You are on page 1of 441

‫التعليم ِ‬

‫المسيحي ِ‬
‫للكنيسة‬ ‫ّْ ُ‬
‫الكاثوليكية‬

‫عربّه‬
‫عن الطبعة الالتينيّة األصليّة‬

‫المتروبوليت حبيب باشـا‬


‫المطران يوحنّا منصور‬
‫المطران كيرلّس سليم بسترس‬
‫األب حنّـا الفاخـوري‬
‫الئحة االختزاالت‬

‫مجموعة آباء الكنيسة الالتينيّة‬ ‫آ ك ل‪ ،‬آ ل‬


‫مجموعة آباء الكنيسة اليونانيّة‬ ‫آ ك ي‪ ،‬آ ي‬
‫إعالن اإلنجيل (بولس السادس ‪)2791/21/8‬‬ ‫إإ‬
‫سرفتوره رومانو‬ ‫األ ّ‬ ‫أر‬
‫األهتمام بالشأن اإلجتماعي (يوحنا بولس الثاني ‪)2789/21/03‬‬ ‫إشإ‬
‫أم الفادي (يوحنا بولس الثاني ‪2789/0/11‬‬ ‫أ فا‬
‫أعمال الكرسي الرسولي‬ ‫أكر‬
‫اإلكرام المريمي (بولس السادس (‪)2791/1/1‬‬ ‫إم‬
‫«اإلنكيريديون الفاتيكاني»‬ ‫إنك‬
‫أ ٌّم ومعلمة (يوحنا الثالث والعشرون ‪)2792/1/21‬‬ ‫أوم‬
‫التجديد المالئم للحياة الرهبانية (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫تحر‬
‫التعليم المسيحي الروماني‬ ‫تر‬
‫ترقي الشعوب (بولس السادس ‪)2799/0/19‬‬ ‫تش‬
‫التنشئة الكهنوتية (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫تك‬
‫التربية المسيحية (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫تم‬
‫الحياة ابشريّة (بولس السادس ‪)2798/9/11‬‬ ‫حب‬
‫القانوني الالتين ّي‬
‫ُّ‬ ‫ق‬‫الح ُّ‬ ‫حقل‬
‫الحريّة الدينيّة (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫حد‬
‫الحركة المسكونية (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫حم‬
‫خدمة الكهنة الرعوية وحياتهم (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫خك‬
‫دنتسنغر – شونمتسر‬ ‫د‬
‫دليل التعليم المسيحي العام‬ ‫دتع‬
‫رتبة التثبيت‬ ‫رت‬
‫رتبة التنشئة المسيحية للبالغين‬ ‫رتب‬
‫رتبة تكريس العذارى‬ ‫رتع‬
‫رتبة الجنازات‬ ‫رج‬
‫رتبة سر التوبة‬ ‫رست‬
‫رتبة سر الزواج‬ ‫رسز‬
‫رسالة العلمانييّن (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫رع‬
‫رسالة الفادي (يوحنا بولس الثاني ‪)2773/9/21‬‬ ‫رف‬
‫الرب المحيي (يوحنا بولس الثاني ‪)2789/1/8‬‬ ‫ُّ‬ ‫رم‬
‫رتبة معمودية األطفال‬ ‫رمأ‬
‫رتبة معمودية البالغين‬ ‫رمب‬
‫سر اإليمان (بولس السادس ‪)2791/7/0‬‬ ‫سإ‬
‫السالم على األرض (يوحنا الثالث والعشرون ‪)2790/1/22‬‬ ‫سأع‬
‫السنة المئة (يوحنا بولس الثاني ‪)2772/1/2‬‬ ‫سم‬
‫الشراكة العيليّة (يوحنا بولس الثاني ‪)2782/22/11‬‬ ‫شع‬
‫عالقة الكنيسة باألديان غير امسيحية (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫عكأ‬
‫العلمانيّون المؤمنون بالمسيح (يوحنا بولس الثاني ‪)2788/21/03‬‬ ‫عم‬
‫هللا الغني بالرحمة (يوحنا بولس الثاني ‪)2783/2\/03‬‬ ‫غر‬
‫فادي اإلنسان (يوحنا بولس الثاني ‪)2797/0/1‬‬ ‫فإ‬
‫في البركات‬ ‫فب‬
‫فرض القراءات‬ ‫فق‬
‫كتاب القداس الروماني‬ ‫قر‬
‫قانون إيمان شعب هللا (بولس السادس ‪)2798/9/03‬‬ ‫قش‬
‫قوانين الكنائس الشرقية‬ ‫قكش‬
‫قرارات المجامع المسكونية‬ ‫قمم‬
‫في الكنيسة (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫ك‬
‫في الكنائس الشرقيّة (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫كش‬
‫الكنيسة في عالم اليوم (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫كع‬
‫كرامة المرأة (يوحنا بولس الثاني ‪)2788/8/21‬‬ ‫كم‬
‫الليترجيا المقدّسة (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫ل‬
‫ليترجيّا الساعات‬ ‫لس‬
‫مهمة األساقفة الرعويّة (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫مأ‬
‫المصالحة والتوبة‬ ‫مت‬
‫مزاولة العمل (يوحنا بولس الثاني ‪)2782/7/21‬‬ ‫مع‬
‫مجمع العقيدة واإليمان‬ ‫معإ‬
‫مقدمة عامة لكتاب القداس‬ ‫معكق‬
‫مقدمة عامة لليترجيا الساعات‬ ‫معلس‬
‫المجمع الفاتيكاني األول‬ ‫مفا‬
‫مجموعة الكتّاب الكنسييّن الالتين‬ ‫مككل‬
‫المصادر المسيحيّة‬ ‫مم‬
‫مجموعة المسيحيين (السالسة الالتينيّة)‬ ‫ممل‬
‫مجموعة المسيحيين (السلسة اليونانية)‬ ‫ممي‬
‫نشاط الكنيسة اإلرسال ّي (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫نر‬
‫نقل الكرازة (يوحنا بولس الثاني ‪)2797/23/29‬‬ ‫نك‬
‫وسائل االتصال اإلجتماع ّي (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫وإ‬
‫الوحي اإللهي (المجمع الفاتيكاني الثاني)‬ ‫ول‬
‫اختزاالت أخرى‬
‫ما يوزيه من النصوص ‪par .‬‬ ‫إز‬
‫‪Cf.‬‬ ‫ر‬
‫ملحق ‪ad.‬‬ ‫م‬
‫مجمع ‪c.‬‬ ‫مج‬
‫المرجع السابق ‪Ibid.‬‬ ‫مس‬
‫المرجع نفسه ‪Id.‬‬ ‫من‬
‫وغيرها من النصوص ‪et alt. et alibi‬‬ ‫وغ‬
‫الرسالة الرسولية‬
‫«يس ّرنا جدا»‬
‫(‪)LAETAMUR MAGNOPERE‬‬

‫ألجل الموافقة على الطبعة الالتينيّة الرسمية‬


‫للتعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ونشرها‬

‫إلى إخوتنا األجالَّ ِء الكرا ِدلة‪ ،‬والبطاركة‪ ،‬ورؤساء األساقفة‪ ،‬واألساقفة‪ ،‬والكهنة‪،‬‬
‫والشمامسة اإلنجيليّين‪ ،‬وإلى سائر أعضاء شعب هللا‬

‫يوحنَّا بولس األسقف‪،‬‬


‫خادم ُخدَّام هللا‬
‫لِذكرى خالدة‬

‫سرنا ج ّدا أن تصدر الطبعة الالَّتينيّة الرسميّة للتعليم المسيحي للكنيسة‬ ‫ي ّ‬


‫الكاثوليكية التي نوافق عليها وننشرها بهذه الرسالة الرسولية‪ ،‬والتي تصبح النص‬
‫النهائ ّي لهذا التعليم المسيحي‪ .‬يجري هذا الحدث نحو خمس سنوات بعد إعالن‬
‫الدستور الرسولي «وديعة اإليمان» ف ‪ 22‬تشرين األول سنة ‪ ،2771‬الذي رافق‬
‫النص األ َّول باللغة الفرنسية ذلك التعليم‪ ،‬وذلك بداعي الذكرى الثالثين الفتتاح‬
‫المجمع الفاتيكاني الثاني‪ .‬لقد زادنا سرورا ما تبين لنا من حسن استقبا ٍل عا ّم لهذا‬
‫العمل‪ ،‬ومن انتشاره الواسع خالل هذه السنوات‪ ،‬وال سيما في الكنائس المحلية‬
‫ت مختلفة‪ ،‬وجعلته أقرب مناال لدى شعوب العالم‬ ‫التي أكبّت على ترجمته إلى لغا ٍ‬
‫المختلفي اللغات‪ .‬وهذا ما يثبت الطابع اإليجابي للتقرير الذي قدَّمته لنا جمعيّة‬
‫األساقفة السينودسيّة غير العادية سنة ‪ ،2781‬وطابت فيه بوضع تعليم مسيحي‪ ،‬أو‬
‫بخالصة لكل العقيدة الكاثوليكية في ناحيتيها اإليمانية واألدبيّة‪.‬‬
‫قامت بهذا المشروع جنة من الكرادلة واألساقفة سنة ‪ ،2789‬فوافقنا عليه وأعلنّا‬
‫التعليم المسيحي في الدستور الرسولي المذكور آنفا‪ ،‬والذي ال يزال يحافظ اليوم‬
‫على قيمته وعلى حاليّته‪ ،‬ويجد تحقيقه بصيغته النهائية في هذه الطبعة الالتينيّة‬
‫الرسميّة‪.‬‬
‫أعدَّت هذه الطبعة لجنة من شتّى التيّارات أنشأناها لهذه الغاية سنة ‪ ،2770‬وعلى‬
‫رأسها الكردينال راتسنغر‪ ،‬فأكبّت على العمل بال هوادة لبلوغ الهدف الذي أنشئت‬
‫له‪ .‬وقد اهتمت اهتماما شديدا لتفحص اقتراحات التبديل الكثير التي أُجريت على‬
‫محتوى النص‪ ،‬والواردة في شتّى اقطار العالم‪ ،‬كما اهتمت للمطالب المختلفة التي‬
‫تقدّم بها االكليروس العالمي على م ّر هذه السنوات‪.‬‬
‫وهذا العدد الكثير من عروض التحسين يدل‪ ،‬قبل كل شيء على اهتمام العالم كله‬
‫بهذا التعليم‪ ،‬حتى في األوساط غير المسيحية‪ ،‬وهو إلى ذلك يُثبت غائيّته‪ ،‬في‬
‫ض كام ٍل وغير منقوص‪ ،‬للعقيدة الكاثوليكية‪ ،‬يُتيح لكل واحد أن يعرف ما‬ ‫عر ٍ‬
‫تعترف وتحتفل به الكنيسة‪ ،‬وما تحياه وتُصلِّيه في حياتها اليومية‪ .‬وفي هذا‬
‫العرض نفسه إيضاح لواجب كل شخص في اإلسهام الفعلي‪ ،‬حتى يصبح من الممكن‬
‫أن يُقدَّم لعالم اليوم‪ ،‬اإليمان المسيحي الذي يلخص هذا الكتاب تعاليمهُ الجوهرية‪،‬‬
‫بالطريقة األشد مالءمة‪ .‬بهذا اإلسهام المتعدد والمتكافئ لدى أعضاء الكنيسة‪ ،‬يت ّم‬
‫أيضا ما قلناه في الدستور الرسولي «وديعة اإليمان»‪« :‬ان تضافر هذا العدد الكبير‬
‫من األصوات يُعبّر في الحقيقة عما نستطيع أن نسميه «سمفونية اإليمان»‬
‫(الرقم‪.)1‬‬
‫وتفحصتها بدّقة وفي‬ ‫ّ‬ ‫ولهذه األسباب اخذت اللجنة بعين االعتبار االقتراحات الواردة‬
‫ت مختلفة‪ ،‬وقدمت لنا النتائج التي توصلت اليها لنوافق عليها‪ .‬فإذا أتاحت هذه‬ ‫دورا ٍ‬
‫النتائج فهما أفضل لمضمون التعليم المسيحي بالنسبة إلى وديعة اإليمان‬
‫الكاثوليكي‪ ،‬أو بسبب أنها تسمح بصياغة بعض حقائق اإليمان أكثر مالءمة‬
‫لمقتضيات التعليم الحالي‪ ،‬وافقنا عليها شخصيا فأُدرجت في مضمون هذه الطبعة‬
‫الالتينية الرسمية‪ ،‬وهكذا فهذه الطبعة تكرر بأمانة التعاليم العقائدية التي قدمناها‬
‫رسميا للكنيسة وللعالم في كانون األول سنة ‪.2771‬‬
‫ش ُر هذه الطبعة الالتينية الرسميَّة اليوم يحتِم مراحل إعداد التعليم المسيحي التي‬ ‫فن ْ‬
‫بدأت سنة ‪ ،2789‬ويُتوج نجاح رغبة جمعية األساقفة السينودسية غير العادية‪.‬‬
‫فلدى الكنيسة اليوم هذه النشرة الجديدة لإليمان الرسولي الواحد واألزلي وهي‬
‫الكلمة الفصل التي ستكون «االرادة الحقيقية والمعترف بها لدى الجماعة‬
‫الكنسية»‪« ،‬والنص األصيل» الذي يُرجع اليه في كل وضع كتب التعليم المسيحي‬
‫المحليّة (راجع وديعة اإليمان‪.)1 ،‬‬
‫في هذا العرض األصيل والمنسق لإليمان وللعقيدة الكاثوليكية سيجد التعليم الديني‬
‫طريقا سوية لتقديم كل وجه من وجوه الرسالة المسيحية‪ ،‬إلنسان اليوم‪ ،‬باندفاع‬
‫جديد ونشا ٍط متجدد‪ .‬سيج ُد كل عامل في حقل التعليم الديني ما يساعده في هذا‬
‫النص على نقل وديعة اإليمان الوحيدة واألزلية الى بيئته ومجتمعه‪ ،‬عامال‪ ،‬بعون‬
‫سر المسيحي العجيبة وتعدُّد متطلبات‬ ‫الروح القدس‪ ،‬على الجمع ما بين وحدة ال ّ‬
‫وحاالت من يوجه اليهم بشارته‪ .‬ومن شأن نشاط التعليم الديني كله أن يكتسب‬
‫اندفاعا جديدا واسع النطاق لدى شعب هللا‪ ،‬اذا استطاع ان يُحسن استعمال هذا‬
‫التعليم المسيحي ويكتشف قيمته الحقيقية‪.‬‬
‫عمل‬
‫ٍ‬ ‫وهذا كلّه أش ّد أهميّة اليوم ونحن نُ ِط ّل على األلف الثالث للميالد‪ .‬فالبُ ّد من‬
‫ي عاجل وواسع‪ ،‬حتى يستطيع الجميع أن يعرفوا ويتقبلوا رسالة اإلنجيل‪،‬‬ ‫تبشير ّ‬
‫وينمو كل واحد «الى مل ِء اكتمال المسيح» (أف‪.)20 :1‬‬
‫اننا ندعو بإِلحاح إخوتنا األجالء في األسقفية‪ ،‬الذين يتوجه اليهم تعليم الكنيسة‬
‫الكاثوليكية بنوع خاص‪ ،‬الى أن يضاعفوا نشاطهم‪ ،‬وهم يتلقَّون هذه الطبعة‬
‫الالتينية‪ ،‬لنشر نصها على مجال أوسع‪ ،‬والعمل على تقبله على وجه إيجاب ّي‪ ،‬على‬
‫أنه هبةٌ ثمينة للجماعات المؤتمنين عليها‪ ،‬تتيح لها ان تكتشف‪ ،‬من جديد‪ ،‬غنى‬
‫اإليمان غير المحدود‪.‬‬
‫فنأمل أن تتضافر جميع قوى شعب هللا‪ ،‬ويتعاون جميع أفراده‪ ،‬ليصل الجميع الى‬
‫معرفة هذا التعليم المسيحي ويتقيدوا بما فيه‪ ،‬حتى تتقوى وتمتد الى أقاصي األرض‬
‫هذه الوحدة في اإليمان التي تجد لها مثاال ومبدأ في وحدة الثالوث‪.‬‬
‫ع مريم أم المسيح هذه اآلمال ونحن نحتفل اليوم بصعودها الى السماء‪،‬‬ ‫إننا نستود ُ‬
‫جسدا وروحا‪ ،‬حتى تتحقق لخير البشرية الروحي‪.‬‬

‫من كاستلغندلفو‪ ،‬في ‪ 21‬آب ‪2779‬‬

‫السنة التاسعة عشرة لحبريتّنا‬

‫‪ +‬يوحنا بولس الثاني‬

‫الدستور الرسولي‬
‫«وديعة اإليمان»‬
‫ألجل نشر‬
‫تعليم الكنيسة الكاثوليكية‬
‫وضع في عقِب المجمع الفاتيكان ّي الثاني‬‫الذي ِ‬

‫إلى إخوتنا األجالَّ ِء الكرا ِدلة‪ ،‬والبطاركة‪ ،‬ورؤساء األساقفة‪ ،‬واألساقفة‪ ،‬والكهنة‪،‬‬
‫والشمامسة اإلنجيليّين‪ ،‬وإلى سائر أعضاء شعب هللا‬

‫يوحنَّا بولس األسقف‪،‬‬


‫خادم ُخدَّام هللا‬
‫لِذكرى خالدة‬

‫الرب الى‬‫ُّ‬ ‫الحفاظُ على وديعة اإليمان‪ ،‬تلك هي الرسالةُ التي عهد فيها‬
‫كنيسته‪ ،‬والتي تقوم بها في كل زمان‪ .‬والمجمع الفاتيكاني الثاني‪ ،‬الذي افتتحهُ من ُذ‬
‫ثالثين سنة سلفُنا يوحنّا الثالث والعشرون السعيد الذكر‪ ،‬كان هدفهُ ورغبتُه أن يُبرز‬
‫رسالة الكنيسة ال َّرسوليّة وال َّراعوية‪ ،‬وأن يقود جميع البشر‪ ،‬بألق حقيقة االنجيل‪،‬‬
‫إلى تطلُّب وقبول محبة المسيح التي هي فوق كل شيء (ر‪ :‬أف‪.)27/0‬‬
‫وكان البابا يوحنا الثالث والعشرون قد حدَّد لهذه الجلسات المجمعية مهمتها‬
‫ال َّرئيسيَّة في أن تحافظ على وديعة العقيدة المسيحية الثمينة حفاظا أفضل‪ ،‬وفي أن‬
‫تفسرها تفسيرا أوفى‪ ،‬بحيث تصبح أقرب إلى متناول ُمؤمني المسيح‪ ،‬ومتناول‬
‫سائر البشر ذوي اإلرادة الصالحة‪ .‬وهكذا لم يكن من شأن المجمع أوال أن يندد‬
‫بأضاليل العصر‪ ،‬بل كان عليه قبل كل شيء أن يُبين بصفا ٍء قوة عقيدة اإليمان‬
‫وجمالها‪ .‬وكان (ذلك البابا) يقول‪« :‬ستكونُ أنوا ُر هذا المجمع للكنيسة ينبوع غنى‬
‫يجب‬
‫ُ‬ ‫خوف ‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫روح ٍّي‪ ،‬وإنها إذا نهت منه طاقات جديدة ستتطلَّ ُع إلى المستقبل بغير‬
‫فرح وفي غير خشي ٍة‪ ،‬على العمل الذي يقتضيه عصرنا‪ ،‬سالكين‬ ‫ٍ‬ ‫علينا أن ن ِكب‪ ،‬في‬
‫الطريق التي نهجتها الكنيسة من ُذ نحو عشرين قرنا» ‪.‬‬
‫]‪[i‬‬

‫لقد استطاع آباء المجمع بعون هللا أن يُعدوا‪ ،‬في سني العمل األربع‪ ،‬طائفة كبيرة‬
‫من العروض العقائدية والتوجيهات ال َّراعوية‪ ،‬ويقدّموها للكنيسة كلها جمعاء‪ .‬فيها‬
‫ي والحرك ّي واألخالق ّي‪،‬‬ ‫الرعاةُ والمؤمنون ما يهديهم في هذا «التجدُّد الفكر ّ‬‫يجد ُّ‬
‫وتجدُّد القوة األدب ّي والفرح والرجاء التي كانت وحدها غاية المجمع» ‪.‬‬
‫]‪[ii‬‬

‫ومازال المجمع‪ ،‬منذ افتتاحه‪ ،‬ينفح الحياة الكنسية بوحيه‪ .‬وكان بإمكاني في سنة‬
‫‪ 2781‬أن أعلن وأقول‪«:‬أن المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أتيح لي‪ ،‬نعم ٍة خاصة‪،‬‬
‫أن أكون عضوا من أعضائه‪ ،‬وأن أشترك اشتراكا فعليا في مجرى أعمه‪ ،‬كان‬
‫بالنسبة إل ّي في كل آن‪ ،‬وال سيما في سنوات حبريتي‪ ،‬المرجع المتواصل لعملي‬
‫عي وأمين‪ ،‬على‬ ‫بتطبيق واق ٍ‬
‫ٍ‬ ‫بوعي على ترجمة ارشاداته‬ ‫ٍ‬ ‫ال َّراعوي كله‪ ،‬أعم ُل‬
‫مستوى كل كنيسة وكل الكنيسة جمعاء‪ .‬يجب أبدا الرجوع الى هذا الينبوع»]‪. [iii‬‬
‫في هذه الروح طلبت‪ ،‬في ‪11‬كانون الثاني ‪ ،2781‬انعقادا غير عادي لسينودس‬
‫األساقفة‪ ،‬وذلك بداعي الذكرى العشرين الختتام المجمع‪ .‬وكان هدف هذا المجلس‬
‫االحتفال بنِعم المجمع الفاتيكاني الثاني وثماره الروحيّة‪ ،‬والتع ُّمق في تعاليمه في‬
‫سبيل اتباعه اتباعا أفضل‪ ،‬والتشجيع على معرفته وتطبيقه‪.‬‬
‫بهذا الداعي أعرب آباء السينودس عن رغبتهم «في أن يُوضع تعليم مسيح ّي‪ ،‬أو‬
‫خالصةٌ للعقيدة الكاثوليكية كلها‪ ،‬سوا ٌء كان في موضوع اإليمان أو في موضوع‬
‫صا مرجعيا لكتب التعليم المسيحي أو الخالصات التي‬ ‫اآلداب‪ ،‬فتكون هذه الخالصة ن َّ‬
‫توضع في شتّى البالد‪ .‬ويجب أن يكون عرض العقيدة كتابيا وليترجيا‪ ،‬مقدما تعليما‬
‫ثابتا وفي الوقت نفسه متمشيا وحياة المسيحيين الحاضرة»]‪. [iv‬‬
‫ومنذ اختتام السينودس تبنَّيتُ هذه الرغبة‪ ،‬مقدرا «أنها تلبي حاجة حقيقيَّة في‬
‫الكنيسة الجامعة وفي الكنيسة الخاصة»]‪. [v‬‬
‫كيف ال نؤدي الشكر من أعماق القلب الى الرب اإلله‪ ،‬في هذا اليوم الذي أصبح فيه‬
‫بإمكاننا أن نقدم للكنيسة كلها جمعاء‪ ،‬هذا النص المرجع ّي‪ ،‬بعنوان تعليم الكنيسة‬
‫الكاثوليكية‪ ،‬في سبيل تعليم ديني يستقي تجدُّده من ينابيع اإليمان الحيّة!‬
‫بعد تجديد الحياة الليترجيا وبعد صدور الحق القانوني الجديد للكنيسة الالتينيّة‬
‫ومجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية‪ ،‬سيكون لهذا التعليم المسيحي‬
‫إسها ٌم بال ُغ األهمية في تجديد الحياة الكنسية الذي أراده وطبقه المجمع الفاتيكاني‬
‫الثاني‪.‬‬

‫وروحه‬
‫ُ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫مسيرة تهيي ِء هذا‬

‫ت‬ ‫ضج طوال س ِ‬ ‫تعليم الكنيسة الكاثوليكية ثمرة جهو ٍد كثيرة متضافرة؛ لقد أُن ِ‬
‫ت من العمل الحثيث في روح انفتاح واع وفي نشاط مضطرم‪.‬‬ ‫سنوا ٍ‬
‫في سنة ‪ 2789‬عهدتُ إلى لجن ٍة مؤلَّف ٍة من اثنى عشر كرديناال وأسقفا‪ ،‬يرئسها‬
‫السيد الكردينال جوزيف راتسنغر‪ ،‬في تهيي ِء تصميم للتعليم المسيحي الذي طلبه‬
‫آباء السينودس‪ .‬وقد رافقت عمل اللجنة هذه لجنة صياغة مؤلَّفةٌمن سبع ِة أساقف ٍة‬
‫أبرشيّين ُخبراء في الالهوت والتعليم الدين ّي‪.‬‬
‫وقد تابعت اللجنة الم َّكلفة بتقديم التوجيهات والسهر على سير األعمال‪ ،‬تابعت‬
‫صياغة فتولَّت‬ ‫سع المتعاقبة‪ .‬وأما لجنة ال ّ‬ ‫بتيقُّ ٍظ جميع المراحل في صياغة النُّسخ التّ ْ‬
‫مسؤولية كتابة النص مع التعديالت التي طلبتها اللجنة المكلفة‪ ،‬والنَّظر في‬
‫ش ّراح الكتاب المقدس‪ ،‬ومعلمي التعليم‬ ‫مالحظات عد ٍد كبي ٍر من الالهوتييّن‪ ،‬و ُ‬
‫الدين ّي‪ ،‬وال سيما أساقفة المسكونة كلها‪ ،‬وذلك في سبيل تحسين النص‪ .‬وهكذا‬
‫النص وتجانس‬ ‫ّ‬ ‫غن ألجل تأمين وحدة‬‫كانت لجنة الصياغة مركز تبادل ُمثم ٍر و ُم ٍ‬
‫أجزائه‪.‬‬
‫كان هذا المشروع موضوع تشاور واسع بين جميع األساقفة الكاثوليكيين‪،‬‬
‫ومجالسهم األسقفية أو سينودساتهم‪ ،‬ومعاهد الالهوت والتعليم الديني‪ .‬وقد لقي في‬
‫مجمله ترحيبا واسعا لدى الهيئة األسقفية‪ .‬ومن الحق أن يُقال إن هذا التعليم ثمرة‬
‫اسهام لكل الهيئة األسقفية في الكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬تلك الهيئة التي تقبلت بسخاء‬
‫دعوتي إلى حمل ما يقع عليها من مسؤولية في مبادر ٍة شديدة اللُّصوق بالحياة‬
‫الكنسية‪ .‬وهذا الجواب يُثير ف َّي شعور فرح عميقا‪ ،‬ألن اتفاق هذا العدد الكبير من‬
‫األصوات يُعبر في الحقيقية عما نستطيع أن نسميه «سمفونيا» اإليمان‪ .‬وتحقيق‬
‫هذا التعليم يعكس هكذا الطبيعة الجماعيّة للهيئة األسقفية؛ إنه يُثبت كاثوليكية‬
‫الكنيسة‪.‬‬

‫توزيع المادّة‬

‫الب َّد للتعليم الدين ّي من أن يُق ِدم بأمان ٍة وبطريق ٍة عضوي ٍة تعيم الكتاب المقدَّس‬
‫وتقليد الكنيسة الح ّي‪ ،‬والسلطة التعليمية األصلية‪ ،‬وكذلك التراث الروحي الذي‬
‫خلّفه آبا ُء الكنيسة وقديسوها وقديساتها‪ ،‬وذلك لكي يُتاح فه ُم اسر المسيحي فهما‬
‫أفضل وإنعاش اإليمان عند شعب هللا‪ .‬والب َّد لهذا التعليم من أن يأخذ بعين االعتبار‬
‫تصريحات العقيدة التي أُحى بها الروح القدس إلى الكنيسة على م ّر األيّام‪ .‬وعليه‬
‫أيضا أن يساعد على أنْ يجلو بنور اإليمان الحاالت المستجدة والمسائل التي لم تكن‬
‫بع ُد قد طُ ِرحت في الماضي‪.‬‬
‫وهكذا فالتعليم ينطوي على جديد وعلى عتيق (ر‪ :‬متى ‪ ،)11/20‬على أن اإليمان‬
‫هو هو أبدا‪ ،‬وإنه مصدر أنوار أبدا جديدة‪.‬‬
‫ولكي يس َّد تعليم الكنيسة الكاثوليكية هذه الحاجة المزدوجة فهو يستعيد من جهة‬
‫النهج "القديم" التقليدي الذي اتبعه تعليم القديس بيوس الخامس‪ ،‬موزعا مادَّته‬
‫على أربعة أقسام‪ :‬قانون اإليمان‪ ،‬الليترجيا المقدَّسة وفي طليعتها األسرار؛ السلوك‬
‫المسيحي معروضا ابتداء من الوصايا؛ وأخيرا الصالة المسيحية؛ إال أن هذا‬
‫المحتوى سيُعبَّر عنه غالبا بطريق ٍة "جديدة"‪ ،‬كما يُجيب عن تساؤالت عصرنا‪.‬‬
‫المسيحي هو موضوع اإليمان (القسم‬
‫ُّ‬ ‫السر‬
‫ُّ‬ ‫ضها ببعض‪:‬‬ ‫األقسام األربعة يرتبطُ بع ُ‬
‫األول)؛ إنه محتف ٌل به ومنقو ٌل في أعمال الليترجيا (القسم الثاني)؛ وهو حاضر‬
‫تصرفهم (القسم الثالث)؛ وهو في أساس صالتنا‬ ‫ُّ‬ ‫لتنوير أبناء هللا ومساعدتهم في‬
‫ضرعنا (القسم‬ ‫وعبادتها المفضلة "أبابنا"‪ ،‬ويكون موضوع طلبتنا‪ ،‬وحمدنا‪ ،‬وت ّ‬
‫الرابع)‪.‬‬
‫والليترجيا في ذاتها صالة؛ فاالعتراف باإليمان يجد مكانه في احتفاالت العبادة‪.‬‬
‫والنعمة‪ ،‬ثمرة األسرار‪ ،‬هي الشرط الذي ال بديل منه في السلوك المسيحي‪ ،‬كما أن‬
‫االشتراك في ليترجيّا الكنيسة يقتضي اإليمان‪ .‬وإذا لم ينتشر اإليمان باأل‘مال يبقى‬
‫ميتا (ر‪:‬يع‪ )19-21/1‬وال يمكنه أن يٌؤتي ثمار حياة أبدية‪.‬‬
‫بمطالعة تعليم الكنيسة الكاثوليكية يمكن الوقوف على وحدة س ّر هللا العجيبة‪ ،‬وعلى‬
‫تدبيره الخالصي‪ ،‬كما يمكن ادراك المكان المركزي ليسوع المسيح‪ ،‬ابن هللا الوحيد‪،‬‬
‫الذي أرسله اآلب‪ ،‬وصار إنسانا‪ ،‬بالروح القدس‪ ،‬في حشا العذراء مريم الكلّية‬
‫القداسة‪ ،‬لكي يكون مخلِّصنا‪ .‬لقد مات‪ ،‬وقام‪ ،‬وهو أبدا حاض ٌر في كنيسته وال سيما‬
‫في األسرار؛ إنه ينبوع اإليمان‪ ،‬ونموذج السلوك المسيحي‪ ،‬ومعلّ ُم صالتنا‪.‬‬

‫النص العقائديّة‬
‫ّ‬ ‫قيمة‬

‫إن تعليم الكنيسة الكاثوليكية الذي وافقت عليه في ‪ 11‬حزيران الماضي‪،‬‬


‫عرض إليمان الكنيسة‬ ‫ٌ‬ ‫والذي آم ُر بنشره اليوم‪ ،‬بحكم سلطتي الرسوليّة‪ ،‬هو‬
‫الرسولي‬
‫ُّ‬ ‫الكتاب المقدس والتقلي ُد‬
‫ُ‬ ‫وللعقيدة الكاثوليكية‪ ،‬يُثبتُهما أو يوضحهما‬
‫وسلطةُ الكنيسة التعليميّة‪ .‬إني أعتبره أداة صحيحة وموثوقا بها في خدمة الشركة‬
‫الكنسية‪ ،‬وقاعدة ثابتة لتعليم اإليمان‪ .‬عساهُ أن يكون عامال في التجدُّد الذي ال يزال‬
‫الحج الى نور‬‫ّ‬ ‫الروح القدس يدعو إيه كنيسة هللا‪ ،‬جسد المسيح‪ ،‬في مسيرة‬
‫الملكوت الذي ال يشوبه ِظ ّل!‬
‫إن في الموافقة على تعليم الكنيسة الكاثوليكية وفي نشره خدمة يريد خليفة بطرس‬
‫أن يؤدّيها إلى الكنيسة الكاثوليكية المقدَّسة‪ ،‬إلى جميع الكنائس الخاصة التي هي‬
‫سالم وفي شرك ٍة مع ِكرس ّي رومة الرسول ّي‪ :‬أي أن يساند ويثبت إيمان جميع‬ ‫ٍ‬ ‫في‬
‫أتباع السيد يسوع (ر‪:‬لو‪ ،)01/11‬وأن يو ِثق كذلك ُربُط الوحدة في اإليمان الواحد‬
‫الرسول ّي‪.‬‬
‫وإني‪ ،‬والحالةُ هذه‪ ،‬أطلب من رعاة الكنيسة ومن المؤمنين أن يتقبلو هذا التعليم‬
‫في روح شرك ٍة‪ ،‬وأن يثابروا على استعماله وهم يقمون برسالتهم في التّبشير‬
‫صا‬ ‫باإليمان والدعوة إلى الحياة اإلنجيلية‪ .‬لقد أُعطوا هذا التعليم لكي يكون ن ّ‬
‫مرجعيّا أمينا وأصيال لتعليم العقيدة الكاثوليكية‪ ،‬وبنوع أخص لوضع تعاليم دينية‬
‫محلية‪ .‬وهو مق َّد ٌم أيضا إلى جميع المؤمنين الذين يرغبون في أن تكون لهم معرفة‬
‫أفضل لكنوز الخالص التي ال تستقصى (ر‪ :‬أف‪ .)8/0‬إنه يريد أن يقدم عونا للجهود‬
‫المسكونية التي تُح ّركها الرغبةُ المقدسةُ في وحدة جميع المسيحيين‪ ،‬مظهرا بدق ٍة‬
‫ُمحتوى اإليم ان الكاثوليكي وتناسقه المتناغم األجزاء‪ .‬وتعليم الكنيسة الكاثوليكية‬
‫مقد ٌم أخيرا إلى كل إنسان يسألُنا ُحجج الرجاء الذي فينا (ر‪2 :‬بط ‪ ،)21/0‬والذي‬
‫يرغب في معرفة ما تؤمن به الكنيسة الكاثوليكية‪.‬‬
‫ال يهدف هذا التعليم إلى أن يقوم مقام التعاليم المحلية التي وافقت عليها السلطات‬
‫الكنسية‪ ،‬واألساقفة األبرشيون‪ ،‬والمجالس األسقفية‪ ،‬وال سيما تلك التي نالت‬
‫موافقة الكرس ّي الرسول ّي‪ .‬إنه يهدف إلى التشجيع والمساعدة في وضع تعاليم‬
‫محلية جديدة تراعي الحاالت والثقافات المختلفة‪ ،‬ولكنها تحرص شديد الحرص‬
‫على وحدة اإليمان وعلى األمانة للعقيدة الكاثوليكية‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫في ختام هذه الوثيقة التي تق ّد ُم تعليم الكنيسة الكاثوليكية أطلب إلى العذراء‬
‫مريم الكلية القداسة‪ ،‬والة الكلمة المتجسد‪ ،‬وأ ّم الكنيسة‪ ،‬أن تساعد بشفاعتها‬
‫القديرة عمل الكرازة في الكنيسة كلها على جميع المستويات‪ ،‬في هذا الزمن اذي‬
‫تبشيري جديد‪ .‬عسى نور اإليمان الحقيقي أن يُنقذ‬
‫ٍ‬ ‫تُدعى فيه الكنيسة إلى ُجه ٍد‬
‫اإلنسانية من الجهل ومن عبودية الخطيئة لكي يقودها إلى الحرية الوحيدة الجديرة‬
‫بهذا األسم (ر‪:‬يو ‪ :)01/8‬ح ّرية الحياة في يسوع المسيح بقيادة الروح القدس‪،‬‬
‫ه ُهنا على هذه األرض وفي ملكوت السماوات‪ ،‬في ملء سعادة رؤية هللا وجها‬
‫لوج ٍه (ر‪2:‬كو‪21/20‬؛‪1‬كو‪.)8-9/1‬‬

‫أُعطي في ‪ 22‬تشرين األول (أكتوبر) ‪ ،2771‬في الذكرى الثالثين الفتتاح المجمع‬


‫المسكوني الفاتيكاني الثاني‪ ،‬وفي السنة الرابعة عشرة لحبريّتنا‪.‬‬

‫يوحنا بولس الثاني‬

‫]‪ [i‬يوحنا ‪ ،10‬خطاب افتتاح المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في ‪22‬ت‪ :2791 2‬أ ك ر ‪،)2791(11‬‬
‫‪.972-988‬‬
‫]‪ [ii‬بولس ‪ ،9‬خطاب افتتاح المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في ‪8‬ك‪ :2791 2‬أ ك ر‪. 8-9 ،)2799( 18‬‬
‫]‪ [iii‬خطبة ‪11‬ك‪ :2781 1‬األسرفتوره رومانو‪ 19 ،‬ك‪.2781 1‬‬
‫]‪ [iv‬التقرير الختامي للسينودس غير العادي‪9 ،‬ك‪ ،2781 2‬إ ن ك‪ 1 7‬ب‪ ،‬أ‪ ،‬الرقم‪ ، :1‬ص‪ ،2918‬الرقم‬
‫‪.2979‬‬
‫]‪ [v‬خطبة اختتام السينودس غير العادي‪9 ،‬ك‪ ،2781 2‬الرقم‪ :9‬أ ك ر ‪. 101 ،)2789( 98‬‬

‫تمهيــد وشرح لبنية كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي‬


‫«يا أبتاه‪ )...( ،‬الحياة األبدية‪ ،‬هي أن يعرفوك‪ ،‬أنت اإلله الحقيقي الوحيد‪ ،‬والذي‬
‫أرسلته‪ ،‬يسوع المسيح» (يو‪ .)0/29‬هللا مخلصنا «يري ُد أنَّ جميع الناس يخلصون‬
‫ق» (‪2‬تي‪« .)1-0/1‬ليس تحت السماء اس ٌم آخ ُر أُعطي في‬ ‫ويبلغون إلى معرفة الح ّ‬
‫الناس‪ ،‬به ينبغي أن نخلص» (أع ‪ )21/1‬غير اسم يسوع‪.‬‬

‫‪ -2‬حياة اإلنسان‪ -‬معرفة هللا ومحبته‬

‫‪ -2‬إن هللا الالمتناهي الكمال والسعيد في ذاته خلق اإلنسان خلقا ح ّرا‪ ،‬بتصميم من‬
‫مجرد صالحه‪ ،‬لكي يُشركه في حياته السعيدة‪ .‬ولهذا فهو في كل زما ٍن وكل مكان‬
‫يعم على ُمقاربة اإلنسان‪ .‬إنه يدعوه‪ ،‬ويعضده في تطلُّبه تعالى‪ ،‬ومعرفته‪ ،‬ومحبته‬
‫بكل ما لذلك اإلنسان من قوى‪ .‬إنه يستدعي جميع البشر الذين ف ّرقتهم الخطيئة إلى‬
‫وحدة أُسرته‪ ،‬الكنيسة‪ .‬وفي سبيل ذلك أرسل ابنه‪ ،‬عندما آ‪،‬ت اآلونة‪ ،‬فاديا‬
‫و ُمخلصا‪ .‬وفيه وبه يدعو البشر إلى أن يُصبحوا‪ ،‬في الروح القدس‪ ،‬أبناءه بالتبني‪،‬‬
‫ومن ث َّم ورثتهُ في حياته اسعيدة‪.‬‬

‫سل الذين كان‬ ‫‪ -1‬ولكي تُدوي هذه الدعوةُ في كل أنحاء األرض‪ ،‬أرسل المسيح ُّ‬
‫الر ُ‬
‫قد اختارهم ُملقيا إليهم مه ّمة التبشير باإلنجيل‪« :‬إذهبوا وتلمذوا جميع األمم‪،‬‬
‫وع ّمدوهم باسم اآلب واالبن والروح القدس‪ ،‬وعلموهم أن يحفظوا جميع ما‬
‫أوصيتكم به‪ ،‬وها أنا ذا معكم ك َّل األيام إلى انقضاء الدهر» (متى ‪.)13-27/18‬‬
‫والرب‬
‫ُّ‬ ‫الرسل «وكرزوا في كل مكان‪،‬‬ ‫وإذ أُسندت إليهم تلك ال ّرسالة‪ ،‬انطلق ُّ‬
‫يؤازرهم‪ ،‬ويؤيد الكلمة باآليات التي تصحبها» (مر ‪.)13/29‬‬

‫‪ -0‬وأولئك الذين تقبلوا بعون هللا دعوة المسيح واستجابوا لها بحرية شدتهم محبة‬
‫المسيح إلى التبشير باإنجيل في كل مكان من العالم‪ .‬وهذه ّ‬
‫الذخيرة التي خلفها‬
‫الرسل حافظ عليها خلفائهم بأمانة‪ .‬وجميع مؤمني المسيح مدعوون الى تداولها‬
‫جيال بعد جيل‪ ،‬مبشرين باإليمان وسالكين سلوكه في الشركة األخوية‪ ،‬ومتفلين به‬
‫في الليترجيا والصالة]‪.[2‬‬

‫‪ -1‬إبالغ اإليمان‪ -‬الكرازة‬

‫‪ -1‬من ُذ الباكر أطلق اسم الكرازة على مجمل الجهود التي تُبذل في الكنيسة لِ ُ‬
‫صنع‬
‫تالميذ‪ ،‬لِ ُمساعدة البشر على اإليمان بأن يسوع ابن هللا‪ ،‬حتى تكون لهم باإليمان‬
‫الحياة باسمه‪ ،‬فيُنشَّأوا ويُثقَّفوا في هذه الحياة‪ ،‬ويُقيموا هكذا جسد المسيح]‪.[1‬‬
‫‪« -1‬الكرازة هي تربيةٌ لإليمان عند األطفال‪ ،‬والشبان‪ ،‬والكهول‪ ،‬تتضمن على وج ٍه‬
‫خاص درسا لعقيدة المسيحية‪ ،‬يُلقى عموما بطريق ٍة عضوي ٍة وتنسيقية‪ ،‬في سبيل‬
‫التعريف بملء الحياة المسيحية»]‪.[0‬‬

‫‪ -9‬ترتبط الكرازة بعدد من عناصر رسالة الكنيسة الراعويّة‪ ،‬من غير أن تختلط‬
‫بها‪ ،‬عناصر ذات مالمح تعليمية‪ ،‬تُمهد للكرازة أو تصدر عنها‪ :‬اإلعالن األول‬
‫لإلنجيل أو العظة الرسولية إليقاظ اإليمان؛ البحث عن دوافع اإليمان؛ خبرة الحياة‬
‫المسيحية؛ االحتفال باألسرار؛ اندماج في الجماعة الكنسية؛ الشهادة الرسولية‬
‫واإلرساليّة]‪.[1‬‬

‫‪« -9‬الكرازة ُمتعلقة تعلقا حميما بكل حياة الكنيسة‪ .‬يتعلَّق بها تع ُّلقا جوهريا ليس‬
‫االمتداد الداخلي‪ ،‬وتجاوبها وتصميم هللا»]‪.[1‬‬

‫‪ -8‬إنّ مراحل التجدُّد في الكنيسة هي أيضا أزمان النشاط في الكرازة‪ .‬وهكذا فإننا‬
‫مهم من خدمتهم‬‫بقسم ٍ‬
‫ٍ‬ ‫يخصونها‬
‫ُّ‬ ‫نرى في عهد آباء الكنيسة العظام‪ ،‬أساقفة قدّيسين‬
‫الراعوية‪ ،‬م ن أمثال القديس كيرلس األورشليمي‪ ،‬والقديس يوحنا الذهبي الفم‪،‬‬
‫والقديس أمبروسيوس‪ ،‬والقديس أغسطينوس‪ ،‬وآخرين كثيرين من اآلباء الذين ال‬
‫تزال أعمالهم التعليمية نماذج تُحتذى‪.‬‬

‫‪ -7‬إن خدمة الكرازة تستمد من المجامع قوى أبدا جديدة‪ .‬والمجمع التريدنتي في‬
‫هذا المجال مثا ٌل يُذكر‪ :‬لقد جعل للكرازة المح َّل األول في دساتيره وقراراته؛ وهو‬
‫في أصل التعليم المسيحي الروماني الذي يحمل أيضا اسمه ويكون أثرا من الدرجة‬
‫األولى في كونه خالصة للعقيدة المسيحية‪ .‬لقد بعث في الكنيسة تنظيما للكرازة‬
‫رائعا‪ ،‬وحمل على نشر عد ٍد من كتب التعليم المسيحي‪ ،‬بفضل أساقف ٍة والهوتيين‬
‫قديسين من مثل القديس بطرس كنيزيوس‪ ،‬والقديس شارل بورومه‪ ،‬والقديس‬
‫طوريبيو الموغروفيجي أو القديس روبرت بلرمان‪.‬‬

‫‪ -23‬فليس من العجب إذن أن تعود كرازة الكنيسة الى استمالة االهتمام في الحركة‬
‫التي عقبت المجمع الفاتيكاني الثاني الذي كان في نظر البابا بولس السادس‬
‫«التعليم المسيحي الكبير في الزمن الحاضر»‪ .‬يشهد على ذلك «دليل الكرازة العام»‬
‫سنة ‪ ،2792‬وجلسات سينودس األساقفة المك َّرسة لتبشير (‪ )2791‬وللكرازة‬
‫(‪ ،)2799‬والتحريضات الرسولية المتصلة بها‪« :‬إعالن اإلنجيل» (‪ ،)2791‬و«نقل‬
‫الكرازة» (‪ .)2797‬وقدطلبت دورة سينودس األساقفة غير العادية لسنة ‪2781‬‬
‫«أن يُد َّون تعليم مسيحي أو ملخص ل ُمجمل العقيدة الكاثوليكية سواء كان في‬
‫اإليمان أو في األخالق»]‪ .[9‬وتبنى األب األقدس يوحنا بولس الثاني هذه الرغبة‬
‫التي أعرب عنها سينودس األساقفة‪« ،‬معترفا أن هذه الرغبة تلبي تلبية تامة‬
‫الحاجة الحقيقية للكنيسة الجامعة والكنائس الخاصة»]‪ .[9‬وقد ح ّرك ك َّل شيء‬
‫لتحقيق رغبة آباء السينودس‪.‬‬

‫موجه‬
‫َّ‬ ‫‪ -0‬هدف هذا التعليم وإلى من هو‬

‫‪ -22‬هدف هذا التعليم أن يقدم عرضا عضويا و ُمركبا لمضامين العقيدة الكاثوليكية‬
‫الجوهرية واألساسية في ما َّدتي اإليمان واألخالق‪ ،‬وذلك في ضوء المجمع‬
‫الفاتيكاني الثاني ومجمل تقليد الكنيسة‪ .‬مصادره الرئيسية هي الكتاب المقدس‪،‬‬
‫موجه إلى أن يكون‬ ‫َّ‬ ‫واآلباء القديسون‪ ،‬والليترجيا‪ ،‬وسط الكنيسة التعليمية‪ .‬إنه‬
‫]‪[8‬‬
‫«مرجعا للتعاليم المسيحية أو المختصرات الموضوعة في البلدان المختلفة» ‪.‬‬

‫موجه على وجه خاص الى المسؤولين عن الكرازة‪ :‬الى األساقفة‬ ‫َّ‬ ‫‪ -21‬هذا التعليم‬
‫أوال على أنهم مالفنة اإليمان ورعاة الكنيسة‪ .‬إنه يتقدم إليهم بمثابة أداة في القيام‬
‫بمهمتهم أي بتعليم شعب هللا‪ .‬وهو يتوجه‪ ،‬من خالل األساقفة‪ ،‬الى واضعي التعاليم‬
‫المسيحية‪ ،‬والى الكهنة معلمي التعليم المسيحي‪ .‬وسيكون أيضا لسائر المؤمنين‬
‫المسيحيين مجال قراء ٍة ُمفيدة‪.‬‬

‫‪ -1‬هيكليّة هذا التعليم‬

‫‪ -20‬يستوحي تصميم هذا التعليم التقليد العظيم الوارد في التعاليم التي تُمح ِور‬
‫التعليم المسيحي حول أربعة «أعمدة»‪ :‬االعتراف بإيمان المعمودية (قانون‬
‫اإليمان)‪ ،‬أسرار اإليمان‪ ،‬حياة اإليمان (الوصايا)‪ ،‬صالة المؤمن (أبانا)‪.‬‬

‫الجزء األول‪ :‬االعتراف باإليمان‬

‫‪ -21‬على الذين انتموا إلى المسيح باإليمان والمعمودية أن يعترفوا بإيمان‬


‫معموديتهم أمام البشر]‪ .[7‬ولهذا فالتعليم المسيحي يعرض أوال ما يقوم به الوحي‬
‫الذي به يخاطب هللا اإلنسان ويقدم له ذاته‪ ،‬واإليمان الذي يجيب به اإلنسان هللا‬
‫(القسم األول)‪ .‬في قانون اإليمان خالصة المواهب التي يتلقاها اإلنسان من هللا‬
‫صانع كل خير‪ ،‬وفا ٍد‪ ،‬ومقدّس؛ وهي فيه «ثالثة فصول» معموديتنا‪ -‬اإليمان بإل ٍه‬
‫واحد ‪ :‬اآلب الكلي القدرة‪ ،‬الخالق؛ ويسوع المسيح‪ ،‬ابنه‪ ،‬ربنا وم ِخلّصنا؛ والروح‬
‫القدس في الكنيسة المقدسة (القسم الثاني)‪.‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬أسرار اإليمان‬

‫‪ -21‬القسم الثاني من التعليم المسيحي يعرض كيف أنّ خالص هللا‪ ،‬الذي حققه‬
‫تحقيقا نهائيا المسيح يسوع والروح القدس‪ ،‬قد أصبح حاضرا في أعمال ليترجيا‬
‫الكنيسة المقدسة (اقسم األول)‪ ،‬وخصوصا في األسرار السبعة (القسم الثاني)‪.‬‬

‫الجزء الثالث‪ :‬حياة اإليمان‬

‫‪ -29‬القسم الثالث من التعليم المسيحي يقدم الغاية القصوى لإلنسان المخلوق على‬
‫وحر‪ ،‬بمعونة الشريعة ونعمة هللا‬
‫سعادة‪ ،‬وسبل بلوغها‪ :‬بعمل قويم ُ‬ ‫صورة هللا‪ :‬ال َّ‬
‫بعمل يُحقق وصية المحبة المزدوجة‪ ،‬منتشرة في وصايا هللا العشر‬
‫ٍ‬ ‫(القسم األول)؛‬
‫(القسم الثاني)‪.‬‬

‫الجزء الرابع‪ :‬الصالة في حياة اإليمان‬

‫صالة وأهميتها في حياة‬ ‫‪ -29‬القسم األخير من التعليم المسيحي يعالج معنى ال َّ‬
‫المؤمنين (القسم األول)‪ .‬وهو ينتهي بشرح وجيز لطلبات الصالة الربية السبع‬
‫(القسم الثاني)‪ .‬ففيها نجد ُمجمل ُ‬
‫الخيور التي يجب أنَّ نرتجيها والتي يريد أبونا‬
‫السماوي أن يمنحناها‪.‬‬

‫‪ -1‬إرشادات عمليَّة الستعمال هذا التعليم‬

‫‪ -28‬تُ ُ‬
‫ص ّور هذا التعليم ع ْرضا عُضويّا لعقيدة الكاثوليكية كلها‪ .‬فيجب من ثم أن يُقرأ‬
‫على أنه وحدة‪ .‬إحاالتٌ كثيرةٌ في هامش النص (أرقام بحرف مائل تعود الى فقر‬
‫أخرى تُعالج الموضوع نفسه)‪ ،‬وفهرس المواد في آخر الكتاب‪ ،‬كل ذلك يتيح‬
‫الوقوع على كل مادة في عالقتها بمجمل العقيدة‪.‬‬

‫‪ -27‬النصوص الكتابية لم تُورد بحرفيتها في أكثر األحيان‪ ،‬وإنما أُرفق مرجعها في‬
‫المحاشية باإلشارة «ر‪ .»:‬ولفهم مثل هذه المقاطع فهما عميقا يحسن الرجوع الى‬
‫النصوص نفسها‪ .‬وان هذه المراجع الكتابية ألداة عمل في التعليم الديني‪.‬‬

‫‪ -13‬استعمال الحروف الصغيرة في بعض المقاطع يدول على أن هنالك مالحظات‬


‫من النوع التاريخي‪ ،‬أو الدفاعي أو عروضا عقائدية تكميلية‪.‬‬

‫‪ -12‬الشواهد الموردة بحروف صغيرة من مصادر اآلباء‪ ،‬واليترجيا‪ ،‬وسلطة‬


‫الكنيسة التعليمية‪ ،‬أو من سير القديسين‪ ،‬من شأنها أن تُغني العرض العقائدي‪.‬‬
‫كثيرا ما اختيرت هذه النصوص في سبيل االستعمال التعليمي الديني المباشر‪.‬‬
‫‪ -11‬في آخر كل وحد ٍة من وحدات المادة‪ ،‬سلسلة نصوص وجيزة تُلخص‪ ،‬بتعبير‬
‫مرصوص‪ ،‬جوهر ما يُلقى من تعليم‪ .‬هدف هذه «الموجزات» أن توحي للتعليم‬
‫بصيغ تعبيريّة تنسيقية واستذكارية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫المسيحي المحلي‬

‫ضروريّة‬
‫‪ -9‬التطبيقات ال ّ‬

‫‪ -10‬يُشدد هذا التعليم على العرض العقائدي‪ .‬فهو يرمي الى المساعدة في‬
‫استقصاء معرفة العقيدة‪ .‬وهو من ث ّم موجه الى إنضاج العقيدة‪ ،‬وترسيخها في‬
‫الحياة‪ ،‬وإشعاعها في الشهادة]‪.[23‬‬

‫‪ -11‬وليس من شأن هذا التعليم‪ ،‬باعتبار غايته نفسها‪ ،‬أن يحقق تطبيقات العرض‬
‫والطوائف التعليمية الدينية التي تقتضيها تباينات الثقافات‪ ،‬واألعمار‪ ،‬والنضج‬
‫الروحي‪ ،‬والحاالت االجتماعية والكنائسية‪ ،‬عند الذين يتوجه اليهم‪ .‬إنما مرجع هذه‬
‫التطبيقات الضرورية الى التعاليم ال ُمخصصة‪ ،‬واكثر من ذلك إلى الذين يعلّمون‬
‫المؤمنين‪:‬‬
‫«على الذين يُعلّم أن "يصير كالّ للكل" (‪1‬كور ‪ ،)11 :7‬لكي يربح الجموع‬
‫ليسوع المسيح‪ )...( .‬وأحربه أن ال يتوهم بأن نوعا واحدا من النفوس أُوكل إليه‪،‬‬
‫وأنه والحالة هذه من الجائز له أن يُعلم ويُنشّئ بالتساوي جميع المؤمنين على‬
‫التقوى الحقيقية‪ ،‬بطريقة واحدة ال تتغير أبدا! وليحكم جيدا أن بعضهم في يسوع‬
‫المسيح أطفا ٌل حديثو الوالدة‪ ،‬وأن آخرين ال يزالون كالمراهقين‪ ،‬وأخيرا أن بعضا‬
‫منهم كمن يمتلكون جميع قواهم‪ )...( .‬وعلى المدعوين إلى خدمة الكرازة‪ ،‬عند‬
‫نقلهم تعليم األسرار والعقيدة ونُظم الخالق‪ ،‬أن يجعلوا أقوالهم على مستوى ذهنية‬
‫ُمستمعيهم وعقلهم»]‪.[22‬‬

‫فوق كل شيء‪ -‬المحبّة‬

‫‪ -11‬لختام هذه المقدمة يجدر بنا أن نذكر بهذا المبدأ الراعوي الذي يتقدم به التعليم‬
‫المسيحي الروماني‬
‫«يجب أن تُجعل غائية العقيدة والتعليم في المحبة التي ال تسقط أبدا‪ ،‬تلك‬
‫الطريق المثلي التي [‪ ]...‬بينها الرسول بولس‪ .‬إذ إنه من الممكن أن يُحسن عرض‬
‫ما يجب اإليمان به‪ ،‬وارتجاؤه وعمله‪ ،‬ولكن بنوع خاص يجب أبدا إظهار محبة ربنا‬
‫مسيحي كامل المسيحية سوى‬ ‫ٍ‬ ‫حتى يُدرك كل واحد أن ليس ألي عمل فضيل ٍة‬
‫الصدور عن الحب واإلنتهاء في الحب»]‪.[21‬‬ ‫ُّ‬

‫ر‪ :‬أع ‪11/1‬‬ ‫]‪[1‬‬


‫ر ن ك‪2‬‬ ‫]‪[2‬‬
‫ر‪ :‬ن ك ‪28‬‬ ‫]‪[3‬‬
‫ر‪ :‬ن ك ‪28‬‬ ‫]‪[4‬‬
‫]‪ [5‬ر‪:‬ن ك ‪20‬‬
‫]‪ [6‬البيان الختامي‪ 1 ،‬ب‪ ،‬أ ‪ ،‬ع‬
‫]‪ [7‬خطاب ‪2781/21/9‬‬
‫]‪ [8‬سينودس األساقفة ‪ ،2781‬البيان الختامي‪ 1 ،‬ب‪ ،‬أ‪1 ،‬‬
‫]‪ [9‬ر‪ :‬متى ‪01 :23‬؛ رو‪7 :23‬‬
‫]‪ [10‬ر‪ :‬ن ك ‪11-13‬؛ ‪11‬‬
‫]‪ [11‬ت ر‪ ،‬مقدمة ‪22‬‬
‫]‪ [12‬ت ر‪ ،‬مقدمة ‪23‬‬
‫الجزء األ ّول‬
‫االعتراف باإليمان‬
‫القسم األ ّول‪« :‬أُؤ ِمنُ » ‪« -‬نُؤ ِمنُ »‬
‫‪ -19‬عندما نعترف بإيماننا نبدأ القول‪«:‬أُؤمن» أو «نُؤمن»‪ .‬فقبل أن نعرض إيمان‬
‫الكنيسة كما يُعترف به في قانون اإليمان‪ ،‬ويُحتفل به في الليترجيا‪ ،‬ويُعاش في‬
‫العمل بالوصايا والصالة‪ ،‬فلنتساءل ما معنى «آمن»؟ اإليمان إجابة اإلنسان هلل‬
‫الذي يكشف له عن ذاته ويهبها له‪ ،‬وهو في الوقت نفسه يُؤتي اإلنسان نورا فيّاضا‬
‫في بحثه عن معنى الحياة األخير‪ .‬ونحن من ث َّم ننظر أوال في بحث اإلنسان هذا‬
‫(الفصل األول)‪ ،‬ثم في الوحي اإللهي الذي يُالقي فيه هللا اإلنسان (الفصل الثاني)‪،‬‬
‫وأخيرا في جواب اإليمان (الفصل الثالث)‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلنسان «قاد ٌر» على [اإلتصال] باهلل‬

‫‪ -2‬تطلُّب هللا‬

‫ثب هللا رغبةٌمنقوشةٌ في قلب اإلنسان‪ ،‬ألن اإلنسان خيقة من هللا وهلل؛ واله‬ ‫‪ -19‬تطلّ ُ‬
‫يجتذب اإلنسان اليه اجتذابا متواصال‪ ،‬واإلنسان لن يجد الحقيقة والسعادة اللتين‬
‫يسعى إليهما دائما إال في هللا‪:‬‬
‫«إن في دعوة اإلنسان هذه الى االتصال باهلل ألسمى مظهر من مظاهر الكرامة‬
‫البشرية‪ .‬ودعوة هللا هذه التي يوجهها إلى اإلنسان ليقيم معه حوارا تبدأ مع بدء‬
‫الوجود البشري‪ .‬ذلك أن اإلنسان إذا ُوجد فإن هللا خلقه بمحبة‪ ،‬وهو بمحب ٍة يمنحه‬
‫الكينونة على الدوام؛ واإلنسان ال يحيا حياة كاملة بحسب الحق إال إذا اعترف‬
‫اعترافا ُحرا بهذه المحبة وسلم أمره لخالقه»]‪. [1‬‬

‫‪ -18‬عمد البشر‪ ،‬على مدى تاريخهم وإلى اليوم‪ ،‬إلى طرائق متعددة للتعبير عن‬
‫تطلبهم هللا بعقائدهم وسلوكهم الديني (صلوات‪ ،‬ذبائح‪ ،‬عبادات وطقوس‪ ،‬تأمالت‪،‬‬
‫إلخ)‪ .‬وعلى ما قد يكون في هذه الطرائق التعبيرية من مالبسات‪ ،‬فإنها عامة إلى‬
‫ح ّد أننا نستطيع أن نسمي اإلنسان كائنا متدينا‪:‬‬
‫إن هللا «صنع من واح ٍد ك َّل أم ٍة من البشر‪ ،‬ليسكنوا على وجه األرض كلها‪ ،‬محددا‬
‫[لهم] مدى األزمنة وتخوم مساكنهم؛ لكي يطلبوا هللا‪ ،‬لعلهم يجدونه متلمسين‪ ،‬مع‬
‫أنه غير بعي ٍد من كل واح ٍد منا‪ ،‬إذ به نحيا ونتحرك ونوجد» (أع‪.)18-19 :29‬‬

‫‪ -17‬ولكن هذه «العالقة الحميمة والحيوية التي تجمع بين اإلنسان وهللا]‪ » [2‬قد‬
‫ينساها اإلنسان ويتجاهلها أ؟و قد يتوصل الى رفضها رفضا صريحا‪ .‬وقد يكون‬
‫لمثل هذه المواقف أسباب شديدة التنوع]‪ : [3‬الثورة على الشر في العالم‪ ،‬الجهل أو‬
‫الالإكتراث في الدين‪ ،‬هموم العالم وهموم الغنى]‪ ، [4‬سلوك المؤمنين السيئ‪،‬‬
‫التيارات الفكرية المعادية للدين‪ ،‬وأخيرا هذا الموقف الذي يقفه اإلنسان الخاطئ‬
‫فيختبئ‪ ،‬خوفا‪ ،‬من أمام وجه هللا]‪ ، [5‬ويهرب من دعائه]‪. [6‬‬

‫‪« -03‬االبتهاج لقلوب ملتمسي هللا» (مز‪ .)0 :231‬إذا كان بإمكان اإلنسان أن‬
‫ينسى هللا أو يرفضه‪ ،‬فإن هللا ال يفتأ يدعو كل إنسان الى التماسه لكي يحيا ويبلغ‬
‫السعادة‪ .‬إال أن هذا اإللتماس يقتضي من اإلنسان جهد عقله الكامل‪ ،‬واستقامة‬
‫إرادته‪ ،‬و"قلبا مستقيما"‪ ،‬كما يقتضي أيضا شهادة اآلخرين الذين يعلمونه كيف‬
‫يلتمس هللا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫«إنك عظيم يارب‪ ،‬وأهل ألسمي مديح‪ :‬عظيمة قدرتك وليس لحكمتك حد‪.‬‬
‫واإلنسان‪ ،‬هذا الجزء الصغير من خليقتك‪ ،‬يدَّعي مدحك‪ ،‬هذا اإلنسان ذاته‪ ،‬في‬
‫تل ُّبس حاله القابلة الموت‪ ،‬يحمل في ذاته شهادة إثمه‪ ،‬والشهادة على أنَّك تقاوم‬
‫المتكبرين‪ .‬مع ذلك كله‪ ،‬يريد اإلنسان‪ ،‬هذا الجزء الصغير من خليقتك‪ ،‬يريد أن‬
‫يمدحك‪ .‬أنت نفسك تحضه على ذلك‪ ،‬إذ تجعله يجد متعة في تسبيحك‪ ،‬ألنك خلقتنا‬
‫لك‪ ،‬وألن قلبنا ال يجد الراحة إال عندما يستقر فيك»]‪. [7‬‬

‫‪ -1‬المداخل إلى معرفة هللا‬

‫‪ -02‬اإلنسان الذي ُخلق على صورة هللا‪ ،‬ودعي الى معرفة هللا ومحبته‪ ،‬يجد عند‬
‫سبل" للدخول في معرفة هللا؛ وهي تُدعى أيضا "شواهد على‬ ‫التماسه هللا بعض "ال ُّ‬
‫وجود هللا"‪ ،‬ال بمعنى البراهين التي تطلبها العلوم الطبيعية‪ ،‬بل بمعنى "األدلة‬
‫سبل" لِ ُمقاربة هللا‬
‫المتالقية وال ُمقنعة" التي تتيح الوصول الى حقائق ثابتة‪ .‬هذه "ال ُّ‬
‫ي والشخص البشري‪.‬‬ ‫تنطلق من الخليقة‪ :‬العالم الماد ّ‬

‫صيرورة‪ ،‬من إمكان الحدوث‪ ،‬من نظام العالم‬ ‫‪ -01‬العالم‪ :‬انطالقا من الحركة وال َّ‬
‫وجماله‪ ،‬تصبح من الممكن معرفة هللا مبدأ وغاية للكون‪.‬‬
‫القديس بولس يثبت في شأن األمم‪« :‬ما قد يُعرف عن هللا واضح لهم‪ ،‬إذ إن هللا‬
‫[هو نفسه] ق د أوضحه لهم‪ .،‬فإن صفاته غير المنظورة‪ ،‬وال سيما قدرته األزلية‬
‫وألوهيته‪ ،‬تُبصر منذ خلق العالم‪ُ ،‬مدركة بمبرؤاته» (رو‪ . [8])13-27 :2‬والقديس‬
‫أوغسطينوس يقول‪«:‬سائِل جمال األرض‪ ،‬سائِل جمال البحر‪ ،‬سائِل جمال الهواء‬
‫الذي يتمدَّد وينتشر‪ ،‬سائل جمال السماء‪ )...( ،‬سائل هذه الحقائق كلها‪ .‬فتُجيبك‬
‫كلّها‪ :‬أنظُر‪ ،‬نحنُ جميالت‪ .‬وجمالها اعتراف‪ .‬هذه الجماالت القابلة التغير‪ ،‬هل‬
‫صنعها إال الجميل الذي ال يقبل التغير؟» ]‪.[9‬‬

‫‪ -00‬اإلنسان‪ :‬مع انفتاح اإلنسان على الحق والجمال‪ ،‬ومع تحسسه للخير األدبي‪،‬‬
‫وحريته وصوت ضميره‪ ،‬ومع توقه إلى ما ال ينتهي وإلى السعادة‪ ،‬فهو يتساءل‬
‫عن وجود هللا‪ .‬وهو في كل ذلك يلمح إشارات من نفسه الروحانية‪« .‬إن زرع‬
‫الخلود الذي حمله في ذاته‪ ،‬والذي ال ينتهي في المادة»]‪ ، [10‬إن نفسه ال يمكن أن‬
‫يكون مبدأها في غير هللا وحده‪.‬‬
‫‪ -01‬العالم واإلنسان يثبتان أن ليس لهما في ذاتهما مبدأهما األول وال غايتهما‬
‫األخيرة‪ ،‬ولكنهما يشتركان في الكائن بذاته الذي ال مبدأ له وال نهاية‪ .‬وهكذا‬
‫سبل" المختلفة أن يدخل في معرفة وجود حقيقة هي‬ ‫يستطيع اإلنسان بهذه "ال ُّ‬
‫المبدأ األول والغاية األخيرة لكل شيء‪ ،‬وهي «التي يسميها الجميع هللا» ‪.‬‬
‫]‪[11‬‬

‫‪ -01‬إن قوى اإلنسان تجعله قادرا على معرفة وجود إله شخصي‪ .‬ولكن لكي يتمكن‬
‫اإلنسان من الدّخول في ألفة هللا‪ ،‬أراد هللا أن يكشف له عن ذاته‪ ،‬وأن يمنحه النعمة‬
‫التي تمكنه من تقبل هذا الوحي في اإليمان‪ .‬وعلى كل حال‪ ،‬فاألدلة على وجود هللا‬
‫من شأنها أن تُع َّد لإليمان وأن تُساعد على النَّثبُّت في أن ال خالف بين اإليمان‬
‫والعقل البشري‪.‬‬

‫‪ -0‬معرفة هللا في رأي الكنيسة‬

‫‪« -09‬إن أُمنا الكنيسة المقدسة ترى وتُعل ُم أنه من الممكن أن يُعرف هللا‪ ،‬مبدأ كل‬
‫األشياء وغايتها‪ ،‬معرفة يقين بنور العقل اإلنساني الطبيعي انطالقا من األشياء‬
‫المخلوقة]‪ .» [12‬وبدون هذه المقدرة ال يستطيع اإلنسان أن يتقبَّل وحي هللا‪ .‬وهو‬
‫ق «على صورة هللا» (تك‪.)19 :2‬‬ ‫ينعم بهذه المقدرة ألنه مخلو ٌ‬

‫ت كثيرة في‬ ‫‪ -09‬واإلنسان‪ ،‬في الحاالت التاريخية التي يوجد فيها‪ ،‬يُعاني صعوبا ٍ‬
‫اعتماده على نور العقل وحده لمعرفة هللا‪:‬‬
‫صل‪ ،‬بقواه‬‫«وإن كان في استطاعة العقل البشري‪ -‬نقول ذلك في بساطة‪ -‬أن يتو َّ‬
‫الطبيعية ونوره الطبيعي‪ ،‬الى معرفة إله شخصي معرفة حقيقية وثابتة‪ ،‬إله يصون‬
‫العالم ويسوسه بعنايته‪ ،‬والى معرفة ناموس طبيعي جعله الخالق في نفوسنا‪،‬‬
‫فهنالك مع ذلك عقبات كثيرة تحول دون أن يستعمل هذا العقل نفسه طاقته الطبيعية‬
‫استعماال ناجعا وذا فائدة‪ ،‬ألن الحقائق التي تتعلق باهلل وبالبشر تفوق‪ ،‬على وجه‬
‫مطلق‪ ،‬نظام األشياء الحسية‪ ،‬وإذا كانت في سبيل الحصول على مثل هذه الحقائق‬
‫تعاني النفس البشرية صعوبات من قِبل الحواس والمخيلة‪ ،‬كما من قبل الميول‬
‫صوابية‪ ،‬أو على األقل عدم‬ ‫الشريرة بعدم صوابية األشياء التي يتمنون لها عدم ال ّ‬
‫ثباتها»]‪. [13‬‬

‫‪ -08‬ولهذا فاإلنسان بحاجة إلى أن ينيره وحي هللا‪ ،‬ليس في ما يفوق إدراكه‬
‫وحسب‪ ،‬ولكن في أمر «الحقائق الدينية واألخالقية أيضا التي ال يعجز العقل عن‬
‫إدراكها‪ ،‬وذلك لكي تصبح‪ ،‬في الوضع الحالي للجنس البشري‪ ،‬معروفة لدى الجميع‬
‫]‪[14‬‬
‫في غير عُسر‪ ،‬معروفة معرفة أكيدة ثابتة وال يشوبها ضالل»‬
‫‪ -1‬كيف التكلُّ ُم على هللا‬

‫‪ -07‬مع الدفاع عن مقدرة العقل البشري على معرفة هللا‪ ،‬تُعبر الكنيسة عن ثقتها‬
‫في إمكان التكلم على هللا لجميع البشر ومع جميع البشر‪ .‬وهذا االقتناع هو منطلق‬
‫حوارها مع سائر األديان‪ ،‬ومع الفلسفة والعلوم‪ ،‬وكذلك مع الكفرة وال ُملحدين‪.‬‬

‫‪ -13‬وإذ كانت معرفتنا هلل محدودة‪ ،‬فكال ُمنا على هللا محدو ٌد أيضا‪ .‬إننا ال نستطيع أن‬
‫نسمي هللا إال انطالقا من المخلوقات‪ ،‬وعلى طريقتنا البشرية المحدودة في المعرفة‬
‫والتفكير‪.‬‬

‫‪ -12‬في جميع المخلوقات بعض الشبه باهلل‪ ،‬وال سيما اإلنسان المخلوق على‬
‫صورة هللا ومثاله‪ .‬فالكماالت المتعددة في الخالئق (حقيقتها‪ ،‬وصالحها‪ ،‬وجمالها)‬
‫تعكس إذن كمال هللا الالمتناهي‪ .‬ولنا من ث َّم أن نسمي هللا انطالقا من كماالت‬
‫خالئقه‪« ،‬فإنه بعظم المبروءات وجمالها يُبصر ناظرها على طريق المقايسة»‬
‫(حك‪.)1 :20‬‬

‫‪ -11‬هللا يسمو على كل اخليقة‪ .‬فيجب علينا من ث َّم وعلى الدوام تنقية كالمنا من كل‬
‫ما فيه من محدود‪ ،‬و ُمتخيل‪ ،‬وناقص‪ ،‬حتى ال نخلط هللا «الذي ال يفي به وصفٌ ‪ ،‬وال‬
‫يحده عق ٌل‪ ،‬وال يُرى وال يُدرك»]‪ [15‬بتصوراتنا البشرية‪ .‬إن أقوالنا البشرية تظ ُّل‬
‫أبدا دون س ّر هللا‪.‬‬
‫‪ -10‬عندما نتكلم هكذا على هللا‪ ،‬يُعبر كالمنا تعبيرا بشريا‪ ،‬ولكنه في‬
‫الحقيقة يصل إلى هللا نفسه‪ ،‬وإن لم يتمكن مع ذلك من التعبير عنه في النهاية‬
‫بساطته‪ .‬ومن ث ّم يجب أن نتذكر أنه «مهما كان من شب ٍه بين الخالق والمخلوق‪،‬‬
‫فاالختالف بينهما أعظم أيضا»]‪ ، [16‬وأننا «ال نستطيع أن نعرف من هللا ما هو‪ ،‬بل‬
‫ما ليس هو فقط‪ ،‬وكيف تقع الكائنات األُخرى بالنسبة إليه»]‪. [17‬‬

‫بإيجاز‬

‫‪ -11‬اإلنسان بطبيعته وبدعوته كائن متدين‪ .‬وإذ كان اإلنسان آتيا من هللا وذاهبا‬
‫نحوه‪ ،‬فهو ال يحيا حياة بشرية كاملة إال إذا عاش ح ّرا في صلته باهلل‪.‬‬

‫ع لكي يعيش في شركة مع هللا وفيه يجد سعادته‪« :‬عندما أصي ُر‬‫‪ -11‬اإلنسان مصنو ٌ‬
‫بكليّتي فيك أُصبح أبدا في نجا ٍة من الغم والشدة؛ وعندما تصير حياتي مليئة بك‪،‬‬
‫تكون قد بلغت غايتها»]‪. [18‬‬

‫‪ -19‬عندما يُصغي اإلنسانُ الى شهادة المبروءات والى صوت ضميره‪ ،‬يستطيع أن‬
‫يبلغ الى اليقين في ما هو من وجود هللا‪ ،‬مصدر كل شيء وغايته‪.‬‬
‫‪ -19‬الكنيسة تعلم أن هللا الواحد والحقيقي‪ ،‬خالقنا وربنا‪ ،‬تُمكن معرفته معرفة أكيدة‬
‫عن طريق صنائعه بنور العقل البشري الطبيعي]‪. [19‬‬

‫‪ -18‬نستطيع في الحقيقة أن نسمي هللا انطالقا من الكماالت المتعددة في الخالئق‪،‬‬


‫صر تعبيرنا المحدود عن استيعاب س ّره‪.‬‬‫تلك ال ُمماثالت هلل في النهاية كماله‪ ،‬وإن ق َّ‬

‫‪« -17‬الخليقة تتالشى بدون الخالق»]‪ . [20‬ولهذا فالمؤمنون يستشعرون في ذواتهم‬


‫محبّة المسيح تحضهم على أن يحملوا نور هللا الحي الى الذين يجهلونه أو‬
‫يرفضونه‪.‬‬

‫]‪ [1‬ك ع ‪.27‬‬


‫]‪ [2‬ك ع ‪27‬‬
‫]‪ [3‬ر‪ :‬ك ع ‪12-27‬‬
‫]‪ [4‬ر‪ :‬متى‪11 :20‬‬
‫]‪ [5‬ر‪ :‬تك‪23-8 :0‬‬
‫]‪ [6‬ر‪ :‬يون ‪0 :2‬‬
‫]‪ [7‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬اعترافات ‪.2 ،2 ،2‬‬
‫]‪ [8‬ر‪ :‬أع ‪29 ،21 ،21‬؛ ‪18-19‬؛ حك ‪.7-2 :20‬‬
‫]‪ [9‬عظات ‪ :1 ،112‬آ ك ل ‪.2201 ،08‬‬
‫]‪ [10‬ك ع ‪ ،28‬مقطع ‪2‬؛ ر‪ ،21 :‬مقطع ‪.1‬‬
‫]‪ [11‬توما األكويني‪ ،‬خ ل‪.0 ،1 ،2 ،‬‬
‫]‪ [12‬المجمع الفاتيكاني األول‪ ،‬دستور عقائدي «ابن هللا»‪ ،‬ق‪0331 :1‬؛ ر‪ :‬في الوحي‪ ،‬ق‪ :1‬د‪0319‬؛ و ل‪.9‬‬
‫]‪ [13‬بيوس ‪« ،ً12‬الجنس البشري»‪ :‬د‪0891‬‬
‫]‪ [14‬م س‪ :‬د‪0899‬؛ ر‪ :‬م ف‪ ،2‬المرجع المذكور‪ ،‬ق‪ :1‬د‪0331‬؛ و ل‪9‬؛ توما األكويني‪ ،‬خ ل‪.2 ،2 ،2 ،‬‬
‫]‪ [15‬ليترجيا القديس يوحنا الذهبي الفم‪ ،‬األنافور‪.‬‬
‫]‪ [16‬مجمع التران الرابع‪ ،‬فصل‪ ،1‬في ضالل األباتي يواكيم‪ :‬د‪.839‬‬
‫]‪ [17‬توما األكويني‪ ،‬ض َّد الوثنيين ‪.03 ،2‬‬
‫]‪ [18‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬اعترافات ‪.07 ،18 ،23‬‬
‫]‪ [19‬ر‪ :‬م ف‪ ،2‬دستور عقائدي «ابن هللا»‪ ،‬في الوحي‪ ،‬ق‪ :1‬د‪.0319‬‬
‫]‪ [20‬ك ع ‪.09‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬هللا في ُمالقات اإلنسان من ‪90-13‬‬


‫‪ -13‬اإلنسان يستطيع بالعقل الطبيعي أن يعرف هللا معرفة يقينية انطالقا من‬
‫صنائعه‪ .‬إال أن هنالك نظام معرفة آخر يعجز اإلنسان عن بلوغه بقواه الطبيعية‪ ،‬هو‬
‫نظام الوحي اإللهي]‪ . [i‬فإن هللا‪ ،‬بقرا ٍر منه ُح ٍر تماما‪ ،‬يكشف عن ذاته ويهبها‬
‫لإلنسان‪ .‬إنه يقوم بذلك عندما يوحي بسره‪ ،‬بقصده العطوف الذي عقده في المسيح‬
‫منذ األزل لصالح جميع البشر‪ .‬إنه يكشف عن قصده كشفا كامال بإرساله ابنه‬
‫الحبيب‪ ،‬سيدنا يسوع المسيح‪ ،‬والروح القدُس‪.‬‬

‫المقال األ َّول‪ :‬و ْح ُي هللا‬

‫‪ -1‬اهلل يوحي بـ «قصده العطوف»‬


‫‪« -12‬لقد ُحسن لدى هللا‪ ،‬فرط حكمته ومحبته‪ ،‬أن يوحي بذاته ويُعلن س َّر مشيئته‬
‫من أن البشر يبلغون اآلب‪ ،‬في الروح القدس‪ ،‬بالمسيح‪ ،‬الكلمة المتجسد‪،‬‬
‫فيُصبحون شركاءه في الطبيعة اإللهية»]‪. [ii‬‬

‫‪ -11‬إن هللا الذي «يسكن نورا ال يدنى منه» (‪2‬تي‪ )29 :9‬يريد أن يُشرك البشر في‬
‫حياته اإللهية الخاصة‪ ،‬البشر الذين خلقهم بحرية‪ ،‬لكي يجعل منهم‪ ،‬في ابنه‬
‫الوحيد‪ ،‬أبناء بالتبني]‪ . [iii‬فعندما يكشف هللا عن ذاته يريد أن يجعل البشر قادرين‬
‫على االستجابة له‪ ،‬وعلى أن يعرفوه ويحبوه أكثر من كل ما قد يستطيعونه بقواهم‬
‫الذاتية‪.‬‬

‫‪ -10‬إن قصد الوحي اإللهي يتحقق في الوقت نفسه «بأعمال وأقوال وثيقة االرتباط‬
‫في ما بينها‪ ،‬وموضح بعضها للبعض اآلخر»]‪ . [iv‬إنه يقدم على «نظام تربوي‬
‫إلهي» خاص‪ :‬هللا يتصل باإلنسان تدريجيا‪ ،‬يُعده مرحليا لتقبل الوحي الفائق‬
‫الطبيعة الذي يكشف فيه عن ذاته والذي سيبلغ أوجه في شخص الكلمة المتجسد‪،‬‬
‫يسوع المسيح‪ ،‬وفي رسالته‪.‬‬

‫كثيرا ما يتكلم القديس إيريناوس أسقف ليون على هذا النظام التربوي اإللهي في‬
‫تعو ٍد متبادل بين هللا واإلنسان‪« :‬كلمة هللا سكن في اإلنسان وصيَّر ذاته ابنا‬
‫شكل ُّ‬
‫لإلنسان لكي يعود اإلنسان على إدراك هللا‪ ،‬ويعود هللا على الحلول في اإلنسان‪،‬‬
‫وفاقا لما يرتضيه اآلب»]‪. [v‬‬

‫‪ -2‬مراحل الوحي‬

‫من ُذ البدء يُعرفُ هللا بذاته‬


‫‪« -11‬هللا الذي خلق ويحفظُ بالكلمة جميع األشياء‪ ،‬يقدم للبشر في األشياء‬
‫المخلوقة شهادة على ذاته ال تنقطع؛ وإذ أراد فوق ذلك أن يفتح الطريق نحو‬
‫الخالص أسمى‪ ،‬أظهر أيضا ذاته‪ ،‬منذ البدء‪ ،‬ألبوينا األولين»]‪ . [vi‬لقد دعاهما الى‬
‫شركة جميمة مع ذاته ُملبسا إياهما واستقامة متألقتين‪.‬‬

‫‪ -11‬هذا الوحي لم ينقطع بسبب خطيئة أبوينا األ َّولين‪ ،‬فإنَّ هللا‪« ،‬بعد عثرتهما‪،‬‬
‫وعدهما بقدا ٍء‪ ،‬وبعث فيهما الشجاعة عندما أحيا فيهما األمل بالخالص؛ وبغير‬
‫انقطاع أظهر اهتمامه بالجنس البشري‪ ،‬حتى يمنح األبدية لجميع الذين يلتمسون‬
‫الخالص بثباتهم في الصالح»]‪. [vii‬‬
‫سر صداقتك بانحرافه عنك‪ ،‬لم تُسلمه لسلطان الموت‪ )...( .‬لقد عدَّدت‬ ‫«عندما خ ِ‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[viii‬‬
‫معهم العهود»‬

‫العهد مع نوح‬
‫‪ -19‬بعدما تم ّزقت بالخطيئة وحدة الجنس البشري‪ ،‬سعى هللا أوال في تخليص‬
‫البشرية معالجا أجزاءها ُكال على ِحدته‪ .‬فالعهد مع نوح‪ ،‬بعد الطوفان]‪ ، [ix‬تعبير‬
‫عن مبدأ التدبير اإللهي في شأن "األمم"‪ ،‬أي في شأن البشر الذين عادوا الى‬
‫التجميع «بحسب بلدانهم‪ ،‬ك ٌّل بحسب لغته وعشائره» (تك‪. [x])1 :23‬‬

‫‪ -19‬هذا النظام الكوني واالجتماعي والديني معا في تعددية األمم]‪ ، [xi‬هو ُمع ٌّد‬
‫للحد من كبرياء بشرية عاثرة تودُّ‪ ،‬وهي غارقة بمجملها في الفساد]‪ ، [xii‬لو تصنع‬
‫بنفسها وحدتها على طريقة بابل]‪ . [xiii‬ولكن‪ ،‬وبسبب الخطيئة]‪ ، [xiv‬ال يفتأ الشّر ُك‬
‫وتعبّد األمة ورئيسها لألصنام‪ ،‬يُهددان هذا التدبير الموقت بفسا ٍد وثن ّي‪.‬‬

‫‪ -18‬العهد مع نوح قائ ٌم مادام زمن األمم]‪ ، [xv‬إلى أن يع َّم إعالن اإلنجيل‪ .‬والتوراة‬
‫تُشيد ببعض الشخصيات العظيمة في "األمم" من أمثال "هابيل الصديق"‪ ،‬والملك‬
‫الكاهن ملكيصادق]‪ ، [xvi‬صورة المسيح]‪ ، [xvii‬أو اصدّقين "نوح ودنيال وأيوب"‬
‫(حز‪ .)21 :21‬وهكذا فالكتاب المقدس يُعبر عن أي مستوى رفيع من القداسة‬
‫يستطيع أن يصل إليه من يعيشون على حسب العهد مع نوح في انتظار أن «يجمع‬
‫المسيح أبناء هللا المتفرقين الى واحد» (يو‪.)11 :22‬‬

‫هللا يختار إبراهيم‬


‫‪ -17‬إن هللا يختار أبرام لكي يجمع البشريّضة المشتتة‪ ،‬داعيا إيَّاه «إلى خارج‬
‫أرضه وعشيرته وبيت أبيه» (تك ‪ ،)2 :21‬حتى يجعل منه إبراهيم أي «أبا جمهور‬
‫أُمم» (تك‪« :)1 :29‬يتبارك بك جميع عشائر األرض» (تك‪. [xviii])0 :21‬‬
‫‪ -93‬الشع ب سلي إبراهيم المؤتمن على الوعد المقطوع لألجداد‪ ،‬الشعب المختار‬
‫]‪ ،[xix‬المدع َّو إلعداد جميع أبناء هللا يوما في وحدة الكنيسة]‪ [xx‬؛ سيكون الجذر‬
‫الذي يُغرس فيه الوثنيون ال ُمهتدون]‪. [xxi‬‬
‫‪ -92‬األجداد واألنبياء وأشخاص آخرون من العهد القديم كانوا وسيكونون أبدا‬
‫موضوع إجال ٍل كقديسين في جميع تقاليد الكنيسة الليترجية‪.‬‬

‫هللاُ ينشّئ شعبه إسرائيل‬


‫‪ -91‬هللا نشأ‪ ،‬بعد األجداد‪ ،‬إسرائيل شعبا له عندما خلصه من عبودية مصر‪ .‬فعقد‬
‫معه عهد سيناء‪ ،‬وأعطاه‪ ،‬على يد موسى‪ ،‬شريعته‪ ،‬لكي يعرفه ويخدمه إلها واحدا‪،‬‬
‫حيا وحقيقيا‪ ،‬أبا ذا عناية وقاضيا عادال‪ ،‬ولكي ينتظر المخلص الموعود به]‪. [xxii‬‬

‫‪ -90‬إسرائيل هو شعب هللا الكهنوتي]‪ ، [xxiii‬الذي «ألقي عليه اسم الرب» (تث‪:18‬‬
‫‪ .)23‬إنه شعب أولئك الذين «تكلم هللا إليهم أوال»]‪ ، [xxiv‬شعب "اإلخوة األبكار"‬
‫في إيمان إبراهيم]‪. [xxv‬‬

‫‪ -91‬باألنبياء نشأ هللا شعبه على رجاء الخالص‪ ،‬على انتظار عهد جديد وأبدي ُمع ٍد‬
‫لجميع البشر]‪ ، [xxvi‬ومكتوب على قلوبهم]‪ . [xxvii‬واألنبياء يبشرون بفداء جذري‬
‫لشعب هللا‪ ،‬بتطهيره من جميع مخالفاته]‪ ، [xxviii‬بخالص يشمل جميع األمم]‪. [xxix‬‬
‫وسيكون البؤساء ودعاء الرب]‪ [xxx‬أكثر من يحملون هذا الرجاء‪ .‬النساء القديسات‬
‫من أمثال سارة‪ ،‬ورفقة‪ ،‬وراحيل‪ ،‬ومريام‪ ،‬ودبوره‪ ،‬وحنّة‪ ،‬ويهوديت‪ ،‬وإستر‪،‬‬
‫هؤالء حافظن على رجاء خالص إسرائل حيا‪ .‬ووجه مريم هو أشد الوجوه نقاء‬
‫]‪.[xxxi‬‬

‫‪ -3‬المسيح يسوع «وسيط كل الوحي وكماله»‬


‫]‪[xxxii‬‬

‫هللا قال ك َّل شيء في كلمته‬


‫‪« -91‬إن هللا بعد إذ كلم اآلباء قديما باألنبياء مرارا عديدة وبشتى الطرق‪ ،‬كلمنا‬
‫نحن‪ ،‬في هذه األيّام األخيرة‪ ،‬باالبن» (عب‪ .)1-2 :2‬فالمسيح‪ ،‬ابن هللا الذي صار‬
‫إنسانا‪ ،‬هو كلمة اآلب الوحيدة والكاملة والتي ال يمكن أن يفوقها شيء‪ .‬فيه يقول‬
‫ك َّل شيء‪ ،‬ولن تكون كلمة أخرى غير هذه‪ .‬والقديس يوحنا الصليب‪ ،‬بعد كثيرين‬
‫غيره‪ ،‬يعبر عن ذلك بطريقة نورانية وهو يفسر عب‪:1-2 :2‬‬
‫«إذ أعطنا هللا ابنه‪ ،‬الذي هو كلمته‪ ،‬لم يبق لديه كلمة أخرى يعطيناها‪ .‬لقد قال لنا‬
‫كل شيء معا ودفعة واحدة في هذه الكلمة الوحيدة‪ ،‬وليس له شيء آخر يقوله‬
‫(‪)...‬؛ ألن ما كان يقوله أجزاء في األنبياء قاله كامال في ابنه‪ ،‬عندما أعطانا هذا‬
‫الك َّل الذي هو ابنه‪ .‬ولهذا فمن يو ُّد اآلن أن يسأله‪ ،‬أو يرج رؤيا أو وحيا‪ ،‬فإنه ال‬
‫يركب مركب جنو ٍن وحسب‪ ،‬بل يهين هللا لكونه ال يُلقي بنظره على المسيح وحده‪،‬‬
‫س أمرا آخر‪ ،‬أو أمرا جديدا»]‪. [xxxiii‬‬
‫غير ملتم ٍ‬

‫لن يكون وح ٌي آخر‬


‫المسيحي هو العهد الجديد والنهائي‪ ،‬فهو غير زائل أبدا‪ ،‬ولن‬
‫ُّ‬ ‫‪« -99‬إذ كان التدبير‬
‫عني جديد‪ ،‬إلى أن يتجلى ربُّنا يسوع المسيح في مجده»‬
‫ُّ‬ ‫يُرتقب بعده وح ٌي آخ ُر‬
‫]‪ .[xxxiv‬ومع ذلك‪ ،‬وإن أتى الوحي على تمامه‪ ،‬فهو لم يت ّم اإلفصاح الكامل عن‬
‫مضمونه؛ فيبقى على اإليمان المسيح أن يُدرك عبر األجيال وتدريجيا ما ينطوي‬
‫عليه من فحوى‪.‬‬

‫سلطة الكنيسة ببعض‬ ‫‪ -99‬شهدت األجيال حاالت وحي دُعيت "خاصة"‪ ،‬واعترفت ُ‬
‫منها‪ ،‬إال أن هذا البعض ال يُع ُّد من وديعة اإليمان‪ .‬وليس من شأنه أن "يُحسن" أو‬
‫"يُكمل" وحي المسيح النهائي‪ ،‬بل أن يساعد على الحياة فيه بطريق ٍة أوفى في‬
‫حس المؤمنين‬
‫ُّ‬ ‫مرحل ٍة من مراحل التاريخ‪ .‬وبقيادة سلطة الكنيسة التعليمية يعرف‬
‫أن يميز ويتقبل ما يكون في حاالت الوحي هذه دعوة صحيحة للكنيسة من المسيح‬
‫أو من قديسيه‪.‬‬
‫إن اإليمان المسيحي ال يستطيع أن يتقبل "وحيا" يدّعي أنه يفوق أو يُصحح الوحي‬
‫الذي كان الكسيح نهايته‪ .‬تلك حال بعض األديان غير المسيحية وكذلك حال بعض‬
‫البدع الحديثة التي تقوم على مثل هذا "الوحي"‪.‬‬

‫بإيجاز‬

‫‪ -98‬بدافع المحبة كاشف هللا بنفسه وأعطاه ذاته‪ .‬وهو يقدم بذلك جوابا نهائيا‬
‫ومستفيضا عن ا ألسئلة التي يطرحها اإلنسان على نفسه في موضوع معنى حياته‬
‫وغايتها‪.‬‬

‫بأعمال‬
‫ٍ‬ ‫‪ -97‬كاشف هللا اإلنسان بنفسه وهو يُلقي إليه بس ّره الخاص تدريجيا وذلك‬
‫وأقوال‪.‬‬

‫‪ -93‬باإلضافة الى الشهادة التي يقدمها هللا عن ذاته في األشياء المخلوقة‪ ،‬كاشف‬
‫أبوينا األولين بنفسه‪ .‬لقد خاطبهما‪ ،‬وبعد العثرة‪ ،‬وعدهما بالخالص]‪ [xxxv‬وقدم‬
‫لهما عهده‪.‬‬

‫‪ -92‬أبرم هللا مع نوح عهدا أبديا ما بينه وبين كل نفس حي]‪ [xxxvi‬؛ ولسوف يدوم‬
‫ما دام في العالم‪.‬‬

‫‪ -91‬اختار هللا إبراهيم وقطع عهدا معه ومع نسله‪ .‬ومن إبراهيم ونسله أنشأ شعبه‬
‫الذي أوحى إليه بشريعته بوساطة موسى‪ .‬فأعده باألنبياء لتقبل الخالص الذي‬
‫ُخصت به البشريَّة كلها جمعاء‪.‬‬

‫‪ -90‬وقد أوحى هللا بنفسه الوحي الكامل عندما أرسل ابنه الخاص الذي أقام فيه‬
‫عهده الى األبد‪ .‬وهو كلمة اآلب النهائية‪ ،‬بحيث ال يكون بعده وح ٌي آخر‪.‬‬
‫]‪ [i‬ر‪ :‬م ف ‪ ،1‬دستور عقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :1‬د‪. 0321‬‬
‫]‪ [ii‬و ل ‪1‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪ :‬أف‪1-1 :2‬‬
‫]‪ [iv‬و ل ‪1‬‬
‫]‪ [v‬الر ّد على الهرطقات ‪1 ،0،13‬؛ ر‪ :‬مثال م س ‪2 ،29 ،0‬؛ ‪1 ،21 ،1‬؛ ‪.0 ،12 ،1‬‬
‫]‪ [vi‬و ل ‪0‬‬
‫]‪ [vii‬و ل ‪0‬‬
‫]‪ [viii‬ق ر‪ ،‬صالة إفخارستية ‪228 ،1‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬تك‪7 :7‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬تك ‪02-13 :23‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬أع‪19-19 :29‬‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬حك‪1 :23‬‬
‫]‪ [xiii‬ر‪ :‬تك‪9-1 :22‬‬
‫]‪ [xiv‬ر‪ :‬رو‪11-28 :2‬‬
‫]‪ [xv‬ر‪ :‬لو‪11 :12‬‬
‫]‪ [xvi‬ر‪ :‬تك‪28 :21‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬عب‪0 :9‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬غل‪8 :0‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬رو‪18 :22‬‬
‫]‪ [xx‬ر‪ :‬يو‪11 :22‬؛ ‪29 :23‬‬
‫]‪ [xxi‬ر‪ :‬رو‪11 ،28-29 :22‬‬
‫]‪ [xxii‬ر‪ :‬و ل‪0‬‬
‫]‪ [xxiii‬ر‪ :‬خر‪9 :27‬‬
‫]‪ [xxiv‬ر‪ :‬ق ر‪ ،‬الجمعة العظيمة‪ :20‬طلبة جامعة ‪9‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬يوحنا بولس الثاني‪ ،‬خطاب في المجمع في لقائه مع الجماعة اليهودية لمدينة رومة‬
‫(‪ :1 ،)2789/1/20‬تعاليم يوحنا بولس الثاني ‪.2319 ،2 ،22‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪ :‬أش‪1-1 :1‬‬
‫]‪ [xxvii‬ر‪ :‬إر‪01-02 :02‬؛ عب‪29 :23‬‬
‫]‪ [xxviii‬ر‪ :‬حز‪09‬‬
‫]‪ [xxix‬ر‪ :‬أش‪9-1 :17‬؛ ‪22 :10‬‬
‫]‪ [xxx‬ر‪ :‬صف‪0 :1‬‬
‫]‪ [xxxi‬ر‪ :‬لو‪08 :2‬‬
‫]‪ [xxxii‬ر‪ :‬و ل‪1‬‬
‫]‪ [xxxiii‬كرمل ‪1-0 ،11 ،1‬‬
‫]‪ [xxxiv‬و ل ‪1‬‬
‫]‪ [xxxv‬ر‪ :‬تك‪21 :0‬‬
‫]‪ [xxxvi‬ر‪ :‬تك‪29 :7‬‬
‫المقال الثاني‪ :‬تناقُ ُل الوحي اإلله ّي‬

‫‪ -91‬هللا «يريد أن جميع الناس يخلصون ويبلغون الى معرفة الحق» (‪2‬تي‪)1 :1‬‬
‫أي معرفة المسيح يسوع]‪ . [i‬فيجب إذن أن يُبشَّر بالمسيح جميع الشعوب وجميع‬
‫البشر‪ ،‬وأن يصل هكذا الوحي إلى أقاصي العالم‪:‬‬
‫«إن هللا الذي كشف حقائق الوحي لتخلُص به جميع األمم‪ ،‬عاد فمن عليهم أيضا‬
‫ت مالئمة‪ ،‬لكي يحافظ هذا الوحي على عصمته حتى منتهى الدهور‪ ،‬ويتمكن‬ ‫بترتيبا ٍ‬
‫من الوصول‪ ،‬عبر تناقله‪ ،‬إلى جميع األجيال» ‪.‬‬
‫]‪[ii‬‬

‫سولي‬
‫الر ّ‬‫‪ -1‬التقـليد َّ‬
‫‪« -91‬المسيح السيد الذي فيه يكتمل ك ُّل وحي هللا العلي‪ ،‬بعد أن حقق في حياته‬
‫وأعلن بلسانه اإلنجيل الذي مهد له األنبياء بمواعيدهم‪ ،‬أمر رسله أن يبشروا‬
‫الناس أجميعين بهذا اإلنجيل‪ ،‬منبعا لكل حقيقة خالصية‪ ،‬لكل نظام خلُقي‪ ،‬ويسبغوا‬
‫هكذا على الجميع المواهب اإللهية»]‪. [iii‬‬

‫الكرازة الرسولية ‪...‬‬


‫‪ -99‬نق ُل اإلنجيل‪ ،‬وفقا ألمر الرب‪ ،‬جرى على وجهين‪:‬‬
‫شفويا‪« :‬على لسان الرسل الذين نقلوا‪ ،‬عن طريق بشارتهم الشفوية‪ ،‬أو سيرتهم‬
‫النموذجية‪ ،‬أو تنظيمهم القانوني‪ ،‬كل ما تسلموه من المسيح من كالم سمعوه‪ ،‬أو‬
‫ش ألِفوه‪ ،‬أو أعمال عاينوها‪ .‬كما نقلوا أيضا كل ما تلقنوه من إيحاءات الروح‬ ‫عي ٍ‬
‫القدس»‪.‬‬
‫بإلهام‬
‫ٍ‬ ‫كتابة‪« :‬على يد هؤالء الرسل ومعاونيهم الذين د ّونوا بشارة الخالص هذه‪،‬‬
‫من الروح القدس عينه»]‪. [iv‬‬

‫‪ُ ...‬مواصلةٌ في التعاقب ال َّرسول ّي‬


‫‪« -99‬لكي تحافظ بشارة اإلنجيل على نقاوتها وحيوتها بال انقطاع‪ ،‬استخلف الرسل‬
‫أساقفة»‪« ،‬وقلدوهم ما كانوا يضطلعون به من مسؤولية التعليم]‪« . [v‬وهكذا‪ ،‬ترتب‬
‫ص األسفار الملهمة‪ ،‬أن تُحفظ‬ ‫على الكرازة الرسولية التي تعبر عنها بنوع خا ٍ‬
‫ب غير منقطع حتى منتهى الدهر»]‪. [vi‬‬ ‫سالمة‪ ،‬بتعاق ٍ‬
‫‪ -98‬هذا النقل الحي‪ ،‬الذي يتم في الروح القدس‪ ،‬يُدعى التقليد في كونه‬
‫متميزا من الكتاب المقدس وان كان وثيق االرتباط به‪ .‬به «تواصل الكنيسة ابدا‪ ،‬في‬
‫تعليمها وحياتها وعبادتها‪ ،‬وتنقل إلى كل جيل كل ما هي عليه‪ ،‬وكل ما تؤمن به»‬
‫]‪« .[vii‬إن تعليم اآلباء القديسين يشهد على حضور هذا التقليد حضورا محييا‪ :‬فهو‬
‫يتحول بثروته كلها إلى عمل وحيا ٍة في الكنيسة‪ ،‬عند ممارستها اإليمان وإقامتها‬
‫الصالة»]‪. [viii‬‬
‫‪ -97‬وهكذا فالمكاشفة التي كشف فيها اآلب عن ذاته‪ ،‬بكلمته‪ ،‬في الروح القدس‪،‬‬
‫هذه المكاشفة ال تزال حاضرة وفاعلة في الكنيسة‪« :‬إن هللا الذي أسمع صوته قديما‬
‫مازال يتجاذب الحديث مع عروس ابنه الحبيب‪ ،‬والروح القدس الذي جعل صوت‬
‫اإلنجيل يدوي في الكنيسة‪ ،‬ومنها في العالم كله‪ ،‬يُدخل المؤمنين في الحقيقة كلها‪،‬‬
‫ويمكن كالم المسيح من االستقرار في قلوبهم بوفرة»]‪. [ix‬‬

‫‪ -2‬العالقة بين التقـليد والكتاب المقدس‬

‫ينبوع واحد مشترك ‪...‬‬


‫‪« -83‬التقليد المقدس والكتاب المقدس ُمرتبطان أحدهما باآلخر‪ ،‬ومتصالن اتصاال‬
‫صح القول‪ ،‬إال ُكال‬
‫َّ‬ ‫وثيقا؛ إذ انهما ينبجسان من ينبوع إلهي واحد‪ ،‬وال يؤلفان‪ ،‬إذا‬
‫واحدا‪ ،‬ويسعيان الى غاية واحدة»]‪ . [x‬هذا وذاك يجعالن س ّر المسيح في الكنيسة‬
‫حاضرا وخصبا‪ ،‬المسيح الذي وعد بأن يمكث مع خاصته «أبدا‪ ،‬إلى منتهى العالم»‬
‫(متى‪.)13 :18‬‬

‫‪ ...‬طريقتان للنقل متميزتان‬


‫بإلهام من الروح‬
‫ٍ‬ ‫‪« -82‬الكتاب المقدس هو كلمة هللا من حيث إنها مد َّونةٌ كتابة‬
‫القدس»‪« .‬أما التقليد المقدس فإنه يحمل كلمة هللا التي ألقى بها المسيح السيد‬
‫الرسل‪ ،‬وينقلها بحذافيرها إلى خلفائهم‪ ،‬حتى إذا كرزوا بها‪،‬‬ ‫والروح القدس إلى ُّ‬
‫وهم في غمرة أنوار روح الحق‪ ،‬يحافظون عليها‪ ،‬ويعرضونها وينشرونها بأمانة»‬
‫]‪.[xi‬‬

‫‪ -81‬ينتج من ذلك أن الكنيسة التي أُو ِدعت نقل الوحي وتفسيره‪« ،‬ال تقتصر على‬
‫الكتاب المقدس في الوصول إلى يقينها في جميع نقاط الوحي‪ .‬ولهذا فمن الواجب‬
‫تقبُّلهما وتوقيرهما كليهما بنفس عاطفة المحبة واالحترام»]‪. [xii‬‬

‫تقليد رسولي وتقاليد كنسيّة‬


‫‪ -80‬التقليد الذي نتكلم عليه هنا يصدر عن الرس‪ ،‬وينقل ما أُلقِي إليهم من تعليم‬
‫يسوع ومثله وما لقِنُوه من الروح القدس‪ .‬فلم يكن بعد لدى جيل المسيحيين األول‬
‫عهد جديد مكتوب‪ ،‬والعهد الجديد نفسه يُثبت نهج التقليد الحي‪.‬‬
‫يجب أن نُميَّز منه "التقاليد" الالهوتية‪ ،‬والتنظيمية‪ ،‬والليترجية أو الت ُّعدية التي‬
‫صيغا خاصة يستمد منها‬ ‫ِ‬ ‫نشأت عبر األزمان في الكنائس المحلية‪ .‬إنها تؤلّفُ‬
‫التقليد الكبير تعبيرات توافق األمكنة المختلفة والعصور المختلفة‪ .‬وهي ال تستطيع‬
‫الدّيمومة إال في نوره‪ ،‬مبدَّلة أو ُمهملة في حكم سلطة الكنيسة التعليمية‪.‬‬
‫‪ -3‬تفسير وديعة اإليمان‬

‫وديعة اإليمان معهو ٌد فيها إلى كامل الكنيسة‬


‫‪ -81‬وديعة اإليمان]‪ [xiii‬المحتواة في التقليد المقدس وفي الكتاب المقدس ع ِهد فيها‬
‫الرسل إلى مجمل الكنيسة‪« .‬إن شعب هللا المقدس كلّه‪ ،‬بارتباطه به‪ ،‬في اتحاده‬ ‫ُّ‬
‫برعاته‪ ،‬يظل شديد األمانة لتعليم الرسل وللشركة األخوية‪ ،‬لكسر الخبز وللصلوات‪،‬‬
‫الرعاة‬
‫بحيث يقوم‪ ،‬بالحفاظ على اإليمان المنقول وممارسته واالعتراف به‪ ،‬بين ُّ‬
‫والمؤمنين وحدة روح فريدة»]‪. [xiv‬‬

‫سلطة الكنيسة التَّعليميَّة‬


‫‪« -81‬مهمة تفسير كلمة هللا‪ ،‬المكتوبة أو المنقولة‪ ،‬تفسيرا أصيال‪ ،‬عُهد فيها إلى‬
‫سلطة الكنيسة التعليمية الحية وحدها‪ ،‬تلك التي تمارس سلطانها باسم يسوع‬
‫المسيح»]‪ ، [xv‬أي إلى األساقفة الذين هم في شركة مع خليفة بطرس‪ ،‬أسقف‬
‫رومة‪.‬‬

‫‪ « -89‬إال أن هذه السلطة التعليمية ليست فوق كلمة هللا‪ ،‬ولكنها في خدمتها‪ ،‬فال‬
‫تُعلم إال ما نُقل‪ ،‬إذ إنها‪ ،‬بتفويض من هللا وبعون الروح القدس‪ ،‬تُصغي لهذه الكلمة‬
‫بمحبة‪ ،‬وتحافظ عليها بتقديس‪ ،‬وتعرضها أيضا بأمانة‪ ،‬وتستقي من هذه الوديعة‬
‫اإليمانية الوحيدة كل ما تتقدم به لإليمان على أنه من وحي هللا»]‪. [xvi‬‬
‫‪ -89‬وإذ يذكر المؤمنون كلمة المسيح لرسله‪«:‬من س ِمع منكم س ِمع مني» (لو‪:23‬‬
‫بصيغ‬
‫ٍ‬ ‫بخضوع التعاليم والتوجيهات التي يُلقيها عليهم ُرعاتهم‬
‫ٍ‬ ‫‪ ، [xvii])29‬يتقبلون‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫عقائد اإليمان‬
‫‪ -88‬سلطة الكنيسة التعليمية تستعمل ملء االستعمال السلطة التي تقبلتها من‬
‫المسيح‪ ،‬عندما تُحدد عقائد إيمانية‪ ،‬أي عندما تعرض‪ ،‬على وج ٍه يُلزم الشعب‬
‫باعتناق إيماني ُمبرم‪ ،‬لحقائق يحتويها الوحي اإللهي‪ ،‬أو عندما تعرض‬
‫ٍ‬ ‫المسيحي‬
‫بوج ٍه نهائي لحقائق لها بتلك الحقائق عالقةٌ جوهرية‪.‬‬

‫‪ -87‬توجد بين حياتنا الروحية والعقائد عالقة عضوية‪ .‬العقائد أنوار في طريق‬
‫إيماننا‪ ،‬تنيره وتوطده‪ .‬وبعكس ذلك‪ ،‬إذا كانت حياتنا مستقيمة كان عقلُنا وقلبنا على‬
‫انفتاح لتقبل نور العقائد اإليمانية]‪. [xviii‬‬

‫‪ -73‬روابط العقائد المتبادلة وتوافقهما يمكن الوقوع عليها في ُمجمل وحي س ّر‬
‫المسيح]‪ . [xix‬إذ يجب التذكر «أن التنوع في عالقتها مع أسس اإليمان المسيحي‬
‫نظام أو "هرمية" في حقائق العقيدة الكاثوليكية» ]‪.[xx‬‬
‫ٍ‬ ‫يدل على‬
‫الحس الفائق الطبيعة لإليمان‬
‫ّ‬
‫‪ -72‬لجميع المؤمنين نصيب في فهم الحقيقة الموحى بها ونقلها‪ .‬لقد تقبلور مسحة‬
‫الروح القدس التي تعلمهم]‪ [xxi‬وترشدهم «إلى الحقيقة كلها» (يو‪.)20 :29‬‬

‫‪« -71‬من غير الممكن أن تضل مجموعة المؤمنين في اإليمان‪ ،‬وهي تُظهر هذه‬
‫حس الشعب بكامله‬‫ُّ‬ ‫سس الفائق الطبيعة لإليمان الذي هو‬ ‫الصفة بوساطة التح ُّ‬
‫عندما يُولي كلُّه‪ ،‬من األساقفة إلى آخر المؤمنين العلمانيين‪ ،‬الحقائق المتعلقة‬
‫باإليمان واألخالق‪ ،‬قبوال شامال»]‪. [xxii‬‬

‫‪ « -70‬فبفضل حس اإليمان هذا الذي يوقظه ويدعمه روح الحق‪ ،‬وبإرشاد السلطة‬
‫سكا ثابتا باإليمان المنقول إلى القديسين‬
‫التعليمية المقدسة (‪ )...‬يتمسك شعب هللا تم ُّ‬
‫نقال نهائيا‪ ،‬ويدخل إلى أعماقه دخوال أوفى‪ ،‬عامال على تفسيره كما ينبغي‪ ،‬ويطبقه‬
‫في حياته تطبيقا أكمل»]‪. [xxiii‬‬

‫النمو في فهم اإليمان‬


‫‪ -71‬من الممكن‪ ،‬بفضل رعاية الروح القدس‪ ،‬أن ينمو‪ ،‬في حياة الكنيسة‪ ،‬فهم‬
‫حقائق التُراث اإليماني وأقواله‪:‬‬
‫؛ وال سيّما «البحث‬ ‫]‪[xxiv‬‬
‫‪« -‬بتأمل المؤمنين وتبحرهم اللذين يُجرونها في قلبهم»‬
‫الالهوتي الذي يُعمق معرفة الحقيقة الموحى بها»]‪ [xxv‬؛‬
‫‪« -‬باإلدراك الداخلي لألمور الروحانية الذي يعرض للمؤمنين»]‪ [xxvi‬؛ «تنمو‬
‫األقوال اإللهية والذي يقرأها معا»]‪ [xxvii‬؛‬
‫‪« -‬بكرازة أولئك الذين نالوا‪ ،‬مع التعاقب األسقفي‪ ،‬موهبة الحقيقة على وج ٍه ثابت»‬
‫]‪.[xxviii‬‬

‫‪« -71‬من الواضح إذن أن التقليد المقدس‪ ،‬والكتاب المقدس‪ ،‬وسلطة الكنيسة‬
‫التعليميّة‪ ،‬بتدبير الهي ج ّد حكيم‪ ،‬هي على ترابط وتضامن وثيقين فيما بينهما‪ ،‬الى‬
‫ح ّد أن واحدة من هذه الحقائق ال تثبت بدون األخرى‪ ،‬وأن جميعها معا‪ ،‬وكل واحدة‬
‫على طريقتها‪ ،‬بفعل الروح القدس‪ ،‬تُسهم في خالص النفوس إسهاما ف ّعاال»]‪. [xxix‬‬

‫بإيجاز‬
‫بإلهام من الروح القدس‬
‫ٍ‬ ‫الرسل نقلوه بكرازتهم وبالكتابة‪،‬‬
‫المسيح ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -79‬إن ما أودع‬
‫إلى جميع األجيال‪ ،‬حتى عودة المسيح المجيدة‪.‬‬
‫]‪[xxx‬‬
‫‪« -79‬يؤلف التقليد المقدس والكتاب المقدس وديعة واحدة مقدسة لكلمة هللا»‬
‫تتأمل فيها الكنيسة الرحالة‪ ،‬كما في مرآة‪ ،‬هللا ينبوع جميع الثروات‪.‬‬
‫‪« -78‬كل ما تقوم عليه الكنيسة‪ ،‬وكل ما تؤمن به‪ ،‬تحتفظ به أبدا وتنقله‪ ،‬في‬
‫عقيدتها وحياتها وعبادتها‪ ،‬إلى كل جيل»]‪. [xxxi‬‬

‫‪ -77‬ال يفتأ ُ شعب هللا ك ُّله‪ ،‬بفض حسه الفائق الطبيعة لإليمان يتقبَّل هبة الوحي‬
‫اإللهي‪ ،‬ويتعمق فيها على نح ٍو أفضل‪ ،‬ويحيا على نح ٍو أوفى‪.‬‬

‫‪ُ -233‬مهمة تفسير كلمة هللا تفسيرا أصيال ُع ِهد فيها إلى سلطة الكنيسة التعليمية‬
‫وحدها‪ ،‬إلى البابا واألساقفة الذين في شرك ٍة معه‪.‬‬

‫]‪ [i‬ر‪ :‬يو ‪9 :21‬‬


‫]‪ [ii‬ول ‪9‬‬
‫]‪ [iii‬و ل ‪9‬‬
‫]‪ [iv‬و ل ‪9‬‬
‫]‪ [v‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [vi‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [vii‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [viii‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [ix‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [x‬و ل ‪7‬‬
‫]‪ [xi‬و ل ‪7‬‬
‫]‪ [xii‬و ل ‪7‬‬
‫]‪ [xiii‬ر‪2 :‬تي‪13 :9‬؛ ‪1‬تي‪21-21 :2‬‬
‫]‪ [xiv‬و ل ‪23‬‬
‫]‪ [xv‬و ل ‪23‬‬
‫]‪ [xvi‬و ل ‪23‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬ك‪13‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬يو‪01-02 :8‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬م ف‪ :2‬الدستور العقائدي «ابن هللا»‪ ،‬ق‪ :1‬د‪( :0329‬عقدة األسرار)؛ ك‪.11‬‬
‫]‪ [xx‬ح م‪22‬‬
‫]‪ [xxi‬ر‪2 :‬يو‪19 ،13 :1‬‬
‫]‪ [xxii‬ك‪21‬‬
‫]‪ [xxiii‬ك‪21‬‬
‫]‪ [xxiv‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [xxv‬ك ع ‪91‬؛ ر‪1 ،11 :‬؛ و ل ‪10‬؛ ‪ ،11‬ح م ‪.1‬‬
‫]‪ [xxvi‬و ل‪8‬‬
‫]‪ [xxvii‬القديس غريغوريوس الكبير‪ ،‬عظات في حزقيال ‪.8 ،9 ،2‬‬
‫]‪ [xxviii‬و ل ‪8‬‬
‫]‪ [xxix‬و ل‪0 ،23‬‬
‫]‪ [xxx‬و ل‪23‬‬
‫]‪ [xxxi‬و ل‪8‬‬
‫المقال الثالث‪ :‬الكتاب المقدس‬

‫المسيح كلمةُ الكتاب المقدس الوحيدة‬


‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -232‬عندما يتنازل هللا في صالحه ويُكاشف البشر بنفسه يُكلمهم بكلمات‬
‫بشرية‪«:‬وهكذا فان كالم هللا‪ ،‬وقد عبرت عنه ألسنةٌ بشرية‪ ،‬صار شبيها بكالم‬
‫البشر‪ ،‬كما أن كلمة اآلب األزلي‪ ،‬عندما تلبس بوهن جسدنا صار شبيها بالبشر»‬
‫]‪.[1‬‬

‫‪ -231‬في جميع أقوال الكتاب المقدس ال يقول هللا إال كلمة واحدة‪ ،‬كلمته الوحيدة‬
‫]‪[2‬‬
‫الذي يقوول فيه كل ما هو‪:‬‬
‫«أُذكروا أن كلمة هللا الواحدة هي نفسها تنتشر في جميع الكتابات المقدسة‪ ،‬وأن‬
‫كلمة هللا الواحد نفسه يدوي على ألسنة جميع كتّاب الوحي‪ .‬هو الذي كان في البدء‬
‫خاضع للزمن»]‪. [3‬‬
‫ٍ‬ ‫هللا عند هللا‪ ،‬لم يكن من ث َّم بحاج ٍة إلى مقاطع تعبيرية لكونه‬

‫‪ -230‬ولهذا فالكنيسة قد أحاطت دوما الكتب اإللهية باإلجالل الذي تحيط به أيضا‬
‫جسد الرب‪ .‬وهي ال تفتأ تقدم للمؤمنين خبز الحياة من على مائدة كلمة هللا وجسد‬
‫المسيح]‪. [4‬‬

‫‪ -231‬في الكتاب المقدس تجد الكنيسة على الدوام غذاءها وق َّوتها]‪ ، [5‬إذ إنها ال‬
‫تتلقى فيه كلمة بشرية وحسب‪ ،‬بل تتلقاه هو في حقيقته‪ ،‬أي كلمة هللا]‪« . [6‬ففي‬
‫الكتب المقدسة يبادر اآلب الذي في السماوات‪ ،‬بحن ٍو عظيم‪ ،‬إلى لقاء أبنائه‬
‫والتحادث معهم»]‪. [7‬‬

‫‪ -2‬وحي الكتاب المقدس وحقيقته‬


‫‪ -231‬هللا هو واضع الكتاب المقدس‪« .‬إن الحقيقة الموحى بها إلهيا‪ ،‬التي تحتويها‬
‫وتقدمها أسفار الكتاب المقدس قد دُونت فيها بإلهام من الروح القدس»‪.‬‬
‫«والكنيسة أُمنا المقدسة‪ ،‬من جراء إيمانها ال َّرسولي‪ ،‬تعد جميع األسفار في كال‬
‫العهدين القديم والجديد مقدسة وقانونية بجميع أجزائها‪ ،‬إذ انها دُونت بإلهام من‬
‫الروح القدس‪ ،‬وكان هللا من ث َّم واضعها‪ ،‬وعلى هذا نفسه نُقلت إلى الكنيسة‬
‫نفسها»]‪. [8‬‬

‫‪ -239‬لقد ألهم هللا كتاب الكتب المقدسة البشريين‪« .‬ولكي يضع هللا هذه الكتب‬
‫المقدسة‪ ،‬اختار أُناسا استعان بهم‪ ،‬وهم في ملء عمل قواهم ووسائلهم‪ ،‬فع ِمل هو‬
‫نفسه فيهم وبهم‪ ،‬لكي يُدونوا كتابة‪ ،‬كمؤلفين حقيقيين‪ ،‬كل ما كان متّفقا ورغبته‪،‬‬
‫وهذا فقط دون سواه»]‪. [9‬‬
‫‪ -239‬كتب الوحي تعلم الحقيقة‪« .‬وبما أن كل تأكيدات المؤلفين ال ُملهمين‪ ،‬أي كتّاب‬
‫األمور المقدسة‪ ،‬يجب اعتبارها تأكيدات الروح القدس‪ ،‬فالبد من اإلعالن بأن أسفار‬
‫الكتاب المقدس تعلم الحقيقة التي أراد هللا أن يراها مدونة ألجل خالصنا في الكتاب‬
‫المقدس‪ ،‬تعليما ثابتا وأمنيا ومعصوما من الخطأ»]‪. [10‬‬

‫‪ -238‬ومع ذلك فليس اإليمان المسيحي "دين الكتاب"‪ .‬إن المسيحية هي دين‬
‫"كلمة" هللا‪« ،‬ال دين كلمة مكتوبة وخرساء‪ ،‬بل دين الكلمة المتجسد والحي»]‪. [11‬‬
‫ولكي ال يبقى الكتاب المقدس حرفا ميتا‪ ،‬البد للمسيح‪ ،‬كلمة هللا الحي األزلية‪ ،‬من‬
‫أن ينفتح‪ ،‬بالروح القدس أذهاننا على فهم الكتب]‪. [12‬‬

‫‪ -3‬الروح القدس‪ ،‬م ِ‬


‫فسر الكتاب‬ ‫ُ‬
‫سر الكتاب‬
‫‪ -237‬في الكتاب المقدس يُكلم هللا اإلنسان على طريقة البشر‪ .‬فلكي يُف َّ‬
‫تفسيرا جيدا البد من تدبر ما أراد الكتّاب البشريون‪ ،‬في الحقيقية‪ ،‬أن يثبتوه‪ ،‬وما‬
‫سن لدى هللا أن يكشف لنا في كالمهم]‪. [13‬‬‫ح ُ‬

‫‪ -223‬ولكي يستخلص المرء نية الكتاب اإللهيين البد له من النظر إلى أحوال‬
‫عصرهم وإلى ثقافتهم‪ ،‬وإلى "األساليب األدبية" المتبعة إذ ذاك‪ ،‬وإلى طرائق‬
‫الشعور والكالم ورواية األخبار الشائعة لذلك العهد‪« .‬ألن هنالك طرقا جد مختلفة‬
‫ص نبوية‪ ،‬أو‬
‫تُعرض بها الحقيقة ويُعبر عنها في نصوص تختلف تاريخيا‪ ،‬في نصو ٍ‬
‫شعرية‪ ،‬أو حتى في أنواع تعبيرية أُخرى»]‪. [14‬‬

‫‪ -222‬وإذا كان الكتاب المقدس كتاب وحي كان هنالك مبدأ آخر للتفسير الصحيح‪،‬‬
‫ليس دون السابق أهمية‪ ،‬وقد يبقى بدونه الكتاب حرفا ميتا‪« :‬يجب أن يُقرأ الكتاب‬
‫سر في نور الروح نفسه الذي جعله يُد َّون»]‪. [15‬‬‫المقدس ويُف َّ‬
‫والمجمع الفاتيكاني الثاني يُشير إلى ثالثة مقاييس لتفسير الكتاب المقدس تفسيرا‬
‫يتفق والروح الذي أوحى به]‪. [16‬‬

‫‪ .2 -221‬أوال التَّن ُّبه الشَّديد «لمضمون الكتاب كله ووحدته»‪ .‬ألنه مهما اختلفت‬
‫األسفار التي يتألف منها الكتاب المقدس فهو واحد بسبب وحدة قصد هللا الذي يكون‬
‫المسيح يسوع مركزه‪ ،‬وقلبه المفتوح منذ فصحه]‪. [17‬‬
‫قلب]‪ [18‬المسيح يدل على الكتاب المقدس الذي يُعرف بقلب المسيح‪ .‬هذا القلب‬ ‫« ُ‬
‫كان ُمغلقا قبل اآلالم ألن الكتابة كانت غامضة‪ .‬ولكن الكتابة قد تفتحت بعد اآلالم‪ ،‬إذ‬
‫إن الذين فقهوا من بعد كنهها يُقدّرون ويُميزون الطريقة التي يجب اتباعها في‬
‫تفسير النبوءات»]‪. [19‬‬

‫‪ .1 -220‬ثم قراءة الكتاب في «التقليد الحي للكنيسة كلها»‪ .‬وعلى حد قول اآلباء‬
‫المأثور‪ :‬يُقرأ الكتاب المقدس في قب الكنيسة أكثر مما يُقرأ في مواد تعبيره]‪. [20‬‬
‫فالكنيسة تحمل في تقليدها مجموعة كلمة هللا الحية‪ ،‬والروح القدس هو الذي‬
‫يعطيها التفسير الروحي للكتاب المقدس «‪ ...‬بحسب المعنى الروحي الذي يُنعم به‬
‫الروح على الكنيسة»]‪. [21‬‬

‫‪ .0 -221‬التّن ُّبه لمناسبة اإليمان]‪ . [22‬ونفهم بـ «بمناسبة اإليمان» تالحم حقائق‬


‫اإليمان في ما بينها وفي ُمجمل تصميم الوحي‪.‬‬

‫معاني الكتاب المقدس‬


‫‪ -221‬في تقليد قديم أنه من الممكن تمييز معنيين للكتاب المقدس‪ :‬المعنى الحرفي‪،‬‬
‫والمعنى الروحي‪ ،‬على أن يُقسم هذا األخير إلى معنى مجازي‪ ،‬ومعنى أدبي‪ ،‬ومعنى‬
‫تفسيري‪ .‬والتوافق العميق للمعاني األربعة يُثبت كل غنى القراءة الحية للكتاب‬
‫المقدس في الكنيسة‪:‬‬

‫‪ -229‬المعنى الحرفي‪ .‬هو المعنى الذي تدل عليه ألفاظ الكتاب‪ ،‬ويستخرجه الشَّرح‬
‫الجاري على قواعد التفسير الصحيح‪« .‬جميع معاني الكتاب المقدس تجد تأييدها‬
‫في المعنى الحرفي»]‪. [23‬‬

‫نص الكتاب وحده‪،‬‬ ‫‪ -229‬المعنى الروحي‪ .‬بسبب الوحدة في قصد هللا‪ ،‬قد ال يكون ُّ‬
‫ت‪.‬‬
‫بل قد تكون معه األمور واألحداث التي يُوردها عالما ٍ‬
‫‪ . 2‬المعنى المجازي‪ .‬نستطيع الحصول على معنى أعمق لألحداث إذا وجدنا مدلولها‬
‫في المسيح؛ وهكذا فاجتياز البحر األحمر إشارة إلى انتصار المسيح‪ ،‬ومن ث َّم إلى‬
‫المعمودية]‪ [24‬؛‬
‫‪ .1‬المعنى األدبي‪ .‬يجب أن تقودنا األحداث الواردة في الكتاب المقدس إلى‬
‫االستقامة في العمل‪ .‬لقد ُكتبت "لموعظتنا" (‪2‬كو ‪. [25])22 :23‬‬
‫‪ .0‬المعنى التفسيري‪ .‬إنه ل ِمن الممكن أيضا أن نرى أمورا وأحداثا في مدلولها‬
‫األزلي‪ ،‬تقودنا إلى وطننا‪ .‬وهكذا فالكنيسة على األرض رمز أورشليم العلوية]‪. [26‬‬

‫‪ -228‬مقطوعةٌ شعريةٌ من القرن الوسيط تختصر مدلول المعاني األربعة‪« :‬المعنى‬


‫الحرفي يُعلم ما يحدث وما حدث‪ ،‬والمجازي يُعلم ما يجب اإليمان به‪ ،‬واألدبي يُعلم‬
‫ما يجب عمله‪ ،‬والتفسيري يُعلم إالم يجب االتجاه»]‪. [27‬‬

‫‪« -227‬في مهمة علماء التفسير أن يبذلوا قُصاراهم‪ ،‬على سنن هذه المبادئ‪،‬‬
‫فيتو ّغلوا أكثر في تفهم وعرض معنى الكتاب المقدس بحيث تكون دراساتهم‪،‬‬
‫التمهيدية نوعا ما‪ ،‬طريقا إلى إنضاج حكم الكنيسة‪ .‬فكل ما يتعلق بطريقة تفسير‬
‫الكتاب هو في النهاية خاضع لحكم الكنيسة التي تقوم بالمهمة والرسالة اللتين‬
‫أُلقيِتا إليها في الحفاظ على كلمة هللا وفي تفسيرها»]‪. [28‬‬
‫«ما كنت ألؤمن باإلنجيل لو لم ت َّحثني على ذلك الكنيسة»]‪. [29‬‬
‫‪ .4‬قـانون األسفـار المقدسة‬
‫‪ -213‬التقليد الرسولي الذي أرشد الكنيسة إلى تمييز الكتابات التي يجب أن تُعد في‬
‫الئحة األسفار المقدسة]‪ . [30‬هذه الالئحة الكاملة تُسمى «قانون» األسفار‪ .‬وهو‬
‫ضم إرميا إلى المراثي)‪ ،‬وللعهد الجديد ‪19‬‬‫يحتوي للعهد القديم ‪ 19‬سفرا (‪ 11‬إذا ُ‬
‫]‪.[31‬‬

‫التكوين‪ ،‬الخروج‪ ،‬األحبار‪ ،‬العدد‪ ،‬تثنية االشتراع‪ ،‬يشوع‪ ،‬القضاة‪ ،‬راعوث‪،‬‬


‫صموئيل األول‪ ،‬صموئيل الثاني‪ ،‬الملوك األول‪ ،‬الملوك الثاني‪ ،‬األخبار األول‪،‬‬
‫األخبار الثاني‪ ،‬عزرا‪ ،‬نحميا‪ ،‬طوبيا‪ ،‬يهوديت‪ ،‬أستير‪ ،‬المكابيين األول‪ ،‬المكابيين‬
‫الثاني‪ ،‬أيوب‪ ،‬المزامير‪ ،‬األمثال‪ ،‬الجامعة‪ ،‬نشيد األناشيد‪ ،‬الحكمة‪ ،‬يشوع بن‬
‫سيراخ‪ ،‬أشعيا‪ ،‬أرميا‪ ،‬مراثي‪ ،‬باروك‪ ،‬حزقيال‪ ،‬دانيال‪ ،‬هوشع‪ ،‬يوئيل‪ ،‬عاموس‪،‬‬
‫عوبديا‪ ،‬يونان‪ ،‬ميخا‪ ،‬نحوم‪ ،‬حبقوق‪ ،‬صفنيا‪ ،‬حجاي‪ ،‬زكريا‪ ،‬مالخي‪ ،‬للعهد القديم‪.‬‬
‫الرسل‪ ،‬رسائل بولس إلى الرومانيين‪،‬‬ ‫أناجيل متى‪ ،‬مرقس‪ ،‬لوقا‪ ،‬يوحنا‪ ،‬أعمال ُّ‬
‫األولى والثانية إلى أهل كورنثس‪ ،‬إلى أهل غالطية‪ ،‬إلى أهل أفسس‪ ،‬إلى أهل‬
‫فليبي‪ ،‬إلى أهل كولسي‪ ،‬األول والثانية إلى أهل تسالونيكي‪ ،‬األول والثانية إلى‬
‫تيموثاوس‪ ،‬إلى تيطس‪ ،‬إلى فليمون‪ ،‬الرسالة إلى العبرانيين‪ ،‬رسالة يعقوب‪ ،‬األولى‬
‫والثانية لبطرس‪ ،‬رسائل يوحنا الثالثة‪ ،‬رسالة يهوذا‪ ،‬سفر الرؤيا‪ ،‬للعهد الجديد‪.‬‬
‫العهد القديم‬

‫وحي إلهي‬
‫ٍ‬ ‫‪ -212‬العهد القديم جز ٌء من الكتاب المقدس ال يناله زوال‪ .‬وأسفاره من‬
‫وهي تحتفظ بقيم ٍة ال تزول]‪ [32‬ألن العهد القديم لم يُنقض قط‪.‬‬

‫‪ -211‬وهكذا «كان الهدف الرئيسي لتدبير العهد القديم أن يُ ِع َّد مجئ المسيح مخلص‬
‫العالم»‪ .‬وأسفار العهد القديم‪« ،‬وإن احتوت أمورا ناقصة أو صالحة إلى حين»‪،‬‬
‫تثبت كل النهج اإللهي الذي تنهجه محبة هللا الخالصية‪ :‬إنها تحتوي تعاليم سامية‬
‫عن هللا‪ ،‬وحكمة مفيدة في شأن الحياة البشرية‪ ،‬وكنوزا رائعة من الصالة؛ وفيها‬
‫سر خالصنا»]‪. [33‬‬
‫أخيرا يكمن ُّ‬

‫‪ -210‬المسيحيون يوقرون العهد القديم على أنه كلمة هللا الحقيقة‪ .‬والكنيسة‬
‫رفضت أبدا وبشدة فكرة التخلي عن العهد القديم بحجة أن العهد الجديد أبطله‬
‫(المرقيونية)‪.‬‬

‫العهد الجديد‬
‫‪« -211‬إن كلمة هللا‪ ،‬التي هي قدرةٌ إلهيةٌ لخالصية كل مؤمن‪ ،‬تمثل في أسفار‬
‫العهد الجديد‪ ،‬وقوتها تتجلى فيها على وجه فريد»]‪ . [34‬إن هذه األسفار تجعل بين‬
‫أيدينا حقيقة الوحي اإللهي النهائية‪ .‬أما موضوعها المركزي فيسوع المسيح‪ ،‬ابن‬
‫هللا المتجسد‪ ،‬وأعماله‪ ،‬وتعاليمه‪ ،‬وآالمه‪ ،‬وتمجيده‪ ،‬فضال عن نشأة الكنيسة بفعل‬
‫الروح القدس]‪. [35‬‬

‫‪ -211‬األناجيل قلب األسفار المقدسة كلها «من حيث إنها الشهادة ال ُمثلى على حياة‬
‫الكلمة المتجسد مخلصنا وتعليمه»]‪. [36‬‬

‫‪ -219‬يمكن تمييز ثالث مراحل في نشأة األناجيل‪:‬‬


‫‪ .2‬حياة يسوع وتعليمه‪ .‬إن الكنيسة تؤكد بإصرار أن األناجيل األربعة «التي تُثبت‬
‫تاريخيتها في غير تردد‪ ،‬تنقل بأمانة ما عمله في الحقيقة يسوع ابن هللا‪ ،‬وما‬
‫عمله‪ ،‬سحابة حياته بين البشر‪ ،‬في سبيل خالصهم األبدي‪ ،‬إلى اليوم الذي ُرفع فيه‬
‫إلى السماء»‪.‬‬
‫الرسل‪ ،‬بعد صعوده‪ ،‬إلى‬ ‫‪ .1‬التقليد ال ُمتناق شفويا‪« .‬ماقاله الرب وما عمله‪ ،‬نقله ُّ‬
‫فهم أعمق لألمور اكتسبوه من أحداث المسيح‬ ‫مستمعيهم‪ ،‬مع ما نعموا به من ٍ‬
‫المجيدة وعلى ضوء روح الحق»‪.‬‬
‫‪ .0‬األناجيل المد َّونة‪« .‬د ّون ال ُكتّاب االلهيون األناجيل األربعة مختارين بعضا من‬
‫العناصر الكثيرة التي بلغتهم عن طريق الرواية‪ ،‬أو عن طريق كتابة سابقة‪ ،‬أو‬
‫مد ّونين خالصة لما تبقى منها‪ ،‬أو مفسرين لها تبعا ألحوال الكنائس‪ ،‬وناهجين‬
‫أخيرا النهج اإلرشادي‪ ،‬بحيث يقدمون لنا أبدا عن يسوع أمورا حقيقية وصادقة»‬
‫]‪.[37‬‬

‫الرباعي النص يحتل في الكنيسة مكانة فريدة‪ ،‬يثبتها ما توليه إياه‬ ‫‪ -219‬اإلنجيل ُّ‬
‫الليترجيا من توقير‪ ،‬واألثر العجيب الذي تركه في نفوس القديسين على م ّر‬
‫العصور‪.‬‬
‫«ما ِمن عقيدة أجود وأثمن وأروع من نص اإلنجيل‪ .‬تأمل واحفظ ما عمله المسيح‬
‫سيدنا ومعلمنا بأقواله‪ ،‬وما حقَّقه بأعماله»]‪. [38‬‬
‫«اإلنجيل هو الذي فوق كل شيء يُحدثُني في تأ ُمالتي؛ فيه أجد ك َّل ما نفسي البائسة‬
‫بحاجة إليه‪ .‬إني أكتشف فيه دائما أضواء جديدة‪ ،‬معاني خفية وعجيبة»]‪. [39‬‬

‫وحدة العهدين القديم والجديد‬


‫أوال‪ ،‬ثم في تقليدها بطريقة مستمرة‪،‬‬ ‫‪ -218‬الكنيسة‪ ،‬في العهد الرسولي‬
‫]‪[40‬‬

‫أوضحت وحدة التصميم اإللهي في العهدين عن طريق النموذجية‪ .‬فهذه تلمح في‬
‫أعمال هللا إبان العهد القديم صورا ُمسبقة لما حققه هللا‪ ،‬عند اكتمال األزمان‪ ،‬في‬
‫شخص ابنه المتجسد‪.‬‬

‫‪ -217‬فالمسيحيون يقرأون إذا العهد القديم على ضوء المسيح الذي مات وقام‪.‬‬
‫وهذه القراءة على الطريقة النموذجية تُظهر مضمون العهد القديم الذي ال يُستنفذ‪.‬‬
‫وهي ليس من شأنها أن تُنسي أن للعهد القديم قيمته الوحيية الذاتية التي ق ّرر ربنا‬
‫نفسه إثباتها]‪. [41‬ومن ناحية أُخرى يتطلب العهد الجديد أن يُقرأ على ضوء العهد‬
‫عتيق‬
‫ٍ‬ ‫القديم أيضا‪ .‬كانت الكرازة المسيحية األولى دائمة اللجوء إليه]‪ . [42‬وفي قو ٍل‬
‫مأثور أن العهد الجديد ُمخبَّأ في القديم‪ ،‬في حين يتكشف القديم في الجديد‪« :‬الجديد‬
‫مختبئ في القديم‪ ،‬وفي الجديد يتكشف القديم»]‪. [43‬‬

‫‪ -203‬النموذجية تعني التحرك نحو إتمام التصميم اإللهي عندما «يصير هللا ُكال في‬
‫الكل» (‪2‬كو‪ .)18 :21‬وهكذا فدعوة اآلباء مثال‪ ،‬والخروج من مصر ال يفقدان‬
‫قيمتهما الذاتية في تصميم هللا‪ ،‬إذ إنهما في الوقت نفسه مراحل وسيطة في ذلك‬
‫التصميم‪.‬‬

‫‪ -5‬الكتاب المقدس في حياة الكنيسة‬


‫‪ « -202‬إن كلمة هللا تنطوي على قوة ومقدرة عظيمتين إلى حد أنهما للكنيسة‬
‫عمادها وحيويتها‪ ،‬وألبناء الكنيسة منعة إيمانهم‪ ،‬وغذاء نفسهم‪ ،‬والينبوع الصافي‬
‫الثر لحياتهم الروحية»]‪ . [44‬يجب «أن يُفتح المدخل إلى الكتاب المقدس واسعا أمام‬
‫المسيحيين»]‪. [45‬‬

‫‪« -201‬لتكن دراسة الكتاب المقدس إذا لعلم الالهوت المقدس بمثابة روحه‪ .‬ولتجد‬
‫خدمة الكلمة أيضا في كلمة الكتاب المقدس نفسها غذاء سليما‪ ،‬وحيوية صحيحة‪،‬‬
‫سواء أكانت موعظة راعوية‪ ،‬أو تعليما دينيا منتظما‪ ،‬أو وجها من وجوه التثقيف‬
‫المسيحي حيث البد للموعظة الليترجية من أن تحتل محال مختارا»]‪. [46‬‬

‫‪ -200‬الكنيسة «تح ّرض‪ ،‬بطريقة ُملِ َّحة وخاصة‪ ،‬جميع المسيحيين (‪ )...‬على‬
‫تحصيل "معرفة يسوع المسيح" (في‪ )8 :0‬بالمثابرة على قراءة ال ُكتب المقدسة‪.‬‬
‫إذ إن في جهل الكتب المقدسة جهال للمسيح»]‪. [47‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -201‬الكتابة اإللهي ة كلها كتاب واحد‪ ،‬وهذا الكتاب الواحد هو يسوع المسيح‪« ،‬إذ‬
‫أن الكتابة اإللهية كلها تتكلم على المسيح‪ ،‬والكتابة اإللهية كلها تتم في المسيح»‬
‫]‪.[48‬‬

‫‪« -201‬الكتب المقدسة تحتوي كلمة هللا‪ ،‬وإذ كانت هذه الكتب من وحي هللا كانت‬
‫في الحقيقة كلمة هللا»]‪. [49‬‬

‫‪ -209‬هللا واضع الكتاب المقدس لكونه ألقى الوحي إلى كتابة البشريين؛ إنه يعمل‬
‫فيهم وبهم‪ .‬وهكذا يُثبت أن كتاباتهم تعلم الحقيقة الخالصية بدون خطأ]‪. [50‬‬
‫‪ -209‬تفسير ُكتب الوحي يجب أن يتنبَّه قبل كل شيء لما يريد هللا أن يوحي به‬
‫لخالصنا بواساطة الكتّاب اإللهيين‪« .‬ما يأتي من الروح ال يُفهم فهما كامال إال بفعل‬
‫الروح»]‪. [51‬‬

‫‪ُ -208‬كتب الوحي المقبولة والموقّرة لدى الكنيسة هي الـ ‪ 19‬سفرا في العهد‬
‫القديم‪ ،‬والـ‪ 19‬سفرا في العهد الجديد‪.‬‬

‫ي ألن المسيح يسوع مركزها‪.‬‬


‫‪ -207‬لألناجيل األربعة مح ٌّل مركز ٌّ‬

‫‪ -213‬وحدة العهدين القديم والجديد من وحدة قصد هللا ووحيه‪ .‬العهد القديم يُهيئ‬
‫إيضاح لآلخر‪ ،‬وكالهما كلمة هللا‬
‫ٌ‬ ‫الجديد‪ ،‬فيما يُتِم الجديد القديم؛ في الواحد منهما‬
‫الحقيقية‪.‬‬

‫‪« -212‬وقّرت الكنيسة أبدا ال ُكتب اإللهية كما فعلت ذلك لجسد الرب نفسه»]‪ . [52‬في‬
‫صباح لِقد َّمي‪ ،‬ونو ٌر سبيلي»‬
‫ٌ‬ ‫هذين غذاء الحياة المسيحية كلها وقيادها‪« .‬كلمتك ِم‬
‫(مز‪. [53])231 :227‬‬

‫]‪ [1‬و ل ‪20‬‬


‫]‪ [2‬ر‪:‬عب‪0-2 :2‬‬
‫]‪ [3‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬في المزمور ‪231 ،230‬‬
‫]‪ [4‬ر‪ :‬و ل ‪12‬‬
‫]‪ [5‬ر‪ :‬و ل ‪11‬‬
‫]‪ [6‬ر‪2 :‬تس‪20 :1‬‬
‫]‪ [7‬و ل‪12‬‬
‫]‪ [8‬و ل‪22‬‬
‫]‪ [9‬و ل‪22‬‬
‫]‪ [10‬و ل ‪22‬‬
‫سل» ‪22 ،1‬‬‫]‪ [11‬اقديس برنار‪ ،‬عظة في «لقد أُر ِ‬
‫]‪ [12‬لو‪11 :11‬‬
‫]‪ [13‬ر‪ :‬و ل ‪2 ،21‬‬
‫]‪ [14‬و ل ‪1 ،21‬‬
‫]‪ [15‬و ل ‪0 ،21‬‬
‫]‪ [16‬ر‪ :‬و ل ‪0 ،21‬‬
‫]‪ [17‬ر‪ :‬لو‪19-11 ،19-11 :11‬‬
‫]‪ [18‬ر‪ :‬مز‪21 :11‬‬
‫]‪ [19‬توما األكويني‪ ،‬في المزامير ‪22 ،12‬‬
‫]‪ [20‬ر‪ :‬القديس ايالريون أسقف بواتييه‪ ،‬رسالة إلى االمبراطور قسطنطين‪7‬؛ القديس إيرونيموس‪ ،‬في‬
‫الرسالة إلى الغالطيين ‪21-22 ،2 ،2‬‬
‫]‪ [21‬أوريجانيس‪ ،‬عظات في سفر األحبار ‪1 ،1‬‬
‫]‪ [22‬ر‪ :‬رو‪9 :21‬‬
‫]‪ [23‬توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪ ،23 ،2 ،2‬م‪2‬‬
‫]‪ [24‬ر‪2 :‬كو‪1 :23‬‬
‫]‪ [25‬ر‪ :‬عب ‪1-0 :22‬‬
‫]‪ [26‬ر‪ :‬رؤ ‪1 :11-2 :12‬‬
‫]‪ [27‬أوغسطينوس دي داسيا‪2 ،‬‬
‫]‪ [28‬و ل ‪21‬‬
‫]‪ [29‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬األسس ‪9 ،1‬‬
‫]‪ [30‬ر‪ :‬و ل ‪0 ،8‬‬
‫]‪ [31‬ر‪ :‬قرار داماسيوس‪ :‬د‪283-297‬؛ مجمع فلورنسا‪ ،‬قرار لليعاقبة‪ :‬د‪2009-2001‬؛ المجمع التريدنتيني‪،‬‬
‫الجلسة الرابعة‪ ،‬قرار في الكتب المقدسة وفي تقبل التقاليد‪ :‬د‪2131-2132‬‬
‫]‪ [32‬ر‪ :‬و ل ‪21‬‬
‫]‪ [33‬و ل ‪21‬‬
‫]‪ [34‬و ل ‪29‬‬
‫]‪ [35‬ر‪ :‬و ل ‪13‬‬
‫]‪ [36‬و ل‪28‬‬
‫]‪ [37‬و ل ‪27‬‬
‫]‪ [38‬القديسة سيزاري الصغرى‪ ،‬إلى ريشيلد‬
‫]‪ [39‬القديسة تريزيا الطفل يسوع‪ ،‬السيرة اذاتية أ ‪ 08‬قفا‬
‫]‪ [40‬ر‪2 :‬كو‪22 ،9 :23‬؛ عب‪2 :23‬؛ ‪2‬بط‪12 :0‬‬
‫]‪ [41‬ر‪ :‬مر‪02-17 :21‬‬
‫]‪ [42‬ر‪2 :‬كو‪8-9 :1‬؛ ‪22-2 :23‬‬
‫]‪ [43‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬في األسفار الخمسة ‪90 ،1‬؛ ر‪ :‬و ل ‪29‬‬
‫]‪ [44‬و ل ‪12‬‬
‫]‪ [45‬و ل ‪11‬‬
‫]‪ [46‬و ل ‪11‬‬
‫]‪ [47‬و ل‪11‬؛ القديس إيرونيموس‪ ،‬في أشعيا‪ ،‬مدخل‬
‫]‪ [48‬هوغ دي سان قكتور‪ ،‬في سفينة نوح ‪8 ،1‬؛ ر‪7 ،1 :‬‬
‫]‪ [49‬و ل ‪11‬‬
‫]‪ [50‬و ل ‪22‬‬
‫]‪ [51‬ر‪ :‬أوريجانيس‪ ،‬عظة في سفر الخروج ‪1 ،1‬‬
‫]‪ [52‬و ل ‪12‬‬
‫]‪ [53‬ر‪ :‬أش ‪1 :13‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬جواب اإلنسان هلل‬

‫‪ -211‬بالوحي «الصادر عن فرط المحبة يُخاطب هللا الغير المنظور جماعة البشر‬
‫وكأنهم أحباؤه‪ ،‬ويتحدث إليهم ليدعوهم إلى الدخول في شركته ويقبلهم في هذه‬
‫الشركة»]‪ . [i‬والجواب المالئم لهذه الدعوة هو اإليمان‪.‬‬

‫‪ -210‬باإليمان يُخضع اإلنسان عقله وإرادته هلل إخضاعا كامال‪ .‬وهون يوافق هللا‬
‫صاحب الوحي موافقة كاملة]‪ . [ii‬والكتاب المقدس يدعو جواب اإلنسان هلل ال ُموحي‬
‫«طاعة اإليمان»]‪. [iii‬‬

‫المقال األول‪ :‬أُؤمن‬

‫‪ -1‬طاعة اإليمان‬
‫الحر للكلمة المسموعة‪ ،‬ألن حقيقتها في‬ ‫‪ -211‬الطاعة في اإليمان هي الخضوع ُ‬
‫كفالة هللا الذي هو الحقيقة ذاتها‪ .‬إبراهيم هو نموذج هذه الطَّاعة الذي يقدمه لنا‬
‫الكتاب المقدس‪ ,.‬والبتول مريم هي تحقيق هذه الطاعة األشد كماال‪.‬‬

‫إبراهيم ‪« -‬أبو جميع المؤمنين»‬


‫‪ -211‬الرسالة إلى العبرانيين‪ ،‬في إشادتها بإيمان القدامى‪ ،‬تُشدد بنوع خاص على‬
‫إيمان إبراهيم‪« :‬باإليمان أطاع إبراهيم ل َّما دُعي إلى أن يذهب إلى الموضع الذي‬
‫كان مزمعا أن يتخذه ميراثا‪ ،‬فذهب ال يدري إلى أين يتوجه» (عب‪. [iv])8 :22‬‬
‫باإليمان عاش في غرب ٍة وفي حج في أرض الميعاد]‪ . [v‬باإليمان سارة نالت أن‬
‫تحبل بابن الوعد‪ .‬باإليمان أخيرا ق َّرب إبراهيم وحيده ذبيحة]‪. [vi‬‬
‫‪ -219‬وهكذا حقق إبراهيم تحديد اإليمان الذي أعطته الرسالة إلى‬
‫العبرانيين‪«:‬اإليمان هو قيام المرجوات فينا‪ ،‬وبرهان الغير المنظورات» (عب‪:22‬‬
‫سب له ذلك برا» (رو‪ ، [vii])0 :1‬وبسبب هذه «الشدة‬ ‫فح ِ‬
‫‪« .)2‬آمن إبراهيم باهلل‪ُ ،‬‬
‫في اإليمان» (رو‪ )13 :1‬أصبح إبراهيم «أبا لجميع اذين يؤمنون» (رو‪،22 :1‬‬
‫‪. [viii])28‬‬

‫‪ -219‬والعهد القديم حاف ٌل بمثل شهادات اإليمان هذه‪ .‬فالرسالة إلى العبرانيين تُشيد‬
‫ش ِهد لهم بذلك» (عب‪ .)07 ،1 :22‬ومع ذلك «فإن‬ ‫بإيمان القُدامى المثالي الذي « ُ‬
‫هللا دبَّر لنا تدبيرا أفضل»‪ :‬نعمة اإليمان بابنه يسوع‪ُ « ،‬مبدئ إيماننا و ُمت ِممه»‬
‫(عب‪13 :22‬؛ ‪.)1 :21‬‬

‫مريم‪« -‬طوبى للّتي آمنت»‬


‫‪ -218‬مريم العذراء تُحقق طاعة اإليمان على أكمل وجه‪ .‬في اإليمان تقبَّلت مريم‬
‫البشارة والوعد من المالك جبرائيل‪ُ ،‬معتقدة أن «ليس أم ٌر غير ممكن لدى هللا»‬
‫(لو‪ ، [ix])09 :2‬و ُمعلنة رضاها‪«:‬أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك» (لو‪.)08:2‬‬
‫وأليصابات سلمت عليها قائلة‪«:‬طوبى للتي آمنت بأنه سيتم ما قيل لها من قِبل‬
‫الرب» (لو‪ .)11:2‬ومن أجل هذا اإليمان تُطوبها جميع األجيال]‪. [x‬‬

‫‪ -217‬مدة حياتها كلها‪ ،‬وحتى محنتها األخيرة]‪ ، [xi‬عندما مات يسوع ابنها على‬
‫الصليب‪ ،‬لم يتزعزع إيمانها‪ .‬لم تبرح مريم مؤمنة بأن كالم هللا "سيتم"‪ .‬ولهذا‬
‫تكرم الكنيسة في مريم أصفى تحقيق لإليمان‪.‬‬

‫آمنت» (‪2‬تي‪)1221‬‬
‫عارف بمَن ُ‬
‫ٌ‬ ‫‪« -2‬أنا‬

‫اإليمان باهلل وحده‬


‫‪ -213‬اإليمان هو أوال التصاق اإلنسان باهلل التصاقا شخصيا؛ إنه في الوقت نفسه‪،‬‬
‫الحر لكل الحقيقة التي أوحى بها هللا‪ .‬في كون‬
‫وبطريقة غير قابلة االنفصال‪ ،‬القبُول ُ‬
‫اإليمان المسيحي لصوقا شخصيا باهلل وقبوال للحقيقة التي أوحى بها‪ ،‬فهو غير‬
‫اإليمان بشخص بشري‪ .‬إنه عاد ٌل وجيد أن يثق المرء باهلل ثقة كاملة‪ ،‬وأن يؤمن‬
‫بما يقول إيمانا مطلقا‪ .‬وقد يكون من العبث والخطأ أن يجعل المرء من هذا اإليمان‬
‫بإحدى الخالئق]‪. [xii‬‬

‫اإليمان بيسوع المسيح‪ ،‬ابن هللا‬


‫‪ -212‬لدى المسيحي اإليمان باهلل هُو هو اإليمان بمن أرسله‪" ،‬ابنه الحبيب" الذي‬
‫س َّر]‪ [xiii‬؛ قال لنا هللا أن نستمع له]‪. [xiv‬والرب نفسه قال لتالميذه‪«:‬أنتم تؤمنون‬
‫به ُ‬
‫باهلل فآمنوا بي أيضا» (‪ .)2:21‬نستطيع أن نؤمن بيسوع المسيح ألنه هو نفسه‬
‫هللا‪ ،‬الكلمة المتجسد‪«:‬هللا لم يره أح ٌد قط‪ .‬االبن الوحيد الذي هو في حضن اآلب هو‬
‫أخبر» (يو‪ .)28:2‬وإذ قد «رأى اآلب» (‪ ،)19:9‬فهو وحده يعرفه وهو يقدر أن‬
‫يكشفه]‪. [xv‬‬

‫اإليمان بالروح القدس‬


‫‪ -211‬ال يمكن اإليمان بيسوع المسيح بمعز ٍل عن ر ُوحه‪ .‬الروح القدس هو الذي‬
‫رب إال بالروح‬ ‫يوحي لبشر بحقيقة يسوع‪« .‬وال يستطيع أح ٌد أن يقول أن يسوع ٌ‬
‫القدس» (‪2‬كو‪« .)0:21‬الروح يفحص كل شي ٍء حتى أعماق هللا‪ )...( .‬ال يعلم أح ٌد‬
‫ما في هللا إال روح هللا» (‪2‬كو‪ .)22-23 :1‬هللا وحده يعرف هللا بكامله‪ .‬ونحن نؤمن‬
‫بالروح القدس ألنه هللا‪.‬‬
‫وروح قدس‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ال تبرح الكنيسة تعلن إيمانها بإله واحد‪ ،‬آب وابن‬

‫‪ -3‬ميزات اإليمان‬

‫اإليمان نعمة‬
‫‪ -210‬عندما يعترف القديس بطرس بأن يسوع هو المسيح‪ ،‬ابن هللا الحي‪ ،‬يُعلن له‬
‫يسوع بأن هذا الكشف لم يأته «من لحم ودم بل من أبيه الذي في السموات»‬
‫(متى‪ . [xvi])29:29‬فاإليمان هبة من هللا‪ ،‬فضيلة فائقة الطبيعة يبثها هللا‪« .‬ولكي‬
‫يعقد اإلنسان هذا اإليمان‪ ،‬يحتاج إلى نعمة من هللا تتداركه وتعضده‪ ،‬كما يحتاج إلى‬
‫عو ٍن داخلي من الروح القدس‪ .‬وهذا الروح يُحرك القلب ويوجهه إلى هللا‪ ،‬ويفتح‬
‫عيني النفس ويمنح «الجميع عذوبة تقبل الحقيقة واإليمان بها»]‪. [xvii‬‬

‫اإليمان فع ٌل إنسان ّي‬


‫‪ -211‬ال يمكن اإليمان إال بنعمة الروح القدس وعونه الداخلي‪ .‬ومن الثابت أيضا أن‬
‫اإليمان فع ٌل إنسان ٌي أصيل‪ .‬وال يخالف حرية اإلنسان وال عقله أن يجعل في هللا ثقته‬
‫وأن يعتنق الحقائق التي يوحي بها‪ .‬وإننا إذا نظرنا في العالقات بين البشر نجد أنه‬
‫ليس مخالفا لكرامتنا الخاصة أن نصدق ما يقوله لنا اآلخرون عن أنفسهم وعن‬
‫مقاصدهم‪ ،‬وأن نثق في وعودهم (كما يجري ذلك مثال عندما يتزوج رجل وامرأة)‪،‬‬
‫لكي ندخل هكذا معا في شركة متبادلة‪ .‬وإنه من ث َّم أقل مخالفة لكرامتنا أن «نقدم‬
‫اإليمان خضوع عقلنا وإرادتنا الكلي هلل ال ُموحي»]‪ ، [xviii‬وأن ندخل هكذا معه في‬
‫شركة حميمة‪.‬‬

‫‪ -211‬في اإليمان يُسهم العقل واإلرادة البشريان مع النعمة اإللهية‪«:‬اإليمان فعل‬


‫عق ٍل يعتنق الحقيقة اإللهية بأمر اإلرادة التي يُحركها هللا بالنعمة»]‪. [xix‬‬

‫اإليمان والعقل‬
‫‪ -219‬ليس الدافع إلى اإليمان كون حقائق الوحي ظاهرة الصحة والمعقولية على‬
‫ضوء عقلنا الطبيعي‪ .‬إننا نؤمن «بسبب سلطان هللا نفسه الذي يوحي والمعصوم‬
‫عن الضالل والتضليل»]‪« . [xx‬ومع ذلك فقد أراد هللا‪ ،‬لكي يكون عمل إيماننا موافقا‬
‫للعقل‪ ،‬أن يكون عون الروح القدس الداخلي في رفقة شواهد وحيه الخارجية»‬
‫]‪.[xxi‬وهكذا فمعجزات المسيح والقديسين]‪ ، [xxii‬والنبوءات‪ ،‬وانتشار الكنيسة‬
‫وقداستها‪ ،‬وخصبها وثباتها‪ ،‬كل ذلك «عالمات للوحي ثابتة على مستوى عقل‬
‫الجميع»]‪ ، [xxiii‬دوافع إيمانية تُظهر أن «العقيدة اإليمانية ليست حركة للنفس‬
‫عمياء»]‪. [xxiv‬‬

‫‪ -219‬اإليمان عقيدة ثابتة‪ ،‬وأش ُّد ثباتا من كل معرفة بشرية‪ ،‬ألنه قائ ٌم على نفس‬
‫كلمة هللا الذي ال يمكنه أن يكذب‪ .‬نعم قد تبدو حقائق الوحي غامضة لد\ى العقل‬
‫واختبار البشريين‪ ،‬ولكن «اليقين الصادر عن النور اإللهي أعظم من اليقين الصادر‬
‫شك‬
‫‪« .‬ليست في عشرة أالف صعوبة ما يبعث على ٍ‬
‫]‪[xxv‬‬
‫عن نور العقل الطبيعي»‬
‫واحد»]‪. [xxvi‬‬
‫‪« -218‬اإليمان يسعى إلى اإلدراك»]‪ : [xxvii‬إنه من لوازم اإليمان أن يرغب المؤمن‬
‫في معرفة أوفى لمن جعل فيه إيمانه‪ ،‬وإدرا ٍك أشد لما أوحى به؛ ومعرفةٌ أعمق‬
‫تستدعي من جهتها إيمانا أعظم يضطرم بالحب أكثر فأكثر‪ .‬إن نعمة اإليمان تفتح‬
‫«عيني القلب» (أف‪ )28:2‬لفهم مضمون الوحي فهما شديدا‪ ،‬أي مجمل تصميم هللا‬
‫وأسرار اإليمان‪ ،‬وارتباطها بعضها ببعض وبالمسيح‪ ،‬مركز السر الموحى به‪ .‬ولكي‬
‫« يجعل الروح القدس إدراك الوحي أعمق فأعمق‪ ،‬فهو ال يبرح يعالج اإليمان‬
‫بمواهبه ليجعله أكمل»]‪ . [xxviii‬وهكذا على حد قول القديس أوغسطينوس المأثور‪:‬‬
‫«إني أومن لكي أدرك‪ ،‬وأدرك لكي أؤمن إيمانا أفضل»]‪. [xxix‬‬

‫‪ -217‬اإليمان والعلم‪« .‬وإن فضل اإليمانُ العقل‪ ،‬فمن غير الممكن أبدا أن يكون‬
‫بينهما خالفٌ حقيقي‪ .‬ذلك أن هللا الواحد الذي يوحي باألسرار ويهب اإليمان هو‬
‫بعث في الروح ابشري نور العقل‪ .‬فمن غير الممكن أن يُنكر هللا ذاته‪ ،‬وأن تناقض‬
‫الحقيقةُ الحقيقة»]‪« . [xxx‬وهكذا فمن غير الممكن‪ ،‬في شتى ميادين المعرفة‪ ،‬أن‬
‫يختلف اإليمان والبحث المنهجي‪ ،‬إذا جرى هذا البحث مجرى علميا صحيحا‪ ،‬وتتبع‬
‫النُّظم األخالقية‪ ،‬ألن لحقائق الدنيا ولحقائق اإليمان مصدرا واحد هو هللا‪ .‬أضف إلى‬
‫ذلك أن اإلنسان الذي يسعى جاهدا‪ ،‬في ثبات وتواضع‪ ،‬الختراق خفايا األشياء تكاد‬
‫تقوده‪ ،‬وإن في غير وعي منه؛ يد هللا التي تحفظ األشياء كلها وتعمل على أن تكون‬
‫تلك األشياء على ما هي عليه»]‪. [xxxi‬‬

‫حرية اإليمان‬
‫‪ -293‬لكي يكون «جواب اإليمان الذي يقدمه اإلنسان هلل إنسانيا يجب أن يكون‬
‫إراديا؛ ومن ث َّم ال يمكن إكراه أحد على اعتناق اإليمان على ُرغمه‪ .‬ففعل اإليمان من‬
‫طبيعته ذاتها ذو طابع إرادي»]‪« . [xxxii‬وهللا يدعو اإلنسان لخدمته في الروح وفي‬
‫الحق؛ وإن ألزمت هذه الدعوة اإلنسان ضميريا فهي ال تكرهه‪ )...( .‬وهذا ما ظهر‬
‫في المسيح يسوع أجلى ظهور»]‪ . [xxxiii‬فالمسيح دعا إلى اإليمان وإلى الهداية‪،‬‬
‫ولكنه لم يعمد فيهما اإلكراه قط‪« .‬لقد شهد للحقيقة‪ ،‬لكنه لم يشأ فرضها على‬
‫خصومه بالقوة‪ .‬وملكوته (‪ )...‬يمتد بالمحبة التي يجذب بها إليه جميع البشر عند‬
‫ارتفاعه على الصليب»]‪. [xxxiv‬‬

‫ضرورة اإليمان‬
‫ي للحصول على‬ ‫‪ -292‬اإليمان بيسوع المسيح وبالذي أرسله ألجل خالصنا ضرور ٌ‬
‫هذا الخالص]‪« . [xxxv‬إذ إنه «بدون اإليمان (‪ )...‬ال يستطيع أح ٌد أن يُرضي هللا»‬
‫(عب‪ )9:22‬وأن يصل إلى وضع أبنائه‪ ،‬وما من أح ٍد يُب َّرر أبدا بدون اإليمان‪ ،‬وما‬
‫من أح ٍد يحصل على الحياة األبدية إذا «لم يصبر فيه إلى ال ُمنتهى» (متى‪11 :23‬؛‬
‫‪. [xxxvi]»)20:11‬‬

‫الثباتُ في اإليمان‬
‫‪ -291‬اإليمان هبة مجانية يهبها هللا لإلنسان‪ .‬باستطاعتنا أن نفقد هذه الموهبة التي‬
‫ال تُقدر بثمن؛ والقديس بولس يحذر تيموثاوس من ذلك‪«:‬تجند التجند الحميد‪،‬‬
‫متمسكا باإليمان والضمير الصالح الذي نبذه قو ٌم فانكسرت سفينتهم عن اإليمان»‬
‫(‪2‬تي‪ .)27-28 :2‬فلكي نحيا وننمو ونثبت في اإليمان إلى المنتهى‪ ،‬يجب علينا أن‬
‫نغذيه بكلمة هللا؛ يجب أن نتضرع إلى هللا لكي يزيدنا إيمانا]‪ [xxxvii‬؛ يجب أن يعمل‬
‫«بالمحبة» (غل‪ ، [xxxviii])9 :1‬ويُحمل في ال َّرجاء]‪ ، [xxxix‬ويُرسخ في إيمان‬
‫الكنيسة‪.‬‬

‫اإليمان‪ -‬بدء الحياة األبدية‬


‫طوباوية التي هي غاية‬ ‫الرؤيا ال ُّ‬
‫‪ -290‬كأني باإليمان يذيقنا ُمسبقا فرح ونور ُّ‬
‫مسيرتنا األرضية‪ .‬سنرى هللا عند ذلك «وجها إلى وجه» (‪2‬كو‪« ،)21:20‬كما هو»‬
‫(‪2‬يو‪ .)1:0‬وهكذا فاإليمان منذ اآلن بدء الحياة األبدية‪:‬‬
‫«إذا كنا منذ اآلن نُشاهد مباهج اإليمان وكأنها انعكاسات ضوئية في مرآة‪ ،‬فكأننا‬
‫نملك منذ اآلن األمور الرائعة التي يؤكد لنا إيماننا أنّا سنتمتع بها يوما ما»]‪. [xl‬‬

‫‪ -291‬ومع ذلك فنحن اآلن «نسلك باإليمان ال بالعيان» (‪1‬كو‪ ،)9 :1‬ونعرف هللا‬
‫«كما في مرآة على سبيل اللغز‪ )...( ،‬معرفة ناقصة» (‪2‬كو‪ .)21:20‬واإليمان‬
‫ال ُمستنير بمن يؤمن به‪ ،‬كثيرا ما يسلك في الظلمة‪ .‬وقد يُمتحن‪ .‬فالعالم الذي نعيش‬
‫فيه كثيرا ما يبدو بعيدا جدا عما يؤكده لنا اإليمان؛ وتجارب الشر واأللم‪ ،‬والمظالم‬
‫والموت‪ ،‬وتبدو مناقضة لإلنجيل؛ قد تستطيع أن تُزعزع اإليمان‪ ،‬وأن تكون له‬
‫موضوع تجربة‪.‬‬

‫‪ -291‬في هذه ا لحال تقتضي منا الضرورة أن نتوجه إلى شهود اإليمان‪ :‬إبراهيم‬
‫الذي آمن‪« ،‬راجيا على خالف كل رجاء» (رو‪)28 :1‬؛ والعذراء مريم التي «في‬
‫رحلة اإليمان»]‪ [xli‬انطلقت حتى «ليل اإليمان»]‪ . [xlii‬مشتركة في آالم ابنها وفي‬
‫ليل قبره]‪ [xliii‬؛ وآخرين من شهود اإليمان‪«:‬فنحن إذ يُحدق بنا مثل هذا السحاب من‬
‫لق عنا كل ثِق ٍل وما يشتمل علينا من الخطيئة‪ ،‬ولنُسابق بالصبر في‬‫الشهود‪ ،‬فلنُ ِ‬
‫الجهاد الذي أمامنا‪ ،‬ولنجعل نظرنا إلى ُمبدئ اإليمان و ُمتممه‪ ،‬إلى يسوع»‬
‫(عب‪.)1-2 :21‬‬

‫]‪ [i‬و ل ‪1‬‬


‫]‪ [ii‬ر‪ :‬و ل ‪1‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪ :‬رو‪1 :2‬؛ ‪19 :29‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬تك‪1-2 :21‬‬
‫]‪ [v‬ر‪ :‬تك‪1 :10‬‬
‫]‪ [vi‬ر‪ :‬عب‪29 :22‬‬
‫]‪ [vii‬ر‪ :‬تك‪9 :21‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬تك‪1 :21‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬تك‪21:28‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬لو‪18:2‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬لو‪01:1‬‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬إر‪9-1 :29‬؛ مز‪1:13‬؛ ‪1-0 :219‬‬
‫]‪ [xiii‬مر‪22:2‬‬
‫]‪ [xiv‬مر‪9:7‬‬
‫]‪ [xv‬متى‪19:22‬‬
‫]‪ [xvi‬غل‪29-21 :2‬؛ متى‪11:22‬‬
‫]‪ [xvii‬و ل ‪1‬‬
‫]‪ [xviii‬م ف‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :0‬د‪0338‬‬
‫]‪ [xix‬توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪7 ،1-1‬؛ ر‪ :‬م ف‪ :2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :0‬د‪0323‬‬
‫]‪ [xx‬م ف‪ :2‬المرجع السابق‪ :‬د‪0338‬‬
‫]‪ [xxi‬المرجع السابق‪ :‬د‪0337‬‬
‫]‪ [xxii‬ر‪ :‬مر‪13:29‬؛ عب‪1:1‬‬
‫]‪ [xxiii‬م ف‪ :2‬المرجع السابقد‪0337‬‬
‫]‪ [xxiv‬المرجع السابق‪ :‬د‪0323‬‬
‫]‪ [xxv‬توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪ ،1 ،292 ،1-1‬اعتراض‪0‬‬
‫]‪ [xxvi‬نيومن‪ ،‬دفاع‪ ،‬ق‪1‬‬
‫]‪ [xxvii‬القديس أنسيلم‪ ،‬الملحق‪ ،‬مقدمة‬
‫]‪ [xxviii‬و ل‪1‬‬
‫]‪ [xxix‬عظات ‪7 ،9 :10‬‬
‫]‪ [xxx‬م ف‪ ،2‬دستور عقائدي "ابن هللا" ق‪ :1‬د‪0329‬‬
‫]‪ [xxxi‬ك ع ‪1 ،09‬‬
‫]‪ [xxxii‬ح د‪232‬؛ ر‪ :‬ح ق ل‪ ،‬ق‪1$ ،918‬‬
‫]‪ [xxxiii‬ح د ‪22‬‬
‫]‪ [xxxiv‬ح د‪22‬‬
‫]‪ [xxxv‬ر‪ :‬مر‪29:29‬؛ يو‪09:0‬؛ ‪ 13:9‬إلخ‬
‫]‪ [xxxvi‬م ف‪ ،2‬دستور عقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪:0‬د‪0321‬؛ ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة السادسة أ‪ ،‬قرار في‬
‫التبرير‪ ،‬ق‪ :8‬د‪2101‬‬
‫]‪ [xxxvii‬ر‪ :‬مر‪11:7‬؛ لو‪1:29‬؛ ‪01:11‬‬
‫]‪ [xxxviii‬ر‪ :‬يع‪19-21 :1‬‬
‫]‪ [xxxix‬ر‪ :‬رو‪20:21‬‬
‫]‪ [xl‬القديس باسيليوس‪ ،‬في الروح القدس‪09 ،21 ،‬؛ ر‪ :‬توما األكويني‪ ،‬خ ‪2 ،1 ،1-1‬‬
‫]‪ [xli‬ك ‪18‬‬
‫]‪ [xlii‬يوحنا بولس الثاني‪ ،‬أفا‪29‬‬
‫]‪ [xliii‬المرجع السابق‪28 ،‬‬

‫المقال الثاني‪ :‬نُ ْؤمنُ‬


‫‪ -299‬اإليمان فع ٌل شخصي‪ :‬إنه جواب اإلنسان على مبادرة هللا الذي يكشف ذاته‪.‬‬
‫ولكن اإليمان ليس فعال ُمنعزال‪ .‬فما من أحد يستطيع أن يؤمن منفردا‪ ،‬كما أنه ال‬
‫يستطيع أحد أن يعيش منفردا‪ .‬وما من أحد أعطى نفسه اإليمان كما لم يُعط أح ٌد‬
‫نفسه الحياة‪ .‬فقد تقبل المؤمن اإليمان من غيره وهو من واجبه أن ينقله لغيره‪ .‬إن‬
‫محبتنا ليسوع وللبشر تحملنا على أن نُحدث غيرنا بإيماننا‪ .‬وهكذا فكل مؤمن حلقةٌ‬
‫في سلسلة المؤمنين الطويلة‪ .‬وال أستطيع أن أؤمن بدون أن أُحمل في إيمان‬
‫اآلخرين‪ ،‬بإيماني أنا أُسهم في حمل إيمان اآلخرين‪.‬‬

‫مؤمن شخصيا‪ ،‬وال سيّما إبان‬


‫ٍ‬ ‫‪« -299‬أؤمن»]‪ : [1‬إنه إيمان الكنيسة يعترف به كل‬
‫المعمودية‪« .‬نؤمن»]‪ : [2‬إنه إيمان الكنيسة يعترف به األساقفة المجتمعون في‬
‫مجمع ‪ ،‬أو‪ ،‬على وجه أعم‪ ،‬يعترف به مجلس المؤمنين الليترجي‪« .‬أؤمن»‪ :‬إنها‬
‫أيضا الكنيسة‪ ،‬أ ُّمنا‪ ،‬تجيب هللا بإيمانها وتعلمنا أن نقول‪« :‬أؤمن»‪« ،‬نؤمن»‪.‬‬

‫أُنظُر‪ ،‬يارب‪ ،‬إلى إيمان كنيستك»‬ ‫‪ْ « -1‬‬


‫‪ -298‬الكنيسة أوال هي التي تؤمن‪ ،‬وهكذا تحمل إيماني‪ ،‬وتغذيه‪ ،‬وتدعمه‪ .‬الكنيسة‬
‫أوال هي التي تعترف بالرب في كل مكان (ونحن نرنم في النشيد «أنت هللا»‪« :‬أنت‬
‫الذي تُعلن الكنيسة المقدسة في جميع أنحاء المسكونة أنك سيدها»)‪ ،‬ونحن معها‬
‫وفيها محمولون على أن نعترف نحن أيضا‪« :‬أؤمن»‪« ،‬نؤمن»‪ .‬بالكنيسة وفي‬
‫الرتب الروماني»‬‫المعمودية ننال اإليمان والحياة الجديدة في المسيح‪ .‬في «كتاب ُّ‬
‫يسأل خادم التّعميد الموعوظ‪« :‬ماذا تطلب إلى كنيسة هللا؟ والجواب‪ :‬اإليمان‪ -‬وماذا‬
‫يمنحك اإليمان؟ ‪ -‬الحياة األبدية»]‪. [3‬‬

‫‪ -297‬الخالص يأتي من هللا وحده؛ ولكن بما اننا ننال حياة اإليمان عبر الكنيسة‪،‬‬
‫فالكنيسة أُمنا‪« :‬إننا نعتقد بالكنيسة أُما لولدتنا الجديدة‪ ،‬وال نعتقد بها كما لو كانت‬
‫مصدر خالصنا»]‪ . [4‬وإذ كانت لنا أُما كانت أيضا ُمربية إيماننا‪.‬‬

‫‪ -2‬لغة اإليمان‬
‫‪ -293‬إننا لسنا نؤمن بالصيغ‪ ،‬بل بالحقائق التي تُعبر عنها‪ ،‬والتي يتيح لنا اإليمان‬
‫«مسها»‪« .‬وفعل اإليمان الذي يفوه به المؤمن ال يقف عند التعبير بل عند الحقيقة‬
‫المعبر عنها»]‪ . [5‬ومع ذلك فإنّا نُقارب هذه الحقائق بمساعدة صياغات اإليمان‪.‬‬
‫فهي تسمح بالتعبير عن اإليمان وبتناقله‪ ،‬واالحتفال به جماعيا‪ ،‬واستيعابه‪ ،‬والحياة‬
‫به أكثر فأكثر‪.‬‬

‫‪ -292‬الكنيسة‪ ،‬التي هي «عمود الحق وقاعدته» (‪2‬تيم‪ ،)21 :0‬تُحافظ بأمانة على‬
‫سلم دفعة للقديسين»]‪ . [6‬إنها هي التي تحتفظ بمجموعة أقوال‬ ‫«اإليمان الذي ُ‬
‫الرسل‪ .‬وكأُم تلقن أبناءها‬
‫جيل فعل إيمان ُّ‬
‫ٍ‬ ‫جيل إلى‬
‫ٍ‬ ‫المسيح‪ ،‬وهي التي تنقل من‬
‫النطق‪ ،‬ومن ث َّم اإلدراك والتعامل‪ ،‬تلقّنُنا الكنيسة أ ُّمنا لغة اإليمان لتُد ِخلنا في فهم‬
‫اإليمان وحياته‪.‬‬

‫إيمان َواحد‬
‫ٌ‬ ‫‪-3‬‬
‫وأمم كثيرة ال تبرح الكنيسة تعترف‬
‫ٍ‬ ‫ب‬
‫ت وشعو ٍ‬ ‫‪ -291‬من ُذ قرو ٍن‪ ،‬وعبر لغا ٍ‬
‫ت وثقافا ٍ‬
‫منقول في معمودية واحدة‪ ،‬مغروس في االعتقاد‬
‫ٍ‬ ‫ب واحد‪،‬‬‫ت من ر ٍ‬‫بإيمان واح ٍد‪ ،‬آ ٍ‬
‫بأن لجميع البشر إلها واحدا وأبا واحدا ‪ .‬والقديس إيريناوس‪ ،‬أسقف ليون‪،‬‬
‫]‪[7‬‬

‫يشهد على هذا اإليمان ويُعلن‪:‬‬

‫‪« -290‬وإن كانت الكنيسة منتشرة في العالم كلّه إلى أقاصي األرض‪ ،‬فهي‪ ،‬بعدما‬
‫تلقت اإليمان من الرسل ومن تالميذهم (‪ )...‬تحتفظ [بهذه الكرازة وبهذا اإليمان]‬
‫بعناية كما لو كانت تسكن منزال واحدا‪ ،‬وهي تؤمن بهما على وجه واحد‪ ،‬كما لو لم‬
‫نهج‬
‫ٍ‬ ‫وقلب واحد‪ ،‬وهي تكرز بهما وتعلمهما وتنقلهما على‬
‫ٌ‬ ‫روح واحدة‬
‫ٌ‬ ‫يكن لها إال‬
‫واحد كما لو لم تملك إال فما واحدا» ‪.‬‬
‫]‪[8‬‬

‫‪« -291‬فلئن اختلفت اللغات في العالم‪ ،‬فمضمون التقليد واح ٌد ال يختلف‪ .‬وليس‬
‫للكنائس القائمة في جرمانية إيمانٌ آخر أو تقليد آخر‪ ،‬وال لتلك التي عند اإليبيريين‪،‬‬
‫وال لتلك التي عند القلتيين‪ ،‬وال لكنائس الشرق‪ ،‬ومصر‪ ،‬وليبية‪ ،‬وال لتلك القائمة‬
‫في وسط العالم»]‪« . [9‬وهكذا فرسالة الكنيسة حقيقية وثابتة‪ ،‬وإذ لديها طريق‬
‫خالص واحدة تظهر في العالم كله»]‪. [10‬‬

‫‪« -291‬هذا اإليمان الذي نلناه من الكنيسة‪ ،‬نُحافظ عليه بعناية‪ ،‬ألنه ال يبرح‪ ،‬بفعل‬
‫الروح القدس‪ ،‬كالوديعة العظيمة الثمن والمحفوظة في إنا ٍء ثمين‪ ،‬يتجدد ويجدد‬
‫اإلناء الذي يحتويه»]‪. [11‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -299‬اإليمان التصاق اإلنسان بكامله التصاقا شخصيا باهلل الذي يكشف عن ذاته‪.‬‬
‫إنه التصاق العقل واإلرادة بالوحي الذي كشف هللا عن ذاته بأعماله وأقواله‪.‬‬

‫‪ -299‬لإليمان إذا مرجعان‪ :‬الشخص والحقيقة؛ الحقيقة من خالل الثقة بالشخص‬


‫الذي يُثبتها‪.‬‬

‫‪ -298‬ليس لنا أن نؤمن بأح ٍد سوى هللا‪ ،‬اآلب واالبن والروح القدس‪.‬‬

‫‪ -297‬اإليمان هبة من هللا تفوق الطبيعة‪ .‬ولكي يؤمن اإلنسان يحتاج إلى معونة‬
‫الروح القدس الداخلية‪.‬‬
‫واع وح ّر يتفق وكرامة الشخص البشري‪.‬‬
‫‪ -283‬اإليمان فع ٌل إنساني ٍ‬

‫‪ -282‬اإليمان عم ٌل كنسي‪ .‬إيمان الكنيسة يسبق إيماننا‪ ،‬ويبعثه‪ ،‬ويحمله‪ ،‬ويغذيه‪.‬‬


‫الكنيسة أم جميع المؤمنين‪« .‬ال أحد يكون هللا أباه وال تكون الكنيسة أُمه»]‪. [12‬‬

‫‪« -281‬نؤمن بكل ما تنطوي عليه كلمة هللا المكتوبة أو المنقولة‪ ،‬وتدعونا الكنيسة‬
‫وحي إلهي»]‪. [13‬‬
‫ٍ‬ ‫إلى اإليمان به على أنه من‬

‫الرب نفسه يثبت ذلك‪« :‬من آمن واعتمد يخلص‬


‫ُّ‬ ‫ي للخالص‪.‬‬
‫‪ -280‬اإليمان ضرور ٌّ‬
‫ومن لم يؤمن يُدان» (مر‪.)29:29‬‬

‫ق للمعرفة التي ستجلُنا سعداء في الحياة اآلتية»‬


‫‪« -281‬اإليمان هو تذوق ُمسب ٌ‬
‫]‪.[14‬‬

‫قـانون اإليمان‬

‫قانون نيقية‪ -‬القسطنطينية‬


‫]‪[16‬‬
‫قانون الرسل‬
‫]‪[15‬‬

‫أومن بإله واح ٍد‪،‬‬ ‫أومن باهلل‪،‬‬


‫اآلب الكلي القدرة‪،‬‬ ‫اآلب الكلي القدرة‪،‬‬
‫خالق السماء واألرض‪،‬‬ ‫خالق السماء واألرض‪.‬‬
‫الكون المرئي وغير المرئي‪.‬‬ ‫وبيسوع المسيح‪ ،‬ابنه الوحيد‬
‫ب واح ٍد يسوع المسيح‪،‬‬ ‫وبر ٍ‬ ‫ربنا‪،‬‬
‫ابن هللا الوحيد‪،‬‬ ‫الذي كان الحبل به من الروح‬
‫المولود من اآلب قبل كل الدهور‪:‬‬ ‫القدس‪،‬‬
‫هو هللا الصادر عن هللا‪،‬‬ ‫ُولِد من البتول مريم‪،‬‬
‫نو ٌر مولود من النور‪،‬‬ ‫تألم في عهد بنطيوس بيالطس‪،‬‬
‫إله حق صاد ٌر عن هللا الحق‪،‬‬ ‫صلِب‪،‬‬‫و ُ‬
‫مولو ٌد غير مخلوق‪،‬‬ ‫ومات‪ ،‬ودفن‪،‬‬
‫هو واآلب جوه ٌر واح ٌد‬ ‫انحدر إلى الجحيم‪.‬‬
‫وبه صنع كل شيء‪،‬‬ ‫في اليوم الثالث قام من الموتى‪،‬‬
‫من أجلنا نحن البشر‪ ،‬وفي سبيل‬ ‫صعد إلى السماوات‪،‬‬
‫خالصنا‪،‬‬ ‫جالس إلى يمين اآلب الكلي‬
‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫نزل من السماء‪،‬‬ ‫القدرة‪،‬‬
‫بالروح القدس‬ ‫حيث سيأتي ليقاضي األحياء‬ ‫ُ‬ ‫من‬
‫تجسد من البتول مريم‬ ‫واألموات‪.‬‬
‫وصار إنسانا‪.‬‬ ‫أؤمن بالروح القدس‬
‫صلب ألجلنا في عهد بنطيوس‬ ‫وإذ ُ‬ ‫بالكنيسة المقدسة الكاثوليكية‪،‬‬
‫بيالطس‪،‬‬ ‫بشركة القديسين‪،‬‬
‫تألم ودفن‪،‬‬ ‫بغفران الخطايا‪،‬‬
‫وقام في اليوم الثالث‪،‬‬ ‫بقيامة الجسد‪،‬‬
‫وفاقا للكتابات‪،‬‬ ‫بالحياة األبدية‪.‬‬
‫وصعد إلى السماء‪،‬‬ ‫آمين‬
‫جالس إلى يمين اآلب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫إنه سيرجع في المجد‪،‬‬
‫ليُقاضي األحياء واألموات؛‬
‫ولن يكون لملكه إنقضاء‪.‬‬
‫وبالروح القدس‪،‬‬
‫الرب وواهب الحياة‪،‬‬
‫إنه ينبثق من اآلب واالبن‪،‬‬
‫مع اآلب واألبن‪،‬‬
‫مجد التمجيد‬
‫يُعبد العبادة نفسها ويُ َّ‬
‫نفسه‪،‬‬
‫لقد نطق باألنبياء‪،‬‬
‫أؤمن بالكنيسة‪،‬‬
‫واحدة‪ ،‬مقدسة‪ ،‬كاثوليكية رسولية‪.‬‬
‫أعترف بمعمودية واحد ٍة‬
‫لغفران الخطايا‪.‬‬
‫أترقب قيامة الموتى‬
‫وحياة العالم اآلتي‪.‬‬
‫آمين‬

‫]‪ [1‬قانون الرسل‪ :‬د‪03‬‬


‫]‪ [2‬قانون نيقية‪ -‬القسطنطينية‪ :‬د‪ 213‬في األصل اليوناني‬
‫]‪ [3‬ر ت ب ‪ 91‬و‪119‬‬
‫]‪ [4‬فوستس دي رياز‪ ،‬في الروح القدس‪1 ،2‬‬
‫]‪ [5‬توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪ ،1 ،2 ،1-1‬م‪1‬‬
‫]‪ [6‬ر‪ :‬يهو‪0:2‬‬
‫]‪ [7‬ر‪ :‬أف ‪9-1 :1‬‬
‫]‪ [8‬الرد على الهرطفات ‪1-2 ،23 ،2‬‬
‫]‪ [9‬المرجع السابق‪1 ،23 ،2 ،‬‬
‫]‪ [10‬المرجع السابق‪2 ،13 ،1 ،‬‬
‫]‪ [11‬المرجع السابق‪2 ،11 ،10 ،‬‬
‫]‪ [12‬القديس كبريانوس‪ ،‬وحدة الكنيسة الكاثوليكية ‪9‬‬
‫]‪ [13‬ق ش ‪13‬‬
‫]‪ [14‬توما األكويني‪ ،‬م ل ‪1 ،2‬‬
‫]‪ [15‬د‪03‬‬
‫]‪ [16‬د‪213‬‬

‫القسم الثاني‬
‫االعتراف باإليمان المسيحي‬
‫قوانين اإليمان‬

‫ق ما نؤمن به»‪ .‬الشركة في اإليمان تقتضي لغة‬‫‪ -281‬من يقل «أُؤمن» يقل «أعتن ُ‬
‫لإليمان مشتركة‪ ،‬ينتظم بها الجميع ويتحدون في االعتراف الواحد باإليمان‪.‬‬

‫‪ -289‬منذ البدء عبَّرت الكنيسة الرسوليّة عن إيمانها الخاص ونقلته في تعبيرات‬


‫وجيزة وضابطه للجميع]‪ . [1‬ولكطن الكنيسة أرادت أيضا منذ أقدم أيامها أن تجمع‬
‫خالصة إيمانها في مختصرات عضوية ومنسقة بوضوح‪ُ ،‬معدّة بنوع خاص لطالبي‬
‫المعمودية‪:‬‬
‫«لم توضع ملخصات اإليمان هذه بحسب آراء البشر؛ ولكن ُجمع من الكتاب‬
‫المقدس كله ما هو األهم فيه‪ ،‬لكي يُعطي تعليم اإليمان الوحيد كامال‪ .‬وكما أن بذار‬
‫الخردل يحتوي في حبة صغيرة جدا عددا كبيرا من األغصان‪ ،‬كذلك قانون اإليمان‪،‬‬
‫ت قليل ٍة علم الب ّر الحقيقي كله الذي ينطوي عليه العهدان القديم‬
‫فهو يحتوي كلما ٍ‬
‫والجديد»]‪. [2‬‬

‫‪ -289‬تُسمى ُملخصات اإليمان هذه «اعترافات اإليمان» إذ إنها تلخص العقيدة التي‬
‫يعترف بها المسيحيون‪ .‬وتُسمى «أُؤمن» جربا مع الكلمة األولى التي تبدأ بها‬
‫عادة‪ ،‬أي «أُؤمن»‪ .‬وتُسمى كذلك «قوانين اإليمان»‪.‬‬

‫‪ -288‬كانت اللفظة اليونانية ‪( eumbolon‬سيمبولن) تعني نصف الشيء‬


‫عرف‪ .‬فكانت األقسام المكسورة‬ ‫المكسور (كالخاتم مثال) الذي كان يُقد ُم عالمة ت ُّ‬
‫تُقارب إلثبات حقيقة حاملها‪ .‬وهكذا فقانون اإليمان عالمة التعارف والشركة بين‬
‫المؤمنين‪« .‬وسيمبولن» تعني إلى ذلك مجموعة‪ ،‬جدوال‪ ،‬أو موجزا‪ .‬فقانون اإليمان‬
‫هو مجموعة حقائق اإليمان الرئيسية وهو من ث َّم المرجع األول واألساسي للكرازة‪.‬‬

‫‪ -287‬أ ّول «اعتراف باإليمان» يجري في المعمودية‪« .‬قانون اإليمان» هو أول‬


‫القانون العمادي‪ ،‬وبما أن المعمودية تُمنح «باسم اآلب واالبن والروح القدس»‬
‫(متى‪ ،)27:18‬فحقائق اإليمان ال ُمعترف بها إبان المعمودية مرجعها إلى األقانيم‬
‫الثالثة في الثالوث األقدس‪.‬‬

‫‪ -273‬وهكذا فقانون اإليمان يُقسم إلى ثالثة أقسام‪«:‬أوال كالم على األقنوم اإللهي‬
‫األول وعلى عمل الخلق الرائع؛ ثم على األقنوم اإللهي الثاني وعلى سر فداء‬
‫البشر؛ وأخيرا على األقنوم اإللهي الثالث ينبوع تقديسنا ومبدأه»]‪ . [3‬من هنا‬
‫«فصول خاتم معموديتنا الثالثة»]‪. [4‬‬
‫‪« -272‬وإن كانت هذه األقسام الثالثة مترابطة فهي متمايزة‪ .‬ونحن نسميها أقساما‬
‫عقائدية جريا مع تشبيه كثيرا ما استعمله اآلباء‪ .‬فكما أن في أعضائنا بعض مفاصل‬
‫تميزها وتفصلها‪ ،‬وكذلك في قانون اإليمان فقد أُطلق]‪ٍ [5‬‬
‫بحق اسم أقسام عقائدية على‬
‫الحقائق التي يجب أن نؤمن بها منفردة ومتميزة» ‪ .‬وقد ورد في تقليد قديم‪،‬‬
‫سبق القديس أمبروسيوس إلى إثباته‪ ،‬أن العادة جرت على إحصاء اثنى عشر قسما‬
‫في قانون اإليمان‪ ،‬رمزا بعدد الرسل إلى مجمل العقيدة الرسولية]‪. [6‬‬

‫‪ -271‬لقد تعددت‪ ،‬على مر العصور‪ ،‬اعترافات اإليمان أو قوانينه‪ ،‬استجابة لحاجات‬


‫العهود المختلفة‪ :‬قوانين الكنائس الرسولية والقديمة المختلفة]‪ ، [7‬القانون «كل‬
‫من» المنسوب إلى القديس أثناسيوس]‪ ، [8‬اعترافات اإليمان لبعض المجامع‬
‫(طُليطلة]‪ [9‬؛ التران]‪ [10‬؛ ليون]‪ [11‬؛ ترانت]‪ ،) [12‬أو لبعض الباباوات‪ ،‬من مثل‬
‫«إيمان داماسيوس»]‪ ، [13‬أو «قانون إيمان شعب هللا» لبوس السادس (‪)2798‬‬
‫]‪.[14‬‬

‫‪ -270‬ما من قانون من قوانين اإليمان في شتى مراحل الكنيسة يمكن عدُّه ساقطا‬
‫بمرور الزمن‪ ،‬أو خاليا من الفائدة‪ .‬إنها تُساعدنا على أن نبلغ اليوم ونُعمق إيمان‬
‫األزمان المختلفة من خالل الملخصات المختلفة التي ُوضعت لها‪.‬‬

‫بين جميع قوانين اإليمان قانونان يحتالن محلين خاصين في حياة الكنيسة‪:‬‬

‫الرسل‪ .‬إنه‬
‫‪ -271‬قانون الرسل‪ ،‬المدعو هكذا ألنه يُعد بحق الملخص األمين إليمان ُّ‬
‫القانون القديم للتعميد في الكنيسة الرومانية‪ .‬وسلطانه العظيم يأتيه من كونه‪:‬‬
‫سل‪،‬‬‫«القانون الذي تحتفظ به الكنيسة الرومانية‪ ،‬حيث جلس بطرس‪ ،‬أ ّول الر ُ‬
‫بالحكم العام»]‪. [15‬‬
‫وحيث فاه ُ‬

‫‪ -271‬قانون نيقية‪ -‬القسطنطينية يستمد ق َّوته من كونه صادرا عن المجمعين‬


‫المسكونيين األ َّولين (‪011‬و‪ .)082‬وهو ال يزال‪ ،‬إلى اليوم‪ ،‬مشتركا بين جميع‬
‫كنائس الشرق والغرب الكبرى‪.‬‬

‫‪ -279‬سنتبع في عرضنا للعقيدة قانون الرسل الذي يتألف منه نوعا ما «أقدم تعليم‬
‫مسيحي روماني»‪ .‬ومع ذلك سنتم العرض برجوع متواصل إلى قانون نيقية‪-‬‬
‫القسطنطينية األكثر تصريحا وتفصيال‪.‬‬

‫‪ -279‬وكما فعلنا في يوم معموديتنا‪ ،‬عندما أسلمنا كل حياتنا «إلى رسم التعليم»‬
‫(رو‪ ،)29:9‬فلنتقبل قانون إيماننا الذي يعطي الحياة‪ .‬فإن يُتلى قانون اإليمان‬
‫بإيمان‪ ،‬إنما ذلك دخول في الشركة مع هللا اآلب‪ ،‬واالبن‪ ،‬والروح القدس‪ ،‬ودخو ٌل‬
‫أيضا في الشركة مع الكنيسة كلها التي تنقل إلينا العقيدة والتي بين ظهرانيها‬
‫نؤمن‪:‬‬
‫«هذا القانون هو الخاتم الروحي‪ ]...[ ،‬ونجوى قلبنا‪ ،‬والحارس الذي ال يغيب أبدأ‪،‬‬
‫وهو‪ ،‬والشك‪ ،‬كنز نفسنا»]‪. [16‬‬

‫]‪ [1‬ر‪ :‬رو‪7:23‬؛ ‪2‬كو‪1-0:21‬؛ إلخ‬


‫]‪ [2‬القديس كيرلس األورشليمي‪ ،‬عظات في المعمودية ‪21 ،1‬‬
‫]‪ [3‬ت ر ‪1 ،2 ،2‬‬
‫]‪ [4‬القديس إيريناوس‪ ،‬تبيان ‪233‬‬
‫]‪ [5‬ت ر ‪1 ،2 ،2‬‬
‫]‪ [6‬ر‪ :‬القديس امبروسيوس‪ ،‬قانون ‪8‬‬
‫]‪ [7‬ر‪ :‬د‪91-2‬‬
‫]‪ [8‬ر‪ :‬د‪99-91‬‬
‫]‪ [9‬د‪112-111‬‬
‫]‪ [10‬د‪831-833‬‬
‫]‪892-812 [11‬‬
‫]‪ [12‬د‪2893-2891‬‬
‫]‪ [13‬ر‪ :‬د‪91-92‬‬
‫]‪ [14‬أ ك ر‪111-100 )2798( 93‬‬
‫]‪ [15‬القديس امبروسيوس‪ ،‬قانون‪9‬‬
‫]‪ [16‬القديس امبروسيوس‪ ،‬قانون ‪2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أُؤمن باهلل اآلب‬

‫‪ -278‬اعترافنا باإليمان يبدأ باهلل‪ ،‬ألن هللا هو «األ َّول واآلخر» (أش ‪ ،)9 :11‬بدء‬
‫كل شيء ونهايته‪ .‬وقانون اإليمان يبدأ باهلل اآلب‪ ،‬ألن اآلب هو األقنوم اإللهي األول‬
‫من الثالوث األقدس؛ وقانوننا يبدأ بخلق السماء واألرض‪ ،‬ألن الخلق هو البداية‬
‫واألساس في جميع أعمال هللا‪.‬‬

‫المقال األول‪« :‬أُؤمن باهلل اآلب الكلي القدرة خالق السماء واألرض»‬

‫الفقرة ‪ -1‬أؤمن باهللِ‬


‫‪« -277‬أؤمن باهلل»‪ :‬هذا التأكيد األول من االعتراف باإليمان هو أيضا أساس ٌي أكثر‬
‫من أي شيء آخر‪ .‬القانون كله يتكلم على هللا‪ ،‬وإن تكلم أيضا على اإلنسان والعالم‪،‬‬
‫فذلك بالنسبة إلى هللا‪ .‬فمواد قانون اإليمان تتعلق كلها بالمادة األولى‪ ،‬كما أن جميع‬
‫الوصايا توضح الوصية األولى‪ .‬والمواد األخرى تعرفنا هللا تعريفا أوسع‪ ،‬كما كشف‬
‫عن نفسه للبشر تدريجيا‪« .‬المؤمنون يعترفون أوال باإليمان باهلل»]‪. [i‬‬

‫‪« -2‬أُؤمن بإل ٍه واحد»‬


‫‪ -133‬بهذه الكلمات يبدأ قانون نيقية‪ -‬القسطنطينية‪ .‬االعتراف بوحدانية هللا ذات‬
‫الجذور في الوحي اإللهي في العهد القديم‪ ،‬ال يمكن فصله عن االعتراف بوجود هللا‪،‬‬
‫وهو أساس ٌّي مثله أيضا‪ .‬فاهلل واحد‪ :‬ال يوجد إلهٌ واحد‪« :‬اإليمان المسيحي يعترف‬
‫أنه ال يوجد إال إله واحد‪ ،‬واح ٌد بطبيعته‪ ،‬وجوهره‪ ،‬وإنيته»]‪. [ii‬‬

‫‪ -132‬هللا كشف عن نفسه إلسرائل مختاره على أنه الوحيد‪« :‬اسمع‪ ،‬يا إسرائيل‪،‬‬
‫رب واحد‪ ،‬فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك»‬ ‫الرب إلهنا ٌّ‬
‫َّ‬ ‫إن‬
‫(تث‪ .)1-1 :9‬باألنبياء دعا هللا إسرائيل وجميع األمم إلى التوجه نحوه‪ ،‬هو الوحيد‪.‬‬
‫«توجهوا إل ّي فتخلُصوا ياجميع أقاصي األرض فإني أنا هللا وليس من إله آخر (‪.)...‬‬
‫البر والق َّوة»‬
‫ُّ‬ ‫سم كل لسان‪ ،‬يقول‪ :‬بالرب وحده‬ ‫لي تجثوا كل ركب ٍة وبي سيُ ْق ِ‬
‫(أش‪. [iii])11-11 :11‬‬

‫‪ -131‬يسوع نفسه يثبت أن هللا هو «الرب الوحيد» وأنه يجب أن يُحب «بكل القلب‬
‫وكل النفس وكل الذهن وكل القدرة»]‪ . [iv‬وهو يُشير‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬إلى أنه هو‬
‫ذاته «الرب»]‪ . [v‬واالعتراف بأن «يسوع هو الرب»‪ .‬هو خاصة اإليمان المسيحي‪.‬‬
‫وهذا ال يخالف اإليمان باهلل الواحد‪ .‬واإليمان بالروح القدس «الرب وواهب الحياة»‬
‫ال يجعل في وحدانية هللا انفصاما‪:‬‬
‫«نحن نؤمن إيمانا ثابتا‪ ،‬ونُثبت ببساطة أنه يوجد إلهٌ واح ٌد حقيقي‪ ،‬غير محدود‬
‫كلي القدرة‪ ،‬وفوق كل تعبير‪ ،‬آب وابن وروح قدس‪:‬‬ ‫وغير متغير‪ ،‬وغير ُمدرك‪ُّ ،‬‬
‫ثالثة أقانيم‪ ،‬ولكن إنية واحدة‪ ،‬وجوه ٌر واح ٌد أو طبيعةٌ كلية البساطة» ‪.‬‬
‫]‪[vi‬‬
‫‪ -1‬هللا يكشف عن اسمه‬
‫‪ -130‬لقد كشف هللا عن ذاته لشعبه إسرائيل وع َّرفه اسمه‪ .‬االسم تعبير عن اإلنية‪،‬‬
‫هُوية الشخص ومعنى الحياة‪ .‬هلل أس ٌم‪ .‬وليس بقوة ُغفل‪ .‬وتسليم االسم هو تعريف‬
‫اآلخرين بالذات؛ هو‪ ،‬على وج ٍه ما‪ ،‬تسليم الذات يجعلها ُممكنة المنال‪ ،‬ح ِريّة بأن‬
‫تُعرف معرفة أعمق‪ ،‬وأن تُدعى شخصيا‪.‬‬

‫‪ -131‬هللا كشف عن ذاته لشعبه تدريجيا وبأسماء مختلفة‪ ،‬إال أن الكشف عن االسم‬
‫اإللهي لموسى في ظهور العليقى ال ُملتهبة على عتبة الخروج وعهد سيناء‪ ،‬هو‬
‫الكشف الذي ثبت أنه األساسي للعهدين القديم والجديد‪.‬‬

‫اإلله الح ّي‬


‫تلتهب وال تحترق‪ .‬ويقول لموسى‪«:‬أنا إله‬‫ُ‬ ‫‪ -131‬هللا يدعو موسى من وسط ُعلَّيقى‬
‫آبائك‪ ،‬إله إبراهيم‪ ،‬وإله إسحق‪ ،‬وإله يعقوب» (خر‪ .)9:0‬فاهلل هو إله اآلباء الذي‬
‫دعاهم وقادهم في تيههم‪ .‬إنه اإلله األمين والعطوف الذي يذكرهم عُهوده؛ وهو‬
‫يأتي ليُحرر نسلهم من العبودية‪ .‬إنه اإلله الذي‪ ،‬في كل مكان وزمان‪ ،‬يستطيع ذلك‬
‫ويريده‪ ،‬والذي يجعل قدرته غير المحدودة في طريق هذا التصميم‪.‬‬
‫«أنا هو الكائن»‬
‫قال موسى هلل‪«:‬ها أنا سائ ٌر إلى بني إسرائيل فأقول لهم‪ :‬إله آبائكم بعثني إليكم؛ فإن‬
‫قالوا لي ما اسمه‪ ،‬فماذا أقول لهم؟» فقال هللا لموسى‪« :‬أنا هو الكائن»‪ .‬قال‪«:‬كذا‬
‫قُل لبني إسرائيل‪ :‬الكائن أرسلني إليكم‪ )...( .‬هذا اسمي إلى الدهر‪ ،‬وهذا ذكري إلى‬
‫جي ٍل فجيل» (خر‪.)21-20:0‬‬

‫‪ -139‬عندما يكشف هللا عن اسمه العجيب يهوه‪« ،‬أنا الكائن»‪ ،‬أو «أنا من هو» أو‬
‫أيضا «أنا من أنا»‪ ،‬يقول من هو‪ ،‬وبأي اسم يجب أن ندعوه‪ .‬هذا االسم اإللهي‬
‫ي كما أن هللا سر‪ .‬إنه في الوقت نفسه اسم ُموحى به وكرفض لالسم‪ ،‬وهو من‬ ‫سر ٌ‬
‫ث َّم يعبر أحسن تعبير عن هللا كما هو‪ ،‬أي على مستوى أسمى من كل ما نستطيع‬
‫إدراكه أو قوله‪ :‬إنه «اإلله المتحجب» (أش‪ ،)21:11‬واسمه عجيب]‪ ، [vii‬وهو اإلله‬
‫الذي يتقرب من البشر‪.‬‬

‫‪ -139‬عندما يكشف هللا عن اسمه يكشف في الوقت نفسه عن أمانته التي هي من‬
‫األبد وإلى األزل‪ ،‬سارية المفعول في الماضي («أنا إله آبائك»‪ ،‬خر‪ )9:0‬كما في‬
‫المستقبل‪«( :‬أنا أكون معك»‪ ،‬خر‪ .)21:0‬هللا الذي يكشف عن اسمه على أنه‬
‫«الكائن» يكشف عن ذاته على أنه اإلله الحاضر على الدوام‪ ،‬الحاضر مع شعبه‬
‫ليُخلصه‪.‬‬

‫‪ -138‬أمام حضور هللا الساحر والعجيب يكشف اإلنسان صغارته‪ .‬امام ال ُعلَّيقى‬
‫الملتهبة يخلع موسى نعليه ويستر وجهه]‪ [viii‬مقابل القداسة اإللهية‪ .‬أمام مج اإلله‬
‫ال ُمثلث القداسة يصيح أشعيا‪«:‬ويل لي قد هلكت‪ ،‬ألني رجل دنس الشفتين»‬
‫(أش‪ .)1:9‬أمام األعمال اإللهية التي يعملها يسوع يصيح بطرس‪«:‬تباعد عني‪،‬‬
‫يارب‪ ،‬فإني رجل خاطئ» (لو‪ .)8:1‬ولكن بما أن هللا قدوس‪ ،‬فهو يقدر أن يغفر‬
‫لإلنسان الذي يكشف عن نفسه أمامه أنه خاطئ‪«:‬ال أُنفِذ وغر غضبي (‪ )...‬ألني أنا‬
‫هللا ال إنسان‪ ،‬وفيك قدوس» (هو‪ .)7:22‬وسيقول الرسول يوحنا كذلك‪« :‬نُقنِع‬
‫قلوبنا بأن تطمئنَّ أمامه‪ ،‬وإن كان قلبُنا يُبكتنا‪ ،‬فإن هللا أعظم من قلبنا وعال ٌم بكل‬
‫شيء» (‪2‬يو‪.)13-27:0‬‬

‫‪ -137‬توقيرا لقداسة هللا ال يفوه الشعب اإلسرائيلي باسمه تعالي‪ .‬ففي قراءة الكتاب‬
‫المقدس يُستعاض عن االسم الموحى به باللقب اإللهي «رب» (أدوناي‪ ،‬وباليونانية‬
‫كيريوس)‪ .‬وبهذا اللقب ستُعلن أُلوهة يسوع‪« :‬يسوع ٌ‬
‫رب»‪.‬‬

‫«إله الحنان والرحمة»‬


‫‪ -123‬بعد خطيئة إسرائيل الذي مال عن هللا إلى عبادة العجل الذهبي ‪ ،‬يسمع هللا‬
‫]‪[ix‬‬

‫تشفع موسى ويقبل السير في وسط شعب ناكث للعهد‪ ،‬مظهرا هكذا محبته]‪ . [x‬وهو‬
‫يُجيب موسى الذي يطلب أن يرى مجده ويقول‪«:‬أنا أُجي ُز جميع جودتي أمامك‬
‫وأنادي باسم الرب يهوه قدامك» (خر‪ .)27-28:00‬ويمر الرب أمام موسى‬
‫وينادي‪«:‬يهوه‪ ،‬يهوه إلهٌ رحي ٌم ورؤوفٌ ‪ ،‬طويل األناة كثير المراحم والوفاء»‬
‫(خر‪ .)9:01‬فيعترف موسى حينئ ٍذ أن الرب إله غفور]‪. [xi‬‬

‫‪ -122‬االسم اإللهي «أنا الكائن» أو «الذي هو» يعبر عن أمانة هللا الذي «يحفظ‬
‫الرحمة ألوف» (‪ ،)9:01‬على ما للبشر من نكبة االثم ومن العقاب الذي تستحقه‪.‬‬
‫هللا يكشف عن كونه «غنيا بالرحمة» (أف‪ )1:1‬إلى حد أنه بذل ابنه الخاص‪.‬‬
‫وعندما يبذل يسوع حياته ليحررنا من الخطيئة‪ ،‬سيكشف أنه يحمل هو نفسه االسم‬
‫اإللهي‪« :‬إذا ما رفعتم ابن البشر فعندئذ تعرفون أني "أنا هو"» (يو‪.)18:8‬‬

‫هللا وحده الكائن‬


‫‪ -121‬لقد استطاع إيمان إسرائيل‪ ،‬عبر القرون‪ ،‬أن ينشر ويتقصى الكنوز المنطوية‬
‫في وحي االسم اإللهي‪ .‬هللا واحدٌ‪ ،‬وال إله سواه]‪ . [xii‬وهو فوق العالم والتاريخ‪.‬‬
‫وهو الذي صنع السماوات واألرض‪«:‬هي تزول وأنت تبقى‪ ،‬وكلُّها تبلى كالثوب‬
‫تحو ٌل وال ظ ُّل‬
‫(‪ )...‬وأنت أنت وسنوك لن تفنى» (مز‪ .)18-19:231‬ليس فيه « ُّ‬
‫تغيُّر» (يع‪ .)29:2‬إنه «الكائن» منذ األبد وإلى األزل‪ ،‬وهو هكذا يبقى أبدا وفيا‬
‫لذاته ولوعوده‪.‬‬

‫‪ -120‬وهكذا فالكشف عن االسم العجيب «أنا الكائن» يتضمن الحقيقة أن هللا وحده‬
‫كائن‪ .‬وبهذا المعنى فُهم االسم اإللهي في الترجمة السبعينية وبعدها في تقليد‬
‫الكنيسة‪ :‬هللا هو ملء الكينونة وملء كل كمال‪ ،‬ال أول له وال آخر‪ .‬فيما نالت جميع‬
‫الخالئق منه كل كيانها وكل ما لها‪ ،‬فهو وحده كيان ذاته‪ ،‬وهو من ذاته كل ما هو‪.‬‬

‫‪ -0‬هللا «الكائن» حقيقة ومحبة‬


‫‪ -121‬هللا «الكائن»‪ ،‬كشف عن نفسه إلسرائيل على أنه الكائن «الكثير المراحم‬
‫والوفاء» (خر‪ .)9:01‬هذه األلفاظ تعبر تعبيرا مرصوصا عن كنوز االسم اإللهي‪.‬‬
‫هللا يُظهر في جميع أعماله عطفه‪ ،‬وجودته‪ ،‬ونعمته‪ ،‬ومحبته؛ كما يُظهر أيضا‬
‫وفاءه‪ ،‬وثباته‪ ،‬وأمانته‪ ،‬وحقيقته‪« .‬أعترف السمك ألجل رحمتك وحقك»‬
‫(مز‪ . [xiii])1:208‬إنه الحق ‪ ،‬ألن «هللا نو ٌر وليس فيه ظلمةٌ البتة» (‪2‬يو‪)1:2‬؛‬
‫وهو «محبة»‪ ،‬على حد ما يعلم يوحنا الرسول (‪2‬يو‪.)8:1‬‬

‫هللا حق‬
‫‪« -121‬رأس كلمتك حق‪ ،‬وإلى األبد ُك ُّل حكم عدلك» (مز‪« .)293:227‬واآلن أيها‬
‫ق» (‪1‬صم‪)18:9‬؛ ولذلك فوعود هللا تتحقق دائما‬ ‫الرب اإلله أنت هو هللا وكالمك ح ٌ‬
‫ق نفسه وأقواله جلَّت عن التضليل‪ .‬ولهذا يستطيع المر ُء أن يُسلم‬ ‫]‪ .[xiv‬هللا هو الح ُّ‬
‫بكل ثق ٍة لحقيقة كلمته ووفائها في كل شيء‪ .‬بدء خطيئة اإلنسان وسقوطه كان كذبة‬
‫من المجرب الذي حمل على الشك في كلمة هللا وعطفه ووفائه‪.‬‬

‫ق هللا هو حكمته التي تسوس كل نظام الخليقة ومسيرة العالم]‪. [xv‬هللا الذي‬ ‫‪ -129‬ح ُّ‬
‫‪ ،‬يستطيع هو وحده أن يعطي معرفة كل شي ٍء‬ ‫]‪[xvi‬‬
‫وحده خلق السماء واألرض‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[xvii‬‬
‫مخلوق في عالقته معه معرفة حقيقية‬
‫ٍ‬

‫حق»‬
‫ق أيضا عندما يكشف عن ذاته‪ :‬التعليم الذي يأتي من هللا «تعليم ٍ‬ ‫‪ -129‬هللا ح ٌّ‬
‫(مال‪ .)9:1‬وعندما يُرسل ابنه الى العالم إنما يكون ذلك «ليشهد للحق»‬
‫(يو‪« :)09:28‬نعلم أن ابن هللا قد أتى وآتانا بصيرة لكي نعرف اإلله الحقيقي»‬
‫(‪2‬يو‪. [xviii])13:1‬‬

‫هللا محبة‬
‫داع‬
‫‪ -128‬لقد استطاع إسرائيل‪ ،‬على مر تاريخه‪ ،‬أن يكتشف أنه لم يكن هلل إال ٍ‬
‫واحد حمله على الكشف عن ذاته له‪ ،‬وعلى اختياره له‪ ،‬بين سائر الشعوب‪ ،‬ليكون‬
‫شعبه الخاص‪ :‬هو ح ُّبه المجاني]‪ . [xix‬وقد فقه إسرائيل‪ ،‬بفضل أنبيائه‪ ،‬أنه بدافع‬
‫الحب أيضا لم ي ُكف هللا عن تخليصه]‪ ، [xx‬وعن مغفرة نكيثته وآثامه]‪. [xxi‬‬

‫ب البنه]‪ . [xxii‬وهذا الحب أقوى من حب أم‬


‫‪ -127‬يُشيه حب هللا إلسرائيل بحب أ ٍ‬
‫؛ وهذا الحب يتغلب‬ ‫]‪[xxiv‬‬
‫زوج حبيبته‬
‫ٌ‬ ‫ألبنائها]‪ . [xxiii‬هللا يحب شعبه أكثر مما يحب‬
‫حتى على أقبح الخيانات]‪ [xxv‬؛ وهو يذهب إلى درجة بذل األغلى‪«:‬هكذا أحب هللا‬
‫العالم حتى إنه بذل ابنه الوحيد» (يو‪.)29:0‬‬
‫‪ -113‬وحب هللا «أبدي» (أش‪« :)8:11‬إن الجبال تزول والتالل تتزعزع أما رأفتي‬
‫فال تزول عنك» (أش‪« .)23:11‬إني أحببتُك حبا أبديا فلذلك اجتذبتك برحم ٍة»‬
‫(إر‪.)0:02‬‬

‫‪ -112‬القديس يوحنا يذهب أيضا إلى أبعد من ذلك عندما يعلن أن «هللا محبة»‬
‫(‪2‬يو‪ :)29 ،8:1‬فكيان هللا ذاته محبة‪ .‬وعندما يرسل هللا‪ ،‬بحلول ملء األزمنة‪ ،‬ابنه‬
‫الوحيد وروح محبته يكشف عن أخص سر له]‪: [xxvi‬إنه هو نفسه أبدا تبادل محبة‪:‬‬
‫آب وابنٌ وروح قدس‪ ،‬وقد قدر لنا أن نكون شركاء فيه‪.‬‬

‫‪ -1‬مدى اإليمان باهلل الواحد‬


‫‪ -111‬لإليمان باهلل الواحد‪ ،‬ومحبتنا له بكل كياننا‪ ،‬عواقب ال حد لها في حياتنا كلها‪:‬‬

‫‪ -110‬فلذلك يقتضي معرفة عظمة هللا وجالله‪« :‬إن هللا عظيم فوق ما نعلم»‬
‫(أيوب‪ .)19:09‬ولهذا وجب أن يكون هللا «المخدوم األول»]‪. [xxvii‬‬

‫‪ -111‬ويقتضي أن نعيش في الشُّكران‪ :‬إذا كان هللا هو الواحد الوحيد فكل ما نحن‬
‫أي شي ٍء لك لم تنلهُ» (‪2‬كو‪« .)9:1‬ماذا أر ُّد إلى الرب‬
‫وكل ما نملك يأتي من لدُنه‪ُّ « :‬‬
‫عن جميع ما كافأني به» (مز‪.)21:229‬‬

‫‪ -111‬ويقتضي معرفة وحدة البشر وكرامتهم الحقيقية‪ :‬جميعهم مصنوعون «على‬


‫صورة هللا ومثاله» (تك‪.)19:2‬‬

‫‪ -119‬ويقتضي حسن استعمال األشياء المخلوقة‪ :‬اإليمان باهلل الواحد يقودنا إلى‬
‫استعمال كل ما ليس هللا بقدر ما بقربنا ذلك من هللا‪ ،‬وإلى التجرد منه بقدر ما يميل‬
‫بنا ذلك عن هللا]‪: [xxviii‬‬
‫«ربي وإلهي‪ ،‬انزع مني كل ما يبعدني عنك‪.‬‬
‫ربي وإلهي‪ ،‬هبني كل ما يُقربني منك‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[xxix‬‬
‫ربي وإلهي‪ ،‬جردني من ذاتي لكي أكون كلي لك»‬

