You are on page 1of 866

‫‪ /‬ماريا فالتورتا‬ ‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله‬

‫‪Il Poema Dell' Uomo-Dio / Maria Valtorta‬‬


‫‪The Poem Of The Man-God‬‬

‫بالفرنسية‪( :‬اإلنجيل كما أوحي به ّ‬


‫إلي)‬
‫‪L'Évangile tel qu'il m'a été révélé‬‬

‫الجزء الثاني‬

‫{ السنة األولى في الحياة العلنية }‬

‫ترجمه إلى اللغة العربية ‪ :‬فيكتور مصلح‬

‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬

‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 1 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫(فهرس اجلزء الثاين)‬

‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬


‫السنة األوىل يف احلياة العلنية‬

‫اجلزء الثاين ‪( 1 -‬وداع يسوع ألمه لدى مغادرته الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 2 -‬لقد بَ َكت ألهنا كانت الشريكة يف الفداء)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 3 -‬عماد يسوع يف هنر األردن)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 4 -‬مل يكن يوحنا يف حاجة إىل أيّة إشارة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 5 -‬الشيطان جيرب يسوع يف الربية)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 6 -‬يظهر الشيطان دائماً مبظهر العطوف)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 7 -‬اللقاء بيوحنا ويعقوب)‬ ‫‪‬‬

‫أحببت يوحنا لطهارته)‬


‫ُ‬ ‫اجلزء الثاين ‪( 8 -‬لقد‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 9 -‬يوحنا ويعقوب ُُيَ ِّّداثن بطرس عن ماسيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 10 -‬لقاء بطرس األول مع ماسيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 11 -‬لقد كان يوحنا كذلك عظيماً ابلتواضع)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 12 -‬يسوع يلتقي بفليبس ونثنائيل يف بيت صيدا يف منزل بطرس)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 13 -‬يوضاس تداوس يف بيت صيدا‪ ،‬دعوة يسوع إىل عرس قاان)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 2 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 14 -‬يسوع يف عرس قاان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 15 -‬ما يل و ِّ‬


‫لك‪ ،‬بعد اليوم‪ ،‬اي امرأة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 16 -‬يسوع يطرد الباعة من اهليكل)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 17 -‬لقاء اإلسخريوطي وتوما‪ .‬معجزة على مسعان الغيور)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 18 -‬توما يصبح تلميذاً)‬ ‫‪‬‬

‫رب األردن)‬
‫اجلزء الثاين ‪( 19 -‬يوضاس بن حلفا وتوما ومسعان يُقبَلون قُ َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 20 -‬العودة إىل الناصرة بعد الفصح مع التالميذ الستة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 21 -‬شفاء األعمى يف كفرانحوم)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 22 -‬ممسوس كفرانحوم ال ُـمربأ يف اجملمع)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 23 -‬شــفاء محاة مسعان بطرس)‬ ‫‪‬‬

‫وجي ََِّتح املعجزات يف بيت بطرس)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 24 -‬يسوع يَ ْك ِّرز َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 25 -‬يسوع يصلي أثناء الليل)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 26 -‬شفاء األبرص قرب كورازين)‬ ‫‪‬‬

‫قعد يف بيت بطرس يف كفرانحوم)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 27 -‬شفاء ُم َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 28 -‬الصيد العجائيب)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 29 -‬االسخريوطي يلتقي يسوع يف اجلسمانية ويسوع يَقبَله تلميذاً)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 3 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 30 -‬يسوع جيَتح معجزة النصل املكسورة عند ابب السمك)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 31 -‬يسوع يف اهليكل مع اإلسخريوطي‪ .‬إنه يَعِّظ هناك)‬ ‫‪‬‬

‫يوطي)‬
‫ر‬ ‫اإلسخ‬ ‫يهوذا‬ ‫ف‬‫ق‬‫اجلزء الثاين ‪( 32 -‬يسوع يـثـ ِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 33 -‬يسوع يقابل يوحنا بن زبدى يف اجلسمانية)‬ ‫‪‬‬

‫لئك الذين َجي َعلون ِّمن ذواهتم قُرابانً ِّمن أجل‬


‫اجلزء الثاين ‪( 34 -‬يوحنّا هو النَّموذج الكامل ألو َ‬ ‫‪‬‬
‫ُح ّيب)‬

‫اجلزء الثاين ‪( 35 -‬يسوع واإلسخريوطي يلتقيان مسعان الغيور ويوحنا)‬ ‫‪‬‬

‫ضون إىل بيت حلم)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 36 -‬يسوع ويوحنا ومسعان ويهوذا ََي ُ‬ ‫‪‬‬

‫وي ويف املغارة)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 37 -‬يسوع يف بيت حلم يف منزل ال َقَر ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 38 -‬يسوع يف نـَزل بيت حلم ِّ‬


‫وعظَة على أنقاض بيت حنّة)‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬
‫الرعاة أيلي‪ ،‬ليفي‪ ،‬ويوسف)‬
‫اجلزء الثاين ‪( 39 -‬يسوع و ُّ‬ ‫‪‬‬

‫الراعي)‬
‫اجلزء الثاين ‪( 40 -‬يسوع يف ايفا عند اسحق َّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 41 -‬يسوع يف اخلليل‪ .‬بيت زكراي)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 42 -‬يسوع يف إسخريوط‪ .‬وفاة شاول الشيخ)‬ ‫‪‬‬

‫رب اخلليل)‬
‫الرعاة قُ َ‬
‫اجلزء الثاين ‪( 43 -‬يسوع على طريق العودة مع ُّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 44 -‬يسوع على جبل الصوم وصخرة التجربة)‬ ‫‪‬‬

‫ابلرعاة يوحنا‪ ،‬متّيا ومشعون)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 45 -‬يف َع ْرب األردن‪ .‬االلتقاء ُّ‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 4 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 46 -‬االسخريوطي يبيع جواهر حجالي لديوميد)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 47 -‬يسوع يبكي بسبب يهوذا‪ .‬ومسعان الغيور يواسيه)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 48 -‬أنتم كذلك‪ ،‬الصاحلون منكم هم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 49 -‬لقاء يسوع مع لعازر يف بيت عنيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 50 -‬يسوع يعود إىل أورشليم‪ .‬االسخريوطي يتحدث يف اهليكل‪ .‬الذهاب إىل‬ ‫‪‬‬
‫اجلسمانية)‬

‫اجلزء الثاين ‪( 51 -‬يسوع يتحدث إىل اجلندي اسكندر عند ابب السمك)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 52 -‬يسوع واسحق قرب ‪ .Docco‬الذهاب إىل مرج ابن عامر)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 53 -‬يسوع عند الراعي يوان يف مرج ابن عامر)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 54 -‬العودة إىل الناصرة بعد مفارقة يوان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 55 -‬اليوم التايل يف بيت الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 56 -‬درس يسوع لتالميذه يف بستان الزيتون)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 57 -‬يسوع يُعلِّّم التالميذ قرب البيت)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 58 -‬تثقيف التالميذ مع الكلية القداسة مرمي يف حديقة الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 59 -‬شفاء غانية كورازين‪ِّ .‬عظَة يف هيكل كفرانحوم)‬ ‫‪‬‬

‫‪ ---‬هناية فهرس القسم األول من اجلزء الثاين ‪---‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 5 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬
‫اتبع السنة األوىل يف احلياة العلنية‬

‫اجلزء الثاين ‪( 60 -‬يعقوب بن حلفا يُقبَل بني التالميذ‪ .‬يسوع يَ ْك ِّرز قُرب مكتب ّ‬
‫مّت)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 61 -‬يسوع يف بيت صيدا‪ .‬يلقي موعظة يف اجلمع)‬ ‫‪‬‬

‫مّت ليكون من التالميذ)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 62 -‬دعوة ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 63 -‬يسوع يف حبرية طرباي‪ .‬تعليم التالميذ قرب هذه البلدة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 64 -‬يسوع يف طرباي يبحث عن يواناثن يف بيت قوزى)‬ ‫‪‬‬

‫عمه حلفا‪ ،‬ومث يف بيته)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 65 -‬يسوع يف بيت ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 66 -‬يسوع يستَ ِّ‬


‫نطق أمه خبصوص تالميذه)‬ ‫‪‬‬

‫الر ُسل! كم هي ثقيلة)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 67 -‬إنسانية ُّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 68 -‬شفاء حنة اليت لقوزى قرب قاان)‬ ‫‪‬‬

‫الراعيَ َني بنيامني ودانيال)‬


‫اجلزء الثاين ‪( 69 -‬يسوع يف لبنان عند َّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 70 -‬يسوع يف املدينة الساحلية‪ ،‬يتلقى رسائل تتعلق بيوان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 71 -‬يسوع يف بيت مرمي اليت حللفا‪ُُِّ .‬ي ُّل السالم مع ابن عمه مسعان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 72 -‬النعمة تعمل دائماً حيث توجد اإلرادة ابالستقامة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 73 -‬يسوع غري ُمَر َّحب به يف الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 6 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 74 -‬يسوع وأمه يف بيت حنة امرأة قوزى)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 75 -‬يسوع يف موسم القطاف يف بيت حنة‪ .‬معجزة الطفل املشلول)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 76 -‬يسوع يف بيت دوراس‪ .‬موت يوان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 77 -‬يسوع يف بيت يعقوب‪ ،‬قرب حبرية مريون)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 78 -‬العودة إىل معرب األردن قرب أرُيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 79 -‬يسوع يف بيت لعازر‪ .‬مرات تتحدث عن اجملدلية)‬ ‫‪‬‬

‫املظال‪ .‬دعوة من يوسف إىل الرامة)‬


‫(مرة أخرى يف بيت لعازر بعد عيد ّ‬
‫اجلزء الثاين ‪ّ 80 -‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 81 -‬يسوع يلتقي مجالئيل يف وليمة يوسف الرامي)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 82 -‬شفاء طفل مشرف على املوت‪ .‬اجلندي اسكندر‪ .‬إنذار إىل يسوع)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 83 -‬يسوع يتحدث إىل نيقودَيوس‪ ،‬أثناء الليل‪ ،‬يف اجلسمانية)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 84 -‬يسوع عند لعازر قبل ذهابه إىل منطقة املياه احللوة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 85 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة بداايت حياة اجلماعة مع التالميذ)‬ ‫‪‬‬

‫إهلك")‬
‫الرب َ‬
‫اجلزء الثاين ‪( 86 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬أان هو ّ‬ ‫‪‬‬

‫لك إله غريي")‬


‫اجلزء الثاين ‪( 87 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال يكن َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 88 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تتلفظ ابمسي ابطالً")‬ ‫‪‬‬

‫أمك")‬
‫أابك و َ‬ ‫اجلزء الثاين ‪( 89 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪ِّ :‬‬
‫"أكرم َ‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 7 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 90 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تَ ِّ‬
‫زن")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 91 -‬املرأة احملجبة يف منطقة املياه احللوة)‬ ‫‪‬‬

‫الرب")‬ ‫ِّ‬
‫اجلزء الثاين ‪( 92 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬قَ ّدس يوم ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 93 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تقتل"‪ .‬موت دوراس)‬ ‫‪‬‬

‫إهلك"‪ .‬تالميذ املعمدان‬


‫الرب َ‬
‫اجلزء الثاين ‪( 94 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال جترب ّ‬ ‫‪‬‬
‫الثالثة)‬

‫يبك")‬ ‫اجلزء الثاين ‪( 95 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال ِّ‬


‫تشته امرأة قر َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 96 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة يشفي الروماين اجملنون‪ .‬يتحدث إىل الرومان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 97 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تشهد ابلزور")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 98 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال ِّ‬


‫تشته مقتىن غريك")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 99 -‬يسوع يف منطقة املياه احللوة خطبة ختامية‪ .‬تعقيب على‪ :‬من األعماق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وارمحين اي هللا)‬

‫اجلزء الثاين ‪( 100 -‬يسوع يغادر منطقة املياه احللوة وَيضي صوب بيت عنيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 101 -‬شفاء ايروشا املصابة ابلسرطان يف ‪)Docco‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 102 -‬يف بيت عنيا‪ ،‬يف بيت مسعان الغيور)‬ ‫‪‬‬

‫الرعاة)‬
‫اجلزء الثاين ‪( 103 -‬عيد األنوار يف بيت لعازر مع ُّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 104 -‬العودة إىل منطقة املياه احللوة)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 8 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪( 105 -‬تلميذ جديد‪ .‬االنطالق إىل اجلليل)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 106 -‬على جبال عماوس)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الثاين ‪( 107 -‬يف منـزل رئيس اجمللس كالواب)‬ ‫‪‬‬

‫‪ ---‬هناية فهرس اجلزء الثاين ‪---‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل بداية الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 9 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫ألمه لدى مغادرته الناصرة)‬


‫‪( -1‬وداع يسوع ّ‬
‫‪1944 / 02 / 09‬‬

‫بَ َدأَت الرؤاي أثناء التناول املق ّدس‪.‬‬

‫كأهنا غرفة املعيشة حيث تتناول العائلة طعامها‬


‫أرى بيت الناصرة من الداخل‪ .‬غرفة‪ ،‬تبدو و ّ‬
‫بكل بساطة طاولة مستطيلة وصندوقاً‬ ‫وتسَتخي يف ساعات االسَتاحة‪ّ .‬إهنا غرفة صغرية ج ّداً‪ ،‬حتوي ّ‬
‫رسي يف أحد أطراف الطاولة‪ .‬وعلى بقيّة اجلدران يوجد نول‬
‫مالصقاً ألحد اجلدران‪ ،‬وهو يستخدم كك ّ‬
‫ورف عليه قناديل زيت وأغراض أخرى‪ ،‬وابب مفتوح على احلديقة‬ ‫كرسي‪ ،‬مث كرسيّان آخران ّ‬ ‫نسيج و ّ‬
‫يبق سوى بقيّة شعاع مشس على رأس شجرة ابسقة‪ ،‬وهي ابلكاد‬ ‫الصغرية‪ .‬حتماً هو املساء‪ ،‬إذ مل َ‬
‫بدأت ابالخضرار مع أوىل وريقاهتا‪.‬‬

‫يؤدي إىل‬
‫جيلس يسوع إىل الطاولة أيكل‪ ،‬ومرمي ختدمه‪ ،‬فتذهب وتعود من ابب صغري أظُنُّه ّ‬
‫حيث ال ُـموقِّد الذي يُرى وميضه من خالل الباب املو َارب‪.‬‬

‫وهتز رأسها وهي‬ ‫مرات أن جتلس وأتكل‪ ،‬ولكنّها أتىب ّ‬ ‫مرتني أو ثالث ّ‬‫يطلب يسوع من مرمي ّ‬
‫حمل احلساء‪ ،‬ومسكاً مقليّاً‪ ،‬مثّ جبناً‬
‫حتل ّ‬ ‫تبتسم ابتسامة حزن‪ .‬مثّ جتلب اخلضار املسلوقة اليت تبدو ّأهنا ّ‬
‫طرّايً بشكل كتلة تذ ّكرين حبجارة السيل املتدحرجة‪ ،‬مثّ بعض الزيتون األسود الصغري‪ .‬على الطاولة خبز‬
‫عادي مسيك قليالً‪ .‬إنّه ابألحرى أسود ألنّه ُيتوي على النخالة‪ .‬أمام يسوع‬ ‫مدور واسع مثل طبق ّ‬ ‫ّ‬
‫حبب متأِّّمل‪.‬‬
‫جرة ماء وكأس‪ .‬وهو أيكل بصمت‪ ،‬بينما ينظر إىل ّأمه ّ‬ ‫ّ‬
‫جلي‪ّ .‬إهنا تذهب وجتيء لتتمالَك نفسها‪ .‬وعلى الرغم من أ ّن نور النهار ما‬
‫مرمي تعاين بشكل ّ‬
‫ض َعته أمام يسوع وهي مت ّد يدها لتداعب رأسه خلسة‪ .‬مثّ تفتح ِّخرجاً‬
‫وو َ‬
‫أشعلَت قنديالً َ‬
‫يزال كافياً فقد َ‬
‫وخت ُرج إىل احلديقة‬
‫بين اللون‪ ،‬تبحث يف داخله‪َ ،‬‬‫يدوايً وهو غري نفوذ‪ّ ،‬‬
‫من الصوف اخلام منسوجاً ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 10 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جمعدة‪ ،‬من املؤّكد أ ّهنا‬ ‫الصغرية ماضية إىل آخرها‪ ،‬تَدخل بيت املؤونة لِّ‬
‫خرج بعدها ومعها ت ّفاحات ّ‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حتتفظ هبا من الصيف‪ ،‬وتضعها يف اخلِّرج‪ ،‬مثّ أتخذ رغيفاً وقطعة جنب وتضيفها رغم أ ّن يسوع ال يريد‬
‫ويقول إ ّن بقيّة األغراض تكفي‪.‬‬

‫تقَتب مرمي جم ّدداً من الطاولة‪ ،‬من اجلانب األكثر ضيقاً على يسار يسوع وتنظر إليه أيكل‪.‬‬
‫تنظر إليه أبسى‪ ،‬هبيام‪ ،‬بوجه أكثر شحوابً من املعتاد‪ ،‬يبدو وكأ ّن املعاانة َج َعلَته يشيخ‪ ،‬بعينني أكثر‬
‫اتّساعاً بسبب هالة ُم َزر َورقة حوهلما‪ ،‬وهي دليل على الدموع املذروفة‪ّ .‬إهنما تبدوان أكثر بريقاً من‬
‫تنه ِّمر‪ .‬عينني متألِّّ َمتَني وتَعِّبَـتَني‪.‬‬
‫متألُها‪ ،‬وهي على وشك أن َ‬
‫املعتاد وقد َغ َسلَ ُتهما الدموع اليت ُ‬

‫واضح أ ّن يسوع أيكل بدون شهيّة‪ ،‬إّّنا فقط لريضي والدته‪ .‬إنّه يف ّكر أكثر من املعتاد‪ ،‬يرفع‬
‫رأسه وينظر إىل مرمي‪ ،‬يقابِّل نظرة مليئة ابلدموع فيخفض رأسه احَتاماً ملشاعرها‪ .‬يكتفي أبخذ يدها‬
‫الناعمة اليت تسندها على حافّة الطاولة‪َ .‬يسك هبا بيده اليسرى وُيملها إىل خ ّده الذي أسندها إليه‬
‫احلب‬ ‫ِّ‬
‫ومرره عليها ليشعر مبالطفة تلك اليد املسكينة اليت ترجتف ‪ ،‬مثّ يـُ َقبّلها من ظهرها بكثري من ّ‬
‫ّ‬
‫واالحَتام‪.‬‬

‫احلرة‪ ،‬اليسرى‪ ،‬إىل فمها‪ ،‬كما لتخنق بكاءها‪ .‬مثّ متسح أبصابعها دمعة‬‫أرى مرمي أتخذ يدها ّ‬
‫جتاوزت الرموش وسالت على خ ّدها‪ .‬يعاود يسوع األكل وخترج مرمي بسرعة إىل احلديقة الصغرية اليت‬
‫ما زال فيها بقيّة من نور‪ ،‬وختتفي‪.‬‬

‫غرق يف أفكاره انسياً األكل‪،‬‬


‫يسند يسوع مرفقه األيسر على الطاولة‪ ،‬ويسند جبهته على يده ويَ َ‬
‫يصيخ السمع ويَ َنهض‪.‬‬

‫يتوجه إىل َيني املنزل ويدخل إىل مغارة‪،‬‬


‫ََي ُرج هو كذلك إىل احلديقة‪ ،‬وبعد أن ينظر حوله ّ‬
‫املرة بشكل مرتّب دون ألواح‪ ،‬دون زوائد خشبيّة‬ ‫ِّ‬
‫فت من داخلها ّأهنا مشغل النّجارة‪ ،‬إّّنا هذه ّ‬
‫تَـ َعَّر ُ‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫كل غرض يف مكانه‪ .‬وهذا ّ‬‫ودون انر مضطرمة‪ .‬توجد طاولة النّجارة والعدد‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 11 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كأهنا طفلة‪ .‬تسند رأسها على ذراعها األيسر املنثين‪ .‬تبكي‬ ‫مرمي منحنية على الطاولة تبكي و ّ‬
‫حّت ّإهنا مل تتنبّه إالّ حينما يضع ابنها يده‬
‫دون صوت ولكن أبمل‪ .‬يدخل يسوع هبدوء ويقَتب خب ّفة‪ّ ،‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫على رأسها وهو يناديها «ماما!» بنغمة فيها َعتَب ُحم ّ‬
‫ضامة يديها على‬ ‫ِّ‬
‫ترفع مرمي رأسها وتنظر إىل يسوع من خالل وشاح من الدموع‪ .‬تستَند إليه ّ‬
‫ذراعه األَين‪َ .‬يسح يسوع وجهها بطرف ُك ّمه العريض‪ ،‬ويش ّدها بذراعيه إىل قلبه طابعاً قبلة على‬
‫جبهتها‪ .‬يسوع وقور‪ ،‬يبدو أكثر رجولة من املعتاد‪ ،‬ومرمي تبدو أكثر شباابً ما عدا وجهها الـمت ِّ‬
‫َّسم‬ ‫ُ‬
‫ابألمل‪.‬‬

‫بقوة‪ ،‬يسري عائداً إىل احلديقة‬


‫يقول هلا يسوع‪« :‬تعايل اي ماما» وهو يش ّدها بذراعه األَين إليه ّ‬
‫حيث َجيلس على مقعد مالصق جلدار املنزل‪.‬‬

‫احلديقة صامتة اآلن وقد أقبَ َل الليل‪ .‬هناك فقط نور قمر مجيل‪ ،‬ووميض منبعث من غرفة‬
‫الطعام‪ .‬الليل ساكن‪ .‬يسوع يتكلّم مع مرمي‪ .‬مل أ ِّ‬
‫ُدرك يف البدء الكلمات اليت كانت ابلكاد مهموسة‬
‫واليت توافق مرمي عليها ابحنناءة من رأسها‪.‬‬

‫مثّ أَمسَع‪« :‬دعي األهل أيتون‪ .‬ال تبقي وحيدة‪ .‬سأكون أكثر اطمئناانً أثناء أتدية رساليت‪ .‬ولن‬
‫ِّ‬
‫وسأخربك حني أكون يف اجلليل وال أستطيع العودة إىل البيت‪،‬‬ ‫إليك‪ .‬سوف آيت غالباً‪،‬‬ ‫يسيء حيب ِّ‬
‫ّ‬
‫فتأتني حينذاك لرؤييت‪ .‬ماما‪ ،‬كان جيب أن حتني هذه الساعة‪ ...‬لقد ب َدأَت هنا عندما ظَهر ِّ‬
‫لك املالك؛‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تدق وجيب أن حنياها‪ ،‬أليس كذلك اي ّأماه؟ وبعدها سيأيت سالم االختبار الذي سنجتازه‬ ‫واآلن هي ّ‬
‫الرب‬
‫ولكن ّ‬
‫عرب هذه الصحراء مثل أجدادان للدخول إىل أرض امليعاد‪ّ .‬‬ ‫والفرح‪ .‬إّّنا ينبغي ّأوالً أن نَ ُ‬
‫روحي لتغذية أرواحنا عندما يشت ّد االختبار‪.‬‬
‫ساع َدهم‪ .‬سـوف َينحنا عونه مثل َم ّن ّ‬ ‫سيساعدان كما َ‬
‫فلنقل معاً ألبينا‪»...‬‬

‫يَ َنهض يسوع ومرمي معه‪ .‬يرفعا نظريهما صوب السماء‪ّ .‬إهنما ذبيحتان حيّتان تتألّقان يف الليل‪.‬‬
‫وشدَّد على اجلملتني‪ِّ « :‬‬
‫ليأت‬ ‫ِّ‬
‫صالً الكلمات‪ ،‬الصالة الرّابنية‪َ َ .‬‬
‫جلي‪ُ ،‬م َف ّ‬
‫يسوع يقول ببطء‪ ،‬إّّنا بصوت ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 12 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫صالً ّإايُها جيّداً أكثر من اجلُ َمل األخرى‪ .‬إنّه يصلّي وذراعاه ممدوداتن‪،‬‬
‫مشيئتك‪ُ ».‬م َف ّ‬
‫َ‬ ‫ملكوتك‪ .‬لتكن‬
‫َ‬
‫الرب معكم»‪ .‬وتُ ِّبقي مرمي‬
‫ليس ابلضبط على شكل صليب‪ ،‬إّّنا مثل الكاهن حينما يقول‪« :‬ليكن ّ‬
‫يديها مضمومتني‪.‬‬

‫جرة على‬ ‫ن‬ ‫مث يعودان إىل البيت‪ ،‬ويسوع الذي مل أَره أبداً يشرب اخلمر‪ ،‬يس ُكب يف كأس‪ِّ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬
‫الرف‪ ،‬قليالً من النبيذ األبيض وُيملها إىل الطاولة‪ .‬أيخذ مرمي من يدها وجيعلها جتلس إىل جانبه‬ ‫ّ‬
‫شرب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫سرة خبز ويُطعمها ّإايها‪ ،‬ومرمي تُذعن نتيجة اإلحلاح‪ .‬ويَ َ‬
‫وتشرب من هذا النبيذ حيث يَغمس ك َ‬
‫يسوع ما تَـبَـ َّقى ِّمن اخلمر‪.‬‬

‫مثّ يش ّد ّأمه إليه‪ ،‬إىل قلبه‪ .‬يسوع ومرمي ليسا متّكئني‪ ،‬بل ُُها جالسان مثلنا للطعام‪ .‬لقد توقّفا‬
‫عن الكالم‪ّ ،‬إهنما ينتَ ِّظران‪ .‬مرمي تالطف يد يسوع اليمىن وركبتيه‪ .‬ويسوع يالطف ذراع مرمي ورأسها‪.‬‬

‫كل حلظة‬
‫مرات كثرية‪ ،‬كثرية‪ .‬يبدوان يف ّ‬ ‫مثّ يَ َنهض يسوع وتَ َنهض مرمي معه‪ .‬يتعانقان ويتالمثان ّ‬
‫لكن مرمي تُ ِّ‬
‫عاود ش ّد ابنها إليها‪ّ .‬إهنا السيّدة العذراء‪ ...‬ولكنّها أ ُّم‪ ،‬وابختصار‬ ‫ّأهنما يريدان االفَتاق‪ ،‬و ّ‬
‫لن‬
‫عرف إىل أين سينتهي به هذا االنفصال‪ .‬فال يقو ّ‬ ‫ض عليها االنفصال عن ابنها‪ ،‬وهي اليت تَ ِّ‬ ‫هي أ ُّم فُ ِّر َ‬
‫كنت أعتَ ِّقد بذلك سابقاً‪ّ ،‬أما اآلن فاعتقادي أكثر رسوخاً‪.‬‬ ‫إيل إ ّن مرمي مل تتأ ّمل‪ .‬لقد ُ‬
‫بعد أحد َّ‬
‫أيخذ يسوع معطفه األزرق القامت‪ ،‬ويتدثّر به على كتفيه‪ ،‬ويغطّي رأسه ابلقبّعة‪ .‬مثّ َُي ِّمل اخلِّرج‬
‫َورَابً على صدره لكيال يضايق مسريه‪ .‬ومرمي تساعده وال تنتهي من ترتيب ثوبه‪ ،‬املعطف والقبّعة‪ ،‬وبني‬
‫احلني واحلني تالطفه أيضاً‪.‬‬

‫العتَـبَة يتالمثان‬
‫يتوجه يسوع صوب الباب بعد أن يقوم إبشارة بـََرَكة للبيت‪ ،‬فتتبعه مرمي‪ ،‬وعند َ‬
‫ّ‬
‫للمرة األخرية‪.‬‬
‫ّ‬
‫مرتني لينظر إىل ّأمه اليت‬ ‫ت‬ ‫الطريق صامتة وموحشة‪ ،‬مضاءة ابلقمر‪ .‬يبدأ يسوع رحلته‪ .‬يلت ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وم ِّشعَّة خلف دموعها الصامتة‪ .‬يبتعد يسوع ابطّراد‬ ‫ِّ‬
‫تظل ُمستَندة إىل الباب‪ ،‬أكثر بياضاً من القمر‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫على الطريق البيضاء‪ ،‬ومرمي ما تزال تبكي ُمستَنِّ َدة إىل الباب‪ .‬مثّ َيتفي يسوع عند املنعطف‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 13 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دخل مرمي وعيناها تدمعان وتُغلِّق‬ ‫لقد بَ َدأَ طريقه َك ِّ‬
‫كارز‪ ،‬الطريق اليت ستنتهي يف اجللجلة‪ .‬تَ ُ‬
‫الباب‪ .‬وهي كذلك قد بَ َدأَت طريقها اليت ستقودها إىل اجللجلة‪...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 14 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫ألهنا كانت الشريكة يف الفداء)‬


‫‪( -2‬لقد بَ َكت ّ‬

‫‪1944 / 02 / 09‬‬

‫كالم يسوع‪:‬‬

‫األول كان يف التقدمة إىل اهليكل؛ الثاين يف اهلرب إىل مصر؛‬


‫«إنّه األمل الرابع ملرمي أ ُّم هللا‪ّ .‬‬
‫والثالث يف وفاة يوسف؛ والرابع يف انفصايل عنها‪.‬‬

‫كنت سأستعجل يف وصف آالمنا لنجعلها معروفة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫قلت لك أمس مساء إنّين ُ‬‫عال َماً رغبة اآلب‪ُ ،‬‬
‫حت اهلرب إىل مصر قبل التقدمة ألنّه‬
‫إّّنا كما تَـَرين فلقد ظَ َهَرت للنور من خالل آالم والديت‪ .‬لقد َشَر ُ‬
‫ِّ‬
‫بصوتك‪.‬‬ ‫أنت وستشرحينه لألب‬‫كان علي فعل ذلك آنذاك‪ .‬أعرف سبب ذلك وتدركينه ِّ‬
‫ّ‬
‫لك بعدها‪ ،‬مع "إمالءات"‬ ‫التك والشروحات اليت أق ّدمها ِّ‬
‫إ ّن يل قصداً معيناً يف تعاقُب أتم ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وروحك ماحناً ّإاي ِّك غبطة الرؤاي‪ ،‬وكذلك أل ّن‪ ،‬هبذه الطريقة‪ ،‬يصبح الفرق‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ألرفعك‬ ‫ابملعىن الصحيح‪،‬‬
‫عين‪ ،‬وبلمسة‬ ‫ِّ‬
‫جليّاً يف األسلوب بني عرضك وعرضي‪ .‬عدا عن ذلك‪ ،‬فبوجود ُكتُب كثرية تتح ّدث ّ‬
‫هنا وتنقيح هناك وتغيري هنا وتنميق هناك‪ ،‬تُصبِّح غري حقيقيّة؛ وأان أر َغب يف أن أَمنَح من يؤمن يب‬
‫رؤاي تعود إىل حقيقة إقاميت على األرض‪ .‬لن أُنتَـ َقص بذلك‪ ،‬إّّنا على العكس‪ ،‬سوف أُصبِّح أعظم‬
‫يف تواضعي الذي‪ ،‬من أجلكم‪ ،‬أصبَ َح ُخبزاً ليعلّمكم أن تكونوا متواضعني وأن تتشبّهوا يب‪ ،‬أان الذي‬
‫لت حتت ثوب اإلنسان كمال هللا‪ .‬فيجب أن أكون مثاالً لكم‪ ،‬وال ُـمثُل العليا‬ ‫ومحَ ُ‬
‫كنت إنساانً مثلكم‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ينبغي هلا أن تكون دائماً كاملة‪.‬‬

‫عادالً للذي يف األانجيل‪ .‬سوف آخذ النقاط اليت أراها أكثر‬ ‫لن أتَّبع يف التأمالت ترتيباً زمنياً م ِّ‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫الصالح‪».‬‬
‫أجلك ومن أجل اآلخرين‪ُ ،‬متَّبعاً ترتييب يف التعليم ويف َّ‬ ‫نفعاً يف يوم حم ّدد من ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 15 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫خاص األهل واألبناء الذين تدعوهم إرادة هللا إلنكار‬ ‫ِّ‬
‫العربة اليت تَربز من انطالقي َهتُُّم بشكل ّ‬
‫يتوجب عليهم إنكار ذات‬ ‫كل الذين ّ‬ ‫َيص ّ‬‫ب‪ .‬وابملرتبة الثانية ّ‬
‫متبادل بقصد أمسى أنواع احلُ ّ‬
‫ذات َ‬
‫ُمض ٍن‪.‬‬

‫صادفون ذلك يف احلياة! ّإهنا أشواك إقامتكم األرضيّة اليت ختَتق القلب‪ :‬أعرف ذلك‪ .‬إّّنا‬ ‫كم تُ ِّ‬
‫قلت‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫ل َمن يتقبّلها إبذعان ‪-‬انتبهي‪ ،‬مل أقل‪" :‬ملن يرغب هبا ويتقبّلها بفرح" فهذا هو الكمال؛ بل ُ‬
‫"إبذعان"‪ -‬فهي تتب ّدل بورود متفتِّّحة لألبد‪ .‬ولكن الذين يتقبَّلوهنا إبذعان قليلون ج ّداً‪ .‬وكاحلمري‬
‫تتمردون وتصطَ ِّدمون إبرادة اآلب‪ ،‬هذا إذا مل تَسعون أيضاً إىل جرحه برفسات ولسعات روحيّة‪،‬‬ ‫احلرونة ّ‬
‫أي بثورتكم وبتجديفكم ض ّد هللا‪.‬‬

‫ال تقولوا‪" :‬أان مل يكن يل سوى هذا اخلري وقد انتَـَز َعه هللا ِّم ّين‪ .‬إّّنا أان مل يكن يل سوى هذه‬
‫العاطفة وقد انتَـَز َعها هللا ِّم ّين"‪ .‬كذلك مرمي املرأة ال ُـم ِّحبَّة والعطوفة بشكل كامل‪ ،‬إذ يف "املمتلئة نعمة"‪،‬‬
‫ب واحد على‬ ‫فحّت األشكال العاطفيّة كلّها واحلسيّة كانت كاملة‪ ،‬مل يكن هلا سوى خري واحد‪ُ ،‬ح ّ‬ ‫ّ‬
‫املودة‪ .‬فأبَواها كاان ُمتَـ َوفَّني منذ زمن‪ ،‬ويوسف منذ أكثر من‬
‫األرض‪ :‬ابنها‪ .‬مل يكن ابقياً هلا سوى هذه ّ‬
‫حتس ّأهنا ليست وحيدة‪ .‬فاألهل كانوا ُمعادين هلا قليالً بسبيب‬ ‫سنة‪ .‬مل يكن هلا غريي ألحبّها وأجعلها ّ‬
‫األم اليت ال تعرف فرض رأيها على ابنها الذي ال يبايل‬ ‫ِّ‬
‫أان‪ ،‬جاهلني طبيعيت اإلهليّة‪ .‬فهي ابلنسبة هلم ّ‬
‫وحّت‬
‫املشَتك‪ ،‬والذي يرفض مشاريع الزواج اليت كانت ستزيد عزوة العائلة وترفع شأهنا ّ‬ ‫ابحلس السليم َ‬ ‫ّ‬
‫مادايً‪.‬‬
‫تساعدها ّ‬
‫احلس السليم‪ ،‬ولكنّه ليس سوى شعور‬ ‫البشري ‪-‬تُ َس ُّمونه ّ‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫احلس العام‪ّ ،‬‬ ‫األهل‪ ،‬صوت ّ‬
‫بشري‪ ،‬يعين أاننيّة‪ -‬كان األهل يريدون تغيرياً عمليّاً يف حيايت‪ .‬ويف األعماق كان اخلوف من املتاعِّب‬ ‫ّ‬
‫كنت أجرؤ على التعبري عن أفكار مثاليّة ج ّداً‪ ،‬حسب‬ ‫اليت سَتهق كاهلهم يوماً بسبيب أان الذي ُ‬
‫اليهودي كان مليئاً ابلعَِّرب حول مصائر األنبياء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تفكريهم‪ ،‬وقد كان ممكناً أن تغيظ ال ُـم َج َّمع‪ .‬والتاريخ‬
‫للنيب واملتاعب ألهله‪ .‬يف األساس كانت‬ ‫النيب مل تكن سهلة‪ ،‬وغالباً ما كانت جتلب املوت ّ‬ ‫فرسالة ّ‬
‫دائماً فكرة وجوب َحتَ ُّملي يوماً مسؤوليّة والديت‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 16 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أي أمر‪ ،‬وأن تكون عاشقة دائمة البنها‪ .‬كان ينبغي‬ ‫يف‬ ‫تعاندين‬ ‫ال‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫على‬ ‫ني‬ ‫مل يكونوا إذن موافِّ ِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫االهتامات‬
‫الكرازة الثالث إىل درجة أن تصل إىل ّ‬ ‫هلذه املقاومة أن تنمو فيما بعد‪ ،‬خالل سنوات ِّ‬
‫العلَنيّة‪ ،‬عندما كانوا أيتون لِّيَ ِّجدوين وسط اجلموع‪ ،‬ويعَتيهم االمحرار من جنوين‪ ،‬حسب رأيهم‪ ،‬يف‬ ‫َ‬
‫االصطدام ابلطبقات ذات النفوذ‪ّ .‬اهتامات يل وهلا‪ّ ،‬أمي املسكينة!‬

‫كانت مرمي تعرف طباع األهل‪ ،‬إذ مل يكن اجلميع مثل يعقوب ويوضاس ومسعان‪ ،‬وال مثل‬
‫التصرفات‪ .‬وكانت تَعلَم ماذا سيكون‬‫لكالواب‪ ،‬وكانت تتوقّع كيف ستصبح هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫والدهتم‪ ،‬مرمي اليت‬
‫مصريها يف غضون هذه السنوات الثالث‪ ،‬وماذا ينتظرها فيما بعد‪ ،‬وتَعلَم كذلك مصريي أان؛ ومع‬
‫تتمرد مثلما تفعلون‪ .‬بل لقد بَ َكت‪ .‬من منكم مل يكن ليبكي على فراق ابن ُيبّه كما‬ ‫ذلك مل تكن ّ‬
‫كنت سأتغيّب خالهلا عن منزهلا الذي بَِّقيَت فيه وحيدة‪،‬‬
‫ابألايم الطويلة اليت ُ‬
‫جملرد التفكري ّ‬
‫كنت أحبّها‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫أمام مستقبل ابن ُمهيّأ لالصطدام بشرور الناس الذين ُُِّي ّسون أبنفسهم مذنبني‪ ،‬وأ ّن ذنوهبم تدفعهم‬
‫حّت إرادة قتله‪.‬‬
‫حملاربة الربيء ّ‬
‫البشري الذي تَـ َقبَّل من هللا حياة جديدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ألهنا كانت الـم ِّ‬
‫شارَكة يف الفداء وأ ُّم اجلنس‬ ‫لقد بَ َكت ّ‬
‫ُ‬
‫كأمهات إكليل‬
‫آالمهن ّ‬
‫ّ‬ ‫من أن جيعلن من‬ ‫األمهات اللوايت ال يعلَ َ‬
‫كل ّ‬ ‫كان ينبغي هلا أن تبكي من أجل ّ‬
‫أزيل‪.‬‬
‫جمد ّ‬
‫األمهات تنتَ ِّزع إرادة فائقة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أيديهن ابناً! َكم من ّ‬‫ّ‬ ‫األمهات يف العامل َيتطف املوت من بني‬ ‫َكم من ّ‬
‫بقائهن‬ ‫أمل‬ ‫يف‬ ‫اهتا‬
‫و‬ ‫أخ‬ ‫كل‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫م‬‫الطبيعة ابناً من جانبهن! فَ ِّمن أجل كل بناهتا كأمهات ملسيحيني‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل أبنائها‪ ،‬املولودين من املرأة‪ ،‬وقد أ ُِّع ّدوا ليُصبِّحوا ُر ُسالً هلل‬
‫وحيدات‪ ،‬بَ َكت مرمي‪ .‬وكذلك من أجل ّ‬
‫وشهداء حلبّه‪ ،‬ابلوفاء لـه أو بوحشيّة الناس‪.‬‬

‫وحّت األخطاء‬
‫بطويل‪َ ،‬يحو نقصهم ّ‬ ‫املدعوين إىل مصري ّ‬
‫يقوي ّ‬ ‫دمي ودموع مرمي ُها املزيج الذي ّ‬
‫املرت َكبَة بسبب ضعفهم‪ ،‬مبنحهم‪ ،‬عدا عن الشهادة‪ ،‬مهما كانت‪ ،‬سالم هللا‪ ،‬وإذا أتلّموا من أجل هللا‪،‬‬
‫فمجد السماء‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 17 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رسلون فيجدونه كالشعلة تدفئهم يف البالد اليت يسودها الثلج‪ .‬جيدونه كالندى يف البالد‬ ‫ّأما ال ُـم َ‬
‫نبقي‪ .‬فهي متتلك إذاّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫اليت تسودها مشس ُحمرقة‪ .‬لقد انبَـثَـ َقت دموع مرمي من حمبّتها وتدفـ َقت من قلب َز ّ‬
‫املتجمع يف كأس زنبقة بعد‬
‫ّ‬ ‫ابحلب وابلنار‪ ،‬وطهارة بتوليّة‪ ،‬رطوبة ُمعطَّرة تشبه املاء‬
‫ّ‬ ‫حمبّة بتوليّة متّحدة‬
‫ليلة غارقة ابلندى‪.‬‬

‫َِّجتدهُ النفوس ال ُـم َكَّرسة يف هذه الصحراء اليت هي احلياة الرهبانيّة الشاملة‪ :‬صحراء‪ ،‬أل ّن ال شيء‬
‫كل عاطفة أخرى تتفتّح فقط حني تُصبِّح حمبّة فائقة الطبيعة‪ :‬لألهل‬‫االحتاد ابهلل‪ ،‬وأ ّن ّ‬‫حي سوى ّ‬ ‫فيها ّ‬
‫واألصدقاء والرؤساء واملرؤوسني‪.‬‬

‫اإلهلي وسط العامل الذي ال يفهمهم وال ُيبّهم‪ ،‬صحراء كذلك‬ ‫ِّ‬
‫ال ُـم َكَّرسون هلل َجيدون هذا املزيج ّ‬
‫ستهزأ هبم بسبب‬
‫وم َ‬ ‫ابلنسبة ألولئك الذين ُييون كما لو كانوا وحيدين بقدر ما هم غري مفهومني ُ‬
‫احلب الذي ُيملونه يل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ب يسوع‪ ،‬وكذلك اللوايت‬
‫جتده "ضحيّايت" احملبوابت‪ ،‬أل ّن مرمي هي األوىل اليت كانت ضحيّة ُح ّ‬
‫ِّ ِّ‬
‫تقوي وتثري احلماس من أجل التضحية الكربى‪.‬‬
‫كأم وكطبيبة‪ ،‬دموعها اليت ّ‬‫تَبِّعنَها‪ّ .‬إهنا َهتب من يدها ّ‬
‫دموع ّأمي املق ّدسة‪.‬‬

‫مرمي تصلّي‪ .‬ال ترفض الصالة أل ّن هللا يبتليها ابألمل‪ .‬احفظوا هذه الذكرى‪ّ ،‬إهنا تصلّي مع يسوع‪.‬‬
‫تصلّي لآلب‪ ،‬أبينا وأبيكم‪.‬‬

‫للمرة األوىل يف حديقة الناصرة‪ ،‬عزاء ملعاانة مرمي‪ ،‬لتقدمي إرادتنا‬


‫يت الصالة الربّية‪" :‬أابان" ّ‬
‫لقد تَـلَ ُ‬
‫لألزيل يف اللحظة اليت كانت تبدأ ألجل إرادته‪ ،‬مرحلة نكران ذات ُمتنامية‪ ،‬بـَلَغَت ذروهتا ابلنسبة يل‬ ‫ّ‬
‫عند نكران حيايت‪ ،‬وابلنسبة ملرمي لدى موت ابنها‪.‬‬

‫مل يكن لدينا شيء يغفره اآلب‪ ،‬وحنن الـذين "بال خطيئة" قد طَلَبنا حينئذ مغفرة اآلب ليغفر‬
‫لنا‪ ،‬وهذه املساحمة مل تكن سوى لتنهيدة ال ترقى إىل جالل رسالتنا‪ .‬لتعليمكم أنّه بقدر كوننا يف حالة‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 18 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ثمرة‪ .‬لتعليمكم احَتام هللا والتواضع‪ .‬فبحضور هللا‬ ‫نعمة مع هللا‪ ،‬بقدر ذلك تكون الرسالة مبارَكة وم ِّ‬
‫ُ َ ُ‬
‫أحست ابلعدميّة وطَلَبَت املغفرة كما طَلَبَت "خبزان كفاف يومنا"‪.‬‬‫حّت كماالتنا كرجل وامرأة ّ‬
‫اآلب‪ّ ،‬‬
‫ماذا كان خبزان؟ آه! مل يكن ذاك الذي تعجنه يدا مرمي الطاهراتن وَيبزه الفرن الصغري الذي‬
‫اليومي كان‬
‫ّ‬ ‫لكن خبزان‬
‫ضروري طاملا حنن على األرض‪ .‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫مت له العيدان واحلطب‪ .‬فهذا أيضاً‬ ‫طاملا َحَز ُ‬
‫كل يوم أل ّن إمتام الرسالة اليت يكلّفنا هبا هللا هو‬
‫مهمة رسالتنا‪ .‬فليهبنا هللا ذلك ّ‬
‫نؤدي يوماً إثر يوم ّ‬‫أن ّ‬
‫كك فيه صالح‬ ‫فرح يومنا‪ ،‬أليس كذلك اي صغرييت احملبوبة؟ أال تقولني كذلك ِّ‬
‫أنت إ ّن اليوم الذي يَت ِّ‬
‫ِّ‬
‫رسالتك يف األمل يبدو فارغاً وكأنّه غري موجود؟‬ ‫الرب دون‬
‫ّ‬
‫مرمي تصلّي مع يسوع‪ .‬إ ّن يسوع هو الذي يـُ َق ِّّومكم اي أبنائي‪ .‬وأان الذي أجعل صلواتكم لآلب‬
‫"كل ما تطلبونه من اآلب ابمسي يعطيكموه"‪ .‬والكنيسة تُـ َق ِّّوم‬
‫قلت ذلك‪ّ :‬‬ ‫مقبولة وذات نفع‪ .‬لقد ُ‬
‫صلواهتا ابلقول‪" :‬بيسوع املسيح ربّنا"‪.‬‬

‫صلّون ّاحتدوا دائماً‪ ،‬دائماً‪ ،‬دائماً يب‪ .‬وأان سوف أصلّي من أجلكم بصوت مرتَِّفع ُجمَلِّّالً‬
‫عندما تُ َ‬
‫خَتقَـتَني وأرفعها لآلب‪،‬‬ ‫يدي ال ُـم ََ‬
‫صوتكم كبشر بصويت كإنسان‪-‬إله‪ .‬سوف أضع صالتكم على َّ‬
‫ومحرة‬‫فتصبح ذبيحة ذات قيمة ال ح ّد هلا‪ .‬وصويت الذائب بصوتكم سريتَِّفع ك ُقبلة بنويّة لآلب‪ُ ،‬‬
‫يف إذا أردمت أن يثبت هللا فيكم ومعكم وبكم‪.‬‬
‫جراحايت ستجعل صالتكم أكثر قيمة‪ .‬اثبتوا ّ‬
‫حبق اإلثنني اللذين‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لقد أهنيت الرواية بقولك‪" :‬وحنن‪ "...‬وقد أردت القول‪" :‬وحنن اجلاحدين ّ‬
‫ُظهر إحدى‬ ‫صعدا اجللجلة ألجلنا"‪ .‬لقد ِّ‬
‫فعلت جيّداً بوضع هذه الكلمات‪ .‬ضعيها يف كل مرة أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫َّدم‪.‬‬
‫التأمل والن َ‬
‫آالمنا‪ .‬ولتكن مثل اجلرس الذي ير ّن ويدعو إىل ّ‬
‫هذا يكفي اآلن‪ .‬اسَتُيي‪ .‬السالم ِّ‬
‫معك‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 19 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -3‬عماد يسوع يف هنر األردن)‬

‫‪1944 / 02 / 03‬‬

‫كالم يسوع‪:‬‬

‫«ما َكتَبتِّ ِّه يف ‪ 30‬كانون الثاين (يناير) َيكنه أن ََينَح الفرصة ألصحاب ّ‬
‫الشك أن يتمادوا بـ ـ‬
‫بت‪" :‬عندما أرى هكذا تتب ّدد قواي‬ ‫عنك‪ .‬لقد َكتَ ِّ‬
‫"لكن" و"إذاً" اليت هلم‪ .‬وأان من سيجيب بدالً ِّ‬
‫َ‬
‫وخاصة القلبيّة"‪ .‬وحتماً سوف يقول "علماء املستحيل"‪" :‬هذا دليل على أ ّن ما ُيدث معها‬ ‫ّ‬ ‫اجلسديّة‬
‫القوة وليس الضعف‪ ".‬فليُـ َف ِّّسروا يل إذاً ملاذا أصحاب االخنطافات‬‫بشري‪ ،‬أل ّن فائق الطبيعة ََينَح دائماً ّ‬
‫ّ‬
‫املادة النامجة عن اجلراح‬ ‫ِّ‬
‫الكبرية‪ ،‬بعد اخنطاف تَـ َع ّدوا خالله القدرات البشريّة بعد اختفاء األمل وثقل ّ‬
‫فإهنم‪ ،‬منذ توقّف‬ ‫حّت بدنيّاً‪ّ ،‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ظهرون رائعني ّ‬ ‫الداخليّة والنزوف اخلطرية‪ ،‬مستمتعني بغبطة جتعلهم يَ َ‬
‫صلَت عنهم‪.‬‬ ‫االخنطاف‪ ،‬يَبقون مغشيّاً عليهم على األرض لدرجة تدعو لالعتقاد أب ّن أرواحهم قد ان َف َ‬
‫وليُـ َف ِّّسروا يل كذلك ملاذا‪ ،‬بعد ساعات من النزاع ال ُـمريع الذي هو صورة عن نزاعايت‪ ،‬مثل نزاع خادميت‬
‫حيب وحبّها أهالً ألن حتيا آالمي‪،‬‬ ‫جيما ونفوس أخرى كثرية َج َعلَها ّ‬
‫ترييزاي‪ ،‬وكما هي نزاعات الق ّديسة ّ‬
‫وهؤالء األشخاص يستعيدون أو كانوا يستعيدون ّقوة وتوازانً بدنيّني ال َيتلكهما أكثر الناس سالمة‪.‬‬

‫الصحة واملرض‪ .‬إنّين أجلَأ إىل خ ّدامي وفقاً ملشيئيت‪ ،‬مثل خيط مجيل‬
‫أان سيّد احلياة واملوت و ّ‬
‫فيك هي إحدى املعجزات يف هذا املضمار‪ .‬ففي احلالة البدنيّة اليت‬ ‫يضحي لعبة بني يدي‪ .‬املعجزة ِّ‬
‫ّ‬
‫كونك تستطيعني الوصول إىل هذه الغبطة دون أن متويت فيها‪،‬‬‫أنت فيها‪ ،‬حالة تدوم بشكل عجائيب‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬
‫حّت من التفكري ابلشكل األكثر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الوهن َينع آخرين ّ‬‫ُمتَ َح ّملة هذه االنتقاالت بينما أنت يف حالة من َ‬
‫إليك يف هذه األوقات كما عادت يف األوقات اليت‬ ‫بدائية‪ .‬املعجزة تكمن يف هذه احليوية اليت تعود ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السماوي‪ .‬املعجزة يف هذه‬ ‫بت فيها إمالءايت أو إمالءات األرواح األخرى اليت حتمل ِّ‬
‫إليك كالمها‬ ‫َكتَ ِّ‬
‫ّ‬
‫لك للكتابة‪.‬‬ ‫االستعادة احلاصلة للقوة‪ ،‬بعد أن استَهلَ َكت الفرحة تلك البقية من احليوية اليت تبقى ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 20 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إليك‪ّ .‬إهنا مثل الدم الذي يعرب ِّمين إىل شر ِّ‬
‫ايينك اخلَِّربَة‪ ،‬مثل موجة‬ ‫ولكن هذه احليوية أان الذي أنقلها ِّ‬
‫َُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جيف من جديد يف انتظار‬ ‫مروايً طاملا املوجة تبلّله‪ ،‬مثّ ّ‬
‫تصب على الشاطئ وترويه‪ ،‬فيبقى الشاطئ ّ‬ ‫ّ‬
‫غك ِّمن دمي ريثما أتيت عمليّة نقل جديدة‪.‬‬ ‫موجة أخرى‪ .‬مثل عملية تفر ِّ‬
‫ّ ّ‬
‫عملني ألنّين أان أريد‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫اع‪،‬‬
‫ز‬ ‫ن‬ ‫حالة‬ ‫يف‬ ‫مسكني‬ ‫كائن‬ ‫ك‬‫لست سوى ال شيء‪ .‬إنّ ِّ‬ ‫لمك‪ِّ ،‬‬ ‫أنت‪ ،‬لِّعِّ ِّ‬‫ِّ‬
‫َ‬
‫لك استحقاقات أخرى‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬ليست ِّ‬ ‫لك إال حبب ِّ‬
‫أنت خملوقة مسكينة ال قيمة ِّ‬ ‫ذلك لغاية يف نفسي‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫وجودك‪ ،‬وحسن التفاين هو‬ ‫ِّ‬ ‫إلهلك‪ .‬هذا هو الذي يـُثَ ِّّمن‬ ‫لغريك سبب حب ِّ‬ ‫حب ورغبة يف أن تكوين ِّ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫كيانك منذ زمن يف املوت‪ .‬وشعورِّك‬ ‫حياتك بينما بشرايً كان املفروض أن يتحلّل ِّ‬
‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫الذي ُيافظ على‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫التأمالت وعن‬ ‫فت عن اصطحابك إىل حقول ّ‬ ‫أبنّك عُدت "شلواً" (حطاماً) كما تقولني‪ ،‬عندما تَـ َوقَّ ُ‬
‫كل ما ُيصل إّّنا ُيصل إبراديت فقط‪ .‬وإذا فَ َّكر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫احلديث معك ‪ ،‬هلو دليل لك ولآلخرين على أ ّن ّ‬
‫شفاءك‪ ،‬و ّأهنا كانت الطريقة املثلى للربهان‬ ‫ِّ‬ ‫كنت سأستطيع‬ ‫احلب ُ‬ ‫أحد بشرّايً أنّين بنفس اإلرادة وبنفس ّ‬
‫ارأتيت وجوب استمرار‬‫ُ‬ ‫ظت دائماً على حياة خ ّدامي طاملا‬ ‫حيب وحسن التَّفايت‪ ،‬أُجيب أنّين حافَ ُ‬ ‫عن ّ‬
‫يف وبواسطة األمل‪ ،‬وأ ّن‪،‬‬‫ط حياة بشريّة سعيدة‪ ،‬أل ّن رساليت إّّنا تتح ّقق ّ‬ ‫رسالتهم‪ ،‬ولكنّين مل أ َُؤِّّمن هلم ق ّ‬
‫من انحية أخرى‪ ،‬ليس خل ّدامي سوى رغبة واحدة مشاهبة لرغبيت‪ :‬التأ ّمل من أجل اخلالص‪ .‬فيجب إذن‬
‫عدم التح ّدث عن "تشتّت القوى"‪ ،‬إّّنا القول‪" :‬بعد أن َيفي صالح يسوع حاليت يف العاهة ملقاصده‬
‫ولفرحي‪ ،‬أعود ملا َينحين صالحه أن أكون‪' :‬املصلوبة حببّه وألجل حبّه'‪".‬‬

‫ابحلب‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫واآلن انطَلقي قُ ُدماً‪ ،‬بطاعة‪ ،‬مفعمة ّ‬

‫يف ذات التاريخ‪1944 / 02 / 03 :‬‬

‫املتفرقة هنا‬
‫أرى سهالً غري مأهول وال نبات فيه‪ .‬ال حقول مزروعة‪ ،‬بل بعض النبااتت القليلة ّ‬
‫أقل َجدابً‪.‬‬
‫جتمعات نباتيّة حيث يف األرض بعض العمق‪ ،‬وهي هنا ّ‬ ‫وهناك على شكل طاقات‪ ،‬مثل ّ‬
‫ابجتاه‬
‫هذه األرض القاحلة وغري املزروعة هي على َييين‪ ،‬بينما الشمال خلفي‪ ،‬فهي ابلنسبة يل متت ّد ّ‬
‫اجلنوب‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 21 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابملقابل‪ ،‬إىل يساري أرى هنراً ض ّفتاه منخفضتان‪ ،‬وهو كذلك جيري من الشمال إىل اجلنوب‪.‬‬
‫ُدرك أ ّن ليس ل َـمسيله ميول شديد‪ ،‬وأ ّن هذا النهر جيري حبسب‬ ‫ومن خالل حركة املياه البطيئة ج ّداً أ ِّ‬
‫اخنفاض السهل‪ .‬فاجملرى هو ابلكاد كاف ليمنَع ركود املياه وتَ َش ُّكل مستنقع‪ .‬املياه غري عميقة‪ :‬إنّه‬
‫موقع يسمح برؤية العمق‪ .‬حسب تقديري فإ ّن عمقه ال يتجاوز املَت أو املَت ونصف املَت على األكثر‪.‬‬
‫أظُ ّن أ ّن عرضه يبلغ حوايل العشرين مَتاً‪ .‬أان ال أملك الدقّة من خالل النَّظَر‪ ،‬فتقديرايت تقريبيّة‪ .‬ومع‬
‫ذلك فاملياه بلون الالزورد املائل قليالً لالخضرار حول الض ّفتني حيث رطوبة األرض ُحت ِّدث شريطاً‬
‫أخضراًكثيفاً َُيَتِّّع العني التعبة من كآبة انتشار احلجارة والرمال املمت ّدة بغري حدود‪.‬‬

‫يفسر يل ما جيب مالحظته ومعرفته‪ ،‬ينبّهين‬


‫الداخلي الذي ح ّدثتُكم عنه‪ ،‬والذي ّ‬‫ّ‬ ‫ذلك الصوت‬
‫ألهنا التسمية الطبيعيّة ملوضع مسيل هنر‪ ،‬إّّنا هنا‪ ،‬فتبدو يل‬
‫إىل أنّين أرى وادي األردن‪ .‬أمسّيه وادايً ّ‬
‫لست أرى أثراً لذلك‪.‬‬
‫فَتض وجود مرتفعات يف اجلوار‪ ،‬وأان ُ‬ ‫هذه التسمية غري دقيقة‪ ،‬أل ّن كلمة وادي تَ َِّ‬
‫ابختصار‪ ،‬أجد نفسي قرب هنر األردن‪ ،‬وهذه املساحة اخلاوية اليت أراها عن َييين هي صحراء يهوذا‪.‬‬

‫إذا كان الكالم عن صحراء صحيحاً يف تعيني هذا املكان غري املأهول والذي ال أثر فيه لعمل‬
‫أقل تناسباً مع الفكرة اليت نُ َك ِّّوهنا عن الصحراء‪ .‬فهنا ال كثبان صحراويّة ملموسة‪ ،‬إّّنا‬
‫إنسان‪ ،‬فهو ّ‬
‫فقط أرض عارية مزروعة حجارة وفضالت‪ ،‬كما هي أراضي الطمي بعد الفيضان‪.‬‬

‫خاصة تتع ّدى بيئة منظر‬


‫يف البعيد‪ ،‬هناك مرتفعات‪ّ .‬أما قرب هنر األردن فسالم عظيم‪ ،‬بيئة ّ‬
‫عادي‪ ،‬شيء يُ َذ ّكِّر مبا َُي ِّامر اإلحساس على ضفاف حبرية ترازَيني ‪ .Trasimène‬إنّه مكان‬‫يفي ّ‬ ‫ر ّ‬
‫لدي إحساس أبنّين أجد‬ ‫ِّ‬
‫مالئكي وأصوات مساويّة‪ .‬ال أجيد التعبري عما أَختَربه‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫ّ‬ ‫يوحي بتحليق‬
‫نفسي يف مكان ُُي ِّادث الروح‪.‬‬

‫أثناء هذه املشاهدات‪ ،‬أرى املشهد املليء ابلناس على طول الض ّفة اليمىن لألردن ‪-‬اليمىن‬
‫عامة الشعب‪ ،‬وآخرون من‬ ‫ابلنسبة يل‪ -‬هناك الكثري من الرجال مبالبس خمتلفة‪ .‬يبدو البعض من ّ‬
‫الفريسيّني بثياهبم املزيّنة ابألهداب‬
‫األغنياء‪ ،‬وهؤالء يوجد منهم عدد ال أبس به‪ ،‬ويبدو البعض من ّ‬
‫والشرائط‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 22 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يف الوسط‪ ،‬رجل يقف على صخرة‪ ،‬وقد عرفتُهُ من النظرة األوىل‪ :‬إنّه املعمدان‪ ،‬هذا على الرغم‬
‫للمرة األوىل‪ .‬إنّه يتح ّدث إىل اجلمع‪ ،‬أؤّكد أ ّن ِّعظتة تنقصها النعومة‪ .‬لقد دعا يسوع‬
‫من أنّين أراه ّ‬
‫الو َّاثب؟ َيكن‬ ‫ع‬‫ندفِّ‬
‫َ‬ ‫ـم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫اخلطيب‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫ق‬‫يعقوب ويوحنّا "ابين الرعد"‪ .‬ولكن ماذا َيكن أن نُطلِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هزة أرضيّة‪ ،‬على ما هو عليه من اجل ّدية‬ ‫القول عن يوحنّا املعمدان أبنّه ضربة صاعقة‪ ،‬سيل جارف‪ّ ،‬‬
‫والصرامة يف حديثه وحركاته‪.‬‬

‫كل ما يُ ِّثقلها وبتقومي‬


‫وُيث السامعني على هتيئة قلوهبم بتخليصها من ّ‬
‫إنّه يتكلّم عن جميء ماسيا ّ‬
‫وقاس‪ .‬فليس للسابق يد يسوع الليّنة ملعاجلة جراحات القلوب‪ .‬إنّه طبيب‬‫أفكارهم‪ .‬ولكنّه كالم عنيف ٍ‬
‫يعريهم وينبش ويش ّذب دون رمحة‪.‬‬
‫ّ‬
‫بينما أان أمسَعهُ ‪-‬ال أنقل كالمه ألنّه كالم اإلجنيليّني ذاته ولكنّه أييت يف حديث دافِّق‪ -‬أرى‬
‫املعشبة والظليلة اليت حتاذي هنر األردن‪ .‬هذا السبيل‬
‫يسوع يتق ّدم على طول درب على امتداد احلافّة ّ‬
‫القروي‪ ،‬درب عرقوب أكثر منه طريق‪ ،‬يبدو أ ّن القوافل واملسافرين قد خطّوه على مدى سنوات وقرون‬ ‫ّ‬
‫ويستمر الدرب على الض ّفة األخرى‬ ‫يقل فيه عمق اجملرى فيسمح ابلعبور‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫بسريهم عليه ليَصلوا إىل موقع ّ‬
‫من النهر ليختفي يف اخضرار اجلانب اآلخر‪.‬‬

‫صل خلف يوحنّا‪ .‬يتق ّدم دون جلبة وهو يستمع‬ ‫يسري يسوع مبفرده‪ ،‬ببطء‪ ،‬وبينما هو يتق ّدم ي ِّ‬
‫َ‬
‫املدوي‪ ،‬صوت واعظ التوبة يف الصحراء‪ ،‬كما لو كان يسوع كذلك واحداً من األشخاص‬ ‫إىل الصوت ّ‬
‫ليعتمدوا ويستع ّدوا ابلتطهري لقدوم ماسيا‪ .‬ال شيء َييّز يسوع عن ابقي‬ ‫الكثريين اآلتني إىل يوحنّا َّ‬
‫عامة الناس‪ ،‬سيّد جبمال مساته‪ ،‬إّّنا ال إشارة إهليّة متيّزه عن اجلمع‪.‬‬ ‫الناس‪ .‬يبدو بلباسه وكأنّه من ّ‬
‫ويتعرف على الفور على منبع‬ ‫ِّ‬
‫خاص‪ .‬يلتَفت ّ‬
‫أحس بفيض روحاينّ ّ‬‫حينئذ يبدو يوحنّا وكأنّه قد َّ‬
‫ويتوجه طلق احمليّا صوب‬ ‫ِّ‬
‫هذا الفيض‪ .‬فيهبط مسرعاً من على الصخرة اليت كان يستخدمها َكم َنرب‪ّ ،‬‬
‫يسوع الذي وقف على بعد أمتار من جمموعة من الناس‪ ،‬ويتّكئ على جذع شجرة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 23 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل منهما َُيعِّن النظر يف اآلخر حلظة‪ ،‬يسوع بنظرته الالزورديّة اللطيفة للغاية‪،‬‬ ‫يسوع ويوحنّا‪ّ ،‬‬
‫شاهد اإلثنان وقد تقاراب‪ ،‬الواحد نقيض اآلخر‪.‬‬ ‫ويوحنّا بعينه القاسية السوداء القامتة واملفعمة بريقاً‪ .‬يُ َ‬
‫بكل ما تب ّقى‪ .‬فيسوع أشقر‪ ،‬ذو شعر‬ ‫كالُها عظيم ‪-‬وهذا هو وجه الشبه الوحيد‪ -‬إّّنا ُها خمتلفان ّ‬
‫ممشط‪ ،‬سحنته بيضاء عاجيّة وعيناه الزورديّتان‪ ،‬وثوبه بسيط إّّنا موقّر‪ .‬بينما يوحنّا كثيف الشعر‬ ‫طويل ّ‬
‫متدرجاً‪ ،‬وحليته سوداء حملوقة بشكل انعم‪ ،‬وهي تغطّي معظم وجهه ولكنّها‬ ‫أسوده‪ ،‬ينسدل على كتفيه ّ‬
‫تقعر خ ّديه بفعل الصوم‪ ،‬وعيناه سوداوان منفعلتان‪ ،‬بشرته برونزيّة بفعل الشمس‬ ‫ال متنع من اكتشاف ّ‬
‫اجلو‪ ،‬يغطّيها شعر كثيف‪ ،‬نصف عار‪ ،‬ثوبه من وبر اإلبل‪ ،‬حمصور عند اخلصر حبزام من‬ ‫وتقلّبات ّ‬
‫جلد‪ ،‬وهو يغطّي جذعه وابلكاد ينزل إىل ما حتت خاصرتيه النحيلتني‪ ،‬اتركاً أضالعه اليمىن مكشوفة‪،‬‬
‫اجلو‪ .‬ولدى مقابلة بعضهما حتسبهما‬ ‫وقد غطّت األضالع قطعة قماش وحيدة لسَت اجللد الذي ّلوحه ّ‬
‫ِّ‬
‫متوحشاً يُقابِّل مالكاً‪.‬‬
‫ّ‬
‫ريب‬ ‫ِّ‬
‫وبعد أن َُيعن يوحنّا نَظََره الثاقب به يهتف‪« :‬هوذا َمحَل هللا‪ .‬كيف ُيصل هذا أن أييت ّ‬
‫إيل؟»‬
‫ّ‬
‫فيجيبه يسوع هبدوء‪« :‬إلمتام شعائر التوبة‪».‬‬

‫إيل؟»‬
‫أنت أتيت ّ‬
‫إليك ألتقدَّس‪ ،‬و َ‬
‫«أبداً اي سيّدي‪ .‬أان من جيب أن آيت َ‬
‫وبينما يضع يسوع يده على رأس يوحنّا املنحين أمامه جييبه‪« :‬دعين اآلن وما أفعل‪ ،‬فهكذا‬
‫السر العظيم‪ ،‬وأن يُعلَن هلم أن األُضحية هي‬ ‫ِّ‬
‫شعائرك الناس إىل ّ‬
‫َ‬ ‫كل ّبر‪ ،‬وأن تقود‬
‫ُُيسن بنا أن نُ ّتم ّ‬
‫اآلن يف هذا العامل‪».‬‬

‫وينزع يسوع معطفه وجلبابه‪ ،‬وحمتفظاً‬ ‫يتأمله يوحنّا بعني لَطََّفت نظرهتا دمعة‪ ،‬ويسبقه إىل الض ّفة‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫ويعمده يوحنّا بسكب ماء النهر على رأسه بواسطة‬ ‫بسروال له قصري‪ ،‬ينزل إىل املاء حيث يوجد يوحنّا‪ّ ،‬‬
‫رعة ُم َفَّر َغة وجمَ َّف َفة‪.‬‬
‫ص َدفة أو نصف قَ َ‬
‫يتدىل من حزامه‪ ،‬يبدو وكأنّه َ‬
‫فنجان ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 24 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل ما يف هذه الكلمة من معىن‪ .‬احلَ َمل ببشرته البيضاء وبساطة مساته‬
‫يسوع هو احلَ َمل‪ّ ،‬‬
‫ونعومة ولطف نظرته‪.‬‬

‫ظهره يوحنّا للجميع وهو‬ ‫صعد يسوع إىل الض ّفة‪ ،‬وبعد أن يرتدي ثيابه َيتلي للصالة‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫بينما يَ َ‬
‫شهد أنّه تَـ َعَّرف عليه إبشارة حم ّددة من روح هللا تشري بشكل ال َُيتَمل اخلطأ أبنّه هو ال ُـم َخلِّّص‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫ذت مبنظر يسوع الذي يصلّي‪ ،‬ومل أعد أرى سوى هذا الوجه الذي بـََرَز على‬ ‫ِّ‬
‫ّأما أان فقد أُخ ُ‬
‫أرض الض ّفة اخلضراء تلك‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 25 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -4‬مل يكن يوحنّا يف حاجة إىل أيّة إشارة)‬

‫‪1944 / 02 / 03‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫«مل يكن يوحنّا يف حاجة إىل إشارة من أجل ذاته‪ .‬فَـ ُروحه السابق تقديسها مذ كان يف أحشاء‬
‫كل الناس لوال خطيئة آدم‪.‬‬
‫والدته كانت متتلك رؤية الذكاء فائق الطبيعة اليت كانت ستكون نصيب ّ‬
‫لو بقي اإلنسان يف حالة النعمة‪ ،‬يف الرباءة والوفاء خلالقه‪ ،‬لكان رأى هللا عرب املظاهر اخلارجيّة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬ومل يكن يغشى على‬ ‫ود ّ‬
‫قيل يف سفر التكوين إ ّن الرب اإلله كان يتكلّم مع اإلنسان الربيء بشكل ّ‬
‫ذاك اإلنسان لدى مساع هذا الصوت‪ ،‬ومل يكن َيطئ يف متييزه‪ .‬هكذا كان مصري اإلنسان‪ :‬رؤية هللا‬
‫وإدراكه مثل االبن حيال أبيه‪ .‬مثّ أتت اخلطيئة‪ ،‬ومل يعد اإلنسان على إثرها جيرؤ على النظر إىل هللا‪،‬‬
‫ومل يعد يستطيع معرفة واكتشاف وإدراك اإلله الذي ابتت معرفته به تتناقص يوماً بعد يوم‪.‬‬

‫ب لِّتُـ َقبِّّل اليت‬ ‫ِّ‬


‫إّّنا يوحنّا‪ ،‬نسييب يوحنّا‪ ،‬فقد تَطَ َّهر من اخلطيئة عندما احنَنَت املمتلئة نعمة حبُ ّ‬
‫كانت يوماً عاقراً وأصبَ َحت َولودة‪ ،‬أليصاابت‪ .‬وقد قفز اجلنني فرحاً يف أحشائها عند مساعه قشور‬
‫اخلطيئة تسقط ِّمن على نفسه كما تسقط القشرة ِّمن على اجلرح لدى شفائه‪ .‬الروح القدس الذي‬
‫املتجسد‪ ،‬هلذا الطفل‬ ‫ِّ‬ ‫احلي للمجد‬ ‫الكأس‬ ‫مرمي‪،‬‬ ‫رب‬‫ع‬ ‫اجملد‬ ‫صنع‬ ‫أ‬ ‫بد‬ ‫قد‬ ‫ص‪،‬‬ ‫جعل من مرمي أُم الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َُ‬ ‫ََ َ‬
‫الذي سيولَد وهو مع ّد لريتبط يب‪ ،‬ليس فقط ابلدم بقدر ما يرتبط ابلرسالة اليت جتعل ِّمنّا مثل َّ‬
‫الش َفتَني‬
‫الكرازة ويف مصريه كشهيد‪ ،‬وأان‬ ‫الش َفتَني وأان الكلمة‪ .‬هو السابق يف ِّ‬‫يف تشكيل الكلمة‪ .‬فيوحنّا كان َّ‬
‫اإلهلي للكرازة اليت افتَـتَ َحها يوحنّا‪ ،‬واستشهاده يف سبيل الدفاع عن شريعة هللا‪.‬‬ ‫الذي أعطي كمايل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 26 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مل يكن يوحنّا يف حاجة إىل إشارة‪ ،‬إّّنا بسبب غالظة أرواح اآلخرين كان ال ب ّد من إشارة‪.‬‬
‫دحض‪ ،‬كانت عيون الناس البطيئة يف الرؤية‬‫فعالم ارتَ َكَز يوحنّا يف أتكيده إن مل يكن على دليل ال يُ َ‬
‫أدرَكته‪.‬‬
‫وآذاهنم ال َكسولة قد َ‬
‫ارأتَت أن تكون هذه اللحظة‬
‫الرب قد َ‬‫وأان كذلك مل أكن يف حاجة إىل العماد‪ .‬إّّنا حكمة ّ‬
‫وهذه الطريقة ُها املفروضتان للّقاء‪ ،‬وذلك إبخراج يوحنّا من كهفه يف الصحراء وإخراجي من بييت‪،‬‬
‫وقد َمجَ َعتنا يف هذه اللحظة لتنفتح السماء فوقي وينزل منها روحه ذاته‪ ،‬محامة إهليّة على الذي سيكون‬
‫املالئكي لفكرة أيب هذه‪:‬‬ ‫اجلهوري‬ ‫اإلعالن‬ ‫السماء‬ ‫من‬ ‫وأييت‬ ‫امة‪،‬‬ ‫م‬ ‫احل‬ ‫هبذه‬ ‫الناس‬ ‫د‬ ‫عليه أن يـع ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫شك يف معرفة ما إذا كان‬
‫رت"‪ .‬هذا لكي ال يبقى للناس عذر أو ّ‬ ‫"هوذا ابين احلبيب الذي به ُس ِّر ُ‬
‫ينبغي هلم أن يتبعوين أم ال‪.‬‬

‫جتلّيات املسيح كانت كثرية‪ّ .‬أوهلا بعد الوالدة حيث كان للمجوس؛ والثاين يف اهليكل؛ والثالث‬
‫على ضفاف األردن‪ .‬مثّ أتت التجلّيات األخرى اليت ال حتصى واليت سوف أ َُع ِّر ِّ‬
‫فك عليها‪ ،‬أل ّن معجزايت‬ ‫ّ‬
‫حّت األخرية منها‪ ،‬قياميت‪ ،‬وصعودي إىل السماء‪ .‬لقد امتأل وطين‬ ‫كانت جتلّيات لطبيعيت اإلهليّة‪ّ ،‬‬
‫كل موضع يف‬ ‫كل طبقة و ّ‬ ‫صلَت إىل ّ‬ ‫بتجلّيايت‪ ،‬مثل البذور املرميّة يف اجلهات األصليّة األربع‪ ،‬وقد َو َ‬
‫احلياة‪ :‬للرعاة ولذوي النفوذ‪ ،‬للعلماء والكفرة واخلطأة‪ ،‬للكهنة واملتسلّطني‪ ،‬لألطفال واجلنود‪ ،‬ولليهود‬
‫والوثنيّني‪.‬‬

‫تتكرر‪ ،‬ولكن مبا أ ّن العامل يرفضها‪ ،‬أو ابألحرى ال يتقبّل املعجزات احلاليّة‬
‫واآلن أيضاً هي ّ‬
‫أكرر ذايت ألخلّصكم وألقودكم إىل اإلَيان يب‪.‬‬
‫وينسى القدَية‪ .‬إذاً فأان ال أصرف النظر‪ .‬أان ّ‬
‫ِّ‬
‫أجعلك تَـَرين اإلجنيل؟ إ ّهنا حماولة قويّة‬ ‫أتعرفني اي ماراي ماذا تفعلني؟ ابألحرى ماذا أفعل عندما‬
‫احلارة‪ .‬لن أكتفي بعد ابلكلمة‪ ،‬فهي تتعب وتبعدهم‪.‬‬ ‫رغبتِّها ِّ‬
‫أنت بصلو ِّ‬
‫اتك‬ ‫جللب الناس إيل‪ .‬لقد ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهذه خطيئة‪ ،‬ولكنّها هكذا‪ .‬فأعمد إىل الرؤاي‪ ،‬إىل رؤاي إجنيلي وأشرحه ألجعله أكثر وضوحاً وأكثر‬
‫جاذبيّة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 27 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك أعطي عزاء الرؤاي‪ .‬وأعطي اجلميع الوسيلة لريغبوا يب ويعرفوين‪ .‬وإذا مل تفد أيضاً وكانوا‬‫ِّ‬
‫لك ويذهب سخطي إليهم‪ .‬وسوف‬ ‫كاألطفال الشرسني يرمون العطية دون إدراك قيمتها‪ ،‬فتبقى اهلبة ِّ‬
‫ّ‬
‫مرة أخرى توجيه املالمة القدَية‪" :‬عزفنا على الناي فلم ترقصوا ولطمنا ابلنواح فلم‬ ‫يكون إبمكاين ّ‬
‫تبكوا"‪.‬‬

‫املتأجج‪ ،‬ولنلتفت إىل النعاج‬


‫إّّنا ال يه ّم‪ .‬فلندع رافضي اهلداية يك ّدسون على رؤوسهم الفحم ّ‬
‫إيل‪».‬‬ ‫تقودهم‬ ‫اليت‬ ‫اعي‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫فعصا‬ ‫اليت تبحث عن معرفة الراعي‪ ،‬والراعي هو أان‪ ،‬أما ِّ‬
‫أنت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مين وأنتم رغبتم‬
‫أسرعت يف وضع هذه التفاصيل اليت لضآلتها قد أفلَتَت ّ‬
‫ُ‬ ‫كما تَـَرون‪ ،‬فلقد‬
‫ابحلصول عليها‪.‬‬

‫الحظت مجلة من يسوع َيكن اعتبارها كقاعدة يل كي أتبعها‬ ‫ُ‬ ‫الكراس‪،‬‬


‫كنت أقرأ ّ‬ ‫مثّ اليوم وبينما ُ‬
‫يف وصف ما أراه‪ .‬فهذا الصباح كنتم تقولون إنّكم ال تستطيعون فهم الوصف املكتوب وجعله معروفاً‬
‫بسبب األسلوب املتَّبع ِّمن قِّبَلي‪ ،‬إّنا ابلنسبة يل‪ ،‬أان اليت أرتَعِّب من إقحام أسلويب الشخصي يف‬
‫كنت سعيدة لذلك‪َّ .‬إّنا ذلك يتعارض مع قول املعلّم يف آخر‬ ‫الوصف‪ ،‬وأان اليت أنفر من الشهرة‪ ،‬فقد ُ‬
‫إيل‬
‫كنت أكثر حرصاً ودقّة (يف وصف ما أرى) كلّما كان عدد الذين أيتون َّ‬ ‫إمالء من الكراس؟ «كلّما ِّ‬
‫ّ‬
‫أكرب‪ ».‬هذا يعين أنّه ينبغي أن يكون الوصف معروفاً‪ .‬وإال فكيف يكون أن يذهب عدد من النفوس‬
‫وحّت بشرّايً‪ ،‬أان مع‬
‫إىل يسوع بفضله؟ أعرض لكم هذه النقطة مثّ افعلوا أنتم ما يبدو لكم األفضل‪ّ .‬‬
‫حّت يف إمالء اليوم‬
‫وحّت أنسنة "البوق" جيب أن ختتفي‪ّ .‬‬ ‫بشري‪ّ ،‬‬
‫رأيكم‪ .‬إّّنا لسنا هنا بصدد ما هو ّ‬
‫إيل‪ .‬مل أعد أكتفي‬ ‫الناس‬ ‫ألجلب‬ ‫ة‬ ‫قوي‬ ‫لة‬‫و‬‫مبحا‬ ‫أقوم‬ ‫اإلجنيل‬ ‫ين‬‫ر‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫ك‬‫قال يسوع‪ ...« :‬جبعلي إاي ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫إين أجلأ إىل الرؤاي وأشرحها ألجعلها أكثر وضوحاً وأكثر جاذبيّة‪ ».‬فإذاً؟‬ ‫ابلكلمة‪ّ ...‬‬
‫فإذاً‪ ،‬ومبا أنّين ال شيء ومسكينة‪ ،‬وأنّين بذايت أنكفئ مباشرة على ذايت‪ ،‬أقول إ ّن مالحظتكم‬
‫فكرت يف عدم‬
‫ُ‬ ‫كنت مضطَ ِّربة لدرجة أنّين‬
‫يف اضطراابً‪ ،‬وقد استمتَ َع احلاسد بذلك‪ ،‬فلقد ُ‬‫أاثرت َّ‬
‫قد َ‬
‫كتابة ما أرى‪ ،‬إّّنا فقط اإلمالءات‪ .‬فيهمس يف أعماقي‪«:‬أال ترين ذلك؟ رؤ ِّاك العظيمة ال تنفع لشيء‬
‫نك ال ُـمضطَ ِّرب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لتظهرك كاجملنونة كما هو حالك يف احلقيقة‪ .‬ماذا تَـرين؟ أطياف ذه ِّ‬ ‫اللهم ّإال‬
‫َ‬ ‫البتّة! ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 28 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حتماً جيب وجود شيء آخر متاماً الستحقاق رؤية السماء!» وجيعلين طوال النهار حتت مرمى جتربته‬
‫جيرين‬
‫ط مبعاانة أملي البدينّ الكبري كما مبعاانيت من ذلك‪ .‬إنّه يريد أن ّ‬
‫الالذع‪ .‬أؤّكد لكم أبنّين مل أشعر ق ّ‬
‫إىل اليأس‪ُ .‬مجعيت هي اليوم‪ .‬يوم مجعة للتجارب الروحيّة‪ ،‬فأف ّكر بيسوع يف الصحراء‪ ،‬أف ّكر بيسوع يف‬
‫اجلسمانيّة‪.‬‬

‫مين؛ ويف صراعي ض ّده‬‫أقر هبزَييت لكي ال أجعل هذا الشيطان املخادع يضحك ّ‬ ‫ّإال أنّين ال ّ‬
‫الروحي‪ ،‬أكتب لكم فرحي اليوم مؤّكدة لكم يف ذات الوقت أ ّن يف حسايب‬
‫ّ‬ ‫وض ّد ما يف داخلي من غري‬
‫أن أكون ج ّداً مسرورة لو َرفَ َع عين يسوع عطيّة الرؤاي هذه اليت هي فرحي األعظم‪ ،‬شريطة أن ُيتفظ‬
‫حببّه يل ورأفته يب‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 29 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫الربية)‬
‫جيرب يسوع يف ّ‬
‫‪( -5‬الشيطان ّ‬
‫‪1944 / 02 / 24‬‬

‫كنت قد رأيتُه على يساري يف رؤاي عماد يسوع يف‬ ‫ِّ‬


‫أرى املكان املوحش كثري احلجارة الذي ُ‬
‫لت أكثر‪ ،‬إذ ابلفعل مل أعد أرى النهر اجلميل ذا املياه‬
‫األردن‪ .‬يف هذه األثناء جيب أن أكون قد تو ّغ ُ‬
‫املائي‪.‬‬
‫البطيئة والالزورديّة‪ ،‬وال الوريد األخضر الذي ُي ّده على ض ّفتيه والذي يتغ ّذى من هذا الشراين ّ‬
‫كل حني‬ ‫مصفر ُيمله اهلواء يف ّ‬
‫حتولَت إىل غبار ّ‬ ‫هنا‪ ،‬ال شيء سوى الوحشة‪ ،‬حجارة وأرض حمروقة َّ‬
‫وم ِّنهكة هي‬‫على شكل زوابع صغرية‪ .‬حتسبها األنفاس اخلارجة من فم حمموم لش ّدة جفافها وحرقتها‪ُ ،‬‬
‫كذلك بفعل الغبار الذي حتمله معها إىل األنف والبلعوم‪ .‬بعض األعشاب الشائكة القليلة ج ّداً تنتشر‬
‫كأهنا ابقات اندرة‬
‫لست أدري كيف تستطيع الصمود يف تلك الظروف القاسية‪ .‬تبدو و ّ‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬و ُ‬
‫من الشَّعر على رأس أصلع‪ .‬ففي األعلى مساء زرقاء قاسية‪ ،‬ويف األسفل أرض قاحلة حتيط هبا صخور‪،‬‬
‫كل ما أرى كطبيعة‪.‬‬
‫وَييّم عليها الصمت‪ .‬هذا هو ّ‬
‫صخرة كبرية تُ َش ِّّكل ما يشبه املغارة‪ ،‬جيلس يسوع داخلها على صخرة ُجّرت إليها مسنداً ظهره‬
‫إىل حافتها‪ .‬إنّه ُيتمي فيها من الشمس احملرقة‪ .‬والصوت الذي ينبّهين داخليّاً أنبأين أنّه يستخدم تلك‬
‫الصخرة اليت جيلس عليها َمرَكعاً أثناء الصالة ووسادة يف فَتات راحته‪ ،‬متدثّراً معطفه‪ ،‬حتت ألق النجوم‬
‫أيت إىل جانبه اخلِّرج الذي رأيتُه أيخذه لدى انطالقه من الناصرة‪ .‬وهذا‬ ‫ويف رايح الليل الباردة‪ .‬فعالً‪ ،‬ر ُ‬
‫ض َعته مرمي بداخله‪.‬‬
‫غ من القليل من الطعام الذي َو َ‬ ‫هو كل ما َيلك‪ ،‬ومبا أنّه مته ِّّدل‪ ،‬أ ِّ‬
‫ُدرك أنّه قد فَـَر َ‬ ‫ّ‬
‫ضاماً‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ماداً ساعديه إىل األمام‪ّ ،‬‬
‫يسوع حنيل ج ّداً وشاحب‪ .‬إنّه جيلس ُمسن َداً مرفَـ َقيه على ركبتيه ّ‬
‫وجيول به حوله ويتطلّع إىل الشمس اليت‬
‫يتأمل‪ .‬من حني إىل آخر يرفع نظره َ‬ ‫يديه‪ ،‬شابكاً أصابعه‪ .‬إنّه ّ‬
‫خاصة بعد النظر حوله ورفع عينيه‬
‫تكاد تكون يف أوجها يف السماء الالزورديّة‪ .‬وبني الفينة والفينة‪ّ ،‬‬
‫ُصيب بدوار‪.‬‬
‫صوب نور الشمس‪ ،‬يغمض عينيه ويتّكئ على الصخرة اليت يتّخذها ملجأ وكأنّه أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 30 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظهر ابلشكل الذي نعرضه فيه بقرنني وذَنَب اخل‪...‬‬ ‫ظهر‪ .‬فهو ال يَ َ‬ ‫أرى فم الشيطان الفظيع يَ َ‬
‫تتدىل‬
‫املهرج‪ .‬على رأسه عمامة ّ‬ ‫بدوي يتدثّر ثوبه ومعطفه الذي يشبه معطف ّ‬ ‫اخل‪ ...‬بل إنّه اآلن مثل ّ‬
‫أهداهبا على كتفيه لتحميهما‪ ،‬وكذلك على طريف وجهه‪ ،‬حبيث مل يعد يُرى منه سوى مثلّث ضيّق‪ ،‬إنّه‬
‫مغناطيسي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ومعوجتني‪ ،‬وعينني سوداوين غائرتني‪ ،‬ينطلق منهما وميض‬ ‫ّ‬ ‫أمسر داكن ذو شفتني انعمتني‬
‫وحدقتني ختَتقان أعماق القلب وال يُقرأ فيهما سوى عبارة واحدة‪ :‬غموض‪ .‬بعكس عني يسوع اليت‬
‫حمل يف قلبه لغري الصالح‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫فيها‬ ‫أ‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫القلب‬ ‫ج‬‫تفتنك كذلك بدفقها املغناطيسي الذي يلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قك‪.‬‬
‫َيَتقك وُير َ‬
‫َ‬ ‫لك‪ .‬عني يسوع تَـ َوّدد للنفس بينما عني الشيطان خنجر مزدوج‬ ‫احلب َ‬
‫و ّ‬
‫وحدك؟»‬
‫أأنت َ‬
‫يدنو من يسوع‪َ « :‬‬
‫ينظر إليه يسوع وال جييبه‪.‬‬

‫أنت اتئه؟»‬
‫وصلت إىل هنا؟ هل َ‬
‫َ‬ ‫«كيف‬

‫ينظر إليه يسوع اثنية ويبقى صامتاً‪.‬‬

‫ك‪ .‬إّّنا مل يبق‪ .‬فلقد نفق حصاين‪ ،‬وأان اآلن أمضي‬


‫لكنت أعطيتُ َ‬
‫«لو كان معي ماء يف قربيت ُ‬
‫سرياً على األقدام إىل املعرب‪ .‬هناك سوف أشرب وأجد من يعطيين خبزاً‪ .‬أان أعرف الطريق‪ ،‬تعال معي‬
‫ك‪».‬‬ ‫وسوف أدلّ َ‬
‫مل يرفع يسوع نظره‪.‬‬

‫هتب‬
‫هتب اآلن‪ ،‬وسوف ّ‬
‫بقيت هنا فسوف متوت؟ الرايح ّ‬
‫ك لو َ‬
‫«أال جتيب؟ هل تعلم أنّ َ‬
‫العاصفة‪ .‬هيّا‪».‬‬

‫يش ّد يسوع يديه يف صالة صامتة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 31 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اقبك‪ .‬منذ أن‬ ‫عنك! واآلن صار يل م ّدة وأان أر َ‬ ‫أنت؟ منذ زمن وأان أحبث َ‬ ‫«آه! هو إذن َ‬
‫أنت على األرض وبني البشر‪ .‬وعند البشر أان‬ ‫األزيل؟ إنّه بعيد ج ّداً‪ .‬اآلن َ‬‫أأنت تستدعي ّ‬ ‫اعتمدت‪َ .‬‬
‫َ‬
‫بنفسك من‬
‫َ‬ ‫لتضحي‬
‫ّ‬ ‫أتيت‬
‫ك طيب وقد َ‬ ‫مساعدتك ألنّ َ‬
‫َ‬ ‫فأنت تثري َش َف َقيت‪ ،‬أريد‬
‫امللك‪ .‬ومع ذلك َ‬
‫ِّ‬
‫يستوعبون سوى الذهب والطعام واملتعة‪ّ ،‬أما‬ ‫لصالحك‪ ،‬فَـ ُهم ال‬
‫َ‬ ‫سيخونك البشر‬
‫َ‬ ‫أجل ال شيء‪.‬‬
‫تضحية‪ ،‬أمل‪ ،‬طاعة‪ ،‬فهذه ليست سوى كلمات ميتة ابلنسبة هلم‪ ،‬ميتة أكثر من هذه األرض وما ُييط‬
‫لتلسعك وكذلك ابن آوى‬‫َ‬ ‫هبا‪ .‬إ ّهنم أكثر جدابً من هذا الغبار‪ .‬وهنا ال مكان سوى لألفعى ختتبئ‬
‫منك‪».‬‬
‫قك إرابً‪ .‬هيا تعال‪ّ .‬إهنم ال يستح ّقون أن تتأ ّمل من أجلهم‪ .‬أان أعرفهم أكثر َ‬‫ليمز َ‬
‫ّ‬
‫يظل يسوع‬
‫وجيلس الشيطان قبالة يسوع ينظر إليه نظرات رهيبة ويضحك بفمه‪ ،‬فم احليّة‪ّ .‬‬
‫صامتاً ويصلي ذهنياً‪.‬‬

‫ألساعدك على بلوغ‬


‫َ‬ ‫لك‬
‫ك خمطئ‪ .‬أان حكمة األرض‪َ .‬يكنين أن أكون معلّماً َ‬ ‫يف‪ .‬إنّ َ‬
‫«تراتب َّ‬
‫وجودك على العامل‪ ،‬وعندما أتخذ مبجامع قلوهبم‪،‬‬
‫َ‬ ‫املهم هو الغَلَبَة‪ .‬مثّ عندما تفرض‬
‫النصر‪ .‬انظر‪ّ :‬‬
‫عندئذ تتم ّكن من قيادته حيث تشاء‪ .‬إّّنا يف البدء جيب أن تكون كما يروق هلم أن تكون‪ ،‬مثلهم‪،‬‬
‫أن تسحرهم جبعلهم يعتقدون أنّنا معجبون هبم وأنّنا نتماشى مع أفكارهم‪.‬‬

‫أخطأت عندما َجَررُهتا إىل العصيان‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ك شاب ووسيم‪ .‬ابدأ ابملرأة‪ .‬فعلينا أن نبدأ هبا دائماً‪ .‬لقد‬ ‫إنّ َ‬
‫كنت سأتغلّب على هللا‪ .‬لقد‬ ‫كنت سأجعل منها أداة ممتازة و ُ‬ ‫علي أن أنصحها بطريقة أخرى‪ُ .‬‬ ‫كان ّ‬
‫مالئكي‪ ،‬وما يزال يف داخلي‬ ‫ح‬‫بفر‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫يوم‬ ‫إليك‬ ‫نظرت‬ ‫ين‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫مك‬ ‫كنت متسرعاً ج ّداً‪ .‬إّّنا أنت! فَأُعلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ّ‬
‫أنت ستنجح‬ ‫لنفسك رفيقة‪ .‬وحيث ال تنجح َ‬ ‫َ‬ ‫احلب‪ .‬إّّنا امسعين واستفد من جتربيت‪ّ .‬اختذ‬ ‫بقيّة من هذا ّ‬
‫اؤك‪.‬‬
‫حو َ‬
‫لك ّ‬ ‫أنت آدم اجلديد‪ :‬جيب أن تكون َ‬ ‫هي‪َ .‬‬
‫اس إذا مل تكن تعرف ماهيّتها؟ أال تعرف أ ّن املرأة‬
‫مثّ كيف تستطيع إدراك وشفاء أمراض احلو ّ‬
‫هي النواة اليت تُولَد منها نبتة العاطفة والكربايء؟ ملاذا يريد الرجل أن يسيطر؟ ملاذا يريد أن يكون غنيّاً‬
‫كالقربة‪ّ .‬إهنا يف حاجة إىل الربيق كي جيذهبا‪ .‬الذهب والسلطان ُها‬
‫حّت َيتلك املرأة‪ّ .‬إهنا ّ‬ ‫وذا نفوذ؟ ّ‬
‫وجها املرآة اليت جتذب النساء وسبب شرور العامل‪ .‬انظر‪ :‬خلف ألف جرَية مبظاهر خمتلفة هناك‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 32 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تتأجج يف رغبة مل‬
‫األقل جتد جذورها يف اجلوع إىل متلّك املرأة أو يف إرادة امرأة ّ‬
‫تسعمائة منها على ّ‬
‫يُشبِّعها الرجل بعد‪ ،‬أو لن يشبعها أبداً‪ .‬اذهب إىل املرأة إذا َ‬
‫أردت معرفة ماهيّة احلياة‪ ،‬وبعدها فقط‬
‫تتم ّكن من معاجلة وشفاء أوجاع اإلنسانيّة‪.‬‬

‫القوة‪ .‬إّّنا املرأة!‬


‫تدري‪ ،‬مجيلة هي املرأة! وليس يف العامل ما هو أمجل منها‪ .‬الرجل َيتلك الفكر و ّ‬
‫سكر وضعفها مثل شلّة حرير أو تقصيبات طفل‬ ‫ففكرها عطر‪ ،‬وملسها مداعبة زهور‪ ،‬كياستها مخر ي ِّ‬
‫ُ‬
‫بقوتنا وتلهبها‪ ،‬فيختفي األمل والتعب واهلموم عندما يضع‬‫جمعدة بني يدي الرجل‪ .‬مداعبتها ّقوة تتّحد ّ‬ ‫ّ‬
‫الرجل نفسه إىل جوار املرأة‪ّ .‬إهنا بني أيدينا مثل طاقة زهر‪.‬‬

‫تك‪ .‬هلذا السبب‬‫ثك عن النساء‪ .‬لقد خارت ّقو َ‬ ‫أنت جائع وأان أح ّد َ‬
‫غيب! َ‬‫ولكن‪ ،‬اي يل من ّ‬
‫احلب وحتييه غري ذات قيمة‪ .‬إّّنا انظر إىل هذه‬
‫لك عطر األرض وزهرة اخللق والثمرة اليت متنح ّ‬ ‫تبدو َ‬
‫ومذهبة حتت أشعة الشمس املائلة إىل الغروب‪ .‬أال حتسبها خبزاً؟‬‫مدورة ومصقولة ّ‬‫احلجارة‪ ،‬كم هي ّ‬
‫حّت تصبح خبزاً رائحته منعشة‪ ،‬مثل ذاك‬ ‫بك ّإال إىل القول‪" :‬أريد ذلك"‪ّ ،‬‬‫أنت ابن هللا‪ ،‬وال حاجة َ‬
‫َ‬
‫الذي ُخت ِّرجه رّابت البيوت من التنّور يف مثل هذا الوقت من أجل الوجبة العائليّة‪ .‬وهذه األسناط‬
‫أردت أفال َيكن أن تغطيها مثار لذيذة‪ ،‬بلح حلو مثل العسل؟ اشبع اي‬ ‫(األكاسيا) اجملدبة ج ّداً‪ ،‬لو َ‬
‫جوعك‪.‬‬
‫َ‬ ‫قدميك وتُشبِّع‬
‫َ‬ ‫فأنت سيّد األرض‪ّ ،‬إهنا تنحين لتضع نفسها عند‬
‫ابن هللا‪َ .‬‬
‫ضعفت إىل‬
‫َ‬ ‫جملرد مساع الكالم عن اخلبز‪ .‬اي يسوع املسكني! هل‬
‫أنت شاحب‪ ،‬وتَتنّح ّ‬ ‫انظر كم َ‬
‫لست يف‬
‫أجلك؟ أان ُ‬‫َ‬ ‫أصبحت عاجزاً عن اجَتاح املعجزة؟ هل تريدين أن أفعلها من‬ ‫َ‬ ‫ك‬
‫درجة أنّ َ‬
‫مستو َاك‪ّ ،‬إال أنّين أستطيع فعل شيء‪ .‬سوف أحجب ّقويت ملدة عام‪ ،‬وأمجعها كلّها‪ ،‬وأان راغب يف أن‬
‫عليك هذا‬
‫كنت اآلن غري أهل ألن أطلق َ‬ ‫حّت ولو ُ‬ ‫ك إهلي ّ‬
‫ك صاحل وأتذ ّكر دائماً أنّ َ‬‫أخدمك ألنّ َ‬
‫َ‬
‫بصالتك ألمت ّكن من‪»...‬‬
‫َ‬ ‫االسم‪ .‬فساعدين‬

‫بكل كلمة خترج من فم هللا"‪».‬‬


‫«اصمت‪" .‬فليس ابخلبز وحده ُيىي اإلنسان بل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 33 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويكف عن‬
‫ّ‬ ‫يقفز الشيطان مغتاظاً‪ .‬يصرف أسنانه ويش ّد قبضتيه‪ ،‬لكنّه يعود ليتمالك نفسه‬
‫صريف أسنانه ليشرع يف ابتسامة‪.‬‬

‫استحققت‬
‫ُ‬ ‫أخدمك أان‪ .‬لقد‬
‫َ‬ ‫وتشمئز من أن‬
‫ّ‬ ‫ك أمسى من االحتياجات األرضيّة‬ ‫َفهم ذلك‪ .‬إنّ َ‬
‫«أ َ‬
‫هلم وانظر إذاً ماذا ُيدث يف بيت هللا‪ .‬انظر كيف الكهنة أيضاً ال يك ّفون عن التوفيق‬ ‫أان ذلك‪ .‬إّّنا ّ‬
‫آخذك‬
‫َ‬ ‫أنت معجزة روحيّة‪ .‬سوف‬ ‫بني الروح واجلسد‪ ،‬أل ّهنم يف النهاية بشر وليسوا مالئكة‪ .‬فاجَتح َ‬
‫واند بعد ذلك طغمات املالئكة وقل هلا أن جتعل‬ ‫إىل شرفة اهليكل يف األعلى‪ ،‬فتتجلّى جبمال رائع‪ِّ .‬‬
‫لريوك ويتذ ّكروا أ ّن هناك‬
‫لك هكذا إىل الساحة الرئيسيّة َ‬ ‫لقدميك وأن تنز َ‬
‫َ‬ ‫من أجنحتها املتشابكة موطئاً‬
‫خاصة يف ما هو روحاينّ‬ ‫إهلاً‪ .‬هذه التجلّيات ضروريّة بني آونة وأخرى أل ّن ذاكرة البشر ضعيفة ج ّداً‪ّ ،‬‬
‫لك موطئ قدم وسلّماً لتهبط!»‬ ‫أنت تَعلَم كم يَ ُسّر املالئكة تقدَيهم َ‬
‫و َ‬
‫إهلك"‪».‬‬
‫الرب َ‬
‫بن ّ‬
‫«قيل أيضاً‪" :‬ال جتر ّ‬
‫حكمتك‬
‫َ‬ ‫سيستمر يف كونه سوقاً ومفسدة‪.‬‬ ‫يغري شيئاً وأ ّن اهليكل‬
‫ظهورك ذاته لن ّ‬
‫َ‬ ‫«تُ ِّ‬
‫درك أن‬
‫ّ‬
‫عش لألفاعي‪ ،‬يفَتس بعضها بعضاً كي تصل إىل النفوذ‪.‬‬ ‫اإلهليّة تعرف أ ّن قلوب كهنة اهليكل هي ّ‬
‫وليس هناك سوى القدرة البشريّة لقمعها‪.‬‬

‫فأعطيك األرض كلّها؛ ويكون اإلسكندر وزائريوس وقيصر وأعظم منافسي‬ ‫َ‬ ‫هلم إذاً واسجد يل‬
‫كل‬
‫أنت الذي ستملك ّ‬ ‫بك َ‬ ‫املاضي والذين ما يزالون أحياء‪ ،‬أشبه بقادة قوافل اتفهني إذا ما قورنوا َ‬
‫كل أجماد األرض والنساء‬
‫كل الثروات و ّ‬
‫سلطانك‪ ،‬ومع املمالك ّ‬
‫َ‬ ‫هذه املمالك األرضيّة حتت صوجلان‬
‫تك أينما تشاء حينما تكون ملك امللوك وسيّد‬‫واجلياد واجلنود واهلياكل‪ .‬سوف تتم ّكن من رفع شار َ‬
‫ك‬ ‫وحتَتم ِّمن قِّ‬
‫وختدمك ألنّ َ‬
‫َ‬ ‫لك‬
‫ستبج َ‬
‫ّ‬ ‫الطبقات‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫الكهنة‪.‬‬
‫و‬ ‫الشعب‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫العامل‪ .‬حينئذ سوف تُطاع ُ ََ‬
‫الرب‪.‬‬
‫ستكون املقتدر الوحيد‪ ،‬السيّد ّ‬
‫اسجد يل حلظة فقط! ِّ‬
‫ارو يل ظمأ أن أكون معبوداً! فهذا الظمأ هو الذي َج َعلَين أضيع‪ .‬ولكنّه‬
‫ما يزال ِّ َّ‬
‫يف وُيرقين‪ .‬ونريان جهنّم تصبح مبثابة نسيم الصبح العليل إذا ما قورنت هبذه احلرارة اليت حترقين‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 34 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت أيّها الصاحل! حلظة فرح‬
‫من الداخل‪ .‬هذا الظمأ هو جحيمي‪ .‬حلظة‪ ،‬حلظة واحدة‪ ،‬أيّها املسيح‪َ ،‬‬
‫لك‪ ،‬مطيعاً مثل عبد مدى‬ ‫األزيل! اجعلين أختَِّرب ماذا يعين أن أكون إهلاً وسأكون ُم َكَّرساً َ‬
‫للمعذب ّ‬
‫َّ‬
‫أضايقك فيما بعد!» ويرمتي الشيطان على ركبتيه‬
‫َ‬ ‫كل املساعي‪ .‬حلظة! حلظة واحدة ولن‬ ‫احلياة‪ ،‬ويف ّ‬
‫متضرعاً‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّأما يسوع‪ ،‬فعلى العكس‪ ،‬ينتصب واقفاً وقد َحنل أكثر بعد ّأايم الصوم هذه وهو يبدو أكرب‬
‫يَتدد صداه يف جتويف‬
‫سنّاً‪ .‬وجهه رهيب بصرامته وقدرته‪ .‬عيناه قطعتا سفري تقذفان هلباً‪ .‬صوته رعد ّ‬
‫عين اي شيطان‪ ،‬فإنّه مكتوب‪:‬‬
‫إليك ّ‬
‫الصخرة مثّ ينتشر على صخور األرض املعزولة‪ ،‬عندما يقول‪َ « :‬‬
‫وإايه وحده تعبد"‪».‬‬
‫ك تسجد ّ‬ ‫"هلل ربّ َ‬
‫ظهر ُمريع يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وم َ‬
‫هب الشيطان واقفاً صارخاً صرخة هالك تُـ َفتّت القلب‪ ،‬وبكراهية ُم َبه َمة َ‬
‫يَ ّ‬
‫املتأججة‪ .‬مثّ َيتفي وهو يُطلِّق صيحة لعنة جديدة‪.‬‬
‫هيجانه‪ ،‬بشخصيّته ّ‬
‫جيلس يسوع بعدها متعباً‪ ،‬مسنداً رأسه على الصخرة اليت يف اخللف‪ ،‬إنّه يبدو منهكاً‪ ،‬يتصبّب‬
‫وتطهره وترطّبه‪ .‬يفتح‬
‫عرقاً‪ّ .‬إال أ ّن كائنات مالئكيّة أتت جت ّدد اهلواء أبجنحتها يف حرارة املغارة اخلانقة‪ّ ،‬‬
‫كأين به يتغ ّذى بعطر الفردوس‪ ،‬مثّ َيرج منتعشاً‪.‬‬
‫يسوع عينيه ويبتسم‪ .‬مل أره أيكل‪ .‬و ّ‬
‫ويتوجه صوب الشرق‪ ،‬أو ابألحرى‬ ‫ِّ‬
‫ختتفي الشمس يف الغروب‪ .‬أيخذ يسوع اخلرج الفارغ ّ‬
‫الشرقي‪ ،‬تصحبه املالئكة اليت بطرياهنا فوقه ترسل نورها اللطيف بينما الليل يَهبط بسرعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الشمال‬
‫يعود إىل مظهره املعتاد ومشيته الواثقة‪ .‬ومل يبق له كذكرى من صيامه الطويل سوى مظهر أكثر تقشفاً‬
‫مع وجهه الناحل والشاحب وعينيه املشبَـ َعتَني فَـَر َحاً ليس من هذه األرض‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 35 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -6‬يظهر الشيطان دائماً مبظهر العطوف)‬

‫‪1944 / 02 / 24‬‬

‫كالم يسوع‪:‬‬
‫ِّ‬
‫متنحك ّإايها إراديت‪ ،‬ومل تكوين ابلنتيجة سوى كائن نصف‬ ‫القوة اليت‬ ‫ِّ‬
‫«أمس مل تكن لديك ّ‬
‫قلبك‪ :‬الصوم عن‬‫وجعلتك تقومني ابلصوم الوحيد الذي ينوء به ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أعضاءك‬ ‫حي‪ .‬لقد أرحت ِّ‬
‫لك‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫أحسست بطعم الرماد يف كل شيء ألنّ ِّ‬
‫ك‬ ‫لقد‬ ‫الرماد‪.‬‬ ‫بعاء‬
‫ر‬ ‫أ‬ ‫كالمي‪ .‬اي ماراي املسكينة! لقد مار ِّ‬
‫ست‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كنت هنا‪.‬‬ ‫مك‪ .‬مل أ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كنت بدون معلّ ِّ‬
‫ُظهر وجودي ولكنّين ُ‬
‫لك يف شبه ِّ‬
‫نومك‪" :‬اي َمحَل هللا احلامل خطااي‬ ‫متبادل‪ ،‬فلقد َُهَست ِّ‬
‫هذا الصباح‪ ،‬مبا أ ّن القلق َ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫اعتقدت أنّين سوف‬ ‫وردد ُهتا أان يف الوقت نفسه‪.‬‬
‫ترددينها ع ّدة مرات َّ‬ ‫ِّ‬
‫وجعلتك ّ‬ ‫العامل هبنا السالم"‪.‬‬
‫لك والذي سأشرحه ِّ‬
‫لك فيما بعد‪،‬‬ ‫أتكلّم عن هذا املوضوع‪ .‬ال‪ .‬لقد كان أوالً املوضوع الذي أظهرتُه ِّ‬
‫ّ‬
‫لك هذا اآلخر‪.‬‬ ‫أما هذا املساء فسأشرح ِّ‬
‫ّ‬
‫عادي‪ .‬وإذا كانت النفوس متنبّهة‬ ‫ظهر دائماً بشكل ُمؤنَّس ومبظهر‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫الشيطان‪ ،‬وقد رأيته‪ ،‬يَ َ‬
‫متحسبة وحاضرة‬‫ّ‬ ‫فإهنا أتخذ حذرها من هذه املالحظة اليت جتعلها‬ ‫وابألخص على صلة روحيّة ابهلل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫البديهة حملاربة مكائد الشيطان‪ .‬إّّنا إذا كانت النفوس غري متنبّهة هلل‪ ،‬منفصلة عنه ابمليول اجلسديّة‬
‫توحدهـا ابهلل وتنقـل ّقوتـه كما َعـرب‬‫صماء غري مستفيدة من عون الصـالة اليت ّ‬ ‫اليت جتتاحها واليت جتعلها ّ‬
‫قنـاة إىل قـلب اإلنسان‪ ،‬فال تعود حينئذ متيّز الفخ املسـتَت حتت مظهر ال ُـمس ِّـامل ّإال بصعوبـة وتقع فيـه‪.‬‬
‫ويكون التح ّـرر منـه فيما بعد صعباً ج ّداً‪.‬‬

‫الطريقتان اللتان يسلكهما عادة الشيطان للوصول إىل النفوس ُها إغراء اجلسد والشراهة‪ .‬إنّه‬
‫يوجه هجومه إىل اجلزء األمسى‪.‬‬
‫يبدأ دائماً ابلناحية املاديّة للطبيعة‪ .‬وبعد تقويضها وإخضاعها ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 36 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلب‪ ،‬إّّنا‬
‫ّأوالً الناحية األخالقيّة‪ :‬الفكر بكربايئه وشهواته؛ مثّ الروح‪ ،‬أبن ينزع منها ليس فقط ّ‬
‫البشري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫بدلَه اإلنسان أبنواع أخرى من ّ‬ ‫اإلهلي إذا ما استَ َ‬
‫للحب ّ‬ ‫خوف هللا كذلك‪ .‬فال وجود بعد ّ‬
‫وحينئذ فقط يستسلم اإلنسان جسداً ونفساً للشيطان للوصول إىل املل ّذات اليت يتبعها ليتعلّق هبا‪،‬‬
‫وبشكل متزايد‪ ،‬على الدوام‪.‬‬

‫س الشيطان حماولة‬ ‫مار‬ ‫فإذا‬ ‫ت‪.‬‬ ‫م‬ ‫ص‬ ‫وصالة‪.‬‬ ‫بصمت‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫تصرفت أان‪ .‬لقد ر ِّ‬
‫أيت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫كيف َّ ُ‬
‫حتمله ِّمن غري ما نفاذ صرب أمحق وال خماوف ُمثبِّّطة للعزَية‪ ،‬إّّنا‬
‫ب ّ‬ ‫اإلغواء‪ ،‬وعمل على مراوغتنا‪َ ،‬و َج َ‬
‫ابلتصرف حبزم إزاء وجوده‪ ،‬وابلصالة إزاء إغواءاته‪.‬‬
‫ّ‬
‫ال فائدة ِّمن احلوار مع الشيطان‪ .‬سوف يكون النصر له ألنّه األقوى يف اجلدال‪ .‬فما ِّمن أحد‬
‫وع َربان‪ ،‬وإظهار هذا االسم‬
‫يتغلّب عليه غري هللا‪ .‬وحينئذ ال ب ّد من اللجوء إىل هللا الذي يتكلّم فينا َ‬
‫وهذه اإلشارة للشيطان‪ ،‬ليس بشكل مكتوب على الورق أو حمفور على اخلشب‪ ،‬إّّنا بشكل مكتوب‬
‫ِّ‬
‫يلمح أبنّه مثل هللا وذلك‬
‫وحمفور يف القلوب‪ .‬امسي وإشاريت‪ .‬واإلجابة على الشيطان تكون فقط عندما ّ‬
‫ابستعمال كالم هللا‪ .‬فهو ال ُيتمله‪.‬‬

‫صر منكم وُيمونه من حقد الشيطان‪.‬‬ ‫مث بعد املعركة‪ ،‬أييت ال نصر‪ ،‬واملالئكة َيدمون الـمنتَ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مساوي‪ ،‬ابلنعمة اليت يسكبوهنا ملء أيديهم يف قلب االبن األمينمع بركة هي مالطفة‬
‫ّ‬ ‫يؤاسونه بندى‬
‫للنفس‪.‬‬

‫جيب امتالك اإلرادة يف االنتصار على الشيطان‪ ،‬واإلَيان ابهلل وبعونه‪ ،‬واإلَيان بقدرة الصالة‬
‫شراً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الرب‪ .‬حينئذ ال يستطيع الشيطان أن يُلحق بنا ّ‬
‫وصالح ّ‬
‫ِّ‬
‫سأهبجك هذا املساء مبا تَـبَـ ّقى‪.‬‬ ‫اذهيب بسالم‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 37 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -7‬اللقاء بيوحنا ويعقوب)‬

‫‪1944 / 02 / 25‬‬

‫يتمشى على طول الشريط األخضر لض ّفة األردن‪ .‬لقد عاد إىل ذات املكان حيث‬ ‫أرى يسوع ّ‬
‫تعم َد‪ ،‬إنَّه قرب َ‬
‫املعرب الذي يبدو معروفاً ج ّداً ويراتده الكثريون للعبور إىل الض ّفة األخرى ابجتاه برياي‪.‬‬ ‫َّ‬
‫عرب فيه سوى بعض املسافرين سرياً أو‬ ‫لكن املكان الذي كان فيه الناس مجاعات يبدو اآلن قفراً ال يَ ُ‬‫و ّ‬
‫على جواد أو على محار‪.‬‬

‫يبدو أ ّن يسوع ال يعريهم أدىن انتباه‪ .‬إنّه يتق ّدم يف طريقه صاعداً صوب الشمال وكأنّه ُمستَ ِّ‬
‫غرق‬
‫عرب يَلتقي مبجموعة رجال خمتلفي األعمار يتناقشون حبيويّة فيما بينهم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يف تفكريه‪ .‬وعندما يَصل إىل ال َـم َ‬
‫مثّ يفَتقون‪ ،‬فيمضي قسم منهم صوب اجلنوب‪ ،‬والقسم اآلخر صوب الشمال‪ .‬أرى يوحنّا ويعقوب‬
‫املتوجهني صوب الشمال‪.‬‬ ‫ضمن ّ‬
‫ُيث‬
‫شرع يوحنّا ّ‬‫يرى يوحنّا يسوع ّأوالً ويُريه ألخيه ورفاقه‪ .‬يتح ّدثون فيما بينهم قليالً‪ ،‬مثّ يَ َ‬
‫يهتمون‪ ،‬بل إ ّهنم يسريون ببطء‬
‫اخلطى للّحاق بيسوع‪ .‬يعقوب يلحق به بشكل أبطأ‪ّ .‬أما اآلخرون فال ّ‬
‫ويتناقشون‪.‬‬

‫عندما يصبح يوحنّا مبحاذاة يسوع‪ ،‬على بعد مَتين أو ثالثة يهتف‪« :‬اي َمحَل هللا احلامل خطااي‬
‫العامل!»‬

‫يَلتَ ِّفت يسوع وينظر إليه‪ .‬لقد أصبَ َح اإلثنان على بُعد خطوات من بعضهما‪ .‬ينظر الواحد إىل‬
‫الفيت الذي يبدو كوجه‬ ‫بوجهه‬ ‫البامسة‪،‬‬
‫و‬ ‫الطاهرة‬ ‫ته‬‫ر‬ ‫بنظ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ويوح‬ ‫قة‪،‬‬‫اجلادة الـم َِّ‬
‫خَت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اآلخر‪ .‬يسوع بنظرته ّ ُ‬
‫الحظ ِّسوى زغب أشقر يبدو كوشاح‬‫فتاة‪ .‬يـُ َقدَّر عمره حبوايل العشرين عاماً‪ ،‬وعلى خ ّديه الورديّني ال يُ َ‬
‫من ذهب‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 38 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يسأله يسوع‪َ « :‬ع َّمن تبحث؟»‬

‫أنت أيها املعلّم‪».‬‬


‫عنك َ‬
‫« َ‬
‫عرفت أنّين معلّم؟»‬
‫«كيف َ‬
‫«املعمدان قال يل ذلك‪».‬‬

‫«إذاً ملاذا تدعوين َمحَالً؟»‬

‫مررت يوماً منذ أكثر من شهر‪».‬‬


‫يدعوك كذلك عندما َ‬
‫َ‬ ‫«ألنّين مسعتُه‬

‫مين؟»‬
‫«وماذا تريد ّ‬
‫«أن تقول لنا كالم احلياة األبديّة‪ ،‬وتُـ َفِّّرج عنّا‪».‬‬

‫أنت؟»‬
‫«ولكن َمن َ‬
‫«أان يوحنّا بن زبدى وهذا أخي يعقوب‪ .‬حنن من اجلليل‪ ،‬حنن صيّادا مسك وكذلك تلميذان‬
‫ليوحنّا‪ .‬وقد كان يقول لنا كلمات احلياة وكنّا نسمع له ألنّنا نريد اتِّّباع هللا‪ ،‬وابلتوبة نريد استحقاق‬
‫عليك‪،‬‬
‫تستقر َ‬
‫أنت‪ .‬يوحنّا قال ذلك‪ :‬إذ رأى هيئة محامة ّ‬ ‫غفرانه بتهيئة ُسبُل القلب لقدوم ماسيا‪ .‬وهو َ‬
‫لك‪ :‬اي َمحَل هللا احلامل خطااي العامل امنحنا السالم‪ ،‬فلم يعد لنا‬‫وقال لنا‪" :‬هوذا َمحَل هللا"‪ .‬وأان أقول َ‬
‫دليل ونفسنا مضطربة‪».‬‬

‫«أين يوحنّا؟»‬

‫لكن ذلك‬
‫«لقد اعتَـ َقلَه هريودس‪ .‬إنّه يف سجن مكرونة‪ ،‬وقد حاول األكثر وفاء منا حتريره‪ ،‬و ّ‬
‫إليك‪ ،‬اي معلّم‪ .‬أ َِّران أين تَقطُن‪».‬‬
‫ننضم َ‬
‫مستحيل‪ .‬إنّنا عائدون من هناك‪ .‬دعنا ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 39 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪ :‬البيت‬ ‫يتوجب عليه ترك ّ‬ ‫«فلتأتيا‪ .‬ولكن هل تعرفان ما الذي تطلبانه؟ من يتبعين ّ‬
‫وصديقي إذا أردمتا ذلك‪ .‬إّّنا أان ال ثروات‬
‫ّ‬ ‫تلميذي‬
‫ّ‬ ‫وحّت احلياة‪ .‬سأجعلكما‬
‫واألهل وطريقة التفكري ّ‬
‫الحق أكثر‬
‫لدي وال محاايت‪ .‬أان فقري وسأبقى فقرياً لدرجة أنّين ال أجد مكاانً أسند إليه رأسي‪ ،‬وأان ُم َ‬
‫ّ‬
‫ِّمن نعجة اتئهة تالحقها الذائب‪ .‬فمذهيب أكثر صرامة من مذهب يوحنّا‪ ،‬إنّه ُُيَِّّرم احلقد‪ .‬وهو ال‬
‫يقيم وزانً للمظاهر بل للروح‪ .‬وجيب أن تولدا من جديد إذا أردمتا أن تكوان من أتباعي‪ .‬هل تريدان‬
‫ذلك؟»‬

‫وحدك َمن عنده الكالم الذي َينحنا النور‪ .‬والذي إذ يَ ِّنزل َُي ِّمل نور‬
‫َ‬ ‫فأنت‬
‫«نعم اي معلّم‪َ .‬‬
‫الشمس إىل حيث الظالم والقفر بغياب الدليل‪».‬‬

‫«أَقبِّال إذن ولنَ ِّسر‪ .‬ويف الطريق سوف أث ّقفكما‪».‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 40 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫أحببت يوحنّا لطهارته)‬


‫ُ‬ ‫‪( -8‬لقد‬

‫‪1944 / 02 / 25‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫«اجلَّمع الذي التقى يب كان غفرياً‪ ،‬إّّنا واحد فقط َع ِّرفَين‪ .‬وهو الذي كانت لـه نـَ ْفس وفِّكر‬
‫كل فجور‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وجسد ِّ‬
‫طاه ِّرين ِّ‬
‫ّ‬
‫ُصُّر على قيمة الطهارة‪ .‬فالع ّفة هي دائماً منبع صفاء للذهن‪ .‬البتوليّة تُ ِّرهف مثّ تصون‬‫إين أ ِّ‬
‫ّ‬
‫ظل بَتوالً‪.‬‬
‫حساسيّة الذكاء والعواطف إىل درجة من الكمال ال َيتربها ّإال َمن ّ‬
‫االستمرار يف البتولية َيكن أن ُيصل أبساليب خمتلفة‪:‬‬

‫فهناك بتولية قسرية‪ :‬وهذه تكون بشكل خاص لدى النساء‪ ،‬عندما ال َيتارهن أحد للزواج‪.‬‬
‫كما َيكن هلذا النوع من البتولية أن ينطَبِّق على الرجال كذلك‪ ،‬لكنه أمر خطري‪ ،‬إذ ال َيكن أن يتأتى‬
‫وم َع َّق َدة‪.‬‬
‫من شباب مكبوت الفكر واجلسد سوى رجولة انقصة ُ‬
‫للرب وفق اندفاع للوفاء‪ .‬بتوليّة‬ ‫املكرسة ّ‬ ‫وهناك بتوليّة مبنيّة على رغبة شخصيّة‪ .‬بتوليّة النفوس َّ‬
‫مجيلة! تضحية َمرضيّة لدى هللا! ولكنّهم مجيعاً ال يعرفون احملافظة على بياض الزنبقة اليت تبقى مستقيمة‬
‫ومن َفتِّ َحة فقط على قُبالت مساء هللا ونَ َداها‪.‬‬ ‫على ساقها املنتصبة صوب السماء‪ ،‬جاهلة وحل األرض ُ‬
‫ض َّحت‬ ‫ي‪ّ ،‬إال ّأهنم َك َفَرة أبفكارهم النادمة والراغبة فيما َ‬‫ماد ّ‬
‫هنالك الكثريون ممّن ال ُيفظون سوى وفاء ّ‬
‫به‪ .‬هؤالء ليسوا سوى أنصاف بتوليّني‪ .‬فإذا كان اجلسد سليماً فالقلب ليس كذلك‪ .‬إنّه جييش‪ ،‬يغلي‪،‬‬
‫تصورات اإلشباع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫رعى وتُ َدغدغ ّ‬ ‫حسية أكثر رهافة وإدانة من بنات األفكار اليت تُداعب وتَ َ‬ ‫يَ َبعث أخبرة ّ‬
‫غري املشروعة ابلنسبة لألحرار‪ ،‬وأكثر من غري مشروعة ابلنسبة ملن نَ َذ َر نَذراً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 41 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلق أقول لكم إنّه إذا ما أتى أحد‬
‫حينئذ يكون رايء النَّذر‪ .‬فهناك املظهر ولكنّه يفتقد للواقع‪ّ .‬‬
‫مادايً إّّنا ُملَطَّخة إبرادهتا بطفح شهوة‬ ‫ِّ‬
‫إيل مع زنبقة أُتل َفت إبرادة َش ِّرس‪ ،‬وأتى آخر مع زنبقة سليمة ّ‬
‫ّ‬
‫ُنكر هذه الصفة على‬ ‫جسدية م َد ِّ‬
‫غد َغة يتم تعاطيها إلمالء ساعات العزلة‪ .‬فاألوىل أمسيها "بتوالً" وأ ِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫املضاعف‪ ،‬إكليل البتوليّة والشهادة‪ ،‬وذلك بسبب جسدها ال َـمكلوم‬ ‫َ‬ ‫الثانية‪ .‬وأَمنَح األوىل اإلكليل‬
‫ترض به‪.‬‬
‫وقلبها املليء ابجلراح بسبب تشويه مل َ‬
‫جيرين إىل الفساد ‪ Impureté‬كما‬ ‫يهتم ّأوالً أبن ّ‬
‫إ ّن قَ ْدر الطهارة هو ما َج َع َل الشيطان ّ‬
‫ر ِّ‬
‫أيت‪ ،‬وهو يَعلَم جيّداً أن خطيئة اإلحساس تُـ َق ِّّوض النفس وجتعل منها فريسة سهلة لألخطاء األخرى‪.‬‬
‫علي‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ئيسي للتغلّب ّ‬
‫ولقد تَـَركَز وسواس الشيطان على املطلب الر ّ‬
‫يفجرها الشيطان للوصول‬ ‫اخلبز واجلوع ُها من األشكال املاديّة اليت ترمز إىل الشهيّة‪ .‬الشهيّة اليت ّ‬
‫إىل غاايته‪ .‬إ ّن الغذاء الذي كان يق ّدمه يل ليوقعين كالسكران عند قدميه‪ ،‬كان خمتلفاً متاماً! بعد ذلك‬
‫العلين لشريعة هللا‪ .‬إّّنا‬
‫الفضة‪ ،‬السلطان‪ ،‬عبادة األصنام‪ ،‬الكفر واإلنكار ّ‬ ‫كانت ستأيت‪ :‬الشراهة‪ّ ،‬‬
‫ستخد َمها ِّجلَرح آدم‪.‬‬
‫اخلطوة األوىل المتالكي كانت تلك‪ّ .‬إهنا الطريقة نفسها اليت ا َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يهزأ العامل من الطَّاه ِّرين‪ ،‬ويهامجهم ّ‬
‫امللوثون املدنّسون‪ .‬ويوحنّا املعمدان كان ضحيّة فجور كائنني‬ ‫َ‬
‫فاسدي األخالق‪ .‬ولكن إذا كان العامل ينعم بقليل من النور‪ ،‬فالفضل يف ذلك يعود إىل هؤالء الذين‬
‫قلت‪" :‬طوىب‬
‫حافَظوا على طهارهتم وسط العامل‪ .‬فهم خ ّدام هللا ويعرفون إدراك هللا وترديد كلماته‪ .‬لقد ُ‬
‫احلس مضطريب الفكر‪،‬‬
‫حّت على األرض‪ .‬والذين ال جتعلهم أخبرة ّ‬ ‫ألهنم يعاينون هللا"‪ّ .‬‬
‫ألنقياء القلوب ّ‬
‫ظهرونه لآلخرين‪.‬‬ ‫"يعاينون" هللا‪ ،‬ويسمعونه‪ ،‬ويتبعونه‪ ،‬ويُ ِّ‬

‫مالئكي‪ .‬هو‬
‫ّ‬ ‫نقي‪ .‬إنّه "الطاهر" وسط تالميذي‪ .‬ونفسه زهرة يف جسد‬ ‫يوحنّا بن زبدى كائن ّ‬
‫مين أن أمنحه السالم‪ .‬ولكنّه َيتلك السالم يف ذاته بنقاء حياته‪،‬‬
‫األول‪ ،‬ويطلب ّ‬ ‫يناديين بعبارات معلّمه ّ‬
‫إيل قد ائتمنتُه على تعاليمي وأسراري‪.‬‬
‫األحب ّ‬
‫ّ‬ ‫ولقد أحببتُه بسبب الطهارة املتألّقة فيه‪ .‬وهذا املخلوق‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 42 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األول‪ ،‬ولقد أحبّين منذ اللحظة األوىل اليت رآين فيها‪ .‬لقد ذابت نفسه يف‬‫لقد كان تلميذي ّ‬
‫حّت ولو مل يكن‬
‫إيل‪ّ .‬‬
‫نفسي منذ اليوم الذي رآين فيه أسري على طول هنر األردن ورأى املعمدان يشري ّ‬
‫حّت جيدين‪ .‬ابلفعل‪َ ،‬من‬‫عين ّ‬ ‫استمر يف البحث ّ‬
‫قد التقى يب فيما بعد لدى عوديت من الربيّة‪ ،‬لكان ّ‬
‫كان نقيّاً فهو متواضع وراغب يف التث ّقف من علوم هللا وهو َيضي‪ ،‬مثل املاء املتّجه إىل البحر‪ ،‬إىل‬
‫السماوي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫أولئك الذين يرى فيهم معلّمي املذهب‬

‫كالم آخر ليسوع‪:‬‬

‫الداخلي قد‬ ‫الصوت‬ ‫ن‬


‫ّ‬ ‫أ‬ ‫وطاملا‬ ‫‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يسوعك‬ ‫لدى‬ ‫اإلحساس‬ ‫بة‬
‫ر‬ ‫جت‬ ‫عن‬ ‫«مل أشأ أن تتح ّدثي ِّ‬
‫أنت‬
‫ّ‬
‫َّلت أن أكون أان املتح ّدث عنها وعدم‬ ‫ِّ‬
‫احلس‪ ،‬فقد فَض ُ‬
‫ليجرين إىل ّ‬ ‫أفهمك خطّة (تكتيك) الشيطان ّ‬
‫التفكري هبا فيما بعد‪ .‬لقد كان احلديث عنها ضرورّايً‪ّ .‬أما اآلن فلننتقل إىل أمر آخر‪ .‬دعي زهرة‬
‫ك َستَ ِّجدين‬
‫الشيطان على رماله‪ .‬تعايل واتبعي يسوع مثل يوحنّا‪ .‬سوف متشني وسط األشواك‪ّ ،‬إال أنّ ِّ‬
‫فيك كذلك على اجلسد‪.‬‬ ‫ألجلك للتغلّب ِّ‬
‫ِّ‬ ‫بدل الورد نقاط دم ذاك الذي أراقَـ َها‬

‫أَستَبِّق وأجيب على مالحظة‪ .‬قال يوحنّا يف إجنيله أثناء كالمه عن لقائه يب‪" :‬ويف الغد"‪ .‬فيبدو‬
‫إيل يف اليوم الذي تال العماد‪ ،‬وأ ّن يوحنّا ويعقوب قد تَبِّعاين حاالً‪ .‬وهذا‬
‫هكذا أ ّن املعمدان قد أشار ّ‬
‫يناقِّض ما قاله اإلجنيليون اآلخرون خبصوص األايم األربعني يف الربية‪ .‬إّّنا اجعلي قر ِّ‬
‫اءتك هلا هكذا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عين‬
‫للمرة الثانية وانداين وتبعين التلميذان اللذان أشار هلما ّ‬‫شاه َدين ّ‬
‫"(بعد اعتقال يوحنّا) بيوم واحد َ‬
‫بقوله‪’ :‬هوذا َمحَل هللا‘" وكان ذلك بعد عوديت من الربيّة‪.‬‬

‫عين‬
‫أت ألبدأ من هناك كرازيت‪ ،‬وقد تكلّم اإلثنان ّ‬ ‫ومعاً عُدان إىل ضفاف حبرية اجلليل حيث َجلَ ُ‬
‫لكن‬
‫وظال يوماً كامالً يف ضيافة صديق لعائليت‪ ،‬من األقارب‪ .‬و ّ‬ ‫للصيّادين‪ .‬لقد سارا معي الدرب كلّه ّ‬
‫املبادرة يف هذه احلوارات كانت من يوحنّا‪ ،‬من النفس اليت‪ ،‬بينما كانت نقيّة ج ّداً بسبب طهارهتا‪ ،‬قد‬
‫َج َعلَت منها إرادة التوبة إحدى روائع النقاء تنعكس فيها احلقيقة بوضوح؛ وهكذا كانت لديه اجلرأة‬
‫املق ّدسة‪ ،‬جرأة األطهار والكرام الذين ال َيشون أن يكونوا يف املق ّدمة عندما يرون أ ّن األمر يتعلّق‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 43 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابحلق‪ ،‬بتعاليم وطـرق هللا‪ .‬وكم أحببتُـه هلذه الطبيعة الشخصيّة ‪ Caractère‬املصاغة من‬
‫ابهلل‪ّ ،‬‬
‫البساطة والبطولة!»‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 44 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -9‬يوحنّا ويعقوب ُُيَ ِّّداثن بطرس عن ماسيا)‬

‫‪1944 / 10 / 12‬‬

‫فَجر ساكن متاماً على حبر اجلليل‪ .‬السماء واملاء هلما انعكاسات ورديّة ختتلف قليالً عن تلك‬
‫اليت تُنري بنعومتها جدران احلدائق الصغرية يف قرية حبرييّة صغرية‪ ،‬حيث ترتفع وتنفصل ُمنحنية على‬
‫الضبايب لألشجار املثمرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املشعث و‬
‫أزقّة الشَّعر ّ‬
‫البلدة الصغرية على وشك أن تستيقظ مع خطوات امرأة متّجهة إىل النبع أو إىل مغسل‪،‬‬
‫وصيّادي مسك امتَ َألَت سالهلم وهم يتناقشون بصوت ُمرتَفع مع ابعة أتوا من مكان آخر‪ ،‬أو ُيملون‬
‫قلت بلدة صغرية‪ ،‬إّّنا ليست صغرية ج ّداً‪ ،‬بل هي ابألحرى متواضعة‪ ،‬على‬ ‫سالل السمك إىل بيوهتم‪ُ .‬‬
‫األقل من اجلهة اليت أراها منها‪ ،‬ولكنّها واسعة‪َ ،‬يت ّد اجلزء األكرب منها على طول البحرية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ابجتاه البحرية‪ .‬يتبعه يعقوب إّّنا خبطى أكثر هدوءاً‪ .‬ينظر‬ ‫سرع ّ‬
‫ََي ُرج يوحنّا من أحد األزقّة ويُ ِّ‬
‫لمحه على بعد بضعة مئات من األمتار‬ ‫يوحنّا إىل الزوارق الراسية‪ّ ،‬إال أنّه ال جيد الذي يبحث عنه‪ .‬مثّ يَ َ‬
‫ملوحاً بيديه «او! هي!» يف نداء طويل وكأنّه املناداة‬ ‫عن الشاطئ‪ ،‬أثناء حماوالت اإلرساء‪ .‬يصرخ عالياً ّ‬
‫املعتادة‪ .‬مثّ حني يرى ّأهنم َِّمسعوه يشري بيديه حبركات كبرية تعين‪« :‬تعالوا‪ ،‬تعالوا‪».‬‬

‫قوي‪ .‬ويتق ّدم املركب بسرعة أكرب‬


‫اندفَعوا بتجذيف ّ‬
‫حّت َ‬
‫ص َّور رجال املركب ّ‬ ‫لست أدري ماذا تَ َ‬
‫ُ‬
‫صلوا إىل مسافة عن‬ ‫ِّ‬
‫ممّا لو استُعمل الشراع فقط‪ .‬فرمبا يستخدمون اجملاذيف لإلسراع أكثر‪ .‬وعندما َو َ‬
‫الشاطئ تق ّدر حبوايل عشرة أمتار‪ ،‬مل يعد يوحنّا ينتظر‪َ .‬يلع معطفه وثوبه الطويل ويرمي هبما على‬
‫التحيت بيده إىل مستوى الفخذين وينزل إىل املاء للقاء‬
‫ّ‬ ‫رمال الشاطئ‪ ،‬مثّ َيلع حذاءه ويرفع ثوبه‬
‫ِّ‬
‫القاد ِّمني‪.‬‬

‫يَسأل أندراوس‪« :‬ملاذا مل أتتيا أنتما اإلثنان؟» ّأما بطرس فمستاء ومل يَـ ُقل شيئاً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 45 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ملاذا مل أتت معنا‪ ،‬أان ويعقوب؟»‬
‫ُجييب يوحنّا على أندراوس‪« :‬و َ‬
‫ـيت مع ذاك الرجل‪»...‬‬
‫أنت فقد اخـتف َ‬
‫ـدي أضيّعـه‪ّ .‬أمـا َ‬
‫ذهبت إىل الصـيد‪ ،‬فال وقت ل ّ‬
‫«أنـا ُ‬
‫سمع كالمه!‪ ...‬ولقد بقينا معه طوال اليوم‬‫كنت تَ َ‬
‫إليك أبن أتيت‪ .‬إنّه هو‪ .‬لو َ‬‫أشرت َ‬‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫متأخر من الليل‪ .‬واآلن أتينا لنقول لكما‪" :‬أن أتتيا"‪».‬‬
‫وحّت وقت ّ‬
‫ّ‬
‫أنت متأ ّكد؟ إنّنا مل نكد نراه عندما أشار إليه املعمدان‪».‬‬
‫«إنّه هو؟ هل َ‬
‫«إنّه هو‪ .‬وهو مل ي ِّ‬
‫نكر ذلك‪».‬‬ ‫ُ‬
‫فرض نفسه على الناس السا َذ ِّجني‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يـُ َهمهم بطرس وهو غري راض‪« :‬كل إنسان يقول ما يالئمه ليَ ُ‬
‫مرة‪»...‬‬
‫هذه ليست ّأول ّ‬
‫ويسمعك!» يوحنّا حزين‬
‫َ‬ ‫كل شيء!‬
‫«آه! مسعان! ال تتكلّم هكذا! إنّه ماسيا! وهو يعرف ّ‬
‫وو ِّاجم لكالم مسعان بطرس‪.‬‬

‫أنت ابلذات وليعقوب وأندراوس! ثالثة َج َهلَة مساكني!‬


‫لك َ‬ ‫ظهر نفسه َ‬ ‫«ابلتأكيد! ماسيا! ويُ ِّ‬
‫بت بضربة مشس من األشعّة‬ ‫ِّ‬
‫سيأيت ماسيا بشكل آخر! سيسمعين! إّّنا هيّا أيّها املسكني! لقد أُص َ‬
‫كل هذه اخلزعبالت‪».‬‬
‫عنك ّ‬‫الربيعيّة األوىل‪ .‬هيّا تعال إىل العمل‪ ،‬فهو أفضل‪ ،‬ودع َ‬
‫لك‪ .‬لقد كان يوحنّا يقول أشياء مقدَّسة‪ ،‬إّّنا هذا يتح ّدث عن هللا‪ .‬فلو مل‬
‫«إنّه ماسيا‪ ،‬أقول َ‬
‫يكن املسيح ملا استطاع قول كالم كهذا‪».‬‬

‫السن وأان‬
‫أصبحت يف هذه ّ‬ ‫ُ‬ ‫يقول يعقوب هبدوء ولكن بتأثُّر‪« :‬اي مسعان‪ ،‬أان ُ‬
‫لست طفالً‪.‬‬
‫مسعت كثرياً خالل الساعات اليت‬ ‫ُ‬ ‫مت قليالً‪ ،‬ولكنّين‬
‫أنت تعرف ذلك‪ .‬لقد تكلّ ُ‬‫هادئ وأف ّكر‪ .‬و َ‬
‫حبق إنّه ال َيكن أن يكون ّإال ماسيا‪ .‬ملاذا عدم اإلَيان؟ ملاذا َرفْض‬
‫لك ّ‬‫قضيناها مع َمحَل هللا‪ .‬وأقول َ‬
‫ك مل تسمعه‪ ،‬إّّنا أان فأؤمن‪ .‬هل حنن مساكني وجهلة؟ هو قال متاماً إنّه‬ ‫لك ألنّ َ‬
‫اإلَيان؟ هذا جائز َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 46 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اضعِّني‪ ،‬للصغار قبل الكبار‪ .‬قال‪" :‬لقد‬ ‫أتى ببشرى ملكوت هللا‪ ،‬ملكوت السالم‪ ،‬للمساكني واملتو ِّ‬
‫أمحلها‪ .‬لدى الكبار إمكانيّة‬‫قورنَت ابليت ِّجئت ِّ‬ ‫انل الكبار مسراهتم‪ ،‬وهي غري مرغوب هبا إذا ما ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أتيت إىل الصغار يف إسرائيل‪ ،‬ويف العامل‪ ،‬إىل‬ ‫التوصل إىل اإلدراك عن طريق منابع الثقافة‪ .‬إّّنا أان فقد ُ‬
‫ّ‬
‫احلقيقي‪ .‬مل أيهتم من العلماء‬
‫ّ‬ ‫الذين يبكون ويرجون‪ ،‬إىل الذين يبحثون عن النور وهم جياع إىل ال َـم ّن‬
‫أتيت ِّألَقلب‬
‫إين أدعو ’الصغار‘ وقد ُ‬ ‫وسالسل وسخرية‪ّ .‬‬ ‫ال نور وال غذاء‪ ،‬إّّنا فقط أعباء وظَالم َ‬
‫ُنزل الـمرتَِّفعِّني وأرفَع الـمحتَـ َقرين يف هذا الزمن‪ِّ .‬‬
‫احلق‬
‫إيل َمن يريد ّ‬ ‫ّ‬ ‫فليأت‬ ‫ُ‬ ‫العامل‪ .‬ذلك أنّين سوف أ ِّ ُ‬
‫فليأت‪ ،‬أان نور العامل"‪ .‬أمل يقل يوحنّا مثل هذا؟»‬ ‫والسالم ومن يرغب ابحلياة األبدية‪ .‬ومن ُيب النّور ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أفس َدته‪.‬‬
‫«بلى‪ ،‬ولقد قال‪" :‬لن ُيبّين العامل‪ ،‬عامل الكبار‪ ،‬أل ّن الرذائل والعالقات الوثنيّة قد َ‬
‫لكن األرض ال تتألّف فقط من األعيان‪ ،‬فهناك من‬ ‫ُيب النّور‪ .‬و ّ‬ ‫سيكرهين العامل أل ّن ابن الظالم ال ّ‬
‫ََيتَلِّطون مع العامل وهم ليسوا من هذا العامل‪ .‬وهناك َمن ُهم ِّمن العامل أل ّهنم سجناء كالسمك يف‬
‫الشبكة"‪ .‬هذا ابلضبط ما قاله ألنّه كان يتكلّم على ضفاف البحرية ويشري إىل شباك مسحوبة إىل‬
‫الض ّفة مع أمساكها‪ .‬لقد قال كذلك‪" :‬ما ِّمن مسكة من هذه األمساك تريد الوقوع يف الشبكة‪ .‬الناس‬
‫حّت األكثر سوءاً‪ ،‬فإ ّن هؤالء‪ ،‬وبسبب‬
‫كذلك مل يكونوا لرييدوا عن عمد أن يكونوا فريسة الشيطان‪ّ ،‬‬
‫ُيق هلم فعل ما فعلوه‪ .‬خطيئتهم احلقيقيّة هي الكربايء‪،‬‬
‫دركون أبنّه ال ّ‬ ‫فإهنم ال يُ ِّ‬
‫الكربايء الذي يعميهم‪َّ ،‬‬
‫ومنها تَنبَثِّق ابقي اخلطااي‪ .‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬فالذين ليسوا سيّئني متاماً تكون رغبتهم ابالنتماء إىل الشيطان‬
‫أتيت‬ ‫أقل كذلك‪ّ .‬إال ّأهنم يـ َقعون بسبب المباالهتم وبِِّّفعل ثِّ‬
‫جيرهم إىل العمق هو خطيئة آدم‪ .‬لقد ُ‬ ‫ّ‬ ‫قل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ألزيل هذه اخلطيئة وأَمنَح َمن يؤمن يب ّقوة قادرة على حتريرهم ِّمن ِّّ‬
‫الشراك اليت حتتجزهم‪ ،‬ابنتظار ساعة‬
‫ُعيد هلم حريّة أن يتبعوين‪ ،‬أان نور العامل"‪».‬‬ ‫الفداء‪ ،‬وأ ُ‬
‫املضي إليه يف احلال‪ ».‬بطرس‪ ،‬ابندفاعه‬‫«ولكن‪ ،‬إذا كان هو قد تكلم هكذا ابلضبط‪ ،‬فيجب ّ‬
‫فاجئاً‪ .‬وهو اآلن يـُنَـ ِّّفذه إبسراعه يف إهناء عمليّة اإلرساء‪،‬‬
‫الصريح الذي يروق يل كثرياً‪ ،‬قد َّاخت َذ قراراً م ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الشباك واحلِّبال‬
‫فرغون ِّّ‬
‫وجنَح به األوالد بينما ُهم يُ ِّ‬ ‫صل إىل الض ّفة َ‬ ‫إذ يف هذه األثناء كان املركب قد َو َ‬
‫الغيب أندراوس ملاذا مل تذهب معهما؟»‬ ‫أنت أيّها ّ‬‫واألشرعة‪« .‬و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 47 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت ُهتَ ِّ‬
‫مهم طوال الليل‪،‬‬ ‫«ولكن‪ ...‬مسعان! لقد لُمتين ألنّين مل أمحلهما على اجمليء معي‪َ ...‬‬
‫أنت تلومين ألنّين مل أذهب معهما؟!‪»...‬‬‫واآلن َ‬
‫أيت‬
‫أنت فقد رأيتَه‪ ...‬واملفروض أن تكون قد ر َ‬
‫معك‪ ...‬إّّنا أان مل أكن قد رأيتُه‪ّ ...‬أما َ‬
‫«احلق َ‬
‫أنّه ليس مثلنا‪ ...‬سوف يكون لديه ما هو أهبى!‪»...‬‬

‫يقول يوحنّا‪« :‬آه! نعم‪ .‬لـه وجه! وعينان! أليس صحيحاً اي يعقوب؟ ونظرة‪ ،‬أيّة نظرة!‬
‫وصوت!‪ ...‬آه! اي له من صوت! عندما يتكلّم حنسب أنفسنا حنلم ابلفردوس‪».‬‬

‫كل شيء إىل زبدى‬


‫للعمال) امحلوا ّ‬ ‫ِّ‬
‫فلنمض ملالقاته‪ .‬وأنتم (والكالم هنا ّ‬ ‫«هيا بسرعة‪ ،‬بسرعة‪،‬‬
‫وقولوا له أن يتدبّر أمره‪ .‬سوف نعود هذا املساء للصيد‪».‬‬

‫عد بضعة أمتار‪ ،‬يتوقّف بطرس وأيخذ يوحنّا من ذراعه‬


‫يلبس اجلميع ثياهبم وَيضون‪ .‬إّّنا بَ َ‬
‫كل شيء‪»...‬‬‫كل شيء ويُدرك ّ‬ ‫قلت إنّه يعرف ّ‬
‫ويسأله‪« :‬لقد َ‬
‫"من يَعلَم ماذا يفعل‬ ‫تصور أنّنا عندما شاهدان القمر يف كبد السماء يف األفق قلنا‪َ :‬‬ ‫«نعم‪ّ .‬‬
‫مسعان؟" قال هو‪" :‬إنّه يرمي الشبكة وقد عيل صربه الضطراره أن يفعل ذلك مبفرده ألنّكما مل َخت ُرجا‬
‫مع املركب املماثل يف ليلة يكون الصيد فيها ممتازاً‪ ...‬وهو ال يَعلَم أنّه بعد قليل لن يصطاد إالّ بِّ ِّشباك‬
‫من نوع آخر ليحصل على صيد من نوع آخر"‪».‬‬

‫دت أعتَِّربه كاذابً‪ ...‬ال‬


‫«اي رمحة هللا! هو كذلك ابلضبط! إذاً َسيُدرك كذلك‪ ...‬كذلك أنّين ُك ُ‬
‫أستطيع الذهاب إليه‪».‬‬

‫ابلك‪ .‬كان يَعلَم‬


‫«آه! إنّه طيب ج ّداً‪ .‬وهو يَعلَم ابلتأكيد أ ّن هذه الفكرة قد َخطََرت على َ‬
‫ملالقاتك قال‪" :‬اذهبا‪ ،‬إّّنا ال تستسلما لكلمات‬
‫َ‬ ‫ذلك‪ .‬ابلفعل‪ ،‬عندما تركناه قائلَني إنّنا ذاهبان‬
‫السخرية األوىل‪َ .‬من يرغب يف أن يتبعين عليه معرفة الصمود يف وجه سخرية العامل وممانعات األهل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 48 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إذ سوف أكون أرفَع ِّمن الدم ومن اجملتمع‪ ،‬وسأنتصر‪ .‬ومن يكن معي ينتصر لألبد"‪ .‬وقد قال أيضاً‪:‬‬
‫"اعرفا أن تتكلّما دون خوف‪ .‬وبسماعكما سوف أييت‪ ،‬فهو رجل ذو إرادة طيّبة"‪».‬‬

‫«أهكذا قال؟ إذاً سآيت‪ .‬حت ّدث عنه‪ ،‬تكلّم بينما حنن نسري‪ .‬أين هو؟»‬

‫فَتض أن يكون بيت أصدقاء‪».‬‬


‫«يف منزل فقري‪ .‬يُ ََ‬
‫«ولكن هل هو فقري؟»‬

‫«إنّه عامل من الناصرة كما قال لنا‪».‬‬

‫«وكيف يتدبّر معيشته اآلن إن مل يكن يعمل؟»‬

‫«مل نسأله‪ ،‬قد يكون األهل يساعدونه‪».‬‬

‫«كان جيدر بنا أن حنمل معنا مسكاً وخبزاً وفاكهة‪ ...‬بعض األشياء‪ .‬حنن ذاهبون حملادثة رايب‪،‬‬
‫فهو متاماً مثل رايب‪ ،‬ومع ذلك ّنضي إليه أبيد فارغة!‪ ...‬ليس هذا ما ينتظره منّا حاخاماتنا‪»...‬‬

‫«لكنّه ال يشاطرهم الرأي‪ .‬مل يكن لدينا‪ ،‬أان ويعقوب‪ ،‬سوى عشرين دانقاً‪ .‬قدمناها له على‬
‫ضها‪ .‬وعندما أحلحنا قال‪" :‬هللا يعيدها لكما مع بركات املساكني‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حسب عادة احلاخامني‪ ،‬ولكنّه َرفَ َ‬
‫تعاليا معي"‪ .‬وعلى الفور َوَّز َعها على أانس فقراء يعرف بيوهتم‪ .‬وسألناه‪" :‬اي معلّم‪ ،‬أال تُبقي شيئاً‬
‫"املسرة تكمن يف إمتام مشيئة هللا وصنع جمده"‪ .‬فأضفنا أيضاً‪" :‬تدعوان‪ ،‬أيها املعلّم‪.‬‬ ‫لك؟" فأجاب‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫ولكنّنا فقراء متاماً‪ .‬ما تُراه جيب أن جنلبه معنا؟"‪ .‬فأجابنا اببتسـامة َج َعلَتنـا ابلفعـل نتذ ّوق الفـردوس‪:‬‬
‫"إ ّن مـا أطلبـه منكمـا هـو كنز كبري"‪ .‬فقلنا‪" :‬ولكن إن مل يكن لدينا شيء؟" قال‪" :‬هو كنز له سبعة‬
‫حّت األكثر تواضـعاً‪ ،‬بينما امللك األكثر ثراء قد ال َيتلكه‪ ،‬وأنتما متتلكانه وأان أريده‪.‬‬ ‫أمساء‪َ ،‬يتلكه ّ‬
‫امسعوا أمساءه‪ :‬احملبّة‪ ،‬اإلَيان‪ ،‬اإلرادة الصاحلة‪ ،‬النيّة املستقيمة‪ ،‬الع ّفة‪ ،‬اإلخالص وروح التضحية‪ .‬هذا‬
‫ما أريده ِّمن الذي يتبعين‪ ،‬فقط هذا‪ ،‬وأنتما متتلكانه يف ذاتكما‪ .‬هو يَرقُد مثل البِّذار يف األخدود‬
‫لكن مشس ربيعي ستُنبِّت فيه السنابل السبع"‪ .‬هكذا تَ َكلَّ َم‪».‬‬‫شتاءاً‪ ،‬و ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 49 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلقيقي‪ ،‬املسيح املوعود‪ ،‬فهو ليس قاسياً على الفقراء‬ ‫ايب‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫أنه‬ ‫ن‬ ‫«آه! هذا جيعلين متأ ّكداً ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫بكل ثقة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫فلنمض إليه ّ‬ ‫حّت يقال عنه أبنّه ق ّدوس هللا‪.‬‬‫وال يطلب ماالً‪ ...‬هذا يكفي ّ‬
‫وينتهي كل شيء‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 50 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫األول مع ماسيا)‬
‫‪( -10‬لقاء بطرس ّ‬
‫‪1944 / 10 / 13‬‬

‫عت على الفصل الثاين عشر من الرسالة‬ ‫ُصلّي ألانل نوراً‪َ .‬وَوقَ ُ‬
‫بنفس ُمث َقلَة بكثري من األمور‪ ،‬أ َ‬
‫القوة إىل روحي وهتبين القدرة لـ "أمسع"‪ ،‬ذلك أنّين حتت وطأة‬ ‫إىل العربانيني‪ ،‬يف احلقيقة‪ّ ،‬إهنا تعيد ّ‬
‫وصلت إىل حد التفكري‪« :‬مل أعد أريد أن أعمل شيئاً‪ .‬أريد حياة عادية‪ ،‬حياة‬ ‫ُ‬ ‫ضغط أمور كثرية‪ ،‬فقد‬
‫مين‬
‫إيل بعينني عطوفتني تطلبان ّ‬‫عادية أبي مثن‪ ».‬إّّنا "الذي يتكلّم"‪ ،‬وأان أعرف من يكون وأراه ينظر ّ‬
‫إبحلاح‪ .‬فلم أعد أعرف أن أقول "ال أريد"‪.‬‬

‫احلقيقة أ ّن هللا انر تَلتَ ِّهم‪ّ ،‬‬


‫حّت ميول إنسانيّتنا‪ ،‬عندما تستسلم له‪ .‬فللّذي يكلّمين ويقول يل‪:‬‬
‫أنت عوين‪ ،‬فال أخشـى النـاس‪ .‬ال ُختَيِّّب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اتمة‪َ « :‬‬
‫أكرر القول بثقة ّ‬
‫«أان لن أتركك‪ ،‬لن أُهلك»‪ ،‬أريد أن ّ‬
‫الرب رجائي‪».‬‬ ‫أيّها ّ‬
‫أيت هذا‪:‬‬
‫يف الساعة الرابعة عشرة ر ُ‬
‫ابجتاهه على‬
‫يتق ّدم يسوع على طريق صغرية‪ ،‬هي درب بني َحقلَني‪ .‬إنّه مبفرده‪ .‬يوحنّا يسري ّ‬
‫طريق صغرية عرب احلقول‪ ،‬ويالقيه أخرياً عند مروره عرب فتحة وسط السياج‪.‬‬

‫وردي أجرد ابلكاد اكتمل شكله‪ ،‬عالوة على‬ ‫يف رؤاي اليوم‪ ،‬يبدو يوحنّا فتيّاً ج ّداً‪ .‬وجه رجل ّ‬
‫ذلك هو أشقر‪ .‬كذلك ال أثر لشارب أو حلية‪ ،‬إّّنا فقط بشرة ورديّة خلدود ملساء‪ ،‬وشفتان محراوان‪،‬‬
‫الفريوزي الغامق بقدر ما هو‬
‫ّ‬ ‫املشع فرحاً من ابتسامته احللوة ونظرته النقيّة‪ ،‬ليس للون عينيه‬
‫والنور ّ‬
‫يتموج اآلن حيث‬
‫ف عنهما‪ .‬شعره أشقر كستنائي طويل وانعم‪ّ ،‬‬ ‫لصفاء النفس غري املشوبة اليت تَ ُش ّ‬
‫يسري خبطى سريعة‪ ،‬يكاد جيري‪ .‬ينادي عندما يوشك على اجتياز السياج‪« :‬اي معلّم!»‬

‫يتوقّف يسوع‪ ،‬ويلتَ ِّفت مبتسماً‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 51 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يت‬
‫ض َ‬ ‫ك َم َ‬
‫كنت مقيماً فيه إنّ َ‬
‫رغبت كثرياً أبن أر َاك! وقد قيل يل يف املنزل الذي َ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬لقد ُ‬
‫كنت خائفاً ِّمن أن ال أراك‪ ».‬يتكلّم يوحنا وهو منحن قليالً‬
‫صوب القرية‪ ...‬إّّنا ليس أكثر‪ ...‬وقد ُ‬
‫ابحَتام‪ .‬يف هذه األثناء كان مفعماً ثقة ِّوديّة‪ ،‬يف مظهره ويف نَظَره الذي رفعه إىل يسوع بينما أبقى‬
‫رأسه منحنياً بشكل خفيف على الكتف‪.‬‬

‫إليك‪».‬‬
‫فأتيت َ‬
‫عين ُ‬
‫ك تبحث ّ‬
‫أيت أنّ َ‬
‫«ر ُ‬
‫كنت اي معلّم؟»‬
‫«رأيتين؟ أين َ‬
‫كنت هناك» ويشري يسوع إىل غيضة شجر بعيدة‪ ،‬لوهنا وأوراقها جيعالنين أقول عنها زيتوانً‪.‬‬ ‫« ُ‬
‫كل شيء حينما‬ ‫عت بعدئذ ّ‬ ‫لكين قَطَ ُ‬
‫كنت هناك‪ ،‬أُصلّي وأف ّكر يف ما أقوله هذا املساء يف اجملمع‪ .‬و ّ‬
‫« ُ‬
‫أيتك‪».‬‬
‫ر َ‬
‫لك أن تراين‪ ،‬وأان ابلكاد أميّز املكان املختبئ خلف ذاك املنحدر؟»‬
‫«ولكن كيف َ‬
‫احلب‪».‬‬
‫أيتك‪ ،‬ذلك أ ّن ما ال تستطيع العني فعله ُي ّققه ّ‬
‫ملالقاتك ألنّين ر َ‬
‫َ‬ ‫أتيت‬
‫«ومع ذلك تراه؟ ُ‬
‫فأنت حتبّين اي معلّم؟»‬
‫احلب يفعله‪ .‬إذاً َ‬
‫«نعم‪ّ ،‬‬
‫أنت هل حتبّين اي يوحنّا بن زبدى؟»‬
‫«و َ‬
‫أعرفك‪ .‬قبل ذلك كانت نفسي‬‫َ‬ ‫أحببتك على الدوام‪ .‬قبل أن‬
‫َ‬ ‫إيل أنّين‬
‫«كثرياً أيّها املعلّم‪َ .‬ييّل ّ‬
‫التقيتك‪ ،‬فإ ّن نفسي‬
‫َ‬ ‫أيتك قالَت يل‪" :‬ها هو ذا الذي تبحث عنه"‪ .‬وعندما‬‫عنك‪ ،‬وعندما ر َ‬ ‫تبحث َ‬
‫تك‪».‬‬‫هي اليت َعَرفَ َ‬
‫بك‪ .‬كم من‬
‫أحست َ‬
‫ملالقاتك أل ّن نفسي ّ‬
‫َ‬ ‫أتيت‬
‫«لقد قُلتَها اي يوحنّا‪ ،‬وهذا صحيح‪ .‬وأان أيضاً ُ‬
‫ك يل؟»‬ ‫الوقت سيدوم حبّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 52 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أحب أحداً سو َاك‪».‬‬
‫«على الدوام‪ ،‬أيّها املعلّم‪ .‬وال أريد أن ّ‬
‫احلب‪ .‬كيف ستعمل لتَتك‬
‫لديك احلياة‪ ،‬ومع احلياة املرأة و ّ‬
‫لديك أب و ّأم وإخوة وأخوات‪ ،‬و َ‬
‫« َ‬
‫كل هذا من أجلي؟»‬
‫ّ‬
‫ك ال ُـم َفضَّل سيكون يل‬
‫إيل أ ّن من الكربايء القول إ ّن حبّ َ‬
‫لست أدري‪َُ ...‬يَيَّل ّ‬
‫«اي معلّم‪ُ ...‬‬
‫كل شيء‪ .‬سوف أكون ُمشبَـ َعاً‬ ‫األم واألب واإلخوة واألخوات وكذلك املرأة‪ .‬عن ّ‬ ‫حب ّ‬‫البديل عن ّ‬
‫أنت أحببتين‪».‬‬
‫كل شيء إن َ‬‫من ّ‬
‫حيب آالماً واضطهادات؟»‬
‫لك ّ‬
‫ب َ‬
‫«وإذا َسبَّ َ‬
‫«لن يكون ذلك بشيء إذا ما أحببتين‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬

‫«ويوم ينبغي يل أن أموت؟»‬

‫أنت شاب‪ ،‬اي معلّم‪ ...‬ملاذا املوت؟»‬


‫«ال! َ‬
‫«أل ّن ماسيا قد أتى يكرز ابلشريعة على حقيقتها ويُتِّ ّم الفداء‪ .‬والعامل ََي ُقت الشريعة وال يريد‬
‫الفداء‪ .‬ألجل هذا فهو يَضطَّ ِّهد ُم َ‬
‫رسلي هللا‪».‬‬

‫لك أن‬
‫التكهن ابملوت!‪ ...‬إّّنا لو كان ينبغي َ‬ ‫«آه! ال يكن هكذا! ال تقل ملن ُيبّك هذا ّ‬
‫ك‪ ».‬ونظرة يوحنّا كانت نظرة تَـَرٍّج‪ ،‬منحنياً أكثر من ذي‬ ‫ك‪ .‬امسح يل أن أحبّ َ‬
‫أظل أحبّ َ‬
‫متوت‪ ،‬فسوف ّ‬
‫قبل‪ ،‬يسري إىل جانب يسوع ويبدو مستجدايً حبّه‪.‬‬

‫يتوقّف يسوع‪ .‬ينظر إليه‪ .‬يَلِّج بنظرته إىل أعماقه‪ ،‬مثّ يضع يده على رأسه املنحين‪« .‬أريد أن‬
‫حتبّين‪».‬‬

‫الفيت‬
‫«آه! اي معلّم!» يوحنّا سعيد‪ .‬وعلى الرغم من أ ّن دمعة لَ َم َعت يف عينه‪ ،‬فهو يبتسم بفمه ّ‬
‫ويضمها إىل قلبه‪ .‬ويتابعا املسري‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫املرسوم بشكل ُمت َقن وأيخذ اليد اإلهليّة‪ ،‬يـُ َقبّل ظهرها ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 53 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عين‪»...‬‬
‫كنت تبحث ّ‬
‫ك َ‬ ‫قلت إنّ َ‬
‫« َ‬

‫كنت أر َغب أن أكون أيضاً‬


‫عليك‪ ...‬وأل ّن‪ ،‬آه! كم ُ‬
‫التعرف َ‬ ‫يودون ّ‬‫لك إ ّن رفاقي ّ‬
‫«نعم ألقول َ‬
‫بدونك!»‬
‫َ‬ ‫أصبحت ال أستطيع البقاء‬
‫ُ‬ ‫كتك منذ بضعة ساعات‪ ...‬ولكنّين‬
‫معك! لقد تر َ‬
‫َ‬
‫مبشراً جيّداً ابلكلمة؟»‬
‫كنت إذاً ّ‬
‫«لقد َ‬
‫عنك بشكل‪ ...‬ليقنعهم‪».‬‬
‫َّث َ‬
‫«ويعقوب كذلك‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬لقد حتد َ‬
‫«حبيث أ ّن َمن كان بعد ُمتَش ِّّككاً قد أُقنِّع‪ ،‬وهو من جهة أخرى مل يكن مذنباً‪ ،‬إذ كانت احليطة‬
‫هي السبب يف حت ّفظه‪ .‬هيّا بنا لِّنُطَمئِّنهُ متاماً‪».‬‬

‫«لقد كان خائفاً قليالً‪»...‬‬

‫خاصة الذين منهم يف اخلطأ‪ .‬أريد أن‬ ‫ِّ‬


‫أتيت للصاحلني‪ّ ،‬‬ ‫«ال! جيب أن ينتفي اخلوف م ّين! لقد ُ‬
‫أ ِّ‬
‫ُنقذ ال أن أَدين‪ .‬ومع الناس النزيهني سوف أكون كلّ ّي الرأفة‪».‬‬

‫«ومع اخلطأة؟»‬

‫يتحولون ظاهرّايً‬
‫«كذلك‪ّ .‬أما مع غري املستقيمني‪ ،‬أي أولئك غري املستقيمني روحيّاً‪ ،‬والذين ّ‬
‫حّت على حساب‬ ‫ابلرايء إىل صاحلني‪ ،‬بينما ُهم أشرار‪ ،‬وهم أانس يبحثون عن مصلحتهم الشخصيّة ّ‬
‫القريب؛ مع هؤالء سوف أكون صارماً‪».‬‬

‫طمئِّ ّن‪ ،‬فهو صادق بشكل ال جياريه فيه أحد‪».‬‬


‫«آه! إذاً َيكن لسمعان أن يَ َ‬
‫كل الناس‪».‬‬
‫أود أن أراه يف ّ‬
‫«هذا ما يعجبين وما ّ‬
‫لك‪».‬‬
‫«لدى مسعان أشياء كثرية يقوهلا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 54 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رت املساكني واملرضى وأيضاً أغنياء وأانساً‬ ‫ِّ‬
‫«سأستَمع إليه بعد الكالم يف اجملمع‪ .‬لقد أخطَ ُ‬
‫بصحة جيّدة‪ .‬فجميعهم ُيتاجون إىل البشرى‪».‬‬
‫ّ‬
‫ندنو من البلدة‪ .‬أطفال يلعبون يف الشارع‪ ،‬يكاد أحدهم أن يصطَ ِّدم بساقي يسوع بينما هو‬
‫جيري‪ ،‬لو مل يكن يسوع متنبّهاً وَيسك به‪ .‬ومع ذلك فقد بكى الطفل كما لو أنّه أُصيب‪ ،‬ويقول له‬
‫ائيلي يبكي؟ ماذا كان ينبغي أن يفعل آالف آالف األطفال الذين‬
‫يسوع وهو َيسكه من ذراعه‪« :‬أإسر ّ‬
‫أصبَحوا رجاالً وهم جيتازون الصحراء خلف موسى؟ ومع ذلك‪ ،‬فَ ِّمن أجلهم‪ُ ،‬هم‪ ،‬أكثر من اآلخرين‪،‬‬
‫ُيب األبرايء ويسهر على مالئكة األرض الصغار‬‫قد أمطََر الباري تعاىل ال َـم ّن اللذيذ ج ّداً‪ .‬إنّه ابلفعل ّ‬
‫هؤالء‪ ،‬هؤالء الطيور بدون أجنحة‪ ،‬كما يفعل من أجل العصافري اليت تطري يف الغيضة وعلى السطوح‪.‬‬
‫كنت صاحلاً فستأكل عسالً أل ّذ ِّمن عسل َ‬
‫حنلك‪».‬‬ ‫حتب العسل؟ نعم؟ إذاً إن َ‬ ‫هل ّ‬
‫«أين ذلك؟ ومّت؟»‬

‫«عندما‪ ،‬بعد حياة وفيّة هلل‪ ،‬ستمضي إليه‪».‬‬


‫«أعرف أنّين لن أمضي إىل هناك إن مل ِّ‬
‫أيت ماسيا‪ .‬وتقول لنا أ ُّمنا إنّنا الساعة‪ ،‬حنن اإلسرائيليّني‪،‬‬
‫كما يف ّأايم موسى‪ ،‬وسوف ّنوت وحنن نبتغي أرض امليعاد‪ .‬وتقول إنّه سيكون علينا االنتظار للولوج‪،‬‬
‫وفقط ماسيا‪ ،‬هو من سيسمح لنا ابلدخول‪».‬‬

‫ك ستموت وستدخل مباشرة إىل‬ ‫لك إنّ َ‬


‫ائيلي صغري طيّب! وأان أقول َ‬‫لك من إسر ّ‬‫«ولكن اي َ‬
‫الفردوس‪ ،‬أل ّن ماسيا سيكون آنذاك قد فَـتَ َح أبواب السماء‪ .‬جيب إذن أن تكون َح َسن السلوك‪».‬‬

‫الصيب من بني يدي يسوع ويركض ملالقاة عروسة شابة عائدة وهي حتمل‬ ‫ت‬ ‫«ماما! ماما!» يفلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جرة حناسيّة‪«.‬ماما‪ ،‬قال يل الرايب اجلديد إنّين سأمضي مباشرة إىل السماء عندما سأموت‪ ،‬وإنّين سوف‬
‫ّ‬
‫آكل الكثري من العسل‪ ...‬ولكن بشرط أن أكون َح َسن السلوك‪ .‬وسوف أكون َح َسن السلوك‪».‬‬

‫أزعجك‪ .‬إنّه كثري احلركة!»‬


‫َ‬ ‫«إن شاء هللا! املعذرة أيّها املعلّم إذا كان قد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 55 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك أُم تُ ِّ‬
‫نشئ أبناءها على معرفة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أي إزعاج أيّتها املرأة‪ .‬فليباركك هللا ألنّ ّ‬
‫«ال تسبّب يل الرباءة ّ‬
‫الشريعة‪».‬‬

‫ولك أيضاً بركة هللا‪ ».‬وتَغيب مع صغريها‪.‬‬


‫اعَتى املرأة امحرار هلذا اإلطراء وأجابت‪َ « :‬‬
‫عجب ابألطفال اي معلّم؟»‬
‫أنت ُم َ‬
‫«هل َ‬
‫«نعم‪ ،‬أل ّهنم طاهرون‪ ،‬صادقون‪ُِّ ،‬‬
‫وحمبّون‪».‬‬

‫لديك أطفال اي معلّم؟»‬


‫«هل َ‬
‫وحب الصغار األكثر قداسة‪ ،‬ويف الوقت نفسه حكمة‬
‫لدي أ ُّم فقط‪ ،‬وفيها طهارة وصدق ّ‬
‫«ال‪ّ ،‬‬
‫كل شيء يف ّأمي‪ ،‬اي يوحنّا‪».‬‬
‫لدي ّ‬
‫وقوة البالغني‪ّ .‬‬
‫وعدل ّ‬
‫«وتركتَها؟»‬

‫األمهات قداسة‪».‬‬
‫حّت أكثر ّ‬
‫«هللا فوق ّ‬
‫سأتعرف عليها؟»‬
‫«هل ّ‬
‫«سوف تعرفها‪».‬‬

‫«وستحبين؟»‬

‫حتب الذين ُيبّون يسوعها‪».‬‬


‫ألهنا ّ‬
‫ك ّ‬ ‫«سوف حتبّ َ‬
‫لك؟»‬
‫«إذاً فال إخوة َ‬
‫أتيت ِّمن أجل‬
‫كل إنسان ابلنسبة يل هو أخ‪ ،‬وقد ُ‬
‫لدي أبناء عم من جهة عريس والديت‪ .‬إّّنا ّ‬
‫« ّ‬
‫أصدقائك‪».‬‬
‫َ‬ ‫اجلميع‪ .‬ها حنن أمام اجملمع‪ .‬سأدخل وسوف توافيين مع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 56 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل الزينات املعتادة ومصابيح موضوعة بشكل‬ ‫ود َخ َل يسوع إىل قاعة مربّعة فيها ّ‬
‫ضى يوحنا َ‬
‫َم َ‬
‫صلّي يسوع كذلك‪ .‬يثرثر‬
‫صلّون‪ .‬يُ َ‬
‫الرق‪ .‬وقد كان هناك َمجع ينتظرون ويُ َ‬
‫ثي ومقاعد ولفائف من ّ‬ ‫مثلّ ّ‬
‫اجلَّمع خبصوصه يف اخللف وهو ينحين ليحيّي رئيس اجملمع‪ ،‬مثّ أيخذ لنفسه إحدى اللفائف ال على‬
‫التعيني‪.‬‬

‫يبدأ يسوع القراءة‪:‬‬

‫يقول‪« :‬الروح جيعلين أقرأ هذه األشياء لكم‪ .‬من الفصل السابع من ِّسفر إرميا نقرأ‪" :‬هكذا‬
‫قال رب اجلنود إله إسرائيل‪’ :‬أَصلِّحوا طُرقكم وأعمالكم فآيت وأسكن معكم يف هذا املوضع‪ .‬ال تَـت ِّ‬
‫َّكلوا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الرب‪ .‬فإنّكم إن أصلحتم طرقكم‬ ‫ِّ‬
‫الرب‪ ،‬هيكل ّ‬
‫الرب‪ ،‬هيكل ّ‬ ‫على قول الكذب ُمَرّددين هنا هيكل ّ‬
‫َجريتم احلكم بني الرجل وقريبه‪ .‬إن مل جتوروا على الغريب واليتيم واألرملة ومل تسفكوا الدم‬
‫وأعمالكم وأ َ‬
‫فإين أسكن معكم يف هذا املوضع يف األرض‬ ‫ِّ‬
‫الزكي يف هذا املوضع ومل تتبعوا آهلة أُخرى ل َم َساءاتكم ّ‬
‫اليت أعطيتُها آلابئكم ِّمن الدهر إىل الدهر‘"‪.‬‬

‫ئت ألنشر كالم النور الذي ال تعرف نفوسكم العمياء‬ ‫ِّ‬


‫امسَعوا أنتم أيّها اإلسرائيليّون‪ .‬ها قد ج ُ‬
‫أن تراه وال أن تدركه‪ .‬امسعوا‪ .‬سوف تفيض الدموع على أرض شعب هللا؛ يبكي ال ُـم ِّسنّون الذين‬
‫يتذ ّكرون األجماد القدَية؛ يبكي البالغون منحنني حتت النري؛ ويبكي األطفال فاقدين األمل مبجد ٍ‬
‫آت‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫لكن جمد األرض ليس بشيء إذا ما قورن مبجد ال يستطيع انتزاعه ظامل غاشم إن مل يكن الشيطان‬ ‫و ّ‬
‫واإلرادة السيّئة‪.‬‬

‫ملاذا تبكون؟ هل الباري تعاىل الذي كان دائماً صاحلاً جتاه شعبه قد أدار نظره اآلن إىل جهة‬
‫ومرر إسرائيل به‪ ،‬الذي قاده عرب رمال الصحراء‬ ‫أخرى وأىب أن يريه وجهه؟ أمل يعد هللا الذي َش ّق البحر ّ‬
‫رد عنه أعداءه؛ أليس هو الذي‪ ،‬لكي َينع عنه التيه على طريق السماء َمنَ َح النفوس‬ ‫وغ ّذاه‪ ،‬الذي ّ‬
‫املن بينما‬
‫أنزَل ّ‬ ‫الشريعة كما أعطى األجسام عمود السحاب؟ أمل يعد هو اإلله الذي َحلَّى املياه ال ُـمّرة و َ‬
‫كانوا ُم َنهكني؟ أليس هو اإلله الذي أراد أن جيعل لكم مكانة على هذه األرض وأن يقطع عهداً‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 57 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ضربكم األجنيب؟ كثريون منكم يـُ َه ِّ‬
‫مهمون‪" :‬ومع ذلك فلدينا‬ ‫ّ‬ ‫معكم؟ أليس هو أابكم وأنتم أبناءه؟ ملاذا َ َ‬
‫املضي للصالة إىل هللا فيه‪.‬‬
‫هنا اهليكل!" فال يكفي امتالك اهليكل و ّ‬
‫كل إنسان‪ ،‬وهناك تقوم الصالة املق ّدسة‪ .‬ولكن ال َيكنها أن تكون‬ ‫األول هو يف قلب ّ‬ ‫اهليكل ّ‬
‫مق ّدسة إن مل يُصلِّح القلب نفسه‪ ،‬إن مل تَصطَلِّح ال ِّطّباع واملشاعر ومبادئ العدالة جتاه الفقراء وجتاه‬
‫اخلُ ّدام وجتاه األهل وجتاه هللا‪.‬‬

‫يتربعون للهيكل بسخاء ولكنّهم ال يعرفون أن يقولوا‬ ‫إين أرى أغنياء قساة القلوب ّ‬ ‫انظروا اآلن‪ّ .‬‬
‫لك وال جتعلين‬
‫ك عطيّيت َ‬ ‫لهما‪ِّ .‬من القلب للقلب‪ ،‬فال تذلّنّ َ‬ ‫ِّ‬
‫لفقري‪" :‬اي أخي هاك رغيفاً ودانقاً‪ ،‬اقبَ ُ‬
‫صلّون ويشتكون إىل هللا ِّمن أنّه ال يستمع إليهم سريعاً‪ ،‬ولكنّهم بعدئذ ُجييبون‬ ‫إين أرى أانساً يُ َ‬
‫متكرباً"‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫البائس الذي يقول هلم‪" :‬امسعوين"‪ ،‬وقد يكون أحياانً من األُسرة ذاهتا‪ ،‬بقلب قاس مثل احلجر‪" :‬ال"‪.‬‬
‫فرغ خزائنكم‪ .‬ولكنّكم بعد ذلك تَستَ ِّنزفون دم َمن متقتون وال ّ‬
‫تتورعون عن‬ ‫احملتل يُ ِّ‬
‫أراكم تبكون أل ّن ّ‬
‫األمنيات الدمويّة ض ّد احلياة‪.‬‬

‫فاضلِّني‬
‫اي أبناء إسرائيل! زمن الفداء قد أتى‪ ،‬إّّنا هيئوا سبله يف ذواتكم ابإلرادة الصاحلة‪ .‬كونوا ِّ‬
‫ّ ُُ‬
‫ِّ‬
‫صاحلِّني‪ ،‬أحبّوا بعضكم بعضاً‪ .‬أيّها األغنياء ال تَ َزدروا الفقراء؛ أيّها الباعة ال تغ ّشوا؛ أيّها املساكني ال‬
‫توصدوا دون‬ ‫ومن إله واحد‪ .‬ومجيعكم مدعوون إىل مصري واحد‪ .‬ال ِّ‬ ‫َحتسدوا‪ .‬أنتم مجيعاً ِّمن دم واحد ِّ‬
‫ّ‬
‫ف‬‫حّت هذا احلني؟ اآلن ال‪ .‬فلتَختَ ِّ‬
‫أنفسكم‪ ،‬خبطاايكم‪ ،‬السماء اليت سيفتحها ماسيا لكم‪ .‬هل تُ ْـهتُم ّ‬
‫توصل إىل الوصااي العشر األوليّة‪ ،‬إّّنا مطبوعة‬ ‫كل متاهة‪ .‬بسيطة‪ ،‬صاحلة وسهلة هي الشريعة اليت ِّ‬
‫ّ‬
‫احلب‪.‬‬
‫بطابع نور ّ‬
‫ب‬‫وحبّكم هلل‪ُ .‬ح ّ‬
‫ب هللا لكم ُ‬
‫ب‪ُ .‬ح ّ‬‫ب‪ُ ،‬ح ّ‬
‫ب‪ُ ،‬ح ّ‬‫تعالوا سوف أدلّكم عليها كما هي‪ُ :‬ح ّ‬
‫احلب‪ .‬أان‬
‫ب وأل ّن أبناء هللا اآلب هم أولئك الذين يعرفون أن يعيشوا ّ‬‫ب‪ ،‬أل ّن هللا ُح ّ‬
‫القريب‪ .‬دائماً ُح ّ‬
‫تتحول فيكم إىل غذاء‪ .‬تعالوا‪،‬‬
‫هنا من أجل اجلميع‪ ،‬ألَمنَح اجلميع نور هللا‪ .‬هذه هي كلمة اآلب اليت ّ‬
‫كل شهوة جسديّة‪.‬‬ ‫لتمت‬ ‫و‬ ‫السموم‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ف‬‫تذوقوا‪ ،‬ج ّددوا دم نفوسكم هبذا الغذاء‪ .‬ولتَختَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 58 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األبدي‪ .‬وإليه سيُقبِّل أولئك الذين سيُن ِّجزون يف قلوهبم‬
‫ّ‬ ‫ها إ ّن جم ّداً جديداً قد َوَرَد إليكم‪ :‬اجملد‬
‫احلب ستعرفون‬
‫ابحلب‪ .‬ال شيء أعظم منه‪ .‬ولكنّكم عندما ستعرفون ّ‬ ‫دراسة حقيقيّة لشريعة هللا‪ .‬ابدؤوا ّ‬
‫كل جتربة‪.‬‬
‫وحب هللا يعين معونة هللا يف مواجهة ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬وسوف ُيبّكم هللا‪ّ ،‬‬ ‫آنذاك ّ‬
‫فعم ابإلرادة الصاحلة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫فلتحل بركة هللا على الذي يلتَفت إليه بقلب ُم َ‬
‫ّ‬
‫يتفرق اجلمع بعد إنشاد مزامريي مبقاطع متع ّددة‪.‬‬
‫صمت يسوع‪ ،‬ويثرثر الناس مثّ ّ‬
‫يَ ُ‬
‫ََي ُرج يسوع إىل الساحة الصغرية‪ .‬وعند عتبة الباب كان يوحنّا ويعقوب مع بطرس وأندراوس‪.‬‬

‫اج أن‬ ‫ِّ‬


‫يقول يسوع‪« :‬السالم لكم‪ ».‬ويضيف‪« :‬هذا هو الرجل الذي‪ ،‬لكي يكون ُمنصفاً‪ ،‬احتَ َ‬
‫عرف اكتشاف أخطـائه بنـزاهـة‪.‬‬ ‫كف عن إصدار األحكام قبل أن يَستَعلِّم ّأوالً‪ ،‬ولكنّه مع ذلك يَ ِّ‬
‫يَ ّ‬
‫سـمعان‪ ،‬هل أردت رؤييت؟ ها أان ذا‪ .‬وأنت اي أندراوس‪ ،‬ملاذا مل ِّ‬
‫أتت قبالً؟»‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َخوان إىل بعضهما ُمرتَبِّ َكني‪ ،‬مثّ يتمتم أندراوس‪« :‬مل أكن أجرؤ‪»...‬‬
‫يَنظُر األ َ‬
‫شراً أن‬
‫سمع يسوع يقول ألخيه‪« :‬هل كان ّ‬ ‫يَع ََتي بطرس امحرار وال يقـول شـيئاً‪ .‬ولكنّه عندما يَ َ‬
‫ويتدخل قائالً بصراحة‪« :‬لقد بَِّق َي بسبيب‪،‬‬
‫الشر الذي ينبغي لنا ّأال جنرؤ على فعله»‪ّ ،‬‬ ‫أتيت؟ ليس سوى ّ‬
‫قلت‪" :‬ال أؤمن به"‪ ،‬ومل أ ُِّرد‪ .‬آه! اآلن‬
‫قلت‪ ...‬نعم ُ‬
‫إليك‪ ،‬ولكنّين أان‪ُ ...‬‬ ‫كان يريد أن أييت يب حاالً َ‬
‫أفضل!‪»...‬‬

‫ك‪».‬‬
‫لصدقك أقول إنّين أحبّ َ‬
‫َ‬ ‫يبتسم يسوع مثّ يقول‪« :‬و‬

‫لست قادراً على ما قُلتَه يف اجملمع‪ .‬أان سريع الغضب‪ ،‬وإذا أساء‬
‫لست صاحلاً‪ُ .‬‬‫«ولكن أان‪ُ ...‬‬
‫ب امتالك املال‪ ...‬وخالل بيعي السمك‪ ...‬إيه‪ ...‬ليس دائماً‪...‬‬ ‫أح ّ‬
‫إيل أحد‪ ...‬إيه!‪ ...‬أان طَ َّماع و ُ‬
‫ّ‬
‫باعك ألحصل على النور‪ .‬فما‬
‫لدي الوقت الكثري التّ َ‬ ‫غش‪ .‬أان جاهل‪ .‬وليس ّ‬ ‫إّّنا ليس دائماً دون ّ‬
‫العمل؟ أريد أن أُصبِّح كما تقول‪ ...‬ولكن‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 59 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هذا ليس صعباً‪ ،‬اي مسعان‪ .‬أَتَعرف الكتاب قليالً؟ نعم؟ إذاً ف ّكر ابلنيب ميخا‪ .‬هللا يريد َ‬
‫منك‬
‫تضحي أبقدس املشاعر‪ .‬ال‪ ،‬ال يَطلُب ذلك‬ ‫قلبك وال أن ّ‬
‫منك أن تنزع َ‬ ‫ما قاله ميخا‪ .‬وهو ال يَطلُب َ‬
‫وهطل مطر‬ ‫منك اآلن‪ .‬ذات يوم‪ ،‬ودون أن يُطلَب منك َستَ ِّهب َ‬
‫ذاتك أيضاً هلل‪ .‬ولكنّه ينتظر مشساً َ‬ ‫َ‬
‫منك هذا‪ :‬ممارسة اإلنصاف‪،‬‬‫أنت النبتة الغضة‪ ،‬خنلة قويّة رائعة‪ّ .‬أما الساعة فهو يَطلُب َ‬
‫منك‪َ ،‬‬ ‫جتعل َ‬
‫محى ماضي مسعان‪ ،‬وستُصبِّح‬ ‫ب الرأفة‪ ،‬االلتزام الكامل ابتّباع هللا‪ِّ .‬‬
‫حاول جاهداً َع َمل هذا‪ ،‬وسيُ َ‬ ‫ُح ّ‬
‫اإلنسان اجلديد‪ ،‬صديق هللا ومسيحه‪ .‬ولن تكون بعد مسعان بل كيفا (صفا)‪ ،‬الصخرة القويّة اليت‬
‫سأتكئ عليها‪».‬‬

‫إين أفهمه‪ .‬الشريعة هي ذاك‪ ...‬هي ذاك‪ ...‬ها أان مل أعد أعرف أن أنظر إليها‬‫«هذا يروق يل! ّ‬
‫سأتوصل إىل ذلك‪ .‬وستساعدين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إيل أنّين‬
‫أنت‪ ،‬نعم‪َُ .‬ييَّل ّ‬
‫مبنظار احلاخامني!‪ ...‬بل كما تشرحها َ‬
‫هل تبقى يف هذا البيت؟ أان أعرف صاحبه‪».‬‬

‫أتيت ِّمن أجل‬


‫«أبقى هنا‪ .‬ولكنّين سأذهب إىل أورشليم‪ ،‬وبعدئذ سأكرز عرب فلسطني‪ .‬لقد ُ‬
‫هذا‪ّ .‬إال أنّين سوف آيت إىل هنا غالباً‪».‬‬

‫دخل القليل من النور إىل رأسي‪».‬‬


‫تلميذك‪ .‬وسيَ ُ‬
‫َ‬ ‫ألمسعك‪ .‬أريد أن أكون‬
‫َ‬ ‫«سوف آيت‬

‫أنت أندراوس‪ ،‬أال تتكلّم؟»‬


‫خاصة إىل القلب‪ .‬و َ‬
‫«إىل القلب‪ ،‬اي مسعان‪ّ ،‬‬
‫«إنّين أمسع‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬

‫«أخي خجول‪».‬‬

‫«سوف يُصبِّح ليثاً‪ .‬الليل يهبط‪ .‬فليبارككم هللا ويكثر صيدكم‪ .‬امضوا‪».‬‬

‫لك‪ ».‬وَيضون‪.‬‬
‫«السالم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 60 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت يقول بطرس‪« :‬ولكن ماذا كان يريد ِّمن قوله آنذاك‪ ،‬عندما كان يتح ّدث‬
‫ما أن ََي ُرجوا ّ‬
‫عن أنّين سأصطاد بِّ ِّشباك أخرى وأحصل على صيد من نوع آخر؟»‬

‫كنت تريد قول أشياء كثرية ومثّ مل تَـ ُقل شيئاً‪».‬‬


‫«ملاذا مل تسأله؟ َ‬
‫كل احلاخامني!»‬
‫كنت خجوالً‪ .‬إنّه َيتلف كثرياً عن ّ‬
‫«أان ُ‬
‫أود الطلب إليه لو‬
‫كنت ّ‬
‫عظيمني‪« :‬اآلن سيذهب إىل أورشليم‪ُ ...‬‬
‫َ‬ ‫يقول يوحنّا بلهفة وحنني‬
‫كان يصحبين معه‪ ...‬ومل أجرؤ‪».‬‬

‫ود‪ ...‬فليَعلَم على‬


‫يقول بطرس‪« :‬اذهب اي َولَد وقُل له ذلك‪ .‬لقد تركناه هكذا‪ ...‬دون كلمة ّ‬
‫أابك بذلك‪».‬‬ ‫األقل أنّنا معجبون به‪ .‬اذهب‪ ،‬اذهب‪ .‬سوف أ ِّ‬
‫ُخرب َ‬ ‫ّ‬

‫«أَأ َ‬
‫َذهب اي يعقوب؟»‬

‫«اذهب‪».‬‬

‫معك إىل‬
‫تود أخذي َ‬ ‫قلت له‪" :‬هل ّ‬ ‫َيضي يوحنّا وهو جيري‪ ...‬ويعود جيري مغتبطاً‪« :‬لقد ُ‬
‫أورشليم؟" وأجابين‪" :‬تعال اي صديقي"‪ .‬لقد قال يل اي صديقي! غداً يف مثل هذه الساعة سآيت إىل‬
‫هنا‪ .‬آه! إىل أورشليم معه‪»...‬‬

‫تلك كانت هناية الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 61 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -11‬لقد كان يوحنّا كذلك عظيماً ابلتواضع)‬

‫‪1944 / 10 / 14‬‬

‫خبصوص الرؤاي السابقة يقول يل يسوع هذا الصباح‪:‬‬

‫الحظوا سلوك يوحنّا‪ ،‬يف إحدى نواحيه اليت تُغ َفل دائماً‪ .‬تُـ َق ِّّدرونه ألنّه‬
‫يدك واجلميع أن تُ ِّ‬
‫«أر ِّ‬
‫وويف‪ ،‬ولكنّكم ال تالحظون أنّه كان عظيماً بتواضعه‪.‬‬ ‫ب‬ ‫وحم‬ ‫ِّ‬
‫طاهر ُِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة‪ .‬إنّه‬
‫بكل تواضع تلك النقطة ّ‬ ‫إيل‪َُ ،‬يفي ّ‬ ‫إنّه‪ ،‬وهو الذي كان له الفضل يف جميء بطرس ّ‬
‫الرسول إىل بطرس‪ ،‬وابلنتيجة أ ََّول ُر ُسلي‪ ،‬فلقد كان يوحنّا ّأول َمن َعرفين‪ّ ،‬أول َمن كلّمين‪ّ ،‬أول َمن‬
‫تَبعين و ّأول َمن بَشَّر يب‪ .‬ومع ذلك انظروا إىل ما يقوله‪" :‬وكان أندراوس أخو مسعان أحد اللذين َِّمسعا‬
‫كالم يوحنّا فَـتَبِّعا يسوع‪ .‬و ّأول من التقى به أخو مسعان فقال له‪َ :‬و َجدان ماسيا‪ .‬وجاء به إىل يسوع"‪.‬‬

‫إبنصافه‪ ،‬إضافة إىل صالحه‪ ،‬يعرف أ ّن أندراوس ُمرتَبِّك لكونه ال َيتلك سوى شخصيّة ُمنغَلِّ َقة‬
‫عرف‬ ‫وخجولة‪ ،‬وهو يريد فعل أشياء كثرية‪ّ ،‬إال أنّه ال يـُوفَّق يف ذلك‪ ،‬وهو يريد لألجيال القادمة أن تَ ِّ‬
‫َ‬
‫ِّطيب إرادته‪ .‬إنّه يريد أن يبدو أندراوس ّأول رسول للمسيح ابلنسبة إىل مسعان رغم أ ّن َخ َجله وتالشيه‬
‫أمام أخيه قد َمحَاله على الفشل يف رسالته‪.‬‬

‫ظهر نفسه الرسول الذي‬ ‫عرف االقتداء بيوحنّا وال يُ ِّ‬


‫بني الذين يفعلون شيئاً من أجلي‪ ،‬من تُراه يَ ِّ‬
‫قارن؟ ّإهنم ال يف ّكرون أ ّن جناحهم انجم عن جمموعة أمور‪ ،‬واألمر ال يتعلّق ابلقداسة فقط‪ ،‬بل إّّنا‬ ‫ال يُ َ‬
‫أقل حظّاً‪ ،‬إّّنا قد يكونون‬
‫أقل جرأة أو ّ‬ ‫ظ وبفعل التواجد أمام آخرين ّ‬ ‫ابلشجاعة البشريّة كذلك وابحل ّ‬
‫أكثر قداسة منهم‪.‬‬

‫رب‬ ‫ِّ‬
‫بعد جناح عظيم‪ ،‬ال ُمتَ ّجدوا أنفسكم كما لو أ ّن ال َفضل ال يعود ّإال لكم‪ .‬سبّحوا هللا‪ّ ،‬‬
‫احلق‬
‫العاملني يف حقل الرسالة‪ .‬فلتكن لديكم النظرة الصافية والقلب الصادق ملالحظة وإعطاء َمن له ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 62 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يستحق‪ .‬نظرة صافية ملالحظة الرسل الذين ح ّققوا التضحية والذين كانوا الركائز األوىل‬ ‫ّ‬ ‫ابلثناء الذي‬
‫كأهنم ال يفعلون شيئاً وهم‪،‬‬
‫احلقيقيّة يف عمل اآلخرين‪ .‬وحده هللا يراهم‪ ،‬هؤالء اخلجولني الذين يبدون و ّ‬
‫على العكس من ذلك‪ ،‬الذين َُيفون يف السماء النار اليت تُـنَ ّشط اجلَسورين‪ .‬فينبغي على القلب‬
‫يضحي بنفسه‬‫مين‪ّ ،‬‬ ‫مين‪ ،‬يصلّي أفضل ّ‬ ‫احلب أكثر ّ‬
‫الصادق أن يقول‪" :‬أان أعمل إّّنا ذاك َيتلك من ّ‬
‫ذاتك يف اخلفاء لتصلّي‬ ‫ِّ‬
‫خمدعك وأغلق على َ‬‫َ‬ ‫كما ال أعرف أان أن أفعل‪ ،‬وكما قال يسـوع‪...’ :‬ادخل‬
‫ابلسّر‘‪ .‬أان الذي أرى فضيلته املتواضعة املق ّدسة‪ ،‬أريد أن أعلنها على املأل وأقول‪’ :‬أان األداة الفاعلة‬
‫القوة من العالء‘"‪.‬‬
‫ابحتاده ابهلل أتل ّقى أان‪ ،‬بواسطة قناته‪ّ ،‬‬
‫القوة اليت ال تتزعزع ألنّه ّ‬
‫وهو ّ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫وبركة اآلب اليت تنزل لِّتُكافِّئ الـمتو ِّ‬
‫للر ُسل‪ ،‬تنزل‬
‫القوة ُ‬
‫صمت ليُـ َؤّمن ّ‬‫ض ّحي بذاته بِّ َ‬
‫اضع الذي يُ َ‬ ‫ُ‬
‫كذلك على الرسول الذي يعَتف بصدق ابلعون فائق الطبيعة والصامت الذي أيتيه ِّمن املتو ِّ‬
‫اضع الذي‬
‫ال يالحظه األشخاص السطحيّون‪.‬‬

‫لدي؟ نعم‪ .‬إّّنا أََمل يُصبِّح بعد لديه هذا الشبه‬


‫املفضل ّ‬
‫خذوا منه مجيعكم األمثولة‪ .‬هل يوحنّا هو ّ‬
‫كنت‬ ‫يب؟ ِّ‬
‫طاهر ُِّ‬
‫كنت أرى نفسي فيه‪ ،‬وفيه أرى فضائلي‪ .‬و ُ‬ ‫ومطيع ولكنّه متواضع أيضاً؟ لقد ُ‬ ‫ّ ُ‬‫ب‬ ‫وحم‬
‫كنت أرى فيه نظرة اآلب الذي يعتربه مسـيحاً صغرياً‪ .‬ولقد‬ ‫أحبّه هلذا السبب مثل شخصي اآلخر‪ُ .‬‬
‫أنت‪ ،‬متج ّدداً‬
‫أين أر َاك َ‬
‫لدي ولداً اثنيـاً‪ .‬يبدو يل ّ‬‫كانت والديت تقول يل‪" :‬بسـببه ينتابين الشــعور أبن ّ‬
‫فيه وهو ليس سوى إنسان"‪.‬‬

‫فك اي حمبويب! فالزوردا قلبيكما ابلطهارة الكاملة قد ذااب‬‫آه! املمتلئة حكمة‪ ،‬كم كانت تعر َ‬
‫األم ليوحنّا ويوحنّا‬
‫حّت قبل أن أعطي ّ‬‫ابحلب‪ ،‬وأصبَ َحا حبّاً واحداً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بوشاح وحيد ليش ّكال يل محاية‬
‫ليتعرفا على تشاهبهما‪ :‬أبناء وإخوة لآلب واالبن‪».‬‬
‫حتااب ّ‬
‫لألم‪ .‬لقد ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 63 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -12‬يسوع يلتقي بفليبّس ونثنائيل يف بيت صيدا يف منزل بطرس)‬

‫‪1944 / 10 / 15‬‬

‫علي أن أكتب هذا‪:‬‬


‫بعد الرؤاي السابقة‪ ،‬يف الساعة التاسعة والنصف‪ّ ،‬‬
‫يوحنّا يطرق على ابب املنزل الذي ابت يسوع فيه‪ .‬تتق ّدم امرأة‪ ،‬وحني ترى الطارق تنادي‬
‫يسوع‪.‬‬

‫أتيت مب ّكراً اي يوحنّا‪».‬‬


‫يتبادالن حتيّة السالم‪ .‬مثّ يقول يسوع‪َ « :‬‬
‫عنك للكثريين‪ ...‬مل‬
‫َّث َ‬
‫يرجوك املرور ببيت صيدا‪ .‬لقد حتد َ‬
‫َ‬ ‫أخربك أب ّن مسعان بطرس‬
‫أتيت َ‬ ‫« ُ‬
‫نصطد هذه الليلة‪ .‬بل صلّينا‪ ،‬على قدر معرفتنا‪ ،‬وقد َزهدان ابلربح أل ّن السبت‪ ...‬مل يكن قد انقضى‬
‫إليك‪ ...‬هل‬
‫عنك‪ .‬هناك أانس يبغون االستماع َ‬ ‫بعد‪ .‬وقد ِّسران هذا الصباح عرب الطرقات نتح ّدث َ‬
‫أتيت اي معلّم؟»‬

‫«أان آت على الـرغم من أنّه ينبغي يل الذهـاب إىل النـاصـرة قبـل ذهايب إىل أورشليم‪».‬‬

‫طرباي‪ ،‬فهكذا تصل بشكل أسرع‪».‬‬


‫سيأخذك بطرس مبركبه من بيت صيدا إىل ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«حسناً‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬

‫لكن يوحنّا هو الذي ُيملهما له‪ .‬وَيضيان بعد وداع صاحبة‬‫و‬ ‫ج‪،‬‬‫ر‬‫أيخذ يسوع معطفه واخلِّ‬
‫ّ‬
‫املنزل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 64 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وحّت‬
‫لست أمسَع النقاش‪ّ ،‬‬
‫أرى من خالل الرؤاي اخلروج من البلدة وبداية الرحلة إىل بيت صيدا‪ُ .‬‬
‫عاود عند مدخل بيت صيدا‪ .‬أ ِّ‬
‫ُدرك ّأهنا هي هذه املدينة‪ ،‬إذ إنّين أرى بطرس وأندراوس‬ ‫الرؤاي تنقطع‪ .‬وتُ ِّ‬
‫التجمع السكين‪.‬‬
‫ويعقوب ومعهم نساء ينتظرون يسوع عند بداية ّ‬
‫«السالم معكم‪ .‬ها أان ذا‪».‬‬

‫«شكراً اي معلّم‪ ،‬اليوم ليس السبت‪ ،‬إّّنا من أجلنا ومن أجل الذين ينتظرون‪ ،‬أال تلقي كلمة يف‬
‫ينتظرونك؟»‬
‫َ‬ ‫الناس الذين‬

‫بيتك‪».‬‬
‫«نعم اي بطرس‪ ،‬سوف أتكلّم يف َ‬
‫يقول بطرس مبتهجاً‪« :‬تعال إذن‪ .‬هذه زوجيت‪ ،‬وهذه ّأم يوحنّا‪ ،‬وهؤالء هن صديقاهتما إّّنا‬
‫ينتظرونك كذلك‪ ،‬بل هم أهل وأصدقاء لنا‪».‬‬
‫َ‬ ‫هناك آخرون‬

‫«قُل هلم أبنّين سوف أرحل هذا املساء‪ ،‬وقبل ذلك سأحت ّدث إليهم‪».‬‬
‫أبهنما َذهبا ِّمن كفرانحوم عند غروب الشمس‪ ،‬وأنّين رأيتُـهما ي ِّ‬
‫صالن بيت‬ ‫ُ َ‬ ‫لقد فاتين القول ّ َ‬
‫صيدا يف الصباح‪.‬‬

‫حبملك يف‬
‫َ‬ ‫صرتُه‬
‫حّت ولو قَ َّ‬
‫أرجوك‪ ،‬ام ُكث ليلة يف بييت‪ .‬الطريق طويلة إىل أورشليم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‬
‫وح َسن االستقبال‪ .‬فامكث معنا هذه الليلة‪».‬‬
‫طرباي‪ .‬بييت فقري ولكنّه نزيه َ‬
‫املركب إىل ّ‬
‫ويتفرس فيهم‪ ،‬مثّ يبتسم‬
‫يَنظُر يسوع إىل بطرس واآلخرين الذين ينتظرون إجابة‪ .‬ينظر إليهم ّ‬
‫ويقول‪« :‬نعم‪».‬‬

‫فرحة جديدة لبطرس‪.‬‬

‫ويشورون‪ .‬ينادي رجل يعقوب ابمسه وُي ّدثه هبدوء وهو يشري إبصبعه‬
‫يطل أانس من األبواب ّ‬‫ّ‬
‫إىل يسوع‪ .‬يشري يعقوب بنعم ‪ ،‬وَيضي الرجل ليتح ّدث إىل آخرين واقفني عند مفَتق الطرق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 65 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يدخلون إىل بيت بطرس‪ .‬مطبخ كبري يكسوه سواد الدخان‪ .‬يف إحدى زواايه ِّشباك ِّ‬
‫وحبال‬ ‫َ ُ‬
‫ومطفأ يف هذه اآلونة‪ .‬ومن خالل‬ ‫ض‬ ‫وسالل للسمك‪ .‬يف الوسط يوجد الـموقِّد‪ ،‬إنّه عريض ومنخ ِّ‬
‫ف‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫اببني متقابلني تُرى الطريق واحلديقة مع شجرة التني والكرمة‪ .‬بعد الطريق‪ ،‬أمواج البحرية الزرقاء الفاحتة‪.‬‬
‫وبعد احلديقة اجلدار القامت ملنزل آخر‪.‬‬

‫لدي‪ ،‬وحسب ما أعرف‪»...‬‬ ‫ر‬‫ّ‬‫ف‬‫متو‬ ‫هو‬ ‫مما‬ ‫لك‬ ‫م‬ ‫«اي معلّم ‪ ،‬إنّين أُقَ ِّّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫حبب‪».‬‬
‫ك تق ّدمه يل ّ‬
‫َيكنك القيام أبفضل من ذلك ألنّ َ‬
‫َ‬ ‫«ممتاز‪ ،‬وال‬
‫ومن مثّ اخلبز والزيتون‪ .‬يشرب يسوع بضعة جرعات لِّيُ ِّ‬
‫ظهر أنّه تَـ َقبَّ َل ذلك‬ ‫يق ِّّدم املاء ليسوع ِّ‬
‫ُ‬
‫منه‪ ،‬مثّ يُبعِّد الباقي شاكراً‪.‬‬

‫أطفال يف احلديقة ويف الطريق ينظرون إليه بفضول‪ .‬ولكنّين ال أعرف إذا ما كانوا أوالد بطرس‪.‬‬
‫أعرف فقط أنّه كان يشري إليهم ابلنظر ليضبط هؤالء الغُزاة الصغار‪ .‬يبتسم يسوع ويقول‪« :‬دعهم‬
‫يفعلون‪».‬‬

‫لك‬
‫«هل تريد اي معلّم أن أتخذ قسطاً من الراحة؟ هنا َمس َكين‪ ،‬وهناك مسكن أندراوس‪َ .‬‬
‫ضجة أثناء راحتك‪».‬‬
‫االختيار ولنا العمل على عدم إحداث ّ‬
‫لديك أيضاً شرفة؟»‬
‫«هل َ‬
‫فإهنا تعطي قليالً من الظل‪».‬‬
‫حّت وإن كانت ما تزال عارية تقريباً‪ّ ،‬‬
‫«نعم مع كرمة‪ّ ،‬‬

‫«خذين إليها‪ .‬أُفَ ِّّ‬


‫ضل الراحة هناك فوق‪ .‬سوف أف ّكر وأصلّي‪».‬‬

‫«كما تريد‪ .‬تَـ َفضَّل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 66 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صعد إىل السطح الذي هو مبثابة ُشرفَة ُحماطَة جبدار صغري‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫من احلديقة‪ ،‬هناك ُسلّم صغري يَ َ‬
‫وهناك كذلك ِّشباك ِّ‬
‫وحبال‪ ،‬إّّنا اي هلذا النور القادم من السماء واي لزرقة البحرية!‬

‫كرسي ويسند كتفيه على اجلدار‪َ .‬يسك بطرس بشراع وَيده يف األعلى وإىل‬
‫جيلس يسوع على ّ‬
‫جلي‪.‬‬
‫الصمت‪ .‬ويُ َسّر يسوع بذلك بشكل ّ‬ ‫جانب الكرمة لريد الشمس‪ .‬وَييم هناك النسيم و َّ‬

‫«أان ذاهب اي معلّم‪».‬‬


‫أنت ويوحنّا‪ ،‬لِّتُ ِّ‬
‫خربا أبنّين سأحت ّدث ِّمن هنا عند غروب الشمس‪».‬‬ ‫« ِّ‬
‫امض‪ .‬ستمضيان‪َ ،‬‬
‫ضجة سوى حركة زوجي محام بذهاهبا وإايهبا إىل‬ ‫يبقى يسوع وحيداً ويصلّي طويالً‪ ،‬ال ّ‬
‫حي حول يسوع الذي يصلّي‪.‬‬ ‫آخر‬ ‫شيء‬ ‫ن‬ ‫أعشاشها‪ ،‬وزقزقة عصافري‪ .‬ما ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫متر الساعات هادئة رائعة‪ .‬مثّ يقوم يسوع ويدور حول الشرفة‪ ،‬ينظر إىل البحرية وإىل أوالد‬ ‫ّ‬
‫يلعبون على الطريق‪ .‬يبتسم هلم ويَ ّرد األطفال اببتساماهتم‪ .‬ينظر إىل الطريق من جهة الساحة الصغرية‬
‫اليت تبعد عن املنزل حبوايل مائة مَت‪ .‬مثّ ينزل ويذهب إىل املطبخ «اي امرأة أريد أن أقوم جبولة على‬
‫الشاطئ‪».‬‬

‫االجتاه‪ ،‬قُرب األطفال‪ .‬يسأهلم‪« :‬ماذا تفعلون؟»‬


‫ََي ُرج وََيضي فعالً يف ذلك ّ‬

‫«كنا نريد أن نلعب لعبة احلرب‪ ،‬لكنّه هو مل يُِّرد‪ ،‬لذلك نلعب لعبة صيد السمك‪».‬‬

‫مشعتان ج ّداً‪ .‬رّمبا كان يَعلَم أنّه هلزاله قد‬ ‫هذا الذي مل يُِّرد هو إنسان صغري حنيف‪ ،‬و ّ‬
‫لكن عينيه ّ‬
‫يُز ِّامحه اآلخرون أثناء "لعبة احلرب" لذلك هو يُدافِّع عن السالم‪.‬‬

‫حق‪ .‬فاحلرب هي قصاص‬ ‫لكن يسوع يغتنم الفرصة للتح ّدث إىل أولئك األطفال‪« :‬إنّه على ّ‬ ‫ّ‬
‫من هللا لِّيُعاقِّب الناس‪ .‬وهي تعين أ ّن اإلنسان مل يعد ابناً حقيقيّاً هلل‪ .‬عندما َخلَ َق الباري تعاىل العامل‪،‬‬
‫األهنار والنبااتت واحليواانت‪ ،‬ولكنّه مل يَصنَع األسلحة‪ .‬لقد‬ ‫كل شيء‪ :‬الشمس والبحر والنجوم و ّ‬ ‫صنَ َع ّ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 67 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حب‪ ،‬وأذنني ليسمعه‪ ،‬ويدين‬ ‫حب‪ ،‬وفماً ليقول كالم ّ‬ ‫ومنَ َحه عينني لتكون له نظرات ّ‬ ‫َخلَ َق اإلنسان َ‬
‫متت ّدان للمساعدة واملالطفة‪ ،‬وساقني للركض بسرعة صوب أخ هو يف حاجة إىل العون‪ ،‬وقلباً قادراً‬
‫احلب‪ .‬لقد َمنَ َح اإلنسان الذكاء والكالم والعواطف والشعور‪ ،‬ولكنّه مل َينحه البغض‪ .‬ملاذا؟ أل ّن‬
‫على ّ‬
‫اإلنسان خليقة هللا‪ ،‬كان ينبغي لـه أن يكون ُحبّاً كما هو هللا‪ .‬لو بقي اإلنسان ابناً هلل‪ ،‬لكان بقي يف‬
‫احلب وملا كانت األسرة البشريّة لتعرف احلرب واملوت‪».‬‬
‫ّ‬
‫َّنت ذلك‪).‬‬
‫«إّّنا هو ال يريد احلرب ألنّه َيسر دائماً‪( ».‬لقد َمخ ُ‬

‫يضران‪ .‬علينا أن نرفض شيئاً‬‫يضران ألنّه ّ‬‫يبتسم يسوع ويقول‪« :‬جيب ّأال نرفض الشيء الذي ّ‬
‫مضراً للجميع‪ .‬إذا قال أحد‪" :‬ال أريد هذا ألنّين سأكون اخلاسر"‪ .‬فهذه أاننيّة‪ .‬بينما على‬ ‫إذا كان ّ‬
‫متفوقاً ولكنّين أقول لكم‪:‬‬
‫العكس من ذلك‪ ،‬فإ ّن ابناً هلل حقيقيّاً يقول‪" :‬إخويت‪ ،‬أعرف أنّين سأكون ّ‬
‫َدرَك الوصيّة الرئيسيّة! َمن منكم يعرفها فيقوهلا‬
‫نفعلن ذلك ألنّه سيؤذيكم"‪ .‬آه! مثل هذا يكون قد أ َ‬
‫"ال ّ‬
‫يل؟»‬

‫كنفسك‪».‬‬ ‫يبك‬
‫تك وقر َ‬
‫بكل قدر َ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫ب هللا ّ‬
‫فيجيب األحد عشر فماً على شكل جوقة‪« :‬أَح ّ‬
‫«آه! إنّكم أوالد طيّبون‪ .‬أتذهبون مجيعكم إىل املدرسة؟»‬

‫«نعم‪».‬‬

‫«من منكم األكثر اجتهاداً؟»‬

‫«هو‪( ».‬النحيل الذي ال يريد مشاركتهم لعبة احلرب)‬

‫امسك؟»‬
‫«ما َ‬
‫«يوئيل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 68 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قوي مباذا؟ بشريعة‬
‫قوي!" إّّنا ّ‬
‫«إنّه اسم عظيم‪ .‬وهو الذي يقول‪ ..." :‬فليقل الضعيف‪ :‬أان ّ‬
‫لكن الدينونة ابتت‬ ‫ِّ‬
‫احلق‪ ،‬ليكون من أولئك الذين يدعوهم هللا ق ّديسيه يف وادي الدينونة األخرية‪ّ .‬‬
‫اإلله ّ‬
‫وشيكة‪ ،‬ليس يف وادي الدينونة‪ ،‬إّّنا على جبل الفداء‪ .‬وهناك‪ ،‬عندما ستُظلِّم الشمس والقمر يف‬
‫سيتم فصل أبناء النور عن أبناء‬ ‫مشهد ال مثيل لفظاعته‪ ،‬وعندما ستبكي النجوم َِّ‬
‫املرجت َفة إشفاقاً‪ّ ،‬‬
‫الظلمات‪ .‬إسرائيل كلّها ستعرف أ ّن إهلها قد أتى‪ .‬طوىب للذين يكونون قد عرفوه‪ .‬هؤالء‪ ،‬سينزل يف‬
‫قلوهبم عسل ولنب ومياه صافية‪ ،‬وستصبح األشواك وروداً أبديّة‪ .‬من منكم يريد أن يكون ِّمن ضمن‬
‫الذين سيدعوهم هللا ق ّديسني؟»‬

‫«أان! أان! أان!»‬

‫«إذاً سوف حتبّون ماسيا؟»‬

‫ك! نعرف َمن تكون! مسعان ويعقوب قاال ذلك و ّأمهاتنا قلن لنا‬
‫أنت! حنبّ َ‬
‫أنت! َ‬
‫«نعم! نعم! َ‬
‫معك!»‬
‫كذلك‪ .‬خذان َ‬
‫«يف احلقيقة سوف آخذكم إذا كنتم َح َسين السلوك‪ ،‬ال كلمات فاحشة وال عنف وال مشاجرات‬
‫ودرس وعمل وطاعة‪ .‬حينئذ سأحبكم وآيت معكم‪».‬‬
‫وال أجوبة غري الئقة لألهل بعد اآلن‪ .‬بَل صالة َ‬
‫يقف األوالد حول يسوع على شكل دائرة‪ ،‬ختاهلا تُـ َويج زهرة يف الكأس أبلوان خمتلفة حول‬
‫مدقّة طويلة الزورديّة قامتة‪.‬‬
‫يدنو رجل فُضويل متَـ َق ِّّدم يف السن قليالً‪ .‬يلتَ ِّفت يسوع لِّي ِّ‬
‫داعب طفالً يش ّده من ثوبه‪ ،‬ويراه‪،‬‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ُُيَ ِّّدق فيه‪ُُ .‬يَيّيه الرجل وقد عاله امحرار ومل يزد شيئاً‪.‬‬

‫«تعال اتبعين‪».‬‬

‫«نعم اي معلّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 69 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫(يسميه ابمسه) وجيلسان يف احلديقة‪.‬‬ ‫يُ ِّ‬
‫بارك يسوع األوالد ويعود إىل املنزل وإىل جانبه فليبّس ّ‬
‫«هل تريد أن تكون يل تلميذاً؟»‬

‫التمين أن أكون كذلك‪».‬‬


‫«أريد‪ ...‬وال أجرؤ على ّ‬
‫«أان َمن دعاك‪».‬‬

‫أليب إذاً‪ .‬ها أان ذا‪».‬‬


‫«وأان ّ‬
‫نت تَعلَم َمن أكون؟»‬
‫«هل ُك َ‬
‫كنت تتوق إليه قد أتى"‪ .‬فلقد كان يَعلَم أنّين‬ ‫«لقد َح َّدثَين َ‬
‫عنك أندراوس‪ .‬قال يل‪" :‬الذي َ‬
‫أتوق إىل رؤية ماسيا‪».‬‬

‫أمامك‪».‬‬
‫َ‬ ‫انتظارك‪ .‬إنّه‬
‫َ‬ ‫«مل ََيب‬

‫«معلّمي وإهلي!»‬

‫ك‪،‬‬
‫أمامك‪ .‬هناك آخر وهو صديق َ‬ ‫َ‬ ‫ائيلي مستقيم النيّة‪ .‬لذلك أكشف عن نفسي‬
‫أنت إسر ّ‬
‫« َ‬
‫اذهب وقل لـه‪" :‬لقد َو َج ْدان الذي تَ َكلَّم عنه موسى واألنبياء‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ائيلي خالص‪َ .‬‬
‫يَنتَظر‪ ،‬إنّه كذلك إسر ّ‬
‫وهو يسوع بن يوسف من الناصرة وهو من نسل داود"‪ .‬اذهب‪».‬‬

‫يبقى يسوع وحيداً إىل أن يعود فليبّس ونثنائيل‪-‬برتلماوس‪.‬‬

‫لك اي نثنائيل‪».‬‬
‫غش فيه‪ .‬السالم َ‬
‫ائيلي خالص ال ّ‬
‫«هوذا إسر ّ‬
‫« ِّمن أين َ‬
‫لك أن تعرفين؟»‬

‫أيتك‪».‬‬
‫أنت حتت التينة ر َ‬
‫«قبل أن يَدعوك فليبّس و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 70 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ملك إسرائيل!»‬
‫أنت ابن هللا‪َ ،‬‬
‫«اي معلّم َ‬
‫احلق‬ ‫هذا‪.‬‬ ‫من‬ ‫أعظم‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫سوف‬ ‫؟‬ ‫آمنت‬ ‫ر‬ ‫أيتك حتت التينة بينما كنت تُـ َف ِّّ‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫لك‬ ‫قلت‬ ‫ين‬ ‫«أِّ‬
‫َأل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬السماوات مفتوحة وأنتم ابإلَيان‪َ ،‬س َََتون املالئكة صاعدة وهابطة فوق ابن اإلنسان‪:‬‬
‫ّ‬
‫أان الّذي أكلمكم‪».‬‬

‫لست أهالً ملثل هذه احلظوة!»‬


‫«اي معلّم! ُ‬
‫وستَكون أهالً للسماء‪ .‬هل تريد أن تؤمن؟»‬ ‫ِّ‬
‫«آمن َ‬
‫«أريد ذلك اي معلّم‪».‬‬

‫شهد الشُّرفة وهي مليئة ابلبشر‪ :‬أشخاص يتواجدون يف احلديقة‬


‫تتوقّف الرؤاي لتعود على َم َ‬
‫الصغرية ويسوع يتكلّم‪:‬‬

‫«السالم للناس ذوي اإلرادة الصاحلة‪ .‬السالم والربكة لبيوهتم ونسائهم وألوالدهم‪ .‬ولِّتَ ُس ْد فيهم‬
‫نعمة هللا ونوره ويف القلوب اليت تسكنهم‪.‬‬

‫إيل‪ .‬فالكلمة تتح ّدث‪ ،‬تتكلّم بَِّفَرح إىل الناس الشرفاء‪ ،‬وأبمل إىل الذين ُهم‬
‫لقد َرغبتُم االستماع ّ‬
‫حبب للق ّديسني واألطهار‪ ،‬وللخطأة برأفة ورمحة‪ّ .‬إهنا ال تَـتَ َمنَّع‪ ،‬فقد أتت كنهر يروي‬
‫غري ذلك‪ ،‬تتكلّم ّ‬
‫األراضي العطشى للماء‪ ،‬وحتمل هلا رطوبة املاء وغذاء الطمي‪.‬‬

‫هل تريدون معرفة ما هي األمور الضروريّة ليكون املرء تلميذ كلمة هللا‪ ،‬ماسيا‪ ،‬كلمة اآلب الذي‬
‫سمع من جديد كلمات الوصااي العشر املق ّدسة وغري املبتذلة‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫أتى ليجمع مشل إسرائيل فيَ َ‬
‫ألهنا يف العامل‪ ،‬فكم يستطيع اإلنسان أن يتق ّدس بزايدة يف ساعة الفداء وامللكوت‪.‬‬
‫نبع تقديس ّ‬

‫قعدين واألموات‪" :‬قِّفوا‪ ،‬كونوا ُمعافِّني‪ ،‬قوموا من املوت‪،‬‬


‫للم َ‬
‫للصم والبكم و ُ‬
‫ها أان ذا أقول ّ‬
‫امشوا؛ ها هي أهنار النور تُفتَح ِّمن أجلكم وكذلك الكلمة واملوجات الرّاننة لتستطيعوا املشاهدة‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 71 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫توجهي إىل أجسادكم‪ .‬أيّها الناس ذوي‬
‫أتوجه إىل أرواحكم أكثر من ّ‬
‫عين"‪ .‬لكنّين ّ‬ ‫والسماع والتح ّدث ّ‬
‫إيل دون خوف‪ .‬إذا كانت روحكم مكلومة‪ ،‬أعيد هلا سالمتها‪ ،‬إذا كانت‬ ‫اإلرادة الصاحلة‪ ،‬تعالوا ّ‬
‫مريضة أشفيها‪ ،‬إذا كانت ميتة أُحيِّيِّها‪ .‬فقط أريد منكم إرادتكم الصاحلة‪.‬‬

‫هل ما أطلبه منكم صعب؟ ال‪ .‬فأان ال أفرض عليكم املئات واملئات واملئات من أحكام‬
‫احلاخامني‪ .‬أقول لكم‪ :‬اتّبعوا الوصااي العشر‪ .‬فالشريعة واحدة وغري قابلة للتب ّدل‪َ .‬مَّرت قرون كثرية منذ‬
‫ُعطيَت للناس مجيلة‪ ،‬نقيّة‪ ،‬نديّة‪ ،‬مثل خليقة مولودة حديثاً‪ ،‬مثل وردة بَ َدأَت تتفتّح على ساقها‪،‬‬ ‫أن أ ِّ‬
‫مر العصور َع َّق َدهتا األخطاء وميول البشر بقوانني وأحكام‬ ‫بسيطة واضحة‪ ،‬لطيفة يف اتّباعها‪ .‬وعلى ّ‬
‫إين أعيدكم إىل الشريعة كما أعطاها الباري تعاىل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اثنويّة مع أعباء وقيود وكثري من البنود ال ُـمره َقة‪ّ .‬‬
‫ولكن أرجوكم‪ ،‬لصاحلكم‪ ،‬تَـ َقبَّلوها بقلب إسرائيليّي هذا الزمن املخلّص‪.‬‬

‫مهمون يف قلوبكم أكثر ممّا يف الكالم أل ّن اخلطيئة عند َمن ُهم فوق أكثر ممّا هي فيكم أيّها‬ ‫ُهتَ ِّ‬
‫الصغار‪ .‬أعرف ذلك‪ .‬يف تثنية االشَتاع قيل ما جيب فعله‪ ،‬مل يكن يوجد شيء لإلضافة‪ .‬ولكن ال‬
‫كل ذلك‪،‬‬‫تدينوا الذين يطبّقونه على اآلخرين وليس على أنفسهم‪ّ .‬أما أنتم فافعلوا ما يقولـه هللا‪ .‬وفوق ّ‬
‫كل إمكاانتكم فلن ختطئوا‪ ،‬إذ‬ ‫اجتَ ِّهدوا يف أن ُمت ِّ‬
‫اتم‪ .‬إذا أحببتم هللا ب ّ‬
‫ارسوا الوصيّتني الرئيسيّتني بشكل ّ‬
‫ُيب ال يريد أن يسبّب أملاً‪ .‬إذا أحببتم القريب مثل أنفسكم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫إن اخلطيئة هي أمل نُ َسبّبه هلل‪ .‬فإ ّن َمن ّ‬
‫فلن تكونوا سوى أبناء ُحم َََتمني آلابئكم‪ ،‬أزواج أوفياء للشريك‪ ،‬أانس شرفاء يف التجارة‪ ،‬دون عنف مع‬
‫األعداء‪ ،‬بغري زور يف الشهادات‪ ،‬خالني ِّمن احلَ َسد ملال سواكم‪ُ ،‬متَ ِّّنزهني عن الشهوة الفاسقة المرأة‬
‫الغري‪ .‬ال تريدون أن تفعلوا لغريكم ما ال تريدون أن يفعله هو بكم‪ ،‬اختالس وقتل وافَتاء ودخول مثل‬
‫عش الغري‪.‬‬ ‫وقواق يف ّ‬
‫احلب إىل ح ّد الكمال‪ :‬أحبّوا‬
‫إّّنا على عكس ذلك‪ ،‬أقول لكم‪" :‬ادفعوا‪ ،‬بطاعتكم لوصيّيت‪ّ ،‬‬
‫حّت أعداءكم"‪.‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 72 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عدوه ابخلطيئة األصليّة واخلطااي‬
‫ُيب كثرياً اإلنسان الذي أصبَ َح ّ‬
‫العلي الذي ّ‬
‫آه! كم سيحبّكم ّ‬
‫أرس َل له الفادي‪ ،‬احلَ َمل الذي هو ابنه‪ ،‬أان الذي أكلّمكم‪ ،‬املسيح‬
‫الشخصيّة‪ ،‬الذي ُيبّه لدرجة أنّه َ‬
‫املوعود الفتدائكم من كل خطيئة‪ ،‬لو كنتم تعرفون أن حتبّوا مثله!‬

‫احلب لكم سلّما‪ ،‬حني تصبحون مالئكة‪ ،‬تصعدون بواسطته‪ ،‬كما يف رؤاي‬ ‫أحبّوا وليكن ّ‬
‫ذهبت‬
‫حافظك أينما َ‬
‫َ‬ ‫لكل واحد‪" :‬سأكون‬
‫سمعون اآلب قائالً للجميع و ّ‬
‫يعقوب‪ ،‬إىل السماء‪ ،‬وأنتم تَ َ‬
‫األبدي"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أقودك إىل هذا الوطن‪ :‬السماء‪ ،‬امللكوت‬
‫و َ‬

‫والسالم لكم‪».‬‬

‫نس ِّحبون ببطء ويبقى بطرس وأندراوس ويعقوب وفليبّس‬


‫يتفوه الناس بكلمات استحسان ويَ َ‬
‫ّ‬
‫وبرثلماوس‪.‬‬

‫أنت ذاهب غداً اي معلّم؟»‬


‫«هل َ‬
‫يضايقك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«غداً عند الفجر‪ ،‬إذا مل يكن ذلك‬

‫لذهابك‪ .‬نعم‪ .‬إّّنا للساعة فال‪ .‬بل ابلعكس ّإهنا مؤاتية‪».‬‬


‫َ‬ ‫متأسف‬
‫«أان ّ‬
‫«هل ستصطاد؟»‬

‫«هذه الليلة عند بزوغ القمر‪».‬‬

‫اصطيادك الليلة املاضية‪ ،‬فلم يكن السبت قد انقضى بعد‪.‬‬


‫َ‬ ‫فعلت اي مسعان بطرس بعدم‬
‫«حسناً َ‬
‫عمل أانس كثريون يف‬ ‫اعى السبت يف يهوذا‪ .‬اآلن أيضاً‪ ،‬يَ َ‬ ‫َّ‬
‫وإن حنميا يف تعديله القوانني يريد أن يُر َ‬
‫املعصرة‪ُ ،‬يملون احلطب‪ ،‬ينقلون اخلمر أو الفاكهة‪ ،‬يبيعون ويشَتون السمك واحلمالن‪ .‬لديكم ستّة‬
‫فللرب هو‪ .‬عمل واحد َيكن القيام به يف السبت‪ :‬خدمة القريب‪ ،‬إّّنا على‬
‫لكل هذا‪ّ ،‬أما السبت ّ‬ ‫ّأايم ّ‬
‫أن تنتفي متاماً بغية الكسب من هذه املساعدة‪ .‬والذي يَنتَ ِّهك السبت بقصد الربح ال َيكن أن يلقى‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 73 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األايم الستّة‬
‫من هللا سوى العقاب‪ .‬هل تقومون بعمل بقصد الربح؟ سوف تبذلونه ومعه خسارة يف ّ‬
‫الباقية‪ .‬تقومون بعمل غري ذي أُهيّة؟ إنّكم تُتعِّبون أجسادكم َعبَثاً أبن ال تعطوها الراحة اليت َج َعلَها هلا‬
‫العبث‪ ،‬ببلوغ اللعنات‪ .‬بينما ينبغي‬ ‫َّعب َ‬ ‫العقل األمسى‪ ،‬وذلك إبفساد الروح بنفاذ الصرب الناتج عن التـ َ‬
‫بكل شيء‪».‬‬‫حب عذبة‪ .‬جيب الوفاء ّ‬ ‫َير يوم السبت بقلب متّحد ابهلل بصالة ّ‬ ‫أن ّ‬
‫حّت‬
‫«ولكن‪ ...‬الكتبة واألحبار الذين هم صارمون ج ّداً معنا‪ ...‬ال يعملون أثناء السبت‪ّ ،‬‬
‫حّت يوم السبت‬
‫فإهنم َيارسونه ّ‬
‫رغيف اخلبز ال يعطونه للقريب ليتحاشوا تعب تقدَيه‪ ...‬بينما الراب ّ‬
‫مادايً‪ .‬فهل َيكن ممارسة الراب يوم السبت؟»‬
‫حبجة أنّه ال َيثّل عمالً ّ‬
‫ّ‬
‫«ال أبدا‪ .‬ال يوم السبت وال يف أي يوم آخر‪ .‬فالذي يتعاطاه‪ ،‬قليل النزاهة هو وجمرم‪».‬‬

‫الفريسيّون‪»...‬‬
‫«إذاً فالكتبة و ّ‬
‫أنت فامتَنِّع‪».‬‬
‫خبصوصك َ‬
‫َ‬ ‫«مسعان‪ ،‬ال تُدن‪ ،‬إّّنا‬

‫لدي عينان تَـَراين‪».‬‬


‫«ولكن ّ‬
‫الشر للنَّظَر إليه اي مسعان؟»‬
‫يوجد غري ّ‬
‫«أال َ‬
‫«ال اي معلّم‪».‬‬

‫الشر؟»‬
‫«وإذاً ملاذا ال ننظر ّإال إىل ّ‬
‫حمق اي معلّم‪».‬‬
‫«إنّك ّ‬
‫«فإذاً‪ ،‬غداً عند الفجر سوف أرحل مع يوحنّا‪».‬‬

‫«معلّم‪»...‬‬

‫بك اي مسعان؟»‬
‫«ما َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 74 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ذاهب إىل أورشليم؟»‬
‫«اي معلّم‪ ...‬هل َ‬
‫«تعرف ذلك جيّداً‪».‬‬

‫«أان أيضاً ذاهب إىل هناك من أجل الفصح‪ ...‬وكذلك أندراوس ويعقوب‪»...‬‬

‫ك تَبتَ ِّهج ابمتالك‬


‫قلت يل إنّ َ‬
‫ك تَبغي اجمليء معي‪ .‬والصيد؟ والربح؟ لقد َ‬ ‫«إذاً؟ تريد القول أبنّ َ‬
‫املال‪ ،‬وأان سوف أمكث ع ّدة ّأايم‪ .‬فأان ذاهب ّأوالً إىل ّأمي‪ ،‬وسأعود إليها أثناء إاييب‪ .‬وسأتوقّف‬
‫للكرازة‪ .‬فماذا ستفعل؟»‬

‫فأنت عندي‬ ‫بطرس حائِّ‬


‫إيل‪ ...‬سأذهب‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫ابلنسبة‬‫«‬ ‫ر‪:‬‬‫يقر‬
‫ّ‬ ‫النهاية‬ ‫يف‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫تان‪...‬‬‫غب‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫عه‬‫ناز‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫ر‪،‬‬
‫أهم من املال!»‬
‫ّ‬
‫«أان أيضاً سآيت‪».‬‬

‫«وأان كذلك‪».‬‬

‫«وحنن كذلك‪ ،‬أليس صحيحاً اي فليبّس؟»‬

‫هلموا إذن‪ ،‬سوف تساعدونين‪».‬‬


‫« ّ‬
‫أ ِّ‬
‫ُذهل بطرس بفكرة مساعدة يسوع‪« :‬آه! كيف ذلك؟»‬

‫يتصرف دائماً‬
‫«سأقول لكم‪ .‬فما عليكم سوى أن تفعلوا ما أقوله لكم ليكون حسناً‪ .‬فاملطيع ّ‬
‫كل إىل بيته‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫بشكل َح َسن‪ّ .‬أما اآلن فسنصلّي حاالً ومن مثّ َيضي ّ‬
‫«ماذا ستفعل اي معلّم؟»‬

‫«سأصلّي أيضاً‪ .‬فأان نور العامل ولكنّين كذلك ابن اإلنسان‪ .‬هلذا السبب ينبغي أن أتّصل دائماً‬
‫ص ِّّل‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫ابلنور ألكون اإلنسان الذي يَفتَدي اإلنسان‪ .‬لنُ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 75 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتلو يسوع مزموراً‪ ،‬وهو الذي يبدأ هبذه الكلمات‪« :‬الساكن يف سَت العلي يبيت يف ظ ّل إله‬
‫صمي وملجأي‪ .‬هو إهلي وفيه رجائي‪ .‬سينقذين من ِّشباك الصيّادين‬ ‫أنت ُمعتَ َ‬
‫الرب‪َ " :‬‬
‫السماء‪ .‬يقول ّ‬
‫الشر"‪ .‬اخل‪ »...‬يبدو يل أنّه املزمور التسعون‪.‬‬
‫ومن كالم ّ‬
‫وعلى هذا تنتهي الرؤاي‪.‬‬

‫أَفتَح الكتاب املق ّدس على الفصل الثالث والعشرين من سفر يشوع بن سرياخ‪ّ ،‬إهنا صالة‬
‫إضاعتك‬
‫َ‬ ‫تعجبين‪ .‬ما أسهل أن يتيه الفكر وينتفخ القلب ابلكربايء! ال فاملوت قبل ذلك‪ .‬هذا يعين‬
‫"بنفسجتك"‪.‬‬ ‫خدم السوط واجمللدة‪ ،‬ولكن احفظ يف األرض‬‫أيها الرب‪ ،‬وال أريد أن أضيعك‪ .‬است ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت أقرأ مجلة قاهلا يسوع‬
‫رب قدين بيدي (لقد ُ‬ ‫يف الساعة الثانية عشرة أقول ليسوع‪« :‬نعم اي ّ‬
‫لألخت بنينيا وقد كانت فكريت هلذا اليوم‪ ).‬أريد ما تريد وليس شيئاً آخر‪ ،‬ولكنّين أخشى العامل‪»...‬‬
‫صمت‪،‬‬ ‫وجييبين يسوع‪ ،‬وهو الذي يعرف عن أي نوع من اخلوف أحت ّدث‪« :‬عندما يفرضون ِّ‬
‫عليك ال َّ‬ ‫ّ‬
‫ك تفعلني ما تفعلينه ابمسي ووفقاً ملشيئيت‪ ،‬أجييب مبا أجاب بطرس ويوحنّا جممع‬ ‫وهم يرفضون معرفة أنّ ِّ‬
‫اليهود بعد شفاء األعرج‪" :‬لو كان من العدل أمام هللا الطاعة لكم من دون هللا‪ ،‬فاحكموا أنتم ابلذات‪.‬‬
‫حنن (أان) ال نستطيع (ال أستطيع) االمتناع عن الكالم عما رأيناه (رأيتُه) ومسعناه (مسعُته)"‪ .‬وابلتايل‬
‫السماع للعامل‬ ‫وإرغامك على الرؤية والسماع وسيكون غباء ِّ‬
‫منك َّ‬ ‫ِّ‬ ‫فلن تستطيعي منعي من اجمليء ِّ‬
‫إليك‬
‫أردت أان ذلك فمن يقاومين؟»‬ ‫الذي يَفرض إسكات هللا‪ ،‬دون هللا الذي يريد أن َينح النور للعامل‪ .‬إذا ُ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 76 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -13‬يوضاس ت ّداوس يف بيت صيدا‪ ،‬دعوة يسوع إىل عرس قاان)‬

‫‪1944 / 10 / 17‬‬

‫أرى مطبخ بيت بطرس‪ ،‬وهناك‪ ،‬ابإلضافة إىل يسوع‪ ،‬موجود بطرس وزوجته ويعقوب ويوحنّا‪.‬‬
‫يبدو ّأهنم قد انتهوا من العشاء وهم يتبادلون احلديث‪ .‬يبدي يسوع اهتماماً ابلصيد‪.‬‬

‫يدخل أندراوس ويقول‪« :‬اي معلّم يوجد هنا الرجل الذي تقطن عنده ومعه آخر ي ّدعي أنّه ابن‬
‫عمك‪».‬‬
‫َ‬
‫متوجهاً صوب الباب وهو يقول‪« :‬فليأتيا‪ ».‬وعندما يرى يوضاس ت ّداوس على‬
‫يَ َنهض يسوع ّ‬
‫أنت يوضاس؟!»‬ ‫ضوء مصباح الزيت ونور املوقد يدخل‪ ،‬يهتف‪َ « :‬‬
‫«أان‪ ،‬اي يسوع‪ ».‬ويـُ َقبِّّالن بعضهما‪.‬‬

‫قوي‬
‫الرجويل‪ .‬كبري‪ ،‬ولو أنّه ليس أكثر من يسوع‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫يوضاس ت ّداوس رجل وسيم‪ ،‬يف غاية اجلمال‬
‫مشَتك‬
‫ومتناسق متاماً‪ ،‬أمسر كما كان يوسف يف شبابه‪ ،‬سحنته زيتونيّة إّّنا ليست ترابيّة‪ ،‬يف عينيه شيء َ‬
‫مع عيين يسوع‪ ،‬فهما بلون الالزورد إّّنا َييل قليالً إىل لون الدفلة‪ ،‬حليته املربعة بنيّة‪ ،‬وشعره متماوج‬
‫أقل تقصيباً من شعر يسوع‪ ،‬وهو ّبين مثل شعر اللحية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أرسلَتين‬
‫أكملت به إىل هنا ألصل بسرعة‪ .‬لقد َ‬ ‫يت مركباً و ُ‬ ‫«إنّين قادم من كفرانحوم‪ .‬استقلّ ُ‬
‫تدعوك ومعها‬
‫َ‬ ‫ين أن حتضر هذا العرس"‪ .‬مرمي‬ ‫ستتزوج غداً‪ .‬أرجوك اي بُ َّ‬
‫لك‪" :‬سوسن ّ‬ ‫الدتك ألقول َ‬
‫و َ‬
‫يرجونك أن تفعل إرضاء‬
‫َ‬ ‫مدعوون‪ ،‬وستكون الوحيد ال ُـمتَ َخلِّّف‪ .‬واألهل‬ ‫والديت واإلخوة‪ .‬األهل مجيعهم ّ‬
‫للعروسني‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 77 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ينحين يسوع احنناءة خفيفة فاحتاً ذراعيه قليالً‪« :‬رغبة والديت هي قانون ابلنسبة إيل‪ ،‬ولكنّين‬
‫أجلك‪ »...‬وينظر إىل بطرس‬ ‫َ‬ ‫سآيت كذلك كرمى لسوسن واألهل‪ .‬إّّنا فقط‪ ...‬هذا يك ّدرين من‬
‫ويسميهم بدءاً من بطرس؛ ويف النهاية‪«:‬هذا هو‬ ‫ِّ‬
‫عمه‪ّ .‬‬ ‫واآلخرين « ّإهنم أصدقائي» يقوهلا ُم َف ّسراً البن ّ‬
‫خاصـة تلفت انتبـاه يوضاس ت ّداوس ال ُـمتَـيَـ ِّّقظ للغاية وجتعل االمحرار يعَتي‬ ‫يوحنّا»‪ ،‬يقوهلـا بنغمـة ّ‬
‫ضـل‪ .‬وينـهي الـتقديـم بقولـه‪« :‬أصدقائي‪ ،‬هذا هو يوضاس ابن حلفا‪ ،‬أخي‪-‬ابن ع ّمي ‪Mon‬‬ ‫ال ُـم َف َّ‬
‫‪ ،frère cousin‬حسب طريقة كالم العامل‪ ،‬إذ إنّه ابن أخ عريس والديت‪ .‬إنّه ابلنسبة يل صديق‬
‫ورفيق عمل وحياة جيّد‪».‬‬

‫لك كما هو للمعلّم‪ .‬اجلس‪ ».‬مثّ يلتفت بطرس إىل يسـوع ويقول‪« :‬إذاً فلن ّنضي‬
‫«بييت مفتوح َ‬
‫معك إىل أورشليم؟»‬

‫«بلى‪ ،‬ابلطبع ستأتون‪ .‬سوف أذهب بَعد العرس‪ .‬إّّنا فقط لن أتوقّف يف الناصرة‪».‬‬

‫الدتك ستنزل بضيافيت لبضعة ّأايم‪ .‬اتّفقنا هكذا‪ .‬وهي كذلك‬


‫«حسناً تفعل‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬أل ّن و َ‬
‫ستأيت بعد العرس‪ ».‬هذا ما يقوله رجل كفرانحوم‪.‬‬

‫طرباي‪ ،‬ومنها إىل قاان‪ ،‬وعليه‬


‫«هذا إذاً ما سوف نفعله‪ .‬اآلن سأمضي على مركب يوضاس إىل ّ‬
‫ومعك‪ .‬ويف اليوم الذي يلي السبت القادم‪ ،‬ستأيت اي سـمعان‪ ،‬إذا‬
‫َ‬ ‫ذاته أعود إىل كفرانحوم مع ّأمي‬
‫مصمماً‪ ،‬وّنضي إىل أورشليم من أجل الفصح‪».‬‬
‫كنت ما تزال ّ‬ ‫َ‬
‫إليك يف اجملمع‪».‬‬
‫«طبعاً سآيت‪ .‬وسوف آيت يوم السبت ألستمع َ‬
‫أصبحت تُـ َعلِّّم‪ ،‬اي يسوع؟»‬
‫َ‬ ‫يسأل يوضاس‪« :‬هل‬

‫العم‪».‬‬
‫«نعم اي ابن ّ‬
‫أي كالم! آه! ال نسمعه من فم آخر!»‬
‫ويق ّدم مسعان شرحاً‪« :‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 78 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويتنهد‪ .‬يبدو أنّه يريد‬ ‫ِّ‬
‫يتن ّهد يوضاس‪ُ ،‬مسنداً رأسه على يده واملرفق على الركبة‪ ،‬ينظر إىل يسوع ّ‬
‫الكالم وال جيرؤ‪.‬‬

‫وتتنهد؟»‬
‫إيل ّ‬ ‫بك اي يوضاس؟ ملاذا تنظر ّ‬
‫يناديه يسوع‪« :‬ما َ‬
‫«ال شيء‪».‬‬

‫سراً؟»‬
‫حتب‪ ،‬والذي مل تكن ختفي عنه ّ‬
‫كنت ّ‬
‫«ال‪ ،‬بل هناك أمر ما‪ .‬أمل أعد يسوع الذي َ‬
‫عمك األكرب سنّاً‪»...‬‬
‫أنت‪ ،‬معلّم ابن َ‬
‫أفتقدك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫إنك ابلتأكيد ما تزال كذلك‪ ،‬وآه َكم‬
‫«آه! نعم‪َ ،‬‬
‫«إذن تكلَّم‪».‬‬

‫أنت تريد‬
‫لديك أ ُّم‪ ...‬ليس هلا سو َاك‪َ ...‬‬ ‫لك‪ ...‬يسوع‪ُ ...‬كن متي ّقظاً‪َ ...‬‬ ‫كنت أريد أن أقول َ‬ ‫« ُ‬
‫مين أ ّن‪ ...‬أ ّن الطبقات ال ُـمتَـنَـ ِّّفذة ال تسمح أبشياء‬‫أن تكون رايب إّّنا ليس كاآلخرين‪ ،‬وتعرف أكثر ّ‬
‫لكن العامل ليس ق ّديساً‪...‬‬ ‫و‬ ‫س‪...‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫مق‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫‪...‬‬ ‫تفكريك‬
‫َ‬ ‫أسلوب‬ ‫أعرف‬ ‫أان‬ ‫أقاموها‪.‬‬ ‫اليت‬ ‫العادات‬ ‫ض‬ ‫تُناقِّ‬
‫ّ‬
‫نسيبك املعمدان‪ ...‬إنّه اآلن يف السجن‪ ،‬وإن مل‬ ‫َ‬ ‫وهو يُعيِّي الق ّديسني‪ ...‬يسوع‪َ ...‬‬
‫أنت تعرف مصري‬
‫الربع َيشى اجلموع وصواعق هللا‪ .‬إنّه قَ ِّـذر ويؤمن ابخلرافات ويف‬ ‫َيت بعد‪ ،‬فهذا أل ّن ذاك ال َق ِّذر حاكم ُّ‬
‫أي مصري تريد بلوغه؟»‬ ‫الوقت نفسه جمرم ِّ‬
‫أنت‪ ...‬ماذا ستفعل؟ ّ‬
‫ومتَـ َهتّك‪َ ...‬‬ ‫ُ‬
‫أنت؟‬
‫كالمك َ‬
‫َ‬ ‫أنت الذي تعرف جيّداً ما أُفَ ِّّكر به؟ هل هذا‬
‫أنت تسألين ذلك‪ ،‬و َ‬ ‫«يوضاس‪َ ،‬‬
‫لت لتقول يل هذه األشياء‪ ...‬وطبعاً ليس ِّمن قِّبَل والديت‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫ال‪ .‬ال تكذب! لقد أُرس َ‬
‫َيفض يوضاس رأسه ويصمت‪.‬‬

‫العم‪».‬‬
‫«تكلّم اي ابن ّ‬
‫معك ومع مرمي‪ ...‬فهم غري‬
‫ملصلحتك وتَعاطُفاً َ‬
‫َ‬ ‫«أيب‪ ...‬ومعه يوسف ومسعان‪ ...‬تعرف‪...‬‬
‫يدونك أن تُـ َف ِّّكر بو َ‬
‫الدتك‪».‬‬ ‫مطمئنّني ملا تنوي فعله‪ ...‬و‪ ...‬وير َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 79 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ماذا تعتقد؟»‬
‫«و َ‬
‫«أان‪ ...‬أان‪»...‬‬

‫لست أقول‪" :‬أصوات األسفل"‪ ،‬أقول أصوات‬


‫لي وأصوات األرض‪ُ .‬‬ ‫الع ّ‬
‫أنت تتخبّط بني صوت َ‬
‫« َ‬
‫منك‪ .‬إّّنا أان أقول لكما أب ّن فوق األرض توجد السماء‪ ،‬وفوق مصاحل‬
‫األرض‪ .‬يعقوب كذلك وأكثر َ‬
‫تتوصلون إىل ذلك سوف‬
‫العامل هناك مصلحة هللا‪ .‬إنّكم يف حاجة إىل تغيري ّنط تفكريكم‪ ،‬وعندما ّ‬
‫كاملِّني‪».‬‬
‫تصبحون ِّ‬

‫ك؟»‬
‫«لكن‪ ...‬و ّأم َ‬
‫«يوضاس‪ ،‬ليس سواها من َيلك احلق يف تذكريي بواجبايت كابن‪ ،‬حسب املفاهيم األرضيّة‪ :‬أي‬
‫بواجب َع َملي من أجلها‪ ،‬لتأمني متطلّباهتا املاديّة‪ ،‬بواجيب يف العون واملواساة‪ ،‬ببقائي إىل جانبها‪ .‬وهي‬
‫علي وهي تعرف أنّه ينبغي هلا أن‬
‫صلَت فيها ّ‬ ‫أي شيء من هذا القبيل‪ .‬منذ اللحظة اليت َح َ‬ ‫ال تسألين ّ‬
‫العائلي‪ ،‬ومنذ تلك اللحظة وهي تستع ّد لذلك‪.‬‬ ‫الوسط‬ ‫عد‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫تفقدين لتعود فتجدين يف بعد أوسع ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّمتها‬
‫ليست هذه اإلرادة ال ُـمطلَ َقة يف تقدمي الذات هلل ابلشيء اجلديد يف دمها‪ .‬فوالدهتا قَد َ‬
‫تضمين‬
‫مرات ال ُحتصى عن طفولتها املق ّدسة‪ ،‬عندما كانت ّ‬ ‫للهيكل قبل أن تبتسم للنور‪ .‬لقد َح َّدثَتين ّ‬
‫تعج ابلنجوم‪ .‬لقد َمنَ َحت ذاهتا هلل‬
‫إىل قلبها يف ليايل الشتاء الطويلة أو يف ليايل الصيف املضيئة اليت ّ‬
‫علي لتكون‬ ‫صلَت ّ‬ ‫منذ الومضات األوىل لفجر جميئها إىل العامل‪ ،‬وقد َمنَ َحت ذاهتا ابألكثر عندما َح َ‬
‫عين‪ .‬ستكون‬ ‫حيث أان‪ ،‬على طريق الرسالة اليت أتتيين من هللا‪ .‬ستأيت الساعة اليت يتخلّى فيها اجلميع ّ‬
‫لدقائق‪ ،‬إّّنا سوف يُ َسيطر اجلُّنب على اجلميع وستف ّكرون أنّه كان من األفضل لكم أن ال تكونوا قد‬
‫إيل‬
‫أدرَكت وهي تَعلَم‪ ،‬ستكون معي على الدوام‪ .‬وأنتم ستعودون ّ‬ ‫علي مطلقاً‪ .‬إّّنا هي‪ ،‬وقد َ‬ ‫تعرفتم ّ‬
‫ّ‬
‫إيل ألنّين أان يف والديت وهي‬ ‫تعيدكم‬ ‫وهكذا‬ ‫بذاهتا‪،‬‬ ‫جتذبكم‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫بواسطتها‪ .‬بقوة إَياهنا الـمتَـيـ ّقن والـم ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫يف وحنن معاً يف هللا‪.‬‬
‫َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 80 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دركوا ذلك مجيعكم‪ ،‬األهل حسب العامل‪ ،‬واألصدقاء واألبناء من وجهة نظر فائقة‬ ‫أريد أن تُ ِّ‬
‫ومعك اآلخرون‪ ،‬ال تعرفون َمن هي والديت‪ .‬لو كنتم تعرفون ذلك‪ ،‬ملا كنتم تنتقدوهنا‬ ‫َ‬ ‫أنت‪،‬‬
‫الطبيعة‪َ .‬‬
‫يف قلوبكم لعدم إبقائها ّإايي خاضعاً هلا‪ ،‬بل تُ ِّّ‬
‫كرموهنا كصديقة هللا األكثر محيميّة‪ ،‬القادرة اليت تتم ّكن‬
‫األزيل‪ ،‬وعلى ابن قلبها‪ .‬سـوف أجيء حتمـاً إىل قـانـا‪ .‬أريـد‬
‫من التأثري بشكل كامل على قلب اآلب ّ‬
‫ومقنِّع‪.‬‬
‫دركون بشكل أفضل‪ ».‬يسوع وقور ُ‬ ‫ُرضيهـا‪ .‬وبعد تلك الساعة سوف تُ ِّ‬ ‫أن أ ِّ‬

‫غبت‬ ‫ِّ‬
‫معك ابلتأكيد‪ ،‬وبصحبتهم‪ ،‬لو ر َ‬ ‫ُُيَ ّدق فيه يوضاس‪ .‬يف ّكر‪ .‬يقول‪« :‬وأان أيضاً‪ ،‬سآيت َ‬
‫أقدس ِّمنّا‬
‫ك َ‬ ‫وع َمى إخويت‪ ،‬فإنّ َ‬
‫ك تقول أشياء صحيحة‪ .‬اغفر يل َع َماي َ‬
‫يف‪ ...‬ذلك أنّين أعتقد أنّ َ‬ ‫َّ‬
‫كثرياً!‪»...‬‬

‫الشر الذي يلحقونه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫«أان ال أحقد على َمن ال يعرفين‪ ،‬وكذلك الذي يُبغضين‪ .‬ولكنّين أأت ّمل من ّ‬
‫لديك يف هذا الكيس؟»‬‫أبنفسهم‪ .‬ماذا َ‬
‫الدتك‪ .‬فاالحتفال غداًكبري‪ .‬وهي تعتقد أ ّن يسوعها يف حاجة إليه كي‬
‫أرسلَته و َ‬
‫«الثوب الذي َ‬
‫متأخر ِّمن الليل‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حّت وقت ّ‬ ‫دعوين‪ .‬لقد نَ َس َجت دون َكلَل من ّأول النهار ّ‬
‫ال يكون ُخمتَلفاً بني ال َـم ّ‬
‫لك هذا الثوب‪ .‬ولكنّها مل تُنه املعطف‪ .‬تنقصه األهداب‪ .‬وهي حزينة ج ّداً لذلك‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫يوميّاً‪ ،‬لتُهيّئ َ‬
‫أهم من العرس‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫علي وأَحتَفظ ابآلخر ألورشليم‪ .‬فاهليكل ّ‬
‫«ال داعي‪ .‬سأذهب ابلذي ّ‬
‫«سوف تُ َسّر بذلك‪».‬‬

‫يقول بطرس‪« :‬إذا أردمت أن تكونوا عند الفجر على طريق قاان‪ ،‬ينبغي لكم الرحيل مباشرة‪.‬‬
‫سوف يبزغ القمر وسيكون العبور جيّداً‪».‬‬

‫آخذك معي‪ .‬مسعان بطرس‪ ،‬يعقوب‪ ،‬أندراوس وداعاً‪.‬‬


‫َ‬ ‫«هيّا بنا إذاً‪ .‬هيّا اي يوحنّا‪ .‬سوف‬
‫لكل املنزل‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫أنتظركم مساء السبت يف كفرانحوم‪ .‬وداعاً اي امرأة‪ .‬السالم لك و ّ‬
‫ََيرج يسوع مع يوضاس ويوحنّا‪ .‬يتبعهم بطرس حّت الشاطئ وي ِّ‬
‫ساعد يف حتريك املركب ورحيله‪.‬‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 81 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬

‫‪1944 / 10 / 23‬‬

‫ومرات كي ال أنساه يف انتظار إمكانيّة كتابته؛ الشيء‬ ‫ِّ‬


‫مرات ّ‬
‫وتكرر ّ‬
‫أمر أُعط َي إبحلاح منذ الفجر ّ‬
‫أت أرى بوضوح‪.‬‬
‫الذي فَـ َعلتُه حاملا بَ َد ُ‬
‫كل عمل يـُبَـلَّغ للناس النزيهني‪ ،‬وليكن‬ ‫ِّ ِّ‬
‫كل ما قيل لك سيكون على رأس ّ‬ ‫يقول يسوع‪« :‬اكتيب‪ ،‬و ّ‬
‫مطبوعاً ابآللة الكاتبة حسب ما قُلتُه آنفاً‪" :‬إنّه صوت املعلّم‪ .‬هدير ومالطفة‪ .‬إنّه هدير عندما يكون‬
‫موجهاً ألولئك الذين ال يريدون االهتداء‪ .‬وهو مالطفة عندما يتح ّدث إىل أولئك الذين رغم كوهنم‬ ‫ّ‬
‫فإهنم َيتلكون "اإلرادة الصاحلة" إلجياد هللا وكلمته‪ ،‬وعند لقائهما فليتقدَّسوا‪ .‬هلؤالء تُصبِّح‬‫غري كاملني َّ‬
‫كل عمل‪ .‬مثّ ِّمن أجل األعمال األكثر‬ ‫الكلمة مالطفة صديق وبركة يسوع"‪ .‬هذه الكلمات على رأس ّ‬
‫الفريسيّني والصدوقيّني والكتبة‬ ‫ِّ‬
‫حسنة لكي ال تُصبح غري فاعلة إبرادة ّ‬‫حسنة‪ ،‬دائماً ُمستَ َ‬ ‫اكتماالً وال ُـمستَ َ‬
‫ِّ‬
‫أعطيتك ّإايها يف ‪ 7‬كانون األول‬ ‫واألحبار السيّئة‪ ،‬سيكون ِّمن ال ُـم َف ّ‬
‫ضل إضافة الصالة إىل الكلمة اليت‬
‫(ديسمرب) ‪ .1943‬هذا يكفي الساعة‪ ،‬مثّ سوف أ ِّ‬
‫ُعاود اجمليء أيضاً‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 82 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -14‬يسوع يف عرس قاان)‬

‫‪1944 / 01 / 16‬‬

‫«عنـدما ُيني الوقت للقيـام بعمـل منظّم‪ ،‬سـتندرج رؤيـا عـرس قـانـا هنـا‪ .‬اكـتيب التـاريـخ (‪/ 16‬‬
‫‪»)1944 / 01‬‬

‫عرس قاان‪:‬‬

‫أرى منزالً شرقيّاً حقيقيّاً‪ :‬هو مكعّب أبيض‪ ،‬رحابته أكثر من ارتفاعه‪ ،‬ذو فتحات قليلة‪ ،‬تعلوه‬
‫شرفة هي مبثابة السطح وحماطة جبدار يرتفع حوايل املَت تقريباً‪ ،‬وتظلّلها عريشة َكرمة تتسلّق إليها ِّ‬
‫ابسطَة‬ ‫َ‬
‫أغصاهنا إىل أكثر من منتصف هذه الشرفة املشمسة‪.‬‬

‫خارجي يصعد على طول الواجهة إىل مستوى ابب يُفتَح يف منتصف الواجهة‪ .‬يف األسفل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سلّم‬
‫فضي‬‫على مستوى األرض‪ ،‬هناك أبواب منخفضة وقليلة‪ ،‬ليس أكثر من اثنني يف كل جهة‪ ،‬وهي تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫ومعتِّمة‪ .‬يرتفع البيت وسط ساحة‪ ،‬هي ابألحرى مرج‪ ،‬ويف مركزها بئر‪ ،‬كما توجد‬ ‫إىل غُرف منخفضة ُ‬
‫يطل البيت على الطريق دون أن يكون على حافّتها‪ .‬إنّه إىل اخللف قليالً‪،‬‬ ‫هناك أشجار تني وت ّفاح‪ّ .‬‬
‫حّت الطريق اليت تبدو رئيسيّة‪.‬‬
‫وَيَتق املرج زقاق عرقوب ّ‬
‫فالحني مالّكني يعيشون وسط حقلهم الصغري‪ .‬ومتت ّد‬
‫يبدو البيت وكأنّه يف حميط قاان‪ :‬إنّه بيت ّ‬
‫القرية إىل أبعد من البيت أببعاد اخضرارها اهلادئ‪ .‬مشس هذا اليوم مجيلة وزرقة السماء صافية‪ ،‬ابدئ‬
‫ذي بدء ال أرى شيئاً آخر‪ .‬املنزل فقط‪.‬‬

‫مثّ أرى امرأتني‪ ،‬ثوابُها طويالن ومعطفاُها يقومان مقام الوشاح كذلك‪ّ .‬إهنما تتق ّدمان على‬
‫الطريق‪ ،‬مثّ على الزقاق‪ .‬الواحدة وهي األكرب سنّاً‪ ،‬يف حوايل اخلمسني من عمرها‪ ،‬بثياب قامتة بلون‬
‫الزوردي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫طبيعي‪ .‬واألخرى بثياب أفتح‪ ،‬ثوهبا أصفر شاحب ومعطفها‬
‫كستنائي أصهب‪ ،‬وكأنّه صوف ّ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 83 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كأهنا يف اخلامسة والثالثني‪ّ .‬إهنا مجيلة ج ّداً‪ ،‬هيفاء‪ ،‬مظهرها مليء ابلوقار‪ ،‬كما ّأهنا مفعمة‬‫وتبدو و ّ‬
‫الحظت لون وجهها الشاحب‪ ،‬وعينيها الالزورديّتني‬ ‫ُ‬ ‫لُطفاً وتواضعاً‪ .‬عندما أصبَ َحت على مقربة‪،‬‬
‫فت على مرمي الكلّية القداسة‪ّ .‬أما األخرى‬ ‫تعر ُ‬
‫ظهر على جبهتها حتت الوشاح‪ّ ،‬‬ ‫وشعرها األشقر الذي يَ َ‬
‫فلست أدري من تكون‪ّ .‬إهنما تتحاداثن فيما بينهما‪ ،‬وتبتسم السيّدة العذراء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السمراء األكرب سنّاً‪،‬‬
‫وعندما تصبحان جبانب البيت متاماً‪ ،‬هناك من هو ابلتأكيد م َكلَّف بَِّتقُّب ِّ‬
‫القادمني‪ ،‬ويقوم ابلتنبيه‪،‬‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وخاصة مبرمي الكلّية القداسة‪.‬‬
‫فيهرع رجال ونساء ملالقاهتما‪ ،‬واجلميع بثياب احتفاليّة‪ُ .‬يتفي اجلميع هبما ّ‬
‫أقل‪ ،‬إذ إ ّن مظهر القرية ما يزال حمتفظاً‬
‫يبدو الوقت صباحاً‪ ،‬أظنّها الساعة التاسعة تقريباً أو رمبا ّ‬
‫بنداوة ساعات النهار األوىل مع الندى الذي جيعل العشب أكثر اخضراراً واملرج غري ذي غبار‪ .‬يبدو‬
‫يل أنّه الربيع‪ ،‬ذلك أ ّن عشب املروج مل حترقه مشس الصيف ومل يـََزل القمح يف احلقول بشكل عشب‪،‬‬
‫لست أرى زهراً على شجر‬ ‫دون سنابل‪ ،‬وهو أخضر‪ .‬أوراق التني والت ّفاح خضراء وطريّة أيضاً‪ّ .‬إال أنّين ُ‬
‫ظهر‬
‫لكن الثمـار الصغرية مل تَ َ‬
‫الت ّفاح وال التني وال الكروم‪ .‬ذلك أ ّن الت ّفاح قد أزَهَر منذ وقت قليل‪ ،‬و ّ‬
‫للعيان بعد‪.‬‬

‫اخلارجي‬
‫ّ‬ ‫فَتض أنّه صاحب البيت‪ ،‬تصعد السلّم‬
‫سن يُ ََ‬
‫مرمي ُحمتَفى هبا جيّداً‪ ،‬يصحبها رجل ُم ّ‬
‫كل الطابق العلوي‪.‬‬
‫وتدخل غرفة كبرية‪ ،‬يبدو ّأهنا تشغل القسم األكرب إن مل يكن ّ‬
‫األرضي هي غرف السكن احلقيقيّة‪ ،‬وغرف املؤونة وغرف‬ ‫ّ‬ ‫كت أ ّن غرف الطابق‬‫أظنّين أدر ُ‬
‫اخلاصة‪ :‬أعياد أو احتفاالت‬
‫ّ‬ ‫العلوي خمصص لالستخدامات‬ ‫ّ‬ ‫املهمالت وأقبية اخلمر‪ ،‬وأ ّن الطابق‬
‫فرغ‬
‫استثنائيّة‪ ،‬أو أعمال تتطلّب مكاانً رحباً أو لتخزين املنتجات الزراعيّة‪ .‬ففي أثناء االحتفاالت تُ َّ‬
‫وسجاد وموائد حافلة‪.‬‬
‫وتُزيَّن‪ ،‬كما هي اليوم‪ ،‬أبغصان خضراء ّ‬
‫يف الوسط مائدة حافلة‪ ،‬غنيّة ج ّداً‪ ،‬عليها أابريق وأطباق زاخرة ابلفواكه‪ .‬على طول اجلدار‪،‬‬
‫أقل غىن‪ ،‬وإىل يساري نوع من طاوالت اخلدمة‪ ،‬طويلة‪ ،‬عليها‬ ‫إىل َييين‪ ،‬طاولة أخرى حافلة ّإال ّأهنا ّ‬
‫كأهنا فطائر مغطّاة ابلعسل وحلوى‪ .‬على األرض‪ ،‬ودائماً‬
‫أطباق فيها أجبان ومآكل أخرى تبدو يل و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 84 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إيل هي‬ ‫ابلنسبة‬ ‫حناس‪.‬‬ ‫من‬ ‫يق‬
‫ر‬ ‫كاألاب‬ ‫اين‬
‫و‬ ‫أ‬ ‫شكل‬ ‫على‬ ‫كبرية‬ ‫أوعية‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ت‬ ‫إىل يساري‪ِّ ،‬جرار أخرى ِّ‬
‫وس‬
‫ّ‬
‫أجاجني‪.‬‬

‫نصت مرمي ابنتباه إىل ما يقوله هلا اجلميع‪ ،‬مثّ ختلع معطفها بتؤدة وتساعد يف إهناء استعدادات‬ ‫تُ ِّ‬
‫الطاولة‪ .‬أراها تروح وجتيء ترتّب فرش الطاولة‪ ،‬وتُـ َع ِّّدل أكاليل الزهور‪ ،‬جاعلة أطباق الفواكه يف أهبى‬
‫ومهتمة بزيت املصابيح‪ّ .‬إهنا تبتسم وتتكلّم قليالً ج ّداً بصوت خافت ج ّداً‪ .‬ابملقابل‪ ،‬هي تسمع‬
‫مظهر ّ‬
‫كثرياً وبكثري من الصرب‪.‬‬

‫سمع ِّمن الطريق‪ .‬يركض اجلميع إىل‬


‫ص َخب كبري آلالت موسيقيّة (قليلة التناغم ابحلقيقة) يُ َ‬ ‫َ‬
‫دخل مزيّنة وسعيدة‪ ،‬حماطة ابألهل واألصدقاء‪ ،‬إىل جانب العريس‬‫اخلارج ابستثناء مرمي‪ .‬أرى العروس تَ ُ‬
‫ع ّأوالً إىل لقائها‪.‬‬
‫الذي َهَر َ‬
‫لست أدري ما إذا كانت قاان أو قرية جماورة‪:‬‬
‫هنا َُي ُدث تغيري يف الرؤاي‪ .‬بَ َدل البيت أرى بلدة‪ُ .‬‬
‫أرى يسوع مع يوحنّا ورجل آخر قد يكون يوضاس ت ّداوس‪ ،‬ذلك أنّين ِّمن املمكن أن أ ِّ‬
‫ُخطئ‬
‫الزوردايً قامتاً‪ .‬عند‬ ‫ُخطئ به أبداً‪ .‬يسوع يرتدي األبيض ومعطفاً‬ ‫يف هذا اآلخر‪ ،‬أما يوحنّا فلست أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فسر ُمرافِّق يسوع ِّمن أحد الرجال ِّمن الشـعب ويُعلِّم يسوع‪ .‬يقول يسـوع‬ ‫مساع صوت املوسيقى‪ ،‬يستَ ِّ‬
‫َ‬
‫ابجتاه املنزل‪.‬‬
‫مبتسـماً‪« :‬لنذهب ونُفرح والديت‪ ».‬ويَغ ّذ السري عرب احلقول مع مرافقيه ّ‬

‫لقد فاتين القول إ ّن انطباعي هو أ ّن مرمي من أهل أو من أصدقاء الزوج احلميمني‪ ،‬ذلك أنّين‬
‫أراهم يف انسجام اتم‪.‬‬

‫رب املنزل للقاء يسوع ومعه َولَده العريس ومرمي‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫عندما يَصل يسوع َُيطر اخلَفري اآلخرين‪ ،‬فينزل ّ‬
‫وُييّيه ابحَتام‪ ،‬وُييّي كذلك اآلخرين‪ ،‬ويفعل العريس الشيء نفسه‪ّ .‬أما ما أاثر إعجايب فهو حتيّة مرمي‬
‫ب‪ ،‬والعكس كذلك‪ .‬ليس هناك اندفاع يف إظهار العواطف‪ ،‬إّّنا نظرة‬ ‫ِّ‬
‫البنها املفعمة ابحَتام ُحم ّ‬
‫معك‪ ».‬مع ابتسامة تساوي مائة قبلة ومائة معانقة‪ .‬ترجتف القبلة‬
‫صاحب كلمات التحيّة‪« :‬السالم َ‬ ‫تُ ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 85 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ضع فقط يدها البيضاء على كتف يسوع وتلمس تقصيبة من‬
‫على شفيت مرمي ولكنّها ال تعطيها‪ّ .‬إهنا تَ َ‬
‫شعره الطويل يف مداعبة ِّ‬
‫عاشقة عفيفة‪.‬‬

‫صعد يسوع إىل جانب والدته‪ ،‬يتبعه التلميذان وصاحب املنزل‪ ،‬ويدخل غرفة االستقبال حيث‬ ‫يَ َ‬
‫أظن أ ّن جميء‬
‫للزوار الثالثة غري املنتَظَرين‪ ،‬على ما يبدو يل‪ّ .‬‬
‫هتتم النساء إبضافة كراسي ولوازم املائدة ّ‬
‫ّ‬
‫يسوع كان غري مؤّكد وجميء صاحبيه غري ُمنتَظَر بتااتً‪.‬‬

‫دخل الغرفة‪« :‬السالم هلذا‬


‫الرجويل‪ ،‬واللطيف ج ّداً يقول وهو يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫أَمسَع جليّاً صوت املعلّم املمتلئ‪،‬‬
‫لكل املوجودين ومفعمة وقاراً‪ .‬يُهيمن يسوع على‬‫حتل عليكم مجيعاً‪ ».‬حتيّة مجاعيّة ّ‬ ‫البيت وبركة هللا ّ‬
‫اجلميع بقوامه ومظهره‪ .‬إنّه الضيف‪ ،‬وغري ال ُـمنتَظَر‪ ،‬ولكنّه يبدو ملك احلفل‪ ،‬أكثر من العريس وأكثر‬
‫ومتَ ِّ‬
‫نازالً‪ ،‬فهو يفرض احَتامه‪.‬‬ ‫رب البيت‪ ،‬مع بقاء كونه متواضعاً ُ‬ ‫من ّ‬
‫يتّخذ يسوع له مكاانً على الطاولة الرئيسيّة مع العريس والعروس وأهل العروسني واألصدقاء‬
‫ذوي املكانة الفضلى‪ّ .‬أما التلميذان‪ ،‬فاحَتاماً للمعلّم‪ ،‬يوضع هلما كرسيّان على الطاولة ذاهتا‪.‬‬

‫حّت اهنماك كبري اخل ّدام حول أطباق‬ ‫ِّ‬


‫ظَ ْهر يسوع إىل اجلدار حيث اجلّرار‪ ،‬فهو إذن ال يراها وال ّ‬
‫أرضي جبانب طاوالت اخلدمة‪.‬‬ ‫بويب‬ ‫خالل‬ ‫ن‬ ‫اللحوم املشوية اليت ُجتلَب ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل النساء‬ ‫ِّ‬
‫ظت شيئاً‪ .‬ال جيلس من النساء على هذه الطاولة سوى مرمي ووالديت العروسني‪ّ .‬‬ ‫الح ُ‬ ‫َ‬
‫وُي ِّدثن الضجيج على الطاولة املمت ّدة على طول اجلدار واليت ُخت َدم بعد العروسني والضيوف‬
‫موجودات ُ‬
‫رب البيت ومرمي يف مقابله إىل جانب العروس‪.‬‬ ‫املتميّزين‪ .‬يسوع إىل جانب ّ‬
‫يبدأ الطعام‪ ،‬وأؤّكد لكم أ ّن األكل على قدم وساق وكذلك الشرب‪ .‬إثنان أيكالن ويشرابن‬
‫قليالً‪ُ ،‬ها يسوع ووالدته‪ ،‬وُها كذلك يتكلّمان قليالً ج ّداً‪ .‬يسوع يتكلّم أكثر قليالً‪ّ .‬إال أنّه‪ ،‬رغم كالمه‬
‫القليل‪ ،‬فهو ليس عابساً يف حديثه وال متعالياً‪ .‬إنّه رجل ُجم ِّامل إّّنا ليس ثراثراً‪ .‬عندما يُسأل جييب‬
‫التأمل‪ .‬إنّه يبتسم ولكنّه ال يضحك‬ ‫ويهتم مبا يُقال له ويُديل برأيه‪ ،‬مثّ بعدئذ يعود إىل خلوته كمن اعتاد ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 86 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتمل يسوعها وكذلك‬ ‫أبداً‪ .‬وإذا َِّ‬
‫يتصرف كمن مل يسمع شيئاً‪ .‬تتغ ّذى مرمي من ّ‬
‫ّ‬ ‫احلدود‬ ‫تتجاوز‬ ‫نكتة‬ ‫ع‬ ‫مس‬
‫يظل متعلّقاً بشفيت معلّمه‪.‬‬
‫يفعل يوحنّا اجلالس على طرف الطاولة الذي ّ‬
‫تُ ِّ‬
‫الحظ مرمي أ ّن اخل ّدام يتح ّدثون إىل كبري اخلدم وأ ّن هذا األخري منزعج وتُ ِّ‬
‫درك أ ّن شيئاً ما جيري‬
‫على غري ما يرام‪« .‬اي ابين‪ ».‬تقوهلا هبدوء الفتة انتباه يسوع هبذه الكلمة‪« .‬اي ولدي‪َ ،‬مل يـَعُد لديهم‬
‫مخر‪».‬‬
‫«ما يل و ِّ‬
‫لك‪ ،‬بعد اليوم‪ ،‬اي امرأة؟» ويبتسم يسوع لدى قوله هذه اجلملة بلطف أكثر‪ ،‬وتبتسم‬
‫سرُها السعيد الذي جيهله اجلميع‪.‬‬
‫مرمي‪ ،‬مثل اثنني يعرفان حقيقة‪ ،‬هي ّ‬
‫كل ما يقوله لكم فافعلوه‪ ».‬لقد قَـَرأَت مرمي يف عيين ابنها البامستني املوافقة‬
‫أتمر مرمي اخل ّدام‪ّ « :‬‬
‫لكل «املدعوين»‪.‬‬
‫املغشاة أبمثولة عظيمة ّ‬
‫ّ‬
‫امألوا األجاجني ماء‪».‬‬
‫وأيمر يسوع اخل ّدام‪َ « :‬‬

‫(إين أمسع أزيز البَ َكَرة اليت تُصعِّد وتُ ِّنزل الدلو‬
‫أرى اخل ّدام َيألون األجاجني ماء حمموالً من البئر ّ‬
‫جيربه إبَياءة دهشة‬ ‫الذي يَط َفح‪ ).‬أرى كبري اخلَ َدم الذي يستقي القليل من هذا السائل بذهول‪ ،‬وهو ّ‬
‫رب البيت والعريس الذي جبواره‪.‬‬
‫ويتذوقه‪ .‬مثّ يتح ّدث إىل ّ‬
‫كبرية ّ‬
‫يرد عليها اببتسامة ختفض رأسها وقد اعَتاها االمحرار‬
‫تنظر مرمي أيضاً إىل ابنها وتبتسم‪ ،‬مثّ بينما ّ‬
‫قليالً‪ّ .‬إهنا سعيدة‪.‬‬

‫جتري ُههمة يف الغرفة‪ .‬الرؤوس تدور صوب يسوع ومرمي‪ .‬يَِّقفون لَِّريوا بشكل أفضل‪ .‬يذهبون‬
‫صمت‪ ،‬مث َسيل ِّمن املديح ليسوع‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫صوب اجلّرار‪َ .‬‬
‫يكرر‪:‬‬
‫لكنّه يقف ويقول كلمة واحدة‪« :‬اشكروا مرمي‪ ».‬ومن مثّ يَتك الوليمة‪ .‬وعند العتبة ّ‬
‫يك أمي‪».‬‬‫«السالم هلذا البيت وبركة هللا عليكم مجيعاً‪ ».‬ويضيف‪ « :‬أحي ِّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 87 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وتتوقف الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 88 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -15‬ما يل ِّ‬


‫ولك‪ ،‬بعد اليوم‪ ،‬اي امرأة؟)‬

‫‪1944 / 01 / 16‬‬

‫يسوع يشرح يل معىن اجلملة‪:‬‬


‫«هذه الـ "بعد اليوم" اليت يـمُّر عليها الكثري ِّمن ِّ‬
‫املَتمجني ابلصمت والالمباالة هي مفتاح اجلملة‪،‬‬ ‫َُ‬
‫وهي اليت تشرحها مبعناها الصحيح‪.‬‬

‫أشارت يل فيها إرادة أيب أ ّن الساعة قد َزفَّت‬


‫حّت اللحظة اليت َ‬ ‫ألمه ّ‬
‫كنت االبن اخلاضع ّ‬ ‫لقد ُ‬
‫ألمه‪ ،‬بل خادم هللا‪.‬‬‫ألكون املعلّم‪ .‬فاعتباراً من اللحظة اليت بَ َدأَت فيها الرسالة‪ ،‬مل أعد االبن اخلاضع ّ‬
‫حتولَت إىل روابط ذات طبيعة أمسى‬ ‫والروابط اليت تربطين مبن َحبلت يب وولدتين قد ان َقطَ َعت‪ .‬لقد َّ‬
‫احلب مل يعرف حدوداً‪،‬‬ ‫كثرياً‪ .‬لقد ارتَدَّت كلّها إىل الروح‪ .‬فالروح ينادي دائماً مرمي‪ ،‬ق ّديسيت "ماما"‪ .‬و ّ‬
‫فَت‪ ،‬إّّنا على العكس متاماً‪ ،‬مل يكن أبداً كامالً بقدر ما كان عليه حلظة انفصايل عنها من أجل‬ ‫ومل يَ َ‬
‫كمبشر‪ .‬وأمومتها الروحانيّة الثالثة السامية‬
‫والدة اثنية‪ ،‬حيث َوَهبَتين للعامل‪ ،‬من أجل العامل‪ ،‬كماسيا‪ّ ،‬‬
‫مين فادي العامل‪.‬‬‫كانت عندما‪ ،‬يف انفطار القلب على اجللجلة‪َ ،‬ولَ َدتين للصليب جاعلة ّ‬
‫ِّ‬
‫أطيعك‪.‬‬ ‫كنت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كنت يف البدء لك‪ ،‬فقط لك‪ .‬لقد كنت أتمرينين و ُ‬
‫"ما يل ولك بعد اليوم؟" لقد ُ‬
‫لك‪ .‬واآلن أان لرساليت‪.‬‬‫كنت خاضعاً ِّ‬
‫ُ‬
‫ضع يده على احملراث ويلتفت إىل الوراء لتحيّة َمن بَِّق َي فهو غري أهل‬ ‫أمل أقل ذلك؟ "إ ّن َمن يَ َ‬
‫عت يدي على احملراث ألفتح ابلس ّكة ليس األرض بل القلوب‪ ،‬ألزرع‬ ‫ض ُ‬ ‫مللكوت السماوات"‪ .‬لقد َو َ‬
‫ليسمروها على الصليب‪ ،‬وألفتح بعذاب هذا‬ ‫مين ّ‬ ‫فيها كلمة هللا‪ .‬ومل أرفع هذه اليد ّإال حينما انتَـَزعوها ّ‬
‫لكل البشريّة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫املسمار قلب أيب إبخراجي من اجلرح الغفران ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 89 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هذه الـ "بعد اليوم"‪ ،‬اليت نَ ِّسيها الكثريون كانت تريد قول هذا‪ِّ :‬‬
‫"كنت يل كل شيء‪ ،‬أيّتها األ ّم‪،‬‬ ‫َ‬
‫أصبحت ماسيا ال ُـمنتَظَر‬ ‫كل شيء يف روحي‪ ،‬ولكن ُمذ‬ ‫طاملا كنت يسوع بن مرمي الناصري‪ ،‬و ِّ‬
‫كنت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حّت أعود من جديد بكلّييت‬ ‫أصبحت يف ما هو أليب‪ .‬انتظري قليالً بعد‪ ،‬وما أن تنتهي رساليت ّ‬ ‫ُ‬ ‫فقد‬
‫امحك أحد على ذلك‪ ،‬هذا‬ ‫اعيك كما حينما كنت صغرياً‪ ،‬ولن يز ِّ‬‫لك‪ .‬سوف تضمينين كذلك بني ذر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أنت أيضاً‬ ‫لك جثّته لتلبسي ِّ‬
‫سَتمى ِّ‬ ‫االبن الذي هو ِّ‬
‫لك والذي سيُنظَر إليه وكأنّه عار البشريّة‪ ،‬والذي ُ‬
‫علي على الدوام‬ ‫ِّ‬
‫علي من جديد منتصراً‪ ،‬ومثّ ستحصلني ّ‬ ‫خزي كونك أ ُّم جمرم‪ .‬ومن مثّ سوف حتصلني ّ‬
‫أرسلَين إليهم‪.‬‬ ‫الذي‬ ‫اآلب‬ ‫ص‬ ‫أخ‬ ‫و‬ ‫الناس‬ ‫هؤالء‬ ‫لكل‬ ‫فأان‬ ‫اآلن‬ ‫ا‬ ‫أم‬ ‫السماء‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أيض‬ ‫منتصرة ِّ‬
‫أنت‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذا ما َعنَته الـ "بعد اليوم" الصغرية ال ُـم َح َّملة ابلدالالت‪».‬‬

‫أعطاين يسوع هذه املعلومة‪:‬‬

‫أردت إعطاء هذه اجلملة معىن أمسى ممّا يبدو‪.‬‬


‫لت للتالميذ‪" :‬هيّا بنا نُفرِّح والديت"‪ُ .‬‬
‫«عندما قُ ُ‬
‫فلم يكن ذلك الفرح برؤييت‪ ،‬إّّنا أبن تكون البادئة بنشاطي العجائيب‪ ،‬وأوىل الـم ِّ‬
‫حسنات إىل البشريّة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫صلَت بواسطة مرمي‪ .‬األوىل‪ .‬وهذا هو الرمز إىل أ ّن‬ ‫تذ ّكروا ذلك على الدوام‪ .‬معجزيت األوىل َح َ‬
‫مرمي هي مفتاح املعجزة‪ ،‬فأان ال أرفض شيئاً لوالديت‪ ،‬وبسبب صالهتا أجعل النعمة سابقة ألواهنا‪.‬‬
‫َعرف والديت‪ ،‬فهي يف املرتبة التالية بعد هللا يف الصالح‪ .‬أان أعرف أ ّن منحكم النِّّعم يعين إسعادها‬
‫أ ِّ‬
‫كنت أَعلَم‪" :‬هيّا بنا نُ ِّ‬
‫فرحها"‪.‬‬ ‫لت أان الذي ُ‬
‫احلب"‪ ،‬لذلك قُ ُ‬
‫ألهنا "الكلّية ّ‬
‫ّ‬

‫مدعوة‬ ‫ِّ‬
‫ت أن أُظهر للعامل قدرهتا بنفس الوقت مع قدريت‪ .‬كوهنا ّ‬ ‫ابإلضافة إىل ذلك فقد أرد ُ‬
‫لالحتاد يب ابجلسد ‪-‬ذلك أنّنا كنّا جسداً واحداً‪ :‬أان فيها وهي حويل‪ ،‬مثل بتالت الزنبق حول املدقّة‬ ‫ّ‬
‫ممتلئة عطراً وحياة‪ ،‬ومتّحدة يب ابألمل ـ ذلك أنّنا كنّا معاً على الصليب‪ ،‬أان جبسدي وهي بروحها‪ ،‬متاماً‬
‫مثل الزنبقة يفوح أرجيها من توجيها ومن العطر املستخرج منها على السواء‪ -‬فقد كان صحيحاً ّأهنا‬
‫كانت متّحدة يب ابلقدرة اليت ظَ َهَرت للعامل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 90 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫للمدعوين‪" :‬اش ُكروا مرمي‪ .‬فبواسطتها حصلتم على معلّم املعجزة ونلتم‬
‫ّ‬ ‫كنت أقوله‬
‫أقول لكم ما ُ‬
‫خاصة نِّ َعم الغفران"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫كل ن َعمي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫اسَتُيي بسالم‪ .‬حنن ِّ‬
‫معك‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 91 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -16‬يسوع يطرد الباعة من اهليكل)‬

‫‪1944 / 10 / 24‬‬

‫دخل مع بطرس وأندراوس ويوحنّا ويعقوب وفليبس وبرتلماوس داخل سور اهليكل‪.‬‬‫أرى يسوع يَ ُ‬
‫كل أرجاء املدينة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫هناك مجوع كثرية تدخل وخترج‪ .‬زائرون يتوافدون زرافات من ّ‬
‫تعج ابملارة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ومتعرجة وهي ّ‬
‫ّ‬ ‫قة‬‫ّ‬‫ضي‬ ‫املدينة‬ ‫ع‬‫ار‬ ‫و‬‫ش‬ ‫رى‬‫ُ‬‫ت‬ ‫اهليكل‪،‬‬ ‫عليها‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ُ‬‫ب‬ ‫اليت‬ ‫اهلضبة‬ ‫أعلى‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫متحرك ِّمن ألف لون‪ .‬نعم‪ ،‬فللمدينة مظهر لعبة‬
‫يبدو أ ّن بني لون البيوت األبيض الزاهي َيت ّد شريط ِّّ‬
‫غريبة مصنوعة من شرائط متع ّددة األلوان بني ص ّفني من البيوت البيضاء اليت تتّجه كلّها صوب نقطة‬
‫الرب‪.‬‬
‫تتألّق فيها قباب بيت ّ‬
‫حقيقي‪ .‬فال ُخلوة وال خشوع يف املكان املق ّدس‪ .‬إّّنا ركض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مثّ يف الداخل‪ ،‬هناك معرض‬
‫وصراخ ولَعنات بسبب األسعار ال ُـمبالَغ فيها‪ ،‬ودفع للحيواانت املسكينة اليت‬ ‫ِّ‬
‫مناداة‪ ،‬وشراء محالن‪ُ ،‬‬
‫بدائي‪ ،‬حم ّددة حببال وأواتد عند املداخل حيث َأي ُخذ البائع‬
‫تثغو يف الزرائب‪ّ .‬إهنا أماكن مغلقة بشكل ّ‬
‫لنفسه مكاانً أو رّمبا صاحب الرزق الذي ينتظر املشَتين‪ .‬ضرابت عصي‪ ،‬وثغاء‪ ،‬شتائم واحتجاجات‪،‬‬
‫بطئِّني يف مجع وإحاطة احليواانت أو للمشَتين الذين يـُ َقَِّّتون يف الثمن‪ ،‬أو يبتعدون‪،‬‬‫شتائم للخ ّدام الـم ِّ‬
‫ُ‬
‫للمتبصرين الذين َجلَبوا احلَ َمل من عندهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وشتائم أقوى‬

‫لست أدري ما إذا كان األمر هكذا على الدوام أو‬ ‫حول مناضد الصرافة هناك ضوضاء أخرى‪ُ .‬‬
‫الحظ أ ّن اهليكل كان قد ُجعِّ َل مثل البورصة‪ ،‬أو السوق السوداء‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ـم‬‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫كان مبناسبة الفصح فقط‪ِّ .‬‬
‫وم‬
‫فأسعار العمالت مل تكن اثبتة‪ .‬فبالرغم من وجود سعر قانوينّ حم ّدد‪ّ ،‬إال أ ّن الصيارفة كانوا يفرضون‬
‫تعسفية مقابل التبديل‪ .‬وأؤكد لكم ّأهنم كانوا متّفقني على التضييق على‬
‫سعراً آخر ابقتطاع نسبة مئويّة ّ‬
‫الزابئن!‪ ...‬وكلّما كان الزبون فقرياً‪ ،‬وكلّما كان املكان الذي أتى منه بعيداً‪ ،‬كانوا يُغالون يف سلخه‪.‬‬
‫ولقد كان هناك شيوخ أكثر من الشباب‪ ،‬وكان القادمون من خارج فلسطني أكثر من الشيوخ‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 92 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كان هناك شيوخ مساكني يَنظُرون ويـَتَطَلَّعون إىل ُمدَّخراهتم ال ُـم َوفَّرة بكثري من العناء طوال العام‪،‬‬
‫األول‬
‫وهم يَدورون حول الصيارفة وينتهون ابلعودة إىل ّ‬ ‫مرة ُ‬ ‫خرجوهنا من صدورهم ويعيدوهنا إليها مائة ّ‬ ‫فيُ ِّ‬
‫الذي يَنتَ ِّقم البتعادهم اآلينّ برفع عمولة الصرف‪ ...‬وكانت القطع النقديّة الكبرية تفارق أيدي أصحاهبا‬
‫وتنهدات جديدة‬ ‫ِّ‬
‫عرب إىل خمالب املرايب فيب ّدهلا بقطع أصغر‪ .‬مثّ تراجيداي حساابت ّ‬ ‫التنهدات لتَ ُ‬
‫وسط ّ‬
‫أمام ابعة احلِّمالن الذين يتآمرون على العجائز املساكني شبه العميان يف انتقاء احلمالن األكثر هزاالً‬
‫هلم‪.‬‬

‫أرى عجوزين‪ ،‬رجل وزوجته‪ ،‬عائِّ َدين َجيُّران َمحَالً مسكيناً َو َج َده ُم َق ِّّدمو الذابئح معيباً‪.‬‬
‫يرف للبائع جفن‪.‬‬ ‫ترجيات‪ ،‬قلّة أدب وخشونة تتقابل كلّها دون أن ّ‬ ‫تش ّكيات‪ّ ،‬‬
‫« ُمقابِّل الذي تريدان دفعه أيّها اجلليليّان‪ ،‬ما أَعطَيتُكماه مجيل ج ّداً‪ .‬ارحال! أو فادفعا مخسة‬
‫دوانق أخرى لتحصال على واحد أمجل!»‬

‫نستحلفك ابهلل! إنّنا عجوزان فقريان! هل تريد َم َنعنا من تقدمي الفصح الذي قد يكون األخري؟‬
‫َ‬ ‫«‬
‫َخذتَه ِّمنّا ال يكفي مثناً حليوان صغري؟»‬
‫هل ما أ َ‬
‫يشرفين بقدومه‪ .‬هللا معك!‬
‫إيل‪ .‬إنّه ّ‬
‫«افسحا اجملال أيّها الشحيحان‪ .‬ها هو يوسف الشيخ قادم َّ‬
‫تعال واخَت!»‬

‫املدعو يوسف الشيخ أو يوسف الرامي‪َ .‬يّر‬


‫دخـل ضمن التحويطـة وأيخذ َمحَالً رائعاً‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫وحّت على مدخل‬ ‫الفقريين اللذين يَنوحان أمام الباب‪ّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫بثوبه الفاخر خمتاالً دون أن ََييل بنَظَره إىل َ‬
‫دحرُها وهو خارج مع َمحَله السمني الذي يثغو‪.‬‬
‫الزريبة‪ .‬بل يَ َ‬
‫فَتض أنّه دفع له‪،‬‬
‫ولكن يسوع أيضاً قد أصبَ َح قريباً‪ .‬وهو كذلك قد ابتاع مع بطرس‪ ،‬الذي يُ ََ‬
‫لكن يسوع يلتفت َينة‬
‫املضي مباشرة إىل مكان تقدمي الذابئح‪ .‬و ّ‬
‫جيره وراءه‪ .‬ويبغي بطرس ّ‬ ‫َمحَالً مناسباً ّ‬
‫دحرُُها والبائع الذي يشتمهما‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫شدوهني‪ ،‬الباكيني‪ ،‬احلائرين من اجلَّمع الذي يَ َ‬
‫صوب العجوزين ال َـم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 93 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ّأما يسوع الكبري‪ ،‬حبيث يصل العجوزان إىل مستوى قلبه‪ ،‬فيضع يده على كتف املرأة ويسأهلا‪:‬‬
‫«ملاذا تبكني اي امرأة؟»‬

‫فعم شباابً‪ ،‬ال َـمهيب بثوبه األبيض ومعطفه‬ ‫ـم‬‫ل‬‫ا‬ ‫الكبري‬ ‫الرجل‬ ‫هذا‬ ‫د‬ ‫تلت ِّفت املرأة العجوز وتُ ِّ‬
‫شاه‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫الثلجي اللون؛ اجلديد والنظيف‪ .‬من املفروض أن تكون قد اعتَََربته أحد األحبار بسبب ثوبه ومظهره‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ألي حال لدى الناس وال َُي ُمون املساكني‬
‫ومع دهشتها‪ ،‬إذ إ ّن األحبار والكهنة ال يقيمون عادة وزانً ّ‬
‫قص أسباب حزهنما عليه‪.‬‬ ‫ض ّد جشع وضراوة الباعة‪ ،‬وتَ ّ‬
‫يلتَ ِّفت يسوع إىل ابئع احلمالن‪« :‬بَ ِّّدل هذا احلَ َمل هلذين املؤمنني فهو ال يليق ابملذبَح‪ ،‬كما أنّه‬
‫تستغل عجوزين فقريين أل ّهنما ضعيفان وليس هلما من يُدافِّع عنهما‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫من غري الالئق أن‬

‫أنت َمن تكون؟»‬


‫«و َ‬
‫« ِّ‬
‫عادل‪ ،‬مستقيم‪».‬‬

‫جليلي‪ .‬وهل َيكن أن ََي ُرج ِّمن اجلليل رجل عادل ومستقيم؟»‬
‫ك ّ‬ ‫افقوك تُشري إىل أنّ َ‬
‫ومر َ‬ ‫هلجتك ُ‬
‫« َ‬
‫أنت عادالً ومستقيماً‪».‬‬
‫لك وُكن َ‬
‫افعل ما أقوله َ‬
‫« َ‬
‫ظرييه! هو يريد أن يعطينا درساً‪ ،‬حنن الذين يف اهليكل!»‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫عن‬ ‫ع‬‫«امسعوا! امسعوا اجلليلي الـمدافِّ‬
‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجلليلي األكثر تنغيماً واأللطف من هلجة أهل يهوذا‪ .‬على‬
‫ّ‬ ‫ويَضحك الرجل مستهزائً ومقلّداً هلجة‬
‫األقل حسب ما يبدو يل‪.‬‬‫ّ‬
‫وأي ُخذ ابعة آخرون وصيارفة يدافعون عن شريكهم يف اجلرم ض ّد يسـوع‪.‬‬
‫يـَتَ َج َّمع الناس حلقات َ‬
‫أنت ِّمن األحبار؟» بلهجة‬
‫ـخرون‪ .‬ويَسـأل أحدهم‪« :‬هل َ‬ ‫وكان بني احلضور حاخامان أو ثالثة يَس َ‬
‫فقد أيّوب صربه‪.‬‬ ‫تُ ِّ‬

‫قلت‪».‬‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 94 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ماذا تُـ َعلِّّم؟»‬

‫للمرابني والباعة‪ .‬هذا هو تعليمي"‪.‬‬ ‫ا‬


‫ر‬
‫ً‬ ‫ك‬
‫و‬ ‫ليس‬‫و‬ ‫صالة‬ ‫بيت‬ ‫هللا‬ ‫بيت‬ ‫"إعادة‬ ‫مه‪:‬‬ ‫«ها ُكم ما أُعلِّ‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وقد كان يسوع َمهوالً‪ .‬بدا وكأنّه رئيس املالئكة على عتبة الفردوس املفقود‪ .‬ليس يف يديه سيف‬
‫وم َدنِّّسي القدسيّات‪.‬‬ ‫صعقان ال ُـمستَ ِّ‬
‫هزئني ُ‬
‫ِّ‬
‫لكن عينيه تُش ّعان ابلنّور وتَ َ‬ ‫ِّ‬
‫ُملتَهب‪ ،‬و ّ‬
‫املناضد ويـُبَعثِّر‬
‫سرعاً ومهيباً بني ِّ‬
‫ليس يف يده شيء‪ .‬غضبـه املق ّدس فقط‪ .‬وبـه وحده َيشي ُم ِّ َ‬
‫النقود املرتّبة بدقّة حسب قِّيَمها‪ ،‬ويَقلب الطاوالت‪ ،‬الصغرية منها والكبرية فتقع وتتحطّم على األرض‬
‫ضجة املعادن اليت تقفز واخلشب الذي يتدحرج ومع صرخات الغضب والذعر واالستحسان‪ .‬مثّ‬ ‫مع ّ‬
‫الدواب احلِّبال اليت تُربَط هبا الثريان والنعاج واحلِّمالن‪ ،‬ويصنع منها ُسوطاً قاسياً‪،‬‬
‫حراس َّ‬ ‫ّ‬ ‫أيدي‬ ‫ن‬ ‫ينتَ ِّزع ِّ‬
‫م‬
‫السيور بِّعُ َقد تُـثَـبِّّتها‪ ،‬ويرفعه وجييله مثّ يهوي به من دون رمحة‪ .‬نعم أؤّكد لكم دون رمحة‪.‬‬
‫حيث ُجت َمع ّ‬
‫يهوي هذا الوابل غري املتوقّع على الرؤوس والظهور‪ .‬يتفاداه املؤمنون وهم ينظرون إىل املشهد‬
‫حّت خارج السور ينجون أبنفسهم ُمطلِّقني سيقاهنم للريح اتركني‬
‫الحقون ّ‬ ‫إبعجاب‪ .‬بينما املذنبون الـ ُم َ‬
‫الدراهم على األرض واحليواانت بقاماهتا املختلفة خلفهم يف متازج كبري من القوائم والقرون واألجنحة‪.‬‬
‫كل ذلك ابلتزامن مع ضحكات‬ ‫والذي جيري ينجو بنفسه‪ .‬اخلوار‪ ،‬الثغاء‪ ،‬هديل احلمام واليمام‪ّ ،‬‬
‫حّت جوقة احليواانت املثرية للشفقة واليت تُذبَح‬
‫جتاوَز ّ‬
‫الفارين‪ ،‬وقد َ‬
‫املؤمنني وصرخاهتم خلف املرابني ّ‬
‫ابلتأكيد يف ساحة أخرى‪.‬‬

‫هرع كهنة ومعهم بعض احلاخامني والفريسيني‪ .‬ويسوع ما يزال يف وسط الساحة عائداً من‬ ‫يَ َ‬
‫املالحقة‪ ،‬والسوط ما يزال يف يده‪.‬‬

‫لنفسك بفعل هذا‪ُ ،‬م َع ِّّكراً صفو االحتفاالت ال ُـم َقَّرَرة؟ ِّمن أيّة مدرسة‬
‫َ‬ ‫أنت؟ كيف تسمح‬
‫« َمن َ‬
‫نعرفك وال نعرف َمن تكون‪».‬‬ ‫أتيت؟ ابلنسبة لنا‪ ،‬حنن ال َ‬
‫َ‬
‫احلقيقي وأان أقمه لتمجيد هللا‪ .‬فأان ال‬
‫ّ‬ ‫ضوا هذا اهليكل‬
‫كل شيء‪ .‬ان ُق ُ‬
‫«أان القادر‪ .‬أستطيع فعل ّ‬
‫الغشاشني‬
‫للمرابني و ّ‬
‫أع ّكر صفو قداسة بيت هللا وال االحتفاالت‪ .‬إّّنا أنتم َمن تع ّكروهنا بسماحكم ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 95 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ألزيل الذي كان‬ ‫ِّ‬
‫لكل إسرائيل‪ ،‬ب َفم ا ّ‬
‫ابإلقامة يف بيته‪ .‬مدرسيت هي مدرسة هللا‪ ،‬املدرسة ذاهتا الكائنة ّ‬
‫أتيت؟ سوف تَعلَمون ذلك‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يُ َكلّم موسى‪ .‬أال تعرفوين؟ سوف تَعلَمون َمن أكون‪ .‬أال تعرفون من أين ُ‬
‫وبينما يلتَ ِّفت إىل الشعب دون اكَتاث ابلكهنة مهيمناً على احمليط بقامته‪ ،‬مرتدايً الثوب‬
‫األبيض‪ ،‬واملعطف مفتوح‪ ،‬واسع من اخللف عند الكتفني‪ ،‬ويداه ممدوداتن مثل خطيب يف اللحظة‬
‫األكثر وجدانيّة يف خطابه‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫وح ّكاماً يف مجيع‬


‫لك قُضاة ُ‬‫"اجعل َ‬
‫«امسَعوا اي أبناء إسرائيل! لقد جاء يف سفر تثنية االشَتاع‪َ :‬‬
‫مدنك‪ُ ...‬يكمون فيما بني الشعب ُحكماً عادالً‪ .‬ال جتوروا يف احلكم وال ُحتابوا الوجوه وال أتخذوا‬‫َ‬
‫احلق لكي حتيا ومتلك األرض‬ ‫وحتَِّّرف أقوال الص ّديقني‪ .‬واتّبع ّ‬
‫رشوة أل ّن الرشوة تعمي أبصار احلكماء ُ‬
‫إهلك"‪.‬‬
‫يعطيك الرب َ‬
‫َ‬ ‫اليت‬

‫امسَعوا اي أبناء إسرائيل! وقد جاء يف تثنية االشَتاع‪" :‬ال يكون للكهنة والالويّني وجلميع سبط‬
‫الرب ومرياثه‪ .‬ومرياث فيما بني أخوته ال‬ ‫ِّ ِّ‬
‫الوي نصيب وال مرياث مع إسرائيل‪ ،‬فَـ ُهم أيكلون من َوقَائد ّ‬
‫الرب هو مرياثه"‪.‬‬
‫يكون له إّّنا ّ‬
‫فضة أو طعام‬
‫قرض أخاك برىب يف ّ‬ ‫امسَعوا اي أبناء إسرائيل! كذلك جاء يف تثنية االشَتاع‪" :‬ال تُ ِّ‬
‫كل حاجته‬ ‫قرض ابلرىب‪ .‬بل ابلعكس تُ ِّ‬ ‫أو شيء آخر ممّا يُقرض ابلرىب‪ ،‬بل األجنيب ّإايه تُ ِّ‬
‫أخاك ّ‬
‫قرض َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫دون رىب"‪.‬‬

‫الرب‪.‬‬
‫هذا ما قاله ّ‬
‫الر َجحان‬
‫واآلن أنتم تَـَرون أ ّن حكم القضاة جتاه الفقراء غري عادل يف إسرائيل‪ .‬فال يكون َّ‬
‫تتحمل‬ ‫أن‬ ‫يعين‬ ‫فهذا‬ ‫الناس‬ ‫ة‬ ‫عام‬ ‫ن‬ ‫لصاحب احلق‪ ،‬ولكن لِّمن هو أقوى‪ .‬أن تكون فقرياً أو تكون ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الظلم‪ .‬كيف يستطيع الشعب القول‪" :‬إ ّن حاكمنا عادل" إذا ما رأى أ ّن ال ُـمقتَ ِّدرين وحدهم هم‬
‫الرب‬
‫احملَتمون واملسموعة كلمتهم‪ ،‬بينما ال جيد الفقري من يبغي مساعه؟ كيف يستطيع الشعب احَتام ّ‬
‫الرب يف خمالفة‬
‫إذا ما رأى أ ّن من يقع عليهم هذا الواجب أكثر من غريهم ال ُيَتمونه؟ هل احَتمتم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 96 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫العشارين واخلطأة الذين يفعلون هذا‬
‫وصيّته؟ وملاذا إذاً هلم يف إسرائيل ممتلكات ويتقبّلون الرشاوى من ّ‬
‫ليحظوا ابهتمام الكهنة وهؤالء يَقبَلوهنم مقابل صندوق مليء ابلنقود؟‬

‫أي أب آخر على اإلطالق‪،‬‬ ‫أبوة من ّ‬


‫هللا هو إرث كهنته‪ .‬ابلنسبة هلم‪ ،‬هو أبو إسرائيل‪ ،‬وهو أكثر ّ‬
‫وهو يتدبّر أمر طعامهم كما جيب ابلضبط‪ ،‬إّّنا ليس أكثر من الكفاف‪ .‬إنّه مل يَعِّد خ ّدامه بثروات وال‬
‫أمالك‪ .‬ستكون السماء هلم يف األبديّة مكافأة لعدهلم واستقامتهم كما هي ملوسى وإيليا ويعقوب‬
‫وإبراهيم؛ إّّنا على هذه األرض فيجب أالّ يكون هلم سوى ثوب من كتّان وإكليل من ذهب غري قابل‬
‫احلق‪ .‬وليس‬
‫للفساد‪ :‬الطهارة واحملبّة‪ .‬ينبغي أن يكون اجلسد يف خدمة الروح الذي هو يف خدمة اإلله ّ‬
‫على اجلسد أن يسيطر على الروح ويتص ّدى هلل‪.‬‬

‫ظل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫سمحون‪ ،‬يف ّ‬ ‫وهم أبيّة ُسلطة يَنتَهكون ُحرمة وصيّة هللا ويَ َ‬
‫لت أبيّة ُسلطة أفعل هذا‪ُ .‬‬
‫لقد ُسئ ُ‬
‫لت ِّمن‬‫ِّ‬
‫اجلدران املق ّدسة‪ ،‬ابلرىب على حساب األخوة من إسرائيل القادمني طاعة لوصيّة هللا؟ لقد ُسئ ُ‬
‫ألقودك إىل هذه املدرسة‬ ‫أتيت‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫بت‪" :‬من مدرسة هللا"‪ .‬نعم اي إسرائيل لقد ُ‬ ‫َج ُ‬‫أتيت‪ ،‬وأ َ‬
‫أيّة مدرسة ُ‬
‫املق ّدسة والثابتة‪.‬‬

‫إيل‪.‬‬
‫احلق واحلياة‪َ ،‬من يَر َغب مساع صوت هللا يتح ّدث إىل شعبه فليأت ّ‬
‫َمن يَر َغب معرفة النور و ّ‬
‫لقد تَبِّعتُم موسى عرب الصحارى اي أبناء إسرائيل‪ .‬اتبعوين فأقودكم عرب صحراء أكثر كآبة إىل األرض‬
‫كل‬ ‫ِّ ِّ‬
‫الطوابويّة احلقيقيّة‪ .‬عرب البحر الذي ينشق أبمر هللا‪ ،‬إليها أان أقودكم‪ .‬وبرفع إشاريت أُبرئ ُكم من ّ‬
‫شر‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهم يف انتظارها‪ .‬لقد تنبّأ عنها األنبياء‬ ‫ِّ‬
‫لقد أتت ساعة النّعمة‪ .‬لقد انتَظََرها األحبار وماتوا ُ‬
‫متعزين هبذا احللم‪ّ .‬أما اآلن فلقد قامت‪.‬‬
‫وماتوا على هذا الرجاء‪ .‬لقد حلم هبا املستقيمون وماتوا ّ‬
‫الرب شعبه ويَتأّف ابلذين َيدمونه"‪ ،‬كما َو َع َد على لسان موسى‪».‬‬
‫تعالوا‪" .‬سوف يدين ّ‬
‫الناس الذين َحتلَّقوا حول يسوع ابتوا يستَ ِّمعون إليه أبفواه ِّ‬
‫فاغرة‪ .‬مثّ َعلَّقوا على كلمة الرايب اجلديد‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فسرين ِّمن ُمرافِّ ِّقيه‪.‬‬
‫مستَ ِّ‬
‫ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 97 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتوجه يسوع بعدئذ إىل ساحة أخرى منفصلة عن هذه عرب رواق‪ .‬يتبعه أصدقاؤه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتتوقّف الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 98 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي وتوما‪ .‬معجزة على مسعان الغيور)‬


‫‪( -17‬لقاء االسخر ّ‬
‫‪1944 / 10 / 26‬‬

‫كان يسوع متواج ّداً مع تالميذه الستّة‪ّ .‬إال أنّين‪ ،‬ال أمس مساء وال اليوم‪ ،‬مل َأر يوضاس ت ّداوس‬
‫الذي قال إنّه كان يريد اجمليء مع يسوع إىل أورشليم‪.‬‬

‫من املفروض أنّه ما يزال زمن الفصح‪ ،‬ذلك أ ّن ازدحاماً كبرياً لَ ّما يـََزل يف املدينة‪.‬‬

‫يتوجه صوب البيت الذي‬ ‫يقَتب املساء‪ ،‬ويعود الكثريون مسرعني إىل منازهلم‪ .‬وكذلك يسوع ّ‬
‫حقيقي وسط‬ ‫يفي‬ ‫ر‬ ‫منزل‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫ها‪.‬‬ ‫يستضيفه‪ .‬وهو ليس بيت العلّية‪ .‬إنّه داخل املدينة مع كونه يف ُخت ِّ‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كرم زيتون‪ِّ .‬من الساحة الصغرية اليت تَسبقه‪ ،‬تُرى األشجار اليت تَ ِّ‬
‫حّت‬
‫الحق ّ‬ ‫نحدر ِّوفق صفوف تَـتَ َ‬ ‫َ‬
‫أسفل اهلضبة‪ .‬تتوقّف حيث تتدفّق مياه سيل قليلة ج ّداً‪ ،‬وجتري عرب ثغرة موجودة بني هضبتني قليليت‬
‫االرتفاع‪ .‬على قِّ ّمة إحداُها يوجد اهليكل‪ ،‬وعلى األخرى أشجار الزيتون على مدى النَّظَر‪ .‬يسوع يف‬
‫بكل هبجة أشجاره الوادعة‪.‬‬ ‫أسفل هذه اهلضبة املمتعة‪ ،‬الصاعدة وفق منحدر لطيف ّ‬
‫مسن قد يكون البستاينّ أو صاحب‬
‫صديقك‪ ».‬هذا ما قاله رجل ّ‬
‫َ‬ ‫«يوحنّا‪ ،‬هناك َر ُجالن يَنتَ ِّظران‬
‫َكرم الزيتون‪ ،‬وكأ ّن معرفة مسبقة تربطه بيوحنّا‪.‬‬

‫«أين ُُها؟ َمن يكوانن؟»‬

‫ألين‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫« ّإهنما يَنتَظران يف املطبخ و‪ ...‬و‪ ...‬نعم‪ ...‬هناك واحد أيضاًكلّه قروح‪ ...‬أوقَفتُه هناك ّ‬
‫أرجو ّأال يكون جمذوماً‪ ...‬ويقول إنّه يريد رؤية النيب الذي تَ َكلَّ َم يف اهليكل‪».‬‬

‫حّت هذه اللحظة يقول‪« :‬فلنذهب ّأوالً لرؤية هذا األخري‪ .‬قُل‬ ‫ِّ‬
‫يسوع الذي كان قد بَق َي صامتاً ّ‬
‫لآلخَرين أن أيتيا إذا أرادا‪ ،‬سوف أحت ّدث إليهما هنا يف كرم الزيتون‪ ».‬ويلتَ ِّفت صوب املكان الذي‬
‫َ‬
‫َّده الرجل‪.‬‬
‫َحد َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 99 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويسأله بطرس‪« :‬وحنن ماذا نفعل؟»‬

‫«تعالوا إذا أردمت‪».‬‬

‫يفي ُيمل إفريزاً‪ ،‬جبانب حدود األمالك‪.‬‬ ‫ر‬ ‫جدار‬ ‫إىل‬ ‫ظهره‬ ‫يسند‬ ‫الربد‬ ‫يقيه‬ ‫اب‬
‫ً‬ ‫ثو‬ ‫ر‬‫وإذا بِّرجل متَ َدثِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َُ ُ‬
‫ص َع َد سالكاً درابً ُي ّد اجلدار حماذايً للسيل الصغري‪ .‬وعندما يـََرى‬
‫من املفَتض أن يكون الرجل قد َ‬
‫يسوع ُمقبِّالً إليه يهتف‪« :‬ارجع‪ ،‬ارجع! إّّنا ارمحين!» ويـُ َعّري جذعه اتركاً ثوبه يسقط‪.‬‬

‫إذا كان وجهه مليئاً ابلقشور فجذعه ليس سوى موزاييك من القروح‪ .‬منها ما هي عميقة‬
‫وأخرى محراء مثل احلروق‪ ،‬واثلثة بيضاء نصف ش ّفافة كما لو كان عليها زجاج أبيض‪.‬‬

‫مين؟»‬
‫أبرص! ما الذي تريده ّ‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫يت أمس مساء كصوت هللا وحامل النِّّعمة‪ .‬وقد قيل‬ ‫ك َجتَلَّ َ‬
‫تلعين! ال ترمجين! لقد قيل يل إنّ َ‬
‫«ال ّ‬
‫أتيت من القبور‪ ...‬هناك‪...‬‬‫علي‪ .‬لقد ُ‬ ‫ك أ َّ‬
‫ك‪ .‬ارفعها ّ‬ ‫كل اآلالم برفع إشارت َ‬ ‫ك تشفي ّ‬ ‫دت أنّ َ‬
‫َك َ‬ ‫يل إنّ َ‬
‫انتظرت حلول الظالم ألفعل‬
‫ُ‬ ‫زحفت مثل حيّة بني علّيق السيل ألصل إىل هنا دون أن يراين أحد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫التقيت برجل البيت هذا الصاحل‪ ،‬وهو مل‬
‫أت‪ ...‬و ُ‬ ‫جتر ُ‬
‫الظل ال تُرى حاليت جيّداً‪ .‬لقد ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬ففي شبه ّ‬
‫أنت أيضاً ارمحين‪ ».‬يتق ّدم يسوع وحده‪ ،‬إذ إن التالميذ‬
‫يقتلين بل قال يل فقط‪" :‬انتظر أمام اجلدار"‪َ .‬‬
‫َظهروا امشئزازهم بوضوح‪ .‬وقال اجملذوم أيضاً‪:‬‬
‫الستّة وصاحب األمالك مع اجملهولني ظلّوا بعيدين وقد أ َ‬
‫«ال تتق ّدم أكثر! ليس أكثر! إنّين َِّجنس!»‬

‫لكن يسوع يتق ّدم‪ .‬يَنظُر إليه بَِّرأفة َج َعلَت الرجل يبكي‪ .‬فيجثو ويكاد وجهه يالمس األرض‬
‫و ّ‬
‫تك!»‬
‫تك! إشار َ‬ ‫وهو يئن‪« :‬إشار َ‬
‫عاَف‪ .‬أان أريد ذلك‪ .‬وُكن يل عالمة يف‬
‫لك أقول‪ :‬قُم‪ .‬ولتكن ُم َ‬ ‫«سوف تُرفَع يف أواهنا‪ .‬ولكن‪َ ،‬‬
‫لك اهنَض! وال تَـعُد ُخت ِّطئ‪ ،‬اعَتافاً ابجلميل هلل!»‬
‫هذه املدينة اليت جيب أن تعرفين‪ .‬أقول َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 100 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يَ َنهض الرجل ببطء‪ ،‬ببطء‪ .‬ويبدو وكأنّه يَ ُبزغ ِّمن وسط العشب العايل واملزهر كما لو كان‬
‫يـَتَ َخلَّص ِّمن َك َفن‪ ...‬إنّه ُم َ‬
‫عاَف‪ .‬يَنظُر إىل نفسه يف آخر خيوط نور النهار‪ .‬لقد تعاَف‪ .‬يهتف‪« :‬لقد‬
‫أجلك؟»‬‫ئت! آه! ماذا ينبغي يل أن أفعل اآلن من َ‬ ‫بَِّر ُ‬
‫اذهب وقابِّل الكاهن‪ .‬وُكن منذ اآلن صاحلاً‪ِّ .‬‬
‫امض‪».‬‬ ‫«اح َفظ الشريعة‪َ .‬‬
‫هم الرجل ابلقيام حبركة لريمتي على قدمي يسوع ولكنّه يتذ ّكر أنّه ما يزال غري طاهر يف نظر‬ ‫يَ ّ‬
‫رسل القبلة إىل يسوع‪ .‬إنّه يبكي من الفرح‪.‬‬‫الشريعة؛ فيَتاجع‪ .‬ولكنّه يـ َقبِّل يديه وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫هزهم وهو يبتسـم‪« :‬اي أصدقائي‪ ،‬مل يكن‬ ‫يـَتَ َسـََّمر الباقون‪ .‬يديـر يسـوع ظهره لألبرص املربأ ويَ ّ‬
‫سوى بـََرص اجلسد‪ ،‬ولكنّكم سوف تُعايِّنون بـََرص القلوب يربأ‪ ».‬مثّ يقول للمجهولَني‪« :‬أأنتما َمن‬
‫ترغبان برؤييت؟ ها أنذا‪َ .‬من تكوانن؟»‬

‫عنك يف املدينة‪ .‬وقال لنا أحدهم‪ ،‬يَدَّعي أنّه‬ ‫«لقد َِّمس َ‬


‫عناك ذاك املساء‪ ...‬يف اهليكل‪ .‬حبثنا َ‬
‫ك هنا‪».‬‬ ‫يبك‪ ،‬أبنّ َ‬
‫قر َ‬
‫عين؟»‬
‫«ملاذا تبحثان ّ‬
‫احلق‪».‬‬
‫عندك كالم ّ‬
‫رغبت بنا‪ ،‬فإ ّن َ‬
‫لنتبعك‪ ،‬إن َ‬
‫« َ‬
‫«أن تتبعاين؟ ولكن هل تعرفان إىل أين أان ذاهب؟»‬

‫«كال اي معلّم‪ ،‬إّّنا ابلتأكيد إىل اجملد‪».‬‬

‫«نعم ولكن إىل جمد ليس ِّمن هذه األرض‪ ،‬إىل جمد يسود يف السماء وال َيكن بلوغه ّإال‬
‫ابلفضيلة والتضحية‪ ».‬مثّ سأَ َهلُما ِّمن جديد‪« :‬ملاذا تريدان أن تتبعاين؟»‬

‫مبجدك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ليكون لنا نصيب‬

‫« َحسب السماء؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 101 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«نعم ‪ ،‬حسب السماء‪».‬‬

‫«ال يستطيع اجلميع بلوغه‪ .‬أل ّن الشيطان ينصب الفخاخ للراغبني ابلسماء أكثر من اآلخرين‪.‬‬
‫العدو الذي‬ ‫مع‬ ‫ا‬
‫مستمر‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫اع‬
‫ر‬ ‫ص‬ ‫سيستلزم‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫باعي‬‫وال يثبت ّإال من كانت إرادته صلبة‪ .‬فلماذا اتِّّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫العدو‪-‬الشيطان؟»‬
‫العدو‪ ،‬ومع ّ‬
‫فينا‪ ،‬مع العامل ّ‬
‫فأنت ق ّدوس وقَدير وحنن نريد‬
‫لك‪َ .‬‬ ‫«أل ّن روحنا هي اليت َحت ِّملنا َ‬
‫إليك‪ ،‬روحنا اليت ظَلَّت أسرية َ‬
‫أصدقاءك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أن نكون‬

‫ويتنهد‪ .‬مثّ َُيعِّن النظر فيمن تَ َكلَّ َم طوال الوقت والذي قد تَـَرَك‬
‫«أصدقاء!!!» يصمت يسوع ّ‬
‫أنت‬
‫يوطي‪َ « .‬من َ‬
‫اآلن معطفه يسقط‪ ،‬وقد كان يغطّي رأسه‪ ،‬اتركاً رأسه مكشوفاً‪ .‬إنّه يهوذا االسخر ّ‬
‫عامة الشعب؟»‬ ‫ِّ‬
‫اي َمن تتكلّم أفضل ممّن هو من ّ‬
‫«أان يهوذا بن مسعان‪ .‬أان من إسخريوط ولكنّين يف اهليكل‪ .‬إنّين أنتَ ِّظر ملك اليهود‪ ،‬وهذا هو‬
‫معك‪».‬‬
‫كتك‪ .‬خذين َ‬ ‫عرفتك ِّمن حر َ‬ ‫َ‬ ‫ك امللك‪ .‬امللك‪،‬‬
‫كالمك أنّ َ‬
‫َ‬ ‫فت ِّمن‬ ‫ِّ‬
‫حلمي‪ .‬ملك‪ ،‬وقد عر ُ‬
‫آخذك؟ اآلن؟ فوراً؟ ال‪».‬‬
‫« َ‬
‫«ملاذا اي معلّم؟»‬

‫«ألنّه من األفضل أن ََيتَِّرب اإلنسان نفسه قبل سلوك طريق شديدة االحندار‪».‬‬

‫«أال تثق إبخالصي؟»‬

‫بثباتك‪ .‬فَ ِّّكر اي يهوذا‪ .‬اآلن أان ذاهب‬


‫َ‬ ‫جهتك أظنُّه اندفاعاً ولكنّين غري واثق‬
‫َ‬ ‫أنت قُلتَها‪ِّ .‬من‬
‫« َ‬
‫عما تستطيعه‪ »...‬ويَسأل اجملهول‬ ‫كنت يف اهليكل فسَتاين‪ .‬أخربين ّ‬ ‫وسوف أعود يف العنصرة‪ ،‬وإذا َ‬
‫أنت َمن تكون؟»‬ ‫اآلخر‪«:‬و َ‬
‫معك‪ .‬إّّنا اآلن فإن هذا َُييفين‪».‬‬
‫أود يف أن أكون َ‬
‫كنت ّ‬
‫رآك‪ُ .‬‬
‫«أان إنسان آخر َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 102 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اضع فحينئذ يكون‬ ‫ِّ‬
‫«ال‪ ،‬فالتخمني خراب‪َ ،‬يكن للخوف أن يكون عائقاً‪ ،‬إّّنا إذا نَبع من التو ُ‬
‫أنت كذلك فَ ِّّكر وعندما آيت‪»...‬‬
‫عوانً‪ .‬ال ختف‪َ .‬‬
‫ب‪»...‬‬ ‫«اي معلّم أنت ق ّدوس! أخشى ّأال أكون أهالً‪ .‬ال شيء آخر‪ .‬ذلك أنّين ال أخاف ممّا أ ِّ‬
‫ُح‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫امسك؟»‬
‫«ما َ‬
‫«توما املل ّقب ابلتوأم‪».‬‬

‫امسك‪ .‬اذهب بسالم‪».‬‬


‫«سوف أتذ ّكر َ‬
‫يَصرفهما يسوع ويعود إىل البيت املضيف من أجل العشاء‪ .‬وأراد الستّة الذين معه أن يطرحوا‬
‫عليه أسئلة كثرية‪.‬‬

‫زت بينهما اي معلّم؟ هل كان هناك فرق بينهما؟ لقد كان لكليهما‬
‫يسأل يوحنّا‪« :‬ملاذا َميَّ َ‬
‫االندفاع نفسه!‪»...‬‬

‫لكن النكهة خمتلفة‪ .‬من املؤّكد أ ّن لكليهما‬


‫«اي صديقي ألنّه َيكن لالندفاع أن يكون نفسه و ّ‬
‫أقل كماالً كان أكثَره‪ ،‬ذلك‬
‫االندفاع نفسه‪ ،‬ولكنّه ال يرمي لدى االثنني إىل نفس اهلدف‪ .‬فالذي بَ َدا ّ‬
‫البشري‪ .‬فهو ُيبّين ألنّه ُيبّين‪».‬‬
‫ّ‬ ‫احلارة ابجملد‬
‫ألنّه مل تكن لديه الرغبة ّ‬
‫«أان أيضاً!»‬

‫«وأان كذلك‪».‬‬

‫«وأان‪».‬‬

‫«وأان‪».‬‬

‫«وأان‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 103 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«وأان‪».‬‬

‫«أَعلَم ذلك‪ .‬فأان أعرفكم‪ ،‬وأعرف ما أنتم عليه‪».‬‬

‫كاملِّني؟»‬
‫«إذاً فنحن ِّ‬

‫كاملِّني؟!‬
‫«آه! ال! ولكنّكم سوف تصبحون كذلك مثل توما إذا ما ثـَبـتّم يف إرادتكم احلب‪ِّ .‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫آه! اي أصدقائي! ومن ِّ‬
‫كامل غري هللا؟»‬ ‫َ‬
‫أنت كائنه!»‬
‫« َ‬
‫نيب‪ .‬فال إنسان‬ ‫د‬‫جمر‬ ‫وى‬ ‫س‬‫يف ِّ‬
‫احلق أقول لكم أبنّين ال أكون كامالً إذا مل تكونوا تَـَرو َن َّ‬
‫ّ ّ‬ ‫احلق‪ّ ،‬‬
‫« ّ‬
‫إن الذي يُ َكلِّّم ُكم هو كلمة اآلب‪ ،‬والكلمة من اآلب‪ ،‬فِّكرهُ الذي أصبَ َح‬ ‫كامل‪ .‬لكنّين كامل‪ ،‬أان‪ ،‬إذ َّ‬
‫كلمة‪ .‬أان أملك الكمال يف ذايت وهذا ما جيب أن تؤمنوا به إذا ما آمنتم أبنّين كلمة اآلب‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫كل شقاوات‬ ‫ِّ‬
‫كما تَـَرون اي أصدقائي‪ ،‬أريد أن تَدعوين ابن اإلنسان‪ ،‬ذلك أنّين أتالشى يف ذايت ُمتَ َح ّمالً ّ‬
‫األول‪ -‬وأحموها بعد َمحلها إّّنا دون أن َمتَ َّسين‪ .‬اي له ِّمن ِّمحل‪ ،‬اي‬ ‫اإلنسان ألمحلها ‪-‬وهذا هو صلييب ّ‬
‫أمحله بفرح‪ .‬فأن أمحله هو فرحي‪ .‬ذلك أ ّن كوين ابن اإلنسانية فسأعيد لإلنسانيّة‬ ‫أصدقائي! ولكنّين ِّ‬
‫األول‪».‬‬
‫بنوهتا هلل كما يف اليوم ّ‬
‫يتكلّم يسوع هبدوء وهو جيلس إىل الطاولة الفقرية ويداه تقومان حبركات وادعة‪ ،‬ووجهه املنحين‬
‫قليالً ُمنار ِّمن األسفل مبصباح الزيت املوضوع على الطاولة‪ .‬يبتسم ابتسامة خفيفة‪ .‬إنّه اآلن املعلّم‬
‫الذي يفرض نفسه والذي تَنطق ِّمساته بصداقة رائعة‪ّ .‬أما التالميذ فإ ّهنم ينصتون إليه ابنتباه‪.‬‬

‫نسيبك الذي كان يعرف أين تقطن؟»‬


‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ...‬ملاذا مل أيت‬

‫لكن احلجارة ال‬ ‫ِّ‬


‫أنت ستُصبح إحدى صخوري‪ ،‬بل الصخرة األوىل‪ .‬و ّ‬ ‫«عزيزي بطرس!‪َ ...‬‬
‫أيت بالطات قصر احلاكم؟ ّإهنا ُمنتَـَز َعة بعناء ِّمن سفح اجلبل‪،‬‬
‫تتالءم كلّها بسهولة لالستعمال‪ .‬هل ر َ‬
‫ولقد أصبَ َحت اآلن جزءاً من القصر‪ .‬انظر ابملقابل إىل هذه احلصى اليت تلمع هنا حتت ضوء القمر‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 104 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صلَت ِّمن تلقاء ذاهتا إىل جمرى السيل‪ ،‬وفيما إذا ابتغيناها‪ ،‬فإننا نستطيع‬ ‫يف أعماق مياه السيل‪ .‬لقد َو َ‬
‫مت عنها‪ ...‬وإ ّن سفح اجلبل َيثِّّل العائلة‬
‫التقاطها بسهوله‪ .‬إ ّن ابن عمي يشبه احلجارة األوىل اليت تَ َكلَّ ُ‬
‫تزامحين عليه‪».‬‬

‫كل شيء‪ ،‬البيت‬


‫«إّّنا أان أريد أن أكون متاماً مثل حجارة السيل‪ .‬من أجلك أان مستع ّد لَتك ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬اي معلّمي‪ ،‬من أجلك‪».‬‬ ‫والزوجة والصيد واألخوة‪ّ .‬‬
‫ك‪ّ ،‬إال أ ّن يهوذا أيضاً سيأيت‪».‬‬
‫«أعرف ذلك اي بطرس‪ ،‬ولذلك أان أحبّ َ‬
‫ضل‬ ‫َطمئِّ ُّن إليه‪ ،‬إنّه سيّد وسيم ولكن‪ ...‬أُفَ ِّّ‬
‫ضل‪ ...‬نعم‪ ،‬أُفَ ِّّ‬ ‫يوطي؟ ال أ َ‬
‫« َمن؟ يهوذا االسخر ّ‬
‫شخصاً مثلي‪»...‬‬

‫ضحك اجلميع النفعال بطرس‪.‬‬


‫يَ َ‬
‫«ال شيء يدعو للضحك‪ .‬أريد القول أبنّين أُفَ ِّّ‬
‫ضل جليلياً بسيطاً‪ ،‬صيّاداً على سجيّته‪ ،‬إّّنا‬
‫درك ما الذي أريد‬‫لست أدري‪ .‬هو ذاك‪ ،‬ولكن املعلّم يُ ِّ‬ ‫صرُياً على‪ ...‬على أبناء املدينة الذين‪ُ ...‬‬
‫قوله‪».‬‬

‫ُدرك‪ ،‬ولكن ال َحت ُكم‪ .‬فالواحد منّا يف حاجة إىل اآلخر‪ ،‬على األرض‪ ،‬والصاحلون‬ ‫«نعم‪ ،‬أ ِّ‬
‫كي سام) إىل جانب اخلُبّيزة املفيدة‪».‬‬
‫َيتلطون ابألشرار مثل الزهور يف احلقل‪ :‬الشوكران (نبات شو ّ‬
‫«أريد أن أسأل‪»...‬‬

‫«ماذا اي أندراوس؟»‬

‫اجَتحتَها يف قاان‪ ...‬وقد متنّينا لو َجت ََِّتح أُخرى يف‬


‫«لقد َح َّدثَين يوحنّا عن املعجزة اليت ََ‬
‫لت لنا أبنَّ َ‬
‫ك لن جتَتح املعجزات قبل إمتام الشريعة ّأوالً‪ .‬ملاذا إذن يف قاان؟ ملاذا‬ ‫كفرانحوم‪ ...‬وقد قُ َ‬
‫موطنك؟»‬
‫َ‬ ‫هناك وليس يف‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 105 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ّنو لُِّقد َراتنا‪ .‬واملعجزة هي الدليل على ّ‬
‫االحتاد‬ ‫« ُك ّل طاعة للشريعة هي ّاحتاد ابهلل‪ ،‬وإذاً هي ّ‬
‫ائيلي قبل البدء‬
‫أردت إمتام واجيب كإسر ّ‬
‫ابهلل‪ ،‬على وجود هللا الساهر علينا وعلى جتاوبه معنا‪ .‬لذلك ُ‬
‫بسلسلة العجائب‪».‬‬

‫ك مل تلتَ ِّزم ابلتقيّد ابلشريعة‪».‬‬


‫«ولكنّ َ‬
‫حّت الساعة ال تعرفين سوى هكذا‪...‬‬ ‫«ملاذا؟ كابن هلل‪ ،‬ال‪ّ .‬أما كابن للشريعة‪ ،‬بلى‪ .‬فإسرائيل ّ‬
‫ُش ِّّكك‬
‫أقل كذلك‪ .‬ولكنّين ال أريد أن أ َ‬
‫فكل إسرائيل تقريباً لن تعرفين سوى هكذا‪ ،‬بل ّ‬
‫وحّت فيما بعد‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وسأخضع للشريعة‪».‬‬
‫َ‬ ‫إسرائيل‪،‬‬

‫«أنت ق ّديس‪».‬‬

‫كل الباقي‪ ،‬هناك ال َـمثَل‬ ‫ِّ‬


‫«القداسة ال تستبعد الطاعة‪ ،‬بل ابلعكس تُ َك ّملها‪ .‬ابإلضافة إىل ّ‬
‫لك ِّأبَب أو أخ بِّكر أو معلّم أو كاهن ال يكون مثاالً صاحلاً ُُيتَذى‬
‫الصاحل الواجب إعطاؤه‪ .‬فما قو َ‬
‫به؟»‬

‫«وقاان إذن؟ »‬

‫لي لوالديت‪.‬‬
‫«يف قاان كان واجب َمنح والديت الفرح‪ .‬يف قاان كانت دفعة على احلساب الواجب َع َّ‬
‫وهنا سوف أُ َكِّّرم املدينة املق ّدسة أبن يكون فيها ّأول إعالن‬ ‫فقد كانت هي أول من جلَ ِّ‬
‫ب النّعمة‪ُ .‬‬ ‫ّ َ َ َ‬
‫ص َل‬
‫عن قدريت كماسيا‪ ،‬إّّنا هناك يف قاان فقد كان ينبغي يل إكرام ق ّديسة هللا‪ ،‬الكلّية القداسة‪ .‬هبا َح َ‬
‫لي‪ .‬فَ ِّم َن العدل أن يعود هلا الفضل يف اجَتاحي أوىل معجزايت يف هذا العامل‪».‬‬
‫العامل َع َّ‬
‫هناك َمن يقرع الباب‪.‬‬

‫تك‪.‬‬
‫دخل ويرمتي عند قدمي يسوع‪« .‬اي معلّم‪ ...‬ال أستطيع انتظار عود َ‬ ‫ِّ‬
‫إنّه توما من جديد‪ .‬يَ ُ‬
‫لك‪،‬‬
‫وحقيقي‪ ،‬إنّه كنزي‪ ،‬وهو َ‬
‫ّ‬ ‫حب كبري‬
‫احلب‪ ،‬فقط ّ‬
‫لدي هذا ّ‬
‫فعم ابألخطاء‪ .‬إّّنا ّ‬
‫معك‪ .‬أان ُم َ‬
‫دعين َ‬
‫أجلك‪ .‬احتفظ يب اي معلّم‪»...‬‬
‫إنّه من َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 106 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يضع يسوع يده على رأس ذاك‪« :‬ابق اي توأم‪ .‬اتبعين‪ .‬طوىب ألولئك الصادقني والذين لديهم‬
‫إرادة صلبة‪ .‬بوركتم‪ ،‬فأنتم يل أكثر من األهل‪ ،‬إنّكم ابلنسبة يل أبناء وإخوة ليس حبسب الدم املائت‪،‬‬
‫ولكن حبسب إرادة هللا وإرادة أرواحكم‪ .‬اآلن أقول لكم‪ :‬ليست هناك قُرىب أوثَق ِّمن ال ُقرىب مع الذي‬
‫يـُتَ ِّّمم مشيئة أيب‪ .‬وأنتم تُتِّ ُّموهنا ألنّكم تَبغُون اخلري‪».‬‬

‫هكذا انتَـ َهت الرؤاي‪.‬‬

‫س هبا تتغلغل عميقة‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫علي ظالل النوم اليت أُح ُّ‬
‫إهنا الساعة السادسة عشرة وقد بَ َدأَت تقع ّ‬
‫كنتيجة منطقيّة لساعة األمل أمس…‬

‫إين يف هناية‬
‫حّت ّ‬
‫دت نفسي مريضة ج ّداً ّ‬ ‫األول (أكتوبر) كذلك‪َ ،‬و َج ُ‬
‫ولكن يف ‪ 24‬تشرين ّ‬
‫الرؤاي املوصوفة وأثناء أمل يف رأسي يشبه التهاب السحااي‪ ،‬دون شك‪ ،‬مل أجرؤ على إضافة أنّين أخرياً‬
‫ظهر يل عندما يكون بكلّيته يل‪ ،‬ثوابً صوفياً انعماً ذا لون أبيض َييل قليالً‬
‫أيت يسوع مرتدايً‪ ،‬كما يَ َ‬
‫ر ُ‬
‫العاجي ومعطفاً متناسباً‪ .‬الثوب الذي كان يرتديه عند ّأول ظهور له كماسيا يف أورشليم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إىل‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 107 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -18‬توما يصبح تلميذاً)‬

‫‪1944 / 10 / 27‬‬

‫هذا الصباح‪ ،‬عند االستيقاظ من النوم الثقيل الذي دام ع ّدة ساعات‪ ،‬وأثناء صاليت‪ ،‬يف انتظار‬
‫عاوَدتين إذ‪:‬‬
‫عاوَدتين الرؤاي‪ .‬أقول َ‬
‫بزوغ النهار‪َ ،‬‬
‫ما زلنا يف املكان ذاته‪ :‬املطبخ واسع ومنخفض‪ ،‬جدرانه مليئة ابلدخان‪ ،‬وهو ابلكاد ُمنار‬
‫مبصباح زيت موضوع على الطاولة الريفيّة‪ ،‬وهي طويلة وضيّقة‪ ،‬جيلس إليها مثانية أشخاص‪ :‬يسوع‬
‫كل جهة‪.‬‬
‫رب املنزل‪ ،‬أربعة من ّ‬
‫وتالميذه ابإلضافة إىل ّ‬
‫ما يزال يسوع ُملتَ ِّفتاً‪ ،‬وهو على كرسيّه‪ .‬ال يوجد هناك ابلفعل سوى كراسي أبرجل ثالث ودون‬
‫َمسنَد ظَ ْهر‪ ،‬موبيليا ريفيّة حقيقيّة‪ .‬ما يزال يسوع يتح ّدث إىل توما‪ .‬ولقد نـََزلَت يد يسوع إىل كتف‬
‫عشاءك؟»‬
‫َ‬ ‫لت‬
‫القادم اجلديد‪ .‬يقول له يسوع‪« :‬اهنض اي صديقي‪ .‬هل تناو َ‬

‫لت عائداً‬
‫مشيت بضعة أمتار مع اآلخر الذي كان يرافقين‪ ،‬مثّ تركتُه وقَـ َف ُ‬ ‫ُ‬ ‫كال اي معلّم‪ .‬لقد‬
‫« ّ‬
‫كنت‬ ‫ِّ‬
‫قلت له ذلك ألنّين ُ‬ ‫كنت أريد التح ّدث إىل األبرص الذي ُشف َي‪ُ ...‬‬ ‫على أعقايب قائالً له أبنّين ُ‬
‫أنت وليس اجملذوم‪...‬‬ ‫أطلبك َ‬‫َ‬ ‫كنت‬
‫ص َّح ظَ ّين‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫أظنّه سيأنف من االقَتاب من رجل جنس‪ .‬ولقد َ‬
‫كنت أفعل‪.‬‬
‫حّت سألين شاب عن ماذا ُ‬ ‫رت حول كرم الزيتون ّ‬ ‫لك‪" :‬خذين!"‪ ...‬فَ ُد ُ‬
‫كنت أريد أن أقول َ‬‫ُ‬
‫لقد اعتَََربين سيّئ النية‪ ...‬وقد كان قريباً من حدود امللكيّة‪».‬‬

‫عصَرة‪ ،‬ذلك‬
‫ناوب على حراسة ال َـم َ‬ ‫مفسراً‪« :‬إنّه ابين» مثّ يُضيف «إنّه يُ ِّ‬
‫رب البيت ويقول ّ‬ ‫يبتسم ّ‬
‫أ ّن حتتها توجد أقبية حتوي حمصول العام كلّه وقد كان رائعاً‪ ،‬فلقد أَنتَ َج زيتاًكثرياً‪ .‬وعندما تتواجد مجوع‬
‫جتد اللصوص ََيتَلِّطون هبم ويَسطون على األماكن غري احملروسة‪ .‬منذ مثانية أعوام ويف عشية السبت‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 108 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل بدوره على احلراسة الليليّة‪ّ .‬أما أ ُّمه فقد ذَ َهبَت‬
‫ناوب ّ‬
‫كل شيء‪ .‬منذئذ وحنن نـَتَ َ‬
‫ابلتحديد‪َ ،‬سَرقوا لنا ّ‬
‫إليه ومعها طعام العشاء‪».‬‬

‫«لقد قال يل‪" :‬ماذا تريد؟" إّّنا بلهجة َج َعلَتين‪ ،‬لكي أمحي كتفي من ضرابت العصـا‪ ،‬أسـارع‬
‫عما يف نفسـي‪" :‬أَحبَث عن املعلّم املقيم هنا"‪ .‬حينئذ أجابَين‪" :‬إذا كان ما تقوله صحيحاً‬
‫يف التعبري ّ‬
‫ص َحبين إىل هنا وهو الذي قَـَرع الباب وقد ذَ َهب بعد مساعه بداية كالمي‪».‬‬
‫هيّا إىل املنزل"‪ .‬وقد َ‬
‫«هل تقطن بعيداً؟»‬

‫الشرقي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«أسكن يف اجلهة األخرى من املدينة قريباً من الباب‬

‫وحدك؟»‬
‫أنت َ‬‫«هل َ‬
‫وبقيت أان أحبث‬
‫ُ‬ ‫كنت مع األهل‪ .‬ولكنّهم اآلن ذهبوا إىل أقارب لنا على طريق بيت حلم‪.‬‬
‫«لقد ُ‬
‫وجدتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫حّت‬
‫عنك ليل هنار ّ‬
‫َ‬
‫ينتظرك؟»‬
‫َ‬ ‫«إذاً ال أحد‬

