يف قلب اجلسد ولكن اجلسد هو اجلسد ،والشيطان هو التجربة .وتُستَ َ
مقرراته املق ّدسة .هي ذي حينئذ ّقوة "اجلبّار" تَرتَعِّد ،فيصبح ضعيفاً يب ّدد الذي يثري الرجل :املرأة ،ويف ّ
االمتيازات اليت َحبَاه ّإايها هللا .واآلن امسعوا :لقد ُربِّط مششون حببال سبعة من أواتر جديدة وقويّة
حّت
نضعن هللا عبثاً حتت االختبار ،وال ّ ّ صر .إّّنا ال
ومثبّتة إىل األرض بسبع جدائل من شعره .وانتَ َ
صالحه .فهذا غري مسموح به .إنّه يغفر ويغفر ويغفر .ولكنّه يُطالِّب اإلرادة ابخلروج من اخلطيئة
هرب مما يدفعه بشكل ريب" ،وبعد ذلك ال يَ ُ ليستمر هو ابلغفرانُ .خم ِّطىء هو الذي يقول" :غفر َ
انك ّ ّ
هرب ِّمن دليلة ،والشهوة واخلطيئة ،وهو مستمر للخطيئة! مششون الذي انتصر ثالث مرات ،إذ مل يَ ُ ّ
أما ِّمن أحد بينكم ،وقد ضاق ذرعاً من إعياء اخلطيئة ،مل يَشعُر أ ّن نفسه تضعف ،إذ ال شيء
الذات على وشك االستسالم للعدو؟ ال ،مهما يكن، املرضي به ،وإجياد َّ الشر ِّ
ِّّ يُنهك أكثر من إدراك ّ
مكنها ِّمن االنتصار على فضائله السبع: فال يفعلنّها أحد .لقد ابح مششون للتجربة بسر َّقوتهِّ ،ممَّا َّ
ّ
اجلدائل السبع الرمزيّة ،فضائله أي أمانته للنَّذر .فنام على صدر املرأة واهنََزَم ،كفيفاًُ ،مستَعبَداً ،عاجزاً
"احملرر" ،إالّ عندما استعاد ّقوته من خالل أمل ندامة نتيجة رفضه البقاء وفيّاً لنذره .ومل يعد "اجلبَّار"ِّّ ،
حمرري أنفسكم. َع ُدكم أنّكم سوف تصبحون ِّّ حقيقية ...ندامة وصرب ومثابرة وبطولة ،ومث ،أيها اخلطَأَة ،أ ِّ
ّ ّ َ ّ
احلق أقول لكم :ال قيمة ملعموديّة وال فائدة ِّمن طقس إذا مل تكن هناك التوبة واإلرادة والتصميم على ّ
َّدم ،إعادة فضائِّله
احلق أقول لكم :ما ِّمن خاطئ ،مهما َعظُمّ ،إال ويستطيع ،بدموع الن َ نبذ اخلطيئةّ .
اليت انتَـَز َعتها اخلطيئة ِّمن قلبه.
اليوم ،امرأة خاطئة من إسرائيل ،كان هللا قد عاقَـبَها على خطيئتها ،انلَت رمحة بفضل ندامتها.
طاردوا املسكينة
قلت :رمحة .ولن ينال رمحة هبذا القدر أولئك الذين مل تكن لديهم رمحة جتاهها ،والذين َ ُ
كل ِّ
ال ُـمعاقَـبَة دوّنا شفقة .فهؤالء الناس ،أمل يكونواُ ،هم أنفسهم ،مصابني بربص خطيئتهم؟ فليفحص ّ
إين أم ّد لكم اليد ِّمن أجل هذه التائبة
ليستحق هو نفسه الرمحةّ .
ّ واحد ضمريه ...وليُ ِّ
مارس الرمحة،
اليت تعود إىل وسط األحياء ،بعد أن طُِّر َحت بني األموات .إ ّن مسعان بن يوان ،وليس أان ،هو الذي
الص َدقَة للتائِّبة اليت ع َادت إىل احلياة احلقيقيّة بعد أن شارفَت على مفارقة احلياة .ال ُهت ِّ
مهموا سيتل ّقى َّ
َ
مهموا .مل أكن يف العامل عندما كانت الغَانيةّ ،أما أنتم فقد كنتم .ومع ذلك ،ال أزيد أيّها الكبار ،ال ُهت ِّ
كلمة واحدة».
عشاقها؟»
ويَسأله أحد العجائز حاقداً« :هل تتّهمنا أبنّنا كنا ّ
فلست َّأهتِّم ،بل أحت ّدث ابسم العدالة .هيّا بناَ ».
وَي ُرج ُ كل واحد قلبه وسلوكهّ .أما أان
تأمل ّ
«فلي ّ
يسوع مع أتباعه.
يَن َف ِّجر يهوذا ضاحكاً بال احَتام ،ويَتكهما هناك ليلحق ابملعلّم.
يعود يسوع إىل بيت بطرس الذي يقول له« :ها إ ّن يعقوب الصغري قد أعطاين اليوم ،لدى
خروجنا من املعبد ،كيسني من النقود بدل الواحد ،وأيضاً ِّمن قِّبَل ذلك اجملهول .ولكن َمن يكون اي
ك تعرفه ...فقل يل».
معلّم؟ إنّ َ
لك حينما تتعلم أال تَـنُ َّم على أحد».
يبتسم يسوع« :سوف أقول َ
وينتهي كل شيء.
---هناية القسم األول من اجلزء الثاين ---
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -60يعقوب بن حلفا يُقبَل بني التالميذ .يسوع يَ ْك ِّرز قُرب مكتب ّ
مّت)
1945 / 02 / 02
َّنوع.
تسوق يف كفرانحوم :فالساحة مكتظّة بباعة يعرضون أشياء كثرية الت ُّ
ّإهنا صبيحة يوم ّ
ُيث صل قادماً من البحرية ،يرى ابين عمه يوضاس ويعقوب ِّ
قاد َمني الستقبالهّ . يسوع ،الذي ي ِّ
ّ ّ َ
اخلطى حنوُها .وبعد معانقتهما حبرارة يسأهلما بلهفة« :أبوكما؟ ماذا بشأنه؟»
ابق».
لكَ :
قلت َ
أتيت؟ فلقد ُ
«إذن ملاذا َ
يطعك ،فهي َ لكن الذي يتكلّم اآلن هو يعقوب« :إذا مل َيفض يوضاس رأسه ويصمت ،و ّ
حتملهم .اجلميع ض ّدان .وملاذا؟ هل أَرتَ ِّكب خطأ غلطيت .نعم غلطيت .ولكنّين مل أستطع االستمرار يف ّ
َّصرف .إّّنا اآلن لك؟ هل يُع َقل ذلك؟ قبالً كانت مراعايت لواجب االحَتام هي ما َينعين من الت ُّ حبيب َّ
التحمل. يف ار ر االستم أستطيع دت ع فما األب، حّت يفوق هللا ن
ّ إ يل قلت وقد اآلن ، مت وقد علِّ
ّ ُ ُ ّ َ َ ُ
ص ّدوين؟ ت
َ "ملاذا : قلت األفكار. م ِّ
ُقوأ أنو عهم، آه! حاولت أن أكون مراعياً لواجب االحَتام ،أن أُقنِّ
ُ ُ ّ ُ
إن عائلته تقف تودون أن يقول العامل :ها َّ النيب ،إذا كان ماسيا ،فلماذا ّ ففي حال ما إذا كان هو ّ
ضده؟ أيتبعه العامل وعائلته تناصبه العداء؟ ملاذا؟ َّأما فيما إذا كان قد فَـ َق َد عقله كما تقولون ،أفال جيب
كنت
علينا ،وحنن أفراد عائلته ،الوقوف إىل جانبه يف جنونه لنمنعه من إيذاء نفسه وإيذائنا؟" اي يسوعُ ،
ك تَعلَم جيّداً أ ّن يوضاس وأان مل نكن لنظُ ّن أحت ّدث هكذا كي أُف ّكر بشرّايً كما هم يف ّكرون .ولكنّ َ
إليك ،على الدوام، أنت تَعلَم أنّنا تَطَلَّعنا َ
فيك ق ّدوس هللاَ . أنت تَعلَم أنّنا نرى َ
ك جمنونَ . مطلقاً أنّ َ
لت .فعندما حان حّت مساعنا .وها أان قد َر َح ُ تفهمنا ،ومل يشاؤوا ّ كنجمنا العظيم .ولكنّهم مل يشاؤوا ّ
كنت،
كنت تريدينّ .أما إذا َ أنت .وها أان ذا ،هذا إذا ما َ تك َ أوان االختيار بني يسوع أو العائلة ،اخَت َ
كنت يف البحرية».
ك َ عنك يف البيت ...ولكنّ َ
«كنا نبحث َ
«نعم ،يف البحرية ،مل ّدة يومني ،مع بطرس واآلخرين .ولقد كان صيد بطرس وفرياً .أليس
كذلك؟»
كل شيء نسبيّاً .فكلّما َكثر السمكَ ،كثرت الرسوم ،إّّنا يَكثر الربح أيضاً».
«أقول ،سيكون ّ
الضعف.
الضعف فهذا ال جيعلين أدفع ّ
ت ّ «ال ،اي معلّم .كلّما َكثر السمك َكثر الربحّ .أما إذا َرِّحب ُ
بل ينبغي يل أن أدفع له أربعة أضعاف ...ابن آوى!»
«فإذاً! سأذهب ألطرح هناك بركات .من يدري ،فقد يَلِّج القليل من النـزاهة لدى اجلايب».
يتأهب بطرس للدَّفع .يوقفه يسوع ويقول له« :أعطين النقود فأان ي ِّ ِّ
قَتبون من مكتب اجلبايةّ . ََ
َمن يَدفَع اليوم ».يَنظُر إليه بطرس مندهشاً ويعطيه كيساً من اجللد مليئاً ابلنقود.
ينتظر يسوع دوره ،وعندما يصبح يف مواجهة اجلايب يقول« :أَدفَع عن مثاين سالل من السمك،
أردت .إّّنا بني الناس الشرفاء ينبغي
وهي لسمعان بن يوان .هي هنا عند أقدام األوالد .أت ّكد منها لو َ
ك تعتَِّربين منهم .كم الضريبة؟» ِّ
أن تكون ال َكل َمة كافية .وأظنّ َ
ص ِّّل ألجل نفسي». « أخفض: بصوت مث، ،مّت جييب » م.ل
ّ املع تلميذ ن «ال ضريبة ِّ
م
َ ّ
هتتم هبا؟» ويستدير يسوع بعدئذ «إنّين أ ِّ
َمحلها ِّ َّ
أنت ...ملاذا ال ّ
يف ،حيث ملجأ اخلطأة .إّّنا َ
عائداً صوب بطرس ال ُـمن َذ ِّهل .كذلك اآلخرون ُمن َذ ِّهلون ،يتهامسون غري مص ّدقني أعينهم…
ما الذي جيب إذن فعله المتالك هذه السماء املباركة ،هذه الراحة يف حضن اآلب؟ ينبغي ّأال
حّت ولو كلَّف األمر أبي مثنّ ، متلهفني ،مبعىن ّأال نسعى المتالكها ّ متلهفني للثروات ،غري ّ
نكون ّ
متلهفني ،مبعىن أنّنا ،يف معرض امتالكهاّ ،أال حنبّها أكثر من السماء احلب .غري ّ
اإلساءة إىل النـزاهة و ّ
متلهفني ملا َيكنأو القريب ،وذلك ابالمتناع عن فعل احملبّة جتاه القريب ،عندما يكون حمتاجاً .غري ّ
سخر من بؤس الذين للثروات توفريه ،أعين النساء والشهوات واملوائد الباذخة والثياب الفاخرة اليت تَ َ
يعانون الربد واجلوع .توجد ،نعم ،توجد أموال بديلة عن أموال العامل اجلائرة ،وهلا قيمة يف ملكوت
السماوات .وينبغي أن تكون هناك احلنكة املق ّدسة لتحويل الثروات البشريّة ،اجلائرة غالباً أو املسبّبة
للجور ،إىل كنوز أبديّة .لذلك جيب النـزاهة يف الربح ،وإعادة ما أ ُِّخ َذ بغري عدل ،واستخدام خريات
ألهنا ستتخلّى عنّا عاجالً العامل ،إّّنا بشكل معتدل ،ودوّنا التعلّق هبا .جيب معرفة التخلّي عن الثرواتّ ،
أم آجالً- .آه! جيب التفكري بذلك! -بينما اخلري الذي نفعله يالزمنا أبداً.
يود اجلميع أن يُدعوا "مستقيمني" وأن يُعتََربوا كذلك ،وبذلك ينالون املكافأة من هللا .ولكن ّ
كيف َيكن هلل أن يكافئ من ال َيتلك ِّمن االستقامة سوى االسم ،وهو ال يعمل هبا؟ كيف َيكن أن
حقيقي يف النفس؟
ّ لك" إذا كان يرى أ ّن الندامة ليست سوى ابلكالم ،وال يوجد تغيري يقول له" :أَغ ُفر َ
ليست هناك ندامة طاملا الرغبة ابألشياء املسبّبة للخطيئة ابقية .إّّنا تتواجد النّدامة حينما يتواضع
شرير ،وَيكن أن يكون هذا امرأة ِّ
اإلنسان ،عندما يَبَت وجدانيّاً الدَّافع الذي يُش ّكل يف داخله نبع َميل ّ
كل هذا" ،حينئذ تكون هذه ندامة حقيقيّة، ِّ
رب ال أريد شيء من ّ "ألجلك اي ّ
َ أو َذ َهباً ،وحينما يقول:
فأنت عزيز على قليب مثل خملوق بريء أو بطل». "هلمَ ،ويتقبّله هللا بقولهّ :
ب من حلقة املستمعني منذ
اقَت َ
مّت الذي ََ
حّت أن يلتفت إىل ّ
يُنهي يسوع كالمه ،وَيضي دون ّ
الكلمات األوىل.
إليك .ألجل ذلك ومثّ ،ومثّ ،ومثّ ...ألنّين ال أريد أن َيوت «ألجل ذلك ،نعم ،فهم يسيئون َ
لك العداء ،فلن يغفر له هللا ...وأان ...آه! لن يكون يل يف احلياة األخرى »...مرمي زوجي وهو ي ِّ
ضمر َ ُ
حارة على اليد اليت تَـَرَكها يسوع هلا ،وبني الفينة والفينة تُـ َقبِّّلها وترفع وجهها بدموع تبكي .ًاقّ ح ة ق
َ قَلِّ
ّ
الشاحب جتاهه.
«ال ».يقول يسوع «ال ،ال تتكلّمي هكذا .أان أغفر ،وإذا كنت أان الذي أغفر وأ ِّ
ُسامح»... ُ
َّهموك،
«آه! تعال اي يسوع .تعال لتنقذ روحه وجسده .تعال ...أيضاً الناس يقولون ،كي يت َ
درك؟ ويقولون أيضاً: فت ولَ َدين ِّمن أب ُيتضر ،هذا ما يقوله الناس يف الناصرة .أتُ ِّ
ك َخطَ َ َ
يقولون إنّ َ
كل مكان ،بينما هو ال يعرف أن يفعلها يف بيته" .وأان أُدافِّع بقويل" :ماذا "إنَّه جيَتح املعجزات يف ّ
يودون مساع
ابهتاماتكم ،إذا كنتم ال تؤمنون به؟" ويف هذه األثناء ال ّ َيكنه أن يفعل إذا أنتم أبعدمتوه ّ
أي شيء». ّ
لت :إذا كانوا ال يؤمنون .فكيف َيكنين فِّعلها حيث ال إَيان؟»
«حسناً قُ ِّ
القوة».
أنت ّ«ابركين اي يسوع ،امنحين َ
1945 / 02 / 03
األزيل والشيطان .فالشيطان ،وقد مأله الكربايء ابنتصاره األ ّول هللا بني ل ص ح العهد قدمي دحت ٍّ
ّ َ ََ
حّت الشريعةخملوقاتك يل على الدوام .فال شيء ،ال العقاب وال ّ َ على اإلنسان ،قال هلل" :سوف تكون
مقامك الذي طََردتَين منه،
َ اليت تريد إعطاءها هلمَ ،يكنه أن يعيدهم أهالً لكسب السماء .وهذا املقام،
كل مالك خاوايً ،عدمي النفع وحزيناً مثل ّ يظل َ
خملوقاتك ،سوف ّ َ دت منه النَّبيه الوحيد بنيالذي طََر َ
ك هو وحده الذي مقدورك طاملا ُمسّ َ
َ هو عدمي النَّفع" .وقد أجاب هللا ذلك امللعون :سيكون هذا يف
يسود اإلنسان .أما وأنّين سأ ِّ ِّ
طهر القلوب ويشفيهم من ك ويُ ُِّّرسل َكل َميت ،وكالمه سيُب ِّطل أتثري ُمسّ َ ّ
إيل ،مثل اخلرفان الضالّة اليت َو َج َدت راعيها ،ويعودون رت غضبهم به ،فسوف يرجعون ّ اجلنون الذي أثَ َ
أبسنانك إىل حظرييت ،وَيألون السماء ،فلقد صنعتها ألجلهم .أما أنت ،يف غيظك ِّ
العاجز ،فَ َستَصرف
َ َ ّ َ ََ ُ
عليك َح َجر هللا؛ وحينما لكتك الرهيبة ،مسجوانً وملعوانً ،وسوف يَردم املالئكة َ الفظيعة هنا ،يف مم َ
أتباعكّ .أما التَّسابيح
َ حصة تك الظُّلُمات والبَغضاء وكذلك ستكون ّ حص َ
ُختتَم األبواب ،ستكون ّ
أقس َم
َيصونين" .وقد َ السنيّة فسوف تكون من نصيب الذين ّ املغبوطة واحلريّة الالمتناهية واألبديّة و َّ
ُقسم جبحيمي أنّين سأعود عندما أتيت الساعة .وسوف أكون حاضراً اخرة" :أ ِّ
الس ِّ
الشيطان اببتسامته َّ
يف كل مكان إىل جانب الذين سيـبشَّرون ،وسنرى من ِّمنَّا حنن اإلثنني سيكون الـمنتَ ِّ
صر". ُ َ َُ ّ
صمان:
أطوقكم ألغربلكم .يوجد َخ َ نعم ،إ ّن الشيطان ينصب لكم فخاخه ليغربلكم ،وكذلك أان ّ
الصالح ض ّد احلب ض ّد احلقد ،نزال احلِّكمة ض ّد اجلهل ،نزال َّ ِّ
أان وهو .وأنتم بني اإلثنني .إنّه نزال ّ
يوجهها إليكم ،سيكون وجودي كافياً .سأضع الشر اليت ّ
ص ّد ضرابت ّ الشر عليكم وحولكم .ولكي تُ َ
ّ
ضرابت لكن ال َّ
نفسي بني األسلحة الشيطانيّة وبينكم ،وأرضى أبن أُجرح بدالً عنكم ألنّين أحبّكم .و ّ
إيل ،وبسلوككم طريقي اليت تصيبكم يف الداخل ،فأنتم َمن سوف تص ّدوهنا إبرادتكم ،وذلك إبسراعكم ّ
احلق واحلياة .ومن ليست لديه الرغبة القويّة ابمتالك السماء فلن َيتلكها .ومن ليس أهالً ألن
اليت هي ّ
ضارة تولَد من جديد يف مملكة الشيطان. ِّ
يكون تلميذ املسيح فهو بذار ّ
ب
إن َمن أتى ابسم هللا الكلّ ّي القداسة ليجمع املستقيمني واخلطأة ،ليقودهم إىل السماء ،قد َذ َه ََّ
لت هذا يوم السبت .لذلك ِّ ِّ
مطهرة ،اذهيب وَك ّفري عن ذنوبك" .ولقد فَـ َع ُإىل التَّائبة وقال هلا" :فلتكوين َّ
وت منها ،مع العِّلم ّأهنا مل تَـعُد سوى نفس
االهتام الثاين فهو أنّين قد َدنَ ُ
رمسيّ .أما ّ
يتّهمونين .وبشكل ّ
تبكي خطيئتها.
حّت اليوم التايلهذه هي خطيئيت حبسب أصحاب النفوذ يف كفرانحوم .كان إبمكاين االنتظار ّ
للسبت لشفائها .نعم .إّّنا ملاذا االنتظار أربعاً وعشرين ساعة إلعادة سالم هللا إىل قلب اتئب؟ لقد
أت ذلك يف هذا القلب. حقيقي وأمل كامل .لقد قَـَر ُ
ّ وخلوص نيّة
حقيقي ُ ّ اضع
كان يف هذا القلب تو ُ
بينما كان اجلسم ما يزال مصاابً ابلربص .وكان القلب قد ُش ِّف َي ببلسم سنوات ِّمن الدموع والنَّدم
جو القداسة الذي ُييط يتقرب من هللا ،دون تدنيس ّ والتكفري .إن هذا القلب مل يكن ُيتاج ،لكي ّ
حّت جبسدها ،إّّنا قلبها ِّ
مطهَرة ّ وخَر َجت هي من البحرية َّابهللّ ،إال لتكريسي املتج ّدد .ولقد فَـ َعلتُهاَ .
فكان أكثر طُهراً .كم ،آه! كم ِّمن الذين نزلوا يف مياه األردن طاعة ألمر َّ
السابق مل ََي ُرجوا منها ُمطَ َّهرين
بقدر طهارهتا.
ادايً ،ذا أَثَر ،مل تكن خالصة النيّة لروح كان يبغي التهيّؤ جمليئي ،إّّنا
فمعموديّتهم مل تكن فعالً إر ّ
الكاملِّني يف القداسة يف عيون الناس .لقد كانت كانت على سبيل الشكليات ،هبدف الظهور مبظهر ِّ
ّ
إذاً رايء وكربايء ،فأُضي َفت خطيئتان إىل كومة أخطاء موجودة آنذاك يف قلوهبم .فإ ّن معموديّة يوحنّا مل
اضعوا إبقراركم أبنّكم خطأة؛ طَ ِّّهروا
تكن سوى رمز .كان يريد القول" :طَ ِّّهروا ذواتكم من الكربايء ،تو َ
ُفصح لكم اآلن عن حقيقة تبدو ألعدائي جتديفاً .إّّنا أنتم ،فإنّكم أصدقائي .أحت ّدث بشكل سأ ِّ
ومن مثّ لكم مجيعاً ،اي َمن تسمعونين .أقول لكم :إ ّن املالئكة،خاص لكم ،أيها التالميذ الذين اخَتهتمِّ ،
ّ ّ
وهي األرواح الكاملة والطاهرة ،اليت حتيا يف أنوار الثالوث األقدس ،حيث هي مفعمة فرحاً ،وهي يف
كمن يف عدم مت ّكنها ِّ
كماهلا تُدرك ذلك ،إ ّهنا أدىن منكم ،أنتم البعيدين ج ّداً عن السماء .دونيّتها تَ ُ
ِّمن التضحية واألمل للمشاركة يف فداء اإلنسان .ما رأيكم هبذا؟ هللا ال يقول ملالكُ " :كن فادي البشريّة".
تظل
إّّنا يقوهلا البنه ،وهو يَعلَم جيّداً أ ّن هذه التضحية ،رغم أ ّن هلا قيمة ال تُـ َقدَّر ،وقُدرة الهنائيّةّ ،
أبوته ،ال يريد جعل فرق بني ابن حبّه وأبناء سلطانه -شيء ما يُ ِّنقص جمموع انقصة -وهو ،بصالح ّ
االستحقاقات اليت ينبغي أن تتص ّدى جملموع اخلطااي اليت ترتكبها البشريّة بني ساعة وساعة ،ولكنّه ال
يتوجه إليكم ،أنتم أيّها البشر، ِّ
يكلّف مالئكة آخرين وال يقول هلم" :أتلّموا لتَقتَدوا ابملسيح" ،بينما هو ّ
ضحوا أبنفسكم ،كونوا شبيهني حبَ َملي .كونوا شركاء الفادي "...آه! إنّين أرى طغمات ليقول" :أتلّمواّ ،
من املالئكة تتوقّف حلظة ،يف نشوة العبادة ،عن الدوران حول الثالوث الذي هو مركزهم ،وجتثو متطلّعة
األزيل إهلنا وإهلكم!"
إىل األرض وهي تقول" :مباركون أنتم اي َمن تستطيعون التأ ّمل مع املسيح ولإلله ّ
العظَ َمةّ .إهنا أرفع كثرياً من مستوى البشر .ولكن حينما تُقدَّم
بعد هذه َدركون ُ كثريون ال يُ ِّ
درس وتُـ َعّرى وتُدفَن يف
صد وتُ َالذبيحة ،حينما تُـْبـ َعث احلبّة األبديّة لكي ال تعود فتموت بعد أن ُحت َ
أتخراً ،الباقية آنئذ
حّت األكثر ّ األرض ،حينئذ أييت صاحب النور الفائق الروحانيّة ويضيء األرواحّ ،
نت لكم عن أمسى كرامة َّفت ،ولكنّين أعلَ ُ
أمينة ووفيّة للمسيح الفادي ،حينئذ تدركون أنّين ما َجد ُ
جمرد خاطئ .يف انتظار ذلك، حّت ولو كان يف البدء ّ
لإلنسان :أن يكون شريكاً يف عمليّة الفداءّ ،
اس اخلمس لتنتقلوا كونوا أنقياء أطهاراً .ابدأوا أبجسادكم لتنتقلوا بعدئذ إىل الروح .ابدأوا ابحلو ّ
فحاسة البصر هي امللكة ،فهي اليت تفتح الطريق إىل اجلوع األكثر إىل األهواء السبعة .ابدأوا ابلعنيّ :
هنماً واألكثر تعقيداً .العني ترى جسد املرأة وتشتهي اجلسد .العني ترى رخاء األغنياء وتشتهي الذهب.
العني ترى سلطان احلكام وتشتهي السلطة .فلتكن عينكم وديعة ونزيهة ،معتدلة وطاهرة ،وستكون
شهواتكم وديعة ونزيهة ومعتدلة وطاهرة .وكلّما كانت عينكم طاهرة كان قلبكم طاهراً .اسهروا بعناية
املتلهفة الكتشاف الت ّفاحات الغاوية .فلتكن نظراتكم عفيفة إذا أردمت أن يكون جسدكم على عينكم ّ
كل أنواع الع ّفة،
عفيفاً .وإذا كان جسدكم عفيفاً ،كانت لديكم ع ّفة الثروات والسلطة .وستكون لكم ّ
وسوف تكونون أصدقاء هللا.
سخروا منكم إذا كنتم عفيفني .بل اخشوا فقط ِّمن أن تكونوا أعداء هللا. ِّ
ال ختشوا من أن يَ َ
ميلك إىل
رت عدم َ ِّ
َظه َ
ويعتربك كاذابً أو خمصيّاً إذا ما أ َ
َ منك
عت يوماً َمن يقول" :سوف يهزأ العامل َ َمس ُ
أوج َد الزواج لريفعكم إىل مستوى التشبّه به يف املشاركة بعمليّة اخللق
احلق أقول لكم إ ّن هللا قد َ
املرأة"ّ .
مسواً ،ينحين أمامها املالئكة الذين ويف املساُهة معه يف جعل السماء مأهولة .إّّنا هناك حالة أكثر ّ
وحّت
تستمر منذ الوالدة ّّ السمو دون مت ّكنهم من حماكاهتا .وهذه احلالة ،الكاملة ،عندما ّ يـََرون فيها
ُيولون خصبهم كرجال أو املمات ،هي ليست عصيّة على الذين مل يعودوا يف حالة البتوليّة ،ولكنّهم ّ
كنساء إىل ال شيء ،يلغون فحولتهم احليوانيّة ليُصبِّحوا خصيبني وفحوالً ابلروح فقطّ .إهنا حالة
ابلقوة .هذه احلالة ال متنع من االقَتاب ِّمن اهليكل،
ادي أو ّطبيعي أو بَت إر ّ
ّ املخصي دون وجود عيبّ
إّّنا يف الدهور املقبلة ،فالذين يلتزمون بذلك هم الذين َسيَخدمون اهليكل وُييطون به .إ ّهنا احلال
كل ما َيص هللا وحده ،احلفاظ على ع ّفة اجلسد والنفس له، مسواً ،اليت تفصل املشيئة عن ّاألكثر ّ
المتالك النَّصاعة املضيئة اليت هي عزيزة على قلب احلَ َمل ،لألبد.
ينـزل يسوع من املركب وجيتاز وسط اجلمع الذي يتزاحم حوله .وعند زاوية أحد البيوت َيكث
مّت الذي استَ َم َع إىل املعلّم ِّمن هناك ،ومل جيرؤ على أكثر من ذلك .عندما يصل إليه يسوع يتوقّف،
ّ
لحق مبجموعة أتباعه ،يلحق به الشعب.مّت ويَ َ
وكأنّه يبارك اجلميع ،يبارك للمرة الثانية ،يَنظُر إىل ّ
َيتفي يف أحد املنازل.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
أيت ما يلي:
وبعدها بقليل ر ُ
التسوق ومل يبق يف
مرة أخرى .إّّنا يف وقت أكثر حرارة ،حيث قد انتهى ّساحة كفرانحومّ ،
عاطلِّني عن العمل يتح ّدثون وأطفال يلعبون.
الساحة سوى ِّ
«صحيح».
ِّ
إسعادك .واآلن حّت إنّه كان يريد ِّ ِّ ِّ
«إذاً فأنت تَـَرين جيّداً أ ّن أخاك مل يقصد اإلساءة إليكّ .
تساحما وقَـبِّّال بعضكما .فاإلخوة الصاحلونّ ،
وحّت األصدقاء الصاحلون ،جيب ّأال يعرفوا احلقد أبداً.
هيا»...
يـُ َقبِّّل الطفالن بعضهما ودموعهما تَ َنه ِّمر .يبكيان كالُها :األوىل ِّمن أمل اخلدش ،واآلخر من أمل
أنّه سبب هلا أملاً.
يبتسم يسوع أمام هذه القبلة اليت اغتسلَت ابلدموع« .آه! اآلن وقد بدومتا ِّ
صاحلَني ،فها أان ذا ََ
صل إليها سأقطف لكما مثار التني ،وبدون عصا ».ومبا أنه كبري القامة ،ذو ذراعني طويلتني ،فإنّه ي ِّ
َ
دوّنا عناء .يقطفها ويوزعها.
لك اخلبز».
هترع امرأة« :خذ ،خذ اي معلّم ،سأجلب َ
«ال ،ال ،فهذه ليست يلّ .إهنا حلنّة وطوبيا .لقد اشتَـ َهياها».
أزعجتُما املعلّم؟ آه! اي لكما ِّمن متط ِّّفلَني! اعذرُها اي سيّدي». ِّ
«أَمن أجل هذا َ
«اي امرأة ،كان هذا إلحالل السالم ...وقد أحللتُه أبداة النِّّـزاع ذاهتا :التنيّ .أما الطفالن فليسا
كل منهما الربيئةّ .إهنا نفس يف فتكمن سعاديت ا أم ويل، هلما سعادة اللذيذ التني ن
ّ إ .ًا أبد نيَل متط ِّّ
ف
ّ ّ
عين مرارات مجّة»... تزيل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 460 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ك كثرياً .وهم ليسوا سوى
ونك ،بينما حنن ،الشعب ،فإنّنا حنبّ َ
«اي معلّم ،السادة ُهم الذين ال ُيبّ َ
بضعة أشخاص بينما حنن كثريون ج ّداً!»
تشجيعك .ليكن السالم ِّ
معك .وداعاً اي حنّة! وداعاً اي ِّ ِّ
أشكرك على «أ ِّ
َعرف ذلك اي امرأة.
طوبيّا! كوان لطيفني ،دون أن يؤذي أحدكما اآلخر أو أن يريد األذى لآلخر .أليس كذلك؟»
«دعه يَنظُر».
« َمن؟»
مّت يضبط حساابته ويتح ّقق ويتوجه يسوع مباشرة إىل مكتب اجلباية ،حيث ّ يَبلغون الساحةّ ،
من النقود اليت يوردها حسب فئاهتا ،بوضعها يف حقائب أبلوان خمتلفة ،يضعها يف صندوق حديدي،
حّت َرفَ َع رأسه ِّ ِّ ِّ
ينتَظر خاد َمني لنقله إىل مكان آخر .وما كاد ظ ّل قامة يسوع الكبرية َيتد إىل املكتبّ ،
متأخراً .ويف هذه األثناء ،يقول بطرس ليسوع وهو يسحبه من كمه« :ليس لريى من الذي أتى يدفع ّ
هناك شيء للدفع ،اي معلّم .ماذا تفعل؟»
مّت الذي يقف على الفور ابحَتام .نظرة أخرى انفذة. ِّ
لكن يسوع ال يهتمَُ .يعن النَّظَر يف ّ
و ّ
حبب. إّّنا ليست كاملرة السابقة ،نظرة حاكِّم ِّ
صارمّ ،إهنا نظرة نداء ودودة ،تغلّفه ،وتنفذ إىل أعماقه ّ ّ
مّت امحرار .فهو ال يعرف ماذا يفعل أو ماذا يقول… يعلو ّ
مّت ،اي ابن حلفا ،لقد حان الوقت .تعال اتبعين!» يقوهلا يسوع مبهابة.
«ّ
أنت ،ال ِّمن أجلي أقول
أجلك َ
َ رب! ولكن هل تَعلَم َمن أكون؟ من
«أان؟ اي معلّم ،اي ّ
ذلك»...
ُنصت إىل ما يُقال يف السماء ،وهناك يقال" :اجملد هلل من أجل خاطئ َخلص" .واآلب «أان أ ِّ
ك حبّاً أزلياً ،حبّاً
يقول" :ستقوم الرمحة يف السماوات وتنتشر على األرض إىل األبد .ومبا أنّين أحبّ َ
بيتك كامالً ،فها إنّين كذلك أست ِّ
جتاهك" .تعال .فبمجيئي ،إضافة إىل القلب ،يصبح َ َ خدم الرمحة َ
مق ّدساً».
مين وال
مبودة« :قف ،قف! ليس ّ
بقوة و ّ
مّت عند قدميه ،يرفعه دفعة واحدة ّ بطرس ،الذي كان ّ
مثلك قليالً أو
من اآلخرين ينبغي طلب الغفران ،بل منه وحده .حنن ..هيّا ،حنن مجيعنا لصوص َ
كل ما يف القلب أو الفكر فهو على
كثرياً ...آه! لقد قُلتُها! لسان ملعون! إّّنا أان جمبول هكذاّ :
ِّ اللسان و ِّّ
الشفاه .تعال ولنُقم ميثاق سالم َودود ».ويـُ َقبِّّل وجنيت ّ
مّت.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 464 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
الود .أقول ذلك إذ ُيجم أندراوس بسبب حيائه، ِّ
فعل اآلخرون كذلك بكثري أو قليل من ّ يَ َ
يوطي عواطفه متجلّدة .حتسبه يـُ َقبِّّل كوم زواحف ،بقدر ما كان عناقه ال مبالياً وقصرياً.
ويهوذا االسخر ّ
مّت لسماعه صواتً.
ََي ُرج ّ
يوطي« :ومع ذلك اي معلّم ،يبدو يل ذلك غري فَ ِّطن .إ ّن ّفريسيّي هذه
ويقول يهوذا االسخر ّ
عشار بعد زانية! ...هل َّقررت أتباعك! ّ
َ عشار بني
أنت ...ها هو ذا ّ
همونك ،و َ
َ املنطقة ابألساس يتّ
االهنيار؟ إذا كان هكذا قُلها ،إذ»...
مك؟»
«وأنت َمن يكلّ َ
نفسك ،نفس سيّد َ إيل ابلكالم ،إّّنا أان على العكس أحت ّدث إىل
تتوجه َّ
ك ال ّ «أَعلَم جيّداً أنّ َ
وتشم رائحة اخلطيئة فينا،ك أحد أعضاء اهليكلّ ، نفسك النقيّة ج ّداً ،نفس حكيم .أَعلَم أنّ ََ كبري ،إىل
الفريسيّني ن متكامل ،فأنت مزيج ِّ
ك يهودي م ِّحنن املساكني الذين لسنا من اهليكل .أعرف جيّداً أنّ َ
ّ َ ُّ
أسيين -هل تريد تسميات أخرى نبيلة؟ -تَشعُر ِّ
والص ّدوقيّني واهلريوديّني ،نصف كاتب وبعض من ّ
لست على ما يرام فيما بينناِّ ،مثل شابل (نوع مسك هنري مثني) رائع يف َشبَ َكة مليئة ابلشبّوط. ك َ أنّ َ
أنت،
كنت على غري ما يرام ...فاذهب َ ولكن ماذا تريد أن تفعل هنا؟ هو اختاران وحنن ابقون .وإذا َ
مين ،ألنّين أفتَ ِّقر إىل
ومنكّ .
مين َ فحّت هو يَغتَاظ ،كما ترىّ ، وحنن سوف نتن ّفس بشكل أفضلّ .
كشتك ابأللقاب فأنت ال تفهم شيئاً رغم زر َمنك أكثرَ ، الصرب ،وكذلك ...نعم ،وكذلك إىل احملبّة ،إّّنا َ َّ
لديك شيء أيّها الولد .دخان كثيف فقط، فيك احملبّة وال التواضع وال االحَتام .ليس َ النبيلة ،وليست َ
ال مسح هللا أن يكون مؤذايً».
ك الوحيد!»
أنت صاحل ،ولكنّ َ
« َ
ويود لو يصبح صديقه .إذا
ُيب التائبّ ،«ال ،فهؤالء مثلي ،ومثّ ...إ ّن هللا اآلب هو الذي ّ
كل شيء ما خال اآلب ،أفال يكون سرور اإلنسان كامالً؟»نقص اإلنسان ّ
كانت الوليمة قد أصبَ َحت يف مرحلة تقدمي الفواكه عندما يُشري خادم إىل سيّد البيت ويقول
له أمراً.
تود رؤيتهم؟»
إليك .فهل ّ
«اي معلّم ،إيلي ومسعان ويواكيم يطلبون الدخول والتح ّدث َ
«بكل أتكيد».
«وهذا؟ إنّه عزراي مدير اندي القمار ،حيث يذهب الرومان واليهود للعب و ِّّ
الشجار واالنغماس
يف الفسق والفجور».
كنت تَعلَم؟»
األقل َمن ُهم هؤالء الناس؟ هل َ
«ولكن اي معلّم ،هل تَعلَم على ّ
كنت أَعلَم».
« ُ
«وأنتم ،إذن ،أنتم اي أهايل كفرانحوم ،أنتم أيها التالميذ ،ملاذا مسحتم هبذا؟ إنّك تُ ِّ
دهشين اي َ ّ
مسعان بن يوان!»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 467 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
لت أن ِّ
أنت اي نثنائيل! إنّين ُمن َذهل للغاية! كيف احتَ َم َ
أنت اي فليبّس ،املعروف جيّداً هنا ،و َ
«و َ
العشارين واخلطأة؟»
مك مع ّ أيكل معلّ َ
ص ِّدموا
(الفريسيّون إيلي ومسعان ويواكيم) قد ُ
«ولكن ،أمل يعد إذن حت ّفظ يف إسرائيل؟» فالثالثة ّ
بش ّدة.
«آه! نعم .مفهوم .فعندما يَر َغب أحد أبن يتظاهر ابلقداسة ،وهو ليس كذلك ،فإنّه يـَ َقع سريعاً
يف أخطاء ال تُغتَـ َفر!»
حّت الشريعة- .فما تزال حترقين عود التالميذ على قلّة االحَتامَّ ،
فإهنم لن ُيَتموا ّ «وعندما نُ ِّّ
يسي! الفر إيلي أان! يل اهليكل. ورجل اليهودي هذا قبل من يل هت جضحكات السخرية تلك اليت وِّ
ّ ّ ّ ّ ُ
عرف».إن اإلنسان يـُ َعلِّّم ما يَ ِّ
عرف ،هذا صحيح .وأان الذي أنت خمطئ ،اي إيلي .وأنتم مجيعاً خمطئون .اإلنسان يُعلِّّم ما يَ ِّ
« َ
أعرف الشريعة ،أُعلِّّمها ملن ال يعرفها :أي للخطأةّ .أما أنتم ...فأعلَم أنّكم معلّمو نفسكم .بينما
ِّ
إيل كما هي:
اخلطأة ليسوا كذلك .لذا أحبث هلم عن نفسهم ،وأعيدها هلم ،لكي ،بدورهمُ ،يملوها ّ
أتيت .فاخلطأة هم الذين ُيتاجون إىل
أطهرها .فمن أجل هذا ُ مريضة وجرُية ومدنَّسة ،لكي أعاجلها و ّ
ُخملِّّص ،وأان أتيت ألخلّصهم .افهموين ...وال تبغضوين بال سبب».
يسوع لطيف ومقنع ومتواضع ...إّّنا الثالثة فإ ّهنم يبدون كما ثالث نبااتت شوكية
وَيرجون ُم ِّ
ظهرين امشئزازهم. ( )Chardonمنتفخة ومليئة ابألشواكُ َ ...
يوطي. ِّ
كل مكان ».يـُ َهمهم يهوذا االسخر ّ
«لقد مضوا ...واآلن سوف ين ّددون بنا يف ّ
جلي من اجلمال الذي ُييط به ،ومن جيلس يسوع على مق ّدمة السفينةَ ،يلؤه احلبور بشكل ّ
تتوزع
كل هذا األفق الصايف للسماء واملياه ،وقد أحاطَت به الضفاف اخلضراء ،حيث ّ الصمت ،ومن ّ
يتجرد عن أحاديث التالميذ ،فهو على مق ّدمة املركب ،شبه مم ّدد على
قرى بيضاء يف عمق االخضرارّ .
كوم من األشرعة ،ووجهه منحن على مرآة الزفري هذه اليت هي البحرية ،وكأنّه بصدد دراسة األعماق،
مرتني
بكل ما يعيش يف مياهها الصافية ج ّداً .ولكن ،من يدري مباذا يفكر ...يسأله بطرس ّ
واالهتمام ّ
أبشعتها اليت
ليعرف ما إذا كانت الشمس تضايقه .فالشمس قد سطعت يف الشرق ،ولََف َحت املركب ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 470 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
لكن يسوع حارة .ومن جديد يسأله إذا ما كان يريد خبزاً وجبناً كاآلخرين .و ّ
مل تصبح بعد حارقة ،إّّنا ّ
ال يريد شيئاً ،ال أشرعة وال خبزاً .يدعه بطرس بسالم .جمموعة من املراكب الصغرية املستخدمة للتن ّـزه
على البحرية ،أحدها مزيّن مبظالت أرجوانيّة فاخرة ومساند ممتعة ،تقطع الطريق على مراكب الصيّادين.
أصوات ،ضحكات صاخبة ممزوجة بروائح عطريّة .هي مليئة ابلنساء اجلميالت والرومان والفلسطينيني
جت ذلك ال ُـمبتَ ِّهجني ،الغالبيّة رومان مع أقليّة من الفلسطينّيني ويفَتض وجود بعض اليواننيّني .استَنتَ ُ
من كالم شاب حنيف ،ممشوق القامة ،أمسر مثل زيتونة شبه انضجة ،ومتأنّق .يرتدي رداء قصرياً أمحراً
له أهداب من األسفل ،وهو حمصور عند اخلصر حبزام قد صيغ صياغة المعة .وهو يقول« :البالد
مليب ليس فيه ،مع ذلك ،هذا األفق وهذه الزهور .فال عجب ،ابحلقيقة، اإلغريقيّة مجيلة ،ولكن وطين األو ّ
إذا ما كانت اآلهلة قد تركته لتأيت وتقيم هنا .فلنرشق اآلهلة ،ليس اليواننيّة بل اليهوديّة ،أبوراق الزهور
والورود وبتكرَينا »...ويرمي على نساء مركبه توجيات ورود رائعة ،ويرمي أخرى على املركب اجملاور.
يرد أحد الرومانيّني« :ارشق الورد ،ارشق أيها اليوانين! إّّنا أان ففينوس معي .ولن أرمي الزهور بل ّ
أقطف الورود من على هذا الفم اجلميل .ويف هذا متعة أكرب!» وينحين ليقبل فم مرمي اجملدليّة املبتسم،
وهي نصف مم ّددة على املساند ،ورأسها األشقر على صدر الروماينّ.
ابجتاه املراكب الثقيلة .إن بسبب عدم مهارة اجل ّذافني ،أو تتوجه املراكب الصغرية مباشرة ّ
اآلنّ ،
بسبب الرايح ،وتكاد تصطدم ،فيصرخ بطرس غاضباً ،بينما هو ينعطف حبركة عنيفة لتجنّب الصدمة:
«إذا كنتم حريصني على حياتكم فانتبهوا ».وتتعاقب ،يف املراكب الصغرية ،الشتائم من الشباب
وصرخات اخلوف من النساء .الرومان يشتمون اجلليليّني بقوهلم« :ابتعدوا أيّها اليهود الكالب ».وال
خاصة بطرس ،أمحراً مثل عرف الديك ،واقفاً على حافة يسكت بطرس وابقي اجلليليّني على اإلهانةّ ،
ويرد واحدة بواحدة ،ال يوفّر أحداً رومانيّاًكان أو يواننيّاً،
املركب الذي يَتنّح بش ّدة ،يداه على حقويهّ ،
يوجه سيالً من التسميات الفخريّة ،ال أنقلها .تدوم اليهودايت .بل على العكس ّ ،
وكذلك اليهود و ّ
كل يف طريق.
املالسنة طاملا االضطراب مل ينته ،مثّ َيضي ّ
ك
ك ال تعرف لعازر الذي يف بيت عنيا! فإنّين أَعلَم جيّداً أنّ َ
ك تريد أن تقول يل إنّ َ «ال أخالُ َ
ك زرته يف بيته مع املعلّم».صديقه وأنّ َ
«وإن يكن؟»
حّت القبور
«لطاملا هو كذلك ،فينبغي أن تعرف هذه اخلاطئة اليت هي أخت لعازر ،واليت ّ
حّت ظَ َهَرت لعوابً.
السن ّ تعرفها! منذ عشر سنوات َج َعلَت الناس يتح ّدثون عنها .ما كادت تبلغ ّ
كنت يف "وادي األموات" .فلقد حّت ولو َولكن منذ أربع سنوات! ال َيكن أن َجت َهل الفضيحةّ ،
ف لعازر يف بيت عنيا ...حسناً فَـ َع َل .مل يعد أحد َحتَ َّدثَت عنها أورشليم ّ
برمتها .ومنذ ذلك احلني اعتَ َك َ
تَتدد .امسع مقولة" :ال أحد يطأ قصره الرائع يف صهيون ،حيث كانت ما تزال تروح وترجع ،ما زالت ّ
فت عليها!»
ذاتك تَـ َعَّر َ
أنت َ«إذاًّ ،إهنا هي! و َ
«لقد رأيتُها صغرية ،وقد كانت طاهرة حينذاك .واآلن أعود ألراها اثنية .ولكنّين عرفتها .ابلرغم
من كوهنا قليلة احلياء ،فمظهرها يُ َذ ّكِّر مبظهر ّأمها ،إّّنا تلك فقد كانت ق ّديسة».
صديقك؟»
َ دت تنفي ّأهنا أخت
«إذن ملاذا ُك َ
خاصة عندما نكون شرفاء».
«إنّنا حناول إخفاء جراحنا وجراح الذين حنبّهمّ ،
يبتسم يهوذا ابتسامة صفراويّة.
مأساوي».
ّ لئال َيوت بشكل
كل يف مكانه ّ
«أريد القول إنّه ينبغي أن يبقى ّ
متيتك؟»
«أكانت اجملدليّة َ
أنت من قد يشعر ابالنزعاج؟»
ك َ لت يل إنّ َ «ال .إ ّن حلمي ٍ
قاس .ولكن ...أقُ َ
حّت!»...
«أان مل أنظر إليها ّ
األول ،ومل تكن أكثر ِّ
ك تتأ ّكل من الداخل ألنّك مل تكن على ذاك املركب ّ «كاذب! أراهن أنّ َ
ت ِّ
ستتحملين لتكون أكثر قرابً منها؛ ما أقوله هو احلقيقة ،ذلك أ ّن بفضلها ُمن ْح ُ
ّ كنت
دنواً منها...و َ
ّ
كالمك معي بعد ع ّدة ّأايم من الصمت».
َ شرف
طرباي؟»
يضع يسوع ح ّداً للنقاش الذي فَضَّل ّأال يسمعه بسؤاله بطرس« :أهذه ّ
«نعم اي معلّم ،سأرسي املركب اآلن».
يَتك يسوع مكانه وجيلس يف وسط املركب على مقعد يصل احلافّة ابحلافّة األخرى ،يف مقابل
املركب اآلخر ،وحوله التالميذ الذين معه يف املركب.
« امسعوا.
يبدو لكم أنّين أنعزل فكرّايً عن مناقشاتكم ،أحياانً ،وأنّين إذن معلّم كسول ،ال يسهر على
اخلاصني .اعلموا أ ّن نفسي ال تَتككم حلظة واحدة .هل الحظتم طبيباً يدرس حالة مريض، تالميذه ّ
ضعه للمراقبة ،بعد معاينة ،إن كان ينام أو يسهر ،يف مرضه غري حم ّدد واألعراض لديه متضاربة؟ َُي ِّ
فكل شيء َيكن أن يكون عرضاً وداللة للكشف الصباح كما يف املساء ،عندما يصمت أو يتكلّمّ ،
أتصرف ابلطريقة ذاهتا معكم .فأنتم مرتبطون يب خبيوط غري اخلفي وحتديد العالج .وأان ّ عن املرض ّ
مرئيّة ،ولكنّها حساسة ج ّداً ،ومتعلّقة يب ،وتنقل يل أضعف اهتزازات األان لديكم .أدعكم تؤمنون
ظهروا ابستمرار على حقيقتكم .هذا ما ُيدث عندما يعتقد أحد الطالب أو املهووسني حبريتكم ،لكي تَ َ ّ
ت من عني املراقب .فأنتم مجاعة أشخاص ،ولكنّكم تش ّكلون نواة ،يعين شيئاً واحداً .فأنتم أنّه أفلَ َ
كل مميّزاهتا ،الصاحلة منها قليالً أو كثرياً ،لتشكيلها ودجمها
درس ّ ظهر إىل الوجود وتُ َجمموعة مع ّقدة تَ َ
أدر ُسكم وأراقبكمكالً متكامالً .ألجل ذلك ُ
وثلم ح ّدها وتوسيعها يف ميوهلا املتع ّددة األشكال ،وجعلها ّ
حّت وأنتم نيام .ما هو حالكم؟ ماذا ينبغي أن تصبحوا؟ أنتم ملح األرض ،هذا ما ينبغي أن تصبحوه: ّ
التفسخ ،وكذلك أغذية أخرى .وهل َيكن للملح أن َيلِّّح إن ملح األرض .فبامللح ُحت َفظ اللحوم من ّ
مساوايً .ولكن كيف َيكنكم أن متلِّّحوا إذا ِّ
أود أن أُملّح العامل ،ألمنحه طعماً ّ مل يكن هو ماحلاً؟ فَبِّ ُكم ّ
كنتم أنتم فاقدي الطعم؟
أنتم ،جيب أن تكونوا نور العامل ،فأان قد اخَتتُكم :أان ،نور هللا ،لالستمرار يف إانرة العامل عندما
مدخنة؟ ال .فإ ّن دخان الفتيل
أعود إىل اآلب .ولكن هل َيكنكم اإلانرة إذا كنتم مصابيح مطفأة أو ّ
اجللي هو أسوأ من انطفائه متاماً .وهبذا الدخان تُظلِّمون وميض النور الذي َيكن أن تكون القلوب غري ّ
يتوجهون صوب ُر ُسل لديهم بَ َدل النّور دخان! ما تزال متتلكه .آه! اي لبؤس الذين عند حبثهم عن هللا ّ
الر ُسل غري اجلديرين سوف تصيبهم اللعنة والعقاب. فإهنم سيصابون ابلصدمة واملوت .ولكن هؤالء ُّ ّ
دركم ،إّّنا أيضاً :رسالتكم عظيمة ورهيبة! تذ ّكروا أن َمن ُوِّهب أكثر فهو ُمطالَب كذلك عظيم هو قَ ُ
ابلكثري .وأنتم قد أُعطيتم احل ّد األقصى من الثقافة والنِّّعم .لقد ثـَ َّقفتُكم ،أان ،كلمة هللا ،وتنالون من هللا
نعمة أن تكونوا "التالميذ" ،يعين استمراريّة ابن هللا.
تودون البقاء معي؟ أال متلكون اإلحساس ابلشجاعة لتفعلوا ذلك؟ آه! ال تَنظُروا بعضكم هل ّ
مرات عديدة .وعندما تسمعون إىل بعض ،مندهشني وحزينني! سوف تسمعونين أطرح هذا السؤال ّ
تصمون آذانكم عن ندائي .حينئذ افحصوا ذلك ،ف ّكروا أب ّن قليب يبكي ،ألنّه جمروح من إجيادكم ّ
لئال تكونوا منبوذين من هللا وهالكني .وقولوا" :اي
وقررواّ .قرروا ّ
ضمائركم واحكموا ابستقامة وصدقّ ،
كت أنّين مل أُخلق ألتبع هذه الطريق .إنّين أقبّلكم قبلة الوداع ،وأقول
معلّم ،أيّها األصدقاء ،لقد أدر ُ
لكم’ :صلّوا ألجلي‘" .فهذا أفضل من اخليانة .هذا أفضل…
ماذا تقولون؟ خيانة َمن؟ َمن؟ قضيّيت ،يعين قضيّة هللا ،فأان واآلب واحد ،وأنتم ،نعم ،ختونون
ذواتكم .ختونون نفسكم إبعطائها للشيطان .أتريدون البقاء يهوداً؟ أان ال أجربكم على التَّغيري .إّّنا ال
ختونوا .ال ختونوا نفسكم واملسيح وهللا .أؤّكد لكم أنّين ،ال أان وال املخلصني يل ،لن ننتقدكم وال نشري
إليكم ابحتقار وسط مجاعة املؤمنني .منذ وقت قريب قال أحد إخوتكم عبارة عظيمة" :حناول إبقاء
الرسويل.ومن ينفصل يصبح جرحاً ،غرغرينا طارئة يف قلب كياننا َّ جراحنا وجراح الذين حنبّهم خمفية"َ .
صل بسبب الغرغرينا غري القابلة للشفاء اليت أصابته ،اتركة ندبة مؤملة ،نعمل على إبقائها خمفيّة ين َف ِّ
َ
بعناية كبرية.
ينبغي أن تكونوا أوفياء للمعلّم الذي َكلَّ َفكم هبذه اخلدمة .وسوف يُكافأ اخلادم الذي سيجده
املعلّم متي ّقظاً دائماً ،وإذا فاجأه املوت وجده يف حالة النعمة .ال َيكنكم ،بل وال ينبغي لكم القول:
فيت ولدي متّسع من الوقت ألعمل كذا وكذا ،وفيما بعد أفكر ابملعلّم وابملوت وبنفسي" .فالشبّان"أان ّ
َيوتون مثل الشيوخ ،واألقوايء مثل الضعفاء .الشيوخ والفتيان ،األقوايء والضعفاء يتساوون مجيعاً يف
تعرضهم هلجمات التجربة .اعلموا أنّه َيكن للنفس أن متوت قبل اجلسد ،وأنه َيكنكم أن حتملوا يف ّ
س به! إنّه مثل موت زهرة .ال
تتفسخ .فموت نفس يكاد ال ُُيَ ّ صدوركم ،ودون معرفة منكم ،نفساً ّ
صراخ وال اضطراب ...ختبو شعلتها ،مثل تويج زهرة يذبل ،مثّ تنطفئ .بعد ذلك ،أطال الزمن أم
يالحظ اجلسد أنّه ُيمل يف داخله جيفة تنهشها الديدان .يصبح جمنوانًقصر ،وأحياانً مباشرة بعدهاِّ ،
ال تكونوا غري نزيهني مثل السماسرة واحملامني الذين يسايرون زبونني خصمني .ال تكونوا خمادعني
سياسي يقول" :صديقي" هلذا وذاك ،وبعدئذ تراهم أعداء .ال حتاولوا اتّباع االزدواجيّة يف العمل.
ّ مثل
تصرفكم مع هللا ،إذ إ ّن كل إساءة للناس هي إساءة هلل. تصرفوا مع الناس ّ
فاهلل ال يُستهزأ به وال َُيدعّ .
فليكن هاجسكم أن يراكم هللا كما تريدون أن يراكم الناس.
كونوا متواضعني .ال َيكنكم ّاهتام معلّمكم أنّه غري ذلك .إنّين مثلكم .افعلوا كما أفعل أان.
القوة .كونوا عنيفني وأقوايء ض ّد
كونوا متواضعني وودعاء وصبورين .وهكذا جنتاح العامل ،ليس ابلعنف و ّ
لت لكم أبن اضطر األمر لتمزيق قلبكم .منذ بضعة ّأايم قُ ُ
حّت ولو ّ رذائلكم .انزعوها من جذورهاّ ،
سهروا على نظركم .ولكنّكم ال تعرفون أن تفعلوا ذلك .وأان أقول لكم :األفضل لكم أن تصبحوا تَ َ
عمياانً ابنتزاع أعينكم املليئة ابلشهوة ،من أن تصبحوا فاسقني.
احلق .يف أمور العالء كما يف األمور اإلنسانيّة .أريدكم صرُيني أنتم أيضاً.
كونوا صادقني .فأان ّ
تكربون،
ملاذا استخدام اخلداع معي أو مع إخوة أو مع القريب؟ ملاذا التسلية ابخلداع؟ ماذا؟ كم أنتم م ّ
أود أن يكتشفوا أنّين كاذب"! كونوا صادقني مع هللا .هل تعتقدون عزة النفس لتقولوا" :ال ّ
وال متلكون ّ
أ ّن إبمكانكم خداعه بصلوات طويلة واستعراضات؟ آه! أيّها األبناء املساكني! هللا يرى القلب!
حّت عندما تتص ّدقون .أحد العشارين َعرف أن يكون كذلك كونوا كتومني عند فعلكم للخريّ .
الص َدقَة السريّة األسبوعيّة
مّت على َّ
طك اي ّ
إين أغبّ َ
قبل اهتدائه .وأنتم ،ألن تعرفوا أن تكونوا كذلك؟ نعمّ ،
اليت مل يكن ليعرفها سوى هللا وأان ،إين أورد ذلك كمثال .إ ّن هذا التح ّفظ والتكتّم هو أيضاً شكل من
أشكال الع ّفة اي أصدقائي .ال تكشفوا عن صالحكم ،كما لن تكشفوا عن شابّة فتيّة أمام عيون
حشد .كونوا أنقياء عندما تفعلون اخلري .ففعل الصالح يبقى نقيّاً عندما ال يكون مرتبطاً خبلفيّة فكرة
متجيد أو شهرة أو مشاعر كربايء.
الذهبال تكونوا أواثانً وأنتم تنتمون إىل هللا ابالسم فقطّ .إهنم الوثنيّون ،أولئك الذين ُيبّون َّ
ظهروا كأنصاف آهلة .كونوا ق ّديسني ،وسوف تكونون شبيهني ابهلل إىل السلطة أكثر من هللا لكي يَ َو ُّ
عاملوا اآلخرين كما تريدون أن يعاملكماألبد .ال تكونوا متش ّددين .فاجلميع خطأة .وينبغي لكم أن تُ ِّ
اآلخرون .يعين أن تتعاملوا ابلشفقة وتستع ّدوا للمساحمة.
صريوا إىل األحسن من ساعة إىل ساعة ،بصرب وثبات وبطولة .ومن قال لكم إ ّن الصريورة إىل
لكن السماء تكون هي املكافأةحّت أقول لكم :إ ّهنا العمل األكثر قسوة ،و ّ
الصالح غري مضنية؟ بل ّ
َّ
يستحق هذا العناء وهذا اجلهد.
ّ هلذا العمل ،وهو
إيل.
وعلى هذا املشهد تتالشى الرؤاي ابلنسبة ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
طرباي اجلميلة واحلديثة .وهي مبجملها تُشري إىل ّأهنا حديثة وغنيّة .فمخطّطها أكثر
أرى بلدة ّ
جاداهتا
حّت من أورشليم ذاهتاّ . تنظيماً من أيّة مدينة أخرى يف فلسطني ،وهي أكثر تناغماً وترتيباً ّ
وجمهزة أبّناط من اجملاري لتمنع ركود املياه وتراكم القمامة .ساحاهتا كبرية
مجيلة ،شوارعها مستقيمة ّ
ومزيّنة بينابيع ذات أحواض رخاميّة رائعة .القصور فيها ضمن مساحات خالية على النمط الروماينّ،
وبواابهتا مفرغة .من خالل ّبواابت العرابت ،املفتوحة يف هذا الوقت من الصباح ،تظهر للعني ردهات ّ
لكل منها دار يف وسطها،
واسعة وأروقة مرمريّة مزيّنة بستائر نفيسة ومفروشة مبقاعد وطاوالت صغرية .و ّ
وشالالت ماء وفسقيّات مفروشة بنبااتت مزهرة. أرضها مرمريّة ،مع ينابيع ّ
صلنا اي معلّم ».يقول يوسف الراعي« .هذا هو منـزل ال َقيِّّم على بيت هريودس».
«لقد َو َ
اجلادة هي الثانية بني الشوارع ،بينما
اجلادة حيث يوجد تقاطع تصبح عنده ّ يتوقّفون يف آخر ّ
األول ،وهو حماط كلّه حبديقة مزهرة.
الفيالت بينها وبني البحرية .البيت الذي يشري إليه هو ّ تقوم ّ
حّت البحرية. الروائح ِّ
العطَرة وزهور احلديقة من ايمسني وورود متت ّد ّ
َ
«أهنا يقطن يواناثن؟»
«قيل يل إنّه هنا .إنه قيّم على بيت القهرمان .لقد َوقَ َع واقفاً .فقوزى ليس سيّئاً ،ويعرف كيف
يـُ َق ِّّدر ويكافئ القيّم على بيته .إنّه من القليلني النـزيهني يف البالط .هل أانديه؟»
البوابة على
البواب الذي ألقى نظرة ،يرى وينادي خ ّداماً آخرين .يفتح ّ يتحرك اجلميع .و َّ
ّ
حقيقي« .اسكب،
ّ حّت الساعة شبه مفتوحة ،ويركض ملالقاة يسوع إبجالل مصراعيها ،وقد كانت ّ
كتك علينا وعلى هذا البيت احلزين .ادخل .آه! كم سيشعر يواناثن ابألسف لعدم وجوده
الرب ،بر َ
أيّها ّ
أصدقاؤك».
َ أنت و
رؤيتك .ادخل ،ادخل َهنا! لقد كان هذا أملهَ :
بكل االحَتام .وبقليل من الفضول
كل األعمار ،يتزامحون للسالم ّ
يف الفناء خ ّدام وخادمات من ّ
أيضاً .وعجوز صغرية الق ّد تبكي يف إحدى الزوااي.
يدخل يسوع ويبارك حبركة منه وحتيّة سالم .يـُ َقدَّم هلم طعام .جيلس يسوع على أحد املقاعد
لست جمهوالً ابلنسبة إليكم ».يقول يسوع. وُييط به اجلميع« .أرى أنّين ُ
تك .إنّه رجل صاحل .وهو يقول إ ّن الفضل يف ذلك
أنشأَان على ذكرى سري َ
«آه! إ ّن يواناثن قد َ
لك ّإايها .ولكنّه هو كذلك ابلطبيعة».
يعود للقبلة اليت قَـبَّ َ
أبهنا ستفقدها».
ألهنا ال تستطيع التسليم ّ « ّإهنا إستري م ِّ
رضعة املعلّمةّ .إهنا تبكي ّ ُ
األم .ال تبكي هكذا .تعايل إىل جانيب .مل يقل
يدعوها يسوع ألن أتيت إىل جانبه« .تعايل أيّتها ّ
أحد إ ّن املرض يعين ابلضرورة املوت!»
ض َعت وليدها ،وكانت الوالدة الوحيدة والتعيسة ،وهي متوت! «آه! إنّه املوت! املوت! مذ َو َ
الزواين تلدن يف اخلفية ،ومع ذلك يعشن ،وهي ،هي الصاحلة والنـزيهة والعزيزة ج ّداً ،ينبغي هلا أن
متوت!»
«كيف ستجده؟»
«أان أقرأ ما يف قلوبكم .أنتم أيضاً ،كونوا أفضل .أان ذاهب .ال َيكنين االنتظار .املركب هنا.
أابرككم».
مرة أخرى!»
«ارجع أيّها املعلّم .عد إلينا ّ
«سوف أعود مرات عديدة ،عديدة .الوداع .السالم هلذا البيت ولكم مجيعاً».
ََي ُرج يسوع مع أتباعه ،يرافقهم اخل ّدام الذين يهلّلون له.
عمه حبزن.
ك معروف هنا أكثر من الناصرة ».يقول يعقوب ابن ّ
«إنّ َ
النجار...
«هذا البيت قد هيّأه أحد الناس وَيلك اإلَيان مباسياّ .أما ابلنسبة للناصرة ،فأان ّ
وحسب».
رعاتك»...
َ العم ،لسنا أبطاالً مثل
«ال اي ابن ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 487 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
عمه الذي يشبه أابه كثرياً ،فهو تظن ذلك اي يعقوب؟» يبتسم يسوع وهو ينظر إىل ابن ّ«هل ّ
كستناوي الشعر والعينني ،والوجه َييل إىل اللون األمسر ،بينما يوضاس شاحب الوجه وقد أحاطتّ مثله
البنفسجي ،وتُ َذ ّكِّران بشكل ُم َبهم
ّ جمعد ،مع عينني زرقاوين متيالن إىل
به حلية داكنة السواد والشعر ّ
قواين».
فأنت ويوضاس ّنفسكَ .
َ ك ال تعرفلك إنّ َ
بعيين يسوع« .وإذن! أقول َ
عمه رأسيهما.
يهز ابنا ّ
ّ
لست خمطئاً».
«سوف تراين أبنّين ُ
«هل سنذهب ح ّقاً إىل الناصرة؟»
«نعم ،أان أبغي التح ّدث إىل أمي ،و ...القيام أيضاً أبمر آخر .من ي ِّرد اجمليء ِّ
فليأت». ُ ّ
األم .أتدرك؟»
اجلميع يبغون اجمليءّ .أما األكثر سروراً فهما ابنا عمه« :ذلك من أجل األب و ّ
ّنر بقاان ،ومن مثّ إىل هناك». ِّ
«أُدرك .سوف ّ
«بقاان؟ إذن سنذهب إىل سوزان .سوف تعطينا البيض والفواكه من أجل أبينا ،اي يعقوب».
«مسكني أيب ،إنّه يعاين كثرياً! وهو مثل نبتة اقتُلِّ َعت من جذورها ،إنّه يشعر ابحلياة هترب
بتوسل صامت ...ولكن يبدو أ ّن يسوع ال يراه.
منه ...وال يريد املوت »...وينظر يعقوب إىل يسوع ّ
«هل كان موت يوسف مؤملاً كذلك؟»
كل شيء.
عمه حزينني .وينتهي ّ
ويتنهد ابنا ّ
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
يسوع مع أتباعه وسط روايب اجلليل اجلميلة .ما تزال الشمس عالية يف األفق رغم حلول الغَ َسق.
ولتحاشيها يسري العابِّرون حتت األشجار اليت هي غالباً أشجار زيتون.
«بعد هذه الطريق الصاعدة توجد الناصرة ».يقول يسوع« .أقول لكم ،اآلن ،إنّنا لدى وصولنا
يوزعان الصدقة
سنفَتق .يوضاس ويعقوب َيضيان فوراً إىل أبيهما كما يهوى قلباُها .بطرس ويوحنّا ّ
بكل أتكيد ،ينتظرون عند النبعّ .أما أان واآلخرون فنذهب إىل البيت لتناول
على الفقراء الذينّ ،
الطعام ،وبعدئذ نف ّكر ابالسَتاحة».
«هيّا ،هيّا».
«نعم ،فإنّين ال أنساه ،لقد كان قرييب من بعيد ،ولكنّه كان أكثر من أهل .لقد كان صديقاً يل
األعز على قليب :حنّة ،صديقيت منذ الطفولة ،ويواكيم ،مثّ عظيماً .ولقد أمسيت أبنائي أبمساء َمن كانوا ّ
أي عيد كان! أذكر ّأهنم جعلوين أُقَـبِّّلها ،وقالوا يل" :أترى قوس قزح هذا؟ ت، د مرمي ...آه! عندما ولِّ
ّ َ ُ
حبق مالكاً صغرياً،
إنّه اجلسر الذي َسلَ َكته لتنـزل من السماء .لقد كان درابً مالئكيّاً" .وقد كانت تبدو ّ
تك
لكنت انتظر َ
ك تعود قريباً ُ كنت أعلم أنّ َ
على قدر ما كانت مجيلة ...واآلن ها هو ذا يوسف .لو ُ
من أجل اخلتان».
جلدي وأيب و ّأمي .إنّه طفل مجيل .فليكن مستقيماً لألبد مثل يوسف
ّ ك
أشكرك عل حبّ َ
« َ
الص ّديق ».يؤرجح يسوع الطفل الذي يبتسم له ابتسامات طفوليّة.
معك .إنّين أنتظر امتالء اجلِّّرار ،فال أريد أن تتعب ابنيت مرمي .بل انظُر ،سوف
«إن انتظرتين آيت َ
معك على انفراد».
ألتباعك إذا أرادوا أخذها وأحت ّدث قليالً َ
َ أدفع ابجلِّّرار
«ابلطبع أنخذها! فنحن لسنا ملوكاً أشوريني ».يهتف توما ،ويبدأ حبمل إحدى اجلِّّرار.
لكن املفتاح
«إذن انتبهوا! مرمي اليت ليوسف ليست يف البيتّ .إهنا عند سلفها ،هل تعلم؟ و ّ
عندي .خذوه من أجل الدخول إىل البيت ،أعين إىل املشغل».
امك!»
هيبتك واحَت َ
َ «ال اي يسوع! ال تفقد
سمع بكاء امرأة وصياح رجل مبالغ فيه .يسرع يسري يسوع بسرعة .أراه عند حديقة حلفا .يَ َ
يسوع أكثر يف األمتار األخرية اليت تفصله عن البيت ،عرب احلديقة املخضوضرة .ي ِّ
صل إىل عتبة البيت َ
يف اللحظة اليت تتق ّدم صوب الباب األ ُّم اليت رأت ابنها.
« ّأمي!»
«يسوع!»
حب.
صيحتا ّ
يهم يسوع ابلدخول ،ولكن مرمي تقول له« :ال اي بين ».وتقف عند العتبة فاحتة ذراعيها،
ّ
بين ،ال تفعل».
وتكرر« :ال اي ّ
وحبّ ،
ضاغطة يديها على دعامات الباب :حاجز من حلم ّ
أي شيء ».يسوع هادئ متاماً ،ابلرغم من أ ّن شحوب مرمي يُقلِّقه ِّ
«دعك اي ّأمي ،فلن ُيصل ّ
َير.
ابلتأكيدَ .يسك قبضتها الناعمة ،يزيح اليد عن الدعامة ،و ّ
يف املطبخ تَنتَثِّر احلاجيات على األرض يف حالة "خبيصة" لزجة ،البيض وعناقيد العنب
سمع صوت مشاجرة صادر عن عجوز ي أخرى غرفة ومن قاان. من هال
ّ ك ت بو"قطرميز" العسل اليت جلِّ
َ ُ َ ُ
يتوعَّد ويتَّهم ،وهو يَنتَ ِّحب ،يف واحدة من غضبات شيخوخته اجلائرة ج ّداً ،والعاجزة ،احملزنة رؤيتها،
واملؤمل تل ّقيها ...« .ها بييت قد َخ ِّرب ،وقد أصبَ َح سخرية الناصرة كلّها ،وأان هنا وحدي دوّنا عون،
حقيقي! وملاذا؟ ملاذا؟
ّ جمروح القلب واالحَتام ،ويف َعوز! ...هذا ما بقي من حلفا بعد سلوكه كمؤمن
من أجل جمنون ،جمنون جيعل أبنائي األغبياء جمانني .آه!آه! اي هلذا األمل!»
«ال شيء! ال شيء! ال تلمسيين! ال أريد! األوالد صاحلون؟ آه! نعم ،يف احلقيقة هاذان
الته َما قليب! اذهيب
املر .جيلبان يل البيض والفاكهة بعد أن َ
جاحدان! جيلبان يل العسل بعد أن سقياين ّ
التصرف .أين هي اآلن ،تلك ِّ ِّ
عين ،أقول لك ،اذهيب! مل أعد أريد منك شيئاً ،أريد مرمي ،فهي حتسن ّ ّ
املرأة الضعيفة اليت ال تعرف أن جتعل ابنها يطيعها؟»
ب
ضَر َ
لنفسك اإلهانة! إنّه يبدو كاجملنون! ومعه عصاه .ال اي يسوع ،ال .لقد َ
َ «آه! ال جتلب
حّت أوالده».
ّ
دخل. ِّ
وبكل لطف ،يـُنَ ّحي امرأة عمه جانباً ويَ ُ
«لن يفعل يل شيئاً ».ويسوع ،بثبات ّ
لك ،اي حلفا».