‫‪ -119‬ويقتضي الثقة باهلل في كل حال‪ ،‬حتى في الشدة‪ .‬صالةٌ للقديسة تريزا يسوع‬
‫تعبر عن ذلك تعبيرا رائعا‪:‬‬
‫«ال يُ ْقلِقن َّك شي ٌء‪ ،‬ال يُخيفنَّك شيء‪،‬‬
‫ك ُّل شيء يزول‪ ،‬هللا ال يتغير‪،‬‬
‫الصب ُر يحصل على كل شيء‪،‬‬
‫من معه هللا فال ينقصه شيء‪،‬‬
‫هللا وحده يكفي»]‪. [xxx‬‬
‫بإيجاز‬
‫رب واحد» (تث‪1:9‬؛ مر‪« .)17:21‬من‬ ‫‪« -118‬إسمع‪ ،‬ياسرائيل‪ ،‬إن الرب إلهنا ٌّ‬
‫الضروري أن يكون الكائن األعلى واحدا‪ ،‬أي بغير شريك (‪ .)...‬إذا لم يكن هللا واحد‬
‫لم يكن هللا»]‪. [xxxi‬‬

‫‪ -117‬اإليمان باهلل يقودنا إلى أن نتوجه إليه وحده على أنه مبدأنا األول وغايتنا‬
‫القصوى‪ ،‬وأن ال نُؤثِر عليه شيئا أو أن نستبدله بشيء‪.‬‬

‫‪ -103‬هللا‪ ،‬إذا كشف عن ذاته‪ ،‬يبقى سرا عجيبا‪« .‬لو كنت تفهمه لما كان هللا»‬
‫]‪.[xxxii‬‬

‫‪ -102‬إله إيماننا كشف عن ذاته على أنه الكائن‪ ،‬لقد ع ّرف بنفسه على أنه «كثير‬
‫ق ومحبّة‪.‬‬
‫المراحم والوفاء» (خر‪ .)9:01‬كيانه نفسه ح ٌّ‬

‫]‪ [i‬ت ر ‪9 ،1 ،2‬‬


‫]‪ [ii‬م س ‪8 ،1 ،2‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪ :‬في‪22-23:1‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬مر‪03-17:21‬‬
‫]‪ [v‬ر‪ :‬مر‪09-01:21‬‬
‫]‪ [vi‬مجمع التران الرابع‪ :‬فصل ‪ ،2‬في اإليمان الكاثوليكي د‪833‬‬
‫]‪ [vii‬ر‪ :‬قض ‪28:20‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬خر‪9-1:0‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬خر‪01‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬خر‪29-21:00‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬خر‪7:01‬‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬أش‪9:11‬‬
‫]‪ [xiii‬ر‪ :‬مز‪22:81‬‬
‫]‪ [xiv‬ر‪ :‬تث‪7:9‬‬
‫]‪ [xv‬ر‪ :‬حك‪7-2:20‬‬
‫]‪ [xvi‬ر‪ :‬مز‪21:221‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬حك‪12-29:9‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬يو‪0:29‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬تث‪09:1‬؛ ‪8:9‬؛ ‪21:23‬‬
‫]‪ [xx‬ر‪ :‬أش ‪9-2:10‬‬
‫]‪ [xxi‬ر‪ :‬هو‪1‬‬
‫]‪ [xxii‬ر‪ :‬هو‪22:2‬‬
‫]‪ [xxiii‬ر‪ :‬أش ‪21-21:17‬‬
‫]‪ [xxiv‬ر‪ :‬أش‪1-1:91‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬حز‪29‬؛ هو‪22‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪2 :‬كو‪9-9:1‬؛ أف‪21-7:0‬‬
‫]‪ [xxvii‬القديسة جان دارك‪ ،‬حديث لها‬
‫]‪ [xxviii‬ر‪ :‬متى‪03-17:1‬؛ ‪11:29‬؛ ‪11-10:27‬‬
‫]‪ [xxix‬نيقوال دي فلو‪ ،‬صالة‬
‫]‪ [xxx‬قصائد‪17 ،‬‬
‫]‪ [xxxi‬ترتوليان‪ ،‬ضد مرقيون ‪0 ،2‬‬
‫]‪ [xxxii‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬عظات ‪29 ،9 ،11‬‬

‫الفقرة ‪ – 2‬اآلب‬
‫‪« -2‬باسم اآلب واالبن والروح القدس»‬
‫‪ -101‬المسيحيون يُع َّمدون «باسم اآلب واالبن والروح القدس» (متى ‪.)27:18‬‬
‫وقبل ذلك يجيبون بقولهم «أؤمن» عن السؤال المثلث الذي يطلب منهم االعتراف‬
‫بإيمانهم باآلب واالبن والروح القدس؛ «إيمان جميع المسيحيين يقوم على‬
‫الثالوث»]‪. [i‬‬

‫‪ -100‬المسيحيون يُع َّمدون «باسم» اآلب واالبن والروح القدس‪ ،‬ال «بأسماء»‬
‫هؤالء]‪ [ii‬ألنه ال يوجد إال إله واحد‪ ،‬اآلب الكلي القدرة‪ ،‬وابنه الوحيد والروح‬
‫القدس‪ :‬الثالوث القدّوس‪.‬‬

‫المركزي في اإليمان وفي الحياة المسيحية‪.‬‬


‫ُّ‬ ‫‪ -101‬سر الثالوث القدوس هو السر‬
‫إنه س ُر هللا في ذاته‪ .‬وهو من ث َّم أصل سائر أسرار اإليمان‪ ،‬النُّور الذي ينيرها‪ .‬إنه‬
‫العقيدة األساسية والجوهرية األكثر أهمية في «هرمية حقائق اإليمان»]‪« . [iii‬ليس‬
‫ق والواحد‪،‬‬‫تاريخ الخالص كله سوى تاريخ الطريقة والوسائل التي اعتمدها هللا الح ُّ‬
‫واآلب واالبنُ والروح القدس‪ ،‬ليكشف عن ذاته ويتصالح هو والبشر الذين‬ ‫ُ‬
‫يتحولون عن الخطيئة‪ ،‬ويضمهم إليه» ‪.‬‬
‫]‪[iv‬‬

‫‪ -101‬ستُعرض بإيجاز‪ ،‬في هذه الفقرة‪ ،‬الطريقة التي جرى بها الكشف عن سر‬
‫الثالوث األقدس (‪ ،)ً1‬وكيف صاغت الكنيسة عقيدة اإليمان في موضوع هذا الس ّر‬
‫(‪ ،)1‬وأخيرا كيف حقق هللا اآلب «تصميمه العطوف» في الخلق والفداء والتقديس‬
‫بوساطة رسالتي االبن والروح القدس اإللهيَّتين (‪.)0‬‬

‫‪ -109‬يميز آباء الكنيسة ما بين الالهوت والتدبير دالين باللفظة األولى على سر‬
‫الحياة الحميمة عند هللا – الثالوث‪ ،‬وباللفظة الثانية على جميع أعمال هللا التي بها‬
‫يكشف عن ذاته ويبث حياته‪ .‬فبالتدبير أُحي لنا بالالهوت‪ ،‬وبعكس ذلك‪ ،‬فالالهوت‬
‫فسر كيانه‬
‫ُّ‬ ‫يجلو التدبير كلَّه‪ .‬أعمال هللا تكشف عما هو في ذاته؛ وبعكس ذلك‪،‬‬
‫الصميم يُنير معرفة جميع أعماله‪ .‬وهذا ما نجده‪ ،‬على وجه التشبيه‪ ،‬بين األشخاص‬
‫البشريين‪ .‬فالشخص يظهر في فعله‪ ،‬وكلما أحسنَّا معرفة الشخص‪ ،‬أحسنا معرفة‬
‫فعله‪.‬‬

‫سر إيمان بالمعنى الدقيق‪ ،‬أح ُد «األسرار الخفية في هللا‪ ،‬والتي ال‬
‫‪ -109‬الثالوث ُّ‬
‫يمكن أن تُعرف إذا لم يُوح بها من فوق» ‪ .‬والحقيقة أن هللا ترك آثارا لكيانه‬
‫]‪[v‬‬

‫الثالوثي في عمله الخلقي‪ ،‬وفي وحيه ط َّي العهد القديم‪ .‬ولكن صميم كيانه‪ ،‬ثالوثا‬
‫البشري المجرد‪ ،‬وال إيمان إسرائيل‬
‫ُّ‬ ‫مقدسا‪ ،‬هو س ٌّر ال يستطيع أن يدركه العقل‬
‫نفسه قبل تجسد ابن هللا وإرسال الروح القدس‪.‬‬
‫‪ -1‬الوحي باهلل ثالوثا‬
‫اآلب يكشف عنه االبن‬
‫أب» معروفةٌ في ديانات كثيرة‪ .‬فكثيرا ما تُع ُّد األلوهة‬ ‫‪ -108‬دعوة هللا على أنه « ٌ‬
‫«أبا اآللهة والبشر»‪ .‬في إسرائيل يُدعى هللا أبا في كونه خالق العالم ‪ .‬وأكثر من‬
‫]‪[vi‬‬

‫أب أيضا بسبب العهد وإعطاء الشريعة إلسرائيل «ابنه البكر»‬ ‫ذلك فاهلل ٌ‬
‫‪ .‬وهو بنوع خاص «أبو‬ ‫]‪[vii‬‬
‫(خر‪ .)11:1‬وقد دُعي أيضا أبا ملك إسرائيل‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[viii‬‬
‫المساكين» واليتيم واألرملة الذين هم في حمى محبته‬

‫‪ -107‬إذا دُعي هللا باسم "أب"‪ ،‬فلغة اإليمان تدل بنوع خاص على وجهين‪ :‬على‬
‫أن هللا هو المصدر األول لكل سلطة عُليا‪ ،‬وأنه في الوقت نفسه جودةٌ وعنايةٌ ُمحبة‬
‫]‪[ix‬‬
‫لجميع أبنائه‪ .‬حنان القُربى هذا في هللا يمكن التعبير عنه أيضا بصورة األمومة‬
‫التي تدل داللة أوفى على المالزمة في هللا‪ ،‬على العالقة الحميمة بين هللا وخليقته‪.‬‬
‫وهكذا فلغة اإليمان تستقي من تجربة الوالدين البشرية الذين هم‪ ،‬على وج ٍه ما‪،‬‬
‫أ َّول الممثلين هلل عند اإلنسان‪ .‬ولكن التجربة تقول أيضا إن الوالدين البشريين غير‬
‫معصومين عن الخطأ‪ ،‬وإنهم قد يشوهون صفحة األبوة واألمومة‪ .‬فمن الموافق‬
‫التذكير بأن هللا فوق التمييز البشري للجنسين‪ .‬فهو ليس رجال وال إمرأة‪ ،‬إنه هللا‪.‬‬
‫إنه أيضا فوق األبوة واألمومة]‪ [x‬البشريتين‪ ،‬في حين كونه المصدر والمقياس‬
‫]‪ :[xi‬ما من أحد يعدل هللا في األبوة‪.‬‬

‫‪ -113‬لقد كشف يسوع عن هللا أنه "أب" بمعنى ال مثيل له‪ :‬فال تنحصر أُبوته في‬
‫أب أزليا في عالقته بابنه الوحيد‪ ،‬الذي ال يكون‪ ،‬منذ األزل‪ ،‬ابنا إال‬
‫كونه خالقا‪ ،‬إنه ٌ‬
‫في عالقته باآلب‪«:‬ليس أح ٌد يعرف االبن إال اآلب‪ ،‬وال أح ٌد يعرف اآلب إال االبن‪،‬‬
‫ومن يريد االبن أن يكشف له» (متى‪.)19:22‬‬

‫‪ -112‬ولهذا فالرسل يعترفون بيسوع على أنه «الكلمة الذي كان في البدء لدى هللا‬
‫وكان هللا» (يو‪ ،)2:2‬على أنه «صورة هللا الغير منظورة» (كول‪ ،)21:2‬على أنه‬
‫«ضياء مجده وصورة جوهره» (عب‪.)0:2‬‬

‫‪ -111‬على إثر الرسل وجريا على التقليد الرسولي‪ ،‬اعترفت الكنيسة سنة ‪،011‬‬
‫في مجمع نيقية المسكوني األول‪ ،‬أن االبن «واحد في الجوهر» مع اآلب]‪ ، [xii‬أي‬
‫أنه هو واآلب إلهٌ واحد‪ .‬والمجمع المسكوني الثاني‪ ،‬المنعقد في القسطنطينية سنة‬
‫‪ ، 082‬احتفظ بهذا التعبير في صياغة قانون إيمان نيقية‪ ،‬واعترف بقوله «ابن هللا‬
‫الوحيد‪ ،‬المولود من اآلب قبل كل الدهور‪ ،‬نور مولود من النور‪ ،‬إله حق صادر عن‬
‫هللا الحق‪ ،‬مولود غير مخلوق‪ ،‬هو واآلب جوه ٌر واحد»]‪. [xiii‬‬

‫اآلب واالبن يكشف عنهما الروح القدس‬


‫‪ -110‬إن يسوع يعلن‪ ،‬قبل فصحه‪ ،‬عن إرسال «بارقليط آخر»‪( ،‬محام)‪ ،‬الروح‬
‫القدس‪ .‬غنه في العمل منذ خلق العالم]‪ ، [xiv‬وقديما «نطق باألنبياء»]‪، [xv‬وهو اآلن‬
‫إلى جانب التالميذ وفيهم]‪ ، [xvi‬لكي يعلمهم]‪ [xvii‬ويرشدهم «إلى الحقيقة كلها»‬
‫(يو‪ .)20:29‬وهكذا فقد ُكشف عن الروح القدس على أنه أقنو ٌم إله ٌي آخر بالنسبة‬
‫إلى يسوع واآلب‪.‬‬

‫‪ -111‬األصل األزلي للروح القدس تكشف في رسالته الزمنية‪ .‬فالروح القدس‬


‫م ُرس ٌل إلى الرسل وإلى الكنيسة من لدن اآلب باسم االبن كما هو ُمرس ٌل من لدُن‬
‫االبن شخصيا بعد عودته إلى اآلب]‪ . [xviii‬وإن في إرسال أقنوم الروح القدس بعد‬
‫تمجيد يسوع]‪ [xix‬لكشفا كامال عن س ّر الثالوث األقدس‪.‬‬

‫‪ -111‬اإليمان الرسولي في شأن الروح القدس اعترف به في المجمع المسكوني‬


‫الثاني سنة ‪ ،082‬في القسطنطينية‪« :‬نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق‬
‫من اآلب»]‪ . [xx‬وهكذا ترى الكنيسة في اآلب «ينبوع اإللوهة كلها ومصدرها»‬
‫األزلي للروح القدس بغير رابط بمصدر‬ ‫ُّ‬ ‫]‪ .[xxi‬ومع ذلك فليس المصدر‬
‫االبن‪«:‬الروح القدس‪ ،‬األقنوم الثالث من الثالوث‪ ،‬هو هللا‪ ،‬واح ٌد مسا ٍو لآلب واالبن‪،‬‬
‫جوه ٌر واح ٌد وطبيعةٌ واحدة (‪ )...‬ومع ذلك ال نقول إنه روح اآلب فقط‪ ،‬بل روح‬
‫اآلب واالبن معا]‪ . [xxii‬قانون إيمان الكنيسة الصادر عن مجمع القسطنطينية‬
‫المسكوني يعترف قائال‪«:‬مع اآلب واالبن يُعبد العبادة نفسها ويُمجد التمجيد نفسه»‬
‫]‪.[xxiii‬‬

‫‪ -119‬إن التقليد الالتيني لقانون اإليمان يعترف بأن الروح «ينبثق من اآلب‬
‫واالبن»‪ .‬ومجمع فلورنسة‪ ،‬سنة‪ ،2108‬يصرح بأن «الروح القدس يستمد ذاتيته‬
‫وكيانه معا من اآلب واالبن وينبثق أزليا من هذا وذاك كما من مبدأ واحد وبانبثاق‬
‫واحد ‪ ...‬وبما أن كل ما لآلب أعطاه اآلب ذاته البنه الوحيد عندما ولده‪ ،‬ما عدا‬
‫كونه أبا‪ ،‬فإن انبثاق الروح القدس ذاته عن طريق االبن يستمده أزليا من أبيه الذي‬
‫ولده أزليا»]‪. [xxiv‬‬

‫‪ -119‬القول بـ «واالبن» لم يكن موجودا في القانون المعترف به سنة ‪ 082‬في‬


‫القسطنطينية‪ .‬ولكن جريا مع تقليد التيني واسكندراني قديم اعترف بع عقائديا البابا‬
‫القديس الون سنة‪ ، [xxv]119‬قبل أن تعرف رومة وتتقبل‪ ،‬سنة‪ ،112‬في مجمع‬
‫خلقدونية‪ ،‬قانون إيمان سنة ‪ .082‬واستعمال هذه الصيغة في قانون اإليمان ُجري‬
‫عليه شيئا فشيئا في الليترجيا الالتينية (ما بين القرن الثامن والقرن الحادي عشر)‪.‬‬
‫وإن إخال الليترجيا الالتينية لـ «واالبن» في قانون نيقية – القسطنطينية كان وال‬
‫يزال اليوم مبعث خالف مع الكنائس األرثوذكسية‪.‬‬

‫‪ -118‬يعبر التقليد الشرقي أوال عن ميزة اآلب كمصدر أول بالنسبة إلى الروح‬
‫القدس‪ .‬فعندما يعترف بأن الروح «ينبث من اآلب» (يو‪ ،)19:21‬يُثبت أن هذا‬
‫الروح منبثق من اآلب باالبن]‪ . [xxvi‬أما التقليد الغربي فهو يعبر أوال عن الشركة‬
‫في وحدة الجوهر بين اآلب واالبن بقوله إن الروح ينبثق من اآلب واالبن‪ .‬يقول‬
‫ذلك «على وجه شرعي ومعقول»]‪ [xxvii‬ألن الرتبة األزلية لدى األقانيم اإللهية في‬
‫شركتهم األُحادية الجوهر تتضمن أن يكون اآلب هو المصدر األول للروح القدس‬
‫لكونه «المبدأ الذي ال مبدأ له»]‪ ، [xxviii‬ولكنها تتضمن أيضا‪ ،‬واآلب أبو ابنه‬
‫الوحيد‪ ،‬أن يكون معه «المبدأ الوحيد الذي ينبثق منه الروح القدس»]‪ . [xxix‬هذا‬
‫االكتمال المشروع‪ ،‬إذا لم يُحجر‪ ،‬ال ينال من وحدة اإليمان في حقيقة السر عينه‬
‫المعترف به‪.‬‬

‫‪ -0‬الثالوث األقدس في عقيدة اإليمان‬


‫تكون العقيدة الثالوثية‬
‫ُّ‬
‫‪ -117‬حقيقة الثالوث األقدس الموحى بها كانت منذ البدء في أصل إيمان الكنيسة‬
‫ي‪،‬‬
‫الحي‪ ،‬وال سيّما عن طريق المعمودية‪ .‬وهي تجد عبارتها في نظام اإليمان العماد ّ‬
‫مصوغة في الكرازة‪ ،‬والتعليم المسيحي‪ ،‬وصالة الكنيسة‪ .‬مثل هذه الصياغات‬
‫موجودةٌ قبال في الكتابات الرسولية‪ ،‬كما تشهد بذلك هذه التحية التي تنقلها‬
‫الليترجيا اإلفخارستيا‪« :‬نعمة الرب يسوع المسيح‪ ،‬ومحبة هللا‪ ،‬وشركة الروح‬
‫القدس معكم أجمعين» (‪1‬كو‪. [xxx])20:20‬‬

‫‪ -113‬في أثناء القرون األولى‪ ،‬عملت الكنيسة على صياغة عقيدتها الثالوثية‬
‫صياغة أصرح‪ ،‬لتعميق فهمها الذاتي للعقيدة‪ ،‬ثم للدفاع عنها في وجه األضاليل‬
‫التي كانت تُشوهها‪ .‬ذلك كان عمل المجامع القديمة يساعدها البحث الالهوتي عند‬
‫حس اإليمان عند الشعب المسيحي‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫آباء الكنيسة‪ ،‬ويُساندها‬

‫سع في مصطلحات‬ ‫‪ -112‬لصياغة عقيدة الثالوث اضطُرت الكنيسة إلى أن تتو َّ‬
‫خاصة‪ُ ،‬مستعينة بأفكار من أصل فلسفي‪«:‬شخص» أو «أقنوم»‪« ،‬عالقة»‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وفي عملها هذا لم تُخضع اإليمان لحكم ٍة بشرية‪ ،‬ولكنها أعطت معنى جديدا لم يُعهد‬
‫من قبل لهذه األلفاظ المدعوة إلى أن تعني أيضا‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬سرا عجيبا‪،‬‬
‫«يسمو سموا ال نهائيا على كل ما نستطيع تصوره في الحدود البشرية»]‪. [xxxi‬‬

‫‪ -111‬الكنيسة تستعمل اللفظة «جوهر» (يُعبَّر عنها أحيانا بالـ «إنية» أو‬
‫«الطبيعة») للداللة على الكائن اإللهي في وحدته‪ ،‬واللفظة «شخص» أو «أقنوم»‬
‫للداللة على اآلب‪ ،‬واالبن‪ ،‬والروح القدس في التمييز الحقيقي في ما بينهم‪،‬‬
‫واللفظة «عالقة» للداللة على واقع أن تميزهم يقوم في مرجعية بعضهم إلى بعض‪.‬‬

‫عقيدة الثالوث األقدس‬


‫‪ -110‬الثالوث واحد‪ .‬إننا ال نعترف بثالثة آلهة‪ ،‬بل بإل ٍه واح ٍد بثالثة أقانيم‪:‬‬
‫«الثالوث األحدي الجوهر»]‪ . [xxxii‬فاألقانيم اإللهية ال يتقاسمون األلوهة الواحدة‪،‬‬
‫ولكن ك َّل واحد منهم هو هللا كامال‪«:‬اآلب هو ذات ما هو االبن‪ ،‬واالبن هو ذات ما‬
‫هو اآلب‪ ،‬واآلب واالبن هما ذات ما هو الروح القدس‪ ،‬أي إله واح ٌد بالطبيعة»‬
‫]‪ « .[xxxiii‬كل أقنوم من األقانيم الثالثة هو هذه الحقيقة أي الجوهر‪ ،‬واإلنية أو‬
‫الطبيعة اإللهية»]‪. [xxxiv‬‬

‫‪ -111‬األقانيم اإللهية متميزون تميزا حقيقيا في ما بينهم‪« .‬هللا واحد ولكنه غير‬
‫متو ِحد]‪« . [xxxv‬آب»‪« ،‬ابن»‪« ،‬روح قدس» ليسوا مجرد أسماء دالة على كيفيات‬
‫للكائن اإللهي‪ ،‬إذ إنهم متميزون تميزا حقيقيا في ما بينهم‪« :‬الذي هو االبن ليس‬
‫اآلب‪ ،‬والذي هو اآلب ليس االبن‪ ،‬وال الروح القدس هو اآلب أو االبن»]‪. [xxxvi‬‬
‫انهم متميزون فيما بينهم بعالقات مصدرهم‪«:‬اآلب هو الذي يلد‪ ،‬واالبن هو‬
‫المولود‪ ،‬والروح القدس هو الذي ينبثق»]‪ . [xxxvii‬الوحدة اإللهية ثالثية‪.‬‬

‫‪ -111‬األقانيم اإللهية ذو عالقة بعضهم ببعض‪ .‬فالتميز الحقيقي القائم بين األقانيم‬
‫وال يُقسم الوحدة اإللهية‪ ،‬يقوم فقط في العالقات التي تُرجع بعضهم إلى بعض‪«:‬في‬
‫أسماء األقانيم النسبية‪ ،‬يُرجع اآلب إلى االبن‪ ،‬واالبن إلى اآلب‪ ،‬والروح القدس‬
‫إليهما كليهما؛ عندما يجري الكالم على هؤالء األقانيم الثالثة باعتبار العالقات‪،‬‬
‫فاإليمان مع ذلك يبقى اعترافا بطبيعة واحدة أو جوهر واحد»]‪ . [xxxviii‬وهكذا «فكل‬
‫شي ٍء واحد [فيهم] حيثما ال يوجد اعتراض للعالقة»]‪« . [xxxix‬بسبب هذه الوحدة‪،‬‬
‫اآلب كله في االبن‪ ،‬وكله في الروح القدس؛ االبن كله في اآلب‪ ،‬وكله في الروح‬ ‫ُ‬
‫القدس‪ ،‬الروح القدس كله في اآلب‪ ،‬وكله في االبن» ‪.‬‬
‫]‪[xl‬‬

‫‪ -119‬لموعوظي القسطنطينية يُودع القديس غريغوريوس النزينزي‪ ،‬الذي يُدعى‬


‫أيضا «الالهوتي»‪ ،‬خالصة اإليمان الثالوثي هذا‪:‬‬
‫«حافظوا قبل كل شيء على هذه الوديعة الصالحة‪ ،‬التي لها أحيا وأقارع‪ ،‬ومعها‬
‫أريد أن أموت‪ ،‬التي تجعلني أتحمل جميع الشرور وأزدري جميع المتع‪ :‬أعني‬
‫اعتراف اإليمان باآلب واالبن والروح القدس‪ .‬إني أودعكم إياه اليوم‪ .‬وبه سأعم ُد‬
‫بعد حين إلى تغطيسكم في الماء ثم رفعكم منه‪ .‬إني أهبكم إياه رفيقا وشفيعا لحياتكم‬
‫كلها‪ .‬أهبكم ألوهة واحدة وقدرة واحدة‪ ،‬موجودة واحدة في الثالثة‪ ،‬وحاوية الثالثة‬
‫اختالف في الجوهر أو الطبيعة‪ ،‬في غير درجة‬ ‫ٍ‬ ‫على وجه التميز‪ .‬ألوهة في غير‬
‫سفلى تُدني‪ )...( .‬إنها الوحدة الالمتناهية في الطبيعة لثالث ٍة ال‬‫عُليا تُعلي‪ ،‬أو درجة ُ‬
‫متناهين‪ .‬هللا كله كامال في كل واح ٍد في ذاته (‪ ،)...‬وهللا الثالثة في الثالثة معا (‪.)...‬‬
‫ما إن آخ ُذ في التفكير بالوحدة حتى يغرقني الثالوث في ألق ِه‪ .‬وما إن آخذ في التفكير‬
‫بالثالوث حتى تشدُّني الوحدة ‪. [xli]»...‬‬

‫‪ -1‬األعمال اإللهية والرساالت الثالوثية‬


‫‪ .‬هللا هو السعادة‬ ‫‪« -119‬أيها الثالوث النور السعيد‪ ،‬أيها الوحدة األولية!»‬
‫]‪[xlii‬‬

‫األزلية‪ ،‬الحياة التي ال تموت‪ ،‬النور الذي ال يخبو‪ .‬هللا محبة‪ :‬اآلب واالبن والروح‬
‫القدس‪ .‬وهللا يريد أن يُشرك إشراكا ُحرا في مجد حياته السعيدة‪ .‬هذا هو «تصميم‬
‫العطف» (أف‪ )7:2‬الذي صممه منذ قبل خلق العالم في ابنه الحبيب‪« ،‬محددا أن‬
‫نكون له أبناء بيسوع المسيح هذا» (أف ‪ ،)1:2‬أي أن نكون «مشابهين لصورة‬
‫ابنه» (رو‪ )17:8‬بفضل «روح التبني» (رو‪ .)21:8‬هذا التصميم «نعمةٌ أُعطيت‬
‫قبل جميع الدهور» (‪1‬تيم ‪ ،)7:2‬صادرة مباشرة عن المحبة الثالوثية‪ .‬وهو شائع‬
‫في عمل الخلق‪ ،‬في تاريخ الخالص كله بعد الخطيئة‪ ،‬في رسالتي االبن والروح‬
‫اللتين تمتدان برسالة الكنيسة]‪. [xliii‬‬

‫‪ -118‬التدبير اإللهي كله عمل مشترك بين األقانيم الثالثة‪ .‬فكما أنه ليس للثالوث إال‬
‫الطبيعة الواحدة ذاتها‪ ،‬فليس له إال العمل الواحد ذاته]‪« . [xliv‬ليس اآلب واالبن‬
‫والروح القدس ثالثة مبادئ للخالئق بل مبدأ واحد»]‪ . [xlv‬ومع ذلك فكل أقنوم إلهي‬
‫يعمل العمل المشترك وفقا لميزته الشخصية‪ .‬وهكذا فالكنيسة تعترف‪ ،‬في عقب‬
‫العهد الجديد]‪« ، [xlvi‬باهلل اآلب الذي منه كل شيء‪ ،‬وبالرب يسوع المسيح الذي له‬
‫كل شيء‪ ،‬وبالروح القدس الذي فيه كل شيء»]‪ . [xlvii‬وإن رسالت ّي تجسد االبن‬
‫وموهبة الروح القدس اإللهيتين هما اللتان تُظهران خصوصا ميزات األقانيم‬
‫اإللهية‪.‬‬

‫‪ -117‬التدبير اإللهي كله‪ ،‬في كونه عمال مشتركا وشخصيا في الوقت نفسه‪ ،‬يُظهر‬
‫ميزة األقانيم اإللهية ووحدة طبيعتهم‪ .‬لذلك الحياة المسيحية كلها شركة مع كل من‬
‫األقانيم اإللهية‪ ،‬من دون أن تفصلهم البتة‪ .‬من يمجد اآلب يمجده باالبن في الروح‬
‫القدس؛ ومن يتبع المسيح يتبعه ألن اآلب يجذبه]‪ [xlviii‬والروح يحركه]‪. [xlix‬‬
‫‪ -193‬غاية التدبير اإللهي كله القصوى هي أ‪ ،‬تدخل الخالئق في وحدة الثالوث‬
‫المجيد الكاملة]‪ . [l‬إال أننا مدعوون منذ اآلن إلى أن يسكن الثالوث القدوس فينا‪.‬‬
‫فالرب يقول‪«:‬إن أحبني أحد يحفظ كلمتي‪ ،‬وأبي يُحبه‪ ،‬وإليه نأتي‪ ،‬وعنده نجعل‬
‫مقامنا» (يو‪:)10:21‬‬
‫«إلهي‪ ،‬الثالوث الذي أعبده‪ ،‬ساعدني على أن أنسى ذاتي نسيانا كامال فأقيم فيك‬
‫سكون وهدوء كا لو كانت نفسي منذ اآلن في األبدية؛ ال لشي ٍء من شأنه أن يتمكن‬
‫من إقالق سالمي‪ ،‬أو أن يُخرجني منك‪ ،‬يا من ال يقب ُل التغير‪ ،‬بل فلتذهب بي كل‬
‫دقيقة إلى أبعد في عمق سرك! هدي نفسي‪ .‬اجعلها سماءك‪ ،‬مسكنك المحبوب ومقر‬
‫راحتك‪ .‬هب أن ال أدعك فيها أبدا وحدك‪ ،‬بل أن أكون هناك بكل كياني‪ ،‬يقظة في‬
‫إيماني‪ ،‬عابدة عبادة كاملة‪ ،‬مستسلمة استسالما كامال لعملك الخالق»]‪. [li‬‬

‫بإيجاز‬

‫‪ -192‬سر الثالوث األقدس هو السر الرئيسي لإليمان وللحياة المسيحية‪ .‬هللا وحده‬
‫يستطيع أن يُعطينا معرفته بالكشف عن ذاته أبا وابنا وروح قدس‪.‬‬
‫‪ -191‬تجسد ابن هللا يكشف أن هللا هو اآلب األزلي‪ ،‬وأن االبن هو واآلب جوه ٌر‬
‫واحد‪ ،‬أي إنه فيه ومعه اإلله الواحد األحد‪.‬‬

‫‪ -190‬رسالة الروح القدس‪ ،‬الذي أرسله اآلب باسم االبن]‪ [lii‬وباالبن «من لدن‬
‫اآلب» (يو‪ ،)19:21‬تكشف أنه معهما اإلله الواحد األحد‪« .‬مع اآلب واالبن يُعبد‬
‫العبادة نفسها ويُمجد التمجيد نفسه»]‪. [liii‬‬

‫‪« -191‬الروح القدس ينبثق من اآلب على أنه الينبوع األول‪ ،‬وبالموهبة األزلية‬
‫التي من هذا االبن‪ ،‬ينبثق من اآلب واالبن متحدين في الشركة»]‪. [liv‬‬

‫‪ -191‬بنعمة المعمودية «باسم اآلب واالبن والروح القدس» (متى ‪ ،)27:18‬نحن‬


‫مدعوون إلى االشتراك في حياة الثالوث السعيدة‪ ،‬ههنا في ظلمة اإليمان‪ ،‬وهنالك‬
‫بعد الموت في النور األزلي]‪. [lv‬‬

‫‪« -199‬اإليمان الكاثوليكي يقوم بما يلي‪ :‬عبادة إله واحد في الثالوث‪ ،‬والثالوث في‬
‫الوحدة‪ ،‬بغير خل ٍط لألقانيم‪ ،‬وبغير تقسيم للجوهر‪ :‬إذ إن لآلب أقنومه‪ ،‬ولالبن‬
‫أقنومه‪ ،‬وللروح القدس أقنومه؛ ولكن لآلب واالبن والروح القدس األلوهة واحدة‪،‬‬
‫والمجد واحد‪ ،‬والسيادة واحدة في أزليتها»]‪. [lvi‬‬

‫‪ -199‬األقانيم اإللهية غير منقسمة في ما هي عليه‪ ،‬غير منقسمة أيضا في ما‬


‫تعمل‪ .‬ولكن في العمل اإللهي الواحد كل أقنوم يُظهر ما يختص به في الثالوث‪،‬‬
‫والسيّما في رسالة تجسد االبن ورسالة موهبة الروح القدس اإللهيتين‬

‫]‪ [i‬القديس سيزير أسقف أرل‪ ،‬في قانون اإليمان‬


‫]‪ [ii‬ر‪ :‬اعتراف إيمان البابا فيجيل‪ ،‬سنة‪ :111‬د‪121‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪ :‬د ت ع ‪10‬‬
‫]‪ [iv‬د ت ع ‪19‬‬
‫]‪ [v‬ق إش ‪29‬‬
‫]‪ [vi‬ر‪ :‬تث ‪9:01‬؛ مال ‪13:1‬‬
‫]‪ [vii‬ر‪1 :‬صم‪21:9‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬مز‪9:98‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬أش‪20:99‬؛ مز‪1:202‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬مز‪23 :19‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬أف‪21-21:0‬؛ أش‪21:17‬‬
‫]‪ [xii‬قانون نيقية‪ :‬د‪211‬‬
‫]‪ [xiii‬د‪213‬‬
‫]‪ [xiv‬ر‪ :‬تك‪1:2‬‬
‫]‪ [xv‬قانون نيقية ‪-‬القسطنطينية‬
‫]‪ [xvi‬ر‪ :‬يو‪29:21‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬يو‪19:21‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬يو‪19:21‬؛ ‪19:21‬؛ ‪21:29‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬يو‪07:9‬‬
‫]‪ [xx‬د‪213‬‬
‫]‪ [xxi‬ر‪ :‬مجمع طليطلة ‪( ،9‬سنة‪ ،)908‬في الثالوث وابن هللا الفادي المتجسد‪ :‬د‪173‬‬
‫]‪ [xxii‬مجمع طليطلة ‪( ،22‬سنة ‪ ،)991‬قانون اإليمان‪ :‬د‪119‬‬
‫]‪ [xxiii‬د‪213‬‬
‫]‪ [xxiv‬مجمع فلورنسة‪ ،‬قرار لليونانيين‪ :‬د‪2032-2033‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬د‪181‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪ :‬ن ر‪1‬‬
‫]‪ [xxvii‬مجمع فلورنسة‪ ،‬قرار لليونانيين (سنة‪ :)2107‬د‪2031‬‬
‫]‪ [xxviii‬د‪2002‬‬
‫]‪ [xxix‬مجمع ليون‪ ،1‬دستور في الثالوث األسمى واإليمان الكاثوليكي (سنة ‪ :)2191‬د‪813‬‬
‫]‪ [xxx‬ر‪2 :‬كو‪9-1:21‬؛ أف‪9-1:1‬‬
‫]‪ [xxxi‬ق ش ‪7‬‬
‫]‪ [xxxii‬مجمع القسطنطينية‪( ،1‬سنة‪ ،)110‬إبساالت في الفصول الثالثة‪ :2 ،‬د‪112‬‬
‫]‪ [xxxiii‬مجمع طليطلة ‪( ،ً11‬سنة ‪ ،)991‬قانون اإليمان‪ :‬د‪103‬‬
‫]‪ [xxxiv‬مجمع التران ‪( ،1‬سنة ‪ ،)2121‬في ضالل األباتي يواكيم‪ :‬د‪831‬‬
‫]‪ [xxxv‬إيمان داماسيوس‪ :‬د‪92‬‬
‫]‪ [xxxvi‬مجمع طليطلة ‪( ،ً11‬سنة‪ ،)991‬قانون اإليمان‪ :‬د‪103‬‬
‫]‪ [xxxvii‬مجمع التران‪( ،1‬سنة ‪ )2121‬في ضالل األباتي يواكيم‪ :‬د‪831‬‬
‫]‪ [xxxviii‬مجمع طليطلة ‪( ،ً11‬سنة‪ ،)991‬قانون اإليمان‪ :‬د‪118‬‬
‫]‪ [xxxix‬مجمع فلورنسة‪ ،‬قرار لليعاقبة (سنة ‪ :)2111‬د‪2003‬‬
‫]‪ [xl‬المرج السابق‪ :‬د‪2002‬‬
‫]‪ [xli‬خطابات ‪12 ،13‬‬
‫]‪ [xlii‬ل س‪ ،‬نشيد الغروب‬
‫]‪ [xliii‬ر‪ :‬ن ر‪7-1‬‬
‫]‪ [xliv‬ر‪ :‬مجمع القسطنطينية ‪( ،1‬سنة‪ ،)110‬ابساالت في الفصول الثالثة‪ :2 ،‬د‪112‬‬
‫]‪ [xlv‬مجمع فلورنسة‪ ،‬قرار لليعاقبة (سنة ‪ :)2111‬د‪2002‬‬
‫]‪ [xlvi‬ر‪2 :‬كو‪9:8‬‬
‫]‪ [xlvii‬مجمع القسطنطينية ‪( ،1‬سنة‪ ،)110‬ابساالت في الفصول الثالثة‪ :‬د‪112‬‬
‫]‪ [xlviii‬ر‪ :‬يو‪11:9‬‬
‫]‪ [xlix‬ر‪ :‬رو‪21:8‬‬
‫]‪ [l‬ر‪ :‬يو‪10-12:29‬‬
‫]‪ [li‬صالة الطوباوية أليصابات الثالوث‬
‫]‪ [lii‬ر‪ :‬يو‪19:21‬‬
‫]‪ [liii‬القانون النيقاوي – القسطنطيني‪ :‬د‪213‬‬
‫]‪ [liv‬القديس أغسطينوس‪ ،‬في الثالوث ‪19 ،19 ،21‬‬
‫]‪ [lv‬ق ش ‪7‬‬
‫]‪ [lvi‬قانون اإليمان «كل من» ‪ :‬د‪91‬‬
‫الفقرة ‪ -3‬الكلّي القدرة‬

‫‪ -198‬من جميع الصفات اإللهية لم يُذكر في قانون اإليمان إال صفة واحدة هي‬
‫القدرة الكلية‪ :‬ولالعتراف بها مدى بعيد لحياتنا‪ .‬نؤمن بأنها شاملة‪ ،‬ألن هللا الذي‬
‫أب]‪ [ii‬؛‬
‫خلق كل شي ٍء يسوس كل شيء‪ ،‬ويقدر على كل شيء؛ ومحبة‪ ،‬ألن هللا ٌ‬
‫]‪[i‬‬

‫وسرية‪ ،‬ألن اإليمان وحده يستطيع أن يكتشفها عندما «يبدو كمالها في الوهن»‬
‫(‪1‬كو‪. [iii])7:21‬‬

‫كل ما شاء صنع (مز‪)0:221‬‬


‫‪ -197‬األسفار المقدسة كثيرا ما تعرف بقدرة هللا الشاملة‪ .‬فهو يُدعى «عزيز‬
‫يعقوب» (تك‪11:17‬؛ أش‪ 11:2‬وغ)‪« ،‬رب الجنود»‪« ،‬العزيز الجبار» (مز‪-8:11‬‬
‫‪ .)23‬فإذا كان هللا كلي القدرة «في السماوات وعلى األرض» (مز‪ )9:201‬فلذلك‬
‫أنه صنعها‪ .‬فما من أمر يستحيل عليه]‪ [iv‬إذا‪ ،‬وهو يتصرف بصنيعته كما يشاء]‪ [v‬؛‬
‫إنه رب الكون الذي أقام له نظاما يبقى خاضعا تاما وطوع إرادته‪ .‬وهو سيد‬
‫التاريخ‪ :‬يسوس القلوب واألحداث وفق ما يشاء]‪«: [vi‬عندك قدرة عظيمة في كل‬
‫حين‪ ،‬فمن يقاوم قوة ذراعك؟» (حك‪.)11:22‬‬

‫ترحم الجميع ألنك قاد ٌر على كل شيء» (حك‪)10:22‬‬ ‫« ُ‬


‫‪ -193‬هللا هو اآلب الكلي القدرة‪ .‬أُبوته وقدرته تجلو إحداهما األُخرى‪ .‬وهكذا فهو‬
‫يُظهر قدرته الكلية األبوية بالطريقة التي يهتم فيها لحاجاتنا]‪ [vii‬؛ بالتبني الذي‬
‫يعطيناه («أكون لكم أبا وتكونون لي بنين وبنات يقول الرب القدير»‪1 ،‬كو‪)28:9‬؛‬
‫وأخيرا برحمته الغير المتناهية‪ ،‬إذ إنه يُظهر قدرته إلى أقصى حد عندما يغفر‬
‫خطايانا غفرانا ُحرا‪.‬‬

‫‪ -192‬القدرة اإللهية الكلية ليست تعسفيَّة البتة‪«:‬في هللا القدرة واإلنية‪ ،‬اإلرادة‬
‫والعقل‪ ،‬الحكمة والعدل‪ ،‬حقيقةٌ واحدة‪ ،‬بحيث ال شيء يمكن أن يكون في القدرة‬
‫اإللهية وال يمكن أن يكون في إرادة هللا العادلة أو في عقله الحكيم»]‪. [viii‬‬

‫سر عجز هللا الظاهر‬


‫ُّ‬
‫‪ -191‬اإليمان باهلل اآلب الكلي القدرة قد يوضع على محك االمتحان بتجربة الشر‬
‫واأللم‪ .‬فقد يبدو هللا في بعض األحيان غائبا وعاجزا عن منع الشر‪ .‬والحال أن هللا‬
‫اآلب قد أظهر قدرته كلية على أعجب صورة بتنازل ابنه الطوعي وبقيامته اللذين‬
‫تغلب بهما على الش ّر‪ .‬وهكذا فالمسيح المصلوب هو «قدرة هللا وحكمته؛ ألن ما هو‬
‫جهالةٌ عند هللا أحكم من الناس‪ ،‬وما هو ضعفٌ عند هللا أقوى من الناس»‬
‫(‪2‬كو‪ .)11:2‬في قيامة المسيح وتمجيده «بسط اآلب عزة قوته» وأظهر «فرط‬
‫عظمة قدرته لنا نحن المؤمنين» (أف‪.)11-27:2‬‬
‫‪ -190‬اإليمان وحده يستطيع أن يلزم السبل العجيبة لقدرة هللا الكلية‪ .‬وهذا اإليمان‬
‫يفخر بضعفه الجتذاب قدرة المسيح إليه]‪ . [ix‬والعذراء مريم‪ ،‬أسمى نموذج لهذا‬
‫اإليمان‪ ،‬هي التي آمنت بأن «ال شيء يستحيل على هللا» (لو‪ ،)09:2‬والتي‬
‫استطاعت أن تُمجد الرب‪«:‬القدير صنع بي عظائم‪ ،‬فاسمه قدوس» (لو‪.)17:2‬‬
‫‪ « -191‬ال شيء من شأنه أن يثبت إيماننا ورجاءنا مثل اليقين العميق المحفور في‬
‫نفوسنا بأن ال ش يء يستحيل على هللا‪ .‬فكل ما يعرضه قانون اإليمان بعد ذلك‬
‫إليماننا‪ :‬أعظم األمور‪ ،‬وأغلقها‪ ،‬وكذلك أشد األمور تعاليا على نواميس الطبيعة‬
‫العادية‪ ،‬فحالما تخطر لعقلنا مجرد فكرة القدرة اإللهية الكلية‪ ،‬يُبادر إلى تقبلها‬
‫بسهولة وبدون أي تردد»]‪. [x‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -191‬مع أيوب الصديق نعترف‪«:‬علمت أنك قادر على كل أمر فال يتعذر عليك‬
‫ُمراد» (أي‪.)1:11‬‬

‫‪ -199‬في أمان ٍة لشهادة الكتاب المقدس‪ ،‬كثيرا ما توجه الكنيسة صالتها إلى «هللا‬
‫الكلي القدرة واألزلي»‪ ،‬معتقدة اعتقادا راسخا أن «ال شيء يستحيل على هللا»‬
‫(لو‪. [xi])09:2‬‬

‫‪ -199‬يُظهر هللا قدرته الكلية بتحولنا عن آثامنا وبإنابتنا إلى صداقته بالنعمة‪« :‬يا‬
‫هللا‪ ،‬الذي تُعطي البرهان األعلى على قدرتك عندما تصبر وترحم ‪. [xii]»...‬‬

‫‪ -198‬ما لم نؤمن بأن ُحب هللا كلي القدرة‪ ،‬كيف نؤمن بأن اآلب استطاع أن‬
‫يُخلصنا‪ ،‬واالبن يفتدينا‪ ،‬والروح القدس أن يقدسنا؟‬

‫]‪ [i‬ر‪ :‬تك‪2:2‬؛ يو‪0:2‬‬


‫]‪ [ii‬ر‪ :‬متى ‪7:9‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪2 :‬كو‪28:2‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬إر‪29:01‬؛ لو‪09:2‬‬
‫]‪ [v‬ر‪ :‬إر‪1:19‬‬
‫]‪ [vi‬ر‪ :‬أش‪ 29:1‬ج؛ أم‪2:12‬؛ طو‪1:20‬‬
‫]‪ [vii‬ر‪ :‬متى‪01:9‬‬
‫]‪ [viii‬توما األكويني‪ ،‬خ ل‪ ،11 ،2‬م‪2‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪1 :‬كو‪7:21‬؛ في‪20:1‬‬
‫]‪ [x‬ت ر‪20 ،1 ،2‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬تك‪21:28‬؛ متى ‪19:27‬‬
‫]‪ [xii‬ق ر‪ ،‬صالة األحد السادس والعشرين‬
‫الفقرة ‪ -4‬الخالق‬

‫‪« -197‬في البدء خلق هللا السماء واألرض» (تك‪ .)2:2‬هذه الكلمات االحتفالية‬
‫تتصدر الكتاب المقدس‪ .‬وقانون اإليمان يكرر هذه الكلمات معترفا باهلل اآلب الكلي‬
‫القدرة على أنه «خالق السماء واألرض»]‪« ، [i‬الكون المرئي وغير المرئي»]‪. [ii‬‬
‫فسنتكلم إذا على الخالق أوال‪ ،‬ثم على خلقه‪ ،‬وأخيرا على عثرة الخطيئة التي أتى‬
‫يسوع ابن هللا ليخلصنا منها‪.‬‬

‫‪ -183‬الخلق هو أساس «جميع تصاميم هللا الخالصية»‪« ،‬بد ُء تاريخ الخالص»‬


‫]‪[iii‬الذي بلغ ذروته في المسيح‪ .‬وبعكس ذلك‪ ،‬فسر المسيح هو النور الحاسم على‬
‫سر الخلق؛ إنه يكشف عن الهدف الذي من أجله «في البدء خلق السماء واألرض»‬
‫(تك‪ :)2:2‬منذ البدء كان في نظر هللا مجد الخلق الجديد في المسيح]‪. [iv‬‬

‫‪ -182‬ولهذا نبدأ قراءات الليلة الفصحية‪ ،‬أي االحتفال بالخلق الجديد في المسيح‪،‬‬
‫بقصة الخلق؛ وقصة الخلق هذه تقوم بها دائما‪ ،‬في الليترجيا البيزنطية‪ ،‬القراءة‬
‫األولى من قراءات عشية األعياد السيدية الكبرى‪ .‬وكان تعليم الموعوظين‬
‫للمعمودية‪ ،‬على حد ما يرويه األقدمون‪ ،‬ينهج النهج نفسه]‪. [v‬‬

‫‪ -1‬التعليم المسيحي في موضوع الخلق‬


‫ُ‬
‫‪ -181‬للتعليم المسيحي في موضوع الخلق أهمية رئيسية‪ .‬إنه يُعني بأسس الحياة‬
‫البشرية والمسيحية نفسها‪ :‬إذ إنه يصرح بجواب اإليمان المسيحي عن السؤال‬
‫البدائي الذي تساءله البشر في جميع العصور‪«:‬من أين نأتي؟»‪« ،‬إلى أين‬
‫نذهب؟»‪« ،‬ما هو مصدرنا؟»‪« ،‬ما هي غايتنا؟»‪« ،‬من أين أتى وأين ينتهي كل‬
‫موجود؟»‪ .‬والسؤاالن‪ ،‬السؤال عن المصدر والسؤال عن الغاية‪ ،‬ال ينفصل أحدهما‬
‫عن اآلخر‪ .‬إنهما تقريريان بالنسبة إلى معنى حياتنا وسلوكنا وتوجيههما‪.‬‬

‫‪ -180‬كانت مبادئ العالم واإلنسان موضوع أبحاث علمية كثيرة أغنت إغناء عظيما‬
‫معارفنا بالنسبة إلى عمر الكون وأحجامه‪ ،‬وصيرورة األنواع الحية‪ ،‬وظهور‬
‫اإلنسان‪ .‬هذه االكتشافات تدعونا إلى زيادة في النظر إلى عظمة الخالق بإعجاب‪،‬‬
‫وإلى حمده من أجل صنائعه ومن أجل ما يمنح العلماء والباحثين من الفهم‬
‫والحكمة‪ .‬هؤالء يستطيعون أن يقولوا مع سليمان‪«:‬وهبني علما يقينا بالكائنات‬
‫حتى أعرف نظام العالم وفاعلية العناصر (‪ )...‬ألن الحكمة ُمهندسة كل شيء هي‬
‫علمتني» (حك‪.)12-29:9‬‬

‫‪ -181‬إن الفائدة الكبرى المعلقة على هذه األبحاث يزيد الحاجة إلى تطلبها‪ ،‬زيادة‬
‫شديدة‪ ،‬سؤال من نظام آخر يفوق مجال العلوم الطبيعية الخاص‪ .‬فالموضوع ال‬
‫ينحصر في معرفة متى وكيف ظهر الكون ماديا‪ ،‬وال متى ظهر اإلنسان‪ ،‬بل‬
‫الصدفة‪ ،‬قد ٌر أعمى‪،‬‬
‫باألحرى في اكتشاف معنى مثل هذا الصدور‪ :‬هل تتحكم به ُّ‬
‫ضرورةٌ ُغفل‪ ،‬أو كائن أعلى‪ ،‬عاق ٌل وصالح‪ ،‬يُدعى هللا‪ .‬وإذا كان العالم صادرا عن‬
‫حكمة هللا وصالحه‪ ،‬ففيم الشر؟ ما مصدره؟ من المسؤول عنه؟ وهل من تحرر‬
‫منه؟‬

‫‪ -181‬اإليمان المسيحي قُوبل منذ ظهوره بأجوبة تخالف جوابه في موضوع‬


‫المبادئ‪ .‬هكذا فإننا نجد في األديان والثقافات القديمة أساطير كثيرة في موضوع‬
‫المبادئ‪ .‬فقد قال بعض الفالسفة بأن الكل هو هللا‪ ،‬بأن العالم هو هللا‪ ،‬أو بأن‬
‫صيرورة العالم هي صيرورة هللا (حلولية)؛ وقال آخرون بأن العالم فيض حتمي من‬
‫هللا‪ ،‬جا ٍر من هذا الينبوع وعائد إليه؛ وأثبت آخرين وجود مبدأين خالدين‪ ،‬الخير‬
‫والشر‪ ،‬النور والظلمة‪ ،‬في صراع دائم (ثنائية‪ ،‬مانوية)؛ وفي بعض هذه‬
‫التصورات أن العالم (على األقل العالم المادي) قد يكون شريرا‪ ،‬ثمرة سقط ٍة‪ ،‬ويجب‬
‫صنع هللا‪،‬‬‫من ث َّم نبذه أو الترفع عليه (غنوصية)؛ ويُسلم آخرون بأن العالم من ُ‬
‫ولكن على طريقة الساعاتي الذي جعل حبله على غاربه بعد إذ صنعه (تأليه‬
‫طبيعي)؛ ورفض أخيرا آخرون مبدأ متسام للعالم‪ ،‬ويرون فيه مجرد تفاعل لماد ٍة‬
‫ُوجدت على الدوام (مادية)‪ .‬جميع هذه المحاوالت تشهد بتواصل مسألة المبادئ‬
‫وشمولها‪ .‬وهذا التحري هو من خواص اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -189‬مما ال شك فيه أن العقل البشري يستطيع أن يجد جوابا عن مسألة المبادئ‪.‬‬


‫فمن الممكن أن يُعرف وجود هللا الخالق معرفة يقين عن طريق أعماله بفضل نور‬
‫العقل البشري]‪ ، [vi‬وإن جعل الضالل هذه المعرفة‪ ،‬في أحيان كثيرة‪ ،‬غامضة‬
‫ومش َّوهة‪ .‬ولهذا يبادر اإليمان ليثبت العقل ويُنيره في تفهم هذه الحقيقة تفهما‬
‫صحيحا‪«:‬باإليمان نعلم أن العالم قد أُنشئ بكلمة هللا بحيث إن ما يُرى صدر عما ال‬
‫يُرى» (عب‪.)0:22‬‬

‫‪ -189‬إن حقيقة الخلق هي بهذه األهمية للحياة البشرية كلها بحيث هللا أراد‪ ،‬في‬
‫عطفه‪ ،‬أن يكشف لشعبه عن كل ما معرفته خالصية في الموضوع‪ .‬وعالوة على‬
‫المعرفة الطبيعية التي يستطيع كل إنسان أن يعرف بها الخالق]‪ ، [vii‬كشف هللا‬
‫مرحليا إلسرائيل عن سر الخلق‪ ،‬هو الذي اختار اآلباء‪ ،‬وأخرج إسرائيل من مصر‪،‬‬
‫والذي‪ ،‬باختياره إسرائيل‪ ،‬خلقه ونشأه]‪ ، [viii‬وهو يكشف عن نفسه على أنه يملك‬
‫جميع شعوب األرض‪ ،‬واألرض كلها‪ ،‬على أنه وحده الذي «صنع السماء واألرض»‬
‫(مز‪21:221‬؛ ‪.)8:211‬‬

‫‪ -188‬وهكذا فالوحي بالخلق ال ينفصل عن الوحي بعهد هللا الواحد لشعبه وتحقيق‬
‫ذلك العهد‪ .‬لقد أوحى بالخلق وكأنه الخطوة األولى نحو هذا العهد‪ ،‬وكأنه الشهادة‬
‫األولى الشاملة لمحبة هللا الكلية القدرة]‪ . [ix‬ولهذا فحقيقة الخلق يُعبر عنها بشدة‬
‫والليترجيا‪ ،‬في تأمالت‬ ‫]‪[xi‬‬
‫‪ ،‬في صالة المزامير‬ ‫]‪[x‬‬
‫متصاعدة في رسالة األنبياء‬
‫حكمة]‪ [xii‬الشعب المختار‪.‬‬

‫‪ -187‬بين جميع أقوال الكتاب المقدس في الخلق تحتل فصول سفر التكوين الثالثة‬
‫األولى محال فريدا‪ .‬من الناحية األدبية قد يكون لهذه النصوص مصادر مختلفة‪ .‬وقد‬
‫جعلها الكتّاب الملهمون في فاتحة الكتاب المقدس بحيث إنها تعبر‪ ،‬بلغتها‬
‫اإلحتفالية‪ ،‬عن حقائق الخلق‪ ،‬عن مصدره وانتهائه في هللا‪ ،‬عن نظامه وجودته‪،‬‬
‫عن دعوة اإلنسان‪ ،‬وأخيرا عن مأساة الخطيئة ورجاء الخالص‪ .‬عندما تُقرأ هذه‬
‫األقوال على ضوء المسيح‪ ،‬في وحدة الكتاب المقدس وفي تقليد الكنيسة الحي‪،‬‬
‫تظل الينبوع الرئيسي لتعليم أسرار "البداية"‪ :‬الخلق والسقوط والوعد بالخالص‪.‬‬

‫‪ -2‬الخلق‪ -‬عمل الثالوث‬


‫‪« -173‬في البدء خلق هللا السماء واألرض»‪ :‬ثالثة أمور أُعلنت في هذه الكلمات‬
‫األولى من الكتاب‪ :‬هللا األزلي بدءا لكل ما يوجد خارجا عنه‪ .‬هو وحده خالق (الفعل‬
‫«خلق»‪ ،‬وبالعبرانية «برا»‪ ،‬فاعله هللا دائما)‪ .‬كل ما يُوجد (المعبَّر عنه بالقول‬
‫«السماء واألرض») يتعلق بالذي يمنحه الوجود‪.‬‬

‫‪« -172‬في البدء كان الكلمة (‪ )...‬وكان الكلمة هللا (‪ )...‬به ُكون كل شي ٍء وبدونه‬
‫لم يكن شيئا مما ُكون» (يو‪ .)0-2:2‬فالعهد الجديد يكشف عن هللا خلق كل شيء‬
‫بالكلمة األزلية‪ ،‬ابنه الحبيب‪«:‬ففيه ُخلق جميع ما في السماوات وعلى األرض (‪)...‬‬
‫به وله ُخلق كل شيء‪ .‬إنه قبل كل شيء وفيه يثبت كل شيء» (كول‪.)29-29:2‬‬
‫وإيمان الكنيسة يُثبت أيضا عمل الروح القدس الخالق‪ :‬إنه «واهب الحياة»]‪، [xiii‬‬
‫«الروح الخالق» («هلم أيها الروح الخالق»)‪« ،‬ينبوع كل خير»]‪. [xiv‬‬

‫‪ -171‬إن عمل االبن والروح الخلقي‪ ،‬الذي أشير إليه في العهد القديم]‪ ، [xv‬و ُكشف‬
‫عنه في العهد الجديد‪ ،‬الواحد مع عمل اآلب في غير انفصال‪ ،‬وقد أثبتته بوضوح‬
‫قاعدة إيمان الكنيسة‪ «:‬ال يوجد إال إله واحد (‪ )...‬هو اآلب‪ ،‬وهو هللا‪ ،‬وهو الخالق‪،‬‬
‫وهو الصانع‪ ،‬وهو المنظم‪ .‬صنع كل شيء بنفسه‪ ،‬أي بكلمته وبحكمته»]‪، [xvi‬‬
‫«باالبن والروح» اللذين هما بمثابة «يديه»]‪ . [xvii‬الخلق هو عمل الثالوث األقدس‬
‫المشترك‪.‬‬

‫‪« -0‬العالم ُخلق لمجد هللا»‬


‫‪ -170‬إنها حقيقة أساسية ال يكف الكتاب والتقليد عن تعليمها واالحتفال بها‪ُ «:‬خلق‬
‫العالم لمجد هللا»]‪ . [xviii‬ويُفسر ذلك القديس بونفنتوره بقوله‪ :‬لقد خلق هللا كل شيء‬
‫داع يدعو هللا‬
‫‪ .‬فما من ٍ‬
‫]‪[xix‬‬
‫«ال لزيادة مجده‪ ،‬بل إلظهار ذلك المجد واإلشراك فيه»‬
‫إلى الخلق سوى محبته وجودته‪« :‬مفتاح المحبة هو الذي فتح كفه إلنشاء‬
‫الخالئق»]‪ . [xx‬والمجمع الفاتيكاني األول يشرح‪:‬‬
‫«هذا اإلله الواحد الحقيقي‪ ،‬في صالحه وبقوته الكلية القدرة‪ ،‬ال لزيادة سعادته وال‬
‫لتحصيل كماله‪ ،‬بل إلظهاره بالخيرات التي يوفرها لخالئقه‪ ،‬وفي التصميم األكثر‬
‫حرية أيضا‪ ،‬خلق‪ ،‬منذ بدء الزمان‪ ،‬كلتا الخليقتين‪ ،‬الروحانية والجسدانية»]‪. [xxi‬‬

‫‪ -171‬مجد هللا هو أن يتحقق هذا الظهور لصالحه وهذه المشاركة فيه اللذين من‬
‫أجلهما ُخلق العالم‪ .‬فأن يجعلنا «أبناء بالتبني بيسوع المسيح‪ :‬هذا ما كان تصميم‬
‫إرادته العطوف لتسبحه مجد نعمته» (أف‪« :)9-1:2‬إذ إن مجد هللا هو اإلنسان‬
‫الحي‪ ،‬وحياة اإلنسان‪ ،‬هي رؤية هللا‪ :‬فإذا كان الكشف عن هللا بالخلق وفّر الحياة‬
‫لجميع الكائنات التي تعيش على األرض‪ ،‬فكم باألحرى يوفر ظهور اآلب بالكلمة‬
‫الحياة للذين يرون هللا»]‪ . [xxii‬إن غاية الخلق القصوى هي في أن يصبح هللا «خالق‬
‫جميع الكائنات»‪ ،‬أخيرا «كالّ في الكل» (‪2‬كو‪« ،)18:21‬موفرا مجده وسعادتنا‬
‫معا»]‪. [xxiii‬‬

‫سر الخلق‬
‫‪ُّ -4‬‬
‫هللا يخلق بحكمة ومحبة‬
‫‪ .‬فالعالم ليس من صنع‬ ‫]‪[xxiv‬‬
‫‪ -171‬نحن نؤمن أن هللا خلق العالم بحسب حكمته‬
‫إحدى الحتميات‪ ،‬صنع قدر أعمى أو صدفة‪ .‬نحن نؤمن أنه يصدر عن إرادة حرة هلل‬
‫الذي أراد أن يُشرك الخالئق في كينونته وحكمته وجودته‪«:‬ألنك أنت خلقت جميع‬
‫وخلقت» (رؤ‪« .)22:1‬ما أعظم أعمالك يارب‪ ،‬لقد صنعت‬ ‫األشياء‪ ،‬وبمشيئتك كانت ُ‬
‫صالح للجميع ومراحمه على كل صنائعه»‬
‫ُ‬ ‫الرب‬
‫جميعها بالحكمة» (مز‪ُّ « .)11:231‬‬
‫(مز‪.)7:211‬‬

‫هللا يخلق «من العدم»‬


‫‪ -179‬نحن نؤمن أن هللا ليس بحاجة إلى شيء سابق الوجود‪ ،‬وال إلى عون لكي‬
‫يخلق]‪ . [xxv‬والخلق كذلك ليس انبثاقا حتميا من جوهر هللا]‪ . [xxvi‬هللا يخلق خلقا‬
‫حرا «من العدم»]‪. [xxvii‬‬
‫«هل يكون األمر عجيبا لو أخرج هللا العالم من مادة موجودة؟ عندما يُعطي صان ٌع‬
‫ي مادة مافإنه يصنع بها ما يشاء‪ .‬أما قدرة هللا فإنها تظهر بوضوح عندما‬ ‫بشر ٌ‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[xxviii‬‬
‫ينطلق من العدم لكي يصنع كل ما يريد»‬

‫‪ -179‬اإليمان بالخلق «من العدم» مثبتٌ في الكتاب كحقيق ٍة مليئ ٍة بالوعد والرجاء‪.‬‬
‫وهكذا فأم األبناء السبعة تحثهم على االستشهاد‪:‬‬
‫« إني لست أعلم كيف نشأتم في أحشائي‪ ،‬وال أنا منحتكم الروح والحياة‪ ،‬وال أحكمت‬
‫تركيب أعضائكم؛ على أن خالق العالم الذي جبل تكوين اإلنسان وأبدع لكل شيء‬
‫تكوينه سيُعيد إليكم برحمته الروح والحياة‪ ،‬ألنكم اآلن تبذلون أنفسكم في سبيل‬
‫شريعته (‪ .)...‬أنظر‪ ،‬يا ولدي‪ ،‬إلى السماء واألرض وإذا رأيت ُك َّل ما فيهما فأعلم‬
‫أن هللا صنع الجميع من العدم‪ ،‬وكذلك ُو ِجد جنس البشر» (‪1‬مك‪.)18 ،10-11:9‬‬
‫‪ -178‬وبما أن هللا يستطيع أن يخلق من العدم‪ ،‬فهو يستطيع أيضا‪ ،‬بالروح القدس‪،‬‬
‫أن يمنح الخطأة حياة النفس خالقا فيهم قلبا طاهرا]‪ ، [xxix‬واألموات وحياة الجسد‬
‫بالقيامة‪ ،‬هو الذي «يُحيي األموات ويدعو ما هو غير كائن إلى أن يكون» (‪.)29:1‬‬
‫وبما أنه استطاع بكلمته أن يُطلع النور من الظلمات]‪ ، [xxx‬فهو يستطيع أيضا أن‬
‫يمنح نور اإليمان لمن يجهلونه]‪. [xxxi‬‬

‫هللا يخلق عالما منظما وحسنا‬


‫‪ -177‬إذا كان هللا يخلق بحكمة‪ ،‬فخلقه يكون منظما‪«:‬رتبت كل شيء بمقدا ٍر وعد ٍد‬
‫ووزن» (حك‪ .)12 :22‬وإذ جرى الخلق في الكلمة األزلي وبالكلمة األزلي «صورة‬
‫هللا غير المنظورة» (كو‪ )21:2‬فهو ُمع ٌّد لإلنسان و ُمجهٌ إليه على أن صورة هللا‬
‫]‪ ،[xxxii‬ومدعو هو نفسه إلى عالقة شخصية باهلل‪ .‬وإذ كان عقلنا مشتركا في نور‬
‫العقل اإللهي‪ ،‬فهو يستطيع أن يُدرك ما يقوله لنا هللا بخلقه]‪ ، [xxxiii‬ولو بجه ٍد غير‬
‫واحترام أمام الخالق وصنعيه]‪ . [xxxiv‬وإذا كان الخلق صادرا‬‫ٍ‬ ‫اتضاع‬
‫ٍ‬ ‫يسير‪ ،‬وبروح‬
‫عن الصالح اإللهي فهو يشترك في هذا الصالح («ورأى هللا ذلك إنه حسن (‪)...‬‬
‫حسنٌ جدا»‪ :‬تك‪ .)02 ،12 ،28 ،21 ،23 ،1:2‬ذلك أن هللا أراد الخلق هبة موجهة‬
‫ص به وأُو ِدعه‪ .‬وقد اضرت الكنيسة‪ ،‬مرات عدة‪ ،‬إلى أن‬ ‫ث ُخ َّ‬
‫إلى اإلنسان‪ ،‬بمثابة إر ٍ‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[xxxv‬‬
‫تدافع‪ ،‬عن جودة الخلق‪ ،‬وفيه العالم المادي‬

‫هللا يسمو بالخليقة ويحضر فيها‬


‫‪«:‬عظمته فوق‬ ‫‪ -033‬هللا أعظم من صنائعه على وجه غير محدود‬
‫]‪[xxxvi‬‬

‫السماوات» (مز‪« ،)1:8‬ليس لعظمته استقصاء» (مز‪ .)0:211‬ولكن بما أنه‬


‫الخالق المطلق والحر‪ ،‬والعلة األولى لكل موجود‪ ،‬فهو حاض ٌر في خالئقه حضورا‬
‫حميما جدا‪«:‬به نحيا ونتحرك نوجد» (أع‪ .)18:29‬وهو‪ ،‬على حد قول‬
‫أوغسطينوس‪« ،‬أعلى من كل ما هو أعلى ف ّي‪ ،‬وأعمق مما هو أعمق»]‪. [xxxvii‬‬

‫هللا يصون الخليقة ويحملها‬


‫‪ -032‬يخلق هللا وال يترك خليقته على ذاتها‪ .‬إنه ال يكتفي بمنحها الكينونة‬
‫والوجود‪ ،‬فيصونها في الكينونة كل حين‪ ،‬ويهبها أن تعمل‪ ،‬ويقودها إلى نهايتها‪.‬‬
‫واإلقرار بهذه التبعية الكاملة بالنسبة إلى الخالق هو ينبوع حكم ٍة وحرية‪ ،‬وفرح‬
‫وثقة‪:‬‬
‫صنعت؛ فإنك لو أبغضت شيئا‬ ‫«أجل‪ ،‬إنك تحب جميع الكائنات‪ ،‬وال تمقت شيئا مما ُ‬
‫لم تك ّونه‪ .‬وكيف يبقى شي ٌء لم ترده‪ ،‬أم كيف يُحفظ ما لست أنت داعيا له‪ .‬إنك‬
‫تشفق على جميع الكائنات ألنها لك‪ ،‬أيها الرب المحب الحياة» (حك‪.)19-11:22‬‬

‫‪ -5‬هللا يُحقق تصميمه‪ :‬العناية اإللهية‬


‫‪ -031‬للخليقة جودتها وكمالها الخاصان‪ ،‬ولكنها لم تخرج من يدي الخالق كاملة‬
‫الكمال‪ .‬إنها مخلوقة في حالة مسيرة إلى كمال أقصى عليها أن تبلغه بعد‪ ،‬كما ٍل‬
‫أعدها هللا له‪ .‬ونحن ندعو عناية إلهية التدابير التي يقود بها هللا خليقته إلى كمالها‪.‬‬
‫«هللا يصون ويسوس بعنايته ك َّل ما خلق‪" ،‬بالغة من غاي ٍة إلى غاي ٍة بالقوة‪ ،‬ومدبرة‬
‫كل شيء بالرفق" (حك‪" .)2:8‬فلذلك ما من خليقة مستترةٌ عنها‪ ،‬بل كل شيء عا ٍر‬
‫الح ّر]‪.» [xxxviii‬‬
‫لعينيها" (عب‪ ،)20:1‬حتى األشياء التي يأتي بها عمل الخليقة ُ‬

‫‪ -030‬شهادة الكتاب المقدس إجماعية‪ :‬اهتمام العناية اإللهية واقع ٌي وفوري‪ ،‬فهي‬
‫تُعني بكل شيء‪ ،‬من أحقر األمور الصغيرة إلى أحداث العالم والتاريخ العظيمة‪.‬‬
‫واألسفار المقدسة تشدد على سيطرة هللا المطلقة على مجرى األحداث‪«:‬إلهنا في‬
‫السماء وعلى األرض‪ ،‬كل ما شاء صنع» (مز‪ .)0:221‬وعن المسيح قيل‪«:‬يفتح‬
‫فال يُغلق أحدٌ‪ ،‬ويُغلق فال يفتح أحد» (رؤ‪)9:0‬؛ «في قلب اإلنسان أفكا ٌر كثيرة‪ ،‬لكن‬
‫مشورة الرب هي تثبت» (أم‪.)12:27‬‬

‫‪ -031‬هكذا نرى الروح القدس‪ ،‬وهو مؤلف الكتاب المقدس الرئيسي‪ ،‬كثيرا ما‬
‫ينسب إلى هللا أعماال‪ ،‬بدون أن يذكر لها علال ثانية‪ .‬ليس ذلك «أسلوبا في التحدث»‬
‫بدائيا‪ ،‬ولكنه نهج عميق في التذكير بأولية هللا وسيادته المطلقة على التاريخ وعلى‬
‫العالم]‪ ، [xxxix‬ويبعث الثقة‪ .‬وصالة المزامير هي المدرسة الكبرى لهذه الثقة]‪. [xl‬‬

‫‪ -031‬يسوع يطلب استسالما بنويا لعناية اآلب السماوي الذي يُعني بأصغر حاجات‬
‫أبنائه‪«:‬ال تقلقوا إذن قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب؟ (‪ )...‬أبوكم السماوي عال ٌم‬
‫بأنكم تحتاجون إلى هذا كله‪ .‬بل أطلبوا أوال ملكوت هللا وبره وهذا كله يُزاد لكم»‬
‫(متى‪. [xli])00-02:9‬‬

‫العناية وال ِعل ُل الثانية‬


‫‪ -039‬هللا هو سيد تصميمه المطلق‪ .‬ولكنه يستعين أيضا‪ ،‬في تحقيقه‪ ،‬بعمل خالئقه‪.‬‬
‫ضعف‪ ،‬ولكنه دليل عظمة هللا الكلي القدرة وجودته؛ ألن هللا ال‬
‫ٍ‬ ‫وليس ذلك عالقة‬
‫يمنح خالئقه أن يوجدوا وحسب‪ ،‬بل يمنحهم أيضا كرامة العمل الذاتي‪ ،‬وأن يكون‬
‫بعضهم ِعلل البعض اآلخر ومبادئه‪ ،‬ويشتركوا هكذا في إتمام تصميمه‪.‬‬

‫‪ -039‬وهللا يمنح البشر المقدرة على االشتراك الحر في عنايته بأن يُلقي إليهم‬
‫بمسؤولية «إخضاع» األرض والتسلط عليها]‪ . [xlii‬وهكذا يُعطي هللا البشر أن‬
‫وحرة إلتمام عمل الخلق‪ ،‬وتحقيق التناغم لصالحهم وصالح‬ ‫يكونوا علال عاقلة ُ‬
‫قريبهم‪ .‬وإن كان البشر في كثير من األحيان شركاء غير واعين في إرادة هللا‪،‬‬
‫فإنهم يستطيعون أن يدخلوا اختياريا في التصميم اإللهي‪ ،‬بأعملهم‪ ،‬وصلواتهم‪ ،‬ثم‬
‫]‪[xliv‬‬
‫بآالمهم أيضا]‪ . [xliii‬وهم يصبحون إذ ذاك كليا «عاملين مع هللا» (‪2‬كو‪)7:0‬‬
‫وملكوته]‪. [xlv‬‬
‫‪ -038‬حقيقة ال تنفصل عن اإليمان باهلل الخالق‪ :‬أنَّ هللا يعمل في كل عمل لخالئقه‪.‬‬
‫إنه العلة األولى التي تعمل في العلل الثانية وبها‪«:‬هللا هو الذي يفعل فيكم اإلرادة‬
‫والعمل نفسه على حسب مرضاته» (فيل‪ . [xlvi])20:1‬وهذه الحقيقة بعيدة عن أن‬
‫تحط من كرامة الخليقة‪ ،‬فهي تُعليها‪ .‬فالخليقة التي أنشأتها من العدم قدرةُ هللا‬
‫وحكمتهُ وجودته‪ ،‬ال تستطيع شيئا إذا اجتُثت من أصلها‪ ،‬ألن «الخليقة تتالشى‬
‫بدون الخالق»]‪ [xlvii‬؛ وهي إلى ذلك ال تستطيع أن تبلغ غايتها القصوى بدون‬
‫معونة النعمة]‪. [xlviii‬‬

‫العناية اإللهية ومشكلة الشر‬


‫‪ -037‬إذا كان هللا اآلب الكلي القدرة‪ ،‬خالق العالم منظما وحسنا‪ ،‬يعتني بجميع‬
‫مخلوقاته‪ ،‬فلماذا الشر موجود؟ عن هذه المسألة الملحة بقدر ما هي حتمية‪،‬‬
‫واألليمة بقدر ما هي س ّرية‪ ،‬ما من جواب سريع يكفيها‪ .‬الجواب هو مجموعة‬
‫اإليمان المسيحي‪ :‬جودة الخلق‪ ،‬مأساة الخطيئة‪ ،‬أناة محبى هللا الذي يسعى إلى‬
‫مالقاة البشر بعهوده‪ ،‬بتجسد ابنه الخالصي‪ ،‬بموهبة الروح‪ ،‬بتجميع الكنيسة‪ ،‬بقوة‬
‫األسرار‪ ،‬بالدعوة إلى حيا ٍة سعيدة والمخلوقات الح َّرة مدعوةٌ مسبقا إلى قبولها‪ ،‬كما‬
‫حرف في الرسالة‬
‫ٍ‬ ‫هي قادرة أيضا ُمسبقا‪ ،‬وبسر رهيب‪ ،‬أن تتجنبها‪ .‬ما من‬
‫المسيحية ال يدخل في الجواب عن مسألة الشر‪.‬‬

‫ي شر من الوجود فيه؟‬ ‫‪ -023‬لماذا لم يخلق هللا عالما من الكمال بحيث ال يتمكن أ ُ‬


‫‪ .‬ومع ذلك‬ ‫]‪[xlix‬‬
‫هللا‪ ،‬في قدرته غير المتناهية‪ ،‬يستطيع دائما أن يخلق شيئا أفضل‬
‫فقد أراد هللا‪ ،‬في حكمته وجودته‪ ،‬واختياره أن يخلق عالما «في حالة مسير ٍة» إلى‬
‫كماله األقصى‪ .‬وهذه الصيرورة تقتضي‪ ،‬في تصميم هللا‪ ،‬مع ظهور بعض الكائنات‬
‫انقراض غيرها‪ ،‬مع األكمل األقل كماال أيضا‪ ،‬مع أعمال بناء الطبيعة أعمال هدمها‬
‫أيضا‪ .‬فمع الخير الطبيعي يوجد أيضا الشر الطبيعي ما دام الخلق لم يبلغ كماله]‪. [l‬‬

‫وحرة‪ ،‬يجب أن يسيروا نحو‬ ‫ت عاقلة ُ‬ ‫‪ -022‬المالئكة والبشر‪ ،‬بكونهم مخلوقا ٍ‬


‫غايتهم القصوى باختيار ح ّر ومحبة لألفضل‪ .‬فبإمكانهم أن يضلوا‪ .‬وقد خ ِطئوا فعال‪.‬‬
‫قياس مشترك‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وهكذا دخل الشر األدبي العالم‪ ،‬وهو‪ ،‬وإن لم يكن له وللشر الطبيعي‬
‫يفوقه خطورة‪ .‬وهللا ليس البتة علة الشر األدبي‪ ،‬وال مباشرة وال بوج ٍه غير مباشر‬
‫]‪ .[li‬ولكنه يسمح به‪ ،‬مراعيا حرية خليقته‪ ،‬ويعرف‪ ،‬بطريق ٍة سرية‪ ،‬كيف يستخرج‬
‫منه الخير‪:‬‬
‫ي شر يكون في صنائعه‬ ‫«فاهلل الكلي القدرة (‪ ،)...‬في صالحه المطلق‪ ،‬ال يدع أبدا أ َّ‬
‫لو لم يكن له من القدرة والجودة ما يكفي الستخراج الخير من الشر نفسه» ‪.‬‬
‫]‪[lii‬‬

‫‪ -021‬وهكذا‪ ،‬مع الوقت‪ ،‬يمكن اكتشاف أن هللا‪ ،‬في عنايته الكلية القدرة‪ ،‬يستطيع‬
‫أن يستخرج خيرا من عواقب ش ٍر‪ ،‬ولو أدبيا‪ ،‬سببته خالئقه‪ .‬قال يوسف إلخوته‪:‬‬
‫«ال أنتم بعثتموني إلى ههنا بل هللا؛ (‪ )...‬أنتم نويتم عل َّى شرا وهللا نوى به خيرا‬
‫لكي يُحيي شعبا كثيرا» (تك‪8:11‬؛ ‪ . [liii])13:13‬ومن أعظم شر أدبي اقترف على‬
‫الدهر‪ ،‬أي نبذ ابن هللا وقتله‪ ،‬بسبب خطيئة جميع البشر‪ ،‬استخرج هللا‪ ،‬في فيض‬
‫نعمته]‪ ، [liv‬أعظم الخيور‪ :‬تمجيد المسيح وفداءنا‪ .‬والشر ال يتحول مع ذلك إلى‬
‫خير‪.‬‬

‫‪« -020‬ك ُّل شيء يسعى لخير الذين يحبون هللا» (رو‪ .)18:8‬وفي شهادة القديسين‬
‫المتواصلة ما يُثبت هذه الحقيقة‪:‬‬
‫وهكذا فالقديسة كاترينا السيينية تقول‪« :‬للذين يتشككون ويثورون من جراء ما‬
‫يصيبهم»‪« :‬ك ُّل شي ٍء يصدر عن المحبة‪ ،‬كل شي ٍء موجه لخالص اإلنسان‪ .‬هللا ال‬
‫يعمل شيئا لهذه الغاية»]‪ . [lv‬والقديس توما مور‪ ،‬قُبيل استشهاده‪ ،‬يقول معزيا‬
‫ابنته‪« :‬ال شيء يمكن أن يحصل بغير إرادة هللا‪ .‬ومن ث ّم فكل ما يريده‪ ،‬مهما ظهر‬
‫لنا سيئا‪ ،‬هو مع ذلك أفضل ما يكون لنا»]‪ . [lvi‬وتقول الليدي جوليان دي‬
‫نورويتش‪« :‬لقد أدركت‪ ،‬بنعمة هللا‪ ،‬أنه من الواجب أن أتشبث باإليمان تشبثا‬
‫شديدا‪ ،‬وأن أعتقد اعتقادا ليس دونه ثباتا‪ ،‬أن األمور كلها ستكون حسنة ‪...‬‬
‫وسترى أن األمور كلها ستكون حسنة»]‪. [lvii‬‬

‫سبل عنايته كثيرا ما‬‫‪ -021‬نحن نؤمن إيمانا ثابتا أن هللا سيد العالم والتاريخ‪ .‬ولكن ُ‬
‫تخفى عنا‪ .‬ففي النهاية فقط‪ ،‬عندما تنتهي معرفتنا الجزئية‪ ،‬عندما نر هللا «وجها‬
‫سبل التي‪ ،‬حتى في ما‬ ‫سبل اتضاحا كامال‪ ،‬ال ُّ‬
‫إلى وجه» (‪2‬كو‪ ،)21:20‬ستتضح لنا ال ُّ‬
‫النهائي‪،‬‬ ‫]‪[lviii‬‬
‫بين مآسي الشر والخطيئة‪ ،‬يقود هللا خليقته عبرها إلى راحة السبت‬
‫الذي ألجله السماء واألرض‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -021‬في خلق العالم واإلنسان أرسى هللا الشهادة األولى والشاملة لمحبته الكلية‬
‫القدرة وحكمته‪ ،‬اإلعالن لـ «تصميمه العطوف» الذي ينتهي بالخليقة الجديدة في‬
‫المسيح‪.‬‬

‫‪ -029‬وإن كان عمل الخلق منسوبا‪ ،‬على وجه خاص‪ ،‬إلى اآلب‪ ،‬فمن حقيقة‬
‫اإليمان أيضا أن اآلب واالبن والروح القدس هم المبدأ الواحد والغير المنفصل‬
‫للخلق‪.‬‬

‫‪ -029‬هللا وحده خلق الكون باختياره‪ ،‬ومباشرة‪ ،‬ومن دون أية معونة‪.‬‬

‫‪ -028‬ما من خليقة تملك القدرة الغير متناهية الضرورية «للخلق» بمعناه الدقيق‪،‬‬
‫أي إحداث الوجود وإعطائه لما لم يكن له قط (الدعوة إلى الوجود «من العدم»)‬
‫]‪.[lix‬‬
‫‪ -027‬هللا خلق العالم ليُظهر مجده ويُشرك فيه‪ .‬أن تشترك خالئقه في حقيقته‪،‬‬
‫وجودته‪ ،‬وجماله‪ ،‬وهذا هو المجد الذي خلقها ألجله‪.‬‬

‫‪ -013‬هللا الذي خلق الكون يبقيه في الوجود بكلمته‪« ،‬هذا االبن الذي يضبط كل‬
‫شيء بكلمته» (عب ‪ )0:2‬وبروحه الخالق المحيي‪.‬‬

‫‪ -012‬العناية اإللهية‪ ،‬هذه هي التدابير التي يقود بها هللا جميع الخالئق‪ ،‬بحكم ٍة‬
‫ومحبة‪ ،‬إلى غايتها القصوى‪.‬‬

‫‪ -011‬المسيح يدعونا إلى االستسالم البنوي لعناية أبينا السماوي]‪ ، [lx‬والرسول‬


‫القديس بطرس يعيد القول‪« :‬ألقوا عليه همكم كله‪ ،‬فإنه يعتني بكم» (‪2‬بط‪)9:1‬‬
‫]‪.[lxi‬‬

‫‪ -010‬العناية اإللهية تعمل أيضا بعمل الخالئق‪ .‬هللا يُعطي الكائنات البشرية أن‬
‫تشترك في تصاميمه باختيارها‪.‬‬

‫‪ -011‬سماح هللا بالشر الطبيعي والشر األدبي س ٌّر يجلوه هللا بابنه يسوع المسيح‬
‫الذي مات وقام للتغلب على الشر‪ .‬اإليمان يُثبت لنا أن هللا ال يسمح بالشر لو لم يكن‬
‫يستخرج الخير من الشر نفسه‪ ،‬بسب ٍل لن نعرفها معرفة كاملة‪.‬‬

‫]‪ [i‬قانون الرسل‪ :‬د‪03‬‬


‫]‪ [ii‬القانون النيقاوي‪ -‬القسطنطيني‪ :‬د‪213‬‬
‫]‪ [iii‬د ت ع ‪12‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬رو‪10-28:8‬‬
‫]‪ [v‬ر‪ :‬إيتيريا‪ ،‬رحلة‪1 ،19‬؛ القديس أوغسطينوس‪ ،‬تعليم‪1 ،0‬‬
‫]‪ [vi‬ر‪ :‬م ف ‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬في الوحي‪ ،‬ق‪:2‬د‪0319‬‬
‫]‪ [vii‬ر‪ :‬أع ‪17-11:29‬؛ رو‪13-27:2‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬أش‪2:10‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬تك‪1:21‬؛ إر‪19-27:00‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬اش‪2:10‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬مز‪231‬‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬أم‪02-11:8‬‬
‫]‪ [xiii‬قانون نيقية – القسطنطينية‪ :‬د‪213‬‬
‫]‪ [xiv‬الليترجيا البيزنطية‪ ،‬قطعة غروب العنصرة‬
‫]‪ [xv‬ر‪ :‬مز‪9:00‬؛ ‪03:231‬؛ تك‪0-1:2‬‬
‫]‪ [xvi‬القديس إيريناوس‪ ،‬الرد على الهرطقات ‪7 ،03 ،1‬‬
‫]‪ [xvii‬م س‪2 ،13 ،1‬‬
‫]‪ [xviii‬م ف ‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬في هللا خالق كل األشياء‪ ،‬ق‪ :1‬د‪0311‬‬
‫]‪ [xix‬أقوال ‪2 ،1 ،1 ،2 ،1‬‬
‫]‪ [xx‬توما األكويني‪ ،‬أقوال‪1‬؛ مدخل‬
‫]‪ [xxi‬د‪0331‬‬
‫]‪ [xxii‬القديس إيريناوس‪ ،‬الرد على الهرطقات ‪9 ،13 ،1‬‬
‫]‪ [xxiii‬ن ر‪1‬‬
‫]‪ [xxiv‬ر‪ :‬حك‪7:7‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬م ف‪ ،2‬الدستور العاقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :2‬د‪0331‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬في هللا خالق كل األشياء‪ ،‬ق‪ :1-2‬د‪0311 -03310‬‬
‫]‪ [xxvii‬مجمع التران‪ ،1‬فصل‪ ،1‬في اإليمان الكاثوليكي‪ :‬د‪833‬؛ م ف ‪ ،ً1‬الدستور العاقائدي "ابن هللا"‪ ،‬في‬
‫هللا خالق كل األشياء‪ ،‬ق‪ :1‬د‪0311‬‬
‫]‪ [xxviii‬القديس تيوفيلوس األنطاكي‪ ،‬إلى أوتوليكوس ‪1 ،1‬‬
‫]‪ [xxix‬ر‪ :‬مز‪21:12‬‬
‫]‪ [xxx‬ر‪ :‬تك ‪0:2‬‬
‫]‪ [xxxi‬ر‪1 :‬كو‪9:1‬‬
‫]‪ [xxxii‬ر‪ :‬تك‪19:2‬‬
‫]‪ [xxxiii‬ر‪ :‬مز‪1-1:27‬‬
‫]‪ [xxxiv‬ر‪ :‬أي ‪0:11‬‬
‫]‪ [xxxv‬ر‪ :‬القديس الون الكبير‪ ،‬رسالة ‪ : Quam Laudabiliter‬د‪ ،189‬مجمع براجا ‪ ،2‬إبساالت ضد‬
‫البريسيليانيين ‪ :20-1‬د‪190-111‬؛ مجمع التران ‪ ،1‬فصل‪ ،1‬في اإليمان الكاثوليكي‪ :‬د‪833‬؛ مجمع فلورنسة‪،‬‬
‫قرار لليعاقبة‪ :‬د‪2000‬؛ م ف ‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :2‬د‪0331‬‬
‫]‪ [xxxvi‬ر‪ :‬سي‪03:10‬‬
‫]‪ [xxxvii‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬اعترافات ‪22 ،9 ،0‬‬
‫]‪ [xxxviii‬م ف ‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :2‬د‪0330‬‬
‫]‪ [xxxix‬ر‪ :‬أش‪21-1 :23‬؛ ‪9-1 :11‬؛ تث‪07:01‬؛ سي‪21:22‬‬
‫]‪ [xl‬ر‪ :‬مز‪11‬؛ ‪01‬؛ ‪230‬؛ ‪208‬؛ إلخ‬
‫]‪ [xli‬ر‪ :‬متى ‪02-17:23‬‬
‫]‪ [xlii‬ر‪ :‬تك‪18-19:2‬‬
‫]‪ [xliii‬ر‪ :‬كو‪11:2‬‬
‫]‪ [xliv‬ر‪2 :‬تس ‪1:0‬‬
‫]‪ [xlv‬ر‪ :‬كو‪22:1‬‬
‫]‪ [xlvi‬ر‪2 :‬كو‪9:21‬‬
‫]‪ [xlvii‬ك ع ‪0 ،09‬‬
‫]‪ [xlviii‬ر‪ :‬متى‪19:27‬؛ يو‪1:21‬؛ في‪20:1‬‬
‫]‪ [xlix‬ر‪ :‬توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪9 ،11 ،2‬‬
‫]‪ [l‬ر‪ :‬توما األكويني‪ ،‬ضد األمم ‪0،92‬‬
‫]‪ [li‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬في الحرية ‪2 ،2 ،2‬؛ توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪2 ،97 ،1-2‬‬
‫]‪ [lii‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬مختارات ‪22:0‬‬
‫]‪ [liii‬ر‪ :‬طو‪ 28-21:1‬فولغاتا‬
‫]‪ [liv‬ر‪ :‬رو‪13:1‬‬
‫]‪ [lv‬حوار العناية اإللهية ‪208‬‬
‫]‪ [lvi‬رسالة‬
‫]‪ [lvii‬وحي ‪01 :20‬‬
‫]‪ [lviii‬ر‪ :‬تك‪1:1‬‬
‫]‪ [lix‬ر‪ :‬مجمع الدروس المقدس‪ ،‬قرار (‪ :)2721/9/19‬د‪0911‬‬
‫]‪ [lx‬ر‪ :‬متى‪01-19:9‬‬
‫]‪ [lxi‬ر‪ :‬مز‪10:11‬‬
‫الفقرة ‪ -5‬السماء واألرض‬

‫‪ -011‬قانون إيمان الرسل يعترف بأن هللا «خالق السماء واألرض»]‪ ، [i‬وقانون‬
‫نيقية – القسطنطينية يص ّرح‪ ...« :‬الكون المرئي وغير المرئي»]‪. [ii‬‬

‫‪ -019‬في الكتاب المقدس يعني التعبير «سماء وأرض»‪ :‬كل ما يوجد‪ ،‬الخليقة‬
‫كلها‪ .‬وهو يدل أيضا على العالقة‪ ،‬في داخل الخليقة‪ ،‬التي‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬تربط‬
‫وتميز السماء واألرض‪« :‬واألرض» هي عالم البشر]‪ ، [iii‬و«السماء» أو‬
‫«السماوات» يمكن أن تدل على الجلد]‪ ، [iv‬وأن تدل على "المكان" الخاص باهلل‬
‫‪«:‬أبانا الذي في السماوات»(متى‪ ،[v] )29:1‬ومن ث َّم أيضا "السماء" التي هي‬
‫المجد اإلسخاتولوجي‪ .‬وأخيرا تدل "السماء" على "مكان" الخالئق الروحانية –‬
‫المالئكة – التي تحيط باهلل‪.‬‬

‫‪ -019‬إن اعتراف المجمع الالتراني الرابع اإليماني يُثبت أن هللا «منذ بدء ال ّزمان‬
‫جمع معا الخلق من العدم لهذه وتلك الخليقة‪ ،‬الروحانية والجسدية‪ ،‬أي المالئكة‬
‫والعالم األرضي؛ ثم الخليقة البشرية التي تشارك الطرفين‪ ،‬ألنها مركبة من روح‬
‫وجسد»]‪. [vi‬‬

‫‪ -2‬المالئكة‬
‫وجود المالئكة – حقيقة إيمانية‬
‫‪ -018‬وجود الكائنات الروحانية‪ ،‬غير الجسدية‪ ،‬التي درج الكتاب المقدس على‬
‫تسميتها مالئكة‪ ،‬حقيقة إيمانية‪ .‬شهادة الكتاب المقدس واضحة وكذلك إجماع‬
‫التقليد‪.‬‬

‫من هم؟‬
‫‪ -017‬يقول القديس أوغسطينوس في شأنهم‪«:‬مالك يدل على المهمة ال على‬
‫الطبيعة‪ .‬تسأل عما تسمى هذه الطبيعة؟ ‪ -‬روح‪ .‬تسأل عن المهمة؟ ‪ -‬مالك‪ .‬هو من‬
‫حيث هو روح‪ ،‬روح‪ ،‬ومن حيث عمله‪ ،‬مالك»]‪ . [vii‬المالئكة‪ ،‬في ذات كيانهم كله‪،‬‬
‫خدام هللا ورسله‪ ،‬ألنهم يشاهدون «بال انقطاع وجه أبي الذي في السماوات»‬
‫(متى‪ ،)23:28‬إنهم «العاملون بكلمته عند سماع صوت كالمه» (مز‪.)13:230‬‬

‫‪ -003‬في كونه خالئق روحانية مجردة‪ ،‬هم عقل وإرادة‪ :‬إنهم خالئق شخصية‬
‫ق مجدهم‬
‫]‪ ،[viii‬وغير مائتة]‪ . [ix‬ويتفوقون على جميع الخالئق المرئية كماال‪ .‬وأل ُ‬
‫يشهد بذلك]‪. [x‬‬
‫المسيح «مع جميع مالئكته»‬
‫‪ -002‬المسيح قلب العالم المالئكي‪ .‬إنهم مالئكته‪«:‬متى جاء ابن البشر يمجده‬
‫وجميع مالئكته معه‪( »....‬متى‪ .)02:11‬هم له ألنه هو الذي خلقهم وله خلقهم‪«:‬إذ‬
‫فيه ُخلِق جميع ما في السماوات وعلى األرض‪ ،‬ما يُرى وما ال يُرى‪ ،‬عروشا كان أم‬
‫سيادات أم رئاسات أم سالطين‪ .‬به وإليه ُخلق كل شيء» (‪ .)29:2‬وهم له فوق ذلك‬
‫ألنه جعلهم رسل قصده الخالصي‪«:‬أوليسو جميعهم أرواحا خادمة‪ ،‬تُرسل للخدمة‬
‫من أجل ال ُمزمعين أن يرثوا الخالص» (عب‪.)21:2‬‬

‫‪ -001‬إنهم ههنا منذ بدء الخليقة]‪ ، [xi‬وعلى مدى تاريخ الخالص‪ ،‬مبشرين‪ ،‬من‬
‫بعي ٍد أو من قريب‪ ،‬بهذا الخالص‪ ،‬وخادمين القصد اإللهي في تحقيقه‪ :‬يُغلقون‬
‫الفردوس األرضي]‪ ، [xii‬يُحامون عن لوط]‪ ، [xiii‬ينقذون هاجر وابنها]‪ ، [xiv‬يوقفون‬
‫يد إبراهيم]‪ ، [xv‬يُسلم الناموس على يدهم]‪ ، [xvi‬يقودون شعب هللا]‪ ، [xvii‬يبشرون‬
‫بوالدات]‪ [xviii‬ودعوات]‪ ، [xix‬يواكبون األنبياء]‪ ، [xx‬هذا إذا اقتصرنا على إيراد‬
‫بعض األمثلة‪ .‬وأخيرا هذا المالك جبرائيل الذي يبشر بوالدة السابق ووالدة يسوع‬
‫نفسه]‪. [xxi‬‬

‫‪ -000‬من التجسد إلى الصعود كانت حياة الكلمة المتجسد تكتنفها عبادة المالئكة‬
‫وخدمتهم‪« .‬عندما يُدخل هللا البكر إلى العالم يقول‪ :‬لتسجد له جميع مالئكة هللا»‬
‫(عب‪ .) 9:2‬ونشيد تسبحتهم عند ميالد ال يزال يدوي في تسبيح الكنيسة‪«:‬المجد هلل‬
‫‪( »....‬لو‪ .)21:1‬إنهم يحرسون طفولة يسوع]‪ ، [xxii‬ويخدمونه في البرية]‪، [xxiii‬‬
‫ويشددونه في النزاع]‪ ، [xxiv‬عندما كان بإمكانه أن ينجو على يدهم من أيدي أعدائه‬
‫]‪ ،[xxv‬كما جرى ذلك إلسرائيل قديما]‪ . [xxvi‬والمالئكة هم الذين «يبشرون»]‪، [xxvii‬‬
‫مذيعين بشرى التجسد]‪ ، [xxviii‬وبشرى قيامة المسيح]‪ . [xxix‬وسيكونون ههنا عند‬
‫عودة المسيح التي يبشرون بها]‪ ، [xxx‬في خدمة دينونته]‪. [xxxi‬‬

‫المالئكة في حياة الكنيسة‬


‫‪ -001‬إلى ذلك الموعد تنعم حياة الكنيسة كلها بمساعدة المالئكة الس ّرية والقديرة‬
‫]‪.[xxxii‬‬

‫‪ -001‬والكنيسة‪ ،‬في طقوسها‪ ،‬تنضم إلى المالئكة في السجود هلل الثالثي القداسة‬
‫]‪ [xxxiii‬؛ وهي تطلب معونتهم (كما في الصالة‪ :‬يقودك المالئكة في الفردوس ‪ ....‬في‬
‫يترجيا األموات]‪ ، [xxxiv‬أو أيضا في «النشيد الشيروبيمي» في الليترجيا البيزنطية)‬
‫]‪[xxxv‬؛ وهي تتفل بنوع أخص بعض المالئكة (القديس ميخائيل‪ ،‬والقديس جبرائيل‪،‬‬
‫والقديس رافائيل‪ ،‬والمالئكة والحراس)‪.‬‬

‫إلى الوفاة]‪ [xxxvii‬يكتنفون الحياة البشرية بحراستهم‬ ‫‪ -009‬من المولد‬


‫]‪[xxxvi‬‬

‫‪« .‬لكل مؤمن مالك يرافقه حارسا وراعيا لكي يقوده إلى‬ ‫]‪ [xxxviii‬وشفاعتهم‬
‫]‪[xxxix‬‬
‫الحياة»]‪ . [xl‬منذ الوجود األرضي تشترك الحياة المسيحية‪ ،‬باإليمان‪ ،‬في المجتمع‬
‫السعيد للمالئكة والبشر المتحدين باهلل‪.‬‬

‫‪ -1‬العالم المرئي‬
‫‪ -009‬هللا نفسه هو الذي خلق العالم المرئي في كل غناه‪ ،‬وتنوعه‪ ،‬ونظامه‪ .‬الكتاب‬
‫المقدس يعرض لنا مشروع الخالق بطريقة رمزية بتسلسل على مدى ستة أيام من‬
‫"العمل" اإللهي‪ ،‬تنتهي "باستراحة" اليوم السابع]‪ . [xli‬النص الملهم يعلم‪ ،‬في‬
‫موضوع الخلق‪ ،‬حقائق أوحى بها هللا ألجل خلصنا]‪ ، [xlii‬من شأنها أن تساعد على‬
‫«معرفة طبيعة الخلق العميقة‪ ،‬وقيمته‪ ،‬وهدفه الذي هو مجد هللا»]‪: [xliii‬‬

‫‪ -008‬ال شيء موجو ٌد إال ووجوده من هللا الخالق‪ .‬لقد ابتدأ العالم عندما استُخرج‬
‫من العدم بكلمة هللا؛ جميع الكائنات الموجودة‪ ،‬كل الطبيعة‪ ،‬كل تاريخ البشر‪ ،‬تتأصل‬
‫في هذا الحدث ال َّرئيسي‪ :‬إنه التكوين ذاته الذي تكون به العالم‪ ،‬وابتدأ ال َّزمن]‪. [xliv‬‬

‫‪ -007‬كل خلية تمتلك جودتها وكمالها الذاتيين‪ .‬ولكل من صنائع «األيام الستة»‬
‫قيل‪« :‬ورأى هللا ذلك إنه حسن»‪« .‬فبواقع عمل الخلق نفسه تنتظم األشياء كلها في‬
‫شتى مق ّوماتها وصالحيتها ونواميسها وأنظمتها الخاصة»]‪ . [xlv‬الخالئق المختلفة‪،‬‬
‫وقد أرادها هللا في كيانه الخاص‪ ،‬تعكس‪ ،‬كل على طريقتها‪ ،‬شعاعا من حكمته‬
‫وجودته الغير المتناهيتين‪ .‬ولهذا وجب على اإلنسان أن يحترم لكل خليقته جودتها‬
‫الخاصة‪ ،‬لكي يتجنب استعمال األشياء استعماال فوضويا يزدري الخالق ويجر على‬
‫البشر وعلى بيئتهم عواقب وخيمة‪.‬‬

‫‪ -013‬ترابط الخالئق أراده هللا‪ .‬فالشمس والقمر‪ ،‬واألرزة والزهر الصغيرة‪ ،‬والنسر‬
‫والدوري‪ :‬مشهد تنوعها وتباينها غير المحدودين يعني أن ليس ألي خليقة اكتفاء‬
‫ذاتي‪ .‬إنها ال توجد إال مرتبطة بعضها ببعض‪ ،‬لكي تتكامل‪ ،‬في خدمة بعضها‬
‫البعض‪.‬‬

‫‪ -012‬جمال الكون‪ :‬نظام العالم المخلوق وتناسقه هما نتيجة تنوع الكائنات‬
‫والعالقات القائمة بينها‪ .‬واإلنسان يكتشفها شيئا فشيئا على أنها نواميس الطبيعة‪.‬‬
‫إنهما موضوع إعجاب العلماء‪ .‬إن جمال الخيقة يعكس جمال الخالق غير المتناهي‪.‬‬
‫فيجب أن تستدعي االحترام والخضوع لدى عقل اإلنسان وإرادته‪.‬‬

‫‪ -011‬هرمية الخالئق يعبر عنها نظام «األيام الستة»‪ ،‬الذي يذهب من األقل كماال‬
‫إلى األكثر كماال‪ .‬هللا يحب جميع خالئقه]‪ ، [xlvi‬ويعتني بكل واحدة منها‪ ،‬حتى أصغر‬
‫العاصفير‪ .‬ومع ذلك فيسوع يقول‪«:‬أنتم أفضل من عصافير كثيرة» (لو‪ ،)9:21‬أو‬
‫أيضا‪« :‬واإلنسان كم يفضل الخروف» (متى‪.)21:21‬‬
‫‪ -010‬اإلنسان قمة عمل الخلق‪ .‬والرواية ال ُملهمة تعبر عن ذلك مميزة بوضوح‬
‫خلق اإلنسان من خلق سائر المخلوقات]‪. [xlvii‬‬

‫‪ -011‬بين جميع الخالئق تكافُ ٌل من حيث إن لجميعها خالقا واحدا‪ ،‬وإنها جميعا‬
‫موجهةٌ في سبي مجده‪:‬‬

‫«لك المديح‪ ،‬يارب‪ ،‬في جميع خالئقك‪،‬‬


‫وال سيّما السيدة أختنا الشمس‪،‬‬
‫التي تمنحنا بها‪ ،‬في النهار‪ ،‬النور‪،‬‬
‫إنها جميلةٌ‪ ،‬ولها إشعاع شديد التأ ُّلق‪،‬‬
‫وهي عنك‪ ،‬أيها العلي‪ ،‬تقدّم لنا ال َّرمز ‪...‬‬
‫لك المديح‪ ،‬يارب‪ ،‬ألجل أخينا الماء‪،‬‬
‫ذي النفع العظيم والتواضع الشديد‪،‬‬
‫الثمين والظاهر ‪...‬‬
‫لك المديح‪ ،‬يارب‪ ،‬من أجل األخت أمنا األرض‪،‬‬
‫التي تحملنا وتقوتنا‪،‬‬
‫التي تؤتي الثمار المتنوعة‬
‫مع األزهار المختلفة األلوان واألعشاب ‪...‬‬
‫سبحوا وباركوا ربي‪،‬‬
‫وأحمدوه وأخدموه‬
‫‪.‬‬ ‫]‪[xlviii‬‬
‫في كل تواضع»‬

‫‪ -011‬السبت هو نهاية عمل «األيام الستة»‪ .‬الكتابة المقدسة تقول إن «هللا فرغ‬
‫من عمله في اليوم السابع» و«أُك ِملت هكذا السما ُء واألرض»‪ ،‬وإن هللا «استراح»‬
‫في اليوم السابع‪ ،‬وبارك وقدس ذلك اليوم (تك‪ .)0-2:1‬في هذه األقوال الملهمة ج ٌم‬
‫من التعاليم الخالصية‪:‬‬

‫‪ -019‬في الخلق أرسى هللا أساسا وأنظمة ال تتغير]‪ ، [xlix‬يستطيع المؤمن أن يستند‬
‫إليها بثقة‪ ،‬وتكون له عالمة وضمان أمانة عهد هللا التي ال تتزعزع]‪ . [l‬وعلى‬
‫اإلنسان‪ ،‬من جهته‪ ،‬أن يظل وفيّا لهذا األساس‪ ،‬ويتقيد باألنظمة التي نقشها فيه‬
‫الخالق‪.‬‬
‫‪ُ -019‬ع ِمل عمل الخلق من أجل السبت ومن ث َّم من أجل عبادة هللا‪ .‬العبادة مسجلة‬
‫في نظام الخلق]‪ . [li‬وقد ورد في قانون القديس بندكتوس أنه «ال يُفصل شي ٌء على‬
‫عبادة هللا»]‪ ، [lii‬مشيرا هكذا إلى النظام الصحيح في االهتمامات البشرية‪.‬‬

‫‪ -018‬السبت هو في قلب شريعة إسرائيل‪ .‬وحفظ الوصايا هو التلبية لحكم هللا‬


‫ومشيئته اللتين يعبر عنهما عمل الخلق‪.‬‬
‫‪ -017‬اليوم الثامن‪ .‬ولكن بالنسبة إلينا قد طع يو ٌم جديد‪ :‬يوم قيامة المسيح‪ .‬اليوم‬
‫السابع يُتم الخلق األول‪ .‬اليوم الثامن يفتتح الخلق الجديد‪ .‬وهكذا فعمل الخلق يرقي‬
‫إلى عمل أعظم هو الفداء‪ .‬الخلق األول يجد معناه وقمته في الخلق الجديد في‬
‫المسيح الذي يفوق ألقُه الخلق األول]‪. [liii‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -013‬المالئكة مخلوقات روحانية تمجد هللا بال انقطاع‪ ،‬وتخدم مقاصده الخالصية‬
‫بالنسبة إلى سائر المخلوقات‪«:‬المالئكة يتضافرون على كل ما هو صالح لنا»]‪. [liv‬‬

‫‪ -012‬المالئكة يحيطون بالمسيح‪ ،‬ربهم‪ ،‬إنهم يخدمونه على وجه خاص في قيامه‬
‫برسالته الخالصية تجاه البشر‪.‬‬

‫‪ -011‬الكنيسة تُكرم المالئكة الذين يساعدونها في مسيرتها األرضية‪ ،‬والذين‬


‫يحرسون كل كائن بشري‪.‬‬

‫‪ -010‬هللا أراد تنوع خالئقه‪ ،‬وجودتها الخاصة‪ ،‬وترابطها‪ ،‬ونظامها‪ .‬وقد وجه‬
‫جميع المخلوقات المادية إلى ما هو في صالح الجنس البشري‪ .‬اإلنسان‪ ،‬ومن خالله‬
‫كل الخليقة‪ ،‬يسير في خط مجد هللا‪.‬‬

‫‪ -011‬احترام الشرائع المكتوبة في الخليقة والعالقات التي تصدر عن طبيعة‬


‫األشياء هو مبدأ حكمة وأساس لألخالقيات‪.‬‬

‫]‪ [i‬د‪03 .‬‬


‫]‪ [ii‬د‪213 .‬‬
‫]‪ [iii‬ر‪ :‬مز‪29:221‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬مز‪1:27‬‬
‫]‪ [v‬ر‪ :‬مز‪29:221‬‬
‫]‪ [vi‬مجمع التران ‪ ،1‬فصل‪ ،2‬في اإليمان الكاثوليكي‪ :‬د‪2833‬؛ ر‪ :‬م ف ‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪،‬‬
‫ق‪ :2‬د‪0331‬؛ ق ش ‪8‬‬
‫]‪ [vii‬القديس أغوسطينوس‪ ،‬في المزامير ‪21 ،2 ،230‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬بيوس‪ ،21‬رسالة عامة «الجنس البشري»‪ :‬د‪0872‬‬
‫]‪ [ix‬ر‪ :‬لو‪09:13‬‬
‫]‪ [x‬ر‪ :‬دا ‪21-7:23‬‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬أي ‪ 9:08‬حيث يدعي المالئكة "ابناء هللا"‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬تك ‪11:0‬‬
‫]‪ [xiii‬ر‪ :‬تك ‪27‬‬
‫]‪ [xiv‬ر‪ :‬تك‪29:12‬‬
‫]‪ [xv‬ر‪ :‬تك‪22:11‬‬
‫]‪ [xvi‬ر‪ :‬أع ‪10:9‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬خر‪10-13:10‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬قض ‪20‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬قض‪11-22:9‬؛ أش ‪9:9‬‬
‫]‪ [xx‬ر‪2 :‬مل‪1:27‬‬
‫]‪ [xxi‬ر‪ :‬لو‪19 ،22:2‬‬
‫]‪ [xxii‬ر‪ :‬متى‪13:2‬؛ ‪20:1‬؛ ‪27‬‬
‫]‪ [xxiii‬ر‪ :‬مر‪21:2‬؛ متى‪22:1‬‬
‫]‪ [xxiv‬ر‪ :‬لو‪10:11‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬متى‪10:19‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪1 :‬مل ‪03-17:23‬؛ ‪8:22‬‬
‫]‪ [xxvii‬ر‪ :‬لو‪23:1‬‬
‫]‪ [xxviii‬ر‪ :‬لو‪21-8:1‬‬
‫]‪ [xxix‬ر‪ :‬مر‪9-1:29‬‬
‫]‪ [xxx‬ر‪ :‬أع ‪22-23:2‬‬
‫]‪ [xxxi‬ر‪ :‬متى‪12:20‬؛ ‪02:11‬؛ لو‪7-8:21‬‬
‫]‪ [xxxii‬ر‪ :‬أع ‪13-28:1‬؛ ‪17-19:8‬؛ ‪8-0:23‬؛ ‪22-9:21‬؛ ‪11-10:19‬‬
‫]‪ [xxxiii‬ق ر "قدوس"‬
‫]‪ [xxxiv‬ر ج‪13 ،‬‬
‫]‪ [xxxv‬كتاب الليترجيات‬
‫]‪ [xxxvi‬ر‪ :‬متى ‪23:28‬‬
‫]‪ [xxxvii‬ر‪ :‬لو‪11:29‬‬
‫]‪ [xxxviii‬ر‪ :‬مز‪8:01‬؛ ‪20-23:72‬‬
‫]‪ [xxxix‬ر‪ :‬أي‪11-10:00‬؛ زك‪21:2 :‬؛ طو ‪21:21‬‬
‫]‪ [xl‬القديس باسيليوس‪ ،‬ضد أفنوميوس ‪2 ،0‬‬
‫]‪ [xli‬تك‪1 ،1-2:2‬‬
‫]‪ [xlii‬ر‪ :‬و ل ‪22‬‬
‫]‪ [xliii‬ك ‪09‬‬
‫]‪ [xliv‬القديس أوغسطينوس‪ ،‬في التكوين ‪1 ،1 ،2‬‬
‫]‪ [xlv‬ك ع ‪1 ،09‬‬
‫]‪ [xlvi‬ر‪ :‬مز‪7:211‬‬
‫]‪ [xlvii‬ر‪ :‬تك ‪19:2‬‬
‫]‪ [xlviii‬القديس فرنسيس األسيزي‪ ،‬نشيد‬
‫]‪ [xlix‬ر‪ :‬عب‪1-0:1‬‬
‫]‪ [l‬ر‪ :‬إر‪09-01:02‬؛ ‪19-27:00‬‬
‫]‪ [li‬ر‪ :‬تك ‪21:2‬‬
‫]‪ [lii‬القديس بندكتوس‪ :‬القانون ‪0 ،10‬‬
‫]‪ [liii‬ر‪ :‬ق ر‪ ،‬ليلة الفصح ‪ :11‬صالة بعد القراءة األولى‬
‫]‪ [liv‬توما األمويني‪ ،‬خ ل‪ ،0 ،221 ،2‬م‪0‬‬
‫الفقرة ‪ -6‬اإلنسان‬

‫‪« -011‬خلق هللا اإلنسان على صورته‪ ،‬على صورة هللا خلقه‪ ،‬ذكرا وأُنثى خلقهم»‬
‫(تك‪ .)19:2‬فلإلنسان مح ٌّل فريد في الخليقة‪ :‬إنه «على صورة هللا» (‪)2‬؛ في‬
‫طبيعته الخاصة يجمع ما بين العالم الروحاني والعالم المادي (‪)1‬؛ ُخلِق «ذكرا‬
‫وأُنثى» (‪)0‬؛ اختصه هللا بصداقته (‪.)1‬‬

‫‪« -2‬على صورة هللا»‬


‫‪ -019‬بين جميع الخالئق المرئية‪ ،‬اإلنسان وحده «يستطيع أن يعرف خالقه‬
‫ويحبه»]‪ . [i‬إنه «على األرض الخليقة الوحيدة التي أرادها هللا لذاتها»]‪ . [ii‬إنه‬
‫وحده المدعو إلى المشاركة في حياة هللا بالمعرفة والمحبة‪ُ .‬خلِق لهذه الغاية‪ ،‬وهذا‬
‫هو سبب كرامته الرئيسي‪:‬‬
‫«ما الداعي الذي جعلك تكون اإلنسان على هذه العظمة؟ المحبة العظمى التي نظرت‬
‫ش ِغفت بها؛ إذ إنك خلقتها بمحبة‪ ،‬وبمحبة‬ ‫بها إلى خليقتك في ذات نفسك‪ ،‬وقد ُ‬
‫أعطيتها كيانا قادرا أن يتذوق خيرك األزلي» ‪.‬‬
‫]‪[iii‬‬

‫ي على صورة هللا فمقامه مقام شخص‪ :‬فهو ليس شيئا ما‬ ‫‪ -019‬بما أن الفرد البشر َّ‬
‫شخص ما‪ .‬إنه قادر على أن يعرف نفسه‪ ،‬وأن يضبطها‪ ،‬وأن يبذل‬ ‫ٌ‬ ‫وحسب‪ ،‬بل هو‬
‫ذاته باختياره‪ ،‬وأن يدخل في شركة غيره من األشخاص؛ وهو مدع ّو‪ ،‬بالنعمة‪ ،‬إلى‬
‫إيمان ومحب ٍة ال يستطيع أح ٌد غيره أن يقوم‬
‫ٍ‬ ‫معاهدة مع خالقه‪ ،‬وإلى تلبيته تلبية‬
‫مقامه فيها‪.‬‬
‫‪ -018‬هللا خلق كل شيء لإلنسان ‪ ،‬ولكن اإلنسان ُخ ِلق لخدمة هللا ومحبته‪ ،‬ولكي‬
‫]‪[iv‬‬

‫يقدم له الخليقة كلها‪:‬‬


‫« فمن هو الكائن الذي سيأتي إلى الوجود في مثل هذه الهالة من التقدير؟ إنه‬
‫اإلنسان‪ ،‬الوجه الحي العظيم والعجيب‪ ،‬األكرام في عيني هللا من الخليقة كلها‬
‫جمعاء‪ :‬إنه اإلنسان‪ ،‬وألجله ُوجدت السماء واألرض والبحر وسائر الخليقة‪،‬‬
‫وخالصه هو الذي علق عليه هللا مثل هذه األهمية حتى إنه لم يوفر ابنه الوحيد‬
‫نفسه في سبيله‪ .‬وإن هللا ما انفك يسعى السعي كله لكي يرقى باإلنسان إليه ويُجلسه‬
‫إلى يمينه»]‪. [v‬‬

‫سر الكلمة المتجسد»]‪. [vi‬‬


‫‪« -017‬إن سر اإلنسان ال يفسره تفسيرا حقيقيا إال ُّ‬
‫رجلين اثنين هما في أساس الجنس البشري‪ :‬آدم‬ ‫«القديس بولس يعلمنا أن ُ‬
‫والمسيح ‪ ...‬وهو يقول‪ :‬إن آدم األول ُخلِق كائنا بشريا نال الحياة؛ وأما اآلخر فكائن‬
‫روحاني يُعطي الحياة‪ .‬األول خلقه اآلخر ومنه نال النفس التي تُحييه ‪ ...‬آدم الثاني‬
‫جعل صورته في آدم األول عندما كان يجبله‪ .‬من هُنا أُلقيت عليه مهمته واسمه‬
‫وذلك لكي ال يُعرض من صنعه على صورته للضياع‪ .‬آدم األول‪ ،‬وآدم األخير‪ :‬األول‬
‫ابتدأ‪ ،‬واألخير لن ينتهي؛ إذ إن األخير هو األول في الحقيقة‪ ،‬على حد ما قال هو‬
‫نفسه‪«:‬أنا األول واألخير»]‪. [vii‬‬

‫‪ -093‬إذا كان الجنس البشري من أص ٍل ُمشترك فهو يؤلف وحدة؛ ذلك أن هللا‬
‫«صنع من واحد كل أمة من البشر» (أع ‪: [viii])19:29‬‬
‫« إنها لرؤيا عجيبة تلك التي تجعلنا نتأمل الجنس البشري في وحدة أصله في هللا؛‬
‫في وحدة طبيعته‪ ،‬المركبة عند جميع تركيبا واحدا من جسم مادي ونفس روحانية؛‬
‫في وحدة غايته الفورية ورسالته في العالم؛ في وحدة مسكنه‪ :‬األرض التي‬
‫يستطيع جميع اللبشر‪ ،‬بحق طبيعي‪ ،‬أن يستعملوا خيراتها لكي يحافظوا على الحياة‬
‫ويُنموها؛ في وحدة غايته العُليا‪ :‬هللا نفسه الذي يجب على الجميع أن يتوجهوا‬
‫إليه؛ في وحدة الوسائل لبلوغ هذه الغاية؛ (‪)...‬؛ في وحدة االفتداء الذي قام به‬
‫المسيح ألجل الجميع»]‪. [ix‬‬

‫‪« -092‬نظام التضامن البشري والمحبة هذا»]‪ ، [x‬فضال عن وفرة تنوع األشخاص‪،‬‬
‫والثقافات والشعوب‪ ،‬يؤكد لنا أن جميع البشر إخوة في الحقيقة‪.‬‬

‫‪« -1‬واح ٌد من جسد ونفس»‬


‫ي وروحان ٌي معا‪.‬‬
‫‪ -091‬الشخص البشري‪ ،‬المخلوق على صورة هللا‪ ،‬كائنٌ جسد ٌ‬
‫والرواية الكتابية تعبر عن هذه الحقيقة بكالم رمزي عندما تثبت أن «هللا جبل‬
‫اإلنسان تُرابا من األرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار اإلنسان نفسا حيّة»‬
‫(تك‪ .)9:1‬فاإلنسان بكامله كان في إرادة هللا‪.‬‬
‫‪ -090‬كثيرا ما ترد اللفظة نفس في الكتاب المقدس بمعنى الحياة البشرية ‪ ،‬أو‬
‫]‪[xi‬‬

‫كامل الشخص البشري]‪ . [xii‬ولكنها تدل أيضا على أعمق ما في اإلنسان]‪ [xiii‬وأثمن‬
‫ما فيه]‪ ، [xiv‬أي ما يجعله على وجه أخص صورة هللا‪«:‬نفس» تعني مبدأ اإلنسان‬
‫الروحاني‪.‬‬

‫ي ألن النفس‬‫‪ -091‬يشترك جس ُد اإلنسان في كرامة «صورة هللا»‪ :‬إنه جس ٌد بشر ٌ‬


‫ي بكامله ُمعد ألن يصبح‪ ،‬في جسد‬ ‫الروحانية تبث فيه الحياة‪ ،‬والشخص البشر َّ‬
‫المسيح‪ ،‬هيكل الروح]‪: [xv‬‬
‫«اإلنسان واح ٌد بجسده ونفسه‪ ،‬وهو بوضعه الجسدي نفسه يجمع في ذاته عناصر‬
‫العالم المادي‪ ،‬بحيث تبلغ فيه قمتها‪ ،‬وترفع بحرية إلى الخالق صوت حمدها‪ .‬فال‬
‫يجوز لإلنسان إذن أن يحتقر الحياة الجسدية‪ ،‬بل عليه أن يعامل جسده باإلحسان‬
‫واإلكرام ألنه خليقة هللا و ُمع ٌد للقيامة في اليوم األخير»]‪. [xvi‬‬

‫‪ -091‬وحدة النفس والجسد هي من العمق بحيث يجب أن تُعد النفس «صورة»‬


‫الجسد]‪ [xvii‬؛ أي أن الجسد المركب من مادة يصبح بالنفس الروحانية‪ ،‬جسدا‬
‫إنسانيا وحيا‪ ،‬الروح والمادة‪ ،‬في اإلنسان‪ ،‬ليسا طبيعتين اثنتين متحدتين‪ ،‬ولكن‬
‫اتحادهما يكون طبيعة واحدة‪.‬‬

‫‪ -099‬الكنيسة تعلم أن كل نفس روحانية يخلقها هللا مباشرة]‪ [xviii‬؛ ‪ -‬إنها ليست‬
‫صنع» الوالدين‪-‬؛ وهي تعلمنا أيضا أنها غير مائتة]‪ [xix‬؛ إنها ال تتالشى‬‫من « ُ‬
‫عندما تفارق الجسد بالموت‪ ،‬وهي تعود إلى االتحاد بالجسد في القيامة األخيرة‪.‬‬

‫‪ -099‬يحصل أحيانا أن نُميَّز النفس من الروح‪ .‬وهكذا فالقديس بولس يُصلي‬


‫قائال‪ «:‬وليحفظ كل ما فيكم أرواحكم‪ ،‬ونفوسكم‪ ،‬وأجسادكم‪ ،‬بغير لوم عند مجيء‬
‫ربنا» (‪2‬تس‪ .)10:1‬والكنيسة تُعلم أن هذا التمييز ال يُدخل في النفس ازدواجية‬
‫موجه منذ خلقه إلى غايته الفائقة الطبيعة]‪، [xxi‬‬ ‫َّ‬ ‫]‪« .[xx‬الروح» يعني أن اإلنسان‬
‫وأن نفسه قادرةٌ على أن تُرقى مجانا إلى الشركة مع هللا]‪. [xxii‬‬

‫‪ -098‬تقليد الكنيسة الروحي يُشدد على القلب بالمعنى الكتابي لـ«عُمق الكيان»‬
‫(إر‪ )00:02‬حيث يُقرر الشخص أنه هللا أوال]‪. [xxiii‬‬

‫‪« -0‬ذكرا وأنثى خلقهم»‬


‫ُمساواة واختالف أرادهما هللا‬
‫‪ -097‬ال َّر ُجل والمرأة ُخلِقا أي إن هللا أرادهما‪ :‬في مساواة كاملة‪ ،‬لكونهما شخصين‬
‫بشريين من جهة‪ ،‬ومن جه ٍة أُخرى بكيانهما الخاص رجال وإمرأة‪ .‬أن يكون‬
‫رجال» وأن تكون «امرأة» تلك حقيقة حسنة وقد أرادها هللا‪ :‬للرجل والمرأة كرامةٌ‬ ‫« ُ‬
‫‪ .‬الرجل والمرأة هما‪ ،‬في الكرامة‬ ‫]‪[xxiv‬‬
‫ثابتةٌ تأتيها مباشرة من هللا خالقهما‬
‫الواحدة‪ ،‬على صورة هللا‪ .‬وهما يعكسان حكمة الخالق وجودته في «كيان الرجولة»‬
‫وفي «كيان اإلنوثة»‪.‬‬

‫رجال وال امرأة‪ .‬هللا روح محض‬


‫‪ -093‬يس هللا على صورة اإلنسان البتة‪ .‬فهو ليس ُ‬
‫ليس فيه مكان الختالف الجنسين‪ .‬ولكن «كماالت» الرجل والمرأة تعكس شيئا من‬
‫كمال هللا المتناهي‪ :‬كماالت األم]‪ ، [xxv‬وكماالت األب والزوج]‪. [xxvi‬‬

‫«الواحد لآلخر» ‪« -‬وحدة اثنين»‬


‫‪ -092‬الرجل والمرأة ُخلِقا معا‪ ،‬وقد أرادهما هللا الواحد لآلخر‪ .‬وكالم هللا يُسمعنا‬
‫ذلك بتلميحات مختلفة في النص المقدس‪« .‬ال يُحسن أن يكون اإلنسان وحده فأصنع‬
‫له عونا بإزائه» (تك‪ .)28:1‬ما من حيوان يمكن أن يكون هذا الـ «بإزاء» اإلنسان‪.‬‬
‫]‪ [xxvii‬المرأة التي «بناها» هللا من الضلع التي أخذها من الرجل‪ ،‬والتي أتى بها‬
‫صراخ إعجاب‪ ،‬صراخ محب ٍة وشركة‪«:‬هوذا هذه الم ّرة‬ ‫الرجل‪ ،‬تبعث من الرجل ُ‬
‫عظ ٌم من عظامي ولحم من لحمي» (تك‪ .)10:1‬الرجل يكتشف في المرأة «أنا»‬
‫آخر‪ ،‬من البشرية نفسها‪.‬‬
‫صنِعا «الواحد لآلخر»‪ :‬ال أن هللا صنعهما «نصفين» و«غير‬ ‫‪ -091‬الرجل والمرأة ُ‬
‫كاملين»؛ إنه خلقهما لشركة شخصين يستطيع فيها كل واحد أن يكون «عونا»‬
‫لآلخر‪ ،‬ألنهما في الوقت نفسه متساويان لكونهما شخصين («عظ ٌم من عظامي»)‬
‫ومتكاملين لكونهما ذكرا وأُنثى]‪ . [xxviii‬وفي الزواج يجمعهما هللا بحيث‪ ،‬وهما‬
‫«جسدا واحدا» (تك‪ ،)11:1‬يستطيعان أن يُعطيا الحياة البشرية‪« :‬انموا واكثروا‬
‫وامألوا األرض» (تك‪ .)18:2‬والرج ُل والمرأة‪ ،‬زوجين ووالدين‪ ،‬عندما يُعطيان‬
‫نسلهما الحياة البشرية يُسهمان إسهاما فريدا في عمل الخالق]‪. [xxix‬‬
‫‪ -090‬الرجل والمرأة مدعوان‪ ،‬في تصميم هللا‪« ،‬إلخضاع» األرض]‪ [xxx‬على أنهما‬
‫«وكالء» هللا‪ .‬وهذه السيطرة يجب أن ال تكون تسلطا تعسفيا وهداما‪ .‬فالرجل‬
‫والمرأة مدعوان‪ ،‬على صورة الخالق الذي «يحب جميع الكائنات» (حك‪،)11:22‬‬
‫إلى االشتراك في «العناية اإللهية» تجاه جميع المخلوقات‪ .‬من هنا مسؤوليتهما عن‬
‫العالم الذي عهد هللا فيه إليهما‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلنسان في الفردوس‬
‫‪ -091‬اإلنسان األول لم يُخلق صالحا وحسب‪ ،‬ولكنه أقيم في صداقة مع خالقه‪ ،‬وفي‬
‫تناغم مع ذاته ومع الخليقة التي حوله والتي ال يفوقها إال مجد الخليقة الجديدة في‬
‫المسيح‪.‬‬

‫‪ -091‬الكنيسة‪ ،‬عندما تفسر رمزي الكالم الكتابي على نور العهد الجديد والتقليد‬
‫تفسيرا أصيال‪ ،‬تعلم أن أبوينا األولين‪ ،‬آدم وحواء‪ ،‬أقيما في حالة «قداسة وب ٍر‬
‫أصلي»]‪ . [xxxi‬ونعمة القداسة األصلية هذه كانت اشتراكا في الحياة اإللهية]‪. [xxxii‬‬

‫‪ -099‬بإشعاع هذه النعمة تقوت جميع أبعاد الحياة البشرية‪ .‬فما دام اإلنسان في‬
‫صداق ٍة مع هللا كان في منجى من الموت]‪ [xxxiii‬ومن األلم]‪ . [xxxiv‬فالتناغم في داخل‬
‫الشخص البشري‪ ،‬والتناغم بين الرجل والمرأة]‪ ، [xxxv‬وأخيرا التناغم بين الزوجين‬
‫األولين وجميع الخليقة‪ ،‬كانت تؤلف الحالة المدعوة «برارة أصلية»‪.‬‬
‫‪« -099‬إخضاع» العالم اذي ألقى به هللا إلى اإلنسان منذ البدء كان يتحقق قبل كل‬
‫شيء في اإلنسان نفسه باالنضباط اذاتي‪ .‬كان اإلنسان في كامل ذاته كامال ومنظما‪،‬‬
‫إذ كان محررا من الشهوات الثالث]‪ [xxxvi‬التي كانت تُخضعه لُمتع الحواس‪،‬‬
‫للتجشع في الخيرات األرضية‪ ،‬وإثبات الذات في وجه أوامر العقل‪.‬‬

‫‪ -098‬وكانت عالمة أُلفته مع هللا أن جعله هللا في الجنة]‪ . [xxxvii‬فعاش فيها «يحرث‬
‫األرض ويحرسها» (تك‪ :)21:1‬ليس العمل مشقة]‪ ، [xxxviii‬ولكنه إسهام الرجل‬
‫والمرأة مع هللا في إكمال الخليقة المرئية‪.‬‬
‫‪ -097‬هذا التناغم ُكلُّه في البرارة األصلية‪ ،‬الذي هُيئ لإلنسان في تصميم هللا‪،‬‬
‫سيُفقد بخطيئة أبوينا األوين‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪« -083‬لقد صنعت اإلنسان على صورتك‪ ،‬ياهلل‪ ،‬وجعلت الكون بين يديه‪ ،‬حتى إذا‬
‫خدمك‪ ،‬أنت خالقه‪ ،‬كان سيد الخليقة»]‪. [xxxix‬‬
‫‪ -082‬اإلنسان ُمهيأ ألن ينقل صورة ابن هللا المتأنس ‪« -‬صورة هللا غير المنظور»‬
‫جمع غفي ٍر من إخو ٍة وأخوات]‪. [xl‬‬
‫(كو‪ – )21:2‬حتى يكون المسيح بكرا ما بين]‪ٍ [xli‬‬
‫‪ .‬عقيدة اإليمان تُثبت أن النفس‬ ‫‪ -081‬اإلنسان «واح ٌد من جس ٍد ونفس»‬
‫الروحانية والغير المائتة يخلقها هللا مباشرة‪.‬‬
‫‪« -080‬هللا لم يخلق اإلنسان وحيدا‪ :‬منذ البدء ذكرا وأنثى خلقهم» (تك‪)19:2‬؛‬
‫وهذا الجمع بين الرجل والمرأة هو الصورة األولى لتشارك األشخاص»]‪. [xlii‬‬
‫‪ -081‬الوحي يُطلعنا ع لى حالة القداسة والبرارة األصليتين عند الرجل والمرأة قبل‬
‫الخطيئة‪ :‬كانت صداقتهما مع هللا في أصل سعادة وجودهما في الفردوس‪.‬‬

‫]‪ [i‬ك ع ‪0 ،21‬‬


‫]‪ [ii‬ك ع ‪0 ،11‬‬
‫]‪ [iii‬القديسة كاترينا السيينية‪ ،‬حوار العناية اإللهية‪20 ،‬‬
‫]‪ [iv‬ر‪ :‬ك ع ‪2 ،21‬؛ ‪0 ،11‬؛ ‪2 ،07‬‬
‫]‪ [v‬القديس يوحنا الذهبي الفم‪ ،‬عظات في التكوين ‪2 ،1‬‬
‫]‪ [vi‬ك ع ‪2 ،11‬‬
‫]‪ [vii‬القديس بطرس خريسولوغوس‪ ،‬عظات ‪1-2 :229‬‬
‫]‪ [viii‬ر‪ :‬طو‪9:8‬‬
‫]‪ [ix‬بيوس‪« ،21‬الحبرية العظمى»؛ ر‪ :‬ع ك أ ‪2‬‬
‫]‪ [x‬م ن‬
‫]‪ [xi‬ر‪ :‬متى‪19-11:29‬؛ يو‪20:21‬‬
‫]‪ [xii‬ر‪ :‬أع ‪12:1‬‬
‫]‪ [xiii‬ر‪ :‬متى‪08:19‬؛ يو‪19:21‬‬
‫]‪ [xiv‬ر‪ :‬متى‪18:23‬؛ ‪1‬مك‪03:9‬‬
‫]‪ [xv‬ر‪2 :‬كو‪13-27:9‬؛ ‪11-11:21‬‬
‫]‪ [xvi‬ك ع ‪2 ،21‬‬
‫]‪ [xvii‬ر‪ :‬مجمع فيينا‪( ،‬سنة ‪ ،)2021‬دستور "اإليمان الكاثوليكي"‪ :‬د‪731‬‬
‫]‪ [xviii‬ر‪ :‬بيوس ‪" ،21‬الجنس البشري"‪ :2713 ،‬د‪0872‬؛ ق ش ‪8‬‬
‫]‪ [xix‬ر‪ :‬مجمع التران ‪ ،1‬سنة‪ :2120‬د‪2113‬‬
‫]‪ [xx‬مجمع القسطنطينية ‪ ،1‬سنة‪ :893‬د‪919‬‬
‫]‪ [xxi‬م ف‪ ،2‬الدستور العقائدي "ابن هللا"‪ ،‬ق‪ :1‬د‪0331‬؛ ر‪ :‬ك ع ‪1 ،11‬‬
‫]‪ [xxii‬ر‪ :‬بيوس ‪" ،21‬الجنس البشري"‪ :2713 ،‬د‪0872‬‬
‫]‪ [xxiii‬ر‪ :‬تث‪1:9‬؛ ‪0:17‬؛ أش‪20:17‬؛ حز‪19:09‬؛ متى‪12:9‬؛ لو‪21:8‬؛ رو‪1:1‬‬
‫]‪ [xxiv‬ر‪ :‬تك‪11 ،9:1‬‬
‫]‪ [xxv‬ر‪ :‬أش ‪21-21:17‬؛ ‪20:99‬؛ مز‪0-1:202‬‬
‫]‪ [xxvi‬ر‪ :‬هو‪1-2:22‬؛ إر‪27-1:0‬‬
‫]‪ [xxvii‬ر‪ :‬تك‪13-27:1‬‬
‫]‪ [xxviii‬ر‪ :‬ك م‪9 ،‬‬
‫]‪ [xxix‬ر‪ :‬ك ع ‪2 ،13‬‬
‫]‪ [xxx‬ر‪ :‬تك‪18:2‬‬
‫]‪ [xxxi‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة الخامسة أ‪ ،‬قرار في الخطيئة األصلية‪ ،‬ق‪ :2‬د‪2122‬‬
‫]‪ [xxxii‬ر‪ :‬ك‪1‬‬
‫]‪ [xxxiii‬ر‪ :‬تك‪29:1‬؛ ‪27:0‬‬
‫]‪ [xxxiv‬ر‪ :‬تك‪29:0‬‬
‫]‪ [xxxv‬ر‪ :‬تك‪11:1‬‬
‫]‪ [xxxvi‬ر‪2 :‬يو‪29:1‬‬
‫]‪ِ [xxxvii‬ر‪ :‬تك‪8:1‬‬
‫]‪ [xxxviii‬ر‪ :‬تك‪27-29:0‬‬
‫]‪ [xxxix‬ق ر‪ ،‬صالة إفخارستية ‪228 ،1‬‬
‫]‪ [xl‬ر‪ :‬أف‪9-0:2‬؛ رو‪17:8‬‬
‫]‪ [xli‬ك ع ‪2 ،21‬‬
‫]‪ [xlii‬ك ع ‪1 ،21‬‬
‫الفقرة ‪ -7‬السُّقوط‬

‫‪ -081‬هللا غي ر متناهي الجودة وجميع أعماله حسنه‪ .‬ولكن ال أحد ينجو من تجربة‬
‫األلم‪ ،‬من تجربة شرور الطبيعة‪ -‬التي تبدو شبه مرتبطة بحدود الخالئق الخاصة‪-‬‬
‫وال سيّما من مسألة الشر األدبي‪ .‬من أين يأتي الشر؟ يقول القديس‬
‫أوغسطينوس‪«:‬لقد فتَّشت من أين يأتي الشر ولم أجد حال»]‪ ،[2‬ولن يجد بحثه‬
‫الخاص األليم مخرجا إال اهتدائه إلى هللا الحي‪ .‬فإن «سر األثم» (‪1‬تس‪ )9:1‬لن‬
‫يتضح إال على نور سر التقوى]‪ .[1‬إن كشف المحبة اإللهية في المسيح أظهر مدى‬
‫الشر وفيض النعمة معا]‪ .[0‬يجب أن نعرض إذن لمسألة مصدر الشر ونظر إيماننا‬
‫ُمثبتٌ على من هو‪ ،‬وحده‪ ،‬غالب الشر]‪.[1‬‬

‫حيث كثرت الخطيئة طفحت النعمة‬‫ُ‬ ‫‪-2‬‬


‫حقيقة الخطيئة‬
‫‪ -089‬الخطيئة موجودة في تاريخ اإلنسان‪ :‬قد تكون من العبث محاولة تجاهلها‪ ،‬أو‬
‫إلقاء أسماء أخرى على هذه الحقيقة الغامضة‪ .‬ولكي نحاول فهم ما هي الخطيئة‪،‬‬
‫يجب أوال معرفة صلة اإلنسان العميقة باهلل‪ ،‬إذ إنه خارج هذه العالقة‪ ،‬ال يُكشف عن‬
‫شر الخطيئة في حقيقة كونه رفضا ومقاومة في وجه هللا‪ ،‬مع بقائه عبثا ثقيال على‬
‫حياة اإلنسان وعلى التاريخ‪.‬‬

‫‪ -089‬حقيقة الخطيئة‪ ،‬وال سيّما خطيئة األصول‪ ،‬ال تتضح إال على نور الوحي‬
‫اإللهي‪ .‬فدون المعرفة التي يعطيناها عن هللا ال تمكن معرفة الخطيئة معرفة‬
‫نقص في النمو فقط‪ ،‬ضعفٌ نفس ّي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫واضحة‪ ،‬فنكون معرضين لتفسيرها على أنها‬
‫ضال ٌل‪ ،‬نتيجةٌ حتميةٌ لبنية اجتماعي ٍة غير مالئمة‪..‬إلخ‪ .‬ففي معرفة قصد هللا بالنسبة‬
‫إلى اإلنسان فقط تُفهم الخطيئة على أنها سوء استعمال للحرية التي يمنحها هللا‬
‫لألشخاص المخلوقين‪ ،‬لكي يتمكنوا من محبته ومن محبة بعضهم البعض‪.‬‬

‫الخطيئة األصلية‪ -‬حقيقة جوهرية من حقائق اإليمان‬


‫‪ -088‬بنمو الوحي اتضحت أيضا حقيقة الخطيئة‪ .‬وإن عرض شعب هللا في العهد‬
‫القديم آلالم الوضع البشري على نور تاريخ السقوط الوارد في سفر التكوين‪ ،‬فإنه‬
‫لم يكن باستطاعته الوصول إلى المعنى البعيد لهذا التاريخ‪ ،‬الذي ينجلي فقط على‬
‫نور موت يسوع المسيح وقيامته]‪ .[1‬يجب معرفة المسيح ينبوعا للنعمة لمعرفة‬
‫آدم ينبوعا للخطيئة‪ .‬الروح‪ -‬البارقليط الذي أرسله المسيح المنبعث‪ ،‬هو الذي جاء‬
‫لكي «يُفحم العالم بشأن الخطيئة» (يو‪ ،)8:29‬إذ كشف عن الذي افتدى من‬
‫الخطيئة‪.‬‬

‫‪ -087‬عقيدة الخطيئة األصلية هي على نح ٍو ما «الوجه المناقض» للبشرى‬


‫الصالحة بأن يسوع هو مخلص جميع البشر‪ ،‬وبأن الجميع بحاجة إلى الخالص‪،‬‬
‫وبأن الخالص مقد ٌم للجميع بفضل المسيح‪ .‬والكنيسة التي عندها فكر المسيح]‪[9‬‬
‫تعلم جيدا أنه ال يمك ن المساس بوحي الخطيئة األصلية بدون اإلساءة إلى سر‬
‫المسيح‪.‬‬

‫لقراءة قصة السقوط‬


‫ص السقوط (تك‪ )0‬يعتمد أسلوبا خياليا‪ ،‬ولكنه يؤكد حدثا ذا أهمية كبيرة‪،‬‬ ‫‪ -073‬قص ُ‬
‫حدثا جرى في بدء تاريخ اإلنسان]‪ .[9‬والوحي يُعطينا اليقين اإليماني‪ ،‬ب؟أن تاريخ‬
‫البشر كله موسو ٌم بالخطيئة األصلية التي اقترفها أبوانا األوالن باختيارهما]‪.[8‬‬

‫‪ -1‬سقوط المالئكة‬
‫معارض هلل]‪ [7‬يحملهما‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ -072‬وراء اختيار أبوينا األولين المعصية صوتٌ ُمغ ٍر‬
‫حسدا‪ ،‬على السقوط والموت]‪ .[23‬الكتاب المقدس وتقليد الكنيسة يريان في هذا‬
‫الكائن مالكا ساقطا يُدعى شيطانا أو إبليس]‪ .[22‬الكنيسة تعلم أنه كان أوال مالكا‬
‫صنع هللا‪ « .‬الشيطان وسائر األبالسة خلقهم هللا صالحين في طبيعتهم‪،‬‬ ‫صالحا من ُ‬
‫ولكنهم هم بأنفسهم انقلبوا أشرارا»]‪.[21‬‬

‫‪ -071‬الكتاب المقدس يذكر لهؤالء المالئكة خطيئة]‪ .[20‬وهذا «السقوط» يقوم‬


‫باختيا ٍر ُحر لهؤالء األرواح المخلوقة‪ ،‬الذين رفضوا رفضا باتا وثابتا هللا وملكوته‪.‬‬
‫وإننا نجد إشارة إلى هذا العصيان في أقوال المجرب ألبوينا األولين‪« :‬تصيران‬
‫كآلهة» (تك‪ .)1:0‬الشيطان «خاطئ من البدء» (‪2‬يو‪« ،)8:0‬أبو الكذب»‬
‫(يو‪.)11:8‬‬

‫‪ -070‬إن ميزة االختيار الثابت للمالئكة‪ ،‬ال تقصي ٌر من الرحمة اإللهية غير‬
‫المتناهية‪ ،‬هي التي جعلت خطيئتهم غير قابلة الغفران‪« .‬ال ندامة لهم بعد السقوط‪،‬‬
‫كما أنه ال ندامة للبشر بعد الموت»]‪.[21‬‬

‫‪ -071‬الكتاب المقدس يُثبت األثر المشؤوم للذي يدعوه يسوع «من البدء قتّال‬
‫الناس» (يو‪ ،)11:8‬والذي حاول أن يحول يسوع نفسه عن الرسالة التي تقبلها من‬
‫اآلب]‪« .[21‬ولهذا ظهر ابن هللا‪ :‬لينتقض أعمال إبليس» (‪2‬يو‪ .)8:0‬وأفظع نتائج‬
‫أعماله كان اإلغراء الكاذب الذي ج َّر اإلنسان إلى عصيان هللا‪.‬‬

‫‪ -071‬ولكن مقدرة إبليس ليست غير متناهية‪ .‬إنه ُمجرد خليقة‪ ،‬قديرة لكونها روحا‬
‫محضا‪ ،‬ولكنه ال يخ رج عن كونه خليقة‪ :‬ال يستطيع أن يمنع بناء ملكوت هللا‪ .‬وإن‬
‫ع ِمل إبليس في العالم بعامل الحقد على هللا وملكوته في يسوع المسيح‪ ،‬وإن كان‬
‫لعمله أضرا ٌر جسيمة‪ -‬على المستوى الروحي أحيانا‪ ،‬وبطريقة غير مباشرة‪ ،‬على‬
‫المستوى الطبيعي نفسه – لكل إنسان وللمجتمع‪ ،‬فهذا العمل تسمح به العناية‬
‫اإللهية التي توجه تاريخ اإلنسان والعالم بقو ٍة ولي ٍن‪ .‬والسماح اإللهي بهذا العمل‬
‫الشيطاني سر عظيم‪ ،‬ولكننا «نعلم أن هللا في كل شيء يسعى لخير الذين يُحبونه»‬
‫(رو‪.)18:8‬‬

‫‪ -0‬الخطيئة األصلية‬
‫تجربة الح ّريّة‬
‫‪ -079‬هللا خلق اإلنسان على صورته وأقامه في صداقته‪ .‬وإذ كان اإلنسان خليقة‬
‫الحر‬
‫روحانية‪ ،‬فهو ال يستطيع أن يعيش في هذه الصداقة إال عن طريق الخضوع ُ‬
‫هلل‪ .‬وهذا ما يعبر عنه منع اإلنسان من أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر‪،‬‬
‫«فإنك يوم تأكل منها تموت موتا» (تك‪ « .)29:1‬شجرة معرفة الخير‬
‫والشر»(تك‪ )29:1‬توحي رمزيا بالحد الذي ال يمكن تجاوزه والذي يجب على‬
‫اإلنسان‪ ،‬في كونه مخلوقا‪ ،‬أن يعترف به اختياريا وأن يقف عنده بثقة‪ .‬اإلنسان‬
‫متعلق بالخالق؛ وهو خاضع لنواميس الخليقة‪ ،‬وللنظم األخالقية التي تُنظم استعمال‬
‫الح ّرية‪.‬‬

‫خطيئة اإلنسان األولى‬


‫‪ -079‬اإلنسان‪ ،‬عندما جربه الشيطان‪ ،‬قضى في قلبه على الثقة بخالقه]‪.[29‬‬
‫وعندما أساء استعمال حريته‪ ،‬عصى وصية هللا‪ .‬في هذا قامت خطيئة اإلنسان‬
‫األولى]‪ .[29‬وكل خطيئة‪ ،‬في ما بعد‪ ،‬ستكون عصيانا هلل‪ ،‬وعدم ثقة في صالحه‪.‬‬
‫ضل اإلنسان نفسه على هللا‪ ،‬وبذلك عينه حقر هللا‪ :‬اختار‬ ‫‪ -078‬في هذه الخطيئة ف ّ‬
‫ذاته على هللا‪ ،‬على مقتضيات كونه خليقة‪ ،‬ومن ث َّم على صالحه الخاص‪ .‬وإذ كان‬
‫اإلنسان مخلوقا في حالة قداسة‪ ،‬فقد كان ُمعدا ألن «يُؤلهه» هللا تأليها كامال في‬
‫المجد‪ .‬وبإغراء من إبليس أراد أن «يكون مثل هللا»]‪ ،[28‬ولكن «بدون هللا‪ ،‬وليس‬
‫بحسب هللا»]‪.[27‬‬

‫‪ -077‬الكتاب المقدس يبين عواقب هذه المعصية األولى المأسوية‪ .‬فقد فقد آد ُم‬
‫وحوا ُء حاال حالة البرارة األصلية]‪ .[13‬لقد خافا من هذا اإلله]‪ [12‬الذي تصوراه‬
‫على غير صورته‪ ،‬على صورة إل ٍه غيور على امتيازاته]‪.[11‬‬

‫‪ -133‬التناسق الذي كانا عليه‪ ،‬والذي أولتهما إياه حالة البرارة األصلية‪ ،‬قد تهَّدم؛‬
‫وسيطرة قُوى النفس الروحانية على الجسد تحطمت]‪[10‬؛ اتحاد الرجل والمرأة‬
‫أصبح تحت تأثير المشادات]‪[11‬؛ وعالقاتهما ستكون موسومة بسمة الشهوة‬
‫والسيطرة]‪ .[11‬التناسق مع الخليقة نُقض‪ :‬الخليقة المنظورة أصبحت بالنسبة إلى‬
‫اإلنسان غربية و ُمعادية]‪ ،[19‬وبسبب اإلنسان أخضعت الخليقة لعبودية‬
‫الفساد]‪ .[19‬وأخيرا فإن العاقبة التي أُنبئ بها بصراحة لمعصية]‪ [18‬اإلنسان‬
‫ستتحقق‪«:‬سيعود اإلنسان إلى األرض التي منها أُخذ]‪ .[17‬وهكذا دخل الموت في‬
‫تاريخ البشرية]‪.[03‬‬
‫‪-132‬منذ هذه الخطيئة األولى‪ ،‬غمر العالم «اجتياح» للخطيئة حقيقي‪ :‬قتل قاين‬
‫أخاه هابيل]‪[02‬؛ الفساد الشامل في عقِب الخطيئة]‪[01‬؛ كذلك في تاريخ إسرائيل‪،‬‬
‫ص إلله العهد‪ ،‬وكمخالفة لشريعة موسى؛ وبعد‬ ‫فكثيرا ما تبرز الخطيئة كعصيا ٍن خا ٍ‬
‫فداء المسيح أيضا‪ ،‬تبرز الخطيئة بين المسيحيين على وجوه متعدد]‪ .[00‬والكتاب‬
‫المقدس وتقليد الكنيسة ال يزاالن يذكران بوجود الخطيئة وشمولها في تاريخ‬
‫اإلنسان‪:‬‬
‫«ما يكشفه لنا الوحي اإللهي يتفق ومعطيات خبرتنا‪ .‬فإن تفحص اإلنسان قلبه وجد‬
‫ق في غمر من الشرور ال يمكن أن تصدر عن‬ ‫أنه ميال إلى الشر أيضا‪ ،‬وأنه غار ٌ‬
‫خالقه الصالح‪ .‬فكثيرا ما يرفض اإلنسان أن يرى في هللا مبدأه‪ ،‬فينقض النظام الذي‬
‫يتوجه به إلى غايته القصوى‪ ،‬وينقض في الوقت نفسه كل تناغم في ذاته أو‬
‫بالنسبة إلى سائر البشر وإلى الخليقة كلها»]‪.[01‬‬

‫عواقب خطيئة آدم في البشرية‬


‫‪ -131‬جميع البشر متورطون في خطيئة آدم‪ .‬القديس بولس يُثبت ذلك‪ُ «:‬ج ِعل‬
‫الكثيرون (أي جميع البشر) خطأة بمعصية إنسان واحد» (رو‪« :)27:1‬كما أنها‬
‫بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم‪ ،‬وبالخطيئة الموت‪ ،‬وهكذا اجتاز الموت إلى‬
‫ٍ‬
‫جميع الناس ألن جميعهم قد خطئوا ‪( »...‬رو‪ .)21:1‬وقد قابل الرسول شمولية‬
‫الخطيئة والموت بشمولية الخالص بالمسيح‪«:‬كما أنه بزلة واح ٍد كان القضاء على‬
‫جميع الناس‪ ،‬كذلك ببر واح ٍد (ب ّر المسيح) يكون لجميع الناس تبرير الحياة»‬
‫(رو‪.)28:1‬‬

‫‪ -130‬لقد اتبعت الكنيسة القديس بولس‪ ،‬فعلمت دائما أن الشقاء العارم الذي يهبظ‬
‫البشر‪ ،‬وميلهم إلى الشر وإلى الموت ال يُفهمان بمعزل عن عالقتهم بخطيئة آدم‪،‬‬
‫وبواقع أنه أورثنا خطيئة نُولد حاملين وزرها وهي «موت النفس»]‪ .[01‬وانطالقا‬
‫من هذا اليقين العقائدي تمنح الكنيسة المعمودية لمغفرة الخطايا‪ ،‬حتى لألطفال‬
‫الصغار الذين لم يرتكبوا خطيئة شخصية]‪.[09‬‬

‫‪ -131‬كيف أصبحت خطيئة آدم خطيئة ذريَّته كلها؟ الجنس البشري كله في آدم‬
‫«كأنه الجسد الواحد إلنسان واحد]‪ .[09‬وبسبب «وحدة الجنس البشري هذه»‬
‫جميع البشر داخلون في خطيئة آدم‪ ،‬كما أنهم داخلون جميعا في تبرير المسيح‪.‬‬
‫سر ال نستطيع إدراكه إدراكا تاما‪ .‬إال أننا نعلم‬
‫ومع ذلك فإن انتقال الخطيئة األصلية ٌّ‬
‫عن طريق الوحي أن آدم نال القداسة والبرارة األصليتين‪ ،‬ال له وحده‪ ،‬بل للطبيعة‬
‫البشرية كلها‪ :‬وبانقياد آدم وحواء للمجرب‪ ،‬ارتكبا خطيئة شخصية‪ ،‬ولكن هذه‬
‫الخطيئة انتقل أثرها إلى الطبيعة البشرية التي سينقالنها وهما في حالة‬
‫سقوط]‪ .[08‬إنها ستنتقل إلى جميع البشر عن طريق التفشي‪ ،‬أي بنقل طبيعة‬
‫بشرية مجردة من القداسة والبرارة األصليتين‪ .‬ولهذا فالخطيئة األصلية مدعوة‬
‫«خطيئة» على سبيل المشابهة‪ :‬إنها خطيئة «موروثة» ال « ُمرتكبة»‪ ،‬حالة ال فعل‪.‬‬
‫‪ -131‬وإن كان كل إنسان مخصوصا بالخطيئة األصلية]‪ ،[07‬فإنها ليست ذات طابع‬
‫أي من أبناء آدم‪ .‬إنها حرمان من القداسة والبرارة األصليتين‪ ،‬ولكن‬ ‫شخصي عند ٍ‬
‫سدة إنفسادا كامال‪ :‬لقد ُجرحت في قواها الطبيعية‬ ‫الطبيعة البشرية ليست ُمنف ِ‬
‫الخاصة‪ ،‬وأخض ِعت للجهل واأللم وسلطان الموت‪ ،‬ومالت إلى الخطيئة األصلية‬
‫(وهذا الميل إلى الشر يُسمى «شهوة»)‪ .‬والمعمودية بمنحها حياة نعمة المسيح‪،‬‬
‫تمحو الخطيئة األصلية وتر ُّد اإلنسان إلى هللا‪ ،‬ولكن العواقب في الطبيعة ال ُمضعفة‬
‫والميالة إلى الشر‪ ،‬تبقى في اإلنسان وتدعوه إلى الجهاد الروحي‪.‬‬
‫‪ -139‬إن عقيدة الكنيسة في موضوع انتقال الخطيئة األصلية اكتسبت دقّة خصوصا‬
‫في القرن الخامس‪ ،‬وال سيّما مع القديس أوغسطينوس في دفق تأ ُمالته ضد‬
‫البالجية‪ ،‬وفي القرن السادس عشر في مناهضة البروتستانتية‪ .‬كان بالجيوس‬
‫يعتقد أن اإلنسان يستطيع‪ ،‬بقوة إرادته الطبيعية الح ّرة‪ ،‬بدون معونة نعمة هللا‬
‫الضرورية‪ ،‬أن يسلك سلوكا صالحا أدبيا؛ كان بذلك يحول تأثير خطيئة آدم إلى تأثير‬
‫مثال سيء‪ .‬وبعكس ذلك دعاة اإلصالح البروتستانتي األولون يُعلمون أن اإلنسان‬
‫قد أصبح في عمقه فاسدا وأن حريته أصبحت‪ ،‬بخطيئة األولين‪ُ ،‬معطلة‪ .‬كانوا‬
‫يوجدون ما بين الخطيئة التي ورثها كل إنسان والميل إلى الشر (الشهوة) الذي ال‬
‫يمكن التغلب عليه‪ .‬وقد أثبتت الكنيسة موقفها في معنى الوحي المتعلق بالخطيئة‬
‫األصلية في مجمع أورانج الثاني‪ ،‬سنة‪ ،[13]117‬وفي المجمع التريدنتيني‪،‬‬
‫سنة‪.[12]2119‬‬

‫صراع ٌ عنيف‬
‫‪ -139‬عقيدة الخطيئة األصلية‪ -‬مقرونة بعقيدة فداء المسيح – تُخول نظرة تمييز‬
‫واضح في شأن موقع اإلنسان وعمله في العالم‪ .‬بخطيئة األبوين األولين اكتسب‬
‫تجر‬
‫ُّ‬ ‫الشيطان شبه سيطرة على اإلنسان‪ ،‬وإن لبث هذا ُحرا‪ .‬الخطيئة األصلية‬
‫« العبودية تحت سلطان ذاك الذي كان بيده سلطان الموت‪ ،‬أعني إبليس»]‪.[11‬‬
‫تجاهل كون اإلنسان ذا طبيعة مجروحة‪ ،‬ميالة إلى الشر‪ ،‬يُفسح المجال ألضاليل‬
‫جسيمة في موضوع التربية‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والعمل اإلجتماعي]‪ ،[10‬واألخالق‪.‬‬

‫ص ُم العالم‪ ،‬في‬
‫‪ -138‬عواقب الخطيئة األصلية‪ ،‬وجميع خطايا البشر الشخصية‪ ،‬ت ِ‬
‫مجمله‪ ،‬بوصمة الخطيئة‪ ،‬التي يمكن أن يُطلق عليها تعبير القديس يوحنا‪«:‬خطيئة‬
‫العالم» (يو‪ .)17:2‬بهذا التعبير يُشار أيضا إلى التأثير السلبي الذي تُلحقه‬
‫باألشخاص األحوال المجتمعية‪ ،‬والبُنى االجتماعية‪ ،‬التي هي ثمرة آثام البشر]‪.[11‬‬

‫سلطان الشرير»‬ ‫‪ -137‬الحالة المأسوية هذه التي يقيم فيها العالم «كله تحت ُ‬
‫(‪2‬يو‪ [11]27:1‬تجعل حياة اإلنسان صراعا‪:‬‬
‫« يتخلل تاريخ البشر العام صراع عنيف به قوى الظلمة‪ ،‬وقد بدأ مع وجود العالم‬
‫وسيبقى على حد قول الرب‪ ،‬إلى اليوم اآلخر‪ .‬فعلى اإلنسان وقد أُد ِخل المعركة‪ ،‬أن‬
‫يُناضل أبدا لكي يلزم الخير‪ ،‬وهو لن يستطيع تحقيق وحدته الذاتية إال بعد جهو ٍد‬
‫شديدة‪ ،‬وبمؤازرة النعمة اإللهية»]‪.[19‬‬

‫سلِمه لسلطان الموت»‬ ‫‪« -1‬إنك لم تُ ْ‬


‫‪ -123‬هللا لم يتخ َّل عن اإلنسان بعد سقوطه‪ .‬فهو‪ ،‬بعكس ذلك‪ ،‬يدعوه]‪ [19‬ويبشره‪،‬‬
‫بطريقة سرية‪ ،‬بالتغلب على الشر وبإقالته من عثرته]‪ .[18‬هذا المقطع من سفر‬
‫سم ّي «مقدمة اإلنجيل» ألنه البشرى األولى بالمسيح الفادي‪ ،‬البشرى‬ ‫التكوين ُ‬
‫بصراع بين الحية والمرأة‪ ،‬وباالنتصار النهائي لنسل هذه المرأة‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪ -122‬التقليد المسيحي يرى في هذا المقطع البشرى بـ «آدم الجديد»]‪ [17‬الذي‪،‬‬


‫«بطاعته حتى الموت موت الصليب» (في‪ )8:1‬يُعوض تعويضا ال يُقاس عن‬
‫معصية آدم]‪ .[13‬وإلى ذلك فإن كثيرين من آباء الكنيسة ومالفنتها يرون في المرأة‬
‫التي ورد ذكرها في «مقدمة اإلنجيل» أ َّم المسيح‪ ،‬مريم‪ ،‬على أنها «حواء‬
‫الجديدة»‪ .‬إنها تلك التي كانت األولى‪ ،‬وبطريقة فريدة‪ ،‬استفاد\ة من االنتصار على‬
‫صينت من دنس الخطيئة األصلية كله]‪ ،[12‬وعلى‬ ‫الخطيئة الذي حققه المسيح‪ :‬لقد ِ‬
‫ي نوع من الخطيئة‪ ،‬وذلك بنعم ٍة خاصة من‬ ‫مدى حياتها األرضية كها لم ترتكب أ ّ‬
‫هللا]‪.[11‬‬

‫‪ -121‬ولكن لماذا لم يمنع هللا اإلنسان األول أن يخطأ؟ يجيب عن ذلك القديس الون‬
‫ت أعظم من تلك التي كان حس ُد‬
‫الكبير‪« :‬نعمة المسيح التي ال توصف وهبتنا خيرا ٍ‬
‫إبليس قد انتزعها منا»]‪ .[10‬والقديس توما األكويني يقول‪«:‬ال شيء يمنع من أن‬
‫تكون الطبيعة البشرية قد أُعدت لغاي ٍة أرفع من الخطيئة‪ .‬فإن هللا يسمح بأن تحصل‬
‫الشرور لكي يستخرج منها خيرا أعظم‪ .‬من هنا قول القديس بولس‪«:‬حيث كثرت‬
‫الخطيئة طفحت النعمة» (رو‪ .)13:1‬ومن هنا يقال في بركة شمعة الفصح‪«:‬يا‬
‫للخطيئة السعيدة التي استحقت هكذا فاديا وبمثل هذه العظمة»]‪.[11‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪« -120‬ليس الموت من صنع هللا‪ ،‬وال هالك األحياء يسر (‪ .)...‬بحسد إبليس دخل‬
‫الموت إلى العالم» (حك ‪20:2‬؛ ‪.)11:1‬‬

‫‪ -121‬الشيطان أو إبليس وسائر الشياطين هم مالئكة ساقطون ألنهم رفضوا‬


‫باختيارهم أن يخدموا هللا وقصده‪ .‬واختيارهم ضد هللا نهائي‪ .‬وهم يعملون على‬
‫إشراك اإلنسان في ثورتهم على هللا‪.‬‬

‫‪« -121‬أقام هللا اإلنسان في حالة برارة‪ .‬ولكن الشرير أغواه منذ بدء التاريخ‪،‬‬
‫فأساء استعمال حريته‪ُ ،‬منتصبا في وجه‪ ،‬وراغبا في أن يبلغ غايته من دون‬
‫هللا»‪[11].‬‬
‫‪ -129‬في كون آدم اإلنسان األول‪ ،‬أضاع بخطيئته القداسة والبرارة األصليتين‬
‫اللتين كان قد نالهما من هللا‪ ،‬ليس فقط لنفسه‪ ،‬بل لجميع البشر‪.‬‬

‫‪ -129‬لقد أورث آدم وحواء ذريتهما الطبيعة البشرية مجروحة بخطيئتهما األولى‪،‬‬
‫ومن ث َّم مجردة من القداسة والبرارة األصليتين‪ .‬وهذا الحرمان يُسمى «خطيئة‬
‫أصلية»‪.‬‬

‫‪ -128‬نتج عن الخطيئة األصلية أن الطبيعة البشرية أُضعفت في قواها‪ ،‬وأُخضعت‬


‫للجهل‪ ،‬واأللم وسيطرة الموت‪ ،‬ومالت إلى الخطيئة (وهذا الميل يُسمى «شهوة»)‪.‬‬

‫‪« -127‬فنحن نعتقد‪ ،‬مع المجمع التريدنتيني‪ ،‬أن الخطيئة األصلية تنتقل مع الطبيعة‬
‫البشرية‪« ،‬ال تقليدا بل انتشارا»‪ ،‬وهي هكذا «خاصة بكل واحد»‪[19].‬‬

‫‪ -113‬االنتصار على الخطيئة الذي حققه المسيح أعطى خيرات أفضل من تلك التي‬
‫أفقدتها الخطيئة‪«:‬حيث كثرت الخطيئة طفحت النعمة» (رو‪.)13:1‬‬

‫‪ « -112‬في إيمان المسيحيين أن هذا العالم هو وليد محبة هللا وحفيظها‪ ،‬سقط في‬
‫عبودية الخطيئة‪ ،‬ولكن المسيح قد حطم بالصليب والقيامة شوكة الشرير‬
‫وحرره‪.[19] »...‬‬

‫]‪ [1‬اعترافات ‪22 ،9 ،9‬‬


‫]‪ [2‬ر‪2 :‬تي‪29:0‬‬
‫]‪ [3‬ر‪ :‬رو‪13:1‬‬
‫]‪ [4‬ر‪ :‬لو‪11-12:22‬؛ يو‪22:29‬؛ ‪2‬يو‪8:0‬‬
‫]‪ [5‬ر‪ :‬رو‪12-21:1‬‬
‫]‪ [6‬ر‪2 :‬كو‪29:1‬‬
‫]‪ [7‬ر‪ :‬ك ع ‪2 ،20‬‬
‫]‪ِ [8‬ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة الخامسة ‪1‬أ‪ ،‬قرار في الخطيئة األصلية‪ :‬د‪2120‬؛ بيوس ‪ :21‬د‪0879‬؛ بولس ‪،9‬‬
‫خطاب ‪22‬تموز ‪2799‬‬
‫]‪ [9‬ر‪ :‬تك‪1-2:0‬‬
‫]‪ [10‬ر‪ :‬حك‪11:1‬‬
‫]‪ [11‬ر‪ :‬يو‪11:8‬؛ رؤ‪7:21‬‬
‫]‪ [12‬مجمع التران ‪( ،1‬سنة‪ ،)2121‬فصل‪ ،2‬في اإليمان الكاثوليكي‪ :‬د‪833‬‬
‫]‪ [13‬ر‪1 :‬بط‪1:1‬‬
‫]‪ [14‬القديس يوحنا الدمشقي‪ ،‬م م ‪1 ،1‬‬
‫]‪ [15‬ر‪ :‬متى‪22-2:1‬‬
‫]‪ [16‬ر‪ :‬تك‪22-2:0‬‬
‫]‪ [17‬ر‪ :‬رو‪27:1‬‬
‫]‪ [18‬ر‪ :‬تك‪1:0‬‬
‫]‪ [19‬القديس مكسيموس المعترف‪ ،‬كتاب االلتباسات‬
‫]‪ [20‬ر‪ :‬رو‪10:0‬‬
‫ر‪ :‬تك‪23-7:0‬‬ ‫]‪[21‬‬
‫ر‪ :‬تك‪1:0‬‬ ‫]‪[22‬‬
‫ر‪ :‬تك‪9:0‬‬ ‫]‪[23‬‬
‫ر‪ :‬تك‪20-22:0‬‬ ‫]‪[24‬‬
‫ر‪ :‬تك‪29:0‬‬ ‫]‪[25‬‬
‫ر‪ :‬تك‪27 ،29:0‬‬ ‫]‪[26‬‬
‫ر‪ :‬رو‪13:8‬‬ ‫]‪[27‬‬
‫ر‪ :‬تك‪29:1‬‬ ‫]‪[28‬‬
‫ر‪ :‬تك‪27:0‬‬ ‫]‪[29‬‬
‫ر‪ :‬رو‪21:1‬‬ ‫]‪[30‬‬
‫ر‪ :‬تك‪21-0:1‬‬ ‫]‪[31‬‬
‫ر‪ :‬تك‪21 ،1:9‬؛ رو‪01-28:2‬‬ ‫]‪[32‬‬
‫ر‪2 :‬كو‪9-2‬؛ رؤ‪0-1‬‬ ‫]‪[33‬‬
‫ك ع‪2 ،20‬‬ ‫]‪[34‬‬
‫ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة الخامسة أ‪ ،‬قرار في الخطيئة األصلية‪ ،‬ق‪ :1‬د‪2121‬‬ ‫]‪[35‬‬
‫ر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ق‪ :1‬د‪2121‬‬ ‫]‪[36‬‬
‫توما األكويني‪ ،‬في الشر ‪2 ،1‬‬ ‫]‪[37‬‬
‫ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة الخامسة أ‪ ،‬قرار في الخطيئة األصلية‪ ،‬ق‪ :1-2‬د‪2121-2122‬‬ ‫]‪[38‬‬
‫ر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ق‪ :0‬د‪2120‬‬ ‫]‪[39‬‬
‫ر‪ :‬د‪091-092:‬‬ ‫]‪[40‬‬
‫ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة الخامسة‪ ،‬قرار في الخطيئة األصلية‪ :‬د‪2129-2123‬‬ ‫]‪[41‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ق‪:2‬د ‪2122‬؛ عب‪21:1‬‬ ‫]‪[42‬‬
‫ر‪ :‬س م ‪11‬‬ ‫]‪[43‬‬
‫ر‪ :‬م ت‪29‬‬ ‫]‪[44‬‬
‫ر‪2 :‬بط‪8:1‬‬ ‫]‪[45‬‬
‫ك ع ‪1 ،09‬‬ ‫]‪[46‬‬
‫ر‪ :‬تك‪7:0‬‬ ‫]‪[47‬‬
‫ر‪ :‬تك ‪21:0‬‬ ‫]‪[48‬‬
‫ر‪2 :‬كو‪11 ،11-12:21‬‬ ‫]‪[49‬‬
‫ر‪ :‬رو‪13-27:1‬‬ ‫]‪[50‬‬
‫ر‪ :‬بيوس ‪ :7‬د‪1830‬‬ ‫]‪[51‬‬
‫ر‪ :‬مجمع ترنت‪ ،‬الجلسة السادسة أ‪ ،‬قرار في التبرير‪ ،‬ق‪ :10‬د‪2190‬‬ ‫]‪[52‬‬
‫عظات ‪1 ،90‬‬ ‫]‪[53‬‬
‫توما األكويني‪ ،‬خ ل ‪ ،2 ،0‬م‪0‬؛ هذا القول للقديس توما يرن ّم به في نشيد الفصح‬ ‫]‪[54‬‬
‫ك ع ‪2 ،20‬‬ ‫]‪[55‬‬
‫ق ش ‪29‬‬ ‫]‪[56‬‬
‫ك ع ‪1 ،1‬‬ ‫]‪[57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أؤمن بيسوع المسيح ابن هللا الوحيد‬

‫المقال األول‪ :‬البشرى‪ :‬هللا أرسل ابنه‬

‫‪ 111‬ـ "ولكن لما بلغ ملء الزمان‪ ،‬أرسل هللا ابنه مولودا من امرأة‪ ،‬مولودا تحت‬
‫الناموس‪ ،‬ليفتدى الذين تحت الناموس‪ ،‬وننال التبني" (غل ‪ 0 :1‬ـ ‪ .)1‬هوذا "بدء‬
‫إنجيل يسوع المسيح‪ ،‬ابن هللا"]‪ : [1‬هللا افتقد شعبه]‪ .[2‬لقد أتم الوعود التي قطعها‬
‫إلبراهيم ونسله]‪ .[3‬لقد صنع ذلك فوق كل انتظار‪ :‬إنه أرسل "ابنه الحبيب" ]‪.[4‬‬

‫‪ 110‬ـ نؤمن ونعترف بأن يسوع الناصري‪ ،‬المولود من فتاة من إسرائيل‪ ،‬في بيت‬
‫لحم‪ ،‬في عهد الملك هيرودس الكبير واإلمبراطور أوغسطس قيصر األول‪ ،‬نجار‬
‫الصنعة‪ ،‬الذي مات مصلوبا في أورشليم إبان حكم الوالي بنطس بيالطس‪ ،‬وملك‬
‫اإلمبراطور تيباريوس‪ ،‬هو ابن هللا األزلي المتأنس‪ ،‬وبأنه "خرج من هللا" (يو‬
‫‪ )0 :20‬و"نزل من السماء" (يو ‪ ،)00 :9 ،20 :0‬وأتى في الجسد]‪ ،[5‬ألن‬
‫"الكلمة صار جسدا وسكن في ما بيننا‪ ،‬وقد شاهدنا مجده‪ ،‬مجدا من اآلب البنه‬
‫الوحيد‪ ،‬الممتلئ نعمة وحقا (‪ .)...‬أجل‪ ،‬من امتالئه نحن كلنا قد أخذنا ونعمة فوق‬
‫نعمة" (يو ‪.)29 ، 21 :2‬‬

‫‪ 111‬ـ بدافع من نعمة الروح القدس‪ ،‬وبجاذب من األب نؤمن ونعترف في أن‬
‫يسوع‪" :‬أنت المسيح ابن هللا الحي" (متى ‪ .)29 :29‬فعلى صخرة هذا اإليمان‬
‫الذي أعلنه القديس بطرس‪ ،‬بنى المسيح كنيسته]‪.[6‬‬
‫"أن ابشر بغنى المسيح الذي ال يستقصي" (أف ‪.)8 :0‬‬

‫‪ 111‬ـ نقلل العقيدة المسيحية هو أوال التبشير بيسوع المسيح في سبيل اإليمان به‪.‬‬
‫منذ البدء اضطرم التالميذ األولون رغبة في التبشير بالمسيح‪" :‬أما نحن‪ ،‬فإنا ال‬
‫نقدر أن ال نتكلم بما عاينا وسمعنا" (أع ‪ )13 :1‬وهم يدعون البشر من كل زمان‬
‫إلي الدخو ل في فرح شركتهم مع المسيح"‪ .‬ما سمعناه‪ ،‬وما رأيناه بأعيننا‪ ،‬وما‬
‫تأملناه وما لمسته أيدينا في شان "كلمة الحياة" ـ ألن الحياة قد ظهرت؛ لقد رأيناه‬
‫ونشهد لها ونبشركم بهذه الحياة األبدية التي كانت لدى األب وظهرت لنا‪ .‬إن ما‬
‫رأيناه وسمعناه به نبشركم أنتم أيضا لتكون لكم أنتم أيضا شركة معنا وشركتنا نحن‬
‫إنما هي مع األب ومع يسوع المسيح ابنه‪،‬ونكتب إليكم بهذه األمر ليكون فرحنا‬
‫مكمال" (‪ 2‬يو ‪ 2 :2‬ـ ‪)1‬‬

‫في قـلب الكرازة‪ 2‬المسيح‬


‫‪ 119‬ـ "في صميم قلب الكرازة نجد شخصا‪ ،‬شخص يسوع الناصري‪" ،‬ابن اآلب‬
‫الوحيد" (‪ ،)...‬الذي تألم ومات من أجلنا‪ ،‬والذي‪ ،‬وقد قام اآلن‪ ،‬يعيش معنا إلى‬
‫األبد (‪ ،)...‬نقل الكرازة (‪ )...‬هو كشف قصد هللا األزلي كله في شخص المسيح‪ .‬هو‬
‫محاولة اكتناه مدلول حركات المسيح وأقواله‪ ،‬والعالمات التي حققها"]‪ .[7‬هدف‬
‫الكرازة‪" :‬اإلدخال في الشركة مع يسوع المسيح‪ :‬هو وحده يستطيع أن يقود على‬
‫محبة الرب في الروح‪ ،‬إلى جعلنا نشترك في حياة الثالوث األقدس" ]‪.[8‬‬

‫‪ 119‬ـ في الكرازة‪ ،‬المسيح‪ ،‬الكلمة المتجسد وابن هللا‪ ،‬هو المعلم ـ كل ما سواه يعلم‬
‫بالرجوع إليه‪ ،‬والمسيح وحده يعلم‪ ،‬وكل من يفعل سواه إنما يعلم بمقدار ما هو‬
‫ينقل كالمه‪ ،‬تاركا للمسيح أن يعلم‪ ،‬وكل من يفعل ذلك سواه إنما يعلم المسيحي أن‬
‫يطبق على نفسه كلمة يسوع العجيبة‪ “ :‬إن تعليمي ليس منى بل ممن أرسلني”‬
‫(يو‪.[9] )29 :9‬‬

‫‪ 118‬ـ يجب على كل من دعي إلى"تعليم المسيح" أن يبحث أوال عن "هذا الربح‬
‫الذي يفوق كل ربح‪ ،‬أعنى معرفة المسيح"؛ يجب "القبول بخسران كل شيء (‪)...‬‬
‫في سبيل ربح المسيح وفى سبيل أن يوجد اإلنسان فيه"‪ ،‬وأن أعرفه هو مع قدرة‬
‫قيامته والشركة في آالمه‪ ،‬فأصبر على صورته في الموت‪ ،‬على أمل البلوغ إلى‬
‫القيامة من بين األموات” (فيل ‪ 8 :0‬ـ ‪.)22‬‬

‫‪ 117‬ـ من هذه المعرفة الحبية للمسيح تتفجر الرغبة في التحدث عنه‪ ،‬في‬
‫"التبشير"‪ ،‬وحمل اآلخرين على الـ"نعم لإليمان بيسوع المسيح‪ .‬ولكن في الوقت‬
‫نفسه تستيقظ الحاجة إلى معرفة هذه العقيدة معرفة أفضل على الدوام‪ .‬وفى هذا‬
‫الهدف‪ ،‬إذا اتبعنا نظام قانون اإليمان‪ ،‬تستعرض أوال ألقاب يسوع الرئيسية‪:‬‬
‫المسيح‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬الرب (المقال ‪ . )1‬وقانون اإليمان يعترف بعد ذلك بأسرار حياة‬
‫المسيح الرئيسية‪ :‬أسرار تجسده (المقال ‪ ،)0‬وأسرار فصحه (المقاالن ‪ 1‬و ‪،)1‬‬
‫وأخيرا أسرار تمجيده (المقاالن ‪ 9‬و‪.)9‬‬

‫]‪ [1‬ر ‪ :‬مر ‪. 2: 2‬‬


‫]‪ [2‬ر ‪ :‬لو‪. 98 : 2‬‬
‫]‪ [3‬ر ‪ :‬لو‪. 11 : 2‬‬
‫]‪ [4‬ر ‪ :‬مر ‪. 22: 2‬‬
‫]‪ [5‬ر ‪ 2 :‬يو ‪. 1 : 1‬‬
‫]‪ [6‬ر ‪ :‬متى ‪ 28 : 29‬؛ القديس الون الكبير ‪ ،‬عظات ‪ 1 ، 91 ، 12 ، 0 ، 1‬؛ ‪. 0 ، 80‬‬
‫]‪ [7‬ن ك ‪. 1‬‬
‫]‪ [8‬م ن‪.‬‬
‫]‪ [9‬م س ‪. 9 ،‬‬
‫المقال الثانى‪" :‬وبيسوع المسيح‪ ،‬ابنه الوحيد‪ ،‬ربنا"‬

‫‪ -1‬يسوع‬
‫‪ 103‬ـ "يسوع" في العبرانية يعنى "هللا يخلص"‪ .‬وإبان البشارة أطلق عليه‬
‫المالك جبرائيل اسم يسوع‪ ،‬اسما علما‪ ،‬يعبر عن هويته ورسالته معا]‪ .[1‬وبما أن‬
‫هللا وحده يستطيع أن يغفر الخطايا" (مر ‪ )9 :1‬فهو من‪ ،‬بيسوع‪ ،‬ابنه األزلي‬
‫المتجسد‪" ،‬يخلص شعبه من خطاياهم" (متى ‪ .)12 :2‬وهكذا فبيسوع يلخص هللا‬
‫كل تاريخه الخالصي في سبيل البشر‪.‬‬

‫‪ 102‬ـ لم يكتف هللا‪ ،‬في تاريخ الخالص‪ ،‬بأن ينقذ إسرائيل” من دار العبودية” (تث‬
‫‪ ) 9 :1‬بإخراجه من مصر‪ .‬إنه يخلصه أيضا من خطيئته‪ .‬وإذا كانت الخطيئة دائما‬
‫إهانة هلل فهو وحده يستطيع أن يغفرها]‪ .[2‬ولهذا فإسرائيل‪ ،‬وهو يعي أكثر فأكثر‬
‫شمولية الخطيئة‪ ،‬لن يستطيع من بعد طلب الخالص إال باستدعاء اسم هللا‬
‫الفادي]‪.[3‬‬

‫‪ 101‬ـ إن اسم يسوع يعنى أن اسم هللا نفسه حاضرا في شخص ابنه]‪ [4‬الذي صار‬
‫إنسانا الفتداء شامال ونهائيا من الخطايا‪ .‬إنه االسم اإللهي الذي وحده يجلب‬
‫الخالص]‪ ،[5‬وبوسع كل إنسان من اآلن فصاعدا أن يدعوه ألنه اتحد بجميع البشر‬
‫بالتجسد ]‪ [6‬بحيث إنه"ليس تحت السماء اسم آخر أعطى في الناس به ينبغي أن‬
‫نخلص" (أع ‪.[7] )20 :1‬‬

‫‪ 100‬ـ كان اسم هللا المخلص يدعوه الكاهن األكبر مرة واحدة في السنة لتكفير‬
‫معاصي إسرائيل‪ ،‬عندما كان ينضح على غشاء قدس األقداس من دم الذبيحة‪.[8] .‬‬
‫وكان الغشاء مكان حضور هللا ]‪ .[9‬عندما قال القديس بولس عن يسوع أن هللا‬
‫"أقامه أداة تكفير بدمه" (رو ‪ )11 :0‬أراد أن‪ ،‬في بشرية هذا‪" ،‬صالح هللا في‬
‫المسيح‪ ،‬العالم مع نفسه" (‪ 1‬كو ‪.)27 :1‬‬

‫‪ 101‬ـ قيامة يسوع تمجد اسم هللا المخلص ]‪ ،[10‬إذ إنه‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬سيظهر‬
‫اسم يسوع‪ ،‬إظهارا كامال‪ ،‬القدرة السامية التي "لالسم الذي يفوق كل اسم" (فيل‬
‫‪ 7 :1‬ـ ‪ .)23‬إن األرواح الشريرة تخشى اسمه ]‪ ،[11‬وباسمه يصنع تالميذ معجزات‬
‫]‪ ، [12‬إذ إن كل ما يسألون اآلب باسمه يعطيهموه ]‪.[13‬‬

‫‪ 101‬ـ اسم يسوع هو في قلب الصالة المسيحية‪ .‬جميع ابتهاالت الليترجيا تختم‬
‫بهذه العبارة "بربنا يسوع المسيح"‪ .‬وصالة "السالم عليك‪ ،‬يا مريم" تبلغ الذروة‬
‫في القول "ويسوع‪ ،‬ثمرة أحشائك‪ ،‬مبارك"‪ .‬واالبتهال القلبي الشرقي المدعو‬
‫"صالة يسوع" يقول‪" :‬يا يسوع المسيح‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬رب ّى‪ ،‬ارحمني أنا الخاطئ" ‪،‬‬
‫عدد كبير من المسيحيين يموتون كالقديسة جان دارك‪ ،‬وعلى لسانهم الكلمة‬
‫الوحيدة "يسوع" ]‪.[14‬‬

‫‪ -2‬المسيح‬
‫‪ 109‬ـ "المسيح" لفظة مشتقة من اللفظة العبرانية "ماسيا" التي تعنى‬
‫"ممسوح"‪ .‬وهى ال تصبح اسما علما ليسوع إال ألن يسوع يتم الرسالة اإللهية‬
‫التي تعنيها إتماما كامال ففي إسرائيل كان يمسح باسم هللا أولئك الذي كرسوا له في‬
‫]‪[15‬‬
‫سبيل رسالة آتيه من لدنه‪.‬تلك كانت حال الملوك‬
‫(مل ‪ ،)07 :2‬والكهنة]‪ ، [16‬وفى بعض الحاالت النادرة‪ ،‬األنبياء ‪.‬فكان البد من‬
‫]‪[17‬‬

‫أن تكون هذه‪ ،‬على وجه سام‪ ،‬حال المسيح الذي سيرسله هللا ليقيم ملكوته على‬
‫وجه نهائي]‪ . [18‬كان البد للمسيح من أن يمسحه روح الرب]‪ [19‬ملكا وكاهنا معا‬
‫]‪ ، [20‬ولكن باإلضافة إلى ذلك نبيا ]‪ .[21‬لقد أتم يسوع رجاء إسرائيل المسيحان ّى‪،‬‬
‫في مهمته الثالثية كاهنا‪ ،‬ونبيا‪ ،‬ملكا‪.‬‬

‫‪ 109‬ـ لقد بشر المالك الرعاة بميالد يسوع على انه ماسيا ّ الذي وعد به إسرائيل‬
‫"اليوم في مدينة داود ولد لكم مخلص هو المسيح الرب" (لو ‪..)22 :1‬إنه منذ‬
‫البدء ذاك الذي "قدسه اآلب وأرسله إلى العالم" (يو ‪ ،)09 :23‬وحبل به”قدوسا“‬
‫]‪ [22‬في حشا مريم البتولي‪ .‬وقد دعا هللا يوسف "ليأخذ إلى بيته مريم زوجته"‬
‫الحامل "للذي حبل به فيها من الروح القدس" (متى ‪ ،)13 :2‬حتى يولد يسوع‬
‫"الذي يدعى المسيح" من امرأة يوسف في ساللة داود المسيحانية (متى ‪)29 :2‬‬
‫]‪.[23‬‬

‫‪ 108‬ـ إن تكريس يسوع المسيحانى يظهر رسالته اإللهية "وهذا يدل عليه أسمه‬
‫نفسه‪ ،‬إذ إن في لسم المسيح يضمر من مسح‪ ،‬ومن مسح‪ ،‬والدهن الذي به مسح‪:‬‬
‫الماسح هو اآلب‪ ،‬والمسموح هو االبن‪ ،‬وقد مسح بالروح الذي هو الدهن" ]‪.[24‬‬
‫وقد تكشف تكريسه المسيحانى األزلي في حياته األرضية في أثناء تعميد يوحنا له‬
‫عندما "مسحه هللا بالروح القدس والقدرة" (أع ‪" )08 :23‬لكي يظهر إلسرائيل"‬
‫(يو ‪ )02 :2‬على أنه مسيحه وأعماله وأقواله ستعلنه "قدوس هللا" ]‪.[25‬‬

‫‪ 107‬ـ عدد كبير من اليهود وحتى بعض الوثنيين الذين كانوا يشاركونهم في‬
‫الرجاء‪ ،‬هؤالء جميعا رأوا في يسوع العالمات األساسية "البن داود" المسيحانى‬
‫الذي وعد هللا به إسرائيل ]‪ .[26‬لقد قبل يسوع لقب المسيح الذي كان من حقه ]‪، [27‬‬
‫ولكن ال على سبيل اإلطالق‪ ،‬ألن فئة من معاصريه كانوا ينظرون إليه نظرة جد‬
‫بشرية ]‪ ، [28‬نظرة سياسية في جوهرها]‪. [29‬‬

‫‪ 113‬ـ تقبل يسوع اعتراف إيمان بطرس الذي أعلن عنه أنه المسيح‪ ،‬مخبرا باآلم‬
‫ابن البشر القريبة ]‪ .[30‬لقد كشف المضمون األصيل لملكه المسيحانى في الهوية‬
‫السامية البن اإلنسان "الذي نزل من السماء" (يو ‪ ، [31] )20 :0‬وفى رسالته‬
‫الفدائية كخادم متألم‪" :‬لم يأت ابن اإلنسان ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن‬
‫كثيرين" (متى ‪ .[32] )18 :13‬ولهذا فإن المعنى الحقيقي لملكه لم يظهر إال من‬
‫على الصليب ]‪.[33‬وهكذا فبعد قيامته فقط يمكن لملكه المسيحاني أن يعلنه بطرس‬
‫أمام شعب هللا‪ " :‬فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن هللا قد جعل يسوع هذا الذي‬
‫صلبتموه أنتم‪ ،‬ربا ومسيحا" (أ ع‪.)09 :1‬‬

‫‪ -3‬ابن اهلل الوحيد‬


‫]‪[35‬‬
‫‪ 112‬ـ ابن هللا‪ ،‬لقب كان يعطى في العهد القديم للمالئكة]‪ ، [34‬للشعب المختار‬
‫‪،‬ألبناء إسرائيل]‪ ، [36‬ولملوكهم]‪. [37‬إنه يعنى‪ ،‬في ذلك العهد‪ ،‬بنوة بالتبني تجعل‬
‫بين هللا وخليقته عالقات ألفة خاصة‪ .‬عندما كان يقال للملك المسيح المنتظر "ابن‬
‫هللا" ]‪ [38‬لم يكن ذلك يتضمن بالضرورة ـ على حسب المعنى الحرفي لتلك‬
‫النصوص ـ انه أكثر من بشر وأولئك الذي دعوا يسوع هكذا على انه مسيح‬
‫إسرائيل]‪ [39‬ربما لم يقصدوا أكثر من ذلك]‪. [40‬‬

‫‪ 111‬ـ ليس األمر كذلك بالنسبة إلى بطرس عندما يعترف بان يسوع هو "المسيح‪،‬‬
‫ابن هللا الحي" ]‪ ، [41‬إذ إن يسوع يجيبه جوابا احتفاليا‪" :‬ليس اللحم والدم كشفا لك‬
‫هذا‪ ،‬بل أبى الذي في السماوات" (متى ‪ .)29 :29‬وكذلك سيقول بولس في شأن‬
‫اهتدائه على طري ق دمشق‪" :‬لما أرتضى هللا‪ ،‬الذي فرزني من جوف أمي ودعاني‬
‫بنعمته‪ ،‬أن يعلن ابنه في ألبشر به بين األمم‪( "...‬غل ‪ 21 :2‬ـ ‪" .)29‬أخذ للحال‬
‫]‪[42‬‬
‫يكرز في المجامع بأن يسوع هو ابن هللا"(أع ‪ .)13 :7‬وهذا سيكون منذ البدء‬
‫ركيزة اإليمان الرسولي]‪ [43‬الذي أعلنه أوال بطرس أساسا للكنيسة]‪. [44‬‬

‫‪ 110‬ـ قد يكون بطرس عرف الميزة السامية للبنوة اإللهية في يسوع المسيح‪،‬‬
‫لكون هذا قد ألح إليها بصراحة‪ .‬أمام المجلس‪ ،‬ويطلب من المدعين عليه بقولهم‬
‫"أفأنت إذن ابن هللا؟ ‪،‬أجاب يسوع‪" :‬انتم تقولون‪ ،‬أنا هو" (لو ‪.[45] )93 :11‬‬
‫وقبل ذلك أشار إلى نفسه بأنه "االبن" الذي يعرف اآلب ]‪ ، [46‬و الذي هو غير‬
‫"الخدام" الذي سبق هللا و أرسلهم إلى شعبه]‪، [47‬وفوق المالئكة أنفسهم]‪ . [48‬لقد‬
‫ميز بنوته من بنوة تلميذه فلم يقل قط "أبونا" ]‪ [49‬إالّ عندما أمرهم قائال‪" :‬فأنتم‬
‫إذن صلوا هكذا‪ :‬أبانا" (متى ‪)7 :9‬؛ وقد شدد على هذا التمييز بقوله "أبى‬
‫وأبيكم" (يو ‪.)29 :13‬‬

‫‪ 111‬ـ األناجيل تروى‪ ،‬في فترتين احتفاليتين‪ ،‬عماد المسيح وتجليه‪ ،‬عن صوت‬
‫اآلب يعلنه "ابنا محبوبا" ]‪ .[50‬والمسيح يعلن عن نفسه أنه "ابن هللا الوحيد" (يو‬
‫‪ ،)29 :0‬ويؤكد بهذه الصفة كينونته األبدية ]‪ .[51‬وهو يطلب اإليمان "باسم هللا‬
‫الوحيد" (يو ‪ )28 :0‬هذا االعتراف المسيحي يظهر في تعجب قائد المائة أمام‬
‫يسوع المصلوب‪" :‬في الحقيقة كان هذا الرجل ابن هللا" (مر ‪ .)07 :21‬في السر‬
‫الفصحى فقط يستطيع المؤمن أن يعطى بعده األسمى لالسم "ابن هللا"‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ بعد قيامته تظهر بنوته اإللهية في قوة بشريته المجمدة‪ ..." :‬المقام بحسب‬
‫روح القداسة‪ ،‬في قدرة ابن هللا‪ ،‬بقيامته من بين األموات" (رو ‪)1 :2‬‬
‫]‪.[52‬وسيستطيع الرسل أن يعترفوا‪" :‬وقد شاهدنا مجده‪ ،‬مجدا من اآلب البنه‬
‫الوحيد الممتلئ نعمة وحقا" (يو ‪.)21 :2‬‬

‫رب‬
‫‪ّ -4‬‬
‫‪ 119‬ـ في الترجمة اليونانية ألسفار العهد القديم‪ ،‬ترجم االسم الفائق الوصف الذي‬
‫كشف فيه هللا نفسه لموسى]‪ [53‬أي يهوه‪ ،‬باسم "كيريوس"‪ ،‬أي ("رب")‪ .‬وقد‬
‫أصبح منذ ذاك االسم رب أكثر ما يستعمل للداللة على اإللوهية نفسها إلله إسرائيل‪.‬‬
‫والعهد الجديد يعمد إلى هذا المعنى القوى لالسم "رب" ويطلقه ال على اآلب‬
‫وحسب‪ ،‬ولكن ـ وهنا األمر الجديد ـ على يسوع أيضا معترفا به إلها ]‪.[54‬‬

‫‪ 119‬ـ يسوع نفسه يتسمى بهذا االسم بطريقة خفية عندما يناقش الفريسين في‬
‫معنى المزمور‪ ، [55]223‬ولكنه يصرح أيضا بذلك في كالمه لرسله]‪ . [56‬وعلى مدى‬
‫حياته العلنية كلها كانت مواقف هيمنته على الطبيعة‪ ،‬واألمراض‪ ،‬والشياطين‪،‬‬
‫والموت‪ ،‬والخطيئة‪ ،‬تظهر سيادته اإللهية‪.‬‬

‫‪ 118‬ـ كثيرا ما كان الذين‪ ،‬في اإلنجيل‪ ،‬يخاطبون يسوع يدعونه "ربا" وهذا االسم‬
‫يتضمن احتراما وثقة من قبل الذين يقتربون من يسوع ويترقبون منه عونا أو‬
‫شفاء وبدافع من الروح القدس كان هذا االسم يعبر عن االعتراف بسر يسوع‬
‫اإللهي وهو يصبح في اللقاء مع يسوع الممجد عبادة‪ “ :‬ربى وإلهي” (يو ‪:13‬‬
‫‪ )18‬ويصطبغ مذ ذاك بصبغة المحبة والعطف التي ستبقى ميزة التقليد المسيحي‪:‬‬
‫"هو الرب" (يو ‪.)9 :12‬‬

‫"رب" على يسوع تثبت اعترافات اإليمان األولى في‬


‫ّ‬ ‫‪ 117‬ـ بإطالق اللقب اإللهي‬
‫الكنيسة منذ البدء أن السلطة والكرامة‪ ،‬والمجد الواجبة هلل اآلب واجبة أيضا‬
‫ليسوع القائم في "صورة هللا" (فيل ‪ ،)9 :1‬وأن اآلب أظهر سيادة يسوع هذه‬
‫ببعثة من بين األموات وبرفعه إليه في مجده‪.‬‬

‫‪ 113‬ـ منذ بدء التاريخ المسيحي واالعتراف بسيادة يسوع على العالم وعلى‬
‫التاريخ يعنى أيضا االعتراف بأنه ال يجوز لإلنسان ان يخضع حريته الشخصية‪،‬‬
‫إخضاعا مطلقا ألي سلطان أرضى‪ ،‬بل هللا اآلب وحده‪ ،‬وللرب يسوع المسيح‪:‬‬
‫قيصر "الرب" والكنيسة "تؤمن بأن مفتاح تاريخ البشر‪ ،‬ومركزه‪ ،‬وغايته هي في‬
‫ربها ومعلمها"‪.‬‬
‫‪ 112‬ـ الصالة المسيحية موسومة باسم "الرب"‪ ،‬سواء كان ذلك في الدعوة إلى‬
‫الصالة "ليكن الرب معكم"‪ ،‬أو في ختام الصالة "بيسوع ربنا"‪ ،‬أو أيضا في‬
‫الهتاف المملوء ثقة ورجاء "ماران أتى" ("الرب يأتي !") أو "ماراناتا" ("تعال‬
‫يارب!") (‪ 2‬كو ‪)11 :29‬؛ "آمين‪ ،‬تعال أيها الرب يسوع" (رؤ ‪.)13 :11‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 111‬ـ اسم يسوع يعنى"هللا يخلص"‪ .‬الطفل الذي ولدته مريم البتول دعي‬
‫"يسوع"‪" :‬ألنه هو الذي سيخلص شعبه من خطاياه" (متى ‪" :)12 :2‬ليس تحت‬
‫السماء اسم آخر أعطى في الناس‪ ،‬به ينبغي أن نخلص"‪.‬‬

‫‪ 110‬ـ االسم "المسيح" يعنى "الممسوح"‪ .‬يسوع هو المسيح ألن "هللا مسحه‬
‫بالروح القدس والقدرة" (أع ‪ .)08 :23‬وكان "ذاك الذي يأتى" (يو ‪،)27 :9‬‬
‫موضوع "رجاء إسرائيل" (أع ‪.)13 :18‬‬

‫‪ 111‬ـ االسم "ابن هللا" يعنى العالقة الوحيدة واألزلية بين يسوع المسيح وهللا أبه‪:‬‬
‫إنه ابن اآلب الوحيد‪ ،‬وهللا ذاته‪ .‬االعتراف بأن يسوع المسيح هو ابن هللا أمر‬
‫ضروري لكي يكون اإلنسان مسيحيا‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ االسم "رب" يعنى السيادة اإللهية‪ .‬االعتراف بيسوع ربا‪ ،‬أو االبتهال إليه‬
‫بهذه الصفة‪ ،‬هما إيمان بألوهيته‪".‬ال أحد يستطيع أن يقول "يسوع رب" إال‬
‫بالروح القدس" (‪ 2‬كو ‪)0 :21‬‬

‫]‪ [1‬ر ‪ :‬لو ‪. 02 : 2‬‬


‫]‪ [2‬ر ‪ :‬مز ‪. 9: 12‬‬
‫]‪ [3‬م س ‪. 9 ،‬‬
‫]‪ [4‬ر ‪ :‬أع ‪ 12 : 1‬؛‪ 0‬يو‪. 9‬‬
‫]‪ [5‬ر ‪ :‬يو ‪ 1 : 0‬؛ أع ‪.12 : 1‬‬
‫]‪ [6‬ر ‪ :‬رو ‪ 9 : 2‬ـ ‪.20‬‬
‫]‪ [7‬م س ‪. 9 ،‬‬
‫]‪ [8‬ر ‪ :‬أح ‪ 21 : 29‬ـ ‪ 29‬؛ سى ‪ 13 : 13‬عب‪. 7:9‬‬
‫]‪ [9‬ر ‪ :‬خر ‪ 11 : 11‬؛ أح ‪ 1 : 29‬؛ عد ‪ 87 : 9‬؛ عب‪. 7:1‬‬
‫]‪ [10‬ر ‪ :‬يو ‪. 18 : 21‬‬
‫]‪ [11‬ر ‪ :‬أع ‪ 29 : 29‬ـ ‪ 28‬؛ ‪ 20: 27‬ـ‪. 29‬‬
‫]‪ [12‬ر ‪ :‬مر ‪. 29: 29‬‬
‫]‪ [13‬ر ‪ :‬يو ‪. 29:9 : 21‬‬
‫]‪. [14‬‬
‫]‪. [15‬‬
‫]‪ [16‬ر ‪ :‬خر ‪ 9 : 17‬؛ أح ‪. 21 : 8‬‬
‫]‪ [17‬ر ‪ 2 :‬مل ‪. 29 : 27‬‬
‫]‪ [18‬ر ‪ :‬مز ‪ 1 : 1‬؛ اع ‪ 19 : 1‬ـ ‪.19‬‬
‫]‪ [19‬ر ‪ :‬أش ‪.1 : 22‬‬
‫ر ‪ :‬زك ‪ 21 : 1‬؛ ‪.20 : 9‬‬ ‫]‪[20‬‬
‫ر ‪ :‬أش ‪ 2: 92‬؛ لو ‪ 29 : 1‬ـ ‪. 12‬‬ ‫]‪[21‬‬
‫ر ‪ :‬لو ‪.01 : 2‬‬ ‫]‪[22‬‬
‫ر ‪ :‬رو ‪ 0 : 2‬؛‪ 1‬تى ‪ 8 : 1‬؛ رؤ ‪.29 : 11‬‬ ‫]‪[23‬‬
‫القديس إيريناوس ‪ ،‬الر ّد على الهرطقات ‪. 0 ، 28 ، 0‬‬ ‫]‪[24‬‬
‫ر ‪ :‬مر ‪ 11 : 2‬؛ح يو ‪ 97 : 9‬؛ اع ‪.21 : 0‬‬ ‫]‪[25‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 1:1‬؛ ‪ 7:19‬؛‪21:10‬؛‪10‬؛‪11: 21:11‬؛‪13:03‬؛‪. 12:7،21‬‬ ‫]‪[26‬‬
‫ر ‪ :‬يو‪1،11‬ـ‪19‬؛‪.22:19‬‬ ‫]‪[27‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 12 : 11‬ـ ‪.19‬‬ ‫]‪[28‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪ 21: 9‬؛ لو ‪. 12: 11‬‬ ‫]‪[29‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 29 : 29‬ـ ‪.10‬‬ ‫]‪[30‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪ 91 : 9‬؛ دا ‪.20: 9‬‬ ‫]‪[31‬‬
‫ر ‪ :‬أش ‪ 23 : 10‬ـ ‪.21‬‬ ‫]‪[32‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪ 27 : 27‬ـ ‪ 11‬؛ لو ‪ 07 : 10‬ـ ‪.10‬‬ ‫]‪[33‬‬
‫ر ‪ :‬تث ( السبعينية ) ‪ 8 : 01‬؛ أى ‪.9 : 2‬‬ ‫]‪[34‬‬
‫ر ‪ :‬خر ‪ 11 : 1‬؛ هو ‪ 2: 22‬؛ إر ‪ 27 : 0‬؛ سى ‪ 22: 09‬؛ حك ‪.20: 28‬‬ ‫]‪[35‬‬
‫ر ‪ 2:‬تث ‪ 2: 21‬؛ هو ‪.2 : 1‬‬ ‫]‪[36‬‬
‫ر ‪ 1 :‬صم ‪ 9:21‬؛ مز ‪.9 :81‬‬ ‫]‪[37‬‬
‫ر ‪ 2 :‬أخ ‪ 20: 29‬؛ هو ‪.2: 1‬‬ ‫]‪[38‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪.11 : 19‬‬ ‫]‪[39‬‬
‫ر ‪ :‬لو ‪.19 : 10‬‬ ‫]‪[40‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪. 29 : 29‬‬ ‫]‪[41‬‬
‫ر ‪ 2 :‬تسى ‪.23 : 2‬‬ ‫]‪[42‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪. 02: 13‬‬ ‫]‪[43‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪.28 : 29‬‬ ‫]‪[44‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 91: 19‬؛ مر ‪.91: 21‬‬ ‫]‪[45‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 22:19‬؛ ‪ 09‬ـ ‪.08‬‬ ‫]‪[46‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 01 : 12‬ـ ‪.09‬‬ ‫]‪[47‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪.09 : 11‬‬ ‫]‪[48‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 18 : 1‬؛ ‪ 8 : 9‬؛ ‪ 12 : 9‬؛ لو ‪.20: 22‬‬ ‫]‪[49‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 29 : 0‬؛ ‪.1 : 29‬‬ ‫]‪[50‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪. 09 : 23‬‬ ‫]‪[51‬‬
‫ر ‪ :‬أع ‪.00: 20‬‬ ‫]‪[52‬‬
‫ر ‪ :‬خر ‪.21 : 0‬‬ ‫]‪[53‬‬
‫ر ‪ 2 :‬كو ‪.8 : 1‬‬ ‫]‪[54‬‬
‫ر ‪ :‬متى ‪ 12 : 11‬ـ ‪ 19‬؛ ر ايضا ‪ :‬أع‪ 01 :‬ـ ‪ 09‬؛ عب ‪.20 : 2‬‬ ‫]‪[55‬‬
‫ر ‪ :‬يو ‪.20: 20‬‬ ‫]‪[56‬‬
‫المقال الثالث‪" :‬كان الحبل بيسوع المسيح من الروح القدس‪ ،‬ولد من البتول‬
‫مريم"‬

‫الفقرة ‪ 1‬ـ ابن اهلل صار إنسانا‬

‫‪ -2‬لماذا صار الكلمة جسدا ؟‬


‫‪ 119‬ـ مع قانون إيمان نيقية ـ القسطنطينية‪ ،‬نجيب معترفين‪" :‬من أجلنا ‪،‬نحن‬
‫البشر وفى سيل خالصنا‪ ،‬نزل من السماء‪ ،‬بالروح القدس تجسد من مريم البتول‬
‫وصار إنسانا"‪.‬‬

‫‪ 119‬ـ صار الكلمة جسدا ليخلصنا بمصالحتنا مع هللا‪ :‬هللا‪" :‬هو نفسه أحبنا وأرسل‬
‫ابنه كفارة عن خطايانا" (‪ 2‬يو ‪" .)1:21‬إن ذاك قد ظهر ليرفع الخطايا" (‪ 2‬يو ‪:0‬‬
‫‪:)1‬‬
‫"مريضة‪ ،‬كانت بيعتنا تطلب الشفاء‪ ،‬وساقطة‪ ،‬أن تقال عثرتها‪ ،‬وميته‪ ،‬أن تبعث‬
‫حية كنا فقدنا امتالك الخير‪ ،‬فكان البد من إعادته إلينا‪ .‬وكنا غارقين في الظلمات‬
‫فكان البد من رفعنا إلى النور؛ وكنا أسرى ننتظر مخلصا؛ وسجناء عونا؛ وعبيدا‬
‫محررا‪ .‬هل كانت هذه الدواعي بدون أهمية ؟ ألم تكن تستحق أن تحرك عطف هللا‬
‫إلى حد أن تنزله حتى طبيعتنا البشرية كانت في حالة جد بائسة وجد تعسة؟"‪.‬‬

‫‪ 118‬ـ الكلمة صار جسدا لكي نعرف هكذا محبة هللا‪ ”.‬بهذا ظهرت محبة هللا في ما‬
‫بيننا بأن هللا أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لنحيا به "(‪ 2‬يو ‪)7 :1‬؛ إذ إن هللا "أحب‬
‫العالم هكذا حتى إنه بذل ابنه الوحيد لكي ال يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة‬
‫األبدية" (يو ‪)2 :0‬‬

‫‪ 117‬ـ لقد صار الكلمة جسدا لكي يكون مثاال لنا في القداسة‪" :‬احملوا نيرى عليكم‬
‫وتعلموا منى‪( " ...‬متى ‪" )17 :22‬أنا الطريق والحق والحياة؛ ال يأتي أحد إلى‬
‫اآلب إال بي" (يو ‪ .)9 :21‬واآلب‪ ،‬على جبل التجلي يأمر‪" :‬اسمعوا له" (مر ‪:7‬‬
‫‪ .)9‬فهو في الحقيقة مثال التطويبات وقاعدة الناموس الجديد‪" :‬أحبوا بعضكم‬
‫بعضا كما أحببتكم أنا" (يو ‪ .)21 :21‬هذه المحبة تتضمن تقدمة الذات الفعلية في‬
‫أثره‪.‬‬

‫‪ 193‬ـ صار الكلمة جسدا لكي يجعلنا "شركاء في الطبيعة اإللهية" (‪ 1‬بط ‪:)1 :2‬‬
‫"فهذا هو السبب الذي من أجله صار الكلمة بشرا‪ ،‬وابن هللا ابن اإلنسان‪ :‬لكي‬
‫يصير اإلنسان ابن هللا بدخوله في الشرك مع الكلمة وبنيله هكذا البنوة اإللية" إذ‬
‫إن ابن هللا صار إنسانا لكي يصيرنا إلها ‪" .‬ابن هللا الوحيد‪ ،‬إذ أراد أن نشاركه في‬
‫ألوهته‪ ،‬تلبس طبيعتنا حتى إذا صار هو بشرا يصير البشر آلهة"‪.‬‬
‫‪ -1‬التجسد‬
‫‪ 192‬ـ تعيد الكنيسة تعبير القديس يوحنا ("الكلمة صار جسدا" ‪ :‬يو ‪ )2:21‬وتدعو‬
‫"تجسدا" كون ابن هللا اتخذ طبيعة بشرية لكي يحقق فيها خالصنا‪ .‬في نشيد يثبته‬
‫القديس بولس‪ ،‬تتغنى الكنيسة بسر التجسد "ليكن فيكم من االستعدادات ما هو في‬
‫المسيح يسوع‪ :‬فإنه‪ ،‬هو القائم في صورة هللا‪ ،‬لم يعتد مساواته هلل [حالة] مختلسة؛‬
‫بل الشى ذاته‪ ،‬آخذا صورة عبيد‪ ،‬صائرا شبيها بالبشر‪ ،‬فوجد كإنسان في الهيئة‪.‬‬
‫ووضع نفسه‪ ،‬وصار طائعا حتى الموت‪[ ،‬بل] موت الصليب ! " (في ‪ 1 :1‬ـ ‪.)8‬‬

‫‪ 191‬ـ والرسالة إلى العبرانيين تتحدث عن السر نفسه‪:‬‬


‫"فلذلك يقول المسيح عند دخوله العالم‪ :‬ذبيحة وقرانا لم تشأ‪ ،‬غير أنك هيأت لي‬
‫جسدا‪ .‬ل م ترتض محرقات وال ذبائح خطيئة؛ حينئذ قلت‪ :‬هاءنذا آتى (‪ )...‬ألعمل‬
‫بمشيئتك" (عب ‪ 1 :23‬ـ ‪ 9‬موردا مز ‪ 9 :13‬ـ ‪ ،7‬حسب السبعينية)‪.‬‬

‫‪ 190‬ـ اإليمان بالتجسد الحقيقي البن هللا هو العالمة المميزة لإليمان المسيحي‪:‬‬
‫"بهذا تعرون روح هللا‪ :‬إن كل روح يعترف بان يسوع المسيح فد أتى في الجسد‬
‫هو من هللا" (‪ 2‬يو ‪ .)1 :1‬ذلك هو يقين الكنيسة البهيج منذ البدء‪ ،‬عندما تتغنى‬
‫"بسر التقوى العظيم"‪" :‬لقد أظهر في الجسد" (‪ 2‬تي ‪.)29 :0‬‬

‫‪ -0‬إله حق وإنسان حق‬


‫‪ 191‬ـ إن الحادث الوحيد والفريد جدا لتجسد ابن هللا يعنى أن يسوع المسيح إله في‬
‫قسم منه وإ نسان في قسم خر‪ ،‬وال انه نتيجة المزيج المبهم للعنصرين اإللهي‬
‫واإلنساني‪ .‬لقد صار إنسانا حقا وبقى إلها حقا‪ .‬يسوع المسيح هو إله حق وإنسان‬
‫حق هذه الحقيقة اإليمانية اضطرت الكنيسة إلى أن تدافع عنها وتوضحها خالل‬
‫القرون األولى في وجه هرطقات كانت تزروها‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ الهرطقات األولى أنكرت ناسوت المسيح الحقيقي أكثر مما أنكرت الهوته‬
‫(الظاهرية الغنوصية) ومنذ العهد الرسولي شددت العقيدة المسيحية على التجسد‬
‫الحقيقي البن هللا "اآلتي بالجسد" ولكن منذ القرن الثالث اضطرت الكنيسة إلى أن‬
‫تناهض بولس السميصاطى‪ ،‬وتثبت في مجمع عقد في إنطاكية‪ ،‬ان يسوع المسيح‬
‫هو ابن هللا بالطبيعة ال بالتبني‪ .‬ومجمع نيقية المسكوني األول‪ ،‬سنة ‪ ،011‬اعترف‬
‫في قانون إيمانه أن ابن هللا "مولودا ال مخلوق‪ ،‬وهو واألب جوهر واحدا" وأدان‬
‫آريوس الذي ذهب إلى أ‪" ،‬ابن هللا خرج من العدم" ‪ ،‬وأنه من "جوهر غير جوهر‬
‫اآلب"‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ كانت البدعة النسطورية ترى في المسيح شخصا إنسانيا مقترنا بشخص ابن‬
‫هللا اإللهي‪ .‬في وجهها اعترف القديس كيرلس اإلسكندري‪ ،‬والمجمع المسكونى‬
‫الثالث المعقود في أفسس‪ ،‬سنة ‪ ،102‬أن "الكلمة‪ ،‬باتخاذه في شخصه جسدا تحييه‬
‫نفس عاقلة‪ ،‬صار إنسانا"‪ .‬ليس لناسوت المسيح شان إال في شخص ابن هللا‬
‫اإللهي‪ ،‬الذي اتخذه وخص به ذاته منذ الحبل به‪ .‬ولهذا أعلن مجمع أفسس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،102‬أن مريم أصبحت في الحقيقة والدة اإلله بالحبل البشرى بابن هللا في‬
‫أحشائها‪" :‬والدة اإلله‪ ،‬ال لكون كلمة هللا اتخذ منها طبيعته اإللهية‪ ،‬ولكن لكونه‬
‫اتخذ منها الجسد المقدس مقرونا بنفس عاقلة‪ ،‬والذي اتحد به الكلمة شخصيا‪،‬‬
‫فكان أنه ولد بحسب الجسد"‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ أصحاب الطبيعة الواحدة يذهبون إلى أن الطبيعة البشرية توقف وجودها في‬
‫المسيح كطبيعة بشرية عندما تلبس بها شخصه اإللهي كابن هلل‪ .‬وتجاه هذه البدعة‬
‫اعترف مجمع خلقيدونية المسكونى الرابع‪ ،‬في سنة ‪:112‬‬
‫"على أثر اآلباء القديسين نعلم باإلجماع االعتراف بابن واحد هو هو‪ ،‬سيدنا‬
‫المسيح‪ .‬هو هو الكامل في الالهوت‪ ،‬والكامل في الناسوت‪ ،‬هو هو إله حق وإنسان‬
‫حق‪ ،‬المركب من نفس عاقلة ومن جسد‪ ،‬الذي جوهره جوهر اآلب من حيث‬
‫الالهوت ‪ ،‬وجوهره جوهرنا من حيث الناسوت‪ ،‬الذي "يشبهنا في كل شئ ما عدا‬
‫الخطيئة"؛ الذي ولده اآلب قبل جميع الدهور من حيث األلوهة‪ ،‬وفى هذه األيام‬
‫األخيرة ولد من مريم البتول‪ ،‬والدة اإلله‪ ،‬من حيث الناسوت‪ ،‬ألجلنا وألجل خالصنا‪.‬‬
‫واحد هو‪ ،‬وهو نفسه المسيح والرب واالبن الوحيد‪ ،‬الذي يجب أن نعترف به في‬
‫طبيعتين‪ ،‬غير مختلطتين‪ ،‬وغير متغيرتين‪ ،‬وال منفصلتين‪ .‬إن اختالف الطبيعتين لم‬
‫يلغه اتحادهما‪ ،‬بل بالحرى احتفظت كل واحدة بمميزاتها‪ ،‬واجتمعت كلها في شخص‬
‫واحد وأقنوم واحد"‪.‬‬

‫‪ 198‬ـ من بعد المجمع الخلقيدونى‪ ،‬جل البعض من الطبيعة البشرية في المسيح‬


‫نوعا من كيان شخصي وقد ندد بهم المجمع المسكونى الخامس‪ ،‬المنعقد في‬
‫القسطنطينية‪ ،‬سنة ‪ ،110‬واعترف‪" :‬ليس هنالك إال شخص واحد‪ ،‬هو سيدنا‬
‫يسوع المسيح‪ ،‬أحد الثالوث"‪ .‬فكل ما في ناسوت المسيح يجب أن ينسب إلى‬
‫الشخص اإللهي على أنه من عمله الخاص‪ ،‬ليس المعجزات وحسب‪ ،‬ولكن اآلالم‬
‫أيضا ‪ ،‬وحتى الموت‪" :‬إن الذي صلب بالجسد‪ ،‬سيدنا يسوع المسيح‪ ،‬هو إله حق‪،‬‬
‫رب المجد وواحد من الثالوث األقدس "‪.‬‬