‫«ال اي معلّم‪».‬‬

‫أردت فامكث‬
‫لك‪ :‬إذا َ‬
‫«الطريق طويلة والظالم دامس‪ ،‬والدورّايت الرومانيّة جتوب املدينة‪ .‬أقول َ‬
‫معنا‪».‬‬

‫«آه! اي معلّم!» يبدو توما سعيداً‪.‬‬

‫«اجعلوا له مكاانً بيننا‪ .‬وليعط مجيعكم بعض الشيء لألخ‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 109 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ف‬‫شار َ‬ ‫وقد‬ ‫اء‪،‬‬‫ر‬‫ق‬ ‫ف‬ ‫حنن‬‫«‬ ‫لتوما‪:‬‬ ‫ح‬‫ويشر‬ ‫أمامه‪،‬‬ ‫كانت‬ ‫اليت‬ ‫اجلنب‬ ‫قطعة‬ ‫ته‬‫حص‬ ‫من‬ ‫يسوع‬ ‫ع‬ ‫يقتَ ِّ‬
‫ط‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كل قلوهبم‪ ».‬ويقول ليوحنّا اجلالس إىل‬
‫تيسر ومن ّ‬‫لك ما ّ‬
‫الطعام على االنتهاء‪ّ ،‬إال أ ّن اجلميع يق ّدمون َ‬
‫مكانك للصديق‪».‬‬‫َ‬ ‫جانبه‪« :‬دع‬

‫ينهض يوحنّا يف احلال وَيضي ليجلس يف زاوية الطاولة إىل جانب املالك‪.‬‬

‫«اجلس اي توما وُكل‪ ».‬مثّ يقول للجميع‪« :‬هكذا ستفعلون على الدوام اي أصدقائي لتُ ِّ‬
‫مارسوا‬
‫تتوجب حمبّته أكثر‪ .‬حينما أيتيكم أحد‬
‫شريعة احملبّة‪ .‬فالزائر مصون بشريعة هللا أصالً‪ .‬إّّنا اآلن فبامسي ّ‬
‫سائالً رغيفاً أو ملجأ أو جرعة ماء ابسم هللا‪ ،‬فاستجيبوا لطلبه وابسم هللا كذلك‪ .‬وسوف جيازيكم هللا‪.‬‬
‫حّت اآلن‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫حّت مع األعداء‪ .‬تل ُكم هي الشريعة اجلديدة‪ .‬لقد قيل لكم ّ‬ ‫عليكم فعل ذلك مع اجلميع ّ‬
‫حّت الذين يبغضونكم"‪ .‬آه! لو تَعلَمون‬
‫"أحبّوا حمبّيكم وأبغضوا أعداءكم"‪ّ .‬أما أان فأقول لكم‪" :‬أحبّوا ّ‬
‫كم سـتكونون حمبوبني ِّمن هللا إذا ما أحببتُم كما أقول لكم! عندما يستطيع أحد القول‪" :‬أريد أن‬
‫أحب‬ ‫ِّ‬
‫احلقيقي واتّباع َمحَله"‪ .‬عندئذ جيب أن يكون ابلنسبة لكم ّ‬
‫ّ‬ ‫الرب اإلله‬
‫أكون شريككم يف خدمة ّ‬
‫أبدي‪ :‬رابط املسيح‪».‬‬
‫من أخ لكم من دمكم‪ ،‬ألنّكم سَتتبطون به برابط ّ‬
‫الحظنا فيما بعد أ ّن أحدهم مل يكن صادقاً؟ فأن‬
‫فيقول بطرس وهو شبه غاضب‪« :‬ولكن إذا َ‬
‫لست أدري‪ ،‬إنّه‬
‫يقول‪" :‬أريد فعل كذا وكذا" سـهل‪ ،‬ولكن الكالم ال يتماشى دائماً مع احلقيقة‪ُ ».‬‬
‫ليس على ما يرام‪ ،‬ذلك أنّه عادة يكون َم ِّرحاً‪.‬‬

‫َفضل كثرياً أن ُختطئ عن طيبة نفس‬


‫حبس سليم وعدل‪ .‬إّّنا انظر‪ :‬أ َ‬ ‫ك تتكلّم ّ‬
‫«امسَع اي بطرس‪ .‬إنّ َ‬
‫شر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لك منه؟ ال ّ‬
‫فأي شر يتأتّى َ‬
‫فعلت خرياً إلنسان غري جدير‪ّ ،‬‬ ‫وثقة من أن تفعلها بقسوة وريبة‪ .‬إذا َ‬
‫لوفائك الدائم ‪ ،‬بينما سيحصل اآلخر على اللوم‬
‫َ‬ ‫لك مكافأة ِّمن هللا‬
‫بل إّّنا على العكس فستكون َ‬
‫ثقتك‪».‬‬
‫خليانته َ‬
‫شر؟ إيه! ُيصل أحياانً أ ّن أحداً غري اجلديرين ال يتوقّف عند ح ّد اجلحود‪ ،‬إّّنا هو يذهب‬
‫«وال ّ‬
‫وحّت إيذاء احلياة ذاهتا‪».‬‬
‫إىل أبعد من ذلك أيضاً‪ ،‬إىل إيذاء السمعة واألمالك ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 110 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت ولو أضاف اجلميع إىل ذلك تصديق‬ ‫استحقاقك؟ ال‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫«هذا صحيح‪ ،‬إّّنا هل يقلّل هذا ِّمن‬
‫حياتك‪ ،‬ما الذي‬ ‫ع اجملرم‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫حّت ولو انتَـَز َ‬
‫أصبحت أكثر فقراً من أيّوب‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫شأنك و‬
‫حّت ولو قَ َّل َ‬
‫االفَتاءات‪ّ ،‬‬
‫لك إىل استحقاقات‬
‫مصلحتك حنو األفضل‪ ،‬وستضاف َ‬ ‫َ‬ ‫يتغري يف عيين هللا؟ ال شيء‪ .‬سيكون تغيري يف‬
‫ّ‬
‫الصالح استحقاقات شهيد الروح وشهيد خسارة اخلريات وخسارة احلياة‪».‬‬

‫«جيّد‪ ،‬جيّد! سيكون هكذا!» ومل يعد بطـرس يتكلّم‪ ،‬بـل يبقى حـَِّرداً ُمسنِّداً رأسه إىل يده‪.‬‬

‫لك سابقاً يف كرم الزيتون‪" :‬عندما سأعود من‬ ‫ِّ‬


‫قلت َ‬
‫يلتَفت يسوع إىل توما‪« :‬اي صديقي لقد ُ‬
‫أنت جاهز إلرضاء‬
‫لك‪" :‬هل َ‬ ‫"أما اآلن فأقول َ‬
‫كنت ما تزال تريد ذلك فستكون اتبعاً يل‪ّ .‬‬
‫جوليت‪ ،‬لو َ‬
‫يسوع؟»‬

‫شك‪».‬‬
‫«بدون أدىن ّ‬
‫منك هذا اإلرضاء تضحية؟»‬
‫ب َ‬ ‫حّت ولو تَطَلَّ َ‬
‫« ّ‬
‫خدمتك‪ .‬ما الذي تريده مين؟»‬
‫َ‬ ‫«ليس عندي ما هو أمثن ِّمن‬

‫لديك عالقات أو ارتباطات عاطفيّة‪»...‬‬


‫لك‪ ...‬لكن إذا كان َ‬
‫كنت أريد أن أقول َ‬
‫« ُ‬
‫لدي سو َاك! تَ َكلَّم‪».‬‬
‫«ال شيء! ال شيء ّ‬
‫«امسَع‪ .‬غداً‪ ،‬عند الفجر‪ ،‬سوف يَتك األبرص القبور ليَ ِّجد َمن َُي ِّطر الكاهن‪ .‬ستبدأ ابلذهاب‬
‫ِّ‬
‫"أنت اي َمن طُ ِّّه َ‬
‫رت يف األمس‪َ ،‬هلُ َّم خارجاً‪ .‬الذي‬ ‫إىل القبور‪ .‬إنّه فعل حمبّة‪ .‬مثّ تقول بصوت ُمرتَفع‪َ :‬‬
‫عرف فيه عامل "األموات‪-‬‬ ‫الناصري‪ ،‬ماسيا إسرائيل الذي بـََّرأ ََك"‪ .‬افعلها بشكل يَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫إليك هو يسوع‬
‫أرسلَين َ‬
‫َ‬
‫إيل ِّألُبرئه‪ .‬هذه ابكورة إظهار‬
‫َّحد ابإلَيان فليأت َّ‬ ‫األحياء" امسي‪ ،‬ويهتز ابلرجاء‪ .‬ومن لديه رجاء مت ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أمحل‪ ،‬القيامة اليت أملِّك السيطرة عليها‪ .‬وسأُقَ ِّّدم يوماً تطهرياً أعمق‪ ...‬ستتقيّأ القبور‬ ‫الطهارة اليت ِّ‬
‫اجملردة ِّمن‬
‫ظهرون ليضحكوا بعيوهنم الفارغة‪ ،‬وأبحناكهم ّ‬ ‫املختومة يوماً األموات احلقيقيّني الذين َسيَ َ‬
‫احملررة ِّمن االنتظار يف اليمبس‪.‬‬
‫اللحم‪ ،‬للفرح البعيد‪ ،‬واحملسوس مع ذلك ابهلياكل العظمية‪ ،‬ابألرواح ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 111 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ت‪ ،‬وسيأيت‬ ‫ليهتزوا ملعرفتهم ملاذا ُهم َمدينون بذلك‪ ...‬اذهب أن َ‬
‫التحرر و ّ‬
‫ضحكوا هلذا ّ‬ ‫ظهرون ليَ َ‬
‫سوف يَ َ‬
‫أخاك‪ .‬وسوف تقول له كذلك‪:‬‬ ‫كل شيء كما لو كان َ‬ ‫منك‪ ،‬سوف تساعده يف ّ‬ ‫إليك وتفعل ما يطلبه َ‬ ‫َ‬
‫سينتظرك املعلّم‬
‫َ‬ ‫مطهراً ابلكامل سنمضي معاً على طريق النهر إىل ما بعد أفرائيم‪ ،‬وهناك‬‫"عندما تُصبِّح َّ‬
‫يسوع وينتظرين ليقول لنا مباذا خندمه"‪».‬‬

‫«سوف أفعل ذلك‪ .‬واآلخر؟»‬

‫يوطي؟»‬
‫« َمن؟ االسخر ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪».‬‬

‫حّت مقابلته‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫حتاش ّ‬
‫يقرر بذاته ويـُ َف ّكر طويالً‪َ .‬‬
‫«ابلنسبة له‪ ،‬تبقى له نصيحيت‪ .‬دعه ّ‬
‫«سوف أبقى قريباً ِّمن األبرص‪ .‬ويف وادي القبور ال يوجد سوى الن ِّ‬
‫َّج ِّسني الذين يـَتَـنَـ َّقلون أو‬
‫أولئك الذين يقَتبون بدافع الشفقة‪».‬‬

‫سمعه يسوع‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫يـُ َهمهم بطرس بشيء ما‪ .‬ويَ َ‬
‫صمت أو تُـتَمتِّم‪ .‬تبدو ُمتَ َك ِّّدراً‪ .‬ملاذا؟»‬
‫بك؟ تَ ُ‬
‫«بطرس‪ ،‬ما َ‬
‫أنت ُجتلِّس غريباً إىل‬ ‫ِّ‬
‫أنت ال تُـ َق ّدم لنا معجزة هديّة‪ .‬حنن األوائل و َ‬
‫«أان كذلك‪ .‬حنن األوائل و َ‬
‫املهام وليس لنا‪ .‬حنن األوائل و‪ ...‬نعم‪ ،‬هو هذا ابلضبط‪ ،‬يبدو‬ ‫ِّ‬
‫نت توكل إليه ّ‬ ‫جانبك‪ .‬حنن األوائل وأ َ‬
‫َ‬
‫أنّنا سوف نكون األخريين‪ .‬ملاذا ستنتَ ِّظرهم على طريق النهر؟ ابلتأكيد لِّتُوكِّل إليهم رسالة‪ .‬ملاذا هلم‬
‫وليس لنا؟»‬

‫ويتوجه هبدوء إىل‬


‫ينظر إليه يسوع‪ .‬مل يغضب‪ ،‬بل إنّه يبتسم له كما يبتسم لطفل‪ .‬مثّ يَ َنهض ّ‬
‫ك طفل كبري عجوز!»‬‫بطرس‪ ،‬ويضع يده على كتفه ويقول له مبتسماً‪« :‬بطرس‪ ،‬اي بطرس! إنّ َ‬
‫وإلندراوس اجلالس إىل جانب أخيه يقول‪« :‬اذهب واجلس مكاين‪ ».‬وجيلس إىل جانب بطرس ويضع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 112 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أين أقوم‬ ‫ك ّ‬‫ذراعه على كتفيه ويتح ّدث إليه ممسكاً ّإايه هكذا مالصقاً لكتفه‪« :‬اي بطرس‪ ،‬يبدو ل َ‬
‫أبفعال غري عادلة‪ ،‬ولكنّها ليست أفعاالً غري عادلة‪ ،‬تلك اليت أقوم هبا‪ .‬بينما هي على العكس‪ّ ،‬إهنا‬
‫وضع حتت التجربة؟ الذي ما‬ ‫أين أعرف قَدركم‪ .‬انظر‪َ .‬من الذي هو يف حاجة إىل أن يُ َ‬ ‫الدليل على ّ‬
‫كنت أعرف ثقتكم يب لدرجة أنّين مل أختَِّرب احلاجة إىل إعطائكم‬ ‫يزال غري واثق أو غري متأ ّكد‪ .‬إذاً! فلقد ُ‬
‫الدليل على مقدريت‪ّ .‬أما هنا يف أورشليم‪ ،‬حيث الرذيلة والكفر والسياسة‪ ،‬فيجب إعطاء الدليل‪ ،‬أل ّن‬
‫َير‪ .‬إّّنا هناك‪،‬‬ ‫الذي‬ ‫النور‬ ‫رؤية‬ ‫على‬ ‫ين‬‫ر‬‫قاد‬ ‫معها‬ ‫عودون‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫لدرجة‬ ‫اح‬
‫و‬ ‫األر‬ ‫م‬‫أموراًكثرية ِّمن العامل تُظلِّ‬
‫ّ‬
‫على حبريتنا اجلميلة‪ ،‬النقيّة ج ّداً حتت السماء الصافية ج ّداًكذلك‪ ،‬هناك بني الناس الشرفاء والراغبني‬
‫يف اخلري‪ ،‬فال ضرورة ألدلّة‪ .‬ستكون لكم املعجزات‪ ،‬سوف تتدفّق غزيرة‪ ،‬وسوف أَس ُكب عليكم النِّّ َعم‪.‬‬
‫أنت كم قَـيَّمتُكم أان عندما أخذتُكم دوّنا إسراف يف االختبارات ودوّنا اختبار احلاجة إىل‬ ‫إّّنا انظُر َ‬
‫لدي‪ ،‬وأوفياء يل ج ّداً‪».‬‬
‫أعزاء ج ّداً ّ‬
‫أعزاء‪ّ ،‬‬
‫إعطائكم الدليل‪ .‬ذلك أنّين أعرف َمن تكونون‪ّ :‬‬
‫يستعيد بطرس سكينته‪« :‬ساحمين اي يسوع‪».‬‬

‫ب‪ .‬إّّنا ال تكن حسوداً اي مسعان بن يوان‪ .‬هل تَعلَم كيف‬ ‫دك انجم عن احل ّ‬‫أساحمك‪ ،‬فَ َحَر َ‬
‫َ‬ ‫«نعم‬
‫احلقيقي؟ نعم؟ إذاً فقليب أوسع كثرياً ج ّداً من امتداده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يسوعك؟ أمل َتر البحر أبداً؟ البحر‬ ‫َ‬ ‫هو قلب‬
‫احلب ما‬
‫وهو يتّسع للجميع‪ ،‬لإلنسانيّة مجيعها‪ .‬يتّسع لألصغر كما لألعظم‪ .‬وجيد اخلاطئ فيه من ّ‬
‫بكل أتكيد‪ .‬هل تريد منعي من تكليفهم هبا؟ أان من اخَتتكم‪،‬‬ ‫برسالة‪،‬‬ ‫هؤالء‬ ‫ف‬ ‫جيده الربيء‪ .‬وأان أُ َكلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كت هؤالء هنا مع رسالة‬ ‫حر يف اختيار كيفيّة تكليفكم‪ .‬وإذا ما تَـَر ُ‬
‫ولستم أنتم من اخَتمتوين‪ .‬فأان إذاً ّ‬
‫مهمة ‪-‬قد تكون كذلك اختباراً‪ ،‬كما قد تكون الربهة الزمنيّة املمنوحة لإلسخريوطي على سبيل‬ ‫أو ّ‬
‫مساعك‬ ‫أهم؟ أوليس‬ ‫احدة‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫لك‬ ‫ظ‬ ‫ف‬‫الرمحة‪ -‬فهل تستطيع لومي؟ هل تعلم أنت إذا ما كنت أحت ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫تقول‪" :‬هل ستأيت معي؟" هو أروع دليل حب؟»‬

‫غيب! ساحمين‪»...‬‬
‫«صحيح‪ ،‬صحيح‪ .‬أان ّ‬
‫أي شيء‪ .‬آه! اي بطرس‪ ...‬ولكن أرجوكم مجيعاً‪ :‬ال تُناقِّشوا أبداً موضوع‬ ‫كل شيء و ّ‬
‫«نعم‪ .‬أَغ ُفر ّ‬
‫دت فقرياً يف إسطبل‪ .‬إبمكاين أن أكون‬ ‫االستحقاق واألمكنة‪ .‬فلقد كان إبمكاين أن أُولَد ملِّكاً‪ِّ ،‬‬
‫وول ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 113 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عشت ِّمن َع َملي واآلن ِّمن احملبّة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ثقوا اي أصدقائي‪ ،‬ال يوجد يف عيين هللا‬
‫ُ‬ ‫غنيّاً ثرّايً‪ .‬وقد‬
‫مين شخصيّاً‪ ،‬أان الذي هنا‪ :‬خادم اإلنسان‪».‬‬ ‫من هو أعظم ّ‬
‫أنت خادم؟ ال أبداً!»‬
‫« َ‬
‫«ملاذا اي بطرس؟»‬

‫سيخدمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫ألين أان من‬
‫« ّ‬
‫أتيت خلدمة اإلنسان وسأكون فادايً له‪.‬‬
‫كنت ختدمين مثلما َخت ُدم أ ُّم َولَ َدها‪ ،‬فأان إّّنا ُ‬
‫حّت ولو َ‬‫« ّ‬
‫قارن هبا؟»‬
‫وأيّة خدمة َيكنها أن تُ َ‬
‫كل شيء‪ .‬وما كان مظلماً يصبح فجأة ّنرياً!»‬
‫ك تشرح ّ‬
‫«آه! اي معلّم! إنّ َ‬
‫أنت متأ ّكد ِّمن‬ ‫ِّ‬
‫أنت مسرور اآلن اي بطرس؟ دعين إذاً أُكمل حديثي إىل توما‪ .‬هل َ‬ ‫«هل َ‬
‫ضى حتت أَلَق النجوم ليَ ِّجد ُمسافِّراً‬
‫معرفتك لألبرص؟ ليس سواه من ُشفي‪ .‬ولكن َيكن أن يكون قد َم َ‬‫َ‬
‫ت‬ ‫ِّ‬
‫ُجمامالً‪ .‬وآخر يريد دخول املدينة لرؤية أقارب له‪ ،‬فيمكنه أن َيكث بدالً عنه‪ .‬هاك وصفه‪ ،‬وقد كن ُ‬
‫قريباً منه ج ّداً والحظتُه جيّداً يف الغسق‪ ،‬إنّه طويل وحنيف‪ ،‬سحنته قامتة‪ ،‬ذو دم ُخمتَـلَط‪ ،‬عيناه غائراتن‬
‫وجمعد‪ ،‬أنفه طويل أفطس الطرف‬ ‫وسوداوان قامتتان حتت حاجبني أبيضني كالثلج‪ ،‬شعره بلون الكتّان ّ‬
‫مثل الليبيني‪ ،‬شفتاه غليظتان خاصة من الداخل وابرزاتن‪ .‬إنّه َييل إىل اللون الزيتوينّ لدرجة أن شفته‬
‫البنفسجي‪ .‬على اجلبهة جرح قدمي وقد تَـَرَك أثراً سيكون العالمة الفارقة الوحيدة‪ ،‬اآلن وقد‬
‫ّ‬ ‫متيل إىل‬
‫بَرئ ِّمن القشور واألدران‪».‬‬

‫«إذا كان الشيب يكسوه فهذا يعين أنه عجوز‪».‬‬

‫ض‪».‬‬
‫فالربص هو الذي َج َعله يَبيَ ّ‬
‫«ال اي فليبّس‪ .‬هذا ما يبدو‪ ،‬إّّنا هو ليس كذلك‪ََ ،‬‬
‫«ما هو الدم ال ُـمختَـلَط؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 114 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«قد يكون يشبه شعوب أفريقيا‪ ،‬اي بطرس‪».‬‬

‫«هل هو إسرائيلي إذاً؟»‬

‫«سوف نعرف ذلك‪ ،‬ولكنّه إن مل يكن كذلك؟»‬

‫«إيه! إن مل يكن كذلك فيمكنه الذهاب‪ .‬فكثري عليه أن ُيصل على الشفاء‪».‬‬

‫احلق‬
‫حّت ولو كان وثنيّاً‪ ،‬فأان ال أصرفه‪ .‬يسوع قد أتى من أجل الناس مجيعاً‪ّ .‬‬
‫«ال اي بطرس‪ّ .‬‬
‫لك أبن شعوب الظلمات سيسبقون أبناء شعب النور‪»...‬‬ ‫احلق أقول َ‬
‫ّ‬
‫يتنهد يسوع‪ .‬مثّ يَ َنهض‪ .‬يشكر اآلب بتالوة ترتيلة‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫بارك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وهكذا تنتهي الرؤاي‪.‬‬

‫كنت أنظر إىل األبرص‪« :‬إنّه مسعان‪،‬‬ ‫قلت إ ّن الذي َيطرين داخليّاً قال يل أمس عندما ُ‬ ‫لقد ُ‬
‫الرسول‪ .‬سوف ترين قدومه وقدوم ت ّداوس إىل املعلّم‪ ».‬وهذا الصباح‪ ،‬بعد املناولة (إنّه يوم اجلمعة)‬
‫فوجدت أ ّن اليوم هو ابلضبط اليوم السابق لعيد الرسولني مسعان ويوضاس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حت كتاب الصالة‬ ‫فَـتَ ُ‬
‫وإجنيل الغد يتح ّدث ابلتحديد عن احملبّة‪ُ ،‬مَرِّّدداً تقريباً نفس الكلمات اليت َِّمسعتُها يف الرؤاي األوىل‪ّ .‬أما‬
‫يوضاس ت ّداوس فلم أره يف هذه اللحظة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 115 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫رب األردن)‬
‫‪( -19‬يوضاس بن حلفا وتوما ومسعان يُقبَلون قُ َ‬
‫‪1944 / 10 / 28‬‬

‫إليك وأستمتع بسالم أمو ِّ‬


‫اجك‬ ‫كنت أايم يسوع! أنظر ِّ‬ ‫أنت حبق مجيلة كما ِّ‬‫اي ضفاف األردن‪ِّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تغين حلناً انعماً‪.‬‬
‫اخلضراء الالزورديّة العظيم حيث خرير املياه ورطوبة األوراق ّ‬
‫ابألصح طريق‬
‫ّ‬ ‫تفرعات كثرية أو‬ ‫فَتض أنّه درب ذو ّ‬ ‫ومعتَ َىن هبا جيّداً‪ .‬يُ ََ‬
‫إنّين على طريق عريضة ُ‬
‫عسكريّة ش ّقها الرومان لربط خمتلف املناطق ابلعاصمة‪ّ .‬إهنا متت ّد إىل جانب النهر‪ ،‬ولكن ليس ابلضبط‬
‫اجي أظنّه يفيد يف تدعيم الضفاف ومقاومة املياه يف فَتات‬ ‫على طوله‪ّ .‬إهنا منفصلة عنه بشريط حر ّ‬
‫الفيضاانت‪ .‬وعلى الطرف اآلخر من الطريق تستمر الغابة بشكل تُ ِّ‬
‫ظهر الطريق فيه رواقاً طبيعيّاً تتشابك‬ ‫ّ‬
‫فوقه األغصان الكثيفة‪ّ .‬إهنا اسَتاحة ممتعة للمسافرين يف بالد الشمس هذه‪.‬‬

‫النهر‪ ،‬وابلنتيجة الطريق‪ ،‬يف املوضع الذي أتواجد فيه‪ ،‬يُ َش ِّّكل قوساً ابحنناءة خفيفة جتعلين أرى‬
‫بقيّة الض ّفة مغطّاة أبوراق تُ َش ِّّكل جداراً من االخضرار ُييط بربكة مياه ساكنة‪ .‬حتسبها حبرية حديقة‬
‫لكن املياه ليست كمياه البحرية الساكنة‪ ،‬ذلك ّأهنا جتري‪ ،‬وإن تكن بطيئة‪ ،‬وهذا ما يشري إليه‬ ‫ُم َّتفة‪ .‬و ّ‬
‫الرملي‪ ،‬والشرائط‬
‫تالطم املاء مع القصبات األوىل األكثر جرأة اليت نـَبَـتَت يف األسفل‪ ،‬على الشاطئ ّ‬
‫ُيركها اجملرى‪ .‬وكذلك جمموعة‬ ‫تتدىل على سطح املياه واليت ّ‬ ‫الطويلة املتماوجة من األوراق اليت ّ‬
‫َيشطه‬
‫الصفصاف املتدلّية األغصان اليت تَتك طرف شعرها األخضر يساير النهر الذي يبدو وكأنّه ّ‬
‫مبداعبة لطيفة بِّ َش ِّّدهِّ هبدوء يف سياق اجملرى‪.‬‬

‫صمت وسالم يف هذه الساعة الصباحيّة‪ .‬فقط تغريد ونداءات العصافري وخرير املياه على‬ ‫َ‬
‫األوراق وبريق الندى على العشب األخضر الطويل الذي ينمو بني األشجار والذي مل جتعله مشس‬
‫ت بعد أوىل األمطار الربيعيّة اليت َغ َّذت األرض‬
‫مصفراً‪ ،‬بل ما زال طرّايً وجديداً‪ .‬فلقد نـَبَ َ‬
‫الصيف قاسياً ّ‬
‫ِّ‬
‫صبة‪.‬‬
‫حّت األعماق ابلرطوبة والعناصر ال ُـم َخ ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 116 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتوقّف ثالثة مسافرين عند هذه االحنناءة من الطريق‪ ،‬ابلضبط عند رأس القوس‪ .‬ينظرون إىل‬
‫األعلى وإىل األسفل‪ ،‬إىل اجلنوب صوب أورشليم وإىل الشمال صوب السامرة‪ .‬يبحثون بني جذوع‬
‫صل‪.‬‬‫عل الذي ينتظرونه يكون قد َو َ‬
‫الشجر َّ‬
‫ّإهنم توما ويوضاس ت ّداوس واألبرص ال ُـمربأ‪ .‬وهم يتح ّدثون‪.‬‬

‫«أال ترى شيئاً؟»‬

‫«أان؟ ال!»‬

‫«وال أان كذلك‪».‬‬

‫«ومع ذلك فاملكان هو املتّفق عليه‪».‬‬

‫أنت متأ ّكد؟»‬


‫«هل َ‬
‫«طبعاً اي مسعان‪ .‬فإ ّن أحد الستّة قال يل بينما كان املعلّم يبتعد وسط هتاف احلشد بعد معجزة‬
‫مستعط كسيح عند ابب السمك‪" :‬اآلن حنن ماضون من أورشليم‪ .‬انتَ ِّظران على بعد مخسة‬ ‫ٍ‬ ‫شفاء‬
‫أميال بني أرُيا وأفرائيم‪ ،‬عند منعطف النهر على طول الشارع"‪ .‬وهذا هو‪ .‬ولقد قال أيضاً‪" :‬سنكون‬
‫هناك خالل ثالثة ّأايم عند الفجر"‪ .‬وهذا اليوم هو الثالث والليلة الرابعة‪».‬‬

‫«هل سيأيت؟ لقد كان األجدر بنا أن نتبعه من أورشليم‪».‬‬

‫عد أن ختتلط ابجلموع اي مسعان‪».‬‬


‫لك بَ ُ‬
‫«مل يكن مسموحاً َ‬
‫لك أبن أتيت إىل هنا‪ ،‬فإنَّه ابلتأكيد سيأيت‪ .‬إنّه يفي بوعوده دائماً‪.‬‬
‫«إذا كان ابن عمي قال َ‬
‫وليس أمامنا سوى االنتظار‪».‬‬

‫كنت دائماً معه؟»‬


‫«هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 117 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«دائماً‪ .‬منذ عودته إىل الناصرة‪ .‬لقد كان دائماً ابلنسبة يل رفيقاً جيّداً‪ .‬كنّا معاً على الدوام‪.‬‬
‫كنت املفضَّل لدى أبيه‪ ،‬الذي هو أخو أيب‪ .‬وكذلك والدته‬ ‫َكربه قليالً‪ .‬ومثّ فقد ُ‬
‫مراان متقارابن‪ ،‬أان أ َ‬
‫عُ َ‬
‫كنت بصحبة ّأمي‪».‬‬ ‫كربت وأان بصحبتها أكثر مما ُ‬‫فلقد كانت حتبّين كثرياً‪ .‬لقد ُ‬
‫ك اآلن ابلقدر ذاته؟»‬
‫ك‪ ...‬أمل تعد حتبّ َ‬
‫«كانت حتبّ َ‬
‫«آه! بلى! ولكنّنا تف ّـرقنـا قليالً منـذ اللحظـة اليت أعـلَ َن نفسـه فيهـا نبيّـاً‪ .‬فهذا لـم يُ ِّ‬
‫رض أهلي‪».‬‬

‫أي أهل؟»‬
‫« ّ‬
‫فمَتدد‪ ...‬أيب عجوز‪ ،‬ومل أجرؤ على أن أك ّدره‪ .‬إّّنا‬ ‫«أيب وأخي البكر والثاين‪ّ .‬أما اآلخر ّ‬
‫اآلن‪ ...‬اآلن األمر خمتلف‪ .‬اآلن أمضي إىل حيث أجد َمن يش ّد قليب وروحي إليه‪ .‬أمضي إىل يسوع‪،‬‬
‫بتصريف هذا‪ .‬إّّنا اآلن‪ ...‬لو مل يكن الذي أريد فعله عادالً ومستقيماً لكان‬
‫وال أظنّين أخالف الشريعة ّ‬
‫نت‬
‫ُيق أن يعارض ابناً يبحث عن اخلري؟ إذا ك ُ‬ ‫علي‪ .‬هل ّ‬‫يسوع يقول يل‪ .‬وأان سوف أفعل ما يشري به َّ‬
‫مقتنعاً أب ّن جمدي هو هنا‪ ،‬فلماذا منعي من الوصول إليه؟ ملاذا يكون اآلابء أعداء لنا؟»‬

‫يتنهـّد سـمعان كما لو كان هناك من يعيد إىل ذهنه ذكرايت حزينة‪َ .‬يفض رأسه ولكنّه ال‬
‫يتكلّم‪.‬‬

‫ابرَكين قائالً يل‪:‬‬ ‫وقد‬ ‫‪.‬‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫زت العائق‪ .‬لقد َِّمس َعين أيب وفَ ِّ‬
‫ه‬ ‫جتاو ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫توما‪ ،‬ابملقابل‪ ،‬جييب‪« :‬اآلن‪ ،‬أان َ‬
‫أنت اي َمن تستطيع‬ ‫التحرر من عبوديّة االنتظار‪ .‬مغبوط َ‬ ‫لك مبثابة ّ‬‫"اذهب! وليكن هذا الفصح ابلنسبة َ‬
‫أبيك العجوز لتقول‬‫اإلَيان‪ّ .‬أما أان فأنتَ ِّظر‪ .‬وإذا ما كان هو ح ّقاً‪ ،‬وستكتشف ذلك ابتِّّباعه‪ ،‬فعد إىل َ‬
‫له‪’ :‬تعال! إسرائيل متتلك ال ُـمنتَظَر‘"‪».‬‬

‫مين! أقـول إنّنـا عشـنا إىل جانبه!‪ ...‬ومل نؤمن به‪ ،‬وحنن عائلته!‪ ...‬ونقول‪،‬‬
‫أنت حمظـوظ أكـثر ّ‬
‫« َ‬
‫أو ابألحرى يقولون‪" :‬لقد ُج ّن!"»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 118 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ها ُهم‪ ،‬ها ُهم‪ ،‬جمموعة أشخاص‪ ».‬يهتف مسعان‪« :‬إنّه هو‪ ،‬إنّه هو! إنّين أعرف رأسه‬
‫األشقر‪ .‬آه! هيّا بنا! ولنسرع!»‬

‫أضحت ختفي بقيّة الطريق‪،‬‬


‫قمة القوس‪َ ،‬‬ ‫يَغ ّذون السري حنو اجلنوب‪ .‬واألشجار‪ ،‬اآلن وقد بـَلَغوا ّ‬
‫جمموعيت األشخاص التَقوا وجهاً إىل وجه يف اللحظة اليت مل يَكونوا يتوقّعوهنا‪َ .‬حت َسب يسوع‬
‫َ‬ ‫بشكل أ ّن‬
‫خارجاً من النهر‪ ،‬ذلك أنّه موجود بني أشجار الض ّفة‪.‬‬

‫«اي معلّم!»‬

‫«يسـوع!»‬

‫«سـيّدي!»‬

‫لقد َد َّوت اهلتافات الثالثة ال ُـم َعِّّربة عن اهليام والفرح من التلميذ وابن عمه والذي َجَرت عليه‬
‫املعجزة‪.‬‬

‫أي صوت آخر‪ ،‬إنّه مليء‪،‬‬‫«السالم لكم!» إنّه الصوت اجلميل الذي ال َيكن اخللط بينه وبني ّ‬
‫أنت أيضاً‪ ،‬اي يوضاس‪ ،‬ابن عمي؟»‬
‫رجويل‪ ،‬لطيف وانفذ‪َ « .‬‬
‫ّ‬ ‫معرب‪ ،‬صاف‪،‬‬ ‫رانن‪ ،‬هادئ‪ّ ،‬‬
‫يتعانقان‪ ،‬فيبكي يوضاس‪.‬‬

‫«ملاذا هذه الدموع؟»‬

‫معك!»‬
‫«آه! يسوع! أريد أن أمكث َ‬
‫انتظارك‪ .‬ملاذا مل ِّ‬
‫أتت؟»‬ ‫كنت دائماً يف‬
‫َ‬ ‫«لقد ُ‬
‫َيفض يوضاس رأسه ويصمت‪.‬‬

‫«مل يوافقوا! واآلن؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 119 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫غريك‪».‬‬
‫«يسوع‪ ،‬أان‪ ...‬أان ال أستطيع اخلضوع هلم‪ .‬ال أريد أن أطيع َ‬

‫آمرك‪».‬‬
‫«ولكنّين مل َ‬

‫أرسلك هو الذي يتكلّم هنا‪ ،‬يف قليب‪،‬‬


‫َ‬ ‫رسالتك هي اليت تفرض‪ .‬إ ّن الذي‬ ‫َ‬ ‫أنت ال؛ إّّنا‬
‫«ال‪َ ،‬‬
‫تك واليت كانت معلّميت اللطيفة‪ ،‬وصاحبة نظرة احلَمام‪،‬‬ ‫وهو الذي يقول يل‪" :‬اذهب إليه"‪ .‬إ ّن اليت َولَ َد َ‬
‫العلي الذي ََي ََِّتق قليب؟‬ ‫ِّ‬
‫تقول يل دون كالم‪" :‬كن ليسوع"‪ .‬هل إبمكاين ّأال أُقيم وزانً هلذا الصوت من ّ‬
‫عمك بيوسف‪ ،‬أفال ينبغي‬ ‫بكل أتكيد ِّمن أجل خريي؟ ومبا أنّين ابن َ‬ ‫لصالة هذه الق ّديسة اليت ترجوين ّ‬
‫رآك قط‪ ،‬هنا على‬ ‫عليك‪ ،‬وهو الذي مل يكن قد َ‬‫تعرف َ‬ ‫أنت عليه‪ ،‬بينما املعمدان َّ‬ ‫أعرفك مبا َ‬
‫َ‬ ‫يل أن‬
‫حتسن سلوكي ابتِّّ َ‬
‫باعك‪ ،‬أان‬ ‫معك‪ ،‬أان َمن ّ‬
‫عرع َ‬ ‫ـ"محَل هللا"؟ وأان‪ ،‬أان من تَـَر َ‬‫اك ب َ‬
‫وحيَّ َ‬
‫ضفاف هذا النهر‪َ ،‬‬
‫بت ليس فقط أحكام احلاخامني الـ (‪،)613‬‬ ‫الدتك‪ ،‬والذي تَ َشَّر ُ‬
‫حت ابن الشريعة بفضل و َ‬ ‫الذي أصبَ ُ‬
‫ابإلضافة إىل الكتاب املق ّدس والصلوات‪ ،‬بل روحها مجيعاً‪ ،‬أفال ينبغي أن أكون قادراً على فعل‬
‫شيء؟»‬

‫أبوك؟»‬
‫«و َ‬

‫رت خبري الناس أكثر ِّمن‬


‫أنت مثاالً يل‪ .‬لقد فَ َّك َ‬
‫كنت َ‬‫«أيب؟ ال خبز ينقصه وال َعون‪ ...‬مثّ‪ ،‬لقد َ‬
‫أنت‪ ،‬معلّمي‪ ،‬أليس مسموحاً‪ ،‬دون اإلقالل من‬ ‫اخلاص‪ ،‬مع العلم ّأهنا وحيدة‪ ...‬قل يل َ‬ ‫ّ‬ ‫خري مرمي‬
‫ك‪ .‬ولكن هللا أمسى وأان سوف أتبعه"؟»‬ ‫واجب االحَتام جتاه األب‪ ،‬القول له‪" :‬أبتاه إنّين أحبّ َ‬
‫َّمت كثرياً على طريق النور‪ .‬تعال‪ .‬عندما يكون‬‫لك‪ :‬لقد تقد َ‬ ‫«يوضاس‪ ،‬قرييب وصديقي‪ ،‬أقول َ‬
‫حّت شرائع الدم‬
‫هللا هو الذي يدعو‪ ،‬فالكالم هكذا مع األب مسموح به‪ .‬ال شيء أمسى من هللا‪ّ .‬‬
‫ألمهاتنا‪ ،‬عوانً كبرياً ج ّداً‪ ،‬ومن أجل‬
‫ختتفي‪ ،‬أو ابألحرى تتسامى‪ ،‬ذلك أنّنا‪ ،‬بدموعنا‪ ،‬نق ّدم ألهلنا‪ّ ،‬‬
‫جنرهم صوب السماء وبنفس طريق‬ ‫أزيل ال ُُيسب للشرائع الدنيويّة حساب‪ .‬فَ َم َعنا سوف ّ‬‫هدف ّ‬
‫عليك جم ّدداً‬
‫تك‪ ،‬وأان سعيد حلصويل َ‬ ‫تضحية العواطف‪ ،‬حنو هللا‪ .‬امكث إذاً اي يوضاس‪ ،‬فطاملا انتظر َ‬
‫اي صديق حيايت يف الناصرة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 120 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لقد أتثّر يوضاس بعمق‪.‬‬

‫يلتفت يسوع صوب توما‪« :‬لقد أَطَ َ‬


‫عت بوفاء‪ .‬وهذه أوىل فضائل التلميذ‪».‬‬

‫لك‪».‬‬
‫أتيت ألكون وفيّاً َ‬
‫«لقد ُ‬
‫الظل َخ ِّجالً‪ .‬تعال إىل هنا‪ .‬ال ختف‪».‬‬
‫أنت‪ ،‬اي من ختتىبء يف ّ‬
‫لك‪ .‬و َ‬
‫«ستكون كذلك‪ .‬أقوهلا َ‬
‫ريب!» ويرمتي األبرص سابقاً عند قدمي يسوع‪.‬‬
‫«ّ‬
‫امسك؟»‬
‫«اهنض‪ ،‬ما َ‬
‫«مسعان‪».‬‬

‫وعائلتك؟»‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«سيّدي‪ ...‬لقد كانت ُمقتَ ِّدرة‪ ...‬وأان كذلك كان يل اعتباري‪ ...‬إّّنا األحقاد الطائفيّة و‪...‬‬
‫هفوات الشباب‪َ ،‬جَر َحت سلطاهنا‪ .‬أيب‪ ...‬آه! ينبغي يل أن ألومه وهو الذي َكلّفين دموعاً مل تكن‬
‫لتأيت من السماء! أنت ترى ذلك‪ ،‬لقد رأيت أيّة هديّة ق ّدمها يل!»‬

‫«هل كان جمذوماً؟»‬

‫لكن إصابته كانت مبرض ُيمل امساً آخر‪ ،‬وحنن اإلسرائيليّني نصنّفه‬
‫«مل يكن جمذوماً‪ ،‬وال أان‪ ،‬و ّ‬
‫مع خمتلف أنواع اجلذام‪ .‬هو‪ ...‬كان بيته ما يزال ذا سلطان‪ ،‬عاش ومات وما يزال له اعتباره يف بيته‪.‬‬
‫لكنت ُمت بني القبور‪».‬‬
‫وأان‪ ...‬لو مل تنقذين ُ‬
‫«هل أنت وحيد؟»‬

‫يهتم مبا تب ّقى يل‪ .‬ولقد أخطَرتُه‪».‬‬


‫لدي خادم أمني ّ‬
‫«وحيد‪ ،‬و ّ‬
‫الدتك؟»‬
‫«و َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 121 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫انز َعج‪.‬‬
‫«هي‪ ...‬قد ماتت‪ ».‬ويبدو أ ّن الرجل قد َ‬
‫لك‪:‬‬ ‫ُُي ِّّ‬
‫أجلك؟" اآلن أقول َ‬
‫َ‬ ‫علي أن أفعل من‬
‫ّ‬ ‫"ماذا‬ ‫يل‪:‬‬ ‫قلت‬
‫َ‬ ‫لقد‬ ‫مسعان‪،‬‬ ‫«‬ ‫يسوع‪.‬‬ ‫فيه‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫"اتبعين"‪».‬‬

‫يسمونين "الغيور" بسبب‬


‫لك شيئاً‪ .‬كانوا ّ‬ ‫«يف احلــال! ســيّدي!‪ ...‬إّّنا‪ ...‬إّّنا أان‪ ...‬دعين أقول َ‬
‫كنت أنتمي إليها‪ ،‬و"الكنعاينّ" بسبب والديت‪ .‬أترى؟ أان يف مقام غري ذي مستوى‪ .‬ويف‬ ‫الطبقة اليت ُ‬
‫كنت له ِّمن أ ََمة‪ .‬ولقد كانت زوجته‬ ‫ِّ‬
‫عروقي جيري دم العبيد‪ .‬مل يكن أليب أوالد من زوجته الشرعيّة‪ ،‬و ُ‬
‫حّت وفاهتا‪»...‬‬ ‫امرأة صاحلة‪ ،‬وربّتين مثل ابنها‪ ،‬واعتَـنَت يب يف أمراضي اليت ال ُحتصى‪ّ ،‬‬
‫أتيت‬
‫يين هللا عبيد وال ُمعتَقون‪ .‬ليس يف عينيه سوى استعباد واحد‪ :‬اخلطيئة‪ .‬وقد ُ‬
‫«ليس يف َع َّ‬
‫أنت مث ّقف؟»‬ ‫ِّ‬
‫أحموها‪ .‬أدعوكم مجيعاً أل ّن امللكوت ملك للجميع‪ .‬هل َ‬
‫«أان مث ّقف‪ ،‬وقد كانت يل مكانة بني الكبار‪ ،‬طاملا املرض كان خمتفياً حتت الثياب‪ .‬إّّنا حينما‬
‫ـاور "األموات"‪ .‬ابلفعل كما يقول طبيب‬ ‫ظهر للعيـان‪ُ ...‬س َّـر أعـدائي يف االسـتفادة منـه جلعلي أُج ِّ‬‫بدأ يَ َ‬
‫كنت أتل ّقى العالج على يديه‪ :‬إ ّن َمَرضي مل يكن جذاماً حقيقيّاً‪ ،‬ولكنّه ساعية‬ ‫ِّ‬
‫روماينّ من القيصريّة ُ‬
‫ألعن أيب؟»‬‫‪ Serpigo‬وراثي‪ ،‬كان يكفيين عدم اإلجناب لكي ال أنشره‪ .‬هل أستطيع أان ّأال َ‬
‫لك كل أنواع الشرور‪»...‬‬
‫ب َ‬‫«عليك أال تلعنه ابلرغم من أنه قد َسبَّ َ‬
‫كل أمالكه‪ .‬لقد كان فاسقاً‪ ،‬جمرماً‪ ،‬بدون قلب وبال عاطفة‪ .‬ولـقد َحَرَمين‬ ‫َّد ّ‬
‫«آه! نعم! لقد بَد َ‬
‫صب نفسه سيّداً‬ ‫داعبَة والسالم‪ .‬ولقد َو َمسَين ابسم ُُيَ ِّّقرين‪ ،‬ونـَ َقل يل َمَرضاً ُخم ِّزايً‪ ...‬لقد نَ َّ‬
‫الصحة‪ ،‬ال ُـم َ‬
‫ّ‬
‫األبوة‪».‬‬
‫حّت فرح ّ‬ ‫كل شيء ّ‬ ‫مين ّ‬ ‫حّت مستقبل ابنه‪ .‬ولقد انتَـَزع ّ‬ ‫كل شيء ّ‬ ‫على ّ‬
‫نظرك‪،‬‬
‫لك‪" :‬اتبعين"‪ .‬إىل جانيب‪ ،‬وعلى خطاي سوف جتد أابً وأبناء‪ .‬ارفع َ‬ ‫«هلذا السبب اقول َ‬
‫القارات عرب البالد‪.‬‬
‫اجعل نَظََرَك على امتداد األرض‪ ،‬إىل ّ‬
‫لك‪َ .‬‬ ‫احلقيقي يبتسم َ‬
‫ّ‬ ‫مسعان‪ ،‬فهناك األب‬
‫مثلك‪ .‬ال وجود‬
‫ينتظرونك وينتظرون كثريين َ‬
‫َ‬ ‫هناك أبناء وأبناء؛ أبناء روحيّون للذين ال َولَد هلم‪ّ .‬إهنم‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 122 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلب‪ .‬تعال اي مسعان‬ ‫لإلُهال حتت عالميت‪ .‬بعالميت ال ِّوحدة وال فروق‪ّ .‬إهنا عالمة ّ‬
‫احلب‪ .‬وتعطي ّ‬
‫أوحدكما يف املصري‬ ‫ِّ‬
‫حيب‪ .‬سوف ّ‬
‫أابك من أجل ّ‬
‫رت َ‬ ‫لك‪ .‬تعال اي يوضاس‪ ،‬اي َمن َخس َ‬ ‫الذي ال َولَد َ‬
‫ذاته‪».‬‬

‫شَتكاً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يُدنيهما يسوع معاً ويضع يديه على كتفيهما كما ليمتلكهما‪ ،‬كما ليَفرض عليهما نرياً ُم ََ‬
‫أنت مسعان ستبقى هنا مع توما‪ .‬ومعه َستُعِّ ّد‬
‫مثّ يقول‪« :‬أَمجَع ُكما‪ ،‬إّّنا يف هذه اللحظة فأان أُفَـِّّرق ُكما‪َ .‬‬
‫الطرق من أجل عوديت‪ .‬سوف أعود بعد قليل‪ ،‬وأريد أن يكون حشد كبري ينتظرين‪ ،‬قل للمرضى‪،‬‬
‫آت‪ .‬وقل للذين ينتظرون‪ :‬إ ّن ماسيا وسط شعبه‪.‬‬ ‫وأنت من يستطيع قول ذلك‪ ،‬إ ّن الذي َينح الشفاء ٍ‬
‫َ َ‬
‫قل للخطأة‪ :‬إ ّن هناك َمن يَغفر ليَمنَح ّقوة االرتقاء‪»...‬‬

‫«ولكن هل سنتم ّكن من ذلك؟»‬

‫«نعم‪ ،‬فليس لكم سوى القول‪" :‬هو قد أتى‪ ،‬إنّه يدعوكم‪ ،‬وينتظركم‪ .‬لقد أتى ليصفح عنكم‪.‬‬
‫العم‪ ،‬تعال معي ومع هؤالء‪.‬‬
‫أنت يوضاس‪ ،‬اي ابن ّ‬
‫سارعوا لرؤيته"‪ .‬وأَضيفا هلذه الكلمات ممّا تعرفانه‪ .‬و َ‬
‫ك ستبقى يف الناصرة‪».‬‬ ‫ألنّ َ‬
‫«ملاذا اي يسوع؟»‬

‫عليك أن تع ّد يل الطريق يف موطننا‪ .‬هل تظنّها رسالة سهلة؟ احلقيقة أنّه ال يوجد ما هو‬
‫«أل ّن َ‬
‫ويتنهد يسوع‪.‬‬
‫أهم منها‪ّ »...‬‬
‫ّ‬
‫«هل سأجنح؟»‬

‫«نعم‪ ،‬وال‪ ،‬إّّنا سيكون هذا كافياً لِّنُـ َق ِّّوم أنفسنا‪».‬‬

‫أي شيء وأمام َمن؟»‬ ‫ن‬ ‫« ِّ‬


‫م‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 123 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أمام هللا‪ ،‬أمام املوطن وأمام العائلة‪ .‬هكذا لن يستطيعوا لومنا على أنّنا مل نفعل هلم خرياً‪ .‬وإذا‬
‫نتحمل مسؤوليّة خسارهتم‪».‬‬
‫ازدرى األهل واملوطن ذلك فلن ّ‬
‫«وحنن؟»‬
‫ِّ‬
‫أنت بطرس ستعود ل ِّش َ‬
‫باكك‪».‬‬ ‫« َ‬
‫«ملاذا؟»‬
‫«ألنّين أثقفكم ببطء‪ .‬وسوف آخذكم عندما تصبحون ِّ‬
‫جاه ِّزين‪».‬‬

‫«ولكن هل سنر َاك إذن؟»‬

‫بكل أتكيد‪ ،‬فسآيت كثرياً للقائكم وسأدعوكم عندما أكون يف كفرانحوم‪ .‬اآلن َوِّّدعوا بعضكم‬
‫« ّ‬
‫اي أصدقاء‪ ،‬وسنمضي‪ .‬أابرككم اي من تبقون‪ .‬سالمي معكم‪».‬‬

‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 124 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -20‬العودة إىل الناصرة بعد الفصح مع التالميذ الستّة)‬

‫‪1944 / 10 / 31‬‬

‫عمه والتالميذ الستّة إىل مشارف الناصرة‪ِّ .‬من أعلى املنحدر حيث ُهم‬ ‫ِّ‬
‫يَصل يسوع مع ابن ّ‬
‫موجودون تُرى املدينة الصغرية‪ ،‬بيضاء وسط اخلضرة الصاعدة واهلابطة وفق املنحدرات اليت قد بُنِّيَت‬
‫عليها‪ .‬تتماوج الطريق بلطف وهي ابلكاد مرئيّة ِّمن هنا‪ ،‬بينما ِّمن هناك هي ابرزة املالمح أكثر‪.‬‬

‫صلنا اي أصدقائي‪ .‬وهذا هو بييت‪ .‬ووالديت يف داخله‪ ،‬ذلك أنّين أرى الدخان يتصاعد‬‫«ها قد َو َ‬
‫من البيت‪ .‬قد تكون ختبز‪ .‬أان ال أقول لكم‪" :‬امكثوا"‪ ،‬ألنّين أظنّكم على عجلة للوصول إىل بيوتكم‪،‬‬
‫تعرف عليها يوحنّا‪ ،‬فأقول لكم‪" :‬تعالوا"‪».‬‬
‫التعرف على من قد ّ‬
‫إّّنا إذا أردمت كسر اخلبز معي و ّ‬
‫كان احلزن قد بدأ َُيَيِّّم على الستّة بسبب الفراق الوشيك‪ّ ،‬إال أ ّن السرور عاد ليمألهم‪ ،‬ويَقبَلون‬
‫الدعوة عن طيب خاطر‪.‬‬

‫«إذاً هيّا بنا‪».‬‬

‫يهبطون اهلضبة الصغرية بنشاط ويسلكون الطريق الرئيسيّة‪ .‬الوقت حوايل املساء‪ .‬ال يزال الطقس‬
‫دخلون البلدة‪ .‬نساء‬
‫لكن الظالم قد بدأ يرخي سدوله على القرية حيث بدأ القمح ينضج‪ .‬يَ ُ‬ ‫حاراً‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫ذاهبات إىل العني أو عائدات منها‪ ،‬رجال على عتبات املشاغل أو يف احلدائق‪ُ ،‬ييّون يسوع ويوضاس‪.‬‬
‫مثّ يتهافت األطفال مجاعات حول يسوع‪.‬‬

‫دت؟»‬
‫«هل عُ َ‬
‫«ستمكث هنا اآلن؟»‬

‫كسرت عجلة َعَربَيت ِّمن جديد‪».‬‬


‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 125 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أَتَعلَم اي يسوع؟ أصبَ َحت يل أخت صغرية وأَمسَيناها مرمي‪».‬‬

‫حقيقي للشريعة‪».‬‬
‫ّ‬ ‫كل شيء وأنّين ابن‬
‫«لقد قال يل املعلّم أبنّين أعرف ّ‬
‫ألهنا خائفة‪».‬‬
‫«سارة ليست هنا أل ّن ّأمها مريضة ج ّداً‪ّ .‬إهنا تبكي ّ‬

‫تزوج وكان االحتفال عظيماً‪».‬‬


‫«أخي إسحق قد ّ‬
‫الطف‪ ،‬يـهنِّّئ ويعِّد ابلعون‪ .‬وهكذا ي ِّ‬
‫صلون إىل البيت‪ .‬أصبَ َحت مرمي عند‬ ‫يسوع يستَ ِّمع‪ ،‬ي ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ندفِّع‪.‬‬
‫صيب صغري ُم َ‬
‫العتَـبَة‪ ،‬فقد أخطََرها ّ‬
‫َ‬
‫«ولدي!»‬

‫«ماما!»‬

‫ويتعانق االثنان‪ .‬ومرمي األقصر ِّمن يسوع تَسند رأسها على أعلى صدر ابنها ال ُـمتَـلَملِّم يف حميط‬
‫ذراعيها‪ .‬وهو يـُ َقبِّّل شعرها األشقر‪ .‬ويَ ُ‬
‫دخالن البيت‪.‬‬

‫التالميذ‪ ،‬مبا فيهم يوضاس‪ ،‬يبقون خارجاً اتركني هلما حريّة إظهار عواطفهما وهي يف ذروهتا‪.‬‬

‫«يسوع‪َ ،‬ولَدي!» يرجتف صوت مرمي كما لو كانت موشكة على البكاء‪.‬‬

‫«ملاذا هذا التأثّر اي ّأماه؟»‬


‫«ولَداه! لقد رِّوي يل‪ ...‬يف اهليكل‪ ،‬كان أانس ِّمن اجلـليل ِّ‬
‫ومن النـاصرة‪ ،‬ذاك اليوم‪ ...‬لقد‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫عادوا‪ ...‬ورووا‪ ...‬اي َولَدي!‪»...‬‬

‫حل جمد هللا يف بيته‪».‬‬


‫«ولكنّين‪ ،‬كمـا تَ َـرين‪ ،‬يـا ّأمي‪ ،‬على ما يرام‪ .‬مل يصبين أذى‪ ،‬وقد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 126 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظ النِّّيام‪ .‬وأان سعيدة من أجل جمد‬ ‫«نعم‪ ،‬أعرف‪ ،‬اي ابن قليب‪ .‬أعلم أ ّن ذلك كان كاجلرس أي َق َ‬
‫أمنعك‪ ...‬إنّين‬
‫َ‬ ‫ألومك‪ ...‬لن‬
‫َ‬ ‫هللا‪ ...‬سعيدة أل ّن هذا الشعب الذي هو شعيب قد تَـنَـبَّهَ هلل‪ ...‬أان لن‬
‫اع ّي يسوع‪.‬‬‫أجنبتك اي َولَدي!‪ »...‬وما تزال مرمي ُحماطَة بذر َ‬ ‫َ‬ ‫أفهمك‪ ...‬و‪ ...‬أان سعيدة‪ ...‬ولكنّين قد‬
‫َ‬
‫ابجتاهه‪ ،‬وعينها أكثر ملعاانً بسبب‬ ‫ومستَنِّ َداتن إىل صدر ابنها‪ ،‬ورأسها مرفوع ّ‬ ‫وتتكلّم ويداها مفتوحتان ُ‬
‫توشك أن تسيل‪ّ .‬إهنا تَصمت اآلن ُمسنِّ َدة رأسها من جديد على صدر يسوع‪ .‬حتسبها‬ ‫الدمعة اليت ِّ‬
‫ظل جناحني كبريين أبيضني‪ ،‬فيسوع كان ما يزال يرتدي‬ ‫رمادايً‪ ،‬يف ّ‬
‫َيامة رماديّة‪ ،‬إذ كانت ترتدي ثوابً ّ‬
‫ثوبه ومعطفه األبيضني‪.‬‬
‫عاود يسوع تقبيلها‪ ،‬مث يقول‪« :‬ها ِّ‬
‫أنت تَـَرين‬ ‫«ماما‪ ،‬والديت املسكينة‪ ،‬اي ّأمي احلبيبة!‪ »...‬ويُ ِّ‬
‫ّ‬
‫لدي آخرون يف اليهوديّة‪ ،‬وكذلك ابن عمي يوضاس‬ ‫ت وحدي‪ .‬معي تالميذي األوائل‪ ،‬و ّ‬ ‫أنّين هنا‪ ،‬ولس ُ‬
‫معي ويتبعين‪»...‬‬

‫«يوضاس؟»‬

‫أنت مندهشة‪ .‬ابلتأكيد‪ِّ ،‬ضمن الذين حت ّدثوا عن الذي جرى كان‬ ‫«نعم يوضاس‪ .‬أعرف ملاذا ِّ‬
‫قلت ّإهنم قد انتَـ َقدوين‪ .‬إّّنا ال ختايف‪ .‬اليوم كذا وغداً خمتلف‪.‬‬
‫حلفا وأوالده‪ ...‬ولن أكون خمطئاً إذا ُ‬
‫فاإلنسان مثل األرض‪ ،‬يف املكان الذي كانت األشواك تنمو‪ ،‬أصبَ َحت تنمو الورود‪ .‬ويوضاس الذي‬
‫حتبّينه حبّاً مجّاً هو اآلن معي‪».‬‬

‫«أين هو اآلن؟»‬
‫«إنّه هناك خارجاً مع اآلخرين‪ .‬هل ِّ‬
‫لديك خبز يكفيهم؟»‬

‫«نعم اي ولدي‪ .‬فمرمي زوجة حلفا يف الفرن‪ ،‬وهي ُخترِّج اخلبز منه‪ّ .‬إهنا طيّبة ج ّداً‪ ،‬ومرمي إىل‬
‫جانيب‪ .‬اآلن بشكل خاص‪».‬‬

‫الدتك هنا‪ ،‬تعالوا أيّها األصدقاء!»‬


‫«ليمنحها هللا اجملد‪ ».‬ويذهب إىل الباب ويقول‪« :‬يوضاس و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 127 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دخلون ويُلقون التحيّة‪ .‬بينما يوضاس يـُ َقبِّّل مرمي َ‬
‫وجيري ابحثاً عن والدته‪.‬‬ ‫يَ ُ‬
‫يـُ َق ِّّدم يسوع اخلمسة أبمسائهم‪ :‬بطرس‪ ،‬أندراوس‪ ،‬يعقوب‪ ،‬نثنائيل‪ ،‬فليبّس‪ّ .‬أما يوحنّا فقد ابتت‬
‫مرمي تعرفه‪ ،‬وهو حيّاها بعد يوضاس مباشرة واحنىن لِّتَـ َقبُّل بركتها‪.‬‬

‫وهتتم ابلضيوف‪ .‬ومع ذلك فهي ما تزال‬ ‫تَ ّرد مرمي التحيّة وتدعوهم للجلوس‪ّ .‬إهنا ربّة البيت ّ‬
‫كمل نقاشاً صامتاً مع ابنها‪ .‬لقد كانت تبغي‬ ‫حتتفظ ليسوع بنظرة هيام‪ .‬تبدو روحها مع عينيها تُ ِّ‬
‫لك بذلك‪ .‬امكثي أن ِّ‬
‫ت‬ ‫ندفِّع‪« :‬ال اي امرأة‪ ،‬ال َيكن أن أمسح ِّ‬
‫لكن بطرس يَ َ‬
‫لب املياه لتنعشهم‪ ،‬و ّ‬‫َج َ‬
‫األم الق ّديسة‪ ،‬وأان سأذهب بل نذهب مجيعنا إىل احلديقة لِّنَغتَ ِّسل‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫إىل جانب ابنك‪ ،‬أيّتها ّ‬
‫ها هي مرمي زوجة حلفا هترع محراء ويكسوها الطحني‪ُ .‬حتَيِّّي يسوع الذي يباركها مثّ تقود الستّة‬
‫أخربين يوضاس‪ .‬كم‬ ‫إىل احلديقة صوب الفسقيّة‪ .‬وها هي تعود سعيدة لتقول للعذراء‪« :‬آه! مرمي! لقد ََ‬
‫"سل َفيت"‪ .‬أعرف أ ّن اآلخرين سيزجرونين‪ .‬إّّنا ال‬‫أنت اي ِّ‬
‫أجلك ِّ‬
‫أان سعيدة! من أجل يوضاس ومن ِّ‬
‫حنس ما فيه خري أبنائنا‪.‬‬
‫األمهات‪ ،‬نعرف‪ّ ...‬‬ ‫يهم‪ .‬سأكون سعيدة يوم يُصبِّحون مجيعهم ليسوع‪ .‬فنحن ّ‬
‫أنت اي يسوع‪ ،‬خري أبنائي‪».‬‬
‫ك‪َ ،‬‬ ‫أحس أنّ َ‬
‫وأان ّ‬
‫ي ِّ‬
‫الطف يسوع رأسها وهو يبتسم‪.‬‬‫ُ‬
‫جرة عصري‬ ‫لب‬ ‫جت‬
‫َ‬ ‫مث‬ ‫اجلنب‪.‬‬ ‫و‬ ‫يتون‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫مع‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ساخن‬ ‫اخلبز‬ ‫حلفا‬ ‫زوجة‬ ‫مرمي‬ ‫هلم‬ ‫م‬ ‫يعود التالميذ‪ ،‬وتُـ َق ِّّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫العنب األمحر الذي يسكبه يسوع ألصدقائه‪ .‬إ ّن يسوع هو الذي يـُ َق ِّّدم ويـُ َوِّّزع على الدوام‪.‬‬

‫يف البدء كان التالميذ ُمرتَبِّ ِّكني قليالً‪ّ ،‬أما بعدئذ فَـيَهدأ روعهم‪ .‬وهم يتح ّدثون عن بيوهتم وعن‬
‫اول بطرس أن‬‫وُي ِّ‬
‫دودون‪ُ ،‬‬
‫متحمسون‪َ ،‬و ُ‬
‫اجَت َحها يسوع‪ّ .‬إهنم ّ‬ ‫رحلتهم إىل أورشليم وعن املعجزات اليت ََ‬
‫يتحالف مع مرمي َعلَّهُ يتمكن من السفر مع يسوع مباشرة دون احلاجة إىل االنتظار يف بيت صيدا‪.‬‬

‫لك‪ .‬وسيكون هذا االنتظار ابلنسبة‬ ‫ِّ‬


‫افعل ما يقوله َ‬
‫تُـ َق ّدم له مرمي النصيحة مع ابتسامة لطيفة‪َ « :‬‬
‫كل ما يفعله‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫لكم أكثر نفعاً من السفر الفوري معه‪ .‬فيسوعي ُجييد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 128 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ََييب أمل بطرس‪ ،‬لكنّه ي ِّ‬
‫ذعن عن طيب خاطر سائالً فقط‪« :‬هل سيدوم هذا االنتظار‬ ‫ُ‬
‫طويالً؟»‬

‫يَنظر يسوع مبتسماً‪ّ ،‬إال أنّه ال يقول شيئاً‪ .‬ومرمي تُـ َؤِّّول هذه االبتسامة كدليل ُحسن التفات‪:‬‬
‫َير بسرعة مثل طريان‬
‫انتظارك ال ُـمطيع سوف ّ‬
‫َ‬ ‫لك‪ :‬إ ّن َزَمن‬
‫«اي مسعان بن يوان‪ ،‬إنّه يبتسم‪ ...‬وأان أقول َ‬
‫السنونو فوق البحرية‪».‬‬
‫«شكراً ِّ‬
‫لك اي امرأة‪».‬‬

‫أنت اي يوحنّا؟»‬
‫«أال تتكلّم اي يوضاس؟‪ ...‬و َ‬
‫«أَنظُر ِّ‬
‫إليك اي مرمي‪».‬‬

‫«وأان كذلك‪».‬‬

‫دي‬
‫«أان كذلك أَنظُر إليكم‪ ...‬وهل تَعلَمون؟ يعود إىل ذهين زمن بعيد‪ .‬فحينئذ كذلك كان ل ّ‬
‫حبب‪ .‬هل تَذ ُكرين تالميذي الثالثة اي مرمي؟»‬
‫ثالثة أزواج من العيون تتعلّق بوجهي ّ‬
‫سن متماثل بشكل حمسوس‪ .‬ينظرون‬ ‫حقيقي! فاآلن أيضاً هم ثالثة‪ ،‬يف ّ‬
‫ّ‬ ‫«آه! طبعاً أتذكر! هذا‬
‫احلب الذي لديهم‪ .‬أظُ ّن أ ّن يوحنّا هذا يبدو يل مثل يسوع آنذاك‪ ،‬بشعره األشقر وخ ّديه‬ ‫ِّ‬
‫بكل ّ‬‫إليك ّ‬
‫احلمراوين وهو أصغرهم سنّاً‪».‬‬

‫َير الوقت ويهبط الليل‪.‬‬


‫يُريد اآلخرون معرفة األمر‪ ،‬فَتوي الذكرايت والطرائف‪ّ .‬‬
‫أعمل‪ .‬فإن شئتم إبمكانكم‬
‫كنت َ‬
‫لدي‪ .‬إّّنا ذاك هو املشغل حيث ُ‬
‫«أصدقائي‪ ،‬ال غرف مفروشة ّ‬
‫إجياد مأوى‪ ...‬إّّنا ليس فيه سوى مقاعد‪».‬‬
‫«سوف تكون تلك املقاعد مبثابة ِّ‬
‫أسَّرة مرُية ابلنسبة إىل صيّادين اعتادوا النوم على ألواح خشبيّة‬
‫سقفك شرف لنا وتقديس‪».‬‬ ‫َ‬ ‫ضيّقة‪ .‬شكراً اي معلّم‪ .‬فالنوم حتت‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 129 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نس ِّحبون بعد ع ّدة حتيّات‪ .‬ويبتعد كذلك يوضاس مع ّأمه‪ّ .‬إهنما َيضيان إىل بيتهما‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫كل‬ ‫اع‬
‫ر‬ ‫وذ‬ ‫صغري‪،‬‬ ‫مصباح‬ ‫ضوء‬ ‫على‬ ‫الصندوق‪،‬‬ ‫على‬ ‫ني‬ ‫س‬ ‫وََي ُكث يف الغرفة يسوع ومرمي جالِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫نصت مفتونة وم َِّ‬
‫رجت َفة وسعيدة…‬ ‫منهما حول َكتِّ َفي اآلخر‪ .‬يسوع يروي ومرمي تُ ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هكذا تتوقف الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 130 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -21‬شفاء األعمى يف كفرانحوم)‬

‫‪1944 / 10 / 07‬‬

‫يسـ ُكن قليب‪« :‬انظري‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫يتكلّم يســوع فيجتاحين يف احلـال االرتيـاح ويُغرقين يف نشـوة جتعل الفرح َ‬
‫ترضيك كثرياً‪ .‬وها هي حادثة أخرى تُقدَّم ِّ‬
‫لك‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫إ ّن حوادث العميان‬

‫كل الغرب‪ ،‬وحبرية جنّسارت َغ َدت ِّمرآة‬ ‫ِّ‬


‫صيفي مجيل‪ .‬فالشمس تُضرم ّ‬
‫ّ‬ ‫وأرى غروب مشس‬
‫عمالقة تنعكس فيها السماء املضاءة‪.‬‬

‫تغص هبم‪ :‬نسـاء ذاهبات إىل النبع‪ ،‬صيّادون رجال‬ ‫ها الناس وقد بَ َدأَت شـوارع كفرانحوم ّ‬
‫الليلي‪ ،‬أطفال َجيرون وهم يلعبون عرب الشوارع‪ ،‬محري ُحم َّملة سالالً‬ ‫للصيد‬ ‫اكبهم‬
‫ر‬ ‫وم‬ ‫باكهم‬ ‫ش‬‫ُِّجي ِّهزون ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متضي إىل القرية‪ ،‬رمبّا لتحميل اخلضار‪.‬‬

‫ابجتاه ابب يُفضي إىل ساحة صغرية مظلَّلة بكرمة وشجرة تني‪ .‬بعد ذلك هناك‬ ‫يتق ّدم يسوع ّ‬
‫درب مرصوف حجارة ُي ّد البحرية‪ .‬املفروض أنّه منزل بطرس‪ ،‬فهو على الشاطئ مع أندراوس ُجيَ ِّّهز‬
‫الشباك ويـَُرتِّّب املقاعد واحلبال‪ .‬ذلك مبجمله من أجل الصيد‪ .‬وأندراوس يساعده‬ ‫ِّ‬
‫سالل السمك و ِّّ‬
‫بذهابه وإايبه بني البيت واملركب‪.‬‬

‫ينادي يسوع تلميذه‪« :‬هل سيكون الصيد وفرياً؟»‬

‫«الوقت مناسب واملياه ساكنة‪ ،‬ابإلضافة إىل ذلك نور القمر‪ .‬لذا فسيصعد السمك من‬
‫األعماق وستحمله ِّشباكي‪».‬‬

‫«أنذهب وحدان؟»‬

‫كل هذه ِّّ‬


‫الشباك؟»‬ ‫«آه! اي معلّم‪ ،‬إذا كنّا وحدان فكيف العمل مع ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 131 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫منك أن تُـ َعلِّّمين‪ ».‬ويهبط يسوع على مهل صوب البحرية‪،‬‬
‫ُمارس الصيد أبداً وأنتَ ِّظر َ‬
‫«مل أ ِّ‬
‫ويتوقّف عند الشاطئ ذي الرمال احملصاة جانب املركب‪.‬‬

‫«انظر اي معلّم‪ :‬هذا ما سوف نقوم به‪َ .‬خن ُرج جنباً إىل جنب مع مركب يعقوب بن زبدى‪،‬‬
‫أنت أن متسك‬ ‫ابجتاه املكان املناسب‪ .‬مثّ نرمي ِّّ‬
‫الشباك وّنسك حنن بطرفها‪ .‬وتريد َ‬ ‫وّنضي هكذا سويّة ّ‬
‫ابلطرف اآلخر‪ ،‬هذا ما قُلتَه يل‪».‬‬

‫قلت يل ما ينبغي يل أن أفعله‪».‬‬


‫«نعم! إذا َ‬

‫«آه! ليس هناك سوى مراقبة رمي الشَّباك‪ ،‬لتَ ِّنزل ِّّ‬
‫الشباك هبدوء ودون حدوث عُ َقد‪ .‬هبدوء ألنّنا‬
‫سنكون فوق مكان الصيد‪ ،‬وأيّة حركة مفاجئة َستُبعِّد السمك‪ ،‬ودون عقد لكيال تُغلَق الشباك اليت‬
‫صرة‪ ،‬أو ابألحرى مثل شراع منفوخ ابهلواء‪ .‬وحاملا تنتهي عمليّة اإلنزال سوف‬ ‫جيب أن تُفتَح مثل ّ‬
‫جن ّذف ببطء أو نتق ّدم شراعيّاً حسب ما جيب أن يكون‪ ،‬دائِِّّرين نصف دورة على البحرية‪ .‬وعندما‬
‫نتوجه إىل اليابسة‪ ،‬وهناك حوايل الشاطئ‪ ،‬ولكن‬ ‫حتركات شارات األمان أبن الصيد جيّد ّ‬ ‫تشري لنا ّ‬
‫متأخرة لكيال َيرب السمك‬ ‫ليس يف مرحلة مسبقة لتحاشي خطر هروب الغنائم‪ ،‬وال يف مراحل ّ‬
‫الشباك‪ .‬حينئذ جيب االنتباه جيّداً إذ جيب على املراكب أن تقَتب‬ ‫الشباك على احلصى‪ ،‬وسننشر ِّّ‬ ‫و ِّّ‬
‫كثرياً إىل احل ّد الذي نستطيع معه اإلمساك أبطراف ِّّ‬
‫الشباك اليت ُمتََّرر من املركب اآلخر‪ ،‬ولكن على‬
‫عينك‬
‫لك اي معلّم‪ ،‬إنّه قُوتنا ورزقنا‪َ .‬‬
‫أفوض األمر َ‬‫الشباك املمتلئة مسكاً‪ .‬سوف ّ‬ ‫ّأال نصطدم لكيال هنرس ِّّ‬
‫الشباك لكيال تُفتَح مع اهتزاز السمك‪ .‬فالسمك يدافع عن حريّته بضرابت َذنَب قويّة‪ ،‬وإذا كان‬ ‫على ِّّ‬
‫عددها كبرياً‪ ...‬تدرك ذلك‪ّ ...‬إهنا حيواانت صغرية‪ ،‬إّّنا كوهنا ابلعشرات واملئات واأللوف فهي تصبح‬
‫ذات ّقوة هائلة‪».‬‬

‫«األمر ذاته مع اخلطااي اي بطرس‪ .‬يف البداية خطأ واحد َيكن إصالحه‪ .‬إّّنا بعدئذ إذا مل نتوقّف‬
‫عن هذا اخلطأ "الواحد" وإذا ما تركنا األخطاء تَتاكم وتَتاكم وتَتاكم‪ ،‬فالذي ُيصل أخرياً هو أ ّن هذا‬
‫ويتحول‬
‫جمرد إُهال بسيط أو ضعف بسيط‪ ،‬يصبح يوماً بعد يوم أكثر ّقوة ّ‬ ‫اخلطأ الصغري‪ ،‬وقد يكون ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 132 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التام‪ .‬وأحياانً بقلّة حمبّة عن طريق‬
‫إىل عادة لينتهي برذيلة رئيسيّة‪ .‬نبدأ أحياانً بنظرة شهوة لننتهي ابلزىن ّ‬
‫حبق أحد األقارب لينتهي بنا ابلعنف ض ّد القريب‪ .‬حذار‪ ،‬فالسهر السهر منذ البداية لكيال‬ ‫الكالم ّ‬
‫ومتَ َم ِّّكنة أكثر من احليّة اجلهنميّة ذاهتا وتقودكم إىل هاوية‬ ‫ِّ‬
‫يزداد وزن األخطاء بكثرهتا! فتصبح َخطرة ُ‬
‫اجلحيم‪».‬‬

‫«حسناً تتكلّم أيّها املعلّم‪ ...‬ولكنّنا ضعفاء ج ّداً!»‬

‫قوايً وحتصل على العون‪ ،‬وابإلرادة الثابتة بعدم ارتكاب‬


‫عليك ابالنتباه والصالة لتصبح ّ‬ ‫« َ‬
‫اخلطيئة‪ ،‬مثّ الثقة الكبرية بعدالة اآلب ال ُـم ِّحبّة‪».‬‬

‫«أتقول أب ّن "هو" لن يكون قاسياً مع مسعان املسكني؟»‬

‫«كان َيكن كذلك أن يكون قاسياً مع مسعان‪ّ ،‬أما مع بطرسي‪ ،‬اإلنسان اجلديد‪ ،‬رجل‬
‫ك‪».‬‬
‫ك وسيحبّ َ‬
‫مسيحه‪ ...‬فال‪ ،‬اي بطرس‪ ،‬إنّه ُيبّ َ‬
‫«وأان؟»‬

‫تاري األوائل‪».‬‬
‫أنت كذلك اي أندراوس‪ ،‬وكـذلك يوحنـّا ويعقـوب وفليبـّس ونثنـائيـل‪ .‬فأنتم ُخم ّ‬
‫«و َ‬
‫عمك‪ ،‬ويف اليهوديّة‪»...‬‬
‫«هل سيأيت آخرون؟ هناك ابن َ‬
‫لك إ ّن صيدي يف ليل الدهور‬ ‫احلق أقول َ‬‫احلق ّ‬
‫البشري‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫لكل اجلنس‬
‫«آه! إ ّن مملكيت مفتوحة ّ‬
‫صيدك كلّه‪ ...‬ألن كل دهر سيكون مبثابة ليل مظلم‪ ،‬حبيث أن ال نور النجوم‬ ‫َ‬ ‫سيكون أوفر من وفرة‬
‫الـمتألِّّق‪ ،‬وال نور القمر‪ ،‬سيكوانن الـم ِّ‬
‫رشد واملنارة للبشرية‪ ،‬بل إّّنا كلمة املسيح والنعمة املتأتّية منه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غرب‪ ،‬نوراً سيعيش فيه مجيع املؤمنني‪ ،‬مشساً يلبسها املختارون فتجعل‬ ‫وهذا الليل سيعرف فجر يوم لن يَ ُ‬
‫مظهرهم هبيّاً‪ ،‬وجتعلهم أزليّني‪ ،‬سعداء مثل اآلهلة‪ ،‬آهلة أدىن من اآلب الذي هم أبناؤه وشبيهون يب‪...‬‬
‫احلق أقول لكم إ ّن حياتكم املسيحيّة ستوفّر لكم التشبّه‬ ‫احلق ّ‬ ‫لكن ّ‬‫ال تستطيعون اآلن إدراك هذا‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 133 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مبعلّمكم‪ ،‬وسوف تتألّقون يف السماء بفعل عالماته‪ .‬وإذاً سيكون يل‪ ،‬رغم ضغينة الشيطان وإرادة‬
‫صيدك‪».‬‬
‫َ‬ ‫اإلنسان الضعيفة‪ ،‬صيد أوفر من‬

‫تالميذك؟»‬
‫َ‬ ‫«ولكن هل سنكون وحدان‬

‫ب للجميع‪ .‬ال‬ ‫«هل بطرس حسود غيور؟ ال تكن كذلك‪ .‬سيأيت آخرون وسيكون يف قليب ُح ّ‬
‫دت النجوم يوماً؟ أو احلجارة‬
‫ك‪ .‬هل َع َد َ‬ ‫فأنت ال تعرف بعد طبيعة الذي ُيبّ َ‬ ‫تكن خبيالً اي بطرس‪َ .‬‬
‫أقل‪.‬‬
‫احلب اليت يستطيعها قليب ّ‬
‫تك على ع ّد خفقات ّ‬ ‫اليت تَفرش قاع البحرية؟ ال‪ ،‬ال َيكن ذلك‪ ،‬وقدر َ‬
‫هل استطعت أبداً حساب عدد املّرات اليت يـُ َقبِّّل فيها البحر الشاطئ مع قبلة املوج خالل اإلثين عشر‬
‫نس ِّكب من هذا القلب لتعطي‬ ‫ب اليت تَ َ‬
‫تك على حساب أمواج احلُ ّ‬ ‫َيكنك ذلك‪ ،‬وقدر َ‬
‫َ‬ ‫قمراً؟ ال‪ ،‬ال‬
‫حيب اي بطرس‪».‬‬ ‫أقل كذلك‪ .‬كن أكيداً من ّ‬ ‫قبالهتا للناس ّ‬
‫أيخذ بطرس يد يسوع ويـُ َقبِّّلها وهو متأثّر بش ّدة‪.‬‬

‫ك كثرياً‪ .‬ويف‬
‫أنت أيضاً أحبّ َ‬
‫يَنظُر أندراوس وال جيرؤ‪ّ ،‬إال أ ّن يسوع يضع يده يف شعره ويقول‪َ « :‬‬
‫لك‬
‫عينيك‪ ،‬يبتسم َ‬ ‫َ‬ ‫فجرك سَتى يسوع منعكساً على قبّة السماء‪ ،‬سَتاه‪ ،‬دون وجوب رفع‬ ‫ساعة َ‬
‫لك يف هذا الفجر سيكون أمتع من الدخول إىل غرفة الزفاف‪»...‬‬ ‫ك‪ ،‬تعال"‪ ،‬ودخو َ‬ ‫ليقول‪" :‬أحبّ َ‬
‫لتك‬
‫وصلت‪ »...‬جيري يوحنّا الهثاً «آه! اي معلّم هل جع َ‬
‫ُ‬ ‫«مسعان! مسعان! أندراوس! ها أنذا قد‬
‫ب‪.‬‬ ‫تنتظر؟» وينظر يوحنّا إىل يسوع بعني الـم ِّ‬
‫ح‬
‫ُ ّ‬
‫كبك بسرعة‪.‬‬
‫جهز مر َ‬
‫ك لن أتيت‪ّ ...‬‬
‫أظن أنّ َ‬
‫بدأت ّ‬
‫كنت قد ُ‬
‫وجييب بطرس‪« :‬يف احلقيقة ُ‬
‫ويعقوب؟‪»...‬‬

‫يظن أ ّن يسوع يف بيتنا فأتى إليه‪ .‬ولكنّنا قلنا له‪" :‬إنّه يف‬
‫«لقد أتخران بسبب رجل أعمى‪ .‬كان ّ‬
‫انتظرت‬
‫َ‬ ‫يشفيك غداً‪ .‬انتَ ِّظر"‪ .‬ولكنّه مل يكن يريد االنتظار‪ .‬وكان يعقوب يقول‪" :‬لقد‬
‫َ‬ ‫مكان آخر‪ ،‬وقد‬
‫النور طويالً‪ ،‬فما املانع من انتظاره ليلة أخرى أيضاً؟" ّإال أنّه مل يكن ليَقبَل مساع حجة‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 134 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك؟»‬
‫متعجالً لرؤية ّأم َ‬
‫أنت األعمى‪ ،‬أفال تكون ّ‬
‫كنت َ‬
‫«يوحنّا‪ ،‬لو َ‬
‫«إيه! طبعاً!»‬

‫«وإذاً؟ أين األعمى؟»‬

‫ك مبعطفه وال يَتكه‪ ،‬ولكنّه يسري ببطء ألنّه يتعثّر على الشاطئ‬
‫متس َ‬
‫«إنّه قادم مع يعقوب‪ .‬لقد َّ‬
‫املغطّى ابحلجارة‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬هل تغفر يل قسويت؟»‬

‫إيل‪».‬‬
‫«نعم‪ ،‬إّّنا إلصالح اخلطأ اذهب وساعد األعمى واجلبه ّ‬
‫جيري يوحنّا مبتعداً‪.‬‬

‫يهز بطرس رأسه بشكل خفيف ولكنّه يصمت‪ .‬يَنظُر إىل السماء اليت تُصبِّح الزورديّة بعد أن‬
‫ّ‬
‫ويتنهد‪.‬‬
‫أدرَكتهـا العتمة‪ .‬ينظر إىل البحرية‪ ،‬وينظر إىل املراكب األخرى اليت خرجت للصيد‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫«مسعان!»‬

‫«معلّم!»‬

‫خرجت األخري‪».‬‬
‫َ‬ ‫حّت ولو‬
‫صيدك وفرياً ّ‬
‫َ‬ ‫«ال َختَف‪ ،‬فسيكون‬

‫حّت هذه املرة؟»‬


‫« ّ‬

‫«يف كل مرة تكون فيها ُِّحمبّاً سيُنعِّم هللا َ‬


‫عليك بصيد وفري‪».‬‬

‫«ها هو ذا األعمى‪».‬‬

‫يتق ّدم املسكني بني يعقوب ويوحنّا‪ .‬بني يديه عصا ال يستخدمها الساعة‪ ،‬ذلك أنّه يعتَ ِّمد على‬
‫اإلثنني اللذين يقودانه‪ .‬وهذا أفضل له‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 135 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أمامك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«اي رجل‪ ،‬ها هو املعلّم‪ ،‬إنّه‬

‫جيثو األعمى‪« :‬سيّدي‪ ،‬الرمحة!»‬

‫أنت أعمى؟»‬
‫«أتريد أن ترى؟ اهنض‪ .‬منذ مّت و َ‬
‫يتحلّق التالميذ األربعة حوهلما‪.‬‬

‫نت‬
‫كنت أعمل‪ .‬ك ُ‬ ‫كنت يف السابق أرى بشكل جيّد و ُ‬ ‫«منذ سبع سنوات اي سيّدي‪ .‬وقد ُ‬
‫التجار الكثريون يف حاجة‬
‫أكسب جيّداً‪ .‬لقد كان املرفأ و ّ‬ ‫كنت َ‬‫صاحب حرفة يف القيصريّة الساحليّة‪ُ .‬‬
‫ص َّور احلديد ال ُـم َح َّمر ليصبح جاهزاً للعمل‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إيل يف أعماهلم‪ .‬ولكن لدى طَرقي حديد مرساة‪ ،‬وتَ َ‬
‫دائمة ّ‬
‫خسرت‬
‫ُ‬ ‫أحرقَت عيين‪ .‬ولقد كانت عيناي آنذاك عليلَتَني بسبب حرارة الكور‪ .‬ف‬ ‫انطَلَ َقت شرارة منه َ‬
‫كل ُم ّدخرايت‪ ،‬وأان اآلن أعيش من‬ ‫أنفقت ّ‬
‫ُ‬ ‫عيين اليت أُصيبَت‪ ،‬وانطََفأَت األخرى بعد ثالثة أشهر‪.‬‬
‫اإلحسان‪»...‬‬

‫مبفردك؟»‬
‫أنت َ‬ ‫«هل َ‬
‫لدي أ ُّم عجوز‪،‬‬
‫حّت إنّين ال أعرف وجه أصغرهم‪ ...‬و َّ‬
‫لدي زوجة وثالثة أطفال صغار ج ّداً ّ‬ ‫« َّ‬
‫هي وزوجيت َمن تكسبان اآلن اليَسري ِّمن القوت‪ .‬وهذا مع الصدقة اليت أمجعها يكاد يكفينا لكيال‬
‫ائيلي صاحل‬
‫ك تشفيين!‪ ...‬فأعود إىل العمل‪ .‬فأان ال طلب يل سوى العمل كإسر ّ‬ ‫ّنوت جوعاً‪ .‬لو أنّ َ‬
‫ِّألَقوت الذين أحبّهم‪».‬‬

‫لك ذلك؟»‬
‫أتيت تبحث عين ‪َ ،‬من قال َ‬
‫«و َ‬
‫عودتك إىل البحرية بعد اخلطبة الرائعة‪».‬‬
‫َ‬ ‫أبرص شفيتَه عند أسفل طور طابور أثناء‬
‫«َ‬
‫لك؟»‬
‫«ماذا قال َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 136 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك نور لألرواح واألجساد‬ ‫ك خالص األجساد واألرواح‪ .‬إنّ َ‬ ‫كل شيء‪ .‬إنّ َ‬
‫ك قادر على ّ‬ ‫«قال إنّ َ‬
‫رجم‪ ،‬ملتحفاً‬‫جترأ على االختالط ابجلموع غري آبه خبطر أن يُ َ‬ ‫األبرص‪ ،‬قد ّ‬
‫ك نور هللا‪ .‬وهو‪ ،‬أي َ‬ ‫ألنّ َ‬
‫وجهك قد أعاد األمل إىل قلبه‪ .‬لقد‬
‫َ‬ ‫كنت ذاهباً إىل اجلبل‪ ،‬وكان‬
‫رآك َمتُّر عندما َ‬
‫مبعطف‪ ،‬إذ إنّه قد َ‬
‫كرَر يل‬
‫وذهبت"‪ .‬وهكذا َّ‬
‫ُ‬ ‫أكد يل‪’ :‬هو اخلالص‪ ،‬اذهب!‘‬ ‫أيت يف هذا الوجه شيئاً ما َّ‬ ‫قال يل‪" :‬ر ُ‬
‫تقزز‪ .‬وقد كان عائداً ِّمن ِّعند الكهنة بعد التطهري‪.‬‬
‫يدك دون ُّ‬ ‫ك أبرأتَه بلمسة ِّمن َ‬‫خطابك وقال إنّ َ‬
‫َ‬
‫وجدتك‪...‬‬
‫َ‬ ‫حّت‬
‫عنك يف املدن والقرى‪ّ ،‬‬‫أتيت أسأل َ‬
‫كنت أعرفه‪ ،‬فقد كان َيلك حانواتً يف القيصريّة‪ .‬و ُ‬ ‫ُ‬
‫ارمحين!»‬

‫فإن النُور يُ ِّبهر اخلارِّج ِّمن الظلمة!»‬


‫«تعال‪َّ ،‬‬

‫«ستشفيين إذن؟»‬

‫أيخذه يسوع إىل بيت بطرس‪ ،‬يف نور احلديقة الصغرية اخلافت‪ ،‬ويضعهُ ُمقابِّالً له‪ ،‬حبيث ال‬
‫تكون البحرية املتأللئة هي أول ما تراه العينان اللتان ستُش َفيان‪ ..‬وقد بدا الرجل طفالً مطيعاً بقدر ما‬
‫كان مستسلماً دون سؤال‪.‬‬

‫ابنك!» وَي ّد يسوع يديه على رأس الرجل اجلاثي‪ .‬يبقى هكذا حلظـة‬ ‫نورك هلذا الذي هو َ‬ ‫«أبتاه! َ‬
‫مثّ يـُبَـلِّّل أطـراف أصـابعه ابللعـاب وَيسـح بيده اليمىن العينني املتفتّحتني إّّنا بغري حياة‪.‬‬

‫حلظة‪ .‬مثّ ُُيَِّّرك الرجل جفنيه‪ .‬يفركهما مثل إنسان ما زال يستفيق‪ ،‬وما تزال غشاوة على عينيه‪.‬‬

‫«ماذا ترى؟»‬

‫ثوبك‪ ...‬إنّه أمحر‬


‫األزيل! يبدو يل‪ ...‬يبدو يل‪ ...‬آه! أنّين أرى‪ ...‬أرى َ‬
‫«آه! آه! آه! اي أيّها هللا ّ‬
‫تتحسن ابطّراد طاملا‬
‫أليس كذلك؟ ويداً بيضاء‪ ...‬وحزاماً صوفيّاً‪ ...‬آه! اي يسوع الصاحل‪ ،‬إ ّن الرؤية ّ‬
‫تتعودان‪ ...‬ها هو عشب األرض‪ ...‬وهذا ابلتأكيد بئر‪ ،‬وهذه كرمة‪»...‬‬ ‫عيناي ّ‬
‫«اهنض اي صديقي‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 137 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يَ َنهض الرجل وهو يبكي ويضحك‪ .‬وبعد حلظة من الصراع يف داخله بني االحَتام والرغبة‪ ،‬يرفع‬
‫فَتض أن تكون استعادة النَّظَر ورؤية هذا‬ ‫رأسه ويو ِّ‬
‫فع َمة حناانً‪ .‬يُ ََ‬
‫ُ َ‬‫م‬ ‫برمحة‬ ‫يسوع‬ ‫يبتسم‬ ‫يسوع‪.‬‬ ‫نظرة‬ ‫ه‬ ‫اج‬ ‫ُ‬
‫الوجه كشمس أوىل‪ ،‬روعة ال َيكن وصفها‪ .‬فيهتف الرجل وَي ّد يديه‪ ،‬إنّه فعل غريزي‪ .‬ولكنّه يتوقّف‪.‬‬

‫بيتك اآلن وكن‬


‫إالّ أ ّن يسوع يفتح ذراعيه ويش ّد إليه الرجل قصري القامة ج ّداً‪« .‬اذهب إىل َ‬
‫سعيداً ومستقيماً‪ .‬امض بسالمي‪».‬‬

‫كل شيء‪...‬‬ ‫«اي معلّم! اي معلّم! سيّدي! يسوع! الق ّديس! املبارك! النور‪ ...‬أان أرى‪ ...‬أان أرى ّ‬
‫لكن الالزورد‬
‫األول من القمر‪ ...‬و ّ‬‫ها هي البحرية الالزورديّة والسماء الساكنة والشمس الغاربة والربع ّ‬
‫ففيك أرى مجال الشمس األكثر حقيقة واألَلَق األطهر للقمر‬ ‫عينك‪َ .‬‬‫األمجل والصفاء األكثر أراه يف َ‬
‫الكلّي قدسه‪ .‬اي جنم املتألِّّمني ونور العميان والرمحة احلية ِّ‬
‫الفاعلَة!»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«أان نور األرواح‪ .‬فكن ابناً للنور‪».‬‬

‫كل رفّة جفن على حدقة عيين اليت عادت إليها احلياة‪.‬‬
‫«دائماً اي يسوع‪ .‬عهد أج ّدده مع ّ‬
‫أنت والباري تعاىل!»‬
‫فلتكن مباركاً َ‬
‫«ليكن الباري تعاىل‪ ،‬اآلب‪ ،‬مباركاً! اذهب!»‬

‫ند ِّهشون إىل املركبني وتبدأ عمليّة‬


‫وَيضي الرجل‪ ،‬سعيداً‪ ،‬هادائً‪ ،‬بينما يَ ِّنزل يسوع والتالميذ ال ُـم َ‬
‫اإلحبار‪.‬‬

‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬

‫‪1944 / 10 / 11‬‬

‫فاهلمة مل تفَت‪ .‬ابلفعل إذا كان صالح هللا قد صان‬


‫صمت وليل‪ .‬إّّنا ال‪ّ ،‬‬‫ّأول أمس‪ ،‬وأمس‪َ ،‬‬
‫جسدي ال ُـم َنهك وال ُـمن َك ِّسر ابألمل احلاصل من تعب الكتابة‪ ،‬فلقد قَـ َّوى روحي حبضوره غري املرئي‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 138 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫انس َكب يف قليب‪ .‬آه! اي كنزي‬ ‫َّستَني قد َ‬
‫كل صفاء عينيه املقد َ‬‫الكامل ألجلي‪ ،‬األبيض واملبتسم‪ .‬و ّ‬
‫جمرد منشغلة بقراءة‬‫حّت من الذين ُييون معي ويرونين ّ‬ ‫إيل‪ّ :‬‬
‫حّت من العامل األقرب ّ‬ ‫اجملهول من العامل! ّ‬
‫صلوايت أو يف شغل الدانتيل‪ ،‬أو يف تناول الفاكهة أو يف الكالم عن أشياء عاديّة‪ ،‬وال يعرفون أ ّن "اجلزء‬
‫وحم َادثَته ومساعه‪ .‬أحياانً‪ ،‬أتسرين ابتسامة لدى‬
‫األفضل" من كياين ال يفعل سوى متجيد هللا الذي أراه ُ‬
‫تفكريي أب ّن الذين حويل ال يعرفون َمن معي‪ .‬وكذلك يتّفق أن أأت ّمل حني جتري حبضور القدوس‪ ،‬غري‬
‫اهر وال ُـم َم َّجد‪ ،‬أحاديث خارجة عن القداسة وغري طاهرة وال رائحة للمحبّة فيها‪ .‬ال يستطيع‬ ‫املرئي‪ ،‬الطَّ ِّ‬
‫أي سهر أ ِّ‬
‫ُمارس‬ ‫الناس معرفة ذلك كما ال أستطيع أن أح ّدثهم عنه‪ ...‬ولكن أيّة صدمة أتل ّقى‪ ،‬و ّ‬
‫ُيس هبا يسوعي من هذه األحاديث! يفَتض‬ ‫حب وإَيان ورجاء وطهارة‪ ،‬الصدمة اليت ّ‬ ‫ألُصلح أبفعال ّ‬
‫أن تكون هذه الصدمة قويّة ج ّداً‪ ،‬أل ّهنا تُسبّب يل أان الدودة املسكينة أملاً كبرياً بفعل أ ّن يسوعي قد‬
‫أشرَكين بشيء يسري من طريقته يف اإلحساس والتفكري‪.‬‬ ‫َ‬
‫يف دائماً مبثابة التمهيد لكالمه‪ .‬أ َُعِّّرب‬‫يعاودين هذا الصباح الشعور هبذه الفرحة الفاعلة اليت هي ّ‬
‫عن نفسي كما أستطيع‪ .‬ويكون فرحي سلبيّاً عندما‪ ،‬مثل أمس و ّأول أمس‪ ،‬أَغتَبِّط ابحلضور دون‬
‫يسوعك‪ ،‬إنّه‬‫ِّ‬ ‫دعويت خلدمته‪ .‬وفرحيت تكون إجيابيّة عندما يقول يل انطباع ال َيكن وصفه‪« :‬اي خادمة‬
‫كنت‬ ‫ِّ‬ ‫يناديك فاخدميه‪ ».‬حينذاك أ ِّ‬
‫ِّ‬
‫َعرب من السكينة إىل فرح الروح‪ ،‬من السالم إىل خ ّفة تَرفَعين‪ .‬لو ُ‬ ‫ُ‬
‫أستطيع احلركة‪ ،‬أظنّين سأنطلق إىل األعلى وإىل األسفل يف املنزل‪ ،‬أو ابألحرى إىل اخلارج بفعل فيض‬
‫التحرر ّإال ابلنشيد‪ ...‬مثّ ينتابين تراخ‬‫هذا الفرح وهذه القوة اليت ختَتقين‪ .‬وكما أنّين وقتذاك‪ ،‬ال أستطيع ّ‬
‫بكل‬ ‫احلقيقي‬ ‫العمل‬ ‫إىل‬ ‫ل‬ ‫لطيف يغري وجهي‪ ،‬تراخ أذوي فيه بلطف ليس من هذه األرض‪ .‬مث أنت ِّ‬
‫ق‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫معىن الكلمة‪ :‬الكتابة ابإلمالء أو وصف ما ُيضرين‪ .‬فإذا كان موضوع اإلمالء يتعلّق بفصل من‬
‫الكتاب املق ّدس‪ ،‬يبدأ يسوع جبعلي أفتح الكتاب املق ّدس على الفصل الذي يريد شرحه يل‪ّ .‬أما إذا‬
‫كان اإلمالء على العكس جيري دون َمرجع خاص‪ ،‬حينئذ جيعلين ال أمحل يف يدي ال الكتاب املق ّدس‬
‫قلت مع صورة أوليّة هي بشكل عام نقطة األوج‬ ‫كرس‪ .‬وإذا كانت الرؤاي حتضرين كما ُ‬ ‫أي كتاب ُم َّ‬
‫وال ّ‬
‫تتوسع الرؤاي‬ ‫يف الرؤاي‪ ،‬مثّ تتواىل وفق الَتتيب‪ ،‬وما أن حتضر ّ ِّ‬
‫حّت أَختَرب فرحاً أكثر حيويّة‪ .‬وعندما ّ‬
‫ابلَتتيب‪ ،‬أبدأ من البداية‪ ،‬عندما حتضر للبدء بنقطة األوج‪ ،‬أصف هذه النقطة‪ ،‬مثّ عندما ما هو سابق‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 139 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األايم العشرة األوائل من شهر آب‬
‫أكتبه ومن مثّ التايل [هكذا كان يف رؤاي احلاخام مجالئيل يف ّ‬
‫أظن‪].‬‬
‫(أغسطس) على ما ّ‬
‫ألوضح أكثر َمن يكون‪ ،‬أو من يريد اإلبقاء على حايل‬‫أكررها مرة أخرى ِّّ‬ ‫لقد قال يل يسوع أن ّ‬
‫الظل‪ .‬واآلن هو يقول يل أن أفتح الكتاب املق ّدس‪ .‬فاليوم إذاً إمالء‪.‬‬
‫يف ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 140 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -22‬ممسوس كفرانحوم ال ُـمربأ يف اجملمع)‬

‫‪1944 / 11 / 02‬‬

‫العتَـبَة أانس يُراقِّبون الساحة اليت ما‬ ‫ِّ‬


‫أرى معبد كفرانحوم وقد احتَ َش َدت فيه اجلُّموع تنتَظر‪ .‬عند َ‬
‫تزال مشمسة‪ ،‬رغم قُرب حلول املساء‪ .‬أخرياً هتاف‪« :‬ها هوذا احلاخام قد أتى‪ ».‬ويلتَ ِّفت اجلميع‬
‫صب ذوو القامات القصرية على رؤوس أصابعهم أو ُياولون التق ّدم‪ .‬تَدافُعات‬ ‫حنو الباب‪ ،‬وينتَ ِّ‬
‫َ‬
‫ومشاجرات رغم لوم موظفي املعبد وأشراف املدينة‪.‬‬

‫الباحثِّني عن احلقيقة!» ويداه ممدوداتن إىل األمام‪.‬‬


‫يسوع يف العتبة ُييي ويبارك‪« :‬السالم جلميع ِّ‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫ع ثوبه األبيض‬ ‫القوي اآليت من الساحة املشمسة يُ ِّربز قامته الكبرية احملاطة هبالة من نور‪ .‬لقد نـََز َ‬
‫النور ّ‬
‫صون حوله‬ ‫وارتدى ثيابه االعتياديّة الزرقاء القامتة‪ .‬يتق ّدم بني اجلموع الذين يفسحون له اجملال مثّ يَتا ّ‬
‫كما املاء حول املركب‪.‬‬

‫ابلسل وهو َيسك بثوب‬ ‫«أان مريض اشفين!» يـُ َه ِّ‬


‫مهم شاب يبدو يل حسب مظهره مصاابً‬
‫ّ‬
‫يسوع‪.‬‬

‫سيسمعك‪ ،‬دعين اآلن أحت ّدث إىل الشعب‪،‬‬


‫َ‬ ‫ضع يسوع يده على رأسه ويقول له‪« :‬ثق‪ ،‬فاهلل‬
‫يَ َ‬
‫إليك‪».‬‬
‫ومن مثّ آيت َ‬
‫يَتكه الرجل وَيكث ساكناً‪.‬‬

‫لك؟»‬
‫تسأله امرأة حتمل طفالً بني يديها‪« :‬ماذا قال َ‬
‫إيل بعد أن يتح ّدث إىل اجلموع‪».‬‬
‫«لقد قال يل إنّه سيأيت ّ‬
‫سيشفيك إذاً؟»‬
‫َ‬ ‫«‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 141 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لست أدري‪ .‬لقد قال يل "ثِّق" وأان ُكلّي رجاء‪».‬‬
‫« ُ‬
‫لك؟»‬
‫«ماذا قال َ‬
‫لك؟»‬
‫«ماذا قال َ‬
‫يريد اجلميع معرفة ذلك‪ .‬ويتناقل اجلمع إجابة يسوع‪.‬‬
‫«إذاً ساُ ِّ‬
‫حضر ابين‪».‬‬

‫«وأان سآيت بوالدي العجوز هنا‪».‬‬

‫«آه! لو كان حاجي يرضى ابجمليء! سأحاول‪ ...‬ولكنّه لن أييت‪».‬‬

‫أيخذ يسوع مكانه‪ُُ .‬يَيّي رئيس املعبد الذي يَ ّرد التحيّة مع خ ّدام املذبح‪ .‬إنّه رجل قصري القامة‬
‫ولكنّه بدين وكهل‪ .‬ينحين يسوع ليتح ّدث إليه‪ ،‬فتخاهلما خنلة تنحين ابجتاه شجرة ليست طويلة بقدر‬
‫ما هي ضخمة‪.‬‬

‫أعطيك؟»‬
‫َ‬ ‫يسأله رئيس املعبد‪« :‬ماذا تريد أن‬

‫يقودك‪».‬‬
‫«الذي تريده‪ ،‬أو ابألحرى ال على التعيني‪ ،‬فالروح َ‬

‫«ولكن‪ ...‬هل ستكون جاهزاً؟»‬

‫اختيارك ملا فيه خري‬


‫َ‬ ‫الرب سيقود‬
‫لك اسحب ال على التعيني فروح ّ‬
‫«أان جاهز‪ .‬أعود ألقول َ‬
‫هذا الشعب‪».‬‬

‫َيد رئيس املعبد يده إىل كوم اللفافات ويسحب واحدة‪ ،‬يفتحها ويقف عند أحد املواضيع‬
‫قائالً‪« :‬ها هو‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 142 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َّسوا لِّْلغَ ِّد‪.‬‬
‫ب َوقُ ْل‪ :‬تَـ َقد ُ‬ ‫َ‬ ‫َّع‬
‫ْ‬ ‫الش‬ ‫س‬ ‫ِّ‬ ‫أيخذ يسوع اللفافة ويقرأ يف املكان املشار إليه‪"« :‬يشوع‪ :‬قُم قَ ِّّ‬
‫د‬ ‫ْ‬
‫ك َح َّّت‬ ‫ك حرام اي إِّسرائِّيل‪ ،‬فَالَ تَـتَم َّكن لِّلثُّـب ِّ‬
‫وت أ ََم َام أ َْع َدائِّ َ‬ ‫ط‬‫ب إِّله إِّسرائِّيل‪ِّ :‬يف وس ِّ‬ ‫ألَنَّهُ ه َك َذا قَ َ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُّ ُ ْ َ َ َ َ‬ ‫ال َّ‬
‫يلف اللفافة ويعيدها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تَـْن ِّزعوا ْ ِّ‬
‫احلََر َام م ْن َو َسط ُك ْم"‪ ».‬يتوقّف‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫يسـتمع اجلميع ابنتبـاه شـديد‪ ،‬واحـد فقط يهمـس‪« :‬سنسـمع أمـوراً غـري معقـولـة عن األعداء!»‬

‫«إنّه َملِّك إسرائيل املوعود به‪ ،‬الذي جيمع شعبه!»‬

‫التام‪.‬‬
‫َي ّد يسوع يديه حسب عادته أثناء اخلطبة‪ .‬فيسود الصمت ّ‬
‫«لقد قام الذي جاء ليق ّدسكم‪ .‬لقد َخَر َج ِّمن خافية البيت الذي هتيّأ فيه هلذه الرسالة‪ .‬ولقد‬
‫تَطَ َّهر ليكون قدوة لكم يف التَّطَ ُّهر‪ .‬ولقد َّاختَ َذ موقعه مقابل متن ّفذي اهليكل وشعب هللا‪ .‬واآلن هو‬
‫يظن وأيمل بعضكم من ذوي الروح املظلم والقلب املضطرب‪ .‬واململكة‬ ‫لست كما ّ‬ ‫بينكم‪ .‬إنّه أان! و ُ‬
‫اليت سأكون ملكها واليت أدعوكم إليها أكرب ج ّداً وأنبل كثرياً‪.‬‬

‫كل شعب آخر‪ ،‬ألنّكم من خالل آابء آابئكم حصلتم على الوعد‬ ‫أدعوكم أيّها اإلسرائيليّون قبل ّ‬
‫ابلرب تعاىل‪ .‬إّّنا ليس ابجليوش املسلّحة وال إبراقة الدم الوحشيّة ستنشأ هذه‬
‫االحتاد ّ‬ ‫هبذه الساعة و ّ‬
‫املتكربون سريعو الغضب‪ ،‬احلاسدون‪ ،‬الفاسقون‬ ‫اململكة‪ .‬كما لن يكون اإلرهابيّون وال املسيطرون وال ّ‬
‫واجلشعون الذين يدخلوهنا‪ ،‬بل هم الصاحلون‪ ،‬اللطيفون‪ ،‬الطاهرون‪ ،‬الرحيمون‪ ،‬املتواضعون احملبّون هلل‬
‫والقريب والصبورون‪.‬‬

‫قلبك‬
‫مدعواً حملاربة األعداء اخلارجيّني‪ ،‬بل إّّنا األعداء الداخليّني املوجودين يف َ‬
‫لست ّ‬‫إسرائيل! َ‬
‫أبنائك‪ .‬أزيلوا وصمة اخلطيئة من قلوبكم مجيعاً‪ ،‬وإذا أردمت‬
‫َ‬ ‫ويف قلوب عشرات وعشرات األلوف من‬
‫غري عليها‬
‫لك اململكة اليت لن يغلبها ولن جيتاحها ولن يُ َ‬
‫الرب غداً ويقول لكم‪" :‬اي شعيب‪َ ،‬‬
‫أن جيمعكم ّ‬
‫األعداء"‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 143 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أي يوم هو هذا الغد؟ أخالل شهر أم سنة هو؟ آه! ال تبحثوا ابلظمأ اخلبيث أن تعرفوا‬ ‫غداً‪ّ .‬‬
‫سر زمنه‪ّ .‬أما أنتم‪،‬‬
‫األزيل ّ‬
‫املستقبل بوسائل هلا طعم الشعوذة اآلمثة‪ .‬دعوا للوثنيّني روح التنّني‪ .‬ودعوا هلل ّ‬
‫واعتباراً ِّمن غد‪ ،‬الغد الذي سينبَثِّق بعد هذه الساعة من املساء‪ ،‬والذي سيأيت من الليل وسينبَثِّق مع‬
‫تطهروا يف التوبة احلقيقيّة‪.‬‬
‫هلموا ّ‬
‫صياح الديك‪ّ ،‬‬
‫تُوبوا عن خطاايكم ليُغ َفر لكم وتكونوا مهيَّئني للملكوت‪ .‬أزيلوا عنكم ِّوزر اخلطيئة‪ .‬لدى ك ّل‬
‫كل واحد‬
‫افحصوا ذواتكم‪ّ ،‬‬ ‫األبدي العشر‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫كل امرئ ما َيالف وصااي اخلالص‬ ‫َيصه‪ .‬يف ّ‬
‫امرئ ما ّ‬
‫اندموا ندامة خالِّصة بتواضع‪ .‬توبوا‪ ،‬ليس‬ ‫أبمانة وستجدون النقطة اليت منها نَ َشأَت خديعتكم‪َ .‬‬
‫ابلكالم‪ ،‬فاهلل ال يُستَهزأ به وال َيكن خداعه‪ .‬إّّنا توبوا إبرادة اثبتة بتغيري احلياة‪ ،‬ابلعودة إىل شريعة‬
‫الرب‪ .‬فملكوت السماوات ينتظركم‪ ،‬غداً‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حّت حينما أييت بعبارة حياة طويلة مثل‬
‫غداً؟ تتساءلون؟ آه! إنّه دائماً غد سريع‪ ،‬ساعة هللا‪ّ ،‬‬
‫تسموهنا األ ّايم‬
‫حياة األحبار‪ .‬ليس لألبديّة َجَراين الساعة الرمليّة البطيء‪ .‬وقياسات الزمن هذه اليت ّ‬
‫األزيل الذي ُيفظكم يف احلياة‪ .‬ولكنّكم أزليّون‬
‫والشهور والسنني والدهور‪ ،‬إّّنا هي خفقاانت الروح ّ‬
‫أبرواحكم وجيب عليكم‪ ،‬ابلروح‪ ،‬احملافظة على طريقة قياس الزمن ذاهتا اليت خلالقكم‪ .‬فتقولون‪" :‬غداً‬
‫سيكون يوم مويت!" وأكثر من ذلك‪ ،‬إذ ال موت للمؤمن‪ ،‬بل راحة يف االنتظار‪ ،‬يف انتظار ماسيا الذي‬
‫يَفتَح أبواب السماوات‪.‬‬

‫احلق أقول لكم إ ّن بني احلاضرين هنا سبعة وعشرين فقط ينبغي هلم انتظار املوت‪ّ .‬أما‬
‫احلق‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اآلخرون فَ َسيُدانون منذ ما قبل املوت ‪ ،‬واملوت هو العبور إىل هللا أو إىل الشيطان دون مهلة‪ ،‬أل ّن‬
‫ابحلق وليضمن لكم‬
‫ماسيا قد أتى‪ ،‬إنّه فيما بينكم ويدعوكم ليعطيكم البشرى احلَ َسنَة ‪ ،‬ليث ّقفكم ّ‬
‫اخلالص والسماء‪.‬‬

‫األبدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫توبوا! فإ ّن "غد" ملكوت السماوات وشيك‪ ،‬فليجدكم أنقياء لتُصبِّحوا مالكي اليوم‬

‫والسالم لكم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 144 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ملتح بثياب فاخرة‪ .‬يقول‪« :‬اي معلّم‪ ،‬يبدو يل ما تقوله‬ ‫ائيلي ٍ‬ ‫ر‬ ‫إس‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫له‪،‬‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫ارض‬ ‫مع‬ ‫أحدهم‬ ‫ف‬ ‫ي ِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫األايم الثاين‪ ،‬جمد إسرائيل‪ ،‬فقد جاء فيه‪" :‬يف الواقع أنه عندما ال يَُتك‬‫مناقضاً ملا جاء يف سفر أخبار ّ‬
‫الرب كما‬‫وأيدبون سريعاً‪ ،‬فهذه إشارة على ُحسن التفات عظيم‪ ،‬فال يفعل ّ‬ ‫اخلطأة طويالً ألهوائهم‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫صرب ليعاقبهم يوم ُيني زمن احلساب عندما تُصبِّح صحيفة أخطائهم‬ ‫يف األمم األخرى‪ :‬يَنتَظر بِّ َ‬
‫أنت على عكس ذلك تتكلّم كما لو كان َيكن للباري تعاىل أن يتباطأ كثرياً يف عقابنا‪ ،‬يف‬ ‫ِّ‬
‫طاف َحة"‪ .‬و َ‬
‫انتظاران مثل ابقي األمم لزمن الدينونة عندما تطفح صحيفة اخلطااي‪ .‬يف احلقيقة إ ّن األحداث َحت ِّمل‬
‫السفر‪ ،‬إّّنا لو كان األمر كما تقول‪ ،‬أفال‬‫لك‪ .‬ذلك أ ّن إسرائيل قد عوقِّب كما جاء يف ِّ‬ ‫تكذيباً لقو َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫لك؟»‬‫تتضمنه اآلية اليت ذَ َكرُهتا َ‬
‫مذهبك وذاك الذي ّ‬ ‫َ‬ ‫يوجد تناقض بني‬

‫ُجيبك‪ .‬ال تَعا ُرض يف املذهب‪ ،‬إّّنا يف طريقة أتويل الكالم‪.‬‬


‫كنت أ َ‬ ‫أنت‪ ،‬ال أدري؛ إّّنا ّأايً َ‬
‫« َمن َ‬
‫أنت‪ُ ،‬ممثّالً غالبيّة البشر‪ ،‬ترى‬
‫تؤوله حسب الطريقة البشريّة‪ ،‬وأان مبوجب األسلوب الروحاينّ‪َ .‬‬ ‫فأنت ّ‬
‫َ‬
‫كل شيء ُمطبّقاً ّإايه على األبديّة وعلى‬
‫ُفسر ّ‬‫كل شيء إبسناده للحاضر وملا هو ابل‪ .‬وأان‪ُ ،‬ممثّالً هلل‪ ،‬أ ّ‬ ‫ّ‬
‫ما هو فائق الطبيعة‪ .‬يهوه قد ضربكم‪ ،‬نعم‪ ،‬يف احلاضر‪ ،‬يف كربايئكم وغروركم "كشعب" وفق آراء‬
‫أرس َل لكم‬ ‫ِّ‬
‫أي كان غريكم‪ ،‬أبن َ‬ ‫الصرب معكم أكثر من ّ‬ ‫أي حد أحبَّكم واستن َف َذ َّ‬ ‫األرض‪ .‬إّّنا إىل ّ‬
‫اإلهلي؟ إنّه ال يريد أن تظلّوا خطأة‪.‬‬ ‫الغضب‬ ‫ساعة‬ ‫قبل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫وختلص‬ ‫تسمعوه‪،‬‬ ‫لكي‬ ‫مسيحه‪،‬‬ ‫ص‪،‬‬ ‫الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬
‫إّّنا وإن ضربكم يف هذا العامل البايل لرؤيته أ ّن اجلرح مل يشف‪ ،‬وإّّنا ولو على العكس ِّ‬
‫يوهن أرواحكم‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ََ‬
‫رسل لكم َمن يشفيكم وينقذكم‪ .‬أان الذي‬ ‫رسل لكم ليس العقاب بل اخلالص‪ ،‬ي ِّ‬ ‫ابطّراد‪ ،‬فها هو ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أكلّمكم‪».‬‬

‫أنت‪...‬‬
‫نيب كانت له هذه اجلرأة‪ .‬و َ‬
‫ذاتك كممثّل هلل؟ فما من ّ‬
‫نفسك َجسوراً بفرض َ‬ ‫َ‬ ‫«أال جتد‬
‫أنت اي من تتكلّم‪ ،‬وأبمر َمن تتكلّم؟»‬
‫أنت‪َ ،‬‬ ‫َمن َ‬
‫«مل يكن األنبياء يستطيعون أن يقولوا عن ذواهتم ما أقوله أان عن ذايت‪َ .‬من أان؟ أان ال ُـمنتَظَر‪،‬‬
‫آت‪ ...‬مثل‬ ‫املوعود‪ ،‬الفادي‪ .‬ها قد مسعتُم من سبـ َقين يقول‪" :‬أَعِّ ّدوا طُرق الرب‪ ...‬هوذا الرب اإلله ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ََ‬
‫احلقيقي!" أانس ِّمن بينكم قد َِّمسعوا هذه األقوال ِّمن السابق‬
‫ّ‬ ‫ر ٍاع سريعى قطيعه رغم كونه َمحَل الفصح‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 145 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وس ِّـمعوا صـواتً يتح ّدث قـائالً َمن أان‬
‫ورأوا السماء تضيء بفعل نور كان قد نـََزَل على هيئة محامة‪َ ،‬‬
‫أرسلَين‪».‬‬
‫وأبمر َمن أتكلّم‪ ،‬أبمـر َمن هـو كائن‪ ،‬وهو الذي َ‬
‫كلماتك مقدَّسة‪ ،‬ولكن‬
‫َ‬ ‫توهم‪.‬‬
‫َيكنك أن تكون كاذابً أو يف حالة ّ‬
‫َ‬ ‫َيكنك أن تقول ذلك‪ ،‬كما‬
‫« َ‬
‫نعرفك‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫الشيطان أيضاً لديه كلمات ُخماد َعة ُملَ َّونة بلون القداسة‪ ،‬ليَ ُجّر إىل اخلطأ‪ .‬حنن‪ ،‬حنن ال َ‬

‫«أان يسوع بن يوسف ِّمن نسل داود املولود يف بيت حلم إفراات حسب الوعد‪ ،‬املدعو انصرّايً‬
‫أل ّن َمس َكين يف الناصرة‪ .‬هذا ابلنسبة للعامل‪ّ .‬أما ابلنسبة هلل فأان مسيحه‪ ،‬وتالميذي يعرفون ذلك‪».‬‬

‫أنت يقولونه‪».‬‬
‫«آه! ُهم يستطيعون قول ما يريدون‪ ،‬مما جتعلهم َ‬
‫حّت أدعو أحد املوجودين‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«سيتكلّم واحد آخر ال ُيبّين وسيقول َمن أكون‪ .‬انتَظر ّ‬
‫ضني‪ .‬إنّه‬ ‫ص ِّدموا وانش ّقوا إىل فريقني م ِّ‬
‫تعار َ‬
‫ينظُر يسوع إىل اجلمع الـم َ ِّ ِّ ِّ‬
‫ندهشني من احلديث‪ ،‬وقد ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫آمرك‪».‬‬
‫ينظر ابحثاً عن واحد بعينيه اللتني كالسفري‪ ،‬مثّ ينادي بصوت عال‪« :‬حاجي تق ّدم‪ ،‬أان َ‬

‫ليمر إنسان يَهيج ُمرتَعِّداً وتسنده امرأة‪.‬‬


‫أفسحوا اجملال ّ‬
‫ضجة كبرية بني اجلُّموع الذين َ‬
‫«هل تعرف هذا الرجل؟»‬
‫«نعم إنه حاجي بن مالخيا‪ .‬وهو ِّمن هنا ِّمن كفرانحوم‪ .‬إ ّن بِّه مساً ِّمن روح شرير ي ِّ‬
‫دخله يف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نوابت جنون خميفة ومفاجئة‪».‬‬

‫«هل يعرفه اجلميع؟»‬

‫يهتف اجلميع‪« :‬نعم‪ ،‬نعم‪».‬‬

‫إيل ولو لدقائق؟»‬


‫«هل إبمكان أحدكم القول إنّه َحتَدَّث َّ‬
‫يهتف اجلميع‪« :‬ال ‪،‬ال‪ ،‬إنه كاألبله ال ََي ُرج من بيتـه أبداً ومل ي َـرَك أحد هناك أبداً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 146 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إيل‪».‬‬
‫«اي امرأة هاتيه ّ‬
‫وجتره‪ ،‬بينما املسكني يرتعـد بشكل أقوى‪ .‬ويـُنَـبِّّه رئيس املعبد يسوع‪« :‬انتبه! سيع ّذبه‬
‫تدفعه املرأة ّ‬
‫اصني حبذاء اجلدران‪ ،‬وقد‬‫ويعض‪ ».‬ويتباعد اجلميع مَت ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشيطان‪ ...‬وحينئذ ََي ُرج عن طوره فيخمش‬
‫أصبَ َح اإلثنان اآلن يف مواجهة بعضهما‪.‬‬

‫ويئن‪ .‬مثّ جيلو الصوت‪:‬‬ ‫ِّ‬


‫يَتدد يف الكالم ّ‬
‫حلظة من املقاومة‪ .‬يبدو أ ّن الرجل املعتاد على الصمت ّ‬
‫أنت سيّد السماء واألرض؟‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أتيت تُـ َع ّذبنا؟ ُهتلكنا و َ‬
‫الناصري؟ ملاذا َ‬
‫ّ‬ ‫وبينك اي يسوع‬
‫َ‬ ‫«ما الذي بيننا‬
‫البشري تَـ َو َّس َع روح الظَّافِّر‬
‫ّ‬ ‫جسدك‬
‫َ‬ ‫منك‪ ،‬ففي‬
‫َعرف َمن تكون‪ :‬ق ّدوس هللا‪ .‬ال أحد يف اجلَّ َسد أعظم َ‬ ‫أ ِّ‬
‫األبدي‪ .‬وها قد غَلَبتَين يف‪»...‬‬
‫ّ‬
‫وخت ُرج منه‪».‬‬
‫رك أن َختَرس َ‬
‫آم َ‬
‫«ُ‬
‫فيضطَ ِّرب الرجل بشكل غريب‪ .‬يضطَ ِّرب بنوابت قويّة‪ ،‬كما لو كان هناك َمن يسيء معاملته‬
‫فينهض بعد ذلك مندهشاً وقد ُش ِّف َي‪.‬‬
‫بشري مثّ ينطَرِّح أرضاً ليعود َ‬
‫وهزه‪ .‬ويصيح بصوت غري ّ‬
‫بدفعه ّ‬
‫مسعت؟ مباذا جتيب اآلن؟»‬
‫يسأل يسوع الذي يعارضه‪« :‬هل َ‬
‫ص ِّّفقون‬
‫سخر منه اجلميع بينما يُ َ‬
‫يرفَع الرجل امللتحي األنيق كتفيه ويذهب مهزوماً دون إجابة‪ .‬ويَ َ‬
‫ليسوع‪.‬‬

‫إيل ابلشاب الذي َو َعدتُه مبعونة ِّمن‬


‫«صمتاً‪ ،‬إنّه مكان مقدَّس‪ ».‬يقول يسوع ذلك ويطلب‪ّ « :‬‬
‫هللا‪».‬‬

‫فيت‪ِّ .‬‬
‫امض بسالم وكن مستقيماً‪».‬‬ ‫آمنت! قد ُش َ‬
‫يتق ّدم املريض‪ .‬يالطفه يسوع‪َ « :‬‬
‫ِّ‬
‫لك‬ ‫صرخ الشـاب‪َ ،‬من يدري ما كان ََيتَرب؟ يرمتي عند قدمي يسوع ويـُ َقبِّّ ُ‬
‫لهما شاكراً‪« :‬شكراً َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ِّمن أجلي ِّ‬
‫ومن أجل والديت!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 147 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يـُ ْقبِّل مرضى آخرون‪ :‬طفل مشلول الرجلني‪ .‬أيخذه يسوع بني ذراعيه‪ ،‬يالطفه مثّ يضعه على‬
‫تضمه إىل قلبها ابكية‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫بارك "ق ّديس‬ ‫األرض‪ ...‬ويَتكه‪ .‬مل يقع الطفل‪ ،‬بل يركض صوب ّأمه اليت ّ‬
‫صل عجوز أعمى قصري القامة تقوده ابنته‪ .‬وهو أيضاً َِّجيد نفسه وقد ُش ِّف َي مبالطفة على‬‫إسرائيل"‪ .‬وي ِّ‬
‫َ‬
‫احملجرين املريضني‪.‬‬

‫ّأما اجلَّمع فقد هام ابملباركات‪.‬‬

‫صل إىل اخَتاق اجلُّموع‬ ‫شق يسوع لنفسه طريقاً وهو يبتسم‪ .‬ورغم ضخامة قامته مل يكن يـَتَـ َو َّ‬‫يَ ّ‬
‫لو مل يكن بطرس ويعقوب وإندراوس ويوحنا‪ ،‬يـُ ْع ِّمل كل واحد منهم ِّمرفَـ َقيه بَِّو َفرة كي يَفتَحون هلم‬
‫ِّ‬
‫حّت خروجه إىل الساحة اليت غابت‬ ‫ِّ‬ ‫َمن َفذاً ِّمن ُّ‬
‫الركن الذي ُهم فيه كي يَصلوا إىل يسوع‪ ،‬مث يُرافقوه ّ‬
‫عنها الشمس‪.‬‬

‫وهكذا تنتهي الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 148 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -23‬شــفاء محاة مسعان بطرس)‬

‫‪1944 / 11 / 03‬‬

‫أرجوك أن أتيت إىل بييت‪ .‬مل أجرؤ على قول ذلك يوم‬
‫َ‬ ‫بطرس يتح ّدث إىل يسوع‪« :‬اي معلّم‪،‬‬
‫يدك أن أتيت‪».‬‬
‫السبت املاضي‪ ،‬ولكن‪ ...‬أر َ‬

‫«إىل بيت صيدا؟»‬

‫«ال‪ ،‬هنا‪ ...‬إىل بيت زوجيت‪ ،‬أقصد بيتها الوالدي‪».‬‬

‫«ملاذا هذه الرغبة اي بطرس؟»‬

‫تتكرم بشفائها‪ ،‬فقد‪»...‬‬


‫أخربوين اليوم أن محايت مريضة‪ .‬لو ّ‬
‫«إيه!‪ ...‬ألسباب كثرية‪ ...‬مثّ لقد َ‬
‫«أ ِّ‬
‫َكمل اي مسعان‪».‬‬

‫أنت‬
‫بت منها‪ ،‬لكان انتهى األمر‪ ...‬نعم‪ ،‬فإ ّن خالصة القول‪َ ،‬‬ ‫كنت أريد القول‪ ...‬لو تَـ َقَّر َ‬
‫« ُ‬
‫تَعلَم أ ّن مساع حديث عن شخص ما َيتلف متاماً عن رؤيته ومساعه ابلذات‪ ،‬وإذا كان هذا اإلنسان‬
‫يف النهاية هو الذي يشفيها‪ ،‬إذاً‪»...‬‬

‫«إذاً تريد القول أب ّن الضَّغائن تتالشى‪».‬‬

‫أنت تَعلَم‪ ...‬لقد ان َق َس َمت البلد إىل آراء متع ّددة‪ ،‬وهي‪ ...‬ال تعرف‬
‫«ال ليست ضغينة‪ ،‬إّّنا َ‬
‫أي منهم متيل‪ .‬تعال اي يسوع‪».‬‬
‫إىل ّ‬
‫بيتك‪».‬‬ ‫«هيّا بنا‪ .‬أان آت‪ .‬أ ِّ‬
‫َخرب الذين ينتظرون أنّين سأحت ّدث الليلة يف َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 149 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت من بيت بطرس يف بيت صيدا‪ ،‬وهو أقرب أيضاً‬ ‫ََيضون إىل بيت م ِّ‬
‫نخفض‪ ،‬أكثر اخنفاضاً ّ‬ ‫ُ َ‬
‫أظن أ ّن األمواج‪ ،‬أثناء العواصف‪ ،‬تنتهي إىل‬
‫الرملي‪ ،‬و ّ‬
‫إىل البحرية اليت يفصله عنها شريط من الشاطئ ّ‬
‫جداره الذي‪ ،‬وإن كان منخفضاً‪ ،‬فهو ابملقابل واسع وكأنّه قد أ ِّ‬
‫ُنش َئ ليَأوي أانساً كثريين‪.‬‬

‫يف احلديقة اليت متت ّد أمام املنزل‪ ،‬من جهة البحرية‪ ،‬ال يوجد سوى َك َرمة َه ِّرَمة كثرية العُ َقد تغطي‬
‫عريشة ريفيّة‪ ،‬وشجرة تني عتيقة قد تدلَّت صوب املنزل بفعل رايح البحرية‪ .‬أوراق الشجر الفوضويّة‬
‫تالمس اجلدران وتضرب أُطُر النوافذ املغلقة لتحتمي من الشمس احملرقة اليت تضرب البيت الصغري‪.‬‬
‫نخ ِّفض والضارب إىل اخلضرة‪.‬‬ ‫فليس هناك سوى شجرة التني وال َك َرمة وبئر عند اجلدار ال ُـم َ‬
‫ادخل اي معلّم‪».‬‬
‫« ُ‬

‫نساء يف املطبخ ُم َنه ِّمكات‪ ،‬البعض يف جتهيز ِّّ‬


‫الشباك والبعض اآلخر يف طهي الطعـام‪ُُ .‬يَيِّّني‬
‫نحنني أمام يسـوع خجوالت‪ُُ .‬يَ ِّّدقن يف وجهه بني احلني واحلني بفضول‪.‬‬
‫بطـرس مثّ يَ َ‬
‫«السالم هلذا البيت‪ .‬كيف حال املريضة؟»‬
‫ثالث نسوة يـ ُقلن ِّألُخرى متسح يديها بطرف ثوهبا‪« :‬تكلّمي‪ ،‬فإنّ ِّ‬
‫ك الكنّة األكرب سنّاً‪».‬‬ ‫َ‬
‫"إهنا عجوز وشفاؤها ُمتَع ّذر‪.‬‬
‫«حرارهتا مرتفعة‪ ،‬مرتفعة ج ّداً‪ .‬لقد جئنا هلا بطبيب‪ ،‬ولكنّه قال‪ّ :‬‬
‫خاصة يف مثل هذه السن‪ ،‬فمصري‬ ‫فهذا املرض حينما يتع ّدى العظام إىل القلب ويسبب ارتفاع احلرارة‪ّ ،‬‬
‫كنت‬
‫حّت اآلن‪ ،‬أترى اي مسعان؟ ُ‬ ‫شهياً‪ّ ،‬‬
‫املرء املوت‪ .‬مل تَـعُد أتكل‪ ...‬أحاول أن أطهو هلا طعاماً ُم ّ‬
‫دالئك‪ ،‬ولكنّين ال أظنّها قادرة‬
‫انتقيت أفضل َمسَك عُ َ‬‫ُ‬ ‫أطهو هذا احلساء الذي كانت حتبّه كثرياً‪ .‬لقد‬
‫متذمرة‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫على أكله‪ .‬ومثّ‪ ...‬هي مضطربة‪ ،‬وهي تنتَحب وتصرخ وتبكي ّ‬
‫َجرُك ّن عند هللا‪ُ .‬خذنَين إليها‪».‬‬
‫كن ّأمها‪ ،‬وأ ُ‬
‫أننت كأنّ ّ‬
‫«اصربن‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 150 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫برؤيتك‪ّ .‬إهنا ترفض رؤية أحد‪ .‬وأان ال أجرؤ‬
‫َ‬ ‫لست أدري ما إذا كانت سَتغب‬
‫«رايب‪ ...‬رايب‪ُ ...‬‬
‫ِّ‬
‫"سآتيك ابلرايب"‪».‬‬ ‫على القول هلا‪:‬‬

‫فأنت‬ ‫ِّ‬
‫تتصرف اي مسعان‪َ ،‬‬
‫لك أن ّ‬
‫يبتسم يسوع دون أن يفقد هدوءه‪ ،‬ويلتَفت إىل بطرس‪َ « :‬‬
‫اذهب‪».‬‬
‫قلت يل‪َ .‬‬‫رجل‪ ،‬واألكرب بني األصهرة‪ ،‬كما َ‬
‫دخل إىل إحدى الغرف‪ ،‬وأَمسَعه من خالل‬
‫يَ َنهض بطرس عابساً ولكنّه جيتاز املطبخ ُمطيعاً ويَ ُ‬
‫الباب املغلق يتح ّدث إىل امرأة‪َُ .‬يرِّج رأسه ويده ويقول‪« :‬تعال اي معلّم‪ ،‬بسرعة‪ ».‬وَيفت أبكثر‬
‫تغري رأيها‪».‬‬
‫هدوءاً وابلكاد مفهوماً‪« :‬قبل أن ّ‬
‫سرعاً ويَفتَح الباب على مصراعيه‪ .‬ويقف عند العتبة ويلقي سالمه العذب‬ ‫جيتاز يسوع املطبخ ُم ِّ‬
‫نخ ِّفض حيث تستلقي امرأة‬
‫رب َمرقَد ُم َ‬
‫ذهب قُ َ‬
‫الرد‪ .‬يَ َ‬
‫دخل رغم عدم ّ‬ ‫ِّ‬
‫واملهيب ‪«:‬السالم لك‪ ».‬مثّ يَ ُ‬
‫املتأجج أمحراً‪.‬‬
‫صغرية الق ّد‪ ،‬رماديّة اللون‪ ،‬هزيلة الهثة بسبب احلرارة املرتفعة اليت َج َعلَت وجهها ّ‬
‫ابجتاه السرير‪ ،‬يبتسم للعجوز «أتتألّمني؟»‬
‫ينحين يسوع ّ‬

‫«إنّين أموت‪».‬‬
‫ِّ‬
‫شفائك؟»‬ ‫«ال ‪ ،‬لن متويت‪ .‬هل تستطيعني اإلَيان أبنّين قادر على‬

‫ك ال تعرفين‪».‬‬
‫«وملاذا تفعلها؟ إنّ َ‬
‫ِّ‬
‫نفسك فرصة لَتى النور وحتبّه‪».‬‬ ‫« ِّمن أجل مسعان الذي رجاين‪ ...‬وكذلك ِّمن ِّ‬
‫أجلك‪ ،‬ألَمنَح‬

‫«مسعان؟ كان األجدر به‪ ...‬كيف تراه فَ َّكَر يب إذن‪ ،‬مسعان؟»‬

‫«هذا ألنّه أفضل ِّممّا تعتقدين‪ .‬أان أعرفه‪ .‬أان أعرفه وسعيد ابالستجابة له‪».‬‬

‫«هل تشفيين إذاً؟ ألن أموت؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 151 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال اي امرأة لن متويت يف هذه اآلونة‪ .‬هل تستطيعني اإلَيان يب؟»‬

‫«أؤمن‪ ،‬أؤمن‪ .‬يكفيين ّأال أموت!»‬

‫يَبتَ ِّسم يسوع أيضاً‪َ .‬يسك بيدها‪ ،‬فتختفي اليد اخلشنة ذات األوردة املنتفخة يف يد يســوع‬
‫صب متّخذاً الوضعيّـة اليت أيخذهـا عند اجَتاح املعجزة‪ ،‬ويهتف‪« :‬تعايف فأان أريد ذلك!‬ ‫الرجوليـة‪ .‬وينتَ ِّ‬
‫ّ‬
‫تتذمر على الرغم ِّمن أ ّهنا قبالً قد أَنَّت ِّمن احلركة حينما‬
‫اهنضي!» ويَتك يد املرأة تنزل‪ ،‬فتعود دون أن ّ‬
‫ك هبا يسوع رغم أنّه فَـ َعل ذلك بلطف‪.‬‬ ‫أمس َ‬
‫َ‬
‫صمت قصرية تصرخ العجوز بعدها بصوت عال‪« :‬آه! اي إله اآلابء! ولكن مل يعد يب‬ ‫فَتة َ‬
‫فيت! أقبِّلن! أقبِّلن!» وتُقبِّل كنّاهتا‪ ،‬فتقول العجوز‪« :‬ولكن انظرن! إنّين أحترك‬
‫شيء! ولكنّين قد ُش ُ‬
‫ضت احلرارة! انظرن كم أان نضرة! ومل يعد قليب يبدو مثل مطرقة احل ّداد‪ .‬آه! لن‬ ‫وال أشعر أبمل وقد اخنََف َ‬
‫للرب‪.‬‬
‫أموت!» ومل تقل كلمة واحدة ّ‬
‫إّال أن يسوع مل يَغتَظ‪ ،‬بل يقول للكنّة األكرب‪« :‬ألبسيها كي تَ َنهض‪ّ .‬إهنا قادرة على ذلك‪».‬‬
‫خرج‪.‬‬
‫ويبتعد ليَ ُ‬
‫يلتَ ِّفت مسعان ُحمرجاً صوب محاته‪« :‬املعلّم قد ِّ‬
‫شفاك‪ ،‬أفال تقولني له شيئاً؟»‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ألشكرك؟»‬
‫َ‬ ‫«ابلطبع! مل أف ّكر بذلك‪ .‬شكراً‪ .‬ما الذي َيكنين فعله‬
‫ِّ‬
‫يزعجك فامسحي يل أن‬ ‫«أن تكوين صاحلة‪ ،‬صاحلة ج ّداً‪ .‬فاألزيل كان طيباً ِّ‬
‫معك‪ .‬وإذا مل يكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ووصلت فجر هذا اليوم‪ .‬إنّين‬ ‫جلت احمليط كلّه خالل هذا األسبوع‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫أسَتيح اليوم يف بيتك‪ .‬لقد ُ‬
‫متعب‪».‬‬

‫لكن أقواهلا مل تكن حتمل ِّمن احلماس‬


‫ائمك‪ ».‬و ّ‬
‫«بكل أتكيد! أ ِّ‬
‫َطل املكوث كذلك لو كان يو َ‬ ‫ّ‬
‫ّإال قليله‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 152 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويذهب يسوع مع بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنّا للجلوس يف احلديقة‪.‬‬

‫«اي معلّم!‪»...‬‬

‫«بطرسي؟»‬

‫«إنين َخ ِّجل‪».‬‬

‫ليست األوىل‪ ،‬ولن تكون األخرية بني الذين‬


‫عليك‪ ».‬مثّ يقول‪َ « :‬‬
‫يُشري يسوع كما ليقول‪« :‬ال َ‬
‫رد اجلميل‪ .‬يكفيين أن أمنح النفوس هنج اخلالص‪ .‬أان أقوم‬
‫ال يشكرونين مباشرة‪ .‬ولكنّين ال أطلب ّ‬
‫بواجيب‪ .‬وعليها القيام بواجبها‪».‬‬

‫«آه! هل كان هناك آخرون مثلها؟ أين؟»‬

‫ب الفضول عدمي اجلدوى‪ .‬يف‬ ‫أين ال أ ُِّح ُّ‬


‫حك‪ .‬رغم ّ‬‫ب أن أ ِّ‬
‫ُفر َ‬ ‫الفضويل! ولكنّين أ ُِّح ُّ‬
‫ّ‬ ‫«اي مسعان‬
‫الناصرة‪ ،‬هل تذكر أ ُّم سارة؟ لقد كانت مريضة ج ّداً عندما وصلنا إىل الناصرة‪ ،‬وقيل لنا إ ّن الصغرية‬
‫يت إىل املرأة‪...‬‬‫ض ُ‬‫مشردة‪ ،‬لذا َم َ‬ ‫تبكي‪ .‬ولكي ال أجعل منها‪ ،‬وهي الطيّبة واللطيفة‪ ،‬يتيمة‪ ،‬ويف الغد ّ‬
‫حّت طردين زوجها وأخوه قائلني يل‪" :‬اذهب‪ ،‬اذهب! ال‬ ‫طئت العتبة ّ‬ ‫بُغيَةَ شفائها‪ ...‬ولكن ما أن َو ُ‬
‫حت يف نظرهم ونظر الكثريين عاصياً‪ ...‬ومع ذلك فقد َش َفيتُها‪...‬‬ ‫نريد مشاكل مع اجملمع"‪ .‬فلقد أصبَ َ‬
‫ك‪ ،‬عودي إىل‬ ‫من أجل أوالدها‪ .‬وقد قلت لسارة اليت كانت يف احلديقة‪ ،‬وأان أالطفها‪" :‬إنّين م ِّربئ أم ِّ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫وعمها‪،‬‬
‫يت املرأة يف اللحظة ذاهتا‪َ ،‬ورَوت هلا الطفلة وكذلك ألبيها ّ‬ ‫البيت وال تعودي تبكني"‪ .‬وقد َش َف ُ‬
‫كنت أغادر‬ ‫ِّ‬
‫مت بذلك من الطفلة اليت حل َقت يب بينما ُ‬ ‫ما َح َدث‪ ...‬فعوقبَت لتح ّدثـها معي‪َ .‬عل ُ‬
‫البلدة‪ ...‬إّّنا ال يهم‪».‬‬

‫املعين ألعدهتا إىل مرضها‪».‬‬


‫كنت أان ّ‬
‫«لو ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 153 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املرة األوىل‬ ‫يف‬ ‫مين‬ ‫ه‬‫َ‬‫عت‬ ‫لك ولآلخرين؟ ما الذي َِّ‬
‫مس‬ ‫يبدو يسوع صارماً‪« :‬بطرس! أهذا ما َعلَّمتُه َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َّثت كشرط أوّل لتكونوا تالميذي احلقيقيّني؟»‬ ‫أي شـيء حتد ُ‬
‫إيل؟ عن ّ‬‫عت فيهـا َّ‬
‫اليت اسـتَ َم َ‬
‫حتمل أن أحداً ال‬
‫حمق اي معلّمي‪ .‬أان أمحق حقيقي‪ .‬ساحمين‪ .‬ولكنّين‪ ...‬ال َيكنين ّ‬
‫«أنت ّ‬
‫ك!»‬
‫ُيبّ َ‬
‫«آه! اي بطرس سَتى أنواعاً أخرى كثرية ِّمن الالمباالة! ستفاجأ كثرياً اي بطرس! هناك أشخاص‬
‫رهم َمن يُعتََربون "قِّ ِّّديسني"‪ ،‬إّنا‪ ،‬وعلى العكس‪ ،‬فأولئك العشارين سوف يكونون‬ ‫ِّ‬
‫‪-‬كالعشارين‪َُ -‬يتَق ُ‬
‫مثاالً ُُيتَ َذى به للعامل‪ ،‬مثاالً ال يتّبعه الذين َُيتَ ِّقروهنم‪ .‬فهناك وثنيّون سيكونون بني أعظم املؤمنني‪،‬‬
‫وبغااي سيصبِّحن طاهرات بقوة اإلرادة والتوبة‪ِّ ،‬‬
‫وخاطئون يَستَقيمون‪»...‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وعشار!‪»...‬‬
‫بغي ّ‬
‫«امسَع‪ :‬أن يهتدي خاطئ‪َ ...‬يكن تصديقه‪ .‬إّّنا ّ‬
‫تظن ذلك؟»‬
‫«أال ّ‬
‫«أان‪ ،‬ال‪».‬‬

‫محاتك ُمقبِّلة إلينا‪».‬‬


‫َ‬ ‫أنت خمطئ اي مسعان‪ .‬ولكن ها هي‬
‫« َ‬
‫«اي معلّم‪ ...‬أرجوك أن تَقبَل دعويت إىل الطعام‪».‬‬

‫لك اي امرأة‪ .‬جز ِّاك هللا خرياً‪».‬‬


‫«شكراً ِّ‬

‫خدم الرجال ُم َوِّّزعة عليهم حساء‬ ‫دخلون إىل املطبخ وجيلسون إىل الطاولة‪ّ .‬أما العجوز فتَ ُ‬
‫يَ ُ‬
‫لدي شيء آخر‪ ».‬ولكي ال تُـغَِّّري عادهتا تقول‬ ‫املقلي بسخاء‪ .‬وتعتذر‪« :‬ليس ّ‬ ‫السمك والسمك ّ‬
‫رحلت إىل بيت صيدا! فلو‬ ‫َ‬ ‫وهم على هذه احلال مذ‬ ‫لبطرس‪« :‬عدالؤك أيتون ابلكثري منه وحدهم‪ُ ،‬‬
‫ك يف الغالب غائب وال‬ ‫ألدى إىل غِّ َىن ابنيت‪ّ ...‬إال أنّين على يقني أبنّ َ‬
‫األقل ّ‬
‫منك على ّ‬
‫كان ذلك َ‬
‫تصيد‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 154 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت معه يف أورشليم وأبقى معه يوم السبت‪ .‬فأان ال أهدر الوقت يف‬
‫«إنّين أتبَع املعلّم‪ .‬لقد ُ‬
‫التهتّك‪».‬‬

‫النيب‪ ،‬فخرياً تفعل لو تَقطُن هنا‬


‫ك مع هذا ال تكسب شيئاً‪ .‬وطاملا تريد أن تكون خادم ّ‬ ‫«لكنّ َ‬
‫أنت ال َق َداسة‪».‬‬
‫األقل هذه املسكينة ابنيت جتد أهالً يقيتوهنا عندما متارس َ‬
‫من جديد‪ .‬على ّ‬
‫حديثك هذا أمامه وهو الذي ِّ‬
‫شفاك؟»‬ ‫ِّ‬ ‫«أال ختجلني ِّمن‬

‫ك لن تصبح أبداً نبيّاً‬


‫أنت الكسول‪ ،‬ذلك أنّ َ‬
‫أنتقدك َ‬
‫َ‬ ‫«أان ال أنتقده هو‪ .‬فهو ّ‬
‫يؤدي عمله‪ .‬بل‬
‫فأنت جاهل وصيّاد مسك‪ ،‬وال تنفع لشيء‪».‬‬
‫وال كاهناً‪َ .‬‬
‫« ِّمن حسن احل ّ‬
‫ظ أ ّن هو هنا‪ ،‬وإال‪»...‬‬

‫ك‬ ‫ِّ‬
‫َيكنك اخلروج إىل الصيد من هنا‪ .‬ويبدو يل أنّ َ‬
‫َ‬ ‫لك نصيحة رائعة‪.‬‬
‫محاتك تُـ َق ّدم َ‬
‫َ‬ ‫«مسعان‪ ،‬إ ّن‬
‫فيمكنك العودة اآلن أيضاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫حّت يف كفرانحوم‪.‬‬ ‫كنت يف السابق تصيد ّ‬‫َ‬
‫أنت ال‪»...‬‬
‫الس َكن هنا من جديد؟ ولكن اي معلّم َ‬
‫«و َّ‬

‫وإما معي‪ .‬ابلنتيجة ما الضري فيما لو‬


‫«حسناً اي بطرسي‪ .‬لو تُقيم هنا فستكون ّإما يف البحرية ّ‬
‫نت يف هذا البيت؟» ويضع يسوع يده على كتف بطرس‪ .‬ويبدو أ ّن سكون يسوع يَنتَ ِّقل إىل‬ ‫َس َك َ‬
‫التلميذ ال ُـمحتَ ِّدم‪.‬‬

‫ك دائماً ُِّحم ّق‪ .‬سأفعلها‪ .‬ولكن‪ ...‬هؤالء؟» ويشري إىل شري َكيه يعقوب‬
‫حق‪ .‬إنّ َ‬
‫أنت على ّ‬
‫« َ‬
‫ويوحنّا‪.‬‬

‫«أفال يستطيعان اجمليء كذلك؟»‬

‫معك‪ ،‬بل أكثر سعادة‬ ‫ِّ‬


‫خاص‪ ،‬سيكوانن سعيدين للغاية إذا َعلما أنّنا َ‬
‫«آه! أبوان وأ ُّمنا بشكل ّ‬
‫ِّمما لو ُكنّا معهما‪ .‬لن يُ ِّ‬
‫عارضا‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 155 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يقول بطرس‪« :‬قد أييت زبدى كذلك‪».‬‬

‫بكل أتكيد‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«إنّه أكثر من ُحمتَ َمل‪ ،‬بل وآخرون معه‪ .‬سنأيت اي معلّم‪ ،‬سنأيت ّ‬
‫صري هنا؟»‬
‫وأييت طفل إىل الباب يسأل‪« :‬هل يسوع النا ّ‬
‫ادخل‪».‬‬
‫«إنّه هنا‪ُ ،‬‬
‫أتعرف عليه‪ ،‬إنّه أحد الذين رأيتهم يف الرؤى األوىل يف كفرانحوم‪ .‬إنّه ابلضبط‬ ‫يتق ّدم الطفل‪ ،‬و ّ‬
‫ذاك الذي‪ ،‬عندما كان مرمتياً عند قدمي يسوع‪َ ،‬و َع َد أبن يكون صاحلاً ليأكل ِّمن َع َسل اجلنّة‪.‬‬

‫يقول يسوع‪« :‬تق ّدم اي صديقي الصغري‪».‬‬

‫والطفل املتهيِّّب قليالً من الناس ال ُكثُر الذين يَنظُرون إليه‪ ،‬يُ َس ِّّكن روعه ويَرُكض صوب يسوع‪.‬‬
‫ناوله ِّمن مسكته لقمة يف قطعة خبز‪.‬‬ ‫وجيلِّسه على ركبتيه ويُ ِّ‬
‫يُعانِّقه املعلّم ُ‬

‫لك‪ .‬اليوم أيضاً قال يل ذاك الشخص‪" :‬إنّه يوم السبت‪ .‬خذ هذا حلاخام‬
‫«هاك اي يسوع‪ ،‬هذا َ‬
‫الصيب سعيداً‬
‫ّ‬ ‫ك صديقي!‪ »...‬يضحك‬ ‫لصديقك أن يصلّي ِّمن أجلي"‪ .‬إنّه يعرف أنّ َ‬
‫َ‬ ‫الناصرة وقل‬
‫وأيخذ لقمة السمك ابخلبز‪.‬‬

‫ـنت اي يعقوب الصغري! ستقول لذاك الشخص إنّين سأرفع صاليت إىل اآلب من أجله‪».‬‬
‫«أحس َ‬
‫فيسأل بطرس‪« :‬هل هذا للفقراء؟»‬

‫«نعم‪».‬‬

‫«هل هي دائماً التقدمة االعتياديّة؟ لنَنظُر‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 156 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الصرة‪ .‬يفرغها بطرس ويَع ّد‪« .‬دائماً املبلغ الضخم ذاته! ولكن َمن هو ذاك‬
‫يعطيه يسوع ّ‬
‫الشخص؟ قُل اي صغري َمن هو؟»‬

‫«ينبغي ّأال أقوله‪ ،‬ولن أقوله‪».‬‬

‫وسأعطيك الفواكه‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك من صارم! هيا كن طيّباً‬
‫«اي َ‬
‫«لئن َشتَمتَين أو الطَفتَين فلن أقول‪».‬‬

‫أي لِّسان!»‬
‫«ولكن انظروا ّ‬
‫حق اي بطرس‪ .‬إنّه يفي بوعده‪ .‬دعه وشأنه‪».‬‬
‫«يعقوب على ّ‬
‫أنت اي معلّم؟»‬
‫«هل تعرف الشخص َ‬
‫املقلي بعد نزع احلَ َسك؛‬ ‫السمك‬ ‫ن‬ ‫ال جييب يسوع بل يهتَم ابلطفل الذي يعطيه لقمة أخرى ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫بكل شيء اي سـمعان‪».‬‬
‫فيضطر يسوع إلجابته‪« :‬أان أعلم ّ‬
‫ّ‬ ‫صر‪،‬‬
‫ولكن بطرس يُ ّ‬
‫«وحنن‪ ،‬أفال َيكننا أن نَ ِّ‬
‫عرف؟»‬

‫ك؟» ينتقده يسوع وهو يبتسم‪ .‬مثّ يُضيف‪« :‬سوف تعرفه قريباً‪ .‬فإ ّن‬ ‫«ألن تُشفى أبداً ِّمن ِّعلَّتِّ َ‬
‫ستحق األجر‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ظل متخ ّفياً‪ ،‬ال ينجح دائماً يف ذلك‪ .‬بينما اخلري الذي يبقى ُمستََتاً ليَ ّ‬ ‫الشر إذ يبغي أن يَ ّ‬
‫ّ‬
‫احلب‪ .‬وذاك قد أ َ‬
‫َدرَكهــا‪.‬‬ ‫فيأيت يوم يُكتَ َشف فيه جملد هللا الذي تتألّق طبيعته يف أحد أبنائه‪ .‬طبيعة هللا‪ّ :‬‬
‫ُيب قريبه‪ .‬اذهب اي يعقوب حامالً بركيت لذاك اإلنسان‪».‬‬ ‫ألنـّـه ّ‬
‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫يقول يسوع بعدئذ‪ ،‬يل ِّ‬
‫ومن أجلي‪:‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 157 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت ولو‬ ‫ِّ ِّ‬
‫التحيّة اليت حتبّينها كثرياً‪ ،‬حتيّيت‪" :‬السالم لك"‪ ،‬ينبغي أن تكون حتيّتك أنت للجميع‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫يت أان وكما َعلَّ ُ‬
‫مت التحيّة‪ .‬السالم‪ ،‬أ ََولَيس السالم هو هللا ذاته؟ السالم‪،‬‬ ‫كان ُم َـمثّلي‪َ ،‬حيّي كما َحيَّ ُ‬
‫نتعرف فيه على أروع األشياء‪ ،‬أفال نُ َسبِّّح هللا عندما نشيد ابلسالم؟ فقويل إذاً‪" :‬السالم لك"‪.‬‬‫الذي ّ‬
‫لك إىل بيت فقويل‪:‬‬ ‫صادف أحياانً وجوب دخو ِّ‬ ‫ليس لكم‪ ،‬بل لك‪ ،‬كما كنت أقوهلا أان‪ .‬وعندما ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أقدس ويُ َذ ّكِّر يب ابطّراد مثل هذا السالم‪.‬‬
‫"السالم هلذا البيت"‪ .‬فما ِّمن سالم أمشَل وأَلطَف و َ‬
‫الوداع‪ .‬السالم ِّ‬
‫لك‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 158 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫وجي ََِّتح املعجزات يف بيت بطرس)‬


‫‪( -24‬يسوع يَ ْك ِّرز َ‬
‫‪1944 / 11 / 04‬‬

‫السالل واحلِّبال يف مدخل حديقة منزل محاة بطرس‪ .‬والناس جمتمعون يف‬ ‫ِّ ِّ‬
‫يَعتَلي يسوع كومة من ّ‬
‫احلديقة‪ ،‬وبعضهم على شاطئ البحرية‪ ،‬منهم من جيلس على الرمل‪ ،‬ومنهم على َمراكِّب ُس ِّحبَت إىل‬
‫اجلاف‪ .‬يبدو أنّه يتح ّدث منذ م ّدة أل ّن احلديث جا ٍر‪.‬‬
‫املكان ّ‬
‫فالرب‬
‫لكن هذا غري وارد‪ّ .‬‬
‫أَمسَع‪ ...« :‬ابلتأكيد لقد قلتُم ذلك ألنفسكم مراراً يف قرارة قلوبكم‪ .‬و ّ‬
‫املرات‪.‬‬ ‫مل يـ َق ِّ ِّ‬
‫صر جبُوده جتاه شعبه على الرغم من تقصري هذا األخري أبمانته آالف بل عشرات آالف ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫ِّ‬
‫أنصتوا إىل هذه الكلمة‪ :‬فهي تساعدكم على اإلدراك‪.‬‬

‫خاصاً‪ .‬فلقد‬
‫كان مللك يف اصطبالته أعداد من اخليل الرائعة‪ّ .‬إال أنه كان يويل واحداً منها حبّاً ّ‬
‫ض َعه يف مكان رائع‪ ،‬وكان يذهب لرؤيته‪،‬‬ ‫صل عليه‪َ ،‬و َ‬ ‫حّت قبل امتالكه؛ مثّ بعد أن َح َ‬
‫كان يشتهيه ّ‬
‫املفضل لديه‪ ،‬حالِّماً أن يصنع منه رائعة مملكته‪ .‬وعندما متَّرَد احلصان‬
‫متأمالً ّ‬‫فريّكز عليه نظره وقلبه‪ّ ،‬‬
‫على أوامره وعصاها هبروبه إىل سيّد آخر‪ ،‬ورغم أمل امللك وعدله‪ ،‬فقد َو َع َد ِّّ‬
‫املتمرد ابلعفو بعد التأديب‪.‬‬
‫احلراس الذين يعيدون‬ ‫ِّ‬
‫املفضل لديه ُمرسالً لـه اهلدااي و ّ‬
‫ووفاء لوعده فقد كان يسهر من بعيد على هذا ّ‬
‫احلب والرغبة‬
‫لكن احلصان‪ ،‬ورغم أمله من منفاه خارج اململكة‪ ،‬مل يكن مثل امللك يف ّ‬ ‫ذكراه إىل قلبه‪ .‬و ّ‬
‫الشر‪ ،‬إّّنا العكس‬
‫لكن اخلري مل يكن ليتغلّب فيه على ّ‬ ‫وشرير حيناً‪ ،‬و ّ‬
‫التام‪ .‬فهو صاحل حيناً ّ‬ ‫يف العفو ّ‬
‫اترة وابملالطفة أخرى‪ ،‬أن جيعل من‬ ‫اول‪ ،‬ابلتقريع ّ‬‫وُي ِّ‬
‫يصرب ُ‬
‫هو األحرى‪ .‬ومع ذلك فقد كان امللك ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫حصانه الصديق الطيِّّع و َ‬
‫األح ّ‬
‫َير‪ ،‬كلّما كان احليوان يصبح أكثر ُمجوحاً‪ .‬لقد كان ينادي ملكه ويبكي‬‫وكلّما كان الوقت ّ‬
‫حتت وقع سياط أسياده اآلخرين ولكنّه مل يكن ابحلقيقة يرغب أن يكون يف حيازة امللك‪ .‬مل تكن له‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 159 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اإلرادة يف ذلك‪ .‬ومل يكن‪ ،‬حتت وطأة اإلهناك واإلرهاق واألنني‪ ،‬ليقول‪" :‬بسبب خطيئيت أان هكذا"‪.‬‬
‫كل الوسائل‪َ ،‬ع َم َد إىل حماولته األخرية‬
‫ولكنّه كان يلقي ابلالئمة على ملكه‪ .‬وبعد أن َجَّرب امللك ّ‬
‫اخلاص‪ ،‬وهو َيلك قلباً‬
‫ّ‬ ‫أرسلت له مراسيل وأصدقاء‪ّ .‬أما اآلن فسأرسل له ابين‬ ‫ُ‬ ‫"حّت الساعة‬
‫قائالً‪ّ :‬‬
‫الطف مثلي متاماً‬‫مثل قليب‪ ،‬ويتح ّدث مبحبيت ذاهتا‪ ،‬ويـ َق ِّّدم هدااي تشبه متاماً تلك اليت أق ّدمها أان‪ ،‬وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أرس َل ابنه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ب أكثر"‪ .‬و َ‬
‫بل إّّنا بشكل أكثر عذوبة أل ّن ابين هو أان ولكنّه مفعم حبُ ّ‬
‫أحب حيوانه املفضَّل؟»‬
‫هذا هو ال َـمثَل‪ .‬واآلن لكم أن تقولوا‪ :‬هل يبدو لكم أ ّن هذا امللك قد َّ‬
‫َحبَّه بشكل ال متناهٍ‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫يُعلن اجلميع ابإلمجاع‪« :‬لقد أ َ‬
‫«هل كان إبمكان هذا احليوان أن يتش ّكى ِّمن َملِّكه خبصوص األذى الذي عاىن منه بعد تركه‬
‫ّإايه؟»‬

‫فيجيب اجلميع‪« :‬ال‪ ،‬مل يكن ليستطيع ذلك‪».‬‬

‫تتصورون هذا احلصان قد استَقبَ َل ابن ملكه الذي كان قد‬


‫«أجيبوا على هذا السؤال‪ :‬كيف ّ‬
‫جاء ليفتديه ويشفيه ويقوده من جديد إىل مكان رائع؟»‬

‫بكل سرور‪ ،‬وكذلك بعرفان ابجلميل وبعاطفة شكر‪».‬‬


‫«طبعاً ّ‬
‫املميزات‪ ،‬إّّنا‬ ‫هذه‬ ‫لك‬ ‫ن‬ ‫وألؤِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫جئت هلذا الغرض َ ّ‬
‫«ولكن لو أن ابن امللك قال للحصان‪" :‬لقد ُ‬
‫عليك اآلن أن تكون صاحلاً‪ ،‬مطيعاً‪ ،‬مليئاً ابإلرادة الطيّبة‪ ،‬ووفيّاً يل"‪ .‬فماذا تعتقدون يكون جواب‬
‫َ‬
‫احلصان؟»‬

‫داع للسؤال! كان سيُجيب أنّه اآلن وقد َعرف كم يكلّف االبتعاد عن امللكوت‪ ،‬فإنّه‬
‫«آه! ال ٍ‬
‫يريد أن يكون متاماً كما يقول له ابن امللك‪».‬‬

‫«إذاً‪ ،‬حسب رأيكم‪ ،‬ماذا كان واجب هذا احلصان؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 160 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ب منه‪ ،‬أكثر عاطفة‪ ،‬أكثر خضوعاً‪ ،‬لكي ُيظى بغفران خطاايه‬ ‫«أن يكون أفضل ممّا طُلِّ‬
‫َ‬
‫املاضية وعرفاانً جلميل اخلري الذي فَـ َعلَه ألجله‪».‬‬

‫يتصرف هكذا؟»‬
‫«وإذا مل ّ‬
‫ِّ‬
‫متوحش‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«يكون مستح ّقاً املوت ألنّه أسوأ من حيوان ّ‬
‫تصرف ذاك احلصان‪».‬‬
‫فتصرفوا إذاً أنتم كما أردمت أن يكون ّ‬
‫«ابلصواب حكمتم اي أصدقائي‪ّ .‬‬
‫َرس َل لكم‬
‫أنتم أيّها الناس‪ ،‬اخلالئق ال ُـم َفضَّلة لدى ملك السماوات‪ ،‬هللا أيب وأبيكم؛ أنتم اي َمن أ َ‬
‫وألين أحبّكم كما يستطيع هللا‬ ‫ِّ‬
‫بعد األنبياء ابنه اخلاص‪ ،‬كونوا‪ ،‬آه! كونوا ‪-‬أرجوكم من أجل خريكم ّ‬
‫األقل كما َحت ُكمون أنّه ينبغي على ذاك‬ ‫على‬ ‫ا‬‫و‬‫كون‬ ‫‪-‬‬ ‫الفداء‬ ‫معجزة‬ ‫ق‬ ‫يف ليح ِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُيب‪ ،‬هللا الذي َّ ُ َ‬
‫فقط أن ّ‬
‫ينح ِّدر إىل مستوى أدىن ِّمن مستوى احليوان! إّّنا لو‬ ‫احليوان أن يكون‪ .‬والويل ملن‪ ،‬رغم كونه إنساانً‪َ ،‬‬
‫حّت اآلن‪ ،‬فاآلن مل يعد هلم عذر‪ .‬سابقاً‪ ،‬نعم‪ ،‬فلقد‬ ‫ِّ‬
‫كان من املمكن وجود أعذار ملن ارتَ َكبوا اخلطااي ّ‬
‫أتيت‬ ‫ِّ‬
‫ساه َم العامل فيها بَتاكم الغبار على الشرائع‪ ،‬منذ الزمن الذي أُعطيَت فيه‪ .‬لقد ُ‬ ‫َمَّرت أزمنة كثرية‪َ ،‬‬
‫ألطرح ِّمن جديد كلمة هللا‪ .‬وابن اإلنسان هو بني الناس ليعيدهم إىل هللا‪ .‬اتبعوين‪ .‬فأان الطريق واحلق‬
‫واحلياة‪».‬‬

‫اعتيادي بني اجلمهور‪.‬‬


‫ّ‬ ‫لغط‬

‫إيل ابلفقراء أوالً‪ .‬فلهم العطيّة الثمينة‪ ،‬عطيّة إنسان يوصي هبا هلم لينال‬
‫أيمر يسوع التالميذ‪َّ « :‬‬
‫غفران هللا‪».‬‬

‫َحدب‪ ،‬ومثّ أرملة ومعها سبعة أوالد هزيلني‪.‬‬


‫أعميَان وأ َ‬
‫يتقدَّم ثالثة عجائز بثياب ابلية‪َ ،‬‬
‫وجه ليوحنّا‬
‫حّت إنّه ي ّ‬
‫وخاصة لأليتام‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ُُيَ ِّّدق فيهم يسوع‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ ،‬ويبتسم لألرملة‬
‫هذا األمر‪ُ « :‬خذ هؤالء إىل احلديقة‪ ،‬أريد التح ّدث إليهم‪ّ ».‬إال أن مظهره بعد ذلك يصبح صارماً‬
‫قدح عيناه شرراً عندما يتق ّدم إليه عجوز صغري الق ّد‪ .‬حينذاك ال يقول شيئاً‪.‬‬
‫وتَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 161 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ينادي بطرس وأيخذ منه كيس نقود َوَرَد إليهم منذ قليل‪ ،‬وآخر مليء ابلقطع النقدية الصغرية‪،‬‬
‫الكل على مقعد صغري قريب من بئر‪ ،‬يَع ّدها ويقسمها إىل ستّة‬ ‫ِّ‬ ‫تربعات مقد ِّ‬
‫َّمة من أُانس طيّبني‪ .‬يُفرغ ّ‬ ‫َ‬
‫الفضة‪ ،‬ومخسة أكوام أصغر‪ ،‬أغلب قِّطَعها من الربونز مع عدد‬ ‫ِّ‬
‫أجزاء‪ ،‬جزء كبري ج ّداً قطَعُهُ كلّها ِّمن ّ‬
‫ضئيل فقط من القطع الكبرية‪ .‬ينادي بعدئذ املرضى ويسأهلم‪« :‬أليس لديكم ما تقولونه يل؟»‬

‫أتيت ِّمن لدنه‪ ».‬ليس أكثر‪.‬‬


‫ليحفظك الذي َ‬
‫َ‬ ‫صمت األعميان؛ ويقول األحدب‪« :‬‬
‫يَ ُ‬
‫يضع يسوع له اهلبة يف اليد الصحيحة‪.‬‬

‫كنت أر َغب يف ما هو أكثر من ذلك‪ ،‬يف أن‬


‫ليكافئك هللا عن هذا‪ .‬إّّنا ُ‬
‫َ‬ ‫يقول الرجل‪« :‬‬
‫تشفيين‪».‬‬

‫«ِّمل تطلب ذلك‪».‬‬


‫ٍ‬
‫مبستعط‪».‬‬ ‫التأمل يف أن تَرأَف‬
‫لست سوى دودة أرض يدوسها الكبار؛ ومل أكن ألجرؤ على ّ‬
‫«أان ُ‬
‫احلب‬
‫لست أطلُب سوى ّ‬
‫كل بؤس يناديين‪ .‬ال أرفض طلب إنسان‪ُ .‬‬
‫«أان الرأفة اليت تنحين على ّ‬
‫أمسعك‪».‬‬
‫َ‬ ‫واإلَيان ألُجيب‪ :‬أان‬

‫بدك!»‬ ‫ك! فخلّصين إذاً! ِّ‬


‫اشف ع َ‬ ‫«آه! اي سيدي! أعتقد أنّين أحبّ َ‬

‫يضع يسوع يده على الظَّهر املنحين‪ ،‬و ّ‬


‫َيررها كما ليداعبه ويقول‪« :‬أريد أن تشفى‪».‬‬

‫صب الرجل رشيقاً معاَف ويُطلِّق تربيكات ال هناية هلا‪.‬‬


‫وينتَ ِّ‬

‫لألعميَني وينتظر حلظة ليصرفهما‪ ...‬مثّ يَتكهما َيضيان‪ .‬ينادي العجائز‪.‬‬


‫يُعطي يسوع اهلبة َ‬
‫يهتم برأفة مبتاعب الثاين الذي ُُيَ ِّّدثه عن‬
‫األول ويساعده يف وضع الدراهم يف حزامه‪ّ .‬‬
‫يتص ّدق على ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 162 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سيحل يب؟ آه! لو أتيت! ّإهنا ال‬
‫ّ‬ ‫مرض فتاة‪« :‬ليس يل سواها! وهي اآلن مشرفة على املوت‪ ،‬ماذا‬
‫تستطيع الوقوف‪ .‬هي تريد ذلك ولكنّها ال تستطيع‪ .‬أيّها املعلّم‪ ،‬أيّها الرب يسوع‪ ،‬ارأف بنا!»‬

‫«أين تقطن اي والدي؟»‬

‫املسمى ابلراشد‪ .‬هل ستأيت ح ّقاً؟ ألن تنسى بؤسي؟‬


‫«يف كورازين‪ .‬اسأل عن اسحق بن يوان ّ‬
‫وهل سوف تشفي يل ابنيت؟»‬

‫«هل تؤمن أبنّين أستطيع أان شفاءها؟»‬

‫مك‪».‬‬
‫«آه! ابلتأكيد أان أؤمن بذلك! من أجل هذا أان أكلّ َ‬
‫استقبالك عند عتبة الباب‪».‬‬
‫َ‬ ‫ابنتك يف‬
‫بيتك اي والدي‪ .‬ستكون َ‬
‫«عُد إىل َ‬
‫فهمت‪ .‬آه! شكراً أيّها املعلّم‬
‫ُ‬ ‫«ولكنّها يف السرير وال تستطيع النهوض منذ حوايل الثالثة‪ ...‬آه!‬
‫أرسلك! اجملد هلل وملسيحه!»‬
‫َ‬ ‫ومن‬
‫أنت َ‬
‫الصاحل! مبارك َ‬
‫يهم ابخلروج من احلديقة يقول‪« :‬أيّها‬ ‫ويبتعد العجوز وهو يبكي‪ ،‬ويسري بسرعة‪ .‬ولكنّه حني ّ‬
‫قدميك‪ ،‬ليغسلهما بدموعه‬
‫َ‬ ‫ينتظرك ليُـ َقبِّّل‬
‫َ‬ ‫املعلّم‪ ،‬هل ستأيت مع ذلك إىل بييت املتواضع؟ إ ّن إسحق‬
‫عنك ألبناء بلديت‪».‬‬
‫احلب‪ .‬تعال اي يسوع‪ .‬سأحت ّدث َ‬ ‫لك خبز ّ‬ ‫ويق ّدم َ‬
‫اذهب بسالم وكن سعيداً‪».‬‬
‫«سوف آيت‪َ .‬‬
‫بعد ذلك يتق ّدم العجوز الثالث الصغري الق ّد‪ .‬يبدو أ ّن ثيابه رثة أكثر من الباقني‪ .‬إّّنا مل يبق‬
‫الفضة‪ .‬ينادي بصوت مرتفع‪« :‬تعايل أيّتها املرأة مع‬ ‫لدى يسوع سوى الكومة األخرية الكبرية من ّ‬
‫ِّ‬
‫أطفالك‪».‬‬

‫ضر املرأة الشابة واهلزيلة‪ ،‬ورأسها منحن‪ .‬إهنا تبدو مثل دجاجة أ ُّم مسكينة وسط فراخها‬
‫َحت ُ‬
‫املساكني‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 163 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«منذ مّت و ِّ‬
‫أنت أرملة أيّتها املرأة؟»‬

‫أمتمت السنوات الثالث‪».‬‬


‫«منذ ظهور قمر تشرين ُ‬
‫«كم ِّ‬
‫عمرك؟»‬

‫«سبعة وعشرون عاماً‪».‬‬


‫ِّ‬
‫أطفالك؟»‬ ‫«هؤالء مجيعهم‬

‫لدي‪ ،‬وكيف أستطيع العمل إذا مل‬


‫كل ما ّ‬
‫صرفت ّ‬
‫ُ‬ ‫«نعم اي معلّم‪ ،‬و‪ ...‬مل أعد أملك شيئاً‪ .‬لقد‬
‫كل هؤالء الصغار؟»‬
‫يكن أحد يرضى يب مع ّ‬
‫«هللا ال يتخلّى حّت عـن الدودة اليت خلَ َقها‪ .‬ولن يتخلّى ِّ‬
‫عنك أيّتها املرأة‪ .‬أين تسكنني؟»‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫«على ض ّفة البحرية على بُعد ثالثة أطوار من بيت صيدا‪ .‬هو الذي قال يل أبن آيت‪ ...‬زوجي‬
‫تويف يف البحرية؛ كان صياداً للسمك‪" »...‬هو" كان أندراوس الذي اعَتاه االمحرار وأراد أن َيتفي‪.‬‬
‫ّ‬
‫لك للمرأة أن أتيت وتقابلين‪».‬‬
‫فعلت‪ ،‬اي أندراوس‪ ،‬بقو َ‬
‫«حسناً َ‬
‫مهم‪« :‬لقد كان الرجل صديقي‪ .‬وكان صاحلاً‪ .‬لقد مات‬‫يستعيد أندراوس ثقته بنفسه ويـُ َه ِّ‬
‫الرجل يف البحرية أثناء العاصفة‪ ،‬وكذلك فُِّق َد املركب‪».‬‬
‫سيساعدك لفَتة ال أبس هبا‪ ،‬وبعد ذلك ستشرق مشس أخرى على ِّ‬
‫هنارك‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫«خذي اي امرأة‪ .‬هذا‬
‫كك ِّ‬
‫أنت واألوالد‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫يتجاوزك‪ .‬أابر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أوالدك على حفظ الشريعة وعون هللا لن‬ ‫كوين صاحلة‪ِّ ،‬‬
‫أنشئي‬
‫ويالطفهم الواحد تلو اآلخر برأفة عظيمة‪.‬‬

‫ومتضي املرأة وهي تش ّد الكنز إىل صدرها‪.‬‬

‫ويسأل العجوز األخري الباقي‪« :‬ويل؟»‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 164 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ينظر إليه يسوع ويصمت‪.‬‬

‫ست مرات أكثر من الباقني ومل تعطين شيئاً‪ .‬ولكن‬


‫لست عادالً! أعطيتَها ّ‬
‫«ال شيء يل؟ فأنت َ‬
‫طبعاً‪ ...‬فلقد كانت امرأة!»‬

‫ينظر إليه يسوع ويصمت‪.‬‬

‫«انظروا مجيعكم إذا كان هذا عدالً! إنّين قادم من بعيد ألنّه قيل يل أب ّن دراهم تُـ َوَّزع هنا‪ .‬مثّ‬
‫هاكم‪ ،‬أرى أنّه يوجد َمن يُعطى كثرياً وال شيء يل أان‪ ...‬عجوز مسكني مريض! ويريد أن نؤمن‬
‫به!‪»...‬‬

‫أنت تكذب وحتاول سرقة‬


‫منك ج ّداً‪ ،‬و َ‬
‫كذبك هذا؟ املوت قريب َ‬ ‫«أيّها العجوز‪ ،‬أال ختجل ِّمن َ‬
‫ألوزعها على الصغار بعدل؟»‬ ‫اجلياع‪ .‬ملاذا تريد أن تسرق ِّمن إخوة َ‬
‫لك اهلبة اليت أخذ ُهتا ّ‬
‫«ولكن أان‪»...‬‬

‫يستحق‪،‬‬ ‫أعرف َمن الذي‬ ‫جيعلك صميت وطريقة تصريف تُ ِّ‬


‫درك أنّين ِّ‬ ‫اصمت! كان ينبغي أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫« ُ‬
‫يك؟»‬
‫وكان من املفروض أن تبقى مثلي صامتاً‪ .‬ملاذا تريدين أن أجعل اخلجل يعَت َ‬
‫«أان فقري‪».‬‬

‫الفضة و ِّّ‬
‫الراب‪».‬‬ ‫أنت حتيا من أجل ّ‬
‫أنت خبيل وسارق‪َ .‬‬
‫«ال‪ ،‬بل َ‬
‫علي‪».‬‬ ‫«مل أمارس ِّّ‬
‫الراب أبداً‪ ،‬يشهد هللا َّ‬
‫ِّ‬
‫«أليس هذا ِّراب‪ ،‬بل من َ‬
‫أفحشه‪ ،‬أن تسرق َمن هو حقيقة يف عوز؟ اذهب‪ .‬واطلب التوبة ليغفر‬
‫لك هللا‪».‬‬
‫َ‬
‫لك‪»...‬‬ ‫«أ ِّ‬
‫ُقسم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 165 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكنت‬
‫شعرك األبيض ُ‬ ‫آمرك! لقد قيل‪" :‬ال تقسم َييناً كاذابً"‪ .‬لو مل أكن َِّ‬
‫أحَتم َ‬ ‫اصمت! أان َ‬
‫« ُ‬
‫قلبك احلقيقي‪ .‬اذهب!»‬
‫ووجدت الكيس املليء ذهباً‪َ ،‬‬‫ُ‬ ‫صدرك‬
‫َ‬ ‫شت يف‬
‫فتّ ُ‬
‫فتتوعده وهتزأ به وتعامله‬
‫اآلن‪ ،‬وعلى نغمة صوت يسوع‪َ ،‬يضي العجوز دون إصرار‪ّ .‬أما اجلموع ّ‬
‫كسارق‪.‬‬

‫جادة الصواب‪ ،‬فال تفعلوا مثله‪ .‬كانت تنقصه سالمة النيّة‪ :‬إنّه‬ ‫«صمتاً! إذا ما َخَر َج هو عن ّ‬
‫لكل امرئ خطيئة؛ كان‬ ‫غري شريف‪ .‬وأنتم إبهانته تنقصكم احملبّة‪ .‬جيب عدم إهانة األخ الذي َيطئ‪ّ .‬‬
‫ينبغي أن أُشعِّره ابخلجل ألنّه غري مسموح أبداً أن يكون املرء سارقاً‪ .‬أبداً‪ .‬وخاصة مع الفقراء‪ .‬إّّنا هللا‬
‫مت لذلك‪ .‬وأنتم أيضاً ينبغي أن َختتَِّربوا األمل لرؤيتكم إسرائيليّاً َيالف الشريعة يف‬
‫وحده يعلم أنّين أتلّ ُ‬
‫حماولته اإلساءة إىل الفقراء واألرملة‪ .‬ال تكونوا َج ِّشعني‪ .‬ولتكن نفسكم هي كنزكم وليس املال‪ .‬ال‬
‫تكونوا حانثني اليمني‪ .‬وليكن كالمكم طاهراً وشريفاً كأفعالكم‪ .‬احلياة ليست خالدة وساعة املوت‬
‫الرب‪ .‬عودوا إىل‬ ‫تقَتب‪ .‬عيشوا بشكل جيعل أرواحكم ساعة املوت يف سالم‪ ،‬يف سالم َمن عاش يف ّ‬
‫منازلكم‪»...‬‬

‫أصم بسبب شيطان يعذبه‪».‬‬


‫«رمحة اي سيدي‪ ،‬إ ّن ابين هذا ّ‬
‫يتمرغ يف الوحل وأيكل الفضالت‪ .‬روح َِّجنس ُيمله على‬ ‫ِّ‬
‫«وأخي هذا شبيه حبيوان َجنس‪ّ .‬‬
‫ارتكاب هذه األفعال الن ِّ‬
‫َّج َسة خارج إرادته‪».‬‬

‫وأيمر‪« :‬اخرجوا ِّمن هؤالء‪ .‬دعوا هلل‬


‫تتوسل إليه‪ .‬يرفع ذراعيه ُ‬
‫يتوجه يسوع صوب اجلُّموع اليت َّ‬
‫ّ‬
‫خالئقه‪».‬‬

‫سجدن وه ّن يباركن‪.‬‬‫ي‬ ‫دهنما‬ ‫ق‬


‫ُ‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫كن‬ ‫ايت‬
‫و‬ ‫الل‬ ‫ـاء‬‫س‬‫الن‬
‫و‬ ‫ـان‪.‬‬‫س‬‫ووسـط اهلتافـات والصراخ يشـ َفى البائِّ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫«اذهبوا إىل بيوتكم وكونوا عارفني جبميل هللا‪ .‬السالم لكم مجيعاً‪ .‬اذهبوا‪».‬‬

‫اص التالميذ األربعة حول املعلّم‪.‬‬


‫وهم يَ ُروون األحداث‪ ،‬ويَت ّ‬
‫َيضي اجلميع ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 166 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أقامت‬
‫احلق أقول لكم إ ّن كل اخلطااي موجودة يف إسرائيل‪ ،‬والشياطني قد َ‬ ‫احلق ّ‬
‫«اي أصدقائي‪ّ ،‬‬
‫املس الشيطاين هو ما جيعل الشفاه خرساء ويدفع إىل العيش بوحشيّة أبكل‬ ‫فيها مساكنها‪ .‬ليس فقط ّ‬
‫لكن األكثر حقيقة واألكثر عدداً هم أولئك الذين يُغلِّقون القلوب عن النزاهة َ‬
‫وجي َعلون‬ ‫القذارات‪ .‬و ّ‬
‫وجيلُس يسوع مهموماً‪.‬‬ ‫فيها مزابل للرذائل الن ِّ‬
‫َّج َسة‪ .‬آه! اي أبيت!» َ‬ ‫َ‬
‫أنت تَعِّب اي معلّم؟»‬
‫«هل َ‬
‫جئت‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫«تَعب‪ ،‬ال اي يوحنّا‪ ،‬ولكنّين حزين لوضع القلوب واإلرادة الضعيفة يف اإلصالح‪ .‬لقد ُ‬
‫لكن اإلنسان‪ ...‬اإلنسان‪ ...‬آه! اي أبيت!‪»...‬‬
‫و ّ‬
‫ك‪»...‬‬
‫ك‪ ،‬بل حنن مجيعاً حنبّ َ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬أان أحبّ َ‬
‫«أعرف ذلك ولكن عددكم قليل ج ّداً‪ ...‬ورغبيت يف اخلالص كبرية ج ّداً!»‬

‫ُُييط يسوع يوحنّا بذراعيه ُمسنِّ َداً رأسه على رأس ذاك‪ .‬إنّه حزين‪ .‬بطرس‪ ،‬أندراوس‪ ،‬ويعقوب‬
‫حوله وينظرون إليه حبب وحزن‪.‬‬

‫وهكذا تتوقف الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 167 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -25‬يسوع يصلّي أثناء الليل)‬

‫‪1944 / 11 / 05‬‬

‫أرى يسوع الذي ََيرج أبقل قدر ممكن من اجلَّلَبَة من بيت بطرس يف كفرانحوم‪ .‬وأ ِّ‬
‫ُدرك أنّه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أمضى الليلة هناك إرضاء لبطرسه‪.‬‬

‫مرصعة ابلنجوم اليت ابلكاد تعكس البحرية أَلَقها‪ ،‬وَيكن ّ‬


‫التكهن‬ ‫ما زال الليل حالكاً والسماء ّ‬
‫ابألحرى أبنّنا ال ّنيّز هذه البحرية الساكنة اليت ترقد حتت بريق النجوم ّإال من خالل خرير املياه اخلفيف‬
‫على الشاطئ‪.‬‬

‫يَدفَع يسوع الباب ويَنظُر إىل السماء والبحرية والطريق‪ .‬يـُ َف ِّّكر مثّ يسري‪ ،‬ليس مبحاذاة البحرية‪،‬‬
‫دخلها‪ ،‬يسري‪ ،‬يتغلغل‪،‬‬
‫االجتاه مثّ َيضي صوب القرية‪ .‬يَ ُ‬ ‫بل صوب البلدة‪ .‬يسري بعض الوقت بذلك ّ‬
‫متوجات حقل مزروع ابلزيتون‪ ،‬يدخل يف ذلك السالم األخضر والصامت‪،‬‬ ‫يَسلُك درابً متّجهاً إىل أوىل ّ‬
‫سجد للصالة‪.‬‬‫وهناك يَ ُ‬
‫ازدادت عزَيته‪ ،‬يقف ويصلّي أيضاً‪ ،‬وجهه إىل‬‫حارة! إنّه يصلّي راكعاً‪ ،‬بعدئذ‪ ،‬وكمن َ‬ ‫صالة ّ‬
‫صيفي صاح‪ .‬إنّه اآلن يصلّي مبتسماً‪،‬‬
‫األعلى‪ ،‬وجه أكثر روحانيّة أيضاً مع والدة النور القادم من فجر ّ‬
‫بينما كان قبل ذلك يُطلِّق زفرات عميقة كأنّه حتت أتثري أمل مميت‪ .‬يصلّي وذراعاه مفتوحتان فيبدو‬
‫كل القرية‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ظهر وكأنّه يُبارك ّ‬
‫صليباً حيّاً‪ ،‬سامياً‪ ،‬مالئكيّاً‪ ،‬وذلك على قدر العذوبة اليت تفيض منه‪ .‬يَ َ‬
‫والنهار الذي يُولَد والنجوم اليت ختتفي والبحرية اليت تت َكشَّف‪.‬‬

‫السمك‬‫حاملِّني َّ‬
‫عنك كثرياً! وجدان الباب اخلارجي مفتوحاً عندما عدان ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬لقد حبثنا َ‬
‫الفالحني الذي كان َيأل‬
‫لنجدك‪ .‬أخرياً أعلَ َمنا أحد ّ‬
‫َ‬ ‫خرجت‪ .‬ولكنّنا مل نكن‬
‫َ‬ ‫كنت قد‬
‫ك َ‬ ‫وف ّكران أبنّ َ‬
‫نناديك‪" :‬يسوع‪ ،‬يسوع!" فقال لنا‪" :‬أتبحثون عن الرايب الذي يتح ّدث‬
‫َ‬ ‫سالله حلملها إىل املدينة‪ ،‬وكنّا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 168 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إىل الناس؟ لقد مضى عرب هذا الدرب إىل األعلى صوب اهلضبة‪ .‬ينبغي أن يكون يف بستان زيتون‬
‫خرجت ابكراً هكذا‬
‫َ‬ ‫مرات سابقة"‪ .‬ولقد كان حم ّقاً‪ .‬ملاذا‬
‫ميخا‪ ،‬فهو يذهب إليه غالباً‪ .‬لقد رأيتُه يف ّ‬
‫اي معلّم؟ ملاذا مل تسَتح؟ قد يكون السرير غري مريح‪»...‬‬

‫َخرج غالباً ابكراً ألرفع‬ ‫ِّ‬


‫«ال اي بطرس‪ .‬لقد كان السرير ممتازاً والغرفة َشر َحة‪ ،‬إّّنا من عاديت أن أ ُ‬
‫كل شيء ابلصالة‪ .‬إّّنا اآلب‬‫روحي و ّأحتد ابآلب‪ .‬فالصالة ّقوة للذات ولآلخرين‪َ .‬يكن احلصول على ّ‬
‫احلب‪ ،‬بل جيب االعتقاد أب ّن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ال ََينَح دائماً النّعم اليت نَطلُب‪ .‬فيجب ّأال نعتَقد أ ّن ذلك تقصري منه يف ّ‬
‫لكن الصالة َجتلب بشكل أكيد‬ ‫ِّ‬
‫كل إنسان بشكل أفضل‪ .‬و ّ‬ ‫هذا الرفض يُقابل خمطّطاً ينظّم مصري ّ‬
‫السالم والتوازن اللذين يساعدان على مقاومة أمور كثرية نصطدم هبا دون االبتعاد عن درب القداسة‪.‬‬
‫وهز قلوبنا؟! ويف‬
‫كل ما ُييط بنا إبظالم روحنا ّ‬‫أنت تعرف ذلك‪ ،‬أن يقوم ّ‬ ‫إنّه من السهل اي بطرس‪ ،‬و َ‬
‫سمعنا صوته؟»‬ ‫ظالم فِّكران وهز القلب‪ ،‬كيف َيكن هلل أن ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«هذا صحيح‪ .‬ولكنّنا حنن ال نعرف أن نصلّي! ال نعرف أن نقول الكلمات الرائعة اليت تقوهلا‬
‫ت‪» .‬‬
‫أن َ‬
‫«قولوا ما تعرفونه‪ ،‬كما تعرفونه‪ .‬فليست الكلمات بل إّّنا املشاعر اليت ترافقها هي اليت جتعل‬
‫الصالة َمرضيّة لدى اآلب‪».‬‬

‫أنت‪».‬‬
‫«إنّنا نرغب يف أن نصلّي كما تصلّي َ‬
‫«سوف أ َُعلِّّمكم الصالة كذلك‪ .‬سوف أُلَِّّقنكم الصالة األكثر قداسة‪ ،‬ولكن لكي ال تكون‬
‫جمرد صيغة اتفهة على شفاهكم‪ ،‬أريد أن يُصبِّح قلبكم ُممتَلِّكاً يف ذاته احل ّد األدىن من القداسة والنور‬
‫ّ‬
‫واحلكمة‪ ...‬إنّين أث ّقفكم هلذا اهلدف‪ .‬وفيما بعد سوف أ َُعلِّّمكم الصالة املقدَّسة‪ .‬هل كنتم تطلبونين‬
‫حّت حبثتم عين؟»‬
‫يف شيء ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 169 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫منك الكثري! لقد كانوا ماضني إىل كفرانحوم وفيهم‬ ‫«ال اي معلّم‪ ،‬إّّنا هناك أانس ُكثُر ينتظرون َ‬
‫يطلبونك‬
‫َ‬ ‫الفقراء واملرضى وال ُـمبتَلون وذوو اإلرادة الصاحلة‪ ،‬وقد كانوا راغبني يف التث ّقف‪ .‬وأل ّهنم كانـوا‬
‫فقد قلنـا هلم‪" :‬املعلّم تَعِّب وينام‪ .‬اذهبوا اآلن‪ ،‬وتعالوا السبت القادم"‪».‬‬

‫كل‬
‫احلب والنور واخلالص ّ‬
‫«ال اي مسعان‪ .‬ينبغي ّأال يُقال هذا‪ .‬فال يوجد يوم حم ّدد للرمحة‪ .‬أان ّ‬
‫أايم األسبوع‪».‬‬

‫حّت اآلن مل تتح ّدث يف غري أايم السبت‪».‬‬


‫«ولكن‪ ...‬إّّنا ّ‬
‫أصبحت معروفاً أكثر‪ ،‬سيكون‬
‫ُ‬ ‫كنت ال أزال غري معروف‪ .‬إّّنا رويداً رويداً‪ ،‬وكلّما‬
‫«ذلك ألنّين ُ‬
‫لك إنّه سيأيت يوم لن جيد فيه ابن اإلنسان وقتاً للراحة‬ ‫احلق أقول َ‬ ‫ِّ‬
‫كل يوم َدفق للنّ َعم واملوهبة‪ّ .‬‬
‫يف ّ‬
‫حّت مبقدار اجملال املتاح لعصفور لرياتح على غصن أو أيكل احلبوب‪».‬‬ ‫واألكل ّ‬
‫صالحك تشقى‪».‬‬
‫َ‬ ‫جيعلك‬
‫َ‬ ‫ك سوف تقع طريح الفراش! ولن نسمح بذلك‪ .‬فيجب ّأال‬
‫«ولكنّ َ‬
‫إيل ليَس َمعين‪،‬‬
‫حّت ولو أتى العامل كلّه ّ‬
‫تظن أنّه َيكن لذلك أن جيعلين أشقى؟ آه! ولكن ّ‬ ‫«وهل ّ‬
‫أعييت يف احلديث إليهم ويف مساحمتهم‬‫ُ‬ ‫ليبكي خطاايه‪ ،‬ويُلقي أبمله على قليب ليربأ بقلبه وجسده‪ ،‬ولو‬
‫أأتسف على السماء‪ ،‬حيث‬ ‫اخلرية‪ ،‬فحينئذ أكون األكثر سعادة اي بطرس‪ .‬حينئذ لن ّ‬ ‫ويف نشر قدريت ّ‬
‫إيل؟»‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬ ‫كنت يف اآلب!‪ِّ ...‬من أين كان الناس الذين قَ ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫طرباي ومن مئات البلدات الصغرية‬ ‫ِّ‬
‫«من كورازين وبيت صيدا وكفرانحوم‪ ،‬ومنهم من أتى من ّ‬
‫املنتشرة بني هذه املدينة وتلك‪».‬‬

‫«امضوا وقولوا هلم أبنّين سأكون يف كورازين وبيت صيدا والقرى بني هذه وتلك‪».‬‬

‫«ملاذا ليس يف كفرانحوم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 170 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حصة يب‪ ،‬ومثّ هناك إسحق العجوز الذي ينتظرين‪...‬‬
‫«ألنّين للكل‪ ،‬وينبغي أن يكون للجميع ّ‬
‫جيب ّأال ََييب أمله‪».‬‬

‫«تنتظران هنا إذاً؟»‬

‫«ال‪ .‬بل سأمضي وتبقون أنتم يف كفرانحوم ُلَت ِّسلوا َّ‬


‫إيل اجلُّموع‪ .‬مثّ سأعود‪».‬‬

‫«نبقى وحيدين‪ »...‬يبدو احلزن مسيطراً على بطرس‪.‬‬

‫حتملك على أن تكون تلميذاً مفيداً‪.‬‬


‫َ‬ ‫جتعلك فَ ِّرحاً‪ ،‬وينبغي هلا أن‬
‫َ‬ ‫«جيب ّأال حتزن‪ .‬فالطاعة‬
‫ومثلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫معك‬
‫واآلخرون كذلك َ‬
‫يهدأ بطرس وأندراوس مع يعقوب ويوحنا‪ .‬يباركهم يسوع ويفَتقون‪.‬‬

‫على هذا تنتهي الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 171 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -26‬شفاء األبرص قرب كورازين)‬

‫‪1944 / 11 / 06‬‬

‫وحّت قبل بزوغ الفجر‪،‬‬


‫ضر إىل عني روحي منذ هذا الصباح‪ّ ،‬‬
‫صورة دقيقة لدرجة الكمال َحت ُ‬
‫أبرص مسكني‪.‬‬ ‫ّإهنا صورة َ‬
‫ابلفعل إنّه حطام إنسان‪ .‬ال أستطيع تقدير عُمره‪ ،‬فال َـمَرض قد أتلَ َفه كثرياً‪ .‬هيكل عظمي نصف‬
‫تشوَهت وفَـ َق َدت أجزاء منها‬
‫حتول إىل حالة مومياء عجفاء‪ .‬يداه ورجاله قد َّ‬ ‫ظهر جسده الذي ّ‬ ‫عار‪ ،‬يَ َ‬
‫املشوَهتان تُشبِّهان أقدام وحش ُجمَنَّح‪،‬‬
‫املختصَراتن و َّ‬
‫َ‬ ‫بشكل مل تعد أطرافه تبدو أطراف إنسان‪ .‬اليدان‬
‫ومشوَهتَان‪.‬‬
‫منقوصتَان َّ‬ ‫ي ثور لكثرة ما ُها‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫والقدمان مثل حافَر ّ‬
‫أظن أ ّن جيفة مل تُدفَن‪ .‬حمنّطة بفعل الشمس واهلواء‪ ،‬قد يكون هلا رأس كهذا‪ .‬ما‬‫مثّ الرأس!‪ّ ...‬‬
‫املصفر كقشرة األرض وكان‬ ‫ّ‬ ‫يزال ُيتفظ هنا وهناك ببعض من خصالت شعر ملتصقة على اجللد‬
‫ض ُهم املرض وقد‬ ‫الغبار قد ج ّففه على مججمة‪ ،‬عينان ابلكاد منفرجتان وغائراتن‪ ،‬الشفتان واألنف قَـَر َ‬
‫كل هذا َيت ّد‬
‫تَـ َعَّرت الغضاريف واللثتان‪ .‬واألذانن مل تعودا سوى بقااي صيوانني ال شكل هلما‪ ،‬وفوق ّ‬
‫جلد ُمتَ َش ِّّقق شبيه ابلرق األصفر‪ ،‬مثل بعض أنوع الصلصال‪ ،‬تبدو العظام حتته و ّ‬
‫كأهنا ُمتِّّزقه‪ .‬قد تكون‬
‫مزق‬ ‫ِّ‬
‫مهمة هذه البَ َشَرة احملافظة على هذه العظام جمتمعة معاً يف كيسها البَشع‪ ،‬املطبوع ابلندابت وامل ّ‬
‫املتفسخة‪ .‬أطالل!‬
‫ابجلراح ّ‬
‫هذا جيعلين أف ّكر ابلضبط بشبح املوت يطوف األرض حيث يغطّي هيكله العظمي جسد‬
‫نجل)‪ ،‬إّّنا عصا كثرية‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كالرق‪ ،‬ويلتَحف بعباءة قَذ َرة من األمسال (اخلَرق)‪ ،‬ليس يف يديه حاصدة (م َ‬
‫بكل أتكيد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫العُ َقد ُمنتَـَزعة من شجرة ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 172 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حقيقي َخ ِّرب لدرجة أنّين ال أستطيع القول إذا‬
‫ّ‬ ‫الس َكن‪ .‬كهف‬
‫إنّه على عتبة كهف بعيد عن َّ‬
‫ما كان يف األصل قرباً أو كوخ حطّابِّني أو أطالل منزل قد َهتَدَّم‪ .‬يَنظُر ِّمن جانب الطريق بعيداً أكثر‬
‫من مائة مَت عن كهفه‪ ،‬طريق مطروقة كثرياً‪ ،‬ترابيّة ومشمسة بشكل واسع‪ .‬ال أحد على الطريق اآلن‪.‬‬
‫الغريب‪ ،‬توجد بلدة أو مدينة‪.‬‬
‫على م ّد النظر مشس وغبار ووحشة‪ .‬أبعد من ذلك‪ ،‬صعوداً إىل الشمال ّ‬
‫األقل‪.‬‬
‫أرى أوىل املنازل على بعد كيلو مَت على ّ‬
‫صعة ثَلِّ َمة وَيألها من جدول ويشرب‪ .‬يتغلغل يف علّيقة‬ ‫ويتنهد‪ ،‬مثّ أيخذ قَ َ‬
‫األبرص ّ‬ ‫يَنظُر َ‬
‫متشابكة خلف الكهف‪ ،‬ينحين ليقتَلِّع من األرض فجالت بريّة ويعود إىل اجلدول حيث َيلّصها من‬
‫كوم الَتاب الكبرية العالقة فيها مباء اجلدول القليل‪ ،‬وأيكلها على مهل ِّحبَملِّها بعناء إىل فمه بيديه‬
‫التوصل إىل بلعها‬
‫َيصها كثرياً دون ّ‬ ‫املشوَهتَني‪ّ .‬إهنما قاسيتان كاخلشب‪ ،‬ولقد عاىن من مضغها‪ .‬إنّه ّ‬‫َّ‬
‫رغم جرعات املاء اليت يرشفها‪.‬‬

‫أنت اي هابيل؟»‬
‫صوت ينادي‪« :‬أين َ‬
‫لكن شفتيه متآكلتان لدرجة أ ّن حماولة‬
‫يتحرك األبرص‪ ،‬وعلى شفتيه شيء وكأنّه ابتسامة‪ .‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫االبتسامة هذه كانت عدَية الشكل‪ُ .‬جييب بصوت غريب ُمصرصر يذ ّكرين أبصوات بعض العصافري‬
‫ب أ ّن مكروهاً‬ ‫أحس ُ‬
‫كنت َ‬ ‫عت األمل أبن أتيت‪ُ .‬‬‫كنت قد قَطَ ُ‬
‫اليت أجهل امسها ابلتحديد‪« :‬أان هنا! ُ‬
‫أنت أيضاً فمن الذي سيبقى هلابيل املسكني؟» وبينما‬
‫عين َ‬ ‫يت ّ‬‫كنت حزيناً‪ ...‬لو ختلّ َ‬
‫لك‪ .‬وقد ُ‬
‫ص َل َ‬
‫َح َ‬
‫يتوجه صوب الشارع ضمن املسافة املسموح هبا يف الشريعة‪ .‬يُرى ألنّه واقف يف منتصف‬ ‫يتكلّم هكذا ّ‬
‫الشارع‪.‬‬
‫ي ِّ‬
‫صل إىل الشارع رجل يبدو وكأنّه يركض لش ّدة سرعته يف املشي‪.‬‬ ‫َ‬
‫إيل!»‬
‫أىن تكن فال تُسئ َّ‬ ‫ِّ‬
‫أنت الذي أنتَظر‪ ،‬و ّ‬
‫أنت صموئيل؟ آه! إن مل تكن َ‬
‫«ولكن هل َ‬
‫متأخر‪ ،‬أعرف ذلك‪ ،‬وأان‬ ‫«هذا أان‪ ،‬هابيل‪ ،‬أان بذايت‪ ،‬ومبظهر َح َسن‪ .‬انظر كيف أجري‪ .‬إنّين ّ‬
‫أجلك‪ .‬إّّنا حينما َستَعلَم‪ ...‬آه! ستكون سعيداً‪ .‬وهنا‪ ،‬ليس معي فقط كِّ َسر اخلبز االعتياديّة‪،‬‬
‫متأ ّمل من َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 173 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يدك أن تكون‬
‫لك‪ .‬أر َ‬
‫كل هذا َ‬
‫بل رغيف كامل طازج وجيّد‪ ،‬وكذلك معي مسكة لذيذة وقطعة جنب‪ .‬و ّ‬
‫يف عيد أيّها الصديق املسكني‪ ،‬استعداداً لعيد أعظم كثرياً‪».‬‬

‫لست أفهم شيئاً‪»...‬‬


‫غين؟ ُ‬
‫أنت ّ‬
‫«ولكن كيف؟ هل َ‬
‫لك يف احلال‪».‬‬
‫«سأقول َ‬
‫أنت!»‬
‫لست َ‬
‫«ومبظهر َح َسن‪ ،‬تبدو َ‬
‫ِّ‬
‫فذهبت إليه‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫« َحتَ َّقق إذاً‪ .‬لقد َعل ُ‬
‫مت بوجـود ذاك الـرايب الق ّديـس يف كفـرانحوم‪،‬‬

‫«مهالً انتظر فأان مصاب‪».‬‬

‫يهم‪ .‬مل أعد أخشى شيئاً‪ ».‬إ ّن هذا الرجل ليس ِّسوى األحدب املسكني الذي‬
‫«آه! هذا ال ّ‬
‫صل ابلفعل خبطى سريعة على بُعد خطوات ِّمن األبرص‪،‬‬ ‫شفاه يسوع وعاملَه معاملة حسنة‪ ،‬وهو ي ِّ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ويتكلّم وهو َيشي‪ ،‬ويضحك سعيداً‪.‬‬

‫رآك أحدهم‪»...‬‬
‫حبق هللا‪ ،‬لو َ‬
‫يكرر القول‪« :‬توقّف ّ‬
‫لكن األبرص ّ‬
‫ّ‬
‫صرة على‬
‫ضع ال ّ‬
‫أنت بينما أتكلّم أان‪ ».‬ويَ َ‬
‫«ها أنذا أتوقّف‪ ،‬انظر‪ :‬إنّين أضع املؤونة هنا‪ُ .‬كل َ‬
‫صخرة كبرية ويفتحها‪.‬‬

‫مثّ يبتعد خطوات بينما يدنو األبرص ويرمتي على هذه الوليمة غري االعتياديّة‪« .‬آه! َكم ِّمن‬
‫ذهبت ألانم هكذا ومعديت فارغة‪ .‬ما‬‫ُ‬ ‫كنت‬
‫الزمن مضى ومل أستمتع هكذا! كم هو لذيذ! وتصور لو ُ‬
‫أكلت فجالً‪»...‬‬
‫أنت‪ ...‬لقد ُ‬‫حّت َ‬ ‫من إنسان رحوم اليوم‪ ...‬وال ّ‬
‫كنت أقول‪ :‬حسناً اآلن هو حزين‪ ،‬ولكنّه‬
‫كنت أف ّكر يف ذلك‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫«مسكني اي هابيل! لقد ُ‬
‫بعد ذلك سيصبح سعيداً!»‬

‫«سعيد‪ ،‬نعم‪ ،‬من أجل هذا الطعام‪ .‬إّّنا بعد ذلك‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 174 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال بل ستكون سعيداً على الدوام‪».‬‬

‫يهز األبرص رأسه‪.‬‬


‫ّ‬
‫ك لو استطعت أن تؤمن فستكون سعيداً‪».‬‬
‫« ُكن على يقني اي هابيل أبنّ َ‬
‫«ولكن اإلَيان مبن؟»‬

‫«ابلرايب‪ ،‬ابلرايب الذي شفاين‪».‬‬

‫«ولكنّين أبرص ويف الدرجة النهائيّة‪ ،‬فكيف يستطيع شفائي؟»‬

‫«آه! يستطيع ذلك‪ .‬إنّه ق ّديس‪».‬‬

‫املضي‬
‫«نعم‪ ،‬فأليشع كذلك شفى نعمان األبرص‪ ...‬أعرف ذلك‪ ...‬إّّنا أان‪ ...‬أان ال أستطيع ّ‬
‫إىل األردن‪».‬‬

‫«سوف تُشفى دوّنا حاجة إىل املاء‪ .‬امسع‪ :‬هذا الرايب‪ ،‬هو املسيح‪ ،‬أتفهم؟ املسيح! ابن هللا‪.‬‬
‫وهو يَشفي مجيع الذين يؤمنون‪ ...‬يقول‪" :‬أان أريد ذلك"‪ .‬فتهرب الشياطني وتعود األعضاء لتستوي‬
‫والعميان يستعيدون النَّظَر‪».‬‬

‫«آه! لو كان يل اإلَيان أان! ولكن كيف يل أن أرى املسيح؟»‬

‫ئت من أجل ذلك‪ .‬إنّه هنا يف هذه البلدة‪ .‬أعرف أين يكون هذا املساء‪ .‬إن‬ ‫ِّ‬
‫هاك‪ ...‬لقد ج ُ‬
‫« َ‬
‫قلت لنفسي‪" :‬أقول ذلك هلابيل‪ ،‬وإذا اهتدى إىل اإلَيان أقوده إىل املعلّم"‪».‬‬
‫أردت‪ ...‬فقد ُ‬
‫َ‬
‫ُرجم‪».‬‬ ‫«هل أنت جمنون اي صموئيل؟ إذا ما اقَت ِّ‬
‫بت من املنازل فسأ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سآخذك إىل هذه الغابة الصغرية‪ .‬وبعد‬
‫َ‬ ‫حّت املنازل‪ .‬فلقد أوشك الليل أن يهبط‪.‬‬
‫«ال‪ ،‬ليس ّ‬
‫إليك‪»...‬‬
‫َذهب كي أاندي املعلّم‪ .‬وسآيت به َ‬
‫ذلك سأ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 175 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اخلاصة إىل تلك النقطة‪ .‬سوف أسري يف احلفرة وراء‬ ‫ِّ‬
‫اذهب حاالً! فأان أَصل بوسائلي ّ‬
‫اذهب‪َ ،‬‬ ‫« َ‬
‫كنت تعرف ماذا‬‫اذهب وتعال به اي صديقي العزيز! لو َ‬
‫اذهب‪ ...‬آه! َ‬‫فاذهب‪َ ...‬‬
‫أنت َ‬‫السياج‪ ،‬إّّنا َ‬
‫التأمل ابلشفاء!‪»...‬‬
‫تعين اإلصابة هبذا املرض و ّ‬
‫متوسالً‪.‬‬
‫يهتم ابألكل‪ .‬إنّه يبكي ويُومي إىل صديقه ّ‬
‫مل يـَعُد األبرص ّ‬
‫أنت تعال‪ ».‬ويبتَعِّد األحدب سابقاً خبطى سريعة‪.‬‬
‫«أان ذاهب و َ‬
‫اجلاف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يَهبِّط هابيل بصعوبة إىل احلفرة احملاذية للطريق‪ ،‬وهي ُم َزد ِّمحَة أبدغال نـَبَـتَت يف العمق‬
‫يَتصد دائماً وجود‬
‫يزحف بني الطاقات‪ ،‬وهو ّ‬ ‫يف وسطها متاماً هناك سلسال ماء‪ .‬يَهبِّط الليل والبائس َ‬
‫املرة األوىل لدى مرور َخيَّال على َوقع خبب مطيّة‪،‬‬ ‫مرتني يف القاع‪ّ :‬‬ ‫املارة على الطريق‪ .‬وقد انبَطَح ّ‬
‫أحد ّ‬
‫متوجهني صوب البلدة‪ .‬مثّ يُتابِّع‪.‬‬ ‫واملرة الثانية لدى مرور ثالثة أشخاص ومعهم ِّمحل شعري ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن يسوع يصل مع صموئيل إىل الغابة الصغرية قبله‪.‬‬
‫و ّ‬
‫«سيكون هنا بعد قليل‪ .‬إنّه يسري ببطء بسبب جراحه‪ .‬اصرب‪».‬‬

‫لست على َع َجلة من أمري‪».‬‬


‫« ُ‬
‫«هل ستشفيه؟»‬

‫«هل يؤمن؟»‬

‫«آه! لقد كان ميتاً من اجلوع‪ .‬وكان يرى هذا الطعام بعد سنوات من احلرمان‪ ،‬ومع ذلك فقد‬
‫كل شيء بعد جرعات قليلة ليجري إىل هنا‪».‬‬ ‫اف ّ‬
‫َع َ‬
‫فت عليه؟»‬
‫«كيف تَـ َعَّر َ‬
‫كنت أقطع املسافات ألذهب من‬‫ليت‪ ،‬وقد ُ‬‫كنت أعيش على احلسنات منذ أن ابتُ ُ‬ ‫«تَعلَم أنّين ُ‬
‫ـأت عالقة مع هذا البائس املسكني‪ ...‬ففي‬ ‫مكان إىل آخر‪ .‬كنت أمُّر ِّ‬
‫أنش ُ‬
‫كل سبعة ّأايم‪ ،‬وقد َ‬
‫ّ‬ ‫هنا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 176 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت الطريق اليت تقود إىل البلدة‪،‬‬ ‫َّم‪ ،‬يدفعه اجلوع‪ ،‬يف قَلب عاصفة جتعل الذائب هترب‪ّ ،‬‬ ‫ذات يوم تَـ َقد َ‬
‫كنت أمحل يف جعبيت خبزاً ايبساً أعطانيه‬ ‫سعياً وراء شيء ما‪ .‬وقد كان ينبش الفضالت مثل كلب‪ .‬و ُ‬
‫كل أسبوع ألُج ِّّدد له املؤونة ممّا‬
‫علي‪ ،‬فتقامستُه معه‪ .‬ومنذئذ حنن صديقان وآيت إليه ّ‬ ‫أانس أش َفقوا َّ‬
‫َعمل قَدر استطاعيت كما لو‬ ‫أملك‪ .‬فإذا كان ما أملكه كثرياً فكثرياً‪ ،‬وإذا كان ما أملكه قليالً فقليالً‪ .‬أ َ‬
‫وبك‪».‬‬‫كت‪ ،‬وأان أف ّكر به‪َ ...‬‬‫كان أخي‪ .‬ومنذ الليلة اليت شفيتَين هبا‪ ،‬بور َ‬
‫كل شيء‪ .‬ولكن‬
‫يستحق من هللا ّ‬
‫ّ‬ ‫ُيب‬
‫تك النعمة‪ .‬من ّ‬
‫أنت صاحل اي صموئيل‪ ،‬لذلك زار َ‬‫« َ‬
‫هناك شيء ما بني األدغال‪»...‬‬

‫أنت اي هابيل؟»‬
‫«أهذا َ‬
‫«نعم هذا أان‪».‬‬

‫ينتظرك هنا حتت شجرة اجلوز‪».‬‬


‫َ‬ ‫هلم‪ ،‬فاملعلّم‬
‫« ّ‬
‫ََي ُرج األبرص من احلفرة ويصعد إىل الض ّفة‪ .‬جيتازها ويتق ّدم يف حقل‪ .‬ينتظره يسوع ُمسنِّداً ظهره‬
‫إىل شجرة جوز عالية ج ّداً‪.‬‬

‫َلص َق‬
‫«أيّها املعلّم‪ ،‬املسيح‪ ،‬الق ّديس‪ ،‬ارمحين!» ويرمتي على العشب عند قدمي يسوع‪ ،‬وقد أ َ‬
‫تطهرين!» مثّ جيرؤ على الركوع‬
‫فأنت قادر أن ّ‬
‫شئت َ‬‫وجهه ابألرض‪ ،‬ويتابع القول‪« :‬آه! اي سيّدي‪ ،‬إن َ‬
‫جري‬ ‫ِّ‬
‫صَرتني ووجهه ال ُـمتلَف ابدي العظام‪ ...‬وتسيل الدموع من حم ّ‬
‫وَيد ذراعيه اهليكليتني ابليدين املختَ َ‬
‫الربص‪.‬‬
‫فهما ََ‬
‫عينيه املصابتني وقد أتلَ ُ‬
‫يَنظُر إليه يسوع بكثري من الرمحة‪ .‬يَنظُر إىل هذا الشبح الذي يلتهمه مرض فظيع‪ ،‬والذي ال‬
‫يستطيع جماورته سوى من َيلك حمبّة حقيقيّة‪ ،‬لكثرة ما يثري من االمشئزاز‪ ،‬ولرائحته الكريهة‪ .‬وها هو‬
‫داعب املسكني‪.‬‬‫املسيح َي ّد يده اليمىن اجلميلة والسليمة‪ ،‬كما لي ِّ‬
‫ُ‬
‫سك!»‬
‫وذاك‪ ،‬دون أن يَ َنهض‪ ،‬يقفز إىل اخللف وعلى عقبيه ويصرخ‪« :‬ال تلمسين‪ ،‬ارحم نف َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 177 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ولكن يسوع يتق ّدم خطوة‪ .‬وبوقار يفوح منه الصالح عطراً‪ ،‬يضع أصابعه على الرأس الذي‬
‫فابرأ‪».‬‬ ‫ت‬ ‫ئ‬‫ش‬‫التَـهمه الربص ويقول بصوت مرتفع‪ ،‬بصوت ما هو إال حب ومع ذلك هو ِّآمر‪« :‬قد ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ََ‬
‫وتبقى اليد على الرأس املسكني بضع دقائق‪« .‬قُم‪ِّ ،‬‬
‫امض وقابل الكاهن‪ .‬أمتم ما تفرضه الشريعة‪ .‬ال‬
‫كك‪».‬‬
‫لك‪ ،‬إّّنا ُكن فقط صاحلاً وال تَـعُد ختطئ‪ .‬أابر َ‬
‫تتح ّدث مبا فعلتُه َ‬
‫فيت متاماً!» ويصرخ صموئيل ِّمن ال َفَرح لرؤيته التَّحول احلاصل‬
‫«آه! اي سيدي! هابيل! لقد ُش ُ‬
‫لصديقه‪.‬‬

‫لك‪».‬‬ ‫«نعم‪ ،‬إنه معاَف‪ ،‬إَيانه جعلَه م ِّ‬


‫ستحقاً لذلك‪ .‬وداعاً‪ .‬السالم َ‬ ‫ََ ُ‬
‫عنك‪».‬‬
‫أفارقك‪ ،‬لن أستطيع االبتعاد َ‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم! اي معلّم! اي معلّم! لن‬

‫عليك‬
‫فلتحل َ‬
‫ّ‬ ‫للمرة الثانية‬
‫مرة أخرى‪ّ .‬‬
‫افعل اآلن ما تفرضه الشريعة‪ .‬بعدئذ سوف نلتقي ّ‬
‫« َ‬
‫بركيت‪».‬‬

‫يبتعد يسوع وهو يشري لصموئيل أبن يبقى‪ .‬ويبكي الصديقان من السرور‪ ،‬بينما يعودان حتت‬
‫للمرة األخرية أمام ذاك اجلّحر اخلَِّرب‪.‬‬ ‫فا‬ ‫أتلُّق ربع القمر إىل الكهف لي ِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ّإهنا هناية الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 178 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫قعد يف بيت بطرس يف كفرانحوم)‬


‫‪( -27‬شفاء ُم َ‬
‫‪1944 / 11 / 09‬‬

‫أرى ضفاف البحرية‪ ،‬جنّسارت‪ ،‬وأرى َمراكِّب الصيّادين مسحوبة إىل الشاطئ‪ .‬هناك كان‬
‫بطرس وأندراوس يسندان ظهريهما إىل املراكب ُم َنه ِّم َكني يف ترتيب الشباك اليت جيلبها هلم‬
‫خدمون‪ ،‬واليت تبدو مثرية لالمشئزاز بعد ختليصها من النفاايت اليت بَِّقيَت عالِّقة فيها يف البحرية‪.‬‬
‫ال ُـمستَ َ‬
‫كل شيء‪ ،‬يساعدُها‬ ‫وعلى بُعد عشرة أمتار يوحنّا ويعقوب منحنيان على مركبهما‪ ،‬يَهتَ َّمان يف ترتيب ّ‬
‫فالصيب يناديه «ريّس» وهو‬
‫ّ‬ ‫صيب ورجل يَتاوح عمره بني اخلمسني واخلامسة واخلمسني‪ ،‬أظنّه زبدى‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يشبه يعقوب متاماً‪.‬‬

‫أعني ِّّ‬
‫الشباك‬ ‫يَسند بطرس وأندراوس أكتافهما إىل املركب ويعمالن بصمت يف إعادة ربط ُ‬
‫َيص عملهما الذي أ ِّ‬
‫ُدرك‬ ‫الغمازات يف مواضعها‪ .‬يتبادالن من حني آلخر فقط بعض كلمات فيما ّ‬
‫و ّ‬
‫أنّه مل يكن مثمراً‪.‬‬

‫ال يشـتكي بطرس من كيس نقوده الفـارغ وال من التعب غري اجملدي‪ ،‬ولكنّه يقول‪« :‬هذا ال‬
‫تربعات قليلة‪ ،‬وهذه الدوانق‬ ‫سوى‬ ‫لنا‬ ‫يعجبين‪ ...‬تُرى ما العمل لتأمني الطعام هلؤالء املساكني؟ مل تَ ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬
‫أمسها‪ .‬للمعلّم وحده أن يـُ َعِّّني‬
‫األايم األربعة هذه فال ّ‬ ‫صلَتنا خالل ّ‬ ‫العشرة والدرامخات السبعة اليت َو َ‬
‫َّرت‬
‫كنت َحض ُ‬ ‫ملن ينبغي أن تذهب الدراهم‪ .‬وهو لن يعود قبل السبت! لو كان صيدان وفرياً!‪ ...‬إذاً ل ُ‬
‫تؤدي ُههمة َمن يف البيت إىل شيء‪ .‬فاألشخاص ذوو‬ ‫ِّ‬
‫وجبة مسك أُق ّدمها هلؤالء املساكني‪ ...‬ولن ّ‬
‫الصحة اجليّدة يستطيعون الذهاب لتحصيل رزقهم ّأما املرضى!‪»...‬‬

‫قعد!‪ ...‬ومثّ‪ ،‬فلقد قَطَعوا به مسافات طويلة للوصول به إىل هنا‪»...‬‬


‫ويقول أندراوس‪« :‬هذا ال ُـم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 179 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لست أدري ملاذا ال يريدان املعلّم دائماً معه‪.‬‬
‫اظن أ ّن إبمكاننا البقاء بعيداً‪ .‬و ُ‬
‫«امسع اي أخي‪ّ ،‬‬
‫األقل‪ ...‬لن أرى هؤالء املساكني الذين ال أستطيع تقدمي العون هلم‪ ،‬وحينما أراهم سيكون‬ ‫على ّ‬
‫إبمكاين القول هلم‪" :‬إنّه هنا"‪».‬‬

‫«أان هنا‪ ».‬ويدنو يسوع ماشياً هبدوء على الرمل الرخو‪.‬‬

‫يقفز بطرس وأندراوس‪ .‬يصيحان‪« :‬آه! اي معلّم!» ويناداين‪« :‬يعقوب‪ ،‬يوحنّا‪ ،‬إنه املعلّم‪ ،‬هيّا‬
‫أَقبِّال!»‬

‫هرع االثنان ويتزاحم اجلميع قرب يسوع‪ .‬فمنهم َمن يـُ َقبِّّل ثيابه ومنهم يديه‪ّ ،‬أما يوحنّا فيذهب‬
‫يَ َ‬
‫إىل أبعد من ذلك‪ ،‬إنّه يلف ذراعه حول قامته ويسند رأسه على صدره‪ .‬ويـُ َقبِّّله يسوع من شعره‪.‬‬

‫«عن ماذا كنتم تتح ّدثون؟»‬

‫إليك هنا‪».‬‬
‫ماسة َ‬
‫«كنّا نقول اي معلّم إنّنا يف حاجة ّ‬
‫«ملاذا؟ اي أصدقائي‪».‬‬

‫ينتظرونك منذ أكثر من يومني‪ ...‬لقد‬


‫َ‬ ‫برؤيتك‪ ،‬ومثّ من أجل مساكني ومرضى‬
‫َ‬ ‫سعد‬
‫«لنر َاك ونَ َ‬
‫عمل‬
‫عملت ما بوسعي‪ .‬جعلتُهم يُقيمون هنا‪ ،‬كما ترى‪ ،‬يف هذا الكوخ‪ ،‬يف هذا احلقل البور‪ .‬فهنا يَ َ‬ ‫ُ‬
‫قعداً‪ ،‬ورجالً فريسة حلرارة مرتفعة‪ ،‬وطفالً َيوت على صدر‬
‫أويت ُم َ‬
‫احلرفيّون يف إصالح املراكب‪ .‬ولقد ُ‬
‫عنك‪».‬‬
‫ّأمه‪ .‬مل يكن بوسعي إرساهلم للبحث َ‬
‫قلت يل ّإهنم فقراء‬
‫ـتطعت إعانتـهم مع الذين َجلَبـوهم؟ فلقد َ‬
‫فعلت‪ .‬إّّنا كيف اس َ‬
‫«حسـناً َ‬
‫مساكني!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 180 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ابلتأكيد اي معلّم‪ .‬فاألغنياء لديهم عرابت وخيل‪ّ .‬أما الفقراء فليس لديهم سوى سيقاهنم‪ ،‬وهم‬
‫حصلت عليها‪ ،‬مل‬ ‫لت ما بوسعي‪ .‬انظُر‪ :‬هذه العطااي اليت‬ ‫َ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ملالقاتك‪َ .‬عم ُ‬ ‫يف حالة يرثى هلا للمجيء‬
‫تصرف هبا‪».‬‬
‫أنت أن ت ّ‬ ‫لك َ‬‫أمسها‪َ .‬‬
‫ّ‬
‫لك اللوم‬
‫بنفسك‪ .‬ابلطبع‪ ...‬اي بطرس‪ ،‬إنّين أأت ّمل لتَ َح ُّم َ‬
‫َ‬ ‫توزعها‬
‫مبقدورك أن ّ‬
‫َ‬ ‫«اي بطرس‪ ،‬كان‬
‫والتعب بسبيب‪».‬‬

‫تنز ِّعج‪ .‬فأان ال أعاين‪ .‬ما يؤملين فقط هو عدم امتالكي حمبّة أكرب‪ .‬إّّنا‬
‫«ال اي سيّدي‪ ،‬ينبغي ّأال َ‬
‫كل ما استطعنا إليه سبيالً‪».‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫مجيع‬ ‫لنا‬ ‫ثق‪ ،‬لقد عملت‪ ،‬بل لقد ع ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تك حيّة‪ ،‬فاعِّلة‪ ،‬ومقدَّسة‬
‫لت دوّنا نتيجة‪ .‬إّّنا عدا الطعام تبقى حمبّ َ‬ ‫«أعرف ذلك‪ .‬أعلم أنّ َ ِّ‬
‫ك َعم َ‬
‫عيين هللا‪».‬‬
‫يف ّ‬
‫َجيري أطفـال وهم يَهتفون‪« :‬إنّه املعلّم! إنّه املعلّم! ها هو يسـوع‪ ،‬ها هو يسوع!» ويتعلّقون به‬
‫وهو يداعبهم‪ ،‬بينما يتح ّدث إىل التالميذ‪.‬‬

‫إيل‬
‫هلموا بعد ذلك َّ‬
‫وصلت مثّ ّ‬
‫ُ‬ ‫أنت وأنتم كذلك اذهبوا وقولوا أبنّين‬
‫بيتك اي مسعان‪ ،‬و َ‬
‫سأدخل َ‬
‫ابملرضى‪».‬‬

‫ص َل فكفرانحوم كلّها تعرف‬


‫ابجتاهات خمتلفة‪ .‬إّّنا أن يكون يسوع قد َو َ‬
‫َيضي التالميذ مسرعني ّ‬
‫ذلك‪ ،‬بفضل األطفال الذين يشبهون النحل اخلارج من القفري للذهاب إىل الزهور اليت هي يف مثل‬
‫املارة‬
‫لألمهات و َّ‬
‫فعمني سعادة حاملني النبأ ّ‬ ‫هذه احلالة البيوت والشوارع والساحات‪ .‬يروحون وجييئون ُم َ‬
‫والعجائز اجلالِّسني حتت الشمس ليعودوا بعدئذ إىل الذي ُيبّهم ليداعبهم أيضاً‪ .‬ويقول له أحدهم‬
‫أنت تعرف ذلك‪ ،‬وحنن أفضل‬ ‫ك كثرياً‪ ،‬و َ‬
‫جبسارة‪« :‬حت ّدث إلينا‪ ،‬حت ّدث إلينا اليوم اي يسوع‪ .‬فنحن حنبّ َ‬
‫من الرجال‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 181 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يبتسم يسوع ِّ‬
‫لعامل النفس الصغري ويَعِّده‪« :‬سوف أحت ّدث متاماً من أجلكم‪ ».‬وَيضي إىل البيت‬
‫يتبعه األطفال‪ ،‬وُييّي حتيّة السالم‪« :‬السالم هلذا البيت‪».‬‬
‫للشباك واحلبال و ِّ‬
‫السالل واجملاذيف واألشرعة واملؤونة‪ .‬ال‬ ‫ّ‬‫يـتَ َدفَّق الناس إىل الغرفة اخللفية املع ّدة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ليوسع مكاانً‪ .‬ال تُرى‬
‫ب ّد أ ّن بطرس قد وضعها حتت تصرف يسوع‪ ،‬ولقد َمجَ َع كل حمتوايهتا يف زاوية ّ‬
‫البحرية من هناك‪ ،‬إّّنا يُسمع فقط تالطُم األمواج اخلفيف‪ .‬وخالفاً لذلك يٌرى جدار احلديقة األخضر‬
‫حّت على الطريق مل جيدوا هلم مكاانً يف الغرفة اليت يف‬‫املورقَة‪ .‬هناك أانس ّ‬ ‫مع الكرمة العتيقة والتينة ِّ‬
‫احلديقة فوصلوا من هناك إىل الدرب‪.‬‬

‫وحون للشعب‬ ‫يبدأ يسوع احلديث‪ .‬يف الصف األول يت ِّ‬


‫السلطة‪ ،‬أو بفعل ما يُ ُ‬
‫َّخذ األماكن بفعل ُّ‬ ‫ّ‬
‫كل ذلك‬‫الرهبة‪ ،‬أشخاص مخسة من املرتبة الرفيعة‪ .‬فمعاطفهم الواسعة وثياهبم الفاخرة وكربايؤهم‪ّ ،‬‬ ‫من َّ‬
‫يتمسك يسوع إببقاء األطفال حوله‪ ،‬إكليالً من‬‫يشري إىل ّأهنم من الفريّسيّني ومعلّمي الشريعة‪ .‬حينئذ ّ‬
‫لتتأمله‪ .‬يتح ّدث يسوع‪ ،‬وفيما هو‬
‫النرية واالبتسامة املالئكيّة اليت ترتفع ّ‬
‫الوجوه الصغرية الربيئة ابلعيون ّ‬
‫س عند قدميه وأسنَ َد رأسه على ركبتيه وذراعاه‬‫جمعداً َجلَ َ‬
‫يتكلّم يداعب بني الفينة والفينة رأس طفل ّ‬
‫الشباك و ِّ‬
‫السالل‪.‬‬ ‫متصالبتان‪ .‬يتكلّم يسوع وهو جيلس على كومة كبرية من ِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫«"حبييب نـََزَل إىل حديقته‪ ،‬إىل روضة األطياب‪ ،‬ليشبَع وسط احلدائق وجيمع الـزانبق‪ ...‬وهو‬
‫يشـبَع وسـط الـزانبق"‪ .‬إنّه كالم سـليمان بن داود الذي َأحتـ ّدر منـه أان مسيح إسرائيل‪.‬‬

‫جنّيت! أيّة جنة أمجل وأليق ابهلل من السماء حيث الزهور مالئكة َخلَ َقها هللا؟ ومع ذلك فال‪.‬‬
‫ست جسداً ال َيكنين‬ ‫ّإهنا جنّة أخرى شاءها االبن الوحيد لآلب‪ ،‬ابن اإلنسان‪ .‬إذ من أجل اإلنسان لَبِّ ُ‬
‫بدونه افتداء خطااي جسد اإلنسان‪ .‬كان َيكن هلذه اجلنّة أن تكون أدىن قليالً من جنّة السماء‪ ،‬لو أ ّن‬
‫ليمألوا األرض شعوابً‬‫أبناء آدم َخَرجوا من اجلنّة األرضيّة مثل حنالت لطيفة خارجة من القفري‪ ،‬أبناء هلل َ‬
‫العدو زرع العلّيق واألشواك يف قلب آدم‪ ،‬ومنه انتَ َشَرت األشواك‬
‫لكن ّ‬ ‫مق ّدسة أبمجعها مع ّدة للسماء‪ .‬و ّ‬
‫والعلّيق يف األرض اليت مل تعد جنّة‪ ،‬إّّنا غابة متوحشة وفظيعة حيث تسيطر احلرارة وحيث تت ِّ‬
‫َّخذ احليّة‬ ‫ّ‬
‫وكرها‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 182 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ولكن مع ذلك‪ ،‬ما زالَت البن هللا احلبيب جنّة على هذه األرض اليت َيلك الشيطان عليها‪.‬‬
‫احلب والطهارة‪ .‬األرض اليت جيين منها الزهـور الغـاليـة‬
‫السماوي‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫اجلنّة اليت سيشبع فيها من الطعام‬
‫عليـه‪ ،‬حيث ال توجـد عيوب امللـ ّذات اجلسـديّة والشـهوة والكربايء‪ .‬هؤالء (ويداعب يسوع أكرب عدد‬
‫ماراً بيده على اتج الرؤوس الصغرية املتنبّهة‪ ،‬املداعبة الوحيدة اليت تالمسهم وجتعلهم‬
‫من األطفال ّ‬
‫يبتسمون فرحني‪ ).‬ها هي زانبقي‪.‬‬

‫سليمان يف ثرائه مل ُيظ بثوب أمجل من الزنبقة اليت تُـ َع ِّطّر الوادي‪ ،‬وال إبكليل ذي مجال غري‬
‫ي وأكثر أتلّقاً من زنبقة يف كأسها بلون اللؤلؤة‪ .‬ومع ذلك فالزانبق كلّها ال تساوي يف قليب أحد‬ ‫ماد ّ‬
‫ّ‬
‫ثري مزروعة ابلزانبق فقط تكون هلا قيمة أكثر من أحد‬ ‫هؤالء الصغار‪ .‬فال وجود ألرض أو حديقة ّ‬
‫هؤالء األطفال األطهار والربرة واملخلّصني والبسطاء‪.‬‬

‫ظ واملكانة امسعوا! اي من أنتم هنا‬


‫اي رجال واي نساء إسرائيل! أنتم أيّها العظماء واملتواضعون ابحل ّ‬
‫لست أقول لكم كالماً صعباً‪ .‬وال أعطيكم‬ ‫األول لتكونوا يل‪ .‬وأان ُ‬ ‫لتعرفوين وحتبّوين‪ ،‬اعلَموا إذاً الشرط ّ‬
‫أمثلة صعبة كذلك‪ .‬ولكنّين أقول لكم‪" :‬فليكن هؤالء مثاالً لكم"‪.‬‬

‫َمن منكم ليس له ابن أو ابن أخ أو أخ صغري‪ ،‬طفل ما زال صغرياً يف البيت؟ أفال يكون هو‬
‫صيفي والوجه الذي‬
‫ّ‬ ‫الربَرة ذوي النفس الصافية مثل فجر‬
‫َم َبعثاً للراحة والتعزية‪ ،‬أ ََوَال يكون أحد هؤالء ََ‬
‫يب ّدد الغيوم ويـُ َولِّّد األمل‪ ،‬حيث مداعبتهم جت ّفف الدموع وتسكب ّقوة وحيويّة‪ ،‬رابطاً بني األزواج‪ ،‬بني‬
‫األهل وبني األصدقاء؟ ملاذا تكمن مثل هذه القدرة فيهم؟ وهم الضعفاء والعَُّزل والذين ال يزالون‬
‫جاهلني؟ إّّنا ذلك أل ّهنم َيلكون هللا يف ذواهتم وَيلكون ّقوة وحكمة هللا‪ .‬احلكمة احلقيقيّة‪ :‬يعرفون أن‬
‫احلب وهذا اإلَيان‪ .‬فكونوا مثلهم‪:‬‬‫ُيبّوا ويؤمنوا‪ .‬يعرفون أن يؤمنوا ويريدوا‪ .‬يعرفون أن ُييوا يف هذا ّ‬
‫بسطاء‪ ،‬أطهاراً‪ ،‬حمبّني‪ ،‬خملصني ومؤمنني‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 183 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫باركني من‬‫م‬ ‫ملكوته‪.‬‬ ‫هلا‬‫و‬ ‫هلل‬ ‫النفس‬ ‫حيث‬ ‫هؤالء‬ ‫أصغر‬ ‫ن‬ ‫ما ِّمن حكيم يف إسرائيل أعظم ِّ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فليحل سالمي عليكم وعلى الذين يقتدون بكم من‬‫ّ‬ ‫اآلب وحمبوبني من ابن اآلب‪ ،‬زهور حديقيت‪،‬‬
‫حيب‪».‬‬‫أجل ّ‬
‫ينهي يسوع كالمه‪.‬‬

‫يَصيح بطرس وسط اجلموع‪« :‬اي معلّم! يوجد هنا مرضى‪ .‬إثنان منهم يستَ ِّطيعان انتظار‬
‫اصر من اجلمع‪ ...‬مثّ إنّه ال يستطيع الوقوف‪ ،‬وال َيكننا العبور‪ .‬فهل ينبغي‬
‫لكن هذا ُحم َ‬
‫خروجك‪ ،‬و ّ‬
‫َ‬
‫رده؟»‬
‫يل ّ‬
‫«ال بل ِّ‬
‫أنزلوه من السطح‪».‬‬

‫«حسناً‪ .‬سنفعل ذلك يف احلال‪».‬‬

‫سمع صوت خطوات على سطح الغرفة اليت ال تش ّكل جزءاً من البيت‪ ،‬واليت ال سطح من‬ ‫يُ َ‬
‫أي نوع من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لست أدري ّ‬ ‫اإلمسنت هلا‪ ،‬بل غطاء من أغصان ُوض َعت فوق ما يُشبه األلواح احلجرية‪ُ ،‬‬
‫دىل السرير الذي يوجد عليه املريض في ِّ‬
‫صل‬ ‫احلجر َيكنها أن تكون‪ُ .‬حت َدث فيه فتحة‪ ،‬وبواسطة احلبال يُ ّ‬
‫َ‬
‫أمام يسوع ابلضبط‪ .‬ويتزاحم الناس لريوا بشكل أفضل‪.‬‬

‫محلوك‪».‬‬
‫أنت والذين َ‬
‫إَيانك َ‬
‫«عظيم َ‬
‫«آه! اي سيد! كيف َيكن ّأال يكون لنا إَيان ِّ‬
‫بك؟»‬ ‫ّ‬
‫خطاايك"‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك‬
‫فيت) مغفورة َ‬
‫شاب ّ‬
‫لك‪" :‬اي بين (إنّه ّ‬
‫«حسناً‪ ،‬أان أقول َ‬
‫جسدي‪ .‬والفريّسيّون‬
‫ّ‬ ‫َّاب ابكياً‪ ...‬رمبا هو غري ر ٍ‬
‫اض قليالً ألنّه كان أيمل بشفاء‬ ‫يَنظُر إليه الش ّ‬
‫ومعلّمو الشريعة يتهامسون وهم يقومون بتكشرية احتقار ابألنف واجلبهة والفم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 184 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َيسر‪ ،‬أن يُقال‬‫ملاذا هذا اهلمس يف قلوبكم أكثر مما هو على شفاهكم؟ حسب رأيكم أيّهما أ َ‬
‫يرك و ِّ‬
‫امش"؟ أنتم تفكرون أب ّن هللا‬ ‫خطاايك"‪ ،‬أم أن يقال لـه‪" :‬قُم و ِّ‬
‫امحل سر َ‬ ‫لك‬
‫قعد‪" :‬مغفورة َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫للم َ‬
‫ُ‬
‫وحده قادر على غفران اخلطااي‪ ،‬ولكنّكم ال تستطيعون اإلجابة على ما هو أعظم‪ ،‬ذلك أ ّن هذا‬
‫كل أمواله دون إمكانيّة شفائه‪ .‬فليس‬ ‫َّاب الذي فَـ َق َد إمكانيّة استخدام قدراته اجلسديّة‪ ،‬قد بَ َذ َل ّ‬
‫الش ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬ولكي تَعلَموا أ ّن ابن اإلنسان لـه‬ ‫ّإال هللا َيلك هذه القدرة‪ .‬ولكي تَعلَموا أنّين قادر على ّ‬
‫يرك و ِّ‬
‫امش‬ ‫سلطان على األجساد واألرواح‪ ،‬على األرض ويف السماء‪ ،‬أقول هلذا الرجل‪" :‬قُم وامحل سر َ‬
‫بيتك وكن ق ّديساً"‪».‬‬
‫واذهب إىل َ‬
‫صب واقفاً‪ ،‬يرمتي على قدمي يسوع يـُ َقبِّّلهما وَيسحهما‪ ،‬ويبكي‬ ‫ينتَ ِّفض الرجل‪ ،‬يصرخ‪ ،‬ينتَ ِّ‬
‫َ ُ َ‬
‫صراً ويلحقون به مهلِّّلني‪ ،‬مجيعهم ما‬
‫ويضحك معاً ومعه أهله واجلُّموع الذين يصط ّفون بعدئذ ليمَّر منتَ ِّ‬
‫َُ ُ‬
‫نص ِّرفون ُمتعالني ُمتَ ِّّزمتني مثل أواتد‪.‬‬ ‫عدا اخلمسة ال ُـمتَ ِّّ‬
‫كربين الذين يَ َ‬
‫عظمي‪ ،‬فتدفعه‬
‫ّ‬ ‫هكذا تتم ّكن املرأة من الدخول مع طفلها الذي ما يزال رضيعاً‪ ،‬ولكنّه هيكل‬
‫ك‬
‫فبحق حبّ َ‬
‫ّ‬ ‫قلت‪.‬‬
‫حتب هؤالء الصغار‪ .‬هكذا َ‬ ‫أنت ّ‬ ‫إىل يسوع قائلة له فقط‪« :‬اي يسوع‪َ ،‬‬
‫الدتك!‪ »...‬وتبكي‪.‬‬
‫وو َ‬
‫يضمه إىل قلبه‪ .‬يبقيه فَتة على فمه‪ ،‬بوجهه‬
‫أيخذ يسوع الطفل وهو حقيقة يف حالة احتضار‪ّ ،‬‬
‫الشمعي الصغري وشفتيه البنفسجيّتني واجلفنني املغلقني‪ .‬يبقيه هكذا فَتة‪ ...‬وعندما يبعده عن حليته‬
‫ّ‬
‫وشَرع الفم الصغري يف ابتسامة طفوليّة‪ّ .‬أما عيناه فتنظران حوله‪،‬‬
‫وردايً َ‬
‫الشقراء يكون الوجه قد أصبَ َح ّ‬
‫حيويّتني وفضوليّتني‪ .‬ويداه املنقبضتان يف البدء تعبَـثَان بشعر وحلية يسوع الذي يبتسم‪.‬‬

‫األم ال َف ِّر َحة‪« :‬آه! اي ولدي!»‬


‫تصيح ّ‬
‫«خذيه أيتها املرأة وكوين سعيدة وصاحلة‪».‬‬

‫ظهر الصغري حاالً ُمطالِّباً حبقوقه‬


‫تضمه إىل صدرها ويَ َ‬
‫وأتخذ األم الطفل الذي استعاد احلياة‪ّ ،‬‬
‫متلهفاً وسعيداً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫رضع ّ‬‫يف الغذاء‪ .‬يـُ َفتّش‪ ،‬يَفتَح‪ ،‬ويَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 185 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫العتَـبَة حيث املريض ذو احلرارة املرتفعة‪.‬‬
‫ذهب إىل َ‬
‫عرب‪ .‬يَ َ‬ ‫يُ ِّ‬
‫بارك يسوع ويَ ُ‬
‫«اي معلّم كن طيّباً!»‬

‫أنت كذلك َكِّّرس ال ُقوى املستعادة لالستقامة‪ ».‬يلمسه بلطف َ‬


‫وَي ُرج‪.‬‬ ‫«و َ‬
‫نسمعك‪ .‬مل‬
‫َ‬ ‫َيضي إىل الشاطئ فيسبقه ويتبعه ويباركه أانس كثريون يرجونه‪« :‬حنن‪ ،‬حنن مل‬
‫نستطع الدخول‪ .‬حت ّدث إلينا أيضاً‪».‬‬

‫فيشري يسوع بِّنَـ َعم‪ ،‬ومبا أ ّن اجلموع يتزامحون حوله إىل ح ّد خنقه‪ ،‬يَ َ‬
‫صعد إىل مركب بطرس‪.‬‬
‫قعد املركب‪.‬‬
‫حّت َم َ‬
‫وهذا كذلك ال يكفي فهم يتبعونه ّ‬
‫«ضع املركب يف املاء وابتعد قليالً‪».‬‬

‫وهنا كانت هناية الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 186 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫العجائيب)‬
‫ّ‬ ‫‪( -28‬الصيد‬

‫‪1944 / 11 / 10‬‬

‫تُ ِّ‬
‫عاود الرؤاي على كلمات يسوع هذه‪:‬‬

‫كل شيء يف الربيع يقول صاحب احلقول مسروراً‪" :‬سوف يكون حمصول الثمار‬ ‫ر‬ ‫«عندما ي ِّ‬
‫زه‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وفرياً"‪ .‬وهذا األمل َيأل روحه غبطة‪ .‬إّّنا ِّمن الربيع إىل اخلريف‪ِّ ،‬من شهر الزهور إىل شهر الثمار كم‬
‫متر‪ .‬ومثّ احلروب وضراوة املقتَ ِّدرين‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫األايم وَكم من الرايح واألمطار والشمس والزوابع ينبغي أن ّ‬ ‫من ّ‬
‫ِّ‬
‫الزرع يُنكش أو ُُيرث أو يُسقى أو‬ ‫وأمراض النبات وكذلك أمراض صاحب احلقول‪ .‬حينئذ ال يعود َّ‬
‫ّنوها ومتوت متاماً أو تفقد حمصوهلا!‬ ‫ِّ‬
‫يُدعَّم أو يـُ َعَّزق‪ .‬واألشجار اليت كانت تَعد بثمر كثري يتوقّف ّ‬
‫أنتم تتبعونين وحتبّونين‪ ،‬فأنتم كالزرع يف الربيع‪ ،‬تَبدون ذوي نوااي حسنة ومشاعر حمبّة‪ .‬ابحلقيقة‬
‫إ ّن إسرائيل يف فجر رساليت تشبه حقولنا املمتعة يف شهر نيسان (أبريل) املشرق‪ .‬إّّنا امسعوا‪ .‬كاحملروقني‬
‫جمد‬
‫بفعل اجلفاف سَتون الشيطان آتياً وهو الذي سيج ّففكم بنَـ َفسه احلاسد‪ .‬مثّ العامل الذي ستُ ّ‬
‫ِّ‬
‫كل أعدائي‬‫هتب عواصف الشهوات والسأم كواب ِّل املطر‪ .‬وسيُقبل ّ‬ ‫رايحه اجلليديّة زهوركم‪ .‬سوف ّ‬
‫وأعدائكم لقتل مثار الرغبة اليت كانت قد أزهرت يف هللا‪.‬‬

‫كل شيء عندما أكون أان كاملزارع‬ ‫أ ِّ‬


‫ُح ّذركم من هذا ألنّين أعرف‪ .‬ولكن هل سيَضيع حينئذ ّ‬‫َ‬
‫املريض‪ ،‬بل أكثر من مريض‪ :‬ميت‪ ،‬فال أعود قادراً على منحكم الكالم وال املعجزات؟ ال‪ .‬فأان أَب ُذر‬
‫النمو والنضج‪ ،‬وذلك بسهركم اجليّد‬ ‫مهمة ّ‬‫أتعهد ابلعناية طاملا هو زمين‪ ،‬بعد ذلك تقع على كاهلكم ّ‬
‫و ّ‬
‫على ذلك‪.‬‬

‫انظروا إىل تينة بيت مسعان بن يوان هذه‪ ،‬فالذي َزَر َعها مل َيَت املكان الصحيح واملناسب‪ .‬لقد‬
‫ُزِّر َعت إىل جانب جدار رطب ومشايل‪ ،‬وكانت على وشك املوت لو مل تكن تريد محاية نفسها بنفسها‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 187 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لتحيا‪ .‬ولقد َحبَثَت عن الشمس والنور‪ .‬فهي اآلن منحنية‪ ،‬إّّنا قويّة وشاخمة‪ ،‬وهي اليت منذ الفجر‬
‫ب الشمس لتصنع عصارة لثمارها اللذيذة اليت تُـ َع ّد ابملئات‪ .‬لقد دافَـ َعت عن نفسها لوحدها‪.‬‬ ‫تَـغُ ُّ‬
‫قالت‪" :‬أرادين اخلالق ألمنح اإلنسان الفرح والغذاء‪ .‬وأريد أن تتّحد إراديت إبرادته!"‪ّ .‬إهنا شـجرة تني!‬
‫نبتـة صمـّاء! دون نفس! وأنتم مع كونكم أبنـاء هللا‪ ،‬أبناء البشر‪ ،‬هل ستكونون أدىن من هذه الشجرة؟‬

‫اسهروا جيّداً لتُعطوا مثار حياة خالدة‪ .‬أان أعتين بكم‪ ،‬ويف النهاية سأعطيكم عصارة ال َيكن‬
‫َ‬
‫تتصرفوا بشكل جيعل الشيطان يشمت على أنقاض عملي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أن يوجدها أحد مهما كان ُمقتَدراً‪ .‬ال ّ‬
‫القوة‪ .‬اسعوا إىل احلياة‪ .‬فأان احلياة‬ ‫ِّ‬
‫وتضحييت ونفسكم‪ .‬احبَثوا عن النور‪ .‬فَـتّشوا عن الشمس‪ .‬اطلبوا ّ‬
‫أتيت منه‪ .‬أحتدَّث هنا ألدعوكم‬
‫القوة والشمس والنور للذي ُيبّين‪ ،‬أان هنا ألقودكم إىل املكان الذي ُ‬‫و ّ‬
‫مجيعاً وأدلّكم على شريعة الوصااي العشر اليت َهتِّب احلياة األبدية‪ .‬أُعطيكم وصية احلب هذه‪ِّ :‬‬
‫"أحبّوا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫هللا والقريب"‪ّ .‬إهنا الشرط األول إلمتام كل خري آخر‪ّ .‬إهنا األقدس يف الوصااي العشر‪ِّ .‬‬
‫أحبّوا‪ .‬فالذين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُيبّون يف هللا‪ ،‬الذين ُيبّون هللا‪ ،‬والذين سيكون هللا رّهبم‪ ،‬سيكون هلم يف األرض والسماء السالم الذي‬
‫سيكون هلم خيمة واتجاً‪».‬‬

‫ويبتَعِّد الناس على مضض بعد بركة يسوع‪ .‬مل يكن هناك مرضى وال مساكني‪.‬‬
‫يقول يسوع لسمعان‪ِّ « :‬‬
‫اند االثنني اآلخرين‪ ،‬سنمضي إىل البحرية لنرمي ِّّ‬
‫الشباك‪».‬‬

‫اعي ُم َنه َكتَان ِّمن رمي الشباك وجذهبا طوال الليل دوّنا فائدة‪ .‬فالسمك يف‬
‫«اي معلّم‪ ،‬إ ّن ذر ّ‬
‫األعماق‪ ،‬ومن يدري أين؟»‬

‫ك‪».‬‬ ‫لك اي بطرس‪ .‬أ ِّ‬


‫َنصت دائماً إىل َمن ُيبّ َ‬ ‫افعل ما أقولُه َ‬
‫« َ‬
‫خد ِّمني بصوت مرتفع وكذلك يعقوب‬ ‫لكلمتك‪ ».‬وينادي ال ُـمستَ َ‬
‫َ‬ ‫«سأفعل ما تقوله احَتاماً‬
‫ويوحنّا‪«.‬سنذهب للصيد‪ّ ،‬إهنا إرادة املعلّم‪ ».‬وبينما هم يبتعدون يقول ليسوع‪« :‬ومع ذلك اي معلّم‬
‫لك أ ّن الوقت ليس مالئماً‪ .‬ففي هذه الساعة َمن يدري أين تراها تسَتيح األمساك!‪»...‬‬
‫أؤّكد َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 188 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جيلس يسوع على مق ّدمة السفينة مبتسماً وصامتاً‪.‬‬

‫يهتز‬
‫الشباك‪ .‬وبعد انتظار بضع دقائق ّ‬ ‫يُ َش ِّّكلون شكل قوس من دائرة على البحرية مثّ يرمون ِّّ‬
‫املركب بشكل غريب‪ ،‬مع العِّلم أ ّن البحرية حتت الشمس املرتفعة يف األفق ساكنة مثل الزجاج السائل‪.‬‬

‫فيقول بطرس حمملقاً‪« :‬ولكن اي معلّم! ّإهنا األمساك!»‬

‫يبتسم يسوع ويبقى صامتاً‪.‬‬

‫لكن املركب َييل ِّمن جهة الشَّبَ َكة‪«.‬أو هيه!‬


‫ّ‬ ‫و‬ ‫»‬‫ا!‬
‫و‬ ‫ارفع‬ ‫ا!‬
‫و‬ ‫ارفع‬ ‫«‬ ‫ني‪:‬‬ ‫خد ِّ‬
‫م‬ ‫وأيمر بطرس ال ُـمستَ َ‬‫ُ‬
‫يعقوب! يوحنّا! أَقبِّال! َج ِّّدفا بسرعة!»‬

‫البحارة يف رفع الشبكة دون ختريب الغنيمة‪ .‬مخس‪ ،‬عشر سالل‪.‬‬ ‫سرعان‪ ،‬وتَنجح جهود ّ‬ ‫يُ ِّ‬
‫ليفر‬
‫يتحرك ّ‬
‫فضة وبرونز ح ّي ّ‬
‫حّت اجلمام‪ ،‬وما زال الكثري من السمك َيتلج يف الشبكة‪ّ :‬‬ ‫امتَ َألَت كلّها ّ‬
‫ص َل ذلك فكان‬
‫حل واحد‪ :‬إفراغ ما بقي يف الشبكة يف قعر املركب‪َ .‬ح َ‬
‫من املوت‪ .‬فلم يبق آنئذ سوى ّ‬
‫حّت أعلى من الكاحل‬ ‫حينئذ ارتعاش حيوات حتتضر‪ .‬وغاصت أرجل َّ ِّ‬
‫الصيادين يف هذا الفيض ّ‬ ‫َ‬
‫و َغ َمَرت املراكب إىل ما بعد خط العوم بسبب احلمولة الزائدة‪.‬‬

‫العصي لتفادي االرتطام‪ .‬فالوزن زائد!»‬


‫ّ‬ ‫وجهزوا‬
‫انشروا األشرعة! انتبهوا للقاع ّ‬
‫«إىل اليابسة! ُ‬
‫عمل بطرس فِّكره‪ .‬ولكنّه فور نزوله‪ ،‬يَفتَح عينيه ويُ ِّ‬
‫درك‪ .‬إنّه خائف‪.‬‬ ‫طوال فَتة احلدث‪ ،‬مل ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ك!» وهو اآلن جيثو‬ ‫لست أهالً ألن أكون قريباً من َ‬
‫الرب! ابتعد عين! فأان رجل خاطئ‪ .‬و ُ‬ ‫«أيّها املعلّم ّ‬
‫الرملي الرطب‪.‬‬
‫على الشاطئ ّ‬
‫عنك‪ .‬ومنذ اآلن ستُصبِّح صيّاداً للناس‬
‫ينظر إليه يسوع ويبتسم‪« .‬اهنَض! اتبَعين! لن أختلّى َ‬
‫رفاقك هؤالء‪ .‬ال ختشوا بعد شيئاً‪ ،‬أدعوكم‪ ،‬هيّا!»‬
‫ومعك َ‬‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 189 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء لزبدى وصهري‪ .‬هيّا بنا‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫امحل‬
‫و‬ ‫ب‬‫«يف احلال اي سيدي‪ .‬أما أنتم فاعتَنوا ابلـمراكِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األزيل هلذا االختيار‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫لك اي يسوع! وبورَك ّ‬ ‫فجميعنا َ‬
‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 190 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي يلتقي يسوع يف اجلسمانيّة ويسوع يَقبَله تلميذاً)‬


‫‪( -29‬االسخر ّ‬
‫‪1944 / 12 / 28‬‬

‫نح َدر‪ ،‬بوضعيّته املعتادة‪ ،‬مرفقاه‬ ‫ِّ‬


‫بعد الظهر‪ ،‬أرى يسوع‪ ...‬حتت الزيتون‪ ...‬إنّه َجيلس على ُم َ‬
‫على الركبتني وساعداه إىل األمام ويداه مضمومتان‪ .‬يهبط الليل والنور َيفت أكثر فأكثر حتت أوراق‬
‫ابحلر‪ ،‬وثوبه األبيض يُضفي لوانً‬
‫ع معطفه كما لو كان يشعر ّ‬ ‫الزيتون‪ .‬ويسوع ما يزال وحيداً‪ .‬وقد نـََز َ‬
‫زاهياً على اخلضرة اليت يُعتمها الغسق‪.‬‬

‫يَهبط رجل بني الزيتون‪ .‬يبدو أنّه يبحث عن شخص أو عن شيء‪ .‬إنّه ضخم‪ ،‬يرتدي ثوابً‬
‫لست أرى وجهه جيّداً بسبب النور‬ ‫وردايً‪ ،‬يَربُز لون املعطف املزيّن أبهداب فضفاضة‪ُ .‬‬
‫زاهياً‪ :‬أصفر ّ‬
‫اخلافت واملسافة‪ ،‬ممّا يعيق التمييز‪ ،‬وكذلك ألنّه َيسك بزاوية معطفه اليت تغطّي جزءاً من وجهه‪.‬‬
‫وُيث اخلطى‪ .‬وعلى بعد أمتار منه يلقي التحيّة‪:‬‬
‫وعندما يرى يسوع يقوم حبركة كأنّه يقول‪« :‬ها هو!» ّ‬
‫«سالماً اي معلّم!»‬

‫فجائي ويرفع رأسه‪ ،‬إذ كان الرجل القادم لدى وصوله قريباً منه على‬ ‫بشكل‬ ‫يسوع‬ ‫ت‬ ‫يلت ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫يك اي معلّم! أان يهوذا‬ ‫املنحدر‪ .‬يَنظُر إليه يسوع جبديّة‪ ،‬بل أقول حبزن‪ .‬يُ ِّّ‬
‫كرر اآلخر‪« :‬أُحيّ َ‬
‫يوطي‪ .‬أال تعرفين؟ أال تذكر؟»‬
‫االسخر ّ‬
‫إيل مع توما يف الفصح املاضي‪».‬‬
‫أنت من حتدَّث َّ‬
‫أعرفك‪َ .‬‬
‫«بل أذ ُكر و َ‬
‫أتيت‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫رت وها قد ُ‬
‫وقرر قبل عوديت"‪ .‬لقد ّقر ُ‬
‫قلت له‪" :‬فَ ّكر ّ‬
‫«والذي َ‬
‫حبق‪.‬‬
‫أتيت اي يهوذا؟» يسوع حزين ّ‬
‫«ملاذا َ‬
‫أنت امللك‪».‬‬
‫فيك َ‬
‫لك السبب يومها‪ .‬ألنّين أحلم مبملكة إسرائيل وأرى َ‬
‫قلت َ‬
‫«ألنّين‪ُ ...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 191 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت؟»‬
‫«أألجل هذا َ‬
‫كل ما أستطيع امتالكه من قدرات ومعارف وصداقات وجهد يف‬
‫«وألجل هذا أضع نفسي و ّ‬
‫رسالتك إلعادة بناء إسرائيل‪».‬‬
‫َ‬ ‫خدمتك وخدمة‬
‫َ‬
‫يتأمالن بعضهما‪ .‬يسوع‬ ‫ِّ‬
‫أصبَ َح االثنان اآلن يف مواجهة بعضهما‪ ،‬الواحد قرب اآلخر‪ ،‬واق َفني ّ‬
‫فعماً شباابً وطُموحاً‪.‬‬‫حّت ليبدو حزيناً‪ّ ،‬أما اآلخر فتائه يف حلمه‪ ،‬مبتسماً وسيماً ُم َ‬
‫جاد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أطلبك اي يهوذا‪».‬‬
‫َ‬ ‫«أان مل‬

‫أرسلت أحدهم إىل األبواب‬


‫ُ‬ ‫عنك‪ .‬منذ ّأايم و ّأايم‬
‫كنت أحبث َ‬ ‫الحظت ذلك‪ ،‬إّّنا أان ُ‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫إليك ابلنتيجة سهالً‪ .‬بينما‪...‬‬
‫التعرف َ‬ ‫ك سـتأيت برفقـة تالميذ فيكون ّ‬ ‫كنت أظنّ َ‬
‫ـك‪ُ .‬‬ ‫إلشـعاري بقدوم َ‬
‫يت مريضاً‪ ،‬إّّنا مل يكن إبمكان أحد‬ ‫ك َش َف َ‬
‫كك ألنّ َ‬
‫احلجاج كان يبار َ‬
‫ك هنا أل ّن مجعاً من ّ‬‫كت أنّ َ‬
‫أدر ُ‬
‫أبال‬
‫مت ّ‬‫لكنت َسلَّ ُ‬
‫ُ‬ ‫أجدك هنا‬
‫أتيت‪ .‬ولو مل َ‬ ‫تذكرت هذا املوضع‪ ،‬و ُ‬
‫ُ‬ ‫أنت موجود‪ .‬حينئذ‬
‫القول أين َ‬
‫أجدك بَعد‪»...‬‬
‫َ‬

‫خلريك؟»‬
‫«هل تعتقد أ ّن إجيادي كان َ‬

‫يدك‪».‬‬
‫بك‪ ،‬أر َ‬
‫أرغب َ‬
‫كنت ُ‬
‫عنك‪ُ ،‬‬
‫كنت أحبث َ‬
‫«نعم‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫ثت عين؟»‬
‫«ملاذا ‪ ،‬ملاذا َحبَ َ‬
‫لك ذلك اي معلّم! أمل تفهمين؟»‬
‫قلت َ‬
‫«ولكن قد ُ‬
‫أنت قبل أن تتبعين‪ .‬هيّا‪ .‬سوف‬
‫تفهمين َ‬
‫فهمتك‪ .‬ولكنّين أريد أن َ‬
‫َ‬ ‫فهمتك‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد‬
‫َ‬ ‫«لقد‬
‫شرعان ابلسري الواحد إىل جانب اآلخر‪ ،‬صاعدين وهابطني عرب الدروب‬ ‫نتكلّم معاً وحنن نسري‪ ».‬ويَ َ‬
‫ُثنيك عن هذا‪ ،‬فأان مل‬
‫علي أن أ َ‬
‫اليت تقطع بستان الزيتون‪« .‬أنت تتبعين لفكرة بشريّة اي يهوذا‪ .‬وأان َّ‬
‫آت لذلك‪».‬‬ ‫ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 192 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫أنت الذي تَ َكلَّم َ‬
‫عنك األنبياء؟‬ ‫ك تكون َملك اليهود؟ َ‬‫إليك أبنّ َ‬
‫ُشري َ‬ ‫أنت الذي أ َ‬‫ألست َ‬
‫«ولكن َ‬
‫مهب الريح مل يعد اهلواء‬
‫لقد ظَ َهَر آخرون‪ ،‬إّّنا كان ينقصهم الكثري‪ ،‬ولكنّهم َس َقطوا مثل أوراق يف ّ‬
‫ك َجت ََِّتح املعجزات‪ .‬وحيث يوجد هللا فإ ّن جناح الرسالة مؤّكد‪».‬‬‫معك لدرجة أنّ َ‬
‫أنت‪ ،‬هللا َ‬
‫ُيملها‪ .‬و َ‬
‫عين األنبياء‪ ،‬والذي َو َع َد يب اآلابء‪ ،‬أان‬ ‫ِّ‬
‫قلت أب ّن هللا معي‪ .‬فأان َكل َمته‪ .‬أان الذي تنبّأ ّ‬
‫«حسناً َ‬
‫ك مل تعودي تعرفني‬ ‫حت عمياء وصماء لدرجة أنّ ِّ‬ ‫من تنتظرين اجلُّموع‪ .‬ولكن ملاذا اي إسرائيل قد أصب ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلقيقي لألمور؟ مملكيت ليست من هذا العامل اي يهوذا‪ .‬تن ّكر‬ ‫ّ‬ ‫الس َمع وإدراك املعىن‬
‫القراءة والنَّظَر و َّ‬
‫جئت أدعو ِّص ِّّديقي‬ ‫جئت أَمحل إلسرائيل النور واجملد‪ ،‬إّّنا ليس نور وجمد األرض‪ .‬لقد ُ‬
‫ِّ‬
‫ألفكارك‪ .‬لقد ُ‬ ‫َ‬
‫إسرائيل إىل امللكوت‪ ،‬إذ إن يف إسرائيل ومع إسرائيل ينبغي أن تتش ّكل وتكرب شجرة احلياة األبديّة‪،‬‬
‫حّت هناية الدهور‪ .‬تالميذي‬ ‫كل األرض ّ‬‫الرب نسغها‪ ،‬الشجرة اليت متت ّد أغصاهنا على ّ‬ ‫اليت سيكون دم ّ‬
‫ي أيضاً من‬ ‫لكن ُمضطَ ِّه ِّد َّ‬‫األوائل سيكونون من إسرائيل‪ .‬أوائل اجملاهرين إبَياهنم يب من إسرائيل‪ .‬و ّ‬
‫دي من إسرائيل‪ .‬وخائِّين أيضاً ِّمن إسرائيل‪»...‬‬ ‫جال ّ‬
‫إسرائيل وكذلك ّ‬

‫عنك‪».‬‬
‫معك أدافع َ‬
‫خانك اجلميع فسأبقى أان َ‬
‫«ال اي معلّم‪ .‬هذا أبداً‪ .‬وإذا ما َ‬
‫حّت تؤّكِّد ذلك؟»‬ ‫ِّ‬
‫أنت اي يهوذا؟ عالم ترتَكز ّ‬
‫« َ‬
‫«على شريف كرجل‪».‬‬

‫صني‪.‬‬ ‫وخملِّ ِّ‬


‫القوة من هللا لنكون شرفاء ُ‬ ‫ب‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬‫ط‬ ‫فعلينا‬ ‫يهوذا‪،‬‬ ‫اي‬ ‫عنكبوت‬ ‫نسيج‬ ‫ن‬ ‫«إ ّن هذا َألَوهى ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫فاإلنسان!‪ ...‬اإلنسان يقوم بعمل إنسان‪ .‬وإلمتام عمل الروح ‪-‬إذ إ ّن اتباع املسيح يف حقيقته و ّبره‬
‫أنت قادر على القيام بفعل‬ ‫ِّ‬
‫وجعله يُولَد من جديد‪ .‬فهل َ‬ ‫يعين القيام بعمل الروح‪ -‬جيب إماتة اإلنسان َ‬
‫كهذا؟»‬

‫كل الناس يف إسرائيل‪ .‬إّنا إسرائيل‬


‫ُيبك ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬أان قادر على ذلك‪ .‬وأُضيف أبنه قد ال َ‬
‫تنتظرك منذ قرون!»‬
‫َ‬ ‫لن َجتلد أو ختون مسيحها أبداً‪ .‬ذلك ّإهنا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 193 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«سوف ُيصل ذلك‪ .‬تذ ّكر األنبياء‪ ،‬كالمهم وهناايهتم‪ .‬إنّين ُمهيّأ ألُخيِّّب آمال أانس كثريين‪.‬‬
‫يقابلك لطيف ومسامل وفقري ويريد أن يبقى فقرياً‪ .‬أان مل ِّ‬
‫آت‬ ‫أنت أحد هؤالء‪ .‬اي يهوذا‪ ،‬إ ّن الذي‬
‫َ‬ ‫و َ‬
‫احم األقوايء وال ُـمقتَ ِّدرين‪ ،‬وال أيّة مملكة أو أيّة ُسلطة‪ .‬فليس‬
‫ألفرض نفسي وأشن احلرب‪ .‬أان ال أُز ِّ‬
‫ّ‬
‫حيب‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫أتيت ألُحطّم سالسل الشيطان بنار ّ‬ ‫أتيت ألُزامحه على النُّفوس‪ ،‬وإنّين ُ‬ ‫سوى الشيطان الذي ُ‬
‫لك وأقول للجميع‪" :‬ال يكن لديكم عطش للثروات‬ ‫ِّ‬
‫الرب والتواضع والع ّفة‪ .‬أقول َ‬
‫أتيت ألُعلّم الرمحة و ّ‬
‫لقد ُ‬
‫أتيت ألهزم روما‬‫كنت تعتقد أنّين ُ‬‫أوهامك اي يهوذا‪ ،‬إذا َ‬ ‫َ‬ ‫أبدي"‪ .‬بَ ِّّدد‬
‫البشريّة‪ ،‬إّّنا اعملوا ملا هو ّ‬
‫املهيمنة‪ .‬فإ ّن إبمكان هريودس والقياصرة النوم بطمأنينة بينما أان أحت ّدث إىل اجلُّموع‪ .‬فلم‬ ‫والطبقات ِّ‬
‫أبدي‪ .‬وهو اآلن جاهز‪ .‬ولكن ما ِّمن إنسان‪ ،‬إن مل يكن‬ ‫ّ‬ ‫وصوجلاين‬ ‫كان‪...‬‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫صوجلان‬ ‫ع‬‫ز‬
‫ِّ‬ ‫ألنت‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫آت‬
‫وأتمل‪»...‬‬
‫األقل ُحبّاً كما أان‪ ،‬يريد الدفاع عنه‪ .‬اذهب اي يهوذا ّ‬ ‫على ّ‬
‫«هل ترفضين اي معلّم؟»‬

‫تقييمك‬
‫َ‬ ‫ُيب‪ .‬إّّنا قل يل اي يهوذا‪ :‬كيف يكون‬
‫«أان ال أرفض أحداً‪ ،‬ذلك أ ّن َمن يَرفُض ال ّ‬
‫آلخر َجي َهل حقيقة مرضه ويوشك أن يشرب من كأسه‪:‬‬
‫ُيس بنفسه َمَرضاً ُمعدايً فيقول َ‬ ‫لفعل أحدهم‪ّ ،‬‬
‫َدرك ما أنت ِّ‬
‫فاعل"؟ أتُعتََرب هذا خيانة أم حبّاً؟»‬ ‫"أ ِّ‬
‫َ‬
‫صحته‪».‬‬
‫«أقول عنه حبّاً ألنّه ال يريد للذي َجي َهل أن يؤذي ّ‬
‫«اعتَِّرب ما أفعله أان هكذا‪».‬‬

‫معك؟ ال‪ ،‬أبداً‪».‬‬


‫أتيت َ‬
‫صحيت إذا ما ُ‬
‫«هل َيكنين إيذاء ّ‬
‫الصحة‪ ،‬ف ّكر بذلك جيّداً‪ ،‬أل ّن َمن يقتل مؤمناً ظنّاً منه‬
‫َيكنك أن تؤذيه هلو أكثر من ّ‬
‫َ‬ ‫«إ ّن ما‬
‫ارس العدل فسيكون حسابه يسرياً ألنّه ال يعرف احلقيقة؛ إّّنا الذي رغم معرفته احلقيقة‪ ،‬فهو‬ ‫أنّه َُي ِّ‬
‫عدواً هلا‪ ،‬فدينونته ستكون رهيبة‪».‬‬
‫ليس فقط ال يتّبعها بل جيعل نفسه ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 194 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت‬ ‫ِّ‬
‫كنت ال ُـم َخلّص‪ ،‬و َ‬
‫ك ال تستطيع رفضي‪ .‬فإذا َ‬ ‫«أان لن أكون كذلك‪ .‬اقبَلين اي معلّم‪ .‬فإنّ َ‬
‫الرب‪ ،‬فلماذا ترفض أن ُختَلِّّصين؟ اقبَلين‪ .‬وسوف‬
‫تراين خاطئاً‪ ،‬نعجة اتئهة‪ ،‬أعمى أبتَـ َع َد عن طريق ّ‬
‫حّت املوت‪»...‬‬
‫أتبعك ّ‬
‫َ‬
‫حّت املوت! صحيح‪ ،‬هذا صحيح‪ .‬مثّ‪»...‬‬
‫« ّ‬
‫«ومثّ اي معلّم؟»‬

‫اذهب وغداً نتقابَل قُرب ابب السمك‪».‬‬


‫«املستقبل يف صدر هللا‪َ .‬‬
‫معك‪».‬‬
‫«شكراً اي معلّم‪ .‬الرب َ‬
‫لتنقذك رمحته‪».‬‬
‫«و َ‬

‫وينتهي كل شيء‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 195 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -30‬يسوع َجي ََِّتح معجزة النَّصل املكسورة عند ابب َّ‬
‫الس َمك)‬

‫‪1944 / 12 / 31‬‬

‫مروي جيّداً‪ .‬أقول واد صغري‬


‫أرى يسوع يسري وحيداً يف طريق ظليلة‪ ،‬وكأنّه يف واد صغري رطب ّ‬
‫مائي صغري‪.‬‬
‫َير يف وسطه جمرى ّ‬ ‫ألنّه حمصور بني ُمرتَـ َفعني أرضيّني و ّ‬
‫املكان قَفر يف ساعات الصباح‪ .‬فالنهار يوشك أن يَ ُبزغ‪ ،‬يوم مجيل ساكن من أوائل ّأايم الصيف‪.‬‬
‫وخاصة على اهلضبة اليساريّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وما عدا تغريد العصافري على األشجار ‪ّ -‬إهنا ابلتحديد أشجار زيتون‬
‫بينما األخرى أكثر عرايً‪ ،‬إّّنا فيها شجريات صغرية‪ :‬بطم وأكاسيا شوكية وأغاف‪ ...‬اخل‪ -‬ما عدا هذا‬
‫دابً‪ ،‬ال يُسمع شيء‪.‬‬
‫التغريد واهلديل احلزين لليمامات الربيّة اليت تبين أعشاشها يف فجوات رابية أكثر َج َ‬
‫أي صوت‪ ،‬يسري عاكساً يف‬ ‫ث‬ ‫والسيل الصغري ذاته حيث يبدو أ ّن املياه القليلة يف وسط جمراه ال ُحت ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬
‫زمرد غامق‪.‬‬‫ضرة احمليط ُمضفياً عليه لون ّ‬‫مياهه ُخ َ‬
‫جيتاز يسـوع جسـراً بدائيّاً صغرياً‪ :‬جذعاً قليل التسوية مرميّاً على السيل دون حاجز (درابزين)‪،‬‬
‫كمل مسريه على الشاطئ اآلخر‪.‬‬ ‫دون أية وسيلة للحماية‪ ،‬وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ظهر أبواب وجدران‪ ،‬ابعة خضار وأطعمة يتزامحون على األبواب اليت ما تزال ُمغلَ َقة‬ ‫اآلن تَ َ‬
‫وحّت ضرابت تنهال‬ ‫للدخول إىل املدينة‪ .‬احلمري تَ َنهق وتتشاجر وأصحاهبا ابلذات ال َيزحون‪ .‬شتائم ّ‬
‫ليس فقط على ظهور احلمري‪ ،‬إّّنا كذلك على رؤوس الرجال‪.‬‬

‫يَبلُغ َر ُجالن ح ّد القتال اخلَ ِّشن ابأليدي بسبب محار أحدُها الذي تطاول فأكل من سلّة اآلخر‬
‫خر َجت ِّمن حتت‬
‫حجة لتأجيج انر ِّشجار قدمي‪ .‬وابلفعل فقد أُ ِّ‬
‫املليئة َخ ّساً! قد ال يكون ذلك سوى ّ‬
‫الثياب سكينان قصرياتن وعريضتان مثل الكف‪ :‬يبدو ّأهنما خنجران قصريان ولكنّهما قد ُش ِّحذا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 196 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتدخل إلبعاد‬
‫وجلَبَة رجال‪ ،‬إّّنا ال أحد ّ‬
‫لمعان حتت الشمس‪ .‬صرخات نساء َ‬
‫بشكل جيّد‪ّ .‬إهنما يَ َ‬
‫الر ُجلَني اللَّ َذين يستع ّدان لقتال ضار‪.‬‬
‫َّ‬
‫هرع ِّخبُطى حثيثة فيما بني االثنني‪،‬‬
‫متأمالً‪ ،‬يرفع رأسه‪ ،‬يرى املشهد‪ ،‬ويَ َ‬
‫يسوع الذي كان يتق ّدم ّ‬
‫وأيمرُها‪« :‬توقّفا ابسم هللا!»‬

‫«ال‪ ،‬بل أريد أن أُهني أمر هذا الكلب امللعون!»‬

‫أحشائك‪ ».‬ويدور االثنان حول‬


‫َ‬ ‫منك أهداابً مع‬ ‫«وأان كذلك! أَُمتسك أبهدابنا؟ سوف أجعل َ‬
‫اولني الوصول إىل بعضهما دون التمكن ِّمن‬ ‫يسوع وُها يَدفَعانه ويَشتُمانه لكي ال يعود فيُبعِّدُها‪ُ ،‬حم ِّ‬
‫وحّت ِّمعطَفه قد‬
‫وُي ُجب عنهما الرؤية‪ّ .‬‬ ‫ذلك أل ّن يسوع‪ ،‬وحبركات ِّمن معطفه‪ ،‬يتحاشى الضرابت َ‬
‫حرك‪ ،‬بل‬ ‫يت‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫لك‬‫و‬ ‫»‬‫هناك‪.‬‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫أضحى ممزقاً‪ ،‬واجلمهور يهتف‪« :‬ختلّص أيها الناصري وانس ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ُُيا ِّول هتدئتهما‪ُ ،‬م َسلِّّماً الروح هلل‪َ .‬عبَـثَاً! فالغضب يُثري جنون ال ُـمتَقاتِّلَني‪.‬‬

‫للمرة األخرية‪« :‬أطلُب منكما التوقّف‪».‬‬


‫يسوع على وشك اجَتاح معجزة‪ .‬أيمرُها ّ‬
‫الناصري الكلب!»‬
‫ّ‬ ‫يقك أيّها‬
‫«ال! ابتعد! اذهب يف طر َ‬
‫لكن النَّصلَني يـَ َقعان‬
‫يتفوه ببنت شفة‪ّ ،‬‬
‫حينئذ َي ّد يسوع يديه مبظهره ذي القدرة اخلارقة‪ .‬إنّه ال ّ‬
‫على األرض إرابً حمطَّمة مثل شفرات زجاجية اصطَ َد َمت بقوة على صخرة ّ‬
‫صماء‪.‬‬

‫صت الدهشة الغضب‪.‬‬


‫يَنظُر االثنان إىل القبضتني القصريتني الباقيتني بني يديهما‪ .‬وقد امتَ َّ‬
‫صرخ اجلُّموع كذلك مندهشة‪.‬‬ ‫وتَ ُ‬
‫ويسأهلما يسوع حبزم‪« :‬واآلن أين ّقوتكما؟»‬

‫حّت جنود احلراسة على الباب الذين َهَرعوا عند الصرخات األخرية ينظرون بدهشة‪ .‬وينحين‬ ‫ّ‬
‫أحدهم ليلملم قِّطَع النَّصلني ُ‬
‫وجيَِّّرهبما على ظفره غري قادر على التصديق ّأهنا من الفوالذ‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 197 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويكرر يسوع‪« :‬واآلن؟ أين ّقوتكما؟ عالم تَبنون ح ّقكما؟ على قِّطَع املعدن هذه اليت مل تَـعُد‬ ‫ّ‬
‫اآلن سوى حطام على الَتاب؟ على قطع املعدن هذه اليت مل تكن هلا ِّمن ّقوة سوى ّقوة خطيئة الغضب‬
‫كل ّقوة؟ آه! الويل للذين‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ض ّد أَخ‪ ،‬وهي جتردكم هبذه اخلطيئة ِّمن كل بركة ِّمن هللا‪ ،‬وابلنتيجة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السطوة بل إّّنا القداسة هي اليت جتعلهم‬ ‫وجي َهلون ّأهنا ليست َ‬ ‫يَرتَ ِّكزون على وسائل بشريّة بُغية الغَلَبَة‪َ ،‬‬
‫الص ِّّديقني‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ُمنتَصرين على هذه األرض وفيما وراءها! إ ّن هللا مع األبرار و ّ‬
‫ِّ‬

‫كل الناس‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ث‬ ‫د‬


‫ّ‬ ‫يتح‬ ‫هللا‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫امسعوا مجيعكم اي أبناء إسرائيل وأنتم كذلك اي جنود روما‪َ .‬كلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ولن يكون ابن اإلنسان الذي َُيجبها عن الوثنيّني‪.‬‬

‫حب القريب‪ .‬فاهلل صاحل ويريد أن يسود الرفق والعطف بني‬ ‫الرب الثانية هي وصيّة ّ‬
‫إن وصيّة ّ‬ ‫َّ‬
‫ومن ليس لديه رفق وعطف جتاه قريبه فلن يستطيع اعتبار نفسه ابناً هلل‪ ،‬كما ال َيكنه أن ُيظى‬‫أبنائه‪َ .‬‬
‫حق يف غنيمة‪ .‬بل إّّنا لإلنسان فكر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابهلل معه‪ .‬اإلنسان ليس حيواانً بال فكر‪ ،‬يُهاجم كما لو كان له ّ‬
‫التصرف كق ّديس‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫التصرف كإنسان‪ .‬وابلنفس ينبغي له أن ُيسن ّ‬ ‫ونفس‪ .‬ابلفكر ينبغي له أن ُُيسن ّ‬
‫حّت يعانق الشياطني‪ ،‬إذ‬
‫يتصرف هكذا جيعل نفسه يف مرتبة أدىن من احليوان‪ ،‬إنّه ينحدر ّ‬ ‫ومن ال ّ‬
‫يسلّمهم نفسه خبطيئة الغضب‪.‬‬

‫أحبّوا قريبكم كما يريد إله إسرائيل‪ .‬ال يكن لكم دم قايني‪.‬‬ ‫أحبوا‪ .‬ولست أقول لكم غري ذلك‪ِّ .‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تتحولون إىل قَـتَلة؟ وآخرون ِّمن أجل قطعة أرض‬ ‫ِّ‬
‫وملاذا تكونون كذلك؟ أَمن أجل حفنة من الدراهم ّ‬
‫كل تلك األشياء؟ أأبديّة هي؟ ال‪ .‬فهي ال تدوم‬ ‫تكون‬ ‫ما‬ ‫أة‪.‬‬‫ر‬ ‫ام‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫أو ِّمن أجل مكان أفضل أو ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫األبدي املوعود‬
‫ّ‬ ‫أقل ِّمن احلياة اليت ليست سوى حلظة ِّمن األبديّة‪ .‬وماذا تفقدون يف طَلَبِّها؟ السالم‬
‫ّإال ّ‬
‫احلق‪ .‬اتبَعوا صوت هللا‪ .‬أحبّوا‬ ‫ِّ‬
‫به لألبرار‪ ،‬وحيث سيقودكم املسيح معاً إىل ملكوته‪َ .‬هل ّموا إىل طريق ّ‬
‫وأتملوا‪».‬‬
‫بعضكم بعضاً‪ .‬كونوا نزيهني‪ .‬كونوا عفيفني‪ .‬كونوا متواضعني وأبراراً‪ .‬امضوا ّ‬
‫تتفوه مبثل هذا الكالم واي َمن إرادته ُحتَ ِّطّم السيوف؟ واحد فقط يفعل هذه‬
‫« َمن تكون اي َمن ّ‬
‫حّت يوحنّا املعمدان ليس يفوقه‪ .‬فهل َيكن أن تكون املسيح؟» يتساءل ثالثة أو‬ ‫األشياء‪ :‬املسيح‪ّ .‬‬
‫أربعة ِّمن املوجودين هناك‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 198 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أان هو‪».‬‬

‫أنت الذي يشفي املرضى ويُ ِّ‬


‫كرز ابهلل يف اجلليل؟»‬ ‫أنت؟ هل َ‬
‫« َ‬
‫«أان هو‪».‬‬
‫«لدي أُم عجوز متوت‪ِّ .‬‬
‫أنقذها!»‬ ‫ّ ّ‬
‫«وأان‪ ،‬أترى؟ يف طريقي لفقدان كامل قويت ابآلالم‪ .‬لدي أطفال ما زالوا صغاراً ج ّداً‪ِّ .‬‬
‫اشفين!»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ئت!»‬ ‫ِّ‬
‫ابرأ‪ .‬فلقد ش ُ‬
‫أنت َ‬
‫لك العشاء الليلة‪ .‬و َ‬
‫ك هي اليت َستُع ّد َ‬
‫بيتك‪ ،‬و ّأم َ‬
‫أنت‪ ،‬عُد إىل َ‬
‫« َ‬
‫امسك!»‬
‫امسك! َ‬
‫يهتف اجلمهور مثّ يتساءلون‪َ «:‬‬
‫الناصري‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«يسوع‬

‫«يسوع! يسوع! أوشعنا! أوشعنا!»‬

‫يَبتَ ِّهج اجلميع ومل يـَعُد أحد يبايل ابحلمري تفعل ما تشاء‪ .‬تَتاكض ّأمهات من داخل املدينة ممّا‬
‫شق طريق لنفسه‬ ‫يشري إىل أ ّن َخ َرب املعجزة قد انتَ َشر‪ .‬يرفعن أطفاهلن‪ .‬يباركهم يسوع ويبتسم‪ُ .‬ياول ّ‬
‫لكن اجلُّموع ال‬ ‫ِّ‬
‫ذهب حيث يشاء‪ .‬و ّ‬ ‫بني اجلمهور‪ ،‬دائرة األشخاص الذين يهلّلون له ليَدخل املدينة ويَ َ‬
‫يريدون أن يَعلَموا شيئاً بل يهتفون‪« :‬ام ُكث معنا! يف اليهوديّة! يف اليهوديّة! فنحن كذلك أبناء‬
‫إبراهيم!»‬

‫يُقبِّل يهوذا ّ‬
‫ابجتاهه‪« :‬اي معلّم! اي معلّم لقد َسبَقتَين‪ .‬ولكن ما الذي جيري؟»‬

‫اجَت َح الرايب معجزة! ليس يف اجلليل بل هنا‪ ،‬إنّنا نريده أن َيكث معنا‪».‬‬
‫«لقد ََ‬
‫ك ِّ‬
‫ومن العدل أن تُقيم هنا أيضاً‪ .‬فلماذا متضي؟»‬ ‫كل إسرائيل حتبّ َ‬
‫«هل ترى ذلك اي معلّم؟ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 199 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تعمداً لكي ال تَصطَ ِّدم خشونة التالميذ اجلليليّني‬
‫أتيت وحدي ُم ّ‬
‫أتنصل اي يهوذا‪ .‬لقد ُ‬‫«أان ال ّ‬
‫كل نعاج إسرائيل حتت صوجلان هللا‪».‬‬
‫حبساسيّة اليهود‪ .‬أريد َمج َع ّ‬
‫ين‪ .‬هل ستمكث‬ ‫ِّ‬
‫يهودي وأعرف كيف أتفاهم مع ُمواط َّ‬
‫ّ‬ ‫لك‪" :‬اقبَلين"‪ .‬فأان‬
‫قلت َ‬
‫«ألجل هذا ُ‬
‫إذاً يف أورشليم؟»‬

‫يهودي‪ .‬وسـأمضي بعدئذ عرب اليهوديّة‪»...‬‬


‫ّ‬ ‫«بضعة ّأايم‪ .‬يف انتظار تلميذ‪ ،‬هو أيضاً‬

‫سآخذك إىل بييت‪ .‬هل ستأيت اي معلّم؟»‬


‫َ‬ ‫افقك‪ .‬ستأيت إىل بلديت‪.‬‬
‫معك‪ .‬سأر َ‬
‫«آه! سآيت َ‬

‫أنت‪ ،‬مبا أنّك يهودي وتعيش قريباً ِّمن أصحاب ُّ‬


‫السلطة‪ .‬أفال تَعرف شيئاً عن‬ ‫«سآيت‪ ...‬و َ‬
‫أخبار املعمدان؟»‬

‫«أعرف أنّه ما يزال يف السجن‪ ،‬ولكنّهم يريدون إطالق سراحه‪ .‬ذلك أ ّن الشعب يه ّدد ابلثورة‬
‫إذا مل يـَعُد نبيّه‪ .‬هل تعرف ذلك؟»‬

‫«أعرف‪».‬‬

‫أيك فيه؟»‬
‫«هل حتبّه؟ ما ر َ‬
‫«رأيي أنّه ال يوجد َمن هو أعظم منه ويشبه إيليا‪».‬‬

‫«وهل تعتربه حقيقة السابق؟»‬

‫الصبح هي اليت تُـبَ ِّّشر ابلشمس‪ .‬فطوىب للذين قد هتيّأوا لقدوم الشمس‬
‫«نعم إنّه هو‪ .‬إ ّن جنمة ُّ‬
‫عن طريق كرازته‪».‬‬

‫«إ ّن يوحنّا صارم ج ّداً‪».‬‬

‫«ليس جتاه اآلخرين أكثر منه جتاه نفسه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 200 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك‪».‬‬ ‫«إّّنا من الصعب اتِّّبــاعه يف توبته‪ .‬بينما أنت أكثر طيبة ِّ‬
‫ومن السـهل أن حنبّ َ‬ ‫َ‬
‫«ومع ذلك‪»...‬‬

‫«ومع ذلك‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫«ومع ذلك فكما أبغَضوه لصرامته سيبغضونين لطيبيت‪ ،‬أل ّن هذه وتلك تُـبَ ِّّشر ابهلل‪ ،‬واألشرار‬
‫يُبغِّضون هللا‪ .‬ولكن كما قد قيل كذلك سيكون‪ :‬كما هو يسبقين ابلكرازة‪ ،‬كذلك سيسبقين ابملوت‪.‬‬
‫ومع ذلك فالويل ل َقتَـلَة التوبة والصالح‪».‬‬

‫أنت ترى ذلك‪»...‬‬


‫كو َ‬‫«ملاذا اي معلّم هذه اهلواجس احلزينة؟ اجلمهور ُيبّ َ‬
‫لكن اجلمهور ليس كلّه متواضعاً‪ .‬وال‬ ‫ِّ‬
‫«أل ّن األمر أكيد‪ .‬اجلمهور ُمتواضع‪ ،‬نعم‪ ،‬فهو ُيبّين‪ .‬و ّ‬
‫اضعِّني فقط‪ .‬وهاجسي ليس حزيناً‪ّ .‬إهنا رؤاي املستقبل الساكن واالخنراط يف إرادة‬ ‫هو يتألّف ِّمن متو ِّ‬
‫ُ‬
‫ماض إىل "بيل مدراس"‬‫أتيت‪ .‬ها حنن يف اهليـكل‪ .‬أان ٍ‬ ‫أرسلَين هلذا‪ .‬وألجل هذا قد ُ‬ ‫هللا اآلب الذي َ‬
‫شئت‪».‬‬ ‫‪ِّ Bel Midrash‬أل ِّ‬
‫أنت إذا َ‬
‫ُعلّم اجلُّموع‪ .‬ابق َ‬
‫َ‬
‫وجعلك تنتصر‪».‬‬
‫َ‬ ‫خدمتك‬
‫َ‬ ‫جانبك‪ .‬فليس يل سوى هدف واحد‪:‬‬
‫َ‬ ‫«سأبقى إىل‬

‫دخالن إىل اهليكل‪.‬‬


‫يَ ُ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 201 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي‪ .‬إنّه يَ ِّعظ هناك)‬


‫‪( -31‬يسوع يف اهليكل مع االسخر ّ‬
‫‪1945 / 01 / 01‬‬

‫املنصة األوىل إذا كان‬ ‫ِّ‬


‫أرى يسوع يَلج سور اهليكل يرافقه يهوذا‪ ،‬وبعد اجتيازه الشرفة األوىل‪ ،‬أو ّ‬
‫من األفضل تسميتها هكذا‪ ،‬يقف يف مكان ُحماط ابألروقة وقريب من ساحة كبرية مرصوفة برخام‬
‫ومراتد‪.‬‬
‫متع ّدد األلوان‪ .‬فاملكان مجيل ج ّداً ُ‬
‫ينظُر يسـوع حولـه ويرى مكانـاً يروق لـه‪ .‬إّّنا قبل أن يذهب إليه يقول ليهوذا‪ِّ « :‬‬
‫اند يل املأمور‬ ‫َ‬
‫علي أن أ َُعِّّرف عن نفسي لكي ال يُقال أبنّين أن ُقض العرف واالحَتام‪».‬‬
‫املسؤول‪ّ .‬‬
‫أنت‬
‫منك َ‬
‫احلق يف التح ّدث يف بيت هللا أكثر َ‬
‫أنت فوق األعراف‪ ،‬وما من إنسان له ّ‬
‫«اي معلّم‪َ ،‬‬
‫مسيحه‪».‬‬

‫ُعلِّّم خرق ليس‬ ‫«أان أعرف وأنت تعرف‪ ،‬أما هم فال يعرفون ذلك‪ .‬أان مل آت أل َ ِّ‬
‫ُش ّكك وال أل َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ُعلِّّم االحَتام والتواضع‬
‫جئت ابلضبط أل َ‬
‫القوانني فقط‪ ،‬بل واألعراف أيضاً‪ .‬إّّنا على العكس‪ ،‬لقد ُ‬
‫والطاعة وألزيل الشكوك‪ .‬كذلك أريد أن أسأل عن إمكانية التح ّدث ابسم هللا بعد التعريف عن نفسي‬
‫للمأمور املسؤول وأبنّين أهل لذلك‪» .‬‬

‫املرة السابقة‪».‬‬
‫« َملْ تَفعل ذلك يف ّ‬
‫متأججاً ابلغرية على بيت هللا الذي انتُ ِّه َكت ُحرمته أبشياء كثرية‪ .‬لقد‬
‫كنت ّ‬ ‫املرة السابقة ُ‬ ‫«يف ّ‬
‫يتصرف جبالله الذي يبقى الكهنة‬ ‫وحب بيته كان ّ‬ ‫كنت فيها ابن اآلب الوارث الذي ابسم اآلب ّ‬ ‫ُ‬
‫واملأمورون أدىن منه‪ّ .‬أما اآلن فأان معلّم إسرائيل‪ ،‬وإلسرائيل كذلك أ َُعلِّّم هذا األمر‪ .‬ومثّ‪ ،‬اي يهوذا‪ ،‬فهل‬
‫تعتقد أ ّن التلميذ يسمو على معلّمه؟»‬

‫«ال اي يسوع‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 202 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ومن أان؟»‬
‫أنت؟ َ‬
‫أنت‪َ ،‬من َ‬
‫«و َ‬
‫أنت املعلّم وأان التلميذ‪».‬‬
‫« َ‬
‫َطع‪ .‬أان أطيع‬ ‫«إذاً‪ ،‬إن كنت تَعلَم أ ّن األمر هكذا‪ ،‬فلماذا تريد تلقني املعلّم درساً؟ اذهب وأ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األول لتكون ابناً هلل‪ :‬الطاعة دون مناقشة‪ ،‬مع التفكري أب ّن األب‬ ‫أيب‪ ،‬وأنت أ ِّ‬
‫مك‪ .‬إنّه الشرط ّ‬ ‫َطع معلّ َ‬ ‫َ‬
‫األول لتكون تلميذاً‪ :‬الطاعة للمعلّم مع التفكري أب ّن‬
‫ال َيكن أن يُعطي سوى أوامر مق ّدسة‪ .‬والشرط ّ‬
‫املعلّم يعرف وال َيكن أن يعطي سوى أوامر سليمة‪».‬‬

‫«صحيح‪ .‬ساحمين‪ .‬وها أان أطيع‪».‬‬

‫أساحمك‪ .‬اذهب‪ .‬وتنبّه جيّداً لألمر‪ ،‬وتذ ّكره‪ ،‬تذ ّكره جيّداً يف املستقبل‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«أن أطيع؟ نعم‪».‬‬


‫«ال‪ ،‬ليس ذلك فقط‪ .‬إّّنا تذ ّكر أيضاً أنّين كنت ابلنسبة للهيكل ُحمَتماً ومتو ِّ‬
‫اضعاً‪ .‬ابلنسبة‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬
‫للهيكل‪ :‬يعين جتاه اجلماعات السائدة‪ .‬اذهب‪».‬‬

‫أي سؤال آخر‪.‬‬ ‫يهوذا ذو نظرة ُمستَ ِّ‬


‫غرقة يف التفكري‪ ،‬يف التساؤل‪ ...‬ولكنّه ال جيرؤ على طرح ّ‬
‫متأمالً‪.‬‬
‫وَيضي ّ‬
‫يعود برفقة رجل ملتَ ِّحف بعباءته‪« .‬هوذا املأمور اي معلّم‪».‬‬

‫ُعلِّّم ضمن حاخامي إسرائيل‪».‬‬


‫لك‪ .‬أطلُب اإلذن أل َ‬
‫«السالم َ‬
‫أنت حاخام؟»‬
‫«هل َ‬
‫«أان كذلك‪».‬‬

‫مك؟»‬
‫« َمن كان معلّ َ‬
‫كل كلمة من النصوص املق ّدسة‪».‬‬
‫«روح هللا الذي يكلّمين حبكمة ويُنري ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 203 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل مذهب؟ فكيف‬ ‫ف‬‫ك بدون معلّم وتَ ِّ‬
‫عر‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫َّعي‬
‫د‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫الذي‬ ‫أنت‬ ‫هلليل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫«هل أنت أعظم ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يؤهله؟»‬
‫يتأهل إنسان إن مل يكن هناك من ّ‬
‫ّ‬
‫أتهل داود‪ ،‬ر ٍاع صغري جمهـول‪ ،‬أصبَ َـح َملِّكاً ُمقتَ ِّدراً وحكيماً إبرادة الرب‪».‬‬
‫«كما ّ‬
‫امسك؟»‬
‫« َ‬
‫«يسوع بن يوسف من الناصرة‪ ،‬من ساللة يعقوب من أصل داود‪ ،‬وابن مرمي بنت يواكيم من‬
‫أصل داود وحنّة من أصل هارون‪ ،‬مرمي العذراء اليت احتُ ِّفل مبراسم زواجها يف اهليكل ّ‬
‫ألهنا كانت يتيمة‬
‫على يد عظيم األحبار حسب شريعة إسرائيل‪».‬‬

‫«ما الذي يُثبِّت ذلك؟»‬

‫وهم ِّمن جيل زكرّاي ِّمن مرتبة عبيّا‬


‫«ينبغي أن يكون الويّون ما يزالون هنا ويتذ ّكرون احلَ َدث ُ‬
‫تشك يف نزاهيت‪».‬‬
‫كنت ّ‬‫لهم إذا َ‬
‫قرييب‪َ .‬س ُ‬
‫ك قادر على التعليم؟»‬
‫بك‪ .‬إّّنا ما الذي يؤّكد يل أنّ َ‬
‫«إنّين أثق َ‬
‫بنفسك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«امسَعين وسوف حتكم‬

‫ألست انصرّايً؟»‬
‫حر يف أن تفعل‪ ،‬ولكن‪َ ...‬‬
‫أنت ّ‬
‫« َ‬
‫دت يف بيت حلم اليهوديّة‪ ،‬يف زمن االكتتاب الذي أ ََمَر به القيصر‪ .‬وساللة داود‬ ‫ِّ‬
‫«لقد ُول ُ‬
‫يظل من اليهوديّة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫لكن األصل ّ‬
‫صلَت نتيجة أوامر ُجمح َفة‪ .‬و ّ‬
‫كل األحناء بفعل إبعادات َح َ‬
‫متفرقون يف ّ‬
‫ّ‬
‫كل اليهودية‪ ...‬ابلنسبة للجليل‪»...‬‬
‫الفريسيّون‪ّ ...‬‬
‫«أنت تَعلَم‪ّ ...‬‬
‫دت يف بيت حلم‪ ،‬يف بيت حلم إفراات حيث جذوري‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫«أعرف ذلك‪ ،‬إّّنا ُكن مطمئنّاً‪ ،‬فلقد ُول ُ‬
‫ليتم ما قيل‪».‬‬
‫كنت أعيش اآلن يف اجلليل‪ ،‬فما ذلك إال ّ‬ ‫وإذا ما ُ‬
‫يَبتَعِّد املأمور بضعة أمتار مسرعاً إىل حيث ينادونه‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 204 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك املسيح؟»‬
‫يسأله يهوذا‪« :‬ملاذا مل تَـ ُقل له أبنّ َ‬
‫«كالمي سيقول ذلك‪».‬‬

‫يتم؟»‬
‫«ما الذي قيل وينبغي له أن ّ‬
‫جئت ألَمجَع‬
‫َّث عنه األنبياء وقد ُ‬
‫«وحدة إسرائيل كلّها بتأثري كالم املسيح‪ .‬فأان الراعي الذي حتد َ‬
‫جئت ألشفي املرضى وأعيد التائهني إىل حظرية الصالح‪ .‬فال يهوديّة ابلنسبة‬ ‫ِّ‬
‫نعاج البَـلَد كلّها‪ .‬لقد ُ‬
‫احلب الذي يُعانِّق بنظرة واحدة‬
‫يل وال جليل‪ ،‬وال املدن العشر وال قيدوم‪ .‬ال وجود ّإال ألمر واحد‪ّ :‬‬
‫وجي َمع يف عناق واحد ليُ َخلِّّص‪ »...‬يسوع ُم َلهم‪ .‬يبدو وكأ ّن إشعاعاً يصدر عنه طاملا هو يبتسم‪.‬‬‫َ‬
‫وينظر إليه يهوذا إبعجاب‪.‬‬

‫يدنو فُضوليّون من االثنني اجل ّذابني اللَّذين يَلفتان االنتباه بسلوك خمتلف متاماً‪.‬‬

‫رسام نقل عذوبتها‪ ،‬كما ال‬


‫صره ويبتسم هلذا اجلَّمع الصغري‪ ،‬ابتسامة ال يستطيع ّ‬
‫ََيفض يسوع بَ َ‬
‫أزيل‪».‬‬
‫هلموا إذا كان دافعكم الرغبة يف مساع كالم ّ‬
‫تصورها إن مل يـََرها‪ ،‬ويقول‪ّ « :‬‬
‫يستطيع مؤمن ّ‬
‫ويتوجه إىل ما حتت قوس أحد األروقة‪ ،‬ويسند ظهره إىل عمود ويبدأ احلديث ُمقتَبِّساً موضوعه‬
‫ّ‬
‫ِّمن َح َدث الصباح‪.‬‬

‫أيت اثنني ِّمن أبناء إبراهيم يكادان يَقتُالن بعضهما‬


‫«هذا الصباح‪ ،‬وأثناء دخويل إىل صهيون‪ ،‬ر ُ‬
‫من أجل بضعة دوانق‪ .‬ولقد كان إبمكاين أن ألعنهما ابسم هللا‪ ،‬أل ّن هللا قال‪[ :‬ال تقتل أبداً‪ ].‬وقال‬
‫رت على‬
‫ص ُ‬ ‫َفت جبهلهم للروح والشريعة وقد اقتَ َ‬ ‫كل من يعصي الشريعة‪ ].‬ولكنّين َرأ ُ‬ ‫كذلك‪[ :‬ملعون ّ‬
‫كل ذلك مبحبّة ليس فقط‬ ‫منع القتل ألمنحهم إمكانيّة الندامة‪ ،‬ومعرفة هللا واستخدام هذا يف الطاعة‪ ،‬و ّ‬
‫حّت حمبّة أعدائهم‪.‬‬
‫الذين ُيبّوهنم بل إّّنا ّ‬
‫احلب تُصبِّح أكثر إشراقاً وملعاانً‪ .‬هل تبدأ‬
‫أجلك يَ ُبزغ يوم جديد‪ ،‬ووصيّة ّ‬
‫نعم اي إسرائيل‪ ،‬من َ‬
‫السنة بشهر إيتانيم (سبتمرب‪-‬أكتوبر) ‪ Etanim‬املاطر أو بشهر كاسلو (ديسمرب) ‪ Casleu‬احلزين‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 205 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ذي النهارات األقصر من احللم‪ ،‬والليايل الطويلة الكئيبة؟ ال‪ ،‬بل هي تبدأ بشهر نيسان (أبريل) ال ُـم ِّزهر‬
‫حّت األكثر فقراً أو األكثر حزانً يتفتّح‬ ‫والـم ِّ‬
‫كل ما فيه ضاحك‪ ،‬وقلب اإلنسان ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيث‬ ‫البهيج‪،‬‬
‫و‬ ‫س‬ ‫شم‬ ‫ُ‬
‫حّت عذوبة النوم يف حقل ُم ِّزهر‬ ‫األقل لقدوم الصيف‪ .‬إنّه زمن املواسم‪ّ ،‬أايم الشمس والفواكه‪ّ ،‬‬‫على ّ‬
‫فكل قطعة من األرض تُنبِّت خضاراً أو مثاراً‬ ‫ِّ‬
‫حتت ضوء النجوم‪ .‬حيث إنّه لَمن السهل إجياد ال ُقوت‪ّ ،‬‬
‫إلشباع جوع اإلنسان‪.‬‬

‫يتم‪ .‬فاخلبز واخلمر‬


‫اي أبناء إسرائيل‪ ،‬ها قد انتهى الشتاء‪ ،‬زمن االنتظار‪ .‬وحان فرح املوعد الذي ّ‬
‫كل شيء حتت هذه الشمس جيعل التن ّفس أعمق‬ ‫هنا جاهزان إلشباع اجلوع‪ .‬الشمس فيما بينكم‪ .‬و ّ‬
‫إهلك وأَحبِّب قر َ‬
‫يبك‪].‬‬ ‫حّت وصيّة شريعتنا‪ :‬األوىل‪ ،‬أقدس الوصااي املق ّدسة‪[ :‬أَحبِّب ّ‬
‫الرب َ‬ ‫وأعذب‪ّ .‬‬
‫بوسعك أن تفعل أكثر أل ّن‬
‫َ‬ ‫لك ‪-‬ومل يكن‬
‫حّت اآلن قد قيل َ‬ ‫ُعطيت ّإايه ّ‬
‫النسيب الذي أ َ‬
‫ّ‬ ‫يف النور‬
‫ك وأَبغِّض‬‫ب َمن ُيبّ َ‬ ‫كاهلك بسبب خطيئة آدم ض ّد احلب‪ -‬قيل َ ِّ‬
‫لك‪[ :‬أَح ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫غضب هللا كان يثقل‬
‫بك يف‬‫صب حدودك فقط‪ ،‬إّّنا الذي ال يكَتث َ‬ ‫لك هو الذي يغتَ ِّ‬
‫العدو ابلنسبة َ‬
‫َ‬ ‫أعداءك‪ ].‬ومل يكن ّ‬‫َ‬
‫اخلاصة أيضاً أو الذي يبدو أنّه كذلك‪ .‬وكانت النتيجة أن َك َم َن البُغض يف القلوب‪ .‬إذ هل‬ ‫احلياة ّ‬
‫صل إىل سن الشيخوخة دون‬ ‫َيكن إجياد إنسان مل يسئ إىل أخيه إبرادة منه أو بغري إرادة؟ أو إنسان ي ِّ‬
‫َ‬
‫أن يُساء إليه؟‬

‫كل‬
‫افعلوا ذلك وأنتم تف ّكرون أ ّن آدم‪ ،‬و ّ‬‫وأان أقول لكم‪" :‬أحبّوا كذلك الذي يسيء إليكم"‪َ .‬‬
‫َخ َّل ابألمانة جتاه هللا‪ ،‬وأ ّن ال وجود إلنسان َيكنه القول‪" :‬مل أ ُِّسئ إىل هللا"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫إنسان من خالله‪ ،‬قد أ َ‬
‫املرات‪ ،‬وما‬
‫املرات‪ ،‬بل آالف وعشرات آالف ّ‬ ‫مرة واحدة‪ ،‬إّّنا عشرات ّ‬ ‫ومع ذلك فاهلل يَص َفح ليس ّ‬
‫يؤّكد ذلك هو استمرار وجود أانس على األرض‪ .‬فاغفروا كما يَغفر هللا‪ .‬وإذا مل تتم ّكنوا من ذلك بفعل‬
‫ابحلب هلل الذي يَهبِّكم ال ُقوت واحلياة‪ ،‬الذي ُيميكم يف‬
‫ّ‬ ‫احلب للقريب الذي أساء إليكم‪ ،‬فافعلوه‬‫ّ‬
‫األبدي على صدره‪ّ .‬إهنا‬‫ّ‬ ‫ليؤمن لكم السالم‬
‫كل الوقائع ّ‬ ‫َع َّد ّ‬
‫احتياجاتكم على هذه األرض‪ ،‬والذي أ َ‬
‫الشريعة اجلديدة‪ ،‬شريعة ربيع هللا‪ِّ ،‬حلقبة النِّّعمة ال ُـم ِّزهرة اآلتية وسط الناس‪ ،‬للزمن الذي سيعطيكم‬
‫الث ََّمرة اليت ال مثيل هلا‪ ،‬والذي سيفتح لكم ابب السماء‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 206 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سمع الصوت الصارخ يف الربيّة‪ .‬ولكنّه مل َُيَرس‪ .‬ما زال هذا الصوت يتح ّدث إىل هللا‬ ‫مل يـَعُد يُ َ‬
‫ائيلي ذي ضمري مستقيم‪ .‬إنّه يقول ‪-‬بعد تعليمه‬ ‫كل إسر ّ‬‫من أجل إسرائيل‪ .‬ما زال يتح ّدث إىل قلب ّ‬
‫الضروري‪ ،‬وشرف عدم‬
‫ّ‬ ‫ـاصة ملن ال َيلك‬
‫الرب اآليت‪ ،‬وحمبّـة إعطاء املزيد‪ ،‬خ ّ‬‫ُسـبُل التوبة‪ ،‬لتهيئـة طـرق ّ‬
‫االبتزاز واجلرح‪ -‬يقول لكم‪" :‬إ ّن َمحَل هللا احلامل خطااي العامل الذي سيُـ َع ِّّمدكم بلهيب الروح القدس‬
‫هو بينكم اآلن‪ .‬وهو َسيُـنَـ ِّّقي بيدره َ‬
‫وجي َمع حنطته"‪.‬‬

‫تتعرفون على َمن يشري إليه السابق‪ .‬إ ّن آالمه تفعل فعلها لدى هللا ليمنحكم النور‪.‬‬
‫اعلَموا كيف ّ‬
‫يبشر‬
‫النيب الذي ّ‬ ‫صوت‬ ‫ل‬ ‫ِّ‬
‫ألستبد‬ ‫انظُروا‪ .‬وإذا ما ان َفتَ َحت أعني أرواحكم‪ ،‬فستَعرفون النور اآليت‪ .‬وإنّين‬
‫ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬وأدعوكم إىل حقيقة‬
‫أضم إليه قدريت ّ‬ ‫أضخمه و ّ‬ ‫ابملسيح‪ ،‬وبواسطة القدرة املعطاة يل من األب‪ّ ،‬‬
‫الشريعة‪ .‬هيِّّئوا قلوبكم لنعمة الفداء القريبة‪ .‬الفادي بينكم‪ .‬وطوىب ملن سيكونون أهالً لالفتداء‬
‫ابمتالكهم اإلرادة احلسنة‪.‬‬

‫والسالم معكم‪».‬‬

‫حّت تتكلّم عنه هبذا اإلجالل؟»‬


‫أنت تلميذ ليوحنّا ّ‬
‫يسأله أحد احلضور‪« :‬هل َ‬

‫اعتمدت منه على ضفاف األردن قبل َسجنه‪ .‬إنّين أُجلُّه ألنّه ق ّديس يف عيين هللا‪ّ .‬‬
‫احلق‬ ‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫وحّت مماته‪،‬‬
‫احلق أقول لكم ليس يف أبناء إبراهيم َمن هو أرفع منه يف النعمة‪ .‬منذ جميئه إىل هذا العامل ّ‬ ‫ّ‬
‫يـَ َقع نَظَر هللا على هذا الرجل دوّنا إشارة إىل ازدراء‪».‬‬

‫لك جميء املسيح؟»‬ ‫«هل هو َمن َّ‬


‫أكد َ‬
‫«كالمه الذي ال يعرف الكذب والرايء قد َد َّل الذين كانوا قريبني منه على املسيح احلي‪».‬‬

‫«مّت؟ أين؟»‬

‫«عندما حانت ساعة اإلشارة إليه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 207 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َشهد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ولكن يهوذا ََيتَرب احلاجة إىل القول َينة ويساراً‪« :‬إ ّن املسيح هو هذا الذي ُي ّدثكم‪ .‬أان أ َ‬
‫فأان أ ِّ‬
‫َعرفه و ّأول تلميذ له‪».‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫«هــو!‪ ...‬آه!‪ »...‬ويَبتَعـد النـاس فَ ِّـزعيـن‪ .‬ول ّ‬
‫ـكن يســوع كان لطيفـاً لـدرجـة ّأهنم عادوا إليه‪.‬‬

‫كل‬
‫«اطلُبوا منه بعض املعجزات‪ .‬إنّه قادر‪ .‬هو يُشفي‪ ،‬يَقرأ ما يف القلوب‪ .‬وجييب على ّ‬
‫تساؤل‪».‬‬
‫ِّ‬
‫أنت من أجلي أان املريض‪ .‬فعيين اليمىن َك َّفت واليسرى ّ‬
‫جتف‪».‬‬ ‫«أطْلُب منه َ‬
‫«اي معلّم‪».‬‬
‫ويلتَ ِّفت يسوع الذي كان ي ِّ‬
‫الطف طفلة‪« :‬نعم اي يهوذا‪».‬‬‫ُ‬
‫ك قادر على ذلك‪».‬‬
‫وقلت له أبنّ َ‬ ‫ِّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬إ ّن هذا الرجل شبه أعمى ويريد أن يرى‪ُ .‬‬
‫«َيكنين ذلك ملن َيتلك اإلَيان‪ .‬هل تؤمن اي رجل؟»‬

‫«أان أؤمن إبله إسرائيل‪ .‬ومستع ّد أللقي بنفسي يف بركة بيت سايد ‪( Bethsaïde‬بركة الغنم)‬
‫ّإال أ ّن هناك دائماً َمن يَسبقين إليها‪».‬‬

‫َيكنك أن تؤمن يب؟»‬


‫َ‬ ‫«هل‬

‫ك‬
‫تلميذك أنّ َ‬
‫َ‬ ‫أنت الذي يؤّكد يل‬
‫بك َ‬‫كنت أؤمن ِّمبَالك الربكة‪ ،‬أفال ينبغي يل أن أؤمن َ‬
‫«إذا ُ‬
‫املسيح؟»‬

‫يبتسم يسوع‪ .‬يبلّل إصبعه بلعابه وَيسح عني املصاب‪« .‬ماذا ترى؟»‬

‫غشاها سابقاً‪ .‬ألن تَشفي األخرى؟»‬


‫«أرى األشياء بدون الضباب الذي كان يَ َ‬
‫يبتسم يسوع من جديد ويعود ليقوم ابلفعل ذاته على العني الكفيفة‪« .‬ماذا ترى اآلن؟» يسأله‬
‫وهو يرفع إصبعه عن اجلَّفن اهلابِّط املسَتخي‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 208 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت طفالً أركض يف احلقول‪ .‬فلتكن‬
‫الرب إله إسرائيل! إنّين أرى هبا كما عندما ُ‬
‫«آه! أيّها ّ‬
‫مباركاً لألبد!» يبكي الرجل خائِّر القوى عند قدمي يسوع‪.‬‬

‫«امض وكن صاحلاً اآلن عرفاانً ابجلميل جتاه هللا‪».‬‬

‫فعل هذا؟»‬ ‫ِّ‬


‫أبي سلطان تَ َ‬
‫الوي ويسأل‪ّ « :‬‬
‫وعند هناية املعجزة يَصل ّ‬
‫النيب ال ُـمبَ ِّّشر‬
‫أيك أيّهما أعظم‪ّ :‬‬
‫َجبتَين على سؤايل‪ .‬حسب ر َ‬
‫أجيبك إن أ َ‬
‫َ‬ ‫«أتسألين ذلك؟ سوف‬
‫ابملسيح أم املسيح ذاته؟»‬

‫«اي له من سؤال! املسيح أعظَم‪ :‬فإنّه الفادي املوعود به من هللا تعاىل!»‬

‫وأبي سلطان؟»‬
‫اجَتح األنبياء املعجزات؟ ّ‬
‫«إذاً ملاذا ََ‬
‫«ابلسلطان الذي َمنَ َحهم ّإايه هللا ليُثبِّتوا للجمهور أب ّن هللا كان معهم‪».‬‬

‫«إذاً‪ ،‬فأان ابلسلطان ذاته أَُمت ّم املعجزات‪ .‬هللا معي‪ ،‬أان معه‪ .‬وأُثبِّت للجمهور أنّه كذلك‪ ،‬وأ ّن‬
‫املسيح يستطيع ابألحرى‪ ،‬وعلى نطاق أوسع‪ ،‬أن يفعل ما استطاع األنبياء فعله‪».‬‬

‫كل شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫الالوي ُمستَغرقاً يف التفكري وينتهي ّ‬
‫ّ‬ ‫َيضي‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 209 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي)‬‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يهوذا‬ ‫ف‬‫ق‬‫‪( -32‬يسوع يـثَـ ِّ‬


‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪1945 / 01 / 03‬‬

‫الدنو منه‪،‬‬ ‫ما يزال يسوع ويهوذا معاً‪ .‬وبعد أن ي ِّ‬


‫صلّيا يف أقدس مكان يُسمح لرجال إسرائيل ّ‬
‫َُ‬
‫ََي ُرجان ِّمن اهليكل‪.‬‬

‫إين أتوق إىل البقاء‬ ‫ِّ‬


‫لكن هذه الرغبة تَصطَدم مبمانعة املعلّم‪ّ « .‬‬‫ير َغب يهوذا ابلبقاء مع يسوع‪ ،‬و ّ‬
‫وحيداً يف ساعات الليل اي يهوذا‪ ،‬ذلك أ ّن روحي تتناول غذاءها من اآلب أثناء الليل‪ ،‬فالصالة واخللوة‬
‫ي‪ .‬فمن يُِّرد أن ُييا ابلروح وجيعل اآلخرين ُييون احلياة‬ ‫املاد ّ‬
‫التأمل هي أكثر ضرورة يل من الغذاء ّ‬ ‫و ّ‬
‫كل اهتماماته على الروح‪.‬‬
‫ب ّ‬ ‫ص َّ‬‫ذاهتا عليه أن جيعل اجلسد يف املرتبة األخرية ‪-‬بل أكاد أقول إماتَته‪ -‬ليَ ُ‬
‫كنت ترغب ح ّقاً ابالنتماء إىل هللا‪ ،‬أي إىل‬ ‫لك كذلك‪ ،‬إذا َ‬ ‫حقيقي ابلنسبة للجميع اي يهوذا‪ .‬و َ‬
‫ّ‬ ‫هذا‬
‫الفائق الطبيعة‪».‬‬

‫كل اهتماماتنا على‬ ‫ِّ‬


‫ب ّ‬‫نص ّ‬
‫«ولكنّنا ما زلنا من األرض اي معلّم‪ .‬فكيف َيكننا إُهال اجلسد لتَ َ‬
‫الروح؟ أليس ما تقوله خمالف لوصيّة هللا‪" :‬ال تقتل مطلقاً"؟ أفال ُحتَِّّرم هذه الوصيّة قتل الذات كذلك؟‬
‫وإذا كانت احلياة عطية ِّمن هللا‪ ،‬أَفَينبغي لنا ُحبّها أم ال؟»‬

‫أنت كما ال أجيب نفساً بسيطة‪ .‬فتلك يكفيها رفع نظر النفس أو الروح إىل‬ ‫أجيبك َ‬
‫َ‬ ‫«سوف‬
‫تك‬ ‫ِّ‬
‫نشأت يف بيئة َج َعلَ َ‬
‫َ‬ ‫لست بسيطاً‪ .‬لقد‬
‫أجواء فائق الطبيعة‪ ،‬جلعلها ُحتَلّق يف مساكن الروح‪ .‬أنت َ‬
‫تك بدقائقها ومبادئها‪ .‬هل تذكر سليمان اي يهوذا؟ لقد كان حكيماً‪،‬‬ ‫ص َم َ‬
‫تنضج‪ ...‬ولكنّها كذلك َو َ‬
‫ُ‬
‫كل معارف تلك احلقبة؟ ابطل األابطيل‪ ،‬ك ّل شيء‬ ‫أَح َكم بَين زمنه‪ .‬هل تذكر ما قاله بعدما َس َرب ّ‬
‫لك إنّه ينبغي ابلفعل معرفة تناول‬‫كل اإلنسان"‪ .‬اآلن أقول َ‬ ‫ابطل‪ .‬خمافة هللا والعمل بوصاايه هي ّ‬
‫ضارة‪،‬‬
‫أدركنا أ ّن طعاماً يؤذينا ألنّه يسبّب لنا ارتكاسات ّ‬
‫السم‪ .‬فإذا ما َ‬
‫األطعمة اليت تغ ّذي‪ ،‬إّّنا ليس ّ‬
‫حّت ولو كان يُسيل‬ ‫كونه أقوى من إمكانيّة استعداداتنا الطبيعيّة لتحييده‪ ،‬فيجب رفض هذا الطعام ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 210 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تؤدي‬
‫اللعاب‪ .‬فاخلبز العادي وماء النبع أفضل كثرياً من أطباق الطاولة امللكيّة املع ّقدة واملطيّبة بتوابل ّ‬
‫التسمم‪».‬‬
‫إىل االضطراب و ّ‬
‫«ما الذي ينبغي يل حتاشيه اي معلّم؟»‬

‫ك‬‫أردت السري يف درب هللا فعلي َ‬


‫جيعلك تضطَرب‪ .‬فاهلل هو السالم‪ .‬وإذا َ‬ ‫َ‬ ‫كل ما تعرف أنّه‬
‫« ّ‬
‫كل ما ليس سالماً وما جيلب معه االضطراب‪ .‬أعرف‬ ‫وجسدك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫وقلبك‬
‫َ‬ ‫روحك‬
‫َ‬ ‫أن تُزيل العوائق عن‬
‫ألساعدك على حتقيقه‪ .‬فأان هنا ألساعد اإلنسان كي يعود‬‫َ‬ ‫أنّه ِّمن الصعب تقومي الذات‪ .‬ولكنّين هنا‬
‫كنت‬
‫أجيبك على ما َ‬ ‫َ‬ ‫ابناً هلل‪ ،‬كي يعود كما يف والدة اثنية‪ ،‬يف والدة ذاتيّة يريدها بذاته‪ .‬إّّنا دعين‬
‫مين‪ .‬ح ّقاً إ ّن االنتحار هو متاماً مثل قتل‬
‫قيت يف التّيه بسبب خطأ ّ‬ ‫ك بَ َ‬
‫تسأله لكي ال تَدَّعي أبنّ َ‬
‫حق إمكانيّة انتزاعها‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اآلخرين‪ ،‬فحياتنا وحياة اآلخرين ُها عطيّة من هللا‪ ،‬وهلل وحده الذي أعطاها ّ‬
‫يقر بكربايئه‪ ،‬وهللا َيقت الكربايء‪».‬‬
‫فمن يقتل نفسه ّ‬
‫يقر بكربايئه؟ أان أقول ابألحرى بيأسه‪».‬‬
‫« ّ‬
‫«وما هو اليأس إن مل يكن ِّمن الكربايء؟ فَ ّكِّر اي يهوذا‪ .‬ملاذا ييأس اإلنسان؟ أل ّن املصائب‬
‫اخلاصة إىل التغلّب عليها‪ .‬أو ألنّه ُمذنِّب‪ ،‬ويـُ َقِّّرر ِّمن ذاته أبن‬ ‫يتوصل بوسائله ّ‬ ‫تَتاكم عليه‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫يطر هو الكربايء؟‬ ‫هللا لن يصفح عنه‪ .‬وسواء يف احلالة األوىل أو يف الثانية‪ ،‬أفال َيكن أن يكون الـمس ِّ‬
‫َُ‬
‫فاإلنسان الذي ال يثق ّإال بذاته ال ََيتَلِّك التواضع ليم ّد يده لآلب ويقول له‪" :‬أان ال أستطيع‪ ،‬إّّنا‬
‫كل ما أرجو وأنتَ ِّظر"‪ .‬وذاك الرجل الذي يقول‪" :‬ال‬ ‫فأنت َمن َمتنَح ّ‬ ‫أنت فقادر على ذلك‪ .‬ساعدين‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫عرف أ ّن أحداً إذا ما‬ ‫عين"‪ .‬فإنّه يقوهلا ألنّه حني يقيس هللا حبسب مقاساته‪ ،‬يَ ِّ‬ ‫َيكن هلل أن يصفح ّ‬
‫فريق ويَغفر‬
‫اضع ّ‬ ‫أُسيء إليه كما أساء هو إىل هللا‪ ،‬فال َيكنه أن يص َفح‪ .‬وهنا أيضاً كربايء‪ .‬أما الـمتو ِّ‬
‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫سامح‪ .‬إنّه ُمتَ َكِّّرب كذلك ألنّه ال يعرف‬ ‫كرب فال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫حّت ولو كان يتأ ّمل من اإلساءة اليت تل ّقاها‪ .‬و ّأما ال ُـمتَ ِّّ‬
‫ّ‬
‫ابنك املسكني ال ُـمذنِّب"‪ .‬إّّنا أال تَعلَم اي‬
‫أخطأت‪ ،‬اص َفح عن َ‬ ‫ُ‬
‫أن ُيين جبهته ويقول‪" :‬اي ِّ‬
‫أبت لقد‬
‫لك إذا كان الصفح ُملتَ َمساً بقلب نزيه واندم ومتواضع وراغب يف القيامة يف‬ ‫يهوذا أ ّن اآلب سيغفر َ‬
‫اخلري؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 211 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الصفح مستحيالً‪ ،‬ال َيكن أن تُغ َفر‪».‬‬
‫«ولكن بعض اجلرائم جتعل َّ‬

‫أنت َمن يقول هذا‪ ،‬وسوف يكون صحيحاً أل ّن اإلنسان يريد ذلك‪ .‬ولكن ابحلقيقة‪ ،‬آه!‬ ‫« َ‬
‫مي اآلب ‪-‬يدعى أابً اي يهوذا‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫إىل‬ ‫ب‬ ‫لك حّت بعد جرَية اجلرائم‪ ،‬إذا ما هرع الـمذنِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬ ‫احلق أقول َ ّ‬‫احلق ّ‬
‫ّ‬
‫ضِّّرعاً ِّمن أجل الصفح عنه ابكياً‪ ،‬إّّنا‬ ‫ِّ‬
‫هنائي‪ -‬إذا كان يـُ َق ّدم نفسه للتكفري ُمتَ َ‬
‫ألنّه أب ذو كمال ال ّ‬
‫وَيَلِّّص روحه‪».‬‬ ‫ليستحق املغفرة ُ‬
‫ّ‬ ‫دون أيس‪ََ ،‬ينَحه اآلب آنذاك وسيلة التكفري‬

‫صَّرفوا بشكل خاطئ‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«إذاً تقول إ ّن الرجال الذين ذَ َكَرهم الكتاب كقاتلي أنفسهم قد تَ َ‬
‫صَّرفوا بشكل سيّئ‪ ،‬إّّنا من‬ ‫الذات‪ُ .‬هم قد تَ َ‬ ‫«ممارسة العنف مرفوضة مع اآلخرين وكذلك مع َّ‬
‫خالل معرفتهم الناقصة للخري ُيصلون يف بعض احلاالت على رمحة هللا‪ .‬ولكن عندما يُنري ال َكلِّ َمة ك ّل‬
‫لكل َمن َيوت يف اليأس‪ ،‬ال يف‬ ‫لن يُغ َفر ّ‬ ‫القوة لألرواح بروحه‪ ،‬اعتباراً من تلك اللحظة‪َ ،‬‬ ‫حقيقة وََينَح ّ‬
‫العامة‪ ،‬أبداً‪ .‬هل هذه قسوة ِّمن هللا؟ ال‪:‬‬ ‫اخلاصة وال بعد دهور من العذاب‪ ،‬وال يف الدينونة ّ‬ ‫الدينونة ّ‬
‫ب العقل واملعرفة فائقة الطبيعة‪،‬‬ ‫بل هو العدل‪ .‬سيقول هللا‪" :‬لقد حكمت وأنت الكائن الذي وِّ‬
‫ه‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫غفر يل‪ ،‬فأان منفصل عنه إىل األبد‪.‬‬ ‫املخلوق حراً ِّمن قِّبلي لتتَّبع الدرب الذي اخَتت وقلت‪’ :‬هللا ال ي ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ُفارق احلياة هرابً ِّمن عذاب الضمري‘‪ .‬دون التفكري أب ّن‬ ‫بتقديري أنّه ينبغي يل مقاضاة ذايت جلرَييت‪ .‬أ ِّ‬
‫حكمك‪.‬‬
‫َ‬ ‫لك حسب‬ ‫األبوي‪ .‬لذا فليكن َ‬
‫ّ‬ ‫أتيت إىل صدري‬
‫كنت َ‬ ‫ليطالك لو َ‬
‫َ‬ ‫عذاب الضمري مل يكن‬
‫ك ّإايها"‪.‬‬
‫صب احلريّة اليت َمنَحتُ َ‬‫ولن أغتَ ِّ‬

‫األزيل ملن يقتل نفسه‪ .‬ف ّكر بذلك اي يهوذا‪ :‬احلياة هبة ينبغي أن حنبّها‪ .‬إّّنا أيّة‬
‫هذا ما يقوله ّ‬
‫عطيّة هي؟ عطيّة مق ّدسة‪ .‬وإذاً جيب أن حنبّها بقداسة‪ .‬احلياة تدوم طاملا اجلسد صامد‪ .‬بعدئذ تبدأ‬
‫احلياة الكربى‪ ،‬احلياة األبديّة‪ .‬فالطوىب لألبرار واللعنة ملن هم غري ذلك‪ .‬هل احلياة هدف أم وسيلة؟‬
‫وختدم الروح يف أسرها‪ .‬عفاف‬ ‫ّإهنا وسيلة للوصول إىل هناية هي األبدية‪ِّ .‬‬
‫فلنعط احلياة إذاً ما يلزم لتدوم َ‬ ‫ّ‬
‫كل األهواء‬ ‫كل ميوله‪ ،‬فيها كلّها‪ .‬طهارة القلب يف ّ‬ ‫اجلسد يف ك ّل شهواته‪ ،‬فيها كلّها‪ .‬عفة الفكر يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 212 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حب هللا والقريب‪ ،‬إرادة خدمة‬
‫البشريّة‪ .‬على العكس‪ ،‬فلتكن العواطف اآلتية من السماء بغري حدود‪ّ :‬‬
‫اإلهلي‪ ،‬البطولة يف اخلري والفضيلة‪.‬‬
‫هللا والقريب‪ ،‬الطاعة للكالم ّ‬
‫وس ْل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫يه‬
‫ز‬ ‫ون‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫صادق‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫دائم‬ ‫كن‬ ‫ح؟‬‫الشر‬ ‫هذا‬ ‫يكفيك‬
‫َ‬ ‫هل‬ ‫ع؟‬‫ك اي يهوذا‪ .‬فهل أنت مقتَنِّ‬
‫لقد أجبتُ َ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫مؤهالً بشكل كاف‪ :‬فأان هنا ألكون املعلّم الذي يـُثَـ ِّّقف‪».‬‬ ‫إذا مل تكن ّ‬
‫ك ق ّدوس‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أنت تستطيع ذلك ألنّ َ‬
‫لكن‪ ...‬فعل ما أدركتُهُ صعب‪َ .‬‬
‫فهمت ويكفيين هذا‪ .‬و ّ‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫أضج ابحلياة‪»...‬‬
‫إّّنا أان‪ ...‬أان شاب و ّ‬
‫جئت ِّمن أجل البشر اي يهوذا‪ ،‬وليس ِّمن أجل املالئكة‪ ،‬فهم ليسوا يف حاجة إىل معلّم‪.‬‬ ‫«لقد ُ‬
‫ّإهنم يـََرون هللا‪َُ .‬ييَون يف فردوسه‪ .‬ال َجي َهلون أهواء البشر‪ ،‬فالفطنة اليت هي حياهتم جتعلهم على اطّالع‬
‫بكل شيء‪ .‬ولكن مبا ّأهنم روحانيّون ال َيكن أن تكون هلم سوى خطيئة واحدة كاليت كانت ألحدهم‬
‫األقل ثبااتً يف احملبّة‪ّ :‬إهنا الكربايء‪ ،‬السهم الذي َش َّوَه لوسيفورس‪ ،‬األهبى بني رؤساء املالئكة‪،‬‬
‫وجَّر معه ّ‬
‫َ‬
‫آت من أجل املالئكة الذين بعد سقطة لوسيفورس‪ ،‬قد أصاهبم‬ ‫وجعل منه شيطان اهلاوية الرهيب‪ .‬مل ِّ‬
‫ََ‬
‫جئت من أجل البشر‪ ،‬ألجعل من هؤالء البشر مالئكة‪.‬‬ ‫الذعر من أدىن أثر لفكرة كربايء‪ .‬إّّنا قد ُ‬
‫كل‬ ‫يف‬ ‫كامل‬ ‫مجال‬ ‫ان‬
‫و‬ ‫احلي‬ ‫ن‬ ‫لقد كان اإلنسان كمال اخلليقة‪ .‬فكان له ِّمن املالئكة الروح‪ِّ ،‬‬
‫وم‬
‫ّ‬
‫كيانه احليواينّ والوجداينّ‪ .‬مل يكن له مثيل يف املخلوقات كلّها‪ .‬لقد كان َملِّك األرض كما هللا َملِّك‬
‫مرة على األرض ألنّه كان سيصبح َملِّكاً‬ ‫السماء‪ ،‬وذات يوم‪ ،‬ذلك اليوم الذي كان سينام فيه آلخر ّ‬
‫وعطَش‬ ‫ضع له براثن احليواانت َ‬ ‫وو َ‬
‫يف السماء مع اآلب‪ ،‬قَطَع الشيطان أجنحة اإلنسان‪-‬املالك‪َ ،‬‬
‫وج َعل منه كائناً هو اإلنسان‪-‬الشيطان أكثر منه اإلنسان‪-‬املسخ‪ .‬وأان أريد أن أحمو قُبح‬ ‫َّ‬
‫الدنَس‪َ .‬‬
‫َفس َد ولَطَّخ‪ ،‬وأن أعيد لإلنسان أجنحته وأعيده إىل ال َـملِّك‪،‬‬‫إبليس‪ ،‬أن أُزيل جوع اجلسد الذي أ َ‬
‫كل ما‬
‫قاسم إرث اآلب واململكة السماويّة‪ .‬أعرف أ ّن اإلنسان‪ ،‬لو كانت له اإلرادة‪ ،‬يستطيع فعل ّ‬ ‫لتَ ُ‬
‫لست واحداً من هؤالء اخلُطَباء‬ ‫ِّ‬
‫أقول ليعود َملكاً ومالكاً‪ .‬لن أقول لكم أشياء ال َيكنكم فعلها‪ .‬فأان ُ‬
‫الذين يَكرزون مبذاهب مستحيلة‪ .‬ولقد لَبِّ ُ‬
‫ست جسداً حقيقيّاً الختبار التجارب البشريّة ابختبار طبيعة‬
‫اجلسد‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 213 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«واخلطااي؟»‬

‫رضخون للتجربة‪».‬‬
‫«َيكن للجميع أن ُجيَّربوا‪ّ .‬أما اخلطأة فهم فقط أولئك الذين يَ َ‬
‫«أمل ختطئ أبداً اي يسوع؟»‬

‫أردت هذا ألبرهن لإلنسان‬


‫«أان مل أَقبَل أبداً ابخلطيئة‪ .‬وليس هذا ألنّين ابن اآلب‪ ،‬إّّنا ألنّين قد ُ‬
‫ض اخلطيئة يستطيع عدم ارتكاهبا‪».‬‬
‫أن ابن اإلنسان مل َيطئ ألنّه مل يرد اخلطيئة وأ ّن اإلنسان إذا َرفَ َ‬
‫«أمل ُجتََّرب أبداً؟»‬

‫وحّت‬
‫قمة جبل‪ ،‬إّّنا بني البشر‪ّ .‬‬ ‫غت الثالثني سنة‪ .‬ومل أَعش يف كهف على ّ‬ ‫«اي يهوذا‪ ،‬لقد بـَلَ ُ‬
‫كل شيء يف ذواتنا‪:‬‬‫كنت يف املكان األكثر وحشة يف األرض‪ ،‬أفتعتقد أ ّن التجارب ال أتيت؟ لدينا ّ‬ ‫ولو ُ‬
‫بخرة بعطور ممتعة مقدَّسة‪.‬‬
‫كل شيء معنا‪ ،‬وينفخ نـَ َفس هللا على اخلري فيضرمه مثل َم َ‬ ‫الشر‪ .‬حنمل ّ‬
‫اخلري و ّ‬
‫الشر جاعالً منه ِّحمَرقة بنريان ُملتَ ِّهمة‪ .‬إّّنا اإلرادة املتي ّقظة والصالة الدائمة ُها‬
‫وينفخ الشيطان على ّ‬
‫كالرمل الرطب على النريان اجلهنّمية خت ّففاهنا وتنتصران عليها‪».‬‬

‫«ولكن إذا مل ختطئ أبداً فكيف تستطيع احلكم على اخلطأة؟»‬


‫«أان إنسان وابن هللا‪ .‬فما َيكن أن أجهله كإنسان وأ ِّ‬
‫ُخطئ يف احلُكم عليه‪ِّ ،‬‬
‫أعرفه وأح ُكم عليه‬
‫عليك‪ :‬إذا كان إنسان‬ ‫ِّ‬
‫كابن هللا‪ .‬وعن الباقي!‪ ...‬أجب اي يهوذا على هذا السؤال الذي أطرحه َ‬
‫جائعاً‪ ،‬فهو يعاين أكثر بقولـه‪" :‬اآلن أجلس إىل الطاولة"‪ ،‬أم بقولـه‪" :‬ال طعام لدي"؟»‬

‫وتعض الرغبة‬
‫ّ‬ ‫هتف رائحة الطعام‬
‫جملرد معرفة أنّه حمروم ّ‬
‫«يف احلالة الثانية يعاين أكثر‪ ،‬إذ ّ‬
‫أحشاءه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 214 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك مثل تلك الرغبة‪ ،‬اي يهوذا‪ ،‬والشيطان جيعلها أكثر ح ّدة‪ ،‬أكثر دقّة‬ ‫تعض َ‬
‫«هاك إذاً‪ :‬فالتجربة ّ‬
‫تضعفك‪،‬‬
‫َ‬ ‫كل إرواء‪ .‬فضالً عن أن الفعل ُيمل إرضاء‪ ،‬وأحياانً االمشئزاز طاملا التجربة مل‬
‫وأكثر إغواء من ّ‬
‫فإهنا تُ ِّزهر بشكل أكثر غزارة‪».‬‬
‫بل مثل شجرة قُـلِّّمت‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫رضخ أبداً؟»‬
‫«ومل تَ َ‬
‫أرضخ أبداً‪».‬‬
‫«مل َ‬
‫نت ِّمن ذلك؟»‬
‫«كيف مت ّك َ‬
‫"أبت‪ ،‬ال تُ ِّ‬
‫دخلين يف التجربة"‪».‬‬ ‫«لقد قلت‪ِّ :‬‬
‫ُ‬
‫أنت الذي َجت ََِّتح املعجزات تطلب معونة اآلب؟»‬
‫أنت املسيح‪َ ،‬‬
‫«كيف و َ‬
‫كنت الذي أان‬‫تظن أبنّين‪ ،‬إذا ُ‬
‫طلبت منه ّأال يدخلين يف التجربة‪ .‬هل ّ‬ ‫«ليس فقط املعونة‪ ،‬بل ُ‬
‫لكن االبن‬
‫كل شيء‪ ،‬و ّ‬‫لك إ ّن اآلب َينح االبن ّ‬
‫احلق أقول َ‬‫احلق ّ‬
‫كائنه‪َ ،‬يكنين جتاوز اآلب؟ آه! ال! ّ‬
‫جاابً‪.‬‬ ‫ست‬‫م‬ ‫يكون‬ ‫سوف‬ ‫ابمسي‬ ‫اآلب‬ ‫ن‬‫م‬‫لك إ ّن كل ما يطلب ِّ‬
‫كل شيء من اآلب‪ .‬وأقول َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫كذلك يتل ّقى ّ‬
‫ولكن ها حنن يف جتسامي ‪ Get-Sami‬حيث أقيم‪ .‬إنّنا نرى اآلن طالئع الزيتون من خلف‬
‫بك أالّ تصعد إىل هناك‪ .‬سنرى‬ ‫ط الليل‪ .‬جيدر َ‬ ‫أنت ‪ ،‬تقطن خلف الض ّفة‪ .‬وها قد َهبَ َ‬
‫اجلدران‪ .‬و َ‬
‫لك‪».‬‬ ‫بعضنا غداً يف ذات املكان‪ .‬وداعاً‪ ...‬السالم َ‬
‫حّت‬
‫أصحبك ّ‬
‫َ‬ ‫لك شيئاً آخر‪ .‬سوف‬ ‫لك السالم اي معلّم‪ّ ...‬إال أنّين أر َغب يف أن أقول َ‬ ‫«و َ‬
‫وادي قدرون مثّ أعود‪ .‬ملاذا تقطن يف هذا املكان املتواضع ج ّداً؟ فالناس ينظرون إىل أمور كثرية كما‬
‫آخذك إىل أصدقاء‬
‫أردت‪ ،‬أستطيع أن َ‬ ‫أنت َ‬ ‫تَعلَم‪ .‬أال تعرف أحداً يف املدينة َيلك بيتاً مجيالً؟ أان‪ ،‬إن َ‬
‫بك‪».‬‬
‫إقامتك أَليَق َ‬
‫َ‬ ‫وسيستضيفونك بفضل صداقيت هلم‪ ،‬وسيكون مكان‬‫َ‬ ‫يل‪.‬‬