«السالم َ
تتصرف (على الرغمألهنا ال تعرف كيف ّ
يهم العجوز ابلنوم وهو يلقي أبلف الئمة على مرميّ :
ّ
التصرف) .يلتفت فجأة« :هنا؟ أأتيت إىل هنا
من أنّه هو الذي كان يقول قبل قليل ّإهنا وحدها حتسن ّ
حّت هذا؟»
لتهزأ يب؟ ّ
نفسك! دعي ِّ
عنك ك تؤذي
أنت مضطرب إىل هذا احل ّد؟ إنّ َ
َ لك السالم .ملاذا َ«ال ،بل ألمحل َ
ِّ
بنفسك الضََّرر ولن تَ َتعيبّ .أماه ،ارفعي األغطية ».وأيخذ يسوع اي أمي ،فأان من سريفعه .لن تُ ِّ
لحقي ّ
بكل رقة ،هذا "الكومة من العظام" الذي يتأفَّف ،معدوم القوىّ ،
الشرير ،الباكي والبائس، بني ذراعيهّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 495 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كنت أفعل أليب .هذا املسند إىل ِّ
وَُيَ ّدده على السرير ،كما لو أنّه رضيع حديث الوالدة« .هكذا مثلما ُ
األعلى أكثر ،جيعل وضعيّته أعلى فيتن ّفس بشكل أفضلّ .أمي ،ضعي له هذا املسند حتت خاصرتيه،
هذا املسند الصغري .سيكون أكثر رقّة ونعومة .واآلن النور هكذا لكي ال يُ ِّبهر عينيه ،ويف الوقت نفسه
أيت على النار أعشاابً مغليّة .اجلبيها اي ّأمي،
كل شيء .لقد ر ُ جيعل اهلواء يدخل نقيّاً .ها قد انتهى ّ
لك».
وجسمك بدأ يربد .هذا مفيد َ
َ ك تتصبّب عرقاً
ّإهنا طيّبة ج ّداً .إنّ َ
خترج مرمي طائعة.
قلبك
أعاجلكّ .أما إذا كان للحقد مكان يف َ يك ،واستَ ِّ
وعب روحيهما وأان أنت سامح َولَ َد َ
َ « َ
فلن أستطيع فعل شيء».
«أ ِّ
ُسامح؟» ويقفز العجوز قفزة ،من الطبيعي ّأهنا زادت من ح ّدة أمله .وهذا ما َج َعله هائجاً
عين! أريد أن
كنت تريد قول ذلك! اذهب ّ عين إذا َ عين! اذهب ّ
من جديد« .أسامح؟ مطلقاً! اذهب ّ
أموت دوّنا زايدة يف اضطرايب».
يقوم يسوع حبركة إذعان« .الوداع اي حلفا .أان ذاهب ...هل ينبغي يل حقيقة أن أذهب؟
علي حقيقة أن أذهب؟»
عمي ...هل ّ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 497 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«إذا مل تقم مبا يرضيين ،نعم ،اذهب وقل هلذين الثعبانني إ ّن العجوز َيوت وهو حاقد».
«آه! يسوع ،يسوع اغفر له ».تقوهلا مرمي اليت حللفا أبنني.
«من أجل ذلك يوجد منّا الكفاية .إّّنا ال ضرورة لذلك يف اجلليل».
أنت
ألجلك َ
َ «آه! آه! آه! موطنه يرفضه مثل طعام َع ِّسر اهلضم .حسناً .أان مسرور من ذلك،
مت حلادث صغري وقع يف اليهوديّة حيث كان هو جمهوالً .هنا ،على العكس! »...وينهي الذي ِّ
صد َ ُ
ص ِّّفر بشكل ساخر.
يهوذا كالمه وهو يُ َ
كنت ُم ِّزمعاً على ...أمر ما .اي معلّم،
لك .توقّف إذن إذا َ
ألحتم َ
«امسع اي َولَد .ليس يل مزاج ّ
إليك؟»
هل أساؤوا َ
ابين العم».
لك .فلنسرع لنطيّب خاطر َ
«ال اي عزيزي بطرس .أؤّكد َ
دخلون إىل املشغل الكبري .يعقوب ويوضاس إىل جانب طاولة النجارة الكبرية .يعقوب ََيضون .يَ ُ
يتوجه يسوع
كرسي صغري مسنداً مرفقه على املقعد ،ورأسه على يدهّ . واقف ويوضاس جالس على ّ
إليهما مبتسماً ،ليربهن هلما مباشرة عن مشاعره الطيّبة« .حلفا اآلن أكثر سكوانً .اآلالم تَس ُكن،
والسالم يعود كامالً .كوان مطمئنّني أنتما أيضاً».
أيت اجلميع».
«ر ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 499 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أخوي؟»
حّت ّويسأل يوضاسّ « :
«ال ،مل يكوان هناك».
أمامكّ .أما حنن! فلو كنّا ارتكبنا جرماً ملا كاان عامالان هكذا.
َ «لقد كاان هناك ومل يُريدا الظُّهور
وحنن اللذان كنا قادمني من قاان طائرين ِّمن ال َفَرح ِّجلَلبنا له أشياء ترضيه! إنّنا حنبّه و ...ومل يعد
يفهمنا ...مل يعد يثق بنا ».يُن ِّـزل يوضاس ذراعه ويبكي ،رأسه على املقعد .يعقوب أصلَب ،و ّ
لكن
حقيقي.
ّ داخلي
ّ وجهه يوحي ابستشهاد
يصيح بطرس ،بوجهه النـزيه احلزين« :ابلطبع هو أمل ومعاانة ...اي للحزن! ولكن ،اي أوالدي
ط اجلميع استحقاق مساع هذه الكلمات ...أان ...أعترب نفسي حمظوظاً لدعوة مبودة) مل يُع َ
(ويهزُها ّ
ّ
تكف عن القول يل" :وكأنّين ُمطَلَّقة ،طاملا أنّ َ
ك مل تعد يل". يسوع يل .وتلك املرأة الطيّبة ،زوجيت ،ال ّ
ولكنّين أقول" :اي لسعادة هذا الطالق!" فقوال هكذا أنتما أيضاً .إنّكما ختسران أابً ولكنّكما ترحبان
ند ِّهش يف مصريه كيتيم ،جلهله إمكانيّة أن يكون األب مصدر أمل ،ويقول: الراعي ُم َ
هللا ».يوسف َّ
أظن نفسي األتعس ،ألنّين بدون أب .ولكنّين أرى أنّه من األفضل يل أن أبكيه ميتاً من أن كنت ّ
« ُ
يتحرق
يتنهد ويصمتّ . عدواًّ ».أما يوحنّا فيقتصر على تقبيل ومالطفة رفيقيه .أندراوس ّ يكون يل ّ
بكل االحَتام
لكن خجله َينقه .توما وفليبّس ونثنائيل يتح ّدثون هبدوء يف إحدى الزواايّ ، للحديث ،و ّ
دخل مرمي وهترع إىل جانب احملزونني .تداعب شعر يوضاس احلالك السواد ،وخ ّد يعقوبّ .إهنا
تَ ُ
بيضاء مثل زنبقةَ .يسك يوضاس بيدها ويقبّلها ويسأل« :ماذا يفعل؟»
تطل على احلديقة الصغرية ،حيث األشجار إنَّين أرى الناصرةّ .
أتعرف على غرفة الوداع اليت ّ
مكسوة ابألوراق.
ّ
احلجري املالصق للبيت .ويبدو أ ّن
ّ يسوع مع مرمي .جيلس الواحد إىل جانب اآلخر على املقعد
وقت العشاء قد حانّ .أما اآلخرون ،هذا إذا كان ما يزال هناك أحد منهم -أان ال أرى أحداً -فقد
الداخلي يقول يل ّإهنا واحدة من
ّ األم بنقاش عذب مع بعضهما .الصوت انس َحبوا .يستمتع االبن و ّ
َ
وخاصة بعد جت ّمع هيئة
ّ املرات األوىل اليت يعود فيها يسوع إىل الناصرة بعد املعموديّة والصوم يف الربيّة،
ّ
ألمه عن أوىل ّأايم تبشريه واالستماالت األوىل للقلوب .مرمي متعلّقة بشفيت يسوعها. الر ُسل .يروي ُّّ
كأين هبا قد أتلَّ َمت يف اآلونة األخرية .حتت عينيها دائراتن
ّإهنا أكثر شحوابً وأكثر حنوالً ،و ّ
زرقاوان عميقتان ،كمن بكى كثرياً وف ّكر كثرياًّ .أما اآلن فهي سعيدة وتبتسم .تبتسم وهي تداعب يد
يسوعهاّ .إهنا سعيدة لكونه هنا ،ملكوثها معه قلباً لقلب ،يف صمت الليل الذي يهبط.
إبمكانك احلصول على الكثري منهم .يوحنّا ...أحبِّب يوحنّا كماَ ونك ،وأ ّن
أظن ّأهنم ُيبّ َ
« ّ
معك .بطرس أيضاً ...رجل صاحل .إنّه أكثر صالبة حتب .إنّه مالك .وأان مطمئنّة لوجوده َ تعرف أن ّ
انك قدر استطاعتهم يف الوقت احلاضر.ومقتَنِّع .وكذلك أخوهّ .إهنما ُيبّ َ ألنّه أكرب سنّاً ،ولكنّه صريح ُ
لكّ .أما
ك ،اآلن وقد اقتنعا ،سيكوانن وفيّني َ عم َ
وحّت ابنا ّ نك أكثرّ . وفيما بعد سوف ُيبّا َ
أقل صفاء .إنّه َييفين».
ليست صافية ،وقلبه كذلك ّ بين .فَـ َعينه َ
يوطي ...فهو ال يروق يل اي ّ
االسخر ّ
« ِّ
معك ،هو يراعي متاماً واجبات االحَتام».
لست املعلّم
ك َ معك هو مر ٍاع متاماً لواجبات االحَتام .ولكنّ َ
حّت َ«احَتام أكثر من الالزمّ ،
ابلنسبة له ،بل إّّنا ملك املستقبل الذي أيمل أن ُيصل منه على مميّزات وشهرة .مل يكن ذا أُهيّة ،إنّه
جانبك و ...آه! اي يسوع! َ أهم قليالً من اآلخرين يف إسخريوط ،وهو أيمل احلصول على مركز هام إىل ّ
ت آماله، حّت ولو مل أرد التفكري يف ذلك ،أنّه ،يف حال خيَّـْب َأود اإلساءة إىل احملبّة ،ولكنّين أف ّكرّ ،
ال ّ
وهنِّم و َذميم .لقد ُجعِّل ليكون من حاشية مكانك أو حماولة فِّعل ذلك .إنّه طَموح َ
َ يَتدد يف أخذ
لن ّ
األم إىل يسوعها بعينيها اخلائفتني بين ،إنّه َييفين!» وتنظر ّلك ،اي ّ
أرضي أكثر منه ليكون رسوالً َ ملك ّ
يف الوجه الشاحب.
(مّت) .فقد افتُدي ألنّه أراد االفتداء .لقد ختلّى عن خطيئته يف الوقت
لست أخشى من ليفي ّ
« ُ
يوطي فال .على
ذاته الذي تَـَرَك فيه مكتب اجلباية وأصبح نفساً جديدة ليأيت معكّ .أما يهوذا االسخر ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 505 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
بين،
ك تعرف هذه األمور اي ّ العكس ،إ ّن الكربايء تستأثر أكثر فأكثر بنفسه العتيقة اخلبيثة .ولكنّ َ
حّت ابلنسبة إىل
أنت املعلّم ّ
أجلكَ . َ فلماذا تسألين عنها؟ أان ال أستطيع سوى الصالة والبكاء من
ك املسكينة».
ّأم َ
وهنا تتوقّف الرؤاي.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
يقول يسوع:
يوطي .ينبغي ّأال يعتقد أحد أن حكمة هللا مين كانت قد قَـَرأَت ما يف قلب يهوذا االسخر ّ نظرة ّ
ألمي ،كان ال ب ّد منه لنا .الويل له كونه اخلائن! قلت ّمل تكن قادرة على فهم هذا القلب .ولكن ،كما ُ
أكرر القول" ،ال ب ّد لنا منه" .لقد كان ُخم ِّادعاً وماكراًَ ،هنِّماً وسارقاً وفاسقاً،
ولكنّه كان اخلائن الذي ،و ّ
ولكنّه ،من جهة أخرى ،كان ذكيّاً وأكثر ثقافة من اآلخرين ،كان يعرف أن يفرض نفسه على اجلميع.
أي
حّت حينما كان ذلك صعباً .وما كان يروق له أكثر من ّ َيهد يل الطريقّ ،وكونه شجاعاً ،كان ّ
شيء آخر هو خروجه عن املألوف ،ليجعل لنفسه قيمة ،كموضع ثقة إىل جانيب .مل يكن َخدوماً بفعل
َّع)" "Faiseur" .وهذا ما كان جيعله أهالً (مد ٍ
"فشار ُ
تسموهنم ّ حمبّة طوعيّة ،ولكنّه واحد ممّن ّ
التقرب من النساء ،أمران كان ُيبّهما بشكل جارف ،إىل جانب اثلث، لالحتفاظ بكيس النقود و ّ
مهمته اليت متيَّز هبا.
ّ
املتجردة عن الثروات األرضيّة ،مل تستطع عدم االمشئزاز من ذلك الثعبان.
الطاهرة واملتواضعةّ ،
علي
أي عبء كان ّ وقد كان يسبّب الرعب يل ،أان أيضاً .وأان وحدي ،مع اآلب والروح كنّا نعلم ّ
لك ذلك فيما بعد.حتمل جماورته .ولكنّين سأشرح ِّ
حتمله ألمت ّكن من ُّ
ُّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 507 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
الفريسيّني والكتبة والص ّدوقيّني .لقد كانوا ثعالب ماكرة
وابملقابل ،مل أكن أجهل عدوانيّة ال َك َهنَة و ّ
لتمزقين إرابً إرابً .لقد كانوا متعطّشني لدمي ،وكانوا ُياولون نصب تعمل على دفعي إىل جحرها ّ
الهتامي ،إلزاليت من الوجود .وخالل ثالث الفخاخ يف ك ّل مكان لإليقاع يب ،للحصول على أسلحة ّ
حّت َعلِّموا أنّين ُم ُّ
ت .يف تلك الليلة انموا الشراك يل ،ومل يهدأ هلم ابل ّ يكفوا عن نصب ِّّسنوات ،مل ُّ
سعداء .وقد كانوا يظنّون أ ّن صوت ّاهتامهم قد َمخَ َد لألبد .ال ،مل يكن قد َمخَ َد بعد .ولن يكون كذلك
حتملَْته ّأمي من
أبداً .إنّه يَرعد ويَلعن الذين يشبهوهنم يف الوقت احلاضر .اي له من أمل ،ذلك الذي ّ
لست أنسى هذا األمل. جراء خطيئتهم .وأان أيضاً ُ
ّ
املروض
ي يلعق يد ّ الرب ّ
إن تكن اجملموعة متقلّبة ،فهذا ليس ابألمر اجلديد .ذلك أ ّن احليوان ّ
املروض وال ِّ
طاملا هي متسلّحة ابلسوط ،أو هي تقدم له قطعة حلم تُسكت جوعه .إّّنا يكفي أن يقع ّ
ينقض عليه ويقطّعه إرابً .يكفي حّت ّيعود قادراً على استعمال السوط أو ال يعود لديه طعام له يُشبعهّ ،
الصالح لتأليب مشاعر بُغض اجلُّموع ض ّد الذات ،بعد ّأول حلظة محاس. قول احلقيقة والعيش يف َّ
الصالح َينع السوط ويقود غري الصاحلني إىل عدم اخلوف بعد .من هنا كان فاحلقيقة هي لوم وتنبيه ،و َّ
يحتَنيّ ،أماالص َ
ب هتاف" :أوشعنا" .إ ّن حيايت كمعلّم كانت ُمشبَـ َعة هباتَني َّ صياح" :اصلبه" الذي َع َق َ
املغين كي ُيصل على النَّـ َفسالصيحة األخرية فقد كانت" :اصلبه" .األوشعنا هو التـَّنَفس الذي َيارسه ّ َّ
احلاد .يف عشيّة اجلمعة العظيمة املق ّدسةَِّ ،مس َعت مرمي يف ذاهتا من
الالزم للصعود إىل طبقات الصوت ّ
جديد هتافات أوشعنا املزيفة ،وقد أصبَ َحت صيحات موت لوليدها ،وسيفاً َيَتق قلبها .وهذا أيضاً
أان ال أنساه.
ال ،اي أبنائي ،ال .عليكم أن َجتَرعوا الكأس اليت شربتُها أان ،كلّها :مع احملبّة املمنوحة مقابل
البغض ،مع العفاف الذي هو نقيض صوت األحاسيس ،مع البطولة يف التجارب ،مع التضحية
حب هللا واإلخوة ،مثّ ،عند االنتهاء من أداء الواجب ،القول أيضاً" :إنّنا ُخ ّدام عدَيو
ابلذات من أجل ّ
النَّفع" ،وانتظار أن َينحكم أيب ،الذي هو أبوكم أيضاً ،بصالحه ،مكاانً يف مملكته .جيب التجّرد ،كما
ابلضروري ،الذي ال ب ّد منه ،الذي بشري ،مع االحتفاظ فقط ِّ
ّ كل ما هو ّ أجترد يف احملكمة ،عن ّ رأيتين ّ
هو احَتام لعطيّة هللا ،احلياة ،ولإلخوة الذين نستطيع أن ننفعهم هناك يف السماء أكثر ممّا نفعل على
األرض ،وأن يُ ََتك هلل أمر العناية إبلباسكم ثوب عدم البَـلَى الذي َج َعلَه دم احلَ َمل أبيض انصعاً.
ُظهر ِّ
لك املعاانة األخرى فيما بعد. ِّ
ك تَـرين املعاانة اليت هيَّأَت لدرب اآلالم .وسوف أ ِّ
لقد جعلتُ َ
ِّ
لنفسك .هذا يكفي اآلن .كوين يف سالم. أتملها راحة
فهي ،ابلرغم من كوهنا آالماً ،هي يف ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 08
أجلك».
احلار! كن حذراً يف ما تفعل .أقول ذلك من َ
اجلو ّ«ويف هذا ّ
أقل حرارة .فما تزال الشمس ،ولبعض الوقت أيضاً ،يف برج األسد .والعواصف خت ّفف «الليل ّ
طوعي
ّ يف كان أم َحويل،
فكل شيءَّ ،
أكرر قويل :ليس أحد مرغماً على اجمليءّ . من ح ّدة احلرارة .مثّّ ،
هو .إذا كان لديكم أعمال ،أو إذا ما شعرمت ابلتعب ،فابقوا .وسوف نلتقي فيما بعد».
«هو ذاك ،كما تقول .ينبغي يل التفكري مبصاحل العائلة .زمن احلصاد قد حان ،وكانت ّأمي قد
أنت تَعلَم ،فأان أساساً زعيم العائلة .أقصد :أان َر ُجل العائلة».
َر َجتين أن أقابل بعض األصدقاءَ ...
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 510 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
األول بعد األب». ي ِّ
األم هي دائماً يف املقام ّ
ظ أنّه يتذ ّكر أ ّن ّ
دمدم بطرس« :حلسن احل ُّ
السماع ،فهو ال يُبدي ما يشري إىل أنّه َِّمس َع بطرس
يهوذا ،إن مل يكن قد َِّمس َع أَم هو ال يريد َّ
ف بطرس بنظرة منه ،بينما يعقوب بن زبدى اجلالس إىل جانب بطرس، ِّ
يُدمدمّ .أما يسوع ،فقد أوقَ َ
يش ّد له ثوبه لكي ي ِّ
سكته. ُ
الدتك».
تتأخر أبداً يف طاعة و َ
«هيّا اي يهوذا .ابلعكس ،جيب أن متضي إىل هناك .ينبغي ّأال ّ
مسحت يل ،فسأذهب يف احلال .وسوف أكون يف الوقت احمل ّدد يف انحيم Naïmألجد َ «إن
مأوى .وداعاً اي معلّم ،وداعاً أيّها األصدقاء».
وحّت ...بطرس ،يساعده يف حزم حقيبته وتعليقها على كتفه ،خشية أن مل يتأ ّمل أحد لذهابهّ ،
املؤدي إىل احلديقة لتهوية الغرفة ابلتأكيد،يَتاجع عن قراره .يرافقه إىل ابب املشغل املفتوح مثل اآلخر ّ
إذ إ ّن اهلواء خانق بعد يوم ُملتَ ِّهب .يبقى عند املخرج لرياه َيضي ،وعندما يرى أنّه ابتَـ َع َد حتماً ،يقوم
كل شيء. يتفوه بكلمة ...بل قد قال ّ بعبسة فرحة وحركة وداع ساخرة ،ويعود وهو يفرك يديه .ال ّ
يكرر يسوع قول انتبه ،إذ يالحظ أ ّن ابن عمه يعقوب
أحدهم ،وقد رأى ذلك ،يضحك .ال ّ
بك؟»
الذي امتَـ َق َع لونه وبدا مظهره حزيناً ،قد تَـَرَك زيتونه جانباً .فيسأله« :ما َ
التأخر يف طاعة الوالدة" ...وحنن إذن؟»
قلت" :ينبغي عدم ّ
« َ
عام ،هكذا جيب أن نفعل عندما ال نكون سوى بَ َشر وأبناء«ال يكن لديكم َحَرج .بشكل ّ
مسواً ،وينبغي اتّباعها حسب ما
أبوة أخرى ،فال .فهذه أكثر ّ
َج َسد .ولكن عندما نتّخذ طبيعة أخرى و ّ
أهل ،وسوف يفعل متأخراً .جيب أن يت ّ
مّت ...ولكنّه ما يزال ّ
قبلك وقبل ّ
ص َل يهوذا َ تتطلَّب .لقد َو َ
دوى وصوله ،ذلك أنّهُجتيب صرخة من يوسف الذي كان جالساً يف مؤخرة الطاولة عندما ّ
الراعي إىل الرجل الذي ما
التعرف على صديقه ،ويُسرع َّ
ص َل بشكل مفاجئ ،ومل يتم ّكن يوسف من ّ
َو َ
حبق!»...
أنت ّ
أنتَ ،
يزال على األرضَ « :
نساء وأطفال وبعض الرجال ،ومعهم حلفا بن سارة الطيّب ،ويف يده قطعة من خبز وجنب،
واجلميع يتدافعون للدخول إىل داخل الغرفة.
رت ِّ
كنت أَعلَم أنّين أستطيع تقدَيه لك .لذلك انتَظَ ُ
«نعم اي ّأمي ،أمضي مع يواناثن .لقد أتىُ .
يوماً إضافيّاً».
يقوم يواناثن ّأوالً إبلقاء حتيّة عميقة ،الذراعان متصالبان على الصدر ،واآلن هو جيثو ،وابلكاد
ريب!»
يرفع طرف ثوب مرمي ويقبّله قائالً« :السالم على ّأم ّ
ويقول حلفا بن سارة للفضوليّني« :وإذن ،ماذا تقولون؟ أليس خمجالً أن نكون وحدان بدون
إَيان؟»
كل ما هو موجود يف الناصرة ،وهيسمع من الشارع صوت حوافر كثريةّ .إهنا احلمري .أظنّها ّ يُ َ
حّت إنّه يوجد منها ما يكفي لكتيبةَ .يتار يواناثن أفضلها ويشَتيها ،ويدفع بال مساومة،
كثرية العددّ ،
أيخذ معه َر ُجلني من الناصرة مع محارين آخرين خمافة أن يُفلِّت نَعل أحدها على الطريق ،ولكي يتمكنا
الزوادات.
و احلقائب حزم يف دان من إيصال كل هؤالء اخليالة .ويف هذه األثناء ،مرمي ومرمي تُ ِّ
ساع
ّ ّ
أتلمسهما ...فيتهيّأ يل
تقول مرمي اليت حللفا لولديها« :سأدع سريريكما يف مكانيهما ،وسوف ّ
لدي ...وأان ...أان سوف أكون سعيدة »...وتبكي
أنّين أالطفكما .كوان صاحلني لتستح ّقا يسوع اي و ّ
حارة.
يف هذه األثناء بدموع ّ
توجه إليه ألف توصية وُحتَ ِّّمله حتيّاهتا
حبب ،وهي ّ مرمي ،من جهتها ،تساعد يسوعها .تالطفه ّ
احلارة املفعمة حبّاً ُلرعاة لبنان ،ذلك أ ّن يسوع قد أَعلَن أنّه لن يعود قبل أن جيدهم.
ّ
ذهبون .يَهبط الليل ويَظهر القمر يف هذه اآلونة يف منطقته األوىل .يسوع مع جواناثن يفيَ َ
حّت إذا ِّ
كل البقية خلفهم .طاملا هم يف املدينةَ ،يضون خبطوات بطيئة نظراً لتجمهر الناسّ ،
املق ّدمةّ ،
ما خرجوا منها مضوا مسرعني .وير ّن رجع (صدى) صوت احلوافر واجلَّ ِّ
الجل (األجراس). ََ
«نعم؟ آه! ...نعمَ ،يكنها أن تكون كذلكّ .إهنا زوجة ،وقد كانت يوماً ّأماً ،حنّة هذه .إّّنا
لديها نفس طاهرة مثل عذراء .إبمكاهنا املكوث قرب مرمي املباركة».
«آه! ال ضري لو ضحك األوالد .هيّا ،هيّا بنا نُفرح هذه املرأة الطيّبة».
ك اي
يلتفت يسوع من جديد على صوت َجلَبَة ضحك .يهتف بطرس« :ال ،هذا لن أقوله ل َ
يعض أصابعه عندما يعلم أ ّن فرصة
كنت أقول" :وزيران العظيم سوف ّ
معلّم .ولكن يف النهاية ملَ ال؟ ُ
ظهوره كالطاووس أمام سيدة قد فاتته" .وهم لذلك يضحكون .ذلك أنّين متأ ّكد أنّه ،لو استطاع
تصور ذلك ،لكان نسي االهتمام بكروم أهله».
ّ
يسوع ال جييب.
تلك احلمري اليت أُشبِّعت تقطع الطريق بسرعة .لقد جتاوزوا قاان على ضوء القمر.
مسحت يل ،فسأتق ّدمكم .سأَوقِّف العربة ،فاالرجتاجات جتعلها تتأ ّمل كثرياً».
َ «لو
مسافة أخرى ال أبس هبا يف ضوء القمر ،وترتسم املعامل القامتة لعربة كبرية مغطّاة ،متوقّفة على
ويَتجل.
قارعة الطريق .يهمز يسوع محاره الذي يسري خبباً .وها هو ذا أمام العربةّ .
«ماسيا!» يعلن يواناثن.
وهتَرع املرضعة العجوز ،هتبط من العربة إىل الشارع ،ومنه إىل الَتاب« .آه! أنقذها! ّإهنا حتتضر».
َ
«ها أان ذا ».ويرتقي يسوع إىل العربة ،حيث ُمدَّت كومة من املساند ،وعليها جسد هزيل .يف
إحدى الزوااي يوجد مصباح وأكواب ِّ
وجرار ،إىل جانبها خادمة شابّة تبكي وهي متسح عرق احملتضرة
البارد .يهرع يواناثن حامالً أحد مصابيح العربة.
ينحين يسوع على املرأة املستسلمة ،وهي حقيقة حتتضر .ال فرق يُذكر بني بياض ثوهبا الكتاين
وشحوب يديها ووجهها اهلزيلني املائلني قليالً إىل الزرقة .فقط احلاجبان الكثيفان واألهداب الطويلة
حّت االمحرار املشؤوم الذي للمسلولني،
القامتة تضفي لوانً على هذا الوجه الذي بلون الثلج .مل يعد هلاّ ،
البنفسجيّ ،إهنما الشفتان شبه
ّ وردي َييل إىل اللون
ظل ّ على وجنتيها اللتني هرب اللون منهما .يُرى ّ
املفتوحتني ،بسبب صعوبة التنفس.
أضحت
لكن النَّفس اليت َ
جيثو يسوع إىل جانبها ويراقبها .متسكها املرضعة من يدها وتناديها .و ّ
على عتبة األبديّة مل تعد تعي لشيء.
يسوع ،مع كونه ما يزال جاثياً ويده اليسرى على جبهتها ،يقف ،وأيخذ وضعية اجَتاح املعجزة:
«إذاً ،أان أريد ذلك .فلتشفي .اهنَضي ».ويرفع يده ويقف.
ك».
ريب .فقط أن حتبّين وأن تسمح يل أن أحبّ َ
«ال شيء ،اي ّ
« َأوال ترغبني بطفل؟»
وينتهي كل شيء.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
«ومع ذلك حنن ،أقصد هو ،قريب يوحنّا ،ينبغي أن يكون عزيزاً عليه .أصالً ،يوحنّا ،أثناء
كالمه ابسم هللا ،قد تكلّم أيضاً ابمسه ويف صاحله».
كنت
حّت من أين أنتم قادمون ،وال من تكونونّ .أما إن شوهدمت معي ،لو ُ «مل يكن ليسألكم ّ
لس ِّجنتم على الفور.
معروفاً ،أو لو كان أحد أعداء بيت أنتيباس قد وشى يب كخادم لواليه الروماينُّ ،
لو تعلمون أيّة محأة رذيلة تكمن خلف ثياب األرجوان! انتقامات وإجحافات ،وشاايت وفجور
أظن أ ّن مل يعد لديهم نفس .ترون هذا.وسرقات ،هذا هو غذاء نفوسهم .نفوس؟ نقول هذا ،ولكنّين ّ
ِّ
لقد كانت النهاية جيّدة ،ولكن ملاذا أُطلق سراح يوحنّا؟ نتيجة مشاجرة بني موظّفني من البالط ،مثّ
أنع َم عليه أنتيباس بتعيينه حارساً على يوحنّا مقابل مبلغ ِّ
انتقام .فَل َكي يتخلّص أحدُها من اآلخر ،وقد َ
من املال ،فَـتَ َح ابب السجن ليالً ...أظنّه َج َع َل ُمنافِّسه يدوخ بنبيذ ممزوج ،ويف صبيحة اليوم التايل،
لك أن ذلك ليبعث على االمشئزاز. قُ ِّطع رأس ذاك املسكني بدل يوحنّا اهلارب .أؤّكد َ
ئيسك فيه؟ يبدو يل أنّه صاحل».
«وهل بقي ر َ
«نعم ،ولكنّه ال َيكنه فعل شيء مغاير .فأبوه وج ّده كاان من رجاالت بالط هريودس الكبري،
واالبن مرغم على البقاء .هو غري موافق ،ولكنّه ال يستطيع شيئاً غري االقتصار على االحتفاظ بزوجته
بعيداً عن ذلك البالط املوبوء».
«بلى ،إّّنا بسبب طيبته مل يكن أهالً لذلك .فهذا كان يعين املوت احملتّم .ومن ذا الذي يرتضي
السمو؟ ق ّديس مثل املعمدانّ .أما حنن،
ّ املوت مدفوعاً أبمانة روحيّة ،ترقى إىل أعلى درجات
فمساكني!»
إيل هكذا؟»
«ملاذا تنظر َّ
ازرونك».
ويرونك عندما يؤ َ
َ ك سوف تراهم عندما تؤازرهم
«ألنّ َ
ريب؟»
«مباذا ّ
سيتم إحياء الشهادة يب ،وعليها ستُشاد». «لتُصبِّح الصخرة َّ
املكرسة للتضحية ،اليت عليها ّ
أفهمك».
َ لست
« ُ
«سوف تفهم».
حمرجاً
صعدوا جبالً َّ السهل ليَ َ
...بعد انقطاع طويل إىل ح ّد ما ،عادت الرؤاي حيث جتاوزوا َّ
احلر ،بينما اآلن
على طريق صاعد ابستمرار .يفَتض ّأال يكون اليوم ذاته ،إذ كان الصباح قبالً شديد ّ
فجر وليد مجيل ُمنري ،وعلى سوق العشب كلّها تضيء ماسات سائلة .غاابت جتاوزوها ،وغاابت
احلجاج الذين ال يتعبون.
أخرى من الصنوبر تُرى من األعلى .ومثل قباب خضرة تستقبل بني جذوعها ّ
كل ،أو
لست أدري إذا ما كان لبنان هذا ال ّ
يف احلقيقة ،إ ّن لبنان هذا سلسلة فائقة الروعةُ .
صب مع تشابك الذرى واملنحدرات ،والوداين حمرجة تنتَ ِّ
هذا اجلبل فقط .ما أعرفه هو أنّين أرى ُكتَالً َّ َ
فضيّة متيل قليالً
واهلضاب ،وعلى مداها تَتاكض سيول لتسقط بعدئذ يف الوداين ،وهي تبدو شرائط ّ
الالزوردي( .أي بلون زرقة األفق)
ّ إىل األخضر
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 523 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كل نوع ،متأل بصداحها وطرياهنا غاابت الصنوبر .ويف هذه الساعة الصباحيّة عصافري ،من ّ
نشق عطر الراتنج .اباللتفات إىل الوادي ،أو ابحلري صوب الغرب ،يـَُرى البحر الذي يضحك يف يُستَ َ
كل الشاطئ الذي َيتد مشاالً وجنوابً ،مبدنه ومرافئه ،وجماري املياه البعيد ،واسعاً ،ساكناً ،ومهيباً ،و ّ
ط فاصلة تلمع على األرض اجملدبة مبياهها القليلة اليت تصب يف البحر ،وهي ابلكاد خت ّ القليلة اليت ّ
جت ّففها مشس الصيف ،وسحابة صفراء يف أفق البحر.
«نعم ِّمن هنا .هذه هي الغاابت اليت تعطي األخشاب األمجل .معلّم دانيال وبنيامني َيلك منها
وحت َمل إىل الوادي عن طريق هذه األقنية أو
نشر يف مكاهنا ُ
عدداً كبرياً ،عدا القطعان الكثرية .وهي تُ َ
خدم اجلذوع كاملة كما كانت احلال يف َخ َشب ابليد .إنّه عمل صعب عندما يكون املفروض أن تُستَ َ
رب العمل ُجي ِّزل العطاء ولديه أانس كثريون يعملون يف خدمته .مثّ إنّه طيّب مبا فيه
لكن ّ
اهليكل .و ّ
املتوحش .مسكني يوان!» جييب يواناثن.
الكفاية .فهو ليس مثل دوراس ّ
دعك
كنت أقول ليوان" :ولكن َحّت ليكاد خ ّدامه يكونون عبيداً؟ ُ
«ولكن كيف ُيدث هذا ّ
يكفيك من الزاد" .ولكنّه كان جييب" :ال
َ منه وتعال معنا .سيكون لدى مسعان بن يوان دائماً ما
أستطيع إذا مل أفتَ ِّد نفسي" .تُرى ما هذه القصة؟»
يتصرف دوراس ،وهو ليس الوحيد يف إسرائيل :عندما يَكتَ ِّشف خادماً صاحلاً،
«هاكم كيف ّ
يدون له يف حسابه مبالغ غري دقيقة وغري صحيحة ،ال ِّ ِّ
َُيمله بدهاء ُحم َكم على أن يُصبح عبداًّ .
األقل ،هو إنساينّ .إنّه متطلِّّب ولكنّه غري ُم ِّرهق .ومبا أ ّن ُّ
الرعاة نزيهون ،فهو يعاملهم «على ّ
معاملة الصديقّ .إهنم يرعون القطيع .أان ،يعرفين وُيَتمين ألنّين خادم قوزى ...وإبمكاين خدمة
مصاحله ...ولكن ،اي رب ،ملاذا اإلنسان أانينّ إىل هذا احل ّد؟»
«السالم لكما».
«آه! آه! إنّه طفلنا ،طفل بيت حلم!» يقول الواحد لآلخر« :سالم هللا اآليت إلينا ،لتكن
لق حتيّة على مذبح أبعمق ممّا أل َقيَا التحيّة على املعلّم.
مباركاً ».ويتم ّدد الرجالن على العشب .مل تُ َ
حتل على َمن ُُها أهل هلا».
ألهنا ّ
أرد لكما الربكة وأان سعيد بذلكّ ،
«اهنضا .إنّين ّ
«آه! حنن أهل هلا!»
«ومن ذا الذي ال يكون كذلك؟ من يستطيع جعل تلك الساعة تُنسى؟ من َيكنه القول" :إ ّن
نناديك،
َ مت لنا على مدى شهور عندما كنّاك ابتَ َس َ
ما رأيناه ليس حقيقيّاً؟" من يستطيع نسيان أنّ َ
بيديك على صوت مزامريان؟ ...هل تذكر دانيال؟
َ كنت تصفقك َ لدى عودتنا مساء مع القطعان ،وأنّ َ
أنت يف
تلوح لنا يف شعاع مشس ،و َ كنت آنئذ ّ
كان ،تقريباً دائماً ،مرتدايً األبيض بني ذراعي ّأمه ،و َ
األمومي».
ّ كنت تبدو كزهرة موضوعة على ثلج الثوب حقل حنّة أو أمام النافذة ،و َ
الندي.
األم! ذلك النرجس ّ رب ،عن يوسف الصاحل للغاية! وعن مرمي ...آه! ّ أهلك اي ّ
«وعن َ
رأسها مجيل وطاهر حتسبه جنمة من ماس .إّّنا هي ...آه! هذا النرجس ليس سوى ال شيء إذا ما
جمرد ابتسامة واحدة منها ،كانت تطهرياً .كان اللقاء هبا عيداً ،مساع كلماهتا كان تقديساً. ِّ
قورن هبا! ّ
أنت أيضاً اي بنيامني؟»
هل تتذ ّكر كلماهتا َ
رب ،فَ ُك ّل ما قالَته لنا خالل األشهر اليت استطعنا فيها ِّ
لك اي ّ
«نعم ،إبمكاين أن أ َُرّددها َ
قرع صدره)ّ .إهنا صفحة حكمتنا ،وكنّا نفهمها حنن أيضاً ،فهي كلمةاالستماع إليها مكتوب هنا (ويَ َ
جيلس يسوع يف منـزل فقري ،قريب من امليناء ،بيت صيّادي مسك ابلتأكيد ،قد يكون بيت
كأهنم وأصحابه عائلة واحدة.
أصدقاء لبطرس أو ليوحنّا ،ذلك أنّين أرى ّأهنم أيخذون راحتهم فيه ،و ّ
ي
ود ّ
يوطي الذي ما يزال غائباً .يتح ّدث يسوع بشكل ّحّت االسخر ّ الراعي يوسف ،وال ّ لست أرى َّ
ُ
مع أصحاب البيت وآخرين أتوا لالستماع إليه .ولكنّها ليست ِّعظة حقيقيّة .إنّه كالم ُيمل نصائح
وتشجيعاً ،وحده َيكنه إعطاؤها.
مهمة ،ذلك أنّه ُيمل يف يديه أرغفة خبز. دخل أندراوس الذي يبدو أنّه كان قد َخَر َج يف ّ يَ ُ
ابحلري
ّ فت االنتباه إليه يسبّب له عذاابً حقيقيّاً .إنّه يُهمهم
فَتض أ ّن لَ َ
قَتب ،ألنّه يُ ََ
يعَتيه امحرار وهو يَ َ
حدك
أنت و ََيكنك أن أتيت معي؟ هناك بعض اخلري تفعله .و َ َ أكثر من كونه يتكلّم« :اي معلّم ،هل
القادر على فعله».
مت.
يرد أندراوس على أخيه ،بل يقول ليسوع« :إنّه رجل يريد أن يطلّق امرأته ،و ...أان تكلّ ُ
ال ّ
شريراً .إنّه...
أنت سوف تنجح ،فالرجل ليس ّ أنت ...آه! َمت َ أتصرف .إّّنا لو تكلّ َ
ال أعرف كيف ّ
لك».
إنّه ...يف النهاية هو سيشرح َ
مَتدداً قليالً ،مث يقول« :ولكنّين
ََي ُرج يسوع مع أندراوس دون أن يقول شيئاً .يبقى بطرس ّ
وَي ُرج على الرغم من أ ّن اآلخرين
األقل ،إىل أين يذهبانَ ».
سأذهب إىل هناك ،أريد أن أرى ،على ّ
يقولون له ّأال يفعل.
يَ َنع ِّطف أندراوس عرب درب ضيّقة ،ويتبعه بطرس .وينعطف من جديد صوب ساحة صغرية
تؤدي إىل فناء واسع حتيط به بيوت َير عرب ّبوابة عرابت ّمزدمحة ابلثراثرين .وما زال بطرس يتبعهّ .
ممر .وما يزال بطرس يتبعه. وضيعة وفقرية .أقول ّبوابة عرابت أل ّن قوساً يعلوها ،ولكنّها ليست سوى ّ
دخل يسوع مع أندراوس إىل واحد من هذه البيوت الصغرية ،ويقف بطرس خارجاً .تَراه امرأة وتسأله: يَ ُ
أنت قريب لـAava؟ وهذان الشخصان أيضاً؟ هل أتيتُم الستعادهتا؟» «هل َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 530 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«اصميت أيّتها الدَّجاجة الثراثرة! جيب ّأال يـََرايين».
إسكات امرأة! عمليّة صعبة .يرميها بطرس بنظرة تقدح شرراً ،وهي ُم ِّزمعة على أن تُكلّم ثراثرات
وحّت الرجال الذين ،لكيأخرايت .ويف خالل حلظة أحاطَت ببطرس دائرة من النساء واألطفال ّ
يفرضوا الصمت بدورهمُ ،يدثون ضوضاء تعلن وجودهم .ويستشيط بطرس غيظاً ...ولكنّه ال ينجح.
تبكي املرأة أبكثر ح ّدة وهي يف مواجهة أملها املاضي بفرحها احلاضر.
األول.
مل يعد الناس يتمالكون أنفسهم ،وُييطون به ،وبطرس يف الصف ّ
ابرين».
«اهنضا .آمنا وكوان ق ّديسني ّ
«آه! امكث أيّها املعلّم ».يَطلُب املتصاحلان.
دخلون البيت ،يصرفون الشعب الذي يـُ َعلِّّق على الكالم الذي َِّمس َعه ،وجيلسون إىل املائدة.
يَ ُ
ما يزال بطرس فضوليّاً« :اي معلّم ،هل حقيقة ّأهنم سريزقون بطفل؟»
لك أنّين أستطيع السماح لنفسي ابلقيام «هل رأيتَين يوماً أ ِّ
َعد أبمور لن تتح ّقق؟ هل يبدو َ
مبناجاة اآلب ألكذب وأخيّب اآلمال؟»
كنت بعيداً.
ك َ ك ولكنّ َ
ويبكي االبنان على صدر يسوع .وينهي ..."« :يف ساعته األخرية طَلَبَ َ
حّت إىل أوالد
مع ذلك ،فهذا عزاء ملرمي اليت رأت يف ذلك التأ ّكد من مساحمة هللا ومنحه السالم ّ
األخ" .هل تسمعون؟ ّإهنا هي اليت تقول ،وهي تعرف ماذا تقول».
يتنهد يوضاس.
«أنّه لَ َعنَناّ ».
«ال ،ليس هذا ».يقول يسوع.
«اقرأ إذن».
يشري يسوع بنعم ،ويَفتَح رسالة لعازر .ينادي مسعان الغيور ويقرآن معاً يف إحدى الزوااي .مثّ
يَفتَحان اللفافة األخرى ويقرآهنا كذلك .يتناقشان فيما بينهما .أرى الغيور ُياول إقناع يسوع أبمر ما،
ولكنّه ال يُفلح.
أييت يسوع إىل وسط الغرفة واللفافات بني يديه ويقول« :امسَعوا أيّها األصدقاء .إنّنا أبمجعنا
للشر ،فَ ِّمن الرمحة أن يبقى خفيّاًّ ،أما اخلري فمن العدل
نش ّكل عائلة واحدة وال أسرار بيننا .ابلنسبة ّ
الرب يسوع ،سالماً وبركة .سالماً وحتيّة لصديقي ب لعازر من بيت عنيا" :إىل ّ إعالنه .امسَعوا ما َكتَ َ
كل وسائلي، خدمتك قليب وكلميت و ّ
َ وضعت يف
ُ رسالتك ،وبصفيت خادماً ،فقد َ يت
مسعان .لقد تل ّق ُ
ذهبت إىل دوراس ،يف قصره يف لك خادماً ال يكون عدمي النفع .لقد ُ ألرضيك وأانل شرف أن أكون َ َ
يف ،مل أكن
صديقك الو ّ
َ أين ،لوال رجاء مسعان، َعَتف ّ اليهوديّة ،ألرجوه بيعي خادمه يوان ،كما تَر َغب .أ َ
أحسين
أنت ،اي معلّمي وصديقيّ ، أجلك َ
َ ألجابه ابن آوى هذا ،الساخر واخلطري واملؤذي .إّّنا من
فأنت
أجلك .وابلنتيجةَ ، ك قريباً ج ّداً من الذين يعملون من َ قادراً على جماهبة الشيطان شخصيّاً .أظنّ َ
انتصرت .النقاش كان قاسياً ،والرفض ،يفُ بكل التوقّعات ،قد نلت العون ،إذ ّ حتميهم .ابلتأكيد قد ُ
ب مهلة.الشرطي ذي السلطان .بعد ذلك طَلَ َ ّ اضطررت للرضوخ ثالث مرات هلذا ُ البدء ،خمزايً .ولقد
لك" :تنازللدي الشجاعة ألقول َ ويف النهاية ،ها هي ذي الرسالة .هي خليقة بثعبان .وأان ابلكاد ّ
قبلت
بك .إّّنا ال شيء ممكن بغري هذا .لقد ُ يستحق أن ُيظى َ ّ لتتوصل إىل حتقيق اهلدف" .فهو ال ّ
ألخدمك. بذلت ما يف وسعي ِّ تصريفِّّ ،
َ وخبين .إّّنا ثق متاماً :لقد ُ كنت خمطئاً يف ّ عت .لو ُ ابمسك ووقّ ُ
َ
ابمسك ليعرف ما إذا كانت هناك أخبار ُيملها تالميذك ،وهو يهودي ،قائالً إنّه أتى َ َ ابألمس أتى أحد
«اي للوابء!» يصرخ بطرس« .ولكن َمن يَدفع؟ َمن يدري كم يَطلب؟ وحنن ...حنن ال ّنلك
فلساً واحداً».
«إ ّن مسعان هو الذي يَدفَع ،إرضاء يل ،وإلسعاد املسكني يوان .هو لن ُيصل سوى على شبح
رجل لن ينفعه يف شيء .ولكنّه ينال أجراً عظيماً يف السماء».
يالطفه يسوع ،ولكنّه مستغرق ،أظنّه حزيناً .مثّ يذهب ليجلس بني يوضاس ويعقوب ،ويعانقهما
ليواسيهما.
«اآلن ،نذهب حنن إىل البيت ،وأنتم أيّها األصدقاء تنتظروننا هنا .لن أطيل املكوث».
«ال ،ابلطبع ،لن ندخل البيت وهو يف احلداد ،بل ننتظر هنا خارجاً .أليس كذلك؟» يقول
بطرس.
عنك».
حق .سنبقى يف الشارع ،ولكن ليس بعيداً َ
«بطرس على ّ
ذعن يسوع إلرادة العموم ،لكنّه يبتسم ويقول« :لن يفعلوا يل شيئاً .ثقوا بذلك .ليسوا أشراراً.ي ِّ
ُ
فإهنم ليسوا سوى متأثّرين بشرّايً .هيّا».
ّ
املؤدية إىل البيت .ها هم على عتبة احلديقة .يسوع ّأوالً ،وخلفه يوضاس ّإهنم على الطريق ّ
ويعقوب .مثّ ها هو يسوع على عتبة املطبخ .هناك قُرب املوقد ،مرمي اليت حللفا تع ّد الطعام وتبكي .يف
إحدى الزوااي ،مسعان ويوسف مع رجال آخرين جيلسون بشكل حلقة .بني الرجال هناك حلفا بن
لست أدري.سارةّ .إهنم هناك ،صامتون مثل التماثيل .هل هي عادة هنا؟ ُ
غاد َرتهُ».
«السالم هلذا البيت ،والسالم للنَّـ ْفس اليت َ
تصرخ األرملة ،وابلالشعور تَدفَع يسوع ،وتقف ما بينه وبني اآلخرين .يقف مسعان ويوسف
الر ُجلني
يتوجه صوب َّالعدائيّ . متجهمني ومذهولني .ولكن يسوع ال يُ ِّ
ظهر أنّه انتبه إىل مظهرُها ّ
ّ ّ
ظهر مسعان يشري إىل أنّه قد بـَلَ َغ اخلمسني أو أكثرَ ).ي ّد هلما يديه ،حبركة دعوة محيميّة .االثنان
(م َ
َ
أي وقت ،ولكنّهما ال جيرؤان على القيام أبيّة حركة دنيئة .حلفا بن سارة يضطرب مذهوالن أكثر من ّ
جلي .اآلخرون ،مبظهر غامض ،ينتظرون ما سوف ُيدث. ويتأ ّمل بشكل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 540 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
نك .وكم
أشاطرك حز َ
َ أتيت
أضحيت رأس العائلة ،ملاذا ال تستقبلين؟ لقد ُ
َ «اي مسعان ،اآلن وقد
أنت عادل اي مسعان ،وينبغي
كنت بعيداًَ .
معك ساعة الدفن! ليست غلطيت إذا ما ُ رغبت أبن أكون َ ُ
تقر بذلك».
أن ّ
ستمر وقوف الرجل متح ّفظاً.
وي ّ
أنت اي يوسف ،اي من حتمل امساً عزيزاً ج ّداً على قليب ،ملاذا ال تتقبّل قُبلَيت؟ أال تَقبَالن
«و َ
حنب بعضنا .فلماذااحلق .وحنن كنّا ّ مشاطريت لكما حزنكما؟ املوت رابط يش ّد واثق املشاعر احلميمة ّ
نتفرق اآلن؟»
ينبغي لنا أن ّ
كنت
أنت مات أبوان مع ّذابً ».جييب يوسف بقسوة .ومسعان« :كان ينبغي أن تبقىَ .
بسببك َ
« َ
يدك»...
تبق؟ كان ير َ
شرف على املوت .ملاذا مل َتَعلَم أنّه ُم ِّ
قلت ذلك».
أنت َ
عين؟ َ
مين موت أبيكم .أمل يبحث ّ
«أان اي مسعان ،وأكثر ّ
ت روحي .هو َيكنه ذلك. قلت ذلك ،صحيح .لقد كان يريد يسوع .وكان يقول" :أقلّه ال َمتُ ْ « ُ
أبعدتُهُ ولن يعود .اي للموت دون يسوع! اي لفظاعته! ملاذا طََردتُه؟" نعم كان يقول ذلك وأيضاً: لقد َ
ِّ
يدك،
علي أن أمضي؟‘ وأان َج َعلتُه يذهب ...اآلن لن يعود" .لقد كان ير َ مرات عدَّة’ :هل َّ "هو َسأَلَين ّ
جيدوك يف كفرانحوم ،وهو بكى كثرياً .وبينما َ عنك ،ولكنّهم مل
أرسلَت َمن يبحث َ ك َ يدكّ .أم َ
كان ير َ
بشق النفس ،ولكنّه كان جيمع بقية ِّمن قِّ
ك وأرادها أن تكون بقربه .مل يكن يتكلّم ّإال ّ َخ َذ يد ّأم َ
َ أ اه،
و ّ
األم ألحصل على شيء منه ،ذلك أنّين أخشى املوت". ِّ
"األم هي االبن قليالً .أُمسك يد ّ كان يقولّ :
اي أليب املسكني!»
يتخل عن احلقد .وحيث قلّة اإلَيان والبغض ،أان ال أستطيع شيئاً .لذلك «مل يكن يؤمن ،ومل َّ
جراء هذا متزقاً من ّ
متزقهماّ .أمكما أكثر ّ يثقلن حقدكما ّ
أقول لكما :ال تبغضا أخويكما .ها ُها .فال ّ
املتأجج ابطّراد بسبب موت أبيكما .لقد انطََفأَت جذوة هذا احلقد عند أبيكما يف السالم ،إذ احلقد ّ
أي شيء .إنّين يف هذا عين وال أطلب منكما ّ لست أح ّدثكما ّ إ ّن رغبته يب َمنَ َحتهُ الغفران من هللا .أان ُ
كل ما ُيرمين منه العامل .أان أأت ّمل يف انسويت، ِّ
يعوضين عن ّ يف ّ لست من هذا العامل .الذي ُييا ّ العامل ،و ُ
ولكنّين أرفع روحي إىل ما فوق هذه األرض ،وأبتَ ِّهج يف احلقائق السماويّة .إّّنا ُها! ...ال تتن ّكرا لشريعة
حّت ولو حصل هذا فاغفرا. احلب والدم .أحبّوا بعضكم بعضاً .مل يسئ يعقوب ويوضاس إىل الدم .إّّنا ّ ّ
تفهم وضعهما وحتمالً لعدم ّانظرا إىل األمور بعني االستقامة والعدل وسَتاين ّأهنما كاان األكثر إعياء ّ
وسط الضرورات اليت يفرضها على نفسيهما نداء هللا .ومع ذلك فهما ال ُيمالن حقداً مطلقاً ،إّّنا
فقط الرغبة يف أن يكوان حمبوبني .أليس كذلك؟»
دورك اي يوسف».
«اآلن جاء َ
«خلف املنـزل ،يف طرف كرم الزيتون عند املنحدر .يف قرب يليق به».
ِّ
صدرك. ِّ
أوالدك على ِّ
زوجك يغتَبِّط إذ يرى تشجعي ،فإ ّن ِّ
«أرجوك ،خذين إليه .وأنت اي مرميّ ،
ألبيك" :أان ال
كنت أقوله َ لك أقول ما ُ امكثوا هنا .أذهب أان مع مسعان .كونوا يف سالم! اي يوسفَ ،
وَي ُرج
أشاطرك احلزن" .وداعاًَ ».
َ ك .وعندما تريدين اندين .وسوف آيت لك احلقد .بل إنّين أحبّ َ
أمحل َ
يسوع مع مسعان.
الر ُسل خلسة وبفضول ،ولكنّهم يـََرون االثنني متّفقني متاماً ،فَـيُ َسّرون.
يَنظُر ُّ
يودون أن يُ َكِّّرموا
«تعالوا أنتم أيضاً ».يقول يسوعّ « .إهنم تالميذي ،اي مسعان .هم كذلك ّ
الدك .هيّا بنا».
و َ
كل شيء.
عربون كرم الزيتون ...وينتهي ّ
يَ ُ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 12
يقول يسوع:
«سوف تضعني بعدها الرؤاي الثالثة والرؤاي الرابعة اللتني كانتا لك يف 1944 / 02 / 13
(الفقرة .)73
األقل جزئيّاً،
ض َع ،وإن مل يكن بكليّته ،فعلى ّ أقل تشبُّثاً برأيه ،قد َخ َ
كما تَـَرين ،مسعان ،وهو ّ
أقل من ذلك رسويل ،كما أمسيتِّ ِّه،
لالستقامة ،حبضور ذهن مقدَّس .ومل يصبح يف احلال تلميذي ،و ّ
شاهد ُحمايد ،بعد هذا اللقاء بسبب موت منك ،منذ سنة مضت ،ولكنّه ،على األقلِّ ، بعدم دراية ِّ
ّ َ َ
ألمه و ّأمي يف الوقت الذي كان ينبغي لرجل أن ُيميهما ويدافع عنهما ض ّد حلفا .كذلك هو احلامي ّ
فيحمر
ّ هت ّكم الناس .إنّه ليس شجاعاً كفاية ليُجابِّه الذين يعتربونين "جمنوانً"؛ وكذلك هو أكثر رجولة،
لكل الطوائف .ولكنّه كان قد أصبَ َحاملضادة ّ
ّ ويهتم ملا يلحق العائلة من أخطار بسبب رساليت مينّ ، ّ
على الطريق الصحيحة .وبعد التضحيةَ ،عَرف كيف يسري فيها أبكثر ثبااتً ،إىل ح ّد االعَتاف يب
ابلشَّهادة .فالنعمة تعمل آانً مثل ضربة صاعقة ،وآانً ببطء .ولكنّها تعمل دائماً حيث توجد اإلرادة
ابالستقامة.
ِّ
آالمك .ها هو ذا زمن التحضري لعيد الفصح يبدأ .وابلنسبة اذهيب بسالم .كوين يف سالم وسط
إيلِّ ،
فأنت حتملني الصليب .أابر ِّ
كك اي مرمي صليب يسوع». ّ
ويقول فيما بعد:
1944 / 02 / 13
أرى غرفة كبرية مربّعة .أقول عنها هكذا مع إدراكي ّأهنا كنيس الناصرة (حسب قول الذي ينبئين
قعد ُمرتَِّفع .وكذلك
داخليّاً) ،إذ ليس فيها سوى جدران عارية مطليّة ابألصفر .ويف أحد اجلوانب َم َ
قرأ ،خزانة ،مسّوه ما شئتم ،فهو ابلنتيجة نوع من الطاوالت املائلة، ِّ
قرأ ُمرتَفع ،عليه لفافات؛ َم َ
هناك َم َ
ض َعت لفافات بشكل مرتّب. ينتصب على قائم ،وعليه ُو َ
صلّون ،ليس مثلنا ،إّّنا مجيعهم يتّجهون اجلهة ذاهتا دون مجع اليدين ،بل ،تقريباً،
هناك أانس يُ َ
مثل كاهن على اهليكل.
قرأ.
مصابيح موضوعة فوق املقعد وفوق ال َـم َ
لست أفهم القصد من هذه الرؤاي اليت تدوم بعض الوقت دون تغيريّ .إال أ ّن يسوع أيمرين
ُ
ابلكتابة وأان أفعل.
مرة أخرى يف كنيس الناصرة.
أجدين ّ
األخ ّن .ولكنّين ال أفهم الكالم الذي يقوله بلغة
اآلن ،احلاخام يقرأ ،وأان أمسع صوته الرتيب َ
الر ُسل وآخرين هم ابلتأكيد أقرابء له ،ولكنّين ال أعرفهم.
عمه ُّ
أجهلها .وسط اجلمع يسوع مع أبناء ّ
بعد القراءة ،يلتَ ِّفت احلاخام صوب اجلمع ،كما يف دعوة صامتة .يتق ّدم يسوع ،ويطلب إدارة
اجتماع اليوم.
علي»... ِّ
الشجي ،أمسَع قراءة من سفر أشعيا َوَرَد ذكرها يف اإلجنيل املقدس« :روح الرب ّّ وبصوته
بدلَت الصرامة القدَية احلب اليت استَ َ
وأمسع تعليقه عليها انسباً لذاته« :حامل البُشرى احلَ َسنَة ،شريعة ّ
كل الذين َج َعلَت خطيئة آدم نفوسهم مريضة ،وابلنتيجة اجلَّ َسد ،أل ّن اخلطيئةابلرمحة ،لينال السالم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 547 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أتيت ألقطَع هذهالشرُ .كل الذين أيسرهم روح ّ ليتحرر ّ
اجلسدي .و ّ
ّ حّت
تلد الرذيلة ،والرذيلة املرضّ ،
الصماء .لقد حانالس َمع للنفوس ّ السالسل ،وأعيد فتح طريق السماء ،ألمنح النور للنفوس العمياء ،و َّ
وقت نعمة الرب .وهي فيما بينكم ،وهي اليت تكلّمكم .لقد َرغب األحبار رؤية هذا اليوم الذي أعلَ َن
حلوله صوت من العالء ،والذي تنبّأ عن زمنه األنبياء .وقد تنامى اآلن إىل معلومهم بفعل فائق الطبيعة،
فهم يَعلَمون أ ّن فجر هذا اليوم قد بـََزغ ،وأ ّن دخوهلم اجلنّة أصبح وشيكاً .لذلك يتهلّل ،أبرواحهم،
الق ّديسون الذين ال يعوزهم سوى بـََرَكيت ليُصبِّحوا ُس ّكان السماء .ترون ذلك .أقبِّلوا إىل النور الذي
جتردوا عن رغائبكم ،لتكون لكم سرعة اخلاطر الالزمة لتتبعوا املسيح .فلتكن لديكم اإلرادة غّ . بـََز َ
يديّ ،إال أنّين ال
للتحسن ،وللرغبة ابلسالم .وسوف يعطى لكم السالم .إنّه بني ّ ّ الصاحلة لإلَيان،
أمنحه ّإال لذوي اإلرادة احلسنة القتنائه .ذلك أ ّن إعطاءه ملن يريد االستمرار يف خدمة الشيطان إساءة
إىل النعمة.
ويعلو اهلمس يف الكنيس ،ويلتَ ِّفت يسوع صوب احلاضرين ،يقرأ على الوجوه ويف القلوب،
ُدرك ما تُـ َف ِّّكرون به ،ألنّين من الناصرة ،وأنتم تَرومون َحظوة متميّزة .إّّنا ذلك أباننيّة منكم،
ويتابع« :أ ِّ
لنيب يف وطنه .بلدان أخرى استقبَـلَتين ِّ
درة إَيانكم .وأيضاً أقول لكم ،يف احلقيقة ال كرامة ّ وليس ب ُق َ
حّت البلدان اليت يُ َش ِّّكل امسها لكم ش ّكاً .هناك سوف أجد حصاد التالميذ، وستستقبلين إبَيان عظيمّ ،
وانصبَتين العداء .ولكنّين بينما ال أستطيع فعل أي شيء على هذه األرض ّ ِّ
ألهنا أُغل َقت يف وجهيَ ، ّ
سوري .وإكراماً لتلك وذاك
األول َو َج َد اإلَيان لدى امرأة فينيقيّة ،واآلخر لدى ّ أذ ّكركم إبيليا وأليشعّ ،
ِّ
الربص َمتَ َّكنَا من اجَتاح املعجزة .الناس الذين كانوا َيوتون من اجلوع يف إسرائيل مل ُيصلوا على اخلبز ،و ُ
ُّرة اخلالصة اليت اكتشفهاصلوا على التَّطهري ،ذلك أ ّن قلوهبم كانت ختلو من اإلرادة احلَ َسنَة ،الد َّ مل َُي َ
ضمرون يل العداء وتكفرون النيب يف مكان آخر .وهذا ما سوف ُيصل معكم ،أنتم أيضاً ،اي من تُ ِّ
ّ
بكلمة هللا».
الر ُسل،
عمه ُّ وتوعدوا ابللَّعنات .وحاولوا القبض على يسوع ،و ّ
لكن أوالد ّ اضطََرب اجلميع ّ
يوضاس ويعقوب ومسعان دافَعوا عنه ،حينئذ قام أبناء الناصرة الغاضبون بطرد يسوع خارج البلدة.
الر ُسل الثالثة ،الذين اجتَ َمعوا آنئذ يف املطبخ يتح ّدثون إىل امرأة
عمهُّ ،
مل يكن معه سوى أبناء ّ
عجوز ،يناديها ت ّداوس « ّأمي» ،لذلك أ ِّ
ُدرك أ ّن األمر يتعلّق مبرمي اليت لكالوابّ .إهنا امرأة مسنّة بعض
أتعرف إليهاّ ،إهنا هي اليت كانت مع مرمي الكلّيّة القداسة يف عرس قاان .ابلتأكيد ،قد الشيء ،و ّ
انس َحبَت إىل هناك ،ومعها أبناؤها ،ليَتكوا ليسوع و ّأمه احلريّة يف حديثهما.
َ
ِّ
مرمي حزينة ،فلقد َعل َمت حبادثة الكنيس ،وأتلَّ َمت لذلك .يسوع يواسيها .ومرمي ّ
تتوسل إىل
حّت بقيّة األقارب الذين
ابنها ،راجية ّإايه البقاء بعيداً عن الناصرة ،حيث اجلميع متشنّجون جتاههّ ،
الشقاق و ِّّ
الشجار. يعتربونه جمنوانً ُياول إاثرة ِّّ
عك ِّمن
ّإال أ ّن يسوع يقوم حبركة ،وهو يبتسم ،يبدو أنّه يقول« :هنا أو يف مكان آخر سيان .د ِّ
ّ
صر .حينئذ جييب« :اي ّأمي ،إذا كان على ابن اإلنسان أن يذهب فقط إىل حيث لكن مرمي تُ ّ
هذا!» و ّ
كل مكان يل أعداء.
توجب عليه االبتعاد عن هذه األرض ،والعودة إىل السماء .يف ّ هو حمبوب ،لكان ّ
أتيت ألمتّم مشيئة اآلب ِّ
احلق .ولكنّين مل آت أللقي سالماً سهالً .لقد ُ احلق ممقوت ،وأان ّذلك أ ّن ّ
أنت حيب الذي يعوضين عن كل ما سواهِّ .
أنت وهذا أنت ،اي أميِّ .وأفتدي اإلنسان .احلب ،هو ِّ
ّ ّ ّ ّ ّ
كل يوم ببعض النعاج اليت انتَـَزعتُها ِّمن فم ذئب األهواء ،ألقودها إىل حظرية
القطيع الصغري الذي يتزايد ّ
1945 / 02 / 13
قوزى رجل وسيم ،يف حوايل األربعني من عمره .وهو ليس ضخماً ج ّداً ،ولكنّه ممتلئ اجلسم،
ظهر فيه بعض اخليوط الفضيّة .عيناه حيويّتان وداكنتان ،لونه ابهت ،وحليتهوشعره أسود ،إّّنا بَ َدأَت تَ َ
مربّعة سوداء ومعتىن هبا جيّداً.
أقل وهناك مع زة، متمي ابمتشاقة سوى ق اب الس
َّ ضهار م ن حنّة أكرب من زوجها .وهي مل حتتَ ِّفظ ِّ
م
ّ ّ َ َ
وم ِّرنَة ،يعلوها رأس بديع ذو عينني غائرتني ،سوداوين، هزاالً من ذي قبل .إ ّهنا تبدو كنخلة ممشوقة َ
ِّ
املنحسرة ،تبدو أكثر بياضاً حتت ممشط بعناية .وجبهتها امللساء ومجيلتني .شعرها الكثيف بلون القري ّ
الطبيعي ،وسط خ ّدين ،شحوهبما
ّ هذا اللون الداكن .الفم الصغري ،املرسوم جيّداً ،ينفرد بلونه األمحر
لطيف ،مثل توجيات بعض أزهار الكاميلياّ .إهنا امرأة رائعة اجلمالّ ...إهنا هي اليت أعطت املال للوجنني
Longinيف اجللجلة .هناك هي تبكي ،مضطربة ومتّشحة ابلكامل .بينما هنا ،هي تبتسم ورأسها
مكشوف .ولكنّها هي هي ذاهتا.
صعد مرمي وسلفتها، هاجت البلدة بسبب هذا احلَ َدث .ويزداد اهلياج عندما تَ َ حبكم الطبيعةَ ،
عوملَتَا ِّمن قِّبَل يواناثن َك َملِّ َكتَني ،إىل العربة بعد أن أوَكلَتَا حلفا بن سارة مبفاتيح البيت .وتبتعد
اللتان ِّ
حبق يسوع يف الكنيس بقوله« :السامريّون أفضل منّا! أترون العربة ،بينما يثأر حلفا للدانءة املرتكبة ّ
أخجل ِّمن كوين انصرّايً».
كيف َُي ََِّتم أحد خ ّدام هريودس أ ُّم يسوع وجيلّها؟ ...وحنن! إنّين َ
حقيقي بني الفريقني .وهناك َمن تَـَرَك الفريق املعادي ليذهب إىل حلفا يطرح ّ يَنشب شجار
عليه ألف سؤال« .ولكن ابلتأكيد!» جييب حلفا« .ضيوف على بيت الوايل ،ولقد َِّمسعتُم ما قاله
ال َقيِّم على قصره" :معلّمي يتوسل ِّ
إليك أن تُ َشِّّريف منـزله" .أن تُ َشِّّريف ،هل تدركون؟ هل تفهمون؟ وهو ّ ّ
الثري وذو السلطان ،وامرأته األمرية امللكيّة .أن تُ َشِّّريف! بينما عندان ،أنتم ابألحرى رميتُموها
قوزى ّ
ابحلجارة .اي للعار!»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 552 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
بكل أتكيد ،حينما يكون هو لنا ،فإنّنا ّنتلك ال جييب الناصريّون ،ويتكلّم حلفا أبكثر ح ّدةّ « :
بشري .ولكن هل تبدو لكم صداقة قوزى بال طائل؟ أي َسنَد ّ كل شيء! كما َيكننا االستغناء عن ّ ّ
تصرفوا،
هل يبدو لكم مقته لنا مفيداً؟ إنّه وايل الربع ،هل تعلمون ذلك؟ هل يبدو لكم ذلك اتفهاً؟ ّ
أود
تصرفوا كسامريّني مع املسيح! إنّكم تستجلبون ألنفسكم كره العظماء لكم .وحينئذ ...آه! حينئذ ّ ّ
شريرون أنتم! بل كافرون!» ويَ َنه ِّمر وابل
لو أراكم! دون عون من السماء وال من األرض! محقى أنتم! ّ
االهتامات بغري توقّف ،بينما يذهب الناصريّون َخ ِّجلني مثل كالب أصيبت خبيبة أمل. من الشتائم و ّ
يبقى حلفا وحيداً مثل رئيس مالئكة اثئر عند مدخل بيت مرمي…
صل عربة ...يف وقت متأخر ِّمن السهرة ،عرب الطريق الرائعة اليت متت ّد على طول البحرية ،تَ ِّ
ّ
هرعون ِّ
يَتصدون ،يـُنَـبّهون ويَ َ
جترها خبباً أحصنة قويّة .خ ّدام قوزى ،وهم آنئذ عند الباب ّ يواناثن ّ
ابملصابيح اليت تزيد إضاءة نور القمر البدر.
الر ُسل .عندما هتبطظهر يسوع أيضاً مبتسماً ،وخلفهم جمموعة ُّ يركض الزوجان قوزى وحنّة .ويَ َ
حّت تصل إىل األرض ،وحتيّي« :اإلكرام واإلجالل لزهرة الذريّة امللكيّة ،اجملد والربكة مرمي ،تنحين حنّة ّ
ألم الكلمة ال ُـم َخلِّّص ».وينحين قوزى احنناءة أكرب من أيّة احنناءة قام هبا أمام هريودس يف البالطّ
إيل .فلتكوين مباركة اي ّأم يسوع». ِّ
ويقول« :لتكن مباركة الساعة اليت أوصلتك ّ
جتيب مرمي بلطف وتواضع« :مبارك هو ُخمَلِّّصنا ،ومباركون ُهم َّ
الصاحلون الذين ُيبّون ابين».
بكل حفاوة .متسك حنّة بيد مرمي وهي تبتسم هلا قائلة: ِّ
يدخل اجلميع إىل البيت ،وقد استُـ ْقبلوا ّ
ِّ
خبدمتك ،أليس كذلك؟» «سوف تسمحني يل
«ألنّه رمز التناقض للكثريين ،ألنّه هو النَّار اليت تُطَ ِّّهر املعدن .فالذهب يـُنَـ ّقى ،بينما الشوائب
تَتسب يف القعر وتُ َرمى .قيل يل ذلك عندما كان ما يزال صغرياً ج ّداً ...ويوماً بعد يوم تتح ّقق ّ
النبوءة»...
«ال تبكي اي مرمي .سوف حنبّه وندافع عنه ».تقول حنّة ذلك وتواسيها.
تستمر بسكب دموعها الصامتة اليت ال تراها سوى حنّة ،يف الركن شبه املظلم،
ّ ّإال أ ّن مرمي
حيث جتلسان.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 14
نشغِّلَة بقطاف العنب ،ذلك العمل ال ُـم ِّبهج .الرجال ،وقد تَ َسلَّقوا السالمل
مجيع قرى اجلليل ُم َ
املذهبة ِّ
العالية ،يقطفون من على العرائش وسوق الكرمةّ .أما النساء ،فيحملن عناقيد العنب احلمراء ّ
ينتظروهنن .أغنيات ونُكات تسري ِّمن كرمة إىل كرمة، ّ للعصارين الذين
رؤوسهن ّ
ّ ضمن سالل على
ومن بستان إىل بستان .يف الوقت ذاته ،تنتشر رائحة عصري العنبّ ،أما النَّحل ،وأبعداده الكبرية،
وحّت
يطن وكأنّه سكران ،ويطري سريعاً ويرقص على األغصان اليت ما تزال حتمل العناقيد الصغريةّ ، ّ
السالل والرباميل ،حيث تضيع حبّات فاقدة معاملها وسط حريرة عصري العنب .األوالد ،وقد تلطّخوا ِّ
ّ
ابلعصارة ،يُطلِّقون صيحات كالسنونو ،وهم يَتاكضون على العشب ويف الساحات وعلى الدروب.
«ما من شيء يسبّب يل التعب مثل حقد العامل .إّّنا اللحاق به واالستماع إليه ،فهذه أمنييت
منذ طفوليت البعيدة ج ّداً».
«هل ِّ
كنت تَعلَمني أنّ ِّ
ك ستصبحني أ ُّم ماسيا؟»
فهموا .ألنّه،
احلب يصبح هلم نوراً ليَ َ «ألجل ذلك كان بِّ ّ
ودي لو أعطي العامل كلّه قليب ،أل ّن ّ
احلب كالنبع». ِّ
كل مسعى سهالً ،وأان ،أان األ ُّم ،ويف داخلي جيري ّاحلب الذي جيعل ّ
ثقي متاماً ،هو ّ
مؤدايً إىل جناح ذي قناطرُ ،و ِّض َعت حتته أكياس حماصيل وعدد زراعيّة صعد يسوع سلّماً ّيَ َ
يري
َّرجات! أحلَظ ابتسامته من خالل شعره احلر ّ صعد هذه الد َ حلمايتها .واي البتسامة يسوع وهو يَ َ
أعرف سبب هذه االبتسامة املشرقة ج ّداً .فَـَرح هذه االبتسامة أود لو ِّ
كنت ّ
ُيركه نسيم املساء ،و ُ
الذي ّ
رب البيت يتح ّدث عنها ،إنّه يَلِّج قليب احلزين ج ّداً اليوم ،ويـُ َفِّّرج عنه.