‫‪ 197‬ـ الكنيسة تعترف هكذا أن المسيح إله حقا وإنسان حقا بغير انفصال إنه حقا‬
‫ابن هللا الذي صار إنسانا‪ ،‬أخا لنا‪ ،‬وذلك من غير أن يتوقف عن أن يكون إلها‪،‬‬
‫ربنا‪:‬‬
‫"لقد ظل ما كان‪ ،‬واتحد ما لم يكنه‪ ،‬على حد نشيد الليترجيا لرومانية‪ .‬وليترجيا‬
‫القديس يوحنا الذهبي الفم تعلن وتنشد‪" :‬يا كلمة هللا االبن الوحيد‪ ،‬الذي ال يموت‪،‬‬
‫لقد رضيت من اجل خالصنا‪ ،‬أن تتجسد من والدة اإلله القديسة مريم الدائمة‬
‫البتولية‪ ،‬فتآنست بغير استحالة‪ ،‬وصلبت أيها المسيح اإلله‪ ،‬وبالموت وطئت‬
‫الموت‪ ،‬أنت أحد الثالوث القدوس‪ ،‬الممجد مع اآلب والروح القدس‪ .‬خلصنا"‪.‬‬
‫‪ -1‬كيف يكون ابن هللا إنسانا ؟‬
‫‪ 193‬ـ بما أنه في اتحاد التجسد السري "الطبيعة البشرية متخذة ال ممتصة"‪ ،‬فقد‬
‫ألجئت الكنيسة عبر القرون إلى االعتراف بملء حقيقة نفس المسيح البشرية‪ ،‬مع‬
‫أعمال عقلها وإرادتها‪ ،‬وبجسده البشرى‪ .‬ولكن بإزاء ذلك كان عليها كل مرة أن‬
‫تذكر بان طبيعة المسيح البشرية هي خاصة شخص ابن هللا اإللهي الذي اتخذها‪.‬‬
‫فكل ما هو عليه‪ ،‬وكل ما يعمل فيها مرجعه "إلى أحد الثالوث"‪ .‬ومن ثم فابن هللا‬
‫يبث ناسوته الطريقة الخاصة لوجوده الشخصي في الثالوث‪ .‬وهكذا فالمسيح يعبر‬
‫بشريا‪ ،‬في نفسه وفى جسده‪ ،‬عن السلوك اإللهي للثالوث‪.‬‬
‫"اشتغل ابن هللا بيدين بشريتين‪ ،‬وفكر بعقل بشرى‪ ،‬وعمل بإرادة بشرية‪ ،‬وأحب‬
‫بقلب بشرى؛ وإنه ولد من العذراء مريم‪ ،‬وصار في الحقيقة واحدا مناّ‪ ،‬شبيها بنا‬
‫في كل شيء ماعدا الخطيئة"‪.‬‬

‫نفس المسيح ومعرفته البشرية‬


‫‪ 192‬ـ ذهب ابوليتاريوس الالذقانى إلى أن الكلمة في المسيح قام مقام النفس أو‬
‫الروح‪ .‬وضد هذا الضالل اعترفت الكنيسة بان االبن األزلي اتخذ أيضا نفسا بشرية‬
‫عاقلة‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ هذه النفس البشرية التي اتخذها ابن هللا هي ذات معرفة بشرية حقيقية‪.‬‬
‫ومعرفة بهذه الصفة لم تكن في ذاتها غير محدودة‪ :‬كانت تستعمل في األحوال‬
‫التاريخية لوجودها في المكان والزمان‪ .‬ولهذا ارتضى ابن هللا‪ ،‬إذ صار إنسانا‪ ،‬أن‬
‫"ينمو في الحكمة والقامة والنعمة" (لو ‪ ،)11 :1‬وحتى أن يكون في حاجة إلى‬
‫تتبع ما يقتضيه الواقع البشرى من تعلم عن طريق االختبار‪ .‬وهذا كان يتمشى‬
‫وحقيقة تنازله االختياري في” صورة عبد” ‪.‬‬

‫‪ 190‬ـ ولكن في الوقت نفسه كانت معرفة ابن هللا البشرية الحقيقة هذه تعبر عن‬
‫حياة شخصه اإللهية‪" .‬كانت طبيعة ابن هللا البشرية‪ ،‬ال بذاتها بل باتحادها بالكلمة‪،‬‬
‫تعلم وتظهر في ذاتها كل ما يليق باهلل‪ .‬من ذلك أوال المعرفة الحميمة والمباشرة‬
‫التي كانت البن هللا المتجسد عن أبيه‪ .‬وكان االبن يظهر أيضا في عمله البشرى ما‬
‫كان له من نفاذ ألهى إلى األفكار السرية في قلب البشر‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ وكانت معرفة المسيح البشرية‪ ،‬بفضل اتحادها بالحكمة اإللهية في شخص‬
‫الكلمة المتجسد‪ ،‬تتمتع تمتعا كامال بعلم المقاصد األزلية التي جاء ليكشف عنها‪.‬‬
‫وما يعترف بجهله في هذا المجال‪ ،‬يعلن في موضع آخر أن ليس له أن يكشف عنه‪.‬‬

‫إرادة المسيح البشرية‬


‫‪ 191‬ـ بموازاة ذلك اعترفت الكنيسة في المجمع المسكونى السادس بأن للمسيح‬
‫إرادتين وفعلين طبيعيين‪ ،‬إلهي وبشرى‪ ،‬ال متعارضين‪ ،‬بل متعاونين‪ ،‬بحيث إن‬
‫الكلمة المتجسد أراد بشريا‪ ،‬في طاعة أبيه‪ ،‬كل ما أقره إلهيا مع اآلب والروح‬
‫القدس من أجل خالصنا‪ .‬إن أراده المسيح البشرية "تتبع إرادته اإللهية‪ ،‬بدون أن‬
‫تكون معيقة وال معارضة لها‪ ،‬بل بالحري بخضوعها لهذه اإلرادة الكلية القدرة"‪.‬‬

‫جسد المسيح الحقيقي‬


‫‪199‬ـ بما أن الكلمة صار جسدا متخذا ناسوتا حقيقيا فإن جسد المسيح كان محددا‪.‬‬
‫ولهذا كان باإلمكان "رسم" وجه يسوع البشرى‪ .‬وفى المجمع المسكوني السابع‪،‬‬
‫اعترفت الكنيسة بأنه من الشرعي رسمه في صور مقدسة‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ وفى الوقت نفسه اعترفت الكنيسة دائما بان في جسد يسوع "أصبح هللا‬
‫غير المنظور بطبيعته منظورا لعيوننا"‪ .‬وهكذا فإن ميزات جسد المسيح الفردية‬
‫تعبر عن شخص ابن هللا اإللهي‪ .‬وهذا اتخذ لذاته مالمح جسده البشرى إلى حد إنها‬
‫إذا رسمت في صورة مقدسة يمكن إكرامها‪ ،‬إذ إن المؤمن الذي يكرم صورته‬
‫"يكرم فيها الشخص الذي رسم فيها"‪.‬‬

‫قلب الكلمة المتجسد‬


‫‪ 198‬ـ يسوع عرفنا وأحبنا جميعا كما عرف وأحب كل واحد بمفرده‪ ،‬في حياته‪،‬‬
‫وفى نزاعه وآالمه‪ ،‬وأسلم ذاته من أجل كل واحد منا‪" :‬أحبني ابن هللا وبذل نفسه‬
‫عنى" (غل ‪ .)13 :1‬لقد أحبنا جميعا بقلب بشرى‪ .‬لهذا السبب فقلب يسوع‬
‫األقدس‪ ،‬الذي طعن بآثامنا وألجل خالصنا‪" ،‬أيعد العالمة والرمز الجليلين‪ ..‬لهذه‬
‫المحبة التي يحب بها الفادي اإللهي‪ ،‬محبة ال تنقطع‪ ،‬اآلب األزلي وجميع البشر في‬
‫غير استثناء‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 197‬ـ في الزمن الذي حدده هللا تجسد ابن اآلب الوحيد‪ ،‬الكالم األزلي‪ ،‬أي كلمة‬
‫اآلب وصورته الجوهرية‪ :‬بدون أن يفقد الطبيعة اإللهية اتخذ الطبيعة البشرية‪.‬‬

‫‪ 183‬ـ يسوع المسيح إله حقيقي وإنسان حقيقي‪ ،‬في وحده شخصه اإللهي؛ ولهذا‬
‫فهو الوسيط الوحيد بين هللا والبشر‪.‬‬

‫‪ 182‬ـ في يسوع المسيح طبيعتان‪ ،‬الطبيعة اإللهية والطبيعة البشرية‪ ،‬غير‬


‫ملتبستين بل متحدتين في شخص ابن هللا الوحيد‪.‬‬
‫‪ 181‬ـ إذ كان المسيح إلها حقا وإنسانا حقا فهو يملك عقال وإرادة بشريين متفقين‬
‫كل االتفاق‪ ،‬وخاضعين لعقله وإرادته اإللهيين اللذين يشترك فيهما مع اآلب والروح‬
‫القدس‪.‬‬
‫‪ 180‬ـ التجسد إذن س ّر االتحاد العجيب للطبيعة اإللهية بالطبيعة البشرية في شخص‬
‫الكلمة الوحيد‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 2‬ـ "‪ ..‬كان الحبل به من الروح القدس‪ ،‬ولد من البتول مريم"‬

‫‪ -2‬كان الحبل به من الروح القدس‪...‬‬


‫‪ 181‬ـ بشارة مريم تفتتح "ملء الزمان" (غل ‪ ،)1:1‬أي إنجاز الوعود و التهييئات‬
‫لقد دعيت مريم إلى الحبل بمن "سيحل فيه ملء الالهوت جسديا" (كول ‪.)77 :1‬‬
‫الجواب اإللهي عن سؤالها ‪" :‬كيف يكون ذلك وأنا ال أعرف رجال ؟" أعطته قدرة‬
‫الروح‪" :‬الروح القدس يأتى عليك" (لو ‪.)01 :2‬‬

‫‪ 181‬ـ رسالة الروح القدس ترافق دائما رسالة االبن وتواكبها‪ .‬فقد أرسل الروح‬
‫القدس لكي يقدس حشا العذراء مريم ويخصبه إلهيا‪ ،‬هو "الرب الذي يحيى" ‪،‬‬
‫فتحبل بابن اآلب األزلي في ناسوت متخذ من ناسوتها‪.‬‬

‫‪ 189‬ـ وبما أن ابن اآلب الوحيد قد حبل به إنسانا في حشا العذراء مريم‬
‫فهو"مسيح" أي ممسوح من قبل الروح القدس‪ ،‬منذ بدء وجوده البشرى‪ ،‬وإن لم‬
‫يظهر إال تدريجيا‪ :‬للرعاة‪ ،‬للمجوس‪ ،‬ليوحنا المعمدان‪ ،‬للتالميذ‪ .‬كل حياة يسوع‬
‫المسيح ستظهر إذن "كيف مسحه هللا بالروح القدس والقدرة" (أع ‪.)08 :23‬‬

‫‪ ... -1‬ولد من البتول مريم‬


‫‪ 189‬ـ ما تؤمن به العقيدة الكاثوليكية بالنسبة إلى مريم يتركز على ما تؤمن به‬
‫بالنسبة إلى المسيح‪ ،‬ولكن ما تعمله في ما يتعلق بمريم ينير بدوره إيمانها‬
‫بالمسيح‪.‬‬

‫اختيار مريم‬
‫‪ 188‬ـ "هللا أرسل ابنه" (غل ‪ ،)1 :1‬ولكنه هيّا له جسدا‪ .‬فقد أراد اإلسهام لحر من‬
‫إحدى خالئقه‪ .‬ولهذا‪ ،‬فمنذ األزل‪ ،‬اختار هللا أما البنه‪ ،‬إحدى بنات إسرائيل‪ ،‬فتاة من‬
‫ناصرة الجليل‪" ،‬عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف‪ ،‬من بيت داود‪ ،‬واسم العذراء‬
‫مريم" (لو ‪ 19 :2‬ـ ‪.)19‬‬
‫"لقد أراد أبو المراحم أن يسبق التجسد قبول من قبل مريم المختارة‪ ،‬بحيث إنه كما‬
‫أسهمت امرأة في عمل الموت تسهم كذلك امرأة في عمل الحياة"‪.‬‬

‫‪ 187‬ـ على مدى العهد القديم هيأت رسالة مريم رسالة نساء قديسات‪ .‬فأوال كانت‬
‫حواء‪ .‬فإنها‪ ،‬وإن خالفت الوصية‪ ،‬نالت الوعد بنسل يتغلب على الماكر‪ ،‬وبأنها‬
‫ستكون أما لجميع األحياء‪ .‬وبناء على هذا الوعد حبلت سارة بابن على تقدمها في‬
‫السن‪ .‬وخالفا لكل انتظار بشرى اختار هللا ما كان يعد عاجزا وضعيفا لكي يظهر‬
‫أمانته ل وعده‪ :‬حنة‪ ،‬أم صموئيل‪ ،‬دبورة‪ ،‬راعوث‪ ،‬يهوديت‪ ،‬أستير‪ ،‬ونساء آخر‬
‫كثيرات‪ .‬مريم "تحتل المكان األول بين أولئك المتواضعين وفقراء الرب الذين‬
‫يرتجون منه الخالص بثقة وينالونه‪ .‬ومعها‪ ،‬هي ابنة صهيون المثلى‪ ،‬تتم األزمنة‪،‬‬
‫بعد انتظار الموعد طويال‪ ،‬ويبدأ التدبير الجديد"‪.‬‬

‫الحبل بال دنس‬


‫‪ 173‬ـ لكي تكون مريم أم المخلص "نفحها هللا من المواهب بما يتناسب ومثل هذه‬
‫المهمة العظيمة" فالمالك جبرائيل يحييها إبان البشارة على أنها "ممتلئة نعمة"‪.‬‬
‫ولكي تستطيع أن توافق موافقة إيمانها الحرة على البشارة بالدعوة التي دعيت‬
‫إليها‪ ،‬كان البد لها من أن تكون محمولة على نعمة هللا‪.‬‬

‫‪ 172‬ـ على مر العصور وعت الكنيسة أن مريم ‪:‬التي عمرتها نعمة هللا" ‪ ،‬قد‬
‫افتديت منذ حبل بها‪ .‬هذا ما تعترف به عقيدة البل بال دنس‪ ،‬التي أعلنا الباب بيوس‬
‫التاسع‪ ،‬سنة ‪:2811‬‬
‫"إن الطوباوية العذراء مريم قد صينت‪ ،‬منذ اللحظة األولى للحبل بها‪ ،‬سليمة من‬
‫كل لطخة من لطخات الخطيئة األصلية‪ ،‬وذلك بنعمة من هللا الكلى القدرة وبإنعام‬
‫منه‪ ،‬نظرا إلى استحقاقات يسوع المسيح مخلص الجنس البشرى"‪.‬‬

‫‪ 171‬ـ هذه "القداسة الرائعة والفريدة" التي "أغنين بها منذ اللحظة األولى من‬
‫الحبل بها" تأتيها كلها من المسيح‪ :‬لقد "افتديت بوجه سام‪ ،‬باعتبار استحقاقات‬
‫ابنها"‪ .‬فوق كل شخص آخر مخلوق‪" ،‬باركها اآلب بكل أنواع البركات الروحية في‬
‫السماوات‪ ،‬في المسيح" (أف ‪ .)0 :2‬إنه "أختارها فيه عن محبة‪ ،‬من قبل إنشاء‬
‫العالم‪ ،‬لتكون قديسة وبغير عيب أمامه" (أف ‪.)1 :2‬‬

‫‪ 170‬ـ آباء التقليد الشرقي يدعون والدة اإلله "بالكلية القداسة" ويحتفلن بها على‬
‫أنها "معصومة من كل وصمة خطيئة‪ ،‬ألن الروح القدس عجنها وكونها خليقة‬
‫جديدة" لقد لبثت مريم طول حياتها بريئة‪ ،‬بنعمة هللا‪ ،‬من كل خطيئة شخصية‪.‬‬
‫"فليكن لى بحسب قولك‪" ...‬‬

‫‪ 171‬ـ عندما بشرت مريم بأنها ستلد "ابن هللا العلي" من غير أنها تعرف رجال‪،‬‬
‫بقوة الروح القدس‪ ،‬أجابت "بطاعة اإليمان" (رو ‪ )1 :2‬موقنة بأن "ال شيء‬
‫مستحيل عند هللا‪" :‬أنا أمة الرب‪ ،‬فليكن ليس بحسب قولك" (لو ‪ 09 :2‬ـ ‪.)08‬‬
‫وهكذا بإذعان مريم لكالم هللا أصبحت أما ليسوع‪ ،‬وإذ اعتنقت بكل رضى‪ ،‬وبمعزل‬
‫عن كل عائق إثم‪ ،‬اإلرادة اإللهية الخالصية‪ ،‬بذلك ذاتها كليا لشخص ابنها وعمله‪،‬‬
‫لتخدم سر الفداء‪ ،‬بنعمة هللا‪ ،‬في رعاية هذا االبن ومعه‪.‬‬
‫"لقد صارت بطاعتها ـ على حد قول القديس إيربناوس ـ علة خالص‪ ،‬لها هي‬
‫نفسها وللجنس البشرى كله" ومعه يقول كثيرون من اآلباء األقدمين‪" :‬إن العقدة‬
‫التي نجمت عن معصية حواء قد انحلت بطاعة مريم؛ وما عقدته حواء العذراء‬
‫بعدم إيمانها‪ ،‬حلته العذراء مريم بإيمانها" وبمقارنتهم مريم بحواء‪ ،‬يدعون مريم‬
‫"أم األحياء"‪ ،‬وكثيرا ما يعلنون‪" :‬بحواء كان الموت وبمريم كانت الحياة"‪.‬‬

‫أمومة مريم اإللهية‬


‫‪ 171‬ـ مريم التي دعيت في اإلنجيل "أم يسوع" (يو ‪2 :1‬؛ ‪ )11 :27‬نودي بها‪،‬‬
‫بدافع من الروح القدس‪ ،‬ومن قبل أن تلد أبنها "أم ربى" (لو ‪ .)10 :2‬فهذا الذي‬
‫حبلت به إنسانا بالروح القدس والذي صار حقا ابنها في الجسد ليس سوى ابن‬
‫اآلب األزلي‪ ،‬األقنوم الثاني من الثالوث األقدس‪ .‬والكنيسة تعترف بان مريم هي حقا‬
‫والدة اإللهة" ‪.‬‬

‫بتولية مريم‬
‫‪ 1779‬ـ منذ إعالن الصيغ األولى لإليمان‪ ،‬اعترفت الكنيسة أن يسوع جرى الحبل‬
‫به بقوة الروح القدس وحدها‪ ،‬في حشا العذراء مريم‪ ،‬مثبته أيضا الناحية الجسدية‬
‫في هذا الحدث‪ :‬يسوع حبل به "من الروح القدس بدون زرع رجل" واآلباء يرون‬
‫في الحبل البتولي عالمة ألن هذا هو حقا ابن هللا الذي آتى في ناسوت كناسوتنا‪:‬‬
‫قال في هذا المعنى القديس إغناطيوس االنطاكى (أوائل القرن الثاني)‪" :‬اتضح لي‬
‫أنكم على أشد اليقين في ما يتعلق بربنا الذي هو في الحقيقة من ذرية داود بحسب‬
‫الجسد‪ ،‬وابن هللا بحسب إرادة هللا وقدرته‪ ،‬ومولود حقا من عذراء (‪ )...‬وقد سمر‬
‫حقا من أجلنا في جسده في عهد بنطيوس بيالطس (‪ )..‬فتألم حقا‪ ،‬وحقا قام أيضا"‪.‬‬
‫‪ 179‬ـ الروايات اإلنجيلية تري في حبل العذراء عمال إلهيا يفوق كل إدراك إنساني‬
‫وكل قدرة بشرية‪" :‬لذي حبل به فيها إنما هو من الروح القدس"‪ ،‬هكذا قال المالك‬
‫ليوسف في شأن مريم خطيبته(متى ‪ .)13 :2‬والكنيسة ترى في ذلك إنجاز الوعد‬
‫اإللهي الذي نطق به النبي أشعيا قائال‪" :‬ها إن العذراء تحبل وتلد ابنا" (أ ش ‪:9‬‬
‫‪ ،)21‬على ما جاء في الترجمة اليونانية لمتى ‪.10 :2‬‬

‫‪ 178‬ـ أثار صمت إنجيل مرقس ووسائل العهد الجديد أحيانا القلق في شأن حبل‬
‫مريم البتولي وكان من الممكن أن يتساءل المرء هل في األمر خرافات أو تركيبات‬
‫الهوتية من النوايا التاريخية‪.‬فعن ذلك يجب أن يكون الجواب‪ :‬لقد لقى اإليمان‬
‫بالحبل البتولي بيسوع معارضة حادة‪ ،‬وهزءا أو سوء فهم من قبل غير المؤمنين‪،‬‬
‫اليهود والوثنين‪ :‬لم تكن هذه العقيدة معللة بالميثولوجيا الوثنية أو بأي مطابقة‬
‫آلراء العصر‪ .‬لم يكن إدراك معنى هذا الحادث ممكنا إال لإليمان الذي يراه في هذه‬
‫العالقة التي تربط ما بين األسرار‪ ،‬في مجموعة أسرار المسيح‪ ،‬من تجسده إلى‬
‫فصحه والقديس إغناطيوس االنطاكى يعرب عن هذه العالقة ويقول‪" :‬لقد جهل‬
‫سلطان هذا العالم بتولية مريم ووالدتها‪ ،‬كما جهل موت الرب‪ :‬ثالثة أسرار باهرة‬
‫تمت في صمت هللا"‪.‬‬

‫مريم ـ دائمة البتولية‬


‫‪ 177‬ـ تعمق الكنيسة في إيمانها باألمومة البتولية قادها إلى االعتراف ببتولية مريم‬
‫الحقيقة والدائمة‪ ،‬حتى في والدتها ابن هللا المتأنس‪ .‬فميالد المسيح "لم ينقص‬
‫ببتولية أمه ولكنه كرس كمال تلك البشرية‪ ،‬ليترجيا الكنيسة تشيد بمريم على إنها‬
‫دائمة البتولية"‪.‬‬

‫‪ 133‬ـ يعترض على هذا أحيانا بأن الكتاب المقدس يذكر أخوة وأخوات ليسوع‬
‫والكنيسة رأت دائما أن هذه المقاطع ال تشير إلى أن للعذراء مريم أوالدا آخرين‪:‬‬
‫وهكذا فيعقوب ويوسى "أخوة يسوع" (متى ‪ )11 :20‬هم أبناء امرأة اسمها مريم‬
‫كانت تلميذة للمسيح‪ ،‬أشير إليها بطريقة معبرة على أنها "مريم األخرى" (متى‬
‫‪ ) 2 :18‬فالكالم كان على أقرباء ليسوع أدنين‪ ،‬على طريقة تعبيرية معهودة في‬
‫العهد القديم‪.‬‬

‫‪ 132‬ـ يسوع هو ابن مريم الوحيد‪ .‬ولكن أمومة مريم الروحية تشمل جميع البشر‬
‫اللذين أتى ليخلصهم‪" :‬ولدت ابنها الذي جعله هللا "بكرا ما بين أخوة كثيرين" (رو‬
‫‪ ،)17 :8‬أي مؤمنين تسهم محبتها األمومية في والدتهم وفى تنشئتهم"‪.‬‬

‫أمومة مريم البتولية في تصميم هللا‬


‫‪ 131‬ـ يستطيع نظر اإليمان‪ ،‬مرتبطا بمجمل الوحي‪ ،‬أن يكشف األسباب الخفية التي‬
‫ألجلها أراد هللا‪ ،‬في قصده الخالصي‪ ،‬أن يولد ابنه من بتول‪ .‬هذه األسباب تتعلق‬
‫بشخص المسيح ورسالته الفدائية كما تعلق بتقبل مريم لهذه الرسالة من أجل جميع‬
‫البشر‪.‬‬

‫‪ 130‬ـ "إن بتولية مريم تظهر مبادرة هللا المطلقة في التجسد فأبو يسوع الوحيد‬
‫هو هللا والطبيعة البشرية التي اتخذها لم تبعده قط عن األب (‪)...‬؛ فهو طبيعيا ابن‬
‫اآلب بال هوته‪ ،‬وطبيعيا ابن والدته بنا سوته‪ ،‬وهو خصوصا ابن هللا في طبيعته"‪.‬‬

‫‪ 131‬ـ يسوع حبل به من الروح القدس في حشا العذراء مريم ألنه آدم الجديد الذي‬
‫يفتتح الخليقة الجديدة‪" :‬اإلنسان األول من األرض من التراب‪ ،‬واإلنسان الثاني من‬
‫السماء" (‪ 2‬كو ‪ .)19 :21‬فناسوت المسيح‪ ،‬منذ الحبل به‪" ،‬مملوء بالروح‬
‫القدس‪ ،‬ألن هللا يعطيه الروح بغير حساب" (يو ‪ .)01 :0‬فمن "ملئه" هو رأس‬
‫البشرية المفتداة ‪"،‬أخذنا نعمة فوق نعمة" (يو ‪.)29 :2‬‬
‫‪ 131‬ـ يسوع‪ ،‬آدم الجديد‪ ،‬يفتتح‪ ،‬بالحبل البتولي به‪ ،‬الوالدة الجديدة ألبناء هللا‬
‫بالتبني في الروح القدس باإليمان "كيف يكون ذلك؟" (لو ‪ .)01 :2‬االشتراك في‬
‫الحياة اإللهية ال يأتي "من دم‪ ،‬وال من مشيئة جسد‪ ،‬وال من مشيئة رجل بل منن‬
‫هللا" (يو ‪ .)20 :2‬فتقبل هذه الحياة بتولي ألن الحياة بكاملها عطية لإلنسان من‬
‫الروح القدس‪ .‬والمعنى الزواجي في الدعوة البشرية بالنسبة إلى هللا يكتمل اكتماال‬
‫وافيا في أمومة مريم البتولية‪.‬‬

‫‪ 139‬ـ مريم بتول ألن بتوليتها عالمة إيمانها الذي "ال يشوبه شك" واستسالمها‬
‫الكامل لمشيئة هللا‪ .‬فإيمانها هو الذى يخولها أن تصير أما للمخلص‪" :‬مغبوطة‬
‫مريم لكونها نالت إيمان المسيح‪ ،‬أكثر مما ألنها حبلت بجسد المسيح"‪.‬‬

‫‪ 139‬ـ مريم بتول وأم معا‪ ،‬إذ أنها معا‪ ،‬إذ أنها صورة الكنيسة وأكمل تحقيق لها‪:‬‬
‫"الكنيسة‪ ..‬تصير هي أيضا أما بكالم هللا الذي تتقبله بإيمان‪ :‬فبالكرازة والمعمودية‬
‫تلد ‪ ،‬لحياة جديدة خالدة‪ ،‬أوالدا يحبل بهم من الروح القدس ‪،‬ويولدون من هللا‪ .‬وهى‬
‫أيضا عذراء‪ ،‬إذ قطعت لعريسها عهدا تحفظه كامال ال تشوبه شائبة"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 138‬ـ في نسل حواء اختار هللا العذراء مريم لتكون أما البنه‪ .‬وإذ كانت "ممتلئة‬
‫نعمة" فهي "خير ثمار الفداء"‪ :‬فهي منذ لحظة الحبل بها األولى‪ ،‬صينت على‬
‫وجه كامل من وصمة الخطيئة األصلية‪ ،‬ولبثت طول حياتها بريئة من كل خطيئة‬
‫شخصية‪.‬‬

‫‪ 137‬ـ مريم هي حقا "والدة اإلله" ألنها والدة ابن هللا األزلي المتجسد‪ ،‬الذي هو‬
‫نفسه إله‬

‫‪ 123‬ـ مريم "لبثت بتوال في الحبل بابنها‪ ،‬وبتوال في والدتها له‪ ،‬وبتوال في حملها‬
‫له‪ ،‬وبتوال في إرضاعه‪ ،‬بتوال أبدا"‪ :‬كانت بملء كيانها "أمة الرب" (لو ‪.)08 :2‬‬

‫‪ 122‬ـ "أسهمت العذراء مريم في خالص البشر‪ ،‬بإيمانها وخضوعها‬


‫االختيارين‪.‬لقد فاهت بـ "نعمها"‪" ،‬باسم الطبيعة البشرية كلها جمعاء"‪ .‬بطاعتها‬
‫صارت حواء الجديدة‪ ،‬أم األحياء‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 3‬ـ أسرار حياة المسيح‬

‫‪ 121‬ـ قانون األيمان ال يتحدث‪ ،‬في موضع حياة المسيح‪ ،‬إال عن سرى التجسد‬
‫(حبل وميالد)‪ ،‬و الفصح (آالم‪ ،‬وصلب‪ ،‬وموت‪ ،‬ودفن‪ ،‬وانحدار إلى الجحيم‪،‬‬
‫وقيامة وصعود)‪ .‬وال يذكر شيئا بصراحة عن أسرار حياة يسوع الخفية والعلنية‪،‬‬
‫إال أن بنود اإليمان المتعلقة بتجسد يسوع و فصحه تلقى نورا على حياة المسيح‬
‫األرضية كلها‪ .‬كل "ما عمل يسوع وعلم به من البدء حتى اليوم الذي صعد فيه إلى‬
‫السماء" (أع ‪ 2 :2‬ـ ‪ )1‬يجب أن يؤخذ على نور سرى الميالد و الفصح‪.‬‬
‫‪ 120‬ـ للكرازة أن تنشر‪ ،‬وفاقا لألحوال‪ ،‬كل غنى أسرار يسوع‪ .‬تكفى هنا اإلشارة‬
‫إلى بعض العناصر المشتركة في أسرار حياة المسيح (‪ )2‬للوصول بعد ذلك إلى‬
‫رسم الخطوط الكبرى من األسرار المهمة في حياة يسوع الخفية (‪ ،)1‬والعلنية‬
‫(‪.)0‬‬

‫‪ -2‬كل حياة المسيح س ّر‬


‫‪ 121‬ـ أمور كثيرة تستهوي معرفتها الفضول البشرى في ما يتعلق بيسوع‪ ،‬وال ترد‬
‫في األناجيل‪ .‬فلم يقل شئ تقريبا عن حياته في الناصرة‪ ،‬وقسم كبير من حياته‬
‫العلنية لم يرو خبره‪ .‬فما كتب في األناجيل "إنما كتب لكي تؤمنوا أن يسوع هو‬
‫المسيح‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬وتكون لكم‪ ،‬إذا آمنتم‪ ،‬الحياة باسمه" (يو ‪.)02 :13‬‬

‫‪ 121‬ـ األناجيل كتبها أناس كانوا من األولين في اإليمان وكانوا يريدون أن يشركوا‬
‫اآلخرين في ذلك اإليمان‪ .‬فإذ عرفوا باإليمان من هو يسوع‪ ،‬استطاعوا أن يروا‬
‫ويروا آثار سره في حياته األرضية كلها‪ .‬فمن قط والدته إلى خل آالمه والى كفن‬
‫قيامته‪ ،‬كل شيء في حياة يسوع عالمة سره‪ .‬فمن خالل حركاته‪ ،‬ومعجزاته‬
‫وأقواله‪ ،‬كشف أن المسيح "يحل فيه كل ملء الالهوت جسديا" (كو ‪ )7 :1‬وهكذا‬
‫ظهر ناسوته أشبه بالسر "أي العالمة والوسيلة لالهوته وللخالص" الذي يأتي‬
‫به‪ :‬ما كان منظورا في حياته األرضية قاد إلى السر غير المنظور في بنوته اإللهية‬
‫وفى رسالته الفدائية‬

‫عناصر أسرار يسوع المشتركة‬


‫‪ 129‬ـ كل حياة المسيح كشف عن اآلب‪ :‬أقواله وأعماله‪ ،‬صمته وآالمه‪ ،‬طريقة‬
‫كينونته وكالمه‪ ،‬يستطيع أن يقول‪" :‬من يرني ير اآلب (يو ‪ ،)7 :21‬و اآلب‪" :‬هذا‬
‫هو أبني الحبيب‪ ،‬فاسمعوا له" (يو ‪ .)01 :7‬وإذ كان ربنا قد تجسد إلتمام مشيئة‬
‫اآلب‪ ،‬فأصغر مالمح أسراره تظهر لنا "محبة هللا لنا" (‪ 2‬يو ‪.)7 :1‬‬

‫‪ 129‬ـ كل حياة المسيح سر فداء‪ .‬الفداء يأتينا قبل كل شيء بدم الصليب‪ ،‬ولكن هذا‬
‫السر يعمل على مدى حياة المسيح كلها‪ :‬في تجسده الذي‪ ،‬إذ صار به فقيرا‪ ،‬يغنينا‬
‫بفقره؛ في حياته الخفية التي عوض فيها بخضوعه عن عصياننا؛ في كالمه الذي‬
‫يطهر سامعيه؛ في أشفيه وإخراجه الشياطين التي بها "أخذ عاهتنا وحمل‬
‫أوجاعنا" (متى ‪)29 :8‬؛ في قيامته التي بها يبررنا‪.‬‬

‫‪ 128‬ـ كل حياة المسيح سر تلخيص‪ .‬فكل ما عمله يسوع‪ ،‬وما قاله‪ ،‬وما تألمه‪ ،‬كان‬
‫هدفه إعادة اإلنسان على دعوته األولى‪:‬‬
‫"عندما تجسد وصار إنسانا‪ ،‬لخص في ذاته تاريخ البشر الطويل‪ ،‬وحصل لنا‬
‫الخالص مختصرا‪ ،‬بحيث إن ما فقدناه بآدم‪ ،‬أي كوننا على صورة هللا ومثاله‪،‬‬
‫نستعيده في المسيح يسوع‪ .‬وهذا الذي حمل المسيح على أن يمر بجميع أعمال‬
‫الحياة‪ ،‬معيدا إلى جميع البشر الشركة مع هللا"‪.‬‬

‫شركتنا في أسرار يسوع‬


‫‪ 127‬ـ كل غني المسيح "معد لكل إنسان وهو يؤلف خير كل واحد" المسيح لم‬
‫يحي حياته لنفسه‪ ،‬بل لنا منذ تجسده من أجلنا نحن البشر وفي سبيل خالصنا إلى‬
‫موته "من اجل خطايانا" (‪ 2‬كو ‪ )0 :21‬والي قيامته ألجل تبريرنا (رو ‪)11 :1‬‬
‫واآلن أيضا هو لنا شفيع لدي اآلب (‪ 2‬يو ‪ )2 :1‬إذ "انه علي الدوام حي ليشفع‬
‫فينا" (عب ‪ ) 11 :9‬فهو مع كل ما عاني في حياته وآالمه ألجلنا مرة واحدة يظل‬
‫حاضرا أبدا أمام وجه هللا ألجلنا (عب ‪)11 :7‬‬

‫‪ 113‬ـ يظهر يسوع في حياته كلها مثاال لنا‪ :‬انه اإلنسان الكامل الذي يدعونا إلى أن‬
‫نصير تالميذه والي أن نتبعه‪ :‬بتنازله قدم لنا مثاال لنتبعه وبصالته يجذب إلى‬
‫الصالة وبفقرة يدعو إلى قبول اختياري للفقر واالضطهادات‪.‬‬

‫‪ 112‬ـ كل ما عانى المسيح في حياته يعمل علي أن نعانيه فيه وعلي أن يعانيه فينا‬
‫"بالتجسد اتحد ابن هللا نوعا ما بكل إنسان ونحن مدعوون إلى أن ال نكون إال‬
‫واحدا معه وما عاناه في جسده من أجلنا وكمثال لنا يجعلنا نشترك فيه كأعضاء من‬
‫جسده"‪:‬‬
‫"يجب علينا أن نواصل ونكمل فينا حاالت يسوع وأسراره وان نسأله غالبا أن‬
‫يتمها ويكملها فينا وفي كل كنيسته‪ ،‬بالنعم التي يريد أن يمنحناها‪ ،‬وباألثر الذي‬
‫يريد أن يجربه فينا بهذه األسرار‪.‬وبهذه الطريقة يريد أن يتمها فينا"‪.‬‬

‫‪ -1‬أسرار حداثة يسوع وحياته الخفية‬


‫التهيئة‬
‫‪ 111‬ـ مجيء ابن هللا على األرض حدث بهذا العظم حتى إن هللا أراد أن يهيئه‬
‫سحابة قرون‪ .‬طقوس وذبائح‪ ،‬صور "العهد األول" ورموزه‪ ،‬كل ذلك وجهه هللا‬
‫إلى المسيح إنه ينبئ به بلسان المتعاقبين في إسرائيل؛ ويوقظ في قلوب الوثنين‬
‫ترقب هذا المجيء الغامض‪.‬‬

‫‪ 110‬ـ القديس يوحنا المعمدان هو سابق الرب المباشر؛ أرسل ليهيئ له الطريق‬
‫"نبي العلي" (لو ‪)99 :2‬؛ يفوق جميع األنبياء‪ ،‬وهو آخرهم‪ ،‬يفتتح اإلنجيل؛ يحيى‬
‫مجيء المسيح ولما يزل في حشا أمه‪ ،‬ويجد حبوره في أن يكون "صديق‬
‫العريس" (يو ‪ ،)17 :0‬داال إليه أنه "حمل هللا الذي يرفع خطيئة العالم" (يو ‪:2‬‬
‫‪ .)17‬سبق يسوع "في روح أبليا وقدرته" (لو ‪ ،)29 :2‬وشهد له بكرازته‪،‬‬
‫ومعمودية التوبة‪ ،‬وأخيرا باستشهاده‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ عندما تحتفل الكنيسة بليترجيا تهيئة الميالد (المجيء) تجعل ترقب الماسيا‬
‫هذا حاليا باشتراك المؤمنين في التهيئة الطويلة لمجيء المخلص األول‪ ،‬يجددون‬
‫تشوقهم الحار إلى مجيئه الثاني‪ .‬والكنيسة عندما تحتفل بميالد السابق واستشهاده‬
‫تتحد برغبته‪" :‬له ينبغي أن ينمو ولى ان أنقص" (يو ‪.)03 :0‬‬

‫سر الميالد‬
‫‪ 111‬ـ ولد يسوع في ضعة مذود‪ ،‬في أسرة فقيرة؛ رعاة بسيطون كانوا أول من‬
‫شهد للحادث‪ .‬ففي هذه المسكنة يتجلى مجد السماء‪ .‬والكنيسة ال تألوا جهدا في‬
‫اإلشادة بمجد هذه الليلة‪:‬‬
‫"اليوم البتول تلد الفائق الجوهر‪،‬‬
‫واألرض تقدم المغارة لمن ال يدنى منه‬
‫المالئكة مع الرعاة يمجدون‪،‬‬
‫والمجوس مع الكوكب يسيرون‪،‬‬
‫ألنه من أجلنا ولد طفال جديدا‬
‫اإلله الذي قبل الدهور‪.‬‬

‫‪ 119‬ـ إن "يصير اإلنسان طفال"‪ ،‬بالنسبة إلى هللا‪ ،‬هو الشرط لدخول الملكوت؛‬
‫ولهذا يجب اإلتضاع‪ ،‬والتصاغر؛ وأكثر من ذلك‪ :‬يجب أن "يولدوا من فوق" (يو‬
‫‪ ،)9 :0‬أن "يولدوا من هللا" لكي "يصيروا أبناء هللا" سر الميالد يتم فينا عندما‬
‫"يتصور المسيح فينا"‪ .‬الميالد سر هذا "التبادل العجيب"‪:‬‬
‫"يا للتبادل العجيب ! خالق البشرى‪ ،‬باتخاذه جسدا ونفسنا‪ ،‬يتنازل ويولد من‬
‫عذراء ويصيرونه إنسانا بدون وساطة إنسان‪ ،‬ينعم علينا بموهبة ألوهيته"‪.‬‬

‫أسرار حداثة يسوع‬


‫‪ 119‬ـ ختان يسوع في اليوم الثامن لميالده هو عالمة دخوله في نسل إبراهيم‪ ،‬في‬
‫شعب العهد‪ ،‬وخضوعه للناموس‪ ،‬وانتدابه لشعائر إسرائيل الدينية التي سيشترك‬
‫فيها سحابة حياته كلها‪ .‬هذه العالمة هي صورة مسبقة "لختانة المسيح" أي‬
‫المعمودية‪.‬‬

‫‪ 118‬ـ الظهور هو ظهور يسوع على أنه ماسيا إسرائيل‪ ،‬ابن هللا ومخلص العالم‬
‫وهو مع اعتماد يسوع في األردن وعرس قانا‪ ،‬يحتفل بالعبادة التي أداها ليسوع‬
‫"المجوس" اآلتون من المشرق في هؤالء "المجوس" الممثلين للديانات الوثنية‬
‫المجاورة‪ ،‬ويرى اإلنجيل بواكير األمم التي تتلقى بشرى الخالص بالتجسد فمجيء‬
‫المجوس إلى أورشليم يظهر أنههم عرفوا في طفل بيت لحم‪ ،‬على ضوء النجمة‬
‫الماسيوي‪ ،‬ملك األمم مجيئهم يعنى أن الوثنين‪ ،‬باكتشافهم يسوع‪ ،‬وبالسجود له‬
‫على انه ابن هللا ومخلص العالم‪ ،‬يتقبلون المواعيد الماسيوية‪ ،‬كما احتواها العهد‬
‫القديم‪ .‬الظهور يعلن أن "جمهور الوثنين يدخل في أسرة األجداد"‪ ،‬وبالمسيح‬
‫يكتسب كرامة شعب هللا‪.‬‬

‫‪ 117‬ـ تقدمة يسوع إلى الهيكل تظهره البكر الذي للرب مع سمعان وحنة يأتي كل‬
‫رجاء إسرائيل للقاء مخلصه (هكذا يدعو التقليد البيزنطي هذا الحديث) فيسوع هو‬
‫الماسيا الذي طالما انتظر ‪"،‬نور األمم" و"مجد إسرائيل"‪ ،‬و"هدف المخالفة"‬
‫أيضا‪ .‬وسيف األلم الذي أنبئت به مريم ينبئ بتلك التقدمة األخرى‪ ،‬الكاملة‬
‫والفريدة‪ ،‬تقدمة الصليب‪ ،‬التي ستعطى الخالص الذي "أعده هللا أمام وجوه‬
‫الشعوب كلها"‪.‬‬

‫‪ 103‬ـ الهرب إلى مصر وقتل األبرياء يظهر أن معارضة الظلمات للنور‪" :‬أتى إلى‬
‫خاصته لم تقبله" (يو ‪ )22 :2‬كل حياة يسوع ستكون هدفا لالضطهاد وسيكون‬
‫أتباعه شركاءه فيه‪ .‬صعوده إلى مصر يذكر بالخروج ويظهر يسوع محررا نهائيا‪.‬‬

‫أسرار حياة يسوع الخفية‬


‫‪ 102‬ـ قاسم يسوع‪ ،‬في القسم األكبر من حياته‪ ،‬أكثر الناس حالتهم ووضعهم حياة‬
‫يومية خالية من األبهة الظاهرة‪ ،‬حياة عمل يدوى‪ ،‬حياة تدين يهودي خاضعة‬
‫لناموس هللا‪ ،‬حياة مشتركة من هذه المرحلة كلها كشف لنا عن أن يسوع كان‬
‫خاضعا ألبويه‪ ،‬وأنه كان "ينمو في الحكمة والقامة والنعمة أمام هللا والناس" (لو‬
‫‪.)11 :1‬‬

‫‪ 101‬ـ خضوع يسوع ألمه وأبيه الشرعي يتم الوصية الرابعة إتماما كامال إنه‬
‫الصورة الزمنية لطاعته البنوية ألبيه السماوي خضوع يسوع اليومي ليوسف‬
‫ومريم كان ينبئ ويعلن مسبقا خضوع المسيح في صالته ببستان‪" :‬ال مشيئتي‪"..‬‬
‫(لو ‪ ) 11 :11‬إن خضوع يسوع في يوميات حياته الخفية كان يفتتح عمل إصالح‬
‫ما دمره عصيان آدم‪.‬‬

‫‪ 100‬ـ حياة الناصرة الخفية تتيح لكل إنسان أن يشترك مع يسوع في طرائق الحياة‬
‫اليومية‬
‫"الناصرة هي المدرسة التي تبدأ فيها فهم حياة يسوع‪ :‬مدرسة اإلنجيل (‪ .)..‬درس‬
‫صمت أوال فليولد فينا تقدير الصمت‪ ،‬هذا الوضع العجيب والضروري للنفس (‪)...‬‬
‫درس حياة عيلية فلتعلمنا الناصرة ما العيلة‪ ،‬وما شركة محبتها‪ ،‬وما جمالها‬
‫القشف والبسيط‪ ،‬وما طابعها المقدس وغير قابل االنتهاك (‪ )..‬درس عمل الناصرة‪،‬‬
‫ويا لها من منزل "البن النجار!" ههنا نود لو نفهم ونعلى القانون القاسي والفدائي‬
‫للجهد البشرى (‪ )..‬وكم نود أخيرا أن نحيى هنا جميع عمال العالم كله‪ ،‬وأن نريهم‬
‫مثالهم العظيم‪ ،‬وأخاهم اإللهي"‪.‬‬

‫‪ 101‬ـ وجود يسوع في الهيكل هو الحدث الوحيد الذي يقطع صمت األناجيل في أن‬
‫سنوات يسوع الخفية‪ .‬يسوع يجعلنا نستشف في هذا الحدث سر تكرسه الكامل‬
‫لرسالة تنبع من بنوته اإللهية‪" :‬ألم تعلما أنى ملتزم بشؤون أبى ؟" و"لم يفهم"‬
‫يوسف ومريم الكالم‪ ،‬ولكنهما تقباله باإليمان‪ ،‬وكانت مريم "تحفظ جميع هذه‬
‫األشياء في قلبها" سحابة السنين التي لبث يسوع فيها متواريا وراء صمت حياة‬
‫عادية‪.‬‬

‫‪ -0‬أسرار حياة يسوع العلنية‬


‫تعميد يسوع‬
‫‪ 101‬ـ افتتحت حياة يسوع العلنية بالمعمودية التي تلقاها من يوحنا في األردن كان‬
‫يوحنا يكرز "بمعمودية توبة لمغفرة الخطايا" (لو ‪ )0 :0‬وكان جمهور من الخطأة‬
‫والعشارين والجنود و الفريسين و الصدوقيين والبغايا أتوا ليعتمدوا منه "حينئذ‬
‫ظهر يسوع"‪ .‬فيتردد المعمدان‪ .‬ويلح يسوع‪ :‬فينال المعمودية؛ وإذا بالروح القدس‬
‫ينزل بشكل حمامة ويحل عليه؛ وإذا صوت من السماوات يقول‪" :‬هذا ابني‬
‫الحبيب" (متى ‪ 20 :0‬ـ ‪ ،)29‬إنه "ظهورا" يسوع ماسيا إسرائيل وابن هللا‪.‬‬

‫‪ 109‬ـ اعتماد يسوع هو‪ ،‬من جهته‪ ،‬قبول وافتتاح رسالته كخادم متألم‪ .‬إنه يسمح‬
‫بان يعد في الخطأة وهو منذ اآلن "حمل هللا الذي يرفع خطيئة العالم" (يو ‪)17 :2‬؛‬
‫وهو منذ اآلن يستبق "معمودية" موته الدامي‪ .‬إنه يأتي منذ اآلن "ليكمل كل بر"‬
‫(متى ‪ ،) 21 :0‬أي ليخضع بكليته لمشيئة أبيه‪ :‬إنه يرتضى بمحبة معمودية الموت‬
‫هذه لمغفرة خطايانا ويقابل هذا الرضى جواب صوت اآلب الذي يجعل في ابنه كل‬
‫مسرته والروح‪ ،‬الذي يملكه يسوع بملئه منذ الحبل به‪ ،‬يأتي و"يستقر عليه وهو‬
‫سيكون ينبوعه لجميع البشر فعند اعتماده "تفتح السماوات" (متى ‪ )29 :0‬التي‬
‫ألقتها خطيئة آدم؛ والمياه تتقدس بحلول يسوع والروح القدس‪ ،‬افتتاحا للخلق‬
‫الجديد‪.‬‬

‫‪ 109‬ـ بالمعمودية يشبه المسيحي سريا بالمسيح الذي يستبق بمعموديته موته‬
‫وقيامته يجب عليه أن يدخل في سر التنازل الوضيع والتوبة‪ ،‬وأن ينزل في الماء‬
‫مع يسوع‪ ،‬لكي يعود إلى الصعود معه‪ ،‬وان يولد من الماء والروح لكي يصبح‪ ،‬في‬
‫االبن‪ ،‬االبن الحبيب لآلب و"يحيا حياة جديدة" (رو ‪.)1 :9‬‬
‫"لندفن ذواتنا بالمعمودية مع المسيح‪ ،‬لكي نقوم معه؛ لننحدر معه‪ ،‬لكي نرفع معه‪،‬‬
‫لنصعد معه لكي نمجد فيه"‬
‫"كل ما جرى في المسيح يعلمنا أن بعد حمام الماء‪ ،‬ينزل علينا الروح القدس من‬
‫السماء‪،‬‬
‫وأننا بتبني صوت اآلب لنا‪ ،‬نصبح أبناء هللا"‪.‬‬

‫تجارب يسوع‬
‫‪ 108‬ـ األناجيل تتحدث عن زمن عزلة ليسوع في البرية حاال بعد المعمودية التي‬
‫نالها من يوحنا‪" :‬دفعه الروح إلى البرية" (مر ‪ ،)11 :2‬فأقام يسوع فيها أربعين‬
‫يوما بغير طعام؛ عاش مع الوحوش وكانت المالئكة تخدمه في آخر هذا الزمن‬
‫جربه الشيطان دفعات ثالث محاوال أن يختبر موقفه البنوي تجاه هللا‪ .‬فيرد يسوع‬
‫هذه الحمالت التي تلخص تجارب آدم في الفردوس وإسرائيل في الصحراء‪،‬‬
‫وينصرف عنه إبليس "إلى الوقت المعين" (لو ‪.)20 :1‬‬

‫‪ 107‬ـ اإلنجيليون يشيرون إلى المعنى الخالصي لهذا الحادث العجيب فيسوع هو‬
‫آدم الجديد الذي ظل وفيا حيث سقط األول في التجربة ويسوع يتم دعوة إسرائيل‬
‫على وجه كامل‪ :‬فبخالف أولئك الذين استفزوا هللا قديما سحابة أربعين سنة في‬
‫الصحراء‪ ،‬ظهر المسيح خادما هلل‪ ،‬خاضعا تمام الخضوع لمشيئته اإللهية بهذا‬
‫يتغلب يسوع على إبليس‪ :‬إنه "ربط القوى" لكي يسترجع أمتعته إن انتصار يسوع‬
‫على المجرب في الصحراء استباق النتصار اآلالم‪ ،‬أي خضوع محبته البنوية‬
‫المطلق لآلب‪.‬‬

‫‪ 113‬ـ تجربة يسوع تظهر الطريقة التي يعتمدها ابن هللا ليكون ماسيا‪ ،‬خالفا‬
‫للطريقة التي يعرضها عليه إبليس والتي يريد البشر أن ينسبوها إليه ولهذا تغلب‬
‫المسيح على المجرب من أجلنا‪" :‬فإن الحبر الذي لنا ليس عاجزا عن لرثاء‬
‫ألسقامنا‪ ،‬بل هو مجرب في كل شيء‪ ،‬على مثالنا‪ ،‬ما خال الخطيئة" (عب ‪.)21 :1‬‬
‫والكنيسة تتحد كل سنة بالصيام الكبير أربعين يوما‪ ،‬بسر يسوع في الصحراء‪.‬‬

‫"ملكوت هللا قريب"‬


‫‪ 112‬ـ "بعدما أسلم يوحنا‪ ،‬أتى يسوع إلى الجليل‪ .‬وقد أعلن فيه البشرى اآلتية من‬
‫هللا بهذه األلفاظ‪" :‬لقد تم الزمان واقترب ملكوت هللا‪ ،‬فتوبوا وآمنوا باإلنجيل" (مر‬
‫‪ 21 :2‬ـ ‪ )21‬و"لكي يتم المسيح مشيئة اآلب‪ ،‬افتتح ملكوت السماوات على‬
‫األرض" ومشيئة األب هي في "رفع البشر إلى الشركة في الحياة اإللهية" وهو‬
‫يفعل ذلك في جميع البشر حول ابنه يسوع المسيح هذا التجمع هو الكنيسة التي هي‬
‫على األرض "بذار ملكوت هللا وبدؤه"‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ المسيح هو في قلب تجمع البشر هذا في "أسرة هللا" ‪ .‬إنه يدعوهم إلى‬
‫التحلق حوله بكالمه‪ ،‬وبإشارته التي تظهر ملك هللا‪ ،‬وبإرساله تالميذه‪ .‬إنه سيحقق‬
‫مجيء ملكوته خصوصا بسر فصحه العظيم‪ :‬موته على الصليب وقيامته‪" .‬وأنا‬
‫متى رفعت عن األرض اجتذبت إلى الجميع" (يو ‪ .)01 :21‬جميع البشر مدعوون‬
‫إلى هذه الوحدة مع المسيح‪.‬‬
‫إعالن ملكوت هللا‬
‫‪ 110‬ـ جميع البشر مدعوون إلى الدخول في الملكوت‪ .‬هذا الملكوت المسيانى الذي‬
‫أعلن أوال ألبناء إسرائيل‪ ،‬مؤهل لتقبل البشر من جميع األمم‪ .‬وللدخول فيه يجب‬
‫تقبل كلمة يسوع‪.‬‬
‫"يشبه كالم الرب بالبذر يطرح في الحقل‪ :‬من استمعوا إليه بإيمان وانضموا إلى‬
‫قطيع المسيح الصغير تقبلوا الملكوت نفسه؛ ثم أن الزرعة تنمو بقوتها الذاتية إلى‬
‫زمن الحصاد"‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ الملكوت هو للمساكين والصغار‪ ،‬أي ألولئك الذين تقبلوه بقلب متواضع لقد‬
‫أرسل يسوع "ليحمل البشرى إلى المساكين" (لو ‪ .)28 :1‬إنه يعلن الطوبى لهم‬
‫"ألن لهم ملكوت السماوات" (متى ‪)0 :1‬؛ "فلألطفال" أرتضى اآلب أن يكشف ما‬
‫ظل خفيا عن الحكماء وذوى الدهاء ويسوع شارك الفقراء في حياتهم‪ ،‬من المغارة‬
‫إلي الصليب؛ فقد خبر الجوع‪ ،‬والعطش‪ ،‬والعوز‪ .‬وفضال عن ذلك‪ :‬صار مماثال‬
‫للمساكين في شتى فئاتهم‪ ،‬وجعل منن العطف الفعال عليهم شرطا للدخول في‬
‫ملكوته‪.‬‬

‫‪ 111‬ـ يسوع يدعو الخطأة إلى مائدة الملكوت إني لم آت ألدعو الصديقين بل‬
‫الخطأة (مر ‪ )9 :1‬إنه يدعوهم إلى التوبة التي بدونها ال يمكن الدخول إلى‬
‫الملكوت‪ ،‬وهو يريهم بالقول والفعل رحمة أبيه غير المحدودة لهم‪" ،‬وفرح السماء‬
‫العظيم بخاطئ واحد يتوب" (لو ‪ )9 :21‬والبرهان األعظم على هذه المحبة سيكون‬
‫في بذل حياته الخاصة "لمغفرة الخطايا" (متى ‪.)18 :19‬‬

‫‪ 119‬ـ يسوع يدعو إلى الدخول في الملكوت من خالل أمثاله التي هي ميزة تعليمه‬
‫الخاصة بها يدعو إلى وليمة الملكوت‪ ،‬ولكنه يطلب اختيارا جذريا‪ :‬للحصول على‬
‫الملكوت يجب التضحية بكل شيء؛ والكالم ال يكفى بل يجب العمل األمثال هي‬
‫بمنزلة مرايا لإلنسان‪ :‬هل يتقبل الكلمة كاألرض الحجرة أم يتقبلها كاألرض الجيدة‬
‫؟ ماذا يفعل بالوزنات التي أخذها ؟ يسوع ووجد الملكوت في هذا العالم هما في قلب‬
‫األمثال سريا يجب الدخول في الملكوت‪ .‬أي يصير اإلنسان تلميذا للمسيح لكي‬
‫"يعرف أسرار ملكوت السماوات" (متى ‪ )22 :20‬أما بالنسبة إلى الذين يبقون‬
‫"خارجا" (مر ‪ )22 :1‬فكل شيء يظل معمى‪.‬‬

‫عالمات ملكوت هللا‬


‫‪ 119‬ـ يسوع يصحب أقواله كثيرا من "العجائب والمعجزات واآليات" (أع ‪)11 :1‬‬
‫تظهر أن الملكوت حاضر فيه‪ .‬إنها تثبت أن يسوع هو الماسيا الموعود به‪.‬‬

‫‪ 118‬ـ اآليات التي أتى بها يسوع تشهد أن اآلب أرسله أنها تدعو إلى اإليمان به‬
‫والذين يتوسلون إليه بإيمان يمنحهم ما يسألن وهكذا فالمعجزات تقوى اإليمان‬
‫بالذي يعمل أعمال أبيه‪ :‬إنها تشهد بأنه ابن هللا‪ .‬ولكنها قد تكون أيضا "سبب‬
‫عثرة" فهي ال تريد أن ترضى الفضول والرغبات السحرية ومع ما آتى به يسوع‬
‫من معجزات باهرة فقد رفضه البعض؛ وتوصلوا إلى اتهامه بأنه يعمل بالشياطين ‪.‬‬

‫‪ 117‬ـ عندما حرر يسوع بعض البشر من الشرور األرضية‪ ،‬من الجزع والظلم‪،‬‬
‫والمرض والموت‪ ،‬قدم آيات مسيانية؛ وهو مع ذلك لم يأت ليزيل جميع شرور هذا‬
‫العالم‪ ،‬بل ليحرر البشر من العبودية األشد خطورة‪ ،‬عبودية الخطيئة التي تعوقهم‬
‫في دعوتهم كأبناء هللا‪ ،‬وتسبب جميع مذالتهم البشرية‪.‬‬

‫‪ 113‬ـ مجيء ملكوت هللا هو انكسار لمملكة إبليس‪" :‬إن كنت بروح هللا أخرج‬
‫الشياطين فذلك أن ملكوت هللا قد انتهى إليكم" (متى ‪ )18 :21‬معالجات يسوع‬
‫تحرر الناس من سيطرة الشياطين‪..‬إنها تستبق انتصار يسوع األعظم على "رئيس‬
‫هذا العالم"‪ .‬فبصليب المسيح يستقر ملكوت هللا نهائيا‪" :‬هللا ملك من أعالي‬
‫الخشبة"‪.‬‬

‫"مفاتيح الملكوت"‬
‫‪ 112‬ـ يسوع اختار منذ فجر حياته العلنية‪ ،‬أثنى عشر رجال لكي يكونوا معه ولكي‬
‫يشتركوا في رسالته إنه يشركهم في سلطانه ‪" ،‬ثم أرسلهم ليبشروا بملكوت هللا‬
‫ويجروا األشفية" (لو ‪ .)1 :7‬إنهم سيظلون إلى األبد شركاء في ملكوت المسيح‬
‫ألن المسيح يسوس بهم الكنيسة‪.‬‬
‫"أنا أعد لكم الملكوت كما أعده لي أبى‪ ،‬لكي تأكلوا وتشربوا على مائدتي في‬
‫ملكوتي‪ ،‬وتجلسوا على عروش لتدينوا أسباط إسرائيل األثنى عشر" (لو ‪ 17 :11‬ـ‬
‫‪.)03‬‬

‫‪ 111‬ـ في مجمع االثنى عشر يحتل سمعان بطرس المحل األول لقد عهد غليه‬
‫المسيح في رسالة خاصة‪ .‬بفضل كشف آت من اآلب كان بطرس قد اعترف‪" :‬أنت‬
‫المسيح‪ ،‬ابن هللا الحي" (متى ‪ )29 :29‬وقد أعلن له ربنا إذ ذاك‪" :‬أنت الصخرة‪،‬‬
‫وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي‪ ،‬و أبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى ‪:29‬‬
‫‪.)28‬‬
‫و المسيح "الصخرة الحية" المبنية علي الصخرة‪ ،‬انتصارها علي قوات الموت‬
‫وبطرس بالنظر إلى إيمانه الذي اعترف به سيبقى صخرة الكنيسة التي ال تتزعزع‬
‫وسيكون في عهدته أن يحفظ هذا األيمان من أي عثرة وان يثبت فيه إخوته‪.‬‬

‫‪ -110‬يسوع عهد إلى بطرس في سلطة نوعية‪" :‬سأعطيك مفاتيح ملكوت‬


‫السماوات فكل ما تربطه علي األرض يكون مربوطا في السماوات وما تحله علي‬
‫األرض يكون محلوال في السماوات" (متى ‪ )27 :29‬فسلطة المفاتيح تعنى سلطة‬
‫سياسة بيت هللا الذي هو الكنيسة ويسوع الراعي الصالح (يو ‪ )22 :23‬قد ثبت هذه‬
‫المهمة بعد قيامته‪" :‬رع خرافي" (يو ‪ )29 – 21 :12‬وسلطان الحل والربط يعنى‬
‫سلطة حل الخطايا و إعالن أحكام عقائدية واتخاذ قرارات تأديبية في الكنيسة‬
‫ويسوع عهد في هذه السلطة إلى الكنيسة عن طريق خدمه الرسل وال سيما بطرس‬
‫الذي سلم صراحة مفاتيح الملكوت إلية دون سواه‪.‬‬

‫استهالل الملكوت‪ :‬التجلي‬


‫‪ -111‬من يوم اعترف بطرس بان يسوع هو المسيح ابن هللا الحي شرع المعلم‬
‫يبين لتالميذه انه ينبغي له أن يمضي إلى أورشليم ويتألم (‪ )...‬ويقتل وان يقوم في‬
‫اليوم الثلث (متى ‪ )12 :29‬فتأبي بطرس هذا اإلعالن ولم يكن اآلخرون أكثر فهما‬
‫له في هذا السياق يرد ذكر الحادث العجيب لتجلي يسوع علي جبل عال أمام ثالثة‬
‫شهود اختارهم هو‪ :‬بطرس ويعقوب ويوحنا فيصير وجه يسوع وثيابه متأللئة‬
‫بالنور ويظهر موسى و ايليا "فيحدثانه عن السفر الذي سيقوم به إلى أورشليم"‬
‫(لو ‪ ) 02 :7‬وتظللهم غمامه و ينطلق صوت من السماء قائال‪" :‬هذا هو أبني‬
‫مختاري فاسمعوا له" (لو ‪)01 :7‬‬

‫‪ -111‬لحين ما يظهر يسوع مجده اإللهي مثبتا هكذا اعتراف بطرس وهو يظهر إلى‬
‫ذلك أن الدخول في مجده (لو ‪ )19 :11‬يقتضي منه اجتياز الصليب في أورشليم‬
‫وكان موسى وإيليا قد شاهدا مجد هللا علي الجبل وكان الناموس واألنبياء قد انبأوا‬
‫بآالم الماسيا و آالم يسوع كانت بمشيئة األب‪ :‬فاالبن يعمل خادما هلل والغمامة تدل‬
‫علي حضور الروح القدس الثالوث كله ظهر‪ :‬األب في الصوت واالبن في اإلنسان‬
‫والروح في الغمامة المضيئة تجليت أيها المسيح اإلله علي الجبل وبقدر ما استطاع‬
‫تالميذك شاهدوا مجدك لكي يفهموا إذا ما رأوك مصلوبا انك تتألم باختيارك و‬
‫يكرزوا للعالم انك أنت حقا ضياء األب‪.‬‬

‫‪ -119‬علي عتبة الحياة العلنية االعتماد وعلي عتبة الفصح‪ :‬التجلي باعتماد يسوع‬
‫ظهر سر تجددنا األول‪ :‬معموديتنا والتجلي هو سر التجدد الثاني قيامتنا الخاصة‬
‫فمنذ أالن نشترك في قيامة الرب بالروح القدس الذي يفعل في أسرار جسد المسيح‬
‫التجلي يجعلنا نستمتع مسبقا بمجيء المسيح المجيد الذي سيحول جسد هو أننا إلى‬
‫جسد علي صورة جسد مجده (في ‪ )12 :0‬ولكنه يذكرنا أيضا انه بمضايق كثيرة‬
‫ينبغي لنا أن ندخل ملكوت هللا (أع ‪.)11 :21‬‬
‫هذا األمر لم يكن بطرس قد فهمه بعد عندما كان يتمنى أن يعيش مع المسيح علي‬
‫الجبل لقد حفظ لك هذا يا بطرس إلى ما بعد الموت و أما اآلن فهو نفسه يقول‪ :‬انزل‬
‫إلى األرض لتكد وتتعب لتخدم علي األرض لتزدرى لتصلب علي األرض الحياة‬
‫ينزل لكي يقتل الخبز ينزل لكي يجوع الطريق ينزل لكي يتعب في الطريق الينبوع‬
‫ينزل لكي يعطش وأنت ترفض أن تشقى ؟‬
‫صعود يسوع إلى أورشليم‬
‫‪ -119‬وإذ كان زمن ارتفاعه من هذا العالم قد اقترب صمم أن ينطلق إلى أورشليم‬
‫(لو ‪ ) 12 :7‬بهذا التصميم كان يعنى انه كان يصعد إلى أورشليم مستعدا الن يموت‬
‫فيها كان قد أنبا ثالثا بآالمه وقيامته وفيما هو متوجه إلى أورشليم قال ال يليق أن‬
‫يهلك نبي خارج أورشليم (لو ‪)00 :20‬‬

‫‪ -118‬يسوع يذكر باستشهاد األنبياء الذين قتلوا في أورشليم ومع ذلك فال يزال‬
‫يد عو أورشليم إلى التجمع حوله كم من مرة أردت أن اجمع بنيك كما تجمع الدجاجة‬
‫فراخها تحت جناحيها (‪ )...‬ولم تريدوا (متى ‪ )09 :10‬وعندما تظهر اماه أورشليم‬
‫يبكى عليها ويعبر مرة أخرى عن رغبه قلبه‪ :‬اوه لو علمت أنت أيضا في هذا اليوم‬
‫رسالة السالم ولكن وآسفاه قد خفي عن ناظريك (لو ‪)11 :27‬‬

‫دخول يسوع المسيانى إلى أورشليم‬


‫‪ -117‬كيف ستستقبل أورشليم ماسيها؟ في حين كان يسوع يتهرب دائما من‬
‫المحاوالت الشعبية إلعالنه ملكا فهو يختار الزمان ويهيئ تفاصيل دخوله المسياني‬
‫إلى مدينة داود أبية (لو ‪ )01 :2‬فيهتف به ابن داود الذي يحمل الخالص هوشعنا‬
‫تعني أذن خلص امنح الخالص فملك المجد (مز ‪ )23 – 9 :11‬يدخل مدينته راكبا‬
‫علي جحش (زك ‪ )7 :7‬انه ال يستولي علي ابنه صهيون رمز كنيسته بالحيلة أو‬
‫العنف بل بالتواضع الذي يشهد للحق ولهذا فأبناء مملكته في ذلك اليوم هم اإلحداث‬
‫ومساكين هللا الذين يهتفون له كما كان المالئكة يبشرون به الرعاة وهتافهم مبارك‬
‫اآلتي باسم الرب تردده الكنيسة في قدوس الليترجيا االفخارستية الفتتاح ذكري‬
‫فصح الرب‬

‫‪ -193‬دخول يسوع إلى أورشليم يظهر مجيء الملكوت الذي سيتمه الملك الماسيا‬
‫بفصح موته وقيامته وباالحتفال به في احد الشعانين تفتتح ليترجيا الكنيسة‬
‫األسبوع العظيم المقدس‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -192‬وكانت حياة المسيح كلها تعليما متواصال‪ :‬صمته معجزاته حركاته صالته‬
‫محبته لإلنسان ايثارة للصغار والمساكين قبول ذبيحة الصليب الكاملة ألجل فداء‬
‫العالم قيامته كل ذلك تفعيل لكلمته وتحقيق للوحي‬

‫‪191‬ـ يجب على تالميذ المسيح أن يتمثلوا به إلى أن يتصور فيهم " ولهذا فنحن‬
‫مشتركون في أسرار حياته‪ ،‬وصورنا على مثاله‪ ،‬ونموت ونبعث معه‪ ،‬إلى أن نملك‬
‫معه "‬
‫‪190‬ـ ال يمكن اإلنسان ‪ ،‬سواء كان راعيا أو مجوسيا‪ ،‬أن يصل إلى هللا على هذه‬
‫األرض إال بالركوع أمام مغارة بيت لحم وبالسجود له متواريا في ضعف طفل ‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ بخضوع يسوع لمريم ويوسف‪ ،‬وبعمله الوضيع سنين طويلة في الناصرة‪،‬‬
‫يعطينا مثاال للقداسة في حياة العيلة والعمل اليومية ‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ إن يسوع‪ ،‬منذ بدء حياته العلنية‪ ،‬في اعتماده‪ ،‬هو " الخادم " المكرس‬
‫بكليته لعمل الفداء الذي سيتم بـ " معمودية " آالمه ‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ التجربة في الصحراء تظهر يسوع ماسيا متواضعا يتغلب على إبليس‬
‫بانصياعه الكلى لتصميم الخالص الذي ارادة اآلب ‪.‬‬

‫‪ 199‬ـ ملكوت السماوات افتتحه المسيح على األرض‪ ،‬وهو " يتجلى على عيون‬
‫الناس في كالم المسيح وأعماله وحضوره "‪ .‬والكنيسة هي بذر هذا الملكوت‬
‫وبذوره ومفاتيحه سلمت إلى بطرس ‪.‬‬

‫‪ 198‬ـ تجلى المسيح هدفه تثبيت إيمان الرسل لجل اآلالم‪ :‬الصعود إلى " الجبل‬
‫العالي " يهيئ الصعود إلى الجلجة‪ .‬والمسيح‪ ،‬رأس الكنيسة‪ ،‬يظهر ما يتضمنه‬
‫وينفحه جسده في األسرار‪ " :‬رجاء المجد " (كو ‪. )19 :2‬‬

‫‪ 197‬ـ يسوع صعد بإختياره إلى أورشليم وهو عالم أنه سيموت فيها قتال بسبب‬
‫مخالفات الخطأة ‪.‬‬

‫‪ 193‬ـ دخول يسوع إلى أورشليم يظهر دخول الملكوت الذي سيتمه الملك ـ الماسيا‬
‫وقد استقبله في مدينته األحداث ومتواضعو القلب‪ ،‬بفصح موته وقيامته‪.‬‬
‫المقال الرابع‪ :‬يسوع المسيح " تألم في عهد بنطيوس بيالطس وصلب‪ ،‬ومات‪،‬‬
‫ودفن "‬

‫‪ 192‬ـ السر الفصحى لصليب المسيح وقيامته هو قلب اإلنجيل الذي ينبغي للرسل‪،‬‬
‫وللكنيسة من بعدهم‪ ،‬أن يبشروا به العالم‪ .‬فقد هللا الخالصى قد تم "مرة واحدة "‬
‫(عب ‪ )19 :7‬بموت ابنه يسوع المسيح الفدائي‪.‬‬

‫‪ 191‬ـ الكنيسة تظل أمينة "لتفسير األسفار المقدسة جميعها" الذي أعطاه يسوع‬
‫نفسه قبل فصحه وبعده‪" :‬اما كان ينبغي للماسيا أن يكابد هذه اآلالم‪ ،‬ويدخل إلى‬
‫مجده ؟" (لو ‪ ) 19 :11‬وقد اتخذت آالم يسوع صورتها التاريخية الواقعية بمجرد‬
‫ما "انتبذه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة" (مر ‪ )02 :8‬الذين "دفعوه إلى األمم‬
‫ليسخروا به ويجلدوه ويصلبوه"( متى ‪. )27 :13‬‬

‫‪ 190‬ـ فبإمكان اإليمان أن يحاول تقصى أحوال موت يسوع التي نقلتها األناجيل‬
‫بأمانة وأوضحتها مصادر تاريخية أخرى‪ ،‬لتفهم معنى الفداء تفهما أوفي ‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -1‬يسوع وإسرائيل‬


‫‪ -191‬منذ بدء رسالة يسوع العلنية اتفق علي قتله فريسيون و هيرودسيون مع‬
‫كهنة وكتبه فقد بدا يسوع للبعض من جراء بعض أعماله (طرد الشياطين وغفران‬
‫الخطايا ابراءات يوم السبت تفسير غريب الحكام التطهير في الناموس مؤالفه‬
‫العشارين والخطأة) بدا لهم في سوء قصدهم أن به شيطانا وهم يتهمونه بالتجديف‬
‫وبكذب النبوة وهما جريمتان دينيتان يعاقب عليها الناموس بعقوبه الموت رجما ‪.‬‬

‫‪ -191‬كثير من أعمال يسوع وأقواله كان هدفا للمخالفة عند السلطات الدينية في‬
‫أورشليم تلك التي كثيرا ما يطلق عليها يوحنا اسم اليهود أكثر مما كانت كذلك عند‬
‫عامه شعب هللا والحق يقال أن عالقاته مع الفريسين لم تكن جدلية فقط فالفريسيون‬
‫هم الذين ينبهونه إلى الخطر الذي يتعرض له ويسوع يمتدح بعضهم من أمثال‬
‫الكاتب في مر ‪ 01 :21‬ويأكل عند الفريسين عدة مرات ويسوع يثبت عقائد تشترك‬
‫في األخذ بها هذه النخبة الدينية من شعب هللا‪ :‬بعث األموات صور إعمال التقوى‬
‫(صدقة‪ ،‬صوم‪ ،‬صالة) وعادة مخاطبة هلل كاب هي الميزة الرئيسية لوصية محبة هللا‬
‫والقريب‪.‬‬

‫‪ -199‬في نظر الكثيرين في إسرائيل يبدو يسوع مخالفا لنظم الشعب المختار‬
‫الجوهرية‪:‬‬
‫‪ -‬الخضوع للناموس في كامل أحكامه المكتوبة وفي نظر الفريسيين في تفسير‬
‫التقليد الشفهي‬
‫‪ -‬الطابع المركزي لهي كل أورشليم علي انه المكان المقدس الذي يسكن فيه هللا علي‬
‫وجه التفضيل‬
‫‪ -‬اإليمان باهلل الواحد الذي يمكن أي إنسان أن يشاركه في مجده‬

‫‪ -2‬يسوع والناموس‬
‫‪ -199‬لقد حذر يسوع تحذيرا علنيا في بدء خطبته علي الجبل حيث عرض‬
‫للناموس الذي أعطاه هللا علي جبل سيناء في العهد األول علي ضوء نعمه العهد‬
‫الجديد‪ :‬ال تظنوا أنى جئت النقض الناموس أو األنبياء أنى ما جئت النقض بل ألكمل‬
‫الحق أقول لكم انه إلى أن تزول السماء واألرض ال يزول من الناموس ياء أو نقطة‬
‫واحدة حتى يتم الكل وإذن فكل من يتعدي واحدة من هذه الوصايا حتى من أصغرها‬
‫ويعلم الناس أن يفعلوا هكذا فانه يدعي األصغر في ملكوت السماوات وإما من يعمل‬
‫بها ويعلم فهذا يدعي عظيما في ملكوت السماوات (متي ‪)27 – 29 :1‬‬

‫‪ -198‬يسوع ماسيا إسرائيل األعظم في ملكوت السموات كان يري من واجبه أن‬
‫يتم الناموس علي حد قوله عامال به كامال حتى في أدق أحكامه وهو وحدة استطاع‬
‫أن يقوم بذلك قياما كامال وإما اليهود فقد اقروا هم أنفسهم أنهم لم يستطيعوا قط‬
‫إتمام الناموس بكامله من دون أن يخالفوا شيئا من أحكامه ولهذا كان أبناء‬
‫إسرائيل في عيد التكفير من كل سنه يطلبون إلى هللا غفران مخالفتهم للناموس‬
‫وهكذا فالناموس كل و كما قال القديس يعقوب مذكرا " أن من حفظ الناموس كله‬
‫وزل في وصية واحدة فقد صار مجرما في الكل (يع ‪.)23 :1‬‬

‫‪ -197‬كان عزيزا لدي الفريسيين مبدأ حفظ الناموس كامال ال في حرفيته وحسب بل‬
‫في روحه وبشرحهم هذا األمر إلسرائيل قادوا الكثيرين من اليهود لعهد يسوع إلى‬
‫غيرة دينية عارمة وإذ لم يشأ يسوع أن يكتفي بفتوى قائمه علي الرثاء فقد عمد‬
‫إلى إعداد الشعب لهذا التدخل الرائع من هللا القائم بحفظ الناموس حفظا كامال يقوم‬
‫به الصالح الواحد عن جميع الخطاة‬

‫‪ -183‬أن اإلتمام الكامل للناموس لم يكن باستطاعة احد غير المشترع االلهي الذي‬
‫ولد خاضعا للناموس في شخص االبن مع يسوع ال يظهر الناموس محفورا علي‬
‫لوحين من حجر ولكن في أعماق قلب (ار ‪ )00 :02‬الخادم الذي إذ يصدر الحكم‬
‫بحسب الحق (اش ‪ )0 :11‬أصبح عهدا للشعب (اش ‪ )0 :11‬لقد أتم يسوع‬
‫الناموس إلى حد انه حمل لعنه الناموس التي لحقت بالذين لم يعملوا بجميع أحكام‬
‫الناموس إذ موت المسيح جري لفداء المعاصي المقترفة في العهد األول (عب ‪:7‬‬
‫‪) 21‬‬

‫‪ 182‬ـ يسوع ظهر لنظر اليهود ورؤسائهم الروحين "معلما (رابى) وكثيرا ما جادل‬
‫في إطار التفسير الرابينى للناموس‪ .‬ولكن في الوقت نفسه لم يكن ليسوع إال أن‬
‫يصدم علماء النامو س‪ ،‬إذ إنه لم يكتف بعرض تفسيره في ما بين تفسيراتهم‪" ،‬كان‬
‫يعلم كمن له سلطان ال ككتبتهم" (متى ‪ .) 17 :9‬فيه كانت تدوى كلمة هللا نفسها‬
‫التي دوت على جبل سيناء لتعطى موسى الشريعة المكتوبة‪ ،‬والتي تسمع أيضا‬
‫على جبل التطوبيات أنها ال تنقض الناموس ولكنها تكملة مقدمة بطريقة إلهية‬
‫تفسيرها النهائي‪" :‬سمعتم أنه قيل لألقدمين (‪ )..‬أما أنا فأقول لكم" (متى ‪ 00 :1‬ـ‬
‫‪ )01‬وبهذه السلطة اإللهية يشحب بعض "التقاليد البشرية" عند الفريسين التي‬
‫"تبطل كالم هللا" ‪.‬‬

‫‪ 181‬ـ وذهب يسوع إلى أبعد من ذلك وكمل الناموس في شان طهارة األطعمة‪،‬‬
‫المهمة جدا في الحياة اليهودية اليومية‪ ،‬كاشفا عن معناه "التأديبى" بتفسير إلهي‪:‬‬
‫"كل ما يدخل اإلنسان من الخارج ال يقدر أن ينجسه (‪ )..‬ـ هكذا أعلن أن جميع‬
‫األطعمة طاهرة‪ .‬ما يخرج من اإلنسان هو الذي ينجس اإلنسان ‪ ،‬ألنها من الداخل‪،‬‬
‫من قلوب الناس‪ ،‬تنبعث األفكار الرديئة" (مر ‪ 28 :9‬ـ ‪ )12‬وقد لقى يسوع‪،‬‬
‫لتفسيره الناموس نهائيا بسلطان إلهي‪ ،‬مقاومة من بعض علماء الناموس الذين لم‬
‫يتقبلوا تفسيره للناموس مع ما كان يصحبه من "اآليات اإللهية المؤيدة" وهذا في‬
‫ما يتعلق بموضوع السبت على وجه خاص‪ :‬كثيرا ما ذكر يسوع بحجج "رابينية"‬
‫أن استراحة السبت ال تفسدها خدمة هللا‪ ،‬أو القريب بشفاء المرضى‪.‬‬

‫‪ -1‬يسوع والهيكل‬
‫‪ 180‬ـ يسوع‪ ،‬كغيره من األنبياء الذين سبقوه‪ ،‬اظهر لهيكل أورشليم أعمق‬
‫االحترام فقد قدمه إليه يوسف ومريم أربعين يوما بعد والدته في سن الثانية عشرة‬
‫يقرر البقاء في الهيكل ليذكر أبويه أن عليه ألمور أبيه وقد صعد إلى الهيكل كل سنة‬
‫لعيد الفصح على األقل‪ ،‬إبان حياته الخفية؛ رسالته العلنية نفسها كانت متناغمة مع‬
‫مواسم حجه إلى أورشليم بداعي األعياد اليهودية الكبرى ‪.‬‬

‫‪ 181‬ـ صعد يسوع إلى الهيكل على انه المكان المفضل للقاء هللا‪ .‬الهيكل بالنسبة‬
‫إليه هو مسكن أبيه‪ ،‬هو بيت صالة ويسوع يسخط ألن ساحته الخارجية أصبحت‬
‫مكان تجارة ولئن طرد الباعة من الهيكل فذلك حبا غيورا ألبيه‪" :‬ال تجعلوا بيت‬
‫أبى بيت تجارة فذكر تالميذه أنه مكتوب "غيرة بيتك تأكلني" (مز ‪( ،")23 :97‬يو‬
‫‪ 29 :1‬ـ ‪ .)29‬وبعد قيامته حفظ الرسل لهيكل احتراما ورعا ‪.‬‬

‫‪ 181‬ـ ومع ذلك فيسوع قبيل آالمه أنبأ بدمار هذا البناء الرائع الذي لن يبقى منه‬
‫حجر على حجر‪ .‬وهنا إنباء بإحدى عالمات األزمنة األخيرة التي ستفتح مع فصحه‬
‫الشخصي‪ .‬ولكن هذه النبوة قد تكون نقلت بطريقة مشوهة على ألسنة شهود كذبة‬
‫لدى استنطاقة بحضرة رئيس الكهنة‪ ،‬وردت إليه شتيمة عندما كان مسمرا على‬
‫الصليب ‪.‬‬
‫‪ 189‬ـ ولبعد ما كان يسوع معاديا للهيكل الذي ألقى فيه الجوهري من تعليمه‪ ،‬وقد‬
‫أراد أن يؤدى ضريبة الهيكل مشركا معه بطرس الذي كان منذ قليل قد جعله أساسا‬
‫لكنيسته اآلتية‪ .‬وغلى ذلك فقد وحد ما بين نفسه والهيكل عندما عرف بنفسه مسكنا‬
‫نهائيا هلل بين البشر‪ .‬ولهذا فقتله جسديا يبنى بدمار الهيكل الذي سيظهر الدخول في‬
‫جديد من عهود تاريخ الخالص‪" :‬إنها تأتى الساعة التي تعبدون فيها اآلب ال في‬
‫هذا الجبل وال في أورشليم" (يو ‪. )12 :1‬‬

‫‪ -0‬يسوع وإيمان إسرائيل باهلل الواحد والمخلص‬


‫‪ -189‬إذا كان الناموس وهيكل أورشليم من قبل يسوع سبب مخالفة لسلطات‬
‫إسرائيل الدينية فان دورة في فداء الخطايا ذلك العمل اإللهي بنوع خاص هو الذي‬
‫كان في نظر تلك السلطات حجر العثرة الحقيقي‬

‫‪ -188‬يسوع شكك الفريسيين [بتعامله مع] العشارين والخطاة بنفس االلفة التي‬
‫كانت له معهم هم أنفسهم وقد ندد بالذين كانوا منهم يثقون من أنفسهم بأنهم‬
‫صديقون ويحتقرون اآلخرين (لو ‪ )7 :28‬وأكد قائال‪" :‬إني لم آت ألدعو الصديقين‬
‫إلى التوبة بل الخطاة" (لو ‪ )01 :1‬وهو يذهب إلى ابعد من ذلك عندما يعلن في‬
‫وجه الفريسيين أن الخطيئة شامله والذين يدعون أنهم ليسوا بحاجة إلى خالص هم‬
‫عميان بالنسبة إلى ذواتهم‬

‫‪ -187‬يسوع شكك الفريسيين بنوع خاص ألنه ما بين معاملته الرحيمة للخطاة‬
‫وموقف هللا نفسه منهم وقد ذهب إلى حد التلميح بأنه بمشاركته للخطاة في المائدة‬
‫يقبلهم في الوليمة المسيانية ولكن يسوع بغفرانه الخطايا علي وجه اخص جعل‬
‫سلطات إسرائيل الدينية أمام قياس محرج إال يكون قولها محقا عندما تقول في هلع‬
‫هللا وحده يقدر أن يغفر الخطايا (مر ‪ )9 :1‬فيسوع بغفرانه الخطايا أما انه يجدف‬
‫ألنه إنسان يساوي نفسة باهلل أما انه ينطق بالحق وفي شخصه إعالن السم هللا‬
‫وتعريف به‬

‫‪ -173‬أن هوية شخص يسوع اإللهية تستطيع وحدها أن تبرر تشددا مطلقا كهذا‬
‫من ليس معي فهو علي (متي ‪ )03 :21‬وكذلك عندما يقول أن فيه أعظم من يونان‬
‫أعظم من سليمان (متي ‪ )11 – 12 :21‬أعظم من الهيكل (متى ‪ )9 :21‬وعندما‬
‫يذكر بالنسبة إليه أن داود دعا الماسيا ربه وعندما يعلن قبل أن يكون إبراهيم أنا‬
‫كائن (يو ‪ )18 :8‬وحتى أنا واآلب واحد (يو ‪)03 :23‬‬

‫‪ -172‬يسوع طلب من سلطات أورشليم الدينية أن تؤمن به بسبب أعمال أبية التي‬
‫يعملها ولكن كان البد لفعل إيمان كهذا من يمر بموت للذات عجيب من اجل والدة‬
‫من فوق جديدة بجاذب من النعمة اإللهية وان تشددا كهذا في التحول المسلكي‬
‫فيوجه إتمام مذهل للمواعيد يتيح فهم الخطأ الماسوى لمحفل اليهود الذي رأي أن‬
‫يسوع يستحق الموت كمجدف وقد ذهب أعضاءه هذا المذهب عن جهل وعن‬
‫تصلب قلب عدم اإليمان‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -171‬يسوع لم ينقض ناموس سيناء ولكنه أتمه علي وجه كامل إلى حد انه يكشف‬
‫عن معناه االسمى ويفدي التجاوزات التي تخالفه‬

‫‪ -170‬يسوع وقر الهيكل عندما صعد إليه حاجا في أعياد اليهود وأحب حبا غيورا‬
‫مسكن هللا بين البشر الهيكل صورة سره المسبقة ولئن أنبا بدماره فما ذلك إال‬
‫إظهار لمقتله الخاص وللدخول في عهد جديد من تاريخ الخالص يكون فيه جسده‬
‫الهيكل النهائي‬

‫‪ -171‬يسوع قام بأعمال من مثل غفران الخطايا أظهرت انه اإلله المخلص ذاته‬
‫وبعض اليهود ممن لم يعترفوا باإلله المتجسد كانوا يرون فيه إنسانا يجعل نفسه‬
‫إلها وقد حكموا علية بأنه مجدف ‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 2‬ـ يسوع مات مصلوبا‬


‫‪ -2‬محاكمة يسوع‬
‫انقسام السلطات اليهودية في شان يسوع‬
‫‪ 171‬ـ بين سلطات أورشليم الدينية لم يوجد فقط الفريسى نيقوديموس أو الوجيه‬
‫يوسف الرامى على أنهما تلميذان ليسوع في الخفاء‪ ،‬بل وقع‪ ،‬لمدة طويلة‪ ،‬شقاقات‬
‫في شان يسوع بحيث إن القديس يوحنا يستطيع القول عنهم‪ ،‬عشية آالم يسوع‬
‫نفسها ‪ ،‬إن "كثيرين آمنوا به" وإن بطريقة بعيدة جدا عن الكمال (يو ‪.) 11 :21‬‬
‫وليس في األمر عجبب إذا تبين لنا أنه‪ ،‬في غد العنصرة‪" ،‬جمهور من الكهنة‬
‫يطيعيون اإليمان" (أ ع ‪. )13 :12‬‬

‫‪ 179‬ـ لم تكن سلطات أورشليم الدينية على كلمة واحدة في الموقف عليها أن تقفه‬
‫من يسوع والفريسين هددوا من يتبعه بإخراجه من المجمع وللذين كانوا يخشون‬
‫أن "يؤمن به الجميع فيوافي الرومانيون ويدمرون مقدسنا وامتنا" (يو ‪،)18 :22‬‬
‫عرض قيافا رئيس الكهنة متنبيا "إن مصلحتكم تقضى بأن يموت رجل واحد عن‬
‫الشعب وال تهلك االمة باجمعها" (يو ‪ )13 :22‬وبعدما أعلن المحفل أن يسوع‬
‫"يستوجب الموت" على أنه مجدف‪ ،‬ورأى أن ليس له حق القتل‪ ،‬اسلم يسوع إلى‬
‫الرومانيين متهما له بإثارة الفتنة السياسية‪ ،‬بحيث أصبح مساويا ليراباس المتهم‬
‫"بالفتنة" (لو ‪ .)27 :10‬وقد عمد رؤساء الكهنة إلى تهديدات سياسية وجهوها‬
‫إلى بيالطس لكي يحكم على يسوع بالموت ‪.‬‬
‫ليس اليهود مسؤولين جماعيا عن موت يسوع‬
‫‪ 179‬ـ بالنظر إلى التعقد التاريخي في محاكمة يسوع كما ظهر في النصوص‬
‫اإلنجيلية وأيا كانت الخطيئة الشخصية إلبطال الدعوى (يهوذا‪ ،‬المحفل‪ ،‬بيالطس)‬
‫التي ال يعرفها إال هللا‪ ،‬ال تجوز نسبتتها إلى مسؤولية جماعية عند يهود أورشليم ‪،‬‬
‫مع ما رافقها من صياح شعب مهيج‪ ،‬ومع المالمات الجماعية التي تضمنتها‬
‫الدعوات إلى الهدى بعد العنصرة فيسوع نفسه عندما غفر على الصليب‪ ،‬وبطرس‬
‫بعده فسحا في المحل لـ "جهل" يهود أورشليم ولرؤسائهم أيضا‪ .‬وبأولى حجة ال‬
‫يمكن االنطالق من صياح الشعب‪" :‬ليكن دمه علينا وعلى أبنائنا" (متى ‪،)11 :19‬‬
‫الذي هو صيغة تأييد وموافقة‪ ،‬لمد المسؤولية إلى سائر اليهود في المكان والزمان‪.‬‬
‫والكنيسة قد أعلنت في المجمع الفاتيكانى الثاني‪" :‬إن ما افترقته األبدي إبان اآلالم‬
‫ال يمكن إسناده‪ ،‬في غير تمييز إلى جميع اليهود الذين عاشوا آنذاك وال إلى اليهود‬
‫العائشين في عصرنا (‪ )...‬ال يجوز أن يشهر باليهود على أنهم منبوذين من هللا‬
‫وأنهم ملعونون كما لو كان ذلك يستنتج من الكتاب المقدس"‪.‬‬

‫جميع الخطأة سببوا آالم المسيح‬


‫‪ 178‬ـ الكنيسة‪ ،‬في تعليم عقيدتها وفي شهادة قيسيها‪ ،‬لم تنس قط أن " الخطأة‬
‫أنفسهم كانوا األسباب والوسائل في كل ما عاناه الفادى اإللهي من مشاق "‬
‫فإنطالقا من أن خطايانا تنال المسيح نفسه‪ ،‬ال تتردد الكنيسة في أن تغزوا إلى‬
‫المسيحيين المسؤولية األشد خطورة في عذاب يسوع‪ ،‬المسؤولية التي طالما أثقلوا‬
‫بها كاهل اليهود وحدهم ‪.‬‬

‫"ينبغى أن نعد مسؤولين عن هذه الجريمة الفظيعة أولئك الذين ال يزالون يسقطون‬
‫في خطاياهم وبما أن آثامنا هي التي أدت بسيدنا يسوع المسيح على عذاب‬
‫الصليب‪ ،‬فمن الثابت أن أولئك الذين ينغمسون في الفساد وفي الشر "يعيدون‬
‫بأنفسهم صلب ابن هللا ويشهرونه" (عب ‪ .) 9 :9‬ويجب اإلقرار بأن جريمتنا في‬
‫هذه الحال أعظم من جريمة اليهود‪ .‬فهم‪ ،‬على حد شهادة الرسول "لو عرفوا ملك‬
‫المجد لما صلبوه قط" (‪ 2‬كو ‪ .) 8 :1‬أما نحن فإننا نعلن أننا نعرفه وعندما ننكره‬
‫بأعمالنا نلقى عليه‪ ،‬على وجه ما‪ ،‬أيدينا القاتلة"‪.‬‬
‫"وإال ‪ ...‬ليسوا هم الذين صلبوه‪ ،‬بل أنت باالشتراك معهم صلبته وتصلبه أيضا‬
‫بتمتعك بالرذائل واآلثام"‪.‬‬

‫‪ -1‬موت المسيح الفدائي في تصميم الخالص اإللهي‬


‫"يسوع الذي أسلم بحسب تصميم هللا المحدد"‬
‫‪ 177‬ـ موت يسوع العنيف لم يكن نتيجة الصداقة في اتفاق سيىء لألحوال‪ .‬إنه في‬
‫سر تصميم هللا‪ ،‬كما يفسره القديس بطرس لليهود في خطابه األول يوم العنصرة‪:‬‬
‫"لقد أسلم بحسب تصميم هللا المحدد وسابق علمه" (أع ‪ .) 10 :1‬فهذا الكالم‬
‫الكتابي ال يعنى أن الذين "اسلموا يسوع" لم يكونوا إال منفذين صاغرين لمخطط‬
‫سابق خطه هللا‪.‬‬

‫‪ 933‬ـ عند هللا جميع أحيان الزمن حاضرة في حاليتها‪ ،‬فهو يضع تصميم "قضائه‬
‫األبدي" و يضمنه لكل إنسان جوابه الحر عن نعمته‪" :‬إنه قد أجتمع بالحقيقة‪ ،‬في‬
‫هذه المدينة‪ ،‬على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته‪ ،‬هيرودس وبنطيوس بيالطس‬
‫مع األمم وشعوب إسرائيل ليضعوا ما حددت من قبل يدك ومشورتك أن يكون" (أ‬
‫ع ‪ 19 :1‬ـ ‪ )18‬لقد سمح هللا بأعمال عماهم ليتمم تصميمه الخالصى‪.‬‬

‫"مات من اجل خطايانا على ما في الكتب"‬


‫‪ 932‬ـ هذا التصميم اإللهي للخالص بقتل "العبد‪ ،‬الصديق" أنبأ به في السابق‬
‫الكتاب المقدس على انه سر فداء شامل ـ أي سر افتداء يحرر البشر من عبودية‬
‫الخطيئة‪ .‬فالقديس بولس يعلن‪ ،‬في أعتراف إيماني يقول إنه "تسلمه أ‪ ،‬المسيح‬
‫مات من أجل خطايانا على ما في الكتب" (‪ 2‬كو ‪ )0 :21‬فموت يسوع الفدائي يتمم‬
‫بنوع خاص نبوءة العبد المتألم‪ .‬ويسوع نفسه عرض معنى حياته وموته على‬
‫ضوء العبد المتألم وبعد قيامته أعطى تلميذى عماوس هذا التفسير للكتب ثم أعطاه‬
‫للرسل أنفسهم‪.‬‬

‫"هللا جعله خطيئة من أجلنا"‬


‫‪ 931‬ـ فالقديس بطرس يستطيع من ثم أن يصوغ هكذا اإليمان الرسولى في‬
‫التصميم اإللهى للخالص‪" :‬حررتم من تصرفكم الباطل الموروث من آبائكم‪ ،‬بدم‬
‫كريم‪ ،‬دم المسيح‪ ،‬ذلك الحمل الذي ال عيب فيه وال دنس‪ ،‬المعين من قبل إنشاء‬
‫العالم‪ ،‬والمعلن في آخر األزمان من أجلكم" (‪ 22‬بط ‪ 28 :2‬ـ ‪ )13‬فخطايا البشر‬
‫التي تلت الخطيئة األصلية قد عوقبت بالموت‪ .‬وعندما أرسل هللا ابنه الخاص في‬
‫صورة عبد‪ ،‬صورة بشرية ساقطة ومحكوم عليها بالموت بسبب الخطيئة‪" ،‬جعله‬
‫خطيئة من اجلنا‪ ،‬هو الذي لم يعرف الخطيئة‪ ،‬لكي نصير نحن به بر هللا" (‪ 1‬كو ‪:1‬‬
‫‪. )12‬‬

‫‪ 930‬ـ يسو ع لم يشحب كما لو أنه ارتكب هو نفسه خطيئة‪ ،‬ولكن‪ ،‬في المحبة‬
‫الفدائية التي كانت أبدا توحده مع اآلب‪ ،‬اتخذنا‪ ،‬في ضياع خطيئتنا بالنسبة إلى هللا‪،‬‬
‫إلى حد أنه استطاع أن يقول باسمنا على الصليب‪" :‬إلهي‪ ،‬إلهي‪ ،‬لماذا تركتني؟!"‬
‫(مر ‪ .) 01 :21‬وإذ قد جعله هللا هكذا مسؤوال عنا نحن الخطأة‪" ،‬لم يشفق على‬
‫ابنه الخاص‪ ،‬بل أسلمه عنا جميعا" (رو ‪ )01 :8‬لكي نكون "مصالحين معه بموت‬
‫ابنه" (رو ‪. )23 :1‬‬
‫هلل مبادرة المحبة الفادية الشاملة‬
‫‪ 931‬ـ عندما يسلم هللا ابنه من أجلنا خطايانا يظهر أن تصميمه في شاننا تصميم‬
‫محبة عطوف يسبق كل استحقاق‪" :‬على هذا تقوم المحبة‪ ،‬ال أنا نحن أحببنا هللا‪،‬‬
‫بل هو نفسه أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا" (‪ 2‬يو ‪" )23 :1‬وهللا قد برهن‬
‫على محبته لنا بأن المسيح قد مات عنا ونحن بعد خطأة"‪.‬‬

‫‪ 931‬ـ وهذه المحبة بغير استثناء‪ ،‬وقد ذكر يسوع بذلك في ختام مثل النعجة‬
‫الضائعة‪" :‬هكذ ا ال يريد أبوكم الذي في السماوات أن يهلك أحد من هؤالء الصغار"‬
‫(متى ‪ )21 :28‬فهو يثبت أنه "يبذل نفسه فديه عن الكثيرين" (متى ‪)18 :13‬؛‬
‫وليس في هذه اللفظة األخيرة استثناء‪ :‬أنها تقارن مجموعة البشر بشخص الفادى‬
‫الوحيد الذي يبذل نفسه لتخليصها‪ .‬والكنيسة‪ ،‬بعد الرسل‪ ،‬تعلم أن المسيح مات من‬
‫اجل جميع البشر في غير استثناء "ال يوجد‪ ،‬ولم يوجد‪ ،‬ولن يوجد إنسان لم يتألم‬
‫المسيح من اجله"‪.‬‬

‫‪ -0‬المسيح قدم ذاته ألبيه م اجل خطايانا‬


‫كل حياة المسيح تقدمة لآلب‬
‫‪ 939‬ـ ابن هللا‪ ،‬الذي نزل من السماء ال ليعمل مشيئته بل مشيئة اآلب الذي أرسله‪،‬‬
‫"يقول عند دخوله العالم‪ )...( :‬ها أناذا آتى (‪ )..‬ألعمل يا هللا بمشيئتك‪ )...( ،‬وبقوة‬
‫هذه المشيئة قدسنا نحن بتقدمة جسد المسيح مرة ال غير" (عب ‪ 1 :23‬ـ ‪ )23‬منذ‬
‫لحظة التجسد األولى اعتنق االبن تصميم الخالص اإللهي في رسالته الفدائية "إنما‬
‫طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله"( يو ‪ .) 01 :1‬إن ذبيحة يسوع‬
‫"عن خطايا العالم كله" (‪ 2‬يو ‪ )1 :1‬هي عبارة عن شركة محبته األب‪" :‬أبى‬
‫يحبني ألني أبذل حياتي" (يو ‪" :)29 :23‬ينبغي أن يعرف العالم أنى أحب اآلب‬
‫وأنى أعمل بما أوصاني اآلب" (يو ‪.)02 :21‬‬

‫‪ 939‬ـ رغبة يسوع هذه في اعتناق تصميم أبيه في المحبة الفدائية تنعش حياته‬
‫كلها‪ ،‬إذ أن آالمه الفدائية هي سبب تجسده‪" :‬يا أبتاه‪ ،‬أنقذني من هذه الساعة !‬
‫ولكن ألجل هذه الساعة قد جئت" (يو ‪" )19 :21‬الكأس التي أعطاني اآلب أفال‬
‫أشربها؟" (يو ‪ )22 :28‬ثم على الصليب قبل أن "يتم كل شيء"( يو ‪)03 :27‬‬
‫قال‪" :‬أنا عطشان" (يو ‪.)18 :27‬‬

‫"حمل هللا الذي يرفع خطيئة العالم"‬


‫‪ 938‬ـ بعدما قبل يوحنا المعمدان أن يعمد يسوع فيمن تعمد من الخطأة‪ ،‬رأى فيه‬
‫وكشف حمل هللا الذي يرفع خطايا العالم فهو يظهر هكذا أن يسوع هو في الوقت‬
‫نفسه العبد المتألم الذي يساق صامتا إلى الذبح‪ ،‬ويحمل خطيئة الكثيرين ‪.‬‬
‫والحمل الفصحى رمز افتداء إسرائيل في الفصح األول فكل حياة المسيح تعبر عن‬
‫رسالته‪ :‬أن يخدم ويبذل نفسه فداء عن الكثيرين ‪.‬‬
‫يسوع يعتنق بإختياره محبة اآلب الفدائية‬
‫‪ 937‬ـ عندما اعتنق يسوع في قلبه البشري محبه اآلب للبشر أحبهم إلى الغاية (يو‬
‫‪ )2 :20‬إذ ليس ألحد حب أعظم من أن يبذل الحياة عن أصدقائه (يو ‪)20 :21‬‬
‫وهكذا أصبح ناسوته في األلم والموت األداة الحرة والكاملة لحبه اإللهي الذي يريد‬
‫خالص البشر فقد قبل باختياره االمه وموته حبا ألبية وللبشر الذي يريد أبوه أن‬
‫يخلصهم ال احد ينتزع الحياة منى وانما أنا ابذلها باختياري (يو ‪ )28 :23‬من هنا‬
‫حرية ابن هللا الكاملة عندما يمضي هو بنفسه إلى الموت‬

‫في العشاء السري استبق يسوع تقدمه حياته الحرة‬


‫‪ -923‬لقد عبر يسوع بطريقة سامية عن تقدمه ذاته االختيارية في العشاء الذي‬
‫تناوله مع رسله االثنى عشر في الليلة التي اسلم فيها (‪ 2‬كو ‪ )10 :22‬ففي عشية‬
‫االمه وكان بعد حرا جعل هذا العشاء األخير مع رسله ذكري تقدمته االختيارية لالب‬
‫من اجل خالص البشر هذا هو جسدي الذي يبذل ألجلكم (لو ‪ )27 :11‬هذا هو دمي‬
‫دم العهد الجديد الذي يهراق عن الكثيرين لمغفرة الخطايا (متى ‪) 18 :19‬‬

‫‪ -922‬االفخارست يا التي ينشئها إذ ذاك ستكون ذكري ذبيحته ويسوع يدخل رسله‬
‫في تقدمته الخاصة ويسألهم أن يواصلوا بغير انقطاع وبهذا يجعل يسوع رسله‬
‫كهنة العهد الجديد أنا أقدس ذاتي ألجلهم لكي يكونوا هم أيضا مقدسين بالحق (يو‬
‫‪)27 :29‬‬

‫النزاع في جتسمانى‬
‫‪ -921‬كاس العهد الجديد التي استبقها يسوع في العشاء السري إذ قدم ذاته يقبلها‬
‫بعد ذلك من يد أبية في نزاعة بجتسماني حيث جعل نفسه مطيعا حتى الموت (في‬
‫‪ )8 :1‬ويسوع يصلي يا أبتاه أن أمكن فلتجز عني هذه الكأس (متى ‪ )07 :19‬فهو‬
‫يعبر عن الهول الذي يمثله الموت بالنسبة إلى طبيعته البشرية وهذه الطبيعة معده‬
‫كطبيعتنا للحياة األبدية وهي إلى ذلك بخالف طبيعتنا بريئة تماما من الخطيئة التي‬
‫تسبب الموت وهي خصوصا قد اتخذها شخص أمير الحياة االلهى الحي وهو بقبوله‬
‫في ارادته البشرية أن يتم مشيئة اآلب يقبل موته علي انه فدائي لكي يحمل هو‬
‫نفسه خطايانا في جسده علي الخشبة (‪ 2‬بط ‪.)11 :1‬‬

‫موت المسيح هو الذبيحة الوحيدة والنهائية‬


‫‪ -920‬موت المسيح هو في الوقت نفسه الذبيحة الفصحية التي تتم فداء البشر‬
‫النهائي بالحمل الذي يرفع خطيئة وذبيحة العهد الجديد التي تعيد اإلنسان إلى‬
‫الشركة مع هللا مجرية المصالحة بينهما بالدم الذي يهراق عن الكثيرين لمغفرة‬
‫الخطايا‪.‬‬
‫‪ -921‬ذبيحة المسيح هذه وحيدة وهي تتم جميع الذبائح وتفوقها أنها أوال هبه من‬
‫هللا اآلب نفسه اآلب هو الذي يسلم ابنه لكي يصالحنا معه وهي في الوقت نفسه‬
‫تقدمه ابن هللا المتانس الذي يقدم حياته بحرية ومحبه ألبيه بالروح القدس للتكفير‬
‫عن عصاننا‪.‬‬

‫يسوع احل طاعته محل عصياننا‬


‫‪ -921‬كما جعل الكثيرون خطاة بمعصية إنسان واحد كذلك بطاعة واحد يجعل‬
‫الثيرون أبرارا (رو ‪ )27 :1‬فيسوع بطاعته حتى الموت أقام الخادم المتألم بديال‬
‫ذاك الذي يقدم حياته ذبيحة تكفير إذ كان يحمل خطايا كثيرين ويبررهم بحمله‬
‫آثامهم فيسوع كفر عن آثامنا ونال صفح اآلب عن خطايانا‪.‬‬

‫يسوع يتم ذبيحة علي الصليب‬


‫‪ -929‬المحبة إلى الغاية هي التي تجعل لذبيحة المسيح قيمتها الفدائية والتعويضية‬
‫والتكفيرية والتوفيقية انه قد عرفنا وأحبنا في تقدمه حياته محبة المسيح تحثنا إذ‬
‫نعتبر انه إذا كان واحد قد مات عن الجميع فالجميع أيضا قد ماتوا معه (‪ 1‬كو ‪:1‬‬
‫‪ )21‬ما من إنسان أقدس القديسين كان بإمكانه أن يحمل خطايا جميع البشر وان‬
‫يقدم ذبيحة عن الجميع فوجود شخص االبن االلهى في المسيح ذلك الشخص الذي‬
‫يفوق البشر وفي الوقت نفسه يشمل جميع أشخاص البشر والذي يقيمه رأسا‬
‫للبشرية هو الذي يجعل ذبيحته الفدائية عن الجميع ممكنه‪.‬‬

‫‪ -929‬والمجمع التريدنيتينى يعلم انه بآالمه المقدسة علي خشبة الصليب استحق‬
‫لنا التبرير وقد ابرز الطابع الفريد لذبيحة المسيح علي أنها عله خالص ابدي‬
‫والكنيسة توفر الصليب مرنمه السالم عليك أيها الصليب يا رجاءنا الوحيد‪.‬‬

‫اشتراكنا في ذبيحة المسيح‬


‫‪ 928‬ـ الصليب هو الذبيحة الوحيدة للمسيح الوسيط الوحيد بين هللا والبشر‪ ،‬ولكنه‬
‫إذ كان في شخصه اإللهي المتأنس‪" ،‬قد أتحد هو نفسه‪ ،‬على وجه ما‪ ،‬بكل‬
‫إنسان"‪ ،‬فهو "يقدم لجميع البشر‪ ،‬على وجه يعرفه هللا‪ )...( ،‬إمكان اشتراكهم في‬
‫السر الفصحى" إنه يدعو تالميذه إلى أن يحملوا صليبهم ويتبعوه‪ ،‬إذ أنه تألم‬
‫لجلنا‪ ،‬وأبقى لنا قدوة لنقتفي آثاره‪ .‬فهو يريد أن يشرك في ذبيحته الفدائية أولئك‬
‫الذين كانوا فيها أول المستفدين‪ .‬وهذا يتم على وجه كامل في شخص أمه التي‬
‫أشركت في سر عذابه الفدائى إشراكا حميما دونه إشراك أي إنسان من البشر‪.‬‬
‫"هذه سلم الفردوس الوحيدة والحقيقة‬
‫وما من سلم للصعود إلى السماء غير الصليب "‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 927‬ـ "المسيح مات من أجل خطايانا على ما في الكتب" (‪ 2‬كو ‪. )0 :21‬‬
‫‪ 913‬ـ خالصنا ثمرة مبادرة محبة هللا لنا‪ ،‬إذ "إنه هو أحبنا وأرسل أبنه كفارة عن‬
‫خطايانا" (‪ 2‬يو ‪" ،) 23 :1‬هللا هو الذي في المسيح‪ ،‬صالح العالم مع نفسه" (‪1‬‬
‫كو ‪. )27 :1‬‬

‫‪ 912‬ـ يسوع قدم باختياره نفسه ألجل خالصنا‪ ،‬هذه التقدمة عبر عنها وحققها‬
‫مسبقا في العشاء األخير‪" :‬هذا هو جسدي الذي يبذل ألجلكم" (لو ‪. )27 :11‬‬

‫‪ 911‬ـ بهذا يقوم فداء المسيح‪" :‬أتى ليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (متى ‪18 :13‬‬
‫)‪ ،‬أى "ليبحث خاصته إلى الغاية" (يو ‪ ،) 2 :20‬لكي يحرروا من تصرفهم الباطل‬
‫الموروث من آبائهم‪.‬‬

‫‪ 910‬ـ عن يسوع‪ ،‬بطاعته المحبة ألبيه "حتى موت (‪ )...‬الصليب" (في ‪ )8 :1‬أتم‬
‫الرسالة التكفيرية رسالة العبد المتألم الذي يبرر كثيرين وهو يحمل آثامهم‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -3‬يسوع المسيح دفن‬


‫‪ 911‬ـ قاسى "الموت" حتى يكون الموت الذي قاساه مفيدا "لكل أحد بنعمة هللا"‬
‫(عب ‪ ) 7 :1‬إن هللا‪ ،‬في تصميمه الخالصى‪ ،‬أقر ال أن يموت ابنه "من اجل‬
‫خطايانا" (‪ 2‬كو ‪ )0 :21‬وحسب‪ ،‬بل أن "يقاسى الموت" أيضا‪ ،‬أي أن يعانى حال‬
‫الموت‪ ،‬حال االنفصال بين نفسه وجسده‪ ،‬في المدة الممتدة ما بين موته على‬
‫الصليب وقيامته‪ .‬هذه الحالة للمسيح المائت هي سر القبر واإلنحدار إلى الجحيم‪.‬‬
‫أنها سر السبت المقدس الذي جعل فيه المسيح في القبر‪ ،‬وأظهر راحة هللا السبتيه‬
‫العظمى‪ ،‬بعد إتمام خالص البشر الذي يجعل الكون كله في سالم‪.‬‬

‫المسيح في القبر بجسده‬


‫‪ 911‬ـ إقامة يسوع في القبر هي الرابط الحقيقي بين حالة آالم المسيح قبل الفصح‬
‫وحالته الحالية في قيامته المجيدة ‪.‬إنه شخص "الحي" نفسه الذي يستطيع أن‬
‫يقول‪" :‬لقد كنت ميتا وها نذا حي إلى دهر الدهور" (رؤ ‪:)28 :2‬‬
‫"هذا هو سر تدبير هللا بشأن موت (ابنه) وقيامته من بين األموات‪ ،‬فإنه لم يمنع‬
‫الموت من أن يفصل النفس عن الجسد‪ ،‬على حسب نظام الطبيعة القائم‪ ،‬ولكنه عاد‬
‫فجمعها الواحد مع اآلخر بالقيامة‪ ،‬حتى يكون هو نفسه في شخصه مركز تالقى‬
‫الموت والحياة‪ ،‬موقفا فيه انحالل الطبيعة الذي سببه الموت‪ ،‬وصائرا هو نفسه‬
‫مبدأ اتحاد األجزاء المنفصلة"‪.‬‬

‫‪ 919‬ـ بما أن "مبدأ الحياة" الذي قتلوه هو نفسه "الحي الذي قام"‪ ،‬وجب أن‬
‫يكون شخص ابن هللا اإللهي قد بقى على اتخاذ نفسه وجسده اللذين فصلهما الموت‬
‫احدهما عن اآلخر‪.‬‬
‫"إذا فالمسيح‪ ،‬وأن كان‪ ،‬لكونه إنسانا‪ ،‬قد خضع للموت‪ ،‬وانفصلت نفسه المقدسة‬
‫عن جسده األطهر‪ ،‬غير أن الهوته لم ينفصل البتة عن أي منهما‪ ،‬أعنى ال عن‬
‫نفسه وال عن جسده واقنومه الواحد لم ينقسم بذلك إلى اقنومين لن جسد المسيح‬
‫ونفسه‪ ،‬منذ ابتدائهما‪ ،‬قد ناال الوجود في أقنوم الكلمة بالطريقة عينها‪ ،‬وان انفصل‬
‫أحدهما عن األخر بالموت‪ ،‬إال أن كال منهما لبث مع أقنوم الكلمة الواحد الذي به‬
‫نال الوجود"‪.‬‬

‫"لن تدع قدوسك يرى فسادا"‬


‫‪ 919‬ـ كان موت المسيح موتا حقيقا إذ وضع حدا لوجوده البشرى األرضي‪ ،‬ولكن‬
‫بسبب االتحاد الذي حافظ عليه شخص االبن مع جسده‪ ،‬لم يصبح جثة ميتة كما‬
‫يصبح اآلخرون‪ ،‬إذ "لم يكن في وسع الموت أن يضبطه" (أع ‪ )11 :1‬ومن ثم‬
‫فالقوة اإللهية حفظت جسد المسيح من الفساد "فمن الممكن أن نقول عن المسيح‬
‫إنه في الوقت نفسه" أنقطع من ارض األحياء " (أ ش ‪) 8 :10‬؛ وإن "جسدي‬
‫سيسكن على الرجاء نفسه"‪" ...‬انقطع من ارض األحياء (أش ‪)8 :10‬؛ وإن‬
‫جسدي سيسكن على الرجاء ألنك لن تترك نفسي في الجحيم‪ ،‬ولن تدع قدوسك يرى‬
‫فسادا" (أع ‪ 19 :1‬ـ ‪.)19‬‬
‫وقد كانت قيامة يسوع "في اليوم الثالث" (‪ 2‬كو ‪1 :21‬؛ لو ‪ )19 :111‬الدليل‬
‫على ذلك‪ ،‬وألن الفساد أيضا كان من شانه أن يظهر ابتداء من اليوم الرابع‪.‬‬

‫"مدفونون مع المسيح‪"...‬‬
‫‪ 918‬ـ العماد الذي كان التغطيس عالمته األصلية والكاملة يعنى النزول الفعلي إلى‬
‫القبر للمسيحي الذي يموت للخطيئة مع المسيح في سبيل حياة جديدة‪" :‬لقد دفنا‬
‫معه بالمعمودية للموت‪ ،‬حتى إنا‪ ،‬كما أقيم المسيح من بين األموات بمجد اآلب‪،‬‬
‫كذلك نسلك‪ ،‬نحن أيضا في جدة الحياة" (رو ‪)1 :9‬‬

‫‪ 917‬ـ قاسى يسوع الموت‪ ،‬حتى يكون في ذلك فائدة لكل إنسان فإن ابن هللا‬
‫المتأنس هو الذي في الحقيقة مات ودفن ‪.‬‬

‫‪ 903‬ـ في مدة إقامة المسيح في القبر بقى شخصه اإللهي مالزما لنفسه وجسده‬
‫اللذين فصلهما الموت ولهذا فجسد المسيح المائت "لم ير فسادا" (أع ‪.) 09 :20‬‬
‫المقال الخامس‪" :‬يسوع المسيح انحدر إلى الجحيم‪ ،‬في اليوم الثالث قام من‬
‫الموتى"‬

‫‪ 902‬ـ "يسوع نزل إلى أسافل األرض؛ فالذي نزل هو نفسه الذي صعد أيضا" (أ‬
‫ف ‪ 7 :1‬ـ ‪ .)23‬وقانون إيمان الرسل يعترف في مادته إيمانية واحدة بانحدار‬
‫المسيح إلى الجحيم وقيامته من الموتى في اليوم الثالث‪ ،‬ألنه في فصحه فجر الحياة‬
‫من أعماق الموت ‪.‬‬
‫"المسيح ابنك ‪،‬‬
‫الذي عاد فصعد من الجحيم ‪،‬‬
‫نشر على الجنس البشرى ضياءه الصافي ‪.‬‬
‫وهو يحيا ويملك إلى دهر‪ .‬آمين"‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -1‬المسيح انحدر إلى الجحيم‬


‫‪ 9010‬ـ إثباتات العهد الجديد الكثيرة التي أوردت أن يسوع "قام من الموتى" (‪2‬‬
‫كو ‪ ،) 13 :21‬تعنى أن يسوع‪ ،‬قبل القيامة‪ ،‬أقام في مقر األموات هذا هو المعنى‬
‫األول الذي أعطته الكرازة الرسولية النحدار يسوع إلى الجحيم‪ :‬يسوع عرف‬
‫الموت كسائر البشر والتحق بهم بنفسه في مقر األموات‪ .‬إال أنه انحدر مخلصا‪،‬‬
‫معلنا البشرى للنفوس التي كانت محتجزة فيه‪.‬‬

‫‪ 900‬ـ مقر األموات الذي انحدر إليه المسيح يدعوه الكتاب المقدس بالجحيم‬
‫"الشيول أو الهداس" ألن الموجودين فيه محرومون من رؤية هللا تلك حال جميع‬
‫األموات في انتظار الفادى‪ ،‬سواء كانوا أشرار أو أبرارا‪ ،‬وهذا ال يعنى أن مصيرهم‬
‫واحدا‪ ،‬كما يبين ذلك يسوع في مثل لعازر المسكين الذي استقبل في "أحضان‬
‫إبراهيم" "هذه النفوس القديسة التي كانت تنتظر المحرر في أحضان إبراهيم‪ ،‬هي‬
‫التي اعتقها يسوع المسيح عندما انحدر إلى الجحيم" لم ينحدر يسوع إلى الجحيم‬
‫إلنقاذ الهالكين‪ ،‬وال للقضاء على جهنم الهالك‪ ،‬بل إلعتاق األبرار الذين سبقوا‬
‫مجيئه ‪.‬‬

‫‪ 901‬ـ "لقد بشر األموات أيضا باإلنجيل‪ 2( "..‬بط ‪ )9 :1‬اإلنحدار إلى الجحيم هو‬
‫ملء إتمام بشرى الخالص اإلنجيلية إنه مرحلة رسالة يسوع المسيانية األخيرة‪،‬‬
‫المرحلة المحصورة في الزمن‪ ،‬ولكن ذات االتساع غير المحدود في مدلولها‬
‫الحقيقي المتداد العمل الفدائى إلى جميع البشر في كل زمان وفي كل مكان‪ ،‬ألن‬
‫جميع الذين خلصوا جعلوا مشتركين في الفداء ‪.‬‬

‫‪ 901‬ـ لقد انحدر إذن إلى أعماق الموت لكي "يسمع األموات صوت ابن هللا‪،‬‬
‫والذين يسمعون يحيون" (يو ‪ )11 :1‬فيسوع "مبدىء الحياة" أباد "بالموت من‬
‫كان له سلطان الموت‪ ،‬أعنى إبليس‪ ،‬وأعتق "أولئك الذين كانوا‪ ،‬الحياة كلها‪،‬‬
‫خاضعين للعبودية خوفا من الموت" (عب ‪ 21 :1‬ـ ‪ )21‬فالمسيح‪ ،‬وقد قام‪ ،‬أصبح‬
‫"بيده مفاتيح الموت والجحيم" (رؤ ‪ )28 :2‬و"السم يسوع تجثو كل ركبة مما في‬
‫السماوات وعلى األرض وتحت األرض" (قى ‪. )23 :1‬‬
‫"صمت عظيم يخيم اليوم على األرض‪ ،‬صمت عظيم وعزلة شديدة‪ ،‬صمت عظيم‬
‫لن الملك ينام لقد تزلزلت األرض وهدأت لن هللا نام في الجسد ومضى يوقظ من‬
‫كانوا نائمين منذ قرون (‪ )...‬غنه يمضى في طلب آدم‪ ،‬أبينا األول‪ ،‬الخروف الضال‬
‫يريد أن يمضى لزيارة جميع الجالسين في الظلمات وظل الموت‪ .‬يمضى إلطالق آدم‬
‫وحواء من أوجاعهما‪ ،‬آدم في قيوده‪ ،‬وحواء األسيرة معه‪ ،‬هو إلهما وابنهما في‬
‫آن واحد (‪" )...‬أنا إلهك‪ ،‬وبسببك صرت ابنك استيقظ أيها النائم‪ ،‬ألني لم أخلقك‬
‫لكي تقيم ههنا مكبالً في الجحيم‪ .‬انهض من بين األموات‪ ،‬فإني حياة األموات"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 909‬ـ بالعبارة "يسوع انحدر إلى الجحيم" قانون اإليمان يعترف أن يسوع مات‬
‫حقا وانه بموته تغلب على الموت وعلى إبليس "الذي له سلطان الموت" (عب ‪:1‬‬
‫‪.)21‬‬

‫‪ 909‬ـ عندما مات المسيح‪ ،‬انحدر‪ ،‬بنفسه المتحدة بالشخص اإللهي‪ ،‬إلى مقر‬
‫األموات‪ .‬وفتح لألبرار الذين سبقوا مجيئه أبواب السماء‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -2‬في اليوم الثالث قـام من الموتى‬


‫‪ -908‬نحن نبشركم بان الوعد الذي صار آلبائنا قد حققه هللا لنا نحن أوالدهم إذ أقام‬
‫يسوع (أع ‪ )00 – 01 :20‬قيامه المسيح هي الحقيقة القمة إليماننا بالمسيح وهي‬
‫التي اعتقدتها وعاشتها الجماعة المسيحية األولى حقيقة رئيسية وتناقلها التقليد‬
‫علي أنها أساسية واثبتها وثائق العهد الجديد وكرز بها علي أنها مع الصليب جزء‬
‫جوهري من السر الفصحى‪ :‬المسيح قام من بين األموات ووطئ الموت بالموت‬
‫ووهب الحياة للذين في القبور‬

‫أ‪ .‬الحدث التاريخي والسامي‬


‫‪ -907‬سر قيامه المسيح حدث حقيقي جرت له ظهورات تاريخية ثابتة يشهد بها‬
‫العهد الجديد وفي نحو سنه ‪ 19‬استطاع القديس بولس أن يكتب للكورنثيين "أنى‬
‫سلمت إليكم أوال ما قد تسلمت أنا نفسي أن المسيح قد مات من اجل خطايانا علي ما‬
‫في الكتب وانه قبر وانه قام في اليوم الثالث علي ما في الكتب وانه تراءي لكيفا ثم‬
‫لالثنى عشر" (‪ 2‬كو ‪ )1 – 0 :21‬فالرسول يتكلم هنا علي تقليد القيام الحي الذي‬
‫تعلمه بعد اهتدائه عند أبواب دمشق‪.‬‬
‫القبر الخالي‬
‫‪ -913‬لم تطلبن بين األموات من هو حي؟ انه ليس ههنا لكنه قد قام (لو ‪– 1 :11‬‬
‫‪ )9‬في إطار أحداث الفصح األمر األول الذي يطالعنا هو القبر الخالي ليس هو في‬
‫ذاته برهانا مباشرا فمن الممكن تفسير اختفاء جسد المسيح من القبر علي نحو‬
‫أخر ومع ذلك فان القبر كان للجميع عالمة جوهرية واكتشاف التالميذ له كان‬
‫الخطوة األولى للوقوف علي واقع القيامة تلك حال النساء القديسات أوال ثم حال‬
‫بطرس التلميذ الذي كان المسيح يحبه (يو ‪ )1 :13‬يؤكد انه عندما دخل إلى القبر‬
‫الخالي ورأى اللفائف مطروحة هناك (يو ‪ )9 :13‬رأى وامن وهذا يعنى انه رأى‬
‫في خلو القبر أن غياب جسد يسوع لم يكن من الممكن عزوة إلى عمل بشري وان‬
‫يسوع لم يرجع ببساطة إلى حياة أرضية كما كانت الحال بالنسبة إلى لعازر‪.‬‬

‫ترائيات القائم من الموت‬


‫‪ -912‬مريم المجدلية والنساء القديسات اللواتي كن قد انتهين من تحنيط جسد‬
‫يسوع وكان قد أسرع في دفنه مساء الجمعة المقدسة لحلول السبت كن أول من‬
‫لقي يسوع القائم من الموت وهكذا كانت النساء أول رسل قيامه المسيح إلى الرسل‬
‫أنفسهم ثم تراءى لهم يسوع لبطرس أوال ثم لالثنى عشر وآذ كان بطرس مدعوا‬
‫إلى تثبيت إيمان أخوته فهو يري إذن القائم من الموت قبلهم وبناء علي شهادته‬
‫تهتف الجماعة‪ :‬لقد قام الرب حقا وتراءي لسمعان (لو ‪.)01 :11‬‬

‫‪ -911‬كل ما جري في األيام الفصحية هذه يلزم كل واحد من الرسل وال سيما‬
‫بطرس بإنشاء العهد الجديد الذي بدا صباح الفصح وإذ كانوا شهود قيامته فإنهم‬
‫يظلون حجارة بناء كنيسته وإيمان جماعة المؤمنين األولى قائم علي شهادة أناس‬
‫محسوسين يعرفهم المسيحيون وأكثرهم ال يزالون يعيشون في ما بينهم شهود‬
‫قيامه المسيح هؤالء هم أوال بطرس واالثنا عشر ولكن ليسوا هم وحدهم فبولس‬
‫يتكلم بوضوح عن أكثر من خمس مئه شخص تراءي لهم يسوع معا فضال عن‬
‫يعقوب وسائر الرسل‪.‬‬

‫‪ -910‬أمام هذه الشهادات يستحيل تفسير قيامه المسيح خارج النظام الطبيعي وعدم‬
‫االعتراف بها علي أنها حدث تاريخي وكان من اإلحداث أن إيمان التالميذ اخضع‬
‫لالمتحان الجذري في شان أالم معلمهم وموته علي الصليب الذي كان ذلك المعلم قد‬
‫سبق وأنبا به وكانت الهزة التي احثتها اآلالم شديدة إلى حد أن التالميذ (أو بعضا‬
‫منهم) لم يصدقوا حاال خبز القيامة وبعيد عن أن ترينا األناجيل جماعة تستخفها‬
‫الحماسة الصوفية ترينا التالميذ منهاري القوى واجمين (لو ‪ )29 :11‬وخائفين‬
‫ولهذا لم يصدقوا كالم النساء القديسات لدي رجوعهن من القبر وبدا لهم كالمهن‬
‫هذيانا (لو ‪ )22 :11‬وعندما تراءي يسوع لألحد عشر في مساء الفصح المهم علي‬
‫عدم إيمانهم وعلي عنادهم في تصديقهم لمن رأوه قد قام من األموات (مر ‪:29‬‬
‫‪.)21‬‬
‫‪ -911‬التالميذ ال يزالون في ريب حتى أمام حقيقة يسوع القائم من األموات إذ يبدو‬
‫لهم األمر هكذا مستحيال‪ :‬يظنون أنهم يرون روحا فكانوا بعد غير مصدقين من‬
‫الفرح ذاهلين (لو ‪ )12 :11‬وسيعانى توما تجربه الشك نفسها ولدي الظهور‬
‫األخير في الجليل الذي اوردة متى ارتاب بعضهم (متى ‪ )29 :18‬ولهذا فالفرضية‬
‫التي تقول بان القيامة قد تكون ثمرة اإليمان أو التصديق عند الرسل هي فرضية‬
‫واهية فبعكس ذلك قد نجم إيمانهم بالقيامة من اختبارهم المباشر لحقيقة القائم من‬
‫الموت بدعم من النعمة اإللهية‪.‬‬

‫حال الناسوت القائم من الموت عند المسيح‬


‫‪ -911‬يسوع القائم من الموت يقيم مع تالميذه عالقات مباشرة عن طريق اللمس‬
‫وتقاسم الطعام بذلك إلى االعتراف بأنه ليس روحا وينوع اخص إلى التحقق من أن‬
‫الجسد القائم من الموت والذي يظهر لهم فيه هو هو نفسه الذي استشهد وصلب إذ‬
‫انه ال يزال يحمل ندوب االمه إال أن لهذا الجسد األصيل والحقيقي أيضا ميزات‬
‫الجسد الممجد الجديدة لم يعد محصورا في المكان والزمان ولكن بإمكانه أن يكون‬
‫في أي مكان واي زمان يشاء إذ أن ناسوته لم يعد مقيدا باألرض بل أصبح في‬
‫عهدة اآلب اإللهية ولهذا السبب أيضا أصبح يسوع القائم من الموت مطلق الحرية‬
‫في أن يظهر كما يشاء‪ :‬في هيئة بستانى أو في هيئات أخرى (مر ‪ )21 :29‬غير‬
‫التي كان يألفها وذلك ليستثير إيمانهم‪.‬‬

‫‪ -919‬لم تكن قيامه المسيح عودة إلى الحياة األرضية كما كانت بالنسبة إلى‬
‫القيامات التي أجراها قبل الفصح ابنة ياثيروس وفتي نائين ولعازر كانت هذه‬
‫اإلحداث أمورا عجائبية ولكن هؤالء األشخاص الذين جرت فيهم المعجزات كانوا‬
‫يستعيدون بقدرة يسوع حياة أرضية عادية وأنهم سيموتون مجددا في وقت ما أما‬
‫قيامه المسيح فمختلفة جوهريا فهو في جسده القائم من الموت ينتقل من حال‬
‫الموت إلى حياة أخرى فوق الزمان والمكان وجسد يسوع في القيامة مملوء من‬
‫قدرة الروح القدس انه يشترك في الحياة اإللهية في حال مجدة بحيث يستطيع‬
‫القديس بولس أن يقول عن المسيح انه اإلنسان السماوي‪.‬‬

‫القيامة في كونها حدثا ساميا‬


‫‪ -919‬يا ليلة سعيدة حقا‪ -‬علي حد ما ورد في نشيد الفصح "لتبتهج‪"exsultet -‬‬
‫أنت وحدك استطعت أن تعرفي متى خرج المسيح حيا من مقر األموات اجل لم يكن‬
‫احد شاهد عيان لحادث القيامة نفسه وال وصفة احد االنجليين لم يتمكن احد من‬
‫القول كيف جرى حدثها الطبيعي وفضال عن ذلك فجوهرة األخص أي انتقاله إلى‬
‫حياة أخرى لم يكن في متناول الحواس فالقيامة في كونها حدثا ملموسا بعالمة‬
‫القبر الخالي وبحقيقة التقاءات الرسل وال مسيح القائم من الموت هي في قلب سر‬
‫اإليمان في كونها تسمو علي التاريخ وتفوقه ولهذا لم يظهر المسيح القائم من‬
‫الموت للعالم بل لتالميذه الذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم الذين هم اآلن‬
‫شهوده عند الشعب (أع ‪.)02 :20‬‬

‫‪ -1‬القيامة‪ -‬عمل الثالوث األقدس‬


‫‪ -918‬قيامه المسيح هي حقيقة إيمانية في مونها تدخال ساميا من هللا نفسه في‬
‫الخلق وفي التاريخ فيها يعمل االقانيم الثالثة اإللهية معا كما يظهرون ميزاتهم‬
‫الخاصة لقد جرت بقدرة اآلب الذي أقام (أع ‪ )11 :1‬المسيح ابنه وادخل هكذا علي‬
‫وجه كامل ناسوته مع جسده في الثالوث فقد كشف نهائيا عن يسوع علي انه المقام‬
‫بحسب روح القداسة في قدرة ابن هللا بقيامته من بين األموات (رو ‪ )1 :2‬والقديس‬
‫بولس يشدد علي ظهور قدرة هللا في عمل الروح القدس الذي أحيا ناسوت يسوع‬
‫المائت ودعاة إلى حالة الربويه المجيدة‪.‬‬

‫‪ -917‬أما االبن فهو يجرى قيامته الخاصة بقدرته اإللهية فيسوع يعلن انه ينبغي‬
‫البن اإلنسان أن يتألم كثيرا ويموت وان يقوم بعد ذلك (بصيغة المعلوم لفعل قام)‬
‫وهو يثبت في موضع أخر مصرحا ابذل حياتي لكي استرجعها أيضا فلي سلطان أن‬
‫استرجعها أيضا (يو ‪ )28 – 29 :23‬نؤمن بان يسوع قد مات ثم قام (‪ 2‬تس ‪:1‬‬
‫‪.)21‬‬

‫‪ -913‬اآلباء يتأملون في القيامة انطالقا من شخص المسيح اإللهي الذي ظل متحدا‬


‫بنفسه وجسده اللذين انفصال احدهما عن األخر بالموت بوحدة الطبيعة اإللهية التي‬
‫تظل ثابتة في كل من جزءي اإلنسان يعود هذان الجزءان إلى االتحاد وهكذا فالموت‬
‫يجري بانفصال المركب اإلنسان ي والقيامة تجري باتحاد الجزءين المنفصلين‪.‬‬

‫‪ .0‬معنى القيامة ومدلولها الخالصي‬


‫‪ -912‬أن كان المسيح لم يقم فكرازتنا إذن باطله وإيمانكم أيضا باطال (‪ 2‬كو ‪:21‬‬
‫‪ )21‬فالقيامة هي من قبل كل شيء إثبات لكل ما عمل المسيح نفسه وعلم وجميع‬
‫الحقائق حتى األشد امتناعا منها علي إدراك العقل البشري تجد تبريرها إذا كان‬
‫المسيح قدم بقيامته البرهان النهائي الذي وعد به علي سلطته اإللهية‪.‬‬

‫‪ -911‬قيامه المسيح هي إتمام لمواعيد العهد القديم ولمواعيد يسوع نفسه إبان‬
‫حياته األرضية والتعبي ر علي ما في الكتب يدل علي أن قيامه المسيح تحقيق لهذه‬
‫النبوءات‪.‬‬

‫‪ -910‬حقيقة الوهة يسوع تثبتها القيامة لقد قال إذا ما رفعتم ابن البشر فعندئذ‬
‫تعرفون أنى أنا هو (يو ‪ )18 :8‬فقيامه المصلوب برهنت علي انه هو في الحقيقة‬
‫الكائن ابن هللا وهللا نفسه وقد استطاع القديس بولس أن يعلن لليهود ونحن نبشركم‬
‫بان الوعد الذي صار آلبائنا قد حققه هللا لنا إذ أقام يسوع علي ما هو مكتوب في‬
‫المزمور الثاني‪ :‬أنت ابني وأنا اليوم ولدتك (أع ‪ )00 – 01 :20‬وقيامة المسيح‬
‫شديدة االرتباط بسر تجسد ابن هللا أنها تحقيق بحسب قصد هللا األزلي‪.‬‬

‫‪ -911‬ه نالك وجهان للسر الفصحي‪ :‬انه بموته يحررنا من الخطيئة وبقيامه يفتح‬
‫لنا المخل إلى حياة جديدة وهذه الحياة الجديدة هي أوال التبرير الذي يعيدنا إلى‬
‫النعمة هللا حتى أنا كما أقيم المسيح من بين األموات كذلك نسلك نحن أيضا في جدة‬
‫الحياة (رو ‪ )1 :9‬وهي تقوم بالتغلب علي موت الخطيئة وباالشتراك الجديد في‬
‫النعمة وهى تتم التبني الن البشر يصبحون إخوة المسيح كما يدعو يسوع نفسه‬
‫تالميذه بعد قيامته اذهبا قوال الخوتى (متى ‪ )23 :18‬إخوة ال بالطبيعة بل بموهبة‬
‫النعمة الن هذا التبنى يكسب اشتراكا حقيقيا في حياة االبن الوحيد الذي كشف عن‬
‫ذاته بالقيامة كشفا كامال‪.‬‬

‫‪ -911‬أخيرا قيامة المسيح‪ -‬والمسيح القائم نفسه‪ -‬هي مبدأ وينبوع قيامتنا اآلتية‪:‬‬
‫"إن المسيح قد قام من بين األموات باكورة للراقدين فكما انه في ادم يموت الجميع‬
‫كذلك أيضا في المسيح سيحيا الجميع" (‪ 2‬كو ‪ 13 :21‬ـ ‪ .) 11‬وفي انتظار هذا‬
‫التحقيق‪ ،‬يحيا المسيح القائم من الموت في قلب مؤمنيه‪ .‬فيه يتذوق المسيحيون‬
‫"قوات الدهر اآلتي" (عب ‪ ،)1 :9‬وحياتهم يشدها المسيح على قلب الحياة اإللهية‬
‫"لكي ال يحيا األحياء لنفسهم في ما بعد بل للذي مات وقام ألجلهم" (‪ 1‬كو ‪:1‬‬
‫‪.)21‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 919‬ـ اإليمان بالقيامة يتناول حدثا يثبته تاريخيا التالميذ الذين لقوا في الحقيقة‬
‫القائم من الموت‪ ،‬ويسمو سريا ّ أيضا في كونه دخول ناسوت المسيح في مجد هللا‪.‬‬

‫‪ 919‬ـ القبر الخالي واللفائف المطروحة تعنى في ذاتها أن جسد المسيح افلت من‬
‫قيود الموت والفساد بقدرة هللا‪ .‬إنها تعد التالميذ للقاء القائم من الموت‪.‬‬

‫‪ 918‬ـ المسيح‪" ،‬البكر من بين األموات" (كو ‪ ،)28 :2‬هو مبدأ قيامتنا الخاصة‬
‫منذ اآلن بتبرير نفسنا‪ ،‬وفي الزمن اآلتى بإحياء جسدنا‪.‬‬
‫المقال السادس‪" :‬يسوع صعد إلى السماوات‪ ،‬وهو جالس إلى يمين هللا اآلب الكلى‬
‫القدرة"‬

‫‪ 917‬ـ "ومن بعد ما كلمهم الرب يسوع ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين هللا"‬
‫(مر ‪ .) 27 :29‬فجسد المسيح مجد منذ اللحظة األولى لقيامته كما تشهد بذلك‬
‫المميزات الجديدة والفائقة الطبيعة التي يتمتع بها جسده منذ اآلن فصاعدا وبغير‬
‫انقطاع‪ .‬ولكن في مدة األربعين يوما التي سيأكل ويشرب فيها مع تالميذه ببساطة‬
‫األنفة‪ ،‬ويعلمهم فيها شؤون الملكوت‪ ،‬سيبقى مجده مستورا بستار اإلنسانية‬
‫العادية‪ .‬ظهور يسوع األخير ينتهي بدخول ناسوته دخوال نهائيا في المجد اإللهي‬
‫الذي ترمز إليه السحابة والسماء حيث سيجلس من اآلن فصاعدا عن يمين هللا‪.‬‬
‫وأنه سيتراءى بطريقة جد استثنائية ووحيدة لبولس "كأنما للسقط" (‪ 2‬كو ‪:21‬‬
‫‪ )8‬ترائيا أخيرا يجعل منه رسوال‪.‬‬

‫‪ 993‬ـ إن ميزة المجد المحجوب لدى القائم من الموت في هذه المدة تظهر في‬
‫كالمه العجيب لمريم المجدلية‪" :‬لم اصعد بعد إلى أبى‪ ،‬بل أمضى إلى اخوتى وقولي‬
‫لهم إني صاعد إلى أبى وأبيكم‪ ،‬إلى إلهي وإلهكم" (يو ‪ .) 29 :13‬فهذا يدل على‬
‫اختالف في الظهور ما بين مجد المسيح القائم من الموت ومجد المسيح الجالس‬
‫عن يمين اآلب‪ .‬وحادث الصعود التاريخي والسامي معا يدل على االنتقال من الواحد‬
‫إلى اآلخر‪.‬‬

‫‪ 992‬ـ هذه المرحلة األخيرة تبقى شديدة االرتباط باألولى‪ ،‬أي االنحدار من السماء‬
‫الذي تحقق في التجسد‪ .‬والذي "خرج من اآلب" يستطيع وحده "العودة إلى‬
‫اآلب"‪ :‬أي المسيح ‪".‬لم يصعد أحد إلى السماء إال الذي نزل من السماء‪ ،‬ابن‬
‫البشر" (يو ‪ .) 20 :0‬فإذا تركت اإلنسانية لقواها الطبيعة لم تستطع الدخول إلى‬
‫"بيت اآلب" إلى حياة هللا وسعادته‪ .‬المسيح وحده استطاع أن يفتح لإلنسان هذا‬
‫الباب "بحيث يكون لنا‪ ،‬نحن األعضاء‪ ،‬آمل اللحاق به إلى حيث سبقنا هو رأسنا‬
‫ومبدأنا"‪.‬‬

‫‪ 991‬ـ "وأنا متى رفعت عن األرض اجتذبت إلى الجميع" (يو ‪ )01 :21‬فاالرتفاع‬
‫على الصليب يعنى ارتفاع الصعود إلى السماء واإلنباء به‪ .‬غنه بدء الصعود‬
‫ويسوع المسيح الكاهن الوحيد للعهد الجديد واألزلي‪ ،‬لم "يدخل مقدسا صنعته‬
‫األيدي (‪ )...‬بل دخل السماء بعينها ليظهر اآلن أمام وجه هللا ألجلنا" (عب ‪11 :7‬‬
‫)‪ .‬وفي السماء يمارس المسيح كهنوته بغير انقطاع "إذ إنه على الدوام حي ليشفع‬
‫في" من "يتقربن به أي هللا" (عب ‪ .) 11 :9‬وبما أنه "حبر للخيرات اآلتية"‬
‫(عب ‪ )22 :7‬فهو قلب الليترجيا والفاعل الرئيسي فيها‪ ،‬هي التي تكرم اآلب في‬
‫السماوات‪.‬‬
‫‪ 900‬ـ المسيح يجلس منذ اآلن فصاعدا إلى يمين اآلب‪" :‬ونحن نعنى بيمين اآلب‬
‫مجد األلوهة وشرفها حيث جلس من كان ابنا هلل قبل جميع الدهور‪ ،‬إلها واحد‬
‫الجوهر مع اآلب‪ ،‬من بعد تجسد ومن بعدما تمجد جسده "‪.‬‬

‫‪ 911‬ـ الجلوس إلى يمين األب يعنى افتتاح ملك الماسيا‪ ،‬أي تحقيق رؤيا دانيال‬
‫النبي في شان ابن اإلنسان ‪" :‬أوتى سلطانا ومجدا وملكا‪ ،‬فجميع الشعوب واألمم‬
‫واأللسنة يعبدونه‪ ،‬وسلطانه سلطان أبدى ال يزول ولكته ال ينقرض" (دا ‪.) 21 :9‬‬
‫فمنذ هذه اللحظة‪ ،‬أصبح الرسل شهود "الملك الذي ليس له انقضاء"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 991‬ـ صعود المسيح يشير إلى الدخول النهائي لناسوت يسوع إلى مقر هللا‬
‫السماوي من حيث سيعود‪ ،‬المقر الذي يخفيه في هذا الوقت عن عيون البشر ‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ يسوع المسيح‪ ،‬راش الكنيسة‪ ،‬يسبقنا إلى ملكوت اآلب المجيد حتى نحيا‬
‫نحن‪ ،‬أعضاء جسده‪ ،‬في رجاءه أن نكون يوما معه إلى األبد ‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ يسوع المسيح‪ ،‬الذي دخل مرة واحدة‪ ،‬مقدس السماء‪ ،‬يشفع فينا أبدا‪ ،‬على‬
‫أنه الوسيط الذي يضمن لنا أبدا فيض الروح القدس‪.‬‬
‫المقال السابع‪" :‬من حيث سيأتي ليقاضى األحياء واألموات"‬

‫‪2‬ـ "سيعود في المجد"‬


‫المسيح يملك منذ اآلن بالكنيسة ‪...‬‬

‫‪ 998‬ـ "مات المسيح وعاد حيا ليسود األموات واألحياء" (رو ‪ .) 7 :21‬فصعود‬
‫المسيح إلى السماء يعنى اشتراكه بناسوته في قدرة هللا نفسه وفي سلطانه يسوع‬
‫المسيح رب‪ :‬ب يده كل سلطة في السماوات وعلى األرض‪ .‬وهو "فوق كل رئاسة‬
‫وسلطان وقوة وسيادة"‪ ،‬ألن "اآلب أخضع كل شيء تحت قدميه" (أف ‪ 13 :2‬ـ‬
‫‪ .)11‬المسيح هو سيد الكون والتاريخ‪ .‬فيه يجد تاريخ اإلنسان وكل الخليقة‬
‫"خالصهما"‪ ،‬ونهايتهما السامية ‪.‬‬

‫‪ 977‬ـ والمسيح‪ ،‬بصفته ربا‪ ،‬هو أيضا رأس الكنيسة التي هي جسده‪ .‬وبعد أن رفع‬
‫إلى السماء ومجد‪ ،‬متمما هكذا رسالته إتماما كامال‪ ،‬فهو يبقى على األرض في‬
‫كنيسته فالفداء هو مصدر السلطة التي يمارسها المسيح على الكنيسة‪ ،‬بقوة الروح‬
‫القدس "فملك المسيح هو اآلن حاضر سريا في الكنيسة"‪" ،‬نواة وبدء هذا‬
‫الملكوت على األرض"‪.‬‬

‫‪ 9993‬ـ منذ الصعود أخذ تصميم هللا يتحقق‪ .‬فنحن اآلن في "الساعة األخيرة" (‪2‬‬
‫يو ‪" .) 28 :1‬فاألزمنة األخيرة إذن قد أتت بالنسبة إلينا‪ ،‬وتجديد العالم قد حصل‬
‫على غير تراجع ووقع بكل حقيقة‪ ،‬في األيام الحاضرة‪ ،‬ذلك بأن الكنيسة مزدانة‬
‫اآلن على األرض بقداسة حقيقة وإن غير كاملة‪ .‬وملك المسيح يظهر اآلن حضوره‬
‫باآليات العجائبية التي ترافق إعالنه عن طريق الكنيسة"‪.‬‬

‫‪...‬بانتظار أن يخضع له كل شيء‬


‫‪ 992‬ـ ملك المسيح‪ ،‬الحاضر اآلن في كنيسته‪ ،‬لم يتم بعد "في قدرة ومجد عظيم"‬
‫(لو ‪ ،) 19 :12‬بمجيء الملك إلى األرض‪ .‬وهذا الملك تقاومه قوى الشر‪ ،‬وإن‬
‫كانت قد غلبت في األساس بفصح المسيح‪ .‬فإلى أن يخضع له كل شيء‪" ،‬إلى أن‬
‫تتحقق السماوات الجديدة واألرض الجديدة حيث يسكن البر‪ ،‬تحمل الكنيسة إبان‬
‫رحلتها‪ ،‬في أسرارها ومؤسساتها المرتبطة بهذا الزمن‪ ،‬صورة الدهر الزائل‪،‬‬
‫وتعيش هي نفسها وسط الخالئق التي ال تنى تئن اآلن في أوجاع المخاض‪ ،‬وتنتظر‬
‫تجلى أبناء هللا"‪ .‬ولهذا يصلى المسيحيون‪ ،‬وال سيما في األفخارستيا‪ ،‬لتسريع‬
‫عودة المسيح‪ ،‬قائلين له‪" :‬تعال يارب" (رؤ ‪. )13 :11‬‬

‫‪ 991‬ـ المسيح أكد قبل صعوده أنه لم تأت بعد ساعة إقامة الملكوت المسيانى‬
‫المجيد الذي ينتظره إسرائيل‪ ،‬والذي كان من شانه أن يجلب للبشر‪ ،‬على حد قول‬
‫األنبياء‪ ،‬نظام البر النهائي والمحبة والسالم‪ ،‬فالزمن الحاضر هو‪ ،‬بحسب الرب‪،‬‬
‫زمن الروح والشهادة‪ ،‬ولكنه زمن أيضا موسوم بسمة الضيق (‪ 2‬كو ‪)19 :9‬‬
‫وامتحان الشر الذي ال يحيد عن الكنيسة‪ ،‬والذي يفتح صراعات األيام األخيرة‪ .‬إنه‬
‫زمن ترقب وسهر‪.‬‬

‫مجىء المسيح المجيد‪ ،‬رجاء إسرائيل‬


‫‪ 990‬ـ منذ الصعود أصبح مجيء المسيح في المجد قريبا‪ ،‬وأن لم يكن لنا "أن‬
‫نعرف األوقات التي أقرها اآلب في سلطانه الخاص" (أع ‪ .) 9 :2‬هذا المجيء‬
‫المعادى يمكنه أن يتم في أي وقت‪ ،‬وإن كان "مقيدا"‪ ،‬هو واالمتحان األخير الذي‬
‫سيسبقه ‪.‬‬

‫‪ 991‬ـ مجيء الماسيا المجيد معلق بكل وقت من أوقات التاريخ‪ ،‬إلى أن يعترف به‬
‫"كل إسرائيل الذي تصلب قسم منه في "عدم اإليمان"" (رو ‪ )13 :22‬بيسوع ـ‬
‫والقديس بطرس يقول ذلك ليهود أورشليم بعد العنصرة‪" :‬اندموا وتوبوا لكي‬
‫تمحى خطاياكم‪ ،‬فتأت ى أوقات الراحة من قبل الرب‪ ،‬ويرسل الذي أعد لكم من قبل‪،‬‬
‫المسيح يسوع الذي ينبغي أن تقبله السماء‪ ،‬إلى عهد تجديد كل شيء‪ ،‬الذي تكلم‬
‫عنه هللا منذ القديم على أفواه أنبيائه القديسين" (أ ع ‪ 27 :0‬ـ ‪ .) 12‬والقديس‬
‫بولس يردد صداه قائال‪" :‬إن كان انتباذهم مصالحة للعالم‪ ،‬فماذا يكون قبولهم إال‬
‫حياة لألموات؟" (رو ‪ .)21 :22‬فدخول جمهرة اليهود في الخالص المسيانى‪ ،‬في‬
‫عقب جمهرة األمم يتيح لشعب هللا أن " يحقق ملء اكتمال المسيح " (أف ‪:1‬‬
‫‪ ،)20‬الذي يكون فيه "هللا كال في الكل" (‪ 2‬كو ‪.)1 :21‬‬

‫امتحان الكنيسة األخير‬


‫‪ 991‬ـ البد للكنيسة‪ ،‬قبل مجيء المسيح‪ ،‬من أن تجتاز امتحانا اخيرا يزعزع إيمان‬
‫كثير من المؤمنين‪ .‬واالضطهاد الذي يرافق زيارته لألرض يكشف "سر الجور"‬
‫في شكل تدجيل ديني يقدم للبشر حال ظاهرا لقضاياهم ثمنه جحود الحقيقة والتجديل‬
‫الديني األعظم هو تدجيل المسيح الدجال‪ ،‬أي تدجيل المسيانية الكاذبة‪ ،‬حيث يمجد‬
‫اإلنسان نفسه في مكان هللا ومسيحه المتجسد‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ هذا التدجيل المناهض للمسيح ويرتسم في العالم كلما ادعى الناس أن‬
‫يحققوا في التاريخ الرجاء المسيانى الذي ال يمكن أن يتم إال بعده في الدينونة‬
‫المعادية‪ ،‬والكنيسة نبذت هذا التزوير للملكوت التي حتى في صيغته المخففة‬
‫المعروفة باأللفية‪ ،‬وال سيما صيغتها السياسية كمسيانية علمانية "فاسدة في‬
‫جوهرها"‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ الكنيسة لن تدخل في مجد الملكوت إال من خالل هذا الفصح األخير حيث تتبع‬
‫ربها في موته وفي قيامته‪ .‬فالملكوت لن يتحقق إذن بانتصار تاريخي للكنيسة يكون‬
‫في تطور صاعد بل بانتصار هلل على جماح الشر األخير الذي سينزل عروسها من‬
‫السماء‪ .‬وانتصار هللا على ثورة الشر سيتخذ شكل الدينونة األخير لهذا العالم‬
‫المتالشى‪.‬‬

‫‪" -1‬ليقاضى األحياء واألموات"‬


‫‪ 998‬ـ بعد األنبياء ويوحنا المعمدان‪ ،‬أعلن يسوع في كرازته دينونة اليوم اآلخر‪،‬‬
‫حينذاك يكشف سلوك كل واحد‪ ،‬وسر القلوب‪ .‬عند ذلك يقضى على عدم اإليمان‬
‫األثيم‪ ،‬الذي استخف بالنعمة التي وهبها هللا‪ ،‬وموقف اإلنسان بالنسبة إلى القريب‬
‫سيكشف عن حسن استقبال النعمة والمحبة اإللهية أو رفضها‪ .‬سيقول يسوع في‬
‫اليوم األخير‪" :‬إن كل ما صنعتموه إلى واحد من اخوتى هؤالء‪ ،‬إلى واحد من‬
‫الصغار‪ ،‬فإلى قد صنعتموه" (متى ‪. )13 :11‬‬

‫‪ 997‬ـ المسيح سيد الحياة األبدية‪ ،‬وله الحق الكامل في أن يحكم نهائيا على أعمال‬
‫البشر وقلوبهم بكونه فادى العالم‪ .‬لقد "أكتسب" هذا الحق بصليبه‪ .‬ولهذا فاآلب‬
‫"فوض إلى االبن كل دينونة" (يو ‪ .) 11 :1‬واالبن لم يأت ليدين‪ ،‬بل ليخلص‪،‬‬
‫ولكي يعطى الحياة التي فيه‪ .‬ويرفض النعمة في هذه الحياة يدين كل واحد ذاته‪،‬‬
‫فينال ما تستحقه أعماله‪ ،‬ويستطيع حتى أن يهلك نفسه إلى األبد برفضه روح‬
‫المحبة‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 983‬ـ المسيح الرب يملك منذ اآلن بالكنيسة‪ ،‬ولكن لم يخضع له بعد كل شيء في‬
‫هذا العالم‪ ،‬ولن يتحقق انتصار ملكوت المسيح بدون أن يالقى هجوما أخيرا من‬
‫قوات الشر‪.‬‬

‫‪ 982‬ـ في يوم الدينونة‪ ،‬عند انتهاء العالم‪ ،‬سيأتي المسيح في المجد ليحقق‬
‫االنتصار النهائي للخير على الشر‪ ،‬اللذين‪ ،‬مثل حبة القمح والزوان‪ ،‬ينموان معا‬
‫على مر التاريخ‪.‬‬

‫‪ 981‬ـ عندما يأتي المسيح الممجد في آخر األزمان ليقاضى األحياء واألموات‬
‫سيكشف عن استعدادات القلوب السرية‪ ،‬وينيل كل إنسان ما استحقته أعماله‪،‬‬
‫وقبوله أو رفضه للنعمة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أؤمن بالروح القدس‬

‫‪ 980‬ـ "ما من أحد يستطيع أن يقول "يسوع رب" إال بالروح القدس" (‪ 2‬كو ‪:21‬‬
‫‪" )0‬أرسل هللا إلى قلوبنا روح ابنه ليصرخ‪ :‬أبا‪ ،‬أيها اآلب" (غل ‪ .) 9 :1‬فهذه‬
‫المعرفة اإليمانية غير ممكنة إال بالروح القدس‪ .‬فهو الذي يؤتى إلينا‪ ،‬ويبعث فينا‬
‫اإليمان‪ .‬وبفضل المعمودية‪ ،‬السر األول من إسرار اإليمان‪ ،‬فالحياة‪ ،‬النابعة من‬
‫اآلب ‪،‬والمقدمة لنا في االبن‪ ،‬تصل إلينا‪ ،‬بطريقة حميمة وشخصية‪ ،‬بالروح القدس‬
‫في الكنيسة‪:‬‬
‫المعمودية "تمنحنا نعمة الوالدة الجديدة في هللا اآلب بوساطة ابنه في الروح‬
‫القدس‪ .‬فالذين يحملون روح هللا هم مقودون إلى الكلمة‪ ،‬أي االبن؛ ولكن االبن؛‬
‫ولكن االبن يقدمهم إلى اآلب‪ ،‬واآلب يكسبهم عدم الفساد‪ .‬فبدون الروح القدس إذن‬
‫ال تمكن رؤية ابن هللا‪ ،‬وبدون االبن ال يستطيع أحد أن يقارب اآلب‪ ،‬ألن معرفة اآلب‬
‫هي االبن‪ ،‬ومعرفة ابن هللا تجرى بالروح القدس"‪.‬‬

‫‪ 981‬ـ الروح القدس هو األول‪ ،‬بنعمته‪ ،‬في يقظة إيماننا‪ ،‬وفي الحياة الجديدة التي‬
‫هي معرفة اآلب والذي أرسله‪ ،‬يسوع المسيح‪ .‬ومع ذلك فهو األخير في الكشف عن‬
‫اقانيم الثالوث األقدس‪ .‬والقديس غريغوريوس النزينزى "الالهوتي" يشرح هذا‬
‫التدرج في نظام "التنازل اإللهي"‪.‬‬
‫"العهد القديم أعلن اآلب في وضوح‪ ،‬واالبن في غموض‪ ،‬العهد الجديد أعلن االبن‪،‬‬
‫وألمع بألوهة الروح‪ .‬وهكذا أصبح للروح القدس مقر في ما بيننا‪ ،‬وهو ينير طريقنا‬
‫إليه‪ .‬وهكذا لم يكن من الحكمة‪ ،‬قبل االعتراف بالوهة اآلب‪ ،‬أن ينادى علنا باالبن‪،‬‬
‫وقبل التسليم بألوهة االبن‪ ،‬أن يفحم الروح الروح عبثا إضافيا ـ ولو كان التعبير‬
‫جريئا ‪ ...‬وهكذا فيخطىء متعاقبة‪ ،‬واب االنتقال "من مجد إلى مجد" يتألأل نور‬
‫الثالوث أكثر فأكثر"‪.‬‬

‫‪ 981‬ـ اإليمان بالروح القدس هو إذن االعتراف بان الروح القدس هو احد أقانيم‬
‫الثالوث األقدس‪ ،‬الواحد الجوهر مع اآلب واالبن‪" ،‬المعبود والممجد مع اآلب‬
‫واالبن"‪ .‬ولهذا السبب عرض لسر الروح القدس اإللهي في "الالهوت" الثالوثى‪.‬‬
‫وهكذا فموضوع الروح القدس هنا بتدرج في "التدبير اإللهي"‪.‬‬

‫‪ 989‬ـ الروح القدس يعمل مع اآلب واالبن منذ بدء تصميم خالصنا حتى نهايته‬
‫ولكنه لم يكشف‪ ،‬ولم يوهب‪ ،‬ولم يعترف به ولم يعد أقنوما‪ ،‬إال "في األزمنة‬
‫األخيرة" التي أفتتحها تجسد االبن الفدائى وهكذا فهذا التصميم اإللهي‪ ،‬المحقق في‬
‫المسيح‪" ،‬بكر" الخليقة الجديدة ورأسها‪ ،‬يستطيع أن يتجسد في البشرية بفيض‬
‫الروح القدس‪ :‬الكنيسة‪ ،‬شركة القديسين‪ ،‬غفران الخطايا‪ ،‬قيامة الجسد‪ ،‬الحياة‬
‫األبدية‪.‬‬
‫المقال الثامن‪" :‬أؤمن بالروح القدس‬

‫‪ 989‬ـ "ليس أحد يعرف ما في هللا إال روح هللا" (‪ 2‬كو ‪ )22 :1‬والحال أن روحة‬
‫الذي يكشفه يجعلنا نعرف المسيح كلمته كالمه الحي ولكنه ال يقول عن نفسه ما هو‬
‫فالذي نطق باألنبياء يسمعنا كالم اآلب أما يسمعنا كالم اآلب أما هو فال نسمعه وال‬
‫نعرفه إال بالحركة التي يكشف لنا فيها الكلمة ويعدنا الستقباله في اإليمان وروح‬
‫الحق الذي يكشف لنا المسيح ال يتكلم من عند نفسه مثل هذا االحتجاب ذي الميزة‬
‫اإللهية الخاصة يفسر لماذا ال يستطيع العالم أن يقبله ألنه ال يراه وال يعرفه فيما أن‬
‫الذين يؤمنون بالمسيح يعرفونه ألنه يقيم معهم (يو ‪)29 :21‬‬

‫‪ -988‬وإذ كانت الكنيسة هي الشركة الحية إليمان الرسل الذي تنقله فهي موضع‬
‫معرفتنا للروح القدس‬
‫· في الكتب التي أوحي بها‬
‫· في التقليد وآباء الكنيسة له شهود أبدا حاليون‬
‫· في سلطة الكنيسة التعليمية التي يرافقها‬
‫· في ليترجيا األسرار من خالل أقوالها ورموزها حيث يجعلنا الروح القدس قي‬
‫شركه مع المسيح‬
‫· في الصالة التي يشفع لنا فيها‬
‫· في المواهب والخدمات التي تبنى بها الكنيسة‬
‫· في عالمات الحياة الرسولية واإلرسالية‬
‫· في شهادة القديسين حيث يظهر قداسته ويواصل عمل الخالص‬

‫‪ – 1‬الرسالة المشتركة بين االبن والروح القدس‬


‫‪ -987‬هذا الذي أرسله اآلب إلى قلوبنا روح ابنه هو في الحقيقة اله واحد الجوهر‬
‫مع اآلب واالبن ال ينفصل عنهما سواء كان ذلك في حياة الثالوث الحميمة أو في‬
‫موهبة محبته للعالم ولكن أن عبدت الكنيسة الثالوث األقدس المحي الواحد الجوهر‬
‫وغير المنقسم فإيمانها يعترف بتميز االقانيم وعندما يرسل اآلب كلمته يرسل أبدا‬
‫روحه‪ :‬رسالة مشتركه حيث االبن والروح القدس متميزان ولكن غير منفصلين‬
‫اجل أن المسيح هو الذي يظهر هو الصورة المنظورة هلل غير المنظور ولكن الروح‬
‫القدس هو الذي يكشفه‬

‫‪ -973‬يسوع هو مسيح ممسوح الن الروح القدس هو الدهن وكل ما يجرى انطالقا‬
‫من التجسد هو من هذا االمتالء وأخيرا عندما تمج المسيح صار بإمكانه هو أيضا‬
‫أن يرسل الروح من عند اآلب إلى الذين يؤمنون به فهو يشركهم في مجده أي‬
‫بالروح القدس الذي يمجده فالرسالة المشتركة سينشر عملها في األبناء الذين‬
‫تبناهم اآلب في جسد ابنه ستقوم رسالة روح التبني بان تضمهم إلى المسيح وان‬
‫تحييهم فيه فكرة المسحة توحي بان ليس هنالك أي بعد بين االبن والروح القدس‬
‫فكما انه بين سطح الجسد ومسحة الزيت ال يعرف العقل وال الحس أي وسيط هكذا‬
‫يكون مباشرا اتصال االبن بالروح بحيث انه ال بد لمن سيتصل باالبن باإليمان من‬
‫أن يلقى أوال الزيت باللمس وهكذا فما من جزء عار من الروح القدس ولهذا‬
‫فاالعتراف بسيادة االبن تجري في الروح القدس للذين يتقبلونها إذ يأتي الروح‬
‫القدس من كل جهة إلى أمام الذين يقتربون باإليمان‬

‫‪ – 2‬اسم الروح القدس وتسمياته ورموزه‬


‫اسم علم الروح القدس‬
‫‪ -972‬روح قدس هذا اسم علم من نعبده ونمجده مع اآلب واالبن الكنيسة تقبلته‬
‫من الرب وتعترف به في معمودية أبنائها الجدد‪ .‬اللفظة روح ترجمه للفظة‬
‫العبرانية روح ومعناها األول نفس هواء ريح ويسوع يستعمل صورة الريح‬
‫الحسية هذه لكي يوحي لنيقوديمس بالجدة السامية في الذي هو شخصيا نفس هللا‬
‫الروح اإللهي والي ذلك فروح وقدس صفتان إلهيتان يشترك فيهما االقانيم الثالثة‬
‫ولكن بجمع هاتين اللفظتين يدل الكتاب المقدس والليتروجيا واللغة الالهوتية علي‬
‫اقنوم الروح القدس الذي ال يوصف من غير التباس ممكن بالمدلوالت األخرى‬
‫للفظتين روح و قدس ‪.‬‬

‫تسميات الروح القدس‬


‫‪ -971‬يسوع عندما يعلن مجئ الروح القدس ويعد به يسميه البارقليط ومعناه‬
‫حرفيا الذي يدعي قرب (‪( )ad - vocatus‬يو ‪)29 :29 ،19 :21 ،19 ،29 :21‬‬
‫وبارقليط تترجم عادة بالمعزي إذ أن يسوع هو المعزى األول والرب نفسه يسمى‬
‫الروح القدس روح الحق‪.‬‬

‫‪ -970‬وفضال عن اسم علمه األكثر استعماال في أعمال الرسل والرسائل نجد عند‬
‫القديس بولس التسميات التالية‪ :‬روح الموعد (غل ‪ ،21 :0‬أف ‪ )20 :2‬وروح‬
‫التبني (رو ‪ ،21 :8‬غل ‪ )9 :1‬وروح المسيح (رو ‪ )22 :8‬وروح الرب (‪ 1‬كو ‪:0‬‬
‫‪ )29‬وروح هللا (رو ‪ 2 ،27 :21 ،21 ،7 :8‬كو ‪ )13 :9 ،22 :9‬وعند القديس‬
‫بطرس روح المجد (‪ 2‬بط ‪.)21 :1‬‬

‫رموز الروح القدس‬


‫‪ -971‬الماء‪ :‬رمز الماء يعبر عن عمل الروح القدس في المعمودية إذ انه يصبح‬
‫بعد استدعاء الروح القدس العالمة السرية الفاعلة في الوالدة الجديدة فكما أن حبل‬
‫والدتنا األولى جرى في الماء كذلك يعنى ماء المعمودية في الحقيقة أن والدتنا‬
‫للحياة اإللهية نعطاها في الروح القدس ولكن "إذ كنا معمدين في الروح واحد"‬
‫فنحن "مقيون من روح واحد" (‪ 2‬كو ‪ :)20 :21‬فالروح هو إذن شخصيا الماء‬
‫الحي الذي يتفجر من المسيح المصلوب كما من ينبوعه‪ ،‬والذي ينفجر فينا حياة‬
‫أبدية ‪.‬‬
‫‪ 971‬ـ المسحة‪ :‬رمز المسح بالزيت يعنى أيضا الروح القدس‪ ،‬إلى حد انه يصبح‬
‫مرادفا له‪ .‬وهو‪ ،‬في التنشئة المسيحية‪ ،‬العالمة األسرارية لسر التثبيت‪ ،‬الذي‬
‫تدعوه بحق كنائس الشر "سر الميرون"‪ .‬ولكن‪ ،‬لكي ندرك كل قوة تلك المسحة‪،‬‬
‫يجب الرجوع إلى المسحة األولى التي قام بها الروح القدس‪ :‬مسحة يسوع‪.‬‬
‫فالمسيح (واللفظة مشتقة من العبرية "ماسيا" يعنى "المسوح" من روح هللا‬
‫هناك أناس "ممسوحون" من قبل الرب في العهد القديم‪ ،‬وبنوع خاص الملك دواد‪.‬‬
‫ولكن يسوع هو الممسوح من هللا بشكل فريد‪ :‬فالبشرية التي اتخذها االبن هي‬
‫بكاملها "ممسوحة من الروح القدس" فيسوع قد أقيم "مسيحا" بالروح القدس‪.‬‬
‫وبالروح القدس حبلت مريم العذراء بيسوع وهو الذي بواسطة المالك أعلن بيسوع‬
‫مسيحا عند والدته‪ ،‬وحمل سمعان على المجيء على الهيكل ليشاهد مسيح الرب‬
‫وهو الذي مأل المسيح‪ ،‬وقدرته هي التي كانت تخرج من المسيح لدى قيامه بأعمال‬
‫شفاء وخالص‪ .‬وهو الذي أخيرا أقام يسوع من بين األموات‪ .‬ويسوع إذ ذاك‪ ،‬وقد‬
‫أقيم بشكل كامل "مسيحا" في بشريته المنتصرة على الموت‪ ،‬يفيض بسخاء الروح‬
‫القدس‪ ،‬إلى أن يكون القديسون‪ ،‬في اتحادهم ببشرية ابن هللا‪" ،‬هذا اإلنسان الكامل‬
‫(‪ )..‬الذي يحقق ملء المسيح" (أف ‪" :)20 :1‬المسيح الكلى" بحسب تعبير‬
‫القديس أوغسطينوس ‪.‬‬

‫‪ 979‬ـ النار غيما الماء تعنى الوالدة وخصب الحياة التي يهبها الروح القدس‪ ،‬ترمز‬
‫النار إلى قدرة أعمال الروح القدس المحولة فالنبي إيليا‪ ،‬الذي "قام كالنار‪ ،‬وكان‬
‫كالمه يتوقد كالمشعل" (سير ‪ )2 :18‬أنزل على ذبيحة جبل الكرمل نار السماء‪،‬‬
‫وهى صورة النار الروح القدس يحول ما يلمسه ويوحنا المعمدان‪" ،‬الذي سار أمام‬
‫الرب بروح إيليا وقدرته" (لو ‪ ،) 29 :2‬بشر بالمسيح معلنا أنه هو "الذي سيعمد‬
‫بالروح القدس والنار" (لو ‪ ،) 29 :0‬هذا الروح الذي سوف يقول عنه يسوع‪:‬‬
‫"لقد جئت أللقى على األرض نارا‪ ،‬وكم أود لو تكون قد اضطرمت" (لو ‪)17 :21‬‬
‫وبهيئة ألسنة "كأنها من نار"‪ ،‬حل الروح القدس على التالميذ في صباح‬
‫العنصرة‪ ،‬ومألهم منه ولقد حفظ التقليد الروحي رمز النار هذا كأفصح تعبير عن‬
‫عمل الروح القدس ‪" :‬ال تطفئوا الروح" (‪ 2‬تس ‪)27 :1‬‬

‫‪ 979‬ـ السحابة والنور‪ .‬هذان الرمزان ال ينفصالن في تجليات الروح القدس‪.‬‬


‫فالسحابة منذ ظهورات هللا في العهد القديم‪ ،‬تارة مظلمة وتارة منيرة‪ ،‬تكشف هللا‬
‫الحي والمخلص‪ ،‬وهى تحجب سمو مجده‪ :‬مع موسى على جبل سيناء‪ ،‬وفى خيمة‬
‫الم وعد‪ ،‬وفى أثناء المسيرة في الصحراء‪ ،‬ومع سليمان لدى تكريس الهيكل‪ .‬فهذه‬
‫الصور قد أتمها المسيح في الروح القدس‪ .‬فالروح القدس هو الذي حل على مريم‬
‫العذراء وظللها لتحبل بيسوع وتلده وهو الذي‪ ،‬على جبل التجلي‪" ،‬أتى في‬
‫السحابة التي ظللت" يسوع وموسى وإيليا‪ ،‬وبطرس ويعقوب ويوحنا‪ .‬وانطلق من‬
‫السحابة صوت يقول ‪ ":‬هذا هو ابني‪ ،‬مختاري‪ ،‬فاسمعوا له " (لو ‪،) 01 :7‬‬
‫والسحابة عينها هي أخيرا التي "أخذت يسوع عن عيون التالميذ في يوم صعوده‬
‫إلى السماء‪ ،‬والتي سوف تكشف أنه ابن البشر في مجده في يوم مجيئه الثاني"‪.‬‬

‫‪ 978‬ـ الختم‪ :‬هو رمز قريب من رمز المسحة‪ .‬فالمسيح هو "الذي ختمه هللا‬
‫نفسه" (يو ‪ ) 19 :9‬وفيه يختمنا اآلب نحن أيضا‪ .‬وإن صورة الختم‪ ،‬لكونها تدل‬
‫على مفعول مسحة الروح القدس الذي ال يمحى في أسرار المعمودية والميرون‬
‫والكهنوت قد استعملها بعض التراثات الالهوتية لتعبر عن "الوسم" الذي ال يمحى‬
‫الذي تطبعه تلك األسرار التي ال يجوز تكرارها للشخص الواحد ‪.‬‬

‫‪ 977‬ـ اليد‪ :‬إن يسوع‪ ،‬بوضعه يديه‪ ،‬شفى المرضى وبارك األوالد الصغار‪ .‬وكما‬
‫فعل هو فعل الرسل على مثاله وباسمه وأفضل من ذلك فالروح القدس إنما يعطى‬
‫بوضع ايدي الرسل وتورد الرسالة إلى العبرانين وضع االيدي في عداد "األمور‬
‫األساسية" من تعليمها‪ .‬وتلك العالمة لسكب الروح القدس بكامل قدرته‪ ،‬قد حفظتها‬
‫الكنيسة في صلوات استدعاء الروح القدس في األسرار‪.‬‬

‫‪ 933‬ـ اإلصبع‪ :‬كان يسوع "بإصبع هللا يخرج الشياطين" وإن كانت شريعة هللا قد‬
‫كتبت على ألواح من حجر "بأصبع هللا" (خر ‪ ،) 28 :02‬فإن "رسالة المسيح"‬
‫التي فوضت إلى الرسل‪" ،‬قد كتبت بروح هللا الحي ال في ألواح من حجر‪ ،‬بل في‬
‫ألواح من لحم‪ ،‬في القلوب" (‪ 1‬كو ‪ )1 :0‬والنشيد "تعال أيها الروح الخالق"‬
‫يبتهل إلى الروح القدس داعيا إياه "أصبع يمين اآلب"‪.‬‬

‫‪ 932‬ـ الحمامة في نهاية الطوفان (الذي يتعلق رمزه بالمعمودية)‪ ،‬عادت الحمامة‬
‫التي أطلقها نوح وفى فمها ورقة زيتون خضراء‪ ،‬داللة على أن األرض صارت من‬
‫جديد قابلة للسكنى‪ .‬وعندما خرج المسيح من ماء معموديته‪ ،‬نزل الروح القدس‬
‫بهيئة حمامة وحل عليه‪ .‬والروح ينزل ويحل في قلب المعتمدين المطهر وفى بعض‬
‫الكنائس يحفظ القربان المقدس‪ ،‬الزاد اإلفخارستى‪ ،‬وفى وعاء من معدن بهيئة‬
‫حمامة معلق فوق الهيكل‪ .‬إن رمز الحمامة لإلشارة إلى الروح القدس هو تقليدي‬
‫في الفن اإليقونوغرافى المسيحي ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الروح وكلمة اهلل في زمن المواعيد‬


‫‪ 931‬ـ من البدء حتى "ملء الزمان"‪ ،‬ظلت في الخفاء رسالة االبن وروح اآلب‬
‫المشتركة ولكنها كانت تعمل ففيها هيا روح هللا زمن الماسيا‪ ،‬وكالهما‪ ،‬ولم ينكشفا‬
‫بعد تماما‪ ،‬كانا موضوع الوعد‪ ،‬لكي ينتظرهما الناس ويقبلوهما لدى تجليهما‪ ،‬لذلك‬
‫عندما تقرأ الكنيسة العهد القديم‪ ،‬تبحث فيه ما يريد الروح "الناطق باألنبياء" أن‬
‫يقوله لنا عن المسيح ‪.‬‬
‫بلفظه "األنبياء" يعنى إيمان الكنيسة كل الذين ألهم الروح القدس في الكرازة‬
‫الحية وفى تدوين األسفار المقدسة‪ ،‬سواء كان ذلك في العهد القديم أو في العهد‬
‫الجديد‪ .‬أما التقليد اليهودي فيميز الناموس (األسفار الخمسة األولى )‪ ،‬واألنبياء‬
‫(األسفار التي ندعوها تاريخية ونبوية‪ ،‬والكتب (وال سيما الحكيمة‪ ،‬وبنوع خاص‬
‫المزامير) ‪.‬‬

‫في الخلق‬
‫‪ 930‬ـ كلمة هللا وروحه هما في أصل كيان وحياة كل خليقة‪:‬‬
‫"للروح القدس أن يملك على الخليقة ويقدسها‪ ،‬ألنه غله واحد في الجوهر مع اآلب‬
‫والكلمة (‪ )...‬إن الروح القدس هو مبدأ الحياة وله الكرامة‪ ،‬فإنه كان يؤيد البرايا‬
‫كلها ويصونها في اآلب باالبن"‪.‬‬

‫‪ 931‬ـ "أما اإلنسان فقد صنعه هللا بكلتا يديه (أي االبن والروح القدس) (‪)...‬‬
‫ورسم على الجسد المصنوع صورته الخاصة‪ ،‬بحيث أن حتى ما هو مرئي يحمل‬
‫الهيئة اإللهية"‪.‬‬

‫روح الوعد‬
‫‪ 931‬ـ اإلنسان‪ ،‬وإن شوهته الخطيئة والموت‪ ،‬يبقى "على صورة هللا"‪ ،‬على‬
‫صورة االبن‪ ،‬ولكنه "يعوزه مجد هللا"‪ ،‬ويعوزه "المثال" إن الوعد الذي أعطى‬
‫إلبراهيم قد افتتح تدبير الخالص‪ ،‬الذي في نهايته اتخذ االبن "الصورة" وأعاد‬
‫إليها المثال مع اآلب واهبا لها من جديد المجد‪ ،‬الروح المعطى الحياة"‪.‬‬

‫‪ 939‬ـ لقد وعد هللا إبراهيم‪ ،‬على خالف كل رجاء بشرى‪ ،‬بنسل يكون ثمرة اإليمان‬
‫وقدرة الروح القدس‪ ،‬وفيه تتبارك جميع أمم األرض‪ .‬وهنا النسل هو المسيح الذي‬
‫حقق فيض الروح القدس فيه وحدة أبناء هللا المشتتين‪ .‬إن هللا‪ ،‬بالتزامه بقسم‪،‬‬
‫التزم في الوقت عينه بأن يهب لنا ابنه الحبيب‪ ،‬وروح الموعد القدوس لفداء‬
‫الشعب الذي افتتاحه هللا‪.‬‬

‫في الظهورات اإللهية والناموس‬


‫‪ 939‬ـ إن الظهورات اإللهية (تجليات هللا) قد أنارات طريق الوعد‪ ،‬من اآلباء إلى‬
‫موسى ويشوع حتى الرؤى التي افتتحت رسالة األنبياء الكبار‪ .‬وقد اعترف التقليد‬
‫المسيحي على الدوام أن كلمة هللا هو الذي كان يسمع ويروى في تلك الظهورات‬
‫اإللهية‪ .‬إنه الكلمة الموحى به‪ ،‬والذي في الوقت عينه " تظلله سحابة الروح‬
‫القدس‪.‬‬

‫‪ 938‬ـ هذا النهج التربوي اإللهي ظهر بنوع خاص في عطية الناموس فقد أعطى‬
‫الناموس "كمؤدب" يرشد الشعب إلى المسيح‪ .‬ولكن عجزه عن خالص اإلنسان‬
‫الفاقد "المثال اإللهي" ومعرفة الخطيئة التي أكسبه إياها بازدياد‪ ،‬أيقظا فيه رغبة‬
‫الروح القدس‪ .‬وتشهد على ذلك تنهدات المزامير ‪.‬‬
‫في المملكة والسبي‬
‫‪ 937‬ـ كان على الناموس‪ ،‬وهو عالمة الوعد والعهد‪ ،‬أن يسوس قلب الشعب الذي‬
‫تكون من إيمان إبراهيم‪ ،‬ويسوس مؤسساته‪" :‬إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي‬
‫تكونون لي مملكة وأمة مقدسة" (خر ‪ 1 :27‬ـ ‪ .) 9‬ولكن بعد داود‪ ،‬سقط إسرائيل‬
‫في تجربة أن يصير مملكة كسائر األمم‪ .‬بيد أن الملكة‪ ،‬موضوع الوعد الذي وعد‬
‫به هللا داود‪ ،‬ستكون عمل الروح القدس‪ ،‬وهى الملكوت الذي يحصل عليه الفقراء‬
‫بالروح ‪.‬‬

‫‪ 9923‬ـ إن نسيان الناموس وعدم األمانة للعهد قادا إلى الموت‪ :‬فكان السبي‪ ،‬الذي‬
‫هو في الظاهر إخفاق للمواعيد‪ ،‬ولكنه في الواقع أمانة في السر من قبل هللا‬
‫المخلص‪ ،‬وبدء تجيد موعود به‪ ،‬ولكن بحسب الروح كان البد من أن يخضع شعب‬
‫هللا لتلك التنقية فالسبي‪ ،‬منذ حدوثه‪ ،‬يحمل في تصميم هللا ظل الصليب‪ ،‬والبقية من‬
‫الفقراء التي تعود منه هي إحدى صور الكنيسة األكثر شفافية‪.‬‬

‫ترقب الماسيا وروحه‬


‫‪ 922‬ـ "هاأنذا آتى بالجديد" (أش ‪ :)27 :10‬هناك خطان نبويان يرتسمان‪ ،‬يتعلق‬
‫أحدهما بترقب الماسيا‪ ،‬واآلخر بالتبشير بروح جديد‪ ،‬ويتالقيان في "البقية"‬
‫الضئيلة‪ ،‬شعب الفقراء‪ ،‬الذي ينتظر في الرجاء "تعزية إسرائيل" "وفداء‬
‫أورشليم" (لو ‪ .) 08 ،11 :1‬رأينا سابقا كيف أتم يسوع النبوءات المتعلقة به‪.‬‬
‫لذلك نقتصر هنا على تلك التي يظهر فيها االرتباط بين الماسيا وروحه‪.‬‬

‫‪ 921‬ـ إن تقاسيم وجه الماسيا المنتظر تظهر أوال في كتاب عمانوئيل ("عندما‬
‫شاهد أشعيا في الرؤيا مجد" المسيح‪ :‬يو ‪ ،) 12 :21‬وال سيما في أش ‪ 2 :222‬ـ‬
‫‪:1‬‬
‫"ويخرج غصن من جذع يسى ‪،‬‬
‫وينمى فرع من أصوله ‪:‬‬
‫عليه يحل روح الرب ‪:‬‬
‫روح الحكمة والفهم‬
‫روح المشورة والقوة‬
‫روح العلم ومخافة الرب"‬

‫‪ 920‬ـ تقاسيم الماسيا كشفتها بنوع خاص أناشيد عبد هللا‪ .‬وقد أنبأت تلك األناشيد‬
‫عن معنى آالم يسوع‪ ،‬ودلت هكذا على الطريقة التي سوف يفيض فيها الروح‬
‫القدس إلحياء الكثيرين‪ :‬ليس من الخارج‪ ،‬بل باتخاذه "صورة عبد" (قى ‪)9 :1‬‬
‫إنه‪ ،‬باتخاذه موتنا‪ ،‬استطاع أن يهبنا روح الحياة‪ ،‬الذي هو روحه الخاص ‪.‬‬
‫‪ 921‬ـ لذلك استهل المسيح إعالن البشرى السعيدة لتطبيق المقطع التالي من أشعبا‬
‫على نفسه (لو ‪ 28 :1‬ـ ‪:)27‬‬
‫"روح الرب عل ّى ‪،‬‬
‫ألنه مسحني‬
‫ألبشر الفقراء‬
‫وأرسلني ألنادى للمأسورين بالتخلية ‪،‬‬
‫وللعميان بالبصر ‪،‬‬
‫وألطلق المرهقين أحرارا ‪،‬‬
‫وأنادى بسنة قبول عند الرب"‪.‬‬

‫‪ 921‬ـ النصوص النبوية المتعلقة مباشرة بإرسال الروح القدس هي نبؤات يخاطب‬
‫فيها هللا قلب شعبه بلغة الوعد‪ ،‬مع نبرات الحب واألمانة‪ ،‬التي أعلن القديس‬
‫بطرس تحقيقها في صباح العنصرة‪ .‬فيحسب تلك الوعود‪ ،‬سيجدد روح الرب في‬
‫"األزمنة األخيرة" قلوب الناس‪ ،‬إذ يحفر فيها شريعته الجديدة‪ ،‬فيجمع الشعوب‬
‫المشتتة والمنقسمة ويصالحها؛ ويحول الخليقة األولى‪ ،‬ويقيم هللا فيها سكناه مع‬
‫البشر في السالم‪.‬‬

‫‪ 929‬ـ إن شعب "الفقراء"‪ ،‬أولئك المتواضعين والودعاء‪ ،‬المستلسمين كليا‬


‫لمقاصد هللا السرية‪ ،‬الذين ينتظرون العدل‪ ،‬ال من الناس‪ ،‬بل من الماسيا‪ ،‬هو في‬
‫ال نهاية العمل األكبر لرسالة الروح القدس الخفية في زمن المواعيد تهيئة لمجيء‬
‫المسيح وجودة قلبهم‪ ،‬المنقى والمستنير بالروح هي التي تعبر عنها المزامير في‬
‫أولئك الفقراء‪ ،‬هيا الروح للرب "شعبا مستعدا" ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ روح المسيح في ملء الزمان‬


‫يوحنا السابق والنبي والمعمدان‬
‫‪ 929‬ـ "كان إنسان مرسل من هللا اسمه يوحنا" (يو ‪ )9 :2‬إن يوحنا قد "امتأل من‬
‫الروح القدس وهو بعد في بطن أمه" (لو ‪ ،) 21 :2‬بوساطة المسيح نفسه الذي‬
‫كانت مريم العذراء منذ فترة وجيزة قد حبلت به من الروح القدس‪" .‬وزيارة" مريم‬
‫ألليصابات صارت هكذا زيارة هللا نفسه التي بها افتقد شعبه‪.‬‬

‫‪ 928‬ـ يوحنا و "إيليا المزمع أن يأتي"‪ :‬إن نار الروح قد حلت فيه وجعلته‬
‫("كسابق") يسير أمام الذي كان آتيا في يوحنا السابق‪ ،‬أتم الروح القدس عمله‬
‫بأن "يهيئ للرب شعبا مستعدا" (لو ‪. )29 :2‬‬

‫‪ 927‬ـ يوحنا "أفضل من نبي" فيه أكمل الروح القدس "النطق باألنبياء" لقد ختم‬
‫يوحنا مجموعة األنبياء التي افتتحها إيليا فبشر بقرب تعزية إسرائيل‪ ،‬إنه‬
‫"صوت" المعزى الذي كان آتيا (يو ‪ ،) 10 :2‬وعلى غرار روح الحق "فقد جاء‬
‫للشهادة‪ ،‬ليشهد للنور" (يو ‪ .) 9 :2‬في نظر يوحنا‪ ،‬الروح يتم هكذا "بحث‬
‫األنبياء" و "اشتهاء" المالئكة ‪" :‬إن الذي ترى الروح ينزل ويستقر عليه‪ ،‬هو‬
‫الذي يعمد بالروح القدس‪ ،‬فذلك ما قد عاينت‪ ،‬وأشهد أن هذا هو ابن هللا (‪ )..‬ها‬
‫هوذا حمل هللا" (يو ‪ )00 :2‬ـ ‪. )09‬‬

‫‪ 913‬ـ وأخيرا مع يوحنا المعمدان يفتتح الروح القدس‪ ،‬بصورة مسبقة‪ ،‬ما سوف‬
‫يحققه مع المسيح وفيه‪ :‬أي أن يعيد لإلنسان "المثال" اإللهي‪ .‬معمودية يوحنا‬
‫كانت للتوبة‪ ،‬أما المعمودية في الماء والروح فستكون والدة جديدة ‪.‬‬

‫"افرحي‪ ،‬يا ممتلئة نعمة"‬


‫‪ 912‬ـ مريم‪ ،‬والدة اإلله الكلية القداسة والدائمة البتولية‪ ،‬هي أروع عمل أنجزته‬
‫رسالة االبن والروح في ملء الزمان‪ .‬للمرة األولى في قصد الخالص‪ ،‬وجد اآلب‬
‫السكنى حيث يستطيع ابنه وروحه أن يقيما بين البشر‪ ،‬ذلك أن روحه هو الذي هيا‬
‫تلك السكنى وفى هذا المعنى رأى مرارا تقليد الكنيسة‪ ،‬في قراءته أجمل النصوص‬
‫في الحكمة‪ ،‬عالقة بين تلك النصوص ومريم‪ .‬فالليترجيا ترنم لمريم وتتمثلها كأنها‬
‫"عرش الحكمة" ‪.‬‬
‫فيها تجلت أوال "عظائم هللا" التي سوف يحققها الروح في المسيح والكنيسة‪:‬‬

‫‪ 911‬ـ فالروح القدس هيا مريم بنعمته‪ ،‬فقد كان يليق بأن تكون "ممتلئة نعمة" أم‬
‫الذي فيه "يحل كل ملء الالهوت جسديا" (كو ‪ )7 :1‬فبمحض نعمة‪ ،‬حبل بها دون‬
‫خطيئة كأوضع الخالئق واألكثر قدرة على تقبل عطية هللا القدير التي تفوق‬
‫الوصف‪ .‬وبحق حياها المالك جبرائيل تحية "ابنة صهيون"‪" :‬افرحي" وما رفعته‬
‫إلى اآلب في الروح القدس في نشيدها‪ ،‬وهى تحمل في حشاها االبن األزلي‪ ،‬إنما‬
‫هو شكر شعب اله كله‪ ،‬أي الكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 910‬ـ وفى مريم‪ ،‬حقق الروح القدس قصد هللا العطوف‪ .‬فبالروح القدس‪ ،‬حبلت‬
‫مريم بابن هللا وولدته‪ .‬وقد صارت بتوليتها الفريدة خصبا بقدرة الروح واإليمان ‪.‬‬

‫‪ 911‬ـ وفى مريم‪ ،‬أظهر الروح القدس ابن اآلب الذي صار ابن العذراء‪ .‬أنها العليقة‬
‫المتقدة للظهور اإللهي لقد مألها الروح القدس فأظهرت الكلمة في تواضع جسده‬
‫وعرفته للفقراء ولبواكير األمم‪.‬‬

‫‪ -911‬وفي مريم أخيرا بدا الروح القدس يشرك بالمسيح الناس موضوع حب هللا‬
‫العطوف مسرة هللا وقد كان علي الدوام المتواضعون أول الذين قبلوه الرعاة‬
‫المجوس سمعان وحنة عروسا قانا والتالميذ األولون‬

‫‪ -919‬في ختام رسالة الروح صارت مريم المرأة حواء الجديدة أم األحياء أم‬
‫المسيح الكلي وبتلك الصفة هي حاضرة مع االثنى عشر المواظبين علي الصالة‬
‫بنفس واحدة (أع ‪ )21 :2‬في فجر األزمنة األخيرة التي افتتحها الروح القدس في‬
‫صباح العنصرة مع تجلي الكنيسة‪.‬‬

‫المسيح يسوع‬
‫‪ -919‬كل رسالة االبن والروح القدس في ملء الزمان متضمنة في أن االبن هو‬
‫الممسوح من روح اآلب منذ تجسده يسوع هو المسيح ماسيا علي هذا الضوء يجب‬
‫أن يقراء كل فصل الثاني من قانون اإليمان أن عمل المسيح بمجمله هو رسالة‬
‫االبن والروح القدس المشتركة وسنقتصر هنا علي ذكر ما يتعلق بوعد الروح‬
‫القدس من قبل يسوع وبمنحة إياه من قبل الرب الممجد‬

‫‪ -918‬أن يسوع لم يكشف كشفا تاما الروح القدس طالما هو نفسه لم يمجد بموته‬
‫وقيامته ولكنه أشار إليه شيئا فشيئا حتى في تعليمه الجماهير عندما كشف أن‬
‫جسده سيكون غذاء ألجل حياة العالم وأشار إليه أيضا في حديثة مع نيقودموس‬
‫والسامرية وكل الذين كانوا يشاركون في عيد المظال وقد كلم تالميذه عنه بصراحة‬
‫في معرض الصالة والشهادة التي سوف يتوجب عليهم أن يؤدوهما‬

‫‪ -917‬إال أن يسوع لم يعد بمجيء الروح القدس إال عندما حانت الساعة التي‬
‫سوف يمجد فيها إذ أن موته وقيامته سيكونان تحقيق الوعد الذي أعطى لآلباء أن‬
‫روح الحق المعزى االخر سيهبه اآلب جوابا عن صالة يسوع سيرسله اآلب باسم‬
‫يسوع سيرسله يسوع من لدن اآلب ألنه ينبثق من اآلب الروح القدس سيأتي‬
‫سنعرفه وسيكون معنا علي الدوام ويقيم معنا علي الدوام ويقيم معنا سيعلمنا كل‬
‫شيء ويذكرنا بكل ما قاله لنا يسوع وسيشهد له سيرشدنا إلى الحقيقة كلها‬
‫وسيمجد يسوع أما العالم فسيفحمه الروح القدس بشان الخطيئة والبر والدينونه‪.‬‬

‫‪ -903‬وأخيرا أتت ساعة يسوع استودع يسوع روحه بين يدي اآلب في اللحظة‬
‫التي انتصر فيها علي الموت بموته بعد أن أقيم من بين األموات بمجد اآلب (رو ‪:9‬‬
‫‪ )1‬أعطى علي الفور الروح القدس إذ نفخ في تالميذه ومنذ تلك الساعة صارت‬
‫رسالة المسيح والروح القدس رسالة الكنيسة كما أن اآلب أرسلني كذلك أنا أرسلكم‬
‫(يو ‪.)12 :13‬‬

‫‪ – 5‬الروح والكنيسة في األزمنة األخيرة‬


‫العنصرة‬
‫‪ -902‬في يوم العنصرة (في نهاية األسابيع الفصحية السبعة) اكتمل فصح المسيح‬
‫في انسكاب الروح القدس الذي اظهر ووهب ومنح كاقنوم الهي أن المسيح الرب‬
‫من ملئه قد أفاض الروح بسخاء‪.‬‬
‫‪ -901‬في ذلك اليوم اكتمل وحي الثالوث القدوس ومنذ ذلك اليوم صار الملكوت‬
‫الذي بشر به المسيح مفتوحا أمام الذين يؤمنون به في وضاعة الجسد وفي اإليمان‬
‫يدخلون منذ اآلن في شركة الثالوث القدس بمجيئه وهو ال يزال يأتي يدخل العالم‬
‫في األزمنة األخيرة زمان كنيسة الملكوت الذي صار ميراثنا منذ اآلن ولنا يكتمل‬
‫بعد‪ :‬لقد نظرنا النور الحقيقي وأخذنا الروح السماوي ووجدنا اإليمان الحق فنسجد‬
‫للثالوث المنقسم ألنه خلصنا‪.‬‬

‫الروح القدس‪ -‬هبة هللا‬


‫‪ -900‬هللا محبة (‪ 2‬يو ‪ )29 ،8 :1‬والمحبة هي الهبة األولى وهي تتضمن كل‬
‫الهبات األخرى وهذه المحبة قد أفاضها هللا في قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه‬
‫(رو ‪.)1 :1‬‬

‫‪ -901‬ألننا (رو ‪ )1 :1‬ألننا مائتون أو علي األقل مجروحون بالخطيئة المفعول‬


‫األول لعطية المحبة هو غفران الخطية أن شركة الروح القدس (‪ 1‬كو ‪)20 :20‬‬
‫هي التي في الكنيسة تعيد إلى المعمدين المثال اإللهي المفقود بالخطيئة‪.‬‬

‫‪ -901‬وهو يعطى إذ ذاك عربون أو بواكير ميراثنا اعني حياة الثالوث القدوس‬
‫نفسها التي تقوم علي أن نحب كما أحبنا هذه المحبة (راجع المحبة في ‪ 2‬كو ‪)20‬‬
‫هي مبدأ الحياة الجديدة في المسيح التي صارت ممكنة ألننا نلنا قوة هي قوة الروح‬
‫القدس (أع ‪.)8 :2‬‬

‫‪ -909‬بقدرة الروح هذه يستطيع أوالد هللا أن يحملوا ثمرا أن الذي طعمنا علي‬
‫الكرمة الحقيقية يعطينا أن نحمل ثمر الروح وهو المحبة والفرح والسالم وطول‬
‫األناة واللطف والصالح واألمانة والوداعة والعفاف (غل ‪ )10 – 11 :1‬الروح هو‬
‫حياتنا وبقدر ما ننكر ذواتنا نسلك أيضا بحسب الروح من يتحد بالروح القدس‬
‫يجعله الروح القدس روحيا ويعيده إلى الفردوس ويرده إلى ملكوت السماوات والي‬
‫التبني اإللهي ويهبه الثقة ليدعو هللا أبا ويشترك في نعمة المسيح ويدعى ابنا للنور‬
‫ويصير له نصيب في المجد األبدي‪.‬‬

‫الروح القدس والكنيسة‬


‫‪ -909‬أن رسالة المسيح والروح القدس تتحقق في الكنيسة جسد المسيح وهيكل‬
‫الروح القدس هذه الرسالة المشتركة تضم من اآلن فصاعدا المؤمنين بالمسيح إلى‬
‫شركتهما مع اآلب في الروح القدس فالروح يهيئ الناس ويستدركهم بنعمته‬
‫ليجتذبهم إلى المسيح انه يظهر لهم الرب القائم ويذكرهم كالمه ويفتح ذهنهم لفهم‬
‫موته وقيامته يجعل حاضرا لديهم سر المسيح وبنوع خاص في االفخارستيا‬
‫ليصالحهم ويدخلهم في الشركة مع هللا لكي يجعلهم يأتون بثمر كثير‪.‬‬
‫‪ -908‬هكذا ال تضاف رسالة الكنيسة إلى رسالة المسيح والروح القدس بل هي‬
‫سرها أنها مرسله بكل كيانها وفي جميع أعضائها لتبشر بسر شركة الثالوث‬
‫القدوس وتشهد له وتحققه وتنشره (هذا سيكون موضوع المقال التالي)‪:‬‬
‫نحن جميعنا الذين نالوا الروح الواحد نفسه أي الروح القدس قد انصهرنا في ما‬
‫بيننا ومع هللا ذلك انه مع كوننا كل بمفردة كثيرين ومع كون المسيح يجعل روح‬
‫اآلب وروحة الخاص يسكن في كل منا هذا الروح الواحد وغير المنقسم يعيد بذاته‬
‫إلى الوحدة جميع الذين هم متميزون في ما بينهم ويجعلهم يظهرون واحدا بالذات‬
‫وكما قدرة بشرية المسيح المقدسة تجعل كل الذين توجد فيهم يكونون جسدا واحدا‬
‫بالطريقة عنها اعتقد أن روح هللا الذي يسكن فينا الواحد وغير المنقسم يعيدهم‬
‫جميعا إلى الوحدة الروحية‬

‫‪ -907‬ألن الروح القدس هو مسح المسيح‪ ،‬فالمسيح‪ ،‬رأس الجسد‪ ،‬هو الذي‬
‫يفيضه في أعضائه ليغذيهم‪ ،‬ويشفيهم‪ ،‬وينظمهم في وظائفهم المتبادلة‪ ،‬ويحييهم‬
‫ويرسلهم للشهادة‪ ،‬ويضمهم إلى تقدمة ذاته إلى اآلب وإلى شفاعته من اجل العالم‬
‫كله بأسرار الكنيسة يمنح المسيح أعضاء جسده روحه القدوس والمقدس (وهذا‬
‫سيكون موضوع الجزء الثاني من التعليم) ‪.‬‬

‫‪ 913‬ـ إن "عظائم هللا" هذه‪ ،‬المقدمة للمؤمنين في أسرار الكنيسة‪ ،‬تحمل ثمارها‬
‫في الحياة الجديدة‪ ،‬في المسيح‪ ،‬بحسب الروح (هذا سيكون موضوع الجزء الثالث‬
‫من التعليم)‪.‬‬

‫‪ 912‬ـ "الروح يعضد ضعفنا‪ ،‬ألنا ال نعرف كيف نصلى كما ينبغي؛ لكن الروح‬
‫نفسه يشفع فينا بأنات تفوق الوصف" (رو ‪ .)19 :8‬الروح القدس‪ ،‬صانع أعمال‬
‫هللا‪ ،‬هو معلم الصالة (هذا سيكون موضوع الجزء الرابع من التعليم)‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 911‬ـ "الدليل على أنكم أبناء‪ ،‬كون هللا أرسل إلى قلوبنا روح أبنه‪ ،‬ليصرخ فيها‬
‫أبا‪ ،‬أيها اآلب" (غل ‪.)9 :1‬‬

‫‪ 910‬ـ من البدء وحتى انقضاء الزمن‪ ،‬عندما يرسل هللا ابنه‪ ،‬يرسل دوما روحه‬
‫رسالتهما مشتركة وغير منفصلة‪.‬‬

‫‪ 911‬ـ في ملء الزمان‪ ،‬أكمل الروح القدس في مريم كل التحضيرات لمجيء‬


‫المسيح في شعب هللا‪ .‬بعمل الروح القدس فيها‪ ،‬أعطى اآلب العالم عمانوئيل ‪":‬هللا‬
‫معنا" (متى ‪. )10 :2‬‬

‫‪ 911‬ـ ابن هللا كرس مسيحا (ماسيا) بمسحه الروح القدس في تجسده ‪.‬‬
‫‪ 919‬ـ إن يسوع‪ ،‬بموته وقيامته‪ ،‬قد أقيم ربا ومسيحا في المجد‪ .‬ومن ملئه أفاض‬
‫الروح القدس على الرسل والكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 919‬ـ الروح القدس‪ ،‬الذي يفيضه المسيح‪ ،‬الرأس‪ ،‬في أعضائه‪ ،‬يبنى الكنيسة‬
‫ويحييها‪ ،‬ويقدسها‪ .‬إنها سر اتحاد الثالوث القدوس بالبشر ‪.‬‬
‫المقال التاسع‪" :‬أؤمن بالكنيسة المقدسة الكاثوليكية"‬

‫‪ 918‬ـ "المسيح نور الشعوب‪ :‬لذلك يرغب المجمع المقدس الملتئم في الروح‬
‫القدس‪ ،‬رغبة حارة في أن يستنير جميع الناس بنور المسيح المتألق على وجه‬
‫الكنيسة باعتالن اإلنجيل للخليقة كلها"‪ .‬بهذه األقوال افتتح" الدستور العقائدي عن‬
‫الكنيسة" في المجمع الفاتيكاني الثاني‪ .‬وبهذا يظهر المجمع أن العقيدة اإليمانية في‬
‫أن الكنيسة تتعلق كليا بالعقائد المتعلقة بالمسيح يسوع‪ .‬فليس للكنيسة نور آخر‬
‫غير نور المسيح‪ .‬إنها‪ ،‬على حد ما جاء في الصورة المحببة إلى أباء الكنيسة‪،‬‬
‫أشبه بالقمر الذي كل نوره انعكاس لنور الشمس ‪.‬‬

‫‪ 917‬ـ المادة في شان الكنيسة تتعلق كليا بالمادة في أن الروح القدس التي تسبقها‬
‫"فبعد أن أظهرنا أن الروح القدس هو ينبوع ومصدر كل قداسة نعترف اآلن انه‬
‫هو الذي مهر الكنيسة بالقداسة‪ .‬فالكنيسة‪ ،‬على حد تعبير اآلباء‪ ،‬هي المكان" الذي‬
‫يزهر فيه الروح‪.‬‬

‫‪ 913‬ـ اإليمان بأن الكنيسة "مقدسة" و "كاثوليكية"‪ .‬وأنها "واحدة" و‬


‫"رسولية" (كما يضيف ذلك قانون نيقة ـ القسطنطية )‪ ،‬ال ينفصل عن اإليمان باهلل‬
‫اآلب واالبن والروح القدس‪ .‬وفى قانون الرسل نعترف بأننا نؤمن بكنيسة مقدسة‪،‬‬
‫ال بالكنيسة‪ ،‬لكي ال نخلط بين هللا وأعماله‪ ،‬ولكي نرجع بوضوح إلى الصالح اإللهي‬
‫جميع المواهب التي جعلها في كنيسته‬

‫الفقرة ‪ -1‬الكنيسة في قصد اهلل‬


‫‪ -2‬أسماء الكنيسة وصورها‬
‫‪ 912‬ـ اللفظة "كنيسة" (باليونانية من الفعل أي دعا‪ ،‬ونادى) تعنى دعوة على‬
‫اجتماع؛ إنها تعنى اجتماعات الشعب‪ ،‬وال سيما ما كان منها ذا طابع ديني‪ .‬أنها‬
‫اللفظة التي كثر استعمالها في العهد القديم اليوناني للدالة على اجتماع الشعب‬
‫المختار لدى هللا‪ ،‬وال سيما اجتماع سيناء حيث تلقى إسرائيل الشريعة‪ ،‬وحيث أقامه‬
‫هللا شعبا له مقدسا‪ .‬وجماعة المؤمنين بالمسيح األولى عندما دعت نفسها‬
‫"كنيسة" اعتبرت أنها وريثة لهذه المجموعة المختارة‪ .‬وفيها "يدعو" هللا شعبه‬
‫من جميع أنحاء األرض واللفظة‪ ،‬التي أخذت منها وتعنى "الربانية"‬

‫‪ 911‬ـ في التعبير المسيحي‪ ،‬اللفظة "كنيسة" تدل على المجموعة الليترجية‪ ،‬كما‬
‫تدل على الجماعة المحلية‪ ،‬أو على جماعة المؤمنين العامة‪ .‬وهذه المعاني الثالثة‬
‫هي في الواقع غير منفصلة‪" .‬فالكنيسة" هي الشعب الذي يجمعه هللا في العالم‬
‫كله‪ .‬إنها موجودة في الجماعات المحلية‪ ،‬وهى تتحقق كمجموعة ليترجية‪،‬‬
‫خصوصا إفخارستية‪ .‬وهى تحيا بكلمة المسيح وجسده‪ ،‬وهى نفسها وتصير هي‬
‫نفسها هكذا جسد المسيح ‪.‬‬
‫رموز الكنيسة‬
‫‪ 910‬ـ نجد في الكتاب المقدس عددا كبيرا من الصور والرموز المترابطة التي يتكلم‬
‫سر الكنيسة الذي ال يستقصى‪ .‬فالصور المأخوذة من العهد القديم‬ ‫بها الوحي على ّ‬
‫تؤلف تنوعات لفكرة أساسية هي فكرة "شعب هللا" وفى العهد الجديد تجد جميع‬
‫هذه الصور مركزا جديدا من حيث إن المسيح يصبح "الرأس" لهذا الشعب والذي‬
‫أصبح جسده‪ .‬وقد تجمعت حول هذا المركز صورا مأخوذة من حياة الرعاة أو‬
‫الزراعة‪ ،‬أو مأخوذة من عمل البناء أو من الحياة العيلية أو الزواج ‪.‬‬

‫‪ 911‬ـ "فالكنيسة هي الخطيرة التي إنما المسيح بابها الذي ال باب سواه والبد منه‬
‫وهى القطيع الذي أعلن هللا من قبل انه سيكون هو راعيه‪ ،‬والذي يتعهد نعاجه‬
‫ويغذيها ـ وإن يكن على رأسها رعاة بشر ـ هو المسيح بالذات‪ ،‬الراعي الصالح‬
‫ورأس الرعاة الذي بذل نفسه عن نعاجه"‪.‬‬

‫‪ 911‬ـ "الكنيسة هي األرض التي يزرعها هللا‪ ،‬وحقله؛ وفى هذا الحقل تنمو‬
‫الزيتونة القديمة التي ك ان اآلباء أصلها المبارك‪ ،‬والتي جرت وستجرى المصالحة‬
‫بين اليهود واألمم؛ وقد زرعها الكرام السماوي كرمة مختارة الحقيقة هي المسيح‬
‫الذي يعطى الحياة والخصب لألغصان‪ ،‬أي لنا نحن الذين بالكنيسة نثبت فيه‪،‬‬
‫وبدونه ال نستطيع شيئا"‪.‬‬

‫‪ 919‬ـ "وكثيرا ما تنعت الكنيسة بأنها بناء هللا؛ والرب نفسه بالحجر الذي رذله‬
‫البناؤون ولكنه صار رأس الزاوية" (متى ‪11 :12‬؛ أع ‪22 :1‬؛ ‪ 2‬بط ‪9 :1‬؛ مز‬
‫‪ .) 11 :228‬وعلى هذا األساس بني الرسل الكنيسة‪ ،‬ومنه ثباتها وتالحمها‪ .‬وقد‬
‫خص هذا البناء بتسميات متنوعة فهو بيت هللا الذي تسكن فيه أسرته؛ وهو مسكن‬
‫هللا في الروح؛ وخباء هللا في الناس؛ وهو بخاصة الهيكل المقدس‪ ،‬الممثل بالمعابد‬
‫من حجارة‪ ،‬الذي أشاد به اآلباء‪ ،‬وتشبهه الليترجيا بحق بالمدينة المقدسة التي‬
‫شاهدها يوحنا‪ ،‬في ساعة تجديد الكون‪ ،‬نازلة من السماء‪ ،‬من عند هللا‪" ،‬مهيأة‬
‫كالعروس المزينة لعريسها" (رؤ ‪: 12‬ذ‪ 2‬ـ ‪.")1‬‬

‫‪ 919‬ـ "وسميت الكنيسة أيضا" أورشليم العليا و "أمنا" (غل ‪ ،) 19 :1‬ونعتت‬


‫بالعروس التي ال عيب فيها للحمل الذي ال عيب فيه‪ ،‬التي "أحبها المسيح وأسلم‬
‫ذاته ألجلها لكي يقدسها" (أف ‪ 11 :1‬ـ ‪ ،) 19‬وأقترن بها بعهد ال ينفصم‪،‬‬
‫"ويغذيها ويعتني بها" (أف ‪.) 17 :1‬‬

‫‪ -1‬أصل الكنيسة‪ ،‬وإنشاؤها ورسالتها‬


‫صى سر الكنيسة يجدر بنا أن نتتبع أصلها أوال في قصد الثالوث القدوس‬‫‪ 918‬ـ لتق ّ‬
‫وتحقيقها المرحلي في التاريخ‪.‬‬
‫قصد ولد في قلب اآلب‬
‫‪ 917‬ـ "إن اآلب األزلي‪ ،‬بتدبير حكمته وجودته الحر الخفي‪ ،‬قد أبدع الكون بأسره‪،‬‬
‫وقضى بأن برفع الناس إلى مستوى الشركة في حياته اإللهية" التي يدعو إليها‬
‫جميع الناس في ابنه‪" :‬جميع الذين يؤمنون بالمسيح‪ ،‬أراد أن يدعوهم لتأليف‬
‫الكنيسة المقدسة" و "أسرة هللا" هذه تتألف وتتحقق مرحليا على مدى مراحل‬
‫التاريخ البشرى‪ ،‬بحسب تدبير اآلب‪ :‬وهكذا فالكنيسة قد "بشر بها بالرموز منذ بدء‬
‫بدء العالم‪ ،‬وهيئت على وجه عجيب بتاريخ شعب إسرائيل والعهد القديم؛ أنشئت‬
‫في األزمنة األخيرة‪ ،‬وأعلنت بحلول الروح القدس‪ ،‬وستتم في المجد في اليوم‬
‫اآلخر"‪.‬‬

‫الكنيسة ـ أشير إليها بالرموز منذ بدء العالم ‪.‬‬


‫‪ 993‬ـ "خلق العالم في سبيل الكنيسة"‪ ،‬على حد قول مسيحيي العصور األولى‪ .‬فقد‬
‫خلق هللا العالم لكي يشرك في حياته اإللهية‪ ،‬إشراكا يتم "بدعوة" البشر إلى‬
‫االجتماع في المسيح‪ ،‬وهذه "الدعوة إلى االجتماع" هي الكنيسة‪ .‬الكنيسة هي‬
‫غاية كل شيء‪ ،‬واألحداث األليمة نفسها‪ ،‬كسقوط المالئكة‪ ،‬وخطيئة اإلنسان‪ ،‬لم‬
‫يسمح بها هللا إال بم ثابة حالة أو وسيلة لكي يبسط كل قدرة ذراعه‪ ،‬كل مدى الحب‬
‫الذي أراد أن يشمل به العالم‪:‬‬
‫"كما أن إرادة هللا هي عمل وانها تسمى العالم ‪،‬‬
‫كذلك قصده فإنه خالص البشر‪ ،‬ويسمى الكنيسة"‬

‫الكنيسة‪ -‬مهيأة في العهد القديم‬


‫‪ -992‬تجمع شعب هللا يبدأ عندما تهدم خطيئة البشر مع هللا وشركة الناس في ما‬
‫بينهم فتجمع الكنيسة هو نوعا ما رد فعل هللا علي الفوضى التي أحدثتها الخطيئة‬
‫وإعادة التوحيد هذه تتم سريا في داخل جميع الشعوب "في كل امة من اتقي هللا‬
‫وعمل البر يكون مقبوال عنده" (أع ‪.)01 :23‬‬

‫‪ -991‬اإلعداد البعيد لتجميع شعب هللا يبدأ مع دعوة إبراهيم الذي وعده هللا بأنه‬
‫سيكون أنا لشعب عظيم واإلعداد المباشر يبدأ مع اختيار إسرائيل شعبا هلل وسيكون‬
‫إسرائيل بهذا االختيار عالمة تجمع جميع األمم في المستقبل ولكن األنبياء يتهمون‬
‫إسرائيل بنقض العهد وبسلوك مسلك البغي وهم يبشرون بعهد جديد وابدى هذا‬
‫العهد الجديد أنشاه المسيح‬

‫الكنيسة‪ -‬أنشاها المسيح يسوع‬


‫‪ -990‬كان علي االبن أن يحقق تصميم أبيه الخالصي في ملء األزمنة وهذا هو‬
‫داعي رسالته فالرب يسوع انشأ الكنيسة بإعالنه البشري السعيدة أي مجئ هللا‬
‫الموعود به في األسفار المقدسة منذ الدهور فلكي يتم المسيح مشيئة اآلب أنشا‬
‫علي األرض ملكوت المسيح حاضرا منذ اآلن علي وجه سري‬
‫‪ -991‬يتجلى هذا الملكوت علي عيون الناس في كالم المسيح وأعماله وحضوره‬
‫وتقبل كلمه المسيح هو تقبل للملكوت نفسه وبذر الملكوت وبدايته هما القطيع‬
‫الصغير (لو ‪ )01 :21‬من الذين كان هو نفسه راعيهم أنهم يؤلفون أسرة يسوع‬
‫الحقيقية وهؤالء الذين جمعهم هكذا حوالية علمهم طريقة سلوك جديدة ولكن‬
‫علمهم أيضا صالة خاصة‬

‫‪ -991‬الرب يسوع مهر جماعته بهيكلية سوف تستمر إلى أن يتم ملء ملكوته‬
‫هنالك أوال اختيار االثنى عشر وعلي رئسهم بطرس وإذ كانوا يمثلون أسباط‬
‫إسرائيل االثنى عشر فهم حجارة األساس ألورشليم الجديدة االثنا عشر والتالميذ‬
‫اآلخرون يشتركون في رسالة المسيح وسلطانه ولكن في مصيرة أيضا المسيح في‬
‫جميع أعماله ويهيئ كنيسته وبينيها ‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ ولكن الكنيسة ولدت بنوع خاص من بذل المسيح الكامل لذاته في سبيل‬
‫خالصنا‪ ،‬مسبقا في إقامة سر اإلفخارستيا‪ ،‬ومتمما على الصليب ‪".‬ابتداء الكنيسة‬
‫ونموها يرمز غليهما الدم والماء الخارجان من جنب يسوع المصلوب"‪" .‬إذ إنه‬
‫من جنب يسوع الراقد على الصليب ولد سر الكنيسة العجيب"‪ .‬وكما أن حواء‬
‫كونت من ضلع آدم النائم كذلك الكنيسة نشأت من قلب المسيح المائت على الصليب‬
‫مطعونا بحربة ‪.‬‬

‫الكنيسة ـ ظاهرة بالروح القدس‬


‫‪ 999‬ـ "لما أنجز العمل الذي كلف اآلب ابنه تحقيقه على األرض‪ ،‬أرسل الروح‬
‫القدس‪ ،‬في يوم العنصرة‪ ،‬لكي يقدس الكنيسة باستمرار"‪ .‬عند ذلك "ظهرت‬
‫الكنيسة ظهورا علنيا أمام الجماهير وابتدأ نشر اإلنجيل مع الكرازة"‪ .‬وبما أن‬
‫الكنيسة هي "دعوة جميع الناس إلى الخالص فهي من طبيعتها مرسلة‪ ،‬وقد‬
‫أرسلها المسيح على جميع األمم لتجعل منهم تالميذ"‪.‬‬

‫‪ 998‬ـ لكي يحقق الروح القدس رسالته "يجهز الكنيسة ويقودها بمختلف مواهب‬
‫السلطة والمنية" و "الكنيسة‪ ،‬وقد جهزت بمواهب مؤسسها‪ ،‬وتسلك بأمانة في‬
‫حفظ وصاياه في المحبة والتواضع والكفر بالذات‪ ،‬تسلمت رسالة الدعوة بملكوت‬
‫المسيح وهللا‪ ،‬وإنشائه في جميع األمم‪ ،‬فكانت على األرض بذرة هذا الملكوت‬
‫وبدأه"‪.‬‬

‫الكنيسة ـ متممة في المجد‬


‫‪ 997‬ـ "الكنيسة (‪ )...‬لن تبلغ تمامها إال في المجد السماوي"‪ ،‬عند عودة المسيح‬
‫المجي دة‪ .‬وإلى هذا اليوم "تتقدم الكنيسة في مسيرتها بين اضطهادات العالم‬
‫وتعزيات هللا" وهى ههنا ترى نفسها في منفى‪ ،‬بعيدة عن الرب‪ ،‬وتصبو إلى‬
‫مجيء الملكوت الكامل‪" ،‬في الساعة التي ستكون فيها متحدة بملكها في المجد"‪.‬‬
‫وتمام الكنيسة‪ ،‬ومن خاللها تمام العالم في المجد لن يحصال بغير محن كبيرة‪ .‬عند‬
‫ذلك فقط يجتمع عند اآلب‪ ،‬في الكنيسة الجامعة‪ ،‬جميع الصديقين منذ آدم‪ ،‬من هابيل‬
‫البار إلى آخر "مختار"‪.‬‬

‫‪ 0‬ـ سر الكنيسة‬
‫‪ 993‬ـ الكنيسة في التاريخ‪ ،‬ولكنها في الوقت نفسه تتعالى فوق التاريخ‪ .‬إننا ال‬
‫نستطيع‪ ،‬إال "بعيون اإليمان"‪ ،‬أن نرى في حقيقتها المرئية روحانية حاملة حياة‬
‫إلهية‪.‬‬