‫كل طبقات اجملتمع‪ .‬ودون‬


‫أنت؟ أان ال أظنّه‪ .‬الالئق وغري الالئق موجودان يف ّ‬
‫أتظن ذلك َ‬ ‫« ّ‬
‫لك أب ّن غري الالئق هو ما كان غري الئق بشكل‬
‫جتاهل احملبّة‪ ،‬إّّنا لكي ال نُسيء إىل العدالة‪ ،‬أقول َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 215 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الضروري وال املفيد أن يكون املرء ذا سلطان ليكون صاحلاً‬
‫ّ‬ ‫ماكر‪ ،‬وهو غالباً لدى الكبار‪ .‬فليس من‬
‫كل شيء حتت عالميت‪ .‬والذي سيكون عظيماً‬ ‫عيين هللا‪ .‬جيب أن يعود ّ‬
‫سَت ما كان خطيئة عن ّ‬ ‫أو ليَ ُ‬
‫ليس ذا السلطان‪ ،‬بل املتواضع والق ّديس‪».‬‬

‫نفسك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«ولكن لكي تكون حمَتماً وتفرض‬

‫«هل هريودس حمَتم؟ وقيصر كذلك هل هو حمَتم؟ ال‪ .‬إ ّن الناس تتحملهم إّّنا الشفاه كالقلوب‬
‫وحّت جمرد الراغبني يف ذلك ‪ ،‬فثق متاماً اي يهوذا‪ ،‬سأعرف كيف أفرض‬ ‫تلعنهم‪ّ .‬أما ابلنسبة للصاحلني ّ‬
‫العظَ َمة‪»...‬‬
‫نفسي عليهم ابلتواضع أكثر من مظاهر َ‬
‫لك! وأان الذي‬ ‫ِّ‬
‫«ولكن حينئذ‪ ...‬هل ستَحتَقر دائماً ذوي السلطة؟ سوف تتّخذهم أعداء َ‬
‫عنك إىل كثري من الناس الذين أعرفهم وهلم شهرهتم‪»...‬‬
‫كنت أف ّكر يف التح ّدث َ‬
‫ُ‬
‫أتوجه إىل الفقراء كما إىل األغنياء‪ ،‬إىل العبيد كما إىل امللوك‪ ،‬إىل‬ ‫ِّ‬
‫«أان لن أحتَقر أحداً‪ .‬سوف ّ‬
‫كنت عارفاً جبميل من يق ّدم يل اخلبز واملأوى عندما أكون متعباً‪،‬‬ ‫األطهار كما إىل اخلطأة‪ .‬ولكن إذا ُ‬
‫مسرات كثرية‪ .‬وليس‬ ‫الكبار‬ ‫لدى‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫ع‪.‬‬ ‫مهما يكن املأوى والغذاء‪ ،‬فسأعطي األفضلية دائماً للمتو ِّ‬
‫اض‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫يف‪ ،‬كأطفال جيدون أنفسهم مسموعني من قبل‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫لدى الفقراء سوى استقامة ضمائرهم وحب ُخملِّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫مك‪.‬‬‫لتكر َ‬
‫من هم أعلى منهم‪ .‬وأان سوف أحنو على الدوام على الفقراء واحملزونني واخلطأة‪ .‬أشكرك ّ‬
‫ليلهمك هللا اخلري‪».‬‬
‫َ‬ ‫إّّنا دعين يف مكان الصالة والسالم هذا‪ .‬اذهب و‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫يَتك يسوع التلميذ ويذهب بني الزيتون‪ .‬وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 216 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -33‬يسوع يُقابِّل يوحنّا بن زبدى يف اجلسمانيّة)‬

‫‪1945 / 01 / 04‬‬

‫فيت‬ ‫شاب‬ ‫منه‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫َي‬


‫َ‬ ‫يتون‪.‬‬
‫ز‬ ‫ال‬ ‫بستان‬ ‫وسط‬ ‫أبيض‬ ‫ض‬‫ف‬‫أرى يسوع يتجه صوب بيت صغري منخ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫العزق‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫للري و َ‬
‫وُييّيه‪ .‬يبدو أنّه من املكان‪ ،‬فهو ُيمل يف يديه أدوات ّ‬
‫ملالقاتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫عاوَد الذهاب اآلن‬
‫تلميذك يوحنّا جاء وقد َ‬
‫َ‬ ‫معك أيّها الرايب‪.‬‬
‫«هللا َ‬
‫«هل مضى وقت طويل على ذلك؟»‬

‫ـنت سـتأيت من جهـة بيت عنيا‪»...‬‬


‫ـك ك َ‬
‫ضى لت ّـوه من هـذا الـدرب‪ .‬لقـد ظَنَنـّا أنّ َ‬
‫«ال بـل َم َ‬
‫لمح يوحنّا الذي يَهبط خبطى سريعة صوب‬ ‫ِّ‬
‫وَيضي يسوع مسرعاً‪ ،‬ليَقفز إىل اجلهة األخرى‪ .‬يَ َ‬
‫املدينة‪ ،‬ويناديه‪.‬‬

‫صرخ‪« :‬آه! معلّمي!» ويعود أدراجه جرايً‪.‬‬‫ي‬


‫َ‬ ‫ح‬‫ابلفر‬ ‫ق‬‫يلتَ ِّفت التلميذ‪ ،‬وبوجه يُ ِّ‬
‫شر‬
‫ُ‬
‫مبودة‪.‬‬
‫يَفتَح يسوع له ذراعيه ويتعانقان ّ‬
‫قلت‪».‬‬
‫ك يف بيت عنيا كما َ‬
‫أظن أنّ َ‬
‫كنت ّ‬
‫عنك‪ُ ...‬‬
‫كنت آتياً للبحث َ‬
‫« ُ‬
‫أردت أن أفعل ذلك‪ .‬فينبغي أن أبدأ الكرازة أيضاً يف حميط أورشليم‪ .‬إّّنا بعد ذلك‬
‫«نعم لقد ُ‬
‫اضطُِّر ُ‬
‫رت للبقاء يف املدينة‪ ...‬لتثقيف تلميذ جديد‪».‬‬

‫حّت الساعة فلقد التقينا على الفور‪».‬‬


‫كل ما تفعله اي معلّم َح َسن وانجح‪ .‬أترى ذلك؟ ّ‬
‫« ّ‬
‫يسريان معاً؛ ذراع يسوع على كتفي يوحنّا الذي‪ ،‬لكونه أقصر‪ ،‬يَنظُر إليه من أسفل ُمغتَبِّطاً هلذه‬
‫املودة‪ .‬ويعودان هكذا إىل البيت الصغري‪.‬‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 217 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك؟»‬
‫«هل مضى وقت طويل على وصو َ‬

‫كنت تريد‪ .‬مثّ‬


‫قلت له ما َ‬ ‫غادرت ‪ Docco‬منذ الفجر مع مسعان الذي ُ‬ ‫ُ‬ ‫«ال اي معلّم‪ .‬لقد‬
‫أخذان فَتة اسَتاحة يف بيت عنيا شاركنا فيها الفالحني الذين كنا نلتقيهم يف احلقول ون ِّ‬
‫قامسهم الطعام‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫افَتقنا‪ .‬فَ َذ َهب مسعان إىل صديق له يريد أن‬ ‫عنك‪ .‬وعندما خ ّفت ح ّدة حرارة الشمس ََ‬‫وحت ّدثنا إليهم َ‬
‫عنك‪ .‬إنّه يكاد َيتلك بيت عنيا أبكملها‪ ،‬وهو يعرفه من قبل‪ ،‬منذ كان أَبـَ َواُها حيّني‪ .‬إّّنا غداً‬
‫ُي ّدثه َ‬
‫خدمتك‪ .‬إن مسعان لرجل ُكفء‬ ‫َ‬ ‫سوف يُقبِّل مسعان إىل هنا‪ .‬وقد قال يل أن َ‬
‫أخربك أبنّه سعيد يف‬
‫متاماً‪ .‬أمتىن أن أكون مثله‪ .‬ولكنّين فّت جاهل‪».‬‬

‫تتصرف بشكل رائع‪».‬‬


‫فأنت أيضاً ّ‬
‫«ال اي يوحنّا‪َ ،‬‬
‫اك املسكني؟»‬
‫حبق من يوحنّ َ‬
‫ك مسرور ّ‬
‫«هل صحيح أنّ َ‬
‫«مسرور ج ّداً اي يوحنّاي‪ ،‬ج ّداً‪».‬‬

‫«آه! معلّمي!» وينحين يوحنّا بشغف ليأخذ يد يسوع ويـُ َقبِّّلها وَُيَِّّررها على وجهه كما ليداعبه‪.‬‬

‫دخالن املطبخ املنخفض واملليء ابلدخان‪ُ .‬ييّيهما صاحب البيت‪:‬‬ ‫ِّ‬


‫يَصالن إىل البيت الصغري ويَ ُ‬
‫لك‪».‬‬
‫«السالم َ‬
‫معك‪ .‬معي تلميذ‪».‬‬
‫جييبه يسوع‪« :‬السالم هلذا البيت وملن ُييا َ‬
‫«له كذلك سوف يتوفّر اخلبز والزيت‪».‬‬

‫بت معي ســمكاً جم ّففـاً أعطـانيه يعقوب وبطرس‪ .‬ولـدى مـروري ابلناصـرة أعطتين‬
‫«لقد َجلَ ُ‬
‫ـيت دون توقّف‪ ...‬ومـع ذلك فيكـون اآلن قـد أصبح قاسياً‪».‬‬
‫لك‪ .‬لقد مش ُ‬ ‫الدتك خبـزاً وعسـالً َ‬
‫و َ‬
‫يدي األ ُّم‪».‬‬
‫يهم اي يوحنّا فإنّه سيحتفظ بنكهة ّ‬
‫«ال ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 218 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َُيرِّج يوحنّا كنوزه ِّمن اخلِّرج حيث كانوا يف إحدى الزوااي‪ .‬مثّ أرى حتضري السمك اجمل ّفف بطريقة‬
‫دهن ابلزيت ويشوى على النار‪.‬‬ ‫غري مألوفة‪ .‬يـُغَطَّس بعض الوقت يف املاء الساخن‪ ،‬مثّ يُ َ‬
‫بارك يسوع الطعام وجيلس إىل الطاولة مع التلميذ‪ .‬وعلى الطاولة ذاهتا يوجد صاحب البيت‬ ‫يُ ِّ‬
‫األم تروح وجتيء حاملة السمك والزيتون األسود‬ ‫الذي أمسعه يناديه يوان ويوجد أيضاً ابنه‪ .‬بينما ّ‬
‫ماداً ّإايه على خبز‬ ‫ِّ‬
‫لألم ّ‬
‫املبهرة مع الزيت‪ .‬ويـُ َق ّدم يسوع كذلك العسل‪ .‬يق ّدمه ّ‬
‫واخلضار املسلوقة و ّ‬
‫فأنت طيبة ج ّداً معي‪ِّ ،‬‬
‫أنت اي مرمي اليت‬ ‫قائالً‪« :‬إنّه من قفريي‪ .‬والديت هتتم ابلنحالت‪ُ .‬كليه إنّه لذيذ‪ِّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تستحق هذا‪ ،‬بل أكثر‪ ».‬يُضيف هذا أل ّن املرأة مل تكن تريد أن حترمه من هذا العسل اللذيذ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويتم الشكر على الطعام الذي قُ ِّّدم هلم‬
‫ينتهي العشاء بسرعة وسط املناقشات‪ .‬وما كاد ينتهي ّ‬
‫ومضيء‪ .‬وحسن أن نبقى‬ ‫خرج قليالً إىل بستان الزيتون‪ ،‬فالليل دافئ ُ‬
‫حّت يقول يسوع ليوحنّا‪َ « :‬هلُ َّم لنَ ُ‬
‫ّ‬
‫بعض الوقت خارجاً‪».‬‬

‫ويقول صاحب البيت‪« :‬سالماً أيّها املعلّم‪ .‬إنّين وابين لَتَعبان‪ ،‬وسنخلد إىل النوم‪ .‬سوف أدفع‬
‫التصرف‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫أنت تعرف أن ُحتسن ّ‬ ‫الباب وأترك النور على الطاولة‪ ،‬و َ‬
‫«نعم‪ ،‬اذهب اي يوان و ِّ‬
‫أطفئ املصباح كذلك‪ ،‬فنور القمر مجيل ج ّداً حبيث نستطيع أن نرى دون‬
‫مصباح‪».‬‬

‫تلميذك؟»‬
‫َ‬ ‫«ولكن أين سينام‬

‫«معي‪ ،‬على حصرييت‪ ،‬فهناك مكان له أيضاً‪ .‬أليس كذلك اي يوحنّا؟»‬

‫وأتخذ يوحنّا نشوة روحيّة جملرد فكرة النوم قريباً من يسوع‪.‬‬

‫ََي ُرجان إىل بستان الزيتون‪ ،‬إّّنا قَبل ذلك أيخذ يوحنّا شيئاً من الكيس املوضوع يف الزاوية‪.‬‬
‫يطل على مدينة اورشليم أبكملها‪.‬‬ ‫ر‬‫د‬‫َ‬ ‫نح‬‫م‬ ‫إىل‬ ‫الن‬ ‫يسريان خطوات وي ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 219 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يقول يسوع‪« :‬لنجلس هنا ونتح ّدث‪».‬‬

‫يفضل اجللوس عند قدميه ويبقى على العشب القصري متّكئاً على ركبيت يسوع‪،‬‬ ‫لكن يوحنّا ّ‬
‫و ّ‬
‫األحب‬ ‫هو‬ ‫شخص‬ ‫جانب‬ ‫إىل‬ ‫طفل‬ ‫ه‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫كأ‬
‫و‬ ‫يسوعه‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫آلخر‬ ‫وقت‬ ‫ن‬ ‫انظراً ِّ‬
‫م‬ ‫ورأسه مستَنِّد إىل ذراعه‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إليه‪.‬‬

‫«يـا معلّم‪ ،‬هنـا كذلك مجيل‪ .‬انظر كم تبدو املدينة كبرية يف الليل أكثر منها يف النهار‪».‬‬
‫«هذا أل ّن نور القمر يعكس عليها ظالل احمليط‪ .‬انظر‪ ،‬كأ ّن نوراً ّ ِّ‬
‫يؤخر احلدود إىل اخللف‪.‬‬
‫فضياً ّ‬ ‫َ‬
‫لك ُم َدَّالة ِّمن فراغ؟»‬
‫قمة اهليكل‪ ،‬يف األعلى‪ ،‬أال تبدو َ‬
‫انظر إىل ّ‬
‫الفضية‪».‬‬
‫«تبدو وكأ ّن املالئكة هي اليت حتملها على أجنحتها ّ‬
‫يتنهد يسوع‪.‬‬
‫ّ‬
‫تتنهد اي معلّم؟»‬
‫«ملاذا ّ‬
‫داسة الذي له‪ ،‬يَِّقف عند حدود‬ ‫«أل ّن املالئكة قد َختَلَّت عن اهليكل‪ .‬فمظهر الطُّهر وال َق َ‬
‫فلكل مكان روحه‪ ،‬يعين الروح الذي أُنشئ من‬ ‫اجلدران‪ .‬والذين كان ينبغي هلم أن يعطوه روحاً ‪ّ -‬‬
‫ع منهم‪.‬‬ ‫لكن هذا كان ّأول ما انتُ ِّز َ‬
‫أجله؛ لقد كان ينبغي أن يكون للهيكل روح الصالة والقداسة‪ -‬و ّ‬
‫فال َيكن إعطاء ما مل نعد ّنلك اي يوحنّا‪ .‬وإذا كان كهنة والويّون كثريون َُييَون هناك‪ ،‬فليس فيهم‬
‫كل عشرة يف احلالة اليت يستطيع فيها إضفاء احلياة على املكان املق ّدس‪ّ .‬إهنم يضفون عليه‬ ‫واحد من ّ‬
‫ِّ‬
‫الصيَغ‪ ،‬إّّنا‬ ‫املوت‪ّ .‬إهنم ي ِّ‬
‫سقطون عليه املوت الـمع ِّ‬
‫لكل ما هو مق ّدس‪ .‬لديهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫املوت‬ ‫نفوسهم‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ش‬‫ش‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ليس لديهم احلياة اليت ينبغي هلا أن ُحتّركها‪ .‬إ ّهنم جثث ال حرارة فيها سوى تلك اليت أتتيهم من التع ّفن‬
‫الرّمي الذي يَن َفحهم‪».‬‬
‫ُّ‬
‫إليك اي معلّم؟» ويبدو يوحنّا حزيناً‪.‬‬
‫«هل أساؤوا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 220 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫طلبت منهم ذلك‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬بل ّإهنم تَـَركوين أتكلّم عندما ُ‬
‫طلبت ذلك؟ ملاذا؟»‬
‫« َ‬
‫«ألنّين ال أريد أن أكون أان َمن يُعلن بدء احلرب‪ .‬ومع ذلك فاحلرب آتية‪ ،‬إذ سيكون لدى‬
‫البعض ذعر إنساين أبله ِّم ّين‪ ،‬وسأكون مصدر إدانة آلخرين‪ .‬إّّنا ينبغي أن يُ َس َّجل هذا عليهم ُهم‬
‫علي أان‪».‬‬
‫وليس َّ‬
‫يسـود الصمت بـرهة مثّ يُ ِّ‬
‫عاود يوحنّا الكالم‪« :‬اي معلّم‪ ،‬أان أعرف حنّة وقيافا‪ .‬لعائليت معهمـا‬
‫كنت آيت إىل اهليكل كذلك‪ ،‬وقد‬ ‫كنت يف اليهوديّـة بسبب يوحنّا املعمدان‪ُ ،‬‬ ‫عالقـات عمل‪ ،‬وعندمـا ُ‬
‫كاان لطيفني مع ابن زبدى‪ .‬فوالِّ ِّدي ُيتَ ِّفظ هلما ابلسمك األفضل على الدوام؛ هذه هي العادة‪ ،‬أتعلم؟‬
‫تتصرف هكذا‪»...‬‬
‫عندما تريد ّاختاذهم كأصدقاء‪ ،‬وحتتفظ بصداقتهم‪ ،‬جيب أن ّ‬
‫ويتجهم وجه يسوع‪.‬‬
‫َّ‬ ‫«أعرف ذلك‪».‬‬

‫أردت‪ ،‬فإنّين أعرف أحدهم له‬


‫كنت موافقاً فسأحت ّدث إىل كبري الكهنة‪ .‬ومثّ‪ ...‬إذا َ‬ ‫«إذاً‪ ،‬إن َ‬
‫ثري‪ .‬لديه منزل مجيل وكبري قرب مزرعة اخليل‪ ،‬فهم أانس‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صالت عمل مع والدي‪ .‬إنّه اتجر مسك ّ‬
‫أقل‪َّ .‬إّنا للوصول إىل هناك ينبغي‬
‫احتك أكثر وتتعب ّ‬‫أثرايء ولكنّهم طيّبون للغاية كذلك‪ .‬فتأخذ ر َ‬
‫وم َزد ِّمحة على الدوام ابحلمري واألوالد املشاغبني‪».‬‬
‫الص َخب ُ‬
‫املرور بضاحية كثرية َّ‬

‫قلت ذلك أيضاً‬


‫أي سالم هو هذا؟ لقد ُ‬ ‫أشكرك‪ .‬إنّين هنا على ما يرام‪ .‬هل ترى ّ‬
‫َ‬ ‫«ال اي يوحنّا‪،‬‬
‫علي العرض ذاته‪ .‬فهو كان يقول‪" :‬لكي تكون أكثر اعتباراً"‪».‬‬
‫ض َّ‬ ‫للتلميذ اآلخر عندما َعَر َ‬
‫أقل"‪».‬‬
‫تعبك ّ‬
‫فكنت أقول‪" :‬ليكون َ‬
‫ُ‬ ‫« ّأما أان‬

‫«أان ال أتعب‪ .‬سوف أسري كثرياً ولن أتعب أبداً‪ .‬هل تعرف ما الذي يُتعبين؟ الالمباالة‪ .‬آه! اي‬
‫له ِّمن ثِّقل‪ .‬وكأنّه ثِّقل على قليب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 221 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك‪ ،‬اي يسوع‪».‬‬
‫«أان أحبّ َ‬
‫ك لن ختونين أبداً‪».‬‬ ‫«نعـم ُ ِّ‬
‫ك على الدوام ألنّ َ‬
‫ـك أنـا كثرياً اي يوحنّا‪ ،‬وسأحبّ َ‬
‫وختَّفف عنـّي‪ .‬أحبّ َ‬
‫أخونك! آه!»‬
‫« َ‬
‫رت بسبب‬
‫أتخ ُ‬
‫لك إنّين َّ‬
‫قلت َ‬
‫«ومع ذلك فهنالك كثريون َسيَغدرون يب‪ ...‬امسع اي يوحنّا‪ُ ،‬‬
‫يهودي شاب مث ّقف ومعروف‪».‬‬
‫ّ‬ ‫تثقيفي لتلميذ جديد‪ ،‬إنّه‬

‫لك على َمن هو‬


‫أقل كثرياً منه معنا‪ ،‬اي معلّم‪ .‬إنّين مسرور حلصو َ‬
‫عذابك معه ّ‬
‫َ‬ ‫«إذاً فسيكون‬
‫أجدر ِّمنّا‪».‬‬

‫أقل؟»‬
‫أتظن أ ّن عذايب سيكون ّ‬
‫« ّ‬
‫ك‬
‫أحبَّ َ‬
‫خاصة إذا ما َ‬
‫وَيدمك أفضل‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فسيفهمك بشكل أفضل‪،‬‬
‫َ‬ ‫أقل جهالً ِّمنّا‪،‬‬
‫«إن كان ّ‬
‫ابلشكل األفضل‪».‬‬

‫ب‬ ‫ِّ‬
‫حّت مع الَتبية‪ .‬فالقلب البكر ُي ّ‬ ‫احلب ال يتناسب مع الثقافة وال ّ‬ ‫أحسنت قوالً‪ .‬ولكن ّ‬
‫َ‬ ‫«‬
‫فاحلب يـُ َعِّّرب عن ذاته يف قلب وفِّكر بِّكريَن‬
‫ّ‬ ‫بكل ّقوة حبّه األول‪ .‬وكذلك احلال ابلنسبة لفكر بِّكر‪.‬‬
‫ّ‬
‫أرجوك أن تكون‬ ‫َ‬ ‫للحب‪ .‬إّّنا إذا هللا أراد ذلك‪ ...‬امسع اي يوحنّا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أكثر منه حيث توجد أوجه أخرى‬
‫أنت احلَ َمل الذي مل ُجيَّز صوفه بعد أبداً‪ ،‬إىل جانب الذي‬ ‫صديقاً له‪ .‬إ ّن قليب لريجتف ِّمن َو َ‬
‫ضعك و َ‬
‫يعتربك َمحَالً‪ ،‬ولكنّك نسر كذلك‪ ،‬وفيما إذا سعى‬ ‫أقل حت ّفظاً ألنّه قد َ‬
‫يعرف احلياة‪ .‬إّّنا‪ ،‬قد يكون ّ‬
‫نت كيف‬ ‫الصرف‪ ،‬فستعرف أ َ‬ ‫البشري َّ‬
‫ّ‬ ‫جيعلك تالمس األرض‪ ،‬األرض املوحلة‪ ،‬األرض ابملعىن‬ ‫َ‬ ‫كي‬
‫نفسك‬
‫َ‬ ‫أرجوك ‪-‬مع احملافظة على‬
‫َ‬ ‫اض بغري الالزورد والشمس‪ .‬هلذه الغاية‬ ‫تتحرر بضربة جناح‪ ،‬غري ر ٍ‬
‫ّ‬
‫حّت اآلخرون‪ ،‬كي جتعل‬ ‫أنت‪ -‬أن تكون صديق التلميذ اجلديد الذي لن ُيبّه مسعان بطرس وال ّ‬ ‫كما َ‬
‫قلبك‪»...‬‬
‫قلبه مثل َ‬
‫أنت كافياً لذلك؟»‬
‫ألست َ‬
‫«آه! اي معلّم‪ ،‬ولكن َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 222 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َّلم َذة األكثر شباابً‪ ،‬وسيكون‬
‫أنت فصديق الت َ‬ ‫بكل شيء‪ّ .‬أما َ‬ ‫«أان املعلّم الذي لن يُفضي إليه ّ‬
‫لك‪ .‬فأان أكره اجلواسيس‬ ‫لك‪ ،‬وأان ال أطلب منك أن تَن ُقل يل ما يقوله َ‬ ‫أسهل كثرياً أن يفتح قلبه َ‬
‫تك اي يوحنّا‪ .‬إنّه‬
‫تك وطهار َ‬ ‫منك أن تنقل إليه البِّشارة إبَي َ‬
‫انك وحمبّ َ‬ ‫النمامني‪ ،‬ولكنّين أطلب َ‬‫والوشاة و ّ‬
‫احلب؛ أن تُطَ ِّّهرها نزاهة األفكار والشهوات‬ ‫مشس‬ ‫يها‬‫ق‬‫ّ‬ ‫ـ‬‫ن‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫ُ‬‫ت‬ ‫أن‬ ‫فيجب‬ ‫نة‪.‬‬ ‫أرض ملَطَّخة ابملياه ِّ‬
‫اآلس‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫يهذهبا اإلَيان‪ .‬وأنت تستطيع فعل ذلك‪».‬‬ ‫واألعمال؛ أن ّ‬
‫كنت تقول يل إنّين أستطيع القيام به‬
‫كنت تعتقد أنّين قادر على ذلك‪ ...‬آه! نعم‪ .‬إذا َ‬
‫«إذا َ‬
‫بك‪»...‬‬‫فسأفعل‪ُ .‬حبّاً َ‬
‫«شكراً اي يوحنّا‪».‬‬

‫لك منذ البدء‪.‬‬‫رت ما كان ينبغي يل أن أقوله َ‬ ‫َّثت عن مسعان بطرس‪َّ ،‬‬
‫فتذك ُ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬لقد حتد َ‬
‫بسماعك أنساين الفكرة‪ .‬عند عودتنا إىل كفرانحوم يف العنصرة‪َ ،‬و َجدان يف احلال املبلغ‬ ‫َ‬ ‫لكن فرحي‬ ‫و ّ‬
‫إيل قائالً أبن أصرف‬ ‫ِّ‬
‫املعهود من ذاك اجملهول‪ .‬لقد َجلَبَه الطفل إىل ّأمي‪ .‬وقد أعطيتُه لبطرس فأعاده ّ‬
‫الحتياجاتك ال ُـمحتَ َملة‪ ...‬ذلك أ ّن بطرس كان‬
‫َ‬ ‫إليك الباقي‬
‫منه قليالً أثناء العودة‪ .‬وقال يل أبن أمحل َ‬
‫ك تقول العكس‪ ...‬وأان مل آخذ منها سوى دانَِّقني‬ ‫يظن أبن ال شيء هنا سيكون مرُياً‪ّ ...‬إال أنّ َ‬ ‫ّ‬
‫فت مما أعطتين والديت وما أعطانيه‬ ‫ِّ‬
‫صَر ُ‬‫قريين التقيتُـ ُهما قرب أفرائيم‪ّ .‬أما فيما تب ّقى فقد َ‬
‫أعطيتُـ ُهما ل َف َ‬
‫ابمسك‪ .‬ها هو املبلغ‪».‬‬
‫َ‬ ‫أانس ذوو شهامة بَ َّشرُهتم‬

‫أوزعه غداً على الفقراء‪ .‬بذلك يتعلّم يهوذا عاداتنا‪».‬‬


‫«سوف ّ‬
‫ك؟ كيف استطاع اجمليء هبذه السرعة؟ لقد كان يف الناصرة ومل ُُيَ ِّّدثين عن‬
‫عم َ‬
‫«هل أتى ابن ّ‬
‫الرحيل‪»...‬‬

‫ك رأيته يف الفصح‪ ،‬هنا‪،‬‬


‫«ال‪ ،‬بل إ ّن يهوذا هذا هو التلميذ اجلديد‪ .‬إنّه إسخريوطي‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫عشيّة شفاء مسعان‪ .‬لقد كان مع توما‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 223 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«آه! إنّه هو؟» يوحنّا مذهول قليالً‪.‬‬

‫«إنّه هو‪ .‬وتوما ماذا تُراه يفعل؟»‬

‫ب مبحاذاة البحر ملالقاة فليبّس وبرتلماوس‪».‬‬


‫ص َل عن مسعان الكنعاينّ و َذ َه َ‬
‫«لقد أطاع أمرك فان َف َ‬
‫ظهروا البشاشة‬ ‫«نعم أريد أن حتبّوا بعضكم بعضاً دون متييز‪ ،‬مبساعدة بعضكم البعض‪ .‬وأن تُ ِّ‬
‫بعضكم لبعض‪ .‬ال أحد كامل اي يوحنّا‪ .‬ال الشباب وال الشيوخ‪ .‬إّّنا ابإلرادة احلسنة ستبلُغون الكمال‪،‬‬
‫وما ينقصكم سوف أضعه فيكم‪ .‬إنّكم مثل أبناء عائلة مق ّدسة‪ .‬فيها الكثري من الشخصيّات املختلفة‪.‬‬
‫ندفِّع واآلخر ُمتَح ِّّفظ‪.‬‬
‫الواحد قاس واآلخر لطيف‪ ،‬الواحد مقدام واآلخر متهيِّّب خجول‪ ،‬الواحد ُم َ‬
‫ابلقوة ويكون الباقون دونه‪ّ .‬أما هكذا فعلى العكس‪،‬‬ ‫لو كنتم مجيعكم متشاهبني فسيفرض أحدكم نفسه ّ‬
‫احلب جيمعكم وينبغي أن جيمعكم ألجل‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ـ‬‫ض‬‫بع‬ ‫بعضكم‬ ‫لون‬ ‫إنّكم تُ َش ِّّكلون وحدة متكاملة ألنّكم تُ َك ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هللا‪».‬‬

‫وألجلك اي يسوع‪».‬‬
‫َ‬ ‫«‬

‫ب مسيحه‪».‬‬
‫« ّأوالً ألجل هللا ومثّ ألجل ُح ّ‬
‫«وما أكون أان يف عائلتنا؟»‬

‫أنت ُم َتعب اي يوحنّا؟ هل ترغب يف العودة؟ ّأما أان‬ ‫ِّ‬


‫السالم احملبوب من مسيح هللا‪ .‬هل َ‬
‫أنت َّ‬
‫« َ‬
‫فسأبقى للصالة‪».‬‬

‫معك‪».‬‬
‫«وأان أيضاً سأبقى وأصلّي َ‬
‫فابق‪».‬‬
‫«إذاً َ‬
‫حّت يغدو التلميذ غافياً ورأسه‬
‫شارك يف تالوهتا يوحنّا‪ّ ،‬إال أ ّن صوته ََيفت ّ‬ ‫يتلو يسوع مزامري يُ ِّ‬
‫بكل أتكيد صالته ذهنيّاً‪.‬‬ ‫ع‬‫على صدر يسوع الذي يبتسم ويفرد معطفه على َكتِّفي النائم‪ ،‬مثّ يتابِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 224 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫على هذا تنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 225 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫ألولئك الذين َجي َعلون ِّمن َذواهتم قُرابانً ِّمن أجل ُح ّيب)‬
‫َ‬ ‫‪( -34‬يوحنّا هو النَّموذج الكامل‬

‫‪1945 / 01 / 04‬‬

‫يقول يسوع بعدئذ‪:‬‬

‫لدي‪ .‬إنّه‬ ‫ِّ‬


‫جلي صورة ال ُـم َفضَّل ّ‬
‫«مقارنة أخرى بني يوحنّا وتلميذ آخر‪ .‬مقارنة تُظهر بشكل ّ‬
‫حّت عن أسلوبه يف التفكري واحلُكم‪ ،‬ليكون "التلميذ"‪ .‬إنّه الذي يَ ِّهب ذاته دون الرغبة‬ ‫الذي يتخلّى ّ‬
‫ابالحتفاظ بشيء من شخصيّته‪ ،‬تلك اليت كانت له قبل اختياره‪ .‬ويهوذا هو الذي ال يريد أن يتخلّى‬
‫عن ذاته‪ .‬فِّ ِّهبَـتُهُ هذه غري حقيقيّة‪ .‬إنّه ُيمل معه الـ "أان" اليت جتعل الكربايء مريضاً وكذلك الشَّهوة‬
‫والطَّ َمع‪ .‬إنّه ُيتفظ أبسلوبه يف التفكري فَـيُ َحيِّّد هكذا مفاعيل املوهبة والنعمة‪.‬‬

‫الر ُسل غري ال ُـم َوفَّقني‪ .‬ويوجد منهم الكثريون!‬


‫فَـيَهوذا هو ّنوذج ُّ‬
‫ِّ‬
‫قدوتك‪.‬‬ ‫حيب‪ .‬إنّه‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫لئك الذين َجيعلون ِّمن ذواهتم قرابانً ِّ‬
‫م‬ ‫ويوحنّا هو النموذج ألو َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫التوصل إىل ما حنن عليه صعب‪ ،‬بل مستحيل‪ .‬أل ّن تضحيتنا كانت‬ ‫أان ووالديت القرابني املثاليّة‪ .‬و ّ‬
‫لكل الفئات اليت حتبّين أن َحتذو َحذوه‬
‫بقسوة كاملة األبعاد‪ .‬ولكن يوحنّاي! هو ال ُقرابن الذي َيكن ّ‬
‫ب‬ ‫ح‬‫الفاعل والـم ِّ‬
‫خادم هللا ووالدة هللا‪ِّ ،‬‬ ‫وتقتدي به‪ :‬البتول‪ ،‬الشهيد‪ ،‬الـم ِّ‬
‫جاهر إبَيانه‪ ،‬الـمب ِّّشر‪ِّ ،‬‬
‫ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫للتأمل‪ ...‬إنّه مثال للجميع‪ ،‬فهو الذي ُُي ّ‬‫ّ‬
‫يتفحص‪ ،‬يناقِّش‪ ،‬يتشبَّث‪ ،‬وعندما يبدو م ِّ‬
‫ذعناً‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫يهوذا‬ ‫ل‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ق‬ ‫َّع‬
‫ـ‬‫ت‬‫ال‬ ‫يف‬ ‫املختلفة‬ ‫األساليب‬ ‫ظي‬ ‫ِّ‬
‫الح‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ملربرات‬ ‫ا‬ ‫عن‬ ‫سأل‬‫ي‬ ‫وال‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫م‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نفسه‬ ‫َُيتَ ِّفظ يف احلقيقة بعقليّته‪ .‬بينما يوحنّا يعتَِّ‬
‫رب‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سعد إبرضائي‪ .‬هذا هو القدوة‪.‬‬
‫ويَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 226 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫أصبحت هادئة الروع متاماً أمام طريقة ُحبّه البسيطة؟ آه! اي يوحنّاي!‬ ‫بنفسك أنّ ِّ‬
‫ك‬ ‫ِّ‬ ‫أمل تَشعُري‬
‫كل شيء‪ ،‬قائِّلة دائماً مثل الرسول‪:‬‬
‫يوحنّاي الصغرية اليت أريدها دائماً أكثر تشبّهاً مبحبويب‪ .‬اقبَلي ّ‬
‫"أنت سالمي احملبوب"‪ .‬فأان يف حاجة إىل‬ ‫"كل ما تفعله حسن اي معلّم"‪ .‬لتستح ّقي مساع قويل‪ِّ :‬‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫وطمأنينتك‪».‬‬ ‫امنحيين إايه‪ ،‬وسيكون قليب اسَت ِّ‬
‫احتك‬ ‫العزاء‪ ،‬أان أيضاً اي ماراي‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 227 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي يلتقيان مسعان الغيور ويوحنّا)‬


‫‪( -35‬يسوع واالسخر ّ‬
‫‪1945 / 01 / 06‬‬

‫يوطي يروحان وجييئان أمام أحد أبواب سور اهليكل‪.‬‬


‫أرى يسوع ويهوذا االسخر ّ‬
‫أنت متأ ّكد أنّه سيأيت؟»‬
‫يسأله يهوذا‪« :‬هل َ‬
‫األول‪»...‬‬
‫«أان متـأ ّكد‪ ،‬فلـقد َر َح َـل مـع الفجـر مـن بيت عـنيـا‪ ،‬وسـيلتـقي يف اجلسـمانيّة بتلميذي ّ‬
‫ويتفرس بيهوذا‪ .‬يقف يف مواجهته‪ ،‬يدرسه‪ .‬مثّ يضع يده على‬
‫يسود صمت مثّ يتوقّف يسوع ّ‬
‫فكرك اي يهوذا؟»‬
‫كتفه ويسأله‪« :‬ملاذا ال تُفضي يل مبا جيول يف َ‬

‫«ما جيول يف فكري؟ إنّين ال أف ّكر بشيء حم ّدد يف هذه األثناء‪ ،‬اي معلّم‪ .‬إنين يف العادة أطرح‬
‫تتذمر اآلن ِّمن صميت‪».‬‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬أن ّ‬‫َيكنك‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫عليك الكثري من األسئلة‪ .‬وال‬
‫َ‬
‫ك ال تفتح يل‬ ‫علي أسئلة كثرية وتعطيين معلومات كثرية عن املدينة وس ّكاهنا‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫ك تطرح ّ‬ ‫«إنّ َ‬
‫نفسك‪ .‬هل تظن أبنَّين أهتم ابملعلومات اليت حتملها يل حول ثروة أو تركيبة هذه أو تلك من العائالت؟‬ ‫َ‬
‫درك جيّداً‬‫َيكنك أن تُ ِّ‬
‫جئت و َ‬ ‫ِّ‬
‫أنت تعرف ملاذا أان ُ‬‫جئت إىل هنا لتمضية الوقت‪َ .‬‬ ‫لست ُمتس ّكعاً ُ‬
‫فأان ُ‬
‫ك اي‬‫أبوك ُيبّ َ‬
‫األول هو أن أكون معلّم تالميذي‪ .‬وهلذا أطالبهم ابلنزاهة والثقة‪ .‬هل كان َ‬ ‫أ ّن َُهّي ّ‬
‫يهوذا؟»‬

‫كنت أعود من املدرسة‪ ،‬وفيما‬ ‫كنت موضع فخره واعتزازه‪ .‬عندما ُ‬ ‫«لقد كان ُيبّين كثرياً‪ .‬وقد ُ‬
‫يهتم‬
‫كل شيء‪ .‬فقد كان ّ‬ ‫كنت أعود من أورشليم إىل إسخريوط‪ ،‬كان يريدين أن أح ّدثه عن ّ‬‫بعد حينما ُ‬
‫أقل جودة‪ .‬وأحياانً ‪-‬كما هو‬ ‫عين إذا كان ّ‬
‫يعزيين وَي ّفف ّ‬
‫بكل ما أفعله‪ ،‬بسرور إذا كان جيّداً‪ ،‬وكان ّ‬
‫ّ‬
‫املبين‬ ‫اخلري‬ ‫أرى‬ ‫جيعلين‬ ‫كان‬ ‫للمالمة‪،‬‬ ‫ض‬‫أتعر‬
‫و‬ ‫ان‬
‫ً‬ ‫أحيا‬ ‫ئ‬ ‫معروف جيداً‪ ،‬الكل َيطئ‪ -‬فإذا ما كنت أ ِّ‬
‫ُخط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 228 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل‬
‫التصرف‪ .‬ولكنّه كان يفعل ذلك ّ‬ ‫كل اخلطأ الكامن يف أسلويب يف ّ‬ ‫إيل أو ّ‬‫املوجهة ّ‬
‫على املالمة ّ‬
‫لك هذا ألنّين أريد أن يكون ابين‬
‫لطف‪ ...‬وكأنّه كان أخاً أكرب‪ .‬ويف النهاية كان يقول دائماً‪" :‬أقول َ‬
‫باركاً من خالل ابين‪ "...‬أيب‪»...‬‬
‫ابراً مستقيماً‪ .‬أريد أن أكون ُم َ‬
‫يهوذا ّ‬
‫ف عن النَّظَر ابنتباه إىل التلميذ ال ُـمتَأثِّّر بصدق بذكرى والده يقول‪« :‬اي‬
‫ويسوع الذي مل يَ ُك َّ‬
‫كونك تلميذاً وفيّاً‬ ‫لك‪ .‬ما ِّمن عمل سيجعل َ‬
‫أابك أكثر سعادة من َ‬ ‫يهوذا‪ ،‬كن متأ ّكداً متاماً مما سأقوله َ‬
‫أبيك سيغتَبِّط ويتهلّل هناك حيث يَنتَ ِّظر النور ‪-‬ألنّه إذا كان قد َ‬
‫أنشأ ََك هكذا فينبغي أن‬ ‫يل‪ .‬فَـ ُروح َ‬
‫دت‬
‫لنفسك‪" :‬لقد عُ ُ‬
‫َ‬ ‫عليك أن تقول‬
‫ابراً‪ -.‬لدى رؤيته ّإاي َك تلميذاً يل‪ .‬إّّنا لكي تكون كذلك َ‬ ‫يكون ّ‬
‫فقدت‪ ،‬األب الذي كان يل مبثابة األخ البِّكر‪ .‬لقد وجدتُه يف يسوعي‪ ،‬وسوف‬ ‫ُ‬ ‫ووجدت األب الذي‬
‫ُ‬
‫يوجه يل انتقادات‬
‫ليوجهين ويباركين أو ّ‬
‫لت أبكيه‪ّ ،‬‬ ‫بكل شيء كما لألب احملبوب الذي ما ز ُ‬ ‫أُفضي إليه ّ‬
‫لك فقط‪ُ " :‬كن صاحلاً‪،‬‬‫خاص َجتعل يسوع يقول َ‬ ‫أنت بشكل ّ‬ ‫ادتك َ‬ ‫األزيل وإر َ‬
‫وديّة"‪ .‬ولتكن مشيئة ّ‬
‫كك"‪».‬‬‫أابر َ‬
‫كنت حتبّين إىل هذا احل ّد‪ ،‬فسأعرف أن أُصبِّح صاحلاً‪ ،‬كما تريد‬ ‫«آه! نعم! اي يسوع‪ ،‬نعم‪ .‬إذا َ‬
‫أنت‬
‫حت َ‬ ‫ك أصبَ َ‬ ‫أنت وكما كان يريد والدي‪ .‬ولن تعود تلك الشوكة يف قلب والديت عندما تَ ِّ‬
‫عرف أنّ َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لت يف حاجة إليه"‪».‬‬ ‫هك‪ ،‬اي بين‪ ،‬وما ِّز َ‬
‫لديك َمن يـُ َو ّج َ‬
‫ُم َو ّجهي! فلقد كانت تقول دائماً‪" :‬مل يعد َ‬
‫ك حبّاً مجّاً‪.‬‬
‫ك كثرياً ج ّداً‪ ،‬أحبّ َ‬
‫ألي إنسان آخر‪ ،‬سوف أحبّ َ‬
‫ك كما ال َيكن ذلك ّ‬
‫«سوف أحبّ َ‬
‫فال ُختَيِّّب أملي‪».‬‬

‫ب اللَّذة‪ ،‬وكلّها‬‫وح ّ‬
‫العظَ َمة ُ‬
‫كنت ممتلئاً من التناقضات‪َ :‬ح َسد وغرية وجنون َ‬ ‫«ال اي معلّم‪ ،‬لقد ُ‬
‫ت يل معاانة‪ .‬أو ابألحرى‬ ‫جمرد حلظة‪ ،‬أترى؟ َسبَّـبَ َ‬
‫كانت تتصادم يف داخلي مع اإلُياءات الصاحلة‪ .‬ويف ّ‬
‫قلت يل إ ّن‬
‫أنت َ‬ ‫األول‪ ...‬و َ‬
‫تلميذك ّ‬ ‫َ‬ ‫كنت أظنّين‬
‫أنت الذي َسبَّبتَها‪ ،‬بل إّّنا طبيعيت السيّئة‪ُ ...‬‬
‫لست َ‬
‫َ‬
‫لديك آخر قبلي‪».‬‬
‫َ‬
‫كنت يف الفصـح يف اهليـكل مع عدد ِّمن اجلليليّني؟»‬
‫ـك‪ .‬أال تـذكر أنّين ُ‬
‫«ولقد رأيتَـه بنفس َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 229 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األول املختار ملثل هذا املصري‪ ،‬وابلنتيجة فأان‬
‫كنت أعتقد أنّين ّ‬
‫كنت أعتقد ّأهنم أصدقاء‪ ...‬و ُ‬
‫« ُ‬
‫ال ُـم َفضَّل‪».‬‬

‫األول بينما كان األخري ق ّديساً‪،‬‬


‫صَر ّ‬‫األولني‪ .‬إذا ما قَ َّ‬
‫«أان ال أُقيم فروقاً يف قليب بني اآلخريين و َّ‬
‫ب ُمغتَبِّط‪،‬‬ ‫حب‬‫حينئذ جيب أن يكون التمايز يف عيين هللا‪ .‬إّّنا أان فأحبهم بشكل متماثل‪ :‬الق ّديس ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫كنت‬
‫األول‪ .‬مسعان هو الذي ُ‬ ‫ب متأِّّمل‪ .‬ولكن ها هو يوحنّا قادم مع مسعان‪ .‬يوحنّا تلميذي ّ‬ ‫واخلاطئ حبُ ّ‬
‫أح ُدُها كان مريضاً‪»...‬‬
‫ثك عنه منذ يومني‪ .‬مسعان ويوحنّا‪ ،‬قد رأيتَـ ُهما سابقاً‪ .‬و َ‬‫أح ّد َ‬
‫تلميذك!»‬
‫َ‬ ‫«آه! األبرص‪ ،‬أتذ ّكر؛ وقد أصبَ َح‬

‫«منذ اليوم التايل‪».‬‬

‫انتظرت طويالً؟»‬
‫ُ‬ ‫«وأان ملاذا‬

‫«يهوذا؟!»‬

‫«حقيقة‪ ،‬آسف‪».‬‬

‫دل مسعان عليه‪َُ .‬يُثّان اخلُطى‪ .‬حتيّة يوحنّا قُبلة يتبادهلا مع املعلّم‪ّ .‬أما مسعان‬ ‫لمح يوحنّا املعلّم ويَ ّ‬
‫يَ َ‬
‫خادمك لتكون‬
‫َ‬ ‫فعلى العكس‪ ،‬يرمتي عند قدمي يسوع ويـُ َقبِّّلهما وهو يهتف‪" :‬اجملد لِّم َخلِّّصي! ِّ‬
‫ابرك‬ ‫ُ‬
‫عيين هللا وأان أابركه ألنّه َمنَ َحين ّإاي َك!»‬
‫أفعاله مق ّدسة يف ّ‬
‫عملك‪ .‬اهنض اي مسعان‪ .‬هذا يوحنّا‬
‫َ‬ ‫ألشكرك على‬
‫َ‬ ‫كك‪،‬‬
‫يضع يسوع يده على رأسه‪« :‬نَعم أابر َ‬
‫احلق‪ ،‬فهو ابلنتيجة أخ لكم مجيعاً‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫وهذا مسعان‪ :‬وهذا تلميذي األخري‪ .‬هو كذلك يريد اتّباع ّ‬

‫اليهوداين بِّتَ َح ُّفظ ُم َ‬


‫تبادل ويوحنّا بعواطف صرُية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتبادلون التحيّة‪:‬‬

‫أنت تَعِّب اي مسعان؟»‬


‫يسأل يسوع‪« :‬هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 230 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لدي ُِّهّة مل أعهدها ِّمن قبل‪».‬‬
‫الصحة أصبَ َحت ّ‬
‫«ال اي معلّم‪ .‬فمع ّ‬
‫عنك كإنسان‬
‫َّثت مع أانس كثريين ومجيعهم َحدَّثوين َ‬
‫ك تَستَغلّها بشكل رائع‪ .‬لقد َحتد ُ‬
‫«وأعلم أنّ َ‬
‫أَعلَ َم ُهم عن املسيح‪».‬‬
‫عنك إىل أحدهم وهو إسرائيلي ِّ‬
‫فاضل‪ .‬أرجو أن‬ ‫َّثت َ‬
‫ّ‬ ‫يبتسم مسعان فرحاً‪« :‬أمس أيضاً َحتَد ُ‬
‫أيخذك إليه‪».‬‬
‫َ‬ ‫تتعرف إليه يوماً‪ .‬أر َغب يف أن أكون َمن‬
‫َّ‬
‫«وهذا ليس مستحيالً‪».‬‬
‫ي ِّ‬
‫قاطع يهوذا‪« :‬لقد َو َعدتَين اي معلّم أبن تذهب معي إىل اليهوديّة‪».‬‬‫ُ‬
‫وسيستمر مسعان يف إعالم الناس عن جميئي‪ .‬الوقت قصري اي أصدقاء‪،‬‬‫ّ‬ ‫«وسوف آيت إليها‪.‬‬
‫والشعب كثري عدده‪ .‬اآلن أان سأذهب مع مسعان وستأتيان هذا املساء ملالقايت على طريق جبل الزيتون‪.‬‬
‫وسنوزع املال على الفقراء‪ِّ .‬‬
‫امضيا‪».‬‬ ‫ّ‬
‫حبق؟»‬
‫ائيلي ّ‬
‫يبقى يسـوع مع سـمعان وحيدين ويسـأله‪« :‬هـل ذاك اإلنسـان يف بيت عنيـا إسر ّ‬
‫غش فيه‪ .‬إن معتقداته هي تلك املعتقدات السائدة‪َّ ،‬إّنا لديه كذلك انتظار‬ ‫ائيلي ال ّ‬
‫«إنّه إسر ّ‬
‫قلت له‪" :‬إنّه بيننا"‪ ،‬أجابَين على الفور‪" :‬اي للسعادة أن حنيا يف هذا الزمن!"»‬
‫حقيقي للمسيح‪ .‬وحينما ُ‬
‫ّ‬
‫أيت التلميذ اجلديد؟»‬ ‫ِّ ِّ‬
‫«سنذهب إليه يوماً حاملني الربكة لبيته‪ .‬أر َ‬
‫«رأيتُه‪ .‬إنّه شاب ويبدو ذكيّاً‪».‬‬

‫إنك ستكون األكثر استيعاابً ألفكاره ِّمن‬


‫يهودي‪ ،‬ف َ‬
‫ّ‬ ‫أنت أيضاً‬
‫أنك َ‬
‫«نعم‪ ،‬إنّه كذلك‪ .‬ومبا َ‬
‫اآلخرين‪».‬‬

‫«هل هذه رغبة أَم أمر؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 231 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مت تستطيع أن تكون أكثر استيعاابً‪ .‬ذلك أ ّن األمل يكون‬
‫فأنت الذي أتلّ َ‬
‫« ّإهنا وصيّة لطيفة‪َ .‬‬
‫مبثابة املعلّم يف أمور كثرية!»‬

‫«إذا أ ََمرتَين بذلك فسأكون ابلنسبة إليه االستيعاب كلّه‪».‬‬

‫صدم بطرس‪ ،‬وليس هو وحده‪ ،‬لرؤيتهم أبيّة عناية أَهتَ ّم هبذا التلميذ‪ .‬إّّنا‬‫«نعم هو ذاك‪ .‬قد يُ َ‬
‫أقل أهليّة كلّما كان يف حاجة إىل اهتمامات أكثر‪ .‬اآلخرون‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫سيُدركون يوماً‪ ...‬فكلّما كان أحدهم ّ‬
‫كل شيء بنفسي‪ .‬أَطلُب إرادة اإلنسان‬ ‫مبجرد االحتكاك‪ .‬ال أريد أن أفعل ّ‬
‫يتأهل اآلخرون تلقائيّاً ّ‬
‫آه! ّ‬
‫ومساعدة اآلخرين لتأهيل شخص‪ .‬أدعوكم ملساعديت‪ ...‬وأان سوف أكون شاكراً لكم هلذه املساعدة‪».‬‬

‫أبنك ستصاب منه خبيبات أمل؟»‬


‫«هل تعتقد اي معلّم َ‬
‫ع يف أورشليم‪»...‬‬
‫ترعر َ‬
‫«ال‪ ،‬ولكنّه شاب‪ ،‬وقد َ‬
‫كل رذائل هذه املدينة‪ ...‬أان متأ ّكد ِّمن ذلك‪ .‬فأان‬ ‫ن‬ ‫منك‪ ،‬سـوف يصلِّح نفسه ِّ‬
‫م‬ ‫«آه! ابلقرب َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أيتك فيها‪»...‬‬
‫َّدت كلّياً منذ اللحظة اليت ر َ‬
‫ست يف الضغينة‪ ،‬قد َجتَد ُ‬‫حت عجوزاً وقد يَبِّ ُ‬
‫الذي أصبَ ُ‬
‫يـُ َه ِّ‬
‫مهم يسوع‪« :‬ليكن ذلك!» مثّ رافعاً صوته‪« :‬تعال معي إىل اهليكل‪ ،‬سوف أكرز يف الناس‪».‬‬

‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 232 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫ضون إىل بيت حلم)‬


‫‪( -36‬يسوع ويوحنّا ومسعان ويهوذا ََي ُ‬
‫‪1945 / 01 / 07‬‬

‫ينضم إىل التالميذ مسعان ويهوذا‬


‫أرى يسوع منذ الصباح الباكر وهو ما يزال أمام الباب ذاته‪ّ ،‬‬
‫ويوحنّا الذي كان معه قبالً‪ .‬وأمسعه يقول‪« :‬اي أصدقائي‪ ،‬أطلب إليكم اجمليء معي عرب اليهوديّة‪ .‬إذا‬
‫لك اي مسعان‪».‬‬
‫خاصة َ‬
‫مل يكن ذلك يسبّب لكم عناء كبرياً‪ّ ،‬‬
‫«ملاذا؟ اي معلّم‪».‬‬

‫«السري َعرب جبال اليهوديّة مض ٍن‪ ...‬وقد يكون مضنياً أكثر أن تُقابِّل بعض الذين أساؤوا‬
‫إليك‪».‬‬
‫َ‬
‫أحتمل أكثر من الشباب ومل‬ ‫صبحت ّ‬
‫ُ‬ ‫مرة أخرى أنّين ُمذ َش َفيتَين قد أ‬
‫لك ّ‬
‫«بشان املسري أؤّكد َ‬
‫ِّ‬
‫معك‪ّ .‬أما بشأن‬‫أجلك‪ ،‬ويف الوقت احلاضر َ‬ ‫خاصة عندما يكون األمر من َ‬ ‫أعد أشعر بِّثقل تَـ َعب أبداً‪ّ ،‬‬
‫أي شعور ُمض ٍن؛ مل يعد جتاههم أيّة ذرة ُكره يف قلب مسعان‬ ‫لدي ّ‬
‫اللقاء ابلذين تسبّبوا أبذيّيت فلم يعد ّ‬
‫لك‪ .‬فلقد سقطَت الكراهية يف الوقت ذاته الذي سقطَت فيه قشور املرض‪َ .‬وثِّق متاماً‬ ‫منذ أن أصبَ َح َ‬
‫شفائك جلسدي املنخور ابملرض هي أعظم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لك إ ّن معجزة‬ ‫أنّين ال أعرف إذا ما كان ينبغي يل أن أقول َ‬
‫ـلت إ ّن املعجـزة األعظـم كانت هذه‬
‫املتأججة ابحلقد‪ .‬أعتقد أنّين ال أخطئ إذا ما ق ُ‬ ‫أَم شفاء نفسي ّ‬
‫أنت شفيتين ِّمن كِّليهما دفعة واحدة‪ .‬وهذه هي املعجزة‪،‬‬ ‫األخرية‪ .‬فشـفاء جـرح النفس أصعب‪ ...‬و َ‬
‫كل قواه‪ ،‬ال َيكن أن يُشفى‬ ‫حّت ولو استخدم لذلك ّ‬ ‫ألي إنسان أن يُشفى دفعة واحدة ّ‬ ‫ألنّه ال َيكن ّ‬
‫ادتك املقدَّسة‪».‬‬
‫أنت تتالشى إبر َ‬ ‫هكذا من عاهة أخالقيّة لو مل جتعلها َ‬
‫حكمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«مل ُخت ِّطئ يف‬

‫تتصرف هكذا مع اجلميع؟»‬ ‫ِّ‬


‫فيسأل يهوذا بصوت متك ّدر‪« :‬ملاذا ال ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 233 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بك‬
‫ت منذ تَـ َقُّر َ‬‫بنفسك قد تَـغََّري َ‬
‫َ‬ ‫فعلها اي يهوذا‪ .‬ملاذا تتكلّم هكذا مع املعلّم؟ أال تَشعُر‬ ‫«ولكنّه يَ َ‬
‫َّلت كلّياً منذ اللحظة اليت‬ ‫وجدت نفسي وقد تبد ُ‬ ‫ُ‬ ‫كنت سابقاً تلميذ يوحنّا املعمدان‪ ،‬ولكنّين‬ ‫منه؟ فأان ُ‬
‫خاصة إذا كان األمر خبصوص إظهار‬ ‫يتدخل أبداً يف العادة‪ّ ،‬‬ ‫قال يل فيها‪" :‬تعال"‪ ».‬ويوحنّا الذي ال ّ‬
‫املرة مل يستطع البقاء صامتاً‪ .‬فيضع يده بلطف‬ ‫فعلها مطلقاً‪ّ ،‬إال أنّه يف هذه ّ‬ ‫الذات أمام املعلّم‪ ،‬فال يَ َ‬
‫الحظ بعدئذ أنّه تكلّم قبل يسوع‬ ‫وعطف على ذراع يهوذا كما لتهدئته وي َكلِّّمه بلهجة م ِّبهرة ومقنِّعة‪ .‬ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كنت أريد ّأال ُُي ِّز َ‬
‫نك‬ ‫كنت أريد‪ُ ...‬‬ ‫عنك‪ ...‬ولكنّين ُ‬ ‫مت بدالً َ‬ ‫عفوك اي معلّم فقد تكلّ ُ‬ ‫فيحمر ويقول‪َ « :‬‬ ‫ّ‬
‫يهوذا!»‬

‫«نعم اي يوحنّا‪ .‬ولكنّه مل يسبّب يل حزانً كتلميذ‪ .‬إذ حينما يُصبِّح كذلك‪ ،‬حينئذ ُُي ِّزنُين إذا ما‬
‫أفس َد الشيطان‬ ‫أصر على طريقة تفكريه‪ .‬الشيء الوحيد الذي يـَغُ ُّمين هو مالحظة إىل أيّة درجة قد َ‬
‫َّ‬
‫اإلنسان بتغيري وجهة تفكريه‪ .‬اعلَموا ذلك مجيعكم‪ .‬فلدى مجيعكم أفكار ُمضطَ ِّربة بِِّّفعله! ولكنّه‬
‫سيأيت‪ ،‬آه! سيأيت اليوم الذي متلكون فيه ّقوة هللا‪ ،‬النِّّعمة‪ ،‬يف ذواتكم‪ .‬ستكون لكم احلكمة مع‬
‫كل شيء لتحكموا بعدل‪».‬‬ ‫روحه‪ ...‬آنئذ سيكون لديكم ّ‬
‫«وسنَحكم مجيعنا بعدل؟»‬

‫«ال اي يهوذا‪».‬‬

‫«ولكن هل ستتح ّدث إلينا كتالميذ أَم إىل مجيع الناس؟»‬

‫رسلهم إىل‬ ‫تزف الساعة سي ِّ‬


‫وجد املعلّم عماله وي ِّ‬ ‫«أحت ّدث إليكم ّأوالً مثّ إىل مجيع الباقني‪ .‬وعندما ّ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫العامل‪»...‬‬

‫«أمل تفعل ذلك بعد؟»‬

‫هلموا إليه"‪ّ .‬أما آنذاك‬ ‫«لست استخدمكم يف الوقت احلاضر سوى يف القول‪ِّ :‬‬
‫"وج َد املسيح ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فسأجعلكم أهالً ِّ‬
‫للكرازة ابمسي‪ ،‬بل واجَتاح املعجزات ابمسي‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 234 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت املعجزات؟»‬
‫«آه! ّ‬
‫«نعم‪ ،‬على األجساد واألرواح‪».‬‬

‫«آه! كم سيُنظَر إلينا حينئذ إبعجاب!» وينتشي يهوذا هلذه الفكرة‪.‬‬

‫لدي دائماً خوف من حتقيق‬ ‫«آنئذ لن نكون مع املعلّم‪ ،‬ويف هذه األثناء‪ ...‬ابلنسبة يل‪ ،‬سيكون ّ‬
‫أمور إهليّة بوسائلي البشريّة‪ ».‬يقوهلا يوحنّا وينظر إىل يسوع نظرة ُمستَ ِّ‬
‫غرقة وحزينة قليالً أيضاً‪.‬‬

‫لك ما جيول يف فكري‪».‬‬


‫يقول مسعان‪« :‬اي يوحنّا‪ ،‬إذا َمسَ َح املعلّم‪ ،‬أرغب أن أقول َ‬
‫«قُلها ليوحنّا‪ ،‬أان أرغب يف أن تتبَ َادلوا النصائح‪».‬‬

‫«أَتَ ِّ‬
‫عرف ّأهنا نصيحة؟»‬

‫يبتسم يسوع ويصمت‪.‬‬

‫لنظل‬
‫لك‪ ،‬بل ال ينبغي لنا أن نشعر ابخلوف‪ .‬ف ّ‬ ‫لك اي يوحنّا إنّه ال ينبغي حينئذ َ‬ ‫«إذن أقول َ‬
‫ُمعتَ ِّمدين على حكمة املعلّم الق ّدوس وعلى وعده‪ .‬فإذا قال لنا هو‪" :‬سأرسلكم"‪ ،‬فهذا يعين أنّه يعرف‬
‫إمكانيّة إرسالنا دون اإلساءة إليه وإلينا‪ ،‬يعين ملصلحة هللا العزيز والغايل علينا مجيعاً كما على عروس‬
‫الروحي بريق القدرة والسلطة اليت أعطاهُ ّإايها‬
‫الفكري و ّ‬‫ّ‬ ‫متزوجة للتو‪ .‬وإذا ما َو َع َدان هو إبلباس بؤسنا‬ ‫ّ‬
‫درتِّنا‪ ،‬إّّنا برمحته‪.‬‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ليس‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ال‬ ‫أه‬ ‫سنكون‬ ‫نا‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫سيفعل‪،‬‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫نني‬‫ق‬‫اآلب من أجلنا‪ ،‬فيجب أن نكون متي ِّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫سيحصل كل هذا إذا مل نضع الكربايء والرغبة البشريّة يف طريق عملنا‪ .‬وأعتقد أنّنا لو‬ ‫ّ‬ ‫بكل أتكيد إذاً‬
‫ّ‬
‫حّت َوعد املسيح لن يتح ّقق‪ .‬ولن يكون‬ ‫خربنا رسالتنا اليت هي روحيّة بكاملها بعناصر أرضيّة‪ ،‬فحينئذ ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت أجيد التعبري‪».‬‬ ‫لست أدري إذا ما ُ‬
‫نحر قدرته بشريط الكربايء‪ُ .‬‬ ‫هذا العجز منه‪ ،‬إّّنا ألنّنا َسنَ َ‬
‫ك تُـ َعِّّرب عن نفسك بشكل ممتاز‪ .‬أان املخطئ‪ .‬إّّنا أَتَـ َعلَّم‪ ...‬أعتقد أ ّن الرغبة‬
‫ُجييبه يهوذا‪« :‬إنّ َ‬
‫ستحق معها‬
‫ط اإلعجاب كتالميذ للمسيح الذي أضحينا ُملكاً له لدرجة نَ ّ‬ ‫يف األعماق يف أن نكون َحم ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 235 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أن نَصنَع ما يصنعه هو‪َ ،‬هلِّ َي رغبة يف جعل صورة قدرة املسيح تتألّق يف العامل‪ .‬اجملد ملعلّم لديه تالميذ‬
‫أردت قوله أان‪».‬‬
‫على هذه الشاكلة‪ .‬هذا ما ُ‬
‫كل ما تقوله خطأ‪ .‬إّّنا‪ ...‬أترى اي يهوذا‪ ،‬أنّين قادم ِّمن وسط طبقة ُمضطَ َه َدة ِّمن‬ ‫«ليس ّ‬
‫أجل‪ِّ ...‬من أجل فَهم خاطئ عن ماهيّة وكيفيّة وجوب أن يكون املسيح‪ .‬نعم‪ ،‬لو كنّا انتظرانه برؤية‬
‫احلق‪ ،‬والعصيان ض ّد القانون‬ ‫صحيحة لكيانه‪ ،‬ملا أم َكنَنا الوقوع يف أخطاء هي مبثابة الكفر ض ّد ّ‬
‫مكايب‬ ‫ائيل‪،‬‬ ‫ر‬ ‫إلس‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫وحمَِّّ‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ومن الرومان‪ .‬لقد ِّشئنا أن نرى يف املسيح ِّ‬
‫فاحت‬ ‫الروماين‪ ،‬لذلك عوقبنا ِّمن هللا ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أقل كثرياً‬
‫مكايب)‪ ...‬ليس ّإال‪ .‬وملاذا؟ أل ّن اهتمامنا مبصاحل هللا ّ‬ ‫ّ‬ ‫جديد وأعظم ِّمن يهوذا العظيم (وهو‬
‫من اهتمامنا مبصاحلنا‪ :‬مصاحل الوطن واملواطنني‪ .‬آه! مصلحة الوطن مق ّدسة أيضاً‪ ،‬ولكن أين الوطن‬
‫من السماء األزليّة؟‬

‫هارب‪ ،‬أختَبِّئ يف‬


‫كنت‪َ ،‬ك ِّ‬
‫كم هي طويلة ساعات االضطهاد ّأوالً‪ ،‬والتمييز فيما بعد‪ ،‬عندما ُ‬
‫خاصة من وشاايت‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الروماني‬ ‫الشرطة‬ ‫من‬ ‫اب‬‫ر‬ ‫ه‬ ‫وغذاءها‬ ‫ها‬ ‫د‬ ‫املفَتسة أ ِّ‬
‫ُقامسها مراقِّ‬ ‫جحور احليواانت ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أشم مسبقاً رائحة القرب يف كوخي‪،‬‬ ‫كنت ّ‬‫األصدقاء املزعومني؛ أو ابألحرى عندما‪ ،‬يف انتظار املوت‪ُ ،‬‬
‫مالحمك أيّها املعلّم الصاحل‬
‫َ‬ ‫أيت املالمح احلقيقيّة للمسيح‪...‬‬ ‫أيت‪ :‬لقد ر ُ‬ ‫رت ور ُ‬
‫كوخ األبرص‪ .‬كم ف ّك ُ‬
‫حمك أيّها املسيح ابن اآلب الذي يقودان إىل اآلب‬ ‫واملتواضع‪ ،‬مالحمك أيها املعلّم ِّ‬
‫وملك الروح‪ ،‬مال َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫باعك‪...‬‬
‫علي اتّ َ‬ ‫ل‬ ‫سه‬ ‫ي‬ ‫آه!‬ ‫‪...‬‬ ‫أنت‬ ‫الوحل‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬‫وليس إىل بالطات ملَكية ِّمن الَتاب‪ ،‬وليس إىل أُلوهة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫أتعرف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كنت أر َاك يف فكري‪ّ .‬‬ ‫ألنّين‪ ،‬اعذرين جلرأيت اليت تُعلن عن نفسها بوضوح‪ ،‬ألنّين أر َاك كما ُ‬
‫أتعرف على َمن كانت نفسي قد‬ ‫أعرفك‪ ،‬بل أن ّ‬
‫َ‬ ‫عليك مباشرة‪ .‬فلم يكن يل أن‬ ‫فت َ‬ ‫تعر ُ‬
‫عليك‪ .‬ولقد ّ‬‫َ‬
‫َع ِّرفَتهُ ُمسبقاً‪»...‬‬

‫أصبحت معي اآلن‪ ،‬يف رحليت األوىل اليت سأقوم هبا إىل اليهوديّة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ك‪ ...‬ولذلك‬ ‫«لذلك َد َعوتُ َ‬
‫جاد‪،‬‬
‫بتأمل ّ‬ ‫احلق ّ‬
‫أقل أهليّة لبلوغ ّ‬
‫السن ّ‬
‫علي‪ ...‬وأريد هلؤالء كذلك الذين جيعلهم ّ‬ ‫فك َّ‬ ‫أريد أن تُتِّ َّم تَـ َعُّر َ‬
‫صل معلّمهم إىل هذه الساعة‪ ...‬سوف تُ ِّ‬
‫دركون فيما بعد‪ .‬ها إنّنا غري بعيدين‬ ‫ِّ‬
‫أريدهم أن يَعرفوا كيف َو َ َ‬
‫الشرقي قريب‪».‬‬
‫ّ‬ ‫عن برج داود‪ .‬الباب‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 236 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أ ََخنرج ِّمن هنا؟»‬

‫دت‪َُ ...‬ي ُسن أن تعرفوا ذلك‪ ...‬لتقولوه‬‫ِّ‬


‫«نعم اي يهوذا‪ ،‬فسنذهب إىل بيت حلم ّأوالً‪ ،‬حيث ُول ُ‬
‫الكتاب‪ .‬ستجدون النبوءات مكتوبة يف األشياء‪.‬‬ ‫لآلخرين‪ .‬فهذا أيضاً جزء من معرفة املسيح و ِّ‬
‫َستُ َكلِّّمكم ليس بصوت النبوءة‪ ،‬إّّنا بصوت التاريخ‪ .‬ولِّنَطُف حول قصر هريودس‪»...‬‬

‫الشرير والفاسق‪».‬‬
‫«الثعلب العجوز‪ّ ،‬‬
‫ظل‬
‫«ال تَدينوا‪ .‬فاهلل هو الذي يدين‪ .‬لنسلك هذا الدرب َعرب البساتني‪ ،‬وسوف نقف يف ّ‬
‫استشفائي طاملا الشمس ُحم ِّرقَة‪ .‬وبعد ذلك سنتابع طريقنا‪».‬‬
‫ّ‬ ‫شجرة قرب نـَ ْزل‬

‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 237 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫وي ويف املغارة)‬


‫‪( -37‬يسوع يف بيت حلم يف منزل ال َق َر ّ‬
‫‪1945 / 01 / 08‬‬

‫ويتم السري بني شجر‬


‫طريق سهلة مليئة ابحلجارة والغبار‪ ،‬وهي جافّة بفعل مشس الصيف‪ّ .‬‬
‫َخ َذت شكلها‪ .‬وعلى األرض غري املداسة ما‬
‫املكسو حببّات زيتون صغرية ابلكاد أ َ‬
‫ّ‬ ‫الزيتون املثمر بوفرة‪،‬‬
‫تزال طبقة من زهريات الزيتون املتساقطة بعد اإللقاح‪.‬‬

‫ظ‬
‫ظل الزيتون قد حافَ َ‬
‫يتق ّدم يسوع مع الثالثة الواحد تلو اآلخر على امتداد حافّة الطريق حيث ّ‬
‫أقل‪.‬‬
‫على اخضرار العشب وحيث الغبار ّ‬
‫صعد بعد ذلك بشكل خفيف صوب قناة هلا شكل حدوة حصان‬ ‫ِّ‬
‫يَ َنعطف الطريق بزاوية قائمة ليَ َ‬
‫كبرية تبعثَـَرت عليها بيوت كبرية وصغرية عديدة لتُ َش ِّّكل قرية‪ .‬وابلتحديد حيث الدرب يُ َش ِّّكل ُم َنعطَفاً‪،‬‬
‫كعب الشكل تعلوه قبّة قليلة االرتفاع مغلق متاماً ويبدو مهجوراً‪.‬‬ ‫يوجد بِّناء ُم ّ‬
‫يقول مسعان‪« :‬هاك‪ ،‬إنّه موضع قرب راشيل‪».‬‬

‫«إذاً فنحن نوشك على الوصول‪ .‬هل سندخل مباشرة إىل املدينة؟»‬

‫«ال اي يهوذا‪ّ ،‬أوالً سأريكم موضعاً‪ ...‬مثّ بعد ذلك ندخل املدينة‪ .‬ومبا أنه ما يزال هناك بقية‬
‫قمرة‪ ،‬فسنتم ّكن من التح ّدث إىل الناس إذا َر ِّغبوا يف‬
‫من ضوء النهار‪ ،‬وحيث أهنا ستكون أمسية م ِّ‬
‫ُ‬
‫االستماع‪».‬‬

‫«وهل تظن أبهنم لن يَستَ ِّمعوا َ‬


‫إليك؟»‬

‫صلون إىل القرب‪ ،‬إنّه قدمي ولكنّه ُحمافَظ عليه وقد طُلِّ َي ابلكلس‪.‬‬
‫وي ِّ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 238 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يفي قريب‪ .‬فتُـ َق ِّّدم له امرأة ماء َس َحبَته من البئر‪ .‬يسأهلا يسوع‪:‬‬
‫يتوقّف يسوع ليشرب من بئر ر ّ‬
‫«هل ِّ‬
‫أنت من بيت حلم؟»‬

‫«نعم‪ ،‬إّّنا اآلن وهو زمن جين احملاصيل‪ ،‬فأان هنا مع زوجي يف هذه الضيعة للعناية ابحلدائق‬
‫جليلي؟»‬
‫ّ‬ ‫أنت‬
‫أنت‪ ،‬هل َ‬ ‫والبساتني‪ .‬و َ‬
‫لكين أقطن اآلن يف الناصرة يف اجلليل‪».‬‬‫و‬ ‫حلم‬ ‫بيت‬ ‫يف‬ ‫دت‬‫«ولِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أنت أيضاً؟»‬
‫« ُأمضطَ َهد َ‬
‫"أنت أيضاً"؟ هل بني س ّكان بيت حلم الكثري من ال ُـمضطَ َهدين؟»‬
‫«العائلة‪ .‬ولكن ملاذا تقولني َ‬
‫عمرك؟»‬
‫«أ ََوال تعلم؟ كم َ‬

‫«ثالثون عاماً‪».‬‬

‫دت متاماً عندما‪ ...‬آه! اي له من بؤس! ولكن ملاذا ُولِّ َد ذاك هنا؟»‬‫ِّ‬
‫«إذاً فَـ َقد ُول َ‬
‫« َمن؟»‬

‫جراء اإلسراف‬ ‫«إنّه ذاك الذي قيل عنه الـمخلِّّص‪ .‬اللعنة على أولئك الذين يف َغمرة ُّ ِّ‬
‫السكر من ّ‬ ‫َُ‬
‫ومسعوا أصوااتً ِّمن السماء وسط ثغاء النِّّعاج وهنيق احلمري‪ ،‬والذين يف‬
‫يف الشراب رأوا يف الغيوم مالئكة َِّ‬
‫صدَّقوهم!»‬ ‫سحاب ُّ َّ‬
‫السكر اختَذوا ثالثة بؤساء كأقدس َمن على األرض‪ .‬اللعنة عليهم وعلى الذين َ‬ ‫َ‬
‫كل هذه اللَّعنات؟»‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫«ولكنَّك مع كل لعناتك ال تُـ َف ّسرين يل الذي جرى‪ .‬وملاذا ّ‬
‫أنت ذاهب؟»‬
‫«أل ّن‪ ...‬إّّنا قل يل إىل أين َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 239 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ُحيّي أصدقاء قدَيني وأمحل هلم‬
‫«إىل بيت حلم برفقة أصدقائي‪ .‬يل فيها شؤون‪ .‬ينبغي يل أن أ َ‬
‫حتيّات والديت‪ .‬إّّنا ينبغي يل ّأوالً معرفة أشياء كثرية‪ ،‬ألنّنا غائِّبون عنها منذ سنوات عديدة‪ .‬فلقد غادران‬
‫املدينة منذ كان عمري أشهراً‪».‬‬

‫معك‬
‫فالح فتعال نتقاسم اخلبز وامللح َ‬‫«قبل املصيبة إذاً‪ .‬امسع‪ ،‬إذا مل تكن أتنَف ِّمن بيت ّ‬
‫حّت الصباح‪ .‬البيت صغري‪ ،‬إّّنا أرض اإلسطبل مفروشة‬
‫ورفاقك‪ .‬سوف نتكلّم على العشاء وآويكم ّ‬ ‫َ‬
‫َيكنك النوم‪».‬‬ ‫ئت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫بطبقة ال أبس هبا من التنب‪ .‬والليلة دافئة وصافية‪ .‬إن ش َ‬
‫بكل سرور‪».‬‬ ‫ضيافتك‪ .‬سآيت إىل ِّ‬
‫بيتك‬ ‫ِّ‬ ‫على‬ ‫ائيل‬
‫ر‬ ‫إس‬ ‫إله‬ ‫ِّ‬
‫فليكافئك‬ ‫«‬
‫ّ‬
‫ت جرار ماء على اخلضار اليت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫« َُيمل الزائر بـََرَكته معه‪ .‬هيا بنا‪ .‬ينبغي يل ّأوالً أن أس ُكب س ّ‬
‫نـَبَـتَت حديثاً‪».‬‬
‫ِّ‬
‫أساعدك‪».‬‬ ‫«سوف‬

‫فك تقول يل ذلك‪».‬‬


‫تصر َ‬ ‫ِّ‬
‫فأنت من َعليَّة القوم‪ .‬طريقة ّ‬
‫«ال‪َ ،‬‬
‫فيهوداين ثرّاين وهلما مركزُها‪ .‬إّّنا ليس‬
‫ّ‬ ‫«أان عامل‪ ،‬أيّتها املرأة‪ ،‬وهذا صيّاد مسك‪ّ .‬أما هذان‬
‫أان‪ ».‬وأيخذ َجّرة ُملقاة إىل جانب اجلدار عند أسفل البئر ويربطها ويُ َدلِّّيها‪ .‬يساعده يوحنّا‪ .‬وال يريد‬
‫أقل منهما‪ .‬يقوالن للمرأة‪« :‬أين احلديقة؟ أرينا ّإايها‪ .‬وسوف حنمل اجلِّّرار‪».‬‬‫اآلخران أن يكوان ّ‬
‫هلموا‪»...‬‬
‫كلييت‪ّ .‬‬
‫ك ّ‬ ‫َّعب قد أَهنَ َ‬
‫«فليبارككم هللا‪ .‬التـ َ‬
‫وبينما َُيرِّج يسوع إانءه‪ ،‬يَهبط الرفاق الثالثة عرب أحد الدروب‪ ...‬مثّ يَعودون مع إانءين فارغني‪،‬‬
‫مرات‪ .‬ويضحك يهوذا‬ ‫مرات‪ ،‬بل ما ينوف عن عشر ّ‬ ‫َيلؤوهنما ويعودون‪ .‬ويفعلون ذلك ليس ثالث ّ‬
‫جتف أرضها ليومني‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫قائالً‪« :‬إ ّن صوهتا يكاد يـُبَ ّح من كثرة الدعاء‪ .‬إنّنا نسكب املاء للخضار اليت لن ّ‬
‫للمرة األخرية يقول‪« :‬اي معلّم‪ ،‬أظنّنا اآلن نـََزلنا يف املكان‬
‫كما لن تَ َتعب كليتا املرأة‪ ».‬وعندما يعود ّ‬
‫غري املناسب‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 240 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ملاذا اي يهوذا؟»‬

‫لت هلا‪" :‬ال تكفري‪ .‬أال تعلمني أ ّن املسيح هو النِّّعمة األكرب‬


‫ألهنا حتقد على املسيح‪ .‬لقد قُ ُ‬
‫« ّ‬
‫أنت تشتمينه؟" وقد‬ ‫لشعب هللا؟ إ ّن يهوه قد وع َد به يعقوب ِّ‬
‫ومن بعده كل أنبياء وأبرار إسرائيل و ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ك‬‫وعَّرافون َملعونون ِّمن الشرق"‪ .‬ومبا أنّ َ‬
‫أجابَتين‪" :‬ليس هو‪ ،‬إّّنا َمن أمساه كذلك‪ُ ،‬رعاة ُسكارى َ‬
‫أنت‪»...‬‬
‫َ‬
‫قلت هلا َمن‬ ‫ِّ‬
‫دت ألكون للكثريين عالمة اختبار وتَناقُض‪ .‬هل َ‬
‫يهم‪ .‬أَعلَم أنّين إّّنا ُوج ُ‬
‫«ال ّ‬
‫أكون؟»‬

‫ومنَاكِّبنا‪».‬‬
‫منكبيك َ‬
‫َ‬ ‫أردت احملافظة على‬
‫لست غبيّاً‪ .‬لقد ُ‬
‫«ال‪ .‬فأان ُ‬
‫«أحسنت صنعاً‪ .‬ليس بسبب ال َـمناكِّب‪ ،‬إّّنا ألنّين أريد أن أكشف عن ذايت عندما أرى ذلك‬
‫هلموا‪».‬‬
‫مناسباً‪ّ .‬‬
‫يفي يف وسط‬
‫ر‬ ‫بناء‬ ‫إىل‬ ‫وتقودهم‬ ‫ات‬
‫ري‬ ‫األخ‬ ‫الثالث‬ ‫ار‬
‫ر‬ ‫أيخذه يهوذا إىل احلديقة‪ .‬وتُفرغ املرأة اجلِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫البستان وتقول هلم‪« :‬ادخلوا‪ .‬فزوجي اآلن يف املنزل‪».‬‬

‫يُقبِّلون صوب مطبخ منخفض ومليء ابلدخان‪ .‬ويلقي يسوع التحيّة‪« :‬السالم هلذا البيت‪».‬‬

‫وجيلب بداية حوضاً‬


‫ادخل‪َ ».‬‬
‫معك‪ُ .‬‬‫عليك وعلى َمن َ‬ ‫فلتحل الربكة َ‬
‫ّ‬ ‫كنت‪،‬‬
‫جييبه الرجل‪ّ « :‬أايً َ‬
‫وجيلسون معاً إىل طاولة غليظة‪.‬‬
‫دخلون مجيعاً َ‬ ‫ِّ‬
‫مليئاً ماء ليَغتَسل األربعة‪ .‬وبعد ذلك يَ ُ‬
‫أشكرك نيابة عن زوجيت‪ .‬لقد َح َّدثَتين عنكم‪ .‬وأان مل يسبق يل االحتكاك ابجلليليّني‪ .‬فلقد قيل‬
‫« َ‬
‫شاغبون‪ .‬بينما أنتم فقد كنتم لطيفني وطيّبني‪ .‬وأنتم اآلن تَعِّبون‪...‬‬
‫َّسمون ابلفظاظة وهم م ِّ‬
‫ُ ُ‬
‫يل ّإهنم يـت ِّ‬
‫َ‬
‫وقد َع ِّملتُم كثرياً! هل أنتم قادمون من بعيد؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 241 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يهوداين ّأما أان وهذا اآلخر فجليليّان‪ .‬إّّنا صدقين أيّها الرجل‪ :‬أينما‬
‫ّ‬ ‫« ِّمن أورشليم‪ .‬هذان‬
‫ك سوف َِّجتد األخيار واألشرار‪».‬‬ ‫َّاجتَ َ‬
‫هت فإنّ َ‬
‫املرة هي األوىل اليت أُقـابِّل فيهـا جـليليّني طيّبني‪ .‬لذا فأان‬
‫«هذا صحيح‪ .‬وابلنسـبة يل فهذه ّ‬
‫فالح‪».‬‬ ‫لدي سوى اخلبز واخلضار والزيتون واجلُّنب‪ .‬فأان ّ‬ ‫حمظوظ‪ .‬اجليب الطعام اي امرأة‪ .‬ليس ّ‬
‫لست ِّمن َعليَّة القوم‪ ،‬فأان جنّار‪».‬‬
‫«وأان كذلك ُ‬
‫أنت؟ وهبذا السلوك؟»‬
‫« َ‬
‫لك ذلك‪ ،‬وقد كان أهله ِّمن ال ُـمضطَ َهدين‪.‬‬
‫قلت َ‬ ‫ِّ‬
‫تتدخل املرأة‪« :‬الضيف من بيت حلم‪ ،‬لقد ُ‬
‫ّ‬
‫ومّت بن اسحق وليفي بن‬ ‫ِّ‬
‫كان ممكناً أن يكونوا من األغنياء واملرموقني كما كان يشوع بن حور ّ‬
‫أبراهام‪ ...‬البؤساء املساكني!‪»...‬‬
‫ِّ‬
‫يسألك أحد‪ .‬ساحموها‪ ،‬فالنساء تثرثرن دائماً أكثر من عصافري الدوري مساء‪».‬‬ ‫«مل‬

‫«هل ُهم عائالت ِّمن بيت حلم؟»‬

‫أنت ِّمن بيت حلم؟»‬


‫«كيف ؟ أال تعرف َمن يكونون و َ‬
‫«لقد هربنا وعمري بعد ال يتجاوز بضعة أشهر‪»...‬‬

‫فَتض ّأهنا ابلتأكيد ثراثرة تعود إىل القول‪« :‬لقد سافَـَر قبل املذحبة‪».‬‬
‫واملرأة اليت يُ ََ‬
‫وإال ملا كان على قيد احلياة‪ .‬أمل تَـعُد إليها أبداً؟»‬
‫«إيه! أرى ذلك جيّداً‪ّ :‬‬

‫«ال‪».‬‬

‫التعرف إليهم‬ ‫يد‬‫ر‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬


‫ّ‬ ‫أ‬ ‫سارة‬ ‫يل‬ ‫قالت‬ ‫الذين‬ ‫لئك‬‫و‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫«اي للبؤس العظيم! سوف جتد القليل ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫ومن غري املعلوم إذا ما كانوا‬ ‫وحتيَّتهم‪ .‬كثريون منهم ماتوا وكثريون فَـروا‪ ،‬وكثريون‪ ...‬لألسف! تَ َشتَّتوا‪ِّ ،‬‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 242 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قد ماتوا يف الصحراء أو قضوا حنبهم يف السجن عقوبة هلم على ثورهتم‪ .‬ولكن هل كانت ثورة؟ َمن‬
‫كان سيبقى بال مباالة عند رؤية األبرايء يُذحبون؟ ال‪ِّ ،‬من غري العدل أن يبقى ليفي وإيلي ِّمن األحياء‬
‫بينما مات الكثريون من األبرايء!»‬

‫« َمن ُُها هذان االثنان وماذا فَـ َعال؟»‬

‫قل مبذحبة هريودس‪ ...‬أكثر ِّمن ألف(‪ )1‬طفل يف املدينة وألف آخرين يف‬ ‫عت على األ ّ‬
‫ِّ‬
‫«قد َمس َ‬
‫َخذوا‪ ،‬بل‬‫عم َعة أ َ‬
‫الريف‪ .‬وكلّهم‪ ،‬تقريباً كلّهم‪ ،‬كانوا صبيان‪ ،‬أل ّن ال َقتَـلَة يف َهيجاهنم يف الليل أثناء ال َـم َ‬
‫وطعنوهن مثل‬ ‫ات‬ ‫ري‬ ‫صغ‬ ‫فالت‬ ‫ط‬ ‫حّت‬ ‫ة‪،‬‬‫َ‬‫ن‬‫ص‬‫َّ‬ ‫ح‬ ‫ـم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫البيوت‬ ‫ن‬ ‫ومن أ َِّسَّرة األ َُّمهات ِّ‬
‫م‬ ‫انتَـزعوا ِّمن الـمهود ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الرعاة أرادوا مكافحة برد الليل‬ ‫كل ذلك؟ أل ّن جمموعة ِّمن ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ملاذا‬
‫و‬ ‫هام‪.‬‬ ‫غزالن أثناء شرهبا اخَتقَتها ِّ‬
‫الس‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫فَ َش ِّربوا قَدراً كبرياً ِّمن املشروابت الروحية حّت أَخ َذهم اهل َذاين فَـرووا ّأهنم رأوا مالئكة َِّ‬
‫ومسعوا تراتيل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ َ‬
‫تصور‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫"هلموا قَ ّدموا فروض العبادة‪ ،‬فاملسيح قد ُولد"‪ّ .‬‬ ‫وتَـلَ ّقوا رسالة وقالوا لنا حنن أبناء بيت حلم‪ّ :‬‬
‫املسيح يف مغارة!‬

‫كنت ما أزال‬
‫حّت أان وقد ُ‬ ‫كالسكارى‪ّ ،‬‬ ‫يف احلقيقة ينبغي يل القول أبنّنا آنذاك أصبَحنَا ُكلّنا َّ‬
‫وحّت زوجيت اليت كان عمرها آنذاك ال يتجاوز سنوات قليلة‪ ...‬ألنّنا َآمنّا مجيعاً ابمرأة مسكينة‬ ‫شاابً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫جليلي‬
‫ّ‬ ‫من اجلليل‪ ،‬وأردان رؤية العذراء اليت تَلِّد‪ ،‬تلك اليت حت ّدث عنها األنبياء‪ .‬ولكنّها كانت مع‬
‫بكل أتكيد‪ .‬وإذا كانت زوجة فكيف كان َيكنها أن تكون "العذراء"؟ ابختصار‬ ‫جلف‪ ،‬وكان زوجها ّ‬
‫بكل شيء‪ .‬اي‬ ‫القيام‬ ‫إجادة‬ ‫نعرف‬ ‫ا‬‫ّ‬‫كن‬ ‫لقد‬ ‫آه!‬ ‫الستقباهلم‪...‬‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫آمنَّا‪ ،‬وهدااي وعبادات وبيوت فُتِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل ممتلكاهتا وحياهتا وأبناء ابنتها أيضاً‪ ،‬األوىل هي الوحيدة اليت َجنَت‬ ‫ت‬‫ر‬ ‫س‬‫حلنّة املسكينة! لقد خ ِّ‬
‫َ َ ّ‬
‫ُحرق‪ ،‬واألمالك قد ُد َّكت كلّها‬‫تزو َجت اتجراً من أورشليم‪ ،‬فخسروا كل ممتلكاهتم أل ّن املنزل قد أ ِّ‬ ‫ألهنا َّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ممراً للقطعان‪».‬‬
‫أبمر من هريودس‪ .‬وهي اآلن حقالً بوراً و ّ‬
‫الرعاة؟»‬
‫كل ذلك بسبب خطأ ُّ‬
‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 243 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬إّّنا كذلك بسبب خطأ جموس ثالثة قَ ِّدموا ِّمن مملكة الشيطان‪ .‬قد يكون الثالثة شركاء‪...‬‬
‫أقس َم أن‬
‫كل اعتبار وتشريف! ورئيس اجملمع املسكني! لقد قَـتَلناه ألنّه َ‬ ‫وحنن احلمقى الذين أقمنا هلم ّ‬
‫الرعاة واجملوس‪»...‬‬
‫النبوءات تؤّكد حقيقة أقوال ُّ‬
‫الرعاة واجملوس؟»‬
‫كل هذا بسبب خطأ ُّ‬
‫«و ّ‬
‫مر زمن طويل وحنن‬ ‫اجلليلي‪ ،‬بل بسبب خطئنا حنن كذلك‪ .‬بسبب سذاجتنا‪ .‬كان قد ّ‬‫ّ‬ ‫«ال أيّها‬
‫ننتظر املسيح! قرون من االنتظار‪ .‬خيبات أمل كثرية‪ ،‬يف األزمنة األخرية‪ ،‬مع ال ُـم َسحاء املزيَّفني‪.‬‬
‫وأحدهم كان جليلياً مثلك‪ .‬وآخر كان امسه ثيوداس‪ .‬كِّذبة! املسيح‪ ،‬هم؟ مل يكونوا سوى م ِّ‬
‫غام ِّرين يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫البحث عن اجلاه واملال! كان ينبغي أن يكون ذلك درساً لنا‪ .‬على العكس‪»...‬‬

‫الرعاة واجملوس؟ إذا قضيتم أبنّكم كنتم كذلك محقى‪ ،‬فكان عليكم‬ ‫«إذاً فلماذا تلعنون كلّكم ُّ‬
‫جتر اللَّعنة‪ .‬هل أنتم متأ ّكدون أب ّن‬
‫احلب‪ .‬واللَّعنة ّ‬
‫أن تلعنوا ذواتكم أيضاً‪ .‬ولكن اللعنة ُحمََّرمة يف وصيّة ّ‬
‫الرعاة واجملوس حقيقة أوحى هلم هبا هللا؟ ملاذا تريدون‬‫حكمكم عادل؟ أمل يكن ممكناً أن يكون قول ُّ‬
‫االعتقاد أب ّهنم كانوا َك َذبَة؟»‬
‫«أل ّن ِّ‬
‫النبوة مل تكن قد اكتَ َملَت‪ .‬وقد فَ َّكران يف ذلك آنئذ‪ ...‬بعد أن كان الدم الذي َ‬
‫صبَ َغ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ين‬ ‫س‬
‫الفسقيّات واجلداول ابألمحر قد فَـتَ َح أعني إدراكنا‪».‬‬

‫«أمل يكن ابستطاعة الباري تعاىل‪ ،‬لفرط حبّه لشعبه‪ ،‬استِّباق جميء ال ُـم َخلِّّص؟ على ماذا استَـنَد‬
‫لت يل إ ّهنم أتوا ِّمن الشرق‪»...‬‬
‫اجملوس يف أتكيداهتم؟ لقد قُ َ‬
‫َيص جنماً جديداً‪».‬‬
‫«على حساابهتم مبا ّ‬
‫«أمل يكن قد قيل‪" :‬جنمة تُولَد ِّمن يعقوب وصوجلان يَرتَِّفع من إسرائيل"؟ ويعقوب أمل يكن احلَرب‬
‫األعظم؟ أمل يقف كذلك يف هذه األرض‪ ،‬أرض بيت حلم اليت كانت عزيزة عليه مثل بؤبؤ العني‪ ،‬أل ّن‬
‫فيها ماتت حبيبته راشيل؟‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 244 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يسى وزهرة ستتفتَّح ِّمن هذا‬ ‫ّ‬ ‫غصن‬ ‫من‬ ‫ج‬ ‫سيخر‬ ‫م‬‫رع‬
‫ُ‬ ‫ُ‬‫"ب‬ ‫األنبياء‪:‬‬ ‫أحد‬ ‫م‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫وأيضاً‪ ،‬أمل ََيرج ِّ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫األصل"؟ أشعيا والد داود قد ُولِّد هنا‪ .‬الربعم على الغصن الذي قُ ِّط َع ِّمن األصل نتيجة تع ّدايت‬
‫الطغاة‪ ،‬أليست "العذراء" هي اليت َستَلِّد االبن الذي ُحبِّل به‪ ،‬ليس ِّمن رجل‪ّ ،‬‬
‫ألهنا آنذاك لن تبقى‬
‫عذراء‪ ،‬إّّنا ِّمن إرادة هللا اليت هبا سيُصبِّح "عمانوئيل"‪ ،‬إذ َّ‬
‫إن ابن هللا سيكون هللا‪ ،‬وابلنتيجة سيأيت ابهلل‬
‫إىل وسط شعب هللا‪ ،‬كما يشري إىل ذلك امسه؟ وأيضاً أمل تُـبَشَّر‪ ،‬كما تقول النبوءة‪ ،‬شعوب الظلمات‪،‬‬
‫يعين األواثن‪" ،‬بواسطة نور عظيم"؟ والنجمة اليت رآها اجملوس‪ ،‬أال َيكن أن تكون جنمة داود‪ ،‬النور‬
‫العظيم الذي َوَرَد يف نبوءيت بلعهام وأشعيا؟‬

‫واملذحبة ذاهتا اليت نـَ َّف َذها هريودس‪ ،‬أمل تكن ضمن النبوءات؟ "صراخ يعلو‪ ...‬راشيل تبكي‬
‫بنيها"‪ .‬فكان قد أُشري إىل أ ّن عظام راشيل يف قربها يف إفراات ستنوح وتبكي يف الزمن الذي ستأيت فيه‬
‫ستتحول فيما بعد إىل ابتسامة مساويّة‪ ،‬مثل قوس قزح‬ ‫اليت‬ ‫الدموع‬ ‫ص‪.‬‬ ‫املكافأة للشعب البار ابلـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ َُ‬
‫الذي تُ َش ِّّكله قطرات العاصفة األخرية‪ ،‬إّّنا الذي يقول‪" :‬ها ُكم زمن الصفاء قد ُمنِّ َح لكم‪».‬‬

‫أنت رايب؟»‬ ‫ِّ‬


‫ك على درجة عالية من الثقافة‪ .‬هل َ‬
‫«إنّ َ‬
‫«أان كذلك‪».‬‬

‫كالمك نور وحقيقة‪ .‬إّّنا مع ذلك‪ ...‬آه! جراح كثرية ما زالت تنزف‬ ‫َ‬ ‫الحظت ذلك‪ .‬ففي‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫يف أرض بيت حلم هذه بسبب املسيح‪ ،‬حقيقيّاً كان أم مزيّفاً‪ ...‬ومع ذلك ال أنصحه أبداً ابجمليء إىل‬
‫كل حال‪...‬‬‫هنا‪ ،‬فسَتفضه األرض كما يُرفَض ابن الزىن الذي بسببه مات األبناء احلقيقيّون‪ ،‬ألنّه على ّ‬
‫لو كان هو‪ ...‬فيكون قد مات مع اآلخرين الذين ذُِّحبوا‪».‬‬

‫«أين يقطن إيلي وليفي اآلن؟»‬

‫يراتب الرجل‪« :‬هل تعرفهما؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 245 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أود‬ ‫ِّ‬
‫َجهل َوجهيهما‪ ،‬ولكنّهما ابئسني‪ ،‬وأان أُشفق على البؤساء دائماً‪ّ .‬‬
‫«أان ال أعرفهما‪ .‬إنّين أ َ‬
‫الذهاب للقائهما‪».‬‬

‫ثري يف أورشليم كان قد‬ ‫هريودي‬ ‫خدمة‬ ‫يف‬ ‫ني‬ ‫ي‬ ‫«ستكون األول منذ ست مخسيات‪ .‬ما زاال ر ِّ‬
‫اع‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫دُها مع قطعاهنما على‬ ‫استوىل على أمالك س ّكان كثريين قُتِّلوا‪ ...‬فدائماً يوجد مستفيدون! سوف َِّجت ُ‬
‫لهما‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ندم‪ .‬وحنن َحنتَم ُ‬
‫مهما فَ َستَ َ‬
‫ك تُ َكلّ ُ‬
‫ابجتاه اخلليل‪ .‬ولكن‪ ،‬نصيحة‪ ،‬ال تَ َدع أبناء أورشليم يَرونَ َ‬
‫املرتفعات ّ‬
‫وإال‪»...‬‬
‫اهلريودي‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫بسبب‪ ...‬بسبب وجود‬

‫«آه! احلقد! ملاذا احلقد؟»‬

‫حق؛ ّإهنم أساؤوا إلينا‪».‬‬


‫«أل ّن هذا ّ‬
‫«لقد اعتَـ َقدوا ّأهنم يفعلون خرياً‪».‬‬

‫«ولكنّهم أساؤوا إلينا وجيب أن يُعانوا‪ .‬كان ينبغي لنا أن نقتلهم‪ ،‬كما كان جنوهنم دافعاً للقتل‪.‬‬
‫اهلريودي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫ّإال أنّنا ُكنّا بـُلَهاء‪ ...‬وبعد ذلك ُوِّج َد‬

‫حّت بعد حركة الثورة األوىل اليت َيكن فَهمها‪ ،‬كنتم ستقتلوهنما؟»‬
‫«لواله إذاً‪ّ ،‬‬
‫«واآلن كذلك بوسعنا قتلهم دون اخلوف ِّمن معلّمهم‪».‬‬

‫شر‪ .‬هنا أان ال أرى‬‫لك رغبة بسوء‪ .‬ال تطلب فعل ّ‬ ‫لك‪" :‬ال حتقد‪ .‬ال تكن َ‬
‫«أيّها الرجل أقول َ‬
‫وحّت ولو كان‪ ،‬فاصفح‪ .‬اغفر ابسم هللا‪ .‬قُل ذلك ألبناء أورشليم اآلخرين‪ .‬وعندما تُطرح‬ ‫خطأ‪ّ ،‬‬
‫صلَت‬‫الضغينة من قلوبكم‪ ،‬سوف أييت املسيح‪ ،‬وستعرفونه حينئذ ألنّه ح ّي‪ .‬لقد كان موجوداً ساعة َح َ‬
‫لك ذلك‪ .‬وهذا مل يكن نتيجة خطأ الرعاة واجملوس‪ ،‬بل إّّنا اجملزرة قد َوقَـ َعت بسبب‬ ‫املذحبة‪ ،‬أقول َ‬
‫خطأ‪ ،‬بل قل خطيئة الشيطان‪ .‬لقد ُولِّ َد املسيح هنا ِّمن أجلكم‪ .‬لقد جاء حامالً النور ألرض آابئه‪.‬‬
‫تفجر للعامل َهنر النِّّعم األبديّة‪ ،‬فُتِّ َحت لإلنسان‬ ‫ِّ‬
‫ابن امرأة عذراء من نسل داود‪ ،‬فوسط أنقاض بيت داود ّ‬
‫طريق احلياة‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 246 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت نصري هذا املسيح املزيّف والذي ال َيكنه أن يكون ّإال‬
‫«اذهب‪ ،‬ارحل بعيداً عن هنا! َ‬
‫أنت تُدافِّع عنه‪»...‬‬
‫مزيّفاً‪ ،‬إذ قد َمحَ َل لنا البؤس‪ ،‬لنا حنن أبناء بيت حلم‪ .‬و َ‬
‫يهودي ويل أصدقاء ذوو مراتب عالية‪ .‬وسوف تندم على هذه‬
‫ّ‬ ‫اصمت أيّها الرجل‪ ،‬فأان‬
‫« ُ‬
‫ويهزه بعنف وقد استشاط غيظاً وغضباً‪.‬‬
‫ابلقروي من ثوبه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلهانة‪ ».‬ويقفز يهوذا وَيسك‬

‫« ال‪ ،‬ال‪ ،‬اذهبوا‪ .‬ال أريد متاعب مع أبناء بيت حلم وال مع روما وهريودس‪ .‬اذهبوا‪ ،‬ملعونني‪،‬‬
‫إذا كنتم غري راغبني يف أن أترك لكم تذكاراً‪ .‬هيا خارجاً!‪»...‬‬

‫دخل حيث توجد الضغينة‪ .‬هيا‬ ‫« ِّ‬


‫لنمض اي يهوذا‪ .‬ال تفعل شيئاً‪ .‬ولندعه يف حقده‪ .‬فاهلل ال يَ ُ‬
‫بنا‪».‬‬

‫أجعلك تدفع مثن ذلك‪».‬‬


‫َ‬ ‫«نعم‪ ،‬هيّا بنا‪ ،‬إّّنا سوف‬

‫«ال يـا يهوذا‪ ،‬ال‪ .‬جيب أال تتكلّم هكذا‪ّ .‬إهنـم عميان‪ ...‬ويوجد منهم الكثري على طريقي!‪»...‬‬

‫ََي ُرجان اتبِّ َعني مسعان ويوحنّا اللَّذين أصبحا اآلن خارجاً ويتح ّداثن إىل املرأة عند طرف‬
‫اإلسطبل‪.‬‬

‫أظن أن تكون اإلساءة هبذا الشكل‪ ...‬هاك‪ :‬خذها‪.‬‬‫«اصفح واغفر لزوجي اي معلّم‪ .‬مل أكن ّ‬
‫لدي شيء آخر‪ .‬عفواً‪ ،‬أين ستنام؟» (وتعطيه بيضاً)‬
‫ستأكلها غداً صباحاً‪ ،‬فهي طازجة اليوم‪ ،‬وليس ّ‬
‫ِّ‬
‫صالحك‪.‬‬ ‫أنت بسالم ِّمن أجل‬
‫«ال تف ّكري يف ذلك‪ .‬فأان أعرف إىل أين أذهب‪ .‬اذهيب ِّ‬
‫وداعاً‪».‬‬

‫طرح‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫اذا‬ ‫مل‬ ‫؟‬ ‫يعبدونك‬ ‫جتعلهم‬ ‫ال‬ ‫أنت‬ ‫ملاذا‬ ‫«‬ ‫يهوذا‪:‬‬ ‫ر‬ ‫يسريون بضعة أمتار بصمت‪ ،‬مث ين َف ِّ‬
‫ج‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫كنت سأفعلها‬
‫أنت املسيح‪ ...‬آه! ُ‬ ‫إليك‪َ ،‬‬
‫املقزز أرضاً؟ يُطرح أرضاً‪ ،‬مسحوقاً بسبب إساءته َ‬ ‫هذا الكافر ِّّ‬
‫يهز السامريّني مثل حتويلهم إىل رماد مبعجزة‪».‬‬
‫أان‪ .‬ال شيء ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 247 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل خطيئة‬ ‫ِّ‬
‫أحول امرءاً إىل رماد من أجل ّ‬
‫مرة سأمسع ذلك! إّّنا هل ينبغي يل أن ّ‬ ‫«آه! كم ّ‬
‫جئت ِّألَبين ال ِّأل َُد ِّّمر‪».‬‬
‫تُرتَ َكب حب ّقي؟‪ ...‬ال اي يهوذا‪ .‬لقد ُ‬
‫يدمرك اآلخرون‪».‬‬
‫«حسناً‪ ،‬ولكن يف انتظار ذلك سوف ّ‬
‫ال جييب يسوع‪.‬‬

‫يسأل مسعان‪« :‬إىل أين حنن ذاهبون اآلن اي معلّم؟»‬

‫«تعالوا معي‪ .‬فأان أعرف مكاانً‪».‬‬

‫بت‪ ،‬فكيف‬
‫ط منذ هر َ‬
‫كنت مل أتت إىل هنا ق ّ‬
‫فيسأل يهوذا وهو ما يزال منفعالً‪« :‬ولكن إذا َ‬
‫تعرفه؟»‬

‫كنت فيه مرة أخرى‪ .‬وهو ليس يف بيت حلم‪ .‬إنّه خارجها‬
‫«أعرفه وهو ليس مجيالً‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫االجتاه‪».‬‬
‫قليالً‪ ...‬فلنذهب هبذا ّ‬

‫يسوع يف املق ّدمة يليه مسعان مثّ يهوذا ويف النهاية يوحنّا‪ ...‬ويف غمرة الصمت الذي ال يش ّقه‬
‫سوى خشخشة األحذية على حصى الدرب يُسمع بكاء‪.‬‬

‫فيسأل يسوع ملتفتاً‪َ « :‬من الذي يبكي؟»‬

‫جييب يهوذا‪« :‬إنّه يوحنّا‪ .‬فهو خائف‪».‬‬

‫لك‪" :‬ال تقتل‪ ،‬سامح"‬


‫تذكرت قو َ‬
‫ُ‬ ‫لست خائفاً‪ ،‬فيدي على سيفي الذي أتقلّده‪ .‬ولكنّين‬
‫«ال ُ‬
‫الذي تُـَرِّّدده على الدوام‪».‬‬

‫فيسأله يهوذا‪« :‬ملاذا تبكي إذاً؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 248 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتعرف عليه وال يريد أن يعرفه‪ .‬آه! اي لذلك األمل!‬
‫«ألنّين أأت ّمل من رؤييت العامل يكره يسوع‪ .‬ال ّ‬
‫وكأ ّن أشواكاً ُملتَ ِّهبة ختَتق قليب‪ ،‬وكأنّين ُ‬
‫كنت أرى أ ُّمي تُداس ابألرجل ويَبصق على وجه أيب‪ ...‬وأكثر‬
‫كنت أرى خيل الرومان أتكل يف اتبوت العهد وتنام يف قُدس األقداس‪».‬‬
‫من ذلك أيضاً‪ ...‬وكأنّين ُ‬
‫مرات أخرى كثرية ال حتصى‪" :‬لقد كان النور‬ ‫ة‬‫املر‬ ‫هذه‬ ‫مثل‬ ‫هلا‬‫و‬‫تق‬ ‫سوف‬ ‫اي‪.‬‬‫ّ‬‫يوحن‬ ‫اي‬ ‫«ال ِّ‬
‫تبك‬
‫ّ ّ‬
‫دركه‪ .‬لقد جاء إىل العامل الذي به ِّّ‬
‫كون والعامل مل يعرفه‪.‬‬ ‫لكن الظلمات مل تُ ِّ‬
‫اآليت يلمع وسط الظالم و ّ‬
‫تبك هكذا!»‬ ‫لقد جاء إىل مدينته وبيته‪ ،‬وذووه مل يستقبلوه"‪ .‬آه! ال ِّ‬

‫يتنهد يوحنّا‪« :‬هذا ال ُيدث أبداً يف اجلليل!»‬


‫ّ‬
‫أنت تُستَقبَل فيها‬
‫حّت يف اليهودية‪ .‬فأورشليم عاصمتها ومنذ ثالثة ّأايم و َ‬ ‫فريد يهوذا‪« :‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫عتمد عليهم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أال‬ ‫جيب‬ ‫حني‪...‬‬ ‫وفال‬
‫ّ‬ ‫ني‬ ‫قروي‬ ‫ني‪،‬‬ ‫كمسيح بعبارات "هوشعنا"‪ .‬أما هنا فبلدة رعاة جلِّ ِّ‬
‫ف‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حّت اجلليليّني فليسوا مجيعاً صاحلني‪ .‬و ّأما عن يهوذا‪ ،‬املسيح املزيّف‪ ،‬فَ ِّمن أين كان؟ يقال‪»...‬‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫إيل اي‬ ‫«يكفي اي يهوذا‪ .‬من غري املناسب أن تَضطَ ِّربوا‪ .‬فأان هادئ‪ ،‬كونوا أنتم كذلك‪ّ .‬‬
‫هلم ّ‬
‫إليك‪».‬‬
‫يهوذا‪ ،‬ينبغي يل التح ّدث َ‬
‫يدنو يهوذا منه « ُخذ النقود‪ ،‬فسوف نشَتي غداً ما حنن يف حاجة إليه‪».‬‬

‫« ّأما اآلن فأين سنأوي؟»‬


‫يبتسم يسوع ويصمت‪ .‬لقد هبط املساء‪ .‬والقمر يضفي على كل شيء وشاحاً أبيض‪ِّ .‬‬
‫العنادل‬ ‫ّ‬
‫فضي رّانن‪ِّ .‬‬
‫ومن احلقول احملصودة تصل رائحة العلف‪ :‬دافئة‪،‬‬ ‫صدح يف الزيتون‪ .‬وجدول كأنّه شريط ّ‬ ‫تَ َ‬
‫كأهنا إنسانيّة‪ .‬بعض من الثغاء واخلوار وجنوم‪ ،‬جنوم‪ ،‬جنوم‪ ...‬جنوم منثورة على وشاح السماء‪،‬‬
‫حيّة‪ ،‬و ّ‬
‫مظلّة عرش من الآللئ احليّة على مرتفعات بيت حلم‪.‬‬

‫«ولكن هنا!‪ّ ...‬إهنا أنقاض‪ .‬إىل أين أتخذان؟ مل نعد يف املدينة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 249 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫هلم اتبَع اجلدول خلفي‪ .‬بضع خطوات أخرى‪ ،‬وبعدئذ‪ ...‬بعد ذلك أُقَ ّدم َ‬
‫لك َمس َكن‬ ‫«أعلم‪ّ .‬‬
‫َملِّك إسرائيل‪».‬‬

‫يرفع يهوذا كتفيه ويلوذ ابلصمت‪.‬‬

‫بضع خطوات‪ ،‬مثّ ها هي كومة من البيوت ال ُـمتَـ َه ِّّدمة‪ ،‬بقااي سكن‪ ...‬مغارة بني ش ّقي جدران‬
‫عالية‪».‬‬

‫يقول يسوع‪« :‬هل لديكم صوفان؟ أشعِّلوا‪».‬‬

‫يُشعِّل مسعان مصباحاً َُي ِّرجه ِّمن ِّخرجه ويعطيه ليسوع‪.‬‬

‫ادخلوا‪ ،‬فهذه غرفة ِّوالدة َملِّك إسرائيل‪».‬‬


‫ادخلوا‪ُ .‬‬
‫فيقول املعلّم وهو يرفع النور‪ُ « :‬‬
‫ك خمطئ أيّها املعلّم! فما هي ّإال مغارة نَتِّنَة‪ .‬آه! ابلنسبة يل‪ ،‬لن أبقى فيها ابلتأكيد! إنّين‬
‫«إنّ َ‬
‫أمشئز منها‪ :‬رطبة‪ ،‬ابردة‪ ،‬نتنة‪ ،‬مليئة ابلعقارب وقد تكون كذلك مليئة ابلثعابني‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫«ومع ذلك أيّها األصدقاء‪ :‬هنا‪ ،‬يف ليلة اخلامس والعشرين من شهر كانون ‪ُ Encenie‬ولِّ َد‬
‫عمانوئيل‪ ،‬كلمة هللا َّاختَ َذ جسداً لفرط حبّه لإلنسان‪ :‬أان الذي أُ َكلِّّمكم‪.‬‬ ‫من العذراء يسوع املسيح‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫األم‪...‬‬ ‫ض ّ‬ ‫توجهت إىل القلوب‪َ ...‬ورفَ َ‬‫ص َّم العامل أذنيه عن أصوات السماء اليت ّ‬ ‫حينذاك‪ ،‬كما اآلن‪َ ،‬‬
‫مشمئز من هذه البومات اليت تطري‪ ،‬من هذه العظاءات‬ ‫ّ‬ ‫بوجهك بشكل‬‫َ‬ ‫وهنا‪ ...‬ال اي يهوذا‪ ،‬ال تشح‬
‫ثوبك اجلميل املو ّشى لكي ال يتّسخ على األرض‬ ‫اخلضراء‪ ،‬ومن نسج العناكب هذه‪ .‬ال ختلع ابمشئزاز َ‬
‫حترَكت حتت‬ ‫املمتلئة بفضالت احليواانت‪ .‬فالبومات الصغريات هذه هي اللُّ َعب األوىل اليت كانت قد َّ‬
‫السكارى‪ ،‬ولكن ليس ِّمن‬ ‫َّل له املالئكة‪" :‬اجملد هلل يف العُلى" اليت َِّمس َعها ُّ‬
‫الرعاة َّ‬ ‫نظر الطفل الذي َرت َ‬
‫ُسقطَت‬ ‫ذهل‪ ،‬فَـرح حقيقي‪ .‬وهذه العظاءات بزمردها كانت األلوان األوىل اليت أ ِّ‬ ‫شيء سوى ِّمن فَـرح م ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫يت‪ ،‬األوىل بعد بياض ثوب ووجه ّأمي‪ّ .‬أما نسج العنكبوت هذه فكانت مظلّة العرش لِّ َمهدي‬ ‫على َح َدقَ ّ‬
‫َيكنك أن تدوسها دوّنا ازدراء‪ّ ...‬إهنا مغطّاة ابلفضالت‪ ،‬ولكنّها قد‬ ‫َ‬ ‫امللكي‪ .‬هذه األرض‪ ،‬آه!‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 250 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ض َعت‬
‫َّست مبالمسة قَ َدمها‪ ،‬هي الق ّديسة العظيمة الطاهرة‪ ،‬غري املمسوسة‪ ،‬أ ُّم هللا‪ ،‬تلك اليت َو َ‬ ‫تَـ َقد َ‬
‫ضع‪ ،‬اليت َحبِّلَت أل ّن هللا وليس اإلنسان الذي قال هلا ذلك‪َ ،‬‬
‫وج َعلَها حبلى‬ ‫ألنّه كان ينبغي هلا أن تَ َ‬
‫صعد‬ ‫منه ذاته‪ .‬هي‪ ،‬اخلالية ِّ‬
‫قدميك‪ .‬وليشأ هللا أن تَ َ‬
‫َ‬ ‫َيكنك َوضع‬
‫َ‬ ‫داستها بقدميها‪.‬‬
‫كل وصمة‪ ،‬قد َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫قدميك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫قلبك ِّمن خالل َغرس‬
‫الطهارة اليت انبَـثَـ َقت منها إىل َ‬
‫فيجثو مسعان وَيضي يوحنّا مباشرة إىل املذود ويبكي ُمسنِّداً رأسه إليه‪ .‬يهوذا خائف‪ ...‬وبعد‬
‫ذلك أيخذه التأثّر‪ ،‬ودون التفكري بثوبه اجلميل يرمتي على األرض وأيخذ بطرف ثوب يسوع ويقبّله‬
‫خادمك! ها إ ّن كربايئي يَس ُقط‪ ...‬فأر َاك كما‬
‫َ‬ ‫ويقرع صدره قائالً‪« :‬آه! ارحم أيّها املعلّم الصاحل َع َمى‬
‫األزيل‪ ،‬األب للدهر اآليت‪ ،‬ملك السالم‪ .‬رمحة‪،‬‬‫أحسبهُ‪ ،‬إّّنا األمري ّ‬
‫كنت َ‬ ‫أنت‪ .‬ال ليس امللك الذي ُ‬ ‫َ‬
‫ريب وإهلي! رمحة!»‬
‫ّ‬
‫كل الرمحة‪ .‬اآلن سننام حيث انم الطفل والعذراء‪ ،‬هناك حيث ّاختذ يوحنّا مكان‬ ‫«نعم‪ِّ َ ،‬‬
‫لك م ّين ّ‬
‫الوُهي‪ .‬أو ابألحرى‪ ،‬إذا أردمت‪ ،‬فسوف أح ّدثكم عن‬
‫ّ‬ ‫األم يف عبادته‪ ،‬وهناك حيث يبدو مسعان أيب‬ ‫ّ‬
‫تلك الليلة‪»...‬‬

‫حك على هذا العامل‪».‬‬


‫«آه! نعم اي معلّم‪ ،‬أخربان عن تفتّ َ‬
‫«لكي يكون لؤلؤة مضيئة يف قلوبنا‪ ،‬ولكي نستطيع إعادة قوله للعامل‪».‬‬

‫ك‪ ،‬إّّنا لكوهنا‪ ...‬آه! لكوهنا العذراء!»‬


‫ك‪ ،‬ليس فقط لكوهنا ّأم َ‬
‫«ولتبجيل ّأم َ‬
‫يهوذا هو الذي تكلَّ َم ّأوالً مثّ مسعان مثّ يوحنّا بوجهه الذي امتَـَز َجت فيه الدموع ابالبتسامات‪،‬‬
‫هناك قريباً ج ّداً ِّمن املذود!‪...‬‬

‫األم اليت كانت‬


‫«تعالوا جنلس على القش وامسعوا‪ »...‬ويروي يسوع َح َدث ليلة ميالده‪ّ ...« .‬‬
‫على وشك الوالدة‪ ،‬جاءَت حسب أوامر أغسطس قيصر وبناء على إعالن من بوبليوس سولبيسيوس‬
‫كريينوس املنتَ َدب اإلمرباطوري‪ ،‬بينما كان حاكم فلسطني سنتيوس ساتورنينوس‪ .‬فاإلعالن كان أيمر‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 251 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل سكان اإلمرباطورية‪ .‬والذين مل يكونوا من العبيد‪ ،‬كان عليهم العودة إىل أمكنة أصوهلم‬‫ابكتتاب ّ‬
‫سجالت اإلمرباطوريّة‪ .‬يوسف عروس ّأمي كان ِّمن أصل داود وكذلك ّأمي‪ .‬ونتيجة‬ ‫لالكتتاب يف ّ‬
‫امللكي‪ .‬وقد كان الطقس‬
‫ّ‬ ‫لطاعتهما هلذا اإلعالن‪ ،‬فقد غادرا الناصرة ليأتيا إىل بيت حلم‪ ،‬مهد األصل‬
‫رديئاً‪ »...‬وي ِّ‬
‫كمل يسوع الرواية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وهكذا ينتهي ّ‬

‫(‪ )1‬العدد احلقيقي لألطفال الذين قُتِّلوا هو (‪ )32‬صبياً‪ )18( :‬صبياً من مدينة بيت حلم و (‪ )14‬صبياً ِّمن ريفها‪ .‬كما مت‬
‫الفالح ‪-‬كما هو احلال‬ ‫والع َجلَة‪ّ .‬‬ ‫ِّ‬
‫الصبية بسبب مالبسهن‪ ،‬وأيضاً بسبب الظالم َ‬ ‫َذبح (‪ )6‬فتيات مل يَستَطع ال َقتَـلَة متيزهن عن ّ‬
‫ُعطيَت هذه املالحظة ِّمن ِّقبَل ماراي فالتورات على ورقة مستقلة أضيفت إىل‬
‫يف كثري من األحيان‪ -‬استخ َدم صيغة املبالغة‪( .‬أ ِّ‬
‫َ َ‬
‫املخطوطة األصلية)‪.‬‬

‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬


‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 252 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -38‬يسوع يف نَـزل بيت حلم ِّ‬


‫وعظَة على أنقاض بيت حنّة)‬ ‫ْ‬
‫‪1945 / 01 / 09‬‬

‫زهري على بعض‬ ‫شرق‪ ،‬وقد اصطَبَـغَت السماء بلون ّ‬ ‫يف الساعات األوىل ِّمن صباح صيف ُم ِّ‬
‫الفريوزي‪ .‬ويـَتَ َك َّون ائتالف‬
‫ّ‬ ‫سجادة ِّمن السااتن‬
‫السحب الصغرية اليت تبدو مثل قطع شاش واقعة على ّ‬ ‫ُّ‬
‫عصافري َس ِّكَرت ِّمن النور‪ ...‬عصافري دوري وشحارير وأبو احلناء تزقزق وهتذر وتتشاجر من أجل‬
‫صبَة‪ ،‬يسروع‪ ،‬عسلوج حتمله إىل أعشاشها‪ ،‬لتمأل مناقريها أو الختاذها كمجثم‪ .‬وسنونو تنزل من‬ ‫قَ َ‬
‫قمتها بلون الزجنار‪ ،‬وحاملا تنتعش‪ ،‬بعد‬ ‫امللونة يف ّ‬
‫السماء يف اجلدول الصغري لغسل صدورها الثلجيّة ّ‬
‫أن تلتقط مبناقريها ذاببة صغرية ما تزال انئمة على قصبة‪ ،‬تطري إىل األعايل أبجنحتها اليت تضرب اهلواء‬
‫مثل شفرات فوالذيّة صقيلة‪ ،‬وهي تزقزق فرحة‪.‬‬

‫يتمشيان بلطف مثل آنستني على امتداد شاطئ اجلدول‪ّ .‬إهنما‬ ‫رمادايً ّ‬
‫عصفوران يرتداين حريراً ّ‬
‫يرفعان ذيليهما املزيّنني ابملخمل األسود‪ ،‬يَتاءاين يف املرآة فيجدان نفسيهما مجيلني‪ ،‬ويتابعان نزهتهما‬
‫قي‪ ،‬على شجرة‬ ‫حقي‬ ‫غابة‬ ‫صيب‬ ‫الطويل‪،‬‬ ‫األصفر‬ ‫مبنقاره‬ ‫اخللف‬ ‫من‬ ‫هلما‬ ‫ر‬ ‫ويسخر منهما شحرور يص ِّّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫ت ّفاح ّبري إبيراقها الكثيف‪ ،‬جانب األنقاض‪ ،‬عندليب ينادي رفيقه إبصرار‪ ،‬وال يصمت ّإال حينما‬
‫يراه يصل ومعه يسروع طويل يتلوى حتت ضغط املنقار الدقيق ج ّداً‪ .‬محامتان بريّتان ِّ‬
‫هاربَـتَان‪ ،‬على‬ ‫ّ‬
‫اختارَات مسكنهما يف جتاويف أنقاض برج‪ ،‬وقد استسلمتا لدفق‬ ‫ِّ‬
‫األرجح ‪ ،‬من أبراج محام املدينة وقد َ‬
‫ضلِّّل وهي َهتدل حبياء‪.‬‬ ‫عواطفهما‪ ،‬فهو مغ ٍو ُم َ‬
‫ينظر يسوع إىل كل هذه احليواانت الصغرية‪ ،‬ذراعاه متصالبان‪ ،‬ويبتسم‪.‬‬

‫أنت جاهز اي معلّم؟»‬


‫يسأله مسعان من اخللف‪« :‬هل َ‬
‫أصبحت جاهزاً‪ .‬هل ما يزال اآلخرون نياماً؟»‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 253 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ما يزالون بعد‪».‬‬

‫لت يف هذا اجلدول‪ ...‬ماء منعش جيلو الذهن‪».‬‬


‫« ّإهنم شباب‪ ...‬لقد اغتَ َس ُ‬
‫«إنّين ذاهب اآلن إىل هناك‪».‬‬

‫بينما يَغتَ ِّسل مسعان وهو ال يرتدي سوى جلباب قصري ومن مثّ يرتدي ثيابه‪ ،‬ينهض يهوذا‬
‫متأخران؟»‬
‫ليحفظك هللا اي معلّم‪ .‬هل حنن ّ‬
‫َ‬ ‫ويوحنّا‪« :‬‬

‫«ال إنّه الصباح ابلضبط‪ ،‬إّّنا أ ِّ‬


‫َسرعا اآلن ولنرحل‪».‬‬

‫كل جلبابه ومعطفه‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫يغتَسل االثنان ويرتدي ّ‬
‫قبل أن يبدأ املسري‪ ،‬يقطف يسوع زهريات نـَبَـتَت يف شقوق صخرتني ويضعها يف علبة خشبيّة‬
‫حتوي أشياء أخرى مل أميّزها جيّداً‪ .‬يشرح‪« :‬سأمحلها إىل ّأمي‪ .‬ستكون عزيزة عليها‪ِّ ...‬‬
‫لنمض‪».‬‬

‫«إىل أين اي معلّم؟»‬

‫«إىل بيت حلم‪».‬‬

‫مرة أخرى؟ يبدو يل أ ّن اجلو غري مالئم لنا‪»...‬‬


‫«ّ‬
‫كنت‪».‬‬
‫حل اجملوس وأين ُ‬
‫يهم‪ .‬لنذهب‪ .‬سوف أريكم أين ّ‬
‫«ال ّ‬
‫«إذاً‪ ،‬عذراً اي معلّم‪ ،‬إّّنا امسَح يل ابلكالم‪ .‬سوف نقوم ابآليت‪ :‬يف بيت حلم ويف النـ َّْزل امسح يل‬
‫أقل من‬
‫ابلكالم وطرح األسئلة‪ .‬ذلك أنّه ابلنسبة لكم كجليليّني ال ُيبونكم كثرياً‪ ،‬يف اليهوديّة وهنا ّ‬
‫أنت ويوحنا ستُعرفان أنّكما جليليّان ليس ِّمن شيء سوى الثوب‪.‬‬ ‫فلنتصرف هكذا‪َ :‬‬‫ّ‬ ‫أمكنة أخرى‪ .‬إذاً‬
‫صّرون على إبقائه هكذا طويالً؟ أان ومسعان سنعطيكما‬ ‫ومن مث‪ ...‬هذا الشعر! ملاذا تُ ِّ‬ ‫بسيط ج ّداً‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫أنت‪ ،‬مسعان‪ ،‬تعطيه ليوحنّا‪ ،‬وأان للمعلّم‪ .‬هاكما‪ :‬هكذا‪ ،‬أترى؟‬ ‫معطفينا وتعطياننا معطفيكما‪َ :‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 254 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ستبدوان حاالً أكثر يهوديّة قليالً‪ .‬واآلن هذا‪ ».‬وَيلع عمرته‪ :‬عمامة ذات خطوط صفراء وكستناويّة‬
‫ومحراء وخضراء‪ ،‬مثل املعطف‪ ،‬مثبّتة بشريط أصفر‪ .‬ويضعها على رأس يسوع ويرتّبها على امتداد خ ّديه‬
‫ليخفي الشعر الطويل األشقر‪ .‬وأيخذ يوحنّا عمرة مسعان اخلضراء الداكنة ج ّداً‪« .‬آه! هكذا أفضل!‬
‫العملي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫لدي ّ‬‫فأان ّ‬
‫احلس‬
‫لئال تتجاوز ّ‬
‫العملي‪ ،‬إّّنا انتبه يف هذه األثناء ّ‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫لديك ّ‬
‫«نعم اي يهوذا‪ ،‬صحيح أ ّن َ‬
‫اآلخر‪».‬‬

‫حس اي معلّم؟»‬
‫أي ّ‬
‫« ّ‬
‫الروحي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫« ّ‬
‫حّت أكثر ِّمن ُّ‬
‫الس َفراء‪.‬‬ ‫التصرف حبنكة وسياسة ّ‬
‫«آه! ال‪ ،‬إّّنا ينبغي يف بعض احلاالت معرفة ّ‬
‫قلت أشياء‪ ...‬أشياء‪ ...‬نعم‪ ،‬هي ذي‪،‬‬ ‫ملصلحتك‪ ...‬ال تُ ِّ‬
‫عارضين إذا ما ُ‬ ‫َ‬ ‫وانتبه‪ ...‬كن حليماً أيضاً‪...‬‬
‫غري صحيحة‪».‬‬

‫احلق‪ ،‬وال أرضى ابلكذب ال ِّ َّ‬


‫يف وال حويل‪».‬‬ ‫«ما الذي تريد قوله؟ ملاذا الكذب؟ أان ّ‬
‫«آه! لن أقول سوى أنصاف أكاذيب‪ .‬سوف أقول إنّنا مجيعنا عائدون ِّمن بلد بعيد‪ ،‬من مصر‬
‫على سبيل املثال‪ ،‬ونريد معرفة أخبار أصدقاء عزيزين علينا‪ ،‬سنقول إنّنا يهود عائدون ِّمن املنفى‪...‬‬
‫كل ذلك فيه شيء من احلقيقة‪ ...‬ومثّ‪ ،‬أان أروي عنها‪ ...‬بقليل أو كثري من اخلطأ‪».‬‬‫أساساً ّ‬
‫الغش؟»‬
‫«ولكن! اي يهوذا ملاذا ّ‬
‫كسب جوالته بضروب ِّمن املراوغة الضروريّة أحياانً‪ .‬حسناً‪ ،‬إرضاء‬
‫متر اي معلّم‪ .‬فالعامل يَ َ‬
‫«دعها ّ‬
‫أنت اي‬ ‫ِّ‬
‫لك سوف أقول فقط إنّنا قادمون من بعيد وإنّنا يهود‪ّ .‬إهنا ثالثة أرابع احلقيقة‪ .‬وال تتكلّم َ‬ ‫َ‬
‫يوحنّا‪ .‬فستكشف أمران‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 255 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«سأبقى صامتاً‪».‬‬

‫لكن أملي ضعيف‪ ...‬إنّين داهية‬


‫سارت األمور بشكل جيد‪ ...‬حينئذ نقول البـاقي‪ .‬و ّ‬ ‫«مثّ إذا َ‬
‫لدي ال ُقدرة على التَّكيُّف الفوري مع املتغريات اآلنيّة‪».‬‬
‫"فهلوي" و َّ‬

‫«أرى ذلك اي يهوذا ولكنّين أُفَ ِّّ‬


‫ضل أن تكون بسيطاً‪».‬‬

‫جمموعتك‪ .‬دعين أفعل ذلك‪».‬‬ ‫ابملهمات الصعبة ضمن‬ ‫ِّ‬


‫َ‬ ‫«ذلك ال جيدي كثرياً‪ ،‬سوف أضطَلع ّ‬
‫يسوع قليل احلماسة‪ ،‬ولكنّه ي ِّ‬
‫ذعن‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ذهبون‪ ،‬يَدورون حول األنقاض‪ ،‬مثّ ُُياذون جداراً دون نوافذ يُسمع خلفه هنيق‪ ،‬خوار‪ ،‬صهيل‪،‬‬ ‫يَ َ‬
‫ثغاء‪ ،‬وكذلك اجلِّّمال أبصواهتا الضخمة غريبة األطوار‪ .‬واجلدار يش ّكل زاوية‪ .‬يدورون‪ .‬ينتهون إىل‬
‫ساحة بيت حلم‪ .‬بِّركة النَّبع ال تزال يف مركز الساحة اليت تُرى دائماً بشكلها املنحرف‪ ،‬ومع ذلك فهي‬
‫لت أراه‪ ،‬عندما أف ّكر به‪ُ ،‬جمَلَّالً‬
‫خمتلفة يف اجلهة املقابلة للنـ َّْزل‪ .‬هناك حيث كان املنزل الصغري ‪-‬ما ز ُ‬
‫أشعة النجمة‪ -‬هناك‪ ،‬مساحة كبرية خاوية مليئة ابحلطام‪ .‬ما يزال السلّم الصغري‬ ‫ابلفضة اخلالصة حتت ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتنهد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫منصته الصغرية‪ .‬يَنظُر يسوع ّ‬ ‫فقط ُمنتَصباً مع ّ‬
‫تعج الساحة ابلناس حول ابعة املأكوالت واألدوات املنزليّة واألقمشة و‪ ...‬أخل‪ ...‬وقد َعَرضوا‬
‫ّ‬
‫حّت على األرض‪ ،‬واألكثريّة قابعون يف متاجرهم‪ ...‬وآخرون‬ ‫بضائعهم على حصرية أو يف سالل أو ّ‬
‫واقفون ينادون ِّ‬
‫ويومئُون يف جداهلم مع زبون ُُي ِّ‬
‫اور‪.‬‬

‫تسوق‪».‬‬
‫يقول مسعان‪« :‬إنه يوم ّ‬
‫حململة‬ ‫ا‬ ‫احلمري‬ ‫ن‬ ‫وخترج منه قافلة ِّ‬
‫م‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫ئيسي للنـ َّْزل الكبري‪ ،‬مفتوح َ ُ‬
‫إن الباب‪ ،‬أو ابألحرى املدخل الر ّ‬
‫ابلبضائع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 256 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بتعال صبيّاً صغرياً لإلسطبل‪ ،‬قَ ِّذراً ويرتدي فقط قميصاً‬
‫يدخل يهوذا أوالً‪ .‬ينظر حوله‪ .‬وينادي ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫اعتدت االنتظار‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫أسرع فما‬‫حّت ركبتيه‪« :‬اي ولد! اند املعلّم حاالً‪ِّ .‬‬
‫بال أكمام ويصل ّ‬
‫جاراً خلفه مكنسة ذات ذراع‪.‬‬
‫َجيري الولد ّ‬
‫«ولكن‪ ،‬اي يهوذا! اي هلذه األساليب!»‬

‫أتصرف‪ .‬جيب أن يظنّوا أنّنا أثرايء ج ّداً ومن املدينة‪».‬‬


‫«اصمت اي معلّم‪ ،‬ودعين ّ‬
‫رب العمل‪ ،‬حانياً ظهره مع احنناءات أمام يهوذا‪ ،‬ال َـمهيب مبعطف يسوع األمحر القامت‬
‫َجيري ّ‬
‫الذهيب مع نطاقه العريض وأهدابه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فوق ثوبه الفاخر األصفر‬

‫«حنن قادمون من البعيد أيّها الرجل‪ ،‬يهود من الطائفة اآلسيوية‪ .‬وهذا ُمضطَ َهد‪ .‬وهو يف األصل‬
‫من بيت حلم‪ ،‬ويبحث عن أصدقاء عزيزين عليه من هنا‪ .‬وحنن معه‪ .‬إنّنا قادمون اآلن من أورشليم‬
‫َيكنك أن تق ّدم لنا املعلومات؟»‬
‫َ‬ ‫حيث ّأدينا واجبات العبادة هلل تعاىل يف بيته‪ .‬هل‬

‫لك‪ُ .‬مرين‪».‬‬
‫خادمك‪ُ ...‬كلّي َ‬
‫َ‬ ‫«سيّدي‪ ...‬أان‬

‫خاصة حنّة‪ ،‬املرأة صاحبة البيت الذي يف مقابل‬


‫«إنّنا نريد معلومات خبصوص بعض الناس‪ّ ...‬‬
‫لك‪».‬‬
‫نز َ‬
‫«آه! اي لتعاستها! لن جتد حنّة ّإال يف أحضان إبراهيم‪ ،‬وأوالدها وبناهتا معها‪».‬‬

‫« َميّتة؟ ملاذا؟»‬

‫تعام َل معها قيصر مثل‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬‫ا‬


‫ً‬ ‫مجيع‬ ‫الناس‬ ‫عنها‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬‫تك‬ ‫لقد‬ ‫هريودس؟‬ ‫مبذحبة‬ ‫لم‬ ‫«أَولستم على عِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يهودي ح ّقاً؟»‬
‫ّ‬ ‫أنت‬
‫عين‪ .‬هل َ‬ ‫قلت؟ ال ُختِّرب ّ‬
‫"خنزير متعطّش للدماء"‪ .‬آه! ماذا ُ‬
‫الصمت هو ِّشعار عشرييت‪ .‬تكلم إذن‪».‬‬
‫« َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 257 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل أوالدها ما عدا ابنة واحدة‪».‬‬
‫«لقد قَـتَ َل جنود هريودس حنّة و ّ‬
‫«ولكن ملاذا؟ لقد كانت صاحلة ج ّداً‪».‬‬

‫كنت تعرفها؟»‬
‫«هل َ‬
‫«بشكل جيّد ج ّداً‪ ».‬ويكذب يهوذا بصفاقة‪.‬‬

‫«لقد قُتِّلَت ّ‬
‫ألهنا استضافت َمن قيل عنهما ّإهنما أب وأ ُّم املسيح‪ ...‬تعال هنا‪ ...‬يف هذه‬
‫الغرفة‪ ...‬فللجدران آذان‪ ،‬والكالم عن بعض األمور‪َ ...‬خ ِّطر‪».‬‬

‫ومعتِّمة‪َ .‬‬
‫وجيلسون على أريكة منخفضة ج ّداً‪.‬‬ ‫دخلون إىل غرفة صغرية ومنخفضة ُ‬
‫يَ ُ‬
‫دت هنا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لست صاحب نـَ ْزل من فراغ! لقد ُول ُ‬ ‫لدي ال ُقدرة على إدراك خفااي األمور‪ .‬وأان ُ‬ ‫«إن َّ‬
‫ِّ‬
‫لهم‪ .‬كان من املمكن أن أجد هلم زاوية‪ .‬إّّنا‪...‬‬ ‫صاحب نـَ ْزل أابً عن ج ّد‪ .‬الدَّهاء يف دمي‪ ،‬مل أستَقبِّ ُ‬
‫كنت‬
‫غرة! مثّ‪ُ ...‬‬ ‫يؤخذ على حني ّ‬ ‫جليليّون‪ ...‬فقراء‪ ...‬جمهولون‪ ...‬إيه! ال‪ ،‬فحزقيّال ال يَ َدع نفسه َ‬
‫أحس ّأهنم خمتلفون‪ ...‬تلك املرأة‪ ...‬العينان‪ ...‬شيء ما ال أدري ما هو‪ ...‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬ال‬ ‫كنت ّ‬ ‫أشعر‪ُ ...‬‬
‫إيل‪ ،‬إّّنا إىل املدينة‪ .‬لقد‬ ‫ليس‬ ‫هنا‪،‬‬ ‫إلينا‬ ‫به‬ ‫وجاءت‬ ‫مها‪.‬‬ ‫ب ّد أن يكون الشيطان ساكِّنها وقد كان ي َكلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كانت حنّة أكثر براءة ِّمن نَعجة‪ ،‬وأَس َكنَتهم ّأايماً بعد ذلك ومع الطفل‪ ،‬وقد كان يقال إنّه ماسيا‪...‬‬
‫حّت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األايم! أكثر من ّأايم اإلحصاء! كان أانس كثريون أيتون‪ّ ،‬‬ ‫سبت من األموال يف تلك ّ‬ ‫آه! َكم َك ُ‬
‫حّت ِّمن‬ ‫ِّ‬
‫حّت عن طريق البحر‪ّ ،‬‬ ‫الذين مل يكونوا ُم َلزمني ابجمليء من أجل اإلحصاء‪ .‬كان الناس يَفدون ّ‬
‫قت من األرابح!‪ ...‬ويف النهاية أقبَ َل ثالثة ملوك‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬لرؤيته‪ ...‬وكان هذا طوال أشهر! وكم ح ّق ُ‬
‫كل اإلسطبالت‪،‬‬ ‫استأجروا ّ‬
‫ثالثة رجال ذوو سلطان‪ ،‬ثالثة جموس‪ ...‬ما أدراين؟ موكب ال هناية له! و َ‬
‫كل شيء هنا‪ .‬وَكم َوَّزعوا‬‫ودفَعوا ابلذهب مثن علف يكفي مل ّدة شهر‪ ،‬مثّ َمضوا يف اليوم التايل اتركني ّ‬ ‫َ‬
‫من اهلدااي لألوالد ولنساء اخلدمة! ويل كذلك! آه!‪ ...‬ابلنسبة يل ال َيكنين التح ّدث عن هذا املاسيا‬
‫احلقيقي أم املزيّف‪ .‬فلقد َج َعلَين أربح من املال ملء أكياسي‪ .‬مل أحت ّمل‬ ‫ّ‬ ‫بكل خري‪ ،‬سواء أكان‬‫ّإال ّ‬
‫تزوجت حديثاً‪ ،‬حينذاك‪ ...‬إّّنا اآلخرون!»‬‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫أعباء ثقيلة‪ .‬ومل أفقد قتلى كذلك‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 258 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«نريد رؤية أمكنة املذحبة‪».‬‬

‫كل البيوت‪ .‬وكان القتلى ابآلالف يف بيت حلم‪ .‬تعالوا معي‪».‬‬


‫«األمكنة؟ ولكنّها كانت ّ‬
‫صل إىل السطح‪ .‬ومن األعلى ظَ َهَر َمدى َرحب ِّمن الريف وبيت حلم كاملة‬
‫يصعدون سلّماً ي ِّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫وهي ممت ّدة على روابيها على شكل مروحة‪.‬‬

‫«هل تَـَرون األنقاض؟ هناك أيضاً أُحرقت منازل أل ّن اآلابء دافعوا عن أبنائهم ابلسالح‪ .‬أترون‬
‫ُحر َق مع رئيس املعبد الذي‬ ‫ب املغطّى ابللبالب؟ إنّه كل ما تب ّقى من املعبد‪ .‬لقد أ ِّ‬‫هنالك ذلك اجلُ ّ‬
‫ّ‬
‫أحرقَهُ انجون أفقدهم الغضب صواهبم بسبب مقتل أوالدهم‪ .‬ولقد َحتَ َّملنا‬ ‫أ ّكد أنّه كان املسيح‪ .‬لقد َ‬
‫حسبهم‬ ‫كنت لتَ َ‬‫آنذاك املتاعب‪ ...‬وهنا‪ ،‬وهناك‪ ،‬وهنالك‪ ...‬هل تَـَرون تلك القبور؟ ّإهنا لضحااي‪َ ...‬‬
‫نِّعاجاً مستلقية فوق العشب على مدى النظر‪ .‬كلهم أبرايء مع آابئهم وأ ّمهاهتم‪ ...‬هل تَـَرون هذه‬
‫الربكة؟ لقد اصطَبَ َغ ماؤها ابللون األمحر عندما َغ َس َل اجلنود أسلحتهم وأيديهم‪ .‬وذاك النهر هناك يف‬ ‫ِّ‬
‫صبَـغَه الدم الذي تدفّق إليه ِّمن اجملاري ابللون األمحر‪ ...‬وهنا‪ ،‬انظروا هنا‬
‫اخللف‪ ،‬هل رأيتموه؟‪ ...‬لقد َ‬
‫كل ما بقي ِّمن منزل حنّة‪».‬‬‫يف املقابل‪ ،‬إنّه ّ‬
‫يبكي يسوع‪.‬‬

‫كنت على معرفة جيّدة هبا؟»‬


‫«هل َ‬
‫جييب يهوذا‪« :‬كانت و ّأمه مثل أختني! أليس صحيحاً أيّها الصديق؟»‬

‫فيجيب يسوع فقط بـ «نعم»‪.‬‬

‫فهمت‪ ».‬ويبقى مستغرقاً يف التفكري‪.‬‬


‫ويقول صاحب النـ َّْزل‪ُ « :‬‬
‫ينحين يسوع ليهمس يف أذن يهوذا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 259 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويقول يهوذا‪« :‬صديقي يبغي الذهاب إىل تلك األنقاض‪».‬‬

‫«إيه! فليذهب! ّإهنا لكل الناس!»‬

‫ينزلون‪ُُ ،‬يَيّون وََيضون‪ .‬يبقى صاحب النـ َّْزل خائب األمل‪ ،‬فقد يكون آنذاك ُمنتَ ِّظراً اإلكراميّة‪.‬‬

‫صعدون السلّم الصغري الوحيد الباقي‪.‬‬


‫َجيتازون الساحة‪ ،‬يَ َ‬
‫يقول يسوع‪« :‬هنا جعلَتين أمي أحيي اجملوس‪ِّ .‬‬
‫ومن هنا َهبَطنا لنهرب إىل مصر‪».‬‬ ‫ََ ّ ّ‬
‫ينظُر أانس إىل األربعة بني األنقاض‪ ،‬ويسأل أحدهم‪« :‬أهل املتوفاة؟»‬

‫«أصدقاء‪».‬‬

‫لئك‪ ،‬عندما كانت على‬


‫األقل‪ ،‬مثل أصدقائها أو َ‬
‫شراً للمتوفاة‪ ،‬أنتم على ّ‬
‫صرخ امرأة‪« :‬ال تؤتوا ّ‬
‫تَ ُ‬
‫قيد احلياة‪ ،‬وقد َهَربوا بعد ذلك سليمني معافني‪».‬‬

‫يقف يسوع على سطح ُي ّده اجلدار ويشغل مساحة مَتين تقريباً مع فسحة خلفه‪ّ ،‬إهنا فسحة‬
‫خاصة وقد بقي وحده على‬ ‫مساويّة حتيطه أبكمله هبالة‪ ،‬جاعلة ثوبه الكتّاين األبيض يبدو أكثر بياضاً‪ّ ،‬‬
‫جسده بعدما تطاير معطفه من على منكبيه مش ّكالً عند قدميه متثاالً متع ّدد األلوان‪ .‬ويف اخللف‬
‫هج َورين يـَعُ ّمهما‬
‫كذلك عمق اخلضرة والعوسج من بقااي ما كان حديقة ومنزل حنّة‪ ،‬وقد أصبَ َحا اآلن َم ُ‬
‫اخلراب‪.‬‬

‫َي ّد يسوع ذراعيه‪ .‬ويهوذا الذي يرى احلركة يقول‪« :‬ال تتكلّم‪ .‬فليس هذا ِّمن الفطنة يف شيء!»‬

‫نت اي‬
‫ّإال أن يسوع َيأل املكان بصوته اهلادر‪« :‬اي أبناء يهوذا! اي أبناء بيت حلم امسعوا! امسعن أن ّ‬
‫نساء األرض اليت ُكِّّر َست لراحيل! أنصتوا إىل أحد أبناء داود‪ ،‬الذي قاسى واضطُ ِّهد‪ .‬وقد أضحى‬
‫أهالً ملخاطبتكم‪ ،‬وهو يكلّمكم ليمنحكم النور والتعزية‪ .‬أنصتوا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 260 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتوقّف الناس عن الصراخ والتزاحم واالبتياع ويتجمهرون‪.‬‬

‫«إنّه رايب!»‬

‫«إنّه قادم من أورشليم بكل أتكيد‪».‬‬

‫« َمن يكون؟»‬

‫«اي له من رجل رائع!»‬

‫«اي هلذا الصوت!»‬

‫«اي هلذا السلوك!»‬

‫«ابلتأكيد! فهو ِّمن نَسل داود!!»‬

‫« ِّمن نَسلنا إذن!»‬

‫«لنستمع‪ ،‬لنستمع!»‬

‫ويتجمهرون مجيعهم حول السلّم الذي بدا وكأنّه ِّم َنرب‪.‬‬

‫رصدين‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫َجعل عداوة بينك وبني املرأة‪ ...‬هي تسحق رأسك وأنت تَ ُ‬ ‫«قيل يف سفر التكوين‪" :‬أ َ‬
‫ِّعقبها"‪ .‬وقيل أيضاً‪" :‬ألُكثر ّن مش ّقات ِّ‬
‫محلك ابألمل‪ ...‬وشوكاً وحسكاً تُنبِّت األرض"‪ .‬وذاك هو احلكم‬
‫على الرجل واملرأة وعلى احليّة‪.‬‬

‫عت يف نسيم املساء وندى الليل‪ ،‬ويف أ ّانت العندليب‬ ‫ِّ‬


‫قادماً من بعيد لتكرمي مثوى راحيل‪َ ،‬مس ُ‬
‫سر القبور‬ ‫يف‬ ‫فم‬ ‫إىل‬ ‫فم‬ ‫ن‬ ‫الصباحية‪ ،‬ويف صدى حنيب راحيل القدَية‪ ،‬الذي تُـرِّدده أُمهات بيت حلم ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ّ‬
‫زوجاهتن اللوايت قَـتَـلَ ُه ّن األمل‪...‬‬ ‫فقدن‬ ‫ايت‬
‫و‬ ‫الل‬ ‫امل‬
‫ر‬ ‫األ‬ ‫خالل‬ ‫ن‬ ‫أو سر القلوب‪َِّ ،‬مسعت زئري أمل يعقوب ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أبكي معكم‪ .‬إّّنا امسعوا اي أبناء وطين‪ .‬إ ّن بيت حلم‪ ،‬األرض املباركة‪ ،‬األصغر يف مدن يهوذا إّّنا األعظم‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 261 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ألهنا ُخمتارة لتكون‬ ‫ألهنا مهد ال ُـم َخلِّّص‪ ،‬كما قال ميخا‪ ،‬ابلضبط ّ‬
‫ألهنا ذاك‪ّ ،‬‬ ‫يف عيين هللا واإلنسانيّة ّ‬
‫تفجر حقد الشيطان‪.‬‬
‫املتجسد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫مظلّة اتبوت العهد حيث يُقيم جمد هللا‪ ،‬انر هللا‪ ،‬حبّه‬

‫رصدين ِّعقبها"‪ .‬أيّة‬ ‫ُ‬ ‫ت‬


‫َ‬ ‫أسك حتت قَ َدمها و ِّ‬
‫أنت‬ ‫بينك وبني املرأة‪ .‬هي تسحق ر ِّ‬
‫"أَجعل عداوة ِّ‬
‫َ‬
‫أقدر ِّمن قَ َدم أ ُّم ال ُـم َخلِّّص؟‬
‫أي قَ َدم َ‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫أة؟‬
‫ر‬ ‫امل‬ ‫قلب‬ ‫قلب‬ ‫األطفال‪،‬‬ ‫ن‬‫م‬‫عداوة أعظم من تلك اليت انلت ِّ‬
‫األم‪ ،‬إّّنا إىل قلب‬ ‫موجهاً إىل عقب ّ‬ ‫لذلك كان طبيعيّاً ج ّداً انتقام الشيطان املهزوم‪ ،‬ومل يكن اهلجوم ّ‬
‫األمهات‪.‬‬
‫ّ‬
‫لفقدهن األطفال بعد والدهتم! آه! احملنة املخيفة يف العمل‬
‫ّ‬ ‫األمهات اليت ال ُحتصى‬ ‫آه! ضيقات ّ‬
‫ِّ‬
‫فدمك‬ ‫افرحي اي بيت حلم!‬ ‫األبوة ولكن دون بقاء ذريّة‪ .‬إّّنا َ‬
‫وسيل العرق من أجل األوالد ودَيومة ّ‬
‫الطَّ ِّ‬
‫اهر‪ ،‬دم األبرايء قد فَـتَ َح درب اللَّ َهب واألرجوان ملاسيا‪»...‬‬

‫ظهر اضطراهبا اآلن‬ ‫ِّ‬


‫اجلُّموع اليت تنامت ُهساهتا ابستمرار منذ أن ذَ َكر يسوع ال ُـم َخلّص وأ ُّمه‪ ،‬يَ َ‬
‫بشكل أكثر جالء‪.‬‬

‫يقول يهوذا‪« :‬اصمت اي معلّم‪ .‬ولنرحل‪».‬‬

‫سمعه‪ ،‬ويتابع‪ ...« :‬ماسيا الذي أن َق َذته نعمة هللا‪-‬اآلب ِّمن الطغاة لتحفظه‬
‫لكن يسوع ال يَ َ‬
‫و ّ‬
‫للشعب فَـيُ َخلِّّصه و‪»...‬‬

‫عت مخسة‪ ،‬ومل يبق منهم واحد يف بييت! اي يل من‬


‫ض ُ‬‫ويهتف صوت امرأة حاد‪« :‬مخسة‪ ،‬لقد َو َ‬
‫هستريي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ابئسة!» وتصرخ بشكل‬

‫ّإهنا بداية املشاجرة‪.‬‬

‫صرخ‪« :‬هنا‪ ،‬هنا على هذا الصدر‬ ‫ِّ‬


‫متزق ثياهبا وتُربز صدرها املش ّوه وتَ ُ‬
‫تتمرغ يف الَتاب‪ّ ،‬‬
‫وأخرى ّ‬
‫ذَ َحبوا بِّكري! وقد قَطَع السيف رأسه وصدري معاً‪ .‬آه! اي أليشع ابين!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 262 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سهر عليهم األب‪ .‬الزوج واألبناء مجيعهم‪ .‬هاك‪،‬‬
‫«وأان؟ أان؟ هوذا بييت! ثالثة قبور يف واحد‪ ،‬يَ َ‬
‫هاك!‪ ...‬إذا كان هو ال ُـم َخلِّّص فليُعِّد يل أوالدي‪ ،‬وليُعِّد يل زوجي‪ ،‬وليخلّصين ِّمن اليأس‪ ،‬ولينقذين‬
‫ِّمن بعلزبول‪».‬‬

‫صرخ اجلميع‪« :‬أبناؤان‪ ،‬أزواجنا‪ ،‬آابؤان‪ ،‬فليُعِّدهم لنا إن كان هو ال ُـم َخلِّّص!»‬
‫يَ ُ‬
‫أود إعادة أبنائكم إىل احلياة‪ ،‬نـَ َعم إىل‬ ‫ُُيَِّّرك يسوع ذراعيه طالباً الصمت‪« :‬اي أبناء بلدي‪ُ ،‬‬
‫كنت ّ‬
‫أتملوا‪ ،‬ابتَ ِّهجوا يف الرجاء وهتلّلوا‬ ‫ا‪،‬‬‫و‬‫اغفر‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫ادة‬
‫ر‬ ‫إل‬ ‫مني‬‫احلياة‪ ،‬إّّنا أقول لكم‪ :‬كونوا صاحلني‪ ،‬مستسلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫حّت تُالقوا أبناءكم‪ ،‬مالئكة يف السماء‪ ،‬فماسيا سيفتَح أبواب السماء‪،‬‬ ‫يف اليقني‪ .‬لن يطول الزمن ّ‬
‫احلب العائد‪»...‬‬‫وإذا كنتم صاحلني‪ ،‬فسيكون املوت ابلنسبة لكم احلياة اآلتية و ّ‬
‫حبق هللا‪».‬‬
‫أنت هو ماسيا؟ قُل ّ‬
‫«آه! هل َ‬
‫حّت لكأنّه يبدو يريد العناق‪ ،‬ويقول‪« :‬أان هو‪».‬‬
‫ََيفض يســوع ذراعيه حبركته اللطيفة الودودة‪ّ ،‬‬
‫فبسببك إذاً!»‬
‫َ‬ ‫«اذهب! اذهب!‬

‫ويَطري حجر وسط الصفري وصيحات االستنكار‪.‬‬

‫وهنا بدا موقف يهوذا رائعاً‪ ...‬آه! لو ظَ َّل هكذا على َّ‬
‫الدوام! يقف أمام املعلّم على جدار‬
‫صرخ يف مسعان ويوحنّا‪:‬‬ ‫الشرفة‪ُ ،‬م َشِّّرعاً معطفه‪ ،‬ويتل ّقى جبرأة صدمات احلجارة ّ‬
‫حّت يسيل دمه‪ .‬يَ ُ‬
‫للجموع‪« :‬أيّتها‬
‫حبق السماء!» و ُّ‬
‫« ُخذا يسوع خلف هذه األشجار‪ .‬وسوف أحلق بكما‪ .‬اذهبوا ّ‬
‫الكالب املسعورة! إنَّين ِّمن اهليكل وسوف أشي بكم إىل اهليكل وروما‪».‬‬

‫الرهبةُ للحظة‪ ،‬إّّنا ما لَبِّثوا أن عادوا إىل املعركة برشقات احلجارة‪ ،‬ولكن‪ ،‬حلسن‬
‫مع َّ‬
‫َخ َذت اجلَّ َ‬
‫أَ‬
‫ظ‪ ،‬بشكل غري ُمَرَّكز‪ .‬ويتل ّقى يهوذا الوابل برابطة جأش‪ُ ،‬جميباً ابلشتائم على سوء تربية اجلمع‪ّ .‬‬
‫حّت‬ ‫احل ّ‬
‫حي‪ .‬ومبا أ ّهنم‬
‫إنّه َيسك حبجر طائر ويعيده إىل رأس شيخ مسكني فيصيح مثل طائر يُنتَف ريشه وهو ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 263 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ندفِّع وَُيسك غصناً ُملقى على األرض‪ ،‬إذ إنّه كان قد نَزل ِّمن على‬ ‫ُُي ِّ‬
‫اولون اقتحام مكان وقوفه‪ ،‬يَ َ‬
‫وجييله على الظهور والرؤوس واأليدي بال رمحة‪.‬‬
‫اجلدار‪ُ ،‬‬
‫أنت؟ وملاذا هذا الشجار؟»‬
‫هرع اجلنود‪ ،‬وحتت خطر املقذوفات‪ ،‬يش ّقون ألنفسهم طريقاً‪َ « :‬من َ‬
‫يَ َ‬
‫هامجَين هؤالء الناس‪ .‬كان معي رايب ِّمن الكهنة معروف‪ .‬كان يتح ّدث إىل‬
‫يهودي وقد َ‬‫ّ‬ ‫«أان‬
‫هؤالء الكالب‪ ،‬فتألّبوا علينا وهامجوان‪».‬‬

‫« َمن تكون؟»‬

‫اجلليلي‪ .‬إنّين صديق‬ ‫يسوع‬ ‫ايب‬‫ر‬ ‫ال‬ ‫تلميذ‬ ‫اآلن‬


‫و‬ ‫اهليكل‬ ‫ن‬ ‫«أان يهوذا االسخريوطي‪ ،‬سابقاً ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َيكنك التأ ّكد منه هو‬
‫َ‬ ‫وقي جيوقاان ومستشار اجملمع يوسف الرامي‪ ،‬وأخرياً ما‬ ‫يسي مسعان والص ّد ّ‬
‫الفر ّ‬
‫ّ‬
‫أنّين صديق أليعازر بن حاان الصديق األكرب للوايل‪».‬‬

‫أنت ذاهب؟»‬ ‫ِّ‬


‫«سوف أحت ّقق من ذلك‪ .‬إىل أين َ‬
‫«مع صديقي إىل إسخريوط مثّ إىل أورشليم‪».‬‬

‫حنميك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«اذهب وسوف‬

‫ويُعطي يهوذا اجلنود بعض القطع النقديّة‪ِّ .‬من املفروض أ ّن ذلك من احملظورات‪ ،‬إّّنا‪ ...‬قد‬
‫عادايً‪ ،‬إذ إ ّن اجلندي يَ ُد ّسها بسرعة يف جيبه‪ ،‬وُييّي إبجالل ويبتسم‪ .‬يقفز يهوذا إىل أسفل‬
‫أضحى ّ‬
‫املنصة‪ ،‬ويهرع بقفزات عرب احلقل البور ليلحق أبصحابه‪.‬‬‫ّ‬
‫احك كثرية؟»‬
‫«هل جر َ‬
‫دت عليهم أيضاً‪ .‬املفروض أنّين ُملَطَّخ‬
‫أجلك‪ ...‬لقد َرَد ُ‬
‫َ‬ ‫«ال شيء اي معلّم‪ ،‬مثّ إ ّن هذا ِّمن‬
‫ابلدم‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 264 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«نعم‪َ ،‬خ ّد َك‪ .‬توجد هنا سلسلة ماء‪».‬‬

‫يـُبَـلِّّل يوحنّا قطعة قماش وََيسح خ ّد يهوذا‪.‬‬

‫ك‬ ‫ليؤرقين اي يهوذا‪ ،‬إّّنا انظر‪ ...‬هذا ابلرغم ِّمن قولنا هلم إنّنا يهود‪ ،‬حسب َّ‬
‫حس َ‬ ‫«إ ّن هذا ّ‬
‫العملي‪»...‬‬
‫ّ‬
‫ارك‪».‬‬
‫ك ستكون ُمضطَ َهداً اي معلّم ‪ ،‬ولن تبقى على إصر َ‬
‫أظن أنّ َ‬
‫« ّإهنم حيواانت‪ّ .‬‬
‫«آه! ال! إّّنا ليس بفعل اخلوف‪ ،‬بل أل ّن ذلك ال ُجيدي يف الوقت احلايل‪ .‬عندما ال يَقبَلوننا‬
‫ننس ِّحب وحنن نصلّي ِّمن أجل اجملانني املساكني الذين َيوتون جوعاً وال يرون اخلبز‪.‬‬
‫فال نَ َلعن‪ ،‬إّّنا َ‬
‫الرعاة‪ ،‬إذا ما‬ ‫املتطرفة املنعزلة‪ .‬أظنّنا سنصل إىل طريق اخلليل‪ ...‬عند ُّ‬
‫لنمض عرب هذه الطريق ّ‬ ‫ِّ‬
‫وجدانهم‪».‬‬

‫اجم ابحلجارة؟»‬
‫«لكي ُهن َ‬
‫«ال‪ ،‬بل لكي أقول هلم‪" :‬هذا أان"‪».‬‬

‫بسببك!‪»...‬‬
‫َ‬ ‫وهم يعانون‬
‫ابلعصي!‪ ...‬منذ ثالثني عاماً ُ‬
‫ّ‬ ‫«إيه! حينئذ! سيكون الضرب‬

‫«سوف نرى‪».‬‬

‫عربون غابة كثيفة‪ ،‬ظليلة ورطبة‪ .‬وال أعود أراهم‪.‬‬


‫يَ ُ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 265 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫والرعاة أيلي‪ ،‬ليفي‪ ،‬ويوسف)‬


‫‪( -39‬يسوع ُّ‬
‫‪1945 / 01 / 11‬‬

‫الروايب هنا أكثر ارتفاعاً وحراجاً من روايب بيت حلم‪ ،‬وهي يف ارتفاع متزايد ُم َش ِّّكلة سلسلة جبال‬
‫حقيقيّة‪.‬‬

‫يتفحص أمامه وحوله‪ ،‬كما لو كان يبحث عن شيء‬ ‫صعد يسوع على رأس اجملموعة‪ ،‬وهو ّ‬ ‫يَ َ‬
‫يتأخرون‬ ‫ِّ‬
‫ما‪ .‬إنّه ال يتكلّم‪ ،‬بل يُنصت ابألحرى إىل أصوات الغابة أكثر منه إىل كالم التالميذ الذين ّ‬
‫عنه أمتاراً قليلة وهم يتح ّدثون فيما بينهم‪.‬‬

‫لجلة ِّمن البعيد‪ ،‬إ ّن اهلواء ُيمل صوت جرس صغري‪ .‬فيبتسم يسوع‪ ،‬مثّ يَلتَ ِّفت ويقول‪:‬‬
‫سمع َج َ‬
‫تُ َ‬
‫ُحس بوجود قطعان‪».‬‬ ‫«أ ّ‬
‫«أين اي معلّم؟»‬

‫عين الرؤية‪».‬‬
‫لكن الغابة حتجب ّ‬
‫«يبدو يل صوب هذا املرتَـ َفع‪ ،‬و ّ‬
‫يوحنّا ال ينبس ببنت شفة‪َ .‬يلع ثوبه ‪-‬فاجلميع َُي ِّملون معاطفهم َورَابً على الصدر أل ّهنم يَشعُرون‬
‫ابحلر‪ -‬وبينما ُيتَ ِّفظ جبلبابه القصري‪ ،‬يُعانِّق ِّجذع شجرة عالية وملساء‪ ،‬وكأ ّهنا شجرة الدردار‪ ،‬ويتسلّق‪،‬‬
‫ّ‬
‫حّت يـََرى‪« .‬نعم اي معلّم‪ ،‬قُطعان كثرية‪ ،‬وهنالك ثالثة ُرعاة‪ ،‬خلف هذه الغابة الكثيفة‪».‬‬ ‫يتسلّق‪ّ ...‬‬
‫يَهبط وَيضي اجلميع إىل هناك واثِِّّقني‪.‬‬

‫«هل سيكونون ُهم أنفسهم؟»‬

‫«سوف نسأل اي مسعان‪ ،‬وإذا مل يَكونوا فسيقولون لنا شيئاً‪ ،‬فهم يعرفون بعضهم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 266 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫على بُعد حوايل مائة مَت‪ ،‬مر ٍاع خضراء واسعة‪ ،‬حت ّدها أشجار ضخمة عتيقة‪ .‬قطعان كثرية‬
‫السن أشيَب‪،‬‬
‫رعى العشب الوفري‪ُ .‬يرسها ثالثة رجال‪ .‬أحدهم كبري ّ‬ ‫نح َدر احلقل وتَ َ‬
‫موجودة على ُم َ‬
‫اآلخر يف األربعينيّات‪.‬‬
‫اآلخَران‪ ،‬الواحد يف الثالثينيّات و َ‬
‫و َ‬

‫«انتبه اي معلّم‪ّ ،‬إهنم ُرعاة‪ »...‬هبذه الكلمات يـُ َق ِّّدم يهوذا النصيحة ليسوع عندما يراه ّ‬
‫ُيث‬
‫اخلطى‪.‬‬

‫لكن يسوع ال جييب‪ .‬بل يتق ّدم‪ ،‬عظيماً وهبيّاً‪ ،‬تُنري الشمس املائلة إىل الغروب وجهه‪ ،‬وهو‪،‬‬
‫و ّ‬
‫صل إىل حدود احلقل يقول‪« :‬السالم‬ ‫بثوبه األبيض‪َ ،‬حتسبه مالكاً‪ ،‬بقدر ما يشع نوراً‪ ...‬وعندما ي ِّ‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫لكم‪ ،‬اي أصدقائي‪».‬‬

‫أنت؟»‬ ‫يلت ِّفت الثالثة م َ ِّ‬


‫صمت‪ .‬مثّ يَسأل أكربهم سنّاً‪َ « :‬من َ‬
‫ندهشني‪ .‬بُ َرهة َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‪».‬‬
‫«شخص ُيبّ َ‬
‫«أنت األول منذ سنوات طويلة‪ِّ .‬من أين أنت ٍ‬
‫آت؟»‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫« ِّمن اجلليل‪».‬‬

‫كررها الراعي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫اآلخَران أيضاً‪« .‬من اجلليل‪ ».‬ي ّ‬
‫«من اجلليل؟» وَُيعن الرجل فيه النَّظَر‪ .‬ويدنو َ‬
‫ويضيف بلطف وكأنّه يُ َكلِّّم نفسه‪« :‬كذلك هو كان قادماً ِّمن اجلليل‪ِّ ...‬من أي مكان اي سيّدي؟»‬

‫« ِّمن الناصرة‪».‬‬

‫«آه! قل يل إذاً‪ .‬هل عاد إليها طفل على يدي امرأة امسها مرمي ورجل يدعى يوسف‪ ،‬طفل‬
‫حّت ِّمن أ ُّمه؟ وحنن مل َنر على روايب يهوذا وردة أمجل منه‪ .‬طفل ُولِّ َد يف بيت حلم يهوذا يف زمن‬
‫أمجل ّ‬
‫فاراً ِّمن أجل سعادة العامل‪ .‬طفل‪ ،‬أان مستع ّد لتقدمي حيايت مثناً‬
‫االكتتاب؟ طفل أصبَ َح فيما بعد ّ‬
‫لتأ ّكدي ِّمن أنّه ما يزال حيّاً وهو رجل اآلن؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 267 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظ عظيم للعامل؟»‬
‫«ملاذا تقول إ ّن فَر َاره كان مبثابة ح ّ‬

‫ب مع أبيه‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫عندما‬ ‫هناك‬ ‫أكن‬ ‫مل‬ ‫قتله‪.‬‬ ‫يد‬‫ر‬ ‫ي‬ ‫هريودس‬ ‫كان‬‫و‬ ‫ماسيا‪،‬‬ ‫ص‪،‬‬ ‫«ألنّه كان الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ََ َ‬ ‫َُ‬
‫لدي أطفال (جيهش ابلبكاء) اي سيّدي‪،‬‬ ‫كان‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أيض‬ ‫فأان‬ ‫‪-‬‬ ‫دت‬ ‫ع‬ ‫ابملذحبة‬ ‫مت‬ ‫وأمه‪ ...‬وعندما علِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كنت أخشى عليه‬ ‫ِّ‬
‫برب إبراهيم أبنّين ُ‬ ‫لكين أُقسم ّ‬ ‫وو َجد ُهتم مقتولني (يبكي) و ّ‬ ‫وزوجة… (يبكي أيضاً) َ‬
‫ب‪ّ ،‬إال أنّين مل أستطع االستعالم عنه‪ ،‬كما أنّين مل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مت أبنّه َهَر َ‬
‫أكثر من خشييت على عائليت‪ -‬لقد َعل ُ‬
‫أبرص‪ ،‬مثل َِّجنس‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫مجت مثل َ‬ ‫ور ُ‬‫ت قاتالً‪ُ ،‬‬ ‫أستَطع دفن زوجيت وأوالدي املذبوحني‪ ...‬فقد اعتُِّرب ُ‬
‫ِّ‬
‫برب عمل‪ .‬آه! إنه ليس‬ ‫حظيت ّ‬
‫ُ‬ ‫رت للهروب إىل الغاابت ألعيش فيها مثل الذائب‪ ...‬إىل أن‬ ‫فاضطُِّر ُ‬
‫طَيِّّباً ِّمثل حنّة‪ ...‬فهو قاس وفظيع‪ ...‬فإن ُج ِّر َحت نعجة أو استوىل ذئب على َمحَل‪ ،‬فهو يَضربين حّت‬
‫علي‬ ‫ب‬ ‫يتوج‬
‫َّ‬ ‫الغري‪،‬‬ ‫صاحل‬‫صادر أجريت البسيطة‪ ،‬ويتوجب علي أن أعمل يف الغاابت لِّ‬ ‫يسيل دمي أو ي ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كنت أقول دائماً للباري‬ ‫يهم‪ ،‬فقد ُ‬ ‫أن أعمل يف أي شيء كي أ َُرّد له ثالثة أضعاف القيمة‪ .‬إّّنا ال ّ‬
‫كل ما تب ّقى ليس بذي ابل"‪ .‬سيّدي‪،‬‬ ‫حي‪ ،‬و ّ‬ ‫األقل أعرف أنّه ّ‬‫مسيحك‪ ،‬دعين على ّ‬ ‫َ‬ ‫تعاىل‪" :‬دعين أرى‬
‫رب َع َملي يتعامل معي‪ ،‬لقد كان إبمكاين‬ ‫عاملَين سكان بيت حلم‪ ،‬وكيف كان ّ‬ ‫لك كيف َ‬ ‫قلت َ‬‫لقد ُ‬
‫أرض بغري‬ ‫ِّ ِّ‬
‫رب عملي‪ .‬إالّ أنّين مل َ‬ ‫الشر عن طريق السرقة كي ال أعاين من قبَل ّ‬ ‫بشر‪ ،‬أو فعل ّ‬ ‫شر ّ‬ ‫رد ّ‬ ‫ّ‬
‫التَّسامح‪ ،‬املعاانة والشرف‪ ،‬فاملالئكة قالوا‪" :‬اجملد هلل يف العلى وعلى األرض السالم‪ ،‬للناس ذوي‬
‫اإلرادة الطيّبة‪»".‬‬

‫«أهكذا قالوا؟»‬

‫األقل‪ .‬جيب أن تعرف وتؤمن أ ّن ماسيا قد‬ ‫على‬ ‫ب‬ ‫الطي‬ ‫أنت‬ ‫بذلك‪،‬‬ ‫ق‬‫«نعم‪ ،‬اي سيدي‪ ،‬ثِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لكن املالئكة ال يكذبون‪ ...‬وحنن‪ ،‬حنن مل نكن ُسكارى‪ ،‬كما‬ ‫ِّ‬
‫ُولد؟ ال يريد أحد اإلَيان بذلك بعد‪ .‬و ّ‬
‫قالوا‪ .‬هذا الذي تراه مل يكن آنذاك سوى طفل‪ ،‬وكان ّأول َمن رأى املالك‪ .‬مل يكن يشرب سوى‬
‫الرب‪ ،‬يف مدينة‬ ‫ِّ‬ ‫سكر احلليب؟ لقد قال املالئكة‪ِّ :‬‬ ‫احلليب‪ .‬وهل ي ِّ‬
‫"ول َد لكم اليوم ُخمَلّص‪ ،‬هو املسيح ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ض ِّجعاً يف مذود"‪».‬‬ ‫وم ّ‬
‫داود‪ ،‬وهذه عالمة لكم‪ :‬جتدون طفالً ملفوفاً ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 268 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هل هذا هو ما قالوه ابلضبط؟ هل مسعتم جيّداً؟ َأولستم واُهني؟ لقد مضى على ذلك زمن‬
‫طويل‪».‬‬

‫كل حال مل نكن لنستطيع ذلك‪،‬‬ ‫«آه! ال‪ ،‬هل هذا صحيح اي ليفي؟ إّّنا لكي ال ننسى ‪-‬على ّ‬
‫كل مساء‪ ،‬عند‬ ‫و‬ ‫صباح‬ ‫كل‬ ‫ذلك‬ ‫د‬ ‫نرد‬ ‫ا‬‫ّ‬‫كن‬ ‫‪-‬‬ ‫انر‬ ‫من‬ ‫حبروف‬ ‫قلوبنا‬ ‫يف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫أل ّن كلمات من السماء نُِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫القوة والعزاء‪ ،‬مصحوبة ابمسه واسم ّأمه‪».‬‬
‫بزوغ الشمس وعندما تسطع ّأول جنمة‪ ،‬لننال منها الربكة و ّ‬
‫«آه! كنتم تقولون "املسيح"؟»‬

‫«ال‪ ،‬اي سيدي‪ ،‬بل كنّا نقول‪" :‬اجملد هلل يف العلى‪ ،‬وعلى األرض السالم‪ ،‬للناس ذوي اإلرادة‬
‫ِّ‬
‫الطيّبة‪ ،‬بيسوع املسيح الذي ُول َد ِّمن مرمي يف إسطبل يف بيت حلم‪ ،‬والذي كان ملفوفاً ّ‬
‫ومضجعاً يف‬
‫مذود‪ ،‬إنّه هو ُخمَلِّّص العامل"‪».‬‬

‫عمن تبحثون؟»‬
‫«ولكن ابلنتيجة ّ‬
‫الناصري‪ ،‬ال ُـم َخلِّّص‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«يسوع‪ ،‬املسيح‪ ،‬ابن مرمي‪،‬‬
‫«أان هو‪ ».‬ويتألّق يسوع عند هذه الكلمات‪ ،‬بتجلّيه ألصدقائه الـمخلِّ ِّ‬
‫صني‪ ،‬األصيلني‪ ،‬إ ّهنم‬ ‫ُ‬
‫وصبورون‪.‬‬‫أصيلون‪ ،‬أوفياء‪َ ،‬‬
‫أنت! سيّدي‪ ،‬ال ُـم َخلِّّص‪ ،‬يسوعنا!» َ‬
‫وَيّر الثالثة أرضاً يـُ َقبِّّلون قدمي يسوع وهم يبكون من‬ ‫« َ‬
‫الفرح‪.‬‬

‫أعرفك‪».‬‬ ‫لست‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫اي‬ ‫أنت‬


‫و‬ ‫ليفي‬ ‫اي‬ ‫أنت‬
‫و‬ ‫إيلي‬ ‫ا‪،‬‬
‫و‬ ‫ف‬‫«اهنَضوا‪ .‬قِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫«يوسف بن يوسف‪».‬‬

‫يهوداين‪».‬‬
‫جليلي‪ .‬ومسعان ويهوذا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫«هؤالء هم تالميذي‪ :‬يوحنّا‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 269 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫خارين أرضاً‪ ،‬ولكنّهم ما يزالون جاثني على ُرَكبِّهم‪ ،‬مائِّلني إىل اخللف على أعقاهبم‪،‬‬
‫الرعاة ِّّ‬
‫َمل يـَعُد ُّ‬
‫حب‪ ،‬وشفاههم ترتعش من التأثّر‪ ،‬ووجوههم شاحبة أو محراء من الفرح‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يَهيمون ابل ُـم َخلّص بنظرة ّ‬
‫َجيلس يسوع على العشب‪.‬‬

‫أنت‪َ ،‬ملِّك إسرائيل‪ ،‬ال‪».‬‬


‫«ال اي سيّدي‪ ،‬على العشب‪ ،‬ليس َ‬
‫ب العامل‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫غين فقط حبُ ّ‬
‫«دعكم من هذا اي أصدقائي‪ .‬إنّين فقري‪ ،‬ابلنسبة للعامل أان جنّار فقط‪ ،‬وأان ّ‬
‫أتيت ِّألُقيم معكم‪ ،‬ألكسر معكم خبز املساء‪َِّ ،‬‬
‫ألفَتش ال َك َأل‬ ‫وابحلب الذي َينحين ّإايه الطيّبون‪ .‬لقد ُ‬
‫ّ‬
‫اليابس إىل جانبكم وأتل ّقى مؤاساتكم‪»...‬‬

‫ومضطَ َهدون‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«آه! مؤاساة! حنن َجل ُفون ُ‬
‫احلب‪ ،‬األمانة‪ ،‬واألمل الذي يصمد‬
‫«أان أيضاً ُمضطَ َهد‪ ،‬ولكنّكم متنحونين ما أان ابحث عنه‪ّ :‬‬
‫أتيت‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫كنت أان هو‪ .‬وها أان قد ُ‬
‫تردد أنّين ُ‬
‫سنوات ويُزهر‪ .‬هل ترون؟ لقد عرفتم االنتظار مؤمنني دون ّ‬
‫ت‪ ،‬فلم يعد هناك ما يضنيين خبصوص األمل‬
‫حّت وإن ُم ُّ‬
‫أتيت‪ .‬فاآلن‪ّ ،‬‬
‫«آه! نعم لقد َ‬
‫واالنتظار‪».‬‬

‫أيت فَجري‪ ،‬ينبغي‬‫أنت اي َمن ر َ‬


‫حّت إىل ما بعد انتصار املسيح‪َ .‬‬ ‫«ال اي إيلي‪ ،‬بل سوف حتيا ّ‬
‫لك أن ترى جمدي‪ .‬والباقون؟ لقد كنتم اثين عشر‪ :‬إيلي‪ ،‬ليفي‪ ،‬صموئيل‪ ،‬يوان‪ ،‬إسحق‪ ،‬طوبيّا‪ ،‬يوانن‪،‬‬ ‫َ‬
‫دانيال‪ ،‬مسعان‪ ،‬يوحنّا‪ ،‬يوسف وبنيامني‪ .‬لقد كانت ّأمي تَذ ُكر يل أمساءكم‪ ،‬أمساء أصدقائي األوائل‪».‬‬

‫«آه!» ويَضطَ ِّرب ُّ‬


‫الرعاة‪.‬‬

‫«أين ُهم الباقون؟»‬

‫«صموئيل‪ ،‬الشيخ‪ ،‬قد مات‪ ،‬بسبب شيخوخته‪ ،‬منذ عشرين عاماً‪ .‬يوسف قُتِّ َل يف معركة على‬
‫ضنتُه حبّاً بصديقي‪،‬‬ ‫ابب داره ماحناً بذلك لزوجته الواضعة منذ ساعات فرصة للهرب مع هذا الذي َح َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 270 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ذت معي ليفي أيضاً‪ ...‬إذ إنّه كان ُمضطَ َهداً‪ .‬بنيامني‬‫َخ ُ‬‫وألجل‪ ...‬ولكي يكون يل أطفال َحويل‪ .‬وقد أ َ‬
‫يرعى يف لبنان مع دانيال‪ .‬مسعان ويوحنّا وطوبيا الذي ّاختذ اآلن اسم متّيا إلحياء ذكرى أبيه الذي قُتِّ َل‬
‫يسي يف مرج بن عامر‪ .‬إسحق أُصيبَت كليتاه وهو‬ ‫كذلك‪ُ ،‬هم اآلن تالميذ يوحنّا‪ .‬يوان يف خدمة ّفر ّ‬
‫يف بؤس ُمطبق‪ ،‬وهو وحيد يف ايفا‪ ،‬نساعده قدر استطاعتنا‪ ...‬ولكنّنا مجيعنا يف ال ُـمصاب ذاته‪ ،‬وما‬
‫مساعداتنا سوى قطرات ماء على حريق‪ّ .‬أما يوانن فهو اآلن خادم ألحد كبار موظفي قصر هريودس‪».‬‬

‫خاصة يوانن‪ ،‬يوان‪ ،‬دانيال وبنيامني‪ ،‬إجياد مثل هذه األشغال؟»‬


‫«كيف استطعتم‪ّ ،‬‬
‫أرسلَتين إليه‪ .‬وعندما َو َجدان أنفسنا يف‬
‫الدتك قد َ‬
‫يبك‪ ...‬وكانت و َ‬ ‫كنت قد تَ َذ َّك ُ‬
‫رت زكرّاي‪ ،‬قر َ‬ ‫« ُ‬
‫وحبَث لنا عن أرابب‬ ‫أطع َمنا‪َ ،‬‬
‫فارين وممقوتني‪ ،‬أرسلتُهم إليه‪ .‬لقد كان طيّباً‪ .‬محاان و َ‬
‫خضم ضراوة اليهود‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫وبقيت معه‪...‬‬
‫ُ‬ ‫اهلريودي‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ذت قطيع حنّة كلّه الذي آل إىل‬ ‫َخ ُ‬ ‫كنت آنئذ قد أ َ‬
‫عمل‪ ،‬قدر استطاعته‪ُ .‬‬
‫ع بِّكرازته‪ ،‬مضى معه مسعان ويوحنّا وطوبيا‪».‬‬ ‫وشَر َ‬
‫وعندما أصبَ َح يوحنّا رجالً َ‬
‫لكن املعمدان اآلن يف السجن‪».‬‬
‫«و ّ‬
‫سرحون اآلن يف ختوم مكرونة بقطيع صغري‪ ،‬كان قد َوَهبَهم ّإايه أحد تالميذ يوحنّا‪،‬‬
‫وهم يَ َ‬
‫«نعم‪ُ ،‬‬
‫غين‪ ،‬ليبعد الشكوك عنهم‪».‬‬‫يبك‪ ،‬وهو ّ‬
‫قر َ‬
‫«أرغب يف رؤيتهم مجيعاً‪».‬‬

‫حي‪ ،‬وهو يَذ ُكران وُيبّنا"‪».‬‬


‫"هلموا‪ ،‬إنّه ّ‬
‫«نعم‪ ،‬اي سيدي‪ ،‬سوف ّنضي لنقول هلم‪ّ :‬‬
‫«ويريدهم يف صفوف أصدقائه‪».‬‬

‫«نعم اي سيّدي‪».‬‬

‫«ولكن ‪ ،‬ابدئ ذي بدء‪ ،‬سنمضي لرؤية إسحق‪ّ .‬أما صموئيل ويوسف فأين ُدفِّنا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 271 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«صموئيل يف اخلليل‪ ،‬إذ إنّه بقي يف خدمة زكرّاي‪ّ .‬أما يوسف‪ ...‬فال قرب له‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬لقد‬
‫أ ِّ‬
‫ُحر َق مع منزله‪».‬‬

‫«مل تعد حترقه انر البشر‪ ،‬إنّه اآلن يَضطَ ِّرم بلهيب حمبة ّ‬
‫الرب‪ ،‬وسيكون قريباً يف اجملد‪ .‬أقوهلا‬
‫ألبيك‪».‬‬ ‫أنت اي يوسف بن يوسف‪َ .‬هلُ َّم أُقَـبِّّ َ‬
‫لك عربون شكر َ‬ ‫لك َ‬‫لكم‪ ،‬بل أقوهلا َ‬
‫«وأوالدي؟»‬

‫« ّإهنم مالئكة اي إيلي‪ .‬مالئكة وسوف يـَُرِّّددون "اجملدلة" عندما يـُتَـ َّوج املخلّص‪».‬‬

‫« َملِّكاً؟»‬

‫«ال‪ ،‬بل فادايً‪ .‬آه! موكب الصاحلني والق ّديسني! ّأوالً جحافل الشهداء الصغار البيضاء‬
‫صعد معاً إىل امللكوت حيث ال موت‪ .‬ومن مثّ‬‫واألرجوانيّة! بعد أن تُفتح أبواب اليمبس‪ ،‬سوف نَ َ‬
‫الرب! آمنوا‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫األمهات واألبناء يف ّ‬
‫ستُشاهدون وتلتَقون اآلابء و ّ‬
‫«نعم اي سيدي‪».‬‬

‫ط الليل‪ .‬والنجمة األوىل ظَ َهَرت‪ .‬أتل الصالة قبل الطعام‪».‬‬


‫«اندوين اي معلّم‪ .‬لقد َهبَ َ‬

‫أنت‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬ليس أان‪ ،‬بل َ‬
‫«اجملد هلل يف العلى‪ ،‬وعلى األرض السالم‪ ،‬لذوي اإلرادة الطيّبة‪ ،‬الذين استح ّقوا رؤية النور‬
‫أشرقَت جنمة الصبح‪.‬‬ ‫وقد‬ ‫قطيعه‪.‬‬ ‫وسط‬ ‫وهو‬ ‫كي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫أصل‬ ‫من‬ ‫اعي‬‫ر‬ ‫ال‬ ‫بينهم‪.‬‬ ‫فيما‬ ‫ص‬‫وخدمته‪ .‬الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ض َع حدود‬ ‫ابلرب‪ .‬هو الذي َخلَ َق قبّة السماء ونـَثَر النجوم فيها‪ ،‬وهو الذي َو َ‬
‫افرحوا أيّها األبرار! افرحوا ّ‬
‫اليابسة والبحار‪ ،‬هو الذي َخلَ َق الريح واملطر والذي نَظَّم دورات الفصول ليَمنَح اخلبز واخلمر ألبنائه‪،‬‬
‫احلي النازل من السماء ومخر الكرمة األزليّة‪ .‬هلموا‪ ،‬أنتم اي‬ ‫َرس َل لكم اآلن الغذاء األفضل‪ :‬اخلبز ّ‬ ‫وقد أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 272 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هلموا تَـ َعَّرفوا على اآلب‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬التِّّباعه يف قدسيته واحلصول منه على مكافأة‬
‫ّ‬ ‫يب‪.‬‬ ‫ني‬ ‫طالئع اهلائِّ ِّ‬
‫م‬
‫الرعاة‪.‬‬
‫أزليّة‪ ».‬يسوع يصلّي واقفاً وذراعاه ممدوداتن‪ ،‬بينما جيثو تالميذه و ُّ‬
‫جرى بعد ذلك تقدمي اخلبز وقصعة مليئة حليباً طازجاً‪ .‬ومبا أنّه ال يوجد سوى ثالث أوان فقد‬
‫بدأ يسوع ّأوالً مع مسعان ويهوذا بتناول الطعام ومن مثّ يوحنّا الذي َُيَِّّرر له يسوع إانءه‪ ،‬ويف الوقت‬
‫ذاته ليفي ويوسف‪ ،‬ويف النهاية إيلي‪.‬‬

‫اصة بعضها إىل بعض يف انتظار‬ ‫تتوقّف القطعان عن الرعي‪ .‬وقد َش َّكلَت شريطاً كبرياً‪ ،‬مَت ّ‬
‫يفي‬
‫قيادهتا‪ ،‬رّمبا إىل زريبتها‪ .‬ولكنّين أرى العكس‪ ،‬فلقد قادها الرعاة الثالثة إىل الغابة‪ ،‬إىل عنرب ر ّ‬
‫مصنوع من أغصان‪ ،‬وله سور من حبال‪ .‬ويَ َنه ِّمكون يف صنع سرير من الكأل ّ‬
‫اجلاف ليسوع وتالميذه‪.‬‬
‫يُشعِّلون النار‪ ،‬رمبا بسبب الوحوش‪.‬‬

‫يوحنا ويهوذا‪ ،‬وبعد قليل ينامان‪ .‬كان مسعان راغباً أبن يبقى ساهراً مع يسوع‪ ،‬ولكنّه‬‫يتم ّدد ّ‬
‫بعد قليل ينام هو أيضاً جالساً على الكأل‪ُ ،‬مسنِّداً ظهره إىل وتد‪.‬‬

‫الرعاة‪ .‬إنّه يتح ّدث عن يوسف ومرمي واهلروب إىل مصر والعودة‪ ...‬لتبدأ‬
‫يبقى يسوع ساهراً مع ُّ‬
‫الودودة‪ ،‬وهذه األسئلة األكثر رفعة‪ :‬ما العمل خلدمة يسوع؟ كيف َيكنهم‬ ‫بعد ذلك االستعالمات َ‬
‫الرعاة اخلَ ِّشنون؟‬
‫ذلك وهم ُّ‬
‫كل‬ ‫على‬ ‫التالميذ‬ ‫عكم‬ ‫يـوِّجههم يسوع ويشرح هلم‪ :‬أان ماض اآلن عرب اليهودية‪ ،‬سوف يطلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ ّ‬
‫شيء‪ .‬مثّ آيت بكم‪َ .‬جتَ َّمعوا يف انتظار ذلك‪ .‬أَعلِّموا بعضكم بعضاً عن وجودي يف هذا العامل كمعلّم‬
‫لت السخرايت واملالحقات‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫وخمَلّص‪ .‬انشروا ذلك قدر استطاعتكم‪ .‬ال أَعدكم أبن يص ّدقوكم‪ .‬لقد َحتَ َّم ُ‬
‫وأنتم كذلك ستواجهوهنا‪ .‬ولكن مثلما عرفتم أن تكونوا يف السابق شجعاانً وأبراراً طوال فَتة هذا‬
‫االنتظار‪ ،‬كونوا كذلك بعض الوقت أيضاً‪ ،‬اآلن وقد أصبحتم أتباعي‪ .‬غداً سنذهب إىل ايفا مثّ إىل‬
‫اخلليل‪ .‬هل تستطيعون اجمليء؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 273 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حمرمة علينا بسبب احلقد الظامل‪.‬‬
‫لكل الناس واملراعي هلل‪ .‬فقط بيت حلم ّ‬
‫«آه! نعم! فالطرقات ّ‬
‫"كسكارى"‪ .‬وكذلك ال نستطيع فعل الكثري‬
‫املدن األخرى سالكة‪ ...‬إّّنا ُيتقروننا فقط مبعاملتهم ّإايان ُ‬
‫هنا‪».‬‬

‫«سوف أدعوكم إىل أماكن أخرى‪ .‬لن أختلّى عنكم‪».‬‬

‫«طوال العمر؟»‬

‫«طوال عمري‪».‬‬

‫«ال‪ ،‬فأان َمن سيموت ّأوالً اي معلّم‪ .‬إنّين شيخ‪».‬‬

‫وجهك اي إيلي أحد أوائل الوجوه اليت رأيتُها‪ ،‬وسوف‬


‫َ‬ ‫تظن ذلك‪ّ ،‬أما أان فال‪ .‬لقد كان‬
‫أنت ّ‬
‫« َ‬
‫وجهك املتأثِّّر أبمل مويت‪ .‬إّّنا بعد ذلك ‪،‬‬
‫َ‬ ‫يت صورة‬
‫تكون أحد الوجوه األخرية‪ .‬سوف أمحل يف َح َدقَ ّ‬
‫َّ‬
‫قلبك أَلَق رؤية صبيحة الظفر‪ ،‬وبصحبتها تنتظر املوت‪ ...‬املوت‪ :‬اللقاء ا ّ‬
‫ألزيل مع‬ ‫فلك أن حتمل يف َ‬
‫يسوع الذي َعبَدتَه صغرياً‪ .‬حينئذ كذلك سوف ترّّن املالئكة اجملدلة "لإلنسان ذي اإلرادة الطيّبة"‪».‬‬

‫مل أعد أرى شيئاً‪ .‬الرؤية اللطيفة تتالشى‪ّ .‬إهنا النهاية‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 274 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫الراعي)‬
‫‪( -40‬يسوع يف ايفا عند اسحق َّ‬
‫‪1945 / 01 / 12‬‬

‫فض ّي‬
‫ابجتاه اجلنوب متأل أجواء الوادي رطوبة وهي تَتاكض وتزبد يف سيل صغري ّ‬ ‫املياه اليت تسيل ّ‬
‫ينشر نداوهتا الضاحكة على مراعي ضفافه الصغرية‪ ،‬إّّنا يبدو أ ّن الرطوبة تصعد كذلك إىل املنحدرات؛‬
‫حّت ذروة أشجار غابة‬
‫زمردة متع ّددة األلوان‪ ،‬تصعد من األرض عرب أدغال وأشجار شبه غابة‪ّ ،‬‬ ‫ّإهنا ّ‬
‫بكل ما يف هذه الكلمة من معىن‪ ،‬فيها مساحات نور مقتطّعة وهي كسطوح خضراء من العشب‬ ‫ّ‬
‫صحية تستعيد فيها القطعان عافيتها‪.‬‬
‫الكثيف‪ ،‬مراع ّ‬
‫يتوجب انتظار‬ ‫يَهبط يسوع مع تالميذه والرعاة الثالثة إىل السيل‪ .‬إنّه يتوقّف بصرب وأانة عندما ّ‬
‫الراعي الصاحل‪،‬‬ ‫اته عن الدرب‪ .‬إنّه ابلضبط َّ‬ ‫الرعاة خلف َمحَل َ‬ ‫أتخرت أو عندما جيري أحد ُّ‬
‫نعجة ّ‬
‫ي‪ ،‬اليت ترتَِّفع‬
‫الرب ّ‬
‫اآلن‪ ...‬وقد استعان هو أيضاً بغصن طويل إلبعاد ُسوق العلّيق‪ ،‬واألشواك‪ ،‬واليامسني َ‬
‫الرعوي‪.‬‬
‫ظهرهُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫وحت ِّ‬
‫اول التشبّث ابلثياب‪ .‬وهبذا يَكتَمل َم َ‬ ‫كل صوب ُ‬
‫من ّ‬
‫عرب يُستخدم يف الصيف فيوفّر علينا‬‫«انظُر‪ ،‬ايفا هناك يف األعلى‪ .‬سوف جنتاز السيل‪ .‬هناك َم َ‬
‫ذلك‪».‬‬ ‫عناء الذهاب إىل اجلسر‪ .‬لو أتينا من اخلليل لكانت املسافة أقصر‪َّ ،‬أّنا َ‬
‫أنت مل تشأ َ‬
‫«ال‪ ،‬اخلليل فيما بعد‪ .‬األولويّة دائماً للمتألِّّمني‪ .‬فاألموات‪ ،‬عندما يكونون أبراراً‪ ،‬ال يعودون‬
‫الصلوات‪ ،‬فيما بعد‪ .‬فال ضرورة ألن‬‫ابراً‪ .‬األموات الذين هم يف حاجة إىل َّ‬ ‫يتألّمون‪ .‬وصموئيل كان ّ‬
‫حّت نصلّي هلم‪.‬‬‫نكون إىل جانب رفاهتم ّ‬
‫حّت‬
‫أخر َج اإلنسان من تراب‪ .‬ليس هناك شيء آخر‪ّ .‬‬ ‫الرفاة؟ ما هي؟ ّإهنا دليل قدرة هللا الذي َ‬
‫ُّ‬
‫أقل كماالً من الذي لإلنسان‪ .‬فاإلنسان فقط َملِّك‬
‫عظمي‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫ّ‬ ‫لكل حيوان هيكل‬ ‫احليوان لـه ُرفاة‪ّ .‬‬
‫للملِّك الذي يسيطر على أشيائه‪ ،‬بَِّوجه يَنظُر إىل‬ ‫ِّ‬
‫اخلليقة‪ ،‬وهو َيتلك الوضعيّة ال ُـمنتَصبَة اليت هي َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 275 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظل ُرفاة‪:‬‬
‫األمام وإىل األعلى دوّنا حاجة إىل أن يلوي عنقه‪ ،‬إىل األعلى حيث يقيم اآلب‪ّ .‬إال ّأهنا ت ّ‬
‫األزيل ليَمنَح املغبوطني فرحاً‬
‫األزيل إعادة بنائها يف اليوم ّ‬
‫تراب يعود إىل الَتاب‪ .‬ولقد قَـَّرر الصالح ّ‬
‫وتتحاب كما على األرض‪ .‬بل‬ ‫ّ‬ ‫أكثر حيويّة‪ .‬فَ ِّّكروا بذلك‪ .‬فليست األرواح وحدها هي اليت ستتّحد‬
‫أكثر بكثري‪ ،‬إّّنا َسيَبتَ ِّهجون ابلتَّالقي ابهليئة اليت كانت هلم على األرض‪ :‬األطفال األحبّاء ابلشعر‬
‫ابحلب كوالديكما‬
‫ّ‬ ‫األمهات ابلقلوب والوجوه املتألّقة‬
‫أبناؤك‪ ،‬اي إيلي‪ ،‬واآلابء و ّ‬
‫َ‬ ‫املقصب كما كان‬
‫ّ‬
‫أنت اي يوسف أخرياً رؤية هذه الوجوه اليت َحت ّن‬ ‫حّت سوف تُعطَى َ‬ ‫ووالدتيكما اي ليفي ويوسف‪ ،‬بل ّ‬
‫إليها‪ .‬فال يعود أيتام وال أرامل هناك يف العلى بني األبرار…‬

‫أي مكان‪ّ .‬إهنا الصالة ِّمن روح ألجل روح كانت‬ ‫ّ‬ ‫يف‬ ‫قام‬ ‫ُ‬‫ت‬ ‫أن‬ ‫ات‬ ‫و‬ ‫األم‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫َيكن للصالة ِّ‬
‫م‬
‫كل مكان‪ .‬آه! اي أيّتها احلريّة املق ّدسة‪ ،‬ال مسافات‪،‬‬ ‫متّحدة بنا‪ ،‬لروح كامل هو هللا‪ ،‬وهو موجود يف ّ‬
‫روحي‪ ،‬وال سجون وال قبور‪ ...‬ما ِّمن شيء يـُ َفِّّرق ويُ َكبِّّل بِّ َعجز مؤِّمل ما هو‬ ‫لكل ما هو ّ‬ ‫ال منفى‪ّ ، ،‬‬
‫تتوجهون أبفضل ما فيكم من خري صوب حمبوبيكم‪ .‬وهم سوف‬ ‫خارج الروابط البشريّة وفوقها‪ .‬سوف ّ‬
‫تتحاب‪ ،‬يتنامى حول انر‬ ‫ّ‬ ‫بكل اخلري الذي فيهم‪ .‬واجلميع‪ ،‬يف هذه الدفقات الروحيّة اليت‬ ‫يالقونكم ّ‬
‫احلب‬ ‫يكون‪،‬‬ ‫سوف‬ ‫وما‬ ‫كائن‬ ‫هو‬ ‫وما‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫لكل‬ ‫ق‬‫هللا األزلية‪ :‬الروح الكامل بشكل مطلَق‪ ،‬اخلالِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫احلب…‬‫الذي ُيبّكم ويعلّمكم ّ‬
‫عرب‪ .‬فأان أرى رصفة حجارة تَربُز ِّمن املاء القليل الذي يَغمر أسفلها‪».‬‬
‫صلنا ال َـم َ‬
‫أظنّنا قد َو َ‬
‫شالالً صاخباً‪ّ ،‬أما اآلن فما هو سوى جداول‬
‫«نعم‪ ،‬إنّه هو‪ ،‬اي معلّم‪ّ .‬أايم الفيضاانت تَراه ّ‬
‫عرب‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫ست صخور كبرية من ال َـم َ‬‫سبعة تبتسم مبرورها يف املسافات الفاصلة بني ّ‬
‫ضعة يف قاع السيل على بُعد ِّشرب كبري‬ ‫ست صخور كبرية‪ ،‬تكاد تكون منحوتة‪ُ ،‬متَـ َو ِّّ‬ ‫ابلفعل‪ّ ،‬‬
‫يتفرق اآلن إىل سبعة‬ ‫الواحدة من األخرى‪ .‬واملاء‪ ،‬الذي كان يش ّكل يف البدء شريطاً وحيداً يلمع‪ّ ،‬‬
‫عرب بعذوبة فريدة‪ ،‬ويبتعد وهو جيري ُمثَرثِّراً‬ ‫أشرطة‪ ،‬متعجل يف جريه الض ِّ‬
‫َّاحك‪ ،‬ليعود فَـيَجتَ ِّمع بَ َ‬
‫عد ال َـم َ‬ ‫ّ‬
‫مع حصى القاع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 276 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الرعاة مرور النِّ‬ ‫يراقِّ‬
‫َير بعضها على احلجارة والبعض اآلخر يـُ َف ِّّ‬
‫ضل النزول إىل املاء‬ ‫ّ‬ ‫اليت‬ ‫عاج‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫الذي مل يـعد عم ُقه يتجاوز ِّ‬
‫ضحك‪.‬‬ ‫شرب من هذه املوجة املاسيّة اليت تُزبِّد وتَ َ‬
‫َ‬ ‫وي‬
‫َ‬ ‫رب‪،‬‬ ‫الش‬
‫ّ‬ ‫َُ ُ‬
‫عرب يسوع على احلجارة وخلفه التالميذ‪ .‬مثّ يتابعون املسري على الض ّفة األخرى‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫ك هنا‪ ،‬إّّنا دون الدخول إىل املدينة؟»‬
‫ك تريد أن يعرف اسحق أنّ َ‬
‫لت يل إنّ َ‬
‫«أقُ َ‬
‫«نعم‪ ،‬هذا ما أريده‪».‬‬
‫«إذاً‪ِّ ،‬من األفضل أن نَ َِّ‬
‫فَتق‪ .‬سوف أمضي أان ملالقاته‪ .‬ويبقى ليفي ويوسف معكم وكذلك‬
‫َصعد من هنا‪ ،‬فهذا أسرع‪».‬‬
‫القطيع‪ .‬سوف أ َ‬
‫ابجتاه جمموعة من البيوت البيضاء اليت تلمع حتت الشمس‪ ،‬هناك‬
‫شرع إيلي بتسلّق املنحدر ّ‬
‫ويَ َ‬
‫يف األعلى‪.‬‬

‫يبدو يل أنّين أتبَعهُ‪ .‬ها هو عند طالئع البيوت‪ .‬يَسلك درابً بني الدُّور واحلدائق‪ .‬يسري بضعة‬
‫مؤدية إىل ساحة‪ .‬فاتين القول إ ّن هذا كلّه كان َُي ُدث‬ ‫ِّ‬
‫عشرات من األمتار مثّ يَ َنعطف يف طريق أوسع‪ّ ،‬‬
‫السوق الذي ما يزال قائماً‬ ‫يف الساعات األوىل ِّمن الصباح‪ ،‬وأقول اآلن ذلك ألُعطي تفسرياً لوجود ُّ‬
‫يف الساحة‪ .‬رّابت بيوت وابعة يتكلّمون بصوت مرتفع حتت األشجار اليت تُظَلِّّل الساحة‪.‬‬

‫تردد‪ ،‬إىل النقطة اليت تُ َش ِّّكل فيها الطريق امتداداً للساحة‪ ،‬طريق مجيلة‪ ،‬قد‬
‫َيضي إيلي‪ ،‬دون ّ‬
‫تكون األمجل يف البلدة‪ .‬عند الزاوية توجد خرابة‪ ،‬أو ابألحرى غرفة مفتوح ابهبا‪ ،‬وعند َعتَـبَتها سرير‬
‫الش َف َقة‪.‬‬
‫ص َدقَة بشكل يُثري َّ‬ ‫ِّ‬ ‫فقري يرقُد عليه ِّ‬
‫عاجز ِّ‬
‫املارة َ‬
‫عظمي‪ ،‬يَطلُب من ّ‬
‫ّ‬ ‫هيكل‬ ‫به‬‫ش‬ ‫َ‬
‫دخل إيلي ابندفاع‪« :‬اسحق‪ ...‬هذا أان‪».‬‬
‫يَ ُ‬
‫جميئك‪ .‬لقد ِّجئتَين يف آخر قَ َمر‪».‬‬
‫أنت؟ مل أ ُكن أتوقَّع َ‬
‫« َ‬
‫ئت؟»‬ ‫ِّ‬
‫«اسحق‪ ...‬اسحق‪ ...‬هل تَعلَم ملاذا ج ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 277 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك ُمضطَ ِّرب‪ ...‬ما الذي جرى؟»‬
‫«ال أعلَم‪ ...‬إنّ َ‬
‫عين‪ ...‬وهو يريد‬
‫الناصري! لقد أصبَ َح رجالً‪ ،‬إنّه رايب‪ .‬لقد جاء يبحث ّ‬
‫ّ‬ ‫أيت يسوع‬
‫«لقد ر ُ‬
‫وضعك سيّئ؟»‬
‫َ‬ ‫رؤيتنا‪ .‬آه! اي اسحق‪ ،‬هل‬

‫ابلفعل‪ ،‬كان اسحق مستسلماً وكأنّه كان َيوت‪ّ .‬إال أنّه يتماسك‪« :‬ال‪ .‬اي للنبأ‪ ...‬أين هو؟‬
‫كنت أستطيع رؤيته!»‬
‫كيف هو؟ آه! لو ُ‬
‫"هلُ َّم اي اسحق فأان‬
‫لك هذا‪ ،‬ابلضبط هذا‪َ :‬‬
‫أرسلَين ألقول َ‬
‫«إنّه يف األسفل‪ ،‬يف الوادي‪ .‬وقد َ‬
‫الك‪».‬‬ ‫كتك"‪ .‬أان ٍ‬
‫ماض الستدعاء َمن يساعدين يف إنز َ‬ ‫رؤيتك ومبار َ‬
‫أرغب يف َ‬
‫«أهكذا قال؟»‬

‫فعله؟»‬
‫«هكذا‪ ،‬ولكن ما الذي تَ َ‬
‫«أان ذاهب إليه‪».‬‬

‫يقذفهما خارج السرير‪ ،‬يسنِّدُها على‬ ‫يرمي اسحق األغطية‪ُُ ،‬ي ِّرك ساقيه اللتني ال حراك فيهما‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫كل ذلك بشكل آينّ‪ ،‬بينما يَنظُر إليه إيلي بعينني‬ ‫األرض‪ ،‬ينهض وهو ما يزال غري م ِّ‬
‫ومَتحناً‪ّ .‬‬
‫تماسك ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫درك أخرياً ويَهتف‪ ...‬فتأيت عجوز فضوليّة وترى العاجز واقفاً‪ ،‬يتدثّر بغطاء! إذ مل يكن‬ ‫ُحمَملِّ َقتَني‪ ...‬يُ ِّ‬
‫صرخ مثل دجاجة فَ ِّز َعة‪.‬‬ ‫لديه شيء آخر‪ .‬وتَ َ ِّ‬
‫نصرف وهي تَ ُ‬
‫« َهلُ َّم بنا‪ ...‬لنذهب ِّمن هنا بسرعة لِّنَـتَ َخلَّص ِّمن اجلَّمع‪ ...‬بسرعة‪ ،‬اي إيلي‪».‬‬

‫اخللفي وُها َجي ِّراين‪ .‬يَدفَعان الباب املصنوع من أغصان جافّة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وها ُها ََي ُرجان من ابب احلديقة‬
‫نح ِّدران عرب احلقول‬ ‫ِّ‬
‫ّإهنما خارجاً‪ ،‬يَسلُكان درابً رديئاً‪ ،‬مثّ أحد ال َـمسالك عرب احلدائق‪ ،‬ومن هناك يَ َ‬
‫السيل‪.‬‬
‫حّت يبلغا َّ‬
‫والغاابت الصغرية ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 278 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يقول إيلي وهو يشري إبصبعه إىل يسوع‪« :‬ها هو يسوع‪ ،‬ذاك الرجل الكبري األشقر‪ ،‬الذي‬
‫يرتدي األبيض ومعطفاً أمحر‪»...‬‬

‫يركض اسحق بني القطيع الذي يرعى‪ ،‬ويرمتي عند قدمي يسوع وهو يهتف هتاف نصر وفرح‬
‫َوَولَه‪.‬‬

‫وجهك‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك السالم والربكة‪ .‬قُم ودعين أرى‬
‫أتيت حامالً َ‬
‫«اهنض اي اسحق‪ .‬لقد ُ‬
‫عجز عن النهوض‪ .‬فاملؤثرات كثرية‪ ،‬ودفعة واحدة‪ ،‬فيبقى على األرض مع دموع‬
‫ّإال أ ّن اسحق يَ َ‬
‫الفرح‪.‬‬

‫كنت تستطيع ذلك‪»...‬‬


‫أتيت فوراً‪ .‬مل تتساءل إذا ما َ‬
‫«لقد َ‬
‫أتيت‪».‬‬
‫قلت يل أن آيت‪ ...‬و ُ‬
‫« َ‬
‫حّت مل يُغلَق اببه وال َمجَ َع دراُهه اي معلّم‪».‬‬
‫«بل إنّه ّ‬
‫أنت مسرور اي اسحق؟»‬
‫يهم‪ ،‬فاملالئكة حترس مسكنه‪ .‬هل َ‬
‫«ال ّ‬
‫«آه! اي سيّدي!»‬

‫«اندين‪ :‬اي معلّم‪».‬‬

‫برؤيتك‪ .‬كيف أمكنين أن أجد‬


‫َ‬ ‫حّت ولو مل أبرأ‪ ،‬كم هي سعاديت‬
‫«نعم اي سيّدي‪ ،‬اي معلّمي‪ّ .‬‬
‫نِّ َع َماً مجّة بقر َ‬
‫بك؟»‬

‫مت!»‬
‫وصربك اي اسحق‪ .‬أان أعرف كم أتلّ َ‬
‫َ‬ ‫إَيانك‬
‫«بسبب َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 279 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪...‬‬
‫أنت هنا! وهذا هو ّ‬
‫وجدتك حيّاً! َ‬
‫َ‬ ‫«ليس هذا بشيء‪ ،‬ال شيء‪ ،‬مل يعد شيئاً! لقد‬
‫كل ما سوى ذلك قد مضى‪ .‬ولكن اي سيّدي ومعلّمي‪ ،‬لن تذهب بعد اآلن‪ ،‬أليس‬ ‫وما سوى ذلك‪ّ ،‬‬
‫كذلك؟»‬

‫«اي اسحق‪ .‬ينبغي يل أن أكِّرز يف إسرائيل كلّها‪ .‬أان ذاهب‪ ...‬ولكن إذا مل أستطع أان املكوث‪،‬‬
‫فأنت تستطيع ِّخدميت واتِّّباعي‪ .‬هل تريد أن تكون تلميذي اي اسحق؟»‬
‫َ‬
‫«آه! ولكنّين لن أصلُح لذلك!»‬

‫«هل تستطيع االعَتاف أبنّين هو؟ االعَتاف رغم مواجهة اإلهاانت والتهديدات؟ وأن تقول‬
‫أتيت؟»‬
‫دعوتك و َ‬
‫َ‬ ‫إنّين أان الذي‬

‫طاعتك اي‬
‫َ‬ ‫كنت سأخالف‬
‫كل هذا‪ .‬ويف هذا ُ‬
‫كنت سأقول ّ‬
‫حّت ولو مل تكن تريد ذلك‪ ،‬فقد ُ‬
‫« ّ‬
‫قلت ذلك‪».‬‬‫معلّم‪ .‬ساحمين إذا ما ُ‬
‫ك تُصلِّح ألن تكون يل تلميذاً؟»‬
‫يبتسم يسوع «إذاً‪ ،‬هل ترى أنّ َ‬
‫أظن أنّه ينبغي‬ ‫ِّ‬
‫كنت ّ‬
‫كنت أظنّه أكثر صعوبة‪ُ .‬‬
‫«آه! إذا كان األمر يقتَصر على فعل هذا! ُ‬
‫السن‬
‫الراببنة‪ ...‬والذهاب إىل املدرسة وأان يف هذه ّ‬
‫أنت‪ ،‬رايب َّ‬
‫خلدمتك َ‬
‫َ‬ ‫الراببنة‬
‫الذهاب إىل مدرسة َّ‬
‫املتق ّدمة!‪»...‬‬

‫فعالً‪ ،‬فإ ّن الرجل يتجاوز اخلمسني عاماً ِّمن العمر‪.‬‬

‫«املدرسة قد اتـَّبَعتَها اي اسحق‪».‬‬

‫«أان؟ ال‪».‬‬

‫احلب ويف أن ُِّجت َّل وتُبارك هللا والقريب‪ ،‬ويف ّأال تكون حسوداً‪،‬‬
‫تستمر يف اإلَيان و ّ‬
‫ّ‬ ‫«بلى‪ .‬أمل‬
‫حّت ولو كان‬
‫تك ومل يـَعُد‪ ،‬ويف ّأال تقول ّإال احلقيقة ّ‬ ‫وحّت ما كان يف حوز َ‬
‫لغريك‪ّ ،‬‬
‫و ّأال تشتهي ما هو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 280 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل ذلك‬ ‫تفعل‬ ‫أمل‬ ‫اخلطااي؟‬ ‫افك‬
‫َ‬ ‫َت‬ ‫ابق‬ ‫الشيطان‬ ‫مع‬ ‫الفحشاء‬ ‫ب‬ ‫لك األذى‪ ،‬و ّأال ترتَ ِّ‬
‫ك‬ ‫ذلك يُسبّب َ‬
‫ّ‬
‫خالل سنوات الشقاء الثالثني هذه؟»‬

‫«نعم اي معلّم‪».‬‬
‫«أترى؟ لقد أهنيت ِّمنهاج املدرسة‪ .‬استمر هكذا وأ ِّ‬
‫َضف إليه إظهار وجودي يف العامل‪ .‬وال تقم‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بشيء آخر‪».‬‬

‫وصلت إىل هذه‬


‫ُ‬ ‫إيل حينما‬
‫بك‪ ،‬اي سيّدي يسوع‪ ،‬لألطفال الذين كانوا أيتون ّ‬ ‫زت َ‬ ‫«لقد َكَر ُ‬
‫البلدة ُم َق َّوس الظَّهر أستجدي اخلبز وأقوم ببعض األعمال أيضاً ّ‬
‫كجز اخلرفان أو احلَلب‪ ،‬ومن مثّ‪،‬‬
‫عنك‬
‫ت أحت ّدث َ‬ ‫ِّ‬
‫السفلي من قاميت‪ ،‬حينما كانوا أيتون حول سريري‪ .‬كن ُ‬
‫ّ‬ ‫حينما اشت ّد املرض يف القسم‬
‫كنت أحت ّدث عن زمن‬
‫الزمن احلاضر‪ ...‬فاألطفال طيّبون ويؤمنون دائماً‪ُ .‬‬
‫الزمن وأطفال َّ‬
‫ألطفال ذاك َّ‬
‫ك‪ ...‬آه! قُل يل‪ :‬هل ما تزال على قيد‬‫والدتك‪ ...‬عن املالئكة‪ ...‬عن النجمة واجملوس‪ ...‬وعن ّأم َ‬
‫َ‬
‫احلياة؟»‬

‫وهتديك السالم‪ .‬وقد كانت تتح ّدث عنكم على الدوام‪».‬‬


‫َ‬ ‫« ّإهنا على قيد احلياة‬

‫«آه! لو أنّين أراها!»‬

‫وستصافحك مرمي كصديق‪».‬‬


‫َ‬ ‫وتزورين يف بييت يوماً‪.‬‬
‫«سوف تراها‪ .‬فستأيت َ‬
‫«مرمي‪ ...‬نعم‪ .‬امسها على شفيت لذيذ كالشَّهد‪ .‬هناك امرأة يف ايفا‪ ،‬نعم‪ ،‬هنالك اآلن امرأة‬
‫مؤخراً طفلها الرابع‪ .‬لقد كانت آنئذ طفلة‪ ،‬إحدى صديقايت الصغريات‪ .‬وقد أطلَ َقت على‬ ‫ض َعت ّ‬ ‫َو َ‬
‫امسي مرمي ويوسف‪ ،‬وعندما َخ ِّشيَت ِّمن تسمية الثالث يسوع أطلَ َقت عليه اسم‬ ‫األولَني ّ‬
‫ولديها ّ‬
‫عمانوئيل‪ ،‬اسم بركة هلا ولبيتها وإلسرائيل‪ .‬وهي تبحث عن اسم تُطلِّقه على االبن الرابع الذي ُولِّ َد‬
‫ك‪ ،‬وكذلك زوجها‬ ‫ك هنا! إ ّن سارة طيّبة مثل ُخبز ّأم َ‬
‫شفيت! وأنّ َ‬
‫ُ‬ ‫منذ ستّة أايم‪ .‬آه! عندما َستَعلَم أنّين‬
‫لت حيّاً‪ .‬ولقد محوين على الدوام وساعدوين‪».‬‬ ‫يواكيم‪ .‬وأهلهما! فبفضلهم ما ز ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 281 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هيّا بنا نلتجئ إليهم يف ساعات الشمس وحنمل هلم الربكة بسبب حمبّتهم‪».‬‬

‫« ِّمن هنا اي معلّم‪ .‬سوف يكون ذلك أسهل على القطيع‪ ،‬ولتحاشي الناس اهلائِّ ِّجني ابلتأكيد‪.‬‬
‫فالعجوز اليت رأتين أنتَ ِّ‬
‫صب واقفاً ال بد ّأهنا قد تكلَّ َمت‪».‬‬
‫جاعلني إايه ِّمن جهة اجلنوب‪ ،‬ليتَّبِّعوا مسلَكاً ِّ‬
‫صاعداً‪ ،‬بشكل أسرع‪ُ ،‬مسايرين‬ ‫السيل‪ِّ ،‬‬ ‫يَتبَعون َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫السيل اآلن معاكساً جلهة الطريق الصاعدة ويَتاكض‬ ‫أنف اجلبل الذي يشبه مق ّدمة املركب‪ .‬لقد أصبح َّ‬
‫فت على املكان‪...‬‬‫تعر ُ‬ ‫يف العمق بني ص ّفني من اجلبال اليت تتقاطع ُم َش ِّّكلة وادايً مجيالً ُمتَ ِّ‬
‫ضارساً‪ .‬لقد َّ‬
‫علي هبا الربيع املاضي‪ .‬اجلدار ذو‬
‫ال جمال لاللتباس فيه‪ ،‬إنّه مكان رؤاي يسوع واألطفال اليت َم َّن َّ‬
‫احلجارة اجلافّة معروف متاماً وهو َُي ّد األمالك اليت تقطع الوادي‪ .‬ها هي ذي احلقول أبشجار الت ّفاح‬
‫وأشجار التني واجلوز‪ ،‬وها هو ذا البيت األبيض يف عمق اخلضرة‪ ،‬جبناحه ذي اإلفريز الذي ُيمي‬
‫ِّ‬
‫ومالذاً‪ .‬وها هي ذي ال ُقبَّة الصغرية‪ ،‬يف األعلى‪ ،‬وبستان اخلضار مع البئر ودعائم‬ ‫السلَّم ويُ َش ّكل ُرواقاً َ‬
‫ُ‬
‫الكرمة وحدائق الزهور…‬

‫يف املنزل أصوات صاخبة‪ .‬يتق ّدم اسحق‪ .‬يدخل وينادي بصوت مرتفع‪« :‬مرمي‪ ،‬يوسف‪،‬‬
‫هلموا إىل يسوع‪».‬‬
‫عمانوئيل‪ ،‬أين أنتم؟ ّ‬
‫ّ‬
‫هرع الصغار الثالثة‪ :‬طفلة يف حوايل اخلامسة وطفالن يف الرابعة والثانية من عمرهم‪ ،‬وأصغرهم‬ ‫يَ َ‬
‫ث ِّمن جديد‪ .‬مثّ تصرخ الطفلة‪« :‬إنَّه‬ ‫ِّ‬
‫ري األفواه لرؤيتهم‪ ...‬الذي بُعِّ َ‬ ‫ِّ‬
‫ما يزال يتعثّر اخلطى‪ .‬يَق ُفون فاغ ّ‬
‫حق!»‬‫اسحق! اي ّأماه! اسحق هنا! جوديت كانت على ّ‬
‫متوردة‪ ،‬مسراء‪ ،‬كبرية ومجيلة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األم‪ّ ،‬‬‫من الغرفة اليت تَنبَعث منها األصوات الصاخبة َخت ُرج امرأة هي ّ‬
‫ومن خالل رؤيتها عن بُعد‪ ،‬هي رائعة اجلمال بثياهبا االحتفاليّة‪ :‬ثوب ِّمن الكتّان األبيض يشبه قميصاً‬
‫حّت الكعبني‪ ،‬مشدوداً جيّداً يف الوسط بشال متع ّدد األلوان يُ ِّربز َردفَني قويّني‪،‬‬
‫مثيناً يته ّدل بثنيات ّ‬
‫حّت مستوى الركبتني من اخللف‪ ،‬ويبقى مفتوحاً من الوجهة األماميّة بعد تصالبه‬ ‫ي ِّ‬
‫نسدل مع أهداب ّ‬ ‫ََ‬
‫ملونة على أرضيّة كستنائية فاحتة‪،‬‬ ‫عند مستوى احلزام حتت عقدة مصاغة‪ .‬وشاح خفيف أبغصان زهور ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 282 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بتموجات وثنيات‪ ،‬على‬ ‫العنق‪،‬‬ ‫خلف‬ ‫ن‬ ‫ومن مث ينس ِّدل ِّ‬
‫م‬ ‫مثَـبَّت على الضفائر السوداء مثل عمامة‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تتدىل‬
‫الكتفني والصدر‪ .‬يثبته على الرأس إكليل من ميداليات موصولة حبلقات‪ .‬ويف األذنني أقراط ّ‬
‫فضية‬
‫فض ّي‪ .‬ويف معصميها أساور ّ‬
‫حبلقات ثقيلة‪ّ .‬أما الفتحات يف اجللباب عند الرقبة فيجتازها طوق ّ‬
‫ثقيلة الوزن‪.‬‬

‫أنت متشي!‬
‫س جبنون‪َ ...‬‬
‫أظن الشمس قد َج َعلَت جوديت ُمتَ ّ‬
‫كنت ّ‬
‫«اسحق! ولكن كيف؟ ُ‬
‫ولكن ما الذي جرى؟»‬

‫«ال ُـم َخلِّّص! آه! اي سارة! إنّه هو! لقد أتى!»‬

‫الناصري؟ أين هو؟»‬


‫ّ‬ ‫« َمن؟ يسوع‬

‫«هناك‪ ،‬خلف شجرة اجلوز‪ ،‬وهو يسأل إن كنتم تُـَرِّّحبون به!»‬

‫«يواكيم! ّأمي! َهلُ ّموا مجيعكم! إنّه ماسيا!»‬

‫وهم يَهتفون‪ ...‬ولكن حينما يـََرون يسوع كبرياً‬


‫ضع‪ُ ،‬‬
‫ََي ُرج اجلميع‪ ،‬نساء ورجال‪ ،‬أوالد وأطفال ُر ّ‬
‫ومهيباً‪ ،‬يَِّقفون َهيَّابني و ّ‬
‫كأهنم قد َحتَ َّجروا‪.‬‬

‫الرب‪ ».‬يسري يسوع ببطء‪ ،‬مبتسماً للجميع‪.‬‬


‫«السالم هلذا البيت ولكم مجيعاً‪ .‬سالم وبركة ّ‬
‫«أيّها األصدقاء‪ ،‬هل َمتنَحون ال ُـمسافِّر مأوى؟» ويبتسم أكثر‪.‬‬

‫أحببناك دون‬
‫َ‬ ‫فيتشجع الزوج ويتكلّم‪« :‬ادخل أاي ماسيا‪ .‬لقد‬ ‫صر ابتسامته على املخاوف‪،‬‬ ‫وتنتَ ِّ‬
‫ّ‬
‫عليك‪ .‬البيت اليوم ُيتَ ِّفل مبناسبات فَـَرح ثالث‪:‬‬
‫ك أكثر بعد أن تَـ َعَّرفنا َ‬‫بك‪ .‬وسوف حنبّ َ‬ ‫معرفة لنا َ‬
‫ادخل اي سيّدي‪».‬‬‫هلمي ابلطفل! ُ‬ ‫أنت واسحق وختان ابين الثالث‪ .‬ابركه اي معلّم‪ .‬أيّتها املرأة ّ‬ ‫َ‬
‫كل مكان‪.‬‬
‫سجاد وزينات يف ّ‬
‫دخلون إىل غرفة مع ّدة لالحتفال‪ .‬طاوالت وأطعمة‪ّ ،‬‬
‫يَ ُ‬
‫حاملَة على ِّ‬
‫ساع َديها َوليداً وسيماً تدفعه ليسوع‪.‬‬ ‫تعود سارة ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 283 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ليكن هللا معه على الدوام‪ .‬ما امسه؟»‬

‫عمانوئيل‪ّ .‬أما هذا األخري فهو‪ ...‬ما يزال دون‬


‫«ال اسم له‪ .‬هذه مرمي‪ ،‬وهذا يوسف‪ ،‬وهذا ّ‬
‫اسم بعد‪»...‬‬

‫خنت اليوم‪ ،‬فاحبثوا له عن‬ ‫ِّ‬


‫يَنظُر يسوع إىل الزوجني ُجمتَم َعني يف مواجهته ويبتسم‪ :‬إذا كان سيُ َ‬
‫اسم‪»...‬‬

‫يَنظُر االثنان إىل بعضهما‪ ،‬يَنظُران إليه‪ ،‬يَفتَحان فَ َم ِّيهما‪ ،‬يُعيدان إغالقهما دون أن يَنبسا ببنت‬
‫شفة‪ .‬اجلميع متي ّقظون‪.‬‬

‫يُلِّ ّح يسوع‪« :‬إ ّن اتريخ إسرائيل حافل ابلكثري من األمساء الكبرية‪ ،‬األمساء اللطيفة واألمساء‬
‫املبارَكة‪ ،‬إ ّن األكثر ظُرفاً واألكثر بركة قد أُطلِّ َقت‪ ،‬إّّنا يوجد أيضاً أمساء أخرى‪».‬‬
‫َ‬
‫قدسي ج ّداً‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫امسك‪ ،‬اي سيدي!» ويضيف الزوج‪« :‬ولكنّه‬
‫يهتف الزوجان معاً‪َ « :‬‬
‫يبتسم يسوع ويسأل‪« :‬مّت سيكون اخلتان؟»‬

‫«ننتَ ِّظر قدوم ال ُـمطَ ِّّهر‪».‬‬

‫«سأكون حاضراً أثناء االحتفال‪ .‬ويف انتظار ذلك أشكر لكم اهتمامكم ابسحق‪ .‬مل يعد اآلن‬
‫يف حاجة إىل الطيّبني‪ .‬إّّنا ما يزال الطيّبون يف حاجة إىل هللا‪ .‬لقد أمسيتُما الثالث‪ :‬هللا معنا‪ .‬ولكنّكما‬
‫مبارَكني‪ .‬وسوف نتذ ّكر‬ ‫كوان‬ ‫فلت‬ ‫مي‪.‬‬ ‫قد حصلتما على هللا منذ اليوم الذي مارستم فيه احملبة مع ِّ‬
‫خاد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َُ‬
‫فِّعلكما على األرض ويف السماء‪».‬‬

‫«أَيضي اآلن اسحق؟ أيَتكنا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 284 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ومن مثّ سوف يعود‪ ،‬وأان كذلك سأعود‪ .‬وأنتم‪،‬‬ ‫«سوف تتألّمون لذلك‪ .‬إّّنا عليه خدمة معلّمه‪ِّ ،‬‬
‫يف تلك األثناء‪ ،‬سوف تتح ّدثون عن ماسيا‪ ...‬ينبغي التح ّدث كثرياً إلقناع العامل! ولكن ها هو الذي‬
‫ننتظره‪».‬‬
‫يدخل إنسـان وقـور ومعه مس ِّ‬
‫ـاعد‪ .‬يـَتَل ّقى التحيّـات واالحننـاءات‪ .‬مثّ يَسـأل ابسـتعالء‪« :‬أين‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الصيب؟»‬
‫ّ‬
‫حي ماسيا‪ ،‬إنّه هنا‪».‬‬
‫«هو هنا‪ ،‬ولكن ِّّ‬
‫«ماسيا؟‪ ...‬هذا الذي َشفى اسحق؟ أعرف ولكن‪ ...‬سوف نتكلّم فيما بعد‪ .‬إنّين على عجلة‬
‫ِّمن أمري‪ ...‬الطفل وامسه‪».‬‬

‫لكن يسوع يبتسم وكأ ّن الكلمات‬ ‫ِّ ِّ‬


‫س األشخاص املوجودون حبََرج من أساليب الرجل‪ .‬و ّ‬ ‫َح َّ‬
‫أَ‬
‫موجهة إليه‪َ .‬أي ُخذ الصغري‪ ،‬يلمس جبهته أبصابعه الرائعة كما ليكرسه ويقول‪:‬‬
‫املنافية للتهذيب مل تكن ّ‬
‫يسا» ويعيده ألبيه الذي َيضي إىل غرفة جماورة بصحبة الرجل املتعايل واآلخرين‪ .‬ويبقى يسوع‬
‫«امسه ّ‬
‫صدر صرخات ايئسة‪.‬‬‫يف مكانه حلني عودة الطفل الذي كان ي ِّ‬
‫ُ‬
‫لألم ال َقلِّ َقة‪ .‬وابلفعل‬
‫يكف عن البكاء‪ ».‬يقول ذلك مواساة ّ‬
‫إيل ابلطفل أيّتها املرأة‪ .‬وسوف ّ‬
‫« ّ‬
‫يَصمت الطفل وهو على ركبيت يسوع‪.‬‬

‫الرعاة والتالميذ‪ ...‬يف اخلارج‪،‬‬‫كل الصغار الذين ُييطون به و ُّ‬ ‫مع‬ ‫له‪،‬‬‫و‬‫ح‬ ‫جمموعة‬ ‫يسوع‬ ‫ل‬ ‫ي َش ِّّ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صَرها إيلي يف زريبة‪ .‬يف املنزل أصوات االحتفال‪ .‬وأيتون ليسوع ومرافِّ ِّقيه ابحللوى‬ ‫ِّ‬
‫ثُغاء النّعاج اليت َح َ‬
‫يوزعها على الصغار‪.‬‬
‫واملشروابت‪ّ ،‬إال أ ّن يسوع ّ‬
‫«أفال تشرب اي معلّم؟ أال تَقبَل؟ ّإهنا ِّمن القلب بطيب خاطر‪»...‬‬
‫ِّ ِّ‬
‫الصغار‪ ،‬ويف هذا سروري‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫كل قليب‪ .‬إّّنا دعين أُسعد ّ‬
‫«أعرف ذلك اي يواكيم‪ ،‬وأان أقبَلها من ّ‬
‫«ال تُعِّر اهتماماً لذاك الرجل اي معلّم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 285 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬اي اسحق‪ .‬إنّين أصلّي كي يرى النور‪ .‬يوحنّا خذ الصغريين لرؤية النِّّعاج‪ .‬و ِّ‬
‫أنت اي مرمي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هلمي قريب وقويل يل‪َ :‬من أان؟»‬
‫ّ‬
‫علي‬
‫رآك اسحق‪ ،‬وهو الذي أطلَ َق َّ‬
‫أنت يسوع بن مرمي من الناصرة‪ ،‬املولود يف بيت حلم‪ .‬لقد َ‬
‫« َ‬
‫ك ألكون صاحلة‪».‬‬
‫اسم ّأم َ‬
‫قمة اجلبل‪ ،‬تقيّة كما ينبغي‬ ‫ِّ‬
‫«أنت صاحلة مثل مالك هللا‪ ،‬طاهرة أكثر من زنبقة متفتّحة يف ّ‬
‫الوي أن يكون‪ ،‬لالقتداء به‪ .‬هل ستكونني كذلك‪».‬‬
‫ألقدس ّ‬
‫«نعم اي يسوع‪».‬‬

‫«قويل اي سيّدي أو اي معلّم‪ ،‬أيّتها الطفلة‪».‬‬

‫«دعها اي يهوذا تناديين ابمسي‪ .‬فما من شيء جيعله ُيتَ ِّفظ بكامل جرسه كما هو على شفاه‬
‫والديت‪ ،‬مثل مروره على شفاه بريئة‪ .‬سوف يَذ ُكر اجلميع‪ ،‬عرب العصور‪ ،‬هذا االسم‪ ،‬البعض ملنفعة‪،‬‬
‫وآخرون ألغراض خمتلفة‪ ،‬وكثريون للشتيمة‪ .‬فقط األبرايء‪ ،‬دوّنا حساب ودون كراهية‪ ،‬سوف يَذ ُكرونه‬
‫ب ّأمي‪ .‬سيناديين اخلطأة كذلك‪ ،‬إّّنا حلاجتهم إىل الرمحة‪ّ .‬أمي‬ ‫ِّ‬
‫وح ّ‬
‫حب هذه الطفلة ُ‬ ‫حبب يُعادل ّ‬ ‫ّ‬
‫والصغار! مثّ يقول للطفلة وهو يداعبها‪« :‬ملاذا تدعينين يسوع؟»‬

‫يت يسوع‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫ك كثرياً‪ ...‬مثل أيب و ّأمي وإخويت الصغار‪ »...‬تقول هذا وهي تُـ َقبّل ُركبَ َّ‬
‫«ألنّين أحبّ َ‬
‫وتبتسم وهي ترفع وجهها‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫ينحين يسوع ليُـ َقبّلها‪ .‬وهكذا ينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 286 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫كراي‪ .‬حجالي)‬
‫‪( -41‬يسوع يف اخلليل‪ .‬بيت ز ّ‬
‫‪1945 / 01 / 13‬‬

‫السائِّر‪ ،‬والذي تتق ّدمه النِّّعاج اليت ترعى عشب املنحدر يسأل‪:‬‬
‫يتوسط اجلَّمع َّ‬
‫يسوع الذي َّ‬
‫«تُرى حوايل أية ساعة سوف نَ ِّ‬
‫صل؟»‬ ‫ّ‬
‫فيجيب إيلي‪« :‬حوايل الساعة الثالثة (أي ما يعادل الساعة التاسعة حاليّاً)‪ .‬فهناك ما يُ ِّ‬
‫قارب‬
‫العشرة أميال‪».‬‬

‫ويسأل يهوذا‪« :‬مثّ نذهب إىل إسخريوط؟»‬

‫«نعم سنذهب إليها‪».‬‬

‫حقيقي‬
‫ّ‬ ‫«أََمل تكن املسافة من ايفا إىل إسخريوط أقصر؟ املفروض ّأهنا ليست ابلبعيدة‪ .‬هل هذا‬
‫أيّها الراعي؟»‬

‫«بفارق ميلني على األكثر‪ ،‬زايدة أو نقصاانً‪».‬‬

‫«هكذا نقطع أكثر من عشرين دون جدوى‪».‬‬

‫فيقول يسوع‪« :‬ملاذا هذا ال َقلَق اي يهوذا؟»‬

‫كنت قد وعدتين ابلقيام بزايرة إىل بييت‪»...‬‬ ‫ِّ‬


‫ك َ‬ ‫لست قَلقاً‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫«أان ُ‬
‫«وسوف أذهب‪ .‬فأان أحفظ وعودي دائماً‪».‬‬
‫«لقد أرسلت أُنبئ والديت‪ ...‬وأنت‪ ،‬عالوة على ذلك قد قلت‪ :‬مع األموات نظل حنن ِّ‬
‫حاضرين‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ابلروح‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 287 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عان بَعد ِّمن أجلي‪ .‬وهؤالء مضى عليهم ثالثون‬ ‫«لقد قُلتُها‪ .‬ولكن اي يهوذا ف ّكر‪ :‬أنت مل تُ ِّ‬
‫َ‬
‫كنت حيّاً‬ ‫إذا‬ ‫ما‬ ‫مون‬‫َ‬‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫يكون‬ ‫مل‬ ‫كرى‪.‬‬ ‫عاماً وهم يعانون‪ ،‬ومل َيونوا أبداً حّت وال ِّذكري‪ .‬حّت وال ال ِّّ‬
‫ذ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظهر هلم ِّم ّين سوى بكائي وشهييت‬ ‫أو ميتاً‪ ...‬ومع ذلك ظَلّوا أوفياء‪ .‬كانوا يتذ ّكرونين‪َ ،‬وليداً‪ ،‬طفالً مل يَ َ‬
‫ضربوا‪ ،‬أُهينوا‪ ،‬اضطُهدوا مثل عار اليهوديّة‪،‬‬ ‫للحليب الوالدي‪ ...‬ومع ذلك فقد َكَّرموين كإله‪ .‬وبسبيب ُ‬
‫ضرب جذوراً يف األعماق‬ ‫نضب‪ ،‬بل إّّنا كان يَ ُ‬ ‫ورغم ذلك مل يكن إَياهنم ليتزعزع ابلضرب‪ ،‬مل يكن ليَ َ‬
‫ويُصبِّح بذلك أكثر صالبة‪».‬‬

‫أصدقاؤك‪ ،‬وأصدقاء هللا‪ ،‬أليس‬


‫َ‬ ‫شفيت‪ .‬هؤالء ُهم‬
‫«ابملناسبة‪ ،‬منذ بضعة ّأايم والسؤال ُيرق ّ‬
‫كل التجارب‪ ،‬أليس‬
‫ابرَكهم املالئكة مع سالم السماء‪ ،‬أليس حقيقيّاً؟ لقد ظَلّوا أبراراً رغم ّ‬ ‫كذلك؟ لقد َ‬
‫تك‪»...‬‬ ‫كذلك؟ اشرح يل إذاً ملاذا كانوا بؤساء؟ وحنّة؟ قُتِّلَت أل ّهنا أحبّ َ‬
‫احلب الذي يبادلونين ّإايه َُي ِّمالن سوء‬
‫حيب و ّ‬
‫ك تريد أن َختلص إىل القول إ ّن ّ‬
‫«ابلنتيجة فإنّ َ‬
‫الطَّالِّع‪».‬‬

‫«ال‪ ...‬إّّنا‪»...‬‬

‫رؤيتك ُمنغَلِّقاً دون النور إىل هذه الدرجة‪ ،‬وقد استوىل عليك‬ ‫َ‬ ‫«إّّنا هو كذلك‪ .‬ال تروق يل‬
‫لست‬
‫ضل أن يتكلّم هو‪ ،‬فأان ُ‬ ‫أنت أيضاً اي مسعان‪ .‬أُفَ ِّّ‬‫البشري إىل هذا احل ّد‪ .‬ال‪ ،‬دعه اي يوحنّا‪ ،‬و َ‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫ّ‬
‫إيل اي يهوذا‪،‬‬ ‫هلم‬ ‫داخلها‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫ج‬ ‫ألومه أبداً‪ .‬إين أريد فقط أن تتفتح النفوس لتفسح اجملال للنور كي يلِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحّت كثريين سوف‬ ‫َنصت‪ .‬إنّ َ ِّ ِّ‬ ‫أ ِّ‬
‫شَتك بني عدد كبري من الناس يعيشون اآلن‪ّ ،‬‬ ‫ك تَنطَلق من ُحكم َم ََ‬
‫ك ترتكب هذا دون‬ ‫فَتض أنّ َ‬
‫قلت‪ُ :‬حكماً‪ .‬كان ينبغي يل أن أقول‪َ :‬خطَأ‪ .‬إّّنا مبا أنّه يُ ََ‬ ‫يعيشون‪ .‬لقد ُ‬
‫منك ملاهيّة احلقيقة‪ ،‬فهذا ليس خطأ‪ ،‬إّّنا هو فقط ُحكم غري كامل‪ ،‬كما َيكن‬ ‫نيّة سيّئة‪ ،‬عن َجهل َ‬
‫أن يكون ُحكم طفل‪ .‬وإنّكم َألَطفال‪ ،‬أيّها الناس البائسون‪ .‬وأان هنا املعلّم‪ ،‬ألجعل منكم ابلِّغِّني‬
‫احلق ِّمن الباطل‪ ،‬اجليّد ِّمن العاطل‪ ،‬واألفضل ِّمن الفاضل‪ .‬امسعوا إذاً‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫قاد ِّرين على متييز ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 288 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ما هي احلياة؟ ّإهنا زمن انتظار‪ ،‬بل أقول َيبس‪ ،‬واليمبس الذي َينحكموه هللا اآلب‪ ،‬للكشف‬
‫عرف‬ ‫فاسدين‪ ،‬ولكي ُيفظ لكم‪ ،‬حسب أعمالكم‪ ،‬مستقبالً ال يَ ِّ‬ ‫عن طبيعتكم الصاحلة كأبناء بـررة أو ِّ‬
‫ََ َ‬
‫صل أحد ما على فرصة اندرة‬ ‫ِّ‬
‫االنتظار وال التجارب‪ .‬واآلن قولوا يل أنتم‪ :‬هل من العدل‪ ،‬إذا ما َح َ‬
‫خاص طوال حياته؟ أال يبدو لكم‬ ‫إلمكانيّة خدمة هللا بصورة متميّزة فريدة‪ ،‬أن يتمتّع كذلك ابمتياز ّ‬
‫حّت ولو مل يكن كذلك بشرّايً؟‬ ‫أبنّه بذلك قد تَـلَ َّقى الكثري‪ ،‬وألجل ذلك يستطيع اعتبار نفسه َمغبوطاً‪ّ ،‬‬
‫إهلي‪ ،‬وبشاشة الضمري االستحسانيّة‪ ،‬أن َيلك‬ ‫ك النور يف قلبه ٍّ‬
‫بتجل ّ‬ ‫أليس ِّمن غري العدل ملن قد َملَ َ‬
‫هتوراً أيضاً؟»‬
‫كذلك األجماد واخلريات األرضيّة؟ أوليس ذلك ّ‬
‫املسرات‬
‫للحرمات‪ .‬فلماذا إقحام ّ‬ ‫فيقول مسعان‪« :‬بل اي معلّم أقول إ ّن هذا انتهاك كذلك ُ‬
‫الرعاة ُهم وحدهم األغنياء يف إسرائيل‪ ،‬أل ّهنم‬
‫بك أحدهم ‪-‬و ُّ‬
‫أنت؟ عندما ُيظى َ‬‫البشريّة حيث تكون َ‬
‫بشري على‬‫أي شيء ّ‬ ‫وجودك بينهم مدة ثالثني عاماً‪ -‬فال شيء يلزمه بعد‪ .‬ال يوضع ّ‬
‫َ‬ ‫انلوا حظوة‬
‫الذبيحة التكفرييّة‪ ...‬وال َيكن استخدام اإلانء املق ّدس سوى يف أمور مق ّدسة‪ .‬وهم َم َكَّرسون‪ ،‬منذ‬
‫أنت َيكنه الولوج إىل قلوهبم اليت‬
‫ابتسامتك‪ ...‬وال شيء‪ ،‬ال‪ ،‬الشيء ال يكون َ‬
‫َ‬ ‫اليوم الذي رأوا فيه‬
‫متتلكك‪ .‬هل َيكنين أن أكون مثلهم؟»‬
‫َ‬
‫هرعت مباشرة السَتداد ملكيّة‬
‫َ‬ ‫وشفائك‪،‬‬
‫َ‬ ‫فيجيبه يهوذا ساخراً‪« :‬فلماذا إذن‪ ،‬بعد رؤية املعلّم‬
‫اتك‪».‬‬
‫خري َ‬
‫َيكنك احلكم إن مل تكن‬
‫َ‬ ‫قلت ذلك وفعلتُهُ‪ .‬ولكن هل تعرف ملاذا؟ إذاً فكيف‬
‫«صحيح‪ .‬لقد ُ‬
‫في مسعان الغيور ‪-‬مل يعد‬ ‫كل شيء؟ وكيل أعمايل كان قد تل ّقى أوامر حم ّددة‪ ،‬اآلن وقد ُش َ‬ ‫تعرف ّ‬
‫حّت مالحقته ألنّه مل يعد منتمياً أليّة ملّة‪ ،‬اللهم سوى‬
‫مبقدور أعدائه وخصومه إيذاؤه أو عزله‪ ،‬وال ّ‬
‫ليسوع‪ -‬ويستطيع التَّصرف مبمتلكاته اليت َح ِّفظَها له رجل شريف وأمني‪ .‬وأان‪ ،‬ومباشرة بعد أستعاديت‬
‫أعطيت أوامري إبعادة تقييمها‪ ،‬حبيث أحصل على أكرب مبلغ ممكن عندما‬ ‫ُ‬ ‫التصرف هبا‪ ،‬فقد‬
‫حلقي يف ّ‬
‫أبيعها كي أصبح قادراً على القول‪ ...‬ال‪ ،‬لن أقول هذا‪».‬‬

‫األزيل‪».‬‬
‫ويدونونه يف الكتاب ّ‬
‫فيقول يسوع‪« :‬املالئكة ُهم الذين يقولون ذلك اي مسعان‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 289 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ند ِّهشة واألخرى ُم ِّ‬
‫باركة‪.‬‬ ‫ظرة ُم َ‬
‫َّظراتن‪ ،‬األوىل نَ َ‬
‫يَنظُر مسعان إىل يسوع‪ ،‬وتَلتَقي الن َ‬
‫«كالعادة‪ ،‬أان على خطأ‪».‬‬

‫ذاتك تقول ذلك‪».‬‬


‫أنت َ‬‫العملي‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫احلس‬
‫لديك ّ‬
‫فأنت َ‬
‫«ال اي يهوذا‪َ ،‬‬

‫حّت مسعان بطرس كان متعلّقاً‬


‫فيقول يوحنّا الرقيق دائماً واملسامل‪« :‬آه! ولكن مع يسوع!‪ّ ...‬‬
‫أنت كذلك اي يهوذا‪ ،‬سوف تصبح مثله‪ .‬مل َيض عليك‬ ‫العملي‪ ،‬واآلن على العكس!‪ ...‬و َ‬ ‫ّ‬ ‫ابحلس‬
‫ّ‬
‫سوى القليل من الوقت مع املعلّم‪ّ ،‬أما حنن ‪ ،‬فقد مضى علينا زمن أطول‪ ،‬وحنن اآلن أفضل‪».‬‬

‫لكنت ِّمن أتباعه منذ الفصح‪».‬‬


‫عصيب املزاج ح ّقاً‪« :‬هو مل يَقبَلين‪ .‬لوال ذلك ُ‬
‫ّ‬ ‫يهوذا اليوم‬

‫ذهب أبداً إىل اجلليل؟»‬


‫يقتصر يسوع احلديث بقوله لليفي‪« :‬أمل تَ َ‬
‫«بَلى اي سيّدي‪».‬‬

‫ستأيت معي لتقودين إىل يوان‪ ،‬هل تعرفه؟»‬

‫كنت أذهب إليه حينذاك‪».‬‬


‫«نعم‪ ،‬كنا نلتقي دائماً يف الفصح‪ُ ،‬‬
‫يُطأطئ يوسف رأسه‪ ،‬يَراه يسوع‪« .‬ال َيكنكم اجمليء معاً‪ .‬أيلي سيبقى وحده مع القطيع‪ّ ،‬أما‬
‫لك بعدئذ ماذا ينبغي‬
‫أنت فستأيت معي إىل معرب أرُيا فقط حيث سنفَتق لبعض الوقت‪ .‬سوف أقول َ‬ ‫َ‬
‫لك فعله‪».‬‬‫َ‬
‫«وحنن‪ ،‬ال شيء؟»‬

‫أنت أيضاً‪».‬‬
‫أنت أيضاً‪ ،‬اي يهوذا‪َ ،‬‬
‫« َ‬
‫يوحنّا الذي يَسبق الباقني خبطوات يقول‪« :‬لقد ابنت بعض البيوت‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 290 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قمتها‪ .‬هل ترى اي معلّم هذا البناء الكبري هناك‪ ،‬األعلى‬‫تتشعب على هنرين‪ ،‬مع ّ‬ ‫« ّإهنا اخلليل‪ّ ،‬‬
‫قليالً من الباقني‪ ،‬يف هذا املرج األخضر؟ إنّه منزل زكرّاي‪».‬‬

‫فلنحث ُخطاان‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«‬

‫صدر صوت‬ ‫يسرعون يف األمتار األخرية من الطريق ويدخلون البلدة‪ .‬أجراس القطعان تُ ِّ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫صلون املنزل‪.‬‬ ‫صنّاجات عندما تتق ّدم على احلجارة غري املرتّبة للطريق اليت ما يزال رصفها بدائياً ج ّداً‪ .‬ي ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يَنظُر الناس إىل هذه اجملموعة من الرجال املختلفني شكالً وسنّاً وأزايء وسط بياض القطيع‪.‬‬

‫يقول إيلي‪« :‬آه! لقد اختَـلَف! فهنا كان يوجد شريط مشبّك‪ ».‬واآلن توجد مكانه بوابة حديد‬
‫حتجب الرؤية‪ ،‬كذلك جدار تصوينة أعلى من اإلنسان‪ ،‬وبذلك مل يـَعُد أحد يرى شيئاً‪.‬‬

‫ابعي الشكل الكبري‪،‬‬


‫هلم بنا لنرى‪ ».‬يدورون حول هذا الر ّ‬
‫«قد يوجد َمن َفذ من اجلهة اخللفيّة‪ّ .‬‬
‫يستمر على ذات االرتفاع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يد أ ّن اجلدار‬
‫أو ابألحرى املستطيل الشكل‪ ،‬بَ َ‬
‫ينظر يوحنّا ويقول‪« :‬اجلدار حديث البناء‪ .‬مل َيض عليه وقت‪ ،‬فما يزال على األرض كلس مع‬
‫احلجارة‪».‬‬

‫لست أراه‪ ...‬لقد كان إىل جانب الغيضة‪ ،‬والغيضة اآلن خارج السور‪ ،‬و‪...‬‬
‫«وكذلك القرب ُ‬
‫حتسبها أرض دولة‪ُُ .‬يتَطَب منها‪ ».‬إيلي أتخذه احلرية‪.‬‬

‫قوي‪ ،‬فيتوقّف عن نشر جذع ُمقتَطَع وأييت‬


‫حطاب عجوز قصري القامة ولكنّه ّ‬
‫ٌ‬ ‫مع رجل‪،‬‬
‫يرى اجلَّ َ‬
‫عمن تبحثون؟»‬
‫ابجتاه اجلَّمع‪ّ « :‬‬
‫ّ‬

‫نود الدخول إىل البيت للصالة على قرب زكرّاي‪».‬‬


‫«كنا ّ‬
‫«مل يعد للقرب وجود‪ .‬أفال تَعلَمون؟ َمن تكونون؟»‬

‫«أان صديق صموئيل الراعي‪ ،‬وهو‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 291 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فيقول يسوع‪« :‬ليس ضرورّايً اي إيلي‪ »...‬فيصمت إيلي‪.‬‬

‫أودع يوحنّا بن زكرّاي السجن‪ ،‬والبيت مل يعد ملكه‪ّ .‬إهنا‬ ‫«آه! صموئيل!‪ ...‬نعم‪ ،‬ولكن منذ أن ِّ‬
‫يوزع عائدات ممتلكاته على فقراء اخلليل‪ .‬وذات صباح أقبَ َل َر ُجل ِّمن حاشية‬ ‫مأساة‪ ،‬ذلك أنّه كان ّ‬
‫هريودس‪ ،‬رمى يوئيل خارجاً‪َ ،‬ختَ َمهُ‪ ،‬مثّ عاد مع بـَنَّائني لبناء السور‪ ...‬وقد كان القرب هنا يف الزاوية‪،‬‬
‫الرفاة‪ ...‬مجعناها قدر‬ ‫ِّ‬
‫فامشأز منه‪ ...‬وذات صباح َو َجدانه ُخمََّرابً‪ ،‬شبه ُم َهدَّم‪ ...‬وقد اختَـلَطَت ّ‬ ‫َّ‬
‫سكن عشيقاته يف بيت الكاهن‬ ‫استطاعتنا‪ ...‬وهي اآلن يف نعش واحد‪ ...‬أما ذاك القميء فإنه ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫زكرّاي‪ .‬واليت تَس ُكنه اآلن هي ممثّلة من روما‪ .‬لذلك َرفَ َع اجلدار‪ .‬ال يريد ألحد أن يرى‪ ...‬بيت الكاهن‬
‫حتملنا من‬ ‫بكل أتكيد‪ ،‬هذا إن مل يكن هو ماسيا‪ .‬وكم ّ‬ ‫بيت ُم َس َّور! بيت املعجزة والسابق! إنّه هو ّ‬
‫املتاعب من أجل املعمدان! ولكنّه عظيمنا! يف احلقيقة هو عظيمنا! فمولده كان معجزة‪ .‬أليصاابت‬
‫كانت عجوز مثل عود ايبس‪ ،‬وأصبَ َحت خصيبة مثل شجرة ت ّفاح يف آذار‪ ،‬وهذه املعجزة األوىل‪ ،‬مثّ‬
‫وفك عقدة لسان زكرّاي‪ .‬كان امسها مرمي‪ .‬إنّين أتذ ّكرها رغم أنّنا مل‬ ‫أقبَـلَت قريبة هلا‪ ،‬ق ّديسة‪ ،‬ملساعدهتا ّ‬
‫ض َعت‬ ‫لست أعلَم‪ .‬يقال ّإهنا إرضاء ألليصاابت قد َو َ‬ ‫نكن نراها ّإال اندراً ج ّداً‪ .‬كيف َح َدث ذلك؟ ُ‬
‫لست أعلَم متاماً‪ .‬إّّنا ما هو‬
‫ض َعت أصابعها يف فمه‪ُ .‬‬ ‫فم زكراي األبكم على أحشائها احلُبلى‪ ،‬أو ّإهنا َو َ‬
‫أكيد‪ ،‬هو أنّه‪ ،‬بعد تسعة أشهر من الصمت‪ ،‬تكلّم زكرّاي ممج ِّّداً هللا بقوله‪ :‬إ ّن وجود ماسيا قد أصبَ َح‬
‫لدي‪ .‬إّّنا زوجيت‪ ،‬اليت كانت موجودة هناك يومذاك‪ ،‬تؤّكد أ ّن زكرّاي‬ ‫حقيقة واقعة‪ .‬ال معلومات أخرى ّ‬
‫قال وهو َيجد هللا‪ ،‬إن ابنه سيسبقه‪ .‬واآلن أان أقول‪ :‬ليس كما يعتقد الناس‪ .‬إ ّن يوحنا هو ماسيا وهو‬
‫ألست حم ّقاً؟»‬
‫يسري ق ّدام هللا‪ ،‬كما كان إبراهيم يسري ق ّدام هللا‪ .‬هاكم‪ُ .‬‬
‫حق فيما‬ ‫«إنّ َ ِّ‬
‫لست على ّ‬
‫ك َ‬ ‫َيص روح املعمدان الذي يسري دائماً ق ّدام هللا‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫ك ُحم ّق فيما ّ‬
‫َيص ماسيا‪».‬‬

‫«إذاً فتلك اليت كان يقال عنها ّإهنا أ ُّم ابن هللا ‪-‬حسب قول صموئيل‪ -‬أومل تكن كذلك يف‬
‫احلقيقة؟ أمل تعد كذلك؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 292 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫النيب‪».‬‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬‫رب‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫خ‬‫صار‬ ‫صوت‬ ‫يسبقه‬ ‫ماسيا‪،‬‬ ‫د‬ ‫«لقد كانت كذلك‪ .‬وقد ولِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َحضَر لـه فيها يوئيل جلد خروف‪ ،‬كما كان‬
‫مرة أ َ‬
‫ك ّأول َمن يؤّكد ذلك‪ .‬فيوحنّا‪ ،‬يف آخر ّ‬ ‫«إنّ َ‬
‫كل عام‪ ،‬مطلع الشتاء‪ ،‬مل يـَ ُقل‪ ،‬حينما سألناه عن ماسيا‪" :‬إنّه موجود"‪ .‬وعندما سيقوهلا هو‪»...‬‬‫يفعل ّ‬
‫كنت تلميذاً ليوحنّا‪ ،‬وقد مسعتُه يقول‪" :‬هوذا َمحَل هللا" وهو‬
‫فيقول يوحنّا‪« :‬أيّها الرجل‪ ،‬لقد ُ‬
‫يشري إليه ابإلصبع‪»...‬‬

‫حقيقي ّنا مبفرده‪ِّ ،‬من دون عون أبيه و ّأمه‪ .‬فما كاد يصبح ابناً‬
‫ّ‬ ‫«ال‪ ،‬ال‪ ،‬فإنّه هو احلَ َمل‪َ .‬محَل‬
‫حّت اختلى يف كهوف اجلبال املواجهة للصحراء‪ ،‬وهناك ّنا وترعرع‪ ،‬وهو ُُي ِّادث هللا‪ .‬أليصاابت‬ ‫للشريعة ّ‬
‫األم‪ .‬ما ِّمن ق ّديس أعظم منه‪ .‬سلوا اخلليل‬‫ضر‪ .‬ذلك أ ّن هللا كان له األب و ّ‬ ‫وزكرّاي ماات‪ ،‬وهو مل َُي ُ‬
‫فَتض أن يكون أهل بيت حلم على صواب‪ .‬فق ّديس هللا هو‬ ‫كلّها‪ .‬صموئيل كان يقول ذلك‪ ،‬إّّنا يُ ََ‬
‫يوحنّا‪».‬‬

‫لك أحدهم‪" :‬أان ماسيا" فبماذا جتيبه؟»‬


‫فيسأله يسوع‪« :‬لو قال َ‬
‫َطرده ر ِّامجاً ّإايه ابحلجارة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«أقول عنه "إنّه ُجمَ ّدف" وأ ُ‬
‫اجَت َح معجزة إلثبات ذلك؟»‬
‫«وإذا ََ‬
‫«أقول‪" :‬إ ّن به َم ّساً ِّمن الشيطان"‪ ،‬فماسيا سوف أييت عندما يُعلِّن يوحنّا عن هويّته احلقيقيّة‪.‬‬
‫ضب هريودس نفسـه هو الدليل على ذلك‪ .‬فهو‪ ،‬الداهية‪ ،‬يَعلَم أ ّن يوحنّا هو ماسيا‪».‬‬ ‫و َغ َ‬
‫«مل يُولَد يف بيت حلم‪».‬‬

‫ظهر يف بيت حلم‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫«ولكن عندما سيُطلَق سراحه‪ ،‬بعد أن يُعلن بنفسه عن جميئه الثاين‪ ،‬سيَ َ‬
‫فبيت حلم كذلك تنتظره‪ .‬على الرغم من‪ ...‬آه! إن مل تكن خائفاً فاذهب ِّ‬
‫وخاطب أهل بيت حلم عن‬
‫ماسيا آخر‪ ...‬وسَتى‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 293 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هل لديكم كنيس؟»‬

‫َيكنك أن ختطئ‪ .‬وإىل‬


‫َ‬ ‫«على بُعد مائيت خطوة ِّمن هنا بشكل مستقيم‪َ ،‬ع َرب هذه الطريق‪ .‬ال‬
‫جانبه قرب "البقااي ال ُـمنتَـ َه َكة" (‪)Les restes violés‬‬

‫«إىل اللقاء وليُنِّر هللا َ‬


‫قلبك‪».‬‬

‫ويَنطَلِّقون عائدين إىل الواجهة‪.‬‬

‫عند البوابة تَِّقف امرأة يف َريعان الشباب‪ ،‬مثرية‪ ،‬مجيلة ج ّداً‪« .‬سيّدي‪ ،‬هل تريد الدخول إىل‬
‫املنزل؟ ادخل‪».‬‬

‫يَنظُر إليها يسوع بصرامة مثل قاض‪ ،‬وال يتكلّم‪ .‬فيتص ّدى هلا يهوذا ومبوافقة اجلميع‪« :‬عودي‬
‫ِّ‬
‫أبنفاسك‪ ،‬أيّتها الكلبة املسعورة‪».‬‬ ‫إىل الداخل‪َ ،‬وقِّ َحة‪ ،‬ال تَغوينا‬

‫يعلو املرأة امحرار شديد وتُطأطئ الرأس‪ .‬وتَغيب بسرعة‪ُ ،‬مضطَ ِّربة‪ُ ،‬مهانَة ِّمن قِّبَل األطفال‬
‫املارة‪.‬‬
‫و ّ‬
‫ط الت ّفاحة املق ّدمة ِّمن حواء؟"»‬
‫« َمن منكم هو الطاهر لدرجة يستطيع معها القول‪" :‬مل أشتَ ِّه ق ّ‬
‫أتوجه إليه ابلتحيّة بعبارة‪ :‬ق ّديس‪ .‬ال أحد؟ إذاً‪ ،‬إن‬ ‫يقول يسوع ذلك جب ّدية ويضيف‪« :‬عيّنوه يل وأان ّ‬
‫مل يكن ِّمن ابب االحتقار‪ ،‬بل من ابب الضعف تشعرون بعجزكم عن االقَتاب من هذه املرأة‪،‬‬
‫ُّعفاء على معركة غري ُمتَكافِّئة‪ .‬أيّتها املرأة أريد الدخول‪ .‬إ ّن ملكيّة هذا البيت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فانسحبوا‪ .‬أان ال أُرغم الض َ‬
‫َ‬
‫كانت تعود ألحد أقرابئي‪ .‬فهو عزيز على قليب‪».‬‬

‫تفضل سيّدي ابلدخول إذا مل تكن تشعر ابمشئزاز مين‪».‬‬


‫« ّ‬
‫«دعي الباب مفتوحاً لِّيَنظُر الناس وال يـُثَرثِّروا‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 294 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الالذع كان‬‫لكن كالم الناس ّ‬‫جاداً مهيباً‪ .‬حتيّيه املرأة خبضوع وال جترؤ على احلركة‪ .‬و ّ‬
‫َير يسوع ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت النُّخاع‪ .‬فتهرب راكضة إىل عمق احلديقة‪ ،‬بينما َيضي يسوع إىل أسفل السلّم‪ ،‬يُ ِّلقي نظرة‬ ‫ََيزها ّ‬
‫ِّ‬
‫وجد اآلن نوع ِّمن‬ ‫دخل‪ .‬مثّ يذهب إىل مكان القرب حيث يُ َ‬‫من خالل الباب شبه املفتوح ولكنّه ال يَ ُ‬
‫اهلَياكل الوثنيّة‪.‬‬

‫طهراً وبذور حياة أبديّة‪ .‬السالم لألموات‬


‫حّت وهي جافة ومبعثرة‪ ،‬تَضوع عطراً ُم َّ‬
‫« ُرفاة األبرار‪ّ ،‬‬
‫ابلرب! السالم للذين عانوا ومل يريدوا‬
‫الذين كانت حياهتم مستقيمة! السالم لألطهار الذين يرقدون ّ‬
‫معرفة اإلمث! السالم لعظماء األرض والسماء احلقيقيّني! السالم!»‬

‫تعود املرأة ملالقاته ُمتَّبِّعة سياجاً َيفيها‪.‬‬

‫«سيّدي!»‬

‫«نعم‪ ،‬أيّتها املرأة‪».‬‬

‫امسك اي سيدي؟»‬
‫«ما َ‬
‫«يسوع‪».‬‬

‫لست خبرية بغري اجملون‪ .‬فماذا يعين هذا االسم؟‬


‫ط‪ .‬أان رومانيّة‪ :‬ممثّلة وراقصة‪ .‬و ُ‬
‫«مل أمسع به ق ّ‬
‫أان امسي حجالي و‪ ...‬وهو يعين الرذيلة‪».‬‬

‫«امسي يعين‪ :‬ال ُـم َخلِّّص‪».‬‬

‫ومن؟»‬ ‫ِّ‬
‫«كيف ُختَلّص؟ َ‬
‫الرفعة‬
‫و‬ ‫ف‬‫َّر‬
‫الش‬ ‫كذلك‬
‫و‬ ‫األمل‬ ‫ادة‬
‫ر‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫الطهارة‬ ‫م‬‫«الذي يريد اخلالص بصدق‪ .‬أُخلِّّص وأان أُعلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أبي مثن‪ ».‬يتكلّم يسوع بغري حدة‪ ،‬إّّنا كذلك دون االلتفات إىل املرأة‪.‬‬
‫واخلري ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 295 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أان اتئهة‪»...‬‬

‫«وأان َمن يبحث عن التائهني‪».‬‬

‫«أان ميتة‪».‬‬

‫«أان َمن يَ ِّهب احلياة‪».‬‬

‫«أان قَذارة وكذب‪».‬‬

‫«أان الطُّهر واحلقيقة‪».‬‬

‫فارمحين‪»...‬‬
‫بقدميك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫لمسين وال تدوسين‬
‫إيل وال تَ َ‬
‫الصالح كذلك‪ ،‬اي َمن ال تَنظُر ّ‬
‫أنت َّ‬
‫« َ‬
‫ِّ‬
‫روحك‪».‬‬ ‫رمحي‬ ‫ترمحي ِّ‬
‫ذاتك‪ ،‬تَ َ‬ ‫«يف البدء ِّ‬
‫عليك أن َ‬
‫«تُرى ما يكون الروح؟»‬

‫«هو الذي جيعل من اإلنسان إهلاً ال حيواانً‪ .‬والرذيلة‪ ،‬اخلطيئة‪ ،‬تقتله‪ ،‬وهو لو مات يُصبِّح‬
‫اإلنسان حيواانً مثرياً لالمشئزاز‪».‬‬

‫مرة أخرى؟»‬
‫رؤيتك ّ‬
‫«هل سأمت ّكن من َ‬
‫عين جيدين‪».‬‬
‫« َمن يبحث ّ‬
‫«أين تقطن؟»‬

‫«حيث القلوب يف حاجة إىل طبيب وعالج لتصبح مستقيمة‪».‬‬

‫«إذاً‪ ...‬فلن أر َاك أبداً‪ ...‬إذ حيث أكون أان فال أحد يريد طبيباً وال عالجاً وال استقامة وال‬
‫نزاهة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 296 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َينعك ِّمن أن أتيت إىل حيث أكون‪ .‬سينادى ابمسي يف الطرقات‪ ،‬وسوف ي ِّ‬
‫صل‬ ‫«ال شيء ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫إليك‪ .‬الوداع‪».‬‬

‫أدعوك "يسوع"‪ .‬آه! ليس بدافع األلفة ورفع الكلفة!‪ ...‬إّّنا لكي يَلِّج‬
‫«الوداع اي سيدي‪ .‬دعين َ‬
‫قليل ِّمن اخلالص إىل أعماقي‪ .‬أان أُدعى حجالي‪ .‬اذ ُكرين‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬الوداع‪».‬‬
‫ارم‪ .‬ينظُر إىل اجلميع‪ .‬ي ِّ‬
‫الحظ‬‫ُ‬ ‫الص ِّ َ‬
‫اجلاد َّ‬
‫وَي ُرج يسوع‪ ،‬مبظهره ّ‬ ‫تبقى املرأة يف عمق احلديقة‪َ .‬‬
‫خادم يُغلِّق البوابة‪.‬‬
‫االرتباك ابدايً على التالميذ‪ ،‬واالزدراء لدى اخلليليني‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫طرق ابب الكنيس‪ .‬يتق ّدم شيخ صغري الق ّد‪ ،‬حانِّقاً‪ .‬ال‬ ‫سوي‪ .‬يَ ُ‬
‫يَسلك يسوع الطريق بشكل ّ‬
‫حّت للكالم‪« .‬الكنيس حمظور‪ ،‬وال جمال يف هذا املكان املق ّدس ملن يـَتَ َحدَّثون إىل‬
‫ََينَح يسوع فرصة ّ‬
‫انص ِّرف!»‬
‫البغااي‪َ .‬‬
‫حّت يَبلُغ َخمَرج اخلليل‪ .‬عندئذ‬ ‫ِّ‬
‫يعود يسوع أدراجه دون كالم‪ ،‬ويُكمل طريقه وأَتبَاعه خلفه‪ّ .‬‬
‫يبدأون ابلكالم‪.‬‬

‫كل الناس!»‬ ‫بني‬ ‫ن‬‫م‬ ‫يقول يهوذا‪« :‬أنت ابتدأت ابملشاكل‪ ،‬اي معلّم‪ِّ .‬‬
‫عاهرة! ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يذمين‪ ،‬ماذا تقول‬
‫أنت اي َمن ّ‬ ‫منك‪ .‬واآلن َ‬ ‫لك ّإهنا ستسمو إىل درجة أرفَع َ‬ ‫احلق أقول َ‬
‫«يهوذا‪ّ ،‬‬
‫يل عن اليهود؟ يف األماكن األكثر قداسة يف اليهوديّة‪َ ،‬س ِّخروا ِّمنّا وطََردوان‪ ...‬ولكن هكذا‪ .‬لقد حان‬
‫الرب فسوف تتلطّخ يداه ابلدم‬ ‫احلق‪ّ ،‬أما شعب ّ‬ ‫السامرة والوثنيّون اإلله ّ‬
‫الوقت الذي يَعبُد فيه أهل َّ‬
‫احهن اتفهة ال وزن هلا‪.‬‬
‫أجسادهن وأرو ّ‬
‫ّ‬ ‫وابجلرَية‪ ...‬ابجلرَية اليت تبدو أمامها خطااي البغااي اللوايت تَبِّعن‬
‫الرفاة املقدَّسة‪ ،‬وابتَ ِّهجي‬
‫يهم‪ .‬اسَتُيي أيّتها ُّ‬
‫البار‪ .‬إّّنا ال ّ‬
‫مل أستطع الصالة على رفاة أقرابئي وصموئيل ّ‬
‫ظهرون فيه للمالئكة‬ ‫ِّ‬
‫أيّتها األرواح اليت كانت تسكنها‪ .‬فالقيامة األوىل وشيكة‪ ،‬ومن مثّ أييت اليوم الذي تَ َ‬
‫كخ ّدام للرب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 297 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫يصمت يسوع وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 298 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -42‬يسوع يف إسخريوط‪ .‬وفاة شاول الشيخ)‬

‫‪1945 / 01 / 14‬‬

‫لدي انطباع أب ّن القسم األكثر احنداراً‪ ،‬أي العُقدة األكثر ِّضيقاً يف جبال اليهوديّة هي بني‬
‫ّ‬
‫اخلليل وايفا‪ .‬إّّنا قد أكون خمطئة‪ ،‬وقد يكون عبارة عن واد يَن َفتِّح أبكثر اتساعاً على آفاق أكثر‬
‫لست أدري‪ .‬أراها‬
‫َر َحابة‪ ،‬حيث تَربُز جبال منفردة وليست سلسلة‪ .‬قد يكون إسفيناً بني سلسلتني ‪ُ ،‬‬
‫لست أعرف عنها الكفاية‪ .‬يف حقول أكثر ضيقاً ولكن معتىن هبا‪ ،‬حماصيل خمتلفة ِّمن‬ ‫مرة و ُ‬‫ألول ّ‬
‫ّ‬
‫تعرضاً للشمس‪ .‬مثّ‬
‫خاص الشيلم‪ ،‬وكذلك كروم رائعة على األراضي األكثر ّ‬ ‫احلبوب‪ :‬الشعري‪ ،‬وبشكل ّ‬
‫صعوداً‪ ،‬غاابت صنوبر‪ ،‬وتنوب (أشجار حرجية صنوبرية)‪ ،‬وعطور أخرى غاابتيّة‪ .‬طريق‪ ...‬منعزلة‬
‫وهي مبثابة مدخل إىل قرية صغرية‪.‬‬

‫ويقول يهوذا الذي مل يعد يتمالك نفسه من ش ّدة التأثّر‪« :‬هي ذي ضاحية إسخريوط‪ ،‬أرجوك‬
‫ومن مثّ سنذهب إىل إسخريوط‪».‬‬ ‫تنتظرك هناك‪ِّ .‬‬ ‫يفي‪ّ .‬أمي‬
‫َ‬ ‫أن أتيت إىل بييت الر ّ‬
‫فالرعاة مل يعودوا معه‪ .‬قد‬
‫لقد فاتين القول أب ّن يسوع اآلن مع يهوذا ويوحنّا ومسعان فقط‪ُّ ،‬‬
‫يكونون َم َكثوا يف مراعي اخلليل أو رّمبا عادوا إىل بيت حلم‪.‬‬

‫ك‪».‬‬
‫فنتعرف إىل ّأم َ‬
‫«كما تريد اي يهوذا‪ ،‬إّّنا كان إبمكاننا التوقّف هنا ّ‬
‫فإهنا تبقى يف‬
‫يفي‪ ،‬ال أتيت إليه ّأمي إال َزَمن اجلَّين‪ .‬يف ما عدا ذلك ّ‬
‫«آه! ال‪ ،‬إنّه بيت ر ّ‬
‫إسخريوط‪ .‬مثّ أال تريد أن تر َاك بلديت؟ أال تريد أن َحت ِّمل هلا َ‬
‫نورك؟»‬

‫بت تعلم أنّين ال أابيل مطلقاً بوضاعة املكان الذي يستضيفين‪».‬‬


‫ك َّ‬
‫«ابلطبع أريد‪ ،‬اي يهوذا‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫يرحب بضيوفه‪».‬‬
‫ك اليوم ضيفي‪ ...‬ويهوذا يعرف كيف ّ‬
‫«ولكنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 299 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هرع رجال ونساء وقد انداهم‬ ‫يسريون بضعة أمتار أخرى بني بيوت صغرية متناثرة يف القرية‪ ،‬ويَ َ‬
‫مهر‪.‬‬ ‫األطفال‪ .‬ابلتأكيد إنّه فضول ُمفتَـ َعل‪ ،‬فيهوذا قد َد َّق حتماً الطَّبل الدَّاعي للت َ‬
‫َّج ُ‬
‫«هذا هو بييت املتو ِّ‬
‫اضع‪ .‬اعذرين لتواضعه‪».‬‬

‫لكن البيت ليس خرابة‪ .‬إنّه بناء ِّمن طابق واحد‪ ،‬ولكنّه َرحب ووضعه جيّد وسط حديقة‬‫و ّ‬
‫كثيفة انجحة‪ .‬طريق صغرية خاصة نظيفة ج ّداً تَ ِّ‬
‫صل البيت ابلشارع العام‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«أتسمح يل أبن أسبقكم اي معلّم؟»‬

‫«هيّا‪».‬‬

‫وَيضي يهوذا‪.‬‬

‫أشك أبنه سيفعل‬


‫كنت ّ‬ ‫الستقبالك بفخامة استعراضية‪ ،‬وقد ُ‬
‫َ‬ ‫َّب‬
‫يقول مسعان‪« :‬إ ّن يهوذا قد رت َ‬
‫أنت ُحم ّق متاماً‪" :‬الروح‪ ...‬الروح‪ّ "...‬أما‬
‫أنت دائماً ما تقول‪ ،‬و َ‬
‫ذلك‪ .‬إّّنا اآلن فأان متأ ّكد‪ .‬اي معلّم‪َ ،‬‬
‫يصحح القول‬
‫يفهمك أبداً‪ ...‬أو ابألحرى سيستغرق ذلك وقتاً‪ّ ».‬‬ ‫َ‬ ‫هو فال يرى األمور بتلك الروح‪ .‬لن‬
‫زعج يسوع‪.‬‬ ‫كي ال ي ِّ‬
‫ُ‬
‫يتنهد يسوع ويصمت‪.‬‬
‫ّ‬
‫ََي ُرج يهوذا برفقة امرأة يف اخلمسني تقريباً‪ّ .‬إهنا ابألحرى كبرية القامة‪ .‬ولكن ليس كابنها الذي‬
‫اجملعد‪ .‬إّّنا عيناها لطيفتان‪ ،‬متيالن إىل احلزن‪ ،‬بينما عينا يهوذا‬
‫َخ َذ عنها العينني السوداوين والشعر ّ‬ ‫أَ‬
‫طر َستان وماكَِّراتن‪.‬‬
‫ُمتَـغَ ِّ‬

‫قبلك‪».‬‬
‫خلادمتك أن تست َ‬
‫َ‬ ‫يك‪ ،‬ملك إسرائيل‪ ،‬امسَح‬
‫فتقول وهي تنحين مثل رعيّة حقيقيّة‪« :‬أحيّ َ‬
‫معك ومع ِّ‬
‫ابنك‪».‬‬ ‫لك اي امرأة‪ .‬وليكن هللا ِّ‬
‫«السالم ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 300 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«آه! نعم‪ ،‬مع ابين!» ّإهنا تنهيدة أكثر منها إجابة‪.‬‬
‫«اهنضي أيتها األم‪ .‬فأان أيضاً يل أم‪ ،‬وال َيكنين أن أمسح أبن تُـ َقبِّلي قَدمي‪ .‬أُقَـبِّ ِّ‬
‫لك ابسم والديت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمهات املتميِّّزين‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫احلب‪ ،‬ويف املصري املؤمل ّ‬
‫ّإهنا أختك‪ ...‬يف ّ‬
‫«ما الذي تريد قوله‪ ،‬ماسيا؟» يسأل يهوذا وهو مضطرب قليالً‪.‬‬

‫ّإال أن يسوع ال جييب‪ .‬إنّه يـُ َقبِّّل خ ّدي املرأة اليت أهنَ َ‬
‫ضها‪ ،‬مثّ يتّجه إىل املنزل ممسكاً بيدها‪.‬‬

‫كل شيء جاهز‪:‬‬ ‫دخلون إىل غرفة رطبة حيث ستائر أبخاديد لطيفة تُضفي عليها ظالالً‪ّ .‬‬ ‫يَ ُ‬
‫مشروابت مر ِّطّبة وفواكه‪ّ .‬إال أ ّن ّأم يهوذا تنادي ّأوالً خادمة حتمل ماء ومناشف‪ .‬وقد كانت ربّة البيت‬
‫فاألم خملوقة‬
‫األم‪ّ .‬‬‫لكن يسوع َيانع‪« :‬ال‪ ،‬أيّتها ّ‬
‫املغربتني‪ .‬و ّ‬
‫تبغي خلع حذائي يسوع وغسل قدميه ّ‬
‫مق ّدسة ج ّداً‪ ،‬خاصة عندما تكون شريفة ونزيهة وابرة ِّ‬
‫مثلك‪ .‬فال َيكن أن أمسح أبن أتخذي وضعيّة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العبد‪».‬‬

‫يهم ابنتعال حذائه‪ ،‬تعود‬


‫األم إىل يهوذا‪ ...‬نظرة غريبة؛ مثّ تبتعد‪ .‬يغتسل يسوع‪ .‬وعندما ّ‬
‫تنظر ّ‬
‫فعلت حسناً‪ ...‬كما كان يريد يهوذا‪ ...‬لقد‬ ‫ِّ ِّ‬
‫املرأة بزوج من النّعال جديدين‪« .‬هاك اي ماسياان‪ .‬أظنّين ُ‬
‫قال يل‪" :‬أطول قليالً ِّمن نعلي وابلعرض ذاته"‪».‬‬

‫«ولكن ملاذا اي يهوذا؟»‬

‫ألست َملِّكي وإهلي؟»‬


‫لك هديّة؟ َ‬
‫«أال تبغي السماح يل أبن أق ّدم َ‬
‫فأنت تعرف كم أان‪»...‬‬ ‫«نعم اي يهوذا‪ ،‬ولكن ما كان ينبغي أن تُربِّك ّأم َ‬
‫ك هكذا‪َ .‬‬
‫ظهر مبظهر امللك الق ّديس‪ .‬هذا ما يَفرض ذاته يف عامل‬
‫أنت ق ّديس‪ .‬إّّنا جيب أن تَ َ‬
‫«أعرف‪َ .‬‬
‫تسعة أعشاره محقى‪ ،‬يلزمهم مظهر الئق يفرض ذاته‪ .‬أعرف ذلك‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 301 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت الكاحل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ينتَعل يسوع نعليه اجلديدين من اجللد األمحر ابلسيور املثقوبة‪ ،‬ووجه النَّعل يصل ّ‬
‫إهنما أمجل كثرياً من نعليه البسيطني والشبيهني بنعلي يهوذا‪ ،‬اللَّتني تَ َ‬
‫ظهر منهما فقط أطراف األرجل‪.‬‬

‫لك‪ .‬إنّه من الكتّان‪:‬‬


‫كنت قد هيّأتُه ليهوذا ابين‪ ...‬ولكنّه هو يق ّدمه َ‬
‫«كذلك الثوب‪ ،‬اي مليكي‪ُ .‬‬
‫تلبسك‪ ...‬كما لو كان احلال مع ابنها؟»‬ ‫َ‬ ‫ألم أبن‬
‫منعش وجديد‪ .‬أتسمح ّ‬
‫يلت ِّفت يسوع وينظر إىل يهوذا‪ّ ...‬إال أنّه ال جييب‪ُ .‬يل رابط الثوب عند العنق‪ ،‬وي ِّ‬
‫سقط رداءه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫الواسع من على كتفيه مبقياً على جلبابه الذي يرتديه حتته‪ .‬وتق ّدم لـه املرأة الثوب اجلديد اجلميل‪ .‬ومعه‬
‫بكل‬
‫شراابت أو طرر كبرية‪ .‬ويسوع‪ّ ،‬‬ ‫حزام هو عبارة عن شريط غالون مو ّشى‪ ،‬ينتهي حببل يف هنايته ّ‬
‫أتكيد‪ ،‬يشعر ابرتياح يف ثيابه املنعشة واجلديدة‪ ،‬ولكنّه ال يبدو سعيداً ج ّداً‪ .‬ويف هذه األثناء يغتسل‬
‫اآلخرون‪.‬‬

‫أنت اي مسعان قد‬ ‫ِّ‬


‫هلم اي معلّم‪ .‬هي فواكه من َكرمي املتواضع‪ ،‬وهذا نبيذ عسل تصنعه ّأمي‪َ .‬‬ ‫« ّ‬
‫أنت اي يوحنّا؟ مثل املعلّم؟» يَبتَ ِّهج يهوذا بينما‬ ‫ِّ‬ ‫تُـ َف ِّّ‬
‫ضل هذا النبيذ األبيض‪ُ .‬خذ‪ .‬إنّه من َكرمي‪ .‬و َ‬
‫فضية مجيلة‪ُ ،‬م ِّ‬
‫ظهراً أنّه ميسور احلال‪.‬‬ ‫يَس ُكب يف كؤوس ّ‬
‫األم قليالً‪ّ .‬إهنا تَنظُر‪ ...‬تَنظُر‪ ...‬وتَنظُر إىل ابنها يهوذا‪ ...‬وتَنظُر أكثر إىل يسوع‪ ...‬قبل‬
‫تتكلّم ّ‬
‫أن أيكل يسوع‪ ،‬يق ّدم هلا أمجل حبّة فاكهة (إهنا حبّات مشمش كبرية على ما يبدو‪ ،‬يل فهي مثار‬
‫غرورق عيناه بدموع كالآللئ‪.‬‬
‫األم ّأوالً‪ ».‬تُ َ‬
‫صفراء ومحراء‪ ،‬إّّنا ليست ت ّفاحاً) وعندما يقول هلا‪« :‬دائماً ّ‬
‫فيسأل يهوذا‪ّ « :‬أماه‪ ،‬هل الباقي جاهز؟»‬

‫أمضيت عمري هنا وال أعرف‪...‬‬


‫ُ‬ ‫كل شيء بشكل جيّد‪ّ ،‬إال أنّين‬
‫أمتمت ّ‬
‫بين‪ ،‬أظنّين قد ُ‬
‫«نعم اي ّ‬
‫لست أعرف عادات امللوك‪».‬‬
‫ُ‬
‫فعلت اي يهوذا؟»‬
‫أي ملوك؟ ماذا َ‬
‫«أيّة عادات اي امرأة؟ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 302 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دك العامل كما جيب‪ ،‬وكان ينبغي أن‬
‫َيج َ‬ ‫ِّ‬
‫لست َملك إسرائيل املوعود؟ لقد آن األوان كي ّ‬ ‫«أو َ‬
‫ِّ‬
‫المسك كماسيا‪،‬‬
‫ك هبذا اللقب‪ .‬فحبّاً يب واحَتاماً َ‬‫للمرة األوىل هنا‪ ،‬يف بلديت‪ ،‬ويف بييت‪ .‬أُجلُّ َ‬
‫ُيصل هذا ّ‬
‫عليك األنبياء أبمر من يهوه‪ ،‬ال ختيّبين‪».‬‬
‫كمسيح‪ ،‬كملك‪ ،‬الذي أطلَ َقه َ‬
‫«أيّتها املرأة‪ ،‬أيّها األصدقاء‪ ،‬أرجوكم‪ .‬أحتاج ألن أحت ّدث إىل يهوذا‪ ،‬ينبغي يل إعطاؤه أوامر‬
‫َّدة‪».‬‬
‫حمد َ‬
‫األم وكذلك التلميذان‪.‬‬ ‫تَ ِّ‬
‫نسحب ّ‬ ‫َ‬
‫حّت اآلن ّإال قليالً ج ّداً؟ ملاذا َهتبط يب إىل‬‫ك مل تفهمين ّ‬ ‫فعلت اي يهوذا؟ هل ترى أنّ َ‬
‫«ماذا َ‬
‫السلطة؟ أَوال تُ ِّ‬
‫درك أ ّن‬ ‫ُّ‬ ‫هذه‬ ‫عن‬ ‫الباحثني‬ ‫ني‬ ‫درجة أن جتعل مين أحد سالطني األرض‪ ،‬بل أحد الطَّ ِِّّ‬
‫احم‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫حّت يضع العوائق يف طريقها؟ نعم هو عائق‪ ،‬وهذا ال جدال فيه‪.‬‬ ‫هذا َُي ّ ِّ‬
‫ط من قَدر رساليت‪ ،‬بل ّ‬
‫أنت تعرف ماذا جرى عندما أراد أحدهم الوقوف يف وجه روما‪ ،‬وقد بدا‬ ‫فإسرائيل خاضعة لروما‪ ،‬و َ‬
‫أيت يف تلك‬ ‫ِّ‬
‫الشك أبنّه يـُنَظّم حلرب حترير‪ .‬ولقد ر َ‬ ‫شعيب‪ ،‬وتَـَرَك جماالً للبقاء ضمن دائرة ّ‬
‫وكأنّه زعيم ّ‬
‫ألهنم كانوا يـََرون فيه َملِّكاً ُمستقبليّاً حسب‬
‫أيت كيف كانت مطاردة طفل لقتله ّ‬ ‫األايم ابلتحديد‪ ،‬ر َ‬
‫ّ‬
‫أنت!‬
‫أنت! و َ‬
‫العامل‪ .‬و َ‬

‫آه! اي يهوذا‪ ،‬ماذا تنتَ ِّظر ِّمن سلطان يل حبسب اجلسد؟ ماذا َأتمل؟ لقد َمنَحتُ َ‬
‫ك الوقت لتف ّكر‬
‫كنت أعرف‪...‬‬
‫ك ألنّين ُ‬ ‫استبعدتُ َ‬
‫كنت قد َ‬ ‫حّت إنّين ُ‬ ‫اتم منذ الوهلة األوىل‪ّ .‬‬ ‫ك بوضوح ّ‬ ‫وتقرر‪ ،‬وقد َكلَّمتُ َ‬
‫ّ‬
‫داخلك‪ .‬ملاذا تريد أن تتبعين إن مل تكن ترغب يف أن‬ ‫َ‬ ‫ألنّين أعرف‪ ،‬نعم ألنّين أعرف وأقرأ وأرى ما يف‬
‫فلست‬ ‫لك‪.‬‬
‫نفسك وال تتبعين‪ ...‬اذهب‪ .‬فهذا أفضل َ‬ ‫َ‬ ‫تكون مثلما أشاء؟ اذهب اي يهوذا! ال تُ ِّ‬
‫زعج‬
‫َ‬
‫ففيك الكربايء والطَّ َمع بفروعه الثالثة وروح‬
‫منك كثرياً‪َ .‬‬ ‫أنت العامل املناسب هلذا العمل‪ ...‬إنّه أرفع َ‬ ‫َ‬
‫َّزعة إىل الكذب‪ ...‬ال‪ .‬فعلى َمن يريد أن‬ ‫ختشاك‪ ...‬وكذلك الن َ‬ ‫َ‬ ‫ك أن‬‫حّت إنّه على ّأم َ‬
‫السيطرة‪ّ ...‬‬
‫لك فقط‪ ،‬مع أمل عدم القدرة‬ ‫ألعنك‪ .‬بل أقول َ‬
‫أكرهك‪ .‬ال َ‬ ‫َ‬ ‫يتبعين ّأال يكون هكذا‪ .‬اي يهوذا‪ :‬أان ال‬
‫لنفسك مرتبة يف العامل‪ ،‬إذا كان هذا ما‬
‫َ‬ ‫بك‪َ ،‬ك ِّّون‬
‫لك فقط‪ ،‬اسلُك در َ‬ ‫على تغيري إنسان أحبّه‪ ،‬أقول َ‬
‫تبق معي‪.‬‬
‫ترمي إليه‪ .‬إّّنا ال َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 303 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫طريقي!‪ ...‬مملكيت!‪ ...‬أيّة آالم ستكون! هل تعلم أين سأكون ملكاً؟ مّت َسيُعلَن ُملكي؟‬
‫سيكون ذلك عندما أُرفَع على عود ذليل‪ ،‬عندما سيكون دمي برفرياً يل‪ ،‬والتاج إكليل شوك مضفوراً‪،‬‬
‫واإلعالن ايفطة خمزية‪ّ ،‬أما األبواق والصنوج واألراغن والقيثارات اليت حتيّي الذي يُعلَن عنه ملكاً‬
‫كل هذا؟ سوف يكون‬ ‫فستكون الشتائم من قبل شعب كامل‪ :‬من شعيب‪ .‬وهل تعلم بفعل َمن سيكون ّ‬
‫بفعل واحد مل يكن قد فَ ِّه َمين‪ ،‬وال يدرك شيئاً‪ .‬قلبه برونزي فارغ‪ ،‬حيث الكربايء وامليل إىل الشهوة‬
‫والبُخل ستكون قد نـَ َفثَت ُمسّها ِّمن حيث تكون قد ُخلِّ َقت ثعابني متشابكة لِّتُ َش ِّّكل يل واثقاً و‪ ...‬له‬
‫وبينك‪ .‬فضالً‬
‫أرجوك‪ :‬ال تَـ ُقل شيئاً‪ .‬وليبق هذا بيين َ‬ ‫لعنة‪ .‬واآلخرون ال يعرفون مصريي هبذا الوضوح‪ .‬و َ‬
‫فهمت اي يهوذا؟»‬
‫َ‬ ‫ذم"‪ .‬هل‬ ‫صمت كي ال يقال‪" :‬قد أصابين ّ‬ ‫عن ذلك‪ ...‬فهي َم َذ َّمة‪ ...‬وسوف تَ ُ‬
‫ّأما يهوذا فمن كثرة امحراره مال لونه إىل البنفسجي‪ .‬وهو يقف إىل جانب يسوع‪ ،‬إنّه مضطرب‪،‬‬
‫قصين‪.‬‬‫ك اي معلّم فال تُ ِّ‬ ‫خافض الرأس‪ ...‬مثّ يركع ويبكي ورأسه ملقى يف أحضان يسوع‪« .‬إنّين أحبّ َ‬
‫همك‪.‬‬
‫املرة األخرية اليت أُسيء فيها ف َ‬ ‫ِّ‬
‫نعم‪ ،‬إنّين ُمتَ َك ّرب‪ ،‬بَل أان أبله‪ ،‬إّّنا ال تصرفين‪ .‬ال اي معلّم‪ّ ،‬إهنا ّ‬
‫أحيطك بكثري‬
‫َ‬ ‫كنت أبغي أن‬ ‫احلب موجود‪ُ .‬‬ ‫حّت يف هذا اخلطأ ّ‬ ‫معك‪ ،‬فأان مل أف ّكر‪ .‬ولكن ّ‬ ‫احلق َ‬ ‫كل ّ‬ ‫ّ‬
‫قلت ذلك منذ ثالثة‬ ‫فأنت قد َ‬ ‫ك‪َ .‬‬ ‫ك اآلخرون أيضاً‪ ...‬ألنّين أحبّ َ‬‫من اإلجالل‪ ...‬وأعمل على أن جيلّ َ‬
‫أايم‪" :‬عندما ختطئون بدون مكر‪ ،‬جبهل‪ ،‬فهذا ليس خبطيئة‪ ،‬إّّنا هو ُحكم غري كامل‪ُ ،‬حكم أطفال‪،‬‬
‫ك تكون يل مبثابة األب‪...‬‬ ‫قلت يل إنّ َ‬
‫كبتيك‪ ...‬وقد َ‬ ‫وأان هنا ألجعلكم تَبلغون"‪ .‬ها أنذا اي معلّم عند ر َ‬
‫منك أن جتعل ِّم ّين "ابلغاً"‪ ،‬ق ّديساً‬ ‫منك العفو‪ .‬أطلب َ‬ ‫ك أيب فعالً‪ ،‬وأطلب َ‬ ‫كبتيك كما لو أنّ َ‬ ‫عند ر َ‬
‫أنت ترى أنّين‬‫يف سيّئ‪َ .‬‬ ‫كل شيء َّ‬ ‫ابلغاً‪ ...‬ال تصرفين اي يسوع‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬اي يسوع‪ ...‬ال‪ ،‬فليس ّ‬
‫أحصل عليها يف‬ ‫كنت َ‬ ‫فأنت ابلنسبة يل أمسى من الكرامات واالمتيازات اليت ُ‬ ‫أتيت‪َ .‬‬ ‫كل شيء و ُ‬ ‫كت ّ‬ ‫تر ُ‬
‫لك سوى‬ ‫ِّ‬
‫ب الفقري‪ ،‬البائس يهوذا الذي ير َغب يف ّأال يـُ َق ّدم َ‬ ‫أنت ُح ّ‬
‫أنت‪ ،‬نعم‪َ ،‬‬ ‫خدمة اآلخرين‪َ .‬‬
‫لك األمل‪»...‬‬
‫الفرح‪ ،‬بينما هو على العكس يسبّب َ‬
‫أساحمك على أمل‪...‬‬
‫َ‬ ‫أساحمك‪ »...‬يبدو يسوع تَعِّباً‪« ...‬‬
‫َ‬ ‫مرة أخرى‬
‫«هذا يكفي اي يهوذا‪ّ ،‬‬
‫على أمل أن تفهمين يف املستقبل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 304 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مين هدفاً‬
‫سحقين حتت ثقل أكذوبة جتعل ّ‬ ‫«نعم اي معلّم‪ ،‬نعم‪ .‬ومع ذلك فاآلن‪ ،‬اآلن ال تَ َ‬
‫الستقبالك‬
‫َ‬ ‫كنت قادماً مع سليل داود‪ ،‬ملك إسرائيل‪ ،‬وقد هتيَّأَت‬
‫للسخرية‪ .‬فإسخريوط كلّها تَعلَم أنّين ُ‬
‫تتصرف‬
‫أجعلك ترى كيف ّ‬ ‫َ‬ ‫أفعل حسناً‪ ...‬أبن‬
‫أظن نفسي َ‬ ‫كنت ّ‬‫يف هذه البلدة اليت هي بلديت‪ُ ...‬‬
‫لك عن اخلشية والطاعة‪ ،‬وأن أجعل يوحنّا ومسعان يـََراين ذلك ومن خالهلما اآلخرين الذين‬ ‫عرب َ‬‫لتُ ِّ‬
‫ُيبونك‪ ،‬إّّنا يعاملونك معاملة الن ّد للن ّد‪ ...‬حّت والديت ستكون ذليلة لكوهنا أُم ابن ِّ‬
‫كاذب وأمحق‪ .‬من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫لك أنّين‪»...‬‬
‫أجلها اي سيّدي‪ ...‬وأقسم َ‬
‫استطعت ذلك أبن ال تعود ُختطئ يف هذا اجملال‪.‬‬ ‫سك إذا ما‬
‫َقسم لنف َ‬ ‫«ال تقطع يل عهوداً‪ ،‬إّّنا أ ِّ‬
‫َ‬
‫ك والس ّكان‪ ،‬فلن أكون ُمهينَاً هلم بذهايب دون توقّف‪ .‬اهنَض‪».‬‬ ‫ألم َ‬
‫ّأما ابلنسبة ّ‬
‫«ما الذي تنوي قوله لآلخرين؟»‬

‫«احلقيقة‪»...‬‬

‫«آه! ال‪».‬‬

‫إليك أوامر هلذا اليوم‪ .‬فهناك دائماً طريقة لقول احلقيقة دون جرح‬
‫أصدرت َ‬
‫ُ‬ ‫«احلقيقة‪ :‬أنّين‬
‫ك واآلخرين‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫احملبّة‪ .‬هيّا‪ .‬اند ّأم َ‬
‫صارم‪ .‬وال يعود لالبتسام ّإال حينما يعود يهوذا مع ّأمه والتلميذين‪ُ .‬متعِّن‬
‫يبدو يسوع مبظهر ِّ‬
‫أبهنا نـَ ْفس متألّمة‪.‬‬
‫لدي انطباع ّ‬
‫فتطمئن‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الرفق‪،‬‬
‫األم النظر يف وجه يسوع‪ّ ،‬إال ّأهنا تلحظ فيه ّ‬
‫ّ‬
‫األم على ما فَـ َعلتِّه‬ ‫ِّ‬
‫أخذت قسطاً من الراحة وأشكرك أيّتها ّ‬
‫ُ‬ ‫«ألن نذهب إىل إسخريوط؟ لقد‬
‫ِّ‬
‫زوجك الذي تَبكني‪ ،‬الراحة والسعادة من أجل احملبّة اليت‬ ‫فلتكافئك السماء‪ ،‬ولِّتَ ِّهب‬
‫ِّ‬ ‫وبر‪.‬‬
‫من صالح ّ‬
‫ِّ‬
‫تكنّينها يل‪».‬‬

‫ـاول األ ُّم تقبيـل يـده‪ّ ،‬إال أن يســوع يضـع يـده على رأسـها ُمال ِّطفـاً وال يَ َدعهـا تفعـل‪.‬‬
‫ُحت ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 305 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫العَربة جاهزة‪ ،‬أيّها املعلّم‪ ،‬هيا‪».‬‬
‫« َ‬
‫جترها ثريان‪ّ .‬إهنا عربة مجيلة‪ ،‬عمليّة‪ ،‬وقد ُو ِّض َعت عليها وسادات‬ ‫ِّ‬
‫يف اخلارج‪ ،‬تَصل ابلفعل عربة ّ‬
‫السور‪.‬‬
‫مغطّاة أبغطية محراء مبثابة ّ‬
‫«اصعد اي معلّم‪».‬‬

‫«األ ُّم ّأوالً‪».‬‬

‫صعد األ ُّم مثّ يسوع واآلخرون‪.‬‬


‫تَ َ‬
‫«هنا اي معلّم‪َ ( ».‬مل يـَعُد يهوذا يناديه ابمللك‪).‬‬

‫األمامي‪ ،‬وإىل جانبه يهوذا‪ ،‬ويف اخللف املرأة والتلميذان‪ .‬يهمز السائق‬ ‫القسم‬ ‫يف‬ ‫يسوع‬ ‫س‬ ‫َجيلِّ‬
‫ّ‬
‫الثريان وُيثّها بينما هو يسري إىل جانبها‪.‬‬

‫املسافة قصرية‪ .‬أربعمائة مَت أو أكثر قليالً‪ ،‬مثّ ها هي تلوح طالئع بيوت إسخريوط‪ ،‬اليت تبدو‬
‫يل بلدة صغرية عاديّة ج ّداً‪ .‬على الطريق املشمسة‪َ ،‬ولَد صغري يُراقِّب‪ ،‬مثّ يَنطَلِّق مثل الصاروخ‪ .‬وحينما‬
‫ضرة‪،‬‬
‫وخ َ‬
‫مهروا الستقباله‪ ،‬مع سدائل ُ‬ ‫الو َجهاء والشعب قد َجتَ َ‬
‫صلَت العربة إىل مشارف البيوت‪ ،‬كان ُ‬ ‫َو َ‬
‫ضرة على طول الطرقات بني بيت وآخر‪ .‬هتافات فرح‪ ،‬واحنناءات كبرية تصل‬ ‫وخ َ‬ ‫وكذلك توجد سدائل ُ‬
‫ومن على عرشه املَتنِّّح ُُييّي ويُ ِّ‬
‫بارك‪.‬‬ ‫حّت األرض‪ .‬مع هذا مل يستطع يسوع التملّص‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬

‫تُتابِّع َ‬
‫العَربَة‪ ،‬مثّ تَدور وراء ساحة يف شارع آخر‪ .‬تقف أمام بيت ّبوابته مفتوحة على مصراعيها‪،‬‬
‫وعلى عتبته تقف امرأاتن أو ثالثة‪ .‬يتوقّف اجلميع وينزلون‪.‬‬

‫لك بييت اي معلّم‪».‬‬


‫« َ‬
‫«السالم له‪ ،‬اي يهوذا‪ ،‬السالم والقداسة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 306 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دخلون‪ .‬وبعد الردهة توجد قاعة َرحبَة مبقاعد منخفضة وموبيليا ُمطَعَّمة‪ .‬ومع يسوع والذين‬
‫يَ ُ‬
‫وجو احتفال مهيب‪.‬‬
‫دخل ُوجهاء البلدة‪ .‬احنناءات وفضول ّ‬ ‫معه يَ ُ‬
‫بك إسخريوط‪ ،‬اي سيّدي‪،‬‬ ‫السن وقور‪ ،‬يُلقي خطاابً‪َ « :‬ح َدث عظيم أن حتظى َ‬ ‫أحدهم‪ ،‬كبري ّ‬
‫بارك‬ ‫وم ِّ‬
‫عاوانً‪ُ .‬م َ‬ ‫لك ُ‬
‫وح َدث كون أحد أبنائها صديقاً َ‬
‫بك‪َ ،‬‬‫َح َدث عظيم! يوم سعيد! َح َدث أن تَفوز َ‬
‫أنت املنتَظَر منذ أجيال وأجيال‪.‬‬
‫لظهورك‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫مرة‬
‫أنت مائة ّ‬
‫بارك َ‬ ‫أي آخر! ُم َ‬ ‫عليك قبل ّ‬
‫الذي تَـ َعَّرف َ‬
‫كالمك‪ ،‬كما أرض جافّة بفعل صيف حارق تنتَ ِّظر أوىل‬
‫َ‬ ‫تكلّم اي سيّدي واي مليكي‪ .‬قلوبنا تنتَ ِّظر‬
‫قطرات املطر املنعشة يف أيلول‪».‬‬

‫كنت‪ ،‬شكراً‪ .‬والشكر هلؤالء الناس الذين َحنوا قلوهبم جتاه َكلِّ َمة اآلب‪ ،‬حنو‬ ‫لك‪َّ ،‬أايً َ‬
‫«شكراً َ‬
‫للرب تعاىل‪ ،‬الشكر‬ ‫ِّ‬
‫اآلب الذي أان َكل َمته‪ ،‬لكي تَعلَموا أنّه ليس البن اإلنسان الذي ُي ّدثكم‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫ُبوته احملطَّمة وضعها الصحيح مع أبناء البشر‪.‬‬ ‫استعادت أ َّ‬
‫َ‬ ‫واإلكرام‪ ،‬من أجل زمن السالم هذا‪ ،‬حيث‬
‫ومنَ َحه ال ُـم َخلِّّص املولود‪ .‬فليس ليسوع‬
‫َحبَّه َ‬
‫احلقيقي‪ ،‬إلله إبراهيم الذي َر َح َم شعبه وأ َ‬
‫ّ‬ ‫للرب‬
‫التسبيح ّ‬
‫احلب هذه اجملد والتسبيح‪».‬‬ ‫خادم اإلرادة األزليّة‪ ،‬إّّنا إلرادة ّ‬
‫«تتكلّم كالماً مق ّدسـاً‪ ...‬أان رئيس اجملمع‪ .‬اليوم ليس يوم سبت‪ ،‬إّّنا َهلُ َّم إىل بييت لشـرح‬
‫كرس امللوك‪».‬‬ ‫عليك افضـل من الزيت الذي يُ ِّّ‬
‫ـحة احلكمـة َ‬ ‫أنت اي َمن َمس َ‬
‫الشـريعـة‪َ ،‬‬
‫«سوف آيت‪».‬‬

‫«رمبا سيدي تَعِّب‪»...‬‬

‫«ال اي يهوذا‪ ،‬ال تَـ َعب أبداً يف احلديث عن هللا‪ ،‬وال رغبة يل على اإلطالق يف خيبة آمال‬
‫القلوب‪».‬‬

‫ابنتظارك‪».‬‬
‫َ‬ ‫فكل إسخريوط هنا يف اخلارج‬
‫فيلح رئيس اجملمع‪َ « :‬هلُ َّم إذاً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫«هيّا بنا‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 307 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وَيرجون‪ .‬يسوع بني يهوذا والرئيس‪ ،‬مثّ ِّمن حوهلم الو َجهاء واجلُّموع‪َ .‬ير يسوع ويُب ِّ‬
‫ارك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫يتوجه يسوع إىل املكان املع ّد للتعليم‪ .‬يبدأ الكالم‪ ،‬مبظهره‬
‫دخلون‪ّ .‬‬ ‫يطل على الساحة‪ .‬يَ ُ‬
‫اجملمع ّ‬
‫امللهم‪ ،‬وذراعيه املمدودتني‪ ،‬وحبركته املعتادة‪.‬‬
‫األبيض الكامل بثوبه الرائع‪ ،‬ووجهه َ‬
‫أنصتوا‪ .‬فالذي ُي ّدثكم ليس سوى َكلِّ َمة هللا‪ .‬سلطانه‬
‫«اي أهل إسخريوط‪َ :‬كلِّمة هللا يتكلّم‪ِّ .‬‬
‫َ‬
‫أييت من اآلب ويعود إىل اآلب عندما ينهي كِّرازته إلسرائيل‪ .‬فلتُفتح القلوب للحقيقة كما النفوس‪،‬‬
‫لكيال تستكني يف اخلطأ حيث تولد البلبلة‪.‬‬

‫كل ثوب ملطّخ ابلدماء يصري وقوداً للنار‪ .‬ألنّه قد ُولِّ َد‬ ‫قال أشعيا‪" :‬الغنائم اليت بيد مسلحة‪ ،‬و ّ‬
‫ودعي امسه عجيباً‪ ،‬مشرياً‪ ،‬إهلاً جبّاراً‪ ،‬أاب األبد‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫لنا َولَد وأُعط َي لنا ابن‪ ،‬فصارت الرائسة على كتفه ُ‬
‫رئيس السالم"‪ .‬هوذا امسي‪ .‬فلندع للقياصرة واحلُّكام غنائمهم‪ّ .‬أما ابلنسبة يل‪ ،‬فسأسرق‪ ،‬إّّنا ليست‬
‫تستحق النار‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬سوف أنتَ ِّزع ِّمن انر الشيطان غنائم وغنائم ألقودها إىل مملكة‬ ‫ّ‬ ‫سرقة‬
‫السالم اليت أان أمريها‪ ،‬وإىل الدهور اآلتية‪ :‬األبديّة اليت أان أبوها‪.‬‬

‫أتيت منه‪ ،‬كما َسبَ َق وقيل عنه ِّمن قِّبَل الذين‬


‫"هللا"‪ ،‬يتح ّدث أيضاً داود عن األصل الذي ُ‬
‫ابتَـ َهجوا ابلرؤاي بسبب قداستهم ال َـمرضيّة لدى هللا واملختارة للكالم عن هللا‪ ،‬فاهلل إذاً‪" :‬اخت َار واحداً‬
‫املهمة كبرية‪ ،‬فاألمر ال يتعلّق بتهيئة بيت إلنسان‪ ،‬إّّنا بيت هلل"‪ .‬وهكذا‪ :‬فاهلل‪،‬‬
‫فقط‪ ...‬االبن‪ ...‬أل ّن ّ‬
‫ملك امللوك‪ ،‬قد اختار واحداً فقط‪ ،‬ابنه‪ ،‬ليبين بيته يف القلوب‪ .‬وقد هيّأ املواد‪ .‬آه! كم ِّمن ذَ َهب‬
‫كل هذا خمزون يف َكلِّ َمته وهو‬ ‫الفضة والنحاس واحلديد واخلشب النادر واحلجارة الكرَية! ّ‬ ‫احملبّة! و ّ‬
‫الرب بيته‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يَستَخدم هذه املواد ليبين فيكم َمس َكن هللا‪ .‬إّّنا إن مل يُساعد اإلنسان الرب‪ ،‬فَـ َعبَثاً يبين ّ‬
‫فضة‪ ،‬وعلى النحاس ابلنحاس‪ ،‬وعلى احلديد‬ ‫الفضة ابل ّ‬
‫الرد على الذهب ابلذهب‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫فينبغي ّ‬
‫وقوة‬
‫حبب‪ ،‬بعفاف خلدمة الطهارة‪ ،‬وثبات على الوفاء ّ‬ ‫احلب ّ‬ ‫الرد على ّ‬ ‫ابحلديد‪ .‬وهذا يعين أنّه ينبغي ّ‬
‫للمحافظة على الصالح‪ .‬ومثّ َجلب احلجارة اليوم‪ ،‬وغداً اخلشب؛ اليوم التضحية‪ ،‬وغداً العمل؛ والبناء‪،‬‬
‫الرب فيكم على الدوام‪.‬‬
‫بناء هيكل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 308 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األزيل يدعوكم‪ .‬ولكنّه يريد أن تكونوا‬ ‫األزيل‪ ،‬ملك شعب هللا ّ‬ ‫املعلّم‪ ،‬ماسيا‪ ،‬ملك إسرائيل ّ‬
‫أطهاراً هلذا العمل‪ .‬فالكربايء إىل اهلاوية‪ :‬والتسابيح هلل‪ .‬األفكار البشريّة إىل اهلاوية‪ :‬وامللكوت هلل‪ .‬قولوا‬
‫خندمك‬
‫َ‬ ‫نعرفك‪ ،‬أن‬
‫َ‬ ‫لك‪ .‬عِّلِّّمنا أن‬
‫كل ما هو خري هو َ‬ ‫لك أيها اآلب‪ّ .‬‬ ‫"كل شيء َ‬ ‫معي بتواضع‪ّ :‬‬
‫حبق"‪ .‬قولوا‪" :‬من أان؟" واعلَموا أنّكم لن تُصبِّحوا شيئاً ّإال عندما تُصبِّحون ال َـمساكِّن ال ُـمطَ َّهرة حيث‬
‫ّ‬
‫يستطيع هللا النزول للمكوث واالسَتاحة‪.‬‬

‫ابجتاه امللكوت املوعود‪.‬‬


‫اجلميع‪ ،‬على هذه األرض‪ ،‬مسافرون وغرابء‪ .‬اعرفوا أن تتّحدوا وتسريوا ّ‬
‫بك أيّها اآلب القدوس‪ .‬اتبوت‬ ‫الطريق‪ :‬هي الوصااي املعمول هبا‪ ،‬ليس خوفاً من العقاب‪ ،‬إّّنا حبّاً َ‬
‫العهد‪ :‬قلب كامل فيه يوجد َم ّن احلِّكمة املغ ّذي‪ ،‬وفيه يُ ِّزهر غصن اإلرادة الطاهرة‪ .‬ولكي يكون البيت‬
‫هلموا إىل نور العامل‪ .‬وأان َمن ُيمله إليكم‪ .‬أان أمحل إليكم النور‪ .‬وال شيء آخر‪ .‬أان ال أملك‬ ‫ّنرياً‪ّ ،‬‬
‫كل ثروات أيب الفائقة الطبيعة‪ .‬والذين سيتّبعون هللا يف‬ ‫أملك‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫لك‬‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫أرضي‬ ‫مبناصب‬ ‫د‬ ‫ثروات وال أ ِّ‬
‫َع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َعدهم مبراتب السماء األزليّة‪.‬‬‫احلب واحملبة‪ ،‬أ ِّ‬
‫ّ ّ‬
‫السالم معكم‪».‬‬

‫أنصتوا ابنتباه يتهامسون قليالً مضطَ ِّربني‪ .‬يتح ّدث يسوع إىل رئيس اجملمع‪ّ .‬‬
‫ينضم‬ ‫والناس الذين َ‬
‫الو َجهاء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫إىل اجلماعة أانس آخرون قد يكونون من ُ‬
‫ألست ملك إسرائيل؟ لقد قيل لنا‪»...‬‬
‫«اي معلّم‪َ ...‬‬
‫«أان هو‪».‬‬

‫قلت‪»...‬‬
‫ك َ‬ ‫«ولكنّ َ‬
‫«إنّين ال أملك وال أعد بثروات العامل‪ .‬ال َيكنين البوح بغري احلقيقة‪ .‬هو هكذا‪ .‬أان أعرف‬
‫العلي‪ .‬لقد قيل‬ ‫جتاه‬ ‫لديكم‬ ‫الذي‬ ‫العظيم‬ ‫ام‬‫َت‬ ‫االح‬ ‫ن‬ ‫أفكاركم‪ .‬إّّنا الغَلَط أييت ِّمن أتويل خاطئ ِّ‬
‫وم‬
‫ّ‬
‫وملِّك" ابحلقيقة شيء واحد‪.‬‬
‫لكم‪" :‬أييت ماسيا"‪ .‬وأنتم اعتَـ َقدمت‪ ،‬مثل الكثريين يف إسرائيل‪ ،‬أ ّن "ماسيا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 309 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫امسوا بنفوسكم عالياً‪ .‬انظروا إىل مساء الصيف اجلميلة‪ .‬أيبدو لكم ّأهنا تنتهي هنا‪ ،‬أ ّن حدودها هي‬
‫اجلو قبّة زرقاء؟ ال‪ ،‬فأبعد من ذلك توجد طبقات أخرى أكثر نقاء‪ ،‬آفاق أكثر صفاء‪،‬‬ ‫حيث يبدو ّ‬
‫الرب‪ .‬إنّه اخلالف ذاته بني‬
‫يتصوره عقل‪ ،‬حيث يقود ماسيا املوتى األبرار يف ّ‬
‫حّت أفق اجلنّة الذي ال ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهلي‪».‬‬
‫احلقيقي‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫يتصوره الناس‪ ،‬وامللك‬
‫امللك املاسياين الذي ّ‬
‫املرتِّفعة؟»‬
‫«ولكن‪ ،‬هل نستطيع ‪ ،‬حنن املساكني‪ ،‬أن نرتقي أبعيننا إىل هذه املستوايت َ‬
‫«تكفي الرغبة يف ذلك‪ ،‬وإذا ما رغبتم‪ ،‬فها أان ذا أساعدكم‪».‬‬

‫ندعوك إذا مل تكن َملِّكاً؟»‬


‫َ‬ ‫«ماذا ينبغي لنا أن‬

‫«اي معلّم‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬كما تشاؤون‪ .‬فأان املعلّم‪ ،‬وأان يسوع‪ ،‬ال ُـم َخلِّّص‪».‬‬

‫صلَنا إىل هنا نبأ‬


‫ويقول رجل عجوز‪« :‬امسع اي سيّدي‪ .‬منذ زمن‪ ،‬زمن بعيد‪ ،‬زمن املنشور‪َ ،‬و َ‬
‫كل األطفال‪.‬‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ري‬ ‫صغ‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫طف‬ ‫أيت‬‫ر‬‫و‬ ‫ين‪...‬‬
‫ر‬ ‫خ‬ ‫آ‬ ‫مع‬ ‫ذهبت‬ ‫قد‬ ‫أان‪،‬‬
‫و‬ ‫حلم‪...‬‬ ‫بيت‬ ‫يف‬ ‫ص‬ ‫والدة الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫علمت بوجود آخر‪ ،‬ق ّديس‪ ،‬حتت اسم يوحنّا‪ .‬فمن هو ماسيا‬ ‫ُ‬ ‫ولكنّين عبدتُه مبشاعر اإلَيان‪ .‬بعد ذلك‬
‫احلقيقي؟»‬

‫العلي‪ .‬ولكنّه ليس ماسيا‪».‬‬


‫«الذي عبدتَه‪ّ .‬أما اآلخر فهو سابقه‪ .‬ق ّديس عظيم يف عيين ّ‬
‫أنت؟»‬
‫أكنت َ‬
‫«إذاً‪َ ،‬‬
‫ت أان‪ .‬وما الذي رأيتَه حول املولود الذي كنتُه آنذاك؟»‬
‫«كن ُ‬
‫«فقراً ونظافة‪ ،‬شرفاً وطهارة‪ ...‬عامالً حلو الشمائل ورصيناً‪ ،‬كان امسه يوسف‪ ،‬عامالً إّّنا من‬
‫شحب أمجل الورود‪ ،‬وتبدو‬ ‫ِّ‬
‫ساللة داود‪ ،‬وأ ُّماً فتيّة‪ ،‬شابة‪ ،‬شقراء ولطيفة‪ ،‬وكان امسها مرمي‪ .‬أمام ظُرفها تَ َ‬
‫ذهيب شاحب‪ ...‬مل َأر غري ذلك‪...‬‬
‫قبيحة زانبق احلدائق امللكيّة‪ .‬وطفالً عيناه كبرياتن ومساويّتان‪ ،‬وشعره ّ‬
‫األبدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حّت اللقاء‬
‫معك ّ‬
‫الرب َ‬
‫لك‪ :‬فليكن ّ‬ ‫لت أمسع صوت األ ُّم تقول يل‪ " :‬ابسم وليدي أقول َ‬ ‫وما ز ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 310 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫غت هناية الطريق‪ .‬مل‬ ‫حت يف الرابعة والثمانني‪ ...‬وقد بـَلَ ُ‬
‫يقك"‪ .‬لقد أصبَ ُ‬‫معك على طر َ‬
‫ولتكن نعمته َ‬
‫لدي أيّة رغبة‬‫ك‪ ...‬واآلن مل تعد ّ‬ ‫الرب بعد ذلك‪ .‬إّّنا على العكس‪ ،‬ها قد َو َجدتُ َ‬
‫أكن آمل لقاء نعمة ّ‬
‫أنت‪ ...‬نعم‪ ،‬أر َاك بثوب الرمحة هذا الذي هو اجلَّ َسـد الذي َّاختَذتَـه‪.‬‬‫نورك َ‬‫برؤية نور آخر ال يكون َ‬
‫أر َاك! فاس َـمعوا صوت الذي‪ ،‬بينما َيوت‪ ،‬يَرى نور هللا!»‬

‫انضم إىل جمموعة يسوع‪ ،‬والذي‪ ،‬دون االتّكاء على‬


‫يتجمهر الناس حول العجوز ال ُـم َلهم الذي ّ‬
‫املتفرعة إىل قسمني‪ ،‬رأس‬
‫عكازه‪ ،‬يرفع ذراعيه املرجتفني‪ ،‬وكذلك رأسه األبيض بكامله‪ ،‬وحليته الطويلة‪ّ ،‬‬
‫نيب‪.‬‬
‫حقيقي‪ ،‬أو رأس ّ‬
‫ّ‬ ‫شيخ وقور‬

‫بقوة حبّه‪ ،‬الصاعد من جديد إىل َيني اآلب‬ ‫«أراه‪ ،‬ذاك املختار‪ ،‬األمسى‪ ،‬الكامل‪ ،‬النازل إلينا ّ‬
‫العلي‪ ،‬وكما يقول سفر‬ ‫مادي‪ ،‬مثلما رأى موسى ّ‬ ‫املتّحد معه‪ .‬إّّنا ذاك هو! ليس صواتً وجوهراً غري ّ‬
‫حقيقي‪ ،‬أراه صاعداً‬
‫ّ‬ ‫التكوين‪ :‬إ ّن أول زوج َع ِّرفاه عندما كان يكلّمهما يف نسيم الليل‪ .‬بل هو جسد‬
‫اإلهلي! آه! اي لبهاء اإلنسان‪ -‬هللا! إنّه‬ ‫اجلسد‬ ‫ىن‬ ‫س‬ ‫ممجد! آه! اي لِّ‬
‫َّ‬ ‫د‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫!‬ ‫ع‬ ‫حنو األزيل‪ ،‬هو جسد م ِّ‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لَ َملِّك! نعم‪ ،‬إنّه َملِّك‪ .‬ليس ملك إسرائيل وحسب‪ ،‬إّّنا العامل أمجع‪ .‬وأمامه تنحين مجيع املمالك‬
‫كل التيجان يف ألق صوجلانه ونفائسه‪ .‬اتج‪ ،‬هو ُيمل على‬ ‫كل الصوجلاانت و ّ‬ ‫األرضيّة‪ ،‬وتتالشى ّ‬
‫جبهته اتجاً‪ .‬صوجلان‪ ،‬إنّه ُيمل يف يده صوجلاانً‪ .‬وعلى صدره وسام‪ ،‬تتألأل فيه جواهر وايقوت وتتألّق‬
‫بشكل مل يـَُر لـه مثيل‪ .‬ألسنه هليب خترج منه كما ِّمن أتون عظيم‪ .‬يف قبضته ايقوتتان وحلقتا ايقوت يف‬
‫معك‪...‬‬‫َصعد َ‬ ‫األزيل! أر َاك! أر َاك! أ َ‬
‫قدميه املق ّدستني‪ .‬نور‪ ،‬نور الياقوت! انظروا أيّها الشعوب إىل امللك ّ‬
‫مدماة‪،‬‬
‫عيين نفسي‪ ...‬امللك مزيّن بدمه! التاج أشواك ّ‬ ‫رب! اي فادينا!‪ ...‬يتنامى النُّور يف ّ‬ ‫آه! اي ّ‬
‫خادمك‪ .‬اي يسوع‪،‬‬
‫َ‬ ‫افتدائك ارحم‬
‫َ‬ ‫حبق‬
‫ريب‪ّ ،‬‬
‫أنت!‪ّ ...‬‬ ‫الصوجلان صليب‪ ...‬هوذا اإلنسان! هاهو! إنّه َ‬
‫ُسلِّّم روحي‪».‬‬
‫لرمحتك أ َ‬
‫َ‬
‫شاابً بفعل انر النُّبوة‪ ،‬اهنَ َار فجأة وكاد يَس ُقط لو‬ ‫ِّ‬
‫حّت ذلك احلني‪ ،‬وقد عاد ّ‬
‫العجوز ال ُـمنتَصب ّ‬
‫مل أيخذه يسوع إىل صدره‪.‬‬

‫«شاوول!»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 311 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«مات شاوول!»‬

‫«النجدة!»‬

‫«أسرعوا!»‬

‫البار الذي َيوت‪ ».‬يقول يسوع ذلك بينما جيثو هبدوء ليتم ّكن ِّمن َمحل‬
‫«هدوءاً وسالماً حول ّ‬
‫العجوز‪ ،‬الذي أصبَ َح أكثر وزانً‪ ،‬بشكل اسهل‪.‬‬

‫يسود الصمت‪.‬‬

‫مثّ َي ّدده يسوع على األرض‪ .‬يَ َنهض من جديد‪« .‬السالم لروحه‪ .‬لقد مات وهو يرى النور‪.‬‬
‫وبعد زمن االنتظار الذي أصبَ َح قصرياً‪ ،‬سوف يـََرى وجه هللا ويكون سعيداً‪ .‬فاملوت‪ ،‬أي االنفصال‬
‫الرب‪».‬‬
‫مقومات احلياة‪ ،‬ليس للذين سيموتون يف ّ‬ ‫عن ّ‬
‫الو َجهاء ويسوع وأَتباعه ورئيس‬
‫وبعد بُرهة‪ ،‬يبتعد الناس وهم يتح ّدثون عن احلَ َدث‪ .‬ويبقى ُ‬
‫اجملمع‪.‬‬

‫«هل تنبّأ اي سيّدي؟»‬

‫«لقد َرأَت عيناه احلقيقة‪ .‬فلننطلق‪».‬‬

‫ََي ُرجون‪.‬‬

‫«اي معلّم‪ ،‬لقد مات شاوول حماطاً بروح هللا‪ .‬وحنن الذين ملسناه‪ ،‬هل حنن طاهرون أم غري‬
‫طاهرين؟»‬

‫«غري طاهرين‪».‬‬

‫أنت؟»‬
‫«و َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 312 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ائيلي أن ُيافظ عليها‪.‬‬
‫أي إسر ّ‬‫أغري الشريعة‪ .‬فالشريعة هي الشريعة‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫«أان كاآلخرين‪ .‬ال ّ‬
‫حّت ذلك احلني‪ ،‬حنن غري طاهرين‪ .‬يهوذا‪،‬‬ ‫حنن غري طاهرين‪ .‬وسوف نـَتَطَ َّهر بني اليوم الثالث والسابع‪ّ .‬‬
‫َّجاسة إىل بيتها‪ .‬أَعلِّمها أبيّة طريقة‪ .‬السالم هلذه البلدة‪ .‬لننطلق‪».‬‬
‫ك‪ .‬لن أمحل الن َ‬ ‫لن أعود إىل بيت ّأم َ‬
‫مل أعد أرى شيئاً‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 313 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫رب اخلليل)‬
‫الرعاة قُ َ‬
‫‪( -43‬يسوع على طريق العودة مع ُّ‬
‫‪1954 / 01 / 15‬‬

‫يسلك يسوع مع تالميذه درابً‪ ،‬مبحاذاة سيل‪ .‬مبحاذاة‪ ...‬إنّه أسلوب كالم‪ .‬فالسيل يف األسفل‪،‬‬
‫متعرجة‪ ،‬وهي كتلك اليت غالباً ما توجد يف‬
‫نح َدر‪ّ ،‬إهنا طريق ّ‬ ‫َّأما الدرب فهو يف األعلى على طول ال ُـم َ‬
‫البلدات اجلبليّة‪ .‬يوحنّا أمحر كاألرجوان‪ِّ ،‬مثل َمحَّال َُيمل كيساً كبرياً ممتلئاً‪ .‬ومن جهة أخرى يهوذا‬
‫اسَتَّد يسوع ثوبه‬ ‫ِّ‬
‫ُيمل كيس يسوع مع كيسه‪ّ .‬أما مسعان فإنّه ُيمل كيسه فقط وال َـمعاطف‪ .‬لقد ََ‬
‫فَتض أن تكون أ ُّم يهوذا قد َغ َسلَته‪ ،‬إذ مل يـَعُد فيه ثنيات‪.‬‬
‫ونَعلَيه‪ .‬يُ ََ‬
‫«اي هلا من فواكه! اي للكروم اجلميلة على هذه الروايب!» يقول يوحنّا الذي رغم احلرارة والتعب‬
‫ف آابؤان ِّمن على شواطئه العناقيد العجيبة؟»‬
‫مل يَفقد مرحه‪« .‬اي معلّم‪ ،‬هل هذا هو سيل املاء الذي قَطَ َ‬
‫بارك ذا الثِّّمار الرائعة‪».‬‬
‫اآلخر‪ .‬إىل الوسط أكثر‪ .‬إّّنا املنطقة كلّها كانت املوقع ال ُـم َ‬
‫«ال‪ ،‬إنّه َ‬
‫«واآلن‪ ،‬مل تعد جيّدة بقدر ما هي مجيلة‪».‬‬

‫نشأ كان ال بُ َّد من إخصاهبا‬ ‫«حروب كثرية أَتلَ َفت األرض‪ .‬هنا أ ِّ‬
‫ُنشئَت إسرائيل‪ ...‬ولكن لكي تَ َ‬
‫بدماء أبنائها ودم األعداء‪».‬‬

‫الرعاة؟»‬
‫«أين جند ُّ‬
‫كنت تتح ّدث عنه‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«على بُعد مخسة أميال من حربون (اخلليل)‪ ،‬على شواطئ النهر الذي َ‬
‫عد هذه اهلضبة إذاً‪».‬‬
‫«بَ َ‬
‫َبعد‪».‬‬
‫«أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 314 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حار ج ّداً‪ .‬الصيف‪ ...‬أين سنذهب بعدئذ اي معلّم؟»‬
‫اجلو ّ‬
‫« ّ‬
‫«إىل مكان أكثر حرارة‪ ،‬ولكنّين أرجوكم أن أتتوا‪ .‬سوف ّنضي أثناء الليل‪ .‬فالنجوم مضيئة‬
‫بشكل تنتفي الظُّلمة معه‪ .‬أريد أن أُريكم م ِّ‬
‫وضعاً‪»...‬‬ ‫َ‬
‫«مدينة؟»‬

‫ضل ِّمن كالمه‪».‬‬


‫تتفهمون املعلّم‪ ...‬رمبا أف َ‬ ‫ِّ‬
‫«ال‪َ ...‬موضعاً‪ ...‬جيعلكم ّ‬
‫كل شيء‪ ...‬وأ ُّمي اليت قامت‬ ‫أفس َد ّ‬
‫َضعنا ّأايماً بسبب هذا احلَ َدث السخيف‪ .‬لقد َ‬ ‫«لقد أ َ‬
‫حّت التَّطهري‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أردت االنعزال ّ‬
‫ابستعدادات كثرية بَقيَت خائبة‪ .‬مل أَعُد أعرف ملاذا َ‬
‫لنفسك‪،‬‬
‫ت‪ ،‬و َ‬ ‫صف ابلسخيف‪ ،‬ح َداثً‪ ،‬كان نِّ‬ ‫«يهوذا‪ ،‬ملاذا تَ ِّ‬
‫تمىن أن َ‬‫ّ‬ ‫ت‬ ‫أفال‬ ‫؟‬ ‫حقيقي‬
‫ّ‬ ‫ملؤمن‬ ‫عمة‬ ‫َ‬
‫ميتة كهذه؟ لقد انتَظَر ماسيا حياته كلّها‪ .‬وحينما َُهَسوا يف أذنه "قد ُوِّجد"‪ ،‬قَطَ َع‪ُ ،‬رغم كِّ َرب ِّسنّه‪ ،‬طُُرقاً‬
‫احلب واإلَيان‬ ‫ِّ‬
‫وحفظ يف قلبه كالم أ ُّمي ثالثني سنة‪ .‬وقد أحاطَه ّ‬ ‫شاقّة ليُـ َق ّدم فروض العبادة له‪َ .‬‬
‫بنرياهنما‪ ،‬ويف الساعة األخرية اليت َح ِّفظَها لـه هللا‪ ،‬فُ ِّطر قلبه ِّمن ال َفَرح‪ ،‬وقَضى‪ ،‬مثل ِّحمَرقة َمرضيّة‪ ،‬بنار‬
‫َفسد االحتفال الذي َهيَّأتَهُ؟ انظُر َلَتى يف ذلك إجابة ِّمن هللا‪ .‬فال‬ ‫ِّ‬
‫فأي مصري أفضل من ذاك؟ أ َ‬ ‫هللا‪ّ .‬‬
‫مرة أخرى‪ّ .‬أما ذاك العجوز‪ ،‬فاملفروض أنّه‬ ‫ك‪ ،‬ستحظى يب ّ‬ ‫بشري مبا أييت ِّمن هللا‪ّ ...‬أم َ‬
‫خنلطن ما هو ّ‬ ‫ّ‬
‫لن ُيظى يب بعد اآلن‪ .‬إبمكان إسخريوط كلّها أن أتيت إىل املسيح‪ّ ،‬أما هذا العجوز‪ ،‬فلم يكن َيلك‬
‫كنت سعيداً بتل ّقي هذا األب العجوز كي يقضي على صدري‪ ،‬وابستالم‬ ‫ِّ‬
‫القدرة على فعلها‪ .‬لقد ُ‬
‫روحه‪ .‬وابلنسبة إىل ابقي األمور‪ ...‬فلماذا التشكيك إبظهار االستخفاف ابلشريعة؟ فلكي تتم ّكن‬
‫داسة‪ ،‬جيب أن تسري يف الطريق‬ ‫عليك ابملسري‪ .‬وكي تقوم ابلقيادة على طريق ال َق َ‬ ‫ِّمن القول‪" :‬اتبعوين" َ‬
‫كنت أان خائناً؟»‬ ‫كنت سأستطيع‪ ،‬بل كيف أستطيع القول‪" :‬كونوا أوفياء" إذا ُ‬ ‫ذاهتا‪ .‬كيف ُ‬
‫الفريسيّون‬‫و‬ ‫فاحلاخامون‬ ‫احنطاطنا‪.‬‬ ‫سبب‬ ‫هو‬ ‫اخلطأ‬ ‫هذا‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫أظن‬‫«‬ ‫ر‪:‬‬‫َ‬‫ظ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ت‬ ‫فيقول مسعان م ِّ‬
‫لف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك ُحرمة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يتصرفون مثل ذاك الذي انتَـ َه َ‬
‫يُرهقون كاهل الشعب حتت ثقل األحكام واألوامر‪ ،‬ومثّ‪ ...‬مثّ ّ‬
‫بيت يوحنّا جبعله ّإايه بيت دعارة‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 315 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«إنّه ِّمن أتباع هريودس‪»...‬‬

‫فيجيبه مسعان‪« :‬نعم اي يهوذا‪ّ ،‬إال أنّنا جند األخطاء ذاهتا عند تلك الطبقات اليت يُقال عنها‪،‬‬
‫لك يف ذلك اي معلّم؟»‬ ‫بل اليت تَدَّعي القداسة لنفسها‪ .‬ما قو َ‬
‫احلقيقي يف إسرائيل فَ َسنَصنَع اخلبز‬ ‫البخور‬
‫و‬ ‫ة‬ ‫احلقيقي‬ ‫اخلمرية‬ ‫ن‬‫م‬‫«أقول أنَّه طاملا هناك حفنة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ونـُبَ ِّّخر اهليكل‪».‬‬

‫«ما الذي تريد قوله؟»‬

‫احلق كاخلمرية يف العجني‬ ‫ِّ‬


‫فسيَنتَشر ّ‬
‫احلق بقلبه املستقيم‪َ ،‬‬
‫«أريد القول إنّه لو أتى أحد إىل ّ‬
‫كالبخور يف إسرائيل كلّها‪».‬‬
‫و ّ‬
‫لك تلك املرأة؟»‬
‫ويسأل يهوذا‪« :‬ماذا قالت َ‬
‫لك‪».‬‬ ‫ال ُجييب يسوع‪ ،‬بل يلت ِّفت إىل يوحنا‪« :‬هذا ثقيل جداً وم ِّرهق‪ِّ ِّ .‬‬
‫أعطين مح َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫دت على ذلك‪ .‬ومثّ‪ ...‬فالفرح الذي سيكون ِّإلسحق جيعل ِّمحلي أكثر‬
‫«ال‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬لقد اعتَ ُ‬
‫خ ّفة‪».‬‬

‫نح َدر‪ .‬وعلى السفح اآلخر‪ ،‬يف ِّظ ّل غابة‪ ،‬تتواجد قطعان إيلي‪ .‬و ُّ‬
‫الرعاة‬ ‫دورون حول ال ُـم َ‬
‫يَ ُ‬
‫الظل جالسون‪ .‬يـََرون يسوع ويركضون‪.‬‬
‫وهم يف ّ‬‫ُيرسوهنم ُ‬
‫«السالم معكم‪ .‬أأنتم هنا؟»‬

‫ملالقاتك‬
‫َ‬ ‫يتوجب علينا الذهاب‬
‫بك‪ ...‬وبسبب هذا التأخري‪ ،‬كنّا نتساءل إذا ما كان ّ‬
‫«كنّا نف ّكر َ‬
‫احلب يف آن معاً‪ .‬كان املفَتض أن تكون هنا‬ ‫ِّ‬
‫لك وبدافع ّ‬ ‫أم الطاعة‪ ...‬وقد َّقرران اجمليء إىل هنا طاعة َ‬
‫منذ ع ّدة ّأايم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 316 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«اضطُِّرران للتوقّف‪»...‬‬

‫شر؟»‬
‫«ولكن عسى ال ّ‬
‫«ال‪ ،‬أبداً اي صديقي‪ .‬موت مؤمن على صدري‪ .‬ال شيء آخر‪».‬‬

‫«ماذا تريد أن ُيصل أيّها الراعي؟ عندما تكون األمور مهيّأة بشكل جيّد‪ ...‬ابلطبع ينبغي‬
‫كل آايت التكرمي‪ .‬أليس صحيحاً اي‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬‫للمع‬ ‫بلديت‬ ‫ت‬ ‫َّم‬
‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫لقد‬ ‫لها‪.‬‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ت‬‫معرفة هتيئتها وهتيئة القلوب لِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معلّم؟»‬

‫«صحيح‪ .‬اسحق‪ :‬لقد َمَرران هناك يف طريق عودتنا ِّمن ِّعند سارة‪ .‬ومدينة ايفا كذلك َع ِّرفَت‬
‫متجرد ومق ّدس‪ ،‬دون أيّة حتضريات‪ ،‬فقط الطّيبَة املعتادة‬ ‫عملي ّ‬ ‫حتب بشكل ّ‬ ‫إدراك جوهر عقيديت وأن ّ‬
‫لك ثياابً وغذاء‪ ،‬اي اسحق‪ .‬واجلميع هناك أرادوا إضافة شيء‬ ‫أرسلَت َ‬
‫وصدق كلمات اسحق‪ .‬لقد َ‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫دت إىل العامل‪ ،‬وتفتَقر إىل ّ‬
‫لك‪ ،‬اي َمن عُ َ‬ ‫يرك‪ ،‬شيء َ‬ ‫على املبلغ الزهيد الذي كان على سر َ‬
‫آخذ ماالً أبداً‪ ،‬إّّنا هذا‪ ،‬فقد قَبِّلتُه ألنّه تَطَ َّهَر بفعل احملبّة‪».‬‬
‫ُخذ‪ .‬أان ال ُ‬
‫دت تدبّر أموري‪».‬‬
‫تعو ُ‬
‫أنت‪ .‬لقد ّ‬
‫«ال اي معلّم‪ ،‬احتفظ به َ‬
‫سأرسلك‪ ،‬وسوف حتتاج إليه‪ .‬العامل‬‫َ‬ ‫«اآلن‪ ،‬سوف تُضطَّر إىل الذهاب إىل ع ّدة بلدات حيث‬
‫حّت ولو كان يعمل يف حقل النفوس‪ ...‬إذ له أيضاً جسد يُقيتُه‪َّ ،‬‬
‫إن املال كما احلمار‬ ‫يستحق األجر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يعينك‪ ...‬ويف الكيس مع يوحنّا ثياب ونِّعال‪.‬‬
‫الذي يُعني صاحبه‪ .‬إنه ليس ابملال الكثري‪ ،‬إّّنا سوف َ‬
‫احلب!»‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ك ممّا عنده‪ .‬ستكون واس َعة‪ ...‬إّّنا يف هذه العطيّة الكثري من ّ‬
‫يواكيم َوَهبَ َ‬
‫وينس ِّحب إىل َخلف َدغل لريتدي ثيابه‪ .‬كانت قدماه ما تزاالن عاريتني‪،‬‬
‫أيخذ اسحق الكيس َ‬
‫وكان ما يزال مرتدايً رداءه غري املألوف والذي هو عبارة عن داثر‪.‬‬