كاخلمر اليت كان ّ
كنت أبكي بسبب معاانة روحيّة تنشط ابستمرار، س ّري عين اليوم .فهذا الصباحُ ، هذا ليس ّأول أمر يُ َ
إليك
صر على النَّظَر َقولك" :هذا هو َمحَل هللا" .ولكنه مل يكن يقتَ ِّ
َّناول ظَ َه َر يل ،كما دائماً لدى َ وعند الت ُ
حبب ،أيها األب ،واالبتسام يل .بل لقد تَـ َر َك مكانه على يسار السرير ،وانتَـ َق َل إىل اليمني خبطوته الطويلة،ّ
حسيّة ويقول يل" :ال تبكي!"ّ ...أما اآلن ،فإن ابتسامته تغرقين وأتى إىل َييين وهو َينحين مالطفات ّ
ابلسالم.
يلتَ ِّفت ،وجيلس على الدرجة األخرية يف أعلى السلّم الذي أضحى منرباً للمستمعني األكثر
الر ُسل ومرمي .وتلك املتواضعة على الدوام ،مل تكن تبحث عن تفضيالً .يعين سيّد البيت وسيّدته و ُّ
اقتيدت إليه ِّمن قِّبَل ربّة البيتَ .جلَ َست ،ابلضبط ،على الدَّرجة
االرتقاء إىل مكان الشََّرف هذا ،إّّنا َ
س عليها مباشرة ،بشكل َج َع َل رأسها األشقر على مستوى ركبيت االبن، األدىن من الدَّرجة اليت َجلَ َ
اجلانيب
ّ متطرفة تتم ّكن من النَّظَر إىل وجهه ،بنظرهتا اليت تشبه نظرة محامة هائمة .املنظر وجبلوسها ّ
الرخام.
جلي ،على اجلدار املعتم للبناء الريفي ،كما لو كان على ُّظهر ،بشكل ّ اللطيف ملرمي يَ َ
يتح ّدث يسوع ببطء ،بينما تغوص يده اليسرى يف كيس كبري للحبوب خلف مرمي ،يبدو وكأنّه
يلعب هبا ،أو ابألحرى يدغدغها بسرور ،بينما يده اليمىن تقوم حبركات وادعة.
يسى ،هو اآلن فيما بينكم،ت اآلن العنقود الذي من أصل ّ لقد أعلنها األنبياء مسبقاً ،وقد نـَبَ َ
العنقود الرائع الذي ُيمل لكم عصارة احلكمة األزليّة ،وال يطلب سوى قطفه وعصره ليكون اخلمر
للناس ،مخر فرح ال هناية له للذين سيقتاتون به .آنئذ ،الويل للذين يكون هذا اخلمر يف متناول أيديهم
ويرفضونه ،الويل الويل للذين ،بعد تناوله يعاودون رميه ،أو َيزجونه يف داخلهم مع طعام الشيطان.
ها أان ذا أعود إىل فكريت األوىل .اإلمكانيّة املبدئيّة للحصول على بركة هللا ،لألعمال الروحيّة
كما للبشريّةّ ،إهنا استقامة النيّة.
َيجدين البشر ،بل إّّنا وفاء هلل" .نزيه هو الذي نزيه هو الذي يقول" :أان الشريعة ،ليس لكي ّ
يقول" :أان املسيح ،ليس للمعجزات اليت َجي ََِّتح ،إّّنا لنصائح احلياة األبديّة اليت يُعطي" .ونزيه هو
متلهف عن املكسب ،ولكن أل ّن العمل قد ُو ِّض َع ِّمن كذلك الذي يقول" :أان أعمل ،ليس يف حبث ّ
َعمل ِّ
قبَل هللا كوسيلة للتقديس ،ذلك أنّه َيتلك القدرة على التشكيل ،واإلماتة ،والوقاية ،والتنشئة .أ َ
لكي أمت ّكن من مساعدة قرييب .أعمل لكي أجعل آايت هللا تَسطَع ،هللا الذي َُيرِّج من احلبّة الصغرية
عدم،
ومين أان اإلنسان املسكني ال ُـم َابقة سنابل ،ومن بذور العنب كروماً كبرية ،ومن النواة شجرةّ ،
الع َدم إبرادته هو ،ألقوم مبساعدته يف عمل دؤوب ،لدَيومة القمح والكروم والثمار ،كما القادم من َ
ألجعل أرض البشريّة آهلة".
هنالك أشخاص يعملون كالدواب ،وليس هلم داينة سوى :زايدة ثروهتم .هل َيوت حوهلم
يهم ابلنسبة
الصاحب األكثر عوزاً من احلرمان والفاقة؟ هل َيوت أبناء ذلك البائس من اجلوع؟ ماذا ّ
إىل الذي ال يف ّكر ّإال بَتاكم الثروات؟ كما أ ّن هناك َمن ُهم أكثر قسوة كذلك ،فال يعملون ،ولكنّهم
جيعلون اآلخرين يعملون ،وهم يك ّدسون الثروات ،ابستغالل َعَرق اآلخرين .وأيضاً هناك آخرون يب ّددون
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 559 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ما جينونه ِّمن تَـ َعب اآلخرين ابلطَّمع واجلَّشع .يف احلقيقة ،إ ّن هذا العمل ،ابلنسبة هلؤالء ،ليس شريفاً
وال نزيهاً .وال تقولوا" :ومع ذلك فاهلل يقيهم" .ال .إنّه ال يقيهم وال ُيميهم .والساعة هذه ،ابلنسبة
إليهم ،ساعة نصر هي ،ولكنّهم ،خالل وقت قريب ،سيتل ّقون الضربة من هللا ،وبصرامة .ويف هذه
كل شيء، األثناء ،أو يف األبدية ،سوف ي َذ ّكِّرهم ابلوصية القائلة" :أان هو الرب َ ِّ
إهلك ،أَحبَّين فوق ّ ّ ّ ُ ّ
كنفسك" .آه! حينئذ ،إذا ما َد َوت هذه الكلمات يف األبديّة ،فسوف تكون أكثر َ وأحبِّب قر َ
يبك
رعباً من صواعق سيناء!
كثري ،كثري ج ّداً هو الكالم الذي يقال لكم .وأان ال أقول لكم سوى هذا" :أحبّوا هللا ،أحبّوا
ب ِّ
القريب" .وهذا يُشبه العمل الذي جيعل الكروم خصيبة ،عندما ّنارسه حول جذعها يف الربيعُ .ح ّ
الضارة. يرةالشر ات والشه
و ة األانني أعشاب من األرض ص هللا والقريب يشبِّه املسلفة (املشط) اليت ُختلِّ
ّ
ّ ّ ّ َ ُ
يُشبِّه املعول الذي ُيفر دائرة حول أسفل جذع الكرمة ليعزهلا عن األعشاب الطفيليّة ويرويها مباء
ويوجهه حيث ينبغي أن يتش ّكل السقاية املنعش .يُشبِّه املشذب الذي يزيل اإلنبات الزائد لريكز النسغ ّ
نضج الثَّمر .يشبِّه احلبل الذي يشد النبات إىل الدعامة املتينة اليت تسندها .وأخرياً هو الشمس اليت تُ ِّ
َ ُ
مثار اإلرادة الصاحلة وجتعل منها مثار احلياة األبديّة.
احلق أقول
غين ،والقطاف وفري .ولكنّ ، ِّ
أنتم اآلن فَرحون ،أل ّن السنة كانت جيّدة ،واحلصاد ّ
أقل من حبّة رمل إذا ما قورن ابلفرح غري احملدود الذي لكم :إ ّن هذا الفرح الذي ختتربون ،يعادل ّ
املطعمة على الكرمة
حتصلون عليه عندما سيقول لكم اآلب األزيل" :تعالوا أيّها األغصان اخلصيبةّ ،
إيل وقد
حّت املؤملة منها ،لتعطوا الكثري من الثمار ،واآلن تعالوا ّ
لكل العملياتّ ،
احلقيقيّة .لقد خضعتم ّ
تنعموا يف حدائقي الدهر كلّه".وحب القريب اللذيذةّ .
حيب ّ امتألمت عصارة ّ
األزيل ِّ
بكل أمانة ابللحاق هبذا اخلري .ابلعرفان ابركوا ّ
متسكوا ّ التَفتوا إىل هذه السعادة األبديّةّ .
الرب
الذي يساعدكم على بلوغه .ابركوه على نعمة كلمته .ابركوه على نعمة احملصول اجليّد .أحبّوا ّ
بعرفانكم جبميله ،وال تكونوا بعد خائفني .فاهلل َينح الذين ُيبّونه مائة ضعف».
احلشد الذي كان قد َجتَ َّمع يُطلِّق صرخة فرح ويهلّل ملاسيا .إّّنا بعد ذلك يصمت اجلميع
لتمر أ ُّم حتمل صبيّاً يف حوايل العاشرة من عمره ،مشلوالً .تُـ َق ِّّدمه عند أسفل السلّم،
ويفسحون اجملال ّ
كما لِّتَ ِّهبه ليسوع.
رب البيت« .لقد َوقَ َع ابنها العام املاضي ِّمن على السطح
«إهنا إحدى خادمايت ».يشرح ّ
وأصيب جنباه .عليه أن َُيضي بقيّة عمره ُملقى على ظهره».
تبدو هتافات "أوشعنا" ّأهنا تبغي ولوج السماء اليت َج َعلَها الغَ َسق محراء .واملرأة ،ومعها ابنها
لك عنألعرب َ
تضمه إىل صدرها ،ال تعرف ما تقول ،وتسأله« :ماذا ينبغي يل ،بل ماذا جيب أن أفعل ّ ّ
سعاديت؟»
ويقول هلا يسوع ،وهو ما يزال يالطفها« :كوين صاحلة ،أحيب هللا والقريب ،وأنشئي ِّ
ابنك على ّ
احلب».
هذا ّ
تود ...وانتهت ابلطَّلَب: لكن سرور املرأة مل يكن بعد قد أُشبِّع ،فقد كانت ّ
تود ...كانت ّ و ّ
ك لطفلي». منك ِّ
ومن ّأم َ «قبلة َ
ينحين يسوع ويقبّله ،وكذلك مرمي .وبينما تبتعد املرأة منتشية وسط هتليل موكب أصدقاء مهلّلني،
كنت
يشرح يسوع لربّة البيت« :مل يكن ينبغي أكثر .لقد كان بني يدي ّأمي .وهي دون أن تتكلّم ُ
أود أن أهبِّجها و ِّ
أفرحها». سعد عندما تتم ّكن من ختفيف كرب ،وأان ّ سأشفيه .فهي تُ َ
وبني يسوع ومرمي واحدة من تلك النظرات اليت وحده الذي رأى ،يُ ِّ
درك قَدر عُمق داللتها.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 15
فَتض أ ّن
مرة أخرى أرى مرج ابن عامر ،أثناء النهار ،إنّه يوم شبه غائم ،يف هناية اخلريف .يُ ََ ّ
ص َل أثناء الليل ،إ ّهنا إحدى أوائل اهلطوالت يف أشهر الشتاء احلزينة ،فاألرض رطبة،ُهطوالً َمطَرّايً َح َ
حّت العظم موحلة .وكذلك هنالك رايح ،ريح رطبة تقتلع األوراق املصفرةَِّ ، دون أن تكون ِّ
وختَتق ّ ّ
ِّهبَبَّاهتا املشبَـ َعة رطوبة.
ما تزال أزواج قليلة من الثريان تقلب األرض يف احلقول ،تقلبها بصعوبة ،يف ذلك املرج اخلصيب،
يؤدون عمل الثريان،
شهد تؤملين رؤيته ،وهو أ ّن الرجال أنفسهم ّ لتهيئتها للبذار .ويف بعض األمكنة َم َ
وحّت صدورهم ،مثبِّّتني أقدامهم يف األرض املقلوبة ،وهم يتع ّذبون
فيجرون احملراث بكامل ّقوة أذرعهم ّ
ّ
الشاق املضين.
كالعبيد يف هذا العمل ّ
حّت الدموع.
ويتأمل هذا املشهد ،ويصبح وجهه حزيناً ّ
يَنظُر يسوع أيضاًّ ،
الرعاة قد َمضوا ،فيتح ّدثون فيما بينهم،
ّأما التالميذ األحد عشر ،ذلك أن يهوذا ما يزال غائباً و ُّ
ويقول بطرس« :املركب صغري وفقري ومتعِّب ...ولكنّه أفضل مائة ِّ
مرة من َع َمل ال ّدواب هذا!» مثّ
ّ ُ
يسأل« :اي معلّم ،هل هؤالء ُخدَّام دوراس؟»
أظن .فحقوله تقع بعد ذلك البستان ،كما يبدو يل ،وما زلنا ال
وجييب مسعان الغيور« :ال ّ
نراها».
لس على
نح َدر بني َحقلني ،وقد َج َ
لكن بطرس دائم الفضول ،يَتك الطريق ليذهب مبحاذاة ُم َ
و ّ
حارثِّني هزيلني يتصبّب منهم العرق ،ويلهثون من التعب .يسأهلم بطرس« :هل
حافّته ،للحظة ،أربعة ِّ
أنتم لدوراس؟»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 563 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أنت َمن تكون؟»
«ال ولكننا ألحد أقاربه .حنن جليوقاان .Giocanaو َ
الناصري ،ماسيا
ّ حّت وقت قريبّ .أما اآلن فبطرس يسوع
«أان مسعان بن يوان ،صياد من اجلليل ّ
اإلهلي قيصر روما".
البشرى احلسنة ».يقوهلا بطرس ابحَتام وزهو َمن يقول" :أان أنتمي إىل السامي و ّ
بل أكثر .وجهه النـزيه يُ ِّ
شرق حقيقة بفرح إعالنه انتماءه ليسوع.
«إنّه ذاك ،األشقر الكبري الذي يرتدي األمحر الداكن .الذي ينظر إىل هنا اآلن ،ويبتسم يف
انتظاري».
«يطردكم؟ ...ملاذا؟ إنّه صديق البؤساء والفقراء واملظلومني ،ويبدو يل أنّكم ...أنتم حقيقة ِّمن
أولئك»...
ص ِّّفر بطرس بشكل ُم َعِّّرب .مثّ يقول« :إذن جيدر يب فعل هذا »...ويضع يديه على فمه بشكل
يُ َ
بك».
قمعي ويصرخ بقوة« :اي معلّم ،تعال هناّ .إهنم ذوو قلوب تتأ ّمل وترغب َ
«ولكن ماذا تقول؟! هو؟! إلينا؟! ولكنّنا ُخ ّدام حقريون!» ويرتَعِّد األربعة من هكذا جسارة.
لكل الراغبني يب .فمن يرغب يب يرغب ابخلري معي ،وأان أحبّه كصديق .اهنضواَ .من
«السالم ّ
تكونون؟»
إليك،
يودون التحدث َ يتكلّم بطرسّ « :إهنم أربعة خ ّدام جليوقاان ،وهو من أقرابء دوراس .كانوا ّ
لك" :تعال" .قفوا أيّها األوالد ،لن أيكلكم!
قلت َ
ابلعصي ،لذلك ُ
ّ ضربون
ص َل فجأة ،فسيُ َإّّنا ،لو هو َو َ
ثقوا! وف ّكروا أبنّه صديق لكم».
عين؟»
أتيت من أجله .أعلَم أنّه بَشَّر يب .ماذا تعرفون ّ
«ولقد ُ
جميئك، ك ماسيا ،وأنَّه َ
رآك طفالً صغرياً ،وأ ّن املالئكة قد َرتَّلوا" :السالم للصاحلني" ،لدى َ «أنّ َ
ك حتبّهم .وقد كان عاتك ،و ...أنّ َ
ك تبحث اآلن عن ُر َ ُنقذت ،وأنّ َ
كأ َ دت ...ولكنّ َك قد اضطُ ِّه َوأنّ َ
ُيب ويبحث عن ُرعاة ،فإنّه يروي لنا هذه األمور األخرية هنا .وكنّا نفكر" :إذا كان صاحلاً لدرجة أن ّ
أمس احلاجة إىل شخص ُيبّنا»...يرغب ابلتأكيد بفعل القليل من اخلري لنا أيضاً ...فإنّنا يف ّ
«أان أحبّكم .هل تعانون الكثري؟»
«قل أيّها الولد ،أليس يف استطاعيت استعجال هذا العمل؟ هل هو عمل صعب؟» يسأل
بطرس.
«أان معلّم يف احلرث» يهتف بطرس الطيّب مبتهجاً« .هيّا اي يوحنّا ،ثَوراً اثنياً للمحراث ،ولآلخر
ويتحرك احملرااثن ،وقد ُج ِّّهزا هبذا »ا!
و ارفع آه!... بنا! ا هي أخي. هو الذي األبكم ل ج يعقوب وهذا العِّ
ّ ّ
الشكل ،يَقلِّبان األرض وُيفران األثالم على طول احلقل .عند الطََّرف ،يديرون احملراث ويَشرعون بِّثلم
كأهنم َع ِّملوا عمل الفالحة هذا على الدوام.
جديد .يبدون و ّ
أسرتنا
َّعب ،فإنّنا نرمتي على ّ«آه! ال اي معلّم .إنّه قَ َدران .ولكنّنا ،عندما نكون منهكني من التـ َ
احلقرية ونقول :حسناً ،إله إبراهيم يَعلَم أنّه مل يعد مبقدوران ،وأنّنا مل يعد إبمكاننا سوى القول له" :لتكن
نغش
رب!" ونقول أيضاً" :اليوم أيضاً عشنا بال خطيئة" .تعلم ...كان من املمكن كذلك أن ّ مباركاً اي ّ
رب العمللكن ّ
املطهوة ابملاء .و ّ
ّ قليالً ،فنأكل مع اخلبز قطعة فاكهة ،وأن نسكب زيتاً على اخلضار
قال" :اخل ّدام ُيصلون على كفايتهم من اخلبز واخلضار ،ويف أوان احلصاد ،على قليل من اخلل مع املاء
القوة" .وحنن نطيع .يف النهاية كان َيكن أن يكون وضعنا أسوأ». إلرواء العطش وليمنحهم بعض ّ
«وأان أقول لكم :ح ّقاً إ ّن إله إبراهيم يبتسم لقلوبكم ،يف الوقت الذي يَنظُر بصرامة إىل الذين
يهينونه يف اهليكل بصلواهتم الكاذبة ،بينما هم ال ُيبّون الذين يشبهوهنم».
«منذ مرضه».
«أمريض هو؟»
«سوف أذكر أمساءكم لدى اآلب .أوتقولون إ ّن يوان قد اشت ّد عليه املرض؟»
«نعم .هذا ما قاله لنا خ ّدام دوراس اآلخرون ،إنّه حاملا ينتهي من العمل يرمتي على فراش
الدواب ،وال نعود نراه».
«لو كان يتم ّكن من الوقوف ،نعم .املفروض أن يتواجد يف ما بعد بستان الت ّفاح هذا».
«آه! لقد كان أروع ما يف البَـلَد .وقد اضطُرران لتدعيم األشجار بسبب الثمار ذات احلجم
اضطر دوراس لصنع براميل جديدة ،حيث مل تعد الرباميل اليت لديه تكفي بسبب وفرة
املعجز ،ولقد ّ
العنب».
مّت.
لكن هذا الرجل هو وحش كاسر!» يهتف ّ
«و ّ
«ال .بل ليس لديه نفس ».يقول يسوع« .أدعكم اي أبنائي مع بركيت .هل لديكم خبز وطعام
يكفي هذا اليوم؟»
هرع صوب يسوع ،وقد أهنَ َكه «ها أان ذا آت اي معلّم .مل يعد سوى هذا الثلم وننتهي ».ويَ َ
َّعب .وَيسح َعَرقه مبعطفه الذي كان قد َخلَ َعه ،ويستعيده وهو يضحك سعيداً.
التـ َ
فالحون ينطَلِّق يسوع ومن معه مباشرة إىل بستان الت ّفاح .جيتازونه ،وي ِّ
صلون إىل حقول دوراسّ . َ َ
يتعرفون على يسوع.
آخرون على احملراث أو منحنون يرفعون األعشاب املقلوعة ،إّّنا يوان غري موجودّ .
وُييّيه الرجال دون تركهم العمل.
«أين يوان؟»
ط فوق الثلم ،فنقلناه إىل البيت .مسكني يوان .لن يطول به زمن
«بعد ساعتني من العمل َس َق َ
األمل .يف احلقيقة إنّه مشرف على املوت .ولن يكون لنا صديق أفضل منه مطلقاً».
«سوف أكون لكم على األرض ،وهو يف أحضان إبراهيم .فاألموات ُيبّون األحياء حبّاً
حب خالص». احلب الذي ينالونه لوجودهم مع هللا ،ابلنتيجة فهو ّ
اخلاص ،و ّ
ّ مضاعفاً :حبّهم
لري َك يف معاانته!»
«آه! فلتذهب إليه حاالً .و ََ
يبارك يسوع وَيضي.
تعرى حاليّاً.
لكن بناءه جيّد ،وسط بستان قد ّ
يسي .إنّه واسع ومنخفض ،و ّ
الفر ّ
ويظهر بيت ّ
وعملي .يسبق بطرس ومسعان اآلخرين لإلعالم.
ّ ثري
يفي ،ولكنّه ّ
بيت ر ّ
ظرة ساخرة وفم ثعبان،
ينم عن قسوة َج َشع عتيق ،نَ َ
ََي ُرج دوراس .إنّه عجوز ،ومظهره اجلانيب ّ
يهش اببتسامة خمادعة يف حلية بيضاء أكثر منها سوداء« .سالماً اي يسوع» .حتيّة وديّة ابستخفافّ
جلي.
ّ
إليك».
سالمك َ
َ ال يُلقي يسوع "السالم" ،بل جييب« :فليَـعُد
اعيدك َك َملِّك».
ك دقيق يف مو َ
يستقبلك .إنّ َ
َ «ادخل .البيت
املدعوين« :ادخلوا .إ ّهنم أصدقائي». غري للتالميذ ويقول يسوع ت يلت ِّ
ف
ّ َ
«فليأتوا ...ولكن ...أليس هذا جايب الضرائب ،ابن حلفا؟»
لكن يسوع ال يَ َدع مشاعره تتأثّر مبنظر الثراء ،وال إبُياءات الثروة والنسب ...ودوراس الذي و ّ
ينتبه إىل المباالة املعلّم ،يرافقه إىل بستان الفواكه .يريه األشجار النادرة ،ويق ّدم له من فاكهتها اليت
يتذوقها يسوع وَيتدح طعمها اللذيذ .منها ما هو حمفوظ ُيملها اخل ّدام يف صحائف وآنية ذهبيةّ .
ضمن شراب ،ومنها كذلك دراق رائع ،كما أ ّن هناك أجاص بضخامة غري معهودة.
«أان الوحيد الذي أملكها يف فلسطني كلّها ،وأعتقد ّأهنا غري موجودة يف شبه اجلزيرة كلّها .لقد
ومن أمكنة أبعد كذلك .ولقد كلَّ َفتين القافلة مثقاالً كامالً .إ ّن حكام الربعجلَبتُها من بالد الفرسِّ ،
َ
أنفسهم ال َيلكون مثل هذه الفواكه .وقد ال يكون قيصر نفسه َيلك مثلها .إنّين أحصي مثراهتا وأُطالِّب
ُرسل بعضاً لئال تؤخذ منها بذرة واحدة .إنّين أ ِّبكل النوىّ .أما األجاص فال يُستَهلَك إال على مائديتّ ،
ّ
منها إىل حنّان ،إّّنا بعد طهيها ،لكي تصبح البذور عقيمة».
ّأما دوراس ،فبعد فَتة من االمتداح الذايتّ ،يهتف« :وملاذا إذاً اي يسوع ،إرسال لعازر ،أخو
صديقك؟ ولكن جيب ّأال يكون ذلك!
َ غش فيه؟ هل لعازر
يسي الذي ال ّ الفر ّ
الزانية ،إىل بيت دوراس ّ
أال تعلم أنّه حمروم أل ّن أخته مرمي زانية؟»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 573 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«أان ال أعرف سوى لعازر وسلوكه النـزيه الشريف».
وإعطائك يوان».
َ لرغبتك
َ ك بتنازيل
أنت ترى أنّين اآلن أحبّ َ
ك .و َ
«سوف أحبّ َ
عت الثمن».
«لقد َدفَ ُ
ك تستطيع دفع مثل هذا املبلغ».
فوجئت أبنّ َ
ُ «هذا صحيح .ولقد
لدي،
أعطيتك أحسن خادم ّ َ عليك إرضائي .فرح مقابل فرح .من جهيت «يف هذه األثناءَ ،
كتك حماصيل َج َعلَت أمالكي ذات مهم .ويف هذه السنة ،أ ََّمنَت يل بر َ
فحرمت نفسي بذلك من عائد ّ ُ
أتيت يف مطلع موسم احلرارة املرتفعة .واآلن ،ابرك قطعاين وحقويل .ولن ك َ شهرة ،ذلك أنّين أعلم أنّ َ
أندم ،يف العام القادم ،على فقدان يوان ...ويف انتظار ذلك ،سوف أجد بديالً عنه جيّداً .تعال ،ابرك.
«يف الفالحة .لقد أراد أن يقوم هبذا العمل أيضاً كرمى ملعلّمه الطيّب .ولكنّه سوف أييت قبل
كل شيء،االنتهاء من الطعام .يف انتظار ذلك ابرك القطعان واحلقول والبساتني والكروم واملعاصرّ .
كل شيء ...آه! اي خلصب العام املقبل! تعال إذن».
ّ
«أين يوان؟» يسأل يسوع بصوت كالرعد.
لك :إنّه يدير الفالحة .إنّه رئيس اخل ّدام وهو ال يعمل بل يدير».
قلت َ
لكين ُ
«و ّ
«كاذب!»
«تقسم زوراً!»
لكالمك!»
َ «أان ،أان أقسم زوراً؟ أان األكثر إَياانً بني املؤمنني؟ انتبه
كان ذاك قد أضحى هيكالً عظميّاً .إنّه يَ َلهث ،نصف عار ،وقد أهنَ َكته احلرارة ،على سرير
ممزق ،واملرأة اليت كانت ِّ ِّ
صبُ ،وض َع عليه بدل الفراش ثوب مرقّع ،وبدل الغطاء معطف ّ حقري من ال َق َ
يف املرة السابقة ،هي نفسها تعتين به اآلن على قدر استطاعتها.
عنك!»
أتيت أحبث َ
«يوان! صديقي! لقد ُ
ك عندي هنا!»
ريب! إنّين أموت ...ولكنّين سعيد ألنّ َ
أنت؟ ّ
« َ
آخذك إىل بييت».
حر ولن متوت هنا .سوف َ
أنت اآلن ّ
الويفَ ،
«أيّها الصديق ّ
ك».
كنت قد َو َعدتَين أبن أرى ّأم َ
بيتك؟ آه! نعم! َ
حر؟ ملاذا؟ إىل َ
« ّ
يَن َـزع التالميذ معاطفهم يف احلال ،ويطووهنا وَيدوهنا وجيعلون من بعضها وسادة .يضع بطرس
اخلاص. مبعطفه يسوع يهّط ويغ حلم، عليه يعد مل الذي له ِّ
مح
ّ
معك دراهم؟»
«بطرس ،هل َ
«نعم اي معلّم ،لدي أربعون دانقاً».
تشجع اي يوان .قليل من العناء بعد ،مثّ سالم عظيم ،يف بييت ،إىل جانب مرمي»...
«حسناً ،هياّ .
بيتك!» ويبكي رغم إعيائه ،يوان املسكني .إنّه ال يعرف سوى البكاء.
«مرمي ...نعم ...آه! َ
ِّ
لرمحتك». «الوداع اي امرأة .سوف يبار ِّ
كك هللا
ُُيَ ِّّدق يسوع هبذا اجلَّ ِّشع املثري لالمشئزاز .إنّه مشهد ال َيكن وصفه .وال جييب البتة.
ب ،أل ّن املطر كان قد بدأ ينهمرََ ،ي ُرج يتوقّف اجلنداين .ومن حتت غطاء العربة الذي س ِّ
ح
ُ َ ّ
ضابط ،وقد تربج رأسه ،ويسأل يسوع« :ماذا تريد؟»
أنت؟»
صديقك؟ َمن َ
َ «
الناصري».
ّ «الرايب يسوع
ك طيب».
«إنّ َ
لكونك معي .تذ ّكر بوبليوس
َ أقل سوءاً من آخرين كثريين .وإنّين لسعيد «ال ،ولكنّين ّ
اإليطايل ،إنّين يف القيصريّة .إّّنا اآلن ،أان ذاهب إىل طوملايد على رأس محلة
ّ كينتيليانوس ،من اجليش
تفتيشيّة».
عدواً يل».
لست ّ
أنت َ
« َ
أود لو أكون صاحلاً أان أيضاً .قل يل:
عدو الصاحلني .و ّ عدو األشرار ،وأبداً لن أكون ّ
«أان؟ ّ
ابلنسبة لنا ،حنن رجال السالح ،ما هو املذهب الذي تُـبَ ِّّشر به؟»
يسمعك
َ احلق .وهو الذي أُبَ ِّّشر به .وهو الذي
«ال يوجد آهلة كثريون .ليس هناك سوى اإلله ّ
ورغبتك يف معرفة اخلري».
َ صالحك
َ ويَرى
لطيبك».
َ كك « ِّ
سأنزل وأابر َ
«السالم اي معلّم».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 580 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
فليتجل الرب لكم أيّها اجلنود .وداعاً».
َّ «
يبتسم يوان ،ويهدأ أكثر فأكثر كلّما تق ّدم الليل وأت ّكد من ابتعاده عن دوراس.
يهرع يوحنّا وأخوه لينبِّئوا مرمي .عندما ي ِّ
صل املوكب الصغري إىل الناصرة اليت تكاد تكون مقفرة َ ُ
يف الليل الذي يهبط ،ومرمي عند العتبة تنتظر االبن.
حّت
قاوَم ّ
يَسكب يسوع لطفه على يوان املسكني الذي يَضعف من حلظة ألخرى .يبدو وكأنّه َ
هذه اللحظة لكي َيوت هنا ...ولكنّه سعيد للغاية ،إنّه يبتسم وُياول لثم يد يسوع ،ويد مرمي ،وأن
يردد« :نعم ...نعم».
لكن اإلعياء يكسر الكالم .تُ َش ّجعه مرمي كأم .وهو ّيتح ّدث ويتح ّدث ...و ّ
اببتسامة ُمغتَبِّطَة بوجهه اهلزيل.
صبحك
َ ليلك الطويل أصبَ َحت جنمة
لرغبتك اليت دامت طويالً .جنمة َ
َ «لقد استجاب هللا
أنت تعرف امسها ».يقول يسوع.
األزيل .و َ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 581 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
املالئكي؟ نفسي تسمعه...
ّ امسك! آه! يسوع! املالئكة ...من ذا الذي يرتل يل النشيد
«يسوعَ ،
لت الكثري! الكثري من
حتم ُ
تود مساعه ...لكي أانم سعيداً ...النعاس يتملّكين! لقد ّلكن أذين كذلك ّ
و ّ
الدموع ...الكثري من اإلهاانت ...دوراس ...أساحمه ...ولكنّين ال أود مساع صوته ،وأمسعه ...إنّه
كصوت الشيطان ،أمامي أان املشرف على املوت .من ذا الذي ،ألجلي ،جيعل األصوات القادمة من
اجلنّة تطغى عليه؟»
مرتني دها تُـرتِّّل مرمي هبدوء« :اجملد هلل يف أعايل السماوات ،وعلى األرض السالم للناس ».وتُـرِّ
د
ّ ّ َ َ
ألهنا ترى أ ّن يوان يهدأ لدى مساعها.
أو ثالاثًّ ،
«مل يـَعُد دوراس يتكلّم ».يقول بعد وقت قليل« .فقط املالئكة ...كان هناك طفل ...يف
ُهت به ...ومعه كان يوسف وكانت مرمي»...
مذود ...بني محار وثور ...وقد كان ماسيا ...ولقد ُ
ينطفئ الصوت ،مثّ شخرة مقتضبة ،ويعقبها الصمت.
«السالم يف السماء للرجل ذي اإلرادة الصاحلة! لقد مات .سوف ندفنه يف قربان املتواضع .إنّه
يستحق انتظار قيامة املوتى إىل جانب الصديق ،أيب ».يقول يسوع.
ّ
لست أدري َمن الذي أنبَأَها. ِّ
وتتوقّف الرؤاي متاماً عندما تَصل مرمي اليت حللفا .و ُ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 17
أقول إنّه ابإلضافة إىل حبرية اجلليل والبحر امليت ،ففي فلسطني حبرية صغرية أخرى ،أو بركة،
قصارى القول ،هي مرآة ماء أجهل امسها.
أان ال ابع يل ابلتخمينات ،إّّنا إبلقاء نظرة ،أقول إ ّن سطح املاء هذا َيكن ألبعاده أن تكون
حوايل ثالثة كيلومَتات الثنني .إنّه صغري حسبما يُرى .ولكنّه أنيق ،ضمن إطار اخلُضرة الذي ُييط
السماوي ،مع تلوين أفتح،
ّ به .إنّه مرآة الزورديّة وساكنة لدرجة حتسبها معها حمارة كبرية من امليناء
يصب فيها يف الشمال ليخرج وقليل من االهتزازات يف الوسط ،تُعزى بدون شك ،جملرى النهر الذي ّ
حي وسط ماء راكد ،منبّهاً لوجوده
منها يف اجلنوب .وبسبب قلّة عمق البحرية ،جيتازها التيّار مثل وريد ّ
وحترك ملياهه خفيف.
بلون خمتلف ّ
ال مراكب شراعيّة يف هذه البحرية ،إّّنا فقط بضعة زوارق صغرية ،تتّسع لصيّاد واحد ينـزل أو
يسحب فخاخه ،أو مسافر يستأجرها كي جيعل املسافة أقصر ،وكذلك قطعان وقطعان تنـزل ابلتأكيد
من املراعي يف اجلبال ،بسبب اخلريف الذي يزحف ،وترعى على الضفاف ،يف احلقول ،حيث اخلصب
والعشب األخضر.
«سوف نصل يف الوقت احمل ّدد .ثق يب اي بطرس ،إ ّن طاعة هللا يف فعل اخلري ،هلي أفضل كثرياً
رب العائلة الذي ُش ِّف َي
كل أوالدها ،حول ّ ِّ
ظاهري .فاآلن ،تلك املرأة تُ َسبّح هللا مع ّ
ّ من حضور احتفال
املظال ،بينما كان من
حّت إنّه سوف يتم ّكن من احلضور إىل أورشليم للمشاركة يف احتفال عيد ّ متاماًّ ،
املفروض ،يف هذا الوقت ،أن يكون راقداً يف قرب داخل األكفان ووسط الطيوب .ال ختلطوا أبداً اإلَيان
أنت أيضاً كنت َالفريسيّون إذا َ
يدهشك ّ
َ ابلتصرفات الظاهريّة ،ينبغي عدم االنتقاد .فكيف َيكن أن
ّ
لك" :إين أخدم هللا وهذا قلبك جتاه القريب بقو َ
قت َ نفسك إبدراك الرمحة بشكل سيّئ ،وإذا أغلَ َ
َ ختدع
يكفي"؟»
لت ألجله
أنت قد فَـ َع َ
يهم ،اي مسعان ».جييب يسوع« .إنّه اآلن أكثر غبطة وأكثر فاعليّة .و َ
«ال ّ
كك».
حمرره ،ويبار َ
أشكرك .وهو اآلن يَعلَم َمن ّ
َ أي إنسان آخر .فمن أجله كذلك أان
وألجلي أكثر من ّ
لعنتك فعلها؟»
«ابلنسبة إىل دوراس ...هل ستفعل َ
أبي معىن اي بطرس؟»
« ّ
ابحلري ...بصفعه صفعة أتديب».
ّ «حبمله على التفكري والتب ّدل ...أو
«وال أان!»
«ال أحد يـَ َوّد ذلكّ .أما "عدالة" فما تكون إذن؟» يقول التالميذ.
نت
«فلنأمل إجياد أحد الناس يتمتّع بصالح ذاك الروماينّ .مل أكن أظنّهم هكذا ...لقد ك ُ
أحتاشاهم دائماً كأجناس ،وأرى أ ّن ...نعم ،أرى ّأهنم أفضل كثرياً ِّمن عدد كبري منّا ».يقول بطرس.
يعجبك الرومان؟»
َ فيسأله يسوع« :هل
«إنّين خادمة لرجل فقري ووحيد ،ولكن إذا ما شئتم اجمليء ...فأعتقد أن املعلّم سوف يستقبلكم
بطيب خاطر».
«هيّا بنا».
ينطلقون ،حتت املطر بسرعة ،وسط النعاج اليت جتري خبباً أبجسامها املليئة للهروب من املطر.
يؤدي إىل بيت صغري متواضع .أَتَـ َعَّرف على البيت ،إنّه بيت
يَتكون الطريق العريضة ليسلكوا درابً ّ
الفالح يعقوب بن ماتياس ومرمي يتيمي رؤاي شهر آب (أغسطس) كما يبدو يل. ّ
«ها هو ذا ،إنّه هنا! اسبقوين بينما أقود النعاج إىل احلظرية .بعد هذا السور ،توجد ابحة
هتتموا إذا ما تَـ َف َّوه ببعض الكلمات ...لديه مشاكل
توصلكم إىل البيت .ستجدونه يف املطبخ .ال ّ
كثرية »...ومتضي املرأة صوب غرفة صغرية ضيّقة إىل اليمني .ويدور يسوع إىل اليسار مع أتباعه.
منك ملجأ ّنضي الليل فيه ،أان ورفاقي ».يقول يسوع ذلك وهو
«السالم هلذا البيت .أطلب َ
على عتبة الباب.
كنت أان
كنت تتح ّدث يف بيت يوضاس وحنّةُ ... إليك عند آخر قَ َمر ،بينما َ عت َ «لقد استَ َم ُ
الربد واليَسروع ،أشجار ونعاج ِّمن ِّ
حل يبََ :
ّ املصائب من كم
ّ فقري... ينّنإ إذ... افني، ط
ّ الق من ض
أحتمل الديون ألن
مريضةّ ...أما أان فإنّين وحيد مع خادمة ،وما أملكه كان يكفيين .ولكنّين اآلن ّ
كل نعاجي ،فإنّين أعمل يف بيوت اآلخرين ...ومثّ حقويل! ...حتسب البؤس يالحقين ...ولكي ال أبيع ّ
أ ّن احلرب كانت قائمة عليها ،بقدر ما هي حمروقة ،وبقدر ما كانت الكروم والزيتون عقيمة .فمنذ وفاة
مين .أترى؟ إنّين أقوم
سخر ّ
ست سنوات ،حتسب أ ّن الشيطان يَ َ زوجيت ،وقد مضى على ذلك اآلن ّ
اآلن إبصالح هذا احملراث ،رغم أ ّن َخ َشبَه َخ ِّرب .ما العمل؟ فأان ال خربة يل يف هذه املصلحة .لذا
علي
وعلي كذلك أخذ املال الذي معي بعني االعتبار ،اآلنّ ... فأان أربط وأربط ،وال نتيجة تُرجىّ .
لكن احلقول تَشغُل ابيل أكثر
أن أبيع نعجة أخرى إلصالح األدوات .السقف يرشح (يدلف) ...و ّ
كنت أرجو إعادة تشكيل القطيع ...ولكن!»من البيت .خسارة! النعاج كلّها حامل ...و ُ
أيخذ يسوع اخلبز ويقدمه ،وهو َيسك به عالياً بني يديه .يصلي ،أظنّه مزموراً ،مثّ َجيلُس ويَكسر
ويوزعه…
اخلبز ّ
كل شيء.
وهكذا ينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 18
يوحنّا يقول للمعلّم« :إنّين مندهش ج ّداً لعدم وجود املعمدان هناّ ».إهنم مجيعاً على الض ّفة
الشرقيّة لنهر األردن ،قرب املعرب الشهري ،حيث كان يوحنّا املعمدان يـُ َع ِّّمد يف وقت ما.
«لقد أوقَفوه ،أ ََمالً مببلغ جديد من املال ».يـُ َعلِّّق بطرسّ « .إهنم أنذال ،رجال هريودس هؤالء!»
«ال يفعل ذلك بسبب األبرار املوجودين فيها ،بسبب أولئك الذين رغم عدم كوهنم أبراراً ،فإ ّهنم
ومتمسكون بتعاليم الذين يكرزون ابلقداسة ».جييب يسوع.
ّ متعطّشون للربارة
«إنّك متتلك احلكمة الكافية لِّتُـ َق ِّّدر أ ّن الذي يساهم يف التطهري ،عليه ّأال يلطخه أبخذ الدراهم.
ملوتك كابن خملص مؤمن».لك :ليس فقط إبراهيم ،بل إله إبراهيم أيضاً سوف يبتسم َ أقول َ
أنت؟»
«آه! اي إهلي! أتقول يل ذلك ح ّقاً؟ من تكون َ
«إنّين ابر».
أنت
لك إ ّن يف إسرائيل اثنني ،أحدُها املعمدان واآلخر هو ماسيا .هل َ
قلت َ
«امسع :لقد ُ
ماسيا؟»
«أان هو».
املظال».
«أذهب إىل أورشليم ،عرب أرُيا ،إنّه عيد ّ
أنت أيضاً؟»
«إىل أورشليم؟ ولكنَ ...
لك البغض! أريد القول ،هم الشخصيّات الكبرية فيهاّ ،فريسيّو أورشليم.
لكن أورشليم تَ ُك ّن َ
«و ّ
مسعت»...
لك إنّين ُقلت َ
ُ
لك إنّه
احلق أقول َ
أؤدي واجيبّ .
يؤدون واجبهم ،ما يظنّونه واجبهم .وأان ّ
«دعهم يفعلون .إ ّهنم ّ
طاملا أ ّن الساعة مل حتن فلن يستطيعوا شيئاً».
أتبعك اي معلّم».
« َ
لك».
«ال .تعال بعد ثالثة ّأايم إىل "بيل ندراش" .السالم َ
ويسلك يسوع طريقه وسط تالميذه مشغويل البال.
كل
علي ،وال على أنفسكم .لقد مرران ابملدن العشر والبرييه .ويف ّ «مباذا تف ّكرون؟ ال ختشوا ّ
حصادين يعملون يف احلقول .يف بعض األمكنة ،كانت األرض ما تزال ممتلئة ابحلشف مكان رأينا ّ
الضارة اليت َمحَلَتها رايح الصيف ،وبَ َذ َرهتا ،حاملة احلبوب
والعكرش ،جمدبة ،قاسية ،ومزدمحة ابلنبااتت ّ
من الصحارى املقفرة .وهذه كانت حقول الكساىل والشهوانيّني .بينما ،يف أمكنة أخرى ،كانت األرض
كذلك هو األمر ابلنسبة للقلوب .فأان سكة احملراث ،وكلميت هي النار ،للتهيئة للنصر األزيل.
هم هلم سوى عين بعد ،بل ال يرغبون يب ،وال ّ وهناك الكساىل والشهوانيّون الذين مل يبحثوا ّ
كل ما يبدو هلم زينة وخضرة وزهوراً ،هو ليس سوى علّيق البحث عن التمتّع برذائلهم وميوهلم السيّئة .و ّ
حّت املوت ،وتكبّلهم ،وجتعل منهم طعماً لنار جهنّم .فاآلن املدن العشر والبرييه متزق أرواحهم ّ وأشواك ّ
مين اجَتاح املعجزات ،ذلك أ ّن أحداً ال يريد تشذيب الكلمة ُها هكذا ...وليسا وحدُها .ال يُطلَب ّ
لكن ساعتهم آتية .ويف أمكنة أخرى ،هناك من يتقبّل هذا التشذيب وهذه احلرارة، وال حرارة النار ،و ّ
يطهرين وجيعلين خصباً ابألعمال الصاحلة"ّ .إهنم أولئك الذين ال ويف ّكرون" :إ ّن ذلك ملؤمل ،ولكنّه ّ
َيتلكون بطولة الفعل ،ولكنّهم يسمحون يل أبن أقوم أان ابلفعلّ .إهنا اخلطوة األوىل على طريقي.
عملون عملي ،ال يسريون ،بل وهناك ،أخرياً ،من يساعدين بعمله الفاعل الذي ال يعرف الكلل .إ ّهنم يَ َ
هم يطريون على طريق هللا .هؤالء هم التالميذ األوفياء :أنتم واآلخرون املنتشرون يف إسرائيل».
لكن عددان قليل ...مقابل عددهم الكبري ج ّداً .وحنن ضعفاء متواضعون ...مقابل َمن ُهم
«و ّ
إيذاءك؟»
َ وحنميك إذا ما أرادوا
َ عنك
ذوو سلطان .فكيف ندافع َ
«سالم؟ نعم .فرح؟ أيضاً .ولكن ...اي بطرس! اي أصدقائي! كم من الدموع ستسيل بني الكأس
األوىل والكأس الثانية! وسيكون فقط أ ّن بعد شرب آخر نقطة من الكأس الثالثة ،سيحل الفرح بني
األبرار ،وسيكون سالم مؤّكد للناس ذوي اإلرادة املستقيمة».
أتمله ،ويبدو وكأنّه مل يسمع شيئاًّ .أما بطرس فيأخذ مسعان جانباً ويسأله:
يستغرق يسوع يف ّ
كلماتك ِّجلَهلي».
َ أنت احلكيم واملتواضع ،فَ ِّّسر
« َ
«نعم اي أخي! إ ّن امسه الفادي .وكؤوس السالم والفرح بني اإلنسان وهللا ،األرض والسماء ،هو
من سيملؤها خبمره ،هبرسه ذاته يف األمل ،حبّاً بنا مجيعاً .سوف يكون إذاً حاضراً ،رغم أ ّن الظَّاهر هو
أ ّن سلطان الظلمات سيكون قد َخنَ َق النور الذي هو ،هو نفسه .آه! علينا أن حنبّه كثرياً ،هذا املسيح
مسيحنا ،ذلك أ ّن الكثريين سوف يرفضون أن َينحوه حبّهم .فلنعمل على ّأال يتم ّكن أحد ،عند ساعة
التوجه إلينا و ّاهتامنا ،حسب شكوى داود" :سرب من الكالب (وحنن منهم) ُييط التخلّي عنه ،من ّ
يب"».
أخجل من طرحي عليه أسئلة كثرية .وهذا يؤملين، أنت حكيم اي مسعانّ .أما أان ...فإنّين أ ُّمي ،و َ
« َ
عندما أرى مسبّبات كثرية تستوجب الدموع ...انظر إىل وجهه :يبدو أنّه غارق يف دموع خفيّة .انظر
إىل عينيهّ .إهنما ال تنظران إىل مساء وال إىل أرضّ .إهنما مفتوحتان على عامل جنهله .كم يبدو ُم َنهكاً
وخائر القوى يف مسريته! يبدو مسنّاً يف فكره .آه! ال َيكنين رؤيته هكذا! اي معلّم! اي معلّم! ابتسم.
ملاحنك صدري وسادةَ ك عزيز على قليب مثل ابن يل ،وإنّين رؤيتك حزيناً إىل هذا احل ّد .إنّ َ
َ ال َيكنين
ك اي يسوع». لك" :ابن"! فهذا ألنّين أحبّ َ
لت َ
لتنام وحتلم بعوامل أخرى ...آه! ساحمين إذا ما قُ ُ
«أان هو االبن ...هذا االسم هو امسي .ولكنّين مل أعد حزيناً .أترى ذلك؟ إنّين أبتسم ألنّكم يل
أصدقاء .ها هي ذي أرُيا ،محراء يف الغسق .فليذهب اثنان منكم للبحث عن مأوى .أّما أان واآلخرون
فسنذهب لننتظرُها أمام الكنيس .هيّا».
كل شيء بينما يوحنّا ويوضاس ت ّداوس يذهبان للبحث عن بيت ُمضيف.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 19
نشغِّل بـ...
العشار ُم َ
ساحة السوق يف أرُيا ،أبشجارها ونداءات الباعة .يف إحدى الزوااي ،زّكا ّ
ابتزازاته املشروعة وغري املشروعة .قد يكون يعمل قليالً ببيع وشراء األشياء الثمينة .أراه ابلفعل يَِّزن
لست أدري ما إذا كانت تعطى له كبديل عن دفعات من ويُعايِّن قالدات وأشياء من معدن مثنيُ .
ضرائب مل يتم ّكن أصحاهبا من دفعها ،أو إذا كانت قد بيعت له من أجل احتياجات أخرى.
مت ّد السوار دون أن تقول له كلمة ،أتخذ الدراهم دون مساومة ،وتدور لتنصرف .أالحظ اآلن
هتم ابالنصراف ،يقول هلا كلمة مل أفهمها
يوطي خلفها ،وهو يراقبها ابنتباه ،وعندما ّ
وجود االسخر ّ
جيّداً .ولكنّها ،كما لو كانت بكماء ،ال جتيب ،وتبتعد بسرعة.
«ولكن هل هي يهوديّة؟»
كل البلدان».
«من يدري؟ فالذهب أصفر يف ّ
« ِّ
أرين هذا السوار».
«ال».
تظن؟ أن تُ ِّ
ساوم نيابة عنها؟» «إذن ال داعي .ماذا ّ
كت َمن تكون»...
أدر ُ
كنت قد َ
أود معرفة ما إذا ُ
« ّ
ليسي تقوده يقلقك إىل هذا احلد؟ هل أنت مستَ ِّ
ك كلب بو ّ حضر أرواح لتحزر؟ أم إنّ َ َ ُ َ «أهذا
وإما أن
فإما أن تكون شريفة وابئسةّ ،
حمزمة هبذا الشكلّ ،
اطمئن ،فطاملا هي ّ
الشم؟ انصرف و ّ حاسة ّ ّ
تكون من الربص .وابلنتيجة ...فال فائدة ترجى».
فيشتمهما يهوذا وَيضي ...ليجد نفسه ابلضبط وسط مجاعة يسوع وأتباعه الذين قَ ِّدموا ليبتاعوا
أأنت
متبادلَة ...وليست حبماس كثري .فقط يقول له يسوعَ « : خبزاً وطعاماً لوجبتهم اليوميّة .املفاجأة َ
مهم يهوذا ،ينفجر بطرس ضاحكاً بصخب ويقول« :ها أنذا أعمى وعدمي اإلَيان. هنا؟» وبينما يـُ َه ِّ
فلست أرى كروماً وال أؤمن ابملعجزات». ُ
«ولكن ماذا تقول؟» يسأل تلميذان أو ثالثة.
«أقول احلقيقة .فهنا ال وجود للكروم .وال َيكنين االعتقاد أب ّن يهوذا هنا ليقوم بقطاف العنب
جملرد أنّه تلميذ الرايب».
يف هذا الغبارّ ،
«لقد انتهى القطاف منذ بعض الوقت ».جييب يهوذا جبفاء.
لك أنّين»...
«أال تص ّدقين اي معلّم؟ أقسم َ
«إىل أورشليم».
«اليوم ابلذات؟»
«عند لعازر؟»
«عند لعازر».
ومّت ستذهبون إىل حيث أرسلكم ،لتعودوا يف املساءّ .أما يوحنّا وبرتلماوس عمي ّأنت وأبناء ّ
« َ
ومسعان وفليبّس فيبقون معي .يعين ّأهنم سيذهبون إىل بيت عنيا ليُعلِّنوا أ ّن الرايب قد أتى وسيتح ّدث
إليهم يف الساعة التاسعة».
يف الطريق اليت يسلكوهنا من أرُيا إىل بيت عنيا ،يقع بيت لعازر بني أوائل بيوت البلدة ،حيث
أرسلَها إىل بيت حلم ،وهو يقول: ِّ
يَصلون .يَصرف يسوع اجملموعة الذاهبة إىل أورشليم ،مثّ األخرى اليت َ
«اذهبوا دوّنا قلق .ويف منتصف الطريق ،سوف تلتقون إبسحق وإيلي واآلخرين .قولوا هلم إنّين سأقيم
يف أورشليم بضعة أايم ،وأنتظرهم ألابركهم».
هرع مسرعاًّ .أما يهوذا يف هذه األثناء يقرع مسعان الباب الذي يفتَحِّ ُ ،
وَيرب اخلّدام لعازر الذي يَ َ ُ ََ
كيوطي الذي كان قد ابتعد بضعة أمتار يعود إىل اخللف وهو يعتذر ليسوع بقوله« :لقد َك َّدرتُ َ االسخر ّ
كت ذلك .ساحمين ».وبينما هو يقول ذلك َيتلس نظرة عرب الباب املفتوح من جهة أدر ُ
اي معلّمَ .
حديقة املنـزل.
دخل يسوع مع األربعة اآلخرين ،وبعد تقبيل لعازر يـُ َعّرفه على يوحنّا وفليبّس وبرتلماوس ،مثّيَ ُ
يصرفهم ليبقى وحيداً مع لعازر.
لدي أخت اي معلّم .ها هي ذيّ ،إهنا مرات .هي صاحلة وتقيّة .وهي عزاء وشرف العائلة وفرح
« ّ
األول
األول والوحيدّ .أما اآلن فهي فرحي الثاين ،أل ّن ّ
لعازر املسكني .يف السابق ،كانت هي فرحي ّ
أنت».
أصبَ َح َ
حّت األرض وتُـ َقبِّّل طرف ثوب يسوع.
تنحين مرات ّ
«السالم لألخت الرائعة واملرأة العفيفة .اهنضي».
دخل البيت مع يسوع ولعازر .مثّ تستأذن كي تتغيّب بغية قضاء حاجات املنـزل.
تَ َنهض مرات وتَ ُ
لكن يسوع ال يبدي مالحظته ِّ
خاصة ،و ّ
«هذا سالمي ».يـُتَمتم لعازر وينظر إىل يسوع نظرة ّ
هلا.
«لقد مات».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 603 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«مات؟ إذن»...
يبغضك؟»
َ لك إنّه
َيقتك .ذاك الضبع يكره العامل أمجع ...أمل يقل َ
«إنّه شيطان و َ
«قال يل ذلك».
إليك».
أتيت َ
«إنّين عزاء املتألّمني ورفيق املنبوذين .لذلك أيضاً ُ
أنت تعلم؟ ...آه! وا خجلتاه!»
«آه! إذن َ
لدي ملعون ،حمروم ،يتأ ّمل؟ ال أبس ،فأان الرمحة والسالم
أأنت ّ
َعرف .وماذا؟ َ «ال .ملاذا َخ َجلَك؟ أ ِّ
لست مسؤوالً عن اخلطيئة اليتأنت َ احلب للجميع ،فما ابلك أكون ابلنسبة لألبرايء؟ َ واملساحمة و ّ
لك التَّبعة بينما أان أشفق عليها؟»... ملك .وهل علي أن أ َِّ
ُمحّ َ تؤ َ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 604 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«هل رأيتَها؟»
«لقد رأيتُها .ال تَ ِّ
بك».
ّإال أ ّن لعازر يَسند رأسه على ذراعيه املتصالبتني على الطاولة .إنّه يبكي وينتَ ِّحب أبمل .تتق ّدم
أبال تقول شيئاً .ومتضي مرات ودموعها تسيل بصمت .يهدأ لعازر رويداً مرات وتَنظُر .يشري إليها يسوع ّ
يعزيه يسوع ،ومبا أن صديقه يرغب ابلبقاء وحيداً للحظةََ ،ي ُرج يسوع إىل رويداً ،ويتواضع لضعفهّ .
َير عرب أحواض الزهر ،حيث ما تزال بعض الورود احلمراء صامدة. احلديقة ،و ّ
«نعم اي مرات».
ك تَعلَم ،وأنَّ َ
ك رأيتَها»... «مل يـَعُد لعازر يَنعم ابلسالم مذ َعرف أنّ َ
«كيف َعرف ذلك؟»
أنت فساحمي ،واطليب من لعازر أن أمنحك هذا الفرح .إّّنا ِّ
ِّ «سوف أشفيها .آمين .سوف
مثلكَ .ح ِّّدثيها عين»...
أحبيها ،ص ِّادقيها وَكلِّّميها كما لو كانت ِّ
ِّ
يسامح أيضاً .كذلك ّ
أنت الق ّدوس؟»
تفهمك و َ
َ «كيف تريدها أن
كأهنا مل تفهم ،ولكن امسي وحده هو خالص .حاويل جعلها تف ّكر يب وتلفظ امسي.
«ستبدو و ّ
آه! إ ّن الشيطان يهرب حينما يصل التفكري ابمسي إىل أحد القلوب .ابتسمي اي مرات هلذا األمل.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 606 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
لكن مشس اليوم ،انظريَ ،ج َعلَتها
األايم األخرية قد أتلَ َفها ،و ّ
انظري إىل هذه الوردة .كان املطر يف ّ
تَـتَفتّح ،وهي اآلن أكثر مجاالً ،إذ إ ّن قطرات املطر اليت ما تزال بني البتالت ،تضفي عليها مظهر
املاس .وهذا ما سوف ُيصل لبيتكم ...دموع وآالم اآلن ،مثّ ...فرح وجمد .امضي وكلّمي لعازر عن
هذا ،بينما أان أصلّي إىل اآلب ،يف سكون احلديقة ،من أجل مرمي ،ومن أجلكما»...
كل شيء.
وهكذا ينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
وضعك
َ «أعرف ذلك ،والكثريون يعرفون ،كثريون ...إّّنا ليس سوى النخبة َمن يُطلِّق على
فيسمونه نِّفاقاً».
تسميته الصحيحةّ .أما اآلخرونّ ...
نضح مبا فيه ،اي لعازر».
كل إانء يَ َ
« ّ
يود لو تذهب إليه السبت القادم».
«صحيح .ولكن فلتذهب إىل بيت يوسف .هو ّ
َيكنك إعالمه بذلك».
َ «سوف أذهب،
لست أهالً ألدينه .إّّنا ما بقي يل منه هي الذكرى ال ُـمَّرة ِّمن قوله يل
أنت تقول ذلك ...وأان ُ
« َ
ك رأيتَها»...
إنّ َ
لك وعدي»...
«ولكن هذه املرارة قد تلطّفت اآلن ابلعسل الذي ُيمله َ
َيص
حّت ولو كان ّ «نعم .ولكنّين ما ِّز ُ
لت أحتفظ بذكرى تلك اللحظة .فاألمل ال يُنسى ّ
املاضي».
ك مضطَ ِّرب ألمور كثرية ...وقليلة األُهيّة! دع الزمن يفعل فعله :إ ّهنا فقاعات «لعازر ،لعازر ،إنّ َ
فإهنا ال تزول ،بل هيوتضمحل مع ُم َنع َكساهتاُ ،م ِّبه َجة كانت أو ُحم ِّزنة .انظر إىل السماءّ ،
ّ هواء تُفقأ
تدوم لألبرار».
أنت اي َمن
ك َ بك ،وال وجوده مع َ
الصديق .ال أريد أن أدين عالقات يهوذا َ
«نعم أيّها املعلّم و َّ
يؤذيك».
َ قَبِّلتَه .بل سوف أصلّي من أجله لكي ال
1945 / 02 / 21
ظهم يتح ّدثون عن يوسف الرامي ،وتوما الذي قد يكون يعرفه جيّداً ،يشري إىل أمالكهأحلَ ُ
املؤدية إىل
خاصة تلك اليت تقع يف جهة أورشليم ،على الطريق ّ الواسعة والرائعة الواقعة على الرابيةّ ،
الرامة من العاصمة لتصل بعد ذلك هذه البلدة بيافا .حسبما أَحلَظ ،ذاك هو مضمون نقاشهم ،وتوماّ
يتح ّدث كذلك إبعجاب عن احلقول اليت َيلكها يوسف ،وهي حتاذي طرق السهل.
عامل الناس معاملة البهائم! آه! اي لدوراس هذا!» يقول مسعان. األقل ،ال يُ َ
«ولكن هنا ،على ّ
ظهرون اكتفاء ورضى أانس ابلفعل ،إ ّن العاملني هنا ُيصلون على غذاء جيّد ولباس جيّد ،وهم يُ ِّ
ألهنم ،ابلتأكيد ،يَعرفون مسبقاً َمن هو هذا الرجل الطويل واملميّز،
وضعهم جيّد .وهم ُُييّون ابحَتام ّ
ابجتاه بيت معلّمهم ،ويراقبونه وهم يتح ّدثون فيما بينهم بصوت خافت.الرامةّ ،ال ّذاهب َعرب قرى ّ
أنت هو الرايب املنتظَر؟»
ظهر بيت يوسف ،يَسأل أحد اخل ّدام ،بعد احنناءة كبرية« :هل َ
وعندما يَ َ
«أان هو ».جييب يسوع.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 611 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
وجيري إلعالم املعلّم .البيت حماط بسياج مرتَِّفع ما يزال خمضوضراً ،وهو ُييّي الرجل حتيّة ابلِّغة َ
هنا كبديل عن اجلدار العايل الذي يف بيت لعازر ،ويعزله عن الطريق ،وتليه ،بشكل متناغم ،حديقة
صل يسوع، أوش َكت األشجار اآلن أن تفقد كل أوراقها .وقبل أن ي ِّ
مشجرة بكثافة ،حتيط ابملنـزل ،وقد َ َّ
َ ّ
هرع يوسف الرامي بثيابه الفضفاضة ذات األهداب ملالقاته ،ينحين احنناءة كبرية ،ويداه متصالبتان يَ َ
ومن يتواضع بثين الركبة على صدره .وهذه ليست حتيّة َمن يرى يف يسوع اإلله الذي أصبَ َح بشراًَ ،
حّت األرض مع تقبيل القدمني أو هدب ثوب يسوع ،ولكنّها ،مع ذلك ،حتيّة فيها الكثري من والنّـزول ّ
اإلجالل .وينحين يسوع كذلك ،مثّ َينح حتيّة سالمه.
صاحلك».
َ ط ِّمن قِّبَلي كلمة واحدة يف غري
لك أن تعرف أنّه مل تصدر ق ّ
«أَعلَم ،و َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 612 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أخربين أ ّن الفضل يف احملافظة على أمالكي يعود أيضاً
كل شيء .فخادمي األمني ََ
«أعرف ّ
كل خري». إليك .فليُ ِّ
عين ّ
جزك هللا ّ َ
ابحلق ،صديقاً لبييت».
مت هذا الوضع ألساعدّ ،
خد ُ
«كانت يل يف اجملمع أُهيّة .وقد استَ َ
«كثريون كانوا أصدقاء عائليت ،وكثريون كانت هلم يف اجملمع أُهية ،ولكنّهم مل يكونوا م ِّ
نصفني ُ ّ
مثلك»...
َ
علي ...ولكنّين ال أعرف أين»...
«وهذا من يكون؟ وجهه ليس غريباً ّ
«أان توما املل ّقب ابلتوأم».
حي .وما زال على رأس عمله مع إخويت .ولقد تَـَركتُه من أجل املعلّم ،ولكنّه سعيد لذلك».
«إنّه ّ
الناصري هو ماسيا ،فال َيكن
ّ توص َل إىل اإلَيان أب ّن يسوع
غش فيه .ومبا أنّه َّ
ائيلي ال ّ
«إنّه إسر ّ
أن يكون ّإال سعيداً لكون ابنه احد املفضَّلني لديه».
رؤيتك ...ويف الوقت ذاته البقاء اثبتاً على آرائه .تَعلَم ...آراء .إنّه يقول إنّه يتمىن َ «نعم ،كان ّ
ك أحد رجال هللا .وهو ال يقول ِّ
رأى ماسيا ،وهو ينتظر اإلشارة اليت َو َع َده هبا لظهوره .ولكنّه يقول إنّ َ
إليك بذلك؟»متحكات حاخاميّة ،أليس كذلك؟ أمل يسيئوا َ "ر ُجل هللا" ،بل يقول "أحد رجال هللا"ُّ . َ
أحسنت قوالً .علينا أن نَ َدعهم يفعلون .واألخيار سيتم ّكنون
َ متحكات.
جييب يسوعُّ « :
أبنفسهم من االنضمام إىل األغصان عدَية الفائدة واليت ال تعطي سوى أغصان وال تعطي فاكهة ،إّّنا
إيل».
بعد ذلك أيتون ّ
بكل بساطة ،فهو صريح».
لك ّلك كلماته هو ،إذ ،ابلتأكيد ،سوف يقوهلا َ
أردت أن أقول َ
« ُ
يقول يوسف.
اآلن وقد َد َخلوا إىل قاعة فخمة حيث ُمدَّت الطاوالت ،فهم ال ينتظرون سوى مجالئيل
يعرفون هبم أبمساء :فليكس ،يوحنّا،
املدعوين األربعة اآلخرين قد وصلوا .أمسعهم ّ
ونيقودَيوس ،ذلك أ ّن ّ
مسعان وكورنيليوس.
َجلَبَة هائلة ِّمن خ ّدام َجيرون لدى قدوم نيقودَيوس ومجالئيل ،هذا ال ُـمتَ َسربِّل دائماً ثوبه الرائع
والناصع كالثلج املنسوج الذي يرتديه َبعظَ َمة َملِّك .يهرع يوسف ملالقاته ،والتحيّة بينهما تتسم ابحَتام
معك» .وجييبه يسوع: ِّ
الرب َ عظيم .وكذلك يسوع ينحين أمام احلاخام األكرب الذي يُبادر ابلتحيّةّ « :
الويف على الدوام ».وينحين لعازر كذلك ،ومثله يفعل اجلميع. رفيقك َّ «وليكن سالمه
أيخذ مجالئيل مكانه وسط الطاولة بني يسوع ويوسف .وبعد يسوع جيلس لعازر .وبعد يوسف
نيقودَيوس .تبدأ الوليمة ابلصلوات الطقسيّة اليت يتلوها مجالئيل ،وبعد ذلك يبدأ تبادل اجملامالت بني
الشخصيّات األساسية :يسوع ومجالئيل ويوسف.
مجالئيل جليل ج ّداً إّّنا دون كربايء .فهو يستمع كثرياً ويتكلّم قليالً .ومن الواضح ،مع ذلك،
كل كلمة يقوهلا يسوع ،وغالباً ما ينظر إليه بعينيه العميقتني ،الداكنتني والرصينتني .وعندما ِّ
أنّه يـُ َف ّكر يف ّ
َيتتم يسوع موضوعه ويصمت ،يعيد مجالئيل إحياء املناقشة بسؤال يف حملّه.
يؤّكد فليكس أن قداسة يوحنّا غري قابلة للجدال ،ومن هذه القداسة غري القابلة للنقاش والبحث
الناصري صانع املعجزات العديدة واملعروفة .فيقول« :املعجزة ليست ّ َيرج بنتيجة يف غري صاحل يسوع
النيب خالية منها .وليس يف إسرائيل َمن ُييا حياته .فبالنسبة له ال دليل قداسة ،إذ إ ّن حياة يوحنّا ّ
والئم وال صداقات وال منافع شخصيّة .بل أمل وسجن يف سبيل الشريعة .وحياته حياة تَـ َو ُّحد .إذ ،نعم،
حّت لدى أكثر حّت ولو كان لديه تالميذ ،فهو ال ُييا حياة مجاعة .وهو يَكشف عن أخطاء وخطااي ّ ّ
اجَت َح املعجزات،
بكل الناس ،بينما ...إيه! بينما معلّم الناصرة املوجود هنا قد ََ الناس نزاهة ،وين ّدد ّ
ُيب ما متنحه احلياة .فهو ال يـَتَ َمنَّع عن الصداقات ،وعفواً إذا ما قال
هذا صحيح ،ولكنّين أرى أنّه ّ
حّت للخطأة املعروفني احلبّ ،
لك ذلك أحد أعضاء اجملمع القدامى ،وَينح بسهولة ،ابسم هللا ،الغفران و ّ
َ
واملوسومني ابحلرم .فما كان ينبغي أن تفعل ذلك اي يسوع».
صدم.
«ولكن كيف؟ ولكن كيف؟ مجالئيل ،تَ َد َّخل إذن! »...فليكس يُ َ
تود مساعها ».يقول الثالثة الذين أتلّبوا ض ّد فليكس.
«إن كان منصفاً ،فسيقول احلقيقة اليت ال ّ
ُياول يوسف إعادة اهلدوء .يبقى يسوع ملتزماً الصمت .وكذلك توما والغيور ومسعان اآلخر
صديق يوسف .يبدو مجالئيل وكأنّه يلهو أبهداب ثوبه ،ولكنّه ينظر إىل يسوع خلسة.
كل الفقهاء .فليتح ّدث يفوق الذي مّل املع ذا هو « :ًال قائ يسوع إىل ويلتفت مجالئيل، ب صينتَ ِّ
ّ َ
هو عن هذا املوضوع».
لكن « ِّ
ئت ذلك .وأان أطيع ،فأقول :اإلنسان هو اإلنسان .والرسالة تتجاوز اإلنسان .و ّ أنت ش َ
َ
يتوىل رسالة ،وإذا ما ّاختذ هللا صديقاً له ،يصبح قادراً على القيام هبا بشكل فائق
اإلنسان ،حينما ّ
ك" .ماذا
"أنت كاهن حسب األمر الذي أعطيتُ َ
البشر ،وهو ُييا حياة القداسة .فاهلل هو الذي قالَ :
ُكتِّب يف ِّسفر العدد؟ "مذهب وحقيقة" .هاكم ما كان ينبغي أن يكون لدى األحبار .يف املذهب،
«أان مل أدعُه ليتسلّى به األصدقاء ،أرجو أن تتذ ّكر أنّه ضيفي ».جييب يوسف جبفاء.
«أية أسئلة؟»
كنت
مرة ...ال متتعض اي يسوع إذا ما ُ يرد مجالئيل على يوسف ،بل يلتفت إىل يسوعّ « : ال ّ
اعتقدت،
ُ مرة ،عندما كان هلليل العظيم واحلكيم ما يزال على قيد احلياة، متشبّثاً أبفكاري ...ذات ّ
وهو مثلي ،أ ّن ماسيا كان يف إسرائيل .وميض عظيم للشمس اإلهليّة يف يوم شتاء ابرد ،مل يكن يريد
أن ينتهي! كان الفصح ...وكان الناس يرجتفون بسبب موسم اجلليد ...بعد مساعي لتلك الكلمات
أبول بريق
لت" :إسرائيل قد َخلص! ومنذ اليوم وفرة يف احلقول وبـََرَكة يف القلوب! لقد ظَ َهَر ال ُـمنتَظَر ّقُ ُ
ين يف تلك السنة ذات الثالثة عشر شهراً، ِّ
له" .ومل أخطئَ .يكنكم مجيعاً أن تتذ ّكروا أي حمصول ُج َ
استمر األمر كذلك»...
و ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 619 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يتفوه هبا؟» ِّ
عت؟ ومن ذا الذي كان ّ
«أيّة كلمات َمس ُ
لكن هللا كان يتألّق يف وجهه الربيء اجلميل ...منذ تسع
«لقد كان يف أواخر سين الطفولة ...و ّ
عشرة سنة وأان أف ّكر بذلك ،وأحتفظ بتلك الذكرى ...وأسعى ألن أمسع ذلك الصوت مرة أخرى...
أي جزء من األرض ُيتضنه؟ أان أف ّكر ...:لقد كان هو هللا على لقد كان كالمه كالم حكمةّ ...
شكل طفل ،لكي ال َييف اإلنسان .مثل الربق وهو يعرب األجواء ،فتبدو السماء سريعة يف الشرق
إهلي،
الصالح الرحيم ،وبصوت ووجه طفل وفكر ّ اإلهلي ،مبظهر ّ
والغرب ،يف الشمال واجلنوب ،هوّ ،
جيوب األرض ليقول للناس" :أان هو" .كذا هو فكري ...مّت سيعود إىل إسرائيل؟ ...مّت؟ وأف ّكر:
ويئن قليب لدى رؤييت حقارة إسرائيل :أبداً .آه!
مّت ستكون أرض إسرائيل هيكالً لقدميه اإلهليّتني؟ ّ
حتل ،متمثّلة يف شخص مسيحه ،طاملا الكراهية إجابة قاسية! وهي حقيقيّة! هل َيكن للقداسة أن ّ
متأصلة فينا؟»
ّ
ألهنا رمحة ».جييب يسوع.
«َيكنها ذلك ،بل تفعلها ّ
احلقيقي؟»
ّ امسك
يَنظُر إليه مجالئيل مف ّكراً مثّ يسأله« :ما هو َ
الرب». ِّ
يَنتَصب يسوع مهيباً ويقول« :أان هو الكائن .فكر وكلمة اآلب .أان مسيح ّ
هاك
قداستك ،إّّنا ذاك الطفل الذي أؤمن بهَ ،َ أنت؟ ...ال أستطيع التصديق .عظيمة هي « َ
ما قاله آنذاك" :سأعطي إشارة ...سوف ترتعد هذه احلجارة عندما حتني ساعيت" .وأان أنتظر تلك
أنت هو ال ُـمنتَظَر؟»
ك َ أَيكنك أن تعطيين ّإايها لتقنعين أبنّ َ
َ اإلشارة ألؤمن.
كالُها ،اآلن ،واقفان ،عظيمان ومهيبان ،الواحد يف ثوبه الواسع من الكتّان األبيض ،واآلخر
السن ،واآلخر شاب بعينني سائدتني وعميقتني،
يف ثوبه البسيط من الصوف األمحر القامت ،الواحد كبري ّ
كل منهما ينظر إىل اآلخر إبمعان.
و ّ
معك».
الرب َ
«حسناً تقول .سأنتظر هذه اإلشارة .وداعاً .فليكن ّ
ك».