‫الكنيسة ـ مرئية وروحانية معا‬


‫‪ 992‬ـ "إن المسيح‪ ،‬الوسيط الوحيد‪ ،‬يقيم على هذه األرض ويساند أبدا كنيسته‬
‫المقدسة‪ ،‬شركة إيمان ورجاء ومحبة‪ ،‬كال مرئيا يفيض به على الجميع الحقيقة‬
‫والنعمة"‪.‬‬
‫فالكنيسة هي في الوقت نفسه‪:‬‬
‫"جمعية مجهزة بأعضاء ذوى سلطات‪ ،‬وجسد المسيح السري"‪،‬‬
‫"جماعة منظورة وشركة روحية"؛‬
‫"كنيسة أرضية وكنيسة غنية بنعم السماء"‪.‬‬
‫هذه األبعاد تؤلف معا "حقيقة مركبة ذات عنصرين بشرى وإلهي"‪.‬‬
‫"إنه من مميزات الكنيسة الخاصة أن تكون بشرية وإلهية معا‪ ،‬منظورة وغنية‬
‫بحقائق غير منظور ة حارة في العمل ومنشغلة بالتأمل‪ ،‬حاضرة في العالم على‬
‫كونها غريبة؛ بحيث إن ما هو بشرى فيها موجه إلى ما هو إلهي وخاضع له؛ وما‬
‫هو منظور لغير المنظور وما هو من العمل للتأمل؛ وما هو حاضر للمدينة اآلتية‬
‫التي نسعى إليها" ‪.‬‬
‫"تواضع ! سمو ! خباء قيدار وهيكل هللا؛ مسكن أرضى وقصر سماوي ! بيت من‬
‫صلصال وقصر ملكي؛ جسد قابل الموت وهيكل من نور؛ موضوع ازدراء أخيرا في‬
‫نظر المتكبرين وعروس المسيح! إنها سوداء ولكنها جميلة‪ ،‬يا بنات أورشليم‪ ،‬تلك‬
‫التي أنحلها التعب وألم الغربة الطويلة‪ ،‬والتي تزدان مع ذلك بزينة العالء "‪.‬‬

‫الكنيسة ـ سر اتحاد البشر باهلل‬


‫‪ 991‬ـ في الكنيسة يتمم المسيح ويكشف سره الخاص على أنه غاية تدبير هللا‪:‬‬
‫"تلخيص كل شيء فيه" (أف ‪ .) 23 :2‬القديس بولس يسمى اتحاد المسيح‬
‫بالكنيسة "السر العظيم" (أف ‪ .) 01 :1‬والكنيسة بإتحادها بالمسيح على أنه‬
‫عروسها تصبح هي نفسها سرا والقديس بولس‪ ،‬وقد تأمل سرها‪ ،‬يصبح قائال‪:‬‬
‫"المسيح فيكم رجاء المجد" (كو ‪. )19 :2‬‬

‫‪ 990‬ـ هذه الشركة للبشر مع هللا في الكنيسة‪" ،‬بالمحبة التي ال تسقط أبدا" (‪ 2‬كو‬
‫‪ )8 :20‬هي الغاية التي توجه كل ما فيها من رسائل سرية متعلقة بهذا العالم‬
‫الزائل‪" .‬إن هيكليتها موجهة توجيها كامال إلى تقديس أعضاء المسيح‪ .‬والقداسة‬
‫تقوم بموجب" السر العظيم "الذي تجيب ففيه العروس بهبة حبها مقابل هبة‬
‫العريس"‪ .‬ومريم تتقدمنا جميعا في القداسة التي هي سر الكنيسة "كعروس ال‬
‫كلف فيها وال غضن"‪ .‬ولهذا "فمستوى الكنيسة المريمي يسبق مستواها‬
‫البطرسي"‪.‬‬

‫الكنيسة ـ سر الخالص الشامل‬


‫‪ 991‬ـ اللفظة اليونانية ترجمت إلى الالتينية بلفظين وفى الشروح المتأخرة اتخذت‬
‫اللفظة (‪ )...‬خصوصا معنى العالمة المنظورة لحقيقة الخفية التي تدل عليها اللفظة‬
‫وفى هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخالص الخفية التي تدل عليها اللفظة‬
‫وفى هذا المعنى يكون المسيح نفسه هو سر الخالص ‪" :‬فالمسيح وحده هو السر"‬
‫والعمل الخالصي لناسوته المقدس والمقدس هو سر الخالص الذي يظهر ويعمل‬
‫في أسرار الكنيسة (التي تدعوها الكنائس الشرقية أيضا "األسرار المقدسة")‪.‬‬
‫فاألسرار السبعة هي العالمات والوسائل التي يفيض بها الروح القدس نعمة‬
‫المسيح‪ ،‬الذي هو الرأس‪ ،‬في الكنيسة التي هي جسده‪ ،‬وهكذا فالكنيسة تحوى‬
‫وتمنح النعمة النعمة الغير المنظورة التي تعنيها‪ .‬وبهذا المعنى التشبيهي سميت‬
‫"سرا"‪.‬‬

‫‪ 991‬ـ "الكنيسة هي في المسيح بمثابة السر‪ ،‬أي العالمة واألداة في االتحاد‬


‫الصميم باهلل ووحدة الجنس البشرى برمته"‪ :‬غاية الكنيسة األولى هي أن تكون‬
‫سر االتحاد الصميم بين البشر وهللا‪ .‬ذلك أن الشركة بين البشر تتأصل في االتحاد‬
‫باهلل‪ .‬والكنيسة هي أيضا سر وحدة الجنس البشرى‪ .‬وفيها ابتدأت هذه الوحدة إذ‬
‫إنها تجمع بشرا "من جميع األمم واألعراق والشعوب واللغات" (رؤ ‪)7 :9‬؛‬
‫والكنيسة في الوقت نفسه "عالمة وأداة" لتحقيق هذه الوحدة الكامل‪ ،‬تلك الوحدة‬
‫التي من شأنها أن تأتى أيضا ‪.‬‬

‫‪ 999‬ـ وإذ كانت الكنيسة سرا فهي أداة المسيح‪" .‬إنها بين يديه أداة فداء جميع‬
‫البشر‪" ،‬سر الخالص الشامل"‪ ،‬الذي به "يظهر المسيح ويفعل محبة هللا للبشر"‪.‬‬
‫إنها "تصميم محبة هللا للبشرية المنظورة"‪ ،‬الذي يريد "أن يؤلف الجنس البشرى‬
‫كله شعبا واحدا هلل‪ ،‬وأن يجتمع في جسد المسيح الواحد‪ ،‬وان يبنى هيكال واحدا‬
‫للروح القدس"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 999‬ـ اللفظة "كنيسة" تعنى "دعوة"‪ .‬إنها تدل على مجموعة الذين تدعوهم‬
‫كلمة هللا ليؤلفوا شعب هللا‪ ،‬والذين إذا اغتذوا بجسد المسيح يصبحون هم أنفسهم‬
‫جسد المسيح‪.‬‬
‫‪ 998‬ـ الكنيسة هي طريق تصميم هللا وغايته معاص‪ :‬لقد رمز إليها في الخليقة‪،‬‬
‫وهيئت في العهد القديم‪ ،‬وأسست بأقوال يسوع المسيح وأعماله‪ ،‬وحققت بصليبه‬
‫الفدائي وقيامته‪ ،‬فظهرت سر خالص بفيض الروح القدس‪ .‬وأنها ستبلغ تمامها في‬
‫المجد السماوي لمجموعة لجميع المفتدين على األرض‪.‬‬

‫‪ 997‬ـ الكنيسة منظورة وروحانية معا‪ ،‬جمعية ذات سلطات وجسد المسيح السري‪.‬‬
‫إنها واحدة بعنصرين بشرى وإلهي‪ .‬وفى هذا سرها الذي ال يتقبله إال اإليمان‪.‬‬
‫‪ 983‬ـ الكنيسة في هذا العالم سر الخالص‪ ،‬والعالمة واألداة لشركة هللا والبشر‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -2‬الكنيسة‪ -‬شعب اهلل‬


‫جسد المسيح‪ ،‬هيكل الروح القدس‬
‫‪ .2‬الكنيسة‪ -‬شعب هللا‬
‫‪ -982‬أن من يتقي هللا ويعمل البر في كل زمان وفي كل أمه لمقبول عند هللا وإنما‬
‫شاء هللا أن يقدس الناس ويخلصهم ال متفرقين بدون ما ترابط في ما بينهم بل أراد‬
‫أن يجعلهم شعبا يعرفه في الحقيقة ويخدمه في القداسة فاختار لنفسه شعب‬
‫إسرائيل شعبا وقطع معه عهدا ونشأة فشيئا مظهرا له نفسه ومقاصده في غضون‬
‫تاريخية ومقدسا إياه لنفسه بيد أن هذا كله كان علي سبيل التهيئة والرمز للعهد‬
‫الجديد الكامل الذي سيبرم في المسيح فهذا العهد الجديد هو العهد الذي ابرمه‬
‫المسيح العهد الجديد بدمه داعيا اليهود واألمم ليجعل منهم شعبا يجتمع في الوحدة‬
‫ال يحسب الجسد بل بحسب الروح‬

‫خصائص شعب هللا‬


‫‪ -981‬لشعب هللا خصائص تميزه تمييزا دقيقا مما في التاريخ من مجتمعات دينية‬
‫وعرقية وسياسية وثقافية‪:‬‬
‫‪ -‬انه شعب هللا‪ :‬ليس هللا ملكا خاصا ألي شعب ولكنه اقتنى شعبا ممن لم يكونوا‬
‫قبال شعبا جيل مختار وكهنوت ملوكي وأمه مقدسة (ا بط ‪)7 :1‬‬
‫‪ -‬يصير اإلنسان عضوا في هذا الشعب ال بالوالدة الطبيعية ولكن بالوالدة من فوق‬
‫بالماء والروح (يو ‪ )1 – 0 :0‬أي باإليمان بالمسيح وبالمعمودية‬
‫‪ -‬لهذا الشعب رئيس رأس هو يسوع المسيح الممسوح‪ ،‬الماسيا الن المسحة‬
‫الواحدة الروح القدس تأتي من الرأس في الجسد انه الشعب المسيانى‬
‫‪ -‬حال هذا الشعب حال الكرامة وحرية أبناء هللا في قلوبهم بسكن الروح القدس‬
‫سكناه في هيكلة‬
‫‪ -‬شريعته الوصية ال جديدة أن يجب كما أحبنا المسيح نفسه أنها شريعة الروح‬
‫القدس الجديدة‬
‫‪ -‬رسالته أن يكون ملح األرض ونور العالم وهو للجنس البشرية كله نواة وحدة‬
‫ورجاء وخالص بالغ الفعالية‬
‫‪ -‬مصيره أخيرا هو ملكوت هللا الذي بدأه هللا نفسه علي األرض ملكوت يجب أن‬
‫يمتد أكثر فأكثر إلى أن يتمه هللا نفسه في أخر األزمان‬

‫شعب كهنوتي نبوي وملكي‬


‫‪ -980‬يسوع المسيح هو الذي مسحة اآلب بالروح القدس وأقامه كاهنا ونبيا وملكا‬
‫وشعب هللا كله يشترك في وظائف المسيح الثالث هذه ويتحمل مسؤوليات الرسالة‬
‫والخدمة التي تنشا عنها‬

‫‪ -981‬بدخول اإلنسان في شعب هللا باإليمان والمعمودية يصبح شريكا في دعوة‬


‫هذا الشعب الواحدة في دعوته الكهنوتية أن المسيح الرب الحبر المأخوذ من بين‬
‫الناس قد جعل من الشعب الجديد ملكوتا وكهنة إللهه وأبية ذلك أن المعمدين قد‬
‫تكرسوا بالميالد الثاني ومسحة الروح القدس لكي يكونوا مسكنا روحيا وكهنوتا‬
‫مقدسا‬

‫‪ -981‬وان شعب هللا المقدس يشترك أيضا في وظيفة المسيح النبوية وهو علي‬
‫وجهه خاص بحس اإليمان الفائق الطبيعة الذي هو حس الشعب بكامله علمانيين‬
‫وذوى سلطة عندما يتمسك تمسكا ثابتا باإليمان الذي سلم للقديسين دفعة واحدة‬
‫ويتعمق في فهمة ويصبح شاهدا للمسيح في وسط هذا العالم‬

‫‪ -989‬وشعب هللا يشترك أخيرا في وظيفة المسيح الملكية فالمسيح يمارس سلطانه‬
‫الملكي عندما يجتذب إليه جميع البشر بموته وقيامته المسيح ملك العالم وربه جعل‬
‫نفسه خادما للجميع إذ انه لم يأت لكي يخدم ويبذل نفسه فداء عن الكثيرين (متى‬
‫‪ )18 :13‬في عرف المسيحي الملك هو خدمة المسيح وال سيما في الفقراء‬
‫والمتألمين الذين ترى فيهم الكنيسة صورة مؤسسها الفقير المتألم وشعب هللا يحقق‬
‫كرامته الملكية عندما يحيا وفقا لهذه الدعوة اعني الخدمة مع المسيح " أن إشارة‬
‫الصليب تجعل المتجددي الوالدة في المسيح ملوكا ومسحة الروح القدس تكرسهم‬
‫كهنة بحيث أن جميع المسيحيين الروحيين والسالكين علي سنن عقولهم يعدون‬
‫أنفسهم أعضاء هذا الجيل الملوكي ومشاركين في وظيفة الكهنوت باستثناء خدمة‬
‫وظيفتنا الخاصة فأي شيء بهذه الملكوية للنفس عندما تحكم جسدها في الخضوع‬
‫هلل ؟ وأي شيء بهذه الكهنوتية عندما تكرس للرب ضميرا طاهرا وتقدم علي هيكل‬
‫قلبها ذبائح البر الخالية من الدنس‬

‫‪ -1‬الكنيسة جسد المسيح‬


‫الكنيسة شركة مع يسوع‬
‫‪ -989‬منذ البداية أشرك يسوع تالميذه في حياته لقد كشف لهم عن سر الملكوت‬
‫وجعل لهم نصيبا في رسالته وفرحة وآالمه ويسوع يتحدث عن شركة حميمة‬
‫أع مق بينه من سيتبعونه اثبتوا في وأنا فيكم أنا الكرمة وانتم األغصان (يو ‪1 :21‬‬
‫– ‪ )1‬وهو يبشر بشركه سرية وحقيقية بين جسده وجسدنا من يأكل جسدي‬
‫ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه (يو ‪)19 :9‬‬

‫‪ -988‬عندما حرم التالميذ من حضور يسوع المنظور لم يدعهم يسوع أيتاما فقد‬
‫وعدهم بان يبقى معهم إلى أخر األزمان وأرسل لهم روحة وقد أصبحت الشركة مع‬
‫يسوع بسبب ذلك اشد وأعمق نوعا ما احل روحة علي أخوته الذين دعاهم من‬
‫جميع األمم فجعلهم جسدا سريا له‬

‫‪ -987‬تشبيه الكنيسة بالجسد يلقي ضوءا علي العالقة الحميمة بين الكنيسة‬
‫والمسيح فليست هي مجمعة حوله وحسب انه موحدة فيه في جسده فثالثة وجوه‬
‫للكنيسة‪ -‬جسد المسيح يجب تمييزها وحدة جميع األعضاء في ما بينهم عن طريق‬
‫اتحادهم بالمسيح المسيح رأس الجسد الكنيسة عروس المسيح‬

‫جسد واحد‬
‫‪ -973‬المؤمنون الذين يستجيبون لكلمة هللا ويصبحون أعضاء جسد المسيح‬
‫يصبحون متحدين بالمسيح اتحادا وثيقا في هذا الجسد تنتشر حياة المسيح في‬
‫المؤمنين الذين باألسرار يتحدون اتحادا سريا وحقيقيا بالمسيح المتألم والممجد‬
‫وهذا يصح بنوع خاص في المعمودية التي بها نتحد بموت المسيح وقيامه وفي‬
‫االفخارستيا التي بها نشترك اشتراكا حقيقيا في جسد المسيح ونرتفع إلى الشركة‬
‫معه وفي ما بيننا‬

‫‪ -972‬وحدة الجسد ال تلغي تنوع األعضاء ففي عمل بناء جسد المسيح تتنوع‬
‫األعضاء والوظائف فانه واحد الروح الذي يوزع مواهبه بحسب غناه ومستلزمات‬
‫الخدم لفائدة الكنيسة ووحدة الجسد السري تبعث المحبة وتنشطها بين المؤمنين‬
‫"وهكذا فغن ت ألم عضو تألمت األعضاء كلها معه‪ ،‬وإذا أكرم عضو فرحت‬
‫األعضاء كلها معه" وأخيرا فوحدة الجسد السري تتغلب على جميع انقسامات‬
‫البشر‪" :‬فأنتم الذين بالمسيح اعتمدتم قد لبستم المسيح؛ فليس يهودي وال يوناني‪،‬‬
‫وليس عبد وال حر؛ ليس ذكر وال أنثى‪ ،‬ألنكم جميعكم واحد في المسيح يسوع"‬
‫(غل ‪ 19 :0‬ـ ‪. )18‬‬

‫"المسيح رأس هذا الجسد "‬


‫‪ 971‬ـ المسيح "رأس الجسد الذي هو الكنيسة" (كو ‪ .) 28 :2‬إنه مبدأ الخليقة‬
‫والفداء‪ .‬وغذ رفع في مجد اآلب فهو "األول في كل شيء" (كو ‪ ،) 28 :2‬وال‬
‫سيما في الكنيسة التي سيبسط بها ملكوته على كل شيء‪.‬‬
‫‪ 970‬ـ إنه يضمنا إلى فصحه‪ :‬على جميع األعضاء أن يعملوا على التشبه به "إلى‬
‫أن يتصور المسيح فيهم" (غل ‪" .)27 :1‬من أجل ذلك أشركنا في أسرار حياته‬
‫(‪ )..‬وإننا نشترك في آالمه اشتراك الجسد في الرأس‪ ،‬متألمين معه لنتمجد معه"‪.‬‬

‫‪ 971‬ـ وهو يتدبر نمونا‪ :‬فلكي ينمينا رأسنا المسيح إليه‪ ،‬يعد في جسده الكنيسة‬
‫المواهب والخدم التي يساعد بها بعضنا بعضا في طريق الخالص‪.‬‬

‫‪ 971‬ـ المسيح والكنيسة هما إذن "المسيح بكامله" (‪.)Christus totus‬‬


‫فالكنيسة واحدة مع المسيح‪ .‬وللقديسين إدراك عميق لهذه الوحدة‪:‬‬
‫"لنغبط أنفسنا إذن ونرفع الشكر لكوننا صرنا‪ ،‬ال مسيحيين وحسب‪ ،‬بل المسيح‬
‫نفسه‪ .‬هل تدركون‪ ،‬يا أخوتي‪ ،‬النعمة التي منحنا إياها هللا عندما منحنا المسيح‬
‫رأسا ؟ تعجبوا وابتهجوا‪ ،‬فقد أصبحنا المسيح‪ .‬وهكذا فيما أنه الرأس ونحن‬
‫األعضاء‪ ،‬فاإلنسان الكامل هو وحن (‪ )..‬ملء المسيح هو الرأس واألعضاء؛ وما‬
‫معنى‪ :‬الرأس واألعضاء ؟ ـ المسيح والكنيسة"‪.‬‬
‫"إن فادينا اظهر ذاته شخصا واحدا هو والكنيسة التي اتخذها"‪.‬‬
‫"رأس وأعضاء‪ ،‬شخص واحد سرى إن صح التعبير"‪.‬‬
‫كلمة للقديسة جان دراك موجهة إلى القضاة تلخص عقيدة المالفنة القديسين وتعبر‬
‫عن فكر المؤمن البسيط ‪":‬يسوع المسيح والكنيسة‪ ،‬رابي أنما واحد‪ ،‬وما من‬
‫صعوبة في ذلك"‪.‬‬

‫الكنيسة هي عروس المسيح‬


‫‪ 979‬ـ وحدة المسيح والكنيسة‪ ،‬الرأس وأعضاء الجسد‪ ،‬تتضمن أيضا تميز االثنين‬
‫في عالقة شخصية‪ .‬وكثيرا ما يعبر عن هذا الوجه بصورة الزوج والزوجة‪.‬‬
‫وموضوع المسيح عريس الكنيسة هيأه األنبياء وبشر به يوحنا المعمدان‪ .‬والسيد‬
‫نفسه دل على ذاته بلفظه "العريس" (مر ‪ .) 27 :1‬والرسول يقدم الكنيسة وكل‬
‫مؤمن‪ ،‬عضو جسده‪ ،‬على أنها عروس "مخطوبة" للمسيح الرب بحيث ال تكون‬
‫معه إال روحا واحدا‪ .‬إنها العروس الطاهرة للحمل الطاهر التي أحبها المسيح‪،‬‬
‫والتي ألجلها سلم نفسه "لكي يقدسها" (أف ‪ ،) 19 :1‬واتخذها شريكة له بعهد‬
‫أبدى‪ ،‬والتي ال يكف عن العناية بها كجسد له خاص‪.‬‬
‫"هذا هو المسيح بكامله‪ ،‬رأسا وجسدا‪ ،‬واحدا مؤلفا من كثرة (‪ )..‬سواء كان‬
‫الرأس متكلما‪ ،‬أو كانت األعضاء‪ ،‬فالمسيح هو المتكلم‪ .‬يتكلم رأسا ( ‪ex‬‬
‫‪ ،)persona capitis‬أو جسدا عظيم‪ .‬أقول هذا بالنسبة إلى المسيح والكنيسة"‬
‫(أف ‪ 02 :1‬ـ ‪ .) 01‬والرب نفسه يقول في اإلنجيل‪ " :‬فليسا هما اثنين بعد ولكنهما‬
‫جسدا واحدا" (متى ‪ .) 9 :27‬وهكذا نرى شخصين مختلفين‪ ،‬إال أنهما واحد في‬
‫عناقهما الزوجي‪ )...( .‬إنه "زوج" من حيث الرأس‪ ،‬و "زوجة" منن حيث‬
‫الجسد"‬
‫‪ -0‬الكنيسة ـ هيكل الروح القدس‬
‫‪ 979‬ـ "الروح القدس هو ألعضاء المسيح‪ ،‬لجسد المسيح‪ ،‬أي الكنيسة‪ ،‬ما هي‬
‫روحنا أي نفسنا ألعضائنا"‪" .‬فإلى روح المسيح‪ ،‬كمبدأ خفي‪ ،‬يجب إرجاع ترابط‬
‫جميع أقسام الجسد في ما بينها ‪،‬ن وفى ما بينها وبين رأسها األعلى‪ ،‬إذ عن هذا‬
‫الروح يقيم كامال في الرأس‪ ،‬وكامال في الجسد‪ ،‬وكامال في كل عضو من أعضائه"‬
‫الروح القدس يجعل من الكنيسة "هيكل هللا الحي" (‪ 1‬كو ‪)2 :9‬‬
‫"لقد أودعت الكنيسة نفسها موهبة هللا (‪ )..‬وفيها جعلت الشركة مع المسيح‪ ،‬أي‬
‫الروح القدس‪ ،‬عربون عدم الفساد‪ ،‬ورسوخ‪ ،‬وسلم ارتقائها إلى هللا (‪ )..‬فحيث‬
‫تكونن الكنيسة يكون روح هللا؛ وحيث يكون روح هللا تكون الكنيسة وكل نعمة"‪.‬‬

‫‪ 978‬ـ الروح القدس هو "مبدأ كل عمل حيوي وخالصي في كل جزء من أجزاء‬


‫الجسد" إنه يعمل بطرائق متعددة على بناء الجسد كله في المحبة‪ :‬بكلمة هللا‬
‫"القادرة أن تبنى البناء" (أع ‪ ،) 01 :13‬وبالمعمودية التي يكون بها جسد‬
‫المسيح؛ وباألسرار التي تنمى أعضاء المسيح وتقدم لها الشفاء؛ وبالنعمة‬
‫الموهوبة للرسل والتي لها محل الصدارة بين مواهبه؛ وبالفضائل التي تحمل على‬
‫سلوك طريق الصالح؛ وأخيرا بالنعم الخاصة المتعددة (المدعوة "مواهب لدنية")‬
‫التي يجعل بها المؤمنين "قادرين على تحمل المسؤوليات والوظائف المختلفة التي‬
‫تساعد على تجديد الكنيسة وزيادة بنائها‪.‬‬

‫المواهب اللدنية‬
‫‪ 977‬ـ المواهب اللدنية‪ ،‬سواء كانت خارقة العادة أو بسيطة ومتواضعة‪ ،‬هي نعم‬
‫من الروح القدس ذات فائدة كنسية مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وموجهة إلى بناء‬
‫الكنيسة‪ ،‬وإلى خير البشر وسد حاجات العالم‪.‬‬

‫‪ 833‬ـ يجب على من ينال المواهب اللدنية وعلى جميع أعضاء الكنيسة أن يتقبلوها‬
‫بشكر‪ .‬إنها ثروة نعم عجيبة للحيوية الرسولية‪ ،‬ولقداسة جسد المسيح كله؛ على‬
‫أن تكون تلك المواهب صادرة في الحقيقة عن الروح القدس‪ ،‬وان يكون العمل بها‬
‫موافقا تمام الموافقة لدوافع هذا الروح نفسه الحقيقة‪ ،‬أي بحسب المحبة‪ ،‬المقياس‬
‫الحقيقي لهذه المواهب‪.‬‬

‫‪ 832‬ـ بهذا المعنى تظهر الحاجة الدائمة إلى تميز المواهب‪ .‬ما من موهبة تعفى من‬
‫الرجوع إلى رعاة الكنيسة والخضوع لهم‪" .‬فإليهم بنوع خاص يعود‪ ،‬ال إطفاء‬
‫الروح‪ ،‬بل اختبار كل شيء الختيار ما هو صالح"‪ ،‬لكي تتضافر جميع المواهب‪،‬‬
‫في تنوعها وتكاملها‪ ،‬في سبيل "الخير العام" (‪ 2‬كو ‪. )9 :21‬‬
‫بإيجاز‬
‫‪ 831‬ـ "يسوع المسيح بذل نفسه لجلنا ليفدينا من كل إثم ويظهر لنفسه شعبا‬
‫خاصا" (تى ‪)21 :1‬‬

‫‪ 830‬ـ "أما انتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب مقتنى" (‪ 2‬بط‬
‫‪. )7 :1‬‬

‫‪ 831‬ـ يدخل اإلنسان في شعب هللا باإليمان والمعمودية‪" .‬جميع الناس مدعوون‬
‫ألن يكونوا من شعب هللا الجديد" حتى "يصبح البشر‪ ،‬في المسيح‪ ،‬أسرة واحدة‬
‫وشعب هللا الواحد"‪.‬‬

‫‪ 831‬ـ الكنيسة جسد المسيح‪ .‬بالروح وعمله في األسرار‪ ،‬وال سيما اإلفخارستيا‪،‬‬
‫يؤلف المسيح‪ ،‬الذي مات وقام‪ ،‬أسرة على أنها جسده ‪.‬‬

‫‪ 839‬ـ في وحدة هذا الجسد أعضاء ووظائف مختلفة‪ .‬واألعضاء جميعهم‬


‫مترابطون في ما بينهم‪ ،‬وهم مرتبطون على وجه خاص بالمتألمين‪ ،‬والفقراء‬
‫والمضطهدين ‪.‬‬

‫‪ 839‬ـ في وحدة هذا الجسد أعضاء ووظائف مختلفة‪ .‬واألعضاء جميعهم‬


‫مترابطون في ما بينهم‪ ،‬وهم مرتبطون على وجه خاص بالمتألمين‪ ،‬والفقراء‬
‫والمضطهدين ‪.‬‬

‫‪ 839‬ـ والكنيسة هي هذا الجسد الذي رأسه المسيح‪ :‬إنها تحيا منه‪ ،‬وفيه‪ ،‬وألجله؛‬
‫وهو يحيا معها وفيها‪.‬‬

‫‪ 838‬ـ الكنيسة عروس المسيح‪ :‬أحبها وبذل نفسه ألجلها‪ ،‬وطهرها بدمه؛ وجعل‬
‫منها أما خصبة لجميع أبناء هللا‪.‬‬

‫‪ 837‬ـ الكنيسة هيكل الروح القدس‪ .‬الروح هو بمثابة روح الجسد السري‪ ،‬ومبدأ‬
‫حياته‪ ،‬ووحدته في التنوع‪ ،‬وغنى عطاياه ومواهبه‪.‬‬

‫‪ 823‬ـ هكذا تبدو الكنيسة الجامعة‪" ،‬كشعب يستمد وحدته من وحدة اآلب واالبن‬
‫والروح القدس"‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 3‬ـ الكنيسة واحدة ‪،‬‬


‫مقدسة‪ ،‬كاثوليكية‪ ،‬ورسولية‬
‫‪ 822‬ـ "تلك هي كنيسة المسيح‪ ،‬التي نعترف في قانون اإليمان بأنها واحدة‪،‬‬
‫مقدسة‪ ،‬كاثوليكية ورسولية‪ .‬هذه الصفات األربع‪ ،‬المترابطة ترابطا غير قابل‬
‫االنفصام تدل على خصائص جوهرية في الكنيسة وفى رسالتها‪ .‬والكنيسة لم‬
‫تحصل عليها من ذاتها؛ فالمسيح هو الذي‪ ،‬بالروح القدس‪ ،‬يهب كنيسته أن تكون‬
‫واحدة مقدسة‪ ،‬كاثوليكية ورسولية‪ ،‬وهو الذي يدعوها إلى تحقيق كل واحدة من‬
‫هذه الصفات"‪.‬‬

‫‪ 821‬ـ اإليمان وحده يستطيع أن يعرف أن الكنيسة تستقى هذه الخصائص من‬
‫ينبوعها اإللهي‪ .‬إال أن الظهورات التاريخية لهذه الخصائص هي عالمات تخاطب‬
‫أيضا العقل البشرى بوضوح‪ .‬والمجمع األول يذكر "أن الكنيسة‪ ،‬بسبب قداستها‬
‫ووحدتها الكاثوليكية‪ ،‬وثباتها الغالب‪ ،‬هي نفسها عامل عظيم ومتواصل‪ ،‬وبرهان‬
‫دامغ على رسالتها اإللهية"‪.‬‬

‫‪ -2‬الكنيسة واحدة‬
‫"سر وحدة الكنيسة المقدس"‬
‫‪ 820‬ـ الكنيسة واحدة من ينبوعها‪" :‬مثال هذا السر األسمى ومبدأه في وحدة اإلله‬
‫الواحد‪ ،‬اآلب واالبن والروح القدس‪ ،‬في ثالوثية األقانيم"‪ .‬والكنيسة واحدة من‬
‫مؤسسها‪" :‬ألن االبن المتجسد نفسه قد أصلح بصليبه ما بين جميع البشر‪ ،‬وأعاد‬
‫وحدة الجميع من شعب واحد وجسد واحد" والكنيسة واحدة من "روحها"‪:‬‬
‫فالر وح القدس الذي يسكن في المؤمنين والذي يمل ويسوس الكنيسة كلها‪ ،‬يحقق‬
‫شركة المؤمنين هذه العجيبة‪ ،‬ويوحدهم توحيدا حميما في المسيح‪ ،‬بحيث يكون‬
‫مبدأ وحدة الكنيسة "فمن جوهر الكنيسة إذن أن تكون واحدة"‪.‬‬
‫"يا له من سر عجيب ! آب واحد للكون‪ ،‬وكلمة واحد للكون‪ ،‬وكذلك روح قدس‬
‫واحد‪ ،‬هو هو في كل مكان‪ .‬وعذراء واحدة صارت أما‪ ،‬ويطيب لي أن أسميها‬
‫الكنيسة"‪.‬‬

‫‪ 821‬ـ منذ البدء تظهر هذه الكنيسة الواحدة في كثير من التنوع الذي يأتيها من‬
‫تنوع مواهب هللا ومن تعدد األشخاص الذي يتقبلون تلك المواهب‪ .‬في وحدة شعب‬
‫هللا تتجمع الشعوب والثقافات المختلفة‪ .‬يوجد بين أعضاء الكنيسة تنوع في‬
‫المواهب والوظائف‪ ،‬والحاالت‪ ،‬وطرائق العيش؛ "ففي داخل شركة الكنيسة توجد‬
‫شرعا كنائس خاصة تتمتع بتقاليد خاصة" وهذا الغنى في التنوع ال يعارض وحدة‬
‫الكنيسة‪ .‬إال أن الخطيئة أعباء عواقبها تهدد موهبة الوحدة تهديدا متواصال‪ .‬ولهذا‬
‫يحرض الرسول على "حفظ وحدة الروح برباط السالم" (أف ‪. )0 :1‬‬
‫‪ 821‬ـ ما هي روابط الوحدة هذه ؟ فوق جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط‬
‫الكمال" (كو ‪ .) 21 :0‬ولكن وحدة الكنيسة في مسيرتها تحافظ عليها أيضا روابط‬
‫شركة منظورة‪:‬‬
‫االعتراف بإيمان واحد منقول عن الرسل؛‬
‫االحتفال المشترك بالعبادة اإللهية‪ ،‬وال سيما األسرار؛‬
‫التعاقب الرسولي بسر الكهنوت‪ ،‬محافظا على الوفاق األخوي في أسرة هللا‪.‬‬

‫‪ 829‬ـ "كنيسة المسيح الواحدة (‪ )..‬هي تلك التي شملها مخلصنا بعد قيامته إلى‬
‫بطرس لكي يكون لها راعيا‪ ،‬والتي أناط ببطرس وسائر الرسل أمر نشرها وقيادتها‬
‫(‪ .) ..‬هذه الكنيسة التي أنشئت نظمت كمجتمع في هذا العالم إنما تستمر في‬
‫الكنيسة الكاثوليكية التي يسوها خليفة بطرس واألساقفة الذين على الشركة معه"‪.‬‬
‫قرار المجمع الفاتيكاني الثاني في موضوع الحركة المسكونية يصرح أنه "بكنيسة‬
‫المسيح الكاثوليكية وحدها‪ ،‬التي هي وسيلة عامة للخالص‪ ،‬يمكن الحصول على‬
‫ملء وسائل الخالص؛ فإن الهيئة الرسولية التي بطرس رأسها هي وحدها‪ ،‬بحسب‬
‫إيماننا‪ ،‬قد أؤتمنت على جميع غنى العهد الجديد‪ ،‬لتكون على األرض جسدا واحدا‬
‫للمسيح الذي ينبغي أن يندمج به ملء االندماج جميع الذين أمسوا من شعب هللا"‪.‬‬

‫جراح الوحدة‬
‫‪ 829‬ـ "في كنيسة هللا هذه الواحدة ظهر منذ البدء بعض انقسامات استنكرها‬
‫الرسول بشدة كشيء يستوجب الشجب‪ ،‬وفى غضون القرون الالحقة وقعت‬
‫انشقاقات أشد خطورة‪ ،‬وانفصلت طوائف ذات بال عن شركة الكنيسة الكاثوليكية‬
‫التامة بذنب أفراد أحيانا من هذا الفريق وهذا الفريق اآلخر" واالنفصالت التي‬
‫تجرح وحدة جسد المسيح (ومرجعها إلى الهرطقة‪ ،‬والجحود‪ ،‬واالنشقاق) ال تجرى‬
‫إال بخطيئة البشر‪:‬‬
‫"حيث توجد الخطيئة يوجد التعدد‪ ،‬واالنشقاق‪ ،‬والهرطقة‪ ،‬والنزاع؛ ولكن حيث‬
‫توجد الفضيلة توجد الوحدة‪ ،‬واالتحاد الذي كان يجعل من جميع المؤمنين جسدا‬
‫واحدا وروحا واحدة"‪.‬‬

‫‪ 828‬ـ إن الذين يولدون اليوم في الطوائف الناشئة من االنشقاقات و "يحيون من‬


‫اإليمان بالمسيح ال يمكن أن يطالبوا بخطيئة انفصال‪ ،‬لذلك تشملهم الكنيسة‬
‫الكاثوليكية إخوة في الرب"‪.‬‬

‫‪ 827‬ـ وإلى ذلك "فعناصر قداسة وحقيقة كثيرة" توجد خارج الحدود المنظورة‬
‫للكنيسة الكاثوليكية‪" :‬كلمة هللا المكتوبة‪ ،‬وحياة النعمة‪ ،‬واإليمان‪ ،‬والرجاء‪،‬‬
‫والمحبة‪ ،‬ومواهب أخرى داخلية للروح القدس‪ ،‬وعناصر أخرى منظورة" وروح‬
‫المسيح يستخدم هذه لكنائس والجماعات الكنيسة كوسائل خالص تأتى قوتها من‬
‫ملء النعمة والحقيقة الذي أئتمن المسيح الكنيسة الكاثوليكية عليه‪ .‬كل هذه‬
‫الخبرات تأتى من المسيح وتقود إليه‪ ،‬وتدعو في ذاتها إلى "الوحدة الكاثوليكية"‪.‬‬
‫نحو الوحدة‬
‫‪ 813‬ـ الوحدة "آتاها المسيح كنيسته منذ البدء‪ .‬نؤمن أنها قائمة في الكنيسة‬
‫الكاثوليكية وال يمكن أن تزول‪ ،‬وتأمل أنها ستظل فيها في نمو مطرد يوما بعد يوم‬
‫إلى منتهى الدهر" المسيح يمنح دائما كنيسته موهبة الوحدة‪ ،‬ولكن على الكنيسة‬
‫أن تصلى دائما وتعمل بال انقطاع للحفاظ على الوحدة التي يريدها لها المسيح‪ ،‬وأن‬
‫تقويها وتكملها‪ .‬ولهذا صلى يسوع نفسه في ساعة آالمه‪ ،‬وهو ال يتوقف عن‬
‫الصالة إلى اآلب لجل وحدة تالميذه‪" :‬ليكونوا باجمعهم واحدا كما انك أنت‬
‫أرسلتني" (يو ‪ .) 12 :29‬إن الرغبة في العودة إلى وحدة جميع المسيحيين هي‬
‫موهبة من المسيح ودعوة من الروح القدس‪.‬‬

‫‪ 812‬ـ لإلجابة الصحيحة عن تلك الدعوة البد من‪:‬‬


‫ـ تجدد متواصل للكنيسة في أمانة أكبر لدعوتها‪ .‬وهذا التجدد هو من اختصاص‬
‫الحركة نحو الوحدة؛‬
‫ـ توبة القلب "في سبيل الحياة حياة أنقى بحسب اإلنجيل"‪ ،‬إذا إن خيانة األعضاء‬
‫لموهبة المسيح هي التي تسبب االنقسامات‪.‬‬
‫ـ الصالة المشتركة "إذ إن التجدد في الباطن والقداسة في السيرة‪ ،‬متجددين‬
‫بالصلوات الجمهورية والفردية ألجل الوحدة بين المسيحيين‪ ،‬يجب أن يعدا بمثابة‬
‫الروح لكل حركة مسكونية‪ ،‬وأن يسميا بحق "المسكونية الروحية"؛‬
‫ـ التعارف األخوي المتبادل‬
‫ـ التنشئة المسكونية للمؤمنين‪ ،‬وال سيما الكهنة؛‬
‫ـ الحوار بين الالهوتيين واللقاءات بين المسيحيين من مختلف الكنائس والجماعات‬
‫الكنسية؛‬
‫ـ التعاون بين المسيحيين في شتى مجاالت خدمة البشر‪.‬‬

‫‪ -811‬االهتمام بتحقيق الوحدة يعنى الكنيسة كلها مؤمنين ورعاة و لكن يجب أن‬
‫تعي أن هذا المشروع المقدس أي مصالحة جميع المسيحيين في وحدة كنيسة‬
‫واحدة ووحيدة للمسيح تفوق قوى البشر وطاقاتهم ولهذا نجعل رجاءنا كله في‬
‫صالة المسيح ألجل الكنيسة وفي محبة اآلب لنا وفي قدرة الروح القدس ‪.‬‬

‫‪ .1‬الكنيسة المقدسة‬
‫‪ -810‬الكنيسة في نظر اإليمان مقدسة علي الزمن ذلك بان المسيح ابن هللا الذي‬
‫هو مع اآلب والروح وحدة القدوس قد أحب الكنيسة كعروس له واسلم نفسه ألجلها‬
‫ليقدسها واتحد بها جسدا له وغمرها بموهبة الروح القدس لمجد هللا فالكنيسة إذن‬
‫هي شعب هللا المقدس وأعضائها يدعون قديسين‪.‬‬

‫‪ -811‬الكنيسة باتحادها بالمسيح يقدسها المسيح به وفية تصبح الكنيسة أيضا‬


‫مقدسة جميع أعمال الكنيسة موجهة إلى تقديس البشر في المسيح والي تمجيد هللا‬
‫وكان ذلك هو غايتها وهدفها في الكنيسة جعل ملء وسائل الخالص وفيها نكتسب‬
‫بنعمة هللا‬

‫‪ -811‬تتمتع الكنيسة علي األرض بقداسة حقيقية وان غير كاملة وال بد ألعضائها‬
‫من السعي أيضا إلى اكتساب القداسة الكاملة أن جميع المؤمنين ولهم مثل هذا‬
‫القدر من وسائل الخالص العظيمة يدعوهم الرب أيا كانت حالهم ووضعهم وكال في‬
‫طريقته إلى كمال القداسة التحى مثالها كمال اآلب‪.‬‬

‫‪ -819‬المحبة روح القداسة التي دعي إليها الجميع أنها توجه وسائل القداسة‬
‫وتعطيها روحها وتقودها إلى غايتها أدركت انه لو كان للكنيسة جسد مؤلف من‬
‫عدة أعضاء لما كان ينقصها األهم واألنبل أدركت أن الكنيسة تملك قلبا وان هذا‬
‫القلب يضطرم حبا أدركت أن الحب وحدة هو الذي كان يحرك أعضاء الكنيسة وانه‬
‫لو خمد الحب لتوقف الرسل عن التبشير باإلنجيل وتمنع الشهداء عن بذل دمهم‬
‫أدركت أن الحب يحتوى جميع الدعوات وان الحب هو كل شيء وانه يشمل جميع‬
‫األزمان وجميع األمكنة انه أزلي‪.‬‬

‫‪ -819‬فيما كان المسيح القدوس البريء والذي ال عيب في لم يعرف الخطيئة بل‬
‫أتي ليكفر عن خطايا الشعب فقط فان الكنيسة التي تضم في حضنها الخطاة هي في‬
‫أن واحد مقدسة ومفتقرة دائما إلى التطهير وألني عاكفة علي التوبة والتجدد جميع‬
‫أعضاء الكنيسة بما فيهم من خدمة مرسومين يجب أن يعرفوا أنهم خطاة في‬
‫الجميع زؤان الخطيئة يخالط بذور اإلنجيل الصالحة إلى أخر األزمان فالكنيسة تضم‬
‫إذن خطاة شملهم خالص المسيح ولكنهم أبدا في طريق القداسة الكنيسة المقدسة‬
‫وهي تضم في حضنها خطأة الن ليس لها هي نفسها حياة سوى حياة النعمة أنها‬
‫حين تحيا حياتها يتقدس أعضاؤها وهي عندما تحيد عن حياتها يسقطون في‬
‫الخطيئة وفي االنحرافات التي دون تأللؤ قداستها ولهذا فهي تتألم وتكفر عن هذه‬
‫الخطايا التي أعطيت سلطان شفاء أبنائها منها بدم المسيح وموهبة الروح القدس‪.‬‬

‫‪ -818‬عندما تطوب الكنيسة بعض المؤمنين أي عندما تعلن أن هؤالء المؤمنين أي‬
‫عندما تعلن أن هؤالء المؤمنين مارسوا الفضائل علي وجه بطولي وساروا في‬
‫األمانة لنعمة هللا فهي تعترف بقدرة روح القداسة الذي فيها وتعضد رجاء المؤمنين‬
‫عندما تقدم لهم أولئك نماذج وشفعاء فالقديسون والقديسات كانوا أبدا ينبوع‬
‫ومصدر تجدد في أصعب أوقات تاريخ الكنيسة وهكذا فالقداسة هي الينبوع الخفي‬
‫والمعيار الذي ال يخطئ لعملها الرسولي وال اندفاعها إلى الرسالة‪.‬‬

‫‪ -817‬قد بلغت الكنيسة في شخص العذراء الطوباوية الكمال في غير كلف وال‬
‫غضن ومؤمنو المسيح أيضا يجدون بنشاط في طريق النمو في القداسة بالتغلب‬
‫علي الخطيئة كذلك يشخصون بأبصارهم إلى مريم ففيها الكنيسة هي الكلية‬
‫القداسة‪.‬‬

‫‪ -0‬الكنيسة الكاثوليكية‬
‫ما معنى كاثوليكية؟‬
‫‪ -803‬اللفظة كاثوليكية تعنى جامعة أي بحسب الكلية أو بحسب التمامية فالكنيسة‬
‫كاثوليكية بمعنى مزدوج أنها كاثوليكية الن المسيح حاضر فيها حيث يكون المسيح‬
‫يسوع تكون الكنيسة الكاثوليكية ففيها ملء جسد المسيح متحدا برأسه وهذا يعنى‬
‫إنها تنال منه ملء وسائل الخالص التي أرادها لها االعتراف باإليمان القويم‬
‫والكامل وحياة األسرار التامة وخدمة مرسومة في الخالفة الرسولية وهكذا كانت‬
‫الكنيسة بهذا المعنى األساسي كاثوليكية في يوم العنصرة وستكون كذلك إلى يوم‬
‫مجيء المسيح‪.‬‬

‫‪ -802‬وهى كاثوليكية الن المسيح أرسلها في رسالة إلى الجنس البشري بكاملة أن‬
‫جميع الناس مدعوون الن يكونوا من شعب هللا الجديد لذلك يجب أن يمتد ذلك‬
‫الشعب مع بقائه واحدا وحيدا علي العالم بأسرة وعلي جميع األزمان لكي تتم‬
‫مقاصد إرادة هللا الذي خلق في البدء الطبيعة البشرية واحدة ويريد أن يجمع أخيرا‬
‫في الوحدة أبناءها المتفرقين وان هذا الطابع طابع الشمول الذي يلقي النور علي‬
‫شعب هللا هو عطية من الرب نفسه تسعي بقوتها الكنيسة الكاثوليكية سعيا فعاال‬
‫مستمرا إلى جمع البشرية بأسرها مع كل ما تنطوي علية من خير تحت رأسها الذي‬
‫هو المسيح في وحدة الروح القدس‪.‬‬

‫كل كنيسة خاصة هي كاثوليكية‬


‫‪ -801‬كنيسة المسيح حاضرة حقا في كل جماعات المؤمنين المحلية الشرعية التي‬
‫باتحادها يسمونها أيضا في العهد الجديد كنائس فيها يتجمع المؤمنين بالدعوة‬
‫بإنجيل المسيح وفيها يحتفل بسر عشاء الرب وهذه الجماعات مهما كانت في‬
‫الغالب صغيرة وفقيرة أو مشتته فان المسيح حاضر فيها وبقوته تقوم الكنيسة‬
‫واحدة مقدسة كاثوليكية رسولية‬

‫‪ -800‬يراد بكنيسة خاصة وهي أوال االبرشية مجموعة مؤمنين مسيحيين في‬
‫شركة اإليمان واألسرار مع أسقفهم المرسوم في الخالفة الرسولية وهذه الكنائس‬
‫الخاصة مكونة علي صورة الكنيسة الجامعة وفيها وبها تقوم الكنيسة الكاثوليكية‬
‫واحدة وحيدة‬

‫‪ -801‬الكنائس الخاصة كاملة في كاثوليكيتها بالشركة مع احداها أي كنيسة رومه‬


‫التي لها صدارة المحبة فمع هذه الكنيسة وبسبب اصهال االسمي يجب أن تتفق كل‬
‫كنيسة أي مؤمنو كل مكان فمنذ نزول الكلمة المتجسد إلينا جميع الكنائس المسيحية‬
‫في كل مكان رأت وترى في الكنيسة العظمى التي هنا في رومة ركنا وأساسا فريدا‬
‫الن أبواب الجحيم علي حد وعود المخلص نفسها لم تقو عليها قط‬

‫‪ -801‬يجب أن ال تعد الكنيسة الجامعة مجرد مجموعة أو اتحاد كنائس خاصة‬


‫ولكنها أكثر من ذلك الكنيسة الجامعة بدعوتها ورسالتها التي تتأصل في حقول‬
‫ثقافية واجتماعية وإنسانية مختلفة متخذة في كل ناحية وجوها وأشكاال تعبيرية‬
‫مختلفة أن التنوع الغنى في األنظمة الكنيسة والطقوس الليترجية والتراث الالهوتي‬
‫والروحي الذي تنفرد به الكنائس المحلية يظهر بوضوح أكثر وبما تتالقي به‬
‫الكنائس في الوحدة كاثوليكية الكنيسة غير القابلة التجزؤ‪.‬‬

‫من ينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكية ؟‬


‫‪ 809‬ـ "جميع الناس مدعوون إلى وحدة شعب هللا الكاثوليكية (‪)..‬؛ ويرتبط بها‬
‫على وجوه مختلفة‪ ،‬أو هم في السبيل إليها‪ ،‬المؤمنون الكاثوليك‪ ،‬وسائر المؤمنين‬
‫بالمسيح وأخيرا سائر الناس‪ ،‬بدون ما استثناء‪ ،‬المدعوين بنعمة هللا إلى‬
‫الخالص"‪.‬‬

‫‪ 809‬ـ "ينتمي إلى مجتمع الكنيسة انتماء تاما الذين‪ ،‬بعد إذ حصلوا على روح‬
‫المسيح‪ ،‬يتقبلون تقبال كليا نظاما وجميع وسائل الخالص التي أنشئت فيها‪،‬‬
‫ويتحدون‪ ،‬في مجتمعها المنظور‪ ،‬بالمسيح الذي يقودها بواسطة الحبر األعظم‬
‫واألساقفة المتحدين في ما بينهم بربط االعتراف باإليمان واألسرار والحكم الكنسي‬
‫والشركة‪ .‬بيد أنه ال يخلص‪ ،‬على كونه منتميا إلى الكنيسة‪ ،‬ذاك الذي ال يثبت في‬
‫المحبة‪ ،‬فيقيم في حضن الكنيسة "بالجسم" ال بالقلب"‪.‬‬

‫‪ 808‬ـ "أولئك الذين باعتمادهم نالوا كرامة االسم المسيحي‪ ،‬ولكنهم ال يعترفون‬
‫باإليمان كامال‪ ،‬أوال يحتفظون بوحدة الشركة مع خليفة بطرس‪ ،‬تعلم الكنيسة أنها‬
‫متحدة بهم ألسباب متعددة"‪" .‬وإن الذين يؤمنون بالمسيح وقد قبلوا المعمودية‬
‫قبوال صحيحا هم على الشركة‪ ،‬وإن غير كاملة‪ ،‬مع الكنيسة الكاثوليكية" وهذه‬
‫الشركة مع الكنائس األرثوذكسية هي بهذا المقدار من العمق "حتى إنه ينقصها‬
‫شيء قليل لكي تبلغ الكمال الذي يبيح االشتراك في إقامة ذبيحة إفخارستيا الرب"‪.‬‬

‫الكنيسة وغير المسيحيين‬


‫‪ 807‬ـ "وأما الذين لم يقبلوا اإلنجيل بعد فهم أيضا مدعوون بطرق مختلفة إلى‬
‫شعب هللا"‪.‬‬
‫عالقة الكنيسة بالشعب اليهودي‪ .‬الكنيسة‪ ،‬شعب هللا في العهد الجديد‪ ،‬تكتشف‪،‬‬
‫وهى تقضى سرها الخاص‪ ،‬عالقتها بالشعب اليهودي‪" ،‬الذي كلمه هللا أوال"‬
‫فبعك س الديانات األخرى غير المسيحية‪ ،‬اإليمان اليهودي هو جواب على وحى هللا‬
‫في العهد القديم‪ .‬فللشعب اليهودي "التبني والمجد والعهود والتشريع والعبادة‬
‫والوعود واألجداد‪ ،‬هو الذي ولد منه المسيح بحسب الجسد" (رو ‪ ،)1 :1 :7‬إن‬
‫"مواهب هللا ودعوته هي بال ندامة" (رو ‪. )17 :22‬‬

‫‪ 813‬ـ وإلى ذلك فعندما تنظر إلى المستقبل نرى أن شعب هللا في العهد القديم‬
‫وشعب هللا الجديد يتوجهان إلى أهداف متشابهة‪ :‬انتظار مجيء (أو عودة) الماسيا‪.‬‬
‫ولكن االنتظار هو من جهة لعودة المعالم‪ ،‬في آخر األزمان‪ ،‬انتظار مقرون بمأساة‬
‫الجهل أو عدم االعتراف بالمسيح يسوع‪.‬‬

‫‪ 812‬ـ عالقة الكنيسة بالمسلمين‪" .‬إن تدبير الخالص يشمل أيضا أولئك الذين‬
‫يؤمنون بالخالق‪ ،‬وأولهم المسلمون الذين يعلنون أنهم على إيمان إبراهيم‪،‬‬
‫ويعبدون معنا هللا الواحد‪ ،‬الرحمان الرحيم‪ ،‬الذي يدين الناس في اليوم اآلخر"‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ عالقة الكنيسة بالديانات األخرى غير المسيحية هي أوال عالقة أصل الجنس‬
‫البشرى وغايته "جميع الشعوب يؤلفون أسرة واحدة؛ فهم جميعهم من أصل واحد‪،‬‬
‫إذ أسكن هللا الجنس البشرى كله على وجه هذه األرض‪ ،‬ولهم جميعا غاية قصوى‬
‫واحدة‪ ،‬وهى هللا الذي يبسط على الجميع كنف عنايته‪ .‬وآيات لطفه‪ ،‬ومقاصده‬
‫الخالصية‪ ،‬إلى أن يجتمع مختاروه في المدينة المقدسة"‪.‬‬

‫‪ 810‬ـ "الكنيسة ترى في األديان األخرى تلمسها‪" ،‬الذي ال يزال في الظل وفى‬
‫خفاء الصور"‪ ،‬هلل المجهول والقريب الذي يعطى الجميع الحياة والنفس وكل شيء‬
‫والذي يريد أن يخلص جميع البشر‪ .‬وهكذا ترى الكنيسة أن كل ما يمكن أن يوجد‬
‫من الصالح والحق في الديانات هو "تمهيد لإلنجيل وموهبة من ذاك الذي ينير كل‬
‫إنسان لكي تكون له الحياة أخيرا"‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ ولكن البشر يظهرون أيضا‪ ،‬في سلوكهم الديني‪ ،‬حدودا وأضاليل تشوه فيهم‬
‫صورة هللا‪:‬‬
‫"كثيرا ما يخدع الشيطان الناس فيضلون سواء السبيل في أفكارهم‪ ،‬ويستبدلون‬
‫بحقيقة هللا البطل‪ ،‬عابدين المخلوق دون الخالق‪ ،‬أو أنهم يحيون ويموتون بدون هللا‬
‫في هذا العالم‪ ،‬فيعرضون أنفسهم لليأس الذي ما بعده يأس"‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ لقد أراد اآلب أن يدعو جميع البشر في كنيسة ابنه ليجمع مجددا جميع أبنائه‬
‫الذين شتتهم الخطيئة‪ .‬الكنيسة هي المكان الذي يجب أن تجد فيه البشرية وحدتها‬
‫وخالصها‪ .‬أنها "العالم مصالحا" إنها تلك السفينة التي "تمخر في هذا العالم على‬
‫هبوب الروح القدس تحت الشراع الكامل لصليب الرب"‪ ،‬وهى‪ ،‬على حد تصور‬
‫آباء الكنيسة‪ ،‬فلك نوح الذي وحده ينجى من الطوفان ‪.‬‬
‫"ال خالص خارج الكنيسة"‬
‫‪ 819‬ـ كيف يجب علينا ؟أن نفهم هذه العبارة التي طالما رددها آباء الكنيسة؟ إذا‬
‫صيغت بطريقة إيجابية فإنها تعنى أن كل خالص يأتي من المسيح الرأس عن طريق‬
‫الكنيسة التي هي جسده ‪:‬‬
‫"إن المجمع المقدس‪ ،‬استنادا منه إلى الكتاب المقدس والتقليد‪ ،‬يعلم أن هذه‬
‫الكنيسة التي هي في حالة سفر على األرض ضرورية للخالص‪ .‬ذلك بأن المسيح‬
‫وحده هو وسيط الخالص وطريقه‪ :‬وههو يصير حاضرا ألجلنا في جسده الذي هو‬
‫الكنيسة؛ فإنه إذ يعلم بصريح العبارة ضرورة اإليمان والمعمودية‪ ،‬قد أكد في الوقت‬
‫نفسه ضرورة الكنيسة التي يلج فيها الناس بالمعمودية كما من باب‪ .‬ومن ثم فإن‬
‫الذين ال يجهلون أن هللا قد أنشا بيسوع المسيح الكنيسة الكاثوليكية أداة ضرورية‬
‫ثم يرفضون الدخول إليها أو الثبات فيها‪ ،‬ال يستطيعون سبيال إلى الخالص"‪.‬‬

‫‪ 819‬ـ هذا الكالم غير موجهه إلى الذين يجهلون المسيح وكنيسته على غير ذنب ‪:‬‬
‫"إن الذين‪ ،‬عل ى ذنب منهم‪ ،‬يجهلون‪ ،‬إنجيل المسيح وكنيسته‪ ،‬ويطلبون مع ذلك‬
‫هللا بقلب صادق‪ ،‬ويجتهدون‪ ،‬بنعمته‪ ،‬أن يتمموا في أعمالهم إرادته كما يمليها‬
‫عليهم ضميرهم‪ ،‬فهؤالء‪ ،‬يمكنهم أن ينالوا الخالص األبدي"‪.‬‬

‫‪ 818‬ـ "وأن كان بإمكان هللا أن يقود إلى اإليمان‪ ،‬الذي يستحيل إرضاء هللا بدونه‪،‬‬
‫بطرق يعرفها هو وحده‪ ،‬أناسا يجهلون اإلنجيل عن غير خطأ منهم‪ ،‬فعلى الكنيسة‬
‫تقع ضرورة تبشير جميع البشر باإلنجيل‪ ،‬وهو أيضا حق لها مقدس"‪.‬‬

‫الرسالة ـ من مقتضيات كاثوليكية الكنيسة‬


‫‪ 817‬ـ التفويض اإلرسالي‪" .‬إن الكنيسة التي أرسلها هللا إلى األمم لكي تكون السر‬
‫الجامع للخالص‪ ،‬هي مشدودة إلى تبشير جميع البشر باإلنجيل‪ ،‬تشدها المقتضيات‬
‫العميقة في كاثوليكيتها الخاصة‪ ،‬والعمل بأمر مؤسسها"‪" :‬فأذهبوا وتلمذوا كل‬
‫األمم وعمدوهم باسم اآلب واالبن والروح القدس‪ ،‬وعلموهم أن يحفظوا جميع ما‬
‫أوصيتكم به‪ ،‬وها أنا معكم كل األيام إلى منتهى الدهر" (متى ‪ 27: 18‬ـ ‪. )13‬‬
‫‪ 813‬ـ مصدر الرسالة وغايتها‪ .‬المصدر األعلى لتكليف الرب اإلرسالي هو في‬
‫محبة الثالوث األقدس األزلية‪ " :‬الكنيسة في طبيعتها المتجولة رسولية‪ ،‬ألنها‬
‫تصدر عن رسالة االبن‪ ،‬وعن رسالة الروح القدس‪ ،‬وفاقا لقصد هللا اآلب"‪ .‬وليس‬
‫هدف الرسا لة األخير إال في إشراك البشر في الشركة التي بين اآلب واالبن في‬
‫روح محبتها ‪.‬‬

‫‪ 812‬ـ سبب الرسالة‪ .‬من محبة هللا لجميع البشر استخرجت الكنيسة أبدا واجب‬
‫االندفاع الرسالي وقوته‪" :‬ألن محبة المسيح تحثنا" (‪ 1‬كو ‪ .) 21 :1‬و"هللا يريد‬
‫أن جميع الناس يخلصون ويبلغون إلى معرفة الحق" (‪ 2‬تى ‪ )1 :1‬هللا يريد خالص‬
‫الجميع بمعرفة الحق؛ فالخالص في الحق‪ .‬فالذين ينقادون لدافع روح الحق هم في‬
‫طريق الخالص؛ ولكن الكنيسة التي أودعت هذا الحق يجب عليها أن تالقى‬
‫رغباتهم لكي تقدم لهم هذا الحق‪ .‬وغذ كانت تؤمن بقصد الخالص الشامل فمن‬
‫واجبها أن تكون رسولة‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ طرق الرسالة‪" .‬الروح القدس هو محرك الرسالة الكنيسة كلها" إنه هو‬
‫الذي يقود الكنيسة على دروب الرسالة‪ .‬وهذه الرسالة "تواصل وتكمل عبر التاريخ‬
‫رسالة المسيح نفسه‪ ،‬الذي أرسل ليحمل البشرى إلى المساكين‪ .‬فعلى هذه الطريق‬
‫نفسها التي سلكها المسيح نفسه‪ ،‬ويدفع من روح المسيح‪ ،‬يجب على الكنيسة أن‬
‫تسير‪ ،‬أي على طريق الفقر والطاعة‪ ،‬وبذل الذات إلى حد الموت الذي خرج منه‬
‫بقيامته منتصرا" وهكذا "فدم الشهداء زرعه مسيحيين"‪.‬‬

‫‪ 810‬ـ ولكن الكنيسة في مسيرتها تختبر "المسافة بين الرسالة التي تكشف عنها‬
‫والضعف البشرى عند من اؤتمنوا على هذا اإلنجيل‪ .‬فبالسير على طريق" التوبة‬
‫والتجدد وحده‪ ،‬ومن "باب الصليب الضيق"‪ ،‬يستطيع شعب هللا بسط ملكوت‬
‫المسيح ‪".‬ولما كان المسيح قد تمم عمله تشرك الناس في ثمار الخالص"‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ والكنيسة في ذات رسالتها "تسير مع البشرية كلها‪ ،‬وتنال قسطها من‬
‫مصير العالم األرضي؛ وهى بمثابة خميرة‪ ،‬وكروح للمجتمع البشرى الذي يجب أن‬
‫يتجدد في المسيح ويتحول إلى أسرة هللا" وهكذا فالعمل الرسولي يقتضى الصبر‪.‬‬
‫إنه يبدأ بنقل اإلنجيل إلى الشعوب والجماعات التي ال تزال غير مؤمنة بالمسيح؛‬
‫وهو يواصل طريقه بإقامة جماعات مسيحية تكون "عالمات حضور هللا في‬
‫العالم"‪ ،‬وبإنشاء كنائس محلية؛ وهو يقتضى أسلوب انثقاف لتجسيد اإلنجيل في‬
‫ثقافات الشعوب؛ وقد ال تخلو طريقه من الفشل‪" .‬فالكنيسة‪ ،‬وفى ما يتعلق بالناس‬
‫والجماعات والشعوب‪ ،‬ال تغزوها وتخترق صفوفها إال شيئا فشيئا‪ ،‬وهكذا تلقى بها‬
‫في ملء الكثلكة"‪.‬‬

‫‪ 811‬ـ رسالة الكنيسة تستدعى السعي لوحدة المسيحيين‪" .‬فاالنقسامات بين‬


‫المسيحيين تمنع الكنيسة من تحقيق ملء الكثلكة الخاصة بها في بينها الذين‬
‫أصبحوا أبناءها بالمعمودية‪ ،‬ولكنهم منفصلون عن شركتها الكاملة‪ .‬أضف إلى ذلك‬
‫أنه يصير من األصعب على الكنيسة نفسها أن تعبر تعبيرا استيعابا عن ملء كثلكتها‬
‫في واقع حياتها"‪.‬‬

‫‪ 819‬ـ المهمة اإلرسالية تقتضى حوارا يحترم أولئك الذين لم يتقبلوا بعد اإلنجيل‪.‬‬
‫ويستطيع المؤمنون أن يفيدوا من هذا الحوار نفعا ألنفسهم‪ ،‬عندما يطلعون اطالعا‬
‫أوسع على "كل ما لدى تلك األمم من حقيقة ونعمة كما لو كان ذلك بحضور خفي‬
‫هلل" ولئن بشروا بإنجيل من يجهله‪ ،‬فما ذلك إال لتقوية وإكمال ورفع الحقيقة‬
‫والصالح اللذين أفاضهما هللا على البشر والشعوب وتطهيرهم من الضالل والشر‬
‫"لمجد هللا‪ ،‬وخزي الشيطان‪ ،‬وسعادة اإلنسان"‪.‬‬

‫‪ -1‬الكنيسة رسولية‬
‫‪ 819‬ـ الكنيسة رسولية ألنها مؤسسة على الرسل وذلك بمعاني ثالثة‪:‬‬
‫ـ لقد بنيت وال تزال مبينة على "أساس الرسل" (أف ‪ ،) 13 :1‬وهم شهود‬
‫مختارون ومرسلون من قبل المسيح نفسه؛‬
‫ـ وهى تحفظ وتنقل‪ ،‬بمساعدة الروح الساكن فيها‪ ،‬التعليم‪ ،‬الوديعة الخيرة‪ ،‬األقوال‬
‫السليمة التي سمعتها من الرسل؛‬
‫ـ وهى ال تزال يعلمها الرسل ويقدسونها ويسوسونها إلى عودة المسيح بفضل من‬
‫يخلفونهم في مهمتهم الراعوية‪ :‬هيئة األساقفة‪" ،‬يساعدهم الكهنة‪ ،‬باإلتحاد مع‬
‫خليفة بطرس‪ ،‬راعى الكنيسة األعلى"‪:‬‬
‫"أيها اآلب األزلي‪ ،‬إنك ال تهمل قطيعك‪ ،‬بل تحافظ عليه برسلك الطوباويين في ظل‬
‫حمايتك الدائمة‪ ،‬إنك تسوسه أيضا بهؤالء الرعاة أنفسهم الذين يواصلون اليوم‬
‫عمل ابنك"‪.‬‬

‫رسالة الرسل‬
‫‪ 818‬ـ يسوع هو رسول اآلب‪ ،‬ومنذ بدء رسالته "دعا الذين أرادهم فأقبلوا إليه‬
‫وعين منهم أثنى عشر ليكونوا معه ولكي يرسلهم للكرازة" (مر ‪ 20 :0‬ـ ‪ )21‬وقد‬
‫أصبحوا من ذلك الحين "رسله" (وهذا معنى اللفظة اليونانية) وبهم تتابع رسالته‬
‫الخاصة‪" :‬كما أرسلني كذلك أنا أرسلكم" (يو ‪ .) 12 :13‬وهكذا فعلمهم متابعة‬
‫لرسالته الخاصة‪" :‬من قبلكم فقد قبلني"‪ ،‬هكذا قال لالثنى عشر (متى ‪. )13 :23‬‬

‫‪ 817‬ـ لقد ضمهم يسوع إلى الرسالة التي قبلها من أبيه‪ :‬فكما "أن االبن ال يستطيع‬
‫أن يفعل شيئا من ذاته" (يو ‪ ،) 03 ،27 :1‬بل يقبل كل شيء من اآلب الذي أرسله‪،‬‬
‫كذلك أولئك الذين يرسلهم يسوع ال يستطيعون أن يفعلوا شيئا بدونه‪ ،‬هو الذي‬
‫ينالون منه تفويض الرسالة وسلطان القيام بها‪ .‬فرسل المسيح يعلمون أن هللا‬
‫أقامهم "خدمة عهد جديد" (‪ 1‬كو ‪" ،) 9 :0‬خدمة هللا" (‪ 1‬كو ‪" ،)1 :9‬سفراء‬
‫المسيح" (‪ 1‬كو ‪" ،) 13 :1‬خدام المسيح ووكالء أسرار هللا" (‪ 2‬كو ‪.) 2 :1‬‬

‫‪ 893‬ـ في مهمة الرسل ناحية ال يمكن أن تكون في غيرهم‪ :‬وهى أنهم الشهود‬
‫المختارون لقيامة الرب وأركان الكنيسة‪ .‬ولكن هنالك وجها لمهمتم ثابتا فقد وعدهم‬
‫المسيح بأن يبقى معهم إلى منتهى الدهر‪" .‬أن هذه المهمة اإللهية التي أناطها‬
‫المسيح بالرسل يجب أن تستمر حتى منتهى العالم‪ ،‬بما أن اإلنجيل الذي يجب أن‬
‫يسلموه هو للكنيسة‪ ،‬في كل زمان‪ ،‬مبدأ الحياة كلها‪ .‬لذلك اهتم الرسل بأن يقيموا‬
‫لهم (‪.")...‬‬
‫األساقفة خلفاء الرسل‬
‫‪ 892‬ـ "لكي تظل الرسالة التي أؤتمن عليها الرسل مستمرة بعد موتهم فرسل‬
‫المسيح يعلمون أن هللا أقامهم "خدمة عهد جديد" (‪ 1‬كو ‪" ،) 9 :0‬خدمة هللا" (‪1‬‬
‫كو ‪" ،) 1 :9‬سفراء المسيح" (‪ 1‬كو ‪" ،) 13 :1‬خدام المسيح ووكالء أسرار‬
‫هللا" (‪ 2‬كو ‪.) 2 :1‬‬

‫‪ 893‬ـ في مهمة الرسل ناحية ال يمكن أن تكون في غيرهم‪ :‬وهى أنهم الشهود‬
‫المختارون لقيامة الرب وأركان الكنيسة‪ .‬ولكن هنالك وجها لمهمتم ثابتا فقد وعدهم‬
‫المسيح بأن يبقى معهم إلى منتهى الدهر‪" .‬أن هذه المهمة اإللهية التي أناطها‬
‫المسيح بالرسل يجب أن تستمر حتى منتهى العالم‪ ،‬بما أن اإلنجيل الذي يجب أن‬
‫يس لموه هو للكنيسة‪ ،‬في كل زمان‪ ،‬مبدأ الحياة كلها‪ .‬لذلك اهتم الرسل بأن يقيموا‬
‫لهم (‪.")...‬‬

‫األساقفة خلفاء الرسل‬


‫‪ 892‬ـ "لكي تظل الرسالة التي أؤتمن عليها الرسل مستمرة بعد موتهم سلموا إلى‬
‫معاونيهم األدنين‪ ،‬تسليم وصية‪ ،‬مهمة إنجاز العمل الذي بدأوه وترسيخه‪،‬‬
‫وأوصوهم بالسهر على القطيع الذي أقامهم فيه الروح القدس ليرعوا كنيسة هللا‪.‬‬
‫فأقاموا هؤالء الرجال‪ ،‬ورسموا لهم للمستقبل أن يتسلم زمام خدمتهم بعد مماتهم‬
‫رجال آخرون مختبرون"‪.‬‬

‫‪ 891‬ـ "كما أن المهمة التي أناطها الرب ببطرس‪ ،‬أول الرسل‪ ،‬منفردا‪ ،‬ويجب أن‬
‫تنتقل على خلفائه‪ ،‬تدوم باستمرار‪ ،‬كذلك أيضا مهمة رعاية الكنيسة التي تسلمها‬
‫الرسل والتي يجب أن تزاولها هيئة األساقفة المقدسة‪ ،‬تدوم باستمرار"‪ .‬فلذلك تعلم‬
‫الكنيسة "أن األساقفة يخلفون الرسل‪ ،‬بوضع إلهي‪ .‬على رعاية الكنيسة‪ ،‬فمن‬
‫سمع منهم سمع من المسيح‪ ،‬ومن احتقرهم احتقر المسيح والذي أرسل المسيح"‪.‬‬

‫الرسالة‬
‫‪ 890‬ـ الكنيسة رسولية كلها من حيث إنها تظل‪ ،‬من خالل خلفاء بطرس والرسل‬
‫في شركة إيمان وحياة مع مصدرها‪ .‬والكنيسة رسولية كلها من حيث إنها‬
‫"مرسلة" في العالم كله؛ وجميع أعضاء الكنيسة مشتركون في هذه الرسالة‪ ،‬وإن‬
‫وجوه مختلفة ‪".‬والدعوة المسيحية هي أيضا بطبيعتها دعوة على الرسالة"‪.‬‬
‫ويسمون "رسالة" كل نشاط للجسد السري" يسعى إلى "بسط ملك على كل‬
‫األرض"‪.‬‬

‫‪ 891‬ـ "وبما أن المسيح الذي أرسله اآلب هو ينبوع ومصدر كل إرسالية الكنيسة‬
‫فمن الثابت أن خصب الرسالة"‪ ،‬سواء كانت للخدمة المرسومين أو للعلمانيين‪،‬‬
‫"تتعلق بإتحادهم الحيوي بالمسيح"‪ .‬والرسالة تتخذ أشكاال مختلفة وفقا للدعوات‬
‫ومقتضيات الزمن ومواهب الروح القدس المتنوعة‪ .‬إال أن المحبة‪ ،‬المستقاة بنوع‬
‫خاص من اإلفخارستيا‪" ،‬هي بمثابة الروح لكل رسالة"‪.‬‬

‫‪ 891‬ـ الكنيسة واحدة‪ ،‬مقدسة‪ ،‬كاثوليكية‪ ،‬رسولية في جوهرها العميق واألخير‪ ،‬إذ‬
‫منها يوجد اآلن وسيتم في آخر األزمان "ملكوت السماوات"‪" ،‬ملك هللا"‪ ،‬الذي‬
‫أتى في شخص المسيح والذي ينمو سريا في قلب من انضموا عليه‪ ،‬إلى يوم‬
‫ظهوره المعادى الكامل‪ .‬عند ذلك يجتمع جميع البشر الذين افتداهم‪ ،‬وصاروا به "‬
‫مقدسين وأطهارا أمام هللا في المحبة "‪ ،‬على أنهم شعب هللا الوحيد‪" ،‬عروس‬
‫الحمل"‪" ،‬المدينة المقدسة النازلة من السماء‪ ،‬من عند هللا‪ ،‬ولها مجد هللا"؛‬
‫"ولسور المدينة اثنا عشر أساسا فيها أسماء رسل الحمل األثنى عشر" (رؤ ‪:12‬‬
‫‪. )21‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 899‬ـ الكنيسة واحدة‪ :‬لها رب واحد‪ ،‬وتعترف بإيمان واحد‪ ،‬وتولد بمعمودية‬
‫واحدة‪ ،‬وال تكون إال جسدا واحدا‪ ،‬يحييه روح واحد‪ ،‬ألجل رجاء وحيد‪ ،‬ينتهي‬
‫بالتغلب على جميع االنقسامات‪.‬‬

‫‪ 899‬ـ الكنيسة مقدسة‪ :‬هللا القدوس منشئها؛ والمسيح‪ ،‬عروسها‪ ،‬اسلم ذاته من‬
‫اجلها لكي يقدسها؛ وروح القداسة يحييها‪ .‬إن احتوت خطأة فهي " الالخطئة‬
‫المكونة من خطأة" تتألق قداستها؛ وبمريم هي منذ اآلن كلية مقدسة ‪.‬‬

‫‪ 898‬ـ الكنيسة كاثوليكية‪ :‬إنها تبشير بكامل اإليمان؛ وتحمل فيها وتمنح ملء‬
‫وسائل الخالص؛ وهى مرسلة على جميع الشعب؛ وتخاطب جميع البشر؛ وتشمل‬
‫جميع األزمان؛ وهى في ذات طبيعتها مرسلة"‪.‬‬

‫‪ 897‬ـ الكنيسة رسولية ‪ :‬إنها مبنية على أسس ثابتة "رسل الحمل االثنى الخالص؛‬
‫وهى مرسلة إلى جميع الشعوب؛ وتخاطب جميع البشر؛ وتشمل جميع األزمان؛‬
‫"وهى في ذات طبيعتها مرسلة"‬

‫‪ 897‬ـ الكنيسة رسولية‪ :‬إنها مبنية على أسس ثابتة‪" :‬رسل الحمل االثنى عشر "؛‬
‫وهى ال تتزعزع؛ وهى قائمة في الحقيقة على عصمة‪ :‬المسيح يسوسها ببطرس‬
‫وسائر الرسل‪ ،‬الحاضرين في خلفائهم‪ ،‬البابا وهيئة األساقفة ‪.‬‬

‫‪ 893‬ـ "كنيسة المسيح الوحيدة‪ ،‬التي نعترف بها في قانون اإليمان بأنها واحدة‪،‬‬
‫مقدسة‪ ،‬كاثوليكية‪ ،‬رسولية‪ )...( ،‬تستمر في الكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬التي يسوسها‬
‫خليفة بطرس واألساقفة الذين معه في الشركة‪ ،‬وإن تكن عناصر كثيرة للتقديس‬
‫والحقيقة ال تزال قائمة خارج هيكلها"‪.‬‬
‫الفقرة ‪ -4‬مؤمنو المسيح‬
‫ذوو السلطة المقدسة والعلمانيون‪ ،‬والحياة المكرسة‬
‫‪ 892‬ـ "مؤمنو المسيح هم الذين‪ ،‬لكونهم انضموا إلى المسيح بالمعمودية‪،‬‬
‫أصبحوا شعبا هلل‪ ،‬والذين بسبب ذلك دعوا‪ ،‬وهم مشتركون على طريقتهم في‬
‫وظيفة المسيح الكهنوتية والنبوية والملكية‪ ،‬دعوا إلى أن يمارسوا‪ ،‬كل واحد‬
‫بحسب حاله الخاصة الرسالة التي أناطها هللا بالكنيسة لكي تقوم بها في العالم"‪.‬‬

‫‪ 891‬ـ "بين جميع مؤمني المسيح‪ ،‬لواقع تجددهم في المسيح‪ ،‬توجد‪ ،‬بالنظر على‬
‫المرتبة والعمل‪ ،‬مساواة حقيقية يتعاونون جميعا بمقتضاها‪ ،‬على بناء جسد‬
‫المسيح‪ ،‬وذلك بحسب حالة كل واحد منهم ووظيفته الخاصة"‪.‬‬

‫‪ 890‬ـ التباينات نفسها التي أراد الرب أن يجعلها بين أعضاء جسده تفيد وحدته‬
‫ورسالته‪ ،‬ذلك "أن في الكنيسة اختالفا في الخدم‪ ،‬على وحدة في الرسالة‪ .‬فالمسيح‬
‫أناط برسله وخلفائهم مهمة التعليم‪ ،‬والتقديس‪ ،‬والسياسية باسمه وبسلطانه ولكن‬
‫العلمانيين‪ ،‬الذين أصبحوا شركاء في مهمة المسيح الكهنوتية والنبوية والملكية‪،‬‬
‫يتحملون‪ ،‬في الكنيسة وفى العالم‪ ،‬قسطهم في ما هو من رسالة شعب هللا كله"‪.‬‬
‫وأخيرا هنالك "مؤمنو ن يلتحقون بهذه الفئة أو تلك (ذوى سلطة وعلمانيين)‪ ،‬وقد‬
‫تكرسوا هلل باعتناقهم المشورات اإلنجيلية (‪ ) ...‬فيسهمون‪ ،‬بطريقتهم الخاصة‪ ،‬في‬
‫رسالة الكنيسة الخالصية"‪.‬‬

‫‪ -2‬هيكلية السلطة في الكنيسة‬


‫لماذا الوظيفة في الكنيسة ؟‬
‫‪ 891‬ـ المسيح هو نفسه أصل الوظيفة في الكنيسة‪ .‬إنه أنشاها‪ ،‬وأعطاها السلطة‬
‫والرسالة والتوجيه والهدف ‪:‬‬
‫"إن المسيح الرب قد أنشأ في كنيسته‪ ،‬لكي يرعى شعب هللا وينميه في غير‬
‫انقطاع‪ ،‬خدما متنوعة تهدف إلى خير الجسم كله‪ .‬فالرعاة‪ ،‬وقد قلدوا سلطانا‬
‫مقدسا‪ ،‬هم في خدمة إخوتهم لكي يتمكن جميع المنتمين إلى شعب هللا (‪ )..‬أن ينالوا‬
‫الخالص"‪.‬‬

‫‪ 891‬ـ "كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بال مبشر؟ وكيف‬
‫يبشرون أن لم يرسلوا؟" (رو ‪ .) 21 :23‬فما من إنسان وال جماعة يستطيعون أن‬
‫يبشروا أنفسهم باإلنجيل‪" .‬فاإليمان من السماع" (رو ‪ .) 29 :23‬فما من أحد‬
‫يستطيع أن يعطى نفسه التفويض والرسالة للتبشير باإلنجيل‪ .‬المرسل من قبل الرب‬
‫يتكلم ويعمل‪ ،‬ال بسلطانه الخاص‪ ،‬بل بقوة سلطان المسيح؛ ال كعضو في الجماعة‪،‬‬
‫بل كمخاطب للجماعة باسم المسيح‪ ،‬ال احد يستطيع أن يمنح نفسه النعمة‪ ،‬فهي‬
‫تعطى وتوهب‪ .‬وذلك يقتضى خداما للنعمة‪ ،‬سلطتهم وأهليتهم من المسيح‪ .‬منه ينال‬
‫األساقفة والكهنة رسالة وقدرة (السلطة المقدسة) العمل في شخص المسيح الرأس‬
‫(‪ ،)in persona Christi capitis‬والشمامسة القوة ليخدموا شعب هللا في‬
‫خدمة (دياكونية) الليترجيا وكلمة هللا والمحبة‪ ،‬باالشتراك مع األسقف وكهنته‪.‬‬
‫وهذه الخدمة‪ ،‬التي فيها يعمل رسل المسيح ويعطون‪ ،‬بموهبة من هللا‪ ،‬ما ال‬
‫يستطيعون أن يعملوا ويعطوا من ذات أنفسهم‪ ،‬يسميه تقليد الكنيسة "سرا"‪،‬‬
‫فخدمة الكنيسة تعطى بسر خاص ‪.‬‬

‫‪ 899‬ـ طابع خدمتها مرتبط ارتباطا جوهريا بالطبيعة األسرارية للخدمة الكنسية‬
‫وهكذا فالخدام المتعلقون كليا بالمسيح الذي يعطى الرسالة والسلطة‪ ،‬هم في‬
‫الحقيقة "عبيد المسيح"‪ ،‬على صورة المسيح الذي اتخذ طوعا ألجلنا "صورة‬
‫عبد" (في ‪ .) 9 :1‬فيما أن الكلمة والنعمة اللتين هم خدامها‪ ،‬واللتين ليستا لهم‪ ،‬بل‬
‫للمسيح الذي ائتمنهم عليهما لجل اآلخرين‪ ،‬فسيكونون طوعا عبيدا للجميع‪.‬‬

‫‪ 899‬ـ وانه لمن طبيعة الخدمة الكنيسة األسرارية أن تكون ذات طابع جماعي‬
‫فالسيد المسيح منذ بدء عمله أقام االثنى عشر‪" ،‬نواة إسرائيل الجديد واصل‬
‫السلطة الرئاسية المقدسة"‪ .‬فقد انتخبوا معاص‪ ،‬ومعا أرسلوا؛ ووحدتهم األخوية‬
‫ستكون في خدمة شركة جميع المؤمنين األخوية؛ إنها ستكون بمثابة انعكاس‬
‫وشهادة لوحدة األقانيم اإللهية الثالثة‪ .‬ولهذا فكل أسقف يمارس خدمته الهيئة‬
‫األسقفية‪ ،‬في الشركة مع اإللهية الثالثة‪ .‬ولهذا فكل أسقف يمارس خدمته ضمن‬
‫الهيئة األسقفية‪ ،‬في الشركة مع أسقف رومة‪ ،‬خليفة بطرس ورئيس الهيئة‬
‫األسقفية؛ والكهنة يمارسون خدمتهم ضمن مجموعة كهنة األبرشية‪ ،‬تحت إدارة‬
‫أسقفهم ‪.‬‬

‫‪ 898‬ـ وأخيرا من طبيعة الخدمة الكنسية األسرارية أن تكون ذات طابع شخصي‪.‬‬
‫فإن عمل خدمة المسيح مشتركين فإنهم يعملون أيضا ودائما بطريقة شخصية‪ .‬لقد‬
‫دعى كل واحد شخصيا ‪":‬أنت اتبعني" (يو ‪ )11 :12‬لكي تكون في الرسالة‬
‫العامة‪ ،‬شاهدا شخصيا‪ ،‬متحمال شخصيا المسؤولية أمام الذي يعطى الرسالة‪،‬‬
‫وعامال " في شخصه " وألجل أشخاص‪" :‬أعمدك باسم اآلب‪"...‬؛ اغفر لك ‪."...‬‬

‫‪ 897‬ـ وهكذا فالخدمة األسرارية في الكنيسة تمارس باسم المسيح‪ ،‬ولها طابع‬
‫شخصي وشكل جماعي‪ .‬وهذا يتحقق في العالقات بين الهيئة األسقفية ورئيسها‪،‬‬
‫خليفة بطرس‪ ،‬وفى العالقة بين مسؤولية األسقف الراعوية بالنظر إلى كنيسته‬
‫الخاصة واالهتمام العام للهيئة األسقفية بالكنيسة الجامعة ‪.‬الهيئة األسقفية‬
‫ورئيسها‪ ،‬البابا ‪.‬‬

‫‪ 883‬ـ عندما أقام المسيح االثنى عشر‪" ،‬جعلهم صحابة له‪ ،‬أي هيئة ثابتة‪ ،‬وأقام‬
‫على ر أسهم ومن بينهم بطرس"‪" .‬وكما أن القديس بطرس وسائر الرسل يؤلفون‪،‬‬
‫بتدبير الرب بالذات‪ ،‬هيئة رسولية واحدة‪ ،‬كذلك أيضا‪ ،‬وعلى النحو نفسه يؤلف‬
‫الحبر الروماني خليفة بطرس‪ ،‬واألساقفة خلفاء الرسل وحدة فيما بينهم"‪.‬‬

‫‪ 882‬ـ أن الرب جعل من سمعان وحده‪ ،‬الذي أعطاه اسم بطرس‪ ،‬صخرة كنيسته‬
‫لقد سلّمه مفاتحيها؛ وجعله راعيا للقطيع كله‪" .‬بيد أن مهمة الحل والربط التي‬
‫أعطيت لبطرس قد أعطيت أيضا‪ ،‬وال شك‪ ،‬لهيئة الرسل متحدين برئيسهم"‪ .‬ومهمة‬
‫بطرس سائر الرسل الراعوية هذه في أسس الكنيسة؛ وهى تواصل على أيدي‬
‫األساقفة برئاسة البابا ‪.‬‬

‫‪ 881‬ـ البابا‪ ،‬أسقف رومة وخليفة القديس بطرس‪ ،‬هو "المبدأ الدائم المنظور‬
‫واألساس للوحدة التي تربط بين األساقفة‪ ،‬وتربط بين جمهور المؤمنين"‪" .‬فإن‬
‫الحبر الروماني‪ ،‬بحكم مهمته كنائب للمسيح وراع للكنيسة كلها‪ ،‬يملك في الكنيسة‬
‫السلطان الكامل األعلى والشامل‪ ،‬الذي يستطيع أن يمارسه بحرية على الدوام"‪.‬‬

‫‪ 880‬ـ "الهيئة األسقفية أو الجسم األسقفي‪ ،‬ال سلطان لها ما لم نتصورها متحدة‬
‫بالحبر الروماني خليفة بطرس اتحادها برأسها"‪ .‬وهى بهذه الصفة "تملك أيضا‬
‫السلطان األعلى والكامل على الكنيسة كلها‪ ،‬وإنما ال يمكنها أن تزاوله إال بموافقة‬
‫الحبر الروماني"‪.‬‬

‫‪ 881‬ـ "هيئة األساقفة تزاول السلطان على الكنيسة كلها وبصورة رسمية في‬
‫المجمع المسكوني" ‪".‬وال يكون البتة مجمع مسكوني أن لم يثبته أو عل األقل‬
‫يقبله خليفة بطرس على أنه بهذه الصفة"‪.‬‬

‫‪ 881‬ـ "هذه الهيئة المؤلفة من كثيرين تعبر عن التنوع والشمول في شعب هللا؛‬
‫وهى في تجمعها تحت رأس واحد تعبر عن الوحدة في قطيع المسيح"‪.‬‬

‫‪ 889‬ـ "وكل من األساقفة مبدأ وحدة كنيسته الخاصة وأساسها"‪ .‬وهم‪ ،‬والحالة‬
‫هذه‪" ،‬يزاولون سلطتهم الراعوية على الفئة من شعب هللا التي ائتمنوا عليها"‪.‬‬
‫يساعدهم كهنة وشمامسة إنجيليون‪ .‬ولكن بما أنهم أعضاء في الهيئة األسقفية‪،‬‬
‫فلكل واحد منهم قسطه في رعاية جميع الكنائس‪ ،‬يقوم به أوال "بحسن سياسة‬
‫كنيسته الخاصة على أنها قسم من الكنيسة الجامعة"‪ ،‬فيسهم هكذا يمتد على وجه‬
‫خاص إلى الفقراء‪ ،‬وإلى المضطهدين من أجل اإليمان‪ ،‬كما يمتد على المرسلين‬
‫الذي يعملون في شتى أنحاء األرض ‪.‬‬

‫‪ 889‬ـ الكنائس الخاصة المتجاورة والمتماثلة في الثقافة تؤلف أقاليم كنسية‪ ،‬أو‬
‫مجمعات أوسع تسمى بطريركيات أو نواحي‪ .‬فيستطيع أساقفة هذه المجمعات أن‬
‫يجتمعوا في سينودسات أو في مجامع إقليمية‪" .‬وكذلك تستطيع المجالس األسقفية‬
‫اليوم أن تسهم بطرق متعددة ومثمرة في أن يتحقق الروح الجماعي بطريقة‬
‫ملموسة"‪.‬‬

‫مهمة التعليم‬
‫‪ 888‬ـ األساقفة والكهنة مساعدوهم "مهمتهم األولى أن يبشروا جميع البشر‬
‫بإنجيل هللا"‪ ،‬كما أمر الرب‪ .‬أنهم "رسل اإليمان الذين يجلبون للمسيح أتباعا جددا‪،‬‬
‫وهم المعلمون األصليون" لإليمان الرسولي "الذين قلدوا سلطة المسيح"‪.‬‬

‫‪ 887‬ـ لحفظ الكنيسة في صفاء اإليمان الذي نقله الرسل‪ ،‬أراد المسيح‪ ،‬الذي هو‬
‫الحق‪ ،‬أن يمنح كنيسته اشتراكا في عصمته الخاصة‪" .‬وبالمعنى الفائق الطبيعة‬
‫لإليمان" يتمسك "شعب هللا باإليمان تمسكا ثابتا" بقيادة سلطة الكنيسة التعليمية‬
‫الحية‪.‬‬

‫‪ 873‬ـ رسالة السلطة التعليمية مرتبطة بالطابع النهائي للعهد الذي عقده هللا في‬
‫المسيح مع شعبه؛ فهو من شانه أن بقية االنحرافات والعثرات‪ ،‬وان يضمن له‬
‫اإلمكانية الواقعية لالعتراف باإليمان األصيل في غير ضاللة‪ .‬وهكذا فمهمة السلطة‬
‫التعليمية الراعوية موجهة على السهر على أن يظل شعب هللا في الحق الذي يحرر‪.‬‬
‫ولكي يقوم بهذه المهمة مهر المسيح الرعاة موهبة العصمة في ما هو من شان‬
‫اإليمان واآلداب‪ .‬وقد تتخذ ممارسة هذه الموهبة عدة أشكال ‪.‬‬

‫‪ 872‬ـ "هذه العصمة يتمتع بها الحبر الروماني‪ ،‬رئيس هيئة األساقفة‪ ،‬بحكم‬
‫مهمته بالذات‪ ،‬عندما‪ ،‬بصفة كونه راعيا ومعلما أعلى لجميع المؤمنين ومكلفا‬
‫تثبيت إخوته في اإليمان‪ ،‬يعلن‪ ،‬بتصميم مطلق‪ ،‬مادة عقائدية تتعلق باإليمان‬
‫واآلداب (‪ )..‬والعصمة التي وعدت بها الكنيسة مستقرة أيضا في هيئة األساقفة‬
‫عندما تمارس سلطانها التعليمي األعلى باالتحاد مع خليفة بطرس" وال سيما في‬
‫مجمع مسكوني‪ .‬فعندما تعرض الكنيسة‪ ،‬بواسطة سلطتها التعليمية العليا‪ ،‬شيئا‪،‬‬
‫"لإليمان به على أنه موحى به من عند الكنيسة‪ ،‬بواسطة سلطتها التعليمية العليا‪،‬‬
‫شيئا‪"،‬لإليمان به على انه موحى به من عند هللا" وعلى انه من تعليم المسيح‪،‬‬
‫"يجب قبول مثل هذه التحديدات بطاعة اإليمان"‪ .‬وهذه العصمة "تمتد بامتداد‬
‫وديعة الوحي اإللهي نفسها"‪.‬‬

‫‪ 871‬ـ العون اإللهي يرافق أيضا خلفاء الرسل عندما يعملون في شركة خليفة‬
‫بطرس‪ ،‬ويرافق بنوع خاص أسقف رومة‪ ،‬راعى الكنيسة جمعاء‪ ،‬عندما‪ ،‬من غير‬
‫أن يصلوا إلى تحديد معصوم ومن غير أن يتفوهوا "بطريقة نهائية"‪ ،‬يقدمون‪ ،‬في‬
‫ممارسة السلطة التعليمية العادية‪ ،‬تعليما يقود إلى فهم أفضل للوحي في موضعي‬
‫اإليمان واآلداب وعلى المؤمنين أن يولوا هذا التعليم العادي "من ذهنهم القبول في‬
‫شعور ديني"‪ ،‬وهو‪ ،‬وغن تميز من قبول اإليمان‪ ،‬فإنه مع ذلك امتداد له ‪.‬‬
‫مهمة التقديس‬
‫‪ 870‬ـ إن األسقف يحمل أيضا "مسؤولية توزيع نعمة الكهنوت األعلى" وخصوصا‬
‫في االفخارستيا التي يقدمها بنفسه أو يعمل على أن يقدمها الكهنة معاونوه؛ إذ إن‬
‫االفخارستيا مركز حياة الكنيسة الخاصة‪ .‬واألسقف والكهنة يقدسون الكنيسة‬
‫بصالتهم وعملهم‪ ،‬بخدمة الكلمة واألسرار ويقدسونها بمثلهم‪" ،‬ال كمن يتسلط على‬
‫ميراث هللا بل كمن يكون مثاال للرعية" (‪ 2‬بط ‪ )0 :1‬وهكذا " يبلغون بقطيعهم‬
‫الذي ائتمنوا عليه إلى كمن يكون مثاال للرعية" (‪ 2‬بط ‪ )0 :1‬وهكذا "يبلغون‬
‫بقطيعهم ائتمنوا عليه إلى الحياة األبدية"‪.‬‬

‫مهمة السياسية والحكم‬


‫‪ 871‬ـ "األساقفة يسوسون الكنائس الخاصة كنواب ومنتدبين للمسيح‪ ،‬فإنهم‬
‫يتدبرون أمرها بإرشاداتهم وتشجيعاتهم ومثلهم‪ ،‬ولكن بسلطتهم أيضا‪ ،‬وبمزاولة‬
‫سلطانهم المقدس‪ ،‬الذي يجب أن يزاولوه للبنيان‪ ،‬بروح الخدمة الذي هو روح‬
‫معلمهم"‪.‬‬

‫‪ 871‬ـ "وهذا السلطان الذي يمارسونه شخصيا باسم المسيح هو سلطان خاص‪،‬‬
‫عادى‪ ،‬مباشر‪ ،‬إال أنه خاضع في ممارسته للتنظيم األخير الذي نظمته السلطة‬
‫الكنسية العليا"‪ .‬ولكن يجب أن ال يعد األساقفة نوابا للبابا ذي السلطة العادية‬
‫والمباشرة على الكنيسة كلها بإشراف البابا‪.‬‬

‫‪ 879‬ـ ليكن الراعي الصالح مثال مهمة األسقف الراعوية و "صورتها" وإذ يكون‬
‫األسقف واعيا لضعفه‪" ،‬يكون حليما تجاه أهل الجهل والضالين‪ ،‬وال يستنكفن من‬
‫اإلصغاء على مرؤوسيه‪ ،‬محوطا إياهم كأبناء حقيقيين (‪ )...‬أما المؤمنون فعليهم‬
‫أن يتعلقوا بأسقفهم تعلق الكنيسة بيسوع المسيح وتعلق يسوع المسيح بابيه"‪.‬‬
‫"اتبعوا األسقف جميع كم كما يتبع المسيح اآلب‪ ،‬والكهنة كالرسل؛ أما الشمامسة‬
‫اإلنجيليون فاحترموهم كشريعة هللا‪ .‬وال يعملن احد شيئا مما هو من شان الكنيسة‬
‫بمعزل عن األسقف"‪.‬‬

‫‪ -1‬المؤمنون العلمانيون‬
‫‪ 879‬ـ "يفهم هنا بمن يسمون علمانيين مجموع المسيحيين الذين ليسوا أعضاء‬
‫في الدرجات المقدسة ‪ ،‬وال في الحالة الرهبانية التي أقرنها الكنيسة‪ ،‬أي‬
‫المسيحيين الذين إذ انضموا إلى جسد المسيح بالمعمودية‪ ،‬واندمجوا في شعب هللا‪،‬‬
‫وجعلوا شركاء‪ ،‬على طريقتهم‪ ،‬في وظيفة المسيح الكهنوتية والنبوية والملوكية‪،‬‬
‫يمارسون‪ ،‬كل بما عليه‪ ،‬في الكنيسة وفى العالم‪ ،‬الرسالة التي هي رسالة الشعب‬
‫المسيحي بأجمعه"‪.‬‬
‫دعوة العلمانيين‬
‫‪ 878‬ـ "دعوة العلمانيين الخاصة هي أن يطلبوا ملكوت هللا من خالل إدارة الشؤون‬
‫الزمنية التي ينظمونها بحسب هللا (‪ )..‬ومنوط بهم بوجه خاص أن ينيروا ويوجهوا‬
‫جميع الحقائق الزمنية التي يرتبطون بها ارتباطا وثيقا بحيث تتم وتنمو في اطراد‬
‫بحسب المسيح‪ ،‬وتكون لمجد الخالق والفادي"‪.‬‬

‫‪ 877‬ـ مبادرة المسيحيين العلمانيين ضرورية بوجه خاص عند محاولة اكتشاف‬
‫الوسائل وابتكارها لتطعيم الحقائق االجتماعية والسياسية واالقتصادية بمقتضيات‬
‫العقيدة والحياة المسيحيين هذه المبادرة عنصر طبيعي من عناصر حياة الكنيسة‪:‬‬
‫المؤمنون العلمانيون هم في المقدمة القصوى من حياة الكنيسة والكنيسة هي بهم‬
‫مبدأ الحياة في المجتمع ولهذا عليهم بوجه خاص أن يعوا دائما وعيا أكثر وضوحا‬
‫ال أنهم للكنيسة وحسب بل أنهم الكنيسة أي مجموعة المؤمنين علي األرض‬
‫بإشراف الرئيس العام البابا واألساقفة الذين هم في الشركة معه أنهم الكنيسة‪.‬‬

‫‪ -733‬إذ كان العلمانيون كسائر المؤمنين قد القي إليهم هللا مهمة التبشير بفعل‬
‫المعمودية والتثبيت فمن واجبهم وحقهم سواء كانوا منفردين أو مجتمعين في‬
‫جمعيات أن يعملوا علي أن تكون رسالة الخالص اإللهية معروفة ومقبولة لدى‬
‫جميع البشر وفي كل األرض وهذا الواجب يصبح أكثر إلزاما عندما ال يستطيع‬
‫البشر أن يسمعوا اإلنجيل ويعرفوا المسيح إال بهم في الجماعات الكنسية يكون‬
‫عملهم ضروريا إلى حد انه بدونه يمتنع علي رسالة الرعاة في أكثر األحيان أن‬
‫تبلغ فعاليتها‪.‬‬

‫إسهام العلمانيين في مهمة المسيح الكهنوتية‬


‫‪ -732‬ينال العلمانيون بفعل تكريسهم للمسيح ومسحة الروح القدس الدعوة‬
‫العجيبة والوسائل التي تتيح للروح القدس أن يثمر متزايدة علي الدوام ذلك بان‬
‫جميع نشاطاتهم وصلواتهم ومشاريعهم الرسولية وحياتهم الزواجية والعيلية‬
‫واعتمالهم اليومية وتسلياتهم العقلية والجسدية إذا هم عاشوها بروح هللا بل حتى‬
‫محن الحياة إذا تحملوها بطول أناة كل هذا يستحيل قرابين روحية مرضية هلل‬
‫بيسوع المسيح (‪ 2‬بط ‪ ) 1 :1‬وهذه القرابين تنضم في إقامة االفخارستيا إلى قربان‬
‫جسد الرب لترفع بكل تقوى إلى اآلب علي هذا النحو يكرس العلمانيون هلل العالم‬
‫بالذات مؤدين هلل في كل مكان بقداسة سيرتهم فعل عبادة‪.‬‬

‫‪ -731‬األهل بوجه خاص يشتركون في مهمة التقديس "عندما يسلكون في حياتهم‬


‫الزوجية وفق الروح المسيحي ويوفرون ألبنائهم تربية مسيحية"‪.‬‬

‫‪ 730‬ـ من الممكن أن يقبل العلمانيون‪ ،‬إذا تمتعوا بالصفات المطلوبة‪ ،‬في درجة‬
‫القراء وخدام المذبح‪" .‬حيث تقضى حاجة الكنيسة باالستعانة بالعلمانيين‪ ،‬وذلك‬
‫عند نقص الخدام المرسومين‪ ،‬يستطيع العلمانيون أيضا‪ ،‬وان لم يكونوا قراء وال‬
‫خدام المذبح‪ ،‬أن يقوموا ببعض أعمالهم‪ ،‬أي بممارسة خدمة الكلمة‪ ،‬وترؤس‬
‫الصلوات الطقسية‪ ،‬ومنح المعمودية وتوزيع القربان المقدس‪ ،‬وفقا لنظام الحق‬
‫القانوني"‪.‬‬

‫إسهام العلمانيين في مهمة المسيح النبوية‬


‫‪ 731‬ـ "المسيح (‪ )..‬يقوم بمهمته النبوية ليس بواسطة السلطة الكنسية وحسب‬
‫(‪ )...‬بل بواسطة العلمانيين أيضا الذين يجعلهم‪ ،‬من أجل ذلك نفسه‪ ،‬شهودا بما‬
‫يوليهم من حاسة اإليمان ونعمة الكلمة"‪:‬‬
‫"تعليم احد الناس لحمله على اإليمان أنما هو مهمة كل واعظ بل كل مؤمن"‪.‬‬

‫‪ 731‬ـ العلمانيون يقومون بمهمتهم النبوية أيضا بالتبشير " أي الدعوة بالمسيح‬
‫بشهادة السيرة والكلمة"‪ .‬و"هذا العمل التبشيري‪ ،‬عند العلمانيين‪ ،‬يتسم بطابع‬
‫مميز وفعالية خاصة‪ ،‬بكونه يتمم في أوضاع العالم المألوفة"‪.‬‬
‫"هذه الدعوة ال تقوم بشهادة السيرة وحدها‪ :‬فالرسول الحقيقي يقتنص الظروف‬
‫لكي يبشر بالمسيح غير المؤمنين بكلمة الكرازة"‪.‬‬

‫‪ 739‬ـ يستطيع المؤمنون العلمانيون‪ ،‬إذا كانوا من ذوي األهلية والعلم الديني‪ ،‬أن‬
‫يسهموا في التنشئة التعليمية الدينية‪ .‬وفى تعليم العلوم المقدسة‪ ،‬وفى تعاطي‬
‫وسائل االتصال االجتماعي‪.‬‬

‫‪ 739‬ـ "بحسب ما يقتضيهم الواجب وما يمتعون به من علم ومقام‪ ،‬يحق لهم بل‬
‫يجب عليهم أحيانا أن يدلوا برأيهم لرعاة الكنيسة في ما يتعلق بخير الكنيسة‪ ،‬وان‬
‫يطلعوا عليه سائر المؤمنين‪ ،‬ومع الحفاظ على سالمة اإليمان واآلداب‪ ،‬واالحترام‬
‫الواجب للرعاة‪ ،‬ومراعاة الفائدة العامة‪ ،‬وكرامة األشخاص"‪.‬‬

‫إسهام العلمانيين في مهمة المسيح الملكية‬


‫‪ 738‬ـ أن المسيح‪ ،‬بطاعته حتى الموت‪ ،‬آتى تالميذه موهبة الحرية الملكية "لكي‬
‫ينتزعوا بكفرهم بأنفسهم وقداسة حياتهم‪ ،‬سلطان الخطيئة فيهم"‪.‬‬
‫"أن الذي يخضع جسده ويحكم نفسه‪ ،‬بدون أن يغرق في األهواء‪ ،‬هو سلطان‬
‫نفسه‪ :‬يمكن أن يدعى ملكا ألنه قادر أن يضبط ذاته؛ أنه حر ومستقل وال تقيده‬
‫عبودية أثيمة"‪.‬‬

‫‪ 737‬ـ "على العلمانيين أن يستجمعوا قواهم ليدخلوا على المؤسسات‪ ،‬وعلى‬


‫أوضاع الحياة في العالم عندما ستهوى إلى الخطيئة‪ ،‬التطهيرات المالئمة‪ ،‬لكي‬
‫تتجاوب كلها مع سنن البر‪ ،‬وتساعد على ممارسة الفضائل بدال من أن تكون عقبة‬
‫في طريقها‪ .‬فبعملهم هذا يشيعون القيم الروحية في الثقافة واألعمال البشرية"‪.‬‬
‫‪ 723‬ـ "ومن الممكن أيضا أن يشعر العلمانيون أنهم مدعوون أو أن يكونوا‬
‫مدعوين إلى اإلسهام مع الرعاة في خدمة الشركة الكنسية‪ ،‬من أجل نموها‬
‫وحياتها‪ ،‬مزاولين خدما مختلفة وفقا للنعمة والمواهب التي يشاء الرب أن يجعلها‬
‫فيهم"‪.‬‬

‫‪ 722‬ـ في الكنيسة "يستطيع المؤمنون أن يسهموا‪ ،‬وفقا للشرع‪ ،‬في ممارسة‬


‫سلطة الحكم"‪ .‬وذلك بحضورهم في المجالس الخاصة‪ ،‬وسينودسات األبرشية‪،‬‬
‫والمجالس الراعوية‪ .‬وفى ممارسة المهمة الراعوية في رعية ما؛ واالشتراك في‬
‫مجالس األمور االقتصادية؛ واالشتراك في المحاكم الكنسية‪ ،‬إلخ ‪.‬‬

‫‪ 721‬ـ "وعلى المؤمنين أن يميزوا بدقة بين ما عليهم من واجبات وما لهم من‬
‫حقوق كأعضاء للكنيسة‪ ،‬وكأعضاء في المجتمع اإلنساني‪ ،‬ويجتهدوا أن يوفقوا‬
‫بين هذه وتلك بتناغم‪ ،‬ذاكرين أن الضمير المسيحي هو دليلهم في جميع الميادين‬
‫الزمنية ألنه ما من نشاط إنساني‪ ،‬وان زمنيا‪ ،‬يمكن عزله من سلطان هللا"‪.‬‬

‫‪ 720‬ـ "وهكذا فكل علماني هو‪ ،‬بما أوتى من المواهب‪ ،‬شاهد وأداة حية معا‬
‫لرسالة الكنيسة بالذات " على مقدار موهبة المسيح " (أف ‪.")9 :1‬‬

‫‪ -0‬الحياة المكرسة‬
‫‪ 721‬ـ "حالة الحياة القائمة على المشورات اإلنجيلية‪ ،‬وان لم تتعلق بهيكلية‬
‫السلطة الكنسية‪ ،‬فإنها مع ذلك تتصل اتصاال ثابتا بحياة الكنيسة وقداستها"‪.‬‬
‫المشورات اإلنجيلية والحياة المكرسة‬

‫‪ 721‬ـ المشورات اإلنجيلية‪ ،‬في تعددها‪ ،‬معروضة على كل واحد من تالميذ المسيح‬
‫فكمال المحبة الذي دعى إليه جميع المؤمنين يتضمن‪ ،‬بالنسبة على الذين لبوا‬
‫الدعوة برضاهم إلى الحياة المكرسة‪ ،‬واجب التقيد بالعفة في حياة العزوبة ألجل‬
‫ملكوت هللا‪ ،‬والفقر والطاعة‪ .‬فنذر هذه المشورات‪ ،‬في حالة حياة ثابتة تعترف بها‬
‫الكنيسة‪ ،‬يميز "الحياة المكرسة" هلل ‪.‬‬

‫‪ 729‬ـ تظهر من ثم حالة الحياة المكرسة كإحدى الطرائق للوصول إلى تكرس‬
‫"أشد عمقا يتأصل في المعمودية ويكرس تكريسا كامال هلل‪ .‬وفى الحياة المكرسة‬
‫ينوى المؤمنون بالمسيح‪ ،‬بدافع من الروح القدس‪ ،‬أن يتبعوا المسيح عن قرب‪،‬‬
‫وان يهبوا هللا أنفسهم على أنه المحبوب فوق كل شيء‪ ،‬وأن يكونوا‪ ،‬في إتباعهم‬
‫كمال المحبة في خدمة الملكوت‪ ،‬أصوات الكنيسة المبشرة بمجد العالم اآلتي"‪.‬‬

‫شجرة عظيمة‪ ،‬وأغصان كثيرة‬


‫‪ 729‬ـ "كمثل شجرة تتفرع أغصانها تفرعا عجيبا‪ ،‬متكاثرا في حقل الرب‪ ،‬ابتداء‬
‫من نواة زرعها هللا‪ ،‬ولدت ونمت صيغ شتى للحياة التوحيدية أو المشتركة‪ ،‬أسر‬
‫مختلفة رأس مالها الروحي يعود بالفائدة‪ ،‬في آن واحد‪ ،‬على أعضاء هذه‬
‫الجماعات وعلى جسد المسيح كله"‪.‬‬

‫‪ 728‬ـ "منذ فجر الكنيسة ظهر رجال ونساء أرادوا‪ ،‬بممارسة المشورات‬
‫اإلنجيلية‪ ،‬أن يتبعوا المسيح بوجه أكثر حرية ‪ ،‬وان يقتدوا به بوجه أشد أمانة‪،‬‬
‫وان يسلكوا في حياتهم‪ ،‬كل على طريقته‪ ،‬طريق حياة مكرسة هلل‪ .‬وكثيرون منهم‪،‬‬
‫بدافع من الروح القدس‪ ،‬عاشوا متوحدين‪ ،‬أو أنشأوا أسرا رهبانية تقبلها الكنيسة‬
‫بكل رضى وثبتها بسلطتها"‪.‬‬

‫‪ 727‬ـ ليحاول األساقفة دائما تمييز المواهب الجديدة لحياة مكرسة يهبها الروح‬
‫القدس للكنيسة؛ وللكرسي الرسولي وحده أن يوافق على صيغ جديدة من الحياة‬
‫المكرسة‪.‬‬

‫الحياة النسكية‬
‫‪ 713‬ـ بدون أن ينذر النساك دائما نذور المشورات اإلنجيلية الثالثة "يكرسون‬
‫حياتهم لتسبيح هللا وخالص العالم‪ ،‬في انعزال عن العالم أشد‪ ،‬وفى صمت العزلة‪،‬‬
‫وفى الصالة المتواصلة والتوبة"‪.‬‬

‫‪ 712‬ـ إنهم يظهرون لكل إنسان هذا الوجه الداخلي من سر الكنيسة القائم على‬
‫األلفة الشخصية مع المسيح‪ .‬وحياة الناسك الخفية عن نظر البشر هي كرازة‬
‫صامته بالذي كرس ل ه حياته‪ ،‬والذي هو كل شيء بالنسبة إليه‪ .‬إنها دعوة خاصة‬
‫إلى أن يجد اإلنسان في الصحراء‪ ،‬بالجهاد الروحي نفسه‪ ،‬مجد المصلوب‪.‬‬

‫العذارى واألرامل المكرسات‬


‫‪ 711‬ـ منذ عهد الرسل‪ ،‬دعا الرب عذارى وأرامل مسيحيات إلى التعلق به تعلقا‬
‫كامال فقررن في حرية قلب وجسد وروح وافقت عليها الكنيسة أن يعشن في حال‬
‫البتولية أو العفة الدائمة ألجل ملكوت السموات (متى ‪)21 :27‬‬

‫‪ -710‬هنالك عذارى عبرن عن رغبتهن المقدسة في إتباع المسيح علي وجه اشد‬
‫قربا فكرسهن أسقف األبرشية بحسب الطقس الليترجي المقرر واقترن بهن المسيح‬
‫ابن هللا سريا ونذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة بهذا الطقس االحتفالي (تكريس‬
‫العذارى) تصبح العذراء شخصا مكرسا وفي هذا العالمة العليا لمحبة الكنيسة‬
‫للمسيح والصورة المعادية لعروس السماء هذه وللحياة المستقبلية‬

‫‪ -711‬درجة العذارى القريبة من سائر صور الحياة المكرسة تثبت المرأة العائشة‬
‫في العالم أو المحصنة في الصالة والتوبة وخدمة اآلخرين والعمل الرسولي بحسب‬
‫حال كل واحدة والمواهب المعطاة لها والعذارى المكرسات يستطعن أن يعشن في‬
‫جمعيات ليحافظن علي قصدهن علي وجت اشد أمانه‬

‫الحياة الرهبانية‬
‫‪ -711‬إذ ظهرت الحياة الرهبانية في الشرق في عصور المسيحية األولى ومورست‬
‫في المؤسسات التي أنشأتها الكنيسة قانونيا فهي تمتاز عن سائر صور الحياة‬
‫المكرسة بمظهر العبادة ونذر المشورات اإلنجيلية العلني والحياة األخوية التي تحيا‬
‫جماعيا والشهادة علي اتحاد المسيح والكنيسة‬

‫‪ -719‬الحياة الرهبانية تتعلق بسر الكنيسة أنها هبة تنالها الكنيسة من سيدها‬
‫وتقدمها كحال ثابتة للمؤمن الذي يدعوه هللا في نذر المشورات اإلنجيلية وهكذا‬
‫تستطيع الكنيسة أن تظهر المسيح وان تظهر نفسها عروسا للمخلص الحياة‬
‫الرهبانية مدعوة إلى التعبير بصورها المختلفة عن محبة هللا بالذات بلغة زماننا‬

‫‪ -719‬جميع الرهبان سواء كانوا معصومين أو غير معصومين يعدون في جملة‬


‫مساعدي األسقف األبرشي في مهمته الراعوية وإنشاء الكنيسة ونموها الرسولي‬
‫يقتضيان وجود الحياة الرهبانية في شتي صورها منذ بداية التبشير والتاريخ يشهد‬
‫علي أفضال األسر الرهبانية في نشر اإليمان وفي إنشاء كنائس جديدة وذلك منذ‬
‫قيام المؤسسات النسكية القديمة والجمعيات المتوسطة إلى الرهبانيات الحديثة‬

‫المؤسسات العلمانية‬
‫‪ -718‬المؤسسة العلمانية مؤسسة حياة مكرسة لمؤمنين يعيشون في العالم‬
‫ويطلبون كمال المحبة ويسعون إلى اإلسهام خصوصا من الداخل في تقديس العالم‬

‫‪ -717‬بحياة مكرسة تكريسا كامال وكليا لهذا التقديس يشترك أعضاء هذه‬
‫المؤسسات في عمل الكنيسة التبشيري في العالم وابتداء من العالم حيث يعمل‬
‫حضورهم عمل الخمير وشهادة حياتهم المسيحية تهدف إلى تنظيم الحقائق الزمنية‬
‫في خط هللا واختراق العالم بقوة اإلنجيل أنهم يتقيدون بربط مقدسة بالمشورات‬
‫اإلنجيلية ويحافظون في ما بينهم علي الشركة واألخوة المتعلقين بطريقة حياتهم‬
‫العلمانية‬

‫جمعيات الحياة الرسولية‬


‫‪ -703‬إلى جانب صيغ الحياة المكرسة المختلفة تقوم جمعيات الحياة الرسولية التي‬
‫يسعي أعضائها بدون النذور الرهبانية وراء الهدف الرسولي الذي تختص به‬
‫جميعهم ويجدون وهم يعيشون عيشة أخوية مشتركة ووفق طريقة حياتهم الخاصة‬
‫في سبيل كمال المحبة بالتقيد بقوانينهم ويوجد بين هذه الجمعيات جمعيات يسير‬
‫أعضاؤها علي طريق المشورات اإلنجيلية وفقا لقوانينهم‬
‫تكريس ورسالة‪ :‬التبشير بالملك اآلتي‬
‫‪ -702‬أن الذي نذر هلل بالمعمودية واستسلم له علي انه المحبوب فوق كل شيء‬
‫يصبح مكرسا تكريسا عميقا للخدمة اإللهية ومعدا من اجل صالح الكنيسة بحالة‬
‫التكريس هلل تعلن الكنيسة المسيح وتظهر كيف يعمل الروح القدس فيها علي وجه‬
‫عجيب فللذين ينذرون المشورات اإلنجيلية أوال أن يعيشوا تكريسهم ولكن بما أنهم‬
‫نذروا أنفسهم لخدمة الكنيسة من جراء تكريسهم نفسه فمن واجبهم أن يهتموا‬
‫اهتماما خاصا بالعمل اإلرسالي وفقا لنظام مؤسستهم الخاص‬

‫‪ -701‬في الكنيسة التي هي كالسر أي عالمة حياة هللا و أداتها الحياة المكرسة‬
‫كعالمة خاصة لسر الفداء إتباع المسيح والتمثل به علي وجه اقرب التالشي إظهار‬
‫أوضح هكذا يكون اإلنسان المكرس حاضرا حضورا أعمق في قلب المسيح‬
‫لمعاصريه إذ أن الذين يسلكون هذه الطريق الضيقة يحثون إخوانهم بمثلهم‬
‫ويقدمون هذه الشهادة النيرة علي أن العالم ال يمكنه أن يتجلي ويقدم هلل بدون روح‬
‫التطويبات‬

‫‪ -700‬سواء كا نت هذه الشهادة علنية كما هي الحال في الحياة الرهبانية أو أكثر‬


‫تخفيا أو حتى سرية فان مجيء المسيح يبقي لجميع المكرسين مصدر حياتهم‬
‫ومشرقها كما انه ليس لشعب هللا ههنا مدينة باقية {فهذه الحال} تظهر لجميع‬
‫المؤمنين منذ هذا العصر حضور الخيور السماوية وهي تشهد علي الحياة الجديدة‬
‫واألبدية المقتناة بفداء المسيح وتعلن القيامة اآلتية والمجد السماوي‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -701‬بتأسيس الهي يوجد في الكنيسة بين المؤمنين خدمة مكرسون يسمون أيضا‬
‫شرعا اكليريكيين فيما الباقون علمانيين وهنالك أخيرا مؤمنون ينتمون إلى هذه أو‬
‫تلك الفئة وقد تكرسو ا هلل بنذر المشورات اإلنجيلية وهم يخدمون هكذا رسالة‬
‫الكنيسة‬

‫‪ -701‬إن المسيح لنشر اإليمان ولبسط ملكة يبعث رسله وخلفاءهم انه يشركهم في‬
‫رسالته ومنه ينالون سلطان العمل بشخصه‬

‫‪ -709‬الرب جعل من القديس بطرس أساس كنيسته المنظور وقد سلمه مفاتيحها‬
‫أسقف كنيسة رومه خليفة بطرس هو رأس هيئة األساقفة ونائب المسيح وراعي‬
‫الكنيسة جمعاء علي هذه األرض‬

‫‪ -709‬البابا يتمتع بتأسيس الهي بالسلطة العليا والكاملة والمباشرة والشاملة‬


‫لخدمة النفوس‬
‫‪ -708‬األساقفة الذين أقامهم الروح القدس يخلفون الرسل أنهم وكل واحد علي‬
‫حدته في كنائسهم الخاصة مبدأ الوحدة المنظور وأساسها‬

‫‪ -707‬األساقفة بمساعدة معاونيهم الكهنة والشمامسة اإلنجيليين مهمتهم أن يعلموا‬


‫العقيدة تعليما أصيال وان يحتفلوا بالطقس اإللهي وال سيما االفخارستيا وان‬
‫يسوسوا كنيستهم كرعاة حقيقيين ويدخل في مهمتهم أيضا هم جميع الكنائس مع‬
‫البابا وتحت سلطانة‬

‫‪ -713‬إذ كان من شان العلمانيين أن يعيشوا في العالم وفي ما بين األمور الدنيوية‬
‫فقد دعاهم هللا إلى أن يمارسوا رسالتهم في العالم كالخمير وذلك بفضل قوة روحهم‬
‫المسيحية‬

‫‪ -712‬العلمانيون يشتركون في كهنوت المسيح وعندما يزدادون اتحادا به ينشرون‬


‫نع مة الميالد والتثبيت في جميع أبعاد الحياة الشخصية والعيلية واالجتماعية‬
‫والكنسية ويحققون هكذا الدعوة إلى القداسة الموجهة إلى جميع المعتمدين‬

‫‪ -711‬والعلمانيون من جراء رسالتهم النبوية مدعوون أيضا إلى أن يكونوا في كل‬


‫حال وفي قلب األسرة البشرية نفسه شهود المسيح‬

‫‪ -710‬والعلمانيون من جراء رسالتهم الملكية هم قادرون علي انتزاع سلطان‬


‫الخطيئة من نفوسهم ومن العالم بتقشفهم وقداسة حياتهم‬

‫‪ -711‬الحياة المكرسة هلل تمتاز بنذر المشورات اإلنجيلية العلني الفقر والعفة‬
‫والطاعة في حال حياة ثابتة اعترفت بها الكنيسة‬

‫‪ -711‬أن الذي نذر هلل بالمعمودية واستسلم له علي انه المحبوب فوق كل شيء‬
‫يصبح في حال الحياة المكرسة علي وجه للخدمة الالهية ومعدا للعمل من اجل‬
‫صالح الكنيسة جمعاء‪.‬‬

‫الفقرة ‪ -5‬شركة القديسين‬


‫‪ -719‬بعد االعتراف بالكنيسة المقدسة الكاثوليكية يضيف قانون الرسل شركة‬
‫القدي سين هذا البند هو علي وجه ما إيضاح للسابق افليست الكنيسة سوى مجموعة‬
‫جميع القديسين وشركة القديسين هي الكنيسة‬

‫‪ -719‬بما أن جميع المؤمنين جسد واحد فما للبعض من خير يشرك فيه البعض‬
‫األخر ومن يجب االعتقاد بان في الكنيسة شركة خيور ولكن العضو األهم هو‬
‫المسيح لكونه الرأس وهكذا فخير المسيح يمتد إلى جميع األعضاء وهذه المشاركة‬
‫تتم بأسرار الكنيسة وبما أن هذه الكنيسة يسوسها روح قدس واحد فجميع الخيور‬
‫التي نالتها تصبح بالضرورة ملكا عاما‬

‫‪ -718‬للتعبير شركة القديسين من ثم مدلوالن شديدا الترابط شركة في األشياء‬


‫المقدسة المقدسات وشركة بين األشخاص القديسين (القديسون) المقدسات‬
‫للقديسين هذا ما يعلنه المحتفل في أكثر الطقوس الشرقية عند رفع القرابين قبل‬
‫خدمة المناولة فالمؤمنون القديسون يتغذون بجسد المسيح ودمه المقدسات لكي‬
‫ينموا في شركة الروح القدس (‪ )................‬وينقلوها إلى العالم‪.‬‬

‫‪ -2‬شركة الخيرات الروحية‬


‫‪ -717‬في جماعة أورشليم األولى كان التالميذ يواظبون علي تعليم الرسل والشركة‬
‫وكسر الخبز والصالة (أع ‪ / )11 :1‬الشركة في اإليمان فإيمان المؤمنين هو إيمان‬
‫الكنيسة المنقول عن الرسل وكنز الحياة الذي ينمو بتقاسمه‪.‬‬

‫‪ -713‬شركة األسرار‪ :‬ثمرة جميع األسرار هي ملك الجميع فان األسرار وال سيما‬
‫المعمودية التي هي الباب الذي يدخل منه الناس إلى الكنيسة هي ربط روحية‬
‫توحدهم جميعا وتربطهم بيسوع المسيح فشركة القديسين يجب أن تفهم بحسب‬
‫قصد اآلباء علي أنها شركة األسرار واالسم شركة يمكن أن يطلق علي كل سر الن‬
‫كل سر يضمنا إلى هللا إال أن هذا االسم أجدر باالفخارستيا ألنها هي التي تتم هذه‬
‫الشركة‪.‬‬

‫‪ -712‬شركة المواهب‪ :‬في شركة الكنيسة الروح القدس يوزع علي المؤمنين من‬
‫جميع الفئات النعم الخاصة ألجل أن ظهور الروح القدس يجري لكل واحد في سبيل‬
‫الخير العام (‪ 2‬كو ‪.)9 :21‬‬

‫‪ -711‬كان لهم كل شيء مشتركا (أع ‪ )01 :1‬كل ما يملكه المسيحي الحقيقي يجب‬
‫أن يعده ملكا مشتركا بينه وبين الجميع ويجب أن يكون دائما مستعدا ومتأهبا‬
‫لمساعدة المسكين وعوز القريب فالمسيحي مدبر خيرات الرب‪.‬‬
‫‪ -710‬شركة المحبة‪ :‬في شركة القديسين ما من احد يحيا لنفسه وال احد يموت‬
‫لنفسه (رو ‪ )9 :21‬أن تألم احد تألم معه جميع األعضاء وان أكرم احد يشترك في‬
‫فرحة جميع األعضاء والحال أنكم جسد المسيح وأعضاء كل بمقداره (‪ 2‬كو ‪:21‬‬
‫‪ )19 -19‬المحبة ال تلتمس ما هو لها (‪ 2‬كو ‪ )1 :20‬وكل عمل نعمله في المحبة‬
‫يكون في صالح الجميع في هذا التضامن مع جميع البشر أحياء كانوا أو أمواتا‬
‫الذي يقوم علي شركة القديسين وكل خطيئة تؤذي هذه الشركة‪.‬‬

‫‪ -1‬شركة كنيسة السماء واألرض‬


‫‪ -711‬حاالت الكنيسة الثالث‪ :‬في انتظار مجيء الرب في جالله وموكب المالئكة‬
‫جميعا ويكون الموت قد مات وكل شيء قد اخضع للرب يواصل بعض من تالميذه‬
‫رحلتهم علي األرض ويكون بعضهم وقد انهوا حياتهم علي مواصلة التطهر ويكون‬
‫بعضهم أخيرا في المجد يشاهدون في كمال النور هللا كما هو واحدا في اقانيم ثالثة‬
‫ومع ذلك فجميعنا علي درجات وصور مختلفة نشترك في المحبة الواحدة هلل‬
‫وللقريب مرنمين هلل بنشيد المجد الواحد وهكذا فجميع الذين من المسيح ويمتلكون‬
‫روحه يؤلفون كنيسة واحدة ويتماسكون بعضهم مع بعض ككل في المسيح‪.‬‬

‫‪ -711‬االتحاد بين الذين ال ينفكون علي األرض وأخواتهم الذين رقدوا في السالم‬
‫المسيح ال يغشاه أي انفصام بل انه علي حد عقيدة الكنيسة غير المنقطعة يتوثق‬
‫بتبادل الخيرات الروحية‪.‬‬

‫‪ -719‬شفاعة القديسين‪ :‬وإذ كان سكان السماء يرتبطون بالمسيح ارتباطا في‬
‫الصميم أوثق يسهمون في توطيد الكنيسة في القداسة وال يكفون عن الشفاعة فينا‬
‫لدي اآلب مقربين ثوابهم الذي استحقوه علي األرض بالوسيط الوحيد بين هللا‬
‫والناس المسيح يسوع فاهتمامهم األخوي هو لضعفنا عون عظيم ال تبكوا فاني‬
‫سأكون فائدة بعد موتي وسأساعدكم علي وجه افعل مما كان ذلك في حياتي‬
‫سأقضي وقتي في السماء بفعل الخير علي األرض‪.‬‬

‫‪ -719‬الشركة مع القديسين‪" .‬أننا ال نكرم ذكر سكان السماء لمجرد مثالهم ال غير‬
‫وإنما نشد من وراء ذلك توثيق االتحاد في الروح للكنيسة كلها جمعاء‪ ،‬بممارسة‬
‫المحبة األخوية‪ .‬فإنه كما أن الشركة بين المسيحيين على األرض تجعلنا أقرب إلى‬
‫المسيح‪ ،‬كذلك اشتراكنا مع القديسين يربطنا بالمسيح الذي منه تفيض كل نعمة‬
‫وحياة شعب هللا بالذات كما من نبعها ورأسها"‪.‬‬
‫"المسيح نعبده ألنه ابن هللا؛ أما سائر الشهداء فنحبهم على أنهم تالميذ الرب‬
‫وسائرون على خطاه‪ ،‬وهم جديرون بذلك بسبب تعبدهم الفريد لملكهم ومعلمهم؛‬
‫عسانا أن نكون نحن أيضا معهم في المسيرة والتلمذة"‪.‬‬
‫‪718‬ـ الشركة مع األموات " الكنيسة إذ تعترف بهذه الشركة القائمة في داخل جسد‬
‫يسوع المسيح كله‪ ،‬فإنها‪ ،‬بأعضائها الذين ال يزالون في الطريق على األرض‪ ،‬قد‬
‫حوطت ذكر األموات‪ ،‬منذ األزمنة المسيحية األولى‪ ،‬بكثير من التقوى‪ ،‬إذ قربت‬
‫أيضا لجلهم قرابين العبادة‪ ،‬ألن "فكرة الصالة ألجل األموات ليحلوا من خطاياهم‪،‬‬
‫فكرة مقدسة تقوية" (‪ 1‬مك ‪ .) 19 :21‬فصالتنا لجلهم من شأنها‪ ،‬ال أن تساعدهم‬
‫وحسب‪ ،‬بل أن تجعل شفاعتهم فينا مستجابة‪.‬‬

‫‪ 717‬ـ في أسرة هللا الوحيدة "عندما تجعلنا المحبة المتبادلة واالجتماع على حمد‬
‫الثالوث األقدس نتحد بعضنا مع بعض ـ نحن جميعا أبناء هللا الذين ال يؤلفون في‬
‫المسيح غال أسرة واحدة ـ نستجيب لدعوة الكنيسة في الصميم"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪793‬ـ الكنيسة هي "شركة القديسين"‪ :‬وهذا التعبير يشير أوال إلى "األشياء‬
‫المقدسة" (المقدسات) وقبل كل شيء االفخارستيا التي "تمثل وتحقق وحدة‬
‫المؤمنين الذين يؤلفون في المسيح‪ ،‬جسدا واحدا"‪.‬‬

‫‪792‬ـ وهذا التعبير يشير أيضا على "األشخاص القديسين (القديسون)" في‬
‫المسيح الذي "مات ألجل الجميع "‪ ،‬بحيث إن ما يعمله كل واحد أو يتحمله في‬
‫المسيح ومن اجل المسيح‪ ،‬يحمل ثمرا للجميع‪.‬‬

‫‪791‬ـ "نؤمن بشركة جميع المؤمنين في المسيح‪ ،‬الراحلين على األرض‪ ،‬واألموات‬
‫الذين يتمون تطهيرهم‪ ،‬والطوباويين في السماء‪ ،‬كلهم معا وهم يؤلفون كنيسة‬
‫واحدة‪ ،‬ونؤمن بأن في هذه الشركة‪ ،‬تظل محبة هللا والقديسين الرحيمة في حالة‬
‫استماع دائم لصلواتنا"‪.‬‬

‫الفقرة ‪ 6‬ـ مريم ـ أم المسيح‬


‫أم الكنيسة‬
‫‪ 790‬ـ بعد غذ تكلمنا على دور العذراء مريم في سر المسيح والروح القدس‪ ،‬يجدر‬
‫بنا اآلن أن نهتم لمركزها في سر الكنيسة‪" .‬فالعذراء مريم (‪ )..‬يعترف بها وتكرم‪،‬‬
‫حقا وحقيقة‪ ،‬والدة اإلله والفادي (‪ )..‬وهى أيضا وحقا " أم أعضاء المسيح (‪)..‬‬
‫الشتراكها بمحبتها في ميالد المؤمنين في الكنيسة الذين هم أعضاء هذا الرأس"‬
‫"مريم أم المسيح‪ ،‬وأم الكنيسة"‪.‬‬

‫‪ -2‬أمومة مريم بالنظر إلى الكنيسة‬


‫متحدة كليا بابنها‬
‫‪791‬ـ دور مريم بالنسبة إلى الكنيسة ال ينفصل عن اتحادها بالمسيح؛ فهو يصدر‬
‫عن ذلك االتحاد مباشرة‪" ،‬واالرتباط بين مريم وابنها في عمل الخالص يتجلى منذ‬
‫حبلها البتولي بالمسيح حتى موته" وهو يتجلى بوجه خاص إبان اآلالم ‪:‬‬
‫"سلكت العذراء الطوبابوية سبيل اإليمان محافظة على االتحاد مع ابنها حتى‬
‫الصليب حيث وقفت منتصبة ال لغير تدبير إلهي‪ ،‬متألمة مع ابنها الوحيد آالما‬
‫مبرحة‪ ،‬مشتركة في ذبيحة بقلب والدي‪ ،‬مولية ذبح الضحية المولود من دمها‬
‫رضى حبها‪ ،‬لكي يعطيها المسيح يسوع أخيرا‪ ،‬وهو يموت على الصليب‪ ،‬أما‬
‫لتلميذه‪ ،‬بقوله لها‪" :‬يا امرأة هوذا ا بنك" (يو ‪ 19 :27‬ـ ‪.")19‬‬

‫‪791‬ـ ومريم‪ ،‬بعد صعود ابنها "كانت عونا للكنيسة في نشأتها‪ .‬وإذا كانت مريم‬
‫مجتمعة مع الرسل وبعض النساء كانت "ترى تستنزل هي أيضا بصلواتها موهبة‬
‫الروح الذي كان‪ ،‬في البشارة‪ ،‬قد بسط عليها ظله"‪.‬‬

‫‪ ...‬وكذلك في انتقالها ‪....‬‬


‫‪799‬ـ "أخيرا فإن العذراء الطاهرة‪ ،‬بعد إذ عصمها هللا من كل صلة بالخطيئة‬
‫األصيلة‪ ،‬وطوت شوط حياتها األرضية‪ ،‬نقلت جسدا وروحها إلى مجد السماء‪،‬‬
‫وأعلنها الرب سلطانة الكون لتكون بذلك أكثر ما يكون الشبه بابنها‪ ،‬رب األرباب‪،‬‬
‫وقاهر الخطيئة والمو ت"‪ .‬فانتقال القديسة العذراء اشتراك فريد في قيامة أبنها‪،‬‬
‫واستباق لقيامة المسيحيين اآلخرين‪:‬‬
‫"في والدتك حفظت البتولية‪ ،‬وفى رقادك ما تركت العالم‪ ،‬يا والدة اإلله؛ فإنك‬
‫انتقلت إلى الحياة‪ ،‬بما أنك أم الحياة؛ وبشفاعتك تنقذين من الموت نفوسنا"‪.‬‬

‫‪ ...‬إنها أمنا في نظام النعمة‬


‫‪ 799‬ـ بخضوع مريم العذراء الدائم والكامل إلرادة اآلب‪ ،‬وبممارساتها لعمل ابنها‬
‫الفدائي‪ ،‬ولعمل الروح القدس كله‪ ،‬كانت للكنيسة مثال اإليمان والمحبة ‪.‬وهى بذلك‬
‫"عضو في الكنيسة فائق ووحيد"‪ ،‬بل أنها "التحقيق المثالي" للكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 798‬ـ ودور العذراء‪ ،‬بالنسبة إلى الكنيسة والى البشرية كلها جمعاء‪ ،‬يصل إلى‬
‫ابعد من ذلك "فقد أسهمت بطاعتها وإيمانها ورجائها ومحبتها المضطرمة‪ ،‬في‬
‫عمل الخالص إسهاما ال مثيل له على اإلطالق‪ ،‬من أجل أن تعاد على النفوس الحياة‬
‫الفائقة الطبيعة؛ لذلك كانت لنا‪ ،‬في نظام النعمة‪ ،‬أما"‪.‬‬

‫‪ 797‬ـ "منذ الرضى الذي أظهرته مريم بإيمانها في يوم البشارة‪ ،‬والذي احتفظت‬
‫به على ثباته بحذاء الصليب‪ ،‬تستمر أمومتها هذه‪ ،‬بال انقطاع‪ ،‬في تدبير الخالص‪،‬‬
‫إلى أن يكتمل نهائيا جميع المختارين؛ فإنها بعد انتقالها إلى السماء لم تنقطع‬
‫مهمتها في عمل الخالص‪ .‬أنها بشفاعتها المتصلة ال تنئ تستمد لنا النعم التي‬
‫تضمن خالصنا األبدي"‪.‬‬
‫( ‪ )...‬من أجل ذلك تدعى العذراء الطوباوية في الكنيسة بألقاب مختلفة فهي‪:‬‬
‫"المحامية‪ ،‬والنصيرة‪ ،‬والظهيرة‪ ،‬والوسيطة"‪.‬‬

‫‪ 793‬ـ "الدور االمومي الذي تقوم به مريم تجاه الناس ال يضير شيئا وال ينقص‬
‫البتة من وساطة المسيح الوحيدة‪ ،‬بل يظهر‪ ،‬على خالف ذلك‪ ،‬فعاليتها‪ .‬ذلك بأن كل‬
‫تأثير خالص من العذراء الطوباوية (‪ )...‬يصدر عن فيض استحقاقات المسيح‪،‬‬
‫ويستند إلى وساطته‪ ،‬التي بها تعلق في كل شيء‪ ،‬ومنها يستمد كل فعاليته" "فما‬
‫من خليفة البتة يمكن جعلها على مستوى الكلمة المتجسد والفادي‪ .‬ولكن كما أن‬
‫كهنوت المسيح يشترك فيه‪ ،‬على وجوه مختلفة‪ ،‬الخدام المكرسون والشعب‬
‫المؤمن‪ ،‬وكما أن جودة هللا الواحدة تفيض بوجوه مختلفة على المخلوقات‪ ،‬كذلك‬
‫وساطة الفادي الواحدة ال تنفى‪ ،‬بل تبعث في المخلوقات‪ ،‬على خالف ذلك‪ ،‬تعاونا‬
‫مختلفا مرتبطا بالمصدر الواحد"‬

‫‪ -1‬تكريم مريم العذراء‬


‫‪ 792‬ـ "تطوبني جميع األجيال" (لو ‪" )18 :2‬تكريم الكنيسة للعذراء القديسة هو‬
‫من ضمن الشعائر الدينية المسيحية"‪ .‬والعذراء القديسة "تكرمها بحق إكراما‬
‫خاصا‪ .‬والواقع أن العذراء الطوباوية قد أكرمت‪ ،‬منذ أبعد األزمنة‪ ،‬بلقب "والدة‬
‫اإلله"‪ ،‬والمؤمنون يلوذون بحمايتها‪ ،‬مبتهلين إليها في جميع مخاطرهم وحاجاتهم‬
‫(‪ )...‬وهذا التكريم (‪ )...‬وان كان ذا طابع فريد على اإلطالق (‪ )...‬غير انه يختلف‬
‫اختالفا جوهريا عن العبادة التي يعبد بها الكلمة المتجسد واآلب والروح القدس‪،‬‬
‫وهو خليق جدا بأن يعززها "وهو يجد التعبير عنه في األعياد الطقسية التي خضت‬
‫بها والدة اإلله‪ ،‬وفى الصالة المريمية‪ ،‬كالوردية المقدسة " خالصة اإلنجيل كله"‪.‬‬

‫‪ -0‬مريم ـ أيقونة الكنيسة المعادية‬


‫‪ 791‬ـ بعد كالمنا على الكنيسة في أصلها‪ ،‬ورسالتها‪ ،‬ومصيرها‪ ،‬لم يبق لنا لختام‬
‫الكالم أفضل من أن نوجه نظرنا إلى مريم لكي نتأمل فيها ما هي الكنيسة في سرها‪،‬‬
‫وفى "رحلتها اإليمانية"‪ ،‬وفى ما ستكون في الوطن األخير الذي تسير نحوهه‪،‬‬
‫حيث تنتظرها "في مجد الثالوث األقدس الغير المنقسم"‪ ،‬و "في شركة جميع‬
‫القديسين"‪ ،‬تلك التي تكرمها الكنيسة أما لربها‪ ،‬وأما لها خاصة‪:‬‬
‫"كما أن أم يسوع في السماء حيث هي ممجدة جسدا وروحا‪ ،‬تمثل وتفتتح الكنيسة‬
‫في اكتمالها في الدهر اآلتي‪ ،‬كذلك هي على األرض‪ ،‬إلى أن يأتي يوم الرب‪ ،‬تشع‬
‫اآلن آية ليقين الرجاء والتعزية أمام شعب هللا في مسيرته"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 790‬ـ منذ قول مريم "ليكن" في يوم البشارة‪ ،‬وقبولها سر التجسد‪ ،‬أسهمت في‬
‫العمل كله الذي كان ابنها مزمعا أن يقوم به‪ .‬إنها أم حيثما كان هو مخلصا ورأسا‬
‫للجسد السري ‪.‬‬
‫‪ 791‬ـ بعدما أتمت مريم العذراء الكلية القداسة حياتها األرضية نقلل جسدها‬
‫ونفسها إلى مجد السماء‪ ،‬حيث تشترك في مجد قيامة أبنها‪ ،‬مستبقة قيامة جميع‬
‫أعضاء جسده ‪.‬‬

‫‪ 791‬ـ "إننا نعترف بأن والدة اإلله الكلية القداسة‪ ،‬حواء الجديدة‪ ،‬أم الكنيسة‪،‬‬
‫تواصل في السماء دورها االمومى في شان أعضاء المسيح"‪.‬‬
‫المقال العاشر‪" :‬أؤمن بمغفرة الخطايا"‬

‫‪ 799‬ـ يربط قانون الرسل اإليمان بمغفرة الخطايا باإليمان بالروح القدس‪ ،‬ولكنه‬
‫يربطه أيضا باإليمان بالكنيسة وبشركة القديسين‪ .‬فالمسيح القائم من الموت‪ ،‬يمنح‬
‫الروح القدس لرسله‪ ،‬وهبهم سلطانه اإللهي في مغفرة الخطايا‪" :‬خذوا الروح‬
‫القدس‪ .‬فمن غفرتم خطاياهم غفرت لهم‪ ،‬ومن أمسكتم خطاياهم أمسكت" (يو ‪:13‬‬
‫‪ 11‬ـ ‪. )10‬‬

‫[ القسم الثاني من هذا التعليم سيعالج مباشرة مغفرة الخطايا بالمعمودية‪ ،‬وسر‬
‫التوبة وسائر األسرار وال سيما االفخارستيا‪ .‬يكفى أذن هنا اإلشارة بإيجاز إلى‬
‫بعض المعطيات األساسية ] ‪.‬‬

‫‪ -1‬معمودية واحدة لمغفرة الخطايا‬


‫‪ 799‬ـ لقد ربط السيد المسيح مغفرة الخطايا باإليمان وبالمعمودية‪" :‬اذهبوا في‬
‫العالم اجمع‪ ،‬واكرزوا باإلنجيل للخليقة كلها‪ .‬فمن آمن واعتمد يخلص" (مر ‪:29‬‬
‫‪ 21‬ـ ‪ .) 29‬المعمودية هي السر األول والرئيسي لمغفرة الخطايا‪ ،‬ألنه يوحدنا‬
‫بالمسيح الذي مات ألجل خطايانا‪ ،‬وقام ألجل تبريرنا‪ ،‬حتى "نسلك نحن أيضا في‬
‫حياة جديدة" (رو ‪. )1 :9‬‬

‫‪ 798‬ـ "في اللحظة التي نعلن فيها اعتراف إيماننا األول‪ ،‬ونحن ننال المعمودية‬
‫المقدسة التي تنقينا‪ ،‬فالمغفرة التي نحصل عليها هي تامة وكاملة إلى حد انه ال‬
‫يبقى على اإلطالق أي شيء فينا يجب أن يمحى‪ ،‬ال من الذنب األصلي‪ ،‬وال من‬
‫الذنوب المفترقة بإرادتنا الخاصة وال أي عقاب تخضع له للتكفير (‪ )..‬ومع ذلك فإن‬
‫نعمة المعمودية ال تنجى أحدا من مختلف أسقام الطبيعة‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪،‬‬
‫علينا أن نقاوم تحركات الشهوة التي ال تنئ تحملنا على الشر"‪.‬‬

‫‪ 797‬ـ في هذا الجهاد ضد الميل إلى الشر‪ ،‬من يستطيع أن يكون على هذا القدر من‬
‫الشجاعة والسهر يجتنب كل جراحات الخطيئة ؟ "فإن كان من الضروري أن‬
‫تحصل الكنيسة على سلطان مسامحة الخطايا‪ ،‬كان ينبغي أال تكون المعمودية‬
‫الوسيلة الوحيدة لديها في استخدام مفاتيح ملكوت السماوات إلى نالتها من يسوع‬
‫المسيح؛ كان ينبغي أن تكون قادرة على أن تغفر لجميع التائبين خطاياهم‪ ،‬ولو‬
‫خطئوا حتى اللحظة األخيرة من حياتهم"‪.‬‬

‫‪ 783‬ـ بسر التوبة يستطيع المعمد أن يتصالح مع هللا والكنيسة‪:‬‬


‫"لقد كان اآلباء على حق عندما دعوا إلى التوبة "معمودية شاقة"‪ .‬سر التوبة هذا‬
‫هو‪ ،‬للذين سقطوا بعد المعمودية‪ ،‬ضروري للخالص‪ ،‬كما هي ضرورية المعمودية‬
‫نفسها للذين لم يولدوا بعد والدة جديدة"‪.‬‬
‫‪ -2‬سلطان المفـاتيح‬
‫‪ 782‬ـ أن المسيح من بعد قيامته قد أرسل رسله "ليكروزا باسمه بالتوبة لمغفرة‬
‫الخطايا في جميع األمم" (لو ‪" .)19 :11‬سر المصالحة" (‪ 1‬كو ‪ )28 :1‬هذا‪ ،‬ال‬
‫يقيمه الرسل وخلفاؤهم فقط بالكرازة بين الناس بغفران هللا الذي استحقه لنا‬
‫المسيح ويدعونهم إلى التوبة واإليمان‪ ،‬بل أيضا يمنحهم مسامحة الخطايا‬
‫بالمعمودية وبمصالحتهم مع هللا ومع الكنيسة بفضل سلطان المفاتيح الذي نالوه‬
‫من المسيح‪.‬‬
‫"لقد نالت الكنيسة مفاتيح ملكوت السماوات‪ ،‬حتى تتم فيها مسامحة الخطايا بدم‬
‫المسيح وفعل الروح ا لقدس‪ .‬وفى هذه الكنيسة‪ ،‬النفس التي أمانتها الخطايا تعود‬
‫إلى الحياة لتحيا مع المسيح الذي خلصتنا نعمته"‪.‬‬

‫‪ 781‬ـ ما من خطيئة‪ ،‬مهما كانت ثقيلة إال وتستطيع الكنيسة مسامحتها‪" :‬ما من‬
‫احد مهما كان شريرا ومذنبا‪ ،‬إال ويجب عليه أن يرجو بثبات غفرانه‪ ،‬شرط أن‬
‫تكون أبواب المغفرة مفتوحة على الدوام في كنيسته لكل من يعود عن خطيئته"‪.‬‬

‫‪ 780‬ـ على الكرازة أن تسعى في أن توقظ لدى المؤمنين وتغذى فيهم اإليمان‬
‫بالعظمة التي ال مثيل لها‪ ،‬عظمة العطية التي منحها المسيح القائم من بين األموات‬
‫لكنيسته‪ :‬أعنى رسالة وسلطان مغفرة حقيقية‪ ،‬بواسطة خدمة الرسل وخلفائهم ‪.‬‬
‫"يريد الرب أن يكون لتالميذه سلطان عظيم‪ ،‬يريد أن يصنع خدامه الوضعاء باسمه‬
‫كل ما صنعه عندما كان على األرض"‪.‬‬
‫"لقد نال الكهنة سلطانا لم يعطه هللا ال للمالئكة وال لرؤساء المالئكة (‪ )..‬هللا يؤيد‬
‫في العلى ما يصنعه الكهنة ههنا على األرض"‪.‬‬
‫"لو لم يكن في الكنيسة سلطانا لم يعطه هللا ال للمالئكة وال لرؤساء المالئكة (‪). ..‬‬
‫هللا يؤيد في العلى ما يصنعه الكهنة ههنا على األرض"‪.‬‬
‫"لو لم يكن في الكنيسة مسامحه للخطايا‪ ،‬لما وجد أي أمل رجاء بحياة أبدية‬
‫وبتحرير أبدى‪ .‬لنشكر هللا انه منح كنيسته عطية كهذه"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 781‬ـ يربط قانون اإليمان "مغفرة الخطايا" باعتراف اإليمان بالروح القدس‪.‬‬
‫فالمسيح القائم من بين األموات قد وهب الرسل سلطان مغفرة الخطايا عندما‬
‫منحهم الروح القدس‪.‬‬

‫‪ 781‬ـ المعمودية هي السر األول والرئيسي لغفران الخطايا؛ أنها توحدنا بالمسيح‬
‫الذي مات وقام ويمنحنا الروح القدس‪.‬‬

‫‪ 789‬ـ بإرادة المسيح تملك الكنيسة سلطان مغفرة خطايا المعمدين‪ ،‬وتمارسه عن‬
‫يد األساقفة والكهنة بطريقة اعتيادية في سر التوبة‪.‬‬
‫‪ 789‬ـ "في مسامحة الخطايا‪ ،‬الكهنة واألسرار هم مجرد أدوات‪ ،‬ارتضى سيدنا‬
‫يسوع المسيح‪ ،‬الذي وحده صانع خالصنا وموزعه‪ ،‬أن يستخدمها ليمحو آثامنا‬
‫ويمنحنا نعمة التبرير"‪.‬‬
‫المقال الحادي عشر‪":‬أومن بقيامة الجسد"‬

‫‪ 788‬ـ قانون اإليمان المسيحي‪ -‬وهو اعتراف إيماننا باهلل اآلب‪ ،‬واالبن والروح‬
‫القدس‪ ،‬وبعمله الخالق والمخلص والمقدس‪ -‬يصل إلى قمته في إعالن قيامة‬
‫األموات في نهاية األزمنة‪ ،‬وفى الحياة األبدية ‪.‬‬

‫‪ 787‬ـ نؤمن إيمانا ثابتا‪ ،‬وبالتالي نرجو‪ ،‬انه كما أن المسيح قام حقا من بين‬
‫األموات‪ ،‬وانه يحيا على الدوام‪ ،‬كذلك الصديقون من بعد موتهم سيحيون على‬
‫الدوام مع المسيح القائم‪ ،‬وأنه سيقيمهم في اليوم األخير‪ .‬وقيامتنا‪ ،‬على غرار‬
‫قيامته‪ ،‬ستكون عمل الثالوث القدوس‪:‬‬
‫"إن كان روح الذي أقام يسوع من بين األموات ساكنا فيكم‪ ،‬فالذي أقام المسيح‬
‫يسوع من بين األموات يحيى أيضا أجسادكم المائتة‪ ،‬بروحه الساكن فيكم" (رو ‪:8‬‬
‫‪. )22‬‬

‫‪ 773‬ـ لفظة "الجسد" تعنى اإلنسان من حيث وضعه الضعيف والمائت‪" .‬وقيامة‬
‫الجسد" تعنى انه بعد الموت لن يكون فقط حياة للنفس الخالدة‪ ،‬ولكن حتى‬
‫"أجسادنا المائتة" (رو ‪ )22 :8‬ستعود إليها الحياة‪.‬‬

‫‪ 772‬ـ االعتقاد بقيامة األموات كان احد عناصر اإليمان المسيحي األساسية منذ‬
‫بدايته "هناك اقتناع لدى المسيحيين‪ :‬قيامة األموات‪ .‬وهذا االعتقاد يحيينا"‪:‬‬
‫"كيف يقول قوم بينكم بعد قيامة األموات؟ فإن لم تكن قيامة أموات‪ ،‬فالمسيح إذن‬
‫لم يقم وان كان المسيح لم يقم‪ ،‬فكرازتنا إذن باطلة‪ ،‬وإيمانكم أيضا باطل (‪)...‬‬
‫ولكن‪ ،‬ال‪ ،‬فإن المسيح قد قام من بين األموات‪ ،‬باكورة للراقدين" (‪ 2‬كو ‪ 21 :21‬ـ‬
‫‪.)13 ،21‬‬

‫‪ -1‬قيامة المسيح وقيامتنا‬


‫كشف القيامة التدريجي‬
‫‪ 771‬ـ إن قيامة األموات قد كشفها هللا لشعبه تدريجيا‪ .‬فالرجاء بقيامة األموات في‬
‫الجسد قد ثبت كنتيجة ضمنية لإليمان بإله خلق اإلنسان بكامله جسدا ونفسا‪ .‬فالذي‬
‫خلق السماء واألرض هو أيضا الذي يحفظ بأمانة العهد مع إبراهيم ونسله‪ .‬في هذه‬
‫النظرة المزدوجة تم أوال التعبير عن اإليمان بالقيامة‪ .‬فالشهداء المكابيون اعترفوا‬
‫في وسط مضايقهم ‪:‬‬
‫"إن ملك العالم‪ ،‬إذا متنا في سبيل شرائعه‪ ،‬سيقيمنا لحياة أبدية" (‪ 1‬مك ‪. )21 :9‬‬

‫‪ 770‬ـ الفريسيون وكثيرون من معاصري الرب كانوا يرجون القيامة وقد علمها‬
‫يسوع على وجهه ثابت‪ .‬فأجاب الصدوقيون الذين ينكرونها‪" :‬أولستم على ضالل‬
‫ألنكم ال تفهمون الكتب‪ ،‬وال قدرة هللا؟" (مر ‪ .) 11 :21‬اإليمان بالقيامة يرتكز على‬
‫اإليمان باهلل الذي "ليس هو إله أموات بل إله أحياء" (مر ‪. )19 :21‬‬

‫‪ 771‬ـ ولكن هناك أكثر من ذلك فقد ربط يسوع اإليمان بالقيامة بشخصه هو‪" :‬أنا‬
‫القيامة والحياة" (يو ‪ .) 11 :22‬يسوع نفسه هو الذي سيقيم في اليوم األخير‬
‫الذين آمنوا به وأكلوا جسده وشربوا دمه‪ .‬وقد أعطى عن ذلك من اآلن عالمة‬
‫وعربونا‪ ،‬بإعادة الحياة لبعض الموتى‪ ،‬منبئا بذلك بقيامته الخاصة‪ ،‬مع أن هذه‬
‫ستكون من نوع آخر عن هذا الحدث الفريد يتكلم داعيا إياه "آية يونان"‪ ،‬وآية‬
‫الهيكل‪ :‬فهو ينبئ بقيامته في اليوم الثالث من بعد موته ‪.‬‬

‫‪ 771‬ـ الشاهد للمسيح هو "الشاهد لقيامته" (أع ‪ ،) 11 :2‬الذي أكل وشرب "معه‬
‫من بعد قيامته من بين األموات" (أع ‪ .) 12 :23‬الرجاء المسيحي بالقيامة يحمل‬
‫في جملته آثار اللقاءات مع المسيح القائم‪ .‬ستقوم على مثاله‪ ،‬ومعه‪ ،‬وبه‪.‬‬
‫‪ 799‬ـ منذ البدء اصطدم اإليمان بالقيامة بكثير من عدم التفهم والمقاومة ‪".‬لم يلق‬
‫اإليمان المسيحي مجابهة على أية نقطة كما يلقى على قيامة الجسد‪ .‬إذ أنه لمن‬
‫المقبول بنو ع عام أن تستمر حياة الشخص بعد الموت بشكل روحي‪ .‬ولكن كيف‬
‫السبيل إلى اإليمان بأن هذا الجسد المائت‪ ،‬وموته ظاهر للعيان بكل جالء‪ ،‬يقدر أن‬
‫يقوم إلى الحياة األبدية ؟"‪.‬‬

‫كيف يقوم األموات‬


‫‪ 779‬ـ ما معنى "القيامة"؟ في الموت‪ ،‬الذي هو انفصال النفس والجسد‪ ،‬يسقط‬
‫جسد اإلنسان في الفساد‪ ،‬فيما تذهب نفسه لمالقاة هللا‪ ،‬على أنها تبقى في انتظار‬
‫اتحادها من جديد بجسدها الممجد‪ .‬فاهلل‪ ،‬في قدرته الكلية‪ ،‬سوف يعيد الحياة غير‬
‫الفاسدة ألجسادنا موحدا إياها بنفوسنا‪ ،‬بفضل قيامة يسوع‪.‬‬

‫‪ 788‬ـ من سيقوم؟ جميع الناس الذين ماتوا ‪":‬فالذين عملوا الصالحات يقومون‬
‫للحياة‪ ،‬والذين عملوا السيئات يقومون للدينونة" (يو ‪. )17 :1‬‬

‫‪ 777‬ـ كيف؟ لقد قام المسيح في جسده الخاص‪" :‬انظروا يدي ورجلي؛ فإني أنا‬
‫هو" (لو ‪ .) 07 :11‬لكنه لم يعد إلى حياة أرضية‪ .‬على هذا النحو‪ ،‬فيه‪" ،‬سيقوم‬
‫الجميع‪ ،‬كل بجسده الخاص الذي له اآلن"‪ ،‬غير أن هذا الجسد سيتحول إلى جسد‬
‫على صورة جسد مجد المسيح‪ ،‬إلى "جسد روحاني" (‪ 2‬كو ‪. )11 :21‬‬
‫"ولكن‪ ،‬قد يقول قائل‪" :‬كيف يقوم األموات؟ وبأي جسد يرجعون؟ يا جاهل ! إن ما‬
‫تزرعه‪ ،‬أنت‪ ،‬ال يحيا إال إذا مات‪ .‬وما تزرعه ليس هو الجسم الذي سيكون‪ ،‬بل‬
‫مجرد حبة (‪ )...‬يزرع [ الجسد] بفساد ويقوم بال فساد؛ (‪ )...‬فنهض األموات بغير‬
‫فساد (‪ .)...‬إذ البد لهذا الكائن الفاسد أن يلبس عدم الفساد‪ ،‬ولهذا الكائن المائت أن‬
‫يلبس عدم الموت" (‪ 2‬كو ‪ 01 :21‬ـ ‪ 11 ،11 ،09‬ـ ‪.)10‬‬
‫‪ 2333‬ـ هذه "الكيفية التي بها تتم القيامة" تتخطى تصورنا وتفكيرنا‪ .‬وال يمكن‬
‫الوصول إليها إال باإليمان‪ .‬بيد أن اشتراكنا في االفخارستيا يعطينا منذ اآلن تذوقا‬
‫مسبقا لتجلى جسدنا بالمسيح‪:‬‬
‫"كما أن الخبز يأتي من األرض‪ ،‬من بعد تقبله استدعاء هللا‪ ،‬ال يعود خبزا اعتياديا‪،‬‬
‫بل يصير إفخارستيا مكونة من عنصرين‪ ،‬أحدهما أرضى واآلخر سماوي‪ ،‬كذلك‬
‫أجسادنا التي نشترك في االفخارستيا ال تعود فاسدة كما كانت‪ ،‬إذ إن لها رجاء‬
‫القيامة"‪.‬‬

‫‪ 2332‬ـ متى؟ بوجه نهائي "في اليوم األخير" (يو ‪ 07 :9‬ـ ‪11 ،11 ،13‬؛ ‪:22‬‬
‫‪)11‬؛ "في نهاية العالم" فقيامة األموات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمجيء الثاني‬
‫للمسيح‪:‬‬
‫"ألن الرب نفسه‪ ،‬عن د إصدار األمر‪ ،‬وعند صوت رئيس المالئكة وهتاف بوق هللا‪،‬‬
‫سينزل من السماء‪ ،‬فيقوم الراقدون في المسيح أوال" (‪ 2‬تس ‪. )29 :1‬‬

‫قائمون مع المسيح‬
‫‪ 2331‬ـ إن صح أن المسيح سيقيمنا "في اليوم األخير"‪ ،‬فصحيح أيضا أننا‪ ،‬منذ‬
‫اآلن‪ ،‬على نحو ما‪ ،‬قائمون مع المسيح‪ .‬فالحياة المسيحية هي‪ ،‬بفضل الروح‬
‫القدس‪ ،‬منذ اآلن على األرض‪ ،‬اشتراك في موت المسيح وقيامته ‪.‬‬
‫"تدفنون مع المسيح في المعمودية‪ ،‬وتقومون معه‪ ،‬ألنكم آمنتم بقدرة هللا الذي‬
‫أقامه من بين األموات (‪ )...‬لقد قمتم مع المسيح‪ ،‬فاطلبوا إذن ما هو فوق حيث يقيم‬
‫المسيح جالسا عن يمين هللا" (كو ‪21 :1‬؛ ‪. )2: 0‬‬

‫‪ 2330‬ـ المؤمنون‪ ،‬وقد اتحدوا بالمسيح بالمعمودية‪ ،‬يشتركون منذ اآلن اشتراكا‬
‫حقيقيا في حياة المسيح القائم السماوية‪ ،‬ولكن تلك الحياة تبقى "مستترة مع‬
‫المسيح في هللا" (كو ‪" .) 0 :0‬معه أقامنا‪ ،‬ومعه أجلسنا في السماوات‪ ،‬في‬
‫المسيح يسوع" (أف ‪ )9 :1‬نحن منذ اآلن خاصة جسد المسيح‪ ،‬إذ قد تغذينا من‬
‫جسده في االفخارستيا‪ .‬وعندما ستقوم في اليوم األخير‪" ،‬فحينئذ نظهر أيضا معه‬
‫في المجد" (كو ‪. )1 :0‬‬

‫‪ 2331‬ـ في انتظار ذلك اليوم‪ ،‬جسد المؤمن ونفسه يشتركان في كرامة من يكون‬
‫"في المسيح"‪ .‬مما يقتضى أن يحترم جسده الخاص‪ ،‬ويحترم أيضا جسد اآلخر‪،‬‬
‫وال سيما عندما يتألم‪:‬‬
‫"الجسد للرب‪ ،‬كما أن الرب للجسد‪ .‬وهللا‪ ،‬الذي أقام الرب‪ ،‬سيقيمنا نحن أيضا‬
‫بقدرته‪ .‬أما تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ (‪ )...‬وأنكم لستم بعد ألنفسكم‬
‫(‪ )...‬فمجدوا هللا إذن في أجسادكم" (‪ 2‬كو ‪ 20 :9‬ـ ‪ 27 ،21‬ـ ‪. )13‬‬
‫‪ -2‬الموت في المسيح يسوع‬
‫‪ 2331‬ـ ليقوم اإلنسان مع المسيح‪ ،‬عليه أن يموت مع المسيح‪ ،‬عليه أن "يتغرب‬
‫عن الجسد ليستوطن عند الرب" (‪ 1‬كو ‪ )8 :1‬في هذا االنطالق الذي هو الموت‪،‬‬
‫تنفصل النفس عن الجسد‪ ،‬وستعاد إليها وحدتها مع جسدها في يوم قيامة األجساد‪.‬‬

‫الموت‬
‫‪ 2339‬ـ "أمام الموت يبلغ لغز الوضع البشرى ذروته" الموت الجسدي هو‪ ،‬على‬
‫نحو ما‪ ،‬طبيعي‪ ،‬ولكنه‪ ،‬في نظر اإليمان‪" ،‬أجرة الخطيئة" (رو ‪ .) 10 :9‬وهو‪،‬‬
‫للذين يموتون في نعمة المسيح‪ ،‬اشتراك في موت الرب‪ ،‬للتمكن من االشتراك أيضا‬
‫في قيامته‪.‬‬

‫‪ 2339‬ـ الموت خاتمة الحياة األرضية‪ .‬حياتنا تقاس بالزمن‪ ،‬الذى فى مداه نتغير‬
‫ونشيخ وكما عند كل الكائنات الحية على األرض‪ ،‬يبدو الموت انتهاء الحياة‬
‫ملح‪ :‬فهندما نتذكر أننا مائتون‪،‬‬
‫الطبيعى‪ .‬هذا الوجه من الموت يسم حياتنا بطابع ّ‬
‫نتذكر أيضا انه ليس لنا سوى وقت محدود لتحقيق حياتنا‪:‬‬
‫"أذكر خالقك فى أيام شبابك (‪ )...‬قبل أن يعود التراب إلى االرض حيث كان‪ ،‬ويعود‬
‫النفس إلى هللا الذى وهبه" (جا ‪.) 9 ،2 :21‬‬
‫‪ 2338‬ـ الموت عاقبة الخطيئة‪ :‬أن السلطة التعليمية فى الكنيسة‪ ،‬بصفتها المفسرة‬
‫األصيلة لما يؤكده الكتاب المقدس والتقليد‪ ،‬تعلم أن الموت دخل العالم بسبب خطيئة‬
‫االنسا ن وإن كان االنسان يملك طبيعة مائتة‪ ،‬فاهلل كان يعده لعدم الموت‪ .‬فالموت‬
‫إذن كان مناقضا لمقاصد هللا الخالق‪ ،‬وقد دخل العالم كعاقبة للخطيئة‪" .‬فالموت‬
‫الجسدى‪ ،‬الذى لوال الخطيئة لنجا منه اإلنسان"‪ ،‬هو إذن "عدو اإلنسان األخير"‬
‫(‪ 2‬كور ‪ )19 :21‬الذى يجب االنتصار عليه‪.‬‬

‫‪ 2337‬ـ المسيح ح ّول الموت‪ .‬أن يسوع‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬قد خضع هو أيضا للموت الذى‬
‫هو خاص بالوضع البشرى‪ .‬ولكنه‪ ،‬وعلى الرغم من جزعه إزاءه‪ ،‬قبله فى فعل‬
‫استسالم كلى وحر لمشيئة أبيه‪ .‬أن طاعة يسوع قد حولت لعنة الموت إلى بركة‪.‬‬

‫معنى الموت المسيحى‬


‫‪ 2323‬ـ للموت المسيحى‪ ،‬بفضل المسيح‪ ،‬معنى إيجابى‪" :‬الحياة لى هى المسيح‪،‬‬
‫والموت لى ربح" (فى ‪" .) 121 :2‬وما اصدق هذا القول‪ :‬إن نحن متنا معه‪،‬‬
‫فسنحيا معه" (‪ 1‬تى ‪ .)22 :1‬هنا تكمن جدة الموت المسيحى األساسية‪:‬‬
‫بالمعمودية‪ ،‬المسيحى هو منذ اآلن سريا "ميت مع المسيح‪ ،‬ليحيا حياة جديدة؛‬
‫وإن نحن متنا فى نعمة المسيح‪ ،‬يتم الموت الطبيعى هذا " الموت مع المسيح"‪،‬‬
‫وينجز هكذا انضمامنا إليه فى عمل فدائه "إنه أفضل لى أن أموت فى (‪ )...‬المسيح‬
‫يسوع من أن أملك على اقاصى األرض‪ .‬هو الذى التمسه‪ ،‬من مات ألجلنا؛ هو الذى‬
‫اريده‪ ،‬من قام ألجلنا والدتى تقترب (‪ ،)...‬دعونى أحصل على النور الصافى؛ ومتى‬
‫بلغت إلى هناك‪ ،‬أصير إنسانا"‪.‬‬
‫‪ 2322‬ـ فى الموت يدعو هللا اإلنسان إليه‪ ،‬لذلك يستطيع المسيحى أن يشعر إزاء‬
‫الموت برغبة مماثلة لرغبة القديس بولس‪" :‬ارغب فى االنطالق فأكون مع‬
‫المسيحى" (فى ‪) 10 :2‬؛ ويستطيع أن يحول موته إلى فعل طاعة ومحبة اآلب ‪،‬‬
‫على مثال المسيح‪:‬‬
‫"إن رغبتى األرضية قد صلبت‪ ). ..( ،‬إن بين أضلعى ينوبع ماء حتى يهدر فى‬
‫داخلى قائال "تعال إلى اآلب"‪.‬‬
‫"أريد أن ارى هللا‪ ،‬ولكى أراه يجب ان أموت"‪.‬‬
‫"أنى ال اموت‪ ،‬بل أدخل الحياة"‪.‬‬

‫‪ 2321‬ـ الرؤية المسيحية للموت تعبر عنها تعبيرا مميزا ليترجيا الكنيسة‪:‬‬
‫"لكل الذين يؤمنون بك‪ ،‬يارب‪ ،‬الحياة ال تنهدم بل تتحول؛ وعندما تنتهى سكناهم‬
‫على هذه األرض‪ ،‬لهم منذئذ منزل أبدى فى السماوات"‪.‬‬

‫‪ 2320‬ـ الموت هو لإلنسان نهاية رحلته على األرض‪ ،‬نهاية زمن النعمة والرافة‬
‫الذى يقدمه له هللا ليحقق حياته األرضية وفاقا للقصد اإللهى‪ ،‬ويقرر مصيره‬
‫األخير‪ .‬ومتى انسلخ "مجرى حياتنا األرضية الوحيد"‪ ،‬لن نعود مرة أخرى إلى‬
‫حياة األرض‪" .‬فالناس ال يموتون إال مرة واحدة" (عب ‪ )19 :7‬ال "تقمص" بعد‬
‫الموت‪.‬‬

‫‪ 2321‬ـ تشجعنا الكنيسة على ان نهيىء أنفسنا لساعة موتنا ("نجنا يارب من‬
‫الموت المفاجىء وغير المتوقع"‪ :‬طلبة القديسين القديمة)‪ ،‬وان نطلب إلى والدة‬
‫اإلله ان تشفع فينا "فى ساعة موتنا" (صالة "السالم عليك يا مريم")‪ ،‬وان نودع‬
‫ذواتنا القديس يوسف‪ ،‬شفيع الميتة الصالحة‪:‬‬
‫"فما كان احراك أن تسلك‪ ،‬فى كل عمل وفكر‪ ،‬سلوك من كان موشكا أن يموت‬
‫اليوم‪ .‬لو كان ضميرك صالحا‪ ،‬لما كنت تخاف الموت كثيرا‪ .‬تجنب الخطايا خير من‬
‫محاولة الهرب من الموت‪ .‬أن كنت اليوم غير متأهب‪ ،‬فغدا كيف تكون مستعدا"‪.‬‬
‫"الحمد لك‪ ،‬رب‪ ،‬ألجل أخينا الموت الجسدى‪ ،‬الذى ال يستطيع أى أنسان حى ان‬
‫ينجو منه الويل الذين يموتون فى الخطايا المميته‪ ،‬طوبى للذين يلقاهم فى إرادته‬
‫القدوسة‪ ،‬فالموت الثانى لن يضرهم"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2321‬ـ "الجسد هو محور الخالص" نؤمن باهلل خالق الجسد؛ ونؤمن بالكلمة‬
‫الذى صار جسدا ليفتدى الجسد؛ ونؤمن بقيامة الجسد‪ ،‬التى هى اكتمال الخليقة‬
‫واكتمال فداء الجسد‪.‬‬
‫‪ 2329‬ـ بالموت تنفصل النفس عن الجسد‪ ،‬ولكن هللا‪ ،‬فى القيامة‪ ،‬سوف يعيد‬
‫الحياة غير الفاسدة لجسدنا المحول‪ ،‬إذ يتحده من جديد بنفسنا‪ .‬فكما أن المسيح قام‬
‫ويحيا على الدوام‪ ،‬كذلك سنقوم كلنا سنقوم فى اليوم األخير‪.‬‬

‫‪ 2329‬ـ "نؤمن بقيامة حقيقية لهذا الجسد الذى لنا اآلن" ولكن يزرع فى القبر‬
‫جسد فاسد‪ ،‬فيقوم جسد غير فاسد‪ ،‬جسد "روحانى" (‪ 2‬كو ‪.) 11 :21‬‬

‫‪ 2328‬ـ نتيجة للخطيئة األصيلة‪ ،‬على اإلنسان ان يخضعه "للموت الجسدى‪ ،‬الذى‬
‫لو لم يخطأ لنجا منه"‪.‬‬

‫‪ 2327‬ـ يسوع‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬خضع بحرية للموت ألجلنا‪ ،‬فى االستسالم التام والحر‬
‫لمشيئة هللا‪ ،‬ابيه‪ ،‬وبموته انتصر على الموت‪ ،‬مفسحا هكذا فى المجال لخالص‬
‫جميع الناس‪.‬‬
‫المقال الثانى عشر‪" :‬أؤمن بالحياة األبدية"‬

‫‪ 2313‬ـ المسيحى الذى يضم موته الخاص إلى موت المسيح يرى فى الموت‬
‫انطالقا إليه ودخوال ففى الحياة االبدية‪ .‬والكنيسة بعد ان تقول على المسيحى‬
‫المنازع للمرة األخيرة كلمات المغفرة التى بها يحله المسيح من خطاياه‪ ،‬وتختمه‬
‫للمرة األخيرة بالمسحة المشددة‪ ،‬وتهبه المسيح فى الزاد األخير غذاء للسفر‪،‬‬
‫تخاطبه بثقة هادئة‪.‬‬
‫"ايتها النفس المسيحية‪ ،‬غادرى هذا العالم‪ ،‬باسم اآلب القدير الذى خلقك‪ ،‬وباسم‬
‫يسوع المسي ح‪ ،‬ابن هللا الحى‪ ،‬الذى تألم ألجلك‪ ،‬وباسم الروح القدس الذى افيض‬
‫فيك‪ .‬خذى مكانك اليوم فى السالم‪ ،‬ولتستقر سكناك مع هللا فى صهيون المقدسة‪،‬‬
‫مع مريم العذراء والدة اإلله‪ ،‬والقديس يوسف‪ ،‬والمالئكة وجميع قديسى هللا (‪)...‬‬
‫عودى إلى خالقك الذى كونك من تراب األرض‪ ،‬وفى ساعة خروج نفسك من‬
‫جسدك‪ ،‬فلتسارع مريم العذراء والمالئكة‪ ،‬وجميع القديسين لمالقاتك (‪ )...‬وليتح لك‬
‫أن تشاهدى فاديك وجها لوجه إلى دهر الداهرين"‪.‬‬

‫‪ -1‬الدينونة الخاصة‬
‫‪ 2321‬ـ الموت يضع حدا لحياة اإلنسان كزمن منفتح كزمن على تقبل النعمة اإللهية‬
‫التى تجلت فى المسيح أو رفضها‪ .‬يتكلم العهد الجديد على الدينونة بنوع خاص فى‬
‫إطار اللقاء األخير مع المسيح فى مجيئه الثانى‪ ،‬ولكنه يؤكد ايضا مرات عديدة‬
‫الجزاء المباشر بعد الموت لكل إنسان تبعا ألعماله وإيمانه‪ .‬فمثل لعازر المسكين‪،‬‬
‫وكالم المسيح وهو على الصليب للص التائب‪ ،‬ونصوص أخرى من العهد الجديد‪،‬‬
‫تتكلم على مصير أخير للنفس‪ ،‬يمكن أن يكون مختلفا لهؤالء وألولئك‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ كل إنسان ينال فى نفسه الخالدة جزاءه االبدى‪ ،‬منذ موته‪ ،‬فى دينونه‬
‫خاصة تحال فيها حياته إلى المسيح‪ ،‬إما عبر تطهير‪ ،‬وإما للدخول مباشرة فى‬
‫سعادة السماء‪ ،‬وأما للهالك الفورى والدائم‪.‬‬
‫"فى مساء حياتنا‪ ،‬سوف ندان على المحبة"‪.‬‬

‫‪ -2‬السماء‬
‫‪ 2310‬ـ الذين يموتون فى نعمة هللا وصداقته‪ ،‬وقد تطهورا كليا‪ ،‬يحيون على الدوام‬
‫مع المسيح‪ .‬أنهم سيكونون على الدوام أمثاله‪ ،‬ألنهم سيعاينونه " كما هو " (‪ 2‬يو‬
‫‪ ،)1 :10‬وجها إلى وجه " (‪ 2‬كو ‪.) 21 :20‬‬
‫" بسلطاننا الرسولى نحدد أن نفوس جميع القديسين (‪ )..‬وكل المؤمنين اآلخرين‬
‫الذين ماتوا بعد أن نالوا معمودية المسيح المقدسة‪ ،‬ولم يكن فيهم لدى موتهم ما‬
‫يتطلب التطهير‪ )..( ،‬وكذلك الذين‪ ،‬وان بقى فيهم ما يتطلب التطهير‪ ،‬قد اتموا ذلك‬
‫بعد موتهم‪ ،‬هؤالء جميعا‪ ،‬بحسب تدبير هللا العام‪ )...( ،‬حتى قبل قيامة جسدهم‬
‫والدينونة العامة‪ ،‬وذلك منذ صعود ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الى السماء‪ ،‬كانوا‬
‫ويكونون وسيكونون فى السماوات وفى الفردوس السماوى مع المسيح ‪،‬مقبولين‬
‫فى شركة المالئكة القديسين‪ .‬أنهم‪ ،‬منذ آالم ربنا يسوع المسيح وموته‪ ،‬قد رأوا‬
‫الجوهر اإللهى ويرونه رؤية مباشرة ذاتية وحتى وجها إلى وجه‪ ،‬دون وساطة أية‬
‫خليقة"‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ تلك الحياة الكاملة مع الثالوث القدوس‪ ،‬تلك الشركة فى الحياة والمحبة‬
‫معه‪ ،‬ومع مريم العذراء والمالئكة والطوباويين تدعى "السماء" المساء هى غاية‬
‫اإلنسان القصوى وتحقيق أعمقق رغباته‪ ،‬وحالة السعادة الفائقة والنهائية‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ أن نحيا فى السماء يعنى "أن نكون مع المسيح" المختارون "فى‬


‫المسيح" ولكنهم يحفظون‪ ،‬بل يجدون‪ ،‬فيه هويتهم الحقيقة‪ ،‬اسمهم الخاص‪:‬‬
‫"فالحياة هى أن نكون مع المسيح ‪ ،‬بموته وقيامته"‪ ،‬قد فتح لنا المساء‪ .‬حياة‬
‫الطوباوي ين تقوم فى االمتالك الكامل لثمار الفداء الذى حققه المسيح‪ ،‬الذى يشرك‬
‫فى تمجيده السماوى كل من آمن به وبقى أمينا لمشيئته‪ .‬السماء هى الجماعة‬
‫السعيدة المكونة من جميع الذين انضموا إليه انضماما كامال‬

‫‪ 2319‬ـ ان سر الشركة السعيدة هذا هو مع هللا ومع جميع الذين هم للمسيح يفوق‬
‫كل فهم وكل تصور‪ .‬والكتاب المقدس يكلمنا عليه فى صور‪ :‬الحياة‪ ،‬النور‪ ،‬وليمة‬
‫العرس‪ ،‬خمر الملكوت‪ ،‬بيت اآلب‪ ،‬أورشليم السماوية‪ ،‬الفردوس‪" :‬إن ما لم تره‬
‫عين‪ ،‬وال سمعت به أذن‪ ،‬وال خطر على قلب بشر‪ ،‬ما اعده هللا للذين يحبونه" (‪2‬‬
‫كو ‪.) 7 :1‬‬

‫‪ 2318‬ـ هللا‪ ،‬بسبب سموه‪ ،‬ال تمكن رؤيته كما هو إال متى كشف هو نفسه سره‬
‫لمشاهدة اإلنسان المباشرة وم ّكنه منها‪ .‬هذه المشاهدة هلل فى مجده السماوى‬
‫تدعوها الكنيسة "الرؤية الطوباوية"‪:‬‬
‫"كم سيكون مجدك وسعادتك‪ :‬ان تقبل لرؤية هللا‪ ،‬ان تحظى بشرف االشتراك فى‬
‫افراح الخالص والنور االبدى فى صحبة المسيح الرب إلهك (‪ )..‬أن تنعم فى ملكوت‬
‫السماوات فى صحبة الصديقين وأصدقاء هللا‪ ،‬بافراح الخلود المعطى"‪.‬‬

‫‪ 2317‬ـ فى مجد السماء ال ينى الطوباويون يتمون بفرح إرادة هللا بالنسبة إلى‬
‫سائر الناس والى الخليقة كلها‪ .‬أنهم من اآلن يملكون مع المسيح "وسيملكون معه‬
‫إلى دهر الداهرين" (رؤ ‪.) 1 :11‬‬

‫‪ -3‬التطهير النهائى او المطهر‬


‫‪ 2303‬ـ الذين يموتون فى نعمة هللا وصداقته ولم يتطهورا بعد تطهيرا كامال وان‬
‫كانوا علي ثقة من خالصهم االبدي يخضعون من بعد موتهم لتطهير يحصلون به‬
‫علي القداسة الضرورية لدخول فرح السماء‪.‬‬
‫‪ -2302‬تدعو الكنيسة مطهرا هذا التطهير النهائي للمختارين المتميز كليا عن‬
‫قصاص الهالكين لقد صاغت الكنيسة عقيدة االيمان المتعلقة بالمطهر بنوع خاص‬
‫في مجمع فلورنسا والمجمع التريدنتينى ويتكلم الكنيسة علي نار مطهرة مستندا‬
‫الي بعض نصوص الكتاب المقدس بالنسبة الي بعض الذنوب الخفيفة يجب االعتقاد‬
‫بوجود نار مطهرة قبل الدينونة وفق ما يؤكدة من هو الحق بقوله ان جدف احد‬
‫علي الروح القدس فهذا من هو الحق بقوله ان جدف احد علي الروح القدس فهذا‬
‫لن يغفر له ال في هذا الدهر وال في الدهر االتي (متى ‪ )01 :21‬في هذا الحكم يمكننا‬
‫ان نفهم ان بعض الذنوب تمكن مسامحتهافي هذا الدهر والبعض االخر في الدهر‬
‫االتي‪.‬‬

‫‪ -2301‬يرتكز هذا التعليم ايضا علي ممارسة الصالة الجل الراقدين التي يتكلم‬
‫عليها الكتاب المقدس ولهذا قدم يهوذا المكابي ذبيحة التكفير عن االموات ليحلوا‬
‫من الخطيئة (‪ 1‬مك ‪ )19 :21‬وقد كرمت الكنيسة منذ القرون االولي ذكري االموات‬
‫وقدمت الجلهمصلوات وبنوع خاص الذبيحة االفخارستية حتى يتطهروا فيبلغوا‬
‫الرؤية السعيدة وتوصي الكنيسة ايضا بالصداقات والغفرانات واعمال التوبة الجل‬
‫الراقدين لنمد لهم العون ونذكرهم ان كان ابناء ايوب قد تطهروا بذبيحة ابيهم لم‬
‫تشك بان تقادمنا الجل الراقدين تجلب لهم بعض التعزية فال نتردد اذن في مساعدة‬
‫الذين رحلوا وتقدمه صلوات الجلهم‪.‬‬

‫‪ -4‬جهنم‬
‫‪ -2300‬ال نستطيع ان نتحد باهلل ما لم نختر بحرية ان نحبة ولكننا ال نستطيع ان‬
‫نحب هللا ونحن نرتكب خطايا ثقيلة ضد قريبنا او ضد انفسنا من ال يحب يثبت في‬
‫الموت كل من يبغض اخاه فهو قاتل وتعلمون ان كل قاتل ليست له الحياة االبدية‬
‫ثابتة فيه (‪ 2‬يو ‪ )21 – 21 :0‬ويحذرنا الرب اننا سنفصل عنه ان اهملنا لقاء‬
‫االحتياجات الخطيرة لدى الفقراء واالصاغر الذين هم اخوته الموت في الخطيئة‬
‫المميتة دون التوبة عنها ودون تقبل محبة هللا الرحيمة يعنى البقاء منفصال عنه‬
‫علي الدوام باختيارنا الحر وتلك الحالة من االقصاء الذاتي عن الشركة مع هللا ومع‬
‫الطوبايين هي ما يدل علية بلفظة جهنم‪.‬‬

‫‪ -2301‬يتكلم يسوع مرارا علي جهنم النار التي ال تطفا المعدة للذين يرفضون حتي‬
‫نهاية حياتهم ان يؤمنوا ويرتدوا وحيث يمكن ان يهلك النفس والجسد معا وينبئ‬
‫يسوع بالفاظ خطيرة انه سوف يرسل مالئكته فيجمعون كل فاعلي االثم ويلقونهم‬
‫في اتون النار (متى ‪ )11 -12 :20‬وانه سيعلن الحكم اذهبوا عني يا مالعين الي‬
‫النار االبدية (متى ‪. )12 :11‬‬
‫‪ -2301‬يؤكد تعليم الكنيسة وجود جهنم وابديتها ان نفوس الذين يموتون في حالة‬
‫الخطيئة المميتة تهبط علي الفور بعد موتها الي الجحيم حيث تقاسي عذابات جهنم‬
‫النارب االبدية ويقوم عذاب جهنم الرئيسي في االنفصال االبدي عن هللا الذي فية‬
‫وحدة يستطيع االنسان الحصول علي الحياة والسعادة اللذين خلق الجلهما واليهما‬
‫يتوق‪.‬‬

‫‪ -2309‬ان تاكيدات الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة في موضوع جهنم هي دعوة‬


‫الي المسؤولية التي يتوجب علي االنسان ان يستخدم فيها حريته في سبيل مصيرة‬
‫االبدي وهي في الوقت عينه دعوة الي التوبة ادخلوا من الباب الضيق فانه واسع‬
‫الباب ورحبه الطريق التي تؤدي الي الهالك وكثيرون هم الذين ينتهجونها ما اضيق‬
‫الباب وما احرج الطريق التي تؤدي الي الحياة وقليلون هم الذين يجدونها‪ ( .‬متى‬
‫‪ )21 -20 :9‬اذ نجهل اليوم والساعة ينبغي عمال بوصية الرب ان نظل دوما‬
‫متيقظين لكى يتاح لنا اذا ما انسلخ مجري حياتنا االرضية علي غير رجعة ان نقبل‬
‫معه في العرس فنكون في عداد مباركي هللا ال كالعبيد االشرار الكسولين المفصولين‬
‫عن هللا للنار االبدية والظلمة في الخارج حيث يكون البكاء وصريف االسنان‪.‬‬

‫‪ -2309‬ال يحدد هللا مسبقا مصير احد في جهنم بل هي لمن يكرة هللا بملء ارادته‬
‫(الخطيئة المميتة) ويثبت في هذا الكرة حتى النهاية والكنيسة في الليترجيا‬
‫االفخارستية وصلوات مؤمنيها اليومية تلتمس رحمة هللا الذي ال يريد ان يهلك احد‬
‫بل ان يقبل الجميع الي التوبة (‪ 1‬بط ‪ )7 :0‬هذه هي التقدمة التي نقربها لك نحن‬
‫عبيدك وعائاتك كلها فاقبلها بعطفك اجعل السالم في حياتنا وانتشلنا من الهالك‬
‫االبدي واقبلنا في عداد مختاريك‪.‬‬

‫‪ -5‬الدينونة العامة‬
‫‪ -2308‬ان قيامة جميع االموات االبرار واالثمة (اع ‪ )21 :11‬سوف تسبق‬
‫الدينونه العامة وستكون الساعة التي يسمع فيها جميع من في القبور صوت ابن‬
‫البشر فيخرجون منها‪ :‬فالذين عملوا الصالحات يقومون للحياة والذين عملوا‬
‫السيئات يقومون للدينونه (يو ‪ )17 – 18 :1‬حينئذ ياتى المسيح في مجده وجميع‬
‫المالئكة معه وتحشد لدية جميع االمم فيفصل بعضهم عن بعض كما يفصل الراعي‬
‫الخراف عن الجداء ويقيم الخراف عن يمينة والجداء عن يسارة ويذهب هؤالء الي‬
‫العذاب ابدي والصديقون الي حياة ابدية (متى ‪.)19 ،00 – 02 :11‬‬

‫‪ -2307‬امام المسيح الذي هو الحق سوف تعلن بصراحة وبشكل نهائي حقيقة‬
‫عالقة كل انسان باهلل فتكشف الدينونه العامة ما فعلة كل واحد او اهمل فعلة في‬
‫اثناء حياته علي االرض وذلك حتي في اقصي عواقبة كل شر يفعلة االشرار يسجل‬
‫وهم ال يعلمون في اليوم الذي ال يصمت هللا (مز ‪ )0 :13‬فيه سيلتفت نحو االشرار‬
‫ويقول لهم لقد وضعت علي االرض فقرائى الصغار الجلكم انا راسهم كنت جالسا‬
‫علي عرش في السماء عن يمين ابي ولكن علي االرض كان اعضائي يعملون علي‬
‫االرض كان اعضائي لو اعطيتم اعضائي شيئا لوصل الي الراس ما كنتم أعطيتموه‬
‫عندما وضعت فقرائى الصغار علي االرض اقمتهم وكالئى ليحملوا الي كنزى‬
‫اعمالكم الصالحة لم تضعوا شيئا في ايديهم لذلك لن تجدوا لدي شيئا‪.‬‬

‫‪ -2313‬ستقع الدينونة لدي عودة المسيح المجيدة االب وحدة يعرف الساعة واليوم‬
‫وهو وحدة يقرر حدوثها سيعلن بابنة يسوع المسيح كلمته االخيرة علي التاريخ‬
‫كله سنعرف المعنى االخير لكل تاريخ الخليقة وكل تدبير الخالص وسنفهم السبل‬
‫العجيبة التى قادت بها عنايته كل شئ نحو غايته القصوى وستكشف الدينونة‬
‫االخيرة ان بر هللا ينتصر علي كل المظالم التى ترتكبها خالئقة وان محبتة اقوى من‬
‫الموت‪.‬‬

‫‪ -2312‬تدعو رسالة الدينونة العامة الي التوبة مادام هللا يعطى البشر الوقت‬
‫المرضى وقت الخالص (‪ 1‬كو ‪ )1 :9‬انها تحث علي مخافة هللا المقدسة وتدعو الي‬
‫االلتزام من اجل بر ملكوت هللا وتبشر بالرجاء السعيد (تى ‪ )20 :1‬رجاء عودة‬
‫الرب الذي سوف ياتى ليتمجد في قديسية ويظهر عجيبا في جميع الذين امنوا (‪1‬‬
‫تس ‪.)23 :2‬‬

‫‪ -6‬رجاء السماوات الجديدة واالرض الجديدة‬


‫‪ -2311‬في نهاية االزمنة سيصل ملكوت هللا الي ملئه بعد الدينونة العامة سيملك‬
‫االبرار علي الدوام مع المسيح ممجدين جسدا ونفسا والكون نفسة سيتجدد حينئذ‬
‫تبلغ الكنيسة تمامها في المجد السماوي عندما الكون باسرة المرتبط باالنسان‬
‫ارتباطا صميما وبه يدرك مصيرة يجد مع الجنس البشري في المسيح كماله النهائي‬

‫‪ -2310‬هذا التجديد السري الذي سوف يحول البشرية والعالم يدعوه الكتاب‬
‫المقدس السماوات الجديدة واالرض الجديدة (‪ 1‬بط ‪ )20 :0‬وسيكون التحقيق‬
‫النهائي لقصد هللا ان يجمع تحت راس واحد في المسيح كل شئ ما في السماوات‬
‫وما علي االرض (في ‪.)23 :2‬‬

‫‪ -2311‬في هذا الكون الجديد اورشليم السماوية سيسكن هللا بين البشر ويمسح كل‬
‫دمعة من عيونهم وال يكون بعد موت وال نوح وال نحيب وال وجع الن االوضاع‬
‫االولي قد مضت (رؤ ‪.)1 :12‬‬

‫‪ -2311‬بالنسبة الي االنسان هذا االنجاز سيكون التحقيق االقصي لوحدة الجنس‬
‫البشري التي ارادها هللا منذ الخلق والتى كانت الكنيسة في رحلتها بمثابة سر لها‬
‫الذين سيكونون متحدين بالمسيح سيؤلفون جماعة المفتدين مدينة هللا المقدسة‬
‫(رؤ ‪ )1 :12‬عروس الحمل (رؤ ‪ )7 :12‬وهذه لن تعود مجروحة بالخطيئة او باي‬
‫شئ مبتذل او باألنانية التى تدمر جماعة البشر األرضية او تجرحها والرؤية‬
‫السعيدة التي سينفتح فيها هللا علي المختارين انفتاحا ال ينفد ستكون ينبوعا ال‬
‫ينضب من السعادة والسالم والشركة المتبادلة‪.‬‬

‫‪ -2319‬أما بالنسبة الي العالم‪ ،‬فيؤكد الوحى شركة المصير العميقة بين العالم‬
‫المادى واإلنسان‪:‬‬
‫"تتوقع البرية‪ ،‬مترقبة تجلى أبناء هللا (‪ )...‬على رجاء انها ستعتق هى أيضا من‬
‫عبودية الفساد (‪ )...‬فنحن نعلم أن الخليقة كلها معا تئن حتى اآلن‪ .‬وليس هى فقط؛‬
‫بل نحن أيضا الذين لهم باكورة الروح‪ ،‬نحن أيضا نئن فى انفسنا منتظرين التبنى‬
‫افتداء أجسادنا" (رو ‪ 27 :8‬ـ ‪.) 10‬‬

‫‪ 2319‬ـ الكون المرئى معد إذن‪ ،‬هو أيضا‪ ،‬إلى أن يتحول‪" ،‬حتى إن العالم نفسه‪،‬‬
‫وقد أعيد إلى حالته االولى‪ ،‬يصير‪ ،‬دون أى عائق بعد‪ ،‬فى خدمة األبرار"‪ ،‬مشتركا‬
‫فى تمجيدهم فى يسوع المسيح القائم‪.‬‬

‫‪ 2318‬ـ "نحن نجهل زمان زوال األرض والبشرية‪ ،‬وال نعرف طريقة تحول هذا‬
‫الكون‪ .‬ستنمحق دون ريب صورة هذا العالم التى شوهتها الخطيئة؛ ولكننا نعلم أن‬
‫هللا يعد لنا مسكنا جديدا وأرضا جديدة يسكن فيها البر وتشبع سعادتها جميع رغبات‬
‫السالم التى تصبو إليها قلوب البشر‪ ،‬بل تفوقها"‪.‬‬

‫‪ 2317‬ـ "ولكن ترقب األرض الجديدة يجب أن ال يضعف فينا االهتمام بمعالجة هذه‬
‫األرض‪ ،‬بل يجب باألحرى أن يوقظه‪ ،‬ألن جسم األسرة البشرية ينمو فيها‪ ،‬وهو‬
‫يستطيع أن يقدم منذ اآلن تصورا أولياء للدهر اآلتى‪ ،‬وان كان البد من التمييز‬
‫الدقيق بين التقدم األرضى ونمو ملكوت المسيح‪ ،‬فإن التقدم األرضى ذو اهمية‬
‫كبرى بالنسبة إلى ملكوت هللا‪ ،‬وذلك بقدر ما يسهم فى تنظيم المجتمع البشرى‬
‫تنظيما أفضل"‪.‬‬

‫‪ 2313‬ـ "فإن كل الثمار الطيبة‪ ،‬ثمار طبيعتنا وصناعتنا‪ ،‬التى نكون قد نشرناها‬
‫على وجه األرض فى روح الرب وبحسب وصيته‪ ،‬سنجدها فى ما بعد‪ ،‬ولكن‬
‫مطهرة من كل دنس‪ ،‬ناصعة‪ ،‬مشرقة‪ ،‬عندما يعيد المسيح على األب ملكوتا ابديا‬
‫وشامال" حينئذ يصير هللا "كال فى الكل" (‪ 2‬كو ‪ ،)1 :21‬فى الحياة األبدية‪:‬‬
‫"الحياة الدائمة الحقيقة‪ ،‬إنما هى اآلب الذى‪ ،‬باالبن وفى الروح القدس‪ ،‬يسكب‬
‫على الجميع دون استثناء المواهب السماوية‪ .‬فلقد نلنا‪ ،‬نحن البشر أيضا‪ ،‬بفضل‬
‫رحمته‪ ،‬وعد الحياة األبدية الثابت"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2312‬ـ كل إنسان ينال فى نفسه الخالدة جزاءه االبدى منذ موته فى دينونة خاصة‬
‫من قبل المسيح‪ ،‬ديان األحياء واألموات‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ "نؤمن أن نفوس جميع الذين يموتون فى نعمة المسيح (‪ ). ..‬هى شعب‬
‫هللا‪ ،‬فى ما وراء الموت‪ ،‬الذى سيغلب نهائيا فى يوم القيامة‪ ،‬حيث تعاد على تلك‬
‫النفوس وحدتها بأجسادها"‪.‬‬

‫‪ 2310‬ـ "نؤمن أن جماعة النفوس الملتئمة فى الفردوس حول يسوع ومريم تكون‬
‫كنيسة السماء‪ ،‬حيث تشاهد هللا كما هو فى السعادة األبدية‪ ،‬وحيث تشارك هى ايضا‬
‫بدرجات مختلفة‪ ،‬المالئكة القديسين فى الحكم اإللهى الذى يمارسه المسيح فى‬
‫المجد‪ ،‬فتشفع فينا وتعضد ضعفنا بعنايتها اإللهية"‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ الذين يموتون فى نعمة هللا وصداقته‪ ،‬ولم يتطهروا بعد تطهيرا كامال‪ ،‬وإن‬
‫كانوا على ثقة من خالصهم األبدى‪ ،‬يخضعون من موتهم لتطهير‪ ،‬يحصلون به على‬
‫القداسة الضرورية للدخول إلى فرح هللا‪.‬‬

‫‪ 2311‬ـ بمقتضى "شركة القديسين"‪ ،‬تكل الكنيسة الراقدين إلى رحمة هللا‪ ،‬وتقدم‬
‫لجلهم صلوات‪ ،‬وبنوع خاص الذبيحة االفخارستية‪.‬‬

‫‪ 2319‬ـ تتبعا لمثل المسيح‪ ،‬تحذر الكنيسة المؤمنين من تلك الحقيقة المحزنة‬
‫والمؤسفة حقيقة الموت االبدى‪ ،‬المدعو أيضا "جهنم"‪.‬‬

‫‪ 2319‬ـ يقوم عذاب جهنم الرئيسى فى األنفصال األبدى عن هللا الذى فيه وحده‬
‫يستطيع االنسان الحصول على الحياة والسعادة اللذين خلق ألجلهما وإليهما يتوق‪.‬‬

‫‪ 2318‬ـ نصلى الكنيسة لكى ال يهلك أحد‪" :‬يارب‪ ،‬ال تسمح ان أنفصل أبدا عنك"‪.‬‬
‫إن صح أن احدا ال يستطيع أن يخلص بنفسه‪ ،‬فصحيح أيضا أن "هللا يريد ان جميع‬
‫الناس يخلصون" (‪ 2‬تى ‪ )1 :1‬وأن "كل شىء ممكن" (متى ‪ )19 :27‬لديه‪.‬‬

‫‪ 2317‬ـ "تؤمن الكنيسة المقدسة الرومانية وتعترف اعترافا ثابتا أن جميع الناس‬
‫سوف يظهرون فى يوم الدينونة باجسادهم الخاصة أمام منبر المسيح‪ ،‬ليؤدوا‬
‫حسابا عن أعمالهم"‪.‬‬

‫‪ 2393‬ـ فى نهاية األزمنة سيصل ملكوت هللا إلى ملئه‪ .‬حينئذ يملك الصديقون مع‬
‫المسيح على الدوام‪ ،‬ممجدين جسدا ونفسا‪ ،‬والكون المادى نفسه سيتحول‪ .‬حينئذ‬
‫يصير هللا "كال فى الكل" (‪ 2‬كو ‪ ،) 18 :21‬فى الحياة األبدية‪.‬‬
‫" آمين "‬
‫‪ 2392‬ـ ينتهى قانون اإليمان‪ ،‬كما ينتهى أيضا السفر األخير من الكتاب المقدس‬
‫بالكلمة العبرية آمين وتوجد مرارا تلك الكلمة فى صلوات العهد الجديد‪ .‬كذلك تنتهى‬
‫الكنيسة صلواتها بكلمة آمين"‪.‬‬

‫‪ 2391‬ـ فى العبرية ترتبط كلمة آمين بالجذر نفسه الذى يرتبط به كلمة "آمن"‬
‫ويعبر هذا الجذر عن الثبات والثقة واالمانة‪ .‬فنفهم بالتالى لماذا يمكن استعمال‬
‫"آمين" بالنسبة الى امانة هللا نحونا والى ثقتنا نحن به‪.‬‬

‫‪ 2390‬ـ نجد فى اشعيا النبى عبارة "إله الحق"‪ ،‬وحرفيا "إه آمين"‪ ،‬أى "اإلله‬
‫األمين لمواعده" فالذى يتبارك على االرض يتبارك "بإله آمين" (أش ‪)29 :91‬‬
‫ويستعمل السيد المسيح مرارا كلمة "آمين"‪ ،‬وفى بعض األحيان بشكل مكرر‪،‬‬
‫ليؤكد أن تعليمه يمكن الوثوق به‪ ،‬وأن سلطته ترتكز على حقيقة هللا‪.‬‬

‫‪ 2391‬ـ "آمين التى تختم قانون اإليمان تعيد إذن كلمته األولى "أومن" وتؤكدها‬
‫فااليمان هو ان تقول "آمين" لكلمات هللا ووعوده ووصاياه‪ ،‬هو أن نثق ثقة تامة‬
‫بالذى هو "آمين" المحبة الالمتناهية واالمانة الكاملة‪ .‬حينئذ تصير حياتنا‬
‫المسيحية فى كل يوم جواب "آمين" عن اعتراف إيمان معموديتنا‪" :‬أومن"‪.‬‬
‫"ليكن لك قانون اإليمان بمثابة مرآة‪ .‬أنظر نفسك فيه‪ ،‬لترى هل تؤمن بكل ما تعلن‬
‫اإليمان به‪ ،‬وافرح كل يوم بإيمانك"‪.‬‬

‫‪ 2391‬ـ يسوع المسيح هو نفسه "آمين" (رؤ ‪ )21 :0‬هو "آمين" النهائية لمحبة‬
‫اآلب لنا‪ .‬وهو الذى اعتنق جوابنا لآلب "آمين" وأتمه‪" :‬فإن مواعد هللا كلها قد‬
‫وجدت فيه "نعم"‪ ،‬فلذلك فيه أيضا نقول‪" :‬آمين" لمجد هللا" (‪ 1‬كو ‪:) 13 :2‬‬
‫"به‪ ،‬ومعه وفيه ‪،‬‬
‫لك‪ ،‬أيها اإلله اآلب القدير ‪،‬‬
‫كل إكرام وكل مجد‪،‬‬
‫إلى دهر الداهرين‪.‬‬
‫آمين"‪.‬‬

‫الجزء الثانى‬
‫االحتفال بالسر المسيحى‬
‫لماذا الليترجيا؟‬

‫‪ 2399‬ـ فى قانون اإليمان‪ ،‬تعترف الكنيسة بسر الثالوث األقدس "وقصد محبته"‬
‫(اف ‪ )7 :2‬فى شان الخليقة كلها‪ :‬فاآلب يحقق "سر مشيئته بإرساله ابنه الحبيب‬
‫وروحه القدوس لخالص العالم ومجد اسمه‪ .‬ذاك هو سر المسيح الذى كشف وحقق‬
‫فى التاريخ بمقتضى خطه ورسم محكم التنسيق‪ ،‬يسميه القديس بولس "تدبير‬
‫السر" (أف ‪ )7 :0‬وسوف يسميه التقليد األبوى "تدبير الكلمة المتجسد" أو تدبير‬
‫الخالص"‪.‬‬

‫‪ 2399‬ـ "وهذا العمل الذى كان به الفداء للبشر والتمجيد األكمل هلل‪ ،‬والذى مهدت‬
‫له العظائم اإللهية فى شعب العهد القديم‪ ،‬أتمة السيد المسيح خصوصا بالسر‬
‫الفصحى‪ ،‬سر آالمه الحميدة‪ ،‬وقيامته من مثوى االموات وصعوده المجيد‪ ،‬بالسر‬
‫الفصحى الذى" قضى فيه على موتنا بموتهه‪ ،‬وبعث الحياة فى حياتنا بقيامته "إذ‬
‫إنه من حنب المسيح الراقد على الصليب‪ ،‬تفجر السر العجيب‪ ،‬سر الكنيسة‬
‫بأسرها" ولذا فالكنيسة فى الليترجيا‪ ،‬تحتفل خصوصا بالسر الفصحى الذى أتم به‬
‫المسيح عمل خالصنا‪.‬‬

‫‪ 2398‬ـ سر المسيح هذا‪ ،‬تبشر به الكنيسة وتحتفل به فى الليترجيا‪ ،‬ليحيا به‬


‫المؤمنين ويشهدوا له فى العالم‪:‬‬
‫"فالليترجيا‪ ،‬وال سيما ذبيحة االفخارستيا اإللهية التى بها "يتم عمل فدائنا" تساعد‬
‫المؤمنين إلى أبعد حد فى ان يبيبنوا ويعلنوا لآلخرين‪ ،‬بسيرتهم وهوية الكنيسة‬
‫الحقيقة ومفهومها الصحيح"‪.‬‬

‫ما معنى لفظة ليترجيا؟‬

‫‪ 2397‬ـ لفظة "ليترجيا"‪ ،‬تعنى أصال "عمال عموميا‪ ،‬خدمة من الشعب وللشعب"‪.‬‬
‫وهى تعنى‪ ،‬فى التقليد المسيحى‪ ،‬أن شعب هللا يشترك فى "عمل هللا" بالليترجيا‬
‫يتابع المسيح فادينا وعظيم كهنتنا فى كنيسته ومعها وبها‪ ،‬عمل فدائنا‪.‬‬

‫‪ 2393‬ـ لفظة "ليترجيا"‪ ،‬فى العهد الجديد‪ ،‬درج استعمالها فى الداللة‪ ،‬ال على‬
‫االحتفال بشعائر العبادات اإللهية وحسب‪ ،‬بل على البشارة باالنجيل والمحبة‬
‫الفاعلة فى كل هذه االحوال نجد إشارة إلى خدمة هللا والناس فى االحتفال الليترجى‪،‬‬
‫تقف الكنيسة خادمة‪ ،‬على صورة ربها "الكاهن االوحد"‪ ،‬تشاركه الكهنوت (شعائر‬
‫العبادة) النبوىى (البشارة) والملكوى (خدمة المحبة)‪.‬‬
‫"بحق اذن تعتبر الليترجيا ممارسة لوظيفة يسوع المسيح الكهنوتيه‪ ،‬بهذه‬
‫الممارسة يتقدس االنسان عبر الرموز الحسية‪ ،‬بنعمة منوطة بكل من هذه األسرار‪،‬‬
‫وذلك فى احتفال دينى متكامل يقوم به جسد يسوع المسيح السرى اى رأس الجسد‬
‫وأعضاؤه‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فكل احتفال ليترجى‪ ،‬بصفته عمل المسيح الكاهن وعمل‬
‫الكنيسة جسده‪ ،‬إنما هو ذروة االعمال المقدسة الذى ال يوزاى فاعليته‪ ،‬قيمة‬
‫ودرجة ـ أى عمل آخر من اعمال الكنيسة"‪.‬‬

‫الليترجيا ينبوع حياة‬

‫‪ 2329‬ـ الليترجيا هى عمل المسيح وهى ايضا عمل كنيسته‪ ،‬انها تحقق وتعلن‬
‫الكنيسة عالمة ظاهرة للشركة القائمة‪ ،‬بالمسيح‪ ،‬بين هللا والبشر‪ ،‬وتولج المؤمنين‬
‫فى حياة الجماعة الجديدة‪ ،‬وتفترض لدى الجميع مشاركة "واعية وفاعلة‬
‫ومثمرة"‪.‬‬

‫‪ 2391‬ـ "الليترجيا ال تستغرق كل العمل الكنسى" بل يجب أن يسبقها البشارة‬


‫وااليمان والتوبة‪ ،‬وعندئذ تؤتى ثمارها فى حياة المؤمنين وهى الحياة الجديدة فى‬
‫الروح‪ ،‬والتطوع لرسالة الكنيسة وخدمة وحدتها‪.‬‬

‫الصالة والليترجيا‬

‫‪ 2390‬ـ الليترجيا هى أيضا اشتراك فى صالة المسيح‪ ،‬يرفعها إلى اآلب فى الروح‬
‫القدس‪ ،‬فيها تجد كل صالة مسيحية مصدرها وغايتها‪ .‬بالليترجيا يتأصل االنسان‬
‫الباطن ويتاسس "فى الحب العظيم الذى به أحبنا اآلب" (أف ‪ ،) 1 :1‬فى ابنه‬
‫الحبيب‪ .‬أنها "آية هللا العجيبة" نحياها داخليا فى كل صالة نرفعها "فى الروح فى‬
‫كل وقت" (أف ‪.) 28 :9‬‬

‫الكرازة والليترجيا‬

‫‪2391‬ـ "الليترجيا هى القمة التى يرتقى غليها عمل الكنيسة وهى‪ ،‬إلى ذلك‪ ،‬المنبع‬
‫الذى تنبع منه كل قوتها" وهى‪ ،‬بالتالى‪ ،‬المكان المميز إلقاء الكرازة على شعب هللا‬
‫"الكرازة مرتبطة ارتباطا صميما بكل عمل ليترجى واسرارى‪ ،‬ففى األسرار وال‬
‫سيما فى االفخارستيا‪ ،‬يعمل المسيح يسوع ملء عمله إلصالح البشر"‪.‬‬

‫‪2391‬ـ هدف الكرازة الليترجية أن تولج المؤمنين فى سر المسيح‬


‫(الميستاغوجية)‪ ،‬منطلقة من المرئى على الالمرئى‪ ،‬ومن الدال إلى المدلول عليه‪،‬‬
‫ومن "األسرار إلى الغيوب" هذه الكرازة تدخل فى نطاق كتب التعليم الدينى‬
‫المحلية واالقليمية‪ .‬اما كتاب التعليم الدينى هذا فهو فى خدمة الكنيسة كلها‪،‬‬
‫بمختلف طقوسها وثقافتها‪ ،‬ويتضمن عرضا لكل ما هو أساسى ومشترك فى‬
‫الكنيسة فى شان الليترجيا من حيث هى سر واحتفال (القسم األول)‪ ،‬ثم نأتى على‬
‫تفصيل األسرار السبعة واشباه األسرار (القسم الثانى)‪.‬‬
‫القسم األول‪ :‬التدبير اإللهى فى حياة األسرار‬

‫‪ 2399‬ـ يوم العنصرة اظهرت الكنيسة للعالم بفيض من الروح القدس‪ .‬عطية الروح‬
‫هذه افتتحت عهدا جديدا "لتعميم السر"‪ :‬إنه زمن الكنيسة‪ ،‬فيه يعلن المسيح عمله‬
‫الخالصى ويفعله ويوزعه‪ ،‬من خالل ليترجيا كنيسته‪" ،‬إلى أن يأتى" (‪ 2‬كو ‪:22‬‬
‫‪ )19‬على امتداد زمن الكنيسة هذا‪ ،‬يحيا المسيح ويعمل فى كنيسته ومع كنيسته‬
‫بوجه جديد يالئم هذا الزمن الجديد‪ .‬إنه يعمل بواسطة األسرار‪ ،‬وهذا ما يسميه‬
‫التقليد المشترك‪ ،‬فى الشرك والغرب‪" ،‬التدبير األسرارى"‪ ،‬وقوامه "توزيع" ثمار‬
‫المسيح الفصحى فى االحتفال الكنسى بالليترجيا "االسرارية"‪.‬‬

‫من األهمية اذن بمكان ان نوضح أوال "توزيع األسرار" هذا (الفصل األول) وهكذا‬
‫تتضح بأكثر جالء‪ ،‬طبيعة االحتفال الليترجى ومالمحه الجوهرية (الفصل الثانى)‪.‬‬

‫الفصل االول‪ :‬السر الفصحى فى زمن الكنيسة‬

‫المقـال االول‪ 2‬الليترجيا‪ -‬عمل الثالوث األقدس‬

‫‪ -2‬اآلب مصدر الليترجيا وغايتها‬


‫‪ -2399‬تبارك اله ربنا يسوع المسيح وابوة باركنا في المسيح كل بركة روحية في‬
‫السماوات ذلك بانه اختارنا قبل انشاء العالم لنكون عنده قديسين بال عيب في‬
‫المحبة وقدر لنا ان يتبنانا بيسوع المسيح علي ما ارتضية مشيئة لحمد نعمته‬
‫السنية التي انعم بها علينا في الحبيب (اف ‪.)9 – 0 :2‬‬

‫‪ -2398‬البركة عمل الهي يفيض الحياة ويصدر من االب بركته كلمة وعطية معا‬
‫فاذا طبقت هذه اللفظة علي االنسان فمعناها العبادة والتسايم للخالق في الشكر‪.‬‬

‫‪ -2397‬من البداية وحتى نهاية االزمان عمل هللا كله بركة ابتداء من النشيد‬
‫الليترجى في مطلع الخليقة وحتي اناشيد اورشليم السماوية نري الكتاب الملهمين‬
‫يعلنون قصد الخالص بركة الهية ال حد لها‪.‬‬

‫‪ -2383‬منذ البدء بارك هللا االحياء وبخاصة الرجل والمراة عهد هللا مع نوح ومع‬
‫جميع الكائنات الحيى جدد هذة البركة المخصبة بالرغم مما ارتكبة االنسان من‬
‫خطيئة امست بها االرض لعنة بيد ان هذه البركة االلهية بدات منذ ابراهيم تتغلغل‬
‫في التاريخ البشري الزاحف نحو الموت لتعيدة ثانية الي الحياة والي ينبوعة االول‬
‫وهكذا بزغ تاريخ الخالص بقوة ايمان ابي المؤمنين الذي تقبل البركة‪.‬‬
‫‪ -2382‬تجلت البركات االلهية عبر احداث عجيبة ومخلصة مولد اسحق النزوح من‬
‫مصر الفصح والخروج موهبة ارض الميعاد اختيار داود حضور هللا في الهيكل‬
‫المنفي المطهر وعودة البقية الباقية ان الناموس واالنبياء والمزامير التي تحبك‬
‫ليترجيا الشعب المصطفى تذكر بهذة البركات االلهية كما انها تصدي لها بتبريكات‬
‫حمد وشكر‪.‬‬

‫‪ -2381‬في ليترجيا الكنيسة تتجلي البركة االلهية تجليا كامال وتوزع علي المؤمنين‬
‫فاالب يعلن فيها بوصفة مصدرا وغاية لكل بركات الخليقة والخالص انه يغمرنا‬
‫ببركاته بكلمته الذي تجسد ومات وقام الجلنا وبه يفيض في قلوبنا العطية التى‬
‫تحوي كل العطايا أي الروح القدس‪.‬‬

‫‪ -2380‬بتنا نفهم االن الليترجيا المسيحية في بعديها فهى استجابة ايمان وحب‬
‫للبركات الروحية التي يمن بها االب علينا فمن جهة نري الكنيسة متحدة بربها‬
‫وبدافع من الروح القدس تبارك االب علي هبته التي ال توصف (‪ 1‬كو ‪)21 :7‬‬
‫عابدة حامدة شاكرة ومن جهة اخري وحتي انقضاء قصد هللا ال تني الكنيسة تقرب‬
‫لالب قربان عطاياها وتتضرع الية ليرسل الروح القدس علي هذا القربان وعليها‬
‫وعلي المؤمنين وعلي العالم اجمع لكي تؤتي هذه البركات االلهية باالشتراك في‬
‫موت المسيح الكاهن وقيامته وبقدرة الروح ثمار حياة لحمد نعمته السنية (اف ‪:2‬‬
‫‪.)9‬‬

‫‪ -1‬عمل المسيح في الليترجيا‬


‫المسيح الممجد‬
‫‪ -2381‬ان المسيح الجالس الي يمين االب والمفيض الروح القدس علي جسدة أي‬
‫الكنيسة يعمل بواسطة االسرار التى اقامها لتوزيع نعمتة االسرار هي عالمات‬
‫حسية (كلمات واعمال) قريبة المنال لبشريتنا في وضعها الراهن تحقق فاعلية‬
‫النعمة التي ترمز اليها بقوة عمل المسيح وقدرة الروح القدس‪.‬‬

‫‪ -2381‬في ليترجيا الكنيسة يعبر المسيح خصوصا عن سره الفصحي ويحققة لقد‬
‫كان المسيح في غضون حياته االرضية يعلن سره الفصحي بتعليمة ويستبق حدوثة‬
‫باعمالة فعندما حانت ساعته اختبر الحدث التاريخي االوحد الذي ال يطوية زمان لقد‬
‫مات يسوع وقبر وقام من بين االموات وجلس الي يمين االب مرة واحدة (رو ‪:9‬‬
‫‪ ،23‬عب ‪ )21 :7 ،19 :9‬انه حدث حقيقي طرا علي تاريخنا ولكنه حدث فرد كل ما‬
‫سواه من احداث التاريخ يحدث مرة ثم يعبر ويبتلعة الماضي واما سر المسيح‬
‫الفصحي فال يمكن ان يتلبث فقط في الماضي الن المسيح بموته اباد الموت والن‬
‫المسيح كله بهويته وبكل ما صنعه وكابدة في سبيل الناس اجمعين يشترك في‬
‫االبدية االلهية ويشرف هكذا علي جميع االزمان ويظل فيها حاضرا ان حدث‬
‫الصليب والقيامة يدو ويجتب إلى الحياة كل شىء‪.‬‬
‫منذ عهد كنيسة الرسل‬
‫‪ 2389‬ـ "كما أن المسيح أرسله اآلب‪ ،‬أرسل هو تالميذه وقد مألهم الروح القدس‬
‫كارزين باإلنجيل للخليقة كلها‪ ،‬ال ليبشروا فقط بأن ابن هللا حررنا بموته وبقيامته‪،‬‬
‫من سلطان إبليس ومن الموت ونقلنا إلى ملكوت ابيه‪ ،‬بل لينهضوا بهذا العمل‬
‫الخالصى الذى بشروا به‪ ،‬وذلك بالذبيحة واألسرار التى تدور حولها الحياة‬
‫الليترجية بكاملها"‪.‬‬