‫ذهبت منذ ثالثة‬


‫يقول إيلي‪« :‬اي معلّم‪ ،‬تلك املرأة‪ ،‬تلك املرأة املقيمة يف بيت يوحنّا‪ ...‬عندما َ‬
‫لكل الناس ومل يكن أحد‬ ‫ة‬‫عام‬ ‫احلقول‬ ‫تلك‬‫‪-‬‬ ‫اخلليل‬ ‫حقول‬ ‫يف‬ ‫القطيع‬ ‫رعي‬ ‫على‬ ‫حنن‬ ‫لنا‬ ‫أايم‪ ،‬وع ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 317 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أبهنا كانت ترغب يف‬ ‫الصرة‪ ،‬لتُبلِّغنا ّ‬
‫ّ‬ ‫هذه‬ ‫ومعها‬ ‫تها‬‫م‬‫َ‬
‫ليستطيع طَردان منها‪ -‬أرسلَت لنا تلك املرأة ِّ‬
‫خاد‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقلت‪:‬‬
‫الصرة ُ‬ ‫دت ّ‬
‫َع ُ‬
‫املرة األوىل‪ ،‬أ َ‬
‫فت حسناً‪ ،‬ولكنّين‪ ،‬يف ّ‬ ‫تصر ُ‬
‫كنت قد ّ‬ ‫ت أدري ما إذا ُ‬ ‫حمادثتنا‪ ...‬لس ُ‬
‫رت َرحيل أحدهم‪...‬‬ ‫وذهبت‪ ...‬انتَظَ ُ‬
‫ُ‬ ‫ت تقول‪" :‬ابسم يسوع تعال"‪.‬‬ ‫أرسلَ ْ‬
‫"ال أريد مساع شيء"‪ ...‬مثّ َ‬
‫ِّ‬
‫ت فيها‪ ...‬نعم كانت تريد أن تعرف‪ .‬وأان‬ ‫نعم إنّه رجل قد َّاختَ َذها عشيقة‪ ...‬كم من األمور قد َرغبَ ْ‬
‫لك بذلك‪ .‬لقد َسأَلَتين‬ ‫نصب َ‬ ‫ِّ‬ ‫قلت أشياء قليلة‪ِّ ،‬‬
‫فخ يُ َ‬‫كنت أخاف من ّ‬ ‫غي‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ا‬‫إهن‬
‫ّ‬ ‫احليطة‪.‬‬ ‫ابب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫الناصري‪ ،‬هو ِّمن‬
‫ّ‬ ‫وقلت‪" :‬إنّه يسـوع‬‫السادة‪ُ ...‬‬ ‫كنت ِّمن َّ‬
‫عمل‪ ،‬وإذا َ‬ ‫عنك َمن تكون‪ ،‬أين تقيم‪ ،‬ماذا تَ َ‬
‫َ‬
‫ومتَ َشبِّّعة‬
‫عنك‪ " :‬فقري هو‪ ،‬عامل بسيط‪ُ ،‬‬ ‫قلت َ‬ ‫كل البقاع‪ ،‬فهو معلّم وينشـر تعاليمه عرب فلسـطني"‪ُ .‬‬ ‫ّ‬
‫هي حكمته‪ ...‬وال شيء أكثر‪».‬‬

‫علت! ملاذا مل تقل‬


‫صرخ يهوذا يف الوقت ذاته‪« :‬بئس ما ف َ‬
‫فعلت‪ ».‬يقوهلا يسوع‪ ،‬بينما يَ ُ‬
‫«حسناً َ‬
‫املتع ِّ‬
‫جرفة حتت وطأة روعة َعظَ َمة هللا!»‬ ‫إنّه ماسيا وملِّك العامل؟ كان جيب أن تَ ِّ‬
‫نسحق هذه الرومانيّة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فت‬
‫وعَر َ‬
‫أنت عندما رأيتَها َ‬
‫جادة؟ لقد قلتَها َ‬
‫كنت متأ ّكداً من ّأهنا ّ‬
‫لتفهمين‪ ،‬مثّ هل ُ‬‫«ما كانت َ‬
‫كل ما له عالقة بيسوع مق ّدس‪ ،‬يف فمها هي؟ هل كان‬ ‫َمن تكون‪ .‬هل كان إبمكاين رمي املق ّدسات‪ ،‬و ّ‬
‫كل اآلخرين‬ ‫ن‬ ‫إبمكاين إقحام يسوع يف املخاطر إبعطائي إايها الكثري من املعلومات؟ وإن أيته الشر ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مين‪».‬‬
‫فال أيتينّه ّ‬
‫هلم بنا اي يوحنّا لنقول إنّه املعلّم‪ ،‬ونشرح احلقيقة املق ّدسة‪».‬‬
‫« ّ‬
‫«أان‪ ،‬ال‪ّ ،‬إال إذا أ ََمَرين يسوع بذلك‪».‬‬

‫مشمئز منها؟ مل يكن املعلّم كذلك!»‬


‫ّ‬ ‫أنت‬
‫عليك؟ َ‬
‫أنت خائف؟ ما أتثري ذلك َ‬
‫«هل َ‬
‫«ال خوف وال امشئزاز‪ .‬إين أ ِّ‬
‫ُشفق عليها‪ .‬ولكنّين أُف ّكر أنّه لو كان يسوع يريد ذلك‪ ،‬لكان‬ ‫ّ‬
‫فمن غري املفروض أن نقوم حنن بذلك‪».‬‬ ‫إبمكانه التوقّف لتثقيفها‪ .‬ومل يفعلها‪ِّ ...‬‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 318 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لصرة‬‫ا‬ ‫حمتوى‬ ‫يهوذا‬ ‫غ‬‫فر‬‫ُ‬‫وي‬ ‫»‬‫إيلي‪.‬‬ ‫اي‬ ‫ة‬
‫الصر‬ ‫ان‬‫«إذاً‪ ،‬مل تكن هناك عالمات ِّهداية‪ ...‬اآلن‪ِّ ...‬‬
‫أر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكل يتدحرج‪:‬‬
‫على ُهدب معطفه‪ ،‬فهو جالس على العشب‪ .‬خوامت‪ ،‬قالدات‪ ،‬جواهر‪ ،‬أساور‪ ،‬طُوق‪ّ ،‬‬
‫أصفر الذهب على أصفر ثوب يهوذا القامت‪« .‬كومة ِّمن اجلَّواهر!‪ ...‬ماذا سنفعل هبا؟»‬

‫فيقول مسعان‪َ« :‬يكن هلذا أن يباع‪».‬‬

‫يعَتض يهوذا الذي يَنظُر إليها إبعجاب‪ّ « :‬إهنا أشياء تُثري الشُّبهة‪».‬‬

‫مك"‪ .‬وقد أجابتين‪" :‬هذه‬ ‫منك معلّ ِّ‬


‫َضفت‪" :‬سوف ينال ِّ‬
‫قلت هلا ذلك لدى أخذي ّإايها‪ .‬وأ َ ُ‬‫« ُ‬
‫َفعل هبا ما أشاء‪ .‬أعرف أنّه ذهب اخلطيئة‪ ...‬ولكنّه قد يُصبِّح طاهراً لو‬
‫ختصه؛ ّإهنا يل‪ .‬أ َ‬
‫األشياء ال ّ‬
‫خدم لصاحل َمن هو فقري وق ّديس‪ ،‬لكي يذكرين"‪ .‬وكانت تبكي‪».‬‬‫است ِّ‬
‫ُ‬
‫اذهب اي معلّم‪».‬‬
‫« َ‬
‫«ال‪».‬‬
‫« ِّ‬
‫أرسل مسعان‪».‬‬

‫«ال‪».‬‬

‫َذهب أان‪».‬‬
‫«إذاً أ َ‬
‫«ال‪َّ ».‬‬
‫إن الءات يسوع ذات نربة قاطعة وآمرة‪.‬‬

‫التصرف‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬بكالمي معها وقبول هذا الذهب؟»‬


‫أسأت ّ‬‫«هل ُ‬
‫التصرف‪ ،‬إّّنا ال شيء زايدة على ذلك َيكن عمله‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«مل تُسئ ّ‬
‫َِّ‬
‫ويعَتض أيضاً يهوذا‪« .‬ولكن قد تكون هذه املرأة تريد افتداء نفسها‪ ،‬وهي يف حاجة إىل أن‬
‫نث ّقفها‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 319 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«يف داخلها اآلن شرارات كثرية قادرة على إضرام النار اليت َيكن أن َحترق رذيلتها فيها‪ ،‬اتركة‬
‫عمل يف‬‫النَّفس من جديد لتعود عذراء بفعل النَّدامة‪ .‬منذ وقت قريب َحدَّثتُكم عن اخلمرية اليت تَ َ‬
‫العجني كله‪ ،‬لتجعل منه خبزاً مق ّدساً‪ .‬امسعوا مثالً صغرياً‪ :‬تلك املرأة هي الطحني‪ ،‬طحني َمَز َجه اخلَبيث‬
‫بغباره اجلهنمي‪ .‬أان اخلمرية‪ ،‬وهذا يعين أ ّن كلميت هي اخلمرية‪ .‬إّّنا لو كان هناك الكثري ِّمن النخالة يف‬
‫حّت ولو كانت‬ ‫صنع اخلبز ّ‬ ‫الطحني‪ ،‬أو كذلك لو كان ممزوجاً ابحلصى والرمل والرماد‪ ،‬فهل َيكن ُ‬
‫وبكل صرب‪ ،‬نزع احلصى والرماد والرمل والنخالة‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬من‬ ‫اخلمرية ممتازة؟ ال َيكن صنعه‪ .‬فينبغي‪ّ ،‬‬
‫الضروري أن‬ ‫من‬ ‫ة؛‬ ‫أساسي‬ ‫قصرية‬ ‫حقائق‬ ‫ن‬ ‫الطحني؛ مث أتيت الرمحة وَمتنَح الغرابل‪ ...‬األول مصنوع ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يدركها َمن كان واقعاً يف َشبَ َكة اجلهل املطبق أو الرذيلة أو أخطاء الوثنيّة‪ .‬فإذا ما تَـ َقبَّـلَتها النفس‪ ،‬تبدأ‬
‫التطهر األوىل‪ .‬والثاين يصل مع غرابل النفس ذاهتا‪ ،‬اليت ُجتابِّه ذاهتا مع الذات اليت ظَ َهَرت‪.‬‬ ‫عمليّة ّ‬
‫أدق ابستمرار‪ ،‬فبعد احلجارة وبعد الرمل والرماد‪ ،‬تصل‬ ‫يصيبها اهلَلَع ِّمن ذاهتا وتبدأ عملها؛ بعمليّة ّ‬
‫كل‬ ‫ِّ‬
‫حّت ما كان من الطحني نفسه‪ ،‬إّّنا حبّاته خشنة‪ ،‬لكي تعطي خبزاً ممتازاً‪ .‬اآلن ها هو ّ‬ ‫إىل نزع ّ‬
‫شيء جاهز‪ .‬حينئذ تعود الرمحة ومتتزج هبذا الطحني ال ُـم َع ّد ‪-‬وهذا أيضاً هو هتيئة اي يهوذا‪ -‬وهي‬
‫عمل اإلرادة والنفس‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ُختَ ّمرها وتصنع منها اخلبز‪ .‬ولكنّها عمليّة طويلة‪ ،‬فيها تَ َ‬
‫هذه املرأة‪ ...‬هذه املرأة أصبَ َحت متلك يف ذاهتا هذا احل ّد األدىن الذي كان من العدل أن تُعطاه‪،‬‬
‫والذي َيكنه مساعدهتا يف إمتام عملها‪ ،‬فلندعها تفعل‪ ،‬إذا أرادت ذلك‪ ،‬دون أن جنعلها تضطَ ِّرب‪.‬‬
‫املتهورة‪ ،‬فالتش ّدد َُياثِّل الرمحة‬ ‫احلماسة‬ ‫الفضول‪،‬‬ ‫ة‪:‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫فكل شيء هو اضطراب ابلنسبة إىل النفس ال َقلِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتطرفة‪».‬‬
‫ّ‬
‫«إذن ألن نذهب؟»‬

‫نرحل حاالً‪ .‬يف الغابة ِّظالل‪ .‬سوف نتوقّف يف‬‫يتعرض أحدكم للتجربة‪ ،‬سوف َ‬ ‫«ال‪ .‬ولكي ال ّ‬
‫سنفَتق‪ .‬وسوف يعود إيلي إىل َرعيه مع ليفي‪ ،‬بينما أييت يوسف معي إىل معرب‬ ‫عمق الغابة‪ ،‬وهناك َِّ‬
‫بذهابك ِّمن‬
‫َ‬ ‫أرُيا‪ .‬وبعد ذلك‪ ...‬سوف نعود لاللتقاء أيضاً‪ .‬أنت اي اسحق أ ِّ‬
‫َكمل ما بَ َدأتَه يف ايفا‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 320 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هنا مروراً ابلرامة والل ّد وصوالً إىل ‪ .Docco‬هناك سوف نلتقي اثنية‪ .‬فهناك اليهوديّة تنتظر التهيئة‪،‬‬
‫فعلت يف ايفا‪».‬‬
‫التصرف‪ ،‬مثلما َ‬
‫أنت تعرف كيفيّة ّ‬ ‫و َ‬
‫«وحنن؟»‬

‫أت للرسالة‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫قلت‪ ،‬ل ََتوا هتيئيت‪ .‬أان كذلك‪ ،‬قد هتيَّ ُ‬
‫«أنتم‪ ،‬أنتم ستأتون‪ ،‬كما ُ‬
‫دي رايب؟»‬
‫تتلمذت على يَ ّ‬
‫َ‬ ‫«هل‬

‫«أبداً‪».‬‬

‫يدي يوحنا؟»‬
‫«على ّ‬
‫«مل أَتَـلَ َّق منه سوى العماد‪».‬‬

‫«وإذاً؟»‬

‫سآخذك اي يهوذا‪ ،‬احلجارة‬


‫َ‬ ‫«بيت حلم قد ت َكلَّ َمت حبجارهتا وقلوهبا‪ .‬هناك كذلك‪ ،‬حيث‬
‫والقلوب‪ ،‬وقليب‪ ،‬سوف يتكلّمون وجييبون على األسئلة‪».‬‬

‫لت أثناء انتظاري‪ ،‬وحاول اسحق‬ ‫ب احلليب واخلبز األسود يقول‪« :‬لقد حاو ُ‬ ‫إيلي الذي َجلَ َ‬
‫معي استمالة أهل اخلليل (حربون)‪ ...‬ولكنّهم ال يؤمنون‪ ،‬ال َُيلصون‪ ،‬وال يريدون سوى يوحنّا‪ ،‬إنّه‬
‫ق ّديسهم وال يريدون سواه‪».‬‬

‫مشَتَكة بني بلدات كثرية وكثري من املؤمنني‪ ،‬احلاليّني منهم واملستقبليّني‪ّ .‬إهنم يَنظُرون‬
‫«خطيئة ََ‬
‫حّت دون قوهلم‬ ‫ِّ‬ ‫إىل ِّ‬
‫أرس َل العامل‪ .‬يطرحون األسئلة على العامل ّ‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫العمل‬ ‫رب‬
‫ّ‬ ‫إىل‬ ‫ليس‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫العام‬
‫رب العمل هو الذي‬ ‫ِّ‬
‫رب العمل موجود‪ ،‬وأ ّن ّ‬ ‫له‪" :‬قل هذا لسيّدك"‪ .‬فينسون أ ّن العامل موجود ألن ّ‬
‫العامل َيكنه أن يـَتَـ َو َّسط‪ ،‬إّّنا ال يوجد سوى واحد فقط‬‫ي َد ِّرب العامل وجيعله أهالً للعمل‪ .‬ينسون أ ّن ِّ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 321 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يهم‪ .‬الكلمة يتأ ّمل‪ ،‬ولكنّه ال ُيقد‪.‬‬
‫رب العمل‪ .‬يف هذه احلال‪ ،‬هللا وكلمته معه‪ .‬ال ّ‬
‫قادر على ال َـمنح‪ّ :‬‬
‫لنرحل‪».‬‬

‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 322 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -44‬يسوع على جبل الصوم وصخرة التجربة)‬

‫‪1945 / 01 / 17‬‬

‫جبلي‪ .‬ابلكاد هي إشراقة اليوم األوىل‪ .‬يف‬ ‫منحدر‬ ‫ة‬ ‫قم‬ ‫على‬ ‫يطل‬ ‫فجر‬ ‫فر‪.‬‬‫َ‬‫ق‬ ‫ع‬‫فَجر رائع يف موقِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فضية على‬
‫السماء تبدو النجوم األواخر املرئيّة‪ ،‬ومن القمر هالل حنيل هو بقيّة تناقصه‪ ،‬بل فاصلة ّ‬
‫خممل السماء القامت‪.‬‬

‫القمة عالية‬
‫حقيقي وليس رابية‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫يبدو اجلبل مستقالًّ‪ ،‬غري مرتبط بسالسل أخرى‪ .‬ولكنّه جبل‬
‫كثرياً‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬يف منتصف املرتفع نكتشف أُفُقاً واسعاً‪ ،‬ممّا يؤّكد أنّنا قد ارتَـ َفعنا كثرياً عن مستوى‬
‫يشق طريقه نور الفجر غري الواضح‪ ،‬األبيض‬ ‫ِّ‬
‫سطح األرض‪ .‬ومع نسمة الصباح ال ُـمنع َشة‪ ،‬حيث ّ‬
‫فيتكشف اجلوار والتفاصيل اليت كان َيفيها‪ ،‬سابقاً‪ ،‬الضباب‬ ‫ّ‬ ‫املخضر‪ ،‬والذي يزداد وضوحاً ابطّراد‪،‬‬
‫ّ‬
‫الذي يسبق النهار‪ ،‬واألكثر ظالماً من الليل‪ ،‬إذ يتناقص نور النجوم أثناء عبور الليل إىل النهار‪ ،‬بل‬
‫هو َُيحى‪ .‬وهكذا أرى اجلبل وقد تَ َش َّكل ِّمن صخور عارية‪ ،‬تقطعها جتاويف لتؤلِّّف الكهوف واملالجئ‬
‫جمع كذلك ماء السماء وُيفظه‪ ،‬وطاقات‬ ‫يف اجلبل‪ .‬يف األمكنة الفريدة حيث َجتَ َّمع قليل من الَتاب ليَ َ‬
‫وشبة‪ ،‬برؤوس نبااتت أرض‬ ‫خضرة‪ ،‬هي نبااتت بساق واحدة فقط وأشواك‪ ،‬أبوراق قليلة وأدغال ُخم َش ِّ‬
‫ُ‬
‫تبدو كعيدان خضراء ال أعرف هلا أمساء‪.‬‬

‫ب ِّمن‬ ‫ِّ‬
‫َّسع ُجمدب أكثر‪ُ ،‬م َسطَّح كثري احلجارة‪ ،‬يزداد ال َقحل فيه كلّما ََ‬
‫اقَت َ‬ ‫يف األسفل هناك ُمت َ‬
‫نقطة ُمظلِّ َمة‪ ،‬إنّه ابألحرى طويل أكثر منه عريض‪ ،‬ذلك أ ّن طوله يعادل مخسة أضعاف عرضه على‬
‫قفرة‪ .‬حينذاك‪ ،‬وحينما يُصبِّح‬ ‫األقل‪ .‬أظنّها واحة و ِّارفَة أوج َدهتا مياه جوفية يف تلك اللوحة الطبيعية الـم ِّ‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫النّور أكثر سطوعاً‪ ،‬أرى ّأهنا بركة ماء‪ .‬مياه راكدة‪ ،‬قامتة وال حياة فيها‪ .‬حبرية حزهنا ال متناهٍ‪ .‬يف هذا‬
‫لي‪ ،‬ممّا يعيد إىل ذهين منظر العامل امليت‪ ،‬يبدو أ ّن البحرية جتذب إليها صورة السماء‬ ‫النور غري اجلَّ ّ‬
‫كأهنا تعكس يف مياهها الساكنة‪ ،‬اللون األخضر القامت املميَّز‬ ‫كل حزن املشهد احمليط‪ .‬تبدو و ّ‬ ‫القامتة‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 323 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫للنبااتت الشوكيّة واألعشاب املتصلّبة اليت‪ ،‬عرب كيلومَتات وكيلومَتات‪ ،‬يف السهول واملنحدرات‪ ،‬هي‬
‫كل اجلوار‪ .‬كم‬ ‫يف‬ ‫ر‬ ‫املظهر الوحيد لألرض‪ ،‬منه يصنع شراب احلب للحزن القامت الذي ينطَلِّق وينتَ ِّ‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الفرق شاسع بينها وبني حبرية جنّسارة املشرقة الضاحكة!‬

‫يف األعلى‪ ،‬ابلنَّظَر إىل السماء ذات الصفاء ال ُـمطلَق‪ ،‬واليت تُصبِّح أكثر وضوحاً ابستمرار‪،‬‬
‫ابلنظر إىل النور الذي يَنتَ ِّشر ِّمن الشرق مثل م ّد نوراينّ‪ ،‬تعود النفس إىل سعادهتا‪ .‬ولكن منظر هذه‬
‫املساحة الكبرية من املياه عدَية احلياة يعصر القلب‪ .‬فال جتد عصفوراً ُيلّق فوقها‪ ،‬وال حيواانً على‬
‫ضفافها‪ ،‬ال شيء‪.‬‬

‫كنت‬
‫صلنا إىل حيث ُ‬ ‫ليهزين‪« :‬ها إنّنا قد َو َ‬
‫وبينما أان أنظُر إىل هذا األسى‪ ،‬أاتين صوت يسوع ّ‬
‫يتوسط يوحنّا ومسعان ويهوذا‪ ،‬قرب منحدر اجلبل املليء ابلصخور‪ ،‬حيث‬ ‫ِّ‬
‫أريد‪ ».‬فَأَلتَفت ألراه خلفي ّ‬
‫عرب َوعِّر)‪ ...‬وكان األجدر بنا القول‪ :‬حيث َع َمل املياه الطويل‪ ،‬يف موسم األمطار‪،‬‬‫(م َ‬
‫يَصل عرقوب َ‬
‫ِّ‬
‫ت األحجار الكلسيّة‪ُ ،‬حم ِّداثً أُخدوداً عرب العصور على شكل شبه قناة ابلكاد واضحة‪ ،‬تُستَ َ‬
‫خدم‬ ‫قد َح َّ‬
‫املتوحشة أكثر منها للبشر‪.‬‬ ‫للماعز‬ ‫يق‬
‫ر‬ ‫ط‬ ‫فهي‬ ‫اآلن‬ ‫ا‬‫أم‬ ‫م‪،‬‬ ‫م‬ ‫املنحدرة من ِّ‬
‫الق‬ ‫ِّ‬ ‫أثناء سيل املياه‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫أود جلبكم إليه‪ .‬فهنا قد هتيّأ املسيح‬
‫كنت ُّ‬ ‫يَنظُر يسوع حوله ويُ ِّّ‬
‫كرر‪« :‬نعم‪ ،‬إنّه املكان الذي ُ‬
‫لرسالته‪».‬‬

‫«ولكن‪ ،‬ال يوجد شيء هنا!»‬

‫أنت قلتَها‪ ،‬ال يوجد شيء‪».‬‬


‫« َ‬
‫كنت؟»‬
‫«مع َمن َ‬
‫«مع روحي ومع اآلب‪».‬‬

‫«آه! لقد كانت وقفة لبضعة ساعات!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 324 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ألايم ع ّدة‪»...‬‬
‫«ال اي يهوذا‪ ،‬مل تكن لبضعة ساعات بل ّ‬
‫كنت تنام؟»‬
‫َيدمك؟ أين َ‬
‫َ‬ ‫«ولكن َمن كان‬

‫كنت أجلأ أان كذلك‪ .‬وكانت‬


‫«كان ُخدَّامي محري وحشيّة أتيت ليالً لتنام يف مأواها‪ ...‬حيث ُ‬
‫الوحشي عندما تذهب للصيد‪ .‬وقد‬
‫ّ‬ ‫النُّسور يف خدميت‪ ،‬فقد كانت تقول يل‪" :‬طَلَ َع النهار"‪ ،‬بصوهتا‬
‫قدمي‪ّ ...‬أما‬
‫ي عند ّ‬ ‫الرب ّ‬
‫كانت األرانب الربيّة الصغرية أصدقائي‪ ،‬وهي اليت كانت تقضم العشب ّ‬
‫شريب فقد كاان مأكل ومشرب الزهور الربيّة‪ :‬ندى الليل ونور الشمس‪ ،‬وال شيء سوى‬ ‫وم َ‬
‫مأ َكلي َ‬
‫ذلك‪».‬‬

‫«ولكن ملاذا؟»‬

‫أنت‪ ،‬األمور املهيّأة جيّداً تنجح بشكل جيّد‪ .‬هكذا‬ ‫«ألستع ّد جيّداً لرساليت‪ ،‬ألنّه‪ ،‬كما تقول َ‬
‫الرب‪ ،‬إّّنا لكي يُ ِّ‬
‫درك العامل‬ ‫قلت‪ .‬ومل يكن شأين ضئيالً ال ينفع ألن يكون يف دائرة النور‪ ،‬فأان خادم ّ‬ ‫َ‬
‫الرب الذي يف ّكر يف نصر‬ ‫احلق؛ وبِّئس خادم ّ‬
‫الرب‪ ،‬وبواسطة هذا اإلدراك أجعلهم ُيبّونه بروح ّ‬ ‫ماهيّة ّ‬
‫له وليس يف النصر هلل! الذي يبحث عن فائدة خاصة له‪ ،‬الذي ُيلُم ابالرتقاء إىل عرش مصنوع‪...‬‬
‫الم َست األرض‪ ،‬وهي اليت كانت مصاحل‬ ‫آه! مصنوع ابسم مصاحل هللا‪َّ ،‬إّنا اليت ح َّ ِّ‬
‫ط من قَدرها حّت َ‬ ‫َ‬
‫يغش نفسه‪،‬‬‫اخلارجي‪ .‬إنّه ابئع‪ ،‬اتجر‪ ،‬كائن مزيّف ّ‬
‫ّ‬ ‫حّت ولو كان له مظهره‬ ‫مساويّة‪ .‬فهذا ليس خبادم‪ّ ،‬‬
‫يغش هللا ذاته‪ ...‬إنّه ابئس‪ ،‬يعتَِّرب نفسه أمرياً‪ ،‬وهو ال يتع ّدى كونه عبداً‪...‬‬‫ويغش العامل‪ ،‬ويريد أن ّ‬
‫ّ‬
‫وم َعلِّّمه يف الكذب‪ .‬هنا‪ ،‬يف هذا املأوى‪ ،‬قضى املسيح ّأايماً كثرية يف اإلمااتت‬ ‫ِّ‬
‫عبداً للشيطان‪َ ،‬ملكه ُ‬
‫كنت تريدين أن أذهب ألستع ّد وأهتيّأ اي يهوذا؟»‬
‫والتضحيات والصالة ليتهيّأ لرسالته‪ .‬تُرى‪ ،‬أين َ‬
‫كنت أف ّكر‪ ...‬عند أحد الراببنة‪ ...‬لدى‬
‫لست أدري‪ُ ...‬‬
‫يهوذا حائر اتئه؛ أخرياً جييب‪« :‬ولكن ُ‬
‫لست أدري‪».‬‬
‫األسينيّني‪ُ ...‬‬
‫كنت ألمت ّكن من إجياد رايب يقول يل أكثر ّمما كان سلطان هللا وحكمته يقوالنه يل؟ هل‬
‫«هل ُ‬
‫أبي روح‬ ‫ِّ‬
‫األزيل اليت كانت عندما َخلَ َق اآلب اإلنسان‪ ،‬وتَعرف ّ‬
‫كنت ألستطيع أان ‪-‬أان َكل َمة اآلب ّ‬
‫ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 325 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ت أستطيع طَلَب‬ ‫غري مائت هو ُُيىي‪ ،‬وأية قدرة على األحكام احلرة قد حباه (خ َّ ِّ‬
‫صهُ) اخلالق‪ -‬هل كن ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫نكرون حريّة إرادة‬ ‫نكرون خلود النفس بنكران القيامة األخرية‪ ،‬الذين ي ِّ‬ ‫العلم والفهم لدى أانس ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‪ ،‬غري عابئني ابلفضائل والرذائل‪ ،‬أبفعال التقديس واألفعال السيّئة املضبوطة ابل َق َدر الذي‬
‫حتمي ال َيكن التغلّب عليه‪ .‬آه! ال‪ .‬لكم قَ َدر‪ ،‬نعم‪ ،‬لكم قَ َدر‪ .‬ففي روح هللا الذي‬ ‫ّ‬ ‫يقولون عنه إنّه‬
‫ب وسالم وجمد‪" :‬القداسة اليت جتعلكم أبناءه"‪.‬‬ ‫َخلَ َقكم‪ ،‬هناك قَ َدركم‪ .‬اآلب يرغبه لكم‪ ،‬وهو قَ َدر ُح ّ‬
‫اإلهلي يف حلظة َخلق آدم ِّمن تراب‪ ،‬سيكون حاضراً‬ ‫كذا هو املصري الذي‪ ،‬بفعل حضوره يف الفكر ّ‬
‫حّت َخلق آخر نفس بشريّة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫احلرة)‪ .‬فلو كان امللك سجيناً ال يعود ملكاً‪،‬‬ ‫امللكي (اإلرادة ّ‬‫ّ‬ ‫لكن اآلب ال يرغمكم يف ظَرفكم‬ ‫و ّ‬
‫بل هو يَس ُقط‪ .‬إنّكم ملوك ألنّكم أحرار يف مملكتكم الشخصيّة الصغرية‪ ،‬يف أانكم‪ .‬فيها تستطيعون‬
‫فعل ما تشاؤون وكما تَبغُون‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬على حدود مملكتكم الصغرية‪ ،‬لديكم َملِّك صديق وقُـ َّواتن‬
‫ض َعها ليجعل املوالني له سعداء‪ .‬إنّه يُ ِّربزها لكم‪ .‬يقول لكم‪:‬‬ ‫دواتن‪ .‬الصديق يبين لكم القواعد اليت َو َ‬ ‫َع َّ‬
‫ظهرها لكم‪ ،‬وهو احلكيم والق ّدوس‪ ،‬لكي تستطيعوا‪ ،‬إذا شئتم‪،‬‬ ‫"ها هي‪ ،‬معها يتح ّقق النصر األزيل"‪ .‬يُ ِّ‬
‫ّ‬
‫دواتن ُها الشيطان واجلَّ َسد‪ .‬حتت‬ ‫الع َّ‬
‫أزيل‪ .‬وال ُق َّواتن َ‬
‫أن تضعوها موضع التطبيق‪ ،‬وتستفيدوا منها مبجد ّ‬
‫أي بذخ وغواايت العامل‪ ،‬يعين الغِّىن واالحتفاالت والتشريفات‬ ‫ِّج جسدكم وجسد العامل‪ْ ،‬‬ ‫اسم اجلَّ َسد أُدر َ‬
‫السلطات املتأتّية ِّمن العامل‪ ،‬واملوجودة فيه‪ ،‬واليت ال حنصل عليها دائماً بشكل شريف‪ ،‬واليت نعرف‬ ‫و ُّ‬
‫توصل إليها اإلنسان ابلتايل بفضل جمموعة ظروف‪ .‬الشيطان‪،‬‬ ‫أبقل نزاهة‪ ،‬إذا ما ّ‬
‫كيفيّة استغالهلا دائماً ّ‬
‫سيّد اجلسد والعامل‪ ،‬يتص ّدى لنا بذاته وابجلسد‪ .‬وهو كذلك له قواعده‪ ...‬آه! إن كان لديه!‪ ...‬ومبا‬
‫أ ّن األان حماطة ابجلسد‪ ،‬ومبا أ ّن اجلسد يبحث عن اجلسد كما أجزاء احلديد تتّجه حنو املغناطيس‪ ،‬ومبا‬
‫االجتاه صوب‬ ‫الوالِّه يف ضوء القمر يف َعبَق حديقة الورد‪ ،‬و ّ‬ ‫أرق من تغريد العندليب َ‬
‫أ ّن أغنية املغوي ّ ِّ‬
‫ذك صديقات يل‪ .‬ادخلي"‪.‬‬ ‫هذه القواعد أسهل كثرياً‪ ،‬وكذلك اخلضوع لقدراهتا‪ ،‬والقول هلا‪َِّّ :‬‬
‫"أخت ِّ‬

‫ضعف مقابل اخلدمة اليت‬‫ادخلي‪ ...‬هل رأيتم حليفاً يبقى نزيها على الدوام‪ ،‬دون طلب مائة ُ‬
‫دخل‪ ...‬تَسود‪ ...‬تَسود؟ ال‪ ،‬بل تَستَب ّد‪ .‬تُـ َقيّدكم أيّها الناس يف قفص العبيد‪،‬‬
‫يق ّدمها؟ هكذا تفعل‪ .‬تَ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 326 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ ِّ‬
‫وسوطها يَتك عليكم آاثره الدامية إذا‬ ‫تقيّدكم فيه ابلسالسل‪ ،‬فال تَتككم لتُ َحِّّرروا أعناقكم من نريها‪ُ ،‬‬
‫نس ِّحق‪ ،‬وقد أضحى‬ ‫َ‬ ‫ـم‬
‫ُ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫د‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫جل‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫م‬‫قارع الفرد ذاته حّت يصبح كتلة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ما حاولتم الفرار منها‪ .‬آه! ّإال أن يُ ِّ‬
‫غري انفع لدرجة أن تلفظه قدمها الشرسة‪ ،‬أو َيوت حتت وطأة الضرابت‪ .‬فإذا عرفتم أن تُصبِّحوا هذا‬
‫الشهيد‪ ،‬حينئذ متر الرمحة‪ ،‬الوحيدة اليت ال تزال تستطيع الرأفة هبذا البؤس الـمقيت‪ ،‬الذي حياله يُ ِّ‬
‫ظهر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫العامل‪ ،‬أحد السيّدين‪ ،‬امشئزازه‪َّ ،‬أما السيّد اآلخر‪ :‬الشيطان‪ ،‬فإنَّه يُ َسلِّّط عليه سهام انتقامه‪ّ .‬أما الرمحة‬
‫"هلم‪ ،‬ال ختف‪ .‬ال تنظر إىل‬ ‫متر به‪ ،‬فتنحين‪ ،‬تلتقطه‪ ،‬تعتين به‪ ،‬تشفيه وتقول له‪ّ :‬‬ ‫فهي الوحيدة اليت ّ‬
‫هك بشكل‬ ‫تشو َ‬
‫تصيبك ابهللع‪ ،‬فهي ّ‬ ‫َ‬ ‫احك مل تعد سوى ندابت‪ ،‬لكنّها كثرية لدرجة ّأهنا‬ ‫ذاتك‪ .‬فجر َ‬ ‫َ‬
‫أنت بعالمة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت َ‬ ‫ادتك‪ .‬وبسبب هذه اإلرادة الطيّبة فقد ُومس َ‬ ‫فلست أنظُر إليها‪ ،‬بل إىل إر َ‬ ‫ُ‬ ‫فظيع‪ ،‬إّّنا أان‪،‬‬
‫وحتمله إىل مملكتها‪ .‬حينئذ تُ ِّ‬
‫دركون أ ّن الرمحة‬ ‫ك‪ ،‬تعال معي"‪َ ،‬‬ ‫لك‪" :‬أحبّ َ‬‫وبفضل هذه العالمة أقول َ‬
‫أظهَرها لكم ومل تكونوا‬ ‫والصداقة امللكيّة ُها شخص واحد‪ .‬فتجدون من جديد القواعد اليت كان قد َ‬
‫وتتوصلون إىل سالم الضمري ّأوالً‪ ،‬وسالم هللا بعدئذ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تريدون اتّباعها‪ .‬فاآلن لديكم اإلرادة‪...‬‬

‫كل‬ ‫لذاته‬ ‫تضاه‬


‫ر‬ ‫ا‬ ‫قد‬ ‫أو‬ ‫اجلميع‪،‬‬ ‫على‬ ‫فقط‬ ‫احد‬
‫و‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫قولوا يل إذاً‪ ،‬هل هذا ال َق َدر قد فُ ِّرض ِّمن قِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شخصي؟»‬
‫ّ‬ ‫مبفرده وبشكل‬

‫كل مبفرده‪».‬‬
‫«لقد ابتغاها ّ‬
‫نكرون القيامة‬‫لئك الذين ي ِّ‬
‫كنت أستطيع‪ ،‬أان‪ ،‬الذهاب إىل أو َ‬
‫ُ‬ ‫أحكامك سليمة اي مسعان‪ .‬فهل ُ‬‫َ‬ ‫«‬
‫لت‬ ‫وهبة هللا كي أَتَـتَلمذ على أيديهم؟ لقد أتيت إىل هنا‪ .‬أَخذت نفسي كابن اإلنسان‪ِّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫وعم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اجمليدة َ‬
‫مهميت بكمال‪ .‬اآلن‪،‬‬ ‫اللَّمسات األخرية‪ُ ،‬منهياً عمل ثالثني سنة يف اخلفاء للتهيئة‪ ،‬ألَبلُغ إىل إمتام ّ‬
‫أقل انعزاليّة‪ ،‬إذ سنكون أربعة‬ ‫أطلب منكم البقاء معي‪ ،‬بضعة ّأايم‪ ،‬يف هذا امللجأ‪ .‬سيكون االنتظار ّ‬
‫كنت وقتها وحيداً‪ .‬واآلن‬‫أصدقاء‪ ،‬نتص ّدى معاً لألحزان واملخاوف والتجارب ومتطلّبات اجلسد‪ .‬أان‪ُ ،‬‬
‫أتيت يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العلو‪ ،‬هواء الق َمم يـُلَطّف احلرارة‪ .‬أان ُ‬
‫أقل عناء‪ ،‬فاآلن صيف‪ ،‬وهنا‪ ،‬يف هذا ّ‬ ‫سيكون هذا ّ‬
‫أقل إرهاقاً ألنّه‬ ‫ِّ‬
‫القمة‪ .‬سيكون االنتظار ّ‬ ‫هناية قمر شباط وقد كان اهلواء رايح صقيع آتية من ثلوج ّ‬
‫الرعاة‬
‫لت ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أقصر‪ ،‬وأل ّن لدينا اآلن هذا احل ّد األدىن من الغذاء َُيَّفف جوعنا‪ ،‬ويف ال َـمطَرات‪ ،‬اليت َج َع ُ‬
‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 327 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فسني ِّمن إبليس‪ .‬وليس‬
‫يعطونكم ّإايها‪ ،‬ماء كاف هلذه اإلقامة القصرية‪ .‬فأان‪ ..‬أان‪ ،‬أحتاج إىل انتزاع نَ َ‬
‫هناك سوى أعمال التوبة تستطيع الوصول هبا إىل هناية املطاف‪ .‬وأطلب منكم العون‪ .‬وسيفيد ذلك‬
‫يف هتيئتكم كذلك‪ .‬سوف تتعلّمون كيفيّة انتزاع الضحااي ِّمن مامون (الشيطان)‪ .‬وهذا غري ممكن‬
‫ابلكالم كما هو ممكن ابلتضحية‪ ...‬فالكالم!‪ ...‬الضوضاء الشيطانيّة تُعيق مساعه‪ ...‬والنفوس اليت‬
‫هي ضحيّة العدو حممولة على دوامة ِّمن األصوات اجلهنّمية‪ ...‬هل تريدون املكوث معي؟ ّأما إذا كنتم‬
‫ال تريدون‪ ،‬فاذهبوا‪ .‬أان ابق‪ .‬وسوف نلتقي يف تِّكوا ‪ Tecua‬قرب السوق‪».‬‬

‫أنت تريدان أن‬


‫كك‪ ».‬يقوهلا يوحنّا‪ ،‬بينما يصرخ مسعان يف الوقت ذاته‪َ « :‬‬ ‫«ال اي معلّم‪ ،‬لن أتر َ‬
‫معك يف عمل الفداء هذا لتسمو بنا‪ ».‬أما يهوذا‪ ...‬فال يبدو يل متحمساً ج ّداً‪ ،‬لكنّه يُ ِّ‬
‫ظهر‬ ‫نبقى َ‬
‫ّ‬
‫بشاشة لـ‪ ...‬املصري ويقول‪« :‬أان أبقى‪».‬‬

‫اكسروا حطباً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫«خذوا إذاً ال َـمطَرات واألكياس‪ ،‬وأَدخلوها‪ ،‬وقبل أن تُصبح الشمس ُحمرقَة‪ُ ،‬‬
‫كل احليواانت غري مؤذية‪ .‬أوقِّدوا هنا‬
‫وليست ّ‬‫حّت يف الصيف‪َ ،‬‬ ‫وامجَعوه عند الفتحة‪ .‬الليل ابرد هنا‪ّ ،‬‬
‫طرد ابلنار الثعابني‬ ‫ِّ‬
‫الصدوع لنَ ُ‬
‫ّنررها َع َرب ّ‬
‫مباشرة غصناً من األكاسيا الصمغية‪ّ .‬إهنا تَشتَعل جيّداً‪ .‬سوف ّ‬
‫والعقارب‪ .‬هيا‪…».‬‬

‫تتوقف الرؤاي‪.‬‬

‫ليلي‬ ‫مجال‬ ‫ابلنجوم‪.‬‬ ‫مليء‬ ‫ليل‬ ‫ليل‪،‬‬ ‫اآلن‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ل‪.‬‬ ‫ب‬ ‫جل‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫م‬‫عاود الرؤاي على املوقع ذاته ِّ‬
‫‪...‬تُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أظن‪ ،‬ال َيكن الشعور ابلسعادة ّإال يف هذه البلدان املداريّة‪ .‬حجم النجوم وبريقها‬ ‫للسماء‪ ،‬كما ّ‬
‫رائعان‪ .‬كواكب تبدو مثل عناقيد أَلَق‪ ،‬أنوار زبرجد‪ ،‬حبّات زفري ابهتة‪ ،‬أحجار عني ّ‬
‫اهلر لطيفة‪،‬‬
‫ترجتف‪ ،‬تَشتَعِّل‪ ،‬تَنطَِّفئ‪ ،‬مثل النَّظَرات عندما تغشاها اجلفون حلظة‪ ،‬وتستعيد‬ ‫ايقواتت حانية‪ّ .‬إهنا َِّ‬
‫أي‬ ‫أدري‬ ‫لست‬ ‫رب‬ ‫ع‬ ‫يغيب‬ ‫مث‬ ‫انر‬ ‫ط‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫السماء‬ ‫يف‬ ‫نيزك‬ ‫ر‬‫ّ‬‫ومن وقت آلخر‪ ،‬يس ِّ‬
‫ط‬ ‫بريقها أبكثر روعة‪ِّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫ضوئي يبدو كصرخة فرح من جنمة مفتونة بطرياهنا هكذا يف هذه احلقول اليت ال حدود هلا‪.‬‬ ‫ط ّ‬ ‫أُفُق‪ .‬خ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 328 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يسوع جالس عند مدخل املغارة ويتح ّدث إىل الثالثة الذين حتلّقوا حوله على شكل دائرة‪ ،‬جيب‬
‫أن تكون هناك انر‪ ،‬ذلك أ ّن وسط الدائرة اليت يُ َش ِّّكلوهنا ُهم األربعة كومة ِّمن اجلَّمر ما زالت حتتفظ‬
‫أتججها وجتعل الوجوه األربعة تعكس امحرارها‪.‬‬ ‫بوميض ّ‬
‫أكرر لكم‪ :‬لقد كان الطقس‬ ‫دامت أربعني يوماً‪ ...‬و ّ‬ ‫املرة املاضية َ‬ ‫«نعم‪ ،‬لقد انتَـ َهت اإلقامة‪ .‬يف ّ‬
‫املرة‪.‬‬ ‫ذه‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ما يزال شتاء على تلك املنحدرات‪ ...‬ومل يكن لدي طعام‪ ،‬فهي أكثر صعوبة قليالً ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت أعطيكم ّإايه مل يكن‬ ‫أليس كذلك؟ أَعلَم أنّكم عانيتم اآلن أيضاً‪ .‬فالقليل الذي كان لدينا والذي ُ‬
‫الوَهن‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫خاصة ابلنسبة جلوع الشباب‪ .‬لقد كان ابلقدر الكايف فقط ليمنع سقوطكم من َ‬ ‫شيئاً يُذكر‪ّ ،‬‬
‫أقل مع قَيظ النهار الالهب‪ .‬وسوف تقولون إ ّن األمر مل يكن هكذا يف الشتاء‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫وكان من املاء قَدر ّ‬
‫القمة ُيرق الرئتني‪ ،‬وكان يرتَِّفع ِّمن السهل ُحمَ َّمالً بغبار الصحراء‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫اجلاف القادم من ّ‬ ‫إّّنا آنذاك كان اهلواء ّ‬
‫حّت ِّمن هذه احلرارة الصيفيّة اليت َيكن تلطيفها برشف عصري هذه الفواكه‬ ‫وكان يُ َسبِّّب جفافاً أكثر ّ‬
‫قليلة احلموضة وهي شبه انضجة‪ .‬حينئذ مل يكن اجلبل يـُ َق ِّّدم سوى الريح واألعشاب َِّ‬
‫احملَتقة ابجلليد‬
‫ظت ابخلبزات األخريات وقُرص اجلُّنب األخري‬ ‫حول األكاسيا العارية‪ .‬مل أ ِّ‬
‫كل شيء‪ ،‬بل قد احتَـ َف ُ‬ ‫ّ‬ ‫كم‬ ‫ُعط‬
‫كنت يف عُزلة الصحراء‪ ...‬فلنجمع‬ ‫ت العودة‪ُ ،‬م َنهكاًكما ُ‬ ‫مع ال َـمطََرة األخرية لطريق العودة‪ ...‬فلقد َخِّرب ُ‬
‫حوائجنا ولنرحل‪ .‬فاملساء ما زال أكثر نوراً مما كان عليه يوم قدومنا‪ .‬ال قمر‪ ،‬إّّنا السماء ُمت ِّطر نوراً‪.‬‬
‫انعَزَل فيها املسيح واليت يتهيّأ هبا‬ ‫اليت‬ ‫يقة‬
‫ر‬ ‫الط‬ ‫ا‬‫و‬‫ر‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫تتذ‬ ‫أن‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫اعرف‬ ‫املكان‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫بذكرى‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ظ‬ ‫لنرحل‪ .‬احت ِّ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ُسل‪».‬‬ ‫مت‪ ،‬كذلك يتهيّأ ُّ‬ ‫الر ُسل‪ .‬فكما َعلَّ ُ‬
‫ُّ‬
‫طفئها ابألقدام‪ ،‬أبعشاب جافة‪،‬‬ ‫ينهضون‪ُُ .‬ي ِّرك مسعان اجلَّمرات بغصن‪ ،‬يؤججها قبل أن ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬
‫دخل املغارة‪ ،‬بينما جيمع يهوذا ويوحنّا املعاطف‬ ‫ِّ‬
‫ويُشعل شعبة (غصن) أكاسيا وَيسك هبا عالياً عند َم َ‬
‫واألكياس وال َـمطَرات اليت ما تزال واحدة منها فقط ممتلئة‪ .‬مثّ يطفئ الشعبة (الغصن) بتحريكها وهو‬
‫صها على الصخور‪ُ ،‬يمل كيسه‪ ،‬ومثل اآلخرين يضع معطفه رابطاً ّإايه على قامته كي ال يُعيق‬ ‫يـَُر ّ‬
‫املسري‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 329 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عرب َو ِّعر)‪ ،‬مبشية سريعة ج ّداً‪ ،‬جاعلني‬ ‫ي ِّ‬
‫(م َ‬
‫نحدرون دون كالم‪ ،‬الواحد خلف اآلخر‪َ ،‬عرب عرقوب َ‬
‫َ َ‬
‫احليواانت الصغرية‪ ،‬اليت تقضم القليل من العشب املتب ّقي مقاوماً للشمس‪ ،‬هترب‪ .‬الطريق طويلة وصعبة‪.‬‬
‫أضحت رمليّة ُختفي حجارة‬ ‫ِّ‬
‫أخرياً يَصلون إىل السهل‪ .‬املسري ليس سهالً هو اآلخر‪ ،‬فهنا األرض اليت َ‬
‫أحرقَتها‬ ‫ِّ‬
‫وشظااي حجارة تتدحرج بغَدر حتت األقدام وجترحها‪ ،‬وال َيكن حتاشيها‪ ،‬وكذلك أدغال شوكيّة َ‬
‫األرجل وتُضايِّق املسري‪ ،‬بتعلّقها يف أسفل الثياب‪ .‬ولكن الطريق أكثر استقامة‪.‬‬
‫الشمس‪َ ،‬خت ُدش ُ‬
‫تبقى النجوم يف األعلى أكثر هباءً‪.‬‬

‫يسريون‪ ،‬يسريون ويسريون خالل ساعات‪ .‬وتبقى األرض قاحلة أكثر وأكثر حزانً‪ ،‬شظااي‬
‫وَّهاجة تَلمع يف أخاديد األرض الصغرية‪ ،‬يف ح َفر وسط وعورة األرض‪ّ .‬إهنا شظااي ذات تَـوُّهج ِّ‬
‫ابهت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ظهر مع فيضاانت‬ ‫ينحين يوحنّا لينظر إليها‪« .‬ذلك هو ملح ما حتت األرض‪ .‬لقد أُشبِّ َعت به‪ .‬وهو يَ َ‬
‫نشر املوت يف ع ّدة أماكن جماورة‪،‬‬‫الشرقي يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫جيف‪ .‬هلذا السبب ال مقاومة للحياة هنا‪ .‬البحر‬
‫الربيع مثّ ّ‬
‫قاوم فِّعله‪َ ،‬يكننا إجياد أشجار حنتمي‬ ‫بواسطة عروق عميقة‪ .‬فقط حيث توجد ينابيع ماء عذب تُ ِّ‬
‫شرح يسوع‪.‬‬
‫هبا‪ ».‬يَ َ‬
‫جيربه‪« .‬فلنتوقّف هنا‪.‬‬
‫أيت الشيطان ّ‬ ‫ما زالوا يسـريون‪ .‬مثّ يقف يسـوع جانب املغـارة حيث ر ُ‬
‫اجلسوا‪ .‬بعد قليل سيصيح الديك‪ .‬إنّنا نسري منذ ست ساعات‪ ،‬ومن املفروض أنّكم تَشعُرون ابجلوع‬
‫والعطش‪ ،‬وأن تكونوا قد تعبتم‪ .‬خذوا‪ .‬كلوا واشربوا هنا وأنتم جتلسون حويل‪ ،‬بينما أقول لكم شيئاً‬
‫وزعها ويَس ُكب‬ ‫وَيرِّج خبزاً وجبناً ي ِّ‬
‫قسمها ويُ ّ‬ ‫آخر سوف تقولونه لألصدقاء وللعامل‪ ».‬يفتح يسوع كيسه ُ‬
‫َ‬
‫ويوزعه‪.‬‬
‫ماء من مطرته يف طاسة ّ‬
‫«أال أتكل اي معلّم؟»‬

‫كنت قد ُجِّّربت‪.‬‬
‫مرة سألين إنسان (يهوذا) إذا ما ُ‬ ‫«ال‪ .‬إنّين سأحت ّدث إليكم‪ .‬امسعوا‪ .‬ذات ّ‬
‫ش‬ ‫ِّ‬
‫خت‪ .‬وقد ُده َ‬ ‫ض ُ‬ ‫كنت‪ ،‬أثناء التجربة‪ ،‬قد َر َ‬
‫اقَتفت خطيئة يوماً‪ .‬سألين إذا ما ُ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫سألين إذا ما ُ‬
‫دخلين يف جتربة"‪».‬‬‫ُقاوم‪ ،‬طَلَبت معونة اآلب بقويل‪" :‬أيها اآلب ال تُ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫لكي‬ ‫ماسيا‪،‬‬ ‫أان‬ ‫ين‪،‬‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 330 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتح ّدث يسوع على مهل‪ ،‬كما لو كان يروي َح َداثًَ جيهله اجلميع‪َ ...‬يفض يهوذا رأسه كما لو‬
‫الحظون بعضهم‪.‬‬ ‫كان قد انزعج‪ .‬إّّنا اآلخرون فَـهم شديدو الَتكيز بنظرهم إىل يسوع لدرجة ّأهنم ال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫يتابع يسوع‪« :‬اآلن‪ ،‬أنتم‪ ،‬اي أصدقائي‪ ،‬سوف تعرفون ماذا تَـ َعلَّم هذا اإلنسان بشكل بسيط‬
‫كنت طاهراً‪ ،‬ولكنّنا ال نكون كذلك ابلقدر الكايف‪ ،‬مقارنة ابهلل تعاىل‪ .‬والقول‬‫ج ّداً‪ .‬بعد العماد ‪ُ -‬‬
‫يت‬
‫كنت قد ُدع ُ‬ ‫جئت إىل هنا‪ُ .‬‬‫املتواضع‪" :‬إنّين إنسان خاطئ" هو عماد يُطَ ِّّهر القلب‪ -.‬بعد العماد‪ُ ،‬‬
‫احلق وقد رأى الروح هابطاً على‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ونبوته (املعمدان)‪ ،‬كان يرى ّ‬
‫"محَل هللا" من قبَل الذي‪ ،‬بقداسته‪ّ ،‬‬ ‫بـ َ‬
‫الكلمة وجاعالً ّإايه املسيح بزيت حبّه‪ ،‬بينما صوت اآلب َيأل السماوات بصوت كلماته وهو يقول‪:‬‬
‫ردد املعمدان الكلمات‪...‬‬ ‫كنت حاضراً عندما ّ‬
‫أنت اي يوحنا َ‬
‫ررت"‪َ .‬‬ ‫"هذا هو ابين احلبيب الذي به ُس ُ‬
‫إيل اي‬
‫أردت أن "أهتيّأ"‪ .‬نعم‪ ،‬اي يهوذا‪ .‬انظُر ّ‬
‫بعد العماد‪ ،‬رغم طهاريت ابلطبيعة وطهاريت بشخصي‪ُ ،‬‬
‫مك الذي مل يرض أن يتعاىل على البشر لكونه ماسيا‪ ،‬والذي‪ ،‬حّت مع عِّ ِّ‬
‫لمه أنّه‬ ‫يهوذا‪ .‬انظُر إىل معلّ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫هاك‪ :‬إنّه هكذا‪».‬‬
‫الشر‪َ .‬‬
‫بكل شيء‪ ،‬ما عدا االحندار إىل ّ‬ ‫ابن اإلنسان‪ ،‬أراد أن يَكونَه ّ‬
‫عيين يسوع تُ ِّشعَّان‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫النجوم‬ ‫نور‬ ‫‪.‬‬ ‫هه‬ ‫يرفع يهوذا اآلن وجهه وينظُر إىل يسوع الذي يو ِّ‬
‫اج‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كما لو ّأهنما جنمتان‪ ،‬مع إانرة وجهه الشاحب‪.‬‬

‫كل شيء مثل هللا‪ .‬لقد كان عقلي‬ ‫كنت أعرف ّ‬‫«للتهيّؤ إىل درجة املعلّم‪ ،‬ينبغي املرور ابلتلمذة‪ُ .‬‬
‫ذهين‪ .‬إّّنا ذات يوم‪ ،‬قد يتم ّكن صديق‬ ‫ِّ‬
‫قادراً أن جيعلين أُدرك ماهية معارك اإلنسان بذكائي وبشكل ّ‬
‫"أنت ال تعرف ما معىن أن تكون إنساانً وأن‬
‫يل مسـكني‪ ،‬ابن يل مسـكني‪ ،‬من القـول‪ ،‬والقـول يل أنـا‪َ :‬‬
‫جئت إىل هنا‪ ،‬وهنا ابلذات‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫عندك أحاسيس ورغبات"‪ .‬وقد يكون آنذاك ّاهتاماً صحيحاً‪ .‬لذا ُ‬ ‫تكون َ‬
‫على هذا اجلبل‪ ،‬ألهتيّأ‪ ...‬ليس فقط للرسالة‪ ...‬إّّنا للتجربة‪ .‬أترون؟ هنا‪ ،‬حيث أنتم جتلسون‪ ،‬أان‬
‫بت‬ ‫بت‪ِّ .‬من قِّبَل َمن؟ أ َِّمن قِّبَل أحد قابل للموت؟ ال‪ّ .‬‬
‫وإال لكانت قدرته ضعيفة ج ّداً‪ .‬لقد ُجِّّر ُ‬ ‫ُجِّّر ُ‬
‫ِّمن قِّبَل الشيطان مباشرة‪.‬‬

‫ِّ‬
‫مستغرقاً يف الدعاء‪،‬‬ ‫كنت‬
‫الزاد منذ أربعني يوماً‪ ...‬إّّنا بقدر ما ُ‬ ‫قت َّ‬
‫كنت ُم َنهكاً‪ .‬مل أكن قد ذُ ُ‬
‫ُ‬
‫أحس‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫حم‬
‫ُ‬ ‫ح‬‫كان كل شيء يتالشى يف فَـرح الكالم مع هللا‪ ،‬بل أكثر ِّمن التَّالشي‪ :‬أن يُصبِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 331 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دت ألشعر‬
‫دت إىل العامل‪ ...‬وعُ ُ‬‫املادة فقط‪ ...‬مثّ‪ ،‬عُ ُ‬
‫ي‪ ،‬يقف عند حدود ّ‬ ‫ماد ّ‬
‫به مثل انتقاص ّ‬
‫رت بربد ليل الصحراء القارس‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ئت‪َ .‬ش َع ُ‬
‫أحسست ابجلُّوع‪ .‬ظَم ُ‬
‫ُ‬ ‫ابحتياجات َمن َُي َىي يف هذا العامل‪.‬‬
‫عت يف‬
‫أحسست جبسدي اخلائر القوى بسبب نقص الغذاء‪ ،‬نقص النوم‪ ،‬والطريق الطويلة اليت قَطَ ُ‬ ‫ُ‬
‫مثل شروط اإلهناك تلك اليت كانت متنعين ِّمن الذهاب أبعد ِّمن ذلك…‬

‫كل األوهان‬‫كل ذلك أل ّن يل جسداً‪ ،‬أان أيضاً‪ ،‬أيّها األصدقاء‪ ،‬جسداً حقيقيّاً‪ .‬وهو ُيمل ّ‬ ‫ّ‬
‫األول واجلزء‬ ‫ِّ‬ ‫اليت ََيتَِّ‬
‫ذت اجلزء ّ‬ ‫َخ ُ‬
‫لدي قلب‪ .‬نعم‪ .‬فَمن اإلنسان أ َ‬ ‫كل جسد‪ .‬وإضافة إىل اجلسد‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ها‬ ‫رب‬
‫ِّ‬
‫احلس بكل ميوله وأهوائه‪.‬‬‫املادة بكل متطلّباهتا‪ ،‬و ّ‬
‫ذت ّ‬ ‫َخ ُ‬ ‫الثاين من األجزاء الثالثة اليت تُ َك ِّّون اإلنسان‪ .‬أ َ‬
‫كت امليول‬ ‫وإذا كنت‪ ،‬بفعل اإلرادة‪ ،‬قد مت ّك ِّ‬
‫كل األهواء غري الصاحلة قبل والدهتا‪ ،‬وتر ُ‬ ‫نت من َكبح ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كل ما هو رائع ومق ّدس‪ ،‬تركتُها‬‫حب ّ‬‫حب الوطن‪ ،‬الصداقات‪ ،‬العمل‪ّ ،‬‬ ‫البنوي‪ّ ،‬‬ ‫احلب ّ‬ ‫املق ّدسة‪ :‬ميول ّ‬
‫عدت إىل‬ ‫تنمو‪ ،‬مقت ِّ‬
‫األم البعيدة‪ُ ،‬‬ ‫أحسست ابحلنني إىل ّ‬
‫ُ‬ ‫معمر ألكثر من مائة عام‪ .‬وهنا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أرز‬ ‫مثل‬ ‫رة‬‫د‬ ‫َُ‬
‫أحسست بتج ّدد األمل الناجم عن ابتعادي عن‬‫ُ‬ ‫اإلحساس ابحلاجة إىل عنايتها بضعفي كإنسان‪ .‬هنا‬
‫الواحد األحد الذي أحبَّين حبّاً كامالً‪ .‬هنا عاد يل اإلحساس ابلعذاب الذي كان مع ّداً يل وأمل آالم‬
‫تلك املسكينة‪ ،‬اليت لن جتد دموعاً لكثرة ما سينبغي هلا أن تَذرف منها ِّمن أجل ابنها وبسبب البشر‪.‬‬
‫َّاسك الذي‪ ،‬يف خالل ساعة من اإلحساس ال ُـمسبَق‪َ ،‬و َعى‬ ‫هنا عاد يل اإلحساس إبعياء البطَل والن ِّ‬
‫َ‬
‫ليست خطيئة أن تكون حزيناً‬ ‫سحري للشيطان‪َ .‬‬‫ّ‬ ‫وبكيت‪ ...‬واحلزن‪ ...‬نداء‬ ‫ُ‬ ‫عدم جدوى جهده‪...‬‬
‫إذا كانت الساعة ُم َسبِّّبة للعذاب‪ .‬إّّنا اخلطيئة أن تستسلم للحزن وأن تقع يف ال ُفتور أو ال ُقنوط‪.‬‬
‫الروحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هوة الفتور‬
‫يتوجه فوراً عندما يرى أحداً يَس ُقط يف ّ‬ ‫فالشيطان ّ‬
‫أتضور‬ ‫كنت‬ ‫‪...‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ب‬‫ح‬‫َ‬‫ست‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ظه‬ ‫م‬ ‫ام‬
‫و‬ ‫الد‬ ‫على‬ ‫ذ‬ ‫لقد أاتين بثياب مسافِّر ُِّحمب للمعروف‪ .‬إنّه يت ِّ‬
‫َّخ‬
‫ُ ّ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫علي املساعدة‪ ،‬وبدأ ابلقول‪" :‬قُل هلذه احلجارة أن‬ ‫ض َّ‬ ‫جوعاً‪ ...‬واألعوام الثالثون تغلي يف عروقي‪َ .‬عَر َ‬
‫تصري خبزاً"‪ .‬إّّنا قبل ذلك‪ ...‬نعم‪ ...‬قبل ذلك‪ ،‬كان قد َكلَّ َمين عن املرأة‪ ...‬آه! إنّه جييد الكالم‬
‫ِّ‬
‫لست فقط ابن‬‫عرفها بِّعُمق‪ .‬ولقد بَ َدأ إبفسادها ليجعل منها حليفاً له يف َع َمله ال ُـمفسد‪ .‬أان ُ‬ ‫عنها‪ .‬يَ ِّ‬
‫قلت لذاك اإلنسان‪ ،‬الذي كان يتحدَّث يل آنئذ‪ ،‬ذاك الذي َسأَلَين‬ ‫ِّ‬
‫هللا‪ .‬أان يسوع‪ ،‬عامل الناصرة‪ .‬وقد ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 332 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ت التجربة‪ ،‬والذي كاد أن يتَّهمين أبنَّين ُ‬
‫كنت ُمباركاً بشكل فائق البشر‪ ،‬لكوين‬ ‫كنت قد َخِّرب ُ‬
‫فيما إذا ُ‬
‫"الفعل يتضاءل عند اإلشباع‪َّ .‬‬
‫وإن التجربة ال‬ ‫مل أرتكب خطيئة‪ ،‬كنت وقتها قد قلت لذاك اإلنسان‪ِّ :‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ذت‬ ‫ِّ‬
‫خاصة وأن الشيطان يثريها"‪ .‬ولقد نـَبَ ُ‬‫تتالشى عندما نُقصيها وننبذها‪ ،‬إّّنا تصبح أكثر عُنفاً ّ‬
‫علي األوىل‬
‫اقَت َح ّ‬
‫يت التجربة املضاعفة‪ :‬اجلوع إىل املرأة واجلوع إىل اخلبز‪ .‬واَعلَموا أ ّن الشيطان قد ََ‬
‫َقص ُ‬
‫وأ َ‬
‫كأفضل حليف ِّألفرض نفسي على العامل‪ ،‬وهو مل يكن خمطئاً حسب َشرع البشر‪.‬‬

‫وإذ مل تكن التجربة قد ُه ِّزَمت بقويل‪" :‬ليس ابإلحساس وحده َُي َىي اإلنسان"‪ ،‬فقد َكلَّ َمين‬
‫املغوي حينذاك عن رساليت‪ .‬كان ينبغي له ِّغواية ماسيا بعد أن فَ ِّش َل يف غواية اإلنسان الشاب‪ .‬وقد‬
‫ضتين للقضاء على مسؤويل اهليكل غري اجلديرين مبعجزة‪ ...‬واملعجزة‪ ،‬هليب السماء‪ ،‬ليست من‬ ‫َحَّر َ‬
‫أجل أن نصنع منها إكليالً نتوج به أنفسنا‪ ...‬وهللا ال ُجيََّرب بطريقة الطلب إليه اجَتاح معجزات تضع‬
‫املربر كان حجة‪ّ .‬أما احلقيقة فكانت‪" :‬جمّد‬ ‫ِّ‬
‫حداً حلياة البشر‪ .‬هذا ما كان يريده الشيطان‪ .‬الدافع ّ‬
‫لكونك ماسيا"‪ ،‬ليقودين إىل الشهوة األخرى‪ ،‬شهوة الكربايء‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذاتك‬
‫َ‬
‫بقوة طبيعته الثالثة‪:‬‬ ‫اوغة‬‫ر‬ ‫امل‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫حاو‬ ‫"‪،‬‬ ‫إهلك‬ ‫الرب‬ ‫ن‬ ‫ب‬‫ِّ‬
‫جتر‬ ‫"ال‬ ‫قويل‪:‬‬ ‫بعد‬ ‫للفشل‬ ‫م‬‫وعندما مل يستسلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّّ ّ‬ ‫َ َ‬
‫الذهب‪ .‬آه! الذهب‪ .‬فإن كان اخلبز شيء عظيم؛ وإن كانت املرأة أعظم بعد ِّمن اخلبز ألولئك‬
‫املسرات‪ .‬وإن كان متجيد اجلموع إلنسان ذا ُسلطة عظيم ج ّداً جداً‪ ...‬وكم ِّمن‬ ‫املتعطّشني للشَّبع أو ّ‬
‫اخلطااي تُقَتف ألجل هذه األمور الثالثة! إّّنا الذهب‪ ...‬الذهب!‪ ...‬إنَّه املفتاح الذي يَفتَح‪ ،‬إنَّه احلَلَ َقة‬
‫كمل إغالق الطَّوق‪ ،‬إنه البداية والنهاية (ألفا وأوميغا ‪ّ ،α & ω‬أول وآخر حرف من األجبديّة‬ ‫اليت تُ ِّ‬
‫اليواننيّة‪ ،‬ويقابلها يف العربية األلف والياء) لتسعة وتسعني ابملائة من أفعال البشر‪ِّ .‬من أجل اخلبز واملرأة‬
‫حّت القتل‪ .‬إّّنا من أجل الذهب‪ ،‬فهو يصبح وثنيّاً‪،‬‬ ‫السلطة يذهب ّ‬ ‫لصاً‪ .‬من أجل ُّ‬ ‫يصبح اإلنسان ّ‬
‫أسجد لـه‪ ...‬وقد طَ َعنتُه ابلكلمات‬ ‫َّم يل َذ َهبه مقابل أن ُ‬ ‫عابد صنم‪ .‬ملك الذهب‪ :‬الشيطان‪ ،‬قَد َ‬
‫وإايه وحده تَعبُد"‪.‬‬
‫سجد ّ‬ ‫األزليّة‪" :‬هلل وحده تَ ُ‬
‫كل هذا‪».‬‬
‫ث ّ‬‫هنا‪ ،‬هنا َح َد َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 333 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يَ َنهض يسوع‪ .‬إنّه يبدو أكرب من املعتاد يف السهل الذي ُييط به‪ ،‬يف النور ذي الوميض‬
‫الفوسفوري بشكل خفيف وهو يس ُقط ِّمن النجوم‪ .‬ينهض التالميذ كذلك‪ .‬ي ِّ‬
‫كمل يسوع الكالم مرّكزاً‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بش ّدة على يهوذا‪.‬‬

‫الثالثي‪ .‬لقد كان ابن اإلنسان‬


‫ّ‬ ‫الرب‪ ...‬فلقد أتى ابن اإلنسان ابلنَّصر‬ ‫«حينئذ أقبَ َل مالئكة ّ‬
‫صَر‪ .‬لقد كان ُم َنهكاً‪ .‬كانت املعركة أكثر إهناكاً ِّمن الصوم الطويل‪...‬‬ ‫عرف ماذا يعين إنسان‪ ،‬وانتَ َ‬ ‫يَ ِّ‬
‫سيطر‪ ...‬أعتَ ِّقد أن السماوات قد ارتَـ َع َدت لدى أتكيدي الكامل كإنسان َيتاز‬ ‫لكن الروح كان ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أصبحت ابن‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫كنت هللا‪ .‬و ُ‬
‫يف قدرة اجَتاح املعجزات‪ .‬لقد ُ‬ ‫ابلرشد‪ .‬أعتقد أنّه‪ ،‬منذئذ‪َ ،‬حلَّت َّ‬
‫ُّ‬
‫رت على احليوان املالزم للطبيعة البشريّة‪ ،‬وأان اإلنسان‪-‬هللا ‪ ،‬فأان‪ ،‬مثل هللا‪،‬‬ ‫ص ُ‬
‫اإلنسان‪ .‬اآلن‪ ،‬وقد انتَ َ‬
‫صنع‬‫تصرفوا أنتم كذلك‪ ،‬مثلي‪ ،‬إذا أردمت ُ‬ ‫كل شيء‪ّ .‬‬ ‫ت ّ‬ ‫كل شيء‪ .‬ومثل اإلنسان قد اختََرب ُ‬ ‫أقدر على ّ‬
‫ما أَصنَع‪ .‬وافعلوا ذلك لذكري‪.‬‬

‫دخلين يف التجربة‪ .‬أن‬ ‫كان ذلك اإلنسان قد د ِّهش ِّمن طَلَيب العون ِّمن اآلب وطَلَيب منه ّأال ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تصرفوا أنتم‬ ‫ش‪.‬‬ ‫يند ِّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫لن‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫ال يَتكين إذاً خلطر جتربة تتجاوز قدرايت‪ .‬أظن هذا الرجل‪ ،‬اآلن وقد علِّ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫كل جتارب احلياة‪ ،‬منتصراً‬ ‫قوايً يف ّ‬ ‫أيضاً كذلك لذكري‪ ،‬ولتَظ َفروا مثلي‪ ،‬وال تَ ُش َّكوا أبداً لرؤيتكم ّإايي ّ‬
‫إهلي‪.‬‬
‫حقيقي‪ ،‬وابألكثر ككائن ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشري‬
‫احلس والعاطفة‪ ،‬على طبيعيت ككائن ّ‬ ‫اس اخلمس‪ّ ،‬‬ ‫يف معركة احلو ّ‬
‫كل هذا‪.‬‬
‫تذ ّكروا ّ‬
‫كنت قد وعدتُكم أن آخذكم إىل حيث تتم ّكنون ِّمن معرفة املعلّم‪ ...‬منذ فجر ّأايمه‪ ،‬فجر‬ ‫ُ‬
‫قت منها ملالقاة مساء‬ ‫حّت ظهرية حياته‪ ،‬هذه الظهرية اليت انطَلَ ُ‬ ‫نقي كالذي على وشك أن يَ ُبزغ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أت"‪ .‬وأنتم ترون أ ّن هذا حقيقة‪ .‬أشكركم على ُمرافَـ َقيت‬ ‫قلت ألحدكم‪" :‬أان أيضاً قد هتيّ ُ‬ ‫حيايت‪ ...‬وقد ُ‬
‫أشعَرتين ابلغثيان‬
‫يف هذه العودة إىل مسقط رأسي وإىل مكان صومي‪ .‬أوىل االحتكاكات ابلعامل‪َ ،‬‬
‫هجن‪ّ .‬أما اآلن فقد تَـغَ َّذت نفسـي بِّنُخاع َّ‬ ‫ِّ‬
‫السـبع‪ :‬االندمـاج‬ ‫وسبَّـبَت يل اإلحبـاط‪ .‬إ ّن األمر جل ُّد ُمســتَ َ‬
‫َ‬
‫األول كفــادي‪:‬‬ ‫مع اآلب يف الصالة والتـوحـّد‪َ .‬يكنين العودة إىل العـامل الســتعادة صلييب‪ ،‬صليبـي ّ‬
‫صليب االحتكاك ابلعامل‪ .‬العامل حيث قليلة ج ّداً هي النفوس اليت تُدعى مرمي‪ ،‬اليت تُدعى يوحنّا…‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 334 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت اي يوحنّا…‬
‫وخاصة َ‬
‫ّ‬ ‫اآلن امسعوا‪،‬‬

‫ب ابنها‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اج َهت ُح ّ‬
‫سوة اليت و َ‬ ‫األم واألصدقاء‪ .‬فأرجوكم‪ :‬ال ُختربوا األ ُّم عن ال َق َ‬ ‫إنّنا نعود إىل ّ‬
‫نقدمن هلا الكأس منذ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪...‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ري‬ ‫كث‬ ‫هذه‪،‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫فظاظة‬ ‫ن‬ ‫فتُعاين منها الكثري‪ .‬سوف تتأ ّمل كثرياً ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫سم ما‬
‫اآلن‪ .‬وسوف يكون ُمّراً إىل درجة هائلة عندما سيُـ َقدَّم هلا فيما بعد‪ُ .‬مّراً ج ّداً‪ ،‬حبيث يلسعها ّ‬
‫ألمي‬ ‫ِّ‬
‫سوف يتسلّل مثل ثعبان يف أحشائها املق ّدسة‪ ،‬ويف ش ـرايينها‪ ،‬وسيُ َج ّمد قلبــها‪ .‬آه! ال تقـولوا ّ‬
‫أنت كبري وطيّب‪،‬‬‫أنت اي مسعان‪َ ،‬‬ ‫ـذت يف بيت حلـم وحربون (اخلليل) مثل كلب! ارمحوها! َ‬ ‫إنّين قد نُبِّـ ُ‬
‫عزة النفس الوطنيّة‪.‬‬‫يهودي ولن تتكلّم بدافع ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنت‬
‫أنت اي يهوذا‪َ ،‬‬‫ك لن تتكلّم‪ .‬و َ‬ ‫أنت فَ ِّّكر‪ ،‬أ ِّ‬
‫َعرف أنّ َ‬ ‫َ‬
‫اصمت‪ .‬فيما‬ ‫اجلليلي‪ ،‬فال تقع يف خطيئة الكربايء‪ ،‬االنتقاد والفظاظة‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫أنت الشاب‬ ‫أنت اي يوحنّا‪َ ،‬‬ ‫ّأما َ‬
‫وحّت لآلخرين‪ ،‬فهناك الكثري مما سيقال‬ ‫تصمت عنه اآلن‪ّ .‬‬ ‫أرجوك أن ُ‬‫َ‬ ‫بعد سوف تقول لآلخرين ما‬
‫َيص املسيح‪ .‬ملاذا َخلط ما أييت ِّمن الشيطان ض ّد املسيح معه؟ أيّها األصدقاء‪ :‬هل تَعِّدونين‬ ‫فيما ّ‬
‫بكل ذلك؟»‬ ‫ّ‬
‫بكل أتكيد نَعِّ ُد َك! كن مطمئنّاً!»‬
‫«آه! اي معلّم‪ّ ،‬‬
‫حّت تلك الواحة الصغرية‪ .‬هناك نبع‪ ،‬خزان مليء ماء ابرداً‪ .‬هناك ِّظ ّل‬ ‫«شكراً‪ .‬فلنذهب ّ‬
‫حّت املساء‪ .‬وعلى‬ ‫متطرفة‪ .‬سوف نتم ّكن من إجياد الطعام والراحة هناك ّ‬ ‫وخضرة‪ .‬الطريق إىل النهر ّ‬‫ُ‬
‫ننضم إليه‪ ،‬فهو اآلن قد‬ ‫ِّ‬
‫عرب‪ .‬وسننتظر يوسف حيث ّ‬ ‫ضوء النجوم ‪ ،‬سوف نَصل إىل النهر‪ ،‬إىل ال َـم َ‬
‫عاد‪ .‬هيّا‪».‬‬

‫وردي ّأويل بزوغ يوم جديد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫ويبدؤون املسري‪ ،‬بينما‪ ،‬من الشرق‪ ،‬يُعلن وميض ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 335 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫ابلرعاة يوحنّا‪ ،‬متّيا ومشعون)‬


‫‪( -45‬يف َع ْرب األردن‪ .‬االلتقاء ُّ‬
‫‪1945 / 01 / 18‬‬

‫إين أرى من جديد معرب األردن‪ :‬شبه غابة خضراء حت ّد النهر على ض ّفتيه‪ ،‬يقصدها املسافرون‬
‫غدون ويَعودون‪.‬‬ ‫كثرياً بسبب ظالهلا‪ .‬قوافل من احلمري يرافقها الرجال يَ ُ‬
‫على ض ّفة النهر‪ ،‬ثالثة رجال يرعون بعض النِّّعاج على الطريق‪ ،‬ينظر يوسف إىل األعلى وإىل‬
‫النهري‪ ،‬يـُلَ ِّّوح يسوع مع التالميذ الثالثة‪ .‬ينادي‬
‫ّ‬ ‫يتفرع درب عن هذا السبيل‬ ‫األسفل‪ .‬من بعيد‪ ،‬حيث ّ‬
‫العشيب‪َ .‬يضون للقاء‬ ‫املرعى‬ ‫على‬ ‫ها‬ ‫إاي‬ ‫ين‬ ‫الرعاة‪ ،‬وهؤالء يدفَعون النِّّعاج إىل الدرب‪ ،‬م ِّ‬
‫سري‬
‫ّ‬ ‫يوسف ُّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بتشوق‪.‬‬
‫يسوع ّ‬
‫أبي كالم أُلقي عليه السالم؟»‬
‫«أان ال أجرؤ أبداً‪ّ ...‬‬
‫لك"‪ .‬فهو أيضاً ُُييِّّي هكذا دائماً‪».‬‬
‫«آه! إنّه طيّب ج ّداً‪ .‬ستقول له‪" :‬السالم َ‬
‫«هو‪ ،‬نعم‪ّ ...‬أما حنن‪»...‬‬

‫حّت ِّمن أوائل عابِّ ِّديه‪ ،‬وهو ُيبّين كثرياً‪ ...‬آه! كثرياً!»‬
‫لست ّ‬
‫فإين ُ‬
‫«وأان‪ ،‬من أكون؟ ّ‬
‫«أيّهم هو؟»‬

‫«األكرب واألشقر‪».‬‬

‫«هل سنح ّدثه عن املعمدان اي متّيا؟»‬

‫«آه! نعم‪».‬‬

‫يظن أنّنا فَضَّلناه عنه؟»‬


‫«أفال ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 336 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال اي مسعان‪ ،‬إذا كان هو ماسيا فإنّه يرى ما يف القلوب‪ ،‬ويرى يف قلوبنا أنّنا مل نكن نبحث‬
‫يف املعمدان عن سواه‪».‬‬

‫أنت ُِّحم ّق‪».‬‬


‫« َ‬
‫أصبَ َحت اجملموعتان اآلن على بعد أمتار الواحدة عن األخرى‪ .‬ويبتسم يسوع ابتسامته اليت ال‬
‫الرعاة‪« .‬السالم‬‫َضحت تقفز هي األخرى يدفعها ُّ‬ ‫ِّ‬
‫وُيث يوسف اخلطى‪ .‬وكذلك النّعاج أ َ‬ ‫َيكن وصفها‪ّ .‬‬
‫لكم‪ ».‬يقوهلا يسوع رافعاً ذراعيه كما ليُـ َقبِّّلهم‪ .‬وُي ّدد‪« :‬السالم َ‬
‫لك اي مسعان‪ ،‬واي يوحنّا‪ ،‬واي متّيا‬
‫هلموا‬ ‫ِّ ِّ‬
‫لك اي يوسف‪ ».‬ويـُ َقبّله من وجنته‪ .‬جيثو الثالثة اآلخرون‪ّ « .‬‬ ‫األوفياء يل وليوحنّا النّيب! السالم َ‬
‫ظل هذه األشجار على شاطئ النهر ولنتح ّدث‪».‬‬ ‫أيّها األصدقاء إىل ّ‬
‫نح ِّدرون‪ ،‬وجيلس يسوع على قرمة انتئة‪ ،‬واآلخرون على األرض‪ .‬يبتسم يسوع وينظر إليهم‬ ‫يَ َ‬
‫أتعرف إىل وجوهكم‪ .‬فالنفوس أان أعرفها‪ ،‬كنفوس مستقيمني يتعلّقون‬‫ابنتباه شديد‪ ،‬فرداً فرداً‪« :‬دعوين ّ‬
‫إين أمحل لكما السالم ِّمن اسحق‪ ،‬وسالماً‬
‫كل منافع العامل‪ .‬إيلي وليفي‪ّ ،‬‬
‫ابخلري الذي ُيبّونه‪ ،‬يف مقابل ّ‬
‫آخر‪ :‬سالم ّأمي‪ .‬هل لديكم أخبار عن املعمدان؟»‬

‫الرجال الذين َس َكتوا حتّئذ بفعل التهيّب‪ ،‬عادت إليهم الطمأنينة‪ ،‬وها هم َِّجيدون الكلمات‪:‬‬
‫«إنّه ما يزال يف السجن‪ ،‬وقلوبنا ترتعش من أجله‪ ،‬فهو بني يدي إنسان جمرم‪ ،‬تسيطر عليه خملوقة‬
‫غادرت بيت‬ ‫َ‬ ‫يستحق حبّنا‪ .‬منذ‬
‫ّ‬ ‫وحماط بِّبَالط فاسد‪ .‬حنن حنبّه‪َ ...‬‬
‫أنت تعلم أنّنا حنبّه وأنّه‬ ‫جهنّمانيّة‪ُ ،‬‬
‫أنت‪ ،‬مثل أشجار َحطَّمتها العاصفة‪.‬‬ ‫لفقدانك َ‬
‫َ‬ ‫صعِّقنا ابلناس‪ ...‬مل نُفجع بكراهيتهم بقدر اهنياران‬
‫حلم‪ُ ،‬‬
‫مثّ بعد سنوات من املعاانة‪َ ،‬ك َمن كانت جفونه ُخماطَة وهو يبحث عن الشمس‪ ،‬غري قادر على رؤيتها‬
‫ألنّه كذلك يف سجن وال يستطيع اكتشافها‪ ،‬مع الفتور الذي يشعر به يف جسده‪ ،‬إىل أن أَي َقنَّا أ ّن‬
‫املعمدان هو رجل هللا الذي تنبّأ عنه األنبياء أبنّه يُعِّ ّد طريق مسيحه‪ ،‬فذهبنا إليه‪ .‬لقد قلنا ألنفسنا‪:‬‬
‫أنت اي سيّد‪».‬‬‫"إذا كان هو السابق‪ ،‬فبذهابنا إليه سوف جنده"‪ .‬إذ إ ّن َمن ُكنّا نبحث عنه هو َ‬
‫«أعلَم ذلك‪ ،‬وقد وجدمتوين‪ .‬ها أان ذا معكم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 337 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت إىل املعمدان‪ .‬مل نكن هناك يومئذ‪ .‬قد نكون حينذاك ذهبنا‬ ‫ك َ‬ ‫«لقد قال لنا يوسف إنّ َ‬
‫جم‪،‬‬
‫حبب ّ‬‫نقضي له حاجة يف مكان ما‪ .‬كنّا يف خدمته‪ ،‬يف اخلدمات الروحيّة اليت كان يطلبها منّا‪ّ ،‬‬
‫لكن كالم‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬‫م‬ ‫كما كنا نستمع إليه حنن أيضاً حبب‪ ،‬رغم صرامته الشديدة‪ ،‬ألنّه مل يكن أنت ال َكلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتفوه به على الدوام‪».‬‬
‫هللا هو ما كان ّ‬
‫«أعلم ذلك‪ .‬وهذا ‪ ،‬أفال تعرفونه؟» ويشري إىل يوحنّا‪.‬‬

‫« ُكنّا نراه مع جليليّني آخرين فيما بني اجلماعة األكثر وفاء للمعمدان‪ .‬وإذا مل نكن خمطئني‬
‫األول وهو األخري‪،‬‬
‫املقربني إليه‪" :‬هاكم‪ :‬اآلن أان ّ‬
‫عنك‪ ،‬حنن ّ‬ ‫فأنت تُدعى يوحنّا‪ ،‬وقد كان يقول لنا َ‬
‫َ‬
‫األول وأان األخري"‪ .‬ومل نكن أبداً لنُدرك ما كان يرمي إليه بقوله هذا‪».‬‬
‫ّأما بَعد فسيكون هو ّ‬
‫شرح‪« :‬هو كان يريد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يضمه إىل قلبه اببتسامة ُمش ّعة‪ ...‬ويَ َ‬
‫يلتَفت يسوع يساراً حيث يوحنّا‪ّ .‬‬
‫القول أبنّه كان ّأول ال ُـمعلِّنِّني‪" :‬هو ذا احلَ َمل"‪ ،‬وهذا سيكون آخر أصدقاء ابن اإلنسان الذي سيُ َح ِّّدث‬
‫أي إنسـان آخر‪ .‬ذاك ما كان‬ ‫أحب إليه من ّ‬ ‫األول ألنّه ّ‬ ‫اجلُّموع عن احلَ َمل؛ ولكنّه يف قَلب احلَ َمل هو ّ‬
‫حّت الساعة‬ ‫يريد املعمدان قولـه‪ .‬ولكن حينمـا سـَتونه ‪-‬إذ سوف تعودون وترونه‪ ،‬وأيضاً ختدمونه‪ّ ،‬‬
‫األحب كهذا‪ .‬وأنتم‬
‫ّ‬ ‫احمل ّددة‪ -‬فقولوا له إنّه ليس اآلخري يف قلب املسيح‪ .‬فليس ابلدم‪ ،‬بل ابلقداسة هو‬
‫احفظوا هذه الذكرى يف قلوبكم‪ .‬إذا كان تواضع الق ّديس َج َعلَه يُعلِّن أنّه "األخري"‪ ،‬فكلمة هللا يعلن‬
‫أحب هذا التلميذ ألنّه ُيمل امسه‪،‬‬‫أ ّن مكانته يف قلبه مثل مكانة التلميذ احملبوب هذا‪ .‬فقولوا لـه إنّين ّ‬
‫وألنَّين أ َِّجد فيه مالمح ِّمن املعمدان املكلّف بتهيئة النفوس للمسيح‪».‬‬

‫«سوف نقول له ذلك‪ ...‬إّّنا هل سنراه فيما بعد؟»‬

‫«سوف تَـَرونَه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 338 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الفاسد‪ ،‬كان‬‫«نعم‪ ،‬إ ّن هريودس ال جيرؤ على قتله خوفاً ِّمن الشعب‪ ،‬ويف هذا البالط اجلَّ ِّشع و ِّ‬
‫حريته لو كنا ّنلك املال الكثري‪ .‬إّّنا‪ ...‬إّّنا رغم املبلغ الكبري الذي َدفَـ َعه‬
‫ممكناً‪ ،‬بل من السهل أتمني ّ‬
‫نتأخر‪ ...‬فيكون مع ذلك قد قُتِّل‪».‬‬ ‫األصدقاء‪ ،‬ما يزال ينقصنا الكثري‪ .‬وخنشى كثرياً أن ّ‬
‫«كم تظنّون ينقصكم الفتدائه؟»‬

‫«ليس الفتدائه‪ ،‬اي معلّم‪ .‬إن كراهية هريوداي الشديدة له‪ ،‬وأتثريها الكبري على هريودس‪ ،‬ال‬
‫َّرهة ُجمتَ ِّم َعة‬
‫أظن أ ّن كل حاشية اململكة الش ِّ‬
‫ّ‬ ‫التوصل إىل افتدائه‪ .‬ولكن‪ّ ...‬‬ ‫َجي َعالان نعتقد أبنّنا سنستطيع ّ‬
‫فهم‬ ‫ِّ‬
‫حّت اخلدم‪ .‬وإلجناز هذا ُ‬ ‫املسرة‪ ،‬اجلميع يبتغون التَّباهي‪ :‬من الوزراء ّ‬‫يف مكرونة‪ .‬واجلميع يبتغون ّ‬
‫حباجة إىل املال‪ ...‬وقد َعثَران أيضاً على من َيكنه إطالق سراح املعمدان ُمقابِّل مبلغ ضخم‪ّ .‬‬
‫حّت‬
‫يتمىن ذلك‪ ...‬ألنّه خائف‪ .‬ال لشيء سوى ألنه َياف الشعب وَيشى‬ ‫هريودس نفسه من املمكن أن ّ‬
‫زوجته‪ .‬وهكذا ي ِّ‬
‫رضي الشعب‪ ،‬وكذلك زوجته ال تتّهمه أبنّه أَ َاث َر ُسخطَها‪».‬‬ ‫ُ‬
‫«وكم يَطلُب هذا الرجل؟»‬

‫فضة‪ ،‬وحنن ال ّنلك منها سوى اثنيت عشرة وزنة ونصف‪».‬‬


‫«عشرين وزنة ّ‬
‫لي مجيلة ج ّداً‪».‬‬
‫لت إ ّن هذه احلُ ّ‬
‫«اي يهوذا‪ ،‬لقد قُ َ‬
‫« ّإهنا مجيلة ومثينة‪».‬‬

‫لك ِّخربة يف ذلك‪».‬‬


‫«كم َيكن أن يَبلُغ مثنها؟ يبدو يل أ ّن َ‬
‫«نعم‪ ،‬يل خربة‪ .‬ملاذا تريد معرفة قيمتها اي معلّم؟ هل تبغي بيعها؟ ملاذا؟»‬

‫« ُمم ِّكن‪ ...‬قل يل كم َيكن أن يَبلُغ مثنها؟»‬

‫بيعت يف أحسن الظروف‪ ،‬فعلى األقل‪ ...‬على األقل ستة وزانت‪».‬‬


‫«إذا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 339 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت متأ ّكد؟»‬
‫«هل َ‬
‫تفحصتُه‬ ‫ِّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ .‬فالعقد وحده‪ ،‬وهو كبري وثقيل‪ ،‬يبلغ مثنه على األقل ثالث وزانت‪ .‬لقد ّ‬
‫يتحمالن ثقلها‪».‬‬ ‫الناعمان‬ ‫حجالي‬ ‫ما‬ ‫عص‬ ‫جيداً‪ .‬وكذلك األساور‪ ...‬أتساءل كيف كان ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫«لقد كانت أغالالً يف يديها‪ ،‬اي يهوذا‪».‬‬

‫لكن كثريين يتمنّون مثل هذه األغالل!»‬


‫«صحيح اي معلّم‪ ...‬و ّ‬
‫«أتعتقد ذلك؟ َمن؟»‬

‫«ولكن‪ ...‬كثريون!»‬

‫شَتايً ُحمتَ َمالً؟»‬


‫«نعم‪ ،‬كثريون ممّن ال ُيملون من اإلنسان سوى امسه‪ .‬هل تعرف ُم َ‬
‫صر‪ .‬فهي ِّمن الذهب امللعون!»‬
‫«ابلنتيجة‪ ،‬تريد بيعها؟ ومن أجل املعمدان؟ إّّنا تَـبَ َّ‬

‫تسميه‬
‫قلت بلهفة إ ّن الكثريين يَبغون اقتناء هذا الذهب‪ ،‬مثّ ّ‬ ‫«آه! اي هلذا التضارب! منذ حلظة َ‬
‫ملعوانً؟! يهوذا‪ ،‬اي يهوذا!‪ ...‬هو ذهب ملعون‪ ،‬نعم ملعون‪ .‬ولكنّها قالت‪" :‬يتق ّدس حينما ََي ِّدم َمن‬
‫هو فقري وق ّديس"‪ .‬وألجل ذلك تََربَّ َعت به‪ ،‬لكي يُصلّي املستفيد ِّمن أجل نفسها املسكينة اليت مثل‬
‫خادرة تنبت يف َزرع قلبها‪ .‬تُرى َمن هو األكثر قداسة وفقراً ِّمن املعمدان؟ إنّه‪ ،‬يف رسالته‪ ،‬مسا ٍو‬
‫مين‪ ،‬فأان يل أ ُّم وبيت‪ ...‬ومن َيتلكهما‬ ‫إليليا‪ ،‬إّّنا يف القداسة فهو أعظم من إيليا‪ .‬إنّه أكثر فقراً ّ‬
‫ِّ‬
‫حّت قرب ّأمه‪.‬‬‫َّسني مثلما أمتلكهما‪ ،‬فهو ليس بَِّفقري أبداً‪ّ .‬أما هو فلم يعد َيتلك بيتاً وال ّ‬
‫طاهَرين ومقد َ‬
‫كل شيء‪ ،‬وانتُ ِّه َكت قداسته بفساد األخالق البشريّة‪َ .‬من هو إذاً املشَتي؟»‬ ‫ع منه ّ‬‫لقد انتُ ِّز َ‬
‫مشرقي‪ ،‬طََّراق ذهب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫«هنالك واحد يف أرُيا وكثريون يف القدس‪ .‬إّّنا الذي يف أرُيا!!! آه! إنّه‬
‫الحق‬ ‫ٍ‬
‫بكل أتكيد وقد يكون جمرماً‪ ...‬من املؤّكد أنّه ُم َ‬ ‫لص ّ‬ ‫مراب‪ ،‬اتجر سلع مستعملة‪ ،‬مسسار‪ ،‬وهو ّ‬
‫لكن امسه احلقيقي ديوميد‪ .‬إنّين أعرفه جيّداً‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫يهودايً‪ ،‬و ّ‬
‫من روما‪ .‬يَدَّعي أ ّن امسه اسحق‪ ،‬لكي يبدو ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 340 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪ .‬ويسأل‪« :‬كيف‬ ‫ظ‬ ‫اضح!» يقاطعه مسعان الغيور‪ ،‬الذي يتكلّم قليالً ولكنّه ي ِّ‬
‫الح‬ ‫«و ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫لت إىل معرفته هبذا الشكل البديع؟»‬
‫ص َ‬
‫تَـ َو َّ‬

‫قضيت بعض‬
‫ُ‬ ‫ذهبت ملقابلته‪ ...‬وقد‬
‫ُ‬ ‫«لكن‪ ...‬تَعلَم‪ ...‬إلرضاء أصدقاء ذوي مكانة رفيعة‪،‬‬
‫األعمال‪ ...‬حنن الذين ِّمن اهليكل‪ ...‬تَ ِّ‬
‫عرف‪»...‬‬

‫فيحمر وجه يهوذا‪ ،‬ولكنّه‬ ‫ابردة‪.‬‬ ‫ية‬


‫ر‬ ‫بسخ‬ ‫مسعان‬ ‫ص‬‫«نعم!‪ ...‬تقومون بكل املهن‪ ».‬يستخلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫يصمت‪.‬‬

‫يسأل يسوع‪« :‬هل َيكنه الشراء؟»‬

‫بكل أتكيد‪ ،‬ينبغي معرفة كيفيّة البيع‪ ،‬فهو يوانينّ وماكر‪ ،‬وإذا‬
‫أظن ذلك‪ ،‬فاملال لديه كثري‪ّ .‬‬‫« ّ‬
‫بكل سرور‪.‬‬
‫عشها‪ ،‬فإنه ينتف ريشها ّ‬ ‫رأى أ ّن له مصلحة مع رجل شريف ونزيه‪ ،‬مع محامة خترج ِّمن ّ‬
‫إّّنا لو كانت له مصلحة مع َج ِّشع مثله‪»...‬‬

‫فلديك مكر الثعلب وضراوة النسر‪ .‬آه!‬


‫َ‬ ‫أنت هو النّموذج املطلوب‪.‬‬
‫أنت اي يهوذا‪َ .‬‬
‫«اذهب َ‬
‫قبلك!»‬
‫مت َ‬ ‫ساحمين اي معلّم فقد تكلّ ُ‬
‫شاطرك الرأي‪ ،‬وأقول ليهوذا أبن يذهب إليه‪ .‬اذهب معه اي يوحنّا وسوف نلتقي عند غروب‬
‫«أ َ‬
‫بوسعك‪».‬‬
‫َ‬ ‫الشـمس‪ .‬سـيكون امللتقى يف سـاحة السوق‪ .‬اذهب وافعل ما‬

‫لكن يسوع يتابع‬


‫تتوسالن مثل عيين كلب طََرَده صاحبه‪ّ .‬‬
‫يَ َنهض يهوذا حاالً‪ .‬بينما َعينا يوحنّا ّ‬
‫ِّ‬
‫املتوسلة‪ .‬ويلحق يوحنّا بيهوذا‪.‬‬
‫الرعاة دون أن يعري انتباهاً لتلك النَّظرة ّ‬
‫حديثه مع ُّ‬
‫يقول يسوع‪« :‬أريد أن أجعلكم تفرحون‪».‬‬

‫صديقك؟»‬
‫َ‬ ‫العلي ِّمن أجلنا‪ .‬هل هذا الرجل‬
‫كك ّ‬ ‫بك على الدوام‪ ،‬اي معلّم‪ .‬فليبار َ‬
‫«إنّنا مسرورون َ‬
‫لك أنّه َيكن أن يكون كذلك؟»‬
‫«هو كذلك‪ .‬أفال يبدو َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 341 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الراعي يوحنّا رأسه ويصمت‪ .‬يتكلّم مسعان التلميذ‪« :‬فقط طيب القلب َيكنه أن يرى‪.‬‬‫ََيفض َّ‬
‫إين أرى الظَّاهر بينما طيب القلب ينفذ إىل‬
‫لست طيّب القلب‪ .‬فال أرى ما تراه طيبة القلوب‪ّ .‬‬
‫أان ُ‬
‫لكن املعلّم طيّب القلب‪ ...‬ويرى‪»...‬‬
‫أنت كذلك اي يوحنّا‪ ،‬ترى مثلي‪ ،‬و ّ‬‫األعماق‪َ .‬‬
‫آمرك أن تتكلّم‪».‬‬
‫«ماذا ترى يف يهوذا؟ َ‬
‫«هاك‪ :‬عندما أنظُر إليه‪ ،‬ختطر ببايل مو ِّ‬
‫اطن كثرية ُم َبه َمة‪ ،‬تبدو مثل أوكار حيواانت مفَتسة‬ ‫َ‬
‫ومستنقع حمموم‪ .‬ال يبدو منه سوى متاهة كبرية فقط‪ ،‬ندور فيها يف حبر من اخلوف‪ .‬وابلعكس‪...‬‬
‫خرية وأعشاب ذات‬ ‫ابلعكس‪ ،‬من اجلهة املقابلة هناك كذلك َيامات وحساسني واألرض غنيّة بينابيع ّ‬
‫أنت الذي تَعلَم‪»...‬‬
‫أنت ارتضيتَه‪َ ،‬‬
‫ك َ‬ ‫نفع‪ .‬أريد االعتقاد أب ّن يهوذا كذلك‪ ...‬أعتقد ذلك ألنّ َ‬
‫«نعم‪ ،‬أان الذي أعلم‪ ...‬هناك ثنااي كثرية يف قلب هذا الرجل‪ ...‬إّّنا فيه جوانب كثرية َخِّّرية‪.‬‬
‫اخلري والذي ليس سوى صالح‬ ‫فقد رأيتُه يف بيت حلم ويف إسخريوط‪ .‬إذا كان هذا اجلانب اإلنساينّ ّ‬
‫الروحي‪ ،‬حينئذ يصبح يهوذا ما ترغب أن يكونه‪ .‬إنّه شاب‪»...‬‬‫ّ‬ ‫مسو الصالح‬
‫إنساينّ يرتقي إىل ّ‬
‫«ويوحنّا كذلك شاب‪»...‬‬

‫ب هذا املسكني يهوذا‪...‬‬ ‫قلبك‪ :‬وهو أفضل‪ .‬إّّنا يوحنّا هو يوحنّا! اي مسعان‪ ،‬أ ِّ‬
‫َح َّ‬ ‫كمل يف َ‬ ‫«وتُ ِّ‬
‫ك تبدو أفضل‪».‬‬ ‫أرجوك‪ .‬ولو أحببتَه‪ ..‬فإنّ َ‬
‫َ‬

‫صب‬
‫يتكسر قَ َ‬
‫كل حماواليت‪ ،‬كما َّ‬
‫أجلك‪ ...‬ولكن هو الذي ُيطّم ّ‬
‫بكل جهدي‪ ،‬من َ‬ ‫«أحاول ّ‬
‫أحب‬
‫أنت‪ .‬ولذلك أان ّ‬
‫لدي سـوى شـريعة واحـدة‪ :‬أن أفعـل ما تريده َ‬
‫النَّهر‪ ...‬إّّنا‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬ليس ّ‬
‫يهوذا‪ ،‬ابلرغم ِّمن أ ّن شيئاً ما يصيح يف داخلي ويف ضمريي ض ّده‪».‬‬

‫«شيء ما‪ ،‬اي مسعان؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 342 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال أدري ابلتحديد‪ ...‬شيء ما مثل صراخ احلارس يف الليل‪ ...‬وهو يقول يل‪" :‬ال تَـنَم!‬
‫لست أدري‪ ...‬هذا الشيء ال اسم له‪ .‬ولكنّه‪ ...‬صوت يرتفع يف داخلي ض ّده‪».‬‬ ‫َِّ‬
‫احَتس!" ُ‬
‫لحق الضرر‪...‬‬ ‫«ال تَـعد تف ّكر فيه اي مسعان‪ ،‬ال حتاول حتديده‪ .‬إ ّن معرفة بعض احلقائق تُ ِّ‬
‫ُ‬
‫ك‪ ،‬وف ّكر‬
‫أنت‪ ،‬فأعطين حبّ َ‬
‫مك‪ّ .‬أما َ‬
‫لك سبباً للخطااي‪ .‬دع ذلك ملعلّ َ‬
‫ومعرفتها َيكن أن تكون ابلنسبة َ‬
‫يسرين‪»...‬‬
‫أن ذلك ّ‬
‫وينتهي كل شيء‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 343 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫يوطي يبيع جواهر حجالي لديوميد)‬


‫‪( -46‬االسخر ّ‬
‫‪1945 / 01 / 19‬‬

‫حار‪ .‬مل‬
‫ّإهنا ساحة السوق يف أرُيا‪ .‬إّّنا الوقت ليس صباحاً‪ .‬إنّه املساء‪ ،‬غسق طويل لصيف ّ‬
‫ش ُمتساقِّط ِّمن سالل أو ِّمن‬ ‫ِّ ِّ‬
‫يبق من ُسوق الصباح سوى النفاايت‪ :‬بقااي خضار‪ ،‬كوم من غائط‪ ،‬قَ ّ‬
‫ِّ‬
‫كل ما تفعله الشمس ِّمن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫كل هذا‪ ،‬إنّه نصر الذابب و ّ‬
‫بردعة محار‪ ،‬قطَع من أَمسَال (خَرق)‪ ...‬فوق ّ‬
‫املارة قليل ج ّداً‪ ،‬فّت مشاكس‬ ‫ِّ‬
‫َّخمرات ومن الفوح الالذع وكريه الرائحة‪ .‬الساحة الكبرية خاوية‪ .‬عدد ّ‬
‫الت ّ‬
‫تتوجه صوب النبع‪ .‬وهذا‬ ‫هنا يرمي احلجارة على العصافري القابعة على أشجار الساحة‪ .‬وامرأة هناك ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬‫ّ‬
‫وبكل هدوء يتّكئ على‬ ‫ِّ‬
‫يُقبل يسوع عرب إحدى الطرقات وينظر حوله‪ ،‬ولكنّه ال يرى أحداً‪ّ .‬‬
‫جذع شجرة وينتَ ِّظر‪ .‬جيد وسيلة للتح ّدث إىل الصبيّة عن احملبّة النابعة ِّمن هللا واهلابطة ِّمن اخلالِّق على‬
‫كل اخلليقة‪" .‬ال تكونوا قُساة‪ .‬ملاذا تريدون إزعاج العصافري؟ لديها أعشاشها هناك يف العايل‪ .‬لديها‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫وتؤمن النظافة وذلك ابلتهام بقااي الناس واحلشرات اليت‬ ‫صغارها‪َّ .‬إهنا ال تؤذي أحداً‪ّ .‬إهنا َهتبنا تغريدها ّ‬
‫تؤذي احلصاد والثمار‪ .‬ملاذا َجرحها إذاً وقَتلها وحرمان صغارها من آابئها و ّأمهاهتا أو حرمان تلك من‬
‫َيربه‪ ،‬أو يقتل أهلكم‪ ،‬أو َيطفكم بعيداً‬ ‫شريراً يدخل بيتكم‪ّ ،‬‬ ‫صغارها؟ هل كنتم ستُ َسّرون لو رأيتم ّ‬
‫عنهم؟ ال لن تكونوا كذلك‪ .‬فإذاً‪ ،‬ملاذا تفعلون أنتم هبذه املخلوقات الربيئة ما ال تريدون أن يفعله أحد‬
‫بكم؟ كيف َيكنكم عدم إيذاء الناس يوماً إذا ما كنتم‪ ،‬وأنتم ما تزالون أطفاالً‪ ،‬تُـ َق ّسون قلوبكم جتاه‬
‫خملوقات صغرية لطيفة‪ ،‬ال حول هلا وال ّقوة‪ ،‬مثل العصافري؟ أال تَعلَمون أن الشريعة تقول‪’ :‬أحبِّب‬
‫ُيب هللا فكيف َيكنه‬ ‫ُيب هللا‪ .‬ومن ال ّ‬ ‫ُيب قريبه ال َيكنه كذلك أن ّ‬ ‫كنفسك‘؟ ومن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫يبك‬
‫قر َ‬
‫أعرفك‪،‬‬
‫َ‬ ‫الذهاب إىل بيته ليصلّي له؟ قد يقول هللا هلم‪ ،‬ويقول ذلك من أعايل مسائه‪’ :‬اذهب‪ ،‬فأان ال‬
‫فلست إذاً أخاً وال ابناً‪ ،‬بل‬
‫َ‬ ‫إخوتك وال حتَتم فيهم اآلب الذي َخلَ َقهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫حتب‬
‫ك ال ّ‬ ‫نت ابن؟ ال‪ ،‬فإنّ َ‬‫أأ َ‬
‫َشهر األكثر‬
‫األزيل‪ :‬يف األ ُ‬
‫ُيب هللا‪ ،‬وهو ّ‬ ‫إلخوتك‘‪ .‬انظُروا كيف ّ‬‫َ‬ ‫أنت هجني‪ ،‬ابن هلل سيّئ‪ ،‬أخ مزيّف‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 344 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظل األوراق ليقيها من‬ ‫بها‬ ‫برودة توجد أهراء (حظائِّر) وخمازن أتوي إليها الطيور‪ .‬وأثناء فصل احلر‪ ،‬يَ ِّ‬
‫ه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سهل إجياد احلبوب لتتغ ّذى‬
‫الشمس‪ .‬يف الشتاء‪ ،‬يكون البذار يف احلقول‪ ،‬ابلكاد مغطى يف األرض‪ ،‬ويَ ُ‬
‫هبا‪ .‬ويف الصيف عصارات الفواكه تلطّف العطش‪ ،‬وإبمكاهنا إنشاء أعشاش صلبة ودافئة ابستعمال‬
‫الرب‪ .‬أنتم‪ ،‬اي صغار الناس‪ ،‬اي من ُخلِّقتُم مثل‬
‫بعض القش وبقااي صوف القطعان على العلّيق‪ .‬إنّه ّ‬
‫كل هذه‬
‫العصافري‪ ،‬ملاذا تريدون أن تكونوا خمتلفني بظنّكم أنّه مسموح لكم أبن تكونوا قساة على ّ‬
‫َيصه‪ ،‬ال الناس الذين ُهم إخوتكم‪،‬‬ ‫أي كان مما ّ‬‫احليواانت الصغرية؟ كونوا رمحاء جتاه الكل بعدم حرمان ّ‬
‫وال احليواانت اليت ختدمكم‪ ،‬وال أصدقاءكم‪ ،‬وال هللا‪»...‬‬

‫ص َل يهوذا!»‬
‫ويهتف مسعان‪« :‬اي معلّم‪ ،‬لقد َو َ‬
‫كل ما حتتاجونه‪ ،‬كما يفعله مع هذه املخلوقات‬
‫«ولسوف يكون هللا رحيماً معكم أبن يهبكم ّ‬
‫الربيئة‪ .‬اذهبوا وامحلوا معكم سالم هللا‪».‬‬

‫انضم إليهم‪ ،‬ويتّجه صوب يهوذا‬ ‫قد‬ ‫بار‬ ‫فرط يسوع عقد الصبية الذين كان بعض ِّمن ِّ‬
‫الك‬ ‫يَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫سر َع َني ِّمن طريق أخرى‪ .‬يهوذا ُمغتَبِّط‪ّ ،‬أما يوحنا فيبتسم ليسوع‪ ...‬إّّنا ال‬ ‫ويوحنّا اللَّ َذين ي ِّ‬
‫صالن ُم ِّ‬ ‫َ‬
‫يبدو أنّه سعيد مبا فيه الكفاية‪.‬‬

‫التصرف‪ .‬إّّنا تعال معي‪ ،‬فال َيكننا التح ّدث يف الطريق‪».‬‬


‫أحسنت ّ‬
‫ُ‬ ‫هلم اي معلّم‪ .‬أظنّين‬
‫هلم‪ّ ،‬‬
‫« ّ‬
‫«إىل أين اي يهوذا؟»‬

‫زت أربع ُحجرات‪ ...‬آه! ّإهنا متواضعة‪ ،‬ال ختش شيئاً‪ .‬متاماً لنتم ّكن ِّمن‬
‫«إىل النَّزل‪ .‬لقد َح َج ُ‬
‫كل هذا احلرمان وهذه احلرارة‪ ،‬لنتم ّكن ِّمن تناول الطعام كالبشر وليس‬ ‫االسَتاحة على سرير بعد ّ‬
‫كالطيور على الغصن‪ ،‬وكذلك لنتم ّكن من الكالم براحة‪ .‬لقد بِّعتُها بسعر جيد‪ .‬أليس كذلك اي‬
‫يوحنّا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 345 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لحظ‬‫يوافق يوحنّا بدون كثري محاس‪ .‬إّّنا يهوذا فقد كان مسروراً للغاية لعمليّته‪ ،‬لدرجة أنّه َمل يَ َ‬
‫ظهر يوحنّا قليل احلماس‪ .‬ويتابع‪« :‬كوين بِّعتُها‬ ‫قلّة الرضى لدى يسوع على فكرة املأوى املريح‪ ،‬وال َم َ‬
‫أسَّرتنا وغذائنا‪.‬‬‫أبكثر مما قَدَّرت‪ ،‬فقد قُلت لنفسي‪ُ" :‬يق لنا اقتطاع مبلغ صغري‪ ،‬مائة دانق‪ِّ ،‬من أجل ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ألنّنا إذا كنا‪ ،‬حنن الذين أنكل ابستمرار‪ُ ،‬م َنهكني‪ ،‬فيجب أن يكون يسوع على حافّة االهنيار"‪ .‬ومن‬
‫ك‪...‬‬ ‫ك حتبّين وأان أحبّ َ‬
‫احلب‪ ،‬ذلك أنّ َ‬ ‫ِّ‬
‫واجيب أن أسهر على ّأال يقع معلّمي من املرض! إنّه واجب ّ‬
‫بكل شيء‪».‬‬‫رت ّ‬ ‫للرعاة‪« .‬لقد ف ّك ُ‬
‫هناك أيضاً مكان لكم وللقطعان» هذه يقوهلا ُّ‬
‫مل ينبس يسوع ببنت شفة‪ ،‬بل تَبِّ َعهُ مع اآلخرين‪.‬‬

‫صلون إىل ساحة اثنوية‪ .‬يقول يهوذا‪« :‬انظر إىل هذا البيت الذي بدون نوافذ على الطريق‪،‬‬ ‫ي ِّ‬
‫َ‬
‫صدع‪ .‬إنّه بيت ديوميد طََّراق الذهب‪ .‬حتسبه َمس َكناً فقرياً‪،‬‬ ‫وهذا الباب الصغري ج ّداً الذي يبدو وكأنّه َ‬
‫أليس كذلك؟ ولكنّه َيلك من الذهب ما يكفي لشراء أرُيا و‪...‬آه! آه!» يبتسم يهوذا‬
‫ِّخبُبث‪ِّ «...‬ضمن هذا الذهب َيكننا أن جند الكثري من القالدات واألواين و‪ ...‬كذلك أشياء أخرى‬
‫الكل يتظاهر بعدم معرفته‪ ،‬بينما اجلميع‬ ‫لكل األشخاص األكثر نفوذاً يف إسرائيل‪ .‬ديوميد‪ ...‬آه! ّ‬ ‫ّ‬
‫يعرفونه‪ِّ :‬من اهلريوديّني إىل‪ ...‬إىل اجلميع‪ .‬على هذا اجلدار اخلايل من الزينات‪ ،‬الفقري‪َ ،‬يكن كتابة‬
‫تفاوضت هبا من‬ ‫ازك الطريقة اليت‬
‫"سّر وغموض"‪ .‬لو كانت هذه اجلدران تتكلّم! ملا كانت ستثري امشئز َ‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫كنت ستموت خمنوقاً من الدهشة واحلََرج‪ .‬إّّنا‬ ‫أنت‪َ ...‬‬‫أنت‪َ ...‬‬ ‫أجل إمتام هذه الصفقة‪ ،‬يوحنّا!‪َ ...‬‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابألحرى امسع اي معلّم‪ .‬ال تَـعُد تُرسلين مع يوحنّا لقضاء حاجات معيّنة‪ .‬فلقد كاد يُفشل ّ‬
‫احاً)‪ ،‬إنَّه ال يعرف أن يُر ِّاوغ‪ ،‬ومع ُخم ِّادع مثل ديوميد ال ب ّد أن يكون املرء سريع‬
‫إنَّه ليس فلهوايً (لـَّم َ‬
‫البديهة ويقظاً‪».‬‬

‫كنت تقول أشياء! غري متوقَّعة إطالقاً ولدرجة‪ ...‬ولدرجة‪ ...‬نعم‪ ،‬اي معلّم‪،‬‬ ‫يـُ َه ِّ‬
‫مهم يوحنّا‪« :‬لقد َ‬
‫ب‪ ،‬أان‪»...‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ال تَـعُد تُرسلين‪ .‬أان ال أعرف سوى أن أُح ّ‬
‫نشغِّل‪ِّ « :‬من الصعب أن حنتاج مستقبالً هلكذا بيع‪».‬‬
‫ُجييب يسوع ال ُـم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 346 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪».‬‬
‫َّبت ّ‬
‫«ها هو ذا النَّزل‪َ .‬هلُ َّم اي معلّم‪ .‬سوف أتكلّم أان مبا أنّين‪ ...‬قد َرت ُ‬
‫دخلون ويتكلّم يهوذا مع صاحب النَّزل الذي يقود النِّّعاج إىل إسطبل مث يعود ليقود بنفسه‬ ‫يَ ُ‬
‫خدمان كسريرين‪ ،‬ومقاعد وطاولة‪ ،‬كانت مجيعها‬ ‫وجد حصرياتن تُستَ َ‬
‫نزالءه إىل ُحجرة صغرية حيث تُ َ‬
‫نس ِّحب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫قد ُهيّئَت‪ .‬مثّ يَ َ‬
‫نشغِّلون بقطعاهنم‪».‬‬
‫الرعاة ُم َ‬
‫«لنتح ّدث حاالً‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬بينما ُّ‬
‫أمسعك‪».‬‬
‫« َ‬
‫كنت صادقاً‪».‬‬
‫«َيكن ليوحنّا أن يقول إذا ما ُ‬
‫أشك هبذا‪ .‬وبني الناس الشرفاء ال داعي للتربير وللشهادات‪ .‬تكلّم‪».‬‬
‫«أان ال ّ‬
‫الدواب‪.‬‬‫صلنا إىل أرُيا يف الساعة السادسة (حوايل الثانية عشرة ظهراً)‪ .‬كنّا نتصبّب عرقاً مثل َّ‬ ‫« َو َ‬
‫أخذت محَّاماً‪ .‬لَبِّ ُ‬
‫ست ثوابً‬ ‫ُ‬ ‫مل أ ُِّرد أن أدع ديوميد أيخذ انطباعاً أب ّن املسألة اضطراريّة‪ُ .‬‬
‫أتيت هنا قبالً‪،‬‬
‫الشعر‪...‬‬‫َّعطُّر وترتيب َّ‬ ‫ووددت أن يفعل هو كذلك‪ .‬آه! مل يكن يريد أن يعرف شيئاً عن هذا التـ َ‬ ‫ُ‬ ‫نظيفاً‪،‬‬
‫قلت‪" :‬لنذهب"‪ .‬حينذاك كنّا‬ ‫َّبت أمري‪ ،‬طوال الطريق!‪ ...‬وعندما أقبَ َل املساء‪ُ ،‬‬ ‫كنت قد َرت ُ‬
‫ولكنّين ُ‬
‫لت‬
‫موسَريَن يف رحلة ترفيهيّة‪ .‬عندما أوشكنا على الوصول عند ديوميد‪ ،‬ق ُ‬ ‫قد اسَتحنا وانتَـ َعشنا‪ ،‬مثل َ‬
‫فهم"‪ .‬إّّنا كان من األفضل لو أبقيتُه خارجاً‪ .‬مل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫"أنت ساعدين‪ .‬ال تُ َك ّذبين وُكن يَقظاً لتَ َ‬
‫ليوحنا‪َ :‬‬
‫كل األمور‪.‬‬‫اجهت ّ‬ ‫كنت متي ّقظاً لالثنني وو ُ‬
‫وحّت إنّه‪ ...‬حلسن احلظ أنّين ُ‬ ‫ط‪ّ .‬‬ ‫يساعدين ق ّ‬

‫كان موظف الضرائب خارجاً من البيت‪ ،‬فقلت لنفسي‪" :‬حسناً‪ ،‬إذا ما َخَر َج هو فسوف جند‬
‫كل الذين‬ ‫مثل‬ ‫لص‬ ‫و‬ ‫املال وأيضاً سوف جند ما أريده إلجراء املقارنة"‪ .‬ذلك أ ّن موظف الضرائب مر ٍ‬
‫اب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫ضت عليهم ضرائب بطريقة‬ ‫على شاكلته‪ ،‬ولديه دائماً قالدات ُمنتَـَز َعة ابلوعيد والرىب من مساكني فُ ِّر َ‬
‫السكر والعربَ َدة والنساء‪ .‬إنّه صديق محيم لديوميد الذي يبيع ويشَتي‬ ‫صرف بتبذير على ُّ‬‫غري مشروعة لتُ َ‬
‫فت على نفسي‪ .‬أقول‪َ :‬د َخلنا‪ .‬أل ّن هناك فرق بني الدخول‬ ‫ذهباً وحلماً (نساء)‪َ ...‬د َخلنا بعد أن َعَّر ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 347 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التوجه إىل حيث يتظاهر هو بشغل الذهب بنزاهة‪ ،‬وبني النزول إىل القبو حيث َُي ِّ‬
‫ارس أعماله احلقيقيّة‪.‬‬ ‫و ّ‬
‫حّت تتاح له هذه الدعوة‪ ،‬الدعوة األخرية‪.‬‬ ‫جيب أن يكون املرء معروفاً من قبله وبشكل جيّد ج ّداً ّ‬
‫لدي القليل من املال"‪ّ .‬إهنا‬
‫"أنت أيضاً تريد أن تبيع ذهباً؟ الوقت مناسب قليالً‪ّ .‬‬ ‫عندما رآين قال يل‪َ :‬‬
‫لديك جموهرات المرأة؟ إّّنا مجيلة‪ ،‬فاخرة‪،‬‬ ‫آت ألبيع‪ ،‬إّّنا ألشَتي‪ .‬هل َ‬ ‫نغمته املعتادة‪ .‬فأجبته‪" :‬مل ِّ‬
‫مثينة وثقيلة ومن الذهب اخلالص؟" ذُ ِّهل ديوميد وسألين‪" :‬أتريد امرأة؟" "دع األمر يل" فأجبتُه‪َّ :‬‬
‫"إهنا‬ ‫َ‬
‫ليست يل‪ ،‬إّّنا لصديقي هذا املتزوج‪ ،‬ويريد شراء اجملوهرات الذهبيّة حملبوبته‪".‬‬

‫وهنا بدأ يوحنّا يقوم حبركاته الصبيانيّة‪ .‬وديوميد الذي كان يَنظُر إليه رآه يصطبغ ابألمحر‬
‫احلمى‪ .‬هل‬ ‫ِّ‬ ‫املقزز‪" :‬إيه! ما إن َِّ‬
‫األرجواين‪ ،‬وقال بلهجة العجوز ِّّ‬
‫حّت أصابته ّ‬ ‫الصيب ذكر زوجته ّ‬
‫ّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫مس‬ ‫ّ‬
‫لت يوحنّا إليقاظه وإفهامه ّأال يتظاهر ابلغباء‪ .‬ولكنّه أجاب بـ "نعم"‬ ‫زوجتك؟" َفرَك ُ‬
‫َ‬ ‫هي مجيلة ج ّداً‪،‬‬
‫هتتم‬
‫مت أان‪" :‬إن تكن مجيلة أم ال‪ ،‬فيجب ّأال َّ‬ ‫خمنوقة‪َ ،‬ج َعلَت ديوميد يراتب ابألمر‪ .‬عندئذ تكلَّ ُ‬
‫ألجلهن إىل جهنّم‪ّ .‬إهنا شابّة شريفة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لذلك‪ ،‬أيّها العجوز‪ .‬فلن تكون ِّمن عداد النساء اللوايت ستذهب‬
‫سيهتم بزواجه القريب‪ ،‬وأان مكلّف مبساعدة الشاب‪ ...‬أان‬ ‫ّ‬ ‫وقريباً زوجة شريفة‪ .‬أ َِّران َ‬
‫ذهبك‪ .‬فأان من‬
‫َيونك! ‪-‬هل هو‬
‫َ‬ ‫جليلي‪ ،‬أليس كذلك؟" دائماً هذا الشَّعر الذي‬‫ّ‬ ‫يهودي وابن مدينة"‪" -.‬وهو‬ ‫ّ‬
‫ثري؟"‪" -‬نعم‪ ،‬ج ّداً"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عندئذ نَزلنا إىل أسفل‪ ،‬وفتح ديوميد خزائنه وخزنه‪ .‬إّّنا قل احلقيقة اي يوحنّا‪ ،‬أمل نكن وكأنَّنا يف‬
‫كل هذه األحجار الكرَية وهذا الذهب؟ قالدات وأطواق وأساور وأقراط ومشابِّك ِّمن‬ ‫الفردوس أمام ّ‬
‫اخَتت‬
‫ُ‬ ‫الذهب واألحجار الكرَية‪ ،‬داببيس شعر وبكالت وخوامت‪ ...‬آه! اي للروائع! وِّمبَ َ‬
‫ظهر ال ُـمتعايل‬
‫قالدة شبيهة بقالدة حجالي ‪ ،‬مث داببيس وخوامت وأساور‪ ...‬ومجيعها شبيهة ابليت كانت معي يف‬
‫ومن هي‬ ‫هو؟‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫هذا؟‬ ‫"كل‬ ‫يسأل‪:‬‬ ‫كان‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ش‬‫ه‬‫ند ِّ‬
‫الصندوق وبِّ َع َدد مسا ٍو هلا‪ .‬كان ديوميد ُم َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قلت له‪" :‬الثَّمن"؟‬
‫لت على طليب كامالً ُ‬ ‫ص ُ‬‫زوجته؟ أأمرية هي؟" وعندما َح َ‬
‫غمة نَوح على قسوة الزمن‪ ،‬على املصاريف‪ ،‬واملخاطر واللصوص! آه! اي للنغمة‬ ‫آه! اي هلا من نَ َ‬
‫قك‬
‫َصد َ‬
‫أنت‪ ،‬سوف أ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫األخرى اليت يؤّكد يل هبا نزاهته! أخرياً هي ذي اإلجابة‪" :‬ابحلقيقة‪ ،‬مبا أنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 348 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فضة"‪.‬‬
‫القول‪ .‬بدون مبالغة‪ .‬إّّنا ال أستطيع ختفيض درامخا واحدة من َمثَنها‪ .‬أَطلُب اثنيت عشرة وزنة ّ‬
‫أقل لصوصيّة منه"‪.‬‬ ‫أضفت‪" :‬لنرحل اي يوحنّا‪ .‬سوف جند يف أورشليم َمن هو ّ‬
‫"لص"! و ُ‬ ‫فقلت‪ّ :‬‬‫ُ‬
‫خادمك‬
‫َ‬ ‫وتظاهرت ابخلروج‪ .‬ولكنّه َجَرى خلفي‪" .‬صديقي العظيم‪ ،‬صديقي العزيز‪ ،‬تعال‪ ،‬تَـ َف َّهم‬
‫ُ‬
‫أبقل ِّمن هذا ال َيكن‪ .‬ابحلقيقة ال أستطيع‪ .‬انظُر‪ .‬إنّين أبذل جهدي ح ّقاً‪ ،‬وسوف أخسر‪.‬‬
‫املسكني‪ّ .‬‬
‫هاك‪ .‬وهذا هو ما‬ ‫كنت دائماً صديقاً وأَفَدتَين بصفقات‪ .‬إحدى عشرة وزنة‪َ ،‬‬
‫ك َ‬ ‫وسأفعل ذلك ألنّ َ‬
‫اضطررت لشراء هذا الذهب ممن َيوت ِّمن اجلوع‪ .‬ال تنقص دانقاً واحداً‪ .‬وبذلك‬
‫ُ‬ ‫سأدفعه أان نفسي لو‬
‫ص َّفى َدم ِّ‬
‫أورَديت العجوز"‪.‬‬ ‫يُ َ‬
‫ف متاماً عند هذا‬ ‫أمل يكن يقول ذلك؟ وكان هذا َمدعاة للضحك وللغثيان‪ .‬وعندما رأيتُه توقَّ َ‬
‫بت ضربيت‪" .‬أيّها العجوز ال ُـم َقِّّزز‪ْ ،‬اعلَم أنّين ال أريد الشراء‪ ،‬إّّنا البيع‪ .‬هاك ما أريد بيعه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫السعر‪ ،‬ضر ُ‬ ‫ّ‬
‫اتك‪ .‬ذهب إيطايل وتصاميم جديدة‪ ،‬سوف يتهافت عليها املشَتين‪ّ .‬إهنا‬ ‫انظر‪ّ :‬إهنا مجيلة مثل جموهر َ‬
‫أنت َمن سيدفع"‪ .‬آه! عندئذ!‪...‬‬ ‫لك إبحدى عشرة وزنة‪ .‬أنت من ح َّدد ِّ‬
‫أنت َمن قَدَّر الثَّمن و َ‬
‫السعر‪َ .‬‬‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫أنت تُفلِّسين! ال أستطيع دفع هذا‬ ‫لك! َ‬ ‫كنت أُكِّنُّه َ‬
‫نت التَّقدير الذي ُ‬ ‫"إهنا خيانة! لقد ُخ َ‬ ‫صَر َخ‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫آخ ِّرين"‪-.‬‬
‫َّر هذا الثمن‪ ،‬فادفع"‪" -.‬ال أستطيع!" ‪"-‬حذار‪ ،‬سوف آخذه إىل َ‬ ‫"أنت َمن قَد َ‬‫الثمن!" ‪َ -‬‬
‫وم َّد يديه إىل كومة جموهرات حجالي‪" .‬إذاً فادفع‪ :‬كان جيب أن أُطالِّب ابثنيت عشرة‬ ‫"ال اي صديقي"‪َ .‬‬
‫لدي شاهد وأستطيع أن‬ ‫النهائي"‪"- .‬ال أستطيع"‪" -.‬اي ُمرايب احَتس‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫بتقديرك‬
‫َ‬ ‫وزنة‪ ،‬إّّنا أان ُملتَ ِّزم‬
‫ِّ‬
‫الولَد…‬‫قت به نعواتً أخرى لن أُ َكّررها أمام هذا َ‬ ‫ألص ُ‬‫بك كسارق‪ "...‬و َ‬ ‫أشي َ‬
‫مضطراً للبيع‪ ،‬وبسرعة‪َ ،‬و َعدتُه بشيء صغري‪ ،‬فيما بيننا‪ ...‬لن ألتزم‬
‫ّ‬ ‫كنت‬
‫يف النهاية‪ ،‬مبا أنّين ُ‬
‫انصَرفنا‬ ‫ِّ‬
‫أهنيت البازار بعشر وزانت ونصف الوزنة‪ .‬و َ‬
‫للص سارق؟ ولقد ُ‬ ‫هبذا الوعد‪ .‬ما قيمته وقد قُطع ّ‬
‫ك لو ظَ َّن الناس‬
‫يهم َ‬
‫وسط نواحه وعروض صداقات و‪ ...‬نساء‪ّ .‬أما يوحنّا فكاد يبكي‪ .‬ولكن ماذا ّ‬
‫إليك َكطَرح َجهيض؟‬‫السوء؟ يكفي أال تكون كذلك‪ .‬أال تعلم أن العامل هو كذلك‪ ،‬وأنّه يَنظُر َ‬ ‫بك ّ‬ ‫َ‬
‫بك‪ ...‬آه! ابلنسبة يل‪ ،‬ال أريدهم أن‬‫بك؟ أو إذا آمنوا َ‬
‫شاب ال يعرف طعم امرأة؟ َمن تريد أن يؤمن َ‬
‫يتصورون أ ّن ليس لديك ميوالً لتلك الناحية‪.‬‬
‫ك‪ ،‬أولئك الذين ّ‬ ‫يظنّوا يب ما َيكنهم أن يظنّوه ب َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 349 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بنفسك‪ .‬كان بينها بعض القطع النقدية الصغرية‪ ،‬ولكنّين مررت‬ ‫َ‬ ‫أنت‬
‫هاك اي معلّم‪ .‬عُ ّدها َ‬‫َ‬
‫أخذهتا ِّمن اسحق"‪ .‬وكانت‬
‫أعطين الوزانت اليت َ‬ ‫مبوظف الضرائب وقلت لـه‪" :‬خذ هذه القطع التَّافهة و ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حصلت عليه ِّمن معلومات قبل إهناء الصفقة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬‫تلك املعلومة عن وزانت اسحق هي آخر ما ُ‬
‫قلت السحق ديوميد‪" :‬تَ َذ َّكر أن يهوذا اهليكل مل يعد لـه وجود‪ .‬فأان اآلن‬‫بعدها‪ ،‬ويف هناية املطاف‪ُ ،‬‬
‫كنت‬
‫جبلدك"‪ .‬و ُ‬
‫كنت تريد أن تنجو َ‬ ‫ك مل تعرفين قط‪ ،‬هذا إذا ما َ‬ ‫نفسك وكأنّ َ‬
‫َ‬ ‫تلميذ لِّق ّديس‪ .‬فاعتَِّرب‬
‫أعضه ِّمن عُنقه ألنّه أجابين بشكل سيّئ‪».‬‬ ‫على وشك أن ّ‬
‫لك؟»‬
‫يسأله مسعان بال مباالة‪« :‬ماذا قال َ‬
‫يسك هذا هنا‪ ،‬خالل‬ ‫ِّ‬
‫أيت ق ّد َ‬
‫"أنت تلميذ لق ّديس؟ لن أُص ّدق هذا مطلقاً‪ّ ،‬إال إذا ر ُ‬ ‫«قال يل‪َ :‬‬
‫أنت‪ ،‬فنسخته الشابّة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫مين امرأة"‪ .‬قال يل‪" :‬ديوميد هو خ ْزي العا َمل العجوز‪ ،‬إّّنا َ‬ ‫وقت قريب‪ ،‬يَطلُب ّ‬
‫تتغري‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َّغري‪ ،‬ألنَّين‬
‫أنت فلن ّ‬ ‫رت عجوزاً‪ّ .‬أما َ‬
‫أصبحت على ما أان عليه عندما ص ُ‬‫ُ‬ ‫أان ما زال إبمكاين الت ُّ‬
‫اتك‪ ،‬أتتخيَّل؟»‬ ‫قت هكذا"‪ .‬ذاك العجوز ِّّ‬ ‫ِّ‬
‫استخف مبقدر َ‬‫َّ‬ ‫املقزز‪ ،‬لقد‬ ‫لقد ُخل َ‬
‫«كونه يواننيّاً‪ ،‬فهو يقول الكثري من احلقائق‪».‬‬

‫كالمك؟»‬ ‫ِّ‬
‫توجه‬
‫َ‬ ‫أإيل ّ‬
‫«ماذا تعين اي مسعان؟ ّ‬
‫لص‪ِّّ ،‬‬
‫مقزز‪ ،‬إنَّه أكثر اللصوص‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫اء‪.‬‬
‫و‬ ‫الس‬ ‫على‬ ‫القلوب‬
‫و‬ ‫ابلذهب‬ ‫«ال‪ .‬بل للجميع‪ .‬إنه ِّ‬
‫عامل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نذالة‪ .‬إّّنا توجد لديه فلسفة اليواننيّني الكبار‪ .‬إنّه يعرف اإلنسان‪ ،‬احليوان ابلرذائل السبع الرئيسيّة‪،‬‬
‫حب‪ ،‬وألشياء أخرى كثرية يف ذاته ويف اآلخرين‪».‬‬ ‫لكل‬ ‫اهة‪،‬‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫لكل‬ ‫خري‪،‬‬ ‫لكل‬ ‫ر‬ ‫الورم الـم َد ِّ‬
‫م‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ ُ‬
‫«ولكنّه ال يعرف هللا‪».‬‬

‫كنت تريد أن تُعلِّّمه عن هللا؟»‬


‫أنت َ‬
‫«و َ‬
‫«أان‪ ،‬نعم‪ .‬ومل ال؟ اخلَطَأَة ُهم الذين ُيتاجون إىل معرفة هللا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 350 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتوجب على َمن يريد أن يُعلِّّم عن هللا أن يعرفه أوالً‪ ،‬ومن مثّ يـُ َعلِّّمه‬
‫«هذا صحيح‪َّ .‬إّنا‪َّ ...‬‬
‫لآلخرين‪».‬‬

‫جنعلن نفوسهم تضطرب بسبب شجاران‪ .‬هل‬‫الرعاة‪ .‬فال ّ‬ ‫صل ُّ‬ ‫«هدوءاً أيّها األصدقاء‪ .‬لقد َو َ‬
‫لك‪ ،‬إذا أمكن‪ ،‬يف املستقبل‪ ،‬ال‬
‫أكرر َ‬
‫التزمت هبا‪ .‬و ّ‬
‫َ‬ ‫تك كما‬‫مهم َ‬
‫دت املال؟ هذا يكفي‪ .‬أكمل ّ‬ ‫َع َد َ‬
‫حّت ولو كان ذلك بُغية تسهيل َع ِّمل صاحل‪»...‬‬ ‫تكذب‪ّ ،‬‬
‫الرعاة‪.‬‬
‫دخل ُّ‬
‫يَ ُ‬
‫«أيّها الرفاق‪ ،‬ها ُكم عشر وزانت ونصف‪ ،‬نقصوا فقط مائة دانق اقتَطَ َعها يهوذا ملصاريف‬
‫اإليواء‪ .‬خذوا‪».‬‬

‫كل شيء؟»‬
‫يسأل يهوذا‪« :‬أتعطيهم ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬ال أريد االحتفاظ أبيّة قطعة ِّمن هذا املال‪ .‬لدينا عطيّة هللا‪ ،‬وعطية أولئك الذين‬
‫« ّ‬
‫ضروري‪ .‬كن على يقني‪ .‬خذوا املال ولتكونوا‬
‫ّ‬ ‫بكل نزاهة‪ ...‬ولن ينقصنا أبداً ما هو‬
‫يبحثون عن هللا ّ‬
‫مسرورين‪ ،‬كما أان مسرور من أجل املعمدان‪ .‬غداً‪ ،‬سوف تذهبون إليه يف السجن‪ .‬إثنان منكم‪ :‬يوحنّا‬
‫كل شيء ويستَعلِّما عن النتائج‪ .‬إيلي‬ ‫ِّ‬
‫ومتّيا‪ .‬وسيذهب مسعان مع يوسف ملالقاة إيلي ليَحمال له ّ‬
‫يعرف‪ .‬مثّ يعود يوسف مع ليفي‪ .‬موعدان بعد عشرة ّأايم قُرب ابب السمك يف أورشليم‪ ،‬يف الساعة‬
‫األوىل (حوايل الساعة السادسة صباحاً)‪ّ .‬أما اآلن فلنأكل ونسَتح‪ .‬غداً ابكراً سوف أرحل مع أتباعي‪.‬‬
‫سمعون أخباري فيما بعد‪».‬‬ ‫لدي شيء آخر أقوله لكم اآلن‪ .‬سوف تَ َ‬ ‫ليس ّ‬
‫ويتالشى املشهد يف اللحظة اليت يَكسر يسوع فيها اخلبز‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 351 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -47‬يسوع يبكي بسبب يهوذا‪ .‬ومسعان الغيور يواسيه)‬

‫‪1945 / 01 / 20‬‬

‫تلون بلون‬ ‫القرية اليت يتواجد يسوع فيها ثريّة‪ .‬بستان بديع‪ ،‬فردوس رائع ذو عناقيد كثرية بَ َدأَت ت َّ‬
‫َّمها لـه أحد القرويّني‪ .‬قد يكون حت ّدث‬ ‫الذهب والياقوت‪ .‬يسوع جيلس يف بستان وأيكل من مثار قَد َ‬
‫حكمتك‪،‬‬
‫َ‬ ‫تلميذك عن‬
‫َ‬ ‫ظمئك اي معلّم‪ .‬فلقد ح ّدثنا‬
‫َ‬ ‫قليالً قبل ذلك‪ ،‬فالرجل يقول‪« :‬أان سعيد إبرواء‬
‫نَتدد‬ ‫ليك‪ .‬إنّنا على م ِّ‬ ‫ّإال أ ّن الذهول قد أ ِّ‬
‫قربة من املدينة املق ّدسة‪ ،‬و ّ‬ ‫َُ‬ ‫أخذ لدى استماعنا إ َ‬ ‫َخ َذ منّا ُك ّل َم َ‬
‫َ‬
‫صعد إىل اهليكل لالستماع إىل الراببنة‪ّ .‬إال ّأهنم‬ ‫إليها ابستمرار لبيع الفاكهة واخلضار‪ ،‬وحينذاك نَ َ‬
‫حديثك‪ .‬كنّا نعود ِّمن هناك وحنن نقول‪" :‬إذا كان األمر كما‬ ‫َ‬ ‫بَعيدون ُك ّل البُعد عن التحدُّث مبثل‬
‫أنت فعلى العكس! آه! حنسب قلوبنا يف سكون! إ ّن القلب‬ ‫يقولون‪ ،‬فَ َمن ذا الذي سيَخلُص؟" ّأما َ‬
‫درك‪،‬‬ ‫ك تُ ِّ‬ ‫يستعيد طفولته مع االحتفاظ ابلرجولة‪ .‬إنّين غري مث ّقف‪ ...‬ال أعرف كيف أ َُعِّّرب‪ .‬إّّنا َ‬
‫أنت فإنَّ َ‬
‫بكل أتكيد‪».‬‬
‫ّ‬
‫اخلاصة ابلكهول‪،‬‬
‫ك لألمور ّ‬ ‫نضجك ومعرفت َ‬
‫َ‬ ‫ك‪ ،‬تريد القول أبنَّه وعلى الرغم من‬ ‫أفه ُم َ‬
‫«نعم‪َ ،‬‬
‫لك كما‬ ‫ك تشعر‪ ،‬بعد مساع كالم هللا‪ ،‬ابلبساطة واإلَيان والطُّهر الذي يعود ليُولَد يف َ‬
‫قلبك‪ ،‬فيبدو َ‬ ‫فإنَّ َ‬
‫دت طفالً من جديد‪ ،‬دوّنا خطااي وال أفعال ُخبث‪ ،‬مع كثري من اإلَيان‪ ،‬كما حينما تكون‬ ‫ك عُ َ‬ ‫لو أنّ َ‬
‫ألول مرة‪ ،‬أو حني تكون على ركبتيها تصلّي‪ ،‬هذا ما تريد قوله‪».‬‬ ‫صعد إىل اهليكل ّ‬ ‫ك وتَ َ‬‫ممسكاً بيد ّأم َ‬
‫«هذا هو ابلضبط‪ .‬اي لسعادتكم‪ ،‬اي َمن أنتم معه على الدوام!» يقول بعد ذلك ليوحنّا ومسعان‬
‫وَيتُم ابلقول‪« :‬وأان‬
‫ويهوذا الذين أيكلون التني الذي تَقطُر عُصارته‪ ،‬وهم جالسون على جدار صغري‪َ .‬‬
‫كتك قد َحلَّت فيه‪».‬‬
‫آويتك الليلة‪ .‬فلم أعد أخشى الشقاء يف بييت أل ّن بر َ‬
‫سعيد ألنّين َ‬
‫وجييب يسوع‪« :‬الربكة تفعل فعلها وتَثبُت إذا ما بَِّقيَت النفوس ُخملِّصة ووفيّة لشريعة هللا وتعليمي‪.‬‬
‫حقيقي‪ .‬فإنّه‪ ،‬إذا كان ح ّقاً أ ّن هللا يَ ِّهب الشمس واهلواء‬ ‫هذا‬ ‫تتالشى‪.‬‬ ‫عمة‬ ‫ويف حال العكس فإ ّن النِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 352 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫للصاحلني كما لألشرار على السواء‪ ،‬لكي ُييوا‪ ،‬وإذا كانوا صاحلني يزدادون صالحاً‪ ،‬وإذا كانوا أشراراً‬
‫للشرير لكي يعود‬
‫فحقيقي كذلك أنّه من اجلهة األخرى‪ ،‬محاية األب تصبح أتديباً ّ‬‫ّ‬ ‫يَرعوون ويَهتدون‪،‬‬
‫عن طريق اآلالم إىل تذ ّكر هللا‪».‬‬

‫شراً دائماً؟»‬
‫«أوليست اآلالم ّ‬
‫«ال‪ ،‬اي صديقي‪ّ ،‬إهنا َشّر ِّمن ِّوجهة نظر بشريّة‪ ،‬إّّنا من وجهة نظر فوق بشريّة‪ ،‬فهي خري‪.‬‬
‫ّإهنا تزيد من استحقاقات األخيار الذين ُيتملوهنا دوّنا أيس وال ثورة ويق ّدموهنا‪ ،‬بتقدَيهم ذواهتم مع‬
‫إذعاهنم ابلتضحية التكفرييّة عن نقائصهم الذاتيّة وعن خطااي العامل‪ّ ،‬إهنا فداء لغري الصاحلني‪».‬‬

‫انضم إليه أفراد عائلته‪ :‬عشرة أفراد ما بني كهل‬


‫القروي وقد ّ‬
‫ّ‬ ‫«إ ّن األمل ج ّد صعب!» يقوهلا‬
‫وطفل‪.‬‬

‫«أَعلَم أ ّن اإلنسان جيد ذلك صعباً‪ .‬ومع العلم بكيفيّة ُحكم البشر على اآلالم‪ ،‬فاآلب مل يكن‬
‫صلَت على أَثَر اخلطيئة‪ .‬إّّنا كم تدوم اآلالم على األرض؟ زمن حياة‬ ‫ض َعها يف أبنائه‪ .‬لقد َح َ‬ ‫قد َو َ‬
‫استمر العمر بطوله‪ .‬اآلن أقول لكم‪ :‬أليس التأ ّمل زمناً قصرياً‬ ‫ّ‬ ‫حّت ولو‬
‫اإلنسان قصري‪ ،‬دائماً قصري ّ‬
‫أفضل من التأ ّمل على الدوام؟ أليس التأ ّمل هنا أفضل ِّمن أن يكون ذلك يف املطهر؟ فَ ِّّكروا‪ ،‬فالزمن هنـاك‬
‫احلق أقـول لكم إنـّه جيب ّأال نَ َلعن األمل بل أن نبـاركه وأن ندعـوه "نعمة"‬
‫مضروب أبلف ضعف‪ .‬آه! ّ‬
‫ونسميه "رمحة"‪».‬‬‫ّ‬
‫«آه! اي لكلماتك اي معلّم! إنّنا نشرهبا كمن ي ِّ‬
‫طفئ هليب ظَ َمئه يف الصيف بنبيذ العسل الذي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يس ُكبه ِّمن َجَّرة رطبة‪ .‬هل سَتحل غداً اي معلّم؟»‬

‫كل ما فَـ َعلتَه ِّمن أجلي ومن أجل هؤالء الذين هم‬
‫ألشكرك على ّ‬
‫َ‬ ‫«نعم غداً‪ ،‬إّّنا سوف أعود‬
‫منك زاداً وفَتة اسَتاحة‪».‬‬
‫أصدقائي‪ ،‬وألطلب َ‬
‫«سوف َِّجتد ما تطلُبُه هنا على الدوام اي معلّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 353 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َر ُجل يسري ومعه جحش ُحمَ َّمل ابخلضار‪.‬‬

‫صديقك يبغي الذهاب‪ ...‬فإ ّن ابين ٍ‬


‫ماض إىل أورشليم‪ ،‬إىل السوق الكبري عشيّة‬ ‫َ‬ ‫«إذا كان‬
‫السبت‪».‬‬

‫لك فِّعله‪ .‬وسوف نلتقي خالل أربعة ّأايم‪ .‬ليكن سالمي‬


‫ك تَعلَم ما ينبغي َ‬ ‫«اذهب اي يوحنّا‪ ،‬إنّ َ‬
‫ِّ‬
‫فعل مسعان‪.‬‬‫معك‪ ».‬يُعانق يسوع يوحنّا ويـُ َقبِّّله‪ .‬وكذلك يَ َ‬
‫َ‬
‫يقول يهوذا‪« :‬اي معلّم‪ ،‬لو تسمح‪ ،‬فسأذهب مع يوحنّا‪ .‬إنّين أر َغب برؤية صديق يل‪ .‬إنّه يتواجد‬
‫كل سبت‪َ .‬سأُرافِّق يوحنّا إىل بيت فاجي ‪ Betphajé‬فقط‪ ،‬مثّ سأُاتبِّع وحدي‪ ...‬إنّه‬ ‫يف أورشليم ّ‬
‫صديق العائلة‪ ...‬تَعلَم‪ ...‬طَلَبَت ِّم ّين أ ُّمي‪»...‬‬

‫أسألك شيئاً اي صديقي‪».‬‬


‫َ‬ ‫« َمل‬

‫إليك من جديد‪ .‬وسوف أكون وفيّاً لدرجة‬


‫كك‪ .‬إّّنا خالل أربعة ّأايم سوف أعود َ‬
‫«آسف لَت َ‬
‫ضجر ِّم ّين‪».‬‬ ‫أنَّ َ‬
‫ك سوف تَ َ‬
‫ليحفظك هللا‪».‬‬
‫َ‬ ‫« ِّ‬
‫امض إذاً‪ .‬ويف فجر اليوم الرابع ُكن عند ابب السمك‪ .‬الوداع و‬

‫َيب على الطريق الَتابيّة‪.‬‬ ‫الذي‬ ‫اجلحش‬ ‫جبانب‬ ‫ق‬‫يـ َقبِّل يهوذا املعلّم وينطَلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫أضحت ساكِّنة‪ .‬ومسعان يُراقِّب عمل البُستانيّني الذين يَس ُقون‬
‫يَهبط الظالم على القرية اليت َ‬
‫حقوهلم‪.‬‬
‫يبقى يسوع يف مكانه بعض الوقت مث ينهض‪ ،‬يدور خلف املنزل وي ِّ‬
‫وغل يف البستان‪ .‬يَن َف ِّرد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ ََ‬
‫ذهب إىل َغيضة كثيفة حيث توجد أشجار ّرمان كبرية تُـ َفّرقها أدغال مرتفعة قليالً قد تكون ِّمن‬
‫يَ َ‬
‫لست متأ ّكدة متاماً‪ .‬فهي ال َحت ِّمل مثاراً وأان أعرف‬
‫الكشمش (نوع من العنب) ‪ُ .Groseillers‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 354 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫القليل عن أوراقها‪ .‬يتوارى يسوع خلفها‪ .‬جيثو‪ .‬يصلّي‪ ...‬مثّ ينحين ووجهه إىل األرض على العشب‬
‫تنهداته العميقة املتقطّعة‪ .‬إنّه بكاء ُمثبّط العزَية بدون حنيب‪ ،‬إّّنا حزين للغاية‪.‬‬
‫ويبكي‪ .‬هذا ما َعنَته يل ّ‬
‫ضي فَتة طويلة على هذه الوضعيّة‪ .‬مثّ ها هو نور الغسق الباهت‪ ،‬ذلك أ ّن الليل مل يهبط‬ ‫َُي ِّ‬
‫بعد‪ ،‬ويف هذا النور الضعيف‪َ ،‬يكن‪ِّ ،‬من فوق دغل‪ ،‬متييز وجه مسعان القبيح َّإّنا النزيه‪ .‬إنّه يَنظُر‪،‬‬
‫بحث وَييّز شكل املعلّم ال ُـمن َك ِّفئ ‪ ،‬وقد تَ َدثَّر مبعطفه األزرق الداكن الذي جيعله يكاد َيتفي وسط‬ ‫يَ َ‬
‫ِّظالل األرض‪ .‬ابلكاد يرى الرأس األشقر واليدين املضمومتني للصالة‪ ،‬املرتفعتني أعلى من الرأس املتّكئ‬
‫التنهدات‬
‫درك أ ّن يسوع حزين‪ ،‬من خالل ّ‬ ‫على الزندين‪ .‬يَنظُر إليه مسعان بعينيه الو ِّاس َعتني والو ِّاد َعتني‪ .‬يُ ِّ‬
‫البنفسجي‪ ،‬وينادي‪« :‬اي معلّم»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الش َفتَني الغليظتني واملائلتني إىل اللون‬ ‫اليت يطلقها‪ ،‬ويفتح فمه ذا َّ‬

‫يرفع يسوع وجهه‪.‬‬

‫إليك؟» ووجه مسعان هنا يـُ َعِّّرب عن الدهشة‬ ‫«هل تبكي اي معلّم؟ ملاذا؟ أتسمح يل ابجمليء َ‬
‫سحة املائِّلة إىل‬
‫واملعاانة‪ .‬إنّه رجل َدميم‪ ،‬وتُضاف إىل قسماته القبيحة‪ ،‬وبشرته الزيتونيّة الداكنة‪ ،‬ال َـم َ‬
‫الزرقة والعميقة لندابت قدَية‪ ،‬من آاثر إصابته‪ ،‬إّّنا له نظرة طيّبة لدرجة أ ّن قباحته تتالشى معها‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫«تعال اي مسعان صديقي‪».‬‬

‫جيلس يسوع على العشب‪ ،‬وجيلس مسعان إىل جانبه‪.‬‬

‫لدي‬
‫لك ما يق ّدمه هو‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫لست يوحنّا وال أعرف أن أق ّدم َ‬
‫«ملاذا أنت حزين اي معلّمي؟ أان ُ‬
‫لست أشعر سوى أبمل واحد‪ ،‬هو أنّين غري قادر على ذلك‪ .‬قل يل‪ :‬ألعلّي‬
‫عنك‪ .‬و ُ‬‫رغبة أبن أخ ّفف َ‬
‫لك؟»‬‫بقاءك معي أضحى مصدر معاانة َ‬ ‫األايم األخرية لدرجة أ ّن َ‬
‫عليك يف ّ‬
‫َّصت َ‬ ‫نـَغ ُ‬
‫ك‪ .‬وأعتقد أنّين لن أجد أبداً من‬
‫علي منذ أن رأيتُ َ‬ ‫ِّ‬
‫«ال اي صديقي الطيّب‪ ،‬أبداً مل تُـنَـغّص َّ‬
‫منك‪».‬‬
‫املربرات ما يدعو للمعاانة َ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 355 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت تَعلَم‬
‫لك‪ ،‬و َ‬‫سين أكاد أكون مبثابة األب َ‬ ‫لثقتك؛ إّّنا يف مثل ّ‬
‫لست أهالً َ‬ ‫«فإذاً اي معلّم؟ ُ‬
‫كنت ابين‪ ،‬ودعين أكون يف‬
‫أالطفك كما لو َ‬
‫َ‬ ‫مدى رغبيت‪ ،‬منذ زمن‪ ،‬يف أن يكون يل َولَد‪ ...‬فدعين‬
‫ك لتنسى أموراًكثرية‪»...‬‬
‫أبمس احلاجة إىل ّأم َ‬
‫ك ّ‬ ‫لك يف فَتة األمل هذه‪ .‬هذا ألنّ َ‬
‫مكانة األم واألب َ‬
‫«آه! نعم! إنّين يف حاجة إىل ّأمي!»‬

‫ك تبكي‪ ،‬اي‬‫اساتك‪ .‬إنّ َ‬


‫خلادمك أن يُ َسَّر مبو َ‬
‫َ‬ ‫ائك بقرهبا‪ ،‬دع‬
‫«إذاً‪ ،‬ابنتظار أن تستطيع إجياد عز َ‬
‫اقبك‪.‬‬
‫إين أر َ‬
‫ووجهك كالشمس عندما تغشاها الغيوم‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫يك‪ .‬منذ ّأايم‬‫معلّم‪ ،‬أل ّن أحداً قد نـَغَّص عل َ‬
‫وجيعلك‬ ‫ملك‬ ‫صالحك وطيبتك ُخت ِّ‬
‫َ‬ ‫جيرحك‪ّ ،‬إال أ ّن هذا اجلرح يؤ َ‬
‫َ‬ ‫كره َمن‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫لكي‬ ‫‪،‬‬ ‫جرحك‬
‫َ‬ ‫يان‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تشمئز‪ .‬إّّنا قل يل اي سيّدي‪ :‬ملاذا ال تَصرف َمصدر هذا األمل؟»‬ ‫ّ‬
‫«ذلك أل ّن هذا غري ُجم ٍد إنسانيّاً‪ ،‬وهو ض ّد احملبّة‪».‬‬

‫احلق‪ ،‬أن‬
‫أنت ّ‬‫أنت تتأ ّمل‪ .‬كيف تستطيع‪ ،‬و َ‬
‫كت أنّين أحت ّدث عن يهوذا! فبسببه َ‬ ‫«آه! لقد أدر َ‬
‫وصد أكثر‬ ‫ِّ‬
‫وم َ‬
‫تتحمل هذا الكاذب؟ إنّه يكذب دون أن يرمش لـه جفن‪ .‬وهو أكثر مكراً من ثعلب‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫كنت سوف‬ ‫ِّ‬
‫ب‪ .‬ملاذا؟ كم من األصدقاء َيكن أن يكون لديه؟ ولو ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫وقد‬ ‫اآلن‬ ‫اء‪.‬‬ ‫صم‬
‫ّ‬ ‫صخرة‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫كك‪ ،‬ولكنّين أر َغب بش ّدة أن أتبعه ألرى‪ ...‬آه! اي يسوعي! هذا الرجل‪ ...‬اصرفه اي سيّدي‪».‬‬
‫أأت ّمل لَت َ‬
‫«غري ُجم ٍد‪ .‬ما ينبغي أن يكون سوف يكون‪».‬‬

‫«ما الذي تريد قوله؟»‬

‫عادي‪».‬‬
‫«ال شيء غري ّ‬
‫تصرفه يف أرُيا‪».‬‬
‫شمئز من طريقة ّ‬
‫جعلك ت ّ‬
‫َ‬ ‫ادتك ألنّه‪ ...‬ألنّه‬
‫«لقد تَـَركتَهُ َيضي إبر َ‬
‫مرة أخرى‪ :‬ما ينبغي أن يكون سوف يكون‪ ،‬ويهوذا هو‬
‫لك ّ‬‫«هذا صحيح اي مسعان‪ .‬وأقول َ‬
‫جزء من هذا املستقبل‪ ،‬فهو أيضاً جيب أن يتواجد فيه!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 356 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سيتحمله؟»‬
‫ّ‬ ‫لكن يوحنّا قال يل إ ّن مسعان بطرس صريح للغاية‪ ،‬ومثل النار‪ ...‬فهل‬
‫« ّ‬
‫نسج‬
‫يتحمله‪ .‬فبطرس كذلك له دور سوف يلعبه‪ ،‬ويهوذا هو اللُحمة اليت عليها سيُ َ‬ ‫«عليه أن ّ‬
‫أي آخر‪ ،‬أن تكونوا طيّبني مع أانس‬ ‫ن‬ ‫اجلزء املنوط به‪ .‬إنّه املدرسة اليت سيتعلّم منها بطرس أكثر ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫حّت األشخاص البُسطاء‪ .‬إّّنا أن‬ ‫ِّ‬
‫تتفهموا النفوس اليت تُشاهبهُ‪ ،‬فهذا أمر يف متناول ّ‬
‫مثل يوحنّا‪ ،‬أن ّ‬
‫تتفهم نفوساً مثل نفسه‪ ،‬وأن تكون هلا الطبيب‬ ‫تكون طيّباً مع واحد مثل يهوذا‪ ،‬أن تعرف كيف ّ‬
‫والكاهن‪ ،‬إنّه ألمر صعب‪ .‬فيهوذا هو لكم األمثولة احليّة‪».‬‬

‫«لنا؟»‬

‫«نعم‪ ،‬أمثولة لكم‪ .‬فاملعلّم لن يبقى على األرض إىل األبد‪ .‬سوف َيضي بعد أن أيكل اخلبز‬
‫استمر‪ ...‬وجيب أن تُـ َعلِّّموا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األكثر صالبة ويشرب اخلمر األكثر لذعا‪ .‬إّّنا سوف تبقون لتجعلوين‬
‫حّت الرجوع األخري للمسيح ودينونة البشر‬ ‫سيستمر بعده‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أل ّن العامل لن ينتهي مع املعلّم‪ ،‬ولكنّه‬
‫لك إنّه مبقابل أمثال يوحنّا وبطرس ومسعان ويعقوب واندراوس وفليبّس‬ ‫العامة‪ .‬وابحلقيقة‪ ،‬أقول َ‬
‫ّ‬
‫األقل سبعة أضعاف أمثال يهوذا‪ .‬وأكثر‪ ،‬أكثر أيضاً!‪»...‬‬
‫وبرثلماوس وتوما‪ ،‬فهناك على ّ‬
‫الرعاة طيّبون‪ .‬يهوذا يهزأ هبم‪ ،‬إّّنا أان فأحبّهم‪».‬‬
‫يف ّكر مسعان ويصمت‪ .‬مثّ يقول‪ُّ « :‬‬
‫«وأان أحبّهم وأُثين عليهم‪».‬‬

‫إلرضائك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«إ ّن هلم نفوساً بسيطة‪ ،‬كما ينبغي أن يكونوا‬

‫«لقد عاش يهوذا يف املدينة‪».‬‬

‫لكن كثريين عاشوا يف املدينة‪ ،‬ومع ذلك‪ ...‬مّت ستأيت إىل بيت‬
‫«وهذا هو عذره الوحيد‪ .‬و ّ‬
‫صديقي؟»‬

‫مثلك‪».‬‬
‫أنت‪ ،‬أظنُّه رجالً مث ّقفاً وصاحب جتربة َ‬
‫بكل سرور‪ ،‬فنحن مبفردان‪ ،‬أان و َ‬
‫«غداً اي مسعان‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 357 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ثك‬ ‫ِّ‬
‫أود أن أسألك أمراً‪ :‬إذا مل ُُيَ ّد َ‬
‫«إنّه يعاين كثرياً‪ ...‬جبسده‪ ،‬وأكثر بكثري بقلبه‪ .‬اي معلّم‪ّ ...‬‬
‫أنت عن بيته‪».‬‬
‫عن أحزانه ومعاانته‪ ،‬فال تَ َسله َ‬
‫«لن أفعل‪ .‬أتيت ِّمن أجل الذين يتألّمون‪ ،‬ولكنّين ال أ ِّ‬
‫ُرغم أحداً على البوح‪ .‬فإ ّن للدموع‬ ‫ُ‬
‫ُحرمتها‪»...‬‬

‫دموعك‪ّ ...‬إال َّ‬


‫أن ما دفعين لذلك هو إحساسي ابلكثري من األمل‬ ‫َ‬ ‫قت ُحرمة‬
‫«وأان َخَر ُ‬
‫جتاهك‪»...‬‬
‫َ‬
‫صدر أملي ابألسم‪ .‬أان ال أزال كاهن جمهول ابلنسبة ملصدر أملي‬
‫رفت َم َ‬
‫أنت صديقي‪ ،‬وقد َع َ‬ ‫« َ‬
‫ألهنم‬
‫ندعن املضيفني ينتظرون ّ‬
‫ط الليل‪ .‬ال ّ‬ ‫ذاك‪َّ .‬إّنا حني يعرفين‪ ...‬حينئذ‪َّ ...‬إّنا ِّ‬
‫لنمض اآلن‪ ،‬فقد َهبَ َ‬
‫تَعِّبون‪ .‬غداً ِّمن الفجر سوف ّنضي إىل بيت عنيا‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 358 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -48‬أنتم كذلك‪ ،‬الصاحلون منكم ُهم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا)‬

‫‪1945 / 01 / 20‬‬

‫بعد الرؤاي السابقة يقول يسوع‪:‬‬

‫كيت ووجهي إىل األرض ِّمن أجل البشر! وأنتم‪ ،‬أنتم تريدون أن‬
‫«اي يوحنّا الصغري‪ ،‬كم مرة بَ ُ‬
‫مين؟‬
‫أقل ّ‬
‫تتألّموا وتعانوا ّ‬
‫حّت ابلنسبة لكم‪ ،‬فالصاحلون منكم ُهم يف احليّز الواقع ما بني الصاحلني ويهوذا‪ .‬ألنَّه كلّما كان‬
‫ّ‬
‫اإلنسان يريد أن يكون صاحلاً أكثر‪ ،‬فكلّما كان عليه أن يتأ ّمل أكثر‪ّ .‬أما أنتم‪ ،‬وأقول هذا بشكل خاص‬
‫الضروري أن تتث ّقفوا بدراسة‬
‫ّ‬ ‫للذين َستُناط هبم مسؤولية العناية الروحية ابلنفوس‪ ،‬أنتم الكهنة‪ ،‬فمن‬
‫التحمل تلك اليت‬
‫فكل منكم هو "بطرس"‪ ،‬وينبغي لكم أن حتلّوا وتربطوا‪ .‬ولكن أيّة قدرة على ُّ‬ ‫يهوذا‪ّ .‬‬
‫جيب أن تتحلوا هبا‪ ،‬كم جيب أن يكون احتادكم مع هللا صلباً‪ ،‬كم من اآلالم الفظيعة اليت عليكم أن‬
‫يتعني عليكم القيام هبا‪ِّ ،‬من أجل أن تكونوا‬‫تتحملوا‪ ،‬وكم من املقارانت مع أساليب معلّمكم اليت َّ‬ ‫َّ‬
‫كهنة حقيقيني‪ ،‬كما ينبغي أن تكونوا!‬

‫سوف يبدو للبعض أ ّن ما أسلّط الضوء عليه غري ذي نفع‪ ،‬بشرّايً‪ ،‬بل مستحيل‪ّ .‬إهنم أولئك‬
‫تعودوا إنكار األوجه اإلنسانيّة ِّمن حياة يسوع‪ ،‬وجيعلوين شيئاً خارجاً عن حياة البشر لدرجة‬ ‫الذين ّ‬
‫إهلي‪ .‬أين إذاً هي اإلنسانيّة كلّيّة القداسة؟ أين تضحية األقنوم الثاين املتأنّس؟‬
‫كبرية‪ ،‬شيئاً ليس سوى ّ‬
‫كنت أأت ّمل لرؤييت اخلائن وجاحد اجلميل‪.‬‬
‫كنت بشراً‪ ،‬ولذلك ُ‬ ‫كنت إنساانً بني الناس‪ُ .‬‬ ‫آه! ابحلقيقة كم ُ‬
‫كنت أرتَعِّش وأبكي‬
‫إيل‪ .‬ألجل ذلك ُ‬ ‫حبب الذين كانوا ُيبّونين‪ ،‬أو يهتدون ّ‬ ‫ُسعد ّ‬ ‫كنت أ َ‬
‫وألجل هذا ُ‬
‫كنت أعلَم أنّين سأعيده إىل‬‫كيت أمام صديق ميّت‪ ،‬ولكنّين ُ‬ ‫شت وبَ ُ‬ ‫أمام جيفة يهوذا الروحيّة‪ .‬ارتَـ َع ُ‬
‫لست‬
‫كنت يف مواجهة مع الشيطان‪ .‬و ُ‬ ‫ُسعد لرؤيته بروحه يف اليمبوس‪ .‬هنا‪ ...‬هنا ُ‬ ‫كنت أ َ‬
‫احلياة‪ ،‬وقد ُ‬
‫أضيف شيئاً‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 359 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سمعون كلمة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أما أنت اي يوحنّاي فاتبعيين‪ .‬لنمنح العامل هذه النّعمة‪ .‬ومن مثّ‪ ...‬طوىب للذين يَ َ‬
‫ومن أجلهم سوف أكون بـََرَكة‪».‬‬ ‫هللا ويعملون هبا‪ .‬طوىب للذين يريدون أن يعرفوين ليحبوين‪ .‬ففيهم ِّ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 360 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -49‬لقاء يسوع مع لعازر يف بيت عنيا)‬

‫‪1945 / 01 / 21‬‬

‫وخَر َجت الشمس ِّمن خ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫ط األفق‪،‬‬ ‫صيفي نَِّّري ج ّداً‪ .‬بل أكثر من فجر‪ .‬فلقد ُولد النهار‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فجر‬
‫تبق عشبة ّإال وتتألأل بفعل قطرات النّدى‪َ .‬حت َسب‬
‫صعد ابستمرار‪ ،‬تبتسم لألرض البديعة‪ .‬فلم َ‬‫وهي تَ َ‬
‫وحّت احلصى‬ ‫ِّ‬
‫السوق كلّها واألوراق كلّها‪ .‬هذا ّ‬‫متحولة إىل ذهب وجواهر على ُّ‬
‫جنوم الليل قد نُثَرت ّ‬
‫كأهنا مسحوق ماس أو هباب ذهب‪.‬‬ ‫الصوان اجمللَّل ابلندى‪ ،‬تبدو و ّ‬
‫اليت تغطّي األرض‪ ،‬حيث بريق ّ‬
‫ئيسي ُم َش ِّّكلة معه حرف ‪.V‬‬
‫يسوع ومسعان يسريان عرب طريق صغرية متفرعة عن الشارع الر ّ‬
‫ينطَلِّقان صوب بساتني رائعة وحقول كتّان ابرتفاع اإلنسان‪ ،‬وقد حان وقت جنيها‪ .‬وحقول أخرى‬
‫أبعد منها ال تُبدي سوى امحرار خشخاش وسط اصفرار القمح‪.‬‬

‫«لقد أصبَحنا ضمن أمالك صديقي‪ ،‬أترى اي معلّمي؟ إ ّن املسافة مل تكن لتتجاوز أحكام‬
‫أخدعك‪ .‬خلف بستان الت ّفاح هذا تصوينة سور احلديقة‬
‫َ‬ ‫الشريعة‪ ،‬فأان مل أكن ألمسح لنفسي أبن‬
‫املدونة يف الشريعة‬ ‫َ ِّ ِّ‬
‫جعلتك تَصل من هذه الطريق املختصرة ابلذات ألحَتم احلدود ّ‬ ‫حيث املنزل‪ .‬لقد‬
‫ابلشكل األمثل‪».‬‬

‫ثري ج ّداً!»‬
‫صديقك ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«ج ّداً‪ ،‬ولكنّه غري سعيد‪ .‬لديه أمالك يف أماكن أخرى‪».‬‬

‫يسي؟»‬
‫«أهو ّفر ّ‬
‫ائيلي‬
‫ر‬ ‫إس‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫لك‬ ‫قلت‬ ‫لقد‬ ‫يعة‪.‬‬
‫ر‬ ‫للش‬ ‫د‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫متش‬ ‫ب‬‫«أبوه مل يكن كذلك‪ .‬أما هو‪ ...‬فإنّه مراقِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حقيقي‪».‬‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 361 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بين‪ ،‬خلفه أشجار وأشجار ال يكاد يرى البيت من‬ ‫ِّ‬
‫يُتابعان السري قليالً‪ ،‬مثّ ها هو جدار َم ّ‬
‫خالهلا‪ .‬األرض هنا مرتفعة قليالً‪ ،‬ليس كثرياً لتسمح برؤية احلديقة اجلميلة لدرجة أنّه جيدر بنا ابألحرى‬
‫أن نُطلِّق عليها اسم منتزه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫يستمر ابالرتفاع ذاته‪ ،‬وقد تَ َدلَّت من ّ‬
‫قمته أغصان مغطّاة ابلورود‬ ‫ّ‬ ‫دوران مع زاوية اجلدار الذي‬ ‫يَ َ‬
‫ظهر ّبوابة ثقيلة ِّمن احلديد املشغول‪.‬‬
‫الفواح والرائع مع التوجيات اليت تَـبَـلَّلَت ابلندى‪ .‬مثّ تَ َ‬ ‫واليامسني ّ‬
‫دق مسعان مبطرقة الباب الربونزيّة الثقيلة‪.‬‬
‫يَ ّ‬

‫يعَتض يسوع‪« :‬ما يزال الوقت ابكراً ج ّداً للدخول اي مسعان‪».‬‬

‫«آه! إ ّن صديقي يستيقظ مع الشمس‪ ،‬ألنّه ال جيد متعة ّإال يف بستانه ووسط ُكتُبه‪ .‬فالليل‪،‬‬
‫فرحك‪».‬‬
‫تتأخر اي معلّم مبنحه َ‬
‫مربح‪ .‬ال ّ‬
‫ابلنسبة له عذاب ّ‬
‫يَفتَح خادم البوابة‪.‬‬

‫مك أ ّن مسعان الغيور قد جاء مع صديقه‪».‬‬ ‫«سالماً اي عزيو ‪ِّ .Aseo‬‬


‫أخرب معلّ َ‬

‫تفضال ابلدخول‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ِّ‬


‫لهما وهو يقول‪« :‬خادم ُكما ُييّي ُكما‪ّ .‬‬
‫أدخ ُ‬
‫َيضي اخلادم مسرعاً بعد أن َ‬
‫بيت لعازر مفتوح لألصدقاء‪».‬‬

‫ممر يتّجه صوب عريشة‬


‫ابجتاه ّ‬
‫ئيسي‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫املمر الر ّ‬
‫ابجتاه ّ‬
‫مسعان املعتاد على املكان يَدور‪ ،‬ليس ّ‬
‫ايمسني عرب شريط من شجريات الورد‪.‬‬
‫بعدها بقليل يتقدَّم لعازر خارجاً ِّمن حتت عريشة مظلّلة‪ ،‬إنَّه هزيل ِّ‬
‫وشاحب‪ ،‬طويل القامة‪.‬‬
‫كنت أراه دائماً ِّمن قَبل‪ ،‬بشـعره ال َقصري‪ ،‬قليل الكثـافة ودون تقصيبات‪ .‬مع حلية خفيفة منتشرة‬
‫مثلما ُ‬
‫أسفل الذقن‪ .‬يرتدي كتاانً انصع البياض‪َ ،‬يشي بصعوبة كمن يتأ ّمل من ساقيه‪ .‬عندما ي ِّ‬
‫شاهد مسعان‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حّت األرض لتقبيل‬
‫ابجتاه يسوع وجيثو مع احنناءة ّ‬‫يُ َسلِّّم عليه حبرارة‪ ،‬مثّ‪ ،‬على قدر استطاعته‪ ،‬جيري ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 362 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قداستك قد تَـنَ َازلَت إىل بؤسي‪،‬‬
‫َ‬ ‫الش َـرف‪ .‬ولكن مبـا أ ّن‬
‫ـت أهالً ملثل هذا َّ‬
‫طـرف ثوبـه وهو يقـول‪« :‬لس ُ‬
‫تفضل وادخل وُكن السيّد يف منزيل الفقري‪».‬‬
‫هلم اي سيّدي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫معك‪».‬‬
‫«اهنض اي صديقي‪ ،‬وليكن سالمي َ‬

‫ينهض لعازر‪ ،‬ويـُ َقبِّّل يدي يسوع‪ ،‬وينظر إليه إبجالل ال َيلو من فضول‪ .‬ويدخلون إىل البيت‪.‬‬

‫كل مساء‬ ‫«كم انتظر َ ِّ‬


‫كنت أقول‪" :‬اليوم سيأيت"‪ ،‬و ّ‬
‫كل صباح‪ ،‬عند الفجر‪ُ ،‬‬
‫تك بلَه َفة اي معلّم! ّ‬
‫كنت أقول‪" :‬اليوم أيضاً مل ِّ‬
‫أيت!"»‬ ‫ُ‬
‫بكل هذه اللَّهفة؟»‬
‫كنت تنتظرين ّ‬
‫«ملاذا َ‬
‫أنت؟»‬
‫«أل ّن‪َ ...‬من تَراان ننتظر حنن‪ ،‬حنن اإلسرائيليّني‪ ،‬إن مل تكن َ‬
‫«أ َوتؤمن أنّين أان ال ُـمنتَظَر؟»‬

‫فالسن‬
‫ّ‬ ‫يتحمس لسحاابت كاذبة‪.‬‬ ‫ط‪ ،‬وهو ليس ذاك الولد الذي ّ‬ ‫علي مسعان ق ّ‬ ‫«مل يكذب ّ‬
‫أفعالك‬
‫َ‬ ‫كيانك‪ ،‬لكانت‬
‫تعرف عليك حبقيقة َ‬ ‫حّت ولو مل يكن قد ّ‬‫أنض َجاه مثل حكيم‪ .‬ومثّ‪ّ ...‬‬ ‫واملعاانة َ‬
‫أنت تفعلها‪ .‬وتفعلها‬
‫تك "ق ّديساً"‪ .‬فَ َمن يفعل أفعال هللا جيب أن يكون َر ُجل هللا‪ .‬و َ‬
‫عنك وأعلَنَ َ‬
‫حتدثَت َ‬‫َّ‬
‫كمجـتَـرِّح للمعجزات‪،‬‬ ‫تك ُ‬
‫تعلنك َر ُجل هللا‪ .‬وهو‪ ،‬صديقي‪ ،‬قد أتى إليك منجذابً بشهر َ‬ ‫ابلطريقة اليت َ‬
‫يقك ممهورة مبعجزات أخرى كثرية‪ .‬ملاذا ال أؤمن إذاً أنَّ َ‬
‫ك ال ُـمنتَظَر؟‬ ‫ص َل على املعجزة‪ .‬وأَعلَم أ ّن طر َ‬
‫وح َ‬
‫َ‬
‫َّظاهر أبنّنا نؤمن‬
‫آه! كم هو عذب اإلَيان مبا هو صاحل! كثرية هي األشياء غري الصاحلة اليت نُضطَّر للت ُ‬
‫أي شيء فيها؛ كثرية هي الكلمات اخلَدَّاعة اليت‬ ‫ّأهنا صاحلة‪ ،‬حبّاً ابلسالم‪ ،‬لعدم قدرتنا على تغيري ّ‬
‫الع َسل‪ ،‬نُضطَّر‬ ‫ِّ‬
‫وس ّم يـُغَلّفه َ‬
‫تبدو إطراءات ومتجيداً ولطفاً‪ ،‬بينما هي على عكس ذلك‪ :‬هت ّكم وشتيمة ُ‬
‫أبهنا ُس ّم وهت ّكم وشتيمة‪ ...‬نُضطَّر إىل ذلك‪ ،‬ألنّنا غري قادرين على‬ ‫َّظاهر أبنّنا نؤمن هبا مع عِّلمنا ّ‬
‫للت ُ‬
‫وسلطان‪ ،‬وحنن وحدان ُجنابه عاملاً أبكمله‪،‬‬ ‫فعل غري ذلك وحنن ضعفاء يف مواجهة عامل كامل ذي قُدرة ُ‬
‫هو مبثابة العدو لنا‪ ...‬فلماذا جعِّل اإلَيان مبا هو صاحل صعباً؟ ومن جهة أخرى‪ ،‬فلقد بـلَغَت ِّ‬
‫األزمنة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 363 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األزمنة موجودة‪ .‬وما يَن َقص لتأكيد إَياننا ووضعه يف مأمن ِّمن ّ‬
‫الشك‪َ ،‬منوط‬ ‫ِّمألها‪ ،‬ودالئل ِّملء ِّ‬
‫إبرادتنا ابإلَيان‪ ،‬وبطمأنة قلبنا يف اليقني أب ّن االنتظار قد انتهى‪ ،‬وأ ّن ال ُـم َخلِّّص هنا‪ ،‬ماسيا موجود‪...‬‬
‫وهو الذي سوف يُعيد السالم إلسرائيل وألبناء إسرائيل‪ .‬هو الذي‪َ ...‬ينحنا أن ّنوت بسكون‪ ،‬جبعلنا‬
‫نَعلَم أبنّنا قد افتُدينا‪ ،‬وأن جيعلنا نعيش دون هذا اهلاجس احلزين ابلنسبة ملواتان‪ ...‬آه! األموات! ملاذا‬
‫نبكيهم إن مل يكن أل ّهنم‪ ،‬إذ مل يعد لديهم أبناؤهم‪ ،‬فليس هلم أيضاً األب وهللا؟»‬

‫الدك؟»‬
‫«هل مضى وقت طويل على وفاة و َ‬

‫«ثالث سـنوات‪ ،‬وسـبع سـنوات على وفـاة والديت‪ّ ...‬إال أنّين مل أعـد أبكيهم منذ بعض الوقت‪...‬‬
‫أمتىن أن يكونوا يف انتظار السماء‪».‬‬ ‫فأان أيضاً أتخذين الرغبة أبن أكون حيث ّ‬
‫يلك‪».‬‬
‫ضيفك ونز َ‬
‫َ‬ ‫حينذاك لن يكون ماسيا‬
‫َ‬ ‫«‬

‫فعم‬
‫عليك‪ ...‬وقليب‪ ،‬هبذا الفرح‪ُ ،‬م َ‬
‫«هذا صحيح‪ .‬فاآلن أان أوفر حظاً منهم ألنّين حاصل َ‬
‫لك‪ .‬اليوم السبت‪ ،‬ولن أستطيع‬‫وهب يل شرف أن أجعل من منزيل منزالً َ‬‫ابلسكون‪ .‬ادخل اي معلّم‪َ ،‬‬
‫شرفك‪»...‬‬
‫دعوة األصدقاء على َ‬

‫لست أرغب يف ذلك‪ .‬فأان اليوم بكليّيت ملن هو صديق مسعان وصديقي‪».‬‬
‫« ُ‬

‫يَلِّجون غرفة مجيلة‪ ،‬اخلُدَّام فيها مستع ّدون الستقباهلم‪ .‬يقول لعازر‪َ « :‬‬
‫أرجوك أن تتبعهم‪.‬‬
‫وَيكنكما‪ ،‬يف البدء‪ ،‬استعادة قواكما بتناول الفطور‪ ».‬وبينما َيضي يسوع ومسعان إىل مكان آخر‪،‬‬
‫السادة…‬
‫ثري‪ ،‬وهو يعود ألحد َّ‬ ‫للخدَّام‪ .‬أ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُدرك أن املنزل ّ‬ ‫يُصدر لعازر أوامره ُ‬
‫قطعي‪ ،‬أن يَسقيه ّإايه بيده‪ ،‬قبل اجللوس‬ ‫وبشكل‬ ‫لعازر‪،‬‬ ‫ر‬ ‫يشرب يسوع ِّمن احلليب الذي ي ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫لتناول الفطور‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 364 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املؤهل ألن يشَتي‬
‫الر ُجل ّ‬
‫وجدت َّ‬
‫ُ‬ ‫ظت أن لعازر يلتفت صوب مسعان ويقول له‪« :‬لقد‬ ‫الح ُ‬‫َ‬
‫كيلك) متاماً‪ ،‬ال ينقص درامخا واحدة‪».‬‬
‫دك (و َ‬
‫َّده ُمعتَ َم َ‬
‫أمالكك‪ ،‬وابلسعر الذي َحد َ‬
‫َ‬
‫«إّّنا هل هو ر ٍ‬
‫اض بشروطي؟»‬

‫«نعم‪ ،‬لقد قَبِّل هبا كلّها‪ ،‬لكي َيتلك هذه األراضي‪ ،‬وأان مسرور؛ إذ‪ ،‬على األقل‪ِّ ،‬‬
‫أعرف َمن‬ ‫َ‬
‫ضر البيع‪ ،‬كذلك هو يريد أن يَب َقى جمهوالً‬ ‫سوف يكون جاري‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فكما أنَّ َ‬
‫ك تريد ّأال َحت ُ‬
‫أرجوك املوافقة على حتقيق رغبته‪».‬‬
‫إليك‪َ .‬‬
‫ابلنسبة َ‬

‫كل ما سوف تفعله سيكون‬ ‫أنت صديقي‪ ،‬وسوف تنوب عين‪ ...‬و ّ‬ ‫مربراً العَتاضي‪َ .‬‬ ‫«ال أجد ّ‬
‫خادمي األمني يف الشارع‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬إنّين أبيع‪ ،‬وحسب تقديري‪ ،‬فأان سعيد‬ ‫حسناً‪ .‬يكفي ّأال يرمى ِّ‬
‫َُ‬
‫خادم ُم ِّس ّن وأمني‪ ،‬هو الوحيد الذي بَِّق َي‬
‫أبن ال أعود أملك أي شيء يربطين بغري خدمتك‪ .‬إّّنا لدي ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لك سابقاً‪ ،‬كان يساعدين ابستمرار أثناء إبعادي عن اجملتمع‪ .‬ولقد اعتىن‬ ‫قلت َ‬‫يل بعد شقائي‪ .‬كما ُ‬
‫اخلاصة‪ ،‬وذلك أبن َج َعلَها‪ ،‬بفضل لعازر‪ ،‬تؤول إليه‪ ،‬حلماييت وأتمني‬‫أبمالكي كما لو كانت أمالكه ّ‬
‫رت أن تؤول‬ ‫فقر ُ‬
‫احتياجايت‪ ،‬منها‪ .‬واآلن وقد أضحى عجوزاً‪ ،‬فليس من العدل أن أتركه بال مأوى‪ّ ،‬‬
‫ملكيّة بيت صغري على حدود األمالك إليه‪ ،‬مع قسم من قيمة بقية األمالك‪ ،‬لقضاء حاجاته مستقبالً‪.‬‬
‫السن‪ ،‬كما تعلم‪ُ ،‬هم مثل اللبالب‪ ،‬إذا ما عاشوا م ّدة طويلة يف مكان‪ ،‬فإ ّهنم يتألّمون‬
‫فالذين يتق ّدم هبم ّ‬
‫ويعانون كثرياً ِّمن انتزاعهم منه‪ .‬ولقد كان لعازر يريد أن أيخذه عنده‪ ،‬أل ّن لعازر رجل طيّب‪ّ .‬إال أنّين‬
‫أقل‪»...‬‬
‫التصرف هكذا‪ .‬فبهذا الشكل تكون معاانة خادمي العجوز ّ‬ ‫َّلت ّ‬ ‫فَض ُ‬
‫ثلك‪ ،‬لكانت‬ ‫ِّ‬
‫أنت أيضاً طيّب اي مسعان‪ ،‬ولو كان هناك الكثري من املستقيمني م َ‬
‫يـُ َعلّق يسوع‪َ « :‬‬
‫رساليت أكثر سهولة‪»...‬‬

‫فيسأل لعازر‪« :‬أجتد العامل َحروانً اي معلّم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 365 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت‬
‫«العامل؟‪ ...‬ال‪ .‬بل ّقوة العامل‪ :‬الشيطان‪ .‬لو مل يكن هو سيّد القلوب‪ ،‬ومل يكن َيلكها‪ ،‬ملا ُ‬
‫كل واحد ألضع فيه اخلري‪...‬‬ ‫يف‬ ‫الشر‬ ‫على‬ ‫ر‬ ‫لَقيت مقاومة‪ .‬ولكن الشر ض ّد اخلري‪ ،‬وجيب أن أنتَ ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وليس اجلميع يريدون ذلك‪»...‬‬

‫« ّإهنا احلقيقة‪ .‬ليس اجلميع يريدون ذلك! اي معلّم‪ :‬ما هي الكلمات اليت َِّجتدها للخاطئ كي‬
‫لك؟ أهي أَ َكلِّمات أتنيب قاس مثل تلك اليت متأل اتريخ إسرائيل جتاه اخلطأة‪ ،‬واليت‬
‫ضع َ‬‫وَي َ‬
‫يتوب َ‬
‫استخد َمها هو السابق‪ ،‬أم هي كلمات رمحة؟»‬
‫َ‬ ‫كان ِّ‬
‫آخر َمن‬

‫ب هلا أتثري أقوى كثرياً‪،‬‬ ‫ح‬ ‫نظرة‬ ‫ن‬


‫ّ‬ ‫أ‬ ‫لعازر‪،‬‬ ‫اي‬ ‫ق‪،‬‬‫«بل أَجعل احلب والرمحة يفعالن فِّعلهما‪ .‬ثِّ‬
‫ُ ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫على َمن َزَّل‪ِّ ،‬من اللعنة‪».‬‬

‫احلب ُحمتَـ َقراً؟»‬


‫«وإذا كان ّ‬
‫«اإلصرار أيضاً وأيضاً‪ .‬اإلصرار إىل أقصى ح ّد‪ .‬اي لعازر هل تعرف تلك األراضي اليت تنتشر‬
‫الرمال املتحركة اليت تبتلع ال ُـمتغافِّلِّني؟»‬
‫فيها ِّّ‬

‫أعرفها ِّمن خالل مطالعايت ‪-‬فـفي حاليت الصحيّة هذه أقرأ كثرياً وبشغف لتمضية ساعات‬
‫«نعم‪ِّ ،‬‬
‫األرق الطويلة‪ -‬أَعلَم بوجود بعضها يف سورية ويف مصر وأخرى قرب بالد الكلدانيّني‪ ،‬وأعرف أ ّهنا‬
‫متتصه‪ .‬يقول أحد الرومانيّني ّإهنا أفواه اجلحيم‪ ،‬تسكنها وحوش‬ ‫ِّ‬
‫عمل كالـمح َجم‪ .‬عندما يقع فيها املرء ّ‬
‫تَ َ‬
‫كافرة‪ .‬هل هذا صحيح؟»‬

‫خاصة من الَتبة األرضيّة‪ .‬وال عالقة لألوملب (آهلة إغريقية)‬


‫«ليس هذا صحيحاً‪ .‬إ ّهنا تشكيالت ّ‬
‫هبا‪ .‬سوف يتوقّف اإلَيان ابألوملب وتبقى هذه األراضي‪َ .‬يكن لتَطَُّور اإلنسان أن يُعطي تفسرياً‬
‫لك‪ :‬مثلما َعَرفتَها من‬
‫للح َدث أكثر ُمطابـَ َقة للحقيقة‪ ،‬ولكنّه ال يستطيع جعلها تتالشى؛ واآلن أقول َ‬
‫َ‬
‫استطعت كذلك قراءة كيف َيكن إنقاذ الذين يَسقطون فيها‪».‬‬
‫َ‬ ‫مطالعاتك فقد‬
‫َ‬ ‫خالل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 366 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت مع غصن‪ .‬آنئذ تكفي هذه النجدة‬ ‫«نعم‪ .‬بواسطة حبل يرمى إليهم مع عصا طويلة‪ ،‬أو ّ‬
‫ليتحرر‪ ،‬ويبقى مطمئنّاً هادائً دون‬
‫البسيطة لتم ّد الذي يغوص يف الرمل ابلقليل من العون الالزم له ّ‬
‫ختبّط ريثما تصل النجدة األكثر جناعة وفاعلية‪».‬‬

‫َّاعة‪ ،‬حيث السطح مغطّى ابلورود‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫«إذاً فاخلاطئ هو ذاك الذي تَـَرَك ذاته ملكاً لألرض اخلَد َ‬
‫ّأما حتتها فوحل ُمتَ َحِّّرك‪ .‬هل تعتقد أنّه لو كان أحد يعرف ماذا يعين أن يضع ذرة واحدة ِّمن كيانه‬
‫الشر‪،‬‬
‫وسم ّ‬ ‫حتت سلطان الشيطان‪ ،‬أكان يفعلها؟ ولكنّه ال يعرف‪ ...‬وبعدها‪ّ ...‬إما أن يُ َش ّل خبدر ّ‬
‫وُي ِّدث‬
‫وإما أن ُجي ّن‪ ،‬ولكي يهرب من أتنيب الضمري لضياعه‪ ،‬يتخبّط‪ ،‬ويغوص يف محأة أخرى‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫احلب هو هذا احلبل‪ ،‬املرس‪ ،‬الغُصن‬ ‫ضياعه‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ل‬ ‫موجات متحركة ثقيلة حبركته غري الواعية‪ ،‬وهذه تُـع ِّ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫غفرة‪ ...‬مساحمة عظيمة عن‬ ‫دركها‪َ ...‬كلِّمة‪ ...‬عفو وم ِّ‬
‫الذي تتكلّم عنه‪ .‬اإلصرار‪ ،‬اإلصرار‪ ...‬إىل أن يُ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اخلطيئة‪ ...‬هذا فقط إليقاف اهلبوط وانتظار جندة هللا‪ ...‬اي لعازر‪ ،‬هل تعرف مدى مقدرة املغفرة؟‬
‫ّإهنا َجتلب هللا إىل معونة ال ُـم ِّنقذ‪ ...‬أتقرأ كثرياً؟»‬

‫كنت أفعل حسناً‪ .‬إّّنا املرض‪ ...‬وأشياء أخرى َحَرَمتين ِّمن إشباع‬
‫لست أدري إذا ما ُ‬ ‫«كثرياً‪ُ ،‬‬
‫الكثري من الرغبات اإلنسانيّة‪ ...‬واآلن ليس يل هواية سوى الزهور وال ُكتُب‪ ...‬املزروعات وكذلك‬
‫كشف عن ساقيه‬ ‫اخليل‪ ...‬أعرف أنّين أُنت َقد‪ .‬ولكن كيف َيكنين الذهاب إىل أراضي هبذه احلال (وي ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫علي استعمال عربة‪ ،‬وسريعة أيضاً‪ .‬من أجل‬ ‫ِّ‬
‫املتضخمتني واملعصوبتني‪َ ).‬أمشياً أم على ظَهر بغل؟ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫شر‪ ...‬فسأبيعها‪».‬‬ ‫لت يل إ ّن هذا ّ‬ ‫يت اخليل وتعلَّ ُ‬
‫قت هبا‪ ،‬أُقّر بذلك‪ .‬إّّنا لو قُ َ‬ ‫ذلك اشَت ُ‬
‫فسد‪ .‬ما ي ِّ‬
‫فسد إّّنا هو ما جيعل الروح تضطرب‬ ‫«ال اي لعازر‪ ،‬ليست هذه األمور هي اليت تُ ِّ‬
‫ُ‬
‫ويُبعِّدها عن هللا‪».‬‬

‫ب املعرفة‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫َقرأ كثرياً‪ .‬ليس يل سلوى سوى ذلك‪ .‬أُح ّ‬ ‫أود معرفته‪ .‬أ َ‬‫كنت ّ‬
‫«هو ذا‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬أَمر ُ‬
‫الشر‪ ،‬والقراءة أفضل ِّمن‪ِّ ...‬من فعل أشياء أخرى‪.‬‬ ‫عل‬ ‫أعتقد أنّه‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬التث ّقف أفضل كثرياً من فِّ‬
‫ّ‬
‫أحب كذلك معرفة عا َمل اآلخرين‪ .‬تستهويين روما وأثينا‪ .‬إنَّين اآلن‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫تنا‬‫تااب‬‫ولكنّين لست أَقرأ كِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 367 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الشر الذي أصاب إسرائيل عندما أُفسد بفعل اآلشوريني واملصريني‪ ،‬ومدى الضرر‬ ‫أُدرك متاماً مقدار ّ‬
‫لست أدري إذا ما أم َك َن لشخصيّة متميّزة إحلاق ضرر‬ ‫ِّ‬
‫الذي اُحلق بنا بفعل احلكومات اهللنستية‪ُ .‬‬
‫أنت‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫أود لو تُـ َعلّمين َ‬
‫أيك بذلك؟ ّ‬
‫أنت‪ ،‬فما ر َ‬‫بنفسها أكثر ممّا أحلََقه يهوذا بنفسه وبنا حنن أبناءه‪ .‬إّّنا َ‬
‫اإلهلي‪».‬‬‫و‬ ‫احلكمة‬ ‫ة‪،‬‬ ‫م‬ ‫أنت اي من لست رايب وحسب‪ ،‬ولكنّك ال َكلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يَنظُر إليه يسوع لدقائق إبمعان‪ ،‬نظرة خارقة‪ ،‬ويف الوقت ذاته بعيدة‪ .‬يبدو أنّه من خالل جسد‬
‫يتفحص قلبه‪ ،‬وبذهابه إىل أبعد من ذلك أيضاً يرى مدى املعرفة‪...‬أخرياً يتكلّم‪« :‬هل َختتَِّرب‬ ‫لعازر ّ‬
‫قرأ؟ هل هذا يُبعِّ َ‬
‫دك عن هللا وشريعته؟»‬ ‫اضطراابً من خالل ما تَ َ‬
‫أأتمل يف‬ ‫ِّ‬
‫الوثَن‪ .‬أُجاهبها و ّ‬‫«ال اي معلّم‪ .‬بل على العكس‪ ،‬هذا يدفعين إىل مقارنة حقيقتنا بزيف َ‬
‫لس َفتنا‪ ،‬إذا‬ ‫ِّ‬
‫أجماد إسرائيل‪ ،‬بـََرَرته واألحبار واألنبياء‪ ،‬وابلوجوه ال ُـم َبه َمة يف القصص الغريبة‪ .‬أُقارن فَ َ‬
‫أمكننا إطالق هذا االسم على احلِّكمة اليت تَنطق هبا النصوص املق ّدسة‪ ،‬مع فلسفة اليوانن والرومان‬
‫لمع‪ ،‬واليت إّّنا‬ ‫ِّ‬
‫الفقرية‪ ،‬حيث توجد شرارات‪ ،‬ولكنّها ال ترتقي إىل مرتبة الشعلة‪ ،‬الشعلة اليت تلتَهب وتَ َ‬
‫هي يف أسفار حكمائنا‪ .‬وبعدئذ‪ ،‬أبكثر إجالالً‪ ،‬أحنين ابلروح ألعبُد إهلنا الذي يتكلّم إبسرائيل بواسطة‬
‫أفعال وأشخاص وكتاابتنا‪».‬‬

‫َيكنك املتابعة‪ .‬فليس‬


‫َ‬ ‫الوثين‪ ...‬اتبع‪.‬‬
‫يفيدك يف معرفة العامل ّ‬‫«إذاً َاتبِّع القراءة‪ ...‬فذلك سوف َ‬
‫لديك‬
‫احلقيقي الذي َ‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫الشر ومفسدة الروح‪ .‬تستطيع إذاً القراءة وبدون خوف‪ّ .‬‬ ‫لديك مخرية ّ‬ ‫َ‬
‫كل أفعال اإلنسان هناك‬ ‫يف‬ ‫عقيمة‪.‬‬ ‫إليك‬
‫َ‬ ‫لها‬ ‫إلهلك جيعل البِّذار الدنيوية اليت َيكن للقراءة أن تُ ِّ‬
‫دخ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلب ليس خطيئة‪ ،‬إذا ما أَحبَبنا بقداسة‪ .‬العمل‬ ‫تتم هبا‪ّ .‬‬ ‫شر حسب الطريقة اليت ّ‬ ‫إمكانيّة خري أو ّ‬
‫ليس خبطيئة‪ ،‬إذا ما َع ِّملنا حينما ينبغي العمل‪ .‬الربح ليس خطيئة إذا ما اكتفينا ابلربح احلالل الشريف‪.‬‬
‫التث ّقف ليس خطيئة إذا كنا‪ ،‬ابلثقافة‪ ،‬ال نَقتُل فينا فكرة هللا‪ .‬بينما خدمة اهليكل ذاهتا خطيئة‪ ،‬إذا ما‬
‫أنت ُمقتَنِّع اي لعازر؟»‬
‫متّ القيام هبا للمنفعة الشخصيّة‪ .‬هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 368 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حت هذه األسئلة ذاهتا على آخرين كثريين‪ ،‬ولكنّهم انتَهوا ابحتقاري‪...‬‬ ‫«نعم اي معلّم‪ .‬لقد طََر ُ‬
‫هلم اي معلّم‪ .‬بني اليامسني‬ ‫!‪..‬‬ ‫يسمعك‬ ‫ه‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫العامل‬ ‫كان‬ ‫لو‬ ‫آه!‬ ‫السالم‪.‬‬
‫و‬ ‫النور‬ ‫بين‬‫إّّنا أنت‪ ،‬فإنَّك َهتِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫توجد ظالل وسكون‪ .‬وممتعة هي االسَتاحة يف ظالهلا النديّة يف انتظار املساء‪».‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫ََي ُرجون‪ .‬وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 369 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -50‬يسوع يعود إىل أورشليم‪ .‬االسخريوطي يتحدث يف اهليكل‪ .‬الذهاب إىل اجلسمانية)‬

‫‪1945 / 01 / 22‬‬

‫جتمع الباعة واحلمري الذي يشبه التطواف يف‬


‫يسوع ومسعان يف أورشليم‪ .‬يش ّقان طريقهما وسط ّ‬
‫الشارع‪ ،‬ويف هذه األثناء يقول يسوع‪« :‬فلنصعد إىل اهليكل قبل ذهابنا إىل اجلسمانيّة‪ .‬سوف نصلّي‬
‫إىل اآلب يف بيته‪».‬‬

‫«هذا فقط‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫«فقط هذا‪ .‬ال َيكن البقاء أكثر‪ .‬فعند الفجر موعدان عند ابب السمك‪ ،‬وإذا ما استبقاين‬
‫الرعاة اآلخرين‪ ،‬لقد َوَّزعتُهم‪ ،‬أولئك‬‫اجلميع‪ ،‬فكيف تكون يل حريّة الذهاب إىل هناك؟ أريد رؤية ُّ‬
‫األقل‪،‬‬ ‫لى‬ ‫ع‬ ‫ابالسم‬ ‫القطيع‪،‬‬ ‫م‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫مع‬ ‫ف‬‫عر‬ ‫ي‬ ‫لكي‬ ‫و‬ ‫عاج‪،‬‬‫الرعاة احلقيقيني‪ ،‬عرب فلسطني كي َجيمعوا النِّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫إيل ملالطفتها‪».‬‬
‫أين معلّم القطيع‪ ،‬وأتيت ّ‬
‫أتفوه هبذا االسم‪ّ ،‬‬
‫بشكل جيعلها تعرف‪ ،‬حني ّ‬
‫ك النِّّعاج‪».‬‬
‫مثلك‪ .‬ولسوف حتبّ َ‬
‫«إنّه ملمتع أن يكون للمرء معلّم َ‬
‫الكباش‪ ...‬بعد رؤية يوان سوف نذهب إىل الناصرة‪ ،‬مثّ إىل كفرانحوم‪.‬‬ ‫«النِّّعاج‪ ...‬إّّنا ليس ِّ‬
‫فسمعان بطرس واآلخرون يعانون من هذا الغياب الطويل‪ ...‬سوف نذهب لنفرحهم ونفرح أنفسنا‪.‬‬
‫أن موسم الصيف يفرض علينا فعل ذلك‪ .‬فأولئك الذين يبغون معرفة احلقيقة اليت تريح‬ ‫ابإلضافة إىل َّ‬
‫النفوس قليلون جداً‪ ،‬فاإلنسـان‪ ...‬آه! اإلنسـان! إنّه ينسى كثرياً أ ّن لـه نفسـاً‪ ،‬وهو ال يهتم وال يف ّكر‬
‫ّإال ابجلسد‪ ،‬وال يعتين ّإال به‪ .‬يف الليل يريدون فقط إراحة أجسادهم‪َّ ،‬أما أثناء النهار‪ ،‬فالشمس احلارقة‬
‫يدب يف األرواح كما يف‬
‫تعيق السفر وحتول دون التعليم يف الساحات ويف الطرقات‪ّ .‬إهنا جتعل النعاس ّ‬
‫فلنمض لتعليم تالميذي‪ ،‬هناك يف اجلليل املمتع‪ ،‬الغين ابحلقول اخلضراء واملياه‬ ‫ِّ‬ ‫األجساد‪ .‬لذا‪...‬‬
‫املنعشة‪ .‬أمل تذهب إىل هناك أبداً؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 370 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مرة واحدة‪ ،‬مروراً عابراً‪ ،‬ويف الشتاء‪ ،‬يف واحدة من تن ّقاليت الشاقة من طبيب آلخر‪ .‬لقد‬
‫«ّ‬
‫أعجبت به‪»...‬‬
‫ُ‬
‫«آه! إنّه مجيل! دائماً‪ .‬مجيل هو يف الشتاء‪ ،‬وأكثر منه أيضاً يف الفصول األخرى‪ .‬اآلن‪ ،‬يف‬
‫كأهنا ُجعِّلَت لتنتشر فيها حتليقات املالئكة‪ ،‬لعظم درجة‬ ‫الصيف‪ ،‬أمسياته مالئكيّة‪ ...‬نعم‪ ،‬تبدو و ّ‬
‫نقائها‪ .‬والبحرية‪ ...‬البحرية ضمن اإلطار احمليط هبا من اجلبال الدانية منها كثرياً أو قليالً‪ ،‬تبدو وكأ ّهنا‬
‫ُجعِّلَت متاماً لتتح ّدث عن هللا إىل النفوس اليت تبحث عن هللا‪ّ .‬إهنا قطعة من السماء هبطت وسط‬
‫اخلضرة‪ ،‬والقبّة الزرقاء ال تَتكها أبداً‪ ،‬بل هي تتملّى برؤية نفسها فيها مع جنومها‪ ،‬حيث يتضاعف‬
‫كأهنا هتديها للخالق‪ُ ،‬منَ َّس َقة على طبق من ايقوت‪ .‬أشجار الزيتون تكاد تنزل إىل املاء وقد‬ ‫عددها‪ ...‬و ّ‬
‫نشد تسبيحها للخالق الذي َج َعلَها حتيا يف هذا املكان‬ ‫س َكنَت أغصاهنا طيور العندليب‪ .‬وهي أيضاً تُ ِّ‬
‫َ‬
‫املمتع واهلادئ للغاية‪.‬‬

‫بلديت الناصرة! َهتِّب ذاهتا لقبلة الشمس‪ ،‬بيضاء وخضراء ابلكامل‪ ،‬مبتسمة بني العمالقني‪:‬‬
‫حرمون الكبري والصغري وقاعدة اجلبال اليت حتمل طابور‪ ،‬قاعدة السفوح الرائعة الكاملة االخضرار اليت‬
‫قمته‪.‬‬
‫نصب يف وجه الشمس طابورها املكتسي غالباً ابلثلج‪ ،‬إّّنا الرائع اجلمال عندما تغلّف الشمس ّ‬ ‫تَ ُ‬
‫ابلوردي‪ ،‬بينما يف اجلهة املقابلة‪ ،‬الكرمل‪ ،‬حيث الالزورد يف ساعات معيّنة‪،‬‬‫ّ‬ ‫آنذاك يصبح مرمراً ملوانً‬
‫عندما تكون الشمس ساطعة‪ ،‬وحيث الرخام واملياه والغاابت الصغرية واحلقول ترسم فيه عروقاً ابأللوان‬
‫زمرداً أزرق‪-‬بنفسجيّاً عند املساء‪ ،‬وكتلة واحدة من حجر كرمي‬ ‫املتع ّددة ومعشوقاً دقيقاً عند الصباح؛ مثّ ّ‬
‫السجادة اخلصبة‬
‫احللييب‪ .‬مثّ‪ ،‬يف األسفل‪ ،‬عند الظهرية‪ّ ،‬‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫الفض‬
‫ّ‬ ‫نوره‬ ‫لون‬ ‫يف‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫معت‬
‫ّ‬ ‫القمر‬ ‫ره‬ ‫عندما يُ ِّ‬
‫ظه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملزهرة من مرج ابن عامر‪.‬‬

‫وحب‬
‫ومثّ‪ ...‬ومثّ‪ ،‬آه! اي مسعان! هناك توجد زهرة! ّإهنا زهرة تعيش حياة عزلة ّفواحة ابلطهر ّ‬
‫تتعرف عليها اي مسعان‪ ،‬وسوف تقول يل إذا كان بني املخلوقات‬ ‫إهلها وابنها! هناك توجد ّأمي‪ .‬سوف ّ‬
‫حّت فيما يتعلّق ابلكياسة البشريّة على األرض‪ّ .‬إهنا مجيلة‪ ،‬إّّنا الذي ينبَعِّث من داخلها‬
‫مثيل هلا‪ّ .‬‬
‫متشردة‪،‬‬
‫وشوه وجهها‪ ،‬وجعلها ّ‬ ‫مزق أحدهم يتّسم ابلشراسة مالبسها‪َّ ،‬‬ ‫كل هذا اجلمال‪ .‬وإذا ما َّ‬
‫يفوق ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 371 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ملكي‪ ،‬فقداستها تعود فتُلبِّسها معطفاً من الروعة والبهاء‪.‬‬
‫كأهنا ملكة يف ثوب ّ‬ ‫فإهنا ستبقى تظهر و ّ‬ ‫ّ‬
‫حصلت عليها من أجل أن‬
‫ُ‬ ‫كل شيء‪ ،‬ألنّين‬ ‫كل أنواع الشرور‪ ،‬وأغفر لـه ّ‬
‫َيكن للعامل أن يقَتف حب ّقي ّ‬
‫آيت إىل العامل وأفتديه‪ّ .‬إهنا ملكة العامل العظيمة واملتواضعة‪ ،‬اليت جيهلها العامل‪ ،‬ولكنّه بواسطتها حصل‬
‫على اخلري وسيحصل عليه أكثر عرب العصور‪.‬‬

‫لك‪ ،‬إ ّن بيت هللا‬


‫ها حنن يف اهليكل‪ .‬فلنراقب صيغة العبادة اليهوديّة‪ ،‬إّّنا يف احلقيقة‪ ،‬أقول َ‬
‫احلقيقي‪ ،‬اتبوت العهد املق ّدس‪ ،‬هو قلبها‪ ،‬وحجابه جسدها الفائق الطهارة‪ ،‬حيث الفضائل تش ّكل‬ ‫ّ‬
‫أروع التوشيات‪».‬‬

‫دخالن ويتجاوزان ّأول مسطّح لسلّم‪ََ .‬يُّران عرب رواق متّجهني صوب مسطّح سلّم آخر‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬انظر هناك‪ ،‬يهوذا وسط جمموعة من الناس‪ .‬وكذلك هناك ّفريسيون وأعضاء من‬
‫اليهودي‪ .‬أان ذاهب ألمسع ما الذي يقوله‪ .‬هل أتذن يل؟»‬
‫ّ‬ ‫اجملمع‬

‫وسأنتظرك قُرب الرواق الكبري‪».‬‬


‫َ‬ ‫«اذهب‬

‫يذهب مسعان مسرعاً إىل املوقع وأيخذ مكاانً حبيث يَسمع وال يُرى…‬

‫هاهنا يوجد أشخاص تعرفوهنم مجيعاً وجتلّوهنم‪ ،‬وَيكنهم البوح‬ ‫يتح ّدث يهوذا بيقني عظيم‪ُ ...« :‬‬
‫األول‪ .‬كثريون‬
‫أتغري‪ .‬فأان ال ُـمفتَ َدى ّ‬
‫غريين‪ ،‬لقد َج َعلَين ّ‬
‫كنت عليه يف السابق‪ .‬إذاً‪ ،‬أقول لكم إنّه قد ََّ‬
‫مبا ُ‬
‫ويسميه‪" :‬الق ّديس املعادل إليليا يف رسالته‪ ،‬إّّنا أيضاً أعظم من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫منكم ُجيلّون املعمدان‪ .‬وهو أيضاً ُجيلّه ّ‬
‫قسم أنّه‪ ،‬بسبب قداسته‪،‬‬ ‫"محل هللا"‪ ،‬وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫يسميه املعمدان ََ‬‫إيليا"‪ .‬اآلن‪ ،‬إذا كان املعمدان هكذا‪ ،‬فالذي ّ‬
‫رآه مكلّالً بتاج من انر روح هللا‪ ،‬بينما صوت ِّمن السماء كان يعلنه‪" :‬ابن هللا احلبيب الواجب االستماع‬
‫لست َّ‬
‫مغفالً وال سا َذج‪ .‬إنّه هو‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫إليه"‪ ،‬فهذا ال َيكن أن يكون ّإال ماسيا‪ ...‬إنّه هو‪ .‬أُقسم لكم‪ .‬فأان ُ‬
‫ومسعت أقواله‪ ،‬وأقول لكم‪ :‬إنّه هو ماسيا‪ .‬املعجزة طيّعة له كطاعة العبد لسيّده‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أيت أفعاله‬
‫لقد ر ُ‬
‫تتغري أيضاً وأكثر من‬
‫وصحة‪ .‬والقلوب ّ‬ ‫حول إىل فرح ّ‬ ‫أمراض وبالاي تتالشى دون أن تَتك أثراً‪ ،‬بل تت ّ‬
‫ضعوهنا لـه؟ إذا كان لديكم ذلك‪ ،‬فتعالوا غداً‬ ‫ومآس ُخت ِّ‬
‫يف أان‪ .‬أليس لديكم مرضى ٍ‬ ‫اجلسد‪ .‬ترون ذلك ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 372 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عند الفجر إىل ابب السمك‪ .‬سوف يكون هناك‪ ،‬وسوف جيعلكم سعداء‪ .‬وإىل أن ُيني ذلك‪ ،‬هاكم‪:‬‬
‫ابمسه أعطي الفقراء هذه اإلعانة‪».‬‬

‫سيحني وثالثة عميان‪ ،‬ويف النهاية جيعل عجوزاً صغرية الق ّد تَقبَل القطع‬‫ك‬‫َ‬ ‫ويوزع قطعاً نقدية لِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األخرية‪ ،‬مثّ يَصرف اجلميع ويبقى مع يوسف الرامي ونيقودَيوس وآخرين ال أعرفهم‪.‬‬

‫لدي شـيء‪ ،‬وأان اآلن كما يريد هو‪».‬‬ ‫يعد‬ ‫مل‬ ‫تياح!‬
‫ر‬ ‫ابال‬ ‫ـعر‬‫ش‬ ‫أ‬ ‫اآلن‬ ‫آه!‬ ‫«‬ ‫ـوذا‪:‬‬‫ه‬‫ي‬ ‫ن‬‫ويعـلِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جاداً يف‬
‫أظن ذلك مزاحاً‪ ،‬ولكنّين أر َاك ّ‬
‫كنت ّ‬
‫أعرفك‪ُ .‬‬
‫َ‬ ‫ويقول يوسف‪« :‬يف احلقيقة مل أعد‬
‫فاتك‪».‬‬
‫تصر َ‬
‫ّ‬
‫جاد‪ .‬آه! يف البدء مل أكن أان أعرف نفسي‪ .‬وما زلت حيواانً قذراً‪ ،‬مقارنة به‪ .‬إّّنا اآلن فلقد‬
‫« ّ‬
‫ت كثرياً‪».‬‬
‫تغري ُ‬
‫ّ‬
‫«ومل تعد تنتمي للهيكل؟» سأله أحد املستمعني ال أعرفه‪.‬‬

‫ساماً‪ ،‬ال َيكنه ّإال أن ُيبّه‪،‬‬


‫«آه! ال‪ .‬إنّين أنتمي للمسيح‪ .‬فَ َمن يدنو منه‪ّ ،‬إال إذا كان ثعباانً ّ‬
‫وال يعود يرغب بغريه‪».‬‬

‫«ألن أييت أبداً إىل هنا؟»‬

‫بكل أتكيد سوف أييت‪ ،‬إّّنا ليس اآلن‪».‬‬


‫« ّ‬
‫أود مساعه‪».‬‬
‫« ّ‬
‫«لقد تكلّم سابقاً يف هذا املكان اي نيقودَيوس‪».‬‬

‫كنت مع مجالئيل ورأيتُه‪ ...‬ولكنّين مل أتوقّف‪».‬‬


‫«أعرف ذلك‪ .‬فلقد ُ‬
‫«ماذا قال مجالئيل اي نيقودَيوس؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 373 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«قال‪" :‬إنّه أحد األنبياء اجلُّ ُدد"‪ .‬ومل يقل شيئاً آخر‪».‬‬

‫فأنت صديقه‪»...‬‬
‫لك اي يوسف؟ َ‬
‫«أمل تقل له ما قلتُه أان َ‬
‫مين‬
‫قلت لـه ذلك ولكنّه أجابين‪" :‬لدينا املعمدان‪ ،‬وحسب تعاليم ال َكتَـبَة‪ ،‬ينبغي مرور فاصل ز ّ‬ ‫« ُ‬
‫"أما أان فأقول إنّه ينبغي‬
‫ال يقل عن مائة عام بينه وبني ماسيا‪ ،‬لتهيئة الشعب لقدوم امللك"‪ .‬ويضيف‪ّ :‬‬
‫ظهر املسيح‬ ‫أقل من ذلك‪ .‬فاألزمنة قد اكتَ َملَت"‪ .‬ويف النهاية‪" :‬ومع ذلك ال َيكنين تَـ َقبُّل أن يَ َ‬ ‫ّ‬
‫اعتقدت أ ّن ظهور ماسيا قد بدأ‪ ،‬ذلك أ ّن ّأول بريق لـه كان يف احلقيقة ملعاانً‬‫ُ‬ ‫هكذا‪ ...‬ذات يوم‬
‫أخطأت"‪».‬‬
‫ُ‬ ‫مساوايً‪ .‬إّّنا بعدئذ‪َ ...‬خيَّم صمت كبري‪ ،‬وأف ّكر أبنّين قد‬
‫ّ‬
‫أنت أيضاً‪»...‬‬
‫«حاول أن حت ّدثه عنه اثنية‪ .‬ليت مجالئيل كان معنا‪ ،‬و َ‬
‫يَ َِّ‬
‫عَتض أحد الثالثة اجملهولني‪« :‬ال أنصحك بذلك‪ .‬فاجملمع ذو سلطة وسلطان‪ ،‬وحنّان يسيطر‬
‫األقل ال يفرض‬
‫الظل‪ .‬على ّ‬
‫مسيحك أن يعيش‪ ،‬فانصحه أن يبقى يف ّ‬
‫َ‬ ‫وج َشع‪ .‬وإذا أراد‬
‫عليه خببث َ‬
‫ابلقوة‪ .‬ولكن حينذاك فإن روما موجودة‪»...‬‬
‫نفسه ّ‬
‫«لو كان اجملمع يسمعه‪ ،‬لكان اهتدى إىل املسيح‪».‬‬

‫ت‪ ،‬إّّنا مع‬


‫تغري َ‬
‫حسبناك ّ‬
‫َ‬ ‫«آه! آه! آه!» يقهقه الثالثة اجملهولون ويقولون‪« :‬اي يهوذا‪ ،‬كنّا قد‬
‫بذكائك‪ .‬إذا كان ما تقوله صحيحاً‪ ،‬فكيف َيكن االعتقاد أب ّن اجملمع يالحقه؟ تعال‪ ،‬تعال‬
‫َ‬ ‫احتفاظك‬
‫َ‬
‫فأنت حباجة لذلك‪ ».‬وَيضون‪ .‬ويبقى يهوذا‬ ‫ليحفظك هللا اي يهوذا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫اي يوسف‪ ،‬هذا أفضل للجميع‪ .‬و‬
‫مع نيقودَيوس فقط‪.‬‬

‫اقَتفت ّنيمة افَتاء أبقوايل وبقليب‪.‬‬


‫ُ‬ ‫يتوارى مسعان‪ ،‬وَيضي إىل املعلّم‪« .‬اي معلّم‪ ،‬أُقُِّّر أبنّين قد‬
‫عنك بعبارات‪ ،‬قليلون منّا يفعلوهنا‪،‬‬
‫ومسعتُه يتكلّم َ‬ ‫هذا الرجل ُيريين‪ .‬كنت أحسبه يكاد يكون عدو َك‪َِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫خصوصاً هنا حيث َيكن للحقد أن ينسف وَيحو التلميذ ّأوالً مث املعلّم‪ .‬لقد رأيتُه يعطي الفقراء ماالً‪،‬‬
‫وُياول إقناع أعضاء من اجملمع‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 374 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لرؤيتك ّإايه يف ظروف كهذه‪ .‬سوف تقول ذلك لآلخرين حينما‬
‫َ‬ ‫«أرأيتَه اي مسعان؟ إنّين مسرور‬
‫أخطأت"‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ك‪" :‬لقد‬
‫افك بقول َ‬
‫الرب على هذا الفرح الذي يعطينيه‪ ،‬وعلى نزاهة اعَت َ‬
‫يتّهمونـه‪ .‬لنبارك ّ‬
‫كنت تظنّه مؤذايً‪ ،‬وهو ليس كذلك‪».‬‬
‫وعلى عمل التلميذ الذي َ‬
‫مطوالً‪ ،‬مثّ ََي ُرجان‪.‬‬
‫صلّيان ّ‬
‫يُ َ‬
‫«أمل يـََرَك؟»‬

‫«ال‪ .‬أان متأ ّكد من ذلك‪».‬‬

‫«ال تتح ّدث عن ذلك مطلقاً‪ .‬إ ّن نفسه ملريضة ج ّداً‪ .‬وَيكن للمديح أن يؤثّر فيه أتثري أطعمة‬
‫تُعطى ملن هو يف فَتة النقاهة‪ ،‬بعد ُمحى معدية حادة‪ .‬وهذا جيعله أسوأ‪ ،‬إذ يتفاخر أبنّه قد ِّ‬
‫لوحظ‪.‬‬ ‫ّ ُ ّ ّ‬
‫وهنا النقطة اليت منها يدخل الكربايء‪»...‬‬

‫أصمت‪ .‬إىل أين حنن ماضيان؟»‬


‫«سوف ُ‬
‫«إىل يوحنّا‪ .‬ففي هذه الساعة من القيظ سيكون يف بيت كرم الزيتون‪».‬‬

‫ظل يف الطرقات اليت أهلبَتها الشمس احلارقة‪ .‬يتجاوزان الضاحية‬ ‫ِّ‬


‫يَصالن بسرعة وُها َُيثّان عن ّ‬
‫عربان ابب السور‪ََ ،‬ي ُرجان إىل الريف الفاتِّن‪ ،‬مثّ منه يذهبان إىل كرم الزيتون‪ ،‬وأخرياً إىل البيت‪.‬‬
‫الَتابيّة‪ ،‬يَ ُ‬
‫يف املطبخ الرطب والظليل‪ ،‬بفضل قطعة قماش تغطّي الباب‪ ،‬يوجد يوحنّا‪ .‬أيخذه النعاس‪،‬‬
‫فيناديه يسوع‪« :‬يوحنا!»‬

‫أنتظرك هذا املساء‪».‬‬


‫َ‬ ‫كنت‬
‫أنت اي معلّم؟ ُ‬
‫« َ‬
‫نفسك اي يوحنّا؟»‬
‫َ‬ ‫وجدت‬
‫َ‬ ‫«لقد أتيت يف وقت أبكر‪ .‬كيف‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 375 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عنك كان‪ ،‬نوعاً ما مبثابة‬ ‫«مثل َمحل فقد راعيه‪ .‬وكنت أ ِّ‬
‫عنك‪ ،‬ذلك أ ّن احلديث َ‬ ‫ُح ّدث اجلميع َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ثت إىل بعض األقارب وبعض املعارف‪ ،‬وإىل غرابء وإىل حنّة‪ ...‬وإىل كسيح‬ ‫عليك‪ .‬حت ّد ُ‬
‫احلصول َ‬
‫سن والديت‬‫بت صداقته بثالثة دراهم كانت قد أُعطيَت يل وأعطيتُها له‪ .‬وكذلك إىل عجوز يف ّ‬ ‫َك َس ُ‬
‫صَّرح‬‫كانت تبكي وسط جمموعة من النساء على عتبة ابب‪ .‬سألتُها‪" :‬ملاذا تبكني؟" قالت يل‪" :‬لقد َ‬
‫األول ِّمن تشرين األ ّول‪،‬‬
‫أفوض أمري هلل‪ .‬سوف متوت يف ّ‬ ‫ابلسل‪ ،‬وأن ّ‬
‫ّ‬ ‫يل الطبيب أن ابنيت مصابة‬
‫تتزوج يف الربيع‬
‫وليس يل سواها؛ ّإهنا مجيلة‪ ،‬طيّبة وعمرها مخس عشرة سنة‪ .‬كان من املفَتض أن ّ‬
‫فقلت هلا‪" :‬أعرف طبيباً َيكنه أن يربئها‪،‬‬ ‫علي اآلن حتضري القرب هلا"‪ُ .‬‬ ‫القادم‪ ،‬وبدل صندوق العرس‪ّ ،‬‬
‫ف عليها ثالثة أطبّاء‪ّ .‬إهنا‬ ‫ِّ‬
‫إذا كنت تؤمنني"‪ .‬قالت‪" :‬مل يعد ابستطاعة أحد أن يشفيها‪ .‬لقد َك َش َ‬
‫ائك‪ .‬فهو ال يُعالِّج ابألدوية والعقاقري‪ ،‬بل إّّنا بقدرته‪ .‬إنّه‬
‫تبصق دماً"‪ .‬فقلت‪" :‬طبييب ليس مثل أطب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صره‬‫أعرف أعمى عاد إليه بَ َ‬ ‫ماسيا‪ "...‬حينئذ قالت هلا عجوز صغرية الق ّد‪" :‬آه! ِّآمين اي أليصاابت! ِّ‬
‫التصرف؟ مل أفعل‬
‫أحسنت ّ‬‫ُ‬ ‫تنتظرك‪ ...‬هل‬
‫َ‬ ‫األم حينذاك ِّمن الريبة إىل األمل‪ ،‬وهي‬
‫بفضله!" وانتَـ َقلَت ّ‬
‫سوى ذلك‪».‬‬

‫أصدقائك‪ .‬أمل تعد ترى يهوذا؟»‬


‫َ‬ ‫فعلت‪ .‬وهذا املساء سوف نذهب عند‬
‫«حسناً َ‬
‫أرس َل يقول يل أن‬
‫وزعتُها على املساكني‪ .‬لقد َ‬
‫أرس َل يل طعاماً ونقوداً َّ‬
‫«مل أره اي معلّم‪ .‬ولكنّه َ‬
‫الشخصي‪».‬‬ ‫ملكه‬ ‫فهي‬ ‫يل‪،‬‬ ‫ُيلو‬ ‫كما‬ ‫لها‬ ‫أستَ ِّ‬
‫عم‬
‫ّ‬
‫حقيقي اي يوحنّا‪ ،‬غداً نذهب إىل اجلليل‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫«هذا‬

‫ّنر ابلناصرة‬
‫ينتظرك! أ ََو ّ‬
‫َ‬ ‫«أان سعيد لذلك اي معلّم‪ .‬أُفَ ِّّكر بسمعان بطرس‪ .‬من يدري كيف‬
‫كذلك؟»‬

‫أخيك يعقوب‪».‬‬
‫«طبعاً‪ ،‬وسنمكث فيها يف انتظار بطرس وأندراوس و َ‬
‫«آه! أّنكث يف اجلليل؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 376 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«سنمكث فيها بعض الوقت‪».‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫يوحنّا سعيد لذلك‪ .‬ومبشهد سعادته ينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 377 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫اجلندي اسكندر عند ابب السمك)‬


‫ّ‬ ‫‪( -51‬يسوع يتح ّدث إىل‬

‫‪1945 / 01 / 24‬‬

‫فَجر آخر‪ .‬وأيضاً مواكب محري تتزاحم عند ابب السمك الذي ما يزال ُمغلَقاً‪ .‬ويسوع مع‬
‫يتعرف عليهم بعض الباعة ويتجمهرون حوهلم‪ .‬يركض صوبه أيضاً أحد جنود احلراسة‪،‬‬ ‫مسعان ويوحنّا‪ّ ،‬‬
‫أقل صخباً‪.‬‬
‫اجلليلي‪ .‬قل هلؤالء اهلائجني أن يكونوا ّ‬
‫ّ‬ ‫حينما يراه ساعة فتح الباب‪ ،‬وُييّيه‪« :‬سالماً أيّها‬
‫يتش ّكون منّا‪ ،‬ولكنّهم ال يفعلون غري لعننا وعدم إطاعتنا‪ .‬يقولون إ ّن هذا ابلنسبة هلم هو أحد الشعائر‬
‫فأي دين هو دينهم هذا القائم على العصيان؟»‬ ‫الدينيّة‪ّ .‬‬
‫مهم أيّها اجلندي‪ّ .‬إهنم َك َمن يف بيتهم نزيل غري مرغوب فيه‪ ،‬وهو أقوى منهم‪ .‬وللثأر‪،‬‬
‫«تَـ َف َّه ُ‬
‫الرد ابللسان‪».‬‬
‫فليس لديهم إال ّ‬
‫«نعم‪ ،‬إّّنا جيب علينا القيام بواجبنا‪ ،‬وابلتايل علينا أن نُعاقِّب‪ .‬وهكذا نُصبِّح نـَُزالء غري مرغوب‬
‫فيهم على الدوام‪».‬‬

‫كنت أان يف‬


‫حبس إنساينّ‪ .‬ف ّكر دائماً‪" :‬لو ُ‬
‫اجبك‪ ،‬إّّنا قُم به دائماً ّ‬
‫تؤدي و َ‬
‫عليك أن ّ‬
‫بت‪َ .‬‬ ‫َص َ‬
‫«أ َ‬
‫ك ستختَِّرب آنذاك كثرياً من الرمحة جتاه الذين هم حتت‬ ‫كنت أفعل؟ وسوف ترى أنّ َ‬
‫مكاهنم‪ ،‬ماذا ُ‬
‫سلطتك‪».‬‬
‫َ‬
‫ِّ ِّ‬
‫حديثك‪ .‬فهو َيلو من السخرية‪ ،‬وال تَعايل ِّمن قبَل َ‬
‫ك‪ .‬بينما الفلسطينيّون اآلخرون‬ ‫َ‬ ‫« َُيتِّعين مساع‬
‫اللهم إن مل يَسلَخوان بضمري مراتح‬ ‫ِّ‬
‫يبصقون علينا من اخللف‪ ،‬يشتموننا‪ ،‬ويُظهرون لنا احتقارهم‪ّ ...‬‬
‫من أجل امرأة أو بعض السلع‪ .‬ويف هذه احلالة َذ َهب روما غري ُحمتَـ َقر‪».‬‬

‫اجلندي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«اإلنسان هو اإلنسان على الدوام‪ ،‬أيّها‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 378 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حسن املكوث وسط أانس‬ ‫املست‬
‫َ‬ ‫غري‬ ‫ن‬‫م‬‫«نعم‪ ،‬وهو أكثر ِّخداعاً ِّمن النَّسناس‪ .‬ومع ذلك فَ ِّ‬
‫َ‬
‫بك‪ ...‬حنن أيضاً لنا بيوت و ّأمهات وزوجات وأوالد‪ ،‬حنرص على أن حنيا وسطهم‪».‬‬ ‫كالثعابني يَتبّصون َ‬
‫"أي ِّدين يدينون به؟"‬ ‫قلت‪ّ :‬‬‫كل واحد على أن يتذ ّكر هذا‪ ،‬ملا بقي حقد‪َ .‬‬ ‫«إذا ما َحرص ّ‬
‫وحب القريب‪ِّ .‬دين يـُ َعلِّّم الطاعة‬
‫ّ‬ ‫هللا‬ ‫حب‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬‫احلب‬
‫ّ‬ ‫هي‬ ‫فيه‬ ‫األوىل‬ ‫ة‬‫ّ‬‫الوصي‬ ‫س‪،‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫مق‬ ‫ين‬‫د‬‫أجيبك‪ :‬إنّه ِّ‬
‫َ‬
‫عدوة‪.‬‬
‫حّت ولو كانت لبالد ّ‬ ‫للشرائع والقوانني‪ّ ،‬‬
‫حّت ولو كان‬ ‫امسعوا إذن اي إخويت يف إسرائيل‪ .‬ال شيء َُي ُدث ِّ‬
‫سمح به هللا‪ّ ،‬‬ ‫َ َ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫دون‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫سيطرة شعب غريب‪ :‬أقصى التعاسة ابلنسبة ِّأل َُّمة‪ .‬إّّنا‪ ،‬دائماً تقريباً‪ ،‬لو يَسأَل هذا الشعب نفسه‬
‫مرة‬ ‫م‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ء‬‫األنبيا‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫هلل‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ض‬ ‫بصراحة‪ ،‬ألمكنه القول إنّه هو الذي أراد ذلك‪ ،‬بنمط حياته الـمناقِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َظهروا‪ِّ ،‬من خالل األحداث السابقة واحلاضرة واملستقبليّة‪ ،‬أ ّن االجتياح هو‬ ‫مرة أ َ‬
‫تكلّموا عن ذلك! كم ّ‬
‫مرة َعلَّموا ولََّقنوا طريقة حتاشي تَـلَ ّقيها‬ ‫العقاب‪ ،‬هو عصا التأديب على أكتاف االبن العاق‪ .‬كم ّ‬
‫التمرد وال العصيان وال احلرب تشفي اجلراح ومتسح الدموع وتكسر‬ ‫الرب! فال ّ‬
‫مستقبالً‪ :‬ابلعودة إىل ّ‬
‫القيود‪ .‬بل حياة املستقيمني‪ .‬وآنذاك يـَتَ َد َّخل هللا‪ .‬وماذا َيكن لألسلحة واجلحافل املسلّحة أن تفعل‬
‫ُصبنا بضربة؟ َيكننا‬ ‫صف الصاحلني؟ هل أ ِّ‬ ‫ناضل يف ّ‬ ‫يف مواجهة سطوع الكتائب املالئكية عندما تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫استحقاق ّأال يصيبنا أكثر منها من خالل طريقة حياتنا‪ ،‬حنن أبناء هللا‪ .‬ال تُـثَـبِّّتوا سالسلكم ابستمرار‬
‫املتكررة‪ .‬ال تَ َدعوا الوثنيّني يظنّون أنّكم بال ِّدين‪ ،‬أو ابألحرى أكثر وثنيّة منهم‪ ،‬بسبب ّنط‬ ‫ابخلطااي ّ‬
‫حياتكم‪ .‬إنّكم الشعب الذي أعطاه هللا الشريعة بذاته‪ .‬انتبهوا هلا‪ .‬اجعلوا ُمعلِّّميكم ينحنون أمام قيودكم‬
‫ُخضعوا لنا‪ ،‬ولكنّهم أعظم منّا‪َ ،‬عظَ َمة مل تتأثّر بعُدد أو مبال‪ ،‬وال أبسلحة أو ُسلطة‪،‬‬ ‫وهم يقولون‪" :‬لقد أ ِّ‬
‫كمن‬‫أبوة إله كامل‪ ،‬ق ّدوس وذي سلطان‪ .‬وهنا تَ ُ‬ ‫إّّنا هي َعظَ َمة متأتيّة من ارتباطهم ابهلل‪ .‬فيهم تسطع ّ‬
‫صلون إىل حقيقة اإلله‬ ‫دالئل ألوهة حقيقية‪ّ .‬إهنا تَسطَع ِّمن خالل أبنائها"‪ .‬فيتأملون هبذا املوضوع وي ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت األكثر جهالً يف شعب هللا‪َ ،‬يكنه أن يكون‬ ‫حّت األكثر فقراً‪ّ ،‬‬
‫احلق‪ ،‬بتخلّيهم عن اخلطأ‪ .‬اجلميع‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫الوثين‪ ،‬معلّماً بطريقة حياته‪ ،‬وكارزاً ابهلل لدى الوثنيّني أبفعال وممارسات حياتيّة مقدسة‪.‬‬ ‫معلّماً لإلنسان ّ‬
‫امضوا َمصحوبني ابلسالم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 379 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الرعاة‪».‬‬
‫أتخر يهوذا وكذلك ُّ‬
‫يَنظُر إىل مسعان ويقول‪« :‬لقد ّ‬
‫اجلليلي؟»‬
‫ّ‬ ‫اجلندي الذي استَ َم َع إىل احلوار ابنتباه يسأل‪« :‬أتنتظر أحداً أيّها‬
‫و ّ‬
‫«أصدقاء‪».‬‬

‫حادة منذ الساعات األوىل‪ .‬أتذهب إىل املدينة؟»‬


‫الظل يف املدخل‪ .‬فالشمس ّ‬
‫« َهلُ َّم إىل ّ‬
‫«ال‪ ،‬بل أعود إىل اجلليل‪».‬‬

‫«سرياً على األقدام؟»‬

‫إين فقري‪ :‬على األقدام‪».‬‬


‫«ّ‬
‫ألديك زوجة؟»‬
‫« َ‬
‫لدي أ ُّم‪».‬‬
‫« ّ‬
‫«وأان كذلك‪ .‬تعال‪ ...‬إذا مل تكن َحتتَ ِّقران مثل اآلخرين‪».‬‬

‫أمشئز غري اخلطيئة‪».‬‬


‫«ال شيء جيعلين ّ‬
‫أنت ال داعي لِّتَ َد ُّخلنا‪ .‬فلن يرتَِّفع السيف‬
‫معك َ‬
‫عجبَاً وغارقاً يف التفكري‪َ « .‬‬
‫اجلندي ُم َ‬
‫ّ‬ ‫يَنظُر إليه‬
‫ك رجل صاحل‪ .‬إّّنا اآلخرون!‪»...‬‬ ‫وجهك‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬ ‫يف‬

‫ظل املدخل‪ ،‬يستدير يوحنّا صوب املدينة‪َ .‬جيلس مسعان على حجر يستخدم‬
‫يسوع يف شبه ّ‬
‫كمقعد‪.‬‬

‫امسك؟»‬
‫«ما َ‬
‫«يسوع‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 380 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك ساحراً ليس ّإال‪ ...‬فقد كان‬
‫كنت أظنّ َ‬
‫حّت على املرضى؟! ُ‬ ‫أنت َمن تصنع املعجزات ّ‬
‫«آه! َ‬
‫لكن َس َحرتَنا‬
‫لدينا َس َحَرة ‪ ،‬حنن أيضاً! وكان أحدهم ساحراً جيّداً‪ ،‬وكان هناك آنذاك عدد منهم‪ ...‬و ّ‬
‫أنت؟»‬
‫ال يعرفون شفاء املرضى‪ ،‬فكيف تفعل ذلك َ‬
‫يبتسم يسوع ويصمت‪.‬‬

‫وحمولة إىل مسحوق‪،‬‬ ‫فة‬ ‫ف‬


‫ّ‬ ‫جم‬ ‫ثعابني‬ ‫أو‬ ‫ت‪،‬‬‫ألديك َمر ِّاهم ِّمن خناع َميِّّ‬
‫َ‬ ‫ة؟‬‫ّ‬‫ي‬
‫ر‬ ‫سح‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫غ‬‫َ‬‫ي‬‫ص‬ ‫«أتست ِّ‬
‫خدم ِّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫أو أحجار سحريّة مأخوذة ِّمن كهف التنّني؟»‬

‫لدي سوى سلطاين وقدريت‪».‬‬


‫كل هذا‪ .‬ليس ّ‬
‫«ال شيء من ّ‬
‫العرافون وكاهنات اآلهلة‪ ...‬والبعض منهم يفعلون‬
‫حقيقي‪ .‬حنن لدينا ّ‬
‫ّ‬ ‫فأنت ق ّديس‬
‫«إذاً َ‬
‫تظن ذلك؟ إ ّهنم أسوأ من اآلخرين‪».‬‬
‫خوارق‪ ...‬ويقال ّإهنم األقدس‪ .‬ولكن هل ّ‬
‫«إذاً فلماذا جتلّوهنم؟»‬

‫«ألنّه‪ ...‬ألنّه ِّدين روما‪ .‬وإذا مل َُي ََِّتم املرء ِّدين بلده‪ ،‬فكيف َُي ََِّتم قيصر والوطن؟ ومثّ‪ ،‬مثّ أشياء‬
‫كثرية؟»‬

‫ستمر أيّها‬
‫َّمت يف طريق الصالح‪ .‬ا ّ‬
‫ك قد تقد َ‬ ‫اجلندي إبمعان‪« .‬يف احلقيقة‪ ،‬إنّ َ‬
‫ّ‬ ‫يَنظُر يسوع إىل‬
‫نفسك أن متلكه يف ذاهتا‪ ،‬دون معرفة تسمية هذا الشيء‪».‬‬
‫َ‬ ‫وستتوصل إىل معرفة ما تبغي‬
‫ّ‬ ‫اجلندي‪،‬‬
‫ّ‬
‫«النَّفس؟ ماذا تعين؟»‬

‫«عندما ستموت‪ ،‬أين تذهب؟»‬

‫كنت عجوزاً فقرياً‪ ،‬فقد‬


‫ت بطالً‪ ،‬فعلى حمرقة األبطال‪ ...‬وإذا ُ‬
‫«لَ َعمري‪ ،‬إنّين ال أعلَم‪ .‬فإذا ما ُم ُّ‬
‫أتع ّفن يف كوخي أو على قارعة طريق ما‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 381 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هذا ابلنسبة للجسد‪ّ ،‬أما النَّفس‪ ،‬فأين تذهب؟»‬

‫َيصهم جوبيتري يف‬


‫ـت أدري مـا إذا كان مجيع النـاس لديهم نفـس‪ ،‬أم فقط أولـئك الذين ّ‬ ‫«لس ُ‬
‫حقول أليشـع بعد حياة خارقـة‪ ،‬أقلّـه ال أيخذهم إىل األوملب كمـا فَـ َع َل بـ رومولوس‪».‬‬

‫كل الناس لديهم نفس‪ ،‬وهذا ما َييز اإلنسان عن احليوان‪ .‬هل تريد أن تكون شبيهاً حبصان؟‬
‫« ّ‬
‫بطائر؟ بسمكة؟ جسداً ال يعود بعد املوت سوى َع َفن ونتانة؟»‬

‫«آه! ال‪ .‬أان إنسان وأُفَ ِّّ‬


‫ضل أن أكون كذلك‪».‬‬

‫كونك أكثر من حيوان له َملَ َكة الكالم‪».‬‬


‫جيعلك إنساانً هو النَّفس‪ .‬بدوهنا ال تعدو َ‬
‫َ‬ ‫«إذاً فالذي‬

‫«وأين هي؟ وكيف تكون؟»‬

‫داخلك‪ ،‬وهي آتية ِّمن لَدن الذي َخلَ َق العامل‪ ،‬وهي‬


‫َ‬ ‫«هي ليست ماديّة‪ ،‬ولكنّها موجودة‪ .‬هي‬
‫تعود إليه بعد موت اجلسد‪».‬‬

‫ومن يكون إله إسرائيل‪ ،‬حسب معتقدكم؟»‬


‫«َ‬
‫الرب األمسى وخالِّق الكون‪».‬‬
‫األزيل‪ّ ،‬‬
‫«هو اإلله الواحد‪ ،‬األوحد‪ّ ،‬‬
‫جندي مسكني مثلي لديه نَفس تعود إىل هللا؟»‬
‫ّ‬ ‫حّت‬
‫« ّ‬
‫جندي بسيط‪ ،‬وسوف َِّجتد نفسه هللا صديقاً‪ ،‬إذا كانت صاحلة على الدوام‪ ،‬وسوف‬
‫ّ‬ ‫حّت‬
‫«نعم‪ّ ،‬‬
‫شريرة‪».‬‬
‫جيازيها هللا إذا كانت ّ‬
‫كنت أرى بوضوح‪ ،‬فتلك هي‬
‫الرعاة‪ ،‬ونساء‪ .‬إذا ما ُ‬
‫ويقول يوحنّا‪« :‬اي معلّم‪ ،‬ها هو يهوذا مع ُّ‬
‫فتاة األمس‪».‬‬

‫اجلندي‪ ،‬كن صاحلاً‪».‬‬


‫ّ‬ ‫«أان ٍ‬
‫ماض‪ ،‬أيّها‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 382 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ألن أراك اثنية؟ أريد معرفة املزيد‪»...‬‬

‫عت تعال‪َِّ .‬جتدين يف كفرانحوم أو يف‬


‫حّت أيلول (سبتمرب)‪ .‬إن استَطَ َ‬
‫«سوف أم ُكث يف اجلليل ّ‬
‫عين‪ .‬يف كفرانحوم‪ ،‬اسأل عن مسعان بطرس‪ ،‬ويف الناصرة‪ ،‬عن مرمي اليت‬ ‫ِّ‬
‫مك ّ‬ ‫الناصرة‪ .‬اجلميع يُعل َ‬
‫احلقيقي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫ثك عن هللا‬
‫ليوسف‪ّ .‬إهنا ّأمي‪ .‬تعال وسوف أح ّد َ‬
‫أنت فتذ ّكر‬
‫دت َ‬‫استطعت‪ .‬وإن عُ َ‬
‫ُ‬ ‫«مسعان بطرس‪ ...‬مرمي اليت ليوسف‪ ...‬سوف آيت إن‬
‫اسكندر‪ .‬أان ِّمن حامية أورشليم‪».‬‬

‫الرعاة إىل حتت الرواق‪.‬‬ ‫ي ِّ‬


‫صل يهوذا و ُّ‬ ‫َ‬
‫لكن صبيّة حنيلة إّّنا‬
‫«السالم لكم مجيعاً‪ ».‬يقوهلا يسوع‪ ،‬وقد كان يريد إضافة شيء ما‪ ،‬و ّ‬
‫كتك َعلَ َّي أيّها املعلّم وال ُـم َخلِّّص‪ .‬وقُبلَة أُخرى‬
‫تشق طريقها عرب اجلميع وترمتي عند قدميه‪« :‬بر َ‬
‫مبتسمة‪ّ ،‬‬
‫لك!» وتُـ َقبِّّل يديه‪.‬‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫صغارك يف‬ ‫فأماً صاحلة‪َ .‬علِّّمي‬
‫«امضي وكوين سعيدة وصاحلة‪ .‬فتاة صاحلة‪ ،‬مثّ زوجة صاحلة‪ّ ،‬‬
‫لكل الذين ُهم أصدقاء هللا‪ .‬وأيضاً السالم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وألمك‪ .‬السالم والربكة ّ‬
‫ذهيب‪ .‬السالم لك ّ‬
‫وم َ‬
‫املستقبل امسي َ‬
‫لك اي اسكندر‪».‬‬
‫َ‬
‫يبتعد يسوع‪.‬‬

‫َخرنـَنَا‪ .‬لقد ُك َّن يف اجلسمانيّة وُك َّن‬


‫أتخران‪ ،‬إّّنا هؤالء النساء ُه َّن اللوايت أ َّ‬
‫شرح يهوذا‪« :‬لقد ّ‬ ‫ويَ َ‬
‫كنت‬
‫ك َ‬ ‫افقك الدرب‪ .‬ولكنّ َ‬‫مستقل‪ ،‬لنر َ‬‫ّ‬ ‫كل مبفرده وبشكل‬ ‫رؤيتك‪ .‬وحنن كنّا قد ذهبنا إىل هناك‪ّ ،‬‬‫يردن َ‬
‫أصرين أكثر من إصرار الذابب‪ُ .‬ك َّن‬ ‫هن ّ‬ ‫كهن‪ ...‬ولكنّ ّ‬ ‫غريهن‪ .‬كنا نريد تر ّ‬
‫ّ‬ ‫مكانك‬
‫َ‬ ‫لت‪ .‬ومل َنر‬
‫قد َر َح َ‬
‫يت الصغرية؟»‬ ‫يردن معرفة أشياء كثرية‪ ...‬هل َش َف َ‬
‫«نعم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 383 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ثت إىل الروماينّ؟»‬
‫«وحت ّد َ‬
‫«نعم‪ ،‬إ ّن له قلباً نزيهاً وهو يبحث عن احلقيقة‪».‬‬

‫شهق يهوذا‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫شهق اي يهوذا؟»‬
‫ويسأله يسوع‪« :‬ملاذا تَ َ‬
‫أود لو يكون الذين ِّمنّا ُهم َمن يـُ َفتِّّشون عن احلقيقة‪ .‬بينما ُهم على‬
‫كنت ّ‬
‫أشهق أل ّن‪ ...‬ألنّين ُ‬
‫« َ‬
‫دت‬ ‫ِّ‬
‫وإما يبقون غري مبالني‪ .‬لقد ثـَبَطَت عزَييت‪ ،‬فما ع ُ‬ ‫وإما ُيتقروهنا ّ‬
‫فإما يهربون منّها ّ‬
‫عكس ذلك‪ّ ،‬‬
‫إليك‪ .‬إذ إنّين‪ ،‬كتلميذ‪ ،‬مل أجنح‬
‫أريد أن أطأ هذا املكان‪ ،‬ومل أعد أبغي عمل شيء غري االستماع َ‬
‫بشيء‪».‬‬

‫« َأوتعتقد أنّين أجنح كثرياً؟ ال تيأس اي يهوذا‪ّ ،‬إهنا صراعات الرسالة‪ .‬وال َف َشل فيها أكثر ِّمن‬
‫حّت وإن مل‬
‫ادتك احلَ َسنَة ّ‬
‫لكن الفشل هنا هو دائماً نصر هناك يف األعايل‪ .‬اآلب يرى إر َ‬ ‫النَّصر‪ .‬و ّ‬
‫لك لن تنقص‪».‬‬ ‫تتوصل إىل شيء‪ ،‬وبركته َ‬ ‫ّ‬
‫أنت طيّب وصاحل! إّّنا هل أُصبِّح أان صاحلاً يوماً؟»‬
‫فَـيُـ َقبِّّل يهوذا يده‪« :‬آه! كم َ‬
‫أنت ذلك‪».‬‬
‫أردت َ‬
‫«نعم‪ ،‬إذا َ‬
‫عانيت ألكون كذلك‪ ...‬ذلك أ ّن رغبات كثرية‬
‫ُ‬ ‫األايم‪ ...‬لقد‬
‫كنت كذلك يف هذه ّ‬
‫«أظنّين ُ‬
‫بك‪».‬‬
‫كنت كذلك بتفكريي الدائم َ‬
‫كانت تتنازعين‪ ...‬ولكنّين ُ‬
‫للرعاة‪.‬‬
‫موجه ُّ‬
‫تسرين كثرياً‪ .‬وأنتم ماذا حتملون يل من األخبار؟» السؤال ّ‬
‫استمر إذاً‪ّ ،‬‬
‫« ّ‬
‫يسألك أال تنساه‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك بعض األطعمة وهو‬
‫أرس َل َ‬
‫ئك السالم وقد َ‬
‫«إيلي يقر َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 384 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َمحل أصدقائي يف قليب! فلنذهب إىل تلك البلدة وسط االخضرار‪ .‬مثّ عند املساء‬ ‫«آه! إنّين أ ِّ‬
‫سوف نعاود املسري‪ .‬إنّين سعيد لكوين معكم‪ ،‬لذهايب ملالقاة ّأمي‪ ،‬وحلديثي عن احلقيقة إىل رجل نزيه‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬أان سعيد‪ .‬لو تعلمون ماذا يعين يل إمتام رساليت‪ ،‬وأن أجد القلوب تتقبَّل‪ ،‬فهذا يعين ّأهنا أتيت إىل‬
‫اآلب‪ ،‬آه! كما كنتم تتبعونين دائماً ابلروح‪»...‬‬

‫ومل أعد أرى شيئاً‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 385 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -52‬يسوع واسحق قرب ‪ .Docco‬الذهاب إىل مرج ابن عامر)‬

‫‪1945 / 01 / 25‬‬

‫هت إليهم مل يبدر منهم سوى‬


‫توج ُ‬
‫لك اي معلّم إ ّن املتواضعني هم األفضل‪ .‬فالذين ّ‬
‫«وأان أقول َ‬
‫االحتقار والالمباالة‪ .‬آه! اي لصغار ايفا!» إنَّه اسحق يتح ّدث إىل يسوع‪ ،‬وقد اجتمع ّ‬
‫الكل على‬
‫العشب قرب حافّة النهر‪ .‬ويبدو اسحق وكأنّه يديل بتقرير عن نشاطاته‪.‬‬

‫مثلك اي اسحق‪ .‬فباتّصالنا‬


‫الراعي ابمسه‪« :‬أان أف ّكر َ‬
‫يتدخل يهوذا‪ .‬واألمر الغريب أنّه ينادي َّ‬
‫ّ‬
‫لت أان عن هذا‪».‬‬‫هبم نضيع الوقت واإلَيان‪ .‬ولقد َع َد ُ‬
‫دت منذ‬ ‫«أما أان فال‪ ،‬مع أين أعاين منه‪ .‬ولن أ ِّ‬
‫تعو ُ‬
‫ّ‬ ‫لقد‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫املع‬ ‫مين‬
‫ّ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫َ‬‫ط‬ ‫إذا‬ ‫إال‬
‫ّ‬ ‫عنه‬ ‫ل‬ ‫َعد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرة أتوا‬
‫السلطة‪ .‬هل تَعلَم كم ّ‬ ‫للحق‪ .‬ال َيكنين الكذب إلرضاء ذوي ُّ‬ ‫سنوات أن أعاين ألبقى أميناً ّ‬
‫إين‬
‫قلت ّ‬
‫بكل أتكيد هي وعود خ ّداعة‪ -‬مب ّد يد العون يل‪ ،‬لو ُ‬ ‫ليهزؤوا يب‪ ،‬يف عزليت؟ واعدين ّإايي ‪ّ -‬‬
‫أنت‪ ،‬ال ُـم َخلِّّص املولود حديثاً؟! ولكنّين مل أكن ألستطيع‬‫أنت اي يسوع‪ ،‬مل تكن َ‬ ‫ك‪َ ،‬‬ ‫كنت أكذب‪ ،‬وإنّ َ‬ ‫ُ‬
‫سيقصيك‪،‬‬
‫َ‬ ‫فسد فرحي‪ ،‬وهذا ما كان سيقتل أملي الوحيد‪ ،‬هذا ما كان‬ ‫الكذب‪ .‬فالكذب هو ما كان ي ِّ‬
‫ُ‬
‫كنت دائماً أفرح بسماء مزروعة ابلنجوم‪:‬‬ ‫أنت! يف ليل بؤسي‪ ،‬يف حزن عجزي‪ُ ،‬‬ ‫يقصيك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ريب!‬
‫اي ّ‬
‫حّت بعد‬ ‫ِّ‬
‫كنت أحتفظ هلا حب ّيب ّ‬ ‫وجه ّأمي‪ ،‬فرح حيايت الوحيد كيتيم‪ ،‬ووجه زوجة مل تَصر يل أبداً و ُ‬
‫املمات‪ ،‬كانتا النجمتني الصغريتني‪ .‬ومثّ هناك جنمتان أكرب‪ ،‬يشبهان أقماراً صافية نقيّة للغاية‪ :‬يوسف‬
‫ووجهك الربيء العذب‪ ،‬الق ّديس الق ّديس‬ ‫َ‬ ‫الرعاة املساكني‪،‬‬
‫ومرمي يبتسمان للمولود اجلديد ولنا‪ ،‬حنن ُّ‬
‫الق ّديس الالمع وسط مساء قليب‪ .‬مل يكن بوسعي إقصاء هذه السماء اليت كانت يل أان! مل يكن بوسعي‬
‫ُقصي احلياة وسط‬‫التخلّي عن نورها‪ ،‬النور األكثر نقاء واملمكن أن يوجد‪ .‬كنت ابألحرى مستع ّداً أن أ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫أقصيك‪ ،‬اي ذكراي املباركة‪ ،‬اي يسوع الطفل الوليد‪».‬‬
‫َ‬ ‫املتاعب ِّمن أن‬

‫يضع يسوع يده على كتف اسحق ويبتسم‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 386 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صر؟»‬
‫ويتكلّم يهوذا أيضاً‪« :‬ومع ذلك تُ ّ‬
‫أصر غداً وعلى الدوام‪ ،‬وحتما سوف أييت أحدهم‪».‬‬
‫أصر اليوم‪ ،‬و ّ‬
‫« ّ‬
‫« َّإّنا كم سيدوم ذلك؟»‬

‫لست أدري‪ .‬إّّنا ص ّدقين‪ ،‬يكفي ّأال تنظُر إىل األمام وال إىل الوراء‪ .‬اعمل يوماً بيوم‪ ،‬وإذا ما‬
‫« ُ‬
‫معونتك‬
‫َ‬ ‫وإال فقل "آمل احلصول على‬ ‫لك اي إهلي"؛ ّ‬ ‫حليفك عند املساء فقل‪" :‬شكراً َ‬ ‫َ‬ ‫كان النجاح‬
‫غداً"‪».‬‬

‫ك حكيم‪».‬‬
‫«إنّ َ‬
‫حّت ماذا يعين هذا‪ .‬ولكنّين أعمل يف رساليت ما َع ِّملتُه أثناء مرضي‪ .‬حوايل الثالثني‬
‫«ال أعرف ّ‬
‫عاماً من العجز‪ ،‬وليس يوماً واحداً!»‬

‫أنت عاجزاً‪».‬‬
‫كنت َ‬
‫لدت أان بعد عندما َ‬
‫«أص ّدق! مل أكن قد و ُ‬
‫كنت عاجزاً‪ ،‬ولكنّين مل أَعُ َّد تلك السنوات ق ّ‬
‫ط‪ .‬ومل أقل أبداً‪" :‬ها إ ّن نيسان (أبريل) يعود‬ ‫« ُ‬
‫ُزهر من جديد أبداً مع الورود‪ .‬ها إ ّن تشرين (يعترب أول شهر يف التقومي‬ ‫وأان ما زلت سقيماً ال أ ِّ‬
‫ُ‬
‫كنت‬
‫كنت أسري قُ ُدماً يف التح ّدث إىل نفسي وإىل الطيّبني عنه‪ .‬و ُ‬ ‫املعاصر) يعود وأان كما أان"‪ .‬ولقد ُ‬
‫إيل حبلوى العرس وحلوى مولد أطفال‬ ‫متر من خالل الذين كانوا يوماً صغاراً مثّ أيتون ّ‬ ‫أتنبّه إىل السنني ّ‬
‫دت اآلن شاابً‪ ،‬فماذا أرى من املاضي؟ ال‬ ‫نظرت إىل الوراء‪ ،‬أان العجوز وقد عُ ُ‬ ‫هلم‪ .‬واآلن‪ ،‬إذا ما ُ‬
‫شيء‪ ،‬إنّه املاضي‪».‬‬

‫ينتظرك‬
‫َ‬ ‫الكل شيء‬
‫لك اي اسحق‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫"فكل شيء" َ‬
‫«ال شيء هنا‪ .‬إّّنا هناك‪ ،‬يف السماء‪ّ ،‬‬
‫التصرف‪ .‬أان أيضاً أفعل هذا‪ .‬السري قُ ُدماً‬
‫هناك‪ ».‬يقوهلا يسوع مثّ يتح ّدث إىل اجلميع‪« :‬هكذا ينبغي ّ‬
‫وبدون َكلَل‪ .‬فال َكلَل هو أيضاً أحد جذور الكربايء اإلنساينّ‪ .‬وكذلك االستعجال‪ .‬ملاذا االمشئزاز من‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 387 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التأخر؟ أل ّن الكربايء يقول‪" :‬رفضي أان؟ َج َعلين أنتظر طويالً ج ّداً؟ إنّه‬‫االهنزام؟ ملاذا االضطراب من ّ‬
‫تطور‬
‫أتملوا يف ّ‬ ‫أبد َعها‪ّ .‬‬
‫لقلّة احَتام جتاه رسول هللا"‪ .‬ال اي أصدقاء‪ .‬انظروا إىل اخلليقة وف ّكروا مبن َ‬
‫اإلنسان وف ّكروا أبصله‪ .‬ف ّكروا هبذه الساعة اليت حنن فيها‪ ،‬واحسبوا كم من القرون َسبَـ َقتها‪ .‬العامل‬
‫املخلوق هو صنيعة عمليّة َخلق هادئة‪ .‬فلم ََيلق اآلب الكون بطريقة عشوائيّة‪ .‬لقد َع َمل ذلك على‬
‫احلايل هو صنيعة تق ّدم متأ ٍّن‪ ،‬وسوف يتق ّدم ابستمرار ابلعلم واملقدرة‪ ،‬اللذين‬ ‫ّ‬ ‫مراحل‪ .‬واإلنسان‬
‫سيصبحان مق ّدسني أو غري مق ّدسني‪ ،‬حسب إرادة البشر‪ .‬بينما اإلنسان مل يصبح عالِّماً يف خالل‬
‫حّت‬ ‫لألولَني املطرودين ِّ‬
‫كل شيء ليتعلّموا‪ ،‬هبدوء وابلتدريج‪ .‬ليتعلّموا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ة‬‫ّ‬‫اجلن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫يوم واحد‪ .‬وقد كان َّ‬
‫تتحول حبّة احلنطة إىل طحني‪ ،‬مثّ إىل عجني‪ ،‬مثّ ُختبَز‪ .‬ليتعلّموا كيفيّة‬ ‫األشياء األكثر بساطة‪ :‬كيف ّ‬
‫حتويلها إىل طحني وكيفيّة خبزها‪ .‬ليتعلّموا كيفيّة صنع النار من احلطب‪ .‬ليتعلّموا كيفيّة صنع الثياب‬
‫بنظرُها إىل فراء احليواانت‪ .‬كيفيّة صنع مأوى مبراقبة احليواانت الربيّة‪ ،‬كيفيّة صنع السرير مبراقبة‬
‫األعشاش‪ .‬ليتعلّموا كيفيّة العناية ابلذات بواسطة األعشاب واملياه من خالل مراقبة احليواانت املدفوعة‬
‫ابلغريزة‪ .‬ليتعلّموا السفر عرب الصحارى والبحار عن طريق دراسة النجوم‪ ،‬وبتدجني اخليل‪ .‬وتوازن‬
‫لكن النجاح أييت‬ ‫القوارب من قشرة جوز عائمة على سطح ماء النهر‪ .‬كم من الفشل قبل النجاح! و ّ‬
‫الشر منه يف اخلري‪ّ .‬إال‬
‫ونتجاوزه‪ .‬واإلنسان ال يصبح أكثر سعادة يف ذلك‪ ،‬ألنّه يصبح أكثر براعة يف ّ‬
‫وحّت من خارج حدود‬ ‫الصرب؟ هو ُم َقَّرر منذ دهور الدهور‪ّ ،‬‬ ‫يتطور‪ .‬أليس الفداء عمالً يتطلّب َّ‬ ‫أنّه ّ‬
‫كل هذا العمل بفضل الصرب‪ .‬ملاذا إذن‬ ‫الزمن‪ ،‬ها هي ذي الساعة اليت َهيَّأَهتا الدهور قد حانت اآلن‪ّ .‬‬
‫كل هذا مبثل ملح البصر؟ واإلنسان‪ ،‬بتمتّعه مبلكة العقل‪،‬‬ ‫عدم الصرب؟ أمل يكن مبقدور هللا أن يفعل ّ‬
‫كل شيء مبثل ملح البصر؟ أومل يكن مبقدوري أان‬ ‫ِّ‬
‫خارجاً من بني يدي هللا‪ ،‬أمل يكن ابستطاعته معرفة ّ‬
‫كل شيء هكذا‪ .‬إّّنا ينبغي ّأال يكون شيء ابلعنف‪ .‬ال‬ ‫اجمليء منذ بدء الدهور؟ كان َيكن أن ُيدث ّ‬
‫ناف للنظام على الدوام‪ .‬وهللا وما أييت من هللا هو نظام‪ .‬فال تطمحوا أبن تكونوا‬ ‫شيء‪ .‬فالعنف م ٍ‬
‫ُ‬
‫أكثر من هللا‪».‬‬

‫«ولكن مّت ستُصبِّح معروفاً؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 388 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ممّن اي يهوذا؟»‬

‫«ولكن‪ ،‬من العامل!»‬

‫«أبداً‪».‬‬

‫ألست ال ُـم َخلِّّص؟»‬


‫«أبداً؟ ولكن َ‬
‫«أان هو‪ ،‬إّّنا العامل يرفض اخلالص‪ .‬وليس أكثر ِّمن نسبة واحد إىل ألف يريد أن يعرفين‪ ،‬ونسبة‬
‫حّت ِّمن قِّبل أقرب‬
‫قلت أبنَّين لن أكون معروفاً ّ‬
‫ِّ‬
‫حبق‪ .‬وأيضاً لن أُابلغ إن ُ‬
‫واحد إىل عشرة آالف يتبعين ّ‬
‫املقربني‪».‬‬
‫ّ‬
‫لعرفوك‪».‬‬
‫َ‬ ‫إليك‬
‫مقربني َ‬
‫«ولكنّهم لو كانوا ّ‬
‫احلق‬
‫ائيلي‪ .‬ولكنّهم لن يعرفوا من أكون‪ّ .‬‬ ‫يف أان يسوع‪ ،‬يسوع اإلسر ّ‬ ‫«نعم اي يهوذا‪ ،‬سيعرفون َّ‬
‫احلب إبخالص وبسالة‪ .‬بل وسوف يكون هناك‬ ‫إيل‪ .‬فاملعرفة تعين ّ‬ ‫املقربني ّ‬
‫كل ّ‬ ‫أقول لكم‪ ،‬لن يعرفين ّ‬
‫َذع َن وهو ُمثبَط العزَية‪ ،‬حركة يقوم هبا دائماً‪ ،‬كلّما تَ َذ َّكَر‬
‫يتنكر يل‪ ».‬يقوم يسوع حبركة َك َمن أ َ‬‫من َّ‬
‫موج َهتَني صوب اخلارج‪ ،‬مع وجه حزين ال ينظر إىل البشر‬ ‫اخليانة املستقبليّة‪ :‬يفتح يديه ويبقيهما هكذا َّ‬
‫وال إىل السماء‪ ،‬إّّنا فقط إىل مستقبله احملتوم ابخليانة‪.‬‬
‫ويقول له يوحنّا بلهجة ِّ‬
‫املتوسل‪« :‬ال تقل هذا اي معلّم‪».‬‬
‫ّ‬
‫بك دائماً أفضل‪».‬‬
‫نتبعك كي تكون معرفتنا َ‬
‫الرعاة معه‪« :‬إنّنا َ‬
‫ويقول لـه مسعان‪ ،‬و ُّ‬
‫أحب إلينا منها‪.‬‬
‫أنت ّ‬ ‫عليك كحرصنا على عروس‪ ،‬بل َ‬ ‫نتبعك وحنرص عليك‪ ،‬إنَّنا حنرص َ‬ ‫«إنَّنا َ‬
‫لك‪.‬‬
‫نعرفك اآلن لدرجة ال َيكننا معها التن ّكر َ‬
‫َ‬ ‫فنحن أكثر حرصاً عليك منّا على امرأة‪ .‬آه! ال‪ .‬إنّنا‬
‫هو (ويشري يهوذا إىل اسحق) سبق أن قال إ ّن إنكار ذكر َاك كمولود جديد أفظع‪ ،‬ابلنسبة إليه‪ ،‬من‬
‫أفعالك‪،‬‬
‫َ‬ ‫نسمعك ونرى‬
‫َ‬ ‫أنت اآلن الرجل واملعلّم‪.‬‬
‫فقدان حياته‪ .‬ومل تَكن بعد سوى مولود جديد‪ .‬و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 389 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مستمر وتطهري متواصل‪ ،‬وحده‬
‫ّ‬ ‫قبلتك‪ .‬إ ّن كل ذلك ابلنسبة لنا هو مبثابة تكريس‬
‫سك‪َ ،‬‬ ‫اصلك‪ ،‬تن ّف َ‬
‫تو َ‬
‫إليك‪».‬‬
‫مقرابً َ‬
‫إنكارك بعد كونه ّ‬
‫َ‬ ‫إبليس َيكنه‬

‫«صحيح اي يهوذا‪َّ ،‬إّنا سيكون هناك واحد‪».‬‬

‫«الويل له‪ :‬سوف أكون له حسيباً‪».‬‬

‫«ال‪ ،‬دع العدالة لآلب وكن لـه ال ُـم َخلِّّص‪ُ ،‬خمَلِّّص هذه النفس املتّجهة إىل الشيطان‪ .‬ولكن‬
‫كك أيّها اخلادم األمني‪ .‬تَ ِّ‬
‫عرف أن لعازر بيت عنيا هو‬ ‫فلنلق التحيّة على اسحق‪ .‬لقد هبط الليل‪ .‬أابر َ‬
‫أنت‪ .‬افلح أرض يهوذا القاحلة‪ .‬ومن مثّ‬‫اآلن صديقنا وأنّه يريد مساعدة أصدقائي‪ .‬أان ذاهب‪ .‬ابق َ‬
‫معك‪».‬‬
‫سوف أعود‪ .‬أنت تعرف أين جتدين عند الضرورة‪ .‬سالمي َ‬
‫ويبارك يسوع تلميذه ويـُ َقبِّّله‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 390 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -53‬يسوع عند الراعي يوان يف مرج ابن عامر)‬

‫‪1945 / 01 / 26‬‬

‫ابلقش واجلداجد‪ ،‬يسري فيه يسوع‪ ،‬وإىل جانبه ليفي ويوحنّا‬


‫ّ‬ ‫ممر صغري عرب حقول ُحم ََِّتقة‪ ،‬مليئة‬
‫ّ‬
‫وخلفه يوسف ومسعان ويهوذا على شكل جمموعة‪.‬‬

‫حّت بعد حريق النهار‪ .‬ال َيكن للندى‬‫تتأجج ّ‬ ‫الوقت ليل‪ .‬إّّنا ال رطوبة‪ .‬ما تزال األرض انراً ّ‬
‫تتبخر قبل أن تالمس األرض‪ ،‬فاحلرارة املتصاعدة من‬ ‫أن يفعل شيئاً على هذه األرض اجلافّة‪ .‬أظنّها ّ‬
‫أثالم األرض وشقوقها شديدة للغاية‪ .‬يصمت اجلميع وهم ُم َنهكون ويتصبّب العرق منهم‪ّ .‬إال أنّين‬
‫كل الشرق‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أرى يسوع يبتسم‪ .‬الليل نَّري رغم أ ّن القمر الذي َييل إىل الغياب يكاد ال يُرى يف ّ‬
‫يسوع يسأل ليفي‪« :‬هل تظنّه سيكون هناك؟»‬

‫بكل أتكيد سوف يكون‪ .‬ففي هذا الوقت‪ ،‬قد استؤنف احلصاد‪ ،‬وجين الثمار مل يبدأ بعد‪.‬‬ ‫« ّ‬
‫خاصة إذا كان‬‫فالقرويّون إذن منشغلون حبراسة الكروم وحقول الت ّفاح من اللصوص‪ ،‬وال يفارقوهنا‪ّ ،‬‬
‫أرابب العمل متش ّددين مثل الذي ليوان‪ .‬فالسامرة قريبة‪ ،‬وعندما يتم ّكن هؤالء املارقون‪ ...‬آه! يسطون‬
‫بكل طيب خاطر‪َ .‬أوال يعلمون أ ّن بعد فعلتهم هذه ُُيال اخلُدَّام إىل اجلَّلد؟‬‫علينا‪ ،‬حنن اإلسرائيليّني ّ‬
‫بلى ّإهنم يعلمون ذلك ولكنّهم يبغضوننا‪».‬‬

‫فيقول له يسوع‪« :‬ال تكن حقوداً اي ليفي‪».‬‬

‫ك سوف ترى كم َحتَ َّمل يوان من العذاب بسببهم منذ مخس سنوات‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫«ال‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫وحشي‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫احلني َُيضي الليل كلّه يف احلراسة‪ .‬فاجلَّلد تعذيب‬

‫«أما زالت الطريق طويلة للوصول؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 391 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال اي معلّم‪ ،‬انظر‪ ،‬هناك ننتهي من هذه األرض الـم ِّ‬
‫قفرة‪ .‬وحيث توجد بقعة داكنة‪ ،‬تقع حقول‬ ‫ُ‬
‫سأسبقك كي أحتدَّث إىل يوان‪».‬‬
‫َ‬ ‫فإين‬
‫حت‪ّ ،‬‬ ‫الفريسي القاسي‪ .‬وإذا َمسَ َ‬
‫الت ّفاح التابعة لدوراس‪ّ ،‬‬
‫«اذهب‪».‬‬

‫إين‬
‫أود أن أكون يف خدمتهم! ّ‬
‫الفريسيّون ُهم هكذا اي سيّدي؟ آه! ال ّ‬
‫يسأله يوحنّا‪« :‬هل ّ‬
‫أُفَ ِّّ‬
‫ضل قاريب‪».‬‬

‫لديك؟»‬
‫املفضل َ‬
‫بك إذن هو ّ‬
‫جاد‪« :‬فقار َ‬ ‫ِّ‬
‫ويسأله يسوع وهو شبه ّ‬
‫احلب‬
‫أنت! ّأما القارب فكان حينما مل أكن أعرف ما هو ّ‬
‫فيجيب يوحنّا حبماس‪« :‬ال‪ ،‬بل َ‬
‫على األرض‪».‬‬

‫ذاتك الث ََّمَرة اليت‬


‫أنت َ‬‫ألست َ‬
‫احلب على األرض؟ َ‬‫يبتسم يسوع حلماسه‪« :‬أمل تكن تَعلَم بوجود ّ‬
‫يود املزاح‪.‬‬
‫طرح يسوع هذا السؤال كمن ّ‬‫ك؟» يَ َ‬
‫ألم َ‬
‫أبوك ّ‬
‫أنتَ َجتها حمّبة َ‬

‫حب يوحنّا‬
‫أنت هو ّ‬
‫حيب‪َ .‬‬
‫فأنت ّ‬
‫احلب املفضَّل ابلنسبة يل‪َ .‬‬
‫احلب مجيل‪ ،‬ولكنّه ليس ّ‬
‫«ذاك ّ‬
‫املسكني على األرض‪».‬‬

‫للحب‪ ،‬واإلنسان‬
‫ّ‬ ‫فاحلب متعطّش‬
‫ّ‬ ‫مساعك تقول هذا‪.‬‬
‫َ‬ ‫كنت أريد‬
‫يضمه يسوع إليه ويقول‪ُ « :‬‬ ‫ّ‬
‫يعطي‪ ،‬ولسوف يعطي على الدوام لتعطّشه للقطرات غري احملسوسة كاليت تسقط من السماء‪ ،‬وهي‬
‫حب البشر سوف تُستَن َفذ‬
‫حّت قطرات ّ‬ ‫اجلو‪ ،‬يف وهج الصيف‪ّ .‬‬ ‫تتبخر يف ّ‬‫غري ذات أُهيّة‪ ،‬لدرجة ّأهنا ّ‬
‫احلب‬
‫يف اهلواء مقتولة حبرارة كثري من األمور‪ .‬ويعود القلب فينتجها اثنية‪ ...‬إّّنا االهتمامات وأنواع ّ‬
‫تبخرها‪ .‬وما الذي سيصعد إىل يسوع؟ آه!‬ ‫املتأججة‪ ،‬وأمور إنسانيّة كثرية‪َّ ،‬‬
‫فإهنا ّ‬ ‫واألشغال‪ ،‬والشهوات ّ‬
‫البشري‪ ،‬ما َيكن أن يتب ّقى منها‪ ،‬اخلَلَجات املعنيّة ابلطلب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كل َخلَجات القلب‬‫أشياء قليلة ج ّداً! بقااي ّ‬
‫احلب‪ ،‬فستكون صفة عدد قليل‬ ‫تلح احلاجة‪ّ .‬أما أن ُيبّين فقط من أجل ّ‬ ‫الطلب‪ ،‬الطلب‪ ،‬عندما ّ‬
‫ج ّداً‪ :‬أمثال يوحنّا‪ ...‬انظر إىل سنبلة نـَبَـتَت يف هناية املوسم‪ .‬قد تكون حبّة َس َقطَت أثناء احلصاد‪ .‬لقد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 392 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َخ َذت‬ ‫َعَرفَت كيف تعيش‪ ،‬تقاوم الشمس واجلفاف‪ ،‬تنمو وتُصبِّح سنبلة‪َّ ...‬‬
‫أتمل هذه السنبلة اليت قد أ َ‬
‫حي يف هذه احلقول اجلرداء‪ .‬بعد قليل سوف تقع احلبّات الناضجة على‬ ‫شكلها‪ .‬ال شيء غريها ّ‬
‫األرض‪ ،‬بعد فَلق الغالف األملس الذي يربطها ابلساق‪ ،‬وسوف تصبح وجبة ُم ِّبهجة للعصافري‬
‫صل إىل‬ ‫الصغرية‪ ،‬أو إ ّن الواحدة منها ستعطي مائة‪ ،‬وتلك املائة سوف تَنبت قبل موسم الشتاء‪ ،‬وتَ ِّ‬
‫ُ‬
‫أخذ يف‬‫كل َم َ‬ ‫البلوغ من جديد‪ ،‬وتُشبِّع بدورها َسرَابً من العصافري اليت قد يكون اجلوع قد أ َ‬
‫َخ َذ منهم ّ‬
‫املوسم األكثر كآبة‪ ...‬أترى اي يوحنّا ماذا َيكن حلَبَّة ُشجاعة أن ُحتَ ِّّقق؟ هكذا سيكون الناس القليلو‬
‫احلب‪ .‬واحد فقط يكفي ليُشبِّع عدداً كبرياً‪ .‬واحد فقط يزيّن‬ ‫العدد الذين سوف ُيبّونين من أجل ّ‬
‫الع َدم‪ .‬واحد فقط يكفي ليُـ َف ِّّجر احلياة حيث كان‬ ‫املنطقة‪ ،‬حيث الفظاعة‪ ،‬حيث مل يكن يف البدء ّإال َ‬
‫املوت‪ ،‬وإليه سوف أييت اجلِّّياع‪ .‬وسوف َأي ُكلون َحبَّة ِّمن ُحبِّّه ال ُـمثابِّر‪ ،‬ومن مثّ‪ ،‬أباننيّاهتم وطيشهم‬
‫حّت يف غفلتهم هذه‪ ،‬سوف تضع احلبّة بذرة حياة يف دمهم ويف‬ ‫يطريون إىل مكان آخر‪ .‬ولكن ّ‬
‫روحهم‪ ...‬وسوف يعودون‪ ...‬فاليوم‪ ،‬وغداً‪ ،‬وكذلك بعد غد‪ ،‬كما كان يقول اسحق‪ ،‬سوف تنمو‬
‫احلب يف القلوب‪ .‬فالساق العارية مل تعد ذات نفع‪ ،‬قذى حمروقة‪ .‬إّّنا كم من اخلري سيولد من‬ ‫معرفة ّ‬
‫تضحيتها‪ ،‬واي لثواهبا!»‬

‫يسوع الذي كان قد توقَّف ُه َ‬


‫نيهة أمام سنبلة هزيلة نـَبَـتَت على قارعة الدرب‪ ،‬يف جمرى كان ّأايم‬
‫يتشرب‪ ،‬ليس فقط كلمات‬ ‫كمل حديثه‪ ،‬ويَستَ ِّمع إليه يوحنّا‪ ،‬مبظهره املعتاد كعاشق َّ‬‫املطر ساقية‪ ،‬ي ِّ‬
‫ُ‬
‫احملبوب‪ ،‬بل إّّنا حركاته كذلك‪ .‬اآلخرون الذين يتح ّدثون فيما بينهم ال ينتبهون إىل هذا احلوار العذب‪.‬‬
‫صلوا إىل حقل الت ّفاح‪ ،‬يتوقّفون وجيتمعون‪ّ .‬إهنم يتصبّبون عرقاً من ش ّدة احلرارة على الرغم‬‫اآلن وقد َو َ‬
‫من كوهنم دون معاطف‪ .‬يصمتون وينتظرون‪.‬‬
‫ِّمن احلقل املظلم الذي ال يكاد ينريه سوى شعاع من القمر‪ ،‬يـُرى ليفي الذي تُ ِّ‬
‫ظهره مالبسه‬ ‫َ‬
‫الفاحتة اللون‪ ،‬يتبعه شخص برداء داكِّن‪« .‬اي معلّم‪ ،‬ها هو ذا يوان‪».‬‬
‫عليك!» يقوهلا يسوع وهو ُييي يوان حّت قبل أن ي ِّ‬
‫صل إليه‪.‬‬ ‫فليحل سالمي َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 393 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لهما‪ .‬وعندما يتم ّكن من الكالم‬ ‫ولكن يوان ال جييب‪ .‬بل جيري ويرمتي عند قدميه ابكياً ويـُ َقبِّّ ُ‬
‫علي القول‪:‬‬ ‫ب‬ ‫ويتوج‬ ‫يدنو‬ ‫املوت‬ ‫و‬ ‫َيضي‬ ‫مر‬ ‫الع‬ ‫أرى‬ ‫أان‬
‫و‬ ‫يت‬ ‫ُه‬
‫َّ‬ ‫يقول‪« :‬كم انتظرتك! كم! كم أُثبِّطَت ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كنت‬
‫كنت على وشك املوت‪ُ ،‬‬ ‫حّت عندما ُ‬ ‫"مل أره!" ومع ذلك فال‪ ،‬مل يَ ُكن أملي قد تالشى أبكمله‪ّ .‬‬
‫عمانوئيل‪.‬‬
‫ـت سوف ختدمه أيضاً‪ .‬ومل تقل يل أمراً يوماً مل يكن حقيقيّاً‪ّ .‬إهنا أ ُّم ّ‬ ‫أقول‪" :‬قالت يل‪ :‬أن َ‬
‫عرف ما يكون ِّمن هللا"‪».‬‬ ‫ومن يكون هللا معه يَ ِّ‬ ‫فال يكون هللا إذن مع أحد أكثر من كونه معها‪َ ،‬‬
‫تك‪ّ .‬إهنا تسكن يف الناصرة‪».‬‬
‫لت عليها‪ ،‬وهي جار َ‬
‫ص َ‬‫هتديك السالم‪ .‬لقد َح َ‬
‫َ‬ ‫«اهنض‪ّ .‬إهنا‬

‫أشهر الشتاء اجلليديّة‪ ،‬عندما تغفو‬ ‫كنت أعلم هذا! ففي ليايل ُ‬
‫نت! هي! يف الناصرة؟ ليتين ُ‬ ‫«أ َ‬
‫قدميك وأعود مع كنزي ِّمن‬
‫َ‬ ‫كنت سآيت ُمسرعاً أُقَـبِّّل‬
‫احلقول وال يستطيع األشرار أذيّة املزارعني‪ ،‬آنذاك ُ‬
‫ظهر اي سيّدي؟»‬ ‫اليقني‪ .‬ملاذا مل تَ َ‬
‫الصرب‪ .‬أنت قلتها‪:‬‬ ‫«أل ّن ساعيت مل تكن قد أتت بعد‪ .‬أما اآلن فقد أتت الساعة‪ ،‬ينبغي تعلُّم َّ‬
‫"يف أشهر اجلليد‪ ،‬عندما تغفو احلقول"‪ .‬ومع ذلك فهي مزروعة‪ ،‬أليس كذلك؟ وأان كذلك مثل احلَبَّة‬
‫َصل إىل زمن‬ ‫الـمبذورة‪ .‬أنت رأيتَين يف وقت البِّذار‪ .‬مث اختفيت أان‪ ،‬مغَلّفاً بصمت ال ب ّد منه‪ .‬ألّنو وأ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلصاد وأَسطَع يف عيون الذين َرأوين مولوداً جديداً‪ ،‬ويف عيون العامل‪ .‬هذا الوقت قد حان‪ .‬فاآلن‪،‬‬
‫كل اآلخرين‪ ،‬أحبَث عن األوفياء يل‪ ،‬وهلم‬ ‫ِّ‬
‫املولود اجلديد أضحى مستع ّداً ألن يُصبح ُخبز العامل‪ .‬وقَبل ّ‬
‫مين"‪».‬‬
‫أقول‪" :‬تعالوا واشبَعوا ّ‬
‫يَستَ ِّمع إليه الرجل مبتسماً‪ ،‬مغتبطاً وال يتوقّف عن القول كما لو كان ذلك يف داخله‪« :‬آه!‬
‫أنت إذن!»‬
‫أنت إذن! هو َ‬ ‫هو َ‬
‫أكنت على وشك املوت؟ مّت؟»‬
‫« َ‬
‫فت على املوت أل ّن َك َرمني قد ُس ِّرقا‪ .‬انظُر كم من اجلروح!» يُ ِّنزل ثوبه‬ ‫«عندما جلِّ‬
‫شار ُ‬
‫َ‬ ‫حّت‬
‫ّ‬ ‫دت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ضَربَين بِّ ُسوط مزود بقطع حديديّة‪ .‬أحصى‬ ‫ليكشف عن كتفيه‪ ،‬وعليهما آاثر جراح غري منتظمة‪« .‬لقد َ‬
‫كل عنقود‪.‬‬ ‫وجلَ َدين َجلدة مقابل ّ‬
‫العناقيد املقطوفة‪ ،‬وكان ذلك ظاهراً من خالل آاثر العُنق املنزوع‪َ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 394 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َسع َفتين مرمي‪ ،‬زوجة أحد أصحايب‪ .‬فهي كانت ُم ِّنق َذيت على‬ ‫ِّ‬
‫ومن مثّ تَـَرَكين يف مكاين شبه ميّت‪ .‬وأ َ‬
‫قت هبذه الصغرية أل ّن امسها مرمي‪ .‬لقد‬ ‫لت إىل هنا‪ ،‬تَـ َعلَّ ُ‬
‫ص ُ‬‫الدوام‪ .‬وأبوها كان وكيالً قَبلي‪ ،‬وعندما َو َ‬
‫حروري‬
‫ّ‬ ‫فيت منذ شهرين‪ ،‬إذ‪ ،‬بسبب احلرارة‪ ،‬تَ َس َّممت اجلِّّراح‪ ،‬وتسبَّـبَت يل بَتفّع‬ ‫اعتَـنَت يب إىل أن ُش ُ‬
‫مسيحك اثنية‪ ،‬وهذا األمل كلّه ال يه ّمين‪ .‬تَـ َقبَّله‬
‫َ‬ ‫اجعلين أرى‬
‫يهم‪َ .‬‬ ‫قلت إلله إسرائيل‪" :‬ماذا ّ‬‫شديد‪ُ .‬‬
‫حّت‬
‫أنت تَعلَم ذلك‪ّ .‬‬ ‫لك األضاحي‪ .‬فأان خادم رجل فظيع‪ ،‬و َ‬ ‫ِّم ّين كأُضحية‪ .‬ال َيكنين الذهاب ألق ّدم َ‬
‫هيكلك‪ُ .‬خذين أان قرابانً‪ ،‬إّّنا َهبين ّإايه هو!»‬
‫َ‬ ‫يف الفصح ال يَ َدعين أذهب إىل‬

‫أصحابك اآلن؟»‬
‫َ‬ ‫العلي يف حـالة فـرح يـا يـوان‪ .‬هل تريد أن ختدمين كما يفعل‬
‫وج َعلَك ّ‬
‫« َ‬
‫«آه! كيف أفعل؟»‬

‫َيربك كم هو سهل أن ختدمين‪ .‬فأان ال أريد سوى اإلرادة‬ ‫«مثلهم‪ .‬ليفي يَ ِّ‬
‫عرف وسوف َ‬
‫الصاحلة‪».‬‬

‫كل شيء‪ .‬وكذلك‬‫انتصرت على ّ‬


‫ُ‬ ‫للتو‪ .‬وهبا‬
‫لك حينما مل تكن سوى طفل مولود ّ‬ ‫«لقد قَدَّمتُها َ‬
‫رب‬
‫على العزَية ال ُـمثبَطَة‪ ،‬مثلما على األحقاد‪ .‬ذلك أنّين‪ ...‬هنا ال أستطيع التح ّدث إال قليالً‪ّ ...‬‬
‫كنت أستطيع‬
‫ك موجود‪ .‬إّّنا حينما كان بعيداً‪ ،‬ومع أانس ُ‬ ‫كنت أؤّكد إبصرار أنّ َ‬
‫مرة ألنّين ُ‬‫العمل َرَكلَين ّ‬
‫كنت أحت ّدث عنها‪ ،‬معجزة الليلة ّإايها!»‬
‫الوثوق هبم‪ .‬آه! ُ‬
‫يف وأَمني‪.‬‬
‫« ّأما اآلن فتح ّدث عن معجزة اللقاء يب‪ .‬لقد وجدتكم مجيعكم تقريباً‪ .‬وكلّكم َو ّ‬
‫ب‪ ،‬أصبَحتُم مستقيمني يف نَظَر هللا ونَظَر‬
‫وح ّ‬
‫أتملكم فقط يب إبَيان ُ‬
‫أليست هذه معجزة؟ بسبب ّ‬
‫البشر‪».‬‬

‫ك هنا‪ ،‬وأنّين أستطيع‬ ‫ِّ‬


‫مت أنّ َ‬
‫لدي اآلن الشجاعة! الشجاعة! اآلن وقد َعل ُ‬
‫«آه! أصبَ َحت ّ‬
‫القول‪" :‬إنّه هنا اذهبوا إليه!‪ "...‬ولكن أين اي سيّدي؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 395 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت أيلول (سبتمرب)‪ ،‬أان يف اجلليل‪ .‬ويف أغلب األحيان سأكون يف الناصرة‬
‫«يف إسرائيل كلّها‪ّ .‬‬
‫أتيت ألمجَع نِّعاج‬
‫كل مكان‪ .‬لقد ُ‬
‫وكفرانحوم‪ ،‬ومن هنا َيكن اجمليء للقاء يب‪ .‬بعد ذلك‪ ...‬أان يف ّ‬
‫إسرائيل‪».‬‬

‫فاحَتس ِّمن العُظَماء يف إسرائيل!»‬


‫«آه! اي سيّدي‪ ،‬سوف تُالقي تيوساً كثرية‪َِّ .‬‬

‫أنت فَـ ُقل لألموات‪ ،‬للنائمني‪ ،‬ولألحياء‪" :‬ماسيا‬


‫«لن يؤذوين طاملا مل أتت الساعة بعد‪ّ .‬أما َ‬
‫فيما بيننا"‪».‬‬

‫ريب؟»‬
‫«لألموات‪ّ ،‬‬
‫فإهنم يَهتَـّزون فرحاً لِّتَ َخلُّصهم القريب من‬
‫الرب‪ّ ،‬‬
‫«للنفوس امليتة‪ّ .‬أما الباقون‪ ،‬الذين ماتوا يف ّ‬
‫شرق لتوقظهم من سباهتم‪ .‬وقل‬ ‫إين أان الشمس اليت تُ ِّ‬
‫إين أان احلياة‪ ،‬وللنيام ّ‬
‫اليمبس‪ .‬قل لألموات ّ‬
‫احلق الذي يبحثون عنه‪».‬‬ ‫إين ّ‬
‫لألحياء ّ‬

‫«أوتشفي املرضى كذلك؟ لقد َح َّدثَين ليفي عن اسحق‪ .‬هل املعجزة له فقط ألنّه َّ‬
‫الراعي التابع‬
‫لك‪ ،‬أم للجميع؟»‬
‫َ‬
‫حقيقي‪.‬‬ ‫صالح‬ ‫إىل‬ ‫لبهم‬ ‫ج‬ ‫«املعجزة هي للصاحلني‪ ،‬املكافأة العادلة‪ .‬أما لألقل صالحاً فَلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هلزهم‪ ،‬إلقناعهم أبنّين موجود‪ ،‬وأ ّن هللا معي‪ .‬فاملعجزة عطيّة‪ ،‬وهي للصاحلني‪.‬‬ ‫لألشرار أيضاً أحياانً‪ّ ،‬‬
‫هرع‬
‫يهزه‪ ،‬فهو يَ َ‬
‫لكن الذي هو رمحة‪ ،‬والذي يَرى كم اإلنسان غليظ وأن حداثً خارقاً فقط َيكنه أن ّ‬ ‫و ّ‬
‫كل هذا مل ينفع‪ ،‬فقولوا يل أنتم ماذا ينبغي يل‬‫كل شيء ألجلكم‪ ،‬و ّ‬ ‫لت ّ‬‫إىل البشر ليقول هلم‪" :‬لقد فَـ َع ُ‬
‫أن أفعل أكثر من ذلك"‪».‬‬

‫أود‬
‫فإين ّ‬
‫دخلوا األمالك‪ّ ،‬‬
‫دت يل أ ّن اللصوص لن يَ ُ‬ ‫«سيّدي‪ ،‬أال أتنف من دخول بييت؟ إذا أ َّ‬
‫َك َ‬
‫رب العمل‬
‫يعرفونك من خالل حديثي‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫لك بعض الناس الذين‬ ‫لك واجب الضيافة‪ ،‬وأمجع حو َ‬
‫لو أق ّدم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 396 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نفسك‬
‫َ‬ ‫رت‬
‫أظه َ‬
‫َّمنا مثل عُشب ُمبتَ َذل‪ .‬ليس لدينا سوى األمل مبكافأة أبديّة‪ .‬إّّنا لو َ‬ ‫وهش َ‬‫قد َرَكلَنا َ‬
‫لقلوب ُمن َك ِّسرة ُحمتَـ َقرة‪ ،‬تصبح لديها ّقوة إضافيّة‪».‬‬

‫عنك‬
‫أَيكنك أن تؤمن أن املالئكة يقومون َ‬
‫َ‬ ‫ختش شيئاً ابلنسبة لألشجار والكروم‪.‬‬
‫إين آت‪ .‬ال َ‬
‫«ّ‬
‫حبراسة أمينة؟»‬

‫بكل اطمئنان‪ .‬مباركة هي‬


‫معك ّ‬ ‫إين أؤمن وآيت َ‬
‫َّامك السماويّني‪ّ ،‬‬
‫رب! لقد رأيتُهم‪ُ ،‬خد َ‬
‫«آه! اي ّ‬
‫هذه األشجار اليت نسيمها خفقات أجنحة املالئكة ونغمات األصوات املالئكيّة! مباركة هي هذه‬
‫ريب يسوع! امسعي أيّتها األشجار والكروم‪ ،‬امسعي‬
‫بقدميك! تعال ّ‬
‫َ‬ ‫األرض اليت تُـ َق ِّّدسها أبن تطأها‬
‫ِّ‬
‫ائتمنتك عليه يف سكينيت‪ ،‬سأبوح به‪ .‬يسوع هنا‪.‬‬ ‫كنت قد‬
‫أيّتها األرايف‪ ،‬اآلن هذا االسم الذي ُ‬
‫امسعي‪ ،‬وليختلج النَّسغ يف األغصان والفروع‪ .‬فإ ّن ماسيا معنا‪».‬‬

‫كل شيء هبذه الكلمات ال َف ِّر َحة‪.‬‬


‫وينتهي ّ‬
‫يف مساء اليوم ذاته ‪ 1945 / 01 / 26‬الساعة العشرون (الثامنة مساءاً)‬

‫أان ُمَرَّوعة لدرجة كبرية ِّمن ظهور الشيطان ‪-‬الشيطان بشخصه دون متويه من أي نوع‪ ،‬إنّه‬
‫ضبايب‪ ،‬ذو جبهة منخفضة وضيّقة‪ ،‬ووجه ُم َدبَّب‪ ،‬وعينني غائرتني‪ ،‬إنّه‬ ‫ّ‬ ‫شخص ضخم القامة‪ ،‬أملَس‪،‬‬
‫كنت‬ ‫ِّ‬
‫كنت على وشك أن أطلب النجدة‪ُ -.‬‬ ‫شريرة لدرجة كبرية‪ ،‬ساخرة‪ُ ،‬خماتلة لدرجة أنّين ُ‬ ‫ذو نظرة ّ‬
‫املنزه عن الدنس‪،‬‬
‫أصلّي يف عتمة غرفيت‪ ،‬بينما كانت مرات يف املطبخ‪ ،‬وكنت أصلّي ابلتحديد لقلب مرمي ّ‬
‫كل تفاصيل‬ ‫أيت ّ‬
‫املوصد‪ .‬إنّه هو‪ ،‬سواد على سواد‪ ،‬ومع ذلك فقد ر ُ‬ ‫عندما ظَ َهر يل قرب الباب َ‬
‫وحشي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لست أدري ماذا أمسّيه‪ ،‬شيء‬ ‫جسده العاري واملخيف‪ ،‬ليس بفعل عاهة أو تشويه‪ ،‬إّّنا بفعل‪ُ ،‬‬
‫متشعبة‪ ،‬وال أيّة تفاصيل‬
‫كل أعضائه‪َ .‬ملْ أ ََر قروانً وال َذنَباً وال أقداماً ّ‬
‫فظيع وثعباينّ كان ينطلق من ّ‬
‫كل الوحشيّة كانت ابدية يف سيمائه‪ .‬للتعبري عن كيفيّته‪ ،‬ينبغي يل‬ ‫عرض هبا عادة‪ .‬إّّنا ّ‬‫أخرى كاليت يُ َ‬
‫الشريرة‪.‬‬
‫تعرب عنه مالحمه املخادعة و ّ‬ ‫وترصد‪ .‬هذا ما كانت ّ‬ ‫أن أقول‪ :‬اختيال‪ُ ،‬سخرية‪ ،‬وحشيّة وحقد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 397 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الدنو أكثر‪ .‬لقد كان هناك ُم َس َّمراً عند املدخل‪ .‬لقد‬
‫مين ويشتمين‪ ،‬ولكنّه مل يكن جيرؤ على ّ‬‫كان يهزأ ّ‬
‫حار وابرد معاً‪.‬‬ ‫ب‪ .‬ولكنّه تسبّب يل بتصبّب عرق ّ‬
‫بقي حوايل العشر دقائق‪ ،‬مثّ ذَ َه َ‬
‫ك َرفَضتِّه بقسوة بعنصره‬ ‫بينما كنت أرتَعِّد‪ ،‬تساءلت عن هذا اجمليء‪ ،‬فقال يل يسوع‪« :‬ألنّ ِّ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫لست أدري كيف‬ ‫كنت أصلّي ملرمي‪ ،‬شيء ما كان يدور يف خلدي وإبحلاح‪ُ ...‬‬ ‫ئيسي‪( ».‬عندما ُ‬‫الر ّ‬
‫ِّ‬
‫"بدونك‪،‬‬ ‫أدعو هذا الشيء‪ ،‬فهو ليس صواتً‪ ،‬ليس فكرة‪ ،‬هو ال شيء‪ ،‬ومع ذلك فهو شيء ما يقول‪:‬‬
‫ك حمبوبة ج ّداً من هللا"‪ .‬أان‬ ‫استحقاقاتك ُيدث هذا األمر‪ .‬ألنّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫هنا‪ ،‬كان سـيحدث أمر ما‪ .‬بسـبب‬
‫أعمل بشكل جيّد أو سيّئ‪ ،‬إّّنا يبدو يل أنّين أعمل خرياً‪ -‬عندما أمسع‬ ‫كنت َ‬
‫لست أدري ما إذا ُ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫جتربين‪ .‬ألنّه إذا كان يسوع هو الذي يكلّمين‪ ،‬فأان أتقبّله‪،‬‬ ‫عين أيّها الشيطان‪ .‬ال ّ‬
‫"اذهب ّ‬
‫ذلك أقول‪َ :‬‬
‫ك َرفَضتِّه‬‫ولكن جيب ّأال يقول هذا يل أحد سواه ليالطفين"‪ .‬قال يل يسوع واحلالة هذه‪« :‬هذا ألنّ ِّ‬
‫إيقاعك يف هذه النقطة! هل رأيتِّه جيّداً؟ أمل‬ ‫ِّ‬ ‫ئيسي‪ ،‬الكربايء‪ .‬آه! لو كان استطاع‬
‫بقسوة‪ ،‬بعنصره الر ّ‬
‫ظهر وتبدو لدى الذين ُهم يف خدمته ولو‬ ‫أبوته‪ ،‬وهي تَ َ‬
‫ظهره‪ ،‬أقول سيادته أو ّ‬‫تالحظي كيف هو َم َ‬
‫ظهر املقيت حليوان قَ ِّذر َِّجنس‪،‬‬ ‫لك يف شخص أحدهم ُم َِّ‬
‫قَتانً ابل َـم َ‬
‫مؤقّتاً؟ ال تتفاجأي إذا ما ظَهر ِّ‬
‫َ‬
‫لوحش وقد انتَـ َف َخ ابلتع ّفن‪ ،‬خبمرية الفسق‪ .‬هذا أل ّن ذلك املخلوق املسكني حاوية رذائل كثرية وخطااي‪،‬‬
‫علوك تنتفضني‬ ‫ولكن خطااي اجلسد هي يف ح ّد ذاهتا الرئيسية‪ .‬ف ّكري بكل الذين‪ ،‬بطريقة أخرى‪ ،‬ج ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتألّمني‪ ،‬ابلذين‪ ،‬خالل ساعة فقط‪ ،‬كانوا أدوات الشيطان لتعذيب نفس مؤمنة‪ ،‬جلعلها تعاين وتتأ ّمل‪،‬‬
‫الشر الفظيع اليت رأيتِّها كاملة فيه؟ آه! إنّه‬ ‫ِّ‬
‫بغية عزهلا‪ .‬أمل يكن‪ ،‬أثناء َجرحك‪ ،‬يبدو بنفس مالمح ّ‬
‫بقيت معي‬ ‫بك إذا ما ِّ‬ ‫يظهر ِّمن خالل أولئك الذين َيدمونه! إّّنا ال ختايف‪ .‬ال َيكنه إحلاق األذى ِّ‬
‫َ َ‬
‫ِّ‬
‫لنفسك‬ ‫عليك‪ .‬آه! وبغري حدود‪ .‬ولكنّه عاجز عن أن يسيء ِّ‬
‫إليك‪ .‬إذا مل تسمحي‬ ‫ومع مرمي‪ .‬إنّه ُيقد ِّ‬
‫أبن تبحث عن ذاهتا‪ ،‬وإذا تَـَركتِّها حتت محاية قليب‪ ،‬فكيف تريدين أن يتم ّكن ِّمن إحلاق األذى هبا؟‬

‫األقل أُهّية اليت رأيتِّها‪ .‬ينبغي أن يُعلَم هبا األب كلّها‪،‬‬


‫اكتيب هذه‪ ،‬واكتيب أيضاً الرؤى األخرى ّ‬
‫لدي قد حان‪ .‬فالبنفسج‬ ‫للمفضلني ّ‬
‫ّ‬ ‫وهي ليست بغري هدف‪ .‬واعلَمي أ ّن زمن ربيعي الذي أمنَحه‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 398 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وزهور الربيع تو ّشي احلقول يف الربيع‪ .‬واملشاركة آبالمي تو ّشي ّأايم التحضري ألسبوع اآلالم لدى‬
‫لك من اخلوف‪ ،‬ابسم اآلب واالبن والروح القدس‪».‬‬‫كك ألب ّدد ما بقي ِّ‬
‫أصدقائي‪ .‬اذهيب بسالم‪ .‬أابر ِّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 399 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -54‬العودة إىل الناصرة بعد مفارقة يوان)‬

‫‪1945 / 01 / 27‬‬

‫ابلكاد‪ ،‬ابلكاد بصيص نور‪ .‬على ابب كوخ ابئس‪ ،‬أمسّيه هكذا أل ّن تسميته بيتاً يُضفي عليه‬
‫الكثري من الفخامة‪ ،‬هناك يوجد يسوع مع أتباعه ويوان وقَـَرويّني ابئسني آخرين مثله‪ّ .‬إهنا ساعة الوداع‪.‬‬

‫األايم‬
‫صالحك َح َّو َل هذه ّ‬
‫َ‬ ‫لت النور إىل قلوبنا‪.‬‬
‫يسأله يوان‪« :‬سيّدي‪ ،‬ألن أر َاك اثنية؟ لقد َمحَ َ‬
‫عامل أبكثر‬
‫عامل أبفضل منّا‪ ،‬واألشجار تُ َ‬ ‫عامل‪ .‬احليواانت تُ َ‬
‫أيت كيف نُ َ‬ ‫إىل عيد يدوم طوال احلياة‪ .‬ر َ‬
‫إنسانيّة‪ .‬فهم َيثّلون املال‪ .‬وحنن لسنا سوى آالت وأدوات لتأمني املال‪ .‬ونُستَـغَ ّل إىل احل ّد الذي ّنوت‬
‫اجلو مثل أجنحة مالئكيّة‪ .‬لقد بدا لنا ال ُقوت أوفَر‬ ‫كلماتك لَطََّفت لنا ّ‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫فيه من ش ّدة اإلهناك‪ .‬و ّ‬
‫حّت لكالبه‪ .‬عُد اي سيّدي لتُ ِّ‬
‫شاركنا الطعام‬ ‫ك تناولتَه معنا‪ ،‬هذا ال ُقوت الذي ال يق ّدمه ّ‬ ‫أفضل ألنّ َ‬
‫و َ‬
‫حّت‬
‫أنت فأان أجرؤ على قول هذا‪ ،‬فإن تقدمي هكذا مأوى وهكذا طعام يزدريه ّ‬ ‫ك َ‬ ‫جمدَّداً‪ .‬فقط ألنّ َ‬
‫أنت‪»...‬‬
‫املتسول ويُعتََرب إهانة‪ّ .‬أما َ‬
‫ّ‬
‫احلب‪ .‬سوف آيت اي يوان‪ ،‬سوف‬ ‫« ّأما أان فأجد فيهما عطراً وطعماً مساويّني أل ّن فيهما اإلَيان و ّ‬
‫كسلَّم يعقوب‪ .‬ويف احلقيقة‪،‬‬ ‫مكانك هذا ُ‬
‫َ‬ ‫بطت فيه‪ .‬وليكن‬ ‫ك ُر َ‬ ‫مكانك كما لو أنَّ َ‬
‫َ‬ ‫أنت يف‬
‫آيت‪ .‬ابق َ‬
‫إليك وهي حريصة على جين استحقاقاتك كلّها لِّتَ ِّ‬
‫حملها إىل هللا‪ .‬ولكنّين‬ ‫إ ّن املالئكة أتيت من السماء َ‬
‫حّت بشرّايً‪ ،‬ولكنّين‬
‫أود منحكم سالماً ّ‬ ‫روحك‪ .‬ابقوا كلّكم أوفياء يل‪ .‬آه! ّ‬ ‫َ‬ ‫إليك ألنشل‬
‫سوف أعود َ‬
‫ُيب‪»...‬‬
‫ال أستطيع‪ ،‬إذ علي أن أقول لكم‪" :‬أتلّموا بعد"‪ .‬وهذا القول يسبّب األمل ملن ّ‬
‫كنت‬
‫كنت حتبّنا‪ ،‬فال يعود هناك أمل‪ .‬سابقاً مل يكن لنا من ُيبّنا‪ ...‬آه! لو ُ‬
‫«اي سيّد‪ ،‬إذا َ‬
‫ك!»‬‫األقل‪ ،‬أن أرى ّأم َ‬
‫أستطيع‪ ،‬أان على ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 400 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تعرض نفسك‬ ‫إليك‪ .‬عندما يصبح الطقس لطيفاً‪ ،‬سوف أعود معها‪ .‬ال ّ‬ ‫«ال تقلق‪ ،‬سأجلبها َ‬
‫ابستعجالك لرؤيتها‪ .‬فلتتعلّم انتظارها مثلما تنتَ ِّظر ظهور جنمة‪ ،‬النجمة األوىل‪ .‬سوف‬
‫َ‬ ‫لعقاب ال إنساينّ‬
‫حّت منذ‬ ‫ِّ‬
‫لك بغتة مثل جنمة املساء األوىل اليت مل تكن مرئيّة وفجأة تتألأل يف السماء‪ .‬وفَ ّكر ّأهنا ّ‬ ‫ظهر َ‬‫تَ َ‬
‫حمكم سالمي من اخلشونة اليت تقلقكم‪.‬‬ ‫عليك‪ .‬الوداع لكم مجيعاً‪ .‬ولِّي ِّ‬
‫اآلن هي تَس ُكب عطااي حبّها َ‬
‫َ‬
‫تبك‪ .‬لقد انتظرت سنوات طويلة إبَيان صبور‪ .‬أ ِّ‬
‫َع ُد َك اآلن ابنتظار قصري ج ّداً‪ .‬ال‬ ‫وداعاً اي يوان‪ .‬ال ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫طيبتك َم َس َحت شقاءات طفوليت‪ .‬أفال ينبغي أن َيسح‬ ‫َ‬ ‫صالحك‪ ،‬بل‬
‫َ‬ ‫كك وحيداً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تبك‪ .‬لن أتر َ‬
‫شقاءاتك؟»‬
‫َ‬ ‫صالحي‬

‫ك متضي‪ ...‬وأان أبقى‪»...‬‬


‫«نعم‪ ...‬ولكنّ َ‬

‫متكين ِّمن التخفيف َ‬


‫عنك‪»...‬‬ ‫«اي صديقي يوان‪ ،‬ال تدعين أمضي ُحمبَطاً ِّمن عدم ُّ‬

‫ك‬
‫خاصة اآلن وأان أَعلَم أنّ َ‬
‫رؤيتك‪ّ ،‬‬
‫لست أبكي‪ ،‬اي سيّد‪ ...‬ولكن كيف العمل ألعيش دون َ‬
‫« ُ‬
‫حي؟»‬
‫ّ‬
‫داعب يسوع وجه العجوز الشاحب مثّ يبتعد‪ .‬ولكنّه يقف عند حدود الساحة البائسة‪ ،‬ويفتح‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ذراعيه مباركاً القرية‪ ،‬مثّ يبتعد‪.‬‬

‫ظ احلركة غري االعتياديّة (إشارة‬


‫الح َ‬
‫«ما هي هذه اإلشارة اي معلّم؟» يسأل مسعان الذي َ‬
‫الصليب)‪.‬‬

‫كل األشياء‪ ،‬كي ال يتم ّكن الشياطني ِّمن اإلساءة إليها‪ ،‬وابلتايل اإلساءة‬ ‫على‬ ‫ة‬ ‫«لقد طَبعت ِّ‬
‫مس‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫أي شيء آخر‪».‬‬ ‫هلؤالء املساكني‪ .‬مل يكن أمامي فعل ّ‬
‫صلون عن‬ ‫وحدك‪ ،‬فال يسمعه أحد‪ ».‬وين َف ِّ‬
‫َ‬ ‫لك‬
‫«اي معلّم‪ ...‬فلتتق ّدم بسرعة‪ .‬أريد قول شيء َ‬
‫َ‬
‫كل‬
‫لك إ ّن لدى لعازر صالحية استخدام املبلغ لنجدة ّ‬ ‫اجملموعة‪ ،‬ويتح ّدث مسعان‪« :‬أريد أن أقول َ‬
‫الذين‪ ،‬ابسم يسوع‪ ،‬يلتَ ِّجئون إليه‪ .‬أفال نستطيع إعتاق يوان؟ هذا الرجل املنهوك القوى والذي مل يعد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 401 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حراً فسيصبح تلميذك‬ ‫امتالكك؟ فلنهبه له‪ .‬ما هي الفائدة من بقائه هنا؟ ّأما إذا كان ّ‬
‫َ‬ ‫لديه سوى فرح‬
‫خدمون‬‫يف هذا السهل اجلميل والـمنع ِّزل‪ .‬فهنا‪ ،‬األغىن من أبناء إسرائيل َيلكون األراضي املمتازة‪ ،‬ويست ِّ‬
‫َ َ‬ ‫َُ‬
‫َيكنك اإلقامة قليالً‬
‫َ‬ ‫أانساً أبجور ُجم ِّحفة‪ ،‬متطلّبني عمل مائة ِّمن واحد‪ .‬أعرف ذلك منذ سنوات‪ .‬هنا‬
‫لك أبداً‪ .‬وأشقى‬ ‫لست أظنّهم سيكونون أصدقاء َ‬
‫الفريسيّني هي اليت هتيمن‪ ،‬و ُ‬ ‫فقط‪ ،‬ذلك أ ّن طائفة من ّ‬
‫حّت أثناء‬
‫بنفسك‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫مسعت ذلك‬
‫بين إسرائيل هم هؤالء العاملون املظلومون واحملرومون من النور‪ .‬لقد َ‬
‫صلّون بسالم‪ ،‬بينما أرابب العمل ال ُقساة‪ ،‬وحبركات فيها الكثري ِّمن التمثيل‪،‬‬ ‫الفصح ال يَ َدعوهنم يُ َ‬
‫األول‪ .‬سيكون هلم على األقل فرح معرفة أنّك موجود‪ ،‬وكذلك فرح‬ ‫يضعون أنفسهم يف صف املؤمنني ّ‬
‫ِّ‬
‫أمرك‬
‫ت َ‬ ‫يَتدد على لسان َمن لن يـُغَِّّري فيها حرفاً‪ .‬وفيما إذا و َ‬
‫افقت اي معلّم‪ ،‬فأَصدر أن َ‬ ‫كالمك ّ‬
‫َ‬ ‫مساع‬
‫ولعازر سوف ين ّفذه‪».‬‬

‫أحببتك‬ ‫لست أجهلُها‪ ،‬وقد‬ ‫«اي مسعان‪ ،‬أان أَعلَم ملاذا جتردت ِّ‬
‫َ‬ ‫كل شيء‪ .‬أفكار اإلنسان ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ َ‬
‫وجبعلك يوان سعيداً تُسعِّد يسوع‪ .‬آه! اي للضيق أن أرى صاحلاً يتأ ّمل ويعاين! فَ َشرطَ ّي‬ ‫َ‬ ‫أيضاً هلذا السبب‪.‬‬
‫أنت َكلِّ َمة هللا؟ قل‬
‫لست َ‬ ‫الفقر واحتقار العامل ال يضايقين إّال هلذا‪ .‬لو كان يهوذا يسمعين لقال‪" :‬أو َ‬
‫أود لو أُشبِّع اجلّياع‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫إين ّ‬ ‫فخ الشيطان‪ّ .‬‬ ‫َكل َمة وتصبح احلجارة ذهباً وخبزاً للمساكني"‪ .‬فيعاود نَصب ّ‬
‫إّّنا ليس ابلطريقة اليت يريدها يهوذا‪ .‬فإنّكم لستم بعد على درجة من األهليّة إلدراك عُمق ما أقول‪.‬‬
‫ب عمليّة َسلب حبق‬ ‫كل األمور‪ ،‬لكان قد ارتَ َك َ‬ ‫لك‪ :‬لو كان هللا هو الذي يدبّر ّ‬ ‫ولكنّين أقول ذلك َ‬
‫احلب‪.‬‬ ‫ة‬ ‫وصي‬ ‫ابلتايل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫يطيع‬ ‫أن‬‫و‬ ‫ذاهتم‬ ‫ن‬ ‫أصدقائه‪ ،‬أي لكان قد حرمهم من إمكانية أن يكونوا ر َمحاء ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ََ‬
‫توحدهم به‪ :‬مسة الرمحة املق ّدسة اليت تتب ّدى ابألقوال‬ ‫ينبغي ألصدقائي أن يتّسموا بسمة هللا هذه‪ ،‬اليت ّ‬
‫كت هذه الفكرة؟»‬ ‫واألفعال‪ .‬وبؤس اآلخرين يُعطي ألصدقائي الفرصة ملمارستها‪ ،‬هل أدر َ‬
‫اضع إلدراكي كم أان غليظ الفهم وكم هللا عظيم‪ ،‬هذا الذي‬‫أأتمل هبا وأتو َ‬
‫« ّإهنا فكرة عميقة‪ّ ،‬‬
‫كل‬
‫يتكشف هللا يل بكماالته العديدة من خالل ّ‬
‫كل صفاته األكثر وداعة‪ ،‬فيدعوان أبناءه‪ّ .‬‬
‫يريدان‪ ،‬مع ّ‬
‫أتوسع يف معرفة هذه‬
‫هذا النور الذي تضعه يف قليب‪ .‬ويوماً إثر يوم‪َ ،‬ك َمن يتق ّدم يف مكان جمهول‪ّ ،‬‬
‫احلقيقة العظيمة اليت هي الكمال الذي يريد أن يدعوان "أبناء"‪ .‬يبدو أنّين أرتفع مثل نسر أو أغوص‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 402 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صت أكثر‪ ،‬فال أملس‬
‫عت أكثر أو غُ ُ‬
‫مثل مسكة يف عُم َقني بال هناية مثل السماء والبحر‪ ،‬ومهما ارتَـ َف ُ‬
‫احلدود أبداً‪ .‬ولكن ما يكون هللا إذن؟»‬

‫وهر‬
‫األكمل‪ ،‬هللا هو القدرة الالمتناهية‪ ،‬هللا هو اجلَّ َ‬
‫«هللا هو الكمال بعيد املنال‪ ،‬هللا هو البهاء َ‬
‫فىن‪ ،‬هللا هو احلكمة اليت‬ ‫الصالح الذي ال َيكن جتاوزه‪ ،‬هللا هو الرمحة اليت ال تَ َ‬
‫درك‪ ،‬هللا هو َّ‬
‫غري ال ُـم َ‬
‫فت هللا أكثر‬‫ك كلّما عر َ‬ ‫قلت إنّ َ‬
‫أنت َ‬ ‫احلب! َ‬‫احلب! إنّه ّ‬‫َضحى هللا‪ .‬إنّه ّ‬
‫احلب الذي أ َ‬‫ال تُقاس‪ ،‬هللا هو ّ‬
‫ظل له‪ ...‬ولكن‬ ‫ك ترتفع أو تغوص يف عُم َقني ال هناية هلما‪ ،‬لالزورد ال ّ‬ ‫لك أنّ َ‬
‫يف كماله‪ ،‬كلّما بدا َ‬
‫احلب أضحى هللا‪ ،‬ال تعود ترتفع أو تغوص يف الالزورد‪ ،‬إّّنا يف زوبعة‬ ‫درك ماذا يعين أ ّن ّ‬‫عندما ستُ ِّ‬
‫لك مواتً وحياة‪ .‬سوف متتَلِّك هللا امتالكاً كامالً‪،‬‬ ‫سحب بغبطة تكون َ‬ ‫ِّ‬
‫ُم ِّبهَرة من اللَّ َهب‪ ،‬وسوف تُ َ‬
‫ادتك إىل إدراكه واستحقاقه‪ .‬عندئذ سوف تَثبُت يف كماله‪».‬‬ ‫عندما تصل إبر َ‬
‫نس ِّحق‪.‬‬
‫ريب!» مسعان ُم َ‬
‫«ّ‬
‫يتجمعون جيثو ليفي‪:‬‬
‫فَتة صمت ويَبلُغان الطريق‪ .‬يقف يسوع يف انتظار اآلخرين‪ .‬وعندما ّ‬
‫ك‪ .‬هذا يتيم مثلي‪ ،‬فال ترفض‬
‫يرجوك‪ :‬خذين إىل ّأم َ‬
‫َ‬ ‫خادمك‬
‫َ‬ ‫كك اي معلّم‪ ،‬إّّنا‬
‫«من املفروض أن أتر َ‬
‫يل ما َهتبه ّإايه‪ .‬دعين أرى وجه أ ُّم‪»...‬‬

‫«تعال‪ ،‬فكل ما يُطلَب ابسم ّأمي أعطيه ابسم ّأمي‪»...‬‬

‫احململة حببّات زيتون صغرية كاملة الشكل‪.‬‬


‫يسوع وحيد‪ ،‬يسري مسرعاً بني أشجار الزيتون ّ‬
‫أبشعتها اليت ال تصل ّإال إىل جعل‬
‫الشمس اليت متيل إىل الغروب ترشق أوراق األشجار الثمينة واملساملة ّ‬
‫اصة‪ .‬بينما الطريق الرئيسيّة على العكس من ذلك‪ ،‬فهي حمصورة بني‬ ‫القليل منها ََي ََِّتق األغصان املَت ّ‬
‫ايب ذي النور املبهر‪.‬‬
‫نح َد َرين‪ ،‬وهي كالشريط الَت ّ‬ ‫ُم َ‬
‫صل إىل مكان شديد االحندار‪ ...‬ويبتسم ابتسامة أكثر حيويّة‪ .‬ها هي‬ ‫يتق ّدم يسوع ويبتسم‪ .‬ي ِّ‬
‫َ‬
‫كأهنا ترقص للشمس بقدر ما يغلّفها نورها‪ .‬ينزل يسوع بسرعة أكرب‪ .‬يصل اآلن‬ ‫ذي الناصرة‪ ...‬تبدو و ّ‬
‫إىل الطريق‪ ،‬دون أن يُعري للشمس اهتماماً‪ .‬حتسبه‪ ،‬لسرعته‪ ،‬يطري‪ ،‬ومعطفه الذي ُيمي رأسه يَنتَ ِّفخ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 403 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سمع‬ ‫ي‬ ‫وهنا‬ ‫البيوت‪.‬‬ ‫شارف‬ ‫م‬ ‫إىل‬ ‫ل‬ ‫ص‬‫فرف على جانبيه وخلفه‪ .‬الدرب صحراوي وصامت حّت ي ِّ‬ ‫ويـُر ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يستغل‬ ‫يق‪.‬‬‫ر‬ ‫الط‬ ‫على‬ ‫حّت‬ ‫ظالهلا‬ ‫ترمي‬ ‫اليت‬ ‫احلدائق‬ ‫أو‬ ‫البيوت‬ ‫داخل‬ ‫ن‬ ‫صوت ولَد أو امرأة صادراً ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الظل هذه لتفادي الشمس احلارقة‪ .‬ينعطف على درب شبه ظليل‪ ،‬حيث توجد نساء قد‬ ‫يسوع بـُ َقع ّ‬
‫احلادة لعودته امليمونة‪.‬‬
‫كلهن تقريباً أبصواهتن ّ‬
‫اجتمعن حول ماء بئر؛ فيحيّينه ّ‬
‫أود مفاجأة أمي‪».‬‬
‫لكن مجيعاً‪ ...‬إّّنا اصمنت ألنّين ّ‬
‫«السالم ّ‬
‫«لقد َذ َهبَت أخت زوجها إليصال إانء ماء عذب‪ ،‬إّّنا عليها أن تعود‪ ،‬فلقد ابتتا دون ماء‪.‬‬
‫حديقتك‪ .‬ال ندري‪.‬‬
‫َ‬ ‫جف أو إ ّن املياه تضيع يف األرض احملروقة قبل وصوهلا إىل‬
‫ذلك أ ّن النبع قد ّ‬
‫للتو‪ .‬ها هي ذي أتيت‪».‬‬
‫فمرمي اليت حللفا كانت تقول ذلك ّ‬
‫كل يد‪ .‬وتَصيح وهي مل َتر يسوع‬
‫جرة على رأسها وواحدة يف ّ‬ ‫أتيت أم يوضاس ويعقوب حاملة ّ‬
‫بعد‪« :‬هكذا تسري األمور بشكل أسرع‪ ،‬فمرمي حزينة ج ّداً أل ّن ِّغراسها متوت من العطش‪ .‬فهي كذلك‬
‫غراس يوسف ويسوع‪ ،‬ويكاد قلبها يُ َنزع منها لرؤيتها ّإايها تذوي‪».‬‬

‫ظهر ِّمن خلف اجلَّمع‪.‬‬


‫« ّأما اآلن وحينما تراين‪ »...‬يقوهلا يسوع وهو يَ َ‬
‫أنت! سأقول هلا ذلك‪»...‬‬
‫«آه! اي يسوعي! مبارك َ‬
‫أعطين اجلِّّرار‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬أان ذاهب إليها بنفسي‪ِّ .‬‬

‫عنك هذا‬
‫«الباب نصف مفتوح‪ .‬مرمي يف احلديقة‪ .‬آه! كم ستكون سعيدة! كانت تتح ّدث َ‬
‫وحدك؟»‬
‫أأنت َ‬‫ك تتصبّب عرقاً! َ‬
‫الصباح‪ .‬إّّنا أن أتيت حتت الشمس هكذا! إنّ َ‬
‫لكين سبقتهم ألرى ّأمي ّأوالً‪ .‬ويوضاس؟»‬
‫«ال‪ ،‬معي أصدقاء‪ .‬و ّ‬
‫أي شيء‪ .‬ولكنّها تبتسم وهي‬
‫«إنّه يف كفرانحوم‪ .‬وهو يذهب إليها كثرياً‪ »...‬وال تضيف مرمي ّ‬
‫متسح مبنديلها وجه يسوع الذي يتصبّب عرقاً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 404 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلِّّرار جاهزة‪ُ .‬يمل يسوع اثنتني على كتفيه بشكل متوازن‪ ،‬مستخدماً حزامه‪ ،‬وُيمل الثالثة‬
‫صل إىل البيت‪ ،‬يَدفَع الباب‪ ،‬يَلِّج الغرفة الصغرية اليت تبدو مظلمة لدى الدخول‬ ‫بيده‪َ .‬يضي مسرعاً‪ .‬ي ِّ‬
‫َ‬
‫إليها بسبب الشمس‪ .‬يَرفَع رويداً رويداً احلجاب الذي يُغلِّق مدخل احلديقة ويُراقِّب‪ .‬مرمي واقفة قرب‬
‫وردة وهي تدير ظهرها للبيت‪ ،‬وترثي للغرسة العطشى‪ .‬يضع يسوع اجلِّّرار أرضاً‪ ،‬ويرن النحاس ابرتطامه‬
‫حبصاة‪.‬‬

‫دت اي مرمي؟» تقوهلا األ ُّم دون أن تلتَ ِّفت‪« .‬تعايل‪ ،‬تعايل وانظري هذه الوردة! وهذه‬
‫«هل ع ِّ‬
‫ُ‬
‫هات أيضاً الدَّعامات لِّنَصب هذا الساق الذي‬
‫الزانبق املسكينة! سوف متوت كلّها إذا مل نسعفها‪ِّ .‬‬
‫يهوي‪».‬‬

‫كل شيء اي ّأمي‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«سأجلب لك ّ‬
‫تَلتَ ِّفت مرمي فجأة‪ .‬تبقى عيناها لربهة ُحمَملِّ َقتَني‪ ،‬مثّ َهتَرع ُمطلِّ َقة صرخة وهي مت ّد ذراعيها صوب‬
‫احلب‪.‬‬
‫ابنها الذي يَفتَح‪ ،‬هو اآلخر‪ ،‬ذراعيه‪ ،‬وينتظرها اببتسامة ملؤها ّ‬
‫بين!»‬
‫«آه! اي ّ‬
‫« ّأمي! حبيبيت!»‬

‫يَفتَ َحان قلبيهما طويالً وهبدوء‪ ،‬مرمي سعيدة للغاية‪ ،‬لدرجة ّأهنا مل َتر ومل تتح ّقق أب ّن يسوع‬
‫ك أمحر كاألرجوان‪،‬‬ ‫ين يف مثل هذه الساعة؟ إنّ َ‬ ‫يتصبّب عرقاً‪ .‬ولكنّها تالحظ ذلك بعدئذ‪« :‬ملاذا اي بُ ّ‬
‫وجتعلك تَغتَ ِّسل‪ .‬وسأجلب‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫فك ّأم َ‬
‫تعال إىل الداخل‪ .‬لتج ّف َ‬‫تعال‪َ ،‬‬
‫العَرق مثل إسفنجة‪َ .‬‬ ‫منك َ‬‫ويقطر َ‬
‫ين! ملاذا تسري هكذا حتت الشمس؟ الغِّراس متوت‬ ‫ين! بُ ّ‬
‫لك بعدها ثياابً جديدة وحذاء نظيفاً‪ .‬ولكن بُ ّ‬
‫َ‬
‫أنت‪ ،‬اي زهريت‪ ،‬على الطرقات؟»‬ ‫من ش ّدة احلرارة‪ ،‬و َ‬
‫«ِّأل ِّ‬
‫َصل ِّ‬
‫إليك أبسرع وقت‪ ،‬اي ّأماه!»‬

‫لك‪»...‬‬ ‫«آه! بين! عزيزي! هل أنت عطشان؟ آه! طبعاً‪ .‬سأ ِّ‬
‫ُحضر َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 405 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ملالطفتك‪ .‬دعيين أُبقي رأسي هكذا على ِّ‬
‫كتفك‪ ،‬كما عندما‬ ‫ِّ‬ ‫« َعطَشي هو لُِّقبلَ ِّ‬
‫تك اي ّأمي‪،‬‬
‫كنت طفالً‪ ...‬آه! اي أمي! كم أان مشتاق ِّ‬
‫إليك!»‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مفضلة؟‬ ‫نقصك أثناء غيايب؟ أهي أكلة ّ‬
‫َ‬ ‫ين‪ ،‬وأان آيت‪ .‬ماذا‬ ‫إليك‪ ،‬اي بُ ّ‬
‫«ولكن قُل يل أن آيت َ‬
‫ريب‪ ،‬ستعمل على تَ َدبُّر‬
‫خادمتك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫نقصك؟‬
‫َ‬ ‫ثياب نظيفة؟ سرير مرتّب؟ آه! قل يل اي فَـَر َحي‪ ،‬ماذا‬
‫األمر هناك‪».‬‬

‫«ال شيء سو ِّاك‪»...‬‬

‫أمس َكت ّأمه بيده‪َ ،‬جيلس على صندوق قرب اجلدار‪ ،‬يف مواجهة مرمي‬ ‫يسوع الذي َد َخ َل‪ ،‬وقد َ‬
‫يضمها بذراعيه مسنداً رأسه على صدرها‪ ،‬ويـُ َقبِّّلها بني الفينة والفينة‪ .‬وهو ينظر إليها اآلن إبمعان‪.‬‬
‫اليت ّ‬
‫منك اي ّأمي الق ّديسة!»‬ ‫إليك‪ ،‬وليمتلئ انظري ِّ‬
‫«دعيين أنظر ِّ‬

‫هلم‪».‬‬ ‫‪.‬‬ ‫يؤذيك‬


‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬‫ق‬‫ر‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫«الثوب أوالً‪ .‬أن تبقى هكذا وهو يعتَ ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فعم عذوبة‪.‬‬
‫يسوع يطيع‪ .‬وعندما يعود بثياب نظيفة يعاود النقاش ال ُـم َ‬
‫أتيت مع تالميذ وأصدقاء‪ ،‬وقد تركتُهم يف غابة ملقا‪ .‬سوف أيتون غداً عند الفجر‪ .‬أان‪ ...‬مل‬ ‫« ُ‬
‫أكن أستطيع االنتظار‪ّ .‬أمي!‪ »...‬ويـُ َقبِّّل يديها‪.‬‬
‫«مرمي اليت حللفا قد انسحبت لتَتكنا وحدان‪ .‬هي أيضاً أدرَكت مدى عطشي ِّ‬
‫إليك‪ .‬غداً‪...‬‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫لك كذلك‪ .‬لقد‬ ‫غداً‪ ،‬ستكونني ألصدقائي‪ ،‬وأان ألهل الناصرة‪ .‬إّّنا هذا املساء ِّ‬
‫فأنت يل الصديقة وأان ِّ‬
‫بت لك اثنني منهم‪ّ .‬إهنما يتيمان وأنت‬ ‫ِّ‬
‫وجلَ ُ‬
‫دت ُرعاة بيت حلم‪َ ،‬‬ ‫بت لك‪ ...‬آه! اي ّأمي‪ :‬لقد َو َج ُ‬ ‫َجلَ ُ‬
‫لك أيضاً واحداً‪ ،‬هو يف حاجة ِّ‬
‫إليك ليتمالك نفسه‪.‬‬ ‫أُمهما! أُم اجلميع؛ وابألخص األيتام‪ .‬وجلَبت ِّ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك ذكرى من إيلي واسحق وطوبيّا‪ ،‬اآلن‬ ‫أمحل ِّ‬‫وآخر‪ ،‬إنَّه ابر وكان قد عاىن كثرياً‪ .‬ومث يوحنّا‪ِّ ...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يدعون متّيا ويوحنّا ومشعون‪ .‬يوان هو أكثرهم بؤساً‪ .‬سوف ِّ‬
‫آخذك إليه‪ .‬لقد َو َعدتُه بذلك‪ّ .‬أما اآلخرون‬ ‫ُ َ‬
‫لت أحبث عنهم‪ .‬صموئيل ويوسف ُُها يف سالم هللا‪».‬‬ ‫فإين ما ِّز ُ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 406 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت يف بيت حلم؟»‬
‫«هل َ‬
‫«نعم اي أمي‪ ،‬وقد أخذت التالميذ الذين كانوا معي إىل هناك‪ .‬ولقد جلبت ِّ‬
‫لك هذه الزهرات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الصغرية اليت نـَبَـتَت بني أحجار مدخل البيت‪».‬‬

‫السوق اليابسة وتُـ َقبِّّلها‪« .‬وحنّة؟»‬


‫«آه!» وأتخذ مرمي ُّ‬
‫«لقد قُتِّلَت أثناء مذحبة هريودس‪».‬‬

‫ك كثرياً!»‬
‫«آه! املسكينة! لقد كانت حتبّ َ‬
‫الرعاة‪ .‬إالّ أ ّهنم عانوا الكثري‪»...‬‬
‫«س ّكان بيت حلم عانوا كثرياً‪ ،‬ومل يكونوا كما ينبغي مع ُّ‬
‫معك؟»‬
‫«ولكن هل كانوا طيّبني َ‬
‫الشر‪ .‬وقد‬
‫«نعم‪ ،‬لذا ينبغي اإلشفاق عليهم‪ .‬فالشيطان ُيسدهم على صالحهم ويدفعهم إىل ّ‬
‫الرعاة ُمضطَ َهدون‪»...‬‬
‫كنت أيضاً يف اخلليل‪ُّ .‬‬
‫ُ‬
‫«آه! أإىل هذه الدرجة؟»‬

‫حّت ولو كان أرابب عملهم‬‫صلوا على عمل وقُوت‪ّ .‬‬ ‫ساع َدهم زكرّاي‪ ،‬ومبساعدته َح َ‬
‫«نعم‪ .‬ولقد َ‬
‫يت‬ ‫ِّ‬
‫وش َف ُ‬
‫صرح قداسة‪ .‬لقد َمجَعتُهم َ‬
‫قساة‪ .‬ولكنّهم نفوس بَـَرَرة‪ ،‬ولقد َج َعلوا من االضطهادات واجلّراح َ‬
‫حت امسي ملولود جديد‪ ...‬يف ايفا‪ ،‬حيث يقطن اسحق الذي كان مريضاً جداً‪ ،‬والذي‬ ‫اسحق و‪َ ...‬منَ ُ‬
‫ويسى‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫دعون مرمي ويوسف ّ‬ ‫الربَرة يُ َ‬
‫عاد إىل احلياة من جديد‪ ،‬هنالك اآلن جمموعة من ََ‬
‫امسك!»‬
‫«آه! َ‬
‫ائيلي‬
‫ر‬ ‫إس‬ ‫صدري‬ ‫على‬ ‫مات‬ ‫التالميذ‪،‬‬ ‫أحد‬ ‫موطن‬ ‫يوط‪،‬‬
‫ر‬ ‫اسخ‬ ‫ويف‬ ‫‪.‬‬ ‫البار‬ ‫احل‬ ‫الص‬
‫َّ‬ ‫اسم‬
‫و‬ ‫«و ِّ‬
‫امسك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لدي أخربك هبا اي صديقيت العظيمة‪ ،‬اي‬
‫مؤمن‪ ...‬من فرحه ابمتالكي‪ ...‬ومثّ‪ ...‬آه! كم من األشياء ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 407 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫أرجوك الرأفة كثرياً ابلذين سيأتون غداً‪ .‬امسعي‪ :‬إ ّهنم ُيبّونين‪ ...‬ولكنّهم‬ ‫ّأمي اللطيفة! إّّنا يف البداية‬
‫ُخلِّّصهم‬ ‫ِّ‬
‫ليسوا كاملني‪ .‬أنت معلّمة الفضيلة‪ ...‬آه! ّأمي‪ ،‬ساعديين يف جعلهم صاحلني‪ ...‬أريد أن أ َ‬
‫ِّ‬
‫كأم‪.‬‬
‫مجيعاً‪»...‬ؤويَتك يسوع نفسه ينزلق عند قدمي مرمي‪ .‬وتبدو هي اآلن يف َعظَ َمتها ّ‬
‫منك؟»‬
‫ك املسكينة أكثر َ‬
‫«ولدي! ماذا تريد أن تفعل ّأم َ‬
‫إليك ّأمي‪ ...‬يوماً ما‪ ،‬سوف أقول‬ ‫فضيلتك تُـ َق ِّّدس‪ .‬لقد تَـع َّمدت أن أجلُبهم ِّ‬
‫ِّ‬ ‫«تقديسهم‪...‬‬
‫َ ُ‬
‫الضروري تقديس النفوس‪ ،‬لكي أستطيع أن أجد فيهم إرادة‬ ‫لك‪" :‬تعايل"‪ .‬ألنّه حينئذ سيكون من‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬
‫صمتك سوف يكون فعاالً مثل كالمي‪ .‬وسيكون طُ ِّ‬
‫هرك داعماً‬ ‫ِّ‬ ‫الفداء‪ .‬وأان وحدي لن أمت ّكن‪ ...‬إّّنا‬
‫ّ‬
‫ك قريبة منه‪ .‬سوف‬ ‫وجودك سيبعِّد الشيطان‪ ...‬و ِّ‬
‫ابنك‪ ،‬اي أمي َِّجيد القوة بعلمه أنّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لقدريت وسلطاين‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫األم العذبة؟»‬ ‫أتتني‪ ،‬أليس كذلك أيتّها ّ‬
‫عليك؟‬
‫بك اي وليد قليب؟ العامل يقسو َ‬ ‫ك سعيد‪ ...‬ما َ‬‫أحس أبنّ َ‬
‫«يسوع! اي ابين احلبيب! ال ّ‬
‫حّت‬
‫ال؟ عزائي أبن أص ّدق ذلك‪ ...‬ولكن‪ ...‬آه! نعم‪ ،‬سوف آيت‪ .‬حيثما تريد‪ ،‬كما تريد‪ ،‬ومّت تريد‪ّ .‬‬
‫اآلن‪ ،‬حتت الشمس‪ ،‬حتت النجوم‪ ،‬وكذلك يف الصقيع ويف العواصف‪ .‬هل تريدين؟ ها أان ذا‪».‬‬
‫ِّ‬
‫ومداعبتك! دعيين أانم هكذا‪ ،‬رأسي على‬ ‫«ال‪ ،‬ليس اآلن‪ .‬إّّنا يوماً ما‪ ...‬كم البيت لطيف!‬
‫وم َنهك‪ ،‬وهو‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لت ابنك الصغري‪ »...‬وابلفعل ينام يسوع‪ ،‬فهو تَعب ُ‬ ‫ركبتيك‪ .‬إنّين تَعب ج ّداً! إنّين ما ز ُ‬
‫داعب شعره وهي يف غاية السعادة‪.‬‬‫جالس على احلصرية ورأسه على ركبيت أمه اليت تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 408 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -55‬اليوم التايل يف بيت الناصرة)‬

‫‪1945 / 01 / 28‬‬

‫أرى مرمي حافية القدمني ونشيطة‪ ،‬تروح وجتيء يف البيت يف الساعات األوىل من النهار‪ .‬وهي‬
‫املؤدي إىل‬ ‫ِّ‬
‫السماوي كفراشة لطيفة تُالمس بصمت اجلدران واألشياء‪ .‬تقَتب من الباب ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبدو بثوهبا‬
‫الشارع وتفتحه هبدوء‪ ،‬دون أن ُحت ِّدث َجلَبَة‪ ،‬وتَتكه نصف مفتوح بعد أن تُلقي نظرة على الشارع‬
‫دخل إىل املشغل الذي ومنذ َهجر الن ّجار‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫افذ‪.‬‬
‫و‬ ‫الن‬
‫و‬ ‫اب‬
‫و‬ ‫األب‬ ‫تفتح‬ ‫تيب‪،‬‬‫َت‬ ‫ال‬ ‫تعيد‬ ‫‪.‬‬‫ا‬
‫ً‬‫ر‬ ‫الذي ما زال م ِّ‬
‫قف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫له‪ ،‬أصبح املكان الذي حتفظ فيه مرمي أشغاهلا‪ .‬وحيث تشرع أيضاً ابلعمل‪َّ .‬إهنا تغطّي بعناية قطعة‬
‫قماش مل ينته نسيجها بعد‪ ،‬وتبتسم لفكرة يف ذهنها‪ ،‬وهي تَنظُر إليها‪.‬‬

‫وتتجمع طيور احلمام على كتفيها‪ .‬ترفرف وتنتقل من كتف إىل آخر لتجد‬ ‫ّ‬ ‫َخت ُرج إىل احلديقة‪.‬‬
‫حب صاحبتها‪ ،‬وترافقها إىل كوخ حلفظ املؤونة اليت أتخذ منها‬ ‫املكان األفضل‪ ،‬مشاجرة وغرية يف ّ‬
‫ص َخب‪ ،‬فإنّه تَعِّب للغاية!» مثّ أتخذ طحيناً‬ ‫بعض احلبوب للطيور وتقول‪« :‬هنا‪ ،‬اليوم هنا‪ .‬بال َ‬
‫شرع بصنع اخلبز‪ .‬تعجنه وتبتسم‪ .‬آه! اي البتسامة األ ُّم اليوم!‬
‫وتذهب إىل غرفة صغرية قرب التنّور‪ .‬وتَ َ‬
‫األم الشابّة كما كانت عليه يوم امليالد‪ .‬إىل هذا احل ّد يُعيد الفرح هلا شباهبا‪ .‬أتخذ بعض‬ ‫َحتسبها ّ‬
‫العجني وتضعه جانباً وتغطّيه‪ ،‬مثّ تعاود عملها بنشاط أكثر‪ ،‬ولقد فَـتَح لون شعرها بسبب طبقة رقيقة‬
‫توضعت عليه‪.‬‬
‫من الطحني ّ‬
‫دخل مرمي اليت حللفا هبدوء‪« :‬أإىل العمل منذ اآلن؟»‬
‫تَ ُ‬
‫«نعم‪ ،‬أَصنَع اخلبز‪ ،‬وانظري‪ :‬فطائر العسل اليت تروق له كثرياً‪».‬‬
‫«اهتمي هبا‪ ،‬فهناك الكثري من العجني ألجل اخلبز‪ .‬سأعجنه ِّ‬
‫لك‪».‬‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 409 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بقوة‪ ،‬بينما متزج مرمي العسل والسمن يف‬
‫مرمي اليت حللفا قويّة البنية وشعبيّة املظهر‪ ،‬تعجن اخلبز ّ‬
‫احللوى‪ ،‬وتصنع منها دوائر تضعها على صفيحة‪.‬‬