ويوج ْه َ «وداعاً اي مجالئيل .فلينِّ
األزيل ّ
ّ الروح ك
َ ر
ْ ُ
اجلميع ُييّون مجالئيل الذي ينصرف مع نيقودَيوس ويوحنّا ومسعان الذي من اجملمع .ويبقى
يسوع مع يوسف ولعازر وتوما ومسعان الغيور وكورنيليوس.
«ال حتزن .فال َيكن ألي مؤثّر أن ينقذين من الصاعقة اليت تتهيّأ اآلن .إّّنا مجالئيل ،فإذا مل
يقف يف صفي ولصاحلي ،فلن يقف كذلك ض ّد املسيح .إنّه واحد يَنتَ ِّظر»...
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -82شفاء طفل مشرف على املوت .اجلندي اسكندر .إنذار إىل يسوع)
1945 / 02 / 22
هو ذا اهليكل ِّمن الداخل .يسوع مع أتباعه قرب اهليكل ،أي املكان املق ّدس حيث ينبغي ّأال
يتم الوصول إليها عرب ردهة ،وعرب يدخل أحد سوى الكهنة ،وفقط الكهنة .إ ّهنا فسحة مجيلة ج ّداً ّ
يتم العبور إىل الشرفة العالية ،اليت عليها يوجد ُم َك َّعب القدس .ال فائدة! لقد
ردهة أخرى أكثر ثراءّ ،
مرة ،وإ ْن بسبب املكان ،وإن بسبب جهلي ابملصطلحات وعدم مرة ،ووصفتُهُ ألفي ّ
أيت اهليكل ألف ّ
ر ُ
يظل وصفي هلذا املكان ال ُـم ََتف ،بل قُل املكانتصور ملخطّط املكان ،فسوف ّ قدريت على تكوين ّ
املتاهة ،انقصاً على الدوام.
يُقاطَع خشوع املساحة املَتفة .تلتفت رؤوس كثرية صوب اجلهة اليت أتيت األصوات منها .يهوذا
يوطي املوجود هنا أيضاً مع التالميذ يلتفت إىل تلك اجلهة .وبفضل قامته الكبرية يتح ّقق االسخر ّ
ك حرمة املكان املق ّدس!ويقول« :إنّه جندي روماينّ ُياول الدخول! إنّه ينتَ ِّهك احلرمات .لقد انتَـ َه َ
ويردد كثريون كالمه.
اي للفظاعة!» ّ
لست أعرف ماذا أفعل
«دعوين ُأمّر أيّها اليهود الكالب! يسوع هنا .أان أعلَم! وهو َمن أبغي! ُ
عين أيّها ِّّ
الضباع املنافقون»... حبجارتكم السخيفة .الطفل َيوت ،وهو َمن ينقذه .إليكم ّ
مين حصاين قرب أنطونيا وأوقَـ َعهُ .وقد فَـتَ َحت حوافره
ت ّ لست أان اجملروح .بل طفل ...لقد أفلَ َ
« ُ
لكن ذلك الصيب .وقد قال الطبيب بروكول" :ال َيكن فعل شيء!" أان ...ليست غلطيت ...و ّ ّ رأس
"أما الطبيب فال ،و ّأما
فقلتّ : متر ...آتياً إىل هناُ ...
ك ّ كنت قد رأيتُ َ
حصل بسبيب ،وأ ُّمه هنا ايئسة .و ُ
وقلت أيضاً" :هيّا أيّتها املرأة :فيسوع سوف يشفيه" .ولقد َح َجَزين هؤالء املعتوهون... هو فَـبَـلَى"ُ .
والطفل يوشك أن َيوت».
ماداً
إيل ».يقول يسوع الذي ما يزال جالساً جانب املرأةّ ، «دعيه اي امرأة .أيّها الطفل ،تعال ّ
له ذراعيه ،وهو يبتسم .ويلقي الطفل بنفسه بثقة بني ذراعيه .يبكي ،ليس من األمل ،إّّنا ِّمن اخلوف
الذي تعيده إىل ذهنه ذكرى احلادثة.
تتجرأ املرأة وتنظر ،وعندما تَرى ،ال تعود تتمالك نفسها ،فَتمي
يصرخ الناس من الدهشةّ .
ويتحمل يسوع هذا العناق ،وهذا الوابل من الدموع.
ّ بنفسها على يسوع وتعانقه هي وابنها وتبكي.
خدمتك».
َ كنت متلك الثقة والصالح .وداعاً اي اسكندر .عد إىل
«قد َ
كان اسكندر مزمعاً على الذهاب عندما ،فجأة وكإعصار ،يصل مأمورو اهليكل والكهنة.
ك حرمته .ويف الوثين الذي انتَـ َه َ
أنت و ّ يبلغك ،بواسطتنا ،األمر ابخلروج من اهليكلَ ،
َ «كبري الكهنة
املرة األوىل
خمصص إلسرائيل .وهذه ليست ّ احلال .فلقد ع ّكرمتا تقدمة البخور .وذاك َد َخ َل إىل مكان ّ
أنت .لذلك ،فكبري الكهنة ومعه ذوو ا ِّلق َدم يف اخلدمةبسببك َ َ اليت َحت ُدث فيها ضجة يف اهليكل
يك».قدماك داخل هذا املكان .اذهب وابق مع وثنيّ َ
أبال تطأ َ أيمرونك ّ
َ
«يهوذا ،أجب ».يقول يسوع« .وأنتم انظروا إليه .إنّكم تعرفونه .إنّه من اهليكل .أتعرفونه؟»
بقوة« :نعم».
املفروض أن جييبوا ّ
ك وكيف املرة األوىل؟ ِّ
ارو هلم دهشتَ َ مت هنا يف ّ
منك فعله عندما تكلّ ُ
طلبت َ
«يهوذا ،ما الذي ُ
أجبت .قل وكن صادقاً وصرُياً».
ومباذا َ
وبني هويّته
صَّرح عن امسه َّ
«لقد قال يل" :ادعُ مأمور اخلدمة ألمت ّكن من االستئذان ابلوعظ" .مثّ َ
شت لذلك ،العتقادي أب ّهنا شكليّات ال طائل منها ،ألنّه ي ّدعي أنّه ماسيا .وقد ِّ
وعشريته ...أان ُده ُ
ِّ
صر يف واجب االحَتام للهيكل ضروري ،وعندما أتيت الساعة ،تذ ّكر أنّين مل أُقَ ّ
ّ قال يل" :ما أقوم به
للحق ينبغي يل أن أقوهلا .يف البدء تَ َكلَّ َم يهوذا دوّنا ثقة كبرية ،كما
واملأموريّة" .نعم ،لقد قال ذلك .و ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 626 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
حّت
اخلاصة ،تو َاز َنّ ،
التحول املفاجئ الذي هو من صفاته ّ
لو أ ّن األمر كان يزعجه .إّّنا بعدئذ ،بفعل ّ
كاد أن يُصبِّح متغطرساً.
َخن أحداً .كم منكم ينتمون إىل املعمدان! هل هم خونة من أجل ذلك؟ وأان أنتمي إىل
«مل أ ُ
املسيح .هو ذا».
«جيب ّأال يتح ّدث هذا هنا .فليأت كأحد املؤمنني .وهذا كثري على صديق الوثنيّني والزواين
العشارين».
و ّ
«أجيبوين اآلن ».يقول يسوع بصرامة ،ولكن هبدوء« .من هم َذوو ِّ
الق َدم يف اخلدمة؟» َ
« ّإهنم دوراس وفليكس من اليهود .ويواكيم من كفرانحوم ،ويوسف من إيطورية».
فهمت .هيا بنا .وأنتم عودوا إىل املت َِّّهمني الثالثة ،إذ ال َيكن أن يكون اإليطوري كذلك،
« ُ
وقولوا هلم" :إ ّن اهليكل ليس إسرائيل كلّها ،وإسرائيل ليست العامل أبكمله .إ ّن لعاب الزواحف ،مهما
حتركايت بني الناس ،طاملا ساعيت
يشل ذهايب وإاييبّ ،
ساماً ،فلن يطغى على صوت هللا ،وال مسّه ّ كان ّ
أتت بعد" .ومثّ ...آه! قولوا هلم :بعدئذ سيَح ُكم الناس على اجلالدين ويشيدون ابلضحيّة ،جبعلهم مل ِّ
فلنمض ».ويرتدي يسوع من جديد معطفه األمحر الثقيل وَيرجِّ ّإايها حبّهم األوحد .اذهبواّ .أما حنن،
وسط أتباعه.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -83يسوع يتح ّدث إىل نيقودَيوس ،أثناء الليل ،يف اجلسمانيّة)
1945 / 02 / 24
يسوع يف مطبخ البيت الصغري الذي يف كرم الزيتون ،على العشاء مع ُر ُسله .يتح ّدثون حول
فت يف ما َسلَف (الرؤاي السابقة) ،إذ إنّين
ص ُُجمرايت أحداث النهار ،وهي ،حينئذ ،ليست تلك اليت َو َ
َيص أحدااثً أخرى ،منها شفاء أبرص بني املدافن على طريق بيت فاجي. أخلُص إىل أ ّن احلديث ّ
«كان هناك قائد مئة يَنظُر ».يقول برتلماوس ،ويضيف« :لقد سأَلَين وهو على صهوة حصانه:
صَر َخ" :إنّه إذن أعظم من ِّ
"هل الرجل الذي تَتبَع كثرياً ما يفعل أشياء ُمشاهبة؟" وبعد إجابيت املؤّكدة َ
أسكوالب ،وسوف يصبح أكثر ثراء من كريزوس" .فأجبتُه" :بل سوف يظل فقرياً على الدوام يف نَظَر
إيل قائد املئة
احلق" .ونَظََر ّ
العامل ،ألنّه ال أيخذ ،بل يعطي ،وهو ال يبغي سوى نفوس يقودها إىل هللا ّ
بدهشة عظيمة .مثّ َُهََز جواده ومضى خبباً».
«كذلك كانت هناك امرأة رومانية على احمل ّفة .ال َيكن أن تكون سوى امرأة .كانت قد أ ِّ
ُسدلَت ّ
الستائرّ ،إال ّأهنا كانت تَنظُر إىل اخلارج .هذا ما رأيتُه ».يقول توما.
صَر َخ األبرص:
«نعم ،لقد كانت عند ّأول منعطف الطريق .ولقد أعطَت أوامرها ابلتوقّف عندما َ
وض ِّح َكت بته ّكم. ِّ
إليك بعدسة م ّكربة مثينةَ ،
"اي ابن داوود ارمحين!" كان الستار قد أزيح ،ورأيتُها تنظر َ
اندتين وسأَلَتين" :ولكن هل هذا هو الذي يقال منك فقط! عندئذ َ
أتك وقد َشفيتَه أبمر َ
ولكن عندما ر َ
أنت معه؟" مثّ َسأَلَت" :هل هو صاحل ح ّقاً؟"»
احلقيقي؟" أجبتُها بنعم ،فقالت يل" :هل َ
ّ عنه إنّه ماسيا
يقول يوحنّا.
شاهد وأنت تتح ّدث إىل الرومانيّني ».يقول فليبّس« .فإ ّن «ومثّ ...من غري املستحسن أن تُ َ
أقل طهراً من اليهود ابلوالدة .مثّ أيخذون علينامأخذهم اآلن علينا أنّنا جليليون ،وهلذا السبب نُعتََرب ّ
َ
طرباي ،املكان الذي يلتقي فيه الوثنيّون والرومانيّون والفينيقيّون والسوريّون ...مثّ...
اإلقامة غالباً يف ّ
أيضاً ...آه! كم ينسبون إلينا من األمور!»
ك طيّب اي فليبّس .تُغلّف قسوة احلقيقة اليت تقول .إّّنا احلقيقة دون تغليف هي هنا :كم
«إنّ َ
حّت ذلك الوقت.
ظل صامتاً ّ إيل أان إلدانيت ».يقول يسوع الذي ّ من األمور ينسبوهنا ّ
يوطي.
«يف حقيقة األمر ،هم ليسوا خمطئني متاماً .فكثري هو احتكاكنا ابلوثنيّني ».يقول االسخر ّ
«هل تعتقد أ ّن الوثنيّني هم فقط أولئك الذين ليس عندهم شريعة موسى؟» يقول يسوع.
عما
«ولكن أيّها املعلّم ...ابلنسبة لآلخرين ،ال أعرف شيئاًّ ...أما أان فأستطيع أن أقسم ّ
َيصين».
ّ
تفكريك ،ما هي الوثنيّة؟» يسأل أيضاً يسوع.
َ «حسب
«إّّنا هي اتّباع داينة غري حقيقيّة وعبادة اآلهلة ».جييب يهوذا حبماس واندفاع.
«أيّة آهلة؟»
«آهلة اليوانن وروما وآهلة مصر ...ابإلمجال هي اآلهلة ذات األلف اسم ،لكائنات خياليّة ،هي
حسب الوثنيّني متأل األوملب عندهم».
«الكثري ،نعم الكثري .إّّنا هناك منها على اهلياكل اليت يقصدها الناس كلّهم ليحرقوا البخور،
الفريسيّون والص ّدوقيّون واهلريوديّون ،وهؤالء مجيعهم أانس من
حّت الكهنة والكتبة واحلاخامون و ّّ
حّت تالميذي».
إسرائيل ،أليس كذلك؟ ليس فقط هم بل ّ
الكل ابإلمجاع.
«آه! هذا ال!» يؤّكد ّ
«ال؟ أيّها األصدقاء ...من منكم ليس لديه عبادة سريّة أو أكثر؟ الواحد لديه اجلمال والرشاقة.
يكرس الرجاء أبن يصبح عظيماً بشرّايً .وآخر أيضاً يعبد املرأة .وآخر ِّ
اآلخر كربايء علمه ،وآخر ّ
احلق أقول لكم أبنّه ال يوجد إنسان غريالفضة ...وآخر يسجد أمام معرفته ...وهكذا دواليكّ . ّ
جيلس بطرس إىل جانب يسوع وهو مسرور -ولذلك هو طيّب ،طيّب -ويقول بدوره« :يف ما
للمرة األوىل يف بيت عنيا ،بعد عودة يهوديت، حّت منذ أن حت ّدثت ّ
َيص النساء ،منذ ّأايم قليلة ،بل ّ
ّ
لست أدري كيف تعمل لتَعلَم بنواايان .أعرف ّأهنا وسط اجلموع اليت تستمعحمجبة ال تين تتبعناُ .
وامرأة ّ
يتبعونك حينما تسري ،أو أيضاً خلفنا حني ذهابنا لنعلن
َ إليك حينما تتح ّدث ،أو خلف الناس الذينَ
املرة األوىلَُ ،هَ َست يل من خلف
قدومك يف األرايف ،هي دائماً متواجدة .ففي بيت عنيا ،يف ّ َ عن
فقلت هلا أن نعم .ويف املساء
الناصري؟" ُ
ّ احلجاب" :هل هذا الرجل الذي سوف يتح ّدث هو يسوع
إليك .مث غابت عن ِّ
انظري ،إّّنا اآلن ،هنا يف أورشليم ،فلقد رأيتُها كانت خلف جذع شجرة تستمع َ ّ
أنت مريضة؟ هل تريدين أنت يف حاجة إليه هو؟ هل ِّ مرتني أو ثالث .ولقد سألتُها اليوم" :هل ِّ
ّ
كل ذلك إبشارة من رأسها أن ال ،فهي ال تكلّم أحداً». ص َدقَة؟" وقد أجابت على ّ َ
«هذا مثالً!» يـُ َعلِّّق بطرس« .تلبسه الفكرة اليت ح ّددها املعلّم ،منذ م ّدة وجيزة ،مثل القبّعة»...
«له دخل! ال بل على العكس ،هو ِّمن صلب املوضوع ،فلماذا يدفعون؟ لإلجهاز على ماسيا
وأتكيد نصرهم .وإذاً فهم ينتصبون على اهليكل بنفوسهم املدنَّسة حتت ثياب فاخرة ».جييب بطرس
حبسه الشعيب الطيّب.
ّ
«حسناً ،على العموم »...يوجز يهوذا «هذه املرأة خطر علينا وعلى اجلمع .على اجلمع إذا
كانت مصابة ابلربص ،وعلينا إذا كانت جاسوسة».
يرد بطرس.
«ليس علينا ،بل عليه حتديداًّ ».
«ولكنّه إذا سقط هو فسنسقط كلّنا كذلك»...
مسحت لنفسي
ُ سراً .وأان
إليك ّ
يود التحدث َ «كان يريد القول إ ّن نيقودَيوس عنده وقد كان ّ
لك:
قلت َ ِّ
وحدك .لذلك ُ لديك سوى الليل لتكون َ "فليأت ،سوف ينتظره املعلّم ليالً" .فليس َ ابلقول:
"اصرف اجلميع ،ما عدا يوحنّا وأان" .فعلى يوحنّا الذهاب إىل جسر جدرة النتظار نيقودَيوس املوجود
التصرف؟»
أخطأت ّ
ُ عنك ابلتفاهم معهم .هل
قمت َ
يف أحد بيوت لعازر ،خارج األسوار .فأان قد ُ
مكانك».
َ أنت اي يوحنّا اذهب وخذ
«بل أحسنتَه .و َ
لكن يسوع
وحيدين .يسوع مستغرق يف التفكري .ومسعان ُيَتم صمته .و ّويبقى يسوع ومسعان َ
صرف
يقطعه فجأة ،كما لو كان ينهي حواراً داخليّاً بصوت مرتفع ،يقول« :نعم ،حسناً يكون الت ّ
تتجسد وسط الصاحلني ولدى
هكذا .يكفي إيلي وإسحق واآلخرون حلفظ حيويّة الفكرة اليت بدأت ّ
املتواضعنيّ .أما ابلنسبة ألصحاب النفوذ ...فهناك ركائز أخرى ،هناك لعازر وقوزى ويوسف وآخرون
لكن أصحاب النفوذ ال يرغبون يبّ .إهنم يرجتفون خوفاً على سلطاهنم .سأذهب إىل أبعد
أيضاً ...و ّ
اليهودي ،وهو أكثر عداء للمسيح على الدوام».
ّ من ذلك القلب
فأنت
«ال .ولكن بعيداً عن أورشليم .جيب تبشري اليهوديّة .فهي أيضاً ضمن إسرائيلّ ،أما هناَ ،
كل شيء لإليقاع يب .إنّين أنصرف .وللمرة الثانية»...
ترى ...يستغلّون ّ
«اي معلّم ،هو ذا نيقودَيوس ».يقول يوحنّا وهو يدخل ّأوالً.
يتبادلون التحيّة مث أيخذ مسعان يوحنّا وَيرجان من املطبخِّ ،
اترَكني االثنني وحدُها.
االهتامات األخرية .قل احلقيقة بكل بساطة ،عارية متاماً كما هي».
«بل ّ
كنت على وشك القول" :حسناً أان أيضاً ِّمن هذا اجملمع"، االهتامات األخرية .نعم ،اي معلّمُ . « ّ
ب
لكن يوسف ،الذي كان قد تَـ َقَّر َ محايتك .و ّ
َ التجمع بقصد
األقل ،يف هذا ّلكي يكون أحدان ،على ّ
لك" .ولدى خروجنا قال، س يل" :اصمت ،ولنُ ِّبق طريقتنا يف رؤية األمور سريّة .الحقاً أقول َ مينَُ ،هَ َ
ّ
نعم قال" :هكذا أفضل .فإذا َعلِّموا أنّنا تالميذه يقصوننا عن أفكارهم وعن قراراهتم ،ويتم ّكنون من
كت أنّه كان يتصرفون ابخلفية عنّا" .وأدر ُ َّ
هتمون مبا يقوله ،فال ّ
إيذائه وإيذائناّ .أما إذا فَكروا أنّنا فقط ُم ّ
حقّ .إهنم ج ّد ...سيّئني! وأان يل كذلك اهتمامايت وواجبايت ...ويوسف أيضاً ...تُدرك اي معلّم». على ّ
رت أيضاً االبتعاد
وقر ُ
كنت أقول هذا لسمعانّ .
ُسبّب لكم أيّة مشكلة .قبل أن أتيت ُ
«أان ال أ َ
عن أورشليم».
ك!»
أنت تكرهنا ألنّنا ال حنبّ َ
« َ
لست أكرههم».
حّت أعدائيُ ،
«ال .فأانّ ،
أي أمل يل وليوسف! ولعازر؟ ماذا حق .ولكن ّ ك على ّ حقيقي .إنّ َ
ّ «أنت تقوهلا .نعم ،هذا
إعالمك بوجوب مغادرة هذا املكان لتذهب إىل أمالك له يف َ سيقول لعازر الذي ّقرر اليوم ابلذات
ثري للغاية؟ جزء كبري من املدينة هو من ممتلكاته ،ابإلضافة إىل الكثري صهيون؟ هل تعلم أ ّن لعازر ّ
من أراضي فلسطني .فأبوه ،إضافة إىل ثروته وما ورثه عن العائلة والعشرية ،فقد أضاف ما كان مكافأة
من الرومان خلدامهم األوفياء ،وقد تَـَرَك ألبنائه إراثًكبرياً .ولكن ما هو أهم هو صداقته املتينة مع روما،
إيل». ِّ
«ال .انتظر وكن مقتنعاً ».ويفتح يسوع ابابً وينادي« :مسعان! يوحنّا! أقبال ّ
يهرع االثنان.
قلت للمعلّم إ ّن اجملمع أضحى يضمر له العداء أكثر فأكثر ،وأنّه من املستحسن أن يضع
«لقد ُ
مصاحلك أل ّن روما معه .وهو سوف ُيمي يسوع كذلك».َ نفسه حتت محاية لعازر .فهو قد محى
كل امللل
وإيل سوف أييت الناس من ّ
كل املللّ ،
«ال اي نيقودَيوس ،فإىل يوحنّا أييت أانس من ّ
كل األصقاع».ومن ّ
ك أعظم من يوحنّا».
إليك عارفني أنّ َ
«كنّا أنيت َ
متوحداً مثل يوحنّا ،وسأحت ّدث إىل اجلموع
إيل أيضاً وأيضاً .سوف أكون رايب ّ«َيكنكم اجمليء ّ
الراغبة يف مساع صوت هللا ،والقادرة على اإلَيان أبنّين هذا الصوت .وسينساين اآلخرون ،إذا كانوا،
األقل ،قادرين على ذلك».
على ّ
حّت
ابر ّ ك ّ إليك ويؤمنون أبنّ َ
حمق .اجلميع يستمعون َ أنت ّ
ك حزين ومتشائمَ . «اي معلّم ،إنّ َ
فحّت أحد أعضاء حاشية هريودس الذي يفَتض فيه أن يكون قد أُفسد، حتظى بصنع املعجزاتّ ،
بك .وليس سواان ،حنن وحّت جنود رومانيون يؤمنون َ
احملرماتّ ،بطبيعة احلال ،يف هذا البالط ُمرتَ ِّكب َّ
ك
أنت ترى ذلك ...اي معلّم ،نعلم أنّ َ
الذين من صهيون ،قساة إىل هذه الدرجة ...إّّنا ليس اجلميعَ .
يقر بذلك .ال َيكن مجالئيل حّت . منك
َ أعظم هو من يوجد وال فقيه، ك
َ ن
ّ أ
و هللا، دن ل
َ ن أتيت ِّ
م
ّ ّ َ
ألحد أن جيَتح املعجزات اليت جتَتح ،إذا مل يكن هللا معه .هذا ما يؤمن به العلماء أمثال مجالئيل.
حّت ولو
أبغضك ّ
َ فكيف ال يكون لدينا اإلَيان الذي لدى صغار إسرائيل؟ آه! أخربين ابلضبط ،ولن
بت ألضفي قيمة على كلمايت احلكيمة ،حتت طابع ال َيكن ألحد أن يسخر منه". قلت يلَ " :ك َذ ُ
َ
املتجسد ليه ّذب ويفتدي إسرائيل حسب العهد؟» ِّ ب؟ املنتظر؟ كلمة اآلب
ّ أنت مسيح الر ّ هل َ
أرسلك آخرون لطرحه؟»
َ نفسك أم
َ «هل تطرح السؤال من
«كيف َيكن لرجل ابلغ أن يولد من جديد؟ ففي حال َخَر َج املرء من رحم ّأمه ،فال َيكنه
التقمص أو التناسخ الذي يؤمن به كثري من الوثنيّني؟ ولكن ال ،ال ِّ
مطلقاً العودة إليه .هل تُـلَ ّمح إىل ّ
الرحم ،إّّنا ابستعادة َج َسد خارج الزمن .وابلنتيجة
َيكنك افَتاض ذلك .مثّ ،هذا ال يكون ابلعودة إىل َّ
َ
فهذا ال يعين والدة جديدة يف الوقت احلاضر .كيف؟ كيف؟»
«ليس هناك سوى وجود وحيد للجسد على األرض ،وحياة أزليّة واحدة للروح فيما بعد .وأان
لست اآلن بصدد احلديث عن اللحم والدم .إنّين أحت ّدث عن النفس اخلالدة اليت ،بواسطة شيئني
ُ
شهد مبا يَعلَم ويرى.أنت ،املعلّم يف إسرائيل ،تسألين؟ أجتهل هذه األمور؟ املرء يتح ّدث ويَ َ « َ
َيكنك قبول أشياء مل ترها إذا مل تتقبّل الشهادة اليت أمحلها
َ فإذن أان أحت ّدث وأشهد مبا أعرف .كيف
ت ألرفع وآخذ معي الذين املتجسد؟ فلقد نزل ُ
ّ َيكنك اإلَيان ابلروح إذا مل تؤمن ابلكلمة
َ لك؟ كيف
َ
هم هنا يف األسفل .واحد فقط نـََزَل من السماء :ابن اإلنسان .وواحد فقط هو الذي سيصعد إىل
السماء ومعه سلطان فتح أبواب السماء :أان ابن اإلنسان .تذ ّكر موسى .لقد َرفَ َع احليّة يف الربيّة ليشفي
وصماً وبكماً
املرضى يف إسرائيل .وحينما أُرفَع أان ،فإن أولئك الذين َج َعلَتهم حرارة اخلطيئة عمياانً ّ
أتيت ألنقذ ال ألف ُقد .فاهلل مل يرسل ابنه الوحيد إىل العامل
جبهتك اي نيقودَيوس .لقد َُ ال ختفض
كل اهلرطقات و اخلطااي كل العامل يف ت د
َ ليحكم به على ساكنيه ،بل لكي َُيلِّّص به العامل .لقد وِّ
ج
ّ ّ ُ َ
لكن السنونو الذي يطري بسرعة فوق الغبار ،هل َيكن أن يتلطّخ ريشه؟ ال. كل عبادات األصنام .و ّ
و ّ
ليهز البشر،
فهو ال جيلب إىل دروب األرض احلزينة سوى فاصلة أفق ورائحة مساء .إنّه يرسل صيحة ّ
أتيت
فيجعلهم يرفعون بصرهم فوق الوحل ويتبعون طريانه الذي يعود صوب السماء .هكذا أان ُ
ألصحبكم معي .تعالوا! ...من يؤمن ابالبن الوحيد ال ُُيكم عليه .بل لقد َخلص ،إذ يتح ّدث هذا
االبن إىل اآلب ويقول" :هذا ُيبّين" .إّّنا الذي ال يؤمن ،فعبثاً يقوم أبعمال مق ّدسة .ولقد ُح ِّكم عليه
ألنّه مل يؤمن ابسم ابن هللا الوحيد .ما هو امسي اي نيقودَيوس؟»
«يسوع».
«ال .بل ال ُـم َخلِّّص .أان اخلالص .والذي ال يؤمن يب ،يرفض خالصه ،وهو حمكوم عليه ابلعدل
ك وبقيّةلك وللعامل ،ليكون لكم اخلالص ،ولكنّ َلك النورَ ،
ُرسل َاألزيل .وتلك هي الدينونة" :لقد أ ِّ
ّ
تعودمت عليها ،علىفضلتم األفعال السيّئة اليت كنتم قد ّ
الناس فَضَّلتُم الظلمات على النور ،ألنّكم ّ
أومأَ هو إليها ،واليت كان ينبغي التعلّق هبا للوصول إىل القداسة" .لقد كرهتم النور
األفعال احلسنة اليت َ
أل ّن املسيئني ُيبّون الظالم الرتكاب جرائمهم ،لقد هربتم من النور لكي ال يُ ِّ
ظهر لكم آفاتكم اخلفيّة.
لكن احلقيقة تكمن هنا .والعقاب سيكون خاص ،اي نيقودَيوس .و ّ
إليك بشكل ّ موجهاً َفحديثي ليس ّ
متناسباً مع الدينونة ،للشخص واجلماعة.
ّأما أولئك الذين ُيبّونين ،ويضعون احلقائق اليت أ َُعلِّّمها موضع املمارسة ،ابلوالدة اثنية والدة
حقيقيّة أكثر ،أقول إ ّهنم ال َيشون النور ،بل على العكس ،يدنون منه ،حيث إن هذا النور يزيد ذاك
الذي أنريوا به يف البداية .إنّه جمد متبادل ،جيعل هللا سعيداً أببنائه ،وهم بِّ َدورهم سعداء أيضاً أببيهم.
فإهنم بقلبهم وأبعماهلم يقولون" :ال ليس أان بل ال .إ ّن أبناء النور ال َيشون الزوال ،بل على العكسّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 641 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
يف .هلم اجملد يف األبديّة" .ومن السماء ،نشيد الثالثة هو اآلب ،هو االبن ،هو الروح قد أمتّوا اخلري َّ
احلق إلرادتنا" .واي يوحنّا تذ ّكر
"لك الربكة إىل األبد ،أيّها االبن ّ
املتحابّني ،جييب يف وحدهتم الكاملةَ :
اقتنعت اي نيقودَيوس؟»
َ حّت تكتبها عندما أتيت الساعة .هل هذه الكلمات ّ
إليك جم ّدداً؟»
«اي معلّم ...نعم ،مّت َيكنين التح ّدث َ
أيخذك .سأذهب إليه قبل االبتعاد عن هنا».
َ «لعازر يعرف أين
ادمك». «أان ٍ
ماض اي معلّم .ابرك خ َ
معك».
«ليكن سالمي َ
ََي ُرج نيقودَيوس مع يوحنّا.
يلتفت يسوع إىل مسعان« :هل ترى َع َمل سلطان الظلمات؟ إنّه ،مثل العنكبوت ،يبسط فخه،
القوة ما َيكنها من
ويطليه ابلدَّبَق ،وأيسر الذي ال يعرف أن َيوت ليولد من جديد فراشة هلا من ّ
متزيق النسيج املظلم والعبور ،حاملة ،يف ذكرى انتصارها ،نتفاً من النسيج وقد أُنريت على أجنحتها
الذهبيّة ،مثل راايت وأعالم انتُ ِّز َعت من العدو .املوت من أحل احلياة .املوت من أجل إعطائكم ّ
القوة
للموت .هيّا اي مسعان لتأخذ قسطاً من الراحة ،وليكن هللا معك».
( -84يسوع عند لعازر قبل ذهابه إىل منطقة املياه احللوة)
1945 / 02 / 25
املرة ِّ
املؤدي إىل اهلضبة اليت بُنيَت عليها بيت عنيا .وهذه ّ
املمر شديد االحندار ّيصعد يسوع عرب ّ
املمر األش ّد احنداراً املباشر الذي يتّجه من اجلنوب الغريب إىل
ك ّ ال يسلك الطريق الرئيسيّة .لقد َسلَ َ
األقل استخداماً ،وقد يكون ذلك بسبب ش ّدة احنداره .فال يسلكه سوى املسافرين الذين الشرق ،وهو ّ
هم يف عجلة من أمرهم ،كذلك أولئك الذين يقودون القطعان ويتحاشون حركة الطريق الرئيسيّة؛
صعد يسوع قُ ُدماً،
وكذلك أولئك الذين ،مثل يسوع اليوم ،ال يريدون أن يلحظهم أانس كثريون .يَ َ
عمه مع يوحنّا واندراوس ،مثّ
سراً إىل مسعان الغيور ،وخلفهما اجملموعة األوىل ،ومنهم أبناء ّ ويتح ّدث ّ
ومّت وتوما وفليبّس ،ويف اآلخر يبقى املتخلّفون برتلماوس مع جمموعة أخرى مع يعقوب بن زبدى ّ
يوطي.
بطرس واالسخر ّ
صلون إىل اهلضبة املرتفعة اليت تنتصب عليها بيت عنيا .والشمس تضحك يف يوم صاف من ي ِّ
َ
ظهر وادي األردن والطريق القادمة من أرُيا، ّأايم تشرين الثاين (نوفمرب) .ابلنظر إىل جهة الشرق يَ َ
وأيمر يسوع يوحنّا ابلذهاب إىل لعازر ينبئه عن قدومه .وبينما َجي ّد يوحنّا مسرعاً ج ّداً ،يتق ّدم يسوع
كل مكانُ ،ييّيه أانس من القرية.
ببطء مع أتباعه ،ويف ّ
حّت األرض وهي تقول« :يوم سعيد لبيت معلّميت.
ّأول َمن تَصل من بيت لعازر ،امرأة تسجد ّ
البوابة».
هلم اي معلّم .هو ذا مكسيمني ،وها هو لعازر عند ّ
ّ
األقل ثراء ،وقد
لدي انطباع أنّه أحد األقرابء ّ
لست أدري ابلضبط َمن يكونّ . هرع مكسيمنيُ . يَ َ
عامل معاملة الصديق ملزاايه وطول م ّدة
اهلامةّ ،إال أنّه يُ َ
استضافه أبناء تيوفيلس ،أو أنّه وكيل أمالكهم ّ
املهمة عند أبناء تيوفيلس .إنّه يكرب
خدماته يف البيت .أو أنّه ابن وكيل األب الذي عقبه يف هذه ّ
العتَـبَة .لعازر يـُ َقبِّّل يسوع ويعانقه وُييّي التالميذ .مثّ ُييط خصر يسوع بذراعه ويدخل
ّإهنم عند َ
برؤيتك؟»
َ إالم يعود الفضل يف فرحي
يتنحيان عن اآلخرين ويسأل بغتةَ « : معه احلديقةّ .
«إىل حقد رجال اجملمع».
مرة أخرى؟»
إليك ّ
«هل أساؤوا َ
«ال ،ولكنّهم يريدون ذلك .ومل ِّ
أتت الساعة بعد ،وطاملا مل أَفلَح فلسطني كلّها وأبذر البذار فال
ُصرع».
ينبغي أن أ َ
بعد أن حتصد أيّها املعلّم الصاحل .فَ ِّم َن العدل أن يكون هكذا».
عليك ُ
«بل َ
رت االبتعاد ِّ
رت أان .لعازر ،لقد ّقر ُ
«احلصاد ،أصدقائي ينجزونه .سوف يُعملون املنجل حيث بَ َذ ُ
لكن هذا يعطيين فرصةعن أورشليم .أعلَم أ ّن هذا ليس يف صاحلي شخصيّاً ،أعرف ذلك مسبقاً .و ّ
حّت هذا». علي ّ
التبشري ،لعدم وجود حلول أخرى .ففي صهيون قد أبوا ّ
لك مع نيقودَيوس أبن تذهب إىل إحدى ممتلكايت ،فال أحد جيرؤ أرسلت أقول َ
ُ كنت قد
« ُ
على اقتحامها .وهناك َيكنك ممارسة اخلدمة الكهنوتيّة دوّنا متاعب .واي لداري األكثر سعادة من
أنفاسك تكون فيها .هبين فرح أن أكون ذا
َ بوجودك ،وذلك أل ّن
َ َّست
ألهنا تكون قد تقد َ
كل بيويتّ ،
ّ
نفع اي معلّمي».
«يف جوار هذه القرية أملك بيتاً صغرياً .ولكنّه خلزن أدوات العمال ،وهم ينامون فيه بني احلني
جمرد سقف على جدران أربعة .ولكنّه علىواحلني ،أثناء احلصاد ،أو أثناء قطاف العنب .إنّه وضيعّ ،
أرض يل ،واجلميع يعرف ذلك .وهذا سيكون فزاعة للثعالب .وافق اي رب .وسأ ِّ
ُرسل خ ّداماً ّ ّ
لتوضيبه»...
ُرسل أغطية «لن أضع فيه أاثاثً فاخراً .إّّنا سأُكمل عدد األسرة ،آه! فقرية كما تريدها؛ سوف أ ِّ
ّ
لست أان
وكراسي وجراراً وكؤوساً ،فلن تبقوا دون أكل أو غطاء أثناء أشهر الشتاء هذه .دعين أفعل .و ُ
سيهتم .هي ذي مرات قادمة إلينا .فهي متتلك موهبة التنظيم العمليّة والذكيّة .لقد ُخلِّ َقت للبيت،
ّ من
الروحي لساكنيه .تعايل اي مضيفيت اللطيفة والطاهرة! هل ترى ،أان أيضاً يو ّ املاد ّ
ولكي تكون العزاء ّ
ألمي .مرات،حصتها من اإلرث ...وهكذا ال أعاين كثرياً من افتقادي ّ أجلأ إىل محايتها األموميّة ،يف ّ
الص َدف أن ليس هناك سوى األرض الزكيّة ،والبيت، يسوع َيضي إىل سهل املياه احللوة .ومن حماسن ُّ
امرك أن ِّ
ت أيّتها الضروري .أَعطي أو َ وهو جمرد حظرية .ولكنّه هو يريد بيت فقراء .ينبغي أن يوضع فيه
ّ
حقيقي. أمومي ِّ
ّ حبب ّ البارعة ج ّداً!» ويـُ َقبّل لعازر يد أخته اجلميلة اليت ترفعها بعدئذ لتالطفه ّ
مثّ تقول مرات« :سأذهب إليه حاالً .سآخذ معي مكسيمني ومارسيل ،وسيساعد رجال العربة
منك».
يف الَتتيب .ابركين اي معلّم .وهكذا يكون معي بعض ما هو َ
أمنحك قليب لتحمليه ِّ
معك ،يف ِّ سأانديك مثلما ِّ
انداك لعازر .سوف ِّ «نعم اي مضيفيت اللطيفة.
ِّ
قلبك».
«ولكن إذن»...
السر!»
اعتقدت أنّين أفعل حسناً هكذا ،ويف ّ
ُ كنت قد
«آه! ال تقل ذلك! ُ
إنّه يُ َس ِّّجل يف الكتب األزليّة ُوعودي وأعمالكم ،ومعها أمساءكم ،أمراء الدهر اآليت ،املنتصرون
الرب».
األزليّون مع مسيح ّ
يَنظُر إليه لعازر مندهشاً .مثّ يتمتم« :آه! ...أان ...لن أكون أهالً»...
املتديل ويقول:
تظن ذلك؟» ويقطف يسوع من على الدرب غصناً طرّايً من الصفصاف ّ «هل ّ
روحك وجيعل منها إكليالً أزليّاً.
َ احلب يثين
«انظر :كما أ ّن يدي تَثين هذا الغصن بسهولة ،كذلك ّ
ُيب يبدأ افتداء نفسه ،وابن اإلنسان ينجزه».
احلب هو مفتدي املرء .من ّ
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 02 / 26
منخ ِّفض ج ّداً وواسع ج ّداً ،ولقد روعيَت يف بنائه الصالبة ،فيه مطبخ ،أي موقد يف غرفة إنّه َ
وجرار ومصفاة ريفيّة مع أطباق وكؤوس .ابب كبري من س َّودها الدخان ،فيها توجد طاولة وكراسي ِّ
َ َ
سرب .مثّ على اجلدار ذاته ،توجد أبواباخلشب اخلام هو مبثابة املدخل ،كذلك هو يسمح للنور ابلت ّ
تؤدي إىل غرف ثالث كبرية ،طويلة وضيّقة ،وقد طُلِّيَت جدراهنا ابلكلس .األرض ،كما ثالثة أخرى ّ
يف املطبخ ،من تربة مرصوصة .يف اثنني من هذه الغرف يوجد اآلن مراقد .حتسبها غرف منامة مجاعيّة
(الع َّالقات) الكثرية املثبّتة يف اجلدران تشري إىل أ ّن العُدد كانت تعلّق عليها ،وكذلك
صغرية .املشابك َ
كل منهمّ .أما الغرفة
أكياس احملاصيل الزراعيّةّ .أما اآلن فهي تستعمل لتعليق املعاطف وكذلك ُخرج ّ
ممر أكثر منها غرفة ،ذلك أ ّن طوهلا وعرضها غري متناسبني) فهي خالية .يفَتض الثالثة (وهي ابألحرى ّ
ظهر جليّاً
ّأهنا كانت تستخدم كمأوى للحيواانت ،حيث يوجد فيها معلف وحلقات يف اجلدار ،وتَ َ
املنعلة ابحلديد .ويف الوقت احلاضر ال شيء فيها.
اخلاصة ابألرض اليت تضرهبا احلوافر ّ الثقوب ّ
يفي كبري ،يغطّيه سقف ِّمن ُحَزم من يف اخلارج ،جانب هذه الغرفة األخرية ،يوجد رواق ر ّ
األغصان املرتكزة على جذوع أشجار ابلكاد ربّعت .وهو ليس ابلرواق .بل هو ظلّة (سقيفة بسطح
مائل) ،فهي مفتوحة يف جوانب ثالثة منها :اثنني بطول عشرة أمتار ،والثالث أضيق ،وهو بطول ال
بسط كرمة أغصاهنا من ساق إىل آخر على اجلانب األوسط. يتجاوز األمتار اخلمسة .يف الصيف تَ ُ
تعرت
العظمي .وهناك كذلك تينة عمالقة قد ّّ ّأما اآلن فقد َس َقطَت أوراقها لتظهر األغصان كاهليكل
الربكة اليت ُجعِّلَت وسط الفناء إلرواء احليواانت.
بشكل مشابه ،وهي اليت كانت ،يف الصيف ،تظلّل ِّ
يعمل بطرس مع أخيه ويوحنّا جب ّد ونشاط يف كنس الفناء والغَُرف وترتيب املراقد وسحب املاء
من البئرّ .أما بطرس فإنّه ُُي ِّدث كذلك َجلَبَة حول البئر يف حماولة منه لتعديل األوضاع وتقوية احلِّبال
فإهنما ،من جهتهما، عم يسوع ّ لتصبح أكثر عمليّة وأكثر مالءمة لسحب املاء من البئرّ .أما أبنا ّ
عمالن املطرقة واملربد يف إصالح املغالق واملصارع ،ويساعدهم يعقوب بن زبدى مستخدماً املنشار ي ِّ
ُ
والفأس مثل عامل مصنع سفن.
يف املطبخ ،توما منشغل للغاية ،ويبدو كطاه حمَتف ،إلتقانه تنظيم النار والشعلة وتقشري اخلضار
هبمة ونشاط .أ ِّ
ُدرك ّأهنا بلدة ال أُهيّة كبرية هلا ،إذ يشرح يهوذا أحضَرها يهوذا من البلدة اجملاورةّ ،
اليت َ
مرتني يف األسبوع فقط ،وأ ّن اليوم ال يوجد.ّأهنم َيبزون اخلبز ّ
يسمعه بطرس فيقول« :سنصنع الفطائر على اللَّ َهب طاملا يوجد طحني .بسرعة ،انزع َ
ثوبك
وسأهتم بعدئذ أان خبَبزه .فأان أعرف أن أتدبّر األمر ».ال أستطيع متالك نفسي من
ّ واصنع العجني،
ذاراً ّإايه بوفرة على نفسه. ِّ
يوطي يـَُرطّب الطحني ّ
الضحك ،لدى رؤييت االسخر ّ
ومّت وفليبّس.
يسوع غائب ،وكذلك مسعان وبرتلماوس ّ
«اليوم هو األكثر صعوبة ».يرد بطرس على يهوذا االسخريوطي الذي ي َد ِّ
مدم« .إّّنا غداً ُ ّ ّ
فستجري األمور بشكل أفضلّ .أما يف الربيع فسيكون األمر قد أصبح جيّداً ج ّداً».
«ومل ال؟ َأوليس بيتاً؟ فلو َهطَ َل املطر ،نكون يف مأمن .ويوجد فيه ماء صاحل للشرب .وكذلك
الفريسيّني واآلخرين الذين على
أحس بنتانة ّ
الوقود متوفّر .فماذا تريد بعد؟ أان مراتح هنا .ومثّ فإنّين ال ّ
الشاكلة ذاهتا»...
«وأان كذلك ال أشكو من شيء ،وأان مسرور لكوين هنا ،متاماًكما ضمن عائلة ».يقول يعقوب
بن زبدى.
«هل ترى أنّنا لن ّنوت من اجلوع؟» يقول توما لإلسخريوطي .مثّ يضيف« :هات السمكات
يتم حتضريها؟ ...فأان ال أعرف كيفيّة جتهيزها».
اي أندراوس ،اي جلماهلا! إّّنا كيف ّ
جيوف مسكاته اليت ما تزال
أهتم بذلك ».يقول أندراوس« ،فأان صيّاد ».ويقبع يف زاوية ّ
«أان ّ
حيّة.
«املعلّم على وشك الوصول .لقد جال يف البلدة والقرىَ .س َََتون أنّه سيكون هنا بعد قليل.
جبت تلك القرى ،وقد أخذ الناس فيها ِّعلماً»...كنت قد ُلقد شفى عيوانً مريضة .مثّ أان ُ
كك هللا!» إنّه بطرس ،يدخل وحزمة من احلَطَب على كتفيه ،وُييّي يسوع
«آه! اي معلّمي! فليبار َ
دون إنزاهلا.
أحسنت عمالً».
َ أنت أيضاً ،اي بطرس .لقد
الربَ ،
كك ّ«ليبار َ
يفي ،حنن! ...وعلينا أن جنعل منه جنّة احلرة .فلدينا بيت ر ّ
«مثّ إننا سنعمل أكثر يف األوقات ّ
بت أان البئر لكي ينكشف مكان وجوده ليالً ،وللتأ ّكد من عدم فقد األواينعدن .ويف هذه األثناء رتّ ُ
كل ما جيب فعله للعيش واإلقامة طويالً يف عم َ ِّ
ك البار َعني؟ ّ لدى إنزاهلا .ومثّ ...هل ترى عمل ابين ّ
ابرعان .وكذلك توما ،كان إبمكانه أن مكان ما .أان ،صيّاد السمك ،مل أكن ألعرفّ .إهنما حقيقة ِّ
صنَ َع فطائر رائعة»...
يكون رئيس الطهاة لدى هريودس .ويهوذا كذلك ابرع ،فقد َ
«وعدَية النفع .يوجد خبز اآلن ».جييب يهوذا مبزاج سيّئ .وينظر إليه بطرس ،وقد توقَّ ُ
عت منه
احلار ،ويبسط الفطائر فوقها.
يهز رأسه ،يرتّب الرماد ّ
لكن بطرس ّ
إجابة الذعة ،و ّ
«سوف يتح ّدث .ولكنّه اآلن أيكل ألنّه إنسان هو أيضاً .اجلسوا هناك يف األسفل ،وانتظروا».
يفي.
اجلمع قليل عدده .يذهبون حتت العنرب الر ّ
ُيل ،وعلى األرجح سيهطل املطر .أقول َيكننا استخدام هذا اإلسطبل اخلايل .لقد
«الربد ّ
حمل املقعد»...
ُيل ّ
نظّفتُه جيّداً ،وَيكن للمذود أن ّ
سخروا سخرايت بلهاء كهذه ».يقول يهوذا؛ «فالرايب هو الرايب».
«ال تَ َ
«ولكن أيّة سخرايت؟ إذا كان ُولِّ َد يف إسطبل ،فيمكنه التح ّدث من على مذود!»
حق ،ولكن أرجوكم أحبّوا بعضكم بعضاً!» يبدو يسوع تعباً للغاية وهو يقول
«إ ّن بطرس على ّ
تلك الكلمات.
أنت تعلم جيّداً أنّين أحت ّدث واقفاً .يريد الناس أن يروين ،وأان أريد أن أراهم.
«ال حاجة لذلك ،و َ
ابحلري ...اصنعوا مقاعد ون ّقاالت ،قد أييت مرضى ...وهذا سوف يكون ذا فائدة». ّ بل
ك تفكر ابآلخرين دائماً أيّها املعلّم الصاحل!» يقول يوحنّا ويـُ َقبِّّل له يده.
«إنّ َ
يذهب يسوع ،وقد ارتَ َس َمت على وجهه ابتسامة حزينة قليالً ،إىل اجلمع ،ويذهب معه التالميذ.
احملجبة
بطرس ،الذي هو جبانب يسوع مباشرة ،جيعله ينحين صوبه ،ويهمس هبدوء« :إ ّن املرأة ّ
ّإايها ،خلف اجلدار هي .لقد رأيتُهاّ .إهنا هنا منذ الصباح .ولقد تَبِّ َعتنا من بيت عنيا .هل علينا طردها
أم تركها؟»
«سالم لكم اي من تبحثون عن الكلمة ».يبدأ يسوع .يذهب إىل آخر الرواق ،وخلفه جدار
البيت .يتح ّدث ببطء إىل حوايل العشرين شخصاً وهم جلوس على األرض ،أو مسندين ظهورهم إىل
العواميد يف دفء مشس تشرين الثاين (نوفمرب).
يتأمل يف احلياة واملوت ،وحني يضع هاتني العبارتني موضع «يقع اإلنسان يف اخلطأ عندما ّ
التطبيق .فيُطلِّق اسم "حياة" على الزمن الذي يُولَد فيه ِّمن أ ُّم ،ويبدأ ابلتن ّفس والتغذية واحلركة والتفكري
احلياة ليست الوجود .كما أ ّن الوجود ليس احلياة .الكرمة املوثقة إىل هذا العامود موجودة ،إّّنا
هي ال متلك احلياة اليت ّأحتدث عنها .تلك النعجة اليت تثغو ،واملربوطة إىل تلك الشجرة يف البعيد،
موجودة أيضاً ،ولكنّها ال متلك احلياة اليت ّأحتدث عنها .فاحلياة اليت ّأحتدث عنها ال تبدأ مع الوجود،
كما ّأهنا ال تنتهي مع هناية اجلسد .احلياة اليت ّأحتدث عنها ال تبدأ يف رحم أ ُّمّ .إهنا تبدأ حينما فَ َّكر
هللا أن َيلق بذاته نفساً ُجعِّلَت لتسكن جسداً .وتنتهي عندما تقتلها اخلطيئة.
لب كما هي يف البداية ،ليس اإلنسان سوى بذرة تنمو ،بذرة جسد بدالً من "غلوتني" أو ّ
احلال يف القمح والفاكهة .ابدئ ذي بدء ،هو ليس سوى حيوان يتش ّكل ،جنني حيوان ال َيتلف عن
ي يف احلَبَلالالماد ّ
ّ الذي ينمو اآلن يف رحم تلك النعجة .ولكن منذ اللحظة اليت يدخل فيها اجلزء
ماديّته اليت تسمو به ،منذ ذلك احلني ،ال يعود اجلننياإلنساينّ ،والذي هو ،آنذاك ،األقوى يف ال ّ
احليواينّ موجوداً مع نبضات قلبه وحسب ،ولكنّه "ُييا" حسب الفكر اخلالق ،ويصبح إنساانً ،خملوقاً
على صورة هللا كمثاله ،ابناً هلل ،ومن سكان السماء مستقبالً .ولكن هذا ُيصل ابلفعل إذا ما دامت
احلياةَ .يكن لإلنسان أن يوجد ُحمتَ ِّفظاً بكيانه كإنسان ،ولكن ،عندما ال يعود إنساانً ،إّّنا يصبح قرباً
تتفسخ فيه احلياة.
ّ
هاكم ملاذا أقول" :ال تبدأ احلياة مع الوجود ،كما ال تنتهي مع انتهاء اجلسد" .ذلك أ ّن احلياة
تبدأ قبل الوالدة .وبعدئذ ال هناية للحياة .فالنَّفس ال متوت ،يعين أ ّهنا ال تؤول إىل َع َدم .هي متوت
السماوي ،ولكنّها حتيا للعقاب .فهي متوت هلذا املصري املغبوط ،عندما متوت للنعمة .هذه ّ ملصريها
األبدي والعذاب .هذه
ّ احلياة املصابة ابلغنغرينا ،اليت هي املوت للمصري ،متت ّد أبد الدهر يف اهلالك
احلياة ،على العكس ،إذا ما متّت احملافظة عليها كما ُخلِّ َقت ،تبلغ كمال احلياة أبن تصبح أبديّة كاملة،
ومغبوطة مثل خالقها.
لدى إسرائيل شرائع واضحة هبذا اخلصوص ،وليس هلا سوى التقيّد هبا .لدى إسرائيل أنبياء
وأبرار يعطوهنا ال َـمثَل والكلمة ملمارسة الشرائع .وكذلك لدى إسرائيل اآلن ق ّديسون .ال َيكن إلسرائيل،
كل مكان .فأقول لكم إين أرى عيوابً يف القلوب وأرواحاً ميتة تتكاثر يف ّ بل ال ينبغي هلا أن ختطئّ .
إذن :توبوا؛ افتحوا نفوسكم للكلمة ومارسوا الشريعة غري القابلة للتب ّدل ،قَـ ّووا "احلياة" ال ُـم َنه َكة اليت
فَت فيكم؛ وإذا كانت قد ماتت فأقبِّلوا إىل احلياة احلقيقيّة :إىل هللا .ابكوا خطاايكم .اهتفوا" :الرمحة". تَ ُ
األبدي .لن أح ّدثكم عن أمر ّ إّّنا اهنَضوا .ال تكونوا أموااتً يف احلياة كي ال تُسلَّموا غداً إىل العذاب
تطهروا من انر آخر سوى طريقة إعادة إجياد أو احملافظة على احلياة .إنسان آخر قال لكم" :توبواّ .
َدنَس الفجور ومن َمحأة خطاايكم" .وأان أقول لكم :أيّها األصدقاء املساكني ،فلندرس الشريعة معاً.
ص ِّّل معاً إىل ّ
األزيل قائلني" :لتنـزل األبوي .ومثّ ،فلنُ َ
ّ احلق
ولنستمع فيها ،من جديد ،إىل صوت هللا ّ
رمحتك على قلوبنا".
َ
عراها
اآلن ،هو الشتاء املظلم ،إّّنا قريباً أييت الربيع .والروح امليتة هي أكثر كآبة من شجرة ّ
الصقيع .ولكن إذا ما َو ََلَ التواضع واإلرادة والتوبة واإلَيان إىل داخل ذواتكم ،كما إىل الشجرة يف
الربيع ،تعود إليكم احلياة ،وتزهرون هلل لتثمروا بعدئذ يف الغد ،يف غد دهر الدهور ،الثمرة األزليّة للحياة
احل ّقة.
أَقبِّلوا إىل احلياة! ك ّفوا عن الوجود فقط ،وابدأوا "احلياة" .حينئذ ال يعود املوت هو "النهاية"،
إّّنا البداية ،بداية يوم ال غروب له ،بداية فرح بال تعب وبال قياس .ويصبح املوت انتصاراً ملن ُييا قبل
الرب
كل يوم ،يف مثل هذه الساعة ،سوف أح ّدثكم عن احلقيقة األزليّة .ليكن ّ
امضوا .ويف ّ
معكم».
َيضي الناس على مهل مع الكثري من التعليقات .ويعود يسوع إىل البيت وحيداً.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
إهلك")
الرب َ
( -86يسوع يف منطقة املياه احللوة" :أان هو ّ
1945 / 02 / 27
عما كان عليه يف األمس .فهنالك كذلك أشخاص ليسوا من لقد تضاعف اليوم عدد احلضور ّ
الشعيب .بعضهم أتوا على ظهر احلمري وهم يتناولون طعامهم يف العنرب .ويف انتظار املعلّم ،ربطوا
ّ الوسط
مطاايهم إىل األعمدة.
اليوم ابرد ولكنّه صاف .الناس يتح ّدثون فيما بينهم ،واألكثر ثقافة منهم يشرحون من يكون،
وملاذا يتح ّدث املعلّم يف هذا املكان .يقول أحدهم« :ولكن هل هو أعظم من يوحنّا؟»
كنت اتبعاً ليوحنّا ،وهو السابق وصوت العدلّ .أما هذا فإنّه ماسيا،
«ال ،إنّه خمتلف .لقد ُ
صوت احلكمة والرمحة».
«بلى هكذا .هذا ما قاله يل ،يف طفوليت ،رجل كان سائساً يف بيت حلمّ .أما اآلن وقد أصبَ َح
ماسيا رجالً ،فإنّه يتباهى بذلك».
أنت جمنون؟!»
«ولكن ما الذي ترويه؟ هل َ
ب له ،وهو القريب ،الطيوب ،كما هي العادة
«ال .هل تريد القول إنّه ليس صحيحاً أنّه َجلَ َ
بني امللوك من تلك الساللة؟»
صل ».قال آخر« .أعرف أل ّن يل صديقاً ،هو اسحق ،وهو أحد الرعاة .إذن، «أان أعرف ما َح َ
الصيب يف إسطبل لبيت داود .هذا ما جاء يف النبوءة»... د ولِّ
ّ َ ُ
«ولكن ،أليس من الناصرة هو؟»
«دعوين أتكلّمُ .ولِّ َد يف بيت حلم ألنّه من نسل داود ،وكان ذلك يف زمن املنشور .وقد رأى
الرعاة نوراً ،هو أروع ما ُوِّج َد ِّمن نور .واألصغر سنّاً فيهم ،ألنّه كان بريئاً ،فقد كان ّأول من رأى مالك
ُّ
الرب .صوته املتناغم مثل قيثارة كان يقول" :لقد ُولِّ َد املخلّص .اذهبوا وق ّدموا فروض العبادة" .ومثّ، ّ
الرعاة ليجدوا طفالً صغرياًب ُّمالئكة ومالئكة كانت ترّّن" :اجملد هلل والسالم للناس الصاحلني" .و َذ َه َ
األم واألب .وقَدَّموا فروض العبادة له ،مثّ أخذوه إىل بيت امرأة طيّبة .وكانيف مذود بني محار وثور و ّ
احلب .مثّ أتى جموس ممّا وراء الفرات والنيل،كل األطفال ،مجيالً ولطيفاً وَيأل قلبَه ّالطفل ينمو ،مثل ّ
لكن الطفل حينئذ كان قادراً على املشي .وامللك وتعرفوا من خالله على جنم بلعام .و ّ ألهنم رأوا جنماً ّّ
الرب كان قد أن َذ َر ابخلطر.
هريودس أصدر أوامره ابملذحبة ،نظراً لغريته من ملك املستقبلّ .إال أ ّن مالك ّ
فمات أطفال بيت حلمّ ،أما هو فال ،ألنّه كان قد هرب إىل ما أبعد من مطارّاي .ومن مثّ عاد إىل
الناصرة ليعمل جناراً .وعندما آن أوانه ،بعدما بَشََّر به قريبه املعمدان ،بدأ رسالته .يف البداية حبث عن
سامة ِّ
الفريسيّون يتقبّلون هذا الكالم .إ ّهنم أفاعي ّ
«نعم! ولكن فَ ّكر إذن إذا ما كان الكتبة و ّ
يسميهم املعمدان».
وضباع ،كما ّ
لت عذاابً كاد يودي يب إىل
حتم ُ
لدي ساق مصابة ابلغنغرينا .لقد َّ
أود لو أُشفى .أترى؟ ّ
«أان ّ
كنت قد حبثت عنه يف صهيون ،ومل يكن هناك »...يقول ِّ
اهلالك ألَصل هنا على ظهر أاتن .ولكنّين ُ
أحدهم…
«كالب!»
أنت قادم؟»
«نعم ،من أين َ
«من الل ّد».
«طريق طويلة».
ألعنك»...
لست َ «ال تلعن ،فأان ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 662 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ألست تلعنين؟»
« َ
منكيب! ...كم هي ثقيلة! ّإهنا حتطّم يل أعضائي ،ولكنّين
ّ خطيئتك على
َ «ال .بل أبكي وأمحل
إين أغفرفأمنحك الغفران .نعمّ ،
َ أنت
منكّ ...أما َ
بقوة ألقضي عليها بدالً َ أهصرها (أقبض عليها) ّ
خطيئتك العظيمة ».ويبسط يديه على رأس الرجل الذي جيهش ابلبكاء ويصلّي« :اي أبيت ،ألجله َ لك
َ
فابنك الذي
أيضاً يُسفك دمي .يف انتظار ذلك هي ذي دموعي وصاليت .أبيت اغفر له ألنّه اندمَ .
كل شيء يف القضاء ،يريد ذلك! »...ويبقى هكذا بضعة دقائق أخرى ،مثّ ينحين ويُ ِّنهض يعود إليه ّ
َيتك».
وعليك اآلن أن تك ّفر ،حبياة توبة ،عما تب ّقى من جر َ
َ الرجل ويقول له« :اخلطيئة قد غُ ِّفَرت.
«ما يغفره هللا يغفره اجلميع .اذهب وال تعد ختطئ أبداً».
جيهش الرجل ابلبكاء بشكل أقوى ويـُ َقبِّّل له يده .يَتكه يسوع لدموعه ويعود إىل البيت .يبدو
َير يسوع جبانبها
تتحرك .و ّ
تود الذهاب للقائه ،ولكنّها يف النهاية ختفض رأسها وال ّ احملجبة ّ
أ ّن املرأة ّ
دون أن ينظر إليها.
ظهر يف سيناء بكامل قدرته الرهيبة ،ليقول كذلك من خالهلا" :أان الرب يَ َ
قيل يف الكتاب إ ّن ّ
للمتمردين على إرادة هللا" .وقبل أن يتكلّم ،أ ََمَر ّأال
ّ اإلله .هذه هي إراديت .وهي ذي الصواعق جاهزة
يتطهروا قبل االقَتاب من احلدود حّت على الكهنة أن ّ يصعد أحد من الشعب لينظر إىل الكائن ،وأ ّن ّ
اليت ثـَبَّـتَها هللا كي ال يصابوا ابلضرابت .كان ذلك أل ّن الزمن كان زمن العدل واالختبار .لقد كانت
سر السماء وعلى غضب هللا ،فقط سهام العدالة كانت تسقط من السماء مغلقة ،كما بصخرة ،على ّ
إهلك".
الرب َ
الرب هي هذه" :أان هو ّ
الكلمة األوىل لآلب و ّ
يَتدد فيها صوت هذه الكلمة وال تظهر بصوت وإصبع هللا .أين؟ يف متر حلظة من اليوم ال ّال ّ
حّت النجمة ،من املاء إىل النار ،من الصوف
كل مكان ...ال يتوقّف شيء عن قوهلا ،من العشب ّ ّ
كل شيء يقول" :أانالصحة إىل املرض ومن الغىن إىل الفقرّ .
إىل الغذاء ،من النور إىل الظلمات ،من ّ
منك .فما من سالح ،مهمامتنحك ّإايه وفكرة أخرى تنـزعه َ
َ مين
ك هذا ،فكرة ّالرب .أان من وهبَ َ
هو ّ
جعلك تفلت من إراديت" .فهي هتتف يف صوت اهلواء وترتّل يف ُهسَ أي دفاع َيكنه
بـَلَغَت ّقوته ،وال ّ
قمة اجلبالّ .إهنا هتمس ،تتح ّدث ،تنادي وتصرخ يف الضمائر:
املاء ،وتنتشر يف عبري الزهور ،وتضرب ّ
إهلك".
الرب َ
"أان هو ّ
وتصموا آذانكم ،ال ختنقوا ضمريكم لكي ال تسمعوا هذه ال تنسوا هذا أبداً! ال تعموا عيونكم ّ
الكلمة .لن يتضاءل وجودها .لقد حان الوقت الذي فيه ،على جدار قاعة الوليمة ،أو على أمواج
البحر اهلائجة ،وعلى شفاه األطفال الضاحكة أو على شحوب عجوز مشرف على املوت ،على
الوردة الع ِّطرة أو يف نتانة القرب ،تَ ِّ
صل مكتوبة بيد هللا الناريّة .وأييت الوقت الذي فيه ،يف سكر اخلمرة َ َ
إهلك".
الرب َ
خضم األعمال ،يف سكون الليل ويف نزهة منفردة ،ترفع صوهتا وتقول" :أان هو ّ واملتعة ،يف ّ
خبلك،
وهذا اجلَّ َسد الذي تقبّله بنهم ،وهذا الغذاء الذي تلتهمه بشراهة ،وهذا الذهب الذي يك ّدسه َ
وهذا السرير الذي متكث فيه بكسل ،والصمت ،والنوم ،ال شيء َيكنه إسكاهتا.
أنت صاحل؟
َيكنك طرده .هل َ
َ كك ،الضيف الذي ال إهلك" .الرفيق الذي ال يَت َ
الرب َ
"أان هو ّ
أنت منحرف ومذنب خاطئ؟ ها هو الضيف الرفيق ها هو الضيف الرفيق يصبح خري صديق .هل َ
الغاضب وال َينح السالم .ولكنّه ال يفارق ،ال يفارق ،ال يفارق .ال يسمح ابالنفصاليصبح امللك ِّ
األبدي الذي ال يَسكن أبداً.
ّ لكن هذا االنفصال هو األمل املربّح
عن هللا لغري املدانني احملكوم عليهم .و ّ
ك من أرض مصر ،من بيت العبوديّة" .آه! حقيقة كم أخرج َ
إهلك" ،ويضيف" :الذي َ الرب َ"أان هو ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 664 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ليقودك إىل األرض املوعودة اليت ليست هذا
َ َيرجك
َ أي مصرأي مصر ،من ّ
يقوهلا اآلن بصوابيّة! من ّ
كل
يل ،حيث ال جوع وال عطش وال برد وال موت ،بل ّ الرب األز ّ
املكان ،إّّنا هي السماء! ملكوت ّ
كل نفس من السالم والفرح.
ما فيه يتدفّق ابلفرح والسالم ،وحيث تشبع ّ
إنّه ينتزعكم اآلن من العبوديّة احلقيقيّة .هو ذا ال ُـم َحِّّرر .إنّه أان .لقد ُ
أتيت ألحطّم قيودكم.
لكن
حريتها .و ّبشري أن يذوق املوت ،ومبوته تستعيد الشعوب املستَعبَ َدة ّ ّ لكل ذي سيادة َيكن ّ
أىن يريد .اخلطيئة فيكم،
ليجركم ّ
أبدي .وهو املتسلّط الذي قَـيَّ َدكم ابألغالل ّ الشيطان ال َيوت .إنّه ّ
أتيت وكذلك
أتيت ألحطّم هذا القيد .ابسم اآلب ُ واخلطيئة هي القيد الذي يكبّلكم به الشيطان .وأان ُ
ك من مصر ومن العبوديّة". فهم" .لقد أخرجتُ َليتم الوعد الذي مل يُ َ
هي رغبيتّ .
األولني ،هو
الرب إهلكم ينتشلكم من أرض الوثن اليت أغوت األبوين ّ الروحيّ .
ّ اآلن متّ إجنازه
احلق أقول لكم إ ّن الذين
ينتزعكم من عبوديّة اخلطيئة ،يعيد إليكم ثوب النعمة ،يَقبَلكم يف ملكوتهّ .
ـلي يقــول يف قلــوهبم املغبــوطة" :أنـا هو
األبوي ،ســماع العـ ّ
ّ إيل يستطيعون ،يف نعومة الصوت أيتون ّ
حراً وسعيداً".
ـتميلك إل ّـي ّ
ـك ،أسـ َ ـرب إهل َ
ال ّ
الرب قلبكم ووجهكم وصالتكم وإرادتكم .لقد أتت ساعة النعمة. هيا أَقبِّلواّ .
وجهوا صوب ّ
َير مباركاً ومداعباً عجوزاً وطفلة مسراء ضاحكة.
ينهي يسوع كالمه .و ّ
« ِّ
اشفين اي معلّم .إنّين أأتمل ج ّداً!» يقول مريض الغنغرينا.
عليك أن تتوب»...
«النفس ّأوالً ،النفس ّأوالًَ .
« َع ِّّمدين مثل يوحنّا .مل أعد قادراً على الذهاب إليه .إنّين مريض».
ابجتاه النهر الواقع وراء حقلني كبريين وغابة حتجبهََ .يلَع نعليه ،وكذلك«هيّا ».ويهبط يسوع ّ
يفعل الرجل الذي َجَّر نفسه مع ع ّكازيه .ينـزالن إىل الض ّفة ،ويسوع ،جاعالً من ك ّفيه جمتمعني كوابً،
حّت منتصف ساقيه.يسكب املاء على رأس الرجل الذي نزل يف املاء ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 665 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«انزع األربطة اآلن ».يطلب منه يسوع بينما هو يصعد على الدرب.
«أان أيضاً!»
«أان أيضاً!»
كل شيء ،ويعود يسوع إىل البيت ،يف املطبخ الذي أصبح عامتاً ،رغم كون الوقت مل ينتهي ّ
يتجاوز الساعات األوىل من بعد الظهر.
يتزاحم التالميذ حوله ،ويسأله بطرس« :ذاك الرجل الذي أخذتَه خلف البيت ،ماذا كان به».
يتطهر».
«كان يف حاجة إىل أن ّ
«ومع ذلك مل يـَعُد ،ومل يطلب املعموديّة».
ب حيث أرسلتُه».
«لقد َذ َه َ
«أين؟»
«يف السجن؟»
يوطي. ِّ
لدي خطيئة ».يقول االسخر ّ
«وأان أفال تُـ َقبّلين؟ فأان أيضاً ّ
املتغرية تتب ّدل من نور السعادة الذي كان ينريه عندما كان يتح ّدث إىل ِّ
ُُيَ ّدق به يسوع .ونظرته ّ
لك أيضاً .هيا .لست أ ِّ
ُجحف حب ّق أحسبهُ من التعب ،ويقول« :نعمَ ...
ُ ّ متجهمَ ،
ظل ّ بطرس ،إىل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 667 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أمامك حياة بكاملها لَتقى
َ شاابً ،وما زالت
لت ّكنت تريد ...ما ز َ أحد .كن صاحلاً اي يهوذا .إذا َ
ابطّراد لتصل إىل كمال القداسة »...ويـُ َقبِّّله.
أنت
أنت برتلماوس احلكيم .و َ مّت ،اي انتصاري ،و َأنت اي ّ
لك اآلن اي مسعان صديقي .و َ «الدور َ
أنت اي توما اي ذا اإلرادة السعيدة .هيا اي أندراوس ،اي ذا الفاعليّة الصامتة.
الويف األمني .و َ
اي فليبّس ّ
أنت اي يوضاس رفيق الطفولة مك .و َأنت اي يوحنّا ،اي فرح معلّ َ
األول .واآلن َأنت اي يعقوب اللقاء ّ
و َ
وقلبك .هاكم مجيعكم ،مجيعكم ...إّّنا
َ مبظهرك
َ أنت اي يعقوب ،اي من تذ ّكرين ابلعادل
والشباب .و َ
حيب متع ّدداً ،فإنّه يتطلّب كذلك إرادتكم احلَ َسنَة .خطوة أخرى إىل األمام يفتذ ّكروا أنّه إذا كان ّ
كل خطوة إىل األمام هي شرف حياتكم كتالميذي سوف ختطوهنا بدءاً من الغد .ولكن ف ّكروا أ ّن ّ
والتزام».
ك ستُـ َعلِّّمنا
قلت يوماً ليوحنّا ويعقوب وأندراوس ويل أان أنّ َ
«اي معلّم »...يقول بطرس «لقد َ
أنت لكنّا نتمتّع ابألهليّة والكفاءة لنقوم ابلعمل الذي أظن أنّنا لو كنّا نصلّي كما تصلّي َ
الصالة .و ّ
تطلبه منّا».
مؤهلني ،مبا فيه الكفاية ،فسوف أعلّمكم الصالة ك آنذاك" :عندما ستصبحون ّ «ولقد أجبتُ َ
العظَ َمة ،ألترك لكم ’صاليت‘ .ولكنّها هي كذلك لن تكون شيئاً البتّة إن مل تُـْت َل سوى ابلشفاه.
الفائقة َ
حاليّاً ،ارتقوا إىل هللا بنفس راغبة بصدق .فالصالة نعمة يهبها هللا لإلنسان ،واإلنسان يق ّدمها هلل"».
يوطي.
«سوف نصوم كثرياً ».يقول االسخر ّ
الثالثي ،ويف أثر هذا اجلوع ة،ّط املنح ات والشه أمسع اجلسد، خالل ن «بدون جدوى .فَ ِّ
م
ّ
نجب ،مع الثالوث الغ ّدار ،زمرة رذائله ...وهي تشبه أطفاالً من زواج غري شريف ،وكربايء الروح تُ ِّ
كل الشرور املوجودة يف اإلنسان ويف العامل».
شهوة اجلسد والسيطرةّ ،
كل ما كان لدينا ».جييب يهوذا«.إذن ،أفيجب علينا أن ّنوت؟
أجلك ،قد تَـَركنا ّ
«حنن ،من َ
األقل»...
معك سوف نفعلها ،أان على ّ لكي نكون َ
ي .أان أطلب أن متوت فيكم ميولكم احليوانيّة والشيطانيّة؛ وهي
املاد ّ
لست أطلب موتكم ّ
«الُ ،
ال متوت طاملا ُيتفظ اجلسد برغباته ،طاملا يقيم فيكم الكذب والكربايء والغضب والتفاخر والشراهة
والبخل والكسل».
العم.
«إنّه على هذه الدرجة من القداسة دائماًَ .يكننا أتكيد ذلك ».يؤّكد يعقوب ابن ّ
«إنّه يَعلَم كيف حنن »...يقول يوحنّا «ينبغي لنا ّأال نكون منهارين لذلك .إّّنا أن نقول له
لنخدمك" .فلو كنّا نقول" :إنّنا بال خطيئة" لكنّا خمدوعني وخادعني.