‫‪ 2389‬ـ هكذا عندما وهب المسيح القائم من القبر الروح القدس لتالميذه‪ ،‬وكل‬
‫إليهم سلطان التقديس‪ :‬فأصبحوا عالمات المسيح السرية‪ ،‬وبقدرة هذا الروح‬
‫القدس عينه‪ ،‬فوضوا هذا السلطان إلى خلفائهم‪ .‬هذه "الخالفة الرسولية" هى قوام‬
‫كل الحياة الليترجية فى الكنيسة‪ ،‬وهى نفسها تحمل الطابع األسرارى‪ ،‬ألنها تنتقل‬
‫بواسطة سر الكهنوت‪.‬‬

‫حاضر فى الليترجيا االرضية‬


‫‪ 2388‬ـ "للقيام بعمل عظيم كهذا" ـ اى لتعميم العمل الخالصى وإيصاله ـ "ال ينفك‬
‫المسيح حاضرا إلى جانب كنيسته وال سيما فى االعمال الليترجية‪ .‬إنه حاضر فى‬
‫ذبيحة القداس‪ ،‬وفى شخص خادم السر‪" .‬فالذى يقدم اآلن على يد الكهنة هو الذى‬
‫قدم ذاته على الصليب حينذاك"‪ ،‬وبأعلى درجة تحت أشكال االفخارستيا‪ .‬إنه حاضر‬
‫بقوته فى األسرار‪ ،‬فإذا عمد أحد‪ ،‬كان المسيح نفسه هو المعمد‪ ،‬وهو حاضر فى‬
‫كلمته‪ ،‬ألنه هو المتكلم عندما تقرأ الكتب المقدسة فى الكنيسة‪ .‬وهو حاضر أخيرا‬
‫عندما تصلى الكنيسة‪ ،‬وترتل المزامير‪ ،‬ألنه هو الذى وعد قائال‪ " :‬حيثما اجتمع‬
‫اثنان أو ثالثة باسمى‪ ،‬فأنا أكون هناك فيما بينهم" (متى ‪.")13 :28‬‬

‫‪ 2387‬ـ "وللقيام فعال بهذا العمل العظيم الذى يتمجد به هللا أكمل تمجيد‪ ،‬ويتقدس‬
‫البشر‪ ،‬يتعاون المسيح دائما وكنيسته‪ ،‬عروسه الحبيبة‪ ،‬التى تبتهل إليه على أنه‬
‫سيدها‪ ،‬وبه تؤدى العبادة إلى اآلب اآلزلى"‪.‬‬

‫الذى يشترك فى الليترجيا السماوية‬


‫‪ 2373‬ـ "فى الليترجيا األرضية‪ ،‬يكون اشتراكنا استعجاال لتذوق الليترجيا‬
‫السماوية التى نسعى إليها فى ترحالنا‪ ،‬والتى يحتفل بها فى أورشليم المدينة‬
‫المقدسة حيث يجلس المسيح إلى يمين هللا خادما لألقداس والمسكن الحقيقى‪،‬‬
‫وحيث ـ مع جميع اجناد الجيش العلوى ت ننشد للرب نشيد المجد‪ .‬وأننا ننتظر‬
‫سيدنا يسوع المسيح مخلصا لنا‪ ،‬إلى أن يتجلى‪ ،‬هو حياتنا‪ ،‬ونتجلى نحن معه فى‬
‫المجد"‪.‬‬
‫‪ -0‬الروح القدس والكنيسة فى الليترجيا‬
‫‪ 2372‬ـ الروح القدس‪ ،‬فى الليترجيا‪ ،‬هو الذى يثقف إيمان شعب هللا وهو الذى‬
‫يصنع "روائع هللا"‪ ،‬أعني بها اسرار العهد الجديد‪ .‬إن رغبة الروح وعمله فى قلب‬
‫الكنيسة هما ان نحيا حياة المسيح الناهض‪ .‬وعندما يلقى فينا جواب اإليمان الذى‬
‫هو باعثه‪ ،‬يتم تعاون حقيقى‪ ،‬به تصبح الليترجيا عمال مشتركا بين الروح القدس‬
‫والكنيسة‪.‬‬

‫‪ 2371‬ـ فى هذه الطريقة التى يتم فيها توزيع سر المسيح عبر األسرار‪ ،‬يعمل‬
‫الروح القدس نفس عمله فى سائر ازمنة التدبير الخالصى‪ :‬فهو يعد الكنيسة للقاء‬
‫سيدها‪ ،‬ويعيد ذكرى المسيح ويعلنه إليمان الجماعة‪ ،‬ويجعل سر المسيح‪ ،‬بقدرته‬
‫المحولة‪ ،‬حاضرا لدينا ومزامنا لنا‪ ،‬وبما أنه روح الشركة فهو يضم الكنيسة إلى‬
‫حياة المسيح ورسالته‪ .‬الروح القدس يعدنا الستقبال المسيح‪.‬‬

‫‪ 2370‬ـ إن الروح القدس يحقق‪ ،‬من خالل التدبير األسرارى‪ ،‬رموز العهد القديم‪.‬‬
‫فالكنيسة قد "هيئت بوجه عجيب‪ ،‬بتاريخ شعب اسرائيل وفى العهد اللقديم" ومن‬
‫ثم فليترجيا الكنيسة تحتفظ بعناصر من شعائر العهد القديم‪ ،‬وتتبناها جزءاص‬
‫مكمال ال بديل منه‪:‬‬
‫ـ أهمها قراءة العهد القديم‬
‫ـ صالة المزامير‬
‫ـ وخصوصا ذكرى األحداث المخلصة والحقائق المغزوية التى تحققت فى سر‬
‫المسيح (الوعد والعهد‪ ،‬الخروج واللفصح‪ ،‬الملكوت والهيكل‪ ،‬المنفى والعودة)‪.‬‬
‫‪ 2371‬ـ هذا التناغم بين العهدين هو المحور الذى تدور حوله كرازة الرب الفصحية‬
‫ثم كرازة الرسل واآلباء من بعده‪ .‬هذه الكرازة تكشف ما كان مطويا فى حرفية‬
‫العهد القديم‪ ،‬أعنى به سر المسيح‪ ،‬وتعرف بالكرازة "اإليمانية"‪ ،‬ألنها تكشف جدة‬
‫المسيح انطالقا من "النماذج" التى اومأت إليها فى االحداث واالقوال والرموز‬
‫المتضمنة فى العهد االول هذه القراءة الجديدة للعهد القديم فى روح الحقيقة‪ ،‬ومن‬
‫منطلق المسيح تكشف القناع عن الرموز فالطوفان وفلك نوح هما رمز الخالص‬
‫بالمعمودية‪ ،‬وكذلك الغمامة واجتياز البحر األحمر والماء المتفجر من الصخرة‪،‬‬
‫كلها ترمز الى مواهب المسيح الروحية‪ ،‬كما يرمز من الصحراء الى االفخارستيا‬
‫"الخبز الحقيقى النازل من السماء" (يو ‪.)01 :9‬‬

‫‪ 2371‬ـ ولذا ‪ ،‬فالكنيسة وال سيما فى الزمن اإلعدادى للميالد‪ ،‬وفى فترة الصوم‬
‫وخصوصا فى ليلة الفصح‪ ،‬تقرأ وتعيش ثانية هذه االحداث الكبرى فى تاريخ‬
‫الخالص فى "آنية" ليترجيتها ولكن فى ذلك ما يوجب على الكارز ان يساعد‬
‫المؤمنين فى االنفتاح على هذا الفهم "الروحى" لتدبير الخالصى كما تعلنه ليترجيا‬
‫الكنيسة وتمكننا من ان نعيشه‪.‬‬
‫‪ 2379‬ـ الليترجيا اليهودية والليترجيا المسيحية‪ .‬وقفنا أفضل على إيمان الشعب‬
‫اليهودى وحياته الدينية‪ ،‬كما يعلنهما ويمارسهما حتى اليوم‪ ،‬قد يساعدنا فى فهم‬
‫بعض مالمح الليترجيا المسيحية ففى نظر اليهود كما فى نظر المسيحين‪ ،‬الكتاب‬
‫المقدس هو جزء جوهرى فى ليتورجيتهم‪ ،‬العالن كلمة هللا وامتثال هذه الكلمة‬
‫ولتأدية صالة التسبيح واالستشفاع لالحياء واالموات‪ ،‬واللجوء الى رحمة هللا‬
‫ليترجيا الكلمة‪ ،‬فى هيكلتها الذاتية‪ ،‬تمتد جذورها الى الصالة اليهودية‪ .‬صالة‬
‫الساعات وغيرها من النصوص والصيغ الليتجرية لها ما يوازيها فى الصالة‬
‫اليهودية‪ ،‬وكذلك التعابير التى يعتمدها اجل ما لدينا من صلوات ومنها صالة‬
‫"االبانا" الصلوات االفخارستية تستوحى‪ ،‬هى ايضا‪ ،‬نماذج من التقليد اليهودى‪.‬‬
‫العالقة بين الليترجيا اليهودية والليترجيا المسيحية‪ ،‬وكذلك الفرق بين محتواهما‪،‬‬
‫نالحظهما خصوصا فى اعياد السنة الليترجية الكبرى‪ ،‬كعيد الفصح مثال‪.‬‬
‫فالمسيحيون واليهود يحتفلون بالفصح‪ .‬فصح التاريخ‪ ،‬المشدود إلى المستقبل عند‬
‫اليهود‪ ،‬والفصح الناجز بموت المسيح وقيامته عند المسيحين‪ ،‬مع الترقب الدائم‬
‫النقضائه الحاسم‪.‬‬

‫‪2379‬ـ فى ليترجيا العهد الجديد‪ ،‬كل عمل ليترجى‪ ،‬وال سيما االحتفال باالفخارستيا‬
‫واألسرار‪ ،‬هو لقاء بين المسيح والكنيسة‪ .‬وتستمد الجماعة الليترجية وحدتها من‬
‫"شركة الروح القدس" الذى يجمع أبناء هللا فى ججسد المسيح الواحد‪ ،‬متخطية‬
‫الوشائج البشرية والعرقية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ 2378‬ـ على الجماعة ان تتهيا للقاء ربها‪ ،‬وتكون "شعبا مستعدا" إستعداد القلوب‬
‫هذا هو العمل الذى يشترك فيه الروح القدس والجماعة وال سيما خدمتها‪ ،‬نعمة‬
‫الروح القدس تعمل على إيقاظ اإليمان وتوبة القلب وامتثال إرادة اآلب‪ .‬هذه‬
‫االستعدادات يفترض قيامها تمهيدا لتقبل النعم األخرى المعطاة فى االحتفال نفسه‪،‬‬
‫ولثمار الحياة الجديدة التى ستؤتيها ألحقا‪.‬‬

‫الروح القدس يذكر بسر المسيح‬


‫‪ 2377‬ـ الروح والكنيسة يتعاونان في اعالن المسيح وعمله الخالصي في الليترجيا‬
‫فالليترجيا هي تذكار سر الخالص في االفخارستيا خصوصا وفي سائر االسرار‬
‫قياسا الروح القدس هو في الكنيسة ذاكرتها الحية‬

‫‪ -2233‬كالم هللا يذكر الروح القدس الجماعة الليترجية اوال بفحوي الحدث‬
‫الخالصي فيضفي حياة علي كالم هللا المعلن ليكون موضوع قبول وحياة‪ :‬للكتاب‬
‫المقدس في احتفاالت غالليترجيا اهمية كبيرة جدا فمنه النصوص التي تتلي وتفسر‬
‫في العظة ومنه المزامير التي ترتل ومن وحية ودفقة تنهل الصلوات واالدعية‬
‫واالناشيد الطقسية ومنة تستقي االعمال والرموز معانيها‪.‬‬
‫‪ -2232‬الروح القدس هو الذي يهب القراء والسماع كال بحسب استعدادات قلبه ان‬
‫يفهموا كالم هللا فهما روحيا فمن خالل االقوال واالعمال والموز التي تؤلف حبكة‬
‫االحتفال يضع الروح القدس المؤمنين والخدمة في عالقة حية بالمسيح كلمة االب‬
‫وصورته لكي يفرغوا في حياهم معنى ما يسمعونه ويتاملونه ويفعلونه في‬
‫االحتفال‪.‬‬

‫‪ -2231‬كلمة الخالص هي التي تغذي االيمان في قلوب المسيحين وهي التي تلد‬
‫وتنمي شركة المسي حيين وال تقتصر البشارة بكلمة هللا علي التعليم بل تستدعي‬
‫جواب االيمان اذعانا والتزاما القامة العهد بين هللا وشعبة والروح القدس هو الذي‬
‫يهب ايضا نعمة االيمان ويقويها وينميها في الجماعة وما االجتماع الليترجي اال‬
‫شركة في االيمان قبل أي شئ اخر‪.‬‬

‫‪ -2230‬االستذكار االحتفال الليترجي يعيدنا دوما الي تدخالت هللا الخالصية في‬
‫التاريخ فالمكاشفة االلهية تتم بواسطة اعمال اجراها هللا زاقوال ساقها وكالهما‬
‫وثيق االتباط فاالقوال تشيد باالعمال وتساعد في استشفاف السر المكنون فيها في‬
‫ليترجيا الكلمة يذكر الروح القدس الجماعة بكل ما صنعة المسيح الجلنا ففي كل‬
‫احتفال وفقا لطبيعة االعمال الليترجية والتقاليد الطقسية المرعية فى الكنائس‪ ،‬نأتى‬
‫على "ذكر" عظائم هللا فى صالة "تذكارية" على قليل او كثير من اإلسهاب‪.‬‬
‫والروح القدس الذى يوقظ هكذا ذاكرة الكنيسة‪ ،‬يبعث فيها عندئذ مشاعر الشكر‬
‫والحمد (الذوكسولوجيا)‪.‬‬

‫الروح القدس يجعل سر المسيح آنيا‬


‫‪ 2231‬ـ ال تكتفى الليترجيا المسيحية بأن تعيد إلينا ذكرى األحداث التى خلصتنا‪ ،‬بل‬
‫تجعلها آنية حاضرة‪ .‬سر المسيح الفصحى نحتفل به وال نكرره‪ .‬فاالحتفاالت هى‬
‫التى تتكرر‪ ،‬وفى كل منها يحل فيض الروح القدس‪ ،‬ويجعل من السر األوحد حدثا‬
‫آنيا‪.‬‬

‫‪ 2231‬ـ االستعداد‪ ،‬هو الصالة التى يضرع بها الكاهن إلى هللا ان يرسل الروح‬
‫القدس لكى يحول القرابين إلى جسد المسيح ودمه‪ ،‬ولكى يصير المؤمنين الذين‬
‫يتناولون منها قربانا حيا هلل‪.‬‬

‫‪ 2239‬ـ تحتل صالة االستدعاء مع صالة االستذكار مكان القلب فى كل احتفال‬


‫باالسرار‪ ،‬وال سيما سر االفخارستيا‪:‬‬
‫"تتساءل كيف يصير الخبز جسد المسيح‪ ،‬والخمر (‪ )...‬دم المسيح ؟ أنا أقول لك‪:‬‬
‫إن الروح القدس يهب بغته ويحقق ما يفوق كل كالم وكل فكر (‪ )..‬وحسبك ان‬
‫تسمع أن هذا من عمل الروح القدس‪ ،‬كما أن الرب‪ ،‬بذاته وفى ذاته‪ ،‬قد اتخذ جسدا‬
‫من العذراء القديسة بقوة الروح القدس"‪.‬‬
‫‪ 2239‬ـ إن قوة التحويل التى يمارسها الروح القدس فى الليترجيا‪ ،‬تسرع مجىء‬
‫الملكوت‪ ،‬وانقضاء سر الخالص‪ .‬وفيما ننتظر ونرجو‪ ،‬يجعلنا الروح القدس نستبق‬
‫حقا ملء الشركة مع الثالوث االقدس‪ .‬وهو الذى ارسله اآلب الذى يستجيب‬
‫"دعاء" الكنيسة‪ ،‬يهب الحياة للذين يستقبلونه‪ ،‬ويكون لهم‪ ،‬منذ اآلن‪ ،‬بمثابة‬
‫"عربون" ميراثهم‪.‬‬

‫شركة الروح القدس‬


‫‪ 2238‬ـ هدف رسالة الروح القدس‪ ،‬فى كل عمل ليترجى‪ ،‬هو إدخالنا فى شركة مع‬
‫المسيح لبناء جسده‪ .‬فالروح القدس هو بمثابة الماوية فى كرمة اآلب التى نؤتى‬
‫االغص ان ثمرها‪ .‬فى الليترجيا يتحقق التعاون االوثق بين الروح القدس والكنيسة‬
‫العظيم‪ ،‬سر الشركة اإللهية الذى يجمع شمل أبناء هللا المشتتين‪ .‬ثمر الروح فى‬
‫الليترجيا هو‪ ،‬فى آن واحد‪ ،‬شركة مع الثالوث األقدس وشركة أخوية‪.‬‬

‫‪ 2237‬ـ صالة استدعاء الروح القدس من أهدافها أيضا تحقيق ملء اشتراك‬
‫الجماعة فى سر المسيح‪ " :‬نعمة ربنا يسوع المسيح‪ ،‬ومحبة هللا اآلب وشركة‬
‫الروح القدس " (‪ 1‬كو ‪ ،) 20 :20‬يجب ان تظل دائما معنا وتؤتى ثمارا حتى من‬
‫بعد االحتفال اإلفخارستى الكنيسة تصلى الى اآلب إذن ليرسل الروح القدس فيجعل‬
‫من حياة المؤمنين تقدمة حية هلل ويحولهم إلى صورة المسيح‪ ،‬ويجعلههم يهتمون‬
‫بوحدة الكنيسة ويشتركون فى رسالتها بشهادة السيرة وخدمة المحبة‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2223‬ـ فى ليترجيا الكنيسة نبارك هللا اآلب ونعبده بوصفه مصدر كل بركات‬
‫الخليقة والخالص‪ ،‬التى باركنا بها فى ابنه‪ ،‬ليهبنا روح التبنى‪.‬‬

‫‪ 2222‬ـ عمل المسيح فى الليترجيا يتم من خالل االسرار‪ ،‬الن سر خالصه يتحقق‬
‫فيها بقدرة روحه القدوس‪ ،‬والن جسده‪ ،‬اى الكنيسة‪ ،‬هو بمثابة سر (عالمة وأداة)‬
‫به يعمم الروح القدس على الناس ثمار سر الخالص‪ ،‬وألن الكنيسة المترحلة‪ ،‬من‬
‫خالل أعمالها الليترجية‪ ،‬تستبق منذ اآلن‪ ،‬طعم االشتراك فى الليترجيا السماوية‪.‬‬

‫‪ 2221‬ـ رسالة الروح القدس فى ليترجيا الكنيسة أن يهيىء للقاء المسيح‪ ،‬وأن‬
‫يعلن المسيح ويعيد ذكره إلى الجماعة المؤمنة‪ ،‬وان يجعل من عمل المسيح‬
‫الخالصى حدثا حاليا وآنيا بقدرته الباعثه على التحول‪ ،‬وان يثمر عطية الشركة فى‬
‫الكنيسة‪.‬‬
‫المقـال الثاني‪ 2‬السر الفصحى فى اسرار الكنيسة‬

‫‪ 2220‬ـ الحياة الليترجية فى الكنيسة تدور كلها حول الذبيحة االفخارستية‬


‫واالسرار فى الكنيسة أسرار سبعة‪ :‬المعمودية والتثبيت او الميرون‪ ،‬االفخارستيا‪،‬‬
‫التوبة‪ ،‬مسحة المرضى‪ ،‬الكهنوت‪ ،‬الزواج‪ .‬فى هذا المقال نعالج ما هو مشترك بين‬
‫اسرار الكنيسة السبعة من الناحية العقائدية‪ .‬وأما ما هو مشترك بينها من ناحية‬
‫االحتفال بها‪ ،‬فسيعرض فى الفصل الثانى‪ ،‬وأما ما يخص كال منها فسيعالج فى‬
‫القسم الثانى‪.‬‬

‫‪ -2‬أسرار المسيح‬
‫‪ 2221‬ـ "فى تقيدنا بعقيدة الكتب المقدسة والتقاليد الرسولية (‪ ). ..‬وإجماع رأى‬
‫اآلباء"‪ ،‬نعترف "بأن أسرار العهد الجديد قد أنشأها كلها ربنا يسوع المسيح"‪.‬‬

‫‪ 2221‬ـ إن أقوال يسوع وأعماله مدة حياته المستترة ورسالته العلنية‪ ،‬بات لها‪،‬‬
‫مذ ذاك‪ ،‬فعلها الخالصى‪ .‬وكانت بمثابة لقدرة سره الفصحى‪ ،‬وبمثابة إبناء وتمهيد‬
‫لما كان مزمعا أن يمن به على الكنيسة عندما يتم كل شىء‪ .‬إن مكنونات حياة‬
‫المسيح هى مرتكزات النعم التى بات المسيح يوزعها فى االسرار‪ ،‬على يد خدمة‬
‫الكنيسة‪ ،‬لن ما كان مرثيا فى مخلصنا أصبح كامنا فى اسراره "‪.‬‬

‫‪ 2229‬ـ االسرار هى "القوى التى تخرج" من جسد المسيح‪ ،‬الحى أبدا والمحى‪،‬‬
‫وهى أيضا أفعال الروح القدس العامل فى جسد المسيح أى الكنيسة‪ ،‬وهى اخيرا‬
‫"روائع هللا" فى العهد الجديد األبدى‪.‬‬

‫‪ -1‬أسرار الكنيسة‬
‫‪ 2229‬ـ لقد اكتشفت الكنيسة شيئا فشيئا‪ ،‬بالروح الذى "يرشدها الى الحق كله"‬
‫(يو ‪ )0 :29‬هذا الكنز الذى نالته من المسيح‪ ،‬وأوضحت طريقة "توزيعه"‪ ،‬كما‬
‫فعلت ذلك فى تحديد الئحة الكتب المقدسة وعقيدة اإليمان‪ ،‬بصفتها وكيلة اسرار‬
‫هللا‪ .‬هكذا ميزت الكنيسة‪ ،‬على مدى االجيال‪ ،‬من بين االحتفاالت الليترجية التى‬
‫تحتفل بها‪ ،‬سبعة أسرار‪ ،‬بالمعنى الحصررى‪ ،‬انشأها الرب‪.‬‬

‫‪ 2228‬ـ االسرار هى "من الكنيسة" بهذا المعنى المزدوج أنها "بها" و"لها"‬
‫فاالسرار هى "بالكنيسة"‪ ،‬ألن الكنيسة هى سر عمل المسيح الذى يعمل فيها‬
‫بالروح القدس المبعوث إليها‪ .‬وهى "للكنيسة"‪ ،‬ألن "األسرار هى التى تصنع‬
‫الكنيسة"‪" :‬وال بدع فهى تعلن للناس وتبلغهم‪ ،‬وال سيما فى االقخارستيا‪ ،‬سر‬
‫الشركة مع هللا المحبة الواحد فى ثالثة أقانيم‪.‬‬
‫‪ 2227‬ـ الكنيسة التى تؤلف مع المسيح الرأس "شبه شخص واحد سرى"‪ ،‬تعمل‪،‬‬
‫بواسطة األسرار‪ ،‬عمل "أسرة كهنوتية"‪" ،‬مركبة تركيبا عضويا"‪ :‬فبالمعمودية‬
‫والتثبيت يصبح الشعب الكهنوتى أهال الن يحتفل بالليترجيا‪ ،‬وهناك‪ ،‬من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬مؤمنون "قد اتشحوا بكرامة الكهنوت المقدس‪ ،‬واقيموا ليرعوا الكنيسة‪،‬‬
‫باسم المسيح‪ ،‬بالكلمة ونعمة هللا"‪.‬‬

‫‪ 2213‬ـ الخدمة المرسومة او "كهنوت الخدمة" هى فى خدمة الكهنوت العمادى‬


‫وهى كفيلة بأن المسيح‪ ،‬فى األسرار‪ ،‬هو الذى يعمل بالورح القدس لخير الكنيسة‪.‬‬
‫رسالة الخالص التى وكلها اآلب إلى ابنه المتجسد‪ ،‬وكلت على الرسل وبهم إلى‬
‫خلفائهم‪ :‬فهم يتلقون روح يسوع ليعملوا باسمه وفى شخصه‪ .‬وهكذا فالخادم‬
‫المرسوم هو الصلة التى تربط‪ ،‬من خالل األسرار‪ ،‬العمل الليترجى بما قال الرسل‬
‫وعملوه‪ ،‬وبواسطتهم بما قاله وعمله المسيح منبع األسرار ومرتكزها‪.‬‬

‫‪ 2212‬ـ األسرار الثالثة‪ :‬المعمودية والتثبيت والكهنوت تولى المؤمن‪ ،‬مع النعمة‬
‫"طابعا" اسراريا أو "خاتما" يشركه فى كهنوت المسيح ويجعله جزءا من‬
‫الكنيسة وفقا ألحوال ووظائف متنوعة‪ .‬هذا التطبع بطابع المسيح والكنيسة الذى‬
‫يحققه الروح‪ ،‬له اثر ال يمحى‪ ،‬ويرسخ أبدا فى المسيحى بمثابة استعداد إيجابى‬
‫للنعمة‪ ،‬ووعد وضمانه للحماية اإللهية ودعوة على ممارسة العبادة اإللهية وخدمة‬
‫الكنيسة‪ .‬ومن ثم فهده األسرار ال تكرر أبدا‪.‬‬

‫‪ -0‬أسرار اإليمان‬
‫‪ 2211‬ـ لقد أرسل المسيح رسله " ليعلنوا باسمه التوبة وغفران الخطايا فى جميع‬
‫األمم " (لو ‪ " )19 :11‬أذهبوا وتلمذوا جميع األمم وعمدوهم باسم اآلب واالبن‬
‫والورح القدس " (متى ‪ )27 :18‬رسالة التعميد‪ ،‬وبالتالى رسالة منح األسرار‪،‬‬
‫متضمنة فى رسالة التبشير ألن االستعداد يتم بكلمة هللا وااليمان الذى هو انقياد‬
‫لهذه الكلمة‪:‬‬
‫"يجتمع شعب هللا أوال بكلمة هللا الحى (‪ )...‬فالبد لخدمة االسرار من اعالن الكلمة‪،‬‬
‫وذلك بأننا فى صدد اسرار اإليمان‪ ،‬واإليمان تعوزه الكلمة ليولد ويترعرع"‪.‬‬

‫‪ 2210‬ـ "تهدف األسرار إلى تقديس البشر وبنيان جسد المسيح وتأدية العبادة هلل‪،‬‬
‫وهى‪ ،‬بصفتها عالمات‪ ،‬تهدف أيضا إلى التعليم‪ .‬أنها ال تفترض اإليمان وحسب‪،‬‬
‫ولكنها تغذية أيضا وتقوية وتعبر عنه باأللفاظ واألفعال‪ ،‬ولذا تدعى أسرار‬
‫اإليمان"‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ إيمان الكنيسة يسبق إيمان المؤمن المدعو إلى اعتناقه‪ .‬وعندما تحتفل‬
‫الكنيسة باألسرار فهى تعترف باإليمان الموروث من الرسل‪ .‬من هنا القول الماثور‪:‬‬
‫"قاعدة الصالة هى هى قاعدة اإليمان" (أو "قاعدة اإليمان تقرر قاعدة الصالة"‪،‬‬
‫على حد قول بروسير االكيتانى من القرن الخامس)‪ .‬قاعدة الصالة هى قاعدة‬
‫اإليمان‪ ،‬ومفاد ذلك أن الكنيسة تؤمن على منوال ما تصلى‪ .‬الليترجيا هى أذن من‬
‫مقومات التقليد الحى المقدس‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ ولذا لال يجوز ألى خادم أو جماعة أن يغيرا أو يحورا على هواهما طريقة‬
‫االحتفال باألسرار‪ .‬وحتى السلطة العليا فى الكنيسة ال يجوز أن تغير الليترجيا وفق‬
‫رغبتها بل فى طاعة اإليمان وفى شعور من الورع واالحترام لسر الليترجيا‪.‬‬

‫‪ 2219‬ـ وبما أن األسرار‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬تعبر عن شركة اإليمان فى الكنيسة‬
‫وتنميتها‪ ،‬فقاعدة الصالة هى من المقاييس الجوهرية للحوار الهادف إلى إعادة‬
‫الوحدة بين المسيحيين‪.‬‬

‫‪ -1‬اسرار الخالص‬
‫‪ 2219‬ـ إن األسرار‪ ،‬إذا احتفل بها فى اإليمان احتفاال الئقا‪ ،‬فهى تولى النعمة التى‬
‫تومى إليها‪ .‬وهى اسرار فاعلة ألن المسيح نفسه يعمل من خاللها‪ .‬فهو الذى يعمد‪،‬‬
‫وهو الذى يفعل األسرار ويمنح بها النعمة التى تدل عليها‪ .‬ويستجيب اآلب دائما‬
‫لصالة كنيسة ابنه التى تعرب عن إيمانها بقدرة الروح‪ ،‬فى استدعاء الروح القدس‬
‫الذى يرافق كال من االسرار‪ .‬فكما تحول النار كل ما تمسه‪ ،‬يحول الروح القدس إلى‬
‫حياة إلهية كل ما يسلس لقدرته‪.‬‬

‫‪ 2218‬ـ وهذا ما تؤكده الكنيسة بقولها‪ :‬إن األسرار تعمل تلقائيا (أى بمجرد القيام‬
‫بها)‪ ،‬أعنى بقوة عمل المسيح الخالصى الذى حققه دفعة واحدة‪ .‬ويتبع ذلك أن‬
‫"السر ال يتحقق ببر من يمنحه أو يناله‪ ،‬بل بقدرة هللا" فكل مرة يحتفل بالسر وفقا‬
‫لنية الك نيسة‪ ،‬فإن قدرة المسيح وروحه يعمالن فيه بمعزل عن قداسة القائم به‪ .‬بيد‬
‫أن ثمار األسرار رهن باستعدادت من ينالها‪.‬‬

‫‪ 2217‬ـ تؤكد الكنيسة أن اسرار العهد الجديد ضرورية لخالص المؤمنين‪" .‬فنعمة‬
‫السر" هى نعمة الروح القدس يمنحها المسيح خصيصا لكل سر‪ .‬فالروح يشفى‬
‫ويغير الذين ينالونه ويصورهم على صورة ابن هللا؛ وثمرة الحياة التى نستمدها من‬
‫األسرار هى ان روح التبنى يؤله المؤمنين ويضمهم ضما محييا إلى االبن الوحيد‬
‫المخلص‪.‬‬

‫‪ -1‬أسرار الحياة األبدية‬


‫‪ 2203‬ـ تحتفل الكنيسة بسر ربها "إلى أن يأتى" وإلى أن يصير هللا "كال فى‬
‫الكل" (‪ 2‬كو ‪19 :22‬؛ ‪ .) 18 :21‬منذ عهد الرسل نرى الليترجيا مشدودة إلى‬
‫غايتها بأنين الروح فى الكنيسة‪" :‬ماراناتا"‪ 2( ،‬كو ‪ )11 :29‬وتشاطر الليترجيا‬
‫هكذا رغبة يسوع‪" :‬اشتهيت شهوة شديدة ان آكل هذا الفصح معكم (‪ )...‬إلى أن‬
‫يتم فى ملكوت هللا" (لو ‪ 21 :11‬ـ ‪ )29‬فى اسرار المسيح‪ ،‬تخطى الكنيسة منذ اآلن‬
‫بعربون ميراثها‪ ،‬وتشترك منذ اآلن فى الحياة األبدية‪ " ،‬منتظرة السعادة الموجودة‬
‫وتجلى مجد إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تى ‪" .) 20 :1‬بقول الروح‬
‫والعروس‪" :‬تعال !‪ ،‬أيها الرب يسوع" (رؤ ‪.)13 :29 :11‬‬
‫يلخص القديس توما فى ما يلى‪ ،‬مختلف ابعاد عالمة السر‪" :‬السر هو العالمة التى‬
‫تذكر بما سببق‪ ،‬أى بآالم المسيح‪ ،‬وتبين بوضوح ما يتم فينا بفعل آالم المسيح‪ ،‬أى‬
‫النعمة‪ ،‬وتستشرف أى تؤذن بالمجد اآلتى"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2202‬ـ األسرار هى عالمات تحقق النعمة‪ ،‬وضعها المسيح ووكلها إلى الكنيسة‬
‫وبها تسبغ علينا الحياة اإللهية‪ .‬الطقوس المرئية التى يتم بها االحتفال باألسرار‪،‬‬
‫تبين وتحقق النعم التى يتميز بها كل سر‪ ،‬وهى تؤتى ثمرا فى الذين ينالوها‬
‫باالستعدادت المفروضة‪.‬‬

‫‪ 2201‬ـ تحتفل الكنيسة باألسرار بوصفها أسرة كهنوتية تستمد هيكلتها من‬
‫الكهنوت العمادى وكهنوت الخدمة المرسومين‪.‬‬

‫‪ 2200‬ـ الروح القدس يعد (المؤمنين) لنقبل األسرار بكلمة هللا وباإليمان الذى‬
‫يستقبل الكلمة فى قلوب مستعدة‪ .‬إذ ذاك تصبح األسرار أداة قوة وتعبير عن‬
‫اإليمان‪.‬‬

‫‪ 2201‬ـ ثمرة الحياة المستمدة من األسرار فردية وكنسية‪ .‬هذه الثمرة تحول من‬
‫جهة كل مؤمن أن يحيا هلل فى المسيح يسوع‪ .‬وهى‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬للكنيسة سبب‬
‫نمو فى المحبة وفى رسالتها الشاهدة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬االحتفال أسراريا بالسر الفصحي‬

‫‪ 2201‬ـ التثقيف الليترجي يفترض أوال فهم الخطة اإللهية فى استعمال األسرار‬
‫(الفصل األول)‪ .‬فى هذا الضوء تنكشف جدة االحتفال بها‪ ،‬ويتناول هذا الفصل‬
‫االحتفال باسرار الكنيسة واعتبار ما هو مشترك فى طريقة االحتفال باالسرار‬
‫السبعة‪ ،‬عبر التقاليد الليترجية المتنوعة‪ .‬وأما ما يختص به كل سر فيأتى عرضه‬
‫الحقا‪ .‬هذا التعليم األساسى فى شان االحتفال باالسرار‪ ،‬يجيب على االسئلة األولى‬
‫التى يطرحها المؤمنين فى هذا المجال‪:‬‬
‫ـ من يحتفل بالسر ؟‬
‫ـ كيف نحتفل به ؟‬
‫ـ متى نحتفل به؟‬
‫ـ أين نحتفل به ؟‬

‫المقـال األول‪ 2‬االحتفـال بليترجيا الكنيسة‬

‫‪ -2‬من يحتفل بالسر ؟‬


‫‪ 2209‬ـ الليترجيا هى "عمل المسيح الكلى"‪ .‬الذين يحتفلون بها‪ ،‬منذ اآلن‪،‬‬
‫ويوغلون إلى ابعد من رموزها‪ ،‬هم منذ اآلن فى رحاب الليترجيا السماوية‪ ،‬حيث‬
‫االحتفال كلبه شركة وعيد‪.‬‬

‫المحتفلون بالليترجيا السماوية‬


‫‪ 2209‬ـ رؤيا القديس يوحنا‪ ،‬إذا قرأناه فى ليترجيا الكنيسة‪ ،‬تكشف لنا أوال عن‬
‫"عرش قد رفع فى السماء وعلى العرش واحد‪ "...‬هو "الرب اإلله" (أش ‪)2 :9‬‬
‫وهناك ايضا "الحمل القائم وكانه دبيح" (رؤ ‪ :) 9 :1‬هو المسيح المصلوب‬
‫والقائم من بين االموات‪ ،‬الحبر العظيم الالوحد للمقدس الحقيقى‪" ،‬هو نفسه المقدم‬
‫والمقدم والقابل والموزع" هناك أخيرا "نهر ماء الحياة (‪ )...‬المنبحس من عرش‬
‫هللا والحمل" (رؤ ‪ ،) 2 :11‬وهو من أروع رموز الروح القدس‪.‬‬

‫‪ 2208‬ـ ويشترك فى خدمة التسبيح هلل وإتمام قصده‪" ،‬وقد تجددوا" فى المسيح‪:‬‬
‫القوات السماوية‪ ،‬مع كل الخليقة (األحياء األربعة)‪ ،‬وخدمة العهدين القديم والجديد‬
‫(الشيوخ األربعة والعشرون)‪ ،‬وشعب هللا الجديد (المئة واالربعة واألربعون الفا)‪،‬‬
‫وال سيما الشهداء "الذين سفكت دماؤهم فى سبيل كالم هللا" (رؤ ‪ .) 7 :9‬ووالدة‬
‫اإلله الفائقة القداسة (المرأة؛ عروس الحمل)‪ ،‬وأخيرا "حشد كثير ال يحصى من كل‬
‫أمة وقبيلة وشعب ولسان" (رؤ ‪.) 7 :9‬‬

‫‪ 2207‬ـ هذه الليترجيا األبدية هى التى يشركنا فيها الورح والكنيسة عندما نحتفل‬
‫بسر الخالص فى األسرار‪.‬‬
‫المحتلفون بليترجيا األسرار‬
‫‪ 2213‬ـ المحتلفون هم الجماعة كلها‪ ،‬جسد المسيح المتحد برأسه‪" .‬األعمال‬
‫الليترجية ليست اعماال فردية ولكنها احتفاالت الكنيسة‪ ،‬التى هى "سر الوحدة"‪،‬‬
‫أى الشعب المقدس مجتمعا ومنتظما تحت سلطة األسقافة‪ .‬فهى من ثم أعمال جسد‬
‫الكنيسة كله تظهره وتؤثر فيه‪ .‬إال أنها تدرك كل واحد من أعضائه بطريقة تختلف‬
‫باختالف الدرجات والوظائف واالشتراك الفعلى"‪ ،‬ولذا "فكل مرة تتطلب الطقوس‪،‬‬
‫كل وفقا لطبيعته احتفاال مشتركا مع إقبال المؤمنين عليه واشتراكهم الفعل فيه‪ ،‬البد‬
‫من التنويه‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬بأفضلية االحتفال الجمهورى على االحتفال الفردى وشبه‬
‫الخاص"‪.‬‬

‫‪ 2212‬ـ الجماعة المختلفة هى اسرة المعمدين الذين "تقدسوا بالوالدة الجديدة‬


‫ومسحة الروح القدس‪ ،‬ليصيروا بيتا روحيا وكهنوتا مقدسا ويقربوا بكل أعمال‬
‫المسيحى ذبائح روحية"‪ .‬هذا "الكهنوت المسيح‪ ،‬الكاهن األوحد‪ ،‬الذى يشترك فيه‬
‫كل اعضائه‪:‬‬
‫"إن الكنيسة االم ترغب أشد الرغبة فى أن يشجع المؤمنين جميعهم على المشاركة‬
‫الكاملة والواعية والفاعلة فى احتفاالت الليترجيا هذه التى تقتضيها طبيعة الليترجيا‬
‫نفسها‪ ،‬والتى أصبحت من حق الشعب المسيحى وواجبه‪ ،‬بفعل المعمودية"‪ ،‬وألنه‬
‫"جيل مختار وكهنوت ملكى وأمة مقدسة وشعب مفتدى (‪ 2‬بط ‪.")7 :1‬‬

‫‪ 2211‬ـ ولكن "ليس لجميع األعضاء عمل واحد" (رو ‪ )1 :21‬ثمة أعضاء‬
‫يدعوهم هللا‪ ،‬فى الكنيسة وبواسطة الكنيسة‪ ،‬إلى أن يمارسوا خدمة خاصة فى‬
‫الجماعة هؤالء الخدام يختارون ويكرسون بسر الكهنوت الذى به يجعلهم الروح‬
‫القدس اهال ألن يسعوا‪ ،‬فى شخص المسيح الرأس‪ ،‬إلى خدمة جميع اعضاء‬
‫الكنيسة‪ .‬الخادم المرسوم هو شبه "ايقونة" المسيح الكاهن‪ .‬وبما ان سر الكنيسة‬
‫يعتلن اعتالنا كامال فى االفخارستيا فخدمة األسقف تظهر أوال فى ترؤس حفلة‬
‫االفخارستيا‪ ،‬باالشتراك مع الكهنة والشمامسة‪.‬‬

‫‪ 2210‬ـ لالضطالع بوظائف كهنوت المؤمنين العام‪ ،‬هناك خدمة خاصة أخرى‪ ،‬غير‬
‫مكرسة بسر الكهنوت‪ ،‬يحدد االسقافة مهامها وفاقا للتقاليد الليترجية والحاجات‬
‫الرعائية "حتى الخدام والقراء والشراح والمنضوون على جماعة المرتلين‪،‬‬
‫جميعهم يقومون بخدمة ليترجية حقيقة"‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ هكذا‪ ،‬فى االحتفال باألسرار‪ ،‬الجماعة كلها "تقيم الليترجيا"‪ ،‬كل بحسب‬
‫وظيفته‪ ،‬ولكن فى "وحدة الروح" الذى يعمل فى الجميع‪" .‬فى االحتفاالت‬
‫الليترجية يطلب من كل شخص‪ ،‬سواء اكان خادما للسر أم علمانيا‪ ،‬أن يعمل‪ ،‬لدى‬
‫قيامة بوظيفته‪ ،‬العمل كله الذى يقع عليه من جراء طبيعة األمور ومن جراء‬
‫األنظمة الليترجية‪ ،‬وأن ال يتعداه إلى سواه من االعمال"‪.‬‬

‫‪ -1‬كيف نحتفل بالسر‬


‫عالمات ورموز‬
‫‪ 2211‬ـ كل احتفال باألسرار هو نسج من عالمات ورموز‪ .‬هذه العالمات والرموز‬
‫تتجذر معانيها‪ ،‬وفاقا لحظة هللا الخالصية وطريقته التربوية‪ ،‬فى عمل الخلق‬
‫والثقافة البشرية‪ ،‬وتتضح فى احداث العهد القديم‪ ،‬وتتجلى كاملة فى شخص‬
‫المسيح وعمله‪.‬‬

‫‪ 2219‬ـ عالمات من عالم البشر‪ .‬فى حياة البشر‪ ،‬تشكل العالمات والرموز حيزا‬
‫الفتا‪ .‬فاالنسان‪ ،‬بوصفه كائنا جسديا وروحيا‪ ،‬يعبر عن الحقائق الروحية ويدركها‬
‫عبر عالمات وموز مادية‪ .‬وبوصفه كائنا اجتماعيا يحتاج إلى عالمات ورموز‬
‫تواصلية‪ ،‬عبر اللغة والحركات واألعمال‪ .‬وهذا دأبة ايضا فى عالقته باهلل‪.‬‬

‫‪ 2219‬ـ إن هللا يخاطب اإلنسان بواسطة الخليقة المرئية‪ .‬فالعالم المادى يتراءى‬
‫للذهن البشرى ليقرأ فيه آثار خالقه‪ .‬فالنور والظلمة‪ ،‬والريح والنار‪ ،‬والماء‬
‫والتراب‪ ،‬والشجر وثمارها‪ ،‬تتحدث عن هللا‪ ،‬وترمز‪ ،‬فى آن واحد‪ ،‬إلى عظمته‬
‫وقربه‪.‬‬

‫‪ 2218‬ـ هذه األشياء الحسية المخلوقة‪ ،‬يمكن أن تصبح أداة للتعبير عن عمل هللا‬
‫الذى يقدس البشر وعمل البشر الذين يؤدون هلل عبادتهم‪ .‬على هذا المنوال أيضا‬
‫نفهم عالمات الحياة االجتماعية ورموزها‪ :‬فالغسل والمسح‪ ،‬وكسر الخبز وتقاسم‬
‫الكأس‪ ،‬كلها تعبر عن حضور هللا المقدس وشكر اإلنسان لخالقه‪.‬‬

‫‪ 2217‬ـ الديانات البشرية الكبرى تشهد‪ ،‬بطريقة مؤثرة غالبا‪ ،‬على هذا الطابع‬
‫الكونى والرمزى الكامن فى الطقوس الدينية‪ ،‬واما ليترجيا الكنائس فهى تفترض‬
‫وتضم وتقدس عناصر الخليقة والثقافة البشرية‪ ،‬وتضفى عليها من الكرامة ما هو‬
‫من آيات النعمة والخليقة الجديدة فى المسيح يسوع‪.‬‬

‫‪ 2213‬ـ عالمات العهد‪ .‬لقد تلقى الشعب المصطفى من هللا عالمات ورموزا فارقة‬
‫تميز حياته الليترجية‪ :‬فلم يعد ثمة فقط احتفاالت مرتبطة بالمدارات الكونية‬
‫واألحوال االجتماعية‪ ،‬بل عالمات العهد‪ ،‬ورموز عظائم هللا لشعبه‪ .‬من هذه‬
‫العالمات الليترجية فى العهد القديم‪ ،‬نذكر الختان والمسح‪ ،‬وتكريس الملوك‬
‫والكهنة‪ ،‬ووضع األيدى‪ ،‬والذبائح‪ ،‬وخصوصا الفصح‪ .‬وترى الكنيسة فى هذه‬
‫العالمات إيذانا باسرار العهد الجديد‪.‬‬
‫‪ 2212‬ـ عالمات تبناها المسيح لقد استعمل الرب يسوع غالبا‪ ،‬فى كرازته‪ ،‬عالمات‬
‫مستوحاه من الخيقة ليعرف الناس بأسرار ملكوت هللا؛ وحقق شفاءاته وايد كرازته‬
‫بعالمات مادية وأفعال رمزية؛ وأضفى معنى جديدا على أحداث العهد القديم‬
‫ورموزه‪ ،‬وال سيما الخروج من مصر والفصح؛ وال غرو فالمسيح هو نفسه لب‬
‫جميع هذه الرموز ومغزاها‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ عالمات أسرارية‪ .‬منذ العنصرة يجرى الروح القدس نعمة القداسة عبر‬
‫العالمات األسرارية فى الكنيسة‪ .‬أسرار الكنيسة ال تلغى بل تظهر وتجبى كل ثروة‬
‫اآليات والرموز الكامنة فى الكون وفى الحياة االجتماعية‪ .‬وهى إلى ذلك تتمم رموز‬
‫العهد القديم ورسومه وتفسر معنى الخالص الذى صنعه المسيح وتحققه‪ ،‬وتؤذن‬
‫بمجد السماء وتستبقه‪.‬‬

‫أقوال وأعمال‬
‫‪ 2210‬ـ االحتفال باألسرار هو لقاء بين أبناء هللا وأبيهم‪ ،‬فى المسيح والروح‬
‫القدس ويترجم هذا اللقاء حوارا عبر اعمال واقوال ال شك ان االعمال الرمزية هي‬
‫بحد ذاتها لغة ولكن البد ان يواكب هذه االعمال وينعشها كالم هللا وجواب االيمان‬
‫لكي يؤتي زرع الملكوت ثمرة في االرض الطيبة االعمال الليترجية ترمز الي ما‬
‫يعبر عنه كالم هللا أي ما يصدر عن هللا من ابتدار مجانى وعن شعبه من جواب‬
‫إيمانى‪ ،‬فى آن واحد‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ ليترجيا الكلمة جزء ال يتجزأ من الحفالت األسرارية فالبد‪ ،‬لتغذية إيمان‬
‫المؤمنين‪ ،‬من التنويه بالعالمات التى ترافق كالم هللا‪ :‬كتاب الكلمة (كتاب الرسائل‬
‫أو االنجيل)‪ ،‬تعابير اإلجالل المرجه إليه (التطواف‪ ،‬البخور‪ ،‬الشموع)‪ ،‬مكان إعالنه‬
‫(المنبر)‪ ،‬تالوته بطريقة مسموعة ومفهومة‪ ،‬العظة التى يلقيها المحتفل بعد‬
‫التالوة‪ ،‬اجوبة الجماعة (الهتافات والمزامير التأملية‪ ،‬والطلبات واعالن اإليمان)‪.‬‬

‫‪ 2211‬ـ القول والعمل فى الليترجيا ال يفترقان من حيث هما عالمات وتعليم‪ ،‬كما‬
‫أنهما ال يفترقان لكونهما يحققان ما يرمزان إليه‪ ،‬فالروح القدس ال يكتفى بان‬
‫يفهمنا كالم هللا‪ ،‬باعثا فينا نفخة اإليمان‪ ،‬بل يحقق ايضا باالسرار " عظائم هللا‬
‫المعلنة فى الكلمة‪ :‬إنه يجعل عمل اآلب الذى أنجزه االبن الحبيب آنيا وموزعا على‬
‫الجميع‪.‬‬

‫الترنيم والموسيقى‬
‫‪ 2219‬ـ "التراث الموسيقى فى الكنيسة الجامعة كنز ال تقدر له قيمة‪ ،‬وال يسمو‬
‫إليه تعبير فنى آخر‪ ،‬وذلك خصوصا بأن الترنيم المقدس مقترن بالكالم وأنه‪ ،‬من‬
‫ثم‪ ، ،‬قسم ضرورى من الليترجيا االحتفالية ومتمم لها"‪ .‬تلحين المزامير الملهمة‬
‫وترتليها‪ ،‬وما يرافقهما غالبا من آالت موسيقية مرتبطان ارتباطا وثيقا باالحتفاالت‬
‫الليترجية فى العهد القديم‪ .‬فالكنيسة تواصل هذا التراث وتنميه "رتلوا فيما بينكم‬
‫مزامير وتسابيح واناشيد روحانية رتلوا وسبحوا للرب من صميم القلب" (أف ‪:1‬‬
‫‪" :) 27‬من يرنم يصل مرتين"‪.‬‬

‫‪ 2219‬ـ الترنيم والموسيقى "مرتبطان ارتباطا وثيقا بالعمل الليترجى"‪ ،‬وهذا ما‬
‫يجعلهما من العالمات المميزه‪ ،‬انطالقا من مقاييس رئيسية ثالثة‪ :‬روعة الصالة‬
‫التعبيرية‪ ،‬اشتراك الجماعة باإلجماع فى األوقات الملحوظة‪ ،‬والطابع االحتفالى‬
‫للصالة‪ :‬وهكذا يساهمان فى تحقيق الغية المتوخاة من االقوال واألفعال الليترجية‪:‬‬
‫وهى تمجيد هللا وتقديس المؤمنين‪.‬‬
‫"لكم بكيت لدى سماعى أناشيدكم وتسابيحكم واألصوات الرخيمة التى مأل صداها‬
‫كنيستكم ولكم تاثرت لذلك ! لقد كانت تنساب فى أدنى وتقطرا الحقيقة فى قلبى لقد‬
‫شعرت بتيار عظيم من التقوى يشجعنى؛ وبالدموع تسيل على وجنتى‪ ،‬وتصلح‬
‫امرى"‪.‬‬

‫‪ 2218‬ـ تتناغم العالمات (الترانيم والموسيقى‪ ،‬واألقوال‪ ،‬واألعمال) يشتد هنا‬


‫تعبيرا ويزداد خصبا بمقدار ما يعتمد الثروة الثقافية التى يختص بها شعب هللا‬
‫المحتفل‪ ،‬اداة للتعبير ولذا "البد من ان يعزز الترنيم الدينى الشعبى تعبيرا ببصيرا‪،‬‬
‫بحيث يتاح ألصوات المؤمنين" طبقا لقوانين الكنيسة "من أن تسمع فى‬
‫الممارسات التقوية المقدسة وفى االعمال الليترجية نفسها" ولكن "النصوص‬
‫المعدة للترنيم الكنسى‪ ،‬يجب ان تكون مطابقة للعقيدة الكاثوليكية‪ ،‬ومستقاة‬
‫باالحرى من الكتاب المقدس ومن الينابيع الليترجية"‪.‬‬

‫الرسوم المقدسة‬
‫‪ 2217‬ـ الصورة المقدسة‪ ،‬وااليقونة الليترجية تمثل المسيح خصوصا‪ ،‬وال يجوز‬
‫أن تمثل هللا الذى ال يرى‪ .‬عن ابن هللا هو الذى افتتح بتجسده "نهجا" جديا فى‬
‫استعمال الصور‪:‬‬
‫"لم يكن ممكنا على االطالق قديما ان يمثل بالصورة هللا المنزه عن الجسد والشكل‪.‬‬
‫ولكن وقد ظهر لنا اليوم فى الجسد وعاش مع الناس‪ ،‬يجوز لى ان ارسم صورة ما‬
‫رأيت من هللا (‪ )...‬فنحن نعاين مجد الرب بوجهه المكشوف"‪.‬‬

‫‪ 2293‬ـ االيقونوغرافية المسيحية تنقل‪ ،‬بالصورة‪ ،‬الرسالة اإلنجيلية التى ينقلها‬


‫الكتاب المقدس بالكلمة‪ .‬الصورة والكلمة تستنير أحداهما باالخرى‪.‬‬
‫"لكى نلعن إيماننا ملخصا بكل تقاليد الكنيسة المدونة وغير المدونة التى سلمت‬
‫إلينا بال تحوير‪ .‬منها تمثيل الصور بالرسم وهو يتماشى مع كرازة التاريخ‬
‫اإلنجيلى‪ .‬ونعتقد أن هللا الكلمة قد تأنس حقا‪ ،‬ال فى الظاهر‪ ،‬وهذا يعود علينا بذات‬
‫النفع وذات الفائدة‪ ،‬ألن االشياء التى يستنير بعضها ببعض لها‪ ،‬بال مراء‪ ،‬مغزى‬
‫متبادل"‪.‬‬
‫‪ 2292‬ـ جميع عالمات االحتفال الليترجى لها صلة بالمسيح‪ :‬كذلك الصور المقدسة‬
‫لوالدة اإلله القديسة وصور القديسين لها ايضا عالقة به‪ ،‬وترمز إلى المسيح‬
‫الممجد فيهم‪ .‬بها تتجلى "سحابة الشهود" (عب ‪ )2 :21‬الذين ال يزالون يشتركون‬
‫فى خالص العالم‪ ،‬ونحن متحدون بها وال سيما فى االحتفال باالسرار هو اإلنسان‬
‫يتجلى إليماننا من خالل اإليقونة‪ ،‬اإلنسان المخلوق "على صورة هللا" والمتحول‬
‫"على مثاله"‪ ،‬بل هم المالئكة أيضا وقد تجددوا هم أيضا فى المسيح‪:‬‬
‫"بموجب العقيدة الموحاة إلهيا لدى آبائنا القديسين وتقليد الكنيسة الكاثوليكية الذى‬
‫نعرف أنه تقليد الروح القدس الساكن فيها‪ ،‬لقد حددنا بكل يقين وحق‪ ،‬أن الصور‬
‫المقدسة وكذلك رسوم الصليب الكريم المحيى‪ ،‬أيا كانت طريقة رسمها‪ ،‬بالفسيفساء‬
‫أو بأى مادة أخرى يجب أن توضع فى كنائس هللا المقدسة‪ ،‬وعلى االوانى والحلل‬
‫المقدسة‪ ،‬وعلى الجدران واللوحات‪ ،‬فى البيوت وفى الطريق‪ ،‬سواء صورة ربنا‬
‫والهنا ومخلصنا يسوع المسيح‪ ،‬أم صورة سيدتنا الفائقة الطهارة والقداسة والدة‬
‫اإلله وصور جميع األبرار والقديسين"‪.‬‬

‫‪2291‬ـ "جمال الصور وألوانها تحفز صالتى‪ .‬أنها عيد لعينى‪ ،‬كما ان مشهد الريف‬
‫يدفع قلبى إلى تسبيح هللا" مشاهدة اإليقونات المقدسة‪ ،‬المقرونة بتأمل كلمة هللا‬
‫وترنيم األناشيد الليترجية‪ ،‬تنسجم مع رموز االحتفال فينطبع السر المحتفل به فى‬
‫ذاكرة القلب وينعكس بعدئذ فى حياة المؤمنين الجديدة‪.‬‬

‫‪ -0‬متى نحتفل بالسر ؟‬


‫الزمن الليترجى‬
‫‪2290‬ـ "إن أمنا الكنيسة المقدسة تحسب من صالحيتها االحتفال بالعمل الخالصى‬
‫الذى اجراه عروسها اإللهى‪ ،‬وذلك فى ذكرى مقدسة تحييها فى أيام معينة على م ّد‬
‫السنة وطولها فكل اسبوع‪ ،‬فى اليوم الذى دعته "يوم الرب"‪ ،‬تحى ذكرى قيامة‬
‫الرب التى تحتفل به أيضا مرة فى السنة‪ ،‬كما تحتفل بذكرى آالمه المحييه فى‬
‫االحتفال الفصحى االعظم‪ .‬وهى تبسط سر المسيح كله على مدار السنة (‪ )...‬وفيما‬
‫تحتفل هكذا بأسرار الفداء‪ ،‬تفتتح للمؤمنين كنوز فضائل ربها واستحقاقاته‪ ،‬فكأن‬
‫تلك األسرار قد أصبحت أبدا حاضرة لديهم يحتكون بها ويمتلئون من نعمة‬
‫الخالص"‪.‬‬

‫‪ 2291‬ـ لقد عرف شعب هللا‪ ،‬منذ عهد الشريعة الموسوية‪ ،‬أعيادا ثابتة تبدا من‬
‫الفصح إلحياء ذكرى عجائب هللا المخلص‪ ،‬وتأدية الشكر عليها‪ ،‬وتخليد ذكرها‪،‬‬
‫وتدريب األجيال الصاعدة على أن يسلكوا بموجبها‪ .‬فى زمن الكنيسة‪ .‬الممتد بين‬
‫فصح المسيح الذى تم مرة واحدة وانقضائه فى ملكوت هللا‪ ،‬تحمل الليترجيا التى‬
‫يحتفل بها فى أيام معينة طابع الجدة النابعة من سر المسيح‪.‬‬
‫‪ 2291‬ـ عندما تحتفل الكنيسة بسر المسيح تستعمل لفظة تتردد دوما فى صالتها‬
‫"اليوم!"‪" ،‬وما ذلك سوى صدى" للصالة التى تعلمتها من سيدها‪ ،‬ولنداء الروح‬
‫القدس‪ .‬هذا "اليوم"‪ ،‬يوم اإلله الحى الذى يدعى اإلنسان إلى ولوجه‪ ،‬هى‬
‫"ساعة" فصح يسوع التى تخترق التاريخ كله وتحمله‪.‬‬
‫"الحياة شملت جميع الكائنات وقد امتألت كلها نورا عميما‪ ،‬مشرق المشارق يجتاح‬
‫البسيطة‪ ،‬ومن هو "قبل كوكب الصبح" وقبل النيرات‪ ،‬الخالد الذى ال حد له‪،‬‬
‫المسيح األكبر يشرق على جميع الكائنات أكثر من الشمس‪ .‬ولذا فنحن المؤمنين به‬
‫يبزغ علينا نهار من االنور‪ ،‬طويل وأبدى ال يغرب أبدا‪ :‬إنه الفصح السرى"‬

‫يوم الرب‬
‫‪ 2299‬ـ "تمشيا مع تقليد رسولى يرتقي بجذورة الي اليوم نفسة الذي قام فيه‬
‫المسيح تحتفل الكنيسة بالسر الفصحي في كل يوم ثامن وهو يسمي بحق يوم الرب‬
‫او اليوم الرباني (يوم االحد) يوم قيامة المسيح هو في ان واحد اول يوم من‬
‫االسبوع وهو تذكار اليوم االول من الخليقة واليوم الثامن الذي فيه بدا المسيح من‬
‫بعد ان استراح راحة السبت العظيم اليوم الذي صنعة الرب والنهار الذي ال مساء‬
‫له مائدة الرب هي محور هذا النهار فية تلتقي جماعة المؤمنين كلها الرب القائم‬
‫من بين االموات الذي يدعوهم الي وليمته‪" :‬يوم الرب او يوم القيامة او يوم‬
‫المسيحيين هو يومنا ولذا دعي يوم الرب الن السيد في ذلك اليوم صعد ظافرا الي‬
‫ابية فاذا كان الوثنيون يدعونه يوم الشمس فنحن ايضا نعترف بذلك بملء الرضي‬
‫النه اليوم بزغ نور العالم اليوم طلعت شمس البر حاملة لنا الخالص باشعتها"‪.‬‬

‫‪ -2299‬يوم االحد هو اليوم المشهود لالجتماع الليترجى فيه يلتئم المؤمنون‬


‫ليسمعوا كلمة هللا ويشتركوا في االفخارستيا ويستعيدوا ذكرى االم الرب يسوع‬
‫وقيامته ومجدة ويؤدوا الشكر هلل الذي علي حسب رحمته الكثيرة ولدهم ثانية‬
‫لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين االموات (‪ 2‬بط ‪ )0 :2‬ايها المسيح عندما‬
‫نتامل العجائب التي صنعتها في يوم االحد هذا يوم قيامتك المقدسة نقول تبارك يوم‬
‫االحد ففية كان بدء الخليقة وخالص العالم وتجديد الجنس البشري فية جذلت‬
‫السماء واالرض معا والخليقة امتالت نورا تبارك يوم االحد ففية انفتحت ابواب‬
‫الفردوس ليدخلة ادم بال خوف وجميع المنفيين معه‪.‬‬
‫السنة الليترجية‬
‫‪ -2298‬انطالقا من الثالثية الفصحية كما من نبع نوراني يمال الزمن القيامي‬
‫الجديد كل السنة الليتورجية بأضوائه وتتجلي السنة شيئا فشيئا انطالقا من هذا‬
‫الينبوع أنها حقا سنة نعمة عند الرب ال شك أن تدبير الخالص يعمل في إطار الزمن‬
‫ولكن منذ أن تحقق الخالص بفصح يسوع وحلول الروح القدس بلغنا لنقضاء الدهر‬
‫قبل أوانه واستبقنا مذاقه وولج ملكوت هللا في زماننا‬

‫‪ -2297‬ليس الفصح من ثم عيدا بين أعياد انه عيد األعياد وموسم المواسم كما إن‬
‫االفخارستيا هي سر األسرار (السر األعظم) ويدعوه القديس اثناسيوس األحد‬
‫الكبير كما إن األسبوع المقدس يدعي في الشرق األسبوع العظيم إن سر القيامة‬
‫الذي به داس المسيح الموت يدخل في مطاوي زمننا العتيق قوته المقتدرة إلى إن‬
‫يخضع له كل شيء‬

‫‪ -2293‬في مجمع نيقية (سنة ‪ )011‬أجمعت الكنائس كلها علي إن يحتفل بالفصح‬
‫المسيحي نهار األحد بعد البدر (‪ 21‬نيسان) الذي يلي االعتدال الربيعي بسبب‬
‫الطرق المختلفة المستعملة لحساب يوم ‪ 21‬نيسان ال يقع تاريخ الفصح في الكنائس‬
‫الغربية والشرقية دوما في اليوم عينه لذلك تسعي هذه الكنائس اليوم إلى اتفاق‬
‫للتوصل ثانية إلى االحتفال بعيد قيامة الرب في تاريخ موحد‬

‫‪ -2292‬السنة الليترجية هي امتداد السر الفصحي في مختلف وجوهه ويصح هذا‬


‫علي االخص في دورة األعياد التي تكتف سر التجسد (البشلرة‪ ،‬الميالد‪ ،‬الظهور)‬
‫والتي تحي ذكرى بدء خالصنا وتزودنا ببواكير سر الفصح‬

‫سنكسار السنة الليترجية‬


‫‪ -2291‬اذ تحتفل الكنيسة المقدسة باسرار المسيح في هذا المدار السنوي تكرم‬
‫بمحبة خاصة لطوباوية مريم والدة االله المتحدة بابنها في عمل الخالص اتحادا‬
‫وثيقا ففيها تري الكنيسة باعجاب وتعظيم ثمرة الفداء السامية وتتامل بغبطة كما‬
‫في صورة نقية جدا ما تشتهي وتامل إن تحققة في كامل ذاتها‬

‫‪ -2290‬عندما تحيي الكنيسة في المدار السنوي ذكري الشهداء وسائر القديسين‬


‫فهي تعلن السر الفصحي في الذين واللواتي تالموا مع المسيح ونالوا المجد معه‬
‫وتقدمهم للمؤمنين مثال تجذبهم جميعا إلى اآلب بالمسيح وتنال باستحقاقاتهم‬
‫مواهب اله‬

‫ليترجيا الساعات‬
‫‪-2291‬ان سر المسيح سر تجسدة وفصحة الذي نحتفل به في االفخارستيا وال سيما‬
‫في محفل االحد يداخل الزمن اليومي ويحولة باقامة ليترجيا الساعات أي الفرض‬
‫الالهي هذا االحتفال الذي نقيمه امتثاال لتوصيات الرسل بان نصلي بال ملل قد وضع‬
‫وضعا يتكرس معه مجري النهار والليل كله لمديح هللا الفرض االلهي هو صالة‬
‫الكنيسة العامة فيها يمارس المؤمنون (اكليروسا ورهبانا وعلمانين) الكهنوت‬
‫الملكي انابع من معموديتهم ليترجيا الساعات اذ تم االحتفال بها في الصفة التي‬
‫وافقت عليها ا لكنيسة هي حقيقة صوت العروس نفسها تخاطب عريسها بل هي إلى‬
‫ذلك صالة المسيح مع جسدة إلى االب‬

‫‪ -2291‬ليترجيا الساعات تهدف إلى أن تصير صالة شعب هللا برمته بها يواصل‬
‫المسيح نفسه ممارسة وظيفته الكهنوتية بواسطة كنيسته كل واحد يشارك فيها‬
‫بحسب مكانته الخاصة في الكنيسة وظروف حياته الكهنة علي أنهم متفرغون‬
‫للخدمة الراعوية ومدعوون إلى إن يظلوا مثابرين علي الصالة وخدمة الكلمة‬
‫والرهبان والراهبات من منطلق موهبة حياتهم المكرسة والمؤمنون كلهم بحسب‬
‫إمكاناتهم ليحرص الرعاة الروحيون علي إن يحتفل في الكنيسة بالساعات الرئيسة‬
‫وال سي ما صالة المساء بطريقة مشتركة وذلك في أيام اآلحاد واألعياد االحتفالية‬
‫ويحرض العلمانيون أنفسهم علي تالوة الفرض اإللهي مع الكهنة أو في‬
‫اجتماعاتهم الخاصة أو كال علي انفراد‬

‫‪ -2299‬االحتفال بليترجيا الساعات يقتضى ال تناغم الصوت والقلب المصلى‬


‫وحسب‪ ،‬بل " تحصيل معرفة أوسع لليترجيا وللكتاب المقدس‪ ،‬وال سيما‬
‫المزامير"‪.‬‬

‫‪ 2229‬ـ تسابيح صالة الساعات وطلباتها تدخل صالة المزامير في زمن الكنيسة‪،‬‬
‫معبرة عن رمزية لحظة النهار‪ ،‬والزمن الليترجى أو العيد المحتفل به‪ ،‬أضف إلى‬
‫ذلك إن تالوة كلمة هللا في كل ساعة (مع الردات والطروباريات التي تليها) وتالوة‬
‫نصوص من اآلباء والمعلمين الروحيين‪ ،‬في بعض الساعات‪ ،‬تجلوان‪ ،‬بطريقة‬
‫أعمق‪ ،‬معنى السر المحتفل به‪ ،‬وتساعدان في فهم المزامير‪ ،‬وتمهدان للتأمل‬
‫الصامت‪ .‬التالوة اإللهية‪ ،‬حيث نقرأ كلمة هللا ونتمعن فيها لتصبح صالة‪ ،‬تتأصل‬
‫هكذا في االحتفال الليترجى ‪.‬‬

‫‪ 2298‬ـ ليترجيا الساعات التي هي شبه امتداد لالحتفال االفخارستى‪ ،‬ال تنفى بل‬
‫تستدعى‪ ،‬على سبيل التكامل‪ ،‬ما يقوم به شعب هللا من أعمال تقوية متنوعة وال‬
‫سيما السجود والتعبد للقربان المقدس ‪.‬‬

‫‪ -1‬أين يتم االحتفال بالسر ؟‬


‫‪ 2297‬ـ العبادة " بالروح والحق " (يو ‪ )11 :1‬في العهد الجديد‪ ،‬ال تتقيد بمكان‬
‫دون آخر فاألرض كلها مقدسة وموكولة إلى أبناء البشر‪ .‬فما هو أول‪ ،‬عندما‬
‫يجتمع المؤمنين في مكان واحد‪ ،‬غنما هو "الحجارة الحية "الملتئمة" لبناء بيت‬
‫روحاني" (‪ 2‬بط ‪ .)1 :1‬جسد المسيح الناهض هو الهيكل الروحي‪ ،‬منه ينجس‬
‫ينبوع الماء الحي‪ .‬وبما أننا مندمجون في المسيح بالروح القدس فإنما نحن "هيكل‬
‫هللا الحي" (‪ 1‬كو ‪. )29 :9‬‬

‫‪ 2283‬ـ حيث ممارسة الحرية الدينية ال قيود لها‪ ،‬يشيد المسيحيون أبنية معدة‬
‫للعبادة اإللهية هذه الكنائس المرئية ليست فقط مجرد أمكنة للتجمع بل هي رمز‬
‫الكنيسة القاطنة في هذا المكان‪ ،‬وتظهرها مسكنا هلل مع الناس المصالحين‬
‫والموحدين في المسيح ‪.‬‬

‫‪ 2282‬ـ "إن بيت الصالة الذي يحتفل فيه باالفخارستيا وفيه تحفظ‪ ،‬ويجتمع‬
‫المؤمنون فيه‪ ،‬ويكرم فيه ابن هللا مخلصنا‪ ،‬المقرب ألجلنا على المذبح‪ ،‬الحاضر‬
‫سندا للمسيحيين ومشجعا‪ ،‬يجب أن يكون جميال وأهال للصالة واالحتفاالت‬
‫االفخارستية" في "بيت هللا" هذا‪ ،‬يجب ان يظهر المسيح الحاضر والعامل فيه‪ ،‬من‬
‫خالل العالمات الحسية في حقيقتها وتناغمها‪:‬‬

‫‪ 2281‬ـ مذبح العهد الجديد هو صليب الرب الذي منه تنبع أسرار السر الفصحى‬
‫على المذبح وهو النقطة المركزية في الكنيسة‪ ،‬يحقق حضور ذبيحة الصليب تحت‬
‫العالمات السرية وهو أيضا مائدة الرب التى يدعى اليها شعب هللا‪ .‬وفى بعض‬
‫الليترجيات الشرقية يعتبر المذبح رمزا للقبر (المسيح الذي مات حقا ونهض حقا‬
‫من بين األموات) ‪.‬‬

‫‪ 2280‬ـ بيت القربان يجب ان يوضع في " اليق مكان في الكنائس‪ ،‬محاطا بأعظم‬
‫األكرام " كرامة بيت القربان ووضعه وأمانة يجب أن تشجع المؤمنين على عبادة‬
‫الرب الحاضر حقا في سر المذبح المقدس ‪.‬‬
‫زيت التثبيت (أو الميرون) الذي ترمز المسحة به إلى ختم موهبة الروح القدس‪،‬‬
‫يحفظ تقليدا مع شعائر االجالل في موضع امين في المقدس‪ ،‬ويمكن أن يضم إليه‬
‫زيت الموعوظين وزيت المرضى‬

‫‪ 2281‬ـ كرسى األسقف (الكاتدرا) أو الكاهن " يجب أن يشعر بوظيفة من رئيس‬
‫االجتماع ويؤم الصالة " ‪.‬‬
‫المنبر‪ " :‬كرامة كلمة هللا تقضى بأن يقام في الكنيسة موضع يساعد في إعالن هذه‬
‫الكلمة‪ .‬وإليه يتجه عفويا انتباه المؤمنين‪ ،‬أثناء ليترجيا الكلمة "‪.‬‬

‫‪ 2281‬ـ تجمع شعب هللا يبدأ بالمعمودية‪ .‬يجب أن يقام إذن في الكنيسة مقام‬
‫لالحتفال بالمعمودية (جرن المعمودية) ويشجع المؤمنين على أن يتذكروا وعود‬
‫المعمودية (الماء المقدس) ‪.‬‬
‫تجديد الحياة بالمعمودية يتطلب التوبة فعلى الكنيسة ان تشجع المؤمنين على‬
‫التعبير عن توبتهم وتقبل الغفران وهذا يستلزم مكانا الستقبال التائبين ‪.‬‬
‫ويجب أن تكون الكنيسة حيزا يستدعى التخشع والصالة الصامته التى هى امتداد‬
‫لللصالة االفخارستية وعودة بها إلى الباطن ‪.‬‬

‫‪ 2289‬ـ وتنطوى الكنيسة أخير على معنى أخروى فدخول بيت هللا يفترض اجتياز‬
‫عتب ة هى رمز العبور من العالم المثحن بالخطيئة الى عالم الحياة األبدية التى دعى‬
‫إليها الناس أجمعون فالكنيسة المرئية ترمز الى البيت االبوى الذي يشخص إليه‬
‫شعب هللا‪ ،‬وحيث " يمسح األب كل دمعة من عيونهم " (رؤ ‪ .)1 :12‬من هنا أن‬
‫الكنيسة هى أيضا بيت أبناء هللا كلهم‪ ،‬تفتح لهم على مصراعيها وترحب بههم ‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2289‬ـ الليترجيا هى عمل المسيح كله برأسه وجسده حبرنا االعظم ال يكف عن‬
‫االحتفال بها في الليترجيا السماوية بمعية والدة االله القديسة والرسل وجميع‬
‫القديسين وحشد الناس الذين دخلوا الملكوت ‪.‬‬

‫‪ 2288‬ـ في كل احتفال ليترجى‪ ،‬الجماعة كلها " تقييم الليترجيا "‪ ،‬كل بحسب‬
‫وظيفته الكهنوت العمادى يشمل جسد المسيح بأجمعه‪ ،‬ولكن بعض المؤمنين‬
‫يمنحنون سر الكهنوت ليمثلوا المسيح بصفته رأس الجسد ‪.‬‬

‫‪ 2287‬ـ يتضمن االحتفال الليترجى عالمات ورموزا تمت إلى الخليقة (النور‪ ،‬الماء‪،‬‬
‫النار )‪ ،7‬والى الحياة البشرية (الغسل‪ ،‬المسح بالزيت‪ ،‬كسر الخبز) والى تاريخ‬
‫الخالص (شعائر الفصح) هذه العناصر الكونية ‪ ،‬وهذه الطقوس البشرية‪ ،‬وهذه‬
‫المآثر التى تذكرنا باهلل‪ ،‬إذا اندمجت في عالم اإليمان‪ ،‬وتبنتها قوة الروح القدس‪،‬‬
‫أصبحت آنية تحمل عمل المسيح المخلص والمقدس ‪.‬‬

‫‪ 2273‬ـ ليترجيا الكلمة جزء ال يتجزأ من االحتفال‪ .‬معنى االحتفال يعبر عنه إعالن‬
‫كلمة هللا من جهة والتزام المؤمنين لها من جهة اخرى ‪.‬‬

‫‪ 2272‬ـ الترنيم والموسيقى مرتبطان ارتباطا وثيقا بالعمل الليترجى‪ :‬مقاييس حسن‬
‫استعمالها هى‪ :‬جمال الصالة التعبيرى‪ ،‬واشتراك الجماعة بأجمعها ‪ ،‬وقدسية‬
‫الطابع االحتفالى ‪.‬‬

‫‪ 2271‬ـ الصور المقدسة في كنائسنا وبيوتنا تهدف الى إيقاظ إيماننا بسر المسيح‬
‫وتغديته‪ ،‬فنحن إنما نعبد المسيح من خالل إيقونته وأعماله الخالصية ومن خالل‬
‫ابلصور المقدسة التى تمثل والدة اإلله القديسة والمالئكة والقديسين نجل‬
‫األشخاص الذين تمثلهم ‪..‬‬
‫‪ 2270‬ـ يوم االحد " يوم الرب "‪ ،‬هو اليوم االهم لالحتفال باالفخارستيا النه يوم‬
‫القيامة هو يوم المحفل الليترجى المميز‪ ،‬يوم األسرة المسيحية‪ ،‬يوم الفرح‬
‫واالستراحة من العمل إنه ركيزة السنة الليترجية كلها ونواتها "‪.‬‬

‫‪ 2271‬ـ الكنيسة " تبسط سر المسيح كله على مدار السنة‪ ،‬من التجسد والميالد‬
‫الى الصعود إلى يوم العنصرة وإلى انتظار الرجاء الصالح ومجىء الرب " ‪.‬‬

‫‪ 2271‬ـ إن الكنيسة األرضية‪ ،‬إذ تحى ذكرى القديسين وفى طليعتهم والدة االله‬
‫القديسة ثم الرسل والشهداء وسائر القديسين‪ ،‬في ايام معينة من السنة الليتررجية‪،‬‬
‫تعلن أنها متحدة بالليترجيا السماوية‪ :‬إنها تمجد المسيح الذي أجرى خالصه في‬
‫اعضائه الممجدة وهم يحثونها بمثالهم‪ ،‬في طرقها إلى هللا ‪.‬‬

‫‪ 2279‬ـ المؤمنون الذين يحتفلون بليترجيا الساعات يتحدون بالمسيح حبرنا‬


‫األعظم بصالة المزامير وتأمل كلمة هللا‪ ،‬واألناشيد والتسابيح‪ ،‬لكى يشتركوا في‬
‫صالة الدائمة الشاملة التى ترفع المجد إلى االب وتستنزل موهبة الروح القدس‬
‫على العالم باسره ‪.‬‬

‫‪ 2279‬ـ المسيح هو هيكل هللا الحقيقى‪ " ،‬والموضع الذي يستقر فيه مجده "؛‬
‫بنعمة هللا يصير المسيحيون‪ ،‬هم أيضا‪ ،‬هياكل الروح القدس والحجارة الحية التى‬
‫تبنى بها الكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 2278‬ـ الكنيسة‪ ،‬في حالتها األرضية‪ ،‬بحاجة الى أمكنة تلتئم فيها الجماعة وهى‬
‫كنائسنا المرئية‪ :‬أماكن مقدسة‪ ،‬رموزا المدينة المقدسة‪ ،‬اورشليم السماوية التى‬
‫نشخص إليها حجاجا ‪.‬‬

‫‪ 2277‬ـ في هذه الكنائس تقيم الكنيسة شعائر العبادة العامة‪ ،‬لمجد الثالوث‬
‫القدوس‪ ،‬وفيها تسمع كلمة هللا وتترنم بتسابيحه وترفع صالتها وتقرب ذبيحة‬
‫المسيح الحاضر سريا وسط الجماعة‪ .‬هذه الكنائس هى أيضا أمكنة للتخشغ‬
‫والصالة الشخصية ‪.‬‬
‫المقـال الثاني‪ 2‬تنوع ليترجى ووحدة في السر‬

‫التقاليد الليترجية وشمولية الكنيسة‬


‫‪ – 2133‬منذ عهد جماعة اورشليم االولي وإلى ان ياتي المسيح تحتفل كنائس هللا‬
‫الوفية لاليمان بذات السر الفصحي في كل مكان فالسر الذي تحتفل به الليترجيا‬
‫واحد ولكن طرق االحتفال به متنوعة‬
‫‪ -2132‬ان ثروة سر المسيح ال يسبر غورها وال يستطيع أي تقليد ليترجي ان‬
‫يستنفد مؤداها تاريخ هذه الطقوس في نشاتها تطورها دليل تكامل مدهش عندما‬
‫مارست الكنائس هذه التقاليد الليترجية في شركة االيمان واسرار االيمان اغنت‬
‫بعضها بعضا ونمت في االمانة لما هو مشترك للكنيسة جمعاء من تراث ورسالة‬

‫‪ -2131‬التقاليد الليترجية علي انواعها نشات بدافع من الرسالة الكنسية نفسها‬


‫فالكنائس القائمة علي نفس الرقعة الجغرافية والثقافية توصلت إلى االحتفال بسر‬
‫المسيح من خالل تعابير خاصة لها طابعها الثقافي في تراث وديعة االيمان في‬
‫الرمزية الليترجية في تنظيم الشركة االخوية في االطالع الالهوتي علي االسرار‬
‫وفي نماذج قداسة هكذا يتجلي المسيح وهو نور الشعوب طرا وخالصها‪ ،‬عبر‬
‫الحياة الليترجية في كنيسة ما‪ ،‬للشعب وللثقافة اللذين ارسلت إليهما وفيهما تجذرت‬
‫فالكنيسة كنيسة جامعة‪ ،‬بإمكانها أن تستوعب‪ ،‬ضمن وحدتها‪ ،‬كل الثروات الثقافية‬
‫الحقيقة وتطهرها ‪.‬‬

‫‪ 2130‬ـ التقاليد الليترجية أو الطقوس المستعملة اليوم في الكنيسة هى الطقس‬


‫الالتينى (خصوصا الرومانى‪ ،‬يضاف غليه طقوس بعض الكنائس المحلية‪ ،‬كالطقس‬
‫االمبروسى أو بعض المؤسسات الرهبانية)‪ ،‬والطقس البيزنطى واالسكندرى أ‪,‬‬
‫القبطى‪ ،‬والسريانى‪ ،‬واالرمنى‪ ،‬والمارونى والكلدانى " إن المجمع المقدس‪ ،‬في‬
‫مراعاته للتقليد بأمانة‪ ،‬يعلن أن الكنيسة األم المقدسة تعبر جميع الطقوس المعترف‬
‫بها شرعا متساوية في الحقوق والكرامة‪ ،‬وتريد للمقبل من األيام أن تحافظ عليها‬
‫وتعزز شانها بجميع الطرائق "‪.‬‬

‫الليترجيا والثقافات‬
‫‪ 2131‬ـ االحتفال بالليترجيا يجب اذن ان يتماشى مع عقبرية مختلف الشعوب‬
‫وثق افتها " فلكى يبلغ سر المسيح إلى جميع الشعوب ‪ ...‬فتدين له بااليمان " (رو‬
‫‪ ،) 19 :29‬البد من أن يعلن هذا السر ويحتفل به ويعاش في جميع الثقافات‪ ،‬بحيث‬
‫ال تلغى بل تفتدى وتتحقق به‪ .‬هذه الثقافة البشرية الخاصة‪ ،‬إذا تبناها المسيح‬
‫وطهرها هى التى تتدخل جماهير ابناء هللا الى عند اآلب‪ ،‬لتمجده بروح واحد ‪.‬‬
‫‪ 2131‬ـ " في الليترجيا‪ ،‬وال سيما ليترجيا األسرار‪ ،‬قسم ال يقبل التغير‪ ،‬ألنه من‬
‫وضع إلهى‪ ،‬تسهر الكنيسة عليه‪ ،‬وأقسام تقبل التغيير‪ ،‬يحق للكنيسة بل يجب‬
‫عليها احيانا أن تكيفها‪ ،‬بحكم ثقافات الشعوب الداخلة حديثا في طاعة اإلنجيل "‪.‬‬

‫‪ 2139‬ـ " التنوع الليترجى قد يكون مصدر غنى روحى‪ ،‬كما يمكن أن يمسى سبب‬
‫مشادات وسوء تفاهم وشقاقات أيضا‪ .‬في هذا المجال‪ ،‬من الواضح ان التنوع يجب‬
‫أال يسىء إلى الوحدة وال يستطيع‪ ،‬م ثم‪ ،‬إال أن يعبر عن التمسك باإليمان المشترك‬
‫وبالعالمات األسرارية التى ورثتها الكنيسة من المسيح‪ ،‬والشركة اإليرخية‪ .‬التكيف‬
‫مع الثقافات يتطلب توبة القلب‪ ،‬وإذا اقتضى االمر‪ ،‬التخلى عن عادات عريقة ال‬
‫تنسجم مع اإليمان الكاثوليكى "‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2139‬ـ يستحسن السعى‪ ،‬في االحتفال الليترجى‪ ،‬إلى استعمال ثقافة الشعب الذي‬
‫تقيم فيه الكنيسة‪ ،‬وسيلة للتعبير بدون التقيد بهذه الثقافة‪ .‬والليترجيا‪ ،‬من جهة‬
‫أخرى هى نفسها مولدة ثقافات ومهذبتها ‪.‬‬

‫‪ 2138‬ـ التقاليد الليترجية أو الطقوس‪ ،‬على اختالفها‪ ،‬إذا حظيت باعتراف شرعى‪،‬‬
‫تظهر شمولية الكنيسة من حيث أنها تعبر عن سر المسيح الواحد وتبلغه ‪.‬‬

‫‪ 2137‬ـ القاعدة التى تكفل للتقاليد الليترجية وحدتها ضمن التنوعية هى األمانة‬
‫للتقليد الرسولى أى الشركة في اإليمان واألسرار الموروثة من الرسل‪ ،‬تلك الشركة‬
‫التى تعبر عنها الخالفة الرسولية وتضمنها ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬أسرار الكنيسة السبعة‬

‫‪ 2123‬ـ أسرار العهد الجديد سبعة وهى من وضع المسيح‪ :‬المعمودية والتثبيت‬
‫واالفخارستيا والتوبة ومسحة المرضى والكهنوت والزواج‪ ،‬وتتصل هذه األسرار‬
‫السبعة بكل المراحل وكل الظروف الهامة في حياة المسيحى‪ :‬فهى تهب الوالدة‬
‫والنمو والشفاء واالستعداد لرسالة المسيحيين في حياتهم اإليمانية ففى هذا المجال‬
‫نلحظ بعض الشبه بين مراحل الحياة الطبيعية ومراحل الحياة الروحية ‪.‬‬

‫‪ 2122‬ـ بموجب هذه المقارنة سنعرض أوال اسرار التنشئة المسيحية الثالثة‬
‫(الفصل األول) ثم أسرار الشفاء (الفصل الثانى) وأخيرا األسرار الموضوعة لخدمة‬
‫شركة المؤمنين ورسالتهم (الفصل الثالث) ال شك أن هذا التسلسل ليس هو‬
‫التسلسل الممكن الوحيد‪ ،‬ولكنه يرينا ان األسرار تكون جهازا يشغل فيه كل سر‬
‫مكانته الحيوية في هذا الجهاز تحتل االفخارستيا مكانا فريدا من حيث هى "سر‬
‫األسرار "‪ " :‬فكل األسرار األخرى تشخص إليها كما على غايتها " ‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اسرار التنشئة المسيحية‬

‫‪ 2121‬ـ أسرار التنشئة المسيحية‪ :‬المعمودية والتثبيت واالفخارستيا ترسى ركائز‬


‫كل حياة مسيحية " االشتراك في الطبيعة اإللهية الذي هو عطية من عطايا نعمة‬
‫المسيح على البشر‪ ،‬فيه بعض الشبه مع مصدر الحياة الطبيعية ونموها ودعمها‬
‫فالمؤمنون يولودون بالمعمودية والدة ثانية‪ ،‬ويتقوون بسر التثبيت‪ ،‬ويتناولون‪،‬‬
‫في االفخارستيا‪ ،‬خبز الحياة األبدية وهكذا بواسطة هذه األسرار التى تدخل إلى‬
‫الحياة المسيحية يحظى المؤمنون‪ ،‬اكثر فأكثر بثروات الحياة اإللهية ويتقدمون نحو‬
‫كمال المحبة "‪.‬‬

‫المقـال األول‪ 2‬سر المعمودية‬

‫‪ 2120‬ـ المعمودية المقدسة هى ركيزة الحياة المسيحية كلها روتاج الحياة في‬
‫الروح والباب الذي يوصل إلى االسرار األخرى‪ .‬فبالمعمودية نعتنق من الخطيئة‬
‫ونولد ثانية ميالد أبناء هللا‪ ،‬ونصير أعضاء للمسيح‪ ،‬ونندمج في الكنيسة ونصبح‬
‫شركاء في رسالتها " المعمودية هى سر الوالدة الجديدة بالماء وفى الكلمة " ‪.‬‬

‫‪ -2‬ما اسم هذا السر ؟‬


‫‪ 2121‬ـ يسمى " معمودية " نظراص إلى الطقس األساسى الذي يتحقق به‪:‬‬
‫فالتعميد هو " التغطيس " أو " التغويص في الماء " فالتغطيس " في الماء يرمز‬
‫إلى دفن الموعوظ في موت المسيح وخروجه‪ ،‬بالقيامة معه‪ " ،‬خليقة جديدة " (‪1‬‬
‫كو ‪21 :1‬؛ غل ‪. )21 :9‬‬
‫‪ 2121‬ـ ويدعى هذا السر أيضا " غسل الميالد الثانى والتجديد بالروح القدس "‬
‫(تى ‪ ) 1 :0‬ألنه يلهم ويحقق هذا الميالد من الماء والروح الذي بدونه " ال يستطيع‬
‫احد ان يدخل ملكوت هللا " (يو ‪. )1 :0‬‬

‫‪ 2129‬ـ " هذا الغسل يسمى ايضا استنارة‪ ،‬ألن الذين يتلقون هذا التعليم (فى‬
‫الكرازة) يستنير به ذهنهم‪ .‬فعندما يتلقى المتعمد الكلمة‪ " ،‬النور الحقيقى المنير كل‬
‫إنسان " (يو ‪ )) 7 :2‬يصبح‪ " ،‬بعدما أنير "‪ " ،‬ابنا للنور "‪ ،‬بل يصبح هو نفسه‬
‫" نورا " (أف ‪. )8 :1‬‬
‫المعمودية هى " اجمل وأبهى من عطايا هللا (‪ )...‬نسميها عطية ونعمة ومسحة‬
‫واستنارة وثوب عدم الفساد وغسل الميالد الثانى وختما وكل ما هو انفس النفئس‬
‫فهى عطية ألنها تمنح للذين ال يأتون بشىء؛ وهى نعمة ألنها تعطى حتى للمذنبين؛‬
‫وتغطيس ألن الخطيئة تدفن في الماء؛ ومسحة ألنها مقدسة وملكية (على غرار‬
‫المسحاء)؛ واستنارة لنها ضياء سنى؛ وثوب‪ ،‬لنها تستر خزينا؛ وغسل ألنها‬
‫تطهر؛ وختم ألنها تحمينا ألنها عالمة سيادة هللا "‪.‬‬

‫‪ -1‬المعمودية في تدبير الخالص‬


‫رموز المعمودية في العهد القديم‬
‫‪ 2129‬ـ في ليترجية ليلة الفصح‪ ،‬عندما تبارك الكنيسة ماء المعمودية تذكر بابهة‬
‫االحداث العظام التى باتت‪ ،‬في تاريخ الخالص‪ ،‬إيذانا بسر المعمودية ‪.‬‬
‫" بقدرتك‪ ،‬أيها الرب‪ ،‬حققت العجائب في اسرارك‪ ،‬وعبر تاريخ الخالص‪ ،‬استعملت‬
‫الماء الذي خلقته لتوقنا على نعمة المعمودية "‪.‬‬

‫‪ 2128‬ـ منذ فجر العالم والماء ـ تلك الخليقة المتواضعة العجيبة ـ هو نبع الحياة‬
‫والخصب‪ .‬ويرى الكتاب المقدس روح هللا " يرفرف " عليع ‪.‬‬
‫" منذ بدء العالم كله روحك يرفرف على المياة لتحظى ببذار القوة المقدسة "‪.‬‬

‫‪ 2127‬ـ وقد توسمت الكنيسة في فلك نوح رمزا مسبقا للخالص بواسطة المعمودية‬
‫فبالفلك " نجا بالماء عدد قليل‪ ،‬أى ثمانية اشخاص " (‪ 2‬بط ‪. )13 :0‬‬
‫" لقد انبأت بأمطار الطوفان‪ ،‬عن المعمودية المحيية‪ ،‬إذ كان الماء يرمز ايضا إلى‬
‫موت الخطيئة ووالدة كل بر" ‪.‬‬

‫‪ 2113‬ـ إذا كان ماء الينبوع يرمز إلى الحياة‪ ،‬فماء البحر يرمز إلى الموت‪ .‬ولذا‬
‫فهو رمز سر الصليب ‪ .‬من خالل هذه الصورة الرمزية تعبر المعمودية عن‬
‫االشتراك في موت المسيح ‪.‬‬

‫‪ 2212‬ـ بيد ان عبور البحر االحمر الذي به تحرر إسرائيل حقا من عبودية مصر‪،‬‬
‫هو الذي يبشر بالعتق الذي تحققه المعمودية ‪:‬‬
‫" لقد أتحت ألبناء ابراهيم ان يعبروا البحر األحمر على اقدامهم لكى يكون الشعب‬
‫المعتق من العبودية رمزا لشعب المعمدين " ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ ونجد اخيرا للمعمودية صورة مسبقة في عبور األردن الذي نال به شعب‬
‫هللا عطية األرض الموعودة لنسل إبراهيم‪ ،‬وهو صورة الحياة األبدية‪ .‬ويتحقق‬
‫الوعد بهذا الميراث السعيد في العهد الجديد ‪.‬‬

‫معمودية المسيح‬
‫‪ 2110‬ـ جميع رموز العهد القديم تنتهى في المسيح يسوع‪ .‬فقد بدأ حياته العلنية‬
‫من بعد ان تعمد على يد يوحنا المعمدان في األردن‪ .‬ومن بعد قيامته وكل على‬
‫تالميذه هذه الرسالة ‪ ":‬اذهبوا وتلمذوا جميع االمم‪ ،‬وعمدوهم باسم اآلب واالبن‬
‫والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا كل ما اوصيتكم به " (متى ‪ 27 :18‬ـ ‪. )13‬‬

‫‪ 2111‬ـ لقد خضع ربنا بملء رضاه المعمودية القديس يوحنا المعدة للخطأة‪ ،‬وذلك‬
‫لكى يتم كل بر فجاء صنيع يسوع هذا دليال على " تالشيه " وإذا بالروح الذي كان‬
‫يرف على وجه المياه‪ ،‬في بدء الخليقة االولى‪ ،‬يهبط على المسيح‪ ،‬إيذانا بالخليقة‬
‫الجديدة‪ ،‬وإذا باالب يعلن يسوع ابنه الحبيب ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ بفصحه‪ ،‬فجر المسيح لجميع الناس ينابيع المعمودية‪ .‬والواقع أنه عندما‬
‫تحدث عن آالمه التى كان مزعما أن يكابدها في اورشليم‪ ،‬إنما تحدث عن "‬
‫معمودية " كان عليه أن يقبلها وما الدم والماء اللذان خرجا من جنب يسوع‬
‫المطعون‪ ،‬وهو على الصليب‪ ،‬سوى رمزين للمعمودية واالفخارستيا‪ ،‬سرى الحياة‬
‫الجديدة‪ .‬فأ صبح‪ ،‬من ثم‪ ،‬ممكناص أن " يولد اإلنسان من الماء والروح " ليدخل‬
‫ملكوت هللا (يو ‪. )1 :0‬‬
‫" أنظر أين تتعمد‪ ،‬ومن اين المعمودية‪ ،‬إن هى أال من صليب المسيح‪ ،‬ومن موت‬
‫المسيح هنا يكمن السر كله‪ :‬إنه تعذب من اجلك‪ ،‬وفيه نلت الفداء‪ ،‬وحظيت‬
‫بالخالص "‪.‬‬

‫المعمودية في الكنيسة‬
‫‪ 2119‬ـ منذ يوم العنصرة‪ ،‬احتفلت الكنيسة بالمعمودية المقدسة ومنحتها‪ .‬فقد اعلن‬
‫القديس بطرس للجمع المتاثر بكالمه‪ " :‬تتوبوا‪ ،‬وليعتمد كمل منكم باسم يسوع‬
‫المسيح لغفران خطاياكم‪ ،‬فتنالوا موهبة الروح القدس " (أع ‪ )08 :1‬وقد تقدم‬
‫الرسل ومعاونوهم بالمعمودية إلى كل من آمن بيسوع‪ :‬اليهود والتقاة والوثنيين‪.‬‬
‫ونالحظ أن المعمودية قد ارتبطت دائما بااليمان شرطا ‪ ":‬آمن بالرب يسوع تنل‬
‫الخالص أنت وأهل بيتك "‪ :‬هذا ما قاله القديس بولس للسجان في مدينة فليبى‬
‫وجاء في سياق الرواية ‪ ":‬واعتمد السجان من وقته ‪،‬واعتمد ذووه جميعا " (أع‬
‫‪ 02 :9‬ـ‪. )00‬‬
‫‪ 2119‬ـ المؤمن ـ على حد قول القديس بولس ـ يشترك بالمعمودية في موت‬
‫المسيح‪ ،‬ويدفن وينهض معه ‪.‬‬
‫" إنا‪ ،‬إذ اعتمدنا في يسوع المسيح‪ ،‬إنما اعتمدنا في موته فلقد دفنا معه‬
‫بالمعمودية للموت‪ ،‬حتى إنا‪ ،‬كما اقيم المسيح من بين االموات بمجد االب‪ ،‬كذلك‬
‫نسلك نحن أيضا في حياة جديدة (رو ‪ 0 :9‬ـ ‪. " )1‬‬
‫المعمدون " قد لبسوا المسيح "‪ ،‬وبالروح القدس تصير المعمودية غسال ينفى‬
‫ويقدس ويبرر ‪.‬‬

‫‪ 2118‬ـ المعمودية هى أذن غسل بالماء‪ ،‬فيه " زرع كلمة هللا غير الفاسد " ينتج‬
‫ثمره المحى‪ ،‬ويقول القديس أوغسطينوس في المعمودية ‪ ":‬تنضم الكلمة إلى‬
‫العنصر المادى ويصير ذلك سرا "‪.‬‬

‫‪ -0‬كيف نحتفل بسر المعمودية‬


‫التنشئة المسيحية‬
‫‪ 2117‬ـ كان اإلنسان‪ ،‬منذ عهد الرسل‪ ،‬يصبح مسيحيا‪ ،‬عبرة مسيرة وتنشئة‬
‫تستغرق عدة مراحل‪ .‬هذه الطريق يمكن اجتيازها بسرعة أو ببطء‪ ،‬ويجب ان‬
‫تتضمن بعض العناصر الجوهرية‪ :‬إعالن الكلمة‪ ،‬قبول اإلنجيل وما يستتبعه من‬
‫توبة‪ ،‬االعتراف باإليمان‪ ،‬المعمودية‪ ،‬فيض الروح القدس‪ ،‬اإلقبال على الشركة‬
‫اإلفخارستية ‪.‬‬

‫‪ 2103‬ـ هذه التنشئة قد تبدلت كثيرا عبر األجيال وتبعا للظروف‪ .‬في القرون األولى‬
‫من تاريخ الكنيسة عرفت هذه المرحلة التفقيهية امتدادا واسعا مع فترة طويلة من‬
‫الموعوظية وسلسلة من الطقوس اإلعدادية التى كانت تواكب ليترجيا طريق‬
‫الموعوظية‪ ،‬وتنتهى في االحتفال بأسرار التنشئة المسيحية ‪.‬‬

‫‪ 2102‬ـ حيث معمودية االطفال أصبحت هى الطريقة الشائعة والمألوفة لالحتفال‬


‫بهذا السر‪ ،‬انحصر هذا االحتفال في عمل فرد يدمج‪ ،‬بطريقة مختصرة جدا‪،‬‬
‫المراحل التى تسبق التنشئة المسيحية فمعمودية االطفال تفرض‪ ،‬بذات طبيعتها‪،‬‬
‫تفقيهيا في الدين يعقب المعمودية ‪ .‬ولسنا هنا فقط في صدد الحاجة الى تثقيف دينى‬
‫يعقيب المعمودية‪ ،‬ولسنا هنا فقط في صدد الحاجة الى تثقيف دينى يعقب‬
‫المعمودية‪ ،‬بل الى التفتح الضرورى لنعمة المعمودية في نمو االنسان وهذا هو‬
‫الحيز المميز الذي يتم فيه التعليم المسيحيى ‪.‬‬

‫‪ 2101‬ـ لقد أمر المجمع الفاتيكانى الثانى بإحياء " الموعوظية للبالغين موزعة‬
‫على عدة مراحل " وذلك في إطار الكنيسة الالتينية ونجد طقوس هذه الموعوظية‬
‫في " كتاب التفقيه المسيحى للبعالغين " (‪ )2791‬وقد أذن المجمع ايضا‪ ،‬بأن‬
‫تعتمد‪ ،‬في بالد " اإلرساليات "‪ ،‬إلى جانب العناصر التفقيهية " التى ينطوى عليها‬
‫التقليد المسيحى‪ ،‬المواد التعليمية األخرى التى يلحظ استعمالها عند كل شعب من‬
‫الشعوب‪ ،‬على ان يكون من الممكن تكييفها مع اللطقس المسيحى "‪.‬‬

‫‪ 2100‬ـ تفقيه البالغين في اإليمان المسيحى يبدأ اليوم إذن‪ ،‬في جميع الطقوس‬
‫الالتينية والشرقية‪ ،‬منذ دخولهم الموعوظية‪ ،‬ويبلغ ذروته في احتفال واحد‬
‫باالسرار الثالثة‪ :‬المعمودية والتثبيت واإلفخارستيا‪ ،‬وأما في الطقس الرومانى‬
‫فيتواصل تفقيه األوالد في الدين خالل سنوات وينتهى الحقا بالتثبيت واالفخارستيا‬
‫وهى ذروة التفقيه في الدين المسيحى ‪.‬‬

‫مدخل الى فهم االحتفال‬


‫‪ 2101‬ـ معنى سر المعمودية ونعمته يظهران ظهورا جليا في طقوس االحتفال‬
‫ويستطيع المؤمنون‪ ،‬إذا تتبعوا بانتباه ما يجرى في الحفلة من أقوال وأفعال‪،‬‬
‫وشاركوا فيها‪ ،‬أن يدركوا الكنوز التى يعينها هذا السر ويحققها في كل معتمد جديد‪.‬‬

‫‪ 2101‬ـ إشارة الصليب‪ ،‬في مطلع االحتفال‪ ،‬تشير الى وسم المسيح على المزمع ان‬
‫ينتسب إليه ويرمز إلى نعمة الفداء التى استحقها لنا المسيح بصليبه ‪.‬‬

‫‪ 2109‬ـ إعالن كلمة هللا يشرق بنور الحقيقة الموحاة على المرشحين للمعمودية‬
‫وعلى الجماعة‪ ،‬ويوقظ جواب اإليمان الذي ال ينفصل عن المعمودية‪ ،‬وال غرو‪،‬‬
‫فالمعمودية هى بطريقة خاصة‪ " ،‬سر اإليمان " ألنها بمثابة المدخل األسرارى إلى‬
‫حياة اإليمان ‪.‬‬

‫‪ 2109‬ـ نظرا إلى أن المعمودية تؤدى معنى االنعتاق من الخطيئة ومن المحرض‬
‫عليها اى الشيطان‪ ،‬تتلى بعض التقاسيم على المرشح للمعمودية‪ ،‬ويمسح بزيت‬
‫الموعوظين‪ ،‬او يضع المحتفل يده عليه‪ ،‬ويكفر صراحة بالشيطان‪ ،‬فمع هذا‬
‫االستعداد‪ ،‬يمكنه أن يعترف بإيمان الكنيسة التى " يؤكل إليها بالمعمودية "‪.‬‬

‫‪ 2108‬ـ ماء المعمودية يقدس عندئذ بصالة استدعاء للروح القدس (فى لحظة‬
‫ذاتها أو في ليلة الفصح)‪ ،‬تطلب فيها الكنيسة الى هللا أن تحل على هذا الماء‪،‬‬
‫بواسطة ابنه‪ ،‬قوة الروح القدس‪ ،‬فيولد المعمدون فيها " من الماء والروح " (يو‬
‫‪. )1 :0‬‬

‫‪ 2107‬ـ ثم يلى ذلك الطقس االساسى في المعمودية‪ ،‬أى التعميد نفسه الذي يعنى‬
‫ويحقق موت االنسان دون الخطيئة وولوجه في حياة الثالوث االقدس‪ ،‬متصورا‬
‫بصورة المسيح في سره الفصحى وتتم المعمودية بأعمق معانيها بالتغطيس ثالثا‬
‫في ماء المعمودية ولكن المعمودية يمكن ان تمنح‪ ،‬تبعا لتقليد عريق‪ ،‬يصب الماء‬
‫ثالثا على راس المعتمد ‪.‬‬

‫‪ 2113‬ـ في الكنيسة الالتينية‪ ،‬يقول المعمد‪ ،‬وهو يصب الماء ثالثا على المعتمد ‪":‬‬
‫يا فالن اعمدك باسم االب واالبن والروح القدس " في الليترجيات الشرقية يوجه‬
‫المعتمد جهة الشرق‪ ،‬ويتلو عليه الكاهن عبارة التعميد ‪ ":‬يعمد عبد هللا ‪ 3‬فالن)‬
‫باسم االب واالبن والروح القدس "‪ ،‬وعند ذكر كل من االقانيم الثالثة‪ ،‬يغطسه في‬
‫الماء وينتشله ‪.‬‬

‫‪ 2112‬ـ المسحة بالزيت المقدس‪ ،‬وهو زيت معطر يقدسه األسقف‪ ،‬ويرمز الى‬
‫موهبة الروح القدس للمعمد الجديد‪ .‬لقد اصبح مسيحيا أى ممسوحا " بمسحة‬
‫الروح القدس ومتحدا بالمسيح الممسوح كاهنا ونبيا وملكا ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ في ليترجيا الكنائس الشرقية‪ ،‬المسحة التى تلى المعمودية هى سر‬


‫الميرون (التثبيت) في الليترجيا الرومانية تؤذن بمسحة أخرى بالزيت المقدس‬
‫سوف يمنحها األسقف وهى سر التثبيت الذي "يثبت"‪ ،‬نوعا ما‪ ،‬مسحة المعمودية‬
‫ويكملها ‪.‬‬

‫‪ 2101‬ـ الثوب األبيض يرمز إلى أن المعمد قد لبس المسيح‪ ،‬ونهض مع المسيح‬
‫والشمعة المسرجة من شمعة الفصح‪ ،‬ترمز إلى أن المسيح قد أنار المعتمد جديدا‪.‬‬
‫فالمعمدون في المسيح هم "نور العالم" (متى ‪. )21 :1‬‬
‫المعمد جديدا قد أصبح اآلن ابن هللا في االبن الوحيد وبإمكانه أن يتلو صالة أبناء‬
‫هللا‪ :‬األبانا‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ المناولة ا إلفخارستية‪ .‬يقبل المعمد وقد صار ابنا هلل وارتدى حلة العرس‬
‫"في وليمة عرس الحمل"‪ ،‬ويتناول قوت الحياة األبدية‪ ،‬أي جسد المسيح ودمه إن‬
‫الكنائس الشرقية ال تزال على وعى رهيف لوحدة األسرار المولجة إلى الحياة‬
‫المسيحية‪ ،‬فتمنح المناولة المقدسة لكل المعمدين والمثبتين جديدا‪ ،‬وحتى لألوالد‬
‫الصغار‪ ،‬متذكرة قول الرب‪" :‬دعوا األطفال يأتون على‪ ،‬ال تنعوهم" (مز ‪)21 :23‬‬
‫وأما الكنيسة الالتينية فهي تقصر التقرب من المناولة المقدسة على الذين بلغوا‬
‫سن الرشد‪ ،‬وتعبر عن التواصل القائم بين المعمودية واالفخارستيا‪ ،‬بتقريب الطفل‬
‫المعمد جديدا من المذبح‪ ،‬للتالوة صالة "األبانا" ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ البركة االحتفالية تختتم حفلة المعمودية‪ .‬وفي حال تعميد المولودين جديدا‬
‫تحظى األم ببركة خاصة‪.‬‬
‫‪ -1‬من هو المؤهل لقبول سر المعمودية‬
‫‪ 2119‬ـ "كل بشر لم يعتمد بعد‪ ،‬يستطيع وحده أن يقبل المعمودية"‪.‬‬

‫معمودية البالغين‬
‫‪ 2119‬ـ معمودية البالغين ‪ ،‬منذ مطالع الكنيسة‪ ،‬هى الحالة الشائعة في االماكن‬
‫الحديثة العهد ببشارة اإلنجيل‪ .‬فالمعوظية (وهى فترة االستعداد للمعمودية) تشغل‬
‫والحالة هذه‪ ،‬مكانا ملحوظا‪ :‬فهى المدخل الى اإليمان والحياة المسيحية‪ ،‬ويجب أن‬
‫تعد الناس لتلقى عطية هللا في المعمودية والتثبيت واالفخارستيا ‪.‬‬

‫‪ 2118‬ـ الموعظية اى تثقيف الموعوظين‪ ،‬هدفها أن تتيح لهؤالء تلبية البادرة‬


‫اإللهية‪ ،‬ضمن جماعة كنسية‪ ،‬والعمل عللى إنضاج توبتهم وإيمانهم‪ .‬فالموعوظية‬
‫" هى تنشئة في الحياة المسيحية من كل جوانبها (‪ )...‬يتحد فيها التالميذ بالمسيح‬
‫معلمهم وعلى الموعوظين ان يفقهوا في معرفة اسرار الخالص وممارسة الحياة‬
‫اإلنجيلية‪ ،‬وأن يدخلوا‪ ،‬عبر طقوس مقدسة يحتفل بها في فترات متتالية‪ ،‬حياة‬
‫اإليمان والليترجيا والمحبة القائمة في شعب هللا "‪.‬‬

‫‪ 2117‬ـ الموعوظين " أصبحوا متحدين بالكنيسة‪ ،‬وأصبحوا من بيت المسيح‬


‫ول يس من النادر ان يحيوا حياة إيمان ورجاء ومحبة "‪ " .‬والكنيسة االم تحوطهم‬
‫بالمحبة والعناية كما تحوط أبناءها‪.‬‬

‫معمودية األطفال‬
‫‪2113‬ـ يولد االطفال بطبيعة بشرية ساقطة وملطخة بالخطيئة االصلية‪ ،‬ويحتاجون‬
‫من‪ ،‬إلى أن يولدوا‪ ،‬هو أيضا‪ ،‬والدة جديدة في المعمودية‪ ،‬ويعتقوا من سلطان‬
‫الظالم‪ ،‬وينقلوا إلى رحاب حرية أبناء هللا‪ ،‬التى دعى اليها الناس باجمعهم‪ .‬مجانية‬
‫نعمة الخالص تظهر في كل نصاعتها‪ ،‬في معمودية االطفال‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالكنيسة‬
‫واالهل يحرمون ولدهم نعمة ال تقدر‪ ،‬وهى أن يصير ابنا هللا‪ ،‬إذا لم يمنحوه‬
‫المعمودية وقتا قصيرا بعد مولوده ‪.‬‬

‫‪ 2112‬ـ وعلى الوالدين المسيحيين ان يقروا بان هذه الطريقة في التصرف تتجاوب‬
‫أيضا مع المهمة التى وكلها هللا إليهم‪ ،‬بأن يوفروا البنائهم غذاء الحياة ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ تعميد االطفال تقليد عريق في الكنيسة‪ ،‬نجد له‪ ،‬منذ القرن الثانى‪ ،‬إثباتات‬
‫صريحة بيد أنه من الممكن ايضا ان تكون المعمودية قد منحت لالطفال‪ ،‬منذ مطلع‬
‫الكرازة الرسولية‪ ،‬عندما كانت " بيوت " بجميع أفرادها تقبل المعمودية ‪.‬‬
‫اإليمان والمعمودية‬
‫‪ 2110‬ـ المعمودية سر اإليمان ولكن اإليمان بحاجة الى جماعة المؤمنين وال‬
‫يستطيع احد من المؤمنين ان يؤمن إال في إطار الكنيسة االيمان الذي تقتضيه‬
‫المعمودية ليس إيمانا كامالت وناضجا بل هو بداية إيمان بحاجة على أن يتطور‬
‫والدليل على ذلك هو السؤال المطروح على الموعوظ او عللى عرابه ‪ ":‬ماذا تطلب‬
‫من كنيسة هللا " ؟ ويجيب " اإليمان ! "‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ البد لإليمان من أن ينمو بعد المعمودية‪ ،‬لدى جميع المعمدين‪ ،‬اطفاال كانوا‬
‫ام بالغين ولذا تحتفل الكنيسة‪ ،‬كل عام‪ ،‬في ليلة الفصح‪ ،‬بتجديد وعود المعمودية‬
‫التأهب للمعمودية ال يقود إال الى عتبة الحياة الجديدة‪ ،‬المعمودية هى نبع الحياة‬
‫الجديدة في المسيح ومنها تنجس الحياة المسيحية كلها ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ من االهمي ة بمكان أن يساعد االهل في تفتح نعمة المعمودية‪ .‬وهذه هى‬
‫ايضا مهمة العراب ـ العرابة‪ ،‬اللذين يجب أن يكونوا من المؤمنين الراسخين‪،‬‬
‫المؤهلين والمستعدين لمعاضدة المعتمد جديدا‪ ،‬طفال كان اأم بالغا‪ ،‬في طريقه الى‬
‫الحياة المسيحية مهمتها وظيفة كنسية حقيقية‪ ،‬على ان تتحمل الجماعة الكنيسة‬
‫كلها نصيبا من المسؤولية في تنمية نعمة المعمودية وصونها ‪.‬‬

‫‪ -1‬من يعمد ؟‬
‫‪ 2119‬ـ األسقف والكاهن‪ ،‬وفى الكنيسة الالتنينة‪ ،‬الشماس اإلنجيلى أيضا هم الذين‬
‫يمنحون عادة سر المعمودية ‪ ،‬وفى حالة الضرورة يجوز لكل إنسان‪ ،‬وأن غير‬
‫معمد‪ ،‬ان يمنح سر المعمودية‪ ،‬بشرط أن تكون له النية المطلوبة ويستعمل صيغة‬
‫العماد الثالوثية والنية المطلوبة هى ان يقوم االنسان بما تقوم به الكنيسة عندما‬
‫تمنح سر المعمودية وان يستعمل الصيغة الثالوثية المرعية في المعمودية‪ ،‬وترى‬
‫الكنيسة سببا لهذا االحتمال إرادة هللا ان يخلص جميع الناس‪ ،‬وضرورة المعمودية‬
‫للخالص ‪.‬‬

‫‪ -9‬ضرورة المعمودية‬
‫‪ 2119‬ـ يؤكد السيد نفسه ضرورة المعمودية للخالص‪ .‬ولذا أمر تالميذه ان يعلنوا‬
‫البشارة ويعمدوا جميع االمم‪ .‬المعمودية ضرورية لخالص الذين يبشروا وتمكنوا‬
‫من طلب هذا السر‪ .‬وال تعرف الكنيسة غير المعمودية وسيلة أخرى تكفل لإلنسان‬
‫أن يدخل السعادة‪ .‬ولذا تحترز الكنيسة من اهمال الرسالة التى تلقتها من السيد‪:‬‬
‫وهى أن تعمل على أن " يولد جديدا من الماء والروح " كل الذين يمكنهم أن‬
‫يتعمدوا إن هللا قد ربط الخالص بسر المعمودية‪ ،‬ولكنه هو نفسه غير مرتبط‬
‫باالسرار التى وضعها ‪.‬‬
‫‪ 2118‬ـ لقد اعتقدت الكنيسة منذ القدم اعتقادا ثابتا‪ ،‬بأن الذين يموتون في سبيل‬
‫هللا‪ ،‬ولم ينالوا المعمودية‪ ،‬إنما يعتمدون بموتهم الجل المسيح ومع المسيح‪ .‬هذه‬
‫المعمودية‪ ،‬كالمعمودية بالشوق‪ ،‬تحمل ثمار المعمودية من غير أن تكون سرا ‪.‬‬

‫‪ 2117‬ـ وأما الموعوظين الذين يموتون قبل ان يعتمدوا‪ ،‬فرغبتهم الصريحة في‬
‫قبول المعمودية‪ ،‬مقرونة بالتوبة عن خطاياهم وبالمحبة‪ ،‬تكفل لهم الخالص الذي‬
‫لم ينالوه بسر المعمودية ‪.‬‬

‫‪ 2193‬ـ " بما ان المسيح مات من اجل الجميع‪ ،‬وبما أن دعوة اإلنسان األخيرة هى‬
‫في الحقيقة واحدة‪ ،‬وهى دعوة إلهية‪ ،‬فمن الواجب علينا أن نكون على يقين من ان‬
‫الروح القدس يمكننا‪ ،‬بطريقة يعرفها هللا‪ ،‬منن االشتراك بالسر الفصحى "‪ ،‬فكل‬
‫انسان يجهل انجيل المسيح وكنيسته ويسعى إلى الحقيقة ويمثل إرادة هللا‪ ،‬كما‬
‫يعرفها‪ ،‬يستطيع أن يخلص ويمكن أن نفترض أن مثل هؤالء الناس‪ ،‬لو عرفوا‬
‫ضرورة المعمودية‪ ،‬لكانوا تشوقها صراحة ‪.‬‬

‫‪ 2192‬ـ وأما األطفال الذين يموتون بال معمودية‪ ،‬فالكنيسة ال تقدر إال أن تكل‬
‫أمرهم إلى الرحمة اإللهية كما هو دابها في الجنازة ألجلهم وال شك أن واسع رحمة‬
‫هللا الذي يريد أن يخلص جميع الناس (‪ 2‬تي ‪ )1 :1‬وان محبة يسوع لألطفال وهو‬
‫القائل دعوا األطفال يأتون إلي ال تمنعوهم (مر ‪ )1 :23‬يتيحان لنا األمل بان يجد‬
‫األطفال الذين يموتون بال معمودية طريقا إلى الخالص ولهذا تنادي الكنيسة بإلحاح‬
‫أال يمنع األطفال من أن يأتوا إلى المسيح بواسطة موهبة المعمودية المقدسة‬

‫‪ -9‬نعمة المعمودية‬
‫‪ -2191‬إن ما تؤتيه المعمودية من ثمار متنوعة ترمز إليه العناصر الحسية‬
‫المستعملة في شعائر هذا السر فالتغطيس في الماء يستهلم رموز الموت والتنقية‬
‫كما يستلهم أيضا الوالدة الثانية والتجدد المفعوالن األساسيان هما أذن التنقية من‬
‫الخطايا والوالدة الجديدة في الروح القدس‪.‬‬

‫لمغفرة الخطايا‬
‫‪ – 2190‬بالمعمودية تغفر الخطايا كلها الخطيئة األصلية وجميع الخطايا الفردية‬
‫وجميع عواقب الخطيئة فالذين ولدوا ثانية ال يبقي فيهم ما يحجبهم عن دخول‬
‫ملكوت هللا ال خطيئة ادم وال الخطيئة الفردية وال ذيول الخطيئة وأخطرها االنفصال‬
‫عن هللا‬

‫‪ -2191‬بيد أن المعمد يلبث عرضة لبعض مفاعيل الخطيئة الزمنية كاآلالم‬


‫والمرض والموت والشوائب الداخلة في صميم الحياة كاالوهان المزاجية الخ ‪...‬‬
‫والميل إلى الخطيئة أو الشهوة كما يسميها التقليد أو بؤرة الخطيئة علي سبيل‬
‫المجاز لقد تركت لنا الشهوة لصراتنا ولكنها اعجز من أن تلحق األذى بالذين ال‬
‫ينقادون لها بل يتصدون لها بشجاعة بنعمة المسيح أضف إلى ذلك أن الذي يصارع‬
‫شرعيا ينال اإلكليل (‪ 1‬تي ‪)1 :1‬‬

‫الخليقة الجديدة‬
‫‪ -2191‬المعمودية ال تطهر من كل الخطايا وحسب بل تصير المعتمد الجديد خلقا‬
‫جديدا وابنا هلل بالتبنى وشريكا في الطبيعة االلية ‪ ،‬وعضوا في جسد المسيح ووارثا‬
‫معه‪ ،‬وهيكال للروح القدس‪.‬‬

‫‪ 2199‬ـ إن الثالوث المقدس يهب المعتمد النعمة المقدسة‪ ،‬النعمة المبررة‪ ،‬وهى‪:‬‬
‫ـ تمكن المعتمد من أن يتوجه إلى هللا باإليمان والرجاء والمحبة وذلك عن طريق‬
‫الفضائل اإللهية ‪.‬‬
‫ـ وتقوية ليحيا ويعمل بحفز من الروح القدس‪ ،‬عن طريق مواهب الروح القدس ‪.‬‬
‫ـ وتتيح له أن ينمو في الخير بواسطة الفضائل األدبية ‪.‬‬
‫وهكذا نرى أن كل بنية الحياة الفائقة الطبيعة لدى المسيحي لها جذورها في‬
‫المعمودية المقدسة‪.‬‬

‫مندمجون في الكنيسة‪ ،‬جسد المسيح‬


‫‪ 2199‬ـ عن المعمودية تصيرنا أعضاء جسد المسيح "أولسنا‪ ،‬من ثم‪ ،‬أعضاء‬
‫بعضنا لبعض ؟" (أف ‪ )11 :1‬المعمودية تضمنا إلى الكنيسة ون أجران المعمودية‬
‫يولد شعب هللا األوحد‪ ،‬شعب العهد الجديد الذي يتخطى كل الحدود الطبيعية‬
‫والبشرية القائمة بين االمم والثقافات واألعراق واألجناس‪" :‬إنا قبلنا المعمودية‬
‫جميعا في روح واحد لنكون جسدا واحدا" (‪ 2‬كو ‪. )20 :21‬‬

‫‪ 2198‬ـ لقد أصبح "المعمدون "حجارة حية" لبناء بيت روحاني‪ ،‬وكهنوت‬
‫مقدس" (‪ 2‬بط ‪ ) 21 :1‬فهم‪ ،‬بالمعمودية‪ ،‬يشتركون في كهنوت المسيح ورسالته‬
‫النبوية والملكية؛ إنهم "ذرية مختارة وكهنوت ملكي‪ ،‬وأمة مقدسة وشعب اصطفاه‬
‫هللا لإلشادة بآيات من دعاهم من الظلمات إلى نوره العجيب" (‪ 2‬بط ‪.)7 :1‬‬
‫المعمودية تخولنا نصيبا في كهنوت المؤمنين العام ‪.‬‬

‫‪ 2197‬ـ المعمد الذي صار عضوا في الكنيسة لم يعد ملك ذاته‪ ،‬بل ملك من مات‬
‫وقام ألجلنا وبالتالي فهو مدعو إلى أن يخضع لآلخرين‪ ،‬ويخدمهم في شركة‬
‫الكنيسة‪ ،‬وان "يطيع" رؤساء الكنيسة "ويخضع" لهم‪ ،‬وأن يمحضهم االحترام‬
‫والمحبى وكما أن المعمودية هي مصدر مسؤوليات وواجبات‪ ،‬فالمعمد يتمتع أيضا‬
‫بحقوق في حضن الكنيسة‪ :‬أن ينال األسرار ويتغذى بكلمة هللا ويجد دعما في ما‬
‫تقدمه الكنيسة من رفود روحية أخرى ‪.‬‬
‫‪ 2193‬ـ "على (المعمدين) الذين أصحوا أبناء هللا بالوالدة الجديدة (أي المعمودية)‬
‫أن يتعرفوا أمام الناس باإليمان الذي تلقوه من هللا بواسطة الكنيسة"‪ ،‬ويشتركوا‬
‫في النشاط الرسولي والرسالي الذي يضطلع به شعب هللا ‪.‬‬

‫المعمودية رباط الوحدة األسراري بين المسيحيين‬


‫‪ 2192‬ـ المعمودية هي األساس الذي تقوم عليه الشركة بين جميع المسيحيين‬
‫وأيضا مع الذين ليسوا بعد في شركة كاملة مع الكنيسة الكاثوليكية ‪ ":‬إن الذين‬
‫يؤمنون بالمسيح وقبلوا المعمودية قبوال صحيحا‪ ،‬هم على الشركة‪ ،‬وأن غير‬
‫كاملة‪ ،‬مع الكنيسة الكاثوليكية (‪ )..‬وبما أنهم برروا باإليمان الذين نالوه في‬
‫المعمودية‪ ،‬وصاروا به أعضاء في جسد المسيح‪ ،‬فإنهم بحق يحملون االسم‬
‫المسيحي وبحق يرى فيهم أبناء الكنيسة الكاثوليكية إخوة في الرب "‪ .‬المعمودية‬
‫هي أذن الرباط األسراري للوحدة القائمة بين الذين ولدوا بها ثانية "‪.‬‬

‫سمة روحية ال تمحى ‪...‬‬


‫‪ 2191‬ـ المعمد الذي اندمج بالمعمودية‪ ،‬في جسد المسيح‪ ،‬قد صار على مثال‬
‫صورة المسيح فالمعمودية تختم المسيحي روحي ال يمحى (الوسم)‪ ،‬يكرس انتماءه‬
‫إلى المسيح‪ .‬هذا الختم ال تمحوه خطيئة أيا كانت‪ ،‬حتى وان حجبت الخطيئة ثمار‬
‫الخالص التي تؤتيها المعمودية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالمعمودية تمنح مرة واحدة وال تتكرر‬

‫‪ 2190‬ـ إن المؤمنين‪ ،‬باندماجهم بالمعمودية في جسد المسيح‪ ،‬قد نالوا‪ ،‬بواسطة‬


‫هذا السر‪ ،‬ثمة التكريس للقيام بالعبادة الدينية المسيحية هذه السمة تمكن‬
‫المسيحيين من التجند لخدمة هللا في مشاركة حية في ليترجيا الكنيسة المقدسة‬
‫ومن ممارسة كهنوتهم العمادي بشهادة سيرة مقدسة ومحبة فاعلة ‪.‬‬

‫‪ 2191‬ـ " ختم الرب " هو السمة التي وسمنا بها الروح القدس "ليوم الفداء"‬
‫(أف ‪" .)03 :1‬فالمعمودية هي ختم الحياة األبدية"‪ ،‬والمؤمن الذي "يحفظ الختم"‬
‫سالما حتى النهاية‪ ،‬أي الذي يظل وفيا لمقتضيات معموديته‪ ،‬بوسعه أن يحيا‪،‬‬
‫"موسوما بوسم اإليمان"‪ ،‬أي بإيمان معموديته‪ ،‬بانتظار رؤية هللا السعيدة ـ وهى‬
‫خاتمة اإليمان ـ وفى رجاء القيامة ‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2191‬ـ المدخل إلى الحياة المسيحية يتم بمجموع األسرار الثالثة‪ :‬المعمودية وهي‬
‫بدء الحياة الجديدة‪ ،‬والتثبيت وهو دعامتها‪ ،‬واالفخارستيا التي تغذى التلميذ من‬
‫جسد المسيح ودمه لكي يتحول إليه ‪.‬‬

‫‪ 2199‬ـ "أذهبوا وتلمذوا جميع األمم وعمدوهم باسم اآلب واالبن والروح القدس‬
‫وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به" (متى ‪ 27 :18‬ـ ‪. )13‬‬
‫‪ 2199‬ـ المعمودية هي الوالدة للحياة الجديدة في المسيح وهى‪ ،‬بمقتضى إرادة‬
‫الرب‪ ،‬ضرورية للخالص‪ ،‬كالكنيسة نفسها التي مدخلها المعمودية ‪.‬‬

‫‪ 2198‬ـ الطقس األساسي في المعمودية هو تغطيس المعتمد في الماء أوصب الماء‬


‫على رأسه‪ ،‬مع أستدعاء الثالوث األقدس‪ ،‬األب واالبن والروح القدس ‪.‬‬

‫‪ 2197‬ـ ثمرة المعمودية أو نعمة المعمودية هي حقيقة غنية‪ ،‬من مفاعليها‪ :‬نحو‬
‫الخطيئة األصلية وكل الخطايا الفردية؛ الوالدة للحياة الجديدة التي تصير اإلنسان‬
‫ابنا هلل بالتبني‪ ،‬وعضوا في جسد المسيح‪ ،‬وهيكال للروح القدس‪ ،‬وبالفعل نفسه‬
‫يصبح المعمد عضوا في الكنيسة‪ ،‬جسد المسيح‪ ،‬وشريكا في كهنوت المسيح ‪.‬‬

‫‪ 2183‬ـ المعمودية تختم النفس بختم روحي ال يبلى‪ ،‬ووسم يكرس المعمد للقيام‬
‫بشعائر العبادة المسيحية‪ ،‬وبسبب هذا الوسم‪ ،‬ال يجوز تكرار المعمودية ‪.‬‬

‫‪ 2182‬ـ الذين يموتون في سبيل اإليمان‪ ،‬والموعوظون وكل الذين بدافع النعمة‬
‫يلتمسون هللا بإخالص ويجدون في تحقيقه إرادته‪ ،‬من غير أن يعرفوا الكنيسة‪،‬‬
‫يمكن أن يخلصوا وأن لم يخطوا بالمعمودية ‪.‬‬

‫‪ 2181‬ـ منذ أقدم العهود‪ ،‬تمنح المعمودية لألطفال‪ ،‬لن المعمودية نعمة وعطية من‬
‫هللا ال تفترضان استحقاقات بشرية‪ ،‬األطفال يعمدون في إيمان الكنيسة‪ .‬ودخول‬
‫الحياة المسيحية يجعل الحرية الحقيقة في متناول اإلنسان ‪.‬‬

‫‪ 2180‬ـ وأما في شأن األوالد الذين يموتون بال معمودية‪ ،‬فليترجيا الكنيسة تدعونا‬
‫على الثقة بالرحمة اإللهية‪ ،‬والى الصالة ألجل خالصهم‪.‬‬

‫‪ 2181‬ـ في حال الضرورة يجوز لكل إنسان أن يمنح المعمودية‪ ،‬بشرط أن ينوى‬
‫القيام بما تقوم به الكنيسة‪ ،‬ويصب الماء على رأس المعتمد‪ ،‬قائال‪" :‬أعمدك باسم‬
‫اآلب واالبن والروح القدس"‪.‬‬
‫المقـال الثاني‪ 2‬سر التثبيت‬

‫‪ 2181‬ـ مع المعمودية واالفخارستيا يؤلف سر التثبيت مجموع األسرار المدخلة‬


‫إلى الحياة المسيحية التي البد من المحافظة علي وحدتها البد إذن من أن يفسر‬
‫للمؤمنين أن قبول هذا السر ضروري النجاز نعمة المعمودية فبسر التثبيت يتوثق‬
‫ارتباط المعمدين بالكنيسة علي وجه أكمل ويؤتيهم الروح القدس قوة خاصة‬
‫تلزمهم التزاما اشد بنشر اإليمان والذود عنه بالقول والعمل فعل شهود للمسيح‬
‫حقيقيين‬

‫‪ -2‬التثبيت في تدبير الخالص‬


‫‪ -2189‬لقد أنبا أنبياء العهد القديم أن روح الرب يحل علي المسيا المرتقب لتحقيق‬
‫رسالته الخالصية وهبوط الروح القدس علي يسوع عندما عن يد يوحنا كان الدليل‬
‫علي انه هو المزمع أن يأتي وانه هو المسيا ابن هللا وبما انه حبل به بالروح‬
‫القدس فحياته كلها ورسالته كلها قد تحققتا في ملء الشركة مع الروح القدس الذي‬
‫أفاضه اآلب علية بغير حساب (يو ‪)01 :0‬‬
‫‪ -2189‬ملء الروح هذا لم يكن ليظل مقصورا علي المسيا بل كان البد أن يعم‬
‫الشعب الماسيوي بأسره وقد وعد المسيح غير مرة بان يفيض الروح وقد تم ذلك‬
‫أوال يوم الفصح ثم بطريقة اسطع يوم العنصرة فامتالء الرسل من الروح القدس‬
‫وابتدءوا يعلنون عجائب هللا (اع ‪ )22 :1‬وصرح بطرس أن إفاضة الروح إنما هي‬
‫عالمة األزمنة الماسيوية فالذين امنوا بكرازة الرسل وقبلوا المعمودية نالوا هم‬
‫أيضا الروح القدس‬

‫‪ -2188‬منذ ذلك الحين اخذ الرسل يضعون األيدي علي المعتمدين حديثا امتثاال‬
‫إلرادة المسيح ويمنحوهم موهبة الروح القدس مكملة نعمة المعمودية ولذا نجد في‬
‫الرسالة إلى العبرانيين بين مقومات مبادئ التعليم المسيحي العقيدة في شان‬
‫المعموديات وفي شان وضع األيدي أيضا ويري التقليد الكاثوليكي بحق في وضع‬
‫األيدي جذور سر التثبيت الذي يواصل نوعا ما في الكنيسة موهبة العنصرة‬
‫‪ -2187‬وقد انضاف قديما جدا إلى وضع األيدي مسحة بالزيت المعطر (الميرون)‬
‫ترمز إلى موهبة الروح القدس هذه المسحة تفسر اسم المسيحي أي الممسوح‬
‫والمستوحي من اسم المسيح نفسه الذي مسحة هللا بالروح القدس (اع ‪)08 :23‬‬
‫هذه المسحة ال تزال مستعملة إلى أيامنا هذه في الشرق كما في الغرب ولذا يسمى‬
‫هذا السر في الشرق سر المسحة أي المسحة بالزيت المقدس أو الميرون تسمية‬
‫هذا السر بسر التثبيت في الغرب توحي بان هذا السر يثبت المعمودية وفي الوقت‬
‫عينه يوطد النعمة العمادية‪.‬‬

‫تقليدان‪ :‬في الشرق وفى الغرب‬


‫‪ 2173‬ـ في القرون األولى كان التثبيت يمنح عادة‪ ،‬مع المعمودية‪ ،‬في حفلة‬
‫واحدة‪ ،‬مكونا معها‪ ،‬على حد تعبير القديس كبريانوس‪" ،‬سرا مزدوجا"‪ .‬من جملة‬
‫األسباب التي منعت حضور األسقف في كل حفالت المعمودية‪ ،‬تكاثر عدد معموديات‬
‫األطفال‪ ،‬في كل أوقات السنة‪ ،‬وتكاثر عدد الرعايا (الريفية)‪ ،‬ومن ثم تضخم‬
‫االبرشيات‪ .‬في الغرب‪ ،‬بسبب الرغبة في أن تحصر في األسقف حفلة تتويج‬
‫المعمودية بالتثبيت‪ ،‬بدأت عادة الفصل بين السرين بمسافة زمنية وأما الشرق فقد‬
‫ظل على إقامة السرين متحدين‪ ،‬بحيث بات الكاهن المعمد هو الذي يمنح سر‬
‫التثبيت‪ ،‬ولكن ال يجوز لهذا الكاهن أن يمسح إال "بالميرون" الذي يقدسه األسقف‪.‬‬

‫‪ 2172‬ـ لقد سهلت كنيسة روما‪ ،‬جريا على عادة لديها‪ ،‬تطور الممارسة الغريبة‬
‫باعتماد مسحة مزدوجة بالزيت المقدس بعد المعمودية‪ ،‬يمنحها الكاهن للمتعمد‬
‫جديدا بعد غسل المعمودية‪ ،‬ويكملها األسقف بمسحة ثانية على جبهة كل من‬
‫المعتمدين الجدد فالمسحة األولى بالزيت المقدس التي يمنحها الكاهن ظلت مرتبطة‬
‫بالطقس العمادي‪ ،‬وترمز إلى اشتراك المعتمد في وظائف المسيح الثالث النبوية‬
‫والكهنوتية والملكية أما أذا منحت المعمودية لبالغ فليس ثمة سوى مسحة واحدة‬
‫بعد المعمودية‪ ،‬هي مسحة التثبيت ‪.‬‬

‫‪ 2171‬ـ الطريقة المتبعة في الكنائس الشرقية تنوه بوحدة األسرار المدخلة إلى‬
‫الحياة المسيحية وأما الطريقة الالتينية فتعبر بوضوح أكثر عن الشركة القائمة بين‬
‫المعتمد حديثا وأسقفه‪ ،‬كفيل وخادم وحدة كنيسته وشموليتها‪ ،‬ومن ثم فهي تعبر‬
‫عن الرباط الذي يصلها بكنيسة المسيح وجذورها الرسولية‪.‬‬

‫‪ -1‬عالمات سر التثبيت ورتبته‬


‫‪ 2170‬ـ رتبة سر التثبيت تتضمن المسحة عالمة حسية‪ ،‬وما ترمز اليه المسحة‬
‫وتطبعه في النفس‪ ،‬وهو الختم الروحى ‪.‬‬
‫المسحة‪ ،‬في الرموزية الكتابية والغابرة‪ ،‬مشحونة بالمعاني‪ :‬فالزيت هو رمز‬
‫الوفرة والبهجة‪ ،‬ووسيلة تنقية (المسحة قبل الغسل وبعده) ومرونة (مسحة‬
‫الرياضيين والمصارعين)‪ ،‬وهو عالمة شفاء‪ ،‬بدليل أنه يخفف الكدمات والجروح‪،‬‬
‫ويضفى على الجسد جماال وصحة وقوة ‪.‬‬

‫‪ 2171‬ـ كل هذه المعانى المرتبطة بمسحة الزيت نجدها في الحياة األسرارية‬


‫فالمسحة قبل المعمودية بزيت الموعوظين ترمز إلى التنقية والتقوية؛ مسحة‬
‫المرضى تشعر بالبرء واالبالل من المرض‪ .‬والمسحة بالزيت المقدس بعد‬
‫المعمودية في سر التثبيت‪ ،‬والرسامة الكهنوتية هي عالمة التكريس بالتثبيت‬
‫يشترك المسيحيون‪ ،‬أي المسحاء‪ ،‬اشتراكا أفعل في رسالة يسوع المسيح وامتالئه‬
‫من الروح القدس الفائض فيه‪ ،‬فيفوح من حياتهم " أريج طيب المسيح "‪.‬‬
‫‪ 2171‬ـ بهذه المسحة ينال طالب التثبيت " سمة " الروح القدس " وختمه "‬
‫فالختم هو رمز الشخص وعالمة سلطته وامتالكه لمتاع ما ـ فهكذا كانوا يسمون‬
‫قديما الجنود بوسم زعيمهم‪ ،‬والعبيد بوسم سيدهم ـ؛ وهو مصداق فعل قانوني‪ ،‬أو‬
‫وثيقة يضفى عليهما طابع السرية ‪.‬‬

‫‪ 2179‬ـ المسيح ن فسه يعلن ذاته مثبتا بختم أبيه‪ .‬والمسيحي هو أيضا ممهور بختم‬
‫" إن الذي يثبتنا وإياكم للمسيح والذي مسحنا هو هللا‪ ،‬وهو الذي ختمنا بخاتمة‬
‫وجعل في قلوبنا عربون روحه " (‪ 1‬كو ‪ .)11 :12 :2‬ختم الروح القدس هذا هو‬
‫عالمة االنتماء الكامل إلى المسيح والتطوع لخدمته على الدوام‪ ،‬ولكنه وعد لنا‬
‫أيضا برعايته تعالى في محنة األزمنة األخيرة‪.‬‬

‫االحتفال بسر التثبيت‬


‫‪ 2179‬ـ هناك لحظة هامة تسبق االحتفال بسر التثبيت‪ ،‬وإن كانت نوعا ما‪ ،‬جزءا‬
‫منه ال يتجزأ‪ :‬وهى لحظة تكريس الزيت المقدس‪ .‬األسقف هو الذي يكرس الزيت‬
‫المقدس لكل أبرشيته‪ ،‬يوم الخمي س المقدس‪ ،‬أثناء القداس الميرونى‪ .‬في كنائس‬
‫الشرق هذا التكريس محفوظ للبطريرك‪:‬‬
‫الليترجيا االنطاكية تعبر على النحو التالى عن استدعاء الروح القدس لتكريس‬
‫الزيت المقدس (الميرون)‪(" :‬أيها اآلب (‪ )...‬أرسل روحك القدوس) علينا وعلى‬
‫هذا الزيت الذي بين أيدينا وقدسه ليكون لجميع الذين يمسحون ويختمون به‪،‬‬
‫ميرونا مقدسا‪ ،‬ميرونا كهنوتيا‪ ،‬ميرونا ملكيا‪ ،‬مسحة بهجة‪ ،‬وثوب النور‪ ،‬وحلة‬
‫الخالص‪ ،‬والعطية الروحية‪ ،‬وتقديسا للنفوس واالجساد‪ ،‬والسعادة التى ال تبلى‪،‬‬
‫والختم ال يمحى‪ ،‬ودرع اإليمان والخوذة الرهبية لصد كل غزوات العدو"‪.‬‬

‫‪ 2178‬ـ عندما يحتفل بسر التثبيت مفصوال عن المعمودية‪ ،‬كما هي الحال في‬
‫الطقس الالتيني تبدأ ليترجيا التثبيت بتجديد وعود المعمودية وإعالن إيمان‬
‫المزمعين أن ينالوا السر‪ ،‬ويتضح هكذا أن التثبيت يظل في خط المعمودية وأما إذا‬
‫تعمد أحد البالغين فينال حاال سر التثبيت ويشترك في االفخارستيا ‪.‬‬

‫‪ 2177‬ـ في الطقس الروماني‪ ،‬يبسط األسقف يديه على مجموع المستعدين‬


‫للتثبيت‪ ،‬وذلك‪ ،‬من عهد الرسل‪ ،‬عالمة موهبة الروح‪ ،‬ويلتمس األسقف إفاضة‬
‫الروح بهذا الدعاء ‪.‬‬
‫" أيها اآلب الفائق الصالح‪ ،‬أبو ربنا يسوع المسيح انظر إلى هؤالء المعمدين الذي‬
‫نضع أيدينا عليهم لقد أعتقتهم من الخطيئة بالمعمودية ووهبتهم أن يولدوا ثانية‬
‫من الماء والروح أفض اآلن عليهم روحك القدوس‪ ،‬حسب وعدك أعطهم ملء‬
‫الروح الذي نزل على ابنك يسوع‪ :‬روح الحكمة والفهم‪ ،‬روح المشورة والقوة‪،‬‬
‫روح المعرفة والمحبة البنوية‪ ،‬امألهم من روح مخافة هللا يسوع ربنا"‪.‬‬
‫‪ 2033‬ـ ويلي الجزء الجوهري في رتبة سر التثبيت في الطقس الالتيني "يمنح سر‬
‫التثبيت بمسح الجبهة بالزيت المقدس ووضع اليد مع هذه الكلمات‪Accip :‬‬
‫‪" signaculum doni spiritus sancti‬فلتختم بختم الروح القدس‪ ،‬موهبة‬
‫هللا" في الكنائس الشرقية‪ ،‬تتم المسحة بالميرون‪ ،‬بعد صالة االستدعاء ‪ ،‬على‬
‫األجزاء المميزة في الجسم‪ :‬الجبهة والعينين واألنف واألذنين والشفتين والصدر‬
‫والظهر واليدين والرجلين‪ ،‬وترافق كل مسحة العبارة التالية‪" :‬ختم موهبة الروح‬
‫القدس"‪.‬‬

‫‪ 2032‬ـ قبلة السالم التي تأتى في ختام الحفلة ترمز إلى الشركة الكنيسة بين‬
‫األسقف وجميع المؤمنين وتظهرها ‪.‬‬

‫‪ -0‬مفاعيل التثبيت‬
‫‪ 2031‬ـ نستنتج من حفلة التثبيت أن مفعول السر هو افاضة الروح القدس‬
‫الخاصة‪ ،‬كما أفيض قديما على الرسل يوم العنصرة ‪.‬‬

‫‪ 2030‬ـ من هذا الملحظ‪ ،‬يعمل سر التثبيت على إنماء نعمة المعمودية وترسيخها‬
‫ـ يرسخنا ترسيخا أعمق في البنوة اإللهية التى تتيح لنا القول ‪ ":‬أبا‪ ،‬يا ابتاه (رو‬
‫‪) 21 :8‬؛‬
‫ـ يزيدنا ثباتا في اتحادنا بالمسيح؛‬
‫ـ يزيد مواهب الروح القدس فينا؛‬
‫ـ يجعل ارتباطنا بالكنيسة أكمل؛‬
‫ـ يمنحنا قوة خاصة من الروح القدس لنتشر اإليمان ونذود عنه بالكالم والعمل‪،‬‬
‫فعل شهود للمسيح حقيقيين‪ ،‬ونعترف باسم المسيح بشجاعة وال نستحي أبدا‬
‫بصليبه‪:‬‬
‫"تذكر أذن نلت الختم الروحي‪ ،‬روح الحكمة والفهم‪ ،‬روح المشورة والقوة‪ ،‬روح‬
‫المعرفة والتقوى‪ ،‬روح مخافة المقدسة‪ ،‬وحافظ على ما نلته لقد ختمك هللا األب‬
‫بختمه وثبتك المسيح الرب ووضع في قلبك عربون الروح ‪.‬‬

‫‪ 2031‬ـ سر التثبيت‪ ،‬كالمعمودية التي يكملها‪ ،‬ال يمنح غال مرة واحدة فالتثبيت‬
‫يسم النفس بسمة روحية ال تبلى‪ ،‬أي "الختم"‪ ،‬وهو الدليل على أن يسوع المسيح‬
‫قد ختم المسيح بختم روحه‪ ،‬وألبسه قوة من العالء ليكون له شاهدا ‪.‬‬

‫‪ 2031‬ـ "إن "الختم" يكمل كهنوت المؤمنين العام الذي نالوه في المعمودية"‬
‫ويتلقى المثبت قوة االعتراف بإيمان المسيح جهارا‪" :‬تلك مهمة ألقيت على‬
‫عاتقه"‪.‬‬
‫‪ -1‬من الذي يقبل هذا السر‬
‫‪ 2039‬ـ كل معمد لم يثبت بعد يجوز له بل يجب عليه أن يقبل سر التثبيت وبما أن‬
‫المعمودية والتثبيت واالفخارستيا تؤلف وحدة‪" ،‬فعلى المؤمنين"‪ ،‬من باب اللزوم‪،‬‬
‫أن يقبلوا هذا السر في الوقت المناسب "ألن سر المعمودية‪ ،‬بدون التثبيت‬
‫واالفخارستيا‪ ،‬يبقى وال شك صحيحا وفعاال ولكن المدخل إلى الحياة المسيحية يظل‬
‫ناقصا"‪.‬‬

‫‪ 2039‬ـ التقليد الالتيني‪ ،‬منذ قرون‪ ،‬يعتبر "سن التمييز" نقطة ارتكاز لنيل سر‬
‫التثبيت ولكن في خطر الموت‪ ،‬يجب تثبيت األوالد حتى قبل بلوغهم سن التميز‪.‬‬

‫‪ 2038‬ـ إذا اعتبر التثبيت أحيانا "سر وأال يفوتنا أن نعمة المعمودية هي عطية‬
‫اختيار مجانية ال نستحقها وليست بحاجة إلى أن "يصادق عليها" لتصبح فاعلة‬
‫وهذا ما يذكر به القديس توما‪:‬‬
‫"سن الجسد ال يجحف بالنفس وهكذا يستطيع اإلنسان‪ ،‬حتى في عهد الطفولة‪ ،‬أن‬
‫ينال كمال السن الروحي الذي يتحدث عنه سفر الحكمة‪" :‬إن الشيخوخة المكرمة‬
‫ليست هي القديمة األيام وال هي تقدر بعدد السنين" (‪ )8 :1‬وهكذا استطاع أوالد‬
‫كثيرون‪ ،‬بقوة الروح القدس التي كانوا قد حظوا بها‪ ،‬أن يكافحوا بشجاعة وحتى‬
‫الدم لجل المسيح"‪.‬‬

‫‪ 2037‬ـ هدف اإلعداد لسر التثبيت أن يتيح للمسيحي اتحادا أوثق بالمسيح‪ ،‬وألفة‬
‫أعمق مع الروح القدس وعمله ومواهبه ونداءاته‪ ،‬ليتمكن من االضطالع‬
‫بالمسؤوليات الرسولية التي توجيها الحياة المسيحية ولذا يجب السعي‪ ،‬في التعليم‬
‫اإلعداد ي للتثبيت‪ ،‬إلى إيقاظ حسن االنتماء الى كنيسة يسوع المسيح‪ ،‬سواء‬
‫الكنيسة الجامعة أم الجامعة الرعوية وتتحمل هذه الجماعة االخيرة مسؤولية‬
‫خاصة في تهيئة المعدين للتثبيت ‪.‬‬

‫‪ 2023‬ـ لقبول التثبيت البد للمرء من أن يكون في حالة البرارة‪ .‬ويستحسن اللجوء‬
‫إلى سر التوبة لتنقية الضمير‪ ،‬استعدادا لموهبة الروح القدس‪ .‬والبد من صالة‬
‫حارة تعد المؤمن لقبول قوة الروح القدس ونعمة قبوال سلسا وطيعا ‪.‬‬

‫‪ 2022‬ـ في التثبيت كما في المعمودية يستحسن اللجوء إلى عراب أو عرابة‬


‫يقدمان للمرشحين للتثبيت دعما روحيا‪ .‬ويستحسن أيضا أن يكون هو نفس العراب‬
‫المستدعى للمعمودية‪ ،‬تنويها بوحدة السرين‪.‬‬

‫‪ -1‬خادم سر التثبيت‬
‫‪ 2021‬ـ األسقف هو الخادم األصيل لسر التثبيت‪ ،‬في الشرق‪ ،‬الكاهن المعمد هو‬
‫الذي يمنح عادة وفورا سر التثبيت في حفلة واحدة ولكنه يستعمل‪ ،‬في التثبيت‪،‬‬
‫الزيت الذي قدسه البطريك أو األسقف‪ ،‬تأكيدا لوحدة الكنيسة الرسولية التي تجد‪،‬‬
‫في سر التثبيت‪ ،‬وسيلة لتمتين عراها في الكنيسة الالتينية يطبق هذا النظام نفسه‬
‫في معموديات البالغين‪ ،‬وكل مرة يقبل‪ ،‬في ملء الشركة مع الكنيسة‪ ،‬معمد من‬
‫طائفة مسيحية أخرى لم ينل سر التثبيت بوجه صحيح ‪.‬‬

‫‪ 2020‬ـ في الطقس الالتيني‪ ،‬الخادم االعتيادي لسر التثبيت هو األسقف‪ .‬حتى وإن‬
‫جاز لألسقف‪ ،‬في حال الضرورة‪ ،‬أن يفوض إلى كهنة سلطة القيام يمنح التثبيت‪،‬‬
‫إال أنه من الالئق أن يمنحه نفسه‪ ،‬وال يفوته أن االحتفال بسر التثبيت قد فصل وقتيا‬
‫عن المعمودية لهذا السبب عينه‪ ،‬فاألساقفة هم خلفاء الرسل‪ ،‬وقد نالوا ملء سر‬
‫الكهنوت‪ ،‬فإن يقوموا هم أنفسهم بمنح هذا السر يشير بوضوح إلى أن مفاعليه أن‬
‫يوجد المثبتين‪ ،‬بطريقة أوثق‪ ،‬بالكنيسة وجذورها الرسولية ورسالتها القاضية بأن‬
‫تكون شاهدة للمسيح ‪.‬‬

‫‪ 2021‬ـ إذا وجد مسيحي في خطر الموت‪ ،‬يستطيع كل كاهن أن يمنحه سر التثبيت‪.‬‬
‫فالكنيسة تريد أال يخرج من هذا العالم احد من أبنائها وان طفال‪ ،‬بدون أن يكتمل‬
‫بالروح القدس وموهبة ملء المسيح ‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 2021‬ـ " وسمع الرسل في أورشليم أن السامرة قبلت كلمة هللا‪ ،‬فأرسلوا إليها‬
‫بطرس ويوحنا‪ ،‬فنزال إليهما وصليا من اجلهم لينالوا الروح القدس‪ ،‬ألنه لم يكن قد‬
‫نزل بعد على أحد منهم‪ ،‬إنما كانوا قد اعتمدوا فقط باسم الرب يسوع‪ ،‬فوضعا‬
‫أيدهما عليهم‪ ،‬فنالوا الروح القدس " (أع ‪ 21 :8‬ـ ‪. )29‬‬

‫‪ 2029‬ـ التثبيت يكمل نعمة المعمودية إنه السر الذي يهب الروح القدس ليرسخنا‬
‫ترسيخا أعمق في البنوة اإللهية‪ ،‬ويدمجنا‪ ،‬بوجه أثبت‪ ،‬في جسد المسيح‪ ،‬ويمتن‬
‫ارتباطا بالكنيسة‪ ،‬ويشركنا أكثر في رسالتها‪ ،‬ويساعدنا في أداء شهادة اإليمان‬
‫المسيحي قوال وعمال ‪.‬‬

‫‪ 2029‬ـ التثبيت كالمعمودية يطبع النفس المسيحية بطابع روحي ـ أي بختم ال يبلى‬
‫وال يجوز‪ ،‬من ثم‪ ،‬قبول هذا السر إال مرة واحدة في الحياة ‪.‬‬

‫‪ 2028‬ـ في الشرق‪ ،‬يمنح هذا السر فورا بعد المعمودية‪ ،‬ويليه االشتراك في‬
‫االفخارستيا‪ ،‬وهو تقليد بنوة بوحدة األسرار الثالثة المدخلة إلى الحياة المسيحية‬
‫في الكنيسة الالتينية يمنح هذا السر عندما يبلغ الولد سن الرشد‪ ،‬ويحضر االحتفال‬
‫به عادة في األسقف لإلشارة الى أن هذا السر يمتن الرباط الكنسي‪.‬‬
‫‪ 2027‬ـ طالب التثبيت الذي بلغ سن الرشد يجب أن يعلن اإليمان‪ ،‬ويكون في حال‬
‫البرارة وينوى قبول السر ويكون مستعدا لالضطالع بدوره تلميذا وشاهدا للمسيح‪،‬‬
‫ضمن الجماعة الكنسية وفى الشؤون الزمنية ‪.‬‬

‫‪ 2013‬ـ الطقس األساسي في التثبيت هو مسحة جبهة المعتمد بالزيت المقدس‬


‫(وفى الشرق تسمح أعضاء أخرى من الحواس)‪ ،‬مع وضع يد خادم السر‪ ،‬مصحوبا‬
‫بالكلمات التالية‪" Accipe signaculum doni spirius sancti :‬خذ ختم‬
‫موهبة الروح القدس"‪ ،‬في الطقس الرومانى‪ ،‬و ‪signaculum doni spirius‬‬
‫‪" sancti‬ختم موهبة الروح القدس" في الطقس البيزنطى‪.‬‬

‫‪ 2012‬ـ عندما يحتفل بسر التثبيت مفصوال عن المعمودية‪ ،‬فارتباطه بالمعمودية‬


‫يتبين في امور عدة‪ ،‬وال سيما في تجديد وعود المعمودية‪ .‬االحتفال بسر التثبيت‬
‫خالل االفخارستيا يساعد في التنويه بوحدة األسرار المدخلة الى الحياة المسيحية ‪.‬‬
‫المقـال الثالث‪ 2‬سر اإلفخارستيا‬

‫‪2011‬ـ االفخارستيا المقدسة تختتم مرحلة التنشئة المسيحية فالذين أكرموا‬


‫بالكهنوت الملكي بالمعمودية وتصوروا بالتثبيت بصورة المسيح بوجه أعمق‬
‫يشتركون مع كل الجماعة في ذبيحة السيد نفسه بواسطة االفخارستيا‬
‫‪ -2010‬إن مخلصنا وضع في العشاء األخير ليلة اسلم ذبيحة جسده ودمه‬
‫االفخارستيا لكي تستمر بها ذبيحة الصليب علي مر األجيال إلى أن يجئ ولكي يودع‬
‫الكنيسة عروسة الحبيب ذكري موته وقيامته انه سر تقوي وعالمة وحدة ورباط‬
‫محبة ووليمة فصحية فيها نتناول المسيح غذاء وتمتلئ النفس بالنعمة ونعطي‬
‫عربون المجد اآلتي‪.‬‬

‫‪ -2‬االفخارستيا منبع الحياة المسيحية وقمتها‬


‫‪-2011‬االفخارستيا هي منبع الحياة المسيحية كلها وقمتها فاألسرار وجميع الخدم‬
‫الكنسية والمهام الرسولية مرتبطة كلها باالفخارستيا ومترتبة عليها ذلك بان‬
‫االفخارستيا تحتوى علي كنز الكنيسة الروحي بأجمعه أي علي المسيح بالذات‬
‫فصحنا‬

‫‪-2011‬شركة الحياة مع هللا ووحدة شعب هللا هما قوام الكنيسة واليهما ترمز‬
‫االفخارستيا وبها تتحققان و االفخارستيا هي قمة العمل الذي يقدس هللا العالم في‬
‫المسيح كما أنها ذروة العبادات التي يرفعها الناس إلى المسيح وبه إلى اآلب في‬
‫الروح القدس‬

‫‪ -2019‬باالحتفال الليترجي نتحد أخيرا ومنذ اآلن بليترجيا السماء ونستبق الحياة‬
‫األبدية حيث يكون هللا كال في الكل (‪ 2‬كو ‪)28 :21‬‬
‫‪ -2019‬وقصارى القول أن االفخارستيا هي موجز إيماننا وخالصته فطريقة تفكيرنا‬
‫تنطبق علي االفخارستيا في المقابل تثبت طريقة تفكيرنا‬

‫‪ -1‬تسميات هذا السر‬


‫‪ -2018‬يملك هذا السر من غزارة المعاني ما يحمل علي تسميته بتعابير متنوعة‬
‫يوحي كل منها ببعض من وجوهه فهو يسمى‪:‬‬
‫اإلفخارستيا‪ :‬ألنه أداء شكر هلل فلفظتا (لو ‪ 2 ،27 :11‬كو ‪ )11 :22‬و ( متى ‪:19‬‬
‫‪ ،19‬مر ‪ )21 :21‬تذكران بالبركات اليهودية التي كانت تشيد بأعمال هللا وال سيما‬
‫في أوقات الطعام‪ :‬الخلق والفداء والتقديس‬

‫‪ -2017‬مائدة الرب‪ :‬فاالفخارستيا تذكر بالعشاء الذي تناوله الرب بصحبة تالميذه‬
‫عشية آالمه وهي أيضا استباق لمائدة عرس الحمل في أورشليم السماوية‬
‫كسر الخبز‪ :‬هذه العادة المرعية في الموائد اليهودية كان يسوع يعمد إليها عند‬
‫بركة الخبز وتوزيعه بصفته المتقدم في المائدة وقد عمد إليها خصوصا في العشاء‬
‫األخير وبكسر الخبز عرفه التالميذ بعد القيامة وهي العبارة التي استعملها‬
‫المسيحيون األولون للداللة علي اجتماعاتهم االفخارستية وهم يعبرون بذلك عن أن‬
‫جميع الذين يتناولون من هذا الخبز الواحد المكسور أي المسيح يدخلون في‬
‫الشركة معه وال يعودون يؤلفون سوي جسد واحد معه‬
‫المحفل االفخارستي‪ :‬وذلك بان االفخارستيا يحتفل بها في جماعة المؤمنين وهي‬
‫التعبير المرئي للكنيسة‬

‫‪ -2003‬تذكار أالم الرب وقيامته‬


‫الذبيحة ال مقدسة‪ :‬ألن االفخارستيا تجسد في الحاضر الذبيحة الوحيدة‪ ،‬ذبيحة‬
‫المسيح المخلص‪ ،‬وتتضمن تقدمة الكنيسة‪ :‬وتسمى أيضا ذبيحة القداس المقدسة‪،‬‬
‫" ذبيحة التسبيح " (عب ‪ ،21 :20‬الذبيحة الروحية‪ ،‬الذبيحة الطاهرة المقدسة‪،‬‬
‫ألنها تكمل وتفوق ذبائح العهد القديم كلها ‪.‬‬
‫الليترجيا اإللهية المقدسة‪ ،‬ألن ليترجيا الكنيسة كلها تجد محورها وعبارتها األبلغ‬
‫في االحتفال بهذا السر‪ .‬وبهذا المعنى أيضا نسميها االحتفال باألسرار المقدسة‪.‬‬
‫وثمة أيضا عبارة السر األقدس‪ ،‬ألن االفخارستيا هي سر األسرار وتسمى بهذا‬
‫االسم األعراض االفخارستية المحفوظة في بيت القربان ‪.‬‬

‫‪ 2002‬ـ الشركة‪ :‬ألننا‪ ،‬بهذا السر‪ ،‬نتحد بالمسيح الذي يصيرنا شركاء في جسده‬
‫وفى دمه لنكون جسدا واحدا ونسميها أيضا األقداس ـ وهذا ما تشير إليه أوال‬
‫عبارة " شركة القديسين " الواردة في قانون الرسل ـ وخبز المالئكة‪ ،‬وخبز‬
‫السماء‪ ،‬ودواء الخلود‪ ،‬والزاد األخير‪...‬‬

‫‪ 2001‬ـ القداس (‪ missa‬باللغة الالتينية) ألن الليترجيا التي يتم فيها سر الخالص‬
‫تنتهي (في الطقس الالتينى) بإرسال المؤمنين (‪ ،)missio‬ليحققوا إرادته تعالى في‬
‫حياتهم اليومية‪.‬‬

‫‪ -0‬اإلفخارستيا في تدبير الخالص‬


‫عالمتا الخبز والخمر‬
‫‪ 2000‬ـ في صلب االحتفال باالفخارستيا‪ ،‬نجد الخبز والخمر اللذين يتحوالن بكلمات‬
‫المسيح واستدعاء الروح القدس‪ ،‬إلى جسد المسيح ودمه‪ .‬وتستمر الكنيسة‪ ،‬في‬
‫طاعتها ألمر الرب‪ ،‬في تجديد ما صنعته آالمه‪ ،‬تذكارا له‪ ،‬إلى أن يعود في مجده "‬
‫أخذ خبزا ‪ "...‬أخذ الكأس المملوء خمرا ‪ "..‬عندما يصير الخبز والخمر سريا جسد‬
‫المسيح ودمه‪ ،‬فهما ال ينفكان يرمزان في الوقت نفسه‪ ،‬إلى جودة الخليقة وهكذا‬
‫في صالة التقدمة‪ ،‬نشكر للخالق عطية الخبز والخمر‪ ،‬ثمرة " جهد اإلنسان "‪،‬‬
‫ولكننا نشكر له أوال " ثمرة األرض " وثمرة الكرمة"‪ ،‬وهما من عطايا الخالق‬
‫وترى الكنيسة في قربان مليكصادق‪ ،‬الملك والكاهن‪ ،‬الذي " قدم خبزا وخمرا "‬
‫(تك ‪ )28 :21‬صورة مسبقة لقربانها‬

‫‪ 2001‬ـ في العهد القديم كان الخبز والخمر يقدمان من بواكير األرض‪ ،‬عالمة‬
‫اعتراف بالخالق ولكنهما اكتسبا في قرائن سفر الخروج‪ ،‬مغزى جديدا‪ :‬فالخبز‬
‫الفطير الذي يتناوله بنو إسرائيل كل سنة في عيد الفصح يذكرهم بخروجهم‪ ،‬على‬
‫عجل‪ ،‬من عبودية أرض مصر‪ .‬وأما ذكرى المن في البرية فهي تعيد إلى أذهان بني‬
‫إسرائيل دائما أنهم يحيون من خبز كالم هللا هناك أخيرا الخبز اليومي وهو ثمرة‬
‫ارض الميعاد وعربون صدق هللا في مواعيده " كأس البركة " (‪ 2‬كو ‪)29 23‬‬
‫ال تي يختتم بها اليهود الوليمة الفصحية تضفى على فرح العيد ونشوة الخمر‪ ،‬معنى‬
‫أخرويا نابعا من ذاك الترقب الماسيوى ألورشليم الجديدة‪ .‬لقد أضفى يسوع‪،‬‬
‫بإقامته االفخارستيا‪ ،‬معنى جديدا وحاسما على بركة الخبز والكأس ‪.‬‬

‫‪ 2001‬ـ معجزات تكثير الخبزات‪ ،‬يوم باركهما الرب وكسرها ووزعها بواسطة‬
‫تالميذه إلطعام الجمع‪ ،‬تنبىء بتوافر هذا الخبز االفخارستى الوحيد والماء المحول‬
‫خمرا في قانا يرمز إلى الساعة التي يتمجد ففيها يسوع‪ ،‬ويعلن اكتمال وليمة‬
‫العرس في ملكوت اآلب‪ ،‬حيث يشرب المؤمنون الخمر الجديد صائرا دم المسيح ‪.‬‬

‫‪ 2009‬ـ أول إنباء باالفخارستيا قسم التالميذ بعضهم على بعض‪ ،‬كما أن اإلنباء‬
‫باآلم شككهم " هذا كالم عسير من يطبق سماعه ؟" (يو ‪ )93: 9‬االفخارستيا‬
‫والصليب كالهما حجر عثار وال يزال هذا السر نفسه سبب شقاق أفال تريدون أن‬
‫تذهبوا‪ ،‬انتم أيضا ؟" (يو ‪ :)99 :9‬سؤال الرب هذا يدوى عبر األجيال نداء حب‬
‫إلى التثبت من انه هو وحده يملك " كلمات الحياة األبدية " (يو ‪ )98 :9‬وأن من‬
‫يقبل في اإليمان عطية اإلفخارستيا إنما يقبله هو نفسه ‪.‬‬

‫تأسيس االفخارستيا‬
‫‪ 2009‬ـ إن الرب‪ ،‬إذ أحب خاصته غاية الحب‪ .‬وإذا عرف أن ساعته قد حانت‬
‫ليمضى من هذا العالم ويعود إلى أبيه‪ ،‬قام عن الطعام وغسل أقدام تالميذه وأعطاهم‬
‫وصية الحب‪ .‬ولكي يورثهم عربون هذا الحب‪ ،‬ويظل أبدا معهم‪ ،‬ويشركهم في‬
‫فصحه‪ ،‬وضع االفخارستيا تذكارا لموته وقيامته‪ ،‬وأمر رسله بأن يقيموها إلى يوم‬
‫رجعته " جاعال إياهم كهنة العهد الجديد "‪.‬‬

‫‪ 2008‬ـ األناجيل االزائية الثالثة والقديس بولس نقلوا إلينا خبر إقمة االفخارستيا‬
‫والقديس يوحنا يسرد لنا‪ ،‬من جهته‪ ،‬أقوال يسوع في مجمع كفر ناحوم ‪،‬وهى‬
‫أقوال تؤذن بإقامة االفخارستيا‪ ،‬وفيها يعلن المسيح نفسه خبز الحياة النازل من‬
‫السماء ‪.‬‬
‫‪ 2007‬ـ لقد اختار يسوع زمن الفصح ليحقق ما أنبا به في كفرناحوم‪ :‬أن يعطى‬
‫تالميذه جسده ودمه‬
‫"وجاء يوم الفطير وفيه يحب ذبح حمل الفصح فأرسل (يسوع) بطرس ويوحنا‬
‫وقال لهما‪ :‬إذهبا فأاعدا لنا الفصح لتأكله " (‪ )...‬فذهبا (‪ )...‬فأعدا الفصح‪ .‬فلما أتت‬
‫الساعة جلس هو والرسل للطعام‪ ،‬فقال لهم ‪ ":‬اشتهيت شوه شديدة أن أكل هذا‬
‫الفصح معكم قبل أن أتألم ‪.‬‬
‫فإني أقول لكم ‪ ":‬ال آكله بعد اليوم حتى يتم في ملكوت هللا " (‪ )...‬ثم أخذ خبزا‬
‫وشكر وكسره وناولهم إياه وقال ‪ ":‬هذا هو جسدي يبذل من أجلكم اصنعوا هذا‬
‫لذكرى " وصنع مثل ذلك على الكأس بعد العشاء فقال ‪ ":‬هذه الكأس هي العهد‬
‫الجديد بدمى الذي يراق من أجلكم " (لو ‪ 9 :11‬ـ ‪.) 13‬‬

‫‪ 2013‬ـ عندما احتفل يسوع بالعشاء األخير مع رسله أثناء الطعام الفصحى‪ ،‬أضفى‬
‫على الفصح اليهودي معناه النهائي فانتقال يسوع إلى أبيه‪ ،‬بموته وقيامته‪ ،‬وهو‬
‫الفصح الجديد‪ ،‬قد تم قبل أواته في العشاء‪ ،‬ونحتفل به في االفخارستيا التي تكمل‬
‫الفصح اليهودي وتستبق فصح الكنيسة األخير‪ ،‬في مجد الملكوت ‪.‬‬

‫" اصنعوا هذا لذكرى "‬


‫‪ 2021‬ـ وصية يسوع بأن نكرر أفعاله وأقواله " إلى أن يجىء "‪ ،‬ال تقتصر على‬
‫أن نتذكره ونتذكر ما قام به‪ ،‬بل تهدف إلى أن يتولى الرسل وخلفاؤهم االحتفال‬
‫الليترجى بتذكار المسيح‪ :‬حياته وموته وقيامته وتشفعه إلى اآلب ‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ لقد ظلت الكنيسة‪ ،‬منذ البدء‪ ،‬وفيه لوصية الرب‪ .‬فقد قيل في كنيسة‬
‫أورشليم ‪.‬‬
‫" كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة األخوية وكسر الخبز والصلوات (‪)..‬‬
‫وكانوا يالزمون الهيكل كل يوم بقلب واحد ويكسرون الخبز في البيوت ويتناولون‬
‫الطعام بابتهاج وسالمة قلب " (أع ‪. )19 ،11 :1‬‬

‫‪ 2010‬ـ وكان المسيحيون يجتمعون خصوصا " وفى أول األسبوع "‪ ،‬أي يوحد‬
‫األحد اليوم الذي قام فيه يسوع‪ " ،‬ليسكروا الخبز (أع ‪ )9 :13‬ومن ذلك الوقت‬
‫حتى أيامنا‪ ،‬نواصل االحتفال بالليترجيا‪ ،‬بحيث نلقاها اليوم‪ ،‬في كل أنحاء الكنيسة‪،‬‬
‫بنفس الهيكلية األساسية‪ ،‬وتظل هي محور حياة الكنيسة‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ وهكذا من احتفال إلى احتفال‪ ،‬يتقدم شعب هللا في طريق حجه‪ ،‬مبشرا بسر‬
‫يسوع الفصحى إلى أن يجىء (‪ 2‬كو‪ " ،) 19 :‬وداخال من باب الصليب الضيق "‬
‫إلى الوليمة السماوية حيث يجلس المختارين إلى مائدة الملكوت ‪.‬‬
‫‪ -1‬االحتفال الليترجى باالفخارستيا‬
‫قداس جميع األجيال‬
‫‪ 20111‬ـ منذ القرن الثاني‪ ،‬نملك شهادة القديسين بوستينوس الشهيد في وصف‬
‫الخطوط الكبرى لالحتفال االفخارستى وقد ظلت هي هي حتى أيامنا هذه في جميع‬
‫العائالت الليترجية وهذا ما كتبه القديس بوستيوس‪ ،‬حوالي سنة ‪ ،211‬ليشرح‬
‫لالمبراطور الوثنى انطونيوس الورع (‪ 208‬ـ ‪ )292‬ما يقوم به المسيحيون ‪.‬‬
‫" في اليوم المسمى يوم الشمس‪ ،‬يجتمع كل الساكنين في المدينة أو في الريف‪ ،‬في‬
‫مكان واحد (في هذا االجتماع) تتلى مذكرات الرسل وكتابات األنبياء‪ ،‬بقدر ما يتسع‬
‫الوقت لذلك‪ ،‬عندما ينتهي القارئ م قراءته يتناول المتقدم الكالم ليحث الناس‬
‫ويشجعهم على التنبيه بهذه الحسنات ‪.‬‬
‫ثم تنهض كلنا معا‪ ،‬ونرفع صلوات ألجلنا (‪ )...‬وألجل جميع اآلخرين‪ ،‬أينما كانوا‪،‬‬
‫لنكون في نظر هللا أبرارا بسيرتنا وأعمالنا‪ ،‬وأوفياء للوصايا‪ ،‬فننال بذلك الخالص‬
‫االبدى ‪.‬‬
‫في نهاية الصلوات‪ ،‬نقبل بعضنا بعضا ‪.‬‬
‫ثم نقدم لرئيس االخوة خبزا وكأسا من مزيج الخمر والماء ‪.‬‬
‫فيأخذهما ويرفع الحمد والتمجيد إلى اآلب خالق المسكونة‪ ،‬باسم ابنه والروح‬
‫القدس‪ ،‬ويرفع الشكر (باليونانية‪ :‬إفخارستيا) طويال ألننا حسبنا أهال لهذه‬
‫المواهب‪.‬‬
‫في نهاية هذه الصلوات وعبارات الشكر‪ ،‬يهتف الشعب الحاضر كله قائال‪ :‬آمين‬
‫في نهاية صالة الشكر‪ ،‬وبعد هتاف الشعب‪ ،‬يتقدم الذين نسميهم شمامسة‬
‫ويوزعون على جميع الحاضرين خبزا وخمرا وماء " إفخارستيا " ويجعلون منها‬
‫للغائبين "‪.‬‬

‫‪ 2019‬ـ الليترجيا االفخارستيا تجرى طبقا لهيكلة أساسية تثبت عبر القرون حتى‬
‫أيامنا وتنقسم إلى قسمين كبيرين يؤلفان وحدة صميمه ‪:‬‬
‫ـ التجمع‪ ،‬وليترجيا الكلمة مع القراءات والعظة والصالة الجامعة ‪.‬‬
‫ـ الليترجيا االفخارستيا‪ ،‬مع تقدمة الخبز والخمر‪ ،‬وصالة الشكر والتقديس‬
‫والمناولة‬
‫ليترجيا الكلمة والليترجيا االفخارستيا تؤلفان معا " عمل عبادة وحدا " وال غرو‪،‬‬
‫فالمائدة المهيأة لنا في االفخارستيا هي‪ ،‬في آن واحد‪ ،‬مائدة كلمة هللا ومائدة جسد‬
‫الرب ‪.‬‬

‫‪ 2019‬ـ أو ليست هذه هي العالقة نفسها بين الوليمة الفصحية‪ ،‬وليمة يسوع‬
‫الناهض من بين األموات‪ ،‬وتلميذي عماوص ؟ فإذ كان معهما في الطريق كان‬
‫يفسر لهما الكتب‪ ،‬ثم جلس معهما للطعام‪ " ،‬فأخذ الخبز‪ ،‬وبارك‪ ،‬ثم كسره‬
‫ونولهما" ‪.‬‬
‫سياق االحتفال‬
‫‪2018‬ـ يجتمعون كلهم‪ .‬فالمسيحيون يتواردون إلى مكان واحد لالجتماع‬
‫االفخارستى‪ ،‬وعلى رأسهم وهو يؤدى الدور األول في االفخارستيا‪ .‬إنه الحبر‬
‫األعظم للعهد الجديد‪ ،‬وهو نفسه يرش‪ ،‬بطريقة خفية‪ ،‬كل احتفال افخارستى‬
‫وعندما يرش األسقف أو الكاهن الجماعة (باسم المسيح ـ الرأس )‪ ،‬ويتكلم بعد‬
‫القراءات ويتقبل التقادم‪ ،‬ويتلو الصالة االفخارستية‪ ،‬فهو إنما يمثل المسيح نفسه‪.‬‬
‫كبلهم يشتركون فعليا في االحتفال‪ ،‬وعلى طريقته‪ :‬القراء‪ ،‬ومقدمو التقادم‪،‬‬
‫وموزعو االفخارستيا‪ ،‬والشعب كله الذي يعرب عن اشتراكه بهتاف‪ :‬آمين ‪.‬‬

‫‪ 2017‬ـ ليترجيا الكلمة تتضمن " نصوص األنبياء " أي العهد القديم‪ ،‬ومذاكرات‬
‫الرسل‪ ،‬أي الرسائل واألناجيل بعد العظة التي تحض الشعب على أن يقبو هذه‬
‫الكلمة على ما هي حقا‪ ،‬أى كلمة هللا‪ ،‬ويضعوها موضع التنفيذ‪ ،‬تأتى الطلبات ألجل‬
‫جميع الناس‪ ،‬على حد قول الرسول ‪ ":‬اسأل قبل كل شىء أن تقام ادعية وصلوات‬
‫وابتعاالت وأفعال شكر من اجل جميع الناس ومن اجل الملوك وسائر ذوى السلطة‬
‫" (‪ 2‬تى ‪ 2 :1‬ـ ‪. )1‬‬

‫‪ 2013‬ـ تقديم القرابين (التقدمة)‪ :‬ويؤتى إلى المذبح حينئذ‪ ،‬في موكب احيانا‪،‬‬
‫بالخبز والخمر الذي سيقربهما الكاهن باسم المسيح‪ ،‬في الذبيحة االفخارستيا‪،‬‬
‫فيتحوالن إلى جسد المسيح ودمه وهذا بالذات ما صنعه المسيح في العشاء األخير‬
‫" آخذ الخبز والكأس " هذه التقدمة تقربها الكنيسة وحدها إلى الخالق‪ ،‬طاهرة‬
‫وترفع له شاكرة انتاج الخليقة " تقديم القرابين إلى المذبح يحقق ما صنعه‬
‫مليكصادق‪ ،‬ويضع بين يدى المسيح عطايا الخالق‪ ،‬فهو الذى‪ ،‬في ذبيحته‪ ،‬يكلل كل‬
‫الذبائح التي يسعى البشر إلى تقريبها ‪.‬‬

‫‪ 2021‬ـ لقد اعتاد المسيحيون‪ ،‬منذ البدء‪ ،‬أن يقدموا مع الخبز والخمر المعدين‬
‫لالفخارستيا‪ ،‬تقادمهم االخرى‪ ،‬ويوزعهما على ذوى الفاقة‪ .‬هذه العادة في جمع‬
‫التبرعات ال تزال قائمة حتى اليوم‪ ،‬وتستوحى مثال المسيح الذي افتقر ليجعلنا‬
‫اغنياء ‪.‬‬
‫" االغنياء الذين يرغبون يعطون كل بمقدار ما فرضه على ذاته‪ ،‬وكل ما يجمع‬
‫يسلم إلى المتقدم ليغيث اليتامى وااليامى والذين جردهم المرضى او على أخرى من‬
‫الموارد‪ ،‬والسجناء والمهاجرين‪ ،‬وينجد‪ ،‬باختصار‪ ،‬كل ذى حاجة "‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ األنافورة‪ :‬مع الصالة االفخارستيا وصالة الشكر والتكريس نصل إلى قلب‬
‫االحتفال وقمته ‪:‬‬
‫في المقدمة تشكر الكنيسة لآلب‪ ،‬بالمسيح وفى الروح القدس‪ ،‬كل صنائعه‪ :‬الخلق‬
‫والفداء والتقديس وتنضم الجماعة كلها إلى الكنيسة السماوية‪ ،‬المالئكة وجميع‬
‫القديسين‪ ،‬الذين يرفعون إلى هللا المثلث القداسة نشيد حمد متواصل ‪.‬‬
‫‪ 2010‬ـ في صالة االستدعاء تطلب الكنيسة إلى الرب ان يرسل روحه القدوس (أو‬
‫قوة بركته على الخبز ولخمر ليتحوال‪ ،‬بقدرته إلى جسد يسوع المسيح ودمه‪،‬‬
‫وليصبر المشتركون في االفخارستيا جسدا وروحا واحداى (وهناك تقاليد ليترجية‬
‫تضع صالة استدعاء الروح القدس بعد صالة االستذكار)‬
‫في رواية الحديث التأسيسى لالفخارستيا‪ ،‬تتحد قوة كلمات المسيح وعمله وقدرة‬
‫الروح القدس لتجعال من جسد المسيح ودمه‪ ،‬ومن الذبيحة التي قرب فيها المسيح‬
‫ذاته على الصليب دفعة واحدة‪ ،‬حقيقة سرية مماثلة في أشكال الخبز والخمر ‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ في صالة االستذكار التالية تتذكر الكنيسة آالم يسوع المسيح وقيامته‬
‫ودعوته المجيدة‪ ،‬وتقرب إلى اآلب تقدمة ابنه التي بها نتصالح مع هللا ‪.‬‬
‫وفى صلوات االستشفاع‪ ،‬تبين الكنيسة اننا نحتفل باالفخارستيا باالشتراك مع‬
‫الكنيسة كلها‪ ،‬كنيسة السماء وكنيسة االرض‪ ،‬كنيسة االحياء واالموات‪ ،‬وفى‬
‫الشركة مع الرعاة‪ :‬البابا وأسقف االبرشية ومصف الكهنة والشمامسة وكل اسقافة‬
‫العالم وكنائسهم ‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ في المناولة التي تسبقها صالة الرب وكسرر الخبز‪ ،‬يتناول المؤمنون "‬
‫خبز السماء و" كاس الخالص "‪ ،‬جسد ودم المسيح الذي اسلم ذاته " ألجل حياة‬
‫العالم " (يو ‪: )12 :9‬‬
‫نظرا إلى أن هذا الخبز وهذا الخمر قد تحوال إلى افخارستيا‪ ،‬على حد التعبير القديم‪،‬‬
‫" فنحن نسمى هذا الطعام افخارستيا وال يجوز أن يشترك فيه ما لم يؤمن بحقيقة‬
‫ما يعلم عندنا‪ ،‬وما لم يحظ بالغسل لمغفرة الخطايا والحياة الجديدة‪ ،‬وما لم يتقيد‪،‬‬
‫في حياته بوصايا المسيح " ‪،‬‬

‫‪ -1‬الذبيحة السرية‪ :‬الشكر والذكر والحضور‬


‫‪ 2019‬ـ إذا كان المسيحيون يحتفلون باالفخارستيا منذ العصور االولى وفي صيغة‬
‫لم تتبدل جوهريا عبر االجيال والليترجيات فذلك الننا نعلم اننا متقيدون بامر الرب‬
‫الذي زودنا به عشية االمه اصنعوا هذا لذكري (‪ 2‬كو ‪)11 – 11 :22‬‬

‫‪ -2019‬امر الرب هذا ننفذة باحتفالنا بتذكار ذبيحته وبعملنا هذا نقرب إلى االب ما‬
‫من به علينا هو نفسة من عطايا الخلق أي الخبز والخمر المحولين بقدرة الروح‬
‫القدس وبكلمات المسيح إلى جسد المسيح ودمه بهذه الطريقة يضحي المسيح‬
‫حاضرا حضورا حقيقيا وسريا‬

‫‪ -2018‬البد اذن من ان نعتبر االفخارستيا‬


‫‪ -‬صالة شكر وحمد هلل االب‬
‫‪ -‬تذكار ذبيحة المسيح وجسدة‬
‫‪ -‬حضور المسيح بقوة كلمته وروحه‬

‫شكر االب وحمده‬


‫‪ -2017‬االفخارستيا هي سر خالصنا الذي حققه المسيح علي الصليب وهي أيضا‬
‫ذبيحة حمد نشكر فيها عمل الخلق في الذبيحة االفخارستيا كل الخليقة التي يحبها‬
‫هللا تقرب إلى االب عبر موت المسيح وقيامته بالمسيح تستطيع الكنيسة ان تقرب‬
‫ذبيحة الحمد وتشكر هلل كل ما صنعة من خير وجمال وبر في الخليقة وفي البشرية‬

‫‪-2093‬االفخارستيا هي ذبيحة شكر لالب وبركة بها تعرب الكنيسة عن امتنانها لكل‬
‫افضاله وكل ما حققه لنا بالخلق والفداء والتقديس االفخارستيا في مفهومها االول‬
‫هي شكر‬

‫‪ -2092‬واالفخارستيا هي أيضا ذبيحة حمد بها تشيد الكنيسة بمجد هللا باسم الخليقة‬
‫كلها ذبيحة الحمد هذه ال تسوغ اال من خالل المسيح فهو الذييضم المؤمنين إلى‬
‫ذاته ويشركهم في حمده وشفاعته فال تقرب ذبيحة الحمد لالب اال بالمسيح ومع‬
‫المسيح وال تقبل اال فيه‬

‫تذكار ذبيحة المسيح وجسدة أي الكنيسة‬


‫‪ -2091‬االفخارستيا هي تذكار فصح المسيح بها تصبح ذبيحته الوحيدة فعال‬
‫حاضرا وتقدمة في ليترجيا الكنيسة التي هي جسدة واننا نجد في كل الصلوات‬
‫االفخارستية بعد كلمات التقديس ما يسمى بصالة االستذكار او التذكار‬

‫‪ -2090‬في مفهوم الكتاب المقدس ليس التذكار مجرد استعادة الحداث الماضي بل‬
‫هو اشادة بالعجائب التي صنعها هللا لألنام ففي االحتفال الليترجى بهذه االحداث‬
‫تكتسي هذه االحداث نوعا ما طابع الحالية والواقعية بهذه الطريقة يدرك الشعب‬
‫االسرائيلي انعتاقة من ارض مصر فكل مرة يحتفل بالفصح تمثل احداث خروجه من‬
‫تلك االرض في ذاكرة المؤمنين ليطبقوا حياتهم عليها‬

‫‪ -2091‬واما في العهد الجديد فالتذكار يكتسب معنى جديدا فعندما تحتفل الكنيسة‬
‫باالفخارستيا تتذكر فصح المسيح ويصبح الفصح حقيقة ماثلة في الحاضر وال‬
‫غرو‪ ،‬فالذبيحة التي قربها المسيح مرة واحدة علي الصليب تظل ابدا ماثلة في‬
‫الواقع كل مرة تقام علي المذبح ذبيحة الصليب التي ذبح بها المسيح فصحنا (‪ 2‬كو‬
‫‪ )9 :1‬يتم عمل افتدائنا‬

‫‪ -2091‬والن االفخارستيا هي تذكار فصح المسيح فهي ذبيحة أيضا هذا الطابع‬
‫القرباني في االفخارستيا يظهر في كلمات التاسيس نفسها هذا هو جسدي يبذل‬
‫الجلكم وهذه الكاس هي العهد الجديد بدمي الذي يراق الجلكم (لو ‪)13 – 27 :11‬‬
‫في االفخارستيا يعطينا المسيح هذا الجسد عينة الذي بذله الجلنا علي الصليب وهذا‬
‫الدم عينه الذي اراقه من اجل جماعة الناس لغفران الخطايا (متى ‪)18 :19‬‬

‫‪ -2099‬االفخارستيا هي اذن ذبيحة النها تمثل ذبيحة الصليب أي تجعلها ماثلة لدينا‬
‫والنها تذكارها وتؤتينا ثمرها‪ { :‬ان المسيح الهنا قرب ذاته هلل االب مرة واحدة‬
‫ومات شفيعا لنا علي مذبح الصليب ليحقق للناس فداء ابديا ولكن ما دام موته لم‬
‫يضع حدا لكهنوته (عب ‪ )19 ،11 :9‬فقد اراد في العشاء األخير في الليلة التي‬
‫اسلم فيها (‪ 2‬كو ‪ )10 :22‬ان يورث كنيسته عروسة الحبيب ذبيحة مرئية كما‬
‫تتطلبها الطبيعة البشرية حيث تتمثل الدموية التي كان البد ان تتم مرة واحدة علي‬
‫الصليب والتي سوف تظل ذكراها مستمرة حتي نهاية الدهور (‪ 2‬كو ‪)10 :22‬‬
‫ومفعولها الخالصي جاريا لفداء الخطايا التي نقترفها كل يوم }‬

‫‪ -2099‬ذبيحة المسيح وذبيحة االفخارستيا هما ذبيحة واحدة انها نفس الضحية‬
‫والذي يقرب االن ذاته بواسطة الكهنة هو نفسه الذي قرب ذاته يوما علي الصليب‬
‫طريقة التقريب وحدها تختلف وبما انه في هذه الذبيحة االلهية التي تتم في القداس‬
‫هذا المسيح نفسه الذي قدم ذاته مرة بطريقة دموية علي مذبح الذبيحة هي حقا‬
‫ذبيحة تكفير عن الخطايا‬

‫‪ -2098‬االفخارستيا هي أيضا ذبيحة الكنيسة فالكنيسة جسد المسيح تشترك في‬


‫تقدمة هامتها وتقرب ذاتها معه كاملة وتنضم إلى المسيح شفيعا إلى االب الجل‬
‫جميع الناس في االفخارستيا تصبح ذبيحة المسيح ذبيحة اعضاء جسدة حياة‬
‫المؤمنين وحمدهم وعذابهم وصالتهم وشغلهم هذا كله ينضم إلى المسيح وإلى‬
‫تقدمته الكاملة و يكتسب هكذا قيمة جديدة ذبيحة المسيح الماثلة علي الهيكل تمكن‬
‫جميع االجيال المسيحية من ان تنضم إلى تقدمته في الدياميس تمثل الكنيسة بشكل‬
‫امرأة تصلي وذراعاها منبسطتان عريضة وضارعة فكما بسط المسيح ذراعية علي‬
‫الصليب تقرب الكنيسة ذاتها به ومعه وفيه شافعة في جميع الناس‬

‫‪ -2097‬الكنيسة كلها تنضم إلى تقدمة المسيح وشفاعته ويشترك البابا الذي وكلت‬
‫اليه مهمة بطرس في الكنيسة في كل احتفال بالليترجيا حيث يذكر بصفته خادم‬
‫وحدة الكنيسة الجامعة االسقف المحلي هو الذي يرعي دائما االفخارستيا حتى وان‬
‫تراسها كاهن ويذكر فيها اسمه اشارة إلى ترؤسة الكنيسة الخاصة وسط المصف‬
‫الكهنوتى وبمعاونه الشمامسة وتصلي الجماعة أيضا من اجل جميع الخدمة الذين‬
‫يقربون الذبيحة االفخارستيا الجلها ومعها ‪:‬‬
‫" إن ذبيحة المسيحيين الروحية تتم بعمل الكهنة التي يرئسها االسقف أو من وكل‬
‫إليه ذلك " ‪.‬‬
‫وتقرب‪ ،‬سريا ال دمويا‪ ،‬في االفخارستيا‪ ،‬على يد الكهنة‪ ،‬باسم الكنيسة كلها‬
‫جمعاء‪ ،‬إلى يوم مجىء الرب " ‪.‬‬

‫‪ 2093‬ـ وال ينضم إلى تقدمة المسيح االعضاء الذين ال يزالون في هذه الدنيا‬
‫وحسب‪ ،‬بل الذين دخلوا أيضا مجد السماء‪ :‬فالكنيسة تقرب الذبيحة االفخارستية‬
‫متحدة بالعذراء مريم الفائقة القداسة ومنوهة بذكرها‪ ،‬ومنضمة إلى جميع القديسين‬
‫والقديسات في االفخارستيا‪ ،‬كما عند قدم الصليب‪ ،‬تتحد الكنيسة مع مريم‪ ،‬في‬
‫تقدمة المسيح وشفاعته ‪.‬‬

‫‪ 2092‬ـ وتقرب الذبيحة االفخارستية أيضا من أجل الموتى المؤمنين " الذين رقدوا‬
‫في المسيح ولم يحظوا بعد بملء الطهارة " ليستطيعوا الولوج في نور المسيح‬
‫وسالمه ‪.‬‬
‫" ادفنوا هذا الجثمان أينما شئتم ! وال يعكرنكم‪ ،‬في شانه‪ ،‬أى هم ! وكل ما اسألكم‬
‫أن تذكرونى عند مذبح الرب‪ ،‬أينما كنتم " ‪.‬‬
‫" ثم إننا نصلى (في األنافورة) من اجل اآلباء واالسقافة القديسين الراقددين‪،‬‬
‫وبعامة من اجل جميع الذين رقدوا قبلنا‪ ،‬معتقدين أن ذلك يعود بجزيل الفائدة على‬
‫النفوس التي نرفع االبتهال الجلها‪ ،‬بينما تمثل أمامنا الضحية المقدسة والرهيبة‬
‫(‪ )...‬عندما نرفع إلى هللا ابتهاالتنا من اجل الذين رقدوا‪ ،‬وإن خطأة‪ ،‬إنما (‪). ..‬‬
‫نقرب المسيح المذبوح بسبب خطايانا‪ ،‬ونستعطف هللا المحب البشر‪ ،‬ألجلهم‬
‫وألجلنا"‪.‬‬

‫‪ 2090‬ـ لقد لخص القديس أوغسطينوس‪ ،‬بطريقة رائعة‪ ،‬هذه العقيدة التي تحثنا‬
‫على ان نشترك اشتراكا أكمل في ذبيحة فادينا التي نحتفل بها في االفخارستيا ‪.‬‬
‫" هذه المدينة المقتداه برمتها‪ ،‬أى جماعة القديسين ومجتمعهم‪ ،‬يقربها إلى هللا‬
‫ذبيحة شاملة الكاهن االعظم الذي اتخذ صورة عبد وذهب إلى حد تقدمة ذاته في‬
‫االمه الجلنا‪ ،‬ليجعلنا جسدا العظم رأس (‪ )..‬تلك هي ذبيحة المسيحين ‪ ":‬أن‬
‫يكونوا‪ ،‬في كثرتهم‪ ،‬جسدا واحدا في المسيح " (رو ‪ )1 :21‬وهذه الذبيحة ال تنى‬
‫الكنيسة تجددها في سر المذبح الذي يعرفه المؤمنون حق المعرفة وحيث يتبين لها‬
‫انها هي نفسها مقربة في شخص الذي تقربه "‪.‬‬

‫حضور المسيح بقوة كلمته وبقوة الروح القدس‬


‫‪ 2090‬ـ " المسيح يسوع الذي مات‪ ،‬ثم قام‪ ،‬وهو إلى يمين هللا يشفع لنا " (رو ‪:8‬‬
‫‪ )01‬ال ينفك حاضرا في كنيسته بوجوه كثيرة‪ :‬في كالمه‪ ،‬وفى صالة كنيسته " ألنه‬
‫حيثما اجتمع اثنان أو ثالثة باسمى‪ ،‬فأنا أكون هناك في وسطهم " (متى ‪13 :28‬‬
‫)‪ ،‬وفى الفقراء والمرضى والمساجين وفى اسراره التي وضعها‪ ،‬وفى ذبيحة‬
‫القداس‪ ،‬وفى شخص خادم السر‪ " ،‬وبأعلى درجة‪ ،‬في االشكال االفخارستية "‪.‬‬
‫‪ 2091‬ـ طريقة حضور المسيح في األشكال االفخارستية طريقة فريدة‪ ،‬ترفع‬
‫االفخارستيا فوق جميع األسرار‪ ،‬وتجعل منها " كمال الحياة الروحية والغاية التي‬
‫تهدف إليها جميع األسرار " فسر االفخارستيا األقدس يحتوى حقا وحقيقيا‬
‫وجوهريا جسد ربنا يسوع المسيح ودمه مع نفسه وألوهيته‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فهو يحتوى‬
‫المسيح كله كامال " هذا الحضور يسمى " حقيقيا "‪ ،‬ال بمعنى المنافاة‪ ،‬كما لو‬
‫كانت سائر أشكال حضوره غير " حقيقة "‪ ،‬بل بمعنى التفوق‪ ،‬ألن حضور المسيح‬
‫في االفخارستيا حضور جوهرى‪ ،‬وبه يكون المسيح اإلله واالنسان حاضرا كله‬
‫كامال "‪.‬‬

‫‪ 2091‬ـ ويكون المسيح حاضرا في هذا السر‪ ،‬يتحول الخبز والخمر إلى جسد‬
‫المسيح ودمه‪ ،‬وقد اكد آباء الكنيسة تاكيدا حازما إيمان الكنيسة بفعل كالم المسيح‬
‫وعمل الروح القدس‪ ،‬في عملية التحويل هذه‪ .‬وقد صرح القديس يوحنا الذهبى الفم‬
‫بقوله ‪:‬‬
‫" ليس اإلنسان هو الذي يحول القرابين إلى جسد المسيح ودمه‪ ،‬بل المسيح نفسه‬
‫الذي صلب ألجلنا الكاهن‪ ،‬صورة المسيح‪ ،‬ينطق بهذه الكلمات ولكن الفعل والنعمة‬
‫هما من هللا‪ :‬يقول‪ " :‬هذا هو جسدى "‪ .‬وهذه الكلمة تحول القرابين "‬
‫ويقول القديس أمبروسيوس في شان هذا التحول ‪:‬‬
‫لنقتنع من أن " هذا ليس من فعل الطبيعة بل من فعل التقديس بالبركة‪ ،‬وأن قوة‬
‫البركة تتفوق على الطبيعة‪ ،‬ألن الطبيعة نفسها تتحول بالبركة " كلمة المسيح التي‬
‫خلقت االشياء من ال شىء أال تقدر أن تحول الموجودات إلى ما لم تكنه من قبل ؟‬
‫والشك أن منح االشياء طبيعتها االولى ليس بأقل من تحويلها "‪.‬‬

‫‪ 2099‬ـ يلخص المجمع التريدنتينى االيمان الكاثوليكيى بقوله ‪ ":‬بما ان المسيح‬


‫فادينا قال لنا إن ما يقربه تحت شكل الخبز هو حقا جسده‪ ،‬قد أيقنت الكنيسة دوما‬
‫هذه العقيدة التي يعلنها المجمع ثانية‪ :‬بتكريس الخبز والخمر يتحول كل جوهر‬
‫الخبز إلى جوهر جسد المسيح ربنا‪ ،‬وكل جوهر الخمر إلى جوهر دمه‪ ،‬هذا التغير‪،‬‬
‫قد أصابت الكنيسة بتسميته التحول الجوهرى " ‪.‬‬

‫‪ 2099‬ـ حضور المسيح االفخارستى يبدأ في لحظة التكريس ويستمر مادامت‬


‫االشكال االفخارستيا صامدة‪ .‬المسيح حاضر كله في كل من االشكال وفى كل جزء‬
‫منها بحيث ال يتجزأ المسيح بتجىء الخبز ‪.‬‬

‫‪ 2098‬ـ العبادة االفخارستية‪ :‬في ليترجيا القداس نعبر عن ايماننا بحضور المسيح‬
‫الحقيقى تحت أشكال الخبز والخمر بطرق مختلفة‪ ،‬منها إحناء الركب أو االنحناء‬
‫العميق إعرابا عن تعبدنا للرب " إن الكنيسة كانت والتزال تؤدى عبادة السجود‬
‫هذه التي يجب ان تؤديها لسر االفخارستيا‪ ،‬ليس فقط وقت القداس‪ ،‬بل خارج‬
‫االحتفال به أيضا‪ :‬وذلك بحفظ االجزاء المكرسة بأعظم العناية وعرضها على‬
‫المؤمنين ليجعلوها باحتفاء ويطوفوا بها "‬

‫‪ 2097‬ـ الذخيرة المقدسة (بيت القربان) كانت معدة قبال لحفظ االفخارستيا حفظا‬
‫الئقا لتحمل إلى المرضى والمتعبين عن القداس ومع تعمق اإليمان في حضور‬
‫المسيح الحقيقى في االفخارستيا‪ ،‬ادركت الكنيسة معنى التعبد الصامت للرب‬
‫الحاضر تحت االشكال االفخارستية البد من ثم‪ ،‬من أن يوضع بيت القربان في مكان‬
‫من الكنيسة على جانب من اللياقة ويجب أن يصنع بحيث يظهر بوضوح حقيقة‬
‫حضور المسيح الراهن في السر المقدس ‪.‬‬

‫‪ 2083‬ـ من المفيد جدا أن المسيح اراد البقاء إلى جانب كنيسته بهذا الشكل الفريد‬
‫فإذا كان البد للمسيح من ان يغادر ذويه في شكله الظاهر أراد أن يهب لنا حضوره‬
‫السرى وإذا كان مزمعا أن يقدم ذاته على الصليب لخالصنا‪ ،‬أراد ان يترك لنا تذكار‬
‫الحب الذي به أحبنا " إلى أقصى الحدود " (يو ‪ )2 :20‬يبذل حياته فهو‪ ،‬بحضوره‬
‫االفخارستى‪ ،‬يبقى سريا بيننا‪ ،‬بقاءس من أحبنا وبذل ذاته ألجلنا‪ ،‬وذلك تحت‬
‫األشكال التي تعبر عن هذا الحب وثبته ‪.‬‬
‫"إن الكنيسة والعالم بحاجة شديدة إلى العبادة االفخارستية يسوع ينتظرنا في سر‬
‫المحبة‪ ،‬فال نبخل عليه بأوقات نذهب فيها للقائه‪ ،‬في جو من السجود والتأمل‬
‫المفعم باإليمان واألهبه للتفكير عن معاصى العالم وجرائمه‪ .‬وال نكفن أبدا عن‬
‫عبادته "‪.‬‬

‫‪ 2082‬ـ " وجود جسد المسيح الحقيقى ودم المسيح الحقيقى في هذا السر ‪،‬ن " ال‬
‫ندركه البته بالحواس ـ يقول القديس توما ـ بل بااليمان وحده المرتكز على سلطة‬
‫هللا "‪ .‬من هنا أن القديس كيرلس‪ ،‬عندما يفسر نص القديس لوقا‪" " 27 :11 ،‬‬
‫هذا هو جسدى الذي يبذل ألجلكم "‪ ،‬يصرح قائال ‪ ":‬ال تتساءل هل هذا صحيح بل‬
‫تقبل بإيمان كلمات الرب‪ ،‬ألنه هو‪ ،‬الحق‪ ،‬ال يكذب " ‪.‬‬
‫" انى أعبدك عبادة عميقة أيتها االلوهة المستترة‬
‫والماثلة حقا تحت هذه الظواهر ‪،‬‬
‫لك يذعن قلبى كله‬
‫النه يذعن كله في تأملك‬
‫ال البصر يدركك وال الذوق وال اللمس‬
‫وإنما نثق فقط بما يقال لنا ‪.‬‬
‫أؤمن بما قاله ابن هللا‬
‫وال شىء أصح من كالم الحقيقة هذا "‪.‬‬
‫‪ -9‬الوليمة الفصحية‬
‫‪ 2081‬ـ القداس هو‪ ،‬في آن واحد وبغير انفصال‪ ،‬التذكار القربانى الذي تستمر به‬
‫ذبيحة الصليب‪ ،‬والوليمة المقدسة التي فيها نشترك في جسد الرب ودمه يبدأ أن‬
‫االحتفال بالذبيحة االفخارستية يهدف كله إلى اتحاد المؤمنين بالمسيح اتحادا حميما‬
‫بواسطة المناولة فالمناولة إنما هي قبول المسيح نفسه الذي قدم ذاته ألجلنا ‪.‬‬

‫‪ 2080‬ـ المذبح الذي تلتثم الكنيسة حوله في االحتفال باالفخارستيا يمثل سرا واحدا‬
‫بوجهيه‪ :‬مذبح الذبيحة ومائدة الرب‪ .‬ويصح هذا بمقدار ما يرمز المذبح المسيحى‬
‫إلى المسيح نفسه‪ ،‬الحاضر وسط جماعة المؤمنين بصفته‪ ،‬في ان واحد‪ ،‬الضحية‬
‫المقربة لمصالحتنا مع هللا‪ ،‬وخبزا سماويا يقدم لنا‪ " :‬ما هو مذبح المسيح إال‬
‫صورة جسد المسيح ؟"‪ ،‬يقول القديس امبروسيوس‪ .‬وفى موضع آخر ‪ ":‬المذبح‬
‫يمثل جسد المسيح‪ ،‬وجسد المسيح موضوع على المذبح " وتعبر الليترجيا عن‬
‫هذه الوحدةة القائمة بين الذبيحة والمناولة في صلوات كثيرة هكذا‪ ،‬تصلى كنيسة‬
‫روما في االنافورة ‪.‬‬
‫" إننا نضرع إليك أيها االله القدير‪ ،‬فليحمل مالكك (هذه التقدمة )‪ ،‬في ظل مجدك‪،‬‬
‫إإألى مذبحك السماوى‪ ،‬حتى إذا ما تقبلنا ههنا‪ ،‬بتناولنا من المذبح‪ ،‬جسد ابنك‬
‫ودمه‪ ،‬نمتلىء من نعمتك وبركاتك"‪.‬‬

‫" خذوا فكلوا منه كلكم "‪ :‬المناولة‬


‫‪ 2081‬ـ إن الرب يوجه إلينا دعوة ملحة لتناوله في سر االفخارستيا ‪ ":‬الحق الحق‬
‫أقول لكم‪ :‬إذا لم تاكلوا جسد ابن االنسان وتشربوا دمه‪ ،‬فلن تكون فيكم الحياة (يو‬
‫‪. )10 :9‬‬

‫‪ 2081‬ـ لكى تلبى هذه الدعوة‪ ،‬علينا ان نتهيا لهذه اللحظة العظيمة المقدسة ويحثنا‬
‫القديس بولس على محاسبة ضمير ‪ ":‬من أكل خبز الرب أو شرب كأسه‪ ،‬ولم يكن‬
‫أهال لهما‪ ،‬فقد جنى على جسد الرب ودمه فليحاسب االنسان نفسه‪ ،‬قبل أن يأكل من‬
‫هذا الخبز ويشرب من هذه الكأس‪ .‬فمن أكل وشرب‪ ،‬وهو ال يرى فيه جسد الرب‪،‬‬
‫اكل وشرب الحكم على نفسه " (‪ 2‬كو ‪ 19 22‬ـ ‪ .)17‬فمن عرف نفسه في خطيئة‬
‫ثقيلة‪ ،‬عليه أن ينال سر المصالحة قبل ان يقدم على المناولة ‪.‬‬

‫‪ 2089‬ـ امام عظمة هذا السر‪ ،‬ال يسع المؤمن اال أن يستعيد‪ ،‬بتواضع وإيمان‬
‫الهب‪ ،‬كالم قائد المئة ‪ ":‬يارب‪ ،‬لست أهال ألن تدخل تحت سقفى ولكن يكفى أن‬
‫تقول كلمة فتبرأ نفسى " وفىى الليترجيا اإللهية‪ ،‬للقديس يوحنا الذهبى الفم‪ ،‬يصلى‬
‫المؤمنون في نفس هذه النفحة‪:‬‬
‫" إقبلنى اليوم شريكا في عشائك السرى يا ابن هللا‪ ،‬فإنى ال أقول سرك ألعدائك‪،‬‬
‫وال اقبلك مثل يهوذا بل كاللص أعترف لك‪ :‬أذكرنى يارب في ملكوتك "‪.‬‬
‫‪ 2089‬ـ على المؤمنين أن يراعوا الصوم المفروض في كنيستهم ليحسنوا‬
‫االستعداد لقبول هذا السر ويجب ان يعبر الجسم (بلياقة هندامة وتصرفاته) عما‬
‫تكنه هذه اللحظة التي يصبح فيها المسيح ضيفنا‪ ،‬من معانى االحترام والحفاوة‬
‫والبهجة ‪.‬‬

‫‪ 2088‬ـ وينطبق على معنى االفخارستيا بالذات أن يتناولوا المؤمنون عندما‬


‫يشتركون فيها في القداس‪ ،‬بشرط أن يتحلوا باالستعدادات المطلوبة ‪ ":‬يحرص‬
‫المؤمنونبشدة على ان يشتركوا في القداس بوجه أكمل‪ ،‬فيتناولوا‪ ،‬بعد تناول‬
‫الكاهن‪ ،‬من نفس ذبيحة جسد الرب "‬

‫‪ 2087‬ـ ونلزم الكنيسة المؤمنون بأن يشتركوا في الليترجيا اإللهية أيام اآلحاد‬
‫واالعياد " وأن يتناولوا االفخارستيا أقله مرة في السنة‪ ،‬في الزمن الفصحى إذا‬
‫أمكن ذلك‪ ،‬ويستعدوا لها بسر المصالحة بيد أن الكنيسة تحت المؤمنين بشدة على‬
‫اأن يتناولوا االفخارستيا المقدسة أيام اآلحاد واالعياد‪ ،‬بل أكثر من ذلك ايضا‪،‬‬
‫وحتى كل يوم ‪.‬‬

‫‪ 2073‬ـ نظرا إلى حضور المسيح السرى في كال الشكلين‪ ،‬فالتناول تحت شكل‬
‫الخبز فقط يتيح اإلفادة من كل ثمار نعمة االفخارستيا هذه الطريقة في المناولة قد‬
‫رسخت شرعيا في الطقس الالتينى‪ ،‬فأضحت‪ ،‬ألسبابا رعائية‪ ،‬هي الطريقة األكثر‬
‫شيوعا ‪ ":‬المناولة المقدسة تحقق‪ ،‬بطريقة أكمل‪ ،‬وجهها الرمزى عندما تتم تحت‬
‫الشكلين فبهذا الوجه يظهر‪ ،‬بطريقة أكمل‪ ،‬رمز المائدة االفخارستية‪ ،‬وهذه الطريقة‬
‫المتبعة عادة للمناولة في الطقوس الشرقية ‪.‬‬

‫ثمار المناولة‬
‫‪ 2072‬ـ المناولة تنمى اتحادنا بالمسيح‪ .‬قبول االفخارستيا في المناولة‪ ،‬ثمرته‬
‫االولى االتحاد الحميم بيسوع المسيح فالرب يقول لنا ‪ ":‬من يأكل جسدى ويشرب‬
‫دمى يثبت في وأنا فيه " (يو ‪ )19 :9‬والحياة في المسيح ركيزتها الوليمة‬
‫االفخارستية ‪ ":‬كما ان اآلب الحى أرسلنى وأنى أحيا باآلب‪ ،‬فكذلك الذي يأكلنى‬
‫سيحيا بى " (يو ‪. )19 :9‬‬
‫" عندما يتناول المؤمنون جسد االبن‪ ،‬في اعياد الرب‪ ،‬يبشر بعضهم بعضا بأن‬
‫عربون الحياة قد أعطى‪ ،‬كما جرى ذلك عندما قال المالك لمريم المجدلية ‪ ":‬قام‬
‫المسيح "‪ .‬هكذا اآلن أيضا يعطى كل من يتناول المسيح الحياة والقيامة "‬

‫‪ 2071‬ـ مفعول الطعام في حياتنا الجسدية‪ ،‬تحققه المناولة بطريقة عجيبة في‬
‫حياتنا الروحية‪ .‬االشتراك في جسد المسيح القائم " الذي يحييه الروح القدس‬
‫ويفيض فينا الحياة "‪ ،‬يصون حياة النعمة التي تلقيناها في المعمودية‪ ،‬وينميها‬
‫ويجددها‪ .‬هذا النمو في الحياة المسيحية يحتاج إلى غذاء المناولة االفخارستية‪،‬‬
‫خبز حجنا (في هذه الحياة) إلى ان تحين ساعة الموت فنعطاه زادا (للحياة األبدية) ‪.‬‬

‫‪2070‬ـ المناولة تفصلنا عن الخطيئة جسد المسيح الذي ناخذه قد " بذل ألجلنا‪،‬‬
‫والدم الذي نشربه قد " سفك عن الكثيرين لمغفرة الخطايا " وبالتالى فاالفخارستيا‬
‫ال تستطيع أن تضمنا إلى المسيح‪ ،‬من دون ان تطهرنا من الخطايا السالفة وتحفظنا‬
‫من الخطايا اآلتية ‪:‬‬
‫" كل مرة ن تناولة‪ ،‬نخبر بموت الرب‪ .‬فعندما نبشر بموت الرب‪ ،‬نبشر بمغفرة‬
‫الخطايا وإذا كان كل مرة يراق دمه إنما يراق لمغفرة الخطايا‪ ،‬فعلى أن اتناوله دائما‬
‫لكى يصفح دائما عن خطاياى فأنا الذي يرتكب الخطيئة دائما‪ ،‬احتاج دائما إلى‬
‫عالج "‪.‬‬

‫‪ 2071‬ـ كما ان الطعام الجسدى يعيد القوى المفقودة‪ ،‬كذلك االفخارستيا تقوى‬
‫المحبة التي تنزع إلى التناقص في الحياة اليومية‪ .‬هذه المحبة‪ ،‬إذا انتعتشت‪ ،‬تمحو‬
‫الخطايا العرضية‪ ،‬عندما يبذل لنا المسيح ذاته‪ ،‬ينعش محبتنا ويمكننا من أن نصرم‬
‫ما يفيدنا بالخالئق من عالئق مشوشة‪ ،‬ونتأصل فيه ‪.‬‬
‫" لقد مات المسيح حبا بنا‪ ،‬فعندما نتذكر موته وقت الذبيحة‪ ،‬نساله أن توهب لنا‬
‫المحبة بحلول الروح القدس إننا ندعوه بتواضع أن نتلقى‪ ،‬نحن أيضا‪ ،‬نعمة الروح‬
‫القدس‪ ،‬بفعل هذه المحبة التي دفعت المسيح إلى ان يموت ألجلنا‪ ،‬ويصبح العالم‬
‫مصلوبا عندنا ونصبح نحن مصلوبين عند العالم‪ )...( ،‬لقد تلقينا موهبة المحبة‬
‫فلنمت عن الخطيئة ولنحى هلل " ‪.‬‬

‫‪ 2071‬ـ المحبة التي توقدها االفخارستيا فينا تحررنا من الخطايا المميته اآلتيه‪.‬‬
‫فبمقدار ما نشترك في حياة المسيح ونتقدم في صداقته‪ ،‬يمسى أصعب علينا أن‬
‫ننفصل عنه بالخطيئة المميته االفخارستيا ال تهدف إلى محو الخطايا المميته‪ ،‬فذلك‬
‫من خصائص سر المصالحة واما اإلفخارستيا فتتميز بأنها سر الذين ينعمون بملء‬
‫الشركة مع الكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 2079‬ـ وحدة الجسد السرى‪ :‬اإلفخارستيا تصنع الكنيسة فالذين ينالون‬


‫االفخارستيا يتحدون بالمسيح اتحادا أوثق‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالمسيح يجعلهم متحدين‬
‫بجميع المؤمنين في جسد واحد‪ :‬أى الكنيسة‪ .‬المناولة تجدد وتقوى وتعمق هذا‬
‫االندماج في الكنيسة الذي تحقق لنا بالمعمودية‪ .‬بالمعمودية دعينا إلى أن نكون‬
‫جسدا واحدا وباالفخارستيا تتحقق هذه الدعوة ‪ ":‬كأس البركة التي نباركها أليست‬
‫هي شركة في دم المسيح ؟ والخبز الذي نكسره اليس هو شركة في جسد المسيح ؟‬
‫فيما أن الخبز واحد‪ ،‬فنحن الكثيرين جسد واحدا‪ ،‬ألنا جميعا نشترك في الخبز‬
‫الواحد (‪ 2‬كو ‪ 29 :23‬ـ ‪: )29‬‬
‫" إذا كنتم جسد المسيح وأعضاءه‪ ،‬فسركم هو الموضوع على مائدة الرب‪،‬‬
‫وتتناولون سركم تحييون " آمين " (نعم‪ ،‬هذا حق) على ما تتناولون‪ ،‬وتصادقون‬
‫عليه بجوابكم إنك تسمع هذه الكلمة ‪ ":‬جسد المسيح " وتجيب ‪ ":‬آمين " كن‬
‫عضوا في المسيح لتكون " اآلمين " عندك صحيحة "‪.‬‬

‫‪ 2079‬ـ االفخارستيا تجندنا في خدمة الفقراء‪ :‬لكى نقبل‪ ،‬في الحق‪ ،‬جسد المسيح‬
‫ودمه المبذولين لجلنا‪ ،‬علينا أن نوتسم المسيح في أخوته األشد فقرا ‪:‬‬
‫" لقد ذقت دم الرب ونت ال تعترف حتى بأخيك إنك تدنس هذه المائدة ذاتها‪ ،‬عندما‬
‫تحسب غير أهل لمقاسمة طعامكك ذاك الذي حسب اهالا ليشترك في هذه المائدة لقد‬
‫حررك هللا من كل ذنوبك ودعاك إلى هذه المائدة‪ ،‬وأنت‪ ،‬حتى في هذه المناسبة‪ ،‬لم‬
‫تزدد فيك الشفقة "‪.‬‬

‫‪ 2078‬ـ االفخارستيا ووحدة المسيحين أمام عظمة هذا السر‪ ،‬يهتف القديس‬
‫أوغسطينوس‪ " :‬يا لسر التقوى ! يا لعالمةة الوحدة ! يا لرباط المحبة ! " كلما‬
‫تقاقم شعورنا بألم االنقسامات التي تفسح الكنيسة وتصدع اشتراكنا في مائدة الرب‪،‬‬
‫ازدادت أدعيتنا إلى هللا لجاجة لتعود أيام الوحدة الكاملة بين جميع المؤمنين به ‪.‬‬

‫‪ 2077‬ـ الكنائس الشرقية التي ليست على ملء الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية‬
‫تحتفل باالفخارستيا احتفاال مفعما بالحب ‪ ":‬هذه الكنائس‪ ،‬على انفصالها‪ ،‬تملك‬
‫اسرارا حقيقية‪ ،‬وال سيما بفعل الخالفة الرسولية‪ :‬الكهنوت واالفخارستيا اللذين‬
‫يضمانها إلينا ضما وثيقا " لذلك " ان بعض االشتراك في االقداس‪ ،‬وبالتالى في‬
‫االفخارستيا‪ ،‬في االحوال المؤاتيه‪ ،‬وبموافقة السلطة الكنسية‪ ،‬ليس هو فقط في‬
‫حكم الممكن‪ ،‬بل في حكم المحبذ أيضا "‪.‬‬

‫‪ 2133‬ـ إن الجماعات الكنسية المنبثقة عن حركة االصالح والمنفصلة عن الكنيسة‬


‫الكاثوليكية " لم تحتفظ بجوهر السر االفخارستى كامال‪ ،‬خصوصا بسبب فقدان سر‬
‫الكهنوت عندها ومن ثم‪ ،‬ال يجوز‪ ،‬في نظر الكنيسة الكاثوليكية إقامة الشركة‬
‫االفخارستية مع هذه الجماعات ولكن هذه الجماعات الكنسية " عندما تحتفل‬
‫بذكرى موت الرب وقيامته في العشاء المقدس‪ ،‬تشهد بأن الحياة قوامها االتحاد‬
‫بالمسيح وتنتظر رجعته المجيدة " ‪.‬‬