‫وتتنهد مرمي‬
‫لست أدري كيف العمل إلخبار يوضاس‪ ...‬يعقوب ال جيرؤ‪ ...‬واآلخرون‪ّ »...‬‬
‫« ُ‬
‫اليت حللفا‪.‬‬

‫«سيأيت اليوم مسعان بطرس‪ .‬فهو أييت دائماً يف غداة اليوم التايل للسبت حامالً مسكاً‪ .‬سنرسله‬
‫يف إثر يوضاس‪».‬‬

‫«إذا َر ِّض َي أن يذهب إىل هناك‪»...‬‬

‫«آه! مسعان ال يقول يل أبداً‪ :‬ال‪».‬‬

‫ظهر‪.‬‬
‫«السالم هلذا اليوم‪ ،‬يومكما‪ ».‬يقوهلا يسوع وهو يَ َ‬
‫تقفز املرأاتن لدى مساع صوته‪.‬‬

‫أود لو تنام أكثر‪»...‬‬


‫كنت ّ‬
‫استيقظت اآلن؟ ملاذا؟ ُ‬
‫َ‬ ‫«هل‬
‫«لقد ّنت نوم طفل‪ ،‬اي أمي‪ِّ ،‬‬
‫أنت اليت مل تنامي‪»...‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أنت‬
‫كنت دائم االبتسام و َ‬‫كنت طفالً‪َ .‬‬‫كنت أفعل ذلك عندما َ‬ ‫أنت تنام‪ُ ...‬‬ ‫أأتملك و َ‬
‫َ‬ ‫«كنت‬
‫ك الليلة مل تكن تبتسم‬
‫ابتسامتك تدوم مدى اليوم كلّه مثل جوهرة على قليب‪ ...‬ولكنّ َ‬
‫َ‬ ‫انئم‪ ...‬وكانت‬
‫تتنهد َك َمن أصابه َك َدر‪ »...‬وتنظر إليه حبزن‪.‬‬
‫كنت ّ‬
‫اي بين‪ .‬بل َ‬
‫«كنت تَعِّباً اي أمي‪ .‬فالعامل ليس كهذا البيت الذي كل ما فيه نزاهة وشرف وحب‪ِّ .‬‬
‫أنت‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫َيكنك إدراك ما يعنيه يل االحتكاك ابلعامل‪ .‬إ ّن ذلك كمن يسري على طريق‬ ‫ِّ‬
‫أنت تعلمني من أكون‪ ،‬و ِّ‬
‫َ‬
‫حاو َل‬
‫حّت ولو َ‬
‫فحّت ولو كان متنبّهاً‪ ،‬فقليل من الوحل يرت ّد عليه‪ ،‬والنتانة ختَتق أنفه‪ّ ،‬‬
‫نتنة وموحلة‪ّ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 410 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تتصوري إذا ما كان‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬
‫فيمكنك‬ ‫النقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عدم التنفس‪ ...‬وإذا كان هذا املرء إنساانً حمبّاً للنظافة واهلواء ّ‬
‫هذا يُ َك ِّّدره‪»...‬‬

‫ك تعاين‪»...‬‬
‫لكن هذا يؤملين‪ .‬وأن أعلم أنّ َ‬
‫بين‪ ،‬أُدرك ذلك‪ .‬و ّ‬
‫«نعم اي ّ‬
‫ك أمجل‬ ‫معك‪ ،‬ولست أعاين‪ّ .‬إهنا الذكرى‪ ...‬ولكنّها تفيد يف جعل فرح كوين مع ِّ‬ ‫«اآلن أان ِّ‬
‫ُ‬
‫حممرة من جراء إشعاهلا التنّور‪.‬‬
‫دخل ّ‬‫وأهبى‪ ».‬وينحين يسوع ليُـ َقبِّّل ّأمه‪ .‬ويالطف مرمي األخرى اليت تَ ُ‬
‫«جيب إخبار يوضاس‪ ».‬فهذا ما يشغل ابل مرمي اليت حللفا‪.‬‬

‫«ال داعي لذلك‪ ،‬أل ّن يوضاس سيكون هنا اليوم‪».‬‬

‫«كيف تعرف ذلك؟»‬

‫يبتسم يسوع ويصمت‪.‬‬

‫يتم‬
‫كل أسبوع‪ ،‬أييت مسعان بطرس حامالً يل السمك الذي ّ‬ ‫بين‪ ،‬يف مثل هذا اليوم من ّ‬
‫«اي ّ‬
‫اصطياده يف الصباح الباكر‪ ،‬وهو ي ِّ‬
‫صل مع هناية الساعة األوىل‪ .‬سوف يكون سعيداً اليوم‪ .‬إ ّن مسعان‬ ‫َ‬
‫طيّب وصاحل‪ .‬هو يساعدان عندما يكون هنا‪ .‬أليس كذلك اي مرمي؟»‬

‫لكن مسعان اآلخر أيضاً‪ ،‬الذي سوف ترينه عما‬


‫«مسعان رجل نزيه وصاحل‪ ».‬يقول يسوع‪« .‬و ّ‬
‫فإهنم على وشك الوصول‪».‬‬
‫قليل‪ ،‬ذو قلب كبري هو‪ .‬سأذهب ملالقاهتم‪ّ ،‬‬

‫ََي ُرج يسوع‪ ،‬بينما تعود املرأاتن‪ ،‬بعد إخراج اخلبز من التنّور‪ ،‬إىل البيت حيث تَنتَعِّل مرمي صندهلا‬
‫وتعود بثوب كتّاين أبيض‪.‬‬

‫َيضي بعض الوقت‪ ،‬ويف تلك األثناء تقول مرمي اليت حللفا‪« :‬مل تنهي هذا العمل يف وقته‪».‬‬

‫«سأهنيه بسرعة‪ ،‬وسيحتمي يسوعي به دون َحتَ ُّمل ثِّقل على رأسه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 411 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يُدفَع الباب من اخلارج‪ّ « :‬أمي‪ ،‬ها هم أصدقائي‪ .‬ادخلوا‪».‬‬

‫األم‪« :‬ها ُها ابنان‬


‫الرعاة مجاعة‪ .‬يدا يسوع على كتفي راعيني يقودُها إىل ّ‬
‫دخل التالميذ و ُّ‬
‫ويَ ُ‬
‫يبحثان عن ّأم‪ .‬كوين فرحهما اي امرأة‪».‬‬

‫عنك‪ ،‬فأنت‬
‫أنت؟ ال أعلم‪ ،‬إّّنا حسب العمر‪ ،‬ولقد ح ّدثين َ‬ ‫أنت؟ ليفي‪ ...‬و َ‬‫«أحيّيكما‪َ ...‬‬
‫بكل سرور‪ :‬بييت‬
‫حتماً يوسف‪ .‬هذا االسم عذب ومق ّدس يف هذا البيت‪ .‬تعال‪ ،‬تعاليا‪ .‬أقول لكما ّ‬
‫احلب لطفلي‪».‬‬ ‫من‬ ‫ان‬ ‫ن‬‫ك‬‫أبيك‪ ،‬لِّما ُكنتُما تُ ِّ‬
‫أنت من خالل َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يستقبلكما‪ ،‬وأ ُّم تعانقكما ُكرمى ملا كنتما‪َ ،‬‬
‫للرعاة روعة ونشوة‪.‬‬
‫ولقد كان ذلك ابلنسبة ُّ‬
‫األم السعيدة‪ .‬أان هي‪ .‬واآلن أيضاً أان سعيدة لرؤية ابين وسط قلوب‬
‫أيت ّ‬‫«أان مرمي‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد ر َ‬
‫وفيّة أمينة‪».‬‬

‫«وهذا هو مسعان‪ ،‬اي ّأمي‪».‬‬

‫معك دائماً‪».‬‬
‫ك صاحل‪ .‬أَعلَم ذلك‪ .‬فلتكن نعمة هللا َ‬
‫ت مستح ّقاً للنعمة ألنّ َ‬
‫«كن َ‬
‫ِّ‬
‫ومسعان‪ ،‬ال ُـمطَّلع أكثر على عادات العامل‪ ،‬ينحين ّ‬
‫حّت يالمس األرض‪ ،‬ويداه متصالبتان على‬
‫األزيل شيئاً آخر‪ ،‬اآلن وقد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لست أطلب من هللا ّ‬
‫صدره‪ُ ،‬ييّي‪« :‬السالم عليك اي أ ُّم النّعمة احلقيقيّة‪ ،‬و ُ‬
‫وعرفتك‪ ،‬ذلك أ ّن انعكاسه ألعذب وألطف من انعكاس ضوء القمر‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫رفت النور‬
‫َع ُ‬
‫يوطي‪».‬‬
‫«وهذا هو يهوذا االسخر ّ‬
‫ِّ‬
‫جتاهك‪».‬‬ ‫ُحس به‬
‫حيب هلا يتالشى أمام اإلجالل الذي أ ّ‬
‫لكن ّ‬
‫«يل أ ُّم‪ ،‬و ّ‬
‫ِّ‬
‫«ال‪ ،‬ليس يل‪ ،‬بل له‪ ،‬فَعلَّة وجودي أان‪ ،‬هو وجوده هو‪ .‬ال أريد شيئاً لنفسي‪ .‬وإن ُ‬
‫طلبت شيئاً‬
‫قلبك هو املكان‬
‫لك أيضاً‪ :‬فليكن َ‬
‫لكين أقول َ‬ ‫مت ابين يف املوطن‪ .‬و ّ‬‫فألجله هو فقط‪ .‬أَعلَم كم َكَّر َ‬
‫كك بقلب أ ُّم‪».‬‬
‫منك‪ .‬لذا فأان أابر َ‬
‫كل إكرام َ‬ ‫الذي منه يتل ّقى ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 412 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«قليب بتصرف ِّ‬
‫ابنك‪ .‬خضوع السعادة هو‪ .‬فقط املوت َيكنه إلغاء وفائي له‪».‬‬ ‫ّ‬
‫«وهذا هو يوحنّا اي ّأمي‪».‬‬

‫أعرفك‪ ،‬ونفسي مطمئنّة‬ ‫ك مع يسوع‪ .‬أان‬ ‫ِّ‬


‫َ‬ ‫مت فيها أنّ َ‬
‫شعرت ابالطمئنان منذ اللحظة اليت َعل ُ‬
‫« ُ‬
‫ك مع ابين‪ .‬فلتكن مباركاً اي سبب سكينيت‪ ».‬وتُـ َقبِّّله‪.‬‬ ‫عرفت أنّ َ‬
‫مذ ُ‬
‫دخل‬
‫األجش‪« :‬ها هو مسعان املسكني ُيمل سالمه و‪ »...‬ويَ ُ‬
‫ّ‬ ‫سمع من اخلارج صوت بطرس‬ ‫ويُ َ‬
‫املكورة اليت كان ُيملها على ظهره‪ ،‬ويرمتي هو أيضاً‬
‫تسمر يف مكانه‪ .‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬يرمي أرضاً السلّة ّ‬
‫وي ّ‬
‫بك أن تفعل يب ذلك‪ ،‬اي معلّم!‬
‫األزيل! مع ذلك‪ ...‬ال‪ ،‬مل يكن جيدر َ‬
‫ريب ّ‬ ‫على األرض قائالً‪« :‬آه! ّ‬
‫كك هللا اي معلّم! آه! كم أان سعيد! مل يكن بوسعي‬ ‫ِّ‬
‫أن تكون هنا‪ ...‬وال تُعلم مسعان املسكني! فليبار َ‬
‫داعب يده دون أن يصغي ليسوع الذي يقول له‪« :‬اهنض اي مسعان‪ ،‬اهنض!»‬ ‫بدونك!» وي ِّ‬ ‫البقاء هنا‬
‫َ ُ‬
‫أنت‪ ،‬أيّها الولد! (املقصود ابلولد هنا هو يوحنّا)‪ .‬على‬
‫«نعم‪ ،‬سوف أهنّض‪ .‬إّّنا مع ذلك‪َ ...‬‬
‫مبقدورك إعالمي! اآلن اذهب فوراً إىل كفرانحوم لتنقل البشرى إىل اآلخرين‪ ...‬و ّأوالً إىل‬
‫َ‬ ‫األقل كان‬
‫إثرك‪».‬‬
‫نفسك أرنباً ّبرايً والكالب يف َ‬
‫َ‬ ‫بيت يوضاس‪ .‬سيصل ِّ‬
‫ابنك اي امرأة‪ ،‬وبسرعة‪ .‬ختيّل‬

‫َيضي يوحنّا وهو يبتسم‪.‬‬

‫ويستمر مبسك يد يسوع الطويلة بيديه القصريتني والضخمتني ابألوردة‬ ‫ّ‬ ‫أخرياً يَ َنهض بطرس‪.‬‬
‫البارزة ويـُ َقبِّّلها دون أن يَتكها على الرغم من أنّه يريد تقدمي السمك الذي يف السلّة على األرض‪.‬‬
‫رؤيتك!‬
‫َ‬ ‫مرة أخرى بدوين‪ ،‬أبداً‪ .‬فال انتظار لوقت طويل بعد اآلن دون‬ ‫أود أن تذهب ّ‬‫«إيه! ال‪ .‬ال ّ‬
‫كنت أتساءل‪" :‬أين يكون؟‬ ‫كنت أيّها املعلّم؟ ُ‬
‫الظل اجلسد واحلبل املرساة‪ .‬أين َ‬
‫أتبعك كما يتبع ّ‬
‫سوف َ‬
‫ماذا يعمل؟ وهذا الطفل يوحنّا‪ ،‬هل سيعرف االعتناء به؟ هل سيسهر على ّأال جيعله يَ َتعب كثرياً؟‬
‫بك جيّداً!‬
‫لت أكثر‪ .‬مل يعنت َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لت! نعم َحن َ‬‫فك جيّداً!‪ ...‬لقد َحن َ‬
‫على ّأال يبقى دون طعام؟" إيه! أعر َ‬
‫كنت اي معلّم؟ ال تقول شيئاً!»‬
‫سوف أقول له أن‪ ...‬ولكن أين َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 413 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أَنتَظَر‪ ،‬لعلّك تَتك يل جماالً للكالم‪».‬‬

‫صعد إىل الرأس‪ .‬آه! اي يسوعي!»‬


‫رؤيتك مثل مخر جديدة‪ .‬رائحتها تَ َ‬
‫َ‬ ‫«صحيح‪ .‬ولكن‪...‬‬
‫ويكاد بطرس يبكي من الفرح‪.‬‬

‫كنت مع أصدقاء عزيزين‬


‫حّت حينما ُ‬ ‫لدي الرغبة أبن تكونوا معي مجيعكم‪ّ ،‬‬ ‫«كذلك أان‪ ،‬كانت ّ‬
‫ج ّداً‪ .‬اي بطرس‪ ،‬هذان اثنان قد أحبّاين عندما كان عمري ال يتجاوز الساعات‪ .‬وأكثر من ذلك فلقد‬
‫عانـَيَا الكثري من أجلي‪ .‬وهنا ابن مل يعد له أب وال أ ُّم بسبيب‪ .‬إّّنا بكم مجيعاً أَصبَح لديه إخوة كثريون‪،‬‬
‫أليس كذلك؟»‬

‫لك‪ .‬أنتما‬
‫ك الشيطان‪ ،‬فسوف أحبّه حلبّه َ‬ ‫«أتسأل اي معلّم؟ ولكن‪ ،‬ولو حصل املستحيل وأحبّ َ‬
‫ِّ‬
‫أرق من‬ ‫أيضاً فقريان‪ ،‬هذا واضح‪ .‬إذاً فنحن متشاهبون‪ .‬تعاليا أُقَـبّلكما‪ .‬أان صياد مسك‪ ،‬و ّ‬
‫لكن قليب ّ‬
‫كنت صارماً‪ .‬الصرامة خارجيّاً فقط‪.‬‬
‫قلب زغلول محام‪ .‬وهو قلب صادق وخملص‪ .‬ال تُلقوا ابالً إذا ما ُ‬
‫فكل شيء مسن وعسل‪ ...‬مع الطيّبني‪ ...‬إذ مع األشرار‪»...‬‬
‫ّأما داخليّاً ّ‬
‫«هذا هو التلميذ اجلديد‪».‬‬

‫«يبدو يل أنّين رأيتُه ِّمن قَبل‪»...‬‬

‫يوطي‪ ،‬وبفضله استُقبِّل يسوع بشكل جيّد يف مدينته‪ .‬أرجوكم أن حتبّوا‬


‫«نعم‪ ،‬إنّه يهوذا االسخر ّ‬
‫ابلرب‪».‬‬
‫حّت ولو كنتم من مناطق خمتلفة‪ .‬كونوا مجيعكم إخوة ّ‬
‫بعضكم بعضاً‪ّ ،‬‬
‫«سوف أتعامل معه كأخ إذا كان هو كذلك‪ .‬و‪ ...‬نعم‪(...‬يَنظُر بطرس إىل يهوذا إبمعان‬
‫يوجه حتذيراً) و‪ ...‬نعم‪ِّ ...‬من األفضل أن أقوهلا‪ ،‬هكذا تعرفين حاالً وجيّداً‪ .‬أقول‪:‬‬
‫وبعيون واسعة وكأنّه ّ‬
‫َيكنك االعتماد‬
‫خاص لس ّكان أورشليم‪ .‬ولكنّين نزيه‪ .‬و َ‬
‫لدي كثري اعتبار لليهود عموماً‪ ،‬وبشكل ّ‬ ‫ليس ّ‬
‫وي‪ .‬واآلن‬
‫َخ ّ‬‫فيك سوى تلميذ أ َ‬ ‫عنك جانباً‪ ،‬وال أبغي أن أرى َ‬‫كل أفكاري َ‬ ‫على نزاهيت‪ ،‬فإنّين أضع ّ‬
‫صُّريف‪».‬‬
‫أغري فكريت وتَ َ‬
‫عليك أن ال جتعلين ّ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 414 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عين أان أيضاً اي بطرس؟»‬
‫لديك هذه اآلراء املسبقة ّ‬
‫ويسأل الغيور مبتسماً‪« :‬هل َ‬

‫أنت ال‪ .‬فالنزاهة ُمرتَ ِّسمة على حميّ َ‬


‫اك‪ .‬الطيبة‬ ‫عنك َ‬
‫أنت؟ آه! َ‬ ‫عنك َ‬
‫لوجودك! َ‬
‫َ‬ ‫«آه! مل أنتبه‬
‫أنت عجوز‪ .‬وهذه ليست مزيّة‬ ‫َّ‬ ‫تَنضح ِّ‬
‫مسامي‪ .‬مثّ َ‬
‫ّ‬ ‫إانء‬ ‫رب‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫مع‬ ‫يت‬
‫ز‬ ‫مثل‬ ‫ج‪،‬‬ ‫اخلار‬ ‫إىل‬ ‫قلبك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫أنت ِّمن أولئك الذين سلوكهم‬ ‫ك َ‬ ‫الشر‪ .‬ولكنّ َ‬
‫السن‪ ،‬ازدادت ال ُـمخاتَـلَة و ّ‬
‫دائماً‪ .‬فأحياانً‪ ،‬كلّما تق ّدم ّ‬
‫تطهروا وأصبحوا أكثر صالحاً‪».‬‬ ‫السن ّ‬
‫كالنبيذ الفاخر‪ ،‬كلّما تق ّدم هبم ّ‬
‫بت اي بطرس‪ .‬واآلن تعالوا لنأخذ قسطاً من الراحة حتت العريشة‬‫َص َ‬
‫ويقول يسوع‪« :‬لقد أ َ‬
‫الظليلة‪ ،‬بينما تعمل النساء من أجلنا‪ .‬كم هو مجيل التواجد مع أصدقاء! بعد ذلك سوف ّنضي معاً‬
‫ـفي غليلـه‪ ،‬وسـوف َيضي إىل إيلي‬
‫عرب اجلليل إىل أبعد منه‪ .‬يعين ليس اجلميع‪ .‬ذلك أ ّن ليفي قد ُش َ‬
‫ليخربه أب ّن مرمي هتديه السـالم‪ .‬أليس كذلك اي ّأمي؟»‬

‫«إنّين أابركه وأ ِّ‬


‫ُابرك اسحق واآلخرين‪ .‬لقد َو َع َدين ابين أبن أيخذين معه‪ .‬وسوف آيت إليكم‪،‬‬
‫أيّها األصدقاء األوائل لِّ ِّطفلي‪».‬‬

‫ك عنها‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫أود لو أ ّن ليفي يـُبَـلّغ لعازر الرسالة اليت َحدَّثتُ َ‬
‫«اي معلّم‪ّ ،‬‬
‫« َهيِّّئها‪ ،‬اي مسعان‪ ،‬فاليوم احتفال عيد‪ .‬وغداً مساء سوف َيضي ليفي يف الوقت احمل ّدد ليصل‬
‫قبل السبت‪ .‬تعالوا أيّها األصدقاء‪».‬‬

‫ََي ُرجون إىل احلديقة اخلضراء‪ .‬وينتهي كل شيء‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 415 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -56‬درس يسوع لتالميذه يف بستان الزيتون)‬

‫‪1945 / 01 / 29‬‬

‫أرى يسوع مع بطرس وأندراوس ويوحنّا ويعقوب وفليبّس وتوما وبرتلماوس ويوضاس ت ّداوس‬
‫يوطي ويوسف الراعي ََي ُرجون من بيته‪ ،‬ويَذهبون إىل خارج الناصرة‪ ،‬إّّنا إىل‬
‫ومسعان ويهوذا االسخر ّ‬
‫اجلِّّوار مباشرة حتت غيضة من شجر الزيتون‪.‬‬

‫فت‬
‫ود َرستُكم‪ .‬عرفتُكم وعر ُ‬
‫يقول‪« :‬تعالوا َحويل‪ .‬خالل أشهر احلضور والغياب هذه‪ ،‬قَـيَّمتُكم َ‬
‫علي أن أث ّقفكم ألجعلكم‬
‫رت أن أُرسلكم إىل العامل‪ .‬إّّنا قبل ذلك ّ‬
‫العامل من خالل جتربة بشريّة‪ .‬واآلن ّقر ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫غل‬ ‫أهالً جملاهبة العامل ابللُّطف وحدَّة البصرية‪ ،‬ابهلدوء والثَّبات‪ ،‬ابلوعي وال ّدراية برسالتكم‪ّ .‬‬
‫أود أن أست ّ‬
‫احلر الشديد هذا الذي يعيق الرحالت الطويلة يف فلسطني ألث ّقفكم وأجعل منكم تالميذ‪ .‬ومثل‬ ‫زمن ّ‬
‫وي اليت ينبغي لكم نقلها‬‫أتيت ألمنحكم نغمة التناغم السما ّ‬
‫ست ما فيكم من نَشاز‪ ،‬و ُ‬ ‫موسيقي‪َ ،‬حتَ َّس ُ‬
‫ّ‬
‫ملهمة نقل كالمي إىل رفاقه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫إين احتفظ هبذا االبن (ويشري إىل يوسف) إذ أنتَدبه ّ‬ ‫إىل العامل ابمسي‪ّ .‬‬
‫ذهيب األكثر‬
‫يبشرون يب فقط ابإلعالم عن وجودي‪ ،‬إّّنا ابإلعالن عن مميّزات َم َ‬ ‫ليكونوا نواة صلبة‪ ،‬فال ّ‬
‫جوهرية‪.‬‬

‫َبدأ ابلقول لكم إنّه ال ب ّد من أن حتبّوا بعضكم بعضاً وأن تتّحدوا معاً‪ .‬أنتم من تكونون؟ إنّكم‬ ‫أَ‬
‫َّلت اختيار أُانس َخام يف علوم‬
‫كل املناطق‪ .‬وقد فَض ُ‬ ‫كل األعمار و ّ‬ ‫كل الطبقات االجتماعيّة و ّ‬ ‫رجال من ّ‬
‫املذاهب واملعارف‪ ،‬ألنّين هكذا أستطيع الولوج إىل أعماقهم مبذهيب بشكل أسهل‪ .‬وغري هذا فأنتم‬
‫املبدئي ابهلل‬ ‫جهلهم‬ ‫كم‬‫تذكر‬ ‫عند‬ ‫منكم‬ ‫أود‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ق‬‫ُم َع ّدون لتبشري أانس َجي َهلون اإلله احلقيقي َجهالً ُمطبِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّأال حتتقروهم‪ ،‬وأن تُـ َعلِّّموهم برمحة‪ ،‬بتذ ّكركم أبيّة رمحة َعلَّمتُهم‪.‬‬

‫حّت ولو مل نكن على درجة عالية من الثقافة‬ ‫أشعر ابعَتاض يراود ذهنكم‪" :‬حنن لسنا وثنيّني‪ّ ،‬‬
‫حّت الذين‪ِّ ،‬من بينكم‪َ ،‬يثّلون العلماء واألغنياء‪،‬‬
‫والفكر"‪ .‬ال‪ ،‬لستم كذلك‪ .‬ولكن ليس فقط أنتم‪ ،‬إّّنا‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 416 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فإنّكم مجيعاً قد احنرفتم خالل ممارسة داينة ُم َش َّوهة ألسباب عديدة‪ ،‬مل يعد هلا من خصائص الداينة‬
‫كل عشرة منهم‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أبهنم أبناء الشريعة‪ ،‬ولكن مثانية ِّ‬
‫م‬ ‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن كثريين يتباهون ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سوى االسم‪ّ .‬‬
‫ليسوا سوى َعبَدة أواثن َخلَطوا‪ ،‬يف َس َحاابت ألف داينة بشريّة صغرية‪ ،‬الداينة احلقيقيّة املق ّدسة‪،‬‬
‫الشريعة األزليّة إلله ابراهيم واسحق ويعقوب‪ .‬وكذلك عندما يَنظُر بعضكم إىل بعض‪ ،‬فأنتم أيضاً اي‬
‫صيّادي السمك املتواضعني وغري املث ّقفني‪ ،‬وأنتم أيّها الباعة وأبناء الباعة‪ ،‬والضبّاط وأبناء الضبّاط‪،‬‬
‫واألغنياء وأبناء األغنياء‪َ ،‬يكنكم القول‪" :‬إنّنا مجيعاً متشاهبون‪ .‬لدى مجيعنا النقائص ذاهتا‪ ،‬ومجيعنا يف‬
‫حاجة إىل التعليم ذاته‪ .‬إنّنا إخوة يف عيوننا الشخصيّة أو الوطنيّة‪ ،‬وعلينا مع ذلك أن نصبح إخوة يف‬
‫معرفة احلقيقة‪ ،‬ويف االجتهاد يف وضعها موضع العمل"‪.‬‬

‫أود لو يكون هذا هو االسم الذي يطلقه الواحد على اآلخر‪ ،‬وأن تعتربوا أنفسكم‬ ‫أيّها اإلخوة‪ّ ،‬‬
‫الحتاد‬
‫ط إعجاب العامل هبا؟ عندما يسودها ا ّ‬ ‫كذلك‪ .‬أنتم كعائلة واحدة‪ .‬ومّت تكون العائلة ُم َوفَّقة وحم ّ‬
‫آلخر‪ ،‬فهل َيكن أن يدوم التوفيق يف هذه‬ ‫آلخر‪ ،‬وإذا ما أساء أخ َ‬ ‫عدواً َ‬
‫والوائم‪ .‬وإذا ما أصبَ َح ابن ّ‬
‫رب العائلة يف العمل‪ ،‬يف تذليل الصعوابت‪ ،‬ويف التص ّدي للعامل‪ .‬وتذهب جهوده‬ ‫العائلة؟ ال‪ .‬وعبثاً جي ّد ّ‬
‫أدراج الرايح‪ ،‬فاملوارد تتبعثر‪ ،‬والصعوابت تتعاظم‪ ،‬والعامل يهزأ من هذه احلالة اليت تُـ َفتِّّت مشاعر املودة‬
‫ابحتادها يكون هلا سلطان ض ّد العامل‪ -‬يف ركام من املنافع الصغرية احلقرية واملتضاربة‪ ،‬اليت‬ ‫واخلري ‪-‬اليت ّ‬
‫يستغلّها أعداء العائلة ليُفاقِّموا اخلراب ابستمرار‪.‬‬

‫ال يكن هذا أبداً فيما بينكم‪ .‬كونوا متّحدين‪ .‬أحبّوا بعضكم بعضاً‪ .‬أحبّوا بعضكم بعضاً لتكونوا‬
‫حّت ما ُييط بنا يعلمنا هذه‬ ‫ِّ ِّ‬
‫احلب‪ .‬الحظوا أن ّ‬ ‫عوانً بعضكم لبعض‪ .‬أحبّوا بعضكم بعضاً لتُـ َعلّموا ّ‬
‫القوة العظمى‪ .‬انظروا إىل هذه القبيلة ِّمن النَّمل اليت تَتاكض أبمجعها صوب مكان واحد‪ .‬فلنتبعها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وسوف نكتشف سبب تسابقها الذي ال َيكن أن يكون عبثاً‪ ،‬صوب نقطة حم ّددة‪ ...‬ها هي ذي‪:‬‬
‫لقد اكتَ َش َفت إحدى أخواهتا الصغريات‪ ،‬أبعضائها الصغرية غري املرئية ابلنسبة لنا‪ ،‬كنزاً عظيماً حتت‬
‫فالح كان‬ ‫يدي ّ‬
‫لب اخلبز‪ ،‬قد تكون َوقَـ َعت من بني ّ‬ ‫ي‪ .‬قطعة من ّ‬ ‫الرب ّ‬
‫هذه الورقة العريضة من الفجل ّ‬
‫الظل ليتناول طعامه‪ ،‬أو ابألحرى من يد طفل‬ ‫ف يف ّ‬ ‫قد أتى للعناية ابلزيتون‪ ،‬أو من يد مسافر توقّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 417 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جر هذا الكنز‪ ،‬الذي يكربها أبلف‬ ‫َمرِّح كان يركض على العشب املزهر‪ .‬فكيف تستطيع وحدها ّ‬
‫ضعف‪ ،‬إىل جحرها؟ وها هي ذي تنادي أختاً هلا وتقول هلا‪" :‬انظري واجري بسرعة وقويل لألخوات‬
‫إنّه يوجد هنا طعام لكل القبيلة ولع ّدة أايم‪ .‬اركضي قبل أن يرى عصفور هذا الكنز وينادي رفاقه‬
‫حّت‬ ‫ِّ‬
‫(وعورة) األرض‪ ،‬عرب احلصى واألعشاب‪ّ ،‬‬ ‫ضُّرس ُ‬ ‫وهتَرع النملة الصغرية الهثة من تَ َ‬ ‫ويلتهمونه"‪َ .‬‬
‫قرية النمل لتقول‪" :‬هيّا بنا‪ ،‬فواحدة ِّمنّا تناديكم‪ .‬لقد اكتَ َش َفت شيئاً للجميع‪ .‬ولكنّها ال تستطيع‬
‫حّت اللوايت تشعر ابلتعب ِّمن جهد مبذول طوال النهار‪ ،‬وهي‬ ‫جرها إىل هنا مبفردها‪ .‬هيّا بنا"‪ .‬وكلّها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫حّت اليت كانت تُـَرتِّّب املؤونة يف غرف‬
‫أتخذ قسطاً من الراحة يف سراديب قرية النمل‪ ،‬تركض‪ ،‬بل ّ‬
‫التخزين‪ .‬واحدة‪ ،‬عشر‪ ،‬مائة‪ ،‬ألف‪ ...‬انظروا‪ ...‬تلتقطها برباثنها وترفعها جاعلة من أجسامها َعَربَة‪،‬‬
‫وجترها ُمسنِّ َدة أرجلها الصغرية على األرض‪ .‬هذه تقع‪ ...‬وتلك تُ َش ّل‪ ،‬ألن طرف قطعة اخلبز‪ ،‬عندما‬ ‫ّ‬
‫منهكة‪...‬‬ ‫صَرها بينها وبني حصاة‪ .‬وهذه أيضاً‪ ،‬صغرية ج ّداً‪ ،‬صغرية من القبيلة‪ ،‬تقف َ‬ ‫ارتَدَّت‪َ ،‬ح َ‬
‫عاود‪ .‬آه! كم هي متّحدة! انظروا‪ :‬قطعة اخلبز اآلن‬ ‫سَتّد أنفاسها‪ ،‬تُ ِّ‬
‫ولكنّها‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬بعد أن تَ َ‬
‫طوقة وتتق ّدم‪ ،‬تتق ّدم ببطء‪ ،‬ولكنّها تتق ّدم‪ .‬فلنتبعها‪ ...‬قليالً بعد أيّتها األخوات الصغريات‪،‬‬
‫أصبَ َحت ُم َّ‬
‫تعبكن مبكافأة‪ .‬مل تعد تستطيع‪ ،‬ولكنّها ال تتخلّى عنها‪ .‬أتخذ قسطاً من‬ ‫ّ‬ ‫قليالً بعد‪ ،‬ومثّ سيحظى‬
‫عاود ال َكَّرة‪ .‬ها هي تصل إىل القرية‪ .‬واآلن؟ اآلن إىل العمل لتفتيت الكتلة الكبرية‪ .‬انظروا‬ ‫الراحة‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫كل شيء يف‬ ‫أي عمل! البعض منها تَقطَع والبعض اآلخر تَن ُقل‪ ...‬وها هو العمل وقد انتهى‪ .‬اآلن ّ‬ ‫ّ‬
‫األمان‪ .‬وبسعادة‪ ،‬تغيب عرب الشقوق يف أعماق السراديب‪ّ .‬إهنا ّنالت ليس ّإال‪ .‬ومع ذلك هي قويّة‬
‫أتملوا يف ذلك‪ .‬أليس لديكم ما تسألوين عنه؟»‬ ‫ّ ِّ‬
‫ألهنا متَّحدة‪ّ .‬‬
‫أسألك‪ :‬ألن نعود إىل اليهوديّة؟»‬
‫َ‬ ‫أود أن‬
‫يوطي‪ّ « :‬‬
‫يسأله يهوذا االسخر ّ‬
‫«ومن قال ذلك؟»‬

‫صابك فيها كثري‬


‫ك ُهتيّئ يوسف ليُث ّقف اآلخرين يف اليهوديّة! هل أ َ‬
‫قلت إنّ َ‬
‫أنت اي معلّم‪ .‬لقد َ‬
‫« َ‬
‫من األذى لكي ال تعود إليها؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 418 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك يف اليهوديّة؟» يسأل توما بفضول‪ ،‬وكذلك بطرس حب ّدة يف الوقت ذاته‪« :‬آه!‬‫«ماذا فعلوا َ‬
‫غش فيهم"؟»‬‫لك "اإلسرائيليّون الذين ال ّ‬
‫أتيت من هناك متعباً‪ .‬ماذا فعل َ‬
‫ك َ‬ ‫كنت حم ّقاً بقويل إنّ َ‬
‫إذن ُ‬
‫رت الكرة‬
‫حّت ولو ُد ُ‬
‫«ال شيء أيّها األصدقاء‪ .‬الشيء أكثر من الذي سوف أالقيه هنا‪ّ .‬‬
‫رجوتك أبن‬
‫َ‬ ‫كنت قد‬
‫كل مكان سوف يكون يل أصدقاء وأعداء‪.‬إّّنا‪ ،‬اي يهوذا‪ُ ،‬‬‫األرضيّة‪ ،‬ففي ّ‬
‫تصمت‪»...‬‬

‫ك تُـ َف ِّّ‬
‫ضل اجلليل على موطين‪ .‬فهكذا‬ ‫«هذا صحيح‪ ،‬ولكن‪ ...‬ال َيكنين الصمت عندما أرى أنّ َ‬
‫تلق هناك سوى اإلكرام‪»...‬‬
‫ك مل َ‬ ‫تكون غري عادل‪ .‬ذلك أنّ َ‬
‫بنفسك عندما تستسلم‬ ‫َ‬ ‫نفسك‬
‫َ‬ ‫أنت تَظلِّم هبذا ّ‬
‫االهتام‪ .‬وتدين‬ ‫«يهوذا! يهوذا‪ ...‬آه! اي يهوذا‪َ .‬‬
‫حظيت به يف‬
‫ُ‬ ‫لت جهدي كي ال أجعل أحداً يعلم بِّغري اخلري الذي‬ ‫كنت قد بَ َذ ُ‬
‫للغضب واحلَ َسد‪ُ .‬‬
‫وبكل سرور‪ .‬إذ ابلنسبة إىل َكلِّ َمة هللا ال‬
‫كنت أستطيع ذلك‪ّ ،‬‬ ‫تك‪ ،‬ودوّنا حاجة إىل الكذب‪ُ ،‬‬ ‫يهوديّ َ‬
‫توجد حدود وال مناطق وال معاكسات وال عداوات وال اختالفات‪ .‬أحبّكم مجيعاً أيّها الناس‪.‬‬
‫أجَتح أوىل معجزايت‪ ،‬وأن يكون‬ ‫ئت أن َِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َيكنك القول إنّين أُفَ ِّّ‬
‫ضل اجلليل بينما ش ُ‬ ‫َ‬ ‫مجيعكم‪ ...‬وكيف‬
‫ائيلي؟ كيف‬‫كل إسر ّ‬ ‫األول على أرض اهليكل املق ّدسة‪ ،‬ويف املدينة املق ّدسة‪ ،‬العزيزة على قلب ّ‬ ‫ظهوري ّ‬
‫َيكنك القول إنّين منحاز يف الوقت الذي‪ ،‬من األحد عشر الذين ُهم أنتم‪ ،‬أو ابألحرى العشرة‪ ،‬أل ّن‬ ‫َ‬
‫الرعاة‪ ،‬وكلّهم‬ ‫أضفت ُّ‬
‫َ‬ ‫مسألة ابن عمي ليست مسألة صداقة‪ ،‬بل قرابة عائليّة‪ ،‬أربعة ُهم يهود؟ وإذا‬
‫كنت‪ ،‬أان‬
‫َيكنك القول إنّين ال أحبّكم إذا ُ‬ ‫َ‬ ‫يهود‪ ،‬تَـَرى كم عدد أصدقائي الذي من اليهوديّة‪ .‬كيف‬
‫َّبت رحليت حبيث أعطي خالهلا امسي لطفل من إسرائيل‪ ،‬وأتل ّقى على صدري األنفاس‬ ‫الذي أَعلَم‪ ،‬قد َرت ُ‬
‫كنت‪ ،‬لكي أَعلَم شيئاً عن‬ ‫َيكنك القول إنّين ال أحبّكم‪ ،‬أنتم اليهود‪ ،‬إذا ُ‬ ‫َ‬ ‫ابر؟ كيف‬
‫ائيلي ّ‬
‫األخرية إلسر ّ‬
‫أنت تتّهمين‬‫ت اثنني من اليهود مقابل واحد من اجلليل؟ َ‬ ‫اخَت ُ‬
‫مكان والديت ومكان هتيئيت للرسالة‪َ ،‬‬
‫أنت الظامل‪».‬‬
‫ضمريك اي يهوذا وانظر إذا مل تكن َ‬ ‫َ‬ ‫ابلظُّلم‪ .‬ولكن افحص‬

‫يتح ّدث يسوع بِّ َعظَ َمة ولُطف‪ .‬ولكن ّ‬


‫حّت ولو مل يزد على ما قاله‪ ،‬فإ ّن اللهجات الثالث اليت‬
‫قال فيها "يهوذا" يف بداية حديثه كانت كافية لتلقني درس عظيم‪ .‬يهوذا األوىل كانت قد قيلَت ِّمن‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 419 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أبوايً‪ّ ،‬أما الثالثة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قبَل اإلله العظيم الذي يُذ ّكر ابالحَتام‪ ،‬والثانية من قبَل املعلّم الذي يُل ّقن درساً ّ‬
‫أحزنَه سلوك صديقه‪ .‬فيخفض يهوذا رأسه ذَليالً‪َّ ،‬إّنا ُمستاءاً‪ ،‬وقد ظَ َهَر ِّمبَظهر‬
‫فكانت رجاء صديق َ‬
‫البغيض بتجلّي مشاعره الدنيا‪.‬‬

‫كنت مكان‬ ‫األقل اطلب الصفح أيّها الولد‪ .‬لو أنّين ُ‬ ‫بطرس ال يستطيع أن يصمت‪« :‬على ّ‬
‫ك قليل األدب‬ ‫ك أكثر ِّمن ظامل! إنَّ َ‬
‫بوضعك عند ح ّد َك ابلكالم فقط! إنَّ َ‬
‫َ‬ ‫اكتفيت‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫يسوع‪ ،‬ملا ُ‬
‫ك قد تكون ابألساس قليل الَتبية؟ ألنّه‪ ،‬إذا‬ ‫اي سيّدي الوسيم‪ .‬أهكذا َعلَّ َم َ‬
‫ك الذين يف اهليكل؟ أم أنَّ َ‬
‫كان األمر كذلك‪ ،‬فعندها‪»...‬‬

‫قلت أان ما كان جيب أن يُقال‪ .‬وغداً سوف أح ّدثكم يف هذا املوضوع‪.‬‬ ‫«يكفي اي بطرس‪ .‬لقد ُ‬
‫ألمي إ ّن اليهود قد‬ ‫ِّ‬
‫كنت قد قُلتُه ألولئك يف اليهوديّة‪ .‬ال تقولوا ّ‬
‫ّأما اآلن فأُعيد على َمسامع اجلميع ما ُ‬
‫اجهت بعض الصعوابت‪َِّ .‬‬
‫احَتموا ّأمي‪.‬‬ ‫أساؤوا معاملة ابنها‪ ،‬فقد كانت حزينة ج ّداً إلدراكها أبنّين قد و ُ‬
‫الظل والصمت‪ .‬عملها الوحيد هو ممارسة الفضيلة والدعاء يل ولكم وللجميع‪ .‬فليبق‬ ‫ّإهنا تعيش يف ّ‬
‫لوثوا بظالل‬ ‫َوميض اضطراابت العامل والنزاعات العنيفة بعيداً عن مالذها املغلق ابحلشمة والطَّهارة‪ .‬ال تُ ِّّ‬
‫جاعة أكثر من يهوديت‪ ،‬وسوف‬ ‫البغضاء ذاك املالذ حيث كل شيء فيه هو حب‪َِّ .‬‬
‫احَتموها‪ّ .‬إهنا ُش َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفاسدين من هذا العامل‪.‬‬ ‫تَـرون ذلك‪ .‬إّّنا ال تُرغِّموها قبل األوان على َجتُّرع ال َك َدر املتمثّل مبعتقدات ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كنت أح ّدثكم عنهم‬ ‫حّت بطريقة بدائيّة‪ ،‬ما هو هللا وما هي شريعة هللا‪ .‬أولئك الذين ُ‬ ‫الذين ال يعرفون‪ّ ،‬‬
‫وهم بذلك‪ ،‬يُضيفون خطيئة الكربايء‬ ‫منذ البداية‪َ :‬عبَ َدة األواثن الذين يَعتَِّربون أنفسهم ُح َكماء هللا‪ُ ،‬‬
‫إىل خطيئة عبادة األواثن‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬

‫ويعود يسوع ليسلك طريق الناصرة‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 420 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -57‬يسوع يُعلِّّم التالميذ قرب البيت)‬

‫‪1945 / 01 / 30‬‬

‫ظل شجرة جوز كبرية‪ ،‬تتطاول من مكاهنا لتُخيّم على حديقة‬


‫ال يزال يسوع يُث ّقف أتباعه يف ّ‬
‫مكفهر والعاصفة وشيكة‪ ،‬قد يكون ذلك هو السبب الذي من أجله مل يبتعد يسوع كثرياً‬ ‫ّ‬ ‫مرمي‪ .‬اليوم‬
‫كل مرة ترفع رأسها وتبتسم ليسوعها اجلالس على العشب‬
‫عن املنزل‪ .‬تروح مرمي وجتيء إىل احلديقة‪ ،‬ويف ّ‬
‫قرب اجلذع ُييط به تالميذه‪.‬‬

‫متهوراً يصلح ألن يكون موضوع اليوم‪.‬‬


‫قلت لكم إ ّن ما أاثر كالماً ّ‬
‫يقول يسوع‪« :‬ابألمس ُ‬
‫هاكم األمثولة‪.‬‬

‫خفي سيبقى كذلك على‬ ‫شيء‬ ‫فال‬ ‫سلوك‪،‬‬ ‫قاعدة‬ ‫لكم‬ ‫ابلنسبة‬ ‫ذلك‬ ‫ليكن‬‫و‬ ‫بثبات‪،‬‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫فَ ِّّ‬
‫ك‬
‫ّ‬
‫يهتم هللا ابإلعالن عن أعمال أحد أبنائه عن طريق إشاراته العجائبيّة‪ ،‬أو يفعل ذلك بواسطة‬
‫الدوام‪ .‬قد ّ‬
‫الصاحلني الذين يعرفون استحقاقات أحد اإلخوة‪ ،‬أو كذلك قد يُعلِّن الشيطان‪ ،‬وال أقول أكثر من‬
‫الصاحلون السكوت عنها كي ال يساُهوا يف عمل‬ ‫املتهورين‪ ،‬أشياء قد فَضَّل َّ‬
‫ذلك‪ ،‬على لسان أحد ّ‬
‫مناف للمحبّة‪َّ ،‬إّنا هو يب ّدل احلقيقة بشكل يثري االضطراب يف األفكار‪ .‬وهكذا أتيت دائماً اللحظة‬
‫اليت يُعلَم فيها ما كان خفيّاً‪ .‬واآلن‪ ،‬فليكن ذلك حاضراً يف أذهانكم على الدوام‪ .‬وليُوقِّفكم ذلك عند‬
‫يتم‬
‫مرة ّ‬‫الشر دون أن ُيثّكم‪ ،‬بشكل أو آبخر‪ ،‬على إعالن اخلري الذي تفعلون‪ .‬كم من ّ‬ ‫شفا هاوية ّ‬
‫بشري! إذ مبا أ ّن هذا العمل ليس سوى‬‫ّ‬ ‫حقيقي‪ ،‬إّّنا بصالح‬
‫ّ‬ ‫التصرف بنيّة حسنة‪ ،‬بصالح‬
‫فيها ّ‬
‫شري‪ ،‬وينبثق من نيّة ليست كاملة الطُّهر‪ ،‬فإنّنا نرغب أبن يكون هذا العمل معروفاً من الناس‪ ،‬فنزبد‬ ‫ب ّ‬
‫ونغضب لرؤيتها ما تزال جمهولة‪ ،‬وندرس أساليب جعلها معروفة‪ .‬ال‪ ،‬اي أصدقائي‪ ،‬ليس هكذا‪ .‬بل‬ ‫َ‬
‫عرف‪ ،‬إذا كان األمر مفيداً لكم‪ ،‬كيف جيعل الناس‬ ‫افعلوا اخلري واتركوه لإلله األزيل‪ .‬وهو سوف يَ ِّ‬
‫ّ‬
‫كل قيمة من هذا العمل‬ ‫ينزع ّ‬
‫يَعلَمون به‪ .‬وإذا كان على عكس ذلك‪ ،‬أي أنه َيكن لإلفصاح عنه أن َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 421 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سراً‪ ،‬لالحتفاظ هبا لتكون‬
‫متكربة‪ ،‬فحينئذ يبقيها اآلب ّ‬
‫معني‪ ،‬بفعل انبثاق ُجم َاملَة ّ‬
‫الذي قمتم به هلدف ّ‬
‫لكم جمداً يف السماء يف حضرة احلاشية السماويّة كلّها‪.‬‬

‫ُيكمن أحد مطلقاً على فعل يراه حبسب املظاهر‪ .‬ال تدينوا مطلقاً‪ :‬فاألفعال البشريّة قد‬ ‫ّ‬ ‫فال‬
‫تبدو يف الظاهر منـ ِّّفرة‪ ،‬بينما هي ختفي دوافع محيدة‪ .‬فمثالً‪َ :‬يكن ألب أن يقول البن كسول ِّ‬
‫وماجن‪:‬‬ ‫َُ‬
‫التهرب من واجباته األبويّة‪ .‬ولكنّه ليس دائماً هكذا‪.‬‬ ‫عين"‪ ،‬وقد يكون هذا من قبيل القسوة و ّ‬ ‫"اذهب ّ‬
‫عين" هذه قد تكون جمبولة ببكاء ُمّر ج ّداً‪ِّ ،‬من قِّبَل األب أكثر منها ِّمن االبن‪ ،‬وتصحبها‬ ‫"فاذهب ّ‬
‫ك"‪ .‬هذا هو العدل بعينه ابلنسبة لبقيّة أبنائه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كلمة وأمنية لو تتح ّقق‪" ،‬وستعود عندما تتوب عن َك َسل َ‬
‫التصرف يَ َردع ماجناً عن أن يَصرف يف اجملون مال الباقني عالوة على ماله‪ .‬وعلى العكس‬ ‫ذلك أ ّن هذا ّ‬
‫وحق أبنائه‪ ،‬من خالل‬ ‫حبق هللا ّ‬‫من ذلك تصبح هذه الكلمة سيّئة لو كانت صادرة عن أب خمطئ ّ‬
‫حّت على نفس ابنه‪ .‬ال‪ .‬فالنفس‬ ‫أاننيّته‪ ،‬حيث يَعتَِّرب نفسه أعلى مرتبة من هللا‪ ،‬ويف ّكر ابمتالك حقوق ّ‬
‫التصرفات متشاهبة‪ ،‬إّّنا كم َيتلف‬ ‫للعامل‪،‬‬ ‫ابلنسبة‬ ‫ذاهتا‪.‬‬ ‫بذل‬ ‫عدم‬ ‫أو‬ ‫بذل‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫نفس‬ ‫م‬ ‫هلل‪ ،‬وهللا ال ي ِّ‬
‫رغ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تعسف خاطئ‪ .‬لذا فال تدينوا أحداً أبداً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫األول ينبثق من العدالة‪ّ ،‬أما اآلخر فَمن ّ‬
‫الواحد عن اآلخر! ّ‬
‫لن هذا بعد أبداً‪ .‬وال يُ ِّدن أحد اآلخرين‬
‫مك؟" فال يقو ّ‬
‫"من كان معلّ َ‬ ‫ابألمس قال بطرس ليهوذا‪َ :‬‬
‫لكل تالميذهم‪.‬‬ ‫حبسب ما يراه من أحدهم أو من نفسه‪ .‬فليس لدى املعلّمني سوى احلديث ذاته ّ‬
‫كل واحد يضيف ممّا لديه‪،‬‬ ‫فكيف إذن يصبح عشرة منهم صاحلني والعشرة اآلخرون سيّئني؟ هذا أل ّن ّ‬
‫الشر‪ .‬كيف َيكن إذن إدانة املعلّم أبنّه ل ّقن تعاليم‬
‫ممّا يف قلبه‪ ،‬وهذا ما جيعله َييل حنو اخلري أو حنو ّ‬
‫الشر الذي يتملّك القلب؟‬ ‫َعد َمهُ فيض ّ‬
‫يرسخه يف األذهان قد أ َ‬‫فاسدة إذا كان اخلري الذي ُياول أن ّ‬
‫للتحسن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عىن ابألان فيكم‪ .‬ولكن إذا مل تكونوا قابلني‬‫األول كامن فيكم‪ .‬واملعلّم يُ َ‬
‫إ ّن عامل النجاح ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬لن يكون لكم معلّم أكثر حكمة وأطول‬ ‫فماذا َيكن للمعلّم أن يفعل؟ َمن أكون أان؟ ّ‬
‫أي معلّم كان‬ ‫مين‪ .‬ومع ذلك فهذا ما سوف يقال عن أحد تالميذي‪" :‬ولكن ّ‬ ‫أانة وأرفع كماالً ّ‬
‫معلّمه؟"‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 422 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حب‬
‫أبداً ال تدعوا الدوافع الشخصيّة تسيطر على أحكامكم‪ .‬ابألمس ظَ َّن يهوذا‪ ،‬بسبب ّ‬
‫حب الوطن‬ ‫يف ظُلماً جتاهه‪ .‬يتأثّر املرء أحياانً هبذه العناصر التافهة اليت هي ّ‬
‫مبالغ فيه ملوطنه‪ ،‬أنّه يرى َّ‬
‫حب فكرة ما‪ ،‬وُييد عن هدفه مثل جنم ‪( Alcyon‬أل َـمع جنوم عنقود الثراي) َخَرج عن مداره واته‬ ‫أو ّ‬
‫كل شيء يف هللا لتكون الرؤية واضحة‪ .‬كما جيب عدم إعالء‬ ‫يف الفضاء‪ .‬اهلدف هو هللا‪ .‬جيب رؤية ّ‬
‫ص َل أن أخطأ احدكم‪ ...‬اي بطرس! اي أنتم مجيعاً! فال تكونوا‬ ‫أي شيء على هللا‪ .‬وإذا َح َ‬ ‫الذات أو ّ‬
‫متش ّددين‪ .‬فخطأ أحدكم الذي يصدمكم كثرياً‪ ،‬هل مؤكد أنّكم مل ترتكبوه مطلقاً؟ هل أنتم متأ ّكدون‬
‫من ذلك؟ وبفرض أنّكم مل ترتكبوه مطلقاً‪ ،‬فماذا يبقى لكم لتفعلوه؟ عليكم أن تشكروا هللا وحسب‪،‬‬
‫حّت اآلن‪ .‬هل‬‫اشيتُم الوقوع فيه ّ‬‫مستمر لكي ال تَـ َقعوا غداً يف ما َحت َ‬
‫ّ‬ ‫الس َهر كثرياً وبشكل‬
‫الس َهر‪َّ ،‬‬
‫و َّ‬
‫مكفهرة أل ّن َبرداً يوشك أن ينهمر‪ .‬وحنن‪ ،‬مبراقبة السماء قلنا‪" :‬ال نبتعد ّن عن‬
‫ّ‬ ‫تَـَرون؟ السماء اليوم‬
‫البيت"‪ .‬فإذاً‪ ،‬إذا كنا نعرف أن حنكم هكذا على أشياء‪ ،‬مهما كانت خطورهتا‪ ،‬تبقى ال شيء ابملقارنة‬
‫كمن اخلطر على النفس؟‬ ‫مع خسارة صداقة هللا ابخلطيئة‪ ،‬فلماذا ال نعرف أين يَ ُ‬
‫احلب يدفعها‬ ‫للشر؟ إذاً‪ ،‬مبا أن ّ‬
‫انظروا‪ :‬هي ذي ّأمي‪ .‬هل َيكن االعتقاد أب ّن لديها أدىن ميل ّ‬
‫حيب ذلك‪ .‬وهذا الصباح رجتين هي ذلك‪ ،‬ذلك‬ ‫ألن تتبعين‪ ،‬فهي سوف تَتك البيت عندما يتطلّب ّ‬
‫أود‬
‫بين‪ّ .‬‬ ‫تالميذك‪ ،‬اي ّ‬
‫َ‬ ‫ك أيضاً يف عداد‬
‫جهدك لتجعل ّأم َ‬ ‫َ‬ ‫ّأهنا‪ ،‬وهي معلّميت‪ ،‬كانت تقول يل‪" :‬اعمل‬
‫لألم‬
‫مذهبك"‪ .‬وهي اليت َح َوت هذا املذهب يف أحشائها‪ ،‬وقبالً يف روحها‪ ،‬بعطيّة من هللا ّ‬ ‫َ‬ ‫أن أَتَـ َعلَّم‬
‫لك أن حتكم إذا ما كان إبمكاين اجمليء دون‬ ‫املتجسد‪ ،‬وقد قالت‪" :‬مع ذلك‪َ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫ال ُـمقبِّلَة لكلمته‬
‫كل شيء بِّنَـتَانَته‪،‬‬
‫قلت يل إنّه يتغلغل يف ّ‬
‫االحتاد ابهلل‪ ،‬دون أن يتم ّكن هذا العامل‪ ،‬الذي َ‬‫احتمال فقداين ّ‬
‫يود أبداً أن يكون لغري هللا‪ .‬إنّين أفحص‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫من أن يُفسد هذا القلب‪ ،‬قليب‪ ،‬الذي كان وال يزال ال ّ‬
‫اسَتسلَت دون تفكري أب ّن يف‬ ‫ضمريي‪ ،‬وعلى قدر معرفيت تبدو يل إمكانيّة فعل ذلك‪ ،‬أل ّن‪( ...‬وهنا َ‬
‫كنت خالهلا زهرة‬ ‫ذلك أعظم تكرمي)‪ ،‬ابلفعل‪ ،‬ال أجد فرقاً بني السالم الوديع الذي كان يف الفَتة اليت ُ‬
‫حت سيّدة هذا املنزل منذ أكثر من ستّة مخسيّات‪.‬‬ ‫اهليكل‪ ،‬وذلك الذي أملكه يف داخلي اآلن وقد أصبَ ُ‬
‫أنت هو الكلمة‪ ،‬احلكمة‪،‬‬ ‫ولكنّين خادمة غري جديرة‪ ،‬معرفتها قليلة وحكمها أسوأ على أمور الروح‪َ .‬‬
‫ضل أن ال تعود تر َاك على أن تَقبَل أن ال تكون‬ ‫ك املسكينة اليت تُـ َف ِّّ‬
‫ألم َ‬
‫َيكنك أن تكون النور ّ‬
‫والنور‪ ،‬و َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 423 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مقبولة لدى هللا"‪ .‬ولقد اضطُِّررت إىل القول هلا وقليب مضطرب من اإلعجاب‪" :‬أمي‪ ،‬أقول ِّ‬
‫لك‪ ،‬إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بك"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫إفسادك‪ ،‬ولكنّه هو الذي سوف يتعطّر ِّ‬ ‫العامل لن يستطيع‬

‫حّت ابلنسبة هلا‪،‬‬


‫أنتم تسمعون كيف َعَرفَت ّأمي أن ترى أخطار احلياة وسط العامل‪ ،‬األخطار ّ‬
‫وهنا؟ آه! ينبغي يل أن أقول لكم إ ّن الشيطان هو ح ّقاً‬
‫حّت ابلنسبة هلا‪ .‬وأنتم أيّها الرجال أفال تَـَر َ‬
‫ّ‬
‫ابملرصاد! واملتي ّقظون فقط سوف يكونون ِّ‬
‫املنتصرين‪ .‬واآلخرون؟ أتسألون عن اآلخرين؟ ّأما ابلنسبة‬
‫لآلخرين فما هو مكتوب سيكون‪».‬‬

‫«وما املكتوب اي معلّم؟»‬

‫فعلت به؟ صوت دمه‬ ‫أخوك؟ ماذا َ‬ ‫الرب لقايني‪" :‬أين َ‬ ‫وه َج َم قايني على هابيل وقَـتَـلَه‪ .‬وقال ّ‬
‫«َ‬
‫البشري بيد أخ فَـتَ َح أوردة‬
‫ّ‬ ‫كل األرض اليت َعَرفَت طعم ال ّدم‬ ‫ك ستكون ملعوانً يف ّ‬ ‫يصرخ حنوي‪ .‬وها إنّ َ‬
‫تسم َمت هبذا الدم‬ ‫البشري‪ .‬واألرض اليت َّ‬‫ّ‬ ‫أخيه‪ ،‬ولن يتوقّف مطلقاً جوع األرض الرهيب هذا للدم‬
‫كل إمكانيّة للخصب‪ .‬وسوف هترب‬ ‫هبا‬ ‫العمر‬ ‫ع‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫ام‬ ‫عقم‬ ‫ن‬ ‫لك عقيمة أكثر ِّ‬
‫م‬ ‫ستكون ابلنسبة َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كل زهرة وعلى‬ ‫جيعلك ترى الدم على ّ‬‫َ‬ ‫ضمريك سوف‬
‫َ‬ ‫للبحث عن السالم واخلبز‪ ،‬ولن جتدُها‪ .‬فتأنيب‬
‫وستأتيك أصوات ثالثة‬
‫َ‬ ‫لك السماء دماً وكذلك البحر‪،‬‬ ‫كل غذاء‪ .‬ستبدو َ‬ ‫كل ماء و ّ‬
‫كل نبات‪ ،‬على ّ‬ ‫ّ‬
‫من السماء ومن األرض ومن البحر‪ :‬صوت هللا وصوت الربيء وصوت الشيطان‪ .‬وكي ال تسمعها‬
‫سوف تلجأ إىل املوت"‪».‬‬

‫ويُبدي بطرس مالحظته‪ِّ « :‬سفر التكوين ال يروي ذلك‪».‬‬

‫للج ُدد الذين على‬


‫لست أخطئ‪ .‬وأقول ذلك ُّ‬
‫«ال ليس سفر التكوين‪ ،‬بل أان من يقول ذلك‪ ،‬و ُ‬
‫وإايه سوى‬
‫العدو‪ ،‬فلن يكونوا ّ‬
‫مثال قايني هلابيل‪ .‬ألولئك الذين‪ ،‬لعدم َس َهرهم على ذواهتم وعلى ّ‬
‫واحد‪».‬‬

‫«ولكن لن يكون واحداً منّا‪ ،‬أليس كذلك اي معلّم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 424 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«اي يوحنّا‪ ،‬عندما سيتمزق حجاب اهليكل‪ ،‬سوف تسطع حقيقة عظيمة على صهيون كلها‪».‬‬

‫«أيّة حقيقة‪ ،‬ريب؟»‬

‫تك اي يوحنّا‪».‬‬
‫«إ ّن أبناء الظالم عبثاً كانوا على اتّصال ابلنور‪ .‬احتفظ بذلك يف ذاكر َ‬
‫«هل سأكون أان من أبناء الظالم؟»‬

‫أنت‪ ،‬إّّنا تَ َذ َّكر ذلك لتَ َ‬


‫شرح اجلرَية للعامل‪».‬‬ ‫«ال‪ ،‬ليس َ‬
‫رب؟ أهي جرَية قايني؟»‬
‫«أيّة جرَية اي ّ‬
‫«ال‪ ،‬فذاك كان ّأول تناغم لنشيد الشيطان‪ .‬أتكلّم عن اجلرَية الكاملة‪ .‬اجلرَية اليت ال َيكن‬
‫اإلهلي‪ ،‬وعرب روح الشيطان‪ .‬إذ فقط‬
‫احلب ّ‬ ‫عليك النَّظَر َعرب مشس ّ‬
‫تفهمها‪َ ،‬‬ ‫تصورها‪ .‬اجلرَية اليت‪ ،‬لكي َ‬ ‫ّ‬
‫الشر الالمتناهي َيكنهما شرح عطيّة كهذه‬ ‫احلب الكامل واحلقد الكامل‪ ،‬وحدُها اخلري الالمتناهي و ّ‬ ‫ّ‬
‫صرخ لرغبته إبمتامها‪ .‬لنذهب قبل أن تنفجر‬ ‫سمع ويَ ُ‬
‫وخطيئة كهذه‪ .‬أتسمعون؟ يبدو أ ّن الشيطان يَ َ‬
‫الغيوم برقاً وبـََرداً‪».‬‬

‫وينزلون وهم يركضون ويقفزون‪ ،‬إهنم يَثِّبون يف حديقة مرمي بينما العاصفة تنفجر بعنف‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 425 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -58‬تثقيف التالميذ مع الكلّيّة القداسة مرمي يف حديقة الناصرة)‬

‫‪1945 / 01 / 31‬‬

‫ََي ُرج يسوع إىل احلديقة اليت تبدو قد اغتَ َسلَت بفعل عاصفة مساء األمس‪ .‬يرى ّأمه منحنية‬
‫يلف يسوع ذراعه اليسرى حول‬ ‫لحق هبا‪ .‬ما ألطف قُبلَتهما! ّ‬ ‫أمام نبتات صغرية‪ .‬يُلقي عليها التحيّة ويَ َ‬
‫كتفيها ويسحبها إليه وهو يـُ َقبِّّلها على جبهتها‪ ،‬عند بداية شعر رأسها‪ ،‬مثّ ينحين كي تَطبَع قُبلتها‬
‫َّظرة اليت تُرافِّق ال ُقبلة‪ .‬ف ُقبلة يسوع مفعمة‬
‫على خ ّده‪ .‬ولكن الذي يُكمل عذوبة هذا احلدث هي الن َ‬
‫العظَ َمة واحلماية؛ وتلك اليت ملرمي مفعمة إجالالً مع كوهنا مفعمة حبّاً‪ .‬ويف هذه‬ ‫ِّ‬
‫ابحلب مع شيء من َ‬ ‫ّ‬
‫القبلة يبدو يسوع وكأنّه األكرب سنّاً وهي الفتاة الفتيّة اليت تتقبّل من أبيها أو من أخيها األكرب منها‬
‫كثرياً القبلة الصباحيّة‪.‬‬

‫اتك كثرياً ِّمن بَرد ليلة أمس ورايحها؟»‬


‫يسأل يسوع‪« :‬هل عانت زهر ِّ‬

‫ط‬
‫لكن األوراق َس َق َ‬
‫األجش‪« :‬ال أذى أيّها املعلّم‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫ويسبق مرمي ابإلجابة صوت بطرس‬
‫بعضها‪».‬‬

‫عمل على نصب األغصان امللتوية‬


‫يرفع يسوع رأسه ويرى مسعان بطرس مرتدايً جلبابه الوحيد‪ ،‬ويَ َ‬
‫أبدأت العمل؟»‬
‫يف أعلى التينة‪َ « .‬‬
‫أي وقت طاملا يَ َدعونَنا نسَتيح‪.‬‬
‫«إيه! حنن صيّادي السمك‪ ،‬ننام مثل السمك‪ ،‬يف أيّة ساعة و ّ‬
‫ضت األ ُّم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫فقلت لنفسي‪" :‬لقد َهنَ َ‬
‫عت صرير الباب‪ُ ،‬‬ ‫نعتاد على ذلك‪ .‬وهذا الصباح‪ ،‬منذ الفجر‪َ ،‬مس ُ‬
‫كنت أف ّكر ّأهنا كانت حتلم بزهراهتا‪،‬‬
‫بيديك الضخمتني"‪ُ .‬‬‫َ‬ ‫هيا اي مسعان بسرعة! هيّا وقَ ِّّدم هلا املساعدة‬
‫يف هذه الليلة كثرية الرايح‪ .‬ومل أكن خمطئاً‪ .‬إيه! أعرف النساء!‪ ...‬فزوجيت أيضاً تتقلَّب يف سريرها مثل‬
‫هتب العاصفة‪ ،‬وتف ّكر بنبااتهتا‪ ...‬اي للمسكينة الصغرية! أقول أحياانً‪:‬‬ ‫عندما‬ ‫ة‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َّب‬
‫الش‬ ‫يف‬ ‫ج‬‫مسكة َختتلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 426 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫مسعانك بينما ََي ُخر عباب‬ ‫ك لن تكوين مضطربة هلذه الدرجة فيما لو تقاذَفَت العاصفة‬ ‫"أراهن أبنّ ِّ‬
‫طب ما‪ ،‬فهي زوجة صاحلة‪ ،‬ومن الصعب التصديق أن محايت هي‬ ‫البحرية"‪ .‬أحياانً أُف ِّّكر َّ‬
‫أبن هناك َخ ٌ‬
‫علي ّأال أخلُط األمور ببعضها‪ ،‬فمن غري‬ ‫علي أن ألتَ ِّزم الصمت‪ .‬وأنَّه َّ‬
‫ّأمها‪ ...‬لكن‪ ،‬أعرف أنَّه َّ‬
‫بتهوري ما يُستحسن أن يظل خمفيّاً‪ .‬أترى اي معلّم‪ ،‬لقد بدأ‬
‫أتذمر‪ ،‬وأن أكشف للناس ُّ‬ ‫املستحسن أن َّ‬
‫دخل يف رأسي املتصلِّّب هذا‪».‬‬‫تعليمك يل يؤيت مثاره ويَ ُ‬‫َ‬
‫ُقر وأُبدي‬
‫بنفسك‪ .‬مل يعد يل سوى أن أ ّ‬
‫َ‬ ‫نفسك‬
‫َ‬ ‫أجبت‬
‫سألت و َ‬
‫جييب يسوع وهو يبتسم‪« :‬لقد َ‬
‫بثقافتك كشخص ِّمن َّ‬
‫العامة‪».‬‬ ‫َ‬ ‫إعجايب‬

‫كل األغصان اليت كانت قد أُفلِّتَت‪ .‬وقد نَ َّس َق شجرة اإلجاص‬


‫وتقول مرمي‪« :‬لقد أعاد تعليق ّ‬
‫الرمانة اليت ّنت من جهة واحدة فقط‪».‬‬ ‫ومَّرَر احلبال حتت ّ‬
‫احململة كثرياً ابلثَّ َمر‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫وقلت هلا‪:‬‬
‫«ابلطبع‪ ،‬فهي تشبه ّفريسيّاً عجوزاً‪ ،‬متيل إىل حيث يروق هلا‪ .‬وقد َّقومتُها مثل شراع ُ‬
‫"أال تعلمني أن خري األمور هو الوسط ابلضبط؟ هيا استقيمي‪ ،‬اي ذات الرأس املتصلِّّب‪ ،‬كي ال‬
‫َعمل على شجرة التني هذه‪ .‬ولكن بدافع األاننيّة‪ ،‬فأان‬ ‫ِّ‬
‫كسري حتت وطأة احلمل الثقيل"‪ .‬واآلن أان أ َ‬
‫تُ َ‬
‫علي‬
‫أف ّكر مبعديت كما اجلميع‪ :‬تني طازج وخبز ساخن! آه! أنتيباس ذاته ليس لديه وجبة أشهى! إّّنا َّ‬
‫ِّ‬
‫ضل‬‫للمرة األوىل‪ ،‬وأان ثقيل الوزن‪ ،‬وأُفَ ِّّ‬
‫أن أكون َحذراً‪ ،‬فللتينة أغصان حنونة مثل قلب صبيّة تبوح حببّها ّ‬
‫األول هذا‪ .‬يفَتض ّأهنا لذيذة‪.‬‬ ‫أضحت جافّة بفعل شعاع الشمس ّ‬ ‫مثار التني تلك اليت يف األعلى‪ .‬فقد َ‬
‫إيه! اي ولد‪ ،‬ال تقف وتنظر إيل‪ .‬استيقظ! ِّ‬
‫وانولين هذه السلّة‪».‬‬ ‫ّ‬
‫يوحنّا اخلارج من املشغل ينصاع لألمر‪ ،‬يتسلّق هو اآلخر التينة الضخمة‪ .‬وعندما يَ ِّنزل الصيّادان‬
‫لست أرى‬ ‫ِّمن على التينة‪َ ،‬يرج ِّ‬
‫يوطي‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ويهوذا‬ ‫ويوسف‬ ‫الغيور‬ ‫مسعان‬ ‫كذلك‬ ‫ل‬‫َ‬‫شغ‬‫ـم‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫جتلب مرمي خبزاً طازجاً‪ :‬أرغفة من اخلبز األمسر مدورة‪ .‬يفتحها بطرس بسكني ويفلق فوقها‬
‫التني ويق ّدم ليسوع مث ملرمي واآلخرين‪ .‬أيكلون بشهيّة يف انتعاش احلديقة املتأللئة حتت مشس صباح‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 427 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صاف‪ ،‬وقد مجّلها مطر األمس الذي ن ّقى اهلواء‪ .‬يقول بطرس‪« :‬اليوم اجلمعة‪ ...‬وغداً هو السبت‪،‬‬
‫اي معلّم‪»...‬‬

‫يوطي‪« :‬هذا ليس اكتشافاً‪».‬‬


‫ويعلّق االسخر ّ‬
‫«ال‪ .‬إّّنا املعلّم يعرف قصدي‪»...‬‬
‫كبك‪ ،‬ونُ ِّ‬
‫بحر إىل كفرانحوم‪ .‬وغداً‬ ‫كت مر َ‬
‫«أعلم‪ .‬سنذهب هذا املساء إىل البحرية حيث تَـَر َ‬
‫سوف أحت ّدث هناك‪».‬‬

‫ويكاد بطرس يطري من الفرح‪.‬‬

‫بكل‬
‫دخلون مجاعة‪ :‬توما وأندراوس ويعقوب وفليبّس وبرتلماوس ويوضاس ت ّداوس الذين انموا ّ‬
‫يَ ُ‬
‫فلنبق هنا جمتمعني‪ .‬وهكذا سيكون معنا‬
‫أتكيد يف مكان آخر‪ُ .‬ييّون بعضهم بعضاً‪ ،‬يقول يسوع‪َ « :‬‬
‫تلميذ جديد‪ّ .‬أمي‪ ،‬تعايل‪»...‬‬

‫كرسي‪ ،‬ويُش ِّّكلون دائرة‬


‫َجيلُسون مجيعاً‪ ،‬منهم من جيلس على صخرة‪ ،‬ومنهم من جيلس على ّ‬
‫األم‪ ،‬وعند قدميه يوحنّا الذي‬ ‫حول يسوع الذي َجيلِّ‬
‫حجري حبذاء البيت‪ ،‬وإىل جانبه ّ‬
‫ّ‬ ‫مقعد‬ ‫على‬ ‫س‬
‫وبعظَ َمة كالعادة‪.‬‬
‫فَضَّل البقاء على األرض‪ ،‬ولكن قريباً منه‪ .‬يتح ّدث يسوع هبدوء َ‬
‫الرسويل؟ ابلطبيعة اليت حتيط بنا‪ .‬انظروا‪ .‬فاألرض يف الشتاء‬ ‫ّ‬ ‫أبي شيء َيكن تشبيه التكوين‬ ‫« ّ‬
‫عمل يف داخلها‪ ،‬والنَّسغ يتغ ّذى ِّمن الرطوبة اليت تَن ُفخ الوريقات حتت األرضيّة‬ ‫تبدو ميتة‪ ،‬بينما احلبّات تَ َ‬
‫‪َ -‬يكنين تسمية اجلذور هكذا‪ -‬لتحصل منها على مؤونة كبرية لإلزهارات العليا عندما ُيني زمن‬
‫الزهر‪ .‬أنتم كذلك تشبهون هذه األرض الشتويّة‪ :‬القاحلة والعارية واخلَ ِّشنَة‪ .‬ولكن َّ‬
‫الزارع َمَّر بِّ ُكم َورَمى‬ ‫َّ‬
‫ث األرض عميقاً حول جذعكم املغروس يف األرض الصلبة‪ ،‬وهو‬ ‫وحَر َ‬ ‫بِّذاره‪ .‬وقريباً منكم َمَّر َّ‬
‫الفالح َ‬
‫صل الغذاء إىل جذوركم عرب الغيوم واهلواء‪ ،‬كي يقويّها‪،‬‬ ‫قاس وذو ع َقد مثل تلك‪ ،‬وذلك كي ي ِّ‬ ‫بِّ َدوره ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 428 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابملر (آلة تشبه احلربة وتستخدم يف نقب الَتبة)‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫من أجل الثمار اآلتية‪ .‬لقد تل ّقيتم البذار وتقبّلتم العمل ّ‬
‫أل ّن لديكم النيّة الطيّبة حلمل الثمر يف عمل هللا‪.‬‬

‫ضَربَت وقَـلَبَت النبااتت‪ ،‬وقد قلنا عنها ّإهنا َس َورة‬‫الرسويل أيضاً هبذه العاصفة اليت َ‬
‫ّ‬ ‫ُشبِّّه التكوين‬
‫أَ‬
‫كل‬
‫أنع َشت ّ‬ ‫ال طائل منها‪ ...‬إّّنا انظروا إىل اخلري الذي فَـ َعلَته‪ .‬اليوم اهلواء أنقى‪ ،‬لقد أزالَت الغبار و َ‬
‫أشعتها تصلنا عرب‬ ‫شيء‪ .‬والشمس هي ذاهتا مشس األمس‪ ،‬إّّنا مل تعد هلا ح ّدة احلرارة ذاهتا‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫السكينة‬‫ي عنها مثل الناس‪ ،‬ذلك أ ّن النظافة و َّ‬ ‫طبقات اهلواء املن ّقاة واملنعشة‪ .‬اخلضرة والنبااتت قد ُسِّّر َ‬
‫أدق ووضوح‬ ‫تؤدي إىل احلصول على معرفة ّ‬ ‫ِّ‬
‫حّت املتناقضات َيكنها أن ّ‬ ‫ُها من األمور اليت حتمل الفرح‪ّ .‬‬
‫شر‪ .‬وما تكون املتناقِّضات إن مل تكن عواصف تنتجها الغيوم من‬ ‫وإال فهي ليست سوى ّ‬ ‫أكثر جالء‪ّ .‬‬
‫أنواع خمتلفة؟ وهذه الغيوم‪ ،‬أال تَتاكم تدرجييّاً يف القلوب‪ ،‬مع أمزجة سيّئة ال نفع منها‪ ،‬مع أحاسيس‬
‫بسيطة ابلغرية‪ ،‬مع مشاعر كربايء ضبابيّة؟ مثّ أييت اهلواء ِّمن النِّّعمة ليُطَ ِّّهر األمزجة السيّئة‪ ،‬وأييت‬
‫ابلسكينة‪.‬‬

‫صب‬ ‫الرسويل يُشبِّه كذلك العمل الذي كان بطرس يقوم به هذا الصباح إرضاءً ّ‬
‫ألمي‪ :‬نَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫التكوين‬
‫فك حسب امليالن واالحتياجات‪ ،‬جلعلكم "أقوايء" يف خدمة هللا‪ ،‬جيب تقومي‬ ‫وتعليق وربط ودعم أو ّ‬
‫األفكار اخلاطئة‪ ،‬السيطرة على املتطلّبات اجلسديّة‪ ،‬دعم الضعف وتعديل امليول حسب احلاجة‪،‬‬
‫والتحرر من العبودية والوحل‪ .‬ينبغي لكم أن تكونوا أحراراً وأقوايء‪ ،‬مثل النسور‪ ،‬عندما هتجر ِّ‬
‫الق ّمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القمة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حيث ُول َدت‪ ،‬ال تف ّكر ّإال ابلطريان أعلى وأعلى‪ .‬فخدمة هللا هي الطريان‪ ،‬والعواطف هي ّ‬
‫أحدكم حزين اليوم‪ ،‬أل ّن أابه يرى املوت آتياً إليه‪ ،‬وألنّه يدنو منه بقلب منيع على احلقيقة وعلى‬
‫كنت أحت ّدث‬
‫عدائي‪ .‬وأيضاً‪ ،‬أمل يقل له الظامل الذي ُ‬ ‫ّ‬ ‫حّت من مقفل‪ :‬إنّه‬
‫ابنه الذي يتبعها‪ .‬إنّه أكثر ّ‬
‫عين"؟ إّّنا قلبه املنكمش وشفتاه املغلقتان ليستا بعد‬
‫متفوقاً على هللا‪" :‬اذهب ّ‬
‫عنه ابألمس‪ ،‬معلناً ذاته ّ‬
‫حّت ابنه كذلك‪ ،‬رؤية‬ ‫يناديك"‪ .‬أان مل أطلب‪ ،‬وال ّ‬
‫َ‬ ‫قادرتني على القول أيضاً‪" :‬اتبع الصوت الذي‬
‫معك املعلّم؛ وليتبارك هللا ألنّه اختار من بييت خادماً له‪ ،‬خبلق‬
‫"هلم‪ ،‬وليأت َ‬ ‫شفتيه تُفتَحان ليقول‪ّ :‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 429 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األقل‪ ،‬حنن متنّينا‪ ،‬أان من أجل خريه‪،‬‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫"‪.‬‬ ‫الرب‬ ‫كلمة‬ ‫مع‬ ‫الدم‬ ‫رىب‬‫ُ‬‫ق‬ ‫ن‬ ‫هكذا قُرىب أمسى حّت ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقل عدائيّة‪.‬‬ ‫وابنه لدافع أكثر تعقيداً‪ ،‬أن نسمع منه كلمات ّ‬
‫أين ال امحل جتاه أبيه حقداً وال ازدراء‪ .‬بل إّّنا رمحة وشفقة‬ ‫يبكني هذا االبن‪ .‬وليعلم ّ‬
‫ولكن ال ّ‬
‫انتظرت‪ ،‬مع ِّعلمي بعدم جدوى االنتظار‪ ،‬لكي ال يقول يل ابنه يوماً‪" :‬آه! ملاذا مل‬ ‫أتيت و ُ‬ ‫فقط‪ .‬لقد ُ‬
‫ِّ‬
‫أتيت كذلك‬ ‫أتيت ألُثبِّت له أ ّن ال شيء ذو اجلدوى عندما يعتصر القلب حقداً‪ .‬لقد ُ‬ ‫أتت؟" وقد ُ‬
‫ألش ّد من عزَية اإلنسانة الصاحلة اليت تتأ ّمل من هذا االنشقاق يف العائلة‪ ،‬مثل س ّكني تفصل حزماً من‬
‫أرد على احلقد ابحلقد‪ .‬إنّين‬ ‫األم الصاحلة أبنّين ال ُّ‬
‫األلياف‪ ...‬إّّنا فليتأ ّكد هذا االبن وكذلك هذه ّ‬
‫حّت هذه الساعة‪.‬‬ ‫أحَتم نزاهة مؤمن عجوز‪ ،‬خملص رغم احنراف إَيانه للنقطة اليت توقّـ َفت عندها داينته ّ‬
‫هناك كثريون مثله يف إسرائيل‪ ...‬لذلك أقول لكم‪ :‬سوف أكون مقبوالً لدى الوثنيّني بشكل أفضل‬
‫أنزلَت اململكة الفائقة الطبيعة إىل‬ ‫ِّ‬
‫أفس َدت فكرة ال ُـم َخلّص‪ ،‬و َ‬
‫كثرياً ممّا لدى أبناء ابراهيم‪ .‬فالبشريّة قد َ‬
‫علي أن أُفَـتِّّت القشرة القاسية للعربيّة‪ ،‬وأن أَلِّج وأجرح ألصل إىل‬‫الفكرة التافهة للسيادة البشريّة‪ّ .‬‬
‫العمق‪ ،‬وأمحل خصب الشريعة اجلديدة إىل حيث النفس العربيّة‪.‬‬

‫حقيقي أ ّن إسرائيل‪ ،‬الذي ّنا حول النواة احليويّة لشريعة سيناء‪ ،‬أصبَ َح شبيهاً بثمرة‬
‫ّ‬ ‫آه! كم هو‬
‫لكل اخَتاق‪،‬‬
‫اللب ذو الطبقات الليفيّة األكثر صالبة‪ ،‬واحملميّة من اخلارج بقشرة مقاومة ّ‬ ‫رهيبة‪ ،‬حيث ّ‬
‫يقرر أ ّن اللحظة اليت ََيلِّق فيها شجرة اإلَيان ابإلله الواحد‬
‫فاألزيل ّ‬
‫ّ‬ ‫حّت خروج البذرة‪ .‬ومع ذلك‬ ‫وتعيق ّ‬
‫أش َّج‬
‫تتم والعربيّة تصبح املسيحيّة‪ ،‬ينبغي يل أن ُ‬
‫والثالوث اجلديدة قد حانت‪ .‬وأان‪ ،‬كي اجعل إرادة هللا ّ‬
‫حيب فيها لتستفيق وتنتفخ البذرة‪ ،‬وتنمو وتنمو وتنمو‪،‬‬ ‫أخَتق وأ ِّ‬
‫وأث ُقب و َِّ‬
‫أبث حرارة ّ‬
‫َصل إىل النواة و ّ‬
‫احلق أقول لكم إ ّن العربيّة لن‬
‫لتصبح الشجرة القادرة للمسيحيّة‪ ،‬الداينة الكاملة واألزليّة واإلهليّة‪ .‬و ّ‬
‫ائيلي الذي ال يَقبَلين وال يريد أن‬
‫سمح أبن ُختَرق إالّ بنسبة واحد يف املائة‪ .‬لذلك ال أعترب هذا اإلسر ّ‬ ‫تَ َ‬
‫يعطيين ابنه مغضوابً عليه‪.‬‬

‫تبك من أجل اللحم والدم اللذين يعانيان ِّمن تن ّكر حلم ودم أجنَبَاُها‪.‬‬
‫كذلك أقول لالبن‪ :‬ال ِّ‬
‫نفسك‬ ‫أي شيء آخر لصاحل‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫عمل أكثر من ّ‬ ‫فأملك يَ َ‬
‫حّت من أجل النفس‪َ ،‬‬‫وأقول أيضاً‪ :‬ال تبك وال ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 430 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لنفسك وسواساً‬
‫َ‬ ‫درك وال يـََرى‪ .‬وأُضيف‪ :‬ال جتعل‬ ‫أبوك‪ ،‬والذي ال يُ ِّ‬
‫ونفسه‪ ،‬هذا األب الذي هو َ‬
‫ألبيك‪ .‬وأقول لكم مجيعاً‪ :‬هللا أهم من األب واألم واألخوة‪ .‬مل ِّ‬
‫آت‬ ‫انتمائك َ‬
‫َ‬ ‫ابنتمائك هلل أكثر من‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َفصل ما هو حلم‬‫ألوحد اللحم والدم ابلطريقة األرضية‪ ،‬إّّنا ابلطريقة السماوية‪ .‬وكذلك ينبغي يل أن أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ودم آلخذ معي األرواح القادرة‪ ،‬منذ وجودها على هذه األرض‪ ،‬شريطة أن ترتقي إىل مستوى السماء‪،‬‬
‫أتيت ألدعو "األقوايء" وأجعلهم أكثر ّقوة‪ ،‬إذ ابألقوايء يتش ّكل‬
‫ألجعل منها خ ّداماً للسماء‪ .‬إذن فلقد ُ‬
‫فيلق الذين ُهم ُوَدعاء‪ُ .‬وَدعاء جتاه اإلخوة‪ ،‬أقوايء يف مواجهة األان لديهم واألان اليت للدم العائلي‪.‬‬

‫ك أكثر‬ ‫أبيك وإخوت َ‬


‫معاانتك تعمل لدى هللا‪ ،‬لصاحل َ‬ ‫َ‬ ‫لك أ ّن‬ ‫ال ِّ‬
‫تبك اي ابن العم‪ .‬فإنّين أؤّكد َ‬
‫حّت ِّم ّين‪ .‬ثِّق أ ّن الكلمة ال تَلِّج حيث احلُكم ال ُـمسبَق يش ّكل عائقاً‪،‬‬
‫منك بل ّ‬
‫أي كالم‪ ،‬ليس فقط َ‬ ‫من ّ‬
‫إّّنا النعمة فَـتَلِّج‪ .‬والتضحية هي املغناطيس الذي يسحب النعمة‪.‬‬

‫احلق أقول لكم‪ ،‬عندما أدعو أحداً إىل هللا‪ ،‬فما من طاعة أمسى من تلبية هذا النداء‪ .‬وجيب‬ ‫ّ‬
‫ردة فعل اآلخرين‬ ‫حّت دون التوقّف ملراجعة احلساب أليّة درجة وأبيّة طريقة سوف تكون ّ‬ ‫االستجابة ّ‬
‫حّت لدفن األب‪ .‬وسوف تُكافَؤون على هذه البطولة‪.‬‬ ‫جتاه وفائنا هلذا النداء‪ .‬وينبغي عدم التوقّف ّ‬
‫صلتُم عنهم مع صرخة من القلب‪ ،‬للذين يضربكم‬ ‫ولن تكون املكافأة لكم وحدكم‪ ،‬بل أيضاً للذين ان َف َ‬
‫الهتامهم ّإايكم أبنّكم أبناء عاقّون‪ ،‬ويلعنونكم‪ ،‬يف أاننيّتهم‪ ،‬كما لو كنتم‬
‫كالمهم أبقسى من السوط‪ّ ،‬‬
‫املدعوين ُهم أهل بيتهم‪ .‬إّّنا ينبغي التمييز‬
‫عُصاة‪ .‬ال‪ ،‬لستم عُصاة‪ ...‬بل ق ّديسون أنتم‪ .‬إ ّن ّأول أعداء ّ‬
‫ُيب بشكل فائق للطبيعة‪ .‬يعين أنّه ينبغي حمبّة معلّم الفائق الطبيعة‬ ‫ب‪ ،‬وعلى املرء أن ّ‬ ‫وح ّ‬
‫ب ُ‬ ‫بني ُح ّ‬
‫أكثر من خ ّدام هذا املعلّم‪ .‬ينبغي حمبّة األهل يف هللا وليس أكثر من هللا‪».‬‬

‫عمه الذي يطأطئ رأسه ويالقي صعوبة يف إيقاف‬ ‫متوجهاً إىل ابن ّ‬
‫وينهض ّ‬ ‫يصمت يسوع‪َ ،‬‬
‫تردد من جهة‬
‫كل ّ‬ ‫منك ّ‬‫كت ّأمي ألتّبع رساليت‪ .‬فلينزع هذا َ‬ ‫الدموع‪ .‬يالطفه‪« :‬يوضاس‪ ...‬أان قد تر ُ‬
‫كك‪ .‬إن مل يكن هذا العمل صاحلاً فهل كان إبمكاين القيام به جتاه ّأمي اليت مل يعد هلا أحد‬
‫نزاهة سلو َ‬
‫غريي؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 431 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َيرر يوضاس يد يسوع على وجهه ويوافق حبركة من رأسه‪ .‬إّّنا ال يتم ّكن من التعبري أبكثر من‬
‫ّ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫إيل كأكثر أوالد‬


‫«فلنذهب حنن االثنان‪ ،‬وحدان‪ ،‬كما عندما كنّا أطفاالً‪ ،‬عندما كان حلفا ينظر ّ‬
‫الناصرة ُرشداً وتع ّقالً‪ .‬هيّا بنا أنخذ للعجوز عناقيد العنب اجلميلة الذهبيّة هذه‪ .‬فال يعتقد أنّين ختلّيت‬
‫ك وليعقوب‪ ،‬فهذا سيسعدهم‪ .‬سأقول له أبنّين سأكون غداً‬ ‫ألم َ‬
‫عنه‪ ،‬وأنّين أنصب له العداء‪ .‬وكذلك ّ‬
‫يتصورون دائماً‬
‫أنت تَعلَم أ ّن العجائز يصبحون كاألطفال‪ .‬يغارون‪ّ .‬‬ ‫يف كفرانحوم‪ ،‬وأ ّن ابنه له بكليّته‪َ .‬‬
‫نتفهمهم‪»...‬‬
‫هملون‪ .‬ينبغي لنا أن ّ‬ ‫ّأهنم ُم َ‬
‫أخر َسهم انكشاف أمر معاانة وسوء تفاهم بني ابن‬
‫الر ُسل‪ ،‬وقد َ‬
‫يغيب يسوع اتركاً يف احلديقة ُّ‬
‫حّت الباب‪ ،‬وتعود اآلن مع تنهيدة أليمة‪.‬‬
‫وأبيه بسبب يسوع‪ .‬مرمي ترافق يسوع ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 432 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -59‬شفاء غانية كورازين‪ِّ .‬عظَة يف هيكل كفرانحوم)‬


‫‪1945 / 02 / 01‬‬

‫ََي ُرج يسوع من بيت َمحَاة بطرس يرافقه تالميذه عدا يوضاس ت ّداوس‪ .‬و ّأول َمن َع ِّرفهُ َ‬
‫وعَّرف‬
‫حّت الذين ال يريدون معرفته‪ ،‬كان صبيّاً‪ .‬يسوع على شاطئ البحرية‪ ،‬جيلس على حافّة مركب‬ ‫عليه ّ‬
‫بطرس‪ُ ،‬ييط به حاالً أبناء املنطقة‪َُ ،‬يتَفون بعودته ويطلبون منه ألف طلب‪ ،‬ويسوع جييبهم بصربه‬
‫مساوايً‪.‬‬
‫كل هذه الثرثرة تناغماً ّ‬
‫الذي ال حدود له‪ ،‬مبتسماً وهادائًكما لو كانت ّ‬
‫الشرقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فينهض يسوع لتحيّته‪ .‬وتبدو حتيّتهما املتبادلة مفعمة ابإلجالل‬
‫أييت رئيس اهليكل‪َ ،‬‬
‫عليك يف تثقيف الشعب؟»‬ ‫«أيّها املعلّم‪ ،‬هل َيكنين االعتماد َ‬
‫أنت راغباً يف ذلك‪ ،‬وكذلك الشعب‪».‬‬
‫كنت َ‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬إن َ‬
‫« ّ‬
‫«طوال هذه اآلونة األخرية َر ِّغبنا بذلك‪ .‬وَيكنهم قول ذلك‪ ».‬ويؤّكد الشعب القول بصرخة‬
‫جديدة‪.‬‬

‫علي الذهاب للقاء إنسان‬


‫عندك‪ّ .‬أما اآلن فاذهبوا مجيعكم‪ّ .‬‬
‫«إذن يف منتصف السهرة سأكون َ‬
‫يرغب برؤييت‪».‬‬
‫يبتَعِّد الناس رغماً عنهم‪ ،‬بينما يسوع ي ِّ‬
‫بحر مع بطرس وأندراوس على املركب يف البحرية‪ّ .‬أما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ابقي الرسل فيبقون على اليابسة‪.‬‬

‫يَقطَع املركب ذو الشراع مسافة‪ ،‬مثّ يَدفَعه الصيّادان إىل خليج بني هضبتني تشمخان قليالً‪.‬‬
‫هزة‬
‫كأهنما مل تكوان يف األصل سوى واحدة‪ ،‬ان َفلَ َقت نصفني بفعل التعرية أو ّ‬
‫وهااتن اهلضبتان تبدوان و ّ‬
‫فجاً صغرياً‪ .‬على خالف شبيهه النروجيي‪ ،‬فهو غري مليء ابلصنوبر‪ ،‬إّّنا فقط ابلزيتون‬
‫أرضيّة لتش ّكال ّ‬
‫لست أَعلَم كيف‪ ،‬على السفوح شديدة االحندار‪ ،‬بني الصخور املته ّدمة‪ ،‬وأخرى قد‬‫ال ُـمبَعثَر الذي ّنا ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 433 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قوة‪ .‬إ ّهنا‬ ‫ِّ‬
‫أزهَرت‪ .‬وتتشابك األغصان ال ُـمورقة املائلة بفعل رايح البحرية اليت يفَتض ّأهنا تعصف هنا ب ّ‬ ‫َ‬
‫شالالت‪،‬‬ ‫تش ّكل نوعاً من السقف‪ ،‬يزبد حتته سيل صغري متقلّب‪ُ ،‬حم ِّداثً َجلَبة أل ّن جلّه على شكل ّ‬
‫يزبد مع هذه املساقِّط بني مَت وآخر‪ ،‬إّّنا يف احلقيقة‪ ،‬مثل قَـَزم بني جماري املياه‪.‬‬

‫يقفز اندراوس إىل املياه إلرساء املركب يف أقرب نقطة وربطه جبذع زيتونة‪ ،‬بينما يطوي بطرس‬
‫وثوبك وأن‬
‫َ‬ ‫نعليك‬
‫أنصحك بنزع َ‬
‫َ‬ ‫َير عليه يسوع ويقول‪« :‬ومع ذلك‬‫الشراع ‪ ،‬ويضع دفّاً جيعله جسراً ّ‬
‫تفعل مثلنا‪ .‬فهذا اجملنون (ويشري إىل السيل الصغري) جيعل ماء البحرية يف دوامة‪ ،‬واجلسر‪ ،‬مع هذا‬
‫الَتنح‪ ،‬ليس مأموانً‪».‬‬

‫يطيع يسوع دون مناقشة‪ .‬وحني يصل إىل اليابسة يستعيد نعليه وكذلك ثوبه الطويل‪ .‬ويبقى‬
‫اآلخرون بثياهبم الداخليّة القامتة‪.‬‬

‫يَسأل يسوع‪« :‬أين هي؟»‬

‫«قد تكون قد اختَـبَـئَت بني األشجار بعد مساعها أصواتنا‪ .‬تَعلَم‪ ...‬ما هي عليه‪»...‬‬
‫« ِّ‬
‫اندها‪».‬‬

‫يهتف بطرس بصوت مرتفع‪« :‬أان تلميذ رايب كفرانحوم‪ ،‬والرايب هنا‪ .‬اخرجي‪».‬‬

‫ال حياة ملن تنادي‪.‬‬

‫"هلمي‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ويـُ َق ّدم اندراوس تفسرياً‪ّ « :‬إهنا ال تثق أبحد‪ ،‬ذلك أ ّن أحدهم انداها ذات يوم قائالً‪ّ :‬‬
‫األقل‪ ،‬مل‬ ‫على‬ ‫أان‬ ‫ين‪،‬‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫ة‪،‬‬
‫مر‬ ‫ل‬‫ألو‬ ‫آنذاك‬ ‫أيناها‬
‫ر‬ ‫وقد‬ ‫احلجارة‪.‬‬ ‫برشق‬ ‫ها‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ق‬‫َ‬‫است‬ ‫مث‬ ‫ومن‬ ‫الطعام"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫هاك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أكن أذكر منذ مّت كانت غانية كورازين‪».‬‬

‫«وماذا فعلتم أنتم آنذاك؟»‬

‫ألهنا‬
‫«رمينا هلا رغيف خبز ومسكاً وقطعة قماش‪ ،‬قطعة من الشراع ممزقة‪ ،‬كانت معنا للتنشيف‪ّ ،‬‬
‫كانت عارية‪ ،‬مثّ هربنا لكي ال نصاب بعدوى مرضها‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 434 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«وما الذي دفعكم كي تعاودون اجمليء إذاً؟»‬

‫كل‬
‫بك أكثر‪ .‬ف ّكران ب ّ‬ ‫ذهبت‪ ،‬وحنن مل نكن نف ّكر سوى ابلتعريف َ‬
‫أنت‪ ،‬قد َ‬ ‫كنت‪َ ،‬‬
‫«اي معلّم‪َ ...‬‬
‫وبكل العميان والكسيحني وابلبُكم‪ ...‬وكذلك هبا‪ .‬قلنا‪" :‬لنحاول"‪ .‬تَعلَم‪ ...‬كثريون‪ ...‬آه!‬ ‫املرضى ّ‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬اعتََربوان جمانني ومل يرضوا االستماع لنا‪ .‬وآخرون‪ ،‬على العكس‪ ،‬ص ّدقوان‪ّ .‬أما‬‫واخلطأ منّا ّ‬
‫كنت أانديها وأقول‬ ‫أتيت وحدي ابملركب على ضوء القمر‪ .‬ذلك أنّين ُ‬ ‫هي‪ ،‬فأان الذي حت ّدثت إليها‪ُ .‬‬
‫هلا‪" :‬على الصخرة حتت الزيتونة يوجد خبز ومسك‪ ،‬تعايل دون خوف"‪ .‬وأمضي‪ .‬وكانت هي تنتظر‬
‫مكانك‪.‬‬
‫َ‬ ‫اختفائي‪ ،‬إذ مل أكن أراها مطلقاً‪ .‬ويف املرة السادسة رأيتُها واقفة على الشاطئ‪ ،‬متاماً يف‬
‫أنت؟ وملاذا هذه‬ ‫بك‪ ...‬وقالت يل‪" :‬من َ‬ ‫كنت أف ّكر َ‬
‫كانت تنتظرين‪ .‬اي للفظاعة! ومل أهرب‪ ،‬إذ ُ‬
‫قلت هلا‪" :‬ألنّين تلميذ الرمحة"‪».‬‬
‫الشفقة؟" ُ‬
‫«من هو؟»‬

‫اجلليلي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«إنّه يسوع‬

‫«وهو يعلّمكم الرأفة بنا؟»‬

‫«ابجلميع»‪.‬‬

‫«ولكن هل تعرف من أكون؟»‬

‫«إنّك غانية كورازين‪ ،‬واآلن برصاء»‪.‬‬

‫وحّت يل توجد رمحة؟»‬


‫« ّ‬
‫«هو يقول إ ّن رمحته تشمل اجلميع‪ ،‬وحنن‪ ،‬لكي نقتدي به‪ ،‬ينبغي لنا أن تكون لدينا رمحة‬
‫للجميع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 435 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وهنا َّ‬
‫جدفَت الربصاء دون أن تقصد ذلك إذ قالت‪" :‬إذن يفَتض أنّه هو أيضاً كان خاطئاً‬
‫كبرياً"‪.‬‬

‫قلت هلا‪" :‬ال إنّه ماسيا‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫أود أن أقول هلا‪" :‬فلتكوين ملعونة بسبب لسانك" ولكنّين ُ‬ ‫عندها كنت ّ‬
‫رت‪" :‬ال َيكنها‪ ،‬يف شقائها هذا‪ ،‬التفكري ابلرمحة اإلهليّة"‪.‬‬ ‫ق ّدوس هللا"‪ .‬ومل أقل هلا شيئاً آخر‪ ،‬ألنّين َّ‬
‫فك ُ‬
‫عندئذ َشَر َعت ابلبكاء وقالت‪" :‬آه! إذا كان الق ّديس فال َيكنه‪ ،‬ال َيكنه الرأفة ابلغانية‪َ ،‬يكنه ذلك‬
‫كنت آمل‪»"...‬‬ ‫ابلربصاء‪ ...‬إّّنا ابلغانية فال‪ .‬وأان اليت ُ‬
‫وسألتُها‪" :‬مباذا ِّ‬
‫كنت أتملني‪ ،‬اي امرأة ؟"‬

‫«ابلشفاء‪ ...‬ابلعودة إىل العامل‪ ...‬وسط الناس‪ ..‬أن أموت فقرية مستجدية‪ ،‬ولكن وسط‬
‫ي يف جحر حيواانت ترتعب لرؤيتها منظري هذا"‪.‬‬‫الناس‪ ...‬ال مثل حيوان ّبر ّ‬
‫ك لو ع ِّ‬
‫دت إىل العامل اثنية سوف تكونني نزيهة؟" فقالت‪:‬‬ ‫فقلت هلا‪« :‬هل تقطعني عهداً أنّ ِّ ُ‬‫ُ‬
‫"نعم‪ ،‬فاهلل قد عاقَـبَ َين ابلفعل من أجل خطاايي‪ .‬إنّين اندمة من أعماقي‪ .‬لقد تَـلَ َّقت نفسي الك ّفارة‪،‬‬
‫وَك ِّرَهت اخلطيئة إىل األبد"‪.‬‬

‫ابمسك‪ .‬وقالت يل‪" :‬عُد‪ ،‬عُد أيضاً وأيضاً‪...‬‬


‫َ‬ ‫أعدها ابلسالم‬‫بدا يل آنذاك أنّين أستطيع أن ِّ‬
‫عنك على قدر معرفيت‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫فلتتعرف إليه نفسي قبل أن تراه عيين‪ "...‬وكنت آيت ألح ّدثها َ‬
‫وح ّدثين عنه‪ّ .‬‬‫َ‬
‫ألول من اهتَ َدت على يد تلميذي أندراوس‪( ».‬ابلفعل كان‬ ‫السالم‬ ‫ل‬ ‫«وها أان قد أتيت ِّ‬
‫أمح‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أندراوس هو الذي يتكلّم طوال الفَتة اليت كان فيها بطرس يقفز من صخرة إىل صخرة فوق السيل‬
‫وهو ينادي الربصاء‪).‬‬

‫أظهَرت وجهها ال ُـمَرِّّوع من بني أغصان شجرة الزيتون‪ .‬نَظََرت َ‬


‫وصَر َخت‪.‬‬ ‫أخرياً َ‬
‫فانزيل‪ .‬أان ال أريد ِّ‬
‫رمجك! إنَّه هناك‪ ،‬أال ترينه؟ إنّه الرايب يسوع‪».‬‬ ‫وهتف بطرس‪« :‬أال ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 436 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صلَت عند‬ ‫وتَ َدحرجت املرأة‪( .‬أست ِّ‬
‫وو َ‬
‫َ‬ ‫هبا)‬ ‫ت‬‫َ‬‫ط‬‫َ‬‫ب‬‫ه‬‫َ‬ ‫اليت‬ ‫الفائقة‬ ‫للسرعة‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫نظ‬ ‫التعبري‬ ‫هذا‬ ‫م‬ ‫خد‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫أقدام يسوع قبل أن يعود بطرس إىل قرب املعلّم‪.‬‬

‫رمحتك اي سيّدي!»‬
‫« َ‬
‫أرحم؟»‬
‫«هل تؤمنني أ ّن إبمكاين أن َ‬
‫تلميذك ّأول َمن َر َمحَين‪.‬‬
‫َ‬ ‫أنت الرمحة‪ .‬ولقد كان‬
‫ألنك ق ّديس وأان اتئبة‪ .‬أان اخلطيئة‪ ،‬إّّنا َ‬ ‫«نعم‪َ ،‬‬
‫رب‪ ،‬إّّنا النفس قبل اجلسد‪ .‬ذلك أنّين ثالثية النجاسة‪،‬‬ ‫أنت اي ّ‬ ‫إيل يعطيين اخلبز واإلَيان‪ .‬فَطَ ِّّهرين َ‬
‫أتى ّ‬
‫إليك أن يكون لنفسي اخلاطئة‪.‬‬ ‫وإذا كان من املفروض أن متنحين تطهرياً واحداً‪ ،‬واحداً فقط‪ ،‬فأطلب َ‬
‫كنت أقول‪" :‬أن أُش َفى لكي أعود وسط الناس"‪ّ .‬أما‬ ‫يردده يل‪ُ ،‬‬ ‫كالمك الذي كان هو ّ‬ ‫َ‬ ‫قبل أن أمسع‬
‫فت فأقول‪" :‬أن أُش َفى ألانل احلياة األبديّة"‪.‬‬ ‫اآلن وقد َعَر ُ‬
‫ِّ‬
‫أمنحك املغفرة‪ .‬ليس ّإال‪»...‬‬ ‫«وأان‬

‫رت من‬ ‫حتر ُ‬


‫حرة‪ ...‬آه! وقد ّ‬ ‫«فلتكن مباركاً! ولسوف أعيش يف سالم مع هللا يف جحري‪ّ ...‬‬
‫نلت املغفرة! مل أعد أرتعد خوفاً من هللا‪،‬‬
‫أتنيب الضمري ومن املخاوف‪ .‬مل أعد أخشى املوت اآلن وقد ُ‬
‫اآلن وقد بـََّرأتَين!»‬
‫ِّ‬
‫أانديك‪».‬‬ ‫«اذهيب إىل البحرية واغتسلي‪ ،‬وابقي هناك حلني‬

‫املرأة‪ ،‬وهي شبح هيكل عظمي المرأة ابئسة‪ ،‬وقد أَ َكلَها الربص‪ ،‬وبشعرها األبيض األشعث‪،‬‬
‫تَ َنهض وتنزل يف مياه البحرية‪ ،‬تغطس فيها بثوهبا البايل الذي يُغطي جزءاً يسرياً من جسدها‪.‬‬

‫ت‬ ‫ِّ‬
‫فيقول له بطرس‪« :‬ملاذا أرسلتَها تَغتَسل؟ صحيح أن نتانـَتَها تبعث على املرض‪ .‬ولكن‪ ...‬لس ُ‬
‫أفهم‪».‬‬

‫لمي إىل هنا‪ .‬خذي قطعة القماش اليت على الغصن‪( ».‬إهنا القطعة اليت‬ ‫وه ّ‬
‫اخرجي َ‬
‫«اي امرأة ُ‬
‫تَـنَشَّف هبا يسوع عند عبوره من املركب إىل اليابسة‪).‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 437 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وخت ُرج‪ ،‬عارية متاماً‪ ،‬فلقد تَـَرَكت أمساهلا يف املاء لتأخذ القماش اجلاف‪ .‬فكان‬ ‫تنصاع املرأة لألمر َ‬
‫ف‪ ،‬وهو الذي نَظََر إليها‪ ،‬بينما أندراوس فكان أكثر حت ّفظاً وأدار هلا ظهره‪ .‬ولكنّه‬ ‫بطرس ّأول َمن َهتَ َ‬
‫لدى مساعه هتاف أخيه يستدير ويهتف هو اآلخر‪ .‬كانت املرأة ُمثَـبِّّتة نَظَرها على يسوع لدرجة ّأهنا مل‬
‫أبي شيء آخر‪ .‬ولدى مساعها اهلتاف ورؤيتها األيدي تشري إليها‪ ،‬تَنظُر إىل نفسها‪ ...‬وتالحظ‬ ‫هتتم ّ‬
‫ّ‬
‫نظن‪ .‬بل ارمتت على‬ ‫الربص يف البحرية‪ .‬فلم تركض كما َيكن أن ّ‬ ‫ّأهنا ابإلضافة إىل أمساهلا‪ ،‬فقد تَـَرَكت ََ‬
‫أبي فعل‬ ‫القيام‬ ‫عن‬ ‫عاجزة‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ق‬‫الشاطئ‪ ،‬وتكورت على نفسها خ ِّجلَة ِّمن عريها ومتأثّرة‪ ،‬لدرجة أهنا ب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫آخر غري البكاء بنحيب طويل ال ينتهي‪ ،‬يَفطُر القلب بشكل يَفوق الصراخ‪.‬‬

‫صل قريباً منها‪ ...‬يَ ِّرمي عليها القماش ويداعب رأسها بشكل لطيف خفيف‬
‫يدنو يسوع‪ ...‬ي ِّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫ندامتك‪ .‬اّني يف اإلَيان‬ ‫وهو يقول هلا‪« :‬وداعاً‪ .‬كوين صاحلة‪ .‬لقد ِّ‬
‫كنت مستح ّقة للنعمة بصدق‬
‫ابملسيح‪ .‬وأطيعي شريعة التطهري‪».‬‬

‫تبكي املرأة‪ ،‬وتبكي وتبكي وتبكي‪ ...‬وفقط عندما تسمع صوت الدفة اليت يسحبها بطرس إىل‬
‫أنت اي مبارك!‪»...‬‬
‫لك اي مبارك‪ .‬آه! مبارك َ‬
‫املركب‪ ،‬ترفع رأسها وتفتح ذراعيها وتصيح‪« :‬الشكر َ‬
‫يقوم يسوع حبركة وداع هلا قبل أن يستدير املركب ويغيب…‬

‫دخل إىل معبد كفرانحوم‪ ،‬بعد عبوره الساحة والدرب‬


‫يسوع‪ ،‬وهو اآلن بصحبة مجيع تالميذه‪ ،‬يَ ُ‬
‫فَتض أن يكون خرب املعجزة قد انتشر‪ ،‬إذ إ ّن هناك الكثري من اهلمس والكثري من‬ ‫املؤدي إليه‪ .‬يُ ََ‬
‫ّ‬
‫التعليق‪.‬‬

‫مّت‪ .‬إنّه هنا‪ .‬حتسبه يتساءل إذا كان ينبغي له الدخول‬


‫إنّين أرى على عتبة املعبد تلميذ املستقبل ّ‬
‫وحّت من‬ ‫ِّ‬
‫لست أدري إذا ما كان َخجالً أم متك ّدراً من غمزات العيون اليت تشري إليه‪ّ ،‬‬ ‫أم اخلروج‪ُ ،‬‬
‫النعوت قليلة الظُّرف اليت ّ‬
‫توجه إليه‪ّ .‬فريسيّان يلتحفان مبعطفيهما اللذين يش ّداهنما بعناية إليهما‪ ،‬كما‬
‫مّت‪.‬‬
‫الم َسا ثوب ّ‬
‫لو كاان خائفني من التقاط عدوى الطاعون إذا ما َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 438 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل‬ ‫وهذا‬ ‫أسه‪.‬‬
‫ر‬ ‫َيفض‬ ‫مّت‬ ‫لكن‬‫و‬ ‫حلظة‪.‬‬ ‫ف‬‫ق‬
‫ّ‬‫ويتو‬ ‫حلظة‪،‬‬ ‫فيه‬ ‫ر‬‫َ‬‫ظ‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ويسوع‪ ،‬أثناء دخوله‪َُ ،‬يعِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شيء‪.‬‬

‫حّت يقول بطرس ليسوع‪« :‬هل تعلم َمن يكون هذا الرجل األجعد املعطّر أكثر‬ ‫جاوزه ّ‬ ‫ما إن يـَتَ َ‬
‫املرة األوىل‪ .‬جيوز أنّه مل جيد‬ ‫ِّ‬
‫صل الضرائب لدينا‪ ...‬ما الذي جاء به إىل هنا؟ ّإهنا ّ‬‫مّت‪ُ ،‬حمَ ّ‬
‫من امرأة؟ إنّه ّ‬
‫خاصة أولئك الذين َيضي معهم السبت‪ ،‬مب ّذراً‪ ،‬ابلسكر والعربدة‪ ،‬ما يبتزه ِّمنّا ِّمن الضرائب‬ ‫رفاقه‪ّ ،‬‬
‫مرات للحصول على املال خلزانة الضرائب ولسلوكه املعيب‪».‬‬ ‫مرتني وثالث ّ‬ ‫املضاعفة ّ‬
‫ُيمر مثل خشخاش منثور‪ ،‬ويطأطئ رأسه‬
‫يَنظُر يسوع إىل بطرس نظرة صارمة لدرجة أ ّن بطرس ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫الر ُسل بعد أن كان يف الصف ّ‬
‫الصف األخري من مجاعة ُّ‬
‫ّ‬ ‫ويتوقّف حبيث يصبح يف‬

‫أيخذ يسوع مكاانً له‪ .‬وبعد تراتيل وصلوات متّت تالوهتا مع الشعب‪ ،‬يعود ليتحدث‪ .‬يسأله‬
‫لست يف حاجة إليها‪ .‬فاملوضوع حاضر يف‬
‫رئيس املعبد إذا ما كان يرغب بلفيفة‪ ،‬فيجيبه يسوع‪ُ « :‬‬
‫ذهين‪».‬‬

‫ويبدأ‪َ « :‬ملِّك إسرائيل الكبري‪ ،‬داود الذي من بيت حلم‪ ،‬بعد أن أَخطَأ‪ ،‬بكى‪ ،‬بقلب اندم‪،‬‬
‫جماهراً بتوبته إىل هللا طالباً منه غفرانه‪ .‬لقد كانت روح داود ُمظلِّمة بضباب الشهوات الذي كان َينعها‬
‫من رؤية وجه هللا وفهم كالمه‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وجه هللا‪ .‬ففي قلب اإلنسان موقع َُي َفظ ذكرى وجه هللا‪ ،‬موقع خمتار بشكل خاص وهو‬ ‫ُ‬
‫لمع‬
‫"قدس أقداسنا"‪ ،‬منه أتيت اإلهلامات املق ّدسة واحللول املق ّدسة‪ ،‬موقع يَضوع عطراً مثل هيكل‪ ،‬يَ َ‬
‫صدح ابلَتاتيل مثل مقام السريافيم‪ .‬إّّنا حينما تنشر اخلطيئة فينا دخاهنا‪ ،‬تُظلِّم هذه‬ ‫ِّ‬
‫مثل حمَرقَة‪ ،‬ويَ َ‬
‫النقطة لدرجة يتالشى معها النور والعطر والَتاتيل‪ ،‬وال يبقى فيها سوى رائحة الدخان الثقيل اخلانقة‬
‫وطعم الرماد‪ .‬إّّنا حينما تعود اإلانرة‪ ،‬أل ّن خادماً هلل ُيملها للبائس فاقد النور‪ ،‬حينئذ يرى قباحته‬
‫تك‬
‫رمحتك‪ .‬حسب َك َثرة رأف َ‬
‫َ‬ ‫صرخ مثل امللك داود‪" :‬ارمحين اي هللا حسب‬
‫ومَرَّوعاً من ذاته يَ ُ‬
‫واحنطاطه‪ُ ،‬‬
‫أستمر يف اخلطيئة"‪ .‬إّّنا يقول‪" :‬إنّين‬
‫معاصي"‪ .‬فهو ال يقول‪" :‬ال َيكن أن يَص َفح عين‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫َّ‬ ‫امح‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 439 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نضحين وأن تَغ ِّسلين‬ ‫ِّ‬ ‫َّضع وقليب ُمن َك ِّسر‪ ،‬إّّنا‬
‫أَت ِّ‬
‫دت يف اخلطيئة‪ ،‬أن تَ َ‬
‫أين ُول ُ‬
‫أنت اي َمن تَعلَم ّ‬ ‫أرجوك‪َ ،‬‬‫َ‬
‫القمم"‪ .‬ولكنّه يقول أيضاً‪" :‬لن تكون ذبيحيت ذبيحة تيوس وعجول‪ ،‬إّّنا انكسار‬ ‫ألعود شبيهاً بثلج ِّ‬

‫ألين عامل أب ّن هذا ما تُريده ِّمنّا وأنّ َ‬


‫ك لن ترذله"‪.‬‬ ‫حقيقي لقليب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الرب إىل التوبة‪ .‬وهذا أيضاً‪،‬‬ ‫هذا ما كان يقوله داود بعد خطيئته‪ ،‬وبعد أن قاده اناتن خادم ّ‬
‫الرب ليس أحد خ ّدامه‪ ،‬إّّنا ال ُـم َخلِّّص‬
‫أرس َل هلم ّ‬
‫َوىل‪ ،‬ما ينبغي أن يقوله اخلَطَأَة‪ ،‬اآلن وقد َ‬
‫من وجهة أ َ‬
‫ذاته‪َ ،‬كلِّ َمته‪ .‬هو العادل‪ ،‬ليس فقط سيّد البشر‪ ،‬إّّنا سيّد الكائنات السماويّة واجلهنّميّة كذلك‪َ .‬خَر َج‬
‫جو صاف‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫الصباحي‬ ‫الشمس‬ ‫بزوغ‬ ‫عند‬ ‫يتألأل‬ ‫الذي‬ ‫الفجر‬ ‫من‬ ‫النور‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫َي‬
‫َ‬ ‫كما‬ ‫شعبه‬ ‫وسط‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫خال من الغيوم‪.‬‬

‫حّت‬
‫شرف على املوت‪ّ ،‬‬ ‫لقد قرأمت كيف أ ّن اإلنسان‪ ،‬فريسة الشيطان‪ ،‬هو أضعف ِّمن َمسلول ُم ِّ‬
‫ض َخ للميل إىل الشهوة‪.‬‬ ‫ولو كان يف السابق "اجلبّار"‪ .‬تَعلَمون كيف أ ّن مششون قد تالشى بعد أن َر َ‬
‫أود لو تتعلّموا الدرس من مششون بن منواح‪ ،‬املر ّشح لالنتصار على الذين كانوا يَ ِّ‬
‫ضطهدون إسرائيل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كل ما من شأنه حتريض‬ ‫من‬ ‫نفسه‬ ‫على‬ ‫ُيافظ‬ ‫أن‬ ‫ه‪،‬‬ ‫د‬‫لقد كان الشرط األول إلمتام رسالته‪ ،‬منذ مولِّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الشهوات وإشراك أحشاء اإلنسان ابألجسام الدَّنِّسة‪ :‬أي اخلمر واللحوم الد ِّ‬
‫َّمسَة اليت تُشعِّل يف الصدر‬ ‫َ‬
‫للرب منذ الطفولة‪ ،‬ويبقى كذلك يف نذر‬ ‫يكرس ّ‬ ‫احملرر‪ ،‬كان أن َّ‬ ‫انراً َِّجنسة‪ .‬والشرط الثاين‪ ،‬لكي يكون ِّّ‬
‫َ‬
‫فاملكرس ليس الذي ُيافظ على قداسته اخلارجيّة‪ ،‬إّّنا على قداسته الداخليّة‪.‬‬ ‫دائم‪َّ .‬‬
‫خدم التجربة حملاربة هللا يف قلب اجلسد‬ ‫ولكن اجلسد هو اجلسد‪ ،‬والشيطان هو التجربة‪ .‬وتُستَ َ‬
‫مقرراته املق ّدسة‪ .‬هي ذي حينئذ ّقوة "اجلبّار" تَرتَعِّد‪ ،‬فيصبح ضعيفاً يب ّدد‬ ‫الذي يثري الرجل‪ :‬املرأة‪ ،‬ويف ّ‬
‫االمتيازات اليت َحبَاه ّإايها هللا‪ .‬واآلن امسعوا‪ :‬لقد ُربِّط مششون حببال سبعة من أواتر جديدة وقويّة‬
‫حّت‬
‫نضعن هللا عبثاً حتت االختبار‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫صر‪ .‬إّّنا ال‬
‫ومثبّتة إىل األرض بسبع جدائل من شعره‪ .‬وانتَ َ‬
‫صالحه‪ .‬فهذا غري مسموح به‪ .‬إنّه يغفر ويغفر ويغفر‪ .‬ولكنّه يُطالِّب اإلرادة ابخلروج من اخلطيئة‬
‫هرب مما يدفعه بشكل‬ ‫ريب"‪ ،‬وبعد ذلك ال يَ ُ‬ ‫ليستمر هو ابلغفران‪ُ .‬خم ِّطىء هو الذي يقول‪" :‬غفر َ‬
‫انك ّ‬ ‫ّ‬
‫هرب ِّمن دليلة‪ ،‬والشهوة واخلطيئة‪ ،‬وهو‬ ‫مستمر للخطيئة! مششون الذي انتصر ثالث مرات‪ ،‬إذ مل يَ ُ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 440 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫"قويت‬
‫حّت املوت‪ ،‬يقول الكتاب‪ ،‬وحاملا َوَهنَت ّقوة نفسه‪ ،‬يقول الكتاب أيضاً‪ ،‬أفشى السر‪ّ :‬‬‫متك ّدر ّ‬
‫تكمن يف َجدائِّلي َّ‬
‫السبع"‪.‬‬

‫أما ِّمن أحد بينكم‪ ،‬وقد ضاق ذرعاً من إعياء اخلطيئة‪ ،‬مل يَشعُر أ ّن نفسه تضعف‪ ،‬إذ ال شيء‬
‫الذات على وشك االستسالم للعدو؟ ال‪ ،‬مهما يكن‪،‬‬ ‫املرضي به‪ ،‬وإجياد َّ‬ ‫الشر‬ ‫ِّ‬
‫ِّّ‬ ‫يُنهك أكثر من إدراك ّ‬
‫مكنها ِّمن االنتصار على فضائله السبع‪:‬‬ ‫فال يفعلنّها أحد‪ .‬لقد ابح مششون للتجربة بسر َّقوته‪ِّ ،‬ممَّا َّ‬
‫ّ‬
‫اجلدائل السبع الرمزيّة‪ ،‬فضائله أي أمانته للنَّذر‪ .‬فنام على صدر املرأة واهنََزَم‪ ،‬كفيفاً‪ُ ،‬مستَعبَداً‪ ،‬عاجزاً‬
‫"احملرر"‪ ،‬إالّ عندما استعاد ّقوته من خالل أمل ندامة‬ ‫نتيجة رفضه البقاء وفيّاً لنذره‪ .‬ومل يعد "اجلبَّار"‪ِّّ ،‬‬
‫حمرري أنفسكم‪.‬‬ ‫َع ُدكم أنّكم سوف تصبحون ِّّ‬ ‫حقيقية‪ ...‬ندامة وصرب ومثابرة وبطولة‪ ،‬ومث‪ ،‬أيها اخلطَأَة‪ ،‬أ ِّ‬
‫ّ ّ َ‬ ‫ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬ال قيمة ملعموديّة وال فائدة ِّمن طقس إذا مل تكن هناك التوبة واإلرادة والتصميم على‬ ‫ّ‬
‫َّدم‪ ،‬إعادة فضائِّله‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬ما ِّمن خاطئ‪ ،‬مهما َعظُم‪ّ ،‬إال ويستطيع‪ ،‬بدموع الن َ‬ ‫نبذ اخلطيئة‪ّ .‬‬
‫اليت انتَـَز َعتها اخلطيئة ِّمن قلبه‪.‬‬

‫اليوم‪ ،‬امرأة خاطئة من إسرائيل‪ ،‬كان هللا قد عاقَـبَها على خطيئتها‪ ،‬انلَت رمحة بفضل ندامتها‪.‬‬
‫طاردوا املسكينة‬
‫قلت‪ :‬رمحة‪ .‬ولن ينال رمحة هبذا القدر أولئك الذين مل تكن لديهم رمحة جتاهها‪ ،‬والذين َ‬ ‫ُ‬
‫كل‬ ‫ِّ‬
‫ال ُـمعاقَـبَة دوّنا شفقة‪ .‬فهؤالء الناس‪ ،‬أمل يكونوا‪ُ ،‬هم أنفسهم‪ ،‬مصابني بربص خطيئتهم؟ فليفحص ّ‬
‫إين أم ّد لكم اليد ِّمن أجل هذه التائبة‬
‫ليستحق هو نفسه الرمحة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫واحد ضمريه‪ ...‬وليُ ِّ‬
‫مارس الرمحة‪،‬‬
‫اليت تعود إىل وسط األحياء‪ ،‬بعد أن طُِّر َحت بني األموات‪ .‬إ ّن مسعان بن يوان‪ ،‬وليس أان‪ ،‬هو الذي‬
‫الص َدقَة للتائِّبة اليت ع َادت إىل احلياة احلقيقيّة بعد أن شارفَت على مفارقة احلياة‪ .‬ال ُهت ِّ‬
‫مهموا‬ ‫سيتل ّقى َّ‬
‫َ‬
‫مهموا‪ .‬مل أكن يف العامل عندما كانت الغَانية‪ّ ،‬أما أنتم فقد كنتم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال أزيد‬ ‫أيّها الكبار‪ ،‬ال ُهت ِّ‬
‫كلمة واحدة‪».‬‬

‫عشاقها؟»‬
‫ويَسأله أحد العجائز حاقداً‪« :‬هل تتّهمنا أبنّنا كنا ّ‬
‫فلست َّأهتِّم‪ ،‬بل أحت ّدث ابسم العدالة‪ .‬هيّا بنا‪َ ».‬‬
‫وَي ُرج‬ ‫ُ‬ ‫كل واحد قلبه وسلوكه‪ّ .‬أما أان‬
‫تأمل ّ‬
‫«فلي ّ‬
‫يسوع مع أتباعه‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 441 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت‬ ‫ّإال أ ّن رجلَني يستوقِّ‬
‫عهما يقوالن‪ّ « :‬‬
‫يوطي‪ ،‬ويبدو ّأهنما يعرفانه جيّداً‪ .‬أَمسَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يهوذا‬ ‫فان‬ ‫َُ َ َ‬
‫أنت معه؟ هل هو حقيقة ق ّديس؟»‬ ‫َ‬
‫األقل‪ ،‬إىل فَهم‬
‫تتوصلوا‪ ،‬على ّ‬
‫أمتىن لكم أن ّ‬
‫لإلسخريوطي إجاابت غري متوقّعة‪ ،‬هذه إحداها‪ّ « :‬‬
‫قداسته‪».‬‬

‫«ولكنّه مع ذلك أجرى ِّّ‬


‫الشفاء يوم السبت‪».‬‬

‫أنسب للغفران ِّمن السبت؟ أفال تُعطياين شيئاً لتلك اليت‬


‫أي يوم َ‬
‫«ال‪ ،‬بل َغ َفَر يوم السبت‪ .‬و ّ‬
‫افتُ ِّديَت؟»‬

‫«حنن ال َّننَح أموالنا للعاهرات‪ .‬فالعطااي واهلبات للمعبد املق ّدس‪».‬‬

‫يَن َف ِّجر يهوذا ضاحكاً بال احَتام‪ ،‬ويَتكهما هناك ليلحق ابملعلّم‪.‬‬

‫يعود يسوع إىل بيت بطرس الذي يقول له‪« :‬ها إ ّن يعقوب الصغري قد أعطاين اليوم‪ ،‬لدى‬
‫خروجنا من املعبد‪ ،‬كيسني من النقود بدل الواحد‪ ،‬وأيضاً ِّمن قِّبَل ذلك اجملهول‪ .‬ولكن َمن يكون اي‬
‫ك تعرفه‪ ...‬فقل يل‪».‬‬
‫معلّم؟ إنّ َ‬
‫لك حينما تتعلم أال تَـنُ َّم على أحد‪».‬‬
‫يبتسم يسوع‪« :‬سوف أقول َ‬
‫وينتهي كل شيء‪.‬‬
‫‪ ---‬هناية القسم األول من اجلزء الثاين ‪---‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 442 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -60‬يعقوب بن حلفا يُقبَل بني التالميذ‪ .‬يسوع يَ ْك ِّرز قُرب مكتب ّ‬
‫مّت)‬

‫‪1945 / 02 / 02‬‬

‫َّنوع‪.‬‬
‫تسوق يف كفرانحوم‪ :‬فالساحة مكتظّة بباعة يعرضون أشياء كثرية الت ُّ‬
‫ّإهنا صبيحة يوم ّ‬
‫ُيث‬ ‫صل قادماً من البحرية‪ ،‬يرى ابين عمه يوضاس ويعقوب ِّ‬
‫قاد َمني الستقباله‪ّ .‬‬ ‫يسوع‪ ،‬الذي ي ِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫اخلطى حنوُها‪ .‬وبعد معانقتهما حبرارة يسأهلما بلهفة‪« :‬أبوكما؟ ماذا بشأنه؟»‬

‫جييبه يوضاس‪« :‬ال جديد خبصوص حياته‪».‬‬

‫ابق‪».‬‬
‫لك‪َ :‬‬
‫قلت َ‬
‫أتيت؟ فلقد ُ‬
‫«إذن ملاذا َ‬
‫يطعك‪ ،‬فهي‬ ‫َ‬ ‫لكن الذي يتكلّم اآلن هو يعقوب‪« :‬إذا مل‬ ‫َيفض يوضاس رأسه ويصمت‪ ،‬و ّ‬
‫حتملهم‪ .‬اجلميع ض ّدان‪ .‬وملاذا؟ هل أَرتَ ِّكب خطأ‬ ‫غلطيت‪ .‬نعم غلطيت‪ .‬ولكنّين مل أستطع االستمرار يف ّ‬
‫َّصرف‪ .‬إّّنا اآلن‬ ‫لك؟ هل يُع َقل ذلك؟ قبالً كانت مراعايت لواجب االحَتام هي ما َينعين من الت ُّ‬ ‫حبيب َ‬‫ّ‬
‫التحمل‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ار‬ ‫ر‬ ‫االستم‬ ‫أستطيع‬ ‫دت‬ ‫ع‬ ‫فما‬ ‫األب‪،‬‬ ‫حّت‬ ‫يفوق‬ ‫هللا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫يل‬ ‫قلت‬ ‫وقد‬ ‫اآلن‬ ‫‪،‬‬ ‫مت‬ ‫وقد علِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ص ّدوين؟‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫"ملاذا‬ ‫‪:‬‬ ‫قلت‬ ‫األفكار‪.‬‬ ‫م‬ ‫ِّ‬
‫ُقو‬‫أ‬ ‫أن‬‫و‬ ‫عهم‪،‬‬ ‫آه! حاولت أن أكون مراعياً لواجب االحَتام‪ ،‬أن أُقنِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إن عائلته تقف‬ ‫تودون أن يقول العامل‪ :‬ها َّ‬ ‫النيب‪ ،‬إذا كان ماسيا‪ ،‬فلماذا ّ‬ ‫ففي حال ما إذا كان هو ّ‬
‫ضده؟ أيتبعه العامل وعائلته تناصبه العداء؟ ملاذا؟ َّأما فيما إذا كان قد فَـ َق َد عقله كما تقولون‪ ،‬أفال جيب‬
‫كنت‬
‫علينا‪ ،‬وحنن أفراد عائلته‪ ،‬الوقوف إىل جانبه يف جنونه لنمنعه من إيذاء نفسه وإيذائنا؟" اي يسوع‪ُ ،‬‬
‫ك تَعلَم جيّداً أ ّن يوضاس وأان مل نكن لنظُ ّن‬ ‫أحت ّدث هكذا كي أُف ّكر بشرّايً كما هم يف ّكرون‪ .‬ولكنّ َ‬
‫إليك‪ ،‬على الدوام‪،‬‬ ‫أنت تَعلَم أنّنا تَطَلَّعنا َ‬
‫فيك ق ّدوس هللا‪َ .‬‬ ‫أنت تَعلَم أنّنا نرى َ‬
‫ك جمنون‪َ .‬‬ ‫مطلقاً أنّ َ‬
‫لت‪ .‬فعندما حان‬ ‫حّت مساعنا‪ .‬وها أان قد َر َح ُ‬ ‫تفهمنا‪ ،‬ومل يشاؤوا ّ‬ ‫كنجمنا العظيم‪ .‬ولكنّهم مل يشاؤوا ّ‬
‫كنت‪،‬‬
‫كنت تريدين‪ّ .‬أما إذا َ‬ ‫أنت‪ .‬وها أان ذا‪ ،‬هذا إذا ما َ‬ ‫تك َ‬ ‫أوان االختيار بني يسوع أو العائلة‪ ،‬اخَت َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 443 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صداقتك وكذلك‬
‫َ‬ ‫كل شيء‪ .‬أفقد‬
‫بعد ك ّل هذا‪ ،‬ال تريدين‪ ،‬فحينئذ سأكون أتعس الناس‪ ،‬ألنّين سأفقد ّ‬
‫حب العائلة‪».‬‬
‫ّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫برؤيتك تعاين هكذا‪ ،‬ألنّين أحبّ َ‬
‫َ‬ ‫صلنا إىل هذا احل ّد؟ اي ليعقويب املسكني! مل أكن أر َغب‬
‫«أ ََو َ‬
‫ألجلك‪ .‬تعال‪ .‬ثِّق أ ّن ِّغبطَة َمحْل هللا‬
‫َ‬ ‫إّّنا إذا كان يسوع اإلنسان يبكي معك‪ ،‬فيسوع الكلمة يَبتَ ِّهج‬
‫حّت تبلغ ملء النشوة يف ساعة األرض األخرية وساعة‬ ‫وسط الناس سوف تنمو‪ ،‬ساعة إثر ساعة‪ّ ،‬‬
‫السماء األبديّة‪».‬‬

‫هلموا‬ ‫«‬ ‫أمتار‪.‬‬ ‫بضعة‬ ‫عد‬‫ب‬ ‫على‬ ‫الكياسة‪،‬‬ ‫بدافع‬ ‫ا‪،‬‬


‫و‬ ‫ف‬‫َّ‬
‫ق‬‫و‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫الذين‬ ‫تالميذه‬ ‫وينادي‬ ‫يسوع‬ ‫ت‬ ‫يلت ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أيّها األصدقاء‪ .‬إ ّن ابن عمي يعقوب قد أصبَ َح يف ِّعداد أصدقائي‪ ،‬وابلتايل فهو صديقكم‪ .‬آه! كم‬
‫كنت أر َغب هبذه الساعة وهذا اليوم‪ ،‬فهو صديق طفوليت األمثَل‪ ،‬وقد كان أخي أثناء حداثتنا!»‬ ‫ُ‬
‫َُيتَ ِّفل التالميذ ابلقادم اجلديد وبيوضاس الذي مل يكونوا قد رأوه منذ بضعة أايم‪.‬‬

‫كنت يف البحرية‪».‬‬
‫ك َ‬ ‫عنك يف البيت‪ ...‬ولكنّ َ‬
‫«كنا نبحث َ‬
‫«نعم‪ ،‬يف البحرية‪ ،‬مل ّدة يومني‪ ،‬مع بطرس واآلخرين‪ .‬ولقد كان صيد بطرس وفرياً‪ .‬أليس‬
‫كذلك؟»‬

‫أضطر لدفع الكثري من املال لذاك اللّص‪»...‬‬ ‫ِّ‬


‫«نعم‪ ،‬واآلن هذا يُثقل صدري‪ ،‬ذلك أنّين سوف ّ‬
‫ظن ذلك‪ ،‬أو‬
‫يؤدون أجرة موضعهم‪ ،‬أ ّ‬ ‫العشار الذي ُييط مبكتبه أانس كثريون ّ‬
‫مّت ّ‬‫ويشري إبصبعه إىل ّ‬
‫حماصيلهم‪.‬‬

‫كل شيء نسبيّاً‪ .‬فكلّما َكثر السمك‪َ ،‬كثرت الرسوم‪ ،‬إّّنا يَكثر الربح أيضاً‪».‬‬
‫«أقول‪ ،‬سيكون ّ‬
‫الضعف‪.‬‬
‫الضعف فهذا ال جيعلين أدفع ّ‬
‫ت ّ‬ ‫«ال‪ ،‬اي معلّم‪ .‬كلّما َكثر السمك َكثر الربح‪ّ .‬أما إذا َرِّحب ُ‬
‫بل ينبغي يل أن أدفع له أربعة أضعاف‪ ...‬ابن آوى!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 444 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أود التَّحدث‪ ،‬وقرب مكتب اجلباية يوجد أانس على الدوام‪».‬‬
‫هلم بنا قريباً منه‪ّ .‬‬
‫«بطرس! وإذن! ّ‬
‫«أعتقد ذلك!» يقوهلا بطرس وهو يتمتم‪« .‬أانس ولعنات‪».‬‬

‫«فإذاً! سأذهب ألطرح هناك بركات‪ .‬من يدري‪ ،‬فقد يَلِّج القليل من النـزاهة لدى اجلايب‪».‬‬

‫تك لن تتجاوز جلده‪ ،‬جلد التمساح‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«َيكنك االطمئنان إىل أ ّن َكل َم َ‬
‫«سوف نرى‪».‬‬

‫«ماذا ستقول له؟»‬

‫موجهة إليه أيضاً‪».‬‬


‫«لن أحت ّدث إليه مباشرة‪ ،‬إّّنا سأحت ّدث بطريقة َيكن اعتبارها ّ‬
‫لص‪ ،‬متاماً كالذي يُشلّح الفقراء الذين‬
‫يتعرض لنا على الطرقات هو ّ‬
‫«سوف تقول إ ّن الذي ّ‬
‫السكر؟»‬
‫يعملون لكسب لقمة العيش وليس من أجل النساء و ُّ‬
‫عين؟»‬
‫«بطرس‪ ،‬هل تريد أن تتح ّدث بدالً ّ‬
‫«ال اي معلّم‪ ،‬فأان ال أجيد التعبري‪».‬‬

‫نفسك وإليه أيضاً‪».‬‬


‫َ‬ ‫داخلك سوف تسيء إىل‬
‫َ‬ ‫«هبذه املرارة اليت يف‬

‫يتأهب بطرس للدَّفع‪ .‬يوقفه يسوع ويقول له‪« :‬أعطين النقود فأان‬ ‫ي ِّ ِّ‬
‫قَتبون من مكتب اجلباية‪ّ .‬‬ ‫ََ‬
‫َمن يَدفَع اليوم‪ ».‬يَنظُر إليه بطرس مندهشاً ويعطيه كيساً من اجللد مليئاً ابلنقود‪.‬‬

‫ينتظر يسوع دوره‪ ،‬وعندما يصبح يف مواجهة اجلايب يقول‪« :‬أَدفَع عن مثاين سالل من السمك‪،‬‬
‫أردت‪ .‬إّّنا بني الناس الشرفاء ينبغي‬
‫وهي لسمعان بن يوان‪ .‬هي هنا عند أقدام األوالد‪ .‬أت ّكد منها لو َ‬
‫ك تعتَِّربين منهم‪ .‬كم الضريبة؟»‬ ‫ِّ‬
‫أن تكون ال َكل َمة كافية‪ .‬وأظنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 445 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صب‬‫ك تَعتَِّربين ِّمنهم»‪ ،‬ينتَ ِّ‬
‫ومّت الذي كان جالساً يف مكتبه حلظة كان يسوع يقول‪« :‬أظنّ َ‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫السنون‪ ،‬تقريباً مثل بطرس‪ ،‬ومع ذلك يبدي وجهاً تَعِّبَاً من‬‫َخ َذت به ُّ‬ ‫واقفاً‪ .‬إنّه قصري القامة وقد أ َ‬
‫الشهوانيّة‪ ،‬واضطراابً جليّاً‪ .‬بداية‪ ،‬يَب َقى رأسه منخفضاً‪ ،‬مثّ يرفعه وينظر إىل يسوع‪ ،‬وينظر إليه يسوع‬
‫إبمعان ووقار‪ ،‬مهيمناً عليه بقامته الطويلة‪.‬‬

‫«كم؟» يسأل يسوع بعد برهة‪.‬‬

‫ص ِّّل ألجل نفسي‪».‬‬ ‫«‬ ‫أخفض‪:‬‬ ‫بصوت‬ ‫مث‪،‬‬ ‫‪،‬‬‫مّت‬ ‫جييب‬ ‫»‬ ‫م‪.‬‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫املع‬ ‫تلميذ‬ ‫ن‬ ‫«ال ضريبة ِّ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫هتتم هبا؟» ويستدير يسوع بعدئذ‬ ‫«إنّين أ ِّ‬
‫َمحلها ِّ َّ‬
‫أنت‪ ...‬ملاذا ال ّ‬
‫يف‪ ،‬حيث ملجأ اخلطأة‪ .‬إّّنا َ‬
‫عائداً صوب بطرس ال ُـمن َذ ِّهل‪ .‬كذلك اآلخرون ُمن َذ ِّهلون‪ ،‬يتهامسون غري مص ّدقني أعينهم…‬

‫مّت ويبدأ ابلتح ّدث‪.‬‬


‫يسند يسوع ظهره إىل شجرة تبعد حوايل عشرة أمتار عن ّ‬
‫الرعاة‬
‫الفالحون و ُّ‬ ‫ارس أفرادها ِّم َهناً خمتلفة وكلّها ضروريّة‪.‬منهم ّ‬
‫«يُشبِّه العامل عائلة كبرية‪َُ ،‬ي ِّ‬
‫الكرامون وجنّارو البناء وصيّادو السمك والبنّاؤون والعاملون ابخلشب واحلديد‪ ،‬ومثّ ال َكتَـبَة واجلنود‬ ‫و ّ‬
‫كل هذا‪ .‬ال َيكن للعامل أن يتألّف من فئة واحدة‪.‬‬ ‫خاصة‪ ،‬واألطبّاء والكهنة‪ّ .‬‬ ‫مبهام ّ‬
‫واملوظّفون املكلّفون ّ‬
‫التوصل إىل ذلك‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫فالـم َهن كلّها ضروريّة وكلّها مق ّدسة‪ ،‬إذا كانت ُمت َارس بنـزاهة واستقامة‪ .‬كيف َيكن ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬ح ّّت‬ ‫جيربنا من جهات عديدة؟ َيكن ذلك ابلتفكري ابهلل الذي يرى ّ‬ ‫إذا كان الشيطان ّ‬
‫كنفسك‪ ،‬ال تفعل به ما ال تريد‬ ‫َ‬ ‫األعمال األكثر خفاء‪ ،‬وكذلك بشريعته اليت تقول‪" :‬أحبِّب قر َ‬
‫يبك‬
‫بك‪ ،‬وال َختتَلِّس أبيّة طريقة كانت"‪.‬‬
‫أن يفعله هو َ‬
‫سمعون كالمي‪ :‬عندما َيوت شخص ما‪ ،‬هل أيخذ معه أكياس النقود؟‬ ‫قولوا يل‪ ،‬أنتم اي َمن تَ َ‬
‫حّت ولو كان أمحقاً لدرجة يريد معها محلها معه إىل القرب‪ ،‬فهل َيكنه االستفادة منها يف احلياة األخرى؟‬
‫ّ‬
‫لكن نفسه‪ ،‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫متفسخ‪ .‬و ّ‬‫جملرد مالمستها نتانة جسم ّ‬ ‫تتخرب ّ‬
‫ال‪ .‬بل إ ّن قطع النقود ّ‬
‫حّت ولو كانت تُِّرَكت‬
‫تكون عارية‪ ،‬وأكثر فقراً من أيّوب املغبوط‪ ،‬غري مستفيدة من أصغر قطعة نقود‪ّ ،‬‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬على العكس‪ ،‬مع‬ ‫يف القرب‪ ،‬هنا يف األسفل‪ ،‬وزانت ووزانت‪ .‬اصغوا أيضاً وامسَعوا! ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 446 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت ولو كانت‬ ‫ِّ‬
‫الغىن والثروات يَصعُب َكسب السماء‪ ،‬بل على عكس ذلك‪ ،‬هبا عموماً تُف َقد السماء‪ّ ،‬‬
‫الثروة متأتّية من إرث أو ربح حالل‪ ،‬ذلك أ ّن األغنياء الذين ُُي ِّسنون استخدامها ابستقامة قليلون‪.‬‬

‫ما الذي جيب إذن فعله المتالك هذه السماء املباركة‪ ،‬هذه الراحة يف حضن اآلب؟ ينبغي ّأال‬
‫حّت ولو كلَّف األمر‬ ‫أبي مثن‪ّ ،‬‬ ‫متلهفني‪ ،‬مبعىن ّأال نسعى المتالكها ّ‬ ‫متلهفني للثروات‪ ،‬غري ّ‬
‫نكون ّ‬
‫متلهفني‪ ،‬مبعىن أنّنا‪ ،‬يف معرض امتالكها‪ّ ،‬أال حنبّها أكثر من السماء‬ ‫احلب‪ .‬غري ّ‬
‫اإلساءة إىل النـزاهة و ّ‬
‫متلهفني ملا َيكن‬‫أو القريب‪ ،‬وذلك ابالمتناع عن فعل احملبّة جتاه القريب‪ ،‬عندما يكون حمتاجاً‪ .‬غري ّ‬
‫سخر من بؤس الذين‬ ‫للثروات توفريه‪ ،‬أعين النساء والشهوات واملوائد الباذخة والثياب الفاخرة اليت تَ َ‬
‫يعانون الربد واجلوع‪ .‬توجد‪ ،‬نعم‪ ،‬توجد أموال بديلة عن أموال العامل اجلائرة‪ ،‬وهلا قيمة يف ملكوت‬
‫السماوات‪ .‬وينبغي أن تكون هناك احلنكة املق ّدسة لتحويل الثروات البشريّة‪ ،‬اجلائرة غالباً أو املسبّبة‬
‫للجور‪ ،‬إىل كنوز أبديّة‪ .‬لذلك جيب النـزاهة يف الربح‪ ،‬وإعادة ما أ ُِّخ َذ بغري عدل‪ ،‬واستخدام خريات‬
‫ألهنا ستتخلّى عنّا عاجالً‬ ‫العامل‪ ،‬إّّنا بشكل معتدل‪ ،‬ودوّنا التعلّق هبا‪ .‬جيب معرفة التخلّي عن الثروات‪ّ ،‬‬
‫أم آجالً‪- .‬آه! جيب التفكري بذلك!‪ -‬بينما اخلري الذي نفعله يالزمنا أبداً‪.‬‬

‫يود اجلميع أن يُدعوا "مستقيمني" وأن يُعتََربوا كذلك‪ ،‬وبذلك ينالون املكافأة من هللا‪ .‬ولكن‬ ‫ّ‬
‫كيف َيكن هلل أن يكافئ من ال َيتلك ِّمن االستقامة سوى االسم‪ ،‬وهو ال يعمل هبا؟ كيف َيكن أن‬
‫حقيقي يف النفس؟‬
‫ّ‬ ‫لك" إذا كان يرى أ ّن الندامة ليست سوى ابلكالم‪ ،‬وال يوجد تغيري‬ ‫يقول له‪" :‬أَغ ُفر َ‬
‫ليست هناك ندامة طاملا الرغبة ابألشياء املسبّبة للخطيئة ابقية‪ .‬إّّنا تتواجد النّدامة حينما يتواضع‬
‫شرير‪ ،‬وَيكن أن يكون هذا امرأة‬ ‫ِّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬عندما يَبَت وجدانيّاً الدَّافع الذي يُش ّكل يف داخله نبع َميل ّ‬
‫كل هذا"‪ ،‬حينئذ تكون هذه ندامة حقيقيّة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫رب ال أريد شيء من ّ‬ ‫"ألجلك اي ّ‬
‫َ‬ ‫أو َذ َهباً‪ ،‬وحينما يقول‪:‬‬
‫فأنت عزيز على قليب مثل خملوق بريء أو بطل‪».‬‬ ‫"هلم‪َ ،‬‬‫ويتقبّله هللا بقوله‪ّ :‬‬
‫ب من حلقة املستمعني منذ‬
‫اقَت َ‬
‫مّت الذي ََ‬
‫حّت أن يلتفت إىل ّ‬
‫يُنهي يسوع كالمه‪ ،‬وَيضي دون ّ‬
‫الكلمات األوىل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 447 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وُهَ َست يف أذنه أمراً‪ .‬فأشار بطرس إىل يسوع‬
‫صلوا قريباً من بيت بطرس‪َ ،‬هَر َعت زوجته َ‬
‫حني َو َ‬
‫إليك دون أن يراها أحد‪ .‬ما العمل؟»‬
‫تود التح ّدث َ‬‫أن يدنو منه‪ّ « .‬إهنا أم يوضاس ويعقوب‪ .‬وهي ّ‬
‫َدخل أان إىل البيت وكأّّنا ألسَتيح‪ ،‬وتذهبون أنتم مجيعكم لتوزيع الصدقات على‬
‫«هكذا‪ :‬أ ُ‬
‫الفقراء‪ُ .‬خذ كذلك مبلغ الضريبة الذي مل يشأ أخذه‪ .‬اذهب‪ ».‬ويشري يسوع ليصرفهم مجيعاً‪ ،‬بينما‬
‫يتوىل بطرس أمر َمحلهم على الذهاب معه‪.‬‬
‫ّ‬

‫ويسأل يسوع زوجة بطرس‪« :‬أين األ ُّم اي امرأة؟»‬

‫ظل ورطوبة‪ .‬اصعد ابطمئنان‪ .‬ستكون هناك ُحّراً‬


‫« ّإهنا على الشرفة اي معلّم‪ ،‬فال زال هناك ّ‬
‫كنت يف البيت‪».‬‬
‫أكثر مما لو َ‬
‫صعد يسوع السلّم الصغري‪ .‬يف إحدى الزوااي‪ ،‬حتت عريشة الكرمة‪ ،‬جتلس مرمي اليت حللفا على‬ ‫يَ َ‬
‫صندوق صغري‪ ،‬قرب جدار السور‪ ،‬بثياب داكنة‪ ،‬ويكاد وجهها َيتفي حتت الوشاح‪ .‬وهي تبكي‬
‫عمي العزيزة!» فَتفع وجهها املسكني ال َقلِّق ومت ّد‬
‫هبدوء وبغري َجلَبَة‪ .‬يناديها يسوع‪« :‬مرمي‪ ،‬اي امرأة ّ‬
‫أي أمل يف قليب!»‬
‫يديها‪« :‬يسوع! ّ‬
‫يظل واقفاً‪ ،‬مبعطفه الذي ما يزال يلتحفه‪،‬‬
‫يسوع إىل جانبها‪ ،‬جيعلها تبقى جالسة بينما هو ّ‬
‫كل هذه الدموع؟»‬ ‫ِّ‬
‫واضعاً يداً على كتف امرأة عمه واألخرى بني يديها‪« .‬ماذا بك؟ وملاذا ّ‬
‫بت من البيت قائلة‪" :‬أان ذاهبة إىل قاان ألجلب البيض والنبيذ للمريض"‪.‬‬ ‫«آه! اي يسوع! لقد َهَر ُ‬
‫كضت‬
‫أتيت هنا‪ .‬لقد ر ُ‬ ‫ك لدى حلفا تعتين به‪ّ .‬إهنا جتيد ذلك‪ ،‬وأان مطمئنّة‪ .‬إّّنا يف احلقيقة قد ُ‬ ‫ّأم َ‬
‫يهم‪ .‬ذلك أ ّن األمل‬
‫ليلتني كاملتني ألصل أبسرع ما َيكن‪ .‬مل أعد أستطيع‪ .‬إّّنا خبصوص التعب‪ ،‬فال ّ‬
‫كل هذا االختالف‬ ‫الذي يف القلب هو الذي يضنيين!‪ ...‬حلفاي‪ ...‬حلفاي‪ ...‬أوالدي‪ ...‬آه! ملاذا ّ‬
‫معك؟ نعم؟‬ ‫بينهم بينما ُهم ِّمن دم واحد؟ ّإهنم َك َح َجري َرحى لطحن قلب أ ُّم‪ .‬هل يعقوب ويوضاس َ‬
‫درك؟ ملاذا َيوت؟ ملاذا يريد أن َيوت هكذا؟ ومسعان ويوسف؟‬ ‫إذاً‪ ،‬تَعلَم‪ ..‬اي يسوعي! ملاذا حلفاي ال يُ ِّ‬
‫جانبك‪ ،‬بل إّّنا ضد َك؟»‬
‫َ‬ ‫ملاذا؟ ملاذا ُها ليسا إىل‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 448 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قلت ذلك أيضاً ليوضاس‪ .‬أ ِّ‬
‫ُدرك وأَرثي‪.‬‬ ‫ألي منهم‪ .‬وقد ُ‬
‫أضمر حقداً ّ‬ ‫«ال تبكي اي مرمي‪ .‬فأان ال ُ‬
‫كنت تبكني من أجل ذلك‪ ،‬فينبغي أن تَ ُك ِّّفي عن البكاء‪».‬‬‫وإذا ِّ‬

‫إليك‪ .‬ألجل ذلك ومثّ‪ ،‬ومثّ‪ ،‬ومثّ‪ ...‬ألنّين ال أريد أن َيوت‬ ‫«ألجل ذلك‪ ،‬نعم‪ ،‬فهم يسيئون َ‬
‫لك العداء‪ ،‬فلن يغفر له هللا‪ ...‬وأان‪ ...‬آه! لن يكون يل يف احلياة األخرى‪ »...‬مرمي‬ ‫زوجي وهو ي ِّ‬
‫ضمر َ‬ ‫ُ‬
‫حارة على اليد اليت تَـَرَكها يسوع هلا‪ ،‬وبني الفينة والفينة تُـ َقبِّّلها وترفع وجهها‬ ‫بدموع‬ ‫تبكي‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬‫ق‬‫ّ‬ ‫ح‬ ‫ة‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫قَلِّ‬
‫ّ‬
‫الشاحب جتاهه‪.‬‬
‫«ال‪ ».‬يقول يسوع «ال‪ ،‬ال تتكلّمي هكذا‪ .‬أان أغفر‪ ،‬وإذا كنت أان الذي أغفر وأ ِّ‬
‫ُسامح‪»...‬‬ ‫ُ‬
‫َّهموك‪،‬‬
‫«آه! تعال اي يسوع‪ .‬تعال لتنقذ روحه وجسده‪ .‬تعال‪ ...‬أيضاً الناس يقولون‪ ،‬كي يت َ‬
‫درك؟ ويقولون أيضاً‪:‬‬ ‫فت ولَ َدين ِّمن أب ُيتضر‪ ،‬هذا ما يقوله الناس يف الناصرة‪ .‬أتُ ِّ‬
‫ك َخطَ َ َ‬
‫يقولون إنّ َ‬
‫كل مكان‪ ،‬بينما هو ال يعرف أن يفعلها يف بيته"‪ .‬وأان أُدافِّع بقويل‪" :‬ماذا‬ ‫"إنَّه جيَتح املعجزات يف ّ‬
‫يودون مساع‬
‫ابهتاماتكم‪ ،‬إذا كنتم ال تؤمنون به؟" ويف هذه األثناء ال ّ‬ ‫َيكنه أن يفعل إذا أنتم أبعدمتوه ّ‬
‫أي شيء‪».‬‬ ‫ّ‬
‫لت‪ :‬إذا كانوا ال يؤمنون‪ .‬فكيف َيكنين فِّعلها حيث ال إَيان؟»‬
‫«حسناً قُ ِّ‬

‫لك! أؤمن عن اجلميع! تعال َِّ‬


‫اجَتح معجزة‪ ...‬من أجل امرأة‬ ‫كل شيء مستطاع ابلنسبة َ‬
‫«آه! ّ‬
‫عمك املسكينة‪»...‬‬
‫َ‬
‫وضاماً رأس مرمي الباكية إىل صدره‪،‬‬
‫«ال َيكنين ذلك‪ ».‬يسوع حزين ج ّداً لقوله هذا‪ .‬واقفاً ّ‬
‫يقر أمام الطبيعة الصافية بعدم إمكانيتّه‪ ،‬يبدو أنّه يق ّدم هلا شهادة تؤّكد أمله المتناعه عن‬
‫يبدو وكأنّه ّ‬
‫ذلك مبوجب إرادة أزليّة‪.‬‬

‫ويشت ّد بكاء املرأة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 449 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكنت‬ ‫ِّ‬
‫كنت أستطيع‪ ،‬لو كان يف ذلك خري‪ُ ،‬‬ ‫«امسعي اي مرمي‪ .‬كوين صاحلة‪ .‬أؤّكد لك أنّين لو ُ‬
‫ألجلك‪ ،‬ألجل ّأمي‪ ،‬ألجل يوضاس ويعقوب‪ ،‬وأيضاً‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫عت هذه النعمة من اآلب‬ ‫لكنت انتَـَز ُ‬
‫فعلتُه‪ .‬آه! ُ‬
‫ِّ‬
‫َيكنك‬ ‫نعم‪ ،‬أيضاً ألجل حلفا ويوسف ومسعان‪ .‬إّّنا ال أستطيع‪ .‬حالياً‪ ،‬األمل يف ِّ‬
‫قلبك عظيم‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬
‫دركي‪ .‬عندما حان موعد رحيل َوالِّدي‪ ،‬مل‬ ‫ك لن تُ ِّ‬ ‫مك عن هذا‪ ،‬ولكنّ ِّ‬ ‫إدراك عدالة عدم مت ّكين‪ .‬أكلّ ِّ‬
‫ابراً‪ ،‬وكم كانت ّأمي حتبّه‪ .‬فليس من العدل أن تستثىن عائلة‪ ،‬يعيش‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أُطل حياته‪ ،‬وأنت تعلمني كم كان ّ‬
‫فيها ق ّديس‪ ،‬من مصائب احلياة احملتّمة‪ .‬لو كان األمر كذلك‪ ،‬لكان من املفروض أن أبقى على األرض‬
‫إىل األبد‪ّ ،‬إال أنّين سوف أموت قريباً‪ ،‬ومرمي‪ّ ،‬أمي الق ّديسة‪ ،‬لن تتم ّكن من انتزاعي من املوت‪ .‬ال‬
‫ضم رأس قريبته إىل كتفه‪« .‬هذا ما سوف‬ ‫أستطيع‪ .‬هذا ما َيكنين فعله وسوف أفعله‪ ».‬جيلس يسوع وي ّ‬
‫أعدك أبن تكون‬ ‫لك أنّكما لن تكوان ِّ‬
‫متباع َدين‪ِّ .‬‬ ‫حللفاك‪ ،‬أؤّكد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أملك‪ِّ ،‬‬
‫أعدك ابلسالم‬ ‫أفعله‪ .‬بسبب ِّ‬
‫وحّت بعد ذلك‪ ،‬سوف أس ُكب مجّاً‬ ‫عائلتنا جمتمعة يف السماء‪ ،‬جمتمعة على الدوام‪ .‬وطاملا أان أعيش‪ّ ،‬‬
‫القوة‪ ،‬حبيث أصنع منها رسوالً لدى الكثريات من النساء‬ ‫من السالم يف قلب قريبيت‪ ،‬مجّاً من ّ‬
‫لك اي امرأة‪ .‬سوف تكونني صديقة يل‬ ‫املسكينات‪ ،‬حيث سيكون التقرب منهن أكثر سهولة ابلنسبة ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ملك ‪-‬ال تبكي‪َّ -‬إّنا ينتظر ِّك ما هو أكثر مسواً‬ ‫حمبوبة يف زمن التبشري هذا‪ .‬صحيح إ ّن موت حلفا سيؤ ِّ‬
‫أنثوي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫سر‬ ‫لكهنوت‬ ‫ا‬
‫ً‬‫مسو‬ ‫األكثر‬ ‫اجبات‬ ‫و‬‫ال‬ ‫مستوى‬ ‫إىل‬ ‫ِّ‬
‫سريفعك‬ ‫ما‬ ‫ِّ‬
‫ينتظرك‬ ‫من و ِّ‬
‫اجبك كزوجة‪،‬‬
‫ّّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ضروري جداً أمام مذبح الضحيّة الكربى‪ ،‬وأمام الكثريين من الوثنيّني الذين سوف تتأثّر‬ ‫ّ‬ ‫كهنوت‬
‫نفسهم بوجود البطولة املق ّدسة لدى النساء التلميذات‪ ،‬أكثر مما لو كانت لدى التالميذ‪ .‬آه! ِّ‬
‫امسك‪،‬‬
‫اي امرأة عمي العزيزة‪ ،‬سوف يكون مثل الشعلة يف السماء املسيحيّة‪ ...‬ال تبكي بعد‪ .‬اذهيب بسالم‪.‬‬
‫قبلك‪ ...‬وسوف تش ّد من عز ِّ‬
‫َيتك‬ ‫كوين قوية‪ ،‬مستسلمة ملشيئة هللا‪ ،‬كوين ق ّديسة‪ .‬أمي‪ ...‬تَـرَّملَت ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫سيصحبك بطرس ابملركب‬ ‫وحدك حتت هذه الشمس‪.‬‬ ‫كما تعرف أن تفعل‪ .‬تعايل‪ .‬ال أريد أن تذهيب ِّ‬
‫إىل هنر األردن‪ ،‬ومن هناك إىل الناصرة على محار‪ .‬كوين صاحلة‪».‬‬

‫القوة‪».‬‬
‫أنت ّ‬‫«ابركين اي يسوع‪ ،‬امنحين َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 450 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ ِّ ِّ‬
‫«نعم أابركك وأُقَبلّك اي امرأة عمي العزيزة‪ ».‬ويـُ َقبلّها حبنان‪ّ ،‬‬
‫ضاماً ّإايها أيضاً طويالً إىل قلبه‬
‫حّت يراها قد َس َكنَت‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 451 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -61‬يسوع يف بيت صيدا‪ .‬يلقي موعظة يف اجلمع)‬

‫‪1945 / 02 / 03‬‬

‫كأهنا َجنَ َحت إىل‬


‫يسوع يف بيت صيدا‪ .‬يتكلّم واقفاً يف املركب اليت جاء هبا‪ ،‬واليت تبدو و ّ‬
‫بدائي‪ .‬أانس كثريون جيلسون على شكل نصف دائرة‬ ‫الشاطئ‪ ،‬وهي مربوطة إىل وتد يف رصيف صغري ّ‬
‫للتو‪.‬‬
‫على الرمل لالستماع إليه‪ .‬يسوع بدأ حديثه ّ‬
‫«‪ ...‬وأرى هنا أانساً ُيبّونين كثرياً‪ ،‬أنتم اي َمن أتيتم ِّمن كفرانحوم‪ ،‬اي من تَبِّعتموين‪ِّ ،‬‬
‫اتركني‬
‫تصرفكم‬‫وسكينة البيت‪ ،‬لسماع الكلمة اليت أستخدمها يف تثقيفكم‪ .‬وأَعلَم أيضاً أن ّ‬ ‫جانباً التجارة َ‬
‫هذا جيلب لكم اهلزء والسخرية أكثر من اخلسائر اليت تؤثّر سلباً على دخلكم‪ ،‬وقد يسبّب لكم أذى‬
‫اجتماعيّاً‪ .‬ما أَعلَم جيّداً أ ّن مسعان وأورّاي وإيليا ويواكيم ُهم ض ّدي‪ .‬اليوم ض ّدي وغداً أعدائي‪ .‬أقول‬
‫لكم هذا‪ ،‬فأان ال أخدع أحداً‪ ،‬وال أبغي أن أخدعكم أنتم‪ ،‬أصدقائي األوفياء‪ .‬أقول لكم ّإهنم‪ ،‬كي‬
‫علي‪ُ ،‬هم‪ ،‬أصحاب النفوذ يف كفرانحوم‪ ،‬سوف يستخدمون كافّة‬ ‫إيل وجيعلوين أعاين وينتصروا ّ‬ ‫يسيئوا ّ‬
‫الوسائل‪ ...‬الغمز واللمز‪ ،‬كما التهديدات والسخرايت واالفَتاءات‪ .‬فالعدو املشَتك سوف يست ِّ‬
‫خدم‬ ‫َ َ‬
‫كل شيء لينتزع النفوس من املسيح وجيعل منها فريسة له‪ .‬أقوهلا لكم‪َ :‬من يُثابِّر ََيلص؛ ّإال أنّين أقول‬ ‫ّ‬
‫ويهتم‬
‫األبدي‪ ،‬فله مطلق احلريّة يف أن يذهب وأن يَتكين ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرفاه أكثر من اجملد‬
‫ب احلياة و َّ‬
‫َح َّ‬
‫أيضاً‪َ :‬من أ َ‬
‫حبياته القصرية وبرفاه عابر‪ .‬فأان ال أستبقي أحداً رغماً عنه‪.‬‬

‫َيص الروح‪،‬‬ ‫ِّ‬


‫أحرره أكثر فأكثر من اخلطيئة‪ ،‬فيما ّ‬ ‫أتيت‪ ،‬فَل َكي ّ‬
‫حر‪ .‬وأان ‪ ،‬إن ُ‬‫اإلنسان كائن ّ‬
‫ومتعسفة ختنقه حتت سيل من التفاصيل والكالم والتعليمات واألحكام‪،‬‬ ‫ومن س ِّ‬
‫السل داينة منحرفة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫بينما كلمة هللا صرُية وخمتصرة وواضحة وسهلة ومق ّدسة وكاملة‪ .‬جميئي يـُغَربل الضمائر‪ ،‬فأمجع حبويب‬
‫اخلاصة‪ .‬والقشور اليت ال طائل منها‬
‫أدرسها مبذهب التضحية‪ ،‬وأغربلها بغرابل إرادهتا ّ‬ ‫على البيدر‪ ،‬و ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 452 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دخل يف‬
‫والزؤان والبيقية والدخن (نبات كالذرة) سوف تتطاير وتتساقط وتكون غذاء للطيور‪ .‬ولن يَ ُ‬
‫أهرائي سوى احلبوب ال ُـمنتقاة والطاهرة وال ُـم ِّ‬
‫قاومة واملمتازة‪ .‬احلبوب‪ :‬الق ّديسون‪.‬‬

‫األزيل والشيطان‪ .‬فالشيطان‪ ،‬وقد مأله الكربايء ابنتصاره األ ّول‬ ‫هللا‬ ‫بني‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫العهد‬ ‫قدمي‬ ‫د‬‫حت ٍّ‬
‫ّ‬ ‫َ ََ‬
‫حّت الشريعة‬‫خملوقاتك يل على الدوام‪ .‬فال شيء‪ ،‬ال العقاب وال ّ‬ ‫َ‬ ‫على اإلنسان‪ ،‬قال هلل‪" :‬سوف تكون‬
‫مقامك الذي طََردتَين منه‪،‬‬
‫َ‬ ‫اليت تريد إعطاءها هلم‪َ ،‬يكنه أن يعيدهم أهالً لكسب السماء‪ .‬وهذا املقام‪،‬‬
‫كل ما‬‫لك خاوايً‪ ،‬عدمي النفع وحزيناً مثل ّ‬ ‫يظل َ‬
‫خملوقاتك‪ ،‬سوف ّ‬ ‫َ‬ ‫دت منه النَّبيه الوحيد بني‬‫الذي طََر َ‬
‫ك هو وحده الذي‬ ‫مقدورك طاملا ُمسّ َ‬
‫َ‬ ‫هو عدمي النَّفع"‪ .‬وقد أجاب هللا ذلك امللعون‪ :‬سيكون هذا يف‬
‫يسود اإلنسان‪ .‬أما وأنّين سأ ِّ ِّ‬
‫طهر القلوب ويشفيهم من‬ ‫ك ويُ ِّّ‬‫ُرسل َكل َميت‪ ،‬وكالمه سيُب ِّطل أتثري ُمسّ َ‬ ‫ّ‬
‫إيل‪ ،‬مثل اخلرفان الضالّة اليت َو َج َدت راعيها‪ ،‬ويعودون‬ ‫رت غضبهم به‪ ،‬فسوف يرجعون ّ‬ ‫اجلنون الذي أثَ َ‬
‫أبسنانك‬ ‫إىل حظرييت‪ ،‬وَيألون السماء‪ ،‬فلقد صنعتها ألجلهم‪ .‬أما أنت‪ ،‬يف غيظك ِّ‬
‫العاجز‪ ،‬فَ َستَصرف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫عليك َح َجر هللا؛ وحينما‬ ‫لكتك الرهيبة‪ ،‬مسجوانً وملعوانً‪ ،‬وسوف يَردم املالئكة َ‬ ‫الفظيعة هنا‪ ،‬يف مم َ‬
‫أتباعك‪ّ .‬أما التَّسابيح‬
‫َ‬ ‫حصة‬ ‫تك الظُّلُمات والبَغضاء وكذلك ستكون ّ‬ ‫حص َ‬
‫ُختتَم األبواب‪ ،‬ستكون ّ‬
‫أقس َم‬
‫َيصونين"‪ .‬وقد َ‬ ‫السنيّة فسوف تكون من نصيب الذين ّ‬ ‫املغبوطة واحلريّة الالمتناهية واألبديّة و َّ‬
‫ُقسم جبحيمي أنّين سأعود عندما أتيت الساعة‪ .‬وسوف أكون حاضراً‬ ‫اخرة‪" :‬أ ِّ‬
‫الس ِّ‬
‫الشيطان اببتسامته َّ‬
‫يف كل مكان إىل جانب الذين سيـبشَّرون‪ ،‬وسنرى من ِّمنَّا حنن اإلثنني سيكون الـمنتَ ِّ‬
‫صر"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫صمان‪:‬‬
‫أطوقكم ألغربلكم‪ .‬يوجد َخ َ‬ ‫نعم‪ ،‬إ ّن الشيطان ينصب لكم فخاخه ليغربلكم‪ ،‬وكذلك أان ّ‬
‫الصالح ض ّد‬ ‫احلب ض ّد احلقد‪ ،‬نزال احلِّكمة ض ّد اجلهل‪ ،‬نزال َّ‬ ‫ِّ‬
‫أان وهو‪ .‬وأنتم بني اإلثنني‪ .‬إنّه نزال ّ‬
‫يوجهها إليكم‪ ،‬سيكون وجودي كافياً‪ .‬سأضع‬ ‫الشر اليت ّ‬
‫ص ّد ضرابت ّ‬ ‫الشر عليكم وحولكم‪ .‬ولكي تُ َ‬
‫ّ‬
‫ضرابت‬ ‫لكن ال َّ‬
‫نفسي بني األسلحة الشيطانيّة وبينكم‪ ،‬وأرضى أبن أُجرح بدالً عنكم ألنّين أحبّكم‪ .‬و ّ‬
‫إيل‪ ،‬وبسلوككم طريقي‬ ‫اليت تصيبكم يف الداخل‪ ،‬فأنتم َمن سوف تص ّدوهنا إبرادتكم‪ ،‬وذلك إبسراعكم ّ‬
‫احلق واحلياة‪ .‬ومن ليست لديه الرغبة القويّة ابمتالك السماء فلن َيتلكها‪ .‬ومن ليس أهالً ألن‬
‫اليت هي ّ‬
‫ضارة تولَد من جديد يف مملكة الشيطان‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يكون تلميذ املسيح فهو بذار ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 453 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نقي متاماً من اخلطيئة‬ ‫ضمريي‬ ‫أَعلَم سبب جميء بعضكم اي أهايل كفرانحوم‪ .‬وأُعلِّم ُكم َّ‬
‫أبن‬
‫ّ‬
‫إيل‪ ،‬وابسم هذه اخلطيئة اليت ال وجود هلا فإنَّكم تتهامسون ِّمن خلف ظَهري‪ ،‬وتُـلَ ِّّمحون إىل‬ ‫املنسوبة ّ‬
‫نقي حبيث ال أخاف البوح‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ج‬ ‫ضمريي‬ ‫أ ّن االستماع إيل واتِّّباعي إّّنا هو تواطؤ مع اخلاطئ‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫ّ‬
‫إن بينكم أشخاص‪ ،‬ومنهم كهول‪ ،‬وألسباب‬ ‫ابلسبب ألهايل بيت صيدا‪ .‬اي سكان بيت صيدا‪َّ ،‬‬
‫إن بينكم رجال ارتَ َكبوا اخلطيئة معها‪ ،‬وبينكم أيضاً نساء أتلَّمن بسببها‪،‬‬ ‫خمتلفة‪ ،‬مل ينسوا غانية كورازين‪َّ ،‬‬
‫أتيت بعد ألقول‪" :‬أحبّوا الذي يسيء إليكم"‪ -‬نساء فَ ِّر َ‬
‫حن‬ ‫حن كثرياً ‪-‬حني مل أكن قد ُ‬ ‫وبعد ذلك فَ ِّر َ‬
‫حينما َعلِّمن أب ّن النتانة املاضية ألحشائها الفاسدة قد أصابتها يف جسدها البديع‪ .‬وكانت ترمز إىل‬
‫الربص األكثر خطراً الذي كان قد َخنََر نفسها الزانية والقاتلة واملمتَـ َهنَة‪ .‬فلقد كانت زانية سبعني مرة‬
‫مرات بوالداهتا‬ ‫يسمى "رجالً" وَيلك النقود؛ وكانت قاتلة سبعني مرة سبع ّ‬ ‫كل من كان ّ‬ ‫سبع مرات مع ّ‬
‫جملرد الرذيلة وليس بسبب احلاجة‪.‬‬ ‫سفاحاً؛ وكانت ممتهنة البغاء ّ‬
‫"ج َسد الغانية‬
‫غبطتكن عندما قيل لك ّن‪َ :‬‬
‫ّ‬ ‫خيانتهن! أ ِّ‬
‫ُدرك‬ ‫ّ‬ ‫أفهمكن أيّتها النساء اللوايت متَّت‬‫ّ‬ ‫آه!‬
‫أكثر نتانة وأكثر تع ّفناً ِّمن جيفة راقِّدة يف حفرة يف شارع كبري‪ ،‬فريسة للغرابن والديدان"‪ .‬لكنّين أقول‬
‫أننت أيضاً‪ .‬لقد‬
‫وعفا‪ .‬اغفرن ّ‬ ‫انتقامكن‪ ،‬ومن مثّ فاهلل قد َغ َفَر َ‬
‫ّ‬ ‫من املساحمة‪ .‬فاهلل قد نـَ َّف َذ‬ ‫لكن‪ :‬تَـ َعلَّ َ‬
‫ّ‬
‫كن صاحلات‪ ،‬اي نساء بيت صيدا‪ ،‬اللوايت حتيّينين ابهلتاف‪" :‬مبارك‬ ‫رت هلا ابمسك ّن‪ ،‬ألنّين أَعلَم أنّ ّ‬ ‫َغ َف ُ‬
‫أتيت فيما‬
‫أننت تعرفنين كذلك‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫نت َمحَالً‪ ،‬و ّ‬‫الرب!" فإذا ُك ُ‬
‫هو َمحَل هللا! مبارك هو اآليت ابسم ّ‬
‫هن األمل القدمي‪ ،‬أمل‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬‫ج‬ ‫قد‬ ‫يت‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫الل‬ ‫حّت‬ ‫يعة‪،‬‬ ‫ود‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫عاج‬‫بينكن‪ ،‬أان احلمل‪ ،‬فينبغي أن تُصبِّحن مجيعكن نِّ‬
‫ََ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫فَتسة تُدافِّع عن جحورها‪ ،‬ولن أمت ّكن من االستمرار فيما بينكن إذا‬ ‫خيانتهن‪ ،‬حيواانت ُم َِّ‬ ‫ّ‬ ‫نساء متَّت‬
‫كننت ّنوراً وضباعاً وأان احلَ َمل‪.‬‬

‫ب‬
‫إن َمن أتى ابسم هللا الكلّ ّي القداسة ليجمع املستقيمني واخلطأة‪ ،‬ليقودهم إىل السماء‪ ،‬قد َذ َه َ‬‫َّ‬
‫لت هذا يوم السبت‪ .‬لذلك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مطهرة‪ ،‬اذهيب وَك ّفري عن ذنوبك"‪ .‬ولقد فَـ َع ُ‬‫إىل التَّائبة وقال هلا‪" :‬فلتكوين َّ‬
‫وت منها‪ ،‬مع العِّلم ّأهنا مل تَـعُد سوى نفس‬
‫االهتام الثاين فهو أنّين قد َدنَ ُ‬
‫رمسي‪ّ .‬أما ّ‬
‫يتّهمونين‪ .‬وبشكل ّ‬
‫تبكي خطيئتها‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 454 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابلكتاب‪ ،‬أمعِّنوا النَّظر فيه‪ ،‬ادرسوه يف‬
‫فإذاً! أقول لكم‪ :‬لقد فَـعلتُها وسأظل أفعلها‪ .‬هلموا إيل ِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الوايً ِّمن العناية ابهليكل‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صاً ََينَع طبيباً من معاجلة مريض‪ ،‬أو ّ‬ ‫كل عمقه‪ ،‬وأَوجدوا يل‪ ،‬إن أم َكن‪ ،‬نَ ّ‬ ‫ّ‬
‫جملرد أنّه يوم سبت‪ .‬وإذا ما وجدمت ذلك وأريتمونيه‪ ،‬فسوف أقول‬ ‫أو كاهناً من االستماع إىل مؤمن‪ّ ،‬‬
‫أردت أن‬
‫انك‪ ،‬ولكن إن َ‬ ‫لست أهالً لغفر َ‬
‫أمامك وأمام الناس و ُ‬
‫َ‬ ‫أخطأت‬
‫ُ‬ ‫"ريب لقد‬
‫َقرع صدري‪ّ :‬‬ ‫وأان أ َ‬
‫حّت النَّـ َفس األخري من حيايت"‪ .‬وحيث إ ّن هذه النَّـ ْفس‬
‫كك ّ‬ ‫أظل أابر َ‬
‫خبادمتك فسوف ّ‬‫َ‬ ‫تكون رحيماً‬
‫يطهره‪.‬‬
‫الوي ّ‬ ‫كانت مريضة‪ ،‬واملرضى ُيتاجون إىل طبيب‪ ،‬كانت هيكالً ُم َدنَّساً‪ ،‬وهو يف حاجة إىل ّ‬
‫كانت نفس مؤمن ذَهب يبكي يف اهليكل احلقيقي لإلله احلقيقي‪ ،‬وهو يف حاجة إىل كاهن ي ِّ‬
‫دخله‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫احلق أقول لكم إنّين إن مل أقم بواجيب‬‫الالوي والكاهن‪ّ .‬‬
‫احلق أقول لكم أبنّين أان هنا الطبيب و ّ‬ ‫إليه‪ّ .‬‬
‫ُخلِّّصها‪ ،‬فسوف ُياسبين‬ ‫ضهن الرغبة يف اخلالص هتلك ومل أ َ‬
‫حتر ّ‬ ‫كت ولو نفساً واحدة من اللوايت ّ‬ ‫وتَـَر ُ‬
‫هللا اآلب وجيازيين لفقدان هذه النفس‪.‬‬

‫حّت اليوم التايل‬‫هذه هي خطيئيت حبسب أصحاب النفوذ يف كفرانحوم‪ .‬كان إبمكاين االنتظار ّ‬
‫للسبت لشفائها‪ .‬نعم‪ .‬إّّنا ملاذا االنتظار أربعاً وعشرين ساعة إلعادة سالم هللا إىل قلب اتئب؟ لقد‬
‫أت ذلك يف هذا القلب‪.‬‬ ‫حقيقي وأمل كامل‪ .‬لقد قَـَر ُ‬
‫ّ‬ ‫وخلوص نيّة‬
‫حقيقي ُ‬ ‫ّ‬ ‫اضع‬
‫كان يف هذا القلب تو ُ‬
‫بينما كان اجلسم ما يزال مصاابً ابلربص‪ .‬وكان القلب قد ُش ِّف َي ببلسم سنوات ِّمن الدموع والنَّدم‬
‫جو القداسة الذي ُييط‬ ‫يتقرب من هللا‪ ،‬دون تدنيس ّ‬ ‫والتكفري‪ .‬إن هذا القلب مل يكن ُيتاج‪ ،‬لكي ّ‬
‫حّت جبسدها‪ ،‬إّّنا قلبها‬ ‫ِّ‬
‫مطهَرة ّ‬ ‫وخَر َجت هي من البحرية َّ‬‫ابهلل‪ّ ،‬إال لتكريسي املتج ّدد‪ .‬ولقد فَـ َعلتُها‪َ .‬‬
‫فكان أكثر طُهراً‪ .‬كم‪ ،‬آه! كم ِّمن الذين نزلوا يف مياه األردن طاعة ألمر َّ‬
‫السابق مل ََي ُرجوا منها ُمطَ َّهرين‬
‫بقدر طهارهتا‪.‬‬

‫ادايً‪ ،‬ذا أَثَر‪ ،‬مل تكن خالصة النيّة لروح كان يبغي التهيّؤ جمليئي‪ ،‬إّّنا‬
‫فمعموديّتهم مل تكن فعالً إر ّ‬
‫الكاملِّني يف القداسة يف عيون الناس‪ .‬لقد كانت‬ ‫كانت على سبيل الشكليات‪ ،‬هبدف الظهور مبظهر ِّ‬
‫ّ‬
‫إذاً رايء وكربايء‪ ،‬فأُضي َفت خطيئتان إىل كومة أخطاء موجودة آنذاك يف قلوهبم‪ .‬فإ ّن معموديّة يوحنّا مل‬
‫اضعوا إبقراركم أبنّكم خطأة؛ طَ ِّّهروا‬
‫تكن سوى رمز‪ .‬كان يريد القول‪" :‬طَ ِّّهروا ذواتكم من الكربايء‪ ،‬تو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 455 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنفسكم ِّمن خطااي الفسق أبن تَغتَ ِّسلوا مما بقي فيكم"‪ .‬املعمودية الفاعلة هي تلك اليت تستجيب‬
‫لتتطهروا من أجل مأدبة هللا‪ .‬وما ِّمن خطيئة‪ ،‬مهما َعظُ َمت ال َيكن غسلها ابلنَّدامة‬
‫إلرادة نفسكم‪ّ ،‬‬
‫أوالً‪ ،‬مثّ ابلنعمة بعدئذ‪ ،‬وأخرياً ابخلالص‪ .‬ما ِّمن خاطئ‪ ،‬مهما َعظُم‪ ،‬ال يستطيع أن يرفع رأسه متواضعاً‬
‫قاوم التجربة ببطولة‪ ،‬وأن يكون‬‫ويبتسم ألمل الفداء‪ .‬يكفيه أن يُقلِّع بشكل كامل عن اخلطأ‪ ،‬أن يُ ِّ‬
‫خالص النيّة يف رغبته بوالدة جديدة‪.‬‬

‫ُفصح لكم اآلن عن حقيقة تبدو ألعدائي جتديفاً‪ .‬إّّنا أنتم‪ ،‬فإنّكم أصدقائي‪ .‬أحت ّدث بشكل‬ ‫سأ ِّ‬
‫ومن مثّ لكم مجيعاً‪ ،‬اي َمن تسمعونين‪ .‬أقول لكم‪ :‬إ ّن املالئكة‪،‬‬‫خاص لكم‪ ،‬أيها التالميذ الذين اخَتهتم‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهي األرواح الكاملة والطاهرة‪ ،‬اليت حتيا يف أنوار الثالوث األقدس‪ ،‬حيث هي مفعمة فرحاً‪ ،‬وهي يف‬
‫كمن يف عدم مت ّكنها‬ ‫ِّ‬
‫كماهلا تُدرك ذلك‪ ،‬إ ّهنا أدىن منكم‪ ،‬أنتم البعيدين ج ّداً عن السماء‪ .‬دونيّتها تَ ُ‬
‫ِّمن التضحية واألمل للمشاركة يف فداء اإلنسان‪ .‬ما رأيكم هبذا؟ هللا ال يقول ملالك‪ُ " :‬كن فادي البشريّة"‪.‬‬
‫تظل‬
‫إّّنا يقوهلا البنه‪ ،‬وهو يَعلَم جيّداً أ ّن هذه التضحية‪ ،‬رغم أ ّن هلا قيمة ال تُـ َقدَّر‪ ،‬وقُدرة الهنائيّة‪ّ ،‬‬
‫أبوته‪ ،‬ال يريد جعل فرق بني ابن حبّه وأبناء سلطانه‪ -‬شيء ما يُ ِّنقص جمموع‬ ‫انقصة ‪-‬وهو‪ ،‬بصالح ّ‬
‫االستحقاقات اليت ينبغي أن تتص ّدى جملموع اخلطااي اليت ترتكبها البشريّة بني ساعة وساعة‪ ،‬ولكنّه ال‬
‫يتوجه إليكم‪ ،‬أنتم أيّها البشر‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يكلّف مالئكة آخرين وال يقول هلم‪" :‬أتلّموا لتَقتَدوا ابملسيح"‪ ،‬بينما هو ّ‬
‫ضحوا أبنفسكم‪ ،‬كونوا شبيهني حبَ َملي‪ .‬كونوا شركاء الفادي‪ "...‬آه! إنّين أرى طغمات‬ ‫ليقول‪" :‬أتلّموا‪ّ ،‬‬
‫من املالئكة تتوقّف حلظة‪ ،‬يف نشوة العبادة‪ ،‬عن الدوران حول الثالوث الذي هو مركزهم‪ ،‬وجتثو متطلّعة‬
‫األزيل إهلنا وإهلكم!"‬
‫إىل األرض وهي تقول‪" :‬مباركون أنتم اي َمن تستطيعون التأ ّمل مع املسيح ولإلله ّ‬
‫العظَ َمة‪ّ .‬إهنا أرفع كثرياً من مستوى البشر‪ .‬ولكن حينما تُقدَّم‬
‫بعد هذه َ‬‫دركون ُ‬ ‫كثريون ال يُ ِّ‬
‫درس وتُـ َعّرى وتُدفَن يف‬
‫صد وتُ َ‬‫الذبيحة‪ ،‬حينما تُـْبـ َعث احلبّة األبديّة لكي ال تعود فتموت بعد أن ُحت َ‬
‫أتخراً‪ ،‬الباقية آنئذ‬
‫حّت األكثر ّ‬ ‫األرض‪ ،‬حينئذ أييت صاحب النور الفائق الروحانيّة ويضيء األرواح‪ّ ،‬‬
‫نت لكم عن أمسى كرامة‬ ‫َّفت‪ ،‬ولكنّين أعلَ ُ‬
‫أمينة ووفيّة للمسيح الفادي‪ ،‬حينئذ تدركون أنّين ما َجد ُ‬
‫جمرد خاطئ‪ .‬يف انتظار ذلك‪،‬‬ ‫حّت ولو كان يف البدء ّ‬
‫لإلنسان‪ :‬أن يكون شريكاً يف عمليّة الفداء‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 456 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أدركتُم بشكل‬
‫هيّئوا أنفسكم هلذا املصري بطهارة قلب وصفاء نيّة‪ .‬وكلّما أصبحتم أكثر طُهراً كلّما َ‬
‫فالدنَس‪ ،‬مهما يكن‪ ،‬هو دائماً دخان يُظلِّم ويُعيق الرؤية واإلدراك‪.‬‬
‫أفضل‪َّ .‬‬

‫اس اخلمس لتنتقلوا‬ ‫كونوا أنقياء أطهاراً‪ .‬ابدأوا أبجسادكم لتنتقلوا بعدئذ إىل الروح‪ .‬ابدأوا ابحلو ّ‬
‫فحاسة البصر هي امللكة‪ ،‬فهي اليت تفتح الطريق إىل اجلوع األكثر‬ ‫إىل األهواء السبعة‪ .‬ابدأوا ابلعني‪ّ :‬‬
‫هنماً واألكثر تعقيداً‪ .‬العني ترى جسد املرأة وتشتهي اجلسد‪ .‬العني ترى رخاء األغنياء وتشتهي الذهب‪.‬‬
‫العني ترى سلطان احلكام وتشتهي السلطة‪ .‬فلتكن عينكم وديعة ونزيهة‪ ،‬معتدلة وطاهرة‪ ،‬وستكون‬
‫شهواتكم وديعة ونزيهة ومعتدلة وطاهرة‪ .‬وكلّما كانت عينكم طاهرة كان قلبكم طاهراً‪ .‬اسهروا بعناية‬
‫املتلهفة الكتشاف الت ّفاحات الغاوية‪ .‬فلتكن نظراتكم عفيفة إذا أردمت أن يكون جسدكم‬ ‫على عينكم ّ‬
‫كل أنواع الع ّفة‪،‬‬
‫عفيفاً‪ .‬وإذا كان جسدكم عفيفاً‪ ،‬كانت لديكم ع ّفة الثروات والسلطة‪ .‬وستكون لكم ّ‬
‫وسوف تكونون أصدقاء هللا‪.‬‬

‫سخروا منكم إذا كنتم عفيفني‪ .‬بل اخشوا فقط ِّمن أن تكونوا أعداء هللا‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ال ختشوا من أن يَ َ‬
‫ميلك إىل‬
‫رت عدم َ‬ ‫ِّ‬
‫َظه َ‬
‫ويعتربك كاذابً أو خمصيّاً إذا ما أ َ‬
‫َ‬ ‫منك‬
‫عت يوماً َمن يقول‪" :‬سوف يهزأ العامل َ‬ ‫َمس ُ‬
‫أوج َد الزواج لريفعكم إىل مستوى التشبّه به يف املشاركة بعمليّة اخللق‬
‫احلق أقول لكم إ ّن هللا قد َ‬
‫املرأة"‪ّ .‬‬
‫مسواً‪ ،‬ينحين أمامها املالئكة الذين‬ ‫ويف املساُهة معه يف جعل السماء مأهولة‪ .‬إّّنا هناك حالة أكثر ّ‬
‫وحّت‬
‫تستمر منذ الوالدة ّ‬‫ّ‬ ‫السمو دون مت ّكنهم من حماكاهتا‪ .‬وهذه احلالة‪ ،‬الكاملة‪ ،‬عندما‬ ‫ّ‬ ‫يـََرون فيها‬
‫ُيولون خصبهم كرجال أو‬ ‫املمات‪ ،‬هي ليست عصيّة على الذين مل يعودوا يف حالة البتوليّة‪ ،‬ولكنّهم ّ‬
‫كنساء إىل ال شيء‪ ،‬يلغون فحولتهم احليوانيّة ليُصبِّحوا خصيبني وفحوالً ابلروح فقط‪ّ .‬إهنا حالة‬
‫ابلقوة‪ .‬هذه احلالة ال متنع من االقَتاب ِّمن اهليكل‪،‬‬
‫ادي أو ّ‬‫طبيعي أو بَت إر ّ‬
‫ّ‬ ‫املخصي دون وجود عيب‬‫ّ‬
‫إّّنا يف الدهور املقبلة‪ ،‬فالذين يلتزمون بذلك هم الذين َسيَخدمون اهليكل وُييطون به‪ .‬إ ّهنا احلال‬
‫كل ما َيص هللا وحده‪ ،‬احلفاظ على ع ّفة اجلسد والنفس له‪،‬‬ ‫مسواً‪ ،‬اليت تفصل املشيئة عن ّ‬‫األكثر ّ‬
‫المتالك النَّصاعة املضيئة اليت هي عزيزة على قلب احلَ َمل‪ ،‬لألبد‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 457 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ثت من أجل الشعب‪ ،‬من أجل املختارين من الشعب‪ .‬واآلن‪ ،‬قبل الدخول لكسر‬ ‫لقد حت ّد ُ‬
‫اخلبز وتقاسم امللح يف بيت فليبّس‪ ،‬أابرككم مجيعاً‪ :‬الصاحلني منكم مكافأة هلم‪ ،‬واخلَطَأَة ألضع يف‬
‫قلوهبم الشجاعة لإلقبال على الذي أتى ليغفر‪ .‬السالم معكم مجيعاً‪.‬‬

‫ينـزل يسوع من املركب وجيتاز وسط اجلمع الذي يتزاحم حوله‪ .‬وعند زاوية أحد البيوت َيكث‬
‫مّت الذي استَ َم َع إىل املعلّم ِّمن هناك‪ ،‬ومل جيرؤ على أكثر من ذلك‪ .‬عندما يصل إليه يسوع يتوقّف‪،‬‬
‫ّ‬
‫لحق مبجموعة أتباعه‪ ،‬يلحق به الشعب‪.‬‬‫مّت ويَ َ‬
‫وكأنّه يبارك اجلميع‪ ،‬يبارك للمرة الثانية‪ ،‬يَنظُر إىل ّ‬
‫َيتفي يف أحد املنازل‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 458 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫مّت ليكون من التالميذ)‬


‫‪( -62‬دعوة ّ‬
‫‪1945 / 02 / 04‬‬

‫كنت أتلو عليكم الرؤاي‪ ،‬وكنتم‬


‫كنت أعاود التفكري مبا قلتُه لكم ابألمس‪ ،‬عندما ُ‬
‫هذا الصباح‪ُ ،‬‬
‫ند ِّهشني‪ .‬وقد قُلتُها ليسوع الذي كان إىل جانيب‪.‬‬
‫حقيقة ُم َ‬
‫التصور مقدار ُسروري عندما أجعل من نفسي‬ ‫ِّ‬
‫َيكنك‬ ‫ولقد أجابَين‪« :‬ألجل هذا أان أمنَحها‪ .‬ال‬
‫ّ‬
‫رشد‬ ‫نوراً ألصدقائي احلقيقيني‪ .‬هكذا أمنح ذايت لصديقي رومولد ‪( Romuald‬الكاهن الذي كان م ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لدي أسرار أخفيها عن يوحنّا‪ .‬كما‬ ‫ِّ‬
‫العون‪ ،‬وأان معه‪ .‬مل تكن ّ‬ ‫ماراي الروحي) ألُسعده‪ ،‬أمنحه احملبة و َ‬
‫كل َمن هم كما يوحنّا‪ .‬فقويل ليوحنّا العجوز إنّين أمنحه سالماً عظيماً وصيداً‬ ‫لدي ما أخفيه عن ّ‬ ‫ليس ّ‬
‫ِّ‬
‫أعطيك‪.‬‬ ‫لك عمل املرأة الوحيد‪ ،‬تشبيك عيون ِّّ‬
‫الشباك ابخليط الذي‬ ‫لك‪ ،‬فال صيد‪ِّ .‬‬ ‫موفّقاً‪ .‬أما ِّ‬
‫ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫اعملي‪ ،‬اعملي‪ ...‬ال هتتمي إذا مل َّ ِّ‬
‫يتضمن ّ‬
‫يتبق لك وقت لفعل أشياء أخرى‪ .‬فهذا العمل ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لك"‪ .‬فالتحيّات عند الوصول وعند الذهاب‪ ،‬وال تُلقى حتيّة‬ ‫لك‪" :‬السالم ِّ‬ ‫آت ألقول ِّ‬ ‫ال تستائي إذا مل ِّ‬
‫ديك‪ِّ ،‬‬
‫فأنت‬ ‫عندما نكون متو ِّاج ِّدين على الدوام‪ .‬فالتواجد الدائم هو السالم‪ .‬رفقيت‪ .‬وأان لست ضيفاً ل ِّ‬
‫ُ‬
‫لك عن وجودي املؤقّت! ومع ذلك ها أان ذا‬ ‫لك حلظة‪ .‬لدي الكثري أقوله ِّ‬ ‫ُنز ِّ‬
‫حقيقة بني ذراعي‪ ،‬وال أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك‪" :‬ليكن سالمي ِّ‬
‫معك"‪».‬‬ ‫أرضيك‪ ،‬أقول ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اليوم‪ ،‬لكي‬

‫أيت ما يلي‪:‬‬
‫وبعدها بقليل ر ُ‬
‫التسوق ومل يبق يف‬
‫مرة أخرى‪ .‬إّّنا يف وقت أكثر حرارة‪ ،‬حيث قد انتهى ّ‬‫ساحة كفرانحوم‪ّ ،‬‬
‫عاطلِّني عن العمل يتح ّدثون وأطفال يلعبون‪.‬‬
‫الساحة سوى ِّ‬

‫ابجتاه الساحة‪ ،‬يداعب األطفال الذين يَتاكضون ملالقاته‪،‬‬


‫يسوع وسط مجاعته آتياً من البحرية ّ‬
‫أحدثَه هلا‪.‬‬
‫ويعري اهتماماً ملا يبوحون به‪ .‬طفلة تريه خدشاً كبرياً يف جبهتها وتشكو أخاها الذي َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 459 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أختك؟ ليس هذا عمالً جيّداً‪».‬‬
‫«ملاذا آذيت َ‬
‫مت عصا‪ ،‬ولكنّها كانت ثقيلة‬
‫فاستخد ُ‬
‫َ‬ ‫كنت أريد قطف مثار التني تلك‪،‬‬
‫«مل أكن أقصد ذلك‪ُ .‬‬
‫كنت أقطفها هلا كذلك‪».‬‬
‫ج ّداً‪ ،‬فَـ َه َوت عليها‪ ...‬وقد ُ‬
‫«هل هذا صحيح اي حنّة؟»‬

‫«صحيح‪».‬‬
‫ِّ‬
‫إسعادك‪ .‬واآلن‬ ‫حّت إنّه كان يريد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫«إذاً فأنت تَـَرين جيّداً أ ّن أخاك مل يقصد اإلساءة إليك‪ّ .‬‬
‫تساحما وقَـبِّّال بعضكما‪ .‬فاإلخوة الصاحلون‪ّ ،‬‬
‫وحّت األصدقاء الصاحلون‪ ،‬جيب ّأال يعرفوا احلقد أبداً‪.‬‬
‫هيا‪»...‬‬

‫يـُ َقبِّّل الطفالن بعضهما ودموعهما تَ َنه ِّمر‪ .‬يبكيان كالُها‪ :‬األوىل ِّمن أمل اخلدش‪ ،‬واآلخر من أمل‬
‫أنّه سبب هلا أملاً‪.‬‬
‫يبتسم يسوع أمام هذه القبلة اليت اغتسلَت ابلدموع‪« .‬آه! اآلن وقد بدومتا ِّ‬
‫صاحلَني‪ ،‬فها أان ذا‬ ‫ََ‬
‫صل إليها‬ ‫سأقطف لكما مثار التني‪ ،‬وبدون عصا‪ ».‬ومبا أنه كبري القامة‪ ،‬ذو ذراعني طويلتني‪ ،‬فإنّه ي ِّ‬
‫َ‬
‫دوّنا عناء‪ .‬يقطفها ويوزعها‪.‬‬

‫لك اخلبز‪».‬‬
‫هترع امرأة‪« :‬خذ‪ ،‬خذ اي معلّم‪ ،‬سأجلب َ‬
‫«ال‪ ،‬ال‪ ،‬فهذه ليست يل‪ّ .‬إهنا حلنّة وطوبيا‪ .‬لقد اشتَـ َهياها‪».‬‬

‫أزعجتُما املعلّم؟ آه! اي لكما ِّمن متط ِّّفلَني! اعذرُها اي سيّدي‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«أَمن أجل هذا َ‬
‫«اي امرأة‪ ،‬كان هذا إلحالل السالم‪ ...‬وقد أحللتُه أبداة النِّّـزاع ذاهتا‪ :‬التني‪ّ .‬أما الطفالن فليسا‬
‫كل منهما الربيئة‪ّ .‬إهنا‬ ‫نفس‬ ‫يف‬ ‫فتكمن‬ ‫سعاديت‬ ‫ا‬ ‫أم‬ ‫ويل‪،‬‬ ‫هلما‬ ‫سعادة‬ ‫اللذيذ‬ ‫التني‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫أبد‬ ‫ني‬‫َ‬‫ل‬ ‫متط ِّّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عين مرارات مجّة‪»...‬‬ ‫تزيل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 460 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك كثرياً‪ .‬وهم ليسوا سوى‬
‫ونك‪ ،‬بينما حنن‪ ،‬الشعب‪ ،‬فإنّنا حنبّ َ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬السادة ُهم الذين ال ُيبّ َ‬
‫بضعة أشخاص بينما حنن كثريون ج ّداً!»‬
‫تشجيعك‪ .‬ليكن السالم ِّ‬
‫معك‪ .‬وداعاً اي حنّة! وداعاً اي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أشكرك على‬ ‫«أ ِّ‬
‫َعرف ذلك اي امرأة‪.‬‬
‫طوبيّا! كوان لطيفني‪ ،‬دون أن يؤذي أحدكما اآلخر أو أن يريد األذى لآلخر‪ .‬أليس كذلك؟»‬

‫وجييب الصغريان‪« :‬نعم‪ ،‬نعم اي يسوع‪».‬‬

‫كل شيء بفضل التني‪،‬‬


‫توضح ّ‬
‫يهم يسوع ابالنصراف ويقول مبتسماً‪« :‬آه! اآلن وقد ّ‬‫ّ‬
‫فلنذهب‪ ...‬إىل أين تقَتحون الذهاب؟»‬

‫فيهز رأسه ويبتسم‪.‬‬


‫يعني آخر‪ّ .‬أما يسوع ّ‬
‫يعني مكاانً ومنهم من ّ‬
‫الر ُسل ال يَعلَمون‪ ،‬فمنهم من ّ‬
‫ُّ‬
‫أنت عندما كنّا هنبط‬
‫أنت‪ ...‬أفكاري سوداويّة اليوم‪ .‬فلم تَـَره َ‬
‫يقول بطرس‪« :‬أان ال أدري‪ ،‬قُل َ‬
‫يسي الذي كان هناك‪ .‬لقد كان أكثر اصفراراً من املعتاد‪ ،‬وكان ينظر إلينا‬‫الفر ّ‬
‫من املركب‪ .‬أيلي ّ‬
‫بشكل!»‬

‫«دعه يَنظُر‪».‬‬

‫لك اي معلّم أ ّن إحالل السالم مع هذا يلزمه أكثر من شجريت تني!»‬


‫عين‪ .‬إّّنا أؤّكد َ‬
‫«إيه! رغماً ّ‬
‫لت السالم بواسطة أداة النـِّّزاع ذاهتا"‪ .‬وهكذا سوف أحاول‬
‫قلت لوالدة طوبيا؟ "لقد أحل ُ‬
‫«ماذا ُ‬
‫حت شعورهم‪ ،‬أعيان كفرانحوم‪.‬‬
‫إحالل السالم إبظهاري االحَتام هلم‪ ،‬إذ‪ ،‬حسب رأيهم‪ ،‬قد َجَر ُ‬
‫وهكذا فسيكون أحدهم مسروراً‪».‬‬

‫« َمن؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 461 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املرجح ّأال أجنح‪ ،‬إذ تعوزهم اإلرادة إبحالل السالم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ال جييب يسوع على السؤال‪ ،‬ويتابع‪« :‬من ّ‬
‫كل املشاجرات‪ ،‬يعرف أن يتنازل وال يتشبّث أبنّه صاحب‬ ‫إّّنا امسعوا‪ :‬إذا كان األكثر اعتداالً‪ ،‬يف ّ‬
‫أود‬ ‫ِّ‬
‫حّت ولو كانت مطالبه حم ّقة‪ّ ،‬‬ ‫ظهر متساهالً‪ ،‬وذلك أبن يـُ َق ّسم أداة النـزاع إىل اثنني‪ّ ،‬‬
‫احلق‪ ،‬ويَ َ‬
‫ّ‬
‫التصرفات‬
‫التسليم هبذا‪ ،‬فسيكون أفضل وأكثر قداسة‪ .‬فال أحد يؤذي على الدوام بقصد اإليذاء‪ .‬و ّ‬
‫اخلاطئة تقع أحياانً دون قصد‪ .‬ف ّكروا دائماً بذلك واغفروا‪ .‬إيلي واآلخرون يعتقدون ّأهنم َيدمون هللا‬
‫بتصرفهم ابلشكل الذي يقومون به‪ .‬سوف أعمل بصرب ومثابرة‪ ،‬وبكثري من التواضع‪ ،‬وعن‬ ‫ابستقامة‪ّ ،‬‬
‫حل‪ ،‬وأ ّن هللا‪ ،‬اآلن‪ ،‬يريد أن َُيَدم حبسب تعليمي‪ .‬حيلة‬
‫طيب خاطر‪ ،‬إلقناعهم أب ّن زمناً جديداً قد ّ‬
‫سر النجاح فال َـمثَل الصاحل والصالة من أجل الذين يريد‬‫الرسول طيب خاطره‪ ،‬وسالحه املثابرة‪ّ ،‬أما ّ‬
‫هدايتهم‪».‬‬

‫مّت يضبط حساابته ويتح ّقق‬ ‫ويتوجه يسوع مباشرة إىل مكتب اجلباية‪ ،‬حيث ّ‬ ‫يَبلغون الساحة‪ّ ،‬‬
‫من النقود اليت يوردها حسب فئاهتا‪ ،‬بوضعها يف حقائب أبلوان خمتلفة‪ ،‬يضعها يف صندوق حديدي‪،‬‬
‫حّت َرفَ َع رأسه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ينتَظر خاد َمني لنقله إىل مكان آخر‪ .‬وما كاد ظ ّل قامة يسوع الكبرية َيتد إىل املكتب‪ّ ،‬‬
‫متأخراً‪ .‬ويف هذه األثناء‪ ،‬يقول بطرس ليسوع وهو يسحبه من كمه‪« :‬ليس‬ ‫لريى من الذي أتى يدفع ّ‬
‫هناك شيء للدفع‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ماذا تفعل؟»‬

‫مّت الذي يقف على الفور ابحَتام‪ .‬نظرة أخرى انفذة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لكن يسوع ال يهتم‪َُ .‬يعن النَّظَر يف ّ‬
‫و ّ‬
‫حبب‪.‬‬ ‫إّّنا ليست كاملرة السابقة‪ ،‬نظرة حاكِّم ِّ‬
‫صارم‪ّ ،‬إهنا نظرة نداء ودودة‪ ،‬تغلّفه‪ ،‬وتنفذ إىل أعماقه ّ‬ ‫ّ‬
‫مّت امحرار‪ .‬فهو ال يعرف ماذا يفعل أو ماذا يقول…‬ ‫يعلو ّ‬
‫مّت‪ ،‬اي ابن حلفا‪ ،‬لقد حان الوقت‪ .‬تعال اتبعين!» يقوهلا يسوع مبهابة‪.‬‬
‫«ّ‬
‫أنت ‪ ،‬ال ِّمن أجلي أقول‬
‫أجلك َ‬
‫َ‬ ‫رب! ولكن هل تَعلَم َمن أكون؟ من‬
‫«أان؟ اي معلّم‪ ،‬اي ّ‬
‫ذلك‪»...‬‬

‫يكرر يسوع أبكثر هدوءاً‪.‬‬


‫مّت بن حلفا‪ ،‬تعال‪ ،‬اتبعين‪ّ ».‬‬
‫«ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 462 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«آه! كيف َيكنين أن أحظى بنعمة لدى هللا؟ أان‪ ...‬أان‪»...‬‬

‫قلبك‪ .‬تعال اتبعين‪ ».‬الدعوة الثالثة كانت ُمالطََفة‪.‬‬


‫أت ما يف َ‬
‫مّت بن حلفا‪ ،‬لقد قَـَر ُ‬
‫«اي ّ‬
‫مّت ابكياً ِّمن وراء املكتب دوّنا اهتمام جبمع النقود املبعثرة‬
‫وَي ُرج ّ‬
‫«آه! حاالً اي سيّدي!» َ‬
‫رب؟» يسأل عندما يصبح قرب يسوع‪« .‬أين‬ ‫أبي شيء آخر‪« .‬أين نذهب اي ّ‬ ‫وإقفال الصندوق‪ ،‬وال ّ‬
‫أتخذين؟»‬

‫بيتك‪ .‬هل تستضيف ابن اإلنسان؟»‬


‫«إىل َ‬
‫يبغضونك؟»‬
‫َ‬ ‫«آه! ولكن‪ ..‬لكن ماذا سيقول الذين‬

‫ُنصت إىل ما يُقال يف السماء‪ ،‬وهناك يقال‪" :‬اجملد هلل من أجل خاطئ َخلص"‪ .‬واآلب‬ ‫«أان أ ِّ‬
‫ك حبّاً أزلياً‪ ،‬حبّاً‬
‫يقول‪" :‬ستقوم الرمحة يف السماوات وتنتشر على األرض إىل األبد‪ .‬ومبا أنّين أحبّ َ‬
‫بيتك‬ ‫كامالً‪ ،‬فها إنّين كذلك أست ِّ‬
‫جتاهك"‪ .‬تعال‪ .‬فبمجيئي‪ ،‬إضافة إىل القلب‪ ،‬يصبح َ‬ ‫َ‬ ‫خدم الرمحة‬ ‫َ‬
‫مق ّدساً‪».‬‬

‫لكن نفسي مل تكن تتقبّل أن يكون حقيقيّاً‪...‬‬


‫«لقد طَ َّهرتُه ابلرجاء الذي كان يف نفسي‪ ...‬و ّ‬
‫يسيك‪ »...‬ويَنظُر إىل التالميذ‪.‬‬
‫آه! أان مع ق ّد َ‬
‫إين أمجعكم‪ .‬فكونوا إخوة‪».‬‬
‫«نعم‪ ،‬مع أصدقائي‪ .‬تعالوا‪ّ .‬‬
‫التالميذ َمشدوهون لدرجة مل يعودوا جيدون معها طريقة ليقولوا كلمة‪ .‬ساروا مجاعة خلف يسوع‬
‫ومّت‪ ،‬يف الساحة اليت متلؤها الشمس‪ ،‬وقد أق َفَرت اآلن متاماً‪ ،‬عرب طريق تلتهب حتت مشس ُم ِّبهرة‪ .‬ال‬
‫ّ‬
‫أحد يف الطريق‪ ،‬فقط الشمس والغبار‪.‬‬

‫يطل على الطريق‪ .‬دار رائعة ظليلة ومنعشة‪،‬‬


‫مدخل واسع ّ‬ ‫دخلون البيت‪ .‬إنّه بيت مجيل ذو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫وبعدها تُرى حديقة كبرية ومنظَّمة‪« .‬ادخل اي معلّمي! هاتوا املاء واملشروب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 463 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫مّت ليعطي أوامره‪ ،‬بينما يسوع وأتباعه يَغتَسلون‪ .‬مثّ‬ ‫كل ما يلزم‪َ .‬يرج ّ‬
‫هرع اخل ّدام حاملني ّ‬ ‫يَ َ‬
‫يعود‪« .‬هيّا اي معلّم‪ ،‬فالقاعة أرطَب‪ ...‬سيأيت اآلن أصدقاء‪ ...‬آه! أريده احتفاالً كبرياً! ّإهنا والديت‬
‫ك‪ ...‬ريب‪ ،‬سوف يكون آخر احتفال‪ ..‬ال‬ ‫نت قليب حببّ َ‬
‫احلقيقي‪ .‬لقد َختَ َ‬
‫ّ‬ ‫اجلديدة‪ ...‬إنّه ختاين‬
‫ملّت العشار بعد اآلن‪ .‬ال احتفاالت ِّمن هذا العامل‪ ...‬فقط احتفال داخلي‪ ،‬هو االحتفال‬ ‫احتفاالت ّ‬
‫بكيت‪ ...‬يف هذه األشهر األخرية‪ ...‬إنّين أبكي منذ ثالثة‬ ‫تك يل‪ ...‬كم ُ‬ ‫وخبدمتك‪ ...‬ومبحبّ َ‬
‫َ‬ ‫ابلفداء‬
‫إليك أيّها القدوس‬‫كنت أبغي اجمليء‪ ...‬ولكن كيف اجمليء َ‬ ‫أتصرف‪ُ ...‬‬‫أشهر‪ ...‬مل أكن أدري كيف ّ‬
‫امللوثة؟‪»...‬‬
‫بنفسي ّ‬
‫تك يل وللقريب‪ .‬بطرس! تعال إىل هنا‪».‬‬
‫بندامتك وحمبّ َ‬
‫َ‬ ‫«لقد َغ َسلتَها‬

‫الر ُجالن ال َكهالن كالُها‪،‬‬


‫بطرس‪ ،‬الذي مل يكن قد تكلّم‪ ،‬وقد كان منذهالً ج ّداً‪ ،‬يتق ّدم‪ .‬و َّ‬
‫القصريان وال ُـم َكتَّالن‪ ،‬يواجه أحدُها اآلخر‪ ،‬ويسوع بينهما يبتسم هبياً‪.‬‬

‫يتربع ابألموال اليت جيلبها يعقوب‪ .‬ها‬


‫مرات عديدة عن اجملهول الذي ّ‬
‫«اي بطرس‪ ،‬لقد سألتين ّ‬
‫هو ذا‪ .‬إنّه هنا‪».‬‬

‫مّت! ولكن َمن كان َيكنه‬ ‫ِّ‬


‫«من؟ هذا اللـ… (يريد بطرس قول‪" :‬هذا اللص") آه! أعتَذر اي ّ‬
‫كنت تتقاضاه‪ ،‬أن تكون‬
‫ابلرىب الذي َ‬‫نت ابحلقيقة ختيّب أملنا ّ‬
‫أنت الذي ك َ‬
‫أنت‪َ ،‬‬
‫التفكري أن تكون َ‬
‫الص َدقَة السخيّة؟»‬
‫كل أسبوع لتعطي هذه َّ‬
‫قلبك ّ‬
‫قادراً على انتزاع قطعة من َ‬
‫عليك ضرائب ِّ‬
‫جمحفة‪ .‬ولكن ها أنذا أجثو أمامكم مجيعاً وأقول‬ ‫ضت َ‬ ‫«أعرف ذلك‪ .‬لقد فَـَر ُ‬
‫لكم‪ :‬ال تطردوين! هو قد قَبِّلَين‪ ،‬فال تكونوا أكثر صرامة منه‪».‬‬

‫مين وال‬
‫مبودة‪« :‬قف‪ ،‬قف! ليس ّ‬
‫بقوة و ّ‬
‫مّت عند قدميه‪ ،‬يرفعه دفعة واحدة ّ‬ ‫بطرس‪ ،‬الذي كان ّ‬
‫مثلك قليالً أو‬
‫من اآلخرين ينبغي طلب الغفران‪ ،‬بل منه وحده‪ .‬حنن‪ ..‬هيّا‪ ،‬حنن مجيعنا لصوص َ‬
‫كل ما يف القلب أو الفكر فهو على‬
‫كثرياً‪ ...‬آه! لقد قُلتُها! لسان ملعون! إّّنا أان جمبول هكذا‪ّ :‬‬
‫ِّ‬ ‫اللسان و ِّّ‬
‫الشفاه‪ .‬تعال ولنُقم ميثاق سالم َودود‪ ».‬ويـُ َقبِّّل وجنيت ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 464 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الود‪ .‬أقول ذلك إذ ُيجم أندراوس بسبب حيائه‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫فعل اآلخرون كذلك بكثري أو قليل من ّ‬ ‫يَ َ‬
‫يوطي عواطفه متجلّدة‪ .‬حتسبه يـُ َقبِّّل كوم زواحف‪ ،‬بقدر ما كان عناقه ال مبالياً وقصرياً‪.‬‬
‫ويهوذا االسخر ّ‬
‫مّت لسماعه صواتً‪.‬‬
‫ََي ُرج ّ‬
‫يوطي‪« :‬ومع ذلك اي معلّم‪ ،‬يبدو يل ذلك غري فَ ِّطن‪ .‬إ ّن ّفريسيّي هذه‬
‫ويقول يهوذا االسخر ّ‬
‫عشار بعد زانية!‪ ...‬هل َّقررت‬ ‫أتباعك! ّ‬
‫َ‬ ‫عشار بني‬
‫أنت‪ ...‬ها هو ذا ّ‬
‫همونك‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫املنطقة ابألساس يتّ‬
‫االهنيار؟ إذا كان هكذا قُلها‪ ،‬إذ‪»...‬‬

‫«فلنهرب‪ ،‬أليس صحيحاً؟» يقوهلا بطرس بسخرية‪.‬‬

‫مك؟»‬
‫«وأنت َمن يكلّ َ‬
‫نفسك‪ ،‬نفس سيّد‬ ‫َ‬ ‫إيل ابلكالم‪ ،‬إّّنا أان على العكس أحت ّدث إىل‬
‫تتوجه َّ‬
‫ك ال ّ‬ ‫«أَعلَم جيّداً أنّ َ‬
‫وتشم رائحة اخلطيئة فينا‪،‬‬‫ك أحد أعضاء اهليكل‪ّ ،‬‬ ‫نفسك النقيّة ج ّداً‪ ،‬نفس حكيم‪ .‬أَعلَم أنّ َ‬‫َ‬ ‫كبري‪ ،‬إىل‬
‫الفريسيّني‬ ‫ن‬ ‫م‬‫تكامل‪ ،‬فأنت مزيج ِّ‬
‫ك يهودي م ِّ‬‫حنن املساكني الذين لسنا من اهليكل‪ .‬أعرف جيّداً أنّ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫أسيين ‪-‬هل تريد تسميات أخرى نبيلة؟‪ -‬تَشعُر‬ ‫ِّ‬
‫والص ّدوقيّني واهلريوديّني‪ ،‬نصف كاتب وبعض من ّ‬
‫لست على ما يرام فيما بيننا‪ِّ ،‬مثل شابل (نوع مسك هنري مثني) رائع يف َشبَ َكة مليئة ابلشبّوط‪.‬‬ ‫ك َ‬ ‫أنّ َ‬
‫أنت‪،‬‬
‫كنت على غري ما يرام‪ ...‬فاذهب َ‬ ‫ولكن ماذا تريد أن تفعل هنا؟ هو اختاران وحنن ابقون‪ .‬وإذا َ‬
‫مين‪ ،‬ألنّين أفتَ ِّقر إىل‬
‫ومنك‪ّ .‬‬
‫مين َ‬ ‫فحّت هو يَغتَاظ‪ ،‬كما ترى‪ّ ،‬‬ ‫وحنن سوف نتن ّفس بشكل أفضل‪ّ .‬‬
‫كشتك ابأللقاب‬ ‫فأنت ال تفهم شيئاً رغم زر َ‬‫منك أكثر‪َ ،‬‬ ‫الصرب‪ ،‬وكذلك‪ ...‬نعم‪ ،‬وكذلك إىل احملبّة‪ ،‬إّّنا َ‬ ‫َّ‬
‫لديك شيء أيّها الولد‪ .‬دخان كثيف فقط‪،‬‬ ‫فيك احملبّة وال التواضع وال االحَتام‪ .‬ليس َ‬ ‫النبيلة‪ ،‬وليست َ‬
‫ال مسح هللا أن يكون مؤذايً‪».‬‬

‫جاداً‪ ،‬ذراعاه متصالبتان‪ ،‬شفتاه مزمومتان‪ ،‬وعيناه‪...‬‬


‫يسوع يََتُك بطرس يتكلّم‪ ،‬ويبقى هو واقفاً‪ّ ،‬‬
‫كل الضغينة‬ ‫لديك اي بطرس؟ هل حررت َ ِّ‬
‫قلبك من ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫كل ما َ‬ ‫قلت ّ‬‫شبه مغلقتني‪ .‬يف النهاية يقول‪« :‬هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 465 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فعلت‪ .‬اليوم هو فصح من أجل ابن إلبراهيم‪ .‬نداء املسيح يشبه دم احلَ َمل‬
‫اليت كان ُيتويها؟ حسناً َ‬
‫الشر‪ ،‬فيما إذا كان الذي يتل ّقاه صادقاً‪ .‬ندائي هو‬
‫يتحرر من ّ‬
‫ابلنسبة إىل نفوسكم‪ ،‬ومن يليب النّداء َّ‬
‫أي نوع كانت‪».‬‬
‫حترير‪ ،‬وينبغي االحتفاء به دون ضغينة من ّ‬
‫حّت كلمة واحدة ليهوذا‪ ،‬فيصمت بطرس مقهوراً‪.‬‬
‫يوجه وال ّ‬
‫يسوع مل ّ‬
‫يقول يسوع‪« :‬لقد عاد ُمضيفنا ومعه أصدقاء‪ .‬فال نظهر ّن هلم سوى الفضيلة‪ .‬وإذا كان أحدكم‬
‫ابلفريسيّني الذين يُ ِّرهقون الناس بتوصيات وأحكام هم أنفسهم‬
‫خرج‪ .‬ال تكونوا شبيهني ّ‬‫غري قادر فليَ ُ‬
‫ال ُيفظوهنا‪».‬‬

‫ومّت يتح ّدثون يف‬


‫بسط الطعام‪ ،‬يسوع يف الوسط بني بطرس ّ‬ ‫مّت مع رجال آخرين‪ ،‬ويُ َ‬
‫يعود ّ‬
‫الفريسيّني‬
‫حبق ّ‬‫كل األسئلة اليت تُطرح عليه‪ّ ،‬إهنا كذلك شكاوى ّ‬
‫شّت‪ ،‬وجييب يسوع بصرب على ّ‬ ‫مواضيع ّ‬
‫الذين ُيتقروهنم‪.‬‬

‫تصرفوا بطريقة ال َُيتَ ِّقركم فيها‬


‫ّ‬ ‫مث‬ ‫ومن‬ ‫كم‪،‬‬
‫ر‬ ‫جييب يسوع‪« :‬حسناً! هلموا إىل الذي ال َُيت ِّ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الصاحلون على األقل‪».‬‬

‫ك الوحيد!»‬
‫أنت صاحل‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫« َ‬
‫ويود لو يصبح صديقه‪ .‬إذا‬
‫ُيب التائب‪ّ ،‬‬‫«ال‪ ،‬فهؤالء مثلي‪ ،‬ومثّ‪ ...‬إ ّن هللا اآلب هو الذي ّ‬
‫كل شيء ما خال اآلب‪ ،‬أفال يكون سرور اإلنسان كامالً؟»‬‫نقص اإلنسان ّ‬
‫كانت الوليمة قد أصبَ َحت يف مرحلة تقدمي الفواكه عندما يُشري خادم إىل سيّد البيت ويقول‬
‫له أمراً‪.‬‬

‫تود رؤيتهم؟»‬
‫إليك‪ .‬فهل ّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬إيلي ومسعان ويواكيم يطلبون الدخول والتح ّدث َ‬
‫«بكل أتكيد‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 466 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عشارون‪».‬‬
‫«ولكن أصدقائي ّ‬
‫َّس َّت ال ينفع يف شيء‪ .‬إنّه ال ينفع يف‬ ‫ِّ‬
‫«من أجل ذلك ابلتحديد قد أتوا‪ .‬لندعهم يـََرون‪ .‬فالت َ‬
‫دخلوا‪».‬‬‫اخلري‪ ،‬واخلبث يزيد احلَ َدث تفاقماً‪ ،‬قد يصل إىل ح ّد القول أبنَّه كان هناك بغااي‪ .‬فليَ ُ‬
‫لكن يسوع الذي‬ ‫همون ابلكالم‪ ،‬و ّ‬ ‫شريرة‪ .‬يَ ّ‬
‫الفريسيّون الثالثة‪ ،‬ينظرون حوهلم اببتسامة ّ‬
‫دخل ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫مّت‪ ،‬بقوله‪« :‬اي أبناء إسرائيل احلقيقيّني‪،‬‬‫مّت‪ ،‬ويبادرهم‪ ،‬واضعاً يداً على كتف ّ‬ ‫ض يذهب للقائهم مع ّ‬ ‫َهنَ َ‬
‫ش فيكم‪ ،‬قلبكم‬ ‫بكل أتكيد‪ ،‬ابحلبور‪ ،‬كإسرائيليّني ال غ ّ‬
‫أحيّيكم‪ ،‬وأعلن لكم نبأ عظيماً‪ ،‬سوف َيأل‪ّ ،‬‬
‫مّت بن حلفا ‪-‬الذي كان‬ ‫كل القلوب‪ ،‬ليُ َم َّجد هللا‪ .‬ها هو ذا ّ‬
‫الذي يَ َلهث وراء حتقيق الشريعة يف ّ‬
‫افرحوا!‬ ‫ت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫خزي وعار كفرانحوم‪ -‬وهو منذ اليوم‪ ،‬مل يعد اخلاطئ‪ .‬إ ّن نعجة من إسرائيل جرابء قد ش ِّ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هتتمون هبا كثرياً‪،‬‬ ‫ب َ ِّ‬
‫ُخرايت خاطئات ستصبح سليمات‪ ،‬وبلدتكم‪ ،‬بسبب القداسة اليت ّ‬ ‫عدهُ نعاج أ َ‬ ‫َ‬
‫ائيلي‬
‫كل شيء يف سبيل خدمة هللا‪ .‬فقبّلوا اإلسر ّ‬ ‫الرب‪ .‬ها هو يَتك ّ‬ ‫ستصبح بقداستها حمبَّـبَة لدى ّ‬
‫الضال الذي عاد إىل أحضان إبراهيم قُبلة السالم‪».‬‬
‫ّ‬

‫العشارين؟ يف احتفال صاخب؟ آه! اي هلا ِّمن ِّهداية!‬


‫«أهكذا يعود إىل أحضان إبراهيم؟ مع ّ‬
‫القواد‪».‬‬
‫انظر هنا اي إيلي‪ :‬إنه يوشع ّ‬
‫«وهذا مسعان بن إسحق الفاسق‪».‬‬

‫«وهذا؟ إنّه عزراي مدير اندي القمار‪ ،‬حيث يذهب الرومان واليهود للعب و ِّّ‬
‫الشجار واالنغماس‬
‫يف الفسق والفجور‪».‬‬

‫كنت تَعلَم؟»‬
‫األقل َمن ُهم هؤالء الناس؟ هل َ‬
‫«ولكن اي معلّم‪ ،‬هل تَعلَم على ّ‬
‫كنت أَعلَم‪».‬‬
‫« ُ‬
‫«وأنتم‪ ،‬إذن‪ ،‬أنتم اي أهايل كفرانحوم‪ ،‬أنتم أيها التالميذ‪ ،‬ملاذا مسحتم هبذا؟ إنّك تُ ِّ‬
‫دهشين اي‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مسعان بن يوان!»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 467 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لت أن‬ ‫ِّ‬
‫أنت اي نثنائيل! إنّين ُمن َذهل للغاية! كيف احتَ َم َ‬
‫أنت اي فليبّس‪ ،‬املعروف جيّداً هنا‪ ،‬و َ‬
‫«و َ‬
‫العشارين واخلطأة؟»‬
‫مك مع ّ‬ ‫أيكل معلّ َ‬
‫ص ِّدموا‬
‫(الفريسيّون إيلي ومسعان ويواكيم) قد ُ‬
‫«ولكن‪ ،‬أمل يعد إذن حت ّفظ يف إسرائيل؟» فالثالثة ّ‬
‫بش ّدة‪.‬‬

‫أردت ذلك‪ .‬أان وحدي‪».‬‬


‫يقول يسوع‪« :‬دعوا تالميذي بسالم‪ .‬فأان الذي ُ‬

‫«آه! نعم‪ .‬مفهوم‪ .‬فعندما يَر َغب أحد أبن يتظاهر ابلقداسة‪ ،‬وهو ليس كذلك‪ ،‬فإنّه يـَ َقع سريعاً‬
‫يف أخطاء ال تُغتَـ َفر!»‬

‫حّت الشريعة‪- .‬فما تزال حترقين‬ ‫عود التالميذ على قلّة االحَتام‪َّ ،‬‬
‫فإهنم لن ُيَتموا ّ‬ ‫«وعندما نُ ِّّ‬
‫يسي!‬ ‫الفر‬ ‫إيلي‬ ‫أان!‬ ‫يل‬ ‫اهليكل‪.‬‬ ‫ورجل‬ ‫اليهودي‬ ‫هذا‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫يل‬ ‫هت‬ ‫ج‬‫ضحكات السخرية تلك اليت وِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عرف‪».‬‬‫إن اإلنسان يـُ َعلِّّم ما يَ ِّ‬

‫عرف‪ ،‬هذا صحيح‪ .‬وأان الذي‬ ‫أنت خمطئ ‪ ،‬اي إيلي‪ .‬وأنتم مجيعاً خمطئون‪ .‬اإلنسان يُعلِّّم ما يَ ِّ‬
‫« َ‬
‫أعرف الشريعة‪ ،‬أُعلِّّمها ملن ال يعرفها‪ :‬أي للخطأة‪ّ .‬أما أنتم‪ ...‬فأعلَم أنّكم معلّمو نفسكم‪ .‬بينما‬
‫ِّ‬
‫إيل كما هي‪:‬‬
‫اخلطأة ليسوا كذلك‪ .‬لذا أحبث هلم عن نفسهم‪ ،‬وأعيدها هلم‪ ،‬لكي‪ ،‬بدورهم‪ُ ،‬يملوها ّ‬
‫أتيت‪ .‬فاخلطأة هم الذين ُيتاجون إىل‬
‫أطهرها‪ .‬فمن أجل هذا ُ‬ ‫مريضة وجرُية ومدنَّسة‪ ،‬لكي أعاجلها و ّ‬
‫ُخملِّّص‪ ،‬وأان أتيت ألخلّصهم‪ .‬افهموين‪ ...‬وال تبغضوين بال سبب‪».‬‬

‫يسوع لطيف ومقنع ومتواضع‪ ...‬إّّنا الثالثة فإ ّهنم يبدون كما ثالث نبااتت شوكية‬
‫وَيرجون ُم ِّ‬
‫ظهرين امشئزازهم‪.‬‬ ‫(‪ )Chardon‬منتفخة ومليئة ابألشواك‪ُ َ ...‬‬
‫يوطي‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫كل مكان‪ ».‬يـُ َهمهم يهوذا االسخر ّ‬
‫«لقد مضوا‪ ...‬واآلن سوف ين ّددون بنا يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 468 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يلومك فيه اآلب‪ .‬ال تكن مقهوراً اي‬
‫َ‬ ‫أنت فقط ابلشكل الذي ال‬
‫وتصرف َ‬‫«دعهم يفعلون! ّ‬
‫مّت‪ ،‬وال أنتم‪ ،‬أصدقاءه‪ .‬فالضمري يقول لنا‪" :‬لستم تفعلون سوءاً"‪ .‬وهذا يكفي‪».‬‬
‫ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وجيلس يسوع اثنية يف مكانه‪ ،‬وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 469 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫طرباي‪ .‬تعليم التالميذ قرب هذه البلدة)‬


‫‪( -63‬يسوع يف حبرية ّ‬
‫‪1945 / 02 / 05‬‬

‫كل مركب يف حبرية‬


‫يسوع مع مجيع أتباعه‪ ،‬وقد أصبحوا ثالثة عشر ابإلضافة إليه‪ّ .‬إهنم سبعة يف ّ‬
‫اجلليل‪ .‬يسوع يف مركب بطرس‪ ،‬وهو يف الطليعة مع بطرس وأندراوس ومسعان ويوسف وابين عمه‪ .‬ويف‬
‫ومّت‪.‬‬
‫يوطي وفليبّس وتوما ونثنائيل ّ‬
‫املركب اآلخر ابنا زبدى مع اآلخرين وهم االسخر ّ‬
‫يسري املركبان بسرعة بفضل األشرعة‪ ،‬مدفوعني بريح الشمال الرطبة اليت تش ّكل على سطح‬
‫املياه جمموعة كبرية من التضاريس اخلفيفة‪ ،‬وهي تكاد تكون ظاهرة من خالل خطوط من الزبد ترسم‬
‫نوعاً من الشف ‪ Tulle‬على أُفُق البحرية اجلميلة واهلادئة الفريوزي‪ .‬يتق ّدم املركبان خملِّّ َفني وراءُها‬
‫ط واحد ضاحك على سطح املاء‪ .‬تسريان بشكل‬ ‫جمريت سفن تلتقيان مش ّكلتني زبدُها البهيج يف خ ّ‬
‫ّ‬
‫اثبت‪ ،‬مركب بطرس يتق ّدم اآلخر حبوايل املَتين‪.‬‬

‫يتم تبادل األحاديث واألفكار‬


‫من مركب آلخر‪ ،‬واملسافة بني التالميذ ال تتع ّدى األمتار القليلة‪ّ ،‬‬
‫صت منها أ ّن اجلليليّني يشرحون لليهود تفاصيل عن البحرية وعن جتارهتم‬ ‫التأمالت‪ .‬استَخلَ ُ‬
‫و ّ‬
‫وطرباي‪ .‬فاملراكب‬
‫وشخصيّاهتم‪ ،‬وعن املسافات بني نقاط االنطالق ونقاط الوصول‪ ،‬أي بني كفرانحوم ّ‬
‫ليست ُم َعدَّة للصيد إّّنا لنقل األشخاص‪.‬‬

‫جلي من اجلمال الذي ُييط به‪ ،‬ومن‬ ‫جيلس يسوع على مق ّدمة السفينة‪َ ،‬يلؤه احلبور بشكل ّ‬
‫تتوزع‬
‫كل هذا األفق الصايف للسماء واملياه‪ ،‬وقد أحاطَت به الضفاف اخلضراء‪ ،‬حيث ّ‬ ‫الصمت‪ ،‬ومن ّ‬
‫يتجرد عن أحاديث التالميذ‪ ،‬فهو على مق ّدمة املركب‪ ،‬شبه مم ّدد على‬
‫قرى بيضاء يف عمق االخضرار‪ّ .‬‬
‫كوم من األشرعة‪ ،‬ووجهه منحن على مرآة الزفري هذه اليت هي البحرية‪ ،‬وكأنّه بصدد دراسة األعماق‪،‬‬
‫مرتني‬
‫بكل ما يعيش يف مياهها الصافية ج ّداً‪ .‬ولكن‪ ،‬من يدري مباذا يفكر‪ ...‬يسأله بطرس ّ‬
‫واالهتمام ّ‬
‫أبشعتها اليت‬
‫ليعرف ما إذا كانت الشمس تضايقه‪ .‬فالشمس قد سطعت يف الشرق‪ ،‬ولََف َحت املركب ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 470 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكن يسوع‬ ‫حارة‪ .‬ومن جديد يسأله إذا ما كان يريد خبزاً وجبناً كاآلخرين‪ .‬و ّ‬
‫مل تصبح بعد حارقة‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫ال يريد شيئاً‪ ،‬ال أشرعة وال خبزاً‪ .‬يدعه بطرس بسالم‪ .‬جمموعة من املراكب الصغرية املستخدمة للتن ّـزه‬
‫على البحرية‪ ،‬أحدها مزيّن مبظالت أرجوانيّة فاخرة ومساند ممتعة‪ ،‬تقطع الطريق على مراكب الصيّادين‪.‬‬
‫أصوات‪ ،‬ضحكات صاخبة ممزوجة بروائح عطريّة‪ .‬هي مليئة ابلنساء اجلميالت والرومان والفلسطينيني‬
‫جت ذلك‬ ‫ال ُـمبتَ ِّهجني‪ ،‬الغالبيّة رومان مع أقليّة من الفلسطينّيني ويفَتض وجود بعض اليواننيّني‪ .‬استَنتَ ُ‬
‫من كالم شاب حنيف‪ ،‬ممشوق القامة‪ ،‬أمسر مثل زيتونة شبه انضجة‪ ،‬ومتأنّق‪ .‬يرتدي رداء قصرياً أمحراً‬
‫له أهداب من األسفل‪ ،‬وهو حمصور عند اخلصر حبزام قد صيغ صياغة المعة‪ .‬وهو يقول‪« :‬البالد‬
‫مليب ليس فيه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬هذا األفق وهذه الزهور‪ .‬فال عجب‪ ،‬ابحلقيقة‪،‬‬ ‫اإلغريقيّة مجيلة‪ ،‬ولكن وطين األو ّ‬
‫إذا ما كانت اآلهلة قد تركته لتأيت وتقيم هنا‪ .‬فلنرشق اآلهلة‪ ،‬ليس اليواننيّة بل اليهوديّة‪ ،‬أبوراق الزهور‬
‫والورود وبتكرَينا‪ »...‬ويرمي على نساء مركبه توجيات ورود رائعة‪ ،‬ويرمي أخرى على املركب اجملاور‪.‬‬
‫يرد أحد الرومانيّني‪« :‬ارشق الورد‪ ،‬ارشق أيها اليوانين! إّّنا أان ففينوس معي‪ .‬ولن أرمي الزهور بل‬ ‫ّ‬
‫أقطف الورود من على هذا الفم اجلميل‪ .‬ويف هذا متعة أكرب!» وينحين ليقبل فم مرمي اجملدليّة املبتسم‪،‬‬
‫وهي نصف مم ّددة على املساند‪ ،‬ورأسها األشقر على صدر الروماينّ‪.‬‬

‫ابجتاه املراكب الثقيلة‪ .‬إن بسبب عدم مهارة اجل ّذافني‪ ،‬أو‬ ‫تتوجه املراكب الصغرية مباشرة ّ‬
‫اآلن‪ّ ،‬‬
‫بسبب الرايح‪ ،‬وتكاد تصطدم‪ ،‬فيصرخ بطرس غاضباً‪ ،‬بينما هو ينعطف حبركة عنيفة لتجنّب الصدمة‪:‬‬
‫«إذا كنتم حريصني على حياتكم فانتبهوا‪ ».‬وتتعاقب‪ ،‬يف املراكب الصغرية‪ ،‬الشتائم من الشباب‬
‫وصرخات اخلوف من النساء‪ .‬الرومان يشتمون اجلليليّني بقوهلم‪« :‬ابتعدوا أيّها اليهود الكالب‪ ».‬وال‬
‫خاصة بطرس‪ ،‬أمحراً مثل عرف الديك‪ ،‬واقفاً على حافة‬ ‫يسكت بطرس وابقي اجلليليّني على اإلهانة‪ّ ،‬‬
‫ويرد واحدة بواحدة‪ ،‬ال يوفّر أحداً رومانيّاًكان أو يواننيّاً‪،‬‬
‫املركب الذي يَتنّح بش ّدة‪ ،‬يداه على حقويه‪ّ ،‬‬
‫يوجه سيالً من التسميات الفخريّة‪ ،‬ال أنقلها‪ .‬تدوم‬ ‫اليهودايت‪ .‬بل على العكس ‪ّ ،‬‬
‫وكذلك اليهود و ّ‬
‫كل يف طريق‪.‬‬
‫املالسنة طاملا االضطراب مل ينته‪ ،‬مثّ َيضي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 471 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مل يـُبَ ِّّدل يسوع وضعيّته أبداً‪ .‬يبقى جالساً وكأنّه غائب‪ ،‬دون النظر أو التكلّم مع املراكب‬
‫يستمر يف النظر إىل الض ّفة البعيدة وكأ ّن شيئاً مل يكن ليحدث‪ .‬تصل‬
‫ّ‬ ‫وشاغليها‪ .‬متّكئاً على مرفقه‪،‬‬
‫عت انفجار ضحكتها‬ ‫ِّ‬
‫لست أدري َمن رماها‪ ،‬إّّنا هي حتماً من إحدى النساء‪ ،‬فلقد َمس ُ‬‫إليه زهرة‪ُ ،‬‬
‫صدم الزهرة وجهه وهتوي على األرض‪ ،‬منتهية عند قدمي بطرس‬ ‫املرافقة للحركة‪ .‬إّّنا هو ال شيء‪ .‬تَ ُ‬
‫الذي يغلي‪.‬‬

‫صبَت واقفة وهي تتبع‬


‫أيت اجملدليّة‪ ،‬وقد انتَ َ‬
‫أوش َكت املراكب على االبتعاد‪ ،‬عند ذلك ر ُ‬‫عندما َ‬
‫االجتاه الذي تعينه هلا رفيقة الرذيلة‪ ،‬حم ّدقة بعينيها الرائعتني يف وجه يسوع اهلادئ والبعيد‪ .‬كم هذا‬
‫ّ‬
‫الوجه بعيد عن العامل!‪...‬‬

‫اليهودي مثلي‪ ،‬قل يل‪ .‬ولكن هذه اجلميلة‬


‫ّ‬ ‫أنت‬
‫يوطي‪« :‬قل يل اي مسعان‪ ،‬و َ‬‫ويصيح االسخر ّ‬
‫أليست أخت لعازر الذي من بيت عنيا؟»‬
‫للتو‪َ ،‬‬
‫الشقراء على صدر اليوانينّ‪ ،‬هذه اليت َوقَـ َفت ّ‬
‫دت بني األحياء‪،‬‬
‫فيجيب مسعان الكنعاينّ جبفاء‪« :‬أان ال أعرف شيئاً‪ .‬فمنذ وقت قريب عُ ُ‬
‫وهذه املرأة شابّة‪»...‬‬

‫ك‬
‫ك ال تعرف لعازر الذي يف بيت عنيا! فإنّين أَعلَم جيّداً أنّ َ‬
‫ك تريد أن تقول يل إنّ َ‬ ‫«ال أخالُ َ‬
‫ك زرته يف بيته مع املعلّم‪».‬‬‫صديقه وأنّ َ‬
‫«وإن يكن؟»‬

‫حّت القبور‬
‫«لطاملا هو كذلك‪ ،‬فينبغي أن تعرف هذه اخلاطئة اليت هي أخت لعازر‪ ،‬واليت ّ‬
‫حّت ظَ َهَرت لعوابً‪.‬‬
‫السن ّ‬ ‫تعرفها! منذ عشر سنوات َج َعلَت الناس يتح ّدثون عنها‪ .‬ما كادت تبلغ ّ‬
‫كنت يف "وادي األموات"‪ .‬فلقد‬ ‫حّت ولو َ‬‫ولكن منذ أربع سنوات! ال َيكن أن َجت َهل الفضيحة‪ّ ،‬‬
‫ف لعازر يف بيت عنيا‪ ...‬حسناً فَـ َع َل‪ .‬مل يعد أحد‬ ‫َحتَ َّدثَت عنها أورشليم ّ‬
‫برمتها‪ .‬ومنذ ذلك احلني اعتَ َك َ‬
‫تَتدد‪ .‬امسع مقولة‪" :‬ال أحد‬ ‫يطأ قصره الرائع يف صهيون‪ ،‬حيث كانت ما تزال تروح وترجع‪ ،‬ما زالت ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 472 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل مكان ما عدا بيتها‪ ...‬واآلن‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ذلك‬ ‫مع‬ ‫فهي‬ ‫مث‬ ‫ن‬ ‫ق ّديس"‪ .‬أما يف الريف فالكل يعلَم!‪ِّ ...‬‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫إبمكانك تكذييب؟»‬
‫َ‬ ‫ّإهنا ابلتأكيد يف جمدلة‪ .‬قد تكون َو َج َدت حبّاً جديداً‪ ...‬أال جتيب؟ هل‬

‫«أان ال أُ َك ِّّذب‪ .‬إنّين أصمت‪».‬‬

‫فت عليها!»‬
‫ذاتك تَـ َعَّر َ‬
‫أنت َ‬‫«إذاً‪ّ ،‬إهنا هي! و َ‬
‫«لقد رأيتُها صغرية‪ ،‬وقد كانت طاهرة حينذاك‪ .‬واآلن أعود ألراها اثنية‪ .‬ولكنّين عرفتها‪ .‬ابلرغم‬
‫من كوهنا قليلة احلياء‪ ،‬فمظهرها يُ َذ ّكِّر مبظهر ّأمها‪ ،‬إّّنا تلك فقد كانت ق ّديسة‪».‬‬

‫صديقك؟»‬
‫َ‬ ‫دت تنفي ّأهنا أخت‬
‫«إذن ملاذا ُك َ‬
‫خاصة عندما نكون شرفاء‪».‬‬
‫«إنّنا حناول إخفاء جراحنا وجراح الذين حنبّهم‪ّ ،‬‬
‫يبتسم يهوذا ابتسامة صفراويّة‪.‬‬

‫أنت رجل شريف‪ ».‬يبدي بطرس مالحظته على ذلك‪.‬‬


‫ك حتسن التكلّم اي مسعان‪ .‬و َ‬
‫«إنّ َ‬
‫مرة‬
‫ك بكل أتكيد تذهب إىل جمدلة لبيع السمك‪ ،‬ومن يدري كم ّ‬
‫فت عليها؟ إنّ َ‬
‫«وهل تَـ َعَّر َ‬
‫صادفتَها!‪»...‬‬
‫َ‬
‫ُيب‬
‫«اعلَم اي ولد أ ّن اإلنسان الذي يتعب يف عمل شريف ال تعود النساء تلفت انتباهه‪ .‬إنّه ّ‬
‫فقط سرير زوجته الشريف‪».‬‬

‫األقل إن مل يكن سوى ابلنَّظَر‪».‬‬


‫لكن اجلمال يروق للجميع! على ّ‬
‫«إيه! و ّ‬
‫لعلمك إ ّن البحرية واملهنة قد علّماين أشياء‬
‫َ‬ ‫ملائدتك"؟ ال‪.‬‬
‫َ‬ ‫«ملاذا؟ للقول‪" :‬هذا ليس غذاء‬
‫مؤهلة ألن تعيش يف املياه املاحلة‬
‫كثرية‪ ،‬وهذه واحدة منها‪ :‬إ ّن مسكة من املياه العذبة والعميقة ليست ّ‬
‫والتيّارات العكسيّة السطحيّة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 473 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أتريد القول‪...‬؟»‬

‫مأساوي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫لئال َيوت بشكل‬
‫كل يف مكانه ّ‬
‫«أريد القول إنّه ينبغي أن يبقى ّ‬
‫متيتك؟»‬
‫«أكانت اجملدليّة َ‬
‫أنت من قد يشعر ابالنزعاج؟»‬
‫ك َ‬ ‫لت يل إنّ َ‬ ‫«ال‪ .‬إ ّن حلمي ٍ‬
‫قاس‪ .‬ولكن‪ ...‬أقُ َ‬
‫حّت!‪»...‬‬
‫«أان مل أنظر إليها ّ‬
‫األول‪ ،‬ومل تكن أكثر‬ ‫ِّ‬
‫ك تتأ ّكل من الداخل ألنّك مل تكن على ذاك املركب ّ‬ ‫«كاذب! أراهن أنّ َ‬
‫ت‬ ‫ِّ‬
‫ستتحملين لتكون أكثر قرابً منها؛ ما أقوله هو احلقيقة‪ ،‬ذلك أ ّن بفضلها ُمن ْح ُ‬
‫ّ‬ ‫كنت‬
‫دنواً منها‪...‬و َ‬
‫ّ‬
‫كالمك معي بعد ع ّدة ّأايم من الصمت‪».‬‬
‫َ‬ ‫شرف‬

‫حّت لَتاين! فهي مل تكن تنظر لغري املعلّم ابستمرار!»‬


‫«أان؟ ولكن إذا مل تكن ّ‬
‫لت لَتى إىل أين كانت تنظر إن مل تكن‬
‫ك مل تكن تنظر إليها! ماذا فَـ َع َ‬
‫«آه! آه! آه! وتقول إنّ َ‬
‫تنظر إليها؟»‬

‫ويضحك اجلميع ملالحظة بطرس ما عدا يهوذا ويسوع والغيور‪.‬‬

‫طرباي؟»‬
‫يضع يسوع ح ّداً للنقاش الذي فَضَّل ّأال يسمعه بسؤاله بطرس‪« :‬أهذه ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬سأرسي املركب اآلن‪».‬‬

‫أود التح ّدث إليكم وحدكم‪».‬‬


‫«انتظر‪ ،‬هل تستطيع الوقوف يف هذا اخلليج اهلادئ؟ فإنّين ّ‬
‫أجيبك‪ ».‬ويُن ِّـزل بطرس عصا طويلة ويسري ببطء حنو الض ّفة‪« .‬نعم أستطيع‬
‫«سأسرب العمق و َ‬
‫ذلك اي معلّم‪ .‬هل َيكنين التق ّدم أكثر؟»‬

‫ظل وعزلة‪ .‬وهذا يروق يل‪».‬‬


‫« إىل أكثر ما تستطيع‪ .‬هناك ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 474 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يذهب بطرس إىل مشارف الض ّفة‪ .‬اليابسة على بعد ال يتجاوز اخلمسة عشر مَتاً‪« .‬اآلن‬
‫أ ِّ‬
‫ُالمس العمق‪».‬‬

‫« توقّف‪ .‬وأنتم اقَتبوا قدر املستطاع‪ ،‬واستمعوا‪».‬‬

‫يَتك يسوع مكانه وجيلس يف وسط املركب على مقعد يصل احلافّة ابحلافّة األخرى‪ ،‬يف مقابل‬
‫املركب اآلخر‪ ،‬وحوله التالميذ الذين معه يف املركب‪.‬‬

‫« امسعوا‪.‬‬

‫يبدو لكم أنّين أنعزل فكرّايً عن مناقشاتكم‪ ،‬أحياانً‪ ،‬وأنّين إذن معلّم كسول‪ ،‬ال يسهر على‬
‫اخلاصني‪ .‬اعلموا أ ّن نفسي ال تَتككم حلظة واحدة‪ .‬هل الحظتم طبيباً يدرس حالة مريض‪،‬‬ ‫تالميذه ّ‬
‫ضعه للمراقبة‪ ،‬بعد معاينة‪ ،‬إن كان ينام أو يسهر‪ ،‬يف‬ ‫مرضه غري حم ّدد واألعراض لديه متضاربة؟ َُي ِّ‬
‫فكل شيء َيكن أن يكون عرضاً وداللة للكشف‬ ‫الصباح كما يف املساء‪ ،‬عندما يصمت أو يتكلّم‪ّ ،‬‬
‫أتصرف ابلطريقة ذاهتا معكم‪ .‬فأنتم مرتبطون يب خبيوط غري‬ ‫اخلفي وحتديد العالج‪ .‬وأان ّ‬ ‫عن املرض ّ‬
‫مرئيّة‪ ،‬ولكنّها حساسة ج ّداً‪ ،‬ومتعلّقة يب‪ ،‬وتنقل يل أضعف اهتزازات األان لديكم‪ .‬أدعكم تؤمنون‬
‫ظهروا ابستمرار على حقيقتكم‪ .‬هذا ما ُيدث عندما يعتقد أحد الطالب أو املهووسني‬ ‫حبريتكم‪ ،‬لكي تَ َ‬ ‫ّ‬
‫ت من عني املراقب‪ .‬فأنتم مجاعة أشخاص‪ ،‬ولكنّكم تش ّكلون نواة‪ ،‬يعين شيئاً واحداً‪ .‬فأنتم‬ ‫أنّه أفلَ َ‬
‫كل مميّزاهتا‪ ،‬الصاحلة منها قليالً أو كثرياً‪ ،‬لتشكيلها ودجمها‬
‫درس ّ‬ ‫ظهر إىل الوجود وتُ َ‬‫جمموعة مع ّقدة تَ َ‬
‫أدر ُسكم وأراقبكم‬‫كالً متكامالً‪ .‬ألجل ذلك ُ‬
‫وثلم ح ّدها وتوسيعها يف ميوهلا املتع ّددة األشكال‪ ،‬وجعلها ّ‬
‫حّت وأنتم نيام‪ .‬ما هو حالكم؟ ماذا ينبغي أن تصبحوا؟ أنتم ملح األرض‪ ،‬هذا ما ينبغي أن تصبحوه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫التفسخ‪ ،‬وكذلك أغذية أخرى‪ .‬وهل َيكن للملح أن َيلِّّح إن‬ ‫ملح األرض‪ .‬فبامللح ُحت َفظ اللحوم من ّ‬
‫مساوايً‪ .‬ولكن كيف َيكنكم أن متلِّّحوا إذا‬ ‫ِّ‬
‫أود أن أُملّح العامل‪ ،‬ألمنحه طعماً ّ‬ ‫مل يكن هو ماحلاً؟ فَبِّ ُكم ّ‬
‫كنتم أنتم فاقدي الطعم؟‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 475 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلقيقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بشري‪ .‬إ ّن مياه البحر‪ ،‬البحر‬
‫ّ‬ ‫السماوي؟ ما هو‬
‫ّ‬ ‫ما الذي جيعلكم تفقدون الطعم‬
‫ليست صاحلة للشرب لش ّدة ملوحتها‪ ،‬أليست كذلك؟ ومع ذلك‪ ،‬إذا ما أخذ أحدهم كأس ماء من‬
‫البحر وأفرغها يف إبريق ماء حلو‪ ،‬يصبح شرهبا ممكناً‪ ،‬ذلك أ ّن ماء البحر قد متدد إىل الدرجة اليت فقد‬
‫معها الطعم الالذع‪ .‬اإلنسانيّة كاملاء احللو الذي َيتزج مبلوحتكم السماويّة‪ .‬وأيضاً‪ ،‬ابفَتاض إمكانيّة‬
‫لتصب يف هذه البحرية‪ ،‬فهل َيكنكم متييز هذا اخليط من ماء البحر فيها؟ ال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حتويل ساقية من البحر‬
‫يف أو‬‫ذلك أنّه يضيع يف هذا الكم من املاء احللو‪ .‬هكذا يكون احلال معكم عندما تغمسون رسالتكم ّ‬
‫غرقوهنا يف الكثري من اإلنسانيّة‪ .‬أنتم بشر‪ .‬نعم‪ ،‬أعرف ذلك‪ .‬إّّنا أان من أكون؟ أان كلّ ّي‬ ‫ابحلرى تُ ِّ‬
‫القدرة‪ .‬وماذا أفعل؟ إنّين أُطلِّعكم على هذه القدرة ألنّين دعوتُكم‪ .‬إّّنا مباذا يفيد إطالعكم عليها إذا‬
‫كنتم تب ّددوهنا حتت وطأة سيل من األحاسيس واملشاعر اإلنسانيّة؟‬

‫أنتم‪ ،‬جيب أن تكونوا نور العامل‪ ،‬فأان قد اخَتتُكم‪ :‬أان‪ ،‬نور هللا‪ ،‬لالستمرار يف إانرة العامل عندما‬
‫مدخنة؟ ال‪ .‬فإ ّن دخان الفتيل‬
‫أعود إىل اآلب‪ .‬ولكن هل َيكنكم اإلانرة إذا كنتم مصابيح مطفأة أو ّ‬
‫اجللي هو أسوأ من انطفائه متاماً‪ .‬وهبذا الدخان تُظلِّمون وميض النور الذي َيكن أن تكون القلوب‬ ‫غري ّ‬
‫يتوجهون صوب ُر ُسل لديهم بَ َدل النّور دخان!‬ ‫ما تزال متتلكه‪ .‬آه! اي لبؤس الذين عند حبثهم عن هللا ّ‬
‫الر ُسل غري اجلديرين سوف تصيبهم اللعنة والعقاب‪.‬‬ ‫فإهنم سيصابون ابلصدمة واملوت‪ .‬ولكن هؤالء ُّ‬ ‫ّ‬
‫دركم‪ ،‬إّّنا أيضاً‪ :‬رسالتكم عظيمة ورهيبة! تذ ّكروا أن َمن ُوِّهب أكثر فهو ُمطالَب كذلك‬ ‫عظيم هو قَ ُ‬
‫ابلكثري‪ .‬وأنتم قد أُعطيتم احل ّد األقصى من الثقافة والنِّّعم‪ .‬لقد ثـَ َّقفتُكم‪ ،‬أان‪ ،‬كلمة هللا‪ ،‬وتنالون من هللا‬
‫نعمة أن تكونوا "التالميذ"‪ ،‬يعين استمراريّة ابن هللا‪.‬‬

‫التأمل يف هذا االختيار الذي أنتم موضوعه‪ ،‬وأيضاً أن َختتَِّربوا‪ ،‬وأن‬


‫أريد منكم أال تك ّفوا عن ّ‬
‫تَ ِّزنوا كذلك‪ ...‬وأن تتح ّققوا إذا كنتم غري قادرين سوى على أن تكونوا مؤمنني‪ ،‬فقط مؤمنني‪ُ .‬‬
‫لست‬
‫حّت إذا أحسستم أبنّكم خطأة وقساة‪ ،‬إّّنا مؤمنون فقط‪ ،‬دون أن تكون لديكم طاقة‬ ‫أبغي القول ّ‬
‫ومتنوع! َينح اجلميع‬ ‫ٍ‬ ‫الرسول‪ ،‬فيجب أن تَ ِّ‬
‫نسحبوا‪ .‬فالعامل‪ ،‬ملن ُيبّه‪ ،‬واسع ج ّداً‪ ،‬ومجيل ج ّداً‪ ،‬كاف‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫اس‪ّ .‬أما أان فال أعطي سوى شيء واحد‪ :‬القداسة‪ .‬وهي على هذه األرض‬ ‫الزهور والفواكه إلمتاع احلو ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 476 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األكثر ضيقاً واألكثر فقراً واألكثر خشونة واألكثر شوكاً واألكثر اضطهاداً‪ّ .‬أما يف السماء فضيقها‬
‫سجادة من الزهور‪ ،‬وخشونتها إىل درب سهل‬ ‫يتحول إىل رحابة‪ ،‬وفقرها إىل غىن‪ ،‬وأشواكها إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫للتوصل إىل القداسة‪،‬‬
‫بطويل ّ‬‫وحمبّب‪ ،‬واضطهادها إىل سالم وغبطة‪ .‬إّّنا هنا‪ ،‬يف هذه الدنيا فمجهود ّ‬
‫وأان ال أمنحكم سوى هذا‪.‬‬

‫تودون البقاء معي؟ أال متلكون اإلحساس ابلشجاعة لتفعلوا ذلك؟ آه! ال تَنظُروا بعضكم‬ ‫هل ّ‬
‫مرات عديدة‪ .‬وعندما تسمعون‬ ‫إىل بعض‪ ،‬مندهشني وحزينني! سوف تسمعونين أطرح هذا السؤال ّ‬
‫تصمون آذانكم عن ندائي‪ .‬حينئذ افحصوا‬ ‫ذلك‪ ،‬ف ّكروا أب ّن قليب يبكي‪ ،‬ألنّه جمروح من إجيادكم ّ‬
‫لئال تكونوا منبوذين من هللا وهالكني‪ .‬وقولوا‪" :‬اي‬
‫وقرروا‪ّ .‬قرروا ّ‬
‫ضمائركم واحكموا ابستقامة وصدق‪ّ ،‬‬
‫كت أنّين مل أُخلق ألتبع هذه الطريق‪ .‬إنّين أقبّلكم قبلة الوداع‪ ،‬وأقول‬
‫معلّم‪ ،‬أيّها األصدقاء‪ ،‬لقد أدر ُ‬
‫لكم‪’ :‬صلّوا ألجلي‘"‪ .‬فهذا أفضل من اخليانة‪ .‬هذا أفضل…‬

‫ماذا تقولون؟ خيانة َمن؟ َمن؟ قضيّيت‪ ،‬يعين قضيّة هللا‪ ،‬فأان واآلب واحد‪ ،‬وأنتم‪ ،‬نعم‪ ،‬ختونون‬
‫ذواتكم‪ .‬ختونون نفسكم إبعطائها للشيطان‪ .‬أتريدون البقاء يهوداً؟ أان ال أجربكم على التَّغيري‪ .‬إّّنا ال‬
‫ختونوا‪ .‬ال ختونوا نفسكم واملسيح وهللا‪ .‬أؤّكد لكم أنّين‪ ،‬ال أان وال املخلصني يل‪ ،‬لن ننتقدكم وال نشري‬
‫إليكم ابحتقار وسط مجاعة املؤمنني‪ .‬منذ وقت قريب قال أحد إخوتكم عبارة عظيمة‪" :‬حناول إبقاء‬
‫الرسويل‪.‬‬‫ومن ينفصل يصبح جرحاً‪ ،‬غرغرينا طارئة يف قلب كياننا َّ‬ ‫جراحنا وجراح الذين حنبّهم خمفية"‪َ .‬‬
‫صل بسبب الغرغرينا غري القابلة للشفاء اليت أصابته‪ ،‬اتركة ندبة مؤملة‪ ،‬نعمل على إبقائها خمفيّة‬ ‫ين َف ِّ‬
‫َ‬
‫بعناية كبرية‪.‬‬

‫لست متش ّدداً إذ‬


‫ال‪ ،‬ال تبكوا‪ ،‬أنتم األفضل‪ .‬ال تبكوا‪ ،‬فأان ال أمحل أي حقد جتاهكم‪ ،‬كما ُ‬
‫أراكم بطيئني ج ّداً‪ .‬لقد ّاختذتُكم منذ وقت قريب‪ ،‬وال َيكن أن أطالبكم اآلن أبن تكونوا كاملني‪ .‬ولن‬
‫حّت بعد سنوات‪ ،‬بعد أن أقول لكم مائة مرة أو مائيت مرة األمور نفسها دون جدوى‪.‬‬ ‫أطالب هبذا ّ‬
‫بل على العكس‪ ،‬امسعوا‪ :‬بعد سنوات سوف تكونون أقل حرارة من الساعة‪ ،‬وأنتم ُمستَ ِّج ّدون‪ .‬احلياة‬
‫هكذا‪ ...‬اإلنسانيّة هكذا‪ ...‬يفقد اإلنسان محاسه بعد القفزة األوىل‪ .‬ولكن‪( ،‬ويقف يسوع فجأة)‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 477 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املطهرين ابنتقاء طبيعي‪ ،‬املش ّددين بشراب فائق‬
‫املفضلني‪َّ ،‬‬
‫أؤّكد لكم أنّين أان من سوف ينتصر‪ .‬وأنتم ّ‬
‫وقوة القياصرة تصبح كاهلباء‬
‫الطبيعة‪ ،‬سوف تصبحون أبطاالً يل‪ .‬أبطال املسيح‪ .‬أبطال السماء‪ّ .‬‬
‫ابملقارنة مع سلطان كهنوتكم‪ .‬أنتم‪ ،‬صيّادي اجلليل املساكني‪ ،‬أنتم اليهود اجملهولني‪ ،‬أنتم األرقام ضمن‬
‫كل‬
‫كوم البشر الذين ُييطون بكم‪ ،‬سوف تصبحون أكثر شهرة وهتليالً واحَتاماً من قياصرة‪ ،‬من ّ‬
‫مباركني يف املستقبل‬
‫قياصرة األرض الذين كانوا والذين سيصبحون‪ .‬ستصبحون مشهورين‪ ،‬ستصبحون َ‬
‫وحّت هناية العامل‪.‬‬
‫القريب ج ّداً‪ ،‬ويف الدهور األكثر بُعداً ّ‬
‫هلذا املصري السامي قد اخَتتكم‪ .‬أنتم اي من متتلكون إرادة مستقيمة وكذلك القدرة على اتّباعها‪،‬‬
‫كر ُسل‪.‬‬
‫وها أان ذا أمنحكم اخلطوط الرئيسيّة مليّزاتكم ُ‬
‫فلتكونوا دائماً متي ّقظني وجاهزين‪ ،‬ولتكن أحزمتكم على خصوركم‪ ،‬دائماً على خصوركم‪،‬‬
‫ومصابيحكم مشتعلة مثل أانس ينبغي ذهاهبم بني حلظة وأخرى‪ ،‬أو أن يهرعوا للقاء أحد القادمني‪.‬‬
‫حّت يوقفكم املوت‪ ،‬املسافرين الذين ال يكلّون يف البحث‬
‫ابلفعل‪ ،‬إنّكم اآلن‪ ،‬وسوف تكونون دائماً‪ّ ،‬‬
‫عال ومت َِّّقد‪ ،‬يهدي التائهني‪ ،‬من‬
‫الضال؛ وإىل أن يوقفكم املوت‪ ،‬ينبغي أن يبقى مصباحكم ٍ‬
‫ّ‬ ‫عن‬
‫املقبلني صوب حظرية املسيح‪ ،‬إىل الطريق‪.‬‬

‫ينبغي أن تكونوا أوفياء للمعلّم الذي َكلَّ َفكم هبذه اخلدمة‪ .‬وسوف يُكافأ اخلادم الذي سيجده‬
‫املعلّم متي ّقظاً دائماً‪ ،‬وإذا فاجأه املوت وجده يف حالة النعمة‪ .‬ال َيكنكم‪ ،‬بل وال ينبغي لكم القول‪:‬‬
‫فيت ولدي متّسع من الوقت ألعمل كذا وكذا‪ ،‬وفيما بعد أفكر ابملعلّم وابملوت وبنفسي"‪ .‬فالشبّان‬‫"أان ّ‬
‫َيوتون مثل الشيوخ‪ ،‬واألقوايء مثل الضعفاء‪ .‬الشيوخ والفتيان‪ ،‬األقوايء والضعفاء يتساوون مجيعاً يف‬
‫تعرضهم هلجمات التجربة‪ .‬اعلموا أنّه َيكن للنفس أن متوت قبل اجلسد‪ ،‬وأنه َيكنكم أن حتملوا يف‬ ‫ّ‬
‫س به! إنّه مثل موت زهرة‪ .‬ال‬
‫تتفسخ‪ .‬فموت نفس يكاد ال ُُيَ ّ‬ ‫صدوركم‪ ،‬ودون معرفة منكم‪ ،‬نفساً ّ‬
‫صراخ وال اضطراب‪ ...‬ختبو شعلتها‪ ،‬مثل تويج زهرة يذبل‪ ،‬مثّ تنطفئ‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬أطال الزمن أم‬
‫يالحظ اجلسد أنّه ُيمل يف داخله جيفة تنهشها الديدان‪ .‬يصبح جمنوانً‬‫قصر‪ ،‬وأحياانً مباشرة بعدها‪ِّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 478 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫االحتاد‪ ...‬آه! إنّه ال يهرب! بل يقع‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬مع نفسه‬
‫من الذعر‪ ،‬ويقتل نفسه ليهرب من هذا ّ‬
‫اليت تنهشها الديدان‪ ،‬يف عجيج من الثعابني‪ ،‬يف جهنّم‪.‬‬

‫ال تكونوا غري نزيهني مثل السماسرة واحملامني الذين يسايرون زبونني خصمني‪ .‬ال تكونوا خمادعني‬
‫سياسي يقول‪" :‬صديقي" هلذا وذاك‪ ،‬وبعدئذ تراهم أعداء‪ .‬ال حتاولوا اتّباع االزدواجيّة يف العمل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مثل‬
‫تصرفكم مع هللا‪ ،‬إذ إ ّن كل إساءة للناس هي إساءة هلل‪.‬‬ ‫تصرفوا مع الناس ّ‬
‫فاهلل ال يُستهزأ به وال َُيدع‪ّ .‬‬
‫فليكن هاجسكم أن يراكم هللا كما تريدون أن يراكم الناس‪.‬‬

‫كونوا متواضعني‪ .‬ال َيكنكم ّاهتام معلّمكم أنّه غري ذلك‪ .‬إنّين مثلكم‪ .‬افعلوا كما أفعل أان‪.‬‬
‫القوة‪ .‬كونوا عنيفني وأقوايء ض ّد‬
‫كونوا متواضعني وودعاء وصبورين‪ .‬وهكذا جنتاح العامل‪ ،‬ليس ابلعنف و ّ‬
‫لت لكم أبن‬ ‫اضطر األمر لتمزيق قلبكم‪ .‬منذ بضعة ّأايم قُ ُ‬
‫حّت ولو ّ‬ ‫رذائلكم‪ .‬انزعوها من جذورها‪ّ ،‬‬
‫سهروا على نظركم‪ .‬ولكنّكم ال تعرفون أن تفعلوا ذلك‪ .‬وأان أقول لكم‪ :‬األفضل لكم أن تصبحوا‬ ‫تَ َ‬
‫عمياانً ابنتزاع أعينكم املليئة ابلشهوة‪ ،‬من أن تصبحوا فاسقني‪.‬‬

‫احلق‪ .‬يف أمور العالء كما يف األمور اإلنسانيّة‪ .‬أريدكم صرُيني أنتم أيضاً‪.‬‬
‫كونوا صادقني‪ .‬فأان ّ‬
‫تكربون‪،‬‬
‫ملاذا استخدام اخلداع معي أو مع إخوة أو مع القريب؟ ملاذا التسلية ابخلداع؟ ماذا؟ كم أنتم م ّ‬
‫أود أن يكتشفوا أنّين كاذب"! كونوا صادقني مع هللا‪ .‬هل تعتقدون‬ ‫عزة النفس لتقولوا‪" :‬ال ّ‬
‫وال متلكون ّ‬
‫أ ّن إبمكانكم خداعه بصلوات طويلة واستعراضات؟ آه! أيّها األبناء املساكني! هللا يرى القلب!‬

‫حّت عندما تتص ّدقون‪ .‬أحد العشارين َعرف أن يكون كذلك‬ ‫كونوا كتومني عند فعلكم للخري‪ّ .‬‬
‫الص َدقَة السريّة األسبوعيّة‬
‫مّت على َّ‬
‫طك اي ّ‬
‫إين أغبّ َ‬
‫قبل اهتدائه‪ .‬وأنتم‪ ،‬ألن تعرفوا أن تكونوا كذلك؟ نعم‪ّ ،‬‬
‫اليت مل يكن ليعرفها سوى هللا وأان‪ ،‬إين أورد ذلك كمثال‪ .‬إ ّن هذا التح ّفظ والتكتّم هو أيضاً شكل من‬
‫أشكال الع ّفة اي أصدقائي‪ .‬ال تكشفوا عن صالحكم‪ ،‬كما لن تكشفوا عن شابّة فتيّة أمام عيون‬
‫حشد‪ .‬كونوا أنقياء عندما تفعلون اخلري‪ .‬ففعل الصالح يبقى نقيّاً عندما ال يكون مرتبطاً خبلفيّة فكرة‬
‫متجيد أو شهرة أو مشاعر كربايء‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 479 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كونوا أزواجاً أوفياء لدعوتكم الرابنيّة‪ .‬فال َيكنكم خدمة ُم َعلِّّ َمني‪ .‬والسرير الزوجي ال َيكنه‬
‫قبول زوجتني يف وقت واحد‪ .‬ال َيكن أن يتقاسم هللا والشيطان معاً مالمثاتكم‪ .‬ال َيكن لإلنسان وال‬
‫يتضاد الواحد مع اآلخر‪ .‬كونوا ض ّد شهوة‬ ‫ّ‬ ‫ثالثي بني كائنات ثالثة‬
‫هلل وال للشيطان تقاسم تالمث ّ‬
‫السلطة‪ .‬فهذا ما يق ّدمه لكم الشيطان‪ .‬آه! اي لثراءاته‬
‫الذهب‪ ،‬كما ض ّد شهوة اجلَّ َسد‪ ،‬كما ض ّد شهوة ُّ‬ ‫َّ‬
‫فضة‪ :‬جتارة فاسدة تدفعون مثنها من نفسكم‪ .‬ارضوا ابلقليل‪ ،‬وهللا َينحكم‬ ‫عز‪ ،‬جناح‪ ،‬سلطة‪ّ ،‬‬ ‫اخلَدَّاعة! ّ‬
‫أهم بكثري من الطيور‪.‬‬‫الضروري‪ .‬وهذا يكفي‪ .‬إنّه يضمن ذلك لكم‪ ،‬كما يضمنه لطري السماء‪ ،‬وأنتم ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكنّه يطلب منكم الثقة والقناعة‪ .‬فإذا كانت لديكم الثقة فهو ال َييّب آمالكم‪ ،‬وإذا كانت لديكم‬
‫اليومي يكفيكم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القناعة‪ ،‬فعطاؤه‬

‫الذهب‬‫ال تكونوا أواثانً وأنتم تنتمون إىل هللا ابالسم فقط‪ّ .‬إهنم الوثنيّون‪ ،‬أولئك الذين ُيبّون َّ‬
‫ظهروا كأنصاف آهلة‪ .‬كونوا ق ّديسني‪ ،‬وسوف تكونون شبيهني ابهلل إىل‬ ‫السلطة أكثر من هللا لكي يَ َ‬‫و ُّ‬
‫عاملوا اآلخرين كما تريدون أن يعاملكم‬‫األبد‪ .‬ال تكونوا متش ّددين‪ .‬فاجلميع خطأة‪ .‬وينبغي لكم أن تُ ِّ‬
‫اآلخرون‪ .‬يعين أن تتعاملوا ابلشفقة وتستع ّدوا للمساحمة‪.‬‬

‫نت‪ ،‬أان‬ ‫ِّ‬


‫مرة قد أُد ُ‬‫ال تدينوا‪ .‬آه! ال تدينوا! منذ وقت قريب وأنتم معي‪ .‬ومع ذلك ترون كم ّ‬
‫ِّ‬
‫مت ابرتكاب خطااي ال وجود هلا‪ .‬فالدينونة اخلاطئة إساءة‪ .‬ووحده الق ّديس‬ ‫النـزيه والربيء‪ ،‬خطأ‪ ،‬و ُّاهت ُ‬
‫صروا‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يرد على اإلساءة ابإلساءة‪ .‬امتَنعوا إذن عن اإلساءة لكي ال يُساء إليكم‪ .‬وهكذا ال تُـ َق ّ‬
‫احلق ال ّ‬
‫ّ‬
‫عدو الشيطان هو والعفاف‪ .‬اغفروا‪ ،‬اغفروا‬ ‫جتاه احملبّة وال جتاه التواضع املق ّدس‪ ،‬احملبوب واللطيف‪ّ ،‬‬
‫دائماً‪ .‬وقولوا‪" :‬إنّين أغفر أيّها اآلب لكي تَغ ُفر يل خطاايي اليت ال حتصى"‪.‬‬

‫صريوا إىل األحسن من ساعة إىل ساعة‪ ،‬بصرب وثبات وبطولة‪ .‬ومن قال لكم إ ّن الصريورة إىل‬
‫لكن السماء تكون هي املكافأة‬‫حّت أقول لكم‪ :‬إ ّهنا العمل األكثر قسوة‪ ،‬و ّ‬
‫الصالح غري مضنية؟ بل ّ‬
‫َّ‬
‫يستحق هذا العناء وهذا اجلهد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هلذا العمل ‪ ،‬وهو‬

‫احلب؟ ما من كلمة َيكنها‬


‫وأحبّوا‪ .‬آه! أيّة كلمة‪ ،‬أيّة كلمة ينبغي أن أقول ألغرس يف أذهانكم ّ‬
‫احلب‪ ،‬أيّها الناس املساكني‪ ،‬املثارون من الشيطان! وإذن ها أنذا أقول‪" :‬أيّها اآلب‬
‫أن هتديكم إىل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 480 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قطيعك‪ ،‬مريض‪ .‬إّّنا يوجد ندى َيكنه‬ ‫َ‬ ‫قَـِّّرب ساعة التطهري‪ .‬إ ّن هذه األرض ُجم ِّدبة‪ ،‬وهذا القطيع‪،‬‬
‫كل شيء‪ .‬افتح‪ ،‬افتح نبع هذا الندى‪ .‬إنّه أان من ينبغي أن يَفتَح‪ .‬وأان‪ ،‬ها أنذا‪ ،‬أيّها‬ ‫تلطيف وتطهري ّ‬
‫احلب األزيل‪ .‬أيّها اآلب‪ ،‬أيّها اآلب‪ ،‬أيّها اآلب‪،‬‬ ‫رغبتك اليت هي رغبيت ورغبة ّ‬‫َ‬ ‫أحترق إلمتام‬
‫اآلب‪ّ ،‬‬
‫لك وُكن له الكاهن مق ّدم الذبيحة"‪».‬‬ ‫انظر إىل َمحَ َ‬
‫يسوع ُم َلهم ح ّقاً‪ .‬إنّه واقف وذراعاه على شكل صليب‪ ،‬ووجهه صوب السماء‪ .‬يتجلّى بثوبه‬
‫الكتّاين األبيض على عُمق أُفُق البحرية مثل رئيس مالئكة يصلّي‪.‬‬

‫إيل‪.‬‬
‫وعلى هذا املشهد تتالشى الرؤاي ابلنسبة ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 481 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫طرباي يبحث عن يواناثن يف بيت قوزى)‬


‫‪( -64‬يسوع يف ّ‬
‫‪1945 / 02 / 06‬‬

‫طرباي اجلميلة واحلديثة‪ .‬وهي مبجملها تُشري إىل ّأهنا حديثة وغنيّة‪ .‬فمخطّطها أكثر‬
‫أرى بلدة ّ‬
‫جاداهتا‬
‫حّت من أورشليم ذاهتا‪ّ .‬‬ ‫تنظيماً من أيّة مدينة أخرى يف فلسطني‪ ،‬وهي أكثر تناغماً وترتيباً ّ‬
‫وجمهزة أبّناط من اجملاري لتمنع ركود املياه وتراكم القمامة‪ .‬ساحاهتا كبرية‬
‫مجيلة‪ ،‬شوارعها مستقيمة ّ‬
‫ومزيّنة بينابيع ذات أحواض رخاميّة رائعة‪ .‬القصور فيها ضمن مساحات خالية على النمط الروماينّ‪،‬‬
‫وبواابهتا مفرغة‪ .‬من خالل ّبواابت العرابت‪ ،‬املفتوحة يف هذا الوقت من الصباح‪ ،‬تظهر للعني ردهات‬ ‫ّ‬
‫لكل منها دار يف وسطها‪،‬‬
‫واسعة وأروقة مرمريّة مزيّنة بستائر نفيسة ومفروشة مبقاعد وطاوالت صغرية‪ .‬و ّ‬
‫وشالالت ماء وفسقيّات مفروشة بنبااتت مزهرة‪.‬‬ ‫أرضها مرمريّة‪ ،‬مع ينابيع ّ‬

‫غين‪ .‬أمجل هذه‬


‫ابإلمجال‪ ،‬هي حماكاة للهندسة الرومانيّة‪ ،‬من ّفذة بشكل جيّد‪ ،‬ومقلّدة بشكل ّ‬
‫البيوت تقع يف الشوارع اجملاورة للبحرية‪ .‬الثالثة األوىل منها‪ ،‬املوازية للض ّفة‪ ،‬هي ابحلقيقة بيوت سادة‪.‬‬
‫تتمة‬
‫جادة تساير االحنناء اللطيف للبحرية‪ ،‬وهو رائع ج ّداً‪ .‬اجلزء األخري هو ّ‬ ‫األول يقع على طول ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت لتكاد‬
‫اخللفي‪ ،‬ومن جهة البحرية حدائق غنيّة تنـزل ّ‬
‫ّ‬ ‫تطل على الشارع‬‫فيالت‪ ،‬واجهاهتا الرئيسيّة ّ‬ ‫ّ‬
‫مظالت نفيسة ومقاعد‬‫املياه تداعبها‪ .‬هناك ميناء صغري هلا مجيعها‪ ،‬توجد فيه مراكب للنـزهات ذات ّ‬
‫أرجوانيّة‪.‬‬

‫طرباي‪ ،‬إّّنا يف مكان آخر‪ ،‬قد يكون‬


‫يبدو أ ّن يسوع قد نزل من مركب بطرس‪ ،‬ليس يف ميناء ّ‬
‫جادة حتاذي البحرية‪.‬‬
‫يف الضواحي‪ ،‬وهو يتق ّدم عرب ّ‬
‫طرباي أبداً اي معلّم؟»‬
‫يسأله بطرس‪« :‬أمل أتت إىل ّ‬
‫«أبداً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 482 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حبق مرتش‪ ،‬هذا‪»...‬‬
‫«إيه! أنتيباس قد أجاد صنع األشياء‪ ،‬وبشكل رائع ليمالق طباريوس‪ .‬إنّه ّ‬
‫«حتسبها بلدة استجمام أكثر منها مدينة جتاريّة‪».‬‬

‫التجار‪ّ .‬إهنا غنيّة‪».‬‬


‫التجار يف اجلهة األخرى‪ .‬فيها الكثري من ّ‬
‫« ّ‬
‫«هل هذه البيوت فلسطينيّة؟»‬

‫لكن الكثري‪ ...‬إيه! نعم! رغم امتالئها ابلتماثيل وما شابه‬


‫«نعم وال‪ .‬كثري منها َيلكها الرومان‪ .‬و ّ‬
‫يتنهد بطرس ويتمتم‪ ...« :‬أمتىن لو ّأهنم مل ينتزعوا منّا سوى‬‫الَتهات‪ ،‬فهي لليهود‪ّ ».‬‬ ‫ذلك من ّ‬
‫االستقالل‪ّ ...‬إال أ ّهنم قد انتزعوا منّا اإلَيان أيضاً‪ ...‬فنحن اآلن يف طريقنا ألن نصبح أكثر وثنيّة‬
‫منهم!‪»...‬‬
‫«هذه ليست غلطتهم‪ ،‬اي بطرس‪ .‬إ ّن هلم عاداهتم‪ ،‬وال ي ِّ‬
‫رغموننا على اتّباعها‪ .‬ولكنّنا حنن من‬ ‫ُ‬
‫أردان الفساد‪ :‬من أجل مصاحل أو التّباع املوضة‪ ،‬وبتذلّل‪»...‬‬

‫أحسنت القول‪ ،‬إّّنا ّأول من فَـ َعلَها كان حاكم الربع‪»...‬‬


‫َ‬ ‫«‬

‫صلنا اي معلّم‪ ».‬يقول يوسف الراعي‪« .‬هذا هو منـزل ال َقيِّّم على بيت هريودس‪».‬‬
‫«لقد َو َ‬
‫اجلادة هي الثانية بني الشوارع‪ ،‬بينما‬
‫اجلادة حيث يوجد تقاطع تصبح عنده ّ‬ ‫يتوقّفون يف آخر ّ‬
‫األول‪ ،‬وهو حماط كلّه حبديقة مزهرة‪.‬‬
‫الفيالت بينها وبني البحرية‪ .‬البيت الذي يشري إليه هو ّ‬ ‫تقوم ّ‬
‫حّت البحرية‪.‬‬ ‫الروائح ِّ‬
‫العطَرة وزهور احلديقة من ايمسني وورود متت ّد ّ‬
‫َ‬
‫«أهنا يقطن يواناثن؟»‬

‫«قيل يل إنّه هنا‪ .‬إنه قيّم على بيت القهرمان‪ .‬لقد َوقَ َع واقفاً‪ .‬فقوزى ليس سيّئاً‪ ،‬ويعرف كيف‬
‫يـُ َق ِّّدر ويكافئ القيّم على بيته‪ .‬إنّه من القليلني النـزيهني يف البالط‪ .‬هل أانديه؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 483 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«اذهب‪».‬‬

‫البواب‪ .‬يتح ّداثن فيما بينهما‪ .‬أرى يوسف يَعبس‬


‫هرع َّ‬
‫البوابة الكبرية ويَطرق‪ .‬يَ َ‬
‫يَقصد يوسف ّ‬
‫الرمادي وينظر إىل يسوع‪ ،‬مثّ يطلب شيئاً يوافق عليه يوسف‪ .‬ما يزاالن‬
‫ّ‬ ‫البواب رأسه‬
‫خبيبة‪َُ .‬يرِّج ّ‬
‫يتح ّداثن فيما بينهما‪.‬‬

‫ظل شجرة‪« .‬يواناثن ليس هنا‪ .‬إنّه يف جبل‬ ‫ِّ‬


‫مثّ أييت يوسف ملالقاة يسوع الذي يَنتَظر بصرب يف ّ‬
‫ونقي‪ ،‬فهي مريضة ج ّداً‪ .‬ولقد قال اخلادم إنّه‬ ‫جو رطب ّ‬ ‫َخ َذ حنّة زوجة قوزى للتن ّـزه يف ّ‬
‫لبنان‪ .‬لقد أ َ‬
‫هو الذي ذهب أل ّن قوزى يف القصر وال َيكنه اخلروج منه‪ ،‬منذ فضيحة هروب يوحنّا املعمدان‪ .‬وقد‬
‫ب أن تدخل لتأخذ قسطاً‬ ‫تتأزم‪ ،‬وقال الطبيب ّإهنا لو بقيت هنا ملاتت‪ .‬وقد طَلَ َ‬
‫كانت حالتها املرضيّة ّ‬
‫ينتظرك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫الكل‬
‫امسك معروف‪ ،‬و ّ‬ ‫وحّت هنا َ‬
‫من الراحة‪ .‬ذلك أ ّن يواناثن قد حت ّدث عن ماسيا الطفل‪ّ ،‬‬
‫«هيّا بنا‪».‬‬

‫البوابة على‬
‫البواب الذي ألقى نظرة‪ ،‬يرى وينادي خ ّداماً آخرين‪ .‬يفتح ّ‬ ‫يتحرك اجلميع‪ .‬و َّ‬
‫ّ‬
‫حقيقي‪« .‬اسكب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حّت الساعة شبه مفتوحة‪ ،‬ويركض ملالقاة يسوع إبجالل‬ ‫مصراعيها‪ ،‬وقد كانت ّ‬
‫كتك علينا وعلى هذا البيت احلزين‪ .‬ادخل‪ .‬آه! كم سيشعر يواناثن ابألسف لعدم وجوده‬
‫الرب‪ ،‬بر َ‬
‫أيّها ّ‬
‫أصدقاؤك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت و‬
‫رؤيتك‪ .‬ادخل‪ ،‬ادخل َ‬‫هنا! لقد كان هذا أمله‪َ :‬‬
‫بكل االحَتام‪ .‬وبقليل من الفضول‬
‫كل األعمار‪ ،‬يتزامحون للسالم ّ‬
‫يف الفناء خ ّدام وخادمات من ّ‬
‫أيضاً‪ .‬وعجوز صغرية الق ّد تبكي يف إحدى الزوااي‪.‬‬

‫يدخل يسوع ويبارك حبركة منه وحتيّة سالم‪ .‬يـُ َقدَّم هلم طعام‪ .‬جيلس يسوع على أحد املقاعد‬
‫لست جمهوالً ابلنسبة إليكم‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫وُييط به اجلميع‪« .‬أرى أنّين ُ‬
‫تك‪ .‬إنّه رجل صاحل‪ .‬وهو يقول إ ّن الفضل يف ذلك‬
‫أنشأَان على ذكرى سري َ‬
‫«آه! إ ّن يواناثن قد َ‬
‫لك ّإايها‪ .‬ولكنّه هو كذلك ابلطبيعة‪».‬‬
‫يعود للقبلة اليت قَـبَّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 484 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لت الكثريين وقبّلين الكثريون‪ ...‬ولكن كما تقول‪ ،‬فقط لدى الصاحلني ينمو الصالح‬
‫«لقد قَـبَّ ُ‬
‫أتيت‪».‬‬
‫بفضلها‪ .‬واآلن هل هو غائب؟ فأان ألجله هو قد ُ‬
‫قلت ذلك‪ :‬إنّه يف جبل لبنان‪ .‬فلديه أصدقاء هناك‪ ...‬إنّه األمل األخري للمعلّمة الشابّة‪،‬‬
‫«لقد ُ‬
‫وإن مل ينجح ذلك‪»...‬‬

‫والعجوز يف ركنها تبكي أبكثر ش ّدة‪ .‬ينظر إليها يسوع بتساؤل‪.‬‬

‫أبهنا ستفقدها‪».‬‬
‫ألهنا ال تستطيع التسليم ّ‬ ‫« ّإهنا إستري م ِّ‬
‫رضعة املعلّمة‪ّ .‬إهنا تبكي ّ‬ ‫ُ‬
‫األم‪ .‬ال تبكي هكذا‪ .‬تعايل إىل جانيب‪ .‬مل يقل‬
‫يدعوها يسوع ألن أتيت إىل جانبه‪« .‬تعايل أيّتها ّ‬
‫أحد إ ّن املرض يعين ابلضرورة املوت!»‬

‫ض َعت وليدها‪ ،‬وكانت الوالدة الوحيدة والتعيسة‪ ،‬وهي متوت!‬ ‫«آه! إنّه املوت! املوت! مذ َو َ‬
‫الزواين تلدن يف اخلفية‪ ،‬ومع ذلك يعشن‪ ،‬وهي‪ ،‬هي الصاحلة والنـزيهة والعزيزة ج ّداً‪ ،‬ينبغي هلا أن‬
‫متوت!»‬

‫أي شيء تعاين يف الوقت احلاضر؟»‬ ‫ن‬ ‫«ولكن ِّ‬


‫م‬
‫ّ‬
‫«من حرارة حترقها وتفنيها‪ّ ...‬إهنا مثل سراج ُيَتق يف اهلواء‪ ...‬يف هواء يزداد ش ّدة وهي تزداد‬
‫شاابت‪ ،‬فهي منهوكة القوى‪،‬‬ ‫لكن يواناثن أراد هلا خادمات ّ‬ ‫أود الذهاب معها‪ ،‬و ّ‬
‫كنت ّ‬‫ضعفاً‪ .‬آه! ُ‬
‫خامد جيب نقله وحتريكه‪ ،‬وأان مل أعد أَصلُح‪ ...‬مل أعد أَصلُح لذلك‪ ...‬إّّنا ألحبّها فنعم‪...‬‬ ‫جسد ِّ‬
‫ََ‬
‫عت قبل شهر‪ .‬أرضعتُها‬ ‫ض ُ‬‫كنت قد َو َ‬
‫ومتزوجة أان أيضاً‪ ،‬و ُ‬
‫كنت خادمة‪ّ ،‬‬ ‫تل ّقيتها من على صدر ّأمها‪ُ ...‬‬
‫أضحت يتيمة‪ ،‬عندما مل‬ ‫األم عندما َ‬ ‫ت هلا ّ‬ ‫أل ّن ّأمها الضعيفة ج ّداً مل تكن لتتم ّكن من ذلك‪ ...‬وكن ُ‬
‫جراء سهري عليها وهي‬ ‫وجتعدت جبهيت من ّ‬ ‫تكن تكاد تعرف أن تقول "ماما"‪ .‬لقد شاب شعري ّ‬
‫حت ألمنيات األمومة لديها‪...‬‬ ‫ت هلا ثياب العرس‪ ،‬وقُ ّد ُهتا إىل الزفاف‪ ...‬فَ ِّر ُ‬
‫مريضة‪ ...‬لقد ُخطّ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 485 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل ابتسامات‬
‫كل أفراح وأحزان حياهتا‪ ...‬ومنحتُها ّ‬
‫لت ّ‬
‫وبكيت معها طفلها الذي مات‪ ...‬لقد تقبّ ُ‬
‫ُ‬
‫لست إىل جانبها‪ »...‬العجوز تثري الشجن واألسى‪.‬‬
‫حيب‪ ...‬واآلن هي متوت‪ ،‬و ُ‬‫وتشجيع ّ‬
‫يالطفها يسوع‪ ،‬إّّنا دون نتيجة‪« .‬امسعي أيتها األم‪ ،‬هل ِّ‬
‫لديك إَيان؟»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بك‪ ،‬نعم‪».‬‬
‫« َ‬
‫كل شيء مستطاع لدى هللا؟»‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أب‬ ‫اإلَيان‬ ‫ِّ‬
‫َيكنك‬ ‫«بل ابهلل اي امرأة‪ .‬هل‬
‫ّ‬
‫َيكنك ذلك‪ .‬آه! نعم‪ ،‬يتح ّدثون يف املدينة عن‬
‫َ‬ ‫أنت مسيحه‪،‬‬ ‫ك َ‬ ‫«أؤمن بذلك‪ ،‬وأؤمن أنّ َ‬
‫اتك قرب املعبد‪ ،‬وقد قال له‬
‫تك! هذا الرجل (تشري إىل فليبّس) منذ م ّدة‪،‬كان يتح ّدث عن معجز َ‬ ‫قدر َ‬
‫لك أهنا‬
‫يواناثن‪" :‬أين ماسيا"؟ فأجابه‪" :‬ال أعرف"‪ .‬وقد قال يل يواناثن آنذاك‪" :‬لو كان هنا‪ ،‬أؤّكد َ‬
‫ب معها‪ ...‬واآلن هي ستموت‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫ك مل تكن هنا‪ ..‬ولقد َذ َه َ‬ ‫كانت ُشفيَت"‪ .‬ولكنّ َ‬
‫أبهنا لن متوت بفضل ِّ‬
‫إَيانك؟»‬ ‫ِّ‬
‫َيكنك اإلَيان ّ‬ ‫«ال‪ .‬آمين‪ .‬قويل يل حقيقة ما يف ِّ‬
‫قلبك‪ :‬هل‬

‫السن‪ ...‬فقط دعين‬


‫لك‪ .‬خذ أيضاً حيايت‪ ،‬حيايت املتق ّدمة يف ّ‬
‫«بفضل إَياين؟ آه! إذا أردتَه فهو َ‬
‫أراها معافاة‪».‬‬
‫ِّ‬
‫صدرك‪ .‬وقد‬ ‫أنت احلياة ذات يوم حبليب‬‫«أان احلياة‪ ...‬وأمنح احلياة ال املوت‪ .‬لقد أعطيتِّها ِّ‬
‫األم‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫كانت حياة ابئسة َيكن أن تنتهي‪ .‬واآلن‪ ،‬إبَيانك‪ ،‬امنحيها حياة بال هناية‪ .‬ابتسمي أيّتها ّ‬
‫أنت هنا‪».‬‬
‫«ولكنّها ليست هنا‪ »...‬والعجوز تتأرجح بني األمل واخلوف‪ّ « .‬إهنا غائبة و َ‬
‫«فليكن ِّ‬
‫لديك إَيان‪ .‬امسعي‪ .‬إان ذاهب اآلن إىل الناصرة لبضعة ّأايم‪ .‬هناك أيضاً لدي أصدقاء‬
‫مرضى‪ ...‬مثّ سأذهب إىل لبنان‪ .‬إذا ما عاد يواناثن خالل ستّة أايم‪ ،‬أرسليه إىل الناصرة عند يسوع‬
‫بن يوسف‪ .‬وإذا مل ِّ‬
‫أيت فسوف آيت أان الحقاً‪».‬‬

‫«كيف ستجده؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 486 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«مالك طوبيا سوف يقودين‪ .‬أما ِّ‬
‫أنت فتقوي يف اإلَيان‪ .‬ال أطلب ِّ‬
‫منك سوى ذلك‪ .‬ال تعودي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األم‪».‬‬
‫تبكني أيّتها ّ‬
‫ّأما العجوز فعلى العكس‪ ،‬جتهش ابلبكاء أكثر‪ّ ،‬إهنا عند قدمي يسوع‪ ،‬ورأسها على ركبتيه‬
‫اإلهليّتني‪ ،‬تُـ َقبِّّل يده املباركة اليت تبلّلها ابلدموع‪ .‬يسوع يالطفها ابليد األخرى‪ ،‬ومبا أ ّن اخل ّدام اآلخرين‬
‫يؤنّبوهنا ملتابعتها البكاء يقول‪« :‬دعوها تفعل‪ ،‬إنّه اآلن بكاء التعزية‪ .‬هذا مفيد هلا‪ .‬هل أنتم مجيعاً‬
‫صحتها؟»‬
‫مسرورون أل ّن معلّمتكم سوف تتم ّكن من اسَتداد ّ‬
‫ب‪ .‬إنّنا حنبّها‪ .‬ثق بذلك‪».‬‬
‫وحتَ ّ‬
‫«آه! ّإهنا صاحلة للغاية‪ .‬معلّمة مثلها هي صديقة‪ُ ،‬‬

‫«أان أقرأ ما يف قلوبكم‪ .‬أنتم أيضاً‪ ،‬كونوا أفضل‪ .‬أان ذاهب‪ .‬ال َيكنين االنتظار‪ .‬املركب هنا‪.‬‬
‫أابرككم‪».‬‬

‫مرة أخرى!»‬
‫«ارجع أيّها املعلّم‪ .‬عد إلينا ّ‬
‫«سوف أعود مرات عديدة‪ ،‬عديدة‪ .‬الوداع‪ .‬السالم هلذا البيت ولكم مجيعاً‪».‬‬

‫ََي ُرج يسوع مع أتباعه‪ ،‬يرافقهم اخل ّدام الذين يهلّلون له‪.‬‬

‫عمه حبزن‪.‬‬
‫ك معروف هنا أكثر من الناصرة‪ ».‬يقول يعقوب ابن ّ‬
‫«إنّ َ‬
‫النجار‪...‬‬
‫«هذا البيت قد هيّأه أحد الناس وَيلك اإلَيان مباسيا‪ّ .‬أما ابلنسبة للناصرة‪ ،‬فأان ّ‬
‫وحسب‪».‬‬

‫أنت عليه‪».‬‬ ‫«و‪ ...‬حنن ال ّنلك القدرة لنَ ْك ِّرز َ‬


‫بك حسب ما َ‬
‫«أال متلكوهنا؟»‬

‫رعاتك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫العم‪ ،‬لسنا أبطاالً مثل‬
‫«ال اي ابن ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 487 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عمه الذي يشبه أابه كثرياً‪ ،‬فهو‬ ‫تظن ذلك اي يعقوب؟» يبتسم يسوع وهو ينظر إىل ابن ّ‬‫«هل ّ‬
‫كستناوي الشعر والعينني‪ ،‬والوجه َييل إىل اللون األمسر‪ ،‬بينما يوضاس شاحب الوجه وقد أحاطت‬‫ّ‬ ‫مثله‬
‫البنفسجي‪ ،‬وتُ َذ ّكِّران بشكل ُم َبهم‬
‫ّ‬ ‫جمعد‪ ،‬مع عينني زرقاوين متيالن إىل‬
‫به حلية داكنة السواد والشعر ّ‬
‫قواين‪».‬‬
‫فأنت ويوضاس ّ‬‫نفسك‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫ك ال تعرف‬‫لك إنّ َ‬
‫بعيين يسوع‪« .‬وإذن! أقول َ‬
‫عمه رأسيهما‪.‬‬
‫يهز ابنا ّ‬
‫ّ‬
‫لست خمطئاً‪».‬‬
‫«سوف تراين أبنّين ُ‬
‫«هل سنذهب ح ّقاً إىل الناصرة؟»‬
‫«نعم‪ ،‬أان أبغي التح ّدث إىل أمي‪ ،‬و‪ ...‬القيام أيضاً أبمر آخر‪ .‬من ي ِّرد اجمليء ِّ‬
‫فليأت‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫األم‪ .‬أتدرك؟»‬
‫اجلميع يبغون اجمليء‪ّ .‬أما األكثر سروراً فهما ابنا عمه‪« :‬ذلك من أجل األب و ّ‬
‫ّنر بقاان‪ ،‬ومن مثّ إىل هناك‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«أُدرك‪ .‬سوف ّ‬
‫«بقاان؟ إذن سنذهب إىل سوزان‪ .‬سوف تعطينا البيض والفواكه من أجل أبينا‪ ،‬اي يعقوب‪».‬‬

‫بكل أتكيد‪ .‬فهو ُيبّه كثرياً‪».‬‬


‫«ومن عسلها املمتاز‪ّ ،‬‬
‫«عالوة على ذلك فهو يغ ّذيه‪».‬‬

‫«مسكني أيب‪ ،‬إنّه يعاين كثرياً! وهو مثل نبتة اقتُلِّ َعت من جذورها‪ ،‬إنّه يشعر ابحلياة هترب‬
‫بتوسل صامت‪ ...‬ولكن يبدو أ ّن يسوع ال يراه‪.‬‬
‫منه‪ ...‬وال يريد املوت‪ »...‬وينظر يعقوب إىل يسوع ّ‬
‫«هل كان موت يوسف مؤملاً كذلك؟»‬

‫أقل ألنّه كان متّكالً على هللا‪».‬‬


‫«نعم‪ ».‬جييب يسوع «ولكنّه كان يعاين ّ‬
‫َيتلكك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت لديه‪ ،‬لقد كان‬
‫كنت َ‬
‫«ومثّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 488 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«كان ابستطاعة حلفا امتالكي كذلك‪»...‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫عمه حزينني‪ .‬وينتهي ّ‬
‫ويتنهد ابنا ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 489 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫عمه حلفا‪ ،‬ومثّ يف بيته)‬


‫‪( -65‬يسوع يف بيت ّ‬
‫‪1945 / 02 / 07‬‬

‫يسوع مع أتباعه وسط روايب اجلليل اجلميلة‪ .‬ما تزال الشمس عالية يف األفق رغم حلول الغَ َسق‪.‬‬
‫ولتحاشيها يسري العابِّرون حتت األشجار اليت هي غالباً أشجار زيتون‪.‬‬

‫«بعد هذه الطريق الصاعدة توجد الناصرة‪ ».‬يقول يسوع‪« .‬أقول لكم‪ ،‬اآلن‪ ،‬إنّنا لدى وصولنا‬
‫يوزعان الصدقة‬
‫سنفَتق‪ .‬يوضاس ويعقوب َيضيان فوراً إىل أبيهما كما يهوى قلباُها‪ .‬بطرس ويوحنّا ّ‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬ينتظرون عند النبع‪ّ .‬أما أان واآلخرون فنذهب إىل البيت لتناول‬
‫على الفقراء الذين‪ّ ،‬‬
‫الطعام‪ ،‬وبعدئذ نف ّكر ابالسَتاحة‪».‬‬

‫املرة السابقة‪ ،‬إّّنا يف هذه اآلونة‬


‫«حنن سنمضي إىل حلفا الطيّب‪ .‬لقد وعدانه بذلك يف ّ‬
‫يتعود بعد على قسوة احلياة‪».‬‬
‫ملّت الذي مل ّ‬
‫فسأذهب وحدي أللقي عليه التحيّة‪ .‬إنّين أتنازل عن سريري ّ‬
‫يقول فليبّس‪.‬‬

‫حّت اآلن‪.‬‬‫لدي سرير مريح ّ‬


‫بك العُمر‪ .‬لن أمسح بذلك‪ .‬لقد كان ّ‬ ‫َّم َ‬ ‫أنت وقد تقد َ‬
‫«ال‪ ،‬ليس َ‬
‫أحس وكأنّين أانم‬
‫كنت أانمه! ص ّدقين‪ّ .‬أما اآلن فإ ّن السالم الذي يتملّكين جيعلين ّ‬
‫أي نوم جهنّمي ُ‬ ‫إّّنا ّ‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫َينحك‪ ،‬قبل ّ‬
‫َ‬ ‫دت على احلصى‪ .‬آه! إنّه الضمري‪ ،‬هو الذي‬ ‫حّت ولو مت ّد ُ‬
‫على ريش نـَ َعام‪ّ ،‬‬
‫مّت‪.‬‬
‫نوماً هانئاً ومرُياً!» جييب ّ‬
‫ومّت الذين‪ ،‬إذا‬
‫تتأجج بني التالميذ توما وفليبّس وبرتلماوس ّ‬ ‫ّإهنا منافسة‪ ،‬بل مباراة يف احملبّة ّ‬
‫املرة السابقة يف بيت حلفا الطيِّّب هذا (وهو ابلتأكيد‬
‫أفهمهم جيّداً‪ ،‬هم أولئك الذين كانوا يف ّ‬
‫كنت ُ‬ ‫ُ‬
‫املرة السابقة‪،‬‬
‫لك مثل ّ‬‫أن يعقوب يتح ّدث مع أندراوس ويقول له‪" :‬هناك مكان َ‬ ‫ليس أاب يعقوب‪ ،‬إذ َّ‬
‫حّت ولو كان أبوه أكثر مرضاً‪ )".‬ولكن توما هو الذي ينتَ ِّ‬
‫صر‪« :‬أان األكثر شباابً بني اجلميع‪ .‬فأان من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 490 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تظن ذلك يكلّفين؟ ال‪ ،‬فأان‬
‫تتعود ابلتدريج‪ .‬هل ّ‬‫مّت‪ ،‬وسوف ّ‬ ‫سيتخلّى عن السرير‪ .‬دعين أفعل اي ّ‬
‫مثل عاشق يقول لنفسه‪" :‬وإن كان سريري قاسياً‪ ،‬إّّنا أان قريب ج ّداً من حمبويب…" توما يف حوايل‬
‫مّت‪.‬‬
‫الثامنة والثالثني‪ ،‬اببتسامته املرحة‪ ،‬يستسلم ّ‬
‫هي ذي طالئع منازل الناصرة على بُعد أمتار قليلة‪.‬‬

‫«يسوع‪ ...‬حنن ذاهبان‪ ».‬يقول يوضاس‪.‬‬

‫«هيّا‪ ،‬هيّا‪».‬‬

‫وَيضي األخوان خبطى سريعة تكاد تكون جرايً‪.‬‬

‫ض القطيعة‪ ،‬إنّه دائماً الدم‪ ،‬وهو يش ّد َك‬‫حّت لو فَـَر َ‬


‫«إيه! األب هو األب‪ ».‬يتمتم بطرس‪ّ « .‬‬
‫أكثر ِّمن حبل‪ .‬مثّ ّإهنما يعجبانين‪ ،‬ابنا َ‬
‫عمك‪ّ ،‬إهنما طيّبان ج ّداً‪».‬‬

‫أي أصل ُها‪ .‬يظنّان‬


‫« ّإهنما طيبان ج ّداً‪ ،‬نعم‪ّ .‬إهنما متواضعان لدرجة تكفي لينسيا معها من ّ‬
‫نفسيهما دائماً على خطأ‪ ،‬أل ّن روحاُها يراين اخلري عند اجلميع أكثر مما يراينه عندُها‪ .‬سيسافران‬
‫كثرياً‪»...‬‬
‫ي ِّ‬
‫صلون إىل الناصرة‪ .‬تَـَرى نساء يسوع وُييّينه‪ ،‬وكذلك رجال وأطفال‪ .‬إّّنا هنا ال هتاليل ملاسيا‬ ‫َ‬
‫أقل صدقاً‪ .‬وأُالحظ أيضاً‬ ‫كما يف األماكن األخرى‪ :‬هنا أصدقاء ُييّون صديقاً عاد‪ ،‬مبشاعر أكثر أو ّ‬
‫فضوالً هت ّكمياً‪ ،‬لدى الكثريين‪ ،‬ما أن يروا اجملموعة غري املتجانسة اليت ترافق يسوع‪ .‬ابلتأكيد هذا ليس‬
‫بالطاً للمقامات امللكيّة‪ ،‬وال موكب َك َهنَة فخم‪ّ .‬إهنم يتصبّبون عرقاً‪ ،‬ويكسوهم الغبار‪ ،‬ولباسهم بسيط‬
‫ومّت ومسعان وبرثلماوس ‪-‬أذكرهم ابلَتتيب حسب تسلسل درجة األانقة‪-‬‬ ‫يوطي ّ‬‫ما عدا يهوذا االسخر ّ‬
‫فهم ابألحرى يبدون كمجموعة من أانس على طريق سفر‪ ،‬التقوا يف سوق وليس خلف أحد امللوك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فهذا امللك ليس لديه سوى نفوذ قامته ومظهره‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 491 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت‬
‫يسريون بضعة أمتار‪ ،‬يبتعد بعدها بطرس ويوحنّا َييناً‪ ،‬بينما يتق ّدم يسوع مع اآلخرين ّ‬
‫غرف منها ّأمهاهتم‪.‬‬
‫تعج ابألطفال الذين يصرخون حول فسقيّة مليئة ابملاء‪ ،‬تَ ُ‬
‫يبلغوا ساحة ّ‬
‫هرع إليه وُييّيه‪« :‬عوداً محيداً! مل أكن‬ ‫أحد الرجال يشاهد يسوع‪ ،‬ويقوم إبشارة تعجب فَرِّح‪ .‬يَ َ‬
‫غيابك‪ ».‬ويق ِّّدم‬
‫َ‬ ‫عودتك سريعاً! هاك‪ :‬قَـبِّّل وليدي األخري‪ .‬إنّه يوسف الصغري‪ .‬لقد ُولِّ َد أثناء‬
‫َ‬ ‫أتوقّع‬
‫له رضيعاً بني يديه‪.‬‬

‫«هل أمسيتَه يوسف؟»‬

‫«نعم‪ ،‬فإنّين ال أنساه‪ ،‬لقد كان قرييب من بعيد‪ ،‬ولكنّه كان أكثر من أهل‪ .‬لقد كان صديقاً يل‬
‫األعز على قليب‪ :‬حنّة‪ ،‬صديقيت منذ الطفولة‪ ،‬ويواكيم‪ ،‬مثّ‬ ‫عظيماً‪ .‬ولقد أمسيت أبنائي أبمساء َمن كانوا ّ‬
‫أي عيد كان! أذكر ّأهنم جعلوين أُقَـبِّّلها‪ ،‬وقالوا يل‪" :‬أترى قوس قزح هذا؟‬ ‫ت‪،‬‬ ‫د‬ ‫مرمي‪ ...‬آه! عندما ولِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حبق مالكاً صغرياً‪،‬‬
‫إنّه اجلسر الذي َسلَ َكته لتنـزل من السماء‪ .‬لقد كان درابً مالئكيّاً"‪ .‬وقد كانت تبدو ّ‬
‫تك‬
‫لكنت انتظر َ‬
‫ك تعود قريباً ُ‬ ‫كنت أعلم أنّ َ‬
‫على قدر ما كانت مجيلة‪ ...‬واآلن ها هو ذا يوسف‪ .‬لو ُ‬
‫من أجل اخلتان‪».‬‬

‫جلدي وأيب و ّأمي‪ .‬إنّه طفل مجيل‪ .‬فليكن مستقيماً لألبد مثل يوسف‬
‫ّ‬ ‫ك‬
‫أشكرك عل حبّ َ‬
‫« َ‬
‫الص ّديق‪ ».‬يؤرجح يسوع الطفل الذي يبتسم له ابتسامات طفوليّة‪.‬‬

‫معك‪ .‬إنّين أنتظر امتالء اجلِّّرار‪ ،‬فال أريد أن تتعب ابنيت مرمي‪ .‬بل انظُر‪ ،‬سوف‬
‫«إن انتظرتين آيت َ‬
‫معك على انفراد‪».‬‬
‫ألتباعك إذا أرادوا أخذها وأحت ّدث قليالً َ‬
‫َ‬ ‫أدفع ابجلِّّرار‬

‫«ابلطبع أنخذها! فنحن لسنا ملوكاً أشوريني‪ ».‬يهتف توما‪ ،‬ويبدأ حبمل إحدى اجلِّّرار‪.‬‬

‫لكن املفتاح‬
‫«إذن انتبهوا! مرمي اليت ليوسف ليست يف البيت‪ّ .‬إهنا عند سلفها‪ ،‬هل تعلم؟ و ّ‬
‫عندي‪ .‬خذوه من أجل الدخول إىل البيت‪ ،‬أعين إىل املشغل‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬نعم اذهبوا إىل البيت‪ ،‬وسوف أعود الحقاً‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 492 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الر ُسل ويبقى يسوع مع حلفا‪.‬‬
‫يذهب ُّ‬
‫لك‪ ...‬وعندما يكون املرء صديقاً حقيقيّاً‪،‬‬ ‫حقيقي َ‬
‫ّ‬ ‫لك‪ ...‬إنّين صديق‬ ‫أود أن أقول َ‬ ‫كنت ّ‬
‫« ُ‬
‫وأكرب سنّاً‪ ،‬وابن بلد‪َ ،‬يكنه التح ّدث‪ .‬وأعتقد أ ّن من واجيب التح ّدث‪ ...‬أان‪ ...‬ولكنّين ال أبغي‬
‫تنبيهك أ ّن‪ ...‬آه! ال‪ ،‬ال أريد لعب دور اجلاسوس‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫أود فقط‬
‫مين‪ّ .‬‬ ‫نصحك‪ ،‬فأنت تعرف أكثر ّ‬ ‫َ‬
‫لست‬
‫ك َ‬ ‫بك‪ ،‬ماسيا‪ ،‬و‪ ...‬هذا يؤملين‪ ،‬أن يقولوا إنّ َ‬ ‫لديك‪ .‬ولكنّين أؤمن َ‬‫أهلك َ‬‫أن أسيء إىل مسعة َ‬
‫ك ستُسبِّّب اخلراب للعائلة واألهل‪ .‬املدينة‪َ ...‬‬
‫أنت تعلم أ ّن حللفا‬ ‫ك مريض‪ ،‬وأنَّ َ‬ ‫أنت‪ ،‬أعين ماسيا‪ .‬وأنّ َ‬
‫َ‬
‫حّت الشفقة‬ ‫اعتباراًكبرياً فيها‪ ،‬وأهل املدينة يسمعون له‪ُ ،‬هم أيضاً‪ ،‬واآلن هو مريض ويثري الشفقة‪ّ ...‬‬
‫عنك يوضاس ويعقوب‪،‬‬ ‫كنت ذاك املساء حيث دافَ َع َ‬ ‫تدفع أحياانً إىل القيام أبعمال جائرة‪ .‬انظر‪ ،‬لقد ُ‬
‫ك! ومرمي اليت‬ ‫لست أدري كيف تصمد ّأم َ‬ ‫اعك‪ ...‬آه! اي له من مشهد! ُ‬ ‫كما عن احلريّة يف اختيار اتبَ َ‬
‫حللفا؟ ّإهنا كما النساء عادة يف الكثري من األوضاع العائليّة‪ ،‬دائماً الضحيّة‪».‬‬

‫العم حالياً عند أبيهم‪»...‬‬


‫«أبناء ّ‬
‫السن‬
‫«عند أبيهم؟ آه! إنّين أرثي هلم! فالعجوز حقيقة ال يعي لنفسه‪ ،‬وهذا ابلتأكيد بفعل ّ‬
‫دمر نفسه‪».‬‬
‫ألشفقت عليه أكثر‪ ،‬إذ‪ ...‬إنّه ي ّ‬
‫ُ‬ ‫يتصرف كاجملنون‪ .‬لو مل يكن جمنوانً‬
‫واملرض‪ .‬ولكنّه ّ‬
‫«هل تظنّه سي ِّ‬
‫عامل أبناءه بشكل سيّئ؟»‬‫ُ‬
‫أنت ذاهب؟»‬
‫«أان أكيد‪ .‬لذلك أرثي حلاهلم وحال النساء‪ ...‬إىل أين َ‬
‫«إىل بيت حلفا‪».‬‬

‫امك!»‬
‫هيبتك واحَت َ‬
‫َ‬ ‫«ال اي يسوع! ال تفقد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 493 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حبب مماثل‪ ...‬هناك توجد‬
‫العم ُيبّونين أكثر من أنفسهم‪ ،‬ومن العدل أن أكافئهم ّ‬
‫«أوالد ّ‬
‫امرأاتن عزيزاتن ج ّداً على قليب‪ ...‬أان ٍ‬
‫ماض إىل هناك‪ .‬ال متسك يب‪ ».‬ويسرع يسوع إىل بيت حلفا‪،‬‬
‫بينما يبقى اآلخر مستغرقاً يف أفكاره وسط الطريق‪.‬‬

‫سمع بكاء امرأة وصياح رجل مبالغ فيه‪ .‬يسرع‬ ‫يسري يسوع بسرعة‪ .‬أراه عند حديقة حلفا‪ .‬يَ َ‬
‫يسوع أكثر يف األمتار األخرية اليت تفصله عن البيت‪ ،‬عرب احلديقة املخضوضرة‪ .‬ي ِّ‬
‫صل إىل عتبة البيت‬ ‫َ‬
‫يف اللحظة اليت تتق ّدم صوب الباب األ ُّم اليت رأت ابنها‪.‬‬

‫« ّأمي!»‬

‫«يسوع!»‬

‫حب‪.‬‬
‫صيحتا ّ‬
‫يهم يسوع ابلدخول‪ ،‬ولكن مرمي تقول له‪« :‬ال اي بين‪ ».‬وتقف عند العتبة فاحتة ذراعيها‪،‬‬
‫ّ‬
‫بين‪ ،‬ال تفعل‪».‬‬
‫وتكرر‪« :‬ال اي ّ‬
‫وحب‪ّ ،‬‬
‫ضاغطة يديها على دعامات الباب‪ :‬حاجز من حلم ّ‬
‫أي شيء‪ ».‬يسوع هادئ متاماً‪ ،‬ابلرغم من أ ّن شحوب مرمي يُقلِّقه‬ ‫ِّ‬
‫«دعك اي ّأمي‪ ،‬فلن ُيصل ّ‬
‫َير‪.‬‬
‫ابلتأكيد‪َ .‬يسك قبضتها الناعمة‪ ،‬يزيح اليد عن الدعامة‪ ،‬و ّ‬
‫يف املطبخ تَنتَثِّر احلاجيات على األرض يف حالة "خبيصة" لزجة‪ ،‬البيض وعناقيد العنب‬
‫سمع صوت مشاجرة صادر عن عجوز‬ ‫ي‬ ‫أخرى‬ ‫غرفة‬ ‫ومن‬ ‫قاان‪.‬‬ ‫من‬ ‫ها‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ب‬‫و"قطرميز" العسل اليت جلِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يتوعَّد ويتَّهم‪ ،‬وهو يَنتَ ِّحب‪ ،‬يف واحدة من غضبات شيخوخته اجلائرة ج ّداً‪ ،‬والعاجزة‪ ،‬احملزنة رؤيتها‪،‬‬
‫واملؤمل تل ّقيها‪ ...« .‬ها بييت قد َخ ِّرب‪ ،‬وقد أصبَ َح سخرية الناصرة كلّها‪ ،‬وأان هنا وحدي دوّنا عون‪،‬‬
‫حقيقي! وملاذا؟ ملاذا؟‬
‫ّ‬ ‫جمروح القلب واالحَتام‪ ،‬ويف َعوز!‪ ...‬هذا ما بقي من حلفا بعد سلوكه كمؤمن‬
‫من أجل جمنون‪ ،‬جمنون جيعل أبنائي األغبياء جمانني‪ .‬آه!آه! اي هلذا األمل!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 494 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك تؤذي‬
‫تتوسل‪« :‬كن طيّباً اي حلفا‪ ،‬كن طيّباً! أال ترى أنّ َ‬
‫وصوت مرمي اليت حللفا الباكية وهي ّ‬
‫أنت‬
‫كنت دائماً‪ ...‬فلماذا َ‬ ‫كنت على الدوام‪ ،‬مستقيماً وعادالً َ‬ ‫أساعدك لتنام‪ ...‬صاحلاً ُ‬
‫َ‬ ‫نفسك؟ هيّا‬
‫َ‬
‫نفسك ومعي ومع هؤالء األوالد املساكني؟»‬
‫َ‬ ‫اآلن هكذا مع‬

‫«ال شيء! ال شيء! ال تلمسيين! ال أريد! األوالد صاحلون؟ آه! نعم‪ ،‬يف احلقيقة هاذان‬
‫الته َما قليب! اذهيب‬
‫املر‪ .‬جيلبان يل البيض والفاكهة بعد أن َ‬
‫جاحدان! جيلبان يل العسل بعد أن سقياين ّ‬
‫التصرف‪ .‬أين هي اآلن‪ ،‬تلك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫عين‪ ،‬أقول لك‪ ،‬اذهيب! مل أعد أريد منك شيئاً‪ ،‬أريد مرمي‪ ،‬فهي حتسن ّ‬ ‫ّ‬
‫املرأة الضعيفة اليت ال تعرف أن جتعل ابنها يطيعها؟»‬

‫يهم فيها يسوع ابلدخول إىل غرفة‬


‫مرمي اليت حللفا‪ ،‬املطرودة‪ ،‬تدخل إىل املطبخ يف اللحظة اليت ّ‬
‫حلفا‪ .‬تتشبّث به وهي تبكي‪ ،‬ايئسة‪ ،‬بينما مرمي العذراء‪ ،‬متواضعة وصابرة‪ ،‬تدنو من العجوز الغاضب‪.‬‬

‫«ال تبكي اي امرأة عمي‪ ،‬إنّين ذاهب إليه اآلن‪».‬‬

‫ب‬
‫ضَر َ‬
‫لنفسك اإلهانة! إنّه يبدو كاجملنون! ومعه عصاه‪ .‬ال اي يسوع‪ ،‬ال‪ .‬لقد َ‬
‫َ‬ ‫«آه! ال جتلب‬
‫حّت أوالده‪».‬‬
‫ّ‬
‫دخل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫وبكل لطف‪ ،‬يـُنَ ّحي امرأة عمه جانباً ويَ ُ‬
‫«لن يفعل يل شيئاً‪ ».‬ويسوع‪ ،‬بثبات ّ‬
‫لك‪ ،‬اي حلفا‪».‬‬
‫«السالم َ‬
‫تتصرف (على الرغم‬‫ألهنا ال تعرف كيف ّ‬
‫يهم العجوز ابلنوم وهو يلقي أبلف الئمة على مرمي‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫التصرف)‪ .‬يلتفت فجأة‪« :‬هنا؟ أأتيت إىل هنا‬
‫من أنّه هو الذي كان يقول قبل قليل ّإهنا وحدها حتسن ّ‬
‫حّت هذا؟»‬
‫لتهزأ يب؟ ّ‬
‫نفسك! دعي ِّ‬
‫عنك‬ ‫ك تؤذي‬
‫أنت مضطرب إىل هذا احل ّد؟ إنّ َ‬
‫َ‬ ‫لك السالم‪ .‬ملاذا َ‬‫«ال‪ ،‬بل ألمحل َ‬
‫ِّ‬
‫بنفسك الضََّرر ولن تَ َتعيب‪ّ .‬أماه‪ ،‬ارفعي األغطية‪ ».‬وأيخذ يسوع‬ ‫اي أمي‪ ،‬فأان من سريفعه‪ .‬لن تُ ِّ‬
‫لحقي‬ ‫ّ‬
‫بكل رقة‪ ،‬هذا "الكومة من العظام" الذي يتأفَّف‪ ،‬معدوم القوى‪ّ ،‬‬
‫الشرير‪ ،‬الباكي والبائس‪،‬‬ ‫بني ذراعيه‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 495 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت أفعل أليب‪ .‬هذا املسند إىل‬ ‫ِّ‬
‫وَُيَ ّدده على السرير‪ ،‬كما لو أنّه رضيع حديث الوالدة‪« .‬هكذا مثلما ُ‬
‫األعلى أكثر‪ ،‬جيعل وضعيّته أعلى فيتن ّفس بشكل أفضل‪ّ .‬أمي‪ ،‬ضعي له هذا املسند حتت خاصرتيه‪،‬‬
‫هذا املسند الصغري‪ .‬سيكون أكثر رقّة ونعومة‪ .‬واآلن النور هكذا لكي ال يُ ِّبهر عينيه‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬
‫أيت على النار أعشاابً مغليّة‪ .‬اجلبيها اي ّأمي‪،‬‬
‫كل شيء‪ .‬لقد ر ُ‬ ‫جيعل اهلواء يدخل نقيّاً‪ .‬ها قد انتهى ّ‬
‫لك‪».‬‬
‫وجسمك بدأ يربد‪ .‬هذا مفيد َ‬
‫َ‬ ‫ك تتصبّب عرقاً‬
‫ّإهنا طيّبة ج ّداً‪ .‬إنّ َ‬
‫خترج مرمي طائعة‪.‬‬

‫أنت طيّب معي؟»‬


‫«ولكن أان‪ ...‬ولكن أان‪ ...‬ملاذا َ‬
‫أنت تعرف ذلك‪».‬‬
‫ك‪ .‬و َ‬
‫«ألنّين أحبّ َ‬
‫عليك‪ّ ...‬أما اآلن‪»...‬‬
‫كنت أحقد َ‬
‫«أان ُ‬
‫ك كثرياً‪ ،‬وهذا يكفيين‪ .‬فيما بعد سوف حتبّين‪»...‬‬
‫علي‪ .‬أعلم‪ .‬ولكنّين أان أحبّ َ‬
‫«اآلن مل تعد حتقد ّ‬
‫كنت ح ّقاً حتبّين‪ ،‬فلماذا ُهتني شيبَيت؟»‬
‫«وإذن‪ ...‬آه!‪ ...‬آه!‪ ...‬اي لألمل! وإذا َ‬
‫ِّ‬
‫أبي شكل‪ .‬إنّين أُجلُّ َ‬
‫ك‪».‬‬ ‫أهينك اي حلفا‪ ،‬وال ّ‬
‫َ‬ ‫«أان ال‬

‫صرت سخرية الناصرة‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫« ُجتلّين؟ ها قد ُ‬
‫جعلتك سخرية الناصرة؟»‬
‫َ‬ ‫أبي شيء‬
‫«ملاذا تقول هذا اي حلفا؟ ّ‬
‫بسببك‪».‬‬
‫َ‬ ‫ألجلك‪ .‬ملاذا السخرايت؟‬
‫َ‬ ‫متمردان؟‬
‫لدي‪ .‬ملاذا ُها ّ‬
‫«بو ّ‬
‫يك‪ ،‬فهل تشعر ابألمل ذاته؟»‬
‫كل أهل الناصرة ملصري َولَ َد َ‬
‫ك ّ‬‫«قل يل‪ :‬لو امتَ َد َح َ‬
‫أنت حقيقة من أصحاب‬ ‫كنت َ‬
‫لكن أهل الناصرة ال َيتدحونين‪ .‬هم َيتدحونين لو َ‬
‫«حينذاك ال! و ّ‬
‫الفتوحات‪ .‬إّّنا أن يَتكاين من أجل واحد شبه جمنون‪َّ ،‬‬
‫يتسكع هنا وهناك‪ ،‬جالباً لنفسه األحقاد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 496 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫والته ّكمات‪ ،‬فقرياً وسط الفقراء‪ .‬آه! من ذا الذي ال يضحك؟ آه! اي لبييت املسكني! اي لنهاية ٍ‬
‫بيت‬
‫غرق يف‬ ‫لداود! وأان من ينبغي أن أحيا بعد ألرى هذا البؤس؟ ألر َاك‪ ،‬آخر عنقود األصل اجمليد‪ ،‬أر َاك تَ َ‬
‫الذل! آه! بئس مصريان منذ اليوم الذي وافَق فيه أخي الضعيف على‬ ‫ظلمة اجلنون بكثري من اخلنوع و ّ‬
‫كنت قد قُلتُها‬
‫االقَتان بتلك الفتاة التافهة‪ ،‬وهي مع ذلك مستب ّدة‪ ،‬وقد كانت هلا عليه سيطرة ُمطلَ َقة‪ُ .‬‬
‫آنذاك‪" :‬يوسف ليس أهالً للزواج‪ .‬سوف يكون تعيساً ابئساً! وقد كان كذلك‪ .‬لقد كان يَعلَم عن‬
‫حّت ليُف ِّّكر به‪ .‬اللعنة على قانون العذارى الواراثت! اللعنة على القدر‪ ،‬واللعنة على‬
‫الزواج‪ ،‬ومل يكن ّ‬ ‫َّ‬
‫هذا الزواج‪».‬‬

‫سمع نواح سلفها‪ ...‬ما تزال‬


‫تعود "العذراء الوارثة" مع األعشاب املغليّة يف اللحظة املناسبة لتَ َ‬
‫أكثر شحوابً‪ ،‬ولكنّها بطبعها الصبور مل تضطرب هلذا‪ .‬تدنو من حلفا وتساعده على الشرب مع‬
‫ابتسامة لطيفة‪.‬‬

‫نساحمك‪ ».‬يقول يسوع ذلك بينما‬


‫َ‬ ‫أنت جائِّر اي حلفا‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫ك تتأ ّمل كثرياً‪ ،‬ومن أجل ذلك‬ ‫« َ‬
‫يَرفَع له رأسه‪.‬‬

‫األقل‪ ،‬لكي‬ ‫ك ماسيا! َ ِّ‬


‫وجت ََتح املعجزات‪ ،‬هذا ما يقال‪ .‬فعلى ّ‬ ‫«آه! نعم‪ ،‬أملاً كثرياً! تقول إنّ َ‬
‫أساحمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫مين‪ ،‬اشفين‪ ،‬اشفين‪ ...‬وأان‬‫أخذهتم ّ‬
‫ُجتزيين مقابل أوالد يل َ‬

‫قلبك‬
‫أعاجلك‪ّ .‬أما إذا كان للحقد مكان يف َ‬ ‫يك‪ ،‬واستَ ِّ‬
‫وعب روحيهما وأان‬ ‫أنت سامح َولَ َد َ‬
‫َ‬ ‫« َ‬
‫فلن أستطيع فعل شيء‪».‬‬
‫«أ ِّ‬
‫ُسامح؟» ويقفز العجوز قفزة‪ ،‬من الطبيعي ّأهنا زادت من ح ّدة أمله‪ .‬وهذا ما َج َعله هائجاً‬
‫عين! أريد أن‬
‫كنت تريد قول ذلك! اذهب ّ‬ ‫عين إذا َ‬ ‫عين! اذهب ّ‬
‫من جديد‪« .‬أسامح؟ مطلقاً! اذهب ّ‬
‫أموت دوّنا زايدة يف اضطرايب‪».‬‬

‫يقوم يسوع حبركة إذعان‪« .‬الوداع اي حلفا‪ .‬أان ذاهب‪ ...‬هل ينبغي يل حقيقة أن أذهب؟‬
‫علي حقيقة أن أذهب؟»‬
‫عمي‪ ...‬هل ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 497 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«إذا مل تقم مبا يرضيين‪ ،‬نعم‪ ،‬اذهب وقل هلذين الثعبانني إ ّن العجوز َيوت وهو حاقد‪».‬‬

‫أردت‪ .‬ال تؤمن أبنّين ماسيا‪ .‬إّّنا جيب ّأال تَبغض‪.‬‬


‫نفسك‪ .‬ال حتبّين‪ ،‬إذا َ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ .‬هذا ال‪ .‬ال َخت َسر‬
‫مين‪ ،‬قل إنّين جمنون‪ ،‬إّّنا ال حتقد‪».‬‬
‫كره‪ .‬حلفا‪ ،‬اسخر ّ‬ ‫لك ّأال تَ َ‬
‫ينبغي َ‬
‫أهينك؟»‬
‫َ‬ ‫مت‬
‫«ولكن ملاذا حتبّين ما ُد ُ‬
‫احلب‪ّ .‬أمي‪ ،‬أان ٍ‬
‫ماض إىل البيت‪».‬‬ ‫تتعرف عليه‪ .‬أان ّ‬
‫«ألنّين الذي ال تريد أن ّ‬
‫بين‪ ،‬وسوف آيت بعد قليل‪».‬‬
‫«نعم اي ّ‬
‫أي وقت‪».‬‬
‫لك سالمي اي حلفا‪ .‬إذا ما أردتين‪ ،‬أرسل يف طليب ‪ ،‬وسوف أحضر يف ّ‬
‫«أترك َ‬
‫ََي ُرج يسوع هادائً وكأ ّن شيئاً مل يكن‪ ،‬إّّنا أكثر شحوابً‪.‬‬

‫«آه! يسوع‪ ،‬يسوع اغفر له‪ ».‬تقوهلا مرمي اليت حللفا أبنني‪.‬‬

‫فكل أفعال املتأ ّمل مغفورة له‪ .‬وهو اآلن أكثر‬


‫حّت لفعل ذلك‪ّ ،‬‬ ‫بكل أتكيد اي مرمي‪ .‬ال داعي ّ‬ ‫« ّ‬
‫دموعك‪ ،‬وابلتأكيد معاانة يوضاس ويعقوب‬ ‫ِّ‬ ‫حّت بدون ِّعلم القلوب‪ .‬ومثّ هناك‬
‫سكوانً‪ .‬فالنعمة تعمل ّ‬
‫وَي ُرج إىل احلديقة ليمضي إىل البيت‪.‬‬‫عمي‪ ».‬يـُ َقبِّّلها َ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫والوفاء لدعوهتما‪ .‬السالم لقلبك ال َقلق‪ ،‬اي امرأة ّ‬
‫دخل وخلفه يوحنّا يلهثان من اجلَّري‪« .‬آه! اي‬
‫ها هو بطرس‪ ،‬حلظة ََي ُرج يسوع إىل الشارع‪ ،‬يَ ُ‬
‫عامل يسوع"‪.‬‬
‫"أسرع إىل بييت‪ ،‬من يدري كيف يُ َ‬‫معلّم! ولكن ما الذي جرى؟ لقد قال يل يعقوب‪ِّ :‬‬
‫بيتك"‪ .‬لذلك قال‬
‫ولكن ال‪ .‬إنّين خمطئ‪ .‬حلفا الذي كان عند النبع دخل وقال ليوضاس‪" :‬يسوع يف َ‬
‫عمك‪ .‬وأان مل أفهم من ذلك شيئاً‪ ،‬لكنّين أراك‪ ...‬وأطمئن‪».‬‬ ‫ابنا‬ ‫ل‬ ‫يعقوب ما قال‪ ...‬وقد ذُ ِّ‬
‫ه‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كل شيء‪».‬‬
‫«ال شيء اي بطرس‪ .‬مريض مسكني َج َعلَته اآلالم عصبيّاً‪ّ .‬أما اآلن فقد انتهى ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 498 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ع أيضاً‪،‬‬
‫يوطي الذي َهَر َ‬
‫يتوجه بطرس إىل االسخر ّ‬
‫أنت ملاذا هنا؟» ّ‬
‫«آه! إنّين مسرور لذلك! و َ‬
‫إّّنا اللَّ َ‬
‫هجة مل تكن لطيفة كفاية‪.‬‬

‫أنت هنا أيضاً كما يبدو يل‪».‬‬


‫«و َ‬
‫فأتيت‪».‬‬
‫«رجوين اجمليء إىل هنا ُ‬
‫عت عنه يف اليهوديّة‬
‫أتيت‪ ،‬ألنّه لو كان املعلّم يف َخطَر يف موطنه‪ ،‬فأان الذي دافَ ُ‬
‫«وأان أيضاً ُ‬
‫أستطيع الدفاع عنه كذلك يف اجلليل‪».‬‬

‫«من أجل ذلك يوجد منّا الكفاية‪ .‬إّّنا ال ضرورة لذلك يف اجلليل‪».‬‬

‫أنت‬
‫ألجلك َ‬
‫َ‬ ‫«آه! آه! آه! موطنه يرفضه مثل طعام َع ِّسر اهلضم‪ .‬حسناً‪ .‬أان مسرور من ذلك‪،‬‬
‫مت حلادث صغري وقع يف اليهوديّة حيث كان هو جمهوالً‪ .‬هنا‪ ،‬على العكس!‪ »...‬وينهي‬ ‫الذي ِّ‬
‫صد َ‬ ‫ُ‬
‫ص ِّّفر بشكل ساخر‪.‬‬
‫يهوذا كالمه وهو يُ َ‬
‫كنت ُم ِّزمعاً على‪ ...‬أمر ما‪ .‬اي معلّم‪،‬‬
‫لك‪ .‬توقّف إذن إذا َ‬
‫ألحتم َ‬
‫«امسع اي َولَد‪ .‬ليس يل مزاج ّ‬
‫إليك؟»‬
‫هل أساؤوا َ‬
‫ابين العم‪».‬‬
‫لك‪ .‬فلنسرع لنطيّب خاطر َ‬
‫«ال اي عزيزي بطرس‪ .‬أؤّكد َ‬
‫دخلون إىل املشغل الكبري‪ .‬يعقوب ويوضاس إىل جانب طاولة النجارة الكبرية‪ .‬يعقوب‬ ‫ََيضون‪ .‬يَ ُ‬
‫يتوجه يسوع‬
‫كرسي صغري مسنداً مرفقه على املقعد‪ ،‬ورأسه على يده‪ّ .‬‬ ‫واقف ويوضاس جالس على ّ‬
‫إليهما مبتسماً‪ ،‬ليربهن هلما مباشرة عن مشاعره الطيّبة‪« .‬حلفا اآلن أكثر سكوانً‪ .‬اآلالم تَس ُكن‪،‬‬
‫والسالم يعود كامالً‪ .‬كوان مطمئنّني أنتما أيضاً‪».‬‬

‫«هل رأيتَه؟ و ّأمي؟»‬

‫أيت اجلميع‪».‬‬
‫«ر ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 499 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أخوي؟»‬
‫حّت ّ‬‫ويسأل يوضاس‪ّ « :‬‬
‫«ال‪ ،‬مل يكوان هناك‪».‬‬

‫أمامك‪ّ .‬أما حنن! فلو كنّا ارتكبنا جرماً ملا كاان عامالان هكذا‪.‬‬
‫َ‬ ‫«لقد كاان هناك ومل يُريدا الظُّهور‬
‫وحنن اللذان كنا قادمني من قاان طائرين ِّمن ال َفَرح ِّجلَلبنا له أشياء ترضيه! إنّنا حنبّه و‪ ...‬ومل يعد‬
‫يفهمنا‪ ...‬مل يعد يثق بنا‪ ».‬يُن ِّـزل يوضاس ذراعه ويبكي‪ ،‬رأسه على املقعد‪ .‬يعقوب أصلَب‪ ،‬و ّ‬
‫لكن‬
‫حقيقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫داخلي‬
‫ّ‬ ‫وجهه يوحي ابستشهاد‬

‫أنت ال تستسلم لألمل‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«ال تبك اي يوضاس‪ .‬و َ‬
‫لك‪.‬‬
‫متزقنا‪ ،‬ال‪ ،‬لن نعود إىل الوراء! حنن َ‬
‫«آه! اي يسوع! حنن أبناء و‪ ...‬لقد لَ َعنَنا‪ .‬ولكن رغم ّ‬
‫تعرضنا للموت ألجل انفصالنا‪ ».‬يهتف يعقوب‪.‬‬ ‫حّت ولو ّ‬
‫ومعك سنبقى‪ّ .‬‬
‫َ‬
‫أنت فتقول ما تقول عن‬ ‫كنت أعلم ذلك أان‪ّ .‬أما َ‬ ‫لست أهالً للبطولة؟ ُ‬
‫ك َ‬ ‫كنت تقول إنّ َ‬
‫«و َ‬
‫أنت كذلك‪ ».‬ويالطفهما يسوع‪ ،‬ولكنّهما‬ ‫حّت يف مواجهة املوت‪ .‬و َ‬‫حبق وفياً ّ‬
‫نفسك‪ .‬ستكون ّ‬
‫َ‬
‫يتألّمان‪ .‬بكاء يوضاس يرن حتت القوس احلجري‪ .‬وهنا أجد الفرصة لرؤية نـَ ْفس التالميذ جبالء‪.‬‬

‫يصيح بطرس‪ ،‬بوجهه النـزيه احلزين‪« :‬ابلطبع هو أمل ومعاانة‪ ...‬اي للحزن! ولكن‪ ،‬اي أوالدي‬
‫ط اجلميع استحقاق مساع هذه الكلمات‪ ...‬أان‪ ...‬أعترب نفسي حمظوظاً لدعوة‬ ‫مبودة) مل يُع َ‬
‫(ويهزُها ّ‬
‫ّ‬
‫تكف عن القول يل‪" :‬وكأنّين ُمطَلَّقة‪ ،‬طاملا أنّ َ‬
‫ك مل تعد يل"‪.‬‬ ‫يسوع يل‪ .‬وتلك املرأة الطيّبة‪ ،‬زوجيت‪ ،‬ال ّ‬
‫ولكنّين أقول‪" :‬اي لسعادة هذا الطالق!" فقوال هكذا أنتما أيضاً‪ .‬إنّكما ختسران أابً ولكنّكما ترحبان‬
‫ند ِّهش يف مصريه كيتيم‪ ،‬جلهله إمكانيّة أن يكون األب مصدر أمل‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫الراعي ُم َ‬
‫هللا‪ ».‬يوسف َّ‬
‫أظن نفسي األتعس‪ ،‬ألنّين بدون أب‪ .‬ولكنّين أرى أنّه من األفضل يل أن أبكيه ميتاً من أن‬ ‫كنت ّ‬
‫« ُ‬
‫يتحرق‬
‫يتنهد ويصمت‪ّ .‬‬ ‫عدواً‪ّ ».‬أما يوحنّا فيقتصر على تقبيل ومالطفة رفيقيه‪ .‬أندراوس ّ‬ ‫يكون يل ّ‬
‫بكل االحَتام‬
‫لكن خجله َينقه‪ .‬توما وفليبّس ونثنائيل يتح ّدثون هبدوء يف إحدى الزوااي‪ّ ،‬‬ ‫للحديث‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 500 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلقيقي‪ .‬يعقوب بن زبدى يصلّي بصوت منخفض لريسل هللا‬ ‫ّ‬ ‫الذي َيكن اختباره حيال هذا األمل‬
‫سالمه‪ .‬مسعان الغيور‪ ،‬آه! كم يروق يل مظهره! يَتك زاويته وأييت إىل جانب التلميذين املتألّمني‪ .‬يضع‬
‫بين‪ .‬فلقد قاهلا لنا‪،‬‬ ‫اي‬ ‫يده على رأس يوضاس‪ ،‬وُييط بذراعه األخرى قامة يعقوب ويقول‪« :‬ال ِّ‬
‫تبك‬
‫ّ‬
‫لك قلب أب دون أبناء"‪ .‬ومل نكن‬ ‫أنت اي َمن َ‬‫دت أابً بسبيب و َ‬‫أنت الذي فَـ َق َ‬
‫"أوحدكما‪َ :‬‬
‫لك ويل‪ّ :‬‬ ‫َ‬
‫درك كم كانت هذه الكلمات نبويّة‪ .‬إّّنا هو فقد كان يعلم ذلك‪ .‬ها أنذا أرجوكما‪ .‬لقد تق ّدمت يب‬ ‫نُ ِّ‬
‫كنت دائماً أحلم أبن يناديين أحد‪" :‬أيب"‪ .‬فاقبَال يب على هذه الصورة‪ ،‬وأان‪ ،‬كأب‪،‬‬ ‫السنون‪ ،‬و ُ‬
‫سأابرككما صباحاً ومساء‪ .‬أرجوكما اقبَال يب أابً‪ ».‬يوافق اإلثنان وُها يبكيان أبكثر ح ّدة‪.‬‬