َ القوة
كل يوم ّ فقط" :أعطنا يف ّ
حّت ولو مل نكن نريد أن نقول ذلك؟ من هللا الذي ال ممّن؟ من ذواتنا حنن الذين نَعلَم ما حنن عليهّ ،
لك منحواتً وال صورة شيء ممّا يف السماء وال ممّا على
لك إله غريي .ال تتّخذ َ «قيل" :ال يكن َ
إهلك،
الرب َاألرض أسفل أو ممّا يف جوف املياه أو حتت األرض .ال تسجد هلا وال تعبدها ،ألنّين أانّ ،
مبغضي .وأصنع رمحة إىل ألوف من ابع
ر ال
و الثالث اجليل إىل البنني، يف اآلابء ذنوب د إله غيور أفت ِّ
ق
ّ َ
تغص ابجلموع ،أل ّن املطر يهطل ،وقد
يدوي صوت يسوع يف الغرفة اليت ّ حميب وحافظي وصاايي"ّ . من ّ
األول أربعة مرضى :أعمى تقوده امرأة ،وطفل تغطّيه القشرة ،وامرأة مصابة جلأ إليها اجلميع .يف الصف ّ
ابلريقان أو تعاين من املالراي ،ورابع حممول على حم ّفة.
ال تندهشوا لرؤية الوثنيّني يعبدون احليواانت والزواحف أو الكواكب .فكم من الزواحف! كم
من احليواانت! كم من الكواكب املطفأة تعبدون يف قلوبكم! الشفاه تنطق بكالم كاذب للتفاخر،
غيور :ممّن؟ أيّة ِّغرية هي؟ ِّغرية صغار الناس اخلسيسة؟ ال ،بل هي غِّرية هللا املق ّدسة على أبنائه.
يؤدي ِّ ِّ ِّ
الغرية العادلة .الغرية ال ُـمحبّة .لقد َخلَ َقكم ،وهو ُيبّكم ويريدكم .يعرف ما يؤذيكم .ويعلم ما ّ
احلب األوحد
إىل انسالخكم عنه .وهو غيور ممّن أو ممّا َُيشر نفسه بني األب وأبنائه ،وُيرفهم عن ّ
الذي هو خالص وسالم :هللا .أال فأدركوا وافهموا هذه الغرية اإلهليّة غري اخلسيسة ،غري الرهيبة وغري
حب ال متناه ،صالح ال آخر له ،وحريّة ال حدود هلا ،متنح ذاهتا للخليقة املنتهية إىل اآلسرة ،ولكنّها ّ
االجنذاب إليه وفيه ،وإىل صريورهتا شريكة يف صالحه الالمتناهي .فاألب الصاحل ال يرضى ابالستمتاع
َّسها من أجلهم هم أكثر بثرواته وحيداً ،ولكنّه يبغي أن يشاركه أبناؤه هبا .فهو ،يف احلقيقة ،قد َكد َ
تصرفه.
احلب وهذه الرغبة كمال جممل ّ ُيمل هذا ّ منه .واألمر ذاته ابلنسبة هلل .ولكنّه ّ
الرب .فلقد َو َع َد ابلقصاص للمذنبني وألبناء األبناء املذنبني .وهللا ال يكذب أبداً يف
ال ختونوا ّ
وعوده .ولكن ال تَ َدعوا نفسكم هتوي ،اي أبناء اإلنسان وهللا .اصغوا إىل الوعد اآلخر وابتهجوا" :وأَصنَع
حميب وحافظي وصاايي". رمحة إىل اجليل األلف من ّ
وحّت النقيصة األلف ألبناء اإلنسان املساكني ،الذين يـَ َقعون،
إىل اجليل األلف من الصاحلنيّ ،
ليس خببث ،بل إّّنا بطيش وبسبب فخاخ الشيطان .وأكثر من ذلك .أقول لكم إنّه يفتح ذراعيه ،إذا
أعيدوا هلل مسكنه .فمسكنه ليس يف هياكل من حجارة ،بل يف قلب البشر هو .فاغسلوا َعتَـبَته،
يقل فال ! شيء كل وحده، وهو فقط، فاهلل األخطاء. من أو منه فائدة ال ما كل من الداخل ا
و صوخلِّ
ّ
ّ ّ ّ َ
اإلهلي. للضيف ه حب لعن الفردوس بشيء قلب إنسان يقيم هللا فيه ،قلب إنسان يـرتِّّ
ّ ّ َُ
األزيل ،تكتمل هذه
العلي مسكنه .ويف غدكم ّ اجعلوا من قلوبكم كلّها مساء .ابدأوا مبشاركتكم ّ َ
اتمني .إّّنا هنا ،يف الدنيا ،فيمكنها جتاوز دهشة ابراهيم املرتعدة ،وكذلك دهشة املشاركة بقدرة وفرح َّ
ألهنا لن تكون ،فعليّاً ،اللقاء الساطع واملرعب ابلقدير ،إّّنا اإلقامة مع األب والصديق
يعقوب وموسىّ .
بين».
لك اي ّك تسعدين .شكراً َ الذي ينـزل ليقول" :فرحي يكمن يف وجودي بني الناس .إنّ َ
اجلمهور الذي يتجاوز املائة شخصَ ،يرج بعد بعض الوقت من النشوة .فمنهم َمن َو َج َد نفسه
فجأة يبكي ،ومنهم من يَضحك بذات األمل السعيد .أخرياً ،يبدو أ ّن اجلمع قد تَـنَـبَّه .فهناك ما يشبه
ت لنا طريق السالم!» اللَّغط أو َّ
الزفرة القويّة ،ويف النهاية ،ما يشبه صرخة حترر« :لتكن مباركاً! لقد فَـتَح َ
يبتسم يسوع وجييب« :السالم يقيم فيكم ،إذا ما اتـَّبَعتم طريق الصالح منذ اآلن».
َيرر يده على الطفل املريض ،وعلى األعمى وعلى املرأة صفراء اللون.
يتوجه صوب املرضىّ .
مثّ ّ
وينحين على املشلول ويقول« :أريد ذلك».
( -88يسوع يف منطقة املياه احللوة" :ال تتل ّفظ ابمسي ابطالً")
1945 / 03 / 01
عيد ميالد ال يُنسى! الوجه ال ُـم َح َّجب قد ُك ِّشف’’ .اجملهول‘‘ أصبَ َح معلوماً .املعلّم دعا "ماراي"،
ادتك. ِّ
دت من جديد‘‘ روحياً إبر َ ووعدك! ...و’’ ُول ُ
َ قبلتك
وماراي أصبَ َحت يوحنا .دموعي َم َس َحتها َ
أنت ،األب ،تَعلَم .فهل َيكنين أال أحتفل هبذا التاريخ؟ ...وأحتفل الناس ال يَعلَمون ،إّّنا أان فأعلَمَ .
املبارك أتعاب ومعاانة هذه اخلدمة ،إذ ...آه! اي لتلك الساعة من األول من آذار به يف خدمة هللاِّ ،
(مارس) ،1943إهنا تبدو وكأن الصليب ال شيء إذا ما ِّ
قورن هبا.
كل االجتاهات ،أعلى وأسفل .مثل قفري النحل ،لش ّدة اضطراهبم .يتح ّدثون، التالميذ يف ّ
صلون إىل قرار خبصوص األمر يرصدون خارجاً وينظرون يف كل اجتاه ...يسوع ليس هناك .أخرياً ي ِّ
َ ّ َ
الذي جيعلهم مضطربني ،وبطرس أيمر يوحنّا« :اذهب وأحضر املعلّم .إنّه يف الغابة قرب النهر .قل له
أن أييت حاالً أو أن يقول لنا ما علينا فعله».
«أان ال أعرف شيئاً ».يقول بطرس «سيكون خمتلفاً عن أخيه ابلرضاعة ...ولكنَ ...من يعاشر
أنت تريد لتلك املرأة أن ترحل ...احذر! فاملعلّم ِّّ
الضباع أيخذ عنهم الرائحة وال َـميل .من جهة أخرىَ ،
أمورك».
لست املعلّم ...هذا فقط لَتتب َال يريد ،وأان حتت إمرته .لو َم َسستَها ...فأان ُ
هريوداي اجلميلة؟»
ّ «آه! َمن تكون إذن؟ أفتكون ابلصدفة
«أان ،ال».
يلح الكثريون.
فأنت تعلمّ »...
«هيّا ،قلَ ...
«أ ِّ
ُقسم لكم أنّين ال أعرف .املعلّم يعرف ابلتأكيدّ ،أما أان فال».
بكل شيء».
«جيب أن جنعل يوحنّا يسأله .فهو يبوح له ّ
أخوك؟»
«ملاذا؟» يقول يهوذا« .ما الشيء املميّز يف يوحنّا؟ هل هو إلهَ ،
«تستطيعون أن توفّروا على أنفسكم هذا التعب ».يقول يعقوب بن حلفى« .أمس رآها أخي
عائدة من النهر ومعها السمكة اليت أعطاها ّإايها أندراوس ،وهو من سأل يسوع وأجابه" :ليس هلا
أود لو تكون هكذا ابلنسبة إىل
وجه .هي روح تبحث عن هللا .فهي ليست ابلنسبة يل سوى هذا ،و ّ
اجلميع" .وقد قال هذه الـ "أريد" بنربة صوت ال أنصحكم معها ابإلحلاح».
يوطي.
«سأذهب أان ملالقاهتا ».يقول يهوذا االسخر ّ
كنت تستطيع ».يقوهلا بطرس وقد اصطَبَ َغ ابللون األمحر كالديك.
«حاول لو َ
«هل تعمل جاسوساً حلساب يسوع؟»
يف»...
«أان أحَتم اجلميع ،ولكنّين أريد أن أعرف ماذا َّ
أخربك ...يوجد ِّمن الكربايء ما َيأل هذا املطبخ ،ويوجد رايء
«على الرحب والسعة ...دعين َ
كما يوجد فجور».
«أان أيضاً وجدتُه يبكي يف الغابة قرب النهر ».يقول فليبّس« .وقد أجاب على نظرايت التساؤليّة:
احلب بني
"هل تَعلَم ما الذي َييّز السماء عن األرض غري ما ينتج عن وجود هللا املنظور؟ إنّه قلّة ّ
حبب
أتيت هنا أرمي احلبوب للعصافري ألحظى ّ أحس وكأ ّن َجبَالً َينقين .لقد ُ
الناس .وهذا ما جيعلين ّ
كائنات متحابّة فيما بينها».
«ألنّه أييت متاماً "كنفس" ،وليس كأخ هلريودس ابلرضاعة .فإذا كان حماطاً ابلصمت ،فهذا ألنّه
يعتقد أ ّن ،أمام كلمة هللا ،ال أُهيّة لصلة القرىب مع امللك ...وسوف حنَتم صمته».
أرسلَه؟»
«ولكن ماذا لو كان األمر على عكس ذلك ،لو كان هو من َ
« َمن؟ هريودس؟ ال ،ال ختافوا».
يعرفك؟»
أرسلَه؟ كيف َ
«ولكن من الذي َ
«عن طريق قرييب يوحنّا نفسه .أتظنّون أنّه مل يـُبَ ِّّشر يب يف السجن؟ وأيضاً عن طريق قوزى...
عين اآلن .لقد َس َقطَت
فحّت األوراق واهلواء تتح ّدث ّالفريسيّنيّ .. وحّت حقد ّ وصوت اجلمهورّ ...
ضَربَت الربونز .املوجات تَتاكض بدوائر متزايدة يف االتساع، احلصاة يف املاء الساكن ،والعصا قد َ
حاملة للمياه البعيدة التجلّي ،والصوت يسلّمها للمدى ...لقد تَـ َعلَّ َمت األرض أن تقول "يسوع"،
أي إنسان غريه .اذهبوا ،وأان ابق مع يهوذا».
ولن تصمت أبداً .اذهبوا ،وكونوا مه ّذبني معه ،كما مع ّ
َيضي التالميذ.
لديك ما تقوله
ينظر يسوع إىل يهوذا الذي ما زالت الدموع متأل عينيه ويسأله« :وإذن! أليس َ
خاص ملاذا هذا
منك .ملاذا هذه الدموع؟ وبشكل ّ
أود لو أعرفه َ
ك ،ولكنّين ّ َيص َ
كل ما ّ
يل؟ أعرف ّ
جيعلك متك ّدراً على الدوام؟»
َ االضطراب الذي
وحّت
ك تتح ّدث كثرياًّ ، نفسك احلقيقيّة .إنّ َ َ «ال تَـعُد إىل البكاء! ممّن تغار؟ تَـ َع َّود التح ّدث إىل
ومتعِّباً لتُـ َعِّّرب عما تريد قوله:
مستمراً ُ
ّ ك متارس عمالًكثرياً ج ّداً .ولكن مع ماذا؟ مع الغريزة والفكر .إنّ َ
لك قوله عنيوقفك عما ينبغي َ َ يضبطك أو
َ فيك ،إذ ال شيء عنك وعن األان اليت َ إنّين أحت ّدث َ
حصانك اجلامح .تبدو مثل فارس سباق َ للج َسد ،فهو
اآلخرين أو لآلخرين .وكذلك األمر ابلنسبة َ
األول هو األحاسيس .واآلخر ...هل تريد أن تعرف ما هو (جوكي) أعطاه املدير حصانني جاحمنيّ .
ِّ
ك ُمتَـ َه ِّّور ،تثق حبسن َ
تدبريك، ك فارس ماهر ،ولكنّ َ اآلخر؟ نعم؟ إنّه الطَّيش الذي ال تبغي ترويضه .إنّ َ
األقل .بل
وتظن أ ّن هذا يكفي .تريد أن تصل ّأوالً ...ال تضيّع الوقت ،ولو يف تبديل حصان على ّ ّ
صر" .تريد أن حتظى ابلتصفيق... ك حترضهما وتضرهبما ابلسوط .تريد أن تكون "املنتَ ِّ
على العكس ،إنّ َ ّ
كل نصر يكون أكيداً عندما نستويل عليه ابلعمل الدؤوب والصبور وابحلَ َذر؟ حت ّدث مع أال تعلم أ ّن ّ
داخلك؟»
َ لك ،أان ،ماذا يف أود لو أييت االعَتاف منها .هل ينبغي يل أن أقول َ نفسكّ .
َ
ذاتك،
لست على وفاق مع َ
لست عادالً وال منصفاً ،و َ
أنتَ ،
حّت َ «إنّين أعاين ِّمن َ
كونكّ ،
وأأت ّمل لذلك».
نظرك؟»
رت يف َ
ص ُ«ملاذا تتّهمين؟ ومباذا قَ َّ
«ماذا أيضاً؟»
«ال».
كنت
َيكنك القول إنّين ُ
َ مبهمات كما اآلخرين؟ هل
فك ّ َيكنك القول إنّين مل أكلّ َ
َ «وإذن؟ هل
منك بعض التقصري؟ مل تكن صرُياً ...الكروم ...آه! الكروم! مباذا معك عندما كان يبدر َ
قاسياً َ
تسمى تلك الكروم؟ مل تكن لَبِّقاً مع من يتأ ّمل أو يفتدي نفسه .ومل حتَتمين كذلك .ولقد كانكانت ّ
عنك ،وعلىكل هذا ،فإ ّن صواتً واحداً فقط ارتَـ َف َع ليُدافع َ
ذلك على مرأى من اآلخرين ...ومع ّ
أنت».
حق اآلخرين أن يَغاروا ،ألنّه إذا كان هناك َمن َمنَحتُه احلماية فهو َالدوام .إنّه صويت .كان من ّ
ويبكي يهوذا متواضعاً ومتأثراً.
رب .هو ذا منّان .إنّه ذاك الذي يرتدي معطفاً يُقارب لونه اللون األسود،
«نعم ،هذا كاف اي ّ
بقدر ما لونه األمحر هو داكن .ولقد أعطاين هذه للمساكني ،وسألين عن إمكانيّة بقائه لينام».
أجبت؟»
«ومباذا َ
فاذهب إىل البلدة"». «ابحلقيقة" :ليس لدينا ِّ
األسرة ّإال ما يكفي عددانَ .
ّ ن م
ال يقول يسوع شيئاً .بل يَتك حينذاك احلديث مع بطرس معلقاً ،ويذهب للقاء يوحنّا ،ويهمس
له بشيء ما ،مثّ أيخذ مكانه ويبدأ احلديث.
«السالم معكم مجيعاً ،ومع السالم النور والقداسة .قيل "ال تلفظ امسي ابطالً".
مّت ننطق امسه ابطالً ومن الذي يفعل ذلك؟ هل يكون ذلك فقط حينما نتح ّدث عنه ابحتقار
أو ُجن ِّّدف؟ ال .بل إّّنا يكون ذلك حينما نذكره وحنن غري جديرين ابهلل .هل َيكن البن أن يقول:
أحب أيب وأوقّره" إذا ما كان بعد ذلك يفعل كل ما يُ ِّ
عارض وينايف رغبات أبيه؟ فليس بقولنا "إنّين ّ
ّ
الرب.
حنب ّ "أيب ،أيب" نكون حنبّه ح ّقاً .كما وليس بقولنا "هللا ،هللا" نكون ّ
حت ذلك يف إسرائيل ّأول أمس ،أصنام كثرية تكمن يف خفااي القلوب ،وهنا كذلك لقد َشَر ُ
يوجد تسبيح هلل ينطوي على رايء ،تسبيح ال يتوافق مع أفعال الذين يُسبِّّحونه .يف إسرائيل يوجد
كذلك ميل إىل إجياد الكثري من اخلطااي يف األمور الظاهريّة ،وعدم الرغبة يف إجيادها حيث هي يف
ال يوجد مرضى .يبقى يسوع ،وذراعاه متصالبتان ،وظهره ُمستَنِّد إىل اجلدار ،حتت العنرب ،حيث
الظل .ينظر يسوع إىل الذين َيضون على ظهور محريهم ،والذين يتزامحون صوب النهر ،رغبة ط ّ َهبَ َ
يتوجهون إىل البلدة عرب احلقول.
التطهر ،وأولئك الذين ّ
منهم يف ّ
مَتدداً يف قراره .يرمقه يسوع بنظرة .أخرياً يتّجه
الرجل ذو اللباس األمحر الداكن ج ّداً يبدو ّ
صوب جواده .فلديه جواد رائع أبيض جملّل ابألمحر حتت السرج املغطّى مبسامري الزخرفة.
لديك طعام؟»
أعطيك سريري ،وهو جاهز .هل َ
َ «ال.
«ال ،هذا أبداً .بل أان من سينام هنا .إنّين أَقبَل اخلبز ،وال شيء سواه .ولن أضع جسدي
جسدك املقدَّس».
َ املدنَّس حيث ُمت ّدد َ
أنت
ينحين مسعان ،وكذلك الرجل .يدخالن إىل الغرفة حيث يربط منّان اجلواد إىل املذود .ويوحنّا،
أومأَ يسوع إليهُ ،يمل العشب ودلو ماء مسرعاً .وبطرس يركض حامالً مصباح زيت ،إذ قد بعد أن َ
حل الظالم.
ّ
«سوف أكون على ما يرام هنا .فليكافئكم هللا ».يقول الفارس الذي يدخل بعدئذ ،بني يسوع
ومسعان ،إىل املطبخ املضاء بنار عيدان صغرية أ ِّ
ُضرمت فيه.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
وأمك")
أابك َ ( -89يسوع يف منطقة املياه احللوةِّ :
"أكرم َ
1945 / 03 / 03
يذرع يسوع املكان جيئة وذهاابً ببطء ،على شاطئ النهر .النهار يبزغ من خالل ضباب يوم
شتوي كئيب يتمادى على قصب الشاطئ .وعلى مدى النَّظَر ،ال أحد على شاطئ األردن من ّ
صب واجلاري موحالً
الطرفني .ال شيء سوى الضباب على سطح املاء ،وصوت املاء املرتطم ابل َق َ
احلب.
ضباً وحزيناً بعد انقضاء موسم ّ األايم السابقة .بعض من زقزقة العصافري يصل مقتَ َ
بسبب أمطار ّ
وشح الغذاء جيعلها كئيبة.
فاملوسم احلايل ّ
مهتماً كثرياً بنداء عصفور صغري يدير رأسه صوب الشمال ،وبراتبة
ينصت يسوع إليها ،ويبدو ّ
نوحي ،مثّ يديره صوب اجلنوب ويكرر الـ "سريويت" إّّنا
دقات الساعة ،يقول" :سريويت" بشكل ّ
تساؤيل .أخرياً ،يبدو أ ّن العصفور الصغري قد تل ّقى إجابة يف الـ "سيب" الواردة من الض ّفة
ّ بشكل
األخرى ،وَيضي مرفرفاً جبناحيه ،عرب النهر ،مع زقزقة فرح .يقوم يسوع حبركة وكأنّه يقول« :اي حلسن
ظ» ،مثّ يعاود املسري.
احل ّ
ألستشريك أيضاً.
َ أتيت فوراً
يفرحك ،لذا ُ
َ لك ...يبدو يل أنّه خرب
أود أن أقول َ
« ّ
فوقفت
ُ أساعدك؟"
َ يوطي وقال يل" :هل
ص َل يهوذا االسخر ّ
كنت أكنس غُرفنا ،عندما َو َ
ُ
حّت حينما يُطلب منه ...ولكنّين مل أقل له أكثر
مندهشاً ،ذلك أنّه يقوم هبذا العمل على مضضّ ،
َخ َذ يكنس ،وأهنينا عملنا بسرعة. ِّ
من" :آه! شكراً! هكذا أهني عملي بسرعة أكثر وبشكل أفضل" .وأ َ
السن هم الذين جيلبون احلطب .وهذا ليس حسناً. فقال حينئذ" :لنذهب إىل الغابة ،فدائماً كبار ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 688 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كنت هناك أحزم احلطب
التصرف .ولكن لو تُـ َعلّمين "...وذهبنا .وبينما ُ
فلنذهب حنن .أان ال أُحسن ّ
لك شيئاً".
معه ،قال يل" :يوحنّا ،أريد أن أقول َ
أظن األمر انتقاداً.
كنت ّ
قلت له" :تكلّم" .و ُ
ُ
أنت األكثر شباابً .ينبغي لنا أن نكون أكثر انسجاماً ووحدة. إّّنا على العكس ،فقد قال" :أان و َ
عمداً .أحياانً ِّ
لست صاحلاً .إّّنا ثق ...أان ال أفعل ذلك مت ّ
حق ،فأان ُ ك لعلى ّ مين ،وإنّ َ
أنت تكاد ختاف َّ
أود لو
أفس َدين .و ّ
أحس ابحلاجة إىل أن أكون سيّئاً .وقد يكون ذلك بسبب كوين وحيداً ومدلّالً ممّا َ ّ
ص ِّدموا ...نعم ،فلقد
عم يسوع ُ إيل بعني الرضى .أوالد ّ
السن ال ينظرون ّ أُصبح صاحلاً .وأَعلَم أ ّن كبار ّ
ك صاحل وصبور .أحبِّبين. أنت فإنّ َ
عمهمّ .أما َحبق ابن ّ
تكبت حب ّقهم الكثري من النقائص ،وكذلك ّ ار ُ
كل شيء .فاملعلّم أيضاًلك أن حتبّه ابلرغم من ّ لك ،سيّئاً ،نعم ،إّّنا ينبغي َ
كنت أخاً َ اعمل كما لو ُ َ
أتصرف بشكل َح َسن ،قل يل .مثّ ال تَتكين دائماً التصرف هكذا .عندما تراين ال ّ يقول إنّه ينبغي ّ
أتصرف بشكل سيّئ. أنت أيضاً .سوف تساعدين لكي ال ّ وحيداً .عندما أذهب إىل البلدة ،تعال َ
نظرت إليه .ويف حقدي األبله ،مل أكن يف السابق أنظر ال إىل مت كثرياًَ .ح َّدثَين يسوع ،وأان ُ أمس أتلّ ُ
هت
احلق يف القول إ ّن يسوع يعاين ...ولقد تنبّ ُكل ّ أيت ...هلم ّ
نظرت ور ُ
ذايت وال إىل اآلخرين .أمس ُ
أيضاً إىل كوين مسؤوالً أيضاً عن ذلك .أان ال أريده أن يكون كذلك .تعال معي .هل أتيت؟ هل
أقل سوءاً؟"
ستساعدين كي أكون ّ
أعَتف أ ّن قليب كان َيفق مثل قلب عصفور بني يدي طفل .كان َيفق ِّمن هكذا قال يل ،و َِّ
لكن قليب كان َيفق بش ّدة من
كنت سعيداً ،و ّ
أجلك أيضاً ُ الفرح ألنّين مسرور أبن يصبح صاحلاً ،ومن َ
أنت يل يوم قَبِّ َ
لت رت ما قلتَهُ َ
اخلوف ...ذلك أنّين مل أكن أريد أن أصبح مثل يهوذا .إّّنا بعدئذ ،تذ ّك ُ
كنت
لدي أوامر أخرى "...و ُ علي أن أطيع إذا ما كانت ّ أساعدك .إّّنا ّ
َ يهوذا ،وأجبتُهُ" :نعم ،سوف
أبال أبتعد عن البيت».
َجعله أيمرين ّ
َفعله ،وإذا مل يشأ أ َ
أف ّكر :اآلن أقول للمعلّم ،وإذا ما شاء هو ذلك أ َ
«أتتكلّم عن يهوذا؟»
أنت الصيّاد
«أتكلّم عن يهوذا .إنّه يعاين من ذلك .فرغباته َح َسنَة وميوله فاسدة .إّّنا قل يل ،و َ
أردت الذهاب ابملركب ،يف هنر األردن ،للوصول إىل حبرية جنّسارت ،فكيف َيكنين املتمرس ،إذا ما ُ
ّ
ذلك؟ وهل أجنح؟»
ك تنجح مبركب صغري ذي قعر ُمسطَّح ...إ ّن ذلك لَ ُمتعِّب «إيه! سيكون عمالً هائالً! ولكنّ َ
وطويل! جيب سرب العمق ابستمرار ،واالنتباه للضفاف واألعماق القليلة واألغصان الطافية مع التيار.
أنت تريد العودة إىل البحرية عن طريق ضروري يف بعض احلاالت ،بل على العكس ...إّّنا َ ّ الشراع غري
وإال»...
النهر؟ فاعلم أنّه بعكس التيّار ،وسيكون األمر سيّئاً .ينبغي أن تكونوا ُكثُراً ّ
«منذ مّت؟»
مسحت بذلك»...
َ أنت َمن
كنت َ
«إذن ،إذا َ
«نعم ،وأنصح به اجلميع .إنّكم تَتكونه كثرياً وحيداً .ال تكونوا قضاة له وحده .فهو ليس أسوأ
من كثريين .ولكنّه األكثر َدالالً ،ومنذ الطفولة».
«نعم ،هذا صحيح ،يفَتض أنّه هكذا .فلو كان أَبَواه زبدى وصالومي ملا كان كما هو عليه.
الداي صاحلان .ولكنّهما يتذ ّكران أ ّن هلما حقوقاً وعليهما واجبات جتاه أبنائهما».
و َّ
صلوا
«ما تقوله صحيح .اليوم سأتكلّم ابلضبط عن هذاّ .أما اآلن فهيّا بنا .إنّين أرى أانساً َو َ
عرب احلقول».
لست أرى كيف سنحيا .فليس لدينا وقت لألكل وال للصالة وال للراحة ...والناس
«أانُ ،
تناز َعته مشاعر اإلعجاب والسأم.
يتزايدون ابستمرار ».يقول بطرس وقد َ
تتذمر من ذلك؟ ّإهنا إشارة إىل أ ّن ما يزال هناك أانس يفتّشون عن هللا».
«هل ّ
وسنضطر ،بعد قليل ،إىل طَلَب اإلذن من الضيوف لتبديل همهم بطرس« ،فهمت!» يُ ِّ
« ُ
ّ
مالبسناّ .إهنم جيتاحوننا لدرجة أن جيعلوان هنرب ،حنن».
لحظ يسوع
«سوف تَرى هروابت أُخرى اي بطرس! ما هلا ،هذه املرأة؟» ّإهنم اآلن يف الدار ،ويَ َ
امرأة تبكي.
كنت تتح ّدث إىل منّان ،أتتلست أدري .ابألمس كانت هنا أيضاً ،وكانت تبكي .عندما َ « ُ
انصَرفَت .يفَتض ّأهنا َم َكثَت يف البلدة أو يف اجلوار إىل حني عودهتا .ال يبدو عليها ّأهنا
ملالقاتك مثّ َ
َ
مريضة»...
مرة أخرى».
«ّ
«يسوع!» يقوهلا األبله أخرياً ،وقد أصبَ َحت نظرته ذات تعبري ومعىن ،وعلى فمه ابتسامة خمتلفة.
ابنك .اسأله وحاوره .فإ ّن «أيها الرجل »،يقول يسوع لألب «بفضل اإلَيان الذي َ ِّ
عندك ُشف َي َ ّ
عجائيب يف مواجهة األمراض واآلالم».
ّ اسم يسوع
شرح« :لقد ُولِّ َد هكذا .فزوجيت توفَّيت وهي تضعه ،وهو كان ال
يضم الرجل ابنه إىل صدره ويَ َ
ّ
آمنت ،نعم ،إنّين قادم من ايفا .ماذا ينبغي يل أن أفعل من
يف ّكر وال يتكلّمّ .أما اآلن فانظروا .لقد ُ
أجلك اي معلّم؟»
َ
ابنك كذلك .ال شيء أكثر».
«أن تكون صاحلاً ،و َ
ك ،فهي اليت َدفَـ َعتين إىل اجمليء .لتكن مباركة!»
ك .آه! هيّا بنا حاالً خنرب ّأم ّأم َ
«وأن أحبّ َ
سعيدين .فلم يبق من اآلفات القدَية سوى ضخامة رأس الطفل .بينما التعبري
وَيضي االثنان َ
والكالم طبيعيّان.
امسك؟» ِّ
ادتك ُشف َي ّأم بقدرة َ
ويسأل كثريون« :أإبر َ
«إبرادة اآلب ،احملتفي دائماً ابالبن .ولكن امسي أيضاً هو حب ّد ذاته خالص .تعلمون ذلك:
حقيقي يتخلّص إبَيان يسوع اسم ذكر ي ومن اجلسد. ة وصح النفس ة صح هناك ص. فيسوع يعين ُخمَلِّ
ّ
ّ َ ّ ّ
من األمراض واخلطيئة ،ذلك أ ّن يف كل مرض نفسي أو جسدي هناك خملب للشيطان .فهو ِّ
يوجد ّ ّ ّ
البشري».
ّ كل بالاي اجلنس
أيك ،فإن بعلزبول ليس دخيالً يف ّ
«إذن ،حسب ر َ
«ليس دخيالً .فبسببه أصبَ َح يف العامل مرض وموت ،وبه كذلك أصبَ َح يف العامل جرَية وفساد.
يقض مضجع أحدهم ،ف ّكروا أبنّه ابلشيطان يتأ ّمل .وعندما ترون أحداً يُسبِّّب
عندما ترون البؤس ّ
البؤس ،فاعلموا أنّه أداة للشيطان».
(املعمدان) -وقد قال يل" :اذهب إىل الذي يتح ّدث ِّ
أتيت من قبَل يوحنا ّ
«يوحنّا- ...فأان ُ
الربط ،بينما ال أستطيع أان سوى القول" :قُم بفعل
احلل و َّ ِّ
ويـُ َع ّمد قرب أفرائيم وأرُيا .فهو َيلك سلطان ّ
«أال يتأ ّمل املعمدان ِّمن ترك اجلموع له؟» يسأل احدهم.
والذي تكلّم سابقاً جييب« :يتأ ّمل؟ وهو الذي يقول للجميع" :اذهبوا! اذهبوا! فأان النَّجم الذي
األبدي .لكي ال تبقوا يف الظلمات ،اذهبوا إليه قبل
ّ صعد ويَثبت يف أَلَقه
أيفل بينما هو النجم الذي يَ َ
أن َيبو مصباحي"».
احلب ال َُيتََرب ابلكالم ،بل ابألفعالَ .من يُغلق قلبه يف وجه ن ّد له ،يكن له قلب
مجيعنا إخوة .و ّ
مترَد على وصيّة هللا .حنن مجيعاً إخوة ،ومع ذلك أرى وترون أنّه،حب ،فقد َّ قايني .ومن ليس لديه ّ
حّت ضمن العائالت ـ حيث الدم يوحد ،ومع الدم اللحم ،واألُخوة اليت وصلَت إلينا من آدم ـ ِّ
توجد ََ ّ ّ ّ
عدو قرينه.
األحقاد واخلالفات .فاألخ ض ّد أخيه ،واالبن ض ّد أهله ،والقرين ّ
ولكن ،كي ال نكون إخوة سيّئني على الدوام ،وأزواجاً زانة ،علينا ،منذ الطفولة األوىل ،تَـ َعلُّم
املؤسسة األصغر واألعظم يف العامل .األصغر ابلنسبة إىل مدينة أو منطقة أو دولة أو احَتام العائلةّ ،
ألهنا األقدم؛ فاهلل هو من أرسى دعائمها عندما مل تكن فكرة الوطن والبلد قارة .ولكنّها األعظمّ ،
ّ
موجودة أصالً بعد ،إّّنا النواة العائليّة هي اليت كانت حيّة وفاعلة ،كانت نبع الذريّة والسالالت،
اململكة الصغرية حيث الرجل هو ال َـملِّك واملرأة امللكة واألوالد الرعيّة .هل تدوم مملكة إذا سادت
ساكنيها التفرقة والعداء؟ ال َيكن أن تدوم .ويف احلقيقة ال تتماسك عائلة دون الطاعة واالحَتام
وحب العمل والعاطفة.
واالنسجام والنيّة احلسنة ّ
ك“.
أابك و ّأم َ تقول الوصااي العشرِّ ” :
أكرم َ
فَتض طاعة حقيقيّة ،وحبّاً كامالً ال نقص فيه ،واحَتاماً واثقاً ،وخمافة ِّ
حمَتمة ال تؤثّر اإلكرام يَ َ
على الثقة ،إّّنا ،يف الوقت ذاته ،ال جتعلنا نتعامل مع األشخاص األكرب سنّاً وكأنّنا عبيد أو أدىن منهم.
بكل احتياجاتنا املاديّة،اهتموا ّ
علينا إكرامهم ،أل ّن آابءان و ّأمهاتنا هم الذين َمنَحوان احلياة ،بعد هللا ،و ّ
ط أو يَهب قطعة طري العود اآليت إىل األرض .من يلتقط شيئاً َس َق َلقد كانوا املعلّمني األوائل للكائن ّ
كك هللا" ،ويقال له" :شكراً" .وأولئك الذين َييتون أنفسهم يف العمل ليُشبِّعوان، خبز ،يقال له" :ليبار َ
أي صديق َيكنه أن يكون أكثر صداقة لنا من األب؟ وأيّة صديقة أكثر ّإهنم أصدقاؤان .ولكن ّ
األم؟ هل َيكنكم أن جتزعوا منهم؟ هل َيكنكم القولَ" :يونين أو ختونين"؟ ومع ذلك فها هو من ّ
الشاب األمحق والشابّة األكثر محقاً اللذان يتّخذان هلما أصدقاء غرابء ويُغلِّقان قلبيهما يف وجه األب
ّ
متهورة ،كي ال نقول عنها آمثة ،وتُ َسبِّّب انسكاب دموع
األم ،ويفسدان الروح والقلب بعالقات رعناء ّ و ّ
كأهنا قطرات رصاص منصهر على قلب األهل .ومع ذلك ،فهذه نس ِّكب و ّ
األب واألم ،الدموع اليت تَ َ
سحقه
الدموع ،أقول لكم ،ال تقع يف غبار النسيان ،أل ّن هللا يلتقطها وُيصيها .واألب الشهيد الذي نَ َ
بحّت ولو طَلَ َ
نسىّ ،
لكن العذاب الذي يسبّبه االبن ألبيه فلن يُ َ الرب .و ّ
ابألرجل ،سوف يكافئه ّ
األم ،يف حبّهما األليم ،الرمحة من هللا البنهما اآلمث.
األب و ّ
أبدايً يف السماء“ .وقِّصر
ّ و ” أضيف: أانو “. األرض على ال
ً طوي ر ك لِّتُـع ِّ
م
أابك و ّأم َ َ ّ
قيل” :أكرم َ
صر بواجب أهله! اآلخرة ليست هراء ،ويف اآلخرة سوف ِّ
احلياة على األرض يبقى عقاابً خفيفاً ملن يـُ َق ّ
ِّ
صر
يقصر بواجبه جتاه أبيه ،يـُ َق ّ
يُكافأ املرء أو يُعاقب حسب احلياة اليت عاشها على األرض .فالذي ّ
احلب ،ومن ال ُيبّه َيطئ ،وكذلك هو يفقد ابلطريقة جتاه هللا ،إذ قد أمر هللا لصاحل األب بواجب ّ
هذه أكثر من احلياة املاديّة ،يفقد احلياة احلقيقيّة اليت ح ّدثتُكم عنها ،فيذهب للقاء املوت ،فهو قد
احلب
الرب .لقد أضحى اجلرم يف كيانه ،ألنّه جيرح ّ أصبَ َح ميتاً ،مبا أ ّن نفسه قد فَـ َق َدت حظوهتا لدى ّ
حب هللا .إنّه ُيمل يف ذاته بذور ُزانة املستقبل ،ذلك أ ّن االبن السيّئ سوف يكون األكثر قداسة بعد ّ
لص املستقبل ج َير ئ السي االبن ن زوجاً خائناً .ففيه تكمن امليول إىل االحنراف االجتماعي ،أل ّن ِّ
م
ّ ّ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 698 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
الشرير العنيف واملرايب البارد والفاسق املغوي والشهواينّ الوقح والكائن املقيت الذي َيون وطنه
والقاتل ّ
يَتدد يف خيانة
وأصدقاءه وأوالده وزوجته واجلميع .هل َيكن أن يكون لديكم احَتام وثقة ابلذي ال ّ
ب أ ُّم ،وقد َهزئ بشيب أب؟ ُح ّ
وهنا أقول :امسعوا أيضاً ،ففي مقابل واجبات األبناء هناك واجبات مشاهبة لآلابء .اللعنة لألبناء
تصرفوا ابلطريقة اليت ال َيكن معها ألبنائكم انتقادكم
لكن اللعنة كذلك لآلابء اآلمثني! ّ اآلمثني هي! و ّ
الشر .اجعلوهم ُيبّونكم حبّاً َُينح ابستقامة وعدل ورمحة .هللا رمحة .وليكن األهل،
وال اإلقتداء بكم يف ّ
الذين هم يف املرتبة الثانية مباشرة بعد هللا ،ر َمحاء .كونوا الـمثل ِّ
املشجع ألبنائكم .كونوا هلم السالم
ّ ََ ُ ُ
نود احلصول عليها .ووجه فاألم هي دوماً الصورة األوىل للزوجة اليت ّ
األولّ . والدليل .وكونوا حبّهم ّ
خاص ،يف جعل أبنائكم وبناتكم األب ابلنسبة لبناته هو وجه الزوج الذي ُيلمن به .اجتَ ِّهدوا ،بشكل ّ
ويودون أن جيدوا لديهم ما هو موجود يف أبمهم وأبيهمّ ، َيتارون حبكمة أقران املستقبل وهم يف ّكرون ّ
أبيهم و ّأمهم :الفضيلة احلقيقيّة.
صر،لو كان من املفروض أن أحت ّدث حّت أَيف املوضوع ح ّقه ،فالنهار والليل ال يكفيان .إنّين أختَ ِّ
ّ
األزيل .أان أرمي البذور ومن مثّ أرحلّ .أما البذور فتَضرب هلا
حبّاً بكمّ .أما الباقي فليقله لكم الروح ّ
جذوراً لدى الصاحلني وتُنتِّج السنابل .امضوا وليكن السالم معكم».
يودون الرحيل َيضون على الفور ،والذين يبقون يدخلون الغرفة الثالثة ،أيكلون زادهم أو
الذين ّ
وقش على حوامل بسيطة ،حبيث يستطيع ِّ
ما يق ّدمه هلم التالميذ ابسم هللا .وقد ُوض َعت دفوف خشبيّة ّ
الزوار النوم عليها.
ّ
احملجبة مسرعة .واليت كانت تبكي واستمرت بينما كان يسوع يتح ّدث ،تستدير يف
متضي املرأة ّ
مَتددة ،مثّ تقرر الذهاب.
مكاهنا ّ
حّت قُ ِّرع الباب.
يدخل يسوع إىل املطبخ ليتناول طعامه ،ولكنّه ما كاد يبدأ األكل ّ
قلت ...آه! تعال خلف البيت! إنّه ملن الصعب التح ّدث عن أملي!»
«اي معلّم ...كلمة ...لقد َ
يليب يسوع طلبها دون أن ينبس ببنت شفة .وحينما يُصبِّح خلف البيت يسأل« :ماذا تريدين
ّ
مين؟»
حسبتك
َ ت.مسعتك حينما َو َعظ َ
َ أنت يف وسطنا ...مثّ
مت و َ مسعتك حينما تكلّ َ
َ «اي معلّم ...لقد
لدي ابن مرضه يف قلبه. معنوي ،هناك الشيطانّ ...
ّ ي أو ماد ّ
كل مرض ّ قلت :إ ّن يف ّ
إيلَ .
ثت ّ قد حت ّد َ
ض َّل مع رفاق السوء ،وهو ...هو متاماً ثت عن األهل! إنّه َُهّي الثقيل .لقد َ
عك حينما حت ّد َلو كان َِّمس َ
الشجار ...يريد السيطرة ...وبعنفوان ُيب ّلص ...هو اآلن يف البيت ،ولكنّ ... كما تقولّ ...
الشباب الذي هو فيه ،يُ َد ِّّمر نفسه ابلفجور واإلفراط يف األكل والشراب .زوجي يريد طرده .وأان...
أود التح ّدثحّت املوت .أترى كم أان قلقة؟ قليب ينفطر أبمل عظيم .ومنذ األمس وأان ّ أان أ ُّم ...وأأت ّمل ّ
أي شيء.إنّه ملن املؤمل أنت اي إهلي .ولكنّين مل أكن أجرؤ على قول ّ بك َ إليك ،إذ ...إ ّن أملي ورجائي َ َ
"لدي َولَد جمرم"!» تبكي املرأة ،منحنية وانئحة أمام يسوع.
ج ّداً أل ُّم أن تقولّ :
«ك ّفي عن البكاء .سيُشفى من مرضه».
«ولكن كيف؟»
ابنك هناك ،وأان هنا ،ولكن هللا يف ك ّل «كيف؟ هل تظنّني هللا يرفض فعل ما أطلبه أان منه؟ ِّ
ابنك .اذهيب أيّتها مكان .فأقول هلل" :أيها األب ،الرمحة هلذه األم .وهللا جيعل النداء يدوي يف قلب ِّ
ّ ّ ّ
اببنك ،ستأتني معه ِّ
امتألت فخراً ِّ بلدتك ،و ِّ
أنت ،إذ تكونني قد ِّ أمر يوماً يف منطقة
املرأة .سوف ّ
لك الصراع الرهيب الذي َخَر َج منه بنفس كبتيك طالباً الصفح وهو يروي ِّ
للقائي .وعندما يبكي على ر ِّ
مرة اثنية يف اخلري“َ .ح ِّّدثيه عين. ِّ ِّ
دت ّث هذا ،قويل له” :بيسوع ُول َ يسألك كيف َح َد َ جديدة ،وعندما
القوة اليت ِّ ِّ ِّ
تصريف أبسلوب جيعله يَعلَم ويـُ َف ّكر يب لتكون له ّ
وإذا ما أتيت إيل ،فهذا يعين أنّك تعلمنيّ .
ُختَلِّّص .الوداع .السالم لأل ُّم اليت َملَكت اإلَيان ،ولالبن الذي يعود ،ولألب السعيد ،وللعائلة اجملتَ ِّمعة.
امضي».
كل شيء.
تتوجه املرأة إىل البلدة وينتهي ّ
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 03 / 04
يقول يل يسوع:
كمنرب يف إحدى الغرف .يتح ّدث بصوت مرتفع يسوع واقف على كوم من الطاوالت ،أُعِّدَّت ِّ
وحّت الذين يف الدار الغارقة
العنرب على السواءّ ،
ج ّداً قرب الباب ليسمعه الذين يف الغرفة ،والذين يف َ
وهم ،حتت معاطفهم القامتة املصنوعة من الصوف اخلام ،واليت ينـزلق عليها املاء ،حتسبهم حتت املطرُ ،
املعرضة ملياه
العنرب ،فالنساء ،ويف الدار ّ
رجال دينّ .أما يف الغرفة فيوجد األكثر ضعفاً ،و ّأما حتت رواق َ
خاصة الرجال.
املطر فيوجد الناس األش ّداءّ ،
يروح بطرس وجييء ،حايف القدمني ،يرتدي فقط ثوبه القصري ،وُيمي رأسه بقطعة قماش .وهو
حّت ولو اضطُّر إىل اخلوض يف املاء وتل ِّّقي َمحَّام غري متوقَّع ،يساعده يوحنّا
ال يتخلّى عن َمَرحهّ ،
كل مكانه ،ويتك ّدر فقط لكون التالميذ األربعة مبلَّلني ليأخذ صرب بكل عيسو ر ينتَ ِّ
ظ
ّ ّ
املستخر َجة من دلو ماء.
َ كاإلسفنجة
«أنتم اي من أتيتم لسماع تعليمي بشكل منتَظَم ،ال تقولوا إنّين ال أحت ّدث حبسب ترتيب الوصااي،
ُعمل فِّكري يف
نصتون بشكل جيد .إنّين أ ِّ
ّ
نصتون .أرى ذلك .بل إنّكم تُ ِّ
وإنّين أجتاوز بعضها .إنّكم تُ ِّ
يتوجه ّأوالً إىل َمن ُهم أَبلَغ َمَرضاًَ ،من ُهم أكثر
اآلالم واجلراح اليت أراها فيكم ،أان الطبيب .والطبيب ّ
يتوجه إىل َمن إصابتهم أخف .وأان أفعل كذلك. ِّ
دنواً من املوت ،وبعد ذلك ّ ّ
واليوم أقول” :ال تزن“.
ترين إذن ،أيّتها النساء العاقرات إبرادتكن ،الزوجات الشرعيّات والشريفات ،ليس يف عيون هللا
تكن فاجرات ،وترتكنب الزىن كذلك ،مع كونكن تُِّق ْمن مع بل يف عيون البشر ،ورغم ذلك َيكن أن َّ
ببالكن أ ّن
ّ ألنكن ال تبحثن عن األمومة ،بل عن الل ّذة ،ويف أكثر األحيان .ال َيطر
ّ العروس األوحد،
تشق طريقها نا،عِّ
ب ُش
أ قد نان
ّ أ ابعتقادان اليت، ابلنار ُيرق . الل ّذة سم نتجرعه ،وهو أييت من فم م ٍ
عد
ّ ُ ّ ّ
خارج إطار العائلة وتلتهم أبكثر هنماً على الدوامّ .إهنا تَتك طعم رماد الذعاً على اللسان .تسبّب
القرف والغثيان واحتقار الذات والشريك يف املتعة ،أل ّن الضمري ،حينما يصحو ،وهو يصحو بني
فورتَني ،ال َيكن أن يـُ َولِّّد سوى احتقار الذات اليت احنَطَّت أدىن من احليوان.
َ
قيل” :ال تزن“.
ولكن ،بعد إيضاح واجب األزواج إزاء الزواج الذي يفقد قدسيّته عندما ،مبكر ،يصبح غري
متبادل وأبجر
خصيب ،أَنتَهي إىل احلديث عن الزىن مبعىن الكلمة ،بني رجل وامرأة ،جيري فعله خببث َ
مايل أو عن طريق اهلدااي.
ّ
فَتض أن يكون اآلدمي هو َمعبَد رائع ُيوي هيكالً .وعلى اهليكل مكان هلل الذي يُ ََ
ّ إ ّن اجلسد
وجد هللا حيث يكون فساد .ففي جسد الزاين هيكل غري ُم َكَّرس ،وال موجوداً فيه .إّّنا ال َيكن أن يُ َ
وجود هلل فيه.
وهذا يُشبِّه رجالً سكراانً يتدحرج يف محأة الوحل ويف إقياءاته ،فالرجل ينحدر بنفسه إىل هبيميّة
سدت الفساد ويصبح أسوأ من دودة ومن احليوان األكثر جناسة .وقولوا يل ما إذا كان بينكم َمن فَ َ
أخالقه إىل درجة أن يبيع جسده كما يباع القمح أو كما يباع احليوان .فأي خري تكونون قد جنيتموه؟
وتفحصوه واستجوبوه وأنصتوا إليه وانظروا إىل جراحاته واألمل الذي جيعله
اجعلوا قلبكم بني أيديكم ّ َ
تستحق معها أمل القلب ،ذاك
ّ يرتعد ،مثّ تكلّموا وأجيبوين :هل كانت الثمرة لذيذة إىل الدرجة اليت
الذي ُولِّ َد نقيّاً ،وقد أرغمتموه أنتم على العيش يف جسد غري طاهرَِّ ،جنس ،أرغمتموه على اخلفقان
ليمنح احلياة والدفء للفجور واستخدمتموه يف الرذيلة؟
ص َل بكم الفساد إىل درجة ّأال تَنتَ ِّحبوا ِّسّراً لدى مساع صوت طفل ينادي "ماما"،
قولوا يل :هل َو َ
ولدى التفكري أبمكن ،اي نساء اهلوى ،اهلارابت من البيت أو املطرودات منه كي ال تُ ِّ
فسد الثمرة النتنة، ّ ّ
أبمكن اليت قد تكون ماتت من األمل ومن وجوب القول لنفسها" :لقد ّ بنتانتها ،بقيّة األوالد ،ابلتفكري
بت ولداً يسبّب يل العار"؟أجنَ ُ
كل واحدة
كن ليسأل ّ
خلقكن وينتظر ّ
ّ ابلداين الذي
خاص لدى التفكري ّ ولكن أال ترجتفن بشكل ّ
ش احلشرات والنتانة ،كيف تتجاسرين ِّ ِّ ِّ
بدورها" :ماذا فَـ َعلت بنفسك؟ أألجل هذا َمنَحتُك احلياة؟ اي عُ ّ
نلت كل ما كان ابلنسبة ِّ
لك آهلة :املتعة .اذهيب إىل حيث اللعنة على الوقوف يف حضريت؟ لقد ِّ
ّ
األبديّة".
َمن يبكي؟ ال أحد؟ أتقولون :ال أحد؟ ومع ذلك فنفسي ماضية إىل لقاء نفس أخرى تذرف
يف أان هو
كل ما َّ يت. ق
َ ف
َ ش تثري نفسها ن
ّ أل بل ال. انية؟
ز على رم احل مي َتالدموع .ملاذا تذهب هناك؟ أَلِّ
ّ َ ُ َ
رشح َعَرقاً َدنِّساً .ولكن نفسها! ِّ
نفور ِّمن جسدها النَّجس الذي يَ َ
كت السماء ألكون فاديها وفادي ِّ
دت وتر ُآه! أيّها اآلب! فَمن أجل هذه النَّفس أيضاً قد َجتَ َّس ُ
نفوس كثرية ،أخوات هلا! فلماذا ال ينبغي يل استقبال هذه النعجة الضالّة وأخذها إىل احلظرية وتطهريها
حليب فقط أن يكون؟ وهو املختلف احلب الكامل ،كما َيكن ّ وضمها إىل القطيع ومنحها املراعي و ّ ّ
حب َشفوق ومكتَ ِّمل
حب ،بينما مل يكن سوى حقد ،إنّه ّ حّت اآلن تطلق عليه اسم ّ متاماً عما كانت ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 706 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
أضعت ّأايماً كثرية بعيدة
ُ ولذيذ لدرجة ال تعود معه تبكي الزمن املاضي ،أو تبكيه فقط لتقول" :لقد
أتذوق ،يف الزمن القليل الباقي
إيل الزمن الضائع؟ كيف ّالسرمدي .من ذا الذي يعيد َّ
ّ عنك ،أيّها البهاء
َ
عشت عمري طاهرة؟"
ُ سأتذوقه لو
ّ يل يف احلياة ما كنت
أنت اآلن ومع ذلك ،فال تبكي أيتها النفس اليت تركلها األرجل بكل فجور العامل .امسعيِّ :
ّ ّ
َيكنك أن تصبحي حديقة ُم ِّزهرة.ِّ َيكنك أن تصبحي زهرةِّ .
أنت اآلن مزبلة ،إّّنا ِّ حطام ُم َقِّّزز ،إّّنا
كنت ترقصني يف كنت كذلك يوماً ماِّ . َيكنك أن تصبحي مالكاً .فلقد ِّ ِّ أنت اآلن حيوان َِّجنس إّّنا ِّ
َّيت بصفاء أغنيات طفو ِّ
لتك، يتك .و َغن ِّ
ضرة مثلها ،يفوح عطر عذر ِّ ِّ ِّ
احلقول ال ُـمزهرة ،وردة بني الورود ،نَ َ
حيب" .واحلارس غري املرئي ،الذي لدى ِّ ِّ ِّ ِّ
مثّ كنت تركضني إىل ّأمك وأبيك وكنت تقولني هلما" :أنتما ّ
ِّ
نفسك. كل خليقة إىل جانبها ،كان يبتسم أمام ابيضاض نقاء ّ
ِّ
بقدميك قلب أب وأ ُّم لتلهثي أنت بريئة صغرية؟ ملاذا ِّ
دست جناحيك و ِّ
ِّ ِّ
انتزعت مثّ ملاذا؟ ملاذا
حب ِّ ِّ
ط بتل ّفظه بعبارات كاذبة عن ّ صوتك الصايف ينح ّ جعلت خلف قلوب مل تكوين واثقة منها؟ ملاذا
ِّ
نفسك؟ تويب اي ابنة هللا .فالتوبة جتديد وتطهري ِّ
ابنتهاكك ُحرمة كسرت ساق الوردة ِّ زائف؟ ملاذا
لكن هللا َيكنه .فالو ذلك؟ َيكنه ال لك؟ حّت ِّ
أبوك وانطالقة إىل األعايل .أال َيكن إلنسان أن يغفر ِّ
ّ ّ َ
جمال ملقارنة صالح هللا ابلصالح البشري ،ورمحته أعظم مبا ال هناية له من بؤس اإلنسانَ .ك ِّرمي ِّ
ذاتك ّ ّ
نفسك أهالً للشَّرف ،وذلك مبمارسة حياة نزيهة وشريفة .بـ ِّرئي ِّ
ذاتك لدى هللا ،أبن ال ِّ أبن جتعلي
َّ َ
لك اسم جديد لدى هللا .فهذا ما َيكنه أن يكون ذا قيمة. نفسك .فليكن ِّ ِّ حبق
تعودي بعد ختطئني ّ
فت جيداًتوبتك .لقد عر ِّ
صريي النَّـزاهة والشَّرف ،صريي التضحية ،صريي شهيدة ِّ الرذيلة ،فَ ِّأنت اآلن َِّّ
َ
جسدك يستشهد لتمنحي ِّ
قلبك ِّ قلبك يستشهد ليستمتع اجلسدّ .أما اآلن فاعريف كيف جتعلني جعل ِّ
األبدي.
ّ السالم
أي ِّ
كل مع وزره وفكره .فَ ّكروا .فاهلل ينتظركم مجيعاً ،وهو ال يتخلّى عن ّ
اذهيب .امضوا مجيعاًّ .
الرب النُّور لتعرفوا نفسكم .امضوا». ِّ
من الذين يتوبون .فليمنحكم ّ
دخل آخرون الغرفةّ .أما يسوع فيذهب إىل املرضى ويشفيهم.
َيضي كثريون منهم صوب البلدة .يَ ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 707 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
حمسون.يشورون ويت ّ جمموعة من الرجال يتناقشون يف أحد األركان .تَـتَنازعهم آراء خمتلفةّ ،
البعض يتّهمون يسوع والبعض اآلخر يدافعون عنه ،والبعض كذلك ينصحون اجلميع ابلتع ّقل يف احلُكم.
األقل عدداً ابلنسبة إىل اجملموعتني
ألهنم ّ ويف النهاية ،األكثر تش ّدداً ،من احملتمل أن يكون ذلك ّ
متوسطاً ،يذهبون إىل بطرس الذي يَنقل ،مع مسعان ،حم ّفات مل تَـعُد الزمة،
ممراً ّ
ُخريَني ،يَسلكون ّ األ َ
للزوار املسافِّرين ،ويقولون« :امسع ِّ
لثالثة قد بَرئوا مبعجزة ،ويقتَحمون ابستعالء الغرفة اليت أضحت نَزالً ّ
اجلليلي».
ّ أيّها
يعاود أحد اخلمسة احلديث قائالً« :أان صموئيل الكاتب ،وهذا اآلخر هو صادق الكاتب؛
اليهودي املشهور ج ّداً وصاحب النفوذ؛ وذاك اآلخر هو قالشبوان الشيخ ّ وذاك هو أليعازر
ّ ،Callascebonaأما هذا األخري فهو انحوم ،أتُ ِّ
درك؟ انحوم!» الصوت ُم َف َّخم متاماً.
كل اسم ،إّّنا لالسم األخري فال ينحين سوى نصف احنناءة ،ويقول بال ينحين بطرس قليالً بعد ّ
مباالة هائلة« :ال أعرف ...مل أره أبداً .مثّ أان ال أفهم شيئاً».
فللمرة الثالثة أُبَ ِّّدل ثيايب ،ومل يعد لدي اآلن ما هو جاف منها».
مم؟ من الطقس؟ أان أيضاًّ .
« ّ
«ولكن ال تَـتَبالَه!»
«آه! اي لروعة السادة! وأنتم ّإايكم أن تلمسوا املعلّم .ألنّكم ،بعبارة أخرى ،ستطريون مباشرة
لتتطهروا من الداخل ومن اخلارج».
إىل البئر ّ
أتيت إىل حيث ال َيكن أن يوجد النُّفور .وإرادة هللا « ُمر ِّاوغ؟ مباذا؟ لقد نـَ َفرُمت ّ
مين ،بينما أان ُ
حّت أبقى معكم!» ِّ
دت متاماً ّ
تكمن يف ّأال أكون قد أُفس ُ
«ابختصار ،ماذا تريدون؟» يسأل يعقوب بن حلفا جبفاء.
يوطي ويعقوب بن حلفا يـُ َه ِّّدائن بطرس الذي يغلي ،هو ذا يوضاس ت ّداوس ولكن ،بينما االسخر ّ
عمه ،ويف نظرته الشعلة الالزورديّة أي وقت مضى ،شبيهاً اببن ّ يتدخل .يبدو يف مشيته ،أكثر من ّ َّ
وحّت يف مظهره .إنّه يصرخ كالرعد« :بنفسه يلحق العار ،ذاك الذي ُياول إحلاق العار نفسهاّ ،
فسدها ،جبعلها النمام ي َدنِّّسها وي ِّ َّ و سة. د
ّ مق أبعمال لتقوم هللا هال
َ عج قد سان ابلربيء .فالعينان واللِّ
ّ
ُ ُ ََ
رك أ ّن األشرار ُيقدون على شيبتك .ولكنّين أُذَ ّكِّ َ
َ تقوم أبفعال سيّئة .لن أُلَ ِّطّخ نفسي بفعل سيّئ جتاه
حّت دون التفكري أبنّه َيون ذاته .والذي يعيش يف اإلنسان النـزيه ،وأ ّن األمحق يكشف عن سوء نيّتهّ ،
بدل الغصن ال ُـم ِّزهر ابلزواحف .إّّنا الذي يعيش يف النُّور يرى األشياء على حقيقتها، الظُّلمات يست ِّ
َ َ
ويدافع عنها ،إذا ما وقع عليها اعتداء ،حبّاً ابلعدالة واالستقامة .فنحن ،حنن نعيش يف النور ،إنّنا جيل
أبناء النور العفيف واجلميل ،رئيسنا هو الق ّدوس الذي ال يعرف امرأة وال خطيئة .وحنن نتبعه وندافع
أي حقد ،بل على العكس نصلّي من أجلهم. عنه ض ّد أعدائه ،الذين ،كما َعلَّ َمنا هو ،ال ّ
نكن هلم ّ
تَـ َعلَّم أيّها العجوز الدَّرس ِّمن شاب حديث النضج ،أل ّن احلكمة َعلَّ َمتهُ ّأال يتعلق ابعتبارات طائشة،
الرد ،وَيضون.
ال جيرؤ اخلمسة على ّ
يتساءل التالميذ هل ينبغي هلم أن يقولوا ذلك ليسوع الذي ما زال مع املرضى الذين برئوا ،أم
ال؟ أن يقولوا له أفضل.
يذهبون إليه ،ينادونه ويَروون له ما حصل .يبتسم يسوع هبدوء وجييب« :أشكركم على
ينضح».
كل إانء مبا فيه َ
كل امرئ يعطي ممّا َيلك .و ّ
دفاعكم ...ولكن ماذا تريدون أن تفعلوا؟ ّ
احلق .فلدينا عيون وكثريون يـََرونّ .إهنا على الدوام أمام الباب مثل
«ومع ذلك معهم بعض ّ
بك األذى ».يقول كثريون. كلب .وهي تُ ِّ
لحق َ
صت ...فسوف يكون فرحي
«دعوها .فلن تكون هي احلَ َجر الذي يصيب رأسي .وإذا ما َخلَ َ
كل تلك االنتقادات».أغلى كثرياً من ّ
كل شيء عند هذه اإلجابة اللطيفة.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 03 / 05
حق ».يتكلّم بطرس بطريقة احلكم« .ثالثة تطرد اإلنسان من بيته :امرأة
«سليمان كان على ّ
املدخن والسقف الذي يدلف منه املطر. ِّ ِّ
ُمشاكسة ...وهذه تركتُها يف كفرانحوم مع ذويها ،واملوقد ّ
أنت
وهذان األخريان متوفّران لدينا ...غداً ساجد حالً هلذا املوقدّ ،أما اآلن فسأصعد إىل السطح ،و َ
أنت (يعقوب ويوحنّا وأندراوس) تعالوا معي .سوف نصنع مرتَـ َفعاً وسطحاً ذا ذروة ،بواسطة
أنت و َ و َ
بعض األلواح».
أطباقك
َ ملك أال تعود
ّإهنا على العنرب .ولو أمطََرت هناك فلن تكون هناية العامل .إّّنا هنا ...أيؤ َ
تُـَزيَّن بدموع ّبراقة؟»
نت من النجاح يف ذلك! انظر كم أان ملطّخ .متطر على رأسي ،عندما أكون تصور! لو َّ
متك َ « َّ
قرب النار».
لكن بطرس يشري بيده طالباً التزام الصمت .ينظر ،مثّ يهمهمّ « :إهنا تلك املرأة ،لقد َش ِّربَت
و ّ
َخ َذت حزمة حطب ابقية يف الدارّ .إهنا مبللة .حتماً هي ال تشعر ابلدفء ...متضي... من ماء البئر وأ َ
سوف أتبعها .أريد أن أرىَ »...يرج دون صوت.
عت عناج ُ
كنت أظنّها امرأة من ذوات السرية السيّئة ،أو من املصاابت ابلربص ،ولكنّين تر َ « ُ
يوطي السؤال وهو
لك شيئاً ،أفال تلومين وتدينين؟» يطرح االسخر ّ قلت َرأيي ،إذ ...اي معلّم ،إذا ما ُ
ذاهب ليجلس على األرض مالصقاً لركبيت يسوع ،متب ّدالً كلّيّاً ،متواضعاً وصاحلاً .فهو ابحلقيقة أروع
هبذه اهليئة البسيطة مما كان عليه يهوذا املتباهي ِّّ
املتكرب.
أدينك .تكلّم».
«لن َ
«أان اعرف اين تقيم .لقد تَبِّعتُها ذات مساء ...متظاهراً أبنّين َخَر ُ
جت طلباً للماء ،إذ إنّين
دت على األرض دبوس شعر ظت ّأهنا أتيت إىل البئر عندما يهبط الظالم ...وذات صباح َو َج ُ الح ُ
َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 715 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
خشيب يف
ّ كت ّأهنا هي من أضاعته .ابلنتيجة ،هي تقيم يف كوخ َدر ُ
فضياً ...على حافّة البئر متاماً ...وأ َ
ّ
الغابة .قد يكون املزارعون ُهم َمن يستخدمون ذلك الكوخ الصغري .وهو مع ذلك نصف متع ّفن.
َخ َذت حزمة احلَطَب .إنّه ِّجحر. َغطَّته هي أبغصان مبثابة سقف .وقد يكون من أجل ذلك قد أ َ
لست أدري كيف تستطيع اإلقامة فيه .وهو ال يصلح سوى لكلب ضخم أو محار صغري .ولقد كان ُ
أيت بوضوح .فالكوخ نصف ٍ
خمتف يف العليق ،ولكنّه خا ٍو من الداخل القمر يضيء تلك األمسية ،ور ُ
كت ّأهنا مل تكن امرأة سيّئة السرية».
عين غشاوة الضَّالل ،وأدر ُكل هذا أزال ّ ودون اببّ .
«ما كان ينبغي أن تفعل ذلك ،إّّنا كن صرُياً ،أمل تفعل شيئاً آخر؟»
أتعرف إىل
أود رؤيتها ،ألنّين رأيتُها يف أرُيا ،وأان أراقبها ،ويبدو يل أنّين ّ
كنت ّ «ال اي معلّمُ .
فَتض أن تكون شخصيّتها كذلك انعمة... مشيتها عندما تذهب إىل مكان ما لقضاء احتياجاهتا .ويُ ََ
كل تلك الثياب ...ولكنّين مل أجرؤ على النَّظر إليها عندما كانت ومجيلة .نعمَ ،يكن ختمني ذلك رغم ّ
تنام على األرض .قد تكون نـََز َعت احلجاب آنذاكّ .إال أنّين احَتمتُها»...
لك إنّين
قلت احلقيقة .وأان أقول َ
ك َ عانيت ولكنّ َ
َ ُُيَ ِّّدق فيه يسوع ويُنعِّم النَّظر ،مثّ يقول« :لقد
املهم أن تقوم
أقل صعوبة لتكون صاحلاً .ابلنتيجةّ ، املرة القادمة سيكون األمر ّ منك .ويف ّ
مسرور َ
لك اي يهوذا!» ويالطفه. ابخلطوة األوىل .مرحى َ
يعود بطرس« :ولكن اي معلّم! هذه املرأة جمنونة! هل تعرف أين هي؟ تكاد تكون على ض ّفة
استخد َمه يوماً صيّاد مسك أو حطّاب ...من يدري؟ مل َ خشيب حتت دغل .قد يكون ّ النهر يف كوخ
هوة كهذه ،وسط كوم من العليق ،كانت توجد امرأة ألتصور أبداً أنّه ،يف هذا املكان الرطب ،يف ّ
ّ أكن
لت: ِّ
بتنهد" :ال" .قُ ُلت هلا" :قويل بصراحة ،هل أنت مصابة ابلربص؟" وقد أجابَتين ّ مسكينة .ولقد قُ ُ
كنت كذلك وال تريدين اإلفصاح ،فإن ِّ
أتيت أمام البيت "أقسمي" .فقالت" :أ ِّ
ُقسم"" .انتبهي ،لو ِّ ِّ
سارقة أو قاتِّلة ،وتقيمني كنت مالح َقة ،لو ِّ
كنت ِّ رمجني .إّّنا لو ِّ ِّ
أجعلك تُ َ ك َِّجنسة ،فسوف وعلِّمت أنّ ِّ
ُ َ َ ُ
ت جائعة؟ ك يف املاء؟ هل أن ِّهنا خوفاً منّا فال ختشي أي سوء .أما اآلن فاخرجي من هنا .أال ترين أنّ ِّ
ّ ّ
لتك .إنّين عجوز ك ترجتفني .أان ،كما تَـرين ،كبري السن ،ولست يف صدد مغاز ِّ هل تشعرين ابلربد؟ إنّ ِّ
ُ ّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 716 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
إيل إذن وامسعي كالمي" .هذا ما قُلتُه هلا ،ولكنّها مل تشأ أن أتيت .سنجدها ميتة،
وشريف .أنصيت ّ
فهي ح ّقاً يف املاء».
يسوع غارق يف التفكري .ينظر إىل الوجوه االثين عشر الذين ينظرون إليه بدورهم .مثّ يقول« :ما
هو قولكم فيما جيب علينا فعله؟»
أنت!»
«ولكن اي معلّمّ ،قرر َ
ختص أيضاً اعتباركم وتقديركم ،وأان ينبغي يل ّأال
«ال .أريدكم أن تُبدوا رأيكم أنتم ،فاملسألة ّ
أي ضغط على ح ّقكم يف محايتها». أمارس ّ
«ابسم الرمحة ،أقول إنّه ال َيكننا تركها هناك ».يقول مسعان.
وبرتلماوس« :أقول أبن جنعلها تقيم اليوم يف الغرفة الكربى .أال يقيم الزائرون فيها؟ وهي أيضاً
َيكنها ذلك».
مشجعاً ّإايه.
«اذهب وقل هلا ذلك إذن ».يقول توما ّ
«مل يتكلّم الشباب بعد ».يبدي يسوع مالحظته.
عمه يعقوب.
كل ما تقوله حسن ».يقول ابن ّ
إيلّ ،
«ابلنسبة ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 717 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ّأما يعقوب اآلخر مع أخيه فيقوالن« :حنن موافقان».
الفريسيّني ».يقول
«أف ّكر فقط يف احلالة التعيسة اليت سنؤول إليها إذا ما ترامى اخلرب إىل بعض ّ
فليبّس.
أنت اي بطرس مع مسعان «إذن اذهبوا وقولوا هلا أن أتيت وتقيم يف مكان إقامة الزوار .اذهب َ
السن ولن ختشاكم املرأة كثرياً .وقولوا هلا إنّنا سوف نق ّدم هلا طعاماً ساخناً وثوابً
وبرتلماوس .إنّكم كبار ّ
حّت ثوب امرأة أعطي لرجل»... كل شيء ينفعّ ، جافاً ،هو الثوب الذي تركه اسحق .انظروا كيف أ ّن ّ
فَتض ّأهنا كانت هناك بعض املمازحات الطريفة بشأن الثوب موضوع
يضحك الشباب ،إذ يُ ََ
احلديث.
«انظروا اي أصدقائي ،يف إسرائيل معلّمون عديدون ،وهم يتح ّدثون ويتح ّدثون ...وتبقى النفوس
على حاهلا .ملاذا؟ أل ّن النفوس تستمع إىل كالم املعلّمني ،ولكنّها ال ترى األفعال .فالواحد إذن يُ َد ِّّمر
األقل .ولكن ،حينما يفعل املعلّم ما يقوله، اآلخر .وتبقى النفوس حيث هي ،إذا مل تَتاجع على ّ
فحّت ولو مل يقم أبعمال ماديّة مثل منح اخلبز والثوب واملأوى جلسد كل أعمالهّ ، ويتصرف بقداسة يف ّ ّ
تصرفاته الشخصيّة هي يتوصل إىل جعل النفوس تتق ّدم وتصل إىل هللا ،ذلك أ ّن ّ القريب املتأ ّمل ،فإنّه ّ
وَيَلِّّص اآلخرين». ُيب َُيَلِّّص نفسه ُ
اليت تقول لإلخوة" :يوجد إله ،وهللا هنا" .آه! احملبة! أقول إن من ّ
أرسلَهُ وأنتم ِّ
«حسناً تقول اي معلّم .لقد قالت يل تلك املرأة" :فليكن مباركاً ال ُـم َخلّص ومن َ
قدمي أان اإلنسان املسكني ،وكانت تبكي خلف حجاهبا السميك... مجيعاً معه" .كانت تريد تقبيل ّ
صل عصفور دوري من أورشليم ...وإال فَ َمن يفلت منهم؟» ولكن! ...فلنأمل اآلن أال ي ِّ
َ
«ضمريان َُيَلِّّصنا من دينونة اآلب .وهذا يكفي ».يقول يسوع .وجيلس إىل الطاولة بعد أن
يبارك ويقدم الطعام.
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
الرب") ِّ
( -92يسوع يف منطقة املياه احللوة" :قَ ّدس يوم ّ
1945 / 03 / 06
أقل سوءاً ،رغم أ ّن األمطار ما تزال هتطل قليالً ،وإبمكان الناس اجمليء للقاء
الطقس اليوم ّ
املعلّم.
«نعم».
«أين؟»
متوسالً.
فع َمة رغبة) .وَي ّد الطفل ذراعيه ّ
«آه! نعم( »...و"نـَ َعمهُ" ُم َ
«تعال إذن».
«الطبيب»...
«الطبيب هو الطبيب ،بينما أان هو أان .ملاذا ِّ
أتيت؟»
ك ماسيا» جتيب املرأة اليت يتب ّدل لوهنا إىل االصفرار واالمحرار ،مأخوذة بني األمل واليأس.
«ألنّ َ
َيرر يسوع ذراعاً حتت ساقيه اللتني ال حراك هبما ،والذراع األخرى
«وإذن؟ هيّا اي صغريي ».و ّ
ك و ِّ
لنمض». ألم َ
ملك؟ ال؟ إذاً قل وداعاً ّ
حتت كتفيه الصغريينُ .يمل الطفل ويسأله« :هل أؤ َ
ويسري مع ِّمحْله عرب اجلموع الذين يفسحون له اجملال .يذهب إىل أقصى الغرفة ،إىل ذاك ال َـم َنرب
قعداً وجيلس .يضع الطفل على الذي ِّ
حّت الذين يف الدار .يتّخذ لنفسه َم َ
صن َع له لكي يراه اجلميعّ ،ُ
أنت أيضاً ».ويبدأ احلديث. ِّ
يعجبك هذا؟ اآلن كن هادائً ومطمئنّاً ،واستَمع َ
َ ركبتيه ويسأله« :هل
يشري بيد واحدة فقط ،حيث ابألخرى يسند الطفل الذي ينظر إىل الناس ،سعيداً ألنّه يرى شيئاً
اآلخر ،والقلب َيفق ابألمل .يلعب بفتيل ثوب يسوع ،وكذلك بلحية املعلّم ويبتسم ألمه اليت هناك يف ِّ
ّ
وحّت خبصلة من شعره الطويل.