‫‪ 2132‬ـ يستطيع الخدمة الكاثوليك‪ ،‬في حال الضرورة الخطيرة والملحة‪ ،‬وامتثاال‬
‫لحكم الرئيس المحلى‪ ،‬ان يمنحوا األسرار (االفخارستيا والتوبة ومسحة المرضى)‬
‫للمسيحين اآلخرين الذين ليسوا على ملء الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬بشرط‬
‫أن يطلبوها بملء إرادتهم وعليهم‪ ،‬عندئذ‪ ،‬أن بعلنوا اإليمان الكاثوليكى في شان‬
‫هذه األسرار‪ ،‬ويتحلوا باالستعدادات المطلوبة ‪.‬‬
‫‪ -9‬االفخارستيا ـ " عربون المجد اآلتى "‬
‫‪ 2131‬ـ في صالة قديمة‪ ،‬تهتف الكنيسة مهللة لسر االفخارستيا ‪ ":‬يا أيها الوليمة‬
‫المقدسة التي تصير المسيح طعامنا‪ ،‬وتحى ذكرى آالمه‪ ،‬وتفعم بالنعمة نفسنا‬
‫وتعطينا عربون الحياة اآلتيه‪ .‬فاالفخارستيا هي‪ ،‬والشك‪ ،‬تذكار فصح الرب‪،‬‬
‫وباشتراكنا في المذبح نمتلىء " من كل بركة سماوية ونعمة " ولكن االفخارستيا‬
‫هي أيضا استباق للمجد السماوى ‪.‬‬

‫‪ 2131‬ـ في العشاء األخير‪ ،‬لقت الرب نفسه تالميذ إلى اكتمال الفصح في ملكوت‬
‫هللا ‪ ":‬اقول لكم‪ :‬لن أشرب بعد اآلن من عصير الكرمة هذا حتى ذلك اليوم الذي فيه‬
‫أشربه معكم جديدا في ملكوت أبى " (متى ‪ .) 17 :19‬كل مرة تحتفل الكنيسة‬
‫باالفخارستيا‪ ،‬تتذكر هذا الوعد‪ ،‬وترنو بنظرها إلى " من سيأتى " (رؤ ‪.) 1 :2‬‬
‫وفى صالتها تلتمس مجيئه ‪ ":‬ماراناثا " (‪ 2‬كو ‪ " ،) 11 :29‬تعال ايها الرب‬
‫يسوع ‪ (،‬رؤ ‪ " ،) 13 :11‬لتأت نعمتك وليعبر هذا العالم ! "‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪ 21399‬ـ قال يسوع‪ " :‬أنا الخبز الحى الذي نزل من السماء من ياكل من ههذا‬
‫الخبز يجىء إلى اال بد (‪ )....‬من يأكل جسدى ويشرب دمى فله الحياة األبدية (‪)...‬‬
‫يثبت في وأنا فيه " (يو ‪. )19 ،11 ،12 :9‬‬

‫‪ 2139‬ـ االفخارستيا هي قلب حياة الكنيسة وقمتها‪ ،‬بها يشرك المسيح كنيسته وكل‬
‫اعضائها في ذبيحة الحمد والشكر التي قربت البيه مرة واحدة على الصليب‪ .‬بهذه‬
‫الذبيحة يفيض المسيح نعم الخالص على جسده‪ ،‬أى الكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 2138‬ـ االحتفال االفخارستى هي تذكار فصح المسيح‪ :‬أى تذكار عمل الخالص‬
‫الذي حققه المسيح بحياته وموته وقيامته والذى يغدو ماثال في واقع العمل‬
‫الليترجى ‪.‬‬

‫‪ 2123‬ـ ان المسيح الكاهن االبدي االعظم للعهد الجديد هو الذي يقرب اىلذبيح‬
‫االفخارستية بواسطة الكهنة والمسيح هو نفسة أيضا المقرب في الذبيحة الليترجية‬
‫حاضرا حضورا حقيقيا تحت اشكال الخبز والخمر‬

‫‪ -2122‬الكهنة الذين نالوا سر الكهنوت بطريقة صحيحية هم وحدهم مخولون ان‬


‫يرئسوا االفخارستيا ويقدسوا الخبز والخمر ليصيروا جسد الرب ودمه‬
‫‪ -2121‬خبز الحنطة وخمر الكرمة هما الشكالن الجوهريان في سر االفخارستيا‬
‫عليهما تستدعي بركة الروح القدس ويلفظ الكاهن كلمات التقديس التي نطق بهما‬
‫يسوع في العشاء األخير هذا هو جسدي الذي يكسر الجلكم هذه هي كاس دمي‬
‫‪ -2120‬بالتقديس يتم تحول الخبز والخمر جوهريا إلى جسد المسيح ودمه وتحت‬
‫اشكال الخبز والخمر التي جري عليها التقديس يحضر المسيح نفسه حيا وممجدا‬
‫حضورا حقيقيا وواقعيا وجوهريا بجسدة ودمه ونفسه والوهيته‬

‫‪ -2121‬ان االفخارستيا بوصفها ذبيحة تقرب أيضا تكفيرا عن خطايا االحياء‬


‫واالموات والتماسا الفضال هللا الروحية والزمنية‬

‫‪ -2121‬من اراد ان يقبل المسيح في المناولة االفخارستيا علية ان يكون في حالة‬


‫النعمة فاذا تنبة احد إلى انه ارتكب خطا مميتا فعلية اال يتناول االفخارستيا قبل ان‬
‫ينال الحل من ذنوبه في سر التوبة‬

‫‪ -2129‬االشتراك المقدس في جسد المسيح ودمه ينمى اتحاد المؤمن مع الرب‬


‫ويغفر له ذنوبه العرضية ويحفظة من الخطايا المميتة وبما ان عري المحبة بين‬
‫المشترك في االفخارستيا والمسيح تزداد متانة فتقبل هذا السر يقوي وحدة الكنيسة‬
‫جسد المسيح السري‬

‫‪ -2129‬ان الكنيسة تشجع المؤمنين بشدة علي تقبل المناولة المقدسة عندما‬
‫يشتركون في االحتفال باالفخارستيا وتلزمهم بذلك اقلة مرة في السنة‬

‫‪ -2128‬بما ان المسيح حاضر في سر المذبح فعلينا ان نحوطه باالكرام والعبادة‬


‫زيارة القربان االقدس هي دليل معرفة جميل وعالمة حب وواجب عبادة تجاة‬
‫المسيح ربنا‬

‫‪ -2127‬عندما انتقل المسيح من هذا العالم إلى ابية ترك لنا االفخارستيا عربون‬
‫المجد لدية فاالشتراك في الذبيحة المقدسة يجعلنا في شبه قلبة ويسند قوانا في‬
‫دروب هذه الحياة ويشوقنا إلى الحياة االبدية ويضمنا منذ االن إلى كنيسة السماء‬
‫والقديسة العذراء مريم وجميع القديسين‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أسرار الشفاء‬

‫‪ -2113‬اسرار التنشئة المسيحية تمنح االنسان حياة المسيح الجديدة ولكن هذه‬
‫الحياة انما نحملها في انية من خزف (‪ 1‬كو ‪ )9 :1‬انها ال تزال االن مستترة مع‬
‫المسيح في هللا (كو ‪ )0 :0‬وال تزال في مسكننا االرضي المعرض للعذاب والمرض‬
‫والموت هذه الحياة الجديدة التي تجعلنا ابناء هللا يمكن ان تضعف بل ان تتلف‬
‫بالخطيئة‬

‫‪ -2112‬ان الرب يسوع المسيح طبيب نفوسنا واجسالدنا الذي غفر للمقعد خطاياة‬
‫واعاد الية صحة البدن اراد لكنيسته ان تواصل في قوة الروح القدس عمل الشفاء‬
‫والخالص حتي العضائها انفسهم وهذا ما يهدف الية سرا الشفاء سر التوبة وسر‬
‫مسحة المرضى‬

‫المقـال الرابع‪ 2‬سر التوبة والمصالحة‬

‫‪ – 2111‬ان الذين يقبلون إلى سر التوبة يصيبون من رحمة هللا مغفرة االهانة التي‬
‫الحقوها به ويتصالحون في الوقت نفسه مع الكنيسة التي جرحوها بخطيئتهم والتي‬
‫تسعي بمحبتها ومثالها وصالتها في سبيل توبتهم‬

‫‪ -2‬االسماء التي تطلق علي هذا السر‬


‫‪ -2110‬انه يسمى سر الهداية النه يحقق سريا دعوة يسوع إلى االرتداد أي العودة‬
‫إلى االب الذي ابتعدنا عنه بالخطيئة ويسمى سر التوبة النه يكرس مسعي اهتداء‬
‫وتوبة وتكفير يقوم به المسيحي الخاطئ‬

‫‪ -2111‬ويسمى سر االعتراف الن االقرار واالعتراف بالخطايا امام الكاهن هو‬


‫عنصر جوهري من عناصر هذا السر وهذا السر بمفهومه العميق هو أيضا اعتراف‬
‫أي تسبيح حمد لقداسة هللا وشفقته علي االنسان الخاطئ ويسمى سر الغفران الن‬
‫هللا يمن علي الخاطئ بالغفران والسالم بواسطة الحل السري الذي يمنحة الكاهن‬
‫ويسمى سر المصالحة النه يمنح حب هللا الة المصالحة تصالحوا مع هللا (‪ 1‬كو ‪:1‬‬
‫‪ ) 13‬وكل من يحيا بحب هللا الرحيم بوسعه ان يلبى نداء الرب اذهب اوال وصالح‬
‫اخاك (متى ‪)11 :1‬‬

‫‪ -1‬لماذا سر المصالحة بعد المعمودية‬


‫‪ -2111‬لقد غسلتم بل قدستم بل برزتم باسم ربنا يسوع المسيح وبروح الهنا (‪ 2‬كو‬
‫‪ )22 :9‬البد من ان ندرك عظمة عطية هللا التي انعم بها علينا عبر اسرار التنشئة‬
‫المسيحية لكي ندرك إلى أي مدي يجب علي المسيحي الذي لبس المسيح ان ينفض‬
‫الخطيئة عنه ولكن الرسول القديس يوحنا يقول أيضا اذا زعمنا اننا بال خطيئة‬
‫خدعنا انفسنا ولم نكن علي الحق (‪ 2‬يو ‪ )8 :2‬والرب علمنا ان نصلي اغفر لنا‬
‫ذنوبنا (لو ‪ )1 :22‬وقد جعل صفح هللا عن خطايانا رهنا بتبادل الصفح بيننا وبين‬
‫االخرين‬
‫‪ -2119‬االرتداد إلى المسيح والوالدة الجديدة بالمعمودية وموهبة الروح‬
‫القدسوجسد المسيح ودمه اللذان نتناولهما طعاما كل هذا قد جعلنا قديسين وبال‬
‫عيب عندة (اف ‪ )1 :2‬علي غرار الكنيسة نفسها عروس المسيح المقدسة والبريئة‬
‫من العيب (اف ‪ )19 :1‬بيد ان الحياة الجديدة التي تلقيناها في فترة التنشئة‬
‫المسيحية لم تلغ هشاشة الطبيعة البشرية وضعفها وال النزوع إلى الخطيئة الذي‬
‫يسمية التقليد شهوة والذي يلبث في المعمدين ليؤدوا الدليل بمعونة نعمة المسيح‬
‫علي امانتهم في الجهاد الذي تتطلبة الحياة المسيحية هذا الجهاد هو جهاد االرتداد‬
‫إلى هللا بغية القداسة والحياة االبدية التي ال يني الرب يدعونا إليها‬

‫‪ -0‬ارتداد المعمدين‬
‫‪ -2119‬يسوع يدعونا إلى االرتداد الية هذا النداء هو جزء جوهري في بشري‬
‫الملكوت لقد تم الزمان واقترب ملكوت هللا فتوبوا وامنوا باالنجيل (مر ‪ )21 :2‬في‬
‫كرازة الكنيسة يتوجة هذا النداء اوال إلى الذين لم يعرفوا بعد المسيح وانجيلة ولذا‬
‫فالمعمودية هي الموقع الرئيسى لالرتداد االول واالساسي فبااليمان بالبشري‬
‫ا لسعيدة وبالمعمودية يعرض االنسان عن الشر وينال الخالص أي مغفرة كل‬
‫الخطايا وموهبة الحياة الجديدة‬

‫‪ -2118‬والواقع ان نداء المسيح إلى االرتداد ال يزال يدوى في حياة المسيحيين هذا‬
‫االرتداد الثاني مهمة مستمرة ال تنقطع في الكنيسة كلها التي تضم خطاة في حضنها‬
‫وهي في ان واحد مقدسة ومفتقرة دائما إلى التطهير وال تنى عاكفة علي التوبة‬
‫والتجدد هذا السعي إلى االرتداد ليس عمال بشريا وحسب بل هو من وحي القلب‬
‫المنسحق تجذبه النعمة وتحركة ليستجيب لحب هللا ابلشفوق الذي احبنا هو اوال ‪.‬‬

‫‪2117‬ـ ودليل ذلك ارتداد القديس بطرس‪ ،‬بعد أن انكر معلمه ثالثا‪ .‬لقد نظر إليه‬
‫يسوع بعين ملؤها الرافة‪ ،‬ففاضت دموعه توبة‪ ،‬وبعد قيامة الرب‪ ،‬اكد له حبه ثالثا‪.‬‬
‫هذا االرتداد يكتسى طابعا جماعيا‪ ،‬يظهر في نداء الرب إلى كنيسته بأجمعها ‪":‬‬
‫توبوا ! " (رؤ ‪. )29 ،1 :1‬‬
‫في شأن هذين االرتدادين‪ ،‬يؤكد القديس أمبروسيوس أن في الكنيسة " الماء‬
‫والدموع‪ :‬ماء المعمودية ودموع التوبة "‪.‬‬

‫‪ -1‬التوبة الباطنة‬
‫‪2103‬ـ دعوة يسوع إلى االرتداد والتوبة‪ ،‬على غرار دعوة األنبياء‪ ،‬ال تتوخى أوال‬
‫االعمال الظاهرة ‪ ":‬المسح والرماد "‪ ،‬واألصوام والتقشفات‪ ،‬بل ارتداد القلب‬
‫والتوبة الباطنة‪ ،‬بدون هذه التوبة الباطنة‪ ،‬تبقى أعمال التوبة الظاهرة عقيمة‬
‫زائفة‪ ،‬بينما االرتداد الباطن يهيب باإلنسان إلى ان يعبر توبته بأدلة حسية وأفعال‬
‫توبة أعمال ‪.‬‬

‫‪2102‬ـ التوبة الباطنة هي إعادة توجيه جذرية للحياة كلها‪ ،‬انها عودة وارتداد إلى‬
‫هللا من صميم قلبنا‪ ،‬وإمساك عن الخطيئة وبغض للشر‪ ،‬وكره لما افترقناه من‬
‫أعمال ذميمة وهى تنطوى‪ ،‬في الوقت نفسه على الرغبة والقصد في أن نجدد‬
‫حياتنا معتصمين برجاء رحمة هللا‪ ،‬والثقة بمعونة نعمته ارتداد القلب هذا يرافقه‬
‫توجع وحزن خالصيان سماهما اآلباء غم الروح‪ ،‬وانسحاق القلب ‪ 2101.‬ـ قلب‬
‫اإلنسان باهظ ومت صلب‪ ،‬والبد لإلنسان من قلب جديد ينفحه به هللا‪ .‬واالرتداد إنما‬
‫هو اوال عمل نعمة هللا الذي يرد قلوبنا إليه ‪ ":‬أعدنا يارب اليك فنعود " (مر‪:1 2‬‬
‫‪ .) 12‬ويؤتينا هللا قوة لنبدأ جديدا‪ .‬وعندما نكتشف عظمة محبة هللا‪ ،‬يتفطر قلبنا من‬
‫هول الخطيئة وثقلها‪ ،‬ويدرب فيه الحوف من أن يهين هللا وينفصل عنه‪ ،‬القلب‬
‫البشرى يرتد إلى هللا عندما يشخص إلى ذاك الذي طعنته معاصينا ‪:‬‬
‫" لنجعل عيوننا شاخصه إلى دم المسيح ولنفهم كم هو نفيس في نظر أبيه‪ ،‬ألنه‬
‫اريق ألجل خالصنا‪ ،‬فأسبغ على العالم كله نعمة التوبة "‪.‬‬

‫‪2100‬ـ منذ الفصح‪ ،‬والروح القدس يفحم العالم بشان الخطيئة وذلك بان العالم لم‬
‫يؤمن بمن أرسله اآلب‪ ،‬ولكن هذا الروح عينه الذي يفضح الخطيئة هو المعزى‬
‫الذي يلقى في قلب اإلنسان نعمة التوبة واالرتداد ‪.‬‬

‫‪ -1‬مختلف أنواع التوبة في الحياة المسيحية‬


‫‪ 2101‬ـ توبة اإلنسان الباطنة قد تتخذ تعابير غاية في التنوع‪ .‬ويلح الكتاب المقدس‬
‫واآلباء على ثالثة أشكال لها‪ :‬الصوم والصالة‪ ،‬والصدقة‪ ،‬وهى تعبر عن االرتداد‬
‫في عالقته مع الذات‪ ،‬ومع هللا ومع اآلخرين فإلى جانب التنقية الجذرية التي تتم‬
‫بالمعمودية أو باالستشهاد‪ ،‬يذكرون من بين الوسائل المعتمدة لتنيل مغفرة الخطايا‪:‬‬
‫الجهود المبذولة للتصالح مع القريب‪ ،‬ودموع التوبة‪ ،‬واالهتمام بخالص القريب‪،‬‬
‫وشفاعة القديسين وممارسة المحبة التي " تستر جما من الخطايا " (‪ 2‬بط ‪)8 :1‬‬
‫‪.‬‬

‫‪2101‬ـ في الحياة اليومية يتم االرتداد عبر أفعال مصالحة‪ ،‬واالهتمام بالمعوزين‬
‫وممارسة العدالى والحق والدفاع عنهما‪ ،‬واالقرار بالذنوب أمام اآلخرين‪ ،‬والتاديب‬
‫األخوى ومراجعة الحياة‪ ،‬ومحاسبة الضمير‪ ،‬واالرشاد الروحى‪ ،‬واحتمال االوجاع‬
‫والصبر على االضطهاد من اجل البر‪ ،‬ان نحمل الصليب كل يوم ونتبع يسوع هو‬
‫الطريق اآلمن إلى التوبة ‪.‬‬

‫‪2109‬ـ االفخارستيا والتوبة‪ :‬االرتداد والتوبة‪ ،‬كل يوم‪ ،‬منبعهما وغذاؤهما‬


‫االفخارستيا‪ ،‬ففيها تتجدد ذبيحة المسيح الذي صالحنا مع هللا باالفخارستيا يتغذى‬
‫ويتقوى الذين يحبون حياة المسيح " وهى الترياق الذي يعتنقنا من اخطائنا‬
‫اليومية ويصوننا من الخطايا المميته "‪.‬‬

‫‪2109‬ـ قراءة الكتاب المقدس وليترجيا الساعات وصالة االبانا وكل عمل خالص‬
‫من أأعمال العبادة والتقوى ينشط فينا روح الهداية والتوبة ويساهم في غفران‬
‫خطايانا ‪.‬‬

‫‪2108‬ـ اوقات التوبة وأيامها على مدار السنة الليترجية (زمن الصوم وكل جمعه‬
‫تذكارا لموت المسيح )‪ ،‬كلها أوقات مكثفة لممارسة التوبة في الكنيسة‪ .‬هذه‬
‫االوقات تنا سب‪ ،‬بطريقة خاصة الرياضات الروحية وليترجيات التوبة‪ ،‬والحج في‬
‫سبيل التوبة والتضحيات الطوعية كالصوم والصدقة والمشاركة االخوية (االعمال‬
‫الخيرية والرسولية) ‪.‬‬

‫‪ 2107‬ـ حركة االرتداد والتوبة وصفها يسوع وصفا رائعا في المثل المعروف‬
‫بمصل " االبن الشاطر "‪ ،‬ومحوره ‪ ":‬األب الرحيم "‪ :‬جاذبية الزائفة‪ ،‬النزوح عن‬
‫البيت االبوى؛ البؤس المدفع الذي آل اليه االبن بعد أن بدد ثروته؛ الخزى العميق‬
‫بسبب ما اجبر عليه من رعاية الخنازير؛ التأمل في الخيرات المفقودة؛ التوبة‬
‫وقراره االفضاء إلى أبيه بذنبه؛ طريق العودة؛ حفاوة الوالد به حفاوة سخية؛ فرح‬
‫األب‪ :‬هذه كلها مالمح ترسم مسار االرتداد‪ ،‬واما الحلة الفاخرة والخاتم ووليمة‬
‫العيد فهى رموز هذه الحياة الجديدة النقية الكريمة الزاخرة بالفرح‪ ،‬حياة اإلنسان‬
‫الذي يرجع إلى هللا والى حضن اسرته أى الكنيسة‪ .‬قلب المسيح الذي يسير وحده‬
‫أأعماق حب ابيه‪ ،‬استطاع أن يكشف لنا عميق رحمته‪ ،‬كشفا مشبعا بالبساطة‬
‫والروعة ‪.‬‬

‫‪ -9‬سر التوبة والمصالحة‬


‫‪ 2113‬ـ الخطيئة هي اوالً إهانة هلل وقطع للشركة معه‪ .‬وهى‪ ،‬في الوقت نفسه‬
‫مساس بالشركة مع الكنيسة‪ .‬ومن ثم فاالرتداد يستنزل علينا صفح هللا‪ ،‬ويحقق‬
‫المصالحة مع الكنيسة‪ ،‬في آن واحد‪ .‬وهذا ما يوحيه ويحققه‪ ،‬ليترجيا‪ ،‬سر التوبة‬
‫والمصالحة ‪.‬‬

‫هللا وحده يغفر الخطايا‬


‫‪ 2112‬ـ هللا وحده يغفر الخطايا‪ ،‬وألن يسوع هو ابن هللا‪ ،‬فهو يقول عن نفسه ‪:‬‬
‫" إن ابن البشر له سلطان يغفر به الخطايا في األرض " (مر ‪ ،) 23 :1‬ويمارس‬
‫هذا السلطان اإللهى ‪ ":‬مغفورة لك خطاياك " ‪ 3‬مر ‪ ،) 1 :1‬وهو‪ ،‬إلى ذلك‪ ،‬بفعل‬
‫سلطته اإللهية‪ ،‬يفوض إلى الناس هذا السلطان‪ ،‬يمارسونه باسمه ‪.‬‬
‫‪ 2111‬ـ لقد أراد المسيح أن تكون كنيسته بكاملها‪ ،‬في حياتها وصالتها وتصرفها‪،‬‬
‫عالمة ووسيلة للمغفرة والمصالحة اللتين استحقهما لنا بثمن دمه بيد انه وكل إلى‬
‫خلفائه في الخدمة الرسولية ممارسة سلطان الحل‪ ،‬وفوض إليهم " خدمة‬
‫المصالحة " (‪ 1‬كو ‪ .) 28 :1‬فالرسول مبعوث " باسم المسيح "‪ " ،‬وهللا نفسه "‬
‫هو الذى‪ ،‬من خالله‪ ،‬يحث ويناشد‪ " :‬صالحوا هللا " (‪ 1‬كو ‪.)13 :1‬‬

‫المصالحة مع الكنيسة‬
‫‪ 2110‬ـ إن يسوع‪ ،‬مدة حياته العلنية‪ ،‬لم يغفر الخطايا وحسب‪ ،‬بل أظهر أيضا‬
‫مفعول هذا الغفران‪ :‬لقد أعاد الخطأة الذين غفر لهم خطاياهم إلى حضن جماعة‬
‫شعب هللا‪ ،‬وكانت الخطيئة قد اقصتهم عنها بل نفتهم منها‪ ،‬وهناك دليل ساطع على‬
‫هذا‪ :‬وهو ان يسوع قد قبل الخطأة إلى مائدته‪ ،‬بل جلس هو نفسه إلى مائدتهم‪ ،‬وقد‬
‫اعرب بتصرفه هذا‪ ،‬بطريقة مؤثرة وفى آن واحد ‪،‬عن صفح هللا وعودة الخاطىء‬
‫إلى حضن شعب هللا ‪.‬‬

‫‪ 2111‬ـ لقد أعطى الرب الرسل ما له من سلطان خاص على مغفرة الخطايا‬
‫وأعطاهم أيضا السلطة إلجراء مصالحة الخطأة مع الكنيسة‪ .‬هذا الطابع الكنسى في‬
‫مهمتهم ينعكس خصوصا في الكلمة التي وجهها المسيح رسميا إلى سمعان بطرس‬
‫‪ ":‬سأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات " (متى ‪ " )27 :29‬مهمة الربط والحل هذه‬
‫التي اعطيت لبطرس‪ ،‬قد أعطيت أيضا لهيئة الرسل متحدين برئيسهم " ‪ 3‬متى‬
‫‪28 :28‬؛ ‪ 29 :18‬ـ ‪. )13‬‬

‫‪ 2111‬ـ وتعنى لفظتا الحل والربط‪ :‬أن من تعزلونه من شركتكم يعزل من شركته‬
‫مع هللا‪ .‬وأن تقبلونه ثانية في شركتكم‪ ،‬يقبله هللا أيضا في شركته‪ .‬فالمصالحة مع‬
‫الكنيسة ال تنفصل عن المصالحة مع هللا ‪.‬‬

‫سر الغفران‬
‫سر التوبة لجميع االعضاء الخطأة في الكنيسة‪ ،‬وفى طليعتهم‬‫‪ 2119‬ـ لقد وضع ّ‬
‫اولئك الذين‪ ،‬بعد المعمودية‪ ،‬سقطوا في الخطيئة الثقيلة وخسروا هكذا نعمة‬
‫المعمودية‪ ،‬وجرحوا الشركة الكنسية‪ .‬هؤالء يجدون في سر التوبة فرصة جديدة‬
‫لالرتداد إلى هللا واستعاده نعمة البرارة‪ .‬ويرى آباء الكنيسة في هذا السر "خشبة‬
‫(خالص) جديدة بعد الغرق الذي يحدثه فقدان النعمة" ‪.‬‬

‫‪ 2119‬ـ الصيغة العلمية التي اعتمدتها الكنيسة‪ ،‬عبر األجيال‪ ،‬في ممارسة هذا‬
‫السطالن الذي تلقته من الرب‪ ،‬قد تبدلت كثيرا‪ ،‬ففى االجيال االولى‪ ،‬كانت مصالحة‬
‫المسيحيين الذين افترقوا الكبائر العلنى عن خطاياهم‪ ،‬وذلك‪ ،‬غالبا‪ ،‬مدة سنين‬
‫طويلة قبل ان يحفظوا بالمصالحة " هيئة التائبين هذه‪( ،‬المحصورة في بعض‬
‫الخط ايا الثقيلة) لم يكن لينتمى إليها إال قلة من الناس‪ ،‬وفى بعض المناطق مرة‬
‫واحدة في الحياة‪ .‬في غصون القرن السابع‪ ،‬أدخل بعض المرسلين االيرلنديين إلى‬
‫اورويا القارية‪ ،‬بوحى من التقليد الرهبانى في الشرق‪ ،‬الطريقة الفردية " في‬
‫ممارسة التوبة ‪،‬معفاة من كل قيام علنى ولمدة طويلة بأعمال توبة قبل نيل‬
‫المصالحة مع الكنيسة‪ .‬وأمسى السر‪ ،‬مندئذ‪ ،‬يتم بطريقة فردية بين التائب والكاهن‪.‬‬
‫هذا النمط الجديد بما بات يفترضه من إمكان التكرار‪ ،‬أفسح الطريق إلى ممارسة‬
‫سر التوبة وممارسة متواترة‪ ،‬وأتاح للكاهن ان يمنح الصفح‪ ،‬في احتفال واحد‪ ،‬عن‬ ‫ّ‬
‫ال خطايا الثقيلة والخطايا العرضية‪ .‬هذه الصيغة في ممارسة سر التوبة هي‪ ،‬في‬
‫خطوطها الكبرى‪ ،‬الصيغة المرعية حتى اليوم في الكنيسة ‪.‬‬

‫‪ 2118‬ـ واننا لنالحظ ذات البنية األساسية عبر التطورات التي تقلب فيها هذا السر‪،‬‬
‫في نظامه وطريقة االحتفال به‪ ،‬على مر االجيال‪ ،‬فهناك عنصران جوهريان‬
‫متساويان في األهمية‪ :‬من جهة أعمال اإلنسان المرتد بفعل الروح القدس‪ ،‬وهى‬
‫التوبة واإلقرار بالخطايا‪ ،‬والكفارة؛ ومن جهة أخرى‪ ،‬عمل هللا بواسطة الكنيسة‪.‬‬
‫فالكنيسة التي تغفر الخطايا وتحدد طريقة التكفير عنها‪ ،‬بواسطة األسقف وكهنته‪،‬‬
‫وباسم يسوع المسيح تصلى‪ ،‬هي أيضا‪ ،‬ألجل الخاطىء وتشترك معه في عمل‬
‫التكفير وهكذا‪ ،‬يخطىء الخاطىء بالشفاء ويعود إلى حضن الشركة الكنسية‪.‬‬

‫‪ 2117‬ـ صيغة الحل المستعملة في الكنيسة الالتينية تعبر عن مقومات هذا السر‬
‫الجوهرية‪ :‬أبو المراحم هو ينبوع كل عفران‪ ،‬ويحقق مصالحة الخطأة بفصح ابنه‬
‫وموهبة روحه عبر صالة الكنيسة وخدمتها ‪:‬‬
‫"فليظهر لك هللا ابونا رحمته‪ ،‬هو الذي صالح العالم بموت ابنه وقيامتهه وارسل‬
‫الروح القدس لمغفرة الخطايا‪ .‬وليهب لك الصفح والسالم بواسطة الكنيسة وخدمتها‬
‫وانا اغفر لك خطاياك كلها بأسم اآلب واالبن والروح القدس"‪.‬‬

‫‪ -9‬أعمال التائب‬
‫‪ 2113‬ـ "إن التوبة تلزم الخاطىء بأن يتقبل بسرور هذه العناصر كلها‪ :‬الندم في‬
‫قلبه‪ ،‬واإلقرار بلسانه‪ ،‬وفى تصرفه تواضعا كامال أو تكفيرا مثمرا"‪.‬‬

‫الندامة‬
‫‪ 2112‬ـ تتصدر الندامة أفعال التائب كلها‪ .‬والندامة هي "ألم في النفس وكره‬
‫للخطيئة وعزم على اال نعود إليها من بعد"‬

‫‪ 2111‬ـ عندما تصدر الندامة عن حب هللا يفوق كل شىء تسمى " كاملة" (ندامة‬
‫المحبة) هذه الندامة تغفر الخطايا العرضية‪ ،‬وتحظى أيضا بمغفرة الخطايا المميته‬
‫إذا رافقها العزم على الثابت على اللجوء إلى سر االعتراف في أقرب فرصة‪.‬‬

‫‪ 2110‬ـ الندامة المسماه " ناقصه " هي أيضا عطية من هللا وحفز من الورح‬
‫القدس‪ ،‬يولدها اعتبار بشاعة الخطيئة والخوف من العقاب االبدى وسائر العواقب‬
‫التي تهدد الخاطىء (ندامة الخوف) هذه الهزة الضميرية قد تحدث بدء تطور باطن‬
‫يكتمل بالحلة السرية‪ ،‬بفعل الروح القدس‪ .‬ولكن الندامة الناقصة‪ ،‬بحد ذاتها‪ ،‬ال‬
‫تفوز بمغفرة الخطايا الثقيلة بل تمهد لنيلها في سر التوبة ‪.‬‬

‫‪ 2011‬ـ يحسن االستعداد لقبول هذا السر بمحاسبة الضمير‪ ،‬نقوم بها في ضوء‬
‫كلمة هللا‪ ،‬انسب النصوص لهذا الغرض نجده في وصايا هللا العشر وفى التعليم‬
‫االخالقى المتضمن في االنجايل ورسائل الرسل‪ :‬عظة الجبل‪ ،‬والتعاليم الرسولية ‪.‬‬

‫اإلقرار بالخطايا‬
‫‪ 2111‬ـ االعتراف بالخطايا (أو األقرار )‪ ،‬حتى من الناحية البشرية البحتة‪ ،‬يحررنا‬
‫ويسهل مصالحتنا مع اآلخرين‪ .‬اإلقرار يتيح لإلنسان أن يواجه االخطاء التي‬
‫اقترفها‪ ،‬ويتحمل مسؤوليتها‪ ،‬ويعود من ثانية إلى هللا والى الشركة الكنسية ليعد‬
‫لذاته مستقبال جديدا ‪.‬‬

‫‪ 2119‬ـ اإلقرار بالخطايا للكاهن هو جزء جوهرى في سر التوبة‪ " :‬على التائبين‬
‫أن يعدوا‪ ،‬في االعتراف‪ ،‬كل الخطايا المميته التي يتذكرونها‪ ،‬بعد محاسبة للنفس‬
‫متقنة‪ ،‬حتى وإن كانت هذه الخطايا حميمة‪ ،‬وأقتصرت على مخالفة الوصيتين‬
‫األخيرتين في الئحة الوصايا العشر‪ ،‬فهذه الخطايا تجرح النفس أحيانا بجرح أبلغ‬
‫واخطر من الخطايا من الخطايا التي ترتكب بمشهد من الجميع "‪.‬‬
‫"عندما يحاول المؤمنون بالمسيح أن يقروا بكل الذنوب التي يتذكرونها‪ ،‬ال يمكن‬
‫أن نشك بأنهم يكشفونها كلها امام صفح هللا ورحمته‪ ،‬واما الذين يتصرفون بعكس‬
‫ذذلك‪ ،‬ويخفون عمدا بعضا منها‪ ،‬فهم ال يقدرون للرحمة اإللهية شيئا تصفح عنه‬
‫بواسطة الكاهن‪ ،‬ألنه " إذا خجل المريض من كشف جرحه للطبيب‪ ،‬فالطب ال‬
‫يداوى ما يخفى عليه"‪.‬‬

‫‪ 2119‬ـ تأمر الكنيسة " كل مؤمن بلغ سن الرشد بأن يعترف‪ ،‬أقله مرة في السنة‪،‬‬
‫بالخطايا الثقيلة التي يتذكرونها " من يتذكر خطيئة مميته ارتكبها عليه اال يتناول‬
‫القربان المقدس‪ ،‬قبل أن ينال الحلة السرية‪ ،‬حتى وان اوجس ندامة كبيرة‪ ،‬ما لم‬
‫يكن له سبب خطير للتناول‪ ،‬وامتنع عليه الوصول إلى كاهن معرف‪ .‬وعلى االوالد‬
‫أن يقبلوا على سر التوبة قبل المناولة االولى ‪.‬‬

‫‪ 2118‬ـ االعتراف بالخطايا اليومية (الخطايا العرضية) ليس ملزما حصرا ولكن‬
‫الكنيسة تحبذه بشدة وال غرو‪ ،‬فاالعتراف المنتظم بخطايانا العرضية يساعدنا في‬
‫تهذيب ضميرنا‪ ،‬ومكافحة ميولنا الرديئة‪ ،‬والتماس البرء من المسيح‪ ،‬والتقدم في‬
‫حياة الروح وال شك أننا إذا نلنا بهذا السر‪ ،‬موهبة رحمة اآلب‪ ،‬بطريقة متواترة‬
‫فذلك يدفعنا إلى أن نكون رحماء على مثاله‪:‬‬
‫"من يعترف بخطاياه يعمل بمعية هللا‪ .‬فاهلل يشكر ذنوبك فإذا شكوتها أنت أيضا‪،‬‬
‫فإنك تنضم إلى هللا هللا والخطاىء هما اثنان نوعا ما‪ :‬فعندما يحدثونك عن االنسان‬
‫فاالنسان من صنع هللا وعندما يحدثونك عن الخاطىء‪ ،‬فالخطيئة من صنع نفسه‪،‬‬
‫فدمر صنعته أنت لكى ينقذ هللا ما صنع هو (‪ )...‬عندما تبدأ تمج ما صنعت‪ ،‬حينئذ‬
‫تبدأ حسناتك‪ ،‬ألنك تقر بأعمالك السيئة‪ .‬بداية الحسنات هي اإلقرار بالسيئات‪ .‬تصنع‬
‫الحقيقة وتقبل إلى النور"‪.‬‬

‫التكفير‬
‫‪ 2117‬ـ ثمة خطايا كثيرة تسىء إلى القريب‪ ،‬فالبد من ان نبذل المستطاع للتكفير‬
‫عن اإلساءة (رد المسروقات مثال‪ ،‬إعادة حسن الصيت لمن افترينا عليه‪ ،‬التعويض‬
‫عن الجروح) ذاك مقتضى من أبسط مقتضيات العدل‪ .‬ولكن الخطيئة‪ ،‬عالوة على‬
‫ذلك تجرح الخاطىء نفسه وتضعفه‪ ،‬كما تجرح وتضعف عالقاته باهلل وبالقريب‪ .‬إن‬
‫الحلة تلغى الخطيئة ولكنها ال تداوى كل البلبالت التي أحدثتها الخطيئة‪ .‬على‬
‫الخاطىء‪ ،‬بعد أن ينهض من كبوته‪ ،‬أن يسعى إلى استرداد كامل عافيته الروحية‪،‬‬
‫عليه إذن ان يضيف على توبته ما يعوض به عن ذنوبه‪ :‬عليه أن ‪":‬يكفر" عن‬
‫ذنوبه بما يتناسب وإياها‪ .‬هذه الكفارة تسمى "العقوبة" ‪.‬‬

‫‪ 2193‬ـ "الكفارة" التي يفرضها المعرف يجب أن تراعى وضع التائب وتتوخى‬
‫مصلحته الورحية‪ ،‬وتتناسب‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬مع خطورة الخطايا المرتكبة وطبيعتها‪،‬‬
‫قد تكون الكفارة صالة‪ ،‬أو تقدمة‪ ،‬او قياما باعمال رحمة‪ ،‬او خدمة للقريب او‬
‫تقشفات طوعية أو تضحيات وأهم من ذلك كله الصبر في احتمال صليبنا كل يوم‪.‬‬
‫هذه الكفارات تساعدنا في التمثل بالمسيح الذي كفر وحده عن خطايانا مرة واحدة‪،‬‬
‫وتتيح لنا ان نكون وارثين مع المسيح القائم من القبر " مادمنا نتالم معه " (رو‬
‫‪.)8 29 :8‬‬
‫"وغال أن كفارتنا التي تقدمها عن خطايانا‪ ،‬ال تتم إال بيسوع المسيح‪ :‬فنحن‪ ،‬من‬
‫تلقاء أنفسنا وبحد ذاتنا ال نقوى على شىء ولكن " بمعونة من يقوينا‪ ،‬نستطيع كل‬
‫شىء "‪ .‬فليس لإلنسان ما يفاخر به‪ ،‬ولكن " فخرنا " هو المسيح (‪ )...‬الذي به‬
‫نكفر عن خطايانا " مثمرين ثمار توبة"‪ ،‬تستمد منه قوتها‪ ،‬وبه نقربها إلى اآلب‪،‬‬
‫وبفضله يرضى اآلب عنها" ‪.‬‬

‫‪ -8‬خادم سر التوبة‬
‫‪ 2192‬ـ بما أن المسيح قد وكل إلى رسله خدمة المصالحة‪ ،‬فاالسقافة خلفاؤهم‬
‫والكهنة‪ ،‬معاونو االسقافة‪ ،‬يواصلون القيام بهذه الخدمة‪ .‬فاألسقافة والكهنة هم‬
‫الذين يملكون‪ ،‬بقوة سر الكهنوت‪ ،‬سلطان مغفرة الخطايا كلها‪ " ،‬باسم اآلب واالبن‬
‫والروح القدس " ‪.‬‬
‫‪ 2191‬ـ مغفرة الخطايا تصالحنا مع هللا‪ ،‬ولكنها تصالحنا أيضا مع الكنيسة‬
‫فاألسقف‪ ،‬الرأس المنظور في الكنيسة الخاصة‪ ،‬يعتبر إذن بحق‪ ،‬منذ األزمنة‬
‫الغابرة‪ ،‬صاحب السلطان األول في خدمة المصالحة‪ ،‬والقيم على نظام التوبة‪ .‬وأما‬
‫الكهنة الذين يعاونونه‪ ،‬فيمارسون بمقدار هذا السلطان ما ينتدبهم لهذه المهمة‬
‫اسقفهم (او رئيس رهبنة أو البابا‪ ،‬بقوة الحق الكنسى ‪.‬‬

‫‪ 2190‬ـ ثمة خطايا على جانب كبير من الخطورة يقع عليها الحرم‪ ،‬وهو اشد‬
‫كنسية تنزل بالخاطىء وتحترم عليه قبول األسرار وممارسة بعض األعمال‬
‫الكنسية‪ ،‬و ال يحق من هذا الحرم‪ ،‬بموجب الحق الكنسى‪ ،‬إال البابا واالسقف‬
‫المحلى‪ ،‬ومن ينتدبانه من الكهنة في حال خطر الموت يجوز لكل كاهن‪ ،‬وان لم‬
‫يفوض إليه سماع االعترافات‪ ،‬أن يحل من كل خطيئة ومن كل حرم ‪.‬‬

‫‪ 2191‬ـ على الكهنة أن يحثوا المؤمنين على اإلقبال إلى سر التوبة‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يتفرغوا لهذا السر كل مرة يطلبه المسيحيون بطريقة معقولة ‪.‬‬

‫‪ 2191‬ـ عندما يقوم الكاهن بخدمة سر التوبة‪ ،‬إنما يقوم بخدمة الراعى الصالح‬
‫الذي يبحث عن النعجة الضالة‪ ،‬وخدمة السامرى الرحيم الذي يضمد الجروح‪،‬‬
‫واألب الذي ينتظر االبن الشاطر ويرحب به عند عودته‪ ،‬والقاضى الذي ال يحابى‬
‫أحدا‪ ،‬ويصدر حكما عادال ورحيما‪ .‬وقصارى القول أن الكاهن هو عالمة محبة هللا‬
‫وأفته بالخاطى وأداتها ‪.‬‬

‫‪ 2199‬ـ ليس المعرف سيد الصفح اإللهى بل خادمه‪ .‬خادم هذا السر يجب أن يتحد‬
‫بنية المسيح ومحبته‪ .‬وعليه ان يكون على معرفة وخبرة بطريقة التصرف‬
‫المسيحى‪ ،‬وإلمام بالشؤون اإلنسانية‪ ،‬واحترام ورقة في معاملة اإلنسان الساقط‪.‬‬
‫وعليه أن يهوى الحقيقة ويتمسك بالتعليم الكنسى ويقود التائب برفق إلى الشفاء‬
‫والنضج الكامل‪ .‬وعليه ان يصلى ويكفر عنه ويكل أمره إلى رحمة الرب‪.‬‬

‫‪ 2199‬ـ نظرا إلى دقة هذه الخدمة وعظمتها‪ ،‬والى االحترام الواجب لألشخاص‬
‫تعلن الكنيسة ان كل كاهن يسمع اعترافات ملزم بحفظ السر المطلق في ان الخطايا‬
‫التي يعترف بها التائبون‪ ،‬وذلك تحت طائلة العقوبات الشديدة‪ .‬وال يجوز له أيضا‬
‫أن يستخدم ما يستقيه من االعتراف من معلومات تتعلق بحياة التائبين‪ .‬هذا السر‬
‫الذي ال يحتمل اى استثناء يسمى‪ ،‬ألن ما يكشفه التائب للكاهن يبقى " مختوما "‬
‫بالسر ‪.‬‬

‫‪ -7‬مفاعيل هذا السر‬


‫‪ 2198‬ـ " كل مفعول سر التوبة ان يعيدنا على نعمة هللا ويضمنا إليه في صداقة‬
‫قصوى " هدف هذا السر ومفعوله هو إذن ان نتصالح مع هللا‪ .‬إن الذين يقبلون إلى‬
‫سر التوبة بقلب منسحق‪ ،‬واستعداد ورع "يشعرون من بعده بسالم الضمير‬
‫وراحته‪ ،‬ترافقهما تعزية روحية قوية " وذلك بأن سر المصالحة مع هللا يجلب لنا‬
‫" قيامة روحية " حقيقة واستردادا لما يملكه أبناء هللا‪ ،‬في حياتهم‪ ،‬من كرامة‬
‫وخيرات أثمنها صداقتنا مع هللا"‪.‬‬

‫‪ 2197‬ـ هذا السر يصالحنا مع الكنيسة‪ .‬فالخطيئة تثلم الشركة االخوية أو تحطمها‬
‫وسر التوبة يصلحها ويرممها وهو‪ ،‬في هذا الصدد ال يشفى فقط من أعيد إلى‬
‫الشركة الكنيسة‪ ،‬بل يحدث أثرا محييا في حياة الكنيسة التي ألمت بها خطيئة أحد‬
‫اعضائها فإذا ارتد الخاطىء إلى شركة القديسين وثبت فيها‪ ،‬فهو يتقوى بتبادل‬
‫الخبرات الروحية بين جميع أعضاء جسد المسيح الحية‪ ،‬سواء الذين اليزالون في‬
‫دروب هذه الحياة أو اللذين سبقونا إلى الوطن السماوى‪:‬‬
‫" البد من التذكر بأن المصالحة مع هللا تستتبع‪ ،‬نوعا ما‪ ،‬مصالحات أخرى‪ ،‬تصلح‬
‫ما تؤدى إليه الخطيئة من صدوع أخرى‪ :‬فالتائب الذي شمله الصفح يصالح ذاته‬
‫في عمق كيانه‪ ،‬حيث يستعد حقيقته الباطنة؛ ويصالح إخوته الذين أهانهم‪ ،‬نوعا‬
‫ما‪ ،‬وجرحهم؛ ويصالح الكنيسة بل الخليقة كلها"‪.‬‬

‫‪ 2193‬ـ في هذا السر يستبق الخاطىء‪ ،‬نوعا ما‪ ،‬بوضع ذاته تحت حكم هللا‬
‫الشفوق‪ ،‬الحكم الذي سوف يخضع له في ختام حياته الدنيوية‪ ،‬ألننا اآلن‪ ،‬ونحن‬
‫في قيد هذه الحياة‪ ،‬يترك لنا الخيار بين الحياة والموت‪ ،‬وليس لنا إال التوبة بابا‬
‫لدخول الملكوت الذي تنفينا منه الخطيئة الثقيلة‪ .‬فعندما يرتد الخاطىء إلى المسيح‬
‫بالتوبة واإليمان‪ ،‬ينتقل من الموت إلى الحياة " وال يخضع للدينونة " (يو ‪:1‬‬
‫‪.)11‬‬
‫‪ -23‬الغفرانات‬
‫‪ 2192‬ـ قضية الغفرانات في الكنيسة‪ .‬عقيدة وممارسة‪ .‬مرتبطة ارتباطا وثيقا بسر‬
‫التوبة ‪.‬‬
‫ماهو العفران ؟‬
‫" الغفران هو أن يترك لنا هللا العقاب الزمنى الذي تستتبعه الخطايا المغفورة‬
‫غلطتها وترك العقاب هذا يخطىء به المؤمن بشروط معينة‪ ،‬بفعل الكنيسة التي‬
‫جعلها هللا قيمة على ثمار الفداء فتوزعها بسلطانها‪ ،‬وتطبق على المؤمن‬
‫استحقاقات المسيح والقديسين "‪.‬‬
‫" يكون الغفران جزئيا أو كامال‪ ،‬حسبما يعفى الخاطىء جزئيا او كليا من العقاب‬
‫الزمنى الذي تجره الخطيئة " " كل مؤمن باستطاعته ان يحصل على غفرانات‬
‫[‪ ]....‬لنفسه أو يطبقها على الراقدين "‪.‬عقوبات الخطيئة‬

‫‪ 2191‬ـ لكى نفهم هذه العقيدة وهذه الممارسة في الكنيسة‪ ،‬البد من النظر إلى‬
‫الخطيئة في مفعولها المزدوج فالخطيئة الثقيلة تحرمنا الشركة مع هللا‪ ،‬وتجعلنا‪،‬‬
‫من ثم‪ ،‬غير أهل للحياة األبدية‪ ،‬وهذا ما يسمى " بالعقاب االبدى " للخطيئة‪ .‬ومن‬
‫جهة أخرى‪ ،‬كل خطيئة‪ ،‬حتى الخطيئة العرضية‪ ،‬تجعلنا نتعلق تعلقا مريضا‬
‫بالخالئق‪ ،‬يحتاج إلى تنقية‪ ،‬سواء في هذا العالم أم بعد الموت‪ ،‬في الحالة المعروفة‬
‫" بالمطهر " هذه التنقية تعفينا مما يسمى " بالعقاب الزمنى " للخطيئة‪ ،‬هاتان‬
‫العقوبتان‪ ،‬يجب اال نعتبرهما شبه انتقام ينزله هللا بنا من الخارج‪ ،‬بل نتيجة نابعة‬
‫من طبيعة الخطيئة نفسها‪ .‬التوبة الصادرة ععن محبة متقدة قد تؤدى بالخاطىء‬
‫إلى تنقية كاملة تعفى صاحبها من كل عقاب ‪.‬‬

‫‪2190‬ـ معفرة الخطيئة واستعادة الشركة مع هللا يستتبعان محو العقوبات االبدية‬
‫الناجمة عن الخطيئة وانما تبقي هناك عقوبات زمنية وعلي المسيحي ان يسعي إلى‬
‫ان يتحمل في الصبر عذابات الحياة ومحنها المتنوعة ومتي حانت الساعة ان‬
‫يواجة الموت راضيا ويحسب هذه العقوبات الزمنية نعمة من هللا وعلية ان يداب‬
‫باعمال الرحمة والمحبة وكذلك بالصالة ومختلف امعمال التوبة في ان يخلع عنه‬
‫كليا االنسان القديم ويلبس االنسان الجديد‬
‫التعليم ِ‬
‫المسيحي‬ ‫ّْ ُ‬
‫ِ‬
‫للكنيسة الكاثوليكية‬

‫الجزء الثالث‬
‫الحياة في المسيح‬

‫‪1‬‬
‫ط بعودتك إلى دناءة‬‫‪" -1691‬أيها المسيحي‪ ،‬إعرف كرامتك‪ .‬وبما ّأنك شريك في الطبيعة اإللهية‪ ،‬فال تنح ّ‬
‫عت من سلطان‬ ‫تذكر ّأنك انتُز َ‬
‫أي جسم أنت عضو‪ّ .‬‬ ‫أي رأس أنت تنتمي وفي ّ‬ ‫تذكر إلى ّ‬
‫حياتك الماضية‪ّ .‬‬
‫الظلمات لِتُنَقل إلى النور وملكوت هللا"‪.‬‬

‫‪ -1692‬لقد أعلن قانون اإليمان عظمة عطايا هللا لإلنسان في عمل خلقه‪ ،‬وأكثر أيضاً بالفداء والتقديس‪.‬‬
‫المسيحيين "باألسرار التي َّ‬
‫جددت والدتهم" قد أصبحوا "أبناء هللا" (‪ 1‬يو‬ ‫ّ‬ ‫إن‬
‫وما ُيعلنه اإليمان توليه األسرار‪ّ ،‬‬
‫المسيحيون بإيمانهم كرامتهم الجديدة‪ ،‬فهم‬
‫ّ‬ ‫‪" ،)1 ،3‬شركاء في الطبيعة اإللهية" (‪ 2‬بط ‪ .)4 ،1‬وإذ يعلم‬
‫حياة تليق بإنجيل المسيح‪ .‬وهم يقبلون‪ ،‬باألسرار والصالة‪ ،‬نعمة المسيح‬
‫مدعوون إلى أن يحيوا بعد ذلك ً‬ ‫ّ‬
‫تؤهلهم لها‪.‬‬
‫اهب روحه التي ّ‬
‫ومو َ‬
‫‪ -1693‬لقد عمل المسيح يسوع دوماً ما يرضي اآلب‪ .‬وعاش دوماً باتّحاد كامل معه‪ .‬وتالميذه هم كذلك‬
‫أن‬
‫الخفية" (متى ‪ )6 ،6‬حتى يصيروا "كاملين كما ّ‬‫مدعوون إلى أن يعيشوا تحت نظر اآلب "الذي يرى في ُ‬
‫ّ‬
‫السماوي هو كامل" (متى ‪.)47 ،5‬‬
‫ّ‬ ‫اآلب‬

‫ض ّموا بالمعمودية إلى جسد المسيح‪ ،‬هم أموات للخطيئة‪ ،‬وأحياء هلل في‬ ‫إن المسيحيين‪ ،‬ووقد ُ‬ ‫‪ّ -1694‬‬
‫المسيح يسوع‪ ،‬مشاركون هكذا في حياة القائم من الموت‪ .‬ويستطيع المسيحيون‪ ،‬على آثار المسيح واالتّحاد‬
‫المحبة‪ ،‬مطابقين أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم‬
‫ّ‬ ‫أحباء‪ ،‬وأن يسلكوا في‬
‫سعوا إلى االقتداء باهلل كأوالد ّ‬
‫معه‪ ،‬أن َي َ‬
‫على ما في المسيح يسوع من أخالق ومقتفين آثاره‪.‬‬

‫‪ -1695‬أصبح المسيحيون "هيكل الروح القدس" (‪ 1‬كو ‪ ،)19 ،6‬بعد أن "ب ُِّّرروا باسم ّ‬
‫الرب يسوع المسيح‬
‫صلوا إلى اآلب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫علمهم أن ُي ّ‬
‫قديسين‪ .‬و "روح االبن" هذا ُي ّ‬‫ودعوا ليكونوا ّ‬
‫وبروح إلهنا" (‪ 1‬كو ‪ ،)11 ،6‬وُقّدسوا ُ‬
‫بالمحبة الفاعلة‪ .‬والروح القدس الشافي‬
‫ّ‬ ‫سعوا ليثمروا ثمار الروح‬
‫ويحملهم‪ ،‬بعد إن أصبح حياتَهم‪ ،‬على أن َي َ‬
‫قوينا لنحيا حياة "أبناء النور" (أف ‪)8 ،5‬‬
‫وي ّ‬
‫وينيرنا ُ‬
‫روحي‪ُ ،‬‬ ‫جددنا قي الصميم بتغيير‬
‫من جروح الخطيئة ُي ّ‬
‫ّ‬
‫كل شيء (أف ‪.)5 ،9‬‬ ‫الحق" في ّ‬
‫البر و ّ‬‫"بالصالح و ّ‬
‫"تؤدي إلى الهالك" (متى ‪،7‬‬
‫"تؤدي إلى الحياة" (متى ‪ ،)7 ،14‬والطريق المخالفة ّ‬
‫‪ -1696‬طريق المسيح ّ‬
‫ثل الطريَقين الوارد في اإلنجيل ما زال قائماً في تعليم الكنيسة‪ .‬وهو يعني أهمية الق اررات األخالقية‬
‫إن َم َ‬
‫‪ّ .)13‬‬
‫ولكن بين االثنين فارقاً كبي اًر"‪.‬‬
‫لخالصنا‪" .‬هناك طريقان‪ ،‬أحدهما طريق الحياة واآلخر طريق الموت ّ‬
‫بكل وضوح ما في طريق المسيح من فرح وما له من‬
‫المهم في التعليم الديني أن ُنظهر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1697‬من‬
‫تطلبات‪ .‬فالتعليم الديني في شأن "الحياة الجديدة" (روم ‪ )6 ،4‬في المسيح يكون‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المعلم الداخلي للحياة بحسب المسيح‪ ،‬والضيف والصديق اللطيف‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تعليما في شأن الروح القدس‪،‬‬
‫الذيُ ُيلهم تلك الحياة ويقودها‪ُ ،‬وُيصلحها‪ ،‬ويؤّيدها‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫أعمالنا أن تؤتي ثما اًر للحياة‬
‫ّ‬ ‫خلص‪ ،‬وبالنعمة أيضاً يمكن‬
‫‪ -‬تعليما في شأن النعمة‪ ،‬ألننا بالنعمة َن ُ‬
‫األبدية‪،‬‬
‫ألن طريق المسيح تختصرها التطويبات‪ ،‬وهي السبيل الوحيد إلى السعادة‬
‫‪ -‬تعليما في شأن التطويبات‪ّ ،‬‬
‫األبدية التي يصبو إليها قلب اإلنسان‪،‬‬
‫ألن اإلنسان‪ ،‬ما لم يعترف بأ ّنه خاطئ‪ ،‬ال يستطيع أن يعرف‬ ‫‪ -‬تعليما في شأن الخطيئة والمغفرة‪ّ ،‬‬
‫ط المغفرة ال يستطيع احتمال تلك الحقيقة‪،‬‬
‫الحقيقة عن ذاته‪ ،‬وهي شر ط للسلوك الصحيح‪ ،‬وما لم ُيع َ‬
‫يمكن من إدراك ما في االستعدادات الصحيحة للخير من جمال‬
‫‪ -‬تعليما في شأن الفضائل اإلنسانية‪ّ ،‬‬
‫وإغراء‪،‬‬
‫المحبة‪ ،‬مستوحى بعظمة من مثال القديسين‪،‬‬
‫‪ -‬وتعليما في شأن الفضائل المسيحية‪ ،‬اإليمان والرجاء و ّ‬
‫ً‬
‫المحبة المزدوجة المنتشرة في تضاعيف الوصايا العشر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وصية‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تعليما في شأن‬
‫وتمتد في التبادالت المتعددة "للخيور‬
‫ّ‬ ‫كنسيا‪ ،‬فالحياة المسيحية ّإنما تستطيع أن تنمو وتنتشر‬
‫‪ -‬وتعليما ّ‬
‫الروحية" في "شركة القديسين"‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1698‬المرجع األول واألخير لهذا التعليم الديني سيكون على الدوام يسوع المسيح نفسه الذي هو "الطريق‬
‫والحق والحياة" (يو ‪ .)6 ،14‬فإلقاء النظر عليه‪ ،‬يستطيع المؤمنون بالمسيح أن يرجوا ّأنه سيحّق ُق هو نفسه‬
‫أحبهم هو بها‪ ،‬بحيث يصنعون‪ ،‬األعمال المناسبة لكرامتهم‪:‬‬ ‫بالمحبة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫سيحبونه‬
‫َ‬ ‫مواعيده فيهم‪ ،‬و ّأنهم‬

‫ّن سيدنا يسوع المسيح هو رأسك الحقيقي‪ ،‬و ّأنك أحد أعضائه‪ّ .‬إنه بالنسبة إليك كالرأس‬
‫"ارجوك أن تعتبر أ ّ‬
‫وك ّل قواه‪ ،‬وينبغي لك أن‬
‫بالنسبة إلى األعضاء‪ ،‬كل ما هو له هو لك‪ ،‬روحه‪ ،‬قلبه‪ ،‬جسده‪ ،‬نفسه‪ّ ،‬‬
‫ّن األعضاء هي لرأسها‪ .‬لذلك منيته‬
‫وتم ّجده‪ .‬وأنت له كما أ ّ‬
‫صة لتخدم هللا وتسّ ّبحه ّ‬
‫تستخدمه كأمور خاّ ّ‬
‫الحاّّرة أن يستخدم ما هو فيك‪ ،‬كأشياء خاصة به‪ ،‬لخدمة أبيه ومجده"‪.‬‬

‫"الحياة لي هي المسيح" (في ‪.)21 ،1‬‬

‫‪3‬‬
‫القسم األول‬
‫دعوة اإلنسان‪ ،‬الحياة في الروح‬

‫المحّبة اإللهية‬
‫تك ّمل دعوة اإلنسان (الفصل األول) وهي تقوم على ّ‬‫‪ -1699‬الحياة في الروح القدس ّ‬
‫والتضامن البشري (الفصل الثاني)‪ .‬وهي ممنوحة مجاناً بمثابة خالص (الفصل الثالث)‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‬

‫كرامة الشخص البشري‬

‫خلقه على صورة هللا ومثاله (المقال األول)‪ .‬وهي تكتمل في‬ ‫‪ -1700‬كرامة الشخص البشري متأصلة في ِ‬
‫ّ‬
‫بحرية على هذا االكتمال‬ ‫أمر حمل نفسه ّ‬‫دعوته إلى السعادة اإللهية (المقال الثاني)‪ .‬ويعود إلى اإلنسان ُ‬
‫الحرة (المقال الرابع)‪ ،‬يقبل أو يرفض االمتثال للخير الذي َي ِعد‬
‫(المقال الثالث) والشخص البشري‪ ،‬بأفعاله ّ‬
‫وتكبر من الداخل‪،‬‬‫ويشهد به الضمير األخالقي (المقال الخامس) والكائنات البشرّية تبني نفسها ُ‬
‫ُ‬ ‫به هللا‬
‫نموها (الفصل السادس)‪ .‬فتنمو بمؤازرة النعمة‪ ،‬في الفضيلة‬
‫مادة ّ‬‫الحسية والروحية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫كلها‪،‬‬
‫وتجعل حياتها ّ‬
‫فوضت أمرها‪ ،‬كاالبن الشاطر‪ ،‬إلى رحمة أبينا الذي في‬
‫وتتجنب الخطيئة‪ ،‬وإذا ما ارتكبها ّ‬
‫ّ‬ ‫(المقال السابع)‪.‬‬
‫المحبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السماوات (المقال الثامن) فتبلغ هكذا إلى كمال‬

‫المقال األول‬
‫اإلنسان على صورة هللا‬

‫يبين لإلنسان حقيقة اإلنسان في وضوح‪ ،‬ويكشف‬ ‫سر اآلب ومح ّبته ّ‬
‫إن المسيح في كشفه عن ّ‬ ‫‪ّ " -1701‬‬
‫سمو دعوته"‪ .‬ففي المسيح "صورة هللا غير المنظور" (كول ‪ُ ،)15 ،1‬خلق اإلنسان على "صورة"‬ ‫له عن ّ‬
‫أعيدت الصورة اإللهية التي ُش ّوهت في اإلنسان بالخطيئة‬
‫المخلص‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الخالق و "مثاله"‪ .‬وفي المسيح الفادي و‬
‫وش ِّرفت بنعمة هللا‪.‬‬
‫األولى‪ ،‬إلى جمالها األول ُ‬
‫تتألق في وحدة األشخاص على مثال وحدة األقانيم اإللهية‬
‫كل انسان‪ .‬وهي ّ‬
‫‪ -1702‬صورة هللا حاضرة في ّ‬
‫في ما بينها (راجع الفصل الثاني)‪.‬‬

‫"روحانية خالدة"‪ ،‬هو "الخليقة الوحيدة التي أرادها هللا لذاتها في‬
‫ّ‬ ‫‪ -1703‬الشخص البشر ّي‪ ،‬الذي ُمنح نفساً‬
‫األرض"‪ .‬وهو منذ الحبل به ُم ٌّ‬
‫عد للسعادة األبدية‪.‬‬

‫وقوته‪ .‬وهو قادر بعقله أن يفهم نظام األشياء‬


‫اإللهي ّ‬ ‫‪ -1704‬يشترك الشخص البشري في نور روح القدس‬
‫ّ‬
‫الذي أقامه الخالق‪ .‬وهو قادر بإرادته أن يحمل نفسه نحو خيره الحقيقي‪ .‬وهو يجد كماله في "السعي إلى‬
‫ّ‬
‫وحبهما"‪.‬‬
‫الحق والخير ّ‬
‫ّ‬
‫مميزًة لصورة هللا"‪.‬‬
‫الحرية "عالم ًة ّ‬
‫ادية‪ّ ،‬‬
‫العقلية واإلر ّ‬
‫الروحية و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1705‬لقد ُمنح االنسان بمقتضى نفسه وقواه‬

‫‪5‬‬
‫كل واحد أن‬
‫الشر"‪ .‬وعلى ّ‬
‫وتجنب ّ‬
‫يحضه "على فعل الخير ّ‬ ‫‪ -1706‬يدرك االنسان بعقله صوت هللا الذي ّ‬
‫محبة هللا والقريب‪ .‬وممارسة الحياة األخالقية‬ ‫ِ‬
‫يتبع هذه الشريعة التي تُسم ُع صوتها في الضمير‪ ،‬وتكتمل في ّ‬
‫تدل على كرامة الشخص‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشر‪.‬‬ ‫‪" -1707‬أغوى الشرير اإلنسان منذ بدء التاريخ فأساء استعمال ّ‬
‫حريته"‪ .‬وسقط في التجربة وارتكب ّ‬
‫الشر‪،‬‬
‫مياالً إلى ّ‬
‫صلية‪ ،‬فأصبح ّ‬
‫ولكن طبيعته مجروحة بجرح الخطيئة األ ّ‬‫ّ‬ ‫انه يحتفظ بالرغبة في الخير‪،‬‬
‫ومعرضاً للضالل‬
‫ّ‬
‫جماعية‪ ،‬تبدو صراعاً‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كلها سواء كانت فردية أو‬
‫"فاإلنسان يعاني من انقسام في ذاته‪ ،‬ولهذا فحياةُ البشر ّ‬
‫الشر‪ ،‬بين النور والظلمات"‪.‬‬
‫مأسوياً‪ ،‬بين الخير و ّ‬
‫ّ‬ ‫وصراعاً‬
‫استحق لنا الحياة الجديدة في الروح القدس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1708‬لقد أنقذنا المسيح بآالمه من الشيطان والخطيئة‪ ،‬و‬
‫وجددت نعمته ما أفسدته الخطيئة فينا‪.‬‬
‫ّ‬
‫يغيره بتمكينه من االقتداء بمثل المسيح‪ ،‬ويجعله‬
‫التبني ّ‬
‫‪ -1709‬من يؤمن بالمسيح يصبح ابناً هلل‪ .‬وهذا ّ‬
‫المحبة أي‬
‫ّ‬ ‫بمخلصه كمال‬
‫ّ‬ ‫قاد ًار على االستقامة في الفعل وعلى ممارسة الخير‪ .‬ويبلغ التلميذ في اتحاده‬
‫أبدية في مجد السماء‪.‬‬
‫األخالقية في النعمة وتتفتح حياة ّ‬
‫ّ‬ ‫القداسة‪ .‬فتنضج الحياة‬

‫بإيجاز‬
‫سمو دعوته"‪.‬‬
‫‪" -1710‬ان المسيح يبين لإلنسان حقيقة اإلنسان في وضوح‪ ،‬ويكشف له عن ّ‬
‫ي الذي منح نفسا روحانية وعقالً وإرادةً هو منذ الحبل به مهيأ هلل ٌّ‬
‫ومعد للسعادة‬ ‫‪ -1711‬الشخص البشر ّ‬
‫األبدية‪ .‬وهو ينطلق إلى كماله في "السعي إلى الحقّ والخير وفي حبهما"‪.‬‬
‫‪ -1712‬الحرية الحقيقية هي‪ ،‬في االنسان‪" ،‬العالمة المميزة لصورة هللا"‪.‬‬
‫الشر"‪ .‬وهذه الشريعة‬
‫تحضه على "فعل الخير وتجّنب ّ‬
‫‪ -1713‬اإلنسان ملزم باتباع الشريعة األخالقية التي ّ‬
‫تسمعُ صوتها في الضمير‪.‬‬
‫الشر في‬
‫‪ -1714‬اإلنسان الذي جرحته الخطيئة األصلية بجرح في طبيعته‪ ،‬معرض للضالل وميال إلى ّ‬
‫ممارسة حريته‪.‬‬
‫‪ -1715‬من يؤمن بالمسيح له الحياة الجديدة في الروح القدس‪ .‬والحياة األخالقية التي تكبر وتنضج في‬
‫بد من أن تكتمل في مجد السماء‪.‬‬
‫النعمة ال ّ‬

‫‪6‬‬
‫المقال الثاني‬
‫دعوتنا الى السعادة‬

‫التطويبات‬ ‫‪.I‬‬
‫طع من مواعيد للشعب هللا المختار‬
‫إعالنها يعيد ما ق ُ‬
‫‪ -1716‬التطويبات هي في القلب من ك ارزة يسوع‪ .‬و ُ‬
‫ويكملها بتوجيهها ال إلى التمتّع باألرض فحسب بل إلى ملكوت‪ ،‬السماوات‪:‬‬
‫منذ إبراهيم‪ّ ،‬‬
‫"طوبى للمساكين بالروح‪ ،‬فإّ ّن لهم ملكوت السماوات‬
‫فإنهم يرثون األرض‬ ‫طوبى للودعاء‪ّ ،‬‬
‫عزون‬
‫فإنهم ُي ّ‬
‫طوبى للحزانى‪ّ ،‬‬
‫فإنهم ُيشبعون‬
‫البر‪ّ ،‬‬
‫طوبى للجياع والعطاش إلى ّ‬
‫رحمون‬‫فإنهم ُي َ‬
‫طوبى للرحماء‪ّ ،‬‬
‫فإنهم ُيعاينون هللا‪.‬‬
‫طوبى ألنقياء القلوب‪ّ ،‬‬
‫فإنهم ُيدعون أبناء هللا‬
‫طوبى لفاعلي السالم‪ّ ،‬‬
‫الب ّر‪ ،‬فإّ ّن لهم ملكوت السماوات‬
‫طوبى للمضطهدين من أجل ّ‬
‫بك ّل سوء‪ ،‬من أجلي‪ .‬افرحوا وابتهجوا‪ ،‬فإّ ّن أجركم‬
‫طوبى لكم‪ ،‬ذا ّعّيروكم واضطهدوكم‪ ،‬وافتروا عليكم ّ‬
‫عظيم في السماوات" (متى‪.)12 -3 ،5‬‬

‫وتعبر عن دعوة المؤمنين المشتركين في‬ ‫محبته‪ّ ،‬‬


‫‪ -1717‬ان التطويبات ترسم وجه يسوع المسيح وتصف ّ‬
‫تميز الحياة المسيحية‪ّ .‬إنها المواعيد البادية التناقض التي‬
‫مجد آالمه وقيامته‪ .‬وتنير األفعال والمواقف التي ّ‬
‫تدعم الرجاء في المضايق‪ .‬وهي تُعلن ما يحصل عليه التالميذ من اآلن بصورة غامضة من البركات‬
‫القديسين‪.‬‬
‫والمكافآت‪ .‬وهي قد بدأت في حياة العذراء مريم وجميع ّ‬

‫الرغبة في السعادة‬ ‫‪.II‬‬


‫تلبي الرغبة الطبيعية في السعادة‪ .‬وهذه الرغبة هي من أصل إلهي‪ ،‬وضعها هللا في‬
‫‪ -1718‬التطويبات ّ‬
‫قلب اإلنسان ليجتذبه إليه‪ ،‬هو القادر وحده على إشباعها‪.‬‬

‫"كلنا نريد بال ريب أن نعيش سعداء‪ ،‬وليس في الجنس البشري من ال يوافق على هذه العبارة حتى قبل‬ ‫ّ‬
‫أن تُقال"‪" .‬فكيف إذن أسعى إليك‪ ،‬يا رب؟ وبما ّأنني في سعيي إليك‪ ،‬يا إلهي‪ ،‬أسعى إلى الحياة السعيدة‪،‬‬
‫ّن جسدي يحيا من نفسي ونفسي تحيا معك"‪" .‬هللا وحده‬
‫فأعمل على أن أسعى إليك حتى تحيا نفسي‪ ،‬أل ّ‬
‫ُيشبع"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -1719‬التطويبات تكشف عن هدف الوجود اإلنساني‪ ،‬عن الغاية القصوى لألعمال اإلنسانية‪ ،‬وهي ّ‬
‫أن‬
‫شخصياً‪ ،‬ولكن أيضاً إلى الكنيسة في‬
‫ّ‬ ‫كل واحد‬
‫موجهة إلى ّ‬
‫هللا يدعونا إلى سعادته الخاصة‪ .‬وهذه الدعوة ّ‬
‫تقبلوا الوعد ويحيون به في اإليمان‪.‬‬
‫المؤلف من الذين ّ‬
‫ّ‬ ‫مجموعها‪ ،‬الشعب الجديد‬

‫السعادة المسيحية‬ ‫‪.III‬‬


‫المميز‪،‬‬
‫ّ‬ ‫طابعها‬
‫عدة إلعطاء السعادة‪ ،‬التي يدعو هللا اإلنسان إليها‪َ ،‬‬
‫‪ -1720‬يستعمل العهد الجديد تعابير ّ‬
‫فإنهم يعاينون هللا" (متى ‪ ،)5 ،8‬الدخول في فرح‬
‫مجيء ملكوت هللا‪ ،‬معاينة هللا‪" ،‬طوبى ألنقياء القلوب ّ‬
‫الرب‪ ،‬الدخول في راحة هللا‪:‬‬

‫ونسبح‪ ،‬ذلك ما سيكون في النهاية بال نهاية‪ .‬وأّّية غاية أخرى‬


‫ونعاين‪ ،‬نعاين ونحب‪ ،‬نحب ّ‬
‫"هناك نسترح ُ‬
‫تكون لنا سوى البلوغ إلى الملكوت الذي ال نهاية له؟"‪.‬‬

‫ونحبه‪ ،‬ونبلغ هكذا الفردوس‪ .‬والسعادة "تجعلنا مشاركين‬


‫‪ -1721‬فاهلل قد وضعنا في العالم لنعرفه‪ ،‬ونخدمه‪ّ ،‬‬
‫في الطبيعة اإللهية" (‪ 2‬بط ‪ )4 ،1‬وفي الحياة األبدية‪ .‬بها يدخل اإلنسان في مجد المسيح والتمتّع بحياة‬
‫الثالوث‪.‬‬

‫مجانية من‬
‫ّ‬ ‫لمما يفوق اإلدراك والطاقات البشرية وحدها‪ .‬وهي ناجمة عن ّ‬
‫عطية‬ ‫إن سعادة كهذه ّ‬ ‫‪ّ -1722‬‬
‫تهيئ اإلنسان للدخول في التمتّع باهلل‪.‬‬
‫هللا‪ .‬ولذا يقال عنها ّإنها فائقة الطبيعة‪ ،‬كالنعمة التي ّ‬
‫فإنهم ُيعاينون هللا"‪ .‬أجل‪ ،‬إّ ّن هللا بحسب عظمته ومجده الذي ال يوصف‪" ،‬ال يراه‬
‫"طوبى ألنقياء القلوب ّ‬
‫حد‬
‫محبته ورحمته للبشر وبحسب قدرته‪ ،‬يصل إلى ّ‬
‫ولكن بحسب ّ‬ ‫ّن اآلب ال يمكن إدراكه‪ّ ،‬‬ ‫أحد ويحيا"‪ ،‬أل ّ‬
‫ّن ما هو مستحيل عند الناس ممكن عند هللا"‪.‬‬
‫حبيه مزّي َة معاينة هللا "أل ّ‬
‫منح ُم ّ‬
‫أخالقية حاسمة‪ .‬فهي تدعونا إلى تنقية قلبنا من الغرائز‬
‫ّ‬ ‫إن السعادة الموعودة تضعنا أمام خيارات‬
‫‪ّ -1723‬‬
‫الحقيقية ليست في الغنى أو الرفاهية أو‬
‫ّ‬ ‫أن السعادة‬ ‫محبة هللا فوق كل شيء‪ .‬وهي ّ‬
‫تعلمنا ّ‬ ‫الشريرة‪ ،‬والتماس ّ‬
‫ّ‬
‫أي عمل بشر ّي مهما كان مفيداً‪ ،‬من مثل العلوم والتقنيات والفنون‪،‬‬
‫المجد البشري أو السلطة‪ ،‬وليست في ّ‬
‫وكل حب‪:‬‬‫كل خير ّ‬ ‫وليست في ّأية خليقة‪ ،‬و ّإنما هي في هللا وحده ينبوع ّ‬
‫عفوياً‪ّ .‬إنهم‬
‫ّ‬ ‫كل الجماعة البشرّية إكراماً‬
‫يؤدي الجمهور بل ّ‬
‫"إّ ّن الغنى في يومنا هو اإلله األكبر‪ ،‬وله ّ‬
‫أن‬
‫كله من اعتقاد ّ‬ ‫يقيسون السعادة بمقياس الغنى‪ ،‬وبمقياس الغنى أيضاً يقيسون الكرامة‪ .‬ويتأتّى ذلك ّ‬
‫اإلنسان الحاصل على الغنى يقدر على كل شيء‪ .‬فالغنى إذن هو صنم من أصنام اليوم‪ ،‬والشهرة صنم‬
‫صحفياً)‬
‫ّ‬ ‫آخر‪ .‬أن يشتهر اإلنسان‪ ،‬فيصبح معروفاً‪ ،‬ويحدث ضجيجاً في العالم (أي يمكن تسميته صيتاً‬
‫عد خي اًر في ذاته‪ ،‬خي اًر أعظم‪ ،‬وموضوع إجالل حقيقي هو أيضاً"‪.‬‬
‫أمر صار ُي ّ‬
‫ّ‬

‫‪8‬‬
‫تؤدي إلى ملكوت‬
‫‪ -1724‬تصف لنا الوصايا العشر‪ ،‬والعظة على الجبل‪ ،‬وتعليم الرسل‪ ،‬السبل التي ّ‬
‫خطوة بأعمال يومية‪ ،‬تساندنا نعمة الروح القدس‪ .‬وتُخصبنا كلمة المسيح‪،‬‬
‫ً‬ ‫خطوة‬
‫ً‬ ‫السماوات‪ .‬ونسير عليها‬
‫فنؤدي بتؤدة ثما اًر في الكنيسة لمجد هللا‪.‬‬
‫ّ‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -1725‬التطويبات تستعيد وتكمل وعود هللا منذ إبراهيم‪ ،‬وتوجهها نحو ملكوت السماوات‪ .‬وهي‬
‫تلبي الرغبة في السعادة التي وضعها هللا في قلب اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -1726‬التطويبات تعلمنا الغاية القصوى التي يدعونا هللا إليها أي الملكوت ورؤية هللا‪ ،‬والمشاركة في‬
‫البنوة‪ ،‬والراحة في هللا‪.‬‬
‫الطبيعة اإللهية‪ ،‬والحياة األبدية‪ ،‬و ّ‬
‫‪ -1727‬سعادة الحياة األبدية عطية من هللا مجانّية وهي تفوق الطبيعة‪ ،‬كالنعمة التي تؤدي إليها‪.‬‬
‫نحب‬
‫‪ -1728‬تضعنا التطويبات أمام خيارات حاسمة في شأن الخيرات األرضية‪ .‬وتنقي قلبنا لتعلمنا أن ّ‬
‫هللا أكثر من كل شيء‪.‬‬
‫‪ -1729‬سعادة السماء تحدد مقاييس التمييز في استعمال الخيور األرضية بحسب شريعة هللا‪.‬‬

‫المقال الثالث‬
‫حرية اإلنسان‬
‫ّ‬

‫‪ -1730‬خلق هللا اإلنسان عاقالً‪ ،‬ومنحه كرامة شخص يمتلك المبادرة وله السيطرة على أفعاله‪" ،‬ترك هللا‬
‫"فيتمكن من أن يبحث هو بذاته عن خالقه‪ ،‬حتى إذا التصق به‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان في يد اختياره" (سي ‪،)14 ،15‬‬
‫وسيد أفعاله"‪.‬‬
‫حر ّ‬‫يبلغ بحريته كماله مليئاً وسعيداً"‪" .‬اإلنسان عاقل‪ ،‬وبذلك هو شبيه باهلل‪ُ ،‬خلق ّاً‬

‫المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫الحرية‬
‫ّ‬ ‫‪.I‬‬
‫المتأصلة في العقل واإلرادة‪ ،‬على الفعل أو عدمه‪ ،‬على فعل هذا أو ذاك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحرية هي القدرة‪،‬‬
‫‪ّ -1731‬‬
‫فالحرية‬
‫ّ‬ ‫نفسه‪.‬‬
‫كل واحد َ‬
‫سير ُّ‬
‫الحرة ُي ّ‬
‫وعلى القيام هكذا‪ ،‬من تلقاء الذات‪ ،‬بأفعال صادرة عن رؤية‪ .‬وباإلرادة ّ‬
‫تتوجه شطر هللا‪،‬‬
‫النمو والنضج في الحقيقة وفي الخير‪ .‬وهي تبلغ كمالها عندما ّ‬
‫في اإلنسان هي قدرة على ّ‬
‫سعادتنا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫نهائياً بخيرها األقصى الذي هو هللا‪ ،‬فهي تنطوي على إمكان االختيار‬
‫ّ‬ ‫الحرية‬
‫‪ -1732‬طالما لم تلتصق ّ‬
‫الخ َور والخطأ‪ .‬وهي من خصائص األفعال البشرية‬
‫النمو في الكمال‪ ،‬أو َ‬
‫الشر وبالتالي إمكان ّ‬
‫بين الخير و ّ‬
‫ذم‪ ،‬ثواب أو عقاب‪.‬‬
‫حّقاً‪ ،‬فتصبح مصدر مدح أو َ‬
‫حقيقية إالّ في خدمة الخير والعدالة‪ .‬واختيار‬
‫ّ‬ ‫حرية‬
‫حرية‪ .‬وليس من ّ‬‫كلما فعل اإلنسان خي اًر ازداد ّ‬
‫‪ّ -1733‬‬
‫عبودية الخطيئة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحرية يعود إلى‬
‫الشر هو شط ط في ّ‬ ‫المعصية و ّ‬
‫التقدم في الفضيلة‪ ،‬ومعرف ُة‬
‫وينمي ّ‬ ‫الحرية تجعل اإلنسان مسؤوال عن أفعاله ما دامت بإرادته‪ُ .‬‬ ‫‪ّ -1734‬‬
‫الخير‪ ،‬والجهاد الروحي‪ ،‬سيطرة اإلرادة على أفعالها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1735‬قد تنقص أو تبطل َت ِب َع ُة الفعل والمسؤولية عنه بسبب الجهل‪ ،‬والغفل ّة‪ ،‬والعنف‪ ،‬والخوف‪ ،‬والعادات‪،‬‬
‫نفسية أو اجتماعية أخرى‪.‬‬
‫التعلق المفرط‪ ،‬وعوامل ّ‬
‫و ّ‬
‫الر ّب آدم بعد الخطيئة في الفردوس‪" ،‬ماذا‬‫صاحبه‪ :‬هكذا سأل ّ‬ ‫ُ‬ ‫سأل عنه‬
‫كل عمل ُيراد لنفسه ُي ُ‬‫‪ّ -1736‬‬
‫أورّيا وقتله ويمكن‬
‫النب ّي ناتان سأل داود بعد أن زنى بإمرأة ّ‬
‫فعلت؟" (تك ‪ .)13 ،3‬وكذلك سأل قايين‪ .‬وكذلك ّ‬
‫ادياً بوجه غير مباشر‪ ،‬عندما ينتج من إهمال في شأن ما كان يجب أن ُيعرف أو ُيصنع‪،‬‬ ‫أن يكون الفعل إر ّ‬
‫كمثل حادث يجري بسبب جهل قانون السير‪.‬‬

‫‪ -1737‬قد يسمح الفاعل بحصول نتيجة ال يريدها‪ ،‬من مثل اإلعياء الذي يصيب المرأة الساهرة على ابنها‬
‫السيئة إذا لم يردها اإلنسان في فعله غاية أو وسيلة‪ ،‬كمثل من‬
‫المريض‪ .‬وليس هناك مسؤولية عن النتيجة ّ‬
‫السيئة‪ ،‬ال ّبد أن تكون‬ ‫ُّ‬
‫يحل به الموت وهو ينجد شخصاً في خطر‪ .‬لكي يكون الفاعل مسؤوالً عن النتيجة ّ‬ ‫ّ‬
‫تكب جريم َة قتل إنسان سائق وهو سكران‪.‬‬ ‫متوقعة‪ ،‬وأن يكون قاد اًر على ّ‬
‫تجنبها‪ .‬كما هي الحال عندما ير ُ‬ ‫ّ‬ ‫هذه‬

‫فكل شخص بشر ّي مخلوق على صورة هللا له‬‫الحرية في العالئق بين الكائنات البشرية‪ّ .‬‬
‫تمارس ّ‬
‫‪َ -1738‬‬
‫لكل إنسان‪.‬‬‫حر ومسؤوالً‪ .‬وواجب االحترام هذا واجب على الجميع ّ‬
‫عترف به كائناً ّاً‬
‫الطبيعي في أن ُي َ‬ ‫الحق‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحرية مطلب مالزم لكرامة الشخص البشر ّي‪ ،‬خصوصاً في الشأنين األخالقي والديني‬‫والحق في ممارسة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العام‪.‬‬
‫العام والنظام ّ‬
‫المدني من االعتراف به ومن صيانته في نطاق الخير ّ‬ ‫وال ب ّد للقانون‬
‫ّ‬

‫الحرية البشرية في التدبير الخالصي‬


‫ّ‬ ‫‪.II‬‬
‫حر‪.‬‬
‫زل اإلنسان وخطئ ّاً‬‫للزلل‪ .‬وفي الواقع ّ‬
‫ومعرضة ّ‬
‫ّ‬ ‫حرية اإلنسان محدودة‬
‫الحرية والخطيئة‪ّ .‬‬
‫‪ّ -1739‬‬
‫أألول استالبات أخرى‬
‫االستالب ّ‬
‫ُ‬ ‫وولد هذا‬
‫محبة هللا‪ ،‬خدع نفسه وأصبح عبداً للخطيئة‪ّ .‬‬
‫وعندما رفض مشروع ّ‬
‫ألن تاريخ البشرية منذ بدايته‪ ،‬شاهد على ما أنتجه قلب اإلنسان من مصائب ومضايقات نجمت عن‬
‫كثيرة‪ّ .‬‬
‫الحرية‪.‬‬
‫سوء استعمال ّ‬

‫‪10‬‬
‫ِ‬
‫الخطأ‬ ‫كل شيء‪ .‬ومن‬ ‫الحق في أن نقول ونفعل ّ‬‫ّ‬ ‫تتضمن‬
‫ّ‬ ‫الحرية ال‬
‫الحرية‪ .‬ممارسة ّ‬ ‫يهدد ّ‬
‫‪ -1740‬ما ّ‬
‫الحرية يكتفي بذاته إذ تكون غايته ابتغاء مصلحته الذاتية في التمتّع بالخيرات‬‫أن "اإلنسان الحائز ّ‬
‫االدعاء ّ‬
‫ّ‬
‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬و‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫عد للشروط‬‫األرضية"‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هناك‪ ،‬م ار اًر كثيرة‪ ،‬تجاهل وتَ ّ‬
‫ّ‬
‫األخالقية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وحاالت العمى والج عور تُنهك الحياة‬
‫ُ‬ ‫الحرية ممارسة صحيحة‪.‬‬
‫الثقافية‪ ،‬المطلوبة لممارسة ّ‬
‫و ّ‬
‫المحبة‪ .‬وباالبتعاد عن الشريعة‬
‫ّ‬ ‫السواء في تجربة الخطيئة‪ ،‬باإلساءة إلى‬
‫وتضع األقوياء والضعفاء على ّ‬
‫األخوة‪ ،‬ويعصى‬
‫ّ‬ ‫ويتقيد بذاته‪ ،‬ويقطع ما بينه وبين ُنظرائه من عالئق‬
‫ّ‬ ‫بحريته‪،‬‬
‫ضر اإلنسان ّ‬
‫األخالقية ُي ّ‬
‫ّ‬
‫اإللهية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحقيقة‬

‫لكل البشر‪ .‬وفداهم من الخطيئة التي‬ ‫‪ -1741‬التحرر والخالص لقد نال المسيح بصليبه المجيد الخالص ّ‬
‫بالحرية" (غل ‪ .)1 ،5‬فيه نشترك في الحقيقة التي تجعلنا أح ار اًر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"حررنا المسيح لكي ننعم‬
‫كانت تستعبدهم‪ّ .‬‬
‫الحرية" (‪ 2‬كو ‪ .)17 ،3‬ونحن منذ‬ ‫يعلم الرسول "حيث يكون الروح فهناك ّ‬‫أعطينا الروح القدس‪ ،‬وكما ّ‬
‫لقد ُ‬
‫بحرية أبناء هللا‪.‬‬
‫اآلن نفتخر ّ‬
‫حس‬
‫لحريتنا‪ ،‬عندما تتوافق هذه مع ّ‬
‫الحرية والنعمة‪ .‬ان نعمة المسيح ليست على االطالق منافسة ّ‬
‫‪ّ -1742‬‬
‫الحقيقة والخير الذي وضعه هللا في قلب اإلنسان‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬كما تشهد بذلك الخبرة المسيحية في الصالة‬
‫حريتنا الداخلية‪ ،‬وثباتُنا في المحن وأمام ضغوط‬ ‫كلما طاوعنا حوافز النعمة‪ ،‬تعاظمت ّ‬ ‫على الخصوص‪ّ ،‬‬
‫ليصيرنا مساعدين له‬‫ّ‬ ‫الحرية الروحية‪،‬‬
‫الخارجي ومضايقاته‪ .‬وبفعل النعمة‪ ،‬يرّبينا الروح القدس على ّ‬ ‫العالم‬
‫ّ‬
‫عنا ما ُيعيقنا لنكون أح ار اًر في‬
‫"أيها اإلله الصالح والقدير‪ ،‬أَبع عد ّ‬
‫أح ار ًار‪ ،‬في عمله في الكنيسة وفي العالم‪ّ ،‬‬
‫إتمام مشيئتك دون قيد من الروح أو الجسد"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -1743‬ترك هللا اإلنسان في يد اختياره" (سي ‪ ،)14 ،15‬ليستطيع أن يلتصق بخالقه بحرية‪ ،‬ويبلغ هكذا‬
‫الكمال السعيد‪.‬‬
‫‪ -1744‬الحرية هي القدرة على الفعل أو عدمه‪ ،‬وعلى قيام اإلنسان من تلقاء ذاته بأفعال عن رؤية‪ .‬وهي‬
‫تبلغ كمال فعلها عندما تتوجه إلى هللا الخير األعظم‪.‬‬
‫ي مسؤوالً عن األفعال التي يفعلها‬
‫‪ -1745‬الحرية من خصائص األفعال البشرية حقاً‪ .‬فتجعل الكائن البشر ّ‬
‫بإرادته‪ .‬والفعل الذي يفعله عن رؤية يخصه هو‪.‬‬
‫‪ -1746‬قد تنقص أو تبطل ِ‬
‫تبعةُ الفعل والمسؤولية عنه بسبب الجهل‪ ،‬والعنف‪ ،‬والخوف‪ ،‬وعوامل نفسية‬
‫أو اجتماعية أخرى‪.‬‬
‫‪ -1747‬الحق في ممارسة الحرية مطلب مالزم لكرامة اإلنسان خصوصا في الشأنين الديني واألخالقي‪.‬‬
‫ولكن ممارسة الحرية ال تتضمن الحق المزعوم في أن نقول كل شيء‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪" -1748‬لقد حررنا المسيح لكي ننعم بالحرية" (غل ‪.)1 ،5‬‬

‫المقال الرابع‬
‫أخالقية األفعال البشرية‬

‫أخالقياً‪ .‬وعندما يفعل اإلنسان فعالً عن رؤية يكون كاألب‬


‫ّ‬ ‫الحرية تجعل من اإلنسان كائناً‬
‫‪ -1749‬ان ّ‬
‫يحك َم فيها الضمير‪ ،‬وهي ذات صفة‬
‫بحرية‪ ،‬بعد أن ُ‬
‫ألفعاله واألفعال البشرية‪ ،‬أي تلك التي يختارها اإلنسان ّ‬
‫سيئة‪.‬‬
‫أخالقية‪ّ .‬إنها صالحة أو ّ‬

‫مصادر األخالقية‬ ‫‪.I‬‬


‫أخالقية األفعال البشرية منوطة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪-1750‬‬

‫‪ -‬بالموضوع المختار‪،‬‬
‫النية‪،‬‬
‫‪ -‬بالعناية المقصودة أو ّ‬
‫‪ -‬بظرف الفعل‪،‬‬

‫تتألف منها أخالقية األفعال البشرية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫النية والظروف هي "المصادر" أو العناصر التي‬
‫فالموضوع و ّ‬
‫مادة الفعل البشري‪ .‬والموضوع المختار‬
‫‪ -1751‬الموضوع المختار هو خير تبتغيه اإلرادة عن رؤية‪ .‬إنه ّ‬
‫يحدد نوع الفعل اإلرادي من الناحية األخالقية‪ ،‬بحسب معرفة العقل ورؤيته له مطابقاً للخير الحقيقي أو‬‫ّ‬
‫إن قواعد األخالقية الموضوعية تُعلن النظام العقلي للخير والشر‪ ،‬الذي يشهد به الضمير‪.‬‬
‫مخالفاً له‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ادي‪،‬‬
‫ألنها تقوم في مصدر الفعل اإلر ّ‬
‫النية‪ ،‬في مواجهة الموضوع‪ ،‬ناحي َة َمن يفعل الفعل‪ .‬و ّ‬
‫‪ -1752‬تقع ّ‬
‫للنية‪ ،‬وهي تعني‬
‫أساسي في صفة الفعل األخالقية‪ ،‬والغاية هي المقصد األول ّ‬
‫ٌّ‬ ‫وتحدده بغايته‪ ،‬فهي عنصر‬
‫ّ‬
‫تطلع إلى مقصد الفعل‪ّ .‬إنها‬
‫ُّ‬ ‫لنية نزوع اإلرادة إلى الغاية‪ ،‬وهي‬
‫الهدف الذي يرمي إليه اإلنسان في فعله‪ .‬ا ّ‬
‫الفردية‪ ،‬بل بإمكانها توجيه‬
‫ّ‬ ‫مطمح الخير المرتَقب من القيام بالفعل‪ّ .‬إنها ال تقف عند حدود توجيه أفعالنا‬
‫إن‬
‫بكاملها نحو الغاية القصوى‪ .‬وعلى سبيل المثال ّ‬
‫ّ‬ ‫أفعال متعددة إلى هدف واحد‪ ،‬وبإمكانها توجيه الحياة‬
‫اإلنسان غايتُها مساعدة القريب‪ ،‬ولكن من الممكن أن يكون الحافز عليها‪ ،‬في الوقت‬
‫ُ‬ ‫يؤديها‬
‫الخدمة التي ّ‬
‫محبة هللا‪ ،‬الغاية القصوى من جميع أفعالنا‪ .‬ويمكن كذلك أن يصدر فعل واحد عن ّنيات ّ‬
‫متعددة‪ ،‬من‬ ‫عينه‪ّ ،‬‬
‫مثل تأدية خدمة للحصول على حظوة أو للتباهي بها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫بحد ذاته قبيح‬ ‫النية الصالحة (كمساعدة القريب‪ ،‬مثالً) ال تجعل صالحاً أو قويماً سلوكاً هو ّ‬ ‫‪ّ -1753‬‬
‫عي ًة‬
‫تبرر الوسيلة‪ .‬وهكذا ال يمكن تبرُي ُر الحكم على بريء بكونه وسيل ًة شر ّ‬
‫إن الغاية ال ّ‬
‫(كالكذب واالفتراء)‪ّ .‬‬
‫بحد ذاته‬
‫سيئاً العمل الذي ّ‬
‫السيئة المضافة (كالمجد الباطل) تجعل ّ‬
‫النية ّ‬
‫إن ّ‬
‫لخالص الشعب‪ .‬وفي المقابل‪ّ ،‬‬
‫صالحاً (كاإلحسان)‪.‬‬

‫أخالقية‬
‫ّ‬ ‫‪ -1754‬الظروف‪ ،‬وبضمنها النتائج‪ ،‬هي العناصر الثانوية في الفعل األخالقي‪ .‬ولها أثرها في جعل‬
‫ّ‬
‫إنقاص مسؤولية الفاعل‬
‫ُ‬ ‫األفعال البشرية تزداد أو تنقص صالحاً أو سوءاً (مثالً مبلغ السرقة)‪ .‬وبإمكانها كذلك‬
‫بحد ذاتها تغيير الصفة األخالقية‬
‫أو زيادتُها (كمن يأتي فعالً خوفاً من الموت)‪ .‬وال تستطيع الظروف ّ‬
‫قويما‪.‬‬
‫حد ذاته فعالً صالحاً أو ً‬
‫سيء ب ّ‬ ‫المالزمة لألفعال البشرية نفسها‪ .‬فال يمكنها أن تجعل من فعل‬
‫ّ‬

‫السيئة‬
‫األفعال الصالحة واألفعال ّ‬ ‫‪.II‬‬
‫السيئة‬
‫كلها صالحة‪ .‬فالغاية ّ‬
‫وظروفه ُّ‬
‫ُ‬ ‫موضوعه وغايتُه‬
‫ُ‬ ‫أخالقيا أن يكون‬
‫ّ‬ ‫‪ -1755‬يقتضي الفعل الصالح‬
‫تُفسد الفعل‪ ،‬إن كان موضوعه صالحاً في ذاته (كما هي الحال عندما يصلي اإلنسان أو يصوم "ليراه‬
‫ّ‬
‫كل الفعل‪ .‬فهناك أنماط من السلوك الواقعي –كالزنى‪-‬‬
‫فسد وحده ّ‬
‫الناس)"‪ .‬بإمكان موضوع االختيار أن ُي َ‬
‫يكون اختياره دائماً خاطئاً‪ّ ،‬‬
‫ألن اختيارها ينطوي على انحراف في االرادة‪ ،‬أي على ّ‬
‫شر أخالقي‪.‬‬
‫ِ‬
‫أخالقية الفعل البشري باالستناد فقط إلى ّ‬
‫النية التي يصدر عنها أو‬ ‫ّ‬ ‫الخطأ إذن الحكم على‬ ‫‪ -1756‬فمن‬
‫الظروف التي تحيط به (البيئة‪ ،‬الضغط االجتماعي‪ ،‬والفعل بتأثير المضايقة أو االضطرار‪ ،‬إلخ)‪ .‬هناك‬
‫النيات‪.‬‬
‫بغض النظر عن الظروف و ّ‬‫جراء موضوعها‪ّ ،‬‬
‫حرمة تحريماً ثقيالً من ّ‬
‫أفعال هي بذاتها وفي ذاتها ُم ّ‬
‫الشر لكي ينتج منه الخير‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تلك هي حال التجديف والحنث والقتل والزنى‪ ،‬فال يجوز فعل ّ‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -1757‬الموضوع والنية والظروف هي التي تكون "مصادر" األخالقية الثالثة في األفعال البشرية‪.‬‬
‫ادي بحسب معرفة العقل ورؤيته له‬‫‪ -1758‬يُحدد الموضوعُ المختار من الناحية األخالقية نوعَ الفعل اإلر ّ‬
‫صالحا أو سيئاً‪.‬‬
‫ألن الغاية ال تبرر الوسيلة‪.‬‬
‫ير فعل سيئ يصدر عن نية صالحة"‪ّ .‬‬ ‫‪" -1759‬ال يمكن تبر ُ‬
‫‪ -1760‬يقتضي الفعل الصالح أخالقيا أن يكون موضوعه وغايته وظروفه صالحة‪.‬‬
‫‪ -1761‬هناك أنماط من السلوك الواقعيّ يكون اختيارها دائما خاطئاً‪ّ ،‬‬
‫ألن اختيارها ينطوي على انح ارف‬
‫الشر لكي ينتج منه خير‪.‬‬
‫شر أخالقيّ‪ .‬فال يجوز فعل ّ‬ ‫في اإلرادة أي على ّ‬

‫‪13‬‬
‫المقال الخامس‬
‫أخالقية األهواء‬
‫ّ‬

‫يتوجه الشخص البشر ّي نحو السعادة بأفعاله الصادرة عن رؤية‪ .‬وبإمكان ما يشعر به من أهواء‬
‫‪ّ -1762‬‬
‫يهيئه لذلك ويساعده فيه‪.‬‬
‫أو عواطف أن ّ‬

‫األهواء‬ ‫‪.I‬‬

‫تدل على االنفعاالت أو حركات‬


‫المسيحي‪ .‬والعواطف واألهواء ّ‬ ‫‪ -1763‬كلمة "األهواء" هي من التراث‬
‫ّ‬
‫سيئاً‪.‬‬
‫يتخيله صالحاً أو ّ‬
‫حسه أو ّ‬
‫االحساس التي تجعل االنسان يميل إلى الفعل أو ُيحجم عنه في سبيل ما ُي ّ‬
‫الحسية‬
‫اء العناصر الطبيعية للنفسية اإلنسانية‪ ،‬وهي مكان العبور والروابط بين الحياة ّ‬
‫تؤلف األهو ُ‬
‫‪ّ -1764‬‬
‫أن قلب اإلنسان هو مصدر حركة األهواء‪.‬‬ ‫وحياة الروح‪ .‬ويشير رّبنا إلى ّ‬
‫يولد الرغبة في الخير‬ ‫ا‬
‫الحب ّ‬
‫الحب الناتج من جاذبية الخير‪ّ .‬‬
‫‪ -1765‬أهواء كثيرة‪ .‬واألعمق أصال بينها هو ّ‬
‫التخوف من‬
‫ّ‬ ‫الغائب‪ ،‬وأمل الحصول عليه‪ .‬وتكون نهاية تلك الحركة في اللذة والفرح بالحصول على الخير‪.‬‬

‫الشر اآلتي‪ .‬وتنتهي هذه الحركة في الحزن الناتج من ّ‬


‫الشر الحاضر‬ ‫يسبب البغض والكراهية‪ ،‬وخشية ّ‬
‫الشر ّ‬
‫ّ‬
‫أو الغضب الذي يقاومه‪.‬‬

‫وكل النوازع األخرى ّإنما مصدرها حرك ُة القلب البشر ّي‬


‫"محبة شخص ما‪ ،‬تعني ّأننا نريد له الخير"‪ّ .‬‬
‫‪ّ -1766‬‬
‫سيئاً وهي صالحة إذا كان‬ ‫الحب ّ‬
‫ّ‬ ‫سيئة إذا كان‬
‫األصلية هذه نحو الخير‪" .‬فالخير وحده ُي ّح ّب"‪" .‬األهواء ّ‬
‫ّ‬
‫صالحاً"‪.‬‬

‫األهواء والحياة األخالقية‬ ‫‪.II‬‬

‫أخالقية إالّ بمقدار ارتباطها الفعلي‬


‫ّ‬ ‫سيئة‪ .‬وال تكون لها صفة‬‫بحد ذاتها صالحة أو ّ‬ ‫‪ -1767‬ليست األهواء ّ‬
‫ّ‬
‫ألن االرادة لم تُ ِعقها"‪ .‬ومن خصائص‬ ‫إما ّ‬
‫ألن االرادة أثارتها‪ ،‬و ّ‬
‫"إما ّ‬ ‫ادي ًة ّ‬
‫اء إر ّ‬
‫بالعقل واالرادة‪ .‬وتدعى األهو ُ‬
‫اإلنساني أن ُين ِّ‬
‫ظ َم العقل األهواء‪.‬‬
‫ّ‬
‫كمال الخير األخالقي أو‬
‫ّ‬

‫‪14‬‬
‫أخالقية االشخاص أو قداستهم‪ّ .‬إنها المخزن الذي ال يفرغ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1768‬ليست العواطف الكبرى هي التي ّ‬
‫تقرر‬
‫أخالقياً عندما تساعد على عمل صالح‪،‬‬‫ّ‬ ‫المعبرة عن الحياة األخالقية‪ .‬األهواء صالحة‬
‫ّ‬ ‫للصور والعواطف‬
‫الحسية وتضطلع‬
‫ّ‬ ‫توجه نحو الخير والسعادة الحركات‬ ‫سيئة في خالف ذلك‪ .‬واإلرادة المستقيمة ّ‬ ‫وهي ّ‬
‫وتهيجها‪ .‬ويمكن أن تكون االنفعاالت‬
‫السيئة فتسقط في األهواء المنحرفة ّ‬
‫أما االرادة ّ‬‫بالمسؤولية عنها‪ّ ،‬‬
‫والعواطف مؤاتية في الفضائل‪ ،‬أو فاسدة في الرذائل‪.‬‬

‫كله بما ينطوي عليه من آالم‬


‫يتمم الروح القدس نفسه عمله‪ ،‬يتجيش الكائن ّ‬ ‫‪ -1769‬في الحياة المسيحية‪ّ ،‬‬
‫ومخاوف وأحزان‪ ،‬كما بدا ذلك من نزاع الرب وآالمه‪ .‬ويمكن‪ ،‬في المسيح‪ ،‬أن تبلغ العواطف البشرية كمالها‬
‫المحبة والسعادة اإللهية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في‬

‫الحسية أيضاً‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األخالقي‪ ،‬يكون بأن ّ‬
‫يتحرك اإلنسان نحو الخير ال بإرادته فقط و ّإنما برغبته‬
‫ّ‬
‫‪ -1770‬الكمال‬
‫بحسب كلمة المزمور "يرنّم قلبي وجسمي لإلله الحي" (مز ‪.)3 ،84‬‬
‫ّ‬

‫بإيجاز‬
‫‪ -1771‬تدلّ كلمة "األهواء" على االنفعاالت والعواطف‪ .‬ويستطيع اإلنسان من خاللها أن يستشعر الخير‬
‫الشر‪.‬‬
‫ويستشف ّ‬
‫ّ‬
‫الحب والبغض‪ ،‬والرغبة والخوف‪ ،‬والفرح والحزن والغضب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1772‬األهواء الرئيسة هي‬
‫شر أخالقي‪ .‬ولكنها‪ ،‬بارتباطها أو انفصالها‬
‫‪ -1773‬ليس في األهواء‪ ،‬بكونها حركات حسية‪ ،‬خير أو ّ‬
‫عن العقل واالرادة‪ ،‬يكون فيها خير أو ٌّ‬
‫شر أخالقي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1774‬يمكن أن تكون االنفعاالت والعواطف مؤاتية في الفضائل‪ ،‬أو فاسدة في الرذائل‪.‬‬
‫‪ -1775‬كمال الصالح األخالقي أن ال يتحرك اإلنسان نحو الخير بإرادته وحدها ولكن أيضاً "بقلبه"‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪15‬‬
‫المقال السادس‬
‫الضمير األخالقي‬
‫ّ‬

‫ولكنه ُم َلزم بطاعته‪ ،‬وصوتُه يدعو ابداً‬


‫‪" -1776‬يكتشف اإلنسان في ذات ضميره ناموساً لم يصدر عنه‪ّ ،‬‬
‫ويدوي ابداً في آذان قلبه ّإنه ناموس حفره هللا في‬
‫تجنب الشر‪ّ ،‬‬
‫حب الخير وعمله‪ ،‬وإلى ّ‬
‫ذلك اإلنسان إلى ّ‬
‫وسرية في اإلنسان‪ ،‬والهيكل الذي ينفرد فيه إلى هللا‪ ،‬ويسمع‬
‫األشد عمقاً ّ‬
‫ّ‬ ‫قلب اإلنسان‪ .‬والضمير هو المركز‬
‫فيه صوت هللا"‪.‬‬

‫حكم الضمير‬ ‫‪.I‬‬

‫‪ -1777‬ان الضمير األخالقي‪ ،‬الموجود في قلب الشخص‪ ،‬يوعز إليه في الوقت المناسب أن يفعل الخير‬
‫ويؤكد‬
‫الشر‪ .‬وهو يحكم أيضاً في شأن االختيارات الواقعية‪ ،‬فيستحسن الصالح منها وينكر السيء‪ّ .‬‬
‫ويتجنب ّ‬
‫ّ‬
‫سلطان الحقيقة بالرجوع إلى الخير األعظم الذي إليه ينجذب الشخص البشر ّي ومنه ّ‬
‫يتقبل الوصايا‪ .‬وعندما‬
‫يتكلم‪.‬‬
‫األخالقي‪ ،‬يصبح بإمكانه سماع هللا الذي ّ‬ ‫يصغي اإلنسان الفطن إلى الضمير‬
‫ّ‬
‫‪ -1778‬الضمير األخالقي ُحكم صادر عن العقل يعرف به الشخص البشر ّي الصفة األخالقية للفعل‬
‫كل ما يقول أو يفعل أن يتبع بأمانة ما‬
‫الواقعي الذي سيفعله‪ ،‬أو يفعله اآلن‪ ،‬أو قد فعله وعلى اإلنسان‪ ،‬في ّ‬
‫وحق‪ .‬واإلنسان بما ُيدرك ويعرف رسوم الشريعة اإللهية بحكم ضميره‪:‬‬
‫يعلم ّأنه قويم ّ‬
‫الضمير "شريعة من روحنا ولكنه يتجاوز روحنا‪ ،‬وي ِ‬
‫صدر إلينا أوامر‪ ،‬ويشعر بالمسؤولية والواجب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كلمنا من وراء الستار‪ ،‬في عالم الطبيعة كما في عالم النعمة‪،‬‬
‫والخوف والرجاء ّإنه رسول ذلك الذي ُي ّ‬
‫ويعلمنا ويحكمنا الضمير هو األول بين جميع ّن ّواب المسيح"‪.‬‬
‫ّ‬
‫لكل واحد أن يكون له من الحضور في ذاته ما يجعله يسمع صوت ضميره ويتبعه‪ .‬ومطلب‬
‫‪ -1779‬ينبغي ّ‬
‫تجنب التفكير والمحاسبة‪ ،‬أو‬ ‫تشتد ضرورته بسبب ما تُ ّع ِر ُ‬
‫ضنا له الحياة م ار اًر‪ ،‬من ّ‬ ‫الحضور الداخلي هذا ّ‬
‫الرجوع إلى الذات‬

‫"عد إلى ضميرك وسائله عودوا‪ ،‬أيها االخوة‪ ،‬إلى الداخل‪ ،‬انظروا في ّك ّل ما تفعلون‪ ،‬إلى الشاهد‪ ،‬إلى‬
‫ُ‬
‫هللا"‪.‬‬

‫تتضمن وتقضي استقامة الضمير األخالقي والضمير األخالقي ينطوي‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1780‬كرامة الشخص البشر ّي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬بالتمييز العملي لألسباب والخيور‪ ،‬وبالنتيجة‪،‬‬
‫األخالقية‪ ،‬وتطبيقها في ظروف ّ‬
‫ّ‬ ‫على إدراك المبادئ‬
‫ّ‬
‫فعلت أو ستُفعل‪ .‬والحقيقة في شأن الخير األخالقي‪ ،‬المعلن ُة في‬
‫على الحكم الصادر على أفعال واقعية ُ‬
‫ّ‬

‫‪16‬‬
‫عملياً وواقعياً بالحكم الفطن الذي ُيصدره الضمير‪ .‬ويدعى فطناً اإلنسان الذي يختار‬
‫عرف ّ‬ ‫شريعة العقل‪ ،‬تُ َ‬
‫ما يتوافق مع ذلك الحكم‪.‬‬

‫كم‬
‫الشر‪ ،‬يستطيع ُح ُ‬
‫ان ّ‬ ‫تحمل مسؤولية ما يؤتى من األفعال‪ .‬فإذا صنع اإلنس ُ‬ ‫‪ُ -1781‬يتيح الضمير ُّ‬
‫الفردي‪ .‬وقرار حكم‬
‫ّ‬ ‫لخبث اختياره‬ ‫العامة‪ ،‬وفي الوقت ذاته ُ‬
‫الضمير القويم أن يبقى فيه الشاهد لحقيقة الخير ّ‬
‫ان الذي يجب أن ُيطلب‪،‬‬ ‫يذكر بالغفر ِ‬ ‫الضمير يبقى عربون رجاء ورحمة وهو‪ ،‬إذ ّ‬
‫يؤكد الذنب الذي ارتُكب‪ّ ،‬‬
‫توخى بال انقطاع وبنعمة هللا‪،‬‬‫والخير الذي يجب أنُ ُيمارس أيضاً‪ ،‬والفضيلة التي يجب أن تُ ّ‬
‫أعظم من قلبنا‪ ،‬وعالم بكل شيء" (‪ 1‬يو ‪.)20 -19 ،3‬‬ ‫بأن هللا‬
‫قلبنا‪ّ ،‬‬ ‫سكن قلوبنا أمامه‪ ،‬إذا ما َّ‬
‫بكتنا ُ‬ ‫ُ"ن ّ‬
‫ُ‬
‫شخصياً الق اررات األخالقية‪" .‬ليس من‬
‫ّ‬ ‫الحق في أن يسلك بضمير وحرّية ليتّخذ هو‬
‫ّ‬ ‫إن اإلنسان له‬
‫‪ّ -1782‬‬
‫كره اإلنسان على ما ال ُيبيحه ضميره‪ .‬وليس من الجائز أنُ ُيمنع من عمل ما يقتضيه ضميرهُ‬ ‫الجائز أن ُي َ‬
‫الدين"‪.‬‬
‫سيما في أمور ّ‬
‫وال ّ‬

‫تنشئة الضمير‬ ‫‪.II‬‬

‫أح ِسنت تنشئته‬


‫األخالقي مستني اًر‪ .‬فالضمير الذي ُ‬ ‫الحكم‬
‫طلعاً‪ ،‬و ُ‬ ‫‪ -1783‬ال ّبد من أن يكون الضمير م ّ‬
‫ّ‬
‫يكون قويماً وصادقاً‪ُ .‬‬
‫فيصدر أحكامه وفاقاً للعقل‪ ،‬ومتوافق ًة مع الخير الحقيقي الذي أرادته حكمة الخالق‪ .‬وال‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫بخطيئة تفضيل‬ ‫ومجربة‬ ‫سلبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتعلق األمر بكائنات بشرّية خاضعة لمؤثّرات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّبد من تربية الضمير عندما‬
‫حكمها الخاص‪ ،‬ور ِ‬
‫فض التعاليم الصحيحة‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ظ الولد منذ السنوات األولى‪ ،‬لمعرفة الشريعة الداخلية‬


‫كلها‪ .‬فتوق ُ‬
‫‪ -1784‬تربية الضمير هي عمل الحياة ّ‬
‫علم الفضيلة‪ ،‬وهي تصون وتشفي مما ينجم‬ ‫التي يعترف بها الضمير األخالقي‪ ،‬ولممارستها‪ ،‬التربية َ ِ‬
‫الفطنة تُ ّ‬ ‫ّ‬
‫األنانية والكبرياء‪ ،‬والتضايق الناتج من الذنب‪ ،‬ونزوات الرضى‬
‫عن الضعف والذنوب البشرية‪ ،‬من الخوف و ّ‬
‫وتولد سالم القلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إن تربية الضمير تكفل الحرية‬
‫عن الذات‪ّ .‬‬
‫‪ -1785‬في تنشئة الضمير يكون كالم هللا النور الذي يضيء طريقنا‪ .‬وال ّبد لنا من تقبُّلِه في اإليمان‬
‫اهب الروح‬
‫الرب‪ ،‬تؤازرنا مو ُ‬‫عملياً‪ .‬وعلينا أيضاً امتحان ضميرنا بالنسبة إلى صليب ّ‬
‫ّ‬ ‫والصالة‪ ،‬وممارسته‬
‫تعليم الكنيسة الصحيح‪.‬‬ ‫ن‬
‫القدس‪ ،‬وتُساعدنا شهادةُ اآلخرين وإرشاداتهم‪ ،‬ويكو لنا دليالً ُ‬

‫االختيار بحسب الضمير‬ ‫‪.III‬‬

‫‪17‬‬
‫أخالقي‪ ،‬أن ُيصدر ُحكماً يكون ّ‬
‫إما مستقيماً متوافقاً مع‬
‫ّ‬
‫‪ -1786‬يستطيع الضمير‪ ،‬في مواجهة اختيار‬
‫إما‪ ،‬على العكس‪ُ ،‬حكماً خاطئاً يبتعد عنهما‪.‬‬
‫العقل والشريعة اإللهية و ّ‬
‫أقل ثباتاً‪ ،‬والقرَار صعباً‪ .‬ولكن عليه‬
‫األخالقي َ‬ ‫‪ -1787‬يحدث أحياناً أن يواجه اإلنسان حاالت تجعل الحكم‬
‫ّ‬
‫اإللهية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تعبر عنها الشريعة‬
‫يميز مشيئة هللا التي ّ‬
‫عما هو قويم وصالح‪ ،‬وأن ّ‬ ‫دوماً أن يبحث ّ‬
‫تفهم معطيات الخبرة وعالمات األزمنة‪ ،‬مستنداً إلى فضيلة الفطنة‪ ،‬وإلى‬
‫‪ -1788‬لذلك يسعى اإلنسان إلى ّ‬
‫لفهماء وإلى مؤازرة الروح القدس ومواهبه‪.‬‬
‫نصائح األشخاص ا ُ‬
‫‪ -1789‬هناك بعض قواعد ُيعمل بها في جميع الحاالت‪:‬‬

‫الشر لينتج منه الخير‪.‬‬


‫‪ -‬ال ُيسمح إطالقاً أن ُيصنع ّ‬
‫"كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم أيضاً بهم" (متى ‪.)12 ،7‬‬
‫الذهبية"‪ُّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪" -‬القاعدة‬
‫المحبة تكون دائماً في سياق احترام القريب وضميره‪" ،‬إذا ما خطئتم هكذا إلى األخوة وجرحتم‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫لحسن أن ال‪ ....‬تعمل شيئاً يكون‬ ‫فإنما تخطأون إلى المسيح" (‪ 1‬كو ‪ّ .)12 ،8‬‬
‫"إنه َ‬ ‫ضميرهم‪ّ ...‬‬
‫سبب ِعثار أو ضعف ألخيك" (روم ‪.)21 ،14‬‬ ‫َ‬

‫الحكم الخاطئ‬ ‫‪.IV‬‬

‫إن الكائن البشري ُملزم دوماً بالخضوع ُ‬


‫لحكم ضميره األكيد‪ ،‬وإذا خالفه عن رؤية فهو يحكم على‬ ‫‪ّ -1790‬‬
‫فيصدر أحكاماً خاطئة على أفعال‬
‫األخالقي في حالة جهل‪ُ ،‬‬ ‫الضمير‬
‫ُ‬ ‫نفسه بنفسه‪ .‬وقد يحدث أن يكون‬
‫ّ‬
‫فعلت‪.‬‬
‫ستُفعل أو ُ‬
‫قلما‬
‫الشخصية‪ .‬تلك هي الحال "عندما اإلنسان ّ‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫‪ -1791‬يمكن أن ُينسب هذا الجهل م ار ًار إلى‬
‫الحق والخير‪ ،‬وعندما تكاد الخطيئة تُعمي ضميره شيئاً فشيئاً"‪ .‬وفي هذه الحالة يكون‬
‫ّ‬ ‫ُيعنى بالبحث عن‬
‫بالشر الذي صنعه‪.‬‬ ‫الشخص ُّم ِ‬
‫ذنباً‬
‫ّ‬
‫وعبودية األهواء‪ ،‬و ّادعاء استقالل‬
‫ّ‬ ‫سيئة‪،‬‬
‫جهل المسيح وإنجيله‪ ،‬وما يصدر عن اآلخرين من أمثلة ّ‬‫‪ُ -1792‬‬
‫المحبة‪ ،‬تلك أمور يمكن أن تكون‬ ‫فض سلطة الكنيسة وتعليمها‪ ،‬وفقدان التوبة و ّ‬ ‫ذاتي خاطئ للضمير‪ ،‬ور ُ‬‫ّ‬
‫مصدر انحرافات الحكم في السلوك األخالقي‪.‬‬
‫ّ‬
‫مسؤولية‬
‫ّ‬ ‫يتحمل اإلنسان‬‫ّ‬ ‫‪ -1793‬إذا كان الجهل‪ ،‬على العكس‪ُ ،‬مطِبقاً‪ ،‬أو كان الحكم خاطئاً دون أن‬
‫شر‪ ،‬وحرماناً‪ ،‬وانحرافاً‪ .‬فال ّبد‬
‫ولكن ذلك يبقى ّاً‬
‫شر‪ّ .‬‬ ‫أخالقية‪ ،‬ال يمكن أن ُينسب إلى الشخص ما صنع من ّ‬ ‫ّ‬
‫من السعي إلى اصالح ضالالت الضمير األخالقي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪18‬‬
‫صد ُر في الوقت ذاته "عن قلب طاهر‬
‫المحبة تَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ألن‬
‫الحقيقي‪ّ ،‬‬ ‫النقي ينيره اإليمان‬
‫‪ -1794‬الضمير الصالح ّ‬
‫ّ‬
‫وضمير صالح وإيمان ال رئاء فيه" (‪ 1‬طيم ‪:)5 ،1‬‬

‫يتغلب الضمير القويم‪ ،‬يبتعد األفراد كما تبتعد الجماعات عن القرار األعمى‪ ،‬ويعملون على‬
‫ّ‬ ‫"بقدر ما‬
‫الموضوعّية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ظم األخالقية‬ ‫تطبيق ُّ‬
‫الن ُ‬

‫بإيجاز‬
‫األشد عمقا وسرية في اإلنسان‪ ،‬والهيكل الذي ينفرد فيه إلى هللا ويسمع‬
‫ّ‬ ‫‪" -1795‬الضمير هو المركز‬
‫صوت هللا"‪.‬‬
‫ي الصفة األخالقية للفعل‬ ‫الشخص البشر ّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1796‬الضمير األخالقي هو حكم صادر عن العقل يعرف به‬
‫ّ‬
‫الواقعي‪.‬‬
‫ّ‬
‫ار الضمير عربون توبة ورجاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫يبقى‬ ‫‪،‬‬‫الشر‬
‫ّ‬ ‫صنع‬ ‫الذي‬ ‫اإلنسان‬ ‫إلى‬ ‫بالنسبة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1797‬‬
‫‪ -1798‬يكون الضمير الذي أحسنت تنشئته قويما وصادقاً‪ .‬فيصدر أحكامه متطابقة مع العقل ومتوافقةً‬
‫مع الخير الحقيقي الذي أرادته حكمة هللا‪ .‬وعلى كل إنسان ان يتخذ الوسائل لتنشئة ضميره‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1799‬يستطيع الضمير‪ ،‬في مواجهة اختيار أخالقي‪ ،‬أن يصدر حكما يكون إما مستقيما متوافقًا مع‬
‫ّ‬
‫العقل والشريعة اإللهية‪ ،‬وإما‪ ،‬على العكس‪ ،‬حكما خاطئا يبتعد عنهما‪.‬‬
‫‪ -1800‬إ ّن الكائن البشري ملزم بالخضوع لحكم ضميره األكيد‪.‬‬
‫الضمير األخالقي في حالة الجهل‪ ،‬أو أن يصدر أحكاما خاطئة‪ .‬وهذان الجهل‬
‫ُ‬ ‫‪ -1801‬يمكن أن يبقى‬
‫ّ‬
‫والخطأ ليسا دائما خاليين من المسؤولّية‪.‬‬
‫بد لنا من تقبله في اإليمان والصالة‪ ،‬ومن ممارسته عملياً‪ .‬وهكذا‬
‫‪ -1802‬كالم هللا هو نور لخطواتنا‪ .‬وال ّ‬
‫ينشأ الضمير األخالقي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪19‬‬
‫المقال السابع‬
‫الفضائل‬

‫كل هذا‬
‫وكل ما ُيمتدح‪ُّ ،‬‬
‫وكل ما هو فضيلة ُ‬
‫حق وكرامة‪ ،‬وعدل ونقاوة‪ ،‬ولطف وشرف‪ُّ ،‬‬
‫كل ما هو ٌّ‬
‫‪ُّ -1803‬‬
‫َّ‬
‫محط أفكاركم" (في ‪:)8 ،4‬‬ ‫فليكن‬

‫عادي وثابت لفعل الخير‪ .‬وهي تُتيح للشخص ليس فقط أن يفعل أفعاالً صالح ًة و ّإنما‬
‫ٌّ‬ ‫الفضيلة هي استعداد‬
‫الحسية والروحية إلى الخير‪ ،‬ويمضي وراءه‬ ‫بكل قواه ّ‬
‫الشخص الفاضل يسعى ّ‬ ‫ُ‬ ‫أن يعطي أفضل ما فيه‪ .‬و‬
‫اقعية‪:‬‬
‫ويختاره في أفعال و ّ‬
‫"وهدف الحياة الفاضلة هو في أن نصير مثل هللا"‪.‬‬

‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫الفضائل‬ ‫‪.I‬‬
‫ِ‬
‫تنسق‬
‫عادية في العقل واإلرادة ّ‬
‫‪ -1804‬الفضائل اإلنسانية هي مواقف راسخة‪ ،‬واستعدادات ثابتة‪ ،‬وكماالت ّ‬
‫ط على الذات‪ ،‬والفرح‪،‬‬
‫ظم أهواءنا‪ ،‬وتقود سلوكنا بحسب العقل واإليمان‪ .‬وهي تمنح السهولة‪ ،‬والتسل ّ‬
‫أفعالنا‪ ،‬وتن ّ‬
‫أخالقية صالحة‪ .‬اإلنسان الفاضل هو الذي يمارس الخير بحرّية‪ .‬الفضائل األدبية يكتسبها‬
‫ّ‬ ‫لسلوك حياة‬
‫تهيئ جميع قوى الكائن البشري للمشاركة في‬‫وبذرها‪ ،‬وهي ّ‬
‫أخالقياً ُ‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان‪ّ .‬إنها ثمار األفعال الصالحة‬
‫الحب اإللهي‪.‬‬
‫ّ‬

‫تمييز الفضائل الرئيسة‬


‫وتتجمع حولها سائر الفضائل‪ّ .‬إنها الفطنة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1805‬فضائل أربعة لها دور محور ّي‪ ،‬فتُدعى لذلك "رئيسة"‪،‬‬
‫علم القناعة والفطنة‬
‫ألنه ُي ّ‬
‫البر‪ ،‬فالفضائل هي ثمار أتعابه‪ّ ،‬‬
‫يحب ّ‬
‫القوة‪ ،‬والقناعة‪" .‬إذا كان أحد ّ‬‫والعدل‪ ،‬و ّ‬
‫القوة" (حك ‪ .)7 ،8‬والكتاب يمتدح هذه الفضائل بألفا ظ أخرى في مقاطع عديدة‪.‬‬
‫والعدل و ّ‬
‫كل ظرف‪ ،‬والختيار الوسائل‬
‫الحقيقي في ّ‬ ‫‪ -1806‬الفطنة هي الفضيلة التي تهيئ العقل العملي لتمييز خيرنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القويمة إلتمامه‪" .‬ذو الدهاء يفطن لمسيره" (مثل ‪" .)15 ،14‬الزموا التعقل والقناعة (للقيام) بالصلوات" (‪1‬‬
‫التهيب‬
‫تتميز من ّ‬ ‫بط ‪ .)7 ،4‬كتب القديس توما بعد ارسطو أن الفطنة هي "القاعدة القويمة للعمل"‪ .‬وهي ّ‬
‫ألنها تقود الفضائل األخرى ّ‬
‫مبينة لها القاعدة‬ ‫حوذية الفضائل‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أو الخوف أو المخادعة أو النفاق‪ .‬وتدعى‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ظم سلوكه بحسب ذلك ُ‬ ‫الف ِطن وين ّ‬
‫الدلي ُل المباشر ُل ُحكم الضمير‪ .‬واإلنسان َ‬
‫والقياس‪ .‬الفطنة هي ُ‬
‫ونتغلب على‬
‫ّ‬ ‫نطبق تطبيقاً صحيحاً المبادئ األخالقية على الحاالت الخاصة‪،‬‬
‫وباالعتماد على هذه الفضيلة ّ‬
‫تجنبه‪.‬‬
‫الشر الذي يجب ّ‬
‫الحيرة في شأن الخير الذي يجب فعله و ّ‬
‫‪20‬‬
‫يحق لهما‪.‬‬
‫امها إرادة ثابتة وراسخة‪ ،‬إلعطاء هللا والقريب ما ّ‬
‫‪ -1807‬العدل هو الفضيلة األخالقية‪ ،‬التي قو ُ‬
‫والعدل تجاه هللا يدعى "فضيلة العبادة"‪ .‬وهو تجاه البشر‪ ،‬يهيئ الحترام حقوق ّ‬
‫كل واحد‪ ،‬وجعل العالئق‬
‫يعزز االنصاف بالنسبة إلى االشخاص والخير العام‪ .‬اإلنسان البار‪ ،‬الوارد ذكره م ار اًر‬‫البشرية في انسجام ّ‬
‫طبيعية في األفكار‪ ،‬وسلوك قويم تجاه القريب‪" .‬ال تحابوا صغي اًر وال‬
‫ّ‬ ‫يتميز باستقامة‬
‫المقدسة‪ّ ،‬‬
‫في الكتب ّ‬
‫تجلوا عظيماً بل بالعدل تحكم لقريبك" (أح ‪" .)15 ،19‬أيها السادة‪ّ ،‬أدوا إلى عبيدكم ما هو عدل وإنصاف‪،‬‬
‫ّ‬
‫سيداً في السماء" (كول ‪.)1 ،4‬‬
‫أن لكم‪ ،‬أنتم أيضاً‪ّ ،‬‬
‫عالمين َ‬
‫تؤمن‪ ،‬في المصاعب‪ ،‬الثبات والصمود‪ ،‬في السعي إلى الخير‪.‬‬ ‫القوة هي الفضيلة األخالقية التي ّ‬
‫‪ّ -1808‬‬
‫ّإنها تُثبت العزم على مقاومة التجارب‪ ،‬والسيطرة على العقبات في الحياة األخالقية‪ .‬فضيلة القوة ِّ‬
‫تمكن من‬
‫تهيئ للمضي حتى‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫التغلب على الخوف‪ ،‬حتى الخوف من الموت‪ ،‬ومواجهة الم َحن واالضطهادات‪ّ .‬إنها ّ‬
‫ّ‬
‫قوتي وتسبيحي" (مز ‪" .)14 ،118‬في العالم‬
‫قضية عادلة‪" .‬الرب ّ‬
‫نكران الذات والتضحية بالحياة للدفاع عن ّ‬
‫نفوسكم‪ّ ،‬إني قد غلبت العالم" (يو ‪.)33 ،16‬‬ ‫ِ‬ ‫ستكونون في ّ‬
‫شدة‪ ،‬ولكن‪ ،‬لتطب ُ‬
‫‪ -1809‬القناعة هي الفضيلة األخالقية التي تكبح ِجماح شهوة المل ّذات وتمنح االتّزان في استعمال الخيرات‬
‫تؤمن سيطرة اإلرادة على الغرائز‪ ،‬وتحفظ الرغائب في حدود االستقامة‪ .‬ان الرجل القنوع‬ ‫المخلوقة‪ .‬وهي ّ‬
‫يتتبع هواه ليسير في شهوات قلبه"‪.‬‬
‫مقدس‪ ،‬و"ال ّ‬‫الحسية‪ ،‬ويحافظ على اعتدال ّ‬ ‫يوجه نحو الخير شهواته ّ‬ ‫ّ‬
‫عاص أهوائك" (سي ‪ .)30 ،18‬وهي‬ ‫ِ‬ ‫القناعة يمتدحها م ار اًر العهد القديم‪" ،‬ال تكن دائماً تابعاً لشهواتك بل‬
‫التعقل والعدل‬
‫ّ‬ ‫"صحواً"‪ .‬يجب أن "نحيا في الدهر الحاضر على مقتضى‬
‫ًّ" أو َ‬
‫تدعى في العهد الجديد "تعقال‬
‫والتقوى" (تي ‪.)12 ،2‬‬

‫بمحبة كاملة‬
‫ّ‬ ‫وكل الفعل‪ .‬ونحتفظ له‬
‫وبك ّل النفس ّ‬
‫بك ّل القلب ّ‬ ‫"الحياة الصالحة ليست سوى ّ‬
‫محّبة هللا ّ‬
‫(بالقناعة) ال يزعزعها سوء (وهذا ما يتعّلق بالقوة) وال تخضع إالّ له (وهذا هو العدل) وتسهر للتمييز‬
‫بين ّك ّل األشياء حتى ال يفاجئها مكر أو كذب (وهذه هي الفطنة)‪.‬‬

‫الفضائل والنعمة‬
‫المتجدد دائماً‪ ،‬على‬
‫ّ‬ ‫روية‪ ،‬وبالثبات‬
‫إن الفضائل البشرّية المكتسبة بالتربية‪ ،‬وباألفعال الصادرة عن ّ‬
‫‪ّ -1810‬‬
‫سهل ممارسة الخير‪ .‬واإلنسان الفاضل‬
‫الخلق‪ ،‬وتُ ّ‬ ‫تنقيها نعم ُة هللا وتسمو بها‪ .‬وهي بعون هللا ّ‬
‫تشدد ُ‬ ‫الجهد‪ّ ،‬‬
‫يكون سعيداً بممارستها‪.‬‬

‫وعطية الخالص‬
‫ّ‬ ‫‪ -1811‬ليس من السهل على اإلنسان الذي َجرحته الخطيئة أن يحتفظ باالتّزان األخالقي‪.‬‬
‫كل واحد أن يلتمس دائماً نعمة النور‬
‫بالمسيح تمنحنا النعمة الضرورية للثّبات في السعي إلى الفضائل‪ .‬على ّ‬

‫‪21‬‬
‫حب الخير واالحتراز من‬ ‫والقوة هذه‪ ،‬وأن يلجأ إلى األسرار‪ ،‬ويتعاون مع الروح القدس‪ ،‬وأن ّ‬
‫يلبي دعواته إلى ّ‬
‫الشر‪.‬‬
‫ّ‬

‫الفضائل اإللهية‬ ‫‪.II‬‬

‫تتأصل الفضائل اإلنسانية في الفضائل اإللهية‪ ،‬التي تجعل القوى اإلنسانية مالئم ًة للمشاركة في‬
‫‪ّ -1812‬‬
‫تهيئ المسيحيين ألن يحيوا في عالقة مع‬ ‫ألن الفضائل اإللهية تستند مباشرة إلى هللا‪ .‬وهي ّ‬
‫الطبيعة اإللهية‪ّ .‬‬
‫الثالوث األقدس فمصدرها وعلتّها وموضوعها هللا الواحد والثالوث‪.‬‬

‫وتميزه‪ .‬وهي التي تعطي‬


‫‪ -1813‬الفضائل اإللهية هي في أساس الفعل األخالقي المسيحي‪ ،‬وهي تُنعشه ّ‬
‫الفضائل األخالقية صورتَها وتحييها‪ .‬ينفح هللا بها نفس المؤمنين ليجعلهم قادرين أن يسلكوا كأبنائه‪ ،‬وأن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يستأهلوا الحياة األبدية‪ّ .‬إنها عربو ُن حضور الروح وفعله في ُ‬
‫قوى الكائن البشري‪ .‬والفضائل اإللهية ثالث‪،‬‬
‫المحبة‪.‬‬
‫اإليمان والرجاء و ّ‬

‫اإليمان‬
‫وتعرضه الكنيسة‬
‫ُ‬ ‫كلمنا به وأوحى‪،‬‬
‫وكل ما ّ‬
‫‪ -1814‬اإليمان هو الفضيلة اإللهية التي بها نعتقد وجود هللا‪ّ ،‬‬
‫كله هلل"‪ .‬لذلك يسعى المؤمن إلى‬
‫"يسلم اإلنسان أمره َّ‬
‫ّ‬ ‫الحق ذاته‪ .‬باإليمان‬
‫ّ‬ ‫ألن هللا هو‬
‫المقدسة علينا لنعتقده‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بالمحبة" (غل ‪،5‬‬
‫ّ‬ ‫"البار باإليمان يحيا" (روم ‪ .)17 ،1‬واإليمان الحي "يعمل‬
‫ّ‬ ‫معرفة إرادة هللا وإلى فعلها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪.)6‬‬

‫عطية اإليمان تبقى في من لم يخطئ إليها ولكن "بدون األعمال يكون اإليمان ّ‬
‫ميتاً" (يع ‪.)26 ،2‬‬ ‫‪ّ -1815‬‬
‫حياً في‬
‫المحبة فهو ال يجعل المؤمن متّحداً اتّحاداً كامالً بالمسيح‪ ،‬وال يجعله عضواً ّ‬
‫وإذا فقد اإليمان الرجاء و ّ‬
‫جسده‪.‬‬

‫‪ -1816‬تلميذ المسيح ُملزم ال بأن يحافظ على اإليمان ويحيا به فقط‪ ،‬وإنما أيضاً بأن يعترف به‪ ،‬ويشهد‬
‫مستعدين لالعتراف بالمسيح أمام الناس‪ ،‬وأن يتبعوه على‬
‫ّ‬ ‫له باطمئنان‪ ،‬وينشره‪" ،‬على الجميع ألن يكونوا‬
‫درب الصليب‪ ،‬وسط اضطهادات التي ال تفارق الكنسية ابداً"‪ .‬خدمة اإليمان والشهادة له ّ‬
‫البد منها للخالص‪،‬‬
‫قدام‬
‫أما من ينكرني ّ‬
‫قدام الناس‪ ،‬أعترف أنا أيضاً به ق ّدام أبي الذي في السماوات‪ .‬و ّ‬
‫"كل من يعترف بي ّ‬‫ّ‬
‫قدام أبي الذي في السماوات" (متى ‪.)33 -32 ،10‬‬ ‫فإني أنكره‪ ،‬أنا أيضاً‪ّ ،‬‬
‫الناس‪ّ ،‬‬

‫الرجاء‬

‫‪22‬‬
‫‪ -1817‬الرجاء هو الفضيلة اإللهية التي بها نرغب في ملكوت السماوات‪ ،‬والحياة األبدية‪ ،‬رغبتَنا في‬
‫"ولنتمسك‬
‫ّ‬ ‫سعادتنا‪ ،‬واضعين ثقتنا بمواعيد المسيح‪ ،‬ومستندين ال إلى قوانا بل إلى عون نعمة الروح القدس‪.‬‬
‫ألن الذي وعد أمين" (عب ‪ .)23 ،10‬هذا الروح "أفاضه علينا بوفرة‪،‬‬
‫باعتراف الرجاء على غير انحراف‪ّ ،‬‬
‫تبررنا بنعمة المسيح نصير ورثة على حسب رجاء الحياة األبدية" (تي ‪،3‬‬
‫مخلصنا‪ ،‬حتى إذا َّ‬
‫ّ‬ ‫يسوع المسيح‬
‫‪.)7 -6‬‬

‫كل إنسان‪ ،‬وتضطلع باآلمال‬‫تلبي التوق إلى السعادة الذي وضعه هللا في قلب ّ‬
‫‪ -1818‬إن فضيلة الرجاء ّ‬
‫لتوجهها نحو ملكوت السماوات‪ّ .‬إنها تصون من تخاذل العزم‪ ،‬وتساند‬
‫وتنقيها ّ‬
‫التي تبعث الناس على العمل‪ّ ،‬‬
‫إن حافز الرجاء يمنع األنانية‪ ،‬ويقود إلى سعادة‬
‫قب السعادة األبدية‪ّ .‬‬
‫النفس في تر ّ‬
‫َ‬ ‫وتطيب‬
‫ّ‬ ‫حين التخلي‪،‬‬
‫ّ‬
‫المحبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫رجاء إبراهيم‪ ،‬وقد أوفت به‬
‫ويكمل رجاء الشعب المختار الذي أصله ومثاله ُ‬
‫‪ -1819‬الرجاء المسيحي ُيعيد ّ‬
‫كل رجاء فصار أباً ألُمم كثيرة" (روم‬
‫وطهرته محن ُة المحرقة‪" .‬لقد آمن على خالف ّ‬
‫في اسحق مواعيد هللا ّ‬
‫‪.)18 ،4‬‬

‫‪ -1820‬ينبسط الرجاء المسيحي منذ بدء ك ارزة يسوع في إعالن التطويبات فالتطويبات تسمو برجائنا إلى‬
‫ولكن هللا‬
‫ّ‬ ‫السماء كما إلى أرض الميعاد الجديدة‪ ،‬وترسم طريقها عبر ما ينتظر تالمي َذ يسوع من محن‪.‬‬
‫إن الرجاء هو "مرساة‬
‫يحفظنا‪ ،‬باستحقاقات يسوع المسيح وآالمه في" الرجاء الذي ال يخ ُذل" (روم ‪ّ .)5 ،5‬‬
‫النفس" األمينة والراسخة "التي تنفذ إلى حيث دخل يسوع ألجلنا كسابق" (عب ‪ .)20 -19 ،6‬وهو ايضاً‬
‫المحبة درعاً‪ ،‬ورجاء الخالص خوذة" (‪ 1‬تس ‪.)8 ،5‬‬
‫سالح يحرسنا في معركة الخالص‪" ،‬فلنلبس اإليمان و ّ‬
‫فرُح الرجاء‪ ،‬كونوا صابرين في الضيق" (روم ‪.)12 ،12‬‬
‫وهو يعطينا الفرح في المحنة نفسها‪" ،‬وليكن فيكم ُ‬
‫كل ما يحملنا الرجاء على أن نرغب‬
‫موجز ّ‬
‫ُ‬ ‫ويغ ّذى في الصالة‪ ،‬وخصوصاً صالة "األبانا"‪،‬‬
‫عبر عنه ُ‬
‫وهو ُي ّ‬
‫فيه‪.‬‬

‫محبيه والعاملين مشيئته‪ .‬ويجب على كل‬


‫‪ -1821‬نستطيع إذن أن نرجو مجد السماء‪ ،‬الذي وعد به هللا ّ‬
‫كل ظرف‪ ،‬أن يرجو‪ ،‬بنعمة هللا‪" ،‬الثبات إلى المنتهى"‪ ،‬والحصول على فرح السماء‪ ،‬كمكافأة من‬
‫واحد في ّ‬
‫"يخلص جميع‬
‫ُ‬ ‫ابدية‪ ،‬على األعمال الصالحة المعمولة بنعمة المسيح‪ ،‬والكنيسة‪ ،‬في الرجاء‪ ،‬تصلي لكي‬
‫هللا ّ‬
‫ّ‬
‫الناس" (‪ 1‬طيم ‪ ،)4 ،2‬وهي تتوق إلى أن تكون‪ ،‬في مجد السماء‪ ،‬متّحدة بالمسيح عريسها‪،‬‬

‫يمر بسرعة‪ ،‬على كون نفاد‬ ‫فكل شيء ّ‬ ‫"تَ َرَّجي‪ ،‬يا نفسي‪ ،‬تَ َرَّجي‪ .‬تجهلين اليوم والساعة‪ .‬اسهري بدّقة‪ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ازددت انخراطاً‬ ‫جداً من الوقت طويالً‪َ .‬ف ّكري ّأنك ّ‬
‫كلما‬ ‫القصير ّ‬
‫َ‬ ‫صبرك يجعل األكيد موضوع ارتياب‪ ،‬و‬
‫تك ذات يوم مع حبيِب ِك‪ ،‬في سعادة‬ ‫في المعركة يقوى برهانك على ما إللهك عندك من حب‪ ،‬وتزداد مسر ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ونشوة ليس لهما من نهاية"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫المحبّة‬
‫يب كنفسنا ألجل هللا‪.‬‬
‫ونود القر َ‬ ‫نود هللا فوق ّ‬
‫كل شيء ألجل ذاته‪ّ ،‬‬ ‫المحبة هي الفضيلة اإللهية بها ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-1822‬‬

‫يتقبلها‪ ،‬بمحبته الخاصة "حتى‬


‫وصية جديدة‪ .‬ولقد أظهر محبة اآلب التي ّ‬
‫المحبة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1823‬جعل يسوع من‬
‫بمحبتهم بعضهم‬
‫ّ‬ ‫يتقبلونها هم أيضاً في ذواتهم‬
‫بمحبة يسوع التي ّ‬‫ّ‬ ‫النهاية" (يو ‪ .)1 ،13‬والتالميذ يقتدون‬
‫أحبني اآلب أنا أيضاً أحببتكم‪ ،‬فاثبتوا في محبتي" (يو ‪ .)9 ،15‬وأيضاً‪" ،‬هذه‬
‫لبعض‪ .‬لذلك قال يسوع‪" ،‬كما ّ‬
‫يحب بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا" (يو ‪.)12 ،15‬‬
‫وصيتي‪ ،‬أن ّ‬
‫ّ‬
‫محبتي‪ .‬إن حفظتم‬
‫وكمال الناموس تحفظ وصايا هللا ومسيحه‪" ،‬اثبتوا في ّ‬
‫ُ‬ ‫المحبة هي ثمرةُ الروح‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫‪ّ -1824‬‬
‫وصاياي تثبتون في ّ‬
‫محبتي" (يو ‪.)10 -9 ،15‬‬

‫نحب مثله حتى‬


‫منا أن َّ‬ ‫الرب يطلب ّ‬
‫محب ًة لنا عندما ُكّنا "أعداء" (روم ‪ .)10 ،5‬و ُّ‬
‫‪ -1825‬لقد مات المسيح ّ‬
‫للمحبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نحب األوالد والفقراء مثله‪ .‬لقد رسم القديس بولس لوح ًة فريدة‬ ‫أعداءنا‪ .‬وأن نكون القريب ّ‬
‫لألبعد‪ ،‬وأن َّ‬ ‫َ‬
‫المحبة ال تتباهى‪ ،‬وال تنتفخ‪ .‬ال تأتي قباحة‪ ،‬وال تطلب ما هو لنفسها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المحبة ال تحسد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تتأنى وترفق‪،‬‬
‫"المحبة ّ‬
‫ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬وترجو‬
‫وتصدق ّ‬
‫ّ‬ ‫تظن السوء‪ .‬ال تفرح بالظلم بل تفرح بالحق‪ .‬تتغاضى عن كل شيء‪،‬‬
‫تحتد وال ّ‬
‫ال ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬وتصبر على كل شيء" (‪ 1‬كو ‪.)7 -4 ،13‬‬

‫لست بشيء‪ "...‬وكل امتياز وخدمة حتى الفضيلة‪ "...‬بدون‬ ‫‪ -1826‬ويقول الرسول أيضاً‪" ،‬بدون ّ‬
‫محبة ُ‬
‫كلها‪ ،‬هي الفضيلة اإللهية األولى‪" ،‬اآلن يثبت اإليمان‬
‫المحبة تسمو على الفضائل ّ‬
‫ّ‬ ‫محبة ال تنفعني بشيء"‪.‬‬
‫ّ‬
‫المحبة" (‪ 1‬كو ‪.)13 ،13‬‬
‫ّ‬ ‫أعظمهن هي‬
‫َّ‬ ‫لكن‬
‫المحبة‪ ،‬هذه الثالثة‪َّ .‬‬
‫والرجاء و ّ‬
‫وتلهم ممارسة جميع الفضائل‪ّ .‬إنها "رباط الكمال" (كول ‪ ،)14 ،3‬هي‬
‫المحبة هي التي تُحيي ُ‬
‫ّ‬ ‫‪-1827‬‬
‫المحبة تثبت‬
‫ّ‬ ‫نسق بعضها مع بعض‪ّ .‬إنها مصدر ممارستها المسيحية ومنتهاها‪.‬‬
‫صورة الفضائل‪ ،‬تربطها وتُ ّ‬
‫محبة هللا الفائقة الطبيعة‪.‬‬
‫حبنا اإلنسانية‪ ،‬وتسمو بها إلى كمال ّ‬
‫وتنقي قوة ّ‬
‫ّ‬
‫المحبة تعطي المسيحي حرّية أبناء هللا الروحية‪ .‬فال يقف‬
‫ّ‬ ‫‪ -1828‬ممارسة الحياة األخالقية التي تُنعشها‬
‫ّ‬
‫أحبنا ّأوالً"‬
‫حب "من ّ‬ ‫أمام هللا كعبد‪ ،‬يخاف خوف العبد‪ ،‬وال كمرتزق يسعى إلى اجر‪ ،‬ولكن كابن يبادل ِّ‬
‫بحبه ّ‬
‫(‪ 1‬يو ‪:)19 ،4‬‬

‫إما نجري وراء إغرِاء المكافأة فنكون مثل‬


‫الشر خوفاً من العقاب فنكون مثل العبيد‪ ،‬و ّ‬
‫"إننا إّ ّما نحيد عن ّ‬
‫ومحب ًة لصاحب األمر‪ ...‬فنكون عندئذ مثل األبناء"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إما أخي اًر نخضع ألجل الخير ذاته‬
‫المرتزقة‪ .‬و ّ‬

‫‪24‬‬
‫إصالح القريب‪ّ ،‬إنها تُريد الخير‪،‬‬
‫َ‬ ‫االحسان و‬
‫َ‬ ‫المحبة الفرح والسالم والرحمة‪ ،‬وهي تقتضي‬
‫ّ‬ ‫ثمر‬
‫‪ُ -1829‬‬
‫المحّبة‪ .‬هنا‬
‫وتحمل على المعاملة بالمثل‪ ،‬نزيهة سمحاء‪ ،‬هي صداقة ومشاركة‪" ،‬منتهى جميع أعمالنا هو ّ‬
‫الخاتمة‪ ،‬فإذا كنا نعدو فللحصول عليها‪ ،‬إننا نعدو إليها‪ ،‬وعندما نصل‪ ،‬فيها نجد راحتنا"‪.‬‬

‫مواهب الروح القدس وثماره‬ ‫‪.III‬‬

‫األخالقية‪ .‬وهذه المواهب هي استعدادات‬


‫ّ‬ ‫‪ -1830‬مواهب الروح القدس هي التي تساند حياة المسيحيين‬
‫دائمة تجعل اإلنسان يتبع حوافز الروح القدس بطواعية‪.‬‬

‫القوة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والتقوى‪ ،‬ومخافة هللا‪.‬‬


‫‪ -1831‬مواهب الروح القدس السبع هي الحكمة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والمشورة‪ ،‬و ّ‬
‫يتقبلوها وتقودها إلى الكمال‪ ،‬وتجعل المؤمنين‬
‫تمم فضائل من ّ‬ ‫تخص المسيح ابن داود‪ .‬وهي تُ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّإنها بكمالها‬

‫يخضعون بطو ّ‬
‫اعية وسرعة لإللهامات اإللهية‪" .‬ليهدني روحك الصالح في أرض مستقيمة" (مز ‪.)10 ،143‬‬
‫"إن جميع الذين يقتادهم روح هللا هم أبناء هللا‪ ...‬أبناء فإذن ورثة أيضاً‪ ،‬ورثةُ هللا‪ ،‬ووارثون مع المسيح" (روم‬
‫ّ‬
‫‪.)17 .14 ،8‬‬

‫‪ -1832‬ثمار الروح هي كماالتُ ُينشئها فينا الروح القدس كبواكير المجد األبدي‪ .‬والتقليد الكنسي يعدد منها‬
‫أثني عشرة‪" ،‬المحبة والفرح والسالم‪ ،‬والصبر وطول االناة واللطف والصالح‪ ،‬والمسامحة واألمانة والوداعة‬
‫والعفاف‪ ،‬والطهارة" (غل ‪.)23 -22 ،5‬‬

‫بإيجاز‬
‫عادي وراسخ لعمل الخير‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫‪ -1833‬الفضيلة هي استعداد‬
‫‪ -1834‬الفضائل البشرية هي استعدادات ثابتة في العقل واإلرادة‪ ،‬تنسق أفعالنا وتنظم أهواءنا وتقود سلوكنا‬
‫بحسب العقل واإليمان‪ .‬ويمكن جمعها حول أربع فضائل رئيسة‪ ،‬الفطنة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والقوة والقناعة‪.‬‬
‫‪ -1835‬الفطنة تهيّئ العقل لتمييز خيرنا الحقيقي في كل ظرف‪ ،‬والختيار الوسائل القويمة إلتمامه‪.‬‬
‫‪ -1836‬العدل قوامه إرادة ثابتة وراسخة إلعطاء هللا والقريب ما يحقّ لهما‪.‬‬
‫‪ -1837‬القوة تؤمن في المصاعب الثبات والصمود في السعي إلى الخير‪.‬‬
‫الحسية وتمنح االتّزان في استعمال الخيور المخلوقة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -1838‬القناعة تكبح جماح شهوة المل ّذات ّ‬
‫‪ -1839‬الفضائل األدبية تنمو بالتربية‪ ،‬وباألفعال الصادرة عن رؤية‪ ،‬وبالثبات على الجهد والنعمة اإللهية‬
‫تنقيها وتسمو بها‪.‬‬
‫‪ -1840‬الفضائل اإللهية تهيئ المسيحين ألن يحيوا في عالقة مع الثالوث األقدس‪ .‬مصدرها وعلتها‬
‫وموضوعها هللا معروفا باإليمان ومرجواً ومحبوبا لذاته‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -1841‬الفضائل اإللهية ثالث‪ ،‬هي‪ ،‬اإليمان والرجاء والمحبة‪ .‬وهي تعطي جميع الفضائل األخالقية‬
‫صورتها وتحييها‪.‬‬
‫‪ -1842‬باإليمان نعتقد وجود هللا‪ ،‬وكل ما أوحى به إلينا‪ ،‬وتعرضه الكنيسة عليها لنعتقده‪.‬‬
‫‪ -1843‬بالرجاء نبتغي من هللا وننتظر بثقة راسخة الحياة األبدية والنعم الستحقاقها‪.‬‬
‫نود هللا فوق كل شيء‪ ،‬والقريب كنفسنا ألجل هللا‪ .‬وإنها "رباط الكمال" (كو ‪)14 ،3‬‬
‫‪ -1844‬بالمحبة ّ‬
‫وصورة الفضائل كلها‪.‬‬
‫‪ -1845‬مواهب الروح القدس السبع المعطاة للمسيحيين هي الحكمة والفهم والمشورة والقوة والعلم والتقوى‬
‫ومخافة هللا‪.‬‬

‫المقال الثامن‬
‫الخطيئة‬

‫الرحمة والخطيئة‬ ‫‪.I‬‬


‫"تسميه‬
‫‪ -1846‬اإلنجيل هو الكشف‪ ،‬بيسوع المسيح‪ ،‬عن رحمة هللا للخطأة‪ .‬وقد أعلن ذلك المالك ليوسف‪ّ ،‬‬
‫سر الفداء‪،‬‬
‫يخلص شعبه من خطاياهم" (متى ‪ .)21 ،1‬وكذلك بالنسبة إلى االفخارستيا ّ‬
‫ّ‬ ‫ألنه هو الذي‬
‫يسوع‪ّ ،‬‬
‫"هذا هو دمي‪ ،‬دم العهد الجديد الذي ُيهراق عن كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى ‪.)28 ،26‬‬

‫خلصنا بدوننا"‪َ .‬وتَّقبُّل رحمته يقتضينا االقرار بذنوبنا‪" .‬إن نحن‬


‫‪" -1847‬لقد خلقنا هللا بدوننا‪ ،‬وال يريد أن ُي ّ‬
‫فإنه يغفر‬
‫الحق فينا‪ .‬وإن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ظل أنفسنا‪ ،‬وليس‬
‫فإنما ُن ُّ‬
‫قلنا‪ّ ،‬إنا بغير خطيئة‪ّ ،‬‬
‫ويطهرنا من كل إثم" (‪ 1‬يو ‪.)9 -8 ،1‬‬
‫ّ‬ ‫خطايانا‪،‬‬

‫‪ -1848‬كما يقول القديس بولس‪" ،‬حيث كثرت الخطيئة طفحت النعمة" (روم ‪ .)20 ،5‬ولكن على النعمة‪،‬‬
‫"البر للحياة األبدية‪ ،‬بيسوع المسيح رّبنا" (روم ‪،5‬‬
‫لترد قلبنا وتمنحنا ّ‬
‫لكي تقوم بعملها‪ ،‬أن تكشف الخطيئة ّ‬
‫الرب بكلمته وروحه ضوءاً شديداً على‬‫سب ُر الجرَح قبل أن يألمه هكذا ُيلقي ّ‬
‫‪ .)21‬ومثل الطبيب الذي َي ُ‬
‫الخطيئة‪:‬‬

‫"التوبة تقتضي وضع الخطيئة في النور‪ ،‬وتحوي في ذاتها ُحكم الضمير الداخلي‪ .‬ويمكن أن نرى فيها‬
‫بدء عطية جديدة‬
‫الحق في أقصى أعماق االنسان‪ ،‬ويصير ذلك في الوقت عينه َ‬ ‫ّ‬ ‫الدليل على فعل روح‬
‫المحّبة‪" ،‬خذوا الروح القدس"‪ .‬وهكذا نكتشف‪ ،‬في وضع "الخطيئة في النور" هذا =‪ ،‬عطية‬
‫من النعمة و ّ‬
‫المعزي"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مضاعفة‪ ،‬عطية حقيقة الضمير‪ ،‬وعطية صحة الفداء‪ .‬رو ُح الحق هو‬

‫‪26‬‬
‫تحديد الخطيئة‬ ‫‪.II‬‬
‫بالمحبة الحقيقية هلل والقريب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1849‬الخطيئة إساءة إلى العقل والحقيقة والضمير المستقيم‪ .‬وهي إجحاف‬
‫ِ‬
‫تعلق أثيم ببعض الخيور‪ّ .‬إنها تجرح طبيعة االنسان وتؤذي التضامن البشري وقد ُحّددت ّ‬
‫بأنها "كلمة‬ ‫بسبب ّ‬
‫أو فعل أو شهوة تخالف الشريعة األز ّلية"‪.‬‬

‫الشر أمامك صنعت" (مز ‪ .)6 ،51‬وهي تقف في وجه‬ ‫‪ -1850‬الخطيئة إهانة هلل‪" ،‬إليك وحدك خطئت و ّ‬
‫محبة هللا لنا‪ ،‬وتُبعد عنها قلوبنا‪ .‬وهي كالخطيئة األولى معصية وثورة على هللا‪ ،‬بإرادة أن نصير "كآلهة" (تك‬
‫ّ‬
‫"محبة الذات حتى احتقار هللا"‪ .‬وبتعظيم الذات المتعجرف‬
‫ّ‬ ‫الشر‪ .‬وهكذا فهي‬
‫ونحدُد الخير و ّ‬
‫ّ‬ ‫نعرف‬
‫ُ‬ ‫‪)5 ،3‬‬
‫هذا تكون الخطيئة مخالف ًة تماماً خضوع يسوع الذي حقق الخالص‪.‬‬

‫عنفها‬
‫تتغلب رحم ُة هللا على الخطيئة‪ ،‬تُظهر هذه على أفضل وجه َ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1851‬ففي اآلالم تحديداً‪ ،‬حيث‬
‫وكثرتها‪ ،‬من عدم إيمان‪ ،‬وحقد قاتل‪ ،‬ورفض‪ ،‬واستهزاءات من قبل رؤساء الشعب‪ ،‬وجبانة بيالطس‪ ،‬وقساوة‬
‫ولكن تضحية يسوع قد‬
‫ّ‬ ‫الجنود‪ ،‬وخيانة يهوذا الشديدة الوطأة على يسوع‪ ،‬وإنكار بطرس‪ ،‬وتخلي الرسل‪.‬‬
‫ّ‬
‫ان خطايانا‪.‬‬
‫يتفجر منه غفر ُ‬
‫خفي‪ ،‬في ساعة الظلمة ورئيس هذا العالم نفسها‪ ،‬ينبوعاً دائماً ّ‬ ‫صارت‪ ،‬على وجه‬
‫ّ‬

‫أنواع الخطايا‬ ‫‪.III‬‬


‫متعددة‪ .‬فالرسالة إلى الغالطيين تقابل‬
‫المقدس يذكر منها سالسل ّ‬ ‫تنوعُ الخطايا كبير‪ .‬والكتاب ّ‬ ‫‪ّ -1852‬‬
‫السحر‪ ،‬والعداوات‬
‫الع َهر‪ ،‬وعبادة األوثان و ّ‬
‫أعمال الجسد بثمار الروح‪" ،‬أعمال الجسد ّبينة‪ ،‬الفجور والنجاسة و َ‬
‫السكر والقصوف‪ ،‬وما‬
‫والخصومات واألطماع‪ ،‬والمغاضبات والمنازعات والمشاّقات والبدع‪ ،‬والمحاسدات و ّ‬
‫أشبه ذلك‪ .‬وعنها أقول لكم‪ ،‬كما قلت سابقاً‪ ،‬إن الذين يفعلون أمثال هذه ال يرثون ملكوت هللا" (غل ‪-19 ،5‬‬
‫‪.)21‬‬

‫بشر ّي‪ ،‬أو بالنسبة‬


‫‪ -1853‬يمكن تمييز الخطايا بالنسبة إلى موضوعها‪ ،‬كما هي الحال في شأن ّك ّل فعل ّ‬
‫تتعداها‪ .‬ويمكن تنسيُقها أيضا‬
‫يادة أو نقصاناً‪ ،‬أو بالنسبة إلى الوصايا التي ّ‬
‫إلى الفضائل التي تُخالفها ز ً‬
‫جسدية‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫روحية وخطايا‬
‫ّ‬ ‫تقسيمها إلى خطايا‬
‫ُ‬ ‫بحسب ما لها من عالقة باهلل أو القريب أو بالذات ويمكن‬
‫الح ّرة‪ ،‬بحسب تعليم‬
‫خطايا بالفكر أو القول أو االهمال‪ .‬أصل الخطيئة هو في قلب االنسان‪ ،‬في إرادته ّ‬
‫الر ّب‪" ،‬فمن القلب تخرج األفكار الشريرة‪ ،‬والقتل‪ ،‬والزنى‪ ،‬والفسق‪ ،‬والسرقة‪ ،‬وشهادة الزور‪ ،‬والتجديف‪ .‬وذلك‬
‫ّ‬
‫المحبة‪ ،‬مبدأ األفعال الصالحة والنقية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫هو ما ّين ّجس اإلنسان" (متى ‪ .)20 -19 ،15‬وفي القلب أيضاً تُقيم‬
‫التي تجرحها الخطيئة‪.‬‬

‫العرضية‬
‫ّ‬ ‫جسامة الخطيئة‪ ،‬الخطيئة المميتة و‬ ‫‪.IV‬‬

‫‪27‬‬
‫تقدي ُر الخطيئة بحسب جسامتها‪ .‬والتمييز بين الخطيئة المميتة والخطيئة العرضية الذي‬
‫‪ -1854‬ينبغي ُ‬
‫استتب في التقليد الكنسي‪ .‬وخبرة الناس تدعمه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫لم ُح في الكتاب المقدس قد‬
‫ُي َ‬
‫ف اإلنسان‬ ‫بتعد كبير لشريعة هللا‪ .‬وتَ ِ‬
‫صر ُ‬ ‫المحبة في قلب اإلنسان ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1855‬الخطيئة المميتة تقضي على‬
‫المحبة‪ ،‬وإن‬
‫ّ‬ ‫العرضية تُبقي‬
‫ّ‬ ‫عن هللا الذي هو غايته القصوى وسعادتُه بتفضيل خير أدنى عليه‪ .‬الخطيئة‬
‫أساءت إليها وجرحتها‪.‬‬

‫جديدة من رحمة هللا‪،‬‬


‫ً‬ ‫المحبة‪ ،‬فتقتضي مبادرًة‬
‫ّ‬ ‫الحيوي الذي هو‬
‫ّ‬ ‫‪ -1856‬الخطيئة المميتة تهاجم فينا المبدأ‬
‫سر المصالحة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وتوب َة قلب تَن ُّم بوجه اعتياد ّي في إطار ّ‬
‫توجهنا نحو الغاية القصوى‪ ،‬تكون الخطيئة‬
‫للمحبة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫بحد ذاته مناف‬
‫تعمُد اإلدارة إلى شيء ّ‬
‫"عندما َ‬
‫لمحّبة القريب كالقتل‬ ‫بموضوعها ِ‬
‫لمحبة هللا‪ ،‬كالتجديف والحنث‪ ...‬أو ّ‬
‫ّ‬ ‫ذاته مميتة سواء كان مخالفاً‬
‫ولكنه ليس مضاداً لمحبة هللا‬
‫عمد إرادة الخاطئ أحياناً إلى شيء فيه انحراف ّ‬
‫والزنى‪ ...‬وبالمقابل عندما تَ َ‬
‫عرضية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومحبة القريب‪َ ،‬ك ِ‬
‫لغو الكالم وفضول الضحك‪ ....‬مثل هذه الخطايا هي‬

‫مادتها‬ ‫‪ -1857‬حتى تكون الخطيئ ُة مميتة ال ّبد من ثالثة شروط متالزمة‪" ،‬تكون خطيئة مميت ًة ُّ‬
‫كل خطيئة ّ‬
‫ثقيلة‪ ،‬ويرتكبها اإلنسان بكامل وعيه‪ ،‬وبقصد صادر عن رؤية"‪.‬‬

‫‪ -1858‬المادة الثقيلة توضحها الوصايا العشر‪ ،‬بحسب جواب يسوع للشاب الغني‪" ،‬ال تقتل‪ ،‬ال تزِن‪ ،‬ال‬
‫أمك" (مر ‪ .)19 ،10‬والخطيئة متفاوتة في جسامتها‪ ،‬فالقتل‬ ‫تشهد بالزور‪ ،‬ال َّ‬
‫تتعد على أحد‪ ،‬أكرم أباك و ّ‬
‫حسب أيضاً‪ ،‬فممارسة العنف على األقرباء هي‬
‫أعظم من السرقة‪ .‬وصفة األشخاص الذين لحق بهم األذى تُ ُ‬
‫بحد ذاتها جسيمة أكثر منها على الغرباء‪.‬‬
‫ّ‬
‫أن في الفعل خطيئة‪،‬‬ ‫تاما وتفترض معرف ًة سابق ًة َّ‬
‫‪ -1859‬تقتضي الخطيئة المميتة معرفة كاملة ورضى ّ‬
‫الرؤية ما يكفي ليكون اختيا اًر شخ ّ‬
‫صياً‪ .‬والجهل‬ ‫رضى فيه من ّ‬ ‫ً‬ ‫وتتضمن أيضاً‬
‫ّ‬ ‫و ّأنه مخالف لشريعة هللا‪.‬‬
‫ِ‬
‫السمة اإلرادية في الخطيئة‪.‬‬
‫وتصلب القلب ال ُينقصان بل يزيدان ّ‬
‫ّ‬ ‫المتصنع‬
‫ّ‬
‫‪ -1860‬يمكن الجهل الذي ال يتأ ّتى عن اإلرادة أن ينقص المسؤولية عن إثم جسيم‪ ،‬إن لم ِ‬
‫يعذر عليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مبادئ الشريعة األخالقية المكتوبة في ضمير كل إنسان‪ .‬كذلك يمكن‬ ‫َ‬ ‫ولكن الُ ُيفترض أن يكون أحد جاهالً‬
‫الخارجية واالضطرابات‬
‫ّ‬ ‫وحرة‪ ،‬وكذلك الضغوط‬
‫الحس واألهواء أن تُنقص ما في اإلثم من سمة إرادية ّ‬
‫نزوات ّ‬
‫للشر‪ ،‬هي األعظم‪.‬‬
‫رو ّ‬‫ضية‪ .‬والخطيئة عن خبث‪ ،‬باختيار ُمتَ ّ‬
‫المر ّ‬
‫ّ‬
‫تؤدي إلى خسارة‬
‫المحبة نفسها‪ .‬وهي ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية كما‬
‫ّ‬ ‫إمكانية أصلية للحرّية‬
‫ّ‬ ‫‪ -1861‬الخطيئة المميتة هي‬
‫االقصاء‬
‫َ‬ ‫المحبة والحرمان من النعمة المقدسة‪ ،‬أي من حال النعمة‪ .‬وإذا لم تُ َفد بالندامة وغفران هللا فهي ِّ‬
‫تسبب‬
‫دية ال رجوع عنها‪.‬‬
‫أن حريتنا تستطيع القيام باختيارات أب ّ‬ ‫جهنم‪ ،‬بما ّ‬
‫األبدي في ّ‬
‫ّ‬ ‫من ملكوت المسيح‪ ،‬والموت‬

‫‪28‬‬
‫بأن فعالً ما هو بذاته إثم كبير‪ ،‬علينا‪ ،‬في الحكم على األشخاص‪ ،‬أن‬
‫ولكن إذا كان باستطاعتنا أن نحكم ّ‬
‫نترك ذلك لعدالة هللا ورحمته‪.‬‬

‫مادة خفيفة على القدر الذي تفرضه الشريعة‬


‫عرضية عندما الُ ُيحافظ في ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1862‬يخطأ اإلنسان خطيئة‬
‫تام‪.‬‬
‫رضى ّ‬ ‫مادة ثقيلة ولكن بدون معرفة كاملة أو‬
‫األخالقية في ّ‬
‫ّ‬ ‫األخالقية‪ ،‬أو عندما يخالف الشريعة‬
‫ً‬
‫تقدم النفس‬‫المحبة‪ّ ،‬إنها تعني تعلّقاً منحرفاً بالخيرات المخلوقة‪ ،‬وتمنع ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1863‬الخطيئة العرضية تُضعف‬
‫رو ولم‬
‫المتأتية عن تَ ّ‬
‫ّ‬ ‫في ممارسة الفضائل والصالح األخالقي‪ ،‬فتستأهل عقوبات زمنية‪ .‬والخطيئة العرضية‬
‫ولكن الخطيئة العرضية ال تقطع العهد مع هللا‪.‬‬
‫هيئنا رويداً رويدا الرتكاب الخطيئة المميتة‪ّ .‬‬
‫ظ بالندامة تُ ّ‬
‫تَح َ‬
‫ِ‬
‫المحبة اإللهية‪ ،‬وبالتالي‬
‫ّ‬ ‫الم ِّ‬
‫ؤلهة‪ ،‬ومن‬ ‫المقدسة أو ُ‬
‫"إنها ال تحرم من النعمة ّ‬
‫وهي قابلة لإلصالح بنعمة هللا‪ّ .‬‬
‫األبدية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من السعادة‬

‫األقل الخطايا الخفيفة‪ ،‬ولكن هذه‬


‫كل خطيئة‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫يتجنب ّ‬
‫"ال يستطيع اإلنسان‪ ،‬ما دام في الجسد‪ ،‬أن ّ‬
‫تحسبها بال أهمية عندما تَ ِزنها‪ ،‬فارتعد عندما‬
‫ُ‬ ‫الخطايا التي ندعوها خفيفة‪ ،‬ال تَح َسبها بال أهمية" فإن كنت‬
‫تصنع كتل ًة كبيرة‪ ،‬مجموعة من القطرات تمأل نه اًر‪ .‬مجموعة من‬
‫ُ‬ ‫تعدها‪ .‬مجموعة من األشياء الصغيرة‬
‫ّ‬
‫كل شيء االعتراف"‪.‬‬
‫الحبات تعمل كومة‪ .‬فما هو عندئذ رجاؤنا؟ ّإنه قبل ّ‬
‫ّ‬
‫"كل خطيئة وتجديف ُيغفر للناس‪ ،‬أما التجديف على الروح القدس فلن ُيغفر" (متى ‪.)31 ،12‬‬ ‫‪ّ -1864‬‬
‫الخالص‬ ‫ِ‬
‫رحمة هللا بالندامة يأبى غفران خطاياه و‬ ‫حد لها‪ ،‬ولكن من يرفض عن رؤية تقبُّل‬
‫َ‬ ‫إلن رحمة هللا ال ّ‬
‫ّ‬
‫التصلب إلى انتفاء التوبة األخيرة وإلى الخسارة األبدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مثل هذا‬
‫قدمه الروح القدس‪ .‬ويمكن أن يقود ُ‬
‫الذي ُي ّ‬

‫تكاثر الخطايا‬ ‫‪.V‬‬


‫ولد الرذيلة بتكرار األفعال ذاتها‪ .‬فينتج من ذلك أميال أثيمة تُظلم‬ ‫ِ‬
‫تستج ُّر إلى الخطيئة‪ ،‬وتُ ّ‬ ‫‪ -1865‬الخطيئة‬
‫ولكنها ال تستطيع‬
‫الشر‪ .‬وهكذا تسعى الخطيئة إلى التكاثر واالستقواء‪ّ ،‬‬ ‫العملي للخير و ّ‬ ‫الضمير‪ ،‬وتُفسد التقويم‬
‫ّ‬
‫الحس األخالقي من جذوره‪.‬‬ ‫استئصال ّ‬
‫ميزتها الخبرة‬
‫طها بالخطايا الرئيسة التي ّ‬ ‫‪ -1866‬يمكن تقسيم الرذائل بحسب الفضائل التي تُ ُّ‬
‫ضادها‪ ،‬أو رب ُ‬
‫ولد خطايا أخرى‬
‫ألنها تُ ّ‬
‫المسيحية في أثر القديس يوحنا كاسيان والقديس غريغوريوس الكبير‪ .‬وتُدعى رئيسة ّ‬
‫ورذائل أخرى‪ .‬وهي الكبرياء‪ ،‬والبخل‪ ،‬والحسد‪ ،‬والغضب‪ ،‬والنجاسة‪ ،‬والشراهة‪ ،‬والكسل (أو االسيديا)‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫التقليدي أيضاً أن هناك "خطايا تصرخ إلى السماء "فيصرخ إلى السماء‪ ،‬دم‬
‫ّ‬ ‫يذكر التعليم الديني‬
‫‪ُ -1867‬‬
‫السدوميين‪ ،‬وهتاف الشعب المظلوم في مصر‪ ،‬وشكوى الغريب واألرملة واليتيم‪ ،‬وظلم‬ ‫هابيل‪ ،‬وخطيئة ّ‬
‫األجراء‪.‬‬
‫ُ‬
‫نتحمل مسؤولية عن خطايا اآلخرين عندما نشارك فيها‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك ّ‬
‫ً‬ ‫‪ -1868‬الخطيئة فعل شخصي‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطوعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬بالمشاركة المباشرة و‬
‫‪ -‬باألمر أو المشورة بها‪ ،‬أو الثّناء أو الموافقة عليها‪،‬‬
‫‪ -‬بعدم الكشف عنها أو منع حدوثها‪ ،‬عندما يكون ذلك لزاماً علينا‪،‬‬

‫‪ -‬بحماية من يصنعون ّ‬
‫الشر‪.‬‬
‫‪ -1869‬هكذا تجعل الخطيئة الناس متواطئين بعضهم مع بعض‪ ،‬وتُ ُّ‬
‫سلط ُُ بينهم الشهوة والعنف والظلم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ومؤسسات مخالفة للجودة اإللهية‪" .‬وهيكليات الخطيئة" هي التعبير عن‬
‫ّ‬ ‫حدث الخطايا أوضاعاً اجتماعية‬
‫وتُ ً‬
‫الشر‪ .‬وهي‪ ،‬على سبيل التشبيه‪،‬‬
‫الشخصية ونتيجتها‪ّ .‬إنها تحمل ضحاياها على أن يصنعوا هم أيضاً ّ‬
‫ّ‬ ‫الخطايا‬
‫كوِن "خطيئة اجتماعية"‪.‬‬
‫تُ ّ‬

‫بإيجاز‬
‫إن هللا قد أغلق على الجميع في المعصية لكي يرحم الجميع‪( ،‬روم ‪.)32 ،11‬‬ ‫‪ّ -1870‬‬
‫‪ -1871‬الخطيئة هي "كلمة أو فعل أو شهوة تخالف الشريعة األزلية"‪ .‬إنها إهانة هلل‪ ،‬وهي تقف في وجهه‬
‫في عصيان يخالف خضوع المسيح‪.‬‬
‫ي‪.‬‬
‫‪ -1872‬الخطيئة فعل يخالف العقل‪ ،‬ويجرح الطبيعة البشرية‪ ،‬ويسيء إلى التضامن البشر ّ‬
‫‪ -1873‬أصل كل الخطايا هي في قلب اإلنسان‪ .‬وتقاس أنواعها وجسامُتها خصوصا بالنسبة إلى‬
‫موضوعها‪.‬‬
‫يخالف مخالفةً كبيرةً شريعة هللا والغاية‬
‫ُ‬ ‫‪ -1874‬االختيار الصادر عن رؤية‪ ،‬أي عن معرفة وإرادة‪ ،‬لشيء‬
‫القصوى لإلنسان‪ ،‬هو خطيئة مميتة‪ .‬وهذه تقضي فينا على المحبة التي بدونها تكون السعادة األبدية‬
‫مستحيلة‪ .‬وهي‪ ،‬بدون الندامة‪ّ ،‬‬
‫تسبب الموت األبدي‪.‬‬
‫ِ‬
‫تصلحه المحبة التي تبقيها فينا تلك الخطيئة‪.‬‬ ‫انحرف أخالقي يمكن أن‬ ‫‪ -1875‬الخطيئة العرضية هي ا‬
‫ّ‬
‫‪ -1876‬تكرار الخطايا‪ ،‬حتى العرضية‪ ،‬يولد الرذائل التي نميز بينها الخطايا الرئيسة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الجماعة البشرية‬

‫للتصور بصورة االبن والوحيد لآلب‪ .‬وهذه‬


‫ّ‬ ‫التحول‬
‫إن دعوة البشرية هي في إظهار صورة هللا و ّ‬
‫‪ّ -1877‬‬
‫مدعو إلى الدخول في السعادة األبدية‪ .‬وهي أيضاً ذات عالقة‬
‫ٌّ‬ ‫كل واحد‬
‫ألن ّ‬
‫شخصي‪ّ ،‬‬ ‫الدعوة لها طابع‬
‫ّ‬
‫بالجماعة البشرية بأكملها‪.‬‬

‫المقال األول‬
‫الشخص والمجتمع‬

‫السمة الجماعية للدعوة البشرية‬ ‫‪.I‬‬


‫مدعوون إلى غاية واحدة هي هللا نفسه‪ .‬وهناك بعض ّ‬
‫الشبه بين وحدة األقانيم‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1878‬الناس بأجمعهم‬
‫فمحبة القريب ال تنفصل‬
‫المحبة‪ّ .‬‬
‫األخوة التي يجب على الناس أن ُيقيموها في ما بينهم‪ ،‬في الحقيقة و ّ‬
‫اإللهية و ّ‬
‫ّ‬
‫محبة هللا‪.‬‬
‫عن ّ‬
‫‪ -1879‬يحتاج الشخص البشر ّي إلى الحياة االجتماعية‪ .‬وهي بالنسبة إليه ليست شيئاً مضافاً‪ ،‬و ّإنما من‬
‫ويلبي هكذا دعوتَه‪.‬‬
‫نمي قواه ّ‬‫مقتضيات طبيعته‪ .‬فاإلنسان بالتواصل مع إخوته‪ ،‬وتبادل الخدمات والحوار‪ُ ،‬ي ّ‬
‫كال منهم‪ .‬هذه‬
‫يوحدهم ويتجاوز ً‬
‫عضوياً بمبدأ ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1880‬المجتمع هو فريق من األشخاص المرتبطين‬
‫كل‬
‫وتهيئ المستقبل‪ .‬وبها يصير ّ‬
‫فتتقبل الماضي ّ‬
‫الروحية في آن واحد‪ ،‬تدوم في الزمن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الجماعة المنظورة و‬
‫بحق أن يبذل الذات‬ ‫هويته‪ ،‬ويكون ُملزماً بتنمية ثمارها‪ .‬وعلى ّ‬
‫كل واحد ّ‬ ‫ويتقبل "وزنات " تُغني ّ‬
‫إنسان "وريثاً"‪ّ ،‬‬
‫في سبيل الجماعات التي هو عضو فيها‪ ،‬وأن يحترم السلطات المسؤولة عن الخير العام‪.‬‬

‫ولكن "الشخص البشري هو‪ ،‬ويجب أن‬ ‫ِ‬


‫اعد خاصة‪ّ .‬‬
‫كل جماعة هدفها‪ ،‬فتخضع بالتالي لقو َ‬
‫يحدد ّ‬
‫‪ّ -1881‬‬
‫المؤسسات االجتماعية‪َّ ،‬‬
‫ومردها وغايتَها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يكون‪ ،‬مبدأ جميع‬

‫‪ -1882‬بعض المجتمعات‪ ،‬من مثل األسرة والمدينة‪ ،‬هي أكثر تناسباً مع الطبيعة البشرّية‪ ،‬فهي ضرورّية‬
‫تجمعات‬
‫لها‪ .‬وال ّبد في سبيل تعزيز مشاركة العدد األكبر في الحياة االجتماعية‪ ،‬من التشجيع على إيجاد ُّ‬
‫وسياسية‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫هنية‪،‬‬
‫وم ّ‬‫سلوية‪َ ،‬‬
‫ياضية‪ ،‬وتَ ّ‬
‫وثقافية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬ور ّ‬
‫ّ‬ ‫ومؤسسات مختارة "ذات أهداف اقتصادية‪،‬‬
‫ّ‬
‫يعبر أيضاً عن النزعة الطبيعية التي‬
‫السياسية كما على الصعيد العالمي" وهذا "التجمع " ّ‬
‫ّ‬ ‫داخل الجماعات‬
‫ينمي صفات الشخص‪،‬‬
‫تحمل الناس على التشارك في سبيل بلوغ أهداف تتجاوز اإلمكانات الفردية‪ .‬وهو ّ‬
‫حس المبادرة والمسؤولية عنده‪ .‬وهو يساعد على كفالة حقوقه‪.‬‬
‫وعلى الخصوص‪ّ ،‬‬
‫‪31‬‬
‫الشخصيتين‪ .‬وقد َّ‬
‫أعدت‬ ‫ّ‬ ‫الحرية والمبادرة‬
‫هدد ّ‬‫المفرط يمكن أن ُي ّ‬
‫فتدخل الدولة ُ‬
‫‪ -1883‬للتجمع أيضاً أخطار‪ّ .‬‬
‫الداخلية‬
‫ّ‬ ‫يتدخ َل في الحياة‬
‫ومؤداه "أن ليس لمجتمع أعلى أن ّ‬
‫ّ‬ ‫بالتسلسلية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الكنيسة في عقيدتها مبدأ ُدعي "‬
‫صالحياته‪ ،‬بل عليه باألحرى ان يسانده عند الضرورة وأن يساعده على تنسيق‬
‫ّ‬ ‫لمجتمع أدنى بحرمانه من‬
‫عمله مع عمل العناصر األخرى التي تؤلف المجتمع في سبيل الخير العام"‪.‬‬

‫كل خليقة الوظائف التي يمكنها‬


‫كل السلطات‪ .‬فهو يعطي ّ‬ ‫‪ -1884‬لم يشأ هللا أن يحتفظ لنفسه بممارسة ّ‬
‫ط الحكم هذا يجب أن ُيقتدى به في الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫ون َم ُ‬
‫الخاصة‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫مارسها بحسب إمكانات طبيعتها‬
‫ان تُ َ‬
‫للحرية البشرّية‪ ،‬يجب أن ُي ِلهم حكم َة من يحكمون‬
‫ف هللا في ُحكم العالم‪ ،‬الذي ُيظهر الكثير من المراعاة ّ‬
‫وتصر ُ‬
‫ُّ‬
‫كمعتَمدين للعناية اإللهية‪.‬‬
‫يتصرفوا ُ‬
‫ّ‬ ‫الجماعات البشرّية‪ .‬فعليهم أن‬

‫حدود ُّ‬
‫تدخل الدولة‪ ،‬قاصداً انسجام العالئق بين‬ ‫َ‬ ‫‪ -1885‬يقاوم مبدأ التسلسلية كل أشكال الجماعية‪ ،‬ويضع‬
‫األفراد والمجتمعات وساعياً إلى إقامة نظام دولي حقيقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫التوبة والمجتمع‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ -1886‬ال ّبد من المجتمع لتحقيق الدعوة البشرّية‪ .‬ولبلوغ هذا الهدف ال ّبد من احترام التراتبية الصحيحة‬
‫الروحية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الداخلية و‬
‫ّ‬ ‫بين القيم التي " تُخضع األبعاد الطبيعية والغريزّية لألبعاد‬

‫عارف في‬
‫تبادل َم َ‬
‫روحي فهي ُ‬ ‫"يجب أن ُينظر إلى الحياة في المجتمع‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬كحقيقة من نم ط‬
‫ّ‬
‫ضوء الحقيقة‪ ،‬وممارس ُة حقوق واضطالع بواجبات‪ ،‬وتنافس في السعي إلى الخير األخالقي‪ ،‬ومشاركة‬
‫ّ‬
‫تجلياته المشروعة‪ ،‬واستعداد دائم إليصال أفضل ما في الذات إلى‬
‫كل ّ‬ ‫في التمتّع الكريم بالجمال في ّ‬
‫وتوجه الحركة الثقافية‪،‬‬
‫مستمر تلك هي القيم التي يجب ان تُنعش ّ‬
‫ّ‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وتو ٌّق ٌّ‬
‫عام إلى إثراء روحي‬
‫ّ‬
‫تجليات الحياة‬
‫وكل ّ‬
‫والحياة االقتصادية‪ ،‬والتنظيم االجتماعي‪ ،‬والحركات واألنظمة السياسية‪ ،‬والتشريع‪ّ ،‬‬
‫الدائم"‪.‬‬
‫تطورها ّ‬
‫االجتماعية في ّ‬
‫‪ -1887‬إن قلب الوسائل والغايات الذي يبلغ حد ِ‬
‫إيالء قيمة الغاية القصوى إلى ما ليس سوى وسيلة إليها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫هيكليات ظالمة "تجعل السلوك المسيحي الموافق‬
‫ّ‬ ‫يولد‬
‫أو النظر إلى األشخاص كوسائل فقط إلى هدف‪ّ ،‬‬
‫عملياً"‪.‬‬
‫لوصايا المشترع اإللهي شاّقاً ومستحيالً ّ‬
‫األخالقية للشخص‪ ،‬والمقتضيات الدائمة لتوبته‬
‫ّ‬ ‫الروحية و‬
‫ّ‬ ‫‪ -1888‬فيجب عندئذ استنهاض االمكانات‬
‫رف بها لتوبة القلب ال‬ ‫الداخلية‪ ،‬للحصول على تغييرات اجتماعية تكون حقيق ًة في خدمته‪ .‬و‬
‫األولوية المعتَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المؤسسات‪ ،‬وعلى‬
‫ّ‬ ‫فرض‪ ،‬واجب إجراء االصالحات المناسبة على‬ ‫ُتلغي إطالقاً‪ ،‬بل هي على العكس تَ ِ‬
‫وتعزز الخير عوضاً من إعاقته‪.‬‬
‫أوضاع الحياة‪ ،‬حتى تتوافق مع قواعد العدل‪ّ ،‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -1889‬بدون اللجوء إلى النعمة ال يستطيع الناس "كشف السبيل الضيق م ار اًر كثيرة بين ُ‬
‫الجبن الذي‬
‫محبة هللا والقريب‪.‬‬
‫المحبة‪ ،‬أي ّ‬‫ّ‬ ‫يظن أنه يقاتله"‪ّ .‬إنه سبيل‬
‫للشر والعنف الذي يجعله يتفاقم وهو ّ‬
‫يستسلم ّ‬
‫فالمحبة هي أعظم الوصايا االجتماعية‪ّ .‬إنها تحترم اآلخرين وحقوقهم‪ ،‬وتقتضي ممارسة العدل‪ ،‬وهي وحدها‬
‫ّ‬
‫يخلص نفسه ُيهلكها‪ ،‬ومن أهلكها‬
‫ّ‬ ‫حياة ملؤها بذل الذات‪" ،‬من طلب أن‬
‫تجعلنا قادرين على ذلك‪ّ .‬إنها ُتلهم ً‬
‫حفظها"‪( .‬لو ‪.)33 ،17‬‬

‫بإيجاز‬
‫يجب على الناس أن يقيموها فيما‬
‫‪ -1890‬هناك بعض الشبه بين وحدة األقانيم اإللهية واألخوة التي ّ‬
‫بينهم‪.‬‬
‫ي إلى الحياة االجتماعية لينمو نمواً يتوافق مع طبيعته‪ .‬بعض المجتمعات‪،‬‬
‫‪ -1891‬يحتاج الشخص البشر ّ‬
‫من مثل األسرة والمدينة‪ ،‬هي أكثر تناسباً مع الطبيعة البشرية‪.‬‬
‫ي هو‪ ،‬ويجب أن يكون‪ ،‬مبدأ جميع المؤسسات االجتماعية ومردها وغايتها"‪.‬‬
‫‪" -1892‬الشخص البشر ّ‬
‫‪ -1893‬يجب التشجيع على مشاركة واسعة في تجمعات ومؤسسات مختارة‪.‬‬
‫أي مجتمع أوسع مقام مبادرة األشخاص والتجمعات‬
‫أال تقوم الدولة وال ّ‬
‫‪ -1894‬بحسب مبدأ التسلسلية ّ‬
‫الوسيطة ومسؤوليتهم‪.‬‬
‫‪ -1895‬على المجتمع أن يعزز ممارسة الفضائل ال أن يعيقها‪ .‬ويجب أن يستلهم تراتبية صحيحة للقيم‪.‬‬
‫بد من اللجوء إلى توبة القلوب وإلى نعمة هللا‪ .‬المحبة‬
‫المناخ االجتماعيّ‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫حيث تفسد الخطيئةُ‬
‫‪ُ -1896‬‬
‫تحمل على إجراء إصالحات صحيحة‪ .‬وليس من حل للمسألة االجتماعية خارج اإلنجيل‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المقال الثاني‬
‫المشاركة في الحياة االجتماعية‬

‫السلطة‬
‫ُّ‬ ‫‪.I‬‬
‫يتولون السلطة‬
‫الخ عصب إن افتقدت وجود أناس ّ‬ ‫سينقص ُُها النظام و ِ‬
‫ُ‬ ‫"إن الحياة في المجتمع‬
‫‪ّ -1897‬‬
‫ويؤمنون حفظ المؤسسات‪ ،‬ويصرفون العناية‪ ،‬بقدر كاف‪ ،‬إلى الخير العام "تُدعى "سلط ًة"‬
‫عي‪ّ ،‬‬ ‫على وجه شر‬
‫ّ‬
‫ائع وإعطاء أوامر للناس‪ ،‬وترُّق َب الخضوع من قبلهم‪.‬‬
‫خول أشخاصاً أو مؤسسات إقرار شر َ‬ ‫الصف ُة التي تُ ّ‬
‫كل جماعة بشرّية هي في حاجة إلى سلطة تسوسها‪ .‬واساس هذه السلطة موجود في الطبيعة‬ ‫‪ُّ -1898‬‬
‫ومهمتها االضطالع قدر اإلمكان بخير المجتمع العام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البشرّية‪ .‬فهي ضرورّية لوحدة المدينة‪.‬‬

‫فإنه‬
‫صبة‪ّ ،‬‬ ‫المن َّ‬
‫كل واحد للسلطات َ‬‫األخالقي هي من هللا‪" ،‬ليخضع ّ‬ ‫النظام‬
‫ُ‬ ‫‪ -1899‬السلط ُة التي يقتضيها‬
‫ّ‬
‫فإنما ُيعاند ترتيب هللا‪،‬‬
‫ال سلطان إالّ من هللا‪ .‬والسلطات الكائنة ّإنما رتّبها هللا‪ .‬فمن يقاوم السلطان إذن ّ‬
‫والمعاندون يجلبون الدينونة على أنفسهم" (روم ‪.)2 -1 ،13‬‬

‫يحوطوا باالحترام‬
‫يؤدوا للسلطة اإلكرام الواجب لها‪ ،‬وان ّ‬
‫‪ -1900‬واجب الطاعة يفرض على الجميع أن ّ‬
‫األشخاص الذين ُيمارسون ّ‬
‫مهامها‪.‬‬

‫وكذلك‪ ،‬حسب استحقاقهم‪ ،‬بالشكران والمحاسنة‪ .‬نجد بقلم بابا روما القديس إكليمنضوس‪ ،‬أقدم صالة‬
‫كنسية ألجل السلطة السياسية"‬
‫ّ‬
‫"إمنحهم يا رب‪ ،‬الصحة والسالم والوفاق واالستقرار‪ ،‬حتى ُيمارسوا‪ ،‬دون مضايقة‪ ،‬الرئاسة التي أوليتَهم‬
‫السماو ّي‪ ،‬من يعطي أبناء البشر المجد والشرف والسلطان على‬
‫ّ‬ ‫السّيد‪ ،‬ملك األجيال‬
‫ّإياها‪ .‬فأنت أّّيها ّ‬
‫مشور تهم إلى ما هو خير‪ ،‬وما هو ٌّ‬
‫مرض ٌّي لديك‪ ،‬حتى إذا ما مارسوا بتقوى‬ ‫َ‬ ‫شؤون االرض ّ‬
‫سدد يا رب‬
‫في السالم والحلم‪ ،‬السلطان الذي أوليتَهم ّإياه‪ُ ،‬يحرزون رضاك"‪.‬‬

‫الحكام‪ ،‬يجب أن‬


‫وتعيين ّ‬
‫ُ‬ ‫"فتحديد االنظمة السياسية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -1901‬إذا كانت السلطة تُرجع إلى نظام وضعه هللا‪،‬‬
‫تؤدي إلى الخير‬
‫األخالقية بشرط أن ّ‬
‫ّ‬ ‫تنوع االنظمة السياسية من الوجهة‬‫الحرة"‪ّ .‬‬
‫ُيتركا إلرادة المواطنين ّ‬
‫المشروع للجماعة التي ترتضيها‪ .‬واألنظمة المخالفة بطبيعتها للشريعة الطبيعية‪ ،‬وللنظام العام‪ ،‬ولحقوق‬
‫العام لألمم التي َفرضت نفسها عليها‪.‬‬
‫الخير َّ‬
‫َ‬ ‫األشخاص األساسية‪ ،‬ال يمكنها أن تو ّفر‬

‫تعمل‬
‫َ‬ ‫عيتها األخالقية‪ .‬وعليها أن ال تسلك سلوك االستبداد‪ ،‬بل أن‬
‫تستمد السلط ُة من ذاتها شر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1902‬ال‬
‫المسؤولية"‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وحس‬
‫الحرية ّ‬
‫معنوية مؤسسة على ّ‬ ‫ّ‬ ‫"كقوة‬
‫ألجل الخير العام ّ‬

‫‪34‬‬
‫يستمد ّق ّوته‬
‫ّ‬ ‫"ال يكون للتشريع البشري سم ُة الشريعة إالّ بنسبة موافقته للعقل السليم‪ ،‬ومن هنا يظهر أنه‬
‫ألنه ال يحّقق مفهوم الشريعة‪ّ .‬إنما‬
‫من الشريعة األزّلّية‪ .‬وبمقدار انحرافه عن العقل يجب إعالنه جائ اًر ّ‬
‫يصبح شكالً من أشكال العنف"‪.‬‬

‫‪ -1903‬ال تكون ممارسة السلطة شرعية إالّ إذا سعت هذه إلى الخير ّ‬
‫العام للمجموعة ذات العالقة‪ ،‬وإالّ‬
‫أما إذا اتّفق للقادة ان ُيصدروا شرائع جائرة ويتّخذوا ق اررات‬
‫إذا استعملت‪ ،‬في سبيل ذلك‪ ،‬وسائل جائرة‪ّ .‬‬
‫امية بالنسبة إلى الضمير‪" .‬وفي مثل هذه الحال‬ ‫قوة إلز ّ‬
‫أي ّ‬‫األخالقي‪ ،‬فليس لهذه اإلجراءات ّ‬ ‫مخالفة للنظام‬
‫ّ‬
‫تعسف"‪.‬‬
‫تتحول إلى ّ‬
‫ال تبقى السلطة سلط ًة و ّإنما ّ‬
‫‪" -1904‬من األفضل أن يوازن َّ‬
‫كل سلطة سلطات أخرى‪ ،‬وصالحيات أخرى تُبقيها ضمن الحدود الصحيحة‪.‬‬

‫وهذا هو مبدأ "دولة القانون" التي تكون فيها الرئاسة للشريعة ال إلرادات البشر العشو ّ‬
‫ائية"‪.‬‬

‫الخير العام‬ ‫‪.II‬‬


‫العام‪ .‬وال يمكن‬
‫كل واحد‪ ،‬وفقاً لطبيعة اإلنسان االجتماعية‪ ،‬هو بالضرورة على عالقة بالخير ّ‬
‫خير ّ‬
‫‪ُ -1905‬‬
‫العام إال بالنسبة إلى الشخص البشر ّي‪:‬‬
‫تحديد الخير ّ‬
‫ُ‬
‫تجمعوا لتسعوا معاُ إلى‬
‫مبررين‪ ،‬ولكن ّ‬
‫"ال تعيشوا منعزلين‪ ،‬منقبضين في ذواتكم‪ ،‬كما لو ّأنكم أصبحتم ّ‬
‫العام"‪.‬‬
‫ما فيه الخير ّ‬
‫العام يجب أن نفهم "مجموعة األوضاع االجتماعية التي تسمح للجماعات ولألفراد من‬
‫‪ -1906‬بالخير ّ‬
‫يهم حياة جميع الناس‪ .‬وهو يقتضي الفطنة من‬
‫العام ّ‬
‫فالخير ّ‬
‫ُ‬ ‫أتم وأسهل"‪.‬‬
‫أعضائها أن يبلغوا كمالهم بوجه ّ‬
‫أساسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتضمن ثالثة عناصر‬
‫ّ‬ ‫كل واحد‪ ،‬وفي األكثر ممن يضطلعون ّ‬
‫بمهمة السلطة‪ .‬وهو‬ ‫ّ‬
‫العمومية ُملزمة‪ ،‬باسم الخير العام‪ ،‬باحترام‬
‫ّ‬ ‫‪ّ -1907‬إنه يفترض أوالً احترام الشخص بصفته هذه‪ .‬فالسلطات‬
‫كل عضو فيه من‬ ‫حقوق الشخص البشري األساسية والتي ال يمكن التخلي عنها‪ .‬وعلى المجتمع أن ي ِّ‬
‫مكن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحريات الطبيعية التي ال ّبد منها‬
‫العام يقوم خصوصاً على توفير الشروط لممارسة ّ‬‫تحقيق دعوته‪ .‬والخير ّ‬
‫الخاصة‬
‫ّ‬ ‫وحق صيانة الحياة‬‫ّ‬ ‫التصرف وفاقاً لقاعدة الضمير القويمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حق‬
‫لتفتّح الدعوة اإلنسانية‪" ،‬هكذا‪ّ ،‬‬
‫الممتدة إلى األمور الدينية أيضاً"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحرية الصحيحة‬
‫و ّ‬
‫الرفاهية االجتماعية والتنمي َة للمجموعة ذاتها‪ .‬والتنمية هي خالصة‬
‫ّ‬ ‫يتطلب ثانياً‬
‫ّ‬ ‫العام‬
‫ّ‬ ‫‪ -1908‬الخير‬
‫العام‪ ،‬بين المصالح الفردية‬
‫ّ‬ ‫تحكم‪ ،‬باسم الخير‬
‫جميع الواجبات االجتماعية‪ .‬أجل‪ ،‬يعود إلى السلطة أن ُ‬
‫حقيقية‪ ،‬من غذاء‪،‬‬ ‫إنسانية‬ ‫كل إنسان مما يحتاج إليه لكي يعيش عيش ًة‬ ‫المتنوعة‪ .‬ولكن عليها أن تُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصحة‪ ،‬وعمل‪ ،‬وتربية‪ ،‬وثقافة‪ ،‬وإعالم الئق‪ ،‬وحق تأسيس العائلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولباس‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫يتضمن أخي اًر السالم‪ ،‬اي دو َام نظام عادل وأمانه‪ .‬فيفترض إذن قيام السلطة بتوفير‬
‫ّ‬ ‫العام‬
‫‪ -1909‬والخير ّ‬
‫الحق في الدفاع المشروع الشخصي واالجتماعي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األمان للمجتمع وألعضائه بوسائل قويمة‪ .‬وهو أساس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمكنها من أن تعرف نفسها بتلك الصفة‪ ،‬ففي الجماعة‬ ‫عام ِّ‬‫لكل جماعة بشرّية خير ٌّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1910‬إذا كان ّ‬
‫العام للمجتمع المدني للمواطنين‬
‫ّ‬ ‫عزز الخير ّ‬ ‫السياسية تجد تحقيقه األكمل‪ .‬ويعود إلى الدولة أن تصون وتُ ّ‬
‫وللهيئات الوسيطة‪.‬‬

‫كلها‪ .‬ووحدة األسرة البشرية التي‬


‫تعم رويداً رويداً األرض ّ‬
‫إن العالئق البشرية تتوثّق ُعراها‪ .‬وهي ّ‬
‫‪ّ -1911‬‬
‫يتطلب تنظيماً لجماعة األمم‬
‫ّ‬ ‫عام شامل‪ .‬وهذا‬ ‫إنسانية متساوية‪ ،‬تنطوي على ّ‬
‫خير ّ‬ ‫ّ‬ ‫تضم كائنات تتمتّع بكرامة‬
‫ُّ‬
‫قاد اًر على "توفير األمور المختلفة التي يحتاج إليها الناس‪ ،‬سواء كان ذلك في نطاق الحياة االجتماعية (من‬
‫خاصة قد تط أر هنا وهناك (من‬
‫التصدي ألوضاع ّ‬
‫ّ‬ ‫مثال الغذاء والصحية والتربية‪ ).....‬أو كان ذلك في سبيل‬
‫مد يد المعونة إلى المتغرّبين وعيالهم)‪.‬‬
‫الشدة عن الالجئين‪ ،‬أو ّ‬
‫مثل كشف ّ‬
‫تقدم األشخاص‪" ،‬فنظام األشياء يجب أن يخضع لنظام األشخاص‪،‬‬ ‫وجه دائماً نحو ّ‬
‫العام ُي َّ‬
‫الخير ّ‬
‫ُ‬ ‫‪-1912‬‬
‫بالمحبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال يعكس ذلك"‪ .‬واساس هذا النظام الحقيقة‪ ،‬وهو يبنى في العدل‪ ،‬ويحيا‬

‫المسؤولية والمشاركة‬ ‫‪.III‬‬


‫ادياً وكريماً بالتبادالت االجتماعية‪ .‬فمن الضرور ّي أن يشارك‬
‫‪ -1913‬المشاركة في التزام الشخص التزاماً إر ّ‬
‫العام‪ .‬وهذا الواجب مالزم‬
‫كل بحسب الموقع الذي هو فيه والدور الذي يقوم به‪ ،‬في تعزيز الخير ّ‬
‫الجميع‪ّ ،‬‬
‫للطبيعة البشرية‪.‬‬

‫شخصيا فهو‬
‫ّ‬ ‫بمهام القطاعات التي هو مسؤول عنها‬
‫ّ‬ ‫تتم هذه المشاركة ّأوالً باضطالع اإلنسان‬
‫‪ّ -1914‬‬
‫وبتقيده بالضمير في عمله‪ ،‬يشارك في خير اآلخرين والمجتمع‪.‬‬
‫باعتناقه بتربية أسرته‪ّ ،‬‬
‫تتنوع‬
‫فعال ًة في الحياة العامة ويمكن أن ّ‬
‫‪ -1915‬على المواطنين أن يشاركوا‪ ،‬قدر المستطاع‪ ،‬مشارك ًة ّ‬
‫تسلكه الدول التي يشترك فيها أكبر عدد‬ ‫المسلك الذي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫عم َ‬
‫بتنوع البلد والثقافات‪" .‬ون َ‬
‫أساليب هذه المشاركة ّ‬
‫العامة"‪.‬‬
‫ممكن من المواطنين في شؤونها ّ‬
‫‪ -1916‬مشاركة الجميع في قيام الخير العام تقتضي‪ ،‬ككل واجب أخالقي‪ ،‬اهتداء الشركاء االجتماعيين‬
‫الغش وأساليب االحتيال األخرى التي يستخدمها بعضهم‬
‫بقوة على ّ‬
‫القضاء ّ‬
‫ُ‬ ‫يتجدد‪ .‬فمن الواجب‬
‫بوجه ال يني ّ‬
‫بنمو‬
‫ألنها تتنافى ومقتضيات العدل‪ .‬ويجب االهتمام ّ‬
‫لإلفالت من قيد الشريعة وفرائض الواجب االجتماعي‪ّ ،‬‬
‫حسن أوضاع الحياة البشرية‪.‬‬‫ِ‬
‫المؤسسات التي تُ ّ‬

‫‪36‬‬
‫وتحضهم على‬
‫ّ‬ ‫القيم التي تجتذب ثقة أعضاء المجموعة‬‫تثبيت َ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1917‬يعود إلى من يضطلعون بالسلطة‬
‫أن مصير االنسانية هو‬
‫ليحق التفكير في ّ‬
‫ّ‬ ‫أن يكونوا في خدمة اآلخرين‪ .‬وتبدأ المشاركة بالتربية والثقافة‪" ،‬إنه‬
‫قدموا لألجيال اآلتية أسباب الحياة والرجاء"‪.‬‬
‫في أيدي أولئك الذين استطاعوا أن ُي ّ‬

‫بإيجاز‬
‫السلطات القائمة إنما رتبها هللا" (الو ‪.)1 ،13‬‬
‫ُ‬ ‫‪" -1918‬ال سلطان إال من هللا‪ ،‬و‬
‫‪ -1919‬كل جماعة بشرية هي في حاجة إلى سلطة لتبقى وتنمو‪.‬‬
‫"إن الجماعة السياسية والسلطة العامة تقومان أساسا على الطبيعة البشرية‪ ،‬وهما بذلك ترجعان‬
‫‪ّ -1920‬‬
‫إلى نظام من وضع هللا"‪.‬‬
‫‪ -1921‬تمارس السلطة ممارسةً شرعية إذا الزمت السعي إلى الخير العام في المجتمع‪ ،‬وال بد لها‪ ،‬كي‬
‫تبلغه‪ ،‬من استخدام وشائل مقبولة أخالقياً‪.‬‬
‫‪-1922‬تنوعُ األنظمة السياسية مشروع‪ ،‬إذا أدت إلى خير الجماعة‪.‬‬
‫‪ -1923‬يجب أن تمارس السلطة السياسية في حدود النظام األخالقي‪ ،‬وأن تكفل شروط ممارسة الحرية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1924‬الخير العام ينطوي على "مجموعة األوضاع االجتماعية التي تسمح للجماعات واألفراد أن يبلغوا‬
‫كمالهم بوجه أتم وأسهل"‪.‬‬
‫‪ -1925‬الخير العام يتضمن ثالثة عناصر أساسية‪ ،‬احترام حقوق الشخص األساسية وتعزيزها‪ ،‬االزدهار‬
‫النمو في خيور المجتمع الروحية والزمنية‪ ،‬السالم واألمان للمجموعة وأعضائها‪.‬‬
‫أو ّ‬
‫ي تقتضي السعي إلى الخير العام‪ .‬وعلى كل واحد أن يهتم بإنشاء مؤسسات‬
‫‪ -1926‬كرامة الشخص البشر ّ‬
‫تحسن أوضاعَ الحياة البشرية وبمساندها‪.‬‬
‫‪ -1927‬يعود إلى الدولة أمر صيانة الخير العام في المجتمع المدني وتعزيزه‪ .‬والخير العام لألسرة البشرية‬
‫ّ‬
‫جمعاء يتطلب تنظيم المجتمع الدولي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫العدالة االجتماعيّة‬

‫ولكل فرد بالحصول‬


‫يوفر الشروط التي تسمح للجماعات ّ‬
‫المجتم ُع العدالة االجتماعية عندما ّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1928‬يؤ ِّمن‬
‫العام وبممارسة السلطة‪.‬‬
‫يحق لهم وفاقاً لطبيعتهم ولدعوتهم‪ .‬والعدالة االجتماعية على صلة بالخير ّ‬
‫على ما ُّ‬

‫احترام الشخص البشري‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ -1929‬ال يمكن بلوغ العدالة االجتماعية إالّ في احترام كرامة اإلنسان السامية‪ .‬فالشخص هو غاية المجتمع‬
‫القصوى‪ ،‬وهذا ّإنما هو ٌّ‬
‫معد له‪:‬‬

‫البشر ّي وتعزيزها قد أودعنا إياهما الخالق‪ .‬والرجال والنساء هم‪ ،‬في ّك ّل ظروف‬
‫ّ‬ ‫"صيانة كرامة الشخص‬
‫التاريخ‪ ،‬مسؤولون ومطالبون بهما"‪.‬‬

‫‪ -1930‬يقتضي احترام الشخص البشر ّي احترام الحقوق الناتجة من كرامته بكونه خليقة‪ .‬وهذه الحقوق‬
‫لكل سلطة‪ .‬فإذا ازدراها المجتمع‪ ،‬أو أبى االعتراف‬
‫سابقة للمجتمع ومفروضة عليه‪ .‬وهي األساس الشرعي ّ‬
‫يقوض شرعيته األخالقية الخاصة‪ .‬وبدون هذا االحترام‪ ،‬ال تستطيع السلطة‬ ‫بها في تشريعه الوضعي‪ ،‬فهو ّ‬
‫تذكر الناس ذوي االرادة‬
‫القوة أو العنف لتحصل على طاعة رعاياها‪ .‬ويعود إلى الكنيسة أن ّ‬
‫أن تستند إالّ إلى ّ‬
‫التعسفية أو الباطلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصالحة بهذه الحقوق‪ ،‬وأن ّ‬
‫تميزها من المطالب‬

‫يمر احترام األشخاص من خالل احترام المبدأ‪" ،‬ليلتزم اإلنسان باعتبار القريب‪ّ ،‬أياً كان في غير‬‫‪ُّ -1931‬‬
‫يتمكن معها‬‫استثناء"‪ ،‬كذات أخرى له"‪ .‬وليحسب حساباً‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬لوجوده وللوسائل الضرورية التي َّ‬
‫ّ‬
‫التخوفات‪ ،‬واألحكام السابقة‪ ،‬ومواقف الكبرياء واألثَرة‬
‫من العيش الكريم"‪ .‬وليس من تشريع يستطيع بذاته إزالة ّ‬
‫كل إنسان‬ ‫ِ‬
‫المحبة التي تجد في ّ‬
‫ّ‬ ‫التصرفات إالّ مع‬
‫ّ‬ ‫التي تُعيق انشاء مجتمعات أخوية حّقاً‪ .‬ولن تتوّقف هذه‬
‫أخا‪.‬‬
‫"قر ًيبا" و ً‬

‫اجب اتّخاذ اآلخر قريباً وخدمته بنشاط يصبح أكثر إلحاحاً أيضاً عندما يكون هذا في َع َوز ّ‬
‫أشد‪،‬‬ ‫‪ -1932‬و ُ‬
‫فإلي قد صنعتموه" (متى‬
‫كل ما صنعتموه إلى واحد من أخوتي الصغار‪َّ ،‬‬ ‫في أي مجال من المجاالت‪" .‬أن ّ‬
‫‪.)40 ،25‬‬

‫حد اقتضاء‬
‫وتعليم المسيح يصل إلى ّ‬
‫ُ‬ ‫يمتد هذا الواجب نفسه إلى من يختلفون ّ‬
‫عنا فك اًر وفعالً‪.‬‬ ‫‪ّ -1933‬‬
‫فالتحرُر بحسب‬
‫ُّ‬ ‫الوصية الجديدة‪ ،‬إلى جميع األعداء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وصية المحبة‪ ،‬التي هي‬
‫ّ‬ ‫مغفرة اإلساءات‪ .‬وهو يو ّسع‬

‫‪38‬‬
‫الشر الذي يصنعه‬
‫العدو وبصفة كونه شخصاً بل مع الحقد على ّ‬
‫ّ‬ ‫روح اإلنجيل ال يتالقى مع الحقد على‬
‫عدواً‪.‬‬
‫بصفته ّ‬

‫المساواة واالختالفات بين البشر‬ ‫‪.II‬‬


‫صوا بنفس عاقلة واحدة‪ ،‬فهم ذوو طبيعة‬‫وخ ّ‬
‫‪ -1934‬بما أن جميع البشر قد ُخلقوا على صورة هللا األوحد‪ُ ،‬‬
‫مدعوون إلى المشاركة في السعادة اإللهية‬
‫ّ‬ ‫ان المسيح قد افتداهم بذبيحته‪ ،‬فهم‬
‫واحدة وأصل واحد‪ .‬وبما ّ‬
‫نفسها‪ ،‬وهم يتمتّعون إذن بكرامة متساوية‪.‬‬

‫الشخصية والحقوق الناجمة عنها‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1935‬المساواة بين البشر تقوم‪ ،‬في جوهرها‪ ،‬على كرامتهم‬

‫"كل نوع من أنواع التمييز في حقوق الشخص األساسية‪ ،‬سواء كان قائماً على الجنس أو العرق‪ ،‬أو لون‬
‫ّ‬
‫البشرة‪ ،‬أو الوضع االجتماعي أو اللغة أو الدين‪ ،‬يجب تجاوزه على ّأنه مخالف لتصميم هللا"‪.‬‬

‫بكل ما هو ضرور ٌّي ّ‬


‫لنمو حياته الجسدية والروحية‪ّ .‬إنه‬ ‫‪ -1936‬ال يتمتّع اإلنسان‪ ،‬عندما يأتي إلى العالم‪ّ ،‬‬
‫بالسن‪ ،‬واإلمكانات الطبيعية‪ ،‬واإلمكانات الذهنية أو‬
‫ّ‬ ‫بحاجة إلى اآلخرين‪ .‬فتظهر االختالفات المرتبطة‬
‫توزع بالتساوي‪.‬‬
‫كل واحد‪ ،‬وتوزيع الثروات "فالوزنات" لم ّ‬
‫األخالقية‪ ،‬والتبادالت التي قد استفاد منها ّ‬
‫كل واحد من اآلخرين ما يحتاج إليه‪،‬‬
‫يتقبل ُّ‬
‫طة هللا‪ ،‬الذي يريد أن ّ‬
‫‪ -1937‬هذه االختالفات داخلة في خ ّ‬
‫تشجع األشخاص‬ ‫وأن ُيشارك َمن عندهم "وزنات" خاصة في فوائدها ّمن هم في حاجة إليها‪ .‬فاالختالفات ّ‬
‫يحية والمحاسنة والمشاركة وأحياناً كثيرة ُت ِلزُمهم بها‪ .‬وهي تح ّ‬
‫فز الثقافات على أن تغتني بعضها‬ ‫على األر ّ‬
‫ببعض‪:‬‬

‫لكل واحد بالمساواة‪ ...‬فمنها جملة ُأوّزعها بطريقة ما‪ ،‬حيناً على أحدهم وحيناً‬
‫كل الفضائل ّ‬ ‫"ال أعطي ّ‬
‫على اآلخر‪ .‬للواحد المحبة‪ ،‬ولآلخر العدل‪ ،‬ولهذا التواضع‪ ،‬ولذلك لإليمان الحي‪ ...‬وأما الخيرات الزمنية‪،‬‬
‫كل ما هو‬
‫كل واحد ّ‬
‫يمتلك ّ‬
‫ّ‬ ‫وزعتُها بأكبر ال مساواة‪ .‬ولم ِأرد أن‬
‫واألشياء الضرورية لحياة اإلنسان‪ ،‬فقد ّ‬
‫ضرور ّي له حتى يكون هكذا للناس فرصة‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬لكي يمارسوا المحبة بعضهم تجاه بعض‪ .‬و ُ‬
‫اردت‬
‫مني"‪.‬‬
‫تقبلوها ّ‬
‫بعض هم إلى بعض‪ ،‬وأن يكونوا وكالئي لتوزيع النعم والحسنات التي ّ‬ ‫أن يكونوا في حاجة ُ‬
‫صيب ماليين من الرجال والنساء‪ .‬وهي على تناقض فاضح‬
‫‪ -1938‬هناك أيضاً أكثر من ال مساواة جائرة تُ ُ‬
‫مع اإلنجيل‪:‬‬

‫المجتمع إلى وضع حياتي أكثر عدال ًة وأكثر‬


‫ُ‬ ‫صل‬‫يتو ّ‬
‫"إّ ّن مساواة األشخاص في الكرامة يقتضي أن ّ‬
‫ّ‬
‫المفرط بين أعضاء األسرة البشرية الواحدة أو بين شعوبها‬
‫االجتماعي ُ‬
‫االقتصادي و‬
‫ّ‬ ‫إنسانية فالتفاوت‬
‫ّ‬

‫‪39‬‬
‫الشك وعقبة في طريق العدالة االجتماعية‪ ،‬واإلنصاف‪ ،‬وكرامة الشخص اإلنساني‬
‫باعث على العثار و ّ‬
‫ّ‬
‫الدولي"‪.‬‬
‫والسالم االجتماعي و‬
‫ّ ّ‬

‫‪ .III‬التضامن اإلنساني‬
‫ّ‬
‫"المحبة االجتماعية" هو من المقتضيات‬
‫ّ‬ ‫إن مبدأ التضامن‪ ،‬والذي ُيدعى أحياناً باسم "الصداقة" أو‬
‫‪ّ -1939‬‬
‫لألخ ّوة االنسانية والمسيحية‪:‬‬
‫المباشرة ُ‬
‫ويفرضها‬
‫المحبة‪ ،‬التي ُيمليها َ‬
‫هناك خطأ "واسع االنتشار اليوم‪ ،‬هو نسيان شريعة التضامن اإلنساني و ّ‬
‫األصل المشترك والمساواةُ في الطبيعة العاقلة بين الناس‪ ،‬ومهما كان الشعب الذي ينتمون إليه‪ ،‬كما‬
‫قدمها يسوع المسيح على مذبح الصليب ألبيه السماوي‪ ،‬ألجل‬
‫تُمليها وتفرضها أيضاً ذبيحة الفداء‪ ،‬التي ّ‬
‫البشرية الخاطئة"‪.‬‬

‫يفترض أيضاً بذل الجهد في سبيل‬


‫ُ‬ ‫‪َ -1940‬يظهر التضامن ّأو الً في توزيع الخيرات وأجر العمل‪ .‬وهو‬
‫جد فيه النزاعات‪ ،‬بوجه أسهل‪ ،‬ا‬
‫حال‬ ‫نظام اجتماعي أكثر عدالة‪ ،‬يمكن فيه استيعاب التوترات بوجه أفضل‪ ،‬وتُ ُ‬
‫تفاوضياً‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1941‬ال يمكن إيجاد حلول للمشاكل االجتماعية االقتصادية إالّ بمساندة جميع صيغ التضامن‪ ،‬تضامن‬
‫العمال وأصحاب العمل في المؤسسة‪ ،‬والتضامن‬ ‫العمال فيما بينهم‪ ،‬و ّ‬
‫الفقراء فيما بينهم‪ ،‬واألغنياء والفقراء‪ ،‬و ّ‬
‫ط به جز ّئياً‪.‬‬
‫ألن السالم في العالم يرتب ُ‬
‫الدولي من مقتضيات النظام األخالقي‪ّ ،‬‬
‫بين األمم والشعوب‪ .‬والتضامن ّ‬
‫المادية‪ .‬والكنيسة عندما نشرت خيور اإليمان‬ ‫ّ‬ ‫أبعد من الخيرات‬ ‫إن فضيلة التضامن ُّ‬
‫تمتد إلى َ‬ ‫‪ّ -1942‬‬
‫نمو الخيور المادية‪ ،‬إذ فتحت أمامها م ار اًر ُسُبالً جديدة‪ .‬وهكذا تحّققت على‬‫عززت باإلضافة ّ‬ ‫الروحية‪ ،‬قد ّ‬
‫ّ‬
‫كله ُيزاد لكم" (متى ‪:)33 ،6‬‬ ‫وبره‪ ،‬وهذا ّ‬
‫طلبوا ّأوالً ملكوت هللا ّ‬ ‫مدى القرون كلمة ّ‬
‫السيد‪" ،‬أ ُ‬
‫وتستم ُّر روح الكنيسة تلك العاطفة التي دفعت وما زالت تدفع النفوس إلى بطولة‬
‫ُّ‬ ‫تعيش‬
‫ُ‬ ‫"منذ ألفي سنة‪،‬‬
‫ومح ّر ري العبيد‪ ،‬وشافي المرضى‪ ،‬ورسل اإليمان و ّ‬
‫التمدن والعلم إلى كل‬ ‫الزّراع‪ّ ،‬‬
‫المحّبة‪ ،‬عند الرهبان ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫مك ُن الجميع من أن يحيوا حياة الئقة باإلنسان‬
‫اجتماعية تُ ّ‬ ‫األجيال وكل الشعوب‪ ،‬حتى ِ‬
‫يوجدوا أوضاعاً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المسيحي"‪.‬‬