‫دخل مرمي وهترع إىل جانب احملزونني‪ .‬تداعب شعر يوضاس احلالك السواد‪ ،‬وخ ّد يعقوب‪ّ .‬إهنا‬
‫تَ ُ‬
‫بيضاء مثل زنبقة‪َ .‬يسك يوضاس بيدها ويقبّلها ويسأل‪« :‬ماذا يفعل؟»‬

‫ك ترسل لكما قبالهتا‪ ».‬وتقبّلهما‪.‬‬


‫بين‪ .‬و ّأم َ‬
‫«إنّه انئم اي ّ‬
‫لك شيئاً‪ ».‬وأرى بطرس‬
‫ويدوي صوت بطرس األجش‪« :‬هيّا‪ ،‬تعال هنا حلظة‪ ،‬أريد أن أقول َ‬ ‫ّ‬
‫يوطي بقبضته القويّة وأيخذه خارجاً إىل الشارع‪ .‬مثّ يعود وحده‪.‬‬
‫َيسك بذراع االسخر ّ‬
‫ويسأل يسوع‪« :‬أين أرسلتَه؟»‬

‫كنت سأمنحه ّإايه بطريقة أخرى‪ ...‬وليس‬


‫«أين؟ ليشم اهلواء‪ .‬ألنّه إن مل جيعله اهلواء يهدأ‪ُ ،‬‬
‫سام‪ ،‬وأان أطرد‬
‫بسببك مل أفعل ذلك‪ .‬آه! اآلن أفضل‪ .‬إ ّن َمن يضحك أمام األمل هو ثعبان ّ‬ ‫َ‬ ‫سوى‬
‫ك هنا‪ ...‬لقد أرسلتُه فقط إىل ضوء القمر‪َ .‬يكن ذلك‪ ...‬ولكن أان‬ ‫ظ أنّ َ‬
‫الثعابني‪ ...‬نعم‪ ،‬حلسن احل ّ‬
‫حي‪،‬‬
‫مين‪ ،‬أان الذي لديه ضمري ّ‬
‫قد أصبح ابألحرى من ال َكتَـبَة‪ ،‬الشيء الذي وحده هللا قادر أن جيعله ّ‬
‫لست أُخطئ‪.‬‬
‫لك ذلك‪ ،‬و ُ‬ ‫أشك أبنّه يُصبِّح صاحلاً‪ .‬مسعان بن يوان يؤّكد َ‬
‫فحّت مبساعدة هللا‪ّ ،‬‬ ‫ّأما هو‪ّ ،‬‬
‫هتتم! لقد كان مسروراً خلروجه من هنا وعدم مشاركته احلزن‪ .‬إنّه أكثر جفافاً من حصاة حتت‬ ‫ال! ال ّ‬
‫وجد يف السماء‪ .‬وهنا يوجد‬ ‫ِّ‬
‫مشس آب‪ّ .‬هيا أيّها األوالد! فهنا موجودة أ ُّم ألطف من أيّة ّأم َيكن أن تُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 501 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫طل املطر يفيد‪ :‬إنّه‬
‫كل أهل اجلنّة‪ .‬وهنا توجد قلوب كثرية نزيهة حتبّكما بصدق‪َ .‬ه ُ‬
‫معلّم أطيب من ّ‬
‫ذهب ابلغبار‪ .‬وغداً تصبحون أكثر انتعاشاً من الورد‪ ،‬وأخف من العصافري التّباع يسوعنا‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وعلى كلمات بطرس البسيطة والرائعة ينتهي ّ‬
‫بعدئذ يقول يسوع‪:‬‬

‫بت فيها أان ِّمن‬ ‫ِّ‬


‫عد هذه الرؤاي تُـثَـبِّّتني تلك اليت منحتك ّإايها يف ربيع ‪ ،1944‬تلك اليت طَلَ ُ‬
‫«بَ َ‬
‫الر ُسل‪ .‬فإ ّن األضواء قد تَ َسلَّطَت على مالحمهم األخالقيّة مبا فيه الكفاية‪،‬‬
‫ّأمي أن تَذ ُكر انطباعاهتا عن ُّ‬
‫فتأخذ هذه الرؤاي مكاهنا هنا دون أن تَصدم أحداً‪ .‬مل أكن يف حاجة إىل نصائح‪ ،‬ولكن عندما كنّا‬
‫وحدان‪ ،‬بينما كان التالميذ ُمنتَ ِّشرين لدى عائالت صديقة‪ ،‬أو يف القرى اجملاورة‪ ،‬أثناء فَتات إقاميت يف‬
‫الناصرة‪ ،‬كم كان يطيب يل التح ّدث إىل صديقيت اللطيفة‪ ،‬وطَلَب النُّصح من ّأمي ألرى أتكيداً من‬
‫حّت ذلك احلني‪ .‬معها‪ ،‬مل أكن سوى "االبن"‪ .‬ومل‬ ‫أيت ّ‬‫كنت ر ُ‬
‫فمها املمتلئ نعمة وحكمة‪ ،‬على ما ُ‬
‫كل فضائل األمومة البشريّة واألخالقيّة؛ ومل‬
‫يكن‪ ،‬بني بنات النساء قاطبة‪ ،‬أ ُّم أكثر منها "أمومة"‪ .‬يف ّ‬
‫احلب‪.‬‬
‫َيص االحَتام والثقة و ّ‬ ‫مين يف ما ّ‬ ‫بنوة ّ‬
‫يكن ابن أكثر ّ‬
‫لديك احل ّد األدىن من املعلومات عن اإلثين عشر‪ ،‬عن فضائلهم وعيوهبم‪،‬‬ ‫اآلن وقد أصبح ِّ‬
‫ََ‬
‫لي توحيدهم واالرتقاء هبم وأتهيلهم؟‬ ‫وشخصيّاهتم وجهودهم‪ ،‬فهل هناك َمن يَدَّعي أنّه كان سهالً َع َّ‬
‫يظن أنه كذلك‪،‬‬ ‫الرسول سهلة‪ ،‬وأنّه ‪ ،‬كي يكون املرء رسوالً‪ ،‬أي كي ّ‬ ‫يظن أن حياة َّ‬ ‫هل هناك من ّ‬
‫احلق حبياة سهلة‪ ،‬دون آالم ودون مواجهات ودون إخفاقات؟ وهل يطالِّب‬ ‫َيكن ألحد احلكم أب ّن له ّ‬
‫مستمرة إكراماً له‪ ،‬وأن‬ ‫َجَتح املعجزات بصورة‬ ‫أحد بعد‪ ،‬جملرد أنّه َخ َد َمين‪ ،‬أبن أُصبِّح خادماً له وأن أ َِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بشري؟ إ ّن طريقي وعملي وخدميت‪ ،‬هي الصليب‬ ‫سجادة مزهرة وممتعة وذات جمد ّ‬ ‫أجعل من حياته ّ‬
‫رت أان هبذا‪ .‬وعلى من ي ّدعون ّأهنم "أتباعي"أن يـَتَّبِّعوه‪.‬‬ ‫واألمل ونكران الذات والتضحية‪ .‬لقد َمَر ُ‬
‫امللحني‪ .‬وكذلك ملثريي‬
‫لكل من هو "يوحنّا"‪ ،‬بل إّّنا هو للفقهاء والساخطني و ّ‬
‫ّأما هذا‪ ،‬فليس ّ‬
‫العم" الغري موجودة يف لغات فلسطني‪،‬‬
‫"عم" و "امرأة ّ‬
‫مت عبارات ّ‬ ‫خد ُ‬‫املشاكل املشاغبني‪ ،‬أقول إنّين استَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 502 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ص بتوليّة‬
‫ختص سلوكي كابن وحيد ملرمي‪ ،‬وخت ّ‬‫كل احَتام ّ‬‫َضع حداً ملسألة خالية من ّ‬ ‫ألُسلّط األضواء‪ ،‬وأ َ‬
‫نلت منه احلياة‪ .‬أقوهلا مرة أخرى‪ّ ،‬أمي‬
‫ّأمي قبل وبعد الوالدة‪ ،‬والطبيعة الروحيّة واإلهليّة لالقَتان الذي ُ‬
‫أمزقه‪ ،‬وهو مغلق على‬ ‫حّت أان مل ّ‬
‫س‪ّ ،‬‬
‫مل تعرف اتّصاالً آخر‪ ،‬ومل يكن هلا أبناء آخرون‪ .‬إ ّن جسدها مل َُي ّ‬
‫املتجسد‪».‬‬
‫ّ‬ ‫سر األحشاء‪ ،‬بيت القرابن‪ ،‬وعرش الثالوث والكلمة‬ ‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 503 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -66‬يسوع يست ِّ‬


‫نطق ّأمه خبصوص تالميذه)‬ ‫َ‬
‫‪1944 / 02 / 13‬‬

‫تطل على احلديقة الصغرية‪ ،‬حيث األشجار‬ ‫إنَّين أرى الناصرة‪ّ .‬‬
‫أتعرف على غرفة الوداع اليت ّ‬
‫مكسوة ابألوراق‪.‬‬
‫ّ‬
‫احلجري املالصق للبيت‪ .‬ويبدو أ ّن‬
‫ّ‬ ‫يسوع مع مرمي‪ .‬جيلس الواحد إىل جانب اآلخر على املقعد‬
‫وقت العشاء قد حان‪ّ .‬أما اآلخرون‪ ،‬هذا إذا كان ما يزال هناك أحد منهم ‪-‬أان ال أرى أحداً‪ -‬فقد‬
‫الداخلي يقول يل ّإهنا واحدة من‬
‫ّ‬ ‫األم بنقاش عذب مع بعضهما‪ .‬الصوت‬ ‫انس َحبوا‪ .‬يستمتع االبن و ّ‬
‫َ‬
‫وخاصة بعد جت ّمع هيئة‬
‫ّ‬ ‫املرات األوىل اليت يعود فيها يسوع إىل الناصرة بعد املعموديّة والصوم يف الربيّة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ألمه عن أوىل ّأايم تبشريه واالستماالت األوىل للقلوب‪ .‬مرمي متعلّقة بشفيت يسوعها‪.‬‬ ‫الر ُسل‪ .‬يروي ّ‬‫ُّ‬
‫كأين هبا قد أتلَّ َمت يف اآلونة األخرية‪ .‬حتت عينيها دائراتن‬
‫ّإهنا أكثر شحوابً وأكثر حنوالً‪ ،‬و ّ‬
‫زرقاوان عميقتان‪ ،‬كمن بكى كثرياً وف ّكر كثرياً‪ّ .‬أما اآلن فهي سعيدة وتبتسم‪ .‬تبتسم وهي تداعب يد‬
‫يسوعها‪ّ .‬إهنا سعيدة لكونه هنا‪ ،‬ملكوثها معه قلباً لقلب‪ ،‬يف صمت الليل الذي يهبط‪.‬‬

‫حّت مداخل البيت‪.‬‬


‫تتدىل ّ‬
‫هو الصيف كما يبدو‪ .‬فشجرة التني حتمل أوىل مثارها اليانعة اليت ّ‬
‫ويرد القشرة إىل اخللف‬
‫يقشرها ّ‬
‫يقطف يسوع بعضها بوقوفه على رؤوس أصابعه ويناول ّأمه أحالها‪ّ .‬‬
‫لتشكل اتجاً‪ ،‬كما لو كانت براعم بيضاء خمطّطة ابألمحر يف تويج بتالت بيضاء من الداخل‪ ،‬بنفسجيّة‬
‫تتذوقها‪.‬‬
‫من اخلارج‪ ،‬ويق ّدمها على راحة يده‪ ،‬ويبتسم لدى رؤيته ّأمه ّ‬
‫مث يسأهلا فجأة‪« :‬أماه‪ ،‬لقد ر ِّ‬
‫أيت التالميذ‪ .‬فما ر ِّ‬
‫أيك هبم؟»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هتم بوضع التينة الثالثة يف فمها‪ ،‬ترفع رأسها‪ ،‬وتوقف حركتها‪ ،‬وترتعش وهي‬
‫ومرمي اليت كانت ّ‬
‫تنظر إىل يسوع‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 504 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫جعلتك ترينهم؟»‬ ‫ويتابع‪« :‬ما ر ِّ‬
‫أيك هبم اآلن وقد‬

‫إبمكانك احلصول على الكثري منهم‪ .‬يوحنّا‪ ...‬أحبِّب يوحنّا كما‬‫َ‬ ‫ونك‪ ،‬وأ ّن‬
‫أظن ّأهنم ُيبّ َ‬
‫« ّ‬
‫معك‪ .‬بطرس أيضاً‪ ...‬رجل صاحل‪ .‬إنّه أكثر صالبة‬ ‫حتب‪ .‬إنّه مالك‪ .‬وأان مطمئنّة لوجوده َ‬ ‫تعرف أن ّ‬
‫انك قدر استطاعتهم يف الوقت احلاضر‪.‬‬‫ومقتَنِّع‪ .‬وكذلك أخوه‪ّ .‬إهنما ُيبّ َ‬ ‫ألنّه أكرب سنّاً‪ ،‬ولكنّه صريح ُ‬
‫لك‪ّ .‬أما‬
‫ك‪ ،‬اآلن وقد اقتنعا‪ ،‬سيكوانن وفيّني َ‬ ‫عم َ‬
‫وحّت ابنا ّ‬ ‫نك أكثر‪ّ .‬‬ ‫وفيما بعد سوف ُيبّا َ‬
‫أقل صفاء‪ .‬إنّه َييفين‪».‬‬
‫ليست صافية‪ ،‬وقلبه كذلك ّ‬ ‫بين‪ .‬فَـ َعينه َ‬
‫يوطي‪ ...‬فهو ال يروق يل اي ّ‬
‫االسخر ّ‬
‫« ِّ‬
‫معك‪ ،‬هو يراعي متاماً واجبات االحَتام‪».‬‬

‫لست املعلّم‬
‫ك َ‬ ‫معك هو مر ٍاع متاماً لواجبات االحَتام‪ .‬ولكنّ َ‬
‫حّت َ‬‫«احَتام أكثر من الالزم‪ّ ،‬‬
‫ابلنسبة له‪ ،‬بل إّّنا ملك املستقبل الذي أيمل أن ُيصل منه على مميّزات وشهرة‪ .‬مل يكن ذا أُهيّة‪ ،‬إنّه‬
‫جانبك و‪ ...‬آه! اي يسوع!‬ ‫َ‬ ‫أهم قليالً من اآلخرين يف إسخريوط‪ ،‬وهو أيمل احلصول على مركز هام إىل‬ ‫ّ‬
‫ت آماله‪،‬‬ ‫حّت ولو مل أرد التفكري يف ذلك‪ ،‬أنّه‪ ،‬يف حال خيَّـْب َ‬‫أود اإلساءة إىل احملبّة‪ ،‬ولكنّين أف ّكر‪ّ ،‬‬
‫ال ّ‬
‫وهنِّم و َذميم‪ .‬لقد ُجعِّل ليكون من حاشية‬ ‫مكانك أو حماولة فِّعل ذلك‪ .‬إنّه طَموح َ‬
‫َ‬ ‫يَتدد يف أخذ‬
‫لن ّ‬
‫األم إىل يسوعها بعينيها اخلائفتني‬ ‫بين‪ ،‬إنّه َييفين!» وتنظر ّ‬‫لك‪ ،‬اي ّ‬
‫أرضي أكثر منه ليكون رسوالً َ‬ ‫ملك ّ‬
‫يف الوجه الشاحب‪.‬‬

‫حّت هذا‪ ،‬الب ّد لنا منه اي‬


‫ليشجعها من جديد‪ّ « :‬‬
‫يتنهد يسوع‪ .‬يف ّكر‪ .‬ينظر إىل ّأمه ويبتسم ّ‬
‫ّ‬
‫فآخر‪ .‬على جمموعيت أن متثّل العامل‪ ،‬وليس مجيع من يف العامل مالئكة‪ ،‬وليس‬
‫ّأمي! وإن مل يكن هو َ‬
‫يت الكماالت كلّها‪ ،‬فكيف جترؤ النفوس‬ ‫كنت انتَـ َق ُ‬
‫لدى اجلميع صالبة بطرس وأندراوس‪ .‬لو أنّين ُ‬
‫أتيت ألفتَدي ما كان قد ضاع اي ّأمي‪ .‬يوحنّا َخلص من‬
‫املسكينة على أن تصبح من تالميذي؟ لقد ُ‬
‫ذاته‪ .‬ولكن كم من الناس ليسوا كذلك!»‬

‫(مّت)‪ .‬فقد افتُدي ألنّه أراد االفتداء‪ .‬لقد ختلّى عن خطيئته يف الوقت‬
‫لست أخشى من ليفي ّ‬
‫« ُ‬
‫يوطي فال‪ .‬على‬
‫ذاته الذي تَـَرَك فيه مكتب اجلباية وأصبح نفساً جديدة ليأيت معك‪ّ .‬أما يهوذا االسخر ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 505 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بين‪،‬‬
‫ك تعرف هذه األمور اي ّ‬ ‫العكس‪ ،‬إ ّن الكربايء تستأثر أكثر فأكثر بنفسه العتيقة اخلبيثة‪ .‬ولكنّ َ‬
‫حّت ابلنسبة إىل‬
‫أنت املعلّم ّ‬
‫أجلك‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫فلماذا تسألين عنها؟ أان ال أستطيع سوى الصالة والبكاء من‬
‫ك املسكينة‪».‬‬
‫ّأم َ‬
‫وهنا تتوقّف الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 506 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫الر ُسل! كم هي ثقيلة!)‬


‫‪( -67‬إنسانية ُّ‬
‫‪1944 / 02 / 13‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫أتخران يوماًكامالً‪ ،‬وال َيكننا السري ببطء‪ .‬لقد‬


‫«يوحنّاي الصغرية‪ ،‬عمل كثري ينتظران اليوم‪ .‬لقد ّ‬
‫التأمالت األربعة لتتم ّكين من احلديث عن عذاابت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القوة من أجل عمل هذا اليوم‪ .‬لقد وهبتك ّ‬‫ّ‬ ‫منحتك‬
‫املكرس‬
‫مرمي وعذاابيت‪ ،‬اليت هتيّئ لدرب اآلالم‪ .‬كان من املفروض أن أحت ّدث عنها أمس‪ ،‬السبت‪ ،‬اليوم َّ‬
‫عليك‪ .‬سنستدرك اليوم الوقت الضائع‪ .‬بعد العذاابت اليت أطلعتُ ِّ‬
‫ك عليها‪،‬‬ ‫ألمي‪ .‬ولكنّين أشفقت ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وقد كانت تلك لدى مرمي‪ ،‬وأان معها‪.‬‬

‫يوطي‪ .‬ينبغي ّأال يعتقد أحد أن حكمة هللا‬ ‫مين كانت قد قَـَرأَت ما يف قلب يهوذا االسخر ّ‬ ‫نظرة ّ‬
‫ألمي‪ ،‬كان ال ب ّد منه لنا‪ .‬الويل له كونه اخلائن!‬ ‫قلت ّ‬‫مل تكن قادرة على فهم هذا القلب‪ .‬ولكن‪ ،‬كما ُ‬
‫أكرر القول‪" ،‬ال ب ّد لنا منه"‪ .‬لقد كان ُخم ِّادعاً وماكراً‪َ ،‬هنِّماً وسارقاً وفاسقاً‪،‬‬
‫ولكنّه كان اخلائن الذي‪ ،‬و ّ‬
‫ولكنّه‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬كان ذكيّاً وأكثر ثقافة من اآلخرين‪ ،‬كان يعرف أن يفرض نفسه على اجلميع‪.‬‬
‫أي‬
‫حّت حينما كان ذلك صعباً‪ .‬وما كان يروق له أكثر من ّ‬ ‫َيهد يل الطريق‪ّ ،‬‬‫وكونه شجاعاً‪ ،‬كان ّ‬
‫شيء آخر هو خروجه عن املألوف‪ ،‬ليجعل لنفسه قيمة‪ ،‬كموضع ثقة إىل جانيب‪ .‬مل يكن َخدوماً بفعل‬
‫َّع)"‪ "Faiseur" .‬وهذا ما كان جيعله أهالً‬ ‫(مد ٍ‬
‫"فشار ُ‬
‫تسموهنم ّ‬ ‫حمبّة طوعيّة‪ ،‬ولكنّه واحد ممّن ّ‬
‫التقرب من النساء‪ ،‬أمران كان ُيبّهما بشكل جارف‪ ،‬إىل جانب اثلث‪،‬‬ ‫لالحتفاظ بكيس النقود و ّ‬
‫مهمته اليت متيَّز هبا‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتجردة عن الثروات األرضيّة‪ ،‬مل تستطع عدم االمشئزاز من ذلك الثعبان‪.‬‬
‫الطاهرة واملتواضعة‪ّ ،‬‬
‫علي‬
‫أي عبء كان ّ‬ ‫وقد كان يسبّب الرعب يل‪ ،‬أان أيضاً‪ .‬وأان وحدي‪ ،‬مع اآلب والروح كنّا نعلم ّ‬
‫لك ذلك فيما بعد‪.‬‬‫حتمل جماورته‪ .‬ولكنّين سأشرح ِّ‬
‫حتمله ألمت ّكن من ُّ‬
‫ُّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 507 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الفريسيّني والكتبة والص ّدوقيّني‪ .‬لقد كانوا ثعالب ماكرة‬
‫وابملقابل‪ ،‬مل أكن أجهل عدوانيّة ال َك َهنَة و ّ‬
‫لتمزقين إرابً إرابً‪ .‬لقد كانوا متعطّشني لدمي‪ ،‬وكانوا ُياولون نصب‬ ‫تعمل على دفعي إىل جحرها ّ‬
‫الهتامي‪ ،‬إلزاليت من الوجود‪ .‬وخالل ثالث‬ ‫الفخاخ يف ك ّل مكان لإليقاع يب‪ ،‬للحصول على أسلحة ّ‬
‫حّت َعلِّموا أنّين ُم ُّ‬
‫ت‪ .‬يف تلك الليلة انموا‬ ‫الشراك يل‪ ،‬ومل يهدأ هلم ابل ّ‬ ‫يكفوا عن نصب ِّّ‬‫سنوات‪ ،‬مل ُّ‬
‫سعداء‪ .‬وقد كانوا يظنّون أ ّن صوت ّاهتامهم قد َمخَ َد لألبد‪ .‬ال‪ ،‬مل يكن قد َمخَ َد بعد‪ .‬ولن يكون كذلك‬
‫حتملَْته ّأمي من‬
‫أبداً‪ .‬إنّه يَرعد ويَلعن الذين يشبهوهنم يف الوقت احلاضر‪ .‬اي له من أمل‪ ،‬ذلك الذي ّ‬
‫لست أنسى هذا األمل‪.‬‬ ‫جراء خطيئتهم‪ .‬وأان أيضاً ُ‬
‫ّ‬
‫املروض‬
‫ي يلعق يد ّ‬ ‫الرب ّ‬
‫إن تكن اجملموعة متقلّبة‪ ،‬فهذا ليس ابألمر اجلديد‪ .‬ذلك أ ّن احليوان ّ‬
‫املروض وال‬ ‫ِّ‬
‫طاملا هي متسلّحة ابلسوط‪ ،‬أو هي تقدم له قطعة حلم تُسكت جوعه‪ .‬إّّنا يكفي أن يقع ّ‬
‫ينقض عليه ويقطّعه إرابً‪ .‬يكفي‬ ‫حّت ّ‬‫يعود قادراً على استعمال السوط أو ال يعود لديه طعام له يُشبعه‪ّ ،‬‬
‫الصالح لتأليب مشاعر بُغض اجلُّموع ض ّد الذات‪ ،‬بعد ّأول حلظة محاس‪.‬‬ ‫قول احلقيقة والعيش يف َّ‬
‫الصالح َينع السوط ويقود غري الصاحلني إىل عدم اخلوف بعد‪ .‬من هنا كان‬ ‫فاحلقيقة هي لوم وتنبيه‪ ،‬و َّ‬
‫يحتَني‪ّ ،‬أما‬‫الص َ‬
‫ب هتاف‪" :‬أوشعنا"‪ .‬إ ّن حيايت كمعلّم كانت ُمشبَـ َعة هباتَني َّ‬ ‫صياح‪" :‬اصلبه" الذي َع َق َ‬
‫املغين كي ُيصل على النَّـ َفس‬‫الصيحة األخرية فقد كانت‪" :‬اصلبه"‪ .‬األوشعنا هو التـَّنَفس الذي َيارسه ّ‬ ‫َّ‬
‫احلاد‪ .‬يف عشيّة اجلمعة العظيمة املق ّدسة‪َِّ ،‬مس َعت مرمي يف ذاهتا من‬
‫الالزم للصعود إىل طبقات الصوت ّ‬
‫جديد هتافات أوشعنا املزيفة‪ ،‬وقد أصبَ َحت صيحات موت لوليدها‪ ،‬وسيفاً َيَتق قلبها‪ .‬وهذا أيضاً‬
‫أان ال أنساه‪.‬‬

‫ساعدي أكواماً ثقيلة‪ ،‬كي أرفعها إىل‬


‫َّ‬ ‫كنت أمحل على‬ ‫الر ُسل! كم هي ثقيلة! لقد ُ‬ ‫إنسانيّة ُّ‬
‫حّت الذين مل يكونوا يرون يف أنفسهم وزراء مللك‬
‫السماء‪ ،‬بينما كانت تنجذب بش ّدة حنو األرض‪ّ .‬‬
‫يوطي‪ ،‬الذين مل يكونوا يف ّكرون مثله يف أخذ مكاين على العرش‪ ،‬عندما‬ ‫أرضي‪ ،‬مثل يهوذا االسخر ّ‬
‫جيدون الفرصة ساحنة‪ ،‬كانوا يبحثون دائماً بقلق عن اجملد‪ .‬ولقد أتى اليوم الذي َرغب فيه يوحنّا وأخوه‬
‫لست أبغي منكم أن يكون لديكم‬ ‫حّت يف األمور السماويّة‪ُ .‬‬ ‫يف هذا اجملد الذي يبهركم مثل سراب‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 508 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التَّوق املق ّدس إىل السماء‪ ،‬إّّنا الرغبة البشريّة يف أن تكون قداستكم معلومة‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل أن‬
‫لت لكم أن َهتِّبوه‬
‫احلب املمنوح للذي قُ ُ‬ ‫ٍ‬
‫صرييف‪َ ،‬هنَم مراب‪ ،‬لكي‪ ،‬بقليل من ّ‬
‫ّ‬ ‫يكون لديكم كما َهنَم‬
‫ذواتكم كاملة‪ ،‬تَروموا احلصول على مكان إىل َيينه يف السماء‪.‬‬

‫ال‪ ،‬اي أبنائي‪ ،‬ال‪ .‬عليكم أن َجتَرعوا الكأس اليت شربتُها أان‪ ،‬كلّها‪ :‬مع احملبّة املمنوحة مقابل‬
‫البغض‪ ،‬مع العفاف الذي هو نقيض صوت األحاسيس‪ ،‬مع البطولة يف التجارب‪ ،‬مع التضحية‬
‫حب هللا واإلخوة‪ ،‬مثّ‪ ،‬عند االنتهاء من أداء الواجب‪ ،‬القول أيضاً‪" :‬إنّنا ُخ ّدام عدَيو‬
‫ابلذات من أجل ّ‬
‫النَّفع"‪ ،‬وانتظار أن َينحكم أيب‪ ،‬الذي هو أبوكم أيضاً‪ ،‬بصالحه‪ ،‬مكاانً يف مملكته‪ .‬جيب التجّرد‪ ،‬كما‬
‫ابلضروري‪ ،‬الذي ال ب ّد منه‪ ،‬الذي‬ ‫بشري‪ ،‬مع االحتفاظ فقط‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫كل ما هو ّ‬ ‫أجترد يف احملكمة‪ ،‬عن ّ‬ ‫رأيتين ّ‬
‫هو احَتام لعطيّة هللا‪ ،‬احلياة‪ ،‬ولإلخوة الذين نستطيع أن ننفعهم هناك يف السماء أكثر ممّا نفعل على‬
‫األرض‪ ،‬وأن يُ ََتك هلل أمر العناية إبلباسكم ثوب عدم البَـلَى الذي َج َعلَه دم احلَ َمل أبيض انصعاً‪.‬‬
‫ُظهر ِّ‬
‫لك املعاانة األخرى فيما بعد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ك تَـرين املعاانة اليت هيَّأَت لدرب اآلالم‪ .‬وسوف أ ِّ‬
‫لقد جعلتُ َ‬
‫ِّ‬
‫لنفسك‪ .‬هذا يكفي اآلن‪ .‬كوين يف سالم‪.‬‬ ‫أتملها راحة‬
‫فهي‪ ،‬ابلرغم من كوهنا آالماً‪ ،‬هي يف ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 509 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -68‬شفاء حنة اليت لقوزى قرب قاان)‬

‫‪1945 / 02 / 08‬‬

‫حتولَت طاولة النِّّجارة إىل‬


‫التالميذ يتناولون العشاء يف مشغل يوسف الكبري خلف البيت‪ .‬لقد َّ‬
‫حتول كذلك إىل غرفة منامة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫برمته قد ّ‬ ‫كل شيء‪ .‬ولكنّين أرى أ ّن املشغل ّ‬
‫طاولة سفرة‪ ،‬عليها ُوضع ّ‬
‫فعلى طاوليت النِّّجارة األُخريني فُ ِّر َشت حصرياتن لتصبحا مرقَدين‪ .‬وعلى طول اجلدران و ِّضعت ِّ‬
‫أسّرة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ُسل إىل بعضهم وإىل املعلّم‪.‬‬
‫منخفضة (حصائر على حواجز)‪ .‬ويتح ّدث ُّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫«إذن هل ح ّقاً ستذهب إىل لبنان؟» يسأل االسخر ّ‬
‫للرعاة‪ ،‬ولـم ِّ‬
‫رضعة‬ ‫ُ‬ ‫مرتني‪ُّ :‬‬
‫دت بذلك ّ‬‫أتوخى عدم قطع الوعود لكي ال ألتَ ِّزم‪ّ .‬أما هنا فقد َو َع ُ‬‫«أان ّ‬
‫أضفت هذا اليوم أيضاً‪ .‬إّّنا‬
‫ُ‬ ‫مت عنها‪ ،‬وللحيطة‬‫األايم اخلمسة اليت تَ َكلَّ ُ‬
‫رت ّ‬ ‫حنّة اليت لقوزى‪ .‬لقد انتَظَ ُ‬
‫استخدمنَا املركب إىل‬
‫َ‬ ‫حّت ولو‬
‫ماض‪ .‬سنرحل عند بزوغ القمر‪ .‬سوف يكون الدرب طويالً‪ّ ،‬‬ ‫اآلن فأان ٍ‬
‫أنت ترى الروح الذي‬ ‫نح هذا الفرح لقليب إبلقاء التحيّة على بنيامني ودانيال‪َ .‬‬ ‫أود َم َ‬
‫بيت صيدا‪ .‬ولكنّين ّ‬
‫الرعاة‪ .‬آه! ّإهنم يستح ّقون أن ّنضي إليهم لتكرَيهم‪ ،‬فاهلل ذاته ال يتضاءل بتكرمي خادم له‪ ،‬بل‬ ‫لدى ُّ‬
‫ابلعكس‪ ،‬إنّه ينشر بذلك عدله‪».‬‬

‫أجلك‪».‬‬
‫احلار! كن حذراً يف ما تفعل‪ .‬أقول ذلك من َ‬
‫اجلو ّ‬‫«ويف هذا ّ‬
‫أقل حرارة‪ .‬فما تزال الشمس‪ ،‬ولبعض الوقت أيضاً‪ ،‬يف برج األسد‪ .‬والعواصف خت ّفف‬ ‫«الليل ّ‬
‫طوعي‬
‫ّ‬ ‫يف كان أم َحويل‪،‬‬
‫فكل شيء‪َّ ،‬‬
‫أكرر قويل‪ :‬ليس أحد مرغماً على اجمليء‪ّ .‬‬ ‫من ح ّدة احلرارة‪ .‬مثّ‪ّ ،‬‬
‫هو‪ .‬إذا كان لديكم أعمال‪ ،‬أو إذا ما شعرمت ابلتعب‪ ،‬فابقوا‪ .‬وسوف نلتقي فيما بعد‪».‬‬

‫«هو ذاك‪ ،‬كما تقول‪ .‬ينبغي يل التفكري مبصاحل العائلة‪ .‬زمن احلصاد قد حان‪ ،‬وكانت ّأمي قد‬
‫أنت تَعلَم‪ ،‬فأان أساساً زعيم العائلة‪ .‬أقصد‪ :‬أان َر ُجل العائلة‪».‬‬
‫َر َجتين أن أقابل بعض األصدقاء‪َ ...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 510 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األول بعد األب‪».‬‬ ‫ي ِّ‬
‫األم هي دائماً يف املقام ّ‬
‫ظ أنّه يتذ ّكر أ ّن ّ‬
‫دمدم بطرس‪« :‬حلسن احل ّ‬‫ُ‬
‫السماع‪ ،‬فهو ال يُبدي ما يشري إىل أنّه َِّمس َع بطرس‬
‫يهوذا‪ ،‬إن مل يكن قد َِّمس َع أَم هو ال يريد َّ‬
‫ف بطرس بنظرة منه‪ ،‬بينما يعقوب بن زبدى اجلالس إىل جانب بطرس‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يُدمدم‪ّ .‬أما يسوع‪ ،‬فقد أوقَ َ‬
‫يش ّد له ثوبه لكي ي ِّ‬
‫سكته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الدتك‪».‬‬
‫تتأخر أبداً يف طاعة و َ‬
‫«هيّا اي يهوذا‪ .‬ابلعكس‪ ،‬جيب أن متضي إىل هناك‪ .‬ينبغي ّأال ّ‬
‫مسحت يل‪ ،‬فسأذهب يف احلال‪ .‬وسوف أكون يف الوقت احمل ّدد يف انحيم ‪ Naïm‬ألجد‬ ‫َ‬ ‫«إن‬
‫مأوى‪ .‬وداعاً اي معلّم‪ ،‬وداعاً أيّها األصدقاء‪».‬‬

‫افقك السالم‪ ،‬واستَ ِّح ّق أن يكون هللا َ‬


‫معك على الدوام‪ .‬وداعاً‪ ».‬يقول يسوع ذلك يف‬ ‫«لري َ‬
‫مجاعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوقت الذي ُييّيه اآلخرون بشكل‬

‫وحّت‪ ...‬بطرس‪ ،‬يساعده يف حزم حقيبته وتعليقها على كتفه‪ ،‬خشية أن‬ ‫مل يتأ ّمل أحد لذهابه‪ّ ،‬‬
‫املؤدي إىل احلديقة لتهوية الغرفة ابلتأكيد‪،‬‬‫يَتاجع عن قراره‪ .‬يرافقه إىل ابب املشغل املفتوح مثل اآلخر ّ‬
‫إذ إ ّن اهلواء خانق بعد يوم ُملتَ ِّهب‪ .‬يبقى عند املخرج لرياه َيضي‪ ،‬وعندما يرى أنّه ابتَـ َع َد حتماً‪ ،‬يقوم‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫يتفوه بكلمة‪ ...‬بل قد قال ّ‬ ‫بعبسة فرحة وحركة وداع ساخرة‪ ،‬ويعود وهو يفرك يديه‪ .‬ال ّ‬
‫يكرر يسوع قول انتبه‪ ،‬إذ يالحظ أ ّن ابن عمه يعقوب‬
‫أحدهم‪ ،‬وقد رأى ذلك‪ ،‬يضحك‪ .‬ال ّ‬
‫بك؟»‬
‫الذي امتَـ َق َع لونه وبدا مظهره حزيناً‪ ،‬قد تَـَرَك زيتونه جانباً‪ .‬فيسأله‪« :‬ما َ‬
‫التأخر يف طاعة الوالدة"‪ ...‬وحنن إذن؟»‬
‫قلت‪" :‬ينبغي عدم ّ‬
‫« َ‬
‫عام‪ ،‬هكذا جيب أن نفعل عندما ال نكون سوى بَ َشر وأبناء‬‫«ال يكن لديكم َحَرج‪ .‬بشكل ّ‬
‫مسواً‪ ،‬وينبغي اتّباعها حسب ما‬
‫أبوة أخرى‪ ،‬فال‪ .‬فهذه أكثر ّ‬
‫َج َسد‪ .‬ولكن عندما نتّخذ طبيعة أخرى و ّ‬
‫أهل‪ ،‬وسوف يفعل‬ ‫متأخراً‪ .‬جيب أن يت ّ‬
‫مّت‪ ...‬ولكنّه ما يزال ّ‬
‫قبلك وقبل ّ‬
‫ص َل يهوذا َ‬ ‫تتطلَّب‪ .‬لقد َو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 511 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لديك احملبّة اي بطرس! افهم‪ ...‬ولكنّين أقول‬
‫ذلك ببطء شديد‪ ،‬فلتكن لديكم احملبّة جتاهه‪ .‬فلتكن َ‬
‫الس ِّمجني‪ ،‬فهذه فضيلة ال تكون غري ذات قيمة‪ .‬طبّقها عمليّاً‪».‬‬
‫لك‪ُ :‬كن حمبّاً‪َ .‬حتَ َّمل األشخاص َّ‬
‫َ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ...‬ولكن عندما أراه هكذا‪ ...‬هكذا‪ ...‬حسناً‪ ،‬اصمت اي بطرس‪ ،‬فهو يدرك‬
‫يتكسر شيء ما‬
‫أمتزق بفعل الدَّفع‪ ،‬ويف داخلي ّ‬ ‫مدىل كثرياً يف اهلواء‪ّ ...‬‬
‫جيّداً‪ ...‬يبدو أنّين شراع ّ‬
‫اكيب‪ ،‬ولذلك أقول‪ :‬إذا ما‬
‫لك كمر ّ‬ ‫دائماً‪ ...‬ولكن‪ ،‬تعلم‪ ،‬أو ابألحرى ال تدري‪ ،‬ذلك أ ّن ال خربة َ‬
‫صمه‪ ...‬لذلك‬
‫اكيب عدمي اخلربة صفعة تُ ّ‬
‫لك أنّه يصفع املر ّ‬ ‫تَـ َقطَّ َعت أربطة شراع بفعل ضغط زائد‪ ،‬أؤّكد َ‬
‫أان أشعر أ ّن‪ ...‬أخشى أن تكون أربطيت كلّها قد تَـ َقطَّ َعت‪ ...‬وإذن‪ ...‬يـُ َفضَّل‪ ،‬واحلال هذه‪ ،‬أن‬
‫أتوصل‪ ،‬يف الوقت املناسب‪ ،‬إىل متتني األربطة‪».‬‬ ‫َيضي‪.‬هكذا يهدأ الشراع بعيداً عن الريح‪ ،‬و ّ‬
‫يبتسم يسوع ويهّز رأسه املفعم تساحماً جتاه بطرس املستقيم والذي يغلي‪.‬‬

‫سمع من الشارع‪« .‬ها هنا! ها هنا! توقّف‬


‫َجلَبَة هائلة حلوافر ذوات نعال‪ ،‬وهتافات أطفال تُ َ‬
‫ظهر‪ ،‬أمام فتحة الباب اخلارجي‪ ،‬الشكل املعتم حلصان‬
‫أيّها الرجل‪ ».‬وقبل ان يتنبه يسوع وتالميذه‪ ،‬يَ َ‬
‫يَتجل عنه فارس يهرع إىل الداخل بسرعة الربق‪ ،‬ويرمتي عند قدمي يسوع ويقبّلهما‬ ‫يتصبّب عرقاً‪ّ ،‬‬
‫إبجالل‪.‬‬

‫يَنظُر اجلميع مشدوهني‪.‬‬

‫أنت؟ وماذا تريد؟»‬


‫« َمن َ‬
‫«أان يواناثن‪».‬‬

‫دوى وصوله‪ ،‬ذلك أنّه‬‫ُجتيب صرخة من يوسف الذي كان جالساً يف مؤخرة الطاولة عندما ّ‬
‫الراعي إىل الرجل الذي ما‬
‫التعرف على صديقه‪ ،‬ويُسرع َّ‬
‫ص َل بشكل مفاجئ‪ ،‬ومل يتم ّكن يوسف من ّ‬
‫َو َ‬
‫حبق!‪»...‬‬
‫أنت ّ‬
‫أنت‪َ ،‬‬
‫يزال على األرض‪َ « :‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 512 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ريب املعبود! ثالثني عاماً من الرجاء‪ ،‬آه! اي لطول االنتظار! ها هي ذي السنوات‬
‫«نعم‪ ،‬أعبد ّ‬
‫اآلن تزهر مثل زهرة األغاف‪ ،‬وهي تبدو أكثر إزهاراً‪ ،‬فجأة‪ ،‬يف رؤاي مغبوطة‪ ،‬وأيضاً أكثر سعادة من‬
‫األخرى البعيدة! آه! اي خملّصي!»‬

‫نساء وأطفال وبعض الرجال‪ ،‬ومعهم حلفا بن سارة الطيّب‪ ،‬ويف يده قطعة من خبز وجنب‪،‬‬
‫واجلميع يتدافعون للدخول إىل داخل الغرفة‪.‬‬

‫عنك‪ ،‬وعن بنيامني ودانيال‪»...‬‬


‫كنت على وشك الذهاب للبحث َ‬
‫«اهنض اي يواناثن‪ ،‬لقد ُ‬
‫«أَعلَم‪».‬‬

‫رفاقك‪ ».‬ويرغمه على الوقوف ويقبّله‪.‬‬


‫لت َ‬ ‫لك كما قَـبَّ ُ‬
‫«اهنض ألقبّ َ‬
‫َعرف‪ .‬لقد كانت على‬ ‫القوي ذو البنية الصلبة واألانقة الرائعة‪« .‬أ ِّ‬
‫يكررها العجوز ّ‬ ‫َعرف‪ّ ».‬‬ ‫«أ ِّ‬
‫سمع عندما تناديها!»‬‫الرب اإلله! اي للنفس كيف تَ َ‬ ‫حق‪ ،‬ومل يكن ذلك هذاين َمن حتتضر! آه! أيّها ّ‬ ‫ّ‬
‫يبدو يواناثن متأثّراً‪ .‬ولكنّه يستعيد رابطة جأشه وال يضيع الوقت‪ .‬إنّه هائم‪ ،‬ومع ذلك فهو نشيط‪،‬‬
‫َّثت إىل‬
‫أرجوك اجمليء معي‪ .‬لقد حتد ُ‬‫َ‬ ‫أتيت‬
‫ينطلق فوراً صوب اهلدف‪« :‬اي يسوع خملّصنا ومسيحنا‪ُ ،‬‬
‫تك حنّة‪ ،‬وهي قالت يل‪ ...‬ال تضحك من رجل سعيد‪،‬‬ ‫إستري وقالت يل‪ ...‬آه! إّّنا قبل ذلك فقد َكلَّ َم َ‬
‫كنت مسافراً‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫أنت تَعلَم أنّين ُ‬
‫منك على "إنّين آت"‪َ .‬‬ ‫أنت اي من تسمعين‪ ،‬سعيد وقَلق إىل أن أحصل َ‬ ‫َ‬
‫طرباي إىل بيت صيدا‪ ،‬لقد كان موفّقاً‪ .‬إّّنا بعد ذلك‪ ،‬بعد‬
‫مع معلّميت اليت حتتضر‪ .‬واي هلذا السفر! من ّ‬
‫استأجرت َعَربَة‪ ،‬ورغم أنّين َج َّهزُهتا قدر استطاعيت‪ ،‬فقد كانت آلة عذاب‪ .‬لقد‬
‫ُ‬ ‫النُّـزول من املركب‪،‬‬
‫شارفَت على املوت‪ ،‬وهي تبصق‬ ‫سارت ببطء خالل الليل‪ّ ،‬إال ّأهنا كانت تتأ ّمل‪ .‬ويف قيصريّة فليبّس َ‬
‫أرسلَت يف طليب‪ ،‬وقد كانت تبدو‬ ‫دماً‪ .‬وقد توقّفنا‪ ...‬ويف صبيحة اليوم الثالث‪ ،‬منذ سبعة أايم‪َ ،‬‬
‫وم َنه َكة‪ .‬ولكن حينما انديتُها فَـتَ َحت عينيها العذبتني‪ ،‬عيين غزالة‬‫كامليتة‪ ،‬بقدر ما كانت شاحبة ُ‬
‫أشارت بيدها املتجلّدة أبن أحنين‪ ،‬إذ مل يكن ابقياً لديها سوى أثر من صوت‪،‬‬ ‫حتتضر‪ ،‬وابتَ َس َمت يل‪َ .‬‬
‫وقالت يل‪" :‬يواناثن‪ ،‬خذين إىل البيت‪ .‬حاالً"‪ .‬لقد ب َذلَت جمهوداًكبرياً ج ّداً لتأمرين‪ ،‬وهي اليت كانت‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 513 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مت ببييت يف طرباي‪.‬‬ ‫على الدوام مثل طفل وديع‪ ،‬وقد تَ َّلون خداها وملع بريق يف عينيها‪ .‬اتبـعت‪ِّ :‬‬
‫"حل ُ‬‫َ‬ ‫ََ‬
‫وقد كان داخله رجل‪ ،‬وجهه مثل جنمة‪ .‬وهو كبري‪ ،‬أشقر ذو عينني مساويّتني وصوت أعذب من صوت‬
‫كنت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القيثارة‪ .‬وكان يقول يل‪’ :‬أان احلياة‪ ،‬هيّا عودي‪ .‬إنّين أنتظرك ألمنحك ّإايها‘‪ .‬أريد أن أذهب"‪ .‬و ُ‬
‫كنت أظنّه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تتحسن حالك‪ ،‬سنرى"‪ُ .‬‬ ‫أقول هلا‪" :‬ولكن اي معلّميت! ال َيكنك! حالتك سيّئة! حاملا ّ‬
‫أضحت معلّميت منذ ما يقارب السنوات‬ ‫املرة األوىل مذ َ‬ ‫هذاين املوت‪ .‬ولكنّها بَ َكت‪ ،‬مثّ ‪-‬آه! ّإهنا ّ‬
‫وجلَ َست بغضب‪ ،‬وهي اليت ال تستطيع احلركة‪ -‬وقالت يل‪" :‬أيّها‬ ‫الست اليت تقول فيها ذلك‪ ،‬نعم‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وقلت‪:‬‬ ‫اخلادم‪ ،‬أريد ذلك‪ .‬أان معلّ َ ِّ‬
‫دت ّأهنا كانت متوت‪ُ ...‬‬ ‫متك فَأَطع!" مثّ َه َوت يغطّيها الدم‪ .‬واعتَـ َق ُ‬
‫"فلنعمل على إرضائها‪ .‬املوت للموت!‪ ...‬لن أجلب لنفسي عذاب الضمري نتيجة إلغضاهبا يف‬
‫لت على إرضائها على الدوام"‪ .‬اي له من سفر! مل حتصل خالله على الراحة سوى‬ ‫ِّ‬
‫النهاية‪ ،‬بعد أن َعم ُ‬
‫بني الساعة الثالثة والساعة السادسة (ما يعادل اآلن بني الساعة التاسعة والثانية عشرة)‪ .‬وقد أَهنَ ُ‬
‫كت‬
‫طرباي الساعة التاسعة من هذا الصباح‪ ...‬وقد ح ّدثتين إستري‪ ...‬عندئذ‬ ‫صلنا إىل ّ‬
‫اجلياد لإلسراع أكثر‪َ .‬و َ‬
‫دت فيه إستري مبعجزة‪،‬‬
‫أنت َمن انداها‪ .‬إذ كانت الساعة ذاهتا واليوم نفسه الذي َو َع َ‬ ‫كنت َ‬ ‫ك َ‬ ‫كت أنّ َ‬
‫أدر ُ‬
‫أرسلَتين الستعجال الساعة‪ ...‬آه! تعال‬ ‫رت لروح معلّميت‪ .‬وقد أرادت االنطالق اثنية وحاالً‪ ،‬و َ‬ ‫وقد ظَ َه َ‬
‫اي خملّصي!»‬

‫يستحق املكافأة‪ .‬من يرغب يب َيتلكين‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬ ‫«ها أنذا ٍ‬


‫آت يف احلال‪ ،‬فاإلَيان‬
‫ّ‬
‫أعطيت أحد الشبان كيس نقود وقلت له‪" :‬ثالثة‪ ،‬مخسة‪ ،‬قدر ما تشاء من احلمري‬
‫ُ‬ ‫«انتَ ِّظر‪ .‬لقد‬
‫إذا مل يكن لديكم جياد‪ ،‬وبسرعة إىل بيت يسوع"‪ .‬إنّه على وشك الوصول‪ .‬وبذلك سنذهب بشكل‬
‫األقل‪»...‬‬
‫أسرع‪ .‬آمل أن نلقاها قرب قاان‪ .‬إذا كانت على ّ‬
‫«ماذا اي يواناثن؟»‬

‫األقل إذا كانت ما تزال على قيد احلياة‪»...‬‬


‫«على ّ‬
‫حّت ولو كانت ميتة‪ ،‬فأان احلياة‪ .‬هي ذي ّأمي‪».‬‬
‫« ّإهنا على قيد احلياة‪ .‬إّّنا ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 514 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت‬
‫بين‪ ،‬هل َ‬
‫العذراء‪ ،‬وقد أنبَأَها أحدهم ابلتأكيد‪ ،‬جتري ابلفعل‪ ،‬تتبعها مرمي اليت حللفا‪« :‬اي ّ‬
‫ذاهب؟»‬

‫رت‬ ‫ِّ‬
‫كنت أَعلَم أنّين أستطيع تقدَيه لك‪ .‬لذلك انتَظَ ُ‬
‫«نعم اي ّأمي‪ ،‬أمضي مع يواناثن‪ .‬لقد أتى‪ُ .‬‬
‫يوماً إضافيّاً‪».‬‬

‫يقوم يواناثن ّأوالً إبلقاء حتيّة عميقة‪ ،‬الذراعان متصالبان على الصدر‪ ،‬واآلن هو جيثو‪ ،‬وابلكاد‬
‫ريب!»‬
‫يرفع طرف ثوب مرمي ويقبّله قائالً‪« :‬السالم على ّأم ّ‬
‫ويقول حلفا بن سارة للفضوليّني‪« :‬وإذن‪ ،‬ماذا تقولون؟ أليس خمجالً أن نكون وحدان بدون‬
‫إَيان؟»‬

‫كل ما هو موجود يف الناصرة‪ ،‬وهي‬‫سمع من الشارع صوت حوافر كثرية‪ّ .‬إهنا احلمري‪ .‬أظنّها ّ‬ ‫يُ َ‬
‫حّت إنّه يوجد منها ما يكفي لكتيبة‪َ .‬يتار يواناثن أفضلها ويشَتيها‪ ،‬ويدفع بال مساومة‪،‬‬
‫كثرية العدد‪ّ ،‬‬
‫أيخذ معه َر ُجلني من الناصرة مع محارين آخرين خمافة أن يُفلِّت نَعل أحدها على الطريق‪ ،‬ولكي يتمكنا‬
‫الزوادات‪.‬‬
‫و‬ ‫احلقائب‬ ‫حزم‬ ‫يف‬ ‫دان‬ ‫من إيصال كل هؤالء اخليالة‪ .‬ويف هذه األثناء‪ ،‬مرمي ومرمي تُ ِّ‬
‫ساع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أتلمسهما‪ ...‬فيتهيّأ يل‬
‫تقول مرمي اليت حللفا لولديها‪« :‬سأدع سريريكما يف مكانيهما‪ ،‬وسوف ّ‬
‫لدي‪ ...‬وأان‪ ...‬أان سوف أكون سعيدة‪ »...‬وتبكي‬
‫أنّين أالطفكما‪ .‬كوان صاحلني لتستح ّقا يسوع اي و ّ‬
‫حارة‪.‬‬
‫يف هذه األثناء بدموع ّ‬
‫توجه إليه ألف توصية وُحتَ ِّّمله حتيّاهتا‬
‫حبب‪ ،‬وهي ّ‬ ‫مرمي‪ ،‬من جهتها‪ ،‬تساعد يسوعها‪ .‬تالطفه ّ‬
‫احلارة املفعمة حبّاً ُلرعاة لبنان‪ ،‬ذلك أ ّن يسوع قد أَعلَن أنّه لن يعود قبل أن جيدهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ذهبون‪ .‬يَهبط الليل ويَظهر القمر يف هذه اآلونة يف منطقته األوىل‪ .‬يسوع مع جواناثن يف‬‫يَ َ‬
‫حّت إذا‬ ‫ِّ‬
‫كل البقية خلفهم‪ .‬طاملا هم يف املدينة‪َ ،‬يضون خبطوات بطيئة نظراً لتجمهر الناس‪ّ ،‬‬
‫املق ّدمة‪ّ ،‬‬
‫ما خرجوا منها مضوا مسرعني‪ .‬وير ّن رجع (صدى) صوت احلوافر واجلَّ ِّ‬
‫الجل (األجراس)‪.‬‬ ‫ََ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 515 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك! يف‬ ‫« ّإهنا يف العربة مع إستري»‪ ،‬يشرح يواناثن‪« .‬آه! اي معلّميت! اي هلا من فرحة يف إرضائ ِّ‬
‫اك بريق جنمة‬ ‫لك على حميّ َ‬
‫أمتلكك! إ ّن َ‬
‫َ‬ ‫إيصال يسوع ِّ‬
‫إليك! آه! اي إهلي! أن تكون هنا إىل جانيب! أن‬
‫ك!‬‫وصوتك يشبه صوت القيثارة‪ ...‬آه! ّأما ّأم َ‬
‫َ‬ ‫ك أشقر ذو عينني بلون السماء‪،‬‬ ‫أتك‪ ،‬كما أنّ َ‬
‫كما ر َ‬
‫فهل أتخذها يوماً إىل معلّميت؟»‬

‫«املعلّمة هي اليت ستأيت إليها‪ .‬سوف تصبحان صديقتني‪».‬‬

‫«نعم؟ آه!‪ ...‬نعم‪َ ،‬يكنها أن تكون كذلك‪ّ .‬إهنا زوجة‪ ،‬وقد كانت يوماً ّأماً‪ ،‬حنّة هذه‪ .‬إّّنا‬
‫لديها نفس طاهرة مثل عذراء‪ .‬إبمكاهنا املكوث قرب مرمي املباركة‪».‬‬

‫ص َد َرت عن يوحنّا وقَـلَّ َدها اآلخرون‪.‬‬


‫يلتفت يسوع لدى مساعه َجلَبَة ضحكة عذبة َ‬
‫هر‪ ...‬إّّنا‬ ‫ِّ‬
‫«أان‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬من َج َعلهم يضحكون‪ .‬ذلك أنّين أشعر ابرتياح على املركب أكثر من ّ‬
‫حراً على جسر سفينة تؤرجحها الريح!» يقول بطرس‪.‬‬ ‫على ظهر هذا! فيبدو يل أنّين برميل يتدحرج ّ‬
‫ويشجعه‪ ،‬واعداً ّإايه بقرب انتفاء الداعي المتطاء احلمري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يبتسم له يسوع‬

‫«آه! ال ضري لو ضحك األوالد‪ .‬هيّا‪ ،‬هيّا بنا نُفرح هذه املرأة الطيّبة‪».‬‬

‫ك اي‬
‫يلتفت يسوع من جديد على صوت َجلَبَة ضحك‪ .‬يهتف بطرس‪« :‬ال‪ ،‬هذا لن أقوله ل َ‬
‫يعض أصابعه عندما يعلم أ ّن فرصة‬
‫كنت أقول‪" :‬وزيران العظيم سوف ّ‬
‫معلّم‪ .‬ولكن يف النهاية ملَ ال؟ ُ‬
‫ظهوره كالطاووس أمام سيدة قد فاتته"‪ .‬وهم لذلك يضحكون‪ .‬ذلك أنّين متأ ّكد أنّه‪ ،‬لو استطاع‬
‫تصور ذلك‪ ،‬لكان نسي االهتمام بكروم أهله‪».‬‬
‫ّ‬
‫يسوع ال جييب‪.‬‬

‫تلك احلمري اليت أُشبِّعت تقطع الطريق بسرعة‪ .‬لقد جتاوزوا قاان على ضوء القمر‪.‬‬

‫مسحت يل‪ ،‬فسأتق ّدمكم‪ .‬سأَوقِّف العربة‪ ،‬فاالرجتاجات جتعلها تتأ ّمل كثرياً‪».‬‬
‫َ‬ ‫«لو‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 516 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هيّا‪».‬‬

‫يهمز يواناثن اجلواد ليجعله جيري‪.‬‬

‫مسافة أخرى ال أبس هبا يف ضوء القمر‪ ،‬وترتسم املعامل القامتة لعربة كبرية مغطّاة‪ ،‬متوقّفة على‬
‫ويَتجل‪.‬‬
‫قارعة الطريق‪ .‬يهمز يسوع محاره الذي يسري خبباً‪ .‬وها هو ذا أمام العربة‪ّ .‬‬
‫«ماسيا!» يعلن يواناثن‪.‬‬

‫وهتَرع املرضعة العجوز‪ ،‬هتبط من العربة إىل الشارع‪ ،‬ومنه إىل الَتاب‪« .‬آه! أنقذها! ّإهنا حتتضر‪».‬‬
‫َ‬

‫«ها أان ذا‪ ».‬ويرتقي يسوع إىل العربة‪ ،‬حيث ُمدَّت كومة من املساند‪ ،‬وعليها جسد هزيل‪ .‬يف‬
‫إحدى الزوااي يوجد مصباح وأكواب ِّ‬
‫وجرار‪ ،‬إىل جانبها خادمة شابّة تبكي وهي متسح عرق احملتضرة‬
‫البارد‪ .‬يهرع يواناثن حامالً أحد مصابيح العربة‪.‬‬

‫ينحين يسوع على املرأة املستسلمة‪ ،‬وهي حقيقة حتتضر‪ .‬ال فرق يُذكر بني بياض ثوهبا الكتاين‬
‫وشحوب يديها ووجهها اهلزيلني املائلني قليالً إىل الزرقة‪ .‬فقط احلاجبان الكثيفان واألهداب الطويلة‬
‫حّت االمحرار املشؤوم الذي للمسلولني‪،‬‬
‫القامتة تضفي لوانً على هذا الوجه الذي بلون الثلج‪ .‬مل يعد هلا‪ّ ،‬‬
‫البنفسجي‪ّ ،‬إهنما الشفتان شبه‬
‫ّ‬ ‫وردي َييل إىل اللون‬
‫ظل ّ‬ ‫على وجنتيها اللتني هرب اللون منهما‪ .‬يُرى ّ‬
‫املفتوحتني‪ ،‬بسبب صعوبة التنفس‪.‬‬

‫أضحت‬
‫لكن النَّفس اليت َ‬
‫جيثو يسوع إىل جانبها ويراقبها‪ .‬متسكها املرضعة من يدها وتناديها‪ .‬و ّ‬
‫على عتبة األبديّة مل تعد تعي لشيء‪.‬‬

‫الر ُجالن اللذان من الناصرة وُييطون ابلعربة‪.‬‬ ‫ي ِّ‬


‫صل التالميذ و َّ‬ ‫َ‬
‫يضع يسوع يده على جبهة احملتضرة اليت تَفتَح‪ ،‬لربهة‪ ،‬عينيها الضبابيّتني واملبهمتني‪ ،‬مثّ تعود‬
‫لتغلقهما‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 517 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«لقد فَـ َق َدت وعيها‪ ».‬تتمتم املرضعة وتبكي أبكثر ح ّدة‪.‬‬

‫سمع‪ ».‬مثّ ينادي‪« :‬حنّة! حنّة! هذا أان! أان الذي‬


‫األم ثقي‪ّ ،‬إهنا تَ َ‬
‫يقوم يسوع إبشارة‪« :‬أيّتها ّ‬
‫إيل اي حنّة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫أانديك‪ .‬أان احلياة‪ .‬انظري ّ‬
‫وبنظرة أكثر حيويّة‪ ،‬تفتح احملتضرة عينيها الواسعتني السوداوين‪ ،‬وتنظر إىل الوجه املنحين صوهبا‪.‬‬
‫تتوصل مع ذلك إىل أن تكون‬ ‫حترك شفتيها ببطء لتقول كلمة‪ ،‬مل ّ‬ ‫تنم عن فرح وتبتسم‪ّ .‬‬ ‫تقوم حبركة ّ‬
‫مسموعة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫َيكنك اإلَيان يب؟»‬ ‫ِّ‬
‫ألنقذك‪ .‬هل‬ ‫أتيت‬ ‫ِّ ِّ‬
‫«نعم‪ ،‬هذا أان‪ .‬أنت أتيت‪ ،‬وأان ُ‬
‫كل ما ال تستطيع الكلمة‬ ‫ِّ‬
‫كل حيويّتها يف نظرهتا اليت تُفصح عن ّ‬
‫وتتجمع ّ‬
‫ّ‬ ‫تومي احملتضرة برأسها‪.‬‬
‫التعبري عنه‪.‬‬

‫يسوع‪ ،‬مع كونه ما يزال جاثياً ويده اليسرى على جبهتها‪ ،‬يقف‪ ،‬وأيخذ وضعية اجَتاح املعجزة‪:‬‬
‫«إذاً‪ ،‬أان أريد ذلك‪ .‬فلتشفي‪ .‬اهنَضي‪ ».‬ويرفع يده ويقف‪.‬‬

‫أي نوع‪ ،‬جتلس وهتتف‪ ،‬وترمتي‬


‫أجزاء من الدقيقة بعد ذلك‪ ،‬وحنّة اليت لقوزى‪ ،‬دون عون من ّ‬
‫لك!‬
‫لك اي حيايت! لألبد! َ‬
‫حيب َ‬ ‫عند قدمي يسوع وهي هتتف بصوت ٍّ‬
‫مدو وفرح يف آن معاً‪« :‬آه! ّ‬
‫لك! أيتّها املرضعة! اي يواناثن! لقد ُشفيت! آه! بسرعة! أسرعوا إلخبار قوزى‪ ،‬و ِّ‬
‫ليأت لتقدمي‬ ‫لألبد َ‬
‫ُ‬
‫فروض العبادة هلل! آه! ابركين أيضاً وأيضاً وأيضاً! آه! اي خملّصي‪ ».‬تبكي وتضحك وهي تقبّل ثياب‬
‫ويدي يسوع‪.‬‬
‫كك‪ ،‬نعم‪ .‬ماذا تريدين أن أفعل ِّ‬
‫لك بعد؟»‬ ‫«أابر ِّ‬

‫ك‪».‬‬
‫ريب‪ .‬فقط أن حتبّين وأن تسمح يل أن أحبّ َ‬
‫«ال شيء‪ ،‬اي ّ‬
‫« َأوال ترغبني بطفل؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 518 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ماضي وحاضري‬ ‫ّ‬ ‫كل شيء‪:‬‬
‫لك ّ‬
‫«آه! طفل!‪ ...‬ولكن‪ ،‬افعل ما تشاء اي سيّدي‪ .‬فإنّين أترك َ‬
‫خادمتك ما تَعلَم أنّه‬
‫َ‬ ‫أنت‪،‬‬
‫كل شيء‪ .‬فامنَح ‪َ ،‬‬ ‫لك ّ‬
‫بكل شيء‪ ،‬وأعيد َ‬‫لك ّ‬ ‫ومستقبلي‪ .‬إنّين مدينة َ‬
‫األفضل‪».‬‬
‫ك‪ .‬أان ذاهب‪ .‬أابر ِّ‬
‫كك وأابرككم‪».‬‬ ‫«إذن‪ ،‬فاحلياة األبدية‪ .‬كوين سعيدة‪ .‬هللا ُيب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َزهر‪ .‬امسح يل أن‬
‫لك حمطّة يف بييت‪ ،‬فهو اآلن‪ ،‬آه! إنّه اآلن بستان ورد أ َ‬
‫اجعل َ‬
‫ريب‪َ .‬‬‫«ال اي ّ‬
‫برفقتك‪ ...‬آه! كم أان سعيدة!»‬
‫َ‬ ‫أعود إليه‬

‫لكن تالميذي معي‪».‬‬


‫«أان آيت‪ ،‬و ّ‬
‫تكرم‬
‫كل ما يلزم‪ّ .‬‬
‫لك‪ ،‬الطعام والشراب و ّ‬
‫رب‪ .‬ولدى حنّة هلم‪ ،‬كما لديها َ‬
‫« ّإهنم أخوة يل‪ ،‬اي ّ‬
‫علي بذلك!»‬ ‫ومن ّ‬
‫ّ‬
‫الركائِّب ولنتابع سرياً على األقدام‪ .‬مل يعد أمامنا الكثري للسري اآلن‪ .‬سنمضي‬ ‫«هيّا‪ .‬أعيدوا َّ‬
‫ألمي وأصدقائي‪».‬‬ ‫سالمي‬ ‫غا‬ ‫ببطء لتتم ّكنوا من املتابعة‪ .‬وداعاً اي امساعيل واي عزراي‪ .‬أَبلِّ‬
‫ّ‬
‫للجلَبَة‪ ،‬بينما تعود العربة اآلن حبمولتها ال َف ِّر َحة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الناصرّاين مشدوهان‪ .‬يَنطَلقان مع محريُها املثرية َ‬
‫وخلفها التالميذ على شكل مجاعة يَ ُروون احلَ َدث‪.‬‬

‫وينتهي كل شيء‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 519 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫الراعيَ َني بنيامني ودانيال)‬


‫‪( -69‬يسوع يف لبنان عند َّ‬
‫‪1945 / 02 / 10‬‬

‫الر ُسل الذين يتح ّدثون‬


‫يسوع يسري إىل جانب يواناثن على طول طريق خضراء وظليلة‪ ،‬وخلفهما ُّ‬
‫فيما بينهم‪ّ .‬إال أ ّن بطرس ينفصل عنهم ويتق ّدم‪ ،‬وبصراحته املعهودة‪ ،‬يسأل يواناثن‪« :‬ولكن أمل تكن‬
‫كنت تسلك األخرى‬ ‫املؤدية إىل قيصريّة فليبّس أقصر؟ وقد سلكنا هذه‪ ...‬فمّت سنصل؟ هل َ‬ ‫الطريق ّ‬
‫مع املعلّمة؟»‬

‫عليك أن تف ّكر أنّين اتبع لشخصيّة من حاشية أنتيباس‪،‬‬


‫كل األخطار‪ .‬إّّنا َ‬
‫لت ّ‬
‫حتم ُ‬‫«مع مريضة‪ّ ،‬‬
‫لست أخشى‬‫وفليبّس‪ ،‬بعد هذا الفجور املعيب‪ ،‬مل يعد ينظر بعني الرضا إىل حاشية هريودس‪ ...‬أان ُ‬
‫خاص من أجل املعلّم‪ .‬ال أريد أن أسبّب لكم‬
‫أنت تعلم‪ ،‬إّّنا من أجلكم‪ ،‬وبشكل ّ‬ ‫شيئاً من أجلي‪َ ،‬‬
‫لك كلمة‪ ،‬كما يف تلك اليت‬‫املشاكل وأخلق لكم العداوات‪ .‬يف ربع والية فليبّس ينبغي أن تكون َ‬
‫ألنتيباس‪ ...‬وإذا أبغضوكم‪ ،‬كيف َيكن أن تكون احلال؟ َيكنكم‪ ،‬أثناء العودة‪ ،‬أن تسلكوا الطريق‬
‫األخرى‪ ،‬إذا ما ارأتيتم ّأهنا األفضل‪».‬‬
‫ِّ‬
‫عزمت على املرور أبرض فينيقيّة‪ ،‬أثناء العودة‪ ».‬يقول‬
‫حرصك‪ ،‬اي يواناثن‪ ،‬ولكنّين ُ‬
‫َ‬ ‫«أُقَ ّدر َ‬
‫لك‬
‫يسوع‪.‬‬

‫«أرض تل ّفها ظلمات اخلطيئة‪».‬‬

‫أمر على احلدود ألذ ّكرهم أبن النور موجود‪».‬‬


‫«سوف ّ‬
‫«أتعتقد أ ّن فليبّس ينتقم من خادم‪ ،‬بسبب خطأ ارتكبه أخوه جتاهه؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 520 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل األهواء األكثر دانءة‪ ،‬وال َييّزون‪.‬‬
‫«نعم‪ ،‬اي بطرس‪ .‬فالواحد يشبه اآلخر‪ .‬تسيطر عليهم ّ‬
‫يبدون كاحليواانت‪ ،‬وليس كالبشر‪ .‬ثق بذلك‪».‬‬

‫«ومع ذلك حنن‪ ،‬أقصد هو‪ ،‬قريب يوحنّا‪ ،‬ينبغي أن يكون عزيزاً عليه‪ .‬أصالً‪ ،‬يوحنّا‪ ،‬أثناء‬
‫كالمه ابسم هللا‪ ،‬قد تكلّم أيضاً ابمسه ويف صاحله‪».‬‬

‫كنت‬
‫حّت من أين أنتم قادمون‪ ،‬وال من تكونون‪ّ .‬أما إن شوهدمت معي‪ ،‬لو ُ‬ ‫«مل يكن ليسألكم ّ‬
‫لس ِّجنتم على الفور‪.‬‬
‫معروفاً‪ ،‬أو لو كان أحد أعداء بيت أنتيباس قد وشى يب كخادم لواليه الروماينّ‪ُ ،‬‬
‫لو تعلمون أيّة محأة رذيلة تكمن خلف ثياب األرجوان! انتقامات وإجحافات‪ ،‬وشاايت وفجور‬
‫أظن أ ّن مل يعد لديهم نفس‪ .‬ترون هذا‪.‬‬‫وسرقات‪ ،‬هذا هو غذاء نفوسهم‪ .‬نفوس؟ نقول هذا‪ ،‬ولكنّين ّ‬
‫ِّ‬
‫لقد كانت النهاية جيّدة‪ ،‬ولكن ملاذا أُطلق سراح يوحنّا؟ نتيجة مشاجرة بني موظّفني من البالط‪ ،‬مثّ‬
‫أنع َم عليه أنتيباس بتعيينه حارساً على يوحنّا مقابل مبلغ‬ ‫ِّ‬
‫انتقام‪ .‬فَل َكي يتخلّص أحدُها من اآلخر‪ ،‬وقد َ‬
‫من املال‪ ،‬فَـتَ َح ابب السجن ليالً‪ ...‬أظنّه َج َع َل ُمنافِّسه يدوخ بنبيذ ممزوج‪ ،‬ويف صبيحة اليوم التايل‪،‬‬
‫لك أن ذلك ليبعث على االمشئزاز‪.‬‬ ‫قُ ِّطع رأس ذاك املسكني بدل يوحنّا اهلارب‪ .‬أؤّكد َ‬
‫ئيسك فيه؟ يبدو يل أنّه صاحل‪».‬‬
‫«وهل بقي ر َ‬
‫«نعم‪ ،‬ولكنّه ال َيكنه فعل شيء مغاير‪ .‬فأبوه وج ّده كاان من رجاالت بالط هريودس الكبري‪،‬‬
‫واالبن مرغم على البقاء‪ .‬هو غري موافق‪ ،‬ولكنّه ال يستطيع شيئاً غري االقتصار على االحتفاظ بزوجته‬
‫بعيداً عن ذلك البالط املوبوء‪».‬‬

‫« َأومل يكن إبمكانه القول‪" :‬هذا يثري امشئزازي" وَيضي؟»‬

‫«بلى‪ ،‬إّّنا بسبب طيبته مل يكن أهالً لذلك‪ .‬فهذا كان يعين املوت احملتّم‪ .‬ومن ذا الذي يرتضي‬
‫السمو؟ ق ّديس مثل املعمدان‪ّ .‬أما حنن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املوت مدفوعاً أبمانة روحيّة‪ ،‬ترقى إىل أعلى درجات‬
‫فمساكني!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 521 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل بقاع‬
‫ظهر يف ّ‬
‫عما قليل سوف يَ َ‬
‫يتدخل يسوع الذي كان قد تركهما يتح ّداثن فيما بينهما‪ّ « :‬‬
‫ّ‬
‫الدنيا ق ّديسون‪ ،‬بعدد زهور احلقل يف نيسان‪ ،‬سعداء للموت من أجل هذا الوفاء للنعمة ومن أجل‬
‫حب هللا!»‬
‫ّ‬
‫«ح ّقاً؟ آه! كم يسعدين إلقاء التحيّة على هؤالء الق ّديسني والطَّلَب إليهم أن يصلّوا من أجل‬
‫املسكني مسعان بن يوان‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫ينظر يسوع إىل وجهه ويبتسم‪.‬‬

‫إيل هكذا؟»‬
‫«ملاذا تنظر َّ‬
‫ازرونك‪».‬‬
‫ويرونك عندما يؤ َ‬
‫َ‬ ‫ك سوف تراهم عندما تؤازرهم‬
‫«ألنّ َ‬
‫ريب؟»‬
‫«مباذا ّ‬
‫سيتم إحياء الشهادة يب‪ ،‬وعليها ستُشاد‪».‬‬ ‫«لتُصبِّح الصخرة َّ‬
‫املكرسة للتضحية‪ ،‬اليت عليها ّ‬
‫أفهمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫لست‬
‫« ُ‬
‫«سوف تفهم‪».‬‬

‫التالميذ اآلخرون الذين كانوا قد اقَتبوا واستمعوا‪ ،‬يتحادثون فيما بينهم‪.‬‬

‫احملك أبمر َجلَل أو آبخر‪ .‬يف‬


‫توضعون على ّ‬ ‫احلق أقول لكم‪ ،‬سوف َ‬‫يلتفت يسوع قائالً‪ّ « :‬‬
‫الوقت احلاضر هو الزهد برفاهيّتكم وعواطفكم ومصاحلكم‪ّ .‬أما بعد فسوف تتعاظم التضحية أكثر‬
‫تتوجكم إبكليل خالد‪ .‬كونوا أوفياء‪ .‬ولكن ستكونون‬
‫حّت تصل إىل التضحية العظمى اليت ّ‬ ‫فأكثر‪ّ ،‬‬
‫مجيعاً كذلك‪ .‬إنّه املصري الذي ينتظركم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 522 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلب الذي نكنّه‬
‫«هل سيُح َكم علينا ابملوت من قبل اليهود‪ ،‬من اجملمع‪ ،‬ويكون ذلك بسبب ّ‬
‫لك؟»‬
‫َ‬
‫لكن العامل كذلك ينتظر أن يَغتَ ِّسل‪،‬‬
‫«أورشليم تَغسل أعتاب هيكلها بدماء أنبيائها وق ّديسيها‪ .‬و ّ‬
‫احلقيقي‪ّ ،‬أما آفة‬
‫ّ‬ ‫ففيه توجد معابد‪ ،‬وهي معابد إهليّة رهيبة؛ سوف تصبح يف املستقبل معابد اإلله‬
‫تتطهر مباء التطهري املصنوع من دم الشهداء‪».‬‬
‫الوثنيّة فسوف ّ‬
‫لست أهالً ملثل هذا املصري! أان ضعيف! وأخاف‬
‫رب! اي معلّم! أان ُ‬
‫«آه! أيّها اإلله السامي! اي ّ‬
‫القوة‪ .‬ال أريد أن‬
‫أنت ّ‬‫خادمك عدمي النفع أو فامنحين َ‬
‫َ‬ ‫بك أن تصرف‬‫حري َ‬
‫رب!‪ّ ...‬‬ ‫الشر! آه! اي ّ‬
‫ّ‬
‫عما يف‬
‫ينم متاماً ّ‬
‫يتوسل إليه بصوت ّ‬
‫تك بسبب جبين‪ ».‬ويرمتي بطرس عند قدمي املعلّم ّ‬ ‫تتشوه صور َ‬
‫ّ‬
‫قلبه‪.‬‬

‫لديك دروب كثرية متشيها‪ ...‬وستأيت الساعة حيث‬


‫«اهنض اي بطرس عزيزي‪ ،‬ال ختف‪ .‬ما زالت َ‬
‫ذاتك‪.‬‬
‫القوة كلّها‪ ،‬آتية من السماء ومن َ‬
‫لك ّ‬
‫ال تعود تريد سوى إمتام التضحية األخرية‪ .‬عندئذ ستكون َ‬
‫ملشاهدتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫وسأكون حاضراً ممتلئاً إعجاابً‬
‫أنت تقول‪ ...‬وأان أؤمن‪ .‬ولكنّين إنسان مسكني ج ّداً‪ ».‬ويعاودون املسري…‬
‫« َ‬

‫حمرجاً‬
‫صعدوا جبالً َّ‬ ‫السهل ليَ َ‬
‫‪ ...‬بعد انقطاع طويل إىل ح ّد ما‪ ،‬عادت الرؤاي حيث جتاوزوا َّ‬
‫احلر‪ ،‬بينما اآلن‬
‫على طريق صاعد ابستمرار‪ .‬يفَتض ّأال يكون اليوم ذاته‪ ،‬إذ كان الصباح قبالً شديد ّ‬
‫فجر وليد مجيل ُمنري‪ ،‬وعلى سوق العشب كلّها تضيء ماسات سائلة‪ .‬غاابت جتاوزوها‪ ،‬وغاابت‬
‫احلجاج الذين ال يتعبون‪.‬‬
‫أخرى من الصنوبر تُرى من األعلى‪ .‬ومثل قباب خضرة تستقبل بني جذوعها ّ‬
‫كل‪ ،‬أو‬
‫لست أدري إذا ما كان لبنان هذا ال ّ‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن لبنان هذا سلسلة فائقة الروعة‪ُ .‬‬
‫صب مع تشابك الذرى واملنحدرات‪ ،‬والوداين‬ ‫حمرجة تنتَ ِّ‬
‫هذا اجلبل فقط‪ .‬ما أعرفه هو أنّين أرى ُكتَالً َّ َ‬
‫فضيّة متيل قليالً‬
‫واهلضاب‪ ،‬وعلى مداها تَتاكض سيول لتسقط بعدئذ يف الوداين‪ ،‬وهي تبدو شرائط ّ‬
‫الالزوردي‪( .‬أي بلون زرقة األفق)‬
‫ّ‬ ‫إىل األخضر‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 523 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل نوع‪ ،‬متأل بصداحها وطرياهنا غاابت الصنوبر‪ .‬ويف هذه الساعة الصباحيّة‬ ‫عصافري‪ ،‬من ّ‬
‫نشق عطر الراتنج‪ .‬اباللتفات إىل الوادي‪ ،‬أو ابحلري صوب الغرب‪ ،‬يـَُرى البحر الذي يضحك يف‬ ‫يُستَ َ‬
‫كل الشاطئ الذي َيتد مشاالً وجنوابً‪ ،‬مبدنه ومرافئه‪ ،‬وجماري املياه‬ ‫البعيد‪ ،‬واسعاً‪ ،‬ساكناً‪ ،‬ومهيباً‪ ،‬و ّ‬
‫ط فاصلة تلمع على األرض اجملدبة مبياهها القليلة اليت‬ ‫تصب يف البحر‪ ،‬وهي ابلكاد خت ّ‬ ‫القليلة اليت ّ‬
‫جت ّففها مشس الصيف‪ ،‬وسحابة صفراء يف أفق البحر‪.‬‬

‫«إ ّن هذه املناظر جلميلة‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫اجلو بتلك احلرارة‪ ».‬يقول مسعان‪.‬‬


‫«مل يعد ّ‬
‫َيف إزعاج الشمس‪»...‬‬
‫مّت‪« :‬مع هذه األشجار ّ‬
‫ويضيف ّ‬
‫ويسأل يوحنّا‪ِّ « :‬أمن هنا أ ُِّخذ أرز اهليكل؟»‬

‫«نعم ِّمن هنا‪ .‬هذه هي الغاابت اليت تعطي األخشاب األمجل‪ .‬معلّم دانيال وبنيامني َيلك منها‬
‫وحت َمل إىل الوادي عن طريق هذه األقنية أو‬
‫نشر يف مكاهنا ُ‬
‫عدداً كبرياً‪ ،‬عدا القطعان الكثرية‪ .‬وهي تُ َ‬
‫خدم اجلذوع كاملة كما كانت احلال يف َخ َشب‬ ‫ابليد‪ .‬إنّه عمل صعب عندما يكون املفروض أن تُستَ َ‬
‫رب العمل ُجي ِّزل العطاء ولديه أانس كثريون يعملون يف خدمته‪ .‬مثّ إنّه طيّب مبا فيه‬
‫لكن ّ‬
‫اهليكل‪ .‬و ّ‬
‫املتوحش‪ .‬مسكني يوان!» جييب يواناثن‪.‬‬
‫الكفاية‪ .‬فهو ليس مثل دوراس ّ‬
‫دعك‬
‫كنت أقول ليوان‪" :‬ولكن َ‬‫حّت ليكاد خ ّدامه يكونون عبيداً؟ ُ‬
‫«ولكن كيف ُيدث هذا ّ‬
‫يكفيك من الزاد"‪ .‬ولكنّه كان جييب‪" :‬ال‬
‫َ‬ ‫منه وتعال معنا‪ .‬سيكون لدى مسعان بن يوان دائماً ما‬
‫أستطيع إذا مل أفتَ ِّد نفسي"‪ .‬تُرى ما هذه القصة؟»‬

‫يتصرف دوراس‪ ،‬وهو ليس الوحيد يف إسرائيل‪ :‬عندما يَكتَ ِّشف خادماً صاحلاً‪،‬‬
‫«هاكم كيف ّ‬
‫يدون له يف حسابه مبالغ غري دقيقة وغري صحيحة‪ ،‬ال‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َُيمله بدهاء ُحم َكم على أن يُصبح عبداً‪ّ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 524 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫"أنت اآلن عبد يل‬ ‫ِّ‬
‫يتم ّكن املسكني من تسديدها‪ ،‬وعندما تَصل املبالغ ح ّداً معيّناً من القيمة يقول‪َ :‬‬
‫حّت تفي الديون"‪».‬‬
‫ّ‬
‫يسي!»‬
‫«آه! اي للعار! مع أنّه ّفر ّ‬
‫الربد يف سنة‪ ،‬ويف أخرى‬ ‫َّ ِّ‬
‫«نعم‪ .‬وعندما استطاع يوان التوفري‪ ،‬متك َن من الدفع‪ ...‬مثّ‪ ...‬كان ََ‬
‫ف دوراس اخلسارة عشرة أضعاف مثّ عشرة‬ ‫ضاع َ‬
‫اجلفاف‪ .‬وكان جىن الكروم والقمح قليالً‪ ،‬وقد َ‬
‫ضه دوراس مبلغاً من املال من‬ ‫أقر َ‬
‫أضعاف‪ .‬وبعد ذلك َوقَ َع يوان يف املرض نتيجة اإلفراط يف العمل‪ .‬و َ‬
‫مرة‪ ،‬ومل يكن لدى يوان ما يس ّدد به فأضافه إىل احلساب‪ .‬يف‬ ‫أجل املعاجلة‪ .‬ولكنّه ضاعفه اثنيت عشرة ّ‬
‫املختصر‪ :‬بعد بضعة سنوات أصبَ َح عبداً بسبب الديون‪ .‬ومل يعد يَتكه يرحل أبداً‪ ...‬وهو ال يَين جيد‬
‫له أسباابً وديوانً جديدة‪ »...‬يبدو يواناثن حزيناً وهو يف ّكر بصديقه‪.‬‬

‫مك‪ ،‬أمل يكن يستطيع؟‪»...‬‬


‫«ومعلّ َ‬
‫يسي؟ دوراس من أكثرهم‬
‫الفر ّ‬
‫«ماذا؟ أن جيعله يعامله كإنسان؟ من ذا الذي يستطيع أن يعادي ّ‬
‫مرة‪ ،‬أصيب يوان إبعياء كاد يودي‬ ‫نفوذاً‪ .‬أظنّه كذلك قريباً لعظيم الكهنة‪ ...‬أقلّه‪ ،‬يقال ذلك‪ .‬ذات ّ‬
‫لك"‪ .‬ولكن‬‫فبكيت من أجله لدرجة أ ّن قوزى قال يل‪" :‬أَفتَديه أان إرضاء َ‬
‫ُ‬ ‫علمت بذلك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫حبياته‪ ،‬وقد‬
‫أي شيء‪ .‬إيه! اي هلذا الرجل!‪ ...‬إنّه َيلك أغىن أراضي إسرائيل‪...‬‬‫دوراس هزئ منه‪ ،‬ومل يشأ معرفة ّ‬
‫مسمدة بدماء خ ّدامه ودموعهم‪».‬‬
‫لك‪ّ ،‬إهنا ّ‬ ‫ولكن‪ ،‬أقسم َ‬
‫يتبادل يسوع والغيور النَّظَرات‪ ،‬وكالُها حزين‪.‬‬

‫«وهل معلّم دانيال طيّب وصاحل؟»‬

‫األقل‪ ،‬هو إنساينّ‪ .‬إنّه متطلِّّب ولكنّه غري ُم ِّرهق‪ .‬ومبا أ ّن ُّ‬
‫الرعاة نزيهون‪ ،‬فهو يعاملهم‬ ‫«على ّ‬
‫معاملة الصديق‪ّ .‬إهنم يرعون القطيع‪ .‬أان‪ ،‬يعرفين وُيَتمين ألنّين خادم قوزى‪ ...‬وإبمكاين خدمة‬
‫مصاحله‪ ...‬ولكن‪ ،‬اي رب‪ ،‬ملاذا اإلنسان أانينّ إىل هذا احل ّد؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 525 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫للحب‪».‬‬
‫ّ‬ ‫ألحل الرابط وأعيد احلياة‬
‫أتيت ّ‬
‫األرضي‪ .‬وأان إّّنا ُ‬
‫ّ‬ ‫احلب قد ُخنق يف الفردوس‬
‫«أل ّن ّ‬
‫«حنن على أراضي أليشع‪ .‬ما زالت املراعي بعيدة‪ ،‬إّّنا يف هذه الساعة‪ ،‬تكاد تكون القطعان ما‬
‫تزال يف احلظرية بسبب الشمس‪ .‬إنّين ذاهب ألرى إذا ما كانت هناك‪ ».‬وَيضي يواناثن وهو يكاد‬
‫جيري‪.‬‬

‫يعود بعد قليل ومعه راعيان يـَُزيِّّن شعرُها الشيب إّّنا ّ‬


‫قواين‪ُ ،‬يثّان اخلطى على املنحدر للوصول‬
‫إىل يسوع‪.‬‬

‫«السالم لكما‪».‬‬

‫«آه! آه! إنّه طفلنا‪ ،‬طفل بيت حلم!» يقول الواحد لآلخر‪« :‬سالم هللا اآليت إلينا‪ ،‬لتكن‬
‫لق حتيّة على مذبح أبعمق ممّا أل َقيَا التحيّة على املعلّم‪.‬‬
‫مباركاً‪ ».‬ويتم ّدد الرجالن على العشب‪ .‬مل تُ َ‬
‫حتل على َمن ُُها أهل هلا‪».‬‬
‫ألهنا ّ‬
‫أرد لكما الربكة وأان سعيد بذلك‪ّ ،‬‬
‫«اهنضا‪ .‬إنّين ّ‬
‫«آه! حنن أهل هلا!»‬

‫«نعم‪ ،‬أنتما الوفيّني على الدوام‪».‬‬

‫«ومن ذا الذي ال يكون كذلك؟ من يستطيع جعل تلك الساعة تُنسى؟ من َيكنه القول‪" :‬إ ّن‬
‫نناديك‪،‬‬
‫َ‬ ‫مت لنا على مدى شهور عندما كنّا‬‫ك ابتَ َس َ‬
‫ما رأيناه ليس حقيقيّاً؟" من يستطيع نسيان أنّ َ‬
‫بيديك على صوت مزامريان؟‪ ...‬هل تذكر دانيال؟‬
‫َ‬ ‫كنت تصفق‬‫ك َ‬ ‫لدى عودتنا مساء مع القطعان‪ ،‬وأنّ َ‬
‫أنت يف‬
‫تلوح لنا يف شعاع مشس‪ ،‬و َ‬ ‫كنت آنئذ ّ‬
‫كان‪ ،‬تقريباً دائماً‪ ،‬مرتدايً األبيض بني ذراعي ّأمه‪ ،‬و َ‬
‫األمومي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫كنت تبدو كزهرة موضوعة على ثلج الثوب‬ ‫حقل حنّة أو أمام النافذة‪ ،‬و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 526 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫منك‬
‫أقل َ‬ ‫ا‬
‫ً‬‫ري‬‫غ‬ ‫ص‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫مح‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫«وتلك املرة اليت أتيت فيها‪ ،‬عندما كنت ختطو خطواتك األوىل‪ ،‬لتُداعِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫التصرف حسب طبيعتنا الريفيّة‪ .‬وكنا نود لو نكون‬ ‫كنت سعيداً! وحنن مل نكن نعرف سوى ّ‬ ‫جتعيداً؟ كم َ‬
‫أقل فظاظة‪»...‬‬
‫لك ّ‬ ‫مالئكة لنبدو َ‬
‫كنت أرى قلبيكما‪ ،‬وهذا ما أراه اآلن‪».‬‬
‫صديقي! ُ‬
‫ّ‬ ‫«آه! اي‬

‫«وتبتسم لنا مثل ذلك احلني!»‬

‫حّت هنا عند رعاة مساكني!»‬


‫أتيت ّ‬
‫«و ُ‬
‫«عند أصدقائي‪ .‬فاآلن أان مسرور‪ .‬لقد وجدتكم مجيعاً ولن أفقدكم‪ .‬هل إبمكانكما استضافة‬
‫ابن اإلنسان وأصدقائه؟»‬

‫حّت ولو مل يكن لدينا سوى لقمة خبز‬


‫ريب! أتسأل؟ ال ينقصنا اخلبز وال احلليب‪ ،‬ولكن ّ‬
‫«آه! ّ‬
‫بك معنا‪ .‬أليس كذلك اي بنيامني؟»‬
‫أعطيناك ّإايها لنحتفظ َ‬
‫َ‬ ‫واحدة‪ ،‬ل ُكنّا‬

‫لك طعاماً اي إهلنا احملبوب!»‬


‫«قَلبنا ذاته نق ّدمه َ‬
‫«هيّا بنا إذن‪ ،‬وسنتح ّدث عن هللا‪»...‬‬

‫الندي‪.‬‬
‫األم! ذلك النرجس ّ‬ ‫رب‪ ،‬عن يوسف الصاحل للغاية! وعن مرمي‪ ...‬آه! ّ‬ ‫أهلك اي ّ‬
‫«وعن َ‬
‫رأسها مجيل وطاهر حتسبه جنمة من ماس‪ .‬إّّنا هي‪ ...‬آه! هذا النرجس ليس سوى ال شيء إذا ما‬
‫جمرد ابتسامة واحدة منها‪ ،‬كانت تطهرياً‪ .‬كان اللقاء هبا عيداً‪ ،‬مساع كلماهتا كان تقديساً‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫قورن هبا! ّ‬
‫أنت أيضاً اي بنيامني؟»‬
‫هل تتذ ّكر كلماهتا َ‬
‫رب‪ ،‬فَ ُك ّل ما قالَته لنا خالل األشهر اليت استطعنا فيها‬ ‫ِّ‬
‫لك اي ّ‬
‫«نعم‪ ،‬إبمكاين أن أ َُرّددها َ‬
‫قرع صدره)‪ّ .‬إهنا صفحة حكمتنا‪ ،‬وكنّا نفهمها حنن أيضاً‪ ،‬فهي كلمة‬‫االستماع إليها مكتوب هنا (ويَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 527 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رب‪ ،‬ادخل هذا املس َكن السعيد‬
‫احلب هو الشيء الذي يفهمه اجلميع! تعال اي ّ‬
‫احلب‪ ...‬آه! ّ‬
‫حب‪ .‬و ّ‬‫ّ‬
‫وابركه‪.‬‬

‫دخلون غرفة قريبة من احلظرية الكبرية‪.‬‬


‫يَ ُ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 528 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -70‬يسوع يف املدينة الساحليّة‪ ،‬يتل ّقى رسائل تتعلّق بيوان)‬


‫‪1945 / 02 / 11‬‬

‫احملصن ج ّداً والقادر‬


‫الطبيعي الواسع و ّ‬
‫ّ‬ ‫يسوع موجود يف هذه املدينة الساحليّة الرائعة ذات اخلليج‬
‫على استقبال سفن كثرية‪ ،‬وقد أصبَ َح أكثر حصانة بس ّد امليناء املنيع‪ .‬من املفروض أن يكون اجلنود‬
‫يستخدمونه‪ ،‬فأان أرى مراكب ثالثية رومانية‪ ،‬واجلنود فيها ي ِّ‬
‫الصق الواحد اآلخر‪ ،‬وهم ينـزلون ملبادلة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النوبة‪ ،‬أو لدعم املوقع‪ .‬املرفأ‪ ،‬أي املدينة الساحليّة‪ ،‬تذ ّكرين بعض الشيء بنابويل اليت يسودها جبل‬
‫فيزوف (‪.)Vesuve‬‬

‫جيلس يسوع يف منـزل فقري‪ ،‬قريب من امليناء‪ ،‬بيت صيّادي مسك ابلتأكيد‪ ،‬قد يكون بيت‬
‫كأهنم وأصحابه عائلة واحدة‪.‬‬
‫أصدقاء لبطرس أو ليوحنّا‪ ،‬ذلك أنّين أرى ّأهنم أيخذون راحتهم فيه‪ ،‬و ّ‬
‫ي‬
‫ود ّ‬
‫يوطي الذي ما يزال غائباً‪ .‬يتح ّدث يسوع بشكل ّ‬‫حّت االسخر ّ‬ ‫الراعي يوسف‪ ،‬وال ّ‬ ‫لست أرى َّ‬
‫ُ‬
‫مع أصحاب البيت وآخرين أتوا لالستماع إليه‪ .‬ولكنّها ليست ِّعظة حقيقيّة‪ .‬إنّه كالم ُيمل نصائح‬
‫وتشجيعاً‪ ،‬وحده َيكنه إعطاؤها‪.‬‬

‫مهمة‪ ،‬ذلك أنّه ُيمل يف يديه أرغفة خبز‪.‬‬ ‫دخل أندراوس الذي يبدو أنّه كان قد َخَر َج يف ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ابحلري‬
‫ّ‬ ‫فت االنتباه إليه يسبّب له عذاابً حقيقيّاً‪ .‬إنّه يُهمهم‬
‫فَتض أ ّن لَ َ‬
‫قَتب‪ ،‬ألنّه يُ ََ‬
‫يعَتيه امحرار وهو يَ َ‬
‫حدك‬
‫أنت و َ‬‫َيكنك أن أتيت معي؟ هناك بعض اخلري تفعله‪ .‬و َ‬ ‫َ‬ ‫أكثر من كونه يتكلّم‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هل‬
‫القادر على فعله‪».‬‬

‫لكن بطرس يسأل‪« :‬إىل أين‬


‫يَ َنهض يسوع دون أن يسأل ما هو هذا اخلري الذي يعنيه‪ .‬و ّ‬
‫أتخذه؟ إنّه تَعِّب ج ّداً‪ ،‬وقد حان وقت العشاء‪ .‬أال َيكنهم االنتظار إىل الغد؟»‬

‫«ال‪ ...‬ينبغي فعله حاالً‪ .‬إنّه‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 529 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فَتض برجل طويل عريض مثله أن يكون‬
‫«تكلّم إذن أيّها الغزال املذعور‪ ،‬ولكن انظروا إذا كان يُ ََ‬
‫كأين به مسكة صغرية َعلقت يف ِّّ‬
‫الشباك!»‬ ‫هكذا! و ّ‬
‫يزداد أندراوس امحراراً‪ ،‬ويُدافِّع عنه يسوع وهو يش ّده إليه‪« :‬يعجبين أان كما هو‪ .‬دعه وشأنه‪.‬‬
‫للصحة‪ ،‬يعمل يف العمق ودون َجلَبَة‪ .‬وينبع من األرض رويداً رويداً‪ ،‬إّّنا‬
‫أخاك يشبه ماء مفيداً ّ‬ ‫إ ّن َ‬
‫الذي يدنو منها يَ َربأ‪ .‬هيّا بنا اي أندراوس‪».‬‬

‫أيخذك‪ُ ».‬جييب بطرس‪.‬‬


‫َ‬ ‫أود رؤية إىل أين‬
‫«أان أيضاً آيت‪ّ .‬‬
‫أنت وأان فقط‪ .‬إذا ما ُوِّجد أحد غريان فال َيكن‪ّ ...‬إهنا مسألة‬
‫يتوسل أندراوس‪« :‬ال‪ ،‬اي معلّم‪َ .‬‬
‫ّ‬
‫قلب‪»...‬‬

‫حت اآلن تلعب دور نظري احلوريّة! ‪( Paranymphe‬احلوريّة‪ :‬آهلة املياه‬


‫«ما هذا؟ أصبَ َ‬
‫والغاابت)»‬

‫مت‪.‬‬
‫يرد أندراوس على أخيه‪ ،‬بل يقول ليسوع‪« :‬إنّه رجل يريد أن يطلّق امرأته‪ ،‬و‪ ...‬أان تكلّ ُ‬
‫ال ّ‬
‫شريراً‪ .‬إنّه‪...‬‬
‫أنت سوف تنجح‪ ،‬فالرجل ليس ّ‬ ‫أنت‪ ...‬آه! َ‬‫مت َ‬ ‫أتصرف‪ .‬إّّنا لو تكلّ َ‬
‫ال أعرف كيف ّ‬
‫لك‪».‬‬
‫إنّه‪ ...‬يف النهاية هو سيشرح َ‬
‫مَتدداً قليالً‪ ،‬مث يقول‪« :‬ولكنّين‬
‫ََي ُرج يسوع مع أندراوس دون أن يقول شيئاً‪ .‬يبقى بطرس ّ‬
‫وَي ُرج على الرغم من أ ّن اآلخرين‬
‫األقل‪ ،‬إىل أين يذهبان‪َ ».‬‬
‫سأذهب إىل هناك‪ ،‬أريد أن أرى‪ ،‬على ّ‬
‫يقولون له ّأال يفعل‪.‬‬

‫يَ َنع ِّطف أندراوس عرب درب ضيّقة‪ ،‬ويتبعه بطرس‪ .‬وينعطف من جديد صوب ساحة صغرية‬
‫تؤدي إىل فناء واسع حتيط به بيوت‬ ‫َير عرب ّبوابة عرابت ّ‬‫مزدمحة ابلثراثرين‪ .‬وما زال بطرس يتبعه‪ّ .‬‬
‫ممر‪ .‬وما يزال بطرس يتبعه‪.‬‬ ‫وضيعة وفقرية‪ .‬أقول ّبوابة عرابت أل ّن قوساً يعلوها ‪ ،‬ولكنّها ليست سوى ّ‬
‫دخل يسوع مع أندراوس إىل واحد من هذه البيوت الصغرية‪ ،‬ويقف بطرس خارجاً‪ .‬تَراه امرأة وتسأله‪:‬‬ ‫يَ ُ‬
‫أنت قريب لـ‪Aava‬؟ وهذان الشخصان أيضاً؟ هل أتيتُم الستعادهتا؟»‬ ‫«هل َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 530 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«اصميت أيّتها الدَّجاجة الثراثرة! جيب ّأال يـََرايين‪».‬‬

‫إسكات امرأة! عمليّة صعبة‪ .‬يرميها بطرس بنظرة تقدح شرراً‪ ،‬وهي ُم ِّزمعة على أن تُكلّم ثراثرات‬
‫وحّت الرجال الذين‪ ،‬لكي‬‫أخرايت‪ .‬ويف خالل حلظة أحاطَت ببطرس دائرة من النساء واألطفال ّ‬
‫يفرضوا الصمت بدورهم‪ُ ،‬يدثون ضوضاء تعلن وجودهم‪ .‬ويستشيط بطرس غيظاً‪ ...‬ولكنّه ال ينجح‪.‬‬

‫املتكسر وصوت‬ ‫أة‬


‫ر‬ ‫امل‬ ‫صوت‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫نفس‬ ‫ويف‬ ‫اهلادئ‪،‬‬
‫و‬ ‫متع‬ ‫امل‬ ‫يسوع‬ ‫صوت‬ ‫أييت‬ ‫الداخل‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫وم‬
‫ّ‬
‫معك؟»‬
‫صَرت يوماً َ‬ ‫أجش‪« :‬إذا كانت زوجة صاحلة على الدوام‪ ،‬فلماذا تطلّقها؟ هل قَ َّ‬
‫رجل قاس و ّ‬
‫تئن املرأة‪.‬‬ ‫«ال‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬أ ِّ‬
‫لك! لقد أحببتُه مثل حدقة عيين‪ّ ».‬‬
‫ُقسم َ‬
‫ِّ‬
‫صر بشيء أبداً لوال عقمها‪ .‬وأان أريد أطفاالً‪.‬‬
‫يقول الرجل‪ ،‬وبشكل خمتصر وقاس‪« :‬ال‪ .‬مل تُـ َق ّ‬
‫ال أريد لعنة هللا على امسي‪».‬‬

‫أتك على هذه احلال‪ ،‬فهذه ليست غلطتها‪».‬‬


‫«إذا كانت امر َ‬
‫«إنّه يتّهمين خبطيئة ارتَ َكبتُها أان وعائليت‪َِّ ،‬‬
‫وجيد فيها خيانة‪»...‬‬
‫«أيتها املرأة‪ ،‬كوين صادقة‪ .‬هل ِّ‬
‫كنت تَعلَمني مسبقاً أنّ ِّ‬
‫ك هكذا؟»‬ ‫ّ‬
‫ككل النساء األخرايت‪ .‬والطبيب نفسه قال ذلك‪ .‬ولكنّين مل‬
‫كل شيء‪ّ ،‬‬
‫لت‪ ،‬يف ّ‬
‫«ال‪ .‬وما ز ُ‬
‫لدي طفل‪».‬‬
‫أتوصل ألن يكون ّ‬
‫ّ‬
‫أنت بصراحة‪ .‬لو كانت‬ ‫ِّ‬
‫ختنك‪ .‬ومع ذلك فهي تعاين أيضاً من ذلك‪ .‬أَجبين َ‬
‫«انظر‪ ،‬هي مل َ‬
‫كنت َستُطَلِّّقها؟»‬
‫ّأماً‪ ،‬هل َ‬
‫لكن احلاخام قال‪ ،‬وأيضاً الكاتب‪" :‬العاقر‪ ،‬يف البيت‪ ،‬لعنة‬‫و‬ ‫ر‪.‬‬ ‫مرب‬ ‫أي‬ ‫لدي‬ ‫ليس‬ ‫م‪.‬‬ ‫«ال‪ ،‬أ ِّ‬
‫ُقس‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫حبرمانك‬
‫َ‬ ‫لتك‪،‬‬
‫لئال أتيت ابلضرر على رجو َ‬‫عليك واجب إعطائها ورقة طالقها‪ّ ،‬‬‫احلق‪ ،‬بل َ‬ ‫لك ّ‬ ‫من هللا‪ .‬و َ‬
‫من األطفال"‪ .‬وأان أفعل ما تقوله الشريعة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 531 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ُم ِّزمع على ارتكاهبا‪ .‬الوصيّة املعطاة يف‬‫أبال ترتكب الفحشاء‪ ،‬و َ‬ ‫«ال‪ .‬امسع‪ .‬الشريعة تقول ّ‬
‫األصل هي هذه‪ ،‬وليست سواها‪ .‬وإذا َمسَ َح لكم موسى ابلطالق‪ ،‬فلقسوة قلوبكم‪ ،‬وكان ذلك ليمنع‬
‫االرتباطات املنافية لألخالق واملساكنات دون زواج اليت َيقتها هللا‪ .‬مثّ بَ َسطَت رذيلتكم بنود موسى‬
‫حّت احلصول على السالسل الالإنسانيّة‪ ،‬والصخور القاتلة‪ ،‬اليت هي الشروط احلاليّة‬ ‫أكثر فأكثر‪ّ ،‬‬
‫لك إ ّن‬
‫املفروضة على املرأة‪ ،‬الضحيّة دائماً لسيطرتكم ولشهواتكم‪ ،‬لصممكم ولعمى عواطفكم‪ .‬أقول َ‬
‫لك به‪ .‬فهذا الفعل إهانة هلل‪ .‬هل طَلَّق إبراهيم سارة؟ ويعقوب راشيل؟‬ ‫ِّ‬
‫فعل ما تنوي فعله غري مسموح َ‬
‫حّت شيخوختها قبل‬ ‫عرف املعمدان؟ نعم؟ إذن أفلم تكن ّأمه عاقراً ّ‬ ‫وألقاان حنّة؟ ومنواح زوجته؟ هل تَ ِّ‬
‫والدهتا لق ّديس هللا‪ ،‬مثلما َولَ َدت زوجة منواح مششون‪ ،‬وحنّة اليت أللقاان صموئيل‪ ،‬وراشيل يوسف‪،‬‬
‫مطوبة‬
‫وسارة إسحق؟ إ ّن لعفة الزوج ورمحته ابلعاقر ووفائه لعهوده ما جيعل هللا َينح مكافأة‪ .‬مكافأة ّ‬
‫ممج َدة يف فرح‬
‫عرب األجيال‪ ،‬كما جيعله َينح االبتسامة للعاقر الباكية اليت مل تعد عاقراً وال ُحمتَـ َقَرة‪ ،‬بل َّ‬
‫َينحك مكافأة تتجاوز‬
‫َ‬ ‫لك به‪ .‬كن عادالً ونزيهاً‪ .‬وهللا‬ ‫زوجتك‪ ،‬غري مسموح َ‬ ‫َ‬ ‫حب‬
‫األمومة‪ .‬فإهانة ّ‬
‫استحقاقاتك‪».‬‬
‫َ‬
‫سألت الفقهاء وقالوا‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫إنك الوحيد الذي يقول هذا‪ ...‬أان مل أكن أعرف‪ُ .‬‬ ‫«اي معلّم‪َ ،‬‬
‫يل‪" :‬افعل ذلك"‪ .‬ومل أمسع كلمة عن مكافأة هللا ابلنِّّ َعم للسلوك الصاحل‪ .‬إنّنا بني أيديهم‪ ...‬وهم‬
‫شريراً‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ال حتتقرين‪».‬‬
‫لست ّ‬‫يغمضون لنا عيوننا وقلبنا بيد من حديد‪ .‬أان ُ‬
‫ك تثري شفقيت أكثر من هذه املرأة الباكية‪ ،‬أل ّن أملها ينتهي مع حياهتا‪.‬‬
‫أحتقرك‪ ،‬لكنّ َ‬
‫َ‬ ‫لست‬
‫« ُ‬
‫أملك وإىل األبد‪ .‬ف ّكر يف ذلك‪».‬‬
‫إّّنا حينذاك يبدأ َ‬
‫«ال‪ ،‬لن يبدأ‪ ،‬لست أبتغيه‪ .‬إّّنا هل تُ ِّ‬
‫قسم يل إبله إبراهيم أ ّن ما تقوله هو احلقيقة؟»‬ ‫ُ‬
‫احلب والسالم‪».‬‬
‫احلق واملعرفة‪ .‬من يؤمن يب ينل يف ذاته االستقامة واحلكمة و ّ‬
‫«أان ّ‬
‫بك شيئاً غري موجود لدى اآلخرين‪.‬‬
‫قك‪ .‬أحسب وكأ ّن َ‬ ‫قك‪ ،‬نعم أريد أن أص ّد َ‬
‫أود أن أص ّد َ‬
‫« ّ‬
‫وها أان ذا اآلن أذهب إىل الكاهن ألقول له‪" :‬لن أُطَلِّّق‪ .‬إنّين أحتفظ هبا وأطلب من هللا فقط أن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 532 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يساعدين يف ختفيف أمل إحساسي أبنّين بال ولد"‪ Aava .‬ال تبكي‪ .‬سنطلب من املعلّم أن يعود إلينا‬
‫حيب‪».‬‬ ‫ألكون صاحلاً‪ ،‬و ِّ‬
‫استمري يف ّ‬
‫ّ‬ ‫‪...‬‬ ‫أنت‬

‫تبكي املرأة أبكثر ح ّدة وهي يف مواجهة أملها املاضي بفرحها احلاضر‪.‬‬

‫إيل أيّتها املرأة‪».‬‬


‫إيل‪ .‬انظري ّ‬
‫ّأما يسوع‪ ،‬فعلى العكس‪ ،‬إنّه يبتسم‪« :‬ال تبكي‪ .‬انظري ّ‬
‫النري‪.‬‬
‫ترفع رأسها وتنظر‪ ،‬عرب دموعها‪ ،‬إىل وجه يسوع ّ‬
‫زوجتك وارَكعا‪ ،‬واآلن أابرككما وأابرك ّاحتادكما وأق ّدسه‪ .‬أصغيا‪" :‬أيّها‬
‫َ‬ ‫هلم أيّها الرجل قُرب‬
‫« ّ‬
‫أجلك‪ ،‬األرض‪ ،‬رافعاً‬‫ليعمرا‪ِّ ،‬من َ‬‫لت آدم من الطني‪ ،‬وأعطيته حواء رفيقة ّ‬ ‫الرب إله آابئنا‪ ،‬اي َمن َجبَ َ‬
‫ّ‬
‫العدو ُمغلَ َقة‬
‫كتك‪ ،‬وافتَح وأخصب األحشاء اليت َج َعلَها ّ‬ ‫رمحتك وبر َ‬
‫َ‬ ‫هلم مع‬
‫ّإايُها يف املخافة املق ّدسة‪ّ .‬‬
‫الزان واليأس‪ .‬ارحم هذين االبنني‪ ،‬أيّها اآلب الق ّدوس‪ ،‬اخلالِّق‬
‫ليحملها على ارتكاب خطيئة مضاعفة‪ِّّ :‬‬
‫لهما سعيدين وق ّديسني‪ ،‬فتُخصب هي مثل كرمة‪ ،‬وهو حاميها مثل دعامة يسندها‪ .‬انزل‬ ‫اجع ُ‬
‫األمسى‪َ ،‬‬
‫أيّها احلياة‪ ،‬لتَ ِّهب احلياة‪ .‬انزل أيّها النار لتدفئ‪ .‬انزل أيّها القدير لتعمل‪ .‬انزل! واجعل‪ ،‬من أجل‬
‫لك‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫مكرساً َ‬ ‫لك ابقتهما احليّة‪ ،‬بكرُها‪ ،‬ابناً ّ‬
‫االحتفال مبجد املواسم اخلصيبة للعام اآليت‪ ،‬أن يـُ َق ّدما َ‬
‫يرجونك"‪ ».‬يسوع يصلّي بصوت جهري‪ ،‬ويداه موضوعتان على الرأسني‬ ‫َ‬ ‫أنت األزيل الذي يُ ِّ‬
‫بارك الذين‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫املنحنيني‪.‬‬

‫األول‪.‬‬
‫مل يعد الناس يتمالكون أنفسهم‪ ،‬وُييطون به‪ ،‬وبطرس يف الصف ّ‬
‫ابرين‪».‬‬
‫«اهنضا‪ .‬آمنا وكوان ق ّديسني ّ‬
‫«آه! امكث أيّها املعلّم‪ ».‬يَطلُب املتصاحلان‪.‬‬

‫مرات كثرية‪ ،‬كثرية‪».‬‬


‫«ال أستطيع‪ .‬سوف أعود‪ّ .‬‬
‫وح ِّّدثنا!» يصيح اجلميع‪.‬‬
‫«امكث‪ ،‬امكث َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 533 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكن يسوع يبارك دون توقّف‪ .‬يَعِّد أبن يعود قريباً‪ ،‬ويتبعه مجع قليل‪ ،‬وَيضي إىل البيت الذي‬
‫و ّ‬
‫يضيفه‪.‬‬

‫يوجه سؤاله إىل بطرس يف الطريق‪.‬‬


‫بك؟» ّ‬
‫الفضويل‪ :‬ماذا تراين أفعل َ‬
‫ّ‬ ‫«أيّها‬

‫«افعل يب ما تريد‪ .‬مل استطع منع نفسي‪»...‬‬

‫دخلون البيت‪ ،‬يصرفون الشعب الذي يـُ َعلِّّق على الكالم الذي َِّمس َعه‪ ،‬وجيلسون إىل املائدة‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫ما يزال بطرس فضوليّاً‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هل حقيقة ّأهنم سريزقون بطفل؟»‬

‫لك أنّين أستطيع السماح لنفسي ابلقيام‬ ‫«هل رأيتَين يوماً أ ِّ‬
‫َعد أبمور لن تتح ّقق؟ هل يبدو َ‬
‫مبناجاة اآلب ألكذب وأخيّب اآلمال؟»‬

‫كل األزواج؟»‬ ‫مع‬ ‫ذلك‬ ‫عل‬‫«ال‪ ...‬ولكن‪ ...‬هل َيكنك فِّ‬


‫ّ‬ ‫َ‬
‫«أستطيع ذلك‪ ،‬ولكنّين ال أفعله ّإال حيث أرى أن الطفل َيكنه املساُهة يف التق ّدم يف طريق‬
‫القداسة‪ .‬وال أفعله حيث يكون عائقاً‪».‬‬

‫َيرر بطرس يده يف شعره الذي َيطّه الشيب‪.‬‬


‫ّ‬
‫آت ِّمن مسري طويل‪.‬‬
‫الراعي‪ ،‬يغطّيه الغبار وكأنّه ٍ‬
‫ولكن ها هو ذا يوسف َّ‬
‫أنت؟ كيف ذلك؟» يسأل يسوع‪ ،‬بعد تقبيله قبلة السالم‪.‬‬
‫« َ‬
‫ك‪ .‬إحداها منها هي‪ .‬ها هي ذي‪ ».‬ويَدفَع يوسف بثالث‬ ‫لك أعطَتنيها ّأم َ‬‫لدي رسائل َ‬ ‫« ّ‬
‫كل منها مربوطة بشريط‪ .‬األكرب حجماً عليها خامت مكان اإلغالق‪.‬‬
‫الرق‪ّ ،‬‬‫لفافات صغرية ِّمن نوع ِّمن ّ‬
‫ك‪ ».‬يقول‬‫أخرى شريطها معقود فقط‪ّ .‬أما الثالثة فعلى شريطها خامت مكسور‪« .‬هذه هي اليت ِّمن ّأم َ‬
‫يوسف‪ ،‬مشرياً إىل ذات العقدة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 534 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يَفتَحها يسوع ويقرأها على مهل يف البداية‪ ،‬مثّ بصوت عال‪« .‬إىل ابين احلبيب‪ ،‬سالماً وبركة‪.‬‬
‫الراعي اسحق الذي‬ ‫صلَين يف الساعة األوىل هللّة قمر أيلول‪ ،‬رسول من بيت عنيا‪ .‬وقد كان َّ‬ ‫لقد َو َ‬
‫ب يل هاتني الرسالتني اللتني أُرسلهما‬ ‫ابمسك وحبسب معرفيت‪ .‬ولقد َجلَ َ‬
‫َ‬ ‫أعطيتُه قبلة السالم والتشجيع‬
‫يرجوك النـزول عند رجائه‪ .‬اي يسوع احلبيب‪،‬‬
‫شفوايً إ ّن الصديق لعازر الذي من بيت عنيا َ‬‫لك‪ ،‬قائالً يل ّ‬‫َ‬
‫ك وعدتَين أبخذ ّأمك املسكينة‬ ‫تذكريك أبنّ َ‬
‫َ‬ ‫األول‬
‫أسألك إبحلاح أمرين‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫أود أن‬
‫وريب‪ّ ،‬‬‫ابين املبارك ّ‬
‫بكلمتك؛ والثاين ّأال أتيت إىل الناصرة دون إخباري مسبقاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫لتثقيفها‬

‫يضمهما بش ّدة بني ذراعيه‪،‬‬


‫متوجهاً إىل ما بني يعقوب ويوضاس‪ّ ،‬‬
‫يتوقّف يسوع فجأة‪ ،‬ويَ َنهض ّ‬
‫يردد الكلمات عن ظهر قلب‪"« :‬لقد عاد َحلفا إىل أحضان إبراهيم عند آخر بدر‪ ،‬وكان‬
‫وينتهي أبن ّ‬
‫املأمت يف البلدة عظيماً‪»"...‬‬

‫كنت بعيداً‪.‬‬
‫ك َ‬ ‫ك ولكنّ َ‬
‫ويبكي االبنان على صدر يسوع‪ .‬وينهي‪ ..."« :‬يف ساعته األخرية طَلَبَ َ‬
‫حّت إىل أوالد‬
‫مع ذلك‪ ،‬فهذا عزاء ملرمي اليت رأت يف ذلك التأ ّكد من مساحمة هللا ومنحه السالم ّ‬
‫األخ"‪ .‬هل تسمعون؟ ّإهنا هي اليت تقول‪ ،‬وهي تعرف ماذا تقول‪».‬‬

‫يتوسل إليه يعقوب‪.‬‬


‫«أعطين الرسالة‪ّ ».‬‬
‫لك األمل‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬فهي تسبّب َ‬
‫«ملاذا؟ ماذا َيكنها أن حتمل من األمل أكثر من نبأ موت أب؟‪»...‬‬

‫يتنهد يوضاس‪.‬‬
‫«أنّه لَ َعنَنا‪ّ ».‬‬
‫«ال‪ ،‬ليس هذا‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫«تقول هذا لكي ال ُحتزننا‪ .‬إّّنا هو ابلطبع هكذا‪».‬‬

‫«اقرأ إذن‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 535 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أرجوك‪ ،‬وكذلك مرمي ترجوك ّأال أتيت إىل الناصرة ّإال بعد انتهاء‬
‫ويقرأ يوضاس‪"« :‬اي يسوع‪ ،‬إنّين َ‬
‫ك‪ ،‬و ّأمك تبكي لذلك‪ .‬صديقنا الطيّب حلفا يواسيين‬ ‫ب الناصريني حللفا جيعلهم ُجم ِّحفني حب ّق َ‬
‫فح ّ‬
‫املأمت‪ُ .‬‬
‫لكن الناصرة اآلن حبر‬
‫ضجة كبرية‪ .‬و ّ‬ ‫ويه ّدئ البلد‪ .‬إ ّن رواية امساعيل وعزراي عن امرأة قوزى قد أاثرت ّ‬
‫أسألك لنفسي السالم والربكة‪ .‬سالمي ألبناء األخ‪ّ .‬أمك"‪».‬‬ ‫هائج برايح معاكسة‪ .‬أابركك اي بين‪ ،‬و َ‬
‫لكن بطرس يقول‪« :‬وهااتن الرسالتان أال تقرأُها؟»‬
‫الر ُسل ويواسون األخوين الباكيني‪ .‬و ّ‬
‫يُعلّق ُّ‬

‫يشري يسوع بنعم‪ ،‬ويَفتَح رسالة لعازر‪ .‬ينادي مسعان الغيور ويقرآن معاً يف إحدى الزوااي‪ .‬مثّ‬
‫يَفتَحان اللفافة األخرى ويقرآهنا كذلك‪ .‬يتناقشان فيما بينهما‪ .‬أرى الغيور ُياول إقناع يسوع أبمر ما‪،‬‬
‫ولكنّه ال يُفلح‪.‬‬

‫أييت يسوع إىل وسط الغرفة واللفافات بني يديه ويقول‪« :‬امسَعوا أيّها األصدقاء‪ .‬إنّنا أبمجعنا‬
‫للشر‪ ،‬فَ ِّمن الرمحة أن يبقى خفيّاً‪ّ ،‬أما اخلري فمن العدل‬
‫نش ّكل عائلة واحدة وال أسرار بيننا‪ .‬ابلنسبة ّ‬
‫الرب يسوع‪ ،‬سالماً وبركة‪ .‬سالماً وحتيّة لصديقي‬ ‫ب لعازر من بيت عنيا‪" :‬إىل ّ‬ ‫إعالنه‪ .‬امسَعوا ما َكتَ َ‬
‫كل وسائلي‪،‬‬ ‫خدمتك قليب وكلميت و ّ‬
‫َ‬ ‫وضعت يف‬
‫ُ‬ ‫رسالتك‪ ،‬وبصفيت خادماً‪ ،‬فقد‬ ‫َ‬ ‫يت‬
‫مسعان‪ .‬لقد تل ّق ُ‬
‫ذهبت إىل دوراس‪ ،‬يف قصره يف‬ ‫لك خادماً ال يكون عدمي النفع‪ .‬لقد ُ‬ ‫ألرضيك وأانل شرف أن أكون َ‬ ‫َ‬
‫يف‪ ،‬مل أكن‬
‫صديقك الو ّ‬
‫َ‬ ‫أين‪ ،‬لوال رجاء مسعان‪،‬‬ ‫َعَتف ّ‬ ‫اليهوديّة‪ ،‬ألرجوه بيعي خادمه يوان‪ ،‬كما تَر َغب‪ .‬أ َ‬
‫أحسين‬
‫أنت‪ ،‬اي معلّمي وصديقي‪ّ ،‬‬ ‫أجلك َ‬
‫َ‬ ‫ألجابه ابن آوى هذا‪ ،‬الساخر واخلطري واملؤذي‪ .‬إّّنا من‬
‫فأنت‬
‫أجلك‪ .‬وابلنتيجة‪َ ،‬‬ ‫ك قريباً ج ّداً من الذين يعملون من َ‬ ‫قادراً على جماهبة الشيطان شخصيّاً‪ .‬أظنّ َ‬
‫انتصرت‪ .‬النقاش كان قاسياً‪ ،‬والرفض‪ ،‬يف‬‫ُ‬ ‫بكل التوقّعات‪ ،‬قد‬ ‫نلت العون‪ ،‬إذ ّ‬ ‫حتميهم‪ .‬ابلتأكيد قد ُ‬
‫ب مهلة‪.‬‬‫الشرطي ذي السلطان‪ .‬بعد ذلك طَلَ َ‬ ‫ّ‬ ‫اضطررت للرضوخ ثالث مرات هلذا‬ ‫ُ‬ ‫البدء‪ ،‬خمزايً‪ .‬ولقد‬
‫لك‪" :‬تنازل‬‫لدي الشجاعة ألقول َ‬ ‫ويف النهاية‪ ،‬ها هي ذي الرسالة‪ .‬هي خليقة بثعبان‪ .‬وأان ابلكاد ّ‬
‫قبلت‬
‫بك‪ .‬إّّنا ال شيء ممكن بغري هذا‪ .‬لقد ُ‬ ‫يستحق أن ُيظى َ‬ ‫ّ‬ ‫لتتوصل إىل حتقيق اهلدف"‪ .‬فهو ال‬ ‫ّ‬
‫ألخدمك‪.‬‬ ‫بذلت ما يف وسعي‬ ‫ِّ‬ ‫تصريف‪ِّّ ،‬‬
‫َ‬ ‫وخبين‪ .‬إّّنا ثق متاماً‪ :‬لقد ُ‬ ‫كنت خمطئاً يف ّ‬ ‫عت‪ .‬لو ُ‬ ‫ابمسك ووقّ ُ‬
‫َ‬
‫ابمسك ليعرف ما إذا كانت هناك أخبار ُيملها‬ ‫تالميذك‪ ،‬وهو يهودي‪ ،‬قائالً إنّه أتى َ‬ ‫َ‬ ‫ابألمس أتى أحد‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 536 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫شت‬ ‫ِّ‬
‫لك ابلرسالة‪ .‬ولقد ُده ُ‬ ‫َّلت انتظار إسحق ألبعث َ‬ ‫يوطي‪ .‬ولكنّين فَض ُ‬
‫لك‪ .‬امسه يهوذا االسخر ّ‬ ‫َ‬
‫كل سبت لالسَتاحة‪ .‬ال شيء آخر أقوله‬ ‫إيل ّ‬
‫علمك أب ّن إسحق أييت ّ‬
‫َ‬ ‫إلرسالك شخصاً آخر‪ ،‬مع‬
‫َ‬
‫دت‪.‬‬
‫وصديقك لعازر كما َو َع َ‬
‫َ‬ ‫خادمك‬
‫َ‬ ‫أرجوك توجيههما صوب‬
‫قدميك املق ّدستني‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫لك‪ .‬أُقَـبِّّل‪ ،‬فقط‪،‬‬
‫َ‬
‫لك اي معلّمي وصديقي قبلة سالم ورجاء وبركة‪ .‬لعازر"‪.‬‬
‫حتيّايت لسمعان‪َ .‬‬
‫لك مقابل قيمة‬‫رت أن يكون يوان َ‬ ‫واآلن‪ ،‬ها هي ذي األخرى‪" :‬إىل لعازر‪ ،‬حتيّة‪ .‬لقد ّقر ُ‬
‫ألي سبب كان‪ .‬أريد أوالً أن ينهي يوان حصاد‬ ‫هلا‬‫د‬‫مضاعفة‪ .‬حينئذ أفرض هذه الشروط اليت لن أُب ِّّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الناصري بنفسه ليأخذه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حّت قمر تشرين‪ ،‬إىل هناية القمر‪ .‬أريد أن أييت يسوع‬ ‫العام‪ ،‬أي أن يبقى ّ‬
‫ألتعرف إليه‪ .‬أريد الدفع فوراً بعد توقيع العقد‪ .‬وداعاً‪.‬‬ ‫دخل حتت سقف بييت ّ‬ ‫وأطلب منه أن يَ ُ‬
‫دوراس"‪».‬‬

‫«اي للوابء!» يصرخ بطرس‪« .‬ولكن َمن يَدفع؟ َمن يدري كم يَطلب؟ وحنن‪ ...‬حنن ال ّنلك‬
‫فلساً واحداً‪».‬‬

‫«إ ّن مسعان هو الذي يَدفَع‪ ،‬إرضاء يل‪ ،‬وإلسعاد املسكني يوان‪ .‬هو لن ُيصل سوى على شبح‬
‫رجل لن ينفعه يف شيء‪ .‬ولكنّه ينال أجراً عظيماً يف السماء‪».‬‬

‫أنست املفاجأة ابين حلفا أملهما‪.‬‬ ‫«أنت؟ آه!» ي َ ِّ‬


‫ندهش اجلميع‪ .‬وقد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عرف هذا‪».‬‬
‫«إنّه هو‪ .‬ومن العدل أن يُ َ‬
‫أرسلَه إىل‬
‫يوطي إىل لعازر‪ .‬من الذي َ‬
‫«ومن العدل كذلك أن نَعرف ملاذا ذهب يهوذا االسخر ّ‬
‫أنت؟»‬
‫هناك؟ أهو َ‬
‫أتمله سوى لكي‬‫مهتم كثرياً وغارق يف التفكري‪ .‬ال يقطع ّ‬
‫لكن يسوع ال ُجييب بطرس‪ .‬إنّه ّ‬ ‫و ّ‬
‫الرد للعازر‪ ...‬أما زال إسحق يف الناصرة؟»‬ ‫ِّ‬
‫هلم بنا لنراتح‪ .‬سأهيّئ ّ‬
‫يقول‪« :‬قَ ّدموا العشاء ليوسف‪ ،‬مثّ ّ‬
‫«إنّه ينتظرين‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 537 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«سنذهب إليها مجيعنا‪».‬‬

‫ك تقول‪ »...‬يَضطَرب اجلميع‪.‬‬


‫«آه! ال! ّأم َ‬
‫ضل أن‬ ‫احملب يتكلّم‪ّ .‬أما أان فأحكم بعقلي‪ .‬أُفَ ِّّ‬
‫األم جتعل قلبها ّ‬
‫«اصمتوا مجيعكم‪ .‬هذه إراديت‪ّ .‬‬
‫عمي مسعان ويوسف‪ ،‬أن أشاركهما احلزن قبل انتهاء‬ ‫دي ّ‬
‫أذهب يف غياب يهوذا‪ ،‬وأم ّد يد الصداقة َلولَ ّ‬
‫املأمت‪ .‬مثّ نعود إىل كفرانحوم‪ ،‬إىل جنّسارت‪ ،‬على البحرية‪ ،‬يف انتظار أواخر قمر تشرين‪ .‬سوف أنخذ‬
‫احلب‪ .‬سوف ّننحها ّإايه‪ .‬و ّأمي يف حاجة إىل السالم‪ .‬وأان‬ ‫ك يف حاجة إىل ّ‬ ‫مرمي ومرمي معنا‪ّ .‬أم َ‬
‫سالمها‪».‬‬

‫تظن أ ّن يف الناصرة‪ »...‬يسأل بطرس‪.‬‬


‫« ّ‬
‫أظن شيئاً‪».‬‬
‫«ال ّ‬
‫ألهنم لو أرادوا إحلاق األذى هبا أو إيالمها!‪ ...‬لوجب أن يفعلوا ذلك يب!» يقول‬
‫«آه! حسناً! ّ‬
‫بطرس املنتفش‪.‬‬

‫يالطفه يسوع‪ ،‬ولكنّه مستغرق‪ ،‬أظنّه حزيناً‪ .‬مثّ يذهب ليجلس بني يوضاس ويعقوب‪ ،‬ويعانقهما‬
‫ليواسيهما‪.‬‬

‫لئال يهيّجوا أملهما‪.‬‬


‫ّأما اآلخرون فإ ّهنم يتكلّمون هبدوء ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 538 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫عمه مسعان)‬ ‫ِّ‬


‫‪( -71‬يسوع يف بيت مرمي اليت حللفا‪ُُ .‬ي ُّل السالم مع ابن ّ‬
‫‪1945 / 02 / 12‬‬

‫حّت يُصبِّح بلون ايقوت‬ ‫ِّ‬


‫يهبط الليل وسط َغ َسق أمحر مثل انر تنطفئ‪ ،‬يُظلم أكثر فأكثر‪ّ ،‬‬
‫حّت يغيب يف دكنة السماء‪ ،‬حيث‬ ‫خالب واندر‪ ،‬يـُلَ ِّّون الغروب‪ ،‬ويتالشى تدرجييّاً‪ّ ،‬‬‫بنفسجي‪ .‬لون ّ‬
‫ّ‬
‫سرع املزارعون يف العودة إىل‬
‫ص َل إىل ربعه الثاين‪ .‬يُ ِّ‬
‫زحف الشرق ابطّراد بنجومه والقمر املتنامي‪ ،‬وقد َو َ‬
‫يَ َ‬
‫املتأججة‪ ،‬يف اهلواء‪ ،‬تالفيف من الدخان‪ ،‬فوق بيوت الناصرة املنخفضة‪.‬‬ ‫بيوهتم‪ ،‬حيث تَنشر املواقد ّ‬
‫يوشك يسوع على الوصول إىل املدينة‪ ،‬وبعكس ما يريده اآلخرون‪ ،‬هو يريد ّأال يُنبِّئ أح ٌد َّأمه‪،‬‬‫ِّ‬
‫ويقول‪« :‬لن ُيصل شيء‪ .‬ملاذا إاثرة قلقها مسبقاً؟»‬

‫ظ‪ ،‬وأبواب تُص َفق‬


‫ها هو ذا اآلن وسط البيوت‪ .‬حتيّات‪ ،‬وُهسات من اخللف‪ ،‬ورفع أكتاف ف ّ‬
‫الر ُسل‪.‬‬
‫عند مرور مجاعة ُّ‬
‫ص َد َر‬
‫لكن اآلخرين أيضاً قلقون قليالً‪ .‬ابنا حلفا يبدوان َك َمن َ‬
‫إَياء بطرس قصيدة حقيقيّة‪ ،‬و ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬ومن وقت‬ ‫اقبان‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫يسوع‪،‬‬ ‫جانيب‬ ‫على‬ ‫أسيهما‬‫ر‬ ‫ني‬ ‫ض‬ ‫حكم حب ّقهما‪ ،‬فهما يتق ّدمان خافِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫يرد على‬ ‫ابلتخوف على يسوع‪ّ .‬أما يسوع فكأ ّن ال شيء هناك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫آلخر يتبادالن نظرات اخلوف‪ ،‬املليئة‬
‫االعتيادي‪ ،‬وينحين ليداعب األطفال الذين‪ ،‬لبساطتهم‪ ،‬ال ينحازون هلذا أو ذاك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التحيّات بتحبّبه‬
‫املودة‪.‬‬
‫احلب و ّ‬
‫وهم دائماً أصدقاء يسوعهم الذي يبادهلم عاطفة ّ‬
‫ت‬
‫أحدهم‪ ،‬وهو مشروع رجل صغري بدين‪ ،‬ال يتجاوز الرابعة من عمره‪ ،‬يهرع ملالقاته‪ ،‬وقد أفلَ َ‬
‫ثوب ّأمه‪َ .‬ي ّد له ذراعيه الصغريتني وهو يقول‪« :‬امحلين!» وعندما ُيمله يسوع ليُفرحه‪ ،‬يقبّله بفمه‬
‫َيصها‪ ،‬مثّ يرقى حببّه إىل ح ّد إعطائه يسوع قسماً من التينة قائالً‪« :‬خذ! ّإهنا لذيذة!»‬
‫امللطّخ بتينة ّ‬
‫الغض‪.‬‬
‫ويَقبَل يسوع هديّته‪ ،‬ويبتسم وهو يتقبّل النقدة من هذا الرجل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 539 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ريب!»‬ ‫ِّ‬
‫يَصل إسحق‪ ،‬قادماً من النبع‪ ،‬حامالً جراراً‪ .‬يرى يسوع‪ .‬يضع اجلرار ويهتف‪« :‬آه! ّ‬
‫مت الرسالة؟»‬
‫للتو إىل البيت‪ .‬كانت عند سلفتها‪ .‬ولكن‪ ...‬هل استَـلَ َ‬
‫ك ّ‬ ‫عادت ّأم َ‬
‫ويهرع للقائه «لقد َ‬
‫ألمي اآلن‪ .‬سأذهب ّأوالً إىل بيت حلفا‪».‬‬
‫«هلذا أان هنا‪ .‬ال تقل شيئاً ّ‬
‫إسحق‪ ،‬املت َِّّزن‪ ،‬يقول ببساطة‪« :‬مسعاً وطاعة‪ ».‬وُيمل اجلِّّرار وَيضي إىل البيت‪.‬‬

‫«اآلن‪ ،‬نذهب حنن إىل البيت‪ ،‬وأنتم أيّها األصدقاء تنتظروننا هنا‪ .‬لن أطيل املكوث‪».‬‬

‫«ال‪ ،‬ابلطبع‪ ،‬لن ندخل البيت وهو يف احلداد‪ ،‬بل ننتظر هنا خارجاً‪ .‬أليس كذلك؟» يقول‬
‫بطرس‪.‬‬

‫عنك‪».‬‬
‫حق‪ .‬سنبقى يف الشارع‪ ،‬ولكن ليس بعيداً َ‬
‫«بطرس على ّ‬
‫ذعن يسوع إلرادة العموم‪ ،‬لكنّه يبتسم ويقول‪« :‬لن يفعلوا يل شيئاً‪ .‬ثقوا بذلك‪ .‬ليسوا أشراراً‪.‬‬‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫فإهنم ليسوا سوى متأثّرين بشرّايً‪ .‬هيّا‪».‬‬
‫ّ‬

‫املؤدية إىل البيت‪ .‬ها هم على عتبة احلديقة‪ .‬يسوع ّأوالً‪ ،‬وخلفه يوضاس‬ ‫ّإهنم على الطريق ّ‬
‫ويعقوب‪ .‬مثّ ها هو يسوع على عتبة املطبخ‪ .‬هناك قُرب املوقد‪ ،‬مرمي اليت حللفا تع ّد الطعام وتبكي‪ .‬يف‬
‫إحدى الزوااي‪ ،‬مسعان ويوسف مع رجال آخرين جيلسون بشكل حلقة‪ .‬بني الرجال هناك حلفا بن‬
‫لست أدري‪.‬‬‫سارة‪ّ .‬إهنم هناك‪ ،‬صامتون مثل التماثيل‪ .‬هل هي عادة هنا؟ ُ‬
‫غاد َرتهُ‪».‬‬
‫«السالم هلذا البيت‪ ،‬والسالم للنَّـ ْفس اليت َ‬
‫تصرخ األرملة‪ ،‬وابلالشعور تَدفَع يسوع‪ ،‬وتقف ما بينه وبني اآلخرين‪ .‬يقف مسعان ويوسف‬
‫الر ُجلني‬
‫يتوجه صوب َّ‬‫العدائي‪ّ .‬‬ ‫متجهمني ومذهولني‪ .‬ولكن يسوع ال يُ ِّ‬
‫ظهر أنّه انتبه إىل مظهرُها‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ظهر مسعان يشري إىل أنّه قد بـَلَ َغ اخلمسني أو أكثر‪َ ).‬ي ّد هلما يديه‪ ،‬حبركة دعوة محيميّة‪ .‬االثنان‬
‫(م َ‬
‫َ‬
‫أي وقت‪ ،‬ولكنّهما ال جيرؤان على القيام أبيّة حركة دنيئة‪ .‬حلفا بن سارة يضطرب‬ ‫مذهوالن أكثر من ّ‬
‫جلي‪ .‬اآلخرون‪ ،‬مبظهر غامض‪ ،‬ينتظرون ما سوف ُيدث‪.‬‬ ‫ويتأ ّمل بشكل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 540 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نك‪ .‬وكم‬
‫أشاطرك حز َ‬
‫َ‬ ‫أتيت‬
‫أضحيت رأس العائلة‪ ،‬ملاذا ال تستقبلين؟ لقد ُ‬
‫َ‬ ‫«اي مسعان‪ ،‬اآلن وقد‬
‫أنت عادل اي مسعان‪ ،‬وينبغي‬
‫كنت بعيداً‪َ .‬‬
‫معك ساعة الدفن! ليست غلطيت إذا ما ُ‬ ‫رغبت أبن أكون َ‬ ‫ُ‬
‫تقر بذلك‪».‬‬
‫أن ّ‬
‫ستمر وقوف الرجل متح ّفظاً‪.‬‬
‫وي ّ‬
‫أنت اي يوسف‪ ،‬اي من حتمل امساً عزيزاً ج ّداً على قليب‪ ،‬ملاذا ال تتقبّل قُبلَيت؟ أال تَقبَالن‬
‫«و َ‬
‫حنب بعضنا‪ .‬فلماذا‬‫احلق‪ .‬وحنن كنّا ّ‬ ‫مشاطريت لكما حزنكما؟ املوت رابط يش ّد واثق املشاعر احلميمة ّ‬
‫نتفرق اآلن؟»‬
‫ينبغي لنا أن ّ‬
‫كنت‬
‫أنت مات أبوان مع ّذابً‪ ».‬جييب يوسف بقسوة‪ .‬ومسعان‪« :‬كان ينبغي أن تبقى‪َ .‬‬
‫بسببك َ‬
‫« َ‬
‫يدك‪»...‬‬
‫تبق؟ كان ير َ‬
‫شرف على املوت‪ .‬ملاذا مل َ‬‫تَعلَم أنّه ُم ِّ‬

‫فعلت‪ .‬تعرفون ذلك جيّداً‪»...‬‬


‫«مل أكن أستطيع أن أفعل له أكثر ممّا ُ‬
‫طردك‪ .‬لكنّه كان‬
‫يت‪ ،‬وأنّه َ‬
‫ك أت َ‬
‫مسعان‪ ،‬أبكثر عدالً واستقامة يقول‪« :‬هذا صحيح‪ .‬أعلم أنّ َ‬
‫ومبتَـلَى‪».‬‬
‫مريضاً ُ‬
‫لست أحقد عليه‪ ،‬ألنّين مدرك ملا يف قلبه"‪ .‬إّّنا‬‫وإخوتك‪" :‬أان ُ‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫ألم َ‬
‫قلت ذلك ّ‬
‫«أعرف‪ ،‬وقد ُ‬
‫مت‬
‫كل شيء يوجد هللا‪ .‬وهللا كان يريد هذا األمل من أجل اجلميع‪ّ .‬أما أان‪ ،‬فثقوا متاماً أبنّين أتلّ ُ‬ ‫فوق ّ‬
‫أدرَك خالل هذا األمل حقيقة كربى‪،‬‬ ‫لذلك‪ ،‬كما لو أ ّن قطعة من حلمي قد انتُ ِّز َعت؛ ّأما أبوكم فقد َ‬
‫كانت خالل حياته خافية عليه؛ ّأما أنتم؛ فقد كانت لديكم‪ ،‬هبذا األمل‪ ،‬إمكانيّة تقدمة تضحية أكثر‬
‫منك‪ ،‬اي عزيزي‬ ‫فيت؛ ّأما يعقوب ويوضاس اللذين قد أصبحا اآلن أكثر نضجاً َ‬ ‫فاعليّة من ذبيحة ثور ّ‬
‫ألهنما دفعا الثمن ابلكثري من األمل الذي طحنهم مثل حجر الرحى‪ .‬لقد َج َعلَتهما اآلالم‬ ‫مسعان‪ّ ،‬‬
‫السن الكامل يف عيين هللا‪».‬‬‫صال إىل ّ‬ ‫ابلغني‪ ،‬وقد َو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 541 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عدواً له‪ ».‬يـُ َع ّقب‬
‫«أيّة حقيقة رآها أيب؟ هي واحدة فقط‪ :‬أ ّن دمه‪ ،‬يف ساعته األخرية أضحى ّ‬
‫يوسف بقسوة‪.‬‬

‫أدرَك أمل إبراهيم‪ ،‬لذلك ُوِّج َد إبراهيم يف عونه‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬


‫«ال‪ ،‬ففوق الدم هناك الروح‪ .‬لقد َ‬
‫«وإن يكن ذلك صحيحاً! ولكن من يؤكده لنا؟»‬

‫قلت ذلك‪».‬‬
‫أنت َ‬
‫عين؟ َ‬
‫مين موت أبيكم‪ .‬أمل يبحث ّ‬
‫«أان اي مسعان‪ ،‬وأكثر ّ‬
‫ت روحي‪ .‬هو َيكنه ذلك‪.‬‬ ‫قلت ذلك‪ ،‬صحيح‪ .‬لقد كان يريد يسوع‪ .‬وكان يقول‪" :‬أقلّه ال َمتُ ْ‬ ‫« ُ‬
‫أبعدتُهُ ولن يعود‪ .‬اي للموت دون يسوع! اي لفظاعته! ملاذا طََردتُه؟" نعم كان يقول ذلك وأيضاً‪:‬‬ ‫لقد َ‬
‫ِّ‬
‫يدك‪،‬‬
‫علي أن أمضي؟‘ وأان َج َعلتُه يذهب‪ ...‬اآلن لن يعود"‪ .‬لقد كان ير َ‬ ‫مرات عدَّة‪’ :‬هل َّ‬ ‫"هو َسأَلَين ّ‬
‫جيدوك يف كفرانحوم‪ ،‬وهو بكى كثرياً‪ .‬وبينما‬ ‫َ‬ ‫عنك‪ ،‬ولكنّهم مل‬
‫أرسلَت َمن يبحث َ‬ ‫ك َ‬ ‫يدك‪ّ .‬أم َ‬
‫كان ير َ‬
‫بشق النفس‪ ،‬ولكنّه‬ ‫كان جيمع بقية ِّمن قِّ‬
‫ك وأرادها أن تكون بقربه‪ .‬مل يكن يتكلّم ّإال ّ‬ ‫َخ َذ يد ّأم َ‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫اه‪،‬‬
‫و‬ ‫ّ‬
‫األم ألحصل على شيء منه‪ ،‬ذلك أنّين أخشى املوت"‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫"األم هي االبن قليالً‪ .‬أُمسك يد ّ‬ ‫كان يقول‪ّ :‬‬
‫اي أليب املسكني!»‬

‫شرقي ِّمن ُّ‬


‫الصراخ وحركات األمل‪ ،‬شارك فيه اجلميع‪ ،‬مبـا فيهم يعقوب‬ ‫شهد ّ‬‫وجرى بعد ذلك َم َ‬
‫ود َخال‪ .‬واألكثر سـكوانًكان يسـوع الذي يبكي فقط‪.‬‬
‫جتاسـَرا َ‬
‫ويوضاس اللذان َ‬
‫كنت حتبّه إذن؟» يسأل مسعان‪.‬‬
‫«أتبكي؟ لقد َ‬
‫كنت أمسح أبمله؟ إّّنا أان مع اآلب‪،‬‬
‫استطعت‪ ،‬أتعتقد أنّين ُ‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫«آه! مسعان‪ ،‬أتسأل؟ ولكن لو ُ‬
‫لست فوق اآلب‪».‬‬‫و ُ‬
‫ك تقيم املوتى‪ّ ،‬أما هو فلم تشفه‪ ».‬يقول يوسف خبشونة‪.‬‬
‫«إنّ َ‬
‫«مل يكن يؤمن يب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 542 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫« ّإهنا احلقيقة اي يوسف‪ ».‬يَ ِّلفت نظره أخوه مسعان‪.‬‬

‫يتخل عن احلقد‪ .‬وحيث قلّة اإلَيان والبغض‪ ،‬أان ال أستطيع شيئاً‪ .‬لذلك‬ ‫«مل يكن يؤمن‪ ،‬ومل َّ‬
‫جراء هذا‬ ‫متزقاً من ّ‬
‫متزقهما‪ّ .‬أمكما أكثر ّ‬ ‫يثقلن حقدكما ّ‬
‫أقول لكما‪ :‬ال تبغضا أخويكما‪ .‬ها ُها‪ .‬فال ّ‬
‫املتأجج ابطّراد بسبب موت أبيكما‪ .‬لقد انطََفأَت جذوة هذا احلقد عند أبيكما يف السالم‪ ،‬إذ‬ ‫احلقد ّ‬
‫أي شيء‪ .‬إنّين يف هذا‬ ‫عين وال أطلب منكما ّ‬ ‫لست أح ّدثكما ّ‬ ‫إ ّن رغبته يب َمنَ َحتهُ الغفران من هللا‪ .‬أان ُ‬
‫كل ما ُيرمين منه العامل‪ .‬أان أأت ّمل يف انسويت‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يعوضين عن ّ‬ ‫يف ّ‬ ‫لست من هذا العامل‪ .‬الذي ُييا ّ‬ ‫العامل‪ ،‬و ُ‬
‫ولكنّين أرفع روحي إىل ما فوق هذه األرض‪ ،‬وأبتَ ِّهج يف احلقائق السماويّة‪ .‬إّّنا ُها!‪ ...‬ال تتن ّكرا لشريعة‬
‫حّت ولو حصل هذا فاغفرا‪.‬‬ ‫احلب والدم‪ .‬أحبّوا بعضكم بعضاً‪ .‬مل يسئ يعقوب ويوضاس إىل الدم‪ .‬إّّنا ّ‬ ‫ّ‬
‫تفهم وضعهما‬ ‫وحتمالً لعدم ّ‬‫انظرا إىل األمور بعني االستقامة والعدل وسَتاين ّأهنما كاان األكثر إعياء ّ‬
‫وسط الضرورات اليت يفرضها على نفسيهما نداء هللا‪ .‬ومع ذلك فهما ال ُيمالن حقداً مطلقاً‪ ،‬إّّنا‬
‫فقط الرغبة يف أن يكوان حمبوبني‪ .‬أليس كذلك؟»‬

‫يوضاس ويعقوب‪ ،‬اللذان تشدُها ّأمهما إليها‪ ،‬يوافقان َع َرب دموعهما‪.‬‬

‫أنت البِّكر‪ ،‬فكن ال َـمثَل‪»...‬‬


‫«مسعان‪َ ،‬‬
‫أنت‪»...‬‬
‫لكن العامل‪ ...‬إّّنا َ‬
‫إيل‪ ...‬و ّ‬
‫«أان‪ ...‬ابلنسبة ّ‬
‫قبلتك األخويّة‪ .‬إنّين‬
‫كل طالع فجر‪ ...‬وأان! هيّا أعطين َ‬
‫ويغري رأيه عند ّ‬
‫«آه! العامل! إنّه ينسى ّ‬
‫عليك‬
‫منك بل مفروضة َ‬ ‫جتعلك قاسياً‪ ،‬تسقط‪ ،‬وهي ليست َ‬
‫َ‬ ‫أنت تَعلَم‪ .‬دع القشور‪ ،‬اليت‬
‫ك‪ ،‬و َ‬‫أحبّ َ‬
‫قلبك‪».‬‬
‫منك‪ ،‬واحكم دائماً ابستقامة َ‬
‫أقل ّبراً َ‬
‫ممّن هم ّ‬
‫مسعان‪ ،‬بقليل من النفور أيضاً‪ ،‬يفتح ذراعيه‪ .‬يـُ َقبِّّله يسوع ويقوده إىل أخويه‪ .‬يـُ َقبِّّلون بعضهم‬
‫وسط الدموع والنحيب‪.‬‬

‫دورك اي يوسف‪».‬‬
‫«اآلن جاء َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 543 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تصر‪ .‬فإنّين أتذ ّكر أمل أيب‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬ال ّ‬
‫الغل‪».‬‬ ‫هبذا‬ ‫األمل‬ ‫ذلك‬ ‫د‬‫«يف احلقيقة‪ ،‬أنت ُختلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ويف له‪».‬‬
‫يهم‪ .‬إنّين ّ‬
‫«ال ّ‬
‫يتحرق إلكرام‬ ‫قلبنا‬ ‫ترغب‪...‬‬ ‫كنت‬ ‫إذا‬ ‫ا‬‫أم‬ ‫يهبط‪،‬‬ ‫الليل‬ ‫«‬ ‫مسعان‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫ت‬‫ف‬‫ال يلح يسوع‪ .‬يلت ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫جثمانه‪ .‬أين حلفا؟ أين وضعتموه؟»‬

‫«خلف املنـزل‪ ،‬يف طرف كرم الزيتون عند املنحدر‪ .‬يف قرب يليق به‪».‬‬
‫ِّ‬
‫صدرك‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أوالدك على‬ ‫ِّ‬
‫زوجك يغتَبِّط إذ يرى‬ ‫تشجعي‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ِّ‬
‫«أرجوك‪ ،‬خذين إليه‪ .‬وأنت اي مرمي‪ّ ،‬‬
‫ألبيك‪" :‬أان ال‬
‫كنت أقوله َ‬ ‫لك أقول ما ُ‬ ‫امكثوا هنا‪ .‬أذهب أان مع مسعان‪ .‬كونوا يف سالم! اي يوسف‪َ ،‬‬
‫وَي ُرج‬
‫أشاطرك احلزن"‪ .‬وداعاً‪َ ».‬‬
‫َ‬ ‫ك‪ .‬وعندما تريدين اندين‪ .‬وسوف آيت‬ ‫لك احلقد‪ .‬بل إنّين أحبّ َ‬
‫أمحل َ‬
‫يسوع مع مسعان‪.‬‬

‫الر ُسل خلسة وبفضول‪ ،‬ولكنّهم يـََرون االثنني متّفقني متاماً‪ ،‬فَـيُ َسّرون‪.‬‬
‫يَنظُر ُّ‬
‫يودون أن يُ َكِّّرموا‬
‫«تعالوا أنتم أيضاً‪ ».‬يقول يسوع‪ّ « .‬إهنم تالميذي‪ ،‬اي مسعان‪ .‬هم كذلك ّ‬
‫الدك‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬
‫و َ‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫عربون كرم الزيتون‪ ...‬وينتهي ّ‬
‫يَ ُ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 544 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -72‬النعمة تعمل دائماً حيث توجد اإلرادة ابالستقامة)‬

‫‪1945 / 02 / 12‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫«سوف تضعني بعدها الرؤاي الثالثة والرؤاي الرابعة اللتني كانتا لك يف ‪1944 / 02 / 13‬‬
‫(الفقرة ‪.)73‬‬

‫األقل جزئيّاً‪،‬‬
‫ض َع‪ ،‬وإن مل يكن بكليّته‪ ،‬فعلى ّ‬ ‫أقل تشبُّثاً برأيه‪ ،‬قد َخ َ‬
‫كما تَـَرين‪ ،‬مسعان‪ ،‬وهو ّ‬
‫أقل من ذلك رسويل‪ ،‬كما أمسيتِّ ِّه‪،‬‬
‫لالستقامة‪ ،‬حبضور ذهن مقدَّس‪ .‬ومل يصبح يف احلال تلميذي‪ ،‬و ّ‬
‫شاهد ُحمايد‪ ،‬بعد هذا اللقاء بسبب موت‬ ‫منك‪ ،‬منذ سنة مضت‪ ،‬ولكنّه‪ ،‬على األقل‪ِّ ،‬‬ ‫بعدم دراية ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ألمه و ّأمي يف الوقت الذي كان ينبغي لرجل أن ُيميهما ويدافع عنهما ض ّد‬ ‫حلفا‪ .‬كذلك هو احلامي ّ‬
‫فيحمر‬
‫ّ‬ ‫هت ّكم الناس‪ .‬إنّه ليس شجاعاً كفاية ليُجابِّه الذين يعتربونين "جمنوانً"؛ وكذلك هو أكثر رجولة‪،‬‬
‫لكل الطوائف‪ .‬ولكنّه كان قد أصبَ َح‬‫املضادة ّ‬
‫ّ‬ ‫ويهتم ملا يلحق العائلة من أخطار بسبب رساليت‬ ‫مين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫على الطريق الصحيحة‪ .‬وبعد التضحية‪َ ،‬عَرف كيف يسري فيها أبكثر ثبااتً‪ ،‬إىل ح ّد االعَتاف يب‬
‫ابلشَّهادة‪ .‬فالنعمة تعمل آانً مثل ضربة صاعقة‪ ،‬وآانً ببطء‪ .‬ولكنّها تعمل دائماً حيث توجد اإلرادة‬
‫ابالستقامة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫آالمك‪ .‬ها هو ذا زمن التحضري لعيد الفصح يبدأ‪ .‬وابلنسبة‬ ‫اذهيب بسالم‪ .‬كوين يف سالم وسط‬
‫إيل‪ِّ ،‬‬
‫فأنت حتملني الصليب‪ .‬أابر ِّ‬
‫كك اي مرمي صليب يسوع‪».‬‬ ‫ّ‬
‫ويقول فيما بعد‪:‬‬

‫يؤدي إىل إاثرة الفضول‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫وح َذر فَطن‪ .‬االنعزال ّ‬
‫«أبداً‪ .‬ينبغي استقبال اجلميع مبحبّة ال حدود هلا َ‬
‫لك ذلك‪" :‬سوف تكونني املدينة اليت جيري البحث عنها"‪ .‬أمل ِّ‬
‫أيت‬ ‫اإلبعاد مناف للمحبة‪ .‬لقد قلت ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 545 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ومن هو‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اجلميع بنوااي نزيهة؟ ماذا كانت النتيجة؟ أنت َحذ َرة‪ ،‬وهذا يكفي‪ .‬أختشني إضاعة الوقت؟ َ‬
‫أضطر‬
‫كنت ّ‬‫مرة ُ‬ ‫تسرع‪ .‬أتَـَرين كم ّ‬
‫سيّد الوقت؟ أان‪ .‬وإذن؟ هيّا‪ ،‬هيّا بنا دون خوف ودون قلق ودون ّ‬
‫كنت أان‪ ...‬سالماً‪ ،‬سالماً وحمبّة مع اجلميع‪ .‬ومثّ‪ ،‬يف املرتبة الثالثة‪ ،‬احلَ َذر‪ .‬وهذا‬
‫لتغيري برانجمي؟ و ُ‬
‫كاف‪».‬‬

‫احلي‪ ،‬أساس هذه األمثولة‪.‬‬ ‫ابلصوت‬ ‫‪،‬‬ ‫سوف أقول ِّ‬


‫لك‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 546 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -73‬يسوع غري ُم َر َّحب به يف الناصرة)‬

‫‪1944 / 02 / 13‬‬

‫أرى غرفة كبرية مربّعة‪ .‬أقول عنها هكذا مع إدراكي ّأهنا كنيس الناصرة (حسب قول الذي ينبئين‬
‫قعد ُمرتَِّفع‪ .‬وكذلك‬
‫داخليّاً)‪ ،‬إذ ليس فيها سوى جدران عارية مطليّة ابألصفر‪ .‬ويف أحد اجلوانب َم َ‬
‫قرأ‪ ،‬خزانة‪ ،‬مسّوه ما شئتم‪ ،‬فهو ابلنتيجة نوع من الطاوالت املائلة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫قرأ ُمرتَفع‪ ،‬عليه لفافات؛ َم َ‬
‫هناك َم َ‬
‫ض َعت لفافات بشكل مرتّب‪.‬‬ ‫ينتصب على قائم‪ ،‬وعليه ُو َ‬
‫صلّون‪ ،‬ليس مثلنا‪ ،‬إّّنا مجيعهم يتّجهون اجلهة ذاهتا دون مجع اليدين‪ ،‬بل‪ ،‬تقريباً‪،‬‬
‫هناك أانس يُ َ‬
‫مثل كاهن على اهليكل‪.‬‬

‫قرأ‪.‬‬
‫مصابيح موضوعة فوق املقعد وفوق ال َـم َ‬
‫لست أفهم القصد من هذه الرؤاي اليت تدوم بعض الوقت دون تغيري‪ّ .‬إال أ ّن يسوع أيمرين‬
‫ُ‬
‫ابلكتابة وأان أفعل‪.‬‬
‫مرة أخرى يف كنيس الناصرة‪.‬‬
‫أجدين ّ‬
‫األخ ّن‪ .‬ولكنّين ال أفهم الكالم الذي يقوله بلغة‬
‫اآلن‪ ،‬احلاخام يقرأ‪ ،‬وأان أمسع صوته الرتيب َ‬
‫الر ُسل وآخرين هم ابلتأكيد أقرابء له‪ ،‬ولكنّين ال أعرفهم‪.‬‬
‫عمه ُّ‬
‫أجهلها‪ .‬وسط اجلمع يسوع مع أبناء ّ‬
‫بعد القراءة‪ ،‬يلتَ ِّفت احلاخام صوب اجلمع‪ ،‬كما يف دعوة صامتة‪ .‬يتق ّدم يسوع‪ ،‬ويطلب إدارة‬
‫اجتماع اليوم‪.‬‬

‫علي‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫الشجي‪ ،‬أمسَع قراءة من سفر أشعيا َوَرَد ذكرها يف اإلجنيل املقدس‪« :‬روح الرب ّ‬‫ّ‬ ‫وبصوته‬
‫بدلَت الصرامة القدَية‬ ‫احلب اليت استَ َ‬
‫وأمسع تعليقه عليها انسباً لذاته‪« :‬حامل البُشرى احلَ َسنَة‪ ،‬شريعة ّ‬
‫كل الذين َج َعلَت خطيئة آدم نفوسهم مريضة‪ ،‬وابلنتيجة اجلَّ َسد‪ ،‬أل ّن اخلطيئة‬‫ابلرمحة‪ ،‬لينال السالم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 547 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت ألقطَع هذه‬‫الشر‪ُ .‬‬‫كل الذين أيسرهم روح ّ‬ ‫ليتحرر ّ‬
‫اجلسدي‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫حّت‬
‫تلد الرذيلة‪ ،‬والرذيلة املرض‪ّ ،‬‬
‫الصماء‪ .‬لقد حان‬‫الس َمع للنفوس ّ‬ ‫السالسل‪ ،‬وأعيد فتح طريق السماء‪ ،‬ألمنح النور للنفوس العمياء‪ ،‬و َّ‬
‫وقت نعمة الرب‪ .‬وهي فيما بينكم‪ ،‬وهي اليت تكلّمكم‪ .‬لقد َرغب األحبار رؤية هذا اليوم الذي أعلَ َن‬
‫حلوله صوت من العالء‪ ،‬والذي تنبّأ عن زمنه األنبياء‪ .‬وقد تنامى اآلن إىل معلومهم بفعل فائق الطبيعة‪،‬‬
‫فهم يَعلَمون أ ّن فجر هذا اليوم قد بـََزغ‪ ،‬وأ ّن دخوهلم اجلنّة أصبح وشيكاً‪ .‬لذلك يتهلّل‪ ،‬أبرواحهم‪،‬‬
‫الق ّديسون الذين ال يعوزهم سوى بـََرَكيت ليُصبِّحوا ُس ّكان السماء‪ .‬ترون ذلك‪ .‬أقبِّلوا إىل النور الذي‬
‫جتردوا عن رغائبكم‪ ،‬لتكون لكم سرعة اخلاطر الالزمة لتتبعوا املسيح‪ .‬فلتكن لديكم اإلرادة‬ ‫غ‪ّ .‬‬ ‫بـََز َ‬
‫يدي‪ّ ،‬إال أنّين ال‬
‫للتحسن‪ ،‬وللرغبة ابلسالم‪ .‬وسوف يعطى لكم السالم‪ .‬إنّه بني ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصاحلة لإلَيان‪،‬‬
‫أمنحه ّإال لذوي اإلرادة احلسنة القتنائه‪ .‬ذلك أ ّن إعطاءه ملن يريد االستمرار يف خدمة الشيطان إساءة‬
‫إىل النعمة‪.‬‬

‫ويعلو اهلمس يف الكنيس‪ ،‬ويلتَ ِّفت يسوع صوب احلاضرين‪ ،‬يقرأ على الوجوه ويف القلوب‪،‬‬
‫ُدرك ما تُـ َف ِّّكرون به‪ ،‬ألنّين من الناصرة‪ ،‬وأنتم تَرومون َحظوة متميّزة‪ .‬إّّنا ذلك أباننيّة منكم‪،‬‬
‫ويتابع‪« :‬أ ِّ‬
‫لنيب يف وطنه‪ .‬بلدان أخرى استقبَـلَتين‬ ‫ِّ‬
‫درة إَيانكم‪ .‬وأيضاً أقول لكم‪ ،‬يف احلقيقة ال كرامة ّ‬ ‫وليس ب ُق َ‬
‫حّت البلدان اليت يُ َش ِّّكل امسها لكم ش ّكاً‪ .‬هناك سوف أجد حصاد التالميذ‪،‬‬ ‫وستستقبلين إبَيان عظيم‪ّ ،‬‬
‫وانصبَتين العداء‪ .‬ولكنّين‬ ‫بينما ال أستطيع فعل أي شيء على هذه األرض ّ ِّ‬
‫ألهنا أُغل َقت يف وجهي‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫سوري‪ .‬وإكراماً لتلك وذاك‬
‫األول َو َج َد اإلَيان لدى امرأة فينيقيّة‪ ،‬واآلخر لدى ّ‬ ‫أذ ّكركم إبيليا وأليشع‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫الربص‬ ‫َمتَ َّكنَا من اجَتاح املعجزة‪ .‬الناس الذين كانوا َيوتون من اجلوع يف إسرائيل مل ُيصلوا على اخلبز‪ ،‬و ُ‬
‫ُّرة اخلالصة اليت اكتشفها‬‫صلوا على التَّطهري‪ ،‬ذلك أ ّن قلوهبم كانت ختلو من اإلرادة احلَ َسنَة‪ ،‬الد َّ‬ ‫مل َُي َ‬
‫ضمرون يل العداء وتكفرون‬ ‫النيب يف مكان آخر‪ .‬وهذا ما سوف ُيصل معكم‪ ،‬أنتم أيضاً‪ ،‬اي من تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫بكلمة هللا‪».‬‬

‫الر ُسل‪،‬‬
‫عمه ُّ‬ ‫وتوعدوا ابللَّعنات‪ .‬وحاولوا القبض على يسوع‪ ،‬و ّ‬
‫لكن أوالد ّ‬ ‫اضطََرب اجلميع ّ‬
‫يوضاس ويعقوب ومسعان دافَعوا عنه‪ ،‬حينئذ قام أبناء الناصرة الغاضبون بطرد يسوع خارج البلدة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 548 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتسمرون‪ ،‬بفعل‬
‫وج َعلَهم ّ‬
‫ت يسوع َ‬ ‫قمة الرابية‪ .‬حينئذ التَـ َف َ‬
‫حّت ّ‬
‫الشفوي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وتَبِّعوه ابلوعيد‪ ،‬ليس فقط‬
‫ليمر يف وسطهم ساملاً‪ ،‬ويغيب صاعداً عرب دروب يف الرابية‪.‬‬
‫نظرته الساحرة‪ّ ،‬‬
‫الحظ‪ِّ ،‬من‬
‫ضيعة صغرية‪ ،‬صغرية ج ّداً‪ ،‬عبارة عن بيوت قليلة‪ .‬وهي أعلى من الناصرة‪ ،‬يُ َ‬‫أرى َ‬
‫نح ِّدرة على مدى بضعة كيلومَتات‪ ،‬أهنا ضيعة صغرية ابئسة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫خالل طريق ُم َ‬
‫يتح ّدث يسوع إىل مرمي‪ ،‬وهو جالس على حافّة جدار صغري‪ ،‬قرب كوخ‪ .‬قد يكون البيت بيت‬
‫األقل‪ ،‬بيت ُمضيف‪ ،‬حسب مقتضيات الضيافة الشرقيّة‪ .‬التَ َجأ إليه يسوع‬ ‫أحد األصدقاء‪ ،‬أو‪ ،‬على ّ‬
‫بعد أن طُِّرَد ِّمن الناصرة‪ ،‬وهو ينتظر ُّ‬
‫الر ُسل الذين كانوا‪ ،‬ابلتأكيد‪ُ ،‬م َشتَّتني يف اجلوار‪ ،‬بينما يسوع إىل‬
‫جانب ّأمه‪.‬‬

‫الر ُسل الثالثة‪ ،‬الذين اجتَ َمعوا آنئذ يف املطبخ يتح ّدثون إىل امرأة‬
‫عمه‪ُّ ،‬‬
‫مل يكن معه سوى أبناء ّ‬
‫عجوز‪ ،‬يناديها ت ّداوس « ّأمي»‪ ،‬لذلك أ ِّ‬
‫ُدرك أ ّن األمر يتعلّق مبرمي اليت لكالواب‪ّ .‬إهنا امرأة مسنّة بعض‬
‫أتعرف إليها‪ّ ،‬إهنا هي اليت كانت مع مرمي الكلّيّة القداسة يف عرس قاان‪ .‬ابلتأكيد‪ ،‬قد‬ ‫الشيء‪ ،‬و ّ‬
‫انس َحبَت إىل هناك‪ ،‬ومعها أبناؤها‪ ،‬ليَتكوا ليسوع و ّأمه احلريّة يف حديثهما‪.‬‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫مرمي حزينة‪ ،‬فلقد َعل َمت حبادثة الكنيس‪ ،‬وأتلَّ َمت لذلك‪ .‬يسوع يواسيها‪ .‬ومرمي ّ‬
‫تتوسل إىل‬
‫حّت بقيّة األقارب الذين‬
‫ابنها‪ ،‬راجية ّإايه البقاء بعيداً عن الناصرة‪ ،‬حيث اجلميع متشنّجون جتاهه‪ّ ،‬‬
‫الشقاق و ِّّ‬
‫الشجار‪.‬‬ ‫يعتربونه جمنوانً ُياول إاثرة ِّّ‬
‫عك ِّمن‬
‫ّإال أ ّن يسوع يقوم حبركة‪ ،‬وهو يبتسم‪ ،‬يبدو أنّه يقول‪« :‬هنا أو يف مكان آخر سيان‪ .‬د ِّ‬
‫ّ‬
‫صر‪ .‬حينئذ جييب‪« :‬اي ّأمي‪ ،‬إذا كان على ابن اإلنسان أن يذهب فقط إىل حيث‬ ‫لكن مرمي تُ ّ‬
‫هذا!» و ّ‬
‫كل مكان يل أعداء‪.‬‬
‫توجب عليه االبتعاد عن هذه األرض‪ ،‬والعودة إىل السماء‪ .‬يف ّ‬ ‫هو حمبوب‪ ،‬لكان ّ‬
‫أتيت ألمتّم مشيئة اآلب‬ ‫ِّ‬
‫احلق‪ .‬ولكنّين مل آت أللقي سالماً سهالً‪ .‬لقد ُ‬ ‫احلق ممقوت‪ ،‬وأان ّ‬‫ذلك أ ّن ّ‬
‫أنت حيب الذي يعوضين عن كل ما سواه‪ِّ .‬‬
‫أنت وهذا‬ ‫أنت‪ ،‬اي أمي‪ِّ .‬‬‫وأفتدي اإلنسان‪ .‬احلب‪ ،‬هو ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل يوم ببعض النعاج اليت انتَـَزعتُها ِّمن فم ذئب األهواء‪ ،‬ألقودها إىل حظرية‬
‫القطيع الصغري الذي يتزايد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 549 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت ألداء هذا الواجب‪ .‬وينبغي يل أن أمتّمه إىل أن أحتَطَّم على‬
‫اآلب‪ّ .‬أما الباقي فهو الواجب‪ .‬ولقد ُ‬
‫َغمر هذه القلوب‬ ‫وحّت هذا ال يكون‪ّ ،‬إال حني أس ُقط وأ ُ‬
‫املتحجرة‪ ،‬العصيّة على اخلري‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫صخرة قلوهبم‬
‫لت من السماء‪ .‬وال َيكنين‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫هذا‬ ‫ألجل‬ ‫ي‪،‬‬ ‫أم‬ ‫‪.‬‬ ‫العدو‬ ‫ة‬ ‫بدمي‪ ،‬فأُلينها بِّدمغها بعالميت اليت تزيل ِّ‬
‫مس‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ َ‬
‫سوى الرغبة ابإلمتام‪».‬‬
‫ممزق‪ ،‬ويسوع يالطفها‪ .‬أ ِّ‬
‫ُالحظ أن معطف مرمي على رأسها‪،‬‬ ‫بين!» صوت مرمي َّ‬
‫بين! اي ّ‬‫« آه! ّ‬
‫أي وقت آخر‪ ،‬مثل كاهنة‪.‬‬‫إضافة إىل الوشاح‪ّ .‬إهنا متو ّشحة أكثر من ّ‬
‫ِّ‬
‫سأنبئك‪».‬‬ ‫« سوف أتغيب بعض الوقت‪ ،‬إرضاء ِّ‬
‫لك‪ .‬وعندما أكون يف اجلوار‪،‬‬ ‫ّ‬
‫لك‪.‬‬ ‫« أ ِّ‬
‫َرسل يوحنّا‪ .‬فعندما أراه يتهيّأ يل أنّين أر َاك‪ ،‬إىل ح ّد ما‪ّ .‬أمه كذلك ُمف َع َمة إكراماً يل و َ‬
‫مك‬ ‫ِّ‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬هي ترجو مكاانً متميّزاً ألبنائها‪ّ .‬إهنا امرأة و ّأم‪ ،‬اي يسوع‪ .‬جيب أن نعذرها‪ .‬سوف تُ َكلّ َ‬
‫تتخمر فيها‪ ،‬كما يف‬
‫ستتحرر من املؤثّرات البشريّة اليت ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك أبمانة‪ .‬وعندما‬ ‫أيضاً‪ .‬ولكنّها َكَّر َست ذاهتا َ‬
‫بين‪ ،‬سوف تكون عظيمة يف إَياهنا‪ .‬من املؤمل أن ينتظر‬ ‫أبنائها‪ ،‬وكما لدى اآلخرين‪ ،‬لدى اجلميع‪ ،‬اي ّ‬
‫لكن اخلطيئة تسكنهم مع شهواهتا‪ .‬مل‬ ‫منك اجلميع خرياً بشرّايً‪ ،‬خرياً‪ ،‬إن مل يكن بشرّايً‪ ،‬فهو أانينّ‪ .‬و ّ‬ ‫َ‬
‫حب هللا واإلنسان جيعلين أر َغب هبا‪ ،‬فهي سوف‬ ‫ِّ‬
‫أتت بعد الساعة املباركة واملريعة ج ّداً ج ّداً‪ ،‬رغم أ ّن ّ‬
‫بين؟‬ ‫اي‬ ‫سيفعلون‬ ‫ماذا‬ ‫الساعة!‬ ‫هذه‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ك ِّ‬‫متحو اخلطيئة‪ .‬آه! اي لتلك الساعة! كم يرجتف قلب ّأم َ‬
‫ّ‬
‫أي شهيد!»‬ ‫أيّها االبن الفادي الذي َسبَ َق وتنبّأ عنه األنبياء كشهيد‪ ،‬و ّ‬
‫يعينك يف تلك الساعة‪ .‬هللا سوف يساعدان‪ِّ ،‬‬
‫أنت وأان‪.‬‬ ‫« ال تفكري هبذا‪ ،‬اي أمي‪ .‬فاهلل سوف ِّ‬
‫ك الليل أن يهبط‪ ،‬والطريق طويلة‪.‬‬
‫أوش َ‬
‫مرة أخرى‪ .‬اذهيب اآلن‪َ .‬‬ ‫ِّ‬
‫وبعد ذلك يكون السالم‪ .‬أقوهلا لك ّ‬
‫أابر ِّ‬
‫كك‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 550 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -74‬يسوع وأمه يف بيت حنة امرأة قوزى)‬

‫‪1945 / 02 / 13‬‬

‫البواب على ال َق ِّادم‪ ،‬يُطلِّق صرخة‬


‫يتعرف ّ‬
‫يتوجه صوب بيت حنّة امرأة قوزى‪ ،‬وعندما ّ‬
‫أرى يسوع ّ‬
‫فَـرح تثري الضجة يف البيت كلّه‪ .‬يدخل يسوع ِّ‬
‫مبتسماً ِّ‬
‫ومباركاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َهتَرع حنّة من احلديقة املزهرة‪ ،‬وترمتي على قدمي املعلّم لتقبّلهما‪ .‬يُقبِّل قوزى أيضاً‪ .‬ينحين ّأوالً‬
‫احنناءة كبرية‪ ،‬مثّ يـُ َقبِّّل طََرف ثوب يسوع‪.‬‬

‫قوزى رجل وسيم‪ ،‬يف حوايل األربعني من عمره‪ .‬وهو ليس ضخماً ج ّداً‪ ،‬ولكنّه ممتلئ اجلسم‪،‬‬
‫ظهر فيه بعض اخليوط الفضيّة‪ .‬عيناه حيويّتان وداكنتان‪ ،‬لونه ابهت‪ ،‬وحليته‬‫وشعره أسود‪ ،‬إّّنا بَ َدأَت تَ َ‬
‫مربّعة سوداء ومعتىن هبا جيّداً‪.‬‬

‫أقل‬ ‫وهنا‬‫ك‬ ‫مع‬ ‫زة‪،‬‬ ‫متمي‬ ‫ابمتشاقة‬ ‫سوى‬ ‫ق‬ ‫اب‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ضها‬‫ر‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫حنّة أكرب من زوجها‪ .‬وهي مل حتتَ ِّفظ ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم ِّرنَة‪ ،‬يعلوها رأس بديع ذو عينني غائرتني‪ ،‬سوداوين‪،‬‬ ‫هزاالً من ذي قبل‪ .‬إ ّهنا تبدو كنخلة ممشوقة َ‬
‫ِّ‬
‫املنحسرة‪ ،‬تبدو أكثر بياضاً حتت‬ ‫ممشط بعناية‪ .‬وجبهتها امللساء‬ ‫ومجيلتني‪ .‬شعرها الكثيف بلون القري ّ‬
‫الطبيعي‪ ،‬وسط خ ّدين‪ ،‬شحوهبما‬
‫ّ‬ ‫هذا اللون الداكن‪ .‬الفم الصغري‪ ،‬املرسوم جيّداً‪ ،‬ينفرد بلونه األمحر‬
‫لطيف‪ ،‬مثل توجيات بعض أزهار الكاميليا‪ّ .‬إهنا امرأة رائعة اجلمال‪ّ ...‬إهنا هي اليت أعطت املال للوجنني‬
‫‪ Longin‬يف اجللجلة‪ .‬هناك هي تبكي‪ ،‬مضطربة ومتّشحة ابلكامل‪ .‬بينما هنا‪ ،‬هي تبتسم ورأسها‬
‫مكشوف‪ .‬ولكنّها هي هي ذاهتا‪.‬‬

‫وجودك عندي‪ ،‬بضيافيت؟» يسأل قوزى‪.‬‬


‫َ‬ ‫ألي شيء أدين بفرح‬
‫« ّ‬
‫وعلي استقدام ّأمي لتمكث‬
‫«حلاجيت إىل اسَتاحة يف انتظار ّأمي‪ .‬إنّين قادم من الناصرة‪ّ ...‬‬
‫وإايها إىل كفرانحوم‪».‬‬
‫معي لبعض الوقت‪ .‬وسوف أمضي ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 551 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لست أهالً‪ ،‬ولكن‪ »...‬تقول حنّة‪.‬‬
‫«ملاذا ليس يف بييت؟ أان ُ‬
‫لكن ّأمي ترافقها سلفتها‪ ،‬وهي أرملة منذ بضعة ّأايم‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«بل أنت أهل لذلك‪ ،‬و ّ‬

‫أنت َمنَحتَين ِّمن ال َفَرح ما جيعله مفتوحاً أبكمله َ‬


‫لك‪.‬‬ ‫«البيت كبري ويتّسع ألكثر من شخص‪ .‬و َ‬
‫دت إليه ورديت املزهرة واملتفتّحة‪ ».‬يقول قوزى‬
‫َع َ‬ ‫دت املوت عن هذا املس َكن وأ َ‬ ‫أبع َ‬
‫رب‪ ،‬اي َمن َ‬
‫ُمرين اي ّ‬
‫ُالحظ ذلك ِّمن نظرته‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬أتكيداً على طلب زوجته‪ .‬إنّه ُيبها كثرياً‪ .‬أ ِّ‬
‫ّ‬
‫علي‪،‬‬
‫«أان ال آمر‪ ،‬بل أَقبَل‪ّ .‬إهنا تعبة ج ّداً‪ ،‬وقد عانَت كثرياً يف اآلونة األخرية‪ .‬وهي ختاف ّ‬
‫أود أن أُبَّني هلا أ ّن هناك من ُيبّين‪».‬‬
‫و ّ‬
‫«آه! ِّ‬
‫فلتأت إىل هنا‪ ،‬إذن‪ .‬وسوف أحبّها كابنة هلا وخادمة‪ ».‬هتتف حنّة‪.‬‬
‫وَيرج قوزى لي ِّ‬
‫صدر أوامره هبذا اخلصوص‪ .‬وتَ َزد ِّوج الرؤاي‪ .‬يبقى يسوع يف احلديقة‬ ‫ُ‬ ‫يوافق يسوع‪ُ َ ،‬‬
‫العَربَة املرُية‬ ‫الرائعة اليت لقوزى ِّ‬
‫املنهمك يف التح ّدث إليه وإىل زوجته‪ .‬ويف هذه األثناء أرى وصول َ‬ ‫َ‬
‫والسريعة اليت هبا انطلق يواناثن ليأيت مبرمي من الناصرة‪.‬‬

‫صعد مرمي وسلفتها‪،‬‬ ‫هاجت البلدة بسبب هذا احلَ َدث‪ .‬ويزداد اهلياج عندما تَ َ‬ ‫حبكم الطبيعة‪َ ،‬‬
‫عوملَتَا ِّمن قِّبَل يواناثن َك َملِّ َكتَني‪ ،‬إىل العربة بعد أن أوَكلَتَا حلفا بن سارة مبفاتيح البيت‪ .‬وتبتعد‬
‫اللتان ِّ‬
‫حبق يسوع يف الكنيس بقوله‪« :‬السامريّون أفضل منّا! أترون‬ ‫العربة‪ ،‬بينما يثأر حلفا للدانءة املرتكبة ّ‬
‫أخجل ِّمن كوين انصرّايً‪».‬‬
‫كيف َُي ََِّتم أحد خ ّدام هريودس أ ُّم يسوع وجيلّها؟‪ ...‬وحنن! إنّين َ‬
‫حقيقي بني الفريقني‪ .‬وهناك َمن تَـَرَك الفريق املعادي ليذهب إىل حلفا يطرح‬ ‫ّ‬ ‫يَنشب شجار‬
‫عليه ألف سؤال‪« .‬ولكن ابلتأكيد!» جييب حلفا‪« .‬ضيوف على بيت الوايل‪ ،‬ولقد َِّمسعتُم ما قاله‬
‫ال َقيِّم على قصره‪" :‬معلّمي يتوسل ِّ‬
‫إليك أن تُ َشِّّريف منـزله"‪ .‬أن تُ َشِّّريف‪ ،‬هل تدركون؟ هل تفهمون؟ وهو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثري وذو السلطان‪ ،‬وامرأته األمرية امللكيّة‪ .‬أن تُ َشِّّريف! بينما عندان‪ ،‬أنتم ابألحرى رميتُموها‬
‫قوزى ّ‬
‫ابحلجارة‪ .‬اي للعار!»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 552 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬حينما يكون هو لنا‪ ،‬فإنّنا ّنتلك‬ ‫ال جييب الناصريّون‪ ،‬ويتكلّم حلفا أبكثر ح ّدة‪ّ « :‬‬
‫بشري‪ .‬ولكن هل تبدو لكم صداقة قوزى بال طائل؟‬ ‫أي َسنَد ّ‬ ‫كل شيء! كما َيكننا االستغناء عن ّ‬ ‫ّ‬
‫تصرفوا‪،‬‬
‫هل يبدو لكم مقته لنا مفيداً؟ إنّه وايل الربع‪ ،‬هل تعلمون ذلك؟ هل يبدو لكم ذلك اتفهاً؟ ّ‬
‫أود‬
‫تصرفوا كسامريّني مع املسيح! إنّكم تستجلبون ألنفسكم كره العظماء لكم‪ .‬وحينئذ‪ ...‬آه! حينئذ ّ‬ ‫ّ‬
‫شريرون أنتم! بل كافرون!» ويَ َنه ِّمر وابل‬
‫لو أراكم! دون عون من السماء وال من األرض! محقى أنتم! ّ‬
‫االهتامات بغري توقّف‪ ،‬بينما يذهب الناصريّون َخ ِّجلني مثل كالب أصيبت خبيبة أمل‪.‬‬ ‫من الشتائم و ّ‬
‫يبقى حلفا وحيداً مثل رئيس مالئكة اثئر عند مدخل بيت مرمي…‬

‫صل عربة‬ ‫‪...‬يف وقت متأخر ِّمن السهرة‪ ،‬عرب الطريق الرائعة اليت متت ّد على طول البحرية‪ ،‬تَ ِّ‬
‫ّ‬
‫هرعون‬ ‫ِّ‬
‫يَتصدون‪ ،‬يـُنَـبّهون ويَ َ‬
‫جترها خبباً أحصنة قويّة‪ .‬خ ّدام قوزى‪ ،‬وهم آنئذ عند الباب ّ‬ ‫يواناثن ّ‬
‫ابملصابيح اليت تزيد إضاءة نور القمر البدر‪.‬‬

‫الر ُسل‪ .‬عندما هتبط‬‫ظهر يسوع أيضاً مبتسماً‪ ،‬وخلفهم جمموعة ُّ‬ ‫يركض الزوجان قوزى وحنّة‪ .‬ويَ َ‬
‫حّت تصل إىل األرض‪ ،‬وحتيّي‪« :‬اإلكرام واإلجالل لزهرة الذريّة امللكيّة‪ ،‬اجملد والربكة‬ ‫مرمي‪ ،‬تنحين حنّة ّ‬
‫ألم الكلمة ال ُـم َخلِّّص‪ ».‬وينحين قوزى احنناءة أكرب من أيّة احنناءة قام هبا أمام هريودس يف البالط‬‫ّ‬
‫إيل‪ .‬فلتكوين مباركة اي ّأم يسوع‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫ويقول‪« :‬لتكن مباركة الساعة اليت أوصلتك ّ‬
‫جتيب مرمي بلطف وتواضع‪« :‬مبارك هو ُخمَلِّّصنا‪ ،‬ومباركون ُهم َّ‬
‫الصاحلون الذين ُيبّون ابين‪».‬‬

‫بكل حفاوة‪ .‬متسك حنّة بيد مرمي وهي تبتسم هلا قائلة‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫يدخل اجلميع إىل البيت‪ ،‬وقد استُـ ْقبلوا ّ‬
‫ِّ‬
‫خبدمتك‪ ،‬أليس كذلك؟»‬ ‫«سوف تسمحني يل‬

‫كل شيء‪ .‬العامل‬


‫«ليس أان‪ ،‬بل هو‪ .‬اخدميه هو وأحبّيه على الدوام‪ .‬وبذلك تكونني قد وفيتين ّ‬
‫ال ُيبّه‪ ...‬وهذا هو مصدر أملي‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 553 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أعرف‪ .‬تُرى ملاذا هذه الالمباالة من قِّبَل قِّسم من العامل‪ ،‬بينما يَبذل آخرون حياهتم من‬
‫أجله؟»‬

‫«ألنّه رمز التناقض للكثريين‪ ،‬ألنّه هو النَّار اليت تُطَ ِّّهر املعدن‪ .‬فالذهب يـُنَـ ّقى‪ ،‬بينما الشوائب‬
‫تَتسب يف القعر وتُ َرمى‪ .‬قيل يل ذلك عندما كان ما يزال صغرياً ج ّداً‪ ...‬ويوماً بعد يوم تتح ّقق‬ ‫ّ‬
‫النبوءة‪»...‬‬

‫«ال تبكي اي مرمي‪ .‬سوف حنبّه وندافع عنه‪ ».‬تقول حنّة ذلك وتواسيها‪.‬‬

‫تستمر بسكب دموعها الصامتة اليت ال تراها سوى حنّة‪ ،‬يف الركن شبه املظلم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّإال أ ّن مرمي‬
‫حيث جتلسان‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 554 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -75‬يسوع يف موسم القطاف يف بيت حنّة‪ .‬معجزة الطفل املشلول)‬

‫‪1945 / 02 / 14‬‬

‫نشغِّلَة بقطاف العنب‪ ،‬ذلك العمل ال ُـم ِّبهج‪ .‬الرجال‪ ،‬وقد تَ َسلَّقوا السالمل‬
‫مجيع قرى اجلليل ُم َ‬
‫املذهبة‬ ‫ِّ‬
‫العالية‪ ،‬يقطفون من على العرائش وسوق الكرمة‪ّ .‬أما النساء‪ ،‬فيحملن عناقيد العنب احلمراء ّ‬
‫ينتظروهنن‪ .‬أغنيات ونُكات تسري ِّمن كرمة إىل كرمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫للعصارين الذين‬
‫رؤوسهن ّ‬
‫ّ‬ ‫ضمن سالل على‬
‫ومن بستان إىل بستان‪ .‬يف الوقت ذاته‪ ،‬تنتشر رائحة عصري العنب‪ّ ،‬أما النَّحل‪ ،‬وأبعداده الكبرية‪،‬‬
‫وحّت‬
‫يطن وكأنّه سكران‪ ،‬ويطري سريعاً ويرقص على األغصان اليت ما تزال حتمل العناقيد الصغرية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫السالل والرباميل‪ ،‬حيث تضيع حبّات فاقدة معاملها وسط حريرة عصري العنب‪ .‬األوالد‪ ،‬وقد تلطّخوا‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬
‫ابلعصارة‪ ،‬يُطلِّقون صيحات كالسنونو‪ ،‬وهم يَتاكضون على العشب ويف الساحات وعلى الدروب‪.‬‬

‫منخ َفض بني‬


‫وجه يسوع إىل بلدة ال تبعد كثرياً عن البحرية‪ .‬بلدة يف سهل هو عبارة عن َ‬ ‫يت ّ‬
‫روي بشكل جيّد‪ ،‬أل ّن هنراً‪ ،‬أظنّه هنر األردن‪،‬‬ ‫م‬ ‫السهل‬ ‫الشمال‪.‬‬ ‫صوب‬ ‫جهان‬ ‫تت‬
‫ّ‬ ‫تني‬‫جبلي‬ ‫لتني‬ ‫ِّس ِّ‬
‫لس‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جيتازه‪َ .‬ير يسوع عرب الطريق الرئيسيّة‪ ،‬وكثريون ُييّونه هاتِّفني‪« :‬رايب! رايب!» َير يسوع ويُ ِّ‬
‫بارك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قبل الوصول إىل البلدة‪ ،‬هناك َعقار ثري‪ ،‬يقف عند مدخله زوجان مسنّان ينتظران املعلّم‪.‬‬
‫إليك‪ .‬اي للبهجة اليت َمنَحتَنا! هي‬
‫تفضل ابلدخول‪ ،‬وعندما ينتهي العمل سيسرع اجلميع لالستماع َ‬
‫« ّ‬
‫رب‬
‫آتية منك‪ ،‬وتنتشر مثل النسغ يف األغصان لتصبح كاخلمر يفرح القلوب‪ .‬أهي ّأمك؟» يسأل ّ‬
‫البيت‪.‬‬

‫ألهنا اآلن ضمن جمموعة تالميذي‪ّ .‬إهنا األخرية يف ترتيب الوفادة‪،‬‬


‫قدمتُها ّ‬ ‫«هي ّأمي‪ .‬وقد استَ َ‬
‫بكل معىن الكلمة‪ .‬لقد بَشَّرت يب منذ ما قبل والديت‪...‬‬
‫الرسول ّ‬ ‫لكنّها األوىل يف ترتيب الوفاء‪ .‬إ ّهنا َّ‬
‫هلمي اي أمي‪ .‬ذات يوم‪ ،‬وقد كان ذلك يف بداايت رحلة تبشريي‪ ،‬مل تدعين هذه األم أبكي فر ِّ‬
‫اقك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابنك التَّعِّب‪».‬‬
‫بقدر ما كانت لطيفة مع ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 555 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الرب نعمه‪ ،‬أيّتها األ ُّم الشَّفوقة‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«ليمنحك ّ‬
‫ف‬ ‫«لقد نلت النّعمة كلّها حني حظيت مباسيا وكذلك ِّ‬
‫بك‪ .‬هيّا‪ .‬البيت رطب ومنعش‪ ،‬وقد َخ َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ك تَعِّبة‪».‬‬
‫الوهج‪ .‬ستأخذين قسطاً من الراحة‪ ،‬يفَتض أنّ ِّ‬

‫«ما من شيء يسبّب يل التعب مثل حقد العامل‪ .‬إّّنا اللحاق به واالستماع إليه‪ ،‬فهذه أمنييت‬
‫منذ طفوليت البعيدة ج ّداً‪».‬‬
‫«هل ِّ‬
‫كنت تَعلَمني أنّ ِّ‬
‫ك ستصبحني أ ُّم ماسيا؟»‬

‫آخر َمن بُ ِّّشروا‪ ،‬إّّنا‬


‫«آه! ال‪ .‬ولكنّين كنت أمتىن أن أعيش حّت أمت ّكن من مساعه وخدمته‪ ،‬ك ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫وفيّة! آه! وفيّة!»‬

‫لدي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫«إنك تستمعني إليه وختدمينه‪ ،‬وأنت األوىل يف احلصول على هذا احلبور‪ .‬أان أيضاً أ ُّم‪ ،‬و ّ‬
‫أبناء ح َكماء‪ .‬عندما أستَ ِّمع إليهم يتح ّدثون‪َ ،‬يفق قليب ِّمن ال َفخر‪ .‬و ِّ‬
‫أنت مباذا تَشعُرين عندما تستمعني‬ ‫ُ َ‬
‫إليه؟»‬

‫الصالح الذي ليس ّإال هو بذاته‪ ،‬يرفعين معه‪ .‬حينئذ أرى‪،‬‬


‫«بنشوة لذيذة‪ .‬أَضيع يف َعدمي‪ ،‬و َّ‬
‫روحي‪».‬‬
‫تتجسد بلحم ودم ّ‬
‫بنظرة بسيطة‪ ،‬احلقيقة األزليّة وهي ّ‬
‫درك ال َكلِّ َمة‪ّ .‬أما حنن فإنّنا أكثر تصلّباً ألنّنا‬ ‫«ليكن ِّ‬
‫قلبك مباركاً! إنّه طاهر‪ ،‬وهلذا السبب يُ ِّ‬
‫ُمث َقلون ابألخطاء‪»...‬‬

‫فهموا‪ .‬ألنّه‪،‬‬
‫احلب يصبح هلم نوراً ليَ َ‬ ‫«ألجل ذلك كان بِّ ّ‬
‫ودي لو أعطي العامل كلّه قليب‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫احلب كالنبع‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫كل مسعى سهالً‪ ،‬وأان‪ ،‬أان األ ُّم‪ ،‬ويف داخلي جيري ّ‬‫احلب الذي جيعل ّ‬
‫ثقي متاماً‪ ،‬هو ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 556 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ريب‪ ،‬الشابّة‪ ،‬ذات الشباب الدائم‪.‬‬ ‫ما تزال املرأاتن تتح ّداثن فيما بينهما‪ ،‬العجوز إىل جانب أ ُّم ّ‬
‫رب البيت قرب الرباميل‪ ،‬حيث جمموعات وجمموعات من ال َقطّافني‬ ‫ويف هذه األثناء يتح ّدث يسوع إىل ّ‬
‫ظل عريشة ايمسني‪ ،‬أيكلون بشهيّة‪ ،‬عنباً وخبزاً‪.‬‬‫الر ُسل جالسون يف ّ‬ ‫يُفرغون العناقيد‪ُّ .‬‬
‫الفالحون‪ ،‬مجيعهم‪ ،‬هم اآلن يف ساحة‬
‫يوشك النهار على الغروب‪ ،‬ورويداً رويداً يتوقّف العمل‪ّ .‬‬
‫وفالحون آخرون يُقبِّلون ِّمن بيوت جماورة‪.‬‬
‫القرية حيث تفوح رائحة العنب املهروس‪ّ .‬‬

‫مؤدايً إىل جناح ذي قناطر‪ُ ،‬و ِّض َعت حتته أكياس حماصيل وعدد زراعيّة‬ ‫صعد يسوع سلّماً ّ‬‫يَ َ‬
‫يري‬
‫َّرجات! أحلَظ ابتسامته من خالل شعره احلر ّ‬ ‫صعد هذه الد َ‬ ‫حلمايتها‪ .‬واي البتسامة يسوع وهو يَ َ‬
‫أعرف سبب هذه االبتسامة املشرقة ج ّداً‪ .‬فَـَرح هذه االبتسامة‬ ‫أود لو ِّ‬
‫كنت ّ‬
‫ُيركه نسيم املساء‪ ،‬و ُ‬
‫الذي ّ‬
‫رب البيت يتح ّدث عنها‪ ،‬إنّه يَلِّج قليب احلزين ج ّداً اليوم‪ ،‬ويـُ َفِّّرج عنه‪.‬‬
‫كاخلمر اليت كان ّ‬
‫كنت أبكي بسبب معاانة روحيّة تنشط ابستمرار‪،‬‬ ‫س ّري عين اليوم‪ .‬فهذا الصباح‪ُ ،‬‬ ‫هذا ليس ّأول أمر يُ َ‬
‫إليك‬
‫صر على النَّظَر َ‬‫قولك‪" :‬هذا هو َمحَل هللا"‪ .‬ولكنه مل يكن يقتَ ِّ‬
‫َّناول ظَ َه َر يل‪ ،‬كما دائماً لدى َ‬ ‫وعند الت ُ‬
‫حبب‪ ،‬أيها األب‪ ،‬واالبتسام يل‪ .‬بل لقد تَـ َر َك مكانه على يسار السرير‪ ،‬وانتَـ َق َل إىل اليمني خبطوته الطويلة‪،‬‬‫ّ‬
‫حسيّة ويقول يل‪" :‬ال تبكي!"‪ّ ...‬أما اآلن‪ ،‬فإن ابتسامته تغرقين‬ ‫وأتى إىل َييين وهو َينحين مالطفات ّ‬
‫ابلسالم‪.‬‬

‫يلتَ ِّفت‪ ،‬وجيلس على الدرجة األخرية يف أعلى السلّم الذي أضحى منرباً للمستمعني األكثر‬
‫الر ُسل ومرمي‪ .‬وتلك املتواضعة على الدوام‪ ،‬مل تكن تبحث عن‬ ‫تفضيالً‪ .‬يعين سيّد البيت وسيّدته و ُّ‬
‫اقتيدت إليه ِّمن قِّبَل ربّة البيت‪َ .‬جلَ َست‪ ،‬ابلضبط‪ ،‬على الدَّرجة‬
‫االرتقاء إىل مكان الشََّرف هذا‪ ،‬إّّنا َ‬
‫س عليها مباشرة‪ ،‬بشكل َج َع َل رأسها األشقر على مستوى ركبيت االبن‪،‬‬ ‫األدىن من الدَّرجة اليت َجلَ َ‬
‫اجلانيب‬
‫ّ‬ ‫متطرفة تتم ّكن من النَّظَر إىل وجهه‪ ،‬بنظرهتا اليت تشبه نظرة محامة هائمة‪ .‬املنظر‬ ‫وجبلوسها ّ‬
‫الرخام‪.‬‬
‫جلي‪ ،‬على اجلدار املعتم للبناء الريفي‪ ،‬كما لو كان على ُّ‬‫ظهر‪ ،‬بشكل ّ‬ ‫اللطيف ملرمي يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 557 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الفالحني‪ ،‬البعض منهم وقوفاً‪،‬‬‫الر ُسل وأصحاب البيت‪ّ ،‬أما يف الساحة فجميع ّ‬ ‫يف األسفل‪ُّ ،‬‬
‫والبعض اآلخر جيلسون على األرض‪ ،‬وآخرون فوق الرباميل وأشجار التني‪ ،‬يف زوااي الساحة األربع‪.‬‬

‫يتح ّدث يسوع ببطء‪ ،‬بينما تغوص يده اليسرى يف كيس كبري للحبوب خلف مرمي‪ ،‬يبدو وكأنّه‬
‫يلعب هبا‪ ،‬أو ابألحرى يدغدغها بسرور‪ ،‬بينما يده اليمىن تقوم حبركات وادعة‪.‬‬

‫فكل َع َمل‪ ،‬عندما‬ ‫«قيل يل‪" :‬هلم اي يسوع‪ِّ ،‬‬


‫أتيت‪ .‬أابركه ابسم هللا‪ّ .‬‬
‫ابرك عمل اإلنسان"‪ .‬وقد ُ‬ ‫ّ‬
‫األول لنيل بركة هللا‪ ،‬هو أن يكون‬
‫قلت‪ :‬إ ّن الشرط ّ‬
‫األزيل‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫الرب ّ‬ ‫يستحق بركة ّ‬
‫ّ‬ ‫يكون شريفاً‪،‬‬
‫كل أعماله‪ ،‬على الدوام‪».‬‬
‫املرء شريفاً ونزيهاً يف ّ‬
‫واآلن فلننظر معاً مّت‪ ،‬وحتت أيّة شروط‪ ،‬تكون األفعال نزيهة‪ّ :‬إهنا كذلك‪ ،‬عندما ننجزها وروح‬
‫األزيل حاضر فينا‪.‬‬
‫هللا ّ‬
‫أي أمر من‬ ‫علي وال يفوته ّ‬
‫الرب ّ‬‫هل َيكن أن يرتكب اخلطيئة َمن يقول‪" :‬هللا يراين"؟ "عني ّ‬
‫تفاصيل أفعايل"؟ ال‪ .‬ال َيكنه ذلك‪ .‬فالتفكري ابهلل تفكري انجع‪ ،‬وهو األكثر فعالية من أيَّة نواهي‬
‫األزيل؟‬
‫بشريّة كي يبتعد اإلنسان عن اخلطيئة‪ .‬إّّنا هل علينا فقط أن خنشاه‪ ،‬هللا ّ‬
‫الرب إهلك"‪ .‬لقد اضطرب األحبار واألنبياء عندما ظهر وجه هللا‬
‫"اخش ّ‬
‫َ‬ ‫ال‪ .‬امسعوا‪ .‬قيل لكم‪:‬‬
‫اإلهلي‪ ،‬ينبغي لظهور الفائق الطبيعة‬
‫الرب ألرواحهم كص ّديقني‪ .‬وابحلقيقة‪ ،‬يف زمن الغضب ّ‬ ‫أو مالك ّ‬
‫حّت ولو كان نقيّاً كطفل‪ ،‬ال يضطرب يف حضرة الكلّ ّي‬‫أن جيعل القلب يضطرب‪ .‬فمن ذا الذي‪ّ ،‬‬
‫ويتعجلون يف ترديد‬
‫األزيل الذي يعمل املالئكة أمامه على إظهار آايت العبادة‪ّ ،‬‬
‫القدرة‪ ،‬أمام التأللؤ ّ‬
‫هليلواي الفردوسيّة؟ تأللؤ مالك غري احملتمل َي ّففه هللا بوشاح من الرمحة‪ ،‬ليسمح لعني اإلنسان أن‬
‫تتأمله دون أن ُحتَرق حدقته أو حترق روحه‪ .‬فما ابلكم إذن ستكون رؤية هللا؟‬
‫ّ‬
‫"أقسمت‬
‫ُ‬ ‫ُيل السالم عوضاً عنه ويقول إله إسرائيل‪:‬‬‫لكن ذلك يدوم ما دام الغضب‪ .‬وعندما ّ‬ ‫و ّ‬
‫ُرسله‪ ،‬هو أان مع كونه ليس أان‪ ،‬إّّنا هو َكلِّ َميت صار جسداً ليصبح‬
‫وسوف أبر ب َقسمي‪ .‬هو ذا الذي أ ِّ‬
‫ّ َ‬
‫األزيل‪ ،‬بفرح‪ ،‬أل ّن زمن‬
‫احلب فقط هو ما ينبغي إعطاؤه هلل ّ‬ ‫حمل اخلوف‪ ،‬و ّ‬‫احلب ّ‬‫ُيل ّ‬‫فداء"‪ .‬حينئذ ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 558 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حل على األرض وبني هللا واإلنسان‪ .‬عندما تَنثُر طليعة رايح الربيع غبار طلع زهور الكرمة‪،‬‬
‫احلب قد ّ‬
‫ّ‬
‫نصب فخاخ كثرية للثمار عن طريق تقلّبات‬ ‫الزارع أن يعَتيه اخلوف أيضاً‪ ،‬إذ َيكن أن تُ َ‬
‫فينبغي على َّ‬
‫كل خوف‪،‬‬ ‫تزف ساعة القطاف البهيجة‪ ،‬فحينئذ يتوقّف ّ‬ ‫اجلو أو بواسطة احلشرات‪ .‬ولكن حينما ّ‬ ‫ّ‬
‫ويبتهج القلب عندما يتأ ّكد أوان القطاف‪.‬‬

‫يسى‪ ،‬هو اآلن فيما بينكم‪،‬‬‫ت اآلن العنقود الذي من أصل ّ‬ ‫لقد أعلنها األنبياء مسبقاً‪ ،‬وقد نـَبَ َ‬
‫العنقود الرائع الذي ُيمل لكم عصارة احلكمة األزليّة‪ ،‬وال يطلب سوى قطفه وعصره ليكون اخلمر‬
‫للناس‪ ،‬مخر فرح ال هناية له للذين سيقتاتون به‪ .‬آنئذ‪ ،‬الويل للذين يكون هذا اخلمر يف متناول أيديهم‬
‫ويرفضونه‪ ،‬الويل الويل للذين‪ ،‬بعد تناوله يعاودون رميه‪ ،‬أو َيزجونه يف داخلهم مع طعام الشيطان‪.‬‬

‫ها أان ذا أعود إىل فكريت األوىل‪ .‬اإلمكانيّة املبدئيّة للحصول على بركة هللا‪ ،‬لألعمال الروحيّة‬
‫كما للبشريّة‪ّ ،‬إهنا استقامة النيّة‪.‬‬

‫َيجدين البشر‪ ،‬بل إّّنا وفاء هلل"‪ .‬نزيه هو الذي‬ ‫نزيه هو الذي يقول‪" :‬أان الشريعة‪ ،‬ليس لكي ّ‬
‫يقول‪" :‬أان املسيح‪ ،‬ليس للمعجزات اليت َجي ََِّتح‪ ،‬إّّنا لنصائح احلياة األبديّة اليت يُعطي"‪ .‬ونزيه هو‬
‫متلهف عن املكسب‪ ،‬ولكن أل ّن العمل قد ُو ِّض َع ِّمن‬ ‫كذلك الذي يقول‪" :‬أان أعمل‪ ،‬ليس يف حبث ّ‬
‫َعمل‬ ‫ِّ‬
‫قبَل هللا كوسيلة للتقديس‪ ،‬ذلك أنّه َيتلك القدرة على التشكيل‪ ،‬واإلماتة‪ ،‬والوقاية‪ ،‬والتنشئة‪ .‬أ َ‬
‫لكي أمت ّكن من مساعدة قرييب‪ .‬أعمل لكي أجعل آايت هللا تَسطَع‪ ،‬هللا الذي َُيرِّج من احلبّة الصغرية‬
‫عدم‪،‬‬
‫ومين أان اإلنسان املسكني ال ُـم َ‬‫ابقة سنابل‪ ،‬ومن بذور العنب كروماً كبرية‪ ،‬ومن النواة شجرة‪ّ ،‬‬
‫الع َدم إبرادته هو‪ ،‬ألقوم مبساعدته يف عمل دؤوب‪ ،‬لدَيومة القمح والكروم والثمار‪ ،‬كما‬ ‫القادم من َ‬
‫ألجعل أرض البشريّة آهلة"‪.‬‬

‫هنالك أشخاص يعملون كالدواب‪ ،‬وليس هلم داينة سوى‪ :‬زايدة ثروهتم‪ .‬هل َيوت حوهلم‬
‫يهم ابلنسبة‬
‫الصاحب األكثر عوزاً من احلرمان والفاقة؟ هل َيوت أبناء ذلك البائس من اجلوع؟ ماذا ّ‬
‫إىل الذي ال يف ّكر ّإال بَتاكم الثروات؟ كما أ ّن هناك َمن ُهم أكثر قسوة كذلك‪ ،‬فال يعملون‪ ،‬ولكنّهم‬
‫جيعلون اآلخرين يعملون‪ ،‬وهم يك ّدسون الثروات‪ ،‬ابستغالل َعَرق اآلخرين‪ .‬وأيضاً هناك آخرون يب ّددون‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 559 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ما جينونه ِّمن تَـ َعب اآلخرين ابلطَّمع واجلَّشع‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن هذا العمل‪ ،‬ابلنسبة هلؤالء‪ ،‬ليس شريفاً‬
‫وال نزيهاً‪ .‬وال تقولوا‪" :‬ومع ذلك فاهلل يقيهم"‪ .‬ال‪ .‬إنّه ال يقيهم وال ُيميهم‪ .‬والساعة هذه‪ ،‬ابلنسبة‬
‫إليهم‪ ،‬ساعة نصر هي‪ ،‬ولكنّهم‪ ،‬خالل وقت قريب‪ ،‬سيتل ّقون الضربة من هللا‪ ،‬وبصرامة‪ .‬ويف هذه‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫األثناء‪ ،‬أو يف األبدية‪ ،‬سوف ي َذ ّكِّرهم ابلوصية القائلة‪" :‬أان هو الرب َ ِّ‬
‫إهلك‪ ،‬أَحبَّين فوق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كنفسك"‪ .‬آه! حينئذ‪ ،‬إذا ما َد َوت هذه الكلمات يف األبديّة‪ ،‬فسوف تكون أكثر‬ ‫َ‬ ‫وأحبِّب قر َ‬
‫يبك‬
‫رعباً من صواعق سيناء!‬

‫كثري‪ ،‬كثري ج ّداً هو الكالم الذي يقال لكم‪ .‬وأان ال أقول لكم سوى هذا‪" :‬أحبّوا هللا‪ ،‬أحبّوا‬
‫ب‬ ‫ِّ‬
‫القريب"‪ .‬وهذا يُشبه العمل الذي جيعل الكروم خصيبة‪ ،‬عندما ّنارسه حول جذعها يف الربيع‪ُ .‬ح ّ‬
‫الضارة‪.‬‬ ‫يرة‬‫الشر‬ ‫ات‬ ‫و‬‫الشه‬
‫و‬ ‫ة‬ ‫األانني‬ ‫أعشاب‬ ‫من‬ ‫األرض‬ ‫ص‬ ‫هللا والقريب يشبِّه املسلفة (املشط) اليت ُختلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يُشبِّه املعول الذي ُيفر دائرة حول أسفل جذع الكرمة ليعزهلا عن األعشاب الطفيليّة ويرويها مباء‬
‫ويوجهه حيث ينبغي أن يتش ّكل‬ ‫السقاية املنعش‪ .‬يُشبِّه املشذب الذي يزيل اإلنبات الزائد لريكز النسغ ّ‬
‫نضج‬ ‫الثَّمر‪ .‬يشبِّه احلبل الذي يشد النبات إىل الدعامة املتينة اليت تسندها‪ .‬وأخرياً هو الشمس اليت تُ ِّ‬
‫َ ُ‬
‫مثار اإلرادة الصاحلة وجتعل منها مثار احلياة األبديّة‪.‬‬

‫احلق أقول‬
‫غين‪ ،‬والقطاف وفري‪ .‬ولكن‪ّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫أنتم اآلن فَرحون‪ ،‬أل ّن السنة كانت جيّدة‪ ،‬واحلصاد ّ‬
‫أقل من حبّة رمل إذا ما قورن ابلفرح غري احملدود الذي‬ ‫لكم‪ :‬إ ّن هذا الفرح الذي ختتربون‪ ،‬يعادل ّ‬
‫املطعمة على الكرمة‬
‫حتصلون عليه عندما سيقول لكم اآلب األزيل‪" :‬تعالوا أيّها األغصان اخلصيبة‪ّ ،‬‬
‫إيل وقد‬
‫حّت املؤملة منها‪ ،‬لتعطوا الكثري من الثمار‪ ،‬واآلن تعالوا ّ‬
‫لكل العمليات‪ّ ،‬‬
‫احلقيقيّة‪ .‬لقد خضعتم ّ‬
‫تنعموا يف حدائقي الدهر كلّه"‪.‬‬‫وحب القريب اللذيذة‪ّ .‬‬
‫حيب ّ‬ ‫امتألمت عصارة ّ‬
‫األزيل‬ ‫ِّ‬
‫بكل أمانة ابللحاق هبذا اخلري‪ .‬ابلعرفان ابركوا ّ‬
‫متسكوا ّ‬ ‫التَفتوا إىل هذه السعادة األبديّة‪ّ .‬‬
‫الرب‬
‫الذي يساعدكم على بلوغه‪ .‬ابركوه على نعمة كلمته‪ .‬ابركوه على نعمة احملصول اجليّد‪ .‬أحبّوا ّ‬
‫بعرفانكم جبميله‪ ،‬وال تكونوا بعد خائفني‪ .‬فاهلل َينح الذين ُيبّونه مائة ضعف‪».‬‬

‫كتك علينا!»‬ ‫ابرك! ِّ‬


‫ابرك! بر َ‬ ‫كان يسوع قد أهنى كالمه عندما َج َعل اجلميع يهتفون‪ِّ « :‬‬
‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 560 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وجهه‬ ‫الرب وُيفظكم‪ .‬و ُِّ‬
‫لريُكم‬ ‫يقف يسوع ويفتح ذراعيه ويقول بصوت كالرعد‪« :‬فليبارككم ّ‬
‫وعلى‬ ‫الرب يف قلوبكم وعلى بيوتكم‬
‫الرب إليكم وَينحكم سالمه‪ ،‬وليكن اسم ّ‬
‫ويرمحكم‪ .‬فلينظر ّ‬
‫حقولكم‪.‬‬

‫احلشد الذي كان قد َجتَ َّمع يُطلِّق صرخة فرح ويهلّل ملاسيا‪ .‬إّّنا بعد ذلك يصمت اجلميع‬
‫لتمر أ ُّم حتمل صبيّاً يف حوايل العاشرة من عمره‪ ،‬مشلوالً‪ .‬تُـ َق ِّّدمه عند أسفل السلّم‪،‬‬
‫ويفسحون اجملال ّ‬
‫كما لِّتَ ِّهبه ليسوع‪.‬‬

‫رب البيت‪« .‬لقد َوقَ َع ابنها العام املاضي ِّمن على السطح‬
‫«إهنا إحدى خادمايت‪ ».‬يشرح ّ‬
‫وأصيب جنباه‪ .‬عليه أن َُيضي بقيّة عمره ُملقى على ظهره‪».‬‬

‫أنت طوال األشهر املاضية‪ ».‬تضيف ربّة البيت‪.‬‬


‫فيك َ‬
‫«كان رجاؤها َ‬
‫إيل‪».‬‬
‫«قويل هلا أن أتيت ّ‬
‫بكل أعضائها‪ ،‬وتتعثّر بثوهبا‬
‫كأهنا هي املشلولة‪ .‬تضطرب ّ‬
‫ولكن املرأة‪ ،‬لش ّدة أتثرها‪ ،‬بَ َدت و ّ‬
‫الطويل‪ ،‬وهي تَصعد الدَّرجات العالية‪ ،‬وابنها على ِّ‬
‫ساع َديها‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫ابنك لتصعدي‬ ‫ك‪ .‬أعطين ِّ‬ ‫تقف مرمي م ِّ‬
‫شفقة‪ ،‬وتَنـزل ملالقاهتا‪« :‬تعايل‪ ،‬ال ختايف‪ ،‬فابين ُيب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بسهولة‪ .‬هيا اي ابنيت‪ ،‬فأان أ ُّم أيضاً‪ ».‬وأتخذ منها الطفل الذي تبتسم له بلطف وهي تصعد مع احلَ َمل‬
‫ثي له‪ ،‬الذي حتمله على ساعديها‪.‬‬ ‫املر ّ‬
‫بين! ألجل هذه األ ُّم!» وال شيء آخر‪.‬‬
‫مرمي اآلن قرب يسوع‪ .‬جتثو وتقول‪ّ « :‬‬
‫ال يطرح يسوع وال حّت سؤاله التقليدي‪« :‬ماذا تريدين أن أفعل ِّ‬
‫لك؟ هل تؤمنني أبنّين قادر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هلمي إىل هنا‪».‬‬
‫على فعله؟» ال‪ .‬بل يبتسم ويقول‪« :‬أيّتها املرأة‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 561 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل بساطة‪« :‬كوين مسرورة‪».‬‬
‫أتيت املرأة إىل جانب مرمي‪ .‬يضع يسوع يده على رأسها ويقول ّ‬
‫حّت َجيلس فجأة الطفل الذي كان ملقى بثقل على ذراعي مرمي‪ ،‬وساقاه‬ ‫ومل يَكد يكمل كالمه ّ‬
‫خامداتن‪ .‬ويصرخ بفرح‪« :‬ماما!» وجيري ملتجئاً إىل صدر ّأمه‪.‬‬

‫تبدو هتافات "أوشعنا" ّأهنا تبغي ولوج السماء اليت َج َعلَها الغَ َسق محراء‪ .‬واملرأة‪ ،‬ومعها ابنها‬
‫لك عن‬‫ألعرب َ‬
‫تضمه إىل صدرها‪ ،‬ال تعرف ما تقول‪ ،‬وتسأله‪« :‬ماذا ينبغي يل‪ ،‬بل ماذا جيب أن أفعل ّ‬ ‫ّ‬
‫سعاديت؟»‬
‫ويقول هلا يسوع‪ ،‬وهو ما يزال يالطفها‪« :‬كوين صاحلة‪ ،‬أحيب هللا والقريب‪ ،‬وأنشئي ِّ‬
‫ابنك على‬ ‫ّ‬
‫احلب‪».‬‬
‫هذا ّ‬
‫تود‪ ...‬وانتهت ابلطَّلَب‪:‬‬ ‫لكن سرور املرأة مل يكن بعد قد أُشبِّع‪ ،‬فقد كانت ّ‬
‫تود‪ ...‬كانت ّ‬ ‫و ّ‬
‫ك لطفلي‪».‬‬ ‫منك ِّ‬
‫ومن ّأم َ‬ ‫«قبلة َ‬
‫ينحين يسوع ويقبّله‪ ،‬وكذلك مرمي‪ .‬وبينما تبتعد املرأة منتشية وسط هتليل موكب أصدقاء مهلّلني‪،‬‬
‫كنت‬
‫يشرح يسوع لربّة البيت‪« :‬مل يكن ينبغي أكثر‪ .‬لقد كان بني يدي ّأمي‪ .‬وهي دون أن تتكلّم ُ‬
‫أود أن أهبِّجها و ِّ‬
‫أفرحها‪».‬‬ ‫سعد عندما تتم ّكن من ختفيف كرب‪ ،‬وأان ّ‬ ‫سأشفيه‪ .‬فهي تُ َ‬
‫وبني يسوع ومرمي واحدة من تلك النظرات اليت وحده الذي رأى‪ ،‬يُ ِّ‬
‫درك قَدر عُمق داللتها‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 562 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -76‬يسوع يف بيت دوراس‪ .‬موت يوان)‬

‫‪1945 / 02 / 15‬‬

‫فَتض أ ّن‬
‫مرة أخرى أرى مرج ابن عامر‪ ،‬أثناء النهار‪ ،‬إنّه يوم شبه غائم‪ ،‬يف هناية اخلريف‪ .‬يُ ََ‬ ‫ّ‬
‫ص َل أثناء الليل‪ ،‬إ ّهنا إحدى أوائل اهلطوالت يف أشهر الشتاء احلزينة‪ ،‬فاألرض رطبة‪،‬‬‫ُهطوالً َمطَرّايً َح َ‬
‫حّت العظم‬ ‫موحلة‪ .‬وكذلك هنالك رايح‪ ،‬ريح رطبة تقتلع األوراق املصفرة‪َِّ ،‬‬ ‫دون أن تكون ِّ‬
‫وختَتق ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّهبَبَّاهتا املشبَـ َعة رطوبة‪.‬‬

‫ما تزال أزواج قليلة من الثريان تقلب األرض يف احلقول‪ ،‬تقلبها بصعوبة‪ ،‬يف ذلك املرج اخلصيب‪،‬‬
‫يؤدون عمل الثريان‪،‬‬
‫شهد تؤملين رؤيته‪ ،‬وهو أ ّن الرجال أنفسهم ّ‬ ‫لتهيئتها للبذار‪ .‬ويف بعض األمكنة َم َ‬
‫وحّت صدورهم‪ ،‬مثبِّّتني أقدامهم يف األرض املقلوبة‪ ،‬وهم يتع ّذبون‬
‫فيجرون احملراث بكامل ّقوة أذرعهم ّ‬
‫ّ‬
‫الشاق املضين‪.‬‬
‫كالعبيد يف هذا العمل ّ‬

‫حّت الدموع‪.‬‬
‫ويتأمل هذا املشهد‪ ،‬ويصبح وجهه حزيناً ّ‬
‫يَنظُر يسوع أيضاً‪ّ ،‬‬
‫الرعاة قد َمضوا‪ ،‬فيتح ّدثون فيما بينهم‪،‬‬
‫ّأما التالميذ األحد عشر‪ ،‬ذلك أن يهوذا ما يزال غائباً و ُّ‬
‫ويقول بطرس‪« :‬املركب صغري وفقري ومتعِّب‪ ...‬ولكنّه أفضل مائة ِّ‬
‫مرة من َع َمل ال ّدواب هذا!» مثّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يسأل‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هل هؤالء ُخدَّام دوراس؟»‬

‫أظن‪ .‬فحقوله تقع بعد ذلك البستان‪ ،‬كما يبدو يل‪ ،‬وما زلنا ال‬
‫وجييب مسعان الغيور‪« :‬ال ّ‬
‫نراها‪».‬‬

‫لس على‬
‫نح َدر بني َحقلني‪ ،‬وقد َج َ‬
‫لكن بطرس دائم الفضول‪ ،‬يَتك الطريق ليذهب مبحاذاة ُم َ‬
‫و ّ‬
‫حارثِّني هزيلني يتصبّب منهم العرق‪ ،‬ويلهثون من التعب‪ .‬يسأهلم بطرس‪« :‬هل‬
‫حافّته‪ ،‬للحظة‪ ،‬أربعة ِّ‬
‫أنتم لدوراس؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 563 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت َمن تكون؟»‬
‫«ال ولكننا ألحد أقاربه‪ .‬حنن جليوقاان ‪ .Giocana‬و َ‬
‫الناصري‪ ،‬ماسيا‬
‫ّ‬ ‫حّت وقت قريب‪ّ .‬أما اآلن فبطرس يسوع‬
‫«أان مسعان بن يوان‪ ،‬صياد من اجلليل ّ‬
‫اإلهلي قيصر روما‪".‬‬
‫البشرى احلسنة‪ ».‬يقوهلا بطرس ابحَتام وزهو َمن يقول‪" :‬أان أنتمي إىل السامي و ّ‬
‫بل أكثر‪ .‬وجهه النـزيه يُ ِّ‬
‫شرق حقيقة بفرح إعالنه انتماءه ليسوع‪.‬‬

‫«آه! ماسيا! أين هو؟» يقول البائسون األربعة‪.‬‬

‫«إنّه ذاك‪ ،‬األشقر الكبري الذي يرتدي األمحر الداكن‪ .‬الذي ينظر إىل هنا اآلن‪ ،‬ويبتسم يف‬
‫انتظاري‪».‬‬

‫«آه!‪ ...‬لو ذهبنا إليه‪ ...‬فهل سيطردان؟»‬

‫«يطردكم؟‪ ...‬ملاذا؟ إنّه صديق البؤساء والفقراء واملظلومني‪ ،‬ويبدو يل أنّكم‪ ...‬أنتم حقيقة ِّمن‬
‫أولئك‪»...‬‬

‫األقل‪ ،‬حنصل على‬


‫«آه! نعم‪ ،‬إنّنا كذلك! إّّنا لسنا أبداً كأولئك الذين لدوراس‪ .‬فنحن‪ ،‬على ّ‬
‫اخلبز ابعتدال‪ ،‬وال ُجنلَد ّإال إذا أُهَلنا العمل‪ ،‬ولكن‪»...‬‬

‫«لدرجة أ ّن السيد جيوقاان الوسيم لو يراكم هنا تتح ّدثون‪ ،‬أنتم‪»...‬‬

‫«لكان َجيلدان كما ال َجيلد كالبه‪»...‬‬

‫ص ِّّفر بطرس بشكل ُم َعِّّرب‪ .‬مثّ يقول‪« :‬إذن جيدر يب فعل هذا‪ »...‬ويضع يديه على فمه بشكل‬
‫يُ َ‬
‫بك‪».‬‬
‫قمعي ويصرخ بقوة‪« :‬اي معلّم‪ ،‬تعال هنا‪ّ .‬إهنم ذوو قلوب تتأ ّمل وترغب َ‬
‫«ولكن ماذا تقول؟! هو؟! إلينا؟! ولكنّنا ُخ ّدام حقريون!» ويرتَعِّد األربعة من هكذا جسارة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 564 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يسي الوسيم فجأة‪ ،‬فال أريد أن‬
‫الفر ّ‬
‫«ولكن لسعات السوط ليست ممتعة‪ ،‬وإذا جاءان هذا ّ‬
‫ويهز األكثر رعباً من األربعة بيده الضخمة‪.‬‬
‫يلحقين نصيب أان أيضاً‪ »...‬يقول بطرس وهو يضحك ّ‬
‫ودون اجلري‬
‫صل‪ ،‬خبطوات واسعة‪ ،‬غري عارف مبا يفعله األربعة‪ .‬كانوا يَ ّ‬ ‫ويسوع الذي يف اخللف ي ِّ‬
‫َ‬
‫الشر اآلدمي مذعورة متاماً‪ .‬ينبطحون على‬ ‫لكن اإلجالل يشلّهم‪ .‬كائنات مسكينة َج َعلَها ّ‬ ‫ملالقاته‪ ،‬و ّ‬
‫األرض‪ُ ،‬م َق ِّّدمني‪ ،‬بوضعيّتهم تلك‪ ،‬فروض العبادة ملاسيا ال ُـمقبِّل إليهم‪.‬‬

‫لكل الراغبني يب‪ .‬فمن يرغب يب يرغب ابخلري معي‪ ،‬وأان أحبّه كصديق‪ .‬اهنضوا‪َ .‬من‬
‫«السالم ّ‬
‫تكونون؟»‬

‫ّأما األربعة‪ ،‬فبالكاد يرفعون وجوههم‪ ،‬ويظلّون جاثني صامتني‪.‬‬

‫إليك‪،‬‬
‫يودون التحدث َ‬ ‫يتكلّم بطرس‪ّ « :‬إهنم أربعة خ ّدام جليوقاان‪ ،‬وهو من أقرابء دوراس‪ .‬كانوا ّ‬
‫لك‪" :‬تعال"‪ .‬قفوا أيّها األوالد‪ ،‬لن أيكلكم!‬
‫قلت َ‬
‫ابلعصي‪ ،‬لذلك ُ‬
‫ّ‬ ‫ضربون‬
‫ص َل فجأة‪ ،‬فسيُ َ‬‫إّّنا‪ ،‬لو هو َو َ‬
‫ثقوا! وف ّكروا أبنّه صديق لكم‪».‬‬

‫«حنن‪ ...‬قد َِّمسعنا َ‬


‫عنك‪ ...‬كان يوان ُيدثنا‪»...‬‬

‫عين؟»‬
‫أتيت من أجله‪ .‬أعلَم أنّه بَشَّر يب‪ .‬ماذا تعرفون ّ‬
‫«ولقد ُ‬
‫جميئك‪،‬‬ ‫ك ماسيا‪ ،‬وأنَّه َ‬
‫رآك طفالً صغرياً‪ ،‬وأ ّن املالئكة قد َرتَّلوا‪" :‬السالم للصاحلني"‪ ،‬لدى َ‬ ‫«أنّ َ‬
‫ك حتبّهم‪ .‬وقد كان‬ ‫عاتك‪ ،‬و‪ ...‬أنّ َ‬
‫ك تبحث اآلن عن ُر َ‬ ‫ُنقذت‪ ،‬وأنّ َ‬
‫كأ َ‬ ‫دت‪ ...‬ولكنّ َ‬‫ك قد اضطُ ِّه َ‬‫وأنّ َ‬
‫ُيب ويبحث عن ُرعاة‪ ،‬فإنّه‬ ‫يروي لنا هذه األمور األخرية هنا‪ .‬وكنّا نفكر‪" :‬إذا كان صاحلاً لدرجة أن ّ‬
‫أمس احلاجة إىل شخص ُيبّنا‪»...‬‬‫يرغب ابلتأكيد بفعل القليل من اخلري لنا أيضاً‪ ...‬فإنّنا يف ّ‬
‫«أان أحبّكم‪ .‬هل تعانون الكثري؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 565 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«آه! ولكن أولئك الذين لدوراس يعانون أكثر‪ .‬لو أن جيوقاان َو َج َدان نتح ّدث!‪ ...‬ولكنّه اليوم‬
‫املظال‪ .‬ويف هذه األثناء‪ ،‬سوف يعطينا مدير أعماله‬ ‫يف جرجسا ‪ .Gerghesa‬مل يـَعُد بعد من عيد ّ‬
‫نعوض الوقت الضائع‪ ،‬ابالستغناء عن‬ ‫ِّ‬
‫يهم‪ ،‬سوف ّ‬‫الع َمل‪ .‬إّّنا ال ّ‬
‫الطعام‪ ،‬هذا املساء‪ ،‬بعد أن يـُ َق ّدر َ‬
‫املخصصة للطعام‪».‬‬
‫ّ‬ ‫اسَتاحة الساعة السادسة‬

‫«قل أيّها الولد‪ ،‬أليس يف استطاعيت استعجال هذا العمل؟ هل هو عمل صعب؟» يسأل‬
‫بطرس‪.‬‬

‫لقوة‪».‬‬‫ا‬ ‫ب‬‫ّ‬‫ل‬ ‫يتط‬ ‫عمل‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫ب‪.‬‬‫«صعب‪ ،‬ال‪ .‬ولكنّه متعِّ‬


‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أنت‪ :‬يوحنّا‪ ،‬وكذلك‬ ‫أنت تتح ّدث وأان أقوم مقام الثور‪َ .‬‬ ‫«وأان أمتتّع هبا‪ .‬أَِّرين‪ ،‬بلى أقدر‪َ ،‬‬
‫أندراوس ويعقوب‪ ،‬انظروا إىل هذا الدَّرس‪ .‬إنّنا ننتَ ِّقل من َّ‬
‫الس َمك يف املاء إىل الديدان يف األرض‪ .‬هيّا‬
‫كل جهة من املقبض‪ .‬يَنظُر‬ ‫ِّ‬
‫فلكل حمراث رجالن‪ ،‬واحد يف ّ‬ ‫بنا!» وَيسك بطرس بيديه عارضة املقبض‪ّ .‬‬
‫للقوة اليت يتمتّع هبا‪ ،‬ومبا أنّه مراتح‪ ،‬يقوم بعمل جيّد‪ ،‬فيهنّئه الرجل‪.‬‬
‫الفالح‪ .‬و ّ‬‫ويـُ َقلِّّد مجيع حركات ّ‬

‫«أان معلّم يف احلرث» يهتف بطرس الطيّب مبتهجاً‪« .‬هيّا اي يوحنّا‪ ،‬ثَوراً اثنياً للمحراث‪ ،‬ولآلخر‬
‫ويتحرك احملرااثن‪ ،‬وقد ُج ِّّهزا هبذا‬ ‫»‬‫ا!‬
‫و‬ ‫ارفع‬ ‫آه!‪...‬‬ ‫بنا!‬ ‫ا‬ ‫هي‬ ‫أخي‪.‬‬ ‫هو‬ ‫الذي‬ ‫األبكم‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫يعقوب وهذا العِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشكل‪ ،‬يَقلِّبان األرض وُيفران األثالم على طول احلقل‪ .‬عند الطََّرف‪ ،‬يديرون احملراث ويَشرعون بِّثلم‬
‫كأهنم َع ِّملوا عمل الفالحة هذا على الدوام‪.‬‬
‫جديد‪ .‬يبدون و ّ‬

‫أأنت َمن َج َعلَهم هكذا؟»‬ ‫َ ِّ‬


‫ألصدقائك من طيّبني!» يقول خادم جيوقاان األكثر جسارة‪َ « .‬‬ ‫«اي‬

‫الصالح كان موجوداً أصالً يف‬


‫هت صالحهم كما تفعل بنصل املشذب‪ .‬ولكن َّ‬ ‫«لقد َو َّج ُ‬
‫داخلهم‪ّ .‬أما اآلن فهو يتفتّح أل ّن هناك َمن يرعاه ويعتين به‪».‬‬

‫حّت يؤدوا خدمة كهذه خل ّدام ابئسني!»‬


‫أصدقائك ّ‬
‫َ‬ ‫«اي لتواضع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 566 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلب‬
‫احلب‪ ،‬و ّ‬
‫«ال َيكن أن يكون بصحبيت غري الذين ُيبّون التواضع واللطف والع ّفة والنـزاهة و ّ‬
‫ُيب هللا والقريب َيتلك كلّ الفضائل ويكسب السماء‪».‬‬ ‫كل شيء‪ ،‬أل ّن من ّ‬‫فوق ّ‬
‫«هل سنتم ّكن‪ ،‬حنن أيضاً‪ ،‬من احلصول عليها‪ ،‬حنن الذين ال وقت لدينا للصالة وال للذهاب‬
‫حّت لنرفع رؤوسنا عن الثلم؟»‬
‫إىل اهليكل وال ّ‬
‫يتمرد ويلوم هللا ألنّه‬ ‫ِّ‬
‫«أجيبوا‪ :‬هل تُضمرون البغض للذين يعاملونكم بقسوة؟ هل فيكم َمن ّ‬
‫َج َعلَكم بني الذين هم آخر من على األرض؟»‬

‫أسرتنا‬
‫َّعب‪ ،‬فإنّنا نرمتي على ّ‬‫«آه! ال اي معلّم‪ .‬إنّه قَ َدران‪ .‬ولكنّنا‪ ،‬عندما نكون منهكني من التـ َ‬
‫احلقرية ونقول‪ :‬حسناً‪ ،‬إله إبراهيم يَعلَم أنّه مل يعد مبقدوران‪ ،‬وأنّنا مل يعد إبمكاننا سوى القول له‪" :‬لتكن‬
‫نغش‬
‫رب!" ونقول أيضاً‪" :‬اليوم أيضاً عشنا بال خطيئة"‪ .‬تعلم‪ ...‬كان من املمكن كذلك أن ّ‬ ‫مباركاً اي ّ‬
‫رب العمل‬‫لكن ّ‬
‫املطهوة ابملاء‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫قليالً‪ ،‬فنأكل مع اخلبز قطعة فاكهة‪ ،‬وأن نسكب زيتاً على اخلضار‬
‫قال‪" :‬اخل ّدام ُيصلون على كفايتهم من اخلبز واخلضار‪ ،‬ويف أوان احلصاد‪ ،‬على قليل من اخلل مع املاء‬
‫القوة"‪ .‬وحنن نطيع‪ .‬يف النهاية كان َيكن أن يكون وضعنا أسوأ‪».‬‬ ‫إلرواء العطش وليمنحهم بعض ّ‬
‫«وأان أقول لكم‪ :‬ح ّقاً إ ّن إله إبراهيم يبتسم لقلوبكم‪ ،‬يف الوقت الذي يَنظُر بصرامة إىل الذين‬
‫يهينونه يف اهليكل بصلواهتم الكاذبة‪ ،‬بينما هم ال ُيبّون الذين يشبهوهنم‪».‬‬

‫األقل‪ ...‬يبدون هكذا‪ ،‬إذ يـُ َعِّّربون عن هذا االحَتام‬


‫«آه! ولكنّهم يتحابّون فيما بينهم! على ّ‬
‫احلب‪ .‬ولكنّنا خمتلفون عنهم‪ .‬وهذا عدل‪».‬‬ ‫املتبادل ابالحنناءات واهلدااي‪ .‬فقط معنا ال يعرفون ّ‬
‫«ال‪ ،‬يف مملكة أيب‪ ،‬هذا ليس عدالً‪ .‬وأسلوب احلكم سوف يكون خمتلفاً‪ .‬لن يكون األغنياء‬
‫صلون على األجماد‪ ،‬بل إّّنا فقط الذين أحبّوا هللا على‬
‫وأصحاب النفوذ‪ ،‬لكوهنم كذلك‪ُ ،‬هم َمن َُي َ‬
‫كالفضة والسلطة واملرأة والطاولة‪ ،‬وأحبّوا‬
‫ّ‬ ‫أي شيء آخر‬‫الدوام‪ ،‬وأحبّوه أكثر من أنفسهم وأكثر من ّ‬
‫كل الناس‪ ،‬األغنياء كالفقراء‪ ،‬املشهورين كاملغمورين‪ ،‬العلماء‬‫كذلك الذين يشبهوهنم والذين هم ّ‬
‫حّت الطَّاحلني‪ ،‬ليس اتّقاء ّ‬
‫لشرهم‪ ،‬بل إّّنا‬ ‫حنب ّ‬‫كاألميني‪ ،‬صاحلني كانوا أم طاحلني‪ .‬نعم‪ ،‬جيب أن ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 567 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫السماوي ليربئهم‬
‫ّ‬ ‫حّت املوت‪ .‬ينبغي لنا أن حنبّهم حبّاً يشفع هبم لدى اآلب‬
‫رأفة بنفوسهم اليت جيرحوهنا ّ‬
‫حبق واستقامة‪،‬‬ ‫ويفتديهم‪ .‬ويف مملكة السماوات سوف يكونون مغبوطني‪ ،‬أولئك الذين يُ َكِّّرمون ّ‬
‫الرب ّ‬
‫احلب ابحَتام الذين أوجدوهم يف هذا العامل‪ ،‬وكذلك األهل واألقارب؛ الذين ال يسرقون‬‫ويشهدون هلذا ّ‬
‫حّت ابلنسبة إىل عمل اخل ّدام؛‬
‫حق وعادل‪ّ ،‬‬ ‫شيئاً‪ ،‬وال أبيّة طريقة‪ ،‬يعين الذين يعطون ويطالبون مبا هو ّ‬
‫حّت ولو كان آخرون جمرمني‬ ‫الذين ال يقتلون السمعة أو الشخص‪ ،‬والذين ال رغبة لديهم للقتل‪ّ ،‬‬
‫يؤدون شهادات زور تسبّب الضرر للقريب أو‬ ‫التمرد واالحتقار؛ الذين ال ّ‬
‫لدرجة تدفع القلب إىل ّ‬
‫تسيء إىل احلقيقة؛ الذين ال يرتكبون البغاء وال خطااي اجلسد‪ ،‬مهما كانت‪ ،‬الذين‪ ،‬بلطف واستسالم‬
‫إلرادة هللا‪ ،‬يَقبَلون دوماً بقدرهم دون أن َُيسدوا اآلخرين‪ .‬هلؤالء ملكوت السماوات‪ ،‬وهبذا َيكن‬
‫للمتسول أن يكون‪ ،‬يف العالء‪َ ،‬ملِّكاً ومغبوطاً‪ ،‬بينما حاكم الربع‪ ،‬سوف يكون‪ ،‬بفعل السلطة‪ ،‬قد‬ ‫ّ‬
‫تصرف بشكل‬ ‫أقل من ال شيء‪ ،‬إىل مصري أسوأ من العدم‪ :‬سوف يكون فريسة الشيطان‪ ،‬لو ّ‬ ‫حتول إىل ّ‬
‫ّ‬
‫ينايف الشريعة األزليّة للوصااي العشر‪».‬‬

‫ومّت ومسعان وفليبّس وتوما‬ ‫ِّ‬


‫يستَمع الرجال فاغرين أفواههم‪ ،‬وإىل جانب يسوع هناك برتلماوس ّ‬
‫ويعقوب ويوضاس ابنا حلفا‪ .‬أما األربعة الباقون في ِّ‬
‫كملون عملهم‪ ،‬ويعَتيهم امحرار ويتصبّب منهم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫جو من البهجة والسرور‪.‬‬
‫فمجرد وجود بطرس يكفي للمحافظة على ّ‬ ‫العرق‪ ،‬إّّنا فَ ِّرحني‪ّ .‬‬
‫نضح قَداسة‪ .‬الكالم والنَّظر‬
‫فيك يَ َ‬
‫فكل ما َ‬
‫بتسميتك‪" :‬ق ّديساً"‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫«آه! كم كان يوان حم ّقاً‬
‫ط كما اآلن!‪»...‬‬
‫واالبتسام‪ .‬فإنّنا مل ننتبه إىل نفوسنا ق ّ‬

‫«هل مضى وقت طويل مل تروا فيه يوان؟»‬

‫«منذ مرضه‪».‬‬

‫«أمريض هو؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 568 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جير نفسه‪ .‬ولكنّه منذ أعمال الصيف وجين‬
‫«نعم اي معلّم‪ .‬مل يعد يستطيع العمل‪ ،‬وقد أضحى ّ‬
‫العنب‪ ،‬مل يعد يستطيع الوقوف‪ .‬ومع ذلك‪ ...‬كان ي ِّ‬
‫رغمه على العمل ذلك الـ‪ ...‬آه! وتقول بوجوب‬ ‫ُ‬
‫حب صعب ج ّداً! ودوراس أسوأ من الضبع‪».‬‬ ‫حب ضبع هو ّ‬‫لكن ّ‬‫حنب الناس‪ .‬و ّ‬‫أن ّ‬
‫«يوان ُيبّه‪»...‬‬
‫ِّ‬
‫مستشهدين‪».‬‬ ‫للرب إهلنا قد ماتوا‬
‫«نعم اي معلّم‪ .‬وأقول إنّه ق ّديس‪ ،‬مثل الذين‪ ،‬لوفائهم ّ‬
‫امسك؟»‬
‫أحسنت قوالً‪ .‬ما َ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«ميخا‪ ،‬وهذا شاول‪ ،‬وذاك يوئيل‪ ،‬وهذا األخري إشعيا‪».‬‬

‫«سوف أذكر أمساءكم لدى اآلب‪ .‬أوتقولون إ ّن يوان قد اشت ّد عليه املرض؟»‬

‫«نعم‪ .‬هذا ما قاله لنا خ ّدام دوراس اآلخرون‪ ،‬إنّه حاملا ينتهي من العمل يرمتي على فراش‬
‫الدواب‪ ،‬وال نعود نراه‪».‬‬

‫«هل هو يعمل يف هذا الوقت؟»‬

‫«لو كان يتم ّكن من الوقوف‪ ،‬نعم‪ .‬املفروض أن يتواجد يف ما بعد بستان الت ّفاح هذا‪».‬‬

‫«هل كان حمصول دوراس جيّداً؟»‬

‫«آه! لقد كان أروع ما يف البَـلَد‪ .‬وقد اضطُرران لتدعيم األشجار بسبب الثمار ذات احلجم‬
‫اضطر دوراس لصنع براميل جديدة‪ ،‬حيث مل تعد الرباميل اليت لديه تكفي بسبب وفرة‬
‫املعجز‪ ،‬ولقد ّ‬
‫العنب‪».‬‬

‫«إذن قد يُكافِّئ دوراس خادمه!»‬

‫أسأت معرفته اي سيّدي!»‬


‫«يكافئ! كم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 569 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ضرب ضرابًكاد يودي حبياته‪ ،‬لضياع بعض العناقيد‪ ،‬وأنّه‬‫لكن يوان أخربين أنّه‪ ،‬منذ سنوات‪ُ ،‬‬
‫« ّ‬
‫أصبَ َح عبداً بسبب الديون‪ ،‬ذلك أ ّن املعلّم قد ّاهتمه خبسارة القليل من احملصول‪ .‬فهذه السنة‪ ،‬إذ قد‬
‫ص َل على مثل هذه الوفرة املعجزة‪ ،‬فينبغي له أن يكافئه‪».‬‬
‫َح َ‬
‫«ال‪ ،‬بل َجلَ َده بضراوة‪ ،‬متّهماً ّإايه ابلتقصري يف العناية ابألرض كما جيب للحصول على الوفرة‬
‫هذه ذاهتا يف السنوات السابقة‪».‬‬

‫مّت‪.‬‬
‫لكن هذا الرجل هو وحش كاسر!» يهتف ّ‬
‫«و ّ‬
‫«ال‪ .‬بل ليس لديه نفس‪ ».‬يقول يسوع‪« .‬أدعكم اي أبنائي مع بركيت‪ .‬هل لديكم خبز وطعام‬
‫يكفي هذا اليوم؟»‬

‫وَيرِّج رغيف خبز أسود ِّمن كيس ُملقى على األرض‪.‬‬


‫«لدينا هذا الرغيف‪ُ ».‬‬

‫لدي سوى هذا‪ ،‬ولكنّين اليوم يف بيت دوراس و‪»...‬‬


‫«خذوا طعامي‪ .‬ليس ّ‬
‫أنت‪ ،‬يف بيت دوراس؟»‬
‫« َ‬
‫«نعم‪ ،‬الفتداء يوان‪ .‬أمل تكونوا تعلمون ذلك؟»‬

‫ك ِّمثل نعجة يف وكر ذئب‪».‬‬


‫«ما ِّمن أحد يعلم شيئاً هنا‪ .‬ولكن‪ ...‬كن على حذر اي معلّم‪ ،‬إنّ َ‬
‫حّت اخلمر‬
‫كل ما معنا‪ّ ،‬‬ ‫«ال َيكنه أن يفعل يب شيئاً البتّة‪ .‬خذوا طعامي‪ .‬يعقوب‪ ،‬أعطهم ّ‬
‫لك‪ .‬ابتَ ِّهجوا قليالً أنتم أيضاً أيّها األصدقاء املساكني‪ .‬فهذا للنفس واجلَّ َسد معاً‪ .‬بطرس! هيّا‬
‫الذي َ‬
‫بنا‪».‬‬

‫هرع صوب يسوع‪ ،‬وقد أهنَ َكه‬ ‫«ها أان ذا آت اي معلّم‪ .‬مل يعد سوى هذا الثلم وننتهي‪ ».‬ويَ َ‬
‫َّعب‪ .‬وَيسح َعَرقه مبعطفه الذي كان قد َخلَ َعه‪ ،‬ويستعيده وهو يضحك سعيداً‪.‬‬
‫التـ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 570 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ّأما األربعة فال يعودون ينتهون من الشُّكر‪.‬‬

‫ستمر من هنا اي معلّم؟»‬


‫«هل ّ‬
‫«نعم‪ .‬انتظروين‪ .‬سوف تُلقون التحيّة على يوان‪ .‬هل َيكنكم القيام بذلك؟»‬

‫حّت هذا املساء‪ ،‬فهناك إذاً ثلثا األعمال‬


‫«آه! نعم‪ ،‬كان من املفروض أن يكون احلقل حمرواثً ّ‬
‫أصدقاءك أش ّداء! فليبارككم هللا‪ .‬لذا فاليوم‪ ،‬هو ابلنسبة لنا‪،‬‬
‫َ‬ ‫قد أُجنزت بشكل جيّد وسريع ج ّداً! إ ّن‬
‫أكثر من عيد الفطري‪ .‬آه! فليبارككم هللا مجيعاً! مجيعاً! مجيعاً!»‬

‫فالحون‬ ‫ينطَلِّق يسوع ومن معه مباشرة إىل بستان الت ّفاح‪ .‬جيتازونه‪ ،‬وي ِّ‬
‫صلون إىل حقول دوراس‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يتعرفون على يسوع‪.‬‬
‫آخرون على احملراث أو منحنون يرفعون األعشاب املقلوعة‪ ،‬إّّنا يوان غري موجود‪ّ .‬‬
‫وُييّيه الرجال دون تركهم العمل‪.‬‬

‫«أين يوان؟»‬

‫ط فوق الثلم‪ ،‬فنقلناه إىل البيت‪ .‬مسكني يوان‪ .‬لن يطول به زمن‬
‫«بعد ساعتني من العمل َس َق َ‬
‫األمل‪ .‬يف احلقيقة إنّه مشرف على املوت‪ .‬ولن يكون لنا صديق أفضل منه مطلقاً‪».‬‬

‫«سوف أكون لكم على األرض‪ ،‬وهو يف أحضان إبراهيم‪ .‬فاألموات ُيبّون األحياء حبّاً‬
‫حب خالص‪».‬‬ ‫احلب الذي ينالونه لوجودهم مع هللا‪ ،‬ابلنتيجة فهو ّ‬
‫اخلاص‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫مضاعفاً‪ :‬حبّهم‬

‫لري َك يف معاانته!»‬
‫«آه! فلتذهب إليه حاالً‪ .‬و ََ‬
‫يبارك يسوع وَيضي‪.‬‬

‫«واآلن ماذا ستفعل؟ وماذا ستقول لدوراس؟» يسأل التالميذ‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 571 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتصرف‬
‫«سأذهب كما لو أنّين ال أعلم شيئاً‪ .‬فإنّه إذا ما َو َج َد نفسه متفاجئاً‪ ،‬فهو قادر على أن ّ‬
‫بضراوة مع يوان ومع خدامه‪».‬‬

‫صديقك على حق‪ :‬إنه ابن آوى‪ ».‬يقول بطرس لسمعان‪.‬‬


‫َ‬ ‫«‬

‫تتعرف عليه وحتبّه‪ ».‬جييب‬


‫«إن لعازر ال يقول مطلقاً غري احلقيقة‪ ،‬وهو ليس َّنّاماً‪ .‬سوف ّ‬
‫ذاك‪.‬‬

‫تعرى حاليّاً‪.‬‬
‫لكن بناءه جيّد‪ ،‬وسط بستان قد ّ‬
‫يسي‪ .‬إنّه واسع ومنخفض‪ ،‬و ّ‬
‫الفر ّ‬
‫ويظهر بيت ّ‬
‫وعملي‪ .‬يسبق بطرس ومسعان اآلخرين لإلعالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ثري‬
‫يفي‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫بيت ر ّ‬
‫ظرة ساخرة وفم ثعبان‪،‬‬
‫ينم عن قسوة َج َشع عتيق‪ ،‬نَ َ‬
‫ََي ُرج دوراس‪ .‬إنّه عجوز‪ ،‬ومظهره اجلانيب ّ‬
‫يهش اببتسامة خمادعة يف حلية بيضاء أكثر منها سوداء‪« .‬سالماً اي يسوع»‪ .‬حتيّة وديّة ابستخفاف‬‫ّ‬
‫جلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫إليك»‪.‬‬
‫سالمك َ‬
‫َ‬ ‫ال يُلقي يسوع "السالم"‪ ،‬بل جييب‪« :‬فليَـعُد‬

‫اعيدك َك َملِّك‪».‬‬
‫ك دقيق يف مو َ‬
‫يستقبلك‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬ ‫«ادخل‪ .‬البيت‬

‫«بل كرجل شريف‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬

‫يضحك دوراس كما لو كانت نكتة‪.‬‬

‫املدعوين‪« :‬ادخلوا‪ .‬إ ّهنم أصدقائي‪».‬‬ ‫غري‬ ‫للتالميذ‬ ‫ويقول‬ ‫يسوع‬ ‫ت‬ ‫يلت ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫«فليأتوا‪ ...‬ولكن‪ ...‬أليس هذا جايب الضرائب‪ ،‬ابن حلفا؟»‬

‫أدرَكها اآلخر وأخذ يضحك بصفراويّة أكثر من‬


‫«إنّه مّت‪ ،‬تلميذ املسيح‪ ».‬يقول يسوع بلهجة َ‬
‫السابق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 572 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلليلي «الفقري» حتت وطأة حببوحة بيته‪ ،‬حيث الداخل فاخر‬
‫ّ‬ ‫سحق املعلّم‬‫يود لو يَ َ‬
‫كان دوراس ّ‬
‫حبق‪ .‬إنه تَ ِّرف وابرد‪ .‬يبدو اخل ّدام وكأ ّهنم عبيد‪ .‬يذهبون ُم َ‬
‫نحنني‪ُ ،‬متوارين بسرعة‪ ،‬دائمي اخلشية من‬ ‫ّ‬
‫العقوبة‪ .‬اإلحساس يوحي أب ّن الربودة والكره يهيمنان على البيت‪.‬‬

‫لكن يسوع ال يَ َدع مشاعره تتأثّر مبنظر الثراء‪ ،‬وال إبُياءات الثروة والنسب‪ ...‬ودوراس الذي‬ ‫و ّ‬
‫ينتبه إىل المباالة املعلّم‪ ،‬يرافقه إىل بستان الفواكه‪ .‬يريه األشجار النادرة‪ ،‬ويق ّدم له من فاكهتها اليت‬
‫يتذوقها يسوع وَيتدح طعمها اللذيذ‪ .‬منها ما هو حمفوظ‬ ‫ُيملها اخل ّدام يف صحائف وآنية ذهبية‪ّ .‬‬
‫ضمن شراب‪ ،‬ومنها كذلك دراق رائع‪ ،‬كما أ ّن هناك أجاص بضخامة غري معهودة‪.‬‬

‫«أان الوحيد الذي أملكها يف فلسطني كلّها‪ ،‬وأعتقد ّأهنا غري موجودة يف شبه اجلزيرة كلّها‪ .‬لقد‬
‫ومن أمكنة أبعد كذلك‪ .‬ولقد كلَّ َفتين القافلة مثقاالً كامالً‪ .‬إ ّن حكام الربع‬‫جلَبتُها من بالد الفرس‪ِّ ،‬‬
‫َ‬
‫أنفسهم ال َيلكون مثل هذه الفواكه‪ .‬وقد ال يكون قيصر نفسه َيلك مثلها‪ .‬إنّين أحصي مثراهتا وأُطالِّب‬
‫ُرسل بعضاً‬ ‫لئال تؤخذ منها بذرة واحدة‪ .‬إنّين أ ِّ‬‫بكل النوى‪ّ .‬أما األجاص فال يُستَهلَك إال على مائديت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫منها إىل حنّان‪ ،‬إّّنا بعد طهيها‪ ،‬لكي تصبح البذور عقيمة‪».‬‬

‫«ومع ذلك هي شجرات من هللا‪ .‬والناس مجيعهم متساوون‪».‬‬

‫تفوهه هبذا القول‪.‬‬


‫يسي املؤمن!‪ »...‬حتسبه طاووساً َيتال أثناء ّ‬
‫الفر ّ‬
‫«ولكن أان‪ ...‬دوراس‪ّ ،‬‬
‫أضحت عيناه تقدحان شرراً‪ .‬وتلك إشارة‬‫يَنظُر إليه يسوع‪ ،‬بعينيه الزفرييّتني‪ ،‬نظرة خارقة‪ ،‬وقد َ‬
‫إىل أ ّن كيل الرمحة والصرامة قد طََفح يف داخله‪ .‬يسوع أضخم من دوراس‪ ،‬إنّه مهيب يف ثوبه األرجواينّ‬
‫يسي القصري واحملدودب واملنكمش الرقيق‪ ،‬يف ثوبه الفضفاض ذي األهداب الفائضة واملثرية‬ ‫الفر ّ‬
‫أمام ّ‬
‫للمشاعر‪.‬‬

‫ّأما دوراس‪ ،‬فبعد فَتة من االمتداح الذايتّ‪ ،‬يهتف‪« :‬وملاذا إذاً اي يسوع‪ ،‬إرسال لعازر‪ ،‬أخو‬
‫صديقك؟ ولكن جيب ّأال يكون ذلك!‬
‫َ‬ ‫غش فيه؟ هل لعازر‬
‫يسي الذي ال ّ‬ ‫الفر ّ‬
‫الزانية‪ ،‬إىل بيت دوراس ّ‬
‫أال تعلم أنّه حمروم أل ّن أخته مرمي زانية؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 573 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أان ال أعرف سوى لعازر وسلوكه النـزيه الشريف‪».‬‬

‫تتفشى إىل األصدقاء‪ ...‬ال تذهب إليه‪.‬‬


‫لكن العامل يعرف خطيئة هذا البيت‪ ،‬ويعترب ّأهنا ّ‬‫«و ّ‬
‫كونك جليليّاً‪ .‬فلي‬
‫بك هكذا‪ ،‬رغم َ‬ ‫َجعلهم يَقبَلون َ‬
‫شئت‪ ...‬أان أقدر‪ ...‬أ َ‬
‫ملاذا ال تكون ّفريسيّاً؟ إذا َ‬
‫َيشونك أكثر‪».‬‬
‫َ‬ ‫سلطان كبري يف اجملمع‪ .‬حنّان يف يدي‪ ،‬مثل قطعة معطفي هذه‪ .‬وهكذا‬

‫«أان أريد أن أكون حمبوابً فقط‪».‬‬

‫وإعطائك يوان‪».‬‬
‫َ‬ ‫لرغبتك‬
‫َ‬ ‫ك بتنازيل‬
‫أنت ترى أنّين اآلن أحبّ َ‬
‫ك‪ .‬و َ‬
‫«سوف أحبّ َ‬
‫عت الثمن‪».‬‬
‫«لقد َدفَ ُ‬
‫ك تستطيع دفع مثل هذا املبلغ‪».‬‬
‫فوجئت أبنّ َ‬
‫ُ‬ ‫«هذا صحيح‪ .‬ولقد‬

‫«ال‪ ،‬ليس أان‪ ،‬بل صديق يل‪».‬‬

‫إسعادك‪ .‬بعد الطعام‪،‬‬


‫َ‬ ‫ك‪ ،‬وأنّين أريد‬
‫لست أُجري حتقيقاً‪ .‬أقول‪ :‬ترى أنّين أحبّ َ‬
‫«حسناً‪ ،‬حسناً‪ُ ،‬‬
‫أنت ابلذات‪ ،‬ألقوم أان هبذه التضحية‪ »...‬ويضحك‬ ‫لك‪ .‬كان جيب أن تكون َ‬ ‫سوف يكون يوان َ‬
‫تنم عن قسوة‪.‬‬
‫ضحكة ّ‬
‫يسوع‪ ،‬ذراعاه متصالبتان‪ ،‬ينظر إليه نظرة خارقة‪ ،‬ذات صرامة أكثر فأكثر‪ّ .‬إهنما ما يزاالن يف‬
‫بستان الفواكه يف انتظار الطعام‪.‬‬

‫لدي‪،‬‬
‫أعطيتك أحسن خادم ّ‬ ‫َ‬ ‫عليك إرضائي‪ .‬فرح مقابل فرح‪ .‬من جهيت‬ ‫«يف هذه األثناء‪َ ،‬‬
‫كتك حماصيل َج َعلَت أمالكي ذات‬ ‫مهم‪ .‬ويف هذه السنة‪ ،‬أ ََّمنَت يل بر َ‬
‫فحرمت نفسي بذلك من عائد ّ‬ ‫ُ‬
‫أتيت يف مطلع موسم احلرارة املرتفعة‪ .‬واآلن‪ ،‬ابرك قطعاين وحقويل‪ .‬ولن‬ ‫ك َ‬ ‫شهرة‪ ،‬ذلك أنّين أعلم أنّ َ‬
‫أندم‪ ،‬يف العام القادم‪ ،‬على فقدان يوان‪ ...‬ويف انتظار ذلك‪ ،‬سوف أجد بديالً عنه جيّداً‪ .‬تعال‪ ،‬ابرك‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 574 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تغص ابخلريات‪.‬‬
‫لدي حظائر وأهراءات ّ‬
‫كل فلسطني‪ ،‬وأن تكون ّ‬‫أعطين فرح أن أكون مشهوراً يف ّ‬
‫َخ َذته محّى الذهب‪.‬‬
‫جره‪ ،‬وقد أ َ‬
‫هيّا‪ ».‬وَيسك به حماوالً ّ‬
‫ولكن يسوع َيانع ويسأله بصرامة‪« :‬أين يوان؟»‬

‫«يف الفالحة‪ .‬لقد أراد أن يقوم هبذا العمل أيضاً كرمى ملعلّمه الطيّب‪ .‬ولكنّه سوف أييت قبل‬
‫كل شيء‪،‬‬‫االنتهاء من الطعام‪ .‬يف انتظار ذلك ابرك القطعان واحلقول والبساتني والكروم واملعاصر‪ّ .‬‬
‫كل شيء‪ ...‬آه! اي خلصب العام املقبل! تعال إذن‪».‬‬
‫ّ‬
‫«أين يوان؟» يسأل يسوع بصوت كالرعد‪.‬‬

‫لك‪ :‬إنّه يدير الفالحة‪ .‬إنّه رئيس اخل ّدام وهو ال يعمل بل يدير‪».‬‬
‫قلت َ‬
‫لكين ُ‬
‫«و ّ‬
‫«كاذب!»‬

‫«أان كاذب؟ أقسم بيهوه!»‬

‫«تقسم زوراً!»‬

‫لكالمك!»‬
‫َ‬ ‫«أان‪ ،‬أان أقسم زوراً؟ أان األكثر إَياانً بني املؤمنني؟ انتبه‬

‫املرة األخرية رعداً حقيقيّاً‪.‬‬


‫أكثر‪،‬حّت أصبح يف ّ‬
‫ّ‬ ‫كل مرة يرفع يسوع صوته‬
‫«جمرم!» ويف ّ‬
‫ظهر اخلُ ّدام مبظهر اخلائفني على األبواب‪ّ .‬أما وجه يسوع‪ ،‬فال‬ ‫ِّ‬
‫يَ َزدحم التالميذ حول يسوع‪ ،‬ويَ َ‬
‫فوسفوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كأهنما إشعاعات ذات وميض‬ ‫حتمله من ش ّدة صرامته‪ .‬عيناه تبدوان و ّ‬‫َيكن ّ‬
‫حّت يصبح قطعة قماش انعمة ج ّداً‪،‬‬ ‫بينما دوراس‪ ،‬وللوهلة األوىل‪ ،‬أيخذه اخلوف‪ ،‬فيتصاغر ّ‬
‫أمام شخصيّة يسوع الشاخمة‪ ،‬وهو يرتدي ثوابً ثقيالً من الصوف األمحر القامت‪ .‬إّّنا بعد ذلك‪ ،‬جيعله‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 575 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الكربايء يتمالك نفسه ويصرخ بصوته الزاعق كالثعلب‪« :‬يف بييت‪ ،‬أان الوحيد الذي أيمر‪ .‬أخرج أيّها‬
‫اجلليلي الدُّون‪».‬‬
‫ّ‬
‫كرومك‪ ،‬هلذه السنة وللسنوات القادمة‪».‬‬
‫وقطعانك و َ‬
‫َ‬ ‫لك‬
‫أنت وحقو َ‬
‫ألعنك َ‬
‫«سأخرج بعد أن َ‬
‫لعنتك!»‬
‫«ال‪ ،‬هذا ال‪ ،‬نعم ابحلقيقة إ ّن يوان مريض‪ ،‬ولكنّه يُعا ََل‪ ،‬يُعا ََل بشكل جيّد‪ ،‬اسحب َ‬
‫إليك‪،‬‬
‫عت الثمن‪ ،‬ومبا أنّه‪ ،‬ابلنسبة َ‬
‫«أين يوان؟ فليأخذين أحد اخل ّدام إليه‪ ،‬يف احلال‪ .‬لقد َدفَ ُ‬
‫عت الثمن‪ ،‬فأان أطالب به‪».‬‬
‫جتارة‪ ،‬آلة‪ ،‬فأان أعاينه كما هو‪ .‬ومبا أنّين َدفَ ُ‬
‫َُيرِّج دوراس من صدره صافرة ذهبية‪ ،‬يطلق ثالث صافرات‪ .‬فيُقبِّل مجهور غفري من خ ّدام البيت‬
‫كأهنم يزحفون‪ ،‬إىل أن وصلوا إىل جانب‬ ‫نحنني لدرجة يبدون معها و ّ‬
‫كل صوب‪َ ،‬جيرون ُم َ‬
‫واحلقول من ّ‬
‫أنت؟»‬
‫لذاك‪ .‬أين تذهب َ‬
‫املعلّم الرهيب‪« .‬اجلبوا يوان وأعطوه َ‬

‫الفالحني‪ ،‬بل قل‬


‫يسوع ال جييب‪ ،‬بل يتبع اخلُّدام الذين أسرعوا إىل خارج احلديقة‪ ،‬حنو بيوت ّ‬
‫الفالحني املساكني املخيفة‪ ،‬يدخلون إىل كوخ يوان احلقري‪.‬‬
‫جحور ّ‬

‫كان ذاك قد أضحى هيكالً عظميّاً‪ .‬إنّه يَ َلهث‪ ،‬نصف عار‪ ،‬وقد أهنَ َكته احلرارة‪ ،‬على سرير‬
‫ممزق‪ ،‬واملرأة اليت كانت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صب‪ُ ،‬وض َع عليه بدل الفراش ثوب مرقّع‪ ،‬وبدل الغطاء معطف ّ‬ ‫حقري من ال َق َ‬
‫يف املرة السابقة‪ ،‬هي نفسها تعتين به اآلن على قدر استطاعتها‪.‬‬

‫عنك!»‬
‫أتيت أحبث َ‬
‫«يوان! صديقي! لقد ُ‬
‫ك عندي هنا!»‬
‫ريب! إنّين أموت‪ ...‬ولكنّين سعيد ألنّ َ‬
‫أنت؟ ّ‬
‫« َ‬
‫آخذك إىل بييت‪».‬‬
‫حر ولن متوت هنا‪ .‬سوف َ‬
‫أنت اآلن ّ‬
‫الويف‪َ ،‬‬
‫«أيّها الصديق ّ‬
‫ك‪».‬‬
‫كنت قد َو َعدتَين أبن أرى ّأم َ‬
‫بيتك؟ آه! نعم! َ‬
‫حر؟ ملاذا؟ إىل َ‬
‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 576 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رد احلياة ليوان‪.‬‬
‫ابحلب‪ .‬منحن فوق سرير البائس املسكني‪ ،‬ويبدو أ ّن الفرح قد ّ‬
‫يسوع‪ ،‬مفعم ّ‬
‫قوي‪ .‬امحل يوان‪ ،‬وأنتم هاتوا معاطفكم‪ .‬هذا السرير قاس ج ّداً ملن هو يف مثل‬
‫أنت ّ‬
‫«بطرس‪َ ،‬‬
‫وضعه‪».‬‬

‫يَن َـزع التالميذ معاطفهم يف احلال‪ ،‬ويطووهنا وَيدوهنا وجيعلون من بعضها وسادة‪ .‬يضع بطرس‬
‫اخلاص‪.‬‬ ‫مبعطفه‬ ‫يسوع‬ ‫يه‬‫ّ‬‫ط‬ ‫ويغ‬ ‫حلم‪،‬‬ ‫عليه‬ ‫يعد‬ ‫مل‬ ‫الذي‬ ‫له‬ ‫ِّ‬
‫مح‬
‫ّ‬
‫معك دراهم؟»‬
‫«بطرس‪ ،‬هل َ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬لدي أربعون دانقاً‪».‬‬

‫تشجع اي يوان‪ .‬قليل من العناء بعد‪ ،‬مثّ سالم عظيم‪ ،‬يف بييت‪ ،‬إىل جانب مرمي‪»...‬‬
‫«حسناً‪ ،‬هيا‪ّ .‬‬
‫بيتك!» ويبكي رغم إعيائه‪ ،‬يوان املسكني‪ .‬إنّه ال يعرف سوى البكاء‪.‬‬
‫«مرمي‪ ...‬نعم‪ ...‬آه! َ‬
‫ِّ‬
‫لرمحتك‪».‬‬ ‫«الوداع اي امرأة‪ .‬سوف يبار ِّ‬
‫كك هللا‬

‫«الوداع اي سيّدي‪ .‬الوداع اي يوان‪ِّّ .‬‬


‫صل‪ ،‬صلّوا ألجلي‪ ».‬وتبكي املرأة الشابة…‬

‫لكن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫تنم عن اخلوف وَيفي وجهه‪ ،‬و ّ‬ ‫العتَبة‪ ،‬يَصل دوراس‪ ،‬ويبدي يوان حركة ّ‬
‫حينما يَصلون إىل َ‬
‫وَي ُرج املوكب البائس إىل الدار‬ ‫وَي ُرج إىل جانبه‪ ،‬أكثر صرامة من ٍ‬
‫قاض‪َ .‬‬ ‫يسوع يضع يده على رأسه َ‬
‫ويتوجه إىل بستان البقول‪.‬‬
‫الريفيّة‪ّ ،‬‬
‫بعتك اخلادم وليس السرير‪».‬‬
‫«هذا السرير يل! لقد َ‬
‫ودون أن ينطق ببنت شفة‪ ،‬يرمي يسوع كيس النقود عند قدميه‪ .‬أيخذه دوراس ويفرغه‪« .‬أربعون‬
‫دانقاً ومخس درامخات‪ .‬هذا قليل!»‬

‫ُُيَ ِّّدق يسوع هبذا اجلَّ ِّشع املثري لالمشئزاز‪ .‬إنّه مشهد ال َيكن وصفه‪ .‬وال جييب البتة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 577 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لعناتك!»‬
‫َ‬ ‫ك تسحب‬
‫األقل قل يل إنّ َ‬
‫«على ّ‬
‫وينس ِّحب مباشرة إىل جانب‬
‫أسلمك إىل إله سيناء‪َ ».‬‬
‫َ‬ ‫وبرد خمتصر‪« :‬‬
‫يرميه يسوع بنظرة جديدة‪ّ ،‬‬
‫بكل عناية من قبل بطرس وأندراوس‪.‬‬
‫احمل ّفة القرويّة احملمولة ّ‬
‫صرخ‪« :‬سوف نلتقي اثنية‪،‬‬ ‫وعندما يرى دوراس أ ّن ال شيء ينفع‪ ،‬وأ ّن اإلدانة واقعة ال حمالة‪ ،‬يَ ُ‬
‫حّت املوت‪ .‬امحل إذن خيال اإلنسان هذا‪ .‬مل يعد‬ ‫بك ّ‬ ‫عليك أبظافري! وسأحار َ‬‫اي يسوع! آه! سأقبض َ‬
‫أحرض‬
‫علي مصاريف الدَّفن‪ .‬اذهب‪ ،‬اذهب أيّها الشيطان امللعون! ولكنّين سوف ّ‬ ‫ينفعين‪ .‬وهذا يوفّر ّ‬
‫كل اجملمع ض ّد َك‪ .‬شيطان‪ ،‬شيطان!»‬
‫ّ‬
‫يهتم سوى بيوان‪ .‬إنّه يبحث عن‬
‫يتظاهر يسوع بعدم السماع‪ .‬التالميذ مذهولون‪ ،‬ويسوع ال ّ‬
‫صلوا إىل مفرق طرق قرب حقول جيوقاان‪.‬‬ ‫األقل وعورة‪ ،‬تلك اليت يف أحسن حال‪ ،‬إىل أن َو َ‬
‫املمرات ّ‬
‫ّ‬
‫الفالحون األربعة إللقاء التحية على الصديق ِّ‬
‫املغادر ويسوع الذي يباركهم‪.‬‬ ‫جيري ّ‬
‫ّ‬
‫لكن الطريق من مرج ابن عامر إىل الناصرة طويل‪ ،‬وال َيكنهم اإلسراع مع محلهم هذا الذي‬‫و ّ‬
‫لكن يده‬
‫يثري الشفقة‪ .‬طوال الطريق‪ ،‬ال عربة وال طنرب‪ .‬ال شيء‪ .‬يتق ّدمون بصمت‪ .‬يبدو يوان انئماً‪ ،‬و ّ‬
‫ال تَتك يد يسوع‪.‬‬

‫دان املساء‪ ،‬وها هي ذي عربة عسكريّة رومانيّة تلتقيهم‪.‬‬

‫«قفوا ابسم هللا‪ ».‬يقول يسوع وهو يرفع يده‪.‬‬

‫ب‪ ،‬أل ّن املطر كان قد بدأ ينهمر‪ََ ،‬ي ُرج‬ ‫يتوقّف اجلنداين‪ .‬ومن حتت غطاء العربة الذي س ِّ‬
‫ح‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ضابط‪ ،‬وقد تربج رأسه‪ ،‬ويسأل يسوع‪« :‬ماذا تريد؟»‬

‫لدي صديق يُ ِّ‬


‫شرف على املوت‪ .‬أَطلُب مكاانً له على العربة‪».‬‬ ‫« ّ‬
‫«ينبغي لنا ّأال نفعل‪ ...‬ولكن‪ ...‬اصعد‪ ،‬فنحن كذلك لسنا كالابً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 578 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يَرفَعون احمل ّفة‪.‬‬

‫أنت؟»‬
‫صديقك؟ َمن َ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫الناصري‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«الرايب يسوع‬

‫صعد أكرب عدد منكم‪.‬‬ ‫أنت‪ ،‬إذن‪ ...‬فليَ َ‬


‫كنت َ‬‫أنت؟ آه!‪ »...‬يَنظُر إليه الضابط بفضول‪« .‬إذا َ‬
‫« َ‬
‫أنت‬
‫يكفي ّأال يراان أحد‪ّ ...‬إهنا التعليمات‪ ...‬إّّنا اإلنسانيّة هي فوق التعليمات‪ .‬أليس كذلك؟ و َ‬
‫حّت احلجارة تتكلّم ابخلري‬
‫كل شيء‪ ...‬كيف أعرف ذلك؟ ّ‬ ‫صاحل‪ .‬أَعلَم ذلك‪ .‬إيه! حنن اجلنود نعرف ّ‬
‫مردين‪،‬‬
‫سبقوك‪ ،‬مت ّ‬
‫َ‬ ‫لست مسيحاً كاذابً كالذين‬
‫أنت َ‬‫ابلشر‪ ،‬ولدينا آذان تسمعها خلدمة قيصر‪َ .‬‬‫أو ّ‬
‫أنت صاحل‪ .‬روما تعرف ذلك‪ .‬هذا الرجل‪ ...‬مريض للغاية‪».‬‬ ‫عُصاة‪َ .‬‬
‫«ألجل ذلك آخذه إىل ّأمي‪».‬‬

‫أنت أكيال‪ ،‬احفز‬


‫«لن تطول هبا العناية به! أعطه القليل من اخلمر‪ ،‬يوجد منه يف هذه القربة‪َ .‬‬
‫أنت كينتوس‪ ،‬أعطين حصة العسل والسمن‪ّ ،‬إهنا يل‪ ،‬ولكنّها تفيده‪ .‬إنّه يسعل كثرياً‪ ،‬والعسل‬
‫اجلياد‪ .‬و َ‬
‫مفيد للسعال‪».‬‬

‫ك طيب‪».‬‬
‫«إنّ َ‬
‫لكونك معي‪ .‬تذ ّكر بوبليوس‬
‫َ‬ ‫أقل سوءاً من آخرين كثريين‪ .‬وإنّين لسعيد‬ ‫«ال‪ ،‬ولكنّين ّ‬
‫اإليطايل‪ ،‬إنّين يف القيصريّة‪ .‬إّّنا اآلن‪ ،‬أان ذاهب إىل طوملايد على رأس محلة‬
‫ّ‬ ‫كينتيليانوس‪ ،‬من اجليش‬
‫تفتيشيّة‪».‬‬

‫عدواً يل‪».‬‬
‫لست ّ‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫أود لو أكون صاحلاً أان أيضاً‪ .‬قل يل‪:‬‬
‫عدو الصاحلني‪ .‬و ّ‬ ‫عدو األشرار‪ ،‬وأبداً لن أكون ّ‬
‫«أان؟ ّ‬
‫ابلنسبة لنا‪ ،‬حنن رجال السالح‪ ،‬ما هو املذهب الذي تُـبَ ِّّشر به؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 579 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ذهب واحد للجميع‪ .‬العدالة والنـزاهة‪ ،‬الع ّفة والرمحة‪ .‬ممارسة املهنة دون جتاوز‬‫«ال يوجد سوى َم َ‬
‫حّت ضمن املهنة القاسية لرجال السالح‪ ،‬فاحَتام اإلنسانيّة‪ .‬وحماولة البحث ملعرفة احلقيقة‪،‬‬ ‫احلدود‪ّ ،‬‬
‫كل عمل حمروم من النعمة‪ ،‬وابلتايل من املكافأة األزليّة‪».‬‬ ‫األزيل‪ ،‬إذ بدون هذه املعرفة ّ‬
‫أعين هللا الواحد ّ‬
‫فعلت؟»‬
‫«ولكن عند مويت ماذا يكون يل مقابل اخلري الذي ُ‬
‫احلق‪ ،‬جيد هذا اخلري يف احلياة األخرى‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫« َمن أيت إىل هللا ّ‬

‫«هل أُولَد مرة اثنية؟ وأُصبِّح حاكماً أو ّ‬


‫حّت امرباطوراً؟»‬

‫ادك بغبطته األزليّة يف السماء‪».‬‬ ‫«ال‪ ،‬بل تُصبِّح شبيهاً ابهلل ّ‬


‫ابحت َ‬

‫«كيف؟ يف األوملب‪ ،‬أان‪ ،‬وسط اآلهلة؟»‬

‫يسمعك‬
‫َ‬ ‫احلق‪ .‬وهو الذي أُبَ ِّّشر به‪ .‬وهو الذي‬
‫«ال يوجد آهلة كثريون‪ .‬ليس هناك سوى اإلله ّ‬
‫ورغبتك يف معرفة اخلري‪».‬‬
‫َ‬ ‫صالحك‬
‫َ‬ ‫ويَرى‬

‫ين مسكني مثلي‪».‬‬


‫جبندي َوثَ ّ‬
‫ّ‬ ‫يهتم‬
‫«هذا يروق يل ويسعدين! مل أكن أعلم أ ّن هللا ّ‬
‫يدك معه‪».‬‬
‫ك وير َ‬
‫ك اي بوبليوس‪ .‬إذن فهو ُيبّ َ‬
‫«إنّه هو الذي َخلَ َق َ‬
‫«وملَ ال‪...‬؟ ولكن ال أحد ُُيَ ِّّدثنا عن هللا‪ ...‬مطلقاً‪»...‬‬

‫«سوف آيت إىل القيصريّة‪ ،‬وسوف تسمعين‪».‬‬

‫لك خدمة أخرى‪ .‬ولكن‬


‫أود لو أقدم َ‬
‫إليك‪ .‬ها هي ذي الناصرة‪ّ .‬‬
‫«آه! سوف آيت لالستماع َ‬
‫إن يروين‪»...‬‬

‫لطيبك‪».‬‬
‫َ‬ ‫كك‬ ‫« ِّ‬
‫سأنزل وأابر َ‬
‫«السالم اي معلّم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 580 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فليتجل الرب لكم أيّها اجلنود‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫َّ‬ ‫«‬

‫ينـزلون ويعاودون السري‪.‬‬

‫«قليالً بعد‪ ،‬وستسَتيح اي يوان‪ ».‬يقول له يسوع ذلك ليش ّد من عزَيته‪.‬‬

‫يبتسم يوان‪ ،‬ويهدأ أكثر فأكثر كلّما تق ّدم الليل وأت ّكد من ابتعاده عن دوراس‪.‬‬
‫يهرع يوحنّا وأخوه لينبِّئوا مرمي‪ .‬عندما ي ِّ‬
‫صل املوكب الصغري إىل الناصرة اليت تكاد تكون مقفرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يف الليل الذي يهبط‪ ،‬ومرمي عند العتبة تنتظر االبن‪.‬‬

‫أنت سعيد اي يوان؟»‬ ‫ِّ‬


‫بتذوق اجلنّة‪ .‬هل َ‬
‫« ّأمي‪ ،‬هو ذا يوان‪ .‬إنّه يلتجئ إىل حنانك ليبدأ ّ‬
‫مهم كما لو كان هذا الرجل املنهك يف نشوة‪ُُ .‬ي َمل إىل الغرفة الصغرية‬ ‫«سعيد! سعيد!» يـُ َه ِّ‬
‫أنت على سرير أيب‪ .‬هنا األ ُّم وهنا أان‪ .‬هل تَرى؟ لقد أصبَ َحت الناصرة بيت‬ ‫حيث مات يوسف‪َ « .‬‬
‫انك كثرياً‪ ،‬وهذان ُها اللذان ُِّجي ّالن َ‬
‫فيك اخلادم األمني‪.‬‬ ‫أنت اآلن يسوع الصغري بني اثنني ُيبّ َ‬ ‫حلم‪َ .‬‬
‫فوقك أبجنحتهم اليت ِّمن نور‪ ،‬ويرتّلون كلمات مزمور‬ ‫لست تراهم‪ ،‬ولكنّهم ُيلّقون َ‬ ‫املالئكة‪َ ،‬‬
‫الوالدة‪»...‬‬

‫حّت‬
‫قاوَم ّ‬
‫يَسكب يسوع لطفه على يوان املسكني الذي يَضعف من حلظة ألخرى‪ .‬يبدو وكأنّه َ‬
‫هذه اللحظة لكي َيوت هنا‪ ...‬ولكنّه سعيد للغاية‪ ،‬إنّه يبتسم وُياول لثم يد يسوع‪ ،‬ويد مرمي‪ ،‬وأن‬
‫يردد‪« :‬نعم‪ ...‬نعم‪».‬‬
‫لكن اإلعياء يكسر الكالم‪ .‬تُ َش ّجعه مرمي كأم‪ .‬وهو ّ‬‫يتح ّدث ويتح ّدث‪ ...‬و ّ‬
‫اببتسامة ُمغتَبِّطَة بوجهه اهلزيل‪.‬‬

‫التالميذ عند ابب احلديقة‪ ،‬يُراقِّبون بصمت‪ ،‬وهم متأثّرون بعمق‪.‬‬

‫صبحك‬
‫َ‬ ‫ليلك الطويل أصبَ َحت جنمة‬
‫لرغبتك اليت دامت طويالً‪ .‬جنمة َ‬
‫َ‬ ‫«لقد استجاب هللا‬
‫أنت تعرف امسها‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬
‫األزيل‪ .‬و َ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 581 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املالئكي؟ نفسي تسمعه‪...‬‬
‫ّ‬ ‫امسك! آه! يسوع! املالئكة‪ ...‬من ذا الذي يرتل يل النشيد‬
‫«يسوع‪َ ،‬‬
‫لت الكثري! الكثري من‬
‫حتم ُ‬
‫تود مساعه‪ ...‬لكي أانم سعيداً‪ ...‬النعاس يتملّكين! لقد ّ‬‫لكن أذين كذلك ّ‬
‫و ّ‬
‫الدموع‪ ...‬الكثري من اإلهاانت‪ ...‬دوراس‪ ...‬أساحمه‪ ...‬ولكنّين ال أود مساع صوته‪ ،‬وأمسعه‪ ...‬إنّه‬
‫كصوت الشيطان‪ ،‬أمامي أان املشرف على املوت‪ .‬من ذا الذي‪ ،‬ألجلي‪ ،‬جيعل األصوات القادمة من‬
‫اجلنّة تطغى عليه؟»‬

‫مرتني‬ ‫دها‬ ‫تُـرتِّّل مرمي هبدوء‪« :‬اجملد هلل يف أعايل السماوات‪ ،‬وعلى األرض السالم للناس‪ ».‬وتُـرِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ألهنا ترى أ ّن يوان يهدأ لدى مساعها‪.‬‬
‫أو ثالاثً‪ّ ،‬‬

‫«مل يـَعُد دوراس يتكلّم‪ ».‬يقول بعد وقت قليل‪« .‬فقط املالئكة‪ ...‬كان هناك طفل‪ ...‬يف‬
‫ُهت به‪ ...‬ومعه كان يوسف وكانت مرمي‪»...‬‬
‫مذود‪ ...‬بني محار وثور‪ ...‬وقد كان ماسيا‪ ...‬ولقد ُ‬
‫ينطفئ الصوت‪ ،‬مثّ شخرة مقتضبة‪ ،‬ويعقبها الصمت‪.‬‬

‫«السالم يف السماء للرجل ذي اإلرادة الصاحلة! لقد مات‪ .‬سوف ندفنه يف قربان املتواضع‪ .‬إنّه‬
‫يستحق انتظار قيامة املوتى إىل جانب الصديق‪ ،‬أيب‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬
‫ّ‬
‫لست أدري َمن الذي أنبَأَها‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫وتتوقّف الرؤاي متاماً عندما تَصل مرمي اليت حللفا‪ .‬و ُ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 582 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -77‬يسوع يف بيت يعقوب‪ ،‬قرب حبرية مريون)‬

‫‪1945 / 02 / 17‬‬

‫أقول إنّه ابإلضافة إىل حبرية اجلليل والبحر امليت‪ ،‬ففي فلسطني حبرية صغرية أخرى‪ ،‬أو بركة‪،‬‬
‫قصارى القول‪ ،‬هي مرآة ماء أجهل امسها‪.‬‬

‫أان ال ابع يل ابلتخمينات‪ ،‬إّّنا إبلقاء نظرة‪ ،‬أقول إ ّن سطح املاء هذا َيكن ألبعاده أن تكون‬
‫حوايل ثالثة كيلومَتات الثنني‪ .‬إنّه صغري حسبما يُرى‪ .‬ولكنّه أنيق‪ ،‬ضمن إطار اخلُضرة الذي ُييط‬
‫السماوي‪ ،‬مع تلوين أفتح‪،‬‬
‫ّ‬ ‫به‪ .‬إنّه مرآة الزورديّة وساكنة لدرجة حتسبها معها حمارة كبرية من امليناء‬
‫يصب فيها يف الشمال ليخرج‬ ‫وقليل من االهتزازات يف الوسط‪ ،‬تُعزى بدون شك‪ ،‬جملرى النهر الذي ّ‬
‫حي وسط ماء راكد‪ ،‬منبّهاً لوجوده‬
‫منها يف اجلنوب‪ .‬وبسبب قلّة عمق البحرية‪ ،‬جيتازها التيّار مثل وريد ّ‬
‫وحترك ملياهه خفيف‪.‬‬
‫بلون خمتلف ّ‬
‫ال مراكب شراعيّة يف هذه البحرية‪ ،‬إّّنا فقط بضعة زوارق صغرية‪ ،‬تتّسع لصيّاد واحد ينـزل أو‬
‫يسحب فخاخه‪ ،‬أو مسافر يستأجرها كي جيعل املسافة أقصر‪ ،‬وكذلك قطعان وقطعان تنـزل ابلتأكيد‬
‫من املراعي يف اجلبال‪ ،‬بسبب اخلريف الذي يزحف‪ ،‬وترعى على الضفاف‪ ،‬يف احلقول‪ ،‬حيث اخلصب‬
‫والعشب األخضر‪.‬‬

‫متر طريق عريضة‪ ،‬متت ّد من الشرق إىل الغرب‪،‬‬‫بيضاوي‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫يف أقصى جنوب البحرية‪ ،‬حيث الشكل‬
‫أو ابألحرى من الشمال الشرقي إىل اجلنوب الغريب؛ وهي طريق معبَّدة ِّ‬
‫وآهلة ابملسافرين الذين ََيّرون‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املوزعة يف املنطقة‪.‬‬ ‫عربها ِّ ِّ‬
‫قاصدين البلدان ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 583 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تلك الطريق‪ ،‬هي اليت يسلكها يسوع وأتباعه‪ .‬النهار غائم‪ ،‬وبطرس يبدي مالحظته‪« :‬كان‬
‫فاألايم‪ ،‬يوماً إثر يوم‪ ،‬تُصبِّح أقصر وأظلَم‪ ...‬وأورشليم ما تزال‬
‫جيدر بنا عدم الذهاب إىل تلك املرأة‪ّ .‬‬
‫بعيدة‪».‬‬

‫«سوف نصل يف الوقت احمل ّدد‪ .‬ثق يب اي بطرس‪ ،‬إ ّن طاعة هللا يف فعل اخلري‪ ،‬هلي أفضل كثرياً‬
‫رب العائلة الذي ُش ِّف َي‬
‫كل أوالدها‪ ،‬حول ّ‬ ‫ِّ‬
‫ظاهري‪ .‬فاآلن‪ ،‬تلك املرأة تُ َسبّح هللا مع ّ‬
‫ّ‬ ‫من حضور احتفال‬
‫املظال‪ ،‬بينما كان من‬
‫حّت إنّه سوف يتم ّكن من احلضور إىل أورشليم للمشاركة يف احتفال عيد ّ‬ ‫متاماً‪ّ ،‬‬
‫املفروض‪ ،‬يف هذا الوقت‪ ،‬أن يكون راقداً يف قرب داخل األكفان ووسط الطيوب‪ .‬ال ختلطوا أبداً اإلَيان‬
‫أنت أيضاً‬ ‫كنت َ‬‫الفريسيّون إذا َ‬
‫يدهشك ّ‬
‫َ‬ ‫ابلتصرفات الظاهريّة‪ ،‬ينبغي عدم االنتقاد‪ .‬فكيف َيكن أن‬
‫ّ‬
‫لك‪" :‬إين أخدم هللا وهذا‬ ‫قلبك جتاه القريب بقو َ‬
‫قت َ‬ ‫نفسك إبدراك الرمحة بشكل سيّئ‪ ،‬وإذا أغلَ َ‬
‫َ‬ ‫ختدع‬
‫يكفي"؟»‬

‫حق‪ ،‬اي معلّم‪ .‬فأان أكثر جهالً ِّمن جحش‪».‬‬


‫أنت على ّ‬
‫« َ‬
‫َّم يل عربة تبقى معنا‬
‫منك حكيماً‪ .‬ال ختف‪ .‬فإ ّن قوزى قد قَد َ‬
‫بك معي ألجعل َ‬ ‫«وأان أحتفظ َ‬
‫َصَّر كثرياً‪ ،‬وبسبب بعض اآلراء السديدة‬ ‫حّت املعرب قصرية‪ .‬وهو قد أ َ‬
‫حّت ‪ .Jaboc‬املسافة ّ‬ ‫تقريباً ّ‬
‫ض بعض‬ ‫ِّ‬
‫لكن موت يوان فَـَر َ‬
‫ك الفقراء أن يستخدم وسائل الفقراء‪ .‬و ّ‬ ‫نت‪ ،‬رغم اعتباري أ ّن على َمل َ‬
‫أذع ُ‬
‫َ‬
‫وعلي أن أوفّق بني خمطّطايت والطوارئ‪».‬‬
‫التأخري‪ّ ،‬‬
‫وحاس ِّدين موته املغبوط‪ .‬يهمهم مسعان‬
‫يتح ّدث التالميذ عن يوان‪ ،‬متَ َش ّكني من حياته البائسة ِّ‬
‫ُ‬
‫الغيور‪« :‬مل أستطع إسعاده ومنح املعلّم تلميذاً حقيقيّاً انضجاً ابستشهاد مديد وإَيان ال يتزعزع‪...‬‬
‫فعمني ابإلَيان بيسوع‪ ،‬للتعويض‬
‫أمس احلاجة إىل أانس أوفياء‪ ،‬بل ُم َ‬‫مت لذلك‪ .‬فالعامل يف ّ‬ ‫ولقد أتلّ ُ‬
‫عن أولئك الكثريين الذين يَ ُش ّكون وسيَ ُش ّكون!»‬

‫لت ألجله‬
‫أنت قد فَـ َع َ‬
‫يهم‪ ،‬اي مسعان‪ ».‬جييب يسوع‪« .‬إنّه اآلن أكثر غبطة وأكثر فاعليّة‪ .‬و َ‬
‫«ال ّ‬
‫كك‪».‬‬
‫حمرره‪ ،‬ويبار َ‬
‫أشكرك‪ .‬وهو اآلن يَعلَم َمن ّ‬
‫َ‬ ‫أي إنسان آخر‪ .‬فمن أجله كذلك أان‬
‫وألجلي أكثر من ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 584 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«وإذن‪ ،‬فهو يلعن دوراس كذلك‪ ».‬يهتف بطرس‪.‬‬

‫ابراً‪ ،‬واآلن هو ق ّديس‪ .‬وهو‬


‫ك خمطئ‪ .‬يوان كان ّ‬ ‫تظن ذلك؟ إنّ َ‬
‫يَنظُر إليه يسوع ويسأله‪« :‬هل ّ‬
‫مل َيقت ومل يَ َلعن أحداً طوال حياته‪ ،‬ولن َيقت ويلعن اآلن‪ .‬إنّه ينظر إىل اجلنّة‪ِّ ،‬من املكان الذي يقيم‬
‫أي‬ ‫ِّ‬
‫فيه‪ ،‬ويغتَبط‪ .‬فقد أصبَ َح يَعلَم أ ّن املوجودين اآلن يف اليمبس سيخرجون قريباً‪ .‬وهو ال يقوم بفعل ّ‬
‫شيء آخر‪».‬‬

‫لعنتك فعلها؟»‬
‫«ابلنسبة إىل دوراس‪ ...‬هل ستفعل َ‬
‫أبي معىن اي بطرس؟»‬
‫« ّ‬
‫ابحلري‪ ...‬بصفعه صفعة أتديب‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«حبمله على التفكري والتب ّدل‪ ...‬أو‬

‫«لقد َسلَّمتُه لعدالة هللا‪ّ .‬أما أان‪ّ ،‬‬


‫احلب‪ ،‬فقد تركتُه‪».‬‬

‫أود أن أكون مكانه‪».‬‬


‫«الرمحة! ال ّ‬
‫«وال أان أيضاً‪».‬‬

‫«وال أان!»‬

‫«ال أحد يـَ َوّد ذلك‪ّ .‬أما "عدالة" فما تكون إذن؟» يقول التالميذ‪.‬‬

‫احلق أقول لكم‪،‬‬


‫«ستكون للصاحلني نشوة‪ّ ،‬أما للشياطني فستكون صاعقة‪ ،‬أيّها األصدقاء‪ّ .‬‬
‫ملكي إذا ما قورن‬
‫أن يكون املرء عبداً طوال حياته‪ ،‬أو أبرصاً أو مستعطياً‪ ،‬فإنّه سيُعتََرب يف إنعام ّ‬
‫اإلهلي‪».‬‬
‫بساعة‪ ،‬ساعة واحدة فقط من العقاب ّ‬
‫«املطر ينهمر اي معلّم‪ .‬ماذا سنفعل؟ أين نذهب؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 585 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابلفعل‪ ،‬لقد أظلَ َمت البحرية‪ ،‬وهي تعكس السماء اليت أصبَ َحت اآلن مغطّاة ابلغيوم اليت بلون‬
‫الرصاص‪ .‬وقطرات املطر األوىل تسقط وتُ ِّ‬
‫نذر أبن تُصبِّح أكثر غزارة‪.‬‬

‫«سوف نلتجئ إىل أحد البيوت‪ ،‬ابسم هللا‪».‬‬

‫نت‬
‫«فلنأمل إجياد أحد الناس يتمتّع بصالح ذاك الروماينّ‪ .‬مل أكن أظنّهم هكذا‪ ...‬لقد ك ُ‬
‫أحتاشاهم دائماً كأجناس‪ ،‬وأرى أ ّن‪ ...‬نعم‪ ،‬أرى ّأهنم أفضل كثرياً ِّمن عدد كبري منّا‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫يعجبك الرومان؟»‬
‫َ‬ ‫فيسأله يسوع‪« :‬هل‬

‫لست أجدهم أسوأ منّا‪ّ .‬إهنم سامريّون فقط‪».‬‬


‫«إيه! ُ‬
‫جتر أمامها مثاين نعاج‪.‬‬
‫يبتسم يسوع دون أن يقول شيئاً‪ .‬ويلتقون ابمرأة شابّة ّ‬
‫يسأهلا بطرس‪« :‬اي امرأة‪ ،‬هل تعرفني أين َيكننا أن جند مأوى؟‪»...‬‬

‫«إنّين خادمة لرجل فقري ووحيد‪ ،‬ولكن إذا ما شئتم اجمليء‪ ...‬فأعتقد أن املعلّم سوف يستقبلكم‬
‫بطيب خاطر‪».‬‬

‫«هيّا بنا‪».‬‬

‫ينطلقون‪ ،‬حتت املطر بسرعة‪ ،‬وسط النعاج اليت جتري خبباً أبجسامها املليئة للهروب من املطر‪.‬‬
‫يؤدي إىل بيت صغري متواضع‪ .‬أَتَـ َعَّرف على البيت‪ ،‬إنّه بيت‬
‫يَتكون الطريق العريضة ليسلكوا درابً ّ‬
‫الفالح يعقوب بن ماتياس ومرمي يتيمي رؤاي شهر آب (أغسطس) كما يبدو يل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫«ها هو ذا‪ ،‬إنّه هنا! اسبقوين بينما أقود النعاج إىل احلظرية‪ .‬بعد هذا السور‪ ،‬توجد ابحة‬
‫هتتموا إذا ما تَـ َف َّوه ببعض الكلمات‪ ...‬لديه مشاكل‬
‫توصلكم إىل البيت‪ .‬ستجدونه يف املطبخ‪ .‬ال ّ‬
‫كثرية‪ »...‬ومتضي املرأة صوب غرفة صغرية ضيّقة إىل اليمني‪ .‬ويدور يسوع إىل اليسار مع أتباعه‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 586 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هو ذا الفناء مع البئر والتنّور يف الصدر‪ ،‬وشجرة الت ّفاح إىل اجلانب‪ ،‬وابب املطبخ مفتوح على‬
‫مصراعيه‪ ،‬حيث تشتعل انر حطب ورجل يصلح أداة زراعة معطوبة‪.‬‬

‫منك ملجأ ّنضي الليل فيه‪ ،‬أان ورفاقي‪ ».‬يقول يسوع ذلك وهو‬
‫«السالم هلذا البيت‪ .‬أطلب َ‬
‫على عتبة الباب‪.‬‬

‫يرفع الرجل رأسه ويقول‪« :‬ادخل‪ ،‬وليُعِّد َ‬


‫لك هللا السالم الذي َمتنَح‪ .‬ولكن‪ ...‬السالم هنا!‬
‫عدو ليعقوب منذ بعض الوقت‪ .‬ادخل‪ ،‬ادخل!‪ ...‬ادخلوا مجيعكم‪ .‬فالنار هي الشيء الوحيد الذي‬ ‫ّ‬
‫عت القبّعة (ذلك‬
‫أنت‪ ،‬اآلن وقد نـََز َ‬
‫أمت ّكن من منحكم ّإايه بسخاء‪ ...‬أل ّن‪ ...‬آه! ولكن‪ ...‬ولكن َ‬
‫أنت‪ ،‬نعم‪،‬‬
‫أ ّن يسوع كان قد غطى رأسه برفل من معطفه يش ّده بيده حتت ذقنه) وأر َاك بوضوح‪ ...‬ف َ‬
‫أستحلفك‬
‫َ‬ ‫وجت ََِّتح املعجزات‪ ...‬هل هذا َ‬
‫أنت ح ّقاً؟ قل‬ ‫أنت َمن تُدعى ماسيا َ‬
‫اجلليلي‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أنت الرايب‬
‫َ‬
‫ابهلل‪».‬‬

‫الناصري‪ ،‬ماسيا‪ ،‬هل تعرفين؟»‬


‫ّ‬ ‫«أان يسوع‬

‫كنت أان‬
‫كنت تتح ّدث يف بيت يوضاس وحنّة‪ُ ...‬‬ ‫إليك عند آخر قَ َمر‪ ،‬بينما َ‬ ‫عت َ‬ ‫«لقد استَ َم ُ‬
‫الربد واليَسروع‪ ،‬أشجار ونعاج‬ ‫ِّمن ِّ‬
‫حل يب‪ََ :‬‬
‫ّ‬ ‫املصائب‬ ‫من‬ ‫كم‬
‫ّ‬ ‫فقري‪...‬‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫إذ‪...‬‬ ‫افني‪،‬‬ ‫ط‬
‫ّ‬ ‫الق‬ ‫من‬ ‫ض‬
‫أحتمل الديون ألن‬
‫مريضة‪ّ ...‬أما أان فإنّين وحيد مع خادمة‪ ،‬وما أملكه كان يكفيين‪ .‬ولكنّين اآلن ّ‬
‫كل نعاجي‪ ،‬فإنّين أعمل يف بيوت اآلخرين‪ ...‬ومثّ حقويل!‪ ...‬حتسب‬ ‫البؤس يالحقين‪ ...‬ولكي ال أبيع ّ‬
‫أ ّن احلرب كانت قائمة عليها‪ ،‬بقدر ما هي حمروقة‪ ،‬وبقدر ما كانت الكروم والزيتون عقيمة‪ .‬فمنذ وفاة‬
‫مين‪ .‬أترى؟ إنّين أقوم‬
‫سخر ّ‬
‫ست سنوات‪ ،‬حتسب أ ّن الشيطان يَ َ‬ ‫زوجيت‪ ،‬وقد مضى على ذلك اآلن ّ‬
‫اآلن إبصالح هذا احملراث‪ ،‬رغم أ ّن َخ َشبَه َخ ِّرب‪ .‬ما العمل؟ فأان ال خربة يل يف هذه املصلحة‪ .‬لذا‬
‫علي‬
‫وعلي كذلك أخذ املال الذي معي بعني االعتبار‪ ،‬اآلن‪ّ ...‬‬ ‫فأان أربط وأربط‪ ،‬وال نتيجة تُرجى‪ّ .‬‬
‫لكن احلقول تَشغُل ابيل أكثر‬
‫أن أبيع نعجة أخرى إلصالح األدوات‪ .‬السقف يرشح (يدلف)‪ ...‬و ّ‬
‫كنت أرجو إعادة تشكيل القطيع‪ ...‬ولكن!»‬‫من البيت‪ .‬خسارة! النعاج كلّها حامل‪ ...‬و ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 587 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت أمحل اهلموم إىل حيث هي مبا فيه الكفاية‪».‬‬
‫«أرى أنّين ُ‬
‫كنت تقول‪.‬‬ ‫إليك تتح ّدث و‪ ...‬يف أعماق القلب استَـ َقَّر ما َ‬
‫عت َ‬ ‫أنت؟ ال‪ .‬لقد استَ َم ُ‬
‫«ُهوم؟ َ‬
‫أظن أنّين قد ال أكون صاحلاً مبا فيه الكفاية‪ .‬أعتقد‬ ‫ِّ‬
‫لت بنـزاهة‪ ،‬ومع ذلك‪ ...‬ولكنّين ّ‬ ‫حقيقي أنّين َعم ُ‬
‫ّ‬
‫بكل الناس‪ .‬املسكينة ليا‪ ،‬لقد ماتت ابكراً ج ّداً‪،‬‬
‫أ ّن اليت كانت صاحلة هي زوجيت اليت كانت ترأف ّ‬
‫أظن أ ّن كثرياً من اخلريات املزدهرة‪ ،‬يف ذلك الوقت‪ ،‬كانت أتيت من‬ ‫ِّ‬
‫ابكراً ج ّداً ابلنسبة لَر ُجلها‪ ...‬و ّ‬
‫لست أطلب الشيء‬ ‫أود لو أُصبِّح أفضل‪ ،‬ملمارسة ما تقول‪ ،‬واإلقتداء بزوجيت‪ُ .‬‬ ‫السماء‪ ،‬بفضلها هي‪ّ .‬‬
‫دت أان‪ ...‬وأن أحصل على قويت‬ ‫ِّ‬
‫الكثري‪ ...‬أن أبقى يف هذا البيت‪ ،‬حيث ماتت هي‪ ،‬وحيث ُول ُ‬
‫لدي خدام‪.‬‬ ‫ابلرعي‪ ،‬وتساعدين قدر استطاعتها‪ .‬مل يعد ّ‬ ‫وقوت خادميت اليت تقوم مقام زوجيت‪ ،‬فتقوم َّ‬
‫لدي اثنان‪ ،‬وكاان يكفيانين‪ ،‬وذلك أبن أعمل أان أيضاً يف احلقول‪ ،‬ويف بستان الزيتون‪ ...‬ولكن‬ ‫كان ّ‬
‫لدي من القوت ّإال ما يكفيين‪ ،‬والقليل القليل أكثر‪»...‬‬
‫مل يعد ّ‬
‫نفسك ِّمن القوت ألجلنا‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«ال حترم‬

‫ك ّإايها‪ .‬إنّه لَ َشَرف يل أن تكون‬‫لدي سوى لقمة واحدة ألعطيتُ َ‬


‫«ال‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬فإذا مل يكن ّ‬
‫ك صاحل وتفهمين‪».‬‬ ‫التأمل بذلك‪ .‬ولكنّين أروي مصائيب ألنّ َ‬
‫يف بييت‪ ...‬مل أكن ألجرؤ أبداً على ّ‬
‫ك ُختَِّّرب اخلشب‪ .‬أعطين كذلك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫«نعم‪ ،‬أُدرك‪ .‬أعط ِّين هذه املطرقة‪ .‬فما هكذا ّ‬
‫يتم العمل‪ .‬إنَّ َ‬
‫ّنرر‬
‫حّت االمحرار‪ .‬وهكذا يُث َقب اخلشب بشكل أفضل‪ ،‬وسوف ّ‬ ‫هذا اإلزميل‪ ،‬إّّنا بعد إمحائه ابلنار ّ‬
‫أعمل ابخلشب‪»...‬‬ ‫كنت َ‬‫حديدايً دوّنا صعوبة‪ .‬دعين أقوم بذلك‪ ،‬فلقد ُ‬
‫ّ‬ ‫دساراً‬
‫أنت تعمل يل؟ ال!»‬
‫« َ‬
‫كل منا‬ ‫يعطي‬ ‫أبن‬ ‫وذلك‬ ‫كبشر‪،‬‬ ‫بعضنا‬ ‫ب‬ ‫أساعدك‪ .‬علينا أن ُِّ‬
‫حن‬ ‫َ‬ ‫ك أتويين وأان‬
‫«دعين أفعل‪ .‬إنّ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ما يستطيع‪».‬‬

‫أنت َمتنَح الكثري‪ ،‬الكثري!»‬


‫أنت َمتنَح السالم‪َ ،‬متنَح احلكمة وَمتنَح املعجزة‪َ .‬‬
‫« َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 588 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َطع!‪ »...‬ويسوع الذي مل يعد ُيتفظ سوى بثوبه‪ ،‬يعمل‬ ‫«وأُعطي كذلك العمل‪ .‬هيا بنا‪ .‬أ ِّ‬
‫ّ‬
‫حّت جيد أنّه أصبح‬ ‫بسرعة وخبربة يف إصالح املقبض اخل ِّرب‪ .‬يثقب‪ ،‬يصل‪ ،‬ي ِّ‬
‫وجيرب‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الدسار‬ ‫ل‬ ‫دخ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َيكنك استبداله‪».‬‬
‫َ‬ ‫حّت العام ال ُـمقبِّل‪ .‬وحينذاك‬
‫متيناً‪َ« .‬يكنه اآلن أن يعمل طويالً بعد‪ّ .‬‬
‫يديك‪ ،‬لذلك سوف يُ ِّ‬
‫بارك أرضي‪».‬‬ ‫«أظن ذلك‪ .‬فهذا احملراث قد استقر بني َ‬
‫«ليس ألجل هذا‪ ،‬سوف تكون األرض مباركة‪ ،‬اي يعقوب‪».‬‬

‫«ملاذا إذن‪ ،‬اي سيّدي؟»‬

‫ك تتقبّل تعاليمي‬ ‫ِّ‬ ‫ك ُمت ِّ‬


‫لست تَنغَلق على حقد األاننيّة واحلَ َسد‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫الرمحة‪ .‬و َ‬ ‫ارس أفعال َّ‬ ‫«ألنّ َ‬
‫وتضعها موضع التطبيق‪ .‬طوىب للرمحاء فإ ّهنم سينالون الرمحة‪».‬‬

‫لدي سوى اإلرادة‬


‫لدي مكان والغذاء الذي حتتاج‪ .‬ليس ّ‬
‫ريب؟ فبالكاد ّ‬ ‫معك‪ّ ،‬‬
‫«مباذا أمارسها َ‬
‫أصدقائك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أمامك وأمام‬
‫َ‬ ‫يشرفين‬
‫الصاحلة‪ ،‬ومل أأت ّمل قط لكوين فقرياً‪ ،‬وألنّين ال أملك ما ّ‬
‫لك‪ :‬أن متنح كأس ماء ابمسي هو أمر عظيم يف عيين هللا‪ .‬لقد‬ ‫احلق أقول َ‬ ‫«هذه الرغبة كافية‪ّ .‬‬
‫كل ما عندي"‪.‬‬ ‫لك‬
‫َ‬ ‫م‬‫د‬‫ّ‬ ‫"أق‬ ‫يل‪:‬‬ ‫فقلت‬ ‫الطعام‬ ‫موعد‬ ‫وحان‬ ‫ين‪.‬‬ ‫فآويت‬
‫َ‬ ‫العاصفة‪،‬‬ ‫حتت‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ب‬‫كنت مسافراً تَعِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ديك الثقة اي‬
‫ط الليل فَ َمنَحتَين سقفاً عامراً ابلصداقة‪ .‬ماذا تريد أن تفعل أكثر من ذلك؟ لتكن ل َ‬ ‫وهبَ َ‬
‫َ‬
‫يعقوب‪ ،‬إ ّن ابن اإلنسان ال يَنظُر إىل فخامة االستقبال والطعام‪ ،‬بل هو ينظر إىل مشاعر القلب‪ .‬ابن‬
‫كل الذين هم رمحاء مع إخوهتم ابمسي"‪ .‬وهذا ما‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إيل‪ ،‬و ّ‬
‫هللا يقول لآلب‪" :‬أيّها اآلب ابرك ال ُـمحسنني ّ‬
‫أجلك‪».‬‬ ‫أقوله من َ‬
‫بينما كان يسوع يعمل ابملسلفة‪َّ ،‬‬
‫حتدثَت اخلادمة إىل املعلّم‪ ،‬وعادت حتمل اخلبز وحليباً َحلَبَته‬
‫املتجعد‪ ،‬وصحن زيتون‪.‬‬
‫للتو‪ ،‬وبعض الت ّفاح ّ‬
‫ّ‬
‫لدي أكثر من هذا‪ ».‬يقول الرجل معتذراً‪.‬‬
‫«ليس ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 589 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مساوايً‪».‬‬
‫أنت! وأان أتغ ّذى به‪ ،‬ذلك أ ّن فيه طعماً ّ‬
‫طعامك طعاماً ال تراه َ‬
‫َ‬ ‫«آه! إنّين أرى وسط‬

‫إليك املالئكة؟ فقد تكون حتيا خببز‬


‫أنت‪ ،‬ابن هللا‪ ،‬بطعام حتمله َ‬ ‫ِّ‬
‫«أَمن احملتمل أن تتغ ّذى َ‬
‫روحاينّ‪».‬‬

‫يف أان فقط‪ .‬ولكنّين ال أتغ ّذى بطعام مالئكي‪.‬‬


‫«نعم‪ ،‬الروح تساوي أكثر من اجلسد كثرياً‪ ،‬وليس ّ‬
‫إليك‬
‫مائدتك‪ ،‬وأابرك اآلب الذي قادين َ‬‫َ‬ ‫وحب الناس‪ .‬وإنّين ألجده أيضاً على‬
‫حبب اآلب ّ‬ ‫ابحلري ّ‬
‫ّ‬ ‫بل‬
‫احلب‪ .‬هو ذا غذائي‪ ،‬إىل جانب تنفيذ إرادة أيب‪».‬‬
‫حبب ومنحتَين ّ‬ ‫ك استقبَلتَين ّ‬
‫كك ألنّ َ‬
‫حبب‪ ،‬وأابر َ‬
‫ّ‬
‫رب العائلة‪ ،‬وسوف‬
‫أنت اليوم‪ ،‬ابلنسبة يل‪ّ ،‬‬ ‫« ِّ‬
‫ابرك إذن‪ ،‬وقُم بتقدمة الطعام هلل بدالً عين‪َ .‬‬
‫تكون‪ ،‬على الدوام‪ ،‬معلّمي وصديقي‪».‬‬

‫أيخذ يسوع اخلبز ويقدمه‪ ،‬وهو َيسك به عالياً بني يديه‪ .‬يصلي‪ ،‬أظنّه مزموراً‪ ،‬مثّ َجيلُس ويَكسر‬
‫ويوزعه…‬
‫اخلبز ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وهكذا ينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 590 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -78‬العودة إىل معرب األردن قرب أرُيا)‬

‫‪1945 / 02 / 18‬‬

‫يوحنّا يقول للمعلّم‪« :‬إنّين مندهش ج ّداً لعدم وجود املعمدان هنا‪ّ ».‬إهنم مجيعاً على الض ّفة‬
‫الشرقيّة لنهر األردن‪ ،‬قرب املعرب الشهري‪ ،‬حيث كان يوحنّا املعمدان يـُ َع ِّّمد يف وقت ما‪.‬‬

‫«وهو ليس أيضاً على الض ّفة األخرى‪ ».‬يقول يعقوب‪.‬‬

‫«لقد أوقَفوه‪ ،‬أ ََمالً مببلغ جديد من املال‪ ».‬يـُ َعلِّّق بطرس‪ّ « .‬إهنم أنذال‪ ،‬رجال هريودس هؤالء!»‬

‫عرب إىل الض ّفة األخرى ونستَعلِّم‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬


‫« َسنَ ُ‬
‫عربون‪ .‬ويسألون أحد العابِّرين يف الض ّفة األخرى‪« :‬أمل يعد املعمدان يـُ َع ِّّمد هنا؟»‬
‫وابلفعل يَ ُ‬
‫«ال‪ .‬إنّه يف ختوم السامرة‪ .‬لقد أُرغِّ َم على ذلك! على الق ّديس أن يُقيم قريباً من السامريّني‬
‫فعل‬
‫دهشون إن ختلّى هللا عنّا؟ شيء واحد فقط يدهشين‪ :‬أن ال يَ َ‬ ‫ليهرب من مواطين إسرائيل‪ .‬وتُ َ‬
‫بفلسطني كلّها ما فَـ َعلَه بسادوم وعامورة!‪»...‬‬

‫«ال يفعل ذلك بسبب األبرار املوجودين فيها‪ ،‬بسبب أولئك الذين رغم عدم كوهنم أبراراً‪ ،‬فإ ّهنم‬
‫ومتمسكون بتعاليم الذين يكرزون ابلقداسة‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫متعطّشون للربارة‬

‫األول أعرفه‪ ،‬إذ قد َخ َدمتُه هنا‪ ،‬يف هنر األردن‪ ،‬أبن‬


‫«إذن‪ ،‬فهما اثنان‪ :‬املعمدان وماسيا‪ّ .‬‬
‫بت له املؤمنني مبركيب‪ ،‬دوّنا مقابل‪ ،‬ذلك أنّه كان يقول بوجوب االقتناع ابألجر العادل‪ .‬وكان يبدو‬‫َجلَ ُ‬
‫يل عدالً االقتناع ابلربح الذي أح ّققه من اخلدمات األخرى‪ ،‬وظلماً طلب األجر مقابل جلب نفس‬
‫لدي‪ ،‬وابلتايل‬
‫لتتطهر‪ .‬ولقد اعتربين بعض األصدقاء جمنوانً‪ .‬إّّنا‪ ،‬يف النهاية‪ ...‬أان مقتنع ابلقليل الذي ّ‬
‫ّ‬
‫أرى أنّين مل أمت بعد من اجلوع‪ ،‬وأرجو أن يبتسم يل إبراهيم عند مويت‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 591 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حق أيّها الرجل‪ ...‬من تكون؟»‬
‫ك على ّ‬
‫ويسأله يسوع‪« :‬إنّ َ‬
‫كل ما سوى اجملاذيف‪ .‬امسي‬
‫إين أمحل امساً عظيماً ج ّداً‪ ،‬وأضحك من ذلك ألنّين أجهل ّ‬
‫«آه! ّ‬
‫هو سليمان‪».‬‬

‫«إنّك متتلك احلكمة الكافية لِّتُـ َق ِّّدر أ ّن الذي يساهم يف التطهري‪ ،‬عليه ّأال يلطخه أبخذ الدراهم‪.‬‬
‫ملوتك كابن خملص مؤمن‪».‬‬‫لك‪ :‬ليس فقط إبراهيم‪ ،‬بل إله إبراهيم أيضاً سوف يبتسم َ‬ ‫أقول َ‬
‫أنت؟»‬
‫«آه! اي إهلي! أتقول يل ذلك ح ّقاً؟ من تكون َ‬
‫«إنّين ابر‪».‬‬

‫أنت‬
‫لك إ ّن يف إسرائيل اثنني‪ ،‬أحدُها املعمدان واآلخر هو ماسيا‪ .‬هل َ‬
‫قلت َ‬
‫«امسع‪ :‬لقد ُ‬
‫ماسيا؟»‬

‫«أان هو‪».‬‬

‫الفريسيّني‪ ،‬وقد كانوا يقولون‪ ...‬لندع ذلك‪ ...‬ال‬ ‫ا‬


‫ً‬ ‫يوم‬ ‫عت‬ ‫«آه! اي للرمحة األزلية! ولكن‪َِّ ...‬‬
‫مس‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لست كما كانوا يقولون‪ ،‬األلسنة املشطورة‪ ،‬أسوأ من ألسنة الثعابني!‪»...‬‬
‫فأنت َ‬‫أريد أن أجنّس فمي‪َ .‬‬
‫لك‪».‬‬
‫لست بعيداً عن النور‪ .‬الوداع اي سليمان‪ .‬السالم َ‬
‫لك‪َ :‬‬
‫«أان هو‪ ،‬وأقول َ‬
‫رب؟» الرجل مندهش هلذا التجلّي‪ .‬وقد َّاختَ َذ نربة خمتلفة متاماً‪ .‬فبينما كان يف‬ ‫«أين تذهب اي ّ‬
‫البدء ُهاماً يتكلّم‪ ،‬هو اآلن تلميذ يَعبُد‪.‬‬

‫املظال‪».‬‬
‫«أذهب إىل أورشليم‪ ،‬عرب أرُيا‪ ،‬إنّه عيد ّ‬

‫أنت أيضاً؟»‬
‫«إىل أورشليم؟ ولكن‪َ ...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 592 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫القوة التِّّباعها بشكل‬
‫«إنّين ابن الشريعة أيضاً‪ .‬وأان ال أنقض الشريعة‪ .‬إنّين أعطيكم النور و ّ‬
‫كامل‪».‬‬

‫لك البغض! أريد القول‪ ،‬هم الشخصيّات الكبرية فيها‪ّ ،‬فريسيّو أورشليم‪.‬‬
‫لكن أورشليم تَ ُك ّن َ‬
‫«و ّ‬
‫مسعت‪»...‬‬
‫لك إنّين ُ‬‫قلت َ‬
‫ُ‬
‫لك إنّه‬
‫احلق أقول َ‬
‫أؤدي واجيب‪ّ .‬‬
‫يؤدون واجبهم‪ ،‬ما يظنّونه واجبهم‪ .‬وأان ّ‬
‫«دعهم يفعلون‪ .‬إ ّهنم ّ‬
‫طاملا أ ّن الساعة مل حتن فلن يستطيعوا شيئاً‪».‬‬

‫«أيّة ساعة اي رب؟» يسأل التالميذ والعابر‪.‬‬

‫«ساعة االنتصار على الظُلُمات‪».‬‬

‫حّت هناية العامل؟»‬


‫«هل ستعيش ّ‬
‫كل رجاله‪ .‬ذلك‬‫«ال‪ .‬فهناك ظلمة أكثر فظاعة من النجوم املطفأة ومن كوكبنا امليت مع ّ‬
‫سيكون عندما يطفئ الرجال النور الذي أكون‪ .‬على العموم فاجلرَية قد دان وقوعها‪ .‬الوداع اي‬
‫سليمان‪».‬‬

‫أتبعك اي معلّم‪».‬‬
‫« َ‬
‫لك‪».‬‬
‫«ال‪ .‬تعال بعد ثالثة ّأايم إىل "بيل ندراش"‪ .‬السالم َ‬
‫ويسلك يسوع طريقه وسط تالميذه مشغويل البال‪.‬‬

‫كل‬
‫علي‪ ،‬وال على أنفسكم‪ .‬لقد مرران ابملدن العشر والبرييه‪ .‬ويف ّ‬ ‫«مباذا تف ّكرون؟ ال ختشوا ّ‬
‫حصادين يعملون يف احلقول‪ .‬يف بعض األمكنة‪ ،‬كانت األرض ما تزال ممتلئة ابحلشف‬ ‫مكان رأينا ّ‬
‫الضارة اليت َمحَلَتها رايح الصيف‪ ،‬وبَ َذ َرهتا‪ ،‬حاملة احلبوب‬
‫والعكرش‪ ،‬جمدبة‪ ،‬قاسية‪ ،‬ومزدمحة ابلنبااتت ّ‬
‫من الصحارى املقفرة‪ .‬وهذه كانت حقول الكساىل والشهوانيّني‪ .‬بينما‪ ،‬يف أمكنة أخرى‪ ،‬كانت األرض‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 593 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ضاراً‪،‬‬ ‫البدء‬ ‫يف‬ ‫كان‬ ‫الذي‬‫و‬ ‫العكرش‪،‬‬‫و‬ ‫يق‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫الع‬
‫و‬ ‫احلجارة‬ ‫من‬ ‫األيدي‬ ‫و‬ ‫ابلنار‬ ‫ت‬ ‫َّ‬
‫ق‬ ‫ـ‬‫ن‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬‫و‬ ‫بت‬‫ق‬‫قد ح ِّرثَت ونـُ ِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حتولت‪ ،‬بفعل التنقية ابلنار أو ابلتشذيب‪ ،‬إىل أشياء انفعة‪:‬‬ ‫وها هي ذي النبااتت اليت ال نفع منها قد ّ‬
‫إىل مساد أو أمالح ضروريّة لتجعل األرض خصبة‪ .‬كانت األرض قد بكت حتت أتثري أمل الس ّكة اليت‬
‫متر فوق جراحها‪ .‬ولكنّها سوف تصبح ضاحكة‬ ‫كانت تش ّقها وتنقبها‪ ،‬وحتت لسعات النار اليت كانت ّ‬
‫أكثر يف الربيع‪ ،‬وسوف تقول‪" :‬لقد ع ّذبين اإلنسان كي َينحين هذه الغالل الوفرية‪ ،‬وهي ابلنسبة يل‬
‫زينة ومجال"‪ .‬وهذه احلقول كان َيلكها أولئك الذين يعرفون ماذا يريدون‪ .‬ويف أمكنة أخرى أيضاً‪،‬‬
‫حّت بَ َدت كسرير زوجيّة‬ ‫ِّ‬
‫حّت من الرماد‪ّ ،‬‬
‫صت ّ‬ ‫كانت األرض يف حالتها املثاليّة املكتملة‪ ،‬وقد ُخلّ َ‬
‫ليتم تزاوج األرض والبذور‪ ،‬وهذا التزاوج اخلصيب الذي يعطي حصاد سنابل عظيماً ج ّداً‪.‬‬ ‫حقيقي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وهذه كانت حقول ال ُكَرماء الذين ال يشعرهم ابلرضى سوى كمال العمل‪.‬‬

‫كذلك هو األمر ابلنسبة للقلوب‪ .‬فأان سكة احملراث‪ ،‬وكلميت هي النار‪ ،‬للتهيئة للنصر األزيل‪.‬‬

‫هم هلم سوى‬ ‫عين بعد‪ ،‬بل ال يرغبون يب‪ ،‬وال ّ‬ ‫وهناك الكساىل والشهوانيّون الذين مل يبحثوا ّ‬
‫كل ما يبدو هلم زينة وخضرة وزهوراً‪ ،‬هو ليس سوى علّيق‬ ‫البحث عن التمتّع برذائلهم وميوهلم السيّئة‪ .‬و ّ‬
‫حّت املوت‪ ،‬وتكبّلهم‪ ،‬وجتعل منهم طعماً لنار جهنّم‪ .‬فاآلن املدن العشر والبرييه‬ ‫متزق أرواحهم ّ‬ ‫وأشواك ّ‬
‫مين اجَتاح املعجزات‪ ،‬ذلك أ ّن أحداً ال يريد تشذيب الكلمة‬ ‫ُها هكذا‪ ...‬وليسا وحدُها‪ .‬ال يُطلَب ّ‬
‫لكن ساعتهم آتية‪ .‬ويف أمكنة أخرى‪ ،‬هناك من يتقبّل هذا التشذيب وهذه احلرارة‪،‬‬ ‫وال حرارة النار‪ ،‬و ّ‬
‫يطهرين وجيعلين خصباً ابألعمال الصاحلة"‪ّ .‬إهنم أولئك الذين ال‬ ‫ويف ّكرون‪" :‬إ ّن ذلك ملؤمل‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫َيتلكون بطولة الفعل‪ ،‬ولكنّهم يسمحون يل أبن أقوم أان ابلفعل‪ّ .‬إهنا اخلطوة األوىل على طريقي‪.‬‬
‫عملون عملي‪ ،‬ال يسريون‪ ،‬بل‬ ‫وهناك‪ ،‬أخرياً‪ ،‬من يساعدين بعمله الفاعل الذي ال يعرف الكلل‪ .‬إ ّهنم يَ َ‬
‫هم يطريون على طريق هللا‪ .‬هؤالء هم التالميذ األوفياء‪ :‬أنتم واآلخرون املنتشرون يف إسرائيل‪».‬‬

‫لكن عددان قليل‪ ...‬مقابل عددهم الكبري ج ّداً‪ .‬وحنن ضعفاء متواضعون‪ ...‬مقابل َمن ُهم‬
‫«و ّ‬
‫إيذاءك؟»‬
‫َ‬ ‫وحنميك إذا ما أرادوا‬
‫َ‬ ‫عنك‬
‫ذوو سلطان‪ .‬فكيف ندافع َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 594 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أصدقائي‪ ،‬تذ ّكروا حلم يعقوب‪ :‬لقد رأى مجعاً من املالئكة غفرياً يصعدون وينـزلون على سلم‬
‫منصوبة بني احلَرب والسماء‪ .‬مجعاً غفرياًكانوا‪ ،‬مع ّأهنم ليسوا سوى جزء يسري من اجليوش املالئكيّة‪...‬‬
‫فحّت ولو كانت جيوش السماء مجيعها‪ ،‬اليت ترتّل هللواي هلل يف السماء تنـزل حويل لتدافع‬ ‫حسناً‪ّ ،‬‬
‫عين‪ ،‬عندما حتني الساعة‪ ،‬فلن تستطيع شيئاً‪ .‬ينبغي للعدل أن يتح ّقق‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫أبغضوك‪ ،‬فَـ ُهم ظاملون‪».‬‬
‫َ‬ ‫إليك‪ ،‬إذا ما‬
‫ك ق ّديس‪ ،‬وإذا ما أساؤوا َ‬
‫«بل الظلم‪ ،‬هو ما تريد قوله! إنّ َ‬
‫«ألجل هذا أقول‪ ،‬ابلنسبة للبعض‪ ،‬اجلرَية قد متّت‪ .‬ذلك أ ّن من يضمر فكرة قتل إنسان‪ ،‬قد‬
‫أَصبَ َح قاتالً‪ .‬وإذا كانت الفكرة سرقة‪ ،‬فهو سارق؛ وإذا كانت الزىن‪ ،‬فهو زان‪ ،‬وإذا كانت اخليانة‪،‬‬
‫فهو خائن‪ .‬اآلب يعلم وأان أعلَم‪ .‬ولكنّه يَتكين أمضي يف طريقي‪ ،‬وأان أمشي هذه الطريق ألنّين من‬
‫ب اخلبز واخلمر‬
‫يوه َ‬
‫مرة أوىل واثنية قبل أن َ‬
‫وسيتم البذار ّ‬
‫لكن احلصاد سوف ينضج‪ّ ،‬‬ ‫أتيت‪ .‬و ّ‬
‫أجل هذا ُ‬
‫غذاء للعامل‪».‬‬

‫«سنقيم وليمة فرح وسالم إذن!»‬

‫«سالم؟ نعم‪ .‬فرح؟ أيضاً‪ .‬ولكن‪ ...‬اي بطرس! اي أصدقائي! كم من الدموع ستسيل بني الكأس‬
‫األوىل والكأس الثانية! وسيكون فقط أ ّن بعد شرب آخر نقطة من الكأس الثالثة‪ ،‬سيحل الفرح بني‬
‫األبرار‪ ،‬وسيكون سالم مؤّكد للناس ذوي اإلرادة املستقيمة‪».‬‬

‫أنت فيها‪ ،‬أليس كذلك؟»‬


‫«وستكون َ‬
‫رب أسرة املسيح الكبرية؟»‬
‫ألست ّ‬
‫رب األسرة عن االحتفال؟ وأان ُ‬
‫«أان؟‪ ...‬ولكن مّت غاب ّ‬
‫مسعان الغيور‪ ،‬الذي مل يتكلّم أبداً‪ ،‬قال وكمن يكلّم نفسه‪َ "« :‬من هذا القادم بثياب مصبوغة‬
‫هبي بثوبه‪ ،‬ويسري بعظمة ّقوته"‪" .‬أان من يتكلّم ابلعدل‪ ،‬وأمحي بشكل أن أخلّص"‪" .‬ملاذا‬
‫ابألمحر؟ إنّه ّ‬
‫أهرس وحيداً يف املعصرة‪.‬‬
‫"كنت ُ‬
‫ُ‬ ‫هراسي املعصرة؟"‬
‫لباسك مثل ألبسة ّ‬‫ثيابك مصبوغة ابألمحر‪ ،‬و َ‬
‫إذن َ‬
‫سنة افتدائي قد حانت"‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 595 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كت اي مسعان؟» يقول يسوع‪.‬‬
‫«أأدر َ‬
‫ريب‪».‬‬
‫كت‪ّ ،‬‬
‫«لقد أدر ُ‬
‫يتبادالن النظر‪ ،‬وينظر إليهما اآلخرون مندهشني‪ ،‬وهم يتساءلون فيما بينهم‪« :‬ولكن هل‬
‫امللكي الذي سريتديه عندما حتني‬
‫ّ‬ ‫يتح ّدث عن الثياب احلمراء اليت يرتديها يسوع اآلن‪ ،‬أم عن الربفري‬
‫الساعة؟»‬

‫أتمله‪ ،‬ويبدو وكأنّه مل يسمع شيئاً‪ّ .‬أما بطرس فيأخذ مسعان جانباً ويسأله‪:‬‬
‫يستغرق يسوع يف ّ‬
‫كلماتك ِّجلَهلي‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت احلكيم واملتواضع‪ ،‬فَ ِّّسر‬
‫« َ‬
‫«نعم اي أخي! إ ّن امسه الفادي‪ .‬وكؤوس السالم والفرح بني اإلنسان وهللا‪ ،‬األرض والسماء‪ ،‬هو‬
‫من سيملؤها خبمره‪ ،‬هبرسه ذاته يف األمل‪ ،‬حبّاً بنا مجيعاً‪ .‬سوف يكون إذاً حاضراً‪ ،‬رغم أ ّن الظَّاهر هو‬
‫أ ّن سلطان الظلمات سيكون قد َخنَ َق النور الذي هو‪ ،‬هو نفسه‪ .‬آه! علينا أن حنبّه كثرياً‪ ،‬هذا املسيح‬
‫مسيحنا‪ ،‬ذلك أ ّن الكثريين سوف يرفضون أن َينحوه حبّهم‪ .‬فلنعمل على ّأال يتم ّكن أحد‪ ،‬عند ساعة‬
‫التوجه إلينا و ّاهتامنا‪ ،‬حسب شكوى داود‪" :‬سرب من الكالب (وحنن منهم) ُييط‬ ‫التخلّي عنه‪ ،‬من ّ‬
‫يب"‪».‬‬

‫توجب علينا أن ّنوت معه‪».‬‬


‫حّت ولو ّ‬
‫«ماذا تقول؟‪ ...‬ولكنّنا‪ ...‬سوف ندافع عنه حنن‪ّ ،‬‬
‫«سوف ندافع عنه‪ ...‬ولكنّنا بَ َشر‪ ،‬اي بطرس‪ .‬سوف تذوب شجاعتنا قبل أن يكسروا له‬
‫حمولة ّإايه‬
‫يتجمد يف السماء‪ ،‬فتذيبه الصاعقة‪ّ ،‬‬ ‫تصرفنا مثل املاء الذي ّ‬ ‫عظامه‪ ...‬نعم‪ ،‬سوف يكون ّ‬
‫فتجمده على األرض‪ .‬هذا حنن! هذا حنن! شجاعتنا احلاليّة اليت جتعل منّا‬ ‫إىل مطر‪ ،‬وتعود الريح ّ‬
‫تالميذ له‪ ،‬وبفعل حمبّته وقربه‪ ،‬تتكثّف لتصبح إقداماً رجوليّاً‪ ،‬وهذه سوف تذوب حتت ضربة صاعقة‬
‫ط من قدران‪ ،‬ها هو ذا‬ ‫الشيطان واألابلسة‪ ...‬وماذا سوف يبقى منا؟ مثّ بعد التجربة احلتميّة‪ ،‬واليت حت ّ‬
‫لكن ذلك سوف‬ ‫يقوايننا من جديد‪ ،‬ونصبح مثل بلّورات ال ختشى أن ُيطّمها أحد‪ .‬و ّ‬ ‫احلب ّ‬
‫اإلَيان و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 596 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أظن أ ّن حينذاك‪ ،‬بفعل‬
‫نعرفه ونصبح أهالً له‪ ،‬إذا ما أحببناه كثرياً طاملا حنن ّنتلكه‪ .‬آنئذ‪...‬نعم‪ّ ،‬‬
‫كلمته‪ ،‬لن نكون أعداء وخونة‪».‬‬

‫أخجل من طرحي عليه أسئلة كثرية‪ .‬وهذا يؤملين‪،‬‬ ‫أنت حكيم اي مسعان‪ّ .‬أما أان‪ ...‬فإنّين أ ُّمي‪ ،‬و َ‬
‫« َ‬
‫عندما أرى مسبّبات كثرية تستوجب الدموع‪ ...‬انظر إىل وجهه‪ :‬يبدو أنّه غارق يف دموع خفيّة‪ .‬انظر‬
‫إىل عينيه‪ّ .‬إهنما ال تنظران إىل مساء وال إىل أرض‪ّ .‬إهنما مفتوحتان على عامل جنهله‪ .‬كم يبدو ُم َنهكاً‬
‫وخائر القوى يف مسريته! يبدو مسنّاً يف فكره‪ .‬آه! ال َيكنين رؤيته هكذا! اي معلّم! اي معلّم! ابتسم‪.‬‬
‫ملاحنك صدري وسادة‬‫َ‬ ‫ك عزيز على قليب مثل ابن يل‪ ،‬وإنّين‬ ‫رؤيتك حزيناً إىل هذا احل ّد‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬ ‫ال َيكنين‬
‫ك اي يسوع‪».‬‬ ‫لك‪" :‬ابن"! فهذا ألنّين أحبّ َ‬
‫لت َ‬
‫لتنام وحتلم بعوامل أخرى‪ ...‬آه! ساحمين إذا ما قُ ُ‬
‫«أان هو االبن‪ ...‬هذا االسم هو امسي‪ .‬ولكنّين مل أعد حزيناً‪ .‬أترى ذلك؟ إنّين أبتسم ألنّكم يل‬
‫أصدقاء‪ .‬ها هي ذي أرُيا‪ ،‬محراء يف الغسق‪ .‬فليذهب اثنان منكم للبحث عن مأوى‪ .‬أّما أان واآلخرون‬
‫فسنذهب لننتظرُها أمام الكنيس‪ .‬هيّا‪».‬‬

‫كل شيء بينما يوحنّا ويوضاس ت ّداوس يذهبان للبحث عن بيت ُمضيف‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 597 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -79‬يسوع يف بيت لعازر‪ .‬مرات تتح ّدث عن اجملدليّة)‬

‫‪1945 / 02 / 19‬‬

‫نشغِّل بـ‪...‬‬
‫العشار ُم َ‬
‫ساحة السوق يف أرُيا‪ ،‬أبشجارها ونداءات الباعة‪ .‬يف إحدى الزوااي‪ ،‬زّكا ّ‬
‫ابتزازاته املشروعة وغري املشروعة‪ .‬قد يكون يعمل قليالً ببيع وشراء األشياء الثمينة‪ .‬أراه ابلفعل يَِّزن‬
‫لست أدري ما إذا كانت تعطى له كبديل عن دفعات من‬ ‫ويُعايِّن قالدات وأشياء من معدن مثني‪ُ .‬‬
‫ضرائب مل يتم ّكن أصحاهبا من دفعها‪ ،‬أو إذا كانت قد بيعت له من أجل احتياجات أخرى‪.‬‬

‫البين والزجنار‪ .‬وجهها مغطّى‬


‫الرمادي و ّ‬
‫ّ‬ ‫اآلن دور امرأة ممشوقة‪ ،‬ترتدي معطفاً يَتاوح لونه بني‬
‫ابلتفرس فيها‪ .‬ال شيء يلفت االنتباه سوى‬‫سمح ّ‬ ‫يري انعم ج ّداً َييل إىل االصفرار‪ ،‬فال يَ َ‬
‫بوشاح حر ّ‬
‫ختمن‪ ،‬رغم تل ّفحها هبذا الكتّان املصبوغ املبتذل‪ّ ،‬أهنا شابة‪ ،‬على‬
‫امتشاق جسدها‪ ،‬الذي جيعلك ّ‬
‫األقل حسب ما يوحيه القليل الظاهر منها‪ :‬يد َخترج للحظة من املعطف لتُ ِّ‬
‫ظهر سواراً ذهبياً‪ ،‬وقدمان‬ ‫ُ‬
‫حتتذاين صندالً ليس بسيطاً ج ّداً‪ ،‬ولكنّه ذو وجه وتشابك أحزمة تكشف عن أصابع ملساء وفتيّة‪،‬‬
‫وجزء من الكاحل الناعم واألبيض الناصع‪.‬‬

‫مت ّد السوار دون أن تقول له كلمة‪ ،‬أتخذ الدراهم دون مساومة‪ ،‬وتدور لتنصرف‪ .‬أالحظ اآلن‬
‫هتم ابالنصراف‪ ،‬يقول هلا كلمة مل أفهمها‬
‫يوطي خلفها‪ ،‬وهو يراقبها ابنتباه‪ ،‬وعندما ّ‬
‫وجود االسخر ّ‬
‫جيّداً‪ .‬ولكنّها‪ ،‬كما لو كانت بكماء‪ ،‬ال جتيب‪ ،‬وتبتعد بسرعة‪.‬‬

‫يهوذا يستجوب زّكا‪« :‬من تكون هذه؟»‬

‫خاصة إذا كانوا من اجلنس اللطيف كهذه‪».‬‬


‫«أان ال أسال زابئين عن أمسائهم‪ّ ،‬‬
‫«شابّة هي‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 598 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هكذا يقال‪».‬‬

‫«ولكن هل هي يهوديّة؟»‬

‫كل البلدان‪».‬‬
‫«من يدري؟ فالذهب أصفر يف ّ‬
‫« ِّ‬
‫أرين هذا السوار‪».‬‬

‫«هل تريد شراءه؟»‬

‫«ال‪».‬‬

‫تظن؟ أن تُ ِّ‬
‫ساوم نيابة عنها؟»‬ ‫«إذن ال داعي‪ .‬ماذا ّ‬
‫كت َمن تكون‪»...‬‬
‫أدر ُ‬
‫كنت قد َ‬
‫أود معرفة ما إذا ُ‬
‫« ّ‬
‫ليسي تقوده‬ ‫يقلقك إىل هذا احلد؟ هل أنت مستَ ِّ‬
‫ك كلب بو ّ‬ ‫حضر أرواح لتحزر؟ أم إنّ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫«أهذا‬
‫وإما أن‬
‫فإما أن تكون شريفة وابئسة‪ّ ،‬‬
‫حمزمة هبذا الشكل‪ّ ،‬‬
‫اطمئن‪ ،‬فطاملا هي ّ‬
‫الشم؟ انصرف و ّ‬ ‫حاسة ّ‬ ‫ّ‬
‫تكون من الربص‪ .‬وابلنتيجة‪ ...‬فال فائدة ترجى‪».‬‬

‫لدي شهوة المرأة‪ ».‬جييب يهوذا بته ّكم‪.‬‬


‫«ليست ّ‬
‫«ممكن‪ ...‬إّّنا مع وجه كهذا‪ ،‬ال أعتقد كثرياً بذلك‪ .‬حسناً‪ .‬إذا مل تكن تريد شيئاً آخر فابرح‬
‫لدي زابئن آخرون‪».‬‬
‫املكان‪ّ .‬‬
‫َيضي يهوذا غاضباً‪ ،‬ويسأل ابئع خبز وابئع فواكه ما إذا كاان يعرفان املرأة اليت كانت قد اشَتت‬
‫منهما خبزاً وت ّفاحاً‪ ،‬وإذا كاان يعلمان أين تقطن‪ّ .‬إهنما ال يعلمان‪ ،‬وجييبانه‪« :‬منذ بعض الوقت وهي‬
‫كل يومني أو ثالثة‪ .‬إّّنا من أين هي‪ ،‬فلسنا نعرف‪».‬‬
‫أتيت ّ‬
‫ويلح يهوذا‪« .‬ولكن كيف تتكلّم؟»‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 599 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يضحك االثنان وجييب أحدُها‪« :‬بلساهنا‪».‬‬