احلريريّة الشقراءّ ،
فاإلنسان ليس أعظم من هللا ،وهللا َخلَ َق الكون يف ستّة أايم ،ويف اليوم السابع اسَتاح .فكيف
إذن يسمح اإلنسان لنفسه عدم االقتداء ابهلل وعدم اخلضوع لوصيّته؟ هل النظام هذا غري نَبيه؟ ال.
الروحي.
ّ اجلسدي أو الوجداينّ أو النظام
ّ بل ابحلقيقة هي وصيّة مفيدة إ ْن للنظام
كل الكائنات .كذلك الثور مثل مثله احة،ر ال إىل ُيتاج ،ًا بإ ّن جسم اإلنسان ،عندما يكون تَعِّ
ّ
الذي ُيرث احلقول يسَتيح ،وحنن ندعه يسَتيح لكي ال نفقده ،وكذلك احلمار الذي ُيملنا ،والنعجة
اليت تَلِّد احلَ َمل وتعطينا احلليب .وأرض احلقل تراتح ،وحنن ندعها تفعل ذلك ،خالل األشهر اليت ال
تُب َذر فيها البذار ،فتتغذى وتَشبَع من األمالح اليت تسقط هلا من السماء أو تصعد من األرض .وكذلك
حّت دون أن تسألنا
احليواانت والنبااتت اليت ختضع للقوانني األزليّة يف التوالد احلكيم تسَتيح جيّداًّ ،
رأينا .فلماذا إذن ال يريد اإلنسان االقتداء ابخلالق الذي اسَتاح يف اليوم السابع؟ والتمثّل ابملخلوقات
الدنيا ،نباتيّة كانت أم حيوانيّة ،اليت ،دون أن يكون هلا سوى أمر واحد يف غريزهتا ،تعرف كيف
تتكيّف معها وختضع هلا؟
نشغِّل
اجلسمي .خالل ّأايم ستّة ،اإلنسان ُم َ
ّ الوصيّة تفيد يف النظام الوجداينّ كما تفيد يف النظام
بكل شيء وابجلميع .مأخوذ مثل اخليط يف آلة صنعة احلياكة ،وهو يذهب إىل األعلى وإىل األسفل ّ
لدي .أان األب ،ويل اليوم
األعز واألغلى ّ
أهتم بنفسي ،وابلذين هم ّ دون أن يستطيع القول" :اآلن ّ
أكرس نفسي اليوم لعروسيت؛ أان األخ ،وأجد سروري مع إخويت؛ وأان االبن وأعتين أبناء؛ أان العروس ،و ّ
أببوي العجوزين".
ّ
احلب أقدس .وهللا هو األكثر قداسة .وإذن تذ ّكر أن تعطي روحي .العمل مق ّدسّ . إنّه نظام ّ
أبقل
األقل يوماً من سبعة ألبينا الق ّدوس والصاحل ،الذي َينحنا احلياة وُيفظها لنا .ملاذا نعامله ّعلى ّ
للرب .آه! ما ألطف التواجد
الرب ّ
من أب ،من أبناء ،من إخوة ،من زوجة ومن أجسادان؟ فليكن يوم ّ
مساء بعد عمل النهار ،يف املنـزل املفعم ابلعواطف! ما أل ّذ اللقاء بعد سفر طويل! ملاذا ال يكون اللقاء،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 722 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
بعد ستّة ّأايم عمل ،يف بيت اآلب؟ ملاذا ال نكون مثل ابن يعود ِّمن َس َفر لستّة ّأايم ويقول" :ها أان
معك"؟
ذا أعود ألقضي يوم الراحة َ
قلت" :اعمل عمالً شريفاً".
ولكن امسعوا اآلنُ ،
حب القريب.
حبب القريب .والنـزاهة يف العمل تش ّكل جزءاً من ّتعلَمون أ ّن شريعتنا توصي ّ
والنـزيه يف عمله ال يسرق يف التجارة ،وال يبخس العامل ح ّقه يف راتبه أو أجره ،ال يبخسه بشكل
ُجم ِّحف .بل يتذ ّكر أن للعامل جسداً وروحاً يشبهان جسده وروحه هو .فال يعاملهما مثل حجارة
صماء ال حياة فيها وَيكن حتطيمها أو ركلها ابألرجل أو ضرهبا ابحلديد.
ّ
حّت ولو َدفَ َع منه
ُيب قريبه ،وَيطئ يف عيين هللا .ورحبه ملعونّ ،
يتصرف هكذا ،ال ّ
والذي ال ّ
ص َدقَة للهيكل.
َ
آه! اي للتقدمة الكاذبة! وكيف َيكن وضعها عند اهليكل عندما تسيل عليها دموع ودماء األدىن
تسمى "اختالساً" أي خيانة للقريب ،إذ إن السارق هو خائن لقريبه؟ احملروم واملبخوس ح ّقه ،أو عندما ّ
يتفحص كلٌّ ذاته ،وجيتَ ِّهد يف
الرب مل يكن سوى الستخدامه يف أن ّ كونوا على يقني أب ّن تقديس يوم ّ
األايم الستّة. ِّ
أن يصبح أفضل ،ويف إصالح األخطاء اليت ارتُكبَت خالل ّ
الرب! وهو ليس فِّعالً ظاهرّايً بشكل كلّ ّي ،وال يـُغَِّّري حرفاً من طريقة تفكريكم.
هو ذا تقديس يوم ّ
فاهلل يريد أفعاالً حيّة وليس أشباه أفعال.
ظهر َخدَّاع هو التقديس الكاذب للسبت ،يعين ظهر َخدَّاع هو اخلضوع اخلاطئ لشريعتهَ .م َ َم َ
يتم إشهارها للتظاهر أمام عيون الناس ابإلذعان للوصيّة ،ولكن بتمضية ساعات الفراغ يف الراحة اليت ّ
الرذيلة والفجور ،ويف الشراهة والتفكري يف كيفيّة خبس القريب ح ّقه ،وكيفيّة أذيّته خالل األسبوع التايل.
الروحي واملق ّدس
ّ الداخلي،
ّ ظهر َخدَّاع هو تقديس السبت ،أي الراحة املاديّة اليت ال تَتافق ابلعمل َم َ
التصرف بشكل أفضل خالل جاد على ّ بتفحص للذات صادق ،ابعَتاف ابلبؤس الذايتّ بتواضع ،بعزم ّ ّ
األسبوع التايل.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 723 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
مرة أخرى يف اخلطيئة"؟
ووقَ َع ّ
وتقولون" :وإذا ما عاد املرء َ
يتعرض
مرة ،يرفض القيام أبيّة خطوة أخرى لكي ال ّ ولكن ما هو قولكم يف طفل ،إذا ما َوقَ َع ّ
للسقوط؟ إنّه أمحق .وال ينبغي له اخلجل من َمشية له غري واثقة ،مبا أنّنا َمَرران مجيعنا هبذا ،عندما كنّا
حب أبينا لنا ألجل ذلك .من ذا الذي ال يتذ ّكر كم ّأدت سقطاتنا إىل اهنمار وابل صغاراً ،ومل ينقص ّ
من القبالت األموميّة واملالطفات األبويّة؟
يتصرف ابلطريقة ذاهتا .إنّه ينحين فوق صغريه الساقط على السماوي الفائق اللُّطف ّ
ّ وأبوان
اعي. رذ بني هلم اآلن القادمة. ة
املر يف أكثر ستنتبه . ضك تبك .أان أُهنِّ
األرض يبكي ،ويقول له" :ال ِّ
ّ ّ ّ َ
وخت ُرج منه مقدَّساً وبريئاً وسعيداً" .هذا ما يقوله أبوان الذي يف السماوات. أملكَ ،
كل َ وهنا يتالشى ّ
كل شيء .اإلَيان ،إّّنا انتَبِّهوا ،مثل إَيان توصلتم إىل اإلَيان تنجحون يف ّ وهذا ما أقوله أان لكم .إذا ّ
كل شيء مستطاع .ال يتساءل كيف َيكن أن ُيدث .ال الطفل الصغري .فالطفل الصغري يؤمن أب ّن ّ
العلي.
الرب ّ أي أمر .يؤمن مبن يوحي له ابلثقة ،ويفعل ما يقوله له .فكونوا كاألطفال أمام ّ يَسرب غور ّ
ُيب النفوس ِّ
صدر مجاهلا! وابلـمثل ،هو ّ وهم َم َ
ُيب هؤالء املالئكة الصغار التائهني على أرضناُ ، كم ّ
البسيطة ،الصاحلة والطاهرة طهارة طفل صغري.
هل تَـ َوّدون رؤية إَيان طفل صغري ،لتتعلّموا كيف يكون اإلَيان لديكم؟ انظروا جيّداً .لقد
أضمه إىل صدري .وخالفاً ملا قاله الطبيب وقالته ّأمه،
تعاطفتم مجيعكم مع هذا الطفل الصغري الذي ُّ
يبك عندما أجلستُهُ يف حضين .هل ترون؟ وهو الذي مل يكن يفعل ،منذ مدة ،سوى البكاء ،ليل مل ِّ
يبك ،بل انم ساكناً على صدري .لقد سألتُهُ" :هل تريد أن أتيت هنار ،دون أن جيد الراحة ،وهنا مل ِّ
بني ذراعي"؟ وأجاب" :نعم" .دون التفكري بوضعه البائس واألمل الذي من احملتمل أن يشعر به نتيجة
احلب وقال" :نعم" .وأتى .مل يشعر ابألمل .لقد فَرِّح لوجوده هنا يف األعلى،
انتقاله .رأى يف وجهي ّ
اخلشيب ،لقد ُسَّر لوضعه على ليونة اجلسد بدل صالبة
ّ مسمراً على ذاك اللوح
والنَّظَر ،وهو الذي كان ّ
اخلشب .لقد ابتَ َس َم ولَعِّب وانم ،وهو َيسك خبصلة من شعري بني يديه الصغريتني .سأوقظه اآلن
البين ،ويوقظه ،وهو يبتسم له.
بقبلة »...ويطبع يسوع قبلة على شعر الطفل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 724 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
امسك؟»
«ما َ
«يوحنّا».
ك لتقول هلا" :ماسيا يبار ِّ
كك بسبب «امسع اي يوحنّا ،هل تريد أن متشي؟ وأن تذهب إىل ّأم َ
ِّ
إَيانك"؟»
«نعم! نعم!» مثّ يصفق الطفل بيديه الصغريتني ،ويسأله« :هل ستجعلين أسري؟ يف احلقول؟ وال
الشرير والقاسي؟ ال لألطبّاء الذين يؤملونين؟»
اخلشيب ّ
ّ هلذا اللوح
ك!» ويلقي بذراعيه على عنق يسوع ويقبّله ،ولكي يكون يف وضعيّة مراتحة أكثر
«آه! كم أحبّ َ
أثناء تقبيله ،يقفز على ركبتيه على ركبيت يسوع ،ووابل من القبالت الربيئة تنهمر على جبهة وعيين
وخ ّدي يسوع.
حّت ذلك
يف غمرة فرحه ،مل ينتبه الطفل إىل نفسه أنّه أصبَ َح يستطيع احلركة ،وهو الذي كان ّ
ند ِّهشاً .عيناه الربيئتان يف
وج َعلَته يَتاجع ُم َ
هزته َ
لكن صرخة ّأمه وصرخات اجلموع ّاحلني حمطّماً .و ّ
وجهه النحيل بدات متسائِّلَتَني .ما زال على ركبتيه ،ذراعه األَين حول عنق يسوع ،يهمس له ـ وهو
اآلخر تناديه وهي جتمع بني امسه واسم يسوع« :يوحنّا! يسوع! يشري إىل اجلموع الصاخبة وأمه اليت يف ِّ
ّ
أنت يسوع؟» يوحنا! يسوع!» ـ «ملاذا تصرخ اجلموع و ّأمي أيضاً؟ ماذا هبم؟ هل َ
ك تستطيع املشي .الوداع ،يوحنّا الصغري (يقبّله يسوع
«أان هو .واجلموع تصرخ لفرحها أبنّ َ
ك ،وكن لطيفاً».
ويباركه) اذهب إىل ّأم َ
ينـزل الطفل هبدوء وسكينة من على ركبيت يسوع ،مثّ إىل األرض .يركض إىل ّأمه ،يقفز إىل
عنقها ويقول هلا« :يسوع يبار ِّ
كك .ملاذا تبكني إذن؟»
1945 / 03 / 10
ألي من جمموعيت الوصااي تنتمي هذه؟ "للثانية" تقولون؟ هل أنتم متأ ّكدون؟
ّ
للمرة الثانية أسألكم :هل هذه اخلطيئة تسيء إىل هللا أم إىل الضحيّة؟ تقولون إىل "هذه األخرية"؟
ّ
هل أنتم متأ ّكدون أيضاً من ذلك؟
وأسألكم أيضاً :أال يوجد سوى خطيئة واحدة للقتل؟ أال ترتكبون يف القتل سوى هذه اخلطيئة
ك لدى أحدكم؟ قولوا إجاابتكم بصوت مرتفع .وليتكلّم الوحيدة؟ "تلك فقط" تقولون؟ أما من ش ّ
واحد فقط نيابة عن اجلميع .إنّين أنتَ ِّظر ».وينحين ليالطف طفلة أتت إىل جانبه ،وهي تنظر إليه
حّت أن تقضم الت ّفاحة اليت أعطتها ّإايها ّأمها لتبقى ساكنة هادئة.
منتشية ،انسية ّ
مين التح ّدث ِّ
ينتَصب عجوز مهيب ويقول« :امسع اي معلّم .أان رئيس كنيس عجوز ،وقد طَلَبوا ّ
الرب ،وحسب ما تل ّقينا ِّمن ابسم اجلميع .وأان أتكلّم .تبدو يل ،بل تبدو لنا اإلجابة حسب العدل و ّ
أنت تَعلَم ملاذا أتينا: ِّ ِّ
علم .أَستَند يف يقيين على الفصل من الشريعة املتعلّق ابلقتل واإلصاابت .إّّنا َ
كنت ُخم ِّطئاً ،أَنِّر ظلمايت ،لكي َيضي العجوز لتـعلِّ
لديك احلكمة واحلقيقة .فلو ُ
نقر أ ّن َ
ّ نان
ّ أ ذلك نا، مّ َُ
إىل َملِّكه البساً النور ،وأرجو أن تُسدي كذلك هذه اخلدمة إىل هؤالء الذين ُهم ِّمن رعيّيت ،والذين
بكل احَتام.
أتوا مع راعيهم ليَستَقوا من نبع احلياة ».وقبل أن جيلس ينحين ّ
أنت أيّها األب؟»
« َمن َ
عماوس».
كالواب ّ
خادمك ّ
َ «
"لكل حيوان لغته" .نعم .منهم الذي ََيور ،وآخر يَثغو ،وآخر يَ َنهق وآخر يُزقزق، ال تقولواّ :
وحّت آخر ثور سوف يوجد ،يبقى اخلوار ِّ ِّ ِّ
واألخري ُُيدث رجرجة يف صوته .ولكن ،من ّأول ثور ُوج َد ّ
حّت هناية العامل ،واحلمار يَ َنهق األخري منه كما َهنَ َق
ذاته ال يتب ّدل ،وكذلك اخلروف يثغو الثغاء ذاته ّ
فيغردان لطلعة الشمس التغريد القربة والعندليب ّاألول .وزقزقة العصفور الدُّوري ذاهتا على الدوامّ ،أما ّ
ّ
وحّت آخر يوم من ّأايم عُمر األرض سوف يعيشان كما يف ّأول يوم املرصع ابلنجومّ ،ذاته الذي للّيل ّ
و ّأول ليلة .بينما اإلنسان على العكس ،ذلك أل ّن ليس له صوت ولسان فقط ،بل إّّنا جمموعة معقدة
املخَ ،عرش الذكاء ،لذا فهو يعرف إدراك األحاسيس اجلديدة وجعلها موضوع من األعصاب مركزها ّ
وأتمالته ،بل ويعطيها امساً.
تفكريه ّ
آدم أطلَ َق على صديقه اسم كلب ،وعلى ذاك الذي بدا أكثر َشبَهاً به بلبدته الكثيفة املنفوشة
على وجهه الذي يكاد يكون ملتحياً ،اسم ليث .وأطلَ َق اسم رخلة (أنثى احلمل) على النعجة اليت
كانت حتيّيه بلطف ،واسم عصفور على تلك الزهرة ذات الريش اليت كانت تطري كالفراشة ،ولكنّها
تبث غناء عذابً غري موجود لدى الفراشة .ومثّ ،وعرب العصور ،ها هي ذي ذريّة آدم تَبتَ ِّدع دائماً أمساء ّ
"تتعرف" على أعمال هللا يف اخلالئق ،أو كلّما ،بواسطة العقل الذي لدى اإلنسان، جديدة طاملا هي ّ
ضارة أبطفاهلم أنفسهم ،حسبما يكونون مع هللا ال ينجبون أطفاالً فقط ،بل يبتدعون أشياء انفعة أو ّ
أو ض ّده .فأولئك الذين يبتدعون ويُنتِّجون أشياء صاحلة ،هم مع هللاّ ،أما الذين يبتدعون أشياء سيّئة
الشرير.
تضر ابلقريب ،فهم ض ّد هللا.وهللا ينتقم ألبنائه الذين يع ّذهبم روح اإلنسان ّ
ّ
حّت ولو كان اآلن مذنباً خاطئاً ،فهو على الدوام املفضلة لدى هللاّ .
فاإلنسان إذن هو اخلليقة ّ
َرس َل َكلِّ َمته ذاهتا ،ابنه نفسه ،وليس مالكاً وال
شهد على ذلك هو أنّه أ َ
اخلليقة األغلى لديه .وما يَ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 729 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
رئيس مالئكة ،ليس شريوبيماً وال سريافيماً ،بل َكلِّ َمتهُ ،ملبِّساً ّإايه َج َسداً بشرّايً ليُ َخلِّّص البشر .ومل
يَعتَِّرب هذا الثوب ،اجلسد ،معيباً ،ليجعل أهالً للعذاب التكفريي ذاك الذي ،لكونه مثله روحاً طاهرة
للغاية ،ال َيكنه ،واحلال هذه ،التأ ّمل والتكفري عن خطيئة اإلنسان.
صنَعتُهُ.
كل الذي َ
لت من اإلنسان كائناً مكتمالً مثل ّ
لقد قال يل اآلب" :ستكون بشراً :لقد َج َع ُ
لت قدرة حياة هادئة ،ونوماً هانئاً ،ويقظة سعيدة وإقامة أبديّة مغبوطة يف فردوسي كنت قد َج َع ُ
و ُ
السماوي .ولكن ،تَعلَم ذلك ،ال َيكن ملن كان ُم َدنَّساً الولوج إىل هذه اجلنّة ،ففي هذا املكان عرشنا، ّ
أان-حنن ،هللا الواحد-الثالوث .ويف حضرة اآلب ال َيكن أن توجد غري القداسة .أان هو الكائن.
ي ال َيكن أن يدركه ّإال الذين ُهم بال عيب .اإلنسان اآلن ،آبدم وبواسطة السر ّ
طبيعيت اإلهليّة ،جوهران ّ
كاألول .فإنّ َ اذهب َ ِّ ِّ
أنت وطَ ّهره .تلك هي إراديت .مع ذلك ستكون اإلنسان .املولود ّ آدم قد ُدنّسَ .
جبسدك املائت اخلايل من اخلطيئة ،مع النفس الربيئة من اخلطيئة األصليّة. َ ستكون أول ِّ
الداخلني هنا ّ
مبوتك كفادي" .وال
بعدك على األرض ،فستكون هلم احلياة َ قبلك ،والذين سيأتون َ ّأما الذين جاؤوا َ
دت وسأموت. ِّ ِّ
َيكن أن َيوت ّإال َمن ُول َد قَبالً .وأان إّّنا ُول ُ
ولكن
املفضل لدى هللا .واآلن قولوا يل :إذا كان ألب أبناء كثريونّ ، فاإلنسان هو املخلوق ّ
املفضل لديهَ ،ح َدقَة عينه ،وإذا ما قُتِّل ،أفال يتأ ّمل هذا األب أكثر مما لو كان األمر
واحداً منهم هو ّ
يتعلّق اببن آخر من أبنائه؟ كان املفروض ّأال يكون هذا ،ألنّه ينبغي لألب أن يكون عادالً مع مجيع
أبنائه .ولكن ذلك إّّنا ُيدث أل ّن اإلنسان غري كاملّ .أما هللا فيمكنه فِّعلها بعدل واستقامة .إذ إ ّن
اإلنسان هو اخلليقة الوحيدة بني املخلوقات مجيعها اليت متلك ،ابملشاركة مع هللا ،النفس الروحيّة،
لألبوة اإلهليّة.
السمة اليت ال تقبل اجلدل ّ
عندما يُقتَل لألب ابن ،أفال يُساء ّإال إىل االبن؟ ال ،بل إىل األب أيضاً .إىل االبن جبسده وإىل
لكن اجلرح يصيب االثنني .وبقتل إنسان ،أال يُساء ّإال إىل هذا اإلنسان؟ ال ،بل إىل األب بقلبه .و ّ
هللا أيضاً .إىل اإلنسان جبسده وإىل هللا حب ّقه .ذلك أ ّن احلياة واملوت ،به ومن خالله وحده جيب أن
تُعطَيا أو تُن َـزعا .فالقتل هو ممارسة العنف ض ّد هللا واإلنسان .والقتل هو اعتداء جيري ضمن حقل ُملك
املارة. ِّ
ت منّا حيوان وقَـتَ َل أحد ّ َيكن الضرب يف الشارع دون وجود لنيّة مسبقة .إذا ما أُفل َ
فعندئذ ال وجود لسبق إصرار .إّّنا لو تسلّح شخص خبنجر َيفيه مبكر حتت ثوبه الكتّاين ،ومضى إىل
بكل مظاهر
العدو كونه أفضل منه ـ أو لو دعاه إىل بيته ّ عدو له ـ وغالباً ما تكون خطيئة هذا ّ بيت ّ
ب ،إذن ُلوِّجد سبق اإلصرار ،وكانت اجلرَية مكتَ ِّملة ابملكر والوحشيّةاإلجالل ،مثّ َذ َحبَه ورماه يف اجلُّ ّ
والعنف.
األم مع مثرة أحشائها ،فاهلل يسأل احلساب عن االثنني .أل ّن البطن الذي ُيمل ِّ
وإذا قُتلَت ّ
إنساانً جديداً ،حسب وصيّة هللا ،مق ّدس ،ومق ّدسة هي احلياة الصغرية اليت أينَـ َعت فيه ،وقد َمنَ َحها
هللا روحاً.
لت؟“
”أبيّة وسيلة قَـتَ ُ
ب حامالً سالحاً حقيقيّاً.
أضرب" ،عندما يكون قد َذ َه َ عبثاً يؤّكد أحدهم" :مل أكن أنوي أن ُ
حّت احلَ َجر امللتَـ َقط من الطريق ،أو الغصن املنتَـَزع من
فاأليدي ذاهتا تصبح أثناء الغضب سالحاًّ ،
الشجرة هو كذلكّ .أما الذي يستعمل اخلنجر أو الفأس بربود ،وإذا بدا له شحذُها غري كاف،
يشحذُها ويتسلّح هبما بشكل جيعل أحداً ال يالحظهما ،بينما هو يستطيع امتشاقهما بسهولة ويُسر،
أننت أيّتها النساء قاتالت حيوات كثرية ،الصامتات واملختبئات واهلارابت من واآلن ،امسعن ّ
ألهنا غري مرغوب أحشائكن ،لكوهنا ِّمن َم َ
نشأ أثيم ،أو ّ ّ العقاب .فقتل هو كذلك انتزاع مثرة تنمو يف
ثروتكن.
ّ كن) ،أو غري مرغوب هبا لكشوحكن (فقر ّ
ّ هبا ،لكوهنا ال تعدو كوهنا َمحالً ال طائل منه يف
وليس هناك سوى طريقة واحدة لكي ال يكون هذا العبء :البقاء عذارى .فال جتمعن القتل مع
كل شيء
التمرد .وال يظنّ ّن أحد أ ّن هللا ال يرى ما ال يراه اإلنسان .فاهلل يرى ّ
الفجور ومع العنف ومع ّ
كل شيء .تذ ّكروا أنتم أيضاً ذلك.
ويتذ ّكر ّ
بت؟“
ضَر ُ
”ملاذا َ
آه! توجد أسباب كثرية! فاختالل توازن غري متوقَّع ََيلق فيكم انفعاالً عنيفاً ،هو ما حتدثه رؤية
صب ابنتكم السرير الزوجي وقد دنِّّس ،أو مفاجأة تواجد لص يف البيت ،أو شخص مثري لالمشئزاز يغتَ ِّ
َ ّ ُ ّ
تقرر بعد َرويّة ومتحيص ،للتخلّص من شاهد خطري ،ممّن َينعكم الصغرية ،أو احلساب املبيّت ،والذي َّ
من الوصول إىل غايتكم ،أو الطامع يف مركزكم أو ثروتكم :هنا توجد أسباب كثرية ،وإذا َغ َفَر هللا أيضاً
ملن ،يف ُمحّى األمل ،أصبَ َح جمرماً ،فلن يَغفر للذي أصبَ َح كذلك برغبة وتَوق ،أو ألنّه يبحث عن تقدير
الناس.
بت؟“
ضَر ُ
”كيف َ
أابإلصرار قبل وبعد الضربة األوىل نتيجة االنفعال؟ ُيدث أحياانً ّأال يعود لدى اإلنسان كوابِّح.
فيوقِّعه الشيطان يف اجلرَية ،كما يرمي رامي املقالع احلَ َجر .ولكن ما قولكم يف َح َجر ،بعد أن يبلغ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 732 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
هدفه ،يعود إىل املقالع ُلريمى من جديد ويُ ِّ
عاود الضرب؟ تقولون "تستويل عليه ّقوة سحريّة جهنميّة".
الكرة اثنية واثلثة وعاشرة ،دون أن تستكني وحشيّته.
هكذا هو الرجل الذي ،بعد الضربة األوىل ،يعيد ّ
تتم العودة إىل التع ّقل بعد الضربة األوىل ،عندما تكون هذه انجتة عن ُم َسبِّّب
حني يقع الغضبّ ،
لكن الوحشيّة تتعاظم ابستمرار ،طاملا الفريسة تتل ّقى ضرابت أكثر ،ذلك لدى
معقول َيكن إدراكه .و ّ
احلقيقي .إنّه شيطان ليس لديه ،بل ال َيكن أن تكون لديه رمحة ورأفة أبخيه ،ألنّه شيطان،
ّ اجملرم القاتل
أي احلقد.
بت؟“
ضَر ُ
”مّت َ
يستمر ا بينم ابملساحمة ابلتظاهر ؟ًا أرض تَط ق
َ س قد ة الضحي تكون أن بعد األوىل؟ بة
ر الض ن ِّ
م
ّ َ ّ
انتظرت سنوات ألضرب وأسبّب أملاً مضاعفاً بقتل األب بشخص أبنائه؟ ُ احلقد أقوى؟ قد أكون
حبق هللا،
تَـَرو َن أنّه ابلقتل تُنتَـ َهك اجملموعة األوىل واجملموعة الثانية من الوصااي ،ألنّكم تستأثرون ّ
وتدوسون القريب أبرجلكم .إذن فهي خطيئة ض ّد هللا وض ّد القريب .إنّكم ال ترتكبون فقط خطيئة
التمرد وانتهاك احلُرمات،
القتل ،ولكنّكم ترتكبون كذلك خطيئة الغضب ،خطيئة العنف والكربايء و ّ
ِّ
وأيضاً خطيئة الطَّ َمع ،إذا قَـتَلتم لتستولوا على مكان أو على مال .ولكنّين ابلكاد أُلَ ّـمح ،وسوف ّ
أتوسع
أتملوا.
السم ،إّّنا كذلك ابالفَتاءّ .
قَتف فقط ابلسالح و ّ ابلشرح يف يوم آخر ،فالقتل ال يُ ََ
وأُضيف أيضاً :املعلّم الذي يضرب عبداً ،متحاشياً خببث ّأال َيوت بني يديه ،فهو ُمذنِّب
َيص هللا .فملعون لألبد ذاك الذي
فضة من ممتلكات املعلّم :إنّه روح ّ
مضاعف .فالعبد ليس ّ
َ بشكل
حّت مع ثوره».
يفرض عليه معاملة ال َيارسها ّ
قدحان َشَرَراً ،وهو يَرعد .ينظر إليه اجلميع مندهشني ،ذلك أنّه كان يتكلّم قبالً
عينا يسوع تَ َ
بكل هدوء.
ّ
«ليكن ملعوانً ،إ ّن الشريعة اجلديدة قد أَبطَلَت هذه القسوة .كان ما يزال هناك عدل ،عندما
مل يكن يف شعب إسرائيل أولئك املنافقون الذين يتظاهرون ابلقداسة ويتفنَّنون يف حتريف شريعة هللا
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 733 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
واستغالهلا ملصلحتهم .إّّنا يف الوقت احلاضر ،حيث اجتاحت إسرائيل كلّها تلك الثعابني اليت تسمح
كل ما يَُتك هلا فعله ،أل ّهنم ذوو السلطان البائسون الذين ينظر هللا إليهم مبقت
لنفسها أبن تفعل ّ
وامشئزاز ،وأان أقول :لن يكون هذا.
جمردة
يَس ُقط العبيد على األثالم أو أثناء دوران الطاحون .يَس ُقطون وعظامهم حمطّمة ،وأعصاهبم ّ
ليربروا ساديّتهم الشيطانيّة.
بفعل ضرابت السياط .ولتغطية شرعيّة الضرب يتّهموهنم جبرائم كاذبةّ ،
احلق يف ضرهبم .فال سلطان هللا وال قداسة العبد
الهتامهم ونيل ّ
حّت عجائب هللا ّ جيعلون استخدام ّ
لكن هللا ِّ
ابلشر .و ّ
هتدي نفسهم الشرسة ،وهي ال َيكنها االهتداء ،إذ ال يَلج اخلري يف ما هو ُمشبَع ّ
يرى ويقول" :هذا يكفي".
صصة، كثريون ج ّداً ُهم أشباه قايني الذين يقتلون أشباه هابيل .وماذا تظنّون؟ ّإهنم قبور ُجمَ َّ
تعج
ظاهرها أبيض مغطّى بعبارات من الشريعةّ ،أما ابطنها فيجلس الشيطان على عرش ُملكه ،حيث ّ
الرب ال
وتتكاثر عبادة الشيطان األكثر مكراً .ماذا تظنّون؟ أنّه مل يكن من هابيل سوى ابن آدم ،وأ ّن ّ
ينظر ابهتمام ّإال إىل الذين هم ليسوا عبيداً لإلنسان ،بينما هو يرمي بعيداً عنه التقدمة الوحيدة اليت
حّت ولو
ابر هو هابيلّ ، كل ّاحلق أقول لكم إ ّن َّيكن للعبد أن يق ّدمها :نزاهته املطيَّبة بدموعه؟ الّ .
كل ظامل
حّت ولو مات فوق األثالم ،أو سالت دماؤه بفعل اجلَّلد ،وقايني هو ّ كان مكبّالً ابلسالسلّ ،
ملوثة خبطاايه وملطّخة يق ّدم األعطيات هلل بكربايء ،وليس ليق ّدم له حصاداً حقيقيّاً ،بل ليق ّدم أعطياته ّ
ابلدم.
اي ُمنتَ ِّهكي ُحرمة املعجزة .اي منتهكي ُحرمة اإلنسان ،اي قَـتَـلَة ،اي ُمنتَ ِّهكي ُحرمة املقدَّسات!
خارجاً! ابتعدوا عن مكان تواجدي! يكفي! أقول :يكفي .وأستطيع قوهلا ألنّين الكلمة اإلهليّة ،التعبري
اإلهلي .اذهبوا!»
عن الفكر ّ
وعظَ َمته تثري اهللع .ذراعه ممدودة ،وتشري إىل ابب اخلروج ،عيناه،
يسوع واقف على املنرب الفقريَ ،
نريان األفق ،تبدوان ساحقتني اخلطأة ِّ
احلاضرين .والطفلة ،اليت كانت عند قدميه ،تبدأ ابلبكاء ،وهترب
السر يُعلَن أخرياً .ففي آخر القاعة ،خارج الباب ،يظهر دوراس ،شبه خمتبئ خلف جمموعة هوذا ّ
حّت األنف و َّ
الذقن .يصحبه ف الدم يف عروقه ،وبدا أصفر متجعّداً ّ من الناس طوال القامة ،وقد َج َّ
يتجرأ
خادم يساعده يف تن ّقله ،إذ إنّه يبدو شبه مصاب حبادث .و كان قد لَ َم َحه يف وسط الدار .إنّه ّ
كالمك؟ يل أان ما تقول؟»
َ أإيل أان تُـ َو ّجه
األجشّ « :
ّ على الكالم بصوته
أدينك».
تود رؤييت ،ألنّين أان سوف َ
«نعم .ولن ّ
«آه! آه! اللعـ »...يتلعثم ،يـُ َه ِّ
مهم ويَسقط.
«لقد مات!» يصرخ اخلادم «املعلّم مات! فلتكن مباركاً أيّها املاسيا املنتَ ِّقم لنا!»
يبغضونك؟»
َ كل الذين
َيكنك إذن القول لآلب أبن َُييت ّ
َ «ولكن أال
معك».
الرب َ
«سوف آيت .اذهب بسالمّ .
كل شيء بينما َيضي اجلميع ببطء شديد.
ينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
غ النهار
شتوي ولكنّه صاف متاماً .مشس وهواء يف مساء صافية دوّنا أثر للغيوم .ولقد بـََز َ
ّ يوم
ابحلري ِّمن النَّدى املتجلِّّد ،الذي يوحي أبنّه مسحوق
ّ لتوه ،وما تزال هناك طبقة رقيقة من اجلليد ،أو
ّ
من املاس على األرض والعشب.
لمحون يقبِّل صوب البيت ثالثة رجال يسريون خبطى واثقةِِّّ ،
التوجه .أخرياً يَ َ
عارفني أين ينبغي هلم ّ ُ
يوحنّا جيتاز الدار حامالً أواين ماء َس َحبَها من البئر ،وينادونه.
يلتفت يوحنّا ،يضع األواين ويقول« :أنتم هنا؟ أهالً بكم! سوف يُ َسّر املعلّم بلقائكم .تعالوا،
يؤمون املكان!»... ِّ
تعالوا قبل أن تَصل اجلموع .لقد أصبَ َح الكثري من الناس ّ
بكل
الر ُسل ّ
الرعاة الثالثة ،تالميذ يوحنّا املعمدان .مشعون ويوحنّا ومتّياّ .إهنم يَتبَعون ُّ
أولئك ُهم ُّ
سرور.
«اي معلّم ،ها هم أصدقاء لنا ثالثة .انظر ».يقول يوحنّا وهو يدخل إىل املطبخ ،حيث تَتاقص،
بفرح ،انر حطب تفوح منها رائحة زكيّة خلشب وغار ُيَتق.
ث مكروه
ص َل هذا أن جئتم لرؤييت؟ هل َح َد َ
«آه! السالم لكم اي أصدقائي .كيف َح َ
للمعمدان؟»
لك أن توصي هللا ابلليث الذي يالحقه يك ويقول َ «ال اي معلّم .لقد أتينا إبذن منه .وهو ُييّ َ
حر ،وهو سعيد لعلمه أبنّه قدرماة النبال .ال أوهام لديه حول مصريه ،ولكنّه يف الوقت احلاضر هو ّ
نتحرق كذلك حنن م...ّلمع اي له. ا
ً أتباع ًا سابق ا
و كان ممن حّت صون أصبح لديك مؤمنون كثريون ُخملِّ
ّ ّ ََ َ
درك قصدان؟» يقول مشعون. الحق .هل تُ ِّنود تركه اآلن وهو ُم َلنكون منهم ،ولكنّنا ال ّ
«نعم .حسناً تقول .إ ّن املعمدان لَ َعظيم ،ويزداد عظمة ابستمرار .وهو يذ ّكر ابألغاف Agave
أخر َج مشعداانً كبرياً مع زهرته ذات البتالت السبع اليت تشتعل ويفوح منها العطر. الذي ،قبيل موتهَ ،
رؤيتك .ولقد تَـلَ َّقينا هذا النداء من روحه،
َ يود
مرة أخرى" .إنّه ّ "أود لو أراه ّ
إنّه َياثله .ويقول دائماًّ :
برؤيتك يضحي برغبته املق ّدسة الز ي ما ف"، "املعَتف" و "املتع ِّّ
ف ِّ وهو .لك نقلناه عنه، ثهدودون أن ُحن ِّّ
َ ّ َ َ َ َ
أظن أ ّن رئيس املالئكة ،الذي ظَ َهَر لطوبيّا آنذاك ،ال َيكنه ومساعك .أان طوبيّا ،واآلن متّيا ،ولكنّين َّ
فكل ما فيه حكمة».أن يكون خمتلفاً عنهّ .
«مل يُكتَب أن ال أراه ...ولكن هل ِّمن أجل هذا فقط أتيتم؟ املسري مض ٍن يف هذا الفصل .اليوم
األايم الثالثة املاضية ،كم كان املطر غزيراً على الطرقات!»
الطقس مجيل ،إّّنا يف ّ
ضلكن املعمدان َرفَ َ
ليتطهر .و ّ
يسي ّ الفر ّ
«ليس من أجل هذا فقط .فمنذ بضعة ّأايم أاته دوراس ّ
لك: ِّ
تعميده قائالً له" :املاء ال يَلج مع وجود مثل هذه القشرة من اخلطااي .واحد فقط َيكنه أن يغفر َ
متأت ِّمن سحره" .حينذاك
ٍ
الشر ّ أظن أ ّن هذا ّ ماسيا" .فقال حينئذ" :سأذهب إليه .أريد الشفاء .و ّ
طرد الشيطانّ .أما ذاك ،فبينما كان ماضياً ،التقى بيوحنّا الذي كان يعرفه مذ كان طََرَده املعمدان كما يَ ُ
وحّت( ...أقول
حّت منّان ّفكل الناس يذهبونّ ، يذهب إىل يوان قريبه ،وقال له" :إنّين ذاهب إليهّ ،
تعج ابلناس املخدوعني .واآلن
الزواين ّأما هو فقد قال كلمة أكثر قذارة) يذهنب .ومنطقة املياه احللوة ّ َّ
عين لعنة األراضي احملفورة ،كما آبالت حربِّ ،من قِّبَل جيش ِّمن اخللد والدود إذا ما َشفاين وأزال ّ
ب وتقضم جذور الشجر املثمر والكروم ،وال جمال للسيطرة عليها، واحلرااثت واحلالوش اليت تُـ َفِّّرغ احلَ ّ
َجبناه" :أهبذه املشاعر تذهب إليه؟" فأجاب" :ومن ذا وإال ...فالويل له!" وأ َ أُصبِّح بذلك صديقاً لهّ ،
الزواين َيكنه عقد معاهدة معي الذي يؤمن بذاك الذي تسكنه الشياطني؟ عدا ذلك ،فكما يَستَقبِّل َّ
حذرك ِّمن دوراس».
رك ،فتأخذ َ أيضاً" .وقد أردان اجمليء لنح ّذ َ
«لقد قُ ِّ
ضي األمر».
«أمس».
«وماذا جرى؟»
«إذا كانت لديكم النيّة ابالهتمام بدوراس ،فيمكنكم الذهاب إىل بيته يف أورشليم لتُ ِّ
شاركوا يف
احلداد .إ ّهنم اآلن يف صدد هتيئة القرب».
«مات؟!!!»
نتكلمن عنه».
ّ «لقد مات هنا .ولكن ال
وهم!»... ِّ
مسعت؟ ُ
«أَلسنة جهنّمية .هل َ
احلون ال يص ِّّدقون أقواهلم بل أعمايل».
فالص ِّ
«دعهم يقولونَّ .
«هذا ما يقوله يوحنّا أيضاً .منذ بضعة ّأايم قال له بعض التالميذ حبضوران" :اي معلّم ،إ ّن الذي
لك مؤمنون". دت له ،يـُ َع ِّّمد اآلن .واجلميع يذهبون إليه .لن يبقى َ
وش ِّه َ
معك يف األردن َ
كان َ
سمع هذا اخلََرب! ال تَعلَمون مقدار الفرح الذي وهبتموين وقد أجاب يوحنا" :طوىب ألذين اليت تَ َ
قلت
ط له من السماءَ .يكنكم أن تشهدوا أنّين ُ ّإايه .اعلَموا أ ّن اإلنسان ال يستطيع أن أيخذ ما مل يُع َ
البار ال يَ َّدعي لنفسه امساً ليس
لست املسيح ،بل إّّنا أان السابق ألع ّد له الطريق .فاإلنسان ّ لكم :إنّين ُ
أنت هو“ .أي الق ّدوس .فيقول” :ال .ابحلقيقة ال .فأان حّت ولو أراد أحد مدحه بقولهَ ” : لهّ ،
أين هو .وماذا يبتغي خادمه“ .وابملقابل يشعر بفرح عظيم إذ يقول :إنّين أُشبِّههُ قليالً ،لذا يظن البعض ّ
سعد بعروسها .والذي كان الوسيط هلذا الزواج ُيب غري أن يُشبِّه الذي ُيبّه؟ وحدها العروسة تَ َالذي ّ
لكن صديق الزوج الذي َيكث يف جواره ويسمع فال َيكنه ذلك ،أل ّن األمر يصبح فسقاً واختالساً .و ّ
املفعم ببهجة العرس ،إّّنا َيترب فرحاً عظيماً يُشبِّه إىل ح ّد ما فرح العذراء اليت تَـَزَّو َجها صديقه،
صوته َ
ويتذوق عسل كالم العرس .هذا هو فرحي ،وهو كامل .ماذا يفعل أيضاً صديق الزوج ،بعد خدمته ّ
نس ِّحب وَيتفي .هكذا هي احلال ابلنسبة حّت البيت؟ إنّه يَ َله شهوراً ،أثناء وبعد أن يواكب العروس ّ
يل! والذي يبقى واحد فقط :الزوج مع الزوجة :اإلنسان مع اإلنسانيّة .آه! اي لتلك العِّبارة العميقة!
جيب أن يَتعاظَم هو وأتضاءل أان .الذي أييت من السماء هو فوق اجلميع .واألحبار واألنبياء يتالشون
كل شيء بنور عظيم لدرجة أ ّن النجوم والكواكب اليت لدى وصوله .إذ إنّه يشبه الشمس اليت تنري ّ
انطفأ نورها تعود لتلبس نور تلك الشمس ،والذين ليسوا سوى ظلمات بطبيعتهم ،فيتالشون يف هبائه
الفائق .وهذا هو الواقع ،إذ إنّه قد أتى من السماء ،بينما املفروض أن يذهب األحبار واألنبياء إىل
السماءِّ ،علماً ّأهنم ال أيتون منها .والذي أييت من السماء هو فوق اجلميع ،ويـب ِّّشر مبا رأى َِّ
ومسع .وال َُ
وإال فهو يكفر ابهلل .والذي يتقبّل شهادة الذي يتوجه إىل السماءّ ، يستطيع أحد قبول شهادته إذا مل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 740 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ابحلق
الصحة .يشعر ّ احلق ،وليس حبكاية ال أساس هلا من ّ نـََزل من السماءََ ،يتم بعقيدته إَيانه ابهلل ّ
رسل ِّمن قِّبَل هللا حسب تعبري كالم هللا ،أل ّن هللا َم َألَه ابلروح،
أل ّن له نفساً تبحث عنه .ذلك أ ّن ال ُـم َ
ُيب االبن
أنت اي هبجة حبّنا" .إذ إ ّن اآلب ّ معكَ ،والروح يقول" :ها أان ذا ،خذين ،أريد أن أكون َ
لكن الذي يرفض اإلَيان كل شيء .إذن فمن يؤمن ابالبن ينل احلياة األبديّةّ . َّ
بغري قياس ،وقد َسل َمه ّ
ابالبن فلن يرى احلياة ،وسيبقى غضب هللا فيه وعليه".
«ماذا؟ ماذا؟ آه! اتبِّع الرواية! فهو يقول عن نفسه "أان اخلاطئ"ُّ ».
الرعاة الثالثة ُمتَ ِّّ
لهفون
لال ِّطّالع ،وكذلك التالميذ لديهم الرغبة ذاهتا.
«عندما كانت ّأمي حتملين يف أحشائها ،عندما كانت َحبلى يب أان-هللا ،وأل ّهنا املتواضعة
وال ُـمحبّةَ ،ذ َهبَت لتخدم والدة يوحنّا اليت كانت نسيبتها من جهة والدهتا ،وقد َحبِّلَت به يف شيخوختها.
وقد كان للمعمدان روح آنذاك ،حيث كان يف شهره السابع ،وبذرة اإلنسان احملتواة يف أحشائها
األموميّة ،اهتزت فرحاً لدى مساع صوت عروس هللا .فكان هو السابق كذلك بفعل أنّه َسبَ َق ال ُـمفتَدين،
وو َجلَت فيها ،وبذلك ّاحمت اخلطيئة األصليّة من نفس حيث انتَـ َقلَت النعمة من أحشاء إىل أخرىَ ،
الطفل .أقول إذن ،إ ّن ثالثة على األرض َيتلكون احلكمة ،كما أ ّن ثالثة يف السماء هم احلكمة:
األم والسابق على األرض؛ واآلب واالبن والروح القدس يف السماء».
الكلمة و ّ
فأنت الرمحة اليت ال ِّ
«الدهشة متأل نَفسنا ...تقريباً كما عندما قيل لنا" :لقد ُولد ماسياَ "...
اضع الذي ال حدود له».سرب غورها ،ويوحنّا ،الذي لنا ،هو التو ُ
يُ َ
ص َل الكثري من الناس».
«اي معلّم» يقول يعقوب بن زبدى «لقد َو َ
«هيّا تعالوا أنتم أيضاً».
«السالم معكم ».يقول يسوع مبتسماً كما يف القليل من األحيان .الناس يُثرثرون ويشريون إليه
ابألصابع .هناك الكثري من الفضوليّني.
إهلك“.
الرب َ
جترب ّ
«قيل” :ال ّ
اخلاصة عليهِّّ .
جنرب هللا جنرب هللا عندما نريد فرض إرادتنا ّ غالباً ما تُنسى هذه الوصيّة .إنّنا ِّّ
وهنتم ،بل
أساسيّ ،
بتهور ض ّد أوامر الشريعة املق ّدسة والكاملة ،وما فيها من روحاينّ و ّ نتصرف ّ عندما ّ
جنرب هللا عندما نعود إىل اخلطيئة بعد تل ّقي غفرانهِّّ .
جنرب هللا يَشغَل ابلنا اجلسد الذي َخلَ َقه هللاِّّ .
عندما ،بعد تَـ َقبُّلنا نِّ َعمه ،نسيء إليها ابستعماهلا أباننيّة ،ودون التفكري مبن َمنَ َحها .ال جمال للمزاح مع
نعم هللا ،فال نَسخر ّن منه .إذ إ ّن هذا هو ما ُيصل غالباً.
مل يكن يشغل ابل ذاك الرجل سوى ويالت األرض .بينما املفروض ّأال يكون هناك سوى ويل
واحد جيعل اإلنسان يف ّكر :البؤس األزيل بفقدان هللا .مل يكن ذاك الرجل ينسى ِّ
التقادم الطقسيّةّ ،إال ّ
أنّه مل يكن يعرف أن يـُ َق ِّّدم هلل تضحية روحيّة واحدة ،أعين االبتعاد عن اخلطيئة ،التوبة ،طلب الغفران
مج َعت ِّمن خريات مقتناة بشكل ِّ
فالتقادم املنطوية على رايء ،واليت يتم تقدَيها ِّمن ثروات ُِّ ابألفعال.
ّ
سيّئ ،تشبه دعوة هللا إىل املشاركة أبفعال اإلنسان السيّئة .فهل َيكن أن ُيدث هذا أبداً؟ أوليست
يتحرق
هذه اجلرأة سخرية من هللا؟ وهللا يقصي عنه ذاك الذي يقول" :هي ذي تضحييت" ،بينما هو ّ
ف أن نـَ َف َع صيام اجلسد بشيء ،عندما ال تكون النفس عازمة على صاد َ
ملتابعة حياة اخلطيئة .هل َ
الصيام عن اخلطيئة؟
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 743 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ث هنا تف ّكرون ابلشروط الضروريّة لتكونوا حقيقة حمبوبني من
فليجعلكم موت الرجل الذي َح َد َ
عما ِّ
هللا .واآلن ،ويف قصره الباذخ ،أهله والباكون عليه يقيمون احلداد على جثمانه الذي سيأخذونهّ ،
قليل إىل القرب.
حقيقي ،وجثّة حقيقيّة! مل يعد سوى جثّة! وال شيء آخر سوى حداد بال رجاء. ّ آه! إنّه حداد
إذ إ ّن النَّـ ْفس ،وقد أصبَ َحت ميتة ،ستكون على الدوام منفصلة عن الذين أحبَّهم بفعل القرابة أو آتلف
يفرقهم .حينئذوحّت ولو َمجَ َعتهم إقامة متماثلة على الدوام ،فاحلقد الذي يهيمن سوف ّ األفكارّ .
يكون املوت فراقاً حقيقيّاً .وقد كان من األجدر ،بدل بكاء اآلخرين ،أن يكون الرجل هو الذي يبكي
على ذاته ،ألنّه قَـتَ َل نفسه ،وبدموع اإلنسان التائب واملتواضع ،يعيد احلياة لنفسه مع غفران هللا.
ال مرضى وال معجزات ،وبطرس يقول لتالميذ املعمدان الثالثة« :إنّين مستاء من أجلكم».
يشري يسوع ابلصمت وعدم احلراك« .هو ليس أكثر جناسة ممّن ال يزال يف اخلطيئة .ففي عيين
هللا ،اخلاطئ الذي ال يتوب هو أكثر جناسة من األبرص التائب .والقادر على اإلَيان ِّ
فليأت معي».
يكرر القول.
يضع يسوع يده على رأسه« .تكلّم»ّ ،
مرات ألقابل زابئنه ،و... «إنّين البِّكر وأساعد أيب يف جتارته .وقد َ
أرسلَين إىل أرُيا ع ّدة ّ
ومضيت إىل أبعد مما
ُ أعجبت هبا...
ُ أحدهم ...أحدهم كانت له زوجة شابّة ومجيلة ...ولقد...
لست أدري كيف ينبغي ...أعجبتُهاَ ...متَلَّ َكتنا الشهوة ...وارتكبنا اخلطيئة أثناء غياب الزوجُ ...
ث هذا ،لقد كانت سليمة .نعم .ومل أكن سليماً فقط وأريدها ...بل هي كذلك كانت سليمة َح َد َ
أدرَكتها َّ
لست أدري إذا ...إذا ما كانت قد اختَ َذت هلا عُ ّشاقاً غريي ،يف الوقت نفسه ،و َ
وتريدين .و ُ
«لقد ُجِّّر ُ
بت»...
أرمحك».
َ تستحق أن متوت دون أن
ّ أنت
أنت طفل لتجهل أن هذه الثمرة ملعونة؟ َ
«هل َ
وحدك تستطيع»...
أنت َ«آه! الرمحة! َ
أقسمت فوراً على ّأال تعود للخطيئة».
َ لست أان ،بل هللا .وإذا
« ُ
عليّ .أماه!ّ ...أماه! حكم لي ساعات بضعة سوى أمامي يبق مل رب. اي صينّل خ م. ُقسم.أ ِّ
ُقس «أ ِّ
ّ ُ َ
ِّ
بدموعك! ...آه! اي ّأماه!» ساعديين
املتوسعتني من
تتمسك فقط بساق يسوع ،وترفع وجهها وعينيها ّ األم .وهي ّ واختَـنَ َق صوت ّ
مأساوي إلنسان يغرق ،وهو يَعلَم أنّه َخ َشبَة اخلالص الوحيدة الذي ُيميه وَيكنه
ّ ش ّدة األمل ،إنّه وجه
أن َُيَلِّّصه.
ك».
فرج عن ّأم َ
صدرك ،حيث كانت البقعة .وليُ َّ
َ قميصك ِّمن على
َ «أيّها الرجل ،انزع
ي ِّ
سقط الشاب ثوبه ليبدو عارايً أمام أعني اجلميع .فجسده ليس سوى جسد شاب نضر ُ
صحة جيّدة.
وأملس ويف ّ
األم ».يقول يسوع وهو ينحين ليُ ِّنهض املرأةّ .إهنا حركة لإلمساك هبا كذلك، «انظري أيّتها ّ
كأم ،ورؤيتها للمعجزة ،لالندفاع صوب ابنها دون انتظار تطهريه .ولدى تنبيهها عندما يدفعها حبّها ّ
األمومي ،فتستسلم على صدر يسوع وتُـ َقبِّّله يف نشوة ّ إىل عدم إمكانيّة ذهاهبا إىل حيث يدفعها حبّها
آن معاً ...ويالطفها يسوع حبنان .مثّ يقول للشاب: بارك يف ٍ الفرحّ .إهنا تبكي وتضحك وتُـ َقبِّّل وتُ ِّ
ابراً يف
ك ،ولكي تكون ّ نفسك على الكاهن ،وتذ ّكر أ ّن هللا قد بـََّرأ ََك بفضل ّأم َ َ «اذهب واعرض
املستقبل .اذهب!»
يبك“. ” ِّ
التشته امرأة قر َ
تزن“ .ذلك أ ّن الشهوة تسبق الفعل دائماً. وهذه ليست سوى وصية واحدة مع وصية ”ال ِّ
ّ
فاإلنسان ضعيف ج ّداً أمام إمكانيّة الشهوة ،دون إشباع شهوته .وذروة احلزن تكمن يف أ ّن اإلنسان
الشر ،الشهوة مثّ التنفيذّ .أما يف اخلري فالشهوة
ال يعرف أن يكون كذلك يف شهواته املشروعة .ففي ّ
مثّ التوقّف ،هذا إذا مل يكن الرجوع إىل الوراء.
ما قُلتُه له ،أقوله لكم مجيعاً ،ذلك أ ّن خطيئة الشهوة ُمنتَ ِّشرة مثل النجيل (نبات عشيب) الذي
سم وجيب اهلرب منها وحتاشيها؟ "لقد
جهلوا أ ّن هذه التجربة هي ّ يتكاثر وحده :وهل أنتم أطفال لتَ َ
أثري ،وجب على اإلنسان أنطت يف التجربة"ّ .إهنا العبارة األثريّة! ولكن مبا أنّه كذلك َمثَل قدمي ّ
َس َق ُ
يتذ ّكر النتائج وأن يعرف أن يقول" :ال" .فتارَينا ال تنقصه األمثلة عن طهارة َعرفَت محاية نفسها رغم
إغراءات اجلنس وهتديدات العنف.
هل التجربة شر؟ هي ليست كذلك ،بل ّإهنا عمل الشرير ،ولكنّها تتحول إىل جمد للذي ينتَ ِّ
صر ّ ّ ّ
عليها.
السالم معكم».
لك
«بسبب رجال أورشليم هؤالء ...فأان اعرفهم .دعين أذهب هناك لبضعة ّأايم .ولن أقول َ
َرسلين مع مسعان ويوحنّا اللذين أرجوك أن يكون غري ذلك .أ َِّ رسلين وحدي .بل على العكس، أن تُ ِّ
حّت
يطهرين ّاألول يدعمين واآلخر ّ كاان معي يف منتهى الظُّرف واللُّطف يف رحليت األوىل إىل اليهوديّةّ .
إيل! إنّه الندى الذي يـُلَ ِّطّف سورايت ،والزيت على ِّ
تصور ما َُيَثّله يوحنّا ابلنسبة ّ
َيكنك ّ
َ يف أفكاري .ال
مياهي املضطربة ...ثق بذلك».
( -96يسوع يف منطقة املياه احللوة .يشفي الروماينّ اجملنون .يتح ّدث إىل الرومان)
1945 / 03 / 13
يسوع اليوم مع التسعة الباقني ،ذلك أ ّن الثالثة اآلخرين قد َمضوا إىل أورشليم .توما ال ُـمبتَ ِّهج
املهام األخرى األكثر روحانيّة .يف أثناء ذلك ،بطرس وفليبّس مهامه بني اخلُضار و ّ
دائماً جيمع يف ّ
ابلزوار ،واآلخرون ََيضون إىل النهر ليُـ َع ِّّمدوا .يف احلقيقة ّإهنا معمودية توبة،
يهتمون ّ
ومّت ّوبرتلماوس ّ
مع ريح الشمال اليت تعصف!
ما زال يسوع يف ركنه يف املطبخ ،بينما توما يعمل بصمت ليدع املعلّم بسالم .ويف هذه األثناء
دخل أندراوس ويقول« :اي معلّم ،هناك مريض .أان أقول إنّه ِّمن ال ُـمفضَّل أن تشفيه يف احلال...
يَ ُ
يقولون إنّه جمنون ،هم ليسوا إسرائيليّني ،ولكنّنا حنسبه ُمستحوذاً عليه .فهو يَصرخ ويصيح ويتخبّط.
أنت».
تعال وشاهده َ
«حاالً .أين هو؟»
فَتض أن يكون «إنّه ما يزال يف السهل .هل تسمع زعيقه؟ إنّه هو .حتسبه حيواانً ،ولكنّه هو .يُ ََ
الرخاء ،ومبساعدة خ ّدام كثريين. فمرافقه يرتدي ثياابً فاخرة ،وقد نـََزَل املريض ِّمن عربة كثرية َّ
غنيّاًُ ،
فَتض أن يكون وثنيّاً ،ألنّه يَك ُفر ويشتم آهلة األوملب».
يُ ََ
«هيا بنا».
«آيت ألرى أيضاً» يقول توما الذي يدفعه فضوله لريى ،أكثر من اهتمامه خبضاره.
ابجتاه النهر ،يدورون إىل جهة احلقول اليت تفصل هذه املزرعة عن بيت
ََي ُرجون ،وبَ َدل الذهاب ّ
الوكيل.
يبتسم يسوع ابتسامة قصرية ويتق ّدم .ويلحق جبماعة اجملنون الذي يهيج أكثر فأكثر.
يك اي
وتدل ثيابه ووجهه احلليق أنّه روماينّ .يُلقي التحيّة« :أحيّ َ
صل أحدهم عن اجملموعّ ، ين َف ِّ
َ
َشفية ،ومن متثال أسكوالب يف اجَتاح معلّم .شهرتك وصلَت إيل .إنّك أعظم ِّمن أبقراط يف األ ِّ
ّ َ َ ََ
أتيت .وهذا أخي ،أتراه؟ إنّه جمنون ،بسبب مرض املعجزات على املرضى .أان أعلَم .وألجل هذا ُ
ذهبت به إىل معبد أسكوالبّ ،إال أنّه َخَر َج منه أكثر
غامض جمهول .ال يَف َقه األطبّاء عنه شيئاً .ولقد ُ
أرس َل يل مرساالً بسفينة شراعيّة ،كان يتح ّدث فيه عن وجود من يشفي جنوانً .يل قريب يف بطوملايسَ ،
أتيت .اي له ِّمن َس َفر فظيع!»
كل الناس هنا .و ُ ّ
يستحق املكافأة».
ّ «وهو
«ملاذا؟»
«النَّفس؟»
«وأين هي؟»
أنت لدي هذا البائس الذي يُربِّكين ،ولكنّين أكاد أنسى حالَتَه ألستمع َ
إليكَ ، «هللا! هللا!ّ ...
اإلهلي».
أيّها الكائن ّ
البشري،
ّ كل ما يتجاوز
سمي إهليّاً ّ
ك تُ ّ يقتك يف التعبري .ذلك أنّ َ
لست كذلك حسب طر َ «أان ُ
بينما أقول أان إ ّن هذه التسمية جيب أال تُطلق ّإال على َمن هو ُمنبَثِّق من هللا».
شرب.
يؤتى به إليه وهو يَصرخ ويُ ّ
أي طبيب :ذلك
حقيقي .وال ّ
ّ أي طبيب شفاءه .هذا
«هل ترى؟ تقول إنّه جمنون ،ومل يستطع ّ
الوثين ،يسكنه».
أنت أيّها ّ
لك َلكن كائناً من اجلحيم ،أقول هذا َ
ألنّه ليس جمنوانً .و ّ
يتفوه ّإال أبشياء مغلوطة».
«ولكن ليس لديه روح التنّني .ابلعكس ،إنّه ال ّ
«إنّنا نُطلِّق على هذا الروح اسم "الشيطان" ،وليس التنّنيِّ .
ومن الشياطني َمن يتكلّم ومنها َمن
األول
هو أب َكم ،منها َمن ََي َدع حبجج مطليّة ابحلقائق ،ومنها َمن هو ليس سوى فوضى منطقيّة .و ّ
أخوك فلديه الثاين .ولكنّه سيخرج منه اآلن».
األكمل واألخطرّ .أما َ
منها هو َ
«كيف؟»
تك».
هو َ
لك كيف ».وأيمر يسوع« :اترك الرجل وعُد إىل ّ
«هو ذاته سيقول َ
ك تطردين وتُ ِّ
سكتين .فلماذا أنت الـمنتَ ِّ
صر جتاهك .إنّ َ
َ «سأذهب .فسلطاين ضعيف ج ّداً
َ ُ
دائماً؟ »...يتكلّم الروح بفم الرجل الذي يَنهار بعدئذ ُم َنهكاً.
كل ما أفعل .وأعلَم أيضاً أنّين مل أحرص على تربئة نفسي أمامكم. على قون أَعلَم أنّكم ال توافِّ
ّ
كل ِّ
أود أن تُدركوا ما أفعله ،وأن ينريكم ،وأن تسقط من نفسكم ّ ولكن مبا أنّين أحبّكم حبّاً حقيقيّاًّ ،
شك.
فكرة نقد أو ّ
لدينا هنا اثنان من الوثنيّني .أحدُها كان مريضاً ،وقال هلما أحد األقرابء ،ولكنّه ابلتأكيد نـَ َق َل
تذهبَا ملقابلة ماسيا إسرائيل ،فهو يُشفي املريض" .وقَ ِّدما من البعيد القول عن أحد اإلسرائيليّني" :لو َ
حّت من تلك اليت كانت لنعمان ،إذ مل يكوان يَعلَمان شيئاً عن إسرائيل البعيد .فكانت ثقتهما أكرب ّ
وبتماس دائم مع العبيد اإلسرائيليّني ،وكان يَعلَم السوري كان ِّمن جنسيّة ُجم ِّ
اورة، امي
ّ ّ وماسيا ،بينما اآلر ّ
وثين اآلن من العودة إىل وطنه احلق .أليس أمراً حسناً أن يتم ّكن ّ آنذاك أ ّن يف إسرائيل إله هو اإلله ّ
قي"؟
وهو يقول" :ابحلقيقة يف إسرائيل يوجد رجل هللا ،ويف إسرائيل يُعبَد اإلله احلقي ّ
ثت عن هللا والنفس ،أمرين جيهالهنما ،وُها مثل فوهة ِّ
مل أقل" :اغتَسل سبع مرات" .ولكنّين حت ّد ُ
نبع ال ينضب ،جيلبان معهما املواهب السبع .إذ حيث توجد فكرة هللا والروح والرغبة يف اكتشافهما،
القوة والفطنة ،الفضائل اليت جيهلها أولئك الذين، تنمو أشجار اإلَيان والرجاء واحملبّة والعدل والقناعة و ّ
ِّ
تستحوذ عليهم كائنات من آهلتهم ،ال َيكنهم سوى نسخ األهواء البشريّة املشَتكة األكثر احنرافاً ،إذ
فَتض ّأهنا فائقةّ .أما اآلن ،فسيعودان إىل وطنهما حاملني أكثر من فرح كوهنما قد استُجيب لطلبهما، يُ ََ
ِّ
حاملني إمكانيّة القول" :نَعلَم أنّنا لسنا هبائم ،إّّنا بعد هذه احلياة توجد حياة مستقبليّة أيضاً .نعلَم أن
املضي إليه".
احلق هو صالح ،فهو إذن ُيبّنا حنن أيضاً ويصنع لنا اخلري ليحثّنا على ّ هللا ّ
أُها وحدُها جيهالن احلقيقة؟ قبل قليل كان أحد تالميذي يعتقد أنّين ال أستطيع
وماذا تظنّون؟ ُ
شفاء املريض أل ّن له نفساً وثنية .ولكن ما هي النَّفس؟ ِّ
ومن أين أتيت؟ ّ
وأُضيف هنا :أمل يكن من العدل مكافأة إَيان عظيم كهذا؟ حائِِّّرين ِّمن جتاوب األطبّاء ،خائيب
األمل من السفرات عدَية اجلدوى إىل املعابدَ ،ع ِّرفا أن يكون لديهما اإلَيان ،وأقبَال إىل اجملهول،
ك تقدر"ّ .أولاجملهول األكرب للعامل ،واحملتَـ َقر األعظم واملفَتى عليه من إسرائيل ،ليقوال له" :أؤمن أنّ َ
مريون ملنطقهم أيتيهم ممّن عرفوا اإلَيان به .فلم يكن للمرض أتثري أكرب من إَياهنم غري الصحيح،
لت إىل شفاههم كأساً ،يزداد عطشهم إليها كلّما شربوا منها :التعطّش جيعلين أشفيهم .ابلفعل قد َمحَ ُ
احلق.
إىل معرفة اإلله ّ
ختاماً .أقول لكم أيّها اإلسرائيليّون :فلتعرفوا كيف يكون لديكم اإلَيان مثل أولئك الذين عرفوا
أن ينالوه».
لي».
رس ّ
إليك فيه أحد ُم َ
حّت اليوم الذي أييت َ
امتالكك هلاّ ،
َ روحك ،النَّفس اليت تعرف اآلن
« َ
أنت ال؟»
«و َ
َير سوى ما يزيد قليالً عن
لست حاضراً .ولن ّ
«أان ...أان ال .ولكنّين لن أكون غائباً مع كوين ُ
تستمرا
ّ لك هديّة أكرب ِّمن شفاء َمن هو عزيز على َ
قلبك .وداعاً لكما .اعرفا أن حّت أق ّدم َ
العامني ّ
يف شعور اإلَيان هذا».
احملجبة داخل حجاهبا الذي ُيجب رؤية دموعها ،ولكنّه ال َينع مساع حنيبها.
تبكي املرأة ّ
«تلك املرأة تبكي »،يقول بطرس« .قد تكون دراُهها نـَ َف َذت .هل َيكننا إعطاؤها؟»
َيضي بطرس للقاء السيّدة اليت انطَلَ َقت صوب احلقول .يكلّمها ويعود« .لقد َشَر َعت تبكي
كنت أظنّين أواسيها »...وينظر إىل يسوع.
بشكل أعنف ».يقولُ « .
صلَت فعالً على املواساة .فالفرح كذلك جيعل املرء يبكي».
«لقد َح َ
ُسّر عندما أرى وجهها .هل سأراه؟»
«هوم! ...لكن! ...سأ َ
«يف يوم الدينونة».
رمحتك اي إهلي! ولكنّين آنذاك أكون ميتاً! وماذا تفيدين رؤيتها حينئذ؟ يف ذلك احلني سوف
« َ
ألأتمله!»
األزيل ّ
يكون يل ّ
«افعل ذلك حاالً .إنّه الشيء الوحيد املفيد».
ويضحك اجلميع.
أفهم».
لست َ
«ما الذي تريد قوله؟ ُ
لكن يسوع يبقيه هنا ليمضي إىل البلدة.
و ّ
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 03 / 13
مّت. ِّ
«هل تقول من أجل املعلّم؟» يسأل ّ
كل االجتاهات؟ إ ّهنم مثل وحش ضا ٍر يتع ّقب يف ينظرون كيف ترى أال إذن؟ ن م أجل ن « ِّ
م
ّ َ
أيالً».
«سأخربه بذلك»...
«انتظر! ولِّنَـ ُقل ذلك البين حلفا .فهو طيّب ج ّداًّ .إهنا طيّبة ساذجة إذا ما َوقَـ َعت يف تلك
األفواه».
حمق».
ك ّ «إنّ َ
َيضي االثنان إىل النهر ويناداين يعقوب ويوضاس« .أَقبِّال .هناك أشخاصُ ...هم جمرمون
يستح ّقون الشَّنق ،لقد أتوا حتماً ليَتسبَّبوا ابإلزعاج للمعلّم».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 763 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«هيّا بنا .وهو ،أين هو؟»
«إنّه ما يزال يف املطبخ .لنسرع ،إذ قد يتنبّه لألمر ،وهو ال يرضى بذلك».
يعودون إىل الدار .واجملموعة املشار إليها "ابجلليليّني" ،يتح ّدثون إىل الناس اآلخرين ابستخفاف.
سمع...« :كلمات ينبغي هلا أن تَستَنِّد إىل
يدنو يوضاس بن حلفا بشكل يوحي أب ّن األمر صدفة ،ويَ َ
أفعال».
قوي البنية
«وهو ُي ّقق تلك املعادلة .فأمس أيضاً شفى رومانيّاً مستحوذاً عليه ».جييب رجل ّ
عامة الشعب.من ّ
«اي للهول! ِّشفاء َوثَين! اي للفضيحة! هل تسمع اي إيلي؟»
أتظن أنّنا كنّا نتكلّم ابلسوء عن ماسيا؟ ولكن ال؟ لقد أتينا ِّمن البعيد
«ولكن ملاذا تغضب؟ ّ
البعيد ،وقد َجلَبَتنا شهرته .كنّا نقول ذلك هلؤالء الناس»...
ولكن «مجيعكم» ،أي اآلخرين الذين كان أولئك اجلليليّون ُي ّدثوهنم ،يصمتون .ال يريدون
ال َك ِّذب وال جيرؤون على نقض أقواهلم .لذا يظلّون صامتني.
اجلليلي إيلي.
ّ حّت كيف هو »...يقول
«حنن ال نعرف ّ
ك املرض تفقد الذاكرة؟»
مّت بسخرية« .هل َج َعلَ َ
«وَمل تشتمه يف بييت ،أليس كذلك؟» يسأل ّ
"اجلليلي" معطفه وَيضي مع اآلخرين.
ّ أيخذ
«كان يريد أن يروي لنا عنه أشياء جهنّمية »...يشرح أحدهم« .ولكنّنا ،حنن ،رأينا أفعاله.
وابملقابل ،نعرف َمن يكونون ُهمّ :فريسيّنيَ .من نص ّدق إذن؟ الصاحل الذي هو حقيقة صاحل ،أم
بدأت أذهب إليه ،مل أعُد أعرف
األشرار الذين يَدَّعون الصالح ،وهم ليسوا سوى بليّة؟ أعرف أنّين مذ ُ
كنت عنيفاً ،قاسياً مع زوجيت وأوالدي ،وال أحَتم جاري ،بينما اآلن... لتُ .
نفسي لش ّدة ما تب ّد ُ
اجلميع قي البلدة يقولون ذلك" :عزراي مل يعد كما كان" .فإذن؟ هل َِّمس َع أحد عن شيطان جيعل الناس
عمل ِّ
البس شيطاانً غري مألوف ،إذا كان يَ َ
ألقداستنا؟ آه! ابحلقيقة هو ٌ َ صاحلني؟ ملاذا يعمل إذن؟
للرب!»
ّ
التصرف.
ك جتيد الفهم وجتيد الرؤية وجتيد ّ الرب .فإنّ َ
ك ّ فوك ،أيّها الرجل .ليحفظْ َ
ض َ «ال فُ ّ
كل
ويتحمل ّ
ّ املبارك ،وفَـَرحاً له ،هو الذي يريد خريكم
استمر هكذا ،وستصبح تلميذاً حقيقيّاً ملاسيا َ
ّ
يتصرف
احلقيقي .ولكن حينما تَـَرون أنّه ّ
ّ الشر
شك سوى ّ شيء ليقودكم إىل هذا اخلري .ال يكن مصدر ّ
حّت ولو كان
كّ ، ابسم هللا ،فال تَش ّكوا ،وال تص ّدقوا أولئك الذين يريدونكم أن تؤمنوا مبا هو َش ّ
خبصوص أشياء جديدة .هو ذا الزمن اجلديد .إنّه كالوردة اليت ستولَد بعد أن َع ِّملت اجلذور دهوراً:
مت إجادة
أنت ...أين تعلّ َ
مين يوم َجلَبوا يل عروسي .ولكن َ
«صحيح؟! إذاً فأان اليوم أسعد ّ
الكالم هبذا الشكل؟»
«يف حضن ّأمه وإىل جانبها .اي لتلك الدروس! اي هلا ِّمن كلمات! فما من أحد غريه َيكنه
نك ...دروسها! ِّ
لكن الذي ينقصه جلربوته تضيفه هي بلطفها ...وتَلج ذه َ التح ّدث أبفضل منها .و ّ
متهل ليس فقط الزيت، الم َست زاويتها زيتاً ُم َعطَّراً؟ فهي ّ
متتص بلطف و ُّ ط قطعة قماش وقد َ أيت ق ّ
أما ر َ
"كنت هنا" .هكذا هي،
ُ يستمر ليقول:
ّ وحّت ولو اختفى أثر الزيت ،فالعطر بل إّّنا العطر أيضاًّ .