‫بإيجاز‬

‫‪40‬‬
‫‪ -1943‬يؤمن المجتمعُ العدالة االجتماعية بتحقيق الشروط التي تسمح للجماعات ولألفراد بالحصول على‬
‫حق لهم‪.‬‬
‫ما هو ٌّ‬
‫ويفترض احترام الحقوق األساسية الناجمة‬
‫ُ‬ ‫يعتبر اآلخر‪" ،‬كذات أخرى له"‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫‪ -1944‬احترام الشخص البشر ّ‬
‫عن الكرامة المالزمة للشخص بذاته‪.‬‬
‫‪ -1945‬المساواة بين الناس تقوم على الكرامة الشخصية وعلى الحقوق الناجمة عنها‪.‬‬
‫‪ -1946‬االختالفات بين األشخاص هي بتدبير من هللا الذي يريد أن يحتاج بعضنا إلى بعض‪ ،‬وعليها‬
‫أن تشجع المحبة‪.‬‬
‫‪ -1947‬المساواة في الكرامة بين األشخاص‪ ،‬اإلنسانية تقتضي بذل الجهد لتقليص الالمساواة االجتماعية‬
‫واالقتصادية المفرطة‪ .‬وهي تحمل على إزالة ما هناك من ال مساواة جائرة‪.‬‬
‫‪ -1948‬التضامن فضيلة مسيحية بامتياز‪ .‬وهو يمارس المشاركة في الخيرات الروحية مشاركةً تفوق أيضا‬
‫المادية‪.‬‬
‫تلك التي في الخيرات ّ‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫خالص هللا‪ ،‬الشريعة والنعمة‬

‫إن اإلنسان الذي ُدعي إلى السعادة وجرحته الخطيئة هو بحاجة إلى خالص هللا‪ .‬ويأتيه العون‬
‫‪ّ -1949‬‬
‫توجهه وبالنعمة التي تعضده‪:‬‬
‫اإللهي في المسيح بالشريعة التي ّ‬
‫ّ‬
‫ألن هللا هو الذي يفعل فيكم اإلرادة والعمل نفسه على حسب مرضاته"‬
‫"إعملوا لخالصكم في خوف ورعدة‪ّ ،‬‬
‫(في ‪.)13 -12 ،2‬‬

‫المقال األول‬
‫األخالقية‬
‫ّ‬ ‫الشريعة‬

‫بأنها تعليم‬
‫اإللهية‪ .‬ويمكن تحديدها‪ ،‬بالمعنى الكتابي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫األخالقية هي من عمل الحكمة‬‫ّ‬ ‫‪-1950‬الشريعة‬
‫أبوي وتربية من هللا‪ّ .‬إنها ترسم لإلنسان ُسُب َل السلوك وقو َ‬
‫اعده التي تقود إلى السعادة الموعودة‪ ،‬وتحظر ُسُب َل‬ ‫ّ‬
‫متشددة في أوامرها وطيبة في وعودها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومحبته‪ّ .‬إنها في آن واحد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشر التي تصرف عن هللا‬
‫ّ‬
‫العام‪ .‬وتفترض الشريعة األخالقيّة‬
‫ّ‬ ‫الصالحة ألجل الخير‬
‫‪ -1951‬الشريعة قاعدةُ سلوك تضعها السلطة ّ‬
‫وكل شريعة‬
‫عقلياً قائماً بين الخالئق ألجل خيرهم‪ ،‬وفي سبيل غايتهم‪ ،‬بقدرة الخالق وحكمته وجودته‪ُّ .‬‬
‫نظاماً ّ‬
‫وينشئها العقل كمشاركة في عناية هللا‬ ‫تجد في الشريعة األزلية حقيقتها األولى والقصوى‪ .‬والشريعة ُيعلنها ُ‬
‫سمى بالشريعة"‪.‬‬ ‫"إن َت َوجُّه العقل هذا هو ما ًي ّ‬
‫الحي خالق الجميع وفاديهم‪ّ .‬‬‫ّ‬
‫ص‬ ‫"يستطيع اإلنسان وحده‪ ،‬بين جميع الكائنات الحية‪ ،‬بأنّه كان جدي اًر بتقب ِ‬
‫ُّل شريعة من هللا‪ .‬وبما أنّه اختً َّ‬ ‫ّ‬
‫سلمه ّك ّل‬
‫بالحرية والعقل‪ ،‬خاضعاً لمن ّ‬‫ّ‬ ‫سلوكه مستعيناً‬
‫ظ ُم َ‬ ‫بالعقل‪ ،‬وكان قاد اًر على الفهم والتمييز‪ ،‬فهو ين ِّ‬
‫شيء"‪.‬‬

‫كلها تتناسق بعضها مع بعض‪ ،‬الشريعة األز ّلية‪ ،‬هي‪،‬‬


‫األخالقية‪ ،‬وهي ُّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1952‬تتنوع التعابير عن الشريعة‬
‫تضم الشريعة القديمة والشريعة‬
‫ّ‬ ‫المنزلة التي‬
‫ومصدر جميع الشرائع‪ ،‬الشريعة الطبيعية‪ ،‬والشريعة ّ‬
‫ُ‬ ‫في هللا‪،‬‬
‫الكنسية‪.‬‬
‫المدنية و ّ‬
‫ّ‬ ‫الجديدة أو اإلنجيلية‪ ،‬وأخي اًر الشرائع‬

‫ووحدتّها‪ .‬ويسوع المسيح هو بشخصه طريق الكمال‪.‬‬


‫َ‬ ‫كمالها‬
‫َ‬ ‫األخالقية في المسيح‬
‫ّ‬ ‫‪ -1953‬تجد الشريع ُة‬
‫يبرر كل من يؤمن"‬
‫"ألن غاية الناموس هي المسيح الذي ّ‬
‫علم ويعطي ّبر هللا‪ّ ،‬‬
‫ألنه وحده ُي ِّ‬
‫هو غاية الشريعة‪ّ ،‬‬
‫(روم ‪.)4 ،10‬‬

‫‪42‬‬
‫الشريعة الطبيعية‬ ‫‪.I‬‬
‫التحكم‬
‫ّ‬ ‫ط على أعماله‪ ،‬والقدرة على‬
‫الخالق يمنحه التسل ّ‬
‫ك اإلنساُ ُن الخالق في حكمته وجودته‪ .‬و ُ‬
‫يشار ُ‬
‫‪ُ -1954‬‬
‫الحس األخالقي األصلي‪ ،‬الذي يسمح لإلنسان‬
‫عبر الشريع ُة الطبيعية عن ّ‬
‫بذاته في سبيل الحقيقة والخير وتُ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشر‪ ،‬والحقيقة والكذب‪:‬‬
‫يميز بالعقل ما هو الخير و ّ‬
‫أن ّ‬
‫ألنها العقل البشر ّي الذي يأمر بالعمل‬
‫وكل إنسان‪ّ ،‬‬‫كل الناس ّ‬ ‫"إّ ّن الشريعة مكتوبة ومحفورة في نفس ّ‬
‫ولكن ما يرسمه العقل البشر ّي ال يمكن أن تكون له ّ‬
‫قوةُ الشريعة‪ ،‬ما لم يكن‬ ‫الصالح وينهي عن الخطيئة‪ّ .‬‬
‫وحريتنا"‪.‬‬
‫صوتاً وترجم ًة لعقل أعلى ال ّبد أن يخضع له عقلنا ّ‬
‫تبين لإلنسان السبيل الذي عليه أن يسلكه لممارسة الخير وبلوغ‬
‫"اإللهية والطبيعية" ّ‬
‫ّ‬ ‫إن الشريعة‬
‫‪ّ -1955‬‬
‫األخالقية‪ .‬ومحورها التوق‬
‫ّ‬ ‫األساسية التي تهيمن على الحياة‬
‫ّ‬ ‫غايته‪ .‬والشريعة الطبيعية تُعلن الوصايا األولى و‬
‫وديانه‪ ،‬وكذلك اإلحساس باآلخر مساوياً للذات‪ .‬وهي معروضة‬ ‫إلى هللا والخضوع له‪ ،‬هو مصدر كل خير ّ‬
‫في فرائضها األساسية في الوصايا العشر‪ .‬وتُدعى هذه الشريعة طبيعية ال بالنسبة إلى الكائنات غير العاقلة‪،‬‬
‫و ّإنما َّ‬
‫ألن العقل الذي يأمر بها هو من خصائص الطبيعة البشرّية‪:‬‬

‫فكل شريعة عادلة مكتوبة‬


‫نسم يه الحقيقة؟ ُّ‬‫"أين ُكتبت هذه القواعد ما لم تكن في كتاب ذلك النور الذي ّ‬
‫ضع عليه طابعها‬ ‫ِ‬
‫هاجر إليه‪ ،‬ولكن تَ ُ‬
‫تم ُم العدل‪ .‬فال تُ ُ‬
‫عبر من هناك إلى قلب اإلنسان الذي ُي ّ‬
‫هناك‪ ،‬وتَ ُ‬
‫مثل الختم الذي ينتقل من الخاتم إلى الشمع‪ ،‬ولكن دون أن يبارح الخاتم"‪.‬‬

‫ليست الشريعة الطبيعية "سوى نور الذهن الذي وضعه هللا فينا‪ ،‬بها نعلم ما يجب عمله وما يجب ّ‬
‫تجنبه‪،‬‬
‫وهللا هو الذي أعطى الخليقة هذا النور أو تلك الشريعة"‪.‬‬

‫إن الشريعة الطبيعية‪ ،‬بما ّأنها موجودة في قلب ِّك ِّل إنسان‪ ،‬وقد أقامها العقل‪ ،‬فهي شاملة في‬
‫‪ّ -1956‬‬
‫ِ‬
‫حدد القاعدة التي تقوم عليها حقوقه‬
‫عبر عن كرامة الشخص وتُ ّ‬‫كل إنسان‪ّ .‬إنها تُ ّ‬
‫وتمتد سلطتها إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫رسومها‪،‬‬
‫األساسية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وواجباته‬

‫أبدية‬
‫"أجل‪ ،‬هناك شريع ًة حّقة هي العقل المستقيم‪ّ ،‬إنها مطابقة للطبيعة‪ ،‬منتشرة عند جميع الناس‪ّ ،‬إنها ّ‬
‫تعد على‬
‫الزلل‪ .‬استبدالها بشريعة مخالفة هو ّ‬
‫تتغير‪ ،‬أوامرها تدعو إلى الواجب‪ ،‬ونواهيها تُحيد عن ّ‬ ‫ال ّ‬
‫أي إنسان"‪.‬‬
‫تاماً فليس في مقدور ّ‬
‫إلغاء ّ‬
‫أي رسم من رسومها‪ ،‬أما إلغاؤها ً‬
‫القدسيات‪ .‬ممنوع تجاوز ّ‬
‫ّ‬
‫تعدد األوضاع الحياتية‪،‬‬
‫يتغير كثي اًر‪ ،‬فقد تقتضي تفكي اًر متناسباً مع ّ‬
‫‪ -1957‬تطبيق الشريعة الطبيعية ّ‬
‫تنوع الثقافات‪ ،‬قاعدة تربط بين الناس‪،‬‬
‫بحسب األماكن‪ ،‬والظروف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تبقى الشريعة الطبيعية‪ ،‬في ّ‬
‫مبادئ مشتركة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وتفرض عليهم‪ ،‬في ما هو أبعد من الخالفات التي ال مناص منها‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫مد األفكار واألخالق وتساند‬
‫تقلبات التاريخ‪ّ ،‬إنها تبقى تحت ّ‬
‫وتستمر في ّ‬
‫ّ‬ ‫تتغير‬
‫‪ -1958‬الشريعة الطبيعية ال ّ‬
‫مبادئها ذاتها‪ ،‬فال يمكن‬
‫َ‬ ‫عبر عنها تبقى قائم ًة في جوهرها‪ .‬حتى وإن أنكر اإلنسان‬‫تقدمها‪ .‬القواعد التي تُ ّ‬
‫ّ‬
‫تدميرها وال إزالتها من قلب اإلنسان‪ .‬فهي تنبعث دوماً في حياة األفراد والمجتمعات‪:‬‬

‫الش ّر‬
‫السّيد‪ ،‬والشريعة المكتوبة في قلب اإلنسان‪ ،‬والتي ال يمحوها ّ‬
‫"أجل السرقة تعاقبها شريعتك‪ ،‬أّّيها ّ‬
‫نفسه"‪.‬‬

‫وتوفر األساس الصلب‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫جداً صنعه الخالق‪،‬‬‫‪ -1959‬إن الشريعة الطبيعية‪ ،‬التي هي عمل جيد ّ‬
‫األخالقية‪ ،‬التي تُرشد اختياراته‪ .‬وهي تضع أيضاً األساس‬ ‫ّ‬ ‫بناء القواعد‬
‫يستطيع اإلنسان أن ُيقيم عليه َ‬
‫المدنية التي ترتبط‬
‫ّ‬ ‫توفر أخي اًر األساس الضرور َّي للشريعة‬
‫األخالقي الذي ال ّبد منه لبناء جماعة البشر‪ .‬وهي ّ‬
‫ّ‬
‫وحقوقية‪.‬‬ ‫إيجابية‬ ‫ِ‬
‫إما بإضافات ذات طبيعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إما بتفكير يستخلص النتائج من مبادئها‪ ،‬و ّ‬
‫بها ّ‬
‫مبادئ الشريعة الطبيعية بوجه واضح ومباشر‪ ،‬وفي الوضع الحالي ال ّبد لإلنسان‬
‫َ‬ ‫‪ -1960‬ال يرى الجميع‬
‫ّ‬
‫األخالقية "جميع الناس بدون صعوبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الدينية و‬
‫ّ‬ ‫يتمكن من معرفة الحقائق‬
‫الخاطئ من النعمة والوحي حتى ّ‬
‫أعدها هللا متناسق ًة‬
‫توفر للشريعة اإللهية وللنعمة قاعدة ّ‬
‫إن الشريعة الطبيعية ّ‬‫َوبَِيقين راسخ ال يمازُجه خطأ"‪ّ .‬‬
‫مع عمل الروح‪.‬‬

‫الشريعة القديمة‬ ‫‪.II‬‬

‫خاصاً‪ ،‬وأوحى إليه بشريعته ُم ِّ‬


‫هيئاً هكذا مجيء‬ ‫خالقنا وفادينا لنفسه إسرائيل شعباً ّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1961‬لقد اختار هللا‬
‫وم ّثبتة داخل‬
‫طبيعي‪ ،‬وهي ُمعلنة ُ‬
‫ّ‬
‫عدة يمكن العقل أن يبلغها بوجه‬
‫عبر شريعة موسى عن حقائق ّ‬ ‫المسيح‪ .‬وتُ ِّ‬
‫عهد الخالص‪.‬‬

‫األخالقية تختصرها الوصايا‬


‫ّ‬ ‫الموحى بها في حالتها األولى‪ .‬وفرائضها‬
‫َ‬ ‫‪ -1962‬الشريعة القديمة هي الشريعة‬
‫عما هو‬
‫صنع على صورة هللا‪َ ،‬فتنهى ّ‬
‫إن أوامر الوصايا العشر تضع أساس دعوة اإلنسان‪ ،‬الذي ُ‬ ‫العشر‪ّ .‬‬
‫كل‬
‫لقى على ضمير ّ‬ ‫إن الوصايا العشر هي نور ُم ا‬
‫أساسي لها‪ّ .‬‬
‫ٌّ‬ ‫لمحبة هللا والقريب‪ ،‬وتأمر بما هو‬
‫ّ‬ ‫مخالف‬
‫الشر‪:‬‬
‫ط ُرّقه‪ ،‬وليصونه من ّ‬
‫إنسان ليكشف له دعوة هللا و ُ‬
‫"لقد كتب هللا على الواح الشريعة ما لم يكن الناس يقرأونه في قلوبهم"‪.‬‬

‫وروحية‪ ،‬وصالحة ولكنها ما تزال ناقصة‪ّ .‬إنها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫مقدسة‪،‬‬
‫المسيحي‪ّ ،‬‬ ‫إن الشريعة‪ ،‬وفاقاً للتقليد‬
‫‪ّ -1963‬‬
‫ّ‬
‫القوة وال نعمة الروح القدس لفعله وهي تبقى بسبب‬
‫ولكنها ال تعطي بذاتها ّ‬
‫كالمرّبي‪ ،‬تُظهر ما يجب عمله‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫همتُها‪ ،‬بحسب القديس بولس‪ ،‬هي على الخصوص‪ ،‬أن‬ ‫وم َّ‬
‫عبودية‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫الخطيئة التي ال تستطيع إزالتها‪ ،‬شريعة‬
‫وتظهر الخطيئة التي هي "شريعة شهوة" في قلب اإلنسان َّ‬
‫ولكن الشريعة تبقى المرحلة األولى على‬ ‫تُعلن ُ‬

‫‪44‬‬
‫المخلص‪ .‬وهي تمنح‬
‫ّ‬ ‫وكل مسيحي للتوبة ولإليمان باهلل‬ ‫هيئ وتُ ُّ‬
‫عد الشعب المختار ّ‬ ‫طريق الملكوت‪ .‬وهي تُ ّ‬
‫ّ‬
‫تعليماً يبقى أبداً‪ ،‬مثل كالم هللا‪.‬‬

‫"إن الشريعة هي نبوءة عن الحقائق اآلتية وتربية عليها"‪ .‬فهي‬ ‫‪ -1964‬الشريعة القديمة هي تهيئة لإلنجيل‪ّ .‬‬
‫و"المُثل"‬
‫ُ‬ ‫سيِت ُّمه المسيح وإيماء إليه‪ ،‬وهي تعطي العهد الجديد ُّ‬
‫الصور‬ ‫إنباء بعمل التحرير من الخطيئة الذي ُ‬
‫مية واألنبياء الذين‬ ‫ِ‬
‫والرموز للتعبير عن الحياة بحسب الروح‪ .‬وتكتمل الشريع ُة أخي اًر بتعليم الكتب الح َك ّ‬
‫يوجهونها نحو العهد الجديد وملكوت السماوات‪:‬‬
‫ّ‬
‫المحبة ونعمة الروح القدس‪ ،‬ويتوقون قبل كل شيء‬ ‫ّ‬ ‫ظل العهد القديم ُأناس يملكون‬
‫"لقد كان هناك في ّ‬
‫ِ‬
‫ظل العهد‬
‫األبدّية‪ ،‬فهم بذاك كانوا مرتبطين بالشريعة الجديدة‪ .‬وبالعكس‪ ،‬هناك في ّ‬
‫إلى المواعيد الروحية و ّ‬
‫وبعض‬
‫ُ‬ ‫الخوف من العقاب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جسديون‪ ،‬ال يزالون بعيدين عن كمال الشريعة الجديدة‪ ،‬فكان‬
‫ّ‬ ‫الجديد أناس‬
‫كل حال‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫ظل العهد الجديد‪ .‬وفي ّ‬
‫الزمنية ضروريَّين لحثّهم على األعمال الصالحة حتى في ّ‬
‫ّ‬ ‫المواعيد‬
‫المحبة في‬
‫ّ‬ ‫المحبة‪ ،‬فهي لم تكن لتعطي الروح القدس الذي به "أ ُفيضت‬
‫ّ‬ ‫كانت الشريعة القديمة تفرض‬
‫ّ‬
‫قلوبنا" (روم ‪.)5 ،5‬‬

‫الشريعة الجديدة أو الشريعة اإلنجيلية‬ ‫‪.III‬‬


‫الموحى‬
‫ّ‬ ‫‪ -1965‬الشريعة الجديدة أو الشريعة اإلنجيلية هي على األرض كمال الشريعة اإللهية‪ ،‬الطبيعية‬
‫وتتبين على الخصوص في العظة على الجبل‪ .‬وهي أيضاً عمل الروح القدس‪،‬‬ ‫بها‪ّ .‬إنها من عمل المسيح ّ‬
‫أح ّل شرائعي في بصيرتهم‪،‬‬
‫طع مع بيت إسرائيل عهداً جديداً‪ُ .‬‬
‫المحبة في الداخل‪" ،‬أَق ُ‬
‫ّ‬ ‫وبه تصبح شريعة‬
‫وأكتُ ُب ها على قلبهم‪ ،‬وأكون لهم إلهاً‪ ،‬وهم يكونون لي شعباً" (عب ‪ 8 ،8‬و‪.)10‬‬

‫بالمحبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1966‬الشريعة الجديدة هي نعمة الروح القدس المعطاة للمؤمنين‪ ،‬باإليمان بالمسيح‪ .‬وهي فاعلة‬
‫لتعلمنا ما يجب عمله‪ ،‬واألسرار لتمنحنا النعمة لفعل ذلك‪:‬‬
‫الرب ّ‬‫تستخدم عظة ّ‬
‫ّمل بتقوى وتب ُّ‬
‫ُّصر في العظة التي ألقاها على الجبل‪ ،‬كما نقرأها في إنجيل القديس متى‪،‬‬ ‫"من أراد أن يتأ ّ‬
‫تتض ّمن جميع الرسوم الهادية‬
‫المحّبة الكاملة في الحياة المسيحية‪ .‬هذه العظة ّ‬
‫ّي ّش ّك‪ّ ،‬‬ ‫يجد فيها‪ ،‬بدون أ ّ‬
‫المسيحّية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى الحياة‬

‫تمم" وتشحذ‪ ،‬وتتجاوز‪ ،‬وتقود إلى الكمال الشريعة القديمة‪ .‬وهي في التطويبات‬
‫‪ -1967‬الشريعة اإلنجيلية "تُ ّ‬
‫لتقبل‬ ‫ِ‬
‫وتوجهها نحو "ملكوت السماوات"‪ّ .‬إنها ألولئك الذين فيهم االستعداد ّ‬
‫تم ُم المواعيد اإللهية وتسمو بها ّ‬
‫ُت ّ‬
‫هذا الرجاء الجديد بإيمان‪ ،‬الفقراء‪ ،‬والمتواضعين‪ ،‬والحزانى‪ ،‬والقلوب الطاهرة‪ ،‬والمضطهدين ألجل المسيح‪،‬‬
‫السُبل العجيبة إلى الملكوت‪.‬‬
‫فترسم هكذا ُ‬

‫‪45‬‬
‫ِ‬
‫تمم وصايا الشريعة‪ .‬وعظ ُة الرب ال تلغي أو تُسقط من قيمة الفرائض األخالقية‬
‫‪ -1968‬الشريعة اإلنجيلية ُت ّ‬
‫كل‬
‫الخفية وتبعث منها مقتضيات جديدة‪ّ ،‬إنها تُظهر ّ‬
‫ّ‬ ‫الموجودة في الشريعة القديمة‪ ،‬بل تستخرج إمكاناتها‬
‫ولكنها تذهب إلى حد إصالح أصل األعمال‪،‬‬
‫حقيقتها اإللهية اإلنسانية‪ .‬وهي ال تزيد فرائض خارجية جديدة‪ّ ،‬‬
‫يتكون اإليمان والرجاء و ّ‬
‫المحبة‪،‬‬ ‫أي القلب‪ ،‬حيث يختار اإلنسان بين ما هو طاهر وما هو دنس‪ ،‬وحيث ّ‬
‫السماوي‪ ،‬والمغفرة‬
‫ّ‬ ‫ومع هذه الفضائل األخرى‪ .‬ويقود اإلنجيل الشريعة هكذا إلى كمالها باالقتداء بكمال اآلب‬
‫ِ‬
‫المضطهدين‪ ،‬على مثال كرم هللا‪.‬‬ ‫لألعداء‪ ،‬والصالة ألجل‬

‫موجه ًة ّإياها نحو "اآلب‬


‫‪ -1969‬الشريعة الجديدة تمارس أفعال الديانة إي اإلحسان‪ ،‬والصالة‪ ،‬والصوم‪ّ ،‬‬
‫الذي يرى في ُ‬
‫الخفية" بخالف الرغبة في "أن يرانا الناس"‪ .‬وصالتها هي‪" ،‬أبانا‪."...‬‬

‫ختصر‬
‫‪ -1970‬الشريعة اإلنجيلية تقتضي االختيار الحاسم بين "الطريقين" وممارسة كالم الرب‪ ،‬وهي تُ َ‬
‫"كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم أيضاً بهم‪ ،‬فذلك هو الناموس واألنبياء"‬
‫بالقاعدة الذهبية‪ّ ،‬‬
‫أحبنا‪.‬‬
‫بعضنا بعضاً كما ّ‬
‫حب ُ‬ ‫وصية يسوع الجديدة أن ُن ّ‬‫(متى‪ .)12 ،7‬الشريعة اإلنجيلية كلها موجودة في ّ‬
‫‪ -1971‬ينبغي أنُ ُيضاف إلى عظة الرب" التعليم الديني األخالقي في التعاليم الرسولية‪" ،‬كما في روم‬
‫‪ 1 ،15 -12‬كو ‪ ،13 -12‬كول ‪ ،4 -3‬أف ‪ 6 -4‬إلخ‪ ،‬هذه العقيدة تنقل تعليم الرب ُموثَّقاً بسلطة الرسل‪،‬‬
‫المحبة‪ ،‬موهب ُة الروح القدس‬
‫ّ‬ ‫خصوصاً في عرض الفضائل الناجمة عن اإليمان بالمسيح‪ ،‬والتي تحييها‬
‫أخوياً‪ ،‬وليكن فيكم فرح الرجاء‪ ،‬كونوا صابرين في‬
‫حباً ّ‬
‫أحبوا بعضكم بعضاً ّ‬
‫المحبة بال رئاء‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الرئيسة‪" .‬لتكن‬
‫للقديسين في حاجاتهم‪ ،‬واعكفوا على ضيافة الغرباء" (روم ‪-9 ،12‬‬
‫الضيق‪ ،‬مواظبين على الصالة أبذلوا ّ‬
‫الديني ُيلِّقننا أيضاً أن نعالج حادث الضمير في ضوء عالقتنا بالمسيح وبالكنيسة‪.‬‬
‫‪ .)13‬وهذا التعليم ّ‬
‫المحبة التي َيبثُّها‬
‫َ‬ ‫التصرف بفعل‬
‫ّ‬ ‫ألنها تحمل على تفضيل‬
‫محبة ّ‬
‫‪ -1972‬تُدعى الشريعة الجديدة شريع َة ّ‬
‫للتصرف بواسطة اإليمان‬ ‫ّ‬ ‫قوة النعمة‬
‫ألنها تمنح ّ‬
‫التصرف بالخوف‪ ،‬وتُدعى شريعة نعمة ّ‬
‫ّ‬ ‫الروح القدس على‬
‫وقانونية‪ ،‬وتميل بنا‬
‫ّ‬ ‫طقوسية‬
‫ّ‬ ‫مما في الشريعة القديمة من رسوم‬ ‫حررنا ّ‬‫ألنها تُ ّ‬
‫حرية‪ّ ،‬‬
‫واألسرار وتدعى شريعة ّ‬
‫سيده" إلى‬ ‫ِ‬
‫المحبة‪ ،‬وتجعلنا أخي اًر ننتقل من حالة العبد "الذي ال ع َلم له بما صنعه ّ‬
‫ّ‬ ‫تلقائياً بدافع‬
‫ّ‬ ‫إلى التصرف‬
‫سمعت من أبي" (يو ‪ ،)15 ،15‬أو إلى حالة االبن الوارث‬
‫ُ‬ ‫"ألني أطلعتكم على كل ما‬
‫حالة صديق المسيح‪ّ ،‬‬
‫أيضاً‪.‬‬

‫التقليدي ُّّ بين‬


‫ّ‬ ‫‪ -1973‬تحتوي الشريعة الجديدة‪ ،‬فضالً عن فرائضها‪ ،‬على المشورات اإلنجيلية و ُ‬
‫التمييز‬
‫المحبة‪ ،‬كمال الحياة المسيحية‪ :‬فالفرائض ُوضعت إلقصاء‬
‫ّ‬ ‫وصايا هللا والمشورات اإلنجيلية قائم بالنسبة إلى‬
‫المحبة‪ ،‬وإن لم يناقضها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نمو‬
‫المحبة‪ .‬والمشورات غايتها إقصاء ما يمكنه أن ُيعيق ّ‬
‫ّ‬ ‫ما ال يتوافق مع‬

‫‪46‬‬
‫تؤكد‬
‫الحية الجازعة أبداً من ّأنها ال تعطي أكثر‪ .‬وهي ّ‬
‫المحبة الكاملة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -1974‬المشورات اإلنجيلية تُظهر‬
‫ومحبة‬
‫ّ‬ ‫محبة هللا‬
‫يضتَي ّ‬‫أساسي في فر َ‬ ‫كمال الشريعة الجديدة هو بوجه‬ ‫اندفاعها وتستدعي تَ ُّ‬
‫حفزنا الروحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كل إنسان بحسب دعوته‪:‬‬
‫أقوم‪ ،‬ووسائل أسهل‪ ،‬ويمارسها ّ‬ ‫فتدل على ُسُبل َ‬
‫ات ّ‬ ‫أما المشور ُ‬
‫القريب‪ّ .‬‬
‫بكل المشورات‪ ،‬و ّإنما فقط بتلك المالئمة بحسب ّتن ّوع األشخاص‪،‬‬
‫كل إنسان أن يعمل ّ‬‫"ال يريد هللا من ّ‬
‫وكل الوصايا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كل الفضائل ّ‬ ‫ألن هذه‪ ،‬بكونها َمل َك َة ّ‬
‫المحبة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫واألوقات‪ ،‬والظروف‪ ،‬والقوى‪ ،‬كما تقتضي‬
‫وكل األفعال المسيحية‪ ،‬هي التي تمنحها جميعاً المنزلة‬
‫وكل المشورات‪ ،‬وباالختصار‪ ،‬كل الشرائع ّ‬‫ّ‬
‫والمرتبة والوقت والقيمة"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫أبوي من هللا يرسم لإلنسان السبل التي تعود إلى السعادة‬
‫‪ -1975‬ان الشريعة‪ ،‬وفاقًا للكتاب‪ ،‬هي تعليم ٌّ‬
‫الشر‪.‬‬
‫الموعودة وينهي عن سبل ّ‬
‫‪" -1976‬الشريعة هي توجيه العقل نحو الخير العام‪ ،‬يصدره من هو مسؤول عن الجماعة"‪.‬‬
‫بر هللا‪.‬‬
‫‪ -1977‬المسيح هو غاية الشريعة‪ ،‬وهو وحده يعلم ويمنح ّ‬
‫صنع على صورة‬
‫‪ -1978‬الشريعة الطبيعية هي مشاركة اإلنسان في حكمة هللا وصالحه‪ ،‬اإلنسان الذيُ ُ‬
‫ي‪ ،‬وهي قاعدة حقوقه وواجباته األساسية‪.‬‬ ‫خالقه‪ .‬هي تعبّر عن كرامة الشخص البشر ّ‬
‫‪ -1979‬الشريعة الطبيعية ال تتغير وهي مستمرة في التاريخ‪ .‬والقواعد التي تع بّر عنها تبقى قائمة في‬
‫جوهرها‪ .‬وهي أساس ضرور ٌّي لبناء القواعد األخالقية والشريعة المدنية‪.‬‬
‫‪ -1980‬الشريعة القديمة هي الشريعة الُمُوحى بها في حالتها األولى‪ .‬وفرائضها األخالقية تختصرها‬
‫الوصايا العشر‪.‬‬
‫ي بلوغها‪ .‬وقد أعلنها هللا ّ‬
‫ألن الناس‬ ‫‪ -1981‬تحتوي شريعة موسى على حقائق عدة يستطيع العقل البشر ّ‬
‫ما كانوا يقرأونها في قلوبهم‪.‬‬
‫‪ -1982‬الشريعة القديمة هي تهيئة لإلنجيل‪.‬‬
‫‪ -1983‬الشريعة الجديدة هي نعمة الروح القدس المعطاة باإليمان بالمسيح والفاعلةُ بالمحبة‪ .‬وهي تتبين‬
‫الرب على الجبل‪ ،‬وتستخدم األسرار لتمنحنا النعمة‪.‬‬
‫على الخصوص في عظة ّ‬
‫ِ‬
‫تتمم الشريعة القديمة‪ ،‬وتتجاوزها‪ ،‬وتقودها إلى كمالها‪ِ ،‬‬
‫كمال مواعيدها بتطويبات‬ ‫‪ -1984‬الشريعة اإلنجيلية ّ‬
‫ملكوت السماوات‪ ،‬وكمل وصاياها بإصالح أصل األفعال أي القلب‪.‬‬
‫‪ -1985‬الشريعة الجديدة هي شريعة محبة‪ ،‬وشريعة نعمة وشريعة حرية‪.‬‬
‫‪ -1986‬تحتوي الشريعة الجديدة‪ ،‬فضالً عن فرائضها‪ ،‬على المشورات اإلنجيلية‪" .‬قداسة الكنيسة تغذي‬
‫الرب على تالميذه في اإلنجيل لكي يُمارسوها"‪.‬‬
‫خاص بالمشورات العديدة التي عرضها ُّ‬
‫ّ‬ ‫بوجه‬
‫‪47‬‬
‫المقال الثاني‬
‫النعمة والتبرير‬

‫التبرير‬ ‫‪.I‬‬
‫"بر هللا باإليمان بيسوع‬
‫إن نعمة الروح القدس قادرة على تبريرنا‪ ،‬أي غسلنا من خطايانا وإعطائنا ّ‬
‫‪ّ -1987‬‬
‫وبالمعمودية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المسيح"‬

‫أن المسيح‪ ،‬بعدما أقيم من بين األموات‪،‬‬


‫كنا قد ُمتنا مع المسيح‪ ،‬نؤمن ّأنا سنحيا أيضاً معه‪ ،‬عالمين ّ‬
‫"إن ّ‬
‫فإنه بموته قد مات للخطيئة إلى األبد‪ ،‬وبحياته يحيا هلل‪.‬‬
‫ال يموت أيضاً‪ .‬فالموت ال يسود عليه من بعد‪ّ .‬‬
‫فكذلك أنتم أيضاً‪ ،‬احسبوا انفسكم أمواتاً للخطيئة‪ ،‬أحياء هلل في المسيح يسوع" (روم ‪.)11 -8 ،6‬‬

‫‪ -1988‬بقوة الروح القدس يكون لنا نصيب في آالم المسيح بالموت عن الخطيئة‪ ،‬وفي قيامته بالوالدة لحياة‬
‫المطعمة مع الكرمة التي هو ّإياها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جديدة‪ .‬اننا أعضاء جسده الذي هو الكنيسة‪ ،‬واألغصان‬

‫"إننا بالروح لنا نصيب في هللا‪ ،‬وبالمشاركة في الروح نصبح مشاركين في الطبيعة اإللهية‪ .‬لذلك فأولئك‬
‫مؤلهون"‪.‬‬
‫الذين يسكن فيهم الروح هو ّ‬
‫إن أول أعمال نعمة الروح القدس التوب ُة التي تصنع التبرير‪ ،‬بحسب ما أعلنه يسوع في مطلع‬
‫‪ّ -1989‬‬
‫فإن ملكوت السماوات قريب" (متى ‪ .)17 ،4‬فاإلنسان‪ ،‬بدافع من النعمة‪ ،‬يتّجه نحو هللا‪،‬‬
‫اإلنجيل‪" ،‬توبوا‪ّ ،‬‬
‫البر من العالء‪" .‬فالتبرير يحتوي إذن مغفرَة الخطايا والتقديس‬
‫متقبالً هكذا المغفرة و ّ‬
‫ويحيد عن الخطيئة‪ّ ،‬‬
‫وتجديد اإلنسان الداخلي"‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويطهر منها قلبه‪ .‬والتبرير يتبع‬
‫ّ‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫محبة‬
‫‪ -1990‬التبرير يفصل اإلنسان عن الخطيئة التي تناقض ّ‬
‫عبودية الخطيئة ويشفى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من‬
‫حرر‬
‫وي ّ‬
‫فيصالح اإلنسان مع هللا‪ُ ،‬‬ ‫تقدم المغفرة‪ُ .‬‬
‫مبادرة رحمة هللا التي ّ‬
‫البر هنا على استقامة محبّة‬
‫ويدل ُّ‬
‫تقبل ّبر هللا باإليمان بيسوع المسيح‪ّ .‬‬
‫‪ -1991‬التبرير هو في الوقت ذاته ّ‬
‫المحبة‪ ،‬وتُمنح لنا الطاع ُة لمشيئة هللا‪.‬‬
‫هللا‪ .‬ومع التبرير ُيفاض في قلوبنا اإليمان والرجاء و ّ‬
‫مرضي ًة هلل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مقدس ًة‬
‫حي ًة ّ‬
‫قدم ذاتَه على الصليب ذبيح ًة ّ‬ ‫‪ -1992‬استحّقت لنا التبرير آالم المسيح الذي ّ‬
‫سر اإليمان‪ .‬فيجعلنا نشابه‬‫بالمعمودية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫منح التبر ُير‬
‫وي َ‬
‫دمه أداة تكفير عن خطايا جميع البشر‪ُ .‬‬ ‫والذي صار ُ‬
‫بقوة رحمته‪ .‬وغايتُه مجد هللا والمسيح وموهب ُة الحياة األبدية‪:‬‬
‫داخلياً ّ‬
‫ّ‬ ‫ّبر هللا الذي ُي ّبررنا‬

‫‪48‬‬
‫"أما اآلن فقد اعتلن ّبر هللا بمعزل عن الناموس‪ ،‬مشهوداً له من الناموس واألنبياء‪ُّ ،‬بر هللا باإليمان بيسوع‬
‫المسيح إلى جميع الذين يؤمنون‪ ،‬إذ ليس من فوق‪ ،‬فالجميع قد خطئوا فأعوزهم مجد هللا‪ .‬والجميع بنعمته‬
‫ُي َّبررون مجاناً‪ ،‬بالفداء الذي بالمسيح يسوع‪ ،‬الذي سبق هللا فأقامه َ‬
‫أداة تكفير باإليمان بدمه‪ ،‬إلظهار ّبره‪،‬‬
‫بعد إذ تغاضى عن الخطايا السالفة في عهد صبره اإللهي‪ ،‬إلظهار ّبره‪ ،‬إذن‪ ،‬في الزمان الحاضر‬
‫وم ّبر اًر من آمن بيسوع" (روم ‪.)26 -21 ،3‬‬
‫بار‪ُ ،‬‬
‫باعتالنه ّاً‬
‫ظه ُر من جهة اإلنسان في القبول اإليماني‬
‫وي َ‬ ‫‪ -1993‬التبرير ينشئ التعاون بين نعمة هللا ّ‬
‫وحرية اإلنسان‪َ .‬‬
‫ينبهه ويحفظه‪:‬‬
‫المحبة المتعاونة مع حافز الروح القدس الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫لكالم هللا الذي يدعوه إلى التوبة‪ ،‬وفي‬

‫"عندما يلمس هللاُ قلب اإلنسان بإنارة الروح القدس‪ ،‬ال يكون اإلنسان بال عمل‪ ،‬وهو يتّقّبل ذلك الوحي‪،‬‬

‫فضه‪ .‬وفي الوقت ذاته ال يستطيع أيضاً بدون نعمة هللا أن ُيقِبل بإرادته ّ‬
‫الحرة‬ ‫كل حال ر َ‬
‫الذي يستطيع في ّ‬
‫ِّ‬
‫البر أمامه"‪.‬‬

‫محبة هللا المعتلنة في المسيح يسوع‪ ،‬والتي يهبها‬


‫‪ -1994‬ان التبرير هو العمل األسمى الذي تقوم به ّ‬
‫ألن‬
‫"أن تبرير المنافق عمل أعظم من خلق السماء واألرض"‪ّ .‬‬ ‫الروح القدس‪ .‬ويرى القديس أوغسطينوس ّ‬
‫أن تبرير الخطأ يفوق خلق‬
‫خالص المختارين وتبريرهم َيبقيان" بل هو يرى ّ‬
‫ُ‬ ‫األرض تزوالن بينما‬
‫"السماء و َ‬
‫َ‬
‫يؤكد رحم ًة أعظم‪.‬‬
‫المالئكة في البر بكونه ّ‬
‫يتضمن‬
‫ّ‬ ‫يولد‪ ،‬فهو‬
‫الباطني" ّ‬ ‫المعلم في الداخل‪ .‬وعندما يجعل التبر ُير" اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫‪ -1995‬الروح القدس هو‬
‫ّ‬
‫كله‪:‬‬
‫تقديس الكائن ّ‬
‫للبر‪ ،‬للقداسة‪.‬‬
‫"فكما أنكم قد جعلتم أعضائكم عبيداً للنجاسة واإلثم‪ ،‬لإلثم‪ ،‬إجعلوا اآلن أعضاءكم عبيداً ّ‬
‫فإنكم تحوزون ثم اًر للقداسة‪ ،‬والعاقب ُة حياة ّ‬
‫أبدية"‬ ‫أعتقتم من الخطيئة‪ ،‬فصرتم عبيداً هلل‪ّ ،‬‬
‫أما اآلن‪ ،‬وقد ُ‬
‫(روم ‪.)22 .19 ،6‬‬

‫النعمة‬ ‫‪.II‬‬
‫اني يعطينا هللا ّإياهما لتلبية ندائه بأن‬ ‫‪ -1996‬يأتي تبرُي ُرنا من نعمة هللا‪ .‬والنعمة هي جميل وعون ّ‬
‫مج ٌّ‬
‫األبدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالتبني‪ ،‬مشاركين في الطبيعة اإللهية‪ ،‬وفي الحياة‬
‫ّ‬ ‫أبناء‬
‫نصير أبناء هللا‪ً ،‬‬
‫فبالمعمودية يشترك المسيحي في‬
‫ّ‬ ‫الثالوثية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1997‬النعمة مشاركة في حياة هللا‪ ،‬تُدخلنا في صميم الحياة‬
‫ّ‬
‫"أبا" باالتحاد مع االبن الوحيد‪ .‬وهو‬
‫بالتبني" يستطيع أن يدعو هللا ً‬
‫ّ‬ ‫نعمة المسيح رأس جسده‪ .‬وبكونه "ابناً‬
‫يكون الكنيسة‪.‬‬
‫المحبة والذي ّ‬
‫ّ‬ ‫يتقبل حياة الروح الذي ينفخ فيه‬
‫ّ‬

‫‪49‬‬
‫ألنه وحده‬ ‫‪ -1998‬هذه الدعوة إلى الحياة األبدية تفوق الطبيعة‪ .‬وهي خاضعة تماماً لمبادرة هللا ّ‬
‫المجانية‪ّ ،‬‬
‫كل خليقة‪ ،‬من إمكانات اإلدراك وقوى‬ ‫ِ‬
‫يستطيع إظهار ذاته وإعطاءها‪ .‬وهي تسمو على ما عند البشر‪ ،‬بل ّ‬
‫اإلرادة‪.‬‬

‫المجانية التي يمنحنا بها هللا حياته‪ ،‬فيسكبها الروح القدس في نفسنا‬
‫‪ -1999‬نعمة المسيح هي الموهبة ّ‬
‫المعمودية‪ّ .‬إنها فينا ينبوع‬
‫ّ‬ ‫المؤلهة‪ ،‬المقبولة في‬
‫ّ‬ ‫المبررة أو‬
‫ّ‬ ‫لشفائها من الخطيئة‪ ،‬ولتقديسها‪ّ ،‬إنها النعمة‬
‫عمل التقديس‪.‬‬

‫الكل من هللا‬
‫تجدد‪ .‬و ّ‬
‫وكل شيء قد ّ‬
‫اضمحل ُّ‬
‫ّ‬ ‫"إذا إن كان أحد في المسيح‪ ،‬فهو خليقة جديدة‪ ،‬فالقديم قد‬
‫الذي صالحنا مع نفسه بالمسيح" (‪ 2‬كو ‪.)18 -17 ،5‬‬

‫يكمل النفس ذاتها ليجعلها أهالً‬


‫عادية‪ ،‬استعداد ثابت وفائق الطبيعة‪ّ .‬‬ ‫المبررة هي موهبة ّ‬‫‪ -2000‬النعمة ّ‬
‫العادية‪ ،‬أي االستعداد الدائم للعيش والعمل وفاقاً لنداء هللا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتتميز النعمة‬
‫ّ‬ ‫بمحبته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لتعيش مع هللا وتعمل‬
‫إما في مجرى عمل التقديس‪.‬‬ ‫إما في أساس التوبة و ّ‬
‫الحالية التي تُطلق على المداخالت اإللهية ّ‬
‫ّ‬ ‫من النعم‬

‫لتقبل النعمة هو أيضاً من عمل النعمة‪ .‬فهذه ضرورية لكي تُنير وتُساند مساهمتنا‬ ‫‪ -2001‬إعداد اإلنسان ّ‬
‫بالمحبة‪ .‬وهللا ُينهي فينا ما بدأه‪" ،‬فهو يبدأ بحيث يجعلنا بعمله ُنريد‪ ،‬وينهي‬
‫ّ‬ ‫في التبرير باإليمان والتقديس‬
‫بالتعاون مع إرادتنا وقد تابت"‪:‬‬

‫ألن رحمته قد سبقتنا حتى نبرأ‪،‬‬


‫"أجل نعمل نحن أيضاً‪ ،‬ولكننا ال نقوم إالّ بالعمل مع هللا الذي يعمل‪ّ .‬‬
‫مدع ّوين‪ ،‬وهي تتبعنا لنكون‬ ‫ِ‬
‫تتبعنا أيضاً حتى إذا ما ُشفينا تَنتعش فينا الحياة‪ّ ،‬إنها تسبقنا لنكون ّ‬
‫ألنها ُ‬
‫وّ‬
‫شيئا"‪.‬‬
‫وتتبعنا لنحيا أبداً مع هللا ألننا بدونه ال نستطيع ً‬
‫ُ‬ ‫ممجدين‪ّ ،‬إنها تسبقنا لنحيا حياة التقوى‪،‬‬
‫ّ‬
‫الحر‪ ،‬ألن هللا خلق اإلنسان على صورته‪ ،‬إذ منحه مع‬
‫الحرة تستدعي جواب اإلنسان ّ‬
‫‪ -2002‬مبادرة هللا ّ‬
‫ِّ‬
‫ويحرك‬ ‫المحبة‪ .‬فاهلل يلمس مباشرًة‬
‫ّ‬ ‫بحريتها في وحدة‬
‫النفس ال تدخل إالّ ّ‬
‫محبته‪ .‬و ُ‬
‫الحرية القدرة على معرفة ّ‬
‫ّ‬
‫األبدية"‬
‫ّ‬ ‫يشبعه سواه‪ .‬ومواعيد "الحياة‬
‫مباشرًة قلب اإلنسان‪ .‬لقد جعل في اإلنسان توقاً إلى الحق والخير ال ُ‬
‫تستجيب لهذا التوق استجاب ًة ال يدانيها رجاء‪:‬‬

‫جداً‪ ،‬قد استرحت في اليوم السابع‪ ،‬فذلك لكي تسبق وتقول لنا‬
‫أنت‪ ،‬في نهاية أعمالك الحسنة ّ‬ ‫كنت َ‬
‫"إذا َ‬
‫جداً" إذ إنّك أنت من أعطانا ّإياها‪ ،‬ونحن أيضاً في سبت‬
‫بصوت كتابك إنّنا في نهاية أعمالنا "الحسنة ّ‬
‫األبدية سنستريح فيك"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحياة‬

‫ويقدسنا‪ .‬ولكن النعمة تحتوي أيضاً على المواهب‬


‫يبررنا ّ‬
‫‪ -2003‬النعمة هي ّأوالً واساساً موهبة الروح الذي ّ‬
‫التي يمنحنا ّإياها الروح ُلُيشركنا في عمله‪ ،‬ويجعلنا قادرين على المساهمة في خالص اآلخرين‪ ،‬وعلى إنماء‬
‫جسد المسيح أي الكنيسة إّنها النعمة األسرارية‪ ،‬أي المواهب الخاصة بمختلف األسرار‪ .‬إنها‪ ،‬فضالً عن‬

‫‪50‬‬
‫المسماة "مواهب "بحسب التعبير اليوناني الذي استعمله القديس بولس‪ ،‬والذي يعني‬‫ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬النعم الخصوصية‬
‫عادية‪ ،‬من مثل موهبة‬
‫اهب "هذه‪ ،‬مهما تكن خصائصها أحياناً غير ّ‬ ‫المجانية‪ ،‬اإلنعام‪ .‬و"المو ُ‬
‫العطية ّ‬
‫ّ‬ ‫الجميل‪،‬‬
‫المحبة التي‬
‫ّ‬ ‫خير الكنيسة العام‪ّ .‬إنها في خدمة‬ ‫العجائب أو التكلم بلغات‪ ،‬فهي م َعّدة للنعمة ِّ‬
‫المبررة‪ ،‬وغايتُها ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تبني الكنيسة‪.‬‬

‫المسيحية‬
‫ّ‬ ‫‪ -2004‬ينبغي أن نذكر بين النعم الخصوصية ِن َعم الحالة التي ترافق ممارسة مسؤوليات الحياة‬
‫و ِ‬
‫الخ َدم في الكنيسة‪:‬‬

‫فليتكلم بحسب قاعدة اإليمان‪ ،‬ومن‬ ‫النبوة‬ ‫ِ‬


‫ّ‬ ‫أوتي ّ‬‫َ‬
‫فمن‬‫"وإذ لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا‪َ ،‬‬
‫االجتهاد‬
‫ّ‬ ‫المدبر‬
‫النية‪ ،‬و ّ‬
‫المتصد ُق سالمة ّ‬
‫ّ‬ ‫المعلم التعليم‪ ،‬والواعظ الوعظ‪ ،‬و‬
‫أوتي الخدمة فليالزم الخدمة‪ ،‬و ّ‬
‫والراحم البشاشة" (روم ‪.)8 -6 ،12‬‬

‫أن النعمة هي فوق الطبيعة‪ ،‬فال تقع تحت االختبار وال نستطيع معرفتها إالّ باإليمان‪ .‬فال‬ ‫‪ -2005‬بما ّ‬
‫مخلصون‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فبحسب كالم‬ ‫ّ‬ ‫مبررون أو‬
‫نستطيع إذن االعتماد على عواطفنا أو أعمالنا لنستنتج أننا ّ‬
‫تبصر إحسانات هللا في حياتنا وحياة القديسين كفال ًة َّ‬
‫بأن‬ ‫الرب‪" ،‬من ثمارهم تعرفونهم" (متى‪ .)11 ،7‬يعطينا ّ‬
‫النعمة تعمل فينا‪ ،‬ويحفزنا على إيمان يعظم دوماً وموقف َمسكنة واثقة‪.‬‬

‫الكنسيين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مفخخ من قضاتها‬
‫نجد أحد أفضل التمثيل لهذا الموقف في جواب القديسة جان دارك عن سؤال ّ‬
‫"سئلت هل تعرف أنها في حالة نعمة هللا‪ ،‬فأجابت‪ ،‬أذا لم أكن فيها أرجو من فضل هللا أن يجعلني فيها‪.‬‬
‫ُ‬
‫وإذا كنت فيها أرجو من فضل هللا أن يحفظني فيها"‪.‬‬

‫االستحقاق‬ ‫‪.III‬‬
‫ِ‬
‫كلل مواهبك أنت"‪.‬‬
‫تكلل استحقاقاتهم تُ ّ‬
‫ممجد في جماعة القديسين‪ ،‬فعندما ّ‬
‫"إنك ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -2006‬كلمة "إستحقاق" تعني على العموم الجزاء الواجب على جماعة أو مجتمع لعمل أحد األعضاء‪،‬‬
‫إحسانا أو إساءة‪ ،‬أهال للمكافأة أو العقاب‪ .‬واالستحقاق يرجع إلى فضيلة العدالة بحسب مبدأ المساواة‬
‫ً‬ ‫بكونه‬
‫الذي يسودها‪.‬‬

‫حق بالمعنى الحصر ّي‪ .‬فالتفاوت بينه وبيننا ال‬


‫الرب بمقتضى ّ‬
‫‪ -2007‬ليس من استحقاق لإلنسان تجاه ّ‬
‫ألننا قد نلنا كل شيء منه‪ ،‬هو خالقنا‪.‬‬
‫قياس له‪ّ ،‬‬
‫الحر أن يشرك اإلنسان في‬
‫‪ -2008‬استحقاق االنسان عند هللا‪ ،‬في الحياة المسيحية‪ ،‬يتأتّى من تدبير هللا ّ‬
‫الحر هو ثان بمساهمته‪ .‬بحيث يجب أن‬ ‫عمل النعمة فعمل هللا األبوي هو األول بد ِ‬
‫وعمل اإلنسان ّ‬‫ُ‬ ‫فعه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تُنسب استحقاقات األعمال الصالحة إلى نعمة هللا أوالً‪ ،‬وإلى المؤمن بعد ذلك‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يعود‬

‫‪51‬‬
‫ألن أعماله الصالحة تصدر في المسيح عن مبادرات ومساعدات من الروح‬
‫استحقاق اإلنسان نفسه إلى هللا‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫القدس‪.‬‬

‫بالتبني‪ ،‬إذ تجعلنا مشاركين بالنعمة في الطبيعة اإللهية‪ ،‬تستطيع أن تولينا‪ ،‬بحسب عدالة‬
‫بنوتنا ّ‬
‫إن ّ‬
‫‪ّ -2009‬‬
‫المحبة‪ ،‬الذي يجعلنا "وارثين مع "المسيح‪ ،‬وأهالً‬
‫ّ‬ ‫وملء ِّ‬
‫حق‬ ‫ُ‬ ‫حق بالنعمة‪.‬‬
‫حقيقيا وهذا ٌّ‬
‫ّ‬ ‫المجانية‪ ،‬استحقاقا‬
‫ّ‬ ‫هللا‬
‫ان استحقاقات أعمالنا الصالحة هي عطايا من جودة هللا‪.‬‬
‫للحصول على "ميراث الحياة األبدية" الموعود‪ّ .‬‬
‫"لقد سبقت النعمة‪ ،‬واآلن ُنعيد ما يجب علينا‪ .‬االستحقاقات هي عطايا من هللا"‪.‬‬

‫يستحق النعمة األولى التي في‬


‫ّ‬ ‫أحد أن‬
‫أن المبادرة في مجال النعمة‪ ،‬هي هللا‪ ،‬فليس بإمكان ٍ‬
‫‪ -2010‬بما ّ‬
‫نستحق ألنفسنا‬
‫َّ‬ ‫أصل التوبة والمغفرة والتبرير‪ .‬ونستطيع بعد ذلك‪ ،‬بدافع من الروح القدس والمحبة‪ ،‬أن‬
‫األبدية‪ .‬ويمكن أيضاً‪ ،‬بحسب‬
‫ّ‬ ‫النعمة والمحبة‪ ،‬وللحصول على الحياة‬
‫ولنمو ّ‬
‫ّ‬ ‫النعم المفيدة لتقديسنا‪،‬‬
‫ولغيرنا َ‬
‫الصحة‪ ،‬والصداقة‪ .‬هذه النعم وهذه الخيرات هي موضوع‬
‫ّ‬ ‫الزمنية ذاتها‪ ،‬من مثل‬
‫ّ‬ ‫حكمة هللا‪ ،‬استحقاق الخيرات‬
‫احتياجنا إلى النعمة في سبيل األفعال ذات االستحقاق‪.‬‬
‫َ‬ ‫تلبي‬
‫الصالة المسيحية‪ .‬وهذه ّ‬
‫‪ -2011‬محبة المسيح هي فينا ينبوع استحقاقاتنا جميعها أمام هللا‪ .‬فالنعمة‪ ،‬إذ تجعلنا متّحدين بالمسيح‬
‫بمحبة فاعلة‪ ،‬تُ ّؤ ِّمن ألفعالنا الصفة الفائقة الطبيعة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ما لها من استحقاق أمام هللا وأمام البشر‪.‬‬
‫ّ‬
‫أن استحقاقاتهم هي نعمة محض‪:‬‬ ‫القديسون كانوا دوماً َي ُعون ً‬
‫وعيا شديداً ّ‬ ‫و ّ‬
‫أكدس‬
‫"عندما ينتهي زمن منفاي على األرض‪ ،‬رجائي أن أذهب وأنعم بك في الوطن‪ .‬ولكني ال أريد أن ّ‬
‫صفر اليدين‪،‬‬
‫حبك وحده‪ .‬في مساء هذه الحياة سأظهر أمامك َ‬
‫االستحقاقات للسماء‪ ،‬أريد أن أعمل ألجل ّ‬
‫فكل ّبر فينا ال يخلو من العيب في عينيك‪ ،‬أريد إذن أن‬
‫تحسب اعمالي‪ّ .‬‬ ‫ألني ال أسألك‪ ،‬يا رب‪ ،‬أن ُ‬ ‫ّ‬
‫ص‪ ،‬وأن أتّقّبل من ُحّبك امتالكك أنت إلى األبد"‪.‬‬
‫أتّلّبس َّبرك أنت الخاّ ّ‬

‫القداسة المسيحية‬ ‫‪.IV‬‬


‫فحدد أن يكونوا‬
‫ألن الذين سبق فعرفهم سبق أيضاً ّ‬
‫يحبونه‪ّ .‬‬
‫كل شيء يسعى لخير الذين ّ‬
‫إن هللا في ّ‬
‫‪ّ -2012‬‬
‫مشابهين لصورة ابنه‪ ،‬فيكون هكذا بك اًر ما بين إخوة كثيرين‪ .‬فالذين سبق ّ‬
‫فحددهم إياهم دعا أيضاً‪ ،‬والذين‬
‫مجد أيضاً" (روم ‪.)30 -28 ،8‬‬
‫دعاهم ّإياهم ّبرر أيضاً‪ ،‬والذين ّبررهم أياهم ّ‬
‫موجهة إلى جميع المؤمنين بالمسيح أّياً كانت‬ ‫‪" -2013‬إن الدعوة إلى ِ‬
‫المحبة ّ‬
‫ّ‬ ‫ملء الحياة المسيحية وكمال‬ ‫ّ‬
‫السماوي هو كامل" (متى ‪.)48 ،5‬‬
‫ّ‬ ‫مدعوون إلى القداسة‪" ،‬كونوا كاملين كما ّ‬
‫ان أباكم‬ ‫ّ‬ ‫كلهم‬
‫رتبتُهم وحالتُهم"‪ّ .‬‬
‫بك ّل قواهم‪ ،‬بمقدار موهبة المسيح‪ ،‬للحصول على هذا الكمال‪ ،‬حتى إذا َّنفذوا‬‫"على المؤمنين أن يسعوا ّ‬
‫في كل شيء مشيئة هللا يقفون ذواتهم‪ّ ،‬‬
‫بك ّل نفوسهم‪ ،‬على مجد هللا وخدمة القريب"‪ .‬وهكذا تتََفتّق قداسة‬
‫يخ الكنيسة من خالل سيرة القديسين‪.‬‬
‫شعب هللا عن ثمار وافرة‪ ،‬كما يشهد بذلك بوجه ساطع تار ُ‬
‫‪52‬‬
‫ألنه يشارك‬
‫"سرّياً"‪ّ ،‬‬
‫‪ -2014‬يسعى التقدم الروحي إلى اتّحاد بالمسيح يزداد أبداً أُلفة‪ .‬هذا االتحاد ُيدعى ّ‬
‫سر الثالوث األقدس‪ .‬فاهلل يدعونا‬
‫المقدسة" وفي المسيح ُيشارك في ّ‬‫سر المسيح بوساطة األسرار "األسرار ّ‬ ‫في ّ‬
‫خاصة بهذه الحياة الس ّرية‪ ،‬أو عالمات خارقة لها‪ ،‬إالّ‬
‫منح نعم ّ‬
‫جميعاً إلى هذه الوحدة األليفة معه‪ ،‬وإن لم تُ َ‬
‫العطية الممنوحة للكل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لبعض الناس إلظهار‬

‫التقدم‬
‫التجرد ومن الجهاد الروحي‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫يمر طريق القداسة عبر الصليب‪ .‬وليس من قداسة تخلو من‬ ‫‪ّ -2015‬‬
‫يؤديا تدريجاً إلى العيش في سالم التطويبات وفرحها‪:‬‬
‫يتضمن الجهاد واإلماتة اللذين ّ‬
‫ّ‬ ‫الروحي‬

‫"من يصعد ال يتوّقف أبداً عن االنطالق من بداية إلى بداية‪ ،‬ببدايات ليس لها نهاية‪ .‬من يصعد ال‬
‫يتوّقف أبداً عن التوق إلى ما يعرفه من قبل"‪.‬‬

‫أمنا يرجون عن ّ‬
‫حق نعمة الثبات األخير‪ ،‬ومكافأة هللا أبيهم‪ ،‬عن األعمال‬ ‫المقدسة ّ‬
‫إن أوالد الكنيسة ّ‬
‫‪ّ -2016‬‬
‫الصالحة التي صنعوها بنعمته‪ ،‬وباالتّحاد مع يسوع‪ .‬والمؤمنون إذ يحافظون على قاعدة الحياة نفسها‪،‬‬
‫يشاركون في "الرجاء السعيد" أولئك الذين تجمعهم رحمة هللا في "المدينة ّ‬
‫المقدسة"‪ ،‬أورشليم الجديدة النازلة‬
‫من السماء من عند هللا مهيأة كالعروس المزّينة لعريسها" (رؤ ‪.)2 ،21‬‬

‫بإيجاز‬
‫بر هللا‪ .‬والروح‪ ،‬إذ يجعلنا نتحد باإليمان والمعمودية بآالم المسيح‬
‫‪ -2017‬نعمة الروح القدس تمنحنا ّ‬
‫وقيامته‪ ،‬ويجعلنا نشترك في حياته‪.‬‬
‫‪ -2018‬التبرير كالتوبة له وجهان‪ .‬فبدافع من النعمة يتوجه اإلنسان نحو هللا ويحيد عن الخطيئة‪ ،‬فيتقبل‬
‫البر من العالء‪.‬‬
‫هكذا المغفرة و ّ‬
‫‪ -2019‬التبرير ينطوي على مغفرة الخطايا‪ ،‬وعلى التقديس‪ ،‬وعلى تجديد اإلنسان الباطن‪.‬‬
‫بر هللا‬
‫‪ -2020‬آالم المسيح استحقت لنا التبرير‪ .‬وقد منح لنا عبر المعمودية‪ .‬وهو يصورنا على صورة ّ‬
‫الذي يجعلنا أب ار ارً‪ .‬غايته مجد هللا والمسيح‪ ،‬وعطية الحياة األبدية‪ .‬إنه أسمى أفعال رحمة هللا‪.‬‬
‫‪ -2021‬النعمة هي المساعدة التي يمنحها هللا إياها لالستجابة لدعوتنا أي أن نصير أبناءه بالتبني‪ .‬إنها‬
‫تدخل في مؤالفة الحياة الثالوثية‪.‬‬
‫الحر‪ .‬والنعمة تستجيب لتعوق الحرية‬
‫‪ -2022‬المبادرة اإللهية في عمل النعمة تسبق وتهيئ جواب اإلنسان ّ‬
‫البشرية العميق‪ .‬وتدعوها للتعاون معها وتكملها‪.‬‬
‫‪ -2023‬النعمة المبررة هي حياة هللا التي يمنحنا إياها بعطية مجّ انية‪ ،‬ويبثها الروح القدس في نفسنا‬
‫ليبرئها من الخطيئة ويقدسها‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -2024‬النعمة المبررة تجعلنا "مرضيين لدى هللا"‪" .‬والمواهب" التي هي نعم خصوصية من الروح القدس‪،‬‬
‫معدة للنعمة المبررة‪ ،‬وغايتها خير الكنيسة العام‪ .‬ويعمل هللا أيضا بالنعم الحالية المتعددة المميزة من النعم‬
‫العادية الدائمة فينا‪.‬‬
‫الحر ان يشرك اإلنسان في عمل نعمته واالستحقاق‬
‫‪ -2025‬ليس لنا من استحقاق أمام هللا إال بقصد هللا ّ‬
‫يعود أوالً إلى نعمة هللا‪ ،‬وثانيا إلى تعاون اإلنسان‪ّ .‬‬
‫إن استحقاق اإلنسان يعود إلى هللا‪.‬‬
‫‪ -2026‬تستطيع نعمة الروح القدس‪ ،‬بفعل بنوتنا بالتبني‪ ،‬أن تولينا استحقاقا حقيقيا وفاقا لعدالة هللا‬
‫المجانية‪ .‬والمحبة هي فينا الينبوع الرئيس لإلستحقاق أمام هللا‪.‬‬
‫‪ -2027‬ليس بإمكان أحد أن يستحقّ النعمة األولى التي هي في أصل التوبة‪ .‬ونستطيع‪ ،‬بدافع من الروح‬
‫القدسي‪ ،‬ان نستحقّ ألنفسنا ولغيرنا جميع النعم المفيدة لبلوغ الحياة األبدية‪ ،‬وكذلك الخيرات الزمنية‬
‫الضرورية‪.‬‬
‫"إن الدعوة إلى ملء الحياة المسيحية وكمال المحبة موجهة إلى جميع المؤمنين بالمسيح"‪.‬‬ ‫‪ّ -2028‬‬
‫أال يكون له ّ‬
‫حد"‪.‬‬ ‫"والكمال المسيحيّ ليس له سوى ّ‬
‫حد واحد وهو ّ‬
‫‪" -2029‬من أراد أن يتبعني‪ ،‬فليكفر بنفسه‪ ،‬وليحمل صليبه‪ ،‬ويتبعني" (متى ‪.)24 ،16‬‬

‫‪54‬‬
‫المقال الثالث‬
‫أم ومعّلمة‬
‫الكنيسة ٌّ‬

‫يتقبل كالم‬
‫المعمدين‪ .‬فمن الكنيسة ّ‬
‫ّ‬ ‫يحقق دعوته في الكنيسة‪ ،‬باالتّحاد مع جميع‬
‫ّ‬ ‫‪ -2030‬المسيحي ّإنما‬

‫هللا الذي يحوي تعاليم "شريعة هللا"‪ .‬ومن الكنيسة ّ‬


‫يتقبل نعمة األسرار التي تحفظه في "الطريق"‪ .‬من الكنيسة‬
‫ويتبينها في من يعيشها‬
‫ّ‬ ‫يتعلم مثل القداسة‪ ،‬فيعرف وجهها ومصدرها في العذراء مريم الكاملة القداسة‪،‬‬
‫ّ‬
‫القديسين الذين تحتفل بهم‬
‫بشهادة أصيلة‪ ،‬ويكتشفها في التقليد الروحي‪ ،‬وفي التاريخ الطويل لمن سبقه من ّ‬
‫الليتورجيا في إيقاعها اليومي‪.‬‬

‫مرضي ًة هلل"‪ ،‬ضمن‬


‫ّ‬ ‫حية‪ ،‬مقدس ًة‪،‬‬
‫"نقرب أجسادنا ذبيح ًة ّ‬
‫روحية‪ .‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫األخالقية هي عبادة‬
‫ّ‬ ‫‪ -2031‬الحياة‬
‫االفخارستيا‪ .‬ففي الليتورجيا واالحتفال باألسرار‪ ،‬تمتزج الصالة‬
‫ّ‬ ‫جسد المسيح الذي نؤلّفه‪ ،‬وباالتّحاد بتقدمة‬
‫والتعليم بنعمة المسيح إلنارة السلوك المسيحي وتغذيته‪ .‬وتجد الحياة األخالقية‪ِ ،‬مثل مجموع الحياة المسيحية‪،‬‬
‫ّ‬
‫االفخارستيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مصدرها وذروتها في ذبيحة‬

‫التعليمية‬
‫ّ‬ ‫الحياة األخالقية وسلطة الكنيسة‬ ‫‪.I‬‬
‫وصية المسيح‬
‫ّ‬ ‫تسلمت من الرسل‬
‫الحق وقاعدته" (‪ 1‬طيم ‪" )15 ،3‬قد ّ‬
‫إن الكنيسة التي هي "عمود ّ‬
‫‪ّ -2032‬‬
‫يتعلق بالنظام‬
‫ّ‬ ‫كل زما عن ومكان‪ ،‬حتى فيما‬
‫الرسمية بنشر حقيقة الخالص"‪ .‬يعود إلى الكنيسة‪ ،‬في ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماعي‪ ،‬أن تُعلن مبادئ األخالق‪ ،‬وتدلي برأيها في شتّى األمور البشرية بقدر ما تقتضي ذلك حقوق‬
‫ّ‬
‫األساسية وخالص النفوس"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخص‬

‫عادة في التعليم الديني والوعظ‪،‬‬


‫ً‬ ‫التعليمية في المجال األخالقي تمارس‬
‫ّ‬ ‫إن سلطة رعاة الكنيسة‬ ‫‪ّ -2033‬‬
‫ّ‬
‫الروحيين‪ .‬وهكذا ُنقلت من جيل إلى جيل‪ ،‬بإشراف الرعاة وعنايتهم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بمساعدة مؤلّفات الالهوتيين والكتّاب‬
‫متميزة من القواعد والوصايا والفضائل‪ ،‬المتأتّية من اإليمان‬
‫"وديعة" األخالق المسيحية‪ ،‬المؤلّفة من مجموعة ّ‬
‫تقليدياً له‪ ،‬مع قانون اإليمان والصالة الر ّبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الديني أساساً‬ ‫بالمحبة‪ .‬واتّخذ هذا التعليم‬
‫ّ‬ ‫الحية‬
‫بالمسيح‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫الوصايا العشر التي تُعلن مبادئ الحياة األخالقية الصالحة لجميع الناس‪.‬‬

‫‪ -2034‬الحبر الروماني واألساقفة‪ ،‬هم "المعلمون األصليون الذين قُلِّدوا سلط َة المسيح‪ُ ،‬يعلنون للشعب‬
‫إن سلطان البابا واألساقفة المتّحدين به‪،‬‬ ‫الذي ائتُ ِمنوا عليه اإليمان الذي يجب أن ين ِّ‬
‫ظم تفكيره ومسلكه"‪ّ .‬‬
‫المحبة التي تجب ممارستها‪ ،‬والسعادة التي‬ ‫ِ‬
‫العادي يلّقن المؤمنين الحقيقة التي يجب اإليمان بها‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫التعليمي‬
‫ّ‬
‫ترجيها‪.‬‬
‫يجب ّ‬

‫‪55‬‬
‫امتداد وديعة الوحي‬
‫َ‬ ‫تؤمنها موهبة العصمة وهذه ُّ‬
‫تمتد‬ ‫‪ -2035‬الدرجة العليا في المشاركة في سلطة المسيح ّ‬
‫ُّ‬
‫وتمتد أيضاً إلى جميع عناصر العقيدة‪ ،‬ومنها األخالقية‪ ،‬التي بدونها ال يمكن حقائق اإليمان‬ ‫اإللهي‪.‬‬
‫ّ‬
‫عرض أو تُحفظ‪.‬‬
‫الخالصية أن تُصان أو تُ ّ‬
‫ّ‬
‫ألن ِحفظها الذي يطلبه‬‫الخاصة بالشريعة الطبيعية‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫التعليمية كذلك إلى الفرائض‬
‫ّ‬ ‫‪ُّ -2036‬‬
‫تمتد السلطة‬
‫التعليمي بفرائض الشريعة الطبيعية‪ ،‬تُمارس قسطاً‬
‫ّ‬ ‫الخالق ضرور ٌّي للخالص‪ .‬والكنيسة إذ ّ‬
‫تذكر بسلطانها‬
‫وتذكرهم بما يجب أن يكونوا أمام هللا‪.‬‬
‫النبوية‪ ،‬بأن تُعلن للناس ما هي حقيقتهم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أساسياً من وظيفتها‬
‫ّ‬
‫علمها للمؤمنين طريقاً للحياة وللحقيقة‪ .‬لذلك كان للمؤمنين‬
‫‪ -2037‬ان الكنيسة التي أودعها هللا شريعته تُ ّ‬
‫الحكم‪ ،‬وتشفي‪ ،‬مع النعمة‪ ،‬العقل البشري الجريح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخالصية التي تنّقي ُ‬
‫ّ‬ ‫علموا الفرائض اإللهية‬
‫الحق في أن ُي ّ‬
‫عية‪ .‬وهذه الرسوم‪ ،‬وإن كانت‬
‫وعليهم الواجب أن يحفظوا القوانين والرسوم الصادرة عن سلطة الكنيسة الشر ّ‬
‫تنظيمية‪ ،‬تقتضي االنقياد بالمحبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫المسيحية‪ ،‬إلى بذل الذات عند الرعاة‪ ،‬وإلى علم‬
‫ّ‬ ‫‪ -2038‬تحتاج الكنيسة‪ ،‬في عمل التعليم وتطبيق األخالق‬

‫المسيحيين وذوي اإلرادة الصالحة من الناس‪ّ .‬‬


‫يوفر اإليمان وممارسة اإلنجيل‬ ‫ّ‬ ‫الالهوتيين‪ ،‬ومساهمة جميع‬
‫ّ‬
‫لكل واحد خبرة الحياة "في المسيح" التي تنيره وتجعله قاد اًر على تقويم الحقائق اإللهية واإلنسانية بحسب روح‬
‫ّ‬
‫هللا‪ .‬وهكذا يستطيع الروح القدس أن يستخدم األوضع من الناس ُلُينير العلماء واألعلى مرتبة‪.‬‬

‫الرب‪ .‬وفي الوقت عينه‪،‬‬ ‫البد من تأدية ِ‬


‫األخوية والبذل في سبيل الكنيسة باسم ّ‬
‫ّ‬ ‫الخ َدم بروح الخدمة‬ ‫‪ّ -2039‬‬
‫شخصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التقيد باعتبارات‬
‫يتجنب‪ ،‬في حكمه األخالقي على أفعاله الشخصية‪ّ ،‬‬ ‫كل واحد من أن ّ‬ ‫ال ّبد لضمير ّ‬
‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫األخالقية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وعليه أن يسعى جهده إلى االنفتاح على اعتبار خير الجميع كما يبدو في الشريعة‬
‫الموحى بها‪ ،‬وبالتالي في شريعة الكنيسة وفي تعليم السلطة الرسمي عن المسائل األخالقية‪ .‬ال ينبغي أن‬
‫ّ‬
‫التعليمية من‬
‫ّ‬ ‫األخالقية أو السلطة‬
‫ّ‬ ‫يكون هناك تعارض بين الضمير الشخصي والعقل من جهة‪ ،‬والشريعة‬
‫ّ‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫حقيقية تجاه الكنيسة‪ّ .‬إنها التفتُّق الطبيعي لنعمة‬


‫ّ‬ ‫نبوية‬
‫المسحيين روح ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2040‬هكذا يمكن أن تنمو بين‬
‫ّ‬
‫وصيرتنا أعضاء جسد المسيح‪ .‬والكنيسة تمنحنا‪ ،‬في عناية األم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المعمودية التي َوَلدعتنا في حضن الكنيسة‪،‬‬
‫توفر لنا أيضاً‬ ‫تتغلب على جميع خطايانا‪ ،‬وتكون فاعل ًة بوجه خاص في ّ‬
‫سر المصالحة‪ .‬وهي ّ‬ ‫ّ‬ ‫رحمة هللا التي‬
‫إفخارستياه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لرب و‬
‫ليترجياها‪ ،‬يوماً بعد يوم‪ ،‬غذاء كالم ا ّ‬
‫ّ‬ ‫في‬

‫وصايا الكنيسة‬ ‫‪.II‬‬

‫‪56‬‬
‫جية المتغ ّذية بها‪.‬‬
‫‪ -2041‬تقع وصايا الكنيسة في هذا السياق من الحياة األخالقية المرتبطة بالحياة الليتور ّ‬
‫الحد األدنى‬
‫عائية غايتها أن تكفل للمؤمنين ّ‬ ‫والصفة اإللزامية لهذه الشرائع الوضعية الصادرة عن السلطات الر ّ‬
‫نمو محبة هللا والقريب‪.‬‬
‫الذي ال ّبد منه في روح الصالة‪ ،‬وفي الجهد األخالقي‪ ،‬وفي ّ‬
‫الوصّية األولى ("احضر القداس أيام اآلحاد وسائر األعياد المأمور بها‪ ،‬وامتنع عن األعمال‬ ‫ّ‬ ‫‪-2042‬‬
‫تك ّرم أسرار‬
‫الر ّب وأهم األعياد الليتورجية التي ّ‬
‫قدسوا يوم تذكار قيامة ّ‬
‫المأجورة") تطلب من المؤمنين أن ُي ّ‬
‫القديسين‪ ،‬وذلك بالمشاركة أوالً في االحتفال اإلفخارستّي الذي تجتمع فيه الجماعة‬
‫الر ّب والعذراء الطوباوية و ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المسيحية‪ ،‬وتطلب منهم أيضاً االمتناع عن األشغال واألعمال التجارية التي يمكنها ان تمنعهم من تقديس‬
‫تلك األيام‪.‬‬
‫تؤمن االستعداد لإلفخارستيا بتّقّبل سر‬
‫مرة في السنة") ّ‬
‫كلها على األقل ّ‬‫الوصية الثانية ("اعترف بخطاياك ّ‬
‫المصالحة‪ ،‬الذي يتابع عمل المعمودية في التوبة والمغفرة‪.‬‬

‫الحد األدنى لتناول جسد الرب ودمه‬


‫سر اإلفخارستيا على األقل في الفصح") تكفل ّ‬ ‫الوصية الثالثة ("تناول ّ‬
‫على صلة باألعياد الفصحية أصل الليتورجيا المسيحية وقلبها‪.‬‬

‫وصم الصوم في األيام التي ُّتق ُّرها الكنيسة") ّ‬


‫تؤ ّمن أوقات‬ ‫‪ -2043‬الوصية الرابعة ("انقطع عن أكل اللحم ُ‬
‫ط على غرائزنا من حرّية القلب‪.‬‬ ‫مكننا من التسل ّ‬
‫هيئنا لألعياد الليتورجية‪ ،‬وتُ ّ‬
‫الجهاد والتوبة التي تُ ّ‬
‫المادية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تذكر المؤمنين بواجب تأمين احتياجات الكنيسة‬
‫الوصية الخامسة ("ساعد الكنيسة في احتياجاتها") ّ‬
‫ّ‬
‫كل بحسب إمكاناته‪.‬‬
‫ّ‬

‫الخلقية والشهادة اإلرسالية‬


‫ّ‬ ‫‪ .III‬الحياة‬
‫لي إلعالن اإلنجيل ولرسالة الكنيسة في العالم وال ّبد لرسالة الخالص من‬
‫المعمدين شرط ّأو ٌّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2044‬أمانة‬
‫"إن شهادة الحياة المسيحية واألعمال‬
‫قوة حقيقتها وإشعاعها‪ّ .‬‬
‫تثبتها شهادة حياة المسيحيين لتُظهر للناس َ‬
‫أن ّ‬
‫عمل بروح فائق الطبيعة‪ ،‬لها قدرة على اجتذاب الناس إلى اإليمان وإلى هللا"‪.‬‬
‫التي تُ ّ‬
‫‪ -2045‬بما أن المسيحيين هم أعضاء الجسد الذي رأسه المسيح‪ُ ،‬ف ُهم يساهمون بصمود عقيدتهم وأخالقهم‬
‫يتكون اإلنسان البالغ‪ ،‬إلى ملء‬
‫وتتطور بقداسة مؤمنيها‪ ،‬إلى ان ّ‬‫ّ‬ ‫في بناء الكنيسة فالكنيسة تكبر‪ ،‬وتنمو‬
‫اكتمال المسيح (أف ‪.)13 ،4‬‬

‫يعجل المسيحيون‪ ،‬بحياتهم حسب المسيح‪ ،‬مجيء ملكوت هللا‪" ،‬ملكوت العدالة والحقيقة والسالم"‪.‬‬
‫‪ّ -2046‬‬
‫للمعلم على تأديتها باستقامة وصبر‬
‫ّ‬ ‫أمانتهم‬
‫ُ‬ ‫تحملهم‬
‫ُ‬ ‫يتخلون في سبيل ذلك عن ّ‬
‫مهامهم األرضية‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫وهم ال‬
‫ومحبة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫بإيجاز‬
‫‪ -2047‬الحياة األخالقية هي عبادة روحية‪ .‬والتصرف المسيحي يجد غذاءه في الليتورجيا وإقامة األسرار‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2048‬وصايا الكنيسة تتعلق بالحياة األخالقية والمسيحية المتحدة بالليتورجيا والمتغذية بها‪.‬‬
‫تمارس عادةً في التعليم الديني الوعظ‪ ،‬على‬
‫‪ -2049‬سلطة رعاة الكنيسة التعليمية في المجال األخالقي َ‬
‫ّ‬
‫قاعدة الوصايا العشر‪ ،‬التي تُعلن مبادئ الحياة األخالقية الصالحة لجميع الناس‪.‬‬
‫‪ -2050‬الحبر الروماني واألساقفة‪ ،‬وهم المعلمون األصيلون‪ ،‬يعلنون لشعب هللا اإليمان الذي يجب اعتقاده‬
‫والسلوك بموجبه‪ .‬ولهم أيضا أن يبدوا الرأي في المسائل األخالقية المتصلة بالشريعة الطبيعّية وبالعقل‪.‬‬
‫تمتد إلى جميع عناصر العقيدة‪ ،‬ومنها األخالقيّة‪ ،‬التي بدونها ال‬
‫‪ -2051‬عصمة سلطة الرعاة التعليميّة ّ‬
‫يمكن حقائق اإليمان الخالصيّة أن تُصان أو تُعرض أو تُحفظ‪.‬‬

‫الوصايا العشر‬

‫الصيغة التعليمية‬ ‫تث ‪21 -6 ،5‬‬ ‫خر ‪17 -2 ،20‬‬


‫َخر َج َك ِمن أ ِ‬
‫َرض أنا هو الرب إلهك‪.‬‬ ‫َّ‬
‫له َك الذي أ َ‬ ‫الرب إ ُ‬ ‫َخر َج َك ِمن أ ِ‬
‫َرض أنا َّ ِ‬ ‫له َك َّالذي أ َ‬ ‫أَنا َّ ِ‬
‫الر ُّب إ ُ‬
‫العبوِديَّة‪.‬‬ ‫صر‪ ،‬من ِ‬ ‫ِ‬ ‫العبوِديَّة‪.‬‬ ‫صر‪ِ ،‬من ِ‬ ‫ِ‬
‫دار ُ‬ ‫م َ‬ ‫دار ُ‬ ‫م َ‬

‫صَن ْع ال تعبد إله غيري‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُخرى تُجاهي‪ .‬ال تَ ْ‬
‫له ٌة أ ْ‬
‫ال َي ُك ْن َل َك آ َ‬ ‫ُخرى تُجاهي‪ .‬ال تَ َ‬
‫صن ْع‬ ‫له ٌة أ ْ‬‫ال َي ُك ْن َل َك آ َ‬
‫الس ِ‬
‫ماء‬ ‫َل َك َم ْنحوتًا‪َّ ،‬أي َة صورة ِم َّما في َّ‬ ‫َل َك َم ْنحوتاً وال صورَة َشيء ِم َّما في‬
‫حت ومما‬ ‫ِمن َفوق وما في األ ِ ِ‬ ‫ماء ِمن َفو ُق‪ ،‬وال ِم َّما في األ ِ‬ ‫الس ِ‬
‫َرض من تَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َرض‬ ‫َّ‬
‫سجد‬ ‫في الماء ِمن تَ ِ‬ ‫ياه ِمن تَ ِ‬ ‫الم ِ‬
‫َسفل‪ ،‬وال ِم َّما في ِ‬
‫حت األَرض‪ .‬ال تَ ْ‬ ‫حت‬ ‫من أ َ ُ‬
‫له َك ِإلهٌ‬ ‫عب ْدها‪ ،‬ألَني أَنا َّ ِ‬
‫الر ُّب إ ُ‬ ‫َلها‪ ،‬وال تَ ُ‬ ‫عب ْدها‪ ،‬ألِّني‬‫سج ْد َلها وال تَ ُ‬
‫األَرض‪ .‬ال تَ ُ‬
‫نين وإلى‬ ‫الب َ‬‫اآلباء في َ‬ ‫ثم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫له َك ِإ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َغيور‪ ،‬أُعاقب إ َ‬ ‫ثم‬
‫له َغيور‪ ،‬أُعاق ُب إ َ‬ ‫أَنا اَلَّر ُّب إ ُ‬
‫ض َّي‪.‬‬ ‫بغ ِ‬‫الرِب ِع ِمن م ِ‬
‫ُ‬ ‫الجيل الثَّالِث و َّا‬
‫ِ‬ ‫يل الثَّالِ ِث‬
‫اآلباء في البنين‪ِ ،‬إلى ال ِج ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫حم ًة ِإلى أُلوف ِمن ُم ِحِّب َّي‬ ‫َصن ُع َر َ‬
‫وأ َ‬ ‫حم ًة ِإلى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫واَلَّارِب ِع‪ ،‬من ُمبغض َّي‪ ،‬وأ َ‬
‫َصن ُع َر َ‬
‫صاياي‪.‬‬
‫َ‬ ‫وحافظي َو‬ ‫ِ‬ ‫وحافظي َوصاياي‪.‬‬ ‫بي ِ‬ ‫أُلوف ِمن ُم ِّح َّ‬

‫‪58‬‬
‫الر ِب ِإلهك ِ‬
‫باطالً‪ ،‬أل َّ‬
‫َن ال تحلف باسم هللا بالباطل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ِب ِإل ِهك ِ‬
‫باطالً‪ ،‬أل َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اسم َّ ّ‬
‫َن ال َت ُلفظ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ‬ ‫سم‬
‫ال َت ُلفظ ا َ‬
‫اسمه‬ ‫عن َّالذي َيلف ُ‬
‫الر َّب ال يتَغاضى ِ‬ ‫ظ اسمه ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِئ‬
‫ظ َ‬ ‫َّ‬ ‫باطالً‪.‬‬ ‫الذي َي ُلف ُ َ‬ ‫الر َّب ال ُيَبّر ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫باطالً‪.‬‬
‫ظ يوم َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْب ِت لِتَُقِّد َسه‪ .‬في ِستَّ ِة األَم‬
‫ك إحفظ يوم ّ‬
‫الرب‪.‬‬ ‫َم َر َ‬ ‫السبت لتَُقّد َسه‪ ،‬كما أ َ‬ ‫حف ْ َ َ‬ ‫ا َ‬ ‫وم َّ‬ ‫ُذك ْر َي َ‬
‫أ ُ‬
‫صنع‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬
‫عم ُل وتَ ُ‬ ‫له َك‪ .‬ست َة أَيَّام تَ َ‬ ‫الرب إ ُ‬ ‫وم‬
‫الي ُ‬
‫صن ُع أَعماَل َك كلها‪ .‬و َ‬ ‫تَع َم ُل وتَ َ‬
‫بت لِ َّلر ِّب‬‫الساِب ُع َس ٌ‬
‫وم َّ‬ ‫الي ُ‬
‫ِ‬
‫ميع أَعمال َك‪ .‬و َ‬‫َج َ‬ ‫صن ْع فيه‬‫الساِب ُع َس ْب ٌت لِ َّلر ِّب ِإل ِه َك‪ ،‬فال تَ َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ابن َك‬
‫َنت و ُ‬ ‫إل ِه َك‪ ،‬فال تَصنع فيه َع َمالً‪ ،‬أ َ‬ ‫وخاد ُم َك‬ ‫آبن َك وابنتُ َك‬ ‫َنت و ُ‬ ‫َع َمالً أ َ‬
‫رك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونزيُل َك َّالذي في‬ ‫ِ‬
‫ابنتُ َك وخاد ُم َك وخاد َمتُ َك وثٌَو َ‬ ‫وَ‬ ‫هيمتُ َك َ‬ ‫وب َ‬‫وخاد َمتُ َك َ‬
‫هائ ِم َك َونزيُل َك َّالذي‬ ‫وحمارك وجميع ب ِ‬
‫َُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫الر َّب في ِستَّ ِة األَم‬ ‫َن َّ‬ ‫داخ ِل أَبواِب َك‪ ،‬أل َّ‬‫ِ‬
‫خاد ُم َك‬ ‫داخل مدِنك‪ ،‬لِ َكي يستَريح ِ‬ ‫في ِ‬ ‫وك َّل ما‬
‫حر ُ‬ ‫خَلق َّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُُ َ‬ ‫الب َ‬‫َرض و َ‬ ‫الس َموات واأل َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الساب ِع استَراح‪ ،‬ولِذلك‬
‫كنت َع ْب ًدا‬ ‫اذك ْر أََّن َك َ‬‫ثلك‪ .‬و ُ‬ ‫وخاد َمتُ َك م َ‬ ‫اليو ِم َّ‬
‫فيها‪ ،‬وفي َ‬
‫له َك‬ ‫َخر َج َك َّ ِ‬ ‫في أ ِ ِ‬ ‫بت َّ‬ ‫الس ِ‬
‫الرب إ ُ‬ ‫َرض مصر‪ ،‬فأ َ‬ ‫وقد َسه‪.‬‬ ‫وم َّ‬
‫الر ُّب َي َ‬
‫ك َّ‬
‫بار َ‬
‫َ‬
‫ناك ِبَيد َقِّوية وِذراع َم ْبسوطة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫من ُه َ‬
‫وم‬
‫ظ َي َ‬ ‫له َك ِبأَن تَ َ‬
‫حف َ‬ ‫ِ‬
‫ك ال َّرب إ ُ‬ ‫أم َر َ‬
‫ولذلك َ‬
‫َ‬
‫الس ْبت (‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫ك َّ ِ‬ ‫طول األ َُم َك في أ ِ‬ ‫َكرم أَباك وأ َّ ِ‬
‫له َك‪ ،‬أكرم أباك وأمك‪.‬‬
‫الر ُّب إ ُ‬ ‫َم َر َ‬
‫ُم َك‪ ،‬كما أ َ‬
‫َباك وأ َ‬
‫َكرْم أ َ‬ ‫ُم َك‪ ،‬ل َكي تَ َ‬ ‫أ ِْ َ‬
‫ِ‬ ‫عطيك َّ ِ‬
‫ير في‬ ‫صيب َخ ًا‬ ‫َّامك وتُ َ‬ ‫طول أي َ‬ ‫لهك َإياها‪ .‬ل َكي تَ َ‬ ‫الر ُّب إ ُ‬ ‫َرض التَّي ُي َ‬
‫األ ِ‬
‫له َك ِإيَّاها‪.‬‬ ‫طيك َّ ِ‬ ‫األ ِ َّ‬
‫الرب إ ُ‬ ‫َرض التي ُي ْع َ‬
‫ال تقتل‪.‬‬ ‫ال تَ ُقت ْل‪.‬‬ ‫ال تَ ُقت ْل‪.‬‬

‫ال تزِن‪.‬‬ ‫ال تَ ْزَن‪.‬‬ ‫التَ ْزِن‪.‬‬

‫ال تسرق‪.‬‬ ‫ِق‪.‬‬


‫ال تَ ْسر ْ‬ ‫ِق‪.‬‬
‫ال تَسر ْ‬
‫ال تشهد بالزور‪.‬‬ ‫ال تَ ْش َه ْد على َقريِب َك َش َ‬
‫هادة زور‪.‬‬ ‫شه ْد على َقريِب َك َش َ‬
‫هادة زور‪.‬‬ ‫ال تَ َ‬
‫ال تشته امرأة قريبك‪،‬‬ ‫مرَةَ ال تَشتَ ِه َأ‬
‫امرَةَ َقريِب َك‬ ‫يت َقريِب َك‪ :‬ال تَشتَ ِه ا َأ‬ ‫ِ‬
‫ال تَشتَه َب َ‬
‫ِبك‪،‬‬
‫َقري َ‬
‫خاد َمه وال ال تشته مقتنى غيرك‪.‬‬ ‫خادمتَه وال ثَوره وال ِحماره وال تَشتَ ِه بيتَه وال حقَله وال ِ‬
‫خادمه وال ِ‬ ‫وال ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ماره وال َش ًيئا ِم َّما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال َشيئاً ِم َّما لَِقريِب َك‪.‬‬
‫وره وال ح َ‬
‫خاد َمتَه وال ثَ َ‬
‫لَِقريِب َك‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫القسم الثاني‬
‫الوصايا العشر‬

‫"يا معلم ماذا عليّ أن أفعل‪...‬؟"‬


‫الشاب الذي طرح‬
‫َّ‬ ‫األبدية؟" أجاب يسوع‬
‫ّ‬ ‫معلم‪ ،‬ماذا علي أن أفعل من الصالح ألحرز الحياة‬‫‪" -2052‬يا ّ‬
‫ّ‬
‫كل‬
‫عليه هذا السؤال‪ّ ،‬أوالً بالتذكير بضرورة االعتراف باهلل ّأنه "الصالح وحده"‪ّ ،‬أنه الخير األسمى‪ ،‬وينبوع ّ‬
‫ِ‬
‫حدثه الوصايا المتعلّقة بمحبة‬
‫لم ّ‬
‫شئت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا"‪ .‬وذكر ُ‬ ‫خير‪ .‬ثم قال له يسوع‪" ،‬إن َ‬
‫لخص يسوع تلك الوصايا على‬ ‫القريب‪" .‬ال تقتل‪ ،‬التزن‪ ،‬ال تسرق‪ ،‬ال تشهد بالزور‪ ،‬أكرم أباك وأمك"‪ ،‬واخي اًر ّ‬
‫نحو إيجابي‪" ،‬أحبب قريبك كنفسك"(متى ‪.)19 -16 ،19‬‬

‫‪ -2053‬إلى هذا الجواب األول أضاف جواباً ثانياً‪" ،‬إن شئت ان تكون كامالً‪ ،‬فاذهب وبع ما لك‪ ،‬واعطه‬

‫للمعوزين‪ ،‬فيكون لك كنز في السماوات‪ ،‬ثم َ‬


‫تعال اتبعني" (متى ‪ .)21 ،19‬وهو ال ُيلغي الجواب األول‪.‬‬
‫مدعو إلى أن يجدها في‬
‫ٌّ‬ ‫ولكن اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫ظ الوصايا‪ .‬والشريعة لم تُبطل‪،‬‬‫فاتّباع يسوع المسيح يقتضي حف َ‬
‫الشاب الغني إلى‬
‫َّ‬ ‫تحقيقها الكامل‪ .‬في األناجيل الثالثة اإلزائية‪ ،‬تُقارب دعوة يسوع‬
‫ُ‬ ‫معلمه الذي هو‬
‫شخص ّ‬
‫ّ‬
‫اتّباعه في طاعة التلميذ وحفظ الفرائض‪ ،‬الدعوة إلى الفقر والطهارة‪ .‬فالمشورات االنجيلية ال تنفصل عن‬
‫الوصايا‪.‬‬

‫بالبر‬ ‫ِ‬
‫قوَة الروح القدس العاملة في ّحرفها‪ .‬لقد كرز ّ‬‫ولكنه أظهر ّ‬
‫‪ -2054‬لقد أعاد يسوع الوصايا العشر‪ّ ،‬‬
‫كل ما تقتضيه الوصايا‪" ،‬سمعتم ّأنه قيل لألقدمين‪،‬‬
‫للوثنيين‪ .‬وبسط ّ‬
‫ّ‬ ‫الذي يزيد على ما للكتبة والفريسين وما‬
‫كل من غضب على أخيه يستوجب المحاكمة" (متى ‪.)22 -21 ،5‬‬ ‫إن ّ‬
‫ال تقتل‪ ...‬أما أنا فأقول لكم‪ّ ،‬‬
‫‪ -2055‬عندماُ ُيطرح عليه السؤال‪" ،‬ما أعظم الوصايا في الناموس؟" (متى ‪ ،)36 ،22‬يجيب يسوع‪" ،‬أحبب‬
‫الوصية الكبرى واألولى‪ .‬والثانية تشبهها‪ ،‬أحبب‬ ‫وكل ذهنك‪ ،‬هذه هي‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وكل نفسك‪ّ ،‬‬ ‫بكل قلبك‪ّ ،‬‬‫الرب إلهك ّ‬
‫ّ‬
‫كله واألنبياء" (متى ‪ .)40 -37 ،22‬فالوصايا العشر يجب‬
‫يتعلق الناموس ّ‬
‫ّ‬ ‫الوصيتين‬
‫ّ‬ ‫قريبك كنفسك‪ .‬بهاتين‬
‫الوصية المزدوجة الواحدة‪ ،‬وصية المحبة‪ ،‬كمال الشريعة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أن تُشرح في ضوء هذه‬

‫لخص في‬ ‫"إن هذه الوصايا‪" ،‬ال تزن‪ ،‬ال تقتل‪ ،‬ال تسرق‪ ،‬ال تشهد بالزور‪ ،‬ال تشته"‪ّ ،‬‬
‫وك ّل وصية أخرى ُت ّ‬
‫فالمحبة إذن هي تمام الناموس"‬
‫ّ‬ ‫شر‪،‬‬
‫المحبة ال تصنع بالقريب ّاً‬
‫ّ‬ ‫هذه الكلمة‪" ،‬أحبب قريبك كنفسك"‪ .‬ان‬
‫(روم ‪.)10 -9 ،13‬‬

‫الوصايا العشر في الكتاب المقدس‬

‫‪60‬‬
‫حرفياً "كلمات عشر" (خر ‪( ،)28 ،34‬تث ‪13 ،4‬؛ ‪ .)4 ،10‬هذه‬‫‪ -2056‬تعني كلمة "الوصايا العشر" ّ‬
‫الكلمات العشر أوحى بها هللا إلى شعبه في الجبل المقدس‪ .‬لقد كتبها "بإصبعه "بخالف الفرائض األخرى‬
‫التي كتبها موسى‪ّ .‬إنها كلمات هللا بوجه ممتاز‪ُ ،‬نقلت إلينا في سفر الخروج‪ ،‬وفي سفر تثنية االشتراع‪ .‬والكتب‬
‫ولكن معناها الكامل ّإنما ُكشف عنه في العهد الجديد‬
‫المقدسة منذ العهد القديم تُرجع إلى "الكلمات العشر"‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بيسوع المسيح‪.‬‬

‫دث هللا التحرير ُّي الكبير وسط العهد القديم‪.‬‬


‫فهم الوصايا العشر ّأوالً في قرينة الخروج‪ ،‬الذي هو َح ُ‬
‫‪ -2057‬تُ َ‬
‫سلبية ناهية‪ ،‬أو صيغة وصايا إيجابية (مثل‪" ،‬أكرم أباك وأمك")‪" ،‬فالكلمات‬
‫وسواء اتّخذت صيغة فرائض ّ‬
‫يق حياة‪:‬‬
‫حررة من عبودية الخطيئة‪ .‬الوصايا العشر هي طر ُ‬‫ط حياة ُم ّ‬
‫تبين شرو َ‬
‫العشر" ّ‬
‫وحفظت وصاياه ورسومه وأحكامه‪ ،‬تحيا وتكثر" (تث ‪.)16 ،30‬‬
‫َ‬ ‫طرقه‪،‬‬
‫وسرت في ُ‬
‫َ‬ ‫"إن أحببت إلهك‪،‬‬

‫الموجهة أيضاً إلى الغرباء والعبيد‪:‬‬


‫ّ‬ ‫وصية راحة السبت‬
‫ّ‬ ‫قوة الوصايا العشر التحريرّية هذه تَظهر مثالً في‬
‫ّ‬
‫إلهك من هناك بيد قديرة وذراع مبسوطة" (تث ‪،5‬‬
‫الرب َ‬
‫"أ ُذكر ّأنك كنت عبداً في أرض مصر فأخرجك ُّ‬
‫‪.)15‬‬

‫كلها في الجبل‬
‫الرب بها جماعتكم ّ‬
‫كلم ُّ‬
‫‪" -2058‬الكلمات العشر" تختصر وتُعلن شريعة هللا‪" ،‬هذه الكلمات ّ‬
‫إلي" (تث ‪،5‬‬
‫الدجن بصوت عظيم‪ ،‬ولم َيزد‪ ،‬وكتبها على لوحي الحجر ودفعهما َّ‬ ‫وسط النار والغمام و َّ‬
‫من ّ‬
‫‪ .)22‬فهي تحوي بنود العهد الذي أ ُقيم بين هللا والشعب‪ .‬و"ألواح الشهادة" هذه (خر ‪18 ،31‬؛ ‪15 ،32‬؛‬
‫ع في "التابوت" (خر ‪16 ،25‬؛ ‪.)3 -1 ،40‬‬ ‫تود َ‬
‫‪ )29 ،34‬يجب أن َ‬
‫الرب وجهاً‬
‫كلمكم ُّ‬
‫إلهي ("في الجبل‪ ،‬من وسط النار‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2059‬نطق هللا "بالكلمات العشر" وسط ظهور‬
‫عطية هللاِ نفسه‬
‫ّ‬ ‫فعطية الوصايا هي‬
‫ّ‬ ‫تخص ما كشفه هللا عن ذاته وعن مجده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لوجه"‪ ،‬تث ‪ّ .)4 ،5‬إنها‬
‫يعرف مشيئاته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القدوسة‪ .‬وهللا يكشف عن نفسه لشعبه عندما ّ‬
‫ومشيئته ّ‬
‫فإن الكشف‬
‫عطية الوصايا العشر جزء من العهد الذي قطعه هللا مع شعبه‪ .‬وبحسب سفر الخروج‪ّ ،‬‬
‫‪ّ -2060‬‬
‫الرب و"االئتمار"‬
‫تكلم به ّ‬
‫كل ما ّ‬‫"تم بين عرض العهد وبتّه‪ ،‬بعد أن التزم الشعب "بفعل" ّ‬ ‫عن "الكلمات العشر َّ‬
‫بت معنا عهداً في حوريب" تث‬
‫الرب إلهنا قد ّ‬
‫"إن ّ‬‫به‪ .‬ولم تُنَقل الوصايا العشر أبداً إالّ بعد التذكير بالعهد ( ّ‬
‫‪.)2 ،5‬‬

‫تصرف اإلنسان األخالقي‬


‫‪ -2061‬تتّخذ الوصايا كامل معانيها في صميم العهد‪ .‬فبحسب الكتاب‪ ،‬يتّخذ ّ‬
‫بحب هللا األول لشعبه‪:‬‬
‫تذكر ّ‬
‫األول بين "الكلمات العشر" ّ‬
‫كامل معناه في العهد وبه‪ .‬و ّ‬
‫َ‬

‫‪61‬‬
‫الحرية إلى عبودية هذا العالم‪ ،‬لذلك ّأو ُل عبارة‬
‫"بما أنه كان هناك لمعاقبة الخطيئة مرور من فردوس ّ‬
‫الر ّب إلهك الذي أخرجك من أرض‬ ‫الحرية‪" ،‬أنا ّ‬
‫من الوصايا العشر‪ّ ،‬أول كلمة من وصايا هللا‪ ،‬تتناول ّ‬
‫العبودّية" (خر ‪2 ،20‬؛ تث ‪.)6 ،5‬‬
‫ّ‬ ‫مصر‪ ،‬من دار‬

‫وتعبر عن مقتضيات انتمائنا الذي أقامه العهد‬


‫‪ -2062‬الوصايا بالمعنى الدقيق تأتي في المرتبة الثانية‪ّ .‬‬
‫الم ِحّبة‪ّ .‬إنها حمد وإجالل هلل‪ ،‬وعبادة ُشكر‪ّ ،‬إنها‬
‫إلى هللا‪ .‬والوجود األخالقي هو جواب عن مبادرة الرب ُ‬
‫مساهمة في ما هلل من تدبير في التاريخ‪.‬‬

‫المتكلم ("أنا‬
‫ّ‬ ‫‪ُ -2063‬يثبت أيضاً العهد والحو َار بين هللا واإلنسان كو ُن جميع الواجبات َ‬
‫معلن ًة بصيغة‬
‫وجه إليه‪ .‬فاهلل يعلم‬
‫عين ضمير ُمفرد َمن تُ ّ‬
‫موجه ًة إلى شخص آخر "أنت"‪ .‬في جميع وصايا هللا ُي ّ‬
‫الرب‪ّ )"...‬‬
‫ّ‬
‫وكل واحد خصوصاً‪:‬‬
‫بإرادته في آن واحد جميع الشعب ّ‬
‫اإلنسان ظالماً أو غير أهل‬
‫ُ‬ ‫العدل تجاه القريب‪ ،‬حتى ال يكون‬
‫َ‬ ‫وعلم‬
‫المحبة تجاه هللا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الرب‬
‫"لقد فرض ُّ‬
‫يهيئ اإلنسان ليصير صديقه‪ ،‬ولكي يكون له مع القريب قلب واحد‪.‬‬‫هلل‪ .‬وهكذا كان هللا بالوصايا العشر ّ‬
‫كبرت‬
‫وكلمات الوصايا العشر باقية كذلك عندنا (نحن المسيحيين)‪ .‬وهي ليس فقط لم تُبطل بل ّإنها ُ‬
‫الرب في الجسد"‪.‬‬
‫ونمت من جراء مجيء ّ‬

‫الوصايا العشر في تقليد الكنيسة‬


‫المتَّبع مَثل يسوع قد اعترف للوصايا العشر بأهمية ومدلول‬
‫إن تقليد الكنيسة األمين للكتاب و ُ‬
‫‪ّ -2064‬‬
‫أساسيين‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2065‬فمنذ القديس أوغسطينوس كان "للوصايا العشر" مكانة راجحة في التعليم الديني الذي ُيلقى على‬
‫ّ‬
‫عمد وعلى المؤمنين‪ .‬في القرن الخامس عشر درج الناس على التعبير عن فرائض الوصايا العشر‬ ‫سي ّ‬
‫من ُ‬
‫وكتُب التعليم الديني في الكنيسة كثي اًر‬
‫إيجابية‪ .‬وال تزال قيد االستعمال اليوم‪ُ .‬‬
‫مسجعة‪ ،‬سهلة الحفظ و ّ‬ ‫بصيغ ّ‬
‫ّ‬
‫ما بسطت األخال ّقّية المسيحية بحسب ترتيب "الوصايا العشر"‪.‬‬

‫تغّير في خالل التاريخ وكتاب التعليم الديني هذا يتّبع تقسيم الوصايا التي‬
‫‪ -2066‬تقسيم الوصايا وترقيمها ّ‬
‫تقليدياً في الكنيسة الكاثوليكية‪ .‬وهو نفسه قائم في الجماعات اللوثرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وضعه القديس أوغسطينوس‪ ،‬وأصبح‬
‫اليونانيون تقسيماً يختلف بعض االختالف‪ ،‬وهو قائم في الكنائس األر‬
‫ثوذكسية وجماعات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد جرى اآلباء‬
‫االصالح‪.‬‬

‫محبة هللا والقريب‪ .‬الثالث األولى أكثر تعلّقاً بمحبة هللا‪ ،‬والسبع‬ ‫ِ‬
‫‪ -2067‬تعلن الوصايا العشر مطالب ّ‬
‫األخرى ّ‬
‫بمحبة القريب‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫قسم الفرائض العشر نفسها‬
‫كله واألنبياء‪ ،‬فهكذا تُ ّ‬
‫يتعلق بهما الناموس ّ‬
‫ّ‬ ‫تتضمن فريضتين‬
‫ّ‬ ‫المحبة‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫"بما ّ‬
‫إلى لوحين‪ُ ،‬كتبت ثالث على الواحد وسبع على اآلخر"‪.‬‬

‫المّب َّرر ُملزم بحفظها‪.‬‬


‫أن اإلنسان ُ‬
‫أن الوصايا العشر ُتلزم المسيحين و ّ‬
‫يعلم المجمع التريدنتيني ّ‬
‫‪ّ -2068‬‬
‫علموا جميع األمم‪،‬‬
‫تسلموا من الرب الرسالة بأن ُي ّ‬
‫"ان األساقفة خلفاء الرسل ّ‬‫ويؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫خالصهم"‪.‬‬
‫َ‬ ‫المعمودية والعمل بالوصايا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جميع الناس‪ ،‬باإليمان و‬
‫ُ‬ ‫كل خليقة‪ ،‬لكي ينال‬
‫ويبشروا باإلنجيل َّ‬
‫ّ‬

‫وحدة الوصايا العشر‬


‫كل واحدة أخرى وإليها جميعاً‪ ،‬وهي‬
‫وكل "كلمة" تُرجع إلى ّ‬
‫تؤلف الوصايا العشر كالّ ال يتج أز‪ُّ .‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2069‬‬
‫وصية‬
‫ّ‬ ‫أي‬
‫وحدة عضوية‪ .‬ومخالف ُة ّ‬
‫ً‬ ‫نير أحدهما اآلخر‪ ،‬وهما يؤلّفان‬
‫مترابطة بعضها ببعض‪ .‬واللوحان ُي ُ‬
‫كلها‪ .‬فال يمكن إكرام اآلخرين دون مباركة هللا خالقهم‪ .‬وال تمكن عبادةُ هللا دون ّ‬
‫محبة جميع‬ ‫مخالفة لها ّ‬
‫الالهوتية وحياته االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫توحد حياة اإلنسان‬
‫الناس خالئقه‪ .‬ان الوصايا العشر ّ‬

‫الوصايا العشر والشريعة الطبيعيّة‬


‫الحقيقية‪ّ .‬إنها‬
‫ّ‬ ‫إنسانية اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫تعلمنا‪ ،‬في الوقت ذاته‪،‬‬
‫‪ -2070‬الوصايا العشر هي من وحي هللا‪ .‬وهي ّ‬
‫األساسية المتّصلة بطبيعة الشخص البشر ّي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األساسية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬بوجه غير مباشر‪ ،‬الحقوق‬
‫ّ‬ ‫توضح الواجبات‬

‫فالوصايا العشر تحوي تعبي اًر ّ‬


‫ممي از عن "الشريعة الطبيعية"‪:‬‬

‫"وكان هللا منذ البدء قد غرس في قلب البشر فرائض الشريعة الطبيعية‪ .‬واكتفى بادئ األمر بتذكيرهم بها‪.‬‬
‫فكانت الوصايا العشر – التي إن لم يعمل بها اإلنسان ال ينال الخالص ‪ ،-‬ولم يطلب شيء آخر منهم"‪.‬‬

‫‪ -2071‬الوصايا العشر‪ ،‬وإن كانت في متناول العقل‪ ،‬قد أوحى هللا بها‪ ،‬فالبشرّية الخاطئة كانت بحاجة‬
‫الطبيعية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أكيدة لمقتضيات الشريعة‬
‫إلى هذا الوحي لتبليغ معرف ًة كامل ًة و ً‬
‫"إن شرحاً وافياً للوصايا العشر كان قد أضحى ضرورّياً في حالة الخطيئة‪ ،‬بسبب إظالم نور العقل‬
‫ّ‬
‫اإللهي الذي تعرضه علينا الكنيسة‪ ،‬وبصوت الضمير‬ ‫وانحراف اإلرادة‪ .‬نعرف وصايا هللا بالوحي‬
‫ّّ‬
‫األخالّقي‪.‬‬
‫ّ‬
‫إلزام الوصايا العشر‬
‫تبين في‬
‫األساسية تجاه هللا وتجاه قريبه‪ ،‬فهي ّ‬
‫ّ‬ ‫تعبر عن واجبات اإلنسان‬ ‫الن الوصايا العشر ّ‬
‫‪ّ -2072‬‬
‫كل مكان‪ .‬ليس‬
‫امها ثابت أبداً وفي ّ‬‫لي واجبات خطيرة ّإنها في جوهرها ال تقبل التغيير‪ ،‬وإلز ُ‬‫مضمونها األو‬
‫ّ ّ‬
‫كل كائن بشر ّي‪.‬‬
‫في استطاعة أحد أن يعفي منها‪ .‬لقد حفر هللا الوصايا العشر في قلب ّ‬

‫‪63‬‬
‫مادتُها في ذاتها خفيفة‪ .‬فالشتيمة بالكالم مثالً تنهي عنها‬
‫تتضمن أيضاً واجبات ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2073‬الطاعة للوصايا‬
‫ظ بها‪.‬‬‫ولكنها لن تصبح خطيئة جسيمة إالّ بالنظر إلى الظروف أو ّنية من يتلف ّ‬
‫الوصية الخامسة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫"بدوني ال تستطيعون أن تفعلوا شيئا "‬


‫فإنكم بدوني‬
‫في وأنا فيه‪ ،‬فهو يأتي بثمر كثير‪ّ ،‬‬ ‫‪ -2074‬قال يسوع‪ ،‬أنا الكرمة وأنتم األغصان‪ ،‬من يثبت‬
‫ّ‬
‫ال تستطيعون أن تفعلوا شيئاً" (يو ‪ .)5 ،15‬والثمر المذكور في هذا الكالم هو قداسة الحياة التيُ ُيخصبها‬
‫ليحب‬
‫المخلص بذاته ّ‬
‫ّ‬ ‫االتحاد بالمسيح‪ ،‬فعندما نؤمن بيسوع المسيح‪ ،‬ونشترك في أس ارره ونحفظ وصاياه‪ ،‬يأتي‬
‫الداخلية لعملنا‪" .‬هذه‬
‫ّ‬ ‫الحية و‬
‫فينا أباه واخوته‪ ،‬وأبانا واخوتنا‪ .‬ويصبح شخصه‪ ،‬بفضل الروح القدس‪ ،‬القاعدة ّ‬
‫يحب بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا" (يو ‪.)12 ،15‬‬
‫وصيتي‪ ،‬أن َّ‬
‫ّ‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2075‬ماذا علي أن أعمل من الصالح ألحرز الحياة األبديّة؟ ‪-‬إن شئت أن تدخل الحياة فاحفظ‬
‫ّ‬
‫الوصايا" (متى ‪.)17 -16 ،19‬‬
‫‪ -2076‬لقد أثبت يسوع‪ ،‬بسلوكه ووعظه‪ ،‬دوام الوصايا العشر‪.‬‬
‫‪ -2077‬تمنح عطية الوصايا العشر في صميم العهد الذي قطعه هللا مع شعبه‪ .‬وتتخذ وصايا هللا معناها‬
‫الحقيقي في هذا العهد وبه‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن تقليد الكنيسة‪ ،‬األمين للكتاب‪ ،‬المتبع مثل يسوع‪ ،‬قد اعترف للوصايا العشر بأهمية ومدلول أساسيّين‪.‬‬
‫‪ّ -2078‬‬
‫كل "كلمة"‪ ،‬أو "وصية" إلى مجموعها‪ .‬ومخالفة‬
‫‪ -2079‬تؤلف الوصايا العشر وحدةً عضوية‪ ،‬ترجع فيها ُّ‬
‫أي وصية مخالفة لها كلها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2080‬الوصايا العشر تحوي تعبي ارً ممي ازً عن "الشريعة الطبيعية"‪ .‬ونحن نعرفها بالوحي اإللهي والعقل‬
‫ّ‬
‫البشري‪.‬‬
‫أن إطاعة هذه الفرائض‬
‫تعلن الوصايا العشر‪ ،‬في مضمونها األساسيّ‪ ،‬واجبات خطيرة‪ .‬بيد ّ‬ ‫‪ُ -2081‬‬
‫تتضمن أيضا واجبات مادتُها في ذاتها خفيفة‪.‬‬
‫الرب يجعله بنعمته ممكنًا‪.‬‬
‫‪ -2082‬ما يأمر به ُّ‬

‫الفصل األول‬

‫الرب إلهك بك ِ ّل قلبك وك ِ ّل نفسك وكل ِّ ذهنكَ "‬


‫َّ‬ ‫ب‬
‫"أحب ِ‬

‫‪64‬‬
‫وكل نفسك‬
‫بكل قلبك ّ‬
‫الرب إلهك ّ‬‫‪ -2083‬لقد اختصر يسوع واجبات اإلنسان تجاه هللا بهذا الكالم‪" ،‬أحبب َّ‬
‫الرب إلهنا‬ ‫ِ‬
‫إن ّ‬ ‫صدى مباشر للدعوة العظيمة‪" ،‬إسمع يا إسرائيل‪ّ ،‬‬‫وكل ذهنك" (متى ‪ .)37 ،22‬وهذا الكالم ً‬
‫ّ‬
‫تذكر بها أولى "الكلمات العشرة"‪ .‬والوصايا تشرح‬
‫ومحبة هللا الواحد ّ‬
‫ّ‬ ‫أحب ّأوالً‪.‬‬
‫رب واحد" (تث ‪ .)4 ،6‬هللا ّ‬
‫ٌّ‬
‫المحبة المطلوب من اإلنسان تأديتُه إللهه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في ما بعد جواب‬

‫المقال األول‬
‫الوصية األولى‬
‫ّ‬

‫يكن لك آلهة أخرى تجاهي‪ .‬ال‬


‫العبودية‪ .‬ال ُ‬
‫ّ‬ ‫"أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر‪ ،‬من دار‬
‫تصنع لك منحوتاً وال صورة شيء مما في السماء من فوق وال ّمما في األرض من أسفل وال مما في‬
‫تعبده ّن" (خر ‪.)5 -2 ،20‬‬
‫ّ‬ ‫له ّن وال‬
‫المياه من تحت األرض‪ .‬ال تسجد ّ‬
‫تعبد" (متى ‪.)10 ،4‬‬
‫للر ّب إلهك تسجد‪ .‬و ّإياه وحده ُ‬
‫"إنه مكتوب ّ‬

‫تعبد"‬
‫تسجد و ّإياه ُ‬
‫إلهك ُ‬ ‫‪ِّ " .I‬‬
‫للرب َ‬
‫يتوجه إليه‪" ،‬لقد أخرجتك‬ ‫عرف هللا ذاته بالتّذكير بفعله القدير والعطوف و ِّ‬
‫المحرر في تاريخ ّمن ّ‬ ‫‪ُ -2084‬ي ّ‬
‫"للرب إلهك‬
‫ّ‬ ‫تتضمن أولى وصايا الشريعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العبودية" (تث ‪ .)6 ،5‬والكلمة األولى‬
‫ّ‬ ‫من أرض مصر‪ ،‬من دار‬
‫طلبه العادل هو‬
‫وم ُ‬‫تسجد‪ ،‬و ّإياه تعبد‪ ...‬ال تسيروا وراء آلهة أخرى" (تث ‪ .)14 -13 ،6‬فدعوة هللا األولى َ‬
‫يتقبله اإلنسان ويعبده‪.‬‬
‫أن ّ‬
‫الكشف عن دعوة اإلنسان وحقيقته مرتب ط‬‫ُ‬ ‫‪ -2085‬لقد كشف هللا الواحد والحقيقي عن مجده إلسرائيل‪ .‬و‬
‫ّ‬
‫بالكشف عن هللا‪ .‬فدعوة اإلنسان هي ألنُ ُيظهر هللا بسلوكه سلوكاً يتوافق مع َخلقه "على صورة هللا كمثاله"‬
‫(تك ‪.)26 ،1‬‬

‫ونسق الكون‪ .‬ال ُن ّ‬


‫فكر‬ ‫"لن يكون هناك أبداً إله آخر‪ ،‬يا تريفون‪ ،‬ولم يكن آخر‪ ،‬منذ قرون سوى من َ‬
‫صنع ّ‬
‫بأن إلهنا يختلف عن إلهكم‪ .‬إنه هو هو الذي أخرج آباءكم من مصر "بيده القديرة وذراعه المبسوطة"‪.‬‬‫ّ‬
‫رجاءنا‪ ،‬وليس هناك غيره‪ ،‬بل بإلهكم نفسه‪ ،‬إله ابراهيم واسحق ويعقوب"‪.‬‬
‫َ‬ ‫نحن ال ننوط بغيره‬

‫يتكلم على كائن دائم‪ ،‬ال‬


‫ّ‬ ‫يتكلم على هللا‬
‫ّ‬ ‫المحبة‪ .‬فمن‬
‫"الوصية األولى تتناول اإليمان والرجاء و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-2086‬‬
‫ووضع إيمان‬
‫َ‬ ‫أن علينا بالضرورة قبول كالمه‪.‬‬
‫يتغير‪ ،‬هو هو دائماً‪ ،‬أمين‪ ،‬كامل العدالة‪ .‬وينتج من ذلك ّ‬
‫ّ‬
‫حبه عندما يشاهد كنوز‬
‫يعلق عليه كل آماله؟ ومن يستطيع أن ال ُي ّ‬
‫ومن يستطيع أن ال ّ‬
‫وثقة كاملين فيه‪َ .‬‬
‫‪65‬‬
‫إما في بدء وصاياه‬
‫المقدس‪ّ ،‬‬
‫الجودة والحنان التي أفاضها علينا؟ من هنا العبارة التي يستعملها هللا في الكتاب ّ‬
‫الرب"‪.‬‬
‫إما في ختامها‪" :‬أنا ّ‬
‫وّ‬

‫اإليمان‬
‫القديس بولس عن‬
‫ويتكلم ّ‬
‫ّ‬ ‫محبته‪.‬‬
‫األخالقية ينبوعها في اإليمان باهلل الذي يكشف لنا ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2087‬تجد حياتُنا‬
‫إن‬
‫وشرُحها‪ّ .‬‬
‫كل االنحرافات األخالقية ُ‬
‫أن "عدم معرفة هللا" هو مبدأ ّ‬
‫ويبين ّ‬
‫األول‪ّ .‬‬‫"طاعة اإليمان" كالواجب ّ‬
‫الرب هو أن نؤمن به وأن نشهد له‪.‬‬
‫واجبنا تجاه ّ‬
‫كل ما يعارضه‪.‬‬
‫قصي ّ‬ ‫منا الوصية األولى أن ُنغ ّذي إيماننا ونحفظه بفطنة وعناية‪ ،‬وأن ن‬
‫تتطلب ّ‬ ‫‪-2088‬‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ادي في اإليمان ُيهمل أو يرفض االعتقاد‬
‫الشكك اإلر ّ‬
‫ّ‬ ‫متنوعة الرتكاب خطايا مخالفة لإليمان‪:‬‬‫ائق ّ‬
‫هناك طر ُ‬
‫التردد في االعتقاد‪ ،‬وصعوبة‬
‫الشك غير اإلرادي يعني ّ‬
‫ّ‬ ‫ضه الكنيسة لنؤمن به‬ ‫وتعر ُ‬
‫بحقيقة ما أوحى به هللا ُ‬
‫الشك عن عمد‬
‫ّ‬ ‫التغلب على االعتراضات على اإليمان‪ ،‬أو أيضاً الجزع المتأتّي من غموضه‪ .‬وإذا ُغ ّذي‬
‫ّ‬
‫فهو قادر على أن يقود إلى عمى البصيرة‪.‬‬

‫فض عمداً القبول بها‪" .‬البدعة (الهرطقة) هي‬


‫‪ -2089‬عدم اإليمان هو إهمال الحقيقة الموحى بها أو الر ُ‬
‫وكاثوليكياً‪ ،‬أو هي الشك بإصرار‬
‫ّ‬ ‫إلهيا‬
‫إيمانا ّ‬
‫االنكار بإصرار‪ ،‬بعد قبول المعمودية‪ ،‬لحقيقة يجب اإليمان بها ً‬
‫بتلك الحقيقة‪( .‬والجحود أو إنكار اإليمان) هو الرفض الكامل لإليمان المسيحي واالنشقاق هو رفض‬
‫الخضوع للحبر األعظم أو الشركة مع أعضاء الكنيسة الخاضعين له"‪.‬‬

‫الرجاء‬
‫لمحبة هللا‬
‫ّ‬ ‫‪ -2090‬عندما يكشف هللا عن ذاته ويدعو اإلنسان‪ ،‬ال يستطيع هذا االستجابة استجاب ًة كاملة‬
‫المحبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محبته بالمقابل‪ ،‬وعلى السلوك بحسب وصايا‬ ‫الذاتية‪ .‬وعليه أن يرجو هللا منحه القدرة على ّ‬ ‫ّ‬ ‫بقواه‬
‫محبة هللا‪ ،‬ونيل العقاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قب الواثق للبركة اإللهية ولرؤية هللا السعيدة‪ .‬وهو أيضاً خشية إهانة ّ‬
‫والرجاء هو التر ّ‬
‫‪ -2091‬والوصية األولى تقصد أيضاً الخطايا المخالفة للرجاء وهي اليأس واالعتداد المفرط بالنفس‪ ،‬باليأس‬
‫يترجى من هللا خالصه الشخصي‪ ،‬والعون لبلوغه‪ ،‬أو المغفرة لخطاياه‪ .‬واليأس‬ ‫ينقطع اإلنسان عن أن ّ‬
‫ّ‬
‫يتعارض مع جودة هللا وعدالته‪ -‬ألن هللا أمين لعهوده ‪ -‬ورحمته‪.‬‬

‫يعتد اإلنسان بإمكاناته (آمالً أن يستطيع‬


‫فإما أن ّ‬
‫‪ -2092‬وهناك نوعان من االعتداد المفرط بالنفس‪ّ ،‬‬
‫يعتد بقدرة هللا ورحمته (آمالً الحصول على مغفرة بدون توبة‪ ،‬وعلى‬
‫الخالص بدون العون من العالء)‪ ،‬أو ّ‬
‫المجد بدون استحقاق)‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المحبّة‬
‫بمحبة صادقة‪ ،‬ووجوب ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للمحبة اإللهية‬
‫ّ‬ ‫يتضمن الدعوة إلى االستجابة‬
‫ّ‬ ‫بمحبة هللا‬
‫ّ‬ ‫‪ -2093‬اإليمان‬
‫كل شيء‪ ،‬والخالئق جميعاً ألجله وبسببه‪.‬‬
‫نحب هللا أكثر من ّ‬
‫فالوصية األولى تأمرنا بأن ّ‬
‫اإللهية‪ ،‬وتتجاهل‬
‫ّ‬ ‫المحبة‬
‫ّ‬ ‫تبصر‬
‫متنوعة‪ ،‬الالمباالة تهمل أو ترفض ّ‬
‫محبة هللا ممكنة بخطايا ّ‬
‫‪ -2094‬مخالفة ّ‬
‫بالمحبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإللهية ومبادلة المحبة‬
‫ّ‬ ‫بالمحبة‬
‫ّ‬ ‫قوتها‪ .‬نكران الجميل ُيهمل أو يرفض االعتراف‬‫مبادرتها وتنكر ّ‬
‫ّ‬
‫المحبة‪ .‬السأم‬
‫ّ‬ ‫يتضمن رفض مسايرة حركة‬ ‫ّ‬ ‫اإللهية‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫للمحبة‬
‫ّ‬ ‫تردد أو إهمال في االستجابة‬
‫الفتور هو ّ‬
‫اهية الخير اإللهي‪ .‬الحقد‬
‫حد رفض الفرح اآلتي من هللا‪ ،‬وكر ّ‬
‫الروحي يبلغ به األمر إلى ّ‬ ‫(أسيديا) أو الكسل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يحرم الخطايا‬
‫ويدعي إلحاق اللعنة به‪ ،‬لكونه ّ‬
‫محبة هللا وينكر جودته ّ‬
‫ينتج من الكبرياء‪ّ .‬إنه يعارض ّ‬
‫على هللا ُ‬
‫وينزل العقوبات‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ّ " .II‬إياه وحده تعبد"‬


‫فالمحبة‬
‫ّ‬ ‫المحبة اإللهية تولي الفضائل األدبية صورتها وحياتها‪ .‬وهكذا‬
‫إن فضائل اإليمان والرجاء و ّ‬
‫‪ّ -2095‬‬
‫هيئنا لهذا الموقف‪.‬‬
‫التدين تُ ّ‬
‫تحملنا على أن نعيد إلى هللا ما له علينا بكل عدالة‪ ،‬بصفة كوننا خالئق‪ .‬وفضيلة ّ‬
‫التدين‪ .‬وعبادة هللا هي االعتراف به إلهاً‪ ،‬وخالقاً‪،‬‬
‫‪ -2096‬العبادة هي العمل األول من أعمال فضيلة ّ‬
‫تعُبد"‬
‫تسجد‪ ،‬وإياه وحده ُ‬
‫"للرب إلهك ُ‬
‫ّ‬ ‫ومحب ًة ال متناهي ًة ورحيمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لكل ما هو موجود‪،‬‬
‫وسيداً ّ‬
‫ومخلصاً‪ ،‬ورّباً ّ‬
‫ّ‬
‫(لو ‪ .)8 ،4‬هذا ما قاله يسوع مستشهداً بتثنية االشتراع (تث ‪.)13 ،6‬‬

‫التعبد هلل هو االعتراف‪ ،‬في احترام وخضوع مطلقين‪" ،‬بعدم الخليقة" التي ال وجود لها إالّ باهلل‪.‬‬
‫‪ّ -2097‬‬
‫بأنه‬
‫مثال مريم في نشيدها‪ ،‬بتسبيحه وتعظيمه‪ ،‬واالتّضاع أمامه‪ ،‬مع االعتراف الشكور ّ‬‫التعبد هلل يقوم‪ ،‬على ً‬
‫ّ‬
‫عبودية‬
‫ّ‬ ‫يحرر اإلنسان من االنطواء على ذاته‪ ،‬ومن‬
‫التعبد هلل الواحد ّ‬
‫قدوس‪ .‬و ّ‬ ‫أن اسمه ّ‬ ‫صنع عظائم و ّ‬
‫الصنمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخطيئة‪ ،‬وعبادة العالم‬

‫الصالة‬
‫فع الروح إلى هللا‬ ‫ِ‬
‫الوصية األولى تَت ُّم في الصالة‪ .‬ور ُ‬
‫ّ‬ ‫المحبة التي تأمر بها‬
‫‪ -2098‬أفعال اإليمان والرجاء و ّ‬
‫للتمكن من‬
‫هو تعبير عن عبادتنا هلل بصالة التسبيح والشكر واالستشفاع والطلب‪ .‬والصالة شرط ال ّبد منه ّ‬
‫نمل" (لو ‪.)1 ،18‬‬
‫كل حين وال ّ‬‫نصلي في ّ‬ ‫طاعة وصايا هللا‪" .‬ينبغي ان‬
‫ّ‬

‫الذبيحة‬

‫‪67‬‬
‫"كل فعل ُيعمل لاللتصاق‬
‫نقدم هلل ذبائح تعب اًر عن العبادة والشكر والطلب والشركة‪ّ ،‬‬
‫لح ّق أن ّ‬
‫‪ّ -2099‬إنه َ‬
‫حقيقية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وللتمكن من السعادة ّإنما هو ذبيحة‬
‫ّ‬ ‫المقدسة‪،‬‬
‫باهلل في الشركة ّ‬
‫"إنما الذبيحة‬
‫الروحية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫الخارجية‪ ،‬كي تكون صادقة‪ ،‬من أن تكون تعبي اًر عن الذبيحة‬
‫ّ‬ ‫‪ -2100‬ال ّبد للذبيحة‬
‫داخلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أنبياء العهد القديم الذبائح التي تُصنع دون مشاركة‬
‫ُ‬ ‫هلل روح منسحق" (مز ‪ .)19 ،51‬لقد عاب م ار اًر‬
‫ذكر بكالم النبي هوشع‪" ،‬أريد الرحمة ال الذبيحة" (متى ‪13 ،9‬؛ ‪،12‬‬
‫بمحبة القريب‪ .‬يسوع ّ‬
‫ّ‬ ‫أو دون عالقة‬
‫لمحبة اآلب ولخالصنا‪.‬‬
‫كلي ًة ّ‬
‫قدمها المسيح على الصليب‪ ،‬تقدم ًة ّ‬ ‫‪ ،)7‬الذبيحة الوحيدة الكاملة هي تلك التي ّ‬
‫ونستطيع باتّحادنا بذبيحته أن نصنع من حياتنا ذبيحة هلل‪.‬‬

‫وعود ونذور‬
‫المعمودية والمسح بالميرون‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تتضمنها دائماً‬
‫ّ‬ ‫عدة إلى أن َي ِعد هللا وعودا‪،‬‬
‫مدعو في ظروف ّ‬‫ّ‬ ‫‪ -2101‬المسيحي‬
‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،‬ان َي ِعد هللا بعمل ما‪ ،‬أو صالة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الكهنوتية‪ .‬ويستطيع المسيحي‪ ،‬بداعي العبادة‬
‫ّ‬ ‫اج‪ ،‬والرسام ُة‬
‫والزو ُ‬
‫ّ‬
‫المحبة هلل األمين‪.‬‬ ‫أو صدقة أو حج‪ ...‬واألمانة لما ِ‬
‫اإللهية‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫للعزة‬
‫نعُد به هللا هي إبانة لالحترام والواجب ّ‬ ‫ّ‬
‫‪" -2102‬النذر‪" ،‬أي الوعد المعقود هلل عن قصد واختيار بأمر ممكن‪ ،‬وأصلحَّ‪ ،‬يجب أن ُيقضى على ّأنه‬
‫ِ‬
‫قدم المسيحي ذاته هلل أو َي ِعده بعمل صالح‪ .‬وهو بإتمامه‬
‫النذور‬
‫َ‬ ‫عباد ٍة به ُي ّ‬
‫من موجبات الدين"‪ .‬فالنذر عمل ٍ‬
‫تبين لنا أن القديس بولس كان حريصاً على إتمام‬
‫وكرسه له‪ .‬وأعمال الرسل ّ‬
‫ُيعيد إلى هللا إذن ما وعده به ّ‬
‫نذوره‪.‬‬

‫اإلنجيلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مثالية للنذور القائمة على ممارسة المشورات‬
‫‪ -2103‬تعترف الكنيسة بقيمة ّ‬
‫ممن يريدون أن يقتفوا عن كثَب‬ ‫أمنا بأن يوجد في حضنها عدد كبير من الرجال والنساء ّ‬ ‫"تغتبط الكنيسة ُّ‬
‫حرية أبناء هللا‪ُ ،‬سّنة الفقر‪،‬‬
‫ويعلنوا هذا التالشي بجالء أوفى‪ ،‬باعتناقهم‪ ،‬في ّ‬
‫المخلص في تالشيه‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫آثار‬
‫وتخليهم عن إرادتهم الذاتية‪ ،‬أي ّأنهم‪ ،‬رجاالً ونساء‪ ،‬يخضعون لمخلوق بشر ّي‪ ،‬من أجل هللا‪ ،‬في شؤون‬
‫ّ‬
‫تشبهاً بالمسيح الطائع"‪.‬‬
‫الوصية‪ ،‬ليكونوا أكثر ّ‬
‫ّ‬ ‫مما تقتضيه‬
‫الكمال إلى أبعد ّ‬
‫في بعض األحوال تستطيع الكنيسة ألسباب وافية االعفاء من النذور والوعود‪.‬‬

‫الحرية الدينية‬
‫واجب التديّن االجتماعي‪ ،‬والحقّ في ّ‬
‫يتعلق باهلل وكنيسته‪ ،‬حتى إذا ما عرفوها‬
‫ّ‬ ‫سيما في ما‬‫‪" -2104‬على جميع الناس ان يطلبوا الحقيقة‪ ،‬وال ّ‬
‫اعتنقوها وكانوا عليها محافظين"‪ .‬هذا الواجب ناتج من "طبيعة البشر نفسها"‪ .‬وهو ال يناقض "احتراماً صادقاً"‬
‫المحبة‬
‫ّ‬ ‫مرة قبساً من شعاع الحقيقة التي تُنير جميع الناس "وال مقتضى‬
‫المتنوعة التي "تحمل غير ّ‬
‫ّ‬ ‫للديانات‬

‫‪68‬‬
‫بالمحبة والفطنة والصبر في معاملة البشر الذين يعمهون في الضالل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تحض المسيحيين على "التحلي‬‫التي ّ‬
‫ّ‬
‫أو في جهل الحقيقة اإليمانية"‪.‬‬

‫التقليدي في‬
‫ّ‬ ‫حقيقية هلل ُيلزم اإلنسان فرداً وجماع ًة‪" .‬هذا هو التعليم الكاثوليكي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2105‬واجب تأدية عبادة‬
‫الحقيقية وكنيسة المسيح الواحدة"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موضوع ما يقع على األفراد والجماعات من واجب أدبي تجاه الديانة‬
‫ّ‬
‫األخالقية والتشريع ُوُبنى‬
‫ّ‬ ‫الذهنية و‬
‫ّ‬ ‫والكنيسة‪ ،‬بتبشيرها البشر دون انقطاع‪ ،‬تعمل على أن ّ‬
‫يتمكنوا من "تلقيح‬
‫الجماعة التي يعيش فيها المرء‪ ،‬بلقاح الروح المسيحي‪ .‬وواجب المسيحيين االجتماعي هو أن يحترموا في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرفوا عبادة الدين الحقيقي الوحيد القائم‬
‫يتطلب منهم أن ُي ّ‬
‫ّ‬ ‫محبة الحقيقة والخير‪ .‬وهو‬ ‫كل إنسان ويوقظوا فيه ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مدعوون إلى أن يكونوا نور العالم‪ .‬وهكذا تُظهر الكنيسة َم َ‬
‫لكّية‬ ‫ّ‬ ‫لمسيحيون‬
‫ّ‬ ‫الرسولية‪ .‬ا‬
‫ّ‬ ‫في الكنيسة الكاثوليكية‬
‫المسيح على كل الخليقة وخصوصا على المجتمعات البشرّية‪.‬‬

‫كره على عمل يخالف ضميره‪ ،‬وال أن ُيم َنع من العمل‪ ،‬في‬ ‫‪" -2106‬في أمور الدين ال يجوز ألحد أن ُي َ‬
‫جماعياً"‪ .‬هذا‬
‫ّ‬ ‫فردياً أو‬
‫السر أو في العالنية‪ ،‬وسواء كان ّ‬
‫نطاق المعقول‪ ،‬وفاقاً لضميره‪ ،‬سواء كان عمله في ّ‬
‫بحرية الحقيق َة اإللهية التي‬
‫نفسها‪ ،‬إذ تحمله كرامته على أن يعتنق ّ‬ ‫الحق أساسه طبيع ُة الشخص البشر ّي ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫الحقيقة واعتناقها"‪.‬‬ ‫تطلب‬ ‫تسمو على النظام الزمني‪ .‬لذلك "فهو باق حتى عند أولئك الذين ال يقومون بو ِ‬
‫اجب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عترف‪ ،‬في النظام التشريعي المدني‪ ،‬بإحدى‬‫ال بعض الشعوب الخاصة بأن ُي َ‬ ‫‪" -2107‬إذا قضت أحو ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصاً‪ ،‬فال ّبد إذ ذاك من االعتراف أيضاً لجميع المواطنين وجميع الجماعات‬
‫مدنياً ّ‬
‫الجماعات الدينية‪ ،‬اعترافاً ّ‬
‫الحرية الدينية واحترام ذلك الح ّق "‪.‬‬
‫بالحق و ّ‬
‫ّ‬ ‫الدينية‬

‫الحق المفتَرض في الضالل‪،‬‬


‫ّ‬ ‫الحرية الدينية ليس اإلباحة األدبية باعتناق الضالل‪ ،‬وال‬
‫الحق في ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-2108‬‬
‫المدنية‪ ،‬أي الحصانة من اإلكراه الخارجي‪ ،‬ضمن حدود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طبيعي للشخص البشر ّي في ّ‬
‫الحرية‬ ‫ٌّ‬ ‫حق‬
‫و ّإنما هو ٌّ‬
‫الحق الطبيعي في النظام‬ ‫عترف بهذا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياسية‪ .‬ويجب أن ُي َ‬
‫ّ‬ ‫السلطة‬
‫الديني‪ ،‬من قَبل ّ‬
‫ّ‬
‫صحيحة‪ ،‬في الموضوع‬

‫يكون حّقاً ّ‬
‫مدنياً‪.‬‬ ‫القانوني للمجتمع بحيث ّ‬
‫ّ‬
‫الحرية الدينية ال يمكن أن يكون في ذاته بال حدود‪ ،‬وال محدوداً فقط "بنظام عام" ذي‬‫الحق في ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-2109‬‬
‫اجتماعي الفطنةُ‬
‫ّ‬
‫كل وضع‬ ‫تحددها في ّ‬ ‫طبيعي و "الحدود الصحيحة" المالزمة له يجب أن ّ‬ ‫ّ‬
‫مفهوم وضعي أو‬
‫ّ‬
‫القانونية الموفقة للنظام‬
‫ّ‬ ‫اعد‬
‫و‬ ‫الق‬ ‫ن‬‫ن‬ ‫س‬
‫َُ‬ ‫"على‬ ‫المدنية‬ ‫لطة‬‫الس‬
‫ُّ‬ ‫َّتها‬
‫ثب‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫أن‬
‫و‬ ‫العام‪،‬‬ ‫الخير‬ ‫مقتضيات‬ ‫بحسب‬ ‫السياسية‬
‫موضوعي"‪.‬‬‫األدبي ال‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬

‫لك آلهة أخرى تجاهي"‬


‫يك ْن َ‬
‫"ال ُ‬ ‫‪.III‬‬

‫‪69‬‬
‫حرم‬ ‫الوصية األولى تمنع إكر َام آلهة أخرى غير ّ‬
‫الرب الواحد الذي أظهر ذاته لشعبه‪ .‬وهي تُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪-2110‬‬
‫تكون نوعاً من المغاالة الخبيثة في الدين‪ ،‬وإنكاُُر الدين عيب يتعارض‬
‫الخرافات وإنكار الدين‪ .‬والخراف ُة ّ‬
‫وفضيل َة الدين بانتقاصها‪.‬‬

‫الخرافة‬
‫العبادة التي‬
‫َ‬ ‫تفرضها‪ .‬وقد تصيب أيضاً‬
‫ُ‬ ‫اف العاطفة الدينية والممارسات التي‬
‫‪ -2111‬الخرافة هي انحر ُ‬
‫علق أهمية تكاد تكون سحرّي ًة على بعض الممارسات التي هي‪ ،‬من جهة‬‫نؤديها لإلله الحقيقي مثالً عندما تُ َّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المادي في الصالة أو‬
‫الفاعلية على الوجه ّ‬
‫ّ‬ ‫نعلق‬
‫عية أو ضرورّية‪ .‬فنحن نقع في الخرافة عندما ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬شر ّ‬
‫في العالقات األس اررّية‪ ،‬دون االستعدادات الد ّ‬
‫اخلية التي تقتضيها‪.‬‬

‫عبادة األوثان‬
‫تحرم تعدد اآللهة وهي تقتضي من اإلنسان أن ال يؤمن بآلهة أخرى غير هللا‪ ،‬وأن‬
‫الوصية األول ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-2112‬‬
‫صنع أيدي‬ ‫وفضة‪ُ ،‬‬
‫المقدس دائماً بنبذ "األوثان من ذهب ّ‬
‫ّ‬ ‫يذكر الكتاب‬
‫ال ُيكرم آله ًة غير اإلله األوحد‪ّ .‬‬
‫تتكلم ولها عيون وال تُبصر‪ "....‬هذه األوثان الباطلة ّ‬
‫تؤدي إلى البطالن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الناس"‪ ،‬هي التي "لها أفواه وال‬
‫أما هللا فهو على العكس "اإلله الحي"‬
‫"مثلها ليكن صانعوها‪ ،‬وجميع المتّكلين عليها" (مز ‪ّ .)8 .5 -4 ،115‬‬
‫ّ‬
‫ويتدخل في التاريخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(يش ‪ )10 ،3‬والذي ُيحيي‬

‫الوثنية الكاذبة‪ .‬بل هي تبقى تجرب ًة دائم ًة لإليمان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -2113‬عبادة األوثان ليست مرتبط ًة فقط بالعبادات‬
‫جل خليق ًة عوضاً من هللا‪ ،‬سواء‬ ‫وي ُّ‬
‫وتقوم على تأليه ما ليس بإله‪ .‬فهناك عبادةُ أوثان عندما ُيكرم اإلنسان ُ‬
‫تعلق األمر باآللهة أو بالشياطين (مثل عبادة الشياطين)‪ ،‬بالسلطة أو باللذة‪ ،‬أو بال ِع عرق‪ ،‬أو باألجداد‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫بالدولة‪ ،‬أو بالمال‪ ...‬قال يسوع‪" ،‬ال تقدرون أن تعبدوا هللا والمال" (متى ‪ .)24 ،6‬وهناك شهداء كثيرون‬
‫الرب الوحيدة‪ ،‬فهي‬
‫ماتوا كي ال يعبدوا "الوحش"‪ ،‬ورفضوا حتى التظاهر بعبادته‪ .‬فعبادة الوثن تأبى سيادة ّ‬
‫إذن تتنافى واإلتّحاد باهلل‪.‬‬

‫وتخلصه من‬
‫ّ‬ ‫تبسط اإلنسان‬
‫الرب وحده ّ‬
‫ووصية عبادة ّ‬
‫ّ‬ ‫تتوحد الحياة البشرّية في عبادة هللا األوحد‪.‬‬
‫‪ّ -2114‬‬
‫أي‬
‫الديني الموجود في اإلنسان‪ .‬عابد الوثن هو من ُ"يرجع إلى ّ‬ ‫للحس‬
‫تشتّت ال حدود له‪ .‬عبادة الوثن إفساد ّ‬
‫ّ‬
‫شيء‪ ،‬سوى هللا‪ ،‬ما هو ّ‬
‫متأصل فيه من مفهوم هللا"‪.‬‬

‫السحر‬
‫العرافة و ّ‬

‫‪70‬‬
‫أن الموقف المسيحي الصحيح‬
‫القديسين‪ .‬إالّ ّ‬
‫‪ -2115‬يستطيع هللا أن يكشف المستقبل ألنبيائه أو لغيرهم من ّ‬
‫ّ‬
‫كل فضول فاسد من هذا‬ ‫ِ‬
‫يتعلق بالمستقبل‪ ،‬وترك ّ‬
‫ّ‬ ‫يقوم على تسليم الذات بثقة بين يدي العناية اإللهية في ما‬
‫للمسؤولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يكون َ‬
‫عدماً‬ ‫التبصر قد ّ‬
‫ّ‬ ‫القبيل‪ .‬وعدم‬

‫‪ -2116‬يجب َنب ُذ جميع أنواع الِ ِعرافة‪ ،‬اللجوء إلى الشيطان أو األبالسة‪ ،‬استحضار األموات أو الممارسات‬
‫الكف‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األخرى المفتّرض خطأ ّأنها "تكشف" عن المستقبل‪ .‬استشارة مستطلعي األبراج و ّ‬
‫المنجمين وقارئي‬
‫ط على‬
‫أمور تخبئُ إرادة التسل ّ‬ ‫ات الرائين واللجوء إلى الوسطاء‪ُ ،‬‬ ‫ظ‪ ،‬وظاهر ُ‬
‫وشارحي الفأل أو الشؤم أو الح ّ‬
‫الوقت‪ ،‬وعلى التاريخ وأخي اًر على البشر‪ ،‬وفي الوقت عينه الرغب َة في استرضاء القوى ال ّ‬
‫خفية‪ّ .‬إنها على‬
‫الم ِحّبة‪.‬‬
‫تناقض مع ما هلل وحده علينا من واجب اإلكرام واالحترام الممزوج بالخشية و ُ‬
‫الخفية لجعلها في خدمة‬ ‫ترويض القوى‬ ‫العرافة التي يزعمون بها‬ ‫السحر أو ِ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫‪ -2117‬جميع ممارسات ّ‬
‫توفير الصحة له‪ّ -‬إنما هي‬
‫قصد بها ُ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والحصول على سلطة فائقة الطبيعة على القريب‪ -‬حتى وإن ُ‬
‫الحكم أقسى على هذه الممارسات عندما تصحبها ّنية إيذاء اآلخرين‪،‬‬ ‫مخالف ًة جسيم ًة لفضيلة الدين‪ .‬ويكون‬
‫ُ‬
‫ار على ممارسات‬ ‫وحمل التعاويذ هو أيضاً ُمالم‪ .‬ومناجاةُ األرواح تنطوي مر اً‬
‫ُ‬ ‫شيطانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أو تلجأ إلى مداخالت‬
‫تقليدي ًة ال يسوغ‬ ‫المدعوة‬ ‫الطب‬ ‫اللجوء إلى أنواع‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تجنبها‪ .‬و ُ‬ ‫عرافة أو سحر‪ .‬ولذا تُ ّنبه الكنيس ُة المؤمنين إلى ّ‬
‫استثمار ما عند اآلخرين من سرعة تصديق‪.‬‬
‫َ‬ ‫استدعاء القوى ّ‬
‫الشريرة وال‬

‫مخالفة الدين‬
‫وصّية هللا األولى الخطايا الرئيسة المخالفة للدين‪ ،‬من تجربة هللا بالكالم واألفعال‪ ،‬وانتهاك‬
‫‪ -2118‬تنبذ ّ‬
‫السيمونّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القدسّيات و‬
‫ّ‬
‫توضع موضع االمتحان‪ ،‬بالقول أو الفعل‪ ،‬جودتُه وقدرتُه‪ .‬هكذا أراد‬‫‪ -2119‬القيام بتجربة هللا يكون بأن َ‬
‫الشيطان أن يجعل يسوعُ ُيلقي بنفسه من الهيكل‪ ،‬وانُ ُيرغم هللا‪ ،‬بهذا الفعل‪ ،‬على أن يعمل‪ .‬وقد جابهه يسوع‬
‫التحدي الذي تنطوي عليه تجربة هللا هذه ُيسيء إلى ما‬
‫ّ‬ ‫إن‬
‫الرب إلهك" (تث ‪ّ .)26 ،6‬‬
‫تجرب ّ‬ ‫بكالم هللا‪" ،‬ال ّ‬
‫محبته وعنايته وقدرته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شكاً في ّ‬
‫يتضمن دوماً ّ‬
‫ّ‬ ‫لخالقنا ورّبنا علينا من االحترام والثقة‪ .‬وهو‬

‫اإلنسان أو ُيسيء استعمال األسرار‪ ،‬واألفعال الليتورجية األخرى‪،‬‬


‫ُ‬ ‫‪ -2120‬يكون انتهاك القدسيات بأن ُي ّ‬
‫دنس‬
‫المكرسة هلل‪ .‬وهذا االنتهاك خطيئة جسيمة خصوصاً إذا أصاب االفخارستيا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واألشخاص واألشياء واألماكن‬
‫السر يصبح حاض اًر لنا بجوهره‪.‬‬
‫أن جسد المسيح نفسه في هذا ّ‬ ‫بما ّ‬
‫بأنها بمثابة شراء األمور وبيعها‪ .‬ولقد أجاب القديس بطرس سيمون الساحر الذي‬ ‫‪ -2121‬تُ َّ‬
‫حدد السيمونية ّ‬
‫أن موهبة‬ ‫ِ‬
‫توهمت ّ‬
‫ألنك ّ‬
‫فضتُ َك معك إلى الهالك‪ّ ،‬‬
‫الروحية التي رآها تعمل في الرسل‪" ،‬لتصر ّ‬
‫ّ‬ ‫أراد شراء القدرة‬
‫مجاناً أعطوا" (متى ‪،10‬‬
‫"مجاناً أخذتم‪ّ ،‬‬
‫هللا تُقتنى بالنقود" (رسل ‪ )20 ،8‬وكان يمتثل هكذا لكالم يسوع‪ّ :‬‬
‫‪71‬‬
‫صدرها هو‬
‫ألن َم ّ‬
‫السيد‪ّ ،‬‬
‫يتصرف المالك أو ّ‬
‫ّ‬ ‫التصرف بها كما‬
‫الروحية و ّ‬
‫ّ‬ ‫تملك الخيرات‬
‫‪ .)8‬فمن المستحيل ّ‬
‫مجاناً‪.‬‬
‫في هللا‪ .‬فال يمكن إالّ قبولها منه ّ‬
‫الصالحية‪ ،‬وعليه أن يسهر‬
‫ّ‬ ‫تحدده السلطة ذات‬
‫مما لم ّ‬
‫‪" -2122‬ال ُيطلب الخادم شيئاً لالحتفال باألسرار‪ّ ،‬‬
‫الصالحية هذه التقادم استناداً‬
‫ّ‬ ‫حرم المعوزون من عون األسرار بسبب فقرهم"‪ّ .‬‬
‫وتحدد السلطة ذات‬ ‫على أن ال ُي َ‬
‫يستحق طعامه" (متى ‪،10‬‬ ‫خدام الكنيسة‪" .‬فالفاعل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫يؤمن إعالة ّ‬
‫أن الشعب المسيحي عليه أن ّ‬ ‫إلى هذا المبدأ‪ّ ،‬‬
‫‪.)10‬‬

‫اإللحاد‬
‫الحيوي باهلل ّ‬
‫أي انتباه بل ّإنهم يرفضونه رفضاً‬ ‫ّ‬ ‫‪" -2123‬الكثيرون من معاصرينا ال ُيعيرون االتّ َ‬
‫حاد الحميم و‬
‫إن اإللحاد ُي َعُّد من أخطر ظاهرات هذه االيام"‪.‬‬
‫صريحاً‪ ،‬بحيث ّ‬
‫قصر‬
‫العملية التي تَ ُ‬
‫ّ‬ ‫المادية‬
‫التنوع‪ .‬هناك صيغة شائعة هي ّ‬
‫‪ -2124‬واسم اإللحادُ ُيطلق على ظاهرات كثيرة ّ‬
‫أن اإلنسان‬
‫حاجاتها وطموحاتها على المكان والزمان‪ .‬والنزعة اإلنسانية الملحدة تَعتَبر‪ ،‬وهي على ضالل‪ّ ،‬‬
‫تتوقع تحرير‬
‫ّ‬ ‫له‪ ".‬وصيغة أخرى من االلحاد المعاصر‬
‫ط ُ‬
‫صانع تاريخه األوحد وب َ‬
‫ُ‬ ‫"غاية في نفسه ولنفسه‪ ،‬وهو‬
‫رجاء‬
‫قيم َ‬ ‫ظ ُّن ّ‬
‫أن الدين يقف بطبيعته عقب ًة في طريقه‪ ،‬بمقدار ما ُي ُ‬ ‫اجتماعي ُ"ي َ‬
‫ّ‬
‫اقتصادي و‬
‫ّ‬ ‫االنسان من تحرير‬
‫األرضية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حول اهتمامه عن بناء المدينة‬ ‫في ّ‬
‫اإلنسان على سراب حياة آتية‪ُ ،‬‬
‫‪ -2125‬االلحاد خطيئة مخالفة لفضيلة الدين بكونه ينبذ أو يرفض وجود هللا‪ .‬والمسؤولية عن ها الذنب‬
‫النيات والظروف‪ .‬وفي نشوء اإللحاد وانتشاره‪" ،‬قد يكون للمؤمنين يد كبيرة‬
‫تتضاءل كثي اًر بسبب ّ‬
‫َ‬ ‫يمكن أن‬
‫المضلل للعقيدة‪ ،‬أو من حيث الضعف في‬ ‫ّ‬ ‫العرض‬
‫ُ‬ ‫من حيث تهاملهم في التنشئة اإليمانية‪ ،‬أو من حيث‬
‫الوجه األصيل هلل والديانة‬
‫َ‬ ‫يحجبون‬
‫ليصح القول فيهم‪ ،‬إنهم ّ‬
‫ُّ‬ ‫حياتهم الدينية واألخالقية واالجتماعية‪ ،‬حتى‬
‫علنونه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫مما ُي‬
‫أكثر ّ‬
‫‪ -2126‬يستند اإللحاد م ار اًر كثيرًة إلى مفهوم خاطئ لالستقالل الذاتي عند اإلنسان‪ ،‬يصل إلى حد رفض‬
‫ّ‬
‫إن الكرامة تجد في هللا ما‬
‫ولكن "االعتراف باهلل ال يباين كرامة اإلنسان‪ ،‬في شيء‪ ،‬إذا ّ‬‫إي ارتباط باهلل‪ّ .‬‬‫ّ‬
‫"أن رسالتها تتّفق وأعمق رغبات القلب البشر ّي"‪.‬‬
‫يتممها"‪ .‬والكنيسة تَعلم ّ‬
‫يؤسسها وما ّ‬
‫ّ‬

‫الالأدرية‬
‫‪ -2127‬لالأدرّية أشكال كثيرة‪ .‬ففي بعض األحوال‪ ،‬يأبى الالأدر ّي إنكار هللا‪ .‬بل على العكس ُيعلن وجود‬
‫كائن سام ال يستطيع الكشف عن ذاته وال يستطيع أحد أن يقول عنه شيئاً‪ .‬وفي أحوال أخرى‪ ،‬ال ُيبدي‬
‫الالأدر ّي رأياً في وجود هللا‪ ،‬ويقول ّإنه من المستحيل البرهان عليه بل تأكيده أو نفيه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫تطلب هللا‪ ،‬وقد يكون أيضاً من الالمباالة أو هروباً من‬
‫ّ‬ ‫‪ -2128‬قد تنطوي الالأدرّية أحياناً على شيء من‬
‫السؤال القصي عن الوجود‪ ،‬أو كسالً من الضمير األخالقي‪ .‬وكثي اًر ما تتساوى الالأدرّية واإللحاد العملي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫"ال تصنع لك منحوتا وال صورة شيء"‬ ‫‪.IV‬‬


‫يحرم تمثيل هللا من صنع يد اإلنسان‪ .‬ويشرح سفر تثنية االشتراع ذلك قائالً‪،‬‬
‫اإللهي ّ‬ ‫‪ -2129‬كان األمر‬
‫ّ‬
‫تفسدوا وتعملوا لكم تمثاالً‬
‫الرب لكم في حوريب من وسط النار‪ ،‬لئال ُ‬‫"انكم لم تروا صورًة في يوم خطاب ّ‬
‫ّ‬
‫السمو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫منحوتاً على شكل صورة ما‪( ".....‬تث ‪ .)16 -15 ،4‬فاهلل الذي تجلى إلسرائيل هو هللا المطلق‬
‫ّ‬
‫"العظيم فوق جميع مصنوعاته" (سي ‪ .)28 -27 ،43‬وهو "أصل‬ ‫ُ‬ ‫ولكنه في الوقت ذاته‬
‫كل شيء"‪ّ ،‬‬
‫"هو ّ‬
‫كل جمال" (حك ‪.)3 ،13‬‬

‫المتجسد‪ ،‬أو أذن‬


‫ّ‬ ‫‪ -2130‬ولكن هللا أمر‪ ،‬منذ العهد القديم‪ ،‬بصنع صورة تقود رمزّياً إلى الخالص بالكلمة‬
‫الن حاس‪ ،‬وتابوت العهد‪ ،‬والشروبيم‪.‬‬‫حية ُّ‬
‫في ذلك‪ ،‬هكذا الحال مع ّ‬
‫نيقية (سنة ‪ ،)787‬مقاوماً‬
‫سوغ المجمع المسكوني السابع في ّ‬ ‫المتجسد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫سر الكلمة‬
‫‪ -2131‬باالستناد إلى ّ‬
‫محاربي االيقونات‪ ،‬إكر َام االيقونات‪ :‬أيقونات المسيح‪ ،‬وكذلك أيقونات والدة اإلله‪ ،‬والمالئكة وجميع القديسين‪.‬‬
‫بتجسده قد بدأ "تدبي اًر" جديداً للصور‪.‬‬
‫فابن هللا ّ‬
‫المؤدي‬
‫ّ‬ ‫تحرم األوثان‪" .‬فاإلكرام‬
‫الوصية األولى التي ّ‬
‫ّ‬ ‫للصور ال يخالف‬ ‫المؤدي ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ -2132‬اإلكرام المسيحي‬
‫ّ‬
‫"كل من ُيكرم صورًة ُيكرم فيها الشخص المرسوم"‪ .‬واإلكرام‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫"‪.‬‬‫األصلي‬ ‫مثالها‬ ‫لصورة ما ّإنما يبلغ إلى‬
‫ّ‬
‫ألن هذه ال تليق إالّ باهلل وحده‪" :‬اإلكرام‬
‫عبادة‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫المقدسة هو "إجالل واحت ار م" وليس‬ ‫المؤدي إلى الصور ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاص صو اًر تقودنا إلى هللا‬
‫ّ‬ ‫يتوجه إلى الصور في ذاتها كإلى أمور حقيقية‪ّ ،‬إنما يراها في وجهها‬ ‫الديني ال ّ‬
‫التوجه إلى الصورة على هذا النمط ال يتوّقف عندها‪ ،‬بل يسعى إلى الحقيقة التي هي صورتها"‪.‬‬
‫المتجسد‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬

‫بإيجاز‬
‫الرب إلهك من كل قلبك وكلّ نفسك وكل قدرتك" (تث ‪.)5 ،6‬‬
‫‪" -2133‬أحبب ّ‬
‫‪ -2134‬الوصية األولى تدعو اإلنسان إلى اإليمان باهلل‪ ،‬ورجائه‪ ،‬ومحبته فوق كل شيء‪.‬‬
‫"للرب إلهك تسجد" (متى ‪ .)10 ،4‬فالسجود هلل‪ ،‬وتأدية العبادة التي تحقّ له‪ ،‬وتتميم الوعود‬
‫ّ‬ ‫‪-2135‬‬
‫والنذور المقطوعة له‪ ،‬هي أفعال من فضيلة الدين مرتبطة بطاعة الوصية األولى‪.‬‬
‫فردا وجماعة‪.‬‬
‫‪ -2136‬واجب تأدية عبادة حقيقية هلل يلزم اإلنسان ً‬
‫السر أو في العالنية"‪.‬‬
‫‪" -2137‬يجب ان يستطيع اإلنسان االعتراف بالدين بحرية سواء كان عمله في ّ‬

‫‪73‬‬
‫‪ -2138‬الخرافة هي انح ارف في العبادة التي نؤديها هلل الحقيقي‪ .‬وهي تظهر في عبادة الوثن وفي أشكال‬
‫ّ‬
‫مختلفة من العرافة والسحر‪.‬‬
‫‪ -2139‬القيام بتجريب هللا قوالً وعمالً‪ ،‬وانتهاك القدسيات‪ ،‬والسيمونية هي خطايا تخالف الدين وتنهي‬
‫عنها الوصية األولى‪.‬‬
‫‪ -2140‬اإللحاد خطيئة تخالف الوصية األولى عندما ينبذ أو يرفض وجود هللا‪.‬‬
‫سر تجسد كلمة هللا‪ .‬وليس هو مخالفا للوصية األولى‪.‬‬
‫‪ -2141‬إكرام الصور المقدسة يستند إلى ّ‬

‫المقال الثاني‬
‫الوصية الثانية‬
‫ّ‬

‫"ال تحلف باسم الرب إلهك باطال" (خر ‪)7 ،20‬‬


‫حنث ‪ ...‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬ال تحلفوا البتة" (متى ‪.)34 -33 ،5‬‬
‫"لقد قيل لألقدمين ال تَ َ‬

‫قدوس‬ ‫الرب ّ‬
‫‪ .I‬اسم ّ‬
‫الرب‪ .‬وهي‪ ،‬كالوصية األولى‪ ،‬مرتبطة بفضيلة الدين‪ ،‬وتُن ِّ‬
‫ظم‬ ‫‪ -2142‬تأمر الوصية الثانية باحترام اسم ّ‬
‫على الخصوص استعماَلنا الكالم في األمور المقدسة‪.‬‬

‫‪ -2143‬بين جميع كلمات الوحي هناك كلمة فريدة هي الكشف عن اسمه‪ .‬لقد أودع هللا اسمه من آمنوا‬
‫المسارة واأللفة الحميمة‪" .‬اسم الرب‬
‫به‪ .‬إنه يظ ُه ُر لهم في سره الشخصي‪ .‬وإعطاء االسم يندرج في سياق ُ‬
‫اساءة استعماله‪ .‬وعليه ان يحتفظ به في ذاكرته‪ ،‬في صمت العبادة‬
‫َ‬ ‫قدوس"‪ .‬ولذاك ال يستطيع اإلنسان‬
‫ويمجده‪.‬‬
‫والحب‪ .‬وال ُيدخله في كالمه إال ليباركه ويسبحه ُ‬
‫‪ -2144‬احترام اسم هللا يعبر عن االحترام الواجب لسر هللا ذاته‪ ،‬ولكل الحقيقة القدسية التي يوحى بها‪.‬‬
‫بالقدسيات ترتبط بفضيلة الدين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫واالحساس‬

‫"هل اإلحساس بالخوف وبالقدسيات هو إحساس مسيحي‪ ،‬أوال؟ ال يستطيع أحد أن يشك بذلك بوجه‬
‫معقول‪ .‬وذلك ما كنا نشعر به بشدة‪ ،‬لو نلنا رؤية هللا السيد‪ .‬وذلك ما كنا نشعر به لو "تحققنا" حضوره‪.‬‬
‫ويجب أن يكون فينا ذلك اإلحساس بمقدار إيماننا بحضوره‪ .‬والفراغ من ذلك االحساس يعني أننا ال نعي‬
‫حضوره وال نؤمن به"‪.‬‬
‫َ‬

‫‪74‬‬
‫‪ -2145‬على المؤمن أن يشهد السم الرب باالعتراف بإيمانه دون االستسالم للخوف‪ .‬يجب أن يكون عمل‬
‫الوعظ وعمل التعليم الديني ممتَزج ين بالعبادة واالحترام السم ربنا يسوع المسح‪.‬‬

‫‪ -2146‬تنهي الوصية الثانية عن سوء استعمال اسم هللا أي عن كل استعمال ال يليق باسم هللا‪ ،‬ويسوع‬
‫المسيح‪ ،‬ومريم العذراء وجميع القديسين‪.‬‬

‫‪ -2147‬الوعود المقطوعة لآلخرين باسم الرب ُتلزم شرف هللا وأمانته وصدقه وسلطته‪ .‬فيجب احترامها من‬
‫جعل هللا كاذبا‪.‬‬ ‫باب العدالة‪ .‬و ِ‬
‫سوء استعمال السم هللا‪ ،‬وهو‪ ،‬بوجه من الوجوه‪ُ ،‬‬
‫نث فيها ُ‬‫الح ُ‬
‫‪ -2148‬التجديف يعارض مباشرة الوصية الثانية‪ .‬وقوامه أن ُيقال على هللا‪ ،‬في الباطن أو في الظاهر‪،‬‬
‫استعمال اسم هللا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتحد‪ ،‬وأن ُيقال فيه سوء‪ ،‬وأن ُيخل باالحترام له بالكالم‪ ،‬وأن ُيساء‬
‫ّ‬ ‫كالم ُبغض‪ ،‬وَلوم‪،‬‬
‫ُ‬
‫يزج ُر "من يجدفون على االسم الجميل (اسم يسوع) الذي به ُدعوا" (يع‪ .)7 ،1‬وتحريم‬ ‫فالقديس يعقوب ُ‬
‫أيضا‬
‫الكالم اُل ُمسيء لكنيسة المسيح‪ ،‬وللقديسين‪ ،‬واألشياء المق دسة‪ .‬ومن التجديف ً‬
‫َ‬ ‫أيضا‬
‫التجديف يتناول ً‬
‫اللجوء إلى اسم هللا لس تر ممارسات إجرامية‪ ،‬و ِ‬
‫استعباد الشعوب‪ ،‬أو التعذيب والقتل‪ .‬ان سوء استعمال اسم‬
‫هللا الرتكاب جريمة ُيسبب رفض الدين‪ .‬التجديف يتعارض مع االحترام الواجب هلل والسمه الق دوس‪ .‬وهو‬
‫في حد ذاته خطيئة جسيمة‪.‬‬

‫‪ -2149‬والكالم النابي الذي يستعمل اسم هللا دون نية تجديف هو انتقاص الحترام هللا‪ .‬وتمنع الوصية‬
‫سحرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا استعمال اسم هللا بطريقة‬
‫الثانية ً‬
‫"اسم هللا عظيم حيث ُيلتَقظ به باالحترام الواجب لعظمته وجالله‪ .‬واسم هللا قدوس حيث ُيدعى بتوقير‬
‫وخشية إهانته"‪.‬‬

‫ُّ‬
‫التلفظ باسم هللا بالباطل‬ ‫‪.II‬‬
‫القسم هو اتخاذ هللا شاهدا على ما يؤكده‬‫الحلف أو َ‬ ‫الق َسم الباطل‪َ .‬‬
‫‪ -2150‬تنهي الوصية الثانية عن َ‬
‫اإلنسان‪ .‬إنه اعتماد صدق هللا عربونا للصدق الذاتي‪ .‬والقسم ُيلزم اسم هللا‪" .‬الرب إلهك تتقي‪ ،‬وإياه تعبد‬
‫وباسمه تحلِف" (تث ‪.)13 ،6‬‬

‫‪ -2151‬نبذ الحلف الباطل واجب تجاه هللا‪ .‬فاهلل الخالق والرب هو قاعدة كل حقيقة‪ .‬والكالم البشري يكون‬
‫موافقا أو معارضا هلل الذي هو الحقيقة بذاتها‪ .‬والقسم عندما يكون صادقا وشرع يا‪ُ ،‬يظهر ارتباط الكالم‬
‫البشري بالحقيقة اإللهية‪ .‬والَق َسم الباطل يدعو هللا إلى الشهادة للكذب‪.‬‬

‫‪ -2152‬يكون حانثا َمن ُيقسم واعدا بما ال يريد فعله‪ ،‬أو من ال يفعل ما وعد به بقسم‪ .‬و ُ‬
‫الحنث مخالفة‬
‫جسيمة الحترام رب كل كالم‪ .‬وااللتزام بقسم بفعل ِّس ِي يتعارض وقداسة اسم هللا‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪75‬‬
‫تحنث بل‬‫‪ -2153‬لقد عرض يسوع الوصية الثانية في العظة على الجبل‪" :‬سمعتم أنه قيل لألقدمين‪ :‬ال َ‬
‫ِ‬
‫أوف للرب بأيمانك‪ .‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬ال تحلفوا البتة‪ ...‬فليكن كالمكم‪ :‬نعم نعم‪ ،‬ال ال‪ ،‬وما ُيزاد على ذلك‬
‫فهو من الشرير" (متى ‪ .)37 .34 -33 ،5‬ويعلم يسوع أن كل قسم يتضمن ارتباطا باهلل‪ ،‬وأن حضور هللاِ‬
‫كرم في كل كالم‪ .‬والرصانة في اللجوء إلى هللا في الكالم تتوافق واالنتباه إلى حضوره‬ ‫ِ‬
‫وحقيقته يجب أن ُي َ‬
‫باحترام‪ ،‬ذلك الحضور الذي يؤكد أو ُيحتََقر في كل ما ننطق به‪.‬‬

‫‪ -2154‬لقد أدرك التقليد الكنسي‪ ،‬على أثر القديس بولس‪ ،‬أن كالم يسوع ال يتعارض والقسم عندما يتم هذا‬
‫لسبب خطير وصوابي (مثال أمام المحاكمة)‪" .‬القسم‪ ،‬أي استدعاء االسم اإللهي للشهادة على الحقيقة‪ ،‬ال‬
‫يمكن تأديته إال في الحقيقة‪ ،‬وبتمييز وصواب"‪.‬‬

‫‪ -2155‬تقتضي قداسة االسم اإللهي أن ال ُيلجأ إليه في األمور التافهة‪ ،‬وأن ال ُيجرى القسم في ظروف‬
‫القسم سلطات مدنية غير شرعية‪،‬‬
‫َ‬ ‫يؤول فيها أنه موافقة لسلطة تقتضيه بدون حق‪ .‬وعندما تقتضي‬ ‫يمكن أن َّ‬
‫يمكن رفضه‪ .‬ويجب رفضه عندما ُيقتضى لغايات تتعارض وكرامة األشخاص أو الشركة الكنسية‪.‬‬

‫‪ .III‬االسم المسيحي‬
‫ّ‬
‫قدس‬‫ِ‬
‫‪ُ -2156‬يمنح سر المعمودية "باسم اآلب واالبن والروح القدس" (متى ‪ .)19 ،28‬وفي المعمودية ُي ّ‬
‫اسم قديس‪ ،‬أي تلميذ قضى‬ ‫اسم الرب اإلنسان‪ ،‬ويحصل المسيحي على اسمه في الكنيسة‪ .‬ويمكن أن يكون‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫"اسم المعمودية"‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حياة في أمانة مثالية لربه‪ .‬ورعاية القديس تُقدم مثاال للمحبة وتؤكد شفاعته‪ .‬ويمكن أن ُي ّعّبر ُ‬
‫عن سر من األسرار أو فضيلة من الفضائل المسيحية‪" .‬ويجب أن يسهر األهل والعرابون والخوري على أن‬
‫ال ُيعطى اسم غريب عن الحس المسيحي"‪.‬‬

‫أعماله بإشارة الصليب‪" .‬باسم اآلب واالبن والروح القدس‪ .‬آمين"‪.‬‬


‫‪ -2157‬يبدأ المسيحي نهاره وصلواته و َ‬
‫المعمد نهاره لمجد هللا‪ ،‬ويستدعي نعمة المخلص التي تمكنه من أن يتصرف في الروح كابن لآلب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ويكرس‬
‫ُ‬
‫وإشارة الصليب تقوينا في التجارب والمصائب‪.‬‬

‫‪ -2158‬يدعو هللا كال باسمه‪ .‬واسم كل إنسان مقدس‪ .‬فاالسم هو أيقونة الشخص‪ .‬وهو يقتضي االحترام‪،‬‬
‫داللة على كرامة من يحمله‪.‬‬

‫‪ -2159‬االسم المتخذ هو اسم أبدي‪ .‬ففي الملكوت ستسطع في نور باهر السم ُة الشخصية والوحيدة لكل‬
‫شخص عليه اسم هللا‪" .‬من غلب‪ ...‬فإني أعطيه حصاة بيضاء‪ ،‬مكتوبا عليها اسم جديد‪ ،‬ال يعرفه أحد سوى‬
‫أيت فإذا بالحمل قائم على جبل صهيون ومعه مئة ألف وأربعة وأربعون ألفا عليهم‬
‫اآلخذ" (رؤ ‪" .)17 ،2‬ور ُ‬
‫اسم أبيه مكتوبا على جباههم" (رؤ ‪.)1 ،14‬‬
‫اس ُمه و ُ‬
‫ُ‬

‫‪76‬‬
‫بإيجاز‬
‫‪" -2160‬أيها الرب إلهنا‪ ،‬ما أعظم اسمك في كل األرض" (مز ‪.)2 ،8‬‬
‫‪ -2161‬تأمر الوصية الثانية باحترام اسم الرب‪ .‬فاسم الرب قدوس‪.‬‬
‫‪ -2162‬تنهى الوصية الثانية عن كل استعمال السم هللا غير الئق‪ .‬والتجديف يعني استعمال اسم هللا‪،‬‬
‫ويسوع المسيح‪ ،‬والعذراء مريم والقديسين بوجه مسيء‪.‬‬
‫‪ -2163‬القسم الباطل يستدعي هللا إلى الشهادة للكذب‪ .‬والحنث مخالفة جسيمة للرب األمين أبدا لوعوده‪.‬‬
‫‪" -2164‬ال تحلف ال بالخالق وال بالخليقة إال في الحقيقة والضرورة واإلجالل"‪.‬‬
‫‪ -2165‬بالمعمودية يتق بل المسيحي اسمه في الكنيسة‪ .‬ويجب أن يسهر األهل والعرابون والخوري على‬
‫أن يُعطى له اسم مسيحي‪ .‬ورعاية القديس تو فر مثال محبة وتؤكد صالته‪.‬‬
‫‪ -2166‬يبدأ المسيحي صلواته وأعماله بإشارة الصليب "باسم اآلب واالبن والروح القدس‪ .‬آمين"‪.‬‬
‫‪ -2167‬هللا يدعو كل انسان باسمه‪.‬‬

‫المقال الثالث‬
‫الوصية الثالثة‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫قدسه‪ .‬في ستة أيام تعمل وتصنع جميع أعمالك‪ ،‬واليوم السابع سبت للرب إلهك‪ ،‬ال‬
‫"اذكر يوم السبت لتُ ّ‬
‫ُ‬
‫تصنع فيه عمال" (خر ‪.)10 -8 ،20‬‬

‫أيضا" (مر ‪،2‬‬


‫"السبت ُجعل ألجل اإلنسان‪ ،‬ال اإلنسان ألجل السبت‪ ،‬ثم إن ابن البشر هو رب السبت ً‬
‫‪.)28 -27‬‬

‫السبت‬
‫‪ .1‬يوم ّ‬
‫سبت عطلة مقدس للرب" (خر ‪.)15 ،31‬‬
‫‪ -2168‬تُذكر الوصية الثالثة بقداسة يوم السبت‪" :‬اليوم السابع ُ‬
‫الرب إلهك في ستة أيام خلق السماوات واألرض‬
‫‪ -2169‬والكتاب‪ ،‬من هذا القبيل‪ ،‬يذ ّكر بالخلق‪" :‬ألن َّ‬
‫السبت وقدسه" (خر ‪.)11 ،20‬‬ ‫يوم َّ‬
‫والبحر وجميع ما فيها‪ ،‬وفي اليوم السابع استراح‪ .‬ولذاك بارك الرب َ‬

‫‪77‬‬
‫كنت عبدا‬
‫أيضا تذكا ار لتحرير اسرائيل من عبودية مصر‪" :‬أذكر أنك َ‬‫‪ُ -2170‬وُيبدي الكتاب في يوم الرب ً‬
‫في أرض مصر‪ ،‬فأخرجك الرب إلهك من هناك بيد قديرة وذراع مبسوطة‪ .‬ولذلك أمرك الرب إلهك بأن تحفظ‬
‫يوم السبت" (تث ‪.)15 ،5‬‬

‫‪ -2171‬لقد أودع هللا إسرائيل السبت لكي يحفظه عالمة للعهد األبدي‪ .‬والسبت بالنسبة إلى الرب‪ ،‬محفوظ‬
‫ومقدس لتسبيح هللا‪ ،‬وتسبيح عمل خلقه وأفعاله الخالصية لمصلحة إسرائيل‪.‬‬

‫مثال تصرف البشر‪ .‬فإذا كان هللا قد "استراح" في اليوم السابع (خر ‪،)17 ،31‬‬ ‫‪ -2172‬تصرف هللا هو ُ‬
‫فعلى اإلنسان أن "يتعطل" ويجعل اآلخرين‪ ،‬وال سيما الفقراء "يتروحون"‪ .‬السبت يوقف األعمال اليومية ُوُينيل‬
‫يوم احتجاج على عبودية العمل وعبادة المال‪.‬‬
‫راحة‪ .‬إنه ُ‬
‫‪ -2173‬يروي اإلنجيل أحداثا كثيرة اتهم فيها يسوع بمخالفة شريعة السبت‪ .‬ولكن يسوع لم َّ‬
‫يتعد أبدا قداسة‬
‫السبت ألجل اإلنسان‪ ،‬ال اإلنسان ألجل‬
‫ُ‬ ‫هذا النهار‪ .‬وقد شرح بما له من سلطة معناها الحقيقي‪" :‬لقد ُجعل‬
‫خلص‬
‫الخي ُر ال الشر‪ ،‬وأن تُ َّ‬
‫فعل ُ‬‫السبت" (مر ‪ .)27 ،2‬وبدافع الشفقة يستبيح المسيح في يوم السبت‪ ،‬أن ُي َ‬
‫نفس ال أن تُقتل‪ .‬السبت هو يوم رب المراحم وشرف هللا‪" .‬ابن اإلنسان هو رب السبت" (مر ‪.)28 ،2‬‬

‫الرب‬
‫‪ .2‬يوم ّ‬
‫"هذا هو اليوم الذي صنعه الرب‪ ،‬فلنبتهج ونتهلل فيه" (مز ‪.)24 ،118‬‬

‫يوم القيامة‪ :‬الخلق الجديد‬


‫‪ -2174‬قام يسوع من بين األموات "في اليوم األول من األسبوع" (مر ‪ .)2 ،16‬ويوم القيامة‪ ،‬بما أنه "اليوم‬
‫بالخلق األول‪ .‬وبما أنه "اليوم الثامن" الذي يأتي بعد السبت‪ ،‬فهو يعني الخلق الجديد الذي‬
‫األول"‪ ،‬فهو ُيذكر َ‬
‫يوم الرب‪ ،‬يوم‬
‫بدأ مع قيامة المسيح‪ .‬لقد صار بالنسبة إلى المسيحين َّأو َل جميع األيام‪ ،‬أول جميع األعياد‪َ ،‬‬
‫"األحد"‪" .‬إننا نجتمع كلنا في يوم الشمس ألنه اليوم األول (بعد سبت اليهود‪ ،‬وأيضا اليوم األول) الذي فيه‬
‫استخرج هللا المادة من الظلمات‪ ،‬فخلق العالم‪ ،‬وألن مخلصنا يسوع المسيح‪ ،‬في هذا اليوم عينه‪ ،‬قام من بين‬
‫األموات"‪.‬‬

‫السبت‬
‫األحد – تتميم ّ‬
‫‪ -2175‬يتميز األحد بوضوح من السبت وهو يتبعه زمنيا في كل أسبوع‪ ،‬ويقوم مقامه عند المسيحيين‬
‫بالنسبة إلى فريضته الطقسية‪ .‬إنه ُيِتّ ِّمم في فصح المسيح حقيقة السبت اليهودي الروحية‪ُ ،‬وُيعلن راحة اإلنسان‬
‫‪78‬‬
‫مارس فيها كان يمثل بعض المالمح‬ ‫ِ‬
‫تهيء سر المسيح‪ ،‬وما كان ي َ‬
‫ُ‬ ‫األبدية في هللا‪ .‬فإن عبادات الشريعة كانت‬
‫العائدة إلى المسيح‪.‬‬

‫"إن الذين كانوا يحيون بحسب نظام األشياء القديم‪ ،‬جاؤوا إلى الرجاء الجديد‪ ،‬فال يحافظون على السبت‬
‫بل على يوم الرب الذي فيه تُبارك حياتُنا به وبموته"‪.‬‬

‫‪ -2176‬االحتفال بيوم األحد يتمم الفريضة األخالقية المحفورة طبيعيا في قلب اإلنسان "أن يعبد هللا عبادة‬
‫خارجية‪ ،‬منظورة‪ ،‬علنية ومنتظمة تحت شعار إحسانه الشامل للبشر"‪ .‬وعبادة يوم األحد ِتتّ ِّمم فريضة العهد‬
‫وروحها باالحتفال كل أسبوع بخالق شعبه وفاديه‪.‬‬
‫َ‬ ‫إيقاعها‬
‫َ‬ ‫القديم األخالقية‪ ،‬فتُعيد‬

‫إفخارستيّا يوم األحد‬


‫نهار األحد‪ ،‬بيوم الرب وإفخارستياه هو في قلب حياة الكنيسة‪" .‬إن يوم األحد الذي‬
‫‪ -2177‬إن االحتفال‪َ ،‬‬
‫ُيحتفل فيه‪ ،‬منذ التقليد الرسولي‪ ،‬بالسر الفصحي يجب حفظه في الكنيسة جمعاء بكونه اليوم الرئيس بين‬
‫ظ أيام ميالد سيدنا يسوع المسيح‪ ،‬والظهور‪ ،‬والصعود وجسد ودم المسيح‬
‫األعياد المفروضة"‪" .‬كذلك يجب حف ُ‬
‫القديسين‬ ‫الم َّ‬
‫قدسين‪ ،‬ويوم القديسة مريم والدة اإلله‪ ،‬والحبل الطاهر بها‪ ،‬وانتقالها‪ ،‬ويوم القديس يوسف‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬
‫الرسولين بطرس وبولس‪ ،‬وجميع القديسين"‪.‬‬

‫‪ -2178‬هذه الممارسة التي تقوم بها الجماعة المسيحية تعود إلى أوائل العهد الرسولي‪ .‬وتذكر الرسالة إلى‬
‫اجتماعكم الخاص‪ ،‬كما هو من عادة البعض‪ ،‬بل حرضوا بعضكم بعضا" (عب‬
‫َ‬ ‫العبرانيين بأن "ال تهجروا‬
‫‪.)25 ،10‬‬

‫" يحتفظ التقليد بذكر تحريض ال يزال له قيمة حالية" "المجيء باك ار إلى الكنيسة‪ ،‬والتقرب إلى الرب‪،‬‬
‫إنهاء الصالة‪ ،‬وعدم‬
‫واإلعتراف بالخطايا‪ ،‬والندام ُة في الصالة‪ ،‬وحضور الليتورجيا المقدسة اإللهية‪ ،‬و ُ‬
‫اليوم للصالة واالستراحة‪ .‬إنه اليوم‬
‫الذهاب قبل إطالق السبيل لقد قلنا ذلك م اررا‪ :‬لقد أعطي لكم هذا ُ‬
‫الذي صنعه الرب‪ .‬فلنبتهج ونفرح به"‪.‬‬

‫وكل رعايتها‬
‫‪" -2179‬الرعية هي جماعة محددة من المؤمنين قائمة على وجه ثابت في كنيسة خاصة‪ ،‬تُ َ‬
‫إلى كاهن‪ ،‬كراع لها خاص‪ ،‬تحت سلطة األسقف األبرشي"‪ .‬إنها المكان الذي يمكن أن ُيجمع فيه كل‬
‫المسيحي على الصورة العادية للحياة‬
‫َّ‬ ‫المؤمنين لالحتفال باالفخارستيا يوم األحد‪ .‬والرعية تنشئ الشعب‬
‫الليتورجية‪ ،‬وتجمعه في ذلك االحتفال‪ ،‬وتعلم عقيدة المسيح الخالصية‪ ،‬وتمارس محبة الرب في أعمال‬
‫صالحة وأخوية‪.‬‬

‫اخ نحو هللا‬


‫وحيث يتصاعد الصر ُ‬
‫ُ‬ ‫"ال تستطيع الصالة في المنزل كما في الكنيسة‪ ،‬حيث العدد الغفير‪،‬‬
‫بقلب واحد‪ .‬هنا يوجد شيء أكثر‪ ،‬اتحاد العقول‪ ،‬واتحاد النفوس‪ ،‬ورباط المحبة‪ ،‬وصلوات الكهنة"‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫واجب األحد‬
‫‪ -2180‬وصية الكنيسة تجدد شريعة الرب وتوضحها‪" :‬إن المؤمنين ُم َلزمون بواجب المشاركة في القداس‪،‬‬
‫يوم األحد وأيام األعياد األخرى المفروضة"‪ِ .‬‬
‫"يتّ ِّمم إلزام المشاركة في القداس كل من يحضر القداس اُل ُمقام‬
‫نهار العيد نفسه أو مساء اليوم السابق"‪.‬‬
‫بحسب الطقس الكاثوليكي َ‬
‫‪ -2181‬إن إفخارستيا يوم األحد هي األساس والتثبيت لكل الممارسة المسيحية‪ .‬لذلك ُيلزم المؤمنون‬
‫جدي (من مثل المرض‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالمشاركة في االفخارستيا في األيام المفروضة‪ ،‬وما لم يعذرهم في ذلك سبب ّ‬
‫والعناية باألطفال)‪ ،‬أو يفسح لهم راعيهم الخاص‪ .‬والذين يخالفون عن قصد ذلك الواجب يرتكبون خطيئة‬
‫جسيمة‪.‬‬

‫‪ -2182‬إن المشاركة في االحتفال العام في االفخارستيا يوم األحد هي شهادة على االنتماء إلى المسيح‬
‫وكنيسته واألمانة لها‪ .‬ويؤكد المؤمنون بذلك شركتهم في اإليمان والمحبة‪ .‬ويشهدون معا لقداسة هللا ورجائهم‬
‫الخالص‪ .‬ويتقوون بعضهم مع البعض بإرشاد الروح القدس‪.‬‬

‫‪" -2183‬إذا استحالت المشاركة في االحتفال االفخارستي‪ ،‬لعدم توفر الخدام المكرسين‪ ،‬أو ألي سبب آخر‬
‫خطير‪ ،‬يوصى المؤمنون بشدة بأن يشاركوا في ليترجيا الكلمة‪ ،‬إذا وجدت‪ ،‬في الكنيسة الرعائية أو في مكان‬
‫المقامة بحسب الترتيبات التي وضعها األسقف األبرشي‪ .‬أو يقيمون الصالة مدة‬
‫مقدس آخر‪ ،‬تلك الليتورجيا ُ‬
‫الئقة من الزمن‪ ،‬إنفراديا أو مع األسرة‪ ،‬أو‪ ،‬بحسب الظروف‪ ،‬مع جماعة من األسر"‪.‬‬

‫يوم نعمة وعطلة من العمل‬


‫‪ -2184‬كما أن هللا "استراح في اليوم السابع من جميع أعماله الذي عمل" (تك ‪ ،)2 ،2‬كذلك حياة اإلنسان‬
‫الجميع بما يكفي من الراحة والفراغ‬
‫ُ‬ ‫تجري على إيقاع العمل والراحة‪ .‬إنشاء يوم الرب يساهم في أن َي َ‬
‫نعم‬
‫ليتمكنوا من العناية بحياتهم العائلية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والدينية‪.‬‬

‫‪ -2185‬في اآلحاد وأيام األعياد األخرى المفروضة‪ ،‬يتمنع المؤمنون عن تعاطي األشغال أو النشاطات‬
‫التي تحول دون تقديم العبادة الواجبة هلل‪ ،‬واالبتهاج اُل ُمالزم ليوم الرب‪ ،‬وممارسة اعمال الرحمة‪ ،‬أو الراحة‬
‫الالزمة للنفس والجسد‪ .‬وتكون الضرورات العائلية أو الفائدة االجتماعية أعذا ار شرعية في فريضة الراحة يوم‬
‫ِ‬
‫األحد‪ .‬ويجب أن ُيعني المؤمنون بأن ال تُدخ َل األعذار الشرعية عو َ‬
‫ائد ُمضرة بالدين‪ ،‬والحياة العائلية والصحة‪.‬‬
‫"محب ُة الحقيقة تسعى إلى الراحة المقدسة‪ ،‬وضرورةُ المحبة َّ‬
‫تتقبَّل العمل القويم"‪.‬‬

‫‪ -2186‬على المسيحيين الذين تتوفر لهم أسباب الراحة أن يتذكروا إخوتهم الذين لهم االحتياجات نفسها‬
‫والحقوق نفسها‪ ،‬ولكنهم ال يستطيعون االستراحة بسبب الفقر والعوز‪ .‬وقد درجت التقوى المسيحية تقليديا‬
‫‪80‬‬
‫على تخصيص يوم األحد باألعمال الصالحة‪ ،‬والخدمات المتواضعة للمرضى‪ ،‬وذوي العاهات والمسنين‪.‬‬
‫ويقدس المسيحيون ً‬
‫أيضا يوم األحد بإعطاء أسرتهم وأقاربهم من الوقت والعناية ما يصعب توفره في أيام‬
‫األسبوع األخرى‪ .‬يوم األحد يوم تفكير وصمت‪ ،‬وثقافة وتأمل‪ ،‬وهي أمور تُساعد على نمو الحياة الداخلية‬
‫والمسيحية‪.‬‬

‫‪ -2187‬تقديس أيام اآلحاد واألعياد يقتضي جهدا مشتركا‪ .‬وعلى كل مسيحي أن يتحاشى أن يفرض على‬
‫اآلخرين‪ ،‬دون اضطرار‪ ،‬ما يمنعهم من حفظ يوم الرب‪ .‬وعندما تقتضي العادة (رياضة‪ ،‬مطاعم‪ ..‬الخ)‬
‫والضرورات االجتماعية (الخدمات العامة‪ ،‬الخ) من البعض عمال يوم األحد‪ ،‬تقع على كل واحد المسؤولية‬
‫العطل الجماعية من إفراط‬ ‫عن المؤمنون بأن يتحاشوا برصانة ومحبة ما تولده ُ‬
‫ولي َ‬
‫عن وقت كاف للراحة‪ُ .‬‬
‫وعنف‪ .‬وعلى السلطات العامة‪ ،‬أن تسهر‪ ،‬رغما عن الضغوط االقتصادية‪ ،‬على أن توِّفر للمواطنين وقتا‬
‫للراحة ولعبادة هللا‪ .‬على أصحاب العمل واجب مماثل تجاه عمالهم‪.‬‬

‫‪ -2188‬على المسيحيين ان يسعوا إلى أن ُيعترف بأيام اآلحاد واألعياد الكنسية أيام عطل رسمية‪ ،‬مع‬
‫احترام الحرية الدينية والخير العام للجميع‪ .‬وعليهم أن ُيعطوا للجميع مثال علنيا على الصالة‪ ،‬واالحترام‪،‬‬
‫والفرح‪ ،‬وأن يدافعوا عن تقاليدهم‪ ،‬فيساهموا هكذا مساهمة ثمينة في الحياة الروحية للمجتمع اإلنساني‪ .‬وإذا‬
‫قض هذا النهار‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬كيوم خالصنا الذي‬
‫فلي َ‬ ‫كانت شرائع البلد أو أسباب أخرى ُت ُ‬
‫لزم بالعمل يوم األحد‪ُ ،‬‬
‫يجعلنا نشترك في "محفل العيد" هذا‪ .‬وفي "جماعة األبكار المكتوبين في السماوات" (عب ‪.)23 -22 ،12‬‬

‫بإيجاز‬
‫سبت راحة مقدس للرب"‬
‫‪" -2189‬إحفظ يوم السبت وقدسه" (تث ‪" .)12 ،5‬في اليوم السابع ُ‬
‫(خر ‪.)15 ،31‬‬
‫‪ -2190‬إن السبت الذي كان يمثل انتهاء الخلق األول أبدل باألحد الذي يذكر بالخلق الجديد الذي بدأ‬
‫بقيامة المسيح‪.‬‬
‫‪ -2191‬تحتفل الكنيسة بيوم قيامة المسيح في اليوم الثامن‪ ،‬وهو يسمى بحقّ يوم الرب أو األحد‪.‬‬
‫‪" -2192‬يجب أن يحفظ األحد في الكنيسة جمعاء بكونه يوم العيد المفروض الرئيس"‪" .‬إن المؤمنين‬
‫ملزمون بواجب المشاركة في القداس يوم األحد وأيام األعياد األخرى المفروضة"‪.‬‬
‫‪ -2193‬ليمتنع المؤمنون في أيام اآلحاد واألعياد األخرى المفروضة عن األشغال واألعمال التجارية‪،‬‬
‫التي من شأنها أن تحول دون تقديم العبادة الواجبة هلل‪ ،‬والفرح المالزم ليوم الرب أو الراحة الواجبة للنفس‬
‫والجسد"‪.‬‬
‫‪ -2194‬إن إنشاء يوم األحد يُساهم في "ان ينعمَ الجميع بما يكفي من الراحة والفراغ للقيام بمقتضيات‬
‫الحياة العائلية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬واالجتماعية والدينية"‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ -2195‬على كل مسيحي أن يتحاشى أن يفرض على اآلخرين دون اضطرار ما يمنعهم من حفظ يوم‬
‫الرب‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫سكَ "‬
‫"أحبب قريبَكَ كنف ِ‬

‫قال يسوع لتالميذه‪" :‬أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا" (يو ‪.)34 ،13‬‬

‫‪ -2196‬أجاب يسوع عن السؤال عن الوصية األولى بقوله‪" :‬األولى هي‪ :‬إسمع يا إسرائيل‪ ،‬الرب إلهنا هو‬
‫الرب الوحيد‪ .‬فأحبب الرب إلهك بكل قلبك‪ ،‬وكل نفسك‪ ،‬وكل ذهنك‪ ،‬وكل قوتك"‪ .‬والثانية هي‪" :‬أحبب قريبك‬
‫كنفسك"‪ .‬وليس من وصية أخرى أعظم من هاتين‪( .‬مر ‪.)31 -29 ،12‬‬
‫َ‬
‫ويذكر القديس بولس بذلك‪" :‬إن من أحب القريب قد أتم الناموس‪ .‬فإن هذه الوصايا‪ :‬ال تزن‪ ،‬ال تقتل‪ ،‬ال‬
‫تسرق‪ ،‬ال تشهد بالزور‪ ،‬ال تشته‪ ،‬وكل وصية أخرى ٌتلخص في هذه الكلمة‪" :‬أحبب قريبك كنفسك"‪ .‬إن‬
‫تصن ُع بالقريب شرا‪" .‬فالمحبة إذن هي تمام الناموس" (روم ‪.)10 -8 ،13‬‬
‫المحبة ال ُ‬

‫المقال الرابع‬
‫الوصية الرابعة‬
‫ّ‬

‫مرك في األرض التي يعطيك الرب إلهك" (خر ‪.)12 ،20‬‬ ‫َّ‬
‫"أكرم اباك وأ َّمك لكي يطول ُع ُ‬
‫"وكن خاضعا لهما" (لو ‪.)51 ،2‬‬

‫ولقد ذكر الرب يسوع نفسه بقوة "وصية هللا هذه"‪ .‬والرسول يعلم قائال‪" :‬أنتم أيها األوالد‪ ،‬أطيعوا والديكم‬
‫نصيب‬
‫َ‬ ‫أمك‪ .‬تلك هي الوصية األولى التي ُأنيط بها وعد‪" :‬لكي‬
‫في الرب‪ ،‬فإن ذلك عدل‪ .‬أكرم أباك و ّ‬
‫خيرا‪ ،‬وتطول أيامك على األرض" (أف ‪.)3 -1 ،6‬‬

‫‪ -2197‬الوصية الرابعة تفتتح اللوحة الثانية‪ .‬إنها تدل على نظام المحبة‪ .‬فلقد أراد هللا أن ُنكرم بعده والدينا‬
‫الذين أعطونا الحياة والذين نقلوا إلينا معرفة هللا‪ .‬فنحن ملزمون باإلكرام واالحترام لجميع أولئك الذين أوالهم‬
‫هللا سلطته ألجل خيرنا‪.‬‬

‫‪ -2198‬تُ ِّ‬
‫عب ُر هذه الفريضة بصيغة إيجابية عن واجبات ال بد من القيام بها‪ .‬وهي تُ ِ‬
‫خبر بالوصايا الالحقة‬
‫خاص بالحياة‪ ،‬والزواج وخيرات األرض والكالم‪ .‬وهي من أركان عقيدة الكنيسة االجتماعية‪.‬‬
‫المعنية باحترام ّ‬

‫‪83‬‬
‫‪ -2199‬تتوجه الوصية الرابعة بوضوح إلى األوالد في عالقتهم بأبيهم وأمهم‪ ،‬ألن هذه العالقة هي األعم‪.‬‬
‫أيضا بعالئق القرابة مع أعضاء الجماعة العائلية‪ .‬وتقضي بتأدية اإلكرام‪ ،‬والمحبة‪ ،‬واالعتراف بالجميل‬
‫وتُعنى ً‬
‫للجدود واألقدمين‪ .‬وتمتد أخي ار إلى واجبات التالميذ تجاه المعلم‪ ،‬والعاملين تجاه رب العمل‪ ،‬والمرؤوسين تجاه‬
‫رؤسائهم‪ ،‬والمواطنين تجاه وطنهم ومن يديرونه ويحكمونه‪ .‬وتقتضي هذه الوصية وتتناول ضمنا واجبات‬
‫الوالدين واألوصياء‪ ،‬والمعلمين‪ ،‬والرؤساء‪ ،‬والقضاة‪ ،‬والحكام‪ ،‬وكل الذين يمارسون سلطة على اآلخرين أو‬
‫على جماعة من األشخاص‪.‬‬

‫‪ -2200‬يتضمن حفظ الوصية الرابعة مكافأة‪" :‬أكرم أباك وأمك لكي يطول عمرك في األرض التي يعطيك‬
‫الرب إلهك" (خر ‪ .)12 ،20‬إن احترام هذه الوصية يوفر‪ ،‬مع الخيور الروحية‪ ،‬خيو ار زمنية من سالم‬
‫وازدهار‪ .‬وعلى العكس تؤدي مخالفتها إلى أضرار جسيمة تصيب الجماعات واألشخاص البشرية‪.‬‬

‫األسرة في تصميم هللا‬ ‫‪.I‬‬


‫طبيعة األسرة‬
‫‪ -2201‬تقوم الشراكة الزوجية على رضى الزوجين‪ .‬والزواج واألسرة يهدفان إلى خير الزوجين وإنجاب‬
‫البنين وتنشئتهم‪ .‬ويكون حب الزوجين وإنجاب األوالد بين أعضاء األسرة الواحدة عالئق شخصية ومسؤوليات‬
‫أولية‪.‬‬

‫‪ -2202‬يؤلف الرجل والمرأة المتحدان بالزواج مع أوالدهما أسرة‪ .‬وهذا الواقع سابق لكل اعتراف من ِقَبل‬
‫السلطة العامة‪ ،‬ويفرض نفسه عليها‪ .‬ويجب اعتبارها المرجع الشرعي الذي بموجبه تُقدر صيغ القرابة بأنواعها‪.‬‬

‫‪ -2203‬لقد أنشأ هللا األسرة البشرية بخلقه الرجل والمرأة‪ ،‬وخصها بنظامها األساسي‪ .‬أعضاؤها أشخاص‬
‫متساوون في الكرامة‪ .‬وتقتضي األسرة‪ ،‬في سبيل الخير العام ألعضائها وللمجتمع‪ ،‬تنوعا في المسؤوليات‬
‫والحقوق والواجبات‪.‬‬

‫األسرة المسيحية‬
‫‪" -2204‬األسرة المسيحية هي كشف وتحقيق على نحو خاص للشركة الكنسية‪ ،‬لهذا السبب يجب أن تُدعى‬
‫بمثابة كنيسة منز ّلية"‪ .‬إنها شرك ُة إيمان ورجاء ومحبة‪ .‬ولها في الكنيسة أهمية خاصة كما يبدو ذلك في‬
‫العهد الجديد‪.‬‬

‫‪ -2205‬األسرة المسيحية هي اتحاد أشخاص‪ ،‬هي أثر وصورة التحاد اآلب واالبن في الروح القدس‪.‬‬
‫وعملها في اإلنجاب والتنشئة هو انعكاس عمل اآلب الخالق‪ .‬إنها مدعوة للمشاركة في صالة المسيح‬
‫وذبيحته‪ .‬والصالة اليومية وقراءة كالم هللا يقويان فيها المحبة‪ .‬واألسرة المسيحية هي ِّ‬
‫مبشرة وإرسالية‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -2206‬العالئق ضمن األسرة تستتبع تقاربا في العواطف والود والمصالح يتأتى خصوصا من االحترام‬
‫مميزة مدعوة إلى "اتفاق في الرأي عند األزواج واشتراك للوالدين في‬
‫المتبادل بين األشخاص‪ .‬األسرة شركة ّ‬
‫تربية األبناء"‪.‬‬

‫األسرة والمجتمع‬ ‫‪.II‬‬


‫األصلية للحياة االجتماعية‪ .‬إنها المجتمع الطبيعي حيث الرجل والمرأة مدعوان‬
‫ّ‬ ‫الخلية‬
‫‪ -2207‬األسرة هي ّ‬
‫إلى عطاء الذات في الحب وفي عطاء الحياة‪ .‬إن السلطة واالستقرار وحياة العالئق ضمن األسرة تكون‬
‫أركان الحرية واألمن واألخوة في المجتمع‪ .‬األسرة هي الجماعة التي يمكن فيها منذ الطفولة تَ َع ُلم القيم‬
‫األخالقية‪ ،‬والشروع في إكرام هللا‪ ،‬وحسن استعمال الحرية‪ .‬والحياة في األسرة هي تنشئة على الحياة في‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ -2208‬يجب أن تعيش األسرة بحيث يتعلم أعضاؤها االهتمام واالضطالع بالصغار والشيوخ‪ .‬والمرضى‬
‫والمعاقين والفقراء‪ .‬وهناك أسر كثيرة تجد نفسها عاجزة أحيانا عن تقديم هذا العون‪ .‬فيعود حينئذ لغيرهم‪،‬‬
‫أخرى‪ ،‬وبالتالي للمجتمع أن يلبوا احتياجاتهم‪" :‬إن الديانة الطاهرة الزكية‪ ،‬في نظر هللا اآلب‪ ،‬هي‬
‫ألسر ُ‬
‫و ُ‬
‫افتقاد اليتامى واألرامل في ضيقهم‪ ،‬وصيانة النفس من دنس العالم" (يع ‪.)27 ،1‬‬

‫األسر القيام‬
‫‪ -2209‬يجب مساعدة األسرة والدفاع عنها بإجراءات اجتماعية مناسبة‪ .‬فحيث ال تستطيع َ‬
‫بمهماتها‪ ،‬يتوجب على الهيئات اإلجتماعية األخرى أن تساعدها وتساند المؤسسة العائلية‪ .‬وبحسب قانون‬
‫التسلسلية‪ ،‬تتورع الجماعات الكبرى من اغتصاب صالحياتها أو التدخل في شؤون حياتها‪.‬‬

‫‪ -2210‬إن أهمية األسرة بالنسبة إلى حياة المجتمع ورخائه تقتضيه مسؤولية خاصة عن مساندة الزواج‬
‫واألسرة وترسيخهما‪ .‬وعلى السلطة المدنية أن تعتبر من واجبها الخطير "االعتراف بطبيعتهما الحقيقية‪،‬‬
‫وحمايتهما‪ ،‬والدفاع عن اآلداب العامة‪ ،‬وتشجيع االزدهار العائلي"‪.‬‬

‫‪ -2211‬على الجماعة السياسية واجب إكرام األسرة ومساعدتها‪ .‬وعليها أن توفر لها‪:‬‬

‫‪ -‬حرية إنشاء بيت‪ ،‬وإنجاب أوالد‪ ،‬وتنشئتهم بحسب معتقداتها األخالقية والدينية‪.‬‬
‫‪ -‬صيانة استقرار الرباط الزوجي والمؤسسة العائلية‪.‬‬
‫‪ -‬حرية االعتراف بالدين‪ ،‬ونقله‪ ،‬وتنشئة األبناء عليه‪ ،‬بالوسائل والمؤسسات الضرورية لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في الملكية الخاصة‪ ،‬وحرية السعي والحصول على عمل وعلى مسكن‪ ،‬والحق في الهجرة‪.‬‬
‫والحق‪ ،‬بحسب قوانين البالد‪ ،‬في العناية الطبية‪ ،‬وإعانة المسنين‪ ،‬والمساعدات العائلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صيانة األمن واألجواء الصحية‪ ،‬خصوصا بالنسبة إلى أخطار مثل المخدرات واإلباحية الجنسية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والمشروبات الكحولية‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬حرية تكوين تكتالت مع أسر أخرى‪ ،‬والحصول هكذا على تمثيل لدى السلطات المدنية‪.‬‬

‫‪ -2212‬الوصية الرابعة توضح العالئق األخرى في المجتمع‪ .‬فنرى في إخوتنا وأخواتنا أبناء والدينا‪ ،‬وفي‬
‫أبناء وطننا‪ ،‬وفي المعمدين أبناء أمنا الكنيسة‪ ،‬وفي كل‬
‫ونس ُل أجدادنا‪ ،‬وفي مواطنينا َ‬ ‫أبناء العم والخال ُ‬
‫شخص بشري أبنا أو ابنتا لذاك الذي يريد أن ندعوه "أبانا"‪ .‬وبذلك تصير عالئقنا بالقريب من نمط شخصي‪.‬‬
‫فال يكون القريب "فردا " من المجموعة البشرية‪ ،‬وإنما هو "شخص" يستحق‪ ،‬بأصوله المعروفة‪ ،‬انتباها‬
‫واحتراما خصوصيين‪.‬‬

‫‪ -2213‬تتأّلف الجماعات البشرية من اشخاص‪ .‬وحكمهم الصالح ال يقف عند حدود تأمين الحقوق‪ ،‬وتتميم‬
‫الواجبات‪ ،‬واألمانة للعهود‪ .‬والعالئق القويمة بين أرباب العمل والعمال‪ ،‬والحكام والمواطنين‪ ،‬تفترض المحاسنة‬
‫الطبيعية الموافقة لكرامة األشخاص البشرية‪ ،‬والمعنية بالعدالة واألخوة‪.‬‬

‫واجبات أعضاء األسرة واجبات األبناء‬ ‫‪.III‬‬


‫األبوة اإللهية هي منبع األبوة البشرية‪ ،‬وهي التي عليها يقوم إكرام الوالدين‪ .‬يتغذى احترام األبناء‪،‬‬
‫‪ُ -2214‬‬
‫صغا ار وكبارا‪ ،‬ألبيهم وإمهم‪ ،‬بالحب الطبيعي الناتج من الرابط الذي بينهم‪ .‬انه مما تقتضيه الفريضة اإللهية‪.‬‬

‫(بر الوالدين) يتكون من االعتراف بجميل أولئك الذين بعطاء الحياة ومحبتهم‬ ‫‪ -2215‬احترام الوالدين ّ‬
‫وعملهم وضعوا أوالدهم في العالم ومكنوهم من النمو في القامة والحكمة والسن‪" .‬أكرم أباك بكل قلبك وال‬
‫تنس مخاض ِأّ ِّمك‪ ،‬أذكر أنك بهما ُك ِّونت فماذا تجزيهما مكافأة عما جعال لك؟" (سي ‪.)28 -27 ،7‬‬
‫َ‬
‫‪ -2216‬يظهر االحترام البنوي بالطواعية والطاعة الحقيقيتين‪" .‬إرع يا بني وصية أبيك وال ترفض شريعة‬
‫أمك‪ .‬هما يهديانك في سيرك ويحافظان عليك في رقادك‪ ،‬وإذا استيقظت‪ ،‬فهما يحدثانك" (أمثال ‪-20 ،6‬‬
‫‪" .)22‬االبن الحكيم يسمع تأديب أبيه‪ ،‬وأما الساخر فال يسمع التوبيخ" (أمثال ‪.)1 ،13‬‬

‫‪ -2217‬على الولد‪ ،‬ما دام عائشا في بيت والديه‪ ،‬أن يطيع الوالدين في كل ما يطلباه مما هو لخيره أو‬
‫لخير األسرة‪" .‬أيها األوالد أطيعوا والديكم في كل شيء‪ ،‬فإن هذا مرضي لدى الرب" (كول ‪ .)20 ،3‬وعلى‬
‫أيقن الولد‬ ‫ِ‬ ‫أيضا أن يطيعوا أوامر مربيهم المعقولة‪ ،‬وأوامر كل من َع ِه َد‬
‫األهل باألوالد إليهم‪ .‬ولكن إذا َ‬
‫ُ‬ ‫األوالد ً‬
‫يقينا ضميريا أن طاعة ألمر ما هي شر أخالقي‪ ،‬فعليه ّأال َيتَّبعه‪ .‬ويبقى األوالد عندما يكبرون على احترام‬

‫والديهم‪ .‬ويبادرون إلى تحقيق رغباتهم‪ ،‬ويرتاحون إلى طلب نصائحهم‪ ،‬ويتقبلون تأنيباتهم ُ‬
‫المصيبة‪ .‬والطاعة‬
‫للوالدين تنتهي بتحرر األوالد‪ ،‬ويبقى االحترام الواجب إلى األبد‪ .‬وهذا أساسه مخافةُ هللا‪ ،‬التي هي مواهب‬
‫الروح القدس‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -2218‬وتُذكر الوصية الرابعة األوالد‪ ،‬عندما يكبرون‪ ،‬بمسؤوليتهم تجاه والديهم‪ .‬فعليهم‪ ،‬قدر استطاعتهم‪،‬‬

‫أن يؤدوا لهم العون الم َ‬


‫ادي والمعنوي‪ ،‬في سنوات شيخوختهم‪ ،‬وإبان المرض والوحدة والشدة‪ .‬ويسوع يذكر‬
‫بواجب العرفان بالجميل هذا‪.‬‬

‫أثبت ُحكم األم في البنين‪ .‬من أكرم أباه فإنه يكفر خطاياه ويمتنع‬
‫"إن الرب قد أكرم األب في األوالد و َ‬
‫ويستجاب له في صالة كل يوم‪ .‬ومن احترم أمه فهو كمدخر الكنوز‪ .‬من أكرم أباه ُسر بأوالده وفي‬‫عنها ُ‬
‫صالته ُيستجاب له‪ .‬من احترم أباه طالت أيامه ومن أطاع أباه أراح أمه" (سي ‪" .)6 -2 ،3‬يا بني‬‫يوم َ‬
‫هنه وأنت في وفور قوتك‪.‬‬
‫ض ُعف عقله فاعذر‪ ،‬وال تُ ُ‬
‫حز نه في حياته‪ .‬وإن َ‬‫أعن أباك في شيخوخته وال تَ ُ‬
‫المجدف‪ ،‬ومن غاظ أمه فهو ملعون من الرب" (سي ‪.)16 .13 -12 ،3‬‬
‫من خذل أباه فهو بمنزلة ُ‬
‫أيضا العالئق بين األخوة واألخوات‪.‬‬‫‪ -2219‬االحترام البنوي يعزز انسجام الحياة العائلية كلها‪ ،‬ويعني ً‬
‫فاحترام األهل ُينير كل الجو العائلي‪" .‬إكليل الشيوخ بنو البنين وفخر البنين وآباؤهم" (أمثال ‪" .)6 ،17‬احتملوا‬
‫بعضكم بعضا بمحبة‪ ،‬بكل تواضع ووداعة وصبر" (أف ‪.)2 ،4‬‬

‫‪ -2220‬على المسيحيين واجب شكر خاص لمن تقبلوا منهم عطية اإليمان‪ ،‬ونعمة المعمودية والحياة في‬
‫الكنيسة‪ .‬وقد يتعلق األمر بالوالدين‪ ،‬أو باآلخرين من أعضاء األسرة‪ ،‬أو بالجدود‪ ،‬أو بالرعاة‪ ،‬أو بمعلمي‬
‫ذكر إيمانك الذي ال رثاء فيه‪ ،‬الذي استقر أوال في جدتك لوئيس‬
‫"أحيي َ‬
‫الدين أو بمعلمين آخرين وأصدقاء‪َ .‬‬
‫وفي أمك افتيكي‪ ،‬وأعتقد أنه مستقر فيك أيضا" (‪ 2‬طيم ‪.)5 ،1‬‬

‫واجبات الوالدين‬
‫‪ -2221‬خصب الحب الزوجي ال يقتصر على إنجاب األوالد فحسب‪ ،‬ولكن يجب أن يمتد إلى تنشئتهم‬
‫عوض إال‬
‫لذات شأن كبير بحيث إذا فُقدت ال تُ َّ‬
‫مهمة الوالدين في التربية ُ‬ ‫إن ّ‬ ‫الخلقية وتربيتهم الروحية‪ّ " .‬‬
‫ُب ُعسر"‪ .‬الحق في التربية وواجبها هما بالنسبة إلى الوالدين من األوليات ومما ال يمكن التنازل عنه‪.‬‬

‫بشرية‪ .‬وهم‬
‫ّ‬ ‫‪ -2222‬على الوالدين أن ينظروا إلى أوالدهم نظرتهم إلى أوالد هللا‪ ،‬وأن يحترموهم كأشخاص‬
‫يربون أوالدهم على تتميم شريعة هللا بأن يكونوا هم أنفسهم مطيعين لمشيئة اآلب السماوي‪.‬‬

‫‪ -2223‬الوالدون هم المسؤولون األولون عن تربية أوالدهم‪ُ .‬وُيظهرون هذه المسؤولية أوال بتأسيس بيت‪،‬‬
‫حيث القاعدة هي الحنان والمسامحة واالحترام واألمانة والخدمة النزيهة‪ .‬البيت هو مكان مالئم لتربية‬
‫الفضائل‪ .‬وهذه تقتضي تعلم إنكار الذات‪ ،‬والحكم السليم‪ ،‬السيطرة على الذات‪ ،‬وهي الشروط الضرورية لكل‬
‫حرية حقيقية‪ .‬وعلى الوالدين أن يعلموا أوالدهم إخضاع "األبعاد الطبيعية والغريزية لألبعاد الداخلية والروحية"‪.‬‬
‫على ع اتق الوالدين مسؤولية جسيمة عن إعطاء األمثال الصالحة ألوالدهم‪ .‬وإذا ارتضوا باالعتراف أمامهم‬
‫بنقائصهم الخاصة‪ ،‬كانوا أكثر جدارة بإرشادهم وتأديبهم‪:‬‬

‫‪87‬‬
‫"من أحب ابنه أكثر من ضربه‪ ،‬من أدب ابنه يجتني ثمر تأديبه" (متى ‪" .)2 -1 ،30‬وأنتم أيها اآلباء‬
‫ال تُحنقوا أوالدكم‪ ،‬بل ربوهم بالتأديب والموعظة" (أف ‪.)4 ،6‬‬

‫‪ -2224‬البيت هو المحيط الطبيعي لتنشئة الكائن البشري على التضامن والمسؤوليات الجماعية‪.‬‬

‫وعلى الوالدين أن يعلموا األوالد التحرز من المشاركة في التسويات والرديات التي تهدد المجتمعات البشرية‪.‬‬
‫‪ -2225‬لقد تقبل الوالدون‪ ،‬بنعمة سر الزواج‪ ،‬المسؤولية واالمتياز لتبشير أوالدهم‪ .‬وعليهم أن ينشئوهم منذ‬
‫نعومة أظافرهم على أسرار اإليمان‪ ،‬وهو فيه ألوالدهم "أول المعلمين"‪ .‬وعليهم أن يجعلوهم يشتركون منذ‬
‫الطفولة في حياة الكنيسة‪ .‬إن نمط العيش العائلي يستطيع أن يغذي استعدادات عاطفية تبقى مدى الحياة‬
‫مداخل أصيلة وأسنادا أليمان حي‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -2226‬يجب أن تبدأ تربية الوالدين ألبنائهم على اإليمان منذ الطفولة األولى‪ .‬وهي تُعطي منذ أن يساعد‬
‫ضهم بعضا على النمو في اإليمان بشهادة حياة مسيحية منسجمة مع اإلنجيل‪ .‬التعليم‬ ‫بع ُ‬
‫أعضاء األسرة ُ‬
‫الديني في األسرة يسبق ويصحب ويغني أشكال تعليم اإليمان األخرى‪ .‬وللوالدين رسالة تعليم أوالدهم الصالة‬
‫وقلب الحياة الليتورجية لألسر المسيحية‪ .‬إنها‬
‫واكتشاف دعوتهم أبناء هلل‪ .‬والرعية هي الجماعة االفخارستية‪ُ ،‬‬
‫المكان المميز للتعليم الديني بالنسبة إلى األوالد والوالدين‪.‬‬