‫فيشتمهما يهوذا وَيضي‪ ...‬ليجد نفسه ابلضبط وسط مجاعة يسوع وأتباعه الذين قَ ِّدموا ليبتاعوا‬
‫أأنت‬
‫متبادلَة‪ ...‬وليست حبماس كثري‪ .‬فقط يقول له يسوع‪َ « :‬‬ ‫خبزاً وطعاماً لوجبتهم اليوميّة‪ .‬املفاجأة َ‬
‫مهم يهوذا‪ ،‬ينفجر بطرس ضاحكاً بصخب ويقول‪« :‬ها أنذا أعمى وعدمي اإلَيان‪.‬‬ ‫هنا؟» وبينما يـُ َه ِّ‬
‫فلست أرى كروماً وال أؤمن ابملعجزات‪».‬‬ ‫ُ‬
‫«ولكن ماذا تقول؟» يسأل تلميذان أو ثالثة‪.‬‬

‫«أقول احلقيقة‪ .‬فهنا ال وجود للكروم‪ .‬وال َيكنين االعتقاد أب ّن يهوذا هنا ليقوم بقطاف العنب‬
‫جملرد أنّه تلميذ الرايب‪».‬‬
‫يف هذا الغبار‪ّ ،‬‬
‫«لقد انتهى القطاف منذ بعض الوقت‪ ».‬جييب يهوذا جبفاء‪.‬‬

‫«وإسخريوط تبعد عن هنا أمياالً عديدة‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬


‫ك تُ ِّ‬
‫ضمر يل العداء‪».‬‬ ‫أنت هتامجين مباشرة‪ .‬إنّ َ‬
‫« َ‬
‫تتمىن‪».‬‬
‫أقل محاقة مما ّ‬
‫«ال‪ .‬فأان ّ‬
‫كنت‬
‫«كفى‪ ».‬يقاطعهم يسوع‪ ،‬إّّنا بصرامة‪ .‬ويلتفت إىل يهوذا‪« :‬مل أكن أفكر أن أر َاك هنا‪ُ .‬‬
‫املظال‪».‬‬
‫ك ابألحرى يف أورشليم من أجل عيد ّ‬ ‫أظنّ َ‬
‫كنت أنتظر هنا صديقاً من العائلة‪ ،‬وهو‪»...‬‬
‫«سأذهب غداً‪ُ .‬‬
‫أرجوك يكفي‪».‬‬
‫« َ‬

‫لك أنّين‪»...‬‬
‫«أال تص ّدقين اي معلّم؟ أقسم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 600 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت هنا‪ ،‬هذا يكفي‪ .‬هل ستأيت معنا أم ما زالت‬
‫أرجوك ّأال تقول يل شيئاً‪َ .‬‬
‫أسألك‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫«مل‬
‫لديك أعمال تنجزها؟ أ َِّجب بكل بساطة‪».‬‬
‫َ‬
‫أنت إىل‬ ‫«ال‪ ...‬لقد انتهت‪ ،‬وأنتَ ِّظر فقط قدوم َّ‬
‫الر ُجل ألمضي إىل أورشليم من أجل العيد‪ .‬و َ‬
‫أين تذهب؟»‬

‫«إىل أورشليم‪».‬‬

‫«اليوم ابلذات؟»‬

‫«هذا املساء سأكون يف بيت عنيا‪».‬‬

‫«عند لعازر؟»‬

‫«عند لعازر‪».‬‬

‫َذهب إليه أان أيضاً‪».‬‬


‫«إذن‪ ،‬أ َ‬
‫«نعم‪ ،‬أتيت إىل بيت عنيا‪ .‬وبعد ذلك سيذهب أندراوس مع يعقوب بن زبدى وتوما إىل‬
‫أنت سوف تذهب معهم‪ ».‬يوضح يسوع ألفاظه‪ ،‬وذاك‬ ‫ِّ‬
‫اجلسمانيّة يُع ّدون الع ّدة‪ ،‬وينتظروننا مجيعاً‪ .‬و َ‬
‫ردة فعل‪.‬‬‫ال يبدي أيّة ّ‬
‫«وحنن؟» يسأل بطرس‪.‬‬

‫ومّت ستذهبون إىل حيث أرسلكم‪ ،‬لتعودوا يف املساء‪ّ .‬أما يوحنّا وبرتلماوس‬ ‫عمي ّ‬‫أنت وأبناء ّ‬
‫« َ‬
‫ومسعان وفليبّس فيبقون معي‪ .‬يعين ّأهنم سيذهبون إىل بيت عنيا ليُعلِّنوا أ ّن الرايب قد أتى وسيتح ّدث‬
‫إليهم يف الساعة التاسعة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 601 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجملردة‪ .‬فهناك عاصفة‪ ،‬ليس يف السماء الصافية‪ ،‬بل يف القلوب‪.‬‬
‫ََيضون مسرعني عرب احلقول ّ‬
‫يتنبّه اجلميع لذلك ويتق ّدمون بصمت‪.‬‬

‫يف الطريق اليت يسلكوهنا من أرُيا إىل بيت عنيا‪ ،‬يقع بيت لعازر بني أوائل بيوت البلدة‪ ،‬حيث‬
‫أرسلَها إىل بيت حلم‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫يَصلون‪ .‬يَصرف يسوع اجملموعة الذاهبة إىل أورشليم‪ ،‬مثّ األخرى اليت َ‬
‫«اذهبوا دوّنا قلق‪ .‬ويف منتصف الطريق‪ ،‬سوف تلتقون إبسحق وإيلي واآلخرين‪ .‬قولوا هلم إنّين سأقيم‬
‫يف أورشليم بضعة أايم‪ ،‬وأنتظرهم ألابركهم‪».‬‬

‫هرع مسرعاً‪ّ .‬أما يهوذا‬ ‫يف هذه األثناء يقرع مسعان الباب الذي يفتَح‪ِّ ُ ،‬‬
‫وَيرب اخلّدام لعازر الذي يَ َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ك‬‫يوطي الذي كان قد ابتعد بضعة أمتار يعود إىل اخللف وهو يعتذر ليسوع بقوله‪« :‬لقد َك َّدرتُ َ‬ ‫االسخر ّ‬
‫كت ذلك‪ .‬ساحمين‪ ».‬وبينما هو يقول ذلك َيتلس نظرة عرب الباب املفتوح من جهة‬ ‫أدر ُ‬
‫اي معلّم‪َ .‬‬
‫حديقة املنـزل‪.‬‬

‫رفاقك ينتظرون‪».‬‬ ‫امض‪ِّ .‬‬


‫امض وال تدع َ‬ ‫«نعم‪ ،‬جيّد‪ِّ ،‬‬

‫يتمىن لو أن تغيرياً حصل يف الَتتيبات‪».‬‬


‫مل يـَعُد أمام يهوذا ّإال االنصراف‪ .‬يتمتم بطرس‪« :‬كان ّ‬
‫أنت فكن لطيفاً مع هذا الرجل‪».‬‬
‫«هذا ال‪ ،‬اي بطرس‪ .‬فأان أعرف ماذا أفعل‪ .‬إّّنا َ‬
‫مّت‪ ،‬وأنتما االثنان‪ ...‬هيّا‬
‫هلم اي ّ‬
‫«سوف أحاول‪ ،‬ولكنّين ال أقطع وعداً‪ ...‬الوداع اي معلّم‪ّ .‬‬
‫بنا بسرعة‪».‬‬

‫«سالمي معكم على الدوام‪».‬‬

‫دخل يسوع مع األربعة اآلخرين‪ ،‬وبعد تقبيل لعازر يـُ َعّرفه على يوحنّا وفليبّس وبرتلماوس‪ ،‬مثّ‬‫يَ ُ‬
‫يصرفهم ليبقى وحيداً مع لعازر‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 602 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابجتاه البيت‪ ،‬حيث حتت الرواق الرائع توجد‪ ،‬هذه املرة‪ ،‬امرأة‪ّ ،‬إهنا مرات‪ .‬هي ليست‬ ‫ذهبون ّ‬‫يَ َ‬
‫بضخامة أختها‪ ،‬ولكنّها مع ذلك ضخمة‪ .‬إ ّهنا مسراء‪ ،‬بينما األخرى شقراء وورديّة؛ رغم ذلك فهي‬
‫شابّة ومجيلة‪ ،‬مظهرها متناسق متناغم‪ .‬شعرها أسود‪ ،‬يعلو جبهة مسراء ملساء‪ .‬وعيناها تتن ّفسان النعومة‪،‬‬
‫قرمزي يتمايز على‬
‫سوداوان‪ ،‬واسعتان‪ ،‬خممليّتان وحماطتان أبهداب داكنة‪ .‬أنفها معقوف قليالً والفم ّ‬
‫ظهر أسناانً انصعة البياض‪.‬‬
‫لون اخل ّدين األمسر‪ .‬تبتسم فتَ َ‬
‫الصويف أزرق داكن مع شريط أمحر وأخضر داكن عند العنق وأطراف األكمام العريضة‬ ‫ّ‬ ‫ثوهبا‬
‫خرج أكمام أخرى من الكتّان الناعم األبيض‪ ،‬مشدودة عند الرسغ بفتيل‬ ‫املنتهية عند الكوعني‪ ،‬لتَ ُ‬
‫ظهر هذا القميص الصغري الناعم ج ّداً‬ ‫يكشكشها‪ .‬ويف أعلى الصدر كذلك‪ ،‬عند قاعدة العنق‪ ،‬يَ َ‬
‫واألبيض‪ ،‬املشدود بفتيل‪ .‬حزامها وشاح أزرق وأمحر وأخضر‪ِّ ،‬من قماش انعم ج ّداً يش ّد أعلى الردفني‪،‬‬
‫فاخر وحمتَ ِّشم‪.‬‬
‫ويتدىل بعقدة مه ّدبة‪ ،‬من الناحية اليسرى‪ .‬إنّه ثوب ِّ‬
‫ّ‬

‫لدي أخت اي معلّم‪ .‬ها هي ذي‪ّ ،‬إهنا مرات‪ .‬هي صاحلة وتقيّة‪ .‬وهي عزاء وشرف العائلة وفرح‬
‫« ّ‬
‫األول‬
‫األول والوحيد‪ّ .‬أما اآلن فهي فرحي الثاين‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫لعازر املسكني‪ .‬يف السابق‪ ،‬كانت هي فرحي ّ‬
‫أنت‪».‬‬
‫أصبَ َح َ‬
‫حّت األرض وتُـ َقبِّّل طرف ثوب يسوع‪.‬‬
‫تنحين مرات ّ‬
‫«السالم لألخت الرائعة واملرأة العفيفة‪ .‬اهنضي‪».‬‬

‫دخل البيت مع يسوع ولعازر‪ .‬مثّ تستأذن كي تتغيّب بغية قضاء حاجات املنـزل‪.‬‬
‫تَ َنهض مرات وتَ ُ‬
‫لكن يسوع ال يبدي مالحظته‬ ‫ِّ‬
‫خاصة‪ ،‬و ّ‬
‫«هذا سالمي‪ ».‬يـُتَمتم لعازر وينظر إىل يسوع نظرة ّ‬
‫هلا‪.‬‬

‫يسأل لعازر‪« :‬ويوان؟»‬

‫«لقد مات‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 603 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«مات؟ إذن‪»...‬‬

‫حراً وسعيداً يف بييت يف الناصرة‪ ،‬بيننا أان و ّأمي‪».‬‬


‫أدركتُهُ يف آخر حياته‪ .‬ولكنّه مات ّ‬
‫«لقد َ‬
‫يعطيك ّإايه‪».‬‬
‫َ‬ ‫«لقد أهنكه دوراس متاماً قبل أن‬

‫«لقد مات من التعب‪ ،‬نعم‪ ،‬وكذلك من الضَّرب الذي تل ّقاه‪»...‬‬

‫يبغضك؟»‬
‫َ‬ ‫لك إنّه‬
‫َيقتك‪ .‬ذاك الضبع يكره العامل أمجع‪ ...‬أمل يقل َ‬
‫«إنّه شيطان و َ‬
‫«قال يل ذلك‪».‬‬

‫رب‪ ...‬ماذا قال دوراس؟ أمل ين ّفرك‬


‫أي شيء‪ ،‬اي ّ‬
‫يتورع عن فعل ّ‬ ‫«ال تثق به اي يسوع‪ .‬فهو ال ّ‬
‫لك لعازر املسكني وكأنّه َجملَبَة للعار؟»‬ ‫مين؟ أمل يُ ِّ‬
‫ظهر َ‬ ‫ّ‬
‫أحب‬
‫أحب‪ ،‬فإنّين ّ‬
‫ك تعرفين كفاية لتُدرك أبنّين ال آخذ ّإال حبكمي أان‪ ،‬وبعدل‪ .‬وعندما ّ‬
‫«أظنّ َ‬
‫يضر يب يف عيون الناس‪».‬‬
‫احلب سيخدمين أو ّ‬
‫دون األخذ بعني االعتبار ما إذا كان هذا ّ‬
‫أقض مضجعي أيضاً‬ ‫لكن هذا الرجل وحش كاسر‪ ،‬عندما جيرح وُياول اإليذاء‪ ...‬فلقد َّ‬‫«و ّ‬
‫لت متكدراً حّت اآلن! ملاذا يريد‬
‫إيل هنا‪ ،‬وقال يل‪ ...‬آه! ما ز ُ‬
‫األايم املاضية هذه‪ .‬لقد جاء ّ‬
‫خالل ّ‬
‫أنت أيضاً؟»‬
‫مين َ‬ ‫أخذك ّ‬
‫َ‬

‫إليك‪».‬‬
‫أتيت َ‬
‫«إنّين عزاء املتألّمني ورفيق املنبوذين‪ .‬لذلك أيضاً ُ‬
‫أنت تعلم؟‪ ...‬آه! وا خجلتاه!»‬
‫«آه! إذن َ‬
‫لدي ملعون‪ ،‬حمروم‪ ،‬يتأ ّمل؟ ال أبس‪ ،‬فأان الرمحة والسالم‬
‫أأنت ّ‬
‫َعرف‪ .‬وماذا؟ َ‬ ‫«ال‪ .‬ملاذا َخ َجلَك؟ أ ِّ‬
‫لست مسؤوالً عن اخلطيئة اليت‬‫أنت َ‬ ‫احلب للجميع‪ ،‬فما ابلك أكون ابلنسبة لألبرايء؟ َ‬ ‫واملساحمة و ّ‬
‫لك التَّبعة بينما أان أشفق عليها؟‪»...‬‬ ‫ملك‪ .‬وهل علي أن أ َِّ‬
‫ُمحّ َ‬ ‫تؤ َ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 604 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هل رأيتَها؟»‬
‫«لقد رأيتُها‪ .‬ال تَ ِّ‬
‫بك‪».‬‬

‫ّإال أ ّن لعازر يَسند رأسه على ذراعيه املتصالبتني على الطاولة‪ .‬إنّه يبكي وينتَ ِّحب أبمل‪ .‬تتق ّدم‬
‫أبال تقول شيئاً‪ .‬ومتضي مرات ودموعها تسيل بصمت‪ .‬يهدأ لعازر رويداً‬ ‫مرات وتَنظُر‪ .‬يشري إليها يسوع ّ‬
‫يعزيه يسوع‪ ،‬ومبا أن صديقه يرغب ابلبقاء وحيداً للحظة‪ََ ،‬ي ُرج يسوع إىل‬ ‫رويداً‪ ،‬ويتواضع لضعفه‪ّ .‬‬
‫َير عرب أحواض الزهر‪ ،‬حيث ما تزال بعض الورود احلمراء صامدة‪.‬‬ ‫احلديقة‪ ،‬و ّ‬

‫تلحق به مرات بعد قليل‪« .‬اي معلّم‪ ...‬هل َح َّدثَ َ‬


‫ك لعازر؟»‬

‫«نعم اي مرات‪».‬‬

‫ك تَعلَم‪ ،‬وأنَّ َ‬
‫ك رأيتَها‪»...‬‬ ‫«مل يـَعُد لعازر يَنعم ابلسالم مذ َعرف أنّ َ‬
‫«كيف َعرف ذلك؟»‬

‫الفيت‪ ،‬الضخم األمسر‬


‫تلميذك‪ ،‬ذلك الرجل ّ‬ ‫َ‬ ‫معك ويَدَّعي أنّه‬
‫«يف البداية‪ ،‬ذاك الرجل الذي كان َ‬
‫ك رأيتَها على البحرية‪...‬مع‬
‫إليك ابالحتقار‪ ،‬واآلخر قال فقط إنّ َ‬
‫ودون حلية‪ ...‬مثّ دوراس‪ .‬وقد أساء َ‬
‫عُ ّشاقها‪»...‬‬

‫كنت على علم به مذ‬


‫َجهل جرحكما؟ ُ‬
‫كنت أ َ‬
‫«ولكن ال تبكيا من أجل هذا! أتعتقدان أنّين ُ‬
‫ِّ‬
‫وجبهتك‪».‬‬ ‫كنت ال أزال قرب اآلب‪ ...‬ال تستسلمي اي مرات لالهنيار‪ ،‬بل ارفعي ِّ‬
‫قلبك‬ ‫ُ‬
‫األزيل صاليت‪».‬‬
‫يرد ّ‬ ‫« ِّّ‬
‫صل ألجلها اي معلّم‪ .‬أان أصلّي‪ ...‬ولكنّين ال أعرف أن أسامح متاماً‪ ،‬وقد ّ‬
‫لنسامح ونُستجاب‪ .‬فأان أصلّي من أجلها‪ .‬ولكن أعطيين‬ ‫ح‬ ‫قلت‪ .‬علينا أن ِّ‬
‫نسام‬ ‫«حسناً ِّ‬
‫َ‬
‫مين‪ .‬إ ّن جرحه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مساحمتك ومساحمة لعازر‪ .‬أنت‪ ،‬بطيبتك األخويّة‪ ،‬تستطيعني التح ّدث والنّيل أكثر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 605 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لعميق ج ّداً ومتأجج فال ُيتمل ملس يدي‪ِّ .‬‬
‫أنت تستطيعني فعل ذلك‪ .‬أعطياين تساحمكما كامالً‪،‬‬ ‫ّ‬
‫َعمل‪»...‬‬
‫ُم َقدَّساً‪ ،‬وأان سوف أ َ‬
‫«التَّسامح‪ ...‬لن نتمكن من ذلك‪ ،‬فلقد ماتت ّأمنا أملاً بسبب سلوكها السيّئ‪ ،‬ومل تكن بعد‬
‫فعل سوى القليل مقارنة بسلوكها احلايل‪ .‬إنّين أرى عذاابت ّأمي‪ ،‬فهي ماثلة يف روحي ابستمرار‪.‬‬ ‫تَ َ‬
‫وأرى كم يتأ ّمل لعازر‪».‬‬
‫« ّإهنا مريضة‪ ،‬اي مرات‪ ،‬لقد فَـقدت صواهبا‪ِّ .‬‬
‫ساحموها‪».‬‬ ‫ََ‬
‫«إ ّن هبا مساً من الشيطان اي معلّم‪».‬‬

‫أخر َجها ِّمن طبيعتها‪،‬‬


‫أفس َدها الشيطان و َ‬
‫املس الشيطاينّ إن مل يكن َمَرض الروح‪ ،‬وقد َ‬
‫«وما هو ّ‬
‫لدرجة أن َج َع َل منها كائناً روحيّاً شيطانيّاً؟ وكيف َيكن تفسري بعض االحنرافات اإلنسانيّة بغري ذلك؟‬
‫احنرافات جتعل اإلنسان أسوأ من احليواانت الربيّة بشراستها‪ ،‬أكثر شهوانيّة من القرود يف الفجور‪،‬‬
‫يفسر‬
‫حّت جيعل منه كائناً هجيناً‪ ،‬حيث َيتزج اإلنسان ابحليوان وابلشيطان؟ هذا ما ّ‬ ‫وهكذا دواليك‪ّ ،‬‬
‫تتحول إىل ما ال تفسري له‪ ،‬لدى كثري من املخلوقات‪ .‬فال تبكي‬ ‫اليت‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الوحشي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫ش‬ ‫ما ي ِّ‬
‫ده‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بل ساحمي‪ .‬أان أرى‪ .‬وأل ّن يل رؤية تتجاوز رؤية العني والقلب‪ ،‬لدي نظرة هللا‪ ،‬لذا أرى وأقول ِّ‬
‫لك‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ألهنا مريضة‪».‬‬ ‫ساحميها ّ‬
‫«إذن‪ِّ ،‬‬
‫فاشفها!»‬

‫أنت فساحمي‪ ،‬واطليب من لعازر أن‬ ‫أمنحك هذا الفرح‪ .‬إّّنا ِّ‬
‫ِّ‬ ‫«سوف أشفيها‪ .‬آمين‪ .‬سوف‬
‫مثلك‪َ .‬ح ِّّدثيها عين‪»...‬‬
‫أحبيها‪ ،‬ص ِّادقيها وَكلِّّميها كما لو كانت ِّ‬
‫ِّ‬
‫يسامح أيضاً‪ .‬كذلك ّ‬
‫أنت الق ّدوس؟»‬
‫تفهمك و َ‬
‫َ‬ ‫«كيف تريدها أن‬

‫كأهنا مل تفهم‪ ،‬ولكن امسي وحده هو خالص‪ .‬حاويل جعلها تف ّكر يب وتلفظ امسي‪.‬‬
‫«ستبدو و ّ‬
‫آه! إ ّن الشيطان يهرب حينما يصل التفكري ابمسي إىل أحد القلوب‪ .‬ابتسمي اي مرات هلذا األمل‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 606 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكن مشس اليوم‪ ،‬انظري‪َ ،‬ج َعلَتها‬
‫األايم األخرية قد أتلَ َفها‪ ،‬و ّ‬
‫انظري إىل هذه الوردة‪ .‬كان املطر يف ّ‬
‫تَـتَفتّح‪ ،‬وهي اآلن أكثر مجاالً‪ ،‬إذ إ ّن قطرات املطر اليت ما تزال بني البتالت‪ ،‬تضفي عليها مظهر‬
‫املاس‪ .‬وهذا ما سوف ُيصل لبيتكم‪ ...‬دموع وآالم اآلن‪ ،‬مثّ‪ ...‬فرح وجمد‪ .‬امضي وكلّمي لعازر عن‬
‫هذا‪ ،‬بينما أان أصلّي إىل اآلب‪ ،‬يف سكون احلديقة‪ ،‬من أجل مرمي‪ ،‬ومن أجلكما‪»...‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وهكذا ينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 607 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫املظال‪ .‬دعوة من يوسف إىل الرامة)‬


‫ّ‬ ‫(مرة أخرى يف بيت لعازر بعد عيد‬
‫‪ّ -80‬‬
‫‪1945 / 02 / 20‬‬

‫أحس أ ّن يسوع يريد أن يـُ َق ِّّدم نفسه مع‬


‫أتوصل إىل كتابة هذا ال َقدر‪ ،‬ألنّين ّ‬ ‫لست أدري كيف ّ‬ ‫ُ‬
‫عت‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫مسودة الكالم الذي َمس ُ‬ ‫بت على ّ‬ ‫يت طوال الليل ألتذ ّكر الرؤاي التالية‪ .‬ف َكتَ ُ‬
‫إجنيله ال ُـمعاش‪ ،‬وقد عانَ ُ‬
‫بقدر استطاعيت‪ ،‬لكي ال أنساه‪.‬‬

‫مثّ اآلن ‪-‬والساعة هي احلادية عشرة‪ -‬أرى ما يلي‪:‬‬

‫املظال قد انتهى‪ ،‬وأ ّن يسوع‬


‫ُدرك أ ّن عيد ّ‬ ‫يسوع‪ ،‬من جديد‪ ،‬يف بيت لعازر‪ .‬حبسب ما أَمسَع‪ ،‬أ ِّ‬
‫يود أبداً االنفصال عنه‪ .‬أ ِّ‬
‫ُدرك أيضاً‬ ‫قد عاد إىل بيت عنيا نزوالً عند رغبة وإصرار صديقه الذي مل يكن ّ‬
‫أ ّن يسوع يف بيت لعازر برفقة مسعان ويوحنّا فقط‪ ،‬بينما اآلخرون قد انتَ َشروا يف املنطقة‪ .‬وأ ِّ‬
‫ُدرك‪ ،‬يف‬
‫ليعرفهم على يسوع‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫النهاية‪ ،‬أ ّن األمر يتعلّق ابجتماع أصدقاء للعازر ما يزالون ُخملصني له‪ ،‬وقد دعاهم ّ‬
‫كل منهم‪ .‬فهو يتح ّدث عن‬ ‫ة‬ ‫شخصي‬ ‫على‬ ‫اء‬
‫و‬ ‫األض‬ ‫ط‬‫ُدرك هذا كلّه أل ّن لعازر ما زال يسلِّ‬
‫ّ‬ ‫أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫يوسف الرامي ويق ّدمه ابعتباره‪« :‬رجالً مستقيماً‪ ،‬إسرائيليّاً حقيقيّاً‪ ».‬يقول‪« :‬ال جيرؤ على قول ذلك‬
‫أنت َمن تنبّأ‬
‫يتمىن أن تكون َ‬ ‫يكرهك‪ ،‬ولكنّه ّ‬‫َ‬ ‫ألنّه ََيشى اجملمع الذي هو عضو فيه‪ ،‬والذي أصبَ َح‬
‫أعداؤك‬ ‫وُيكم بنفسه‪ .‬فإ ّن ما يقوله‬
‫عليك َ‬
‫ليتعرف َ‬ ‫عنه األنبياء‪ .‬لقد طَلَب ِّ‬
‫َ‬ ‫مين من تلقاء نفسه أن أييت ّ‬ ‫َ ّ‬
‫همونك ابرتكاب اخلطيئة‪ .‬ولكن‬ ‫َ‬ ‫ك يبدو له غري صحيح‪ ...‬ذلك أ ّن ّفريسيّني أتوا من اجلليل يتّ‬ ‫حب ّق َ‬
‫تقدير يوسف للموضوع كان هكذا‪َ :‬من َجي ََِّتح املعجزات فإ ّن هللا معه‪ ،‬ومن يكن هللا معه فال َيكن‬
‫يود لو‬
‫أن يكون يف اخلطيئة‪ .‬بل على العكس‪ ،‬ال َيكن أن يكون ّإال واحداً من الذين ُيبّهم هللا"‪ .‬إنّه ّ‬
‫أرجوك‪ .‬فاستَ ِّجب لرجائه‬
‫َ‬ ‫لك ذلك‪ .‬وأان بدوري‬ ‫مين أن أقول َ‬ ‫ب ّ‬ ‫تذهب إىل الرامة‪ ،‬إىل بيته‪ .‬وقد طَلَ َ‬
‫ورجائي معاً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 608 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أتيت من أجل الفقراء واملتألّمني نفساً وجسداً‪ ،‬أكثر منه ألجل ذوي السلطان الذين ال‬ ‫«لقد ُ‬
‫يف سوى حاجة تثري اهتمامهم‪ .‬ولكنّين سوف أذهب إىل يوسف‪ .‬فأان ال ّأختذ موقفاً معادايً ِّمن‬ ‫يرون ّ‬
‫ذوي السلطان‪ ،‬ويشهد على ذلك أحد تالميذي‪ .‬إنّه ذاك الذي‪ ،‬بدافع الفضول‪ ،‬ولكي جيعل لنفسه‬
‫شهد الحَتامي‬ ‫مين‪ّ ...‬إال أنّه شاب‪ ،‬وجيب أن نعذره‪َ ...‬يكنه أن يَ َ‬
‫إليك دوّنا طلب ّ‬ ‫أُهيّة‪ ،‬قد أتى َ‬
‫فهمون اجلميع ّأهنم‪:‬‬ ‫السلطة اليت تُعلِّن عن نفسها ّأهنا "دعامات الشريعة"‪ ،‬و‪ ...‬يُ ِّ‬
‫للطبقات ذات ُّ‬
‫أي من الفقهاء إجالل مشابِّه جتاه‬ ‫"عمد ِّ‬
‫دعم ذاته بذاته! ومل يكن لدى ّ‬
‫(دعائم) العلي"‪ .‬آه! العلي يَ َ‬
‫ُُ َ‬
‫مأموري اهليكل‪».‬‬

‫وضعك‬
‫َ‬ ‫«أعرف ذلك‪ ،‬والكثريون يعرفون‪ ،‬كثريون‪ ...‬إّّنا ليس سوى النخبة َمن يُطلِّق على‬
‫فيسمونه نِّفاقاً‪».‬‬
‫تسميته الصحيحة‪ّ .‬أما اآلخرون‪ّ ...‬‬
‫نضح مبا فيه‪ ،‬اي لعازر‪».‬‬
‫كل إانء يَ َ‬
‫« ّ‬
‫يود لو تذهب إليه السبت القادم‪».‬‬
‫«صحيح‪ .‬ولكن فلتذهب إىل بيت يوسف‪ .‬هو ّ‬
‫َيكنك إعالمه بذلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«سوف أذهب‪،‬‬

‫غك انتقاداً يتعلّق‬‫ِّ‬


‫«كذلك نيقودَيوس رجل صاحل‪ .‬ولكنّه‪ ...‬قال يل‪ ...‬هل أستطيع أن أُبل َ‬
‫تالميذك؟»‬
‫َ‬ ‫بواحد من‬

‫حّت اهلداية‪ .‬ذلك أ ّن‬ ‫ِّ‬


‫«قُل‪ .‬وإذا كان عادالً‪ ،‬فسيكون حكمه عادالً‪ .‬وإذا كان جائراً فَ َسيَنتَقد ّ‬
‫املوجهة ِّمن قِّبَل روح هللا متتلك‬
‫الروح يَ ِّهب النور لنفس اإلنسان إذا كان مستقيماً؛ ونفس اإلنسان ّ‬
‫حكمة فائقة وتقرأ ما يف القلوب‪».‬‬

‫«لقد قال يل‪" :‬أان ال أنتَ ِّقد وجود َج َهلَة وال ّ‬


‫عشارين بني تالميذ املسيح‪ ،‬ولكنّين ال أجد مناسباً‬
‫ظهر ما‬ ‫ِّ‬
‫وم َ‬
‫وجود إنسان بني أتباعه ال يعرف ما إذا كان معه أم عليه‪ ،‬وهو كاحلرابء اليت تتَّخذ لون َ‬
‫ُييط هبا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 609 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ضح‪ .‬وأثناء‬
‫تتخمر مثّ تَـتَـ َو َّ‬ ‫اليت‬ ‫كاخلمرة‬ ‫الشباب‬ ‫‪:‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫مجيع‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ق‬ ‫«إنّه يقصد االسخريوطي‪ .‬أَعلَم‪ .‬إّّنا ثِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل االجتاهات‪،‬‬ ‫يف‬ ‫الشجر‬ ‫هتز‬ ‫بيع‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫ايح‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫بفيض‬ ‫اجلهات‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ن‬ ‫التخمر تَنتَ ِّفخ وتُزبِّد وتَط َفح ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كأهنا تُـبَعثِّر األوراق جبنون‪ .‬بينما املفروض أن نشكرها هي على إخصاب الزهر‪ .‬ويهوذا هذا هو‬ ‫تبدو و ّ‬
‫حّت وتُؤِّمل‪ .‬ولكنّه ليس سيّئاً‬ ‫صدم ّ‬ ‫تصرفاته تُ َك ِّّدر وتُـ َع ِّّكر‪ ،‬بل تَ ُ‬‫مخر ورايح‪ .‬ولكنّه ليس سيّئاً‪ّ .‬‬
‫ابألصل‪ ...‬إنّه مهر ودمه حار‪».‬‬

‫لست أهالً ألدينه‪ .‬إّّنا ما بقي يل منه هي الذكرى ال ُـمَّرة ِّمن قوله يل‬
‫أنت تقول ذلك‪ ...‬وأان ُ‬
‫« َ‬
‫ك رأيتَها‪»...‬‬
‫إنّ َ‬
‫لك وعدي‪»...‬‬
‫«ولكن هذه املرارة قد تلطّفت اآلن ابلعسل الذي ُيمله َ‬
‫َيص‬
‫حّت ولو كان ّ‬ ‫«نعم‪ .‬ولكنّين ما ِّز ُ‬
‫لت أحتفظ بذكرى تلك اللحظة‪ .‬فاألمل ال يُنسى ّ‬
‫املاضي‪».‬‬

‫ك مضطَ ِّرب ألمور كثرية‪ ...‬وقليلة األُهيّة! دع الزمن يفعل فعله‪ :‬إ ّهنا فقاعات‬ ‫«لعازر‪ ،‬لعازر‪ ،‬إنّ َ‬
‫فإهنا ال تزول‪ ،‬بل هي‬‫وتضمحل مع ُم َنع َكساهتا‪ُ ،‬م ِّبه َجة كانت أو ُحم ِّزنة‪ .‬انظر إىل السماء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫هواء تُفقأ‬
‫تدوم لألبرار‪».‬‬

‫أنت اي َمن‬
‫ك َ‬ ‫بك‪ ،‬وال وجوده مع َ‬
‫الصديق‪ .‬ال أريد أن أدين عالقات يهوذا َ‬
‫«نعم أيّها املعلّم و َّ‬
‫يؤذيك‪».‬‬
‫َ‬ ‫قَبِّلتَه‪ .‬بل سوف أصلّي من أجله لكي ال‬

‫يبتسم يسوع وتنتهي الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 610 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -81‬يسوع يلتقي مجالئيل يف وليمة يوسف الرامي)‬

‫‪1945 / 02 / 21‬‬

‫بقوة صوب‬ ‫ِّ‬


‫أتصورها سهالً‪ .‬ومع ذلك فروابيها تنحدر ّ‬
‫كنت ّ‬‫لست أدري ملاذا ُ‬
‫الرامة َوعَرة‪ُ .‬‬
‫ّ‬
‫ظهر عند بعض منعطفات الطريق من الغرب‪ .‬ويف هذه الصبيحة من تشرين الثاين‬ ‫السهل الذي يَ َ‬
‫(نوفمرب)‪ ،‬يغيب األفق حتت الضباب الذي يبدو مثل سطح ماء ال حدود له‪.‬‬

‫لدي انطباع أبنّه ُيسب حساابً‪،‬‬


‫الر ُسل اآلخرون‪ ،‬فليسوا معه‪ّ .‬‬
‫يسوع مع مسعان وتوما‪ّ .‬أما ُّ‬
‫وبشكل حكيم‪ ،‬للمشاعر والطبائع املختلفة للناس الذين سوف ُجيالِّسهم‪ ،‬وأنّه‪ ،‬حسب الظروف‪،‬‬
‫تعرضه كثرياً للمجاهبة‪ .‬فهؤالء اليهود هم أكثر‬
‫يصطحب الذين َيكن للمضيف أن يقبلهم دون ّ‬
‫حساسية من نساء صغريات رومانسيّات…‬

‫ظهم يتح ّدثون عن يوسف الرامي‪ ،‬وتوما الذي قد يكون يعرفه جيّداً‪ ،‬يشري إىل أمالكه‬‫أحلَ ُ‬
‫املؤدية إىل‬
‫خاصة تلك اليت تقع يف جهة أورشليم‪ ،‬على الطريق ّ‬ ‫الواسعة والرائعة الواقعة على الرابية‪ّ ،‬‬
‫الرامة من العاصمة لتصل بعد ذلك هذه البلدة بيافا‪ .‬حسبما أَحلَظ‪ ،‬ذاك هو مضمون نقاشهم‪ ،‬وتوما‬‫ّ‬
‫يتح ّدث كذلك إبعجاب عن احلقول اليت َيلكها يوسف‪ ،‬وهي حتاذي طرق السهل‪.‬‬

‫عامل الناس معاملة البهائم! آه! اي لدوراس هذا!» يقول مسعان‪.‬‬ ‫األقل‪ ،‬ال يُ َ‬
‫«ولكن هنا‪ ،‬على ّ‬
‫ظهرون اكتفاء ورضى أانس‬ ‫ابلفعل‪ ،‬إ ّن العاملني هنا ُيصلون على غذاء جيّد ولباس جيّد‪ ،‬وهم يُ ِّ‬
‫ألهنم‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬يَعرفون مسبقاً َمن هو هذا الرجل الطويل واملميّز‪،‬‬
‫وضعهم جيّد‪ .‬وهم ُُييّون ابحَتام ّ‬
‫ابجتاه بيت معلّمهم‪ ،‬ويراقبونه وهم يتح ّدثون فيما بينهم بصوت خافت‪.‬‬‫الرامة‪ّ ،‬‬‫ال ّذاهب َعرب قرى ّ‬
‫أنت هو الرايب املنتظَر؟»‬
‫ظهر بيت يوسف‪ ،‬يَسأل أحد اخل ّدام‪ ،‬بعد احنناءة كبرية‪« :‬هل َ‬
‫وعندما يَ َ‬
‫«أان هو‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 611 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وجيري إلعالم املعلّم‪ .‬البيت حماط بسياج مرتَِّفع ما يزال خمضوضراً‪ ،‬وهو‬ ‫ُييّي الرجل حتيّة ابلِّغة َ‬
‫هنا كبديل عن اجلدار العايل الذي يف بيت لعازر‪ ،‬ويعزله عن الطريق‪ ،‬وتليه‪ ،‬بشكل متناغم‪ ،‬حديقة‬
‫صل يسوع‪،‬‬ ‫أوش َكت األشجار اآلن أن تفقد كل أوراقها‪ .‬وقبل أن ي ِّ‬
‫مشجرة بكثافة‪ ،‬حتيط ابملنـزل‪ ،‬وقد َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫هرع يوسف الرامي بثيابه الفضفاضة ذات األهداب ملالقاته‪ ،‬ينحين احنناءة كبرية‪ ،‬ويداه متصالبتان‬ ‫يَ َ‬
‫ومن يتواضع بثين الركبة‬ ‫على صدره‪ .‬وهذه ليست حتيّة َمن يرى يف يسوع اإلله الذي أصبَ َح بشراً‪َ ،‬‬
‫حّت األرض مع تقبيل القدمني أو هدب ثوب يسوع‪ ،‬ولكنّها‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬حتيّة فيها الكثري من‬ ‫والنّـزول ّ‬
‫اإلجالل‪ .‬وينحين يسوع كذلك‪ ،‬مثّ َينح حتيّة سالمه‪.‬‬

‫كل هذا التنازل‪».‬‬


‫منك ّ‬
‫أسعدتَين بقبولك الدعوة‪ .‬مل أكن أتوقّع َ‬
‫«ادخل اي معلّم‪ .‬قد َ‬
‫«ملاذا؟ فأان أذهب كذلك إىل بيت لعازر و‪»...‬‬

‫لك صديق‪ّ .‬أما أان فمجهول‪».‬‬


‫«لعازر هو ابلنسبة َ‬
‫فضك‪».‬‬
‫احلق ال ير َ‬
‫احلق‪ ،‬و ّ‬
‫أنت نـَ ْفس تبحث عن ّ‬
‫«بل َ‬
‫احلق؟»‬
‫أنت هو ّ‬
‫«هل َ‬
‫احلق‪ .‬ومن ُيبّين ويتبعين‪ ،‬جيد يف ذاته الطريق اآلمنة واحلياة املغبوطة‪،‬‬
‫«أان الطريق واحلياة و ّ‬
‫احلق‪».‬‬
‫حب وعدل وهو فوق ذلك كلهّ ّ‬ ‫ويعرف هللا‪ ،‬إذ إ ّن هللا الذي هو ّ‬
‫بعودتك إىل‬
‫َ‬ ‫كلماتك تتن ّفس احلكمة‪ ».‬مثّ يلتَ ِّفت إىل مسعان «أان سعيد‬
‫َ‬ ‫كل‬
‫ك فَقيه عظيم‪ّ .‬‬
‫«إنّ َ‬
‫أنت أيضاً‪ ،‬بعد غياب طويل‪».‬‬
‫بييت‪َ ،‬‬
‫ب حياة مسعان الصغري الذي‬
‫ضَر َ‬
‫أي أمل َ‬
‫أنت تَعلَم ما كان مصريي‪ ،‬و ّ‬
‫تعمداً‪َ .‬‬
‫«غيايب مل يكن ُم َّ‬
‫أبوك ُيبّه كثرياً‪».‬‬
‫كان َ‬

‫صاحلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫ط ِّمن قِّبَلي كلمة واحدة يف غري‬
‫لك أن تعرف أنّه مل تصدر ق ّ‬
‫«أَعلَم‪ ،‬و َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 612 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أخربين أ ّن الفضل يف احملافظة على أمالكي يعود أيضاً‬
‫كل شيء‪ .‬فخادمي األمني ََ‬
‫«أعرف ّ‬
‫كل خري‪».‬‬ ‫إليك‪ .‬فليُ ِّ‬
‫عين ّ‬
‫جزك هللا ّ‬ ‫َ‬
‫ابحلق‪ ،‬صديقاً لبييت‪».‬‬
‫مت هذا الوضع ألساعد‪ّ ،‬‬
‫خد ُ‬
‫«كانت يل يف اجملمع أُهيّة‪ .‬وقد استَ َ‬
‫«كثريون كانوا أصدقاء عائليت‪ ،‬وكثريون كانت هلم يف اجملمع أُهية‪ ،‬ولكنّهم مل يكونوا م ِّ‬
‫نصفني‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مثلك‪»...‬‬
‫َ‬
‫علي‪ ...‬ولكنّين ال أعرف أين‪»...‬‬
‫«وهذا من يكون؟ وجهه ليس غريباً ّ‬
‫«أان توما املل ّقب ابلتوأم‪».‬‬

‫أبوك العجوز ما يزال على قيد احلياة؟»‬


‫«آه! هل َ‬

‫حي‪ .‬وما زال على رأس عمله مع إخويت‪ .‬ولقد تَـَركتُه من أجل املعلّم‪ ،‬ولكنّه سعيد لذلك‪».‬‬
‫«إنّه ّ‬
‫الناصري هو ماسيا‪ ،‬فال َيكن‬
‫ّ‬ ‫توص َل إىل اإلَيان أب ّن يسوع‬
‫غش فيه‪ .‬ومبا أنّه َّ‬
‫ائيلي ال ّ‬
‫«إنّه إسر ّ‬
‫أن يكون ّإال سعيداً لكون ابنه احد املفضَّلني لديه‪».‬‬

‫ُهم اآلن موجودون يف احلديقة‪ ،‬قرب البيت‪.‬‬

‫ومهتم بقراءة جلسات اجملمع األخرية‪ .‬مل‬


‫كت بلعازر‪ ،‬وهو اآلن متواجد يف املكتبة ّ‬ ‫متس ُ‬‫«لقد َّ‬
‫حت اآلن تَعلَم‪ ...‬وهلذا السبب مل يكن يريد البقاء‪ .‬ولكنّين‬‫ك أصبَ َ‬ ‫يكن يريد البقاء إذ‪ ...‬أعرف أنّ َ‬
‫ابق‪ .‬فإذا ما‬
‫ط‪َ .‬‬ ‫إليك أحد فيه ق ّ‬
‫قلت له‪" :‬ال‪ ،‬فليس من اإلنصاف أن َخت َجل يف بيت لن يسيء َ‬ ‫ُ‬
‫انعَزلنا‪ ،‬نبقى وحيدين يف مواجهة عامل أبكمله‪ ،‬ومبا أ ّن العامل قد أصبح َييل إىل السوء أكثر من اخلري‪،‬‬
‫َ‬
‫سحق حتت األقدام"‪ .‬هل ما قُلتُه َح َسن؟»‬ ‫فالذي يبقى وحيداً ينهار ويُ َ‬
‫فعلت‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬
‫قلت‪ ،‬وحسناً َ‬
‫«حسناً َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 613 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يسوءك هذا؟»‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬سيكون لدينا اليوم نيقودَيوس‪ ...‬ومجالئيل‪ ،‬فهل‬

‫«ملاذا أستاء؟ أان أعرف حكمته‪».‬‬

‫رؤيتك‪ ...‬ويف الوقت ذاته البقاء اثبتاً على آرائه‪ .‬تَعلَم‪ ...‬آراء‪ .‬إنّه يقول إنّه‬ ‫يتمىن َ‬ ‫«نعم‪ ،‬كان ّ‬
‫ك أحد رجال هللا‪ .‬وهو ال يقول‬ ‫ِّ‬
‫رأى ماسيا‪ ،‬وهو ينتظر اإلشارة اليت َو َع َده هبا لظهوره‪ .‬ولكنّه يقول إنّ َ‬
‫إليك بذلك؟»‬‫متحكات حاخاميّة‪ ،‬أليس كذلك؟ أمل يسيئوا َ‬ ‫"ر ُجل هللا"‪ ،‬بل يقول "أحد رجال هللا"‪ُّ .‬‬ ‫َ‬
‫أحسنت قوالً‪ .‬علينا أن نَ َدعهم يفعلون‪ .‬واألخيار سيتم ّكنون‬
‫َ‬ ‫متحكات‪.‬‬
‫جييب يسوع‪ُّ « :‬‬
‫أبنفسهم من االنضمام إىل األغصان عدَية الفائدة واليت ال تعطي سوى أغصان وال تعطي فاكهة‪ ،‬إّّنا‬
‫إيل‪».‬‬
‫بعد ذلك أيتون ّ‬
‫بكل بساطة‪ ،‬فهو صريح‪».‬‬
‫لك ّ‬‫لك كلماته هو‪ ،‬إذ‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬سوف يقوهلا َ‬
‫أردت أن أقول َ‬
‫« ُ‬
‫يقول يوسف‪.‬‬

‫فيجيب يسوع‪ّ « :‬إهنا فضيلة اندرة أَُمثنّها ج ّداً‪».‬‬

‫قلت هذا أل ّن‪ ...‬أي‬


‫قلت له أيضاً‪" :‬إّّنا مع املعلّم سيكون لعازر بيت عنيا"‪ .‬وقد ُ‬‫«نعم‪ ،‬وقد ُ‬
‫نعم‪ ،‬بسبب أخته‪ .‬ولكن مجالئيل أجاب‪" :‬هل هي حاضرة؟ ال؟ فإذا الوحل يسقط عن الثوب الذي‬
‫أظن أنّه إذا ما زاره‬
‫لست أتلوث من ثوبه‪ .‬ومثّ‪ّ ،‬‬
‫ضه لعازر من ذاته‪ .‬و ُ‬ ‫متاس معها‪ .‬لقد نـَ َف َ‬
‫مل يعد على ّ‬
‫كنت فقيهاً يف الشريعة"‪».‬‬
‫حّت ولو ُ‬
‫رجل من هللا يف داره‪ ،‬فبإمكاين معاشرته ّ‬
‫«مجالئيل ذو بصرية جيدة‪ .‬فريسي وفقيه حّت نقي العظام‪ .‬ولكنّه كذلك نزيه وم ِّ‬
‫نصف‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫منك‪ .‬اي معلّم‪ ،‬ها هو ذا لعازر‪».‬‬
‫«إنّين مسرور لسماعي ذلك َ‬
‫معطف يسوع‪ .‬إنّه سعيد لكونه معه‪ ،‬إّّنا يبدو ارتعاشه جليّاً يف انتظار‬ ‫ينحين لعازر ليُـ َقبِّّل‬
‫أ ّن على لعازر املسكني أن يضيف إىل عذاابته املعروفة لدى الناس عرب‬ ‫املدعوين‪ .‬ابلتأكيد‪ ،‬أَعلَم‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 614 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التاريخ‪ ،‬تلك اجملهولة‪ ،‬واليت ال يف ّكر هبا أكثر الناس‪ ،‬أال وهي اآلالم الوجدانيّة اليت يسبّبها هذا‬
‫املنخس‪ ،‬الذي هو الفكر‪ ،‬بتساؤالته‪" :‬ماذا سيقول يل هذا؟ ماذا جيول يف فكره جتاهي؟ هل سيجرحين‬
‫بكالمه أو بنظرة احتقار؟" إنّه منخس مجيع من لديهم وصمة يف العائلة‪.‬‬

‫اآلن وقد َد َخلوا إىل قاعة فخمة حيث ُمدَّت الطاوالت‪ ،‬فهم ال ينتظرون سوى مجالئيل‬
‫يعرفون هبم أبمساء‪ :‬فليكس‪ ،‬يوحنّا‪،‬‬
‫املدعوين األربعة اآلخرين قد وصلوا‪ .‬أمسعهم ّ‬
‫ونيقودَيوس‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬
‫مسعان وكورنيليوس‪.‬‬

‫َجلَبَة هائلة ِّمن خ ّدام َجيرون لدى قدوم نيقودَيوس ومجالئيل‪ ،‬هذا ال ُـمتَ َسربِّل دائماً ثوبه الرائع‬
‫والناصع كالثلج املنسوج الذي يرتديه َبعظَ َمة َملِّك‪ .‬يهرع يوسف ملالقاته‪ ،‬والتحيّة بينهما تتسم ابحَتام‬
‫معك»‪ .‬وجييبه يسوع‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫الرب َ‬ ‫عظيم‪ .‬وكذلك يسوع ينحين أمام احلاخام األكرب الذي يُبادر ابلتحيّة‪ّ « :‬‬
‫الويف على الدوام‪ ».‬وينحين لعازر كذلك‪ ،‬ومثله يفعل اجلميع‪.‬‬ ‫رفيقك ّ‬‫َ‬ ‫«وليكن سالمه‬

‫أيخذ مجالئيل مكانه وسط الطاولة بني يسوع ويوسف‪ .‬وبعد يسوع جيلس لعازر‪ .‬وبعد يوسف‬
‫نيقودَيوس‪ .‬تبدأ الوليمة ابلصلوات الطقسيّة اليت يتلوها مجالئيل‪ ،‬وبعد ذلك يبدأ تبادل اجملامالت بني‬
‫الشخصيّات األساسية‪ :‬يسوع ومجالئيل ويوسف‪.‬‬

‫مجالئيل جليل ج ّداً إّّنا دون كربايء‪ .‬فهو يستمع كثرياً ويتكلّم قليالً‪ .‬ومن الواضح‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬
‫كل كلمة يقوهلا يسوع‪ ،‬وغالباً ما ينظر إليه بعينيه العميقتني‪ ،‬الداكنتني والرصينتني‪ .‬وعندما‬ ‫ِّ‬
‫أنّه يـُ َف ّكر يف ّ‬
‫َيتتم يسوع موضوعه ويصمت‪ ،‬يعيد مجالئيل إحياء املناقشة بسؤال يف حملّه‪.‬‬

‫يتجرأ ويتكلّم هو أيضاً‪.‬‬


‫يف البداية‪ ،‬لعازر مضطرب قليالً‪ ،‬إّّنا بعدئذ ّ‬
‫حّت ما قبيل انتهاء الوليمة‪ ،‬حيث احتَ َد َم‬ ‫مل تكن هناك تلميحات مباشرة خبصوص يسوع ّ‬
‫اشَت َك فيه فيما بعد نيقودَيوس ملساندة لعازر‪ ،‬ومثّ املدعو‬
‫النقاش بني ذاك املدعو فليكس ولعازر‪ ،‬وقد ََ‬
‫َيص املعجزات‪ .‬يسوع يلزم الصمت‪ .‬يبتسم أحياانً‬ ‫احلجة‪ ،‬مع أو ض ّد أحدهم‪ ،‬مبا ّ‬
‫يوحنّا‪ ،‬بشأن ّ‬
‫يلزم الصمت بينما مرفقه ُمستَنِّد على املتَّ َكأ‬
‫ابتسامة غامضة‪ ،‬ولكنّه يلزم الصمت‪ .‬وكذلك مجالئيل‪َ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 615 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حل رموز كلمة فائقة الطبيعة‪ ،‬منقوشة على جلد وجه يسوع‬ ‫يد‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫كأ‬
‫و‬ ‫ويبدو‬ ‫كيز‪.‬‬
‫بَت‬ ‫بيسوع‬ ‫ق‬ ‫وُي ِّّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫كالً من أليافه على حدة‪.‬‬
‫النحيف األملس والشاحب‪ .‬يبدو وكأنّه ُيلّل فيه ّ‬

‫يؤّكد فليكس أن قداسة يوحنّا غري قابلة للجدال‪ ،‬ومن هذه القداسة غري القابلة للنقاش والبحث‬
‫الناصري صانع املعجزات العديدة واملعروفة‪ .‬فيقول‪« :‬املعجزة ليست‬ ‫ّ‬ ‫َيرج بنتيجة يف غري صاحل يسوع‬
‫النيب خالية منها‪ .‬وليس يف إسرائيل َمن ُييا حياته‪ .‬فبالنسبة له ال‬ ‫دليل قداسة‪ ،‬إذ إ ّن حياة يوحنّا ّ‬
‫والئم وال صداقات وال منافع شخصيّة‪ .‬بل أمل وسجن يف سبيل الشريعة‪ .‬وحياته حياة تَـ َو ُّحد‪ .‬إذ‪ ،‬نعم‪،‬‬
‫حّت لدى أكثر‬ ‫حّت ولو كان لديه تالميذ‪ ،‬فهو ال ُييا حياة مجاعة‪ .‬وهو يَكشف عن أخطاء وخطااي ّ‬ ‫ّ‬
‫اجَت َح املعجزات‪،‬‬
‫بكل الناس‪ ،‬بينما‪ ...‬إيه! بينما معلّم الناصرة املوجود هنا قد ََ‬ ‫الناس نزاهة‪ ،‬وين ّدد ّ‬
‫ُيب ما متنحه احلياة‪ .‬فهو ال يـَتَ َمنَّع عن الصداقات‪ ،‬وعفواً إذا ما قال‬
‫هذا صحيح‪ ،‬ولكنّين أرى أنّه ّ‬
‫حّت للخطأة املعروفني‬ ‫احلب‪ّ ،‬‬
‫لك ذلك أحد أعضاء اجملمع القدامى‪ ،‬وَينح بسهولة‪ ،‬ابسم هللا‪ ،‬الغفران و ّ‬
‫َ‬
‫واملوسومني ابحلرم‪ .‬فما كان ينبغي أن تفعل ذلك اي يسوع‪».‬‬

‫حر يف توجيه خ ّدامه‪ ،‬كيفما يريد‪،‬‬


‫يبتسم يسوع وال يتكلّم‪ .‬وجييب لعازر عنه‪« :‬ربّنا القدير ّ‬
‫األول‪ .‬فإذن‪ ،‬ماذا تَستَنتِّج‬
‫وحيثما يريد‪ .‬لقد َمنَ َح موسى أن َجي ََِّتح املعجزة ومل َينح ذلك هلارون حربه ّ‬
‫األول أكثر قداسة من الثاين؟»‬ ‫من ذلك؟ هل يكون ّ‬
‫بكل أتكيد‪ ».‬جييب فليكس‪.‬‬
‫« ّ‬
‫«وابلتايل فاألكثر قداسة هو يسوع الذي َجي ََِّتح املعجزات‪».‬‬

‫حبجة‪« :‬لقد انل هارون احلربيّة‪ .‬وكان هذا كافياً‪».‬‬


‫يتمسك ّ‬ ‫ِّ‬
‫يرتَبك فليكس‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫«ال اي صديقي‪ ».‬جييب نيقودَيوس‪« .‬فاحلربيّة كانت رسالة‪ .‬وهي مق ّدسة‪ ،‬ولكنّها ال تتع ّدى‬
‫كوهنا رسالة‪ .‬ومل يكن أحبار إسرائيل كلّهم ق ّديسني على الدوام‪ ،‬ومع ذلك كانوا أحباراً رغم عدم‬
‫كوهنم ق ّديسني‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 616 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جمرد من النعمة!» يهتف فليكس‪.‬‬
‫أخالك تريد القول إ ّن كبري الكهنة إنسان ّ‬
‫َ‬ ‫«ال‬

‫أنت ومجالئيل ويوسف ونيقودَيوس‪ ،‬مجيعنا يعرف‬


‫ندخلن يف هذا اجلحيم‪ .‬فأان و َ‬
‫ّ‬ ‫«فليكس‪ ...‬ال‬
‫أموراًكثرية‪ »...‬يقول املدعو يوحنّا‪.‬‬

‫صدم‪.‬‬
‫«ولكن كيف؟ ولكن كيف؟ مجالئيل‪ ،‬تَ َد َّخل إذن!‪ »...‬فليكس يُ َ‬
‫تود مساعها‪ ».‬يقول الثالثة الذين أتلّبوا ض ّد فليكس‪.‬‬
‫«إن كان منصفاً‪ ،‬فسيقول احلقيقة اليت ال ّ‬
‫ُياول يوسف إعادة اهلدوء‪ .‬يبقى يسوع ملتزماً الصمت‪ .‬وكذلك توما والغيور ومسعان اآلخر‬
‫صديق يوسف‪ .‬يبدو مجالئيل وكأنّه يلهو أبهداب ثوبه‪ ،‬ولكنّه ينظر إىل يسوع خلسة‪.‬‬

‫«تكلّم إذن اي مجالئيل‪ ».‬يصرخ فليكس‪.‬‬

‫«نعم‪ ،‬تكلّم‪ ،‬تكلّم‪ ».‬يقول الثالثة‪.‬‬

‫«أان أقول إ ّن علينا إبقاء َهنّات العائلة يف اخلفاء‪ ».‬يقول مجالئيل‪.‬‬

‫ك تَعلَم أ ّن يف بيت احلَرب َوصمات‪».‬‬


‫«هذا ليس جواابً!» يهتف فليكس‪« .‬يبدو وكأنّ َ‬
‫«هذا هو التعبري عن احلقيقة‪ ».‬يقول الثالثة‪.‬‬

‫كل الفقهاء‪ .‬فليتح ّدث‬ ‫يفوق‬ ‫الذي‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬ ‫املع‬ ‫ذا‬ ‫هو‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ً‬‫ال‬ ‫قائ‬ ‫يسوع‬ ‫إىل‬ ‫ويلتفت‬ ‫مجالئيل‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ص‬‫ينتَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫هو عن هذا املوضوع‪».‬‬

‫لكن‬ ‫« ِّ‬
‫ئت ذلك‪ .‬وأان أطيع‪ ،‬فأقول‪ :‬اإلنسان هو اإلنسان‪ .‬والرسالة تتجاوز اإلنسان‪ .‬و ّ‬ ‫أنت ش َ‬
‫َ‬
‫يتوىل رسالة‪ ،‬وإذا ما ّاختذ هللا صديقاً له‪ ،‬يصبح قادراً على القيام هبا بشكل فائق‬
‫اإلنسان‪ ،‬حينما ّ‬
‫ك"‪ .‬ماذا‬
‫"أنت كاهن حسب األمر الذي أعطيتُ َ‬
‫البشر‪ ،‬وهو ُييا حياة القداسة‪ .‬فاهلل هو الذي قال‪َ :‬‬
‫ُكتِّب يف ِّسفر العدد؟ "مذهب وحقيقة"‪ .‬هاكم ما كان ينبغي أن يكون لدى األحبار‪ .‬يف املذهب‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 617 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلق‪ ،‬ابلوفاء املطلق للخري‪.‬‬
‫أتمل مستدمي َيت ّد حنو معرفة احلكمة‪ .‬ويف ّ‬
‫التوصل إليه من خالل ّ‬
‫ليكن ّ‬
‫الشر يدخل يف الكذب ويفقد احلقيقة‪».‬‬
‫فمن ينخرط يف ّ‬
‫علي‪».‬‬
‫تتفوق ّ‬
‫ك ّ‬ ‫أجبت كحاخام عظيم‪ .‬وأان مجالئيل أقول إنّ َ‬
‫«حسناً! لقد َ‬
‫ِّ‬
‫فليفسر إذن‪ ،‬هذا‪ ،‬ملاذا هارون مل جيَتح املعجزات بينما موسى فَـ َعلَها‪ ».‬يهتف فليكس جبلبة‪.‬‬
‫« ّ‬
‫فيجيب يسوع دوّنا إبطاء‪« :‬ذلك أنّه كان على موسى أن يفرض وجوده على مجاعة من‬
‫يتوصل إىل احلصول على نفوذ وسلطة‬ ‫ِّ‬
‫حّت املعارضة‪ ،‬وأن ّ‬ ‫اإلسرائيليّني ثقيلي الفهم ُمظلمي النفس ّ‬
‫األزيل يف آن‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫األزيل والطفل ّ‬
‫املتوحش ّ‬‫عليهم‪ ،‬بشكل َيكنه من إخضاعهم إلرادة هللا‪ .‬فاإلنسان هو ّ‬
‫يتحرك أمام األجفان املظلمة‪ ،‬هي‬ ‫نور‬ ‫هي‪:‬‬ ‫املعجزة‬ ‫و‬ ‫املألوف‪.‬‬ ‫عن‬ ‫ج‬‫َير‬ ‫ما‬ ‫بكل‬ ‫م‬ ‫صد‬
‫َ‬ ‫وي‬ ‫ش‬‫ه‬‫ند ِّ‬
‫وهو يَ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صوت قرب اآلذان املسدودة‪ .‬توقظ‪ ،‬تَلفت االنتباه‪ّ .‬إهنا تُعلِّن‪" :‬هللا هنا"‪».‬‬

‫ك صاحب مصلحة فيه‪ ».‬جييب فليكس‪.‬‬


‫«تقول هذا ألنّ َ‬
‫عت‬
‫ض ُ‬ ‫«صاحب مصلحة؟ ما الذي يضيفه يل اجَتاح املعجزة؟ هل َيكنين أن أبدو أكرب إذا ما َو َ‬
‫غريسة عشب حتت قدمي؟ فالعالقة بني املعجزة والقداسة واحدة‪ .‬هناك ق ّديسون مل جيَتحوا معجزات‬
‫ط‪ ،‬كما أ ّن هناك جموساً ومستحضري أرواح يَستَخدمون قوى غامضة ليفعلوا ذلك‪ ،‬يعين أ ّهنم يفعلون‬ ‫قّ‬
‫حّت ولو مل‬
‫أموراً تفوق البشر دون أن يكونوا ق ّديسني‪ ،‬بل هم شياطني؟ وسأكون أان نفسي ق ّديساً ّ‬
‫أعد أجَتح املعجزات‪».‬‬

‫أنت عظيم اي يسوع!» يؤّكد مجالئيل‪.‬‬


‫«جيّد ج ّداً! َ‬
‫أيك‪ ،‬من هو هذا "العظيم"؟» يتابع فليكس ملتفتاً إىل مجالئيل‪.‬‬
‫«وحسب ر َ‬
‫نيب عرفتُه‪ ،‬أبفعاله أكثر منه أبقواله‪ ».‬جييب مجالئيل‪.‬‬
‫«أعظم ّ‬
‫ومصيب‪ ».‬يقول يوسف‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أنت حكيم ُ‬
‫لك اي مجالئيل‪ .‬آمن به اي َمن َ‬
‫«إنّه ماسيا‪ ،‬أقوهلا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 618 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت الكبري‪ ،‬جمدان‪ ،‬تقع يف هذه العبادة الوثنيّة من‬‫توجه اليهود‪َ ،‬‬
‫أنت أيضاً اي من ّ‬ ‫«كيف؟ َ‬
‫كنت أراه َجي ََِّتح املعجزات‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫حّت ولو ُ‬
‫لك أنّه املسيح؟ ّأما أان فلن أؤمن‪ّ ،‬‬
‫أجل إنسان؟ ولكن َمن يُربهن َ‬
‫أنت اي َمن تدافع عنه‪».‬‬ ‫إّّنا ملاذا ال َجي ََِّتح معجزة أمامنا؟ قل له ذلك َ‬
‫أنت اي َمن مت ّجده‪ .‬قل له ذلك َ‬
‫يقول فليكس جلمالئيل ويوسف‪.‬‬

‫«أان مل أدعُه ليتسلّى به األصدقاء‪ ،‬أرجو أن تتذ ّكر أنّه ضيفي‪ ».‬جييب يوسف جبفاء‪.‬‬

‫يَ َنهض فليكس وينصرف بغضب وفظاظة‪.‬‬

‫أنت أفال تطلب معجزات لتؤمن؟»‬


‫حلظة صمت‪ .‬ويلتفت يسوع إىل مجالئيل‪« :‬و َ‬
‫جراء تلك األسئلة‬
‫«ليست معجزات رجل من هللا هي اليت تَن َـزع املهماز الذي أمحل يف قليب‪ ،‬من ّ‬
‫الثالثة اليت تبقى دون إجابة‪».‬‬

‫«أية أسئلة؟»‬

‫حي؟ هل كان ذاك؟ هل هو هذا؟»‬


‫«هل ماسيا ّ‬
‫لك اي مجالئيل!» يهتف يوسف‪« .‬أال تالحظ أنّه ق ّديس؟ وخمتلف عن‬ ‫«إنّه هو‪ .‬اقوهلا َ‬
‫اآلخرين؟ ُمقتَ ِّدر؟ نعم‪ .‬وإذن‪ ،‬ماذا تنتظر لتؤمن؟»‬

‫كنت‬
‫مرة‪ ...‬ال متتعض اي يسوع إذا ما ُ‬ ‫يرد مجالئيل على يوسف‪ ،‬بل يلتفت إىل يسوع‪ّ « :‬‬ ‫ال ّ‬
‫اعتقدت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مرة‪ ،‬عندما كان هلليل العظيم واحلكيم ما يزال على قيد احلياة‪،‬‬ ‫متشبّثاً أبفكاري‪ ...‬ذات ّ‬
‫وهو مثلي‪ ،‬أ ّن ماسيا كان يف إسرائيل‪ .‬وميض عظيم للشمس اإلهليّة يف يوم شتاء ابرد‪ ،‬مل يكن يريد‬
‫أن ينتهي! كان الفصح‪ ...‬وكان الناس يرجتفون بسبب موسم اجلليد‪ ...‬بعد مساعي لتلك الكلمات‬
‫أبول بريق‬
‫لت‪" :‬إسرائيل قد َخلص! ومنذ اليوم وفرة يف احلقول وبـََرَكة يف القلوب! لقد ظَ َهَر ال ُـمنتَظَر ّ‬‫قُ ُ‬
‫ين يف تلك السنة ذات الثالثة عشر شهراً‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫له"‪ .‬ومل أخطئ‪َ .‬يكنكم مجيعاً أن تتذ ّكروا أي حمصول ُج َ‬
‫استمر األمر كذلك‪»...‬‬
‫و ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 619 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتفوه هبا؟»‬ ‫ِّ‬
‫عت؟ ومن ذا الذي كان ّ‬
‫«أيّة كلمات َمس ُ‬
‫لكن هللا كان يتألّق يف وجهه الربيء اجلميل‪ ...‬منذ تسع‬
‫«لقد كان يف أواخر سين الطفولة‪ ...‬و ّ‬
‫عشرة سنة وأان أف ّكر بذلك‪ ،‬وأحتفظ بتلك الذكرى‪ ...‬وأسعى ألن أمسع ذلك الصوت مرة أخرى‪...‬‬
‫أي جزء من األرض ُيتضنه؟ أان أف ّكر‪ ...:‬لقد كان هو هللا على‬ ‫لقد كان كالمه كالم حكمة‪ّ ...‬‬
‫شكل طفل‪ ،‬لكي ال َييف اإلنسان‪ .‬مثل الربق وهو يعرب األجواء‪ ،‬فتبدو السماء سريعة يف الشرق‬
‫إهلي‪،‬‬
‫الصالح الرحيم‪ ،‬وبصوت ووجه طفل وفكر ّ‬ ‫اإلهلي‪ ،‬مبظهر ّ‬
‫والغرب‪ ،‬يف الشمال واجلنوب‪ ،‬هو‪ّ ،‬‬
‫جيوب األرض ليقول للناس‪" :‬أان هو"‪ .‬كذا هو فكري‪ ...‬مّت سيعود إىل إسرائيل؟‪ ...‬مّت؟ وأف ّكر‪:‬‬
‫ويئن قليب لدى رؤييت حقارة إسرائيل‪ :‬أبداً‪ .‬آه!‬
‫مّت ستكون أرض إسرائيل هيكالً لقدميه اإلهليّتني؟ ّ‬
‫حتل‪ ،‬متمثّلة يف شخص مسيحه‪ ،‬طاملا الكراهية‬ ‫إجابة قاسية! وهي حقيقيّة! هل َيكن للقداسة أن ّ‬
‫متأصلة فينا؟»‬
‫ّ‬
‫ألهنا رمحة‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬
‫«َيكنها ذلك‪ ،‬بل تفعلها ّ‬

‫احلقيقي؟»‬
‫ّ‬ ‫امسك‬
‫يَنظُر إليه مجالئيل مف ّكراً مثّ يسأله‪« :‬ما هو َ‬
‫الرب‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫يَنتَصب يسوع مهيباً ويقول‪« :‬أان هو الكائن‪ .‬فكر وكلمة اآلب‪ .‬أان مسيح ّ‬
‫هاك‬
‫قداستك‪ ،‬إّّنا ذاك الطفل الذي أؤمن به‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫أنت؟‪ ...‬ال أستطيع التصديق‪ .‬عظيمة هي‬ ‫« َ‬
‫ما قاله آنذاك‪" :‬سأعطي إشارة‪ ...‬سوف ترتعد هذه احلجارة عندما حتني ساعيت"‪ .‬وأان أنتظر تلك‬
‫أنت هو ال ُـمنتَظَر؟»‬
‫ك َ‬ ‫أَيكنك أن تعطيين ّإايها لتقنعين أبنّ َ‬
‫َ‬ ‫اإلشارة ألؤمن‪.‬‬

‫كالُها‪ ،‬اآلن‪ ،‬واقفان‪ ،‬عظيمان ومهيبان‪ ،‬الواحد يف ثوبه الواسع من الكتّان األبيض‪ ،‬واآلخر‬
‫السن‪ ،‬واآلخر شاب بعينني سائدتني وعميقتني‪،‬‬
‫يف ثوبه البسيط من الصوف األمحر القامت‪ ،‬الواحد كبري ّ‬
‫كل منهما ينظر إىل اآلخر إبمعان‪.‬‬
‫و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 620 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مثّ َيفض يسوع ذراعه اليمىن اليت كانت منثنية على صدره؛ وكما لو كان يقسم‪ ،‬يهتف‪« :‬تريد‬
‫أردد العبارات القدَية‪" :‬حجارة اهليكل سوف ترتعد عند‬ ‫لك! ها أنذا ّ‬ ‫هذه اإلشارة‪ ،‬وسوف تكون َ‬
‫ت تبغي‬ ‫ِّ‬
‫كلمايت األخرية"‪ .‬انتَظر هذه اإلشارة اي فقيه إسرائيل‪ ،‬أيّها الرجل املستقيم‪ ،‬مثّ آمن إذا ما كن َ‬
‫ك ال تستطيع ذلك‪ .‬زهور من‬ ‫كنت تستطيع اإلَيان! ولكنّ َ‬
‫لك منذ اآلن لو َ‬ ‫الغفران واخلالص‪ .‬طوىب َ‬
‫احلق‬
‫وجهك طريق ّ‬ ‫َ‬ ‫حق‪ ،‬وأكوام من الكربايء‪ ،‬كجدار‪ ،‬تس ّد يف‬ ‫اإلَيان املغلوط خبصوص وعد ّ‬
‫واإلَيان‪».‬‬

‫معك‪».‬‬
‫الرب َ‬
‫«حسناً تقول‪ .‬سأنتظر هذه اإلشارة‪ .‬وداعاً‪ .‬فليكن ّ‬
‫ك‪».‬‬
‫ويوج ْه َ‬ ‫«وداعاً اي مجالئيل‪ .‬فلينِّ‬
‫األزيل ّ‬
‫ّ‬ ‫الروح‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اجلميع ُييّون مجالئيل الذي ينصرف مع نيقودَيوس ويوحنّا ومسعان الذي من اجملمع‪ .‬ويبقى‬
‫يسوع مع يوسف ولعازر وتوما ومسعان الغيور وكورنيليوس‪.‬‬

‫لست أجنح‬ ‫تالميذك‪ ،‬وزن ِّ‬


‫صاحلك‪ ...‬و ُ‬
‫َ‬ ‫فاصل يف‬ ‫َ َ‬ ‫«إنّه ال يستسلم!‪...‬أمتىن لو يكون من ضمن‬
‫يف ذلك‪ ».‬يقول يوسف‪.‬‬

‫«ال حتزن‪ .‬فال َيكن ألي مؤثّر أن ينقذين من الصاعقة اليت تتهيّأ اآلن‪ .‬إّّنا مجالئيل‪ ،‬فإذا مل‬
‫يقف يف صفي ولصاحلي‪ ،‬فلن يقف كذلك ض ّد املسيح‪ .‬إنّه واحد يَنتَ ِّظر‪»...‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 621 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -82‬شفاء طفل مشرف على املوت‪ .‬اجلندي اسكندر‪ .‬إنذار إىل يسوع)‬

‫‪1945 / 02 / 22‬‬

‫هو ذا اهليكل ِّمن الداخل‪ .‬يسوع مع أتباعه قرب اهليكل‪ ،‬أي املكان املق ّدس حيث ينبغي ّأال‬
‫يتم الوصول إليها عرب ردهة‪ ،‬وعرب‬ ‫يدخل أحد سوى الكهنة‪ ،‬وفقط الكهنة‪ .‬إ ّهنا فسحة مجيلة ج ّداً ّ‬
‫يتم العبور إىل الشرفة العالية‪ ،‬اليت عليها يوجد ُم َك َّعب القدس‪ .‬ال فائدة! لقد‬
‫ردهة أخرى أكثر ثراء‪ّ ،‬‬
‫مرة‪ ،‬وإ ْن بسبب املكان‪ ،‬وإن بسبب جهلي ابملصطلحات وعدم‬ ‫مرة‪ ،‬ووصفتُهُ ألفي ّ‬
‫أيت اهليكل ألف ّ‬
‫ر ُ‬
‫يظل وصفي هلذا املكان ال ُـم ََتف‪ ،‬بل قُل املكان‬‫تصور ملخطّط املكان‪ ،‬فسوف ّ‬ ‫قدريت على تكوين ّ‬
‫املتاهة‪ ،‬انقصاً على الدوام‪.‬‬

‫كل يصلّي على‬


‫شاهدون أثناء الصالة‪ .‬هناك كثري من اإلسرائيليّني اآلخرين‪ ،‬رجال فقط‪ ،‬و ّ‬‫يُ َ‬
‫هواه‪ .‬إنّه املساء املبكر ليوم كئيب من ّأايم تشرين الثاين (نوفمرب)‪.‬‬
‫جلَبة‪ ،‬يدوي خالهلا صوت صاخب ومضطرب لرجل ي ِّ‬
‫قسم ابلالتينية‪ ،‬ومع صوته متتزج أصوات‬ ‫ُ‬ ‫ََ ّ‬
‫حاد‪« :‬آه! دعوه يذهب‪ .‬هو يقول‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ص َخب شجار‪ .‬ويهتف صوت امرأة ّ‬‫حادة وزاعقة‪ .‬كأنّه َ‬
‫إسرائيليّني ّ‬
‫إنّه هو َمن سوف ينقذه‪».‬‬

‫يُقاطَع خشوع املساحة املَتفة‪ .‬تلتفت رؤوس كثرية صوب اجلهة اليت أتيت األصوات منها‪ .‬يهوذا‬
‫يوطي املوجود هنا أيضاً مع التالميذ يلتفت إىل تلك اجلهة‪ .‬وبفضل قامته الكبرية يتح ّقق‬ ‫االسخر ّ‬
‫ك حرمة املكان املق ّدس!‬‫ويقول‪« :‬إنّه جندي روماينّ ُياول الدخول! إنّه ينتَ ِّهك احلرمات‪ .‬لقد انتَـ َه َ‬
‫ويردد كثريون كالمه‪.‬‬
‫اي للفظاعة!» ّ‬
‫لست أعرف ماذا أفعل‬
‫«دعوين ُأمّر أيّها اليهود الكالب! يسوع هنا‪ .‬أان أعلَم! وهو َمن أبغي! ُ‬
‫عين أيّها ِّّ‬
‫الضباع املنافقون‪»...‬‬ ‫حبجارتكم السخيفة‪ .‬الطفل َيوت‪ ،‬وهو َمن ينقذه‪ .‬إليكم ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 622 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صلها‬ ‫َ‬ ‫يتوجه مباشرة صوب الردهة اليت جيري حتتها ِّّ‬
‫الشجار‪ .‬ي ِّ‬
‫درك أنّه هو املراد‪ّ ،‬‬‫يسوع الذي يُ ِّ‬
‫ويهتف‪« :‬هدوءاً واحَتاماً هلذا املكان وساعة التقدمة‪».‬‬

‫«آه! اي يسوع! سالماً! أان اسكندر‪ .‬ابتعدوا أيّها الكالب‪».‬‬

‫الوثين‪ ،‬الذي جيهل ماذا يعين لنا هذا‬


‫بكل هدوء‪« :‬نعم‪ ،‬ابتعدوا‪ .‬وسوف آخذ ّ‬
‫ويقول يسوع ّ‬
‫املكان‪ ،‬بعيداً‪».‬‬
‫ِّ‬
‫ابجلندي الذي كان درعه ملطّخاً ابلدم‪« .‬هل ُج ِّر َ‬
‫حت؟ هيّا‪ .‬ال‬ ‫ّ‬ ‫يفسح اجملال ويلتقي يسوع‬
‫َيكننا الوقوف هنا‪ ».‬وأيخذه بعيداً عرب الفسحة األخرى‪ ،‬وأبعد أيضاً‪.‬‬

‫مين حصاين قرب أنطونيا وأوقَـ َعهُ‪ .‬وقد فَـتَ َحت حوافره‬
‫ت ّ‬ ‫لست أان اجملروح‪ .‬بل طفل‪ ...‬لقد أفلَ َ‬
‫« ُ‬
‫لكن ذلك‬ ‫الصيب‪ .‬وقد قال الطبيب بروكول‪" :‬ال َيكن فعل شيء!" أان‪ ...‬ليست غلطيت‪ ...‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫رأس‬
‫"أما الطبيب فال‪ ،‬و ّأما‬
‫فقلت‪ّ :‬‬ ‫متر‪ ...‬آتياً إىل هنا‪ُ ...‬‬
‫ك ّ‬ ‫كنت قد رأيتُ َ‬
‫حصل بسبيب‪ ،‬وأ ُّمه هنا ايئسة‪ .‬و ُ‬
‫وقلت أيضاً‪" :‬هيّا أيّتها املرأة‪ :‬فيسوع سوف يشفيه"‪ .‬ولقد َح َجَزين هؤالء املعتوهون‪...‬‬ ‫هو فَـبَـلَى"‪ُ .‬‬
‫والطفل يوشك أن َيوت‪».‬‬

‫«أين هو؟» يسأل يسوع‪.‬‬

‫اجلندي الذي رأيتُهُ سابقاً عند ابب السمك‪.‬‬


‫ّ‬ ‫«حتت ذاك الرواق‪ ،‬على صدر ّأمه‪ ».‬جييب‬

‫وُيث يسوع اخلطى‪ ،‬يتبعه أتباعه وموكب من الناس‪.‬‬


‫«هيّا بنا‪ّ ».‬‬
‫َيزقها األمل‪ ،‬وهي‬ ‫ِّ‬
‫َّرجات‪ ،‬عند مدخل الرواق‪ُ ،‬مسن َدة ظهرها إىل عامود‪ ،‬توجد امرأة ّ‬ ‫على الد َ‬
‫شر َجة‬
‫وح َ‬
‫تبكي ابنها املشرف على املوت‪ .‬الطفل بلون الَتاب‪ ،‬شفتاه بنفسجيّتان‪ ،‬شبه منفرجتني‪َ ،‬‬
‫املخ‪ .‬رابط يش ّد رأسه‪ ،‬والدم على جبهته وقَـ َفا عنقه‪.‬‬
‫وصفيّة ملصاب جبرح يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 623 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«رأسه مفتوح من األمام ومن اخللف‪ ،‬وقد ظَ َهَر خمّه‪ .‬فالرأس يف هذه السن غض طري‪ ،‬واحلصان‬
‫قوي‪ ،‬واحلديد يف حوافره كان حديثاً‪ ».‬يشرح اسكندر‪.‬‬‫ّ‬
‫يسوع قرب املرأة اليت ال تتكلّم‪ّ .‬إهنا حتتضر هي ايضاً‪ ،‬قرب ابنها الذي َيوت‪ .‬يضع رأسه على‬
‫ِّ‬
‫صغريك‪».‬‬ ‫رأسها‪« .‬ال تبكي اي امرأة‪ ».‬يقوهلا يسوع بلطفه املعهود‪ ،‬لطفه الالمتناهي‪ِّ « .‬آم ِّين‪ .‬أعطيين‬
‫تنظر إليه املرأة مشدوهة‪ .‬بينما اجلميع ُُي ِّملون اجلندي املسؤولية‪ ،‬ويتحسرون على ِّ‬
‫احملتضر و ّأمه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫االهتامات اجلائرة‪ ،‬والشفقة واألمل‪.‬‬
‫نازعه مشاعر الغضب‪ ،‬اليت تثريها فيه ّ‬
‫ّأما اسكندر فتَـتَ َ‬
‫جيلس يسوع جبانب املرأة‪ ،‬بعد أن رأى ّأهنا مل تَـعُد تَعي القيام أبيّة حركة‪ .‬ينحين‪َ ،‬يسك بني‬
‫يديه الطويلتني الرأس الصغري اجملروح‪ ،‬وينحين أكثر ليدنو من الوجه الشاحب‪ ،‬ويَن ُفخ يف الفم الذي‬
‫صب‬ ‫ُُيشرِّج‪ ...‬حلظة‪ ،‬مث يبتسم ابتسامة تكاد تُرى من خالل خصالت الشعر املتدلّية على جبهته‪ .‬ينتَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫فتضمه إىل‬
‫األم أن تكون هذه صحوة املوت‪ّ ،‬‬ ‫من جديد‪ .‬يَفتَح الطفل عينيه وُياول اجللوس‪ .‬ختشى ّ‬
‫قلبها‪.‬‬

‫ماداً‬
‫إيل‪ ».‬يقول يسوع الذي ما يزال جالساً جانب املرأة‪ّ ،‬‬ ‫«دعيه اي امرأة‪ .‬أيّها الطفل‪ ،‬تعال ّ‬
‫له ذراعيه‪ ،‬وهو يبتسم‪ .‬ويلقي الطفل بنفسه بثقة بني ذراعيه‪ .‬يبكي‪ ،‬ليس من األمل‪ ،‬إّّنا ِّمن اخلوف‬
‫الذي تعيده إىل ذهنه ذكرى احلادثة‪.‬‬

‫كل شيء قد انتهى‪ .‬هل ما زال‬


‫«مل يـَعُد يوجد جياد‪ .‬مل يـَعُد يوجد‪ ».‬يقول يسوع ليطمئنه‪ّ « .‬‬
‫ملك؟»‬ ‫هنا يؤ َ‬
‫«ال‪ .‬ولكنّين خائف‪ .‬خائف!»‬

‫إيل ابملاء‪ .‬الدم والرابط‬


‫كل شيء اآلن‪ّ .‬‬‫«ترين اي امرأة‪ .‬مل يعد هناك سوى اخلوف‪ .‬ها قد انتهى ّ‬
‫احاتك اي يوحنّا‪ ...‬خذ اي صغريي‪ .‬كل‪ّ .‬إهنا لذيذة‪»...‬‬
‫يثريانه‪ .‬أعطين واحدة من ت ّف َ‬
‫أيتون ابملاء‪ .‬واسكندر كذلك ُيمل املاء يف خوذته‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 624 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتهيّأ يسوع لينـزع الرابط‪ .‬و ّأم الطفل واسكندر يقوالن‪« :‬ال! ح ّقاً لقد عادت إليه احلياة‪...‬‬
‫لكن رأسه مفتوح!‪ »...‬يبتسم يسوع وينـزع الرابط‪ .‬لفة‪ ،‬اثنتان‪ ،‬ثالث‪ ،‬مثاين لفات‪ .‬يَن َـزع الرابط‬ ‫و ّ‬
‫حّت قفا العنق‪ ،‬إىل اليمني‪ ،‬توجد خثرة دم واحدة‪ ،‬ما زالت رخوة‪،‬‬ ‫امللطّخ ابلدم‪ .‬من منتصف اجلبهة ّ‬
‫بني شعرات الطفل‪ .‬يـَُر ِّطّب يسوع الرابط ويغسلها‪.‬‬

‫لت اخلَثرة فسيتدفّق الدم من جديد‪ ».‬يصر اسكندر‪.‬‬


‫«ولكن اجلرح حتتها‪ ...‬وإذا ما أز َ‬
‫األم عينيها لكي ال ترى‪.‬‬
‫وتغلق ّ‬
‫حّت تزول اخلثرة‪ ...‬ها هو الشعر نظيف‪ ،‬وما يزال رطباً‪ .‬إّّنا ال‬ ‫يغسل يسوع ويغسل‪ ،‬ويغسل ّ‬
‫أثر للجرح حتته‪ .‬واجلبهة أيضاً قد ُش ِّفيَت‪ .‬ابلكاد يوجد أثر امحرار حيث تَ َش َّكل اجلرح‪.‬‬

‫تتجرأ املرأة وتنظر‪ ،‬وعندما تَرى‪ ،‬ال تعود تتمالك نفسها‪ ،‬فَتمي‬
‫يصرخ الناس من الدهشة‪ّ .‬‬
‫ويتحمل يسوع هذا العناق‪ ،‬وهذا الوابل من الدموع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بنفسها على يسوع وتعانقه هي وابنها وتبكي‪.‬‬

‫كنت أأت ّمل لقتلي هذا الربيء‪».‬‬


‫أشكرك اي يسوع‪ ».‬يقول اسكندر‪ُ « .‬‬
‫« َ‬

‫خدمتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫كنت متلك الثقة والصالح‪ .‬وداعاً اي اسكندر‪ .‬عد إىل‬
‫«قد َ‬
‫كان اسكندر مزمعاً على الذهاب عندما‪ ،‬فجأة وكإعصار‪ ،‬يصل مأمورو اهليكل والكهنة‪.‬‬
‫ك حرمته‪ .‬ويف‬ ‫الوثين الذي انتَـ َه َ‬
‫أنت و ّ‬ ‫يبلغك‪ ،‬بواسطتنا‪ ،‬األمر ابخلروج من اهليكل‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«كبري الكهنة‬
‫املرة األوىل‬
‫خمصص إلسرائيل‪ .‬وهذه ليست ّ‬ ‫احلال‪ .‬فلقد ع ّكرمتا تقدمة البخور‪ .‬وذاك َد َخ َل إىل مكان ّ‬
‫أنت‪ .‬لذلك‪ ،‬فكبري الكهنة ومعه ذوو ا ِّلق َدم يف اخلدمة‬‫بسببك َ‬ ‫َ‬ ‫اليت َحت ُدث فيها ضجة يف اهليكل‬
‫يك‪».‬‬‫قدماك داخل هذا املكان‪ .‬اذهب وابق مع وثنيّ َ‬
‫أبال تطأ َ‬ ‫أيمرونك ّ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 625 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«حنن أيضاً لسنا كالابً‪ .‬وهو من يقول ذلك‪" :‬ال يوجد سوى إله واحد‪ ،‬وهو الذي َخلَ َق اليهود‬
‫كنت أان خليقتَه‪ ،‬فبإمكاين الدخول‪ ،‬أان أيضاً‪».‬‬
‫والرومانيّني على السواء"‪ .‬فإذا كان هذا بيته‪ ،‬وإذا ُ‬
‫يتفوهون بكلمة ”وثنيّني“‪.‬‬
‫جييب اسكندر‪ ،‬وقد َجَر َحه االحتقار الذي أبداه الكهنة وهم ّ‬
‫الزم الصمت اي اسكندر‪ ،‬سأتكلّم أان‪ ».‬يقاطعه يسوع الذي يعيد الطفل إىل ّأمه بعد أن‬ ‫«َ‬
‫حقيقي‪ ،‬مل‬ ‫ي‬ ‫ائيل‬
‫إسر‬ ‫مؤمن‬ ‫نع‬‫م‬ ‫ألحد‬ ‫َيكن‬ ‫ال‬ ‫«‬ ‫يطرده‪:‬‬ ‫أتى‬ ‫الذي‬ ‫للجمع‬ ‫يقول‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ص‬‫يقبله‪ ،‬وينتَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتم ّكن أحد من إثبات أنّه يف حال اخلطيئة‪ِّ ،‬من أن يصلّي قرب القدس‪».‬‬
‫«إّّنا َشرح الشريعة يف اهليكل‪ ،‬فنعم‪ .‬لقد ّاختذت لنفسك ح ّقاً ليس لك ودون أن ِّ‬
‫تستأذن‪ .‬من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لك هبما؟»‬ ‫حق َ‬‫لنفسك امساً ومكاانً ال ّ‬
‫َ‬ ‫يعرفك؟ وكيف تنتحل‬
‫تكون؟ من َ‬
‫يوطي‪ ،‬تق ّدم هنا‪».‬‬
‫ينظر إليه يسوع بعينني! مثّ يقول‪« :‬يهوذا االسخر ّ‬
‫متحمساً هلذه الدعوة‪ .‬وقد كان ُياول التواري منذ قدوم الكهنة ومأموري اهليكل‬
‫ال يبدو يهوذا ّ‬
‫املهمة مدنيّة‪ ).‬إّّنا عليه أن يطيع‪ ،‬أل ّن بطرس ويوضاس بن‬
‫(هم ال يرتدون زّايً عسكرايً‪ ،‬فقد تكون ّ‬
‫حلفا يدفعانه إىل األمام‪.‬‬

‫«يهوذا‪ ،‬أجب‪ ».‬يقول يسوع‪« .‬وأنتم انظروا إليه‪ .‬إنّكم تعرفونه‪ .‬إنّه من اهليكل‪ .‬أتعرفونه؟»‬

‫بقوة‪« :‬نعم‪».‬‬
‫املفروض أن جييبوا ّ‬
‫ك وكيف‬ ‫املرة األوىل؟ ِّ‬
‫ارو هلم دهشتَ َ‬ ‫مت هنا يف ّ‬
‫منك فعله عندما تكلّ ُ‬
‫طلبت َ‬
‫«يهوذا‪ ،‬ما الذي ُ‬
‫أجبت‪ .‬قل وكن صادقاً وصرُياً‪».‬‬
‫ومباذا َ‬
‫وبني هويّته‬
‫صَّرح عن امسه َّ‬
‫«لقد قال يل‪" :‬ادعُ مأمور اخلدمة ألمت ّكن من االستئذان ابلوعظ"‪ .‬مثّ َ‬
‫شت لذلك‪ ،‬العتقادي أب ّهنا شكليّات ال طائل منها‪ ،‬ألنّه ي ّدعي أنّه ماسيا‪ .‬وقد‬ ‫ِّ‬
‫وعشريته‪ ...‬أان ُده ُ‬
‫ِّ‬
‫صر يف واجب االحَتام للهيكل‬ ‫ضروري‪ ،‬وعندما أتيت الساعة‪ ،‬تذ ّكر أنّين مل أُقَ ّ‬
‫ّ‬ ‫قال يل‪" :‬ما أقوم به‬
‫للحق ينبغي يل أن أقوهلا‪ .‬يف البدء تَ َكلَّ َم يهوذا دوّنا ثقة كبرية‪ ،‬كما‬
‫واملأموريّة"‪ .‬نعم‪ ،‬لقد قال ذلك‪ .‬و ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 626 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت‬
‫اخلاصة‪ ،‬تو َاز َن‪ّ ،‬‬
‫التحول املفاجئ الذي هو من صفاته ّ‬
‫لو أ ّن األمر كان يزعجه‪ .‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬بفعل ّ‬
‫كاد أن يُصبِّح متغطرساً‪.‬‬

‫بك‪ ».‬أحد الكهنة يتّهم يهوذا‪.‬‬


‫خنت ثقتنا َ‬
‫بدفاعك عنه‪ .‬لقد َ‬
‫َ‬ ‫«إنّين أتفاجأ‬

‫َخن أحداً‪ .‬كم منكم ينتمون إىل املعمدان! هل هم خونة من أجل ذلك؟ وأان أنتمي إىل‬
‫«مل أ ُ‬
‫املسيح‪ .‬هو ذا‪».‬‬

‫«جيب ّأال يتح ّدث هذا هنا‪ .‬فليأت كأحد املؤمنني‪ .‬وهذا كثري على صديق الوثنيّني والزواين‬
‫العشارين‪».‬‬
‫و ّ‬
‫«أجيبوين اآلن‪ ».‬يقول يسوع بصرامة‪ ،‬ولكن هبدوء‪« .‬من هم َذوو ِّ‬
‫الق َدم يف اخلدمة؟»‬ ‫َ‬
‫« ّإهنم دوراس وفليكس من اليهود‪ .‬ويواكيم من كفرانحوم‪ ،‬ويوسف من إيطورية‪».‬‬

‫فهمت‪ .‬هيا بنا‪ .‬وأنتم عودوا إىل املت َِّّهمني الثالثة‪ ،‬إذ ال َيكن أن يكون اإليطوري كذلك‪،‬‬
‫« ُ‬
‫وقولوا هلم‪" :‬إ ّن اهليكل ليس إسرائيل كلّها‪ ،‬وإسرائيل ليست العامل أبكمله‪ .‬إ ّن لعاب الزواحف‪ ،‬مهما‬
‫حتركايت بني الناس‪ ،‬طاملا ساعيت‬
‫يشل ذهايب وإاييب‪ّ ،‬‬
‫ساماً‪ ،‬فلن يطغى على صوت هللا‪ ،‬وال مسّه ّ‬ ‫كان ّ‬
‫أتت بعد"‪ .‬ومثّ‪ ...‬آه! قولوا هلم‪ :‬بعدئذ سيَح ُكم الناس على اجلالدين ويشيدون ابلضحيّة‪ ،‬جبعلهم‬ ‫مل ِّ‬
‫فلنمض‪ ».‬ويرتدي يسوع من جديد معطفه األمحر الثقيل وَيرج‬‫ِّ‬ ‫ّإايها حبّهم األوحد‪ .‬اذهبوا‪ّ .‬أما حنن‪،‬‬
‫وسط أتباعه‪.‬‬

‫ظل أثناء احلوار خارج السور قرب برج أنطونيا‪ ،‬يقول‪:‬‬


‫اسكندر الذي كان خلفهم‪ ،‬والذي ّ‬
‫لك ابلتعنيف‪».‬‬
‫بت َ‬ ‫منك العفو ألنّين تسبّ ُ‬
‫يك أيّها املعلّم وأَطلب َ‬
‫«أحيّ َ‬
‫أنت فحتماً يكون آخر‪...‬‬
‫هتتم! كانوا يفتّشون عن سبب وقد َو َجدوه‪ .‬وإن مل يكن َ‬
‫«آه! ال ّ‬
‫لك‬
‫متوحشة وثعابني‪ ،‬أليس كذلك؟ فإذن أقول َ‬
‫أنتم يف روما‪ ،‬تُقيمون ألعاابً يف السريك مع حيواانت ّ‬
‫متوحش أكثر شراسة وأكثر غدراً من اإلنسان الذي يريد قتل آخر‪».‬‬
‫إنّه ال يوجد حيوان ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 627 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل املناطق الرومانيّة يف خدمة القيصر‪ .‬ولكنّين‪ ،‬ابلرغم من آالف‬
‫جبت ّ‬‫لك إنّين ُ‬‫«وأان أقول َ‬
‫مثلك! إ ّهنم حمبّون‬
‫منك‪ .‬ال‪ ،‬فآهلتنا ليسوا إهليّني َ‬
‫ط إنساانً أكثر ألوهة َ‬ ‫آالف اللقاءات‪ ،‬مل أجد ق ّ‬
‫لست فقط إنساانً‪.‬‬
‫ك َ‬ ‫حقيقي‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫ّ‬ ‫ك إنسان‬‫أنت فصاحل‪ ،‬إنّ َ‬
‫لالنتقام‪ ،‬قَـتَـلَة‪ ،‬مشاجرون‪ ،‬كاذبون‪ّ .‬أما َ‬
‫سالماً اي معلّم‪».‬‬

‫«وداعاً اي اسكندر‪ .‬فلنمض قُ ُدماً يف النور‪».‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 628 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -83‬يسوع يتح ّدث إىل نيقودَيوس‪ ،‬أثناء الليل‪ ،‬يف اجلسمانيّة)‬

‫‪1945 / 02 / 24‬‬

‫يسوع يف مطبخ البيت الصغري الذي يف كرم الزيتون‪ ،‬على العشاء مع ُر ُسله‪ .‬يتح ّدثون حول‬
‫فت يف ما َسلَف (الرؤاي السابقة)‪ ،‬إذ إنّين‬
‫ص ُ‬‫ُجمرايت أحداث النهار‪ ،‬وهي‪ ،‬حينئذ‪ ،‬ليست تلك اليت َو َ‬
‫َيص أحدااثً أخرى‪ ،‬منها شفاء أبرص بني املدافن على طريق بيت فاجي‪.‬‬ ‫أخلُص إىل أ ّن احلديث ّ‬
‫«كان هناك قائد مئة يَنظُر‪ ».‬يقول برتلماوس‪ ،‬ويضيف‪« :‬لقد سأَلَين وهو على صهوة حصانه‪:‬‬
‫صَر َخ‪" :‬إنّه إذن أعظم من‬ ‫ِّ‬
‫"هل الرجل الذي تَتبَع كثرياً ما يفعل أشياء ُمشاهبة؟" وبعد إجابيت املؤّكدة َ‬
‫أسكوالب‪ ،‬وسوف يصبح أكثر ثراء من كريزوس"‪ .‬فأجبتُه‪" :‬بل سوف يظل فقرياً على الدوام يف نَظَر‬
‫إيل قائد املئة‬
‫احلق"‪ .‬ونَظََر ّ‬
‫العامل‪ ،‬ألنّه ال أيخذ‪ ،‬بل يعطي‪ ،‬وهو ال يبغي سوى نفوس يقودها إىل هللا ّ‬
‫بدهشة عظيمة‪ .‬مثّ َُهََز جواده ومضى خبباً‪».‬‬
‫«كذلك كانت هناك امرأة رومانية على احمل ّفة‪ .‬ال َيكن أن تكون سوى امرأة‪ .‬كانت قد أ ِّ‬
‫ُسدلَت‬ ‫ّ‬
‫الستائر‪ّ ،‬إال ّأهنا كانت تَنظُر إىل اخلارج‪ .‬هذا ما رأيتُه‪ ».‬يقول توما‪.‬‬

‫صَر َخ األبرص‪:‬‬
‫«نعم‪ ،‬لقد كانت عند ّأول منعطف الطريق‪ .‬ولقد أعطَت أوامرها ابلتوقّف عندما َ‬
‫وض ِّح َكت بته ّكم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫إليك بعدسة م ّكربة مثينة‪َ ،‬‬
‫"اي ابن داوود ارمحين!" كان الستار قد أزيح‪ ،‬ورأيتُها تنظر َ‬
‫اندتين وسأَلَتين‪" :‬ولكن هل هذا هو الذي يقال‬ ‫منك فقط! عندئذ َ‬
‫أتك وقد َشفيتَه أبمر َ‬
‫ولكن عندما ر َ‬
‫أنت معه؟" مثّ َسأَلَت‪" :‬هل هو صاحل ح ّقاً؟"»‬
‫احلقيقي؟" أجبتُها بنعم‪ ،‬فقالت يل‪" :‬هل َ‬
‫ّ‬ ‫عنه إنّه ماسيا‬
‫يقول يوحنّا‪.‬‬

‫«إذن فلقد رأيتَها‪ .‬كيف كانت؟» يسأل بطرس ويهوذا‪.‬‬

‫«لقد كانت!‪ ...‬امرأة‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 629 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يوطي‪« :‬ولكن هل كانت مجيلة‪،‬‬
‫«اي له من اكتشاف!» يقول بطرس ضاحكاً‪ .‬ويتابع االسخر ّ‬
‫شابّة‪ ،‬غنيّة؟‪»...‬‬

‫كنت أنظر إىل يسوع ابستمرار أكثر من‬


‫«نعم‪ .‬يبدو يل ّأهنا كانت شابّة ومجيلة أيضاً‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫كنت أريد رؤية ما إذا كان املعلّم سيعاود املسري‪»...‬‬
‫نَظَري إليها‪ُ .‬‬
‫يوطي بني أسنانه‪.‬‬
‫«أبله!» يتمتم االسخر ّ‬
‫«ملاذا؟» يقول يعقوب بن زبدى مدافعاً عنه‪« .‬أخي ليس هلفواتً يسعى إىل املغامرات‪ .‬لقد‬
‫يتخل عن ِّص َفته األحسن‪».‬‬
‫أجاب أبدب‪ّ ،‬إال أنّه مل َّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يسأل‬ ‫»‬‫ة؟‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫«أية ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«تلك اليت لتلميذ ُيتفظ ملعلّمه حببّه األوحد‪»...‬‬

‫َيفض يهوذا رأسه ابستياء‪.‬‬

‫شاهد وأنت تتح ّدث إىل الرومانيّني‪ ».‬يقول فليبّس‪« .‬فإ ّن‬ ‫«ومثّ‪ ...‬من غري املستحسن أن تُ َ‬
‫أقل طهراً من اليهود ابلوالدة‪ .‬مثّ أيخذون علينا‬‫مأخذهم اآلن علينا أنّنا جليليون‪ ،‬وهلذا السبب نُعتََرب ّ‬
‫َ‬
‫طرباي‪ ،‬املكان الذي يلتقي فيه الوثنيّون والرومانيّون والفينيقيّون والسوريّون‪ ...‬مثّ‪...‬‬
‫اإلقامة غالباً يف ّ‬
‫أيضاً‪ ...‬آه! كم ينسبون إلينا من األمور!»‬

‫ك طيّب اي فليبّس‪ .‬تُغلّف قسوة احلقيقة اليت تقول‪ .‬إّّنا احلقيقة دون تغليف هي هنا‪ :‬كم‬
‫«إنّ َ‬
‫حّت ذلك الوقت‪.‬‬
‫ظل صامتاً ّ‬ ‫إيل أان إلدانيت‪ ».‬يقول يسوع الذي ّ‬ ‫من األمور ينسبوهنا ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫«يف حقيقة األمر‪ ،‬هم ليسوا خمطئني متاماً‪ .‬فكثري هو احتكاكنا ابلوثنيّني‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫«هل تعتقد أ ّن الوثنيّني هم فقط أولئك الذين ليس عندهم شريعة موسى؟» يقول يسوع‪.‬‬

‫«ومن غريهم إذن؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 630 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫قلبك؟ مثّ أن تقسم أ ّن اإلسرائيليّني األكثر‬
‫«يهوذا! هل تستطيع أن تقسم بربّنا أ ّن ال وثنيّة يف َ‬
‫تبيّناً هم منها براء؟»‬

‫عما‬
‫«ولكن أيّها املعلّم‪ ...‬ابلنسبة لآلخرين‪ ،‬ال أعرف شيئاً‪ّ ...‬أما أان فأستطيع أن أقسم ّ‬
‫َيصين‪».‬‬
‫ّ‬
‫تفكريك‪ ،‬ما هي الوثنيّة؟» يسأل أيضاً يسوع‪.‬‬
‫َ‬ ‫«حسب‬

‫«إّّنا هي اتّباع داينة غري حقيقيّة وعبادة اآلهلة‪ ».‬جييب يهوذا حبماس واندفاع‪.‬‬

‫«أيّة آهلة؟»‬

‫«آهلة اليوانن وروما وآهلة مصر‪ ...‬ابإلمجال هي اآلهلة ذات األلف اسم‪ ،‬لكائنات خياليّة‪ ،‬هي‬
‫حسب الوثنيّني متأل األوملب عندهم‪».‬‬

‫«أال توجد آهلة أخرى؟ هل هي فقط آهلة األوملب؟»‬

‫«أيّة آهلة أخرى أيضاً؟ هل يوجد منها الكثري؟»‬

‫«الكثري‪ ،‬نعم الكثري‪ .‬إّّنا هناك منها على اهلياكل اليت يقصدها الناس كلّهم ليحرقوا البخور‪،‬‬
‫الفريسيّون والص ّدوقيّون واهلريوديّون‪ ،‬وهؤالء مجيعهم أانس من‬
‫حّت الكهنة والكتبة واحلاخامون و ّ‬‫ّ‬
‫حّت تالميذي‪».‬‬
‫إسرائيل‪ ،‬أليس كذلك؟ ليس فقط هم بل ّ‬
‫الكل ابإلمجاع‪.‬‬
‫«آه! هذا ال!» يؤّكد ّ‬
‫«ال؟ أيّها األصدقاء‪ ...‬من منكم ليس لديه عبادة سريّة أو أكثر؟ الواحد لديه اجلمال والرشاقة‪.‬‬
‫يكرس الرجاء أبن يصبح عظيماً بشرّايً‪ .‬وآخر أيضاً يعبد املرأة‪ .‬وآخر‬ ‫ِّ‬
‫اآلخر كربايء علمه‪ ،‬وآخر ّ‬
‫احلق أقول لكم أبنّه ال يوجد إنسان غري‬‫الفضة‪ ...‬وآخر يسجد أمام معرفته‪ ...‬وهكذا دواليك‪ّ .‬‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 631 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫موسوم بعبادة األواثن؛ فكيف إذن ُُيتَـ َقر الذين‪ ،‬لسوء حظّهم‪ُ ،‬ولِّدوا وثنيّني‪ ،‬عندما‪ ،‬رغم االنتماء‬
‫احلق‪ ،‬يبقى املرء وثنيّاً إبرادته؟»‬
‫لإلله ّ‬
‫«ولكن‪ ،‬حنن بشر اي معلّم‪ ».‬يقول البعض‪.‬‬

‫أتيت من أجل اجلميع‪ ،‬وأنتم‬


‫«صحيح‪ ...‬وإذن‪ ...‬لتكن لديكم احملبّة جتاه اجلميع‪ ،‬إذ إنّين قد ُ‬
‫مين‪».‬‬
‫لستم أفضل ّ‬
‫ورسالتك تتعرقل بسبب ذلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ولكن‪ ،‬يف هذه الظروف‪ ،‬هم أيخذون علينا املآخذ‪،‬‬

‫«بل ستمضي قدماً رغم ذلك‪».‬‬

‫جيلس بطرس إىل جانب يسوع وهو مسرور ‪-‬ولذلك هو طيّب‪ ،‬طيّب‪ -‬ويقول بدوره‪« :‬يف ما‬
‫للمرة األوىل يف بيت عنيا‪ ،‬بعد عودة يهوديت‪،‬‬ ‫حّت منذ أن حت ّدثت ّ‬
‫َيص النساء‪ ،‬منذ ّأايم قليلة‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬
‫لست أدري كيف تعمل لتَعلَم بنواايان‪ .‬أعرف ّأهنا وسط اجلموع اليت تستمع‬‫حمجبة ال تين تتبعنا‪ُ .‬‬
‫وامرأة ّ‬
‫يتبعونك حينما تسري‪ ،‬أو أيضاً خلفنا حني ذهابنا لنعلن‬
‫َ‬ ‫إليك حينما تتح ّدث‪ ،‬أو خلف الناس الذين‬‫َ‬
‫املرة األوىل‪َُ ،‬هَ َست يل من خلف‬
‫قدومك يف األرايف‪ ،‬هي دائماً متواجدة‪ .‬ففي بيت عنيا‪ ،‬يف ّ‬ ‫َ‬ ‫عن‬
‫فقلت هلا أن نعم‪ .‬ويف املساء‬
‫الناصري؟" ُ‬
‫ّ‬ ‫احلجاب‪" :‬هل هذا الرجل الذي سوف يتح ّدث هو يسوع‬
‫إليك‪ .‬مث غابت عن ِّ‬
‫انظري‪ ،‬إّّنا اآلن‪ ،‬هنا يف أورشليم‪ ،‬فلقد رأيتُها‬ ‫كانت خلف جذع شجرة تستمع َ ّ‬
‫أنت مريضة؟ هل تريدين‬ ‫أنت يف حاجة إليه هو؟ هل ِّ‬ ‫مرتني أو ثالث‪ .‬ولقد سألتُها اليوم‪" :‬هل ِّ‬
‫ّ‬
‫كل ذلك إبشارة من رأسها أن ال‪ ،‬فهي ال تكلّم أحداً‪».‬‬ ‫ص َدقَة؟" وقد أجابت على ّ‬ ‫َ‬

‫« َسأَلَتين يوماً‪" :‬أين يقطن يسوع؟" ُ‬


‫وقلت هلا‪" :‬يف اجلتسمانيّة‪ »".‬يقول يوحنّا‪.‬‬

‫يوطي ساخطاً‪« .‬كان ينبغي ّأال تفعل‪ .‬كان املفروض أن‬


‫أحسنت أيّها األبله!» يقول االسخر ّ‬
‫َ‬ ‫«‬
‫نفسك‪ ،‬وأان أقول ِّ‬
‫لك"‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫عريف عن‬
‫تقول هلا‪" :‬انزعي احلجاب‪ّ ،‬‬
‫«ولكن منذ مّت حنن نطلب هذا الطلب؟!» يصرخ يوحنّا البسيط والربيء‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 632 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حمجبة ابلكامل‪ .‬وقد تكون جاسوسة أو مصابة‬‫« ّأما اآلخرون فإنّنا نراهم‪ .‬و ّأما هذه فهي ّ‬
‫ابلربص‪ .‬فإذا كانت جاسوسة‪ ،‬فلكي تسبّب لنا األذى‪ .‬وقد تكون مدفوعة من اجملمع الذي يريدها‬
‫أن تتبعنا‪»...‬‬

‫أنت متأ ّكد؟»‬


‫«آه! هل يلجأ اجملمع إىل مثل هذه الوسائل؟» يسأل بطرس‪« .‬هل َ‬
‫انتميت إىل اهليكل وأعلَم‪».‬‬
‫ُ‬ ‫«متام التأ ّكد‪ .‬فأان قد‬

‫«هذا مثالً!» يـُ َعلِّّق بطرس‪« .‬تلبسه الفكرة اليت ح ّددها املعلّم‪ ،‬منذ م ّدة وجيزة‪ ،‬مثل القبّعة‪»...‬‬

‫امحر يهوذا من الغضب‪.‬‬


‫«أيّة فكرة؟» وقد ّ‬
‫حّت بني الكهنة هناك وثنيّون‪».‬‬
‫«آه! ّ‬
‫«ما دخل هذا ابلدفع جلاسوس؟»‬

‫«له دخل! ال بل على العكس‪ ،‬هو ِّمن صلب املوضوع‪ ،‬فلماذا يدفعون؟ لإلجهاز على ماسيا‬
‫وأتكيد نصرهم‪ .‬وإذاً فهم ينتصبون على اهليكل بنفوسهم املدنَّسة حتت ثياب فاخرة‪ ».‬جييب بطرس‬
‫حبسه الشعيب الطيّب‪.‬‬
‫ّ‬
‫«حسناً‪ ،‬على العموم‪ »...‬يوجز يهوذا «هذه املرأة خطر علينا وعلى اجلمع‪ .‬على اجلمع إذا‬
‫كانت مصابة ابلربص‪ ،‬وعلينا إذا كانت جاسوسة‪».‬‬

‫يرد بطرس‪.‬‬
‫«ليس علينا‪ ،‬بل عليه حتديداً‪ّ ».‬‬
‫«ولكنّه إذا سقط هو فسنسقط كلّنا كذلك‪»...‬‬

‫ويتهشم‪ .‬لقد جازفنا‬


‫ّ‬ ‫«آه! آه!» يقول بطرس ضاحكاً‪ ،‬ويتابع‪« :‬إذا سقطنا فسيسقط الصنم‬
‫بزمنه وشهرته‪ ،‬وقد نكون جازفنا جبسده‪ .‬وإذن‪ ،‬آه! آه!‪ ...‬وإذن جيدر بنا حتاشي سقوطه‪ ،‬أو‪...‬‬
‫االبتعاد يف الوقت املناسب‪ ،‬أليس كذلك؟ ّأما أان فعلى العكس‪ ،‬انظر‪ ،‬إنّين أعانقه أبكثر التصاقاً‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 633 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ض َي عليه ِّمن قِّبَل خائين هللا‪ ،‬أسقط أان معه‪ ،‬هذه رغبيت‪ ».‬ويُطَِّّوق بطرس يسوع‬
‫حّت إذا ما هوى وقُ ِّ‬
‫ّ‬
‫بذراعيه القصريتني ويش ّده إليه‪.‬‬

‫الشر اي معلّم‪ ».‬يقول يوحنّا الذي يقف يف مواجهة يسوع وهو‬


‫كل هذا ّ‬ ‫فعلت ّ‬
‫«مل أكن أظنّين ُ‬
‫موتك!‪ ...‬آه!‬ ‫حزين ج ّداً‪« .‬اضربين‪ ،‬عاقبين‪ ،‬ولكن أ ِّ‬
‫كنت أان املتسبّب يف َ‬
‫نفسك‪ .‬فالويل يل لو ُ‬
‫َ‬ ‫َنقذ‬
‫فعلت؟ يهوذا‬
‫عيين‪ .‬ماذا ُ‬
‫أحس أبن الدموع كانت ستذيب وجهي وحترق ّ‬ ‫مل أكن ألستعيد السالم‪ّ .‬‬
‫حق‪ :‬إنّين أمحق!»‬
‫على ّ‬
‫أحسنت التصرف‪ .‬دعها أتيت دائماً‪ .‬و َِّ‬
‫احَتم حجاهبا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لست أبمحق‪ ،‬ولقد‬
‫أنت َ‬ ‫«ال اي يوحنّا‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫ض َعته لتحمي نفسها يف نزاعها بني اخلطيئة وتعطّشها للفداء‪ .‬هل تعلمون مدى اجلروح‬ ‫فقد تكون َو َ‬
‫قلت اي‬ ‫ِّ‬
‫اليت تصيب كائناً عندما يَستَعر هذا النـزاع؟ أتعرفون دموعه واالمحرار الذي يغلف وجهه؟ لقد َ‬
‫دموعك‬
‫َ‬ ‫وجهك كان سيذوب بفعل‬ ‫َ‬ ‫الطفويل والطيّب‪ ،‬إ ّن‬
‫ّ‬ ‫يوحنّا‪ ،‬أيّها االبن احلبيب‪ ،‬صاحب القلب‬
‫كنت مسبّباً ألذى يلحق يب‪ .‬إّّنا اعلَم أ ّن الضمري‪ ،‬عندما يصحو‪ ،‬يبدأ بقرض‬ ‫ك َ‬‫اليت ال تنضب لو أنّ َ‬
‫كل ما كان فتنة للجسد‪،‬‬ ‫بقوة على ّ‬‫جسد كان خطيئة‪ ،‬ليحطّمه وينتصر ابلروح‪ .‬فينبغي له أن يقضي ّ‬
‫واخلليقة إّّنا تشيخ وتذوي بفعل حرارة هذه النار اليت تكويه‪ .‬وليس سوى فيما بعد‪ ،‬عندما ُيني‬
‫الفداء‪ ،‬تعود فتصبح جديدة‪ ،‬مق ّدسة وأبهبى حلّة‪ ،‬إذ إ ّن هباء النفس يزهر يف النظرة واالبتسامة‬
‫حل عليه عفو هللا وأتلَّ َق مثل اتج‪».‬‬
‫والصوت وارتفاع اجلبني الذي ّ‬
‫التصرف؟‪»...‬‬
‫«إذاً‪ ،‬أان مل أسئ ّ‬
‫التصرف‪ .‬دعوها تفعل‪ .‬اذهبوا اآلن واسَتُيوا‪ .‬وسأبقى أان مع‬
‫«ال‪ .‬وكذلك بطرس مل يسئ ّ‬
‫يوحنّا ومسعان الل َذين ينبغي يل أن أحت ّدث إليهما‪ .‬اذهبوا‪».‬‬

‫لست أدري‪ .‬ولكنّهم َيضون‪،‬‬


‫ينصرف التالميذ‪ .‬من احملتمل ّأهنم ينامون يف غرفة معصرة الزيت‪ُ .‬‬
‫ومن املؤّكد ّأهنم مل يعودوا إىل أورشليم‪ ،‬فاألبواب موصدة منذ فَتة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 634 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت قرب برج‬
‫لك إسحق مع مكسيمني اليوم‪ ،‬عندما ُ‬
‫قلت اي مسعان إ ّن لعازر أرسل َ‬
‫«لقد َ‬
‫داود‪ .‬ماذا كان يريد؟»‬

‫مسحت لنفسي‬
‫ُ‬ ‫سراً‪ .‬وأان‬
‫إليك ّ‬
‫يود التحدث َ‬ ‫«كان يريد القول إ ّن نيقودَيوس عنده وقد كان ّ‬
‫لك‪:‬‬
‫قلت َ‬ ‫ِّ‬
‫وحدك‪ .‬لذلك ُ‬ ‫لديك سوى الليل لتكون َ‬ ‫"فليأت‪ ،‬سوف ينتظره املعلّم ليالً"‪ .‬فليس َ‬ ‫ابلقول‪:‬‬
‫"اصرف اجلميع‪ ،‬ما عدا يوحنّا وأان"‪ .‬فعلى يوحنّا الذهاب إىل جسر جدرة النتظار نيقودَيوس املوجود‬
‫التصرف؟»‬
‫أخطأت ّ‬
‫ُ‬ ‫عنك ابلتفاهم معهم‪ .‬هل‬
‫قمت َ‬
‫يف أحد بيوت لعازر‪ ،‬خارج األسوار‪ .‬فأان قد ُ‬
‫مكانك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت اي يوحنّا اذهب وخذ‬
‫«بل أحسنتَه‪ .‬و َ‬
‫لكن يسوع‬
‫وحيدين‪ .‬يسوع مستغرق يف التفكري‪ .‬ومسعان ُيَتم صمته‪ .‬و ّ‬‫ويبقى يسوع ومسعان َ‬
‫صرف‬
‫يقطعه فجأة‪ ،‬كما لو كان ينهي حواراً داخليّاً بصوت مرتفع‪ ،‬يقول‪« :‬نعم‪ ،‬حسناً يكون الت ّ‬
‫تتجسد وسط الصاحلني ولدى‬
‫هكذا‪ .‬يكفي إيلي وإسحق واآلخرون حلفظ حيويّة الفكرة اليت بدأت ّ‬
‫املتواضعني‪ّ .‬أما ابلنسبة ألصحاب النفوذ‪ ...‬فهناك ركائز أخرى‪ ،‬هناك لعازر وقوزى ويوسف وآخرون‬
‫لكن أصحاب النفوذ ال يرغبون يب‪ّ .‬إهنم يرجتفون خوفاً على سلطاهنم‪ .‬سأذهب إىل أبعد‬
‫أيضاً‪ ...‬و ّ‬
‫اليهودي‪ ،‬وهو أكثر عداء للمسيح على الدوام‪».‬‬
‫ّ‬ ‫من ذلك القلب‬

‫«هل نعود إىل اجلليل؟»‬

‫فأنت‬
‫«ال‪ .‬ولكن بعيداً عن أورشليم‪ .‬جيب تبشري اليهوديّة‪ .‬فهي أيضاً ضمن إسرائيل‪ّ ،‬أما هنا‪َ ،‬‬
‫كل شيء لإليقاع يب‪ .‬إنّين أنصرف‪ .‬وللمرة الثانية‪»...‬‬
‫ترى‪ ...‬يستغلّون ّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬هو ذا نيقودَيوس‪ ».‬يقول يوحنّا وهو يدخل ّأوالً‪.‬‬
‫يتبادلون التحيّة مث أيخذ مسعان يوحنّا وَيرجان من املطبخ‪ِّ ،‬‬
‫اترَكني االثنني وحدُها‪.‬‬

‫السر‪ .‬فأان ال أثق ابلكثري من الناس‪ ،‬من‬


‫إليك يف ّ‬ ‫رغبت ابلتح ّدث َ‬
‫«اعذرين اي معلّم إذا ما ُ‬
‫مساعدتك أكثر‬
‫َ‬ ‫جمرد ُجنب‪ ،‬بل هو من قبيل احليطة واحلذر والرغبة يف‬
‫تصريف ليس ّ‬
‫أجلك ومن أجلي‪ّ .‬‬‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 635 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بك‬
‫عجبون َ‬‫لديك الكثري من األعداء‪ .‬وأان من القالئل الذين يُ َ‬
‫علين‪َ .‬‬ ‫إليك بشكل ّ‬
‫كنت أنتمي َ‬ ‫مما لو ُ‬
‫لت نصيحة لعازر‪ ،‬فلعازر ذو نفوذ منذ مولده‪َ .‬يشونه ألنّه ذو حظوة لدى روما‪ ،‬وهو‬ ‫هنا‪ .‬ولقد قَبِّ ُ‬
‫رغبت‬
‫احلقيقي‪ .‬لذلك ُ‬
‫ّ‬ ‫احلقيقي وصديقي‬
‫ّ‬ ‫صديقك‬
‫َ‬ ‫ابر يف عيين هللا‪ ،‬حكيم بنضج روحه وثقافته‪ .‬وهو‬
‫ّ‬
‫أفضيت إليه بفحوى املناقشات‬
‫ُ‬ ‫يف حواره‪ ،‬وأان مسرور‪ ،‬بل سعيد لكون أحكامه مماثلة لليت يل‪ .‬ولقد‬
‫خبصوصك‪».‬‬
‫َ‬ ‫األخرية للمجمع‬

‫االهتامات األخرية‪ .‬قل احلقيقة بكل بساطة‪ ،‬عارية متاماً كما هي‪».‬‬
‫«بل ّ‬

‫كنت على وشك القول‪" :‬حسناً أان أيضاً ِّمن هذا اجملمع"‪،‬‬ ‫االهتامات األخرية‪ .‬نعم‪ ،‬اي معلّم‪ُ .‬‬ ‫« ّ‬
‫ب‬
‫لكن يوسف‪ ،‬الذي كان قد تَـ َقَّر َ‬ ‫محايتك‪ .‬و ّ‬
‫َ‬ ‫التجمع بقصد‬
‫األقل‪ ،‬يف هذا ّ‬‫لكي يكون أحدان‪ ،‬على ّ‬
‫لك"‪ .‬ولدى خروجنا قال‪،‬‬ ‫س يل‪" :‬اصمت‪ ،‬ولنُ ِّبق طريقتنا يف رؤية األمور سريّة‪ .‬الحقاً أقول َ‬ ‫مين‪َُ ،‬هَ َ‬
‫ّ‬
‫نعم قال‪" :‬هكذا أفضل‪ .‬فإذا َعلِّموا أنّنا تالميذه يقصوننا عن أفكارهم وعن قراراهتم‪ ،‬ويتم ّكنون من‬
‫كت أنّه كان‬ ‫يتصرفون ابخلفية عنّا"‪ .‬وأدر ُ‬ ‫َّ‬
‫هتمون مبا يقوله‪ ،‬فال ّ‬
‫إيذائه وإيذائنا‪ّ .‬أما إذا فَكروا أنّنا فقط ُم ّ‬
‫حق‪ّ .‬إهنم ج ّد‪ ...‬سيّئني! وأان يل كذلك اهتمامايت وواجبايت‪ ...‬ويوسف أيضاً‪ ...‬تُدرك اي معلّم‪».‬‬ ‫على ّ‬
‫رت أيضاً االبتعاد‬
‫وقر ُ‬
‫كنت أقول هذا لسمعان‪ّ .‬‬
‫ُسبّب لكم أيّة مشكلة‪ .‬قبل أن أتيت ُ‬
‫«أان ال أ َ‬
‫عن أورشليم‪».‬‬

‫ك!»‬
‫أنت تكرهنا ألنّنا ال حنبّ َ‬
‫« َ‬
‫لست أكرههم‪».‬‬
‫حّت أعدائي‪ُ ،‬‬
‫«ال‪ .‬فأان‪ّ ،‬‬
‫أي أمل يل وليوسف! ولعازر؟ ماذا‬ ‫حق‪ .‬ولكن ّ‬ ‫ك على ّ‬ ‫حقيقي‪ .‬إنّ َ‬
‫ّ‬ ‫«أنت تقوهلا‪ .‬نعم‪ ،‬هذا‬
‫إعالمك بوجوب مغادرة هذا املكان لتذهب إىل أمالك له يف‬ ‫َ‬ ‫سيقول لعازر الذي ّقرر اليوم ابلذات‬
‫ثري للغاية؟ جزء كبري من املدينة هو من ممتلكاته‪ ،‬ابإلضافة إىل الكثري‬ ‫صهيون؟ هل تعلم أ ّن لعازر ّ‬
‫من أراضي فلسطني‪ .‬فأبوه‪ ،‬إضافة إىل ثروته وما ورثه عن العائلة والعشرية‪ ،‬فقد أضاف ما كان مكافأة‬
‫من الرومان خلدامهم األوفياء‪ ،‬وقد تَـَرَك ألبنائه إراثًكبرياً‪ .‬ولكن ما هو أهم هو صداقته املتينة مع روما‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 636 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رغم ّأهنا ُمستََِّتة‪ ،‬إّّنا لوالها‪َ ،‬من كان لينقذ بيته كلّه من اخلزي والعار‪ ،‬بعد سلوك أخته مرمي املشني‪،‬‬
‫طرباي‬
‫ألهنا "هي"‪ ،‬حياهتا املاجنة يف هذه البلدة اليت هي إحدى إقطاعاهتا‪ ،‬ويف ّ‬ ‫طالقها املشهور‪ ،‬فقط ّ‬
‫حيث املاخور األنيق الذي َج َعلَت منه روما وأثينا وكراً للعشق‪ ،‬يراتده أانس كثريون من الشعب املختار؟‬
‫َّم ألوالده تلك الثقافة الَتبويّة‬
‫السوري كان صابئاً أكثر اقتناعاً‪ ،‬ملا كان قَد َ‬
‫ّ‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬لو أ ّن تيوفيلس‬
‫اهللّينيّة اليت تقتل الكثري من الفضائل‪ ،‬وتزرع الكثري من املل ّذات‪ .‬وقد أصابت مرمي ابلعدوى اليت‬
‫حّت َج َعلَت منها قذارة العائلة وفلسطني كلّها! ال‪ ،‬فلو مل تكن احلظوة‬ ‫تفاقمت يف طبيعتها الشهوانيّة ّ‬
‫ِّ‬
‫الربص‪ .‬ولكن مبا أ ّن األمر هكذا‪،‬‬ ‫النافذة لروما اليت ظَلَّلَتها‪ ،‬لكان نصيبهم اللَّعن (اإلقصاء) أكثر من ُ‬
‫فقد استفاد من الوضع‪».‬‬

‫إيل‪».‬‬ ‫«ال‪ .‬إنّين أنصرف‪ .‬ومن يبغين ِّ‬


‫أيت‬
‫ّ‬
‫ثت‪ ».‬نيقودَيوس ُمنهار‪.‬‬
‫أخطأت أبن حت ّد ُ‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫إيل‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«ال‪ .‬انتظر وكن مقتنعاً‪ ».‬ويفتح يسوع ابابً وينادي‪« :‬مسعان! يوحنّا! أقبال ّ‬
‫يهرع االثنان‪.‬‬

‫لك حينما َد َخ َل‪».‬‬


‫كنت أقوله َ‬
‫«اي مسعان‪ ،‬قل لنيقودَيوس ما ُ‬
‫الرعاة‪ّ ،‬أما أصحاب النفوذ فلعازر ونيقودَيوس ويوسف مع‬ ‫«ابلنسبة للمتواضعني‪ ،‬يكفيهم ُّ‬
‫كنت تقوله‪ .‬ملاذا َج َعلتَين‬
‫كنت سَتحل بعيداً عن أورشليم دون أن تَتك اليهوديّة‪ .‬هذا ما َ‬
‫ك َ‬ ‫قوزى‪ ،‬وأنّ َ‬
‫أردده؟ ماذا حدث؟»‬
‫ّ‬
‫«ال شيء‪ .‬كان نيقودَيوس َيشى أن يكون رحيلي بسبب حديثه‪».‬‬

‫قلت للمعلّم إ ّن اجملمع أضحى يضمر له العداء أكثر فأكثر‪ ،‬وأنّه من املستحسن أن يضع‬
‫«لقد ُ‬
‫مصاحلك أل ّن روما معه‪ .‬وهو سوف ُيمي يسوع كذلك‪».‬‬‫َ‬ ‫نفسه حتت محاية لعازر‪ .‬فهو قد محى‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 637 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«صحيح‪ّ ،‬إهنا مشورة صائبة‪ .‬فرغم أ ّن الطبقة اليت أنتمي إليها غري مرغوب هبا لدى روما‪ ،‬مع‬
‫بك كثرياً اي معلّم‪».‬‬
‫ذلك‪ ،‬كلمة من تيوفيلس حفظت يل كياين طوال فَتة النفي والربص‪ .‬ولعازر متعلّق َ‬
‫رت فعله‪».‬‬
‫قررت وأفعل ما ّقر ُ‬
‫«أعلَم ذلك‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫فسنفقدك!»‬
‫َ‬ ‫«إذن‪،‬‬

‫كل امللل‬
‫وإيل سوف أييت الناس من ّ‬
‫كل امللل‪ّ ،‬‬
‫«ال اي نيقودَيوس‪ ،‬فإىل يوحنّا أييت أانس من ّ‬
‫كل األصقاع‪».‬‬‫ومن ّ‬
‫ك أعظم من يوحنّا‪».‬‬
‫إليك عارفني أنّ َ‬
‫«كنّا أنيت َ‬
‫متوحداً مثل يوحنّا‪ ،‬وسأحت ّدث إىل اجلموع‬
‫إيل أيضاً وأيضاً‪ .‬سوف أكون رايب ّ‬‫«َيكنكم اجمليء ّ‬
‫الراغبة يف مساع صوت هللا‪ ،‬والقادرة على اإلَيان أبنّين هذا الصوت‪ .‬وسينساين اآلخرون‪ ،‬إذا كانوا‪،‬‬
‫األقل‪ ،‬قادرين على ذلك‪».‬‬
‫على ّ‬
‫حّت‬
‫ابر ّ‬ ‫ك ّ‬ ‫إليك ويؤمنون أبنّ َ‬
‫حمق‪ .‬اجلميع يستمعون َ‬ ‫أنت ّ‬
‫ك حزين ومتشائم‪َ .‬‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬إنّ َ‬
‫فحّت أحد أعضاء حاشية هريودس الذي يفَتض فيه أن يكون قد أُفسد‪،‬‬ ‫حتظى بصنع املعجزات‪ّ ،‬‬
‫بك‪ .‬وليس سواان‪ ،‬حنن‬ ‫وحّت جنود رومانيون يؤمنون َ‬
‫احملرمات‪ّ ،‬‬‫بطبيعة احلال‪ ،‬يف هذا البالط ُمرتَ ِّكب َّ‬
‫ك‬
‫أنت ترى ذلك‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬نعلم أنّ َ‬
‫الذين من صهيون‪ ،‬قساة إىل هذه الدرجة‪ ...‬إّّنا ليس اجلميع‪َ .‬‬
‫يقر بذلك‪ .‬ال َيكن‬ ‫مجالئيل‬ ‫حّت‬ ‫‪.‬‬ ‫منك‬
‫َ‬ ‫أعظم‬ ‫هو‬ ‫من‬ ‫يوجد‬ ‫وال‬ ‫فقيه‪،‬‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫دن‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫أتيت ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ألحد أن جيَتح املعجزات اليت جتَتح‪ ،‬إذا مل يكن هللا معه‪ .‬هذا ما يؤمن به العلماء أمثال مجالئيل‪.‬‬
‫حّت ولو‬
‫أبغضك ّ‬
‫َ‬ ‫فكيف ال يكون لدينا اإلَيان الذي لدى صغار إسرائيل؟ آه! أخربين ابلضبط‪ ،‬ولن‬
‫بت ألضفي قيمة على كلمايت احلكيمة‪ ،‬حتت طابع ال َيكن ألحد أن يسخر منه"‪.‬‬ ‫قلت يل‪َ " :‬ك َذ ُ‬
‫َ‬
‫املتجسد ليه ّذب ويفتدي إسرائيل حسب العهد؟»‬ ‫ِّ‬ ‫ب؟ املنتظر؟ كلمة اآلب‬
‫ّ‬ ‫أنت مسيح الر ّ‬ ‫هل َ‬
‫أرسلك آخرون لطرحه؟»‬
‫َ‬ ‫نفسك أم‬
‫َ‬ ‫«هل تطرح السؤال من‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 638 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«من نفسي‪ ،‬من نفسي‪ ،‬سيّدي‪ .‬إنّين أتع ّذب‪ ،‬هنا‪ ،‬يف داخلي‪ ،‬عاصفة تعصف يب‪ .‬رايح‬
‫لدي‪ ،‬أان الرجل الناضج‪ ،‬هذا اليقني اهلادئ الذي لدى ذاك‪،‬‬‫متناقضة وأصوات متضاربة‪ .‬ملاذا ليس ّ‬
‫األمي والفيت؟ فمن يرسم هذه االبتسامة على وجهه‪ ،‬ويضع هذا النور يف عينيه‪ ،‬وهذه الشمس‬ ‫شبه ّ‬
‫جيعلك تَعلَم وترى‬ ‫السر الذي‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫سرَك‪ّ ،‬‬
‫يف قلبه؟ كيف تؤمن اي يوحنّا لتكون هبذه الطمأنينة؟ اي بين َعلّمين ّ‬
‫الناصري!»‬
‫ّ‬ ‫وتتعرف على ماسيا يف يسوع‬
‫ّ‬
‫ّأما يوحنّا فيصطبغ ابللون األمحر مثل توت األرض (الفريز)‪ ،‬مثّ َيفض رأسه‪ ،‬كما لو أنّه يعتذر‬
‫ابحلب‪».‬‬
‫عن قول شيء عظيم كهذا‪ ،‬وجييب ببساطة‪ّ « :‬‬
‫أنت املثقف واملمتَ َحن‬
‫أنت اي مسعان‪ ،‬أيّها الرجل النـزيه‪ ،‬وعلى حافّة الشيخوخة‪َ ،‬‬
‫ابحلب! و َ‬
‫« ّ‬
‫كل مكان؟»‬ ‫دفعك إىل درجة اخلشية من املكر يف ّ‬‫كثرياً‪ ،‬األمر الذي َ‬
‫ابلتأمل‪».‬‬
‫« ّ‬
‫أتوصل بعد إىل اليقني!»‬
‫أأتمل‪ ،‬ومل ّ‬
‫أحب و ّ‬
‫ابلتأمل! أان أيضاً ّ‬
‫ابحلب! ّ‬
‫« ّ‬
‫احلقيقي‪ .‬هؤالء َعرفوا أن يُولَدوا من جديد بروح‬
‫ّ‬ ‫السر‬
‫يقاطعه يسوع بقوله‪« :‬أان سأخربك عن ّ‬
‫َدركوا هللا‪ .‬فمن ال يولد من جديد‪ ،‬ال َيكنه رؤية مملكة‬
‫كل قيد‪ ،‬بكر ابلفكر‪ .‬وهكذا أ َ‬
‫حر من ّ‬
‫جديد‪ّ ،‬‬
‫هللا وال أن يؤمن مبلكها‪».‬‬

‫«كيف َيكن لرجل ابلغ أن يولد من جديد؟ ففي حال َخَر َج املرء من رحم ّأمه‪ ،‬فال َيكنه‬
‫التقمص أو التناسخ الذي يؤمن به كثري من الوثنيّني؟ ولكن ال‪ ،‬ال‬ ‫ِّ‬
‫مطلقاً العودة إليه‪ .‬هل تُـلَ ّمح إىل ّ‬
‫الرحم‪ ،‬إّّنا ابستعادة َج َسد خارج الزمن‪ .‬وابلنتيجة‬
‫َيكنك افَتاض ذلك‪ .‬مثّ‪ ،‬هذا ال يكون ابلعودة إىل َّ‬
‫َ‬
‫فهذا ال يعين والدة جديدة يف الوقت احلاضر‪ .‬كيف؟ كيف؟»‬

‫«ليس هناك سوى وجود وحيد للجسد على األرض‪ ،‬وحياة أزليّة واحدة للروح فيما بعد‪ .‬وأان‬
‫لست اآلن بصدد احلديث عن اللحم والدم‪ .‬إنّين أحت ّدث عن النفس اخلالدة اليت‪ ،‬بواسطة شيئني‬
‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 639 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جمرد رمز‪.‬‬ ‫اثنني‪ ،‬تُولد للحياة من جديد‪ :‬املاء والروح‪ .‬ولكن األعظم هو الروح‪ ،‬الذي لواله يبقى املاء ّ‬
‫التطهر بعدئذ ابلروح ومعه التوقّد والتألّق‪ ،‬إذا ما أراد احلياة يف حضن اآلب‪،‬‬ ‫فمن يغتسل ابملاء عليه ّ‬
‫كل ما هو مولود ابجلسد‪ ،‬يكون ويبقى جسداً وَيوت بعد أن‬ ‫األبدي‪ .‬ذلك أ ّن ّ‬‫ّ‬ ‫هنا ويف امللكوت‬
‫َيدمه يف شهواته وخطاايه‪ .‬إّّنا ما يولد ابلروح فهو روح‪ ،‬وُييا ابلعودة إىل الروح الذي َولَ َده بعد ترقيته‬
‫دهش‬ ‫سن الروح‪ .‬فال تُ َ‬
‫السن‪ .‬فملكوت السماوات لن يسكنه سوى كائنات بـَلَغَت كمال ّ‬ ‫إىل كمال ّ‬
‫قلت‪" :‬ينبغي أن تولد من جديد"‪ .‬وهؤالء عرفوا أن يولدوا من جديد‪ .‬الشاب أمات اجلسد‬ ‫إذن إذا ما ُ‬
‫ُحرق‪،‬‬‫ي قد أ ِّ‬ ‫ماد ّ‬
‫فكل ما هو ّ‬
‫احلب‪ّ ...‬‬ ‫وج َع َل الروح يولد من جديد‪ ،‬وذلك بوضعه األان على حمرقة ّ‬ ‫َ‬
‫ومن الرماد انبَـثَـ َقت زهرته الروحيّة اجلديدة‪ ،‬زهرة عباد مشس رائعة تعرف االستدارة صوب مشس األزليّة‪.‬‬
‫أتمله النـزيه على جذع فكره القدمي‪ ،‬واقتَـلَ َع الشجرة القدَية من جذورها‪،‬‬ ‫ض َع فأس ّ‬ ‫ّأما العجوز فقد َو َ‬
‫ُيب هللا ويراه بروح‬ ‫اتركاً فقط براعم اإلرادة احلسنة‪ ،‬اليت منها َج َع َل فكره اجلديد يولد‪ .‬فاآلن هو ّ‬
‫لكل امرئ طريقته للوصول إىل املالذ‪ .‬ومهما تكن الريح‪ ،‬فهي تكون مالئمة ملن يعرف‬ ‫جديد‪ .‬و ّ‬
‫هتب‪ ،‬وحسب ّاجتاهها َيكنكم االعتماد عليها يف توجيه دفّة‬ ‫استخدام الشراع‪ .‬إنّكم تسمعون الرايح ّ‬
‫صل‬ ‫القيادة‪ .‬ولكن ال َيكنكم القول من أين أتيت وال استدعاء ما يناسبكم‪ .‬الروح كذلك ينادي‪ ،‬ي ِّ‬
‫َ‬
‫عرب‪ .‬فاملتنبّه فقط َيكنه اللحاق به‪ .‬االبن يعرف صوت اآلب ويعرف كذلك صوت الروح‪،‬‬ ‫منادايً ويَ ُ‬
‫الروح الذي انبَـثَ َق منه‪».‬‬

‫«كيف َيكن أن ُيصل هذا؟»‬

‫شهد مبا يَعلَم ويرى‪.‬‬‫أنت‪ ،‬املعلّم يف إسرائيل‪ ،‬تسألين؟ أجتهل هذه األمور؟ املرء يتح ّدث ويَ َ‬ ‫« َ‬
‫َيكنك قبول أشياء مل ترها إذا مل تتقبّل الشهادة اليت أمحلها‬
‫َ‬ ‫فإذن أان أحت ّدث وأشهد مبا أعرف‪ .‬كيف‬
‫ت ألرفع وآخذ معي الذين‬ ‫املتجسد؟ فلقد نزل ُ‬
‫ّ‬ ‫َيكنك اإلَيان ابلروح إذا مل تؤمن ابلكلمة‬
‫َ‬ ‫لك؟ كيف‬
‫َ‬
‫هم هنا يف األسفل‪ .‬واحد فقط نـََزَل من السماء‪ :‬ابن اإلنسان‪ .‬وواحد فقط هو الذي سيصعد إىل‬
‫السماء ومعه سلطان فتح أبواب السماء‪ :‬أان ابن اإلنسان‪ .‬تذ ّكر موسى‪ .‬لقد َرفَ َع احليّة يف الربيّة ليشفي‬
‫وصماً وبكماً‬
‫املرضى يف إسرائيل‪ .‬وحينما أُرفَع أان‪ ،‬فإن أولئك الذين َج َعلَتهم حرارة اخلطيئة عمياانً ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 640 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل الذين‬
‫حّت إ ّن ّ‬
‫كل من يؤمن يب ستكون له احلياة األبديّة‪ّ .‬‬
‫وجمانني وبرصاً ومرضى سوف يُشفون‪ ،‬و ّ‬
‫يؤمنون يب تكون هلم احلياة السعيدة هذه‪.‬‬

‫أتيت ألنقذ ال ألف ُقد‪ .‬فاهلل مل يرسل ابنه الوحيد إىل العامل‬
‫جبهتك اي نيقودَيوس‪ .‬لقد ُ‬‫َ‬ ‫ال ختفض‬
‫كل اهلرطقات‬ ‫و‬ ‫اخلطااي‬ ‫كل‬ ‫العامل‬ ‫يف‬ ‫ت‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ليحكم به على ساكنيه‪ ،‬بل لكي َُيلِّّص به العامل‪ .‬لقد وِّ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لكن السنونو الذي يطري بسرعة فوق الغبار‪ ،‬هل َيكن أن يتلطّخ ريشه؟ ال‪.‬‬ ‫كل عبادات األصنام‪ .‬و ّ‬
‫و ّ‬
‫ليهز البشر‪،‬‬
‫فهو ال جيلب إىل دروب األرض احلزينة سوى فاصلة أفق ورائحة مساء‪ .‬إنّه يرسل صيحة ّ‬
‫أتيت‬
‫فيجعلهم يرفعون بصرهم فوق الوحل ويتبعون طريانه الذي يعود صوب السماء‪ .‬هكذا أان ُ‬
‫ألصحبكم معي‪ .‬تعالوا!‪ ...‬من يؤمن ابالبن الوحيد ال ُُيكم عليه‪ .‬بل لقد َخلص‪ ،‬إذ يتح ّدث هذا‬
‫االبن إىل اآلب ويقول‪" :‬هذا ُيبّين"‪ .‬إّّنا الذي ال يؤمن‪ ،‬فعبثاً يقوم أبعمال مق ّدسة‪ .‬ولقد ُح ِّكم عليه‬
‫ألنّه مل يؤمن ابسم ابن هللا الوحيد‪ .‬ما هو امسي اي نيقودَيوس؟»‬

‫«يسوع‪».‬‬

‫«ال‪ .‬بل ال ُـم َخلِّّص‪ .‬أان اخلالص‪ .‬والذي ال يؤمن يب‪ ،‬يرفض خالصه‪ ،‬وهو حمكوم عليه ابلعدل‬
‫ك وبقيّة‬‫لك وللعامل‪ ،‬ليكون لكم اخلالص‪ ،‬ولكنّ َ‬‫لك النور‪َ ،‬‬
‫ُرسل َ‬‫األزيل‪ .‬وتلك هي الدينونة‪" :‬لقد أ ِّ‬
‫ّ‬
‫تعودمت عليها‪ ،‬على‬‫فضلتم األفعال السيّئة اليت كنتم قد ّ‬
‫الناس فَضَّلتُم الظلمات على النور‪ ،‬ألنّكم ّ‬
‫أومأَ هو إليها‪ ،‬واليت كان ينبغي التعلّق هبا للوصول إىل القداسة"‪ .‬لقد كرهتم النور‬
‫األفعال احلسنة اليت َ‬
‫أل ّن املسيئني ُيبّون الظالم الرتكاب جرائمهم‪ ،‬لقد هربتم من النور لكي ال يُ ِّ‬
‫ظهر لكم آفاتكم اخلفيّة‪.‬‬
‫لكن احلقيقة تكمن هنا‪ .‬والعقاب سيكون‬ ‫خاص‪ ،‬اي نيقودَيوس‪ .‬و ّ‬
‫إليك بشكل ّ‬ ‫موجهاً َ‬‫فحديثي ليس ّ‬
‫متناسباً مع الدينونة‪ ،‬للشخص واجلماعة‪.‬‬

‫ّأما أولئك الذين ُيبّونين‪ ،‬ويضعون احلقائق اليت أ َُعلِّّمها موضع املمارسة‪ ،‬ابلوالدة اثنية والدة‬
‫حقيقيّة أكثر‪ ،‬أقول إ ّهنم ال َيشون النور‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬يدنون منه‪ ،‬حيث إن هذا النور يزيد ذاك‬
‫الذي أنريوا به يف البداية‪ .‬إنّه جمد متبادل‪ ،‬جيعل هللا سعيداً أببنائه‪ ،‬وهم بِّ َدورهم سعداء أيضاً أببيهم‪.‬‬
‫فإهنم بقلبهم وأبعماهلم يقولون‪" :‬ال ليس أان بل‬ ‫ال‪ .‬إ ّن أبناء النور ال َيشون الزوال‪ ،‬بل على العكس‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 641 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يف‪ .‬هلم اجملد يف األبديّة"‪ .‬ومن السماء‪ ،‬نشيد الثالثة‬ ‫هو اآلب‪ ،‬هو االبن‪ ،‬هو الروح قد أمتّوا اخلري َّ‬
‫احلق إلرادتنا"‪ .‬واي يوحنّا تذ ّكر‬
‫"لك الربكة إىل األبد‪ ،‬أيّها االبن ّ‬
‫املتحابّني‪ ،‬جييب يف وحدهتم الكاملة‪َ :‬‬
‫اقتنعت اي نيقودَيوس؟»‬
‫َ‬ ‫حّت تكتبها عندما أتيت الساعة‪ .‬هل‬ ‫هذه الكلمات ّ‬
‫إليك جم ّدداً؟»‬
‫«اي معلّم‪ ...‬نعم‪ ،‬مّت َيكنين التح ّدث َ‬
‫أيخذك‪ .‬سأذهب إليه قبل االبتعاد عن هنا‪».‬‬
‫َ‬ ‫«لعازر يعرف أين‬

‫ادمك‪».‬‬ ‫«أان ٍ‬
‫ماض اي معلّم‪ .‬ابرك خ َ‬
‫معك‪».‬‬
‫«ليكن سالمي َ‬
‫ََي ُرج نيقودَيوس مع يوحنّا‪.‬‬

‫يلتفت يسوع إىل مسعان‪« :‬هل ترى َع َمل سلطان الظلمات؟ إنّه‪ ،‬مثل العنكبوت‪ ،‬يبسط فخه‪،‬‬
‫القوة ما َيكنها من‬
‫ويطليه ابلدَّبَق‪ ،‬وأيسر الذي ال يعرف أن َيوت ليولد من جديد فراشة هلا من ّ‬
‫متزيق النسيج املظلم والعبور‪ ،‬حاملة‪ ،‬يف ذكرى انتصارها‪ ،‬نتفاً من النسيج وقد أُنريت على أجنحتها‬
‫الذهبيّة‪ ،‬مثل راايت وأعالم انتُ ِّز َعت من العدو‪ .‬املوت من أحل احلياة‪ .‬املوت من أجل إعطائكم ّ‬
‫القوة‬
‫للموت‪ .‬هيّا اي مسعان لتأخذ قسطاً من الراحة‪ ،‬وليكن هللا معك‪».‬‬

‫كل شيء النهاية‪.‬‬


‫ويبلغ ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 642 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -84‬يسوع عند لعازر قبل ذهابه إىل منطقة املياه احللوة)‬

‫‪1945 / 02 / 25‬‬

‫املرة‬ ‫ِّ‬
‫املؤدي إىل اهلضبة اليت بُنيَت عليها بيت عنيا‪ .‬وهذه ّ‬
‫املمر شديد االحندار ّ‬‫يصعد يسوع عرب ّ‬
‫املمر األش ّد احنداراً املباشر الذي يتّجه من اجلنوب الغريب إىل‬
‫ك ّ‬ ‫ال يسلك الطريق الرئيسيّة‪ .‬لقد َسلَ َ‬
‫األقل استخداماً‪ ،‬وقد يكون ذلك بسبب ش ّدة احنداره‪ .‬فال يسلكه سوى املسافرين الذين‬ ‫الشرق‪ ،‬وهو ّ‬
‫هم يف عجلة من أمرهم‪ ،‬كذلك أولئك الذين يقودون القطعان ويتحاشون حركة الطريق الرئيسيّة؛‬
‫صعد يسوع قُ ُدماً‪،‬‬
‫وكذلك أولئك الذين‪ ،‬مثل يسوع اليوم‪ ،‬ال يريدون أن يلحظهم أانس كثريون‪ .‬يَ َ‬
‫عمه مع يوحنّا واندراوس‪ ،‬مثّ‬
‫سراً إىل مسعان الغيور‪ ،‬وخلفهما اجملموعة األوىل‪ ،‬ومنهم أبناء ّ‬ ‫ويتح ّدث ّ‬
‫ومّت وتوما وفليبّس‪ ،‬ويف اآلخر يبقى املتخلّفون برتلماوس مع‬ ‫جمموعة أخرى مع يعقوب بن زبدى ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫بطرس واالسخر ّ‬
‫صلون إىل اهلضبة املرتفعة اليت تنتصب عليها بيت عنيا‪ .‬والشمس تضحك يف يوم صاف من‬ ‫ي ِّ‬
‫َ‬
‫ظهر وادي األردن والطريق القادمة من أرُيا‪،‬‬ ‫ّأايم تشرين الثاين (نوفمرب)‪ .‬ابلنظر إىل جهة الشرق يَ َ‬
‫وأيمر يسوع يوحنّا ابلذهاب إىل لعازر ينبئه عن قدومه‪ .‬وبينما َجي ّد يوحنّا مسرعاً ج ّداً‪ ،‬يتق ّدم يسوع‬
‫كل مكان‪ُ ،‬ييّيه أانس من القرية‪.‬‬
‫ببطء مع أتباعه‪ ،‬ويف ّ‬
‫حّت األرض وهي تقول‪« :‬يوم سعيد لبيت معلّميت‪.‬‬
‫ّأول َمن تَصل من بيت لعازر‪ ،‬امرأة تسجد ّ‬
‫البوابة‪».‬‬
‫هلم اي معلّم‪ .‬هو ذا مكسيمني‪ ،‬وها هو لعازر عند ّ‬
‫ّ‬
‫األقل ثراء‪ ،‬وقد‬
‫لدي انطباع أنّه أحد األقرابء ّ‬
‫لست أدري ابلضبط َمن يكون‪ّ .‬‬ ‫هرع مكسيمني‪ُ .‬‬ ‫يَ َ‬
‫عامل معاملة الصديق ملزاايه وطول م ّدة‬
‫اهلامة‪ّ ،‬إال أنّه يُ َ‬
‫استضافه أبناء تيوفيلس‪ ،‬أو أنّه وكيل أمالكهم ّ‬
‫املهمة عند أبناء تيوفيلس‪ .‬إنّه يكرب‬
‫خدماته يف البيت‪ .‬أو أنّه ابن وكيل األب الذي عقبه يف هذه ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 643 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بك‬
‫لعازر قليالً‪ ،‬إنّه يف حوايل اخلامسة والثالثني‪ ،‬أو رّمبا أكثر قليالً؛ ويقول‪« :‬مل نكن نتوقّع أن حنظى َ‬
‫هبذه السرعة‪».‬‬

‫أتيت أطلب مأوى هلذه الليلة‪».‬‬


‫« ُ‬
‫«لو أ ّن ذلك يدوم أبداً لكان من دواعي سروران‪».‬‬

‫العتَـبَة‪ .‬لعازر يـُ َقبِّّل يسوع ويعانقه وُييّي التالميذ‪ .‬مثّ ُييط خصر يسوع بذراعه ويدخل‬
‫ّإهنم عند َ‬
‫برؤيتك؟»‬
‫َ‬ ‫إالم يعود الفضل يف فرحي‬
‫يتنحيان عن اآلخرين ويسأل بغتة‪َ « :‬‬ ‫معه احلديقة‪ّ .‬‬
‫«إىل حقد رجال اجملمع‪».‬‬

‫مرة أخرى؟»‬
‫إليك ّ‬
‫«هل أساؤوا َ‬
‫«ال‪ ،‬ولكنّهم يريدون ذلك‪ .‬ومل ِّ‬
‫أتت الساعة بعد‪ ،‬وطاملا مل أَفلَح فلسطني كلّها وأبذر البذار فال‬
‫ُصرع‪».‬‬
‫ينبغي أن أ َ‬
‫بعد أن حتصد أيّها املعلّم الصاحل‪ .‬فَ ِّم َن العدل أن يكون هكذا‪».‬‬
‫عليك ُ‬
‫«بل َ‬
‫رت االبتعاد‬ ‫ِّ‬
‫رت أان‪ .‬لعازر‪ ،‬لقد ّقر ُ‬
‫«احلصاد‪ ،‬أصدقائي ينجزونه‪ .‬سوف يُعملون املنجل حيث بَ َذ ُ‬
‫لكن هذا يعطيين فرصة‬‫عن أورشليم‪ .‬أعلَم أ ّن هذا ليس يف صاحلي شخصيّاً‪ ،‬أعرف ذلك مسبقاً‪ .‬و ّ‬
‫حّت هذا‪».‬‬ ‫علي ّ‬
‫التبشري‪ ،‬لعدم وجود حلول أخرى‪ .‬ففي صهيون قد أبوا ّ‬
‫لك مع نيقودَيوس أبن تذهب إىل إحدى ممتلكايت‪ ،‬فال أحد جيرؤ‬ ‫أرسلت أقول َ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫« ُ‬
‫على اقتحامها‪ .‬وهناك َيكنك ممارسة اخلدمة الكهنوتيّة دوّنا متاعب‪ .‬واي لداري األكثر سعادة من‬
‫أنفاسك تكون فيها‪ .‬هبين فرح أن أكون ذا‬
‫َ‬ ‫بوجودك‪ ،‬وذلك أل ّن‬
‫َ‬ ‫َّست‬
‫ألهنا تكون قد تقد َ‬
‫كل بيويت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫نفع اي معلّمي‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 644 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت ترى أنّين أعطي َكهُ اآلن‪ ،‬إّّنا ال َيكنين املكوث يف أورشليم‪ .‬لن أكون منـزعجاً‪ ،‬أان‪،‬‬ ‫« َ‬
‫ولكنّهم سوف يضايقون الذين أيتون إليها‪ .‬سأذهب من جهة أفرائيم‪ ،‬بني هذه القرية وهنر األردن‪.‬‬
‫وهناك سوف أُبَ ِّّشر وأ َُع ِّّمد مثل املعمدان‪».‬‬

‫«يف جوار هذه القرية أملك بيتاً صغرياً‪ .‬ولكنّه خلزن أدوات العمال‪ ،‬وهم ينامون فيه بني احلني‬
‫جمرد سقف على جدران أربعة‪ .‬ولكنّه على‬‫واحلني‪ ،‬أثناء احلصاد‪ ،‬أو أثناء قطاف العنب‪ .‬إنّه وضيع‪ّ ،‬‬
‫أرض يل‪ ،‬واجلميع يعرف ذلك‪ .‬وهذا سيكون فزاعة للثعالب‪ .‬وافق اي رب‪ .‬وسأ ِّ‬
‫ُرسل خ ّداماً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لتوضيبه‪»...‬‬

‫فالحوك ينامون فيه‪ ،‬فسيكون جيّداً ابلنسبة لنا‪».‬‬


‫«ال داعي‪ .‬إذا كان ّ‬

‫ُرسل أغطية‬ ‫«لن أضع فيه أاثاثً فاخراً‪ .‬إّّنا سأُكمل عدد األسرة‪ ،‬آه! فقرية كما تريدها؛ سوف أ ِّ‬
‫ّ‬
‫لست أان‬
‫وكراسي وجراراً وكؤوساً‪ ،‬فلن تبقوا دون أكل أو غطاء أثناء أشهر الشتاء هذه‪ .‬دعين أفعل‪ .‬و ُ‬
‫سيهتم‪ .‬هي ذي مرات قادمة إلينا‪ .‬فهي متتلك موهبة التنظيم العمليّة والذكيّة‪ .‬لقد ُخلِّ َقت للبيت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من‬
‫الروحي لساكنيه‪ .‬تعايل اي مضيفيت اللطيفة والطاهرة! هل ترى‪ ،‬أان أيضاً‬ ‫يو ّ‬ ‫املاد ّ‬
‫ولكي تكون العزاء ّ‬
‫ألمي‪ .‬مرات‪،‬‬‫حصتها من اإلرث‪ ...‬وهكذا ال أعاين كثرياً من افتقادي ّ‬ ‫أجلأ إىل محايتها األموميّة‪ ،‬يف ّ‬
‫الص َدف أن ليس هناك سوى األرض الزكيّة‪ ،‬والبيت‪،‬‬ ‫يسوع َيضي إىل سهل املياه احللوة‪ .‬ومن حماسن ُّ‬
‫امرك أن ِّ‬
‫ت أيّتها‬ ‫الضروري‪ .‬أَعطي أو َ‬ ‫وهو جمرد حظرية‪ .‬ولكنّه هو يريد بيت فقراء‪ .‬ينبغي أن يوضع فيه‬
‫ّ‬
‫حقيقي‪.‬‬ ‫أمومي‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫حبب ّ‬ ‫البارعة ج ّداً!» ويـُ َقبّل لعازر يد أخته اجلميلة اليت ترفعها بعدئذ لتالطفه ّ‬
‫مثّ تقول مرات‪« :‬سأذهب إليه حاالً‪ .‬سآخذ معي مكسيمني ومارسيل‪ ،‬وسيساعد رجال العربة‬
‫منك‪».‬‬
‫يف الَتتيب‪ .‬ابركين اي معلّم‪ .‬وهكذا يكون معي بعض ما هو َ‬
‫أمنحك قليب لتحمليه ِّ‬
‫معك‪ ،‬يف‬ ‫ِّ‬ ‫سأانديك مثلما ِّ‬
‫انداك لعازر‪ .‬سوف‬ ‫ِّ‬ ‫«نعم اي مضيفيت اللطيفة‪.‬‬
‫ِّ‬
‫قلبك‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 645 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مين‬
‫«هل تعلم اي معلّم أ ّن اسحق موجود يف هذا الوقت مع إيليا يف تلك األرايف؟ لقد طلبا ّ‬
‫يغريان املرعى‪ ،‬وأان أنتظرُها‬
‫افقت‪ .‬اليوم ّ‬
‫ذاك املرعى الذي يف األسفل‪ ،‬يف السهل‪ ،‬ليكوان معاً‪ ،‬وقد و ُ‬
‫على الطعام‪».‬‬

‫«سأكون سعيداً لذلك‪ ،‬وسوف أعطيهما تعليمايت‪»...‬‬

‫ك سوف أتيت بني احلني واآلخر‪ ،‬أليس كذلك؟»‬


‫«نعم‪ ،‬للمحافظة على التواصل‪ .‬ولكنّ َ‬
‫ثت هبذا الشأن مع مسعان‪ .‬ومبا أنّه من غري الفطنة أن أستحوذ على البيت‬
‫«سأعود‪ .‬لقد حت ّد ُ‬
‫مع التالميذ‪ ،‬فسأذهب إىل بيت مسعان‪»...‬‬

‫«ال اي معلّم‪ ،‬ملاذا تسبّب يل األمل؟»‬

‫«ال حتاول‪ ،‬اي لعازر‪ ،‬أَعلَم أ ّن هذا َح َسن‪».‬‬

‫«ولكن إذن‪»...‬‬

‫أمالكك‪ .‬والذي ما يزال مسعان جيهله‪ ،‬أعرفه أان‪ .‬فَ َمن‬


‫َ‬ ‫سأظل دائماً ضمن نطاق‬
‫ّ‬ ‫«ولكن إذن‪،‬‬
‫هو ذاك الذي كان يريد االقتناء دون الظهور‪ ،‬وبال مفاوضة‪ ،‬فقط للبقاء قريباً من لعازر بيت عنيا؟‬
‫ف‬
‫ضاع َ‬
‫الناصري‪ .‬والذي َ‬‫ّ‬ ‫الويف لسمعان الغيور‪ ،‬والصديق العظيم ليسوع‬
‫كان ابن تيوفيلس‪ ،‬الصديق ّ‬
‫القيمة من أجل يوان‪ ،‬ومل يقتطع ِّمن ممتلكات مسعان ليمنح هذا األخري فرح استطاعة فعل الكثري من‬
‫أجل املعلّم الفقري ومن أجل فقراء املعلّم؟ إنّه من ُيمل اسم لعازر‪ .‬ذاك الذي‪ ،‬حبذر وتي ّقظ‪ ،‬يضع‬
‫ويوجه ويدعم اجملهودات الطيّبة ليمنحين العون والعزاء وكذلك احلماية‪ ،‬إنّه لعازر بيت‬
‫موضع التنفيذ‪ّ ،‬‬
‫عنيا‪ .‬أان أعرف ذلك‪».‬‬

‫السر!»‬
‫اعتقدت أنّين أفعل حسناً هكذا‪ ،‬ويف ّ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫«آه! ال تقل ذلك! ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 646 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك‬
‫سر‪ .‬ولكن ليس ابلنسبة يل أان‪ .‬فأان أقرأ ما يف القلوب‪ .‬أتريد أن أقول َ‬
‫«ابلنسبة للناس هو ّ‬
‫ك تطلب نعمة‬ ‫الطبيعي يصطَبِّغ بكمال فائق الطبيعة؟ ذلك ألنّ َ‬
‫ّ‬ ‫الصالح الذي َّاختَ َذ َ‬
‫لديك الشكل‬ ‫ملاذا َّ‬
‫ك تدرك أنّه ال‬‫لك وملرات‪ .‬إنّ َ‬
‫ك تطلب اخلالص لنفس‪ ،‬ويف الوقت ذاته التقديس َ‬ ‫فائقة الطبيعة‪ :‬إنّ َ‬
‫يكفي املرء أن يكون صاحلاً حسب تفكري العامل‪ ،‬إّّنا أن يكون صاحلاً حسب شريعة الروح‪ ،‬لنيل نعمة‬
‫السر‪ ،‬واآلب سيكافئكم‬ ‫قلت‪" :‬إذا ما فعلتم اخلري فافعلوه يف ّ‬
‫ك مل تسمع أقوايل‪ ،‬ولكنّين ُ‬ ‫هللا‪ .‬إنّ َ‬
‫لك مكافأة ال‬
‫لك إ ّن اآلب يهيّئ َ‬‫احلق أقول َ‬
‫طبيعي للتواضع‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫فت بدافع‬
‫تصر َ‬
‫أنت قد ّ‬ ‫بسخاء"‪ .‬و َ‬
‫حّت تصورها‪».‬‬ ‫َيكنك ّ‬
‫َ‬
‫«افتداء مرمي؟‪»...‬‬

‫«ابلضبط‪ ،‬وأكثر أكثر أيضاً‪».‬‬

‫«ماذا إذن اي معلّم؟ ما هو األكثر استحالة من هذه؟»‬

‫ينظر إليه يسوع ويبتسم‪ .‬مثّ يقول بنغمة املزامري‪:‬‬

‫لرب ومعه ق ّديسوه‪.‬‬


‫«َيلك ا ّ‬
‫يَض ُفر من أشعته إكليالً يضعه على جبني ق ّديسيه حيث يتألأل إىل األزل يف عيين هللا والعامل‪.‬‬

‫صع؟ من الذهب‪ ،‬والذهب اخلالص‪ ،‬واإلطار مصنوع فيه‬ ‫ِّ‬


‫صنع‪ ،‬وأبيّة حجارة ُر ّ‬
‫أي معدن ُ‬
‫من ّ‬
‫طرق‪ ،‬تَربُد‪ ،‬تُ َش ِّّذب وتُ ّنعِّم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫اليت‬ ‫ة‬ ‫اد‬
‫ر‬ ‫ابإل‬ ‫ش‬‫ق‬‫بنار مزدوجة‪ ،‬انر احلب اإلهلي واحلب البشري‪ ،‬وقد نُِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫زمرد أكثر اخضراراً من العشب الذي ينبت يف نيسان (أبريل)‪ ،‬فريوز بلون‬‫اجلواهر فيه وافرة‪ّ ،‬‬
‫يصب وزفري وايقوت وزبرجد‪ .‬هذه‬
‫اهلر بلون القمر‪ ،‬مجزات نقيّة مثل زهر البنفسج‪ّ ،‬‬‫السماء‪ ،‬عيون ّ‬
‫كلّها أحجار ُرّكِّبَت من أجل احلياة‪ .‬ومثّ إلجناز العمل‪ ،‬إطار من الياقوت األمحر‪ ،‬إطار كبري على‬
‫املمجد‪.‬‬
‫اجلبني ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 647 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مبا أن الذي انل الربكة َيتلك اإلَيان والرجاء‪ ،‬النعومة والعفاف‪ ،‬القناعة والشجاعة والعدل‬
‫احلب الذي يكنّه يل‪ ،‬فامسه‬
‫ب بدمه امسي واإلَيان يب و ّ‬‫والفطنة والرمحة بال قياس‪ ،‬ويف أعماق قلبه َكتَ َ‬
‫سيكون يف السماء‪.‬‬

‫ابتَ ِّهجوا أيّها الص ّديقون ّ‬


‫ابلرب‪ .‬اإلنسان جيهل وهللا يرى‪.‬‬

‫إنّه يُ َس ِّّجل يف الكتب األزليّة ُوعودي وأعمالكم‪ ،‬ومعها أمساءكم‪ ،‬أمراء الدهر اآليت‪ ،‬املنتصرون‬
‫الرب‪».‬‬
‫األزليّون مع مسيح ّ‬
‫يَنظُر إليه لعازر مندهشاً‪ .‬مثّ يتمتم‪« :‬آه!‪ ...‬أان‪ ...‬لن أكون أهالً‪»...‬‬

‫املتديل ويقول‪:‬‬
‫تظن ذلك؟» ويقطف يسوع من على الدرب غصناً طرّايً من الصفصاف ّ‬ ‫«هل ّ‬
‫روحك وجيعل منها إكليالً أزليّاً‪.‬‬
‫َ‬ ‫احلب يثين‬
‫«انظر‪ :‬كما أ ّن يدي تَثين هذا الغصن بسهولة‪ ،‬كذلك ّ‬
‫ُيب يبدأ افتداء نفسه‪ ،‬وابن اإلنسان ينجزه‪».‬‬
‫احلب هو مفتدي املرء‪ .‬من ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 648 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -85‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪ ،‬بداايت حياة اجلماعة مع التالميذ)‬

‫‪1945 / 02 / 26‬‬

‫يفي واملنخفض‪ ،‬ابلبيت الذي يف بيت عنيا‪ ،‬لكان ابلتأكيد حظرية‪،‬‬


‫لو أردان مقارنة هذا البيت الر ّ‬
‫فالحي دوراس فهو مسكن ال أبس جبماله‪.‬‬ ‫كما يقول لعازر‪ .‬إّّنا لو ِّ‬
‫قور َن ببيوت ّ‬

‫منخ ِّفض ج ّداً وواسع ج ّداً‪ ،‬ولقد روعيَت يف بنائه الصالبة‪ ،‬فيه مطبخ‪ ،‬أي موقد يف غرفة‬ ‫إنّه َ‬
‫وجرار ومصفاة ريفيّة مع أطباق وكؤوس‪ .‬ابب كبري من‬ ‫س َّودها الدخان‪ ،‬فيها توجد طاولة وكراسي ِّ‬
‫َ َ‬
‫سرب‪ .‬مثّ على اجلدار ذاته‪ ،‬توجد أبواب‬‫اخلشب اخلام هو مبثابة املدخل‪ ،‬كذلك هو يسمح للنور ابلت ّ‬
‫تؤدي إىل غرف ثالث كبرية‪ ،‬طويلة وضيّقة‪ ،‬وقد طُلِّيَت جدراهنا ابلكلس‪ .‬األرض‪ ،‬كما‬ ‫ثالثة أخرى ّ‬
‫يف املطبخ‪ ،‬من تربة مرصوصة‪ .‬يف اثنني من هذه الغرف يوجد اآلن مراقد‪ .‬حتسبها غرف منامة مجاعيّة‬
‫(الع َّالقات) الكثرية املثبّتة يف اجلدران تشري إىل أ ّن العُدد كانت تعلّق عليها‪ ،‬وكذلك‬
‫صغرية‪ .‬املشابك َ‬
‫كل منهم‪ّ .‬أما الغرفة‬
‫أكياس احملاصيل الزراعيّة‪ّ .‬أما اآلن فهي تستعمل لتعليق املعاطف وكذلك ُخرج ّ‬
‫ممر أكثر منها غرفة‪ ،‬ذلك أ ّن طوهلا وعرضها غري متناسبني) فهي خالية‪ .‬يفَتض‬ ‫الثالثة (وهي ابألحرى ّ‬
‫ظهر جليّاً‬
‫ّأهنا كانت تستخدم كمأوى للحيواانت‪ ،‬حيث يوجد فيها معلف وحلقات يف اجلدار‪ ،‬وتَ َ‬
‫املنعلة ابحلديد‪ .‬ويف الوقت احلاضر ال شيء فيها‪.‬‬
‫اخلاصة ابألرض اليت تضرهبا احلوافر ّ‬ ‫الثقوب ّ‬
‫يفي كبري‪ ،‬يغطّيه سقف ِّمن ُحَزم من‬ ‫يف اخلارج‪ ،‬جانب هذه الغرفة األخرية‪ ،‬يوجد رواق ر ّ‬
‫األغصان املرتكزة على جذوع أشجار ابلكاد ربّعت‪ .‬وهو ليس ابلرواق‪ .‬بل هو ظلّة (سقيفة بسطح‬
‫مائل)‪ ،‬فهي مفتوحة يف جوانب ثالثة منها‪ :‬اثنني بطول عشرة أمتار‪ ،‬والثالث أضيق‪ ،‬وهو بطول ال‬
‫بسط كرمة أغصاهنا من ساق إىل آخر على اجلانب األوسط‪.‬‬ ‫يتجاوز األمتار اخلمسة‪ .‬يف الصيف تَ ُ‬
‫تعرت‬
‫العظمي‪ .‬وهناك كذلك تينة عمالقة قد ّ‬‫ّ‬ ‫ّأما اآلن فقد َس َقطَت أوراقها لتظهر األغصان كاهليكل‬
‫الربكة اليت ُجعِّلَت وسط الفناء إلرواء احليواانت‪.‬‬
‫بشكل مشابه‪ ،‬وهي اليت كانت‪ ،‬يف الصيف‪ ،‬تظلّل ِّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 649 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابحلري حفرة على مستوى األرض‪ ،‬ابلكاد ُو ِّض َعت عليها عالمة‪ ،‬هي‬
‫ويف أحد اجلوانب بئر بدائيّة‪ ،‬أو ّ‬
‫عبارة عن دائرة من احلجارة املسطّحة البيضاء‪.‬‬

‫املسمى منطقة املياه احللوة‪ .‬وكذلك‬


‫هذا هو البيت الذي أيوي إليه يسوع وأتباعه يف املكان ّ‬
‫هناك حقول‪ :‬مروج وكروم حتيط به‪ .‬وعلى مسافة حوايل ثالثني مَتاً (بياانيت ليست دقيقة متاماً)‪ ،‬يظهر‬
‫بيت آخر وسط احلقول‪ ،‬إنّه أمجل‪ ،‬إذ ُيوي شرفة ال ُيويها اآلخر‪ .‬وأبعد من هذا البيت الثاين‪ ،‬غابة‬
‫مورقة‪ ،‬وهي حتجب الرؤية‪.‬‬‫صغرية من الزيتون واألشجار األخرى‪ ،‬وهي عارية جزئيّاً‪ ،‬وبعضها ِّ‬

‫يعمل بطرس مع أخيه ويوحنّا جب ّد ونشاط يف كنس الفناء والغَُرف وترتيب املراقد وسحب املاء‬
‫من البئر‪ّ .‬أما بطرس فإنّه ُُي ِّدث كذلك َجلَبَة حول البئر يف حماولة منه لتعديل األوضاع وتقوية احلِّبال‬
‫فإهنما‪ ،‬من جهتهما‪،‬‬ ‫عم يسوع ّ‬ ‫لتصبح أكثر عمليّة وأكثر مالءمة لسحب املاء من البئر‪ّ .‬أما أبنا ّ‬
‫عمالن املطرقة واملربد يف إصالح املغالق واملصارع‪ ،‬ويساعدهم يعقوب بن زبدى مستخدماً املنشار‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫والفأس مثل عامل مصنع سفن‪.‬‬

‫يف املطبخ‪ ،‬توما منشغل للغاية‪ ،‬ويبدو كطاه حمَتف‪ ،‬إلتقانه تنظيم النار والشعلة وتقشري اخلضار‬
‫هبمة ونشاط‪ .‬أ ِّ‬
‫ُدرك ّأهنا بلدة ال أُهيّة كبرية هلا‪ ،‬إذ يشرح يهوذا‬ ‫أحضَرها يهوذا من البلدة اجملاورة‪ّ ،‬‬
‫اليت َ‬
‫مرتني يف األسبوع فقط‪ ،‬وأ ّن اليوم ال يوجد‪.‬‬‫ّأهنم َيبزون اخلبز ّ‬

‫يسمعه بطرس فيقول‪« :‬سنصنع الفطائر على اللَّ َهب طاملا يوجد طحني‪ .‬بسرعة‪ ،‬انزع َ‬
‫ثوبك‬
‫وسأهتم بعدئذ أان خبَبزه‪ .‬فأان أعرف أن أتدبّر األمر‪ ».‬ال أستطيع متالك نفسي من‬
‫ّ‬ ‫واصنع العجني‪،‬‬
‫ذاراً ّإايه بوفرة على نفسه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يوطي يـَُرطّب الطحني ّ‬
‫الضحك‪ ،‬لدى رؤييت االسخر ّ‬
‫ومّت وفليبّس‪.‬‬
‫يسوع غائب‪ ،‬وكذلك مسعان وبرتلماوس ّ‬
‫«اليوم هو األكثر صعوبة‪ ».‬يرد بطرس على يهوذا االسخريوطي الذي ي َد ِّ‬
‫مدم‪« .‬إّّنا غداً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فستجري األمور بشكل أفضل‪ّ .‬أما يف الربيع فسيكون األمر قد أصبح جيّداً ج ّداً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 650 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«يف الربيع؟ ولكن هل سنمكث أبداً هنا؟» يقول يهوذا مذعوراً‪.‬‬

‫«ومل ال؟ َأوليس بيتاً؟ فلو َهطَ َل املطر‪ ،‬نكون يف مأمن‪ .‬ويوجد فيه ماء صاحل للشرب‪ .‬وكذلك‬
‫الفريسيّني واآلخرين الذين على‬
‫أحس بنتانة ّ‬
‫الوقود متوفّر‪ .‬فماذا تريد بعد؟ أان مراتح هنا‪ .‬ومثّ فإنّين ال ّ‬
‫الشاكلة ذاهتا‪»...‬‬

‫«هيّا بنا اي بطرس نرفع ِّّ‬


‫الشباك‪ ».‬يقول أندراوس‪ ،‬ويصطحب بطرس خارجاً‪ ،‬قبل أن ينفجر‬
‫يوطي‪.‬‬
‫النقاش بينه وبني االسخر ّ‬
‫«ال يقدر هذا الرجل أن يراين‪ ».‬يهتف يهوذا‪.‬‬

‫أنت املتك ِّّدر على الدوام‪».‬‬


‫َيكنك قول ذلك‪ .‬إنّه هكذا مع اجلميع‪ .‬ولكنّه طيّب‪ .‬إّّنا َ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ .‬ال‬
‫جييب توما الذي هو‪ ،‬على العكس‪ ،‬مبتهج دائماً‪.‬‬

‫أحسب أمراً آخر‪»...‬‬


‫كنت َ‬
‫«هذا ألنّين ُ‬
‫أظن أنّنا‬
‫املضي إىل أمور أخرى‪ ».‬يقول يعقوب بن حلفا هبدوء‪ّ « .‬‬ ‫َينعك من ّ‬ ‫عمي ال َ‬ ‫«ابن ّ‬
‫لكن ذلك إّّنا هو أل ّن لنا رأساً صلباً‪ ،‬وحنن‬ ‫و‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫شيئ‬ ‫يعين‬ ‫باعه‬‫مجيعاً‪ ،‬ببالهة منّا‪ ،‬كنا نتخيل أ ّن اتِّّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكامنَني يف اتِّّباعه‪».‬‬
‫ف عنّا قط اخلطر واألمل ِّ‬ ‫متكربون‪ .‬وهو مل َُي ِّ‬
‫ّ‬
‫يـُتَمتِّم يهوذا بني أسنانه‪ ،‬وجييبه يوضاس ت ّداوس وهو يعمل حول دعامة يف املطبخ ليصنع خزانة‬
‫كل إسرائيلي أن‬
‫ك لعلى خطأ‪ .‬وإن تكن حسب العادات فأنت خمطئ‪ .‬على ّ‬ ‫جداريّة صغرية‪« :‬إنّ َ‬
‫عليك؟ أان ال أشعر به‪ ،‬ألنّين‪ ،‬حينما أكون معه‪ ،‬ال‬
‫يعمل‪ .‬وها حنن نعمل‪ .‬هل العمل ثقيل ج ّداً َ‬
‫أعود أشعر ابلتعب‪.‬‬

‫«وأان كذلك ال أشكو من شيء‪ ،‬وأان مسرور لكوين هنا‪ ،‬متاماًكما ضمن عائلة‪ ».‬يقول يعقوب‬
‫بن زبدى‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 651 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يوطي بسخرية‪.‬‬
‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫هوذا‬‫ي‬ ‫ق‬‫«سوف نصنع العظائم هنا!‪ »...‬يـعلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬
‫لك ابنتقاد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫«ولكن ابلنتيجة مباذا تُطالب؟» يقول ت ّداوس منفجراً‪« .‬هل تُطالب بقصر؟ ال أمسح َ‬
‫عمي‪ .‬هل تفهم؟»‬ ‫ما يفعله ابن ّ‬
‫«اصمت اي أخي‪ ».‬يقول يعقوب بن حلفا‪« .‬فيسوع ال يرضى مبثل هذه النـزاعات‪ .‬فليكن‬
‫كل حال‪ ،‬إذا مل ينجح هو بتغيري القلوب‪...‬‬
‫أقل ما َيكن‪ ،‬وهذا يكون أفضل للجميع‪ .‬على ّ‬
‫كالمنا ّ‬
‫بكالمك؟»‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫أفتأمل ذلك َ‬
‫يوطي بعدوانيّة‪.‬‬
‫«القلب الذي ال َيكن تغيريه هو قليب‪ ،‬أليس كذلك؟» يقول االسخر ّ‬
‫لكن يعقوب ال جييب‪ .‬بل ابألحرى يضع مسماراً بني أسنانه‪ ،‬ويثبّت الدفوف ابملسامري بعزم‪،‬‬
‫و ّ‬
‫لدرجة أن متتمات يهوذا ضاعت مع الصوت‪.‬‬

‫حار واآلخر‬ ‫ِّ‬


‫األول ُيمل بيضاً وسلّة خبز ّ‬
‫َير بعض الوقت‪ ،‬مثّ ها هو اسحق وأندراوس يَصالن‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ُيمل مسكاً يف سلّة لصيد السمك‪.‬‬

‫أي شيء‪ ،‬فإنّه قد‬


‫عما إذا كان ينقص ّ‬
‫أرسلَها‪ ،‬وهو يسأل ّ‬
‫«ها ُكم‪ ».‬يقول اسحق‪« .‬الوكيل َ‬
‫تل ّقى األوامر بذلك‪».‬‬

‫«هل ترى أنّنا لن ّنوت من اجلوع؟» يقول توما لإلسخريوطي‪ .‬مثّ يضيف‪« :‬هات السمكات‬
‫يتم حتضريها؟‪ ...‬فأان ال أعرف كيفيّة جتهيزها‪».‬‬
‫اي أندراوس‪ ،‬اي جلماهلا! إّّنا كيف ّ‬
‫جيوف مسكاته اليت ما تزال‬
‫أهتم بذلك‪ ».‬يقول أندراوس‪« ،‬فأان صيّاد‪ ».‬ويقبع يف زاوية ّ‬
‫«أان ّ‬
‫حيّة‪.‬‬

‫«املعلّم على وشك الوصول‪ .‬لقد جال يف البلدة والقرى‪َ .‬س َََتون أنّه سيكون هنا بعد قليل‪.‬‬
‫جبت تلك القرى‪ ،‬وقد أخذ الناس فيها ِّعلماً‪»...‬‬‫كنت قد ُ‬‫لقد شفى عيوانً مريضة‪ .‬مثّ أان ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 652 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األقل‪ ،‬حياة هادئة لنقوم هبذا وذاك‬
‫الرعاة وحدهم‪ ...‬لقد تركنا‪ ،‬أان على ّ‬
‫«إيه! طبعاً! أان‪ ،‬أان! ُّ‬
‫يهم‪»...‬‬
‫من األعمال‪ ،‬إّّنا ال ّ‬
‫يوطي بدهشة‪ ...‬إّّنا‪ ،‬حبكمة منه‪ُ ،‬يجم عن اإلجابة‪ ،‬ويصمت‬
‫يَنظُر إسحق إىل االسخر ّ‬
‫لكن الغَلَيان يف داخلهم على أش ّده‪.‬‬
‫اآلخرون أيضاً‪ ...‬و ّ‬
‫العتَـبَة مبتسماً وطيّباً‪ .‬وحتسب الشمس قد زاد بريقها مذ‬
‫«السالم لكم مجيعاً‪ ».‬يسوع على َ‬
‫العم؟»‬
‫مساعدتك اي ابن ّ‬
‫َ‬ ‫ص َل إىل هنا‪« .‬اي لكم من جمتهدين! اجلميع يعمل! هل َيكنين‬
‫َو َ‬
‫انتهيت‪».‬‬
‫ُ‬ ‫أنت‪ ،‬فلقد‬
‫«ال‪ ،‬اسَتح َ‬
‫الكل أراد العطاء‪ .‬ليت للجميع قلب املتواضعني!» يقول يسوع وهو‬
‫مهتمون ابلطعام‪ّ .‬‬
‫«حنن ّ‬
‫حزين بعض الشيء‪.‬‬

‫كك هللا!» إنّه بطرس‪ ،‬يدخل وحزمة من احلَطَب على كتفيه‪ ،‬وُييّي يسوع‬
‫«آه! اي معلّمي! فليبار َ‬
‫دون إنزاهلا‪.‬‬

‫أحسنت عمالً‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت أيضاً‪ ،‬اي بطرس‪ .‬لقد‬
‫الرب‪َ ،‬‬
‫كك ّ‬‫«ليبار َ‬
‫يفي‪ ،‬حنن!‪ ...‬وعلينا أن جنعل منه جنّة‬ ‫احلرة‪ .‬فلدينا بيت ر ّ‬
‫«مثّ إننا سنعمل أكثر يف األوقات ّ‬
‫بت أان البئر لكي ينكشف مكان وجوده ليالً‪ ،‬وللتأ ّكد من عدم فقد األواين‬‫عدن‪ .‬ويف هذه األثناء رتّ ُ‬
‫كل ما جيب فعله للعيش واإلقامة طويالً يف‬ ‫عم َ ِّ‬
‫ك البار َعني؟ ّ‬ ‫لدى إنزاهلا‪ .‬ومثّ‪ ...‬هل ترى عمل ابين ّ‬
‫ابرعان‪ .‬وكذلك توما‪ ،‬كان إبمكانه أن‬ ‫مكان ما‪ .‬أان‪ ،‬صيّاد السمك‪ ،‬مل أكن ألعرف‪ّ .‬إهنما حقيقة ِّ‬
‫صنَ َع فطائر رائعة‪»...‬‬
‫يكون رئيس الطهاة لدى هريودس‪ .‬ويهوذا كذلك ابرع‪ ،‬فقد َ‬

‫«وعدَية النفع‪ .‬يوجد خبز اآلن‪ ».‬جييب يهوذا مبزاج سيّئ‪ .‬وينظر إليه بطرس‪ ،‬وقد توقَّ ُ‬
‫عت منه‬
‫احلار‪ ،‬ويبسط الفطائر فوقها‪.‬‬
‫يهز رأسه‪ ،‬يرتّب الرماد ّ‬
‫لكن بطرس ّ‬
‫إجابة الذعة‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 653 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء جاهزاً‪ ».‬يقول توما ضاحكاً‪.‬‬
‫«سيكون ّ‬
‫«هل ستتح ّدث اليوم؟» يسأل يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫رفاقك قالوا ذلك‪ .‬لنأكل إذن دون أتخري‪».‬‬


‫«نعم‪ ،‬بني الساعة السادسة والتاسعة‪َ .‬‬
‫حلظة ويضع يوحنّا اخلبز على الطاولة‪ ،‬يهيّئ الكراسي‪ ،‬جيلب الكؤوس واألابريق‪ .‬وجيلب توما‬
‫اخلضار املطبوخة والسمكات املشويّة‪.‬‬

‫يوزع وأيكل اجلميع بشهيّة‪.‬‬


‫يسوع يف الوسط‪ .‬يق ّدم ويبارك‪ّ .‬‬
‫ص َل إىل الدار أانس‪ .‬ينهض بطرس‪ ،‬ويذهب إىل الباب‪« :‬ماذا‬
‫كانوا ما يزالون أيكلون عندما َو َ‬
‫تريدون؟»‬

‫«الرايب‪ .‬ألن يتح ّدث اليوم هنا؟»‬

‫«سوف يتح ّدث‪ .‬ولكنّه اآلن أيكل ألنّه إنسان هو أيضاً‪ .‬اجلسوا هناك يف األسفل‪ ،‬وانتظروا‪».‬‬

‫يفي‪.‬‬
‫اجلمع قليل عدده‪ .‬يذهبون حتت العنرب الر ّ‬
‫ُيل‪ ،‬وعلى األرجح سيهطل املطر‪ .‬أقول َيكننا استخدام هذا اإلسطبل اخلايل‪ .‬لقد‬
‫«الربد ّ‬
‫حمل املقعد‪»...‬‬
‫ُيل ّ‬
‫نظّفتُه جيّداً‪ ،‬وَيكن للمذود أن ّ‬
‫سخروا سخرايت بلهاء كهذه‪ ».‬يقول يهوذا؛ «فالرايب هو الرايب‪».‬‬
‫«ال تَ َ‬
‫«ولكن أيّة سخرايت؟ إذا كان ُولِّ َد يف إسطبل‪ ،‬فيمكنه التح ّدث من على مذود!»‬

‫حق‪ ،‬ولكن أرجوكم أحبّوا بعضكم بعضاً!» يبدو يسوع تعباً للغاية وهو يقول‬
‫«إ ّن بطرس على ّ‬
‫تلك الكلمات‪.‬‬

‫يُنهون األكل‪ ،‬وَيرج يسوع مباشرة ليذهب إىل اجلمع‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 654 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك كرسيّاً أل ّن األرض رطبة‬
‫صنَ َع َ‬
‫ك قد َ‬
‫عم َ‬
‫«انتظر اي معلّم‪ »،‬يهتف خلفه بطرس‪« .‬إن ابن ّ‬
‫يف األسفل‪».‬‬

‫أنت تعلم جيّداً أنّين أحت ّدث واقفاً‪ .‬يريد الناس أن يروين‪ ،‬وأان أريد أن أراهم‪.‬‬
‫«ال حاجة لذلك‪ ،‬و َ‬
‫ابحلري‪ ...‬اصنعوا مقاعد ون ّقاالت‪ ،‬قد أييت مرضى‪ ...‬وهذا سوف يكون ذا فائدة‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫بل‬

‫ك تفكر ابآلخرين دائماً أيّها املعلّم الصاحل!» يقول يوحنّا ويـُ َقبِّّل له يده‪.‬‬
‫«إنّ َ‬
‫يذهب يسوع‪ ،‬وقد ارتَ َس َمت على وجهه ابتسامة حزينة قليالً‪ ،‬إىل اجلمع‪ ،‬ويذهب معه التالميذ‪.‬‬

‫احملجبة‬
‫بطرس‪ ،‬الذي هو جبانب يسوع مباشرة‪ ،‬جيعله ينحين صوبه‪ ،‬ويهمس هبدوء‪« :‬إ ّن املرأة ّ‬
‫ّإايها‪ ،‬خلف اجلدار هي‪ .‬لقد رأيتُها‪ّ .‬إهنا هنا منذ الصباح‪ .‬ولقد تَبِّ َعتنا من بيت عنيا‪ .‬هل علينا طردها‬
‫أم تركها؟»‬

‫قلت لكم ذلك‪».‬‬


‫«دعها‪ .‬لقد ُ‬
‫يوطي؟»‬
‫«ولكن لو كانت جاسوسة‪ ،‬كما يقول االسخر ّ‬
‫سرها‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬هي ليست كذلك‪ .‬ثق مبا أقول‪ .‬دعها وشأهنا‪ ،‬وال تقل شيئاً لآلخرين‪ .‬واحَتم ّ‬
‫رت أب ّن هذا كان أفضل‪»...‬‬
‫صمت ألنّين ف ّك ُ‬
‫ُّ‬ ‫«لقد‬

‫«سالم لكم اي من تبحثون عن الكلمة‪ ».‬يبدأ يسوع‪ .‬يذهب إىل آخر الرواق‪ ،‬وخلفه جدار‬
‫البيت‪ .‬يتح ّدث ببطء إىل حوايل العشرين شخصاً وهم جلوس على األرض‪ ،‬أو مسندين ظهورهم إىل‬
‫العواميد يف دفء مشس تشرين الثاين (نوفمرب)‪.‬‬

‫يتأمل يف احلياة واملوت‪ ،‬وحني يضع هاتني العبارتني موضع‬ ‫«يقع اإلنسان يف اخلطأ عندما ّ‬
‫التطبيق‪ .‬فيُطلِّق اسم "حياة" على الزمن الذي يُولَد فيه ِّمن أ ُّم‪ ،‬ويبدأ ابلتن ّفس والتغذية واحلركة والتفكري‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 655 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫والعمل؛ ويُطلِّق اسم "موت" على اللحظة اليت يتوقّف فيها عن التن ّفس واألكل واحلركة والتفكري‬
‫لكن هذا ليس‬‫جمرداً وابرداً وعدمي اإلحساس‪ ،‬وجاهزاً للولوج إىل جوف القرب‪ .‬و ّ‬‫والعمل‪ ،‬عندما يصبح ّ‬
‫دركون ما هي "احلياة"‪ ،‬وأدلّكم على األعمال اليت تُ ِّ‬
‫ناسب هذه احلياة‪.‬‬ ‫صحيحاً‪ .‬أريد أن أجعلكم تُ ِّ‬

‫احلياة ليست الوجود‪ .‬كما أ ّن الوجود ليس احلياة‪ .‬الكرمة املوثقة إىل هذا العامود موجودة‪ ،‬إّّنا‬
‫هي ال متلك احلياة اليت ّأحتدث عنها‪ .‬تلك النعجة اليت تثغو‪ ،‬واملربوطة إىل تلك الشجرة يف البعيد‪،‬‬
‫موجودة أيضاً‪ ،‬ولكنّها ال متلك احلياة اليت ّأحتدث عنها‪ .‬فاحلياة اليت ّأحتدث عنها ال تبدأ مع الوجود‪،‬‬
‫كما ّأهنا ال تنتهي مع هناية اجلسد‪ .‬احلياة اليت ّأحتدث عنها ال تبدأ يف رحم أ ُّم‪ّ .‬إهنا تبدأ حينما فَ َّكر‬
‫هللا أن َيلق بذاته نفساً ُجعِّلَت لتسكن جسداً‪ .‬وتنتهي عندما تقتلها اخلطيئة‪.‬‬

‫لب كما هي‬ ‫يف البداية‪ ،‬ليس اإلنسان سوى بذرة تنمو‪ ،‬بذرة جسد بدالً من "غلوتني" أو ّ‬
‫احلال يف القمح والفاكهة‪ .‬ابدئ ذي بدء‪ ،‬هو ليس سوى حيوان يتش ّكل‪ ،‬جنني حيوان ال َيتلف عن‬
‫ي يف احلَبَل‬‫الالماد ّ‬
‫ّ‬ ‫الذي ينمو اآلن يف رحم تلك النعجة‪ .‬ولكن منذ اللحظة اليت يدخل فيها اجلزء‬
‫ماديّته اليت تسمو به‪ ،‬منذ ذلك احلني‪ ،‬ال يعود اجلنني‬‫اإلنساينّ‪ ،‬والذي هو‪ ،‬آنذاك‪ ،‬األقوى يف ال ّ‬
‫احليواينّ موجوداً مع نبضات قلبه وحسب‪ ،‬ولكنّه "ُييا" حسب الفكر اخلالق‪ ،‬ويصبح إنساانً‪ ،‬خملوقاً‬
‫على صورة هللا كمثاله‪ ،‬ابناً هلل‪ ،‬ومن سكان السماء مستقبالً‪ .‬ولكن هذا ُيصل ابلفعل إذا ما دامت‬
‫احلياة‪َ .‬يكن لإلنسان أن يوجد ُحمتَ ِّفظاً بكيانه كإنسان‪ ،‬ولكن‪ ،‬عندما ال يعود إنساانً‪ ،‬إّّنا يصبح قرباً‬
‫تتفسخ فيه احلياة‪.‬‬
‫ّ‬
‫هاكم ملاذا أقول‪" :‬ال تبدأ احلياة مع الوجود‪ ،‬كما ال تنتهي مع انتهاء اجلسد"‪ .‬ذلك أ ّن احلياة‬
‫تبدأ قبل الوالدة‪ .‬وبعدئذ ال هناية للحياة‪ .‬فالنَّفس ال متوت‪ ،‬يعين أ ّهنا ال تؤول إىل َع َدم‪ .‬هي متوت‬
‫السماوي‪ ،‬ولكنّها حتيا للعقاب‪ .‬فهي متوت هلذا املصري املغبوط‪ ،‬عندما متوت للنعمة‪ .‬هذه‬ ‫ّ‬ ‫ملصريها‬
‫األبدي والعذاب‪ .‬هذه‬
‫ّ‬ ‫احلياة املصابة ابلغنغرينا‪ ،‬اليت هي املوت للمصري‪ ،‬متت ّد أبد الدهر يف اهلالك‬
‫احلياة‪ ،‬على العكس‪ ،‬إذا ما متّت احملافظة عليها كما ُخلِّ َقت‪ ،‬تبلغ كمال احلياة أبن تصبح أبديّة كاملة‪،‬‬
‫ومغبوطة مثل خالقها‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 656 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل عطيّة من هللا‬
‫هل علينا واجبات جتاه احلياة؟ نعم‪ ،‬فهي عطيّة من هللا‪ .‬وينبغي لنا استخدام ّ‬
‫واحملافظة عليها بعناية‪ ،‬أل ّن قداستها مستم ّدة من قداسة ُمعطيها‪ .‬هل تسيئون استخدام هديّة ِّمن‬
‫َملِّك؟ ال‪ .‬بل هي تنتقل إىل الورثة وإىل ورثة الورثة‪ ،‬كمجد للعائلة‪ .‬وإذن ملاذا إساءة استخدام عطيّة‬
‫هللا؟ ولكن كيف ينبغي استخدامها واحملافظة على هذه اهلديّة من هللا؟ كيف احملافظة على الوردة‬
‫التوصل إىل "احلياة" من أجل األعايل‪ ،‬وإىل ما بعد‬
‫الفردوسيّة للنفس حيّة كي ُحتفظ للسماء؟ كيف ّ‬
‫هذا الوجود؟‬

‫لدى إسرائيل شرائع واضحة هبذا اخلصوص‪ ،‬وليس هلا سوى التقيّد هبا‪ .‬لدى إسرائيل أنبياء‬
‫وأبرار يعطوهنا ال َـمثَل والكلمة ملمارسة الشرائع‪ .‬وكذلك لدى إسرائيل اآلن ق ّديسون‪ .‬ال َيكن إلسرائيل‪،‬‬
‫كل مكان‪ .‬فأقول لكم‬ ‫إين أرى عيوابً يف القلوب وأرواحاً ميتة تتكاثر يف ّ‬ ‫بل ال ينبغي هلا أن ختطئ‪ّ .‬‬
‫إذن‪ :‬توبوا؛ افتحوا نفوسكم للكلمة ومارسوا الشريعة غري القابلة للتب ّدل‪ ،‬قَـ ّووا "احلياة" ال ُـم َنه َكة اليت‬
‫فَت فيكم؛ وإذا كانت قد ماتت فأقبِّلوا إىل احلياة احلقيقيّة‪ :‬إىل هللا‪ .‬ابكوا خطاايكم‪ .‬اهتفوا‪" :‬الرمحة"‪.‬‬ ‫تَ ُ‬
‫األبدي‪ .‬لن أح ّدثكم عن أمر‬ ‫ّ‬ ‫إّّنا اهنَضوا‪ .‬ال تكونوا أموااتً يف احلياة كي ال تُسلَّموا غداً إىل العذاب‬
‫تطهروا من انر‬ ‫آخر سوى طريقة إعادة إجياد أو احملافظة على احلياة‪ .‬إنسان آخر قال لكم‪" :‬توبوا‪ّ .‬‬
‫َدنَس الفجور ومن َمحأة خطاايكم"‪ .‬وأان أقول لكم‪ :‬أيّها األصدقاء املساكني‪ ،‬فلندرس الشريعة معاً‪.‬‬
‫ص ِّّل معاً إىل ّ‬
‫األزيل قائلني‪" :‬لتنـزل‬ ‫األبوي‪ .‬ومثّ‪ ،‬فلنُ َ‬
‫ّ‬ ‫احلق‬
‫ولنستمع فيها‪ ،‬من جديد‪ ،‬إىل صوت هللا ّ‬
‫رمحتك على قلوبنا"‪.‬‬
‫َ‬
‫عراها‬
‫اآلن‪ ،‬هو الشتاء املظلم‪ ،‬إّّنا قريباً أييت الربيع‪ .‬والروح امليتة هي أكثر كآبة من شجرة ّ‬
‫الصقيع‪ .‬ولكن إذا ما َو ََلَ التواضع واإلرادة والتوبة واإلَيان إىل داخل ذواتكم‪ ،‬كما إىل الشجرة يف‬
‫الربيع‪ ،‬تعود إليكم احلياة‪ ،‬وتزهرون هلل لتثمروا بعدئذ يف الغد‪ ،‬يف غد دهر الدهور‪ ،‬الثمرة األزليّة للحياة‬
‫احل ّقة‪.‬‬

‫أَقبِّلوا إىل احلياة! ك ّفوا عن الوجود فقط‪ ،‬وابدأوا "احلياة"‪ .‬حينئذ ال يعود املوت هو "النهاية"‪،‬‬
‫إّّنا البداية‪ ،‬بداية يوم ال غروب له‪ ،‬بداية فرح بال تعب وبال قياس‪ .‬ويصبح املوت انتصاراً ملن ُييا قبل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 657 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلسد‪ ،‬وانتصار اجلسد الذي يصبح مدعواً للقيامة واألزلية للمشاركة يف هذه احلياة اليت أ ِّ‬
‫َع ُد هبا‪ ،‬ابسم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق‪ ،‬مجيع الذين "أرادوا" "احلياة" لنفوسهم‪ ،‬وهم يدوسون أبقدامهم األحاسيس والشهوات‬ ‫اإلله ّ‬
‫لينعموا حبريّة أبناء هللا‪.‬‬

‫الرب‬
‫كل يوم‪ ،‬يف مثل هذه الساعة‪ ،‬سوف أح ّدثكم عن احلقيقة األزليّة‪ .‬ليكن ّ‬
‫امضوا‪ .‬ويف ّ‬
‫معكم‪».‬‬

‫َيضي الناس على مهل مع الكثري من التعليقات‪ .‬ويعود يسوع إىل البيت وحيداً‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 658 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫إهلك")‬
‫الرب َ‬
‫‪( -86‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬أان هو ّ‬
‫‪1945 / 02 / 27‬‬

‫عما كان عليه يف األمس‪ .‬فهنالك كذلك أشخاص ليسوا من‬ ‫لقد تضاعف اليوم عدد احلضور ّ‬
‫الشعيب‪ .‬بعضهم أتوا على ظهر احلمري وهم يتناولون طعامهم يف العنرب‪ .‬ويف انتظار املعلّم‪ ،‬ربطوا‬
‫ّ‬ ‫الوسط‬
‫مطاايهم إىل األعمدة‪.‬‬

‫اليوم ابرد ولكنّه صاف‪ .‬الناس يتح ّدثون فيما بينهم‪ ،‬واألكثر ثقافة منهم يشرحون من يكون‪،‬‬
‫وملاذا يتح ّدث املعلّم يف هذا املكان‪ .‬يقول أحدهم‪« :‬ولكن هل هو أعظم من يوحنّا؟»‬

‫كنت اتبعاً ليوحنّا‪ ،‬وهو السابق وصوت العدل‪ّ .‬أما هذا فإنّه ماسيا‪،‬‬
‫«ال‪ ،‬إنّه خمتلف‪ .‬لقد ُ‬
‫صوت احلكمة والرمحة‪».‬‬

‫عرفت ذلك؟» يسأل الكثريون‪.‬‬


‫«كيف َ‬
‫تصوروا‪:‬‬
‫«ثالثة تالميذ‪ ،‬كانوا اتبعني ليوحنّا‪ ،‬قالوا يل ذلك‪ .‬لو كنتم تَعلَمون! لقد رأوه يُولَد‪ّ .‬‬
‫لقد ُولِّ َد ِّمن النور‪ ،‬نور عظيم ج ّداً‪ ،‬لدرجة أ ّهنم‪ ،‬وقد كانوا ُرعاة‪ّ ،‬فروا خارج احلظرية‪ ،‬وسط احليواانت‬
‫ط مالئكة من السماء وأطفأوا النار أبجنحتهم‪ .‬وكان‬ ‫املروعة‪ .‬لقد رأوا بيت حلم حتَتق‪ ،‬مثّ َهبَ َ‬
‫املذعورة و َّ‬
‫هو على األرض‪ ،‬هو الطفل املولود من النور‪ .‬وأصبَ َحت النار كلّها جنمة‪»...‬‬

‫«ولكن ال‪ ،‬ليس هكذا‪».‬‬

‫«بلى هكذا‪ .‬هذا ما قاله يل‪ ،‬يف طفوليت‪ ،‬رجل كان سائساً يف بيت حلم‪ّ .‬أما اآلن وقد أصبَ َح‬
‫ماسيا رجالً‪ ،‬فإنّه يتباهى بذلك‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 659 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬وليس ذاك كذلك‪ .‬فالنجمة أتت فيما بعد‪ .‬لقد أتت مع جموس الشرق‪ .‬أحدهم كان من‬
‫ساللة سليمان‪ ،‬وابلتايل فهو قريب ملاسيا‪ ،‬فهو من ساللة داود‪ ،‬وداود كان أابً لسليمان‪ .‬وسليمان‬
‫ألهنا كانت مجيلة‪ ،‬وبسبب اهلِّبات اليت َجلَبَتها له‪ .‬فأجنبَت له ولداً هو من‬
‫حب ملكة سبأ ّ‬ ‫وقع يف ّ‬
‫اليهوديّة‪ ،‬مع كونه‪ ،‬يف آن‪ ،‬من ما وراء النيل‪».‬‬

‫أنت جمنون؟!»‬
‫«ولكن ما الذي ترويه؟ هل َ‬
‫ب له‪ ،‬وهو القريب‪ ،‬الطيوب‪ ،‬كما هي العادة‬
‫«ال‪ .‬هل تريد القول إنّه ليس صحيحاً أنّه َجلَ َ‬
‫بني امللوك من تلك الساللة؟»‬

‫صل‪ ».‬قال آخر‪« .‬أعرف أل ّن يل صديقاً‪ ،‬هو اسحق‪ ،‬وهو أحد الرعاة‪ .‬إذن‪،‬‬ ‫«أان أعرف ما َح َ‬
‫الصيب يف إسطبل لبيت داود‪ .‬هذا ما جاء يف النبوءة‪»...‬‬ ‫د‬ ‫ولِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫«ولكن‪ ،‬أليس من الناصرة هو؟»‬

‫«دعوين أتكلّم‪ُ .‬ولِّ َد يف بيت حلم ألنّه من نسل داود‪ ،‬وكان ذلك يف زمن املنشور‪ .‬وقد رأى‬
‫الرعاة نوراً‪ ،‬هو أروع ما ُوِّج َد ِّمن نور‪ .‬واألصغر سنّاً فيهم‪ ،‬ألنّه كان بريئاً‪ ،‬فقد كان ّأول من رأى مالك‬
‫ُّ‬
‫الرب‪ .‬صوته املتناغم مثل قيثارة كان يقول‪" :‬لقد ُولِّ َد املخلّص‪ .‬اذهبوا وق ّدموا فروض العبادة"‪ .‬ومثّ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الرعاة ليجدوا طفالً صغرياً‬‫ب ُّ‬‫مالئكة ومالئكة كانت ترّّن‪" :‬اجملد هلل والسالم للناس الصاحلني"‪ .‬و َذ َه َ‬
‫األم واألب‪ .‬وقَدَّموا فروض العبادة له‪ ،‬مثّ أخذوه إىل بيت امرأة طيّبة‪ .‬وكان‬‫يف مذود بني محار وثور و ّ‬
‫احلب‪ .‬مثّ أتى جموس ممّا وراء الفرات والنيل‪،‬‬‫كل األطفال‪ ،‬مجيالً ولطيفاً وَيأل قلبَه ّ‬‫الطفل ينمو‪ ،‬مثل ّ‬
‫لكن الطفل حينئذ كان قادراً على املشي‪ .‬وامللك‬ ‫وتعرفوا من خالله على جنم بلعام‪ .‬و ّ‬ ‫ألهنم رأوا جنماً ّ‬‫ّ‬
‫الرب كان قد أن َذ َر ابخلطر‪.‬‬
‫هريودس أصدر أوامره ابملذحبة‪ ،‬نظراً لغريته من ملك املستقبل‪ّ .‬إال أ ّن مالك ّ‬
‫فمات أطفال بيت حلم‪ّ ،‬أما هو فال‪ ،‬ألنّه كان قد هرب إىل ما أبعد من مطارّاي‪ .‬ومن مثّ عاد إىل‬
‫الناصرة ليعمل جناراً‪ .‬وعندما آن أوانه‪ ،‬بعدما بَشََّر به قريبه املعمدان‪ ،‬بدأ رسالته‪ .‬يف البداية حبث عن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 660 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رعاته‪ .‬ولقد شفى اسحق من الشلل‪ ،‬بعد ثالثني عاماً من العجز‪ .‬واسحق هذا يعمل بال كلل للتبشري‬
‫به‪».‬‬

‫األول وهو مقهور‪.‬‬


‫لكن تالميذ املعمدان قالوا يل ابلضبط تلك الكلمات!» يقول ّ‬
‫«و ّ‬
‫َوىل به‬
‫«وهي صحيحة‪ّ .‬أما ما هو غري ذلك فهو وصف السائس‪ .‬هل هو يتباهى بذلك؟ األ َ‬
‫لو يقول لس ّكان بيت حلم أن يكونوا صاحلني فيفعل أفضل‪ .‬ولكنّه مل يستطع التبشري ال يف بيت حلم‬
‫وال يف أورشليم‪».‬‬

‫سامة‬ ‫ِّ‬
‫الفريسيّون يتقبّلون هذا الكالم‪ .‬إ ّهنم أفاعي ّ‬
‫«نعم! ولكن فَ ّكر إذن إذا ما كان الكتبة و ّ‬
‫يسميهم املعمدان‪».‬‬
‫وضباع‪ ،‬كما ّ‬
‫لت عذاابً كاد يودي يب إىل‬
‫حتم ُ‬
‫لدي ساق مصابة ابلغنغرينا‪ .‬لقد َّ‬
‫أود لو أُشفى‪ .‬أترى؟ ّ‬
‫«أان ّ‬
‫كنت قد حبثت عنه يف صهيون‪ ،‬ومل يكن هناك‪ »...‬يقول‬ ‫ِّ‬
‫اهلالك ألَصل هنا على ظهر أاتن‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫أحدهم…‬

‫«لقد ه ّددوه ابملوت‪ ».‬يقول آخر‪.‬‬

‫«كالب!»‬

‫أنت قادم؟»‬
‫«نعم‪ ،‬من أين َ‬
‫«من الل ّد‪».‬‬

‫«طريق طويلة‪».‬‬

‫ت هبا للمعمدان‪ ،‬ولكنّين هربت من كثرة‬


‫كنت أود البوح له عن خطيئيت‪ ...‬لقد ُحب ُ‬
‫«أان‪ ...‬أان ُ‬
‫عين‪ »...‬يقول كذلك آخر‪.‬‬ ‫دت بعدم إمكانيّة الصفح ّ‬
‫اللوم الذي َو َّج َههُ يل‪ .‬اعت َق ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 661 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اقَتفت إذن؟»‬
‫َ‬ ‫«ماذا‬

‫الشر‪ .‬سوف أبوح له بذلك‪ .‬ما قولكم؟ هل يلعنين؟»‬


‫«الكثري من ّ‬
‫كنت هناك‪ ،‬واي حلديثه!!! كان يتح ّدث‬
‫«ال‪ .‬فلقد مسعتُه يتح ّدث يف بيت صيدا‪ ،‬إذ صادف أن ُ‬
‫ألستحق كالمه!‪ »...‬يقول عجوز فارضاً نفسه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أمتىن أن أكوهنا‬
‫كدت ّ‬‫عن خاطئة‪ .‬آه! ُ‬
‫«ها هو ذا أييت‪ ».‬هتتف أصوات كثرية‪.‬‬

‫ويهم ابهلروب‪.‬‬ ‫اخلطيئة‬ ‫تكب‬


‫ر‬ ‫م‬ ‫هلا‬‫و‬‫يق‬ ‫»‬‫ل!‬ ‫«الرمحة! إنّين خ ِّ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫قلبك أسود كثرياً لتمقت النور إىل درجة تستوجب اهلرب؟ هل‬ ‫بين؟ هل َ‬ ‫«إىل أين هترب اي ّ‬
‫حّت‬
‫مين أان‪ :‬الغفران؟ ولكن أيّة خطيئة َيكن أن تكون قد اقَتفتَها؟ ّ‬ ‫جعلتك ختاف ّ‬
‫َ‬ ‫أخطأت لدرجة‬
‫َ‬
‫ابحلري‬ ‫لديك ندامة حقيقية‪ .‬ال ِّ‬
‫تبك أو‬ ‫لك ّأال ختاف‪ ،‬إذا كانت َ‬ ‫قتلت هللا‪ ،‬فينبغي َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كنت قد َ‬ ‫ولو َ‬
‫بقوة اآلن‪ّ .‬إال أنّه يلتفت إىل الذين‬ ‫يعانقه‬ ‫يده‪،‬‬ ‫برفع‬ ‫هروبه‬ ‫أوقف‬ ‫الذي‬ ‫ويسوع‬ ‫»‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬‫مع‬ ‫تعال‪ ،‬و ِّ‬
‫لنبك‬
‫ّ‬
‫ينتظرون ويقول هلم‪« :‬حلظة واحدة فقط‪ ،‬ملعاجلة هذا القلب‪ ،‬مثّ أعود إليكم‪».‬‬

‫احملجبة‪ ،‬وقد كانت تستمع إليه‪.‬‬


‫يبتعد عن البيت‪ ،‬وفيما هو ينعطف إىل الركن‪ ،‬يصطدم ابملرأة ّ‬
‫بين؟»‬
‫فعلت اي ّ‬
‫ُي ّدق يسوع هبا حلظة‪ ،‬مثّ يسري قرابة العشر خطوات ويتوقّف‪« :‬ماذا َ‬
‫أحرقَت الشهوات وجهه‬ ‫جيثو الرجل على ركبتيه‪ .‬إنّه رجل يف حوايل اخلمسني من العمر‪ .‬وقد َ‬
‫لت ّأمي‬
‫األبوي كلّه‪ ،‬قت ُ‬
‫ّ‬ ‫مربح دفني‪َ .‬ي ّد ذراعيه ويصرخ‪« :‬لكي أصرف على النساء اإلرث‬ ‫وأتلَ َفه أمل ّ‬
‫وأخي‪ ...‬وبعدها مل أعد أشعر ابلسالم‪ ...‬غذائي‪ ...‬دم! نومي‪ ...‬كابوس‪ ...‬متعيت‪ ...‬آه! على صدر‬
‫هن‬
‫أحس جبثّة ّأمي املتجلّدة‪ ،‬وحشرجة أخي املسموم‪ .‬ملعوانت ّ‬ ‫كنت ّ‬ ‫صرختهن املاجنة‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫النساء‪ ،‬ويف‬
‫السامة‪ ،‬قناديل البحر‪ ،‬الشيقيات الن َِّّه َمة (نوع من األمساك البحريّة املفَتسة تتميّز‬
‫نساء املتعة‪ ،‬األفاعي ّ‬
‫جبلدها عدمي احلراشف وشكلها الذي يشبه األنقليس) هالك‪ ،‬هالك‪ ،‬هالكي!»‬

‫ألعنك‪»...‬‬
‫لست َ‬ ‫«ال تلعن‪ ،‬فأان ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 662 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ألست تلعنين؟»‬
‫« َ‬
‫منكيب!‪ ...‬كم هي ثقيلة! ّإهنا حتطّم يل أعضائي‪ ،‬ولكنّين‬
‫ّ‬ ‫خطيئتك على‬
‫َ‬ ‫«ال‪ .‬بل أبكي وأمحل‬
‫إين أغفر‬‫فأمنحك الغفران‪ .‬نعم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫منك‪ّ ...‬أما َ‬
‫بقوة ألقضي عليها بدالً َ‬ ‫أهصرها (أقبض عليها) ّ‬
‫خطيئتك العظيمة‪ ».‬ويبسط يديه على رأس الرجل الذي جيهش ابلبكاء ويصلّي‪« :‬اي أبيت‪ ،‬ألجله‬ ‫َ‬ ‫لك‬
‫َ‬
‫فابنك الذي‬
‫أيضاً يُسفك دمي‪ .‬يف انتظار ذلك هي ذي دموعي وصاليت‪ .‬أبيت اغفر له ألنّه اندم‪َ .‬‬
‫كل شيء يف القضاء‪ ،‬يريد ذلك!‪ »...‬ويبقى هكذا بضعة دقائق أخرى‪ ،‬مثّ ينحين ويُ ِّنهض‬ ‫يعود إليه ّ‬
‫َيتك‪».‬‬
‫وعليك اآلن أن تك ّفر‪ ،‬حبياة توبة‪ ،‬عما تب ّقى من جر َ‬
‫َ‬ ‫الرجل ويقول له‪« :‬اخلطيئة قد غُ ِّفَرت‪.‬‬

‫«هل َغ َفر يل هللا؟ و ّأمي؟ وأخي؟»‬

‫«ما يغفره هللا يغفره اجلميع‪ .‬اذهب وال تعد ختطئ أبداً‪».‬‬

‫جيهش الرجل ابلبكاء بشكل أقوى ويـُ َقبِّّل له يده‪ .‬يَتكه يسوع لدموعه ويعود إىل البيت‪ .‬يبدو‬
‫َير يسوع جبانبها‬
‫تتحرك‪ .‬و ّ‬
‫تود الذهاب للقائه‪ ،‬ولكنّها يف النهاية ختفض رأسها وال ّ‬ ‫احملجبة ّ‬
‫أ ّن املرأة ّ‬
‫دون أن ينظر إليها‪.‬‬

‫الرب‪ .‬لتتبارك قدرته الكلّيّة اليت تنتزع النفوس‬


‫يعود إىل مكانه‪ .‬يتح ّدث‪« :‬لقد عادت نفس إىل ّ‬
‫ألهنا اتهت‬
‫اليت َخلَ َقها من أحابيل الشيطان‪ ،‬وتعيدها إىل درب السماء‪ .‬ملاذا ضلّت تلك النفس؟ ّ‬
‫عن الشريعة‪.‬‬

‫ظهر يف سيناء بكامل قدرته الرهيبة‪ ،‬ليقول كذلك من خالهلا‪" :‬أان‬ ‫الرب يَ َ‬
‫قيل يف الكتاب إ ّن ّ‬
‫للمتمردين على إرادة هللا"‪ .‬وقبل أن يتكلّم‪ ،‬أ ََمَر ّأال‬
‫ّ‬ ‫اإلله‪ .‬هذه هي إراديت‪ .‬وهي ذي الصواعق جاهزة‬
‫يتطهروا قبل االقَتاب من احلدود‬ ‫حّت على الكهنة أن ّ‬ ‫يصعد أحد من الشعب لينظر إىل الكائن‪ ،‬وأ ّن ّ‬
‫اليت ثـَبَّـتَها هللا كي ال يصابوا ابلضرابت‪ .‬كان ذلك أل ّن الزمن كان زمن العدل واالختبار‪ .‬لقد كانت‬
‫سر السماء وعلى غضب هللا‪ ،‬فقط سهام العدالة كانت تسقط من‬ ‫السماء مغلقة‪ ،‬كما بصخرة‪ ،‬على ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 663 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل عدل‪ .‬لقد حان الوقت الذي‬ ‫ليتم ّ‬
‫البار ّ‬
‫السماء على األبناء املذنبني‪ .‬إّّنا اآلن‪ ،‬فال‪ .‬لقد أتى ّ‬
‫تتح ّدث فيه الكلمة اإلهليّة إىل اإلنسان دون صاعقة ودون حدود‪ ،‬لتمنح اإلنسان النعمة واحلياة‪.‬‬

‫إهلك"‪.‬‬
‫الرب َ‬
‫الرب هي هذه‪" :‬أان هو ّ‬
‫الكلمة األوىل لآلب و ّ‬
‫يَتدد فيها صوت هذه الكلمة وال تظهر بصوت وإصبع هللا‪ .‬أين؟ يف‬ ‫متر حلظة من اليوم ال ّ‬‫ال ّ‬
‫حّت النجمة‪ ،‬من املاء إىل النار‪ ،‬من الصوف‬
‫كل مكان‪ ...‬ال يتوقّف شيء عن قوهلا‪ ،‬من العشب ّ‬ ‫ّ‬
‫كل شيء يقول‪" :‬أان‬‫الصحة إىل املرض ومن الغىن إىل الفقر‪ّ .‬‬
‫إىل الغذاء‪ ،‬من النور إىل الظلمات‪ ،‬من ّ‬
‫منك‪ .‬فما من سالح‪ ،‬مهما‬‫متنحك ّإايه وفكرة أخرى تنـزعه َ‬
‫َ‬ ‫مين‬
‫ك هذا‪ ،‬فكرة ّ‬‫الرب‪ .‬أان من وهبَ َ‬
‫هو ّ‬
‫جعلك تفلت من إراديت"‪ .‬فهي هتتف يف صوت اهلواء وترتّل يف ُهس‬‫َ‬ ‫أي دفاع َيكنه‬
‫بـَلَغَت ّقوته‪ ،‬وال ّ‬
‫قمة اجلبال‪ّ .‬إهنا هتمس‪ ،‬تتح ّدث‪ ،‬تنادي وتصرخ يف الضمائر‪:‬‬
‫املاء‪ ،‬وتنتشر يف عبري الزهور‪ ،‬وتضرب ّ‬
‫إهلك"‪.‬‬
‫الرب َ‬
‫"أان هو ّ‬
‫وتصموا آذانكم‪ ،‬ال ختنقوا ضمريكم لكي ال تسمعوا هذه‬ ‫ال تنسوا هذا أبداً! ال تعموا عيونكم ّ‬
‫الكلمة‪ .‬لن يتضاءل وجودها‪ .‬لقد حان الوقت الذي فيه‪ ،‬على جدار قاعة الوليمة‪ ،‬أو على أمواج‬
‫البحر اهلائجة‪ ،‬وعلى شفاه األطفال الضاحكة أو على شحوب عجوز مشرف على املوت‪ ،‬على‬
‫الوردة الع ِّطرة أو يف نتانة القرب‪ ،‬تَ ِّ‬
‫صل مكتوبة بيد هللا الناريّة‪ .‬وأييت الوقت الذي فيه‪ ،‬يف سكر اخلمرة‬ ‫َ َ‬
‫إهلك"‪.‬‬
‫الرب َ‬
‫خضم األعمال‪ ،‬يف سكون الليل ويف نزهة منفردة‪ ،‬ترفع صوهتا وتقول‪" :‬أان هو ّ‬ ‫واملتعة‪ ،‬يف ّ‬
‫خبلك‪،‬‬
‫وهذا اجلَّ َسد الذي تقبّله بنهم‪ ،‬وهذا الغذاء الذي تلتهمه بشراهة‪ ،‬وهذا الذهب الذي يك ّدسه َ‬
‫وهذا السرير الذي متكث فيه بكسل‪ ،‬والصمت‪ ،‬والنوم‪ ،‬ال شيء َيكنه إسكاهتا‪.‬‬

‫أنت صاحل؟‬
‫َيكنك طرده‪ .‬هل َ‬
‫َ‬ ‫كك‪ ،‬الضيف الذي ال‬ ‫إهلك"‪ .‬الرفيق الذي ال يَت َ‬
‫الرب َ‬
‫"أان هو ّ‬
‫أنت منحرف ومذنب خاطئ؟ ها هو الضيف الرفيق‬ ‫ها هو الضيف الرفيق يصبح خري صديق‪ .‬هل َ‬
‫الغاضب وال َينح السالم‪ .‬ولكنّه ال يفارق‪ ،‬ال يفارق‪ ،‬ال يفارق‪ .‬ال يسمح ابالنفصال‬‫يصبح امللك ِّ‬
‫األبدي الذي ال يَسكن أبداً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لكن هذا االنفصال هو األمل املربّح‬
‫عن هللا لغري املدانني احملكوم عليهم‪ .‬و ّ‬
‫ك من أرض مصر‪ ،‬من بيت العبوديّة"‪ .‬آه! حقيقة كم‬ ‫أخرج َ‬
‫إهلك"‪ ،‬ويضيف‪" :‬الذي َ‬ ‫الرب َ‬‫"أان هو ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 664 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ليقودك إىل األرض املوعودة اليت ليست هذا‬
‫َ‬ ‫َيرجك‬
‫َ‬ ‫أي مصر‬‫أي مصر‪ ،‬من ّ‬
‫يقوهلا اآلن بصوابيّة! من ّ‬
‫كل‬
‫يل‪ ،‬حيث ال جوع وال عطش وال برد وال موت‪ ،‬بل ّ‬ ‫الرب األز ّ‬
‫املكان‪ ،‬إّّنا هي السماء! ملكوت ّ‬
‫كل نفس من السالم والفرح‪.‬‬
‫ما فيه يتدفّق ابلفرح والسالم‪ ،‬وحيث تشبع ّ‬

‫إنّه ينتزعكم اآلن من العبوديّة احلقيقيّة‪ .‬هو ذا ال ُـم َحِّّرر‪ .‬إنّه أان‪ .‬لقد ُ‬
‫أتيت ألحطّم قيودكم‪.‬‬
‫لكن‬
‫حريتها‪ .‬و ّ‬‫بشري أن يذوق املوت‪ ،‬ومبوته تستعيد الشعوب املستَعبَ َدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكل ذي سيادة‬ ‫َيكن ّ‬
‫أىن يريد‪ .‬اخلطيئة فيكم‪،‬‬
‫ليجركم ّ‬
‫أبدي‪ .‬وهو املتسلّط الذي قَـيَّ َدكم ابألغالل ّ‬ ‫الشيطان ال َيوت‪ .‬إنّه ّ‬
‫أتيت وكذلك‬
‫أتيت ألحطّم هذا القيد‪ .‬ابسم اآلب ُ‬ ‫واخلطيئة هي القيد الذي يكبّلكم به الشيطان‪ .‬وأان ُ‬
‫ك من مصر ومن العبوديّة"‪.‬‬ ‫فهم‪" .‬لقد أخرجتُ َ‬‫ليتم الوعد الذي مل يُ َ‬
‫هي رغبيت‪ّ .‬‬
‫األولني‪ ،‬هو‬
‫الرب إهلكم ينتشلكم من أرض الوثن اليت أغوت األبوين ّ‬ ‫الروحي‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫اآلن متّ إجنازه‬
‫احلق أقول لكم إ ّن الذين‬
‫ينتزعكم من عبوديّة اخلطيئة‪ ،‬يعيد إليكم ثوب النعمة‪ ،‬يَقبَلكم يف ملكوته‪ّ .‬‬
‫ـلي يقــول يف قلــوهبم املغبــوطة‪" :‬أنـا هو‬
‫األبوي‪ ،‬ســماع العـ ّ‬
‫ّ‬ ‫إيل يستطيعون‪ ،‬يف نعومة الصوت‬ ‫أيتون ّ‬
‫حراً وسعيداً"‪.‬‬
‫ـتميلك إل ّـي ّ‬
‫ـك‪ ،‬أسـ َ‬ ‫ـرب إهل َ‬
‫ال ّ‬
‫الرب قلبكم ووجهكم وصالتكم وإرادتكم‪ .‬لقد أتت ساعة النعمة‪.‬‬ ‫هيا أَقبِّلوا‪ّ .‬‬
‫وجهوا صوب ّ‬
‫َير مباركاً ومداعباً عجوزاً وطفلة مسراء ضاحكة‪.‬‬
‫ينهي يسوع كالمه‪ .‬و ّ‬
‫« ِّ‬
‫اشفين اي معلّم‪ .‬إنّين أأتمل ج ّداً!» يقول مريض الغنغرينا‪.‬‬

‫عليك أن تتوب‪»...‬‬
‫«النفس ّأوالً‪ ،‬النفس ّأوالً‪َ .‬‬
‫« َع ِّّمدين مثل يوحنّا‪ .‬مل أعد قادراً على الذهاب إليه‪ .‬إنّين مريض‪».‬‬

‫ابجتاه النهر الواقع وراء حقلني كبريين وغابة حتجبه‪ََ .‬يلَع نعليه‪ ،‬وكذلك‬‫«هيّا‪ ».‬ويهبط يسوع ّ‬
‫يفعل الرجل الذي َجَّر نفسه مع ع ّكازيه‪ .‬ينـزالن إىل الض ّفة‪ ،‬ويسوع‪ ،‬جاعالً من ك ّفيه جمتمعني كوابً‪،‬‬
‫حّت منتصف ساقيه‪.‬‬‫يسكب املاء على رأس الرجل الذي نزل يف املاء ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 665 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«انزع األربطة اآلن‪ ».‬يطلب منه يسوع بينما هو يصعد على الدرب‪.‬‬

‫يطيع الرجل‪ .‬الساق ُش ِّفيَت‪ .‬يصرخ اجلميع من الذهول‪.‬‬

‫«أان أيضاً!»‬

‫«أان أيضاً!»‬

‫يديك!» يهتف الكثريون‪.‬‬


‫«أان أيضاً‪ ،‬املعموديّة من َ‬
‫ويسوع‪ ،‬الذي بـَلَ َغ منتصف الطريق‪ ،‬يلتفت‪« :‬غداً‪ّ .‬أما اآلن فامضوا وكونوا صاحلني‪ .‬السالم‬
‫معكم‪».‬‬

‫كل شيء‪ ،‬ويعود يسوع إىل البيت‪ ،‬يف املطبخ الذي أصبح عامتاً‪ ،‬رغم كون الوقت مل‬ ‫ينتهي ّ‬
‫يتجاوز الساعات األوىل من بعد الظهر‪.‬‬

‫يتزاحم التالميذ حوله‪ ،‬ويسأله بطرس‪« :‬ذاك الرجل الذي أخذتَه خلف البيت‪ ،‬ماذا كان به‪».‬‬

‫يتطهر‪».‬‬
‫«كان يف حاجة إىل أن ّ‬
‫«ومع ذلك مل يـَعُد‪ ،‬ومل يطلب املعموديّة‪».‬‬

‫ب حيث أرسلتُه‪».‬‬
‫«لقد َذ َه َ‬
‫«أين؟»‬

‫«إىل التكفري اي بطرس‪».‬‬

‫«يف السجن؟»‬

‫«ال‪ ،‬إىل التكفري بقيّة حياته‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 666 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتم التطهري؟»‬
‫«إذن أفليس ابملاء ّ‬
‫«الدموع أيضاً هي ماء‪».‬‬

‫حت معجزة‪ ،‬من يدري كم عدد الذين سيأتون!‪ ...‬فاليوم كانوا‬


‫اجَت َ‬
‫«صحيح‪ .‬اآلن وقد ََ‬
‫الضُّعف‪»...‬‬

‫استطعت إىل ذلك سبيالً‪ .‬فأنتم َمن سيُـ َع ِّّمدون‪.‬‬


‫ُ‬ ‫كل شيء‪ ،‬ملا‬
‫«نعم‪ .‬وإذا كان ينبغي يل أن أفعل ّ‬
‫كل مرة‪ ،‬مثّ اثنني‪ ،‬فثالثة‪ ،‬فمجموعة‪ .‬وأان سوف أكرز وأشفي املرضى واخلطأة‪».‬‬ ‫يف البدء واحداً ّ‬
‫املهمة! فأان من ُيتاج إىل‬ ‫ِّ‬
‫لست أهالً لذلك! اعفين اي معلّم من هذه ّ‬
‫«حنن نـُ َع ّمد؟ آه! أان ُ‬
‫ويتوسل‪.‬‬
‫املعموديّة!» جيثو بطرس على ركبتيه ّ‬
‫أنت ابلذات ّأول من يـُ َع ِّّمد‪ .‬ومنذ الغد‪»...‬‬
‫لكن يسوع ينحين ويقول‪« :‬ستكون َ‬
‫و ّ‬
‫كنت أكثر سواداً من هذا املوقد؟»‬
‫ريب! كيف أفعل إذا ُ‬
‫«ّ‬
‫يضم‬
‫يبتسم يسوع لصدق التلميذ وتواضعه‪ ،‬وهو جيثو على ركبتيه عند ركبيت يسوع‪ ،‬حيث ّ‬
‫يديه‪ ،‬يدي الصيّاد الضخمتني‪ .‬بعد ذلك يـُ َقبِّّله على جبهته‪ ،‬عند حدود الشَّعر الذي َيطه الشيب‪،‬‬
‫أنت مسرور؟»‬
‫دك بقبلة‪ .‬هل َ‬ ‫جتعد‪« :‬هاك‪ ،‬أ َُع ِّّم َ‬
‫ش وما ّ‬
‫والذي قد انت َف َ‬
‫«سأقَتف حاالً خطيئة أخرى‪ ،‬ألحظى بقبلة أخرى!»‬

‫«هلذا ال‪ .‬ال جيوز االستهزاء ابهلل للمبالغة يف نيل النعمة‪».‬‬

‫يوطي‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لدي خطيئة‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫«وأان أفال تُـ َقبّلين؟ فأان أيضاً ّ‬
‫املتغرية تتب ّدل من نور السعادة الذي كان ينريه عندما كان يتح ّدث إىل‬ ‫ِّ‬
‫ُُيَ ّدق به يسوع‪ .‬ونظرته ّ‬
‫لك أيضاً‪ .‬هيا‪ .‬لست أ ِّ‬
‫ُجحف حب ّق‬ ‫أحسبهُ من التعب‪ ،‬ويقول‪« :‬نعم‪َ ...‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫متجهم‪َ ،‬‬
‫ظل ّ‬ ‫بطرس‪ ،‬إىل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 667 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أمامك حياة بكاملها لَتقى‬
‫َ‬ ‫شاابً‪ ،‬وما زالت‬
‫لت ّ‬‫كنت تريد‪ ...‬ما ز َ‬ ‫أحد‪ .‬كن صاحلاً اي يهوذا‪ .‬إذا َ‬
‫ابطّراد لتصل إىل كمال القداسة‪ »...‬ويـُ َقبِّّله‪.‬‬

‫أنت‬
‫أنت برتلماوس احلكيم‪ .‬و َ‬ ‫مّت‪ ،‬اي انتصاري‪ ،‬و َ‬‫أنت اي ّ‬
‫لك اآلن اي مسعان صديقي‪ .‬و َ‬ ‫«الدور َ‬
‫أنت اي توما اي ذا اإلرادة السعيدة‪ .‬هيا اي أندراوس‪ ،‬اي ذا الفاعليّة الصامتة‪.‬‬
‫الويف األمني‪ .‬و َ‬
‫اي فليبّس ّ‬
‫أنت اي يوضاس رفيق الطفولة‬ ‫مك‪ .‬و َ‬‫أنت اي يوحنّا‪ ،‬اي فرح معلّ َ‬
‫األول‪ .‬واآلن َ‬‫أنت اي يعقوب اللقاء ّ‬
‫و َ‬
‫وقلبك‪ .‬هاكم مجيعكم‪ ،‬مجيعكم‪ ...‬إّّنا‬
‫َ‬ ‫مبظهرك‬
‫َ‬ ‫أنت اي يعقوب‪ ،‬اي من تذ ّكرين ابلعادل‬
‫والشباب‪ .‬و َ‬
‫حيب متع ّدداً‪ ،‬فإنّه يتطلّب كذلك إرادتكم احلَ َسنَة‪ .‬خطوة أخرى إىل األمام يف‬‫تذ ّكروا أنّه إذا كان ّ‬
‫كل خطوة إىل األمام هي شرف‬ ‫حياتكم كتالميذي سوف ختطوهنا بدءاً من الغد‪ .‬ولكن ف ّكروا أ ّن ّ‬
‫والتزام‪».‬‬

‫ك ستُـ َعلِّّمنا‬
‫قلت يوماً ليوحنّا ويعقوب وأندراوس ويل أان أنّ َ‬
‫«اي معلّم‪ »...‬يقول بطرس «لقد َ‬
‫أنت لكنّا نتمتّع ابألهليّة والكفاءة لنقوم ابلعمل الذي‬ ‫أظن أنّنا لو كنّا نصلّي كما تصلّي َ‬
‫الصالة‪ .‬و ّ‬
‫تطلبه منّا‪».‬‬

‫مؤهلني‪ ،‬مبا فيه الكفاية‪ ،‬فسوف أعلّمكم الصالة‬ ‫ك آنذاك‪" :‬عندما ستصبحون ّ‬ ‫«ولقد أجبتُ َ‬
‫العظَ َمة‪ ،‬ألترك لكم ’صاليت‘‪ .‬ولكنّها هي كذلك لن تكون شيئاً البتّة إن مل تُـْت َل سوى ابلشفاه‪.‬‬
‫الفائقة َ‬
‫حاليّاً‪ ،‬ارتقوا إىل هللا بنفس راغبة بصدق‪ .‬فالصالة نعمة يهبها هللا لإلنسان‪ ،‬واإلنسان يق ّدمها هلل"‪».‬‬

‫يوطي‪.‬‬ ‫«كيف؟ أَلَسنا بعد أهالً ألن نصلّي؟ يف إسرائيل‪ ،‬اجلميع يُ َ‬


‫صلّون‪ »...‬يقول االسخر ّ‬
‫صلّون يف إسرائيل‪ .‬ال أريد‬
‫وتصرفاهتم‪ ،‬كيف يُ َ‬
‫ك ترى‪ ،‬من خالل أفعاهلم ّ‬ ‫«نعم اي يهوذا‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫أن أجعل منكم خونة‪ .‬فالذي ال يصلّي سوى ظاهرّايً دوّنا استعدادات داخليّة‪ ،‬إّّنا هو يقف ض ّد‬
‫اخلري‪ ،‬وهو خائن‪».‬‬

‫«واملعجزات» ما زال يهوذا يسأل «مّت جتعلنا جنَتحها؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 668 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«حنن‪ ،‬معجزات‪ ،‬حنن؟ اي للرمحة األبديّة! مع ذلك حنن نشرب ماء نقيّاً! حنن‪ ،‬معجزات؟‬
‫ولكن‪ ،‬اي َولَد‪ ،‬هل هتذي؟ بطرس ساخط‪ ،‬مذعور‪ ،‬وقد َخَر َج عن طوره‪.‬‬

‫لعل ذلك غري صحيح؟»‬


‫«لقد قال لنا ذلك يف اليهوديّة‪ّ .‬‬
‫ماديّني ج ّداً‪،‬‬
‫قلت إنّكم سوف جتَتحوهنا‪ .‬ولكن طاملا أنّكم ما تزالون ّ‬
‫«بلى هذا صحيح‪ .‬لقد ُ‬
‫فلن يكون لكم اجَتاح املعجزات‪».‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫«سوف نصوم كثرياً‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫الثالثي‪ ،‬ويف أثر هذا‬ ‫اجلوع‬ ‫ة‪،‬‬‫ّ‬‫ط‬ ‫املنح‬ ‫ات‬ ‫و‬‫الشه‬ ‫أمسع‬ ‫اجلسد‪،‬‬ ‫خالل‬ ‫ن‬ ‫«بدون جدوى‪ .‬فَ ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫نجب‪ ،‬مع‬ ‫الثالوث الغ ّدار‪ ،‬زمرة رذائله‪ ...‬وهي تشبه أطفاالً من زواج غري شريف‪ ،‬وكربايء الروح تُ ِّ‬
‫كل الشرور املوجودة يف اإلنسان ويف العامل‪».‬‬
‫شهوة اجلسد والسيطرة‪ّ ،‬‬
‫كل ما كان لدينا‪ ».‬جييب يهوذا‪«.‬إذن‪ ،‬أفيجب علينا أن ّنوت؟‬
‫أجلك‪ ،‬قد تَـَركنا ّ‬
‫«حنن‪ ،‬من َ‬
‫األقل‪»...‬‬
‫معك سوف نفعلها‪ ،‬أان على ّ‬ ‫لكي نكون َ‬
‫ي‪ .‬أان أطلب أن متوت فيكم ميولكم احليوانيّة والشيطانيّة؛ وهي‬
‫املاد ّ‬
‫لست أطلب موتكم ّ‬
‫«ال‪ُ ،‬‬
‫ال متوت طاملا ُيتفظ اجلسد برغباته‪ ،‬طاملا يقيم فيكم الكذب والكربايء والغضب والتفاخر والشراهة‬
‫والبخل والكسل‪».‬‬

‫أنت الق ّديس فائق العظمة!» يهمس برتلماوس‪.‬‬


‫جانبك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«إنّنا بشريّون لدرجة كبرية إىل‬

‫العم‪.‬‬
‫«إنّه على هذه الدرجة من القداسة دائماً‪َ .‬يكننا أتكيد ذلك‪ ».‬يؤّكد يعقوب ابن ّ‬
‫«إنّه يَعلَم كيف حنن‪ »...‬يقول يوحنّا «ينبغي لنا ّأال نكون منهارين لذلك‪ .‬إّّنا أن نقول له‬
‫لنخدمك"‪ .‬فلو كنّا نقول‪" :‬إنّنا بال خطيئة" لكنّا خمدوعني وخادعني‪.‬‬
‫َ‬ ‫القوة‬
‫كل يوم ّ‬ ‫فقط‪" :‬أعطنا يف ّ‬
‫حّت ولو مل نكن نريد أن نقول ذلك؟ من هللا الذي ال‬ ‫ممّن؟ من ذواتنا حنن الذين نَعلَم ما حنن عليه‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 669 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫انك"‪ .‬فاهلل آنذاك ال‬
‫تك وغفر َ‬
‫هلم لنجدتنا بقدر َ‬
‫َيكننا خداعه؟ ولكن لو قلنا‪" :‬إنّنا ضعفاء وخطأة‪ّ ،‬‬
‫َُيَيّب أملنا‪ .‬وبصالحه وعدله‪ ،‬يغفر لنا ويطهران من جور قلوبنا املسكينة‪».‬‬

‫بشفاهك اليت يفوح منها عطر الرباءة‪ ،‬وال تَقبَل سوى‬


‫َ‬ ‫احلق يتح ّدث‬
‫لك اي يوحنّا‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫«طوىب َ‬
‫املفضل الذي حت ّدث من زاويته‬
‫احلب املعبود‪ ».‬ولدى قوله هذا ينهض يسوع ويش ّد إىل قلبه ذلك ّ‬‫ّ‬
‫املظلمة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 670 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫لك إله غريي")‬


‫‪( -87‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال يكن َ‬
‫‪1945 / 02 / 28‬‬

‫لك منحواتً وال صورة شيء ممّا يف السماء وال ممّا على‬
‫لك إله غريي‪ .‬ال تتّخذ َ‬ ‫«قيل‪" :‬ال يكن َ‬
‫إهلك‪،‬‬
‫الرب َ‬‫األرض أسفل أو ممّا يف جوف املياه أو حتت األرض‪ .‬ال تسجد هلا وال تعبدها‪ ،‬ألنّين أان‪ّ ،‬‬
‫مبغضي‪ .‬وأصنع رمحة إىل ألوف‬ ‫من‬ ‫ابع‬
‫ر‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫الثالث‬ ‫اجليل‬ ‫إىل‬ ‫البنني‪،‬‬ ‫يف‬ ‫اآلابء‬ ‫ذنوب‬ ‫د‬ ‫إله غيور أفت ِّ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تغص ابجلموع‪ ،‬أل ّن املطر يهطل‪ ،‬وقد‬
‫يدوي صوت يسوع يف الغرفة اليت ّ‬ ‫حميب وحافظي وصاايي"‪ّ .‬‬ ‫من ّ‬
‫األول أربعة مرضى‪ :‬أعمى تقوده امرأة‪ ،‬وطفل تغطّيه القشرة‪ ،‬وامرأة مصابة‬ ‫جلأ إليها اجلميع‪ .‬يف الصف ّ‬
‫ابلريقان أو تعاين من املالراي‪ ،‬ورابع حممول على حم ّفة‪.‬‬

‫ومّت وفليبّس إىل جانبه‪ ،‬بينما‬


‫العم ّ‬
‫يتكلّم يسوع وهو متّكئ على املذود اخلايل‪ .‬ويوحنّا وابنا ّ‬
‫يهوذا مع بطرس وبرتلماوس ويعقوب وأندراوس عند الباب ينظّمون دخول الوافدين اجلدد‪ ،‬توما ومسعان‬
‫جيوالن بني الناس‪ ،‬ي ِّ‬
‫سكتان األطفال ويتقبّالن الصدقات وُها يستمعان إىل االلتماسات‪.‬‬ ‫ُ‬
‫لك آهلة حبضوري"‪.‬‬
‫«"ال تصنع َ‬
‫كل مكان بنظره وكلمته‪ .‬يف احلقيقة إنّنا يف حضرته على‬ ‫لقد مسعتم كيف أ ّن هللا موجود يف ّ‬
‫الدوام‪ .‬داخل غرفة مغلقة أو وسط اجلمهور يف اهليكل على السواء‪ ،‬فنحن يف حضرته‪ .‬إن كنّا ُحم ِّسنني‬
‫ممر ضيّق ونقتله‪،‬‬ ‫عمن نساعد‪ ،‬أو كنّا جمرمني نسطو على املسافر وحيداً يف ّ‬ ‫يف اخلفاء وخنفي وجهنا ّ‬
‫الالوي‬
‫اجلندي على أرض املعركة‪ ،‬و ّ‬ ‫فإنّنا كذلك يف حضرته‪ .‬ففي حضرته هو امللك وسط قصره‪ ،‬و ّ‬
‫األم املنحنية على‬ ‫الفالح على ثلمه‪ ،‬والبائع يف متجره‪ ،‬و ّ‬
‫املنكب على كتبه و ّ‬ ‫ّ‬ ‫داخل اهليكل‪ ،‬والعامل‬
‫األبوي‪ ،‬والطفل الذي يدرس يف املدرسة‪،‬‬‫ّ‬ ‫سر البيت‬
‫املهد‪ ،‬والعروس يف خمدع الزوجيّة‪ ،‬والفتاة الشابّة يف ّ‬
‫والعجوز املستلقي ينتظر املوت‪ ،‬مجيعهم يف حضرته‪ ،‬وكذلك أفعال اإلنسان هي يف حضرته‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 671 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫معزية! فهي تكون رهيبة إذا ما كان اهلدف من األفعال‬ ‫كل أفعال اإلنسان! عبارة رهيبة! وعبارة ّ‬‫ّ‬
‫معزية إذا ما كان اهلدف اتِّّباع القداسة‪ .‬معرفة أ ّن هللا يرى‪ ،‬هي الكابح للسلوك‬ ‫هو اخلطيئة‪ ،‬وتكون ّ‬
‫يتصرف حسناً‪ .‬أعلَم أنّه ال ينسى ما يرى‪ .‬واثِّق‬ ‫ِّ‬
‫املشجع على األعمال احلسنة‪ .‬هللا يرى من ّ‬ ‫السيّئ‪ ،‬و ّ‬
‫أنّه يكافئ األعمال احلسنة‪ .‬إذن فأان أكيد من تلك املكافأة‪ ،‬وأستَنِّد إىل هذا التأ ّكد‪ .‬إنّه َينحين حياة‬
‫صافية ومواتً هادائً‪ ،‬أل ّن نفسي يف احلياة ويف املمات ستكون تعزيتها من خالل جنمة صداقة هللا‬
‫وشرير‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫يتصرف بشكل سيّئ ّ‬ ‫وخري‪ .‬إّّنا من ّ‬ ‫يتصرف بشكل حسن ّ‬ ‫املشعة‪ .‬هكذا يـُ َف ّسر األمور من ّ‬
‫ّ‬
‫احملرمة توجد العبادة الوثنيّة؟ ملاذا هذا األخري ال يقول لنفسه‪:‬‬‫فلماذا ال يفكر أ ّن يف ما بني األفعال ّ‬
‫دت هلا هيكالً خفيّاً عن‬
‫"هللا يرى أنّين‪ ،‬بينما أتظاهر ابلعبادة املق ّدسة‪ ،‬أعبد إهلاً أو آهلة كاذبة قد َشيَّ ُ‬
‫خفي‪ ،‬بل هو معلوم لدى هللا"؟‬‫عيون البشر‪ ،‬ولكنّه غري ّ‬
‫فأي وجه هلذه اآلهلة‪ ،‬إذا كان‬
‫حّت يف اهليكل‪ ،‬ال توجد صورة هلل؟ ّ‬ ‫وتقولون أيّة آهلة‪ ،‬إذا كان‪ّ ،‬‬
‫احلقيقي؟ نعم‪ ،‬مستحيل رسم وجه له‪ ،‬إذ إ ّن الكامل والكلّ ّي الطهر ال َيكن‬
‫ّ‬ ‫مستحيالً رسم وجه لإلله‬
‫الروحي والسامي‪ ،‬يسمع صوته‬
‫ّ‬ ‫يستشف مجاله‬
‫ّ‬ ‫يصوره بشر مبا هو أهل له‪ .‬فالروح وحده هو الذي‬‫أن ّ‬
‫لكن العني واألذن ويد اإلنسان ال‬
‫اإلهلي‪ .‬و ّ‬
‫مستحق هلذا اللقاء ّ‬
‫ّ‬ ‫ويتذوق حنانه‪ ،‬عندما يتجلّى لق ّديس‬
‫ّ‬
‫الرب‪.‬‬
‫عما هو ّ‬ ‫َيكنها رؤية أو مساع وابلتايل التعبري بصوت القيثار أو ابملطرقة واإلزميل على املرمر ّ‬
‫آه! ّإهنا لسعادة ال هناية هلا‪ ،‬حينما ترى أرواح الص ّديقني هللا! وسوف تكون النظرة األوىل فجر‬
‫احلقيقي‪ ،‬تراه يصنعه‬
‫ّ‬ ‫غبطة ترافقكم إىل أبد الدهور‪ .‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬ما ال يستطيع اإلنسان فعله لإلله‬
‫للسلطة‪ ،‬وآخر للعِّلم‪ ،‬وآخر‬ ‫للذ َهب‪ ،‬وآخر ُّ‬ ‫آلهلة زائفة‪ .‬فيشيد الواحد هيكالً للمرأة‪ ،‬وآخر َّ‬
‫الطبيعي‪ ،‬الذي ال يتجاوزه‬
‫ّ‬ ‫لالنتصارات العسكريّة‪ .‬الواحد يعبد الرجل ذا السلطان املشابه له يف النظام‬
‫ظ‪ .‬وآخر يعبد ذاته قائالً‪" :‬ما من إنسان مسا ٍو يل"‪ .‬هي ذي آهلة من ينتمون إىل‬ ‫ابلقوة أو احل ّ‬
‫سوى ّ‬
‫شعب هللا‪.‬‬

‫ال تندهشوا لرؤية الوثنيّني يعبدون احليواانت والزواحف أو الكواكب‪ .‬فكم من الزواحف! كم‬
‫من احليواانت! كم من الكواكب املطفأة تعبدون يف قلوبكم! الشفاه تنطق بكالم كاذب للتفاخر‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 672 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫القلوب بعنايتها أفكار انتقام‬
‫ُ‬ ‫لالمتالك ولإلفساد‪ .‬وهنا‪ ،‬أال توجد صلوات لعبادة وثن سريّة؟ فتحيط‬
‫الشر؟‬‫و‬ ‫اجلشع‬
‫و‬ ‫سة‬ ‫ومتاجرة وبغاء؟ أليست هنا صورة آهلة الل ّذة الدَّنِّ‬
‫ّ‬
‫القوي والغيور"‪.‬‬
‫األزيل"‪ .‬وقيل‪" :‬أان اإلله ّ‬
‫احلقيقي والوحيد و ّ‬
‫ّ‬ ‫إهلك‬
‫قيل‪" :‬ال تعبد سوى َ‬
‫حر يف جتاربه‪ .‬ولكن‬‫تصرفه‪ ،‬والشيطان ّ‬
‫حر يف ّ‬ ‫قويّ‪ :‬ال توجد ّقوة أعظم من ّقوته‪ .‬اإلنسان ّ‬
‫بتصرف سيّئ‪ ،‬كما ال يعود إبمكان‬
‫حينما يقول هللا‪" :‬كفى"‪ ،‬ال يعود ابستطاعة اإلنسان القيام ّ‬
‫الشيطان التجربة‪ .‬وهذا األخري يقبع منكفئاً يف جحيمه منهاراً‪ ،‬واآلخر يف شطط أعماله السيّئة‪ ،‬إذ‬
‫هناك حدود ال يسمح هللا بتجاوزها‪.‬‬

‫غيور‪ :‬ممّن؟ أيّة ِّغرية هي؟ ِّغرية صغار الناس اخلسيسة؟ ال‪ ،‬بل هي غِّرية هللا املق ّدسة على أبنائه‪.‬‬
‫يؤدي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الغرية العادلة‪ .‬الغرية ال ُـمحبّة‪ .‬لقد َخلَ َقكم‪ ،‬وهو ُيبّكم ويريدكم‪ .‬يعرف ما يؤذيكم‪ .‬ويعلم ما ّ‬
‫احلب األوحد‬
‫إىل انسالخكم عنه‪ .‬وهو غيور ممّن أو ممّا َُيشر نفسه بني األب وأبنائه‪ ،‬وُيرفهم عن ّ‬
‫الذي هو خالص وسالم‪ :‬هللا‪ .‬أال فأدركوا وافهموا هذه الغرية اإلهليّة غري اخلسيسة‪ ،‬غري الرهيبة وغري‬
‫حب ال متناه‪ ،‬صالح ال آخر له‪ ،‬وحريّة ال حدود هلا‪ ،‬متنح ذاهتا للخليقة املنتهية إىل‬ ‫اآلسرة‪ ،‬ولكنّها ّ‬
‫االجنذاب إليه وفيه‪ ،‬وإىل صريورهتا شريكة يف صالحه الالمتناهي‪ .‬فاألب الصاحل ال يرضى ابالستمتاع‬
‫َّسها من أجلهم هم أكثر‬ ‫بثرواته وحيداً‪ ،‬ولكنّه يبغي أن يشاركه أبناؤه هبا‪ .‬فهو‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬قد َكد َ‬
‫تصرفه‪.‬‬
‫احلب وهذه الرغبة كمال جممل ّ‬ ‫ُيمل هذا ّ‬ ‫منه‪ .‬واألمر ذاته ابلنسبة هلل‪ .‬ولكنّه ّ‬
‫الرب‪ .‬فلقد َو َع َد ابلقصاص للمذنبني وألبناء األبناء املذنبني‪ .‬وهللا ال يكذب أبداً يف‬
‫ال ختونوا ّ‬
‫وعوده‪ .‬ولكن ال تَ َدعوا نفسكم هتوي‪ ،‬اي أبناء اإلنسان وهللا‪ .‬اصغوا إىل الوعد اآلخر وابتهجوا‪" :‬وأَصنَع‬
‫حميب وحافظي وصاايي"‪.‬‬ ‫رمحة إىل اجليل األلف من ّ‬
‫وحّت النقيصة األلف ألبناء اإلنسان املساكني‪ ،‬الذين يـَ َقعون‪،‬‬
‫إىل اجليل األلف من الصاحلني‪ّ ،‬‬
‫ليس خببث‪ ،‬بل إّّنا بطيش وبسبب فخاخ الشيطان‪ .‬وأكثر من ذلك‪ .‬أقول لكم إنّه يفتح ذراعيه‪ ،‬إذا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 673 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أمامك‪.‬‬
‫َ‬ ‫أقر بذلك‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫اض‬‫و‬‫أت‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬‫أع‬ ‫‪.‬‬ ‫خطئت‬ ‫لقد‬ ‫‪،‬‬ ‫ما قلتم بقلب اتئب وعينني دامعتني‪" :‬أَب ِّ‬
‫ت‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫انك سيكون ّقويت ألعود ’فأحيا‘ احلياة احلقيقيّة"‪.‬‬ ‫فاغفر يل‪ .‬وغفر َ‬
‫لكن قلبه ال ينغلق‬
‫ال ختافوا‪ .‬فإنه‪ ،‬قبل أن ختطئوا نتيجة ضعف‪ ،‬كان يَعلَم أنّكم ستخطئون‪ .‬و ّ‬
‫صّرون على اخلطيئة‪ ،‬بقبوهلا حقيقة‪ ،‬وأبن جتعلوا من خطيئة أو جمموعة خطااي آهلتكم‬ ‫ّإال حينما تُ ِّ‬
‫احلقيقي‪ .‬وهو سوف ينـزل مبجده ليق ّدس قلبكم‪،‬‬ ‫لإلله‬ ‫اجملال‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫أفسح‬
‫و‬ ‫األصنام‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬‫ّ‬‫الفظيعة‪ .‬فح ِّ‬
‫ط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حينما ال جيد فيكم سواه‪.‬‬

‫أعيدوا هلل مسكنه‪ .‬فمسكنه ليس يف هياكل من حجارة‪ ،‬بل يف قلب البشر هو‪ .‬فاغسلوا َعتَـبَته‪،‬‬
‫يقل‬ ‫فال‬ ‫!‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫وحده‪،‬‬ ‫وهو‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫فاهلل‬ ‫األخطاء‪.‬‬ ‫من‬ ‫أو‬ ‫منه‬ ‫فائدة‬ ‫ال‬ ‫ما‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫الداخل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ص‬‫وخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اإلهلي‪.‬‬ ‫للضيف‬ ‫ه‬ ‫حب‬ ‫ل‬‫عن الفردوس بشيء قلب إنسان يقيم هللا فيه‪ ،‬قلب إنسان يـرتِّّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫األزيل‪ ،‬تكتمل هذه‬
‫العلي مسكنه‪ .‬ويف غدكم ّ‬ ‫اجعلوا من قلوبكم كلّها مساء‪ .‬ابدأوا مبشاركتكم ّ‬ ‫َ‬
‫اتمني‪ .‬إّّنا هنا‪ ،‬يف الدنيا‪ ،‬فيمكنها جتاوز دهشة ابراهيم املرتعدة‪ ،‬وكذلك دهشة‬ ‫املشاركة بقدرة وفرح َّ‬
‫ألهنا لن تكون‪ ،‬فعليّاً‪ ،‬اللقاء الساطع واملرعب ابلقدير‪ ،‬إّّنا اإلقامة مع األب والصديق‬
‫يعقوب وموسى‪ّ .‬‬
‫بين‪».‬‬
‫لك اي ّ‬‫ك تسعدين‪ .‬شكراً َ‬ ‫الذي ينـزل ليقول‪" :‬فرحي يكمن يف وجودي بني الناس‪ .‬إنّ َ‬
‫اجلمهور الذي يتجاوز املائة شخص‪َ ،‬يرج بعد بعض الوقت من النشوة‪ .‬فمنهم َمن َو َج َد نفسه‬
‫فجأة يبكي‪ ،‬ومنهم من يَضحك بذات األمل السعيد‪ .‬أخرياً‪ ،‬يبدو أ ّن اجلمع قد تَـنَـبَّه‪ .‬فهناك ما يشبه‬
‫ت لنا طريق السالم!»‬ ‫اللَّغط أو َّ‬
‫الزفرة القويّة‪ ،‬ويف النهاية‪ ،‬ما يشبه صرخة حترر‪« :‬لتكن مباركاً! لقد فَـتَح َ‬
‫يبتسم يسوع وجييب‪« :‬السالم يقيم فيكم‪ ،‬إذا ما اتـَّبَعتم طريق الصالح منذ اآلن‪».‬‬

‫َيرر يده على الطفل املريض‪ ،‬وعلى األعمى وعلى املرأة صفراء اللون‪.‬‬
‫يتوجه صوب املرضى‪ّ .‬‬
‫مثّ ّ‬
‫وينحين على املشلول ويقول‪« :‬أريد ذلك‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 674 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املنهك!» ويَ َنهض كما هو إىل أن يضعوا عليه‬
‫ينظر إليه الرجل ويهتف‪« :‬احلرارة يف َج َسدي َ‬
‫األول مع النور‪.‬‬
‫لتماسهما ّ‬
‫األم حتمل طفلها الذي زالت عنه القشرة‪ ،‬واألعمى يفرك عينيه ّ‬
‫غطاء احمل ّفة‪ّ .‬‬
‫العشيب)‪».‬‬
‫ّ‬ ‫ي (نوع من النبات‬
‫الرب ّ‬
‫ونساء يصرخن‪« :‬مل تعد دينا صفراء كاحلوذان ّ‬
‫االنفعال يف ذروته‪ّ .‬إهنم يهتفون‪ ،‬يباركون ويتدافعون لريوا‪ ،‬وُياولون اخلروج لالنطالق إىل البلدة‬
‫كل األطراف واجلهات‪ .‬يرى بطرس ّأهنم يكادون يهرسونه‬ ‫َيربون مبا َح َدث‪ .‬يتدافعون صوب يسوع من ّ‬
‫وحّت من ُسوقِّهم‪،‬‬
‫فيصرخ‪« :‬أصدقائي! ّإهنم َينقون املعلّم! تعالوا ننقذه!» وبدفعات من َمرافقهم‪ّ ،‬‬
‫ينجح اإلثنا عشر بتخليص يسوع وحتريره والعبور به إىل اخلارج‪« .‬غداً سوف أتدبّر أان األمر‪ ».‬يقول‬
‫آذوك؟»‬
‫الصدر‪ .‬هل َ‬ ‫أنت أمام الباب والباقون يف َّ‬
‫بطرس « َ‬
‫«ال‪».‬‬

‫«كانوا يَبدون كاجملانني! اي هلذه األساليب!»‬

‫وع ِّّمدوا الذين يطلبون ذلك‪ .‬إنّين عائد‬


‫«دعهم يفعلون‪ .‬لقد كانوا سعداء‪ ...‬وأان معهم‪ .‬اذهبوا َ‬
‫أنت يهوذا‪ ،‬مع مسعان‪َ ،‬وِّّزعا َّ‬
‫الص َدقَة على املساكني‪ .‬كلّها‪ .‬فلدينا أكثر مما ينبغي ُلر ُسل‬ ‫إىل البيت‪َ .‬‬
‫آمرك‪.‬‬
‫رك لدى اآلب‪ ،‬مبا أنّين َ‬ ‫أبر َ‬
‫ختش من أن تفعلها كثرياً‪ .‬فأان ّ‬
‫الرب‪ .‬اذهب اي بطرس‪ ،‬اذهب‪ .‬ال َ‬ ‫ّ‬
‫الوداع اي أصدقائي‪».‬‬

‫كل واجبه جتاه الزائرين‪.‬‬


‫يؤدي ّ‬
‫ويسوع منهك ويتصبّب عرقاً‪ ،‬ينـزوي يف البيت‪ ،‬بينما التالميذ ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 675 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -88‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تتل ّفظ ابمسي ابطالً")‬

‫‪1945 / 03 / 01‬‬

‫عيد ميالد ال يُنسى! الوجه ال ُـم َح َّجب قد ُك ِّشف‪’’ .‬اجملهول‘‘ أصبَ َح معلوماً‪ .‬املعلّم دعا "ماراي"‪،‬‬
‫ادتك‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫دت من جديد‘‘ روحياً إبر َ‬ ‫ووعدك!‪ ...‬و’’ ُول ُ‬
‫َ‬ ‫قبلتك‬
‫وماراي أصبَ َحت يوحنا‪ .‬دموعي َم َس َحتها َ‬
‫أنت‪ ،‬األب‪ ،‬تَعلَم‪ .‬فهل َيكنين أال أحتفل هبذا التاريخ؟‪ ...‬وأحتفل‬ ‫الناس ال يَعلَمون‪ ،‬إّّنا أان فأعلَم‪َ .‬‬
‫املبارك أتعاب ومعاانة هذه اخلدمة‪ ،‬إذ‪ ...‬آه! اي لتلك الساعة من األول من آذار‬ ‫به يف خدمة هللا‪ِّ ،‬‬
‫(مارس) ‪ ،1943‬إهنا تبدو وكأن الصليب ال شيء إذا ما ِّ‬
‫قورن هبا‪.‬‬

‫كل االجتاهات‪ ،‬أعلى وأسفل‪ .‬مثل قفري النحل‪ ،‬لش ّدة اضطراهبم‪ .‬يتح ّدثون‪،‬‬ ‫التالميذ يف ّ‬
‫صلون إىل قرار خبصوص األمر‬ ‫يرصدون خارجاً وينظرون يف كل اجتاه‪ ...‬يسوع ليس هناك‪ .‬أخرياً ي ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الذي جيعلهم مضطربني‪ ،‬وبطرس أيمر يوحنّا‪« :‬اذهب وأحضر املعلّم‪ .‬إنّه يف الغابة قرب النهر‪ .‬قل له‬
‫أن أييت حاالً أو أن يقول لنا ما علينا فعله‪».‬‬

‫كل هذا االضطراب وقلة‬ ‫يوطي‪« :‬أان ال أفهم ملاذا ّ‬


‫يبتعد يوحنّا وهو جيري‪ .‬ويقول االسخر ّ‬
‫بكل التشريفات الالئقة مبن هو يف مستواه‪ .‬فزايرته شرف لنا‪.‬‬
‫كنت سأذهب إليه وأستقبله ّ‬
‫التهذيب‪ُ .‬‬
‫إذن‪»...‬‬

‫«أان ال أعرف شيئاً‪ ».‬يقول بطرس «سيكون خمتلفاً عن أخيه ابلرضاعة‪ ...‬ولكن‪َ ...‬من يعاشر‬
‫أنت تريد لتلك املرأة أن ترحل‪ ...‬احذر! فاملعلّم‬ ‫ِّّ‬
‫الضباع أيخذ عنهم الرائحة وال َـميل‪ .‬من جهة أخرى‪َ ،‬‬
‫أمورك‪».‬‬
‫لست املعلّم‪ ...‬هذا فقط لَتتب َ‬‫ال يريد‪ ،‬وأان حتت إمرته‪ .‬لو َم َسستَها‪ ...‬فأان ُ‬
‫هريوداي اجلميلة؟»‬
‫ّ‬ ‫«آه! َمن تكون إذن؟ أفتكون ابلصدفة‬

‫«ال ُحتاول أن تكون فَ ِّكهاً!»‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 676 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت من يدفعين لذلك‪ .‬تقف هلا حارساً ملكيّاً كما لو ّأهنا َملِّ َكة‪»...‬‬
‫« َ‬
‫«لقد قال يل املعلّم‪" :‬اسهر على ّأال يزعجها أحد واحَتمها"‪ .‬وهذا ما أفعله‪».‬‬

‫«ولكن من تكون؟ هل تعرف؟» يسأل توما‪.‬‬

‫«أان‪ ،‬ال‪».‬‬

‫يلح الكثريون‪.‬‬
‫فأنت تعلم‪ّ »...‬‬
‫«هيّا‪ ،‬قل‪َ ...‬‬
‫«أ ِّ‬
‫ُقسم لكم أنّين ال أعرف‪ .‬املعلّم يعرف ابلتأكيد‪ّ ،‬أما أان فال‪».‬‬

‫بكل شيء‪».‬‬
‫«جيب أن جنعل يوحنّا يسأله‪ .‬فهو يبوح له ّ‬
‫أخوك؟»‬
‫«ملاذا؟» يقول يهوذا‪« .‬ما الشيء املميّز يف يوحنّا؟ هل هو إله‪َ ،‬‬

‫«ال اي يهوذا‪ ،‬بل هو األفضل بيننا‪».‬‬

‫«تستطيعون أن توفّروا على أنفسكم هذا التعب‪ ».‬يقول يعقوب بن حلفى‪« .‬أمس رآها أخي‬
‫عائدة من النهر ومعها السمكة اليت أعطاها ّإايها أندراوس‪ ،‬وهو من سأل يسوع وأجابه‪" :‬ليس هلا‬
‫أود لو تكون هكذا ابلنسبة إىل‬
‫وجه‪ .‬هي روح تبحث عن هللا‪ .‬فهي ليست ابلنسبة يل سوى هذا‪ ،‬و ّ‬
‫اجلميع"‪ .‬وقد قال هذه الـ "أريد" بنربة صوت ال أنصحكم معها ابإلحلاح‪».‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫«سأذهب أان ملالقاهتا‪ ».‬يقول يهوذا االسخر ّ‬
‫كنت تستطيع‪ ».‬يقوهلا بطرس وقد اصطَبَ َغ ابللون األمحر كالديك‪.‬‬
‫«حاول لو َ‬
‫«هل تعمل جاسوساً حلساب يسوع؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 677 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أترك هذه املهنة ملن هم يف اهليكل‪ّ .‬أما حنن الذين يف البحرية‪ ،‬فبالعمل نكسب خبزان‪ ،‬وليس‬
‫لنفسك مبخالفة‬
‫َ‬ ‫عليك مسعان بن يوان‪ .‬إّّنا ال تغظين وال تسمح‬
‫يتجسس َ‬ ‫أن‬ ‫ن‬‫م‬‫ابلوشاية‪ .‬ال ختش ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أوامر املعلّم‪ ،‬ألنّين أان هنا‪»...‬‬

‫أنت؟ رجل مسكني مثلي‪».‬‬


‫ومن َ‬
‫«َ‬
‫حّت‪ ،‬بل أكثر جهالً وفظاظة‪ .‬أ ِّ‬
‫ُدرك ذلك وال ُيزنين‪ .‬ولكنّين‬ ‫منك ّ‬ ‫«نعم اي سيّد‪ .‬مسكني أكثر َ‬
‫أؤدي واجيب‪».‬‬‫قلبك‪ .‬إّّنا املعلّم َكلَّ َفين هبذه املهمة‪ ،‬وأان ّ‬
‫أغتم إذا ما كان قليب يشبه َ‬
‫ّ‬
‫جيعلك متتعض؟ قل‪َّ ،‬اهتِّم‪ ،‬هاجم‪»...‬‬
‫َ‬ ‫قلبك يشبه قليب؟ ماذا يف قليب‬
‫« َ‬
‫«وقصارى القول!» يقول الغيور ومعه برتلماوس‪« .‬اخلالصة‪ ،‬انتهى اي يهوذا‪ .‬احَتم شيب‬
‫بطرس‪».‬‬

‫يف‪»...‬‬
‫«أان أحَتم اجلميع‪ ،‬ولكنّين أريد أن أعرف ماذا َّ‬
‫أخربك‪ ...‬يوجد ِّمن الكربايء ما َيأل هذا املطبخ‪ ،‬ويوجد رايء‬
‫«على الرحب والسعة‪ ...‬دعين َ‬
‫كما يوجد فجور‪».‬‬

‫«أان كاذب مرائي؟»‬

‫يتدخل اجلميع‪ ،‬وعلى يهوذا أن يصمت‪.‬‬


‫ّ‬
‫لك شيئاً‪ .‬هو لديه نقائصه‬ ‫قلت َ‬‫وبكل هدوء‪ ،‬يقول مسعان لبطرس‪« :‬اعذرين اي صديقي إذا ما ُ‬ ‫ّ‬
‫للسن‪،‬‬
‫تتفهم الشباب‪ .‬ملاذا ال تويل أُهيّة ّ‬
‫ك ال ّ‬ ‫لديك بعض العيوب‪ .‬ومنها أنّ َ‬
‫أنت أيضاً َ‬ ‫وعيوبه‪ .‬إّّنا َ‬
‫بعاطفتك جتاه يسوع‪ ،‬ولكن أال تتنبّه إىل أ ّن مثل‬
‫َ‬ ‫تتصرف‬
‫ك ّ‬ ‫ملسقط الرأس‪ ...‬ألمور كثرية؟ انظر‪ :‬إنّ َ‬
‫فأوِّّجه‬
‫أنت‪ ،‬الناضج والنـزيه ج ّداً‪َ ،‬‬
‫لك َ‬‫هذا النقاش يتعبه؟ له‪ ،‬أان ال أقول ذلك (ويشري إىل يهوذا) إّّنا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 678 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هذا الرجاء‪ .‬إنّه يعاين الكثري من أعدائه‪ ،‬وحنن نزيدها عليه! عداء كثري ُييط به‪ ،‬ولكن ملاذا خنلق املزيد‬
‫حّت يف خمدعه؟»‬ ‫منه‪ّ ،‬‬
‫حّت إنّه قد أصابه اهلزال‪ .‬يف الليل‬
‫«صحيح‪ ».‬يقول يوضاس ت ّداوس‪« .‬يسوع حزين ج ّداً‪ّ ،‬‬
‫بك؟"‬
‫ضت ليالً ألجده يبكي وهو يصلّي‪ ،‬فأقول له‪" :‬ما َ‬ ‫ويتنهد‪ .‬وكثرياً ما َهنَ ُ‬
‫أمسَعه يتقلّب على فراشه ّ‬
‫فيعانقين ويقول يل‪" :‬أحبّين كثرياً‪ .‬كم هو ٍ‬
‫قاس أن يكون املرء هو’الفادي‘!"»‬

‫«أان أيضاً وجدتُه يبكي يف الغابة قرب النهر‪ ».‬يقول فليبّس‪« .‬وقد أجاب على نظرايت التساؤليّة‪:‬‬
‫احلب بني‬
‫"هل تَعلَم ما الذي َييّز السماء عن األرض غري ما ينتج عن وجود هللا املنظور؟ إنّه قلّة ّ‬
‫حبب‬
‫أتيت هنا أرمي احلبوب للعصافري ألحظى ّ‬ ‫أحس وكأ ّن َجبَالً َينقين‪ .‬لقد ُ‬
‫الناس‪ .‬وهذا ما جيعلين ّ‬
‫كائنات متحابّة فيما بينها‪».‬‬

‫اختل توازنه قليالً) ويبكي مثل طفل‪ .‬ويف تلك اللحظة‬


‫يوطي أرضاً (وقد ّ‬
‫ويرمتي يهوذا االسخر ّ‬
‫ابلذات‪ ،‬يدخل يسوع بصحبة يوحنّا‪« :‬ولكن ما الذي جيري؟ وما هذه الدموع؟‪»...‬‬

‫عت يهوذا بقسوة‬


‫التصرف‪ .‬فلقد قَـَّر ُ‬
‫« ّإهنا غلطيت اي معلّم‪ ».‬يقول بطرس بصراحة‪« .‬مل أُحسن ّ‬
‫شديدة‪».‬‬

‫لست صاحلاً‪ ...‬إنّين أسبّب‬


‫لك األمل‪ ...‬أان ُ‬
‫«ال‪ ...‬بل أان‪ ...‬أان‪ ...‬أان املذنب‪ .‬إنّين أسبّب َ‬
‫فلدي شيء‬
‫حق‪ .‬إّّنا ساعدين ألكون صاحلاً! ّ‬‫الفوضى وسوء التفاهم والعصيان‪ ،‬إنّين‪ ...‬بطرس على ّ‬
‫لك اي‬
‫لك‪َ ،‬‬
‫لك سوى اآلالم‪َ ،‬‬ ‫مين‪ .‬وال أسبّب َ‬
‫هنا‪ ،‬هنا يف القلب‪ ،‬جيعلين أفعل ما ال أريد‪ .‬إنّه أقوى ّ‬
‫معلّم‪ ،‬ملن أريد ّأال أمحل ّإال الفرح‪...‬كن على ثقة! فهذا ليس رايء‪»...‬‬

‫إيل بقلب مفعم خلوص نيّة‪ .‬ابندفاع‬


‫أتيت ّ‬
‫أشك بذلك‪ .‬لقد َ‬ ‫«ولكن‪ ،‬ابلطبع اي يهوذا‪ .‬أان ال ّ‬
‫أعرفك أان‪ .‬هيّا‬
‫َ‬ ‫نفسك أكثر مما‬
‫َ‬ ‫أنت‪ ،‬تعرف‬‫حّت َ‬ ‫ك شاب صغري‪ ...‬وال أحد‪ ،‬وال ّ‬ ‫حقيقي‪ .‬ولكنّ َ‬
‫ّ‬
‫اهنض وتعال هنا‪ .‬سوف نتح ّدث معاً على انفراد‪ .‬يف انتظار ذلك‪ ،‬فلنتح ّدث عن الذي طلبتموين من‬
‫حّت ولو كان قريباً هلريودس‪،‬‬
‫أجله‪ .‬فماذا يضري لو أتى منّان ‪ Mannanen‬أيضاً؟ إال َيكن للمرء‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 679 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫علي؟ ولكن ال‪ .‬ثقوا بكالمي‪ .‬هذا الرجل مل أيت إال‬
‫احلقيقي؟ هل ختشون ّ‬
‫ّ‬ ‫أن يكون متعطّشاً لإلله‬
‫بِّنِّيّة شريفة‪».‬‬

‫«إذن ملاذا مل يـُ َعِّّرف عن نفسه؟» يسأل التالميذ‪.‬‬

‫«ألنّه أييت متاماً "كنفس"‪ ،‬وليس كأخ هلريودس ابلرضاعة‪ .‬فإذا كان حماطاً ابلصمت‪ ،‬فهذا ألنّه‬
‫يعتقد أ ّن‪ ،‬أمام كلمة هللا‪ ،‬ال أُهيّة لصلة القرىب مع امللك‪ ...‬وسوف حنَتم صمته‪».‬‬

‫أرسلَه؟»‬
‫«ولكن ماذا لو كان األمر على عكس ذلك‪ ،‬لو كان هو من َ‬
‫« َمن؟ هريودس؟ ال‪ ،‬ال ختافوا‪».‬‬

‫يعرفك؟»‬
‫أرسلَه؟ كيف َ‬
‫«ولكن من الذي َ‬
‫«عن طريق قرييب يوحنّا نفسه‪ .‬أتظنّون أنّه مل يـُبَ ِّّشر يب يف السجن؟ وأيضاً عن طريق قوزى‪...‬‬
‫عين اآلن‪ .‬لقد َس َقطَت‬
‫فحّت األوراق واهلواء تتح ّدث ّ‬‫الفريسيّني‪ّ ..‬‬ ‫وحّت حقد ّ‬ ‫وصوت اجلمهور‪ّ ...‬‬
‫ضَربَت الربونز‪ .‬املوجات تَتاكض بدوائر متزايدة يف االتساع‪،‬‬ ‫احلصاة يف املاء الساكن‪ ،‬والعصا قد َ‬
‫حاملة للمياه البعيدة التجلّي‪ ،‬والصوت يسلّمها للمدى‪ ...‬لقد تَـ َعلَّ َمت األرض أن تقول "يسوع"‪،‬‬
‫أي إنسان غريه‪ .‬اذهبوا‪ ،‬وأان ابق مع يهوذا‪».‬‬
‫ولن تصمت أبداً‪ .‬اذهبوا‪ ،‬وكونوا مه ّذبني معه‪ ،‬كما مع ّ‬
‫َيضي التالميذ‪.‬‬

‫لديك ما تقوله‬
‫ينظر يسوع إىل يهوذا الذي ما زالت الدموع متأل عينيه ويسأله‪« :‬وإذن! أليس َ‬
‫خاص ملاذا هذا‬
‫منك‪ .‬ملاذا هذه الدموع؟ وبشكل ّ‬
‫أود لو أعرفه َ‬
‫ك‪ ،‬ولكنّين ّ‬ ‫َيص َ‬
‫كل ما ّ‬
‫يل؟ أعرف ّ‬
‫جيعلك متك ّدراً على الدوام؟»‬
‫َ‬ ‫االضطراب الذي‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 680 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل أتكيد‪ .‬وأعاين من‬ ‫أنت تعرف ذلك ّ‬ ‫َصبت‪ .‬إنّين غيور بطبيعيت‪ .‬و َ‬
‫«آه! نعم اي معلّم‪ .‬لقد أ َ‬
‫رؤييت‪ ...‬من رؤييت أشياء كثرية‪ .‬هذا ما جيعلين مضطرابً و‪ ...‬غري عادل‪ .‬وأُصبِّح سيّئاً‪ ،‬بينما أان ال‬
‫أريد ذلك‪ .‬ال‪»...‬‬

‫وحّت‬
‫ك تتح ّدث كثرياً‪ّ ،‬‬ ‫نفسك احلقيقيّة‪ .‬إنّ َ‬ ‫َ‬ ‫«ال تَـعُد إىل البكاء! ممّن تغار؟ تَـ َع َّود التح ّدث إىل‬
‫ومتعِّباً لتُـ َعِّّرب عما تريد قوله‪:‬‬
‫مستمراً ُ‬
‫ّ‬ ‫ك متارس عمالً‬‫كثرياً ج ّداً‪ .‬ولكن مع ماذا؟ مع الغريزة والفكر‪ .‬إنّ َ‬
‫لك قوله عن‬‫يوقفك عما ينبغي َ‬ ‫َ‬ ‫يضبطك أو‬
‫َ‬ ‫فيك‪ ،‬إذ ال شيء‬ ‫عنك وعن األان اليت َ‬ ‫إنّين أحت ّدث َ‬
‫حصانك اجلامح‪ .‬تبدو مثل فارس سباق‬ ‫َ‬ ‫للج َسد‪ ،‬فهو‬
‫اآلخرين أو لآلخرين‪ .‬وكذلك األمر ابلنسبة َ‬
‫األول هو األحاسيس‪ .‬واآلخر‪ ...‬هل تريد أن تعرف ما هو‬ ‫(جوكي) أعطاه املدير حصانني جاحمني‪ّ .‬‬
‫ِّ‬
‫ك ُمتَـ َه ِّّور‪ ،‬تثق حبسن َ‬
‫تدبريك‪،‬‬ ‫ك فارس ماهر‪ ،‬ولكنّ َ‬ ‫اآلخر؟ نعم؟ إنّه الطَّيش الذي ال تبغي ترويضه‪ .‬إنّ َ‬
‫األقل‪ .‬بل‬
‫وتظن أ ّن هذا يكفي‪ .‬تريد أن تصل ّأوالً‪ ...‬ال تضيّع الوقت‪ ،‬ولو يف تبديل حصان على ّ‬ ‫ّ‬
‫صر"‪ .‬تريد أن حتظى ابلتصفيق‪...‬‬ ‫ك حترضهما وتضرهبما ابلسوط‪ .‬تريد أن تكون "املنتَ ِّ‬
‫على العكس‪ ،‬إنّ َ ّ‬
‫كل نصر يكون أكيداً عندما نستويل عليه ابلعمل الدؤوب والصبور وابحلَ َذر؟ حت ّدث مع‬ ‫أال تعلم أ ّن ّ‬
‫داخلك؟»‬
‫َ‬ ‫لك‪ ،‬أان‪ ،‬ماذا يف‬ ‫أود لو أييت االعَتاف منها‪ .‬هل ينبغي يل أن أقول َ‬ ‫نفسك‪ّ .‬‬
‫َ‬
‫ذاتك‪،‬‬
‫لست على وفاق مع َ‬
‫لست عادالً وال منصفاً‪ ،‬و َ‬
‫أنت‪َ ،‬‬
‫حّت َ‬ ‫«إنّين أعاين ِّمن َ‬
‫كونك‪ّ ،‬‬
‫وأأت ّمل لذلك‪».‬‬

‫نظرك؟»‬
‫رت يف َ‬
‫ص ُ‬‫«ملاذا تتّهمين؟ ومباذا قَ َّ‬

‫اضعني"‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫ضل البقاء مع املتو ِّ‬


‫رفضت قائالً‪" :‬أُفَ ِّّ‬ ‫أخذك إىل أصدقائي‪،‬‬‫أردت َ‬
‫َ‬ ‫«عندما ُ‬
‫افقت‪ .‬فاألفضليّة‬
‫نفسك حتت محاية رجل ذي نفوذ‪ ،‬فو َ‬ ‫َ‬ ‫لك مسعان ولعازر إنّه يـُ َفضَّل أن تضع‬
‫قال َ‬
‫أنت‪»...‬‬
‫عندك لبطرس ومسعان ويوحنّا‪َ ...‬‬ ‫َ‬

‫«ماذا أيضاً؟»‬

‫«ال شيء آخر اي يسوع‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 681 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك كائن مسكني‪ ،‬يتع ّذب يف‬ ‫ك تسبّب يل األمل‪ ،‬ذلك أنّ َ‬ ‫«غيوم!‪ ...‬فقاعات يف زبد املاء‪ .‬إنّ َ‬
‫َيكنك القول إ ّن هذا ال َـمس َكن ُم ََتف؟ هل تستطيع القول‬
‫َ‬ ‫الوقت الذي َيكنه أن يكون سعيداً‪ .‬هل‬
‫كنت أان‬
‫أقل جفاء جتاه أنبيائها‪ ،‬هل ُ‬
‫هام يدفعين للقبول به؟ لو كانت صهيون ّ‬ ‫أب ّن ليس هناك سبب ّ‬
‫البشري ويلجأ إىل مالذ؟»‬
‫ّ‬ ‫هنا كرجل َيشى العدل‬

‫«ال‪».‬‬

‫كنت‬
‫َيكنك القول إنّين ُ‬
‫َ‬ ‫مبهمات كما اآلخرين؟ هل‬
‫فك ّ‬ ‫َيكنك القول إنّين مل أكلّ َ‬
‫َ‬ ‫«وإذن؟ هل‬
‫منك بعض التقصري؟ مل تكن صرُياً‪ ...‬الكروم‪ ...‬آه! الكروم! مباذا‬ ‫معك عندما كان يبدر َ‬
‫قاسياً َ‬
‫تسمى تلك الكروم؟ مل تكن لَبِّقاً مع من يتأ ّمل أو يفتدي نفسه‪ .‬ومل حتَتمين كذلك‪ .‬ولقد كان‬‫كانت ّ‬
‫عنك‪ ،‬وعلى‬‫كل هذا‪ ،‬فإ ّن صواتً واحداً فقط ارتَـ َف َع ليُدافع َ‬
‫ذلك على مرأى من اآلخرين‪ ...‬ومع ّ‬
‫أنت‪».‬‬
‫حق اآلخرين أن يَغاروا‪ ،‬ألنّه إذا كان هناك َمن َمنَحتُه احلماية فهو َ‬‫الدوام‪ .‬إنّه صويت‪ .‬كان من ّ‬
‫ويبكي يهوذا متواضعاً ومتأثراً‪.‬‬

‫فابق وفَ ِّّكر‪».‬‬


‫أنت َ‬‫«أان ذاهب‪ ،‬فلقد حان الوقت الذي أكون فيه ُملكاً للجميع‪ّ .‬أما َ‬
‫« ِّ‬
‫ساحمين اي معلّم‪ .‬ال َيكنين احلصول على السالم إذا مل تساحمين‪ .‬ال حتزن بسبيب‪ .‬إنّين َولَد‬
‫معك‪ ...‬وسوف يكون األمر كذلك مع‬ ‫ُحب وأُسبّب األمل‪ ...‬كما مع ّأمي‪ ...‬كذلك َ‬ ‫سيّئ‪ ...‬أ ّ‬
‫زوجيت‪ ،‬لو أَصبَ َح يل غداً زوجة‪ ...‬فمن األفضل يل أن أموت!»‬

‫الصفح فقد نِّلتَه‪ .‬وداعاً‪».‬‬


‫«بل من األفضل أن تندم‪ّ .‬أما َّ‬

‫رت‪ ،‬ويوجد أانس‬


‫أتخ َ‬
‫َيرج يسوع ويدنو من الباب‪ .‬بطرس خارجاً‪« :‬تعال اي معلّم‪ .‬لقد ّ‬
‫كل شيء‪».‬‬
‫حّت‪ ...‬إنّه هو‪ ،‬هذا الولد‪ ،‬السبب يف ّ‬
‫أنت مل أتكل ّ‬
‫كثريون‪ .‬وقرب هبوط الليل‪ .‬و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 682 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكل هذه األمور‪ .‬حاول أن تتذ ّكر ذلك‬
‫«هذا "الولد" حباجة إليكم مجيعاً لكي ال يعود سبباً ّ‬
‫كنت تشفق عليه؟‪»...‬‬
‫ابنك‪ ،‬هل َ‬‫اي بطرس‪ .‬فلو كان َ‬
‫ِّ‬
‫كنت أُل ّقنه أيضاً بعض األمور‪ّ ،‬‬
‫حّت ولو كان أصبَ َح رجالً‪،‬‬ ‫«أان! نعم وال‪ .‬أُشفق عليه‪ ...‬إّّنا‪ُ ...‬‬
‫شقي‪ .‬ولكنّه لو كان ابين‪ ،‬ملا كان على هذا الشكل‪»...‬‬ ‫كما لطفل ّ‬
‫«يكفي‪»...‬‬

‫رب‪ .‬هو ذا منّان‪ .‬إنّه ذاك الذي يرتدي معطفاً يُقارب لونه اللون األسود‪،‬‬
‫«نعم‪ ،‬هذا كاف اي ّ‬
‫بقدر ما لونه األمحر هو داكن‪ .‬ولقد أعطاين هذه للمساكني‪ ،‬وسألين عن إمكانيّة بقائه لينام‪».‬‬

‫أجبت؟»‬
‫«ومباذا َ‬
‫فاذهب إىل البلدة"‪».‬‬ ‫«ابحلقيقة‪" :‬ليس لدينا ِّ‬
‫األسرة ّإال ما يكفي عددان‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫ال يقول يسوع شيئاً‪ .‬بل يَتك حينذاك احلديث مع بطرس معلقاً‪ ،‬ويذهب للقاء يوحنّا‪ ،‬ويهمس‬
‫له بشيء ما‪ ،‬مثّ أيخذ مكانه ويبدأ احلديث‪.‬‬

‫«السالم معكم مجيعاً‪ ،‬ومع السالم النور والقداسة‪ .‬قيل "ال تلفظ امسي ابطالً"‪.‬‬

‫مّت ننطق امسه ابطالً ومن الذي يفعل ذلك؟ هل يكون ذلك فقط حينما نتح ّدث عنه ابحتقار‬
‫أو ُجن ِّّدف؟ ال‪ .‬بل إّّنا يكون ذلك حينما نذكره وحنن غري جديرين ابهلل‪ .‬هل َيكن البن أن يقول‪:‬‬
‫أحب أيب وأوقّره" إذا ما كان بعد ذلك يفعل كل ما يُ ِّ‬
‫عارض وينايف رغبات أبيه؟ فليس بقولنا‬ ‫"إنّين ّ‬
‫ّ‬
‫الرب‪.‬‬
‫حنب ّ‬ ‫"أيب‪ ،‬أيب" نكون حنبّه ح ّقاً‪ .‬كما وليس بقولنا "هللا‪ ،‬هللا" نكون ّ‬
‫حت ذلك يف إسرائيل ّأول أمس‪ ،‬أصنام كثرية تكمن يف خفااي القلوب‪ ،‬وهنا كذلك‬ ‫لقد َشَر ُ‬
‫يوجد تسبيح هلل ينطوي على رايء‪ ،‬تسبيح ال يتوافق مع أفعال الذين يُسبِّّحونه‪ .‬يف إسرائيل يوجد‬
‫كذلك ميل إىل إجياد الكثري من اخلطااي يف األمور الظاهريّة‪ ،‬وعدم الرغبة يف إجيادها حيث هي يف‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 683 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلقيقة‪ ،‬يف الداخل‪ .‬يف إسرائيل يوجد كربايء أبله‪ ،‬عادة منافية للبشريّة‪ ،‬ومنافية للروحانيّة‪ :‬تلك اليت‬
‫تَعتَِّرب اسم إهلنا على شفاه الوثنيّني جتديفاً‪ ،‬ويضاف إليها منع غري العرباين من االقَتاب من اإلله‬
‫احلقيقي‪ ،‬معتربين ذلك تدنيساً للمق ّدسات‪.‬‬
‫ّ‬
‫حّت اآلن‪ّ .‬أما اآلن فلم يعد كذلك‪.‬‬
‫هذا ّ‬
‫إ ّن إله إسرائيل هو اإلله ذاته الذي َخلَ َق مجيع الناس‪ .‬فلماذا َمْنع املخلوقني من اإلحساس‬
‫جباذبيّة خالقهم؟ هل تظنّون أ ّن الوثنيّني ال ََيتربون شيئاً يف أعماق قلوهبم‪ ،‬شيئاً من عدم الرضى‪،‬‬
‫كل‬
‫وثين من ّ‬ ‫ع ّ‬‫عما؟ عن اإلله اجملهول‪ .‬وهل تعتقدون أنّه إذا ما نـََز َ‬
‫عمن؟ ّ‬ ‫يصرخ ويَضطرب ويبحث؟ ّ‬
‫ي الذي هو النَّفس‪ ،‬حيث يوجد ما يُ َذ ّكِّره‬ ‫املاد ّ‬
‫نفسه إىل هيكل اإلله اجملهول‪ ،‬إىل ذلك اهليكل غري ّ‬
‫خبالقه على الدوام‪ ،‬النَّفس اليت تنتظر أن تصبح ِّملكاً جملد هللا‪ ،‬كما هو احلال يف مظلّة اتبوت العهد‬
‫حّت ُيصل عليها‪ ،‬هل‬ ‫فالوثين الذي يذرف الدمع ّ‬
‫ّ‬ ‫صبَها موسى‪ ،‬حسب األمر الذي تل ّقاه‪،‬‬ ‫اليت نَ َ‬
‫كأهنا انتهاك للحرمات أو تدنيس للمق ّدسات؟ هل تظنّون هذا الفعل‬ ‫تعتقدون أ ّن هللا يرفض تقدمته‪ ،‬و ّ‬
‫خطيئة وهو النابع من رغبة شريفة نزيهة من نفس أي َقظَتها نداءات مساويّة‪ ،‬فقالت‪" :‬ها أان ذا آتية"‬
‫ائيلي يق ّدم للهيكل‬ ‫"هلمي"‪ .‬وهل تظنّوهنا مق ّدسة تلك العبادة املفسدة إلسر ّ‬ ‫إىل هللا الذي يقول هلا‪ّ :‬‬
‫تعج فيهما اخلطااي‬ ‫بقااي شهواته‪ ،‬ويدخل يف حضرة هللا‪ ،‬ويدعوه‪ ،‬وهو الفائق الطُّهر‪ ،‬بنفس وجسد ّ‬
‫مثل الدود؟‬

‫ائيلي ذي النَّفس الدَّنِّسة‪.‬‬


‫التام للمق ّدسات هو يف ذلك اإلسر ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن التدنيس ّ‬
‫ال‪ّ .‬‬
‫التل ّفظ ابسم هللا يكون ابطالً حينما‪ ،‬وأنتم لستم ابلبُـلَهاء‪ ،‬بسبب حالة نفسكم‪ ،‬يكون من غري اجملدي‬
‫التل ّفظ به‪ .‬آه! إنّين أرى وجه هللا الساخط الذي يشيح بوجهه ابمتعاض إىل جهة أخرى‪ ،‬حينما يناديه‬
‫َيسين‬
‫أحد املنافقني‪ ،‬عندما يذكره امرؤ دوّنا ندامة! وأجد يف ذلك رعباً‪ ،‬أان الذي‪ ،‬مع ذلك ال ّ‬
‫اإلهلي‪.‬‬
‫الغضب ّ‬
‫َقرأ يف أكثر من قلب هذه الفكرة‪" :‬ولكن إذن‪ ،‬فما من يستطيع ذكر اسم هللا سوى األطفال‬ ‫أَ‬
‫الصغار‪ ،‬حيث ال يوجد يف اإلنسان سوى الفساد واخلطااي"‪ .‬ال‪ .‬ال تقولوا هذا‪ .‬فاخلَطَأة ُهم الذين‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 684 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التحرر‬
‫كل الذين يشعرون أبنفسهم َينقهم الشيطان‪ ،‬والذين يريدون ّ‬ ‫يناشدون هذا االسم‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫ُيول تدنيس املق ّدسات إىل طقس‪ .‬إرادة الشفاء‪.‬‬ ‫من اخلطيئة ومن الـمغوي الـم ِّ‬
‫ضلّل‪ .‬يريدون‪ .‬وهذا ما ّ‬‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ضلِّّل‪.‬‬
‫التضرع إليه لطرد ال َـمغوي ال ُـم َ‬
‫مناشدة ال َقدير لنيل املغفرة والشفاء‪ّ .‬‬
‫َير يف جنّة عدن‪ .‬فلو‬ ‫هللا‬ ‫يكن‬ ‫مل‬ ‫الذي‬ ‫الوقت‬ ‫يف‬ ‫اء‪،‬‬ ‫حو‬ ‫ت‬ ‫ب‬‫ر‬‫َّ‬ ‫ج‬ ‫ة‬ ‫احلي‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫التكوين‬ ‫فر‬ ‫قيل يف ِّ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حواء آنذاك هللا هلََرب الشيطان‪.‬‬‫جترأ الشيطان على أن يكون فيها‪ .‬لو اندت ّ‬ ‫كان هللا يف جنّة عدن ملا ّ‬
‫بكل صدق‪ .‬فهذا االسم خالص هو‪ .‬كثريون‬ ‫فلتكن هذه الفكرة يف قلوبكم على الدوام‪ .‬واطلبوا هللا ّ‬
‫ابحلب كلمة‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫ليتطهروا‪ .‬ولكن طَ ّهروا قلوبكم بال انقطاع أبن تكتبوا فيها ّ‬ ‫منكم يريدون النـزول إىل النهر ّ‬
‫هللا‪ .‬فال صلوات كاذبة وال ممارسات روتينيّة‪ .‬بل إّّنا بقلبكم وفكركم وأبفعالكم وبك ّل ذواتكم قولوا‬
‫هذا االسم‪ :‬هللا‪ .‬قولوه لكي ال تبقوا وحيدين‪ .‬قولوه لتَلقوا الدعم واملساندة‪ .‬قولوه لتنالوا الغفران‪.‬‬

‫غري أو تَب ّدل حنو اخلري‪.‬‬


‫افهموا معىن كلمة إله سيناء‪" :‬ابطالً" نلفظ اسم "هللا" إن مل يرافقه تَ ّ‬‫َ‬
‫كل دقيقة من اليوم‪،‬‬‫وهذه هي اخلطيئة‪ .‬وليس "ابطالً" حينما َحتمل ضرابت قلوبكم إىل شفاهكم يف ّ‬
‫"هلم اي إهلي"!‬
‫احلب البنويّة‪ ،‬فتقولون‪ّ :‬‬ ‫كل أعمالكم النـزيهة‪ ،‬حني احلاجة والتجربة واألمل‪ ،‬كلمة ّ‬ ‫يف ّ‬
‫حينئذ‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬ال خطيئة بذكركم اسم هللا الق ّدوس‪.‬‬

‫امضوا‪ .‬السالم معكم‪».‬‬

‫ال يوجد مرضى‪ .‬يبقى يسوع‪ ،‬وذراعاه متصالبتان‪ ،‬وظهره ُمستَنِّد إىل اجلدار‪ ،‬حتت العنرب‪ ،‬حيث‬
‫الظل‪ .‬ينظر يسوع إىل الذين َيضون على ظهور محريهم‪ ،‬والذين يتزامحون صوب النهر‪ ،‬رغبة‬ ‫ط ّ‬ ‫َهبَ َ‬
‫يتوجهون إىل البلدة عرب احلقول‪.‬‬
‫التطهر‪ ،‬وأولئك الذين ّ‬
‫منهم يف ّ‬
‫مَتدداً يف قراره‪ .‬يرمقه يسوع بنظرة‪ .‬أخرياً يتّجه‬
‫الرجل ذو اللباس األمحر الداكن ج ّداً يبدو ّ‬
‫صوب جواده‪ .‬فلديه جواد رائع أبيض جملّل ابألمحر حتت السرج املغطّى مبسامري الزخرفة‪.‬‬

‫لديك مكان أتوي‬


‫ط الليل‪ .‬هل َ‬
‫«انتظرين أيّها الرجل‪ ».‬يقول يسوع الذي يلحق به‪« .‬لقد َهبَ َ‬
‫أنت وحيد؟»‬ ‫ٍ‬
‫أنت آت من بعيد؟ هل َ‬ ‫إليه؟ هل َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 685 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت سأجد يف‬
‫لست أدري‪ ...‬إذا ما ُ‬
‫جييب الرجل‪« :‬من البعيد‪ ...‬البعيد‪ ..‬وسأذهب‪ُ ...‬‬
‫كت فيها َحَرسي‪ ،‬ذلك أنّين مل أكن أثق هبم‪».‬‬
‫وإال ففي أرُيا‪ ...‬لقد تر ُ‬
‫البلدة‪ّ ...‬‬

‫لديك طعام؟»‬
‫أعطيك سريري‪ ،‬وهو جاهز‪ .‬هل َ‬
‫َ‬ ‫«ال‪.‬‬

‫كنت أظنّين سأجد بلدة مضيافة أكثر‪»...‬‬


‫لدي شيء‪ُ .‬‬
‫«ليس ّ‬
‫«ال ينقص فيها شيء‪».‬‬

‫حّت احلقد على هريودس‪ .‬هل تَعلَم من أكون؟»‬


‫«ال شيء‪ .‬وال ّ‬
‫عين ويطلبونين‪ ،‬ليس هلم سوى اسم واحد‪ :‬إخوة ابسم هللا‪ .‬هيّا بنا لنكسر‬
‫كل الذين يبحثون ّ‬
‫« ّ‬
‫لك‪»...‬‬ ‫ادك حتت هذا العنرب‪ .‬سوف أانم أان هنا‪ ،‬وسأحرسه َ‬‫َيكنك أن تبيت جو َ‬
‫َ‬ ‫اخلبز معاً‪.‬‬

‫«ال‪ ،‬هذا أبداً‪ .‬بل أان من سينام هنا‪ .‬إنّين أَقبَل اخلبز‪ ،‬وال شيء سواه‪ .‬ولن أضع جسدي‬
‫جسدك املقدَّس‪».‬‬
‫َ‬ ‫املدنَّس حيث ُمت ّدد َ‬
‫أنت‬

‫«هل تؤمن يب ق ّديساً؟»‬

‫يردد صدى‬ ‫امللكي ّ‬


‫ّ‬ ‫حّت البالط‬
‫الك‪ّ ...‬‬ ‫أعمالك‪ ...‬أقو َ‬
‫َ‬ ‫ك ق ّديس‪ .‬فيوحنّا‪ ،‬قوزى‪...‬‬
‫«أعلَم أنّ َ‬
‫أضعت أَثَره‪ .‬ولكنّه كان قد‬
‫ُ‬ ‫كنت أنزل إىل يوحنّا‪ ...‬مثّ‬
‫الص َدفة اليت حتتفظ هبدير البحر‪ُ .‬‬
‫ذلك مثل َ‬
‫بك"‪ .‬وال َيكن هلذا أن يكون أحداً سو َاك‪.‬‬ ‫سيستقبلك ويرقى َ‬
‫َ‬ ‫مين‪ ،‬وهو‬
‫قال يل‪" :‬هناك َمن هو أعظم ّ‬
‫وجودك‪».‬‬
‫َ‬ ‫عرفت مكان‬
‫إليك عندما ُ‬ ‫أتيت َ‬‫وقد ُ‬
‫وحيدين حتت العنرب‪ .‬التالميذ يتح ّدثون فيما بينهم قرب املطبخ ويراقبون‪.‬‬
‫َم َكثا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 686 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الغيور الذي كان اليوم منشغالً ابلعماد‪ ،‬يعود من النهر مع األخريين من الذين انلوا العماد‪.‬‬
‫يباركهم يسوع‪ ،‬مثّ يقول لسمعان‪« :‬هذا الرجل مسافر يبحث عن مأوى ابسم هللا‪ .‬وابسم هللا حنيّيه‬
‫كصديق‪».‬‬

‫ينحين مسعان‪ ،‬وكذلك الرجل‪ .‬يدخالن إىل الغرفة حيث يربط منّان اجلواد إىل املذود‪ .‬ويوحنّا‪،‬‬
‫أومأَ يسوع إليه‪ُ ،‬يمل العشب ودلو ماء مسرعاً‪ .‬وبطرس يركض حامالً مصباح زيت‪ ،‬إذ قد‬ ‫بعد أن َ‬
‫حل الظالم‪.‬‬
‫ّ‬
‫«سوف أكون على ما يرام هنا‪ .‬فليكافئكم هللا‪ ».‬يقول الفارس الذي يدخل بعدئذ‪ ،‬بني يسوع‬
‫ومسعان‪ ،‬إىل املطبخ املضاء بنار عيدان صغرية أ ِّ‬
‫ُضرمت فيه‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 687 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫وأمك")‬
‫أابك َ‬ ‫‪( -89‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪ِّ :‬‬
‫"أكرم َ‬

‫‪1945 / 03 / 03‬‬

‫يذرع يسوع املكان جيئة وذهاابً ببطء‪ ،‬على شاطئ النهر‪ .‬النهار يبزغ من خالل ضباب يوم‬
‫شتوي كئيب يتمادى على قصب الشاطئ‪ .‬وعلى مدى النَّظَر‪ ،‬ال أحد على شاطئ األردن من‬ ‫ّ‬
‫صب واجلاري موحالً‬
‫الطرفني‪ .‬ال شيء سوى الضباب على سطح املاء‪ ،‬وصوت املاء املرتطم ابل َق َ‬
‫احلب‪.‬‬
‫ضباً وحزيناً بعد انقضاء موسم ّ‬ ‫األايم السابقة‪ .‬بعض من زقزقة العصافري يصل مقتَ َ‬
‫بسبب أمطار ّ‬
‫وشح الغذاء جيعلها كئيبة‪.‬‬
‫فاملوسم احلايل ّ‬
‫مهتماً كثرياً بنداء عصفور صغري يدير رأسه صوب الشمال‪ ،‬وبراتبة‬
‫ينصت يسوع إليها‪ ،‬ويبدو ّ‬
‫نوحي‪ ،‬مثّ يديره صوب اجلنوب ويكرر الـ "سريويت" إّّنا‬
‫دقات الساعة‪ ،‬يقول‪" :‬سريويت" بشكل ّ‬
‫تساؤيل‪ .‬أخرياً‪ ،‬يبدو أ ّن العصفور الصغري قد تل ّقى إجابة يف الـ "سيب" الواردة من الض ّفة‬
‫ّ‬ ‫بشكل‬
‫األخرى‪ ،‬وَيضي مرفرفاً جبناحيه‪ ،‬عرب النهر‪ ،‬مع زقزقة فرح‪ .‬يقوم يسوع حبركة وكأنّه يقول‪« :‬اي حلسن‬
‫ظ»‪ ،‬مثّ يعاود املسري‪.‬‬
‫احل ّ‬

‫جك اي معلّم؟» يسأل يوحنّا القادم من جهة احلقول‪.‬‬ ‫«هل أ ِّ‬


‫ُزع َ‬
‫«ال‪ .‬ماذا تريد؟»‬

‫ألستشريك أيضاً‪.‬‬
‫َ‬ ‫أتيت فوراً‬
‫يفرحك‪ ،‬لذا ُ‬
‫َ‬ ‫لك‪ ...‬يبدو يل أنّه خرب‬
‫أود أن أقول َ‬
‫« ّ‬
‫فوقفت‬
‫ُ‬ ‫أساعدك؟"‬
‫َ‬ ‫يوطي وقال يل‪" :‬هل‬
‫ص َل يهوذا االسخر ّ‬
‫كنت أكنس غُرفنا‪ ،‬عندما َو َ‬
‫ُ‬
‫حّت حينما يُطلب منه‪ ...‬ولكنّين مل أقل له أكثر‬
‫مندهشاً‪ ،‬ذلك أنّه يقوم هبذا العمل على مضض‪ّ ،‬‬
‫َخ َذ يكنس‪ ،‬وأهنينا عملنا بسرعة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫من‪" :‬آه! شكراً! هكذا أهني عملي بسرعة أكثر وبشكل أفضل"‪ .‬وأ َ‬
‫السن هم الذين جيلبون احلطب‪ .‬وهذا ليس حسناً‪.‬‬ ‫فقال حينئذ‪" :‬لنذهب إىل الغابة‪ ،‬فدائماً كبار ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 688 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت هناك أحزم احلطب‬
‫التصرف‪ .‬ولكن لو تُـ َعلّمين‪ "...‬وذهبنا‪ .‬وبينما ُ‬
‫فلنذهب حنن‪ .‬أان ال أُحسن ّ‬
‫لك شيئاً"‪.‬‬
‫معه‪ ،‬قال يل‪" :‬يوحنّا‪ ،‬أريد أن أقول َ‬
‫أظن األمر انتقاداً‪.‬‬
‫كنت ّ‬
‫قلت له‪" :‬تكلّم"‪ .‬و ُ‬
‫ُ‬
‫أنت األكثر شباابً‪ .‬ينبغي لنا أن نكون أكثر انسجاماً ووحدة‪.‬‬ ‫إّّنا على العكس‪ ،‬فقد قال‪" :‬أان و َ‬
‫عمداً‪ .‬أحياانً‬ ‫ِّ‬
‫لست صاحلاً‪ .‬إّّنا ثق‪ ...‬أان ال أفعل ذلك مت ّ‬
‫حق‪ ،‬فأان ُ‬ ‫ك لعلى ّ‬ ‫مين‪ ،‬وإنّ َ‬
‫أنت تكاد ختاف ّ‬‫َ‬
‫أود لو‬
‫أفس َدين‪ .‬و ّ‬
‫أحس ابحلاجة إىل أن أكون سيّئاً‪ .‬وقد يكون ذلك بسبب كوين وحيداً ومدلّالً ممّا َ‬ ‫ّ‬
‫ص ِّدموا‪ ...‬نعم‪ ،‬فلقد‬
‫عم يسوع ُ‬ ‫إيل بعني الرضى‪ .‬أوالد ّ‬
‫السن ال ينظرون ّ‬ ‫أُصبح صاحلاً‪ .‬وأَعلَم أ ّن كبار ّ‬
‫ك صاحل وصبور‪ .‬أحبِّبين‪.‬‬ ‫أنت فإنّ َ‬
‫عمهم‪ّ .‬أما َ‬‫حبق ابن ّ‬
‫تكبت حب ّقهم الكثري من النقائص‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫ار ُ‬
‫كل شيء‪ .‬فاملعلّم أيضاً‬‫لك أن حتبّه ابلرغم من ّ‬ ‫لك‪ ،‬سيّئاً‪ ،‬نعم‪ ،‬إّّنا ينبغي َ‬
‫كنت أخاً َ‬ ‫اعمل كما لو ُ‬ ‫َ‬
‫أتصرف بشكل َح َسن‪ ،‬قل يل‪ .‬مثّ ال تَتكين دائماً‬ ‫التصرف هكذا‪ .‬عندما تراين ال ّ‬ ‫يقول إنّه ينبغي ّ‬
‫أتصرف بشكل سيّئ‪.‬‬ ‫أنت أيضاً‪ .‬سوف تساعدين لكي ال ّ‬ ‫وحيداً‪ .‬عندما أذهب إىل البلدة‪ ،‬تعال َ‬
‫نظرت إليه‪ .‬ويف حقدي األبله‪ ،‬مل أكن يف السابق أنظر ال إىل‬ ‫مت كثرياً‪َ .‬ح َّدثَين يسوع‪ ،‬وأان ُ‬ ‫أمس أتلّ ُ‬
‫هت‬
‫احلق يف القول إ ّن يسوع يعاين‪ ...‬ولقد تنبّ ُ‬‫كل ّ‬ ‫أيت‪ ...‬هلم ّ‬
‫نظرت ور ُ‬
‫ذايت وال إىل اآلخرين‪ .‬أمس ُ‬
‫أيضاً إىل كوين مسؤوالً أيضاً عن ذلك‪ .‬أان ال أريده أن يكون كذلك‪ .‬تعال معي‪ .‬هل أتيت؟ هل‬
‫أقل سوءاً؟"‬
‫ستساعدين كي أكون ّ‬
‫أعَتف أ ّن قليب كان َيفق مثل قلب عصفور بني يدي طفل‪ .‬كان َيفق ِّمن‬ ‫هكذا قال يل‪ ،‬و َِّ‬
‫لكن قليب كان َيفق بش ّدة من‬
‫كنت سعيداً‪ ،‬و ّ‬
‫أجلك أيضاً ُ‬ ‫الفرح ألنّين مسرور أبن يصبح صاحلاً‪ ،‬ومن َ‬
‫أنت يل يوم قَبِّ َ‬
‫لت‬ ‫رت ما قلتَهُ َ‬
‫اخلوف‪ ...‬ذلك أنّين مل أكن أريد أن أصبح مثل يهوذا‪ .‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬تذ ّك ُ‬
‫كنت‬
‫لدي أوامر أخرى‪ "...‬و ُ‬ ‫علي أن أطيع إذا ما كانت ّ‬ ‫أساعدك‪ .‬إّّنا ّ‬
‫َ‬ ‫يهوذا‪ ،‬وأجبتُهُ‪" :‬نعم‪ ،‬سوف‬
‫أبال أبتعد عن البيت‪».‬‬
‫َجعله أيمرين ّ‬
‫َفعله‪ ،‬وإذا مل يشأ أ َ‬
‫أف ّكر‪ :‬اآلن أقول للمعلّم‪ ،‬وإذا ما شاء هو ذلك أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 689 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أحسست‬
‫َ‬ ‫ك إذا ما‬
‫عليك آنذاك أن تقطع يل وعداً أبنّ َ‬
‫أدعك تذهب‪ .‬إّّنا َ‬‫«امسع اي يوحنّا‪ .‬إنّين َ‬
‫جيعلك تضطرب أن أتيت وختربين‪ .‬لقد أفرحتَين كثرياً اي يوحنّا‪ .‬هو ذا بطرس مع مسكته‪.‬‬
‫َ‬ ‫أبي شيء‬
‫ّ‬
‫أنت اي يوحنّا‪».‬‬
‫اذهب َ‬
‫ويلتفت يسوع إىل بطرس‪« :‬هل كان صيداً موفقاً؟»‬
‫«آه! ليس كثرياً‪ ،‬مسك حنيل‪ّ ...‬أما الذي ُس ِّحب منه فجزء فقط‪ .‬ويعقوب يُ ِّ‬
‫همهم‪ ،‬أل ّن حيواانً‬
‫َشفق على‬‫الشباك‪ .‬وقد قلت‪" :‬أمل يكن ِّمن املفروض أن أيكل أيضاً؟ أ ِّ‬ ‫قَطَ َع احلبل وأضاع إحدى ِّّ‬
‫ُ‬
‫لكن يعقوب ال يسمع مثل هذا الكالم‪ »...‬يقول بطرس ضاحكاً‪.‬‬ ‫احليوان املسكني"‪ .‬و ّ‬
‫«هذا ما أقوله عن إنسان هو أخ‪ .‬وهذا ما ال تعرفون فعله‪».‬‬

‫«أتتكلّم عن يهوذا؟»‬

‫أنت الصيّاد‬
‫«أتكلّم عن يهوذا‪ .‬إنّه يعاين من ذلك‪ .‬فرغباته َح َسنَة وميوله فاسدة‪ .‬إّّنا قل يل‪ ،‬و َ‬
‫أردت الذهاب ابملركب‪ ،‬يف هنر األردن‪ ،‬للوصول إىل حبرية جنّسارت‪ ،‬فكيف َيكنين‬ ‫املتمرس‪ ،‬إذا ما ُ‬
‫ّ‬
‫ذلك؟ وهل أجنح؟»‬

‫ك تنجح مبركب صغري ذي قعر ُمسطَّح‪ ...‬إ ّن ذلك لَ ُمتعِّب‬ ‫«إيه! سيكون عمالً هائالً! ولكنّ َ‬
‫وطويل! جيب سرب العمق ابستمرار‪ ،‬واالنتباه للضفاف واألعماق القليلة واألغصان الطافية مع التيار‪.‬‬
‫أنت تريد العودة إىل البحرية عن طريق‬ ‫ضروري يف بعض احلاالت‪ ،‬بل على العكس‪ ...‬إّّنا َ‬ ‫ّ‬ ‫الشراع غري‬
‫وإال‪»...‬‬
‫النهر؟ فاعلم أنّه بعكس التيّار‪ ،‬وسيكون األمر سيّئاً‪ .‬ينبغي أن تكونوا ُكثُراً ّ‬

‫املضي عكس التيار‪،‬‬


‫ب عليه ّ‬ ‫التوجه إىل اخلري‪َ ،‬و َج َ‬
‫أنت قلتَها‪ .‬عندما يكون املرء فاسداً ويبغي ّ‬
‫« َ‬
‫لئك‪ .‬وأنتم‪ ،‬ال تساعدونه‪ .‬فاملسكني‬
‫التوصل إىل ذلك مبفرده‪ .‬ويهوذا هو ابلضبط واحد من أو َ‬
‫وال َيكنه ّ‬
‫َيضي وحيداً‪ ،‬يرتَ ِّطم ابلقاع قليل العمق‪ ،‬يفشل فيه ويتعثّر ابألغصان الطافية‪ ،‬وجيد نفسه عالقاً يف‬
‫الدوامات‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬إن هو َس ََرب العمق‪ ،‬فال َيكنه‪ ،‬يف الوقت نفسه‪ ،‬اإلمساك ابلدفة أو‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 690 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫شفقون عليه‪ ،‬وهو رفيقكم؟ هذا‬ ‫شفقون على الغرابء‪ ،‬وال تُ ِّ‬ ‫اجملذاف‪ .‬فلماذا تلومونه إذا مل يتق ّدم؟ أتُ ِّ‬
‫توس َل ّأال‬
‫ليس عدالً‪ .‬أترى هناك؟ إنّه هو مع يوحنّا َيضيان إىل البلدة جللب اخلبز واخلضار‪ .‬لقد َّ‬
‫السن‪».‬‬
‫ب ذلك من يوحنّا ألنّه ليس أبلهاً‪ ،‬ويعلم مباذا تف ّكرون عنه أنتم كبار ّ‬ ‫يذهب مبفرده‪ .‬وقد طَلَ َ‬
‫َفس َد يوحنّا أيضاً؟»‬
‫«وأرسلتَهُ؟ وإذا ما أ َ‬
‫فسد؟» يسأل يعقوب الذي يصل مع الشبكة املنتَ َشلة ِّمن بني القصب‪.‬‬
‫« َمن؟ أخي؟ ملاذا يُ َ‬
‫«أل ّن يهوذا يذهب معه‪».‬‬

‫«منذ مّت؟»‬

‫«منذ اليوم‪ .‬وأان َمن َمسَ َح بذلك‪».‬‬

‫مسحت بذلك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫أنت َمن‬
‫كنت َ‬
‫«إذن‪ ،‬إذا َ‬
‫«نعم‪ ،‬وأنصح به اجلميع‪ .‬إنّكم تَتكونه كثرياً وحيداً‪ .‬ال تكونوا قضاة له وحده‪ .‬فهو ليس أسوأ‬
‫من كثريين‪ .‬ولكنّه األكثر َدالالً‪ ،‬ومنذ الطفولة‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬هذا صحيح‪ ،‬يفَتض أنّه هكذا‪ .‬فلو كان أَبَواه زبدى وصالومي ملا كان كما هو عليه‪.‬‬
‫الداي صاحلان‪ .‬ولكنّهما يتذ ّكران أ ّن هلما حقوقاً وعليهما واجبات جتاه أبنائهما‪».‬‬
‫و َّ‬
‫صلوا‬
‫«ما تقوله صحيح‪ .‬اليوم سأتكلّم ابلضبط عن هذا‪ّ .‬أما اآلن فهيّا بنا‪ .‬إنّين أرى أانساً َو َ‬
‫عرب احلقول‪».‬‬

‫لست أرى كيف سنحيا‪ .‬فليس لدينا وقت لألكل وال للصالة وال للراحة‪ ...‬والناس‬
‫«أان‪ُ ،‬‬
‫تناز َعته مشاعر اإلعجاب والسأم‪.‬‬
‫يتزايدون ابستمرار‪ ».‬يقول بطرس وقد َ‬
‫تتذمر من ذلك؟ ّإهنا إشارة إىل أ ّن ما يزال هناك أانس يفتّشون عن هللا‪».‬‬
‫«هل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 691 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك يف هذه‬
‫بقيت أمس بال طعام‪ ،‬ومل يكن َ‬
‫حّت لقد َ‬
‫ك تعاين من ذلك‪ّ ،‬‬ ‫«نعم اي معلّم‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫ك بذلك!»‬
‫معطفك‪ .‬لو تَعلم ّأم َ‬
‫َ‬ ‫الليلة ِّمن غطاء سوى‬
‫ستبارك هللا الذي ي ِّ‬
‫رسل يل الكثري من املؤمنني‪».‬‬ ‫«لكانت ِّ‬
‫ُ‬

‫ستوخبين أان الذي تَـلَ َّق ُ‬


‫يت أوامرها‪ََ ».‬يلص بطرس إىل تلك النتيجة‪.‬‬ ‫«ولكانت ّ‬

‫وميان‪ .‬يـََراين يسوع‪َُ ،‬يثّان اخلطى قائِّلَني‪« :‬آه! اي معلّم! ماذا‬


‫يصل فليبس وبرتلماوس وُها ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عدمون أيتون من البعيد‪».‬‬ ‫حقيقي؛ مرضى وأانس يبكون ومساكني ُم َ‬ ‫ّ‬ ‫حج‬
‫نفعل؟ إنّه ّ‬
‫الص َدقات وليس أمامنا سوى استخدامها‪».‬‬
‫«سوف نبتاع اخلبز‪ .‬األغنياء يُعطون َّ‬

‫يغص ابلناس الذين َييّمون‪ .‬والليايل رطبة وابردة‪».‬‬


‫«النهار قصري‪ .‬العنرب ّ‬
‫حق اي فليبّس‪ .‬سوف ُحن َشر مجيعنا يف غرفة واحدة‪ .‬سنتم ّكن من فعلها‪ ،‬وسنرتّب‬
‫أنت على ّ‬‫« َ‬
‫اآلخرين‪ ،‬من ال يستطيع منهم العودة إىل بيته يف الليل‪».‬‬

‫وسنضطر‪ ،‬بعد قليل‪ ،‬إىل طَلَب اإلذن من الضيوف لتبديل‬ ‫همهم بطرس‪« ،‬‬‫فهمت!» يُ ِّ‬
‫« ُ‬
‫ّ‬
‫مالبسنا‪ّ .‬إهنم جيتاحوننا لدرجة أن جيعلوان هنرب‪ ،‬حنن‪».‬‬

‫لحظ يسوع‬
‫«سوف تَرى هروابت أُخرى اي بطرس! ما هلا‪ ،‬هذه املرأة؟» ّإهنم اآلن يف الدار‪ ،‬ويَ َ‬
‫امرأة تبكي‪.‬‬

‫كنت تتح ّدث إىل منّان‪ ،‬أتت‬‫لست أدري‪ .‬ابألمس كانت هنا أيضاً‪ ،‬وكانت تبكي‪ .‬عندما َ‬ ‫« ُ‬
‫انصَرفَت‪ .‬يفَتض ّأهنا َم َكثَت يف البلدة أو يف اجلوار إىل حني عودهتا‪ .‬ال يبدو عليها ّأهنا‬
‫ملالقاتك مثّ َ‬
‫َ‬
‫مريضة‪»...‬‬

‫َير جبوارها‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫يسوع‬ ‫هلا‬‫و‬‫يق‬ ‫»‬‫أة‪.‬‬


‫ر‬ ‫ام‬ ‫اي‬ ‫«السالم ِّ‬
‫لك‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 692 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك السالم‪ ».‬وال شيء آخر‪.‬‬
‫وجتيب هبدوء‪« :‬و َ‬
‫قعدون والعميان والبُكم؛ كذلك طفل‬‫األقل‪ ،‬ثالمثائة إنسان‪ .‬حتت العنرب يوجد ال ُـم َ‬
‫هناك‪ ،‬على ّ‬
‫يرتعش بشدة‪ ،‬فهو بال شك مصاب ابستسقاء الدماغ‪ ،‬وَيسكه رجل بيده‪ ،‬وهو ال يفعل غري األنني‪،‬‬
‫غيب‪.‬‬
‫وهز الرأس‪ ،‬وهو ذو مظهر ّ‬ ‫وسيل اللعاب‪ّ ،‬‬
‫«هل َيكن أن يكون ابن تلك املرأة؟» يسأل يسوع‪.‬‬

‫يهتم ابلزوار‪ ،‬وهو أَعلَم‪».‬‬


‫لست أدري‪ .‬فسمعان هو الذي ّ‬
‫« ُ‬
‫لكن الرجل ليس مع املرأة‪ّ .‬إهنا وحيدة‪« .‬هي ال تفعل سوى البكاء‬
‫ينادي الغيور ويسأل‪ .‬و ّ‬
‫والصالة‪ .‬وقد َسأَلَتين منذ قليل‪" :‬هل املعلّم يشفي القلوب أيضاً"؟»‬

‫«قد تكون امرأة مغدورة‪ ».‬يُعلِّّق بطرس‪.‬‬

‫ومّت مع زوار كثريين إىل العماد‪.‬‬


‫يتوجه يسوع إىل املرضى‪َ ،‬يضي برتلماوس ّ‬
‫بينما ّ‬
‫تتحرك‪.‬‬
‫املرأة يف ركنها تبكي وال ّ‬
‫َجي ََِّتح يسوع املعجزات وال يَ ّرد أحداً‪ .‬كم هو مجيل ذو الغباء الذي‪ ،‬بنفحة منه َينحه الذكاء‪،‬‬
‫احملجبة‪ ،‬وقد يكون بسبب وجود‬
‫حّت املرأة ّ‬ ‫وهو ممسك برأسه بني يديه الطويلتني‪ .‬يتزاحم الناس حوله‪ّ .‬‬
‫ووقَـ َفت جبانب املرأة الباكية‪ .‬يقول يسوع لألبله‪« :‬أريد‬
‫اقَتبَت قليالً‪َ ،‬‬
‫جترأت و ََ‬
‫الكثري من الناس ّأهنا ّ‬
‫ليقودك إىل نور هللا‪ .‬امسع‪ :‬قل معي‪" :‬يسوع"‪ .‬قُلها‪ .‬أان أريد ذلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫فيك نور الذكاء‬
‫َ‬
‫يئن مثل حيوان‪ ،‬وال شيء آخر‪ ،‬يتمتم بصعوبة‪" :‬يسوع" أو ابحلري‬
‫واألبله الذي كان قبالً ّ‬
‫”جيجيو”‪.‬‬

‫املشوه‪ ،‬وهو يسيطر عليه ابلنَّظَر‪.‬‬


‫مرة أخرى‪ ».‬أيمره يسوع وهو ما يزال َيسك بني يديه الرأس ّ‬
‫«ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 693 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«يس – سوع‪».‬‬

‫مرة أخرى‪».‬‬
‫«ّ‬
‫«يسوع!» يقوهلا األبله أخرياً‪ ،‬وقد أصبَ َحت نظرته ذات تعبري ومعىن‪ ،‬وعلى فمه ابتسامة خمتلفة‪.‬‬

‫ابنك‪ .‬اسأله وحاوره‪ .‬فإ ّن‬ ‫«أيها الرجل‪ »،‬يقول يسوع لألب «بفضل اإلَيان الذي َ ِّ‬
‫عندك ُشف َي َ‬ ‫ّ‬
‫عجائيب يف مواجهة األمراض واآلالم‪».‬‬
‫ّ‬ ‫اسم يسوع‬

‫يقول الرجل البنه‪َ « :‬من أان؟»‬

‫وجييب الطفل‪« :‬أيب‪».‬‬

‫شرح‪« :‬لقد ُولِّ َد هكذا‪ .‬فزوجيت توفَّيت وهي تضعه‪ ،‬وهو كان ال‬
‫يضم الرجل ابنه إىل صدره ويَ َ‬
‫ّ‬
‫آمنت‪ ،‬نعم‪ ،‬إنّين قادم من ايفا‪ .‬ماذا ينبغي يل أن أفعل من‬
‫يف ّكر وال يتكلّم‪ّ .‬أما اآلن فانظروا‪ .‬لقد ُ‬
‫أجلك اي معلّم؟»‬
‫َ‬
‫ابنك كذلك‪ .‬ال شيء أكثر‪».‬‬
‫«أن تكون صاحلاً‪ ،‬و َ‬
‫ك‪ ،‬فهي اليت َدفَـ َعتين إىل اجمليء‪ .‬لتكن مباركة!»‬
‫ك‪ .‬آه! هيّا بنا حاالً خنرب ّأم ّأم َ‬
‫«وأن أحبّ َ‬
‫سعيدين‪ .‬فلم يبق من اآلفات القدَية سوى ضخامة رأس الطفل‪ .‬بينما التعبري‬
‫وَيضي االثنان َ‬
‫والكالم طبيعيّان‪.‬‬

‫امسك؟»‬ ‫ِّ‬
‫ادتك ُشف َي ّأم بقدرة َ‬
‫ويسأل كثريون‪« :‬أإبر َ‬
‫«إبرادة اآلب‪ ،‬احملتفي دائماً ابالبن‪ .‬ولكن امسي أيضاً هو حب ّد ذاته خالص‪ .‬تعلمون ذلك‪:‬‬
‫حقيقي يتخلّص‬ ‫إبَيان‬ ‫يسوع‬ ‫اسم‬ ‫ذكر‬ ‫ي‬ ‫ومن‬ ‫اجلسد‪.‬‬ ‫ة‬ ‫وصح‬ ‫النفس‬ ‫ة‬ ‫صح‬ ‫هناك‬ ‫ص‪.‬‬ ‫فيسوع يعين ُخمَلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من األمراض واخلطيئة‪ ،‬ذلك أ ّن يف كل مرض نفسي أو جسدي هناك خملب للشيطان‪ .‬فهو ِّ‬
‫يوجد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 694 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التمرد واليأس أبمل هذا اجلَّ َسد‪ ،‬واألمراض املعنويّة أو الروحيّة ليقود إىل‬
‫األمراض اجلسديّة ليقود إىل ّ‬
‫الدينونة وعذاب اجلحيم‪».‬‬

‫البشري‪».‬‬
‫ّ‬ ‫كل بالاي اجلنس‬
‫أيك‪ ،‬فإن بعلزبول ليس دخيالً يف ّ‬
‫«إذن‪ ،‬حسب ر َ‬
‫«ليس دخيالً‪ .‬فبسببه أصبَ َح يف العامل مرض وموت‪ ،‬وبه كذلك أصبَ َح يف العامل جرَية وفساد‪.‬‬
‫يقض مضجع أحدهم‪ ،‬ف ّكروا أبنّه ابلشيطان يتأ ّمل‪ .‬وعندما ترون أحداً يُسبِّّب‬
‫عندما ترون البؤس ّ‬
‫البؤس‪ ،‬فاعلموا أنّه أداة للشيطان‪».‬‬

‫لكن األمراض أتيت من هللا‪».‬‬


‫«و ّ‬
‫«األمراض هي فوضى ضمن النظام‪ .‬هللا ابلفعل قد َخلَ َق اإلنسان سليماً وكامالً‪ .‬واختالل‬
‫املتفرعة‬
‫ب معه آفات اجلسد‪ ،‬والنتائج ّ‬ ‫النظام الذي َجلَبَه الشيطان ضمن النظام املعطى من هللا قد َجلَ َ‬
‫وحواء اخلطيئة األصليّة‪ ،‬إّّنا‬
‫ابحلري اإلرث املفجع‪ .‬فلقد َورث اإلنسان عن آدم ّ‬
‫ّ‬ ‫عنها‪ ،‬أعين املوت أو‬
‫ليس هي وحسب‪ ،‬فالوصمة متت ّد ابستمرار لتحيط بفروع اإلنسان الثالثة‪ :‬اجلسد الدائم العيب والفسق‪،‬‬
‫ومن هنا ضعفه ومرضه؛ واألخالق الدائمة الكربايء‪ ،‬ومن هنا الفساد املتزايد؛ والروح بكفرها املتعاظم‬
‫فعلت مع ذلك املتخلّف‪ ،‬تلقني االسم الذي جيعل‬ ‫أي بوثنيّتها املتفاقمة‪ .‬ومن أجل هذا جيب‪ ،‬كما ُ‬
‫الشيطان يهرب‪ ،‬بل جيب نقشه يف الروح ويف القلب‪ ،‬ووضعه على األان الداخليّة مثل خامت امللكيّة‪».‬‬

‫كل هذا اإلَيان؟»‬


‫بك ّ‬
‫أنت لنؤمن َ‬
‫أنت متتلكنا؟ َمن َ‬
‫«ولكن هل َ‬
‫كنت أمتلككم لكنتم اآلن ُخمَلَّصني‪.‬‬
‫«ليته كان كذلك! ولكن ال‪ .‬فاألمر ليس كذلك‪ .‬لو ُ‬
‫ُخلِّّص‬ ‫ولكان هذا ح ّقي‪ .‬فأان الـمخلِّّص‪ ،‬ومن املفروض أن أمتلك الذين أ ِّ‬
‫ُخلّصهم‪ .‬ولكنّين سوف أ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫الذين يؤمنون يب‪».‬‬

‫(املعمدان)‪ -‬وقد قال يل‪" :‬اذهب إىل الذي يتح ّدث‬ ‫ِّ‬
‫أتيت من قبَل يوحنا ّ‬
‫«يوحنّا‪- ...‬فأان ُ‬
‫الربط‪ ،‬بينما ال أستطيع أان سوى القول‪" :‬قُم بفعل‬
‫احلل و َّ‬ ‫ِّ‬
‫ويـُ َع ّمد قرب أفرائيم وأرُيا‪ .‬فهو َيلك سلطان ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 695 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نفسك اللياقة اليت تسمح هلا ابتباع طريق اخلالص"‪ ».‬إ ّن الذي يتكلّم هو أحد الذين‬
‫َ‬ ‫توبة لتعيد إىل‬
‫بَرئوا مبعجزة‪ .‬كان سابقاً يسري على ع ّكازين‪ ،‬ومل يعد اآلن يف حاجة إليهما يف تن ّقله‪.‬‬

‫«أال يتأ ّمل املعمدان ِّمن ترك اجلموع له؟» يسأل احدهم‪.‬‬

‫والذي تكلّم سابقاً جييب‪« :‬يتأ ّمل؟ وهو الذي يقول للجميع‪" :‬اذهبوا! اذهبوا! فأان النَّجم الذي‬
‫األبدي‪ .‬لكي ال تبقوا يف الظلمات‪ ،‬اذهبوا إليه قبل‬
‫ّ‬ ‫صعد ويَثبت يف أَلَقه‬
‫أيفل بينما هو النجم الذي يَ َ‬
‫أن َيبو مصباحي"‪».‬‬

‫ك جتذب اجلموع‪ .‬هل تَعلَم؟»‬


‫الفريسيّون! إ ّن قلوهبم مفعمة ابحلقد‪ ،‬ألنّ َ‬
‫«ليس هذا ما يقوله ّ‬
‫«أعلَم‪ ».‬جييب يسوع ابختصار‪.‬‬

‫لكن يسوع يقطع احلديث بـ«ال‬


‫الفريسيّني‪ .‬و ّ‬
‫تصرف ّ‬
‫ويدور حوار حول األسباب أو أقلّه طريقة ّ‬
‫للرد‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫تنتَقدوا»‪ ،‬حيث ال جمال ّ‬
‫ومّت مع َمن َع َّمداهم‪.‬‬
‫يعود برتلماوس ّ‬
‫يبدأ يسوع ابحلديث‪.‬‬

‫ارأتيت أنّه من األكثر مالءمة‬


‫ُ‬ ‫«السالم معكم مجيعاً‪ .‬اآلن‪ ،‬مبا أنّكم أتتون هنا من الصباح‪ ،‬فقد‬
‫أن أح ّدثكم عن هللا يف الصباح‪ ،‬وأن متضوا عند الظهرية‪ .‬كما أف ّكر إبجياد مأوى للزوار الذين ال‬
‫يستطيعون العودة إىل ذويهم ليالً‪ .‬فأان بدوري ضيف‪ ،‬وال أملك سوى احل ّد األدىن الذي ال ب ّد منه‪،‬‬
‫حّت‪ .‬إّّنا الذين يذهبون إىل يوحنّا هم‬‫لدي ّ‬
‫أقل ممّا ّ‬
‫والذي َمنَ َحتين ّإايه رمحة صديق‪ .‬ولدى يوحنّا ّ‬
‫وهم ليسوا‬‫بكل بساطة‪ ،‬مرضهم بسيط‪ ،‬كسيحون وعميان وبُكم‪ُ .‬‬ ‫بصحة جيّدة‪ ،‬أو ّ‬ ‫أشخاص يتمتّعون ّ‬
‫إيل‪ .‬يذهبون إليه من أجل معموديّة التوبة‪ .‬بينما أيتون‬‫أموااتً أو ذوي مصائب خطرية كالذين أيتون ّ‬
‫كنفسك"‪ .‬وأف ّكر وأقول‪" :‬كيف‬
‫َ‬ ‫إيل من أجل شفاء األجساد كذلك‪ .‬والشريعة تقول‪" :‬أحبِّب قر َ‬
‫يبك‬ ‫ّ‬
‫حّت اجلسدية منها؟" وأَخرج بنتيجة‪ :‬أن‬ ‫كنت أس ّد قليب يف وجه احتياجاهتم‪ّ ،‬‬ ‫حيب إلخويت إذا ُ‬ ‫ِّ‬
‫أُظهر ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 696 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سأعطيهم ما أ ِّ‬
‫ُعطيتُه‪ .‬سأم ّد يدي لألغنياء وأسعى لتأمني اخلبز للفقراء‪ .‬وابلتخلّي عن سريري سأستقبل‬
‫َمن هو تَعِّب ومتأ ّمل‪.‬‬

‫احلب ال َُيتََرب ابلكالم‪ ،‬بل ابألفعال‪َ .‬من يُغلق قلبه يف وجه ن ّد له‪ ،‬يكن له قلب‬
‫مجيعنا إخوة‪ .‬و ّ‬
‫مترَد على وصيّة هللا‪ .‬حنن مجيعاً إخوة‪ ،‬ومع ذلك أرى وترون أنّه‪،‬‬‫حب‪ ،‬فقد َّ‬ ‫قايني‪ .‬ومن ليس لديه ّ‬
‫حّت ضمن العائالت ـ حيث الدم يوحد‪ ،‬ومع الدم اللحم‪ ،‬واألُخوة اليت وصلَت إلينا من آدم ـ ِّ‬
‫توجد‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عدو قرينه‪.‬‬
‫األحقاد واخلالفات‪ .‬فاألخ ض ّد أخيه‪ ،‬واالبن ض ّد أهله‪ ،‬والقرين ّ‬
‫ولكن‪ ،‬كي ال نكون إخوة سيّئني على الدوام‪ ،‬وأزواجاً زانة‪ ،‬علينا‪ ،‬منذ الطفولة األوىل‪ ،‬تَـ َعلُّم‬
‫املؤسسة األصغر واألعظم يف العامل‪ .‬األصغر ابلنسبة إىل مدينة أو منطقة أو دولة أو‬ ‫احَتام العائلة‪ّ ،‬‬
‫ألهنا األقدم؛ فاهلل هو من أرسى دعائمها عندما مل تكن فكرة الوطن والبلد‬ ‫قارة‪ .‬ولكنّها األعظم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫موجودة أصالً بعد‪ ،‬إّّنا النواة العائليّة هي اليت كانت حيّة وفاعلة‪ ،‬كانت نبع الذريّة والسالالت‪،‬‬
‫اململكة الصغرية حيث الرجل هو ال َـملِّك واملرأة امللكة واألوالد الرعيّة‪ .‬هل تدوم مملكة إذا سادت‬
‫ساكنيها التفرقة والعداء؟ ال َيكن أن تدوم‪ .‬ويف احلقيقة ال تتماسك عائلة دون الطاعة واالحَتام‬
‫وحب العمل والعاطفة‪.‬‬
‫واالنسجام والنيّة احلسنة ّ‬
‫ك“‪.‬‬
‫أابك و ّأم َ‬ ‫تقول الوصااي العشر‪ِّ ” :‬‬
‫أكرم َ‬

‫كيف نكرمهم؟ وملاذا علينا إكرامهم؟‬

‫فَتض طاعة حقيقيّة‪ ،‬وحبّاً كامالً ال نقص فيه‪ ،‬واحَتاماً واثقاً‪ ،‬وخمافة ِّ‬
‫حمَتمة ال تؤثّر‬ ‫اإلكرام يَ َ‬
‫على الثقة‪ ،‬إّّنا‪ ،‬يف الوقت ذاته‪ ،‬ال جتعلنا نتعامل مع األشخاص األكرب سنّاً وكأنّنا عبيد أو أدىن منهم‪.‬‬
‫بكل احتياجاتنا املاديّة‪،‬‬‫اهتموا ّ‬
‫علينا إكرامهم‪ ،‬أل ّن آابءان و ّأمهاتنا هم الذين َمنَحوان احلياة‪ ،‬بعد هللا‪ ،‬و ّ‬
‫ط أو يَهب قطعة‬ ‫طري العود اآليت إىل األرض‪ .‬من يلتقط شيئاً َس َق َ‬‫لقد كانوا املعلّمني األوائل للكائن ّ‬
‫كك هللا"‪ ،‬ويقال له‪" :‬شكراً"‪ .‬وأولئك الذين َييتون أنفسهم يف العمل ليُشبِّعوان‪،‬‬ ‫خبز‪ ،‬يقال له‪" :‬ليبار َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 697 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ليخيطوا لنا ثيابنا وينظّفوها‪ ،‬أولئك الذين يَصحون لننام‪ ،‬ويرفضون الراحة ملعاجلتنا‪ ،‬وجيعلون لنا من‬
‫حبب‪” :‬ليبارككم هللا“ و”شكراً“؟‬ ‫صدورهم سريراً يف أكثر أتعابنا أملاً‪ ،‬أفال نقول هلم ّ‬
‫لكن املعلّم أيخذان على عاتقه عندما نكون قد عرفنا‬ ‫ّأهنم معلّموان‪ .‬واملعلّم خنشاه وحنَتمه‪ .‬و ّ‬
‫مسبقاً ما ال ب ّد منه للسلوك والتغذية وقول األشياء األساسيّة‪ ،‬ويَتكنا عندما نكون على وشك تعلّم‬
‫األم فهما اللذان يُعِّ ّداننا للمدرسة ّأوالً‪،‬‬
‫الدرس األقسى يف احلياة‪ ،‬أعين "معرفة العيش"‪ّ .‬أما األب و ّ‬
‫وبعد ذلك للحياة‪.‬‬