ففينا حنن كذلك ،األقمشة الغليظة ومثّ املغتَ ِّسلة ابلوجود ،قد احتلَّت أعماقنا حبكمتها وظُرفها ،وعطرها
يدوم فينا».
غمسةََي ُرج يسوع من املطبخَ ،يسك بيده طفالً يهرول إىل جانبه ،وهو يقضم قطعة خبز م ّ
ابلزيت .فيع ِّّدل يسوع خطوات مشيته الطويلة مبوجب ساقي صديقه« .إنّه فَـْتح!» يقول سعيداً« .هذا
الرجل ابن األعوام األربعة ،والذي يدعى عزرائيل ،قال يل إنّه يريد أن يكون تلميذاً ويريد أن يتعلّم:
يود لو يتسلّق
الكرازة وشفاء األطفال املرضى ،وأن جيعل العنب يينع على األغصان يف كانون األول ،مثّ ّ
"هلموا ،هو ذا ماسيا!" أليس كذلك عزرائيل؟»
جبالً ويقول للجميعّ :
ويضحك الطفل ويقول نعم ،نعم ،وأثناء ذلك يقضم خبزه.
َ
حّت أن تقول
أنت ال تعرف ّ
أنت ابلكاد تعرف أن أتكل!» يقول له توما ليمازحه ويضايقهَ « ،
« َ
َمن هو ماسيا».
الناصري».
ّ «إنّه يسوع
«ملاذا؟»
كمعك أيتها املرأة .ال تبكي .فإ ّن ماسيا قال يل :إذا ما أحببتِّ ِّه كثرياً فسيحب ِّ
«ليكن السالم ِّ
ّ ّ
ويشفيك ».هذا ما قاله عزرائيل ،بينما يسوع يسحبه معه دوّنا توقُّف .ففي عزرائيل تكمن، ِّ هو كثرياً
فاجئاً قليالً يف كرازته ،وإذا كان يقول فيها أكثر ممّاحّت ولو كان أحياانًُ ...م َ حقيقةً ،خامة رسوليّةّ .
يُطلَب منه قوله.
َهل َمن يَ َبعث على االمشئزاز أكثر ِّمن الكاذب؟ أال َيكن القول إنّه جيمع ما بني الشراسة
والنجاسة؟ نعم َيكن .فالكاذب ،أحت ّدث عن الذي يكذب يف األمور الكبرية ،هو جمرم .إنّه يقتل
حّت :إنّه أسوأ ِّمن قاتل .وهذا
السمعة بلسانه .فهو إذن ال َيتلف يف شيء عن القاتل .بل أقول ّ
األخري ال يقتل ّإال اجلسد .بينما الكاذب يقتل السمعة الطيّبة أيضاً ،يقتل ذكرى إنسان .إذن ،فهو
ينم عليه وشرف قاتل مضاعف .إنّه القاتل غري املعاقَب ،ألنّه ال يريق دماً ،ولكنّه يطعن شرف الذي ّ
ابحلقد :احلقد يقوده ،وهذا هو صديق الشيطان فقط .فَ َمن كان صاحلاً ال ُيقد وال ّ
ألي سبب.
تضرَر فإنّه يغفر ويسامح .ال ُيقد أبداً .فاحلقد هو الشهادة اليت تشهد به
حّت ولو َّ ِّ
حّت ولو احتُقرّ ، ّ
الشر ض ّد اخلري ،والصاحل
نفس اتئهة على ذاهتا ،وهي أروع شهادة تُعطى للربيء .إذ إ ّن احلقد هو ثورة ّ
ال ُيتاج إىل الغفران.
ليربئ نفسه .إنّه الشكل األكثر شيوعاً للكذب. ابخلوف :غالباً ما يلجأ أحدهم إىل النميمة ّ
ضح أمران ،إذن ،فبفضل ،وابستغالل االعتبار الذي ما زلنا حنتفظ به فنرتكب اخلطأ ،وخنشى أن يُفتَ َ
نتصرف ِّ
لدى اآلخرين ،تراان َحنرف الفعل ،وما قمنا به نرميه على آخر خناف فقط من نزاهته .إنّنا ّ
أيضاً هكذا أل ّن اآلخر كان ،أحياانً ،بغري قصد منه ،شاهداً على أفعالنا السيّئة ،ولذلك نسعى ألن
حّت إذا ما تكلّم ال يص ّدقه أحد.
نكون يف مأمن من شهادته .فنتّهمه لنجعله مكروهاًّ ،
كونوا صادقني .ما أروع فم اإلنسان الذي ال يعرف الكذب! هل سيكون فقرياً؟ هل سيكون
كل ذلك؟ نعم ،ولكنّه يبقى َملِّكاً على الدوام ألنّه صادق ،والصدق
فظّاً؟ هل سيكون جمهوالً؟ هل هو ّ
كي أكثر من الذهب والتاج ،ويرفع فوق اجلموع أكثر من عرش ،فلديه حاشية من الناس شيء َملَ ّ
النـزيهني ،وهم أكثر عدداً من حاشية امللك .وجار اإلنسان الصادق ُيصل على األمن والسلوان.
جمرد جواره يعطي انطباعاً ابالنزعاج .هل يف ّكرحّت ّوصداقة إنسان غري صادق جتلب املتاعب ،بل ّ
كشف سريعاً أللف سبب؟ كيف الذي يكذب أنّه يُعترب على الدوام موضع شبهة ،أل ّن الكذب يُ َ
الشك
حّت ولو قال احلقيقة ،فليس املطلوب سوى تصديقه ،ويف األعماق يبقى ّ َيكن تقبُّل ما يقول؟ ّ
الزور ِّمن هذا؟" إ ّن كل كذب
على الدوام" :هل يكذب اآلن أيضاً؟" وتقولون" :ولكن أين شهادة ُّ
كل شهادات الزور تكون يف األمور القانونيّة فقط.
هو شهادة زور .وليست ّ
كل حلظة من حياتكم .هل كونوا بسطاء كما أ ّن هللا بسيط ،وكذلك الطفل .كونوا صادقني يف ّ
حّت ولو أراد ّنّام التح ّدث عنكم بكالم سوء،
تريدون أن تُعتََربوا صاحلني؟ فكونوا ابحلقيقة كذلكّ .
فسوف يكون هناك مائة صاحل ليقولوا" :ال ،هذا ليس صحيحاً .فهو صاحل .وأعماله تتح ّدث عنه".
املنح ِّرف يهيّئ ِّ
قيل يف سفر احلكمة" :اإلنسان الظامل اجلائر يتق ّدم والفساد على شفتيه ...ويف قلبه َ
الرب والسابع يغضب منه :العينان
كل األحيان يبذر بذور الشقاق ...ستّة أمور َيقتها ّ نوااي سيّئة ،ويف ّ
يتأمل النوااي الظاملة،
املتغطرستان ،واللسان الكاذب ،واليدان اللتان تريقان الدم الربيء ،والقلب الذي ّ
فوه ابألكاذيب وتلك اليت تبذر بذورالشر ،وشهادة الزور اليت تت ّ
املتعجلتني للذهاب إىل ّ
والقدمني ّ
الشرير بسبب خطااي اللسان ...فالذي يكذب هو شاهد الشقاق بني اإلخوة ...الدمار يدنو من ّ
يتمسك مبا َعَزم عليه ،وكذلك إدانة هللا احلكيم كر قدَية قِّ َدم العامل هي خطيئة الكذب ،وفِّ
ّ
حّت يف مواجهة
َّعم" "نـَ َعم" ،و"الال" "ال" على الدوامّ ،
للكاذب .أقول لكم :فليكن كالمكم واحداً" :النـ َ
ذوي السلطان والطغاة ،وسيكون أجركم عظيماً يف السماء .أقول لكم :لتكن لكم عفويّة الطفل الذي
أي شيء غري الصالح ،والذي يقول َيضي ابلفطرة صوب الذي ُيس فيه الصالح ،دون البحث عن ّ
استمر فيه.
ما َيليه عليه صالحه ذاته دوّنا حساب ملذمة َيكن أن يتل ّقاها لو ّ
اذهبوا بسالم ،ولتكن احلقيقة صديقتكم».
نصتوعزرائيل الصغري ،الذي ب ِّقي جالساً عند قدمي يسوع ،رأسه مرفوع مثل عصفور صغري ي ِّ
ُ َ َ
أنت أصدقاءإىل صوت أبيه ،وحبركة ملؤها النعومة :يفرك وجهه الصغري بركبيت يسوع ويقول« :أان و َ
كل من يف القاعة ،ويتح ّدث ع ك .أان اآلن أقول ذلك أيضاً ».ويرفع صوته لي ِّ
سم ك صاحل وأ ّان أحبّ َ
ألنّ َ
ّ ُ
وهو يقوم حبركات مثلما رأى يسوع يفعل« :امسعوا مجيعكم .أعرف أين يذهب األشخاص الذين ال
الناصري كثرياً .إ ّهنم يصعدون سلّم يعقوب ،وَيضون إىل األعلى،
ّ ينطقون ابلكذب ،والذين ُيبّون يسوع
الرب ».ويضحك سعيداً كاشفاً األعلى ،األعلى ...متاماً كاملالئكة ،وبعدئذ يتوقّفون حيث يلتقون ّ
عن أسنانه كلّها.
يالطفه يسوع وينـزل بني الناس .يعيد الطفل إىل أمه :أشكرك أيتها السيدة ألنّ ِّ
ك أعطيتين ّ ّ ّ
ِّ
ابنك».
لك املتاعب».
ب َ«لقد َسبَّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 771 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«ال ،بل منَحين احلب .إنّه صغري من لدن الرب ،وليكن الرب معه على الدوام ِّ
ومعك .وداعاً». ّ ّ ّ َ َ
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 03 / 14
انظروا حولكمَ :من ُهم األكثر سعادة واألكثر سالمة؟ من ذا الذي يتمتّع بشيخوخة سليمة
وهادئة؟ أهم الشهوانيّون؟ ال .بل إ ّن الذين يعيشون بنـزاهة ،يعملون ويسيطرون على شهواهتم ،هؤالء
ويستمرون
ّ سم احلسد،
سم الوالئم ،ويظلّون رشيقني ،وال ّ سم الفجور ،ويبقون أقوايء ،وال ّ ال يطاهلم ّ
متهلّلني .بينما َمن تسيطر عليه الرغبة يف احلصول على املزيد دائماً ،فإنّه يقتل سالمه وال يسعد ،إّّنا
تكون شيخوخته مب ّكرة .إنّه ُيَتق بنار احلقد واإلسراف.
هل ِّمن خملوق أكثر ابتهاجاً ِّمن العصفور؟ ومع ذلك ،فما مقدار ذكائه إذا ما قورن ابلذكاء
احلق أقول لكم :إ ّن الذي يعيش دوّنا البشري؟ إنّه كحصاة صوان أمام َجبَل .ولكنّه يعطينا درساًّ .
ّ
رغبة َدنِّ َسة ،فهو َيتلك هبجة العصفور ،ويثق ابهلل ويرى فيه أابً .يبتسم للنهار الذي يشرق وللّيل الذي
يهبط ،ألنّه يَعلَم أ ّن الشمس صديقته والليل مربّيه .ينظر إىل الناس دون حقد ،وال َيشى انتقامهم
صحته وال على نومه ،ألنّه يعرف أ ّن احلياة النـزيهة تُبعِّد
ألنّه ال َيطئ جتاههم .ال ََيتَِّرب خوفاً على ّ
الزىن؟»
«كنا نقول :أيّة خطيئة ارتَ َكبَها أنتيباس؟ أهي السرقة أم ّ
«ال أريد أن تنظروا إىل اآلخرين ،بل إىل قلوبكم .ويف أثناء ذلك أقول لكم إنّه ارتكب خطيئة
ومؤخراً
الزىن والسرقة والرغبة غري املشروعةّ ،
عبادة األواثن ،ألنّه َعبَ َد اجلَّ َسد وفَضَّله على هللا ،وكذلك ّ
القتل».
َيصها!!»
عما ّ
«حيال نفسها؟ ولكنّها تتخلّى ّ
«ال ،بل إ ّن هللا َخلَ َق جسدان ليكون هيكالً للنفس وهيكالً هلل .إذن ،جيب احملافظة عليه خالياً
وإال فتكون النَّفس قد ُس ِّرقت من صداقة هللا ومن احلياة األبديّة».
كل عيبّ ،من ّ
«إذن فالعاهرة ال َيكن أن تنتمي ّإال إىل الشيطان؟»
«كل خطيئة هي زىن مع الشيطان .فاخلاطئ كاملرأة اليت تبيع نفسها ،يستسلم للشيطان يف
أهواء غري مشروعة ،أيمل منها فوائد دنيئة .جسيمة ،جسيمة ج ّداً هي خطيئة الدعارة اليت جتعل املرء
أقل منها جسامة؟ ماذا يشبه احليواانت النجسة .ولكن هل تعتقدون أ ّن أيّة خطيئة رئيسيّة أخرى هي ّ
أقول عن عبادة األواثن؟ ماذا أقول عن القتل؟ ومع ذلك فقد َغ َفَر هللا لإلسرائيليّني بعد ِّعجل الذهب.
املضاع َفة .فاهلل يغفر ملن يتوب .وليكن التكفري عن اخلطيئة متناسباً
َ لقد َغ َفَر لداود خطيئته ،خطيئته
مع عدد وحجم اخلطااي ،وأقول لكم إ ّن الذي يتوب أكثر سوف ُيظى بغفران أكثر .ابلفعل ،فالتوبة
احلب الذي يَصلُح للخري .فالذي يتوب يقول هلل يف توبته" :ال أستطيع احلبّ ، هي شكل من أشكال ّ
ُيب الذي ُيبّه .أقول لكم ك وأريد أن أكون حمبوابً" .وهللا ّ غضبك ،إذ إنّين أحبّ َ
َ البقاء حتت وعيد
ُيب حبّاً كامالً ينال غفراانًكامالً.
ُيب املرء يكون حمبوابً .والذي ّ
إذن :ابل َقدر الذي ّ
اذهبوا .إّّنا اعلَموا ّأوالً أ ّن على أبواب البلدة أرملة ومعها أوالدها ،وليس
تلك هي احلقيقةَ .
لديها ما تس ّد به رمقهم .طُِّرَدت ِّمن بيتها بسبب الديون ،وتستطيع أيضاً أن تقول "شكراً" لصاحب
استعملَت تقدمتكم يف أتمني القوت هلم .ولكنّهم يف حاجة إىل َ ال ُـم ْلك ،كونه اكتفى بطردها .لقد
مأوى .والرمحة هي التضحية ،بل الذبيحة األكثر قبوالً لدى الرب .كونوا صاحلني وطيبني ،وأ ِّ
َعدكم ّ ّ
ابمسه ابملكافأة».
( -99يسوع يف منطقة املياه احللوة :خطبة ختاميّة .تعقيب على :من األعماق .وارمحين اي هللا)
1945 / 03 / 17
«أبنائي يف الرب ،عيد التطهري أصبح وشيكاً ،وأان ،نور العامل ،أ ِّ
ُرسلكم هناك مهيَّأين ابحلد ََ ّ
الضروري لالحتفال به بشكل الئق .إنّه نور العيد األعلى واألمسى الذي ستحصلون منه على
ّ األدىن
لكل األعياد األخرى .إنّه َألبله عظيم ذاك الذي ينوي إضاءة جمموعة من املصابيح دون أن تكون
نور ّ
األول .وأكثر بلهاً هو الذي ينوي بدء تقديس ذاته أبشياء عويصة ج ّداً وهو لديه إمكانيّة إضاءة ّ
همل ما هو يف أساس التكوين ال بديل عنه لبلوغ الكمال :الوصااي العشر. ي ِّ
ُ
وحطَّ َم
اسَتد معبد املدينةَ ،
الرب ،قد َّ
نقرأ يف سفر املكابيّني أن يهوذا ،ومعه أتباعه ،بفضل محاية ّ
ص َل على انر مع الصوان، وح َ
وطهَر املعبد .مثّ بىن معبداً آخرَ ،
هياكل اآلهلة الغريبة وقُدس أقداسهاَّ ،
وتضرعوا
وخبز التقدمة .مثّ َس َج َد اجلميع إىل األرضَّ ،
ض َع املصابيح ُوو َ
أحر َق البخورَ ،
َّم الذابئح ،و َ
وقد َ
يتصرف بشكل جيعلهم ال يعودون َيطئون ،أو ابحلري ،إذا ما وقعوا يف اخلطيئة من الرب أن ّ إىل ّ
ص َل ذلك يف اخلامس والعشرين من شهر كانون جديد ،لضعف منهم ،أن يعاملهم برمحة إهليّة .وقد َح َ
األول.
روحي.
كل كلمة من اتريخ إسرائيل ،هلا معىن ّ النص على أنفسنا ،إذ إ ّن ّ
فلنف ّكر ونطبّق هذا ّ
فاحلياة ِّع َرب على الدوام .وحياة إسرائيل هي ِّع َربة ،ليس فقط للحياة األرضيّة ،إّّنا أيضاً الكتساب
احلياة األبديّة.
رت عليكم القيام هبا ،بينما أان أروي لكم عن اآلهلة الشخصيّة
أش ُ
ّإهنا العمليّة األوىل ،وهي اليت َ
تؤدي إىل تدنيس
اس ،والذهب ،والكربايء ،والرذائل الرئيسيّة اليت ّ
احلقيقي :عبادة احلو ّ
ّ حتل حمل اإللهاليت ّ
الرب؛ وبعد عبادة حل غضب ّ أن بعد نَصب متثال العجل الذهيب ّ أذكركم َّ
هكذا جتري األمور .و ّ
حّت بعد تقبّلهاف إسرائيل؛ وبعد قبول اهللّينيةّ ، أضع َ
َّد و َ
ص َل االنشقاق الذي بَد َ سليمان لألصنام َح َ
بتدخل ووساطة اليهود الوضيعني حتت حكم أنطيوخوس أبيفاين رأينا ظهور مآسينا احلاليّة الروحيّة جيّداً ُّ
املن
ضَرَهبما يهوه .وأذ ّكركم أب ّن ّخادمي هللا املزيـَّ َفنيَ ،
واالقتصاديّة والوطنيّة .أذ ّكركم أب ّن انداب وأبيّا َ
وطهروا اهليكل“.
” َّ
فال يكفي القول" :أ ِّ
يتطهر اإلنسان: قلت لكم كيف ّ ُطهر" .لقد ُُحطّم" .بل جيب القول" :أ ِّّ َ
اضعة وصرُية .فال توجد خطيئة ال يغفرها هللا إذا كانت توبة اخلاطئ حقيقيّةِّ .آمنوا وثِّقوا بتوبة متو ِّ
كل
حّت ولو كنتم قد اقَتفتم ّ اإلهلي .إذا استطعتم التوصل إىل إدراك ماهيّة هذا الصالحّ ، ابلصالح ّ
وخروا عند قدميه ،فإنّه هو وحده ،الكلّ ّيابحلري أسرعوا ّ
ّ فروا بعيداً عن هللا ،بل
خطااي العامل ،فال تَ ّ
الصالح ،يستطيع أن يغفر ما ال يغفره اإلنسان.
احلجر هو اإلرادة الصلبة ابالنتماء إىل هللا .والصوفان هو الرغبة ابلتالشي بقيّة حياتكم كلّها،
حّت ذكرى خطيئتكم يف قلب هللا .حينذاك تَضطَ ِّرم النارّ :
احلب .إذ إ ّن االبن الذي ُياول ،حبياة ّ
حب األب مع الرغبة أبن يُفرحهشريفة كاملة ،مواساة أب كان قد أساء إليه ،ماذا تراه يفعل غري ّ
مرة سبب دموعه فأصبَ َح اآلن سبب فرحه؟ االبن الذي كان ذات ّ
«ملاذا؟»
ابجتاه البلدة.
«إىل ّأهنا امرأة فقرية ال مأوى هلا ،ال أكثر .تذ ّكر هذا اي بطرس ».ويسري يسوع ّ
«نعم اي معلّم ،سوف أتذ ّكر ذلك ...واآلن ،حنن ماذا نفعل بينما يبقى اجلميع يف بيوهتم من
أجل العيد؟»
ابحلري ال أُشعِّلها
ّ نارة يف بييت ،أو
«آسفّ ...إهنا السنة األوىل اليت ال أرى فيها املصابيح ُم َ
أان»...
أنت َمن سوف ك طفل كبري! سوف نُشعِّل املصابيح ،حنن أيضاً .وهكذا لن َّ
تتجهم .و َ «إنّ َ
يُشعِّلها».
لك أن تفعلها».
رب عائلتنا .و َ
أنت ّ
«أان؟ ليس أان اي سيدي .بل َ
األزيل اي بطرس.
«أان ،مصباح مضاء على الدوام ...وأريدكم أن تكونوا كذلك .أان عيد األنوار ّ
لدت ،ابلضبط ،يف اخلامس والعشرين من شهر كانون األول (ديسمرب)؟»
هل تَعلَم أنّين و ُ
لك الكثري ،حبيث لن تتم ّكن من ع ّدهم ،وهم الذين سوف متنحهم احلياة «سوف يكون َ
بطرسك ،وأريد أن يكونوا
َ إيل قائالً" :هؤالء هم أوالد
األبديّة ،وسوف تلتقيهم يف السماء ،وأتيت هبم َّ
وسعك ألجلي،
َ كل ما يف لت لك" :نعم اي بطرس .فليكن كما تريد ،لقد ع ِّ
م حيث أان" .وأان أقول َ
ّ َ َ
أجلك" ».وقد قَطَ َع له تلك الوعود بعذوبة ال مثيل هلا.
كل شيء من َ وسأفعل ّ
أببوة أرضيّة ،ودموع فرح ِّمن نشوة
ّ تّمي أمل ن يبلع بطرس لعابه ،بينما تتنازعه مشاعر األمل ِّ
م
املضي صوب
ّ ريب!» يقول« .ولكن إلعطاء حياة أبديّة ،جيب محل النفوس على للتو« .آه! ّ
تُعلَن ّ
اخلري .و...نعود دوماً إىل النقطة ذاهتا :ال أجيد احلديث».
«سوف جتيد احلديث ،عندما ُيني الوقت ،وبشكل أفضل ِّمن مجالئيل».
التوصل من ذايت»...
علي ّ توجب ّ
أنت هذه املعجزة ،ألنّه لو ّ
أود تصديق ذلك ...إّّنا افعل َ
« ّ
التصرف؟ أان ،والذهب ...أان ال أفْـ َقه شيئاً عن الذهب!» ن «ولكن ...إذا مل أ ِّ
ُحس
ّ
بوسعك .وداعاً».
َ «ف ّكر أ ّن هذا قوت ألانس جياع ،وافعل ما
( -100يسوع يغادر منطقة املياه احللوة وَيضي صوب بيت عنيا)
1945 / 03 / 18
يشغل التالميذ وقتهم أبعمال يدويّة .يضفر البعض اخليزران لصنع سالل صيّد جديدة ،آخرون
منهمكون أبعمال َحفر صغرية ،وشق قنوات ملياه السطوح لكي ال تركدّ .أما يسوع فهو واقف وسط
حقل يفتّت اخلبز للعصافري .ما ِّمن كائن حي يرى على مدى النظر ،ابلرغم من أ ّن النهار ٍ
صاف. ُّ
لك اي معلّم». ي ِّ
صل أندراوس إىل يسوع عائداً من بعض األعمال« :السالم َ َ
فأنت مثلها.
َيكنك املكوث إىل جانب العصافريَ .
َ لك اي أندراوس ،تعال هنا معي قليالً.
«و َ
ولكن أترى؟ عندما تَعلَم أ ّن الذي يدنو منها ُيبّها ،فال تعود ختاف .انظر كم هي واثقة وساكنة
َخ َذت َح َذرها ...ولكنأنت فقد أ َ
أتيت َ
وسعيدة .قبل قليل كانت قريبة من قدميّ .أما اآلن وقد َ
أدرَك أ ّن ال خطر يه ّدده .وها هي ِّ
انظر ،انظر ...هو ذا عصفور دوري يَصل ،وهو أكثر جرأة .فلقد َ
البقيّة خلفه .أترى كم تستمتع؟ أليس الشيء ذاته ابلنسبة لنا كذلك ،حنن أبناء اآلب؟ هو يُشبِّعنا
ومدعوون حلبّه ،فلماذا اخلوف منه ومن أنفسنا؟ من
ّ حببّه .وعندما نكون واثقني من أنّنا حمبوبون
حّت يف مواجهة الناس .ثق بذلك .وحده صاحب السلوك السيّئ املفروض أن متنحنا صداقته اجلرأة ّ
مثلك».
البار َ ِّ
ينبغي له أن َياف من شبيهه .وليس ّ
ُيمر وجه أندراوس وال يتكلّم .يش ّده يسوع إليه ويقول له وهو يضحك« :جيب توحيدكما
ّ
ك وإن
لك إنّ َ
قلت َ ِّ
أنت ومسعان ،بل إذابتكما وإعادة تكوينكما ،لتكوان كاملَني .ومع ذلك ...لو ُ
َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 788 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
رسالتك مساوايً متاماً لبطرس ،فهل ستص ّدق
َ ك ستصبح يف هناية مطاف
كنت خمتلفاً يف البداية ،فإنّ َ
َ
ذلك؟»
حّت كيف َيكن أن ُيدث هذا ،ذلك أ ّن لست أتساءل ّأنت تقول ذلك ،فهو إذن أكيدُ . « َ
ويسعدك .إ ّن
َ ابر
أنت حقيقة هو .وسوف أكون مسروراً لكوين مثل مسعان ،أخي ،ألنّه ّ كل ما تقوله َ
ّ
وقوايً .إّّنا اآلخرون أيضاً!»...
مسعان لَشجاع! وأان مسرور للغاية لكونه شجاعاً وجريئاً ّ
أنت ال؟»
«و َ
مين»...
َيكنك أن تكون مسروراً ّ
َ وحدك
أنت َ«آه! أان! َ
ك تعمل بصمت وبعمق أكثر من اآلخرين .أل ّن بني االثين عشر َمن ُُي ِّدث «وأن أالحظ أنّ َ
ضجة أكثر من العمل .وواحد يَقنَع ابلعمل ،وإن ِّ
يؤديه .وهناك َمن ُُيدث ّ ضجة بقدر العمل الذي ّ ّ
لكن الذي يرى وفعاالً وجمهوالًَ ...يكن أن يعتقد اآلخرون أنّه ال يفعل شيئاً .و ّ يكن عمالً متواضعاً ّ
يعرف .وهذه االختالفات ألنّكم مل تصبحوا بعد كاملني .وهذا سوف يكون على الدوام بني التالميذ
حّت اللحظة اليت يُعلِّن فيها املالك بصوت كالرعد "لقد انقضى املستقبليّني ،بني الذين أيتون بعدكمّ ،
الزمن" .فسيكون هناك على الدوام ممثِّّلون للمسيح جييدون لفت األنظار إىل عملهم وإىل شخصيّتهم:
ص َخب وحركات ظاهريّة فقط ،وهم املعلِّ
بكل أسف ،من ال يكونون سوى َ ّ منهم، وسيكون ون. م ّ
الرعاة املزيَّفون ابلوضعيّة املسرحيّة متع ّددة األشكال ...أكهنة ُهم؟ ال ،بل ممثلون إَيائيّون ليس ّإال. ُّ
فليست احلركة هي اليت تصنع الكاهن ،وال الثوب .ليست الثقافة الدنيويّة وال العالقات االجتماعيّة
مع ذوي النفوذ تصنع الكاهن .بل هي نفسه .النَّفس الكبرية العظيمة إىل احل ّد الذي يتالشى معه
كاهن ُحلمي .هكذا يكون َك َهنَيت الق ّديسون .فالروحاينّ ليس لديه فكاه ِّين روح كلّه ...هو ِّ
اجلسدِّ .
ْ
املأساوي وال وضعيّته .وال يتظاهر ،ألنّه روحاينّ ،وابلتايل ال َيكنه لبس األقنعة واجللباب .فهو
ّ صوت
تصرفاته وكلماته بطهر ات، ر النظ بطهر ث د
ّ يتح ،ًا اح
و أر ث كما هو :روح ،شعلة ،نور ،حب .هو ُُي ِّّ
د
ّ َ ّ
وأعماله.
ساعدتَين يف جلب قلب إىل هللا ،وهذا هو الثاين الذي أتيت به إىل النور».
«لقد َ
مهمتكم بسرعة!»
«لقد أهنيتم ّ
«ماذا هناك إذن؟»
يتكلّم اجلميع دفعة واحدة ،ويساعدون الثالثة على إنزال األكياس الثقيلة من على أكتافهم.
«على مهل!»
«ولكن حلظة!»
حّت ذلك احلني ،يتشاجر مع توما الذي يريد إعطاءه املاء لقدميه التَّعِّبَتني،
الغيور الذي كانّ ،
يهرع قائالً« :هي ذي معي هنا ،يف حزامي ».ويَفتح جيباً داخليّاً يف حزامه العريض من اجللد األمحر،
وَيرِّج لفافة أصبَ َحت مسطحة.
ُ
ك .فعندما كنا قريبني من بيت عنيا ،التقينا يواناثن الذي كان ذاهباً إىل لعازر «إهنا ِّمن ّأم َ
ب يواناثن إىل أورشليم ،فقوزى قد أعاد توضيب قصره ...وقد حامالً الرسالة وأشياء أخرى كثرية .و َذ َه َ
ُيل
وطي بينما ّطرباي ...وال يريد قوزى أن تكون زوجته مع هريوداي ».يشرح االسخري ّ أييت هريودس إىل ّ
يسوع عقدة اللفافة ويفردها.
«امسعوا» يقول يسوع بعد ذلك« .هنالك أيضاً شيء للجليليّني .فلقد َكتَـبَت ّأمي" :إىل يسوع،
إيل هدااي لطيفة ِّمن قِّبَل حنّة اليت
وريب ،سالماً وبركة .إ ّن يواناثن خادم سيّده ،قد َمحَ َل ّ ابين العذب ّ
لكل بيتها .وقد قال يل يواناثن إنّه يذهب إىل أورشليم أبمر و لزوجهاو هلا صها، تطلب الربكات ِّمن ُخمَلِّ
ّ
ّ
إبالغك كالمي وبركايت .وكذلك َ من قوزى إلعادة فتح قصر صهيون .أابرك هللا هلذا ،ألنّين سأمت ّكن من
رسالن القبالت والربكات ألبنائهما .ومبا أ ّن يواناثن كان صاحلاً فوق احل ّد مرمي اليت حللفا وصالومي تُ ِّ
وحّت من عائلة فليبّس وكذلك نثنائيل. وطيّباً ،فهناك أيضاً حتيّات من زوجة بطرس إىل زوجها البعيدّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 792 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
األعزاء البعيدون ،قد َع ِّملن ابإلبرة واحلياكة إىل جانب العمل يف احلديقة لَتسلن
كل زوجاتكم ،أيّها ّ ّ
لكم أثواابً تقيكم برد أشهر الشتاء هذه ،وكذلك عسالً لذيذاً مع التوصية مبزجه ابملاء الساخن لتناوله
األمهات ألبلّغكم ّإايه ،فأقوله لكم وأقوله
يف الليايل الرطبة .اعتنوا أبنفسكم .هذا ما قالته يل الزوجات و ّ
ض ِّّح أبنفسنا مقابل ال شيء ،ثقوا بذلك .استفيدوا من اهلدااي املتواضعة اليت
كذلك البين .فنحن مل نُ َ
صحة جيّدة.
الرب ،وامنحوان فقط فرح معرفتنا أنّكم يف ّنق ّدمها ،حنن تالميذ تالميذ املسيح ،إىل ُخ ّدام ّ
تك .وأتذ ّكر ،بل أعود إىل الزمن ك منذ حوايل العام مل تعد يل بكلّيّ َ اآلن اي ابين احلبيب ،أف ّكر أنّ َ
ك مل تكن هنا بقلبك َيفق يف صدري ،ولكن كان َيكنين القول إنّ َ أحس َ كنت ّ كنت فيه هنا ،و ُ الذي َ
كنت أستطيع
جسمك احملبوب ،و ُ َ عين حباجز كان َينعين من مالمسة كنت منفصالً ّ ك َ أيضاً ،إذ إنّ َ
قلبك َيفق مع
ك هنا ،وأ ّن َ روحك اي ابين احلبيب واإلله املعبود .وأعلَم اآلن أيضاً أنّ َ
َ فقط أن أعبد
وخدمتك
َ ومساعك
َ مالمستك
َ حّت ولو كان بعيداً ،ولكنّين ال أستطيع عين أبداً ّقليب ،ومل ينفصل ّ
الرب ومسيح خادمته املسكينة. وإجاللك ،اي مسيح ّ
َ
آثرت
أظل وحيدة أثناء فَتة عيد األنوار .ولقد ُ كانت حنة تريدين أن أذهب إليها لكي ال ّ
كنت أعظم َملِّ َكة يف األرض ،ولو
حّت ولو ُ لك .ولكن ّ حينئذ البقاء هنا مع مرمي إلانرة املصابيح ،يل و َ
لست هنا .بينما
ك َ أظل يف الظلمة ألنّ َ
استطعت إانرة آالف ،بل عشرات اآلالف من املصابيح ،فإنّين ّ
ُ
كنت على صدري ،نوراً يل ونوراً ِّ
كنت يف كامل النور أثناء وجودي يف تلك املغارة املعتمة ،عندما َ ُ
للعاملّ .إهنا املرة األوىل اليت أقول فيها لنفسي” :اليوم َكرب ابين عاماً آخر“ ،وابين ليس عندي .وسيكون
رسالتك ،وأان رساليت.
َ ك تنجزاألمر أكثر حزانً من عيد ميالدك األول يف مطاراي .Matareaولكنّ َ
كل الدموع.
نتمم مشيئة اآلب ،ونعمل جملد هللا .وهذا ما َيسح ّوحنن االثنان ّ
صلين ِّمن قول .فكما أمواج البحر احلُّر َحتمل صوت ُدرك ما تفعل من خالل ما ي ِّ
َ ابين احلبيب ،أ ِّ
الرب يصل بيتنا الصغري عملك املق ّدس جملد ّ
َ ومغلَق ،كذلك صدى منع ِّزل ُ
حّت داخل خليج َ عرضه ّ
ك اليت تَغتَبِّط منه وترجتف يف آن معاً ،ألنّه ،إذا حتدَّث اجلمع ع َ
نك ،فإ ّهنم ال يتح ّدثون اهلادئ ،إىل ّأم َ
إحساانتك ليقولوا يل” :مبارك هو ابن
َ مجيعاً ابملشاعر ذاهتا .فيأيت أصدقاء وأانس استفادوا من
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 793 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
فلتحل عليه اللعنة“ّ .إال أنّين ،من أجل هؤالء،” هلم:و بق قليب جيرحون أعداء كذلك وأييت “. ِّ
بطنك
ّ
إلهلي؟“ وال يعرفون
حّت أكثر من الوثنيّني الذين أيتون ليسألوين” :أين اجملوس ا ّأصلّي ،أل ّهنم ابئسون ّ
بكل ما يف هذه
أنت كاهن وعظيمّ ، ك ،يف احلقيقةَ ،ّأهنم ،يف غلطتهم ،يقولون حقيقة عظمى ،ألنّ َ
إليك قائلة” :إنّه يف بيت
ُرسلهم َ الكلمة من معىن يف اللغة القدَية ،وأنت رابين اي يسوعي .وإذ ذاك أ ِّ
َ ّ
منك أوامر أخرى .وأصلّي من أجل أولئك عنيا“ ،ألنّين أظن أ ّن هذا ما ينبغي يل قوله ،إىل أن أتتيين َ
أزيل.
الذين أيتون ابحثني عن اخلالص ملا هو فان ،كي جيدوا اخلالص للروح الذي هو ّ
يت هلم
إيل كالم الذين َش َف َ
أرجوك ال أتسف ألملي .إنّه يكافَأ بكثري من الفرح الذي ُيمله ّو َ
يوجهون
النَّفس واجلسد .إّّنا مرمي ،فقد كان لديها ،وما زال ،أمل أكرب من أملي .فليس يل وحدي ّ
يدك أن تَعلَم أنّه ،يف رحلة عمل سابقة قام هبا إىل أورشليم ،قد أُوقِّف
احلديث .يوسف بن حلفا ير َ
بسببك .كانوا رجاالً من اجمللس األعلى .أعتقد أ ّن أحد الرجاالت الكبار هنا قد أخ ََربهم .إذ، وأ ِّ
ُنذر
َ
لك ذلك أل ّن واجيب كامرأة أخوك؟ أقول َ
رب عائلة و َ لوال ذلك ،كيف َيكنهم معرفة أ ّن يوسف هو ّ
عك .ولكن ،بعد ألشج َ
جانبكّ ،َ علي أن أطيع .إّّنا ،لو كان األمر بيدي ،لوددت لو أكون إىل
ُيتّم ّ
ك على أوش َ
وك مسعان كان قد َ أنت ،اي حكمة اآلب ،دون إعارة االهتمام لدموعي .أخ َ ذلكّ ،قرر َ
لكن قسوة الفصل والطقس حالت دون القصة ،ومعي .و ّإليك بعد تلك ّ توطيد العزم على اجمليء َ
أنت.
َيكنك البقاء حيث ََ إجيادك ،إذ قيل ،بلهجة الوعيد ،أبنّه ال
َ ذلك ،وابألكثر خشية عدم
بين! اي بين! اي ابين الق ّدوس واملعبود! يداي مبسوطتان ،مثل موسى على اجلبل ،لكي أصلّي،
أعدائك ،اي يسوعي الذي ال ُيبّه العامل.
َ اعك مع أعداء هللا و
أجلك ،يف صر َ
من َ
«نعم ،اي معلّم ،لقد كان يهوذا حم ّقاً يف خوفه .ذلك أنّنا مضينا إىل بيت يوسف الرامي وبيت
لك علنيّني ،مثّ أان ويهوذا ،وكأنّين صديق طفولته ،عند بعض أصدقائه يف صهيون... لعازر كأصدقاء َ
لك أن تغادر فوراً ،وال تبقى هنا ،اي معلّم ،أثناء فَتة األعياد هذه ،وذلك
و...يوسف ولعازر يقوالن َ
تقرر أن أيتوا ليُوقِّفوه ويدينوه.
ملصلحتك .وبعدئذ قال أصدقاء يهوذا" :كونوا على حذر ،فقد ّ َ
فلينس ِّحب لبعض الوقت ،ليُضلّل تلك الثعابني .إ ّن
وابلتحديد أثناء ّأايم العيد هذه ،حيث ال أانسَ .
موت دوراس قد َهيَّج مسّهم وخوفهم .فباإلضافة إىل حقدهم لديهم اخلوف .واخلوف جيعلهم يـََرون
حّت األكاذيب"». أشياء ال وجود هلا ،واحلقد جيعلهم يقولون ّ
كل شيء، كل شيء! ويُغالون يف ّ كل شيء عنّا! إ ّن ذلك لَبَ ِّشع! ُ
وُيَّرفون ّ كل شيءّ ، «يعرفون ّ
ِّ كاف الستنـزال اللعنةِّ ّ ، وعندما يبدو هلم أ ّن ذلك غري ٍ
كت .لقد راودتين فإهنم يَبتَدعون .لقد قَ ِّر ُ
فت وأُهن ُ
لست أدري ...بعيداً .إّّنا خارج إسرائيل هذه ،اليت ليست سوى املضيُ ...
الرغبة يف العزلة ،و ّ
خطيئة »...يهوذا ُحمبَط.
«ولكن مع ذلك ...امض من هنا .فنحن مل نصبح أقوايء كفاية .ونشعر أنّنا سوف ينتابنا
لست أدري ...ولكنّين أعتقد أ ّن اإلقدام على التجربة
األقل ...اآلخرونُ ،
اخلوف أمام اجملمع .أان على ّ
نصر الثالثة».
التهور .فليس لنا قلب أطفال بالط نبوخذ ّ
هو من قبيل ّ
«نعم اي معلّم ،هكذا أفضل».
حق».
«يهوذا على ّ
حّت»...
ابءك ّ
ك وأقر َ
«ترى أن ّأم َ
«ولعازر ويوسف».
ويفتح ذراعيه ويقول« :فليكن كما تريدون .إّّنا بعد ذلك نعود إىل هنا .تَـَرون َكم من الناس
صنَـ َعته النساء».
فلنر ما َ
ُحس ّأهنا مستع ّدة ...ولكن َ
لست أ ّ
أجرب نفسكم .و ُ أيتون .وأان ال أرغم وال ّ
الصرر
حينئذ ،وإبشراقة فرح يف العيون ،وصيحات هبجة يف احلناجرَُ ،يرِّج اجلميع من األكياس ّ
األمهات والزوجات ،وُياولون إاثرة اهتمام يسوع لينظر إبعجاب إىل مع املالبس والصنادل ومؤونة ّ
مغتماً وشارد الذهن .يَقرأ ويعيد قراءة رسالة ّأمه .إنّه يَقبَع مع مصباح
نعمة هللا العظيمة .ولكنّه يبقى ّ
يف أقصى زاوية للطاولة ،حيث الثياب والت ّفاح واألوعية املعدنيّة واجلنب .ويضع يده كواقية لعينيه ،فيبدو
يتأمل .ولكنّه يتأ ّمل.
وكأنّه ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 796 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
صنَـ َعته يل ،وهذا املعطف ابلقبّعة!
«ولكن انظر اي معلّم ،زوجيت املسكينة ،ما أمجل الثوب الذي َ
ك ».يقول بطرس الذي يغتبط وذراعاه من يدري كم َحتَ َّملَت من املش ّقة ،فهي ليست ابرعة مثل ّأم َ
تضمان كنوزه.
ّ
لكن نَظَره بعيد ج ّداً عن األشياء
«مجيل ،نعم ،مجيل ،إ ّهنا امرأة طيّبة ».يقول يسوع أبدب .و ّ
عرض عليه.
اليت تُ َ
يعجبانك اي يسوع؟ لوهنما مجيل،
َ «لقد حاكت لنا ّأمنا ثوبني مبطّنني .اي لألم املسكينة! هل
أليس كذلك؟» يقول يعقوب بن زبدى.
لك ج ّداً».
«مجيل للغاية اي يعقوب ،سوف يكون مالئماً َ
صنَـ َعتها .فهي اليت تو ّشي هبذه اجلودة .وكذلكك هي اليت َ «انظر إىل هذه األحزمة .أراهن أ ّن ّأم َ
لكّ .أما الثوب
صنَـ َعته .إنّه متاماًكالذي َ
هذا الوشاح املبطّن الواقي من الشمس ،أقول إ ّن مرمي هي اليت َ
لألم املسكينة! فبَعد الدموع الكثرية اليت َذ َرفَتها هذا الصيف،
فال .من املؤّكد أن ّأمنا هي اليت حاكته .اي ّ
لألم احلبيبة!» ويـُ َقبِّّل يوضاس بن حلفا الثوب الثقيل
مل تعد ترى جيّداً .وغالباً ما يُقطَع اخليط .اي ّ
الكستناوي.
ّ األمحر
ك مل تنظر إىل األغراض املرسلة لست فَ ِّرحاً اي معلّم ».يالحظ أخرياً برتلماوسّ « .
حّت إنّ َ أنت َ
« َ
إليك».
َ
مين شفاءها».
«ألن هناك امرأة حتتضر وتنتظر ّ
ّنر عند الوكيل؟»
«ألن ّ
ضطر أحد إىل الكذب بقوله ال نعرف أين نكون.
ّنر أبحد .وهكذا ال يُ ّ
«ال اي أندراوس ،لن ّ
متمسك أبال أسبّب املتاعب للعازر».
الحقني .فأان ّ
أبال تكونوا ُم َ
مهتمني ّ
إذا كنتم ّ
ينتظرك».
َ «ولكن لعازر
خادمك العجوز؟»
َ «وسنذهب إليه .أو ابحلري ...مسعان ،هل تُ ِّ
سكننا يف دار ّ
لك ابسم لعازر وابمسي
كل شيء اآلنَ .يكنين إذن أن أقول َ
«بكل سرور اي معلّم .تعرف ّ
لك».
وابسم املوجود هناك :هي َ
«هيا ِّ
أسرعوا لنكون يف بيت عنيا قبل السبت».
يتفرق اجلميع مع مصابيحهم ،لكي يقوموا مبا ينبغي من أجل الرحيل غري املتوقّع ،يبقى
وبينما ّ
يسوع وحيداً.
أأتسف على
دخل ،يذهب إىل جانب يسوع ويقول له« :وتلك املرأة؟ إنّين ّ يعود أندراوس ويَ ُ
تركها اآلن وقد أصبَ َح جميئها وشيكاًّ ...إهنا َح ِّذ َرة ...رأيتَها».
الك»...
فلتظل متذ ّكرة أقو َ
ّ «اذهب وقل هلا إنّنا سنعود بعد وقت قليل ،ويف هذه األثناء
الك».
أنت اي سيّدي .مل أقل هلا سوى أقو َ
الك َ
« ّإهنا أقو َ
1945 / 03 / 19
املرة األوىل اليت يُسبِّّب يل الشيطان فيها املتاعب ،إنّه جيربّين يف هذا أو ذاك من األمور.
ليست هذه ّ
واآلن وقد أصبَ َح ال ُجي ّرب اجلسد فهو ُجي ّرب الروح .منذ عام وهو يسبّب يل املتاعب بني آونة وأخرى.
األايم املريعة ابلنسبة يل ،يف نيسان (أبريل) ،1944عندما َو َع َدين
املرة األوىل عندما َج َّربَين يف ّ
وقد كانت ّ
داَهَين بتلك التجربة اخلارقة والعنيفة والطويلة ،يف الرابع
واملرة الثانية عندما َ
سجدت لهّ .
ُ ابملساعدة لو أان
إيل. ِّ
جيربين يف أن أُقلّد هلجة املعلّم بته ّكم إلغاظة الذين كانوا قد أساؤوا ّ
من متوز (يوليو) ،1944وهو ّ
علي لشخصي ،وأنشره ،مستفيدة بذلك أنسب الكالم الذي كان َُيلى ّ علي أن ُ اقَتح ّ
واملرة الثالثة عندما ََ
ّ
املرة الرابعة ففي شباط (فرباير) من تلك السنة (يبدو يل أنّنا كنا يف شباط [فرباير] ِّ
من جين األرابحّ .أما ّ
أحس فقطكنت ّ املرات األخرى ُ املرة األوىل اليت أراه فيها ،ذلك أ ّن يف ّ
آنذاك) وقد ظَ َه َر يل (وكانت ّ
وأما املرة اخلامسة فقد كانت مساء أمس .حينها كانت التجلّيات بوجوده) ُم ِّّ
روعاً ّإايي مبظهره وكراهيّتهّ .
كل األمور األخرى األكثر ضآلة اليت أتتيين من اآلخرين
نسبت إليه هو ّ
ُ العُظمى للشيطان .ولكنّين منذئذ،
حّت علىابحلري على التظاهر أو ّ
ّ الذين يريدون محلي على الكربايء ،على النَّظر إىل نفسي إبعجاب ،أو
كل هذا ليس سوى َمثََرة اضطراابت نفسيّةّ .
حّت العوائق املتأتّية من لست سوى مريضة ،وأ ّن ّ
االقتناع أبنّين ُ
وبكل
ّ والسلطات ومن سائقي الشاحنات ،فإنّين أعزوها مجيعها إىل الشيطان .إنّه يعمل ما بوسعه األهل ُّ
جهده ليسبّب يل املتاعب ويقودين إىل القلق ،إىل الثورة وإىل االقتناع أبن ال فائدة من الصالة ترجى ،وأ ّن
كل ذلك أكاذيب. ّ
يكون
املرة األوىل اليت ّ
ولكنّين أعَتف لكم أبنّه َج َعلَين ،مساء أمس ،أضطَرب كثرياً .وتلك ليست ّ
أضطر يوماً ما إىل تقدمي احلساب هلل والناس .وتَعلَمون أ ّن َهلَعي
ّ لدي اخلوف من أن أكون خمدوعة ،وأن
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 800 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
جمرد أفكار
تشجعونين دائماً ،ويعود اخلوف للظهور ابستمرار .مع ذلك كانت ّ
كمن هنا ...يسوع وأنتم ّ
يَ ُ
عين .أمس مساء كان األمر هتديداً جليّاً ومباشراً .فقد قال يل« :هيّا، يل ،يثريها الشيطان ،ولكنّها تَص ُدر ّ
كذبت علىِّ كأقنعك متاماً أبنّ ِّ
ِّ أنتظرك يف اللحظة املناسبة ،يف اللحظة األخرية ،وحينئذ سوف ِّ هيّا! إنين
ستَقعني يف حالة رعب حقيقيّة ويف أيس أن ِّ ِّ ِّ
الدوام على هللا وعلى الناس وعلى نفسك ،وحيث إنّك كاذبة ،فَ َ
إبنكارك ّإايها هنائيّاً ،ستنطَلِّقني
ِّ تكوين مدانَة .وسوف تقولني ذلك بعبارات يعتقد معها الناس احمليطون ِّ
بك أ ّن، ُ
معك ستظلّون يف هذا اليقني ،وهكذا متوتني... وأنت والذين سيكونون ِّ إىل هللا ُُم َّملة خبطيئة أقل ثقالًِّ .
ّ
َعد أبداً وأتن ّكر وأنت كذلك انتظريين .فأان ال أ ِّ
رك ،نَـعمِّ ...مضطربني حّت أعماقهم ...أنتظ ِّ
ِّ ويبقى اآلخرون
َ ّ
ك يف هذه اللحظة تسببني يل ِّمن السأم ما ال حدود له .إ ّّنا حينئذ فسأكون أان من أُسبِّبه ِّ
لك. لوعدي .إنّ ِّ
ّ ّ
لكل ما تفعلينه يب ...سأنتقم ابلطريقة اليت أجيدها وحدي ».وعلى هذا مضى عين اتركاً ّإايي سوف أنتقم ّ
يف حالة سيّئة ج ّداً…
األم العذبة ،العذبة واحلنونة ،بثوهبا األبيض ،تبتسم يل وتالطفين .ويبتسم يل يسوع
بعدئذ ،جاءت ّ
طت يف الضَّىن ...وقد طال
وس َق ُ
دت َ حّت عُ ُ
ابتسامة هي األكثر هبجة وحبوراً .ولكنّهما ما كادا يَتكانين ّ
ُحس مبيل ألن أقول« :لن أكتب كلمة واحدة ابلرغم من القوة ،أ ّ
ذلك .عندما تراودين تلك الفكرة بتلك ّ
كل الضغوط ».إ ّّنا فيما بعد ،أف ّكر وأقول لنفسي« :هذا هو ابلضبط ما يريده الشيطان ».وأ ِّ
َُهل هذا ّ
الوسواس .إنه زمن اآلالم ،أليس كذلك؟ وهناك مَن ،بفعل عبادة األواثن املتأصّلة بعمق يف قلب اإلنسان،
حّت حينما يكون صاحلاً ،يعبد الناطق ابلكلمة ،انسياً أنّه ليس إالّ جمردّ وسيلة ،وأ ّن العبادة هلل وحده .وهناك
ّ
خاصة يف
مين على السواء ،وأبهداف خمتلفة ،أعماالً خارقةّ ، آخرون ُيتقرونين .هؤالء وأولئك ينتظرون ّ
عي يف مثل حاليت .ابلنسبة إليكم ،هذا زمن اآلالم هذا .وقد تنتظرون ذلك أنتم أنفسكم ،وكأنّه أمر طبي ّ
ضللت أُف ِّّاالنتظار له ما يربرهّ .أما ابلنسبة إىل اآلخرين فإنّه احتقار أو عبادة أواثن .أؤّكد لكم أنّين ما ز ُ
االحتقار ملاراي فالتورات على عبادة األواثن الشخصيّة .فهذه األخرية تسبّب يل أسى ال يوصف .يبدو يل
سري الثمني ...ما أدراين؟ وأأت ّمل لذلكّ .أما االحتقار عرونين يف مكان عام ،وأ ّن هناك من يغتَ ِّ
مين ّصب ّ َ َ ّأهنم يُ ُّ
موجهاً إىل ماراي فالتورات ،على ّأال يَب َخسوا ”اإلمالءات“ ح ّقها وال يَعتَِّربوها
أقل ،إذا كان ّ فيسبّب يل أملاً ّ
دعابة أو جنوانً…
فهم
حّت ّإهنا تُ َ
سر بشكل سيّئ ج ّداًّ .
أحسنت التعبريّ .إال أن بعض العذاابت تُـ َف َّ
ُ آمل أن أكون قد
بشكل أسوأ مما هي عليه يف احلقيقة ،وإن يكن من األب الروحي أو من عابدي األواثن ،أو كذلك الفضوليّني
هتمهم الـ ...الظاهرة أو ُيتقروهنا .ليت تلك اجملموعات الثالث األخرية ََتتَِّرب ،ولو لساعة ،ما
حّت الذين ّ
ّ
خنترب حنن ...وكذلك عابدو األواثن الذين قد ُيسدوننا .ولكن ال! يستحسن ّأال َخيتَِّربوا ذلك .أل ّن عابدي
األواثن سيحاولون الفرارَ ،من يدري إىل أين ،خوفاً من مثل تلك الساعة؛ والفضوليّني واجملتهدين والساخرين،
صل هبم األمر ،من خالل ذلك ،ألن يلعنوا هللا ...إذن ...فلنبسط أكتافنا للنّري ولنشرب الذين َُيتَ ِّقرون ،فَـي ِّ
َ
املرارة ...وإىل األمام.
«نعم ،هي».
تتفرع طرقات
«انظر اي رجل .يف هناية هذه الطريق توجد ساحة ،يف أحد أركاهنا نبع ماء ،ومنها ّ
حّت اجلسر اخلشيب، ِّ
ثالث .اسلك تلك اليت يف وسطها خنلة ،وس ْر حوايل مائة خطوة ،جتد خندقاً تتبعه ّ
فتتجاوزه وجتد درابً مسقوفاً .اتبعه .ففي هنايته ،حيث ال يعود هناك طرق مكشوفة وال مسقوفة ،فهو
وجتد بيت مراين وقد أضحى بلون الذهب لِِّّق َدمه .وتَراهم، ينتهي بساحة ،وبذلك تكون قد وصلتَِّ .
ََ َ
أنت قادم من بعيد؟» بسبب كثرة مصاريفهم ،ال يتم ّكنون من ترميمه .ال ختطئ .وداعاً .هل َ
«ليس كثرياً».
جليلي؟»
ّ أنت
«ولكن هل َ
«نعم».
حممرة العينني.
يَقرع يسوع الباب .فتَفتَح فتاة يف حوايل العاشرة ،شاحبة الوجه ،حنيلة اجلسمّ ،
ِّ
جلدتك إ ّن يسوع هنا». «هل ِّ
أنت حفيدة ماراين؟ قويل
وتفر وهي تصيح .فتهرع العجوز ،يتبعها ستة أطفال ابستثناء الفتاة السابقة .ويبدو
صرخ الفتاة ّ تَ ُ
أ ّن األكرب توأم معها؛ ّأما األخريان فصبيّان صغريان حافيا القدمني وهزيالنَ ،يسكان بطرف ثوب
اجلدة ،وُها ابلكاد يعرفان املشي.
«نعم ،ال تبكوا .ستُشفى ّأمكم ،وسيعود أبوكم .ولن ترهقكم املصاريف بعد ،وال اجلوع .أهذان
ُها األصغر سناً؟»
ض َعت هذه املرأة الضعيفة توأمني ثالث مرات ...وأصبَ َح هندها مريضاً».
«نعم اي سيّدي ،لقد َو َ
«البعض لديهم الكثري واآلخرون َحمرومون ».يُتمتِّم بطرس .مثّ ُيمل واحداً ويعطيه ت ّفاحة
ليُسكته .ويَطلُب اآلخر منه واحدة كذلك ،فريضيه .وجيتاز يسوع الردهة بصحبة العجوز ،مثّ الدار،
عظمي.
ّ تئن فيها امرأة ،ما تزال شابّة ،ولكنّها هيكل
صعد السلّم ليدخل غرفة ّ
ويَ َ
األم الصاحلة .نعم اي سيّدي .ولكن إن مل تستطع شفائي ،فاجعلين أموت على «نعم أيّتها ّ
ب يل النار واملرارة .إنّين
األقل .فإ ّن كالابً تنهش صدري .وفم أطفايل الذين َمنَحتُهم احلليب اللذيذ َجلَ َ
ّ
األم العجوز يه ّدها ليؤمن القوت .و ّ علي الكثري! إ ّن زوجي يعمل بعيداً ّ أأت ّمل كثرياً ،اي رب! ويُن َفق ّ
اإلعياء .وأان أحتضر ...فإىل أين يذهب اوالدي عندما َييتين املرض ومتوت هي من اجلهود املضنية؟
«العصافري هلم هللا ،وكذلك صغار اإلنسان .ولكنك لن متويت .أهنا موضع األمل الكبري؟» ويوشك
يسوع أن يضع يده على الصدر املغطى ابألربطة.
أكرمك به!»
َ لدي ما
لك؟ ليس َّ
رب! ولكن ماذا َيكنين أن أصنع َ
ويف النهاية تقول« :آه! اي ّ
إنقاذك
رت أن أبذهلا يف سبيل َ خاصيت .وقد نَ َذ ُ
لدي بعض النقود ّ مسحتّ ...
َ «نعم اي معلّم .وإن
من األعداء .سوف أشَتي هبا قواتً .فيكون ذلك أفضل هلؤالء األخوة ابهلل من أفواه أولئك الذين يف
املعبد .هل تسمح؟ فالذهب كان يل على الدوام مبثابة الثعبان .وال أريد اختبار أتثريه الساحر بعد .إذ
ُحس أنّين ُحّر ،وأان سعيد».
الصالح .أ ّإنّين أجد نفسي يف أحسن حال اآلن وأان أعيش َّ
الرب السالم».
ليهبك ّ
«افعل ما تشاء اي يهوذا و َ
كل شيء.
لحق يسوع بتالميذه ،بينما ََي ُرج يهوذا .وينتهي ّ
يَ َ
ها أنذا وسط عاصفة قويّة .ابلضبط وسط واحدة من عواصف آذار (مارس) ،حيث بريق الشمس
قمة لدي انطباع أبنّين قارب تتقاذفه أمواج مضطَ ِّربة .فتُارة تراه يف ّ
القمةّ ، وظلمة غيوم العاصفة تتعاقبانّ .
كأهنما يبغيان إغراقي يف هاوية مظلمة.
هوة بني جبلني سائلني يبدوان و ّ
املوج يف الشمس املشرقة ،وحيناً يف ّ
اترة يف العلقم وطوراً
يبدو يل أنّين أنتقل بشكل متناوب بني ُميط هائج ومرفأ ساكن للغاية ،وأبنّين أغطس ّ
يف العسل.
1945 / 03 / 21
صل يسوع إىل اهلضبة ،بعد اجتيازه ال ُـمرتَقى األخري ،يرى بيت عنيا ضاحكة ،حتت عندما ي ِّ
َ
أقل ظلمة بقع السرو األول (ديسمرب) اليت خت ّفف من حزن الريف العاري ،وجتعل ّ
أشعة مشس كانون ّ
اخلضراء وشجريات السنداين واخلرنوب اليت تنمو هنا وهناك ،وهي تشبه رجاالت البالط املتزامحة إىل
حبق ،واليت تنتصب فقط يف أمجل احلدائق.
جانب بعض شجريات النخيل الشاهقة ،ذات املظهر امللكي ّ
هذا ويف بيت عنيا ال يوجد فقط بيت لعازر اجلميل ،إّّنا هناك أيضاً بيوت أخرى ألغنياء ،قد
فيالهتم
ويفضلون العيش هنا ،قريبني من أرزاقهم ،وهم يَ َنهضون بكتل ّ يكونون من سكان أورشليمّ ،
عادي ،على
الضخمة والرائعة ،ذات احلدائق املرتبة بعناية ،وسط بيوت الريفيّني الصغرية .إنّه ملنظر غري ّ
تلك الروايب اليت تُذ ّكِّر ابلشرق ،منظر أشجار النخل تلك ،النامية ،واليت تُكلِّّلها ابقة أوراق قاسية
وذات حفيف .وخلف هذا الزبرجد األخضرَ ،يت ّد رمل الصحراء األصفر الذي ال حدود له .هنا،
الفض ّي ،احلقول مزروعة ولكنّها اآلن عارية ،ال خضرة فيها،
على العكس ،أرضيّة زيتون بلوهنا األخضر ّ
العظمي ،جذوعها متيل إىل السواد ،وأغصاهنا تتشابك وهي متثل نفوساً
ّ وبساتني ،أشجارها كاهليكل
جهنمي.
ّ تتلوى من عذاب ّ
رب العمل ِّ
يَتصد .يُلقي حتيّة ابلغة ،ويستأذنه إعالم ّ
وفجأة يرى يسوع أيضاً أحد خدام لعازر َّ
بقدومه .وَيضي بعدئذ مسرعاً.
ك صل مكسيميان الذي يَسبق لعازر أبمتار قليلة« .اي معلّم ...قال يل مسعان َّ
إن ...إنّ َ ي ِّ
َ
ستذهب إىل بيته ...وهذا يؤمل لعازر ...ولكنّه مفهوم»...
تالميذك؟»
َ ألست من
«وأان ُ
ك صديق .إّّنا األمر ليس كذلك ابلنسبة إىل فأنت أكثر من تلميذ ،إنّ َلعاطفتكَ ،
َ «نظراً
لك ،منـزل ابن تيوفيلس
لك ...ولكنّه ليس منـز َ
أتصرف اي لعازر :هذا البيت ملك َ األشرار .دعين ّ
الثري .واملتحذلقون يولون هذا أُهيّة كبرية».
اجلميل و ّ
ك تفسدينها! هناك أسباب كثرية للبكاء ،ولتحويل الدموع «ملاذا هذه الدموع؟ يف احلقيقة إنّ ِّ
ك مل تعودي تعلمني من أكون! فأان إىل حبات مثينة .ولكن البكاء لذاك السبب! آه! مرات! يبدو يل أنّ ِّ
ّ ّ
ليس يل من اإلنسان سوى الثوبّ .أما القلب فإهلي هو وخفقاته إهليّة .هيّا ،اهنضي ،و ِّ
لنمض إىل ّ
البيت ...وهي ...دعيها تفعل ما تشاء .حّت ولو كانت قد أتت للسخرية :دعيها تفعل ،أقول ِّ
لك. ّ
ليست هي ،إّّنا الذي يتسلّط عليها هو الذي جيعل منها أداة للبلبلة .ولكن يوجد هنا َمن هو أقوى
اصربوا ِّ
وآمنوا .وال شيء من معلّمها .واملعركة اآلن بيين وبينه بشكل مباشر .أما أنتم فَصلّوا واص َفحوا و ِّ
َ ّ
أكثر من ذلك».
دخلون البيت الصغري :إنّه بيت صغري على شكل مربعُ ،ييط به رواق جيعله يبدو أكرب .يف يَ ُ
يؤدي إىل سطح الرواق
خارجي كالعادة ّ
ّ ممر على شكل صليب .درج الداخل هناك أربع غرف يفصلها ّ
خدم يف بعضيتحول آنئذ إىل شرفة ينفذ منها إىل غرفة واسعة ج ّداً ،أطواهلا أطوال البيت ،تُستَ َ
الذي ّ
فرغة متاماً ونظيفة ،وال شيء فيها على اإلطالق. األوقات للمؤونة ،ولكنّها اآلن ُم َ
مسعان إىل جانب اخلادم العجوز الذي أمسَعه يناديه يوسف .وهو مسؤول عن تشريفات املنـزل،
َيكنك التح ّدث إىل الناس وتناول الطعام ...كما تشاء».
َ ويقول« :هنا
«سنف ّكر بذلك يف احلال .وريثما ُيني ذلك ،اذهب و ِّ
أخرب اآلخرين أ ّن الناس سيأتون بعد
الطعام ،ولن أخيّب أمل الناس الطيّبني هنا».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 811 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
«أين ينبغي يل أن أقول هلم أبن يذهبوا؟»
حممي من الرايح .ولن يلحق األذى ابلبستان العاري ،لو أتى إليه
«هنا ،فاليوم دافئ ،واملكان ّ
الناس .وهنا سوف أحت ّدث من فوق الشرفة .هيّا إذن».
أضحت
مضطرة لالهتمام أبانس كثريين ،فقد َّ ويبقى لعازر مبفرده مع يسوع .بينما مرات ،كوهنا
”املضيفة الصاحلة“ وهي تعمل يف الطابق السفلي مع اخل ّدام والتالميذ أنفسهم يف حتضري الطاوالت
واملراقِّد.
حقّ .أما ُهم ،فلقد جنّوا من اخلوف .و ...لو تدري ماذا قالوا عن وجوب إجياد
أنت على ّ
« َ
قتلك!»
فيك للتم ّكن من َ
خطيئة َ
حّت حتني ساعة هللا!»
«آه! إذن ،كن مطمئنّاً! فينبغي هلم االنتظار ّ
ثت إىل
ثت إىل الرومانيّني ،وحت ّد ُ
عملت أكثر من الالزم .فلقد حت ّد ُ
ُ «لقد َو َجدوها .فأان
إيل.
فإحداهن أتيت ابستمرار لتستمع ّ
ّ إيل هبلع...
خاطئات ...نعم ،إىل خاطئات ،اي لعازر .ال تنظر ّ
مين فقد كانت تقيممين ،إذ لكي تبقى قريبة ّ كيلك بناء على طلب َّّمه هلا و َ
ّإهنا تقطن يف إسطبل قَد َ
يف مالذ للخنازير»...
وغدا لعازر متثال الذهول ،بال حراك ،ينظر إىل يسوع َكِّإىل َمن جتعله غرابته غري قابل لإلدراك.
أيت الشيطان؟»
يهزه يسوع مبتسماً «هل ر َ
ّ
أيت .ولكن ...ولكنّين أان أ ِّ
ُدركّ .أما ُهم ،رجال اجمللس ،فال. «ال ...بل هي الرمحة اليت ر ُ
فعلت؟»
أظن ...آه! ماذا َ كنت ّ
حقيقي! ُ
ّ ويقولون ّإهنا خطيئة .هذا إذن
«إنّه واجيب ،وح ّقي ،ورغبيت :البحث عن نفس َزلَّت الفتدائها .تَرى إذن أن َ
أختك لن تكون
أود أن أبذر احلمأة األوىل اليت أ َِّ
َقَتب منها وأحنو عليها .ولن تكون األخرية .فإنّين ،على الوحلّ ،
الزهور وأجعلها تنمو :زهور اخلري».
رغبتك.
َ اجبك وهي
ك وو َ حق ،وهو ح ّق َ
ك على ّ «آه! اي هللا! اي إهلي! ...آه! اي معلّمي .إنّ َ
حتس ،بل ال َيكنهم استنشاق رائحة الزانبق. ال ا د ج نتنة ف ي جدرك ذلك .إ ّهنم ِّ
الضباع ال تُ ِّ
ّ ً ّ َ ولكن ّ
دركون أ ّن تلك يشمون رائحة اخلطيئة .ال يُ ِّ
السلطةّ ، وحّت حيث تزهر الزانبق ،هم ،اجلّيف ذوات ُّ ّ
جتول وال تتح هلم أرجوك ،ال تَـعُد تطيل اإلقامة يف مكان واحد .اذهبّ . َ الرائحة تصدر ِّمن بؤرهم...
وُهي يرقص على سوق الزهور ،سريع ،ال َيكن اإلمساك بهُ ،حم ّري يف اككُ .كن مثل ضوء ّ الفرصة إلدر َ
أمس احلاجة ألن تكون حب العامل الذي هو يف ّ خط سريه .افعل ذلك .ليس عن ُجنب ،ولكن بدافع ّ
أيت ساكنة بيت عنيا اجلديدة؟ ّإهنا حيّاً ليتقدَّس .إ ّن الفساد يتفاقم ،فَقابِّل الفساد ابلتقديس ...هل ر َ
...وتُ ِّ
عاود الرؤاي عندما يعود يسوع إىل الشرفة ليتح ّدث إىل الناس اآلتني لسماعه من بيت عنيا
وما ُييط هبا.
«السالم لكم:
حيب وكالم حقد اآلخرين .أعلَم أنّكم أصمت ،فإ ّن رايح هللا حتمل إليكم كلمات ّ
حّت حينما ُ ّ
يف حالة غليان ،إذ إ ّن سبب وجودي بينكم ال َُيفى على أحد .ولكن ال يكن وجودي هذا لغري
الشر إىل ما بني مبنخس له مح
َ ا
ً ه خدم الشر ليسعد أبناءهِّ ،
موج وابركوا معي الرب الذي يست ِّ
الفرحِّ .
ّ َ ّ ُ ّ َ َ ّ
ضعه يف مأمن من الذائب. ِّ
احلمالن ،ليَ َ
«العامل ِّملك لألشرار .واجلنّة ِّملك الصاحلنيّ .إهنا احلقيقة والوعد .وعلى هذا تستند ّقوتكم
ومن يكسبها بصالحه يَغتَبِّط ويَسعد هبا لألبد .وإذن؟ ملاذا اهلادئة .العامل َيضي ويزول ّأما اجلنّة فالَ .
تفجعات الصاحلني تفجعات أيوب؟ لقد َغ َدت ّ االضطراب والقلق ملا يفعله األشرار؟ أتتذ ّكرون ّ
يئن ،ولكن ينبغي له ّأال يئن ،وكلّما ُس ِّحق ابألرجل ،كلّما ارتَـ َف َعت
واملضطَ َهدين األبديّة ،إذ إن اجلسد ّ
الرب.
أجنحة النَّفس يف فرح ّ
هل تظنّوهنم سعداء ،أولئك الذين يبدون كذلك ،أل ّن لديهم ،بشكل مشروع أو غري مشروع،
أكواماً من القمح ،وأقبية ممتلئة ،وزقاقهم مليئة زيتاً؟ ال .فإ ّهنم يَذوقون طعم دم ودموع اآلخرين يف
غذائهم كلّه ،ويبدو هلم سريرهم وقد مألته أشواك العلّيق الذي طاملا التَـ َه َم ُهم بتأنيب الضمري .يسرقون
عرون األيتام ويَ َنهبون القريب ليُك ِّّدسوا ألنفسهم على الدوام ،فيَجورون ويَطغون الفقراء املساكني ويُ ُّ
فرطون يف استعماله «ماذا أقول عن هؤالء البؤساء؟ لقد َمنَ َحهم هللا الوقت للتوبة ،وهم يُ ِّ
حّت حينما يبدو كذلك .بل أتيت حلظة كالصاعقة اليت حتطّم لكن هللا ال ُييد نظره عنهمّ ،
للخطيئة .و ّ
حّت
يصعد م ّد محأهتمّ ، حّت إ ّن ركام خطاايهم ّحب هللا فيها قلبهم القاسي ،أو ّ حّت الصخرُ ،يطّم ّ ّ
ابلتقزز من ذلك الطعم وتلك النتانة اليتُيسون ّ وُيسون -آه! نعم ،وأخرياً ّ تصل أفواههم وأنوفهمّ .
تثري امشئزاز اآلخرين ومتأل قلوهبم -أ ّن حلظة أتيت ،يصيبهم فيها الغثيان ،وتتصاعد فيهم بداية رغبة يف
الفتوة ،عندما كانت نفسي "ومن ذا الذي يساعدين على العودة إىل زمن ّ اخلري .فتصرخ النفس آنئذَ :
كنت أسري يف إشعاعه؟ عندما كان العامل شرق نوره يف قليب و ُ يف حالة الصداقة مع هللا؟ عندما كان يُ ِّ
كل من كان يراين كان يعلن سعاديت؟ كان العامل يَ َنهل فعم إعجاابً ،و ّيَصمت أمام بِّّري وعديل وهو ُم َ
إيل .وما الذي املقربني ّ
ابتساميت ويتقبّل كالمي مثل كالم مالك ،وكان القلب يرتعش زهواً يف صدر ّ
صرت إليه اآلن؟ مصدر سخرية الشباب ومقت الشيوخّ .إهنم يَهجونين ويبصقون احتقارهم يف وجهي". ُ
حقيقي .إذ ما من شقاء
ّ نعم ،هكذا تتكلّم نفس اخلاطئني ،يف بعض األحيان ،وكلّهم أيّوب
أعظم من ذاك ،شقاء َمن فَـ َق َد صداقة هللا وملكوته هنائيّاً .على تلك النفوس أن تَصنع رمحة ،فقط
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 816 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
كنت
األبدي بسبب البطالة أو الطيش" .أثناء الليل ،ويف سريريُ ، ّ الرمحة .فهي قد فَـ َق َدت العروس
حب نفسي ،ومل أكن أجده" .ابلفعل ،ال َيكن متييز العروس يف الظلمات ،والنَّفس تبحث أحبث عن ّ
فتظن
الروحيّ ،ّ ألهنا حماطة ابلظالم
احلب ،وهي غري واعية ّ
نخسها ّوتسعى إلجياد ما َي ّفف عذاهبا ،يَ َ
حب واحد للنَّفس :هللا .متضي تلك النفوس احلب .ال .فليس هناك سوى ّ
أي نوع من ّ ّأهنا جتده يف ّ
ابحلب كعروس .متضي احلب .ويكفي أن تبغي النور يف داخلها وحتظى ّ
حب هللا ابحثة عن ّ اليت ُيثها ّ
لصق ِّ
وتصادف كل أنواع احلب ،كل األمور املن ّفرة اليت ي ِّ احلب على غري هدى،
ُ ّ ّ ّ كاملرضى ،ابحثة عن ّ
احلب هو هللا ،وليس الذهب وال املتعة وال احلب؛ إذ إ ّن ّ
اإلنسان هبا هذا االسم ،ولكنّها ال جتد ّ
السلطان.