‫نمو والديهم في القداسة‪ .‬وعليهم جميعا‪ ،‬وعلى كل واحد بمفرده‪ ،‬أن‬


‫‪ -2227‬يساهم األوالد بدورهم في ّ‬
‫ضهم لبعض عن اإلهانات والخصومات‪ ،‬والمظالم وصنوف االهمال‪،‬‬ ‫بع ُ‬
‫يصفحوا صفحا كريما ومتواصال‪ُ ،‬‬
‫وذلك ما يوحي به الحب المتبادل وما تقتضيه محبة المسيح‪.‬‬

‫‪ -2228‬يبين احترام الوالدين محبتُهم‪ ،‬إبان الطفولة‪ ،‬أوال بما يبذلون من عناية وانتباه لتنشئة أوالدهم‪ ،‬وتلبية‬
‫الروحية‪ .‬وإبان النمو‪ ،‬يقود ذلك االحترام واالخالص الوالدين إلى تربية أوالدهم على‬
‫ّ‬ ‫احتياجاتهم الطبيعية و‬
‫أن ُيحسنوا استعمال عقلهم وحريتهم‪.‬‬

‫‪ -2229‬بما أن الوالدين هم المسؤولون األولون عن تربية أوالدهم‪ ،‬فلهم الحق في أن يختاروا لهم المدرسة‬
‫التي تتوافق ومعتقداتهم الشخصية‪ .‬وهذا الحق أساسي ألن على الوالدين الواجب أن يختاروا’ قدر المستطاع‪،‬‬
‫المدارس التي تساعدهم بوجه أفضل على االضطالع بمه متهم بصفة كونهم مربين مسيحيين‪ .‬وعلى السلطات‬
‫المدنية أن تتكفل للوالدين بهذا الحق‪ ،‬وأن تؤمن الشروط الحقيقية لممارسته‪.‬‬

‫‪ -2230‬عندما يصبح األوالد كبارا‪ ،‬عليهم الواجب بأن يختاروا مهنتهم وحالتهم في الحياة‪ ،‬وذلك حق‬
‫لهم‪ .‬ويقومون بهذه المسؤوليات الجديدة في عالقة ثقة بوالديهم‪ ،‬فيطلبوه منهم ويتقبلوه بارتياح اآلراء والنصائح‪.‬‬
‫ويعني الوالدون بأن ال ُيكرهوا أوالدهم ال على اختيار مهنة وال على اختيار زوج‪ .‬وواجب التحفظ هذا ال‬
‫يمنعه م بل‪ ،‬على العكس‪ ،‬يحملهم على مساعدتهم بآراء حصيفة‪ ،‬خصوصا عندما يعزم هؤالء على تأسيس‬
‫أسرة‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫‪ -2231‬يمتنع البعض عن الزواج في سبيل االعتناء بوالديهم‪ ،‬أو بإخوتهم وأخواتهم‪ ،‬أو لحصر اهتمامهم‬
‫بمهنة أو ألسباب أخرى شريفة‪ .‬هؤالء بإمكانهم أن يساهموا مساهمة كبرى في خير األسرة البشرية‪.‬‬

‫األسرة والملكوت‬ ‫‪.IV‬‬


‫‪ -2232‬ان العالئق في األسرة على أهميتها ليست مطلقة‪ .‬فكما أن الولد يتنامى نحو النضج واالستقالل‬
‫الذاتي بشريا وروحيا‪ ،‬كذلك دعوته الخاصة اآلتية من هللا تتأكد بوضوح وقوة أكبر‪ .‬وعلى الوالدين أن يحترموا‬
‫هذا النداء ويساندوا أوالدهم في االستجابة له‪ .‬وال بد من االعتقاد بأن دعوة المسيحي األولى هي في ا ّتباع‬
‫يسوع‪" :‬من أحب أباه أو أمه أكثر مني فال يستحقني‪ ،‬ومن أحب ابنه أو بنتَه أكثر مني فال يستحقني" (متى‬
‫‪.)37 ،10‬‬

‫‪ -2233‬أن يصير االنسان تلميذا ليسوع‪ ،‬ذلك يعني قبول الدعوة إلى االنتماء إلى أسرة هللا‪ ،‬وإلى العيش‬
‫يعمل مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي" (متى ‪.)50 ،12‬‬ ‫ُ‬ ‫وفاقا لنمط حياته‪" :‬كل من‬
‫على الوالدين أن يتقبلوا ويحترموا بفرح وشكر نداء من الرب ألحد أوالدهم أن يتبعه في البتولية ألجل الملكوت‪،‬‬
‫أو في الحياة المكرسة‪ ،‬أو الخدمة الكهنوتية‪.‬‬

‫السلطات في المجتمع المدني‬


‫ُّ‬ ‫‪.V‬‬
‫أيضا بإكرام كل من تقبلوا من هللا‪ ،‬ألجل خيرنا‪ ،‬سلطة في المجتمع‪ .‬وهي‬
‫‪ -2234‬تأمرنا الوصية الرابعة ً‬
‫تنير واجبات من يمارسون السلطة َ‬
‫ومن هي لفائدتهم‪.‬‬

‫السلطة المدنية‬
‫واجبات ُّ‬
‫‪ -2235‬على من يمارسون السلطة أن يمارسوها كخدمة‪" .‬من أراد أن يكون فيكم كبي ار يكون لكم خادما"‬
‫(متى ‪ .)26 ،20‬وتُقاس ممارس ُة السلطة أخالقيا بأصلها اإللهي‪ ،‬وطبيعتها العاقلة‪ ،‬وموضوعها الخاص‪.‬‬
‫وليس ألحد أن يأمر أو ينشئ ما يتعارض مع كرامة األشخاص والشريعة الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -2236‬تهدف ممارسة السلطة إلى إظهار تراتبية صحيحة بين القيم‪ ،‬لتسهيل ممارسة الحرية والمسؤولية‬
‫ِ‬
‫باالعتبار االحتياجات ومساهمة كل واحد‪،‬‬ ‫لدى الجميع‪ .‬فالرؤساء يمارسون العدالة التوزيعية بحكمة‪ ،‬آخذين‬
‫ِ‬
‫وفي سبيل الوفاق والسالم‪ .‬ويسهرون على أن ال تُدخ َل القو ُ‬
‫اعد واالجراءات التي يتخذونها في التجربة‪ ،‬بجعل‬
‫المصلحة الشخصية في معارضة مصلحة الجماعة‪.‬‬

‫اجب احترام الحقوق األساسية للشخص البشري‪ .‬وعليها ان تحكم بالعدل‪،‬‬


‫السياسية و ُ‬
‫ّ‬ ‫السلطات‬
‫‪ -2237‬على ُّ‬
‫المعدمين‪ .‬يمكن ويجب أن تُعطى الحقو ُق السياسية‬
‫األسر و َ‬
‫حترمة حق كل واحد‪ ،‬وال سيما ُ‬
‫بوجه إنساني‪ُ ،‬م َ‬
‫‪89‬‬
‫المرتبطة بالمواطنية بحسب مقتضيات الخير العام‪ .‬وال يمكن أن تعلَقها السلطات العامة بدون سبب شرعي‬
‫ومتناسب‪ .‬وممارسة الحقوق السياسية ُم َعدة لخير األمة العام‪ ،‬ولخير الجماعة البشرية‪.‬‬

‫واجبات المواطنين‬
‫‪ -2238‬على من يخضعون للسلطة أن يروا في رؤسائهم ممثلين هلل الذي جعلهم خدام عطاياه‪" .‬اخضعوا‬
‫من أجل الرب لكل هيئة سلطان بشري‪ .‬تصرفوا كأحرار‪ .‬ال كمن يتخذ من الحرية ستا ار للخبث‪ ،‬بل كعبيد‬
‫هللا" (‪ 1‬بط ‪ .)16 .13 ،2‬ومساهمتهم النزيهة تتضمن الحق وأحيانا الواجب‪ ،‬في أن ُينحوا باللوم على ما‬
‫يبدو لهم ُمسيئا إلى كرامة األشخاص وخير الجماعة‪.‬‬

‫‪ -2239‬واجب المواطنين أن يساهموا مع السلطات المدنية في خير المجتمع بروح الحقيقة والعدالة‬
‫الخضوعُ‬
‫ُ‬ ‫ويرتبط حب الوطن وخدمته بواجب االعتراف بالجميل وبنظام المحبة‪ .‬ويقتضي‬ ‫والتضامن والحرية‪َ .‬‬
‫للسلطات الشرعية وخدمة الخير العام من المواطنين أن يقوموا بدورهم في حياة الجماعة السياسية‪.‬‬

‫المشارك ُة في المسؤولية عن الخير العام‪ ،‬من الوجهة األخالقية‪ ،‬تسديد‬


‫‪ -2240‬يقتضي الخضوع للسلطة و ُ‬
‫الضرائب‪ ،‬وممارسة حق االقتراع‪ ،‬والدفاع عن البلد‪:‬‬

‫"أدوا اذن للجميع حقوقهم‪ :‬الجزية لمن له الجزية‪ ،‬والجباية لمن له الجباية‪ ،‬والمهابة لمن له المهابة‪،‬‬
‫والكرامة لمن له الكرامة" (روم ‪.)7 ،13‬‬

‫"يقيم المسيحيون في وطنهم الخاص‪ ،‬ولكن كغرباء فيه‪ .‬يتممون جميع واجباتهم كمواطنين ويتحملون‬
‫جميع أعبائهم كغرباء‪ .‬يخضعون للشرائع المقررة‪ ،‬ونمط عيشهم يتغلب على الشرائع‪ .‬والمكانة التي أوالهم‬
‫سمح لهم بأن يهجروا"‪ُ .‬يحرضنا الرسول على أن نقيم صلوات وتشكرات‬
‫إياها هللا هي من النبل بحيث ال ُي َ‬
‫ألجل الملوك وجميع ذوي السلطات "لنقضي حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار" (‪ 1‬طيم ‪.)2 ،2‬‬

‫‪ -2241‬على األمم التي تنعم بوفر أكبر ان تستقبل قدر المستطاع الغريب الباحث عن السالمة وعن‬
‫المنافع الحيوية التي ال يستطيع أن يجدها في بلده األصلي‪ .‬وتسهر السلطات العامة على احترام الحق‬
‫الطبيعي الذي يجعل الضيف تحت حماية من يتقبلونه‪ .‬تستطيع السلطات السياسية ألجل الخير العام الذي‬
‫تضطلع به ان تُخضع ممارسة حق الهجرة لشروط قانونية متعددة‪ ،‬وخصوصا الحترام المهاجرين واجباتهم‬
‫تجاه البلد الذي تبناهم‪ .‬وعلى المهاجر أن يحترم شاك ار اإلرث المادي والروحي للبلد الذي استقبله‪ ،‬وأن‬
‫يخضع لشرائعه وان يساهم في أعبائه‪.‬‬

‫اجب ضمير بأن ال يخضع ألوامر السلطات المدنية عندما تفرض ما يتعارض‬ ‫‪ -2242‬على المواطن و ُ‬
‫ومقتضيات النظام الخلقي‪ ،‬والحقوق األساسية لألشخاص وتعاليم اإلنجيل‪ .‬ورفض الطاعة للسلطات المدنية‪،‬‬
‫عندما تكون متطلباتها متعارضة مع الضمير المستقيم‪ ،‬يجد تبريره في التمييز بين خدمة هللا وخدمة الجماعة‬
‫‪90‬‬
‫السياسية‪" .‬أعطوا ما لقيصر لقيصر‪ ،‬وما هلل هلل" (متى ‪" .)21 ،22‬ان هللا أحق من الناس بالطاعة" (رسل‬
‫‪.)29 ،5‬‬

‫"حيثما تتجاوز السلطة حدود صالحياتها‪ ،‬وتجور على المواطنين‪ ،‬ليس ألولئك المواطنين ان يرفضوا ما‬
‫يقتضيه الخير العام عمليا‪ .‬إال أنه يحق لهم ان يدافعوا عن حقوقهم وحقوق مواطنيهم‪ ،‬ويقاوموا تجاوزات‬
‫هذه السلطة‪ ،‬على أن ُيراعوا الحدود التي رسمتها الشريعة الطبيعية والشريعة اإلنجيلية"‪.‬‬

‫‪ -2243‬مقاومة ضغط السلطة السياسية ال تلجأ شرعيا إلى السالح إال إذا اجتمعت لها الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬في حالة وجود تجاوزات أكيدة وجسيمة ومتمادية للحقوق األساسية‪.‬‬


‫‪ -2‬وبعد استنفاد جميع المراجعات األخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬ودون إحداث اضطرابات شرها أكبر‪.‬‬
‫‪ -4‬وأن يكون أمل في النجاح راسخ‪.‬‬
‫‪ -5‬وإذا استحال التكهن على وجه معقول بوجود حلول أفضل‪.‬‬

‫الجماعات السياسية والكنيسة‬


‫لحكمها‪ ،‬وتراتبية‬
‫‪ -2244‬كل مؤسسة تستوحي‪ ،‬وإن ضمنيا مفهوما لإلنسان ومصيره‪ ،‬وتستمد منه مستندا ُ‬
‫وخطة لس ِ‬
‫يرها‪ .‬معظم المجتمعات تُسند مؤسساتها إلى نوع من تفوق اإلنسان على األشياء‪ .‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫لق َيمها‪ُ ،‬‬
‫مصدر اإلنسان ومآله‪ .‬والكنيسة‬
‫ُ‬ ‫الديانة الموحى بها إلهيا اعترفت وحدها بوضوح أن هللا‪ ،‬الخالق الفادي‪ ،‬هو‬
‫تدعو السلطات السياسية إلى إسناد أحكامها وق ارراتها إلى وحي الحقيقة هذا عن هللا وعن اإلنسان‪.‬‬

‫إن المجتمعات التي تجهل هذا الوحي أو ترفضه باسم استقاللها عن هللا‪ ،‬يؤدي بها األمر إلى التماس‬
‫مراجعها وغايتها في ذاتها‪ ،‬أو استعارتها من أدلجة ما‪ .‬وألنها ال تقبل باعتماد مقياس موضوعي للخير‬
‫والشر‪ ،‬فهي تولي نفسها على اإلنسان ومصيره سلطانا كليا معلنا أو خفيا‪ ،‬كما يدل على ذلك التاريخ‪.‬‬

‫‪" -2245‬إن الكنيسة التي ليس بينها وبين الجماعة السياسية أي التباس‪ ،‬بسبب مهمتها وصالحيتها‪ ،‬هي‬
‫وضمانه"‪ .‬الكنيسة "تحترم وتشجع حرية‬
‫ُ‬ ‫في الوقت عينه‪ ،‬الدلُي ُل على الطابع السامي للشخص البشري‬
‫المواطنين السياسية كما تحترم وتشجع مسؤوليتهم"‪.‬‬

‫‪ -2246‬إنه من رسالة الكنيسة "أن تُصدر حكما أدبيا حتى في األمور التي تتعلق بالنظام السياسي‪ ،‬عندما‬
‫تقتضي ذلك حقو ُق اإلنسان األساسية أو خالص النفوس‪ ،‬معتمدة جميع الوسائل التي ال تخرج عن نطاق‬
‫وخير الجميع وفاقا الختالف األوضاع واألزمنة"‪.‬‬
‫اإلنجيل والتي تتماشى َ‬

‫بإيجاز‬
‫‪91‬‬
‫‪" -2247‬أكرم أباك وأمك" (تث ‪16 ،5‬؛ مر ‪.)10 ،7‬‬
‫‪ -2248‬بحسب الوصية الرابعة‪ ،‬أراد هللا أن نكرم بعده و ِ‬
‫الدينا والذين أوالهم السلطة ألجل خيرنا‪.‬‬
‫‪ -2249‬الجماعة الزوجية تقوم على العهد والرضى بين الزوجين‪ .‬والزواج واألسرة هما لخير الزوجين‪،‬‬
‫وإلنجاب األوالد وتربيتهم‪.‬‬
‫‪" -2250‬إن عافيةَ الشخص والمجتمع البشري والمسيحية شديدة التعلق بوضع الجماعة الزوجية والعائلية"‪.‬‬
‫‪ -2251‬على األوالد تجاه والديهم واجب االحترام ومعرفة الجميل‪ ،‬والطاعة الصحيحة والعون‪.‬‬
‫واالحترام البنوي يعزز انسجام الحياة العائلية كِلّها‪.‬‬
‫‪ -2252‬الوالدون هم المسؤولون األولون عن تربية أوالدهم على اإليمان والصالة وجميع الفضائل‪ .‬وعليهم‬
‫أن يلبوا‪ ،‬قدر المستطاع‪ ،‬احتياجات أوالدهم الطبيعية والروحية‪.‬‬
‫‪ -2253‬على الوالدين أن يحترموا ويشجعوا دعوة أوالدهم‪ ،‬وألن يذكروا ويعلموا أن دعوة المسيحي األولى‬
‫هي إلى اتباع يسوع‪.‬‬
‫‪ -2254‬السلطة العامة مُلزمة باحترام الحقوق األساسية للشخص البشري وشروط ممارسته حريته‪.‬‬
‫‪ -2255‬واجب المواطنين العمل مع ال سلطات المدنية على بناء المجتمع‪ ،‬بروح الحقيقة والعدالة‬
‫والتضامن والحرية‪.‬‬
‫‪ -2256‬على المواطن واجب ضميري بأن ال يتبع أوامر السلطات المدنية عندما تكون تلك األوامر‬
‫متعارضة ومقتضيات النظام األخالقي‪" .‬إن هللا أحق من الناس بالطاعة"‪( .‬رسل ‪.)29 ،5‬‬
‫‪ -2257‬كل مجتمع يستند في أحكامه وسلوكه إلى مفهوم لإلنسان ومصيره‪ .‬وبدون أنوار اإلنجيل عن هللا‬
‫واإلنسان‪ ،‬تصبح المجتمعات بسهولة مجتمعات توتاليتارية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫المقال الخامس‬
‫الوصية الخامسة‬
‫ّ‬

‫"ال تقتل" (خر ‪.)13 ،20‬‬

‫"سمعتم أنه قيل لألقدمين‪" :‬ال تقتل‪ ،‬فإن من قتل يستوجب المحاكمة"‪ .‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬إن من غضب‬
‫على أخيه يستوجب المحاكمة" (متى ‪.)22 -21 ،5‬‬

‫الخلق‪ ،‬وهي تبقى أبدا على عالقة‬


‫مقدسة‪ ،‬ألنها منذ أصلها اقتضت عمل هللا في َ‬ ‫‪" -2258‬حياة اإلنسان ّ‬
‫سيد الحياة منذ بدايتها إلى نهايتها‪ :‬ليس ألحد في أي ظرف من‬
‫خاصة بالخالق‪ ،‬غايتها الوحيدة‪ .‬هللا وحده ّ‬
‫الظروف أن يدعي لنفسه الحق في أن ُيدمر مباشرة كائنا بشريا بريئا"‪.‬‬

‫احترام الحياة البشرية‬ ‫‪.I‬‬


‫المقدس‬
‫ّ‬ ‫شهادة التاريخ‬
‫‪ -2259‬يكشف الكتاب المقدس‪ ،‬منذ بدء التاريخ البشري‪ ،‬في قصة قتل قايين أخاه هابيل‪ ،‬عن وجود‬
‫الغضب والشهوة في اإلنسان‪ ،‬وهما نتيجة الخطيئة األصلية‪ .‬فأصبح اإلنسان عدو شبهه‪ .‬ولقد بين هللا خبث‬
‫هذا القتل األخوي‪" :‬فقال‪ :‬ماذا صنعت؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إلي من األرض‪ .‬واآلن فملعون أنت‬
‫ّ‬
‫يدك" (تك ‪.)11 -10 ،4‬‬
‫من األرض التي فتحت فاها لتقبل دماء أخيك من َ‬
‫ِ‬
‫وعنف اإلنسان القاتل‪:‬‬ ‫‪ -2260‬إن عهد هللا والبشرية منسوج من ذكريات عطاء هللا الحياة البشرية‪،‬‬

‫دمه عن يد اإلنسان‪ ،‬ألنه على‬ ‫ِ‬


‫"أما دماؤكم‪ ،‬فأطلبها من كل واحد منكم‪ .‬من سفك دم اإلنسان ُسفك ُ‬
‫صنع اإلنسان" (تك ‪ .)6 -5 ،9‬لقد رأى العهد القديم دوما في الدم داللة مقدسة على الحياة‪.‬‬
‫صورة هللا ُ‬
‫وضرورة هذا التعليم قائمة في كل األزمنة‪.‬‬

‫لهما" (خر ‪ .)7 ،23‬فقتل‬


‫يء والبار ال تَ ُقت ُ‬
‫‪ -2261‬يحدد الكتاب المقدس تحريم الوصية الخامسة بقوله‪" :‬البر ُ‬
‫البريء عن عمد يتعارض بوجه خطير وكرامة الكائن البشري‪ ،‬وقاعدة الخالق الذهبية‪ ،‬وقداسته‪ .‬والشريعة‬
‫التي تحظره قائمة على وجه شامل‪ :‬إنها ُتلزم الجميع وكل واحد‪ ،‬في كل زمان ومكان‪.‬‬

‫منع‬
‫‪ُ -2262‬يذكر الرب في عظته على الجبل بهذه الوصية‪" :‬ال تقتل" (متى ‪ُ .)21 ،5‬وُيضيف إليها َ‬
‫أعداءه‪ ،‬وهو‬
‫َ‬ ‫ويحب‬
‫الغضب والضغينة والثأر‪ .‬ويطلب المسيح من تلميذه أكثر من ذلك أن يقدم الخد اآلخر‪ُ ،‬‬
‫ذاته لم يدافع عن نفسه‪ ،‬وقال لبطرس أن يدع السيف في غمده‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الدفاع المشروع عن النّفس‬
‫ّ‬
‫المشروعُ عن األشخاص والمجتمعات استثناء من تحريم قتل البريء‪ ،‬الذي هو قتل‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2263‬ليس الدفاع‬
‫ظ اإلنسان على حياته‪،‬‬
‫االنسان عن عمد‪" .‬إن القيام بالدفاع عن النفس قد ينتُج منه نتيجتان‪ :‬واحدة هي حفا ُ‬
‫والثاني ُة موت المعتدي"‪" .‬ال شيء يمنع من أن تنتج من عمل واحد نتيجتان‪ ،‬واحدة منها هي المقصودة‬
‫والثانية ال"‪.‬‬

‫‪ -2264‬ان حب الذات يبقى مبدا أساسيا في األخالق‪ .‬فمن حق اإلنسان أن يجعل اآلخرين يحترمون حقه‬
‫اضطر أن يسدد إلى المعتدي عليه ضربة‬
‫َّ‬ ‫في الحياة‪ .‬من ُيدافع عن حياته ليس مذنبا بقتل إنسان‪ ،‬وإن‬
‫قاضية‪:‬‬

‫"إذا مارس اإلنسان في الدفاع عن نفسه ُعنفا يزيد عن الضروري يكون ذلك غير جائز‪ ،‬ولكن إذا دفع‬
‫العنف بمقياس‪ ،‬يكون ذلك جائز‪ .‬وليس من الضروري للخالص أن يتخلى اإلنسان عن فعل الدفاع‬
‫القياسي ليتحاشى قتل اآلخر‪ ،‬ألن التزام السهر على الحياة الخاصة أكبر منه على حياة اآلخرين"‪.‬‬

‫‪ -2265‬قد يكون الدفاع المشروع ليس فقط حقا بل واجبا خطي ار بالنسبة إلى من هو مسؤول عن حياة‬
‫اآلخرين‪ .‬الدف اع عن الخير العام يقتضي جعل المعتدي الظالم عاج از عن اإليذاء‪ .‬واستنادا إلى ذلك‪ ،‬يحق‬
‫ألصحاب السلطة الشرعية اللجوء حتى إلى األسلحة لرد المعتدين على الجماعة المدنية الموكولة إلى‬
‫مسؤوليتهم‪.‬‬

‫تبذل الدولة جهدا لمنع انتشار التصرفات التي تضر‬


‫ظ على خير المجتمع العام يقتضي أن َ‬ ‫‪ -2266‬الحفا ُ‬
‫بحقوق اإلنسان وبالقواعد األساسية للعيش معا في المجتمع‪ .‬من حق السلطة الشرعية ومن واجبها إنزال‬
‫التعويض عن اإلساءة الناتجة عن المذنب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العقوبات المناسبة لجسامة الجرم‪ .‬إن هدف العقوبة األول هو‬
‫وإذا تق بل المذنب هذه العقوبة طوعا تكون لها قيم ُة التكفير‪ .‬والعقوبة‪ ،‬عالوة على كونها تحافظ على النظام‬
‫العام وعلى أمن األشخاص‪ ،‬لها هدف عالجي‪ ،‬وعليها‪ ،‬قدر المستطاع‪ ،‬أن تسهم في إصالح المذنب‪.‬‬

‫‪ -2267‬إن لجوء السلطة الشرعية إلى عقوبة اإلعدام‪ ،‬بعد محاكمة منتظمة‪ ،‬قد اعتُبر لفترة طويلة‪ ،‬استجابة‬
‫مناسبة لخطورة بعض الجرائم‪ ،‬ووسيلة مقبولة‪ ،‬وإن كانت قصوى‪ ،‬بهدف حماية الصالح العام‪ .‬هناك اليوم‬
‫وعي متزايد بأن كرامة الشخص ال تضيع حتى بعد ارتكابه جرائم خطيرة‪ .‬وإضافة إلى ذلك‪ ،‬لقد انتشر فهم‬
‫تم تطوير أنظمة احتجاز أكثر فعالية تضمن‬ ‫أخيرا‪ ،‬لقد ّ‬
‫جديد لمعنى العقوبات الجنائية من قبل الدولة‪ .‬و ً‬
‫حماية مناسبة للمواطنين‪ ،‬لكنها في الوقت نفسه ال تحرم الجاني بشكل دائم من إمكانية التوبة‪ .‬لذلك‪ ،‬تعّلم‬
‫تمس بحرمة اإلنسان وكرامته"‪ ،‬وهي تعمل‬
‫الكنيسة‪ ،‬في ضوء اإلنجيل‪ ،‬أن "عقوبة اإلعدام غير مقبولة ألنها ّ‬
‫بتصميم على إلغائها في جميع أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫القتل المتعمّد‬
‫‪ -2268‬تنهي الوصية الخامسة عن القتل المباشر وعن َعمد بكونه خطيئة جسيمة‪ .‬فالقاتل ومن يشاركونه‬
‫وقتل‬
‫وقتل الوالدين‪ُ ،‬‬ ‫طوعا بالقتل يرتكبون خطيئة تصرخ إلى السماء طالبة الثأر‪ُ .‬‬
‫قتل األوالد‪ ،‬وقتل اإلخوة‪ُ ،‬‬
‫الرُبط الطبيعية‪ .‬واالهتمام بتحسين النسل والصحة‬
‫الزوج‪ ،‬هي جرائم لها خطورة خاصة بسبب ما تفصمه من ُ‬
‫العامة ال يمكن أن يسوغ أي قتل‪ ،‬حتى الذي تأمر به السلطات العامة‪.‬‬

‫‪ -2269‬تمنع الوصية الخامسة عن عمل أي شيء بنية التسبب بطريقة غير مباشرة بقتل شخص‪ .‬وتمنع‬
‫ِ‬
‫مساعدة شخص في خطر‪ .‬إن‬ ‫يض إنسان دون سبب جسيم لخطر الموت‪ ،‬ور َ‬
‫فض‬ ‫الشريعة الطبيعية تعر َ‬
‫قبول المجتمع البشري بالمجاعات القاتلة‪ ،‬دون بذل الجهد في سبيل معالجتها‪ ،‬ظلم فاضح وذنب جسيم‪.‬‬
‫والتجار الذين بممارستهم الربى والجشع يسببون الجوع والموت إلخوانهم في البشرية‪ ،‬يرتكبون بوجه غير‬
‫يستتبع مسؤولية أخالقية‪ .‬ولكن ال ُيعذر‬
‫ُ‬ ‫مباشر قتل اإلنسان‪ .‬وهم مسؤولون عنه‪ .‬القتل عن غير عمد ال‬
‫اإلنسان على ذنب جسيم إذا تصرف‪ ،‬دون أسباب مناسبة‪ ،‬تصرفا ينتج منه الموت‪ ،‬وإن لم تكن هناك نية‬
‫ُ‬
‫القتل‪.‬‬

‫االجهاض‬
‫‪ -2270‬ال بد من احترام الحياة البشرية وصيانتها على وجه ُمطلق منذ وقت الحبل‪ .‬وال بد من االعتراف‬
‫للكائن البشري‪ ،‬منذ أول لحظة من حياته‪ ،‬بحقوق الشخص‪ ،‬ومنها الحق في الحياة الذي ال يمكن تخطيه‪،‬‬
‫والعائد لكل كائن بريء‪.‬‬

‫قدستُ َك" (ار ‪.)5 ،1‬‬ ‫أص ِّورك في البطن عرفتُك وقبل أن تخرج من َّ‬
‫الرح ِم َّ‬ ‫"قبل أن ُ‬
‫ورقمت في أسافل األرض" (مز ‪.)15 ،139‬‬
‫نعت تحت حجاب ُ‬
‫ص ُ‬ ‫تخف ذاتي عليك‪ ،‬مع أني ُ‬
‫"لم َ‬
‫‪ -2271‬لقد اكدت الكنيسة منذ القرن األول شر كل إجهاض مفتعل على الصعيد األخالقي‪ .‬وهذا التعليم‬
‫لم يتغير‪ .‬وهو باق دون تعديل‪ .‬اإلجهاض المباشر‪ ،‬أي الذي يريده اإلنسان غاية ووسيلة‪ ،‬يتعارض بوجه‬
‫خطير مع الشريعة األخالقية‪:‬‬

‫"ال تقتل الجنين باإلجهاض‪ ،‬وال تُهلك المولود الجديد"‪.‬‬


‫ِ‬
‫الحفاظ على الحياة‪ ،‬وهي ُمهمة شريفة يجدر‬ ‫"إن هللا سيد الحياة والموت قد ع ِهد إلى البشر في م ِه ِ‬
‫مة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫باإلنسان أن يقوم بها قياما يليق به‪ .‬فالحياة منذ وجودها بالحبل‪ ،‬يجب الحفاظ عليها بكل عناية‪.‬‬
‫وقتل األجنة هما جريمتان منكرتان"‪.‬‬
‫اإلجهاص ُ‬
‫ُ‬

‫‪95‬‬
‫‪ -2272‬المساعدة الفعلية على اإلجهاض هي ذنب جسيم‪ .‬والكنيسة تعاقب بعقوبة اُل ُحرم القانونية هذا‬
‫الحرم حكما"‪" ،‬بذات فعل‬ ‫ُ‬ ‫اإلجرام إلى الحياة البشرية‪" .‬من يفعل اإلجهاض ُيصبه‪ ،‬إذا حصلت النتيجة‪،‬‬
‫الجرم" وبالشروط التي وضعها الحق الكنسي‪ .‬والكنيسة ال تريد هكذا تضييق مجال الرحمة‪ .‬وإنما‬ ‫ارتكب ُ‬
‫المرتَكب‪ ،‬واألذى الذي ال يمكن تعويضه الالحق بالبريء المقتول‪ ،‬وبوالديه وبالمجتمع‬ ‫ِ‬
‫تظه ُر جسامة الجرِم ُ‬
‫كله‪.‬‬
‫ِّ‬
‫المكونة‬ ‫‪ -2273‬حق كل فرد بشري بريء في الحياة‪ ،‬الذي ال يمكن التنازل عنه‪ ،‬هو عنصر من العناصر‬
‫المجتم ُع المدني والسلطة السياسية وأن يحترما حقوق الشخص‬
‫ُ‬ ‫للمجتمع المدني وتشريعه‪" :‬يجب أن يعترف‬
‫ّ‬
‫يمكن التنازل عنها‪ .‬وحقوق اإلنسان ليست متعلقة باألفراد‪ ،‬أو الوالدين‪ ،‬وليست تنازال من المجتمع‬
‫ُ‬ ‫التي ال‬
‫تخص الطبيعة البشرية وهي مالزمة للشخص بفعل الخلق الذي منها تستمد أصلها‪ .‬وبين‬ ‫أو الدولة‪ ،‬إنها ُ‬
‫هذه الحقوق األساسية‪ ،‬ال بد من تسمية الحق في الحياة والطبيعة المكتملة لكل كائن بشري منذ الحبل حتى‬
‫الموت"‪" .‬عندما تحرم شريعة وضعية فريقا من الكائنات البشرية من الحماية التي يجب أن ُيوفرها لهم التشريع‬
‫المدني‪ ،‬تبلغ الدولة حد إنكار مساواة الجميع أمام الشريعة‪ .‬وعندما تمتنع الدولة عن وضع قوتها في خدمة‬
‫حقوق جميع المواطنين‪ ،‬وال سيما األضعف بينهم‪ ،‬تصبح أركان دولة الحق ذاتها َ‬
‫مهددة‪ .‬وعلى الشريعة‪،‬‬
‫تأمينها للولد منذ الحبل به‪ ،‬أن تُ َّ‬
‫عد عقوبات جزائية مناسبة على كل مخالفة‬ ‫بنتيجة االحترام والحماية الواجب ُ‬
‫متعمدة لهذه الحقوق"‪.‬‬

‫‪ -2274‬بما أنه من الواجب معاملة الجنين منذ الحبل به كشخص‪ ،‬فال بد من الدفاع عن سالمته الجسدية‪،‬‬
‫ورعايته وشفائه قدر المستطاع‪ ،‬مثل أي كائن بشر ّي آخر‪ .‬من الجائز أخالقيا إجراء الفحص الذي يسبق‬
‫الوالدة‪" ،‬إذا احترم حياة الجنين البشري وكماله الطبيعي‪ ،‬وإذا كان يهدف إلى حمايته أو شفائه الفردي‪.‬‬
‫ويكون متعارضا على وجه خطير مع الشريعة األخالقية‪ ،‬عندما ُيتوقع استنادا إلى النتائج‪ ،‬إمكان إحداث‬
‫إجهاض‪ .‬يجب أن ال يكون الفحص معادال لحكم موت"‪.‬‬

‫‪" -2275‬يجب اعتبار اإلجراءات على الجنين البشري جائزة‪ ،‬شرط أن تُ َ‬


‫حترم حياة الجنين وسالمته الجسدية‪،‬‬
‫وأن ال تسبب له أخطا ار أكبر‪ ،‬بل أن تهدف إلى شفائه أو إلى تحسن أوضاعه الصحية‪ ،‬أو إلى إبقائه على‬
‫قيد الحياة"‪" .‬إنتاج أجنة بشرية مهيأة لالستثمار كمادة حيوية جاهزة عمل يتعارض واألخالق"‪" .‬بعض‬
‫محاوالت التد ّخل في االرث الكروموزومي أو التناسلي ليست للعالج‪ ،‬وإنما تسعى إلى استحداث كائنات‬
‫ّ‬
‫بشرية مختارة بحسب الجنس أو صفات أخرى مقررة مسبقا‪ .‬ان هذا التالعب يتعارض وكرامة الكائن البشري‬
‫الشخصية‪ ،‬وكماَله وهويتَه" الفريدة والتي ال يمكن أن تتكرر‪.‬‬

‫الميسرة‬
‫ّ‬ ‫"األوتَنازيّا" أو الميتة‬

‫‪96‬‬
‫تضاءلت حياتُهم أو ضعفت يقتضون احتراما خاصا‪ .‬واألشخاص المرضى أو المعاقون يجب‬
‫َ‬ ‫‪ -2276‬من‬
‫مساندتُهم ليحيوا حياة طبيعية قدر المستطاع‪.‬‬

‫حد لحياة أشخاص معاقين‪،‬‬


‫ووسائلها‪ ،‬تقوم على وضع ّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -2277‬ان "األوتنازيا" المباشرة‪ ،‬مهما كانت أسباُُبها‬
‫أو مرضى‪ ،‬أو على شفير الموت‪ .‬وهي غير مقبولة من الوجهة األخالقية‪ .‬وهكذا فكل عمل أو إهمال من‬
‫الموت للقضاء على األلم‪ ،‬هو قتل يتعارض بوجه خطير وكرام َة الشخص‬
‫َ‬ ‫شأنه أن يسبب بذاته وبنية صاحبه‬
‫البشري‪ ،‬واحترام هللا الحي‪ ،‬خالقه‪ ،‬والخطأ في التفكير الذي قد يقع فيه اإلنسان عن حسن نية‪ ،‬ال يغير‬
‫طبيعة فعل القتل هذا‪ ،‬الذي يجب أبدا حظره وإقصاؤه‪.‬‬

‫المكلفة والخطرة وغير العادية‪ ،‬أو التي ال تتناسب والنتائج المرتقبة‪،‬‬


‫‪ -2278‬التوقف عن اإلجراءات الطبية ُ‬
‫يمكن أن يكون شرعيا‪ .‬إنه رفض "التعنت العالجي "‪ .‬فليست النية عندئذ التسبب بالموت‪ ،‬وإنما القبول‬
‫بالعجز عن الحؤول دونه‪ .‬ويجب أن يتخذ المريض القرار إذا كانت له الصالحية والقدرة‪ ،‬وإن ال فمن لهم‬
‫ومصالحه المشروعة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الصالحية القانونية‪ ،‬على أن تُحتَ َرم أبدا إرادةُ المريض المعقول ُة‬

‫‪ -2279‬ال يمكن بوجه شرعي التوقف عن إعطاء المساعدات الواجبة عادة لشخص مريض‪ ،‬وإن ُحسب‬
‫المشرف على الموت‪ ،‬وإن كان فيها خطر تقصير‬ ‫استعمال المسكنات لتخفيف آالم ُ‬
‫ُ‬ ‫مشرفا على الموت‪ .‬و‬
‫أيام‪ ،‬يمكن أن يكون متوافقا مع الكرامة البشرية‪ ،‬إذا لم يكن الموت مقصودا‪ ،‬كغاية أو وسيلة‪ ،‬وإنما متوقعا‬
‫ومحتمال بكونه ال مهرب منه‪ .‬العالجات المسكنة هي صيغة مميزة للمحبة النزيهة‪ .‬وبناء على ذلك يجب‬
‫تشجيعها‪.‬‬

‫االنتحار‬
‫‪ -2280‬كل انسان مسؤول عن حياته امام هللا الذي منحه إياها‪ ،‬ويبقى هو سيدها األعظم‪ .‬ونحن ملزمون‬
‫بتقبلها بالشكر‪ ،‬وبصونها إكراما له‪ ،‬وألجل خالص نفوسنا‪ .‬فنحن الوكالء ولسنا أصحاب الملك بالنسبة إلى‬
‫الحياة التي أودعنا هللا إياها‪ .‬وليس لنا حق التصرف بها‪.‬‬

‫وميل الكائن البشري الطبيعي إلى الحفاظ على حياته واستم ارريتها‪ .‬إنه يتعارض‬
‫‪ -2281‬يتعارض االنتحار َ‬
‫أيضا يسيء إلى محبة القريب‪ ،‬ألنه يقطع دون حق ُربط التضامن‬
‫بوجه خطير ومحبة الذات الصحيحة‪ .‬وهو ً‬
‫مع المجتمعات العائلية والوطنية واإلنسانية‪ ،‬التي لها علينا واجبات‪ .‬واالنتحار يتعارض مع محبة هللا الحي‪.‬‬

‫أيضا خطورة المعثرة‪.‬‬


‫‪ -2282‬إذا ارتكب االنتحار بنية إعطاء المثل‪ ،‬خصوصا للصغار‪ ،‬فهو يتلبس ً‬
‫والمساعدةُ المقصودةُ على االنتحار تتعارض والشريعة األخالقية‪ .‬يمكن االضطرابات النفسية الخطيرة‪ ،‬والقلق‬
‫والخوف الشديد من المحنة‪ ،‬واأللم أو التعذيب‪ ،‬ان تخفف مسؤولية المنتحر‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ -2283‬يجب أن ال نيأس من خالص األشخاص األبدي‪ ،‬إذا ما انتحروا‪ ،‬فاهلل يستطيع ان يهيئ لهم‪،‬‬
‫بالطرق التي يعلمها‪ ،‬الظرف المالئم لندامة تخلصهم‪ .‬والكنيسة تصلي ألجل األشخاص الذين اعتدوا على‬
‫حياتهم الخاصة‪.‬‬

‫احترام كرامة األشخاص احترام نفس اآلخر‪ :‬المعثرة‬ ‫‪.II‬‬


‫عثر يجعل من ذاته‬ ‫‪ -2284‬المعثرة هي الموقف أو السلوك الذي يحمل اآلخر على فعل الشر‪ .‬والذي ي ِ‬
‫ُ‬
‫سيء إلى الفضيلة وإلى االستقامة‪ .‬وبإمكانه أن يجر أخاه إلى الموت الروحي‪ .‬فالمعثرة‬
‫مجربا للقريب‪ .‬إنه ُي ُ‬
‫تكون ذنبا جسيما إذا جرت اآلخر عمدا بالفعل أو باإلهمال إلى ارتكاب ذنب جسيم‪.‬‬

‫‪ -2285‬يكون للمعثرة خطورة خاصة‪ ،‬استنادا إلى سلطة من يسببونها أو إلى ضعف من يتحملونها‪ .‬لقد‬
‫ِ‬
‫ويزج في‬ ‫أوحت لربنا بهذه اللعنة‪" :‬من ُيعثّر أحد هؤالء الصغار‪ ،‬فحري به أن ُي ِّ‬
‫علق بعنقه رحى الحمار‪ُ ،‬‬
‫أعماق البحر" (متى ‪ .)18 ،6‬والمعثرة جسيمة عندما يقوم بها من هم ُملزمون بحكم الطبيعة أو الوظيفة‪،‬‬
‫بتعليم االخرين وتربيتهم‪ .‬وقد وبخ يسوع على ذلك الكتبة والفريسيين‪ ،‬وشبههم بالذئاب المتنكرين بثياب المالن‪.‬‬

‫‪ -2286‬يمكن أن تتسبب بالمعثرة الشريعة أو المؤسسات‪ ،‬أو الزي الشائع (الموضة) أو ال اُر ُي السائد‪ .‬هكذا‬
‫ذنب المعثرة أولئك الذين يصنعون شرائع أو هيكليات اجتماعية تقود إلى انحطاط األخالق‪ ،‬وفساد‬ ‫ِ‬
‫يرتكب َ‬
‫الحياة الدينية‪ ،‬أو إلى "أوضاع اجتماعية تجعل‪ ،‬عن قصد أو غير قصد‪ ،‬السلوك المسيحي الموافق للوصايا‬
‫صعبا ومستحيال عمليا"‪ .‬كذلك األمر بالنسبة إلى رؤساء المؤسسات الذين ُيصدرون أنظمة تحمل على‬
‫الغش‪ ،‬والمعلمين الذين ُ"يحنقون" أوالدهم‪ ،‬أو من يحرفون الرأي العام عن القيم األخالقية بتأثيرهم فيه‪.‬‬

‫‪ -2287‬إن من يستعمل ما له من سلطات في أوضاع تحمل على صنع الشر يكون مرتكبا للمعثرة ومسؤوال‬
‫عن الشر الذي شجع عليه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪" .‬ال بد من أن تقع المعاثر‪ ،‬ولكن الويل لمن تقع‬
‫عن يده"‪( .‬لو ‪.)7 ،1‬‬

‫احترام الصحّة‬
‫‪ -2288‬الحياة والصحة الطبيعية خيران ثمينان ووديعة من هللا‪ .‬فعلينا أن نعتني بهما على وجه معقول‪،‬‬
‫مع االعتداد بضرورات اآلخرين والخير العام‪ .‬تقتضي العناية بالصحة مساعدة المجتمع للحصول على‬
‫صحية‪ ،‬وتعليم أساسي‪،‬‬ ‫أوضاع حياتية ِّ‬
‫تمكن من النمو وبلوغ النضج‪ :‬من غذاء وكساء وسكن‪ ،‬وعناية‬
‫َ‬
‫وعمل‪ ،‬ومساعدة اجتماعية‪.‬‬

‫‪ -2289‬إذا كانت األخالق تدعو إلى احترام الحياة الجسدية‪ ،‬فهي ال تجعل منها قيمة مطلقة‪ .‬إنها تعارض‬
‫مفهوماُ وثنيا جديدا يرمي إلى تعزيز عبادة الجسد‪ ،‬والتضحية بكل شيء في سبيله‪ ،‬وعبادة الكمال الجسماني‬

‫‪98‬‬
‫والنجاح الرياضي‪ .‬إن هذا المفهوم‪ ،‬باختياره المميز بين األقوياء والضعفاء‪ ،‬يمكن أن يؤدي إفساد العالقات‬
‫اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -2290‬فضيلة القناعة تهيئ لتجّنب كل أنواع اإلفراط‪ ،‬وسوء استعمال الطعام‪ ،‬والكحول‪ ،‬والتبغ واألدوية‪.‬‬
‫إن الذين في حالة السكر‪ ،‬أو لرغبتهم المفرطة في السرعة‪ ،‬يجعلون سالمة اآلخرين‪ ،‬وسالمتهم هم‪ ،‬في‬
‫خطر على الطرقات‪ ،‬أو في البحر أو في الجو‪ ،‬يرتكبون ذنبا جسيما‪.‬‬

‫المخدرات ُينزل بالصحة والحياة البشرية خرابا جسيما جدا‪ .‬وهو ذنب خطير ما لم يكن‬
‫ّ‬ ‫‪ -2291‬استعمال‬
‫موصوفا كعالج فحسب‪ .‬وانتاج المخدرات خفية‪ ،‬والمتاجرة بها هما من الممارسات الشائنة‪ .‬إنهما تواطؤ‬
‫مباشر على ممارسات تتعارض تعارضا جسيما والشريعة األخالقية‪ ،‬إذ تحضان على تلك الممارسات‪.‬‬

‫احترام الشخص والبحث العلمي‬


‫ات العلمية والطبية والنفسية على األشخاص أو الفئات البشرية في شفاء‬
‫‪ -2292‬يمكن أن تساهم االختبار ُ‬
‫المرضى وتقدم الصحة العامة‪.‬‬

‫‪ -2293‬إن البحث العلمي األساسي‪ ،‬كالبحث التطبيقي‪ ،‬أمران يدالن على سيادة اإلنسان على الخليقة‪.‬‬
‫وللعلم والتقنية منافع ثمينة عندما يوضعان في خدمة اإلنسان‪ ،‬ويعززان نموه الكامل لفائدة الجميع‪ .‬ولكنهما‬
‫ِ‬
‫ألجل اإلنسان الذي‬ ‫ال يستطيعان أن يدال وحدهما على معنى الوجود والتقدم البشري‪ .‬فالعلم والتقنية ُج ِعال‬
‫الدليل على غايتهما ووعي‬ ‫يستمدان منه أصلهما ونموهما‪ .‬وهما لذلك يجدان في اإلنسان ِ‬
‫وقيمه األخالقية‬
‫َ‬
‫حدودهما‪.‬‬

‫استنساخ‬
‫ُ‬ ‫‪ -2294‬من الوهم المطالبة بالحياد األخالقي للبحث العلمي وتطبيقاته‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬ال يمكن‬
‫مقاييس التوجه‪ ،‬ال من الفاعلية التقنية المجردة‪ ،‬وال من الفائدة التي تحصل للبعض على حساب اآلخرين‪،‬‬
‫وال من اإليديولوجيات السائدة‪ ،‬وهذا شر مما سبق‪ .‬يقتضي العلم والتقنية بمعناها األساسي احترام المقاييس‬
‫األساسية لألخالق احتراما غير مشروط‪ .‬وعليهما أن يكونا في خدمة الشخص البشري‪ ،‬وحقوقه التي ال يمكن‬
‫التخلي عنها‪ ،‬وخيره الحقيقي الكامل‪ ،‬وفاقا لتصميم هللا ومشيئته‪.‬‬

‫‪ -2295‬ال يمكن األبحاث والتجارب التي تُجرى على الكائن البشري أن تسوغ أفعاال هي‪ ،‬بحد ذاتها‪ ،‬منافية‬
‫لكرامة األشخاص وللشريعة الطبيعية‪ .‬ورضى األشخاص الذي قد يحصل ال ُيبرر مثل هذه األفعال‪ .‬إن‬
‫التجارب المجراة على الكائن البشري ليست مشروعة أخالقيا‪ ،‬إذا عرضت حياة الشخص‪ ،‬أو كماله الطبيعي‬
‫والنفسي‪ ،‬ألخطار غير متناسبة أو يمكن تحاشيها‪ .‬وال يتوافق إجراء التجارب على الكائنات البشرية مع كرامة‬
‫الشخص‪ ،‬خصوصا إذا تم‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬دون رضى واع من الشخص أو ممن يتولون أمره‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -2296‬نقل األعضاء يكون متوافقا والشريعة األخالقية‪ ،‬إذا كانت األخطار والمجازفات الطبيعية والنفسية‬
‫الحاصلة للمعطي تتناسب والخير المطلوب للمستفيد‪ .‬وإعطاء األعضاء بعد الموت عمل نبيل وجدير بالثواب‬
‫المعطي‪ ،‬أو من يتولون‬
‫ويجب تشجيعه على أنه عالمة تضامن سخي‪ .‬ولكنه غير مقبول أخالقيا إذا كان ُ‬
‫أمره من أقربائه‪ ،‬لم يرضوا به رضى صريحا‪ .‬وال يمكن القبول‪ ،‬من الدرجة األخالقية‪ ،‬بالتسبب المباشر‬
‫بالتشويه المولد العجز‪ ،‬أو بالموت للكائن البشري‪ ،‬في سبيل تأخير موت أشخاص آخرين‪.‬‬

‫احترام سالمة الجسد‬


‫‪ -2297‬إن الخطف وأخذ الرهائن يولدان الذعر‪ ،‬وبالتهديد يمارسان ضغطا شديدا على الضحايا‪ .‬فهما‬
‫غير شرعيين أخالقيا‪ .‬واإلرهاب من دون تمييز يهدد ويجرح ويقتل‪ ،‬وهو يتعارض تعارضا خطي ار مع العدالة‬
‫والمحبة‪ .‬والتعذيب الذي يستخدم العنف الجسدي أو المعنوي النتزاع االعترافات‪ ،‬ألجل معاقبة المجرمين‪ ،‬أو‬
‫إخافة المعارضين‪ ،‬أو االستجابة للبغض يتعارض واحترام الشخص والكرامة اإلنسانية‪ .‬وما لم يكن هناك‬
‫ذات أهداف عالجية محض‪ ،‬فالبتر والتشويه والتعقيم المقصودة مباشرة بالنسبة إلى أشخاص‬ ‫دواع طبية ُ‬
‫بريئة هي متعارضة مع الشريعة األخالقية‪.‬‬

‫‪ -2298‬في األزمنة الماضية شاع استعمال ممارسات قاسية على يد حكومات شرعية للمحافظة على‬
‫القانون والنظام‪ ،‬وجرى ذلك م ار ار دون احتجاج من قبل ُرعاة الكنيسة‪ ،‬الذين تبنوا هم أنفسهم‪ ،‬في محاكمهم‬
‫الخاصة‪ ،‬ما يرسم القانون الروماني في شأن التعذيب‪ .‬وإلى جانب هذه الوقائع التي تدعو إلى األسف‪،‬‬
‫علمت الكنيسة دائما واجب الرأفة والرحمة‪ ،‬ومنعت رجال اإلكليروس من سفك الدماء‪ .‬ولقد تبين بوضوح في‬
‫األزمنة الحديثة أن هذه الممارسات القاسية لم تكن ضرورية للنظام العام‪ ،‬وال متوافقة مع حقوق الشخص‬
‫البشري المشروعة‪ .‬وبالعكس تؤدي هذه الممارسات إلى أسوء االنحطاط‪ .‬وال بد من العمل على إزالتها‪،‬‬
‫ويجب أن نصلي ألجل الضحايا وجالديهم‪.‬‬

‫احترام األموات‬
‫‪ -2299‬يجب توفير االنتباه والعناية للمشرفين على الموت لمساعدتهم على أن يعيشوا أوقاتهم األخيرة في‬
‫عن هؤالء بأن يتقبل المرضى‪ ،‬في الوقت المناسب‪ ،‬األسرار التي‬
‫ولي َ‬
‫كرامة وسالم‪ ،‬تُعاونهم صالة أقاربهم‪ُ .‬‬
‫تهيئ لمالقاة اإلله الحي‪.‬‬

‫ودفن الموتى من أعمال‬


‫‪ -2300‬يجب معاملة أجساد الموتى باحترام ومحبة‪ ،‬في اإليمان ورجاء القيامة‪ُ .‬‬
‫الرحمة الجسدية‪ ،‬إلكرام أوالد هللا‪ ،‬هياكل الروح القدس‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ -2301‬يمكن أن يكون تشريح الجثث مقبوال أخالقيا لمقتضيات التحقيق الشرعي أو البحث العلمي‪ .‬وإعطاء‬
‫األعضاء بعد الموت أمر شرعي ويمكن أن يكون جدي ار بالثواب‪ .‬تسمح الكنيسة بحرق الجثث إذا لم يكن‬
‫ذلك تعبير عن إنكار اإليمان بقيامة األجساد‪.‬‬

‫المحافظة على السالم‬ ‫‪.III‬‬


‫السالم‬
‫‪ -2302‬عندما ي ِّ‬
‫ذكر ربنا بالوصية‪" :‬ال تقتل" (متى ‪ )21 ،5‬فهو يطلب سالم القلب ُوُينكر ما في الغضب‬ ‫ُ‬
‫القاتل والبغض من تعارض مع األخالق الحميدة‪ :‬الغضب رغبة في الثأر‪" .‬والرغبة في الثأر ألذية من يجب‬
‫معاقبتُه غير جائزة"‪ ،‬ولكن من المستحسن فرض تعويض "إلصالح النقائص والحفاظ على العدالة"‪ .‬وإذا بلغ‬
‫الغضب حد الرغبة‪ ،‬عن عمد‪ ،‬في قتل القريب‪ ،‬أو جرحه جرحا خطيرا‪ ،‬فهو يتعارض تعارضا جسيما مع‬
‫المحبة‪ ،‬إنه خطيئة مميتة‪ .‬قال الرب‪" :‬كل من غضب على أخيه يستوجب المحاكمة" (متى ‪.)22 ،5‬‬

‫‪ -2303‬البغض المقصود يتعارض والمحبة‪ .‬إن بغض القريب يكون خطيئة عندما يريد له اإلنسان الشر‬
‫عن عمد‪ُ .‬وُبغض القريب خطيئة جسيمة عندما يشتهي له اإلنسان عن عمد أذى كبيرا‪" .‬أما أنا فأقول لكم‪:‬‬
‫أحبوا أعداءكم وصلوا ألجل الذين يضطهدونكم‪ ،‬لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات" (متى ‪-44 ،5‬‬
‫‪.)45‬‬

‫‪ -2304‬ان احترام الحياة البشرية ونموها يقتضيان السالم‪ .‬والسالم ليس غياب الحرب فقط‪ ،‬وال هو يقف‬
‫عند حدود توازن القوى المتخاصمة‪ .‬وال يمكن الحصول على السالم‪ ،‬على األرض‪ ،‬دون الحفاظ على أموال‬
‫األشخاص‪ ،‬والتواصل الحر بين الكائنات البشرية‪ ،‬واحترام كرامة األشخاص والشعوب‪ .‬والممارسة المثابرة‬
‫لألخوة‪ .‬إنه "سكينة النظام"‪ .‬وهو عمل العدالة (أش ‪ ،)17 ،32‬ونتيجة المحبة‪.‬‬

‫‪ -2305‬السالم األرضي صورة وثمرة لسالم المسيح‪" ،‬رئيس السالم" الماسيوي (أش ‪ .)5 ،9‬فهو بدم‬
‫صليبه "قتل العداوة في جسده"‪ ،‬وصالح الناس مع هللا‪ ،‬وجعل من كنيسته سر وحدة الجنس البشري واتحاده‬
‫باهلل‪" ،‬إنه سالمنا" (أف ‪ .)14 ،2‬وهو الذي قال‪" :‬طوبى لفاعلي السالم" (متى ‪.)9 ،5‬‬

‫‪ -2306‬إن من يتخلون عن الفعل العنيف والدموي‪ ،‬يلجؤون‪ ،‬في سبيل الحفاظ على حقوق اإلنسان‪ ،‬إلى‬
‫وسائل دفاعية في متناول أضعف الناس‪ ،‬يشهدون للمحبة اإلنجيلية‪ ،‬شرط أن يتم ذلك دون إيذاء ما للناس‬
‫اآلخرين وللمجتمعات من حقوق وما عليهم من واجبات‪ .‬إنهم يؤكدون بوجه شرعي خطورة المجازفات‬
‫الطبيعية والمعنوية المالزمة للجوء إلى العنف‪ ،‬وما يتأتى عنه من دمار وموت‪.‬‬

‫تجنّب الحرب‬
‫‪101‬‬
‫‪ -2307‬تحظر الوصية الخامسة تدمير الحياة البشرية عمدا‪ .‬والكنيسة‪ ،‬بسبب الشرور والمظالمة الناتجة‬
‫من كل حرب‪ ،‬تطلب من كل واحد بإلحاح أن ُيصلي ويعمل لكي تحررنا الجودة اإللهية من عبودية الحرب‬
‫القديمة‪.‬‬

‫‪ -2308‬على كل مواطن‪ ،‬وكل حاكم‪ ،‬أن يسعى لتجنب الحرب‪ .‬ولكن "ما دام خطر الحرب قائما‪ ،‬وما دام‬
‫حق‬
‫العالم خاليا من سلطة دولية ذات صالحيات وذات قوات كافية‪ ،‬فال يمكن إنكار ما للحكومات من ّ‬
‫ِ‬
‫السلم ِي"‪.‬‬ ‫مشروع في الدفاع‪ ،‬بعد استنفاد جميع إمكانات الحل‬
‫ّّ‬
‫‪ -2309‬يجب التبصر بدقة في الشروط الصارمة للدفاع المشروع بالقوة العسكرية‪ :‬إن خطورة قرار كهذا‬
‫تقتضي اخضاعه لشروط صارمة تتطلبها الشرعية األخالقية‪ .‬فيجب‪ ،‬في آن واحد‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون األذى الذي ألحقه المعتدي باألمة أو بجماعة األمم ثابتا وخطي ار وأكيدا‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتبين أن جميع الوسائل األخرى لوضع ّ‬
‫حد له غير نافعة‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتوفر شروط جدية للنجاح‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يؤدي استعمال السالح إلى شرور واضطرابات أخطر من الشر الذي يجب دفعه‪ .‬وما لوسائل‬
‫الدمار الحديثة من قوة له وزن ثقيل جدا في تقدير هذا الشرط‪.‬‬
‫هذه هي العناصر التقليدية التي تعددها العقيدة المسماة عقيدة "الحرب العادلة"‪ .‬تقدير الشروط الشرعية‬
‫األخالقية هذه يعود إلى حكم من يضطلعون بأعباء الخير العام وفطنتهم‪.‬‬

‫‪ -2310‬هذه الحالة يكون للسلطات العامة الحق في أن يفرضوا على المواطنين اإللزامات الضرورية للدفاع‬
‫الوطني‪ ،‬وعليهم واجب ذلك‪ .‬إن من يتخصصون بخدمة الوطن في الحياة العسكرية هم خدام أمن الشعوب‬
‫وحريتها‪ .‬وإذا اضطلعوا كما يجب بمهمتهم‪ ،‬فهم يساهمون حقيقة في خير األمة العام‪ ،‬وفي الحفاظ على‬
‫السالم‪.‬‬

‫‪ -2311‬على السلطات العامة أن تعالج بإنصاف أوضاع أولئك الذين‪ ،‬ألسباب ضميرية‪ ،‬يرفضون استعمال‬
‫السالح‪ ،‬مع بقاء التزامهم بخدمة الجماعة البشرية بصورة أخرى‪.‬‬

‫األخالقية ّإبان الصراعات المسلحة‪" .‬ولئن‬


‫ّ‬ ‫‪ -2312‬تعلن الكنيسة والعقل البشري استم اررية قيام الشريعة‬
‫ساء الحظ ونشبت الحرب‪ ،‬فال يجوز أن يكون مجرد نشوبها مدعاة لتبرير كل شيء بين األفرقاء المتحاربين"‪.‬‬

‫‪ -2313‬يجب احترُام غير المقاتلين ومعاملتهم معاملة إنسانية وكذلك الجنود الجرحى واألسرى‪ .‬إن األعمال‬
‫المتعارضة عن عمد مع حق الشعوب ومبادئه العامة‪ ،‬واألوامر التي تفرضها‪ ،‬هي جرائم‪ .‬والطاعة العمياء‬
‫غير كافية لعذر من يخضعون لها‪ .‬وهكذا فإبادة شعب أو أمة أو أقلية عنصرية يجب أن ُيحكم عليها‬
‫كخطيئة مميتة‪ .‬والواجب األخالقي ُيلزم بمقاومة األوامر التي تصدر في شأن أي "إبادة جماعية"‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫قصد به تدمير مدن بكاملها‪ ،‬أو مناطق واسعة بسكانها‪ ،‬هو عمل‬‫‪" -2314‬كل عمل حربي عشوائي ُي ُ‬
‫إجرامي إلى هللا وإلى اإلنسان نفسه‪ ،‬ويجب شجبه وإنكاره بشدة وفي غير تردد"‪ .‬ومن أخطار الحرب العصرية‬
‫توفير الظروف لمالكي األسلحة العلمية‪ ،‬والسيما الذرية‪ ،‬والحيوية والكيميائية‪ ،‬ان يرتكبوا مثل هذه الجرائم‪.‬‬

‫‪ -2315‬تكديس األسلحة يبدو للكثيرين طريقة ال تخلو من المفارقة لصرف من يمكن ان يكونوا أعداء عن‬
‫الحرب‪ .‬ويرون فيه أنجع الوسائل لتأمين السالم بين األمم‪ .‬هذا األسلوب في الردع يستدعي تحفظات أخالقية‬
‫شديدة‪ .‬السباق إلى التسّلح ال يؤمن السالم‪ .‬وعوضا من أن ُيزيل أسباب الحرب‪ ،‬فقد يؤدي إلى تفاقمها‪.‬‬
‫وصرف األموال األسطورية على إعداد أسلحة ال تني تتجدد يحول دون إيجاد العالج للشعوب المحتاجة‪،‬‬
‫ويعيق نمو الشعوب‪ .‬واإلكثار من التسّلح يزيد أسباب الخالفات ُوُينمي خطر العدوى‪.‬‬

‫‪ -2316‬يتعلق إنتاج السالح والمتاجرة به بالخير العام ولألمم وللجماعة الدولية‪ .‬ولذاك من حق السلطات‬
‫العامة ومن واجبها أن تُنظمها‪ .‬والسعي إلى مصالح خاصة أو جماعية‪ ،‬في المدى القريب‪ ،‬ال يجيز قيام‬
‫مشاريع تثير العنف والخالفات بين األمم‪ ،‬وتُعرض للخطر النظام القانوني الدولي‪.‬‬

‫‪ -2317‬ما زالت المظالم‪ ،‬والتفاوت المفرط على الصعيد االقتصادي أو االجتماعي‪ ،‬والحسد‪ ،‬وانعدام الثقة‪،‬‬
‫عمل للتغلب على هذه المساوئ‬
‫والكبرياء التي تجتاح الناس واالمم‪ ،‬تهدد السالم وتسبب الحروب‪ .‬وكل ما ُي َ‬
‫يساهم في بناء السالم وتجنب الحرب‪ .‬خطر الحرب يهدد الناس بمقدار ما يكونون خطأة‪ ،‬وسيبقى األمر‬
‫كذلك إلى عودة المسيح‪ .‬ولكن بمقدار ما يتغلب الناس على الخطيئة‪ ،‬وهم متحدون في المحبة‪ ،‬يتغلبون‬
‫أيضا على العنف حتى يتم هذا الكالم‪" :‬يضربون سيوفهم سككا وأسنتهم مناجل‪ ،‬فال ترفع أمة على أمة سيفا‬
‫ً‬
‫وال يتعلمون الحرب من بعد" (أش ‪.)4 ،2‬‬

‫بإيجاز‬
‫نفس كل حي وأرواحُ البشر أجمعين" (أي ‪.)10 ،12‬‬
‫‪" -2318‬هللا بيده ُ‬
‫‪ -2319‬كل حياة بشرية مقدسة منذ الحبل حتى الموت‪ ،‬ألن هللا أراد الشخص البشري لذاته‪ ،‬على صورة‬
‫هللا الحي والقدوس وعلى مثاله‪.‬‬
‫‪ -2320‬قتلُ كائن بشري يتعارض بوجه خطير مع كرامة الشخص وقداسة الخالق‪.‬‬
‫‪ -2321‬تحريمُ القتل ال يُبطل الحق في منع المتعدي الظالم من اإليذاء‪ .‬والدفاع المشروع واجب خطير‬
‫على من هو المسؤول عن حياة اآلخرين أو الخير العام‪.‬‬
‫‪ -2322‬للولد الحق في الحياة منذ الحبل به‪ .‬واإلجهاض المباشر‪ ،‬أي المقصود كغاية أو وسيلة هو‬
‫"ممارسة خبيثة" تتعارض بوجه خطير والشريعة الطبيعية‪ .‬والكنيسة تقاصص بعقوبة الحُرم القانونية هذا‬
‫اإلجرام إلى الحياة البشرية‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -2323‬بما أنه من الواجب معاملة الجنين كشخص منذ الحبل به‪ ،‬فال بد من الدفاع عن سالمته‪ ،‬ومن‬
‫االعتناء به وشفائه‪ ،‬مثل كل كائن بشري آخر‪.‬‬
‫‪ -2324‬األوتانازيا المقصودة‪ ،‬مهما كانت أشكالها وأسبابها‪ ،‬هي قتل‪ .‬وهي تتعارض بوجه خطير وكرامة‬
‫الشخص البشري واحترام هللا الحي خالقه‪.‬‬
‫‪ -2325‬االنتحار يتعارض بوجه خطير مع العدالة والرجاء والمحبة‪ .‬والوصية الخامسة تحرمه‪.‬‬
‫‪ -2326‬المعثرة خطيئة ثقيلة عندما تقود اآلخرين‪ ،‬عمدا‪ ،‬بالفعل أو اإلهمال‪ ،‬إلى الخطيئة الثقيلة‪.‬‬
‫‪ -2327‬بسبب الشرور والمظالم الناتجة من الحروب كلها‪ ،‬علينا ان نفعل كل ما هو معقول وممكن‬
‫لتجنبها‪ .‬والكنيسة تصلي قائلة‪" :‬من المجاعة‪ ،‬والطاعون والحرب نجنا يا رب"‪.‬‬
‫‪ -2328‬الكنيسة والعقل البشري يعلنان استم اررية قيام الشريعة الطبيعية إبان الصراعات المسلحة‪ .‬إن‬
‫الممارسات المقصودة المتعارضة مع حق الشعوب ومبادئه العامة هي جرائم‪.‬‬
‫‪" -2329‬السباق إلى التسلح آفة اإلنسانية الفتاكة وهي تنال الفقراء بطريقة ال تطاق"‪.‬‬
‫‪" -2330‬طوبى لفاعلي السالم‪ ،‬فإنهم أبناء هللا يدعون" (متى ‪.)9 ،5‬‬

‫‪104‬‬
‫المقال السادس‬
‫الوصية السادسة‬
‫ّ‬

‫"ال تَزِن " (خر ‪.)14 ،20‬‬


‫"سمعتم أنه قيل "ال تزِن "‪ ،‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬إن كل من نظر إلى امرأة حتى يشتهيها‪ ،‬فقد زنى بها‬
‫في قلبه" (متى ‪.)28 -27 ،5‬‬

‫"ذك ار وأنثى خلقهم‪"...‬‬ ‫‪.I‬‬


‫‪" -2331‬هللا محبة‪ .‬وهو يحيا في ذاته سر اتحاد ومحبة‪ .‬وهللا بخلقه إنسانية الرجل والمرأة على صورته‬
‫لمحبة واالتحاد‪ ،‬وبالتالي االمكانية والمسؤولية المناسبتين"‪.‬‬
‫قد وضع فيها الدعوة إلى ا ّ‬
‫"خلق هللا اإلنسان على صورته‪ .‬ذك ار وأنثى خلَقهم" (تك ‪ُ " .)27 ،1‬أنموا واكثروا" (تك ‪" .)28 ،1‬يوم خلق‬
‫هللا اإلنسان‪ ،‬على مثال هللا عمله‪ .‬ذك ار وأنثى خلقه‪ ،‬وباركه وسماه آدم يوم ُخلِق" (تك ‪.)2 -1 ،5‬‬

‫‪ -2332‬الجنس يؤثر في جميع وجوه الشخص البشري‪ ،‬ضمن وحدة جسده ونفسه‪ .‬وهو يتعلق خصوصا‬
‫أعم بإمكانية عقد روابط اتحاد باآلخرين‪.‬‬
‫باالنفعاالت العاطفية‪ ،‬وبإمكانية الحب واإلنجاب‪ ،‬وبوجه ّ‬
‫‪ -2333‬يعود إلى كل واحد‪ ،‬رجال أو امرأة‪ ،‬ان يعترف بهويته الجنسية ويتقبلها‪ .‬فالخالف والتكامل الجسديان‬
‫والمعنويان والروحيان موجهان إلى خيور الزواج وتفتح الحياة العائلية‪ .‬واالنسجام بين الزوجين وفي المجتمع‬
‫يتعلق جزئيا بالطريقة التي يحيا فيها الجنسان التكامل والحاجة والمساندة المتبادلة‪.‬‬

‫‪" -2334‬ان هللا‪ ،‬بخلقه الكائن البشري ذك ار وأنثى‪ ،‬منح الكرامة الشخصية على ّ‬
‫حد سواء للرجل والمرأة"‪.‬‬
‫"واإلنسان هو شخص‪ ،‬وهذا ينطبق بالقدر نفسه على الرجل والمرأة‪ ،‬ألن كل واحد منهما ُخلق على صورة‬
‫إله شخصي‪ ،‬وعلى مثاله"‪.‬‬

‫‪ -2335‬كل من الجنسين هو صورة لقدرة هللا وحنانه‪ ،‬بكرامة متساوية‪ ،‬وإن كان ذلك بطريقة مختلفة‪ .‬واتحاد‬
‫أمه ويلزم‬
‫الرجل والمرأة في الزواج هو طريقة لالقتداء في الجسد بسخاء الخالق وخصبه‪" :‬يترك الرجل أباه و ُ‬
‫امرأته فيصيران جسدا واحدا " (تك ‪ .)24 ،2‬ومن هذا االتحاد تتناسل كل األجيال البشرية‪.‬‬

‫فكر‬
‫‪ -2336‬جاء يسوع ُلُيعيد الخلق إلى صفاء أصوله‪ .‬وهو في عظته على الجبل يشرح بطريقة صارمة َ‬
‫هللا‪" :‬سمعتم أنه قيل‪ :‬ال تَزِن‪ .‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬إن َّ‬
‫كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها‪ ،‬فقد زنى بها في قلبه"‬
‫(متى ‪ .)28 -27 ،5‬وعلى اإلنسان ان ال يفرق ما جمعه هللا‪ .‬لقد فهم تقليد الكنيسة أن الوصية السادسة‬
‫تتناول كل وجوه الجنس اإلنساني‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الدعوة إلى العفة‬
‫ّ‬ ‫‪.II‬‬
‫وحدة اإلنسان الداخلية في كيانه الجسدي‬
‫َ‬ ‫‪ -2337‬تعني العفة اندماج الجنس الناجح في الشخص‪ ،‬وبذلك‬
‫والروحي‪ .‬والجنس‪ ،‬الذي فيه يظهر تعلق اإلنسان بالعالم الجسدي والحيوي‪ ،‬يصير شخصيا وإنسانيا حقا‬
‫عندما يندمج في العالقة بين شخص وشخص‪ ،‬وفي عطاء متبادل كامل وغير محدود في الزمن بين رجل‬
‫وامرأة‪ .‬فضيلة العفة تتضمن إذن الشخص بكامله والعطاء بتمامه‪.‬‬

‫كمال الشخص‬
‫يؤ ِّمن وحدة‬
‫‪ -2338‬يحافظ الشخص الطاهر على كمال ما ُأودع فيه من قوى الحياة والحب‪ .‬وهذا الكمال ِّ‬
‫الشخص‪ ،‬ويقاوم كل سلوك قد يؤذيه‪ .‬وهو ال يطيق ال ازدواجية الحياة‪ ،‬وال ازدواجية الكالم‪.‬‬

‫‪ -2339‬تتضمن العفة تعّلما للسيطرة على الذات‪ ،‬التي هي تَدرب على الحرية اإلنسانية‪ .‬والخيار واضح‪:‬‬
‫فأما ان يسيطر اإلنسان على أهوائه وينال السالم‪ ،‬وإما ان يرضي بأن تستعبده ويصبح تعسا‪" .‬إن كرامة‬
‫عمله شخصيا وبدافع ومحرك من داخل ذاته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اإلنسان تقتضي ان يعمل باختياره الواعي والحر‪ ،‬أي أن يكون‬
‫ال أن يكون بدافع غريزي‪ ،‬أو بدافع خارجي قسري‪ .‬واإلنسان يحصل على هذه الكرامة عندما يتحرر من كل‬
‫ِ‬
‫تقدمه له مهارته من وسائل"‪.‬‬
‫عبودية للشهوات‪ ،‬ويختار بحريته الخير في طريق هدفه الذي يسعى إليه بكل ما ّ‬
‫‪ -2340‬من أراد البقاء أمينا لمواعيد معموديته‪ ،‬ومقاومة التجارب‪ ،‬عليه ان يتخذ الوسائل‪ :‬معرفة الذات‪،‬‬
‫يصادف من حاالت‪ ،‬الطاعة لوصايا هللا‪ ،‬وتفعيل الفضائل األخالقية‪ ،‬واألمان َة‬ ‫َ‬ ‫ممارسة تقشف مالئم لما‬
‫للصالة‪" .‬العفة تُعيد تكويننا‪ .‬إنها تُرجعنا إلى تلك الوحدة التي أضعناها بتشتتنا"‪.‬‬

‫‪ -2341‬تتعلق فضيلة العفة بفضيلة القناعة الرئيسة‪ ،‬التي تهدف إلى سيطرة العقل على ما في اإلنسان‬
‫من أهواء وشهوات‪.‬‬

‫‪ -2342‬السيطرة على الذات عمل يقتضي جهدا طويال‪ .‬ويجب ان ال تُعد ابدا حاصلة نهائيا‪ .‬إنها تفترض‬
‫أشد في بعض المراحل‪ ،‬كما هي الحال‬ ‫جهدا يتكرر في كل مراحل الحياة‪ .‬ويمكن أن يكون الجهد المطلوب َّ‬
‫عندما تتكون الشخصية‪ ،‬وفي زمن الطفولة والمراهقة‪.‬‬

‫‪ -2343‬للعفة قوانين نم وتمر بدرجات موسومة بالنقص‪ ،‬وم ار ار كثيرة جدا بالخطيئة‪" .‬إن اإلنسان الفاضل‬
‫ويتممه‪ ،‬متَّبعا‬
‫والطاهر يبني نفسه يوما بعد يوم‪ ،‬باختيارات كثيرة وحرة‪ .‬وهكذا‪َ ،‬يعرف الخير األخالقي ويحبه ُ‬
‫مراحل نمو"‪.‬‬

‫ثقافيا‪ ،‬ألن هناك "ترابطا بين نمو‬


‫ّ‬ ‫أيضا جهدا‬
‫‪ -2344‬العفة مهمة شخصية بدرجة عالية‪ ،‬وهي تتضمن ً‬
‫الشخص وتطور المجتمع نفسه"‪ .‬وتفترض العفة احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬وال سيما الحق في الحصول على‬
‫إعالم وتربية يحترمان األبعاد األخالقية والروحية للحياة البشرية‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫أيضا عطية من هللا‪ ،‬ونعمة‪ ،‬وثمرة العمل الروحي‪ .‬والروح القدس‬ ‫أخالقية‪ ،‬وهي ً‬
‫ّ‬ ‫‪ -2345‬العفة فضيلة‬
‫ماء المعمودية والدته‪.‬‬
‫يولي االقتداء بعفة المسيح لمن أعاد ُ‬

‫تمام عطيّة الذات‬


‫‪ -2346‬المحبة هي صورة جميع الفضائل‪ .‬وبتأثيرها تبدو العفة كمدرسة لعطاء الشخص ذاته‪ .‬فالسيطرة‬
‫على الذات هي في سبيل عطية الذات‪ .‬والعفة تؤدي بمن يمارسها إلى ان يصبح عند القريب شاهدا على‬
‫أمانة هللا وحنانه‪.‬‬

‫‪ -2347‬تزدهر فضيلة العفة في الصداقة‪ .‬وتدل التلميذ على سبيل اتباع من اختارنا كأصدقائه الخاصين‪،‬‬
‫وأعطانا ذاته كلها‪ ،‬وجعلنا شركاء في وضعه اإللهي‪ ،‬واالقتداء به‪ .‬العفة هي وعد بالخلود‪ .‬تتبدى العفة‬
‫خصوصا في مصادقة القريب‪ .‬فإذا ترسخت الصداقة القائمة بين شخصين من جنس واحد أو من جنسين‬
‫مختلفين تكون خي ار كبي ار للجميع‪ .‬وتؤدي إلى االتحاد الروحي‪.‬‬

‫المتنوعة‬
‫ّ‬ ‫أنماط العفة‬
‫ومثال كل عفة‪ .‬وجميع المؤمنين بالمسيح‬
‫َ‬ ‫‪ -2348‬كل معمد مدعو إلى العفة‪ .‬فالمسيحي "قد لبس المسيح"‪،‬‬
‫مدعوون ألن يحيوا حياة طاهرة بحسب حالة حياتهم الخاصة‪ .‬وقد التزم المسيحي‪ ،‬في المعمودية‪ ،‬بأن ُيسير‬
‫عواطفه في العفة‪.‬‬

‫البعض في العذرية أو البتولية‬


‫ُ‬ ‫‪" -2349‬يجب أن يتصف األشخاص بالعفة بحسب حاالت حياتهم المختلفة‪:‬‬
‫المكرسة‪ ،‬وهي طريقة سامية لتسليم الذات هلل بسهولة أكبر‪ ،‬وبقلب ليس فيه انقسام‪ .‬واآلخرون بالطريقة التي‬
‫تقررها الشريعة الطبيعية للجميع‪ ،‬بحسب كونهم متزوجين أو متبتلين"‪ .‬األشخاص المتزوجون مدعوون إلى‬
‫أن يحيوا حياة العفة الزوجية‪ .‬واآلخرون يمارسون العفة كابحين شهوة الجسد‪:‬‬

‫"هناك ثالث صيغ لفضيلة العفة‪ :‬الواجدة للزوجات‪ ،‬واألخرى للترمل‪ ،‬والثالثة للعذرية‪ .‬وال نمدح ً‬
‫أيضا‬
‫نظام الكنيسة غني"‪.‬‬ ‫ن‬
‫منها دو األخريين‪ .‬وبذلك ُ‬
‫طيبون مدعوون إلى أن يحيوا حياة العفة في كبح الشهوة‪ .‬وعليهم أن يروا في هذا االمتحان‬
‫‪ -2350‬الخ ّ‬
‫المتبادل‪ ،‬وتعلما لألمانة‪ ،‬ولرجاء أن يتقبل الواحد اآلخر من هللا‪ .‬وعليهم أن يحتفظوا لوقت‬
‫َ‬ ‫اكتشافا لالحترام‬
‫الزواج بمظاهر الحنان المختصة بالحب الزوجي‪ .‬وعليهم أن يتساعدوا على النمو في العفة‪.‬‬

‫اإلساءات إلى العفة‬

‫‪107‬‬
‫‪ -2351‬الفجور هو رغب ٌة منحرفة في اللذة الجنسية‪ ،‬أو تمتّ ٌع بها ُمحل بالنظام األخالقي‪ .‬واللذة الجنسية‬
‫تكون منحرفة من الوجهة األخالقية عندما تُقصد لذاتها‪ ،‬معزولة عن غايتَي اإلنجاب واالتحاد‪.‬‬

‫قصد باالستمناء اإلثارة المتعمدة لألعضاء التناسلية للحصول منها على اللذة الجنسية‪" .‬إن‬
‫‪ُ -2352‬ي َ‬
‫السلطة التعليمية في الكنيسة‪ ،‬كالحس األخالقي عند المؤمنين‪ ،‬قد أكد دون تردد‪ ،‬في سياق تقليد ثابت‪ ،‬أن‬
‫االستمناء هو عمل مخالف بحد ذاته مخالفة جسيمة للنظام األخالقي"‪" .‬إن االستعمال المتعمد للطاقة الجنسية‬
‫قصد فيه خارج‬
‫خارج نطاق العالئق الزوجية العادية يتعارض وغايتها‪ ،‬مهما كان السبب"‪ .‬فالمتعة الجنسية تُ َ‬
‫نطاق العالقة الجنسية "التي يقتضيها النظام األخالقي‪ ،‬والتي تُحقق‪ ،‬في إطار حب صحيح‪ ،‬المعنى الكامل‬
‫للعطاء المتبادل واإلنجاب البشري"‪ .‬لتكوين حكم منصف في مسؤولية األشخاص األخالقية‪ ،‬ولتوجيه العمل‬
‫الرعائي‪ ،‬يجب األخ ُذ باالعتبار عدم بلوغ النضج العاطفي‪ ،‬وقوة العادات التي تعودها اإلنسان‪ ،‬وحالة الضيق‪،‬‬
‫أو العوامل النفسية واالجتماعية األخرى‪ ،‬التي تُنقص بل تُ ِ‬
‫نهك المسؤولية األخالقية‪.‬‬
‫‪ِ -2353‬‬
‫الفسق هو االتصال الجنسي خارج نطاق الزواج بين رجل وامرأة حرين‪ .‬إنه يتعارض بوجه خطير‬
‫وكرامة األشخاص والتكوين الجنسي البشري الموجه طبيعيا إلى خير األزواج وإلى إنجاب األوالد وتربيتهم‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك على إنه معثرة خطيرة عندما يكون فيه إفساد للصغار‪.‬‬

‫عمل حقيقة أو تظاهرا‪ ،‬من جو الفاعلين الحميم‪،‬‬


‫اإلباحية تقوم على سحب األفعال الجنسية‪ ،‬التي تُ َ‬
‫ّ‬ ‫‪-2354‬‬
‫فسد طبيعة الفعل الزوجي‪ ،‬الذي هو‬ ‫ِ‬
‫لعرضها على اآلخرين بطريقة متعمدة‪ .‬إنها تسيء إلى العفة ألنها تُ ُ‬
‫عطاء الزوجين الحميم المتبادل‪ .‬إنها تسيء إساءة جسيمة إلى كرامة من يقوم بها (ممثلين وتجار وجمهور)‪،‬‬
‫ُ‬
‫ع لذة خسيسة وربح غير مشروع‪ .‬إنها تجعل هؤالء وأولئك يغوصون في‬ ‫إذ يصبح كل واحد لآلخر موضو َ‬
‫أوهام عالم زائف‪ .‬فهي خطيئة جسيمة‪ .‬وعلى السلطات المدنية أن تمنع إنتاج المواد اإلباحية وتوزيعها‪.‬‬

‫‪ -2355‬البغاء ُيسيء إلى كرامة الشخص الذي يقوم به‪ ،‬إذ تنحصر في اللذة الجنسية التي تُستمد من ذلك‬
‫الشخص‪ .‬والذي يدفع يخطأ خطأ جسيما إلى ذاته‪ :‬فهو َينتهك العفة التي ألزمته بها معموديته‪ ،‬وينجس‬
‫جسده‪ ،‬هيكل الروح القدس‪ .‬البغاء هو آفة اجتماعية‪ .‬إنه يصيب عادة النساء‪ ،‬ولكن أيضا الرجال‪ ،‬واألوالد‬
‫أو المراهقين (وفي هاتين الحالتين األخيرتين تتضاعف الخطيئة بالمعثرة)‪ .‬وإذا كان دائما من الخطأ الجسيم‬
‫االستسالم للبغاء‪ ،‬فالعوز‪ ،‬واالبتزاز‪ ،‬والضغط االجتماعي قد تُنقص المسؤولية عن الذنب‪.‬‬

‫‪ -2356‬االغتصاب يعني الدخول عنوة باُل ُعنف في ما عند الشخص من وضع جنسي حميم‪ .‬إنه إساءة إلى‬
‫العدل والمحبة‪ .‬فاالغتصاب يجرح جرحا بليغا حق كل واحد في االحترام والحرية‪ ،‬والسالمة الجسدية‬
‫والمعنوية‪ .‬إنه يؤذي أ َذى جسيما قد يؤثر في الضحية مدى الحياة‪ .‬إنه دائما عمل سيء بحد ذاته‪ .‬ويكون‬
‫أيضا إذا صنعه الوالدون (غشيان المحارم) أو المربون‪ ،‬إلى األوالد الموكلين إليهم‪.‬‬
‫االغتصاب أكثر خطورة ً‬

‫‪108‬‬
‫العفة واللواط‬
‫‪ -2357‬اللواط يعني العالئق بين رجال أو نساء يحسون انجذابا جنسيا‪ ،‬حصريا أو غالبا‪ ،‬إلى أشخاص‬
‫من الجنس نفسه‪ .‬وله أشكال متنوعة جدا على مدى العصور والثقافات‪ .‬تكوينه النفسي ال يزال في معظمه‬
‫غير واضح‪ .‬والتقليد‪ ،‬استندا إلى الكتاب المقدس الذي يعتبره بمثابة فساد خطير‪ ،‬أعلن دائما أن "األفعال‬
‫اللواطية هي منحرفة في حد ذاتها"‪ .‬إنها تتعارض والشريعة الطبيعية‪ .‬إنها تُغلق الفعل الجنسي على عطاء‬
‫الحياة‪ .‬فهي ال تتأتى من تكامل حقيقي في الحب والجنس‪ .‬وال يمكن الموافقة عليها في أي حال من األحوال‪.‬‬

‫‪ -2358‬هناك عدد ال ُيستهان به من الرجال والنساء‪ ،‬الذين عندهم ميول لواطية عميقة‪ .‬هذه النزعة‪،‬‬
‫المنحرفة موضوعيا‪ ،‬هي بالنسبة إلى معظمهم محنة‪ .‬فيجب تقبلهم باحترام وشفقة ولطف‪ .‬ويجب تحاشي‬
‫كل عالمة من عالمات التمييز الظالم بالنسبة إليهم‪ .‬هؤالء األشخاص مدعوون إلى تحقيق مشيئة هللا في‬
‫حياتهم‪ ،‬وإذا كانوا مسيحيين‪ ،‬أن يضموا إلى ذبيحة صليب الرب التي قد يالقونها بسبب وضعهم‪.‬‬

‫‪ -2359‬األشخاص اللواطيون مدعوون إلى العفة‪ .‬وهم قادرون على التقرب تدريجا وبعزم إلى الكمال‬
‫المسيحي‪ُ ،‬و ُملزمون بذلك‪ ،‬مستعينين بفضائل السيطرة على الذات التي تربي على الحرية الداخلية‪ ،‬وأحيانا‬
‫بمساعدة صداقة نزيهة‪ ،‬وبالصالة والنعمة األس اررية‪.‬‬

‫حب الزوجين‬
‫ّ‬ ‫‪.III‬‬
‫‪ -2360‬الجنس موجه إلى الحب الزوجي بين الرجل والمرأة‪ .‬وفي الزواج تصير العالق ُة الجسدية الحميمة‬
‫بين الزوجين داللة على االتحاد الروحي وعربونا له‪ .‬وروابط الزواج بين المعمدين يجعلها السر مقدسة‪.‬‬

‫‪" -2361‬إن الحالة الجنسية‪ ،‬التي يعطي بها كل من الرجل والمرأة ذاته لآلخر بأفعال خاصة مقتصرة على‬
‫الشخص البشري في أعمق ما فيه‪ .‬وهي ال تتم بوجه إنساني‬
‫َ‬ ‫األزواج‪ ،‬ليست أم ار حيويا فحسب‪ ،‬ولكنها تعني‬
‫احدهما باآلخر حتى‬
‫صحيح إال إذا كانت جزءا ال يتج أز من الحب الذي به يلتزم الرجل والمرأة التزاما كامال و ُ‬
‫الموت"‪.‬‬

‫"نهض طوبيا من الفراش وقال لسارة‪" :‬قومي يا أختي‪ ،‬نصلي‪ ،‬ولنبتهل إلى ربنا لكي ُينعم علينا بالرحمة‬
‫والخالص"‪ .‬فقامت وأخذا يصليان فيبتهالن لكي ُينعم هللا عليهما بالخالص‪ ،‬وشرع يقول‪" :‬مبارك أنت يا‬
‫اء امرأته‪ .‬ومنها خرج الجنس البشري‪ ،‬وأنت‬‫إله آبائنا‪ .‬أنت صنعت آدم‪ ،‬وصنعت له عونا وسندا حو َ‬
‫قلت‪" :‬ال يحسن أن يكون اإلنسان وحده‪ ،‬فلنصنع له عونا ُيناسبه"‪ .‬واآلن فال من أجل الزنى أتخذ أختي‬
‫هذه زوجة بل في سبيل الحق‪ِ .‬‬
‫إقض بأن تُنعم علي وعليها بالرحمة‪ ،‬وبأن نشيخ كالنا معا"‪ .‬وقاال بصوت‬
‫واحد‪" :‬آمين‪ ،‬آمين"‪ .‬ثم رقدا تلك الليلة" (طو ‪.)9 -4 ،8‬‬

‫‪109‬‬
‫‪" -2362‬ان األعمال التي يتحد بها األزواج اتحادا حميما وعفيفا هي أعمال نزيهة وال شائبة فيها‪ .‬وهي إذا‬
‫ُمورست ممارسة إنسانية حقيقية تدل على العطاء الذاتي المتبادل‪ ،‬وتعمل على ترسيخه‪ ،‬فيغني به الزوجان‬
‫ِ‬
‫فر َحين شاكرين"‪ .‬فالجنس هو ينبوع فرح ولذة‪:‬‬

‫ومتعة للجسد والروح‪ .‬فالزوجان‬


‫الرجل والمرأةُ في هذه الوظيفة (اإلنجاب) لذة ُ‬
‫ُ‬ ‫"لقد أراد الخالق نفسه أن يجد‬
‫إذن ال يصنعان ش ار عندما يسعيان إلى هذه اللذة‪ .‬إنهما يتقبالن ما أعده الخالق لهما‪ .‬ومع ذلك فعلى‬
‫الزوجين أن ُيدركا ضرورة البقاء ضمن حدود اعتدال قويم"‪.‬‬

‫خي ُر الزوجين نفسيهما‪ ،‬ونُق ُل الحياة‪،‬‬


‫‪ -2363‬باالتصال الجنسي بين الزوجين تتحقق غاية الزواج المزدوجة‪ُ :‬‬
‫يض خيور‬‫تشويه حياة الزوجين الروحية‪ ،‬أو تعر ِ‬‫ِ‬ ‫فص ُل هذين المدلولين أو القيمتين في الزواج دون‬
‫وال يمكن ُ‬
‫الزواج ومستقبل األسرة للخطر‪ .‬وهكذا يكون الحب الزوجي بين الرجل والمرأة له مقتضيان‪ :‬األمانة والخصب‪.‬‬

‫األمانة الزوجيّة‬
‫‪ -2364‬يكون الزوجان "شركة حميمة في الحياة والحب قد أسسها الخالق ووضع لها نواميسها الخاصة‪.‬‬
‫فهي قائمة على العهد بين الزوجين‪ ،‬أي على رضاهما الشخصي وغير القابل للتراجع"‪ .‬كالهما يتبادالن‬
‫عطاء نهائيا وكامال‪ .‬فليسا بعد اثنين بل يؤلفان من بعد جسدا واحدا‪ .‬إن العهد الذي يرتبط به الزوجان بحرية‬
‫اجب المحافظة عليه واحدا غير قابل الحل‪" .‬ما جمعه هللا ال يفرقه إنسان" (مر ‪.)9 ،10‬‬
‫َيفرض عليهما و َ‬
‫‪ -2365‬تعبر األمانة عن الثبات في الحفاظ على الكلمة المقطوعة‪ .‬أهلل أمين‪ .‬وسر الزواج ُيدخل الرجل‬
‫والمرأة في أمانة المسيح لكنيسته‪ .‬وهما بالعفة الزوجية‪ ،‬يشهدان لهذا السر في وجه العالم‪.‬‬

‫يوحي القديس يوحنا الذهبي الفم إلى األزواج الشبان بأن يخاطبوا زوجاتهم هكذا‪" :‬لقد أخذتك بين يدي‪،‬‬
‫وحلمي األقوى أن‬
‫وأنا أحبك‪ ،‬وأفضلك حتى على حياتي نفسها‪ .‬ألن الحياة الحاضرة ليست بشيء‪ُ ،‬‬
‫معك‪ ،‬بحيث نتثبت من أنه لن يفرق بيننا في الحياة المحفوظة لنا‪ .‬إني أضع ِ‬
‫حبك فوق كل‬ ‫أقضيها ِ‬
‫ُ‬
‫شيء‪ ،‬ولن يشق علي أمر أكثر من أن ال يكون لي ما ِ‬
‫لك من أفكار"‪.‬‬

‫خصب الزواج‬
‫‪ -2366‬الخصب هو عطية وغاية للزواج‪ ،‬ألن الحب الزوجي يسعى طبيعيا إلى ان يكون خصيبا‪ .‬إن‬
‫الولد ال يأتي من الخارج لينضاف إلى حب الزوجين المتبادل‪ ،‬إنه ينبعث في الصميم من هذا العطاء‬
‫كل فعل زواجي أن يبقى‬ ‫ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫المتبادل‪ ،‬إذ هو ثمرته وتَت َّمته‪ .‬لذلك‪ ،‬فالكنيسة التي "هي مع الحياة" تعلم "أن على ّ‬
‫من ذاته من فتحا على نقل الحياة"‪" .‬هذه العقيدة‪ ،‬التي عرضتها م ار ار السلطة التعليمية في الكنيسة‪ ،‬مؤسسة‬

‫‪110‬‬
‫قطعه بمبادرة منه‪ ،‬بين معنيي الفعل‬
‫على الرباط غير القابل الحل الذي أراده هللا‪ ،‬والذي ال يستطيع اإلنسان َ‬
‫الزوجي‪ :‬االتحاد واالنجاب"‪.‬‬

‫‪ -2367‬إن الزوجين‪ ،‬في دعوتهما إلى إعطاء الحياة‪ ،‬يشاركون في قدرة هللا الخالقة‪ ،‬وفي أبوته‪" .‬في واجب‬
‫نقل الحياة البشرية والتدبير‪ ،‬الذي يقع على الزوجين (والذي يجب اعتباره رسالتهما الخاصة)‪ ،‬يعرف هذان‬
‫أنهما مشاركان هللا الخالق‪ ،‬وأنهما بمثابة معبرين عن إرادته‪ .‬وعليهما من ثم ان يضطلعا بروح المسؤولية‬
‫اإلنسانية والمسيحية"‪.‬‬

‫‪ -2368‬وجه خاص من وجوه هذه المسؤولية يتعلق بتنظيم الّنسل‪ .‬فاألزواج يستطيعون‪ ،‬ألسباب صوابية‪،‬‬
‫أن يبغوا إطالة الفارق الزمني بين والدات أبنائهم‪ .‬ولهم أن يتثبتوا من أن رغبتهم ليست وليدة حب الذات‬
‫األعمى (وليدة "األنانية")‪ ،‬بل هي متوافقة والسخاء الصحيح ألبوة مسؤولة‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬عليهم أن‬
‫ُينظموا سلوكهم بحسب المقاييس األخالقية الموضوعية‪:‬‬

‫طلب التوفيق بين الحب الزوجي والنقل المسؤول للحياة‪ ،‬ال يجوز االقتصار في أخالقية التصرف‬
‫"عندما ُي ُ‬
‫على خلوص النية وتقدير البواعث‪ ،‬بل يجب أن تقام على مقاييس موضوعية تُستخرج من طبيعة الشخص‬
‫وتحرص‪ ،‬في إطار من الحب الحقيقي‪ ،‬على كامل معنى العطاء المتبادل والتناسل البشري‪.‬‬ ‫ومن أعماله‪َ ،‬‬
‫وهذا أمر ال يكون إذا لم تمارس فضيلة العفة الزوجية بروح ُمخلِصة"‪.‬‬

‫‪" -2369‬ان الفعل الزوجي‪ ،‬بحفاظه على هذين الوجهين األساسيين‪ ،‬االتحاد واإلنجاب‪ُ ،‬يبقي بطريقة كاملة‬
‫على معنى الحب المتبادل والصحيح‪ ،‬وعلى توجهه نحو دعوة اإلنسان السامية جدا إلى األبوة"‪.‬‬

‫‪ -2370‬ان العفة من حين إلى آخر‪ ،‬وأساليب تنظيم النسل المرتكزة على المراقبة الذاتية واللجوء إلى أوقات‬
‫العقم هي متوافقة والمقاييس األخالقية الموضوعية‪ .‬هذه األساليب تحترم جسد الزوجين وتشجع الحنان‬
‫سيئا في حد ذاته "كل فعل ي ِ‬
‫قصد‪ ،‬كغاية أو وسيلة‪،‬‬ ‫بينهما‪ ،‬وتعزز تربية حرية صحيحة‪ .‬وبخالف ذلك يكون ً‬
‫َ‬
‫أن يجعل اإلنجاب مستحيال‪ ،‬سواء كان ذلك استعدادا للفعل الزوجي‪ ،‬أو في وقت القيام به‪ ،‬أو في تطور‬
‫نتائجه الطبيعية"‪.‬‬

‫الحمل يناقض الكالم المعبر طبيعيا عن عطاء الزوجين المتبادل الكامل‪ ،‬بكالم ُمعارض‬ ‫"إن منع َ‬
‫أمر عطاء متباََدل وكامل وينتج من ذلك ال الرفض الفعلي لالنفتاح على‬
‫موضوعيا‪ ،‬إذ ال يعود األمر َ‬
‫أيضا تزوير الحقيقة الداخلية للحب الزوجي‪ ،‬المدعو إلى أن يكون عطاء الشخص‬‫الحياة وحسب‪ ،‬بل ً‬
‫بكامله‪ .‬وهذا الخالف األنثروبولوجي واألخالقي بين منع الحمل واللجوء إلى اإليقاعات المؤقتة ينطوي‬
‫على مفهومين للشخص وللحالة الجنسية البشرية ال يمكن أن يتالقيا"‪.‬‬

‫غي ُر محصورتين في هذا الدهر‪ ،‬وال يمكن‬


‫ومهمة نقلها ُ‬
‫‪" -2371‬إلى ذلك‪ ،‬فليعلم الجميع أن حياة البشر ُ‬
‫قياسهما وفهمهما به‪ ،‬ومن ثم فال بد فيها من التطلع الدائم إلى مصير البشر األبدي"‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ -2372‬الدولة مسؤولة عن رفاهية المواطنين‪ .‬وانطالقا من ذلك‪ ،‬فمن المشروع أن تتدخل لتوجيه ديمغرافية‬
‫الشعب‪ ،‬ويمكن أن تفعل ذلك بطريقة اإلعالم المرتكز على الموضوعية واالحترام‪ ،‬ال بطريقة التسلط واإلكراه‪،‬‬
‫وهي ال تستطيع بوجه شرعي أن تقوم مقام مبادرة األزواج‪ ،‬الذين هم المسؤولون األولون عن إنجاب أوالدهم‬
‫وتربيتهم‪ .‬وال سلطة لها في هذا المجال للتدخل بوسائل تتعارض والشريعة األخالقية‪.‬‬

‫عطيّة الولد‬
‫‪ -2373‬يرى الكتاب المقدس وممارس ُة الكنيسة التقليدية‪ ،‬في األسر الكثيرة األوالد‪ ،‬دليال على بركة هللا‬
‫وسخاء الوالدين‪.‬‬

‫‪ -2374‬إن عذاب األزواج الذين يكتشفون أنهم عقيمون عظيم‪ .‬قال ابرام هلل‪" :‬ما تعطيني؟ وأنا منصرف‬
‫عقيما" (تك ‪ .)2 ،15‬وراحيل تصرخ إلى زوجها يعقوب قائلة‪" :‬هب لي ولدا فإني أموت" (تك ‪.)1 ،30‬‬

‫‪ -2375‬يجب تشجيع األبحاث الرامية إلى تقليص العقم البشري‪ ،‬بشرط أن تُجعل "في خدمة الشخص‬
‫البشري‪ ،‬وحقوقه‪ ،‬التي ال يمكن التنازل عنها‪ ،‬وخيره الحقيقي والكامل‪ ،‬وفاقا لقصد هللا ومشيئته"‪.‬‬

‫‪ -2376‬إن التقنيات التي تسبب تفريق القرابات‪ ،‬بتدخل شخص غريب عن الزوجين (هبة الحيوانات المنوية‬
‫أو البويضات‪ ،‬وإعارة الرحم) ليست نزيهة‪ .‬وهذه التقنيات (الزرع واإلخصاب الصناعيان‪ ،‬من غير الزوجين)‬
‫تسيء إلى حق الولد بأن يولد من أب وأم يعرفهما ويجمع بينهما الزواج‪ .‬إنها خيانة "للحق المحصور في أن‬
‫ال يصير أب أو أم إال واحدهما باآلخر"‪.‬‬

‫‪ -2377‬إذا مورست هذه التقنيات بين الزوجين (الزرع واإلخصاب الصناعيان بين الزوجين)‪ ،‬فيمكن أن‬
‫تكون أقل ضررا‪ ،‬ولكنها تبقى غير مقبولة أخالقيا‪ .‬فهي تفصل الفعل الجنسي عن فعل اإلنجاب‪ .‬والفعل‬
‫الذي يؤسس وجود الولد ال يعود فعال يعطي فيه شخصان أحدهما لآلخر‪ ،‬إنه "يضع حياة الجنين وهويته‬
‫ويوجد سيادة التقنية على أصل الشخص البشري ومصيره‪ .‬وعالق ُة سيادة‬ ‫بين يدي األطباء وعلماء الحياة‪ُ ،‬‬
‫كهذه تتعارض‪ ،‬في حد ذاتها‪ ،‬مع ما يجب أن يكون مشتركا بين الوالدين واألوالد من كرامة ومساواة"‪"ُ .‬يحرم‬
‫اإلنجاب من كماله الخاص‪ ،‬عندما ال ُيقصد كثمرة الفعل الزوجي‪ ،‬أي الفعل الخاص باتحاد الزوجين‪ .‬ان‬
‫احترام الرابط القائم بين معاني الفعل الزوجي‪ ،‬واحترام وحدة الكائن البشري‪ ،‬يمكن وحده من اإلنجاب بطريقة‬
‫تتوافق وكرامة الشخص"‪.‬‬

‫عطية‪" .‬وعطية الزواج الفضلى" هي شخص بشري‪ .‬فال يمكن‬ ‫حق أحد وإنما هو ّ‬ ‫‪ -2378‬الولد ليس من ّ‬
‫اعتبار الولد موضوع تملك‪ ،‬وهذا ما يؤدي إليه االعتراف بما ُيزعم من "حق في الولد"‪ .‬وفي هذا المجال للولد‬
‫حترم كشخص منذ‬ ‫ن‬ ‫ق‬
‫وحده حقو صحيحة‪" :‬أن يكو ثمرة الفعل الخاص بحب والديه الزوجي‪ ،‬والحق في أن ُي َ‬
‫لحظة الحبل به"‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ُ -2379‬يظهر اإلنجيل أن العقم الطبيعي ليس ش ار مطلقا‪ .‬وعلى األزواج الذين‪ ،‬بعد استنفادهم كل لجوء‬
‫مشروع إلى الطب‪ ،‬يعانون من العقم‪ ،‬أن يشتركوا في صليب الرب‪ ،‬ينبوع كل خصب روحي‪ .‬وبإمكانهم أن‬
‫ُيثبتوا سخاءهم بتبنيهم أوالدا مهملين‪ ،‬أو بقيامهم بخدمات متطلبة تجاه اآلخرين‪.‬‬

‫اإلساءات إلى كرامة الزواج‬ ‫‪.IV‬‬


‫‪ -2380‬الزنى‪ .‬هذه الكلمة تعني الخيانة الزوجية‪ .‬فعندما يعقد شخصان أحدهما على األقل متزوج‪ ،‬عالقة‬
‫جنسية بينهما‪ ،‬وإن كانت عابرة‪ ،‬فهما يرتكبان الزنى‪ .‬والمسيح قد قضى على الزنى‪ ،‬وإن بمجرد الشهوة‪.‬‬
‫والوصية السادسة والعهد الجديد يحرمان الزنى على اإلطالق‪ .‬وأنبياء ينددون بجسامته‪ .‬ويرون فيه صورة‬
‫لخطيئة عبادة األصنام‪.‬‬

‫‪ -2381‬الزنى يخالف العدالة‪ .‬والذي يرتكبه يخون عهده‪ .‬ويجرح عالمة العهد التي هي الرباط الزوجي‪،‬‬
‫ويضر بمؤسسة الزواج‪ ،‬بنقضه اال تفاق الذي هو في أساسه‪ .‬إنه يعرض‬ ‫ويسيء إلى حق الزوج اآلخر‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫للخطر خير التناسل البشري‪ ،‬واألوالد الذين هم في حاجة إلى ثبات اتحاد والديهم‪.‬‬

‫الطالق‬
‫غير قابل للحل‪ .‬وأبطل ما تسلل من‬
‫اج َ‬
‫‪ -2382‬لقد ألح الرب يسوع على نية الخالق األصلية‪ ،‬إذ أراد الزو َ‬
‫احتماالت إلى الشريعة القديمة‪ .‬بين المعمدين‪" ،‬الزواج المعقود والمكتمل ال تستطيع حله سلطة بشرية‪ ،‬وال‬
‫أي سبب من األسباب‪ ،‬إال الموت"‪.‬‬

‫‪ -2383‬افتراق الزوجين‪ ،‬مع بقاء وثاق الزواج‪ ،‬يمكن أن يكون مشروعا في بعض الحاالت التي يلحظها‬
‫الحق القانوني‪ .‬إذا كان الطالق المدني الطريقة الوحيدة الممكنة لتأمين بعض الحقوق المشروعة‪ ،‬والعناية‬
‫باألطفال‪ ،‬أو الدفاع عن اإلنسان‪ ،‬فيمكن احتماله دون ذنب أخالقي‪.‬‬

‫‪ -2384‬الطالق إهانة جسيمة للشريعة الطبيعية‪ .‬فهو يزعم فصم العقد الذي ارتضاه الزوجان بحرية‪ ،‬ألن‬
‫يعيشا معا حتى الموت‪ .‬والطالق إهانة لعهد الخالص الذي يكون الزواج السري عالمته‪ .‬وعقد زواج جديد‪،‬‬
‫وإن اعترفت به الشريعة المدنية‪ ،‬يزيد جسامة القطيعة‪ :‬فالزوج الذي تزوج زواجا جديدا يكون عندئذ في حالة‬
‫زنى علني ودائم‪:‬‬

‫"إذا اقترب الزوج‪ ،‬بعد افتراقه عن زوجته‪ ،‬من زوجة أخرى‪ ،‬يكون هو زانيا ألنه يجعل هذه المرأة ترتكب‬
‫الزنى‪ ،‬والمرأة التي تساكنه هي زانية ألنها استدرجت إليها زوج أخرى"‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫أيضا من البلبلة التي يدخلها في الخلية العائلية وفي المجتمع‪.‬‬
‫‪ -2385‬يتخذ الطالق الصفة الالأخالقية ً‬
‫اق والديهم وتأرجحهم غالبا‬
‫وهذه البلبلة تستتبع أض ار ار جسيمة‪ :‬للزوج الذي ُيهمل‪ ،‬ولألوالد الذي يؤذيهم افتر ُ‬
‫بينهما‪ ،‬وبسبب تأثيره الذي يجعل منه عدوى وآفة اجتماعية حقيقية‪.‬‬

‫‪ -2386‬قد يكون أحد الزوجين الضحية البريئة للطالق الذي تقضي به الشريعة المدنية‪ ،‬فال يكون عندئذ‬
‫مخالفا للفريضة األخالقية‪ .‬فهناك فرق كبير بين الزوج الذي سعى بإخالص ليكون أمينا لسر الزواج‪ ،‬ويرى‬
‫مهمال من غير حق‪ ،‬وذاك الذي يهدم‪ ،‬بذنب ثقيل من قبله‪ ،‬زواجا صحيحا في القانون الكنسي‪.‬‬
‫نفسه َ‬

‫اإلساءات األخرى إلى كرامة الزواج‬


‫‪ُ -2387‬ندرك مأساة من يرغب في االرتداد إلى اإلنجيل‪ ،‬ويرى نفسه مضط ار إلى تطليق واحدة أو أكثر‬
‫فتعدد الزوجات ال يتالءم مع الشريعة األخالقية‪ .‬إنه‬
‫من نساء قاسمهن سنوات من الحياة الزوجية‪ .‬ومع ذلك ّ‬
‫"يتناقض تناقضا جذريا والشركة الزوجية‪ :‬فهو ينكر مباشرة تدبير هللا‪ ،‬كما ُكشف لنا عنه منذ البدء‪ ،‬إنه‬
‫يتعارض والمساواة في الكرامة الشخصية بين الرجل والمرأة‪ ،‬اللذين‪ ،‬في الزواج‪ُ ،‬يعطي كل منهما ذاته في‬
‫حب كلي‪ ،‬ولذلك فهو ال يكون أال وحيدا ومانعا"‪ .‬فالمسيحي الذي كان سابقا متعدد الزوجات‪ ،‬ملزم إلزاما‬ ‫ّ‬
‫خطي ار بموجب العدالة‪ ،‬أن يفي بالتزامه تجاه نسائه السابقات وأوالده‪.‬‬

‫الزنى بالمحارم يدل على العالئق الحميمة بين األقارب بقرابة دموية‪ ،‬أو أهلية‪ ،‬بدرجة تمنع الزواج‬
‫‪ّ -2388‬‬
‫حادث فحش‪.‬‬
‫َ‬ ‫بينهم‪ .‬والقديس بولس يستقبح هذا الذنب الم تصف بجسامة خاصة‪" :‬لقد شاع عنكم أن بينكم‬
‫سلم مثل هذا إلى الشيطان ألجل هالك‬
‫حتى أن واحدا منكم يحوز امرأة أبيه! فباسم الرب يسوع يجب أن ُي َ‬
‫الجسد" (‪ 1‬كو ‪ .)5 -3 .1 ،5‬الزنى بالمحارم ُيفسد العالئق العائلية ويدل على تقهقر نحو الحيوانية‪.‬‬

‫ات الجنسية التي ُيمارسها الراشدون على األوالد أو المراهقين‬


‫‪ -2389‬يمكن أن ُيلحق الزنى بالمحارم التجاوز ُ‬
‫الموكلين إليهم‪ .‬والذنب عندئذ يتضاعف بإساءة شائنة إلى سالمة األحداث الجسمية والمعنوية‪ ،‬التي سيحملون‬
‫آثارها مدى حياتهم‪ ،‬وبانتهاك المسؤولية التربوية‪.‬‬

‫‪ -2399‬يكون هناك ا ّتحاد حر عندما يرفض الرجل والمرأة أن يولوا صيغة قانونية وعلنية لعالقة تتضمن‬
‫العالقة الجنسية الحميمة‪ .‬التعبير خادع‪ :‬فماذا يمكن أن يعني اتحاد ال يلتزم فيه الشخصان أحدهما باآلخر‪،‬‬
‫ويشهدان هكذا على انعدام الثقة باآلخر‪ ،‬وبالذات أو المستقبل! وهذا التعبير يتناول حاالت مختلفة‪ :‬التسري‪،‬‬
‫أو رفض الزواج بكونه زواجا‪ ،‬أو العجز عن االرتباط بالتزامات طويلة األمد‪ .‬هذه الحاالت كلها تنتهك كرامة‬
‫الزواج‪ ،‬وتهدم فكرة االسرة نفسها‪ ،‬وتُضعف حس األمانة‪ .‬إنها تتعارض والشريعة األخالقية‪ :‬فالفعل الجنسي‬
‫ال مكان له إال في الزواج‪ ،‬وخارجا عنه يكون أبدا خطيئة جسيمة ويحول دون التناول األسراري‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -2391‬كثيرون يطلبون اليوم نوعا من " ّ‬
‫الحق في التجريب"‪ ،‬حيث توجد نية الزواج‪ .‬ومهما تكن صالبة‬

‫عزم من َيشرعون في عالئق جنسية سابقة َ‬


‫ألوانها‪" ،‬فإن هذه العالئق ال تسمح بتأمين العالقة الشخصية‬
‫المتبادلة بين رجل وامرأة‪ ،‬في صدقها وأمانتها‪ ،‬وعلى الخصوص بصونهما من النزوات واألهواء"‪ .‬فاالتحاد‬
‫الجنسي ال يكون شرعيا من الوجهة األخالقية إال عندما تؤسس شراكة في الحياة نهائية بين الرجل والمرأة‪.‬‬
‫الحب البشري ال يحتمل "التجريب"‪ .‬فهو يقتضي عطاء كليا ونهائيا بين األشخاص‪.‬‬
‫إن َّ‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2392‬الحب هو الدعوة األساسية والفطرية لكل كائن بشري"‪.‬‬
‫‪ -2393‬إن هللا‪ ،‬بخلقه الكائن البشري رجال وامرأة‪ ،‬منح الكرامة الشخصية على حد سواء لكل منهما‪.‬‬
‫ويعود إلى كل واحد‪ ،‬رجال كان أو امرأة‪ ،‬ان يعترف بهويته الجنسية ويتقبلها‪.‬‬
‫‪ -2394‬المسيح هو مثال العفة‪ .‬وكل معمد مدعو أن يحيا حياة طاهرة‪ ،‬بحسب الحالة التي يعيشها‪.‬‬
‫‪ -2395‬العفة تعني استيعاب الشخص للطاقة الجنسية‪ .‬وتقتضي تعلم السيطرة على الذات‪.‬‬
‫‪ -2396‬يجب أن نذكر بين الخطايا المخالفة مخالفة جسيمة للعفة‪ ،‬االستمناء‪ ،‬و ِ‬
‫الفسق‪ ،‬واإلباحية‪،‬‬
‫والممارسات اللوطية‪.‬‬
‫‪ -2397‬إن العهد الذي يعقده الزوجان بحرية يقتضي الحب األمين‪ .‬وهو يلزمهما بالمحافظة على زواجهما‬
‫دو َن حل‪.‬‬
‫‪ -2398‬الخصب خير وعطية وغاية للزواج‪ .‬والزوجان بإعطائهما الحياة يشتركان في أبوة هللا‪.‬‬
‫‪ -2399‬تنظيم النسل هو وجه من وجوه األبوة واألمومة المسؤولتين‪ .‬وشرعية نية الزوجين ال تبرر اللجوء‬
‫إلى وسائل تأبيها األخالق (مثل التعقيم المباشر أو منع الحمل)‪.‬‬
‫‪ -2400‬الزنى والطالق وتعدد الزوجات واالتحاد الحر هي انتهاكات جسيمة لكرامة الزواج‪.‬‬

‫المقال السابع‬
‫الوصية السابعة‬
‫ّ‬

‫"ال تسرِق" (خر ‪.)15 ،20‬‬


‫"ال تسرق" (متى ‪.)18 ،19‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -2401‬الوصية السابعة تنهي عن أخذ مال القريب أو حفظه دون حق‪ ،‬وعن إلحاق الضرر بالقريب في‬
‫أمواله بأي وجه من الوجوه‪ .‬إنها تفرض العدالة والمحبة في إدارة األموال األرضية وثمار عمل الناس‪ .‬وهي‬
‫تقتضي‪ ،‬في سبيل الخير العام‪ ،‬احترام كون الخيرات معدة للجميع‪ ،‬واحترام حق الملكية الخاصة‪ .‬والحياة‬
‫المسيحية تسعى إلى توجيه خيرات هذا العالم نحو هللا والمحبة األخوية‪.‬‬

‫الخاصة‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫‪ .I‬إعداد الخيرات للجميع و ّ‬
‫‪ -2402‬في البدء أوكل هللا األرض ومواردها إلى إدارة مشتركة تضطلع بها البشرية‪ ،‬لتعتني بها‪ ،‬وتسيطر‬
‫عليها بعملها‪ ،‬وتنعم بثمارها‪ .‬وخيرات الخليقة ُمعدة لكل الجنس البشري‪ .‬ولكن األرض موزعة بين البشر‬
‫لتأمين سالمة حياتهم‪ ،‬المعرضة للعوز والمهددة باُل ُعنف‪ .‬تملك الخيور مشروع في سبيل ضمان حرية‬
‫األشخاص وكرامتهم‪ ،‬ولمساعدة كل واحد على تأمين احتياجاته األساسية واحتياجات من يعولهم‪ .‬وعليه أن‬
‫يمكن من ظهور تضامن طبيعي بين الناس‪.‬‬

‫الملكية الخاصة المقتناة‪ ،‬أو المقبولة من اآلخرين بطريقة عادلة‪ ،‬ال ُيبطل إعطاء‬
‫ّ‬ ‫الحق في‬
‫ّ‬ ‫‪ -2403‬ان‬
‫األرض في األصل للبشرية جمعاء‪ .‬فكون الخيور ّ‬
‫معدة للجميع يبقى أوليا‪ ،‬وإن كان تعزيز الخير العام‬
‫يقتضي احترام الملكية الخاصة‪ ،‬وحقها وممارستها‪.‬‬

‫‪" -2404‬عندما يستعمل اإلنسان هذه الخيور يجب أن ال يرى في ما يملكه من األشياء الخارجية بطريقة‬
‫شرعية ِملكا خاصا وكأنه وحده‪ ،‬بل أن يرى فيه ما يشبه ِ‬
‫الملك المشترك‪ :‬بمعنى أنه يمكن أن يعود بالفائدة‬
‫أيضا"‪ .‬إن ملكية خير ما تجعل ممن يحوزه ُمدي ار من قبل العناية اإللهية‬
‫ال عليه فحسب وإنما على اآلخرين ً‬
‫الستثماره وإيصال حسناته إلى الغير‪ ،‬وأوال إلى األقارب‪.‬‬
‫‪ -2405‬ان الخيور ِ‬
‫المنتجة ‪ -‬المادية وغير المادية – كاألراضي والمعامل‪ ،‬أو المؤهالت أو الفنون‪،‬‬
‫تقتضي ان يعتني بها أصحابها حتى ُيفيد إنتاجها العدد األكبر من الناس‪ .‬ومن يحوزون خيو ار لالستعمال‬
‫ولالستهالك عليهم ان يستعملوها بقناعة‪ ،‬حافظين النصيب األفضل للضيف وللمريض وللفقير‪.‬‬

‫السياسية‪ ،‬ويجب عليها أن تنظم‪ ،‬بالنظر إلى الخير العام‪ ،‬ممارسة حق الملكية بوجه‬
‫ّ‬ ‫‪ -2406‬للسلطة‬
‫شرعي‪.‬‬

‫احترام األشخاص وأموالهم‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ -2407‬في الموضوع االقتصادي يقتضي احترام الكرامة اإلنسانية ممارسة فضيلة القناعة‪ ،‬لالعتدال في‬
‫التمسك بخيرات هذا العالم‪ ،‬وفضيلة العدل لصيانة حقوق القريب وإعطائه ما هو واجب له‪ ،‬والتضامن بحسب‬
‫ِ‬
‫وجود الرب الذي هو الغني قد افتقر من أجلنا لكي نستغني بفقره‪.‬‬ ‫القاعدة الذهبية‪،‬‬

‫‪116‬‬
‫احترام أموال الغير‬
‫‪ -2408‬تمنع الوصية السابعة من السرقة أي اغتصاب مال اآلخرين خالفا إلرادة المالك المعقولة‪ .‬وليس‬
‫اض الرضى أو إذا كان الرفض مخالفا للعقل ولكون الخيرات معدة للجميع‪ .‬تلك‬
‫هناك سرقة إذا أمكن افتر ُ‬
‫هي حال الضرورة الملحة والواضحة حيث الوسيلة الوحيدة لتأمين حاجات فورية وأساسية (غذاء‪ ،‬ملجأ‪،‬‬
‫كساء‪ )..‬هي في التصرف بأموال الغير واستعمالها‪.‬‬

‫حق واالحتفاظ به‪ ،‬هي مخالفة للوصية السابعة وإن لم تكن‬ ‫‪ -2409‬كل طريقة ألخذ مال الغير دون ّ‬
‫متعارضة مع أحكام الشريعة المدنية‪ .‬وهكذا يكون االحتفاظ عمدا بما أُقرض من مال أو بما ُوجد من أشياء‬
‫ضائعة‪ ،‬والغش في التجارة‪ ،‬ودفع اجور غير عادلة ورفع األسعار اعتمادا على جهل الغير وعوزه‪ .‬من‬
‫األمور الغير الجائزة أخالقيا‪ :‬المضاربة المستعملة لتغيير تخمين قيمة الخيرات بأسلوب مصطنع‪ ،‬لنيل فائدة‬
‫على حساب الغير‪ ،‬والرشوة التي بها ُيبدل رأي من عليهم أن يتخذوا الق اررات وفاقا للحق‪ ،‬واستمالك أموال‬
‫عامة لمؤسسة واستعمالها للمصلحة الخاصة‪ ،‬واألشغال التي لم يحسن صنعها‪ ،‬و ِ‬
‫الغش الضريبي‪ ،‬وتزوير‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المفرطة‪ ،‬والهدر‪ .‬إن إلحاق الضرر عمدا بالممتلكات الخاصة أو العامة‬ ‫الشيكات والفواتير‪ ،‬والمصاريف ُ‬
‫مخالف للشريعة األخالقية ويقتضي التعويض‪.‬‬

‫‪ -2410‬ال بد من الوفاء بالوعود‪ ،‬والتقيد الصارم بالعقود بمقدار ما يكون االلتزام صوابيا من الوجهة‬
‫األخالقية‪ .‬إن جزءا كبي ار من الحياة االقتصادية واالجتماعية يتعلق بقيمة العقود بين األشخاص الطبيعيين‬
‫والمعنويين‪ .‬هكذا هي الحال بالنسبة إلى العقود التجارية من بيع وشراء‪ ،‬وعقود اإليجار والعمل‪ .‬كل عقد‬
‫يجب االتفاق عليه وتتميمه باستقامة نية‪.‬‬

‫التبادلية التي تنظم المبادالت بين األشخاص وبين المؤسسات في احت ار م‬


‫ّ‬ ‫‪ -2411‬تخضع العقود للعدالة‬
‫صحيح لحقوقهم‪ .‬والعدالة التبادلية تلزم إلزاما دقيقا‪ .‬وهي تقتضي الحفاظ على حقوق الملكية‪ ،‬وتسديد الديون‪،‬‬
‫قيام إي صيغة أخرى من صيغ العدالة‪.‬‬ ‫ن‬
‫والوفاء بااللتزامات المعقودة بحرية‪ .‬ودو العدالة التبادلية يستحيل ُ‬
‫القانونية التي تتعلق بما يجب بإنصاف على المواطن للجماعة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التبادلية والعدالة‬
‫ّ‬ ‫هناك تمييز بين العدالة‬
‫التوزيعية التي تنظم ما يجب على الجماعة للمواطنين بالنسبة إلى مساهماتهم واحتياجاتهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والعدالة‬

‫‪ -2412‬ان التعويض عن الظلم المرتكب يقتضي‪ ،‬استنادا إلى العدالة‪ ،‬إعادة المال المسلوب إلى صاحبه‪:‬‬
‫ظلمت أحدا في شيء‪ ،‬فإني ارد أربعة أضعاف" (لو‬ ‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫لقد بارك يسوع زكا اللتزامه عندما قال‪" :‬إن ُ‬
‫‪ .)8 ،19‬فكل من استولى‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬على مال الغير ُملزم بإعادته‪ ،‬أو إعادة ما يقابله‬
‫عينا أو نقدا إذا ُفقد‪ ،‬وكذلك الثمار والفوائد التي كان صاحبه سيحصل عليها شرعيا‪ .‬وجميع الذين شاركوا‬

‫‪117‬‬
‫في السرقة بأي وجه من الوجوه‪ُ ،‬ملزمون بالرد‪ .‬بمقدار مسؤوليتهم واستفادتهم‪ .‬وكذلك الذين استفادوا وهم‬
‫على علم باألمر‪ ،‬من مثل الذين أمروا بالسرقة أو ساعدوا عليها أو خبأوا المسروق‪.‬‬

‫‪ -2413‬ليست ألعاب الحظ (اللعب بالورق) أو المراهنات في حد ذاتها مخالفة للعدالة‪ .‬وتصبح غير مقبولة‬
‫من الوجهة األخالقية عندما ِ‬
‫تحرم الشخص ما هو ضروري له لتلبية حاجاته وحاجات اآلخرين‪ .‬إن شهوة‬
‫اللعب قد تصبح استعبادا شديدا‪ .‬المراهنة المنافية للعدالة والغش في األلعاب يكونان مادة ثقيلة‪ ،‬ما لم يكن‬
‫الضرر الحاصل خفيفا‪ ،‬بحيث ال يستطيع من لحق به اعتباره بوجه معقول ضر ار ذا شأن‪.‬‬

‫‪ -2414‬تحظر الوصية السابعة األعمال والمشاريع التي تؤدي‪ ،‬ألي سبب من األسباب‪ ،‬األنانية أو‬
‫البشرية‪ ،‬وتجاهل كرامتها الشخصية‪ ،‬وشرائها‬
‫ّ‬ ‫األيديولوجية أو التجارية أو التوتاليتارية‪ ،‬إلى استعباد الكائنات‬
‫وبيعها ومقايضتها كأنها بضاعة‪ .‬إنها خطيئة إلى كرامة األشخاص وحقوقهم األساسية أن ُينتقصوا بالقوة‬
‫فيصبحوا قيمة لالستعمال أو مصد ار للربح‪ .‬لقد أمر القديس بولس سيدا مسيحيا بمعاملة عبد مسيحي‪" :‬ال‬
‫بعد‪ ،‬بل كأخ وكإنسان في الرب" (ف ‪.)16‬‬
‫كعبد ُ‬

‫احترام سالمة الخليقة‬


‫‪ -2415‬تطلب الوصية السابعة احترام سالمة الخليقة‪ .‬فالحيوانات كالنباتات والكائنات الفاقدة الحياة هي‬
‫بطبيعتها ُمعدة لخير البشرية العام‪ ،‬في الماضي والحاضر والمستقبل‪ .‬واستعمال الموارد المعدنية والنباتية‬
‫والحيوانية في العالم ال يمكن فصله عن احترام المقتضيات األخالقية‪ .‬فالسيادة التي أوالها الخالق لإلنسان‬
‫على الكائنات الفاقدة الحياة واألخرى الحية ليست مطلقة‪ ،‬ومقياسها االهتمام بوضع حياة القريب‪ ،‬وبضمنها‬
‫األجيال القادمة‪ ،‬فهي تقتضي احتراما دينيا لسالمة الخليقة‪.‬‬

‫‪ -2416‬الحيوانات خالئق هللا‪ .‬وهو يحوطها باهتمامه وعنايته‪ .‬وهي بوجودها ذاته تباركه وتمجده‪ .‬لذلك‬
‫اجب محاسنتها‪ .‬وال يفوتُنا أن نذكر بأي لطف عامل الحيوانات القديسون‪ ،‬من مثل فرنسيس‬
‫على الناس و ُ‬
‫األسيزي وفيليب نيري‪.‬‬

‫‪ -2417‬لقد وكل هللا الحيوانات إلى ادارة من خلقه على صورته‪ .‬لذلك من المشروع استعمال الحيوانات‬
‫للغذاء ولصنع الكساء‪ .‬ويمكن ترويضها لتساعد اإلنسان على أعماله وراحته‪ .‬والتجارب الطبية والعلمية على‬
‫الحيوانات‪ ،‬هي ممارسات مقبولة أخالقيا‪ ،‬إذا بقيت في حدود معقولة وأسهمت في معالجة الحياة البشرية‬
‫وتخليصها‪.‬‬

‫‪ -2418‬تعذيب الحيوانات سدى‪ ،‬وهدر حياتها‪ ،‬يتعارضان والكرامة اإلنسانية‪ .‬وكذلك من غير الالئق أن‬
‫مبالغ من المال يجب أو ال ان تخفف الفاقة عند الناس‪ .‬يمكن أن نحب الحيوانات‪ ،‬وال‬
‫ُ‬ ‫ُيصرف في سبيلها‬
‫يسوغ أن نعطف إليها الحب الواجب لألشخاص وحدهم‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫عقيدة الكنيسة االجتماعية‬ ‫‪.III‬‬
‫‪" -2419‬الوحي المسيحي يقودنا إلى تفهم أعمق لنواميس الحياة االجتماعية"‪ .‬فالكنيسة تتقبل من اإلنجيل‬
‫الكشف الكامل لحقيقة اإلنسان‪ .‬وهي‪ ،‬عندما تتمم رسالتها في إعالن اإلنجيل‪ ،‬تؤكد لإلنسان‪ ،‬باسم المسيح‪،‬‬
‫كرامته الخاصة ودعوته إلى مشاركة األشخاص‪ .‬وتعلمه مقتضيات العدل والسالم المتالئم َة والحكمة اإللهية‪.‬‬

‫‪ -2420‬تُصدر الكنيسة ُحكما أخالقيا في الشأن االقتصادي واالجتماعي‪" ،‬عندما تقتضي ذلك حقوق‬
‫اإلنسان األساسية أو خالص النفوس"‪ .‬وهي‪ ،‬في الموضوع األخالقي‪ ،‬تتعلق برسالة متميزة من رسالة‬
‫السلطات السياسية‪ :‬فالكنيسة تهتم بوجوه الخير العام الزمنية بسبب كونها معدة للخير األسمى‪ ،‬غايتنا‬
‫القصوى‪ .‬فتسعى إلى اإليحاء بمواقف عادلة في العالقة بالخيور األرضية وفي العالئق االجتماعية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫‪ -2421‬تطورات عقيدة الكنيسة االجتماعية في القرن التاسع عشر عند تالقي اإلنجيل والمجتمع الصناعي‬
‫الحديث‪ ،‬وهيكلياته الجدية إلنتاج الخيور االستهالكية‪ ،‬ومفهومه الجديد للمجتمع‪ ،‬والدولة والسلطة‪ ،‬وصيغه‬
‫الجديدة للعمل والملكية‪ .‬وتطور عقيدة الشأن االقتصادي واالجتماعي يؤكد استمرار قيمة تعليم الكنيسة‪ ،‬وفي‬
‫الوقت ذاته‪ ،‬المعنى الصحيح لتقليدها الحي الفاعل أبدا‪.‬‬

‫تأويل الكنيسة ألحداث‬


‫َ‬ ‫‪ -2422‬تعليم الكنيسة االجتماعي يتألف من مجموعة عقيدية تترابط أجزاؤها مسايرة‬
‫التاريخ‪ ،‬في ضوء مجموع الكالم الذي أوحى به يسوع المسيح‪ ،‬وبمساعدة الروح القدس‪ .‬وكل ما ألهم هذا‬
‫الناس ذوي النية الحسنة له تقبال‪.‬‬
‫التعليم سلوك المؤمنين ازداد ُ‬
‫تعرض عقيدة الكنيسة االجتماعية مبادئ للتفكير‪ .‬وتستخرج مقاييس لُل ُحكم‪ ،‬وتُعطي توجيهات‬
‫ُ‬ ‫‪-2423‬‬
‫للعمل‪ :‬كل مذهب يقول بأن العالئق االجتماعية تُحددها تماما العوامل االقتصادية هو مخالف لطبيعة‬
‫الشخص البشري وعماله‪.‬‬

‫‪ -2424‬ال يمكن القبول‪ ،‬من الوجهة األخالقية‪ ،‬بأي نظرية تجعل من الربح القاعدة الوحيدة‪ ،‬والغاية‬
‫القصوى‪ ،‬للنشاط االقتصادي‪ .‬فشهوة المال المنحرفة ال بد أن ُننتج مفاعيلها الخبيثة‪ .‬وهي سبب من أسباب‬
‫النزاعات الكثيرة التي تبلبل النظام االجتماعي‪" .‬المذهب الذي ُيخضع حقوق األفراد والجماعات األساسية‬
‫يتعارض وكرام َة اإلنسان‪ .‬وكل ممارسة تُصير األشخاص وسائل فحسب‪ ،‬في سبيل‬ ‫ُ‬ ‫لنظام االنتاج الجماع "‬
‫الربح‪ ،‬تستعبد اإلنسان‪ .‬وتؤدي إلى عبادة المال صنما‪ ،‬وتساهم في نشر اإللحاد‪" .‬ال تقدرون ان تعبدوا هللا‬
‫والمال" (متى ‪24 ،6‬؛ لو ‪.)13 ،16‬‬

‫‪ -2425‬لقد نبذت الكنيسة اإليديولوجيات التوتاليتارية واإللحادية المتشاركة‪ ،‬في األزمنة المعاصرة‪ ،‬مع‬
‫"الشيوعية" أو "االشتراكية"‪ .‬ورفضت‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬ما في ممارسة "الرأسمالية" من فردية وأولية مطلقة‬

‫‪119‬‬
‫لشريعة السوق على العمل اإلنساني‪ .‬وتنظيم االقتصاد بالتخطيط المركزي وحده ُيفسد من األساس الروابط‬
‫االجتماعية‪ ،‬وتنظيمه بشريعة السوق وحدها ُيخالف العدالة االجتماعية "ألن هناك احتياجات إنسانية كثيرة‬
‫ال يمكن تلبيتها بالسوق"‪ .‬يجب تأييد تنظيم معقول للسوق‪ ،‬وللمبادرات االقتصادية‪ ،‬وفاقا لتراتبية قيم صحيحة‬
‫في سبيل الخير العام‪.‬‬

‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫االقتصادي والعدالة‬
‫ّ‬ ‫‪ .IV‬النشاط‬
‫‪ -2426‬إن تطور األنشطة االجتماعية ونمو االنتاج ُمعدان لتلبية احتياجات الكائنات البشرية‪ .‬وال تهدف‬
‫الحياة االقتصادية فقط‪ ،‬على تكثير الخيور المنتجة وزيادة الربح أو القدرة‪ .‬إنها ُم َعدة أوال لخدمة االشخاص‪،‬‬
‫ِ‬
‫الجماعة البشرية بكليتها‪ .‬وال بد للنشاط االقتصادي‪ ،‬وهو ُيسير بحسب أساليبه الخاصة‪ ،‬من‬ ‫اإلنسان بكامله و‬
‫مار َس في حدود النظام األخالقي‪ ،‬وفاقا للعدالة االجتماعية‪ ،‬لتلبية قصد هللا لإلنسان‪.‬‬‫أن ُي َ‬
‫‪ -2427‬العمل اإلنساني يتأتى مباشرة من األشخاص المخلوقين على صورة هللا‪ ،‬والمدعوين إلى ان ُيمددوا‪،‬‬
‫ضهم ألجل بعض‪ ،‬عمل الخلق بالتسلط على األرض‪ .‬فالعمل إذن واجب‪" :‬إن كان‬ ‫وبع ُ‬
‫ضهم مع بعض‪ُ ،‬‬ ‫بع ُ‬
‫ُ‬
‫أيضا‬
‫أحد ال يريد أن يشتغل فال يأكل" (‪ 2‬تس ‪ .)10 ،3‬العمل ُيكرم مواهب هللا والوزنات المعطاة‪ .‬ويمكن ً‬
‫ِ‬
‫عامل الناصرة والمصلوب على الجلجلة‪،‬‬ ‫أن يكون فدائيا‪ .‬فاإلنسان‪ ،‬باحتماله عناء العمل باالتحاد مع يسوع‪،‬‬
‫يساهم بوجه من الوجوه مع ابن هللا في عمله الفدائي‪ .‬ويتراءى تلميذا للمسيح في حمل صليبه‪ ،‬كل يوم‪ ،‬في‬

‫النشاط الذي ُدعي إلى القيام به‪ .‬يمكن أن يكون ُ‬


‫العم ُل وسيلة للقداسة وإنعاشا لألمور األرضية في روح‬
‫المسيح‪.‬‬

‫‪ -2428‬يمارس الشخص ويتمم بالعمل جزءا من االمكانات الموجودة في طبيعته‪ .‬وقيمة العمل األساسية‬
‫مرتبطة باإلنسان نفسه الذي هو صاحب العمل وغايته‪ .‬ألن العمل هو ألجل اإلنسان وليس اإلنسان ألجل‬
‫العمل‪ .‬يجب ان يتمكن كل واحد من استمداد معيشته ومعيشة ذويه من العمل‪ ،‬وخدمة الجماعة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -2429‬لكل إنسان الحق في المبادرة االقتصادية‪ ،‬ومن المشروع ان يستعمل كل انسان مواهبه للمساهمة‬
‫في وفرة تفيد الجميع‪ ،‬ولجني الثمار العادلة من جهوده‪ .‬وال بد له من السهر على تطبيق األنظمة التي‬
‫تضعها السلطات الشرعية ألجل الخير العام‪.‬‬

‫مصالح متنوعة‪ ،‬ومتعارضة م اررا‪ .‬وهكذا ُيفهم حصول النزاعات التي‬


‫َ‬ ‫‪ -2430‬تتناول الحياة االقتصادية‬
‫تتسم بها‪ .‬ويجب السعي إلى تخفيف هذه األخيرة بالمفاوضات التي تحترم ما لكل شريك اجتماعي من‬

‫‪120‬‬
‫حقوق‪ ،‬وما عليه من واجبات‪ ،‬من المسؤولين عن المؤسسات‪ ،‬إلى ممثلي األجراء‪ ،‬كالتنظيمات النقابية‪،‬‬
‫والسلطات العامة إذا استدعي األمر‪.‬‬

‫مسؤولية الدولة‪" .‬إن النشاط االقتصادي‪ ،‬وعلى الخصوص‪ ،‬نشاط االقتصاد الذي َيعتَ ِمُد السوق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2431‬‬
‫ال يمكن أن يتم في فراغ من المؤسسات والقوانين والسياسة‪ .‬فهو يفترض تأمين ضمانات للحريات الفردية‬
‫وللملكية‪ ،‬مع عدم إغفال نقد ثابت وخدمات اجتماعية فعالة‪ .‬ولكن واجب الدولة األساسي هو تأمين هذه‬
‫الضمانات‪ ،‬حتى يستطيع الذين يعملون أن ينعموا بثمرة عملهم‪ ،‬ويشعروا بالتالي أنهم مدفوعون إلى القيام‬
‫به بفاعلية ونزاهة‪ .‬ويجب على الدولة أن تراقب وتقود تطبيق الحقوق اإلنسانية في القطاع االقتصادي‪ ،‬ولكن‬
‫المسؤولية األولى‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬ال تقع على الدولة وإنما على المؤسسات ومختلف األفرقاء والشركات‬
‫التي تكون المجتمع"‪.‬‬

‫‪ -2432‬يضطلع المسؤولون عن المؤسسة أمام المجتمع بالمسؤولية االقتصادية والبيئية عن أعمالهم‪ .‬وعليهم‬
‫أن يعتدوا بخير األشخاص وليس فقط بزيادة األرباح‪ .‬ولكن هذه ضرورية‪ .‬فهي تمكن من الحصول على‬
‫االستثمارات التي تؤمن مستقبل المؤسسات‪ .‬وهي تضمن العمل‪.‬‬
‫‪ -2433‬يجب ان يكون الولوج إلى العمل وإلى المهنة مشرعا للجميع دون تمييز م ِ‬
‫جحف‪ ،‬بين رجال ونساء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫معافين ومعاقين‪ ،‬مواطنين ومهاجرين‪ .‬وعلى المجتمع‪ ،‬بحسب الظروف‪ ،‬أن يتحمل نصيبه من مساعدة‬
‫المواطنين على الحصول على عمل ووظيفة‪.‬‬

‫ظ بها أن يكون إجحافا خطيرا‪.‬‬


‫‪ -2434‬األجرة العادلة هي ثمرة العمل المشروعة‪ .‬ويمكن رفضها أو االحتفا ُ‬
‫وال بد‪ ،‬في سبيل تقدير األجرة العادلة‪ ،‬من االعتداد‪ ،‬في آن واحد‪ ،‬بحاجات كل واحد ومساهمته‪" .‬يجب ان‬
‫يؤجر العمل أج ار يمكن اإلنسان من أن يعيش هو وذووه عيشة مادية واجتماعية وثقافية وروحية كريمة‪،‬‬
‫وذلك بالنسبة إلى وظيفة كل واحد‪ ،‬وطاقته االنتاجية‪ ،‬وإلى أوضاع المؤسسة‪ ،‬وإلى الخير العام"‪ .‬وال يكفي‬
‫اتفاق األفرقاء لتبرير مبلغ األجرة تبري ار أخالقيا‪.‬‬

‫‪ -2435‬يكون االضراب مشروعا من الوجهة األخالقية عندما يصبح المالذ الذي ال بد منه‪ ،‬إن لم يكن‬
‫الضروري‪ ،‬في سبيل فائدة مناسبة‪ .‬وهو ُيصبح غير مقبول أخالقيا عندما يصحبه العنف‪ ،‬أو تُ َّ‬
‫حدد له أهداف‬
‫ال ترتبط مباشرة بظروف العمل أو تتعارض والخير العام‪.‬‬

‫‪ -2436‬ليس من العدل االمتناع عن دفع االشتراكات التي تحددها السلطات الشرعية ألجهزة الضمان‬

‫االجتماعي‪ .‬الحرمان من العمل بسبب البطالة يكاد يكون دائما‪ ،‬بالنسبة إلى ضحيته‪ ،‬ضر ار َي َ‬
‫لحق بكرامته‬
‫وتهديدا لتوازن حياته‪ .‬وتنتج منه‪ ،‬عالوة على الضرر الشخصي‪ ،‬أخطار كثيرة لبيته وأسرته‪.‬‬

‫العدالة والتضامن بين األمم‬ ‫‪.V‬‬


‫‪121‬‬
‫‪ -2437‬إن التفاوت في الموارد والوسائل االقتصادية‪ ،‬على الصعيد الدولي‪ ،‬كبير بحيث ُيحدث بين األمم‬
‫يركمون الديون‪.‬‬
‫"هوة" حقيقية‪ .‬فهناك من جهة َمن يملكون ويطورون وسائل النمو‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬من َ‬
‫‪ -2438‬هناك اسباب متنوعة‪ ،‬دينية وسياسية واقتصادية ومالية‪ ،‬تولي اليوم "المسألة االجتماعية ُبعدا‬
‫عالميا"‪ .‬إن التضامن ضروري بين األمم المرتبطة سياستها بعضها ببعض‪ .‬وهو محتوم أكثر عندما يعني‬
‫األمر إيقاف "اآلليات الخبيثة" التي تعوق نمو البلدان األقل تقدما‪ .‬بحسب استبدال أنظمة مالية تعسفية‪ ،‬إن‬
‫لم تكن مرابية‪ ،‬وعالئق تجارية جائرة بين األمم‪ ،‬وسباق التسلح‪ ،‬بمسعى مشترك إلى تبعة الموارد ألجل‬
‫أهداف تطور أخالقي وثقافي واقتصادي‪" ،‬بإعادة تحديد األوليات ومقاييس القيم"‪.‬‬

‫الغنية مسؤولية أخالقية خطيرة تجاه تلك التي تعجز بنفسها عن تأمين وسائل تطورها‪،‬‬
‫‪ -2439‬على األمم ّ‬
‫أيضا واجب عدالة‪ ،‬إذا كان‬
‫أو التي منعتها من ذلك أحداث تاريخية مأسوية‪ .‬إنه واجب تضامن ومحبة‪ .‬إنه ً‬
‫ثمنها بإنصاف‪.‬‬
‫رخاء األمم الغنية متأتيا من موارد لم ُيدفع ُ‬
‫‪ -2440‬المساعدة الفورية هي تلبية مناسبة لحاجات فورية وغير عادية تسببها مثال الكوارث الطبيعية‪،‬‬
‫واألوبئة الخ‪ .‬ولكنها ال تكفي للتعويض من األضرار الجسيمة الناتجة من حاالت َعوز‪ ،‬وال لتلبية االحتياجات‬
‫باستمرار‪ .‬يجب أيضا إصالح المؤسسات االقتصادية والمالية الدولية لتعزز‪ ،‬على وجه أفضل‪ ،‬عالئق‬
‫منصفة بالبلدان األق َّل تقدما‪ .‬ويجب مساندة سعي البلدان الفقيرة العاملة على نموها وتحررها‪ .‬وهذه العقيدة‬
‫خاص جدا في مجال العمل الزراعي‪ .‬فالفالحون‪ ،‬خصوصا في العالم الثالث‪ ،‬يكونون‬
‫تتطلب الممارسة بوجه ّ‬
‫المجموعة الكبرى من الفقراء‪.‬‬

‫‪ -2441‬إن إنماء اإلحساس باهلل ومعرفة الذات هو في أساس كل تنمية كاملة في المجتمع البشري‪ .‬وهذه‬
‫التنمية تُكثر الخيرات المادية وتضعها في خدمة الشخص وحريته‪ ،‬وتخفف العوز واالستغالل االقتصاديين‪،‬‬
‫وتنمي احترام الهويات الثقافية واالنفتاح على التسامي‪.‬‬

‫‪ -2442‬ليس من اختصاص رعاة الكنيسة التدخل المباشر في البناء السياسي وتنظيم الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫العلمانيين‪ ،‬العاملين بمبادرتهم الخاصة مع مواطنيهم‪ .‬ويمكن ان يكون‬
‫ّ‬ ‫فهذه المهمة جزء من دعوة المؤمنين‬
‫للعمل االجتماعي ُسُبل واقعية متعددة‪ .‬ويجب ان يكون أبدا ألجل الخير العام‪ ،‬ومتوافقا مع الرسالة اإلنجيلية‬
‫والتعليم الكنسي‪ .‬ويعود إلى المؤمنين العلمانيين "أن ُيحيوا الشؤون الزمنية بغيرة مسيحية‪ ،‬وأن يسلكوا فيها‬
‫َكفعلة سالم وعدالة"‪.‬‬

‫محبة الفقراء‬
‫ّ‬ ‫‪.VI‬‬
‫‪ -2443‬يبارك هللا من يساعدون الفقراء‪ ،‬ويرُذل من ُيعرضون عنهم‪" :‬من سألك فأعطه‪ ،‬ومن أراد أن‬
‫يقترض منك فال تحول وجهك عنه" (متى ‪" .)42 ،5‬مجانا أخذتم‪ ،‬مجانا أعطوا"‪( .‬متى ‪ .)8 ،10‬وسيعرف‬

‫‪122‬‬
‫يسوع المسيح مختاريه بما يكونون قد فعلوه ألجل الفقراء‪ .‬وعندما "يبشر المساكين" (متى ‪ ،)5 ،11‬تكون‬
‫عالمة حضور المسيح‪.‬‬

‫‪" -2444‬ان محبة الكنيسة للفقراء جزء من تقليدها المستمر"‪ .‬وهي من وحي إنجيل التطويبات‪ ،‬وفقر يسوع‪،‬‬
‫والتفاته إلى الفقراء‪ .‬ال بل إن محبة الفقراء هي أحد البواعث على واجب العمل‪،‬‬

‫حتى يكون لإلنسان ما ُيشرك فيه المحتاج‪ .‬وهي ال تمتد إلى الفقر المادي فحسب وإنما ً‬
‫أيضا إلى ما للفقر‬
‫الثقافي والديني من أشكال عديدة‪.‬‬
‫محبة األموال أو استعمالها األناني‪:‬‬
‫‪ -2445‬ال تتوافق محبة الفقراء والمغاالة في ّ‬
‫ِ‬
‫"هلم اآلن أيها األغنياء‪ .‬إبكوا َوَو ِلولوا للشقاوات التي ستنتابكم‪ .‬إن ثراءكم قد َعفن‪ ،‬وثيابكم أكلها ُ‬
‫العث‪.‬‬
‫صِدئا‪ ،‬وصدأهما سيشهد عليكم ويأكل لحومكم كالنار‪ .‬لقد اذخرتم لأليام األخيرة! وها‬ ‫ذهبكم وفضتُكم قد َ‬
‫ُ‬
‫العملة الذين حصدوا حقولكم‪ ،‬تلك التي قد بخستموهم إياها‪ ،‬تصرخ‪ ،‬وصراخ أولئك الحصادين‬ ‫أجرة َ‬‫إن ُ‬
‫قلوبكم ليوم الذبح‪ .‬لقد حكمتم‬
‫قد بلغ إلى أذني رب الصبؤوت‪ .‬لقد تنعمتم على األرض وترفتُم‪ ،‬وأشبعتُم ُ‬
‫على البار وقتلتموه وهو ال ُيقاومكم" (يع ‪.)6 -1 ،5‬‬

‫‪ -2446‬يذكر بذلك القديس يوحنا الذهبي الفم بشدة قائال‪" :‬إن االمتناع عن جعل الفقراء يشاركون في‬
‫خيراتنا الخاصة‪ ،‬هو سرقة لهم واستالب لحياتهم‪ .‬والخيرات التي نحوزها ليست لنا وإنما هي لهم"‪" .‬ال بد أوال‬
‫من تلبية مقتضيات العدل‪ ،‬خوفا من أن نهب كعطية محبة ما هو واجب من باب العدل"‪.‬‬

‫"عندما نعطي الفقراء ا ألشياء التي ال غنى عنها‪ ،‬فنحن ال نجود عليهم بهبات‪ ،‬ولكن نعيد إليهم ما هو‬
‫لهم‪ .‬إننا نقوم بواجب عدالة أكثر مما نقوم بفعل محبة"‪.‬‬

‫‪ -2447‬أعمال الرحمة هي أعمال المحبة التي نساعد بها القريب في ضروراته الجسدية والروحية‪ .‬التعليم‪،‬‬
‫والنصح‪ ،‬والتعزية‪ ،‬وتقوية العزم هي أعمال رحمة روحية مثل المغفرة واالحتمال بصبر‪ .‬وتقوم أعمال الرحمة‬
‫الجسدية خصوصا على إطعام الجياع‪ ،‬وإيواء من ليس لهم منزل‪ ،‬وإكساء ذوي الثياب الرثة‪ ،‬وعيادة المرضى‬
‫وزيارة السجناء ودفن الموتى‪ .‬بين هذه األعمال اإلحسان إلى الفقراء هو من الدالالت الرئيسة على المحبة‬
‫األخوية‪ :‬وهو ممارسة للعدالة تُرضي هللا‪.‬‬

‫عط من ليس له‪ ،‬ومن له طعام فليفعل كذلك" (لو ‪" .)11 ،3‬تصدقوا بالحري بما في‬‫"من له ثوبان فلي ِ‬
‫ُ‬
‫وسعكم‪ ،‬وكل شيء يكون طاه ار لكم" (لو ‪" .)41 ،11‬إن كان أخ أو أخت عريانين وهما في عوز إلى‬
‫أحدكم‪" :‬إذهبا في سالم‪ ،‬استدفئا واشبعا"‪ ،‬ولم تعطوهما مما هو من حاجة‬
‫قوتهما اليومي‪ ،‬فقال لهما ُ‬
‫الجسد‪ ،‬فما المنفعة؟" (يع ‪.)16 -15 ،2‬‬

‫‪123‬‬
‫العوز المادي‪ ،‬والضغط الجائر‪ ،‬واألسقام الجسدية‬
‫‪" -2448‬إن الضيقة البشرية‪ ،‬في أشكالها المتعددة‪َ :‬‬
‫والنفسية‪ ،‬وأخي ار الموت‪ ،‬هي الداللة الواضحة على وضع الضعف المالزم لإلنسان منذ مولده‪ ،‬والذي يرافقه‬
‫منذ الخطيئة األولى‪ ،‬وعلى حاجته للخالص‪ .‬لذلك اجتذبت شفق َة المسيح المخلص‪ ،‬الذي أراد أن يأخذها‬
‫على عاتقه‪ ،‬ويتماهى مع "األصاغر من بين اخوته" (متى ‪ .)45 .40 ،25‬لذلك فالذين ُيعانونها هم موضوع‬
‫حب وتفضيل من قبل الكنيسة التي ما برحت منذ بدايتها‪ ،‬ورغما عن أوهان الكثيرين من أعضائها‪ ،‬تعمل‬
‫ّ‬
‫على مساعدتهم والدفاع عنهم وتحريرهم‪ .‬وقد فعلت ذلك بأعمال خيرية ال تُحصى وباقية ضرورية في كل‬
‫زمان ومكان"‪.‬‬

‫‪ -2449‬منذ العهد القديم‪ ،‬أنواع كثيرة من االجراءات القانونية (مثل سنة اإلبراء‪ ،‬وحظر اإلقراض بالفائدة‪،‬‬
‫المياوم أجرته يوميا‪ ،‬والحق في الخصاصة ولقط نثار الحصيد)‬ ‫العشر‪ ،‬وإيفاء العامل ُ‬
‫وأخذ الرهن‪ ،‬وواجب ُ‬
‫تلبي تحريض تثنية االشتراع‪" :‬إن األرض ال تخلو من فقير‪ ،‬ولذلك أنا آمرك اليوم قائال‪ُ :‬أبسط َيدك ألخيك‬
‫المسكين والفقير الذي في أرضك" (تث ‪ .)11 ،15‬ويسوع يجعل هذا الكالم كالمه قائال‪" :‬الفقراء في كل‬
‫حين عندكم‪ ،‬أما أنا فلست على الدوام معكم" (يو ‪ .)8 ،12‬وهو بذلك ال ُيبطل ُعنف النبوءات القديمة‪:‬‬

‫"ألنهم يشترون الضعفاء بالفضة والفقير َبن َ‬


‫علين" (عا ‪ ،)6 ،8‬ولكنه يدعونا إلى االعتراف بوجود الفقراء الذين‬
‫هم إخوته‪ .‬قالت القديسة روز الليماوية ألمها‪ ،‬عندما المتها على أنها تُعيل في البيت فقراء وسقماء‪" :‬ما دمنا‬
‫نخدم المرضى‪ ،‬فنحن رائحة المسيح الطيبة"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2450‬ال تسرق" (تث ‪" .)19 ،8‬ال السارقون وال الطماعون وال الخطفة يرثون ملكوت هللا" (‪ 1‬كو ‪،6‬‬
‫‪.)10‬‬
‫‪ -2451‬تأمر الوصية السابعة بممارسة العدالة والمحبة في إدارة الخيرات األرضية وثمار عمل الناس‪.‬‬
‫‪ -2452‬إن خيرات الخليقة معدة للجنس البشري بأجمعه‪ .‬والحق في الملكية الخاصة ال يُبطل كون الخيرات‬
‫معدة للجميع‪.‬‬
‫‪ -2453‬تنهي الوصية السابعة عن السرقة‪ .‬والسرقة هي اغتصاب مال القريب خالفا إلرادة المالك المعقولة‪.‬‬
‫‪ -2454‬كل طريقة ألخذ مال القريب واستعماله دون وجه حق هي مخالفة للوصية السابعة‪ .‬والظلم الذي‬
‫ارتُكب يقتضي التعويض‪ .‬والعدالة التبادلية تقتضي إعادة المال الذي ُسلب‪.‬‬
‫ِ‬
‫استعباد الكائنات‬ ‫‪ -2455‬تحظر الشريعة األخالقية األفعال التي تؤدي‪ ،‬لغايات تجارية أو توليتارية‪ ،‬إلى‬
‫البشرية وشرائها وبيعها ومقايضتها كبضاعة‪.‬‬
‫‪ -2456‬إن السيادة التي أوالها الخالق على الموارد المعدنية والنباتية والحيوانية في العالم ال يمكن فصلُها‬
‫عن احترام الواجبات األخالقية‪ ،‬وبضمنها الواجبات تجاه األجيال القادمة‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫‪ -2457‬لقد ُوكلت الحيوانات إلى إدارة اإلنسان وهو ملزم بمحاسنتها‪ .‬ويمكن أن تخدم تلبية احتياجات‬
‫اإلنسان الصوابية‪.‬‬
‫‪ -2458‬تصدر الكنيسة حكما في الشأن االقتصادي واالجتماعي عندما تقتضي ذلك حقوقُ الشخص‬
‫األساسية أو خالص النفوس‪ .‬وهي تعني بالخير العام الزمني للناس بداعي كونهم معدين للخير األسمى‪،‬‬
‫غايتنا القصوى‪.‬‬
‫‪ -2459‬إن اإلنسان هو نفسه صانُعُ كل حياة اقتصادية واجتماعية‪ ،‬وهو مركزها وغايتها‪ .‬والنقطة الحاسمة‬
‫في المسألة االجتماعية هي أن تصل الخيرات التي خلقها هللا ألجل الجميع ِفعال إلى الجميع‪ ،‬وفاقا للعدل‬
‫وبمساعدة المحبة‪.‬‬
‫‪ -2460‬ترتبط قيمة العمل األساسية باإلنسان نفسه‪ ،‬الذي هو صانع العمل وغايته‪ .‬ويشترك اإلنسان‬
‫بعمله في عمل الخلق‪ .‬وباالتحاد بالمسيح يمكن أن يصبح العمل فدائيا‪.‬‬
‫‪ -2461‬التنمية الحقيقية هي تنمية اإلنسان بكامله‪ .‬والمطلوب هو زيادة إمكانية ِ‬
‫كلّ شخص أن يلبي‬ ‫ُ‬
‫دعوته أي نداء هللا‪.‬‬
‫‪ -2462‬إن اإلحسان إلى الفقراء دليل على المحبة األخوية‪ .‬وهو أيضا ممارسة للعدالة ترضي هللا‪.‬‬
‫‪ -2463‬كيف يمكن أن ال يُعرف‪ ،‬في جمهور الكائنات البشرية المفتقرة إلى الخبز والسقف والمكان‪ ،‬لعازر‬
‫المستعطي الجائع‪ ،‬المذكور في المثل؟ وكيف ال يسمع يسوع قائال‪" :‬إلي أيضا لم تصنعوه" (متى ‪،25‬‬
‫ّ‬
‫‪)45‬؟‬

‫المقال الثامن‬
‫الوصية الثامنة‬
‫ّ‬

‫يبك شهادة زور" (خر ‪.)16 ،20‬‬


‫"ال تشهد على قر َ‬
‫ِ‬
‫بأيمانك" (متى ‪.)33 ،5‬‬ ‫"لقد قيل لألقدمين‪ :‬ال تحنث بل أوف للرب‬

‫‪ -2464‬تنهي الوصية الثامنة عن تمويه الحقيقة في العالئق بالغير‪ .‬وهذه الفريضة األخالقية ناتجة من‬
‫دعوِة الشعب البار إلى أن يكون شاهدا إللهه الذي هو الحقيقة ويريد الحقيقة‪ .‬تعبر انتهاكات الحقيقة باألقوال‬
‫أو األفعال عن رفض االلتزام باالستقامة األخالقية‪ .‬إنها خيانات للرب أساسية‪ ،‬وبهذا المعنى‪ ،‬إنها تُقوض‬
‫العهد من أساسه‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫العيش في الحق‬ ‫‪.I‬‬
‫حق‪ .‬وكالمه حق‪ .‬وشريعتُه حق‪" .‬أمانتُه إلى جيل فجيل"‬
‫أن هللا هو مصدر كلّ ّ‬
‫‪ -2465‬يؤكد العهد القديم ّ‬
‫فأعضاء شعبه مدعوون إلى أن يعيشوا في الحق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(مز ‪ .)90 ،119‬بما أن هللا هو "الصادق" (روم ‪،)4 ،3‬‬

‫‪ -2466‬في يسوع المسيح ظهرت حقيق ُة هللا كاملة‪ .‬إنه الممتُلئُ نعمة وحقا‪ ،‬إنه "نور العالم" (يو ‪،)12 ،8‬‬
‫الحق الذي يحرر‬
‫َّ‬ ‫الحق‪ .‬كل من يؤمن به ال يمكث في الظالم‪ .‬وتلميذ يسوع يلبث في كالمه ليعرف‬ ‫ّ‬ ‫إّنه‬
‫ويقدس‪ .‬اتباع يسوع هو العيش بروح الحق الذي يرسله اآلب باسمه‪ ،‬والذي يقود إلى "الحقيقة كلها" (يو ‪،16‬‬
‫كالمكم‪ :‬نعم؟ نعم‪ ،‬ال؟ ال" (متى ‪.)37 ،5‬‬
‫ُ‬ ‫‪ .)13‬وقد علم يسوع تالميذه محبة الحقيقة على اإلطالق‪" :‬ليكن‬

‫‪ -2467‬اإلنسان يتوجه طبيعيا نحو الحقيقة‪ .‬وهو ُم َلزم بإكرامها وإثباتها‪" :‬جميع الناس‪ ،‬بمقتضى كرامتهم‪،‬‬
‫ألنهم أشخاص‪ ،‬محمولون بطبيعتهم نفسها على السعي إلى الحقيقة‪ ،‬وأوال تلك التي تتعلق بالدين‪ ،‬وهم‬
‫ُم َلزمون بذلك بواجب أخالقي‪ .‬إنهم ُم َلزمون ً‬
‫أيضا باعتناق الحقيقة حالما يعرفونها‪ ،‬وأن ُينظموا حياتهم كلها‬
‫وفاقا لمقتضيات الحقيقة"‪.‬‬

‫‪ -2468‬تدعى الحقيقة‪ ،‬من حيث هي استقامة في األفعال واألقوال البشرية‪ ،‬صدقا‪ ،‬وإخالصا‪ ،‬وصراحة‪.‬‬
‫بدو اإلنسان صادقا في أفعاله وصادقا في أقواله‪ ،‬حاذ ار‬
‫الحقيقة أو الصدق هي الفضيلة التي تقوم على أن ي َ‬
‫االزدواجية والتظاهر والمراءاة‪.‬‬

‫‪" -2469‬ال يستطيع الناس أن يتعايشوا إذا لم يكن بينهم ثقة متبادلة‪ ،‬أي إذا لم يتكاشفوا بالحقيقة"‪ .‬إن‬
‫فضيلة الحقيقة تعيد لآلخر ما له فيه حق‪ .‬والصدق يقيم في الوسط بين ما يجب قوله والسر الذي يجب‬
‫الحفاظ عليه‪ :‬إنه يتضمن النزاهة والرصافة‪ .‬ومن باب العدل‪" ،‬اإلنسان ُملزم بكشف الحقيقة لآلخر بإخالص"‪.‬‬

‫‪ -2470‬يقبل تلمي ُذ المسيح "بالعيش في الحق"‪ ،‬أي في بساطة حياة‪ ،‬تتوافق ومثل الرب‪ ،‬وتبقى في حقيقته‪:‬‬
‫"فإن نحن قلنا‪ :‬إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة‪ ،‬فإنا نكذب وال نعمل بالحق" (‪ 1‬يو ‪.)1 ،6‬‬

‫للحق"‬
‫ّ‬ ‫"الشهادة‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ -2471‬أعلن المسيح أمام بيالطس أنه جاء إلى العالم ألجل أن يشهد للحق‪ .‬وليس للمسيحي "أن يخجل‬
‫علنه‬
‫بتأدية الشهادة للرب " (‪ 2‬طيم ‪ .)8 ،1‬وعلى المسيحي‪ ،‬في الظروف التي تستدعي تأكيد اإليمان‪ ،‬أن ُي َ‬
‫دون التباس‪ ،‬على مثال بولس أمام قضائه‪ .‬عليه أن يحتفظ "بضمير بال عيب‪ ،‬أمام هللا والناس" (رسل ‪،24‬‬
‫‪.)16‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -2472‬إن واجب المسيحيين في المساهمة في حياة الكنيسة ُيدخلهم إلى السلوك كشهود لإلنجيل‬
‫ولاللتزامات التي تنتج من ذلك‪ .‬وهذه الشهادة هي نقل اإليمان باألقوال واألفعال‪ .‬والشهادة هي فعل عدالة‬
‫ُينشئ الحقيقة أو ُي ِّع ِّرف بها‪.‬‬

‫"جميع المسيحيين أينما كانوا ملزمون بأن ُيظهروا بمَثل حياتهم وشهادة كالمهم‪ ،‬اإلنسان الجديد الذي‬
‫لبسوه بالمعمودية‪ ،‬وقوة الروح القدس الذي شددهم بالمسح بالميرون"‪.‬‬

‫‪ -2473‬االستشهاد هو الشهادة السميا لحقيقة اإليمان‪ ،‬إنه يعني شهادة تصل حتى الموت‪ .‬والشهيد يؤدي‬
‫شهادة للمسيح الذي مات وقام‪ ،‬والذي هو متحد به بالمحبة‪ .‬إنه يؤدي شهادة لحقيقة اإليمان والعقيدة‬
‫طى البلوغ إلى هللا"‪.‬‬
‫سأع َ‬
‫المسيحية‪ .‬وهو يحتمل الموت بفعل قوة‪" .‬دعوني أصير طعاما للوحوش‪ .‬فيها ُ‬
‫‪ -2474‬لقد جمعت الكنيسة بعناية كبيرة تذكارات أولئك الذين بلغوا إلى النهاية ليؤكدوا إيمانهم‪ .‬فكانت‬
‫محفوظات الحقيقة المكتوبة بحروف من دم‪" :‬ال شيء يفيدني من مفاتن العالم وممالك‬
‫ُ‬ ‫أعمال الشهداء‪ .‬إنها‬
‫أملك على أقاصي األرض‪ .‬هو الذي ألتمسه‪،‬‬
‫أفض ُل لي أن أموت (ألتحد) بالمسيح يسوع‪ ،‬من أن َ‬
‫هذا الدهر‪َ .‬‬
‫من مات ألجلنا‪ .‬هو الذي اريده من قام ألجلنا‪ .‬والدتي تقترب"‪" .‬أباركك ألنك رأيتني أهال لهذا النهار وهذه‬
‫حفظت وعدك يا إله األمانة والحقيقة‪ .‬ألجل هذه النعمة‬
‫َ‬ ‫أحصى في عداد شهدائك‪ .‬لقد‬‫الساعة‪ ،‬أهال ألن ُ‬
‫أسبحك وأباركك وأمجدك برئيس الكهنة األبدي السماوي يسوع المسيح ابنك الحبيب‪ .‬به هو‬
‫ُ‬ ‫وألجل كل شيء‬
‫المجد اآلن وفي األجيال اآلتية آمين"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ط لك‬
‫فليع َ‬
‫الكائن معك ومع الروح‪ُ ،‬‬

‫انتهاكات الحقيقة‬ ‫‪.III‬‬


‫‪ -2475‬إن تالميذ المسيح "قد لبسوا اإلنسان الجديد الذي ُخلق على مثال هللا في البر وقداسة الحق" (أف‬
‫وكل مكر‪ ،‬وكل أشكال الرياء‬
‫يطرحوا كل خبث َّ‬ ‫‪" .)24 ،4‬لقد نبذوا الكذب" (أف ‪ ،)25 ،4‬وعليهم أن َّ‬
‫والحسد واالغتياب" (‪ 1‬بط ‪.)1 ،2‬‬

‫الكالم المخالف للحقيقة‪ ،‬عندما يصدر علنا‪ ،‬خطورة خاصة‪ .‬وهو‬ ‫‪ -2476‬شهادة الزور و ِ‬
‫الحنث‪ .‬يلتبس‬
‫ُ‬
‫سند بقسم يصبح ِحنثا‪ .‬وهذه األنماط في السلوك تساهم إما في‬ ‫يصبح أمام المحكمة شهادة زور‪ .‬وعندما ُي ُ‬
‫عرض لخطر‬ ‫الحكم على البريء‪ ،‬وإما في تبرئة مذنب‪ ،‬وإما في زيادة العقوبة التي تقع على المتهم‪ .‬إنها تُ ِّ‬
‫ُ‬
‫جسيم ممارسة العدالة واإلنصاف في الحكم الذي ُيصدره القضاة‪.‬‬

‫‪ -2477‬احترام سمعة األشخاص يمنع من كل موقف وكل كالم يمكن أن يسبب لهم ضر ار دون حق‪.‬‬
‫يكون مذنبا‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ -‬بحكم جائر من يرضى ولو صامتا بحقيقة وجود نقيضة أخالقية عند القريب دون أساس كاف‪.‬‬
‫وذنوبه ألشخاص يجهلونها‪ ،‬دون سبب قائم موضوعيا‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -‬بالنميمة من يكشف عيوب الغير‬
‫ويفسح في المجال ألحكام كاذبة‬
‫‪ -‬باالفتراء‪ ،‬من يسيء إلى سمعة اآلخرين‪ ،‬بكالم مخالف للحقيقة‪ُ ،‬‬
‫عليهم‪.‬‬
‫يحرص كل واحد على أن ُيفسر أفكار قريبه وأقواله وأفعاله‪ ،‬تفسي ار‬
‫َ‬ ‫الحكم الجائر يجب أن‬
‫‪ -2478‬لتجنب ُ‬
‫يكون لمصلحته‪ ،‬على قدر المستطاع‪:‬‬

‫"كل مسيحي صالح ُملزم بأن يكون أسرع إلى إنقاذ كالم القريب منه إلى القضاء عليه‪ .‬وإذا لم يكن سبيل‬
‫يكف ذلك فيجب السعي‬ ‫إلى اإلنقاذ فليسأل كيف يفهمه‪ .‬وإذا كان يسيء فهمه فليصلح بمحبة‪ .‬وإذا لم ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫إلى كل وسيلة مناسبة حتى إذا فهمه جيدا يكون له الخالص"‪.‬‬

‫‪ -2479‬النميمة واالفتراء يهدمان سمعة القريب وشرفه‪ .‬والشرف هو الشهادة االجتماعية التي تؤدي للكرامة‬
‫البشرية‪ ،‬وكل إنسان له حق طبيعي في شرف اسمه‪ ،‬وفي ُسمعته‪ ،‬وفي االحترام‪ .‬وهكذا تسيء النميمة‬
‫واالفتراء إلى فضيلتي العدل والمحبة‪.‬‬

‫‪ -2480‬يجب نبذ كل كلمة أو موقف يشجعان أو ُيثبتان الغير في شر أعماله وخبث سلوكه‪ ،‬وكانا على‬
‫سبيل اإلطراء أو التمّلق أو المجاملة‪ .‬والتملق يكون ذنبا كبي ار أذا كان تواطؤا على الرذائل والخطايا الجسيمة‪.‬‬
‫وال تُبرر الرغبة في الخدمة أو الصداقة االزدواجية في الكالم‪ .‬والتملق خطيئة خفيفة‪ ،‬إذا كان القصد منه‬
‫فقط المحاسنة‪ ،‬أو تجنب شر‪ ،‬أو لسبب اضطراري‪ ،‬أو الحصول على منفعة مشروعة‪.‬‬

‫التبجح أو التباهي ذنب يخالف الحقيقة‪ .‬وكذلك االستهزاء الهادف إلى انتقاص إنسان بتشويه هذا‬
‫ّ‬ ‫‪-2481‬‬
‫أو ذاك من أنماط سلوكه‪ ،‬وبطريقة مسيئة‪.‬‬

‫‪" -2482‬الكذب هو قول ما ليس صحيحا بنية الخداع"‪ .‬والرب يشجب في الكذب عمال من أعمال الشيطان‪:‬‬
‫"إن أباكم إبليس‪ .‬إنه ال حق فيه‪ :‬فإذا ما نطق بالكذب‪ ،‬فإنما يتكلم بما عنده‪ ،‬ألنه كذوب وأبو الكذب" (يو‬
‫‪.)44 ،8‬‬

‫‪ -2483‬الكذب هو انتهاك الحقيقة بالوجه األشد مباشرة‪ .‬والكذب هو القول أو الفعل خالفا للحقيقة للتضليل‪.‬‬
‫ينتهك عالقة اإلنسان وكالمه األساسية بالرب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والكذب‪ ،‬بإساءته إلى عالقة اإلنسان بالحقيقة والقريب‪،‬‬

‫‪ -2484‬تقاس جسامة الكذب بطبيعة الحقيقة التي يشوهها‪ ،‬وظروف من يرتكبه ونياته‪ ،‬واألضرار الالحقة‬
‫بضحاياه‪ .‬وإذا كان الكذب في حد ذاته خطيئة خفيفة‪ ،‬فهو يصبح مميتا عندما ُيلحق أذى كبي ار بفضيلتي‬
‫العدل والمحبة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الحكم عليه‪ .‬فهو تدنيس للكالم الذي مهمتُه إبالغ اآلخرين الحقيقة‬‫‪ -2485‬يستدعي الكذب بطبيعته ُ‬
‫المتعمد لتضليل القريب بأقوال مخالفة للحقيقة هو إساءة إلى العدل والمحبة‪ .‬وتكون‬
‫ُ‬ ‫المعروفة‪ .‬والقصد‬
‫صرفون‬ ‫ِ‬
‫المسؤولية أكبر عندما يكون هناك خطر في أن نية الخداع تؤدي إلى نتائج وخيمة بالنسبة إلى من ُي َ‬
‫عن الحقيقة‪.‬‬

‫‪ -2486‬الكذب (بكونه انتهاكا لفضيلة الصدق)‪ ،‬هو عنف حقيقي على الغير‪ .‬إنه يصيبه في إمكانية بلوغَ‬
‫يسببها‪ .‬والكذب‬ ‫ِ‬ ‫المعرفة التي هي شر ُ ِ‬
‫كل ُحكم وكل قرار‪ .‬وهو يحتوي ِ‬
‫بذار انقسام العقول وكل الشرور التي ُ‬ ‫ط ّ‬
‫مضر بكل مجتمع‪ .‬فهو يهدم الثقة بين الناس‪ ،‬ويمزق نسيج العالئق االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -2487‬كل ذنب ُيرتكب ويكون مخالفا للعدل والحقيقة يستدعي واجب التعويض‪ ،‬وإن نال صاحبه الغفران‪.‬‬
‫وعندما يستحيل التعويض علنا من أذى‪ ،‬فيجب التعويض في السر‪ .‬وإذا كان من غير الممكن تعويض‬
‫أيضا بالنسبة إلى الذنوب‬
‫المتضرر مباشرة‪ ،‬فيجب تعويضه معنويا‪ ،‬باسم المحبة‪ .‬وواجب التعويض هذا ُيلزم ً‬
‫التي تنتهك سمعة الغير‪ .‬ويجب قياس هذا التعويض المعنوي‪ ،‬وأحيانا المادي‪ ،‬بمقدار األذى الالحق‪ .‬وهو‬
‫ملزم ضميريا‪.‬‬

‫احترام الحقيقة‬ ‫‪.IV‬‬


‫الحق في إبالغ الحقيقة ليس بال شروط‪ .‬وعلى كل واحد أن يجعل حياته منسجمة وفريض َة المحبة‬
‫ّ‬ ‫‪-2488‬‬
‫ينظر اإلنسان في كشف الحقيقة لطالبها‪ :‬هل‬
‫َ‬ ‫األخوية اإلنجيلية‪ .‬وهذه تقتضي في الحاالت الواقعية أن‬
‫ينبغي ذلك أو ال‪.‬‬

‫فخي ُر اآلخرين‬
‫اب عن كل طلب استعالم وإبالغ‪ُ .‬‬
‫ملي المحبة واحترام الحقيقة الجو َ‬‫‪ -2489‬يجب أن ت‬
‫ُ َ‬
‫الخي ُر العام‪ ،‬هي أسباب كافية للصمت عما يجب أن ال ُيعلم‪ ،‬أو‬
‫وسالمتهم‪ ،‬واحترام الحياة الخاصة‪ ،‬و ُ‬
‫الستعمال كالم متحفظ‪ .‬وواجب تجنب المعثرة يوصي م ار ار كثيرة بتحفظ دقيق‪ .‬وليس من إلزام ألحد بكشف‬
‫الحقيقة لمن ليس له حق في معرفتها‪.‬‬

‫ارية مقدس وال يمكن افشاؤه ألي سبب‪" .‬إن السر األسرار َّي من المحظورات‪،‬‬
‫سر المصالحة األسر ّ‬
‫‪ّ -2490‬‬
‫منع المعرف منعا باتا من أن ُيفشي بأي أمر من األمور سر المعترف‪ ،‬بالكالم أو بطريقة أخرى‪ ،‬وأيا‬
‫لذلك ُي َ‬
‫كان السبب"‪.‬‬

‫رجال السياسة‪ ،‬والعسكريون‪ ،‬واألطباء‪ ،‬ورجال‬‫ُ‬ ‫‪ -2491‬أسرار المهنة وأصحابها‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫اخفاء‬
‫ُ‬ ‫القانون‪ ،‬والمطارحات الموسومة بختم السر‪ ،‬يجب كتمانها‪ ،‬إال في الحاالت االستثنائية التي يسبب فيها‬
‫السر لمن استودعه‪ ،‬ومن تقبله أو لشخص آخر‪ ،‬أض ار ار كبيرة جدا‪ ،‬ال يمكن تداركها إال بإفشاء الحقيقة‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ط تحت ختم السر‪ ،‬يجب أن ال ُيباح بها إال لسبب‬
‫والمعلومات الخاصة التي تُضر باآلخرين‪ ،‬وإن لم تُع َ‬
‫خطير ومناسب‪.‬‬

‫‪ -2492‬على كل واحد أن يتقيد بالتحفظ الصحيح في شأن حياة الناس الخاصة‪ .‬والمسؤولون عن اإلبالغ‬
‫ُم َلزمون بالمحافظة على نسبة صحيحة من مقتضيات الخير العام واحترام حقوق الخاصة‪ .‬وتدخل اإلعالم‬
‫سيء‬
‫الحكم عليه بمقدار ما ُي ُ‬
‫َ‬ ‫في الحياة الخاصة لألشخاص العاملين في المجال السياسي أو العام يستدعي‬
‫إلى خصوصية حياتهم وإلى حريتهم‪.‬‬

‫‪ .V‬استعمال وسائل اال ّتصال االجتماعي‬


‫‪ -2493‬لوسائل االتصال االجتماعي‪ ،‬في المجتمع الحديث‪ ،‬دور خطير في اإلعالم وتعزيز الثقافة والتنشئة‪.‬‬
‫ويتنامى هذا الدور بفعل التقدم التقني وشمول األخبار المنقولة وتنوعها‪ ،‬والتأثير الحاصل في الرأي العام‪.‬‬

‫‪ -2494‬اإلعالم بالوسائل الحديثة هو في خدمة الخير العام‪ .‬فالمجتمع له الحق في إعالم مبني على‬
‫ّ‬
‫الحقيقة والحرية والعدالة والتضامن‪:‬‬

‫"إن ُحسن مزاولة هذا الحق يقضي بأن يكون االعالم االجتماعي في مضمونه صادقا على الدوام وكامال‪،‬‬
‫مع مراعاة حقوق العدالة والمحبة‪ ،‬وأن يكون إلى ذلك‪ ،‬الئقا في صيغته متالئما مع موضوعه‪ ،‬أي مراعيا‪،‬‬
‫في الحصول على األخبار ونشرها‪ ،‬قدسية الشرائع األدبية وحقوق اإلنسان وكرامته"‪.‬‬

‫‪" -2495‬ال مناص لجميع أعضاء المجتمع من القيام‪ ،‬في هذا المجال أيضا‪ ،‬بما عليهم من واجبات العدالة‬
‫والمحبة‪ ،‬لذلك يجتهدون‪ ،‬بطريق وسائل االعالم هذه أيضا‪ ،‬أن يخلقوا رأيا عاما سليما"‪ .‬فالتضامن يبدو‬
‫كنتيجة إلعالم صادق وصائب‪ ،‬ولحرية تداول األفكار‪ ،‬التي تعزز معرفة اآلخرين واحترامهم‪.‬‬

‫‪ -2496‬تستطيع وسائل االتصال االجتماعي (وعلى الخصوص الوسائل الجماهيرية) أن تولد عند‬
‫مستعمليها شيئا من انعدام النشاط‪ ،‬فتجعل منهم مستهلكين للرساالت والمشاهد على غير حذر‪ .‬فعلى هؤالء‬
‫أن يفرضوا على أنفسهم االعتدال والنظام إزاء الوسائل الجماهيرية‪ .‬وعليهم أن يكونوا ألنفسهم ضمي ار مستني ار‬
‫ات األقل صالحا‪.‬‬ ‫ومستقيما ليقاوموا بسهولة أكبر التأثير ِ‬

‫‪ -2497‬والمسؤولون عن هذه الوسائل ُملزمون‪ ،‬بحكم مهنتهم الصحافية‪ ،‬أن يخدموا الحقيقة وأن ال ينتهكوا‬
‫المحبة‪ ،‬عندما يذيعون المعلومات‪ .‬وعليهم أن يجتهدوا في أن يحترموا ويراعوا على قدم المساواة طبيعة‬
‫األحداث وحدود الحكم الناقد لألشخاص‪ .‬وعليهم تجنب الوقوع في تشويه سمعة الناس‪.‬‬

‫‪" -2498‬ترتبط السلطة المدنية بواجبات خاصة بسبب الخير العام‪ .‬فعلى السلطات العامة أن تدافع عن‬
‫حرية اإلعالم الحقيقية والصوابية وأن تصونها"‪ .‬وعلى السلطات العامة‪ ،‬عندما تصدر الشرائع وتسهر على‬

‫‪130‬‬
‫تنفيذها‪ ،‬أن يتأكد لها أن سوء استعمال الوسائل ال يؤدي "إلى التسبب بأضرار جسيمة لألخالق العامة ورقي‬
‫المجتمع"‪ .‬وعليها معاقبة االساءة إلى حقوق كل انسان في ُسمعته وسرية حياته الخاصة‪ .‬وعليها أن تعطي‬
‫المعلومات المتعلقة بالخير العام في أوانها وبصدق‪ ،‬أو أن تجيب عما عند الشعب من قلق له مبرراته‪ .‬وما‬
‫من شيء يمكن أن يسوغ اللجوء إلى المعلومات الكاذبة لتوجيه الرأي العام بطريق الوسائل الجماهيرية‪.‬‬
‫ويجب أن ال تسيء هذه التدخالت إلى حرية األفراد والجماعات‪.‬‬

‫‪ -2499‬تندد األخالق بآفة الدول التوتاليتارية التي قاعدتها تزوير الحقيقة‪ ،‬والتي تُمارس بالوسائل الجماهيرية‬
‫تسلطا سياسيا على الرأي‪ ،‬والتي "تتالعب" بالمتهمين والشهود في الدعاوى العلنية‪ ،‬وتتصور أنها تثبت‬
‫تسلطها عندما تخنق وتقمع كل ما تعتبره بمثابة "جريمة رأي"‪.‬‬

‫المقدس‬
‫ّ‬ ‫الفن‬
‫‪ .VI‬الحقيقة والجمال و ّ‬
‫‪ -2500‬تصحب ممارسة الخير لذة روحية مجانية وجمال أدبي‪ .‬كذلك الحقيقة تنطوي على فرح الجمال‬
‫الروحي وتألقه‪ .‬فالحقيقة جميلة بذاتها‪ .‬وحقيقة الكالم‪ ،‬التي هي تعبير عقلي عن معرفة الحقيقة المخلوقة‬
‫أيضا أشكاال أخرى ُمكملة للتعبير‬
‫وغير المخلوقة‪ ،‬هي ضرورية لإلنسان العاقل‪ .‬ولكن يمكن أن تجد الحقيقة ً‬
‫اإلنساني‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر باإليحاء بما تنطوي عليه مما يعجز عنه الكالم‪ ،‬كأعماق القلب‬
‫ف له عن‬ ‫ِ‬
‫يكش ُ‬
‫وتساميات النفس‪ ،‬وسر هللا‪ .‬فاهلل‪ ،‬قبل ان يكشف عن ذاته لإلنسان بكالم الحقيقة‪ُ ،‬‬ ‫البشري‪،‬‬
‫الولد كما رجل‬
‫صنع كلمته وحكمته‪ :‬فالنظام واالنسجام في العالم –اللذان يكتشفهما ُ‬
‫ذاته بلغة الخلق الشاملة‪ُ ،‬‬
‫وجمالها يؤديان‪ ،‬بالقياس‪ ،‬إلى التأمل في خالقها" (حك ‪" ،)5 ،13‬إذ الذي خلقها‬
‫ُ‬ ‫العلم‪" ،-‬وعظمة المخلوقات‬
‫هو مصدر كل جمال" (حك ‪.)3 ،13‬‬

‫"فالحكمة نفحة من قدرة هللا وانبعاث خالص من مجد القدير‪ ،‬فلذلك ال يتسرب إليها شيء نجس ألنها‬
‫انعكاس للنور األزلي‪ ،‬ومرآة صافية لعمل هللا‪ ،‬وصورة لصالحه" (حك ‪" .)26 -25 ،7‬فالحكم أبهى من‬
‫نور الشمس واسمى من كل مجموعة نجومه‪ ،‬وإذا قيست بالنور ظهر تفوقها‪ ،‬ألن النور يعقبه الليل‪ ،‬أما‬
‫"صرت لها عاشقا" (حك ‪.)2 ،8‬‬
‫ُ‬ ‫الحكمة فال يغلبها الشر" (حك ‪.)30 -29 ،7‬‬

‫‪ -2501‬اإلنسان "المخلوق على صورة هللا" يعبر أيضا عن حقيقة عالقته باهلل الخالق بجمال أعماله الفنية‪.‬‬
‫فالفن هو شكل من أشكال التعبير خاص باإلنسان‪ ،‬وهو‪ ،‬في ما وراء السعي إلى الضرورات الحياتية المشتركة‬
‫بين جميع المخلوقات الحية‪ ،‬فيض مجاني من غنى الكائن البشري في باطنه‪ .‬والفن الذي ينبع من موهبة‬
‫أوالها الخالق‪ ،‬ومن جهد اإلنسان نفسه‪ ،‬هو شكل من أشكال الحكمة العملية‪ ،‬يجمع بين المعرفة والمهارة‪،‬‬
‫البص ُر أو السمع‪ .‬وهكذا ينطوي الفن على بعض المشابهة مع‬ ‫ِ‬
‫يفه ُمها ُ‬
‫إلعطاء شكل لصحة حقيقة في لغة ُ‬

‫‪131‬‬
‫نشاط هللا في ما خلق‪ ،‬بمقدار ما يستوحي حقيقة الكائنات ومحبتَها‪ .‬والفن‪ ،‬كجميع األنشطة البشرية‪ ،‬ليس‬
‫شرفه غاية اإلنسان القصوى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نسقه وتُ ِّ‬
‫له في ذاته غايتُه القصوى‪ ،‬وإنما تُ ّ‬
‫المقدس حقيقي وجميل عندما يتالءم بشكله مع دعوته الخاصة‪ :‬أن يستحضر ويمجد‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫الفن‬
‫‪ّ -2502‬‬
‫اإليمان والتعبد‪ ،‬سمو سر هللا‪ ،‬الجمال الفائق وغير المنظور للحقيقة والمحبة‪ ،‬المتجلي في المسيح‪" ،‬ضياء‬
‫"ح َّل كل ملئ الالهوت جسديا " (كول ‪ ،)9 ،2‬والجمال الروحي‬
‫مجده وصورة جوهره" (عب ‪ ،)3 ،1‬الذي فيه َ‬
‫المنعكس في العذراء والدة اإلله الفائقة القداسة‪ ،‬وفي المالئكة والقديسين‪ .‬أن الفن المقدس الحقيقي يحمل‬
‫ِ‬
‫المقدس‪.‬‬
‫اإلنسان على العبادة والصالة‪ ،‬ومحبة هللا الخالق والمخلص‪ ،‬القدوس و ّ‬
‫‪" -2503‬لذلك يجب على األساقفة أن يسهروا بأنفسهم أو بمن ينتدبون على تعزيز الفن المقدس‪ ،‬القديم‬
‫والجديد‪ ،‬في كل أشكاله‪ ،‬وأن ُيبعدوا‪ ،‬باالهتمام َّ‬
‫المقدس نفسه‪ ،‬عن الليتورجيا ومباني العبادة كل ما ال يتالءم‬
‫مع حقيقة اإليمان وجمال الفن َّ‬
‫المقدس األصيل‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2504‬ال تشهد على قريبك شهادة زور" (خر ‪ .)16 ،20‬تالميذ المسيح قد "لبسوا اإلنسان الجديد الذي‬
‫خلق على مثال هللا في ِ‬
‫البِّّر وقداسة الحق" (أف ‪.)24 ،4‬‬
‫يبدو اإلنسان صادقا في أفعاله وصادقا في‬
‫‪ -2505‬الحقيقة أو الصدق هي الفضيلة التي تقوم على أن َ‬
‫أقواله‪ ،‬حاذ ار االزدواجية‪ ،‬والتظاهر والمراءة‪.‬‬
‫‪ -2506‬ليس للمسيحي "ان يخجل بتأدية الشهادة للرب" (‪ 2‬طيم ‪ )8 ،1‬بالفعل والقول‪ .‬واالستشهاد هو‬
‫الشهادة السميا لحقيقة اإليمان‪.‬‬
‫‪ -2507‬احترام سمعة األشخاص وشرِفهم يمنع من أي موقف أو كالم فيه نميمة أو افتراء‪.‬‬
‫‪ -2508‬الكذب هو قول ما ليس صحيحا بنية خداع القريب‪.‬‬
‫‪ -2509‬ارتكاب ذنب بمخالفة الحقيقة يقتضي التعويض‪.‬‬
‫ف عن‬
‫الكش ُ‬
‫‪ -2510‬القاعدة الذهبية تساعد على التمييز‪ ،‬في الحاالت الواقعية‪ ،‬لمعرفة هل ينبغي أو ال ُ‬
‫الحقيقة لمن يطلبها‪.‬‬
‫‪" -2511‬السر األسراري من المحظورات"‪ .‬واألسرار المهنية يجب كتمانها‪ .‬وال يجب إذاعة المسارات التي‬
‫تلحق ضر ار بالغير‪.‬‬
‫‪ -2512‬للمجتمع الحق في إعالم مبني على الحقيقة والحرية والعدالة‪ .‬وينبغي أن يفرض اإلنسان على‬
‫ذاته االعتدال والنظام في استعمال وسائل االتصال االجتماعي‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -2513‬الفنون الجميلة وال سيما الفن المقدس "تهدف بطبيعتها إلى نوع من التعبير‪ ،‬في األعمال البشرية‪،‬‬
‫عن الجمال اإللهي الالمحدود‪ ،‬وقد انقطعت إلى حمد هللا وتمجيده بقدر ما انحصر همها في أن تؤدي‬
‫بأعمالها إلى توجيه نفوس البشر إلى هللا على أوسع وجه"‪.‬‬

‫المقال التاسع‬
‫الوصية التاسعة‬
‫ّ‬

‫خادمه‪ ،‬وال خادمته‪ ،‬وال ثوره‪ ،‬وال حماره‪ ،‬وال شيئا مما‬
‫َ‬ ‫"ال تشتهي بيت قريبك‪ .‬ال تشتهي امرأة قر َيبك وال‬
‫لقريبك" (خر ‪.)17 ،20‬‬
‫ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (متى ‪.)28 ،5‬‬
‫َ‬ ‫"إن كل من نظر إلى امرأة حتى‬

‫ف‬
‫وصَل َ‬
‫‪ -2514‬يميز القديس يوحنا ثالثة أنواع من الشهوات أو الرغائب‪ :‬شهوة الجسد‪ ،‬وشهوة العين َ‬
‫الحياة‪ .‬بحسب التقليد في التعليم الديني الكاثوليكي‪ ،‬تُحظر الوصية التاسعة شهوة الجسد‪ ،‬والعاشرة تنهي عن‬
‫شهوة مال الغير‪.‬‬

‫‪ -2515‬يمكن أن تعني كلمة "شهوة" في معناها األصلي كل نزعة شديدة من نوازع الرغبة البشرية‪ .‬وقد‬
‫أعطاها الالهوت المسيحي هذا المعنى الخاص أنها حركة الرغبة الحسية التي تُعارض عمل العقل البشري‪.‬‬
‫ويجعلها القديس بولس متماهية "والثورة" التي يقودها "الجسد" على "الروح"‪ .‬وهي تتأتى من معصية الخطيئة‬
‫األولى‪ .‬وهي تشوش نظام الملكات األخالقية البشرية‪ ،‬وتجعل اإلنسان يميل إلى ارتكاب الخطايا‪ ،‬وإن لم‬
‫تكن هي ذنبا في حد ذاتها‪.‬‬

‫‪ -2516‬ففي اإلنسان من قبل‪ ،‬بما أّنه مرّكب من روح وجسد‪ ،‬نوع من التوتر‪ ،‬وفيه يقوم نوع من الصراع‬
‫بين ميول "الروح" و "الجسد"‪ .‬ولكن هذا الصراع يعود في الواقع إلى إرث الخطيئة‪ ،‬وهو نتيجته‪ ،‬وفي الوقت‬
‫ذاته‪ ،‬تأكيد له‪ .‬وهو جزء من االختبار اليومي للجهاد الروحي‪.‬‬

‫"األمر بالنسبة إلى الرسول ليس احتقار الجسد والقضاء عليه‪ .‬فهو مع النفس الروحية يؤلف طبيعة‬
‫اإلنسان وشخصيته‪ ،‬والرسول‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬يعالج األعمال أو بالحري االستعدادات الثابتة‪ ،‬من فضائل‬
‫السيئة اخالقيا‪ ،‬والتي هي ثمرة الخضوع (في الحالة األولى) أو بالعكس المقاومة‬
‫ورذائل‪ ،‬الصالحة و ّ‬
‫(في الحالة الثانية) لعمل الروح القدس الخالصي‪ .‬لذلك يكتب الرسول‪" :‬إن كنا نحيا بالروح‪ ،‬فلنسلكن‬
‫ّ‬
‫أيضا بحسب الروح" (غل ‪.)25 ،5‬‬ ‫ً‬
‫‪133‬‬
‫تنقية القلب‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ -2517‬القلب هو مركز الشخصية األخالقية‪" .‬فمن القلب تخرج األفكار الشريرة"‪ ،‬والقتل والزنى والسلوك‬
‫السيء" (متى ‪ .)19 ،15‬ومحاربة الشهوة الجسدية تمر من خالل تنقية القلب وممارسة القناعة‪" :‬احفظ‬
‫نفسك في البساطة والبراءة‪ ،‬فتكو َن كاألوالد الصغار الذين يجهلون الشر هادم حياة الناس"‪.‬‬

‫‪ -2518‬تُعلن التطويبة السادسة‪" :‬طوبى ألنقياء القلوب‪ ،‬فإنهم يعاينون هللا" (متى ‪" .)8 ،5‬أنقياء القلوب"‬
‫يعنون من جعلوا عقلهم وإرادتهم في انسجام مع مقتضيات قداسة هللا‪ ،‬خصوصا في مجاالت ثالثة" المحبة‪،‬‬
‫والعفة أو االستقامة الجنسية‪ ،‬وحب الحقيقة واستقامة اإليمان‪ .‬وهناك رابط بين نقاوة القلب والجسد واإليمان‪.‬‬

‫يجب أن يؤمن المؤمنون ببنود قانون اإليمان‪" ،‬حتى يطيعوا هللا بإيمانهم‪ ،‬وبطاعتهم يعيشوا حياة صالحة‪،‬‬
‫وبحياتهم الصالحة ينقوا قلبهم‪ ،‬وبتنقية قلبهم يفهموا ما يؤمنون به"‪.‬‬
‫‪" -2519‬أنقياء القلوب" موعودون بمعاينة هللا وجها لوجه‪ ،‬وبأن يكونوا مشابهين له‪ .‬فنقاوة القلب ال بد ان‬
‫تكون سابقة للمعاينة‪ .‬وهي منذ اليوم‪ ،‬تعطينا أن نرى بحسب هللا‪ ،‬ونتقبل الغير "كقريب"‪ ،‬وتمكننا من أن‬
‫نرى الجسد البشري‪ ،‬جسدنا وجسد القريب‪ ،‬مثل هيكل للروح القدس‪ ،‬ومظهر للجمال اإللهي‪.‬‬

‫الجهاد ألجل النقاوة‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ -2520‬تمنح المعمودية من يتقبلها نعمة التنقية من جميع الخطايا‪ .‬ولكن على المعمد أن يتابع جهاده‬
‫لشهوة الجسد والرغائب المنحرفة‪ .‬ومع نعمة هللا يبلغ ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬بفضيلة العفة وموهبتها‪ ،‬ألن العفة تمكن من المحبة بقلب مستقيم غير منقسم‪.‬‬
‫المعمد‪ ،‬بعين بسيطة‪ ،‬إلى أن‬
‫َّ‬ ‫النية التي تقوم على قصد غاية اإلنسان الحقيقية‪ :‬فيسعى‬
‫‪ -‬بنقاوة ّ‬
‫ويتممها‪.‬‬
‫يجد في كل شيء إرادة هللا ُ‬
‫َ‬
‫‪ -‬بنقاوة النظر الخارجي والداخلي‪ ،‬وضبط العواطف والمخيلة‪ ،‬ورفض كل مرضاة باألفكار الدنسة‬
‫التي تحمل على االنحراف عن طريق وصايا هللا‪" :‬المنظر يؤدي إلى إيقاظ الهوى عند األغبياء" (حك‬
‫‪.)5 ،15‬‬
‫‪ -‬بالصالة‪:‬‬

‫"كنت أعتقد أن العفة ترتبط بقواي الخاصة‪ ،‬تلك القوى التي ما كنت أعرفها في‪ .‬وكنت من الغباء‬
‫أنك كنت‬ ‫ِ‬
‫بمقدور أحد ان يكون عفيفا ما لم تمنحه أنت ذلك‪ .‬وال ريب َ‬ ‫بحيث لم أدرك أنه ليس‬
‫ألقيت عليك همي بإيمان راسخ"‪.‬‬
‫مسامع َك تنهداتي الداخلية‪ ،‬ولو ُ‬
‫َ‬ ‫أبلغت‬
‫ُ‬ ‫أعطيتني ذلك لو‬

‫‪134‬‬
‫‪ -2521‬النقاوة تقتضي الحشمة‪ .‬وهذه جزء متمم للقناعة‪ .‬والحشمة تحافظ على ما في الشخص من شأن‬
‫حميم‪ .‬وهي تعني رفض الكشف عما يجب أن يبقى خافيا‪ .‬وهي موجهة نحو العفة إذ تؤكد رهافتها‪ .‬وهي‬
‫تُرشد األنظار والحركات المتوافق َة مع كرامة األشخاص واتحادهم‪.‬‬

‫‪ -2522‬الحشمة تصون سر األشخاص ومحبتهم‪ .‬وهي تدعو إلى الصبر واالعتدال في عالقة الحب‪ ،‬وهي‬
‫ِ‬
‫العطاء وااللتزام النهائي بين الرجل والمرأة‪ .‬والحشمة متواضعة‪ .‬وهي توحي باختيار‬ ‫ط‬
‫تمم شرو ُ‬
‫تقتضي أن تُ َّ‬
‫الثوب‪ .‬وتحافظ على الصمت أو تسكت حيث يتراءى خطر فضول ضار‪ .‬وتصير رصانة‪.‬‬

‫‪ -2523‬هناك حشمة في العواطف كما في الجسد‪ .‬وهي تناوئ مثال االستطالعات "الفاجرة" للجسد البشري‬
‫المسارات‬
‫في بعض الدعايات‪ ،‬أو الطلب من بعض وسائل اإلعالم الذهاب بعيدا جدا في الكشف عن ُ‬
‫الحميمة‪ .‬والحشمة توحي بطريقة عيش تمكن من مقاومة اغراءات "الموضة" وضغط اإليديولوجيات السائدة‪.‬‬

‫‪ -2524‬األشكال التي تتبدى بها الحشمة تتغير من ثقافة إلى أخرى‪ .‬ولكنها تبقى شعو ار سابقا بكرامة روحية‬
‫خاصة باإلنسان‪ .‬وهي تولد بإيقاظ الضمير عند الشخص‪ .‬وتعليم الحشمة لألوالد والمراهقين هو توعيتُهم‬
‫الحترام الشخص البشري‪.‬‬

‫وسائل االتصال االجتماعي‬


‫َ‬ ‫‪ -2525‬النقاوة المسيحية تقتضي تنقية المناخ االجتماعي‪ .‬وهي تقتضي‬
‫ّ‬
‫إعالما ُيعنى باالحترام واالنضباط‪ .‬نقاوة القلب تحرر من االثارة الجنسية المنتشرة وتُبعد المشاهد التي تعزز‬
‫الفجور والوهم‪.‬‬

‫‪ -2526‬ما ُسمي بالتساهل األخالقي يستند إلى مفهوم خاطئ للحرية اإلنسانية‪ .‬فإن هذه بحاجة‪ ،‬لكي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫تُبنى‪ ،‬إلى القبول بأن تُنشئها أوال الشريعة األخالقية‪ .‬ينبغي أن ُيطلب من المسؤولين عن التربية أن يلقنوا‬
‫ومحاسن القلب وكرامة اإلنسان‪ ،‬األخالقية والروحية‪.‬‬
‫َ‬ ‫الشبيبة تعليما يحترم الحقيقة‪،‬‬

‫ويبعد‬
‫‪" -2527‬إن إنجيل المسيح يجدد حياة اإلنسان الساقط وثقافته تجديدا متواصال‪ ،‬ويحارب األضاليل‪ُ ،‬‬
‫الشرور التي تتبع إغراءات الخطيئة الدائمة‪ .‬وهو يطهر ابدا أخالق الشعوب ويرقى بها‪ .‬وكأني به ُيخصب‬
‫العلوية‪ ،‬مناقب النفس والمواهب الخاصة بكل شعب وكل جيل‪ ،‬ويقويها ويكملها‪،‬‬‫من الداخل‪ ،‬وبالخيرات ُ‬
‫ويجددها في المسيح"‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2528‬إن كل من نظر إلى امرأة حتى ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (متى ‪.)28 ،5‬‬
‫‪ -2529‬تحذر الوصية التاسعة من الشهوة أو الرغبة الجنسية‪.‬‬
‫‪ -2530‬تمر محاربة الشهوة الجسدية من خالل تنقية القلب وممارسة القناعة‪.‬‬
‫‪ -2531‬تعطينا نقاوة القلب أن نرى هللا‪ :‬وتعطينا منذ اآلن أن نرى كل شيء بحسب هللا‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫‪ -2532‬تقتضي تنقيةُ القلب الصالة‪ ،‬وممارسة العفة‪ ،‬ونقاوة النية والنظر‪.‬‬
‫‪ -2533‬تقتضي نقاوة القلب الحشمة التي هي صبر وتواضع ورصانة‪ .‬والحشمةُ تصون ما في الشخص‬
‫من شأن حميم‪.‬‬

‫المقال العاشر‬
‫الوصية العاشرة‬
‫ّ‬

‫"ال تشته‪ ...‬شيئا مما لقريبك" (خر ‪.)17 ،20‬‬


‫حماره وال شيئا مما لقريبك" (تث ‪.)21 ،5‬‬
‫َ‬ ‫خادمه وال خادمتَه وال ثوره وال‬
‫َ‬ ‫"ال تشته بيتَه وال حقله وال‬
‫قلبك" (متى ‪.)21 ،6‬‬ ‫"حيث يكون كنزك‪ ،‬هناك يكون ُ‬

‫‪ -2534‬الوصية العاشرة تشطر وتكمل التاسعة التي تتناول شهوة الجسد‪ .‬وهي تنهي عن شهوة مال القريب‪،‬‬
‫أصل السرقة والنهب والغش التي تحرمها الوصية السابعة‪ .‬إن "شهوة العيون" (‪ 1‬يو ‪ )16 ،2‬تقود إلى العنف‬
‫والظلم اللذين تحظرهما الوصية الخامسة‪ .‬وأصل الجشع كالزنى هو في عبادة األصنام التي تنهي عنها‬
‫الوصايا الثالث األولى من الشريعة‪ .‬والوصية العاشرة تقصد نية القلب‪ .‬وتختصر مع التاسعة جميع فرائض‬
‫الشريعة‪.‬‬

‫تعسف الشهوات‬‫ّ‬ ‫‪.I‬‬


‫‪ -2535‬تحملنا الشهوة الحسية على ان نرغب في الطيبات التي ليست لدينا‪ .‬هكذا هي الحال عندما نرغب‬
‫في األكل عندما نجوع‪ ،‬وفي الدفء عندما نبرد‪ .‬وهذه الرغائب صالحة في ذاتها‪ .‬إال أنها م ار ار كثيرة ال تقف‬
‫عند حدود العقل‪ ،‬وتدفعنا ان نشتهي دون وجه حق‪ ،‬ما ال يعود إلينا‪ ،‬ويمتلكه غيرنا أو هو من حقه‪.‬‬

‫حظر الجشع‬‫‪ -2536‬تنهي الوصية العاشرة عن الطمع والرغبة في تملك ال محدود للخيرات األرضية‪ ،‬وتَ ِ‬
‫أيضا من الرغبة في ارتكاب ظلم ُيساء به إلى‬ ‫الم َنفلت المتأتي من هوى مفرط للثروة ُ‬
‫وقدرتها‪ .‬هي تمنع ً‬ ‫ُ‬
‫القريب من أمواله الزمنية‪.‬‬

‫عندما تقول لنا الشريعة‪" :‬ال تشته"‪ ،‬فهي تقول لنا بكالم آخر أن ُنقصي رغائبنا عن كل ما ليس لنا‪ .‬ألن‬
‫شع ال تشبع من‬
‫الج ِ‬
‫الظمأ إلى مال القريب شديد‪ ،‬ال محدود‪ ،‬وليس له أبدا ارتواء‪ ،‬كما ُكتب‪" :‬عين َ‬
‫نصيبه" (سي ‪.)9 ،5‬‬
‫‪136‬‬
‫‪ -2537‬ليس هناك مخالفة لهذه الوصية إذا رغب اإلنسان في الحصول على أشياء تخص القريب‪ ،‬ما‬
‫دامت الوسائل مستقيمة‪ .‬والتعليم الديني التقليدي يشير بواقعية إلى "أولئك الذين عليهم أكثر من غيرهم أن‬
‫يحاربوا شهواتهم اإلجرامية"‪ ،‬والذين يجب بالتالي "أن يحرضوا أكثر من غيرهم على التقيد بهذه الوصية"‪:‬‬

‫"إنهم التجار الذين يرغبون في النقص في التموين أو الغالء في البضاعة‪ ،‬والذين ُيحزنهم أنهم ليسوا‬
‫الوحيدين للشراء والبيع‪ ،‬فيتم كنوا من البيع بأغلى ثمن والشراء بأرخصه‪ ،‬وأولئك الذين يتمنون أن يكون‬
‫الناس في َعوز حتى يصيبوا ربحا أكبر‪ ،‬إما ببيعهم أو بالشراء منهم‪ .‬واألطباء الراغبون في وجود مرضى‪،‬‬
‫ورجال القانون المطالبون بقضايا ودعاوى هامة وعديدة"‪.‬‬

‫‪ -2538‬تقتضي الوصية العاشرة إقصاء الحسد من القلب البشري‪ .‬عندما أراد النبي ناتان حث الملك داود‬
‫على الندامة‪ ،‬روى له قصة الفقير الذي ال يملك غير نعجة وحيدة‪ ،‬كانت عنده كابنته‪ ،‬والغني الذي‪ ،‬على‬
‫ما كان له من قطعان كثيرة‪ ،‬حسد األول‪ ،‬وانتهى به األمر إلى أن يسرق منه نعجته‪ .‬فالحسد يمكن ان َ‬
‫يقود‬
‫اإلنسان إلى أفظع المآثم‪" .‬وبحسد إبليس دخل الموت إلى العالم" (حك ‪:)24 ،2‬‬

‫"يحارب بعضنا بعضا‪ ،‬والحسد هو الذي يسلحنا لنقاتل بعضنا بعضا‪ .‬فإذا استشاط الجميع هكذا على‬
‫جسد المسيح ليزعزعوه‪ ،‬فإلى أين سنصل؟ إننا نوِهن جسد المسيح‪ .‬نعلن أننا أعضاء كيان واحد وننهش‬
‫بعضنا بعضا كما تفعل الضواري"‪.‬‬

‫‪ -2539‬الحسد رذيلة رئيسة‪ .‬وهو يشير إلى معاناة الحزن حيال مال الغير والرغبة الجامحة في امتالكه‪،‬‬
‫وإن عن غير وجه حق‪ .‬وعندما يشتهي للقريب ش ار كبي ار فهو خطيئة مميتة‪:‬‬

‫كان القديس أوغسطينوس يرى في الحسد "خطيئة إبليس بامتياز"‪" .‬من الحسد يولد البغض والنميمة‬
‫واالفتراء‪ ،‬والفرح الناتج من معصية القريب‪ ،‬والحزن الناجم عن وجوده في السراء"‪.‬‬

‫‪ -2540‬الحسد وجه من وجوِه الحزِن وبالتالي رفض للمحبة‪ ،‬وعلى المعمد ان يحاربه بالمحاسنة‪ .‬وكثي ار ما‬
‫يتأتى الحسد من الكبرياء‪ ،‬فعلى المعمد ان يتمرن على العيش في التواضع‪:‬‬

‫"إنك تريد أن ترى هللا ممجدا بك" إذن إفرح بتقدم أخيك‪ ،‬وبذلك بك يتمجد هللا‪ .‬ويقول الجميع‪" :‬تبارك هللا"‬
‫الذي له أمثال هؤالء العبيد‪ ،‬األحرار من كل حسد‪ ،‬الذين يفرح بعضهم لخيرات البعض اآلخر"‪.‬‬

‫رغائب الروح القدس‬ ‫‪.II‬‬


‫‪ -2541‬إن تدبير الشريعة والنعمة يصرف قلب الناس عن الجشع والحسد‪ُ :‬يعلمه اشتهاء الخير األسمى‪،‬‬
‫ُيلِّقنه رغائب الروح القدس الذي ُيشبع قلب اإلنسان‪ .‬وإله المواعيد قد حذر اإلنسان دائما من إغراء ما يبدو‬

‫ومتعة للعيون‪ُ ،‬‬


‫ومنية للعقل"‪( .‬تك ‪.)6 ،3‬‬ ‫منذ البدء "طيبا لألكل‪ُ ،‬‬

‫‪137‬‬
‫أودعت إسرائيل لم ِ‬
‫تكف قط لتبرير من خضع لها‪ .‬بل أنها صارت آلة "للشهوة"‪.‬‬ ‫‪ -2542‬إن الشريعة التي ِ‬
‫التفاوت بين اإلرادة والفعل يدل على الخالف بين شريعة هللا التي هي "شريعة العقل" وشريعة أخرى "تأسرني‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫لناموس الخطيئة الذي في أعضائي" (روم ‪.)23 ،7‬‬

‫‪" -2543‬أما اآلن فقد اعتلن بر هللا بمعزل عن الناموس‪ ،‬مشهودا له من الناموس واألنبياء‪ ،‬بر هللا باإليمان‬

‫بيسوع المسيح إلى جميع الذين يؤمنون" (روم ‪ .)22 -21 ،3‬فلذلك المؤمنون بالمسيح َ‬
‫"صلبوا الجسد مع‬
‫أهوائه وشهواته" (غل ‪ ،)24 ،5‬فيقتادهم الروح ويتبعون رغائب الروح‪.‬‬

‫فقر القلب‬ ‫‪.III‬‬


‫وعز يسوع إلى تالميذه أن يفضلوه على كل شيء وكل إنسان‪ ،‬ويعرض عليهم "ان يزهدوا في‬ ‫‪ُ -2544‬ي ِ‬
‫جميع أموالهم" ألجله وألجل اإلنجيل‪ .‬وأعطاهم قبيل آالمه كمثال أرملة القدس الفقيرة‪ ،‬التي من عوزها أعطت‬
‫كل ما كان لمعيشتها‪ ،‬فريضة التجرد من الغنى واجبة لدخول ملكوت السماوات‪.‬‬

‫استخدام‬
‫ُ‬ ‫‪ -2545‬على كل المؤمنين بالمسيح "ان ُيعنوا بتنظيم نوازعهم على ما ينبغي لئال ينحرف بهم‬
‫أشياء العالم والتمسك بالغنى تمسكا ُيخالف روح الفقر االنجيلي‪ ،‬عن مواصلة السعي إلى كمال المحبة"‪.‬‬

‫‪" -2546‬طوبى للمساكين بالروح" (متى ‪ .)3 ،5‬ان التطويبات تكشف عن نظام سعادة ونعمة‪ ،‬وجمال‬
‫اضع الروح‬
‫وسالم‪ .‬ويسوع يشيد بفرح الفقراء الذين لهم منذ اآلن الملكوت‪" :‬ان الكلمة يدعو "فق ار بالروح" ثم تو َ‬
‫البشري الطوعي وتجرده‪ .‬ويعطينا الرسول كمثال َ‬
‫فقر هللا عندما يقول‪ :‬هو الغني‪ ،‬قد افتقر ألجلنا (‪ 2‬كو ‪،8‬‬
‫‪.)9‬‬

‫‪ -2547‬ينوح الرب على األغنياء ألنهم يجدون تعزيتهم في كثرة األموال‪" .‬المتكبر يسعى إلى السلطة‬
‫البشرية‪ ،‬بينما الفقير بالروح يسعى إلى ملكوت السماوات"‪ .‬واالستسالم إلى عناية اآلب السماوي يحرر من‬
‫القلق بالغد‪ .‬والثقة باهلل تهيئ لطوبى الفقراء‪ .‬إنهم يعاينون هللا‪.‬‬
‫االهتمام ِ‬

‫"أريد ان أعاين هللا"‬ ‫‪.IV‬‬


‫‪ -2548‬ان الرغبة في السعادة الحقيقية تنقذ اإلنسان من التعلق الجامح بخيرات هذا العالم‪ ،‬لتكتمل في‬
‫رؤية هللا وسعادته‪" .‬الوعد (بمعاينة هللا) يفوق كل سعادة‪ .‬ورؤية هللا في الكتاب هي الحصول عليه‪ .‬من رأى‬
‫هللا فقد حصل على كل الخيرات التي نستطيع ان نتصورها"‪.‬‬

‫‪ -2549‬يب قى ان يحارب الشعب المقدس‪ ،‬بنعمة هللا‪ ،‬للحصول على الخيرات التي وعد هللا بها‪ .‬وعلى‬
‫المؤمنين بالمسيح‪ ،‬للحصول على هللا ومعاينته‪ ،‬أن ُيميتوا شهواتهم‪ ،‬وينتصروا بنعمة هللا على إغراءات اللذة‬
‫والسلطة‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫العروس َمن يسمعهما إلى االتحاد التام باهلل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -2550‬على طريق الكمال ينادي الرو ُح و‬

‫فض اإلجالل الحقيقي لمن يستحقونه‪،‬‬ ‫"هناك يكون المجد الحقيقي‪ .‬وال أحد ُي َ‬
‫مدح خطأ أو تملقا‪ ،‬وال ُير ُ‬
‫حيث ال ُي َقبل إال المستحقون‪.‬‬
‫مستحق ُ‬
‫ّ‬ ‫غير‬
‫وال ُيعطى لغير مستحقيه‪ ،‬وعلى كل حال لن يسعى إلى ذلك ُ‬
‫السالم الحقيقي حيث ال يشعر أحد بمقاومة من ذاته أو من الغير‪ .‬وهللا نفسه يكون جزاء‬
‫ُ‬ ‫هناك يسود‬
‫نفسه جزاءها األفضل واألكبر في الوجود‪" .‬أكون‬
‫الفضيلة‪ ،‬هو الذي منح الفضيلة‪ ،‬ووعد بأنه سيكون هو ُ‬
‫َ‬
‫لهم إلها ويكونون لي شعبا" (أح ‪ )12 ،26‬وهذا هو أيضا معنى كلمات الرسول‪" :‬ليكون هللا كال في‬
‫الكل" (‪ 1‬كو ‪ .)28 ،15‬ويكون هو نفسه غاية ما نشتهي‪ ،‬هو الذي نعاينه بال نهاية‪ ،‬ونحبه بال ارتواء‪،‬‬
‫ونسبحه بال ملل‪ .‬ويكون هذا العطاء‪ ،‬وهذا الحب‪ ،‬وهذا االشتغال‪ ،‬بال ريب كالحياة األبدية‪ .‬مشتركين‬
‫بين الجميع‪.‬‬

‫بإيجاز‬
‫‪" -2551‬حيث يكون كنزكم‪ ،‬هناك يكون قلُبكم" (متى ‪.)21 ،6‬‬
‫‪ -2552‬تنهي الوصية العاشرة من الجشع المنفلت‪ ،‬الناتج من الهوى المفرط للغنى وسلطته‪.‬‬
‫‪ -2553‬الحسدُ هو معاناةُ الحزن حيالَ مال الغير والرغبةُ الجامحةُ في امتالكه‪.‬‬
‫‪ -2554‬يحارب المعمد الحسد بالمحاسنة‪ ،‬والتواض ِع واالستسالم لعناية هللا‪.‬‬
‫‪ -2555‬المؤمنون بالمسيح "صلبوا الجسد مع أهوائه وشهواته" (غل ‪ .)24 ،5‬فيقتادهم الروح القدس‬
‫ويتبعون رغائبه‪.‬‬
‫‪ -2556‬التجرد من الغنى ضروري لدخول ملكوت السماوات‪" .‬طوبى للمساكين بالروح" (متى ‪.)3 ،5‬‬
‫‪ -2557‬إنسان الرغبة يقول‪" :‬أريد معاينة هللا"‪ .‬والظمأ إلى هللا يرويه ماء الحياة األبدية"‪.‬‬

‫‪139‬‬

You might also like