‫أي صديق َيكنه أن يكون أكثر صداقة لنا من األب؟ وأيّة صديقة أكثر‬ ‫ّإهنم أصدقاؤان‪ .‬ولكن ّ‬
‫األم؟ هل َيكنكم أن جتزعوا منهم؟ هل َيكنكم القول‪َ" :‬يونين أو ختونين"؟ ومع ذلك فها هو‬ ‫من ّ‬
‫الشاب األمحق والشابّة األكثر محقاً اللذان يتّخذان هلما أصدقاء غرابء ويُغلِّقان قلبيهما يف وجه األب‬
‫ّ‬
‫متهورة‪ ،‬كي ال نقول عنها آمثة‪ ،‬وتُ َسبِّّب انسكاب دموع‬
‫األم‪ ،‬ويفسدان الروح والقلب بعالقات رعناء ّ‬ ‫و ّ‬
‫كأهنا قطرات رصاص منصهر على قلب األهل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فهذه‬ ‫نس ِّكب و ّ‬
‫األب واألم‪ ،‬الدموع اليت تَ َ‬
‫سحقه‬
‫الدموع‪ ،‬أقول لكم‪ ،‬ال تقع يف غبار النسيان‪ ،‬أل ّن هللا يلتقطها وُيصيها‪ .‬واألب الشهيد الذي نَ َ‬
‫ب‬‫حّت ولو طَلَ َ‬
‫نسى‪ّ ،‬‬
‫لكن العذاب الذي يسبّبه االبن ألبيه فلن يُ َ‬ ‫الرب‪ .‬و ّ‬
‫ابألرجل‪ ،‬سوف يكافئه ّ‬
‫األم‪ ،‬يف حبّهما األليم‪ ،‬الرمحة من هللا البنهما اآلمث‪.‬‬
‫األب و ّ‬
‫أبدايً يف السماء“‪ .‬وقِّصر‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫”‬ ‫أضيف‪:‬‬ ‫أان‬‫و‬ ‫“‪.‬‬ ‫األرض‬ ‫على‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫طوي‬ ‫ر‬ ‫ك لِّتُـع ِّ‬
‫م‬
‫أابك و ّأم َ َ ّ‬
‫قيل‪” :‬أكرم َ‬
‫صر بواجب أهله! اآلخرة ليست هراء‪ ،‬ويف اآلخرة سوف‬ ‫ِّ‬
‫احلياة على األرض يبقى عقاابً خفيفاً ملن يـُ َق ّ‬
‫ِّ‬
‫صر‬
‫يقصر بواجبه جتاه أبيه‪ ،‬يـُ َق ّ‬
‫يُكافأ املرء أو يُعاقب حسب احلياة اليت عاشها على األرض‪ .‬فالذي ّ‬
‫احلب‪ ،‬ومن ال ُيبّه َيطئ‪ ،‬وكذلك هو يفقد ابلطريقة‬ ‫جتاه هللا‪ ،‬إذ قد أمر هللا لصاحل األب بواجب ّ‬
‫هذه أكثر من احلياة املاديّة‪ ،‬يفقد احلياة احلقيقيّة اليت ح ّدثتُكم عنها‪ ،‬فيذهب للقاء املوت‪ ،‬فهو قد‬
‫احلب‬
‫الرب‪ .‬لقد أضحى اجلرم يف كيانه‪ ،‬ألنّه جيرح ّ‬ ‫أصبَ َح ميتاً‪ ،‬مبا أ ّن نفسه قد فَـ َق َدت حظوهتا لدى ّ‬
‫حب هللا‪ .‬إنّه ُيمل يف ذاته بذور ُزانة املستقبل‪ ،‬ذلك أ ّن االبن السيّئ سوف يكون‬ ‫األكثر قداسة بعد ّ‬
‫لص املستقبل‬ ‫ج‬ ‫َير‬ ‫ئ‬ ‫السي‬ ‫االبن‬ ‫ن‬ ‫زوجاً خائناً‪ .‬ففيه تكمن امليول إىل االحنراف االجتماعي‪ ،‬أل ّن ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 698 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الشرير العنيف واملرايب البارد والفاسق املغوي والشهواينّ الوقح والكائن املقيت الذي َيون وطنه‬
‫والقاتل ّ‬
‫يَتدد يف خيانة‬
‫وأصدقاءه وأوالده وزوجته واجلميع‪ .‬هل َيكن أن يكون لديكم احَتام وثقة ابلذي ال ّ‬
‫ب أ ُّم‪ ،‬وقد َهزئ بشيب أب؟‬ ‫ُح ّ‬
‫وهنا أقول‪ :‬امسعوا أيضاً‪ ،‬ففي مقابل واجبات األبناء هناك واجبات مشاهبة لآلابء‪ .‬اللعنة لألبناء‬
‫تصرفوا ابلطريقة اليت ال َيكن معها ألبنائكم انتقادكم‬
‫لكن اللعنة كذلك لآلابء اآلمثني! ّ‬ ‫اآلمثني هي! و ّ‬
‫الشر‪ .‬اجعلوهم ُيبّونكم حبّاً َُينح ابستقامة وعدل ورمحة‪ .‬هللا رمحة‪ .‬وليكن األهل‪،‬‬
‫وال اإلقتداء بكم يف ّ‬
‫الذين هم يف املرتبة الثانية مباشرة بعد هللا‪ ،‬ر َمحاء‪ .‬كونوا الـمثل ِّ‬
‫املشجع ألبنائكم‪ .‬كونوا هلم السالم‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نود احلصول عليها‪ .‬ووجه‬ ‫فاألم هي دوماً الصورة األوىل للزوجة اليت ّ‬
‫األول‪ّ .‬‬ ‫والدليل‪ .‬وكونوا حبّهم ّ‬
‫خاص‪ ،‬يف جعل أبنائكم وبناتكم‬ ‫األب ابلنسبة لبناته هو وجه الزوج الذي ُيلمن به‪ .‬اجتَ ِّهدوا‪ ،‬بشكل ّ‬
‫ويودون أن جيدوا لديهم ما هو موجود يف‬ ‫أبمهم وأبيهم‪ّ ،‬‬ ‫َيتارون حبكمة أقران املستقبل وهم يف ّكرون ّ‬
‫أبيهم و ّأمهم‪ :‬الفضيلة احلقيقيّة‪.‬‬

‫صر‪،‬‬‫لو كان من املفروض أن أحت ّدث حّت أَيف املوضوع ح ّقه‪ ،‬فالنهار والليل ال يكفيان‪ .‬إنّين أختَ ِّ‬
‫ّ‬
‫األزيل‪ .‬أان أرمي البذور ومن مثّ أرحل‪ّ .‬أما البذور فتَضرب هلا‬
‫حبّاً بكم‪ّ .‬أما الباقي فليقله لكم الروح ّ‬
‫جذوراً لدى الصاحلني وتُنتِّج السنابل‪ .‬امضوا وليكن السالم معكم‪».‬‬

‫يودون الرحيل َيضون على الفور‪ ،‬والذين يبقون يدخلون الغرفة الثالثة‪ ،‬أيكلون زادهم أو‬
‫الذين ّ‬
‫وقش على حوامل بسيطة‪ ،‬حبيث يستطيع‬ ‫ِّ‬
‫ما يق ّدمه هلم التالميذ ابسم هللا‪ .‬وقد ُوض َعت دفوف خشبيّة ّ‬
‫الزوار النوم عليها‪.‬‬
‫ّ‬
‫احملجبة مسرعة‪ .‬واليت كانت تبكي واستمرت بينما كان يسوع يتح ّدث‪ ،‬تستدير يف‬
‫متضي املرأة ّ‬
‫مَتددة‪ ،‬مثّ تقرر الذهاب‪.‬‬
‫مكاهنا ّ‬
‫حّت قُ ِّرع الباب‪.‬‬
‫يدخل يسوع إىل املطبخ ليتناول طعامه‪ ،‬ولكنّه ما كاد يبدأ األكل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 699 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ينهض أندراوس‪ ،‬وهو األقرب‪ ،‬وَيرج إىل الدار‪ .‬يتح ّدث مثّ يعود ويدخل‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هناك‬
‫إليك‪».‬‬
‫مضطرة للذهاب‪ ،‬وينبغي هلا أن تتح ّدث َ‬
‫ّ‬ ‫تطلبك‪ .‬تقول ّإهنا‬
‫َ‬ ‫امرأة‪ ،‬وهي اليت كانت تبكي‪،‬‬

‫«ولكن‪ ،‬هبذا الشكل‪ ،‬كيف ومّت سيأكل املعلّم؟» يصرخ بطرس‪.‬‬

‫«كان عليك أن تقول هلا أن أتيت الحقاً‪ ».‬يقول فليبّس‪.‬‬

‫«اصمتوا‪ .‬سآكل فيما بعد‪ .‬اتبعوا أنتم‪».‬‬

‫ََي ُرج يسوع‪ .‬واملرأة موجودة هناك خارجاً‪.‬‬

‫قلت‪ ...‬آه! تعال خلف البيت! إنّه ملن الصعب التح ّدث عن أملي!»‬
‫«اي معلّم‪ ...‬كلمة‪ ...‬لقد َ‬
‫يليب يسوع طلبها دون أن ينبس ببنت شفة‪ .‬وحينما يُصبِّح خلف البيت يسأل‪« :‬ماذا تريدين‬
‫ّ‬
‫مين؟»‬

‫حسبتك‬
‫َ‬ ‫ت‪.‬‬‫مسعتك حينما َو َعظ َ‬
‫َ‬ ‫أنت يف وسطنا‪ ...‬مثّ‬
‫مت و َ‬ ‫مسعتك حينما تكلّ َ‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ...‬لقد‬
‫لدي ابن مرضه يف قلبه‪.‬‬ ‫معنوي‪ ،‬هناك الشيطان‪ّ ...‬‬
‫ّ‬ ‫ي أو‬ ‫ماد ّ‬
‫كل مرض ّ‬ ‫قلت‪ :‬إ ّن يف ّ‬
‫إيل‪َ .‬‬
‫ثت ّ‬ ‫قد حت ّد َ‬
‫ض َّل مع رفاق السوء‪ ،‬وهو‪ ...‬هو متاماً‬ ‫ثت عن األهل! إنّه َُهّي الثقيل‪ .‬لقد َ‬
‫عك حينما حت ّد َ‬‫لو كان َِّمس َ‬
‫الشجار‪ ...‬يريد السيطرة‪ ...‬وبعنفوان‬ ‫ُيب ّ‬‫لص‪ ...‬هو اآلن يف البيت‪ ،‬ولكن‪ّ ...‬‬ ‫كما تقول‪ّ ...‬‬
‫الشباب الذي هو فيه‪ ،‬يُ َد ِّّمر نفسه ابلفجور واإلفراط يف األكل والشراب‪ .‬زوجي يريد طرده‪ .‬وأان‪...‬‬
‫أود التح ّدث‬‫حّت املوت‪ .‬أترى كم أان قلقة؟ قليب ينفطر أبمل عظيم‪ .‬ومنذ األمس وأان ّ‬ ‫أان أ ُّم‪ ...‬وأأت ّمل ّ‬
‫أي شيء‪.‬إنّه ملن املؤمل‬ ‫أنت اي إهلي‪ .‬ولكنّين مل أكن أجرؤ على قول ّ‬ ‫بك َ‬ ‫إليك‪ ،‬إذ‪ ...‬إ ّن أملي ورجائي َ‬ ‫َ‬
‫"لدي َولَد جمرم"!» تبكي املرأة‪ ،‬منحنية وانئحة أمام يسوع‪.‬‬
‫ج ّداً أل ُّم أن تقول‪ّ :‬‬
‫«ك ّفي عن البكاء‪ .‬سيُشفى من مرضه‪».‬‬

‫إليك‪ .‬آه! لن يشفى أبداً!»‬


‫مساعك‪ ،‬نعم‪ .‬ولكنّه ال يريد اإلنصات َ‬
‫َ‬ ‫«لو كان يستطيع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 700 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ولكن هل ِّ‬
‫لديك إَيان من أجله؟ هل تريدين ذلك له؟»‬

‫ألرجوك ِّمن أجله‪»...‬‬


‫َ‬ ‫«أوتسألين؟ إنّين قادمة من البرييه العليا‬
‫إليك ِّ‬
‫ابنك اتئباً‪».‬‬ ‫«إذن فاذهيب! وعندما ستَ ِّ‬
‫صلني إىل البيت‪ ،‬سيأيت ِّ‬

‫«ولكن كيف؟»‬

‫ابنك هناك‪ ،‬وأان هنا‪ ،‬ولكن هللا يف ك ّل‬ ‫«كيف؟ هل تظنّني هللا يرفض فعل ما أطلبه أان منه؟ ِّ‬
‫ابنك‪ .‬اذهيب أيّتها‬ ‫مكان‪ .‬فأقول هلل‪" :‬أيها األب‪ ،‬الرمحة هلذه األم‪ .‬وهللا جيعل النداء يدوي يف قلب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اببنك‪ ،‬ستأتني معه‬ ‫ِّ‬
‫امتألت فخراً ِّ‬ ‫بلدتك‪ ،‬و ِّ‬
‫أنت‪ ،‬إذ تكونني قد‬ ‫ِّ‬ ‫أمر يوماً يف منطقة‬
‫املرأة‪ .‬سوف ّ‬
‫لك الصراع الرهيب الذي َخَر َج منه بنفس‬ ‫كبتيك طالباً الصفح وهو يروي ِّ‬
‫للقائي‪ .‬وعندما يبكي على ر ِّ‬
‫مرة اثنية يف اخلري“‪َ .‬ح ِّّدثيه عين‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫دت ّ‬‫ث هذا‪ ،‬قويل له‪” :‬بيسوع ُول َ‬ ‫يسألك كيف َح َد َ‬ ‫جديدة‪ ،‬وعندما‬
‫القوة اليت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تصريف أبسلوب جيعله يَعلَم ويـُ َف ّكر يب لتكون له ّ‬
‫وإذا ما أتيت إيل‪ ،‬فهذا يعين أنّك تعلمني‪ّ .‬‬
‫ُختَلِّّص‪ .‬الوداع‪ .‬السالم لأل ُّم اليت َملَكت اإلَيان‪ ،‬ولالبن الذي يعود‪ ،‬ولألب السعيد‪ ،‬وللعائلة اجملتَ ِّمعة‪.‬‬
‫امضي‪».‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫تتوجه املرأة إىل البلدة وينتهي ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 701 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -90‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال ِّ‬


‫تزن")‬

‫‪1945 / 03 / 04‬‬

‫يقول يل يسوع‪:‬‬

‫األايم األخرية؟‬ ‫ِّ‬


‫كنت تَعباً يف ّ‬ ‫املضاعف‪ .‬إنّه زمن األمل‪ .‬أتعلَمني كم ُ‬
‫َ‬ ‫َّعب‬
‫«اصربي اي نفسي على التـ َ‬
‫وحّت على يهوذا‪ ...‬نعم‪ .‬وأان َمن كانت‬ ‫ِّ‬
‫أنت تَـَرين‪ .‬لكي أمضي أتّكئ على يوحنّا وبطرس ومسعان ّ‬
‫املعجزات تصدر مين جملرد ملس ثيايب‪ ،‬مل أكن أستطيع تغيري ذلك القلب! دعيين أتّكئ ِّ‬
‫عليك‪ ،‬اي‬ ‫ّ ّ‬
‫ألكرر األقوال اليت قِّيلَت يف ّأايمي األخرية لتلك النفوس املتصلِّّبة واملنغَلِّقة اليت كان‬
‫يوحنّاي الصغري‪ّ ،‬‬
‫علي ينـزلق عليها دون ولوج‪ .‬وكذلك دعي املعلّم يتح ّدث عن ساعات كرازيّة يف سهل‬ ‫إعالن احلكم ّ‬
‫ِّ‬
‫جهودك وأتقبّل‬ ‫َّعب ومن أجل الرمحة‪ ...‬إنّين أحصي‬ ‫ِّ‬
‫مرتني‪ :‬من أجل التـ َ‬ ‫املياه احللوة البائس‪ .‬أابركك ّ‬
‫حب اإلخوة‪ ،‬سوف ُمتنَحني مكافأة الذين يتفانون يف تعريف الناس‬ ‫ِّ‬
‫دموعك‪ .‬فمن أجل اجلهود يف ّ‬
‫لدموعك اليت تذرفينها على آالم أسبوعي األخري‪ ،‬فستُمنحني قبلة يسوع كمكافأة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫على هللا‪ .‬وابلنسبة‬
‫اكتيب وكوين مباركة‪».‬‬

‫كمنرب يف إحدى الغرف‪ .‬يتح ّدث بصوت مرتفع‬ ‫يسوع واقف على كوم من الطاوالت‪ ،‬أُعِّدَّت ِّ‬
‫وحّت الذين يف الدار الغارقة‬
‫العنرب على السواء‪ّ ،‬‬
‫ج ّداً قرب الباب ليسمعه الذين يف الغرفة‪ ،‬والذين يف َ‬
‫وهم‪ ،‬حتت معاطفهم القامتة املصنوعة من الصوف اخلام‪ ،‬واليت ينـزلق عليها املاء‪ ،‬حتسبهم‬ ‫حتت املطر‪ُ ،‬‬
‫املعرضة ملياه‬
‫العنرب‪ ،‬فالنساء‪ ،‬ويف الدار ّ‬
‫رجال دين‪ّ .‬أما يف الغرفة فيوجد األكثر ضعفاً‪ ،‬و ّأما حتت رواق َ‬
‫خاصة الرجال‪.‬‬
‫املطر فيوجد الناس األش ّداء‪ّ ،‬‬
‫يروح بطرس وجييء‪ ،‬حايف القدمني‪ ،‬يرتدي فقط ثوبه القصري‪ ،‬وُيمي رأسه بقطعة قماش‪ .‬وهو‬
‫حّت ولو اضطُّر إىل اخلوض يف املاء وتل ِّّقي َمحَّام غري متوقَّع‪ ،‬يساعده يوحنّا‬
‫ال يتخلّى عن َمَرحه‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 702 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل حرص‪ ،‬إىل الغرفة األخرى‪ ،‬ويقودون عمياانً ويُعينون‬
‫وأندراوس ويعقوب‪ .‬إ ّهنم ينقلون املرضى‪ّ ،‬‬
‫َك ِّ‬
‫سيحني‪.‬‬

‫كل مكانه‪ ،‬ويتك ّدر فقط لكون التالميذ األربعة مبلَّلني‬ ‫ليأخذ‬ ‫صرب‬ ‫بكل‬ ‫ع‬‫يسو‬ ‫ر‬ ‫ينتَ ِّ‬
‫ظ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستخر َجة من دلو ماء‪.‬‬
‫َ‬ ‫كاإلسفنجة‬

‫هتتم‪ .‬إنّنا نتقبّل معموديّة أخرى‪،‬‬


‫املطلي ابلزفت‪ .‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫«هذا ال شيء‪ ،‬ال شيء! حنن كاخلشب‬
‫أتسف يسوع‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫املعمد هو هللا ذاته‪ ».‬جييب بطرس على ّ‬
‫و ّ‬
‫املضي الرتداء ثوب جاف‪ .‬ويقوم بذلك مع‬‫كل يف مكانه‪ ،‬وبطرس يف ّكر يف إمكانيّة ّ‬ ‫أخرياً ّ‬
‫احملجبة‪ ،‬ويتق ّدم‬
‫الرمادي للمرأة ّ‬
‫ّ‬ ‫الثالثة اآلخرين‪ .‬ولكنّه حال عودته إىل املعلّم من جديد‪ ،‬يرى املعطف‬
‫العنرب‪ .‬مل يعد يف ّكر سوى ابلذهاب إليها‪ ،‬دون االكَتاث بوجوب قطع الدار بشكل قُطري‬ ‫إىل زاوية َ‬
‫ِّ‬
‫الرَكب‪ ،‬والقطرات الكبرية اليت تطرقه‪ .‬يذهب‬ ‫حتت وابل املطر الغزير‪ ،‬ويف بِّرك املاء اليت تَصل ّ‬
‫حّت ُّ‬
‫ملالقاهتا‪َ ،‬يسكها ِّمن ِّمرفقها دون زحزحة املعطف‪ ،‬وأيخذها إىل األعلى‪ ،‬جانب جدار الغرفة‪ ،‬يف‬
‫صب إىل جانبها جامداً بال حراك مثل حارس خفري‪.‬‬ ‫مأمن من املاء‪ ،‬مث ينتَ ِّ‬
‫ّ‬
‫يراه يسوع‪ .‬يبتسم‪ ،‬خمفضاً رأسه‪ ،‬إلخفاء بريق ابتسامته‪ .‬وهو اآلن يتكلّم‪.‬‬

‫«أنتم اي من أتيتم لسماع تعليمي بشكل منتَظَم‪ ،‬ال تقولوا إنّين ال أحت ّدث حبسب ترتيب الوصااي‪،‬‬
‫ُعمل فِّكري يف‬
‫نصتون بشكل جيد‪ .‬إنّين أ ِّ‬
‫ّ‬
‫نصتون‪ .‬أرى ذلك‪ .‬بل إنّكم تُ ِّ‬
‫وإنّين أجتاوز بعضها‪ .‬إنّكم تُ ِّ‬
‫يتوجه ّأوالً إىل َمن ُهم أَبلَغ َمَرضاً‪َ ،‬من ُهم أكثر‬
‫اآلالم واجلراح اليت أراها فيكم‪ ،‬أان الطبيب‪ .‬والطبيب ّ‬
‫يتوجه إىل َمن إصابتهم أخف‪ .‬وأان أفعل كذلك‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫دنواً من املوت‪ ،‬وبعد ذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫واليوم أقول‪” :‬ال تزن“‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 703 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اولني قراءة كلمة "فاجر" على وجه أحدكم‪ .‬كونوا حمبّني بعضكم بعضاً‪.‬‬ ‫ال تتل ّفتوا حولكم ُحم ِّ‬
‫هل ترغبون يف أن تُقرأ هذه العبارة على وجهكم؟ ال‪ .‬إذن فال حتاولوا القراءة يف عني القريب املضطَ ِّربة‪،‬‬
‫حمّرة واملنحنية إىل األرض‪.‬‬
‫على جبهته ال ُـم َ‬
‫خاصة أنتم أيّها الرجال‪َ :‬من منكم مل يَذق أبداً خبز الرماد واألقذار هذا الذي‬ ‫ومثّ‪ ...‬آه! قولوا‪ّ ،‬‬
‫احلس؟ أما ِّمن فجور سوى ذلك الذي ينمو لساعة بني ذراعي خليلة؟ أليس فجوراً أيضاً‬ ‫هو إشباع ّ‬
‫اس‬
‫بحث عن إشباع احلو ّ‬ ‫انتهاك ُحرمة الزواج مع الزوجة؟ انتهاك ُحرمة‪ ،‬ذلك أنّه جيعل الرذيلة اليت تَ َ‬
‫املتبادل شرعيّة‪ ،‬مع حجب النتائج اليت تنجم عن الزواج؟ فالزواج هو مشاركة يف عمليّة اخلَلق‪ ،‬والفعل‬
‫كل ما هو خالف ذلك فهو فسق‪ .‬وعلينا ّأال ُحنَ ِّّول الزواج إىل بيت‬ ‫يعين وينبغي أن يكون إخصاابً‪ .‬و ّ‬
‫كرس ابألمومة‪ .‬األرض ال ترفض البذور‪ّ .‬إهنا‬ ‫دعارة‪ ،‬ذلك أنّه يصبح كذلك إذا ما لُِّّوث ابلشهوة ومل يُ َّ‬
‫تتقبّلها وجتعل منها نبااتً‪ .‬والبذور ال تَتك األرض املزروعة بعد أن تُرمى فيها‪ ،‬ولكنّها ُخترِّج فيما بعد‬
‫َجذراً يلتصق هبا لينمو ويُ َش ِّّكل سنبلة‪ .‬والنبتة تُولَد ِّمن تزاوج األرض والبذار‪ .‬فالرجل هو البذار واملرأة‬
‫األرض‪ ،‬والسنبلة هي الطفل‪ .‬ورفض إنتاج السنبلة وإضاعة قُـ َّوهتا بشكل شهواينّ‪ ،‬خطيئة‪ .‬إ ّهنا دعارة‬
‫مرتَ َكبَة على سرير الزوجيّة‪ ،‬وهي ال ختتلف عن غريها‪ ،‬ولكنّها أغلظ بفعل خمالفة الوصيّة القائلة‪:‬‬
‫"كونوا جسداً واحداً وتكاثروا أببنائكم"‪.‬‬

‫ترين إذن‪ ،‬أيّتها النساء العاقرات إبرادتكن‪ ،‬الزوجات الشرعيّات والشريفات‪ ،‬ليس يف عيون هللا‬
‫تكن فاجرات‪ ،‬وترتكنب الزىن كذلك‪ ،‬مع كونكن تُِّق ْمن مع‬ ‫بل يف عيون البشر‪ ،‬ورغم ذلك َيكن أن َّ‬
‫ببالكن أ ّن‬
‫ّ‬ ‫ألنكن ال تبحثن عن األمومة‪ ،‬بل عن الل ّذة‪ ،‬ويف أكثر األحيان‪ .‬ال َيطر‬
‫ّ‬ ‫العروس األوحد‪،‬‬
‫تشق طريقها‬ ‫نا‪،‬‬‫ع‬‫ِّ‬
‫ب‬ ‫ُش‬
‫أ‬ ‫قد‬ ‫نا‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ابعتقادان‬ ‫اليت‪،‬‬ ‫ابلنار‬ ‫ُيرق‬ ‫‪.‬‬ ‫الل ّذة سم نتجرعه‪ ،‬وهو أييت من فم م ٍ‬
‫عد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫خارج إطار العائلة وتلتهم أبكثر هنماً على الدوام‪ّ .‬إهنا تَتك طعم رماد الذعاً على اللسان‪ .‬تسبّب‬
‫القرف والغثيان واحتقار الذات والشريك يف املتعة‪ ،‬أل ّن الضمري‪ ،‬حينما يصحو‪ ،‬وهو يصحو بني‬
‫فورتَني‪ ،‬ال َيكن أن يـُ َولِّّد سوى احتقار الذات اليت احنَطَّت أدىن من احليوان‪.‬‬
‫َ‬
‫قيل‪” :‬ال تزن“‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 704 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫االحتاد الذي ال َيكن‬
‫الزىن‪ ،‬يف جزئه األكرب‪ ،‬يَصدر عن الرجل‪ .‬وأان لن أتوقّف عند هذا ّ‬
‫تصوره‪ ،‬وهو كابوس‪ ،‬وقد َدانَهُ ِّسفر األحبار هبذه العبارات‪" :‬أيّها الرجل‪ّ ،‬أما َّ‬
‫الذ َكر فال تضاجعه‬ ‫ّ‬
‫تتنجس هبا‪ .‬وال تقف‬
‫مضاجعتك وال ّ‬
‫َ‬ ‫مضاجعة النساء‪ّ ،‬إهنا رجاسة"‪" ،‬ومع شيء من البهائم ال جتعل‬
‫امرأة أمام هبيمة لتنـزوها‪ ،‬إهنا فاحشة"‪.‬‬

‫ولكن‪ ،‬بعد إيضاح واجب األزواج إزاء الزواج الذي يفقد قدسيّته عندما‪ ،‬مبكر‪ ،‬يصبح غري‬
‫متبادل وأبجر‬
‫خصيب‪ ،‬أَنتَهي إىل احلديث عن الزىن مبعىن الكلمة‪ ،‬بني رجل وامرأة‪ ،‬جيري فعله خببث َ‬
‫مايل أو عن طريق اهلدااي‪.‬‬
‫ّ‬
‫فَتض أن يكون‬ ‫اآلدمي هو َمعبَد رائع ُيوي هيكالً‪ .‬وعلى اهليكل مكان هلل الذي يُ ََ‬
‫ّ‬ ‫إ ّن اجلسد‬
‫وجد هللا حيث يكون فساد‪ .‬ففي جسد الزاين هيكل غري ُم َكَّرس‪ ،‬وال‬ ‫موجوداً فيه‪ .‬إّّنا ال َيكن أن يُ َ‬
‫وجود هلل فيه‪.‬‬

‫وهذا يُشبِّه رجالً سكراانً يتدحرج يف محأة الوحل ويف إقياءاته‪ ،‬فالرجل ينحدر بنفسه إىل هبيميّة‬
‫سدت‬ ‫الفساد ويصبح أسوأ من دودة ومن احليوان األكثر جناسة‪ .‬وقولوا يل ما إذا كان بينكم َمن فَ َ‬
‫أخالقه إىل درجة أن يبيع جسده كما يباع القمح أو كما يباع احليوان‪ .‬فأي خري تكونون قد جنيتموه؟‬
‫وتفحصوه واستجوبوه وأنصتوا إليه وانظروا إىل جراحاته واألمل الذي جيعله‬
‫اجعلوا قلبكم بني أيديكم ّ‬ ‫َ‬
‫تستحق معها أمل القلب‪ ،‬ذاك‬
‫ّ‬ ‫يرتعد‪ ،‬مثّ تكلّموا وأجيبوين‪ :‬هل كانت الثمرة لذيذة إىل الدرجة اليت‬
‫الذي ُولِّ َد نقيّاً‪ ،‬وقد أرغمتموه أنتم على العيش يف جسد غري طاهر‪َِّ ،‬جنس‪ ،‬أرغمتموه على اخلفقان‬
‫ليمنح احلياة والدفء للفجور واستخدمتموه يف الرذيلة؟‬

‫ص َل بكم الفساد إىل درجة ّأال تَنتَ ِّحبوا ِّسّراً لدى مساع صوت طفل ينادي "ماما"‪،‬‬
‫قولوا يل‪ :‬هل َو َ‬
‫ولدى التفكري أبمكن‪ ،‬اي نساء اهلوى‪ ،‬اهلارابت من البيت أو املطرودات منه كي ال تُ ِّ‬
‫فسد الثمرة النتنة‪،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫أبمكن اليت قد تكون ماتت من األمل ومن وجوب القول لنفسها‪" :‬لقد‬ ‫ّ‬ ‫بنتانتها‪ ،‬بقيّة األوالد‪ ،‬ابلتفكري‬
‫بت ولداً يسبّب يل العار"؟‬‫أجنَ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 705 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أمل تشعرن بقلبكن ينفطر لدى التقائكن بعجوز جيعله شيب َشعره أهالً لالحَتام‪ ،‬والتفكري‬
‫أبيكن ابخلزي والعار مثل وحل ملء اليدين‪ ،‬ومع اخلزي والعار احتقار مسقط‬
‫قنت شعر ّ‬ ‫أبنكن َر َش ُ َّ‬
‫ّ‬
‫رأسه؟‬

‫أحشاءكن لدى رؤية سعادة زوجة أو براءة صبيّة ووجوب القول‬


‫ّ‬ ‫ولكن أال تشعرن ابلندم يعصر‬
‫كل هذا ولن أحصل عليه مطلقاً!"؟‬
‫دت عن ّ‬ ‫ابتع ُ‬
‫اتكن‪" :‬أان قد َ‬
‫لذو ّ‬
‫اجهتكن نظرة رجل مليئة طمعاً واحتقاراً؟‬
‫ّ‬ ‫كن لدى مو‬
‫ولكن أال تشعرن ابخلزي يشوّه ّ‬
‫بؤسكن عندما تتعطّشن إىل قبلة طفل‪ ،‬وال جترؤن على القول‪" :‬أعطنيها"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سن‬
‫تتح َّس َ‬
‫ولكن أال َ‬
‫مل ُم ِّنهك ومضايقة ال طائل منها‪،‬‬ ‫ألنكن قتلنت حيوات كان ينبغي هلا أن تولَد‪ ،‬وقد ألقينت هبا ِّ‬
‫كح ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫فقمنت بفصلها عن الشجرة اليت كانت قد َمحَلَتها‪ ،‬ورميها للمزبلة‪ ،‬واآلن تصرخ هذه احليوات الصغرية‬
‫ّ‬
‫وجوهكن‪" :‬قاتالت!"؟‬
‫ّ‬ ‫يف‬

‫كل واحدة‬
‫كن ليسأل ّ‬
‫خلقكن وينتظر ّ‬
‫ّ‬ ‫ابلداين الذي‬
‫خاص لدى التفكري ّ‬ ‫ولكن أال ترجتفن بشكل ّ‬
‫ش احلشرات والنتانة‪ ،‬كيف تتجاسرين‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بدورها‪" :‬ماذا فَـ َعلت بنفسك؟ أألجل هذا َمنَحتُك احلياة؟ اي عُ ّ‬
‫نلت كل ما كان ابلنسبة ِّ‬
‫لك آهلة‪ :‬املتعة‪ .‬اذهيب إىل حيث اللعنة‬ ‫على الوقوف يف حضريت؟ لقد ِّ‬
‫ّ‬
‫األبديّة"‪.‬‬

‫َمن يبكي؟ ال أحد؟ أتقولون‪ :‬ال أحد؟ ومع ذلك فنفسي ماضية إىل لقاء نفس أخرى تذرف‬
‫يف أان هو‬
‫كل ما َّ‬ ‫يت‪.‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫تثري‬ ‫نفسها‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫بل‬ ‫ال‪.‬‬ ‫انية؟‬
‫ز‬ ‫على‬ ‫رم‬ ‫احل‬ ‫مي‬ ‫َت‬‫الدموع‪ .‬ملاذا تذهب هناك؟ أَلِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رشح َعَرقاً َدنِّساً‪ .‬ولكن نفسها!‬ ‫ِّ‬
‫نفور ِّمن جسدها النَّجس الذي يَ َ‬
‫كت السماء ألكون فاديها وفادي‬ ‫ِّ‬
‫دت وتر ُ‬‫آه! أيّها اآلب! فَمن أجل هذه النَّفس أيضاً قد َجتَ َّس ُ‬
‫نفوس كثرية‪ ،‬أخوات هلا! فلماذا ال ينبغي يل استقبال هذه النعجة الضالّة وأخذها إىل احلظرية وتطهريها‬
‫حليب فقط أن يكون؟ وهو املختلف‬ ‫احلب الكامل‪ ،‬كما َيكن ّ‬ ‫وضمها إىل القطيع ومنحها املراعي و ّ‬ ‫ّ‬
‫حب َشفوق ومكتَ ِّمل‬
‫حب‪ ،‬بينما مل يكن سوى حقد‪ ،‬إنّه ّ‬ ‫حّت اآلن تطلق عليه اسم ّ‬ ‫متاماً عما كانت ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 706 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أضعت ّأايماً كثرية بعيدة‬
‫ُ‬ ‫ولذيذ لدرجة ال تعود معه تبكي الزمن املاضي‪ ،‬أو تبكيه فقط لتقول‪" :‬لقد‬
‫أتذوق‪ ،‬يف الزمن القليل الباقي‬
‫إيل الزمن الضائع؟ كيف ّ‬‫السرمدي‪ .‬من ذا الذي يعيد َّ‬
‫ّ‬ ‫عنك‪ ،‬أيّها البهاء‬
‫َ‬
‫عشت عمري طاهرة؟"‬
‫ُ‬ ‫سأتذوقه لو‬
‫ّ‬ ‫يل يف احلياة ما كنت‬

‫أنت اآلن‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فال تبكي أيتها النفس اليت تركلها األرجل بكل فجور العامل‪ .‬امسعي‪ِّ :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َيكنك أن تصبحي حديقة ُم ِّزهرة‪.‬‬‫ِّ‬ ‫َيكنك أن تصبحي زهرة‪ِّ .‬‬
‫أنت اآلن مزبلة‪ ،‬إّّنا‬ ‫ِّ‬ ‫حطام ُم َقِّّزز‪ ،‬إّّنا‬
‫كنت ترقصني يف‬ ‫كنت كذلك يوماً ما‪ِّ .‬‬ ‫َيكنك أن تصبحي مالكاً‪ .‬فلقد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أنت اآلن حيوان َِّجنس إّّنا‬ ‫ِّ‬
‫َّيت بصفاء أغنيات طفو ِّ‬
‫لتك‪،‬‬ ‫يتك‪ .‬و َغن ِّ‬
‫ضرة مثلها‪ ،‬يفوح عطر عذر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫احلقول ال ُـمزهرة‪ ،‬وردة بني الورود‪ ،‬نَ َ‬
‫حيب"‪ .‬واحلارس غري املرئي‪ ،‬الذي لدى‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مثّ كنت تركضني إىل ّأمك وأبيك وكنت تقولني هلما‪" :‬أنتما ّ‬
‫ِّ‬
‫نفسك‪.‬‬ ‫كل خليقة إىل جانبها‪ ،‬كان يبتسم أمام ابيضاض نقاء‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫بقدميك قلب أب وأ ُّم لتلهثي‬ ‫أنت بريئة صغرية؟ ملاذا ِّ‬
‫دست‬ ‫جناحيك و ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫انتزعت‬ ‫مثّ ملاذا؟ ملاذا‬
‫حب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ط بتل ّفظه بعبارات كاذبة عن ّ‬ ‫صوتك الصايف ينح ّ‬ ‫جعلت‬ ‫خلف قلوب مل تكوين واثقة منها؟ ملاذا‬
‫ِّ‬
‫نفسك؟ تويب اي ابنة هللا‪ .‬فالتوبة جتديد وتطهري‬ ‫ِّ‬
‫ابنتهاكك ُحرمة‬ ‫كسرت ساق الوردة‬ ‫ِّ‬ ‫زائف؟ ملاذا‬
‫لكن هللا َيكنه‪ .‬فال‬‫و‬ ‫ذلك؟‬ ‫َيكنه‬ ‫ال‬ ‫لك؟ حّت ِّ‬
‫أبوك‬ ‫وانطالقة إىل األعايل‪ .‬أال َيكن إلنسان أن يغفر ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫جمال ملقارنة صالح هللا ابلصالح البشري‪ ،‬ورمحته أعظم مبا ال هناية له من بؤس اإلنسان‪َ .‬ك ِّرمي ِّ‬
‫ذاتك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نفسك أهالً للشَّرف‪ ،‬وذلك مبمارسة حياة نزيهة وشريفة‪ .‬بـ ِّرئي ِّ‬
‫ذاتك لدى هللا‪ ،‬أبن ال‬ ‫ِّ‬ ‫أبن جتعلي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫لك اسم جديد لدى هللا‪ .‬فهذا ما َيكنه أن يكون ذا قيمة‪.‬‬ ‫نفسك‪ .‬فليكن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫حبق‬
‫تعودي بعد ختطئني ّ‬
‫فت جيداً‬‫توبتك‪ .‬لقد عر ِّ‬
‫صريي النَّـزاهة والشَّرف‪ ،‬صريي التضحية‪ ،‬صريي شهيدة ِّ‬ ‫الرذيلة‪ ،‬فَ ِّ‬‫أنت اآلن َّ‬‫ِّ‬
‫َ‬
‫جسدك يستشهد لتمنحي ِّ‬
‫قلبك‬ ‫ِّ‬ ‫قلبك يستشهد ليستمتع اجلسد‪ّ .‬أما اآلن فاعريف كيف جتعلني‬ ‫جعل ِّ‬
‫األبدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السالم‬

‫أي‬ ‫ِّ‬
‫كل مع وزره وفكره‪ .‬فَ ّكروا‪ .‬فاهلل ينتظركم مجيعاً‪ ،‬وهو ال يتخلّى عن ّ‬
‫اذهيب‪ .‬امضوا مجيعاً‪ّ .‬‬
‫الرب النُّور لتعرفوا نفسكم‪ .‬امضوا‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫من الذين يتوبون‪ .‬فليمنحكم ّ‬
‫دخل آخرون الغرفة‪ّ .‬أما يسوع فيذهب إىل املرضى ويشفيهم‪.‬‬
‫َيضي كثريون منهم صوب البلدة‪ .‬يَ ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 707 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حمسون‪.‬‬‫يشورون ويت ّ‬ ‫جمموعة من الرجال يتناقشون يف أحد األركان‪ .‬تَـتَنازعهم آراء خمتلفة‪ّ ،‬‬
‫البعض يتّهمون يسوع والبعض اآلخر يدافعون عنه‪ ،‬والبعض كذلك ينصحون اجلميع ابلتع ّقل يف احلُكم‪.‬‬
‫األقل عدداً ابلنسبة إىل اجملموعتني‬
‫ألهنم ّ‬ ‫ويف النهاية‪ ،‬األكثر تش ّدداً‪ ،‬من احملتمل أن يكون ذلك ّ‬
‫متوسطاً‪ ،‬يذهبون إىل بطرس الذي يَنقل‪ ،‬مع مسعان‪ ،‬حم ّفات مل تَـعُد الزمة‪،‬‬
‫ممراً ّ‬
‫ُخريَني‪ ،‬يَسلكون ّ‬ ‫األ َ‬
‫للزوار املسافِّرين‪ ،‬ويقولون‪« :‬امسع‬ ‫ِّ‬
‫لثالثة قد بَرئوا مبعجزة‪ ،‬ويقتَحمون ابستعالء الغرفة اليت أضحت نَزالً ّ‬
‫اجلليلي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫أيّها‬

‫لكن وجهه قصيدة حب ّد ذاته‪.‬‬


‫يلتفت بطرس وينظر إليهم وكأّّنا إىل حيواانت اندرة‪ .‬ال يتكلّم‪ ،‬و ّ‬
‫ّأما مسعان فيكتفي إبلقاء نظرة إىل اخلمسة املمسوسني من الشيطان‪ ،‬مثّ يَتك اجلميع وَيرج‪.‬‬

‫يعاود أحد اخلمسة احلديث قائالً‪« :‬أان صموئيل الكاتب‪ ،‬وهذا اآلخر هو صادق الكاتب؛‬
‫اليهودي املشهور ج ّداً وصاحب النفوذ؛ وذاك اآلخر هو قالشبوان الشيخ‬ ‫ّ‬ ‫وذاك هو أليعازر‬
‫‪ّ ،Callascebona‬أما هذا األخري فهو انحوم‪ ،‬أتُ ِّ‬
‫درك؟ انحوم!» الصوت ُم َف َّخم متاماً‪.‬‬

‫كل اسم‪ ،‬إّّنا لالسم األخري فال ينحين سوى نصف احنناءة‪ ،‬ويقول بال‬ ‫ينحين بطرس قليالً بعد ّ‬
‫مباالة هائلة‪« :‬ال أعرف‪ ...‬مل أره أبداً‪ .‬مثّ أان ال أفهم شيئاً‪».‬‬

‫ظ! اعلَم أنّه كامت أسرار حنّة!»‬


‫«أيّها الصيّاد الف ّ‬

‫حّت إ ّن إحداهن ابئعة فطر ابرعة‬


‫امسهن حنّة‪ّ .‬‬
‫«ال أعرف حنّة‪ .‬أعين أنّين أعرف نساء كثريات ّ‬
‫لست أعلم أيّة حنّة يكون ذاك كامت أسرارها‪».‬‬
‫يف كفرانحوم‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫"ذاك"؟»‬
‫ذاك؟ يل أان تقول‪َ :‬‬
‫« َ‬

‫كنت أذهب إىل املدرسة‪َ ،‬علَّ َمين‬


‫«ولكن ماذا تريدين أن أدعوك؟ أمحاراً أم عصفوراً؟ عندما ُ‬
‫فأنت َر ُجل‪».‬‬
‫صري َغشيّاً‪َ ،‬‬
‫"ذاك" حينما أحت ّدث عن َر ُجل‪ ،‬وإذا مل يكن بَ َ‬
‫األستاذ أن أقول َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 708 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ينتَ ِّفض َّ‬
‫الرجل وكأ ّن هذه الكلمة َسلَ َختهُ حيّاً‪ّ .‬أما اآلخر الذي تكلّم ّأوالً فيشرح‪« :‬ولكن حنّة‬
‫هو محو قيافا‪»...‬‬

‫«آه!‪ ...‬مفهوم!!! وإذن؟»‬

‫«وإذن فاعلَم أبنّنا قد أ ُِّغظنا!»‬

‫فللمرة الثالثة أُبَ ِّّدل ثيايب‪ ،‬ومل يعد لدي اآلن ما هو جاف منها‪».‬‬
‫مم؟ من الطقس؟ أان أيضاً‪ّ .‬‬
‫« ّ‬
‫«ولكن ال تَـتَبالَه!»‬

‫أي شيء إذن؟ من‬


‫مشمئزين من الطقس‪ ،‬فمن ّ‬
‫ّ‬ ‫«أَتَـبَالَه؟ بل هي احلقيقة‪ .‬فإذا مل تكونوا‬
‫الرومان؟»‬

‫النيب املزيَّف‪».‬‬ ‫ن‬‫م‬‫مك! ِّ‬


‫«من معلّ َ‬
‫ّ‬
‫النو يف خالل‬ ‫ِّ‬
‫لئال تَستَثريين! فأان كالبحرية‪ ،‬من السكينة إىل ّ‬
‫«إيه! صموئيل اي عزيزي! انتبه ّ‬
‫اتك‪»...‬‬
‫حلظة‪ .‬فانتبه لعبار َ‬
‫يوطي ومسعان‪ .‬يدنون من بطرس‬
‫دخل أيضاً أبنا زبدى وحلفى ومعهم االسخر ّ‬
‫ويف هذه األثناء يَ ُ‬
‫الذي يرفع صوته ابستمرار‪.‬‬

‫أنت ِّمن َّ‬


‫عامة الشعب!»‬ ‫بيديك‪ ،‬اي َمن َ‬
‫َ‬ ‫«ال تلمس عُظماء صهيون‬

‫«آه! اي لروعة السادة! وأنتم ّإايكم أن تلمسوا املعلّم‪ .‬ألنّكم‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬ستطريون مباشرة‬
‫لتتطهروا من الداخل ومن اخلارج‪».‬‬
‫إىل البئر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 709 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اخلاصة‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«أَلْفت انتباه علماء اهليكل»‪ ،‬يقول مسعان هبدوء‪« ،‬أ ّن البيت هو من األمالك‬
‫الرب‪،‬‬
‫األول بيت ّ‬‫يوطي‪« :‬وأ ّن املعلّم‪ ،‬وأان كفيله‪ ،‬لديه جتاه بيت الغري‪ ،‬ويف املقام ّ‬
‫ويضيف االسخر ّ‬
‫عامل بيته ابالحَتام نفسه‪».‬‬‫االحَتام األعظم‪ .‬فيجب أن يُ َ‬
‫«اخرس‪ ،‬دودة ُمر ِّاوغة‪».‬‬

‫أتيت إىل حيث ال َيكن أن يوجد النُّفور‪ .‬وإرادة هللا‬ ‫« ُمر ِّاوغ؟ مباذا؟ لقد نـَ َفرُمت ّ‬
‫مين‪ ،‬بينما أان ُ‬
‫حّت أبقى معكم!»‬ ‫ِّ‬
‫دت متاماً ّ‬
‫تكمن يف ّأال أكون قد أُفس ُ‬
‫«ابختصار‪ ،‬ماذا تريدون؟» يسأل يعقوب بن حلفا جبفاء‪.‬‬

‫أنت َمن تكون؟»‬


‫«و َ‬
‫غبت أذ ُكر‬
‫«أان يعقوب بن حلفا‪ ،‬حلفا بن يعقوب ويعقوب بن متّان ومتّان بن أليعازر‪ ،‬وإذا ر َ‬
‫أرجوك إذن أن ُحتَ ِّّدثين‪ ،‬أان‬
‫َ‬ ‫عم ماسيا‪.‬‬
‫حّت امللك داود الذي أحت ّدر منه‪ .‬وأان ابن ّ‬ ‫كل أجدادي ّ‬ ‫لك ّ‬ ‫َ‬
‫ائيلي شريف نزيه ويعرف‬ ‫ر‬ ‫إس‬ ‫إىل‬ ‫ث‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫التح‬ ‫تك‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ومن أصل يهودي‪ ،‬إذا مل يكن ي ِّ‬
‫رض‬ ‫سليل امللوك‪ِّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هللا أكثر من مجالئيل وقيافا‪ .‬هيّا تكلّم‪».‬‬

‫إحداهن‪ .‬لقد رأيتُها ساعة بيعها‬


‫ّ‬ ‫احملجبة هي‬
‫يبك جيعل الزانيات يتبعنه‪ .‬تلك املرأة ّ‬ ‫مك وقر َ‬
‫«معلّ َ‬
‫يبك‪».‬‬ ‫تعرفت عليها‪ّ .‬إهنا خليلة سياماي‪ ،‬وقد تَـرَكته‪ .‬وهذا ي ِّ‬
‫لحق العار بقر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫الذهب‪ .‬ولقد َّ ُ‬
‫ت هيكالً عظميّاً هرماً‪ .‬إذن‪،‬‬ ‫«ممّن؟ ِّمن احلاخام سياماي؟ وهذا يَ َِّ‬
‫فَتض أن تكون قد أصبَ َح ْ‬
‫يوطي مازحاً‪.‬‬
‫ال خطر‪ »...‬يقول االسخر ّ‬
‫املقرب املفضل هلريودس‪».‬‬
‫«اصمت أيّها اجملنون! سياماي بن أخلي ّ‬
‫املفضل‪ .‬وهي اليت كانت خليلته‪.‬‬
‫املقرب ّ‬
‫«عجباً! عجباً! وهذا يعين ّأهنا مل تَـعُد ترغب به‪ ،‬هذا ّ‬
‫بكل سخرية‪.‬‬
‫يوطي ّ‬
‫نفسك؟» يقول يهوذا االسخر ّ‬ ‫َ‬ ‫أنت‪ .‬فلماذا تتعب‬
‫لست َ‬
‫و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 710 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بلعبك دور اجلاسوس؟» يسأل يعقوب بن‬ ‫بنفسك‬ ‫ك تُ ِّ‬
‫لحق العار‬ ‫تظن أنّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫«أيّها الرجل‪ ،‬أال ّ‬
‫لحق العار بنفسه هو ذاك الذي يـَ َقع يف اخلطيئة‪ ،‬وليس ذاك الذي ُياول‬ ‫حلفا‪« .‬وأال تظن أ ّن الذي ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫انتشال اخلاطئ؟ أي عار َيكن أن يلحق مبعلّمي وأخي‪ ،‬إذا كان‪ ،‬وهو يتكلّم‪ِّ ،‬‬
‫يوصل صوته إىل اآلذان‬ ‫ّ‬
‫اليت َدنَّ َسها كالم فاسقي صهيون اخلبيث؟»‬

‫عمك‪ ،‬وهو ليس غري منافق أكثر من‬


‫مك وابن َ‬‫«صوته؟ آه! آه! مل يتجاوز الثالثني عاماً‪ ،‬معلّ َ‬
‫كالصم‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫أنت‪ ،‬وأنتم مجيعاً تنامون ليالً على آذانكم‬
‫سواه! و َ‬
‫ويردد يعقوب ويوحنّا قوله‪ ،‬بينما يكتفي‬
‫أخنقك‪ ».‬يصرخ بطرس‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫«سافِّل‪َ ،‬وقِّح‪ ،‬اخرج قبل أن‬
‫وينس ِّكب‪ ،‬و َ‬
‫لعابك يسيل مثل ّبزاقة على‬ ‫نفاقك عظيم إىل درجة أنّه يَطفح َ‬
‫َ‬ ‫مسعان ابلقول‪« :‬اي للعار!‬
‫ك اآلن ال تتع ّدى كونك روال (اللعاب الذي يسيل من‬ ‫زهرة نقية‪ .‬اخرج من هنا ِّ‬
‫وصر إنساانً‪ ،‬ألنّ َ‬ ‫ّ‬
‫فليساحمك هللا‪ ،‬إّّنا اذهب بعيداً عن مكان‬
‫َ‬ ‫قلبك على حاله‪.‬‬
‫أعرفك اي صموئيل‪ .‬ما زال َ‬ ‫َ‬ ‫الفم)‪ .‬أان‬
‫وجودي‪».‬‬

‫يوطي ويعقوب بن حلفا يـُ َه ِّّدائن بطرس الذي يغلي‪ ،‬هو ذا يوضاس ت ّداوس‬ ‫ولكن‪ ،‬بينما االسخر ّ‬
‫عمه‪ ،‬ويف نظرته الشعلة الالزورديّة‬ ‫أي وقت مضى‪ ،‬شبيهاً اببن ّ‬ ‫يتدخل‪ .‬يبدو يف مشيته‪ ،‬أكثر من ّ‬ ‫َّ‬
‫وحّت يف مظهره‪ .‬إنّه يصرخ كالرعد‪« :‬بنفسه يلحق العار‪ ،‬ذاك الذي ُياول إحلاق العار‬ ‫نفسها‪ّ ،‬‬
‫فسدها‪ ،‬جبعلها‬ ‫النمام ي َدنِّّسها وي ِّ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫سة‪.‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫مق‬ ‫أبعمال‬ ‫لتقوم‬ ‫هللا‬ ‫ها‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬‫ج‬ ‫قد‬ ‫سان‬ ‫ابلربيء‪ .‬فالعينان واللِّ‬
‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫رك أ ّن األشرار ُيقدون على‬ ‫شيبتك‪ .‬ولكنّين أُذَ ّكِّ َ‬
‫َ‬ ‫تقوم أبفعال سيّئة‪ .‬لن أُلَ ِّطّخ نفسي بفعل سيّئ جتاه‬
‫حّت دون التفكري أبنّه َيون ذاته‪ .‬والذي يعيش يف‬ ‫اإلنسان النـزيه‪ ،‬وأ ّن األمحق يكشف عن سوء نيّته‪ّ ،‬‬
‫بدل الغصن ال ُـم ِّزهر ابلزواحف‪ .‬إّّنا الذي يعيش يف النُّور يرى األشياء على حقيقتها‪،‬‬ ‫الظُّلمات يست ِّ‬
‫َ َ‬
‫ويدافع عنها‪ ،‬إذا ما وقع عليها اعتداء‪ ،‬حبّاً ابلعدالة واالستقامة‪ .‬فنحن‪ ،‬حنن نعيش يف النور‪ ،‬إنّنا جيل‬
‫أبناء النور العفيف واجلميل‪ ،‬رئيسنا هو الق ّدوس الذي ال يعرف امرأة وال خطيئة‪ .‬وحنن نتبعه وندافع‬
‫أي حقد‪ ،‬بل على العكس نصلّي من أجلهم‪.‬‬ ‫عنه ض ّد أعدائه‪ ،‬الذين‪ ،‬كما َعلَّ َمنا هو‪ ،‬ال ّ‬
‫نكن هلم ّ‬
‫تَـ َعلَّم أيّها العجوز الدَّرس ِّمن شاب حديث النضج‪ ،‬أل ّن احلكمة َعلَّ َمتهُ ّأال يتعلق ابعتبارات طائشة‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 711 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أرسلك أنّه‪ ،‬ليس يف البيت‬
‫َ‬ ‫ألي شيء‪ .‬اذهب وقل ملن‬ ‫و ّأال يكون‪ ،‬فيما يتعلّق ابخلري‪ ،‬غري صاحل ّ‬
‫ال ُـم َدنَّس يف جبل مورايح‪ ،‬بل يف هذا ال َـمس َكن الفقري‪ ،‬يُقيم هللا مبجده‪ .‬وداعاً‪».‬‬

‫الرد‪ ،‬وَيضون‪.‬‬
‫ال جيرؤ اخلمسة على ّ‬
‫يتساءل التالميذ هل ينبغي هلم أن يقولوا ذلك ليسوع الذي ما زال مع املرضى الذين برئوا‪ ،‬أم‬
‫ال؟ أن يقولوا له أفضل‪.‬‬

‫يذهبون إليه‪ ،‬ينادونه ويَروون له ما حصل‪ .‬يبتسم يسوع هبدوء وجييب‪« :‬أشكركم على‬
‫ينضح‪».‬‬
‫كل إانء مبا فيه َ‬
‫كل امرئ يعطي ممّا َيلك‪ .‬و ّ‬
‫دفاعكم‪ ...‬ولكن ماذا تريدون أن تفعلوا؟ ّ‬
‫احلق‪ .‬فلدينا عيون وكثريون يـََرون‪ّ .‬إهنا على الدوام أمام الباب مثل‬
‫«ومع ذلك معهم بعض ّ‬
‫بك األذى‪ ».‬يقول كثريون‪.‬‬ ‫كلب‪ .‬وهي تُ ِّ‬
‫لحق َ‬
‫صت‪ ...‬فسوف يكون فرحي‬
‫«دعوها‪ .‬فلن تكون هي احلَ َجر الذي يصيب رأسي‪ .‬وإذا ما َخلَ َ‬
‫كل تلك االنتقادات‪».‬‬‫أغلى كثرياً من ّ‬
‫كل شيء عند هذه اإلجابة اللطيفة‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 712 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -91‬املرأة احملجبة يف منطقة املياه احللوة)‬

‫‪1945 / 03 / 05‬‬

‫ينه ِّمر‪ ،‬حبيث أصبَ َحت‬ ‫ِّ‬


‫حّت إ ّن أحداً مل أيت‪ .‬وابل من املطر َ‬
‫الطقس‪ ،‬هذا النهار‪ ،‬رديء للغاية‪ّ ،‬‬
‫وهتز األبواب والنوافذ‪.‬‬
‫لست أدري من أين َمحَلَتها الرايح اليت تصفر ّ‬
‫الدار بركة‪ ،‬تسبح فيها أوراق جافّة‪ُ ،‬‬
‫أي وقت‪ ،‬إذ‪ ،‬ملنع دخول املطر ينبغي أن يوارب الباب أبقل قدر ممكن‪،‬‬ ‫املطبخ مظلم أكثر من ّ‬
‫والدخان يثري الدموع والسعال‪ ،‬أل ّن اهلواء يعيده إىل الداخل‪.‬‬

‫حق‪ ».‬يتكلّم بطرس بطريقة احلكم‪« .‬ثالثة تطرد اإلنسان من بيته‪ :‬امرأة‬
‫«سليمان كان على ّ‬
‫املدخن والسقف الذي يدلف منه املطر‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُمشاكسة‪ ...‬وهذه تركتُها يف كفرانحوم مع ذويها‪ ،‬واملوقد ّ‬
‫أنت‬
‫وهذان األخريان متوفّران لدينا‪ ...‬غداً ساجد حالً هلذا املوقد‪ّ ،‬أما اآلن فسأصعد إىل السطح‪ ،‬و َ‬
‫أنت (يعقوب ويوحنّا وأندراوس) تعالوا معي‪ .‬سوف نصنع مرتَـ َفعاً وسطحاً ذا ذروة‪ ،‬بواسطة‬
‫أنت و َ‬ ‫و َ‬
‫بعض األلواح‪».‬‬

‫«وأين ستجد األلواح؟» يسأل توما‪.‬‬

‫أطباقك‬
‫َ‬ ‫ملك أال تعود‬
‫ّإهنا على العنرب‪ .‬ولو أمطََرت هناك فلن تكون هناية العامل‪ .‬إّّنا هنا‪ ...‬أيؤ َ‬
‫تُـَزيَّن بدموع ّبراقة؟»‬

‫نت من النجاح يف ذلك! انظر كم أان ملطّخ‪ .‬متطر على رأسي‪ ،‬عندما أكون‬ ‫تصور! لو َّ‬
‫متك َ‬ ‫« َّ‬
‫قرب النار‪».‬‬

‫ايف من مصر‪ ».‬يقول يوحنّا وهو يضحك‪.‬‬


‫ك تبدو مثل وحش خر ّ‬
‫«إنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 713 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابلفعل‪ ،‬لدى توما فواصل سوداء غريبة على وجهه املمتلئ والوديع‪ .‬وهو ّأول من يضحك‪ ،‬إنّه‬
‫مبتهج دائماً‪ ،‬ويضحك يسوع أيضاً‪ ،‬ذلك أنّه يف اللحظة ذاهتا اليت كان يتكلّم أثناءها‪َ ،‬س َقطَت عليه‬
‫وج َعلَت أرنبة أنفه سوداء‪.‬‬
‫حمملة ابهلباب‪َ ،‬‬
‫قطرة جديدة ّ‬
‫يوجهه إىل بطرس‪،‬‬
‫لك؟ هل سيدوم هكذا طويالً؟» والسؤال َّ‬
‫أنت اخلبري ابلطقس‪ ،‬ما قو َ‬ ‫« َ‬
‫يوطي الذي تَـغََّري منذ بضعة ّأايم‪.‬‬
‫االسخر ّ‬
‫لك‪ .‬سأعمل ُمنَ ِّّجماً‪ ».‬يقول بطرس الذي يذهب إىل الباب الذي‬ ‫«اآلن َيكنين أن أقول َ‬
‫وَيرِّج رأسه ويده‪ ،‬مثّ يُعلِّن‪« :‬هواء الظهرية ضعيف‪ ،‬حرارة وضباب‪ ...‬هوم! يوجد القليل‬‫يفتحه قليالً‪ُ ،‬‬
‫من‪ »...‬ويصمت بطرس‪ ،‬مثّ يعاود الدخول ببطء‪ ،‬اتركاً الباب مفتوحاً قليالً ويَتقَّب‪.‬‬

‫«ماذا هناك؟» يسأل ثالثة أو أربعة‪.‬‬

‫لكن بطرس يشري بيده طالباً التزام الصمت‪ .‬ينظر‪ ،‬مثّ يهمهم‪ّ « :‬إهنا تلك املرأة‪ ،‬لقد َش ِّربَت‬
‫و ّ‬
‫َخ َذت حزمة حطب ابقية يف الدار‪ّ .‬إهنا مبللة‪ .‬حتماً هي ال تشعر ابلدفء‪ ...‬متضي‪...‬‬ ‫من ماء البئر وأ َ‬
‫سوف أتبعها‪ .‬أريد أن أرى‪َ »...‬يرج دون صوت‪.‬‬

‫حّت تظل قريبة دائماً من هنا؟» يسأل توما‪.‬‬


‫«ولكن أين َيكن أن تقيم‪ّ ،‬‬
‫مّت‪.‬‬
‫وتظل هنا يف مثل هذا الطقس!» يقول ّ‬
‫« ّ‬
‫« ّإهنا حتماً تذهب إىل البلدة‪ ،‬أل ّهنا كانت تشَتي اخلبز ّأول أمس‪ ».‬يقول برتلماوس‪.‬‬

‫حمجبة!» يقول يعقوب بن حلفا‪.‬‬


‫« ّإهنا تتمتّع جبَلَد عظيم كي تبقى هكذا ّ‬
‫جاد‪ ».‬يشري توما‪.‬‬
‫«أو لديها دافع ّ‬
‫اليهودي يتح ّدث عنها أمس؟» يسأل يوحنّا‪« .‬إ ّهنم‬
‫ّ‬ ‫«ولكن هل تكون حتماً كما كان ذاك‬
‫أكثر املزيّفني على الدوام!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 714 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يبقى يسوع صامتاً كما لو أنَّه ال يسمع‪ .‬ينظر اجلميع إليه‪ ،‬إ ّهنم على يقني أبنّه يَعلَم‪ .‬إّّنا هو‪،‬‬
‫لتتحول بني يديه رويداً رويداً إىل شوكة تصلح إلخراج اخلضار‬ ‫ِّ‬
‫فيُعمل الس ّكني يف قطعة خشب ّلني‪ّ ،‬‬
‫املغلي‪ .‬وعندما ينتهي منها يعطيها لتوما الذي تَـ َفَّرغ متاماً ألعمال الطهي‪.‬‬
‫من املاء ّ‬
‫ك ابرع اي معلّم‪ .‬ولكن‪ ...‬هل تقول لنا َمن تكون تلك؟»‬
‫«ح ّقاً إنّ َ‬
‫إيل‪ ،‬مجيعكم نفوس‪ ،‬وال شيء آخر‪ .‬رجال ونساء‪َ ،‬ع َجَزة وأطفال‪ :‬نفوس‪،‬‬ ‫« ّإهنا نَفس‪ .‬فبالنسبة ّ‬
‫الرضع هم نفوس طاهرة‪ ،‬واألطفال نفوس مساويّة‪ ،‬والشباب نفوس ورديّة‪ّ ،‬أما األبرار‬‫نفوس‪ ،‬نفوس‪ّ .‬‬
‫جمرد نفوس‪ ،‬وال شيء آخر غري النفوس‪ .‬وأان أبتسم‬ ‫ِّ‬
‫فنفوس من َذ َهب‪ ،‬واخلَطَأة نفوس من قطران‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫للنفوس الطاهرة‪ ،‬ألنّه يبدو يل أنّين أبتسم ملالئكة‪ .‬أسَتيح بني األزهار‪ ،‬املراهقني الصاحلني؛ أجد‬
‫ومشعة‪ّ .‬أما‬
‫سروري يف نفوس األبرار الثمينة؛ وأأت ّمل وأعاين كي أجعل من نفوس اخلطأة نفوساً مثينة ّ‬
‫أتعرف عليكم‪».‬‬ ‫الوجوه؟‪ ...‬األجساد؟‪ ...‬فهي ال تعين يل شيئاً‪ .‬فمن خالل نفوسكم أعرفكم و ّ‬
‫«وهي‪ ،‬أيّة نفس تكون؟» يسأل توما‪.‬‬

‫تتقصى‪ ،‬وال تطرح أسئلة‪ ،‬ومتضي وأتيت‬


‫أقل فضوالً من نفوس أصدقائي‪ ،‬فهي ال ّ‬
‫«هي نفس ّ‬
‫دون أن تتكلّم أو تنظر‪».‬‬

‫عت عن‬‫اج ُ‬
‫كنت أظنّها امرأة من ذوات السرية السيّئة‪ ،‬أو من املصاابت ابلربص‪ ،‬ولكنّين تر َ‬ ‫« ُ‬
‫يوطي السؤال وهو‬
‫لك شيئاً‪ ،‬أفال تلومين وتدينين؟» يطرح االسخر ّ‬ ‫قلت َ‬‫رأيي‪ ،‬إذ‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬إذا ما ُ‬
‫ذاهب ليجلس على األرض مالصقاً لركبيت يسوع‪ ،‬متب ّدالً كلّيّاً‪ ،‬متواضعاً وصاحلاً‪ .‬فهو ابحلقيقة أروع‬
‫هبذه اهليئة البسيطة مما كان عليه يهوذا املتباهي ِّّ‬
‫املتكرب‪.‬‬

‫أدينك‪ .‬تكلّم‪».‬‬
‫«لن َ‬

‫«أان اعرف اين تقيم‪ .‬لقد تَبِّعتُها ذات مساء‪ ...‬متظاهراً أبنّين َخَر ُ‬
‫جت طلباً للماء‪ ،‬إذ إنّين‬
‫دت على األرض دبوس شعر‬ ‫ظت ّأهنا أتيت إىل البئر عندما يهبط الظالم‪ ...‬وذات صباح َو َج ُ‬ ‫الح ُ‬
‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 715 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫خشيب يف‬
‫ّ‬ ‫كت ّأهنا هي من أضاعته‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬هي تقيم يف كوخ‬ ‫َدر ُ‬
‫فضياً‪ ...‬على حافّة البئر متاماً‪ ...‬وأ َ‬
‫ّ‬
‫الغابة‪ .‬قد يكون املزارعون ُهم َمن يستخدمون ذلك الكوخ الصغري‪ .‬وهو مع ذلك نصف متع ّفن‪.‬‬
‫َخ َذت حزمة احلَطَب‪ .‬إنّه ِّجحر‪.‬‬ ‫َغطَّته هي أبغصان مبثابة سقف‪ .‬وقد يكون من أجل ذلك قد أ َ‬
‫لست أدري كيف تستطيع اإلقامة فيه‪ .‬وهو ال يصلح سوى لكلب ضخم أو محار صغري‪ .‬ولقد كان‬ ‫ُ‬
‫أيت بوضوح‪ .‬فالكوخ نصف ٍ‬
‫خمتف يف العليق‪ ،‬ولكنّه خا ٍو من الداخل‬ ‫القمر يضيء تلك األمسية‪ ،‬ور ُ‬
‫كت ّأهنا مل تكن امرأة سيّئة السرية‪».‬‬
‫عين غشاوة الضَّالل‪ ،‬وأدر ُ‬‫كل هذا أزال ّ‬ ‫ودون ابب‪ّ .‬‬
‫«ما كان ينبغي أن تفعل ذلك‪ ،‬إّّنا كن صرُياً‪ ،‬أمل تفعل شيئاً آخر؟»‬

‫أتعرف إىل‬
‫أود رؤيتها‪ ،‬ألنّين رأيتُها يف أرُيا‪ ،‬وأان أراقبها‪ ،‬ويبدو يل أنّين ّ‬
‫كنت ّ‬ ‫«ال اي معلّم‪ُ .‬‬
‫فَتض أن تكون شخصيّتها كذلك انعمة‪...‬‬ ‫مشيتها عندما تذهب إىل مكان ما لقضاء احتياجاهتا‪ .‬ويُ ََ‬
‫كل تلك الثياب‪ ...‬ولكنّين مل أجرؤ على النَّظر إليها عندما كانت‬ ‫ومجيلة‪ .‬نعم‪َ ،‬يكن ختمني ذلك رغم ّ‬
‫تنام على األرض‪ .‬قد تكون نـََز َعت احلجاب آنذاك‪ّ .‬إال أنّين احَتمتُها‪»...‬‬

‫لك إنّين‬
‫قلت احلقيقة‪ .‬وأان أقول َ‬
‫ك َ‬ ‫عانيت ولكنّ َ‬
‫َ‬ ‫ُُيَ ِّّدق فيه يسوع ويُنعِّم النَّظر‪ ،‬مثّ يقول‪« :‬لقد‬
‫املهم أن تقوم‬
‫أقل صعوبة لتكون صاحلاً‪ .‬ابلنتيجة‪ّ ،‬‬ ‫املرة القادمة سيكون األمر ّ‬ ‫منك‪ .‬ويف ّ‬
‫مسرور َ‬
‫لك اي يهوذا!» ويالطفه‪.‬‬ ‫ابخلطوة األوىل‪ .‬مرحى َ‬
‫يعود بطرس‪« :‬ولكن اي معلّم! هذه املرأة جمنونة! هل تعرف أين هي؟ تكاد تكون على ض ّفة‬
‫استخد َمه يوماً صيّاد مسك أو حطّاب‪ ...‬من يدري؟ مل‬ ‫َ‬ ‫خشيب حتت دغل‪ .‬قد يكون‬ ‫ّ‬ ‫النهر يف كوخ‬
‫هوة كهذه‪ ،‬وسط كوم من العليق‪ ،‬كانت توجد امرأة‬ ‫ألتصور أبداً أنّه‪ ،‬يف هذا املكان الرطب‪ ،‬يف ّ‬
‫ّ‬ ‫أكن‬
‫لت‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫بتنهد‪" :‬ال"‪ .‬قُ ُ‬‫لت هلا‪" :‬قويل بصراحة‪ ،‬هل أنت مصابة ابلربص؟" وقد أجابَتين ّ‬ ‫مسكينة‪ .‬ولقد قُ ُ‬
‫كنت كذلك وال تريدين اإلفصاح‪ ،‬فإن ِّ‬
‫أتيت أمام البيت‬ ‫"أقسمي"‪ .‬فقالت‪" :‬أ ِّ‬
‫ُقسم"‪" .‬انتبهي‪ ،‬لو ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سارقة أو قاتِّلة‪ ،‬وتقيمني‬ ‫كنت مالح َقة‪ ،‬لو ِّ‬
‫كنت ِّ‬ ‫رمجني‪ .‬إّّنا لو ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أجعلك تُ َ‬ ‫ك َِّجنسة‪ ،‬فسوف‬ ‫وعلِّمت أنّ ِّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ت جائعة؟‬ ‫ك يف املاء؟ هل أن ِّ‬‫هنا خوفاً منّا فال ختشي أي سوء‪ .‬أما اآلن فاخرجي من هنا‪ .‬أال ترين أنّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لتك‪ .‬إنّين عجوز‬ ‫ك ترجتفني‪ .‬أان‪ ،‬كما تَـرين‪ ،‬كبري السن‪ ،‬ولست يف صدد مغاز ِّ‬ ‫هل تشعرين ابلربد؟ إنّ ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 716 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إيل إذن وامسعي كالمي"‪ .‬هذا ما قُلتُه هلا‪ ،‬ولكنّها مل تشأ أن أتيت‪ .‬سنجدها ميتة‪،‬‬
‫وشريف‪ .‬أنصيت ّ‬
‫فهي ح ّقاً يف املاء‪».‬‬

‫يسوع غارق يف التفكري‪ .‬ينظر إىل الوجوه االثين عشر الذين ينظرون إليه بدورهم‪ .‬مثّ يقول‪« :‬ما‬
‫هو قولكم فيما جيب علينا فعله؟»‬

‫أنت!»‬
‫«ولكن اي معلّم‪ّ ،‬قرر َ‬
‫ختص أيضاً اعتباركم وتقديركم‪ ،‬وأان ينبغي يل ّأال‬
‫«ال‪ .‬أريدكم أن تُبدوا رأيكم أنتم‪ ،‬فاملسألة ّ‬
‫أي ضغط على ح ّقكم يف محايتها‪».‬‬ ‫أمارس ّ‬
‫«ابسم الرمحة‪ ،‬أقول إنّه ال َيكننا تركها هناك‪ ».‬يقول مسعان‪.‬‬

‫وبرتلماوس‪« :‬أقول أبن جنعلها تقيم اليوم يف الغرفة الكربى‪ .‬أال يقيم الزائرون فيها؟ وهي أيضاً‬
‫َيكنها ذلك‪».‬‬

‫كل اآلخرين‪ ».‬يـُ َعلِّّق أندراوس‪.‬‬


‫«يف النهاية هي خليقة مثل ّ‬
‫مّت مالحظته‪.‬‬
‫«مثّ‪ ،‬اليوم لن أييت أحد‪ ،‬وابلنتيجة‪ »...‬يبدي ّ‬
‫أقَتِّح إيواءها اليوم‪ ،‬والتح ّدث بشأهنا غداً إىل الوكيل‪ .‬إنّه رجل طيّب‪ ».‬يقول يوضاس ت ّداوس‪.‬‬
‫« َ‬
‫ك ُِّحم ّق! ولديه إسطبالت كثرية خالية‪ .‬ويف حالة كهذه‪ ،‬يكون اإلسطبل بالطاً ملكيّاً‪ ،‬إذا‬
‫«إنّ َ‬
‫ورن بذلك القارب الصغري املته ّدم!» يهتف بطرس‪.‬‬ ‫ما قُ ِّ‬

‫مشجعاً ّإايه‪.‬‬
‫«اذهب وقل هلا ذلك إذن‪ ».‬يقول توما ّ‬
‫«مل يتكلّم الشباب بعد‪ ».‬يبدي يسوع مالحظته‪.‬‬

‫عمه يعقوب‪.‬‬
‫كل ما تقوله حسن‪ ».‬يقول ابن ّ‬
‫إيل‪ّ ،‬‬
‫«ابلنسبة ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 717 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ّأما يعقوب اآلخر مع أخيه فيقوالن‪« :‬حنن موافقان‪».‬‬

‫الفريسيّني‪ ».‬يقول‬
‫«أف ّكر فقط يف احلالة التعيسة اليت سنؤول إليها إذا ما ترامى اخلرب إىل بعض ّ‬
‫فليبّس‪.‬‬

‫يوطي‪«.‬أتظنّهم لن يتّهموان؟ فهم ال‬


‫حّت ولو كنّا َذ َهبنا إىل الغيوم‪ ».‬يقول يهوذا االسخر ّ‬‫«آه! ّ‬
‫يتّهمون هللا ألنّه بعيد فقط‪ .‬إّّنا لو مت ّكنوا من أن ُيظوا به قريباً مثل ابراهيم ويعقوب وموسى‪ ،‬لكانوا‬
‫لََّفقوا له ألف هتمة‪ ...‬من هو املعصوم عن اخلطأ ابلنسبة هلم؟»‬

‫أنت اي بطرس مع مسعان‬ ‫«إذن اذهبوا وقولوا هلا أن أتيت وتقيم يف مكان إقامة الزوار‪ .‬اذهب َ‬
‫السن ولن ختشاكم املرأة كثرياً‪ .‬وقولوا هلا إنّنا سوف نق ّدم هلا طعاماً ساخناً وثوابً‬
‫وبرتلماوس‪ .‬إنّكم كبار ّ‬
‫حّت ثوب امرأة أعطي لرجل‪»...‬‬ ‫كل شيء ينفع‪ّ ،‬‬ ‫جافاً‪ ،‬هو الثوب الذي تركه اسحق‪ .‬انظروا كيف أ ّن ّ‬
‫فَتض ّأهنا كانت هناك بعض املمازحات الطريفة بشأن الثوب موضوع‬
‫يضحك الشباب‪ ،‬إذ يُ ََ‬
‫احلديث‪.‬‬

‫َيضي الثالثة الكبار‪ ،‬ويعودون بعد وقت قليل‪.‬‬

‫قسمنا هلا أنّنا لن نزعجها مطلقاً‪ .‬اآلن‪ ،‬أان أمحل‬


‫«مل تكن تريد‪ ...‬ولكنّها يف النهاية أتت‪ .‬لقد أ َ‬
‫يتجول‬
‫حّت مل تذق طعم الزاد اليوم‪ .‬ابلفعل‪ ...‬من ّ‬ ‫القش والثوب‪.‬أعطين خضاراً ورغيف خبز‪ .‬فهي ّ‬ ‫هلا ّ‬
‫مع هذا الطوفان؟» وَيضي بطرس الطيّب مع كنوزه‪.‬‬

‫ألي سبب كان‪.‬‬ ‫يذهنب أحد إىل حيث تقيم ّ‬


‫ّ‬ ‫«واآلن؟» يقول يسوع «هذا أمر للجميع‪ :‬ال‬
‫تعودوا على فعل اخلري من أجل اخلري‪ ،‬دون فضول‪ ،‬ودون رغبة بتسلية وال‬ ‫وغداً سوف نتدبّر األمر‪ّ .‬‬
‫أبي عمل مفيد‪ .‬ها إنّنا قد أحببنا‬
‫تتذمرون من أنّنا مل نـَ ُقم اليوم ّ‬
‫أي سبب آخر‪ .‬هل ترون؟ كنتم ّ‬ ‫ّ‬
‫القريب‪ ،‬وماذا َيكننا أن نفعل أعظم من هذا؟ فإذا كانت ابئسة‪ ،‬وهذا أكيد‪ ،‬أفال متنحها مساعدتنا‬
‫تعزية وحرارة ومحاية أكثر عمقاً من هذا القليل من الطعام وهذا الثوب وهذا السقف اآلمن‪ ،‬هذه‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 718 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األشياء اليت َوفَّرانها هلا؟ وإذا كانت مذنبة أو خاطئة أو إنسانة تبحث عن هللا‪ ،‬أفال تكون حمبّتنا مبثابة‬
‫التعليم األروع‪ ،‬والعبارة األكثر قدرة‪ ،‬واإلشارة األكثر وضوحاً لتضعها على طريق هللا؟»‬

‫يدخل بطرس بتؤدة ويستمع إىل معلّمه‪.‬‬

‫«انظروا اي أصدقائي‪ ،‬يف إسرائيل معلّمون عديدون‪ ،‬وهم يتح ّدثون ويتح ّدثون‪ ...‬وتبقى النفوس‬
‫على حاهلا‪ .‬ملاذا؟ أل ّن النفوس تستمع إىل كالم املعلّمني‪ ،‬ولكنّها ال ترى األفعال‪ .‬فالواحد إذن يُ َد ِّّمر‬
‫األقل‪ .‬ولكن‪ ،‬حينما يفعل املعلّم ما يقوله‪،‬‬ ‫اآلخر‪ .‬وتبقى النفوس حيث هي‪ ،‬إذا مل تَتاجع على ّ‬
‫فحّت ولو مل يقم أبعمال ماديّة مثل منح اخلبز والثوب واملأوى جلسد‬ ‫كل أعماله‪ّ ،‬‬ ‫ويتصرف بقداسة يف ّ‬ ‫ّ‬
‫تصرفاته الشخصيّة هي‬ ‫يتوصل إىل جعل النفوس تتق ّدم وتصل إىل هللا‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬ ‫القريب املتأ ّمل‪ ،‬فإنّه ّ‬
‫وَيَلِّّص اآلخرين‪».‬‬ ‫ُيب َُيَلِّّص نفسه ُ‬
‫اليت تقول لإلخوة‪" :‬يوجد إله‪ ،‬وهللا هنا"‪ .‬آه! احملبة! أقول إن من ّ‬
‫أرسلَهُ وأنتم‬ ‫ِّ‬
‫«حسناً تقول اي معلّم‪ .‬لقد قالت يل تلك املرأة‪" :‬فليكن مباركاً ال ُـم َخلّص ومن َ‬
‫قدمي أان اإلنسان املسكني‪ ،‬وكانت تبكي خلف حجاهبا السميك‪...‬‬ ‫مجيعاً معه"‪ .‬كانت تريد تقبيل ّ‬
‫صل عصفور دوري من أورشليم‪ ...‬وإال فَ َمن يفلت منهم؟»‬ ‫ولكن!‪ ...‬فلنأمل اآلن أال ي ِّ‬
‫َ‬
‫«ضمريان َُيَلِّّصنا من دينونة اآلب‪ .‬وهذا يكفي‪ ».‬يقول يسوع‪ .‬وجيلس إىل الطاولة بعد أن‬
‫يبارك ويقدم الطعام‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 719 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫الرب")‬ ‫ِّ‬
‫‪( -92‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬قَ ّدس يوم ّ‬
‫‪1945 / 03 / 06‬‬

‫أقل سوءاً‪ ،‬رغم أ ّن األمطار ما تزال هتطل قليالً‪ ،‬وإبمكان الناس اجمليء للقاء‬
‫الطقس اليوم ّ‬
‫املعلّم‪.‬‬

‫هامة يُ ِّسّرون هبا إليه‪ ،‬أيخذون‬ ‫ِّ‬


‫يسوع‪ ،‬على ح َدة‪ ،‬يستمع إىل شخصني أو ثالثة‪ ،‬لديهم أمور ّ‬
‫بعدها أماكنهم أبكثر هدوءاً وطمأنينة‪ .‬يبارك كذلك طفالً صغرياً يتأ ّمل ويعاين من كسر يف أعلى الفخذ‪،‬‬
‫أي من األطباء معاجلته بقوهلم‪« :‬لن جيدي ذلك نفعاً‪ .‬فالكسر ممتد إىل األعلى ليصل إىل‬ ‫ومل يَقبَل ّ‬
‫األم الباكية وتشرح األمر‪« :‬كان يركض مع أخته يف شارع البلدة عندما‬ ‫العمود الفقري‪ ».‬هذا ما تقوله ّ‬
‫حّت إنّين خلتُه قد مات‪ .‬ولكن ما هو عليه اآلن هلو أسوأ‪ .‬كما‬ ‫ص َد َمته‪ّ ،‬‬
‫هريودي بعربته اليت َ‬
‫ّ‬ ‫ص َل‬
‫َو َ‬
‫اخلشيب‪ ،‬إذ‪ ...‬ما من شيء آخر َيكننا فعله‪ .‬وهو يتأ ّمل ويتأ ّمل‪ ،‬حيث إ ّن‬ ‫اللوح‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫ده‬ ‫ترى‪ .‬أُم ِّّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ظل يتأ ّمل‪ ،‬ذلك أنّه مل يعد إبمكانه سوى البقاء مستلقياً على‬‫اند َم َل‪ّ ،‬‬
‫الكسر كان مفتوحاً‪ ،‬وعندما َ‬
‫ظهره‪».‬‬

‫«هل تتأ ّمل كثرياً؟» يسأل يسوع الطفل الباكي حبنان‪.‬‬

‫«نعم‪».‬‬

‫«أين؟»‬

‫املَتددة عظمتا الورك‪« .‬ومثّ هنا وهنا» ويلمس كليتيه وكتفيه‪.‬‬


‫«هنا‪ ...‬وهنا» ويلمس بيده ّ‬
‫أحترك‪ »...‬ويبكي ايئساً‪.‬‬ ‫«اللوح ٍ‬
‫قاس‪ ،‬وأان أريد أن ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 720 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل الناس بينما‬
‫بك إىل األعلى فَتى ّ‬
‫أصح َ‬
‫«هل تريد أن أتيت بني ذراعي أان؟ هل أتيت؟ سوف َ‬
‫أان أحت ّدث‪».‬‬

‫متوسالً‪.‬‬
‫فع َمة رغبة)‪ .‬وَي ّد الطفل ذراعيه ّ‬
‫«آه! نعم‪( »...‬و"نـَ َعمهُ" ُم َ‬
‫«تعال إذن‪».‬‬

‫حّت إنّين ال أستطيع‬


‫«ولكنّه ال يستطيع‪ ،‬اي معلّم‪ .‬هذا مستحيل! إنّه يعاين كثرياً ويتأ ّمل‪ّ ...‬‬
‫حتريكه ألغسل له جسمه‪».‬‬

‫«لن أدعه يتأ ّمل‪».‬‬

‫«الطبيب‪»...‬‬
‫«الطبيب هو الطبيب‪ ،‬بينما أان هو أان‪ .‬ملاذا ِّ‬
‫أتيت؟»‬

‫ك ماسيا» جتيب املرأة اليت يتب ّدل لوهنا إىل االصفرار واالمحرار‪ ،‬مأخوذة بني األمل واليأس‪.‬‬
‫«ألنّ َ‬
‫َيرر يسوع ذراعاً حتت ساقيه اللتني ال حراك هبما‪ ،‬والذراع األخرى‬
‫«وإذن؟ هيّا اي صغريي‪ ».‬و ّ‬
‫ك و ِّ‬
‫لنمض‪».‬‬ ‫ألم َ‬
‫ملك؟ ال؟ إذاً قل وداعاً ّ‬
‫حتت كتفيه الصغريين‪ُ .‬يمل الطفل ويسأله‪« :‬هل أؤ َ‬
‫ويسري مع ِّمحْله عرب اجلموع الذين يفسحون له اجملال‪ .‬يذهب إىل أقصى الغرفة‪ ،‬إىل ذاك ال َـم َنرب‬
‫قعداً وجيلس‪ .‬يضع الطفل على‬ ‫الذي ِّ‬
‫حّت الذين يف الدار‪ .‬يتّخذ لنفسه َم َ‬
‫صن َع له لكي يراه اجلميع‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫أنت أيضاً‪ ».‬ويبدأ احلديث‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يعجبك هذا؟ اآلن كن هادائً ومطمئنّاً‪ ،‬واستَمع َ‬
‫َ‬ ‫ركبتيه ويسأله‪« :‬هل‬
‫يشري بيد واحدة فقط‪ ،‬حيث ابألخرى يسند الطفل الذي ينظر إىل الناس‪ ،‬سعيداً ألنّه يرى شيئاً‬
‫اآلخر‪ ،‬والقلب َيفق ابألمل‪ .‬يلعب بفتيل ثوب يسوع‪ ،‬وكذلك بلحية املعلّم‬ ‫ويبتسم ألمه اليت هناك يف ِّ‬
‫ّ‬
‫وحّت خبصلة من شعره الطويل‪.‬‬
‫احلريريّة الشقراء‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 721 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لروحك"‪ .‬هذا ما تقوله وصيّة‬
‫للرب و َ‬
‫فكرسه ّ‬
‫«قيل‪" :‬اعمل عمالً شريفاً‪ّ ،‬أما اليوم السابع ّ‬
‫اسَتاحة السبت‪.‬‬

‫فاإلنسان ليس أعظم من هللا‪ ،‬وهللا َخلَ َق الكون يف ستّة أايم‪ ،‬ويف اليوم السابع اسَتاح‪ .‬فكيف‬
‫إذن يسمح اإلنسان لنفسه عدم االقتداء ابهلل وعدم اخلضوع لوصيّته؟ هل النظام هذا غري نَبيه؟ ال‪.‬‬
‫الروحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اجلسدي أو الوجداينّ أو النظام‬
‫ّ‬ ‫بل ابحلقيقة هي وصيّة مفيدة إ ْن للنظام‬

‫كل الكائنات‪ .‬كذلك الثور‬ ‫مثل‬ ‫مثله‬ ‫احة‪،‬‬‫ر‬ ‫ال‬ ‫إىل‬ ‫ُيتاج‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ب‬‫إ ّن جسم اإلنسان‪ ،‬عندما يكون تَعِّ‬
‫ّ‬
‫الذي ُيرث احلقول يسَتيح‪ ،‬وحنن ندعه يسَتيح لكي ال نفقده‪ ،‬وكذلك احلمار الذي ُيملنا‪ ،‬والنعجة‬
‫اليت تَلِّد احلَ َمل وتعطينا احلليب‪ .‬وأرض احلقل تراتح‪ ،‬وحنن ندعها تفعل ذلك‪ ،‬خالل األشهر اليت ال‬
‫تُب َذر فيها البذار‪ ،‬فتتغذى وتَشبَع من األمالح اليت تسقط هلا من السماء أو تصعد من األرض‪ .‬وكذلك‬
‫حّت دون أن تسألنا‬
‫احليواانت والنبااتت اليت ختضع للقوانني األزليّة يف التوالد احلكيم تسَتيح جيّداً‪ّ ،‬‬
‫رأينا‪ .‬فلماذا إذن ال يريد اإلنسان االقتداء ابخلالق الذي اسَتاح يف اليوم السابع؟ والتمثّل ابملخلوقات‬
‫الدنيا‪ ،‬نباتيّة كانت أم حيوانيّة‪ ،‬اليت‪ ،‬دون أن يكون هلا سوى أمر واحد يف غريزهتا‪ ،‬تعرف كيف‬
‫تتكيّف معها وختضع هلا؟‬

‫نشغِّل‬
‫اجلسمي‪ .‬خالل ّأايم ستّة‪ ،‬اإلنسان ُم َ‬
‫ّ‬ ‫الوصيّة تفيد يف النظام الوجداينّ كما تفيد يف النظام‬
‫بكل شيء وابجلميع‪ .‬مأخوذ مثل اخليط يف آلة صنعة احلياكة‪ ،‬وهو يذهب إىل األعلى وإىل األسفل‬ ‫ّ‬
‫لدي‪ .‬أان األب‪ ،‬ويل اليوم‬
‫األعز واألغلى ّ‬
‫أهتم بنفسي‪ ،‬وابلذين هم ّ‬ ‫دون أن يستطيع القول‪" :‬اآلن ّ‬
‫أكرس نفسي اليوم لعروسيت؛ أان األخ‪ ،‬وأجد سروري مع إخويت؛ وأان االبن وأعتين‬ ‫أبناء؛ أان العروس‪ ،‬و ّ‬
‫أببوي العجوزين"‪.‬‬
‫ّ‬
‫احلب أقدس‪ .‬وهللا هو األكثر قداسة‪ .‬وإذن تذ ّكر أن تعطي‬ ‫روحي‪ .‬العمل مق ّدس‪ّ .‬‬ ‫إنّه نظام ّ‬
‫أبقل‬
‫األقل يوماً من سبعة ألبينا الق ّدوس والصاحل‪ ،‬الذي َينحنا احلياة وُيفظها لنا‪ .‬ملاذا نعامله ّ‬‫على ّ‬
‫للرب‪ .‬آه! ما ألطف التواجد‬
‫الرب ّ‬
‫من أب‪ ،‬من أبناء‪ ،‬من إخوة‪ ،‬من زوجة ومن أجسادان؟ فليكن يوم ّ‬
‫مساء بعد عمل النهار‪ ،‬يف املنـزل املفعم ابلعواطف! ما أل ّذ اللقاء بعد سفر طويل! ملاذا ال يكون اللقاء‪،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 722 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بعد ستّة ّأايم عمل‪ ،‬يف بيت اآلب؟ ملاذا ال نكون مثل ابن يعود ِّمن َس َفر لستّة ّأايم ويقول‪" :‬ها أان‬
‫معك"؟‬
‫ذا أعود ألقضي يوم الراحة َ‬
‫قلت‪" :‬اعمل عمالً شريفاً"‪.‬‬
‫ولكن امسعوا اآلن‪ُ ،‬‬
‫حب القريب‪.‬‬
‫حبب القريب‪ .‬والنـزاهة يف العمل تش ّكل جزءاً من ّ‬‫تعلَمون أ ّن شريعتنا توصي ّ‬
‫والنـزيه يف عمله ال يسرق يف التجارة‪ ،‬وال يبخس العامل ح ّقه يف راتبه أو أجره‪ ،‬ال يبخسه بشكل‬
‫ُجم ِّحف‪ .‬بل يتذ ّكر أن للعامل جسداً وروحاً يشبهان جسده وروحه هو‪ .‬فال يعاملهما مثل حجارة‬
‫صماء ال حياة فيها وَيكن حتطيمها أو ركلها ابألرجل أو ضرهبا ابحلديد‪.‬‬
‫ّ‬
‫حّت ولو َدفَ َع منه‬
‫ُيب قريبه‪ ،‬وَيطئ يف عيين هللا‪ .‬ورحبه ملعون‪ّ ،‬‬
‫يتصرف هكذا‪ ،‬ال ّ‬
‫والذي ال ّ‬
‫ص َدقَة للهيكل‪.‬‬
‫َ‬
‫آه! اي للتقدمة الكاذبة! وكيف َيكن وضعها عند اهليكل عندما تسيل عليها دموع ودماء األدىن‬
‫تسمى "اختالساً" أي خيانة للقريب‪ ،‬إذ إن السارق هو خائن لقريبه؟‬ ‫احملروم واملبخوس ح ّقه‪ ،‬أو عندما ّ‬
‫يتفحص كلٌّ ذاته‪ ،‬وجيتَ ِّهد يف‬
‫الرب مل يكن سوى الستخدامه يف أن ّ‬ ‫كونوا على يقني أب ّن تقديس يوم ّ‬
‫األايم الستّة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أن يصبح أفضل‪ ،‬ويف إصالح األخطاء اليت ارتُكبَت خالل ّ‬
‫الرب! وهو ليس فِّعالً ظاهرّايً بشكل كلّ ّي‪ ،‬وال يـُغَِّّري حرفاً من طريقة تفكريكم‪.‬‬
‫هو ذا تقديس يوم ّ‬
‫فاهلل يريد أفعاالً حيّة وليس أشباه أفعال‪.‬‬

‫ظهر َخدَّاع هو التقديس الكاذب للسبت‪ ،‬يعين‬ ‫ظهر َخدَّاع هو اخلضوع اخلاطئ لشريعته‪َ .‬م َ‬ ‫َم َ‬
‫يتم إشهارها للتظاهر أمام عيون الناس ابإلذعان للوصيّة‪ ،‬ولكن بتمضية ساعات الفراغ يف‬ ‫الراحة اليت ّ‬
‫الرذيلة والفجور‪ ،‬ويف الشراهة والتفكري يف كيفيّة خبس القريب ح ّقه‪ ،‬وكيفيّة أذيّته خالل األسبوع التايل‪.‬‬
‫الروحي واملق ّدس‬
‫ّ‬ ‫الداخلي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ظهر َخدَّاع هو تقديس السبت‪ ،‬أي الراحة املاديّة اليت ال تَتافق ابلعمل‬ ‫َم َ‬
‫التصرف بشكل أفضل خالل‬ ‫جاد على ّ‬ ‫بتفحص للذات صادق‪ ،‬ابعَتاف ابلبؤس الذايتّ بتواضع‪ ،‬بعزم ّ‬ ‫ّ‬
‫األسبوع التايل‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 723 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مرة أخرى يف اخلطيئة"؟‬
‫ووقَ َع ّ‬
‫وتقولون‪" :‬وإذا ما عاد املرء َ‬
‫يتعرض‬
‫مرة‪ ،‬يرفض القيام أبيّة خطوة أخرى لكي ال ّ‬ ‫ولكن ما هو قولكم يف طفل‪ ،‬إذا ما َوقَ َع ّ‬
‫للسقوط؟ إنّه أمحق‪ .‬وال ينبغي له اخلجل من َمشية له غري واثقة‪ ،‬مبا أنّنا َمَرران مجيعنا هبذا‪ ،‬عندما كنّا‬
‫حب أبينا لنا ألجل ذلك‪ .‬من ذا الذي ال يتذ ّكر كم ّأدت سقطاتنا إىل اهنمار وابل‬ ‫صغاراً‪ ،‬ومل ينقص ّ‬
‫من القبالت األموميّة واملالطفات األبويّة؟‬

‫يتصرف ابلطريقة ذاهتا‪ .‬إنّه ينحين فوق صغريه الساقط على‬ ‫السماوي الفائق اللُّطف ّ‬
‫ّ‬ ‫وأبوان‬
‫اعي‪.‬‬ ‫ر‬‫ذ‬ ‫بني‬ ‫هلم‬ ‫اآلن‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫ة‬
‫املر‬ ‫يف‬ ‫أكثر‬ ‫ستنتبه‬ ‫‪.‬‬ ‫ضك‬ ‫تبك‪ .‬أان أُهنِّ‬
‫األرض يبكي‪ ،‬ويقول له‪" :‬ال ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وخت ُرج منه مقدَّساً وبريئاً وسعيداً"‪ .‬هذا ما يقوله أبوان الذي يف السماوات‪.‬‬ ‫أملك‪َ ،‬‬
‫كل َ‬ ‫وهنا يتالشى ّ‬
‫كل شيء‪ .‬اإلَيان‪ ،‬إّّنا انتَبِّهوا‪ ،‬مثل إَيان‬ ‫توصلتم إىل اإلَيان تنجحون يف ّ‬ ‫وهذا ما أقوله أان لكم‪ .‬إذا ّ‬
‫كل شيء مستطاع‪ .‬ال يتساءل كيف َيكن أن ُيدث‪ .‬ال‬ ‫الطفل الصغري‪ .‬فالطفل الصغري يؤمن أب ّن ّ‬
‫العلي‪.‬‬
‫الرب ّ‬ ‫أي أمر‪ .‬يؤمن مبن يوحي له ابلثقة‪ ،‬ويفعل ما يقوله له‪ .‬فكونوا كاألطفال أمام ّ‬ ‫يَسرب غور ّ‬
‫ُيب النفوس‬ ‫ِّ‬
‫صدر مجاهلا! وابلـمثل‪ ،‬هو ّ‬ ‫وهم َم َ‬
‫ُيب هؤالء املالئكة الصغار التائهني على أرضنا‪ُ ،‬‬ ‫كم ّ‬
‫البسيطة‪ ،‬الصاحلة والطاهرة طهارة طفل صغري‪.‬‬

‫هل تَـ َوّدون رؤية إَيان طفل صغري‪ ،‬لتتعلّموا كيف يكون اإلَيان لديكم؟ انظروا جيّداً‪ .‬لقد‬
‫أضمه إىل صدري‪ .‬وخالفاً ملا قاله الطبيب وقالته ّأمه‪،‬‬
‫تعاطفتم مجيعكم مع هذا الطفل الصغري الذي ُّ‬
‫يبك عندما أجلستُهُ يف حضين‪ .‬هل ترون؟ وهو الذي مل يكن يفعل‪ ،‬منذ مدة‪ ،‬سوى البكاء‪ ،‬ليل‬ ‫مل ِّ‬
‫يبك‪ ،‬بل انم ساكناً على صدري‪ .‬لقد سألتُهُ‪" :‬هل تريد أن أتيت‬ ‫هنار‪ ،‬دون أن جيد الراحة‪ ،‬وهنا مل ِّ‬
‫بني ذراعي"؟ وأجاب‪" :‬نعم"‪ .‬دون التفكري بوضعه البائس واألمل الذي من احملتمل أن يشعر به نتيجة‬
‫احلب وقال‪" :‬نعم"‪ .‬وأتى‪ .‬مل يشعر ابألمل‪ .‬لقد فَرِّح لوجوده هنا يف األعلى‪،‬‬
‫انتقاله‪ .‬رأى يف وجهي ّ‬
‫اخلشيب‪ ،‬لقد ُسَّر لوضعه على ليونة اجلسد بدل صالبة‬
‫ّ‬ ‫مسمراً على ذاك اللوح‬
‫والنَّظَر‪ ،‬وهو الذي كان ّ‬
‫اخلشب‪ .‬لقد ابتَ َس َم ولَعِّب وانم‪ ،‬وهو َيسك خبصلة من شعري بني يديه الصغريتني‪ .‬سأوقظه اآلن‬
‫البين‪ ،‬ويوقظه‪ ،‬وهو يبتسم له‪.‬‬
‫بقبلة‪ »...‬ويطبع يسوع قبلة على شعر الطفل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 724 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫امسك؟»‬
‫«ما َ‬
‫«يوحنّا‪».‬‬
‫ك لتقول هلا‪" :‬ماسيا يبار ِّ‬
‫كك بسبب‬ ‫«امسع اي يوحنّا‪ ،‬هل تريد أن متشي؟ وأن تذهب إىل ّأم َ‬
‫ِّ‬
‫إَيانك"؟»‬

‫«نعم! نعم!» مثّ يصفق الطفل بيديه الصغريتني‪ ،‬ويسأله‪« :‬هل ستجعلين أسري؟ يف احلقول؟ وال‬
‫الشرير والقاسي؟ ال لألطبّاء الذين يؤملونين؟»‬
‫اخلشيب ّ‬
‫ّ‬ ‫هلذا اللوح‬

‫«ال‪ ،‬ال أبداً‪».‬‬

‫ك!» ويلقي بذراعيه على عنق يسوع ويقبّله‪ ،‬ولكي يكون يف وضعيّة مراتحة أكثر‬
‫«آه! كم أحبّ َ‬
‫أثناء تقبيله‪ ،‬يقفز على ركبتيه على ركبيت يسوع‪ ،‬ووابل من القبالت الربيئة تنهمر على جبهة وعيين‬
‫وخ ّدي يسوع‪.‬‬

‫حّت ذلك‬
‫يف غمرة فرحه‪ ،‬مل ينتبه الطفل إىل نفسه أنّه أصبَ َح يستطيع احلركة‪ ،‬وهو الذي كان ّ‬
‫ند ِّهشاً‪ .‬عيناه الربيئتان يف‬
‫وج َعلَته يَتاجع ُم َ‬
‫هزته َ‬
‫لكن صرخة ّأمه وصرخات اجلموع ّ‬‫احلني حمطّماً‪ .‬و ّ‬
‫وجهه النحيل بدات متسائِّلَتَني‪ .‬ما زال على ركبتيه‪ ،‬ذراعه األَين حول عنق يسوع‪ ،‬يهمس له ـ وهو‬
‫اآلخر تناديه وهي جتمع بني امسه واسم يسوع‪« :‬يوحنّا! يسوع!‬ ‫يشري إىل اجلموع الصاخبة وأمه اليت يف ِّ‬
‫ّ‬
‫أنت يسوع؟»‬ ‫يوحنا! يسوع!» ـ «ملاذا تصرخ اجلموع و ّأمي أيضاً؟ ماذا هبم؟ هل َ‬
‫ك تستطيع املشي‪ .‬الوداع‪ ،‬يوحنّا الصغري (يقبّله يسوع‬
‫«أان هو‪ .‬واجلموع تصرخ لفرحها أبنّ َ‬
‫ك‪ ،‬وكن لطيفاً‪».‬‬
‫ويباركه) اذهب إىل ّأم َ‬
‫ينـزل الطفل هبدوء وسكينة من على ركبيت يسوع‪ ،‬مثّ إىل األرض‪ .‬يركض إىل ّأمه‪ ،‬يقفز إىل‬
‫عنقها ويقول هلا‪« :‬يسوع يبار ِّ‬
‫كك‪ .‬ملاذا تبكني إذن؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 725 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عندما يعود الناس قليالً إىل صمتهم‪ ،‬يقول يسوع بصوت كالرعد‪« :‬افعلوا مثل يوحنّا الصغري‪،‬‬
‫أنتم الذين تقعون يف اخلطيئة‪ ،‬وجترحون أنفسكم‪ .‬آمنوا مبحبّة هللا‪ .‬السالم معكم‪».‬‬

‫األم السعيدة تبكي‪ ،‬يغادر يسوع الغرفة حماطاً أبتباعه‪.‬‬


‫وبينما كانت اجلموع هتتف أوشعنا‪ ،‬و ّ‬
‫وتنتهي الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 726 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -93‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تقتل"‪ .‬موت دوراس)‬

‫‪1945 / 03 / 10‬‬

‫«قيل‪" :‬ال تقتل"‪.‬‬

‫ألي من جمموعيت الوصااي تنتمي هذه؟ "للثانية" تقولون؟ هل أنتم متأ ّكدون؟‬
‫ّ‬
‫للمرة الثانية أسألكم‪ :‬هل هذه اخلطيئة تسيء إىل هللا أم إىل الضحيّة؟ تقولون إىل "هذه األخرية"؟‬
‫ّ‬
‫هل أنتم متأ ّكدون أيضاً من ذلك؟‬

‫وأسألكم أيضاً‪ :‬أال يوجد سوى خطيئة واحدة للقتل؟ أال ترتكبون يف القتل سوى هذه اخلطيئة‬
‫ك لدى أحدكم؟ قولوا إجاابتكم بصوت مرتفع‪ .‬وليتكلّم‬ ‫الوحيدة؟ "تلك فقط" تقولون؟ أما من ش ّ‬
‫واحد فقط نيابة عن اجلميع‪ .‬إنّين أنتَ ِّظر‪ ».‬وينحين ليالطف طفلة أتت إىل جانبه‪ ،‬وهي تنظر إليه‬
‫حّت أن تقضم الت ّفاحة اليت أعطتها ّإايها ّأمها لتبقى ساكنة هادئة‪.‬‬
‫منتشية‪ ،‬انسية ّ‬
‫مين التح ّدث‬ ‫ِّ‬
‫ينتَصب عجوز مهيب ويقول‪« :‬امسع اي معلّم‪ .‬أان رئيس كنيس عجوز‪ ،‬وقد طَلَبوا ّ‬
‫الرب‪ ،‬وحسب ما تل ّقينا ِّمن‬ ‫ابسم اجلميع‪ .‬وأان أتكلّم‪ .‬تبدو يل‪ ،‬بل تبدو لنا اإلجابة حسب العدل و ّ‬
‫أنت تَعلَم ملاذا أتينا‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫علم‪ .‬أَستَند يف يقيين على الفصل من الشريعة املتعلّق ابلقتل واإلصاابت‪ .‬إّّنا َ‬
‫كنت ُخم ِّطئاً‪ ،‬أَنِّر ظلمايت‪ ،‬لكي َيضي العجوز‬ ‫لتـعلِّ‬
‫لديك احلكمة واحلقيقة‪ .‬فلو ُ‬
‫نقر أ ّن َ‬
‫ّ‬ ‫نا‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫نا‪،‬‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫َُ‬
‫إىل َملِّكه البساً النور‪ ،‬وأرجو أن تُسدي كذلك هذه اخلدمة إىل هؤالء الذين ُهم ِّمن رعيّيت‪ ،‬والذين‬
‫بكل احَتام‪.‬‬
‫أتوا مع راعيهم ليَستَقوا من نبع احلياة‪ ».‬وقبل أن جيلس ينحين ّ‬
‫أنت أيّها األب؟»‬
‫« َمن َ‬
‫عماوس‪».‬‬
‫كالواب ّ‬
‫خادمك ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 727 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الصدارة‪،‬‬
‫حق يف َّ‬ ‫«أنت لست ِّ‬
‫كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫لآلب‬ ‫نعطي‬ ‫أن‬ ‫ينبغي‬ ‫إذ‬ ‫ين‪،‬‬‫َ‬‫ل‬ ‫أرس‬
‫َ‬ ‫الذي‬ ‫خادم‬ ‫بل‬ ‫مي‪،‬‬ ‫خاد‬ ‫َ َ‬
‫حب يف السماء وعلى األرض ويف القلوب‪ .‬و ّأول من يـُ َق ِّّدم له هذا اإلكرام‪َ ،‬كلِّ َمته الذي أيخذ‬ ‫كل ّ‬‫و ّ‬
‫كالواب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ويق ّدم قلوب الصاحلني على مائدة بال عيب‪ ،‬كما يفعل الكاهن خببز التَّقدمة‪ .‬ولكن امسع اي ّ‬
‫رغبتك املقدَّسة‪.‬‬
‫َ‬ ‫لكي متضي إىل هللا ُمستَنرياً متاماً حسب‬

‫وتفسر اخلطيئة ذاهتا‪.‬‬ ‫لكي يتم قياس َّ‬


‫وتربر ّ‬
‫الذنب‪ ،‬ال ب ّد من التفكري ابلظروف اليت تسبق وهتيّئ ّ‬ ‫ّ‬
‫بت؟ ومّت‬
‫بت؟ كيف ضر ُ‬ ‫بت؟ ملاذا ضر ُ‬
‫بت؟ أبيّة وسيلة ضر ُ‬ ‫بت؟ أين ضر ُ‬ ‫بت؟ ماذا ضر ُ‬
‫"من ضر ُ‬ ‫َ‬
‫بت؟" هذا ما ينبغي أن يسأله الذي قَـتَ َل لنفسه‪ ،‬قبل التق ّدم إىل هللا بطلب الغفران منه‪.‬‬
‫ضر ُ‬
‫بت َمن؟“‬
‫” ضر ُ‬
‫حراً أو عبداً‪ .‬فبالنسبة‬
‫إنساانً‪ .‬أقول إنساانً‪ .‬ولكنّين ال أف ّكر وال أقيم وزانً لكونه غنيّاً أو فقرياً‪ّ ،‬‬
‫إيل ال يوجد عبيد أو أصحاب نفوذ‪ .‬األمر يتعلّق أبُانس َخلَ َقهم كائن وحيد‪ ،‬ابلنتيجة مجيعهم متساوون‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حّت أكثر الناس سلطاانً ونفوذاً على األرض ال يتع ّدى كوهنم أكثر من‬ ‫ابلفعل‪ ،‬أمام جالل هللا‪ ،‬فإ ّن ّ‬
‫وعيين ال يوجد سوى استعباد واحد‪ :‬استعباد اخلطيئة‪ ،‬وهو إذن حتت سيطرة‬ ‫ّ‬ ‫غبار‪ .‬ويف عينيه‬
‫نص ِّرف إىل اعتبارات غامضة حبسب ما إذا‬ ‫الشيطان‪ ...‬والشريعة القدَية متيّز األحرار عن العبيد‪ ،‬وتَ َ‬
‫استمرت احلياة يوماً أو يومني‪ ،‬وكذلك إذا ما ماتت املرأة احلامل حاالً‬ ‫كان املوت مباشراً‪ ،‬أو إذا ما ّ‬
‫أو كانت اإلصابة لثمرة أحشائها فقط‪ .‬ولكن هذا كلّه قيل حينما كان نور الكمال ما يزال بعيداً‬
‫"كل َمن يضرب شبيهاً له بشكل يفضي إىل املوت َيطئ"‪.‬‬ ‫ج ّداً‪ّ .‬أما اآلن فهو بينكم ويقول لكم‪ّ :‬‬
‫وهو ال يرتكب اخلطيئة جتاه اإلنسان فقط بل ض ّد هللا أيضاً‪.‬‬

‫وسلطاهنا‪َ .‬خلَ َقه‬ ‫ِّ‬


‫اإلهلي الذي َخلَ َقه هللا ليكون َملك اخلليقة‪ ،‬بل ُ‬
‫ما هو اإلنسان؟ إنّه املخلوق ّ‬
‫على صورته كمثاله‪ ،‬ماحناً ّإايه الشَّبَه ابلروح‪ ،‬وطابعاً صورته من الصورة الكاملة لفكره الكامل‪ .‬انظروا‬
‫يف اهلواء وعلى األرض ويف املاء‪ .‬هل تَـَرون فيها حيواانً أو نبااتً‪ ،‬مهما كان مجيالً‪ ،‬يعادل اإلنسان؟‬
‫ويغين ويطري ويزحف ويتسلّق‪ ،‬ولكنّه ال يتكلّم‪.‬‬
‫احليوان يركض وأيكل ويشرب وينام ويتوالد ويعمل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 728 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫واإلنسان كذلك يعرف أن يركض ويقفز‪ ،‬ويف القفز هو َم ِّرن لدرجة أن يُنافِّس العصفور‪ .‬يعرف‬
‫حّت ليبدو من الزواحف‪ .‬ويعرف التسلّق‬
‫الزحف ّ‬ ‫حسبه مسكة‪ .‬يعرف َّ‬
‫حّت لَتَ َ‬
‫السباحة‪ ،‬وهو سريع فيها ّ‬
‫حّت ليبدو عصفوراً‪ ،‬وكذلك يعرف أن يتوالد ويتكاثر‪ .‬وفوق هذا‬
‫يغين ّ‬
‫حّت ليبدو قرداً‪ .‬هو يعرف أن ّ‬‫ّ‬
‫كلّه يعرف أن يتكلّم‪.‬‬

‫"لكل حيوان لغته"‪ .‬نعم‪ .‬منهم الذي ََيور‪ ،‬وآخر يَثغو‪ ،‬وآخر يَ َنهق وآخر يُزقزق‪،‬‬ ‫ال تقولوا‪ّ :‬‬
‫وحّت آخر ثور سوف يوجد‪ ،‬يبقى اخلوار‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واألخري ُُيدث رجرجة يف صوته‪ .‬ولكن‪ ،‬من ّأول ثور ُوج َد ّ‬
‫حّت هناية العامل‪ ،‬واحلمار يَ َنهق األخري منه كما َهنَ َق‬
‫ذاته ال يتب ّدل‪ ،‬وكذلك اخلروف يثغو الثغاء ذاته ّ‬
‫فيغردان لطلعة الشمس التغريد‬ ‫القربة والعندليب ّ‬‫األول‪ .‬وزقزقة العصفور الدُّوري ذاهتا على الدوام‪ّ ،‬أما ّ‬
‫ّ‬
‫وحّت آخر يوم من ّأايم عُمر األرض سوف يعيشان كما يف ّأول يوم‬ ‫املرصع ابلنجوم‪ّ ،‬‬‫ذاته الذي للّيل ّ‬
‫و ّأول ليلة‪ .‬بينما اإلنسان على العكس‪ ،‬ذلك أل ّن ليس له صوت ولسان فقط‪ ،‬بل إّّنا جمموعة معقدة‬
‫املخ‪َ ،‬عرش الذكاء‪ ،‬لذا فهو يعرف إدراك األحاسيس اجلديدة وجعلها موضوع‬ ‫من األعصاب مركزها ّ‬
‫وأتمالته‪ ،‬بل ويعطيها امساً‪.‬‬
‫تفكريه ّ‬
‫آدم أطلَ َق على صديقه اسم كلب‪ ،‬وعلى ذاك الذي بدا أكثر َشبَهاً به بلبدته الكثيفة املنفوشة‬
‫على وجهه الذي يكاد يكون ملتحياً‪ ،‬اسم ليث‪ .‬وأطلَ َق اسم رخلة (أنثى احلمل) على النعجة اليت‬
‫كانت حتيّيه بلطف‪ ،‬واسم عصفور على تلك الزهرة ذات الريش اليت كانت تطري كالفراشة‪ ،‬ولكنّها‬
‫تبث غناء عذابً غري موجود لدى الفراشة‪ .‬ومثّ‪ ،‬وعرب العصور‪ ،‬ها هي ذي ذريّة آدم تَبتَ ِّدع دائماً أمساء‬ ‫ّ‬
‫"تتعرف" على أعمال هللا يف اخلالئق‪ ،‬أو كلّما‪ ،‬بواسطة العقل الذي لدى اإلنسان‪،‬‬ ‫جديدة طاملا هي ّ‬
‫ضارة أبطفاهلم أنفسهم‪ ،‬حسبما يكونون مع هللا‬ ‫ال ينجبون أطفاالً فقط‪ ،‬بل يبتدعون أشياء انفعة أو ّ‬
‫أو ض ّده‪ .‬فأولئك الذين يبتدعون ويُنتِّجون أشياء صاحلة‪ ،‬هم مع هللا‪ّ ،‬أما الذين يبتدعون أشياء سيّئة‬
‫الشرير‪.‬‬
‫تضر ابلقريب‪ ،‬فهم ض ّد هللا‪.‬وهللا ينتقم ألبنائه الذين يع ّذهبم روح اإلنسان ّ‬
‫ّ‬
‫حّت ولو كان اآلن مذنباً خاطئاً‪ ،‬فهو على الدوام‬ ‫املفضلة لدى هللا‪ّ .‬‬
‫فاإلنسان إذن هو اخلليقة ّ‬
‫َرس َل َكلِّ َمته ذاهتا‪ ،‬ابنه نفسه‪ ،‬وليس مالكاً وال‬
‫شهد على ذلك هو أنّه أ َ‬
‫اخلليقة األغلى لديه‪ .‬وما يَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 729 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رئيس مالئكة‪ ،‬ليس شريوبيماً وال سريافيماً‪ ،‬بل َكلِّ َمته‪ُ ،‬ملبِّساً ّإايه َج َسداً بشرّايً ليُ َخلِّّص البشر‪ .‬ومل‬
‫يَعتَِّرب هذا الثوب‪ ،‬اجلسد‪ ،‬معيباً‪ ،‬ليجعل أهالً للعذاب التكفريي ذاك الذي‪ ،‬لكونه مثله روحاً طاهرة‬
‫للغاية‪ ،‬ال َيكنه‪ ،‬واحلال هذه‪ ،‬التأ ّمل والتكفري عن خطيئة اإلنسان‪.‬‬

‫صنَعتُهُ‪.‬‬
‫كل الذي َ‬
‫لت من اإلنسان كائناً مكتمالً مثل ّ‬
‫لقد قال يل اآلب‪" :‬ستكون بشراً‪ :‬لقد َج َع ُ‬
‫لت قدرة حياة هادئة‪ ،‬ونوماً هانئاً‪ ،‬ويقظة سعيدة وإقامة أبديّة مغبوطة يف فردوسي‬ ‫كنت قد َج َع ُ‬
‫و ُ‬
‫السماوي‪ .‬ولكن‪ ،‬تَعلَم ذلك‪ ،‬ال َيكن ملن كان ُم َدنَّساً الولوج إىل هذه اجلنّة‪ ،‬ففي هذا املكان عرشنا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أان‪-‬حنن‪ ،‬هللا الواحد‪-‬الثالوث‪ .‬ويف حضرة اآلب ال َيكن أن توجد غري القداسة‪ .‬أان هو الكائن‪.‬‬
‫ي ال َيكن أن يدركه ّإال الذين ُهم بال عيب‪ .‬اإلنسان اآلن‪ ،‬آبدم وبواسطة‬ ‫السر ّ‬
‫طبيعيت اإلهليّة‪ ،‬جوهران ّ‬
‫ك‬‫األول‪ .‬فإنّ َ‬ ‫اذهب َ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أنت وطَ ّهره‪ .‬تلك هي إراديت‪ .‬مع ذلك ستكون اإلنسان‪ .‬املولود ّ‬ ‫آدم قد ُدنّس‪َ .‬‬
‫جبسدك املائت اخلايل من اخلطيئة‪ ،‬مع النفس الربيئة من اخلطيئة األصليّة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ستكون أول ِّ‬
‫الداخلني هنا‬ ‫ّ‬
‫مبوتك كفادي"‪ .‬وال‬
‫بعدك على األرض‪ ،‬فستكون هلم احلياة َ‬ ‫قبلك‪ ،‬والذين سيأتون َ‬ ‫ّأما الذين جاؤوا َ‬
‫دت وسأموت‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َيكن أن َيوت ّإال َمن ُول َد قَبالً‪ .‬وأان إّّنا ُول ُ‬
‫ولكن‬
‫املفضل لدى هللا‪ .‬واآلن قولوا يل‪ :‬إذا كان ألب أبناء كثريون‪ّ ،‬‬ ‫فاإلنسان هو املخلوق ّ‬
‫املفضل لديه‪َ ،‬ح َدقَة عينه‪ ،‬وإذا ما قُتِّل‪ ،‬أفال يتأ ّمل هذا األب أكثر مما لو كان األمر‬
‫واحداً منهم هو ّ‬
‫يتعلّق اببن آخر من أبنائه؟ كان املفروض ّأال يكون هذا‪ ،‬ألنّه ينبغي لألب أن يكون عادالً مع مجيع‬
‫أبنائه‪ .‬ولكن ذلك إّّنا ُيدث أل ّن اإلنسان غري كامل‪ّ .‬أما هللا فيمكنه فِّعلها بعدل واستقامة‪ .‬إذ إ ّن‬
‫اإلنسان هو اخلليقة الوحيدة بني املخلوقات مجيعها اليت متلك‪ ،‬ابملشاركة مع هللا‪ ،‬النفس الروحيّة‪،‬‬
‫لألبوة اإلهليّة‪.‬‬
‫السمة اليت ال تقبل اجلدل ّ‬
‫عندما يُقتَل لألب ابن‪ ،‬أفال يُساء ّإال إىل االبن؟ ال‪ ،‬بل إىل األب أيضاً‪ .‬إىل االبن جبسده وإىل‬
‫لكن اجلرح يصيب االثنني‪ .‬وبقتل إنسان‪ ،‬أال يُساء ّإال إىل هذا اإلنسان؟ ال‪ ،‬بل إىل‬ ‫األب بقلبه‪ .‬و ّ‬
‫هللا أيضاً‪ .‬إىل اإلنسان جبسده وإىل هللا حب ّقه‪ .‬ذلك أ ّن احلياة واملوت‪ ،‬به ومن خالله وحده جيب أن‬
‫تُعطَيا أو تُن َـزعا‪ .‬فالقتل هو ممارسة العنف ض ّد هللا واإلنسان‪ .‬والقتل هو اعتداء جيري ضمن حقل ُملك‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 730 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ُيب هللا‪ ،‬إذ هو يُبيد صنيعته‪ :‬اإلنسان‪ .‬والقاتل ال‬
‫احلب‪ .‬فالذي يَقتل ال ّ‬
‫هللا‪ .‬القتل هو خمالفة وصيّة ّ‬
‫ُيب القريب‪ ،‬فهو ينتزع منه ما يريده لنفسه‪ :‬احلياة‪.‬‬
‫ّ‬
‫األولني‪.‬‬
‫أجبت على السؤالني ّ‬
‫وهبذا أكون قد ُ‬
‫قتلت؟“‬
‫”أين ُ‬
‫َيكننا القتل على الطريق‪ ،‬يف بيت الضحيّة أو ابستدراجها إىل بيتنا‪َ .‬يكن ضرب عضو أو آخر‬
‫حّت مرتكبني قتالً مضاعفاً بضربة واحدة‪ ،‬إذا ما ُوِّّج َهت الضربة إىل‬
‫ُم َسبِّّبني أملاً أعظم وأخطر‪ ،‬بل ّ‬
‫امرأة حتمل مثرة يف أحشائها‪.‬‬

‫املارة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ت منّا حيوان وقَـتَ َل أحد ّ‬ ‫َيكن الضرب يف الشارع دون وجود لنيّة مسبقة‪ .‬إذا ما أُفل َ‬
‫فعندئذ ال وجود لسبق إصرار‪ .‬إّّنا لو تسلّح شخص خبنجر َيفيه مبكر حتت ثوبه الكتّاين‪ ،‬ومضى إىل‬
‫بكل مظاهر‬
‫العدو كونه أفضل منه ـ أو لو دعاه إىل بيته ّ‬ ‫عدو له ـ وغالباً ما تكون خطيئة هذا ّ‬ ‫بيت ّ‬
‫ب‪ ،‬إذن ُلوِّجد سبق اإلصرار‪ ،‬وكانت اجلرَية مكتَ ِّملة ابملكر والوحشيّة‬‫اإلجالل‪ ،‬مثّ َذ َحبَه ورماه يف اجلُّ ّ‬
‫والعنف‪.‬‬

‫األم مع مثرة أحشائها‪ ،‬فاهلل يسأل احلساب عن االثنني‪ .‬أل ّن البطن الذي ُيمل‬ ‫ِّ‬
‫وإذا قُتلَت ّ‬
‫إنساانً جديداً‪ ،‬حسب وصيّة هللا‪ ،‬مق ّدس‪ ،‬ومق ّدسة هي احلياة الصغرية اليت أينَـ َعت فيه‪ ،‬وقد َمنَ َحها‬
‫هللا روحاً‪.‬‬

‫لت؟“‬
‫”أبيّة وسيلة قَـتَ ُ‬
‫ب حامالً سالحاً حقيقيّاً‪.‬‬
‫أضرب"‪ ،‬عندما يكون قد َذ َه َ‬ ‫عبثاً يؤّكد أحدهم‪" :‬مل أكن أنوي أن ُ‬
‫حّت احلَ َجر امللتَـ َقط من الطريق‪ ،‬أو الغصن املنتَـَزع من‬
‫فاأليدي ذاهتا تصبح أثناء الغضب سالحاً‪ّ ،‬‬
‫الشجرة هو كذلك‪ّ .‬أما الذي يستعمل اخلنجر أو الفأس بربود‪ ،‬وإذا بدا له شحذُها غري كاف‪،‬‬
‫يشحذُها ويتسلّح هبما بشكل جيعل أحداً ال يالحظهما‪ ،‬بينما هو يستطيع امتشاقهما بسهولة ويُسر‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 731 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫فلو بـَلَ َغ منافسه وهو على هذا الشكل‪ ،‬ال َيكنه حينذاك القول‪" :‬مل أكن أنوي الضرب"‪ .‬ومن ُُيَ ِّّ‬
‫ضر‬
‫مسّاً بقطف أعشاب ومثار سامة ليصنع منها مسحوقاً أو شراابً‪ ،‬مثّ يق ّدمه لضحيّته‪ ،‬كما لو أنّه توابل‬
‫أو شراب ُخمَ َّمر‪ ،‬فال يستطيع‪ ،‬ابلتأكيد القول‪" :‬مل أكن أريد القتل"‪.‬‬

‫أننت أيّتها النساء قاتالت حيوات كثرية‪ ،‬الصامتات واملختبئات واهلارابت من‬ ‫واآلن‪ ،‬امسعن ّ‬
‫ألهنا غري مرغوب‬ ‫أحشائكن‪ ،‬لكوهنا ِّمن َم َ‬
‫نشأ أثيم‪ ،‬أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫العقاب‪ .‬فقتل هو كذلك انتزاع مثرة تنمو يف‬
‫ثروتكن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كن)‪ ،‬أو غري مرغوب هبا ل‬‫كشوحكن (فقر ّ‬
‫ّ‬ ‫هبا‪ ،‬لكوهنا ال تعدو كوهنا َمحالً ال طائل منه يف‬
‫وليس هناك سوى طريقة واحدة لكي ال يكون هذا العبء‪ :‬البقاء عذارى‪ .‬فال جتمعن القتل مع‬
‫كل شيء‬
‫التمرد‪ .‬وال يظنّ ّن أحد أ ّن هللا ال يرى ما ال يراه اإلنسان‪ .‬فاهلل يرى ّ‬
‫الفجور ومع العنف ومع ّ‬
‫كل شيء‪ .‬تذ ّكروا أنتم أيضاً ذلك‪.‬‬
‫ويتذ ّكر ّ‬
‫بت؟“‬
‫ضَر ُ‬
‫”ملاذا َ‬
‫آه! توجد أسباب كثرية! فاختالل توازن غري متوقَّع ََيلق فيكم انفعاالً عنيفاً‪ ،‬هو ما حتدثه رؤية‬
‫صب ابنتكم‬ ‫السرير الزوجي وقد دنِّّس‪ ،‬أو مفاجأة تواجد لص يف البيت‪ ،‬أو شخص مثري لالمشئزاز يغتَ ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تقرر بعد َرويّة ومتحيص‪ ،‬للتخلّص من شاهد خطري‪ ،‬ممّن َينعكم‬ ‫الصغرية‪ ،‬أو احلساب املبيّت‪ ،‬والذي َّ‬
‫من الوصول إىل غايتكم‪ ،‬أو الطامع يف مركزكم أو ثروتكم‪ :‬هنا توجد أسباب كثرية‪ ،‬وإذا َغ َفَر هللا أيضاً‬
‫ملن‪ ،‬يف ُمحّى األمل‪ ،‬أصبَ َح جمرماً‪ ،‬فلن يَغفر للذي أصبَ َح كذلك برغبة وتَوق‪ ،‬أو ألنّه يبحث عن تقدير‬
‫الناس‪.‬‬

‫أي كان‪ .‬اقنَعوا مبا لديكم‪ ،‬وال تطمعوا‬


‫تصرفوا ابستقامة على الدوام‪ ،‬ولن ختشوا نظرة أو كالم ّ‬‫ّ‬
‫مبا َيلكه اآلخر‪ ،‬إىل درجة أن تصبحوا جمرمني قَـتَـلَة‪ ،‬المتالك ما هو للقريب‪.‬‬

‫بت؟“‬
‫ضَر ُ‬
‫”كيف َ‬
‫أابإلصرار قبل وبعد الضربة األوىل نتيجة االنفعال؟ ُيدث أحياانً ّأال يعود لدى اإلنسان كوابِّح‪.‬‬
‫فيوقِّعه الشيطان يف اجلرَية‪ ،‬كما يرمي رامي املقالع احلَ َجر‪ .‬ولكن ما قولكم يف َح َجر‪ ،‬بعد أن يبلغ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 732 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هدفه‪ ،‬يعود إىل املقالع ُلريمى من جديد ويُ ِّ‬
‫عاود الضرب؟ تقولون "تستويل عليه ّقوة سحريّة جهنميّة"‪.‬‬
‫الكرة اثنية واثلثة وعاشرة‪ ،‬دون أن تستكني وحشيّته‪.‬‬
‫هكذا هو الرجل الذي‪ ،‬بعد الضربة األوىل‪ ،‬يعيد ّ‬
‫تتم العودة إىل التع ّقل بعد الضربة األوىل‪ ،‬عندما تكون هذه انجتة عن ُم َسبِّّب‬
‫حني يقع الغضب‪ّ ،‬‬
‫لكن الوحشيّة تتعاظم ابستمرار‪ ،‬طاملا الفريسة تتل ّقى ضرابت أكثر‪ ،‬ذلك لدى‬
‫معقول َيكن إدراكه‪ .‬و ّ‬
‫احلقيقي‪ .‬إنّه شيطان ليس لديه‪ ،‬بل ال َيكن أن تكون لديه رمحة ورأفة أبخيه‪ ،‬ألنّه شيطان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اجملرم القاتل‬
‫أي احلقد‪.‬‬

‫بت؟“‬
‫ضَر ُ‬
‫”مّت َ‬
‫يستمر‬ ‫ا‬ ‫بينم‬ ‫ابملساحمة‬ ‫ابلتظاهر‬ ‫؟‬‫ً‬‫ا‬ ‫أرض‬ ‫ت‬‫َ‬‫ط‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫قد‬ ‫ة‬ ‫الضحي‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫األوىل؟‬ ‫بة‬
‫ر‬ ‫الض‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫انتظرت سنوات ألضرب وأسبّب أملاً مضاعفاً بقتل األب بشخص أبنائه؟‬ ‫ُ‬ ‫احلقد أقوى؟ قد أكون‬

‫حبق هللا‪،‬‬
‫تَـَرو َن أنّه ابلقتل تُنتَـ َهك اجملموعة األوىل واجملموعة الثانية من الوصااي‪ ،‬ألنّكم تستأثرون ّ‬
‫وتدوسون القريب أبرجلكم‪ .‬إذن فهي خطيئة ض ّد هللا وض ّد القريب‪ .‬إنّكم ال ترتكبون فقط خطيئة‬
‫التمرد وانتهاك احلُرمات‪،‬‬
‫القتل‪ ،‬ولكنّكم ترتكبون كذلك خطيئة الغضب‪ ،‬خطيئة العنف والكربايء و ّ‬
‫ِّ‬
‫وأيضاً خطيئة الطَّ َمع‪ ،‬إذا قَـتَلتم لتستولوا على مكان أو على مال‪ .‬ولكنّين ابلكاد أُلَ ّـمح‪ ،‬وسوف ّ‬
‫أتوسع‬
‫أتملوا‪.‬‬
‫السم‪ ،‬إّّنا كذلك ابالفَتاء‪ّ .‬‬
‫قَتف فقط ابلسالح و ّ‬ ‫ابلشرح يف يوم آخر‪ ،‬فالقتل ال يُ ََ‬
‫وأُضيف أيضاً‪ :‬املعلّم الذي يضرب عبداً‪ ،‬متحاشياً خببث ّأال َيوت بني يديه‪ ،‬فهو ُمذنِّب‬
‫َيص هللا‪ .‬فملعون لألبد ذاك الذي‬
‫فضة من ممتلكات املعلّم‪ :‬إنّه روح ّ‬
‫مضاعف‪ .‬فالعبد ليس ّ‬
‫َ‬ ‫بشكل‬
‫حّت مع ثوره‪».‬‬
‫يفرض عليه معاملة ال َيارسها ّ‬

‫قدحان َشَرَراً‪ ،‬وهو يَرعد‪ .‬ينظر إليه اجلميع مندهشني‪ ،‬ذلك أنّه كان يتكلّم قبالً‬
‫عينا يسوع تَ َ‬
‫بكل هدوء‪.‬‬
‫ّ‬
‫«ليكن ملعوانً‪ ،‬إ ّن الشريعة اجلديدة قد أَبطَلَت هذه القسوة‪ .‬كان ما يزال هناك عدل‪ ،‬عندما‬
‫مل يكن يف شعب إسرائيل أولئك املنافقون الذين يتظاهرون ابلقداسة ويتفنَّنون يف حتريف شريعة هللا‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 733 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫واستغالهلا ملصلحتهم‪ .‬إّّنا يف الوقت احلاضر‪ ،‬حيث اجتاحت إسرائيل كلّها تلك الثعابني اليت تسمح‬
‫كل ما يَُتك هلا فعله‪ ،‬أل ّهنم ذوو السلطان البائسون الذين ينظر هللا إليهم مبقت‬
‫لنفسها أبن تفعل ّ‬
‫وامشئزاز‪ ،‬وأان أقول‪ :‬لن يكون هذا‪.‬‬

‫جمردة‬
‫يَس ُقط العبيد على األثالم أو أثناء دوران الطاحون‪ .‬يَس ُقطون وعظامهم حمطّمة‪ ،‬وأعصاهبم ّ‬
‫ليربروا ساديّتهم الشيطانيّة‪.‬‬
‫بفعل ضرابت السياط‪ .‬ولتغطية شرعيّة الضرب يتّهموهنم جبرائم كاذبة‪ّ ،‬‬
‫احلق يف ضرهبم‪ .‬فال سلطان هللا وال قداسة العبد‬
‫الهتامهم ونيل ّ‬
‫حّت عجائب هللا ّ‬ ‫جيعلون استخدام ّ‬
‫لكن هللا‬ ‫ِّ‬
‫ابلشر‪ .‬و ّ‬
‫هتدي نفسهم الشرسة‪ ،‬وهي ال َيكنها االهتداء‪ ،‬إذ ال يَلج اخلري يف ما هو ُمشبَع ّ‬
‫يرى ويقول‪" :‬هذا يكفي"‪.‬‬

‫صصة‪،‬‬ ‫كثريون ج ّداً ُهم أشباه قايني الذين يقتلون أشباه هابيل‪ .‬وماذا تظنّون؟ ّإهنم قبور ُجمَ َّ‬
‫تعج‬
‫ظاهرها أبيض مغطّى بعبارات من الشريعة‪ّ ،‬أما ابطنها فيجلس الشيطان على عرش ُملكه‪ ،‬حيث ّ‬
‫الرب ال‬
‫وتتكاثر عبادة الشيطان األكثر مكراً‪ .‬ماذا تظنّون؟ أنّه مل يكن من هابيل سوى ابن آدم‪ ،‬وأ ّن ّ‬
‫ينظر ابهتمام ّإال إىل الذين هم ليسوا عبيداً لإلنسان‪ ،‬بينما هو يرمي بعيداً عنه التقدمة الوحيدة اليت‬
‫حّت ولو‬
‫ابر هو هابيل‪ّ ،‬‬ ‫كل ّ‬‫احلق أقول لكم إ ّن ّ‬‫َيكن للعبد أن يق ّدمها‪ :‬نزاهته املطيَّبة بدموعه؟ ال‪ّ .‬‬
‫كل ظامل‬
‫حّت ولو مات فوق األثالم‪ ،‬أو سالت دماؤه بفعل اجلَّلد‪ ،‬وقايني هو ّ‬ ‫كان مكبّالً ابلسالسل‪ّ ،‬‬
‫ملوثة خبطاايه وملطّخة‬ ‫يق ّدم األعطيات هلل بكربايء‪ ،‬وليس ليق ّدم له حصاداً حقيقيّاً‪ ،‬بل ليق ّدم أعطياته ّ‬
‫ابلدم‪.‬‬

‫اي ُمنتَ ِّهكي ُحرمة املعجزة‪ .‬اي منتهكي ُحرمة اإلنسان‪ ،‬اي قَـتَـلَة‪ ،‬اي ُمنتَ ِّهكي ُحرمة املقدَّسات!‬
‫خارجاً! ابتعدوا عن مكان تواجدي! يكفي! أقول‪ :‬يكفي‪ .‬وأستطيع قوهلا ألنّين الكلمة اإلهليّة‪ ،‬التعبري‬
‫اإلهلي‪ .‬اذهبوا!»‬
‫عن الفكر ّ‬
‫وعظَ َمته تثري اهللع‪ .‬ذراعه ممدودة‪ ،‬وتشري إىل ابب اخلروج‪ ،‬عيناه‪،‬‬
‫يسوع واقف على املنرب الفقري‪َ ،‬‬
‫نريان األفق‪ ،‬تبدوان ساحقتني اخلطأة ِّ‬
‫احلاضرين‪ .‬والطفلة‪ ،‬اليت كانت عند قدميه‪ ،‬تبدأ ابلبكاء‪ ،‬وهترب‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 734 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتوجه إليه ابلتَّقريع‪ .‬كذلك‬ ‫إىل أمها‪ .‬والتالميذ ينظرون إىل بعضهم م َ ِّ‬
‫ندهشني‪ ،‬حماولني رؤية الذي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تتلفت بنظرات متسائِّلة‪.‬‬
‫اجلُّموع َّ‬

‫السر يُعلَن أخرياً‪ .‬ففي آخر القاعة‪ ،‬خارج الباب‪ ،‬يظهر دوراس‪ ،‬شبه خمتبئ خلف جمموعة‬ ‫هوذا ّ‬
‫حّت األنف و َّ‬
‫الذقن‪ .‬يصحبه‬ ‫ف الدم يف عروقه‪ ،‬وبدا أصفر متجعّداً ّ‬ ‫من الناس طوال القامة‪ ،‬وقد َج َّ‬
‫يتجرأ‬
‫خادم يساعده يف تن ّقله‪ ،‬إذ إنّه يبدو شبه مصاب حبادث‪ .‬و كان قد لَ َم َحه يف وسط الدار‪ .‬إنّه ّ‬
‫كالمك؟ يل أان ما تقول؟»‬
‫َ‬ ‫أإيل أان تُـ َو ّجه‬
‫األجش‪ّ « :‬‬
‫ّ‬ ‫على الكالم بصوته‬

‫أنت نعم‪ .‬اخرج من بييت‪».‬‬


‫لك َ‬‫« َ‬
‫شك‪».‬‬
‫سنسوي حساابتنا قريباً‪ ،‬دون ّ‬
‫«إنّين خارج‪ ،‬ولكنّنا ّ‬
‫ينتظرك‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك إ ّن إله سيناء‬
‫قلت َ‬
‫«قريباً؟ بل حاالً‪ُ .‬‬
‫الضارة ابألرض‪ .‬سوف نتالقى‪.‬‬
‫َنزَل البؤس يب واحليواانت ّ‬
‫أنت أيضاً أيّها املسيء الذي أ َ‬
‫« َ‬
‫وسيكون يوم فرحي‪».‬‬

‫أدينك‪».‬‬
‫تود رؤييت‪ ،‬ألنّين أان سوف َ‬
‫«نعم‪ .‬ولن ّ‬
‫«آه! آه! اللعـ‪ »...‬يتلعثم‪ ،‬يـُ َه ِّ‬
‫مهم ويَسقط‪.‬‬

‫«لقد مات!» يصرخ اخلادم «املعلّم مات! فلتكن مباركاً أيّها املاسيا املنتَ ِّقم لنا!»‬

‫فليهتم اخلادم وحده مبعلّمه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫سن أحد‪ .‬بل‬‫يتنج ّ‬
‫األزيل‪ .‬فال ّ‬ ‫الرب ّ‬ ‫لست أان‪ ،‬بل هللا‪ّ ،‬‬
‫«ال‪ُ .‬‬
‫ولَتأف جبسده‪ .‬كونوا صاحلني مجيعكم اي خ ّدامه‪ .‬ال تُ َسّروا مبوته نتيجة حقد فيكم‪ ،‬لكي ال تستأهلوا‬
‫البار مبثابة األصدقاء لكم على الدوام‪ ،‬وأان معهم‪ .‬الوداع‪».‬‬
‫الدينونة‪ .‬فليكن هللا ويوان ّ‬
‫ادتك؟» يسأل بطرس‪.‬‬
‫مات إبر َ‬
‫«ولكن هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 735 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التهجم على هللا أمر ُحمَظَّر‪ .‬وهو‬
‫َيكنك إدراكه‪ .‬اعلَم فقط أ ّن ّ‬
‫َ‬ ‫سر ال‬
‫يف‪ ...‬إنّه ّ‬
‫لكن هللا ّ‬
‫«ال‪ .‬و ّ‬
‫ينتقم بنفسه‪».‬‬

‫يبغضونك؟»‬
‫َ‬ ‫كل الذين‬
‫َيكنك إذن القول لآلب أبن َُييت ّ‬
‫َ‬ ‫«ولكن أال‬

‫لست االنتقام‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫أنت! أان الرمحة و ُ‬
‫أي روح َ‬
‫«اصمت! ال تَعلَم من ّ‬
‫أشر َق النور يف‬
‫كل أسئليت‪ ،‬وقد َ‬
‫أجبت على ّ‬
‫َ‬ ‫يدنو رئيس الكنيس العجوز‪« :‬اي معلّم‪ ،‬لقد‬
‫كالمك عن عجوز مسكني‪».‬‬
‫َ‬ ‫داخلي‪ .‬فلتكن مباركاً‪ .‬تعال إىل كنيسي‪ ،‬وال حتجب‬

‫معك‪».‬‬
‫الرب َ‬
‫«سوف آيت‪ .‬اذهب بسالم‪ّ .‬‬
‫كل شيء بينما َيضي اجلميع ببطء شديد‪.‬‬
‫ينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 736 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫إهلك"‪ .‬تالميذ املعمدان الثالثة)‬


‫الرب َ‬
‫‪( -94‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال جترب ّ‬
‫‪1945 / 03 / 11‬‬

‫غ النهار‬
‫شتوي ولكنّه صاف متاماً‪ .‬مشس وهواء يف مساء صافية دوّنا أثر للغيوم‪ .‬ولقد بـََز َ‬
‫ّ‬ ‫يوم‬
‫ابحلري ِّمن النَّدى املتجلِّّد‪ ،‬الذي يوحي أبنّه مسحوق‬
‫ّ‬ ‫لتوه‪ ،‬وما تزال هناك طبقة رقيقة من اجلليد‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫من املاس على األرض والعشب‪.‬‬

‫لمحون‬ ‫يقبِّل صوب البيت ثالثة رجال يسريون خبطى واثقة‪ِِّّ ،‬‬
‫التوجه‪ .‬أخرياً يَ َ‬
‫عارفني أين ينبغي هلم ّ‬ ‫ُ‬
‫يوحنّا جيتاز الدار حامالً أواين ماء َس َحبَها من البئر‪ ،‬وينادونه‪.‬‬

‫يلتفت يوحنّا‪ ،‬يضع األواين ويقول‪« :‬أنتم هنا؟ أهالً بكم! سوف يُ َسّر املعلّم بلقائكم‪ .‬تعالوا‪،‬‬
‫يؤمون املكان!‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫تعالوا قبل أن تَصل اجلموع‪ .‬لقد أصبَ َح الكثري من الناس ّ‬
‫بكل‬
‫الر ُسل ّ‬
‫الرعاة الثالثة‪ ،‬تالميذ يوحنّا املعمدان‪ .‬مشعون ويوحنّا ومتّيا‪ّ .‬إهنم يَتبَعون ُّ‬
‫أولئك ُهم ُّ‬
‫سرور‪.‬‬

‫«اي معلّم‪ ،‬ها هم أصدقاء لنا ثالثة‪ .‬انظر‪ ».‬يقول يوحنّا وهو يدخل إىل املطبخ‪ ،‬حيث تَتاقص‪،‬‬
‫بفرح‪ ،‬انر حطب تفوح منها رائحة زكيّة خلشب وغار ُيَتق‪.‬‬

‫ث مكروه‬
‫ص َل هذا أن جئتم لرؤييت؟ هل َح َد َ‬
‫«آه! السالم لكم اي أصدقائي‪ .‬كيف َح َ‬
‫للمعمدان؟»‬

‫لك أن توصي هللا ابلليث الذي يالحقه‬ ‫يك ويقول َ‬ ‫«ال اي معلّم‪ .‬لقد أتينا إبذن منه‪ .‬وهو ُييّ َ‬
‫حر‪ ،‬وهو سعيد لعلمه أبنّه قد‬‫رماة النبال‪ .‬ال أوهام لديه حول مصريه‪ ،‬ولكنّه يف الوقت احلاضر هو ّ‬
‫نتحرق‬ ‫كذلك‬ ‫حنن‬ ‫م‪...‬‬‫ّ‬‫ل‬‫مع‬ ‫اي‬ ‫له‪.‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أتباع‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫سابق‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫ممن‬ ‫حّت‬ ‫صون‬ ‫أصبح لديك مؤمنون كثريون ُخملِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ َ‬
‫درك قصدان؟» يقول مشعون‪.‬‬ ‫الحق‪ .‬هل تُ ِّ‬‫نود تركه اآلن وهو ُم َ‬‫لنكون منهم‪ ،‬ولكنّنا ال ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 737 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حب‪».‬‬
‫كل ّ‬
‫كل احَتام و ّ‬
‫يستحق ّ‬
‫ّ‬ ‫«ابلطبع‪ ،‬وأابرككم ملا تفعلونه‪ ،‬فاملعمدان‬

‫«نعم‪ .‬حسناً تقول‪ .‬إ ّن املعمدان لَ َعظيم‪ ،‬ويزداد عظمة ابستمرار‪ .‬وهو يذ ّكر ابألغاف ‪Agave‬‬
‫أخر َج مشعداانً كبرياً مع زهرته ذات البتالت السبع اليت تشتعل ويفوح منها العطر‪.‬‬ ‫الذي‪ ،‬قبيل موته‪َ ،‬‬
‫رؤيتك‪ .‬ولقد تَـلَ َّقينا هذا النداء من روحه‪،‬‬
‫َ‬ ‫يود‬
‫مرة أخرى"‪ .‬إنّه ّ‬ ‫"أود لو أراه ّ‬
‫إنّه َياثله‪ .‬ويقول دائماً‪ّ :‬‬
‫برؤيتك‬ ‫يضحي برغبته املق ّدسة‬ ‫ال‬‫ز‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ف"‪،‬‬ ‫"املعَتف" و "املتع ِّّ‬
‫ف‬ ‫ِّ‬ ‫وهو‬ ‫‪.‬‬‫لك‬ ‫نقلناه‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫ثه‬‫د‬‫ودون أن ُحن ِّّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أظن أ ّن رئيس املالئكة‪ ،‬الذي ظَ َهَر لطوبيّا آنذاك‪ ،‬ال َيكنه‬ ‫ومساعك‪ .‬أان طوبيّا‪ ،‬واآلن متّيا‪ ،‬ولكنّين ّ‬‫َ‬
‫فكل ما فيه حكمة‪».‬‬‫أن يكون خمتلفاً عنه‪ّ .‬‬
‫«مل يُكتَب أن ال أراه‪ ...‬ولكن هل ِّمن أجل هذا فقط أتيتم؟ املسري مض ٍن يف هذا الفصل‪ .‬اليوم‬
‫األايم الثالثة املاضية‪ ،‬كم كان املطر غزيراً على الطرقات!»‬
‫الطقس مجيل‪ ،‬إّّنا يف ّ‬
‫ض‬‫لكن املعمدان َرفَ َ‬
‫ليتطهر‪ .‬و ّ‬
‫يسي ّ‬ ‫الفر ّ‬
‫«ليس من أجل هذا فقط‪ .‬فمنذ بضعة ّأايم أاته دوراس ّ‬
‫لك‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫تعميده قائالً له‪" :‬املاء ال يَلج مع وجود مثل هذه القشرة من اخلطااي‪ .‬واحد فقط َيكنه أن يغفر َ‬
‫متأت ِّمن سحره"‪ .‬حينذاك‬
‫ٍ‬
‫الشر ّ‬ ‫أظن أ ّن هذا ّ‬ ‫ماسيا"‪ .‬فقال حينئذ‪" :‬سأذهب إليه‪ .‬أريد الشفاء‪ .‬و ّ‬
‫طرد الشيطان‪ّ .‬أما ذاك‪ ،‬فبينما كان ماضياً‪ ،‬التقى بيوحنّا الذي كان يعرفه مذ كان‬ ‫طََرَده املعمدان كما يَ ُ‬
‫وحّت‪( ...‬أقول‬
‫حّت منّان ّ‬‫فكل الناس يذهبون‪ّ ،‬‬ ‫يذهب إىل يوان قريبه‪ ،‬وقال له‪" :‬إنّين ذاهب إليه‪ّ ،‬‬
‫تعج ابلناس املخدوعني‪ .‬واآلن‬
‫الزواين ّأما هو فقد قال كلمة أكثر قذارة) يذهنب‪ .‬ومنطقة املياه احللوة ّ‬ ‫َّ‬
‫عين لعنة األراضي احملفورة‪ ،‬كما آبالت حرب‪ِّ ،‬من قِّبَل جيش ِّمن اخللد والدود‬ ‫إذا ما َشفاين وأزال ّ‬
‫ب وتقضم جذور الشجر املثمر والكروم‪ ،‬وال جمال للسيطرة عليها‪،‬‬ ‫واحلرااثت واحلالوش اليت تُـ َفِّّرغ احلَ ّ‬
‫َجبناه‪" :‬أهبذه املشاعر تذهب إليه؟" فأجاب‪" :‬ومن ذا‬ ‫وإال‪ ...‬فالويل له!" وأ َ‬ ‫أُصبِّح بذلك صديقاً له‪ّ ،‬‬
‫الزواين َيكنه عقد معاهدة معي‬ ‫الذي يؤمن بذاك الذي تسكنه الشياطني؟ عدا ذلك‪ ،‬فكما يَستَقبِّل َّ‬
‫حذرك ِّمن دوراس‪».‬‬
‫رك‪ ،‬فتأخذ َ‬ ‫أيضاً"‪ .‬وقد أردان اجمليء لنح ّذ َ‬
‫«لقد قُ ِّ‬
‫ضي األمر‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 738 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حقيقي! فهو لديه عرابت وجياد وحنن ال ّنلك سوى سيقاننا‪ .‬مّت‬
‫ّ‬ ‫ث ذلك؟ آه!‬
‫«هل َح َد َ‬
‫أتى؟»‬

‫«أمس‪».‬‬

‫«وماذا جرى؟»‬
‫«إذا كانت لديكم النيّة ابالهتمام بدوراس‪ ،‬فيمكنكم الذهاب إىل بيته يف أورشليم لتُ ِّ‬
‫شاركوا يف‬
‫احلداد‪ .‬إ ّهنم اآلن يف صدد هتيئة القرب‪».‬‬

‫«مات؟!!!»‬

‫نتكلمن عنه‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«لقد مات هنا‪ .‬ولكن ال‬

‫«نعم اي معلّم‪ ...‬قُل لنا فقط‪ ،‬هل صحيح ما قاله عن منّان؟»‬

‫«نعم‪ ،‬هل يسوءكم هذا؟»‬

‫«آه! بل يسعدان! لقد َكلَّمناه َ‬


‫عنك كثرياً يف مكرونة! وماذا يريد رسول سوى أن يكون معلّمه‬
‫حمبوابً؟ هذا ما كان يبغيه يوحنّا‪ ،‬وحنن معه‪».‬‬

‫ك جتيد التح ّدث اي متّيا‪ .‬متلك احلكمة‪».‬‬


‫«إنّ َ‬
‫املظال تبحث‬‫أظن ذلك‪ .‬ولكنّنا قد التقينا تلك الـ‪ ...‬لقد كانت عندان قبل عيد ّ‬ ‫«أان‪ ...‬ال ّ‬
‫عنك‪ ،‬وقد قلنا هلا‪" :‬إ ّن الذي تبحثني عنه ليس هو ها هنا‪ ،‬ولكنّه سوف يكون قريباً يف أورشليم‪ ،‬يف‬ ‫َ‬
‫املظال"‪ .‬لقد َكلَّمناها هكذا أل ّن املعمدان قال لنا‪" :‬انظروا إىل تلك اخلاطئة‪ :‬إ ّن هلا قشرة قذارة‪،‬‬
‫عيد ّ‬
‫تتكسر معها تلك القشرة‬ ‫لدرجة‬ ‫توبة‬ ‫تصبح‬ ‫وسوف‬ ‫ار‪،‬‬‫ر‬ ‫ابستم‬ ‫م‬‫إّّنا يف داخلها شعلة متّ ِّقدة‪ ،‬تَضطَِّّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬وتسقط القذارة‪ ،‬ولن يبقى سوى الشعلة"‪ .‬هكذا قال‪ .‬ولكن هل صحيح ّأهنا تنام‬ ‫وُيَتق ّ‬
‫هنا‪ ،‬كما جاء يقول اثنان ِّمن ال َكتَـبَة ذوي النفوذ؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 739 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬بل ّإهنا يف أحد إسطبالت الوكيل‪ ،‬على مسافة من هنا‪».‬‬

‫وهم!‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫مسعت؟ ُ‬
‫«أَلسنة جهنّمية‪ .‬هل َ‬
‫احلون ال يص ِّّدقون أقواهلم بل أعمايل‪».‬‬
‫فالص ِّ‬
‫«دعهم يقولون‪َّ .‬‬
‫«هذا ما يقوله يوحنّا أيضاً‪ .‬منذ بضعة ّأايم قال له بعض التالميذ حبضوران‪" :‬اي معلّم‪ ،‬إ ّن الذي‬
‫لك مؤمنون"‪.‬‬ ‫دت له‪ ،‬يـُ َع ِّّمد اآلن‪ .‬واجلميع يذهبون إليه‪ .‬لن يبقى َ‬
‫وش ِّه َ‬
‫معك يف األردن َ‬
‫كان َ‬
‫سمع هذا اخلََرب! ال تَعلَمون مقدار الفرح الذي وهبتموين‬ ‫وقد أجاب يوحنا‪" :‬طوىب ألذين اليت تَ َ‬
‫قلت‬
‫ط له من السماء‪َ .‬يكنكم أن تشهدوا أنّين ُ‬ ‫ّإايه‪ .‬اعلَموا أ ّن اإلنسان ال يستطيع أن أيخذ ما مل يُع َ‬
‫البار ال يَ َّدعي لنفسه امساً ليس‬
‫لست املسيح‪ ،‬بل إّّنا أان السابق ألع ّد له الطريق‪ .‬فاإلنسان ّ‬ ‫لكم‪ :‬إنّين ُ‬
‫أنت هو“‪ .‬أي الق ّدوس‪ .‬فيقول‪” :‬ال‪ .‬ابحلقيقة ال‪ .‬فأان‬ ‫حّت ولو أراد أحد مدحه بقوله‪َ ” :‬‬ ‫له‪ّ ،‬‬
‫أين هو‪ .‬وماذا يبتغي‬ ‫خادمه“‪ .‬وابملقابل يشعر بفرح عظيم إذ يقول‪ :‬إنّين أُشبِّههُ قليالً‪ ،‬لذا يظن البعض ّ‬
‫سعد بعروسها‪ .‬والذي كان الوسيط هلذا الزواج‬ ‫ُيب غري أن يُشبِّه الذي ُيبّه؟ وحدها العروسة تَ َ‬‫الذي ّ‬
‫لكن صديق الزوج الذي َيكث يف جواره ويسمع‬ ‫فال َيكنه ذلك‪ ،‬أل ّن األمر يصبح فسقاً واختالساً‪ .‬و ّ‬
‫املفعم ببهجة العرس‪ ،‬إّّنا َيترب فرحاً عظيماً يُشبِّه إىل ح ّد ما فرح العذراء اليت تَـَزَّو َجها صديقه‪،‬‬
‫صوته َ‬
‫ويتذوق عسل كالم العرس‪ .‬هذا هو فرحي‪ ،‬وهو كامل‪ .‬ماذا يفعل أيضاً صديق الزوج‪ ،‬بعد خدمته‬ ‫ّ‬
‫نس ِّحب وَيتفي‪ .‬هكذا هي احلال ابلنسبة‬ ‫حّت البيت؟ إنّه يَ َ‬‫له شهوراً‪ ،‬أثناء وبعد أن يواكب العروس ّ‬
‫يل! والذي يبقى واحد فقط‪ :‬الزوج مع الزوجة‪ :‬اإلنسان مع اإلنسانيّة‪ .‬آه! اي لتلك العِّبارة العميقة!‬
‫جيب أن يَتعاظَم هو وأتضاءل أان‪ .‬الذي أييت من السماء هو فوق اجلميع‪ .‬واألحبار واألنبياء يتالشون‬
‫كل شيء بنور عظيم لدرجة أ ّن النجوم والكواكب اليت‬ ‫لدى وصوله‪ .‬إذ إنّه يشبه الشمس اليت تنري ّ‬
‫انطفأ نورها تعود لتلبس نور تلك الشمس‪ ،‬والذين ليسوا سوى ظلمات بطبيعتهم‪ ،‬فيتالشون يف هبائه‬
‫الفائق‪ .‬وهذا هو الواقع‪ ،‬إذ إنّه قد أتى من السماء‪ ،‬بينما املفروض أن يذهب األحبار واألنبياء إىل‬
‫السماء‪ِّ ،‬علماً ّأهنم ال أيتون منها‪ .‬والذي أييت من السماء هو فوق اجلميع‪ ،‬ويـب ِّّشر مبا رأى َِّ‬
‫ومسع‪ .‬وال‬ ‫َُ‬
‫وإال فهو يكفر ابهلل‪ .‬والذي يتقبّل شهادة الذي‬ ‫يتوجه إىل السماء‪ّ ،‬‬ ‫يستطيع أحد قبول شهادته إذا مل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 740 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابحلق‬
‫الصحة‪ .‬يشعر ّ‬ ‫احلق‪ ،‬وليس حبكاية ال أساس هلا من ّ‬ ‫نـََزل من السماء‪ََ ،‬يتم بعقيدته إَيانه ابهلل ّ‬
‫رسل ِّمن قِّبَل هللا حسب تعبري كالم هللا‪ ،‬أل ّن هللا َم َألَه ابلروح‪،‬‬
‫أل ّن له نفساً تبحث عنه‪ .‬ذلك أ ّن ال ُـم َ‬
‫ُيب االبن‬
‫أنت اي هبجة حبّنا"‪ .‬إذ إ ّن اآلب ّ‬ ‫معك‪َ ،‬‬‫والروح يقول‪" :‬ها أان ذا‪ ،‬خذين‪ ،‬أريد أن أكون َ‬
‫لكن الذي يرفض اإلَيان‬ ‫كل شيء‪ .‬إذن فمن يؤمن ابالبن ينل احلياة األبديّة‪ّ .‬‬ ‫َّ‬
‫بغري قياس‪ ،‬وقد َسل َمه ّ‬
‫ابالبن فلن يرى احلياة‪ ،‬وسيبقى غضب هللا فيه وعليه"‪.‬‬

‫لك‪ ».‬يقول متّيا‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫ت كلماته يف نفسي ألرويها َ‬
‫هكذا قال‪ ،‬وقد ُحفَر ْ‬
‫أشكرك‪ .‬إ ّن آخر أنبياء إسرائيل ليس الذي نـََزَل من السماء‪ ،‬ولكنّه األقرب‬
‫عليك و َ‬‫«وأان أثين َ‬
‫ذلك‪ ،‬إّّنا أان أقوله‬
‫إىل السماء‪ ،‬بنيله فوائد املواهب اإلهليّة مذ كان يف أحشاء والدته ‪-‬أنتم ال تعرفون َ‬
‫لكم‪».-‬‬

‫«ماذا؟ ماذا؟ آه! اتبِّع الرواية! فهو يقول عن نفسه "أان اخلاطئ"‪ُّ ».‬‬
‫الرعاة الثالثة ُمتَ ِّّ‬
‫لهفون‬
‫لال ِّطّالع‪ ،‬وكذلك التالميذ لديهم الرغبة ذاهتا‪.‬‬

‫«عندما كانت ّأمي حتملين يف أحشائها‪ ،‬عندما كانت َحبلى يب أان‪-‬هللا‪ ،‬وأل ّهنا املتواضعة‬
‫وال ُـمحبّة‪َ ،‬ذ َهبَت لتخدم والدة يوحنّا اليت كانت نسيبتها من جهة والدهتا‪ ،‬وقد َحبِّلَت به يف شيخوختها‪.‬‬
‫وقد كان للمعمدان روح آنذاك‪ ،‬حيث كان يف شهره السابع‪ ،‬وبذرة اإلنسان احملتواة يف أحشائها‬
‫األموميّة‪ ،‬اهتزت فرحاً لدى مساع صوت عروس هللا‪ .‬فكان هو السابق كذلك بفعل أنّه َسبَ َق ال ُـمفتَدين‪،‬‬
‫وو َجلَت فيها‪ ،‬وبذلك ّاحمت اخلطيئة األصليّة من نفس‬ ‫حيث انتَـ َقلَت النعمة من أحشاء إىل أخرى‪َ ،‬‬
‫الطفل‪ .‬أقول إذن‪ ،‬إ ّن ثالثة على األرض َيتلكون احلكمة‪ ،‬كما أ ّن ثالثة يف السماء هم احلكمة‪:‬‬
‫األم والسابق على األرض؛ واآلب واالبن والروح القدس يف السماء‪».‬‬
‫الكلمة و ّ‬
‫فأنت الرمحة اليت ال‬ ‫ِّ‬
‫«الدهشة متأل نَفسنا‪ ...‬تقريباً كما عندما قيل لنا‪" :‬لقد ُولد ماسيا‪َ "...‬‬
‫اضع الذي ال حدود له‪».‬‬‫سرب غورها‪ ،‬ويوحنّا‪ ،‬الذي لنا‪ ،‬هو التو ُ‬
‫يُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 741 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«و ّأمي هي الطَّهارة اليت ال حدود هلا‪ ،‬والنعمة اليت ال حصر هلا‪ ،‬واحملبّة اليت ال هناية هلا‪ ،‬والطاعة‬
‫اضع الذي ال قرار له‪ ،‬وهي حبر الفضائل كلّها اليت نـَْبعها هللا‪ ،‬وهو الذي يَس ُكبها‬‫اليت ال قياس هلا‪ ،‬والتو ُ‬
‫يف ق ّديسيه‪».‬‬

‫ص َل الكثري من الناس‪».‬‬
‫«اي معلّم» يقول يعقوب بن زبدى «لقد َو َ‬
‫«هيّا تعالوا أنتم أيضاً‪».‬‬

‫الناس كثري عددهم‪.‬‬

‫«السالم معكم‪ ».‬يقول يسوع مبتسماً كما يف القليل من األحيان‪ .‬الناس يُثرثرون ويشريون إليه‬
‫ابألصابع‪ .‬هناك الكثري من الفضوليّني‪.‬‬

‫إهلك“‪.‬‬
‫الرب َ‬
‫جترب ّ‬
‫«قيل‪” :‬ال ّ‬
‫اخلاصة عليه‪ِّّ .‬‬
‫جنرب هللا‬ ‫جنرب هللا عندما نريد فرض إرادتنا ّ‬ ‫غالباً ما تُنسى هذه الوصيّة‪ .‬إنّنا ِّّ‬
‫وهنتم‪ ،‬بل‬
‫أساسي‪ّ ،‬‬
‫بتهور ض ّد أوامر الشريعة املق ّدسة والكاملة‪ ،‬وما فيها من روحاينّ و ّ‬ ‫نتصرف ّ‬ ‫عندما ّ‬
‫جنرب هللا عندما نعود إىل اخلطيئة بعد تل ّقي غفرانه‪ِّّ .‬‬
‫جنرب هللا‬ ‫يَشغَل ابلنا اجلسد الذي َخلَ َقه هللا‪ِّّ .‬‬
‫عندما‪ ،‬بعد تَـ َقبُّلنا نِّ َعمه‪ ،‬نسيء إليها ابستعماهلا أباننيّة‪ ،‬ودون التفكري مبن َمنَ َحها‪ .‬ال جمال للمزاح مع‬
‫نعم هللا‪ ،‬فال نَسخر ّن منه‪ .‬إذ إ ّن هذا هو ما ُيصل غالباً‪.‬‬

‫األزيل‪ ،‬املفعم رمحة ملن يتوب‪ ،‬وهو على‬


‫سخر من هللا‪ .‬فاهلل ّ‬ ‫أمس رأيتم العقاب الذي ينـزل مبن يَ َ‬
‫يل‬
‫إيل لسماع كلمة هللا‪ .‬أتتون إ ّ‬
‫يتغري‪ .‬أتتون ّ‬
‫الصرامة جتاه من ال يتوب وال يَقبَل أن ّ‬
‫العكس يف منتهى َّ‬
‫لست‬
‫إيل لتنالوا املغفرة‪ ،‬وهللا َينحكم الكلمة واملعجزة واملغفرة‪ .‬وأان ُ‬
‫حصلوا على املعجزة‪ .‬أتتون ّ‬ ‫لتَ َ‬
‫أحتسر على السماء‪ ،‬وذلك ألنّين أستطيع أن أمنحكم املعجزة واملغفرة‪ ،‬وأنّين أستطيع أن أجعلكم‬ ‫ّ‬
‫تعرفون هللا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 742 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فإايكم‬
‫اإلهلي‪ّ .‬أما أنتم ّ‬
‫الرجل ميتاً على الفور مثل انداب وأبيّا من جراء انر الغضب ّ‬ ‫ط َّ‬‫لقد َس َق َ‬
‫تتصرفون هبا لتتّخذوا‬
‫جمرد معجزة جديدة جتعلكم تف ّكرون ابلطريقة اليت ّ‬ ‫أن تدينوه‪ .‬ليكن فقط ما جرى ّ‬
‫بشري‪،‬‬
‫هللا صديقاً لكم‪ .‬فهو كان يريد ماء التوبة ولكن بدون الروح الفائق الطبيعة‪ .‬كان يريده مبنطق ّ‬
‫كممارسة سحريّة تشفيه من مرضه وختلّصه من البؤس‪ .‬جسده وحمصوله‪ ،‬مل يكن لديه هدف آخر‪،‬‬
‫يهمه هو املال واحلياة‪.‬‬
‫ال شيء من أجل نفسه املسكينة‪ ،‬ومل يكن هلا أيّة قيمة لديه‪ ،‬بل ُج ّل ما كان ّ‬
‫أقول لكم‪ :‬حيث يكون كنـزكم هناك يكون قلبكم‪ ،‬وحيث يكون قلبكم فهناك يكون كنـزكم‪.‬‬
‫ففي القلب إذن يوجد الكنـز‪ .‬وهو مل يكن يف قلبه سوى التعطّش إىل احلياة وامتالك الكثري من املال‪.‬‬
‫حّت ولو كانت اجلرَية‪ .‬وإذن‪ ،‬أفلم يكن طَلَبَه للمعموديّة سخرية من هللا‬ ‫يتم أتمينه؟ أبيّة وسيلة ّ‬
‫كيف ّ‬
‫وجتربة له؟ وقد كانت تكفيه توبة بسيطة صادقة عن حياة اخلطيئة الطويلة‪ ،‬لتُـ َوفِّّر له ميتة مقدَّسة‪،‬‬
‫ُيب‬
‫وحّت ما كان َيكنه احلصول عليه بعدل على األرض‪ّ .‬إال أنّه كان رافضاً للتوبة‪ ،‬كونه مل يكن ّ‬ ‫ّ‬
‫احلب‬
‫حّت ّ‬ ‫ُيب نفسه‪ ،‬ذلك أ ّن احلقد يَقتُل ّ‬ ‫ص َل إىل الدرجة اليت مل يـَعُد معها ّ‬
‫حّت َو َ‬
‫أحداً خارج ذاته‪ّ ،‬‬
‫حب الذات‪ .‬كان ينبغي أن تكون دموع التوبة الصادقة هي ماء التطهري ابلنسبة‬ ‫احليواينّ واألانينّ‪ّ ،‬‬
‫إليه‪ .‬وكذلك ابلنسبة إليكم مجيعاً‪ ،‬اي َمن تسمعوين‪ .‬ألنّه ال أحد من ّـزه عن اخلطيئة‪ ،‬وابلتايل فجميعكم‬
‫حباجة إىل هذا املاء‪ ،‬وهو يسيل معصوراً من القلب‪ ،‬فيغسل ويعيد العذريّة ملن كانت قدسيّته قد‬
‫انتُ ِّه َكت‪ ،‬ويُ ِّنهض َمن َس َقط‪ ،‬ويعيد احليويّة ملن كانت اخلطيئة قد استن َـزفَت دمه‪.‬‬

‫مل يكن يشغل ابل ذاك الرجل سوى ويالت األرض‪ .‬بينما املفروض ّأال يكون هناك سوى ويل‬
‫واحد جيعل اإلنسان يف ّكر‪ :‬البؤس األزيل بفقدان هللا‪ .‬مل يكن ذاك الرجل ينسى ِّ‬
‫التقادم الطقسيّة‪ّ ،‬إال‬ ‫ّ‬
‫أنّه مل يكن يعرف أن يـُ َق ِّّدم هلل تضحية روحيّة واحدة‪ ،‬أعين االبتعاد عن اخلطيئة‪ ،‬التوبة‪ ،‬طلب الغفران‬
‫مج َعت ِّمن خريات مقتناة بشكل‬ ‫ِّ‬
‫فالتقادم املنطوية على رايء‪ ،‬واليت يتم تقدَيها ِّمن ثروات ُِّ‬ ‫ابألفعال‪.‬‬
‫ّ‬
‫سيّئ‪ ،‬تشبه دعوة هللا إىل املشاركة أبفعال اإلنسان السيّئة‪ .‬فهل َيكن أن ُيدث هذا أبداً؟ أوليست‬
‫يتحرق‬
‫هذه اجلرأة سخرية من هللا؟ وهللا يقصي عنه ذاك الذي يقول‪" :‬هي ذي تضحييت"‪ ،‬بينما هو ّ‬
‫ف أن نـَ َف َع صيام اجلسد بشيء‪ ،‬عندما ال تكون النفس عازمة على‬ ‫صاد َ‬
‫ملتابعة حياة اخلطيئة‪ .‬هل َ‬
‫الصيام عن اخلطيئة؟‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 743 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ث هنا تف ّكرون ابلشروط الضروريّة لتكونوا حقيقة حمبوبني من‬
‫فليجعلكم موت الرجل الذي َح َد َ‬
‫عما‬ ‫ِّ‬
‫هللا‪ .‬واآلن‪ ،‬ويف قصره الباذخ‪ ،‬أهله والباكون عليه يقيمون احلداد على جثمانه الذي سيأخذونه‪ّ ،‬‬
‫قليل إىل القرب‪.‬‬

‫حقيقي‪ ،‬وجثّة حقيقيّة! مل يعد سوى جثّة! وال شيء آخر سوى حداد بال رجاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫آه! إنّه حداد‬
‫إذ إ ّن النَّـ ْفس‪ ،‬وقد أصبَ َحت ميتة‪ ،‬ستكون على الدوام منفصلة عن الذين أحبَّهم بفعل القرابة أو آتلف‬
‫يفرقهم‪ .‬حينئذ‬‫وحّت ولو َمجَ َعتهم إقامة متماثلة على الدوام‪ ،‬فاحلقد الذي يهيمن سوف ّ‬ ‫األفكار‪ّ .‬‬
‫يكون املوت فراقاً حقيقيّاً‪ .‬وقد كان من األجدر‪ ،‬بدل بكاء اآلخرين‪ ،‬أن يكون الرجل هو الذي يبكي‬
‫على ذاته‪ ،‬ألنّه قَـتَ َل نفسه‪ ،‬وبدموع اإلنسان التائب واملتواضع‪ ،‬يعيد احلياة لنفسه مع غفران هللا‪.‬‬

‫َّثت عنه بال‬


‫أي شيء آخر غري التواضع‪ .‬مثلي أان‪ ،‬وقد حتد ُ‬ ‫اذهبوا دوّنا حقد أو انتقاد‪ ،‬دون ّ‬
‫َ‬
‫عادل‪ .‬فاحلياة واملوت يـُ َعلِّّمان أن ُييا اإلنسان َخِّّرياً وَيوت َخِّّرياً‪ ،‬وذلك بنيله‬
‫نصف ِّ‬
‫حقد‪ ،‬بل بتقييم م ِّ‬
‫ُ‬
‫احلياة اليت ال يعَتيها املوت‪ .‬السالم معكم‪».‬‬

‫ال مرضى وال معجزات‪ ،‬وبطرس يقول لتالميذ املعمدان الثالثة‪« :‬إنّين مستاء من أجلكم‪».‬‬

‫صلنا على معجزة والدته‪ ،‬فَ َج َعلَتنا‬


‫«آه! جيب ّأال يكون هذا‪ .‬فإنّنا نؤمن دون أن نرى‪ .‬لقد َح َ‬
‫صلنا على كلمته لتثبّت إَياننا وتدعمه‪ .‬وحنن ال مطلب لنا سوى أن نكون مؤمنني‬ ‫مؤمنني‪ .‬واآلن َح َ‬
‫حّت بلوغ السماء مثل يوان أخينا‪».‬‬ ‫أوفياء ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 744 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫يبك")‬ ‫‪( -95‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال ِّ‬


‫تشته امرأة قر َ‬
‫‪1945 / 03 / 12‬‬

‫كل صوب‪ .‬الواحد يشري إىل جراحاته‪ ،‬وآخر‬ ‫حقيقي يناديه من ّ‬


‫ّ‬ ‫َير يسوع وسط شعب صغري‬ ‫ّ‬
‫ُيصي بؤسه‪ ،‬وآخر أيضاً يقتصر على القول‪« :‬ارمحين»‪ .‬وهناك من يق ّدم له طفله ليباركه‪ .‬فالنهار‬
‫الصايف بال هواء َج َع َل الكثريين أيتون‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اخ يثري‬ ‫عندما يوشك يسوع على الوصول إىل مكانه‪ ،‬يَِّرد من الدرب ّ‬
‫املؤدي إىل النهر صر ٌ‬
‫ابئسك!»‬
‫َ‬ ‫الش َف َقة‪« :‬اي ابن داود ارحم‬
‫َّ‬

‫لكن دغالً كثيفاً َيفي ذاك الذي‬


‫االجتاه‪ ،‬وكذلك التالميذ واجلَّمع‪ .‬و ّ‬
‫يلتفت يسوع إىل ذلك ّ‬
‫يتوسل‪.‬‬
‫ّ‬
‫أنت؟ تقدم‪».‬‬
‫« َمن َ‬
‫أت‬
‫أتوجه إىل الكاهن ألُشطَب من عامل األحياء‪ .‬لقد أخطَ ُ‬
‫«ال أستطيع‪ .‬إنّين جنس‪ .‬ينبغي يل أن ّ‬
‫أنت!»‬
‫فيك َ‬
‫وتفشى الربص يف جسدي‪ .‬ورجائي َ‬ ‫ّ‬
‫«أبرص! أبرص! ملعون فلنرمجه!» ويثور اجلَّمع بصخب‪.‬‬

‫يشري يسوع ابلصمت وعدم احلراك‪« .‬هو ليس أكثر جناسة ممّن ال يزال يف اخلطيئة‪ .‬ففي عيين‬
‫هللا‪ ،‬اخلاطئ الذي ال يتوب هو أكثر جناسة من األبرص التائب‪ .‬والقادر على اإلَيان ِّ‬
‫فليأت معي‪».‬‬

‫الرقاب‪ ،‬ولكنهم َم َكثَوا يف أماكنهم‪.‬‬


‫يلحق به التالميذ وبعض الفضوليني‪ .‬آخرون َمطّوا ّ‬
‫ابجتاه الدَّغل‪ .‬مثّ بعد أن يتوقّف أيمر‪« :‬اظ َهر!»‬
‫يبتعد يسوع عن البيت والدرب ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 745 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫هو ذا رجل‪ ،‬أكرب قليالً من مراهق‪ََ ،‬ي ُرج‪ ،‬ما ز َال مجيالً‪ ،‬بَ َدت على وجهه بوادر شارب ما زال‬
‫ندايً ومكتَنِّـزاً‪ ،‬وعيناه تسبحان ابلدموع‪.‬‬
‫ينبت‪ ،‬وحلية قليلة الكثافة‪ .‬وجهه ما زال ّ‬
‫وهن يبكني يف الدار‪ ،‬ولدى‬
‫احملجبات‪ّ ،‬‬
‫صرخة هائلة حتيّيه‪ ،‬وهي صادرة عن جمموعة من النساء ّ‬
‫بين!» تصرخ امرأة وترمتي بني ذراعي‬
‫مرور يسوع‪َ ،‬شَر ْع َن يبكني بشكل أعنف أمام َوعيد اجلَّمع‪« :‬اي ّ‬
‫لست أدري‪.‬‬
‫أُخرى‪ ،‬قريبة هلا أم صديقة‪ُ ،‬‬
‫شاابً صغرياً! ِّمن أين َ‬
‫أاتك هذا الربص؟»‬ ‫لت ّ‬‫يُتابع يسوع تَـ َق ّدمه صوب البائس‪« :‬ما ِّز َ‬
‫يكرر يسوع‬
‫َيفض الشاب عينيه‪ ،‬يعَتيه امحرار‪ ،‬يتلعثم‪ ،‬ولكنّه ال جيرؤ على أكثر من ذلك‪ّ .‬‬
‫هبت‪...‬‬
‫عرف منها سوى هذه‪« :‬األب‪ ...‬ذ ُ‬
‫السؤال‪ ،‬فيقول بعض الكلمات أبكثر وضوحاً‪ ،‬ولكن مل يُ َ‬
‫لست أان وحدي‪»...‬‬‫وقد ارتكبنا خطيئة‪ُ ...‬‬
‫يوجد هللا‪ ،‬وهو يَعلَم‪ .‬وهنا‪ ،‬أان موجود وأعلَم‬
‫ك اليت ترجو وتبكي‪ .‬ويف السماء َ‬
‫«هي ذي ّأم َ‬
‫اضعك‪ .‬تكلّم‪».‬‬
‫أيضاً‪ .‬ولكن لكي أرحم فأان يف حاجة إىل تو َ‬
‫األم اليت َجَّرت نفسها إىل حيث يسوع‪ ،‬وهي‬
‫تئن ّ‬
‫تك‪ّ ».‬‬
‫بين‪ .‬ارحم األحشاء اليت َمحَلَ َ‬
‫«تكلّم اي ّ‬
‫اآلن جاثية‪ ،‬متسك‪ ،‬على غري وعي منها‪ ،‬هبدب ثوب يسوع بيد‪ ،‬ومت ّد األخرى صوب َولَدها‪ ،‬وهي‬
‫تُ ِّ‬
‫ظهر وجهاً مسكيناً حترقه الدموع‪.‬‬

‫يكرر القول‪.‬‬
‫يضع يسوع يده على رأسه‪« .‬تكلّم»‪ّ ،‬‬
‫مرات ألقابل زابئنه‪ ،‬و‪...‬‬ ‫«إنّين البِّكر وأساعد أيب يف جتارته‪ .‬وقد َ‬
‫أرسلَين إىل أرُيا ع ّدة ّ‬
‫ومضيت إىل أبعد مما‬
‫ُ‬ ‫أعجبت هبا‪...‬‬
‫ُ‬ ‫أحدهم‪ ...‬أحدهم كانت له زوجة شابّة ومجيلة‪ ...‬ولقد‪...‬‬
‫لست أدري كيف‬ ‫ينبغي‪ ...‬أعجبتُها‪َ ...‬متَلَّ َكتنا الشهوة‪ ...‬وارتكبنا اخلطيئة أثناء غياب الزوج‪ُ ...‬‬
‫ث هذا‪ ،‬لقد كانت سليمة‪ .‬نعم‪ .‬ومل أكن سليماً فقط وأريدها‪ ...‬بل هي كذلك كانت سليمة‬ ‫َح َد َ‬
‫أدرَكتها‬ ‫َّ‬
‫لست أدري إذا‪ ...‬إذا ما كانت قد اختَ َذت هلا عُ ّشاقاً غريي‪ ،‬يف الوقت نفسه‪ ،‬و َ‬
‫وتريدين‪ .‬و ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 746 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تفشى فيها سريعاً‪ ،‬وهي اآلن بني القبور‪ ،‬حمكوم عليها أن‬ ‫العدوى‪ُ ...‬ج ّل ما أَعلَمه هو أ ّن الربص قد ّ‬
‫أيت‪ .‬يوجد القليل‪ ،‬ولكن يقال إنّه الربص‪ ...‬وسوف‬ ‫متوت وهي حيّة‪ ...‬وأان‪ ...‬وأان‪ّ ...‬أماه! لقد ر َ‬
‫أموت‪ .‬مّت؟‪ ...‬مل تعد يل حياة‪ ...‬وال بيت‪ ...‬وال أُم!‪ ...‬آه! أماه! أر ِّاك وال أستطيع تقبي ِّ‬
‫لك!‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اليوم أيتون لتمزيق ثيايب وطردي من املنـزل‪ ...‬ومن البلدة‪ ...‬إ ّن ذلك هلو أسوأ من املوت‪ .‬ولن أانل‬
‫حّت دموع ّأمي على جثّيت‪»...‬‬
‫ّ‬
‫ص َفتها الريح‪ ،‬لش ّدة ما َهَّزها البكاء والنحيب‪ .‬يتناقش الناس‬
‫األم تبدو َكنَبتَة قَ َ‬
‫يبكي الشاب‪ .‬و ّ‬
‫بينما تتنازعهم أحاسيس متناقضة‪.‬‬

‫أكنت جمنوانً لدرجة مل‬


‫ك؟ َ‬ ‫أبم َ‬
‫تكبت اخلطيئة‪ ،‬أمل تف ّكر ّ‬
‫يسوع حزين‪ ،‬وهو يتكلّم‪« :‬وعندما ار َ‬
‫لك أ ُّماً على األرض‪ ،‬وأ ّن هللا موجود يف السماء؟ ولو مل يكن الربص قد ظَ َهَر‪ ،‬أمل تكن‬
‫تتذ ّكر معها أ ّن َ‬
‫وبشبابك؟»‬
‫َ‬ ‫بروحك‬
‫َ‬ ‫فعلت‬
‫ك تسيء إىل هللا والقريب؟ ماذا َ‬ ‫لتتذ ّكر أبداً أنّ َ‬

‫«لقد ُجِّّر ُ‬
‫بت‪»...‬‬

‫أرمحك‪».‬‬
‫َ‬ ‫تستحق أن متوت دون أن‬
‫ّ‬ ‫أنت‬
‫أنت طفل لتجهل أن هذه الثمرة ملعونة؟ َ‬
‫«هل َ‬
‫وحدك تستطيع‪»...‬‬
‫أنت َ‬‫«آه! الرمحة! َ‬
‫أقسمت فوراً على ّأال تعود للخطيئة‪».‬‬
‫َ‬ ‫لست أان‪ ،‬بل هللا‪ .‬وإذا‬
‫« ُ‬
‫علي‪ّ .‬أماه!‪ّ ...‬أماه!‬ ‫حكم‬ ‫لي‬ ‫ساعات‬ ‫بضعة‬ ‫سوى‬ ‫أمامي‬ ‫يبق‬ ‫مل‬ ‫رب‪.‬‬ ‫اي‬ ‫صين‬‫ّ‬‫ل‬ ‫خ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ُقسم‪.‬أ ِّ‬
‫ُقس‬ ‫«أ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫بدموعك!‪ ...‬آه! اي ّأماه!»‬ ‫ساعديين‬

‫املتوسعتني من‬
‫تتمسك فقط بساق يسوع‪ ،‬وترفع وجهها وعينيها ّ‬ ‫األم‪ .‬وهي ّ‬ ‫واختَـنَ َق صوت ّ‬
‫مأساوي إلنسان يغرق‪ ،‬وهو يَعلَم أنّه َخ َشبَة اخلالص الوحيدة الذي ُيميه وَيكنه‬
‫ّ‬ ‫ش ّدة األمل‪ ،‬إنّه وجه‬
‫أن َُيَلِّّصه‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 747 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جلك ِّ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫ينظُر إليها يسوع‪ .‬يبتسم هلا حبنو‪« .‬اهنضي أيتها األُم‪ .‬لقد ُش ِّفي ِّ‬
‫ابنك‪ .‬ولكن ِّمن أ ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وليس ِّمن أجله هو‪».‬‬

‫يتم هكذا عن بُعد‪ .‬ووسط دموعها‬


‫األم غري أكيدة‪ .‬يبدو هلا أ ّن الشفاء ال َيكن أن ّ‬
‫ما زالت ّ‬
‫تشري بعدم اليقني‪.‬‬

‫ك‪».‬‬
‫فرج عن ّأم َ‬
‫صدرك‪ ،‬حيث كانت البقعة‪ .‬وليُ َّ‬
‫َ‬ ‫قميصك ِّمن على‬
‫َ‬ ‫«أيّها الرجل‪ ،‬انزع‬
‫ي ِّ‬
‫سقط الشاب ثوبه ليبدو عارايً أمام أعني اجلميع‪ .‬فجسده ليس سوى جسد شاب نضر‬ ‫ُ‬
‫صحة جيّدة‪.‬‬
‫وأملس ويف ّ‬
‫األم‪ ».‬يقول يسوع وهو ينحين ليُ ِّنهض املرأة‪ّ .‬إهنا حركة لإلمساك هبا كذلك‪،‬‬ ‫«انظري أيّتها ّ‬
‫كأم‪ ،‬ورؤيتها للمعجزة‪ ،‬لالندفاع صوب ابنها دون انتظار تطهريه‪ .‬ولدى تنبيهها‬ ‫عندما يدفعها حبّها ّ‬
‫األمومي‪ ،‬فتستسلم على صدر يسوع وتُـ َقبِّّله يف نشوة‬ ‫ّ‬ ‫إىل عدم إمكانيّة ذهاهبا إىل حيث يدفعها حبّها‬
‫آن معاً‪ ...‬ويالطفها يسوع حبنان‪ .‬مثّ يقول للشاب‪:‬‬ ‫بارك يف ٍ‬ ‫الفرح‪ّ .‬إهنا تبكي وتضحك وتُـ َقبِّّل وتُ ِّ‬
‫ابراً يف‬
‫ك‪ ،‬ولكي تكون ّ‬ ‫نفسك على الكاهن‪ ،‬وتذ ّكر أ ّن هللا قد بـََّرأ ََك بفضل ّأم َ‬ ‫َ‬ ‫«اذهب واعرض‬
‫املستقبل‪ .‬اذهب!»‬

‫ومرافِّقاهتا‪ .‬بينما يهتف‬ ‫ه‬


‫ُ ّ ُ‬‫أم‬ ‫عد‬ ‫ب‬ ‫عن‬ ‫به‬ ‫وتلحق‬ ‫ص‪،‬‬‫بارك الـمخلِّ‬
‫ّ‬ ‫يذهب الشاب‪ ،‬بعد أن يُ ِّ ُ َ‬
‫اجلمهور هتافات هوشعنا‪.‬‬

‫يعود يسوع إىل مكانه‪.‬‬

‫نسي أنّه ُحمَّرم‬


‫نسي وجود إله أيمر ابالستقامة والنـزاهة يف السلوك‪ .‬كان قد َ‬
‫«هو أيضاً كان قد َ‬
‫الودود‬ ‫َّ‬
‫نسي تقديس السبت كما َعلمتُكم‪ .‬كان قد نسي االحَتام َ‬ ‫عليه ّاختاذ آهلة غري هللا‪ .‬كان قد َ‬
‫نسي وجوب عدم التدنّس‪ ،‬وجوب عدم السرقة والعيش يف الباطل‪ ،‬وجوب عدم اشتهاء‬ ‫ألمه‪ .‬كان قد َ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 748 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل شيء‪ .‬انظروا ماذا‬
‫نسي ّ‬
‫امرأة الغري‪ ،‬وجوب عدم االنتحار أو قتل النفس‪ ،‬وجوب عدم الزىن‪ .‬لقد َ‬
‫َح َّل به‪.‬‬

‫يبك“‪.‬‬ ‫” ِّ‬
‫التشته امرأة قر َ‬
‫تزن“‪ .‬ذلك أ ّن الشهوة تسبق الفعل دائماً‪.‬‬ ‫وهذه ليست سوى وصية واحدة مع وصية ”ال ِّ‬
‫ّ‬
‫فاإلنسان ضعيف ج ّداً أمام إمكانيّة الشهوة‪ ،‬دون إشباع شهوته‪ .‬وذروة احلزن تكمن يف أ ّن اإلنسان‬
‫الشر‪ ،‬الشهوة مثّ التنفيذ‪ّ .‬أما يف اخلري فالشهوة‬
‫ال يعرف أن يكون كذلك يف شهواته املشروعة‪ .‬ففي ّ‬
‫مثّ التوقّف‪ ،‬هذا إذا مل يكن الرجوع إىل الوراء‪.‬‬

‫ما قُلتُه له‪ ،‬أقوله لكم مجيعاً‪ ،‬ذلك أ ّن خطيئة الشهوة ُمنتَ ِّشرة مثل النجيل (نبات عشيب) الذي‬
‫سم وجيب اهلرب منها وحتاشيها؟ "لقد‬
‫جهلوا أ ّن هذه التجربة هي ّ‬ ‫يتكاثر وحده‪ :‬وهل أنتم أطفال لتَ َ‬
‫أثري‪ ،‬وجب على اإلنسان أن‬‫طت يف التجربة"‪ّ .‬إهنا العبارة األثريّة! ولكن مبا أنّه كذلك َمثَل قدمي ّ‬
‫َس َق ُ‬
‫يتذ ّكر النتائج وأن يعرف أن يقول‪" :‬ال"‪ .‬فتارَينا ال تنقصه األمثلة عن طهارة َعرفَت محاية نفسها رغم‬
‫إغراءات اجلنس وهتديدات العنف‪.‬‬
‫هل التجربة شر؟ هي ليست كذلك‪ ،‬بل ّإهنا عمل الشرير‪ ،‬ولكنّها تتحول إىل جمد للذي ينتَ ِّ‬
‫صر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عليها‪.‬‬

‫دخل إىل منـزل‬


‫الزوج الذي َيضي إىل معاشرات أخرى هو قاتل زوجته وأطفاله ونفسه‪ .‬فالذي يَ ُ‬
‫خسة ودونيّة‪ .‬فهو مثل الوقواق‪ ،‬يستويل دون كلفة‬ ‫الناس‬ ‫أكثر‬ ‫ن‬ ‫غريه لريتكب الزىن‪ ،‬هو سارق‪ِّ ،‬‬
‫وم‬
‫ّ‬
‫عش غريه‪ .‬والذي يتحايل على ثقة الصديق هو مزيَّف‪ِّّ ،‬‬
‫مزور‪ ،‬إذ يشهد لصداقة هو يف احلقيقة‬ ‫على ّ‬
‫ال َيلكها‪ .‬فالذي يتصرف هكذا ي ِّ‬
‫لحق العار بنفسه وأبهله‪ .‬فهل َيكن إذن أن يكون هللا معه؟‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أمشئز لدرجة الثورة‬
‫لكن الفجور جيعلين ّ‬
‫األم املسكينة‪ .‬و ّ‬ ‫حت املعجزة من أجل تلك ّ‬ ‫اجَت ُ‬
‫لقد ََ‬
‫كل‬
‫صَر َخت نفسي امشئزازاً من الفجور‪ّ .‬‬
‫صَرختم خوفاً وامشئزازاً من الربص‪ّ .‬أما أان فقد َ‬ ‫عليه‪ .‬لقد َ‬
‫ِّ‬
‫تفسخ جسده الذي كان‬ ‫ابر قد َّ‬
‫ضل ملس ميت ّ‬ ‫الويالت حتيط يب‪ ،‬وأان هلا مجيعاً ال ُـم َخلّص‪ .‬ولكنّين أُفَ ِّّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 749 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فاجر ز ٍان‪ .‬أان ال ُـم َخلِّّص‪ ،‬ولكنّين الربيء‪.‬‬‫نزيهاً‪ ،‬وهو اآلن يف سالم مع روحه‪ ،‬على أن أدنو ِّمن ِّ‬
‫ختمرات أهوائهم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫عين مق ّدمني يل ّ‬ ‫كل الذين أيتون هنا‪ ،‬أو الذين يتح ّدثون ّ‬
‫فليتذ ّكر هذا ّ‬
‫مين شيئاً آخر‪ ،‬ولكنّين غري قادر عليه‪ .‬فحطام شباب ابلكاد تش ّكل‪ ،‬وقد‬ ‫أُ ِّ‬
‫درك أنّكم تريدون ّ‬
‫ست ميتاً‪ .‬هيّا بنا إىل املرضى‪ .‬وبسبب عدم مت ّكين ِّمن‬
‫كنت لَ َم ُ‬
‫َّرين أكثر مما لو ُ‬
‫حتطّم ابهلوى‪ ،‬قد َكد َ‬
‫أن أكون الكلمة‪ ،‬بسبب الغَثَيان الذي َينقين‪ ،‬فسأكون خالص الذين لديهم الرجاء يب‪.‬‬

‫السالم معكم‪».‬‬

‫ابلفعل يسوع شاحب اللون‪ ،‬كما لو أنّه متأِّّمل‪ .‬ال ّ‬


‫يسَتد ابتسامته ّإال حينما ينحين على أطفال‬
‫خاصة عندما يضع إصبعه يف‬
‫مرضى‪ ،‬وعلى عاجزين ُممَدَّدين على حم ّفاهتم‪ .‬حينئذ فقط يعود نفسه‪ّ ،‬‬
‫فم طفل أب َكم‪ ،‬يف حوايل السادسة من عمره‪ ،‬وجيعله يقول‪« :‬يسوع» مثّ «ماما»‪.‬‬

‫أشعة الشمس اليت تغمر الدار إىل أن أاته‬


‫يتمشى يف ّ‬
‫اتم‪ .‬ويبقى يسوع ّ‬ ‫نصرف الناس هبدوء ّ‬
‫يَ َ‬
‫لست مطمئنّاً‪»...‬‬
‫يوطي‪« :‬اي معلّم‪ُ ،‬‬
‫االسخر ّ‬
‫«ملاذا اي يهوذا؟»‬

‫لك‬
‫«بسبب رجال أورشليم هؤالء‪ ...‬فأان اعرفهم‪ .‬دعين أذهب هناك لبضعة ّأايم‪ .‬ولن أقول َ‬
‫َرسلين مع مسعان ويوحنّا اللذين‬ ‫أرجوك أن يكون غري ذلك‪ .‬أ ِّ‬‫َ‬ ‫رسلين وحدي‪ .‬بل على العكس‪،‬‬ ‫أن تُ ِّ‬
‫حّت‬
‫يطهرين ّ‬‫األول يدعمين واآلخر ّ‬ ‫كاان معي يف منتهى الظُّرف واللُّطف يف رحليت األوىل إىل اليهوديّة‪ّ .‬‬
‫إيل! إنّه الندى الذي يـُلَ ِّطّف سورايت‪ ،‬والزيت على‬ ‫ِّ‬
‫تصور ما َُيَثّله يوحنّا ابلنسبة ّ‬
‫َيكنك ّ‬
‫َ‬ ‫يف أفكاري‪ .‬ال‬
‫مياهي املضطربة‪ ...‬ثق بذلك‪».‬‬

‫أنت أيضاً‪ ،‬لو‬ ‫«أَعلَم‪ .‬وينبغي لك‪ ،‬ابلتايل‪ّ ،‬أال تَ َ ِّ‬


‫ندهش إذا ما أحببتُه كثرياً‪ .‬فهو سالمي‪ .‬و َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫تكون صاحلاً ابستمرار‪ ،‬فسوف تكون عزائي‪ .‬لو تَستَخدم نِّ َعم هللا‪ ،‬و َ‬
‫لديك منها الكثري‪ ،‬يف سبيل‬
‫اخلري‪ ،‬كما تفعل منذ بضعة ّأايم‪ ،‬فستصبح رسوالً حقيقيّاً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 750 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«وحتبّين مثل يوحنّا؟»‬

‫هم ودون أمل‪».‬‬


‫ك دون ّ‬
‫ك على النحو ذاته‪ ،‬إّّنا فقط سأحبّ َ‬
‫«أحبّ َ‬
‫أنت طيّب!»‬
‫«آه! اي معلّمي‪ ،‬كم َ‬
‫رغبتك أبن‬
‫َ‬ ‫أملك يف‬
‫«اذهب إىل أورشليم‪ .‬هذا لن ينفع يف شيء‪ ،‬ولكنّين ال أريد أن أخيّب َ‬
‫يسوعك بسبب‬
‫َ‬ ‫تكون يل انفعاً‪ .‬سأقول ذلك‪ ،‬اآلن حاالً‪ ،‬لسمعان ويوحنّا‪ .‬هيّا بنا‪ .‬هل ترى كم يتأ ّمل‬
‫الزالت واخلطااي؟ إنّين َك َمن ُيمل محالً ثقيالً ج ّداً‪ .‬فال تُسبّب يل أبداً هذا األمل‪ ...‬أبداً‪ ،‬أبداً‪»...‬‬
‫بعض ّ‬

‫أنت تَعلَم‪ ...‬ولكنّين ضعيف‪»...‬‬


‫كو َ‬‫«ال اي معلّم‪ .‬ال‪ .‬فأان أحبّ َ‬
‫القوة‪».‬‬
‫احلب َينح ّ‬
‫« ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫دخالن إىل البيت وينتهي ّ‬
‫يَ ُ‬
‫جسدايً ‪-‬إن بسبب كوننا يف‬
‫ّ‬ ‫سن‪ ،‬أل ّن حاليت الوجدانيّة املعنويّة سيّئة ج ّداً‪ .‬وتعرفون السبب‪،‬‬
‫هذا َح َ‬
‫أمر مبرحلة فظيعة من احلرارة‬
‫لست أدري ابلضبط ملاذا‪ -.‬فأان ّ‬
‫بت كثرياً‪ُ ،‬‬
‫زمن اآلالم‪ ،‬وإن بسبب أنّين قد َكتَ ُ‬
‫كل الرطوبة وغياب الشمس عن‬
‫الفقري والنخاع الشوكي وأمل البطن‪ .‬إنّين أدفع مثن ّ‬
‫ّ‬ ‫وآالم الصدر والعمود‬
‫هذا البلد العزيز‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 751 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -96‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪ .‬يشفي الروماينّ اجملنون‪ .‬يتح ّدث إىل الرومان)‬

‫‪1945 / 03 / 13‬‬

‫يسوع اليوم مع التسعة الباقني‪ ،‬ذلك أ ّن الثالثة اآلخرين قد َمضوا إىل أورشليم‪ .‬توما ال ُـمبتَ ِّهج‬
‫املهام األخرى األكثر روحانيّة‪ .‬يف أثناء ذلك‪ ،‬بطرس وفليبّس‬ ‫مهامه بني اخلُضار و ّ‬
‫دائماً جيمع يف ّ‬
‫ابلزوار‪ ،‬واآلخرون ََيضون إىل النهر ليُـ َع ِّّمدوا‪ .‬يف احلقيقة ّإهنا معمودية توبة‪،‬‬
‫يهتمون ّ‬
‫ومّت ّ‬‫وبرتلماوس ّ‬
‫مع ريح الشمال اليت تعصف!‬

‫ما زال يسوع يف ركنه يف املطبخ‪ ،‬بينما توما يعمل بصمت ليدع املعلّم بسالم‪ .‬ويف هذه األثناء‬
‫دخل أندراوس ويقول‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هناك مريض‪ .‬أان أقول إنّه ِّمن ال ُـمفضَّل أن تشفيه يف احلال‪...‬‬
‫يَ ُ‬
‫يقولون إنّه جمنون‪ ،‬هم ليسوا إسرائيليّني‪ ،‬ولكنّنا حنسبه ُمستحوذاً عليه‪ .‬فهو يَصرخ ويصيح ويتخبّط‪.‬‬
‫أنت‪».‬‬
‫تعال وشاهده َ‬
‫«حاالً‪ .‬أين هو؟»‬

‫فَتض أن يكون‬ ‫«إنّه ما يزال يف السهل‪ .‬هل تسمع زعيقه؟ إنّه هو‪ .‬حتسبه حيواانً‪ ،‬ولكنّه هو‪ .‬يُ ََ‬
‫الرخاء‪ ،‬ومبساعدة خ ّدام كثريين‪.‬‬ ‫فمرافقه يرتدي ثياابً فاخرة‪ ،‬وقد نـََزَل املريض ِّمن عربة كثرية َّ‬
‫غنيّاً‪ُ ،‬‬
‫فَتض أن يكون وثنيّاً‪ ،‬ألنّه يَك ُفر ويشتم آهلة األوملب‪».‬‬
‫يُ ََ‬
‫«هيا بنا‪».‬‬

‫«آيت ألرى أيضاً» يقول توما الذي يدفعه فضوله لريى‪ ،‬أكثر من اهتمامه خبضاره‪.‬‬

‫ابجتاه النهر‪ ،‬يدورون إىل جهة احلقول اليت تفصل هذه املزرعة عن بيت‬
‫ََي ُرجون‪ ،‬وبَ َدل الذهاب ّ‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 752 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫االجتاهات‪ .‬رعاة ومعهم كلب ‪-‬وهو‬‫كل ّ‬‫كانت نعاج ترعى يف احلقل‪ ،‬فخافت وتشتّتت يف ّ‬
‫ظهر وسط احلقل رجل مربوط‬ ‫بكل نشاط‪ .‬ويَ َ‬
‫ظهر يف الرؤى‪ُُ -‬ياولون إعادة مجعها ّ‬‫الثاين الذي يَ َ‬
‫ب يسوع منه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اقَت َ‬
‫بش ّدة‪ ،‬ومع ذلك يقفز كاملسعور‪ .‬يُطلق صيحات خميفة تزداد ش ّدة كلّما ََ‬
‫ومرتَبِّكون‪ .‬يوجد أانس كذلك‪ ،‬إّّنا رجال فقط‪ ،‬أل ّن‬
‫ومّت ونثنائيل قريبون منه ُ‬
‫بطرس وفليبّس ّ‬
‫النساء خائفات‪.‬‬

‫أي هياج؟» يقول بطرس‪.‬‬


‫أتيت اي معلّم؟ أترى ّ‬
‫«هل َ‬
‫كل شيء على ما يرام‪».‬‬
‫«سيكون ّ‬
‫وثين‪ ،‬هل تَعلَم؟»‬
‫«ولكنّه‪ّ ...‬‬
‫«وأيّة قيمة لذلك؟»‬

‫«إيه!‪ ...‬بسبب نفسه!‪»...‬‬

‫يبتسم يسوع ابتسامة قصرية ويتق ّدم‪ .‬ويلحق جبماعة اجملنون الذي يهيج أكثر فأكثر‪.‬‬

‫يك اي‬
‫وتدل ثيابه ووجهه احلليق أنّه روماينّ‪ .‬يُلقي التحيّة‪« :‬أحيّ َ‬
‫صل أحدهم عن اجملموع‪ّ ،‬‬ ‫ين َف ِّ‬
‫َ‬
‫َشفية‪ ،‬ومن متثال أسكوالب يف اجَتاح‬ ‫معلّم‪ .‬شهرتك وصلَت إيل‪ .‬إنّك أعظم ِّمن أبقراط يف األ ِّ‬
‫ّ َ‬ ‫َ ََ‬
‫أتيت‪ .‬وهذا أخي‪ ،‬أتراه؟ إنّه جمنون‪ ،‬بسبب مرض‬ ‫املعجزات على املرضى‪ .‬أان أعلَم‪ .‬وألجل هذا ُ‬
‫ذهبت به إىل معبد أسكوالب‪ّ ،‬إال أنّه َخَر َج منه أكثر‬
‫غامض جمهول‪ .‬ال يَف َقه األطبّاء عنه شيئاً‪ .‬ولقد ُ‬
‫أرس َل يل مرساالً بسفينة شراعيّة‪ ،‬كان يتح ّدث فيه عن وجود من يشفي‬ ‫جنوانً‪ .‬يل قريب يف بطوملايس‪َ ،‬‬
‫أتيت‪ .‬اي له ِّمن َس َفر فظيع!»‬
‫كل الناس هنا‪ .‬و ُ‬ ‫ّ‬
‫يستحق املكافأة‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«وهو‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 753 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت مهتدين‪ .‬إّّنا حنن رومانيّون مؤمنون ابآلهلة‪ .‬وثنيّون كما تقولون‪.‬‬
‫«ولكن‪ ،‬هو ذا حنن‪ ،‬لسنا ّ‬
‫من سيباريس‪ ،‬واآلن يف قربص‪».‬‬

‫«يف احلقيقة إنّكم وثنيّون‪».‬‬

‫طرد الذي لنا‪ ،‬أو العكس؟»‬


‫فإما األوملب الذي لكم يَ ُ‬
‫«إذن‪ ...‬ألن حنصل على شيء؟ ّ‬
‫«إ ّن إهلنا الواحد والثالوث يسود‪ ،‬وهو واحد‪ ،‬وال إله ّإال هو‪».‬‬

‫«إ ّن جميئي ال جدوى منه‪ ».‬يقول الروماينّ خائب األمل‪.‬‬

‫«ملاذا؟»‬

‫«ألنّين أنتمي إىل إله آخر‪».‬‬

‫«ال ََيلق النَّفس ّإال إله واحد‪».‬‬

‫«النَّفس؟»‬

‫تستمر حيّة بعد‬


‫ّ‬ ‫كل إنسان‪ .‬هي شريكة الوجود‪ ،‬ولكنّها‬
‫إهلي َخلَ َقه هللا يف ّ‬
‫«النَّفس هي شيء ّ‬
‫هذا الوجود‪».‬‬

‫«وأين هي؟»‬

‫إهلي‪ ،‬موجودة يف احلََرم األكثر قدسيّة‪ ،‬هي ليست‬


‫«هي يف أعماق األان‪ .‬ولكنّها‪ ،‬كشيء ّ‬
‫أبهنا ليست ُحمتواة‪ ،‬بل هي ُحمتَوية‪».‬‬
‫كل احَتام‪ .‬لذا َيكن القول ّ‬ ‫ق‬ ‫مجاداً‪ ،‬بل كائن حقيقي مستَ ِّ‬
‫ح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫أنت فيلسوف؟»‬
‫«ابإلله جوبيتري! هل َ‬
‫«أان العقل املتّحد ابهلل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 754 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت تقول‪»...‬‬
‫ك كذلك بسبب ما َ‬
‫كنت أظنّ َ‬
‫« ُ‬
‫البشري صوب احلكمة‬
‫ّ‬ ‫«وما هي الفلسفة‪ ،‬عندما تكون حقيقيّة ونزيهة‪ ،‬إن مل تكن ارتقاء العقل‬
‫والقدرة الالمتناهية‪ ،‬أي صوب هللا؟»‬

‫أنت‬ ‫لدي هذا البائس الذي يُربِّكين‪ ،‬ولكنّين أكاد أنسى حالَتَه ألستمع َ‬
‫إليك‪َ ،‬‬ ‫«هللا! هللا!‪ّ ...‬‬
‫اإلهلي‪».‬‬
‫أيّها الكائن ّ‬
‫البشري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كل ما يتجاوز‬
‫سمي إهليّاً ّ‬
‫ك تُ ّ‬ ‫يقتك يف التعبري‪ .‬ذلك أنّ َ‬
‫لست كذلك حسب طر َ‬ ‫«أان ُ‬
‫بينما أقول أان إ ّن هذه التسمية جيب أال تُطلق ّإال على َمن هو ُمنبَثِّق من هللا‪».‬‬

‫ومن ذا الذي رآه؟»‬


‫«ما هو هللا؟ َ‬
‫« ُكتِّب‪" :‬أنت اي من َك َّونتَنا‪ ،‬سالماً! عندما أ ِّ‬
‫َصف الكمال اإلنساينّ وتناغمات جسدان فإنّين‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫كل إنسان ما يوائِّمه‪.‬‬
‫كل األحياء‪ ،‬لينال ّ‬
‫اهبك على ّ‬
‫يشع يف توزيع مو َ‬‫"صالحك ّ‬ ‫َ‬ ‫أتغىن ابجملد"‪ .‬قيل‪:‬‬
‫ّ‬
‫وسلطانك"‪ .‬هل تعرف هذه‬
‫َ‬ ‫تك‬
‫رغباتك على قدر َ‬
‫َ‬ ‫حكمتك‪ ،‬كما يشهد تنفيذ‬ ‫َ‬ ‫وعطاايك تشهد على‬
‫َ‬
‫العبارات؟»‬

‫أنت؟ إنّين‬ ‫ِّ‬


‫«إذا أ ََمدَّتين منريفا ابلعون‪ ...‬فهي من غاليان ‪ ،Galien‬إّّنا كيف تعرفها َ‬
‫ُمن َذ ِّهل!‪»...‬‬

‫فك "ابحلكمة احل ّقة والرمحة اليت‬


‫اإلهلي يث ّق َ‬
‫احلق‪ ،‬وروحه ّ‬
‫يبتسم يسوع وجييب‪« :‬تعال إىل اإلله ّ‬
‫احلق"‪».‬‬
‫تقوم على معرفة الذات وعبادة ّ‬
‫فأنت كذلك‬ ‫«إّّنا يبقى ذلك ِّمن غاليان! اآلن أان متأ ّكد‪ .‬فعالوة على َ‬
‫كونك طبيباً وجموسيّاً‪َ ،‬‬
‫فيلسوف‪ .‬ملاذا ال أتيت إىل روما؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 755 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لست طبيباً وال جموسيّاً وال فيلسوفاً كما تقول‪ ،‬إّّنا أان شهادة هللا على األرض‪ .‬اجلبوا املريض‬
‫« ُ‬
‫أمامي‪».‬‬

‫شرب‪.‬‬
‫يؤتى به إليه وهو يَصرخ ويُ ّ‬
‫أي طبيب‪ :‬ذلك‬
‫حقيقي‪ .‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫أي طبيب شفاءه‪ .‬هذا‬
‫«هل ترى؟ تقول إنّه جمنون‪ ،‬ومل يستطع ّ‬
‫الوثين‪ ،‬يسكنه‪».‬‬
‫أنت أيّها ّ‬
‫لك َ‬‫لكن كائناً من اجلحيم‪ ،‬أقول هذا َ‬
‫ألنّه ليس جمنوانً‪ .‬و ّ‬
‫يتفوه ّإال أبشياء مغلوطة‪».‬‬
‫«ولكن ليس لديه روح التنّني‪ .‬ابلعكس‪ ،‬إنّه ال ّ‬
‫«إنّنا نُطلِّق على هذا الروح اسم "الشيطان"‪ ،‬وليس التنّني‪ِّ .‬‬
‫ومن الشياطني َمن يتكلّم ومنها َمن‬
‫األول‬
‫هو أب َكم‪ ،‬منها َمن ََي َدع حبجج مطليّة ابحلقائق‪ ،‬ومنها َمن هو ليس سوى فوضى منطقيّة‪ .‬و ّ‬
‫أخوك فلديه الثاين‪ .‬ولكنّه سيخرج منه اآلن‪».‬‬
‫األكمل واألخطر‪ّ .‬أما َ‬
‫منها هو َ‬
‫«كيف؟»‬

‫تك‪».‬‬
‫هو َ‬
‫لك كيف‪ ».‬وأيمر يسوع‪« :‬اترك الرجل وعُد إىل ّ‬
‫«هو ذاته سيقول َ‬
‫ك تطردين وتُ ِّ‬
‫سكتين‪ .‬فلماذا أنت الـمنتَ ِّ‬
‫صر‬ ‫جتاهك‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬ ‫«سأذهب‪ .‬فسلطاين ضعيف ج ّداً‬
‫َ ُ‬
‫دائماً؟‪ »...‬يتكلّم الروح بفم الرجل الذي يَنهار بعدئذ ُم َنهكاً‪.‬‬

‫ك قيوده دوّنا خوف‪».‬‬ ‫ِّ‬


‫«لقد ُشف َي‪ .‬فُ ّ‬
‫أعبدك!»‬
‫أنت متأ ّكد؟ ولكن‪ ...‬لكن أان َ‬ ‫ِّ‬
‫« ُشف َي؟ هل َ‬
‫لكن يسوع ال يرضى‪.‬‬
‫ويهم الروماينّ ابلسجود‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫وتوجه إليه‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫روحك‪ .‬ففي السماء هو هللا‪ .‬اعبده ّ‬
‫َ‬ ‫«ارفع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 756 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أعتربك ِّمثل َك َهنَة أسكوالب‪ .‬امسح يل‬
‫األقل‪ ،‬امسح يل أن َ‬‫«ال‪ .‬ألجل هذا ال‪ .‬إّّنا اقبَل على ّ‬
‫عنك يف وطين‪»...‬‬
‫بسماعك تتح ّدث‪ ...‬وامسح يل ابلتح ّدث َ‬
‫َ‬
‫أخيك‪».‬‬
‫«حسناً‪ ،‬اتّفقنا‪ ،‬تعال مع َ‬
‫يَنظُر األخ حوله مذهوالً ويسأل‪« :‬ولكن أين أان؟ فهنا ليس سينتيوم ‪ .Cintium‬أين‬
‫البحر؟»‬

‫حبمى هائلة‪ ،‬وقد‬


‫كنت مصاابً ّ‬
‫كنت‪ »...‬ويشري يسوع ابلتزام الصمت‪ ،‬ويقول‪« :‬لقد َ‬
‫«لقد َ‬
‫أنت اآلن أفضل‪ .‬هيّا‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫لت إىل مناخ آخر‪َ .‬‬
‫نُق َ‬
‫ََيضون مجيعاً ولكنّهم ليسوا مجيعاً متأثّرين ابلقدر ذاته‪ .‬منهم املعجبون ومنهم من ينتقد شفاء‬
‫األول من اجلمع‪.‬‬
‫الروماينّ‪ ،‬يف قاعة االجتماعات‪ .‬يعود يسوع إىل مكانه‪ ،‬والرومانيّان إىل الصف ّ‬
‫«ال يزعجنّكم أن أتلو فقرة من ِّسفر امللوك‪:‬‬

‫مكرماً لديه‪ .‬وكان الرجل جبّار‬ ‫ده‬ ‫سي‬ ‫عند‬ ‫ا‬


‫ً‬ ‫عظيم‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ام‬
‫ر‬ ‫آ‬ ‫ك‬‫"وكان نعمان رئيس جيش ملِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫أبس وكان به برص‪ .‬وإ ّن قوم آرام َخَرجوا غازين فَ َسبوا ِّمن أرض إسرائيل فتاة صغرية‪ ،‬فكانت بني يدي‬
‫النيب الذي يف السامرة‪ ،‬فإنّه كان سيربئه من‬ ‫ضَر أمام ّ‬ ‫زوجة نعمان‪ ،‬فقالت ملوالهتا‪ :‬اي ليت موالي َح َ‬
‫لكن َملِّك إسرائيل‬ ‫برصه‪ .‬فجاء وحكى لسيّده وقال كذا وكذا قالت الفتاة اليت من أرض إسرائيل‪ .‬و ّ‬
‫فلما َِّمسع‬
‫إيل هذا أن أبرئ رجالً من برصه؟ ّ‬
‫ِّ‬
‫حّت أُرسل ّ‬ ‫شق ثيابه وقال‪ :‬ألعلّي أان إله أميت وأحيي ّ‬ ‫ّ‬
‫ث إىل امللك قائالً‪ :‬ليأتين األبرص وأان أبرئه‪ ،‬وليعلَم أ ّن يف إسرائيل‬ ‫أليشاع رجل هللا ابلذي جرى بـَ َع َ‬
‫ث إليه رسوالً يقول له‪ِّ :‬‬
‫امض‬ ‫نبيّاً‪ .‬فأقبَ َل نعمان إىل بيت أليشاع‪ ،‬ولكن أليشاع مل يستقبله‪ ،‬بل بَـ َع َ‬
‫حلمك وتَطهر‪ .‬فاستشاط نعمان غيظاً‪ ،‬إذ بدا له أنّه َعبَـثَاً‬ ‫إليك َ‬ ‫مرات فيعود َ‬ ‫سبع‬ ‫األردن‬ ‫يف‬ ‫ل‬ ‫واغتَ ِّ‬
‫س‬
‫ّ‬
‫ك على الرحيل وهو مغضب‪ .‬فتق ّدم إليه عبيده وخاطبوه وقالوا‪ :‬اي أابان‪،‬‬ ‫أوش َ‬
‫قَطَ َع املسافات الطويلة‪ ،‬و َ‬
‫مرات‬ ‫ِّ‬
‫لك فقط اغتَسل سبع ّ‬ ‫ابحلري وقد قال َ‬‫ّ‬ ‫كنت تفعله؟ فكيف‬ ‫النيب أبمر عظيم‪ ،‬أما َ‬ ‫ك ّ‬ ‫لو خاطَبَ َ‬
‫مرات كما قال رجل هللا‪ ،‬فعاد حلمه كلحم‬ ‫فرض َخ نعمان لألمر ونـََزَل وانغمس يف األردن سبع ّ‬ ‫واطهر؟ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 757 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫مت احلقيقة‪ ،‬أ ّن ليس يف األرض كلّها‬‫ِّ‬
‫صيب صغري وطهر‪ ،‬فرجع إىل رجل هللا وقال‪ :‬ها أان ذا قد َعل ُ‬ ‫ّ‬
‫لعبدك ِّمحل‬
‫إله ّإال إله إسرائيل‪ .‬ومبا أ ّن أليشاع مل يكن ليقبل هداايه‪ ،‬قال نعمان‪ :‬حسناً إّّنا يُعطَى َ‬
‫للرب"‪.‬‬
‫عبدك حمرقة وال ذبيحة بعد آلهلة أخرى‪ ،‬بل ّ‬ ‫بغلني من الَتاب‪ ،‬فال يصنع َ‬

‫كل ما أفعل‪ .‬وأعلَم أيضاً أنّين مل أحرص على تربئة نفسي أمامكم‪.‬‬ ‫على‬ ‫قون‬ ‫أَعلَم أنّكم ال توافِّ‬
‫ّ‬
‫كل‬ ‫ِّ‬
‫أود أن تُدركوا ما أفعله‪ ،‬وأن ينريكم‪ ،‬وأن تسقط من نفسكم ّ‬ ‫ولكن مبا أنّين أحبّكم حبّاً حقيقيّاً‪ّ ،‬‬
‫شك‪.‬‬
‫فكرة نقد أو ّ‬
‫لدينا هنا اثنان من الوثنيّني‪ .‬أحدُها كان مريضاً‪ ،‬وقال هلما أحد األقرابء‪ ،‬ولكنّه ابلتأكيد نـَ َق َل‬
‫تذهبَا ملقابلة ماسيا إسرائيل‪ ،‬فهو يُشفي املريض"‪ .‬وقَ ِّدما من البعيد‬ ‫القول عن أحد اإلسرائيليّني‪" :‬لو َ‬
‫حّت من تلك اليت كانت لنعمان‪ ،‬إذ مل يكوان يَعلَمان شيئاً عن إسرائيل‬ ‫البعيد‪ .‬فكانت ثقتهما أكرب ّ‬
‫وبتماس دائم مع العبيد اإلسرائيليّني‪ ،‬وكان يَعلَم‬ ‫السوري كان ِّمن جنسيّة ُجم ِّ‬
‫اورة‪،‬‬ ‫امي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وماسيا‪ ،‬بينما اآلر ّ‬
‫وثين اآلن من العودة إىل وطنه‬ ‫احلق‪ .‬أليس أمراً حسناً أن يتم ّكن ّ‬ ‫آنذاك أ ّن يف إسرائيل إله هو اإلله ّ‬
‫قي"؟‬
‫وهو يقول‪" :‬ابحلقيقة يف إسرائيل يوجد رجل هللا‪ ،‬ويف إسرائيل يُعبَد اإلله احلقي ّ‬
‫ثت عن هللا والنفس‪ ،‬أمرين جيهالهنما‪ ،‬وُها مثل فوهة‬ ‫ِّ‬
‫مل أقل‪" :‬اغتَسل سبع مرات"‪ .‬ولكنّين حت ّد ُ‬
‫نبع ال ينضب‪ ،‬جيلبان معهما املواهب السبع‪ .‬إذ حيث توجد فكرة هللا والروح والرغبة يف اكتشافهما‪،‬‬
‫القوة والفطنة‪ ،‬الفضائل اليت جيهلها أولئك الذين‪،‬‬ ‫تنمو أشجار اإلَيان والرجاء واحملبّة والعدل والقناعة و ّ‬
‫ِّ‬
‫تستحوذ عليهم كائنات‬ ‫من آهلتهم‪ ،‬ال َيكنهم سوى نسخ األهواء البشريّة املشَتكة األكثر احنرافاً‪ ،‬إذ‬
‫فَتض ّأهنا فائقة‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فسيعودان إىل وطنهما حاملني أكثر من فرح كوهنما قد استُجيب لطلبهما‪،‬‬ ‫يُ ََ‬
‫ِّ‬
‫حاملني إمكانيّة القول‪" :‬نَعلَم أنّنا لسنا هبائم‪ ،‬إّّنا بعد هذه احلياة توجد حياة مستقبليّة أيضاً‪ .‬نعلَم أن‬
‫املضي إليه"‪.‬‬
‫احلق هو صالح‪ ،‬فهو إذن ُيبّنا حنن أيضاً ويصنع لنا اخلري ليحثّنا على ّ‬ ‫هللا ّ‬
‫أُها وحدُها جيهالن احلقيقة؟ قبل قليل كان أحد تالميذي يعتقد أنّين ال أستطيع‬
‫وماذا تظنّون؟ ُ‬
‫شفاء املريض أل ّن له نفساً وثنية‪ .‬ولكن ما هي النَّفس؟ ِّ‬
‫ومن أين أتيت؟‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 758 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫وتنشط حياة‬
‫ختول وترافق ّ‬ ‫الروحي‪ .‬وهي اليت‪ ،‬خملوقة بعمر كامل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫النَّفس هي جوهر اإلنسان‬
‫ألهنا غري قابلة للموت كالذي َخلَ َقها‪ :‬هللا‪ .‬ألنّه ال‬
‫وتستمر ابحلياة عندما يَفىن اجلسد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اجلسد كلّها‪،‬‬
‫يوجد سوى إله واحد‪ ،‬وال توجد نفوس أواثن ونفوس غري أواثن َخلَ َقتها آهلة خمتلفة‪ .‬ال يوجد سوى‬
‫قدرة واحدة ختلق النفوس‪ :‬هي قدرة اخلالق إهلنا‪ ،‬الواحد‪ ،‬القادر والق ّدوس والصاحل والذي ال هوى له‬
‫قلت‪ :‬حمبّة‪ ،‬أقول‬‫التامة‪ ،‬ولكي يدركه هؤالء الرومان‪ ،‬فكما ُ‬
‫احلب‪ ،‬بل احملبّة الكاملة‪ ،‬الروحيّة ّ‬
‫سوى ّ‬
‫اتمة‪ .‬ذلك أ ّن فكرة الروح ال يدركها هؤالء األطفال الذين ال يعلمون شيئاً عن‬ ‫أيضاً‪ :‬حمبّة وجدانيّة ّ‬
‫الكالم املق ّدس‪.‬‬

‫كل السالالت حتت عصا راعويّة‬ ‫ِّ‬


‫وماذا تعتقدون؟ أنّين مل آت سوى إلسرائيل؟ وأان الذي أمجَع ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬سيأيت وقت‪ ،‬هو قريب‪ ،‬يقول فيه الكثري من الوثنيّني‪:‬‬ ‫واحدة‪ ،‬تلك اليت للسماء‪ّ .‬‬
‫احلق‪ ،‬لإلله‬
‫"امسحوا لنا أبن يكون لدينا ما يلزم لنتم ّكن من تقدمي ذابئحنا على أرضنا الوثنيّة لإلله ّ‬
‫صَرفتُـ ُهما ابزدراء‪ .‬فهما‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كنت َ‬
‫الواحد الثالوث" الذي أان َكل َمتُه‪ّ .‬إهنما َيضيان اآلن بقناعة أكثر مما لو ُ‬
‫من خالل معجزايت وكالمي قد تنبّها هلل‪ ،‬وسيتح ّداثن عنه حيثما يعودان‪.‬‬

‫وأُضيف هنا‪ :‬أمل يكن من العدل مكافأة إَيان عظيم كهذا؟ حائِِّّرين ِّمن جتاوب األطبّاء‪ ،‬خائيب‬
‫األمل من السفرات عدَية اجلدوى إىل املعابد‪َ ،‬ع ِّرفا أن يكون لديهما اإلَيان‪ ،‬وأقبَال إىل اجملهول‪،‬‬
‫ك تقدر"‪ّ .‬أول‬‫اجملهول األكرب للعامل‪ ،‬واحملتَـ َقر األعظم واملفَتى عليه من إسرائيل‪ ،‬ليقوال له‪" :‬أؤمن أنّ َ‬
‫مريون ملنطقهم أيتيهم ممّن عرفوا اإلَيان به‪ .‬فلم يكن للمرض أتثري أكرب من إَياهنم غري الصحيح‪،‬‬
‫لت إىل شفاههم كأساً‪ ،‬يزداد عطشهم إليها كلّما شربوا منها‪ :‬التعطّش‬ ‫جيعلين أشفيهم‪ .‬ابلفعل قد َمحَ ُ‬
‫احلق‪.‬‬
‫إىل معرفة اإلله ّ‬
‫ختاماً‪ .‬أقول لكم أيّها اإلسرائيليّون‪ :‬فلتعرفوا كيف يكون لديكم اإلَيان مثل أولئك الذين عرفوا‬
‫أن ينالوه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 759 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يدنو منه الروماين مع أخيه الذي ُش ِّفي‪« :‬آه!‪ ...‬مل أعد أجرؤ على القول‪ :‬أ ِّ‬
‫ُقسم جبوبتري‪ .‬بل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫العطَش! واآلن ينبغي يل أن أذهب‪ .‬فَ َمن ذا الذي‬ ‫أقول‪ :‬أ ِّ‬
‫أحس هبذا َ‬
‫ّ‬ ‫سوف‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫كروماين‬
‫ّ‬ ‫بشريف‬ ‫م‬‫ُقس‬
‫سيعطيين فيما بعد ألشرب؟»‬

‫لي‪».‬‬
‫رس ّ‬
‫إليك فيه أحد ُم َ‬
‫حّت اليوم الذي أييت َ‬
‫امتالكك هلا‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫روحك‪ ،‬النَّفس اليت تعرف اآلن‬
‫« َ‬
‫أنت ال؟»‬
‫«و َ‬
‫َير سوى ما يزيد قليالً عن‬
‫لست حاضراً‪ .‬ولن ّ‬
‫«أان‪ ...‬أان ال‪ .‬ولكنّين لن أكون غائباً مع كوين ُ‬
‫تستمرا‬
‫ّ‬ ‫لك هديّة أكرب ِّمن شفاء َمن هو عزيز على َ‬
‫قلبك‪ .‬وداعاً لكما‪ .‬اعرفا أن‬ ‫حّت أق ّدم َ‬
‫العامني ّ‬
‫يف شعور اإلَيان هذا‪».‬‬

‫احلق‪ ».‬وَيضي الرومانيّان‪ ،‬ونسمعهما يناداين خ ّدامهما مع‬ ‫ِّ‬


‫ك اإلله ّ‬
‫فلينج َ‬
‫«سالماً أيّها املعلّم‪ّ .‬‬
‫العربة‪.‬‬
‫حّت أن هلما نفساً!» يُ ِّ‬
‫همهم عجوز‪.‬‬ ‫«ومل يكوان يعلمان ّ‬
‫الوالِّد‪ .‬وقد عرفا أن يتل ّقيا كلميت أفضل من كثريين من الناس الذين يف إسرائيل‪ّ .‬أما‬ ‫«نعم أيّها َ‬
‫ضاع َفة‬
‫الص َدقَة ُم َ‬
‫فلنجعلن فقراء هللا يستفيدون منه‪ ،‬وذلك جبعل َّ‬
‫ّ‬ ‫اآلن‪ ،‬فبما أ ّن تََُّربعهما كان وافراً ج ّداً‪،‬‬
‫احلقيقي والوحيد‪:‬‬ ‫الغىن‬ ‫إىل‬ ‫ال‬ ‫ليتوص‬
‫ّ‬ ‫منهم‬ ‫األفقر‬ ‫احملسنني‬ ‫هلذين‬ ‫اء‬‫ر‬ ‫الفق‬ ‫ملِّثلني أو ثالثة أمثال‪ .‬وليُ ِّّ‬
‫صل‬
‫ّ‬
‫معرفة هللا‪».‬‬

‫احملجبة داخل حجاهبا الذي ُيجب رؤية دموعها‪ ،‬ولكنّه ال َينع مساع حنيبها‪.‬‬
‫تبكي املرأة ّ‬
‫«تلك املرأة تبكي‪ »،‬يقول بطرس‪« .‬قد تكون دراُهها نـَ َف َذت‪ .‬هل َيكننا إعطاؤها؟»‬

‫لكن السماء تبقى‬


‫«ليس من أجل هذا تبكي‪ ،‬لكن اذهب وقل هلا هذا‪" :‬األوطان تزول و ّ‬
‫حّت‬
‫ُيب ّ‬
‫وتدوم‪ .‬وهي ملك للذين يعرفون أن يكون لديهم إَيان‪ .‬هللا صالح هو‪ .‬وهلذا السبب هو ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 760 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫السم‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫تبكي‪.‬‬ ‫دعها‬ ‫مث‬
‫ّ‬ ‫ذلك‬ ‫هلا‬ ‫قل‬ ‫اذهب‪.‬‬ ‫إليه"‪.‬‬ ‫املضي‬
‫ِّ‬ ‫على‬ ‫َينحك خرياته ليحثّ ِّ‬
‫ك‬ ‫ِّ‬ ‫اخلَطَأَة‪ .‬وهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يُطَْرح‪».‬‬

‫َيضي بطرس للقاء السيّدة اليت انطَلَ َقت صوب احلقول‪ .‬يكلّمها ويعود‪« .‬لقد َشَر َعت تبكي‬
‫كنت أظنّين أواسيها‪ »...‬وينظر إىل يسوع‪.‬‬
‫بشكل أعنف‪ ».‬يقول‪ُ « .‬‬
‫صلَت فعالً على املواساة‪ .‬فالفرح كذلك جيعل املرء يبكي‪».‬‬
‫«لقد َح َ‬
‫ُسّر عندما أرى وجهها‪ .‬هل سأراه؟»‬
‫«هوم!‪ ...‬لكن!‪ ...‬سأ َ‬
‫«يف يوم الدينونة‪».‬‬

‫رمحتك اي إهلي! ولكنّين آنذاك أكون ميتاً! وماذا تفيدين رؤيتها حينئذ؟ يف ذلك احلني سوف‬
‫« َ‬
‫ألأتمله!»‬
‫األزيل ّ‬
‫يكون يل ّ‬
‫«افعل ذلك حاالً‪ .‬إنّه الشيء الوحيد املفيد‪».‬‬

‫«نعم‪ ...‬لكن‪ ...‬اي معلّم َمن تكون؟»‬

‫ويضحك اجلميع‪.‬‬

‫مرة أخرى فسنرحل فوراً‪ .‬هكذا لن تعود تف ّكر هبا‪».‬‬


‫سألت عن ذلك ّ‬
‫«لو َ‬
‫أنت‪»...‬‬
‫«ال اي معلّم‪ .‬بيد أنّه‪ ..‬يكفي أن تبقى َ‬
‫يبتسم يسوع‪« .‬هذه املرأة» يقول «هي بقيّة وهي ابكورة‪».‬‬

‫أفهم‪».‬‬
‫لست َ‬
‫«ما الذي تريد قوله؟ ُ‬
‫لكن يسوع يبقيه هنا ليمضي إىل البلدة‪.‬‬
‫و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 761 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أرسلَين ألقول ذلك للمعلّم‪».‬‬
‫«إنّه ذاهب إىل زكرّاي فزوجته حتتضر‪ ».‬يشرح أندراوس‪« .‬هو َ‬
‫ك أسوأ من‬
‫كل شيء‪ ،‬وال ختربين عن شيء البتّة‪ .‬إنّ َ‬
‫عمل ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬وتَ َ‬
‫ك تثري غضيب! تَعلَم ّ‬
‫«إنّ َ‬
‫يصب بطرس على أخيه جام غضبه وخيبته‪.‬‬ ‫مسكة‪ّ ».‬‬
‫عين‪ .‬هيّا بنا نرفع شباكنا‪ .‬هيّا‪».‬‬
‫أنت أيضاً تتح ّدث ّ‬
‫هتتم اي أخي‪ .‬ها َ‬
‫«ال ّ‬
‫يذهب البعض إىل اليمني واآلخرون إىل اليسار‪.‬‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 762 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -97‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال تشهد ابلزور")‬

‫‪1945 / 03 / 13‬‬

‫حّت جليليّون‪ ...‬أي!‬


‫مّت‪ .‬وجييب بطرس‪« :‬انظر! هناك ّ‬ ‫الكم من الناس!‪ ...‬يهتف ّ‬ ‫«اي هلذا ّ‬
‫أي! هيّا بنا ُخنِّرب املعلّم‪ّ .‬إهنم ثالثة من قاطعي الطُُّرق املعتََربين!»‬

‫حّت إىل هنا‪»...‬‬


‫لحقون يب ّ‬
‫«قد يكونون أتوا من أجلي‪ .‬يَ َ‬
‫مّت‪ .‬فالقرش ال أيكل السمك الصغري‪ .‬إنّه هو املقصود‪ ،‬فهو غنيمة قَـيِّّمة‪ .‬والقرش‪،‬‬ ‫«ال اي ّ‬
‫أنت واآلخرون‪ ،‬فإنّنا َمسَك صغري‪ ...‬غنيمة ال‬‫فقط حينما ال جيدها‪ ،‬يصطاد مسكة كبرية‪ .‬إّّنا أان و َ‬
‫أُهيّة هلا‪».‬‬

‫مّت‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫«هل تقول من أجل املعلّم؟» يسأل ّ‬
‫كل االجتاهات؟ إ ّهنم مثل وحش ضا ٍر يتع ّقب‬ ‫يف‬ ‫ينظرون‬ ‫كيف‬ ‫ترى‬ ‫أال‬ ‫إذن؟‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫« ِّ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أيالً‪».‬‬

‫«سأخربه بذلك‪»...‬‬

‫«انتظر! ولِّنَـ ُقل ذلك البين حلفا‪ .‬فهو طيّب ج ّداً‪ّ .‬إهنا طيّبة ساذجة إذا ما َوقَـ َعت يف تلك‬
‫األفواه‪».‬‬

‫حمق‪».‬‬
‫ك ّ‬ ‫«إنّ َ‬

‫َيضي االثنان إىل النهر ويناداين يعقوب ويوضاس‪« .‬أَقبِّال‪ .‬هناك أشخاص‪ُ ...‬هم جمرمون‬
‫يستح ّقون الشَّنق‪ ،‬لقد أتوا حتماً ليَتسبَّبوا ابإلزعاج للمعلّم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 763 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هيّا بنا‪ .‬وهو‪ ،‬أين هو؟»‬

‫«إنّه ما يزال يف املطبخ‪ .‬لنسرع‪ ،‬إذ قد يتنبّه لألمر‪ ،‬وهو ال يرضى بذلك‪».‬‬

‫«نعم‪ .‬وهو بذلك على خطأ‪».‬‬

‫«أان أيضاً أؤيّد هذا الرأي‪».‬‬

‫يعودون إىل الدار‪ .‬واجملموعة املشار إليها "ابجلليليّني"‪ ،‬يتح ّدثون إىل الناس اآلخرين ابستخفاف‪.‬‬
‫سمع‪...« :‬كلمات ينبغي هلا أن تَستَنِّد إىل‬
‫يدنو يوضاس بن حلفا بشكل يوحي أب ّن األمر صدفة‪ ،‬ويَ َ‬
‫أفعال‪».‬‬

‫قوي البنية‬
‫«وهو ُي ّقق تلك املعادلة‪ .‬فأمس أيضاً شفى رومانيّاً مستحوذاً عليه‪ ».‬جييب رجل ّ‬
‫عامة الشعب‪.‬‬‫من ّ‬
‫«اي للهول! ِّشفاء َوثَين! اي للفضيحة! هل تسمع اي إيلي؟»‬

‫العشارين والزواين‪ ،‬عالقات مع الوثنيّني و‪»...‬‬


‫كل اخلطااي فيه‪ :‬صداقات مع ّ‬
‫« ّ‬
‫النمامني‪ .‬هذه أيضاً تعترب خطيئة‪ .‬ويف نَظَري هي األعظم‪ .‬ولكن طاملا هو ال‬
‫الصرب على ّ‬
‫«و َّ‬
‫إيل أان‪ .‬فأان أخوه البكر‪ ،‬وذاك أخ أكرب سناً‬ ‫ِّ‬
‫يَعرف وال يريد الدفاع عن نفسه‪ ،‬إذن فليكن حديثكم ّ‬
‫أيضاً‪ .‬تكلّموا‪».‬‬

‫أتظن أنّنا كنّا نتكلّم ابلسوء عن ماسيا؟ ولكن ال؟ لقد أتينا ِّمن البعيد‬
‫«ولكن ملاذا تغضب؟ ّ‬
‫البعيد‪ ،‬وقد َجلَبَتنا شهرته‪ .‬كنّا نقول ذلك هلؤالء الناس‪»...‬‬

‫أحس أ ّن حمبّته‬ ‫ك تُ ِّ‬ ‫ِّ‬


‫لك ظهري‪ ».‬ويوضاس بن حلفا‪ ،‬إذ َّ‬
‫قرفين لدرجة أنّين أدير َ‬ ‫«كاذب! إنّ َ‬
‫جتاه األعداء يف خطر‪َ ،‬يضي‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 764 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أليس هذا صحيحاً؟ قولوا مجيعكم‪»...‬‬

‫ولكن «مجيعكم»‪ ،‬أي اآلخرين الذين كان أولئك اجلليليّون ُي ّدثوهنم‪ ،‬يصمتون‪ .‬ال يريدون‬
‫ال َك ِّذب وال جيرؤون على نقض أقواهلم‪ .‬لذا يظلّون صامتني‪.‬‬

‫اجلليلي إيلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حّت كيف هو‪ »...‬يقول‬
‫«حنن ال نعرف ّ‬
‫ك املرض تفقد الذاكرة؟»‬
‫مّت بسخرية‪« .‬هل َج َعلَ َ‬
‫«وَمل تشتمه يف بييت‪ ،‬أليس كذلك؟» يسأل ّ‬
‫"اجلليلي" معطفه وَيضي مع اآلخرين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيخذ‬

‫«جبان‪ ».‬يصرخ بطرس خلفه‪.‬‬

‫«كان يريد أن يروي لنا عنه أشياء جهنّمية‪ »...‬يشرح أحدهم‪« .‬ولكنّنا‪ ،‬حنن‪ ،‬رأينا أفعاله‪.‬‬
‫وابملقابل‪ ،‬نعرف َمن يكونون ُهم‪ّ :‬فريسيّني‪َ .‬من نص ّدق إذن؟ الصاحل الذي هو حقيقة صاحل‪ ،‬أم‬
‫بدأت أذهب إليه‪ ،‬مل أعُد أعرف‬
‫األشرار الذين يَدَّعون الصالح‪ ،‬وهم ليسوا سوى بليّة؟ أعرف أنّين مذ ُ‬
‫كنت عنيفاً‪ ،‬قاسياً مع زوجيت وأوالدي‪ ،‬وال أحَتم جاري‪ ،‬بينما اآلن‪...‬‬ ‫لت‪ُ .‬‬
‫نفسي لش ّدة ما تب ّد ُ‬
‫اجلميع قي البلدة يقولون ذلك‪" :‬عزراي مل يعد كما كان"‪ .‬فإذن؟ هل َِّمس َع أحد عن شيطان جيعل الناس‬
‫عمل‬ ‫ِّ‬
‫البس شيطاانً غري مألوف‪ ،‬إذا كان يَ َ‬
‫ألقداستنا؟ آه! ابحلقيقة هو ٌ‬ ‫َ‬ ‫صاحلني؟ ملاذا يعمل إذن؟‬
‫للرب!»‬
‫ّ‬
‫التصرف‪.‬‬
‫ك جتيد الفهم وجتيد الرؤية وجتيد ّ‬ ‫الرب‪ .‬فإنّ َ‬
‫ك ّ‬ ‫فوك‪ ،‬أيّها الرجل‪ .‬ليحفظْ َ‬
‫ض َ‬ ‫«ال فُ ّ‬
‫كل‬
‫ويتحمل ّ‬
‫ّ‬ ‫املبارك‪ ،‬وفَـَرحاً له‪ ،‬هو الذي يريد خريكم‬
‫استمر هكذا‪ ،‬وستصبح تلميذاً حقيقيّاً ملاسيا َ‬
‫ّ‬
‫يتصرف‬
‫احلقيقي‪ .‬ولكن حينما تَـَرون أنّه ّ‬
‫ّ‬ ‫الشر‬
‫شك سوى ّ‬ ‫شيء ليقودكم إىل هذا اخلري‪ .‬ال يكن مصدر ّ‬
‫حّت ولو كان‬
‫ك‪ّ ،‬‬ ‫ابسم هللا‪ ،‬فال تَش ّكوا‪ ،‬وال تص ّدقوا أولئك الذين يريدونكم أن تؤمنوا مبا هو َش ّ‬
‫خبصوص أشياء جديدة‪ .‬هو ذا الزمن اجلديد‪ .‬إنّه كالوردة اليت ستولَد بعد أن َع ِّملت اجلذور دهوراً‪:‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 765 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لكن قروانً من‬
‫وهذا الزمن قد حان‪ .‬لو مل تكن قرون من االنتظار قد َسبَـ َقتهُ‪ ،‬ملا استطعنا فهم كالمه‪ .‬و ّ‬
‫الطاعة لشريعة سيناء‪َ ،‬منَ َحتنا احل ّد األدىن من التهيئة‪ ،‬لتسمح لنا‪ ،‬يف هذا الزمن اجلديد‪ ،‬الزهرة اإلهليّة‬
‫ونتقوى ونتعطّر ابلقداسة‬ ‫لنتطهر ّ‬
‫كل نسغها‪ّ ،‬‬ ‫اليت َوَهبَنا الصالح رؤيتها‪ ،‬استنشاق عبريها وامتصاص ّ‬
‫كهيكل‪ .‬وألنّه الزمن اجلديد‪ ،‬ففيه أساليب جديدة ال تتعارض مع الشريعة‪ ،‬ولكنّها مفعمة ابلرمحة‬
‫واحملبّة‪ ،‬ألنّه هو الرمحة واحملبّة النازلة من السماء‪ ».‬وُييّي يعقوب بن حلفا ويدخل إىل املنـزل‪.‬‬

‫مأخذ‪« .‬فأان ال أعرف‬


‫كل َ‬‫َخ َذ منه العجب ّ‬ ‫أنت!» يقول بطرس‪ ،‬وقد أ َ‬‫حديثك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«اي جلودة‬
‫لست أعرف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ماذا أقول‪ ،‬فأقول فقط‪" :‬كونوا صاحلني‪ .‬أحبّوه‪ .‬استَمعوا إليه وآمنوا به"‪ .‬يف احلقيقة ُ‬
‫مين!»‬
‫كيف َيكن أن يكون مسروراً ّ‬
‫منك‪ ».‬جييب يعقوب بن حلفا‪.‬‬
‫«ومع ذلك فهو مسرور َ‬

‫«هل تقول هذا بصدق أم من ابب اللباقة؟»‬

‫«هو كذلك ح ّقاً‪ .‬أمس ابلذات كان يقوهلا يل‪».‬‬

‫مت إجادة‬
‫أنت‪ ...‬أين تعلّ َ‬
‫مين يوم َجلَبوا يل عروسي‪ .‬ولكن َ‬
‫«صحيح؟! إذاً فأان اليوم أسعد ّ‬
‫الكالم هبذا الشكل؟»‬

‫«يف حضن ّأمه وإىل جانبها‪ .‬اي لتلك الدروس! اي هلا ِّمن كلمات! فما من أحد غريه َيكنه‬
‫نك‪ ...‬دروسها!‬ ‫ِّ‬
‫لكن الذي ينقصه جلربوته تضيفه هي بلطفها‪ ...‬وتَلج ذه َ‬ ‫التح ّدث أبفضل منها‪ .‬و ّ‬
‫متهل ليس فقط الزيت‪،‬‬ ‫الم َست زاويتها زيتاً ُم َعطَّراً؟ فهي ّ‬
‫متتص بلطف و ُّ‬ ‫ط قطعة قماش وقد َ‬ ‫أيت ق ّ‬
‫أما ر َ‬
‫"كنت هنا"‪ .‬هكذا هي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يستمر ليقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وحّت ولو اختفى أثر الزيت‪ ،‬فالعطر‬ ‫بل إّّنا العطر أيضاً‪ّ .‬‬
‫ففينا حنن كذلك‪ ،‬األقمشة الغليظة ومثّ املغتَ ِّسلة ابلوجود‪ ،‬قد احتلَّت أعماقنا حبكمتها وظُرفها‪ ،‬وعطرها‬
‫يدوم فينا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 766 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األقل‪.‬‬
‫أقل عناداً‪ ...‬أان على ّ‬
‫«ملاذا ال جيعلها أتيت؟ كان يقول إنّه سيفعلها! فإنّنا نصبح أفضل‪ّ ،‬‬
‫وحّت أولئك الثعابني الذين يَِّفدون بني احلني واحلني‪»...‬‬
‫وحّت هؤالء الناس‪ ...‬يصبحون أفضل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أتظن ذلك؟ أان ال‪ .‬حنن نصبح أفضل‪ ،‬وكذلك املتواضعون‪ّ .‬أما ذوو السلطان واألشرار!‪...‬‬ ‫« ّ‬
‫لن‬ ‫آه! اي مسعان بن يوان! ال تُ ِّ‬
‫أملك‪ ...‬ها هو ذا‪ .‬فال نقو ّ‬
‫مشاعرك النبيلة لآلخرين! فيخيب َ‬
‫َ‬ ‫ظهر أبداً‬
‫له شيئاً‪»...‬‬

‫غمسة‬‫ََي ُرج يسوع من املطبخ‪َ ،‬يسك بيده طفالً يهرول إىل جانبه‪ ،‬وهو يقضم قطعة خبز م ّ‬
‫ابلزيت‪ .‬فيع ِّّدل يسوع خطوات مشيته الطويلة مبوجب ساقي صديقه‪« .‬إنّه فَـْتح!» يقول سعيداً‪« .‬هذا‬
‫الرجل ابن األعوام األربعة‪ ،‬والذي يدعى عزرائيل‪ ،‬قال يل إنّه يريد أن يكون تلميذاً ويريد أن يتعلّم‪:‬‬
‫يود لو يتسلّق‬
‫الكرازة وشفاء األطفال املرضى‪ ،‬وأن جيعل العنب يينع على األغصان يف كانون األول‪ ،‬مثّ ّ‬
‫"هلموا‪ ،‬هو ذا ماسيا!" أليس كذلك عزرائيل؟»‬
‫جبالً ويقول للجميع‪ّ :‬‬
‫ويضحك الطفل ويقول نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬وأثناء ذلك يقضم خبزه‪.‬‬
‫َ‬
‫حّت أن تقول‬
‫أنت ال تعرف ّ‬
‫أنت ابلكاد تعرف أن أتكل!» يقول له توما ليمازحه ويضايقه‪َ « ،‬‬
‫« َ‬
‫َمن هو ماسيا‪».‬‬

‫الناصري‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«إنّه يسوع‬

‫«وماذا يعين "ماسيا"؟»‬

‫رسل لنصبح صاحلني وجنعل الناس كلهم صاحلني‪».‬‬


‫«يعين‪ ...‬يعين‪ :‬الرجل ال ُـم َ‬
‫لت طفالً‪ ،‬ماذا تفعل؟»‬
‫أنت الذي ما ز َ‬
‫«وكيف العمل لنصبح صاحلني؟ و َ‬
‫أنت أيضاً‪،‬‬
‫افعل ذلك‪َ ،‬‬
‫كل شيء ألنّين أحبّه‪َ .‬‬
‫كل شيء‪ ،‬وهو سيفعل ّ‬
‫«سوف أحبّه وأفعل ّ‬
‫وسوف تُصبِّح صاحلاً‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 767 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك‬
‫كل شيء‪ ،‬ألنّين سوف أحبّ َ‬ ‫وستفعل‬ ‫ين‪،‬‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫لك الدرس اي توما‪ .‬هي ذي الوصية‪" :‬أ ِّ‬
‫َح‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫«أ ِّ‬
‫ُعط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل شيء"‪ .‬فالروح القدس قد تَكلّم‪ .‬هيّا اي عزرائيل‪ .‬هيّا بنا نَعِّظ‪».‬‬ ‫فيك ّ‬
‫احلب يفعل َ‬‫إن أحببتَين‪ ،‬و ّ‬
‫كل األطفال وأجعله‬ ‫أمتىن أن أجلب له ّ‬ ‫يسوع يكون سعيداً للغاية عندما يكون طفل بصحبته‪ .‬وكم ّ‬
‫حّت امسه!‬‫معروفاً لديهم مجيعاً‪ .‬فكثريون منهم ال يعرفون ّ‬
‫احملجبة‪ ،‬وقبل أن يلتقيا يقول للطفل‪« :‬قُل لتلك املرأة‪" :‬ليكن‬
‫إنّه على وشك املرور جبانب املرأة ّ‬
‫السالم ِّ‬
‫معك"‪».‬‬

‫«ملاذا؟»‬

‫قلت هلا ذلك فستُشفى‪».‬‬


‫مثلك‪ ،‬عندما تقع‪ ،‬وهي تبكي‪ .‬ولكن لو َ‬
‫«أل ّن لديها أملاً‪َ ،‬‬

‫ك‬‫معك أيتها املرأة‪ .‬ال تبكي‪ .‬فإ ّن ماسيا قال يل‪ :‬إذا ما أحببتِّ ِّه كثرياً فسيحب ِّ‬
‫«ليكن السالم ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويشفيك‪ ».‬هذا ما قاله عزرائيل‪ ،‬بينما يسوع يسحبه معه دوّنا توقُّف‪ .‬ففي عزرائيل تكمن‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫هو كثرياً‬
‫فاجئاً قليالً يف كرازته‪ ،‬وإذا كان يقول فيها أكثر ممّا‬‫حّت ولو كان أحياانً‪ُ ...‬م َ‬ ‫حقيقةً‪ ،‬خامة رسوليّة‪ّ .‬‬
‫يُطلَب منه قوله‪.‬‬

‫«السالم لكم مجيعاً‪.‬‬

‫قيل‪” :‬ال تشهد ابلزور“‪.‬‬

‫َهل َمن يَ َبعث على االمشئزاز أكثر ِّمن الكاذب؟ أال َيكن القول إنّه جيمع ما بني الشراسة‬
‫والنجاسة؟ نعم َيكن‪ .‬فالكاذب‪ ،‬أحت ّدث عن الذي يكذب يف األمور الكبرية‪ ،‬هو جمرم‪ .‬إنّه يقتل‬
‫حّت‪ :‬إنّه أسوأ ِّمن قاتل‪ .‬وهذا‬
‫السمعة بلسانه‪ .‬فهو إذن ال َيتلف يف شيء عن القاتل‪ .‬بل أقول ّ‬
‫األخري ال يقتل ّإال اجلسد‪ .‬بينما الكاذب يقتل السمعة الطيّبة أيضاً‪ ،‬يقتل ذكرى إنسان‪ .‬إذن‪ ،‬فهو‬
‫ينم عليه وشرف‬ ‫قاتل مضاعف‪ .‬إنّه القاتل غري املعاقَب‪ ،‬ألنّه ال يريق دماً‪ ،‬ولكنّه يطعن شرف الذي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 768 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عائلته كلّها معاً‪ .‬بل حّت إنّين ال أتوقّف عند حالة من‪ ،‬لدى أتدية اليمني ال َقسم‪ ،‬ي ِّ‬
‫رسل آخر إىل‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تتجمع فحمات جهنّم‪ .‬ولكنّين أحت ّدث فقط عن الذي‪ ،‬من خالل كذبة‬ ‫املوت‪ .‬فعلى هذا وأمثاله ّ‬
‫ِّ‬
‫مربر‪ ،‬أو‬
‫يفعل ذلك؟ ّإما بسبب حقد بال ّ‬ ‫يلمح وُيمل أانساً آخرين على اإلضرار بربيء‪ .‬ملاذا َ‬
‫منه‪ّ ،‬‬
‫شهوة امتالك ما لدى غريه أو بسبب اخلوف‪.‬‬

‫ابحلقد‪ :‬احلقد يقوده‪ ،‬وهذا هو صديق الشيطان فقط‪ .‬فَ َمن كان صاحلاً ال ُيقد وال ّ‬
‫ألي سبب‪.‬‬
‫تضرَر فإنّه يغفر ويسامح‪ .‬ال ُيقد أبداً‪ .‬فاحلقد هو الشهادة اليت تشهد به‬
‫حّت ولو َّ‬ ‫ِّ‬
‫حّت ولو احتُقر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الشر ض ّد اخلري‪ ،‬والصاحل‬
‫نفس اتئهة على ذاهتا‪ ،‬وهي أروع شهادة تُعطى للربيء‪ .‬إذ إ ّن احلقد هو ثورة ّ‬
‫ال ُيتاج إىل الغفران‪.‬‬

‫ابلطمع‪" :‬لدى هذا ما ليس ّ‬


‫لدي‪ .‬وأان أريد امتالكه‪ .‬وال َيكنين أخذ مكانه ّإال إذا جعلتُهُ‬
‫يهم؟ أَيكن أن أصل إىل تدمري عائلة أبكملها؟‬ ‫يهم؟ أأسرق؟ ماذا ّ‬‫ُحمتَـ َقراً‪ .‬وسأفعل‪ .‬أأكذب؟ ماذا ّ‬
‫يتعمد نسيانه‪،‬‬
‫كل األسئلة اليت يطرحها الكاذب احملتال على نفسه‪ ،‬ينسى سؤاالً‪ ،‬بل ّ‬‫يهم؟" وبني ّ‬
‫ماذا ّ‬
‫طرح هذا السؤال على نفسه ألنّه‪ ،‬مدفوعاً ابلكربايء‬ ‫ِّ‬
‫وهو التايل‪" :‬ماذا لو ُكشف أمري؟" وهو ال يَ َ‬
‫والطَّ َمع‪ ،‬هو َك َمن أُغلِّ َقت عيناه‪ .‬فال يرى اخلطر‪ .‬إنّه كذلك كمثل َر ُجل سكران‪ .‬لقد َسكر خبمر‬
‫يتحملون النميمة‪ .‬والكاذب‬‫الشيطان‪ ،‬وال يف ّكر أب ّن هللا أقوى من الشيطان ويتص ّدى لالنتقام ملن ّ‬
‫يستسلم للكذب ويثق حبمايته ببالهة‪.‬‬

‫ليربئ نفسه‪ .‬إنّه الشكل األكثر شيوعاً للكذب‪.‬‬ ‫ابخلوف‪ :‬غالباً ما يلجأ أحدهم إىل النميمة ّ‬
‫ضح أمران‪ ،‬إذن‪ ،‬فبفضل‪ ،‬وابستغالل االعتبار الذي ما زلنا حنتفظ به‬ ‫فنرتكب اخلطأ‪ ،‬وخنشى أن يُفتَ َ‬
‫نتصرف‬ ‫ِّ‬
‫لدى اآلخرين‪ ،‬تراان َحنرف الفعل‪ ،‬وما قمنا به نرميه على آخر خناف فقط من نزاهته‪ .‬إنّنا ّ‬
‫أيضاً هكذا أل ّن اآلخر كان‪ ،‬أحياانً‪ ،‬بغري قصد منه‪ ،‬شاهداً على أفعالنا السيّئة‪ ،‬ولذلك نسعى ألن‬
‫حّت إذا ما تكلّم ال يص ّدقه أحد‪.‬‬
‫نكون يف مأمن من شهادته‪ .‬فنتّهمه لنجعله مكروهاً‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 769 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫تضطروا أبداً للكذب‪ .‬أال تف ّكرون‪ ،‬عندما‬ ‫لن‬‫و‬ ‫ف!‬ ‫التصر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫أحسن‬ ‫ف!‪...‬‬ ‫التصر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ن‬ ‫ولكن ِّ‬
‫أحس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تكذبون‪ ،‬ابلنِّّري الذي تضعونه على مناكِّبكم؟ النِّّري املصنوع من اخلضوع للشيطان‪ ،‬ومن اخلوف الدائم‬
‫حّت‬
‫التصرفات والتفاصيل اليت أحاطت هبا‪ّ ،‬‬‫تذكر الكذبة على الدوام مع ّ‬ ‫من التكذيب‪ ،‬ومن ضرورة ُّ‬
‫بعد سنوات‪ ،‬لتحاشي الوقوع يف التناقضات‪ .‬وهذا يشبه عمل َمن ُح ِّكم عليه ابألشغال الشاقّة‪.‬‬
‫وكذلك ليته ينفع للسماء! ولكنّه ال ينفع ّإال يف هتيئة مكان مناسب يف اجلحيم!‬

‫كونوا صادقني‪ .‬ما أروع فم اإلنسان الذي ال يعرف الكذب! هل سيكون فقرياً؟ هل سيكون‬
‫كل ذلك؟ نعم‪ ،‬ولكنّه يبقى َملِّكاً على الدوام ألنّه صادق‪ ،‬والصدق‬
‫فظّاً؟ هل سيكون جمهوالً؟ هل هو ّ‬
‫كي أكثر من الذهب والتاج‪ ،‬ويرفع فوق اجلموع أكثر من عرش‪ ،‬فلديه حاشية من الناس‬ ‫شيء َملَ ّ‬
‫النـزيهني‪ ،‬وهم أكثر عدداً من حاشية امللك‪ .‬وجار اإلنسان الصادق ُيصل على األمن والسلوان‪.‬‬
‫جمرد جواره يعطي انطباعاً ابالنزعاج‪ .‬هل يف ّكر‬‫حّت ّ‬‫وصداقة إنسان غري صادق جتلب املتاعب‪ ،‬بل ّ‬
‫كشف سريعاً أللف سبب؟ كيف‬ ‫الذي يكذب أنّه يُعترب على الدوام موضع شبهة‪ ،‬أل ّن الكذب يُ َ‬
‫الشك‬
‫حّت ولو قال احلقيقة‪ ،‬فليس املطلوب سوى تصديقه‪ ،‬ويف األعماق يبقى ّ‬ ‫َيكن تقبُّل ما يقول؟ ّ‬
‫الزور ِّمن هذا؟" إ ّن كل كذب‬
‫على الدوام‪" :‬هل يكذب اآلن أيضاً؟" وتقولون‪" :‬ولكن أين شهادة ُّ‬
‫كل شهادات الزور تكون يف األمور القانونيّة فقط‪.‬‬
‫هو شهادة زور‪ .‬وليست ّ‬
‫كل حلظة من حياتكم‪ .‬هل‬ ‫كونوا بسطاء كما أ ّن هللا بسيط‪ ،‬وكذلك الطفل‪ .‬كونوا صادقني يف ّ‬
‫حّت ولو أراد ّنّام التح ّدث عنكم بكالم سوء‪،‬‬
‫تريدون أن تُعتََربوا صاحلني؟ فكونوا ابحلقيقة كذلك‪ّ .‬‬
‫فسوف يكون هناك مائة صاحل ليقولوا‪" :‬ال‪ ،‬هذا ليس صحيحاً‪ .‬فهو صاحل‪ .‬وأعماله تتح ّدث عنه"‪.‬‬
‫املنح ِّرف يهيّئ‬ ‫ِّ‬
‫قيل يف سفر احلكمة‪" :‬اإلنسان الظامل اجلائر يتق ّدم والفساد على شفتيه‪ ...‬ويف قلبه َ‬
‫الرب والسابع يغضب منه‪ :‬العينان‬
‫كل األحيان يبذر بذور الشقاق‪ ...‬ستّة أمور َيقتها ّ‬ ‫نوااي سيّئة‪ ،‬ويف ّ‬
‫يتأمل النوااي الظاملة‪،‬‬
‫املتغطرستان‪ ،‬واللسان الكاذب‪ ،‬واليدان اللتان تريقان الدم الربيء‪ ،‬والقلب الذي ّ‬
‫فوه ابألكاذيب وتلك اليت تبذر بذور‬‫الشر‪ ،‬وشهادة الزور اليت تت ّ‬
‫املتعجلتني للذهاب إىل ّ‬
‫والقدمني ّ‬
‫الشرير بسبب خطااي اللسان‪ ...‬فالذي يكذب هو شاهد‬ ‫الشقاق بني اإلخوة‪ ...‬الدمار يدنو من ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 770 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫متغرية‪ .‬كلمات‬ ‫ِّ‬ ‫م َدلِّّ‬
‫لكن الذي ينطق بلسان ُم َدلّس‪ ،‬فشهادته ّ‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫أبد‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫تتب‬ ‫ال‬ ‫الصادقة‬ ‫الشفاه‬
‫و‬ ‫س‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عرف من طريقته ابلكالم‪،‬‬
‫فالعدو‪ ،‬عندما يدبّر خيانة ما‪ ،‬يُ َ‬
‫ّ‬ ‫الواشي تبدو بسيطة ولكنّها ختَتق األحشاء‪،‬‬
‫نخ ِّفض‪ ،‬فال تثق به‪ ،‬ذلك أنّه ُيمل يف قلبه الشرور السبعة‪ .‬وهو َيفي حقده‬ ‫عندما يتح ّدث بصوت ُم َ‬
‫لكن َم ْكَره سوف يُعلَن يف النور‪ ...‬ومن ُيفر حفرة يقع فيها‪ ،‬واحلجر يسقط‬ ‫حتت مظاهر ج ّذابة‪ ،‬و ّ‬
‫على من يدحرجه‪.‬‬

‫يتمسك مبا َعَزم عليه‪ ،‬وكذلك إدانة هللا‬ ‫احلكيم‬ ‫كر‬ ‫قدَية قِّ َدم العامل هي خطيئة الكذب‪ ،‬وفِّ‬
‫ّ‬
‫حّت يف مواجهة‬
‫َّعم" "نـَ َعم"‪ ،‬و"الال" "ال" على الدوام‪ّ ،‬‬
‫للكاذب‪ .‬أقول لكم‪ :‬فليكن كالمكم واحداً‪" :‬النـ َ‬
‫ذوي السلطان والطغاة‪ ،‬وسيكون أجركم عظيماً يف السماء‪ .‬أقول لكم‪ :‬لتكن لكم عفويّة الطفل الذي‬
‫أي شيء غري الصالح‪ ،‬والذي يقول‬ ‫َيضي ابلفطرة صوب الذي ُيس فيه الصالح‪ ،‬دون البحث عن ّ‬
‫استمر فيه‪.‬‬
‫ما َيليه عليه صالحه ذاته دوّنا حساب ملذمة َيكن أن يتل ّقاها لو ّ‬
‫اذهبوا بسالم‪ ،‬ولتكن احلقيقة صديقتكم‪».‬‬

‫نصت‬‫وعزرائيل الصغري‪ ،‬الذي ب ِّقي جالساً عند قدمي يسوع‪ ،‬رأسه مرفوع مثل عصفور صغري ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫أنت أصدقاء‬‫إىل صوت أبيه‪ ،‬وحبركة ملؤها النعومة‪ :‬يفرك وجهه الصغري بركبيت يسوع ويقول‪« :‬أان و َ‬
‫كل من يف القاعة‪ ،‬ويتح ّدث‬ ‫ع‬ ‫ك‪ .‬أان اآلن أقول ذلك أيضاً‪ ».‬ويرفع صوته لي ِّ‬
‫سم‬ ‫ك صاحل وأ ّان أحبّ َ‬
‫ألنّ َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وهو يقوم حبركات مثلما رأى يسوع يفعل‪« :‬امسعوا مجيعكم‪ .‬أعرف أين يذهب األشخاص الذين ال‬
‫الناصري كثرياً‪ .‬إ ّهنم يصعدون سلّم يعقوب‪ ،‬وَيضون إىل األعلى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ينطقون ابلكذب‪ ،‬والذين ُيبّون يسوع‬
‫الرب‪ ».‬ويضحك سعيداً كاشفاً‬ ‫األعلى‪ ،‬األعلى‪ ...‬متاماً كاملالئكة‪ ،‬وبعدئذ يتوقّفون حيث يلتقون ّ‬
‫عن أسنانه كلّها‪.‬‬

‫يالطفه يسوع وينـزل بني الناس‪ .‬يعيد الطفل إىل أمه‪ :‬أشكرك أيتها السيدة ألنّ ِّ‬
‫ك أعطيتين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫ابنك‪».‬‬

‫لك املتاعب‪».‬‬
‫ب َ‬‫«لقد َسبَّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 771 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬بل منَحين احلب‪ .‬إنّه صغري من لدن الرب‪ ،‬وليكن الرب معه على الدوام ِّ‬
‫ومعك‪ .‬وداعاً‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 772 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -98‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪" :‬ال ِّ‬


‫تشته مقتىن غريك")‬

‫‪1945 / 03 / 14‬‬

‫الضروري املوافق لإلنسان؟ األ َُّهبة؟ عدد‬


‫ّ‬ ‫لكل امرئ ما يوافقه‪ .‬تلك هي احلقيقة‪ .‬وما‬
‫«هللا يعطي ّ‬
‫حّت‬
‫كبري من اخل ّدام؟ األراضي اليت ال ُيصى عدد حقوهلا؟ أم الوليمة املمت ّدة من غروب الشمس ّ‬
‫الضروري لإلنسان هو سقف وقوت وثوب وما ال ب ّد منه الستمرار احلياة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شروقها؟ ال‪ .‬بل إ ّن‬

‫انظروا حولكم‪َ :‬من ُهم األكثر سعادة واألكثر سالمة؟ من ذا الذي يتمتّع بشيخوخة سليمة‬
‫وهادئة؟ أهم الشهوانيّون؟ ال‪ .‬بل إ ّن الذين يعيشون بنـزاهة‪ ،‬يعملون ويسيطرون على شهواهتم‪ ،‬هؤالء‬
‫ويستمرون‬
‫ّ‬ ‫سم احلسد‪،‬‬
‫سم الوالئم‪ ،‬ويظلّون رشيقني‪ ،‬وال ّ‬ ‫سم الفجور‪ ،‬ويبقون أقوايء‪ ،‬وال ّ‬ ‫ال يطاهلم ّ‬
‫متهلّلني‪ .‬بينما َمن تسيطر عليه الرغبة يف احلصول على املزيد دائماً‪ ،‬فإنّه يقتل سالمه وال يسعد‪ ،‬إّّنا‬
‫تكون شيخوخته مب ّكرة‪ .‬إنّه ُيَتق بنار احلقد واإلسراف‪.‬‬

‫غريك‪ .‬ألنّه ابلفعل‪ ،‬الشهوة ِّ‬


‫املفرطة تدفع‬ ‫سرق إىل وصية ال ِّ‬
‫تشته مقتىن َ‬ ‫ضم وصيّة ال تَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫َيكنين ّ‬
‫لست‬
‫كل رغبة هي غري مشروعة؟ ُ‬ ‫إىل السرقة‪ .‬ال تَفصل الواحدة عن األخرى سوى خطوة واحدة‪ .‬هل ّ‬
‫ِّ‬
‫يؤمن به قوت‬
‫فرب العائلة الذي‪ ،‬بعمله يف احلقول واملصانع‪ ،‬يرغب يف احلصول على ما ّ‬
‫أقول هذا‪ّ .‬‬
‫لكن الذي‪ ،‬على عكس ذلك‪،‬‬‫يؤدي واجباته كأب‪ .‬و ّ‬‫أبنائه‪ ،‬ابحلقيقة هو ال َيطئ‪ ،‬بل ابلعكس‪ ،‬إنّه ّ‬
‫ال يرغب ّإال ابملتعة العظمى والقصوى‪ ،‬ويستويل على ما َيتلكه غريه ليستمتع أكثر‪ ،‬فهذا يرتكب‬
‫خطيئة‪.‬‬

‫وح َسداً؟ احلَ َسد يُبعِّد عن‬


‫احلَ َسد! ملاذا؟ ماذا تكون الرغبة مبمتلكات اآلخر إن مل تكن َج َشعاً َ‬
‫ويوحد مع الشيطان‪ .‬أال تف ّكرون أب ّن ّأول من َر ِّغب مبا هو لغريه كان لوسيفوروس؟‬ ‫ِّ‬
‫هللا‪ ،‬اي أبنائي‪ّ ،‬‬
‫لقد كان األهبى بني رؤساء املالئكة‪ ،‬كان يتمتّع ابهلل‪ .‬وكان عليه أن يَقنع بذلك‪ّ .‬إال أنّه َح َس َد هللا‬
‫وحواء‪ ،‬مل يكن ينقصهما‬ ‫وأراد أن يكون هو له إهلاً‪ ،‬فأصبَ َح االشيطان‪ّ ،‬أول شيطان‪ .‬مثال آخر‪ :‬آدم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 773 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سعيدين مبواهب النعمة اليت َج َعلَها‬
‫األرضي‪ ،‬ويتمتّعان بصداقة هللا‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫شيء‪ ،‬وكاان يستمتعان ابلفردوس‬
‫الشر‪ ،‬فطُِّردا من جنّة‬
‫هللا هلما‪ .‬وكان عليهما أن يَقنَعا بذلك‪ .‬ولكنّهما َح َس َدا هللا على معرفته اخلري و ّ‬
‫األولَني‪ .‬املثال الثالث‪ :‬قايني َح َس َد هابيل‬
‫اخلاطئني ّ‬
‫َ‬ ‫عدن‪ ،‬وأصبَ َح حمكوماً عليهما َمقيتَني يف عيين هللا‪،‬‬
‫األول‪ .‬مرمي أخت هارون وموسى‪ ،‬اشتَـ َهت أخاها وأصبَ َحت‬ ‫ِّ‬
‫الرب‪ ،‬وأصبَ َح القاتل ّ‬
‫بسبب صداقته مع ّ‬
‫ّأول من أُصيبت ابلربص يف اتريخ إسرائيل‪ .‬أستطيع أن أصحب ُكم خطوة خطوة َعرب حياة شعب هللا‬
‫وجلَبَت الويل للوطن‪ .‬ذلك‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫كلّها‪ ،‬حيث ترون كيف أ ّن الرغبة ِّ‬
‫املفرطة َج َعلَت من صاحبها خاطئاً‪َ ،‬‬
‫أ ّن خطااي األفراد تَتاكم وجتلب الويل والعقاب لألوطان‪ّ .‬إهنا تُشبه حبّات وحبّات من الرمل تَتاكم‬
‫ومن فيها‪.‬‬ ‫على مدى قرون‪ ،‬وتسبّب اهنياراً يُغرق البالد َ‬
‫دت كثرياً ِّذكر األطفال‪ ،‬أل ّهنم رمز البساطة والسذاجة‪ّ .‬أما اليوم فأقول لكم‪:‬‬‫أور ُ‬
‫ِّ‬
‫يف أمثلَيت‪َ ،‬‬
‫اقتدوا ابلطيور يف َحتُّررها ِّمن رغباهتا‪ .‬انظروا‪ .‬هو فصل الشتاء اآلن‪ .‬ال يوجد يف البساتني سوى القليل‬
‫الرب ثقتها‪ .‬وهي‬ ‫هتتم جبمع خمزون هلا يف الصيف؟ ال‪ّ ،‬إهنا تويل ّ‬ ‫القليل من الغذاء‪ .‬ولكن هل تراها ّ‬
‫تَعلَم أ ّن دودة صغرية‪ ،‬حبّة‪ ،‬كسرة خبز‪ ،‬فضلة طعام‪ ،‬ذاببة صغرية فوق املاء‪َ ،‬يكنها اصطيادها على‬
‫الدوام لتقتات هبا‪ .‬وهي تعرف أنّه توجد دائماً مدخنة دافئة‪ ،‬أو ندفة صوف تؤويها‪ ،‬فتقيها برد الشتاء‪.‬‬
‫كمية غذاء أكرب من أجل‬ ‫للقش لبناء أعشاشها‪ ،‬و ّ‬ ‫تعرف أيضاً أنّه‪ ،‬عندما ُيني موعد احتياجها ّ‬
‫اجلو‬
‫كي الرائحة‪ ،‬وغذاء رّاين يف البساتني وعلى األثالم‪ .‬وسيمتلئ ّ‬ ‫قش ز ّ‬
‫صغارها‪ ،‬فسيكون يف احلقول ّ‬
‫لك أيّها اخلالِّق على ما َوَهبتَنا وما سوف َهتِّبنا"‪ُ ،‬مسرعة‬
‫واألرض ابحلشرات‪ .‬فتصدح بلطف‪" :‬شكراً َ‬
‫يف تصعيد األوشعنا ِّملء احلناجر‪ ،‬بينما‪ ،‬يف موسم التكاثر‪ّ ،‬‬
‫فإهنا تستمتع بوليفاهتا وترى أنساهلا تتكاثر‪.‬‬

‫هل ِّمن خملوق أكثر ابتهاجاً ِّمن العصفور؟ ومع ذلك‪ ،‬فما مقدار ذكائه إذا ما قورن ابلذكاء‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬إ ّن الذي يعيش دوّنا‬ ‫البشري؟ إنّه كحصاة صوان أمام َجبَل‪ .‬ولكنّه يعطينا درساً‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫رغبة َدنِّ َسة‪ ،‬فهو َيتلك هبجة العصفور‪ ،‬ويثق ابهلل ويرى فيه أابً‪ .‬يبتسم للنهار الذي يشرق وللّيل الذي‬
‫يهبط‪ ،‬ألنّه يَعلَم أ ّن الشمس صديقته والليل مربّيه‪ .‬ينظر إىل الناس دون حقد‪ ،‬وال َيشى انتقامهم‬
‫صحته وال على نومه‪ ،‬ألنّه يعرف أ ّن احلياة النـزيهة تُبعِّد‬
‫ألنّه ال َيطئ جتاههم‪ .‬ال ََيتَِّرب خوفاً على ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 774 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يتصرف ابلشكل احلَ َسن‪،‬‬
‫وتؤمن رائحة هانئة‪ .‬ويف النهاية ال َيشى املوت ألنّه يعلم أنّه حني ّ‬‫األمراض ّ‬
‫الغين‪ .‬فال الصوجلان يُبعِّد املوت‪،‬‬ ‫كذلك‬
‫و‬ ‫َيوت‪،‬‬ ‫ك‬ ‫فال َيكن أن ُيصل ّإال على ابتسامة هللا‪ .‬حّت الـملِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫ورب األرابب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫الفضة َيكنها أن تشَتي اخللود وعدم املوت‪ .‬كما أ ّن‪ ،‬يف حضور َملك امللوك ّ‬ ‫وال ّ‬
‫لكن الشيء الوحيد الذي يتمتّع بقيمة عالية هي حياة عاشها‬ ‫الفضة ليست سوى تفاهة‪ ،‬و ّ‬ ‫فالتيجان و ّ‬
‫املرء حسب متطلّبات الشريعة!‬
‫اآلخر؟ ال ختافوا ِّمن أن تقولوا وتُ ِّ‬
‫سمعوان‪».‬‬ ‫ماذا يقول هؤالء الرجال هناك يف ِّ‬

‫الزىن؟»‬
‫«كنا نقول‪ :‬أيّة خطيئة ارتَ َكبَها أنتيباس؟ أهي السرقة أم ّ‬
‫«ال أريد أن تنظروا إىل اآلخرين‪ ،‬بل إىل قلوبكم‪ .‬ويف أثناء ذلك أقول لكم إنّه ارتكب خطيئة‬
‫ومؤخراً‬
‫الزىن والسرقة والرغبة غري املشروعة‪ّ ،‬‬
‫عبادة األواثن‪ ،‬ألنّه َعبَ َد اجلَّ َسد وفَضَّله على هللا‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫القتل‪».‬‬

‫أنت أيّها ال ُـم َخلِّّص؟»‬


‫بك َ‬‫«هل سيخلُص َ‬
‫«سوف أُخلِّّص الذين يتوبون ويعودون إىل هللا‪ّ .‬أما غري التائبني فلن ينالوا الفداء‪».‬‬

‫قلت إنّه سارق‪ .‬ولكن ما الذي َسَرقَه؟»‬


‫« َ‬
‫«زوجة أخيه‪ .‬فالسرقة ال تقتصر فقط على املال‪ .‬بل السرقة كذلك هي انتهاك شرف إنسان‬
‫أو عذريّة فتاة‪ .‬واختطاف زوجة من زوجها هو متاماً مثل اختطاف ثور من جار أو السطو على‬
‫ِّ‬
‫تستفحل ابلزىن أو النجاسة أو‬ ‫أشجاره‪ .‬مثّ إ ّن السرقة إذا ما ازداد سوءها ابلشهوة أو شهادة الزور‪،‬‬
‫الكذب‪».‬‬

‫«واملرأة اليت تزين‪ ،‬أيّة خطيئة َِّ‬


‫تقَتف؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 775 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سن الزواج‪،‬‬
‫متزوجة‪ ،‬فهي تقَتف خطيئة الزىن والسرقة حيال زوجها‪ .‬وإذا كانت يف ّ‬
‫«إذا كانت ّ‬
‫فالنجاسة والسرقة حيال نفسها‪».‬‬

‫َيصها!!»‬
‫عما ّ‬
‫«حيال نفسها؟ ولكنّها تتخلّى ّ‬
‫«ال‪ ،‬بل إ ّن هللا َخلَ َق جسدان ليكون هيكالً للنفس وهيكالً هلل‪ .‬إذن‪ ،‬جيب احملافظة عليه خالياً‬
‫وإال فتكون النَّفس قد ُس ِّرقت من صداقة هللا ومن احلياة األبديّة‪».‬‬
‫كل عيب‪ّ ،‬‬‫من ّ‬
‫«إذن فالعاهرة ال َيكن أن تنتمي ّإال إىل الشيطان؟»‬

‫«كل خطيئة هي زىن مع الشيطان‪ .‬فاخلاطئ كاملرأة اليت تبيع نفسها‪ ،‬يستسلم للشيطان يف‬
‫أهواء غري مشروعة‪ ،‬أيمل منها فوائد دنيئة‪ .‬جسيمة‪ ،‬جسيمة ج ّداً هي خطيئة الدعارة اليت جتعل املرء‬
‫أقل منها جسامة؟ ماذا‬ ‫يشبه احليواانت النجسة‪ .‬ولكن هل تعتقدون أ ّن أيّة خطيئة رئيسيّة أخرى هي ّ‬
‫أقول عن عبادة األواثن؟ ماذا أقول عن القتل؟ ومع ذلك فقد َغ َفَر هللا لإلسرائيليّني بعد ِّعجل الذهب‪.‬‬
‫املضاع َفة‪ .‬فاهلل يغفر ملن يتوب‪ .‬وليكن التكفري عن اخلطيئة متناسباً‬
‫َ‬ ‫لقد َغ َفَر لداود خطيئته‪ ،‬خطيئته‬
‫مع عدد وحجم اخلطااي‪ ،‬وأقول لكم إ ّن الذي يتوب أكثر سوف ُيظى بغفران أكثر‪ .‬ابلفعل‪ ،‬فالتوبة‬
‫احلب الذي يَصلُح للخري‪ .‬فالذي يتوب يقول هلل يف توبته‪" :‬ال أستطيع‬ ‫احلب‪ّ ،‬‬ ‫هي شكل من أشكال ّ‬
‫ُيب الذي ُيبّه‪ .‬أقول لكم‬ ‫ك وأريد أن أكون حمبوابً"‪ .‬وهللا ّ‬ ‫غضبك‪ ،‬إذ إنّين أحبّ َ‬
‫َ‬ ‫البقاء حتت وعيد‬
‫ُيب حبّاً كامالً ينال غفراانًكامالً‪.‬‬
‫ُيب املرء يكون حمبوابً‪ .‬والذي ّ‬
‫إذن‪ :‬ابل َقدر الذي ّ‬
‫اذهبوا‪ .‬إّّنا اعلَموا ّأوالً أ ّن على أبواب البلدة أرملة ومعها أوالدها‪ ،‬وليس‬
‫تلك هي احلقيقة‪َ .‬‬
‫لديها ما تس ّد به رمقهم‪ .‬طُِّرَدت ِّمن بيتها بسبب الديون‪ ،‬وتستطيع أيضاً أن تقول "شكراً" لصاحب‬
‫استعملَت تقدمتكم يف أتمني القوت هلم‪ .‬ولكنّهم يف حاجة إىل‬ ‫َ‬ ‫ال ُـم ْلك‪ ،‬كونه اكتفى بطردها‪ .‬لقد‬
‫مأوى‪ .‬والرمحة هي التضحية‪ ،‬بل الذبيحة األكثر قبوالً لدى الرب‪ .‬كونوا صاحلني وطيبني‪ ،‬وأ ِّ‬
‫َعدكم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ابمسه ابملكافأة‪».‬‬

‫يتهامس الناس‪ ،‬يبدون رأيهم‪ ،‬ويتناقشون‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 776 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يف هذه األثناء يشفي يسوع رجالً أعمى‪ ،‬ويستمع إىل عجوز قادمة من ‪ Docco‬لَتجوه الذهاب‬
‫الصحي اليوم‪ ،‬فأان شبه ميتة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إىل بيت كنّتها املريضة‪ّ .‬إهنا قصة مبكية طويلة‪ ،‬لن أكتبها بسبب وضعي‬

‫لست يف وضع يسمح يل ابالستمرار‪ ،‬وقد أل َّـمت يب أزمة‬


‫كل شيء‪ ،‬ذلك أنّين ُ‬
‫احلمد هلل أن انتهى ّ‬
‫حّت بصري‪.‬‬
‫علي ّ‬
‫شو َشت ّ‬
‫قلبيّة منذ ثالث ساعات وما زالت‪ ،‬ولقد َّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 777 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -99‬يسوع يف منطقة املياه احللوة‪ :‬خطبة ختاميّة‪ .‬تعقيب على‪ :‬من األعماق‪ .‬وارمحين اي هللا)‬

‫‪1945 / 03 / 17‬‬

‫«أبنائي يف الرب‪ ،‬عيد التطهري أصبح وشيكاً‪ ،‬وأان‪ ،‬نور العامل‪ ،‬أ ِّ‬
‫ُرسلكم هناك مهيَّأين ابحلد‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫الضروري لالحتفال به بشكل الئق‪ .‬إنّه نور العيد األعلى واألمسى الذي ستحصلون منه على‬
‫ّ‬ ‫األدىن‬
‫لكل األعياد األخرى‪ .‬إنّه َألبله عظيم ذاك الذي ينوي إضاءة جمموعة من املصابيح دون أن تكون‬
‫نور ّ‬
‫األول‪ .‬وأكثر بلهاً هو الذي ينوي بدء تقديس ذاته أبشياء عويصة ج ّداً وهو‬ ‫لديه إمكانيّة إضاءة ّ‬
‫همل ما هو يف أساس التكوين ال بديل عنه لبلوغ الكمال‪ :‬الوصااي العشر‪.‬‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫وحطَّ َم‬
‫اسَتد معبد املدينة‪َ ،‬‬
‫الرب‪ ،‬قد َّ‬
‫نقرأ يف سفر املكابيّني أن يهوذا‪ ،‬ومعه أتباعه‪ ،‬بفضل محاية ّ‬
‫ص َل على انر مع الصوان‪،‬‬ ‫وح َ‬
‫وطهَر املعبد‪ .‬مثّ بىن معبداً آخر‪َ ،‬‬
‫هياكل اآلهلة الغريبة وقُدس أقداسها‪َّ ،‬‬
‫وتضرعوا‬
‫وخبز التقدمة‪ .‬مثّ َس َج َد اجلميع إىل األرض‪َّ ،‬‬
‫ض َع املصابيح ُ‬‫وو َ‬
‫أحر َق البخور‪َ ،‬‬
‫َّم الذابئح‪ ،‬و َ‬
‫وقد َ‬
‫يتصرف بشكل جيعلهم ال يعودون َيطئون‪ ،‬أو ابحلري‪ ،‬إذا ما وقعوا يف اخلطيئة من‬ ‫الرب أن ّ‬ ‫إىل ّ‬
‫ص َل ذلك يف اخلامس والعشرين من شهر كانون‬ ‫جديد‪ ،‬لضعف منهم‪ ،‬أن يعاملهم برمحة إهليّة‪ .‬وقد َح َ‬
‫األول‪.‬‬

‫روحي‪.‬‬
‫كل كلمة من اتريخ إسرائيل‪ ،‬هلا معىن ّ‬ ‫النص على أنفسنا‪ ،‬إذ إ ّن ّ‬
‫فلنف ّكر ونطبّق هذا ّ‬
‫فاحلياة ِّع َرب على الدوام‪ .‬وحياة إسرائيل هي ِّع َربة‪ ،‬ليس فقط للحياة األرضيّة‪ ،‬إّّنا أيضاً الكتساب‬
‫احلياة األبديّة‪.‬‬

‫”حطَّموا اهلياكل واملذابح الوثنيّة“‪.‬‬

‫رت عليكم القيام هبا‪ ،‬بينما أان أروي لكم عن اآلهلة الشخصيّة‬
‫أش ُ‬
‫ّإهنا العمليّة األوىل‪ ،‬وهي اليت َ‬
‫تؤدي إىل تدنيس‬
‫اس‪ ،‬والذهب‪ ،‬والكربايء‪ ،‬والرذائل الرئيسيّة اليت ّ‬
‫احلقيقي‪ :‬عبادة احلو ّ‬
‫ّ‬ ‫حتل حمل اإلله‬‫اليت ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 778 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫الصيَغ اليت ال حتصى‪،‬‬
‫أسحن ُكم حتت وطأة ّ‬ ‫املق ّدسات‪ ،‬وإىل موت النَّفس واجلسد‪ ،‬وإىل عقاب هللا‪ .‬مل َ‬
‫احلق‪ ،‬ال ُـمث َقلَة واملختفية حتت أكوام وأكوام‬
‫واليت َجتور اآلن على املؤمنني‪ ،‬وتش ّكل عبئاً على الشريعة ّ‬
‫الرب املكتوب والواضح واملق ّدس‬
‫من التحصينات اخلارجيّة‪ .‬وأبثقاهلا يُقاد املؤمن إىل فقدان صوت ّ‬
‫الديك‪ .‬ال‬
‫لحق العار بو َ‬ ‫الذي يقول‪" :‬ال ُجت ِّّدف‪ .‬ال تَعبد آهلة أواثن‪ .‬ال تَنتَ ِّهك قدسية األعياد‪ .‬ال تُ ِّ‬
‫ّ‬
‫يبك"‪ .‬عشر "الءات" ال‬ ‫غريك‪ .‬ال ِّ‬
‫تشته امرأة قر َ‬ ‫تزن‪ .‬ال تسرق‪ .‬ال تكذب‪ .‬ال ِّ‬
‫تشته مقتىن َ‬ ‫تقتل‪ .‬ال ِّ‬
‫تزيد واحدة‪ ،‬وهي أعمدة هيكل النَّفس العشرة‪ .‬وفوقها يتألّق ذهب الوصيّة األكثر قداسة بني الكل‪:‬‬
‫يبك"‪ .‬وهي اتج اهليكل‪ .‬هي محاية األساسات‪ .‬وهي جمد وفخر الباين‪.‬‬ ‫إهلك‪ .‬أحبِّب قر َ‬ ‫الرب َ‬‫"أحبِّب ّ‬
‫احلب‪ ،‬ال يستطيع أحد اخلضوع للوصااي العشر‪ ،‬وتنهار األعمدة‪ :‬كلّها أو بعضها‪ ،‬وينهار‬ ‫بدون ّ‬
‫كل حال‪ ،‬ال يعود سوى أطالل‪ ،‬وال يعود إبمكانه استقبال الكلّ ّي‬ ‫اهليكل كلّيّاً أو جزئيّاً‪ .‬إّّنا على ّ‬
‫قلت لكم‪ :‬ابلقضاء على الشهوات الثالث‪ .‬أعطوا امساً صرُياً لرذيلتكم‪ ،‬كما‬ ‫قُدسه‪ .‬اعملوا حسبما ُ‬
‫خدم هللا الصراحة ليقول لكم‪":‬ال تفعلوا هذا أو ذاك"‪َ .‬عبَثاً جيري التمحيص يف العبارات‪ .‬فمن‬ ‫يست ِّ‬
‫َ َ‬
‫احلب‪ ،‬فهو عابد َوثَن‪ .‬ومن يَذكر‬‫ُيب أي كائن‪ ،‬مهما يكن‪ ،‬حبّاً أقوى من حبّه هلل‪ّ ،‬أايً كان هذا ّ‬ ‫ّ‬
‫عاص عاق‪ .‬والذي يعمل يوم السبت بدافع من‬ ‫اهراً أبنّه َيدمه‪ ،‬مثّ َيالف أوامره‪ ،‬فهو ٍ‬ ‫اسم هللا ُجم ِّ‬
‫اجلَّ َشع‪ ،‬فهو ُمنتَ ِّهك للمق ّدسات وهو قليل الثقة‪ ،‬مغرور‪ .‬من يرفض م ّد يد العون لوالديه‪ ،‬متذرعاً‬
‫ع أابً و ّأماً على صورته ومثاله على‬ ‫ابحلجج‪ ،‬حّت ولو أ ّكد ّأهنا تَ ِّ‬
‫أبد َ‬
‫قادم هلل‪ ،‬فهو ممقوت من هللا الذي َ‬ ‫ّ‬
‫لص‪.‬‬
‫األرض‪ .‬من يقتل هو دائماً جمرم قاتل‪َ .‬من يقَتف الزىن هو دائماً فاجر‪َ .‬من َيتلس هو دائماً ّ‬
‫َمن يكذب هو دائماً حقري‪ .‬والذي يريد ما ليس له هو دائماً َش ِّره‪ ،‬وجوعه هو األكثر إفراطاً‪ .‬والذي‬
‫ينتَ ِّهك حرمة خدر الزوجية هو دائماً كائن جنس‪.‬‬

‫الرب؛ وبعد عبادة‬ ‫حل غضب ّ‬ ‫أن بعد نَصب متثال العجل الذهيب ّ‬ ‫أذكركم َّ‬
‫هكذا جتري األمور‪ .‬و ّ‬
‫حّت بعد تقبّلها‬‫ف إسرائيل؛ وبعد قبول اهللّينية‪ّ ،‬‬ ‫أضع َ‬
‫َّد و َ‬
‫ص َل االنشقاق الذي بَد َ‬ ‫سليمان لألصنام َح َ‬
‫بتدخل ووساطة اليهود الوضيعني حتت حكم أنطيوخوس أبيفاين رأينا ظهور مآسينا احلاليّة الروحيّة‬ ‫جيّداً ُّ‬
‫املن‬
‫ضَرَهبما يهوه‪ .‬وأذ ّكركم أب ّن ّ‬‫خادمي هللا املزيـَّ َفني‪َ ،‬‬
‫واالقتصاديّة والوطنيّة‪ .‬أذ ّكركم أب ّن انداب وأبيّا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 779 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أذكركم خبطيئة داود املتسبِّّبة ابلضرر‬
‫الساقط يوم السبت مل يكن مقدَّساً‪ .‬وأذ ّكركم بكام وأبشلوم‪ .‬و ّ‬
‫واألذى ألورّاي‪ ،‬وخطيئة أبشلوم املتسبّبة أبذيّة أمنون‪ .‬أذ ّكركم بنهاية أبشلوم وهناية أمنون‪ .‬أذ ّكركم مبصري‬
‫للمفَتيَّْني اللذين َش ِّهدا شهادة زور ض ّد‬
‫ِّ‬ ‫اللص هليودور ومسعان ومنيالوس‪ .‬أذ ّكركم ابلنهاية املخزية‬ ‫ّ‬
‫سوسن‪ .‬وَيكنين االستمرار يف سرد أمثلة مشاهبة إىل ما ال هناية‪ .‬ولكن فلنعد إىل املكابيّني‪.‬‬

‫وطهروا اهليكل“‪.‬‬
‫” َّ‬
‫فال يكفي القول‪" :‬أ ِّ‬
‫يتطهر اإلنسان‪:‬‬ ‫قلت لكم كيف ّ‬ ‫ُطهر"‪ .‬لقد ُ‬‫ُحطّم"‪ .‬بل جيب القول‪" :‬أ ِّّ‬ ‫َ‬
‫اضعة وصرُية‪ .‬فال توجد خطيئة ال يغفرها هللا إذا كانت توبة اخلاطئ حقيقيّة‪ِّ .‬آمنوا وثِّقوا‬ ‫بتوبة متو ِّ‬
‫كل‬
‫حّت ولو كنتم قد اقَتفتم ّ‬ ‫اإلهلي‪ .‬إذا استطعتم التوصل إىل إدراك ماهيّة هذا الصالح‪ّ ،‬‬ ‫ابلصالح ّ‬
‫وخروا عند قدميه‪ ،‬فإنّه هو وحده‪ ،‬الكلّ ّي‬‫ابحلري أسرعوا ّ‬
‫ّ‬ ‫فروا بعيداً عن هللا‪ ،‬بل‬
‫خطااي العامل‪ ،‬فال تَ ّ‬
‫الصالح‪ ،‬يستطيع أن يغفر ما ال يغفره اإلنسان‪.‬‬

‫صبوا هيكالً آخر“‪.‬‬


‫”ونَ َ‬
‫الرب‪ .‬وال تكن أفعالكم مزيّفة‪ .‬ال ختلطوا بني هللا والشيطان‪ .‬فيكون‬ ‫آه! ال ُحت ِّ‬
‫اولوا أن ختدعوا ّ‬
‫فإما‬
‫هيكلكم خاوايً‪ :‬هيكل هللا‪ .‬إذ ال جدوى من إقامة هيكل جديد إذا كان الستبدال بقااي اآلخر‪ّ .‬‬
‫الصنَم‪ .‬اختاروا‪.‬‬
‫وإما َّ‬
‫هللا ّ‬
‫”وأوقَدوا النار ابحلجر والصوفان“‪.‬‬

‫احلجر هو اإلرادة الصلبة ابالنتماء إىل هللا‪ .‬والصوفان هو الرغبة ابلتالشي بقيّة حياتكم كلّها‪،‬‬
‫حّت ذكرى خطيئتكم يف قلب هللا‪ .‬حينذاك تَضطَ ِّرم النار‪ّ :‬‬
‫احلب‪ .‬إذ إ ّن االبن الذي ُياول‪ ،‬حبياة‬ ‫ّ‬
‫حب األب مع الرغبة أبن يُفرحه‬‫شريفة كاملة‪ ،‬مواساة أب كان قد أساء إليه‪ ،‬ماذا تراه يفعل غري ّ‬
‫مرة سبب دموعه فأصبَ َح اآلن سبب فرحه؟‬ ‫االبن الذي كان ذات ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 780 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫واآلن وقد صرمت إىل هذه احلال‪ ،‬فيمكنكم تقدمي األضحيات‪ ،‬وإحراق البخور‪ ،‬وجلب املصابيح‬
‫واخلبز‪ .‬ولن تكون الذابئح ممقوتة من هللا‪ ،‬وكذا الصلوات‪ ،‬بل على العكس سوف تكون مقبولة لديه‪.‬‬
‫سيكون اهليكل مضاء حقيقة‪ ،‬وغنيّاً خببز تقادمكم اليوميّة‪ .‬سوف يكون إبمكانكم الصالة بقولكم‪:‬‬
‫"كن لنا حافظاً"‪ .‬فهو َمن سيكون صديقكم‪ّ .‬أما رمحته‪ ،‬فلم تنتظر أن هتتفوا‪ :‬الرمحة‪ .‬لقد َعَرفَت‬
‫هلموا‬
‫أرسلَت لكم الرمحة لتقول لكم‪" :‬ليكن لديكم الرجاء‪ .‬أقول‪ :‬هللا يغفر لكم‪ّ .‬‬‫مسبقاً رغبتكم‪ ،‬و َ‬
‫الرب‪».‬‬
‫إىل ّ‬
‫لقد أصبَ َح يف وسطكم هيكل‪ :‬اهليكل اجلديد‪ .‬ومنه تتدفّق ينابيع النور والغفران‪ .‬وتنتشر كالزيت‬
‫وي‬
‫يوجه الال ّ‬
‫فتشفي ومتنح القوة‪ .‬آمنوا ابلكلمة اآلتية من لدنه‪ .‬ابكوا معي على خطاايكم‪ .‬وكما ّ‬
‫ض َّم إىل صويت‪ .‬إنّين أتالشى‬
‫أوجه أصواتكم صوب هللا‪ ،‬ولن يـَُرَّد صوت أنينكم إذا ما ُ‬
‫اجلوقة‪ ،‬كذلك ّ‬
‫اهلوة السحيقة‬
‫معكم كأخ للبشر ابجلسد‪ ،‬وابن لآلب ابلروح‪ ،‬وأقول من أجلكم ومعكم‪" :‬من هذه ّ‬
‫أنصت إىل صوت الذي ينظر إىل نفسه‬ ‫إليك اي رب‪ِّ .‬‬‫ت‪ ،‬وحيث أان البشريّة‪ ،‬أصرخ َ‬
‫ّ‬ ‫حيث َس َقطَ ْ‬
‫أذنيك عن أقوايل‪ .‬فظيع هو النَّظَر إىل حايل اي إهلي‪ .‬وفظيع كذلك أان يف عيين ذايت!‬
‫تصم َ‬ ‫ويتنهد‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬
‫تك‪ ،‬ولكن‬‫وإال فلن أستطيع البقاء يف حضر َ‬ ‫عينيك؟ ال تنظر إىل خطاايي اي رب‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫فكيف أكون يف‬
‫قلت‪’ :‬أان الرمحة‘‪ .‬وأان أؤمن مبا تقول‪ .‬ونفسي اجملروحة واحملطّمة تراتح‬
‫صالحك معي‪ .‬لقد َ‬
‫َ‬ ‫فلتستعمل‬
‫بك‬
‫الفتوة إىل الشيخوخة سيظل رجائي َ‬ ‫اعيدك‪ ،‬ومن الفجر إىل الليل‪ ،‬ومن ّ‬ ‫إليك‪ ،‬وتعتمد على مو َ‬ ‫َ‬
‫أنت"‪.‬‬
‫َ‬
‫للرب‪" :‬ارمحين‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ف ّ‬ ‫ُمرتَكب الزىن منبوذ من هللا‪ ،‬ومع ذلك فقد انل داود املغفرة‪ .‬بعد أن َهتَ َ‬
‫امح خطيئيت‪ .‬ما ِّمن ماء َيكنه‬ ‫وبرمحتك هذه ُ‬
‫َ‬ ‫رمحتك الالمتناهيّة‪.‬‬
‫َ‬ ‫ليس بسبب جاليل‪ ،‬إّّنا مبجانيّة‬
‫األقدس‪ .‬اغسلين به من إمثي ومن رجسي‬ ‫صالحك َ‬‫َ‬ ‫غسل قليب إن مل يكن ُمستَ َم َّداً ِّمن عمق مياه‬
‫أسأت‬ ‫ُنكر خطيئيت‪ ،‬و َِّ‬ ‫طَ ِّهرين‪ .‬لست أ ِّ‬
‫كل حني كشاهد يتّهمين‪ .‬لقد ُ‬ ‫ّ‬ ‫يف‬ ‫أمامي‬ ‫ا‬ ‫إهن‬
‫ّ‬ ‫بسقطيت‪.‬‬ ‫ف‬‫أعَت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫جتاهك‪ .‬وليكن ذلك‬‫َ‬ ‫خاصة على خطيئيت‬‫إىل اإلنسان يف شخص القريب ويف ذايت‪ ،‬ولكنّين أندم ّ‬
‫كل سلطة بشريّة‪.‬‬ ‫على‬ ‫ام‬‫و‬‫الد‬ ‫على‬ ‫املنتصر‬ ‫كمك‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫الك‪ ،‬وخبويف ِّ‬
‫م‬ ‫بعدلك واستقامة أقو َ‬ ‫َ‬ ‫إقراراً ابعَتايف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 781 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ك‬ ‫ِّ‬
‫دت يف اخلطيئة‪ ،‬وأ ّن اليت َحبلت يب كانت خاطئة‪ ،‬وأنّ َ‬ ‫األزيل‪ ،‬خذ بعني االعتبار أنّين ُول ُ‬ ‫ولكن أيّها ّ‬
‫حكمتك اليت منحتنيها كمعلّمة‪ ،‬أل ِّ‬
‫ُدرك‬ ‫َ‬ ‫فت يل عن مكنوانت‬ ‫ك َك َش َ‬ ‫كذلك قد أحببتين لدرجة أنّ َ‬
‫منك؟ ال‪،‬‬‫علي أن أخاف َ‬ ‫ملت الكثري من أجلي‪ ،‬فهل ّ‬ ‫كنت قد َع َ‬ ‫حقائقك األكثر مسواً‪ .‬وإذا َ‬ ‫َ‬ ‫أسرار‬
‫صوتك‬
‫َ‬ ‫لست أخاف‪ .‬انضحين مبرارة األمل فأطهر‪ .‬اغسلين ابلدموع فأبيض أفضل من الثلج‪ِّ .‬‬
‫أمسعين‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وجهك صوب خطاايي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حّت حينما يؤنِّّب‪ .‬أدر‬ ‫صوتك فَـَرح وابتهاج‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫خادمك املتواضع‪ ،‬أل ّن‬
‫َ‬ ‫فيبتهج‬
‫وضعفت إنسانيّيت‪ .‬قلباً نقيّاً اخلق‬
‫ْ‬ ‫نظرك َيحو إمثي‪ .‬والقلب الذي منحتنيه قد دنّسه الشيطان‪،‬‬ ‫فإ ّن َ‬
‫احلق املستقيم‪ .‬إّّنا ال تطرحين‬
‫خادمك‪ ،‬ليملك فيها فقط روح ّ‬ ‫َ‬ ‫كل فساد يف أحشاء‬ ‫يف اي هللا وحطّم ّ‬ ‫ّ‬
‫خالصك هو فقط فرح روحي‪ ،‬وروحك األمسى تعزية‬ ‫َ‬ ‫مين‪ ،‬أل ّن‬
‫وصداقتك ال تنـزعها ّ‬ ‫َ‬ ‫وجهك‪،‬‬
‫َ‬ ‫من أمام‬
‫الرب صاحل‪ِّ .‬سريوا يف طرقه فتكونوا‬ ‫وأتملوا كم ّ‬ ‫املتواضع‪ .‬اجعلين أمضي بني الناس قائالً‪’ :‬انظروا ّ‬
‫إليك‪ .‬والدم‬
‫يف‘‪ .‬والكافرون يهتدون َ‬ ‫عدت ابناً هلل ابلنعمة اليت انبَـ َعثَت ّ‬
‫مباركني مثلي‪ ،‬فأان اجلهيض قد ُ‬
‫كنت جاهالً ولكنّين‬‫جمدك‘‪ُ .‬‬ ‫حررين اي رب‪ ،‬اي خالص نفسي‪ ،‬وسأرتّل َ‬ ‫يف ويصرخان‪ّ ’ :‬‬ ‫واللحم يثوران ّ‬
‫لديك‬
‫كت‪ .‬ليست ذبيحة التيوس هي اليت تريد‪ ،‬إّّنا حمرقة قلب اتئب‪ .‬والقلب املتواضع مقبول َ‬ ‫اآلن أدر ُ‬
‫لك‪ .‬كن‬ ‫إليك ما هو َ‬‫لك‪ ،‬وتريدان أن نتذ ّكر ذلك ونعيد َ‬ ‫ك َخلَقتَنا َ‬ ‫أكثر من التيوس واخلرفان‪ ،‬ألنّ َ‬
‫أورشليمك‪ :‬أورشليم‪ :‬أورشليم‬
‫َ‬ ‫َع ْد بناء أورشليمي اليت هي كذلك‬ ‫صالحك العظيم وأ ِّ‬
‫َ‬ ‫حارساً يل يف‬
‫تطهرت وغُ ِّفَر هلا‪ ،‬وعليهـا تقدمي الذبيحة‪ ،‬قرابانً وحمرقة من أجل اخلطيئة بفعل شـكر ومتجيد‪.‬‬ ‫نفس ّ‬
‫حيب"‪.‬‬
‫إليك ممزوجة بعطر ّ‬ ‫صعد َ‬ ‫مذحبك لتَ َ‬
‫َ‬ ‫كل يوم جديد يل ذبيحة تقديس تتالشى على‬ ‫وليكن ّ‬
‫هلموا! و ِّ‬
‫لنمض إىل الرب! أان يف األمام‪ ،‬وأنتم تتبعونين‪ .‬هيّا بنا إىل املياه اخلالصيّة‪ ،‬إىل املراعي‬ ‫ّ‬
‫املق ّدسة‪ ،‬هيّا بنا إىل أراضي هللا‪ .‬انسوا املاضي وابتَ ِّسموا للمستقبل‪ .‬ال تف ّكروا ابلوحل بل انظروا إىل‬
‫أزف البُشرى‬
‫أتيت ّ‬ ‫أبشركم ابلسالم‪ُ ،‬‬ ‫أتيت ّ‬‫النجوم‪ .‬ال تقولوا‪" :‬أان ظالم"‪ ،‬بل قولوا‪" :‬هللا نور"‪ .‬لقد ُ‬
‫كل العبيد‪ ،‬وبشكل أَوىل عبيد‬ ‫أبشر ابحلريّة ّ‬
‫احلسنة للودعاء‪ ،‬أشفي ذوي القلوب املنكسرة أبمور كثرية‪ّ ،‬‬
‫أحرر املساجني من شهواهتم‪.‬‬
‫الشيطان‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 782 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أقول لكم‪َ :‬سنَة النعمة أقبَـلَت‪ .‬فال تبكوا بسبب احلزن الذي َيتربه اخلاطئ‪ ،‬ال تبكوا‪ ،‬أنتم اي‬
‫َمن نُفيتم ِّمن مملكة هللا‪ .‬إنّين أستبدل الذهب ابلرماد والزيت وابلدموع‪ .‬أُلبِّسكم ثياب العيد ألق ّدمكم‬
‫أحضرت‬
‫ُ‬ ‫مضيت إليها ومجعتُها وأحصيتُها و‬
‫ُ‬ ‫أرسلتَين أحبث عنها‪ .‬لقد‬
‫للرب وأقول‪ :‬هي ذي النعاج اليت َ‬ ‫ّ‬
‫كل الشعوب‪ ،‬ومجعتُها من‬ ‫َمن كان منها مشتَّتاً‪ ،‬ولقد انتزعتُها من الغيوم والضباب‪ .‬أخذ ُهتا من بني ّ‬
‫ضرها‬ ‫أعددهتا هلم‪ ،‬أيها األب الق ّدوس‪ ،‬ألح ِّ‬‫َ‬ ‫كل املناطق‪ ،‬ألقودها إىل األرض اليت مل تعد األرض‪ ،‬واليت‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل ما فيها نور ومجال‪ ،‬على طول أهنار الغبطات‬ ‫جلبالك اخلصيبة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫َ‬ ‫إىل القمم الفردوسيّة‬
‫وشفيت‬
‫ُ‬ ‫مضيت كذلك حبثاً عن تلك اجملروحة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫السماويّة‪ ،‬حيث تشبع منها األرواح اليت أحببتَها‪ .‬ولقد‬
‫أستثن أيّة نعجة‪ .‬وتلك اليت أساء إليها الذائب الن َِّّهمة‬ ‫ِّ‬ ‫القوة إىل الضعفاء‪ ،‬ومل‬ ‫أعدت ّ‬‫الكسور و ُ‬
‫قدميك‪ ،‬أيّها األب الق ّدوس والعطوف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حب‪ ،‬ألضعها عند‬ ‫منكيب‪ ،‬مثل نري ّ‬
‫لألحاسيس‪ ،‬محلتُها على ّ‬
‫كالمك‪ ،‬وهي مسكينة‪ ،‬تالحقها أتنيبات الضمري والناس‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ألهنا مل تعد قادرة على السري‪ ،‬وال تعرف‬ ‫ّ‬
‫هي روح يندم ويرجتف‪ ،‬ماء مدفوع‪ ،‬نـَبَ َذته األمواج إىل الشاطئ‪ّ .‬إهنا أتيت مفعمة رغبة‪ ،‬حمتَ َجَزة مبعرفة‬
‫فيك‪ ،‬تلك اخلليقة التائهة‪ .‬قل هلا‪:‬‬ ‫احلب‪ ،‬لتجد السالم َ‬ ‫صدرك‪ ،‬أيّها األب الكلّ ّي ّ‬‫َ‬ ‫ذاهتا‪ ...‬افتح هلا‬
‫’تعايل‘‪ .‬قل هلا‪ِّ ’ :‬‬
‫كل ِّّ‬
‫رب‬ ‫أنت يل‘‪ .‬لقد انتَ َمت إىل عامل أصاهبا منه الغثيان والرعب‪ّ .‬إهنا تقول‪ُّ ’ :‬‬
‫جمرم مأجور مقرف هو‘‪ .‬فاجعلها تستطيع القول‪’ :‬إ ّن َملِّكي هذا قد َمنَ َحين هبجة أن أكون‬ ‫َع َم ٍل ٌ‬
‫احلب‬
‫السماوي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫احلب‬
‫احلب‪ .‬ولكن إن استقبَلتَها فستعرف ما هو هذا ّ‬ ‫له!‘ ّإهنا ال تعرف ما هو ّ‬
‫البشري‪ .‬وكعصفور ُحمََّرر من أقفاص الناس الرهيبني‪ ،‬سَتتفع ابستمرار حنو‬ ‫ّ‬ ‫الزوجي بني هللا والروح‬
‫ّ‬
‫كنت أحبث‬ ‫وجدت َمن ُ‬‫ُ‬ ‫إليك‪ ،‬إىل السماء‪ ،‬يف ال َفَرح ويف اجملد‪ ،‬وهي ترتل‪” :‬لقد‬
‫حّت تصل َ‬ ‫األعلى‪ّ ،‬‬
‫مطوبة أبد الدهر!“"‬ ‫األزيل‪ ،‬إنّين َّ‬
‫الرب ّ‬ ‫فيك أسَتيح وأغتَبِّط‪ ،‬أيّها ّ‬
‫عنه‪ .‬ومل تَـعُد لقليب رغبة أخرى‪َ .‬‬
‫اذهبوا‪ ،‬بروح جديد‪ ،‬واحتَ ِّفلوا بعيد التطهري‪ .‬وليضئ فيكم نور هللا‪».‬‬

‫مشعتان وابتسامته ونغمة صوته مل‬


‫قاوم‪ .‬وجهه ُمنري وعيناه ّ‬
‫يسوع‪ ،‬يف هناية حديثه‪ ،‬كان ال يُ َ‬
‫عرف لعذوبتهما مثيل‪.‬‬
‫يُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 783 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يكرر‪« :‬اذهبوا وليكن السالم‬ ‫حّت‬ ‫املكان‬ ‫يربحون‬ ‫ال‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫والناس‪ ،‬وكأ ّن ألباهبم سلِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الزوار الذين يتح ّدثون كثرياً‪.‬‬
‫معكم‪ ».‬حينئذ فقط يبدأ رحيل ّ‬
‫احملجبة كاملعتاد‪ ،‬خبطواهتا السريعة واملتماوجة قليالً‪ .‬تبدو وكأ ّن هلا أجنحة مبعطفها‬
‫وتذهب املرأة ّ‬
‫املنتَ ِّفخ عند الكتفني بفعل اهلواء‪.‬‬

‫«اآلن سأعرف إذا ما كانت من إسرائيل‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫«ملاذا؟»‬

‫ألهنا إذا بَِّقيَت هنا‪ ،‬فهذا يشري إىل‪»...‬‬


‫« ّ‬

‫ابجتاه البلدة‪.‬‬
‫«إىل ّأهنا امرأة فقرية ال مأوى هلا‪ ،‬ال أكثر‪ .‬تذ ّكر هذا اي بطرس‪ ».‬ويسري يسوع ّ‬

‫«نعم اي معلّم‪ ،‬سوف أتذ ّكر ذلك‪ ...‬واآلن‪ ،‬حنن ماذا نفعل بينما يبقى اجلميع يف بيوهتم من‬
‫أجل العيد؟»‬

‫«ونساؤان يشعلن املصابيح لنا‪».‬‬

‫ابحلري ال أُشعِّلها‬
‫ّ‬ ‫نارة يف بييت‪ ،‬أو‬
‫«آسف‪ّ ...‬إهنا السنة األوىل اليت ال أرى فيها املصابيح ُم َ‬
‫أان‪»...‬‬

‫أنت َمن سوف‬ ‫ك طفل كبري! سوف نُشعِّل املصابيح‪ ،‬حنن أيضاً‪ .‬وهكذا لن َّ‬
‫تتجهم‪ .‬و َ‬ ‫«إنّ َ‬
‫يُشعِّلها‪».‬‬

‫لك أن تفعلها‪».‬‬
‫رب عائلتنا‪ .‬و َ‬
‫أنت ّ‬
‫«أان؟ ليس أان اي سيدي‪ .‬بل َ‬
‫األزيل اي بطرس‪.‬‬
‫«أان‪ ،‬مصباح مضاء على الدوام‪ ...‬وأريدكم أن تكونوا كذلك‪ .‬أان عيد األنوار ّ‬
‫لدت‪ ،‬ابلضبط‪ ،‬يف اخلامس والعشرين من شهر كانون األول (ديسمرب)؟»‬
‫هل تَعلَم أنّين و ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 784 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«إيه! َمن يدري كم من األنوار؟» يسأل بطرس مندهشاً‪.‬‬

‫«مل يكن ممكناً ع ّدها‪ ...‬لقد كانت جنوم السماء كلّها‪»...‬‬

‫لك االحتفاالت يف الناصرة؟»‬


‫«ال! َأومل تُـ َقم َ‬
‫«مل أولد يف الناصرة‪ ،‬بل وسط األنقاض يف بيت حلم‪ .‬أرى أن يوحنّا قد َعَرف أن يصمت‪ .‬إنّه‬
‫مطيع ج ّداً‪ ،‬يوحنّا‪».‬‬

‫لسمعانك املسكني؟ و ّإال‬


‫َ‬ ‫فضويل للغاية! هل سَتوي ذلك‬
‫ّ‬ ‫«وهو ليس فضوليّاً‪ .‬إّّنا أان‪ ...‬فإنّين‬
‫إخوتك‬
‫َ‬ ‫عنك؟ أحياانً يسألين الناس فال أعرف ما أقول‪ ...‬اآلخرون يعرفون‪ .‬أقصد‬ ‫فما العمل للتح ّدث َ‬
‫ومسعان وبرتلماوس ويوضاس بن مسعان و‪ ...‬نعم‪ ،‬توما أيضاً جييد التح ّدث‪ ...‬حتسبه َك َمن يقوم‬
‫ومّت‪ ...‬جيّد كذلك‪َ ...‬يلك إمكانيّة التح ّدث‪ ...‬إيه! إنّه‬‫ابلدعاية يف السوق‪ ...‬ليبيع بضاعته‪ّ .‬‬
‫التصرف القدَية اليت كان يستخدمها بُغية سلب الناس‪ ،‬يف مكتبه الذي كان‬ ‫يستخدم معرفة ُحسن ّ‬
‫لك اي مسعان بن يوان ِّمن مسكني!‬ ‫حمق"‪ّ .‬أما أان! فيا َ‬
‫ك ّ‬‫للجباية‪ ،‬ليحمل اآلخرين على القول‪" :‬إنّ َ‬
‫تك األمساك؟ والبحرية؟ أمرين‪ ...‬ولكنّهما ال ينفعان يف شيء‪ .‬األمساك‪ :‬الصمت‬ ‫ولكن ماذا َعلَّ َم َ‬
‫والدأب‪ ،‬دأهبا على اهلروب من الشبكة ودأيب على أن أضعها فيها‪ .‬والبحرية‪ ،‬أن أكون شجاعاً‪ ،‬وأن‬
‫حّت ولو‬ ‫لكل شيء‪ .‬واملركب؟ الك ّد دون اإلشفاق على عضاليت‪ ،‬البقاء واقفاً ّ‬ ‫تبقى عيين متي ّقظة ّ‬
‫معرضاً للسقوط‪ .‬العني على جنم القطب‪ ،‬واليدان اثبتتان على الدفة‪ّ .‬قوة‬ ‫كنت ّ‬ ‫كانت املياه مضطربة‪ ،‬و ُ‬
‫وشجاعة ودأب وانتباه‪ ،‬هذا ما علّمتنيه حيايت البائسة‪»...‬‬ ‫َ‬

‫فع َمة إعجاابً‪ ،‬إعجاابً‬


‫ويهزه‪ ،‬وهو ينظر إليه حبنان‪ ،‬نظرة ُم َ‬
‫يضع يسوع يده على كتف مسعان ّ‬
‫أنت متتلك ك ّل ما يلزم‬
‫لك هذا قليالً اي مسعان بطرس؟ َ‬ ‫حقيقيّاً بتلك البساطة‪ ،‬ويقول‪« :‬وهل يبدو َ‬
‫األبدي اي مسعان‪.‬‬ ‫لتكون "صخريت"‪ .‬ما ِّمن شيء أضيفه‪ ،‬وال شيء أزيله‪ .‬سوف تكون الدليل الـم ِّ‬
‫رشد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وشجاعة ودأب‬ ‫بعدك‪" :‬العني على جنم القطب‪ :‬يسوع‪ .‬واليد اثبتة على الدفة‪ّ ،‬قوة َ‬
‫وستقول ملن أييت َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 785 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت على مياه مضطربة‪ّ »...‬أما‬
‫لكل شيء‪ ،‬ومعرفة البقاء وقوفاً ّ‬
‫وانتباه وك ّد دون َكلَل‪ ،‬والعني متي ّقظة ّ‬
‫مك ّإايه!»‬
‫بشأن الصمت‪ ...‬هيّا بنا‪ ...‬فاألمساك مل تعلّ َ‬
‫حّت‬
‫« ّأما بشأن ما جيدر يب معرفة قوله‪ ،‬فأان أكثر بكماً من األمساك‪ .‬العبارات األخرى؟‪ّ ...‬‬
‫الدجاج يعرف أن ينقنق كما أفعل‪ ...‬ولكن‪ ،‬قل يل‪ ،‬اي معلّمي‪ ،‬هل متنحين ابناً‪ ،‬أان أيضاً؟ لقد‬
‫قلت‪:‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫السن‪ ...‬واآلن َ‬
‫قلت إ ّن املعمدان ُول َد من امرأة طاعنة يف ّ‬
‫ك َ‬ ‫السن‪ ...‬ولكنّ َ‬
‫أصبَحنا طاعنني يف ّ‬
‫ِّ‬
‫متوسل‬
‫عد الرجل‪ ،‬إن مل يكن ابنه؟» َو ْجهُ بطرس ّ‬ ‫ومن ذا الذي أييت بَ َ‬‫بعدك ستقول‪َ "...‬‬
‫"وملن أييت َ‬
‫فعم أمالً‪.‬‬
‫وم َ‬
‫ُ‬
‫كل‬
‫تك عندما حتجب غيمة عنها الشمس‪ّ .‬‬ ‫أنت تُشبه متاماً حبري َ‬
‫تغتم لذلك‪َ .‬‬
‫«ال اي بطرس‪ .‬ال َّ‬
‫لك ابن واحد‪ ،‬بل آالف‪ ،‬بل‬ ‫مكفهراً‪ .‬ال اي عزيزي بطرس‪ .‬ولكن لن يكون َ‬
‫ّ‬ ‫ما هو ضاحك يصبح‬
‫لك‪" :‬ستكون صيّاداً للناس"؟»‬
‫قلت َ‬
‫كل البلدان‪ ...‬أال تذكر يوم ُ‬
‫عشرات اآلالف‪ ،‬ويف ّ‬
‫«آه!‪ ...‬نعم‪ ...‬ولكن‪ ...‬إنّه لعذب ج ّداً أن يقول يل طفل‪" :‬اباب"!»‬

‫لك الكثري‪ ،‬حبيث لن تتم ّكن من ع ّدهم‪ ،‬وهم الذين سوف متنحهم احلياة‬ ‫«سوف يكون َ‬
‫بطرسك‪ ،‬وأريد أن يكونوا‬
‫َ‬ ‫إيل قائالً‪" :‬هؤالء هم أوالد‬
‫األبديّة‪ ،‬وسوف تلتقيهم يف السماء‪ ،‬وأتيت هبم َّ‬
‫وسعك ألجلي‪،‬‬
‫َ‬ ‫كل ما يف‬ ‫لت‬ ‫لك‪" :‬نعم اي بطرس‪ .‬فليكن كما تريد‪ ،‬لقد ع ِّ‬
‫م‬ ‫حيث أان"‪ .‬وأان أقول َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أجلك"‪ ».‬وقد قَطَ َع له تلك الوعود بعذوبة ال مثيل هلا‪.‬‬
‫كل شيء من َ‬ ‫وسأفعل ّ‬
‫أببوة أرضيّة‪ ،‬ودموع فرح ِّمن نشوة‬
‫ّ‬ ‫ت‬‫ّ‬‫مي‬ ‫أمل‬ ‫ن‬ ‫يبلع بطرس لعابه‪ ،‬بينما تتنازعه مشاعر األمل ِّ‬
‫م‬
‫املضي صوب‬
‫ّ‬ ‫ريب!» يقول‪« .‬ولكن إلعطاء حياة أبديّة‪ ،‬جيب محل النفوس على‬ ‫للتو‪« .‬آه! ّ‬
‫تُعلَن ّ‬
‫اخلري‪ .‬و‪...‬نعود دوماً إىل النقطة ذاهتا‪ :‬ال أجيد احلديث‪».‬‬

‫«سوف جتيد احلديث‪ ،‬عندما ُيني الوقت‪ ،‬وبشكل أفضل ِّمن مجالئيل‪».‬‬

‫التوصل من ذايت‪»...‬‬
‫علي ّ‬ ‫توجب ّ‬
‫أنت هذه املعجزة‪ ،‬ألنّه لو ّ‬
‫أود تصديق ذلك‪ ...‬إّّنا افعل َ‬
‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 786 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك‪ .‬هيّا بنا إىل البلدة‪ ،‬لدى تلك‬
‫يضحك يسوع ضحكته اهلادئة ويقول له‪« :‬اليوم أان كلّي َ‬
‫كنت أصلّي عند أسفل‬
‫حصلت عليه؟ بينما ُ‬
‫ُ‬ ‫لدي تقدمة سريّة‪ :‬خامت للبيع‪ .‬هل تعرف كيف‬ ‫األرملة‪َّ .‬‬
‫لرق‪ .‬وكان‬
‫صرة صغرية معلّقة به مع قطعة من ا ّ‬‫ص َل حجر عند قدمي‪ .‬وقد كانت ّ‬ ‫تلك الصفصافة‪َ ،‬و َ‬
‫الرق فكلمة‪" :‬حمبّة"‪».‬‬
‫الصرة‪ّ ،‬أما على ّ‬
‫اخلامت داخل ّ‬
‫«هل تسمح أبن تريين ّإايه؟ آه! كم هو مجيل! إنّه من امرأة‪ .‬كم إصبعها صغري! ولكن كم من‬
‫املعدن فيه!‪»...‬‬

‫أنتظرك جانب الفرن‪.‬‬


‫َ‬ ‫أنت اآلن‪ .‬فأان ال أجيد ذلك‪ .‬صاحب الفندق يشَتي الذهب‪.‬‬
‫«ستبيعه َ‬
‫اذهب اي بطرس‪».‬‬

‫التصرف؟ أان‪ ،‬والذهب‪ ...‬أان ال أفْـ َقه شيئاً عن الذهب!»‬ ‫ن‬ ‫«ولكن‪ ...‬إذا مل أ ِّ‬
‫ُحس‬
‫ّ‬
‫بوسعك‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ف ّكر أ ّن هذا قوت ألانس جياع‪ ،‬وافعل ما‬

‫وبتمهل‪ ،‬إىل اليسار‪ ،‬صوب البلدة اليت تبدو‬


‫يذهب بطرس إىل اليمني‪ ،‬بينما يسوع َيضي‪ّ ،‬‬
‫بعيدة بعض الشيء‪ ،‬خلف غابة صغرية‪ ،‬وهي أبعد من بيت الوكيل‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 787 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -100‬يسوع يغادر منطقة املياه احللوة وَيضي صوب بيت عنيا)‬

‫‪1945 / 03 / 18‬‬

‫هجناً أن تُرى هكذا‪ ،‬دون خميّمات ألانس يبيتون‬


‫الزوار‪ .‬يبدو ُمستَ َ‬
‫ختلو منطقة املياه احللوة من ّ‬
‫األقل يتناولون وجبة يف الفناء أو حتت العنرب‪ .‬فليس هناك اليوم سوى نظافة وترتيب‪،‬‬
‫الليل‪ ،‬أو على ّ‬
‫دون أيّة بقااي ختلّفها اجلموع وراءها‪.‬‬

‫يشغل التالميذ وقتهم أبعمال يدويّة‪ .‬يضفر البعض اخليزران لصنع سالل صيّد جديدة‪ ،‬آخرون‬
‫منهمكون أبعمال َحفر صغرية‪ ،‬وشق قنوات ملياه السطوح لكي ال تركد‪ّ .‬أما يسوع فهو واقف وسط‬
‫حقل يفتّت اخلبز للعصافري‪ .‬ما ِّمن كائن حي يرى على مدى النظر‪ ،‬ابلرغم من أ ّن النهار ٍ‬
‫صاف‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫لك اي معلّم‪».‬‬ ‫ي ِّ‬
‫صل أندراوس إىل يسوع عائداً من بعض األعمال‪« :‬السالم َ‬ ‫َ‬
‫فأنت مثلها‪.‬‬
‫َيكنك املكوث إىل جانب العصافري‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫لك اي أندراوس‪ ،‬تعال هنا معي قليالً‪.‬‬
‫«و َ‬
‫ولكن أترى؟ عندما تَعلَم أ ّن الذي يدنو منها ُيبّها‪ ،‬فال تعود ختاف‪ .‬انظر كم هي واثقة وساكنة‬
‫َخ َذت َح َذرها‪ ...‬ولكن‬‫أنت فقد أ َ‬
‫أتيت َ‬
‫وسعيدة‪ .‬قبل قليل كانت قريبة من قدمي‪ّ .‬أما اآلن وقد َ‬
‫أدرَك أ ّن ال خطر يه ّدده‪ .‬وها هي‬ ‫ِّ‬
‫انظر‪ ،‬انظر‪ ...‬هو ذا عصفور دوري يَصل‪ ،‬وهو أكثر جرأة‪ .‬فلقد َ‬
‫البقيّة خلفه‪ .‬أترى كم تستمتع؟ أليس الشيء ذاته ابلنسبة لنا كذلك‪ ،‬حنن أبناء اآلب؟ هو يُشبِّعنا‬
‫ومدعوون حلبّه‪ ،‬فلماذا اخلوف منه ومن أنفسنا؟ من‬
‫ّ‬ ‫حببّه‪ .‬وعندما نكون واثقني من أنّنا حمبوبون‬
‫حّت يف مواجهة الناس‪ .‬ثق بذلك‪ .‬وحده صاحب السلوك السيّئ‬ ‫املفروض أن متنحنا صداقته اجلرأة ّ‬
‫مثلك‪».‬‬
‫البار َ‬ ‫ِّ‬
‫ينبغي له أن َياف من شبيهه‪ .‬وليس ّ‬
‫ُيمر وجه أندراوس وال يتكلّم‪ .‬يش ّده يسوع إليه ويقول له وهو يضحك‪« :‬جيب توحيدكما‬
‫ّ‬
‫ك وإن‬
‫لك إنّ َ‬
‫قلت َ‬ ‫ِّ‬
‫أنت ومسعان‪ ،‬بل إذابتكما وإعادة تكوينكما‪ ،‬لتكوان كاملَني‪ .‬ومع ذلك‪ ...‬لو ُ‬
‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 788 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫رسالتك مساوايً متاماً لبطرس‪ ،‬فهل ستص ّدق‬
‫َ‬ ‫ك ستصبح يف هناية مطاف‬
‫كنت خمتلفاً يف البداية‪ ،‬فإنّ َ‬
‫َ‬
‫ذلك؟»‬

‫حّت كيف َيكن أن ُيدث هذا‪ ،‬ذلك أ ّن‬ ‫لست أتساءل ّ‬‫أنت تقول ذلك‪ ،‬فهو إذن أكيد‪ُ .‬‬ ‫« َ‬
‫ويسعدك‪ .‬إ ّن‬
‫َ‬ ‫ابر‬
‫أنت حقيقة هو‪ .‬وسوف أكون مسروراً لكوين مثل مسعان‪ ،‬أخي‪ ،‬ألنّه ّ‬ ‫كل ما تقوله َ‬
‫ّ‬
‫وقوايً‪ .‬إّّنا اآلخرون أيضاً!‪»...‬‬
‫مسعان لَشجاع! وأان مسرور للغاية لكونه شجاعاً وجريئاً ّ‬
‫أنت ال؟»‬
‫«و َ‬
‫مين‪»...‬‬
‫َيكنك أن تكون مسروراً ّ‬
‫َ‬ ‫وحدك‬
‫أنت َ‬‫«آه! أان! َ‬
‫ك تعمل بصمت وبعمق أكثر من اآلخرين‪ .‬أل ّن بني االثين عشر َمن ُُي ِّدث‬ ‫«وأن أالحظ أنّ َ‬
‫ضجة أكثر من العمل‪ .‬وواحد يَقنَع ابلعمل‪ ،‬وإن‬ ‫ِّ‬
‫يؤديه‪ .‬وهناك َمن ُُيدث ّ‬ ‫ضجة بقدر العمل الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن الذي يرى‬ ‫وفعاالً وجمهوالً‪َ ...‬يكن أن يعتقد اآلخرون أنّه ال يفعل شيئاً‪ .‬و ّ‬ ‫يكن عمالً متواضعاً ّ‬
‫يعرف‪ .‬وهذه االختالفات ألنّكم مل تصبحوا بعد كاملني‪ .‬وهذا سوف يكون على الدوام بني التالميذ‬
‫حّت اللحظة اليت يُعلِّن فيها املالك بصوت كالرعد "لقد انقضى‬ ‫املستقبليّني‪ ،‬بني الذين أيتون بعدكم‪ّ ،‬‬
‫الزمن"‪ .‬فسيكون هناك على الدوام ممثِّّلون للمسيح جييدون لفت األنظار إىل عملهم وإىل شخصيّتهم‪:‬‬
‫ص َخب وحركات ظاهريّة فقط‪ ،‬وهم‬ ‫املعلِّ‬
‫بكل أسف‪ ،‬من ال يكونون سوى َ‬ ‫ّ‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫وسيكون‬ ‫ون‪.‬‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫الرعاة املزيَّفون ابلوضعيّة املسرحيّة متع ّددة األشكال‪ ...‬أكهنة ُهم؟ ال‪ ،‬بل ممثلون إَيائيّون ليس ّإال‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫فليست احلركة هي اليت تصنع الكاهن‪ ،‬وال الثوب‪ .‬ليست الثقافة الدنيويّة وال العالقات االجتماعيّة‬
‫مع ذوي النفوذ تصنع الكاهن‪ .‬بل هي نفسه‪ .‬النَّفس الكبرية العظيمة إىل احل ّد الذي يتالشى معه‬
‫كاهن ُحلمي‪ .‬هكذا يكون َك َهنَيت الق ّديسون‪ .‬فالروحاينّ ليس لديه‬ ‫فكاه ِّين روح كلّه‪ ...‬هو ِّ‬
‫اجلسد‪ِّ .‬‬
‫ْ‬
‫املأساوي وال وضعيّته‪ .‬وال يتظاهر‪ ،‬ألنّه روحاينّ‪ ،‬وابلتايل ال َيكنه لبس األقنعة واجللباب‪ .‬فهو‬
‫ّ‬ ‫صوت‬
‫تصرفاته وكلماته‬ ‫بطهر‬ ‫ات‪،‬‬ ‫ر‬ ‫النظ‬ ‫بطهر‬ ‫ث‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫يتح‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫اح‬
‫و‬ ‫أر‬ ‫ث‬ ‫كما هو‪ :‬روح‪ ،‬شعلة‪ ،‬نور‪ ،‬حب‪ .‬هو ُُي ِّّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وأعماله‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 789 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أبعد وأمسى من اجلسد‪ ،‬ماذا يرى؟ شيئاً يكبح‬ ‫اإلنسان ينظر‪ ،‬ويرى الذي َياثله‪ .‬إّّنا فيما هو َ‬
‫وَيلص إىل نتيجة‪" :‬إ ّن هذا اإلنسان الذي َياثلين‪ ،‬ليس فيه من‬ ‫املتعجلة‪ ،‬ممّا جيعله يف ّكر َ‬
‫مسريته ّ‬
‫اإلنسان سوى الظاهر‪ .‬فروحه روح مالك"‪ .‬وإذا كان كافراً‪ ،‬فإنّه ََيلص إىل نتيجة‪" :‬بسببه أؤمن بوجود‬
‫إله ووجود مساء"‪ .‬وإذا كان فاجراً يقول‪" :‬ذلك اإلنسان الذي َياثلين له نظرة مساويّة‪ .‬لذا سأضبط‬
‫سأكف عن‬
‫ُّ‬ ‫املتجرد عن الثروات‪،‬‬
‫يقرر‪" :‬على مثال ذاك ّ‬ ‫لئال أُدنّسها"‪ .‬وإذا كان خبيالً ّ‬‫مشاعري ّ‬
‫متوحشاً‪ ،‬فقبالة تلك النعومة والعذوبة يصبح أكثر وداعة‪ .‬لذا فالكاهن‬ ‫جشعي"‪ .‬وإذا كان غضوابً‪ّ ،‬‬
‫الق ّديس َيكنه فعل الكثري‪ .‬وثِّق أبنّه سيكون‪ ،‬على الدوام‪ ،‬بني ال َك َهنَة‪ ،‬ق ّديسون جييدون املوت يف‬
‫حب هللا والقريب‪ ،‬وجييدون فعل ذلك هبدوء عظيم‪ ،‬بعد ممارسة الكمال طوال حياهتم هبدوء‬ ‫سبيل ّ‬
‫حّت إ ّن العامل ال يالحظهم‪ .‬ولكن إن مل يصبح العامل كلّه َدنَساً وعبادة أواثن‪ ،‬فسيكون ذلك‬ ‫ونعومة‪ّ ،‬‬
‫ابتسامتك الطاهرة واخلجولة‪ .‬وسيكون هناك‬
‫َ‬ ‫الويف‪ .‬وستكون هلم‬
‫بفضلهم ُهم‪ :‬أبطال الصمت والعمل ّ‬
‫أشخاص مثل أندراوس على الدوام‪ .‬سيكونون بفضل هللا وألجل سعادة العامل!»‬

‫أستحق هذا الكالم‪ ...‬مل أفعل شيئاً ألحثّهم‪»...‬‬


‫ّ‬ ‫« َمل أكن أظنّين‬

‫ساعدتَين يف جلب قلب إىل هللا‪ ،‬وهذا هو الثاين الذي أتيت به إىل النور‪».‬‬
‫«لقد َ‬

‫«آه! ملاذا تَكلَّ َم؟ كان قد َو َع َدين‪»...‬‬

‫منهكني‪ ،‬فهناك ثالثة يظلّون ساهرين يف منطقة‬


‫«مل يتكلّم أحد‪ .‬إّّنا أان أعلَم‪ .‬عندما ينام الرفاق َ‬
‫احلب الصامت والنشيط حيال اخلطأة‪ .‬اإلنسان الذي حتثّه نفسه حنو اخلالص‪.‬‬‫املياه احللوة‪ :‬الرسول ذو ّ‬
‫خالصها‪ ...‬شكراً اي‬ ‫نفس‬ ‫جتد‬ ‫أن‬ ‫هو‬ ‫أملي‬ ‫وأيمل‪...‬‬ ‫وينتظر‬ ‫هر‬ ‫ويس‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫يص‬ ‫الذي‬ ‫ص‬ ‫والـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫استمر ولتكن مباركاً من أجل ذلك‪».‬‬ ‫أندراوس‪ّ .‬‬
‫«آه! اي معلّم!‪ ...‬ولكن ال تقل شيئاً لآلخرين‪ ...‬فإنّين وحدي وإليها فقط أحت ّدث‪ ،‬إىل مصابة‬
‫لت أعرف أن أتدبر أمري‬‫ابلربص على شاطئ قَفر‪ ،‬أو هنا‪ ،‬أحت ّدث إىل إنسانة ال أرى وجهها‪ ،‬ما ز ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 790 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أي‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫قليالً‪ .‬ولكن لو عرف اآلخرون بذلك‪ ،‬وخاصة مسعان‪ ،‬وأراد اجمليء‪ ...‬فال أعود أعرف فِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫حبضورك‪».‬‬
‫َ‬ ‫شيء‪ ...‬وأنت كذلك ال ِّ‬
‫أتت‪ ...‬ألنّين أخجل من التح ّدث‬ ‫َ‬
‫افقك على الدوام‪ .‬هيّا بنا إىل البيت‪ّ .‬إهنم‬
‫«لن آيت‪ .‬يسوع لن أييت‪ .‬ولكن روح هللا كان ير َ‬
‫يطلبوننا من أجل الطعام‪».‬‬

‫كل شيء بني يسوع والتلميذ الرقيق‪.‬‬


‫وينتهي ّ‬
‫ما يزالون يتناولون الطعام‪ ،‬وقد أضيئت املصابيح‪ ،‬أل ّن الليل يهبط بسرعة‪ ،‬وريح الشمال جتعلهم‬
‫لكن الباب