أقل كسالً ،لكانت َهبَّت لدى مساعها ّأول اي للمساكني! اي للنفوس املسكينة! فهي لو كانت ّ
األبدي ،لتنطلق إىل هللا الذي يقول” :اتبعين“ .إىل هللا الذي يقول” :افتح يل“. ّ نداء من العروس
ومل تكن لتفتح الباب ابندفاع حبّها املتي ّقظ ،عندما يكون العروس الذي خابت آماله قد أصبَ َح بعيداً،
َّجس ،بقدر ُخمتفياً ...ومل تكن لتفسد هذا االندفاع املق ّدس بتوق إىل احلب وسط وحل يقزز احليوان الن ِّ
ّ ّ ُ
اخزات فقط متزقها ما هو عدمي اجلدوى ومغلّف ابلعلّيق الذي مل يكن يوماً زهراً ،بل إّّنا هو أشواك و ِّ
كل الناس الذين ،على ِّ ِّ
بدل تتوجيها .ومل تكن لتُحتَقر من قبل القائمني على اخلدمة الدينيّة ،من قبَل ّ
سخروا منه
مثال هللا ،إّّنا ألسباب مناقضة ،ال ُييدون النظر عن اخلاطئ ،ويشريون إليه ابلبنان لكي يَ َ
وين ّددوا به.
بكل هدوء.
يهز الناس األوشحة والنخيل إكراماً ليسوع ،مثّ يبتعدون ّ
ّ
الوقِّحة؟»
«أتُراهم رأوا تلك َ
«ال ،اي لعازر ،لقد كانت خلف السياج ،ومتخ ّفية متاماً .كنّا نستطيع رؤيتها من هنا ،من على
الشرفةّ .أما اآلخرون فال».
«ملاذا كان عليها ّأال أتيت؟ أليست هي أيضاً إحدى بنات إبراهيم؟ أريد منكم ،أخوة وتالميذ،
فعل .هل ستَسخر مين؟ دعوها تفعل .هل ستبكي؟ َت دعوها فعل. ةرد ة أبي روهاأبال تُشعِّ
ّ ا
و م أن تُ ِّ
قس
َ ّ ّ
سر الفادي والساعني إىل الفداءَ :ملَ َكة الصرب ستود الفرار؟ دعوها تفعل .إنّه ّ دعوها تفعل .هل ّ
والصالح واملثابرة والصالة .وال شيء أكثر :أيّة حركة قد تكون زائدة ،ال داعي هلا يف كثري من
كل إىل عمله .ولريافقكم هللا.
األمراض ...وداعاً أيّها األصدقاء .إنّين أنفرد للصالةّ .أما أنتم فامضوا ّ
كل شيء.
وينتهي ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
الرعاة)
( -103عيد األنوار يف بيت لعازر مع ُّ
1945 / 03 / 22
ويتوهج أبنوار ال حتصى إ ّن بيت لعازر متألّق أصالًّ .أما هذا املساء فإنّه يتسربَل هباء رائعاًّ ،
أضيئت فيه ،وقد جتلّى وهجها خارجاً ،إذ قد بدأ الليل يرخي سدوله ،واستفاضت ِّمن الغَُرف إىل
حّت كست ابلذهب حجارة الدرب ،والنبااتت واألعشاب الردهة ،ومنها إىل الرواق ،واستطالت ّ
ي،
املاد ّ
األرضيّة ،مشاركة بذلك نور القمر ،بينما هي هتيمن خالل األمتار األوىل بتألّقها األصفر ّ
كل
لنقي الذي يبسطه القمر على ّ الفض ّي ا ّ
كل شيء مالئكيّاً ،متسربالً الثوب ّ وعلى بعد أمتار يصبح ّ
الربكة،حّت الصمت الذي يغلّف احلديقة الرائعة ،حيث ال يسمع سوى نغمات خرير املاء يف ِّ شيءّ .
ُ َ
الفردوسي ،بينما ،قرب املنـزل ،أصوات عديدة فَ ِّر َحة،
ّ يبدو وكأنّه زاد سالم الليلة القمريّة اخلاشع و
بسط على الطاوالت ،ومجيعها مصحوبة مبرح ضوضاء األاثث الذي يوضع يف مكانه ،والشراشف اليت تُ َ
تذ ّكر أب ّن اإلنسان هو اإلنسان ،ومل يُصبِّح بعد روحاً.
البنفسجي ،وتبدو كزهرة ،بل زنبقة أو األمحر بلونه م، تتحرك مرات مسرعة بثوهبا املتألّق و ِّ
احملتش
ّ ّ
أبهنا
تتحرك بني جدران الردهة األرجوانيّة ،أو جدران غرفة الوليمة املزيّنة برسومات صغرية توحي ّ
فراشة ّ
سجادة.
ّ
ظل ُمعتِّم
بتأمل متناوب بني ّيتمشى وحيداً قرب الربكة .يبدو أنّه يستغرق ّ
يسوع ،من جهتهّ ،
الفوسفوري ،الذي يصبح أكثر صفاء .نور المع لدرجة أ ّن تدفّق
ّ تلقيه شجرة غار عمالقة ،ونور القمر
يتكسر بعدئذ إىل شظااي بريق تتساقط لتهيم على سكون سطح فض ّي ّ ماء الربكة يبدو وكأنّه ريش زينة ّ
نصت .ينظُر يسوع وي ِّ
نصت إىل ُهسات املاء يف الليل ،فإ ّن هلا وقعاً الفضي .ينظُر يسوع وي ِّ
ُ َ ُ الربكة ّ ّ
ويرد على نغم قطرات املاء البطيء بصوت مزمارظ بلبالً انئماً على شجرة الغار الكثيفةّ .موسيقيّاً أي َق َ
ك حينما تتح ّدث ننسى أنّنا من األحياء .هل َيكنين أن أقول هذا كلّه للعازر؟ إذ
«ذلك ألنّ َ
يبدو يل أ ّن يف ذلك وعد»...
مروا ِّ
لك أن تقوله .ذلك أنّه َيكن لكلمة الصديق أن تُبلسم جرحهم دون أن َُي ّ «بل ينبغي َ
كنت أحت ّدث إىل مسعان عن النجوم ونسينا ِّ
مين ...لقد جعلناك تنتظرين اي مرات .وذلك ألنّين ُ َخ َجالً ّ
كل هذه األنوار .ح ّقاً إ ّن ِّ
بيتك هو قبّة السماء الليلة»... ّ
أنت أيضاً ومن أجل
أجلك َ
«ليس من أجلنا حنن ومن أجل اخل ّدام فقط أضأان هكذا ،إّّنا من َ
جمليئك يف الليلة األخرية .فاآلن هو العيد ،وابلتحديد التطهري »...كانت
أصدقائك .شكراً َ
َ الضيوف
وص َمتَت.
أحست ابلدموع يف عينيها َ مرات تبغي إكمال احلديث ،ولكنّها ّ
«السالم لكم مجيعاً ».يقول يسوع ،بينما هو يدخل إىل الردهة حيث أضيئت عشرات املصابيح
كل مكان… الفضية ِّ
ووض َعت يف ّّ ُ
لك اي معلّم ،وسنوات عديدة من السعادة املق ّدسة».
يتق ّدم لعازر مبتسماً« :السالم والربكة َ
دت بينما كانت بيت حلم تسطع بعيد أنوار يقبِّالن بعضهما« .لقد روى يل بعض األصدقاء أنّ ِّ
ك ُول ََ ُّ
وهم .أفال تسأل من يكونون؟»
لكونك معنا هذا املساء ،حنن ُ
َ بعيد .وإنّنا لنغتبط
الرعاة الثالثة غري مراتحني .إّّنا إسحق أصبَ َح أكثر اطمئناانً يبدأ األكل .يف البداية ،يبدو ُّ
ويواناثن ال يُبدي انزعاجاً .ولكنّهم كلّما تق ّدم الوقت أثناء الوليمة ،ازدادوا جرأة ،وبعد أن ظلّوا صامتني
أي شيء يتح ّدثون إذا مل يكن عن ذكرايهتم؟ طفقوا يتكلّمون .وعن ّ
«آه! امسعوا أيّها األصدقاء .حنن ال نعرف ّإال القليل ،واطّالعنا يسري .لقد َِّمسعنا َمن يتح ّدث
جليلي وجنّار ...فليس عدالً
ّ عن املالئكة ،وعن املغارة والقطعان يف بيت حلم ...بينما حنن نعلم أنّه
سألت املعلّم يف منطقة املياه احللوة ...إّّنا بعد ذلك حت ّدثنا عن أشياء ِّ
ّأال نكون على علم ،حنن! ولقد ُ
ك يل أان
لك اي يوحنّا بن زبدى .فإ ّن احَتام َأخرى .وهذا الذي يَعلَم َمل يقل يل شيئاً ...نعم ،الكالم َ
أكرب مثل تلميذ حمدود!»
لنفسك ،وتَتكين ُ
َ بكل شيء
ك حتتفظ ّ املسن رائع! ولكنّ َ
ّ
ضحكون ِّمن سخط بطرسّ ،أما هو فيلتفت إىل معلّمه« :إ ّهنم يضحكون ،ولكنّين أان الذي يَ َ
ومّت وتوما ويعقوب وأندراوس« :هيّا ،قولوا ذلك أنتم
يتوجه إىل برتلماوس وفليبّس ّحق ».مثّ ّ
على ّ
احتجوا معي! ملاذا حنن ال نعرف شيئاً؟»
أيضاًّ .
تويف يوان؟ ويف لبنان أين كنتم؟»
«ح ّقاً ...أين كنتم عندما ّ
«أنت على حق ،إّّنا خبصوص يوان ،فأان على األقل ،ظننت ذلك هذاين ُحمتَ ِّ
ضر ،ويف لبنان... ُ ّ َ
كنت تعباً وانئماً .ساحمين اي معلّم ،ولكنّها احلقيقة».
ُ
األقل ،حسب
ك ماسيا ونؤمن به .إّّنا على ّ «نعم ،اي معلّم .لنَعلَم حنن كذلك ...إنّنا نعرف أنّ َ
علي تَقبُّل أن ََي ُرج من الناصرة شيء صاحل ...فلماذا مل تُعلِّمنا على الفور عن
اعتقادي ،كان صعباً ّ
ماضيك؟» يقول برتلماوس.
َ
روحك .إّّنا اآلن فسأح ّدثكم .أو ابألحرى :سوف حن ّدثكم عن َ إَيانك واستنارة
َ «الختبار
الرعاة .وهم َس َريوون ما رأوه .وستعرفون فجر املسيح.
أين سأقول لكم أيضاً ما ال يعرفه ُّ
حّت ّ
ماضيّ .
ّ
امسعوا:
عندما بـَلَ َغ زمان النعمة ،هيّأ هللا لذاته عذراءهَ .يكنكم اإلدراك جيّداً عدم إمكانيّة إقامة هللا
املستقبلي
ّ ض َع إشارته اليت ال ُمتحى .لقد َع ِّملَت القدرة إذن لتصنع اتبوهتا حيث كان الشيطان قد َو َ
طاعنَني ابلسن ،وخبالف قواعد اإلجناب املعتادةُ ،حبِّل ابليت مل تَ ُشبها ابرين ِّ
الطاهر .وبواسطة إنسانَني َّ
ض َع هذه النفس يف اجلسد اجلنيين الذي أعاد اخلصب كل عيبَ .من الذي َو َ شائبة ،وهي بريئة من ّ
كل البشارات. أيت رئيس مالئكة ّ ـت اي ليفي ،لقد ر َ إىل أحشاء حنّة بنت هارون ،العجوز ،ج ّديت؟ أن َ
صر ينقل خرب الفرح للق ّديسني واألنبياء، َيكنك القول :إنّه ذاك .إذ إ ّن قوة هللا جعلَت دائماً املنتَ ِّ
و َ
ََ ّ
املبشر الذي كان حينئذ تكسرت عليه أعظم ّقوة للشيطان ،بصرخة فرح .وهو ّ الذي ال يُقهر ،وقد ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 825 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
َخ َذ من النار اإلهليّة الشرارة الربيئة الطاهرة ،اليت
يعرف طرق األرض ،ألنّه كان قد نَزل ليكلّم األنبياء ،أ َ
الروحيَ ،محَلَها إىل ه حب هليب ،املالئكي اللهب دائرة يف ها إاي ا
ً ظكانت نفس الطفل األزيل ،وحافِّ
ّ ّ ّ ّ ّ
ص َل العامل على العابِّدة؛ ومنذ تلك اللحظة أصبَ َح األرض وإىل داخل أحشاء .ومنذ تلك اللحظةَ ،ح َ
وولِّ َدت الطفلة احملبوبة من هللابتقززُ .
ِّ
يف مقدور هللا النَّظَر إىل نقطة من األرض دون اإلحساس ّ
املكرسة هلل ،احملبوبة من والديها بقداسة" .وقدَّم هابيل هلل بواكري قطيعه" .آه! يف احلقيقة، ومالئكتهَّ ،
كل خرياهتما ،وأن َيوات يف سبيل تقدمي هذه األزيل َعَرفا أ ّن يق ّدما بواكري خرياهتما ،بل ّ
الدي هابيل ّ
إ ّن و ّ
اخلريات ملن كان قد أعطاُها ّإايها!
بقوة
وع َّجلَت جميء املسيح ّ
وحّت اخلامسة عشرةَ ،سن الثالثة ّكانت ّأمي طفلة اهليكل منذ ّ
حبّها .عذراء قبل احلبل هبا ،عذراء يف ظلمة األحشاء ،عذراء يف بداية حياهتا ،عذراء عند خطواهتا
األوىل ،وانتَ َمت العذراء هلل ،هلل وحده .وأعلَنَت ح ّقها األمسى يف قرار شريعة إسرائيل حبصوهلا ،من
العروس الذي َمنَ َحها هللا ّإايه ،على حتقيق رغبتها يف بقائها غري ممسوسة بعد مراسيم زواجها.
وحل الروح القدس على للرب .وليكن يل حبسب قوله"ّ . حينئذ أجابت مرمي" :ها أنذا أ ََمة ّ
األول َمنَ َحها أنواره اليت انتهت بكمال فضائل الصمت والتواضع والفطنة واحملبةّ
عروسه ،ومنذ العناق ّ
اليت امتألت هبا ،ذلك ّأهنا أصبَ َحت واحلكمة واحداً وغري قابلة لالنفصال عن احملبّة والطاعة ،وتالشت
وعَرفَت فرح أن تكون ّأماً دون اخلضوع الضطراابت أن تكون العفيفة يف حميط الطاعة الذي هو أانَ ،
َّمت نفسها هلل»...أزهَر كله ،وهكذا قد َ
أضحت الثلج الذي َممسوسةَ .
«ولكن الزوج؟» سأل بطرس مندهشاً.
«خامت هللا أغلق شفاه مرمي ،ومل يُعلم يوسف ابملعجزة ّإال يف اللحظة اليت ظَ َهَرت فيها مرمي أ ُّماً
يف عيين عروسها أثناء عودهتا من بيت قريبها زكرّاي».
كنت أان»...
«لو ُ
«كان يوسف ق ّديساً اي مسعان بن يوان .وهللا يعرف أين يضع نعمته ...وقد َّ
أتملَ بصمت وقَـَّرر
أتك .فإ ّن
لكن املالك نـََزَل ليقول له" :ال ختف أن تتّخذ مرمي امر َ
متحمالً مسعة الظلم .و ّ
أن َُيليهاّ ،
ص َل شيء صاحل ،إذ قَبل ذلكعاود مسعان بطرس الكالم« .ملا كان َح َ كنت أان »...يُ ِّ
«لو ُ
كنت حطَّمتُها مثل ّ
قشة جافّة ،دون إفساح أين مل أكن أان! فإنّين ُ
رب ،كم كان حسناً ّ كنت ...آه! اي ّ
ُ
خفت منها ...خوف إسرائيل كلّها ،منذُ لكنت
ُ اجملال هلا للكالم .وفيما بعد ،لو مل أكن قاتالً،
الدهور ،حيال اتبوت العهد»...
ب ه ذ اجلبل... على معه وبقي النجدة، على ل ص ح ذلك ومع هللا، ن خاف ِّ
م حّت موسى َ
َ َ َ َ ََ « ّ
اهتم ابحتياجات العذراء واملزمع أن يولَد .وعندما حان
يوسف إذن ليسكن يف بيت عروسه املق ّدس ،و ّ
ب مع مرمي إىل أرض اآلابء ،وبيت حلم مل تقبلهم ،أل ّن قلب الناس قد أُقفل يف موعد االكتتاب ،ذَ َه َ
وجه احملبّة .واآلن جاء دوركم يف الكالم».
ِّ
قابلت ،حوايل املساء ،امرأة شابّة ابمسة ،راكبة على جحش ،ويرافقها رجل .سألين قليالً «أان ُ
كنت أعرفه ...مثّ أقبَ َل الليل ...وكان نور عظيم... وقلت له ما ُمن احلليب وبعض املعلوماتُ .
وخَرجنا ...ورأى ليفي مالكاً قرب احلظرية .قال املالك" :لقد ُولِّد ال ُـمخلِّّص" .كان الليل يف أوجه،
َ
اضمحل يف نور املالك ،وآالف آالف املالئكة( ...مازال
َّ لكن نور تلك الليلة
تعج ابلنجوم .و ّ
والسماء ّ
أيلي يبكي كلما تذ ّكر) وقال لنا املالك" :اذهبوا واسجدوا له .إنّه يف إسطبل ،يف مذود ...وهناك
مقمطاً أبقماط فقرية "...آه! كم كان املالك يتألأل لدى قوله تلك الكلمات!... ستجدون طفالً وليداً ّ
«ابلفعل مل تفارقوين».
كنت تنمو...
ابتسامتكَ ...
َ صوتك و
َ اتك طُبِّ َعت فينا ،وكذلك
«حقيقي» يقول يواناثن« .قسم َ
بك ...وعامل األشرار كان
سعد َكنت تصبح أكثر فأكثر مجاالً ...وكان عامل الصاحلني أييت ليَ َ
و َ
اتك األوىل ...احلكماء الثالثة ...النجمة»...
يتحاشاك ...حنّة ...خطو َ
َ
امك؟»
رب مل َجت ُرب قَلب خ ّد َ
«ملاذا اي ّ
أنت ترى أن زكرّاي
«أتسأل عن اللّماذا اي فليبّس؟ أل ّن تصرفاً كهذا كان على سبيل احلَ َذرَ .
حّت زكرّاي»...
الروحي قد اكتَ َم َل ،مل يشأ أن يكشف النقابّ .
ّ نفسه الذي كان إعداده
أقل رجولة وأكثر ّبراً أثناء أشهر البكم ابراً ،رجالً بكل معىن الكلمة .وأصبَ َح ّ «كان زكراي ّ
ابراً.
(اخلََرس) التسعة ،وسعى حنو الكمال خالل األشهر اليت تَـلَت والدة يوحنّا ،ولكنّه أصبَ َح روحاً ّ
حينما َوقَ َع تكذيب هللا على كربايء اإلنسان .كان قد قال" :أان كاهن هللا أقول إ ّن على ال ُـمخلِّّص أن
حّت ولو كان من كاهن ،إذا مل يكن مناراً من هللا ،هو أي ُحكمّ ، أظهَر له هللا أ ّن ّ
ُييا يف بيت حلم" .و َ
مت لكان من املمكن جعلهم ِّ
كنت تكلّ ُ
حكم هزيل ،وذلك كان عن طريق َجعله يُف ّكر برعب" :لو ُ
يقتلون يسوع" .وأصبَ َح زكرّاي البار الذي يسَتيح اآلن يف انتظار اجلنّة .ولقد َعلَّمتُه الربارة الفطنة واحملبّة،
يظل جاهالً يسوع .عندما تو ّجهنا إىل الرعاة ،والفطنة حيال العامل الذي كان عليه أن ّ احملبّة حيال ُّ
توجه زكرّاي ،حتاشينا اخلليل وبيت حلم ،وقد ِّ
الناصرة بعد العودة إىل الوطن ،ابحليطة ذاهتا اليت كانت ّ
سن الرشد ،مل يكن ممكناً أن يُرى زكرّاي أييت حلضور حّت يوم بلوغي ّعُدان إىل اجلليل مبحاذاة البحرّ .
االحتفال والعودة مساء مع ابنه.
كان هللا يرى ،وكان هللا يُثبِّّت ،وكان هللا يُدبِّّر ،وكان هللا ُُي ِّّسن .فامتالك هللا ليس امتالك الفرح
اجلاد ،وكذلك ّأمي ،حيال نفسيفقط ،بل هو امتالك اجل ّد كذلك .وكان لدى أيب احلنون السعي ّ
لظل .وهذا ِّ
السر جملّالً املسيح الطفل اب ّ
حّت إ ّن ما كان مسموحاً به ،كنّا نتحاشاه ليبقى ّ وجسديّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 830 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
ربت اتئهاً مل ّدة ِّ
ما يـُ َف ّسر لكثري من الناس الذين ال يدركون السبب املضاعف للّهفة والقلق عندما اعتُ ُ
وحب أبويّ حيال طفل ضائع؛ خوف حرّاس ماسيا الذي كان ممكناً أن حب أموميّ ّ ثالثة ّأايمّ .
يُفتَضح أمره قبل األوان؛ الذعر من اإلخفاق يف محاية خالص العامل وعطي ـّـة هللا العظمى؛ ذاك هو
عنك متلهّفني!"
أبوك كنّا نبحث َ ـعت بنا ذلك؟ فأان و َ
بين ،ملَ صنـ َ
الدافع للص ــرخة غري املألوفة" :ي ــا ّ
عين؟ أال تَعلَمان
املتجسد .واإلجابة الواثقة" :ملاذا تبحثان ّّ ك ...ويتـ ـ ّـم سـ ـ ــَت ب ـ ـريــق الكلمةابوكّ ،أم َ
َ
أدرَكْتها املمتلئة نعمة مبا تعنيه ،أي" :ال ختافا. ِّ
أنّه ينبغي يل أن أكون يف ما هو أليب؟" إجابة قَبلَْتها و َ
كنت حسب اإلنسانيّة أّنو ابجلسم واحلكمة والنعمة يف عيون الناس ،فأان إنّين صغري ،طفل .ولكن إذا ُ
أتصرف إبتقان .خادماً اآلب ليسطع نوره ،خادماً اآلب ابحلفاظ الكامل كوين ابن اآلب ،وأعرف أن ّ
حّت قبل سنة من اآلن. ِّ
أتصرف ّ
كنت ّ على ال ُـمخلّص" .وهكذا ُ
لقد آن األوان يف الوقت احلاضر ،ونُِّز َعت احلُ ُجب .وابن يوسف يظهر بطبيعته :ماسيا البشرى
احلسنة ،ال ُـمخلِّّص ،الفادي ،ملك الدهر اآليت».
رغبت يف أن أعتمد».
«يف األردن فقط ،عزيزي يوحنّا ،عندما ُ
«بشكل مل تكن تَعلَم معه أ ّن زكرّاي قد أسدى خدمة هلؤالء؟»
قلت لكم :بعد َمحَّام الدم الربيء ،األبرار أصبَحوا ق ّديسني ،والناس أصبحوا أبراراً .فقط
«لقد ُ
الشياطني ظلّوا على ما ُهم عليه .وزكرّاي تعلَّ َم تقديس ذاته ابلتواضع واحملبّة والفطنة والصمت».
يَنظُر يسوع إىل بطرس ويبتسم ،مثّ يَ َنهض ويُقبِّّل رأسه الذي َيطّه الشيب.
ك».
لت الروح الذي نَطَ َق في َ
أنت تنطق امسي .ولقد قَـبَّ ُ
كنت نبيّاً .سوف متوت و َ
ك َ «ألنّ َ
يرددونه بعده« :اهنَضوا
ومدو ،واجلميع يف وضعيّة الوقوفّ ، قوي ٍّ مثّ يتلو يسوع مزموراً بصوت ّ
أنت وابركوا الرب إهلكمِّ ،
ِّ
كل بركةَ .ّ و مديح بكل
ّ د املمج
ّ العظيم امسه ا
ً ك
مبار فليكن دهر. إىل دهر نم ّ
كل ما حتوي ...إخل»كل جيشها .األرض و ّ عت السماء ،ومساء السماوات و ّ صنَ َالرب .لقد َ
وحدك َّ
ففتحت الكتاب املقدس ،فتحتُه ال على التعيني ،فقط ُ وجدت نفسي يف فَتة راحة منذ ثالثة أايم،ُ
الرب يتكلّم« :أليس ِّ ِّ
لكي أقرأ شيئاً يكون َكل َمة من عند هللا .فأقع على املقاطع 31-25من املزمور ّ .17
بكل ِّ
كنت فيه ،من جهيت ،أحبّك ّ ذاتك؟ كان وقتُ ، َيكنك قوله عن ِّ ِّ ِّمن احملتمل أن يكون هذا هو ما
كنت تستطيعينه .ابلفعلِّ ،
كنت تف ّكرين يب أنت مل تكوين حتبّينين بكل الكمال الذي ِّ الكمال املمكن ،إ ّّنا ِّ
ّ
قلبك ،إ ّّنا كانت هناك عواطف أكثر قوة من تلك اليت ِّ
كنت متنحينين ّإايها .لذلك مل تكوين أهالً يف أعماق ِّ
ّ
َتر ِّ
جت من املدرسة الداخليّة معطّرة ابهلل، أكافئك .هل تذكرين ذلك الوقت؟ ّأما أان فأتذ ّكرهِّ .
كنت قد َّ ِّ ألن
تك .مّت اخَت ِّ
تك أان؟ كنت أان ،آنذاك ،قد اخَت ِّ
كما إحدى العذارى يف اهليكل ،معطّرة ببخور الطقوس .و ُ
بشري ال ُخيفى عن أي مصري ِّ ِّ
ّ نفسك ،ذلك أ ّن ّ هل تو ّدين أن تَعلَمي؟ يف احلقيقة ،كان ذلك يوم ُخل َقت ُ
والدتك البائسة ،وتلك اليت ر ِّ
افقتك ِّ ولكن مرمي الصغرية ُح ِّفظَت يف احلياة إبراديت ،رغم ظروف
األزيلّ .الفكر ّ
أضحت يل عندما اهنَ َم َرت أوىل دموعها لدى رؤييت انزالً من ِّ
رضع ،تلك الصغرية َ وأنت بعد مالك صغري يَ َ
فما من شيء يزيل آالم جراحه سوى شفاه األطفال الصغار ،األطفال الصغار بسنّهم أو الذين
يوافقون على أن يكونوا كذلك ،فأولئك الذين ،حببّهم وطاعتهم للمعلّم "يُصبِّحون شبيهني ابألطفال الصغار
لينالوا ملكوت السماوات" ،هبجة هللا هي مرمي ،األم العذراء ،وهي الطفلة الصغرية الكاملة ،اليت تتمتّع
ابلغبطة يف ملكوت السماوات .إ ّن نفوس البالغني املتمتّعة "ابلطفولة الصغرية" اندرة ندرة اجلواهر املستديرة
متاماً ،ذات احلجم املدهش .بينما األطفال الصغار بسنّهم ،لديهم مجيعاً هذه النَّفس ،حيث ال تكون بعد
فكل دمعة بريئة ِّ ِّ ِّ
ست ،وهي تُش ّكل هبجة هللا وتعزية املسيح .واالبن قد أرادك منذ تلك اللحظةّ . قد ُدنّ َ
اإلهلي .ليس خطأ النظر إىل الوراء ِّ ِّ
احلب ّ كل نعمة َج َعلَتك َُتطَبني إىل ّ
كل قبلة نعمة ،و ّ
ساوت قبلة له ،و ّ
منك َ
ِّ
إبمكانك إنشادها إىل حني من أجل إنشاد "تُعظّم نفسي" و"ارمحين اي هللا"ّ .أما "تُعظّم نفسي" فقد كان
وحب وحيد .ففي الكأس ِّ ِّ ِّ ِّ
خروجك من املدرسة الداخليّة .فقد كنت أبكملك هلل .هيكل وحيد يف داخلك ّ
واألشعة اإلهليّة .مثّ أتى العامل ومعه
ّ السماوي
ّ كانت الزنبقة شبه املتفتّحة اليت مل تكن ممتلئة سوى ابلندى
صبوا مكاين .وظلّوا ابلقدر الذي ارتضيتُه أان.
للحب ،وقد اغتَ َ
ّ هياكل كثرية وأنواع أخرى كثرية
كان ابستطاعيت أيضاً ّأال أريد .سيكون هناك َمن يقول" :كانت جتربة خطرية" .ال بل كانت ضروريّة.
كل فروع اإلنسانيّة اليت
هيمنَت الفوقيّة يف ّالر ُسل ابرتدادهم عن املسيح .ويف تلك اللحظةَ ، ض َع ُّ لقد اتَّ َ
أدركوا ِّ َّ ِّ
وه َّزهم وأاثرهم .حينذاك َ
كل ما من شأنه جعل اإلنسان يضطربَ ، أُفس َدت ،وَمتَل َكهم ،من جديدّ ،
وس ِّحق ِّ
ّأهنم يف اجملال الذي أضحوا فيه ُخمتَلفني ،مل يكن ذلك حملض استحقاقهم ،إ ّّنا بفعل كوهنم مع يسوعُ .
اخلاص ،لكي ال لكل املختارين ،نظراً ملصريهم ِّ ِّ
ّ فيهم الكربايء ُمفسد اإلنسان .من الضروري أن َُي ُدث هذا ّ
فيك ،الواحد تلو اآلخر .وعاد ِّ
إهلك ط الذين اغتَصبوا مكاين ِّ حيب .ولقد َس َق َ
َ خيسروا دعوهتم خبسارهتم ّ
بتوبتك احلكيمة .واآلن اي ابنيت ،انظري إىل املاضي واحلاضر. ِّ ك الذي رتَّ ِّ
لت له" :ارمحين اي هللا". وحده ملِّ َك ِّ
َ
ك ،وانظري إىل الوقت احلايل حيث ،من جديد ،مل ك املتع ّدد ،لإلنسان والعلوم ولِّذاتِّ ِّ انظري إىل زمن حب ِّ
ّ
بسماعك ّإايه وحده فقط ،فليس سوىِّ ِّ
بروحك، حيب .وقويل يل ،قويل يل ذلك ِّ
حب وحيدّ ، يعد لك سوى ّ
كل شيء؟ ِّ ِّ ِّ
النَّفس ،صوهتا صادق ومثني .أليس لديك ك ّل شيء اآلن؟ منذ أصبَحت يل ،أمل يصبح لديك ّ
ِّ
نفسك اليت ترى بعينيها هي، ولكن
صحة ،وال فرح ،وال رفاهيّة"ّ . سوف يقول األغبياء" :ال شيء لديها! ال ّ
أثناء كتابيت ،يضاء النور الذي ينار دائماً أمام يسوع .النجمة الصغرية اليت تلمع مع قليب هي أمام
مر عام على انطفائها ...زنزانيت ،اتبوت عهدي ،فردوسي مل يعد فيه نور .وهذا ما
يسوعي املصلوب .فلقد ّ
قسوتك :ظُلُمات
َ كل شيء من
حبك ،إ ّّنا كذلك ،على ّ
كل شيء من َ
حصلت على ّ
ُ كان يؤملين كثرياً ...لقد
ب صدفة من ابنك (ماراي تتكلم مع اآلب) "جحيماً"ُ ...
بقيت مثل عصفور َه َر َ ووحدة وأيضاً ما أمساه َ
رمحتك ريب...
َ كل صوب ِّشبَاكاً وأقفاصاً وتعذيباً... ِّ
ُمع ّذبيه .إنّين خائفة ...فإنّين أرى من ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 04 / 15
قفر .الوقت جيتاز يسوع مع تالميذه حقول منطقة املياه احللوة الـمنب ِّسطة .اليوم ُمم ِّطر واملكان م ِّ
ُ َُ
ظهر ،بني الفينة والفينة ،من وراء ستار الغيوم الرماديّة، هو الظهرية ،ذلك أن طيف الشمس الذي يَ َ
يوطي ،ويكلّفه ابلذهاب إىل البلدة لشراء ما ال ب ّد منه. عمودايً .يسوع يتح ّدث إىل االسخر ّ
ّ يهبط
وعندما يبقى وحيداً يلحق به أندراوس ،وخبَ َجله املعهود ،يقول بتؤدة« :هل تسمعين اي معلّم؟»
«نعم ،تعال معي ،ولنَ ِّسر ».ويُطيل مدى خطواته يتبعه الرسول ،تفصلهما عن اآلخرين بضعة
أمتار.
َيف!»
أنت تقول ذلك؟ آه! إ ّن أملي ّ
« َ
كنت
يك .مثّ ،إن ُ يَنظُر إليه أندراوس بعينيه الكستناويّتني ويقول« :يكفيين أن أَعلَم ّأهنا أتت إل َ
الضروري أن اعرفه أان.
ّ أنت ،وليس من ستتصرف؟ فهذا تعرفه َ
ّ أي آخر فماذا يضري؟ ّأما كيف أان أو ٌّ
إنّين أكتفي مبا تؤّكِّده يل ،وأان سعيد به».
ودي جيعل أندراوس يَنتَشي .ويتكلّم وهو َُيّرر يسوع يده خلف كتفيه ،ويسحبه إليه يف عناق ّ
حياتك وحياة
َ فأنت ترى ،اي صديقي ،أ ّن
احلقيقيَ .
ّ الرسول
ممسك به هبذا الشكل« :تلك هي مزيّة َّ
الر ُسل املستقبليّني ستكون هكذا على الدوام .ستَعرفون أحياانً أنّكم ”خملِّّصون“ .ولكن ،يف أغلب ُّ
األحيان ،ستخلِّّصون ،دون علم منكم ،األشخاص الذين كنتم تتمنّون خالصهم ابألكثر .ويف السماء
األزيل ،أولئك الذين كنتم ستخلِّّصوهنم .وفرحكم
فقط سَتوهنم آتني ملالقاتكم أو الصعود إىل امللكوت ّ
كل شخص خملَّص .وأحياانً تعرفون ذلك على األرض .وتلك هي ّ
املسرات اليت كطوابويّني يزداد مع ّ
ألبث فيكم نشاطاً وحيويّة أعظم لغزوات أخرى .ولكن طوىب للكاهن الذي لن ُيتاج أمنحكم ّإايها ّ
يغتم لعدم رؤيته االنتصارات ،وال يقول" :لن حمرض كهذا لكي يقوم أبداء واجبه! طوىب ملن ال ّ إىل ِّّ
أفعل شيئاً بعد اآلن ،ألنّين ال أانل الرضى" .إن إشباع رغبة الرسول اليت تُعتََرب التشجيع الوحيد يف
دين مستوى الرسالة اليت هي أمر روحاينّ إىل مستوى بشري الرسويل ،ويُ ّ
ّ ينم عن غياب التأهيل
العملّ ،
للرب
اعتيادي .وجيب عدم الوقوع مطلقاً يف وثنيّة الكهنوت .فليس لكم أن تُعبَدوا أنتم ،بل العبادة ّّ
إهلكم هي .له وحده جمد الذين قد ُخلِّّصوا .وعليكم أنتم العمل من أجل اخلالص ،يف انتظار جمد
كنت تقول يل إ ّن الوكيل رآهاِّ .
ارو يل». ِّ
ك َ كونكم "خملّصني" ،يف زمن السماء .ولكنّ َ
وطبيعي ّأهنم مل َِّجيدوان .داروا
ّ عنك.
الفريسيّون يبحثون َ«يف اليوم الثالث ،بعد مغادرتنا ،أتى ّ
لكن أحداً مل يص ّدق ذلك .فنـزلوا يف الفندق، و . لرؤيتك فون تله ِّ
متظاهرين ّأهنم م ِّّ البلدة وبيوت القرية
ّ َ
حبجة أ ّهنم مل يكونوا يريدون احتكاكاً بغرابء جمهولني قد يُدنِّّسوهنم .وكانوا
ّ نزالئه، مجيع ن بعدما أخلوه ِّ
م
«ال».
تضل؟»
«ال؟ َمل َمتُت؟ مل ّ
َضحت مغفرة خلطاايها .وإذا ماتت فستكون قد غُ ِّفر هلاّ ،
ألهنا َحبَثَت عن «رغبتها يف الفداء أ َ
احلقِّ ،
ساحقة اخلطيئة بقدميها .ولكنّها مل َمتتّ .إهنا تتسلّق املراقي األوىل جلبل الفداء .أراها ...منحنية ّ
َيف .أراها .إ ّهنا يف طريقها للقاء ِّ
لكن حمنتها تزيدها ّقوة ابطّراد ،بينما محلها ّ حتت دموع الندامة ،و ّ
الشمس .وعندما تَصعد املرتقى كلّه ،ستصبح يف جمد هللا -الشمسّ .إهنا ترتقي ...فساعدها
بصالتك».
َ
«آه! ريب!» يكاد يكون أندراوس مذهوالً إلمكانيّة مساعدته نفساً على اخلالص.
س؟ »
«ولكن ما به؟» يسأل بطرس« .هل أصابه َم ّ
يوطي إىل مسافة قريبة منهم ،ويهتف وهو يلهث: ر االسخ لصالرد ،ي ِّ
ّ قبل أن يتم ّكن أحد من ّ َ
فخ ...آه! اي هلم من جبناء! »...ويركض. ذهابك إىل البيت ...هناك ّ َ «توقّف اي معلّم .امسعين قبل
فالفريسيّون يف البلدة ،وأيتون إىل يلحق ابجملموعة« :اي معلّم ،مل يعد إبمكاننا الذهاب إىل هناك! ّ
عنكَ .ييفوهنم حبرماانت إليكُ .هم يَطردون الذين أيتون للبحث َ ينتظرونك ليُسيئوا َ
َ كل يومّ .إهنم
البيت ّ
وهامجَين،
وعملك دون جدوى ...فلقد رآين أحدهم َ َ أنت مضطَ َهد، فظيعة .ماذا تريد أن تفعل؟ فهنا َ
إنّه عجوز ذميم ،ذو أنف ضخم ،وهو يعرفين ألنّه أحد ال َكتَـبَة يف اهليكل .فهناك َكتَـبَة كذلك .لقد
ومخَ َشين كثرياً ،انظر...
هامجَين ،وهو َيمشين ويشتمين بصوته الذي يشبه صوت الصقر .لقد َشتَ َمين َ َ
اغتابك
َ (ويشري إىل زند وخد تظهر عليهما بوضوح آاثر األظافر) وقد تَـَركتُه يفعل .ولكن حينما
أمسكت خبناقه»...
ُ
«ولكن اي يهوذا!» يصرخ يسوع.
حق».
«يهوذا على ّ
« ّإهنم كالضباع ،يَِّقفون ابملرصاد!»
ساعدتك».
َ كنت
كنت َولَداً شجاعاً؟ ومن املؤسف أنّين مل أكن هناكُ .
أنك َ
«إّّنا هل تَعلَم َ
كنت هناك لكان ذاك الصقر الصغري فَـ َقد ريشه وصوته لألبد».
ك َ «آه! اي بطرس! لو إنّ َ
فعلتك لآلخر؟»
َ معك ...لكي ال تُ ِّ
كمل «ولكن ما الذي جرى َ
لست أدري من أيّة أعماق من القلب" :املعلّم
«لكن ...كأنّه الربق يف روحي .ر َاوَدتين فكرةُ ،
إيل ضربة أكثر عنفاً من الصدمة اليت َّ
تلقيتُها من اجلدار الذي فت .وهذا ما َو َّجهَ ّ
يدين العنف" ،وتوقّ ُ
القوة
هامجَين .وأصبَ َحت أعصايب شبه حمطّمة ...لدرجة أن مل تعد يل ّ ص َد َمين به الكاتب عندما َ
َ
للضرب .ما أقسى السيطرة على الذات!»...
أيك؟» بطرس سعيد للغاية من كنت شجاعاً! أليس كذلك اي معلّم؟ أفال تُ ِّّ
عرب عن ر َ «ابحلقيقةَ ،
تصرف يهوذا ،لدرجة أنّه مل يلحظ تب ّدل وجه يسوع الذي ،بعد أن كان ُمش ِّرقاً ،أصبَ َح عابساً ،ونظرته ّ
حّت بدا فمه أكثر نعومة.
مظلمة ،وقد َّزم شفتيه ّ
فهم فاقِّدوتصرفات اليهودُ .
أتقزز من طريقة تفكريكم ،أكثر من ّ مثّ فَـتَ َح فاه ليقول« :أقول إنّين ّ
مهمون احلظوةََ ،يكثون يف الظلماتّ .أما أنتم الذين مع النور ،فإنكم قساة ُِّحمبّون لالنتقامُ ،م َه ِّ
وعنيفون ،وتؤيّدون الشراسة مثلهم .أقول لكم إنّكم تُثبِّتون يل على الدوام أنّكم ما زلتم كما كنتم عندما
الفريسيّني فإنّكم تَعلَمون أ ّن يسوع املسيح ال للمرة األوىل .وهذا ما يؤملينّ .أما خبصوص ّ
التقيتُ ُكم ّ
أتوصل ِّ
لست جباانً .وعندما أحت ّدث إليهم وال ّ فانسحبوا ،وسوف أواجههم أان .فأان ُ هرب .و ّأما أنتم َ يَ ُ
هم» يُتمتِّم
ضَر إىل الباب جمموعة أشخاص« .ها ُ
ّإهنم على وشك تناول الطعام عندما َح َ
يوطي.
االسخر ّ
لكن
اجعون للحظة .و ّ
يَ َنهض يسوع على الفور ويذهب إليهم .إنّه َمهيب لدرجة أ ّن اجملموعة يَت َ
حتيّة يسوع تطمئنهم« :السالم معكم ،ماذا تريدون؟»
كل شيء ،ويُبلِّّغونه ابستعالء« :ابسم الشريعة املقدَّسة، حينئذ اعتَـ َق َد اجلبناء ّأهنم جيرؤون على ّ
فسد مدن اليهوديّة الساكِّنة.
أنمرك مبغادرة املكان .أنت اي من يبلبِّل الضمائر وين ُقض الشريعة ،اي من تُ ِّ
َ َ َ َ ُ َ
عمد يف األردن وحتمي العاهرات؟ اخرج ِّمن أال ختاف ِّمن عقاب السماء ،أنت اي من تُقلِّّد البار وتُ ِّ
ّ ّ َ َ
ك من سور املدينة املق ّدسة بعد». يدنو ّن نـَ َف ُس َ
أرض اليهوديّة املق ّدسة! فال َ
شرير .بل إنّين أُعلِّّم كرايب ،وأشفي كصانع للمعجزات ،وأطرد الشياطني
أبي عمل ّ
«أان ال أقوم ّ
كل هذه الفئات موجودة أيضاً يف اليهوديّة .وهللا الذي يريدهم جيعلكم الشريرة .و ّ
كطارد لألرواح ّ
حتَتموهنم وجتلّوهنم .وأان ال أطلب اإلجالل .بل أطلب منكم فقط أن تَتكوين أفعل اخلري ألولئك الذين
لديهم عاهة يف جسدهم أو يف رأسهم أو يف روحهم .فلماذا متنعونين من ذلك؟»
«ولكن هل هذا البيت لكم؟» يسأل بطرس الذي جاء إىل جانب معلّمه وقد بدا مثرياً للقلق.
الفريسيّون.
مكانك .وامسَعوا أنتم أيّها الكتبة و ّ
َ أنت اي بطرس ،عُد إىل «اصمت اي يهوذا .و َ
ُدرك منطقكم اربوا كلمة هللا .تعالوا إيل ،فأان ال أكرهكم .أ ِّ
فلمصلحتكم ورمحة بنفسكم ،أرجوكم ّأال ُحت ِّ
ّ
أود لو أنقلكم إىل منطق جديد ،مقدَّس ،قادر على تقديسكم وإيصالكم إىل السماء. وأرثي له .ولكنّين ّ
أتيت .إنّين أمحلكم ِّ
أتيت ألُخلّصكم .ألجل هذا ُ أتيت حملاربتكم؟ آه! ال! لقد ُ إّّنا هل تعتقدون أنّين ُ
التفهم ،ابلضبط ألنّكم األكثر ِّحكمة يف إسرائيل ،ينبغي لكم إدراك احلب و ّ
يف قليب .وأطلب منكم ّ
كبيت؟
احلقيقة أكثر من اجلميع .كونوا روحاً وليس جسداً .هل تريدون أن أرجوكم وأان أجثو على ر ّ
هامة لدرجة أنّين أضع ذايت حتت أقدامكم ألرحبها للسماء ،وأان متأ ّكد أ ّن الرهان هو نفسكم ،وهي ّ
اآلب لن ينظر إىل تواضعي هذا على أنّه خطأ .تكلّموا! قولوا يل كلمة أان أنتظرها!»
يرفع يسوع وجهه ويقول« :ليس من أجلي أبكي بل من أجلهم ُهم ،الذين يَقتُلون نفوسهم
كل دعوة».
صامني آذاهنم عن ّ
ّ
«ماذا سنفعل اي رب؟» يسأل يعقوب اآلخر.
رب؟»
«أوليس اليوم اي ّ
«ال .ينبغي يل إلقاء التحيّة على الصاحلني هنا .وأنتم سوف أتتون معي».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 04 / 16
اقبت تلك املرأة خاللريب ،مل أقُم بغري واجيب جتاه هللا وجتاه معلّمي ،وجتاه ضمريي .فلقد ر ُ «ّ
لدي ،وقد وجد ُهتا نزيهة ،شريفة على الدوام .إذا كانت فيما مضى خاطئة، الفَتة اليت كانت فيها ضيفة ّ
وهم
ماض َحمَْتهُ هي وألغته؟ يل أبناء شبابُ ، علي النبش يف ٍ
فهي مل تعد كذلك اآلن .ملاذا إذن يتحتّم َّ
ليسوا َجلِّفني .وهي مل تكشف قط عن وجهها اجلميل ح ّقاً ،وال أمسَ َعت أحداً صوهتا .أستطيع القول
صَر َخت بسبب جرحها .خبالف ذلك ،فإ ّن األشياء القليلة اليت مسعت صوهتا الرانن ّإال حينما َ
إنّين ما ُ
حّت ِّ
مين أو من زوجيت ،وكانت هتمس ُهساً من خلف الوشاح ،وبنعومة فائقةّ ، كانت تطلبها ،فدائماً ّ
إنّنا كنا جند صعوبة يف إدراك طَلَبها .انظر كم كانت كذلك َح ِّذ َرة فَ ِّطنَة .فهي حينما َخ ِّشيَت من
كنت قد وعد ُهتا ابلدفاع عنها ومساعدهتا، انصَرفَت ...و ُ
إمكانيّة التسبّب ابلضرر يل بوجودها هناَ ،
يتصرفن هكذا! سوف أصلّي من أجلها كما طَلَبَت، الضاالت ال ّ
تستغل ذلك .ال ،فالنساء ّ ّ ولكنّها مل
ص َدقات ملنفعتها الروحيّة .فالصدقات لو ُوِّّزعت حّت بدون ذلك التذكار .خذه اي سيّد .اجعل منه َ بل ّ
بكل أتكيد سبب سالم هلا».
أنت ،فستكون ّ يقك َعن طر َ
بكل احَتام .إنّه رجل وسيم ،ذو وجه فاضل وجسم ضخم .خلفه يتح ّدث الوكيل إىل يسوع ّ
ستّة شباب يُشبِّهون والدهم ،ستّة وجوه صافية وذكيّة ،وكذلك الزوجة ،هي امرأة انعمة ولطيفة ج ّداً،
كأهنا تستمع إىل آهلة ،غري متوقّفة عن التأكيد إبشارات من رأسها.
وهي تستمع إىل زوجها و ّ
الذهيب ،ويعطيه لبطرس قائالً« :ألجل الفقراء ».مثّ يعود فيلتفت إىل الوكيل:
ّ أيخذ يسوع السوار
الشر ،وتَـتَّبِّع ك حكيم ألنّ َ ِّ
ك ُمتيّز اخلري من ّ أنت فإنّ َ
«ال يتمتّع مجيع من يف إسرائيل ابالستقامةّ .أما َ
وبيتك .حافِّظواوزوجتك َ
َ وبنيك
كك َ األزيل أابر َ
اخلري دوّنا إقامة وزن للمنفعة البشريّة .فباسم اآلب ّ
الرب معكم وتنالون احلياة األبديّة .اآلن أان أنصرف. فيظل ّ
احلايلّ ،
الروحي ّ
ّ على الدوام على وضعكم
"حمرومون"».
«ال .ولكنّنا ابلنسبة هلم َ
هتتم لذلك؟»
«آه! دعهم يفعلون! هل ّ
يهمين غري الذي يريده املعلّم .حتاشي العنف .وهم الذين يعرفون ذلك
«أان ليس يل ما ّ
يوطي ِّ
يستغلّونه ».يُتمتم بطرس .وهو يعتقد ،ابلتأكيد ،أ ّن يسوع الذي يتح ّدث مع مسعان واالسخر ّ
ال يسمعه.
صر ابلعنف؟ ولكنّهولكن يسوع يسمع .ويلتفت نصف عابس ونصف مبتسم« .هل تظنّين أنتَ ِّ
َ َ ّ
تستمر اهليبة
ّ بشري ،وال ََي ُدم ّإال لفَتة حم ّددة ،وألجل حتقيق انتصارات بشريّة .كم من الزمن
تصرف ّ ّ
والشهرة؟ الزمن الذي تَنتُج فيه من ذاهتا ،لدى اخلاضعني هلا ،تفاعالت ،لو اجتَ َم َعت ألنتَ َجت عنفاً
مرة
هائالً يطرح اهليبة والشهرة أرضاً .وأان ال أبغي مملكة زمنيّة .أريد مملكة أبديّة :ملكوت السماء .كم ّ
دركون؟ نعم ،سوف أتيت حلظة تفهمون فيها». قلت لكم ذلك؟ وكم مرة علي أن أقوله لكم؟ هل ستُ ِّ ُ
ّ ّ
أقل جهالً ».يقول بطرس.
متعجل لإلدراك ألُصبح ّ
ريب؟ إنّين ّ
«مّتّ ،
طحنون مثل احلبّة بني حجري األمل والندامة .سوف تتم ّكنون ،بل ينبغي لكم«مّت؟ عندما تُ َ
حراً .وأنتم ِّ
أن تُدركوا مسبقاً .ولكن من أجل ذلك عليكم حتطيم الطبيعة البشريّة فيكم ،وإبقاء الروح ّ
«ولكن ،أمل يكن من األيسر إعالم رئيس الكنيس أن أييت إىل الوكيل ،أو انتظاران على الطريق
العامة؟»
ّ
ابحلري كان ذلك أيسر لنا، أو ،ال
ً سه يكن مل اّن
ّ إ توما! اي حذر رجل ن لك اليوم ِّ
م «آه! اي َ
ّ
َظهَر بطولة حيايل ،ولقد ُشتم يف بيته بسبيب .ومن العدل أن أذهب أان إىل
إّّنا ليس عدالً .فهو قد أ َ
بيته ألواسيه».
هي ذي البلدة ،ولكنّها بلدة ريفيّة ،بيوهتا وسط البساتني العارية حاليّاً ،وفيها الكثري من حظائر
كل اجلهات ثغاء القطعان ،وهي تصعد فَتض أن تكون مكاانً مناسباً للرعي ،فإنّين أمسع من ّ النعاج .يُ ََ
إىل اهلضبة أو تنـزل منها .وكالعادة ،تتقاطع الطرقات لتش ّكل ساحة القرية ذات الينبوع ،وهناك يقع
بيت رئيس الكنيس.
الرب يتملّكها
امرأة عجوز ،تَفتَح ،وآاثر الدموع ظاهرة على وجهها .ومع ذلك ،فلدى رؤيتها ّ
الفرح وجتثو لتباركه.
ألودعكم .أين ِّ
ابنك؟» جئت ّاألم .لقد ُ
«اهنضي أيّتها ّ
أتيت لتواسيه؟ فأان غري قادرة على
«إنّه هناك »...وتشري إىل غرفة يف صدر البيت« .وهل َ
ذلك»...
عين؟»
«هو إذن حزين؟ هل يتأ ّمل ألنّه دافَ َع ّ
حت يف موقع
ك أصبَ َ
كونك مل تعد رئيس الكنيس؟ أم ألنّ َ
أملك؟ هل هو َ«ولكن ما مصدر َ
عليك فيه التح ّدث عن هللا؟»
يستحيل َ
ك تريد القول يل ما إذا كان يزعجين ّأال أعود
«األمر األخري هذا هو الذي يسبّب يل األمل! أظنّ َ
رئيس الكنيس ،بسبب الفائدة اليت ُجتىن ،واالعتبار الناجم عن الوظيفة .فإ ّن هذا ال يشغل ابيل أبداً
إذ ليس يل سوى ّأمي ،وهي يف األصل ِّمن ايراي Aereaوهلا هناك بيت صغري .فهي متتلك سقفاً
ووسائل للعيشّ .أما أان ...فإنّين شاب ،وسوف أجد عمالً .ولكنّين لن أجرؤ أبداً على التح ّدث عن
اقَتفت اخلطيئة».
ُ هللا ،أان الذي
ك».
«ال ،سوف آيت إىل بيت ّأم َ
«اإلَيان يف البلدة قليل».
1945 / 04 / 17
يسوع مع أتباعه يف مكان كثري اجلبال .الطريق َو ِّعَرة وصعبة .األكرب سنّاً تَعِّبون ج ّداً .الشباب
على العكسُُ ،ييطون بيسوع وقد َغ َمَرهم الفرح ،ويسريون صعداً برشاقة ،وهم يتح ّدثون فيما بينهم.
صلَت عدوى فرحهم إىل ابنا عمه وابنا زبدى وأندراوس فَ ِّرحون لفكرة العودة إىل اجلليل ،وقد َو َ
يوطي الذي يبدو ،منذ بعض الوقت ،يف أحسن حاالته الروحيّة .ويكتفي ابلقول« :يف هذه االسخر ّ
احلال اي معلّم ،عندما أنيت إىل اهليكل ،يف الفصح ،هل ستكرر الزايرة إلسخريوط؟ فإ ّن ّأمي أتمل
تك .لقد أعلَ َمتين بذلك ،وكذلك أبناء بلديت»... دائماً بزاير َ
قاس ج ّداً وال يسمح ابلسري علىفحّت ولو كنّا نريد ذلك ،فالطقس ٍ
«ابلتأكيدّ ،أما حاليّاًّ ،
كنت
علي ذلك ،ملا ُ حّت هنا .فلو مل يكونوا قد فَـَرضوا ّ
تلك الطرقات الصعبة .انظروا مدى صعوبتها ّ
رت السفر يف هذا الوقت ...إّّنا مل يكن مبقدوران بعد البقاء »...ويصمت يسوع مستغرقاً يف التفكري.
ّقر ُ
أدل يعقوب
أود القول :هل سنتم ّكن من اجمليء من أجل الفصح؟ فإنّين أرغب يف أن ّ
«وبعدّ ،
تك ».يقول يوحنّا.
وأندراوس على مغار َ
يوطي« .خاصة املعلّم».
«هل تنسى حبّنا لبيت حلم؟» يقول االسخر ّ
بيتك»...
«ال .ولكنّين ابحلري أذهب مع يعقوب وأندراوس وإبمكان يسوع البقاء يف ايفا أو يف َ
أنت تبقى معي يف
«آه! إ ّن هذا ليسعدين .هل تفعلها اي معلّم؟ ُهم يذهبون إىل بيت حلم ،و َ
تك»...
أمتىن كثرياً لو تكون يل بكلّيّ َ
ط لتبقى معي وحدي ...و ّ
إسخريوط .ابلفعل مل تكن ق ّ
روحك
َ أظن أ ّن
األقلّ .
لكنت أكثر صرامة ،معي أان على ّ
ك حتبّنا .ولو مل تكن حتبّنا َ «أعرف أنّ َ
حب
بكل ما يف ذلك من أنواع ّجمرد أرواح ،بل حنن بشر كذلكّ ، يسهر علينا دائماً .ولكنّنا لسنا ّ
أظن
جيعلك األكثر سعادة .ولكنّين ّ
َ لست ذاك الذي
اإلنسان ورغباته وحسراته .اي يسوعي ،أَعلَم أنّين ُ
أفقدك فيها بسبب بؤسي»...
كل الساعات اليت ََسفي على ّ إسعادك ،وأ َ
َ أنك تَعلَم مدى رغبيت يف
َ
لك من اآلخرين ،وأكثر ،حتديداً ،ألنّين أعرف من
أفقدك .وإنّين أقرب َ
«عزيزي يهوذا .أان ال َ
تكون».
َفهم .يبدو يل وكأنّين امرأة مضطَ ِّربة ريب؟ قل .ساعدين أل ِّ
ُدرك ما أكون .إنّين ال أ َ «من أكون ّ
فلدي رغبات مق ّدسة ،وأخرى منحطّة .ملاذا؟ ماذا أكون؟»
برغبات احلَ ْملّ .
يرمقه يسوع بنظرة يَصعُب وصفها .إنّه حزين ،ولكنّه حزن ممزوج ابلشفقة .واي هلا من شفقة!
حتسبه طبيباً يتنبّه إىل حالة مريض ،وهو يعرف أنّه غري قابل للشفاء ...ولكنّه ال يتكلّم.
اآلخرون متضايقون ،وال يعرفون ماذا يقولون .يَنظُرون إىل رفيقهم وينظرون إىل يسوع.
َ
يوطي إىل جانبه ،إىل املكان الذي كان فيه سابقاً يعقوب ابن عمه ،ويقول:
يش ّد يسوع االسخر ّ
أقل
َّدة املعامل متاماً ،و ّ
كل العناصر ال ُفضلى ،ولكنّها ليست حمد َ ك ،بكل بساطة غري ُمنتَ ِّظمَ .
لديك ّ «إنّ َ
نسمة هواء تف ّككها.
«كيف؟ ال أفهم».
«طائفة من الفضائل مقابل طائفة من التجارب .وعندما يكون هناك القليل من الفضائل،
جيب العمل على غرار ذلك اللبالب غري ا ِّ
ملتماسك :التشبث أبغصان األشجار القويّة للصعود».
«ولكن هل تَعلَم اي يعقوب أ ّن أ ُّم يهوذا ق ّديسة ،والصالح ُمرتَ ِّسم على حميّاها؟» يقول يوحنّا.
«ولكن ما الذي تتح ّدثون عنه؟ أنتم اي من ال تك ّفون عن الكالم ».يسأل بطرس من بعيد.
وبساقي القصريتني».
َّ «توقّفوا! انتظروان .فليس لطيفاً أن متضوا هكذا دون التفكري يب
مرات عدة!»
«ابلتأكيدّ :إهنا الَتتيب والصرب واملثابرة والتواضع واحملبّة ...لقد قُلتُها ّ
«ولكن الَتتيب ،ال .ما دخله؟»
لك .ولقد
وهم سوف يُعيدون احلديث َ لرفاقكُ ،
َ شرحت ذلكُ «مل تكن الفوضى يوماً مزيّة .وقد
أنت
اتم .و َ
وضعت مزيّة احملبّة يف النهاية ،فهما الطرفان ملستقيم ّ
ُ األول ،بينما
عت مزيّة الَتتيب يف ّ
ض َُو َ
تَعلَم أ ّن مستقيماً مرسوماً على سطح ،ال بداية له وال هناية .فبإمكان النهايتني تبادل املواضع .بينما
اللولب أو أي رسم غري منغلق على نفسه ،فله على الدوام بداية وهناية .لذلك ،فالقداسة خطّية،
ط املستقيم». واتمة ،وليس هلا سوى هنايتني مثل اخل ّ
بسيطة ّ
«رسم املستقيم سهل»...
ك تبذل جمهوداً».
عمل .إنّ َ
أنت أيضاً تَ َ
رغبتك الصاحلة .ال َختَف اي بطرسَ .
« َ
«وأان؟»
كنت عارفاً مسبقاً ماذا سأجد ،وماذا سأفعل .وعندما ال ِّ
أتيت ،و ُ
«أصدقائي ،من أجل هذا ُ
حّت أنتم
توجد أوهام ،فال وجود خليبة األمل ،وال يضيق نـَ َفسنا .بل نسري يف املق ّدمة .تذ ّكروا ذلكّ ،
أيضاً ،حينما تريدون ،ينبغي لكم حتويل اإلنسان احليوان إىل اإلنسان الروح».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
كالواب)
( -107يف منـزل رئيس اجمللس ّ
1945 / 04 / 18
قرعان ابب منـزل يف بلدة .أَتَـ َعَّرف على ذلك املنـزل ،إنّه ذاك الذي َد َخلَه تلميذا
يوحنّا وأخوه يَ َ
لست أراه ،مثّ ََي ُرجان ِّ
عماوس مع يسوع القائم من بني األموات .عندما يُفتَح هلما ،يتح ّداثن إىل أحد ُ
ذهبان َع َرب إحدى الطرقات ملوافاة يسوع الواقف مع اآلخرين يف موضع حمايد. ويَ َ
جمليئك .وقد قال لنا" :اذهبا وقوال له إ ّن بييت حتت
«إنّه هنا اي معلّم ،وهو يف غاية السعادة َ
تصرفه .اآلن آيت أان أيضاً"».
ّ
«هيّا بنا إذن».
بكل أتكيد». حها«إذا وِّجد أبناء هلل ،يؤمنون ،وهم يف حاجة إىل املعجزات ،فسوف َِّ
أجَت
ّ ُ
لكالواب الصاحل».
ّ َيكنك ذلك .بعد صالة الساعة السادسة ،سأكون كلّي لكمّ .أما اآلن فأان
« َ
حّت البيت. وبينما يتبعه مجع غفري من الناس ،يتابع سريه إىل جانب العجوز ّ
«هو ذا ابين ،اي معلّم ،وزوجيت وزوجة ابين وأوالده الصغار .آسف لكون ابين اآلخر مع َمحي
ثك عنه .تفضل اي سيّدي ،وادخل
ابين كالواب يف أورشليم برفقة رجل مسكني من هنا ...إّّنا سأح ّد َ
تالميذك».
َ مع
«ها هو مسعان مع حرماس على وشك الوصول ».يُعلِّن ابن رئيس اجمللس.
املدعو مسعان.
تالميذك؟» يسأل ّ
َ «هل هؤالء هم
«نعم».
جليلي؟»
ّ أنت
أنت ،هل َ
كل األعمار ومن مجيع املناطق .و َ
«إ ّن فيهم من ّ
دت يف بيت حلم زمن االكتتاب».ِّ
«من الناصرة ،ولكنّين ُول ُ
«من بيت حلم إذن .هذا ما تؤكده ِّ
السمات».
شفيت». ِّ
«هبا ،وابلكالم الذي يُضرمه الروح على ّ
مملكتك
َ حكمتك لَ َعظيمة .هل تنوي أتسيس
َ ِّ
املستمعني .ابحلقيقة ،إ ّن «لقد نـَ َقلَه يل بعض
عليها؟»
كالواب الذي َجيلس مع يسوع يف الوسط ،وعلى َيني «رجاء لنأخذ أماكننا على املائدة ».يقول ّ
كالواب مسعان ،مثّ أبناء رئيس اجمللس والتالميذ يف األمكنة املتب ّقية.
يسوع حرماس ،وإىل جانب ّ
يقوم يسوع ،بناء على طلب املضيف ،ابلتقدمة والربكة ،ويبدأ بتناول الطعام.
كالواب».
«نعم اي ّ
أتتيك ،رغم قسوة الشتاء .فلماذا ختيّب أملهم؟»
«مجوع كثرية كانت َ
«ليس أان ،بل أطهار إسرائيل ّقرروا هذا».
تعج ابلرابيني الذين يتح ّدثون أينما شاؤوا .فلماذا «ماذا؟ ملاذا؟ ما السوء الذي تَ َِّ
قَتف؟ فلسطني ّ
أنت ابلذات؟»
لك َ ال يُسمح بذلك َ
سم تلك املعرفة املرة».
قلبك ّ
مسن وحكيم .ال تضع يف َ
ك ّ كالواب .إنّ َ
«ال تَ َسل اي ّ
الفريسيّون َُيكمون أبنّه خطيئةّ .أما أان فال أستطيع الكذب يف رساليت وال عصيان «ال َكتَـبَة و ّ
أرسلَين إىل األرض ِّمن قَبيل "الرمحة" .لقد آن أوان الرمحة الكاملة ،بعد دهور من العدالة. هللا الذي َ
كأهنما ُولِّ َدات ِّمن أحشاء واحدة .إّّنا يف البدء كانت العدالة أقوى ،واألخرى تُـلَ ِّطّف من
ّإهنما أختان ،و ّ
تسر
احلب -واآلن حان موعد الرمحة ،وهي امللكة ،وكم ّ إن هللا ال َيكنه االمتناع عن ّ ش ّدهتا فقط -إذ َّ
هبا العدالة اليت كانت تتأ ّمل كثرياً لوجوب العقاب! لو نظرمت إىل ذلك عن كثب ،فإنّكم تَـَرون بيُسر ّأهنما
ُوِّجدا على الدوام ،مذ أر َغ َم اإلنسان هللا على أن يكون صارماً .وما وجود واستمرار اإلنسانيّة ّإال دليل
حّت بعقاب آدم .كان إبمكانه حتويلهما إىل رماد ،نتيجة خطيئتهما. امتز َجت الرمحة ّ على ما أقول .فلقد َ
يشع،
كل الشر ،املتّضعة هلذا السببَ ،ج َع َل وجه امرأة ّ ولكنّه َمنَ َح ُهما التكفري .ويف عيين املرأة ،سبب ّ
وهو سبب اخلري كلّه .وقد َمنَ َح كليهما أوالداً ،واملعارف الالزمة الستمرار الوجود .إ ّن قايني القاتل ،يف
الوقت ذاته حيث كانت العدالة تضربهَ ،منَ َحه هللا عالمة ،كانت رمحة له لكي ال يُقتل .ولإلنسانيّة
أبدي للسالم .فالالفاسدةَ ،منَ َح هللا نوحاً ،ليحافظ عليها يف السفينة .وانطالقاً من هناَ ،و َع َد مبيثاق ّ
حّت
َّس َمت العدالة ابلرمحة .هل تريدون مراجعة التاريخ املق ّدس معيّ ، طوفان صارم بعد .بل لقد ات َ
احلب ،وبشكل أوسع .واآلن بـَلَ َغ ملء لتموجات ّ جميئي؟ سوف تَـَرون ،على الدوام ،االنتشار الدائم ّ
حّت السماء طاهرة ِّ ِّ
اإلهلي ،وهو يرفعك أيّتها اإلنسانيّة على مياهه العذبة والساكنة ،ويرفعك ّ امل ّد ّ
ِّ
"أعيدك إىل أيب"». مجيلة ،ويقول ِّ
لك:
عماوس .كان كالواب إىل يسوع« :اي معلّم ،إ ّن األمر َيص رجالً من ّ ال أحد جييب .يلتفت ّ
لتتزوج من أخ صاحب متجر .هذا الرجل وقع يف خطأ أبوه قد طَلَّ َق زوجته اليت سافرت إىل أنطاكية ّ
لست يف ط تلك املرأة اليت كانت قد طُِّرَدت بعد أشهر قليلة من زواجها ،و ُ جسيم ،فهو مل يَعرف ق ّ
الطبيعي أن يكون امسها قد أُلغِّي
ّ أي شيء ،ألنّه من صدد البحث عن األسباب .مل يكن يعرف عنها ّ
سن الرجولة ،وقد ورث عن أبيه جتارته وأمالكه ،فَ َّكر يف الزواج. ص َل إىل ّ
من ذاك البيت .وهو حني َو َ
لست أدري كيف عرفوا ،أو الطريقة ثري ،وتَـَزَّو َجها .و ُ
وكان قد تَـ َعَّرف يف ايفا على امرأة ،صاحبة متجر ّ
اليت اتـَّبَعوها ليعرفوا ّأهنا ابنة زوجة أبيه .إذن فزواجه هذا خطيئة فاحشة ،رغم أ ّن نَ َسبه إىل تلك املرأة،
برأيي ،أمر مشكوك فيه متاماً .وقد أُدين يوسف .وعليه فَـ َقد طمأنينته كمؤمن وكزوج .ورغم حزنه طَلَّ َق
غفر له أحد .وأان أقول امرأته ،أخته املزعومة ،اليت من ش ّدة أملها اعَتهتا احلمى وماتت .ورغم ذلك ،مل ي ِّ
َ ّ
كنت
أنت ،ماذا َ صدقاً ،لو مل يكن هناك أعداء ينافسونه على مصلحته ،ملا كان أصابه ما أصابه .و َ
ستفعل؟»
إيل؟»
أتيت ّ
كالواب .ملاذا مل حت ّدثين عنها عندما َ
«احلالة ج ّديّة للغاية اي ّ
إبعادك عن هنا»...
َ «مل أكن أريد
«آه! ولكن أموراً من هذا النوع ال تطردين! اآلن امسَع .عمليّاً هو زىن ذوي القرىب ،وابلنتيجة
لكن اخلطيئة ،لكي تكون منطقيّاً خطيئة ،جيب أن تكون مبنيّة على أساس العزم على العقاب .و ّ
ب هذا الرجل خطيئة زىن ذوي القرىب عن سابق معرفة وقصد؟ تقول ال. ارتكاب اخلطيئة .فهل ارتَ َك َ
ك تقول إ ّن هذه ال ُقرىب مشكوك
إذن أين اخلطيئة؟ يبقى موضوع احلياة املشَتكة مع فتاة ألبيه .ولكنّ َ
وحّت ولو كانت ُحمَ َّق َقة ،فاخلطيئة تَبطُل مع توقّف احلياة املشَتكة .وهنا التوقّف مؤّكد ،ليس فقط
فيهاّ .
حّت هذا الذي
سامح ذلك الرجلّ ، بفعل الطالق ،إّّنا حبصول املوت .أقول إذن ،إنّه من املفروض أن يُ َ
املستمر على مرأى ومعرفة اجلميع،
ّ احملرمني
يبدو خاطئاً .أقول :مبا أنّه ال توجد إدانة زىن بزواج األقارب ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 862 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
حتل الرمحة يف هذه احلالة املؤملة ،اليت يعود أصلها إىل السلطة املمنوحة من موسى بطالق فينبغي أن ّ
السلطة أان أُدينها ،إذ ينبغي للرجل،
الزوجة لتحاشي شرور أكثر عدداً ،إن مل تكن أكثر خطورة .وهذه ُّ
ُوفِّّق يف زواجه أم مل َيوفَّق ،أن يعيش مع زوجته وال يطلّقها ،األمر الذي يهيّئ ألخطار وأوضاع شبيهة
خاصة
ُكرر ،يف ما يتعلّق ابلصرامة ،فينبغي تطبيقها مع اجلميع على السواءّ . بتلك .فضالً عن ذلك ،أ ِّّ
وحّت اآلن مل أَعلَم أ ّن أحداً ،ما عدا املعمدان ،قد َرفَ َع صوته يف مواجهة
مع الذات ومع العظماءّ .
حّت أسوأ منها؟ أم إ ّن امسهم
خطيئة امللك .فالذين يُدينون ،هل ختلو حياهتم من خطااي مشاهبة أو ّ
وسلطاهنم يساُهان يف سَتها كما ُيجب معطفهم الباذخ النَّظر عن جسدهم الذي َج َعلَته الرذيلة
عليالً؟»
وقد كان الفضول متوقِّّداً للغاية لدرجة أ ّن أحداً مل يـَعُد يف ّكر ابملعلّم.
قرب البيت ،هناك رقعة أرض وحدائق زهور صغرية ،مثّ بعدها الطريق .على األرض ،عند العتبة،
ماداً له يديه .ويف اخللف اجلميع ،وهم ُُي ِّ
اولون املشاهدة. رجل .يدنو منه يسوع ّ
عنك أحد؟» يتكلّم يسوع بنعومة فائقة.
«اي يوسف ،أمل يَصفح َ
كل تلك األصوات اليت بعد الطيبة،
و الصالح وفائق ال
ً جمهو ات
ً صو مساعه لدى الرجل ش يرتَعِّ
ّ
كانت تدينه .يرفع رأسه وينظر إليه بدهشة.
«يف حضن هللا ،هناك دائماً رمحة وسالم .هذا احلضن يفيض على الدوام مبثل تلك األشياء،
وخاصة للبؤساء».
ّ
أنت اي َمن هو ،ابلتأكيد ،صاحل، لكن خطيئيت هي تلك اليت جتعلين أُفْ َ
صل عن هللا .فدعينَ ، «و ّ
أصيبك ابلعدوى».
َ لكي ال
«وهبذا َُتتَـتَم السنة األوىل للتبشريَ .د ِّّونوا ذلك .ماذا أقول لكم أيضاً؟ َس َر ُ
دت هذا أل ّن رغبيت كانت
الفريسيّني .رغبيت يف أن
ولكن الذي جيري ابلنسبة هلذا العمل ،متاماً كالذي جرى مع ّ
يف أن يُصبح معلوماًّ .
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)
Page 865 of 866 آخر تحديث 25.03.17 :
احلب -وستكون مرفوضة بسبب أشياء كثرية .وذلك يسبّب أملاً هائالً يل ،أان
أكون ُمبوابً -واملعرفة هي ّ
األزيل ،وقد أسرمتوين أنتم»...
املعلّم ّ
---هناية اجلزء الثاين ---
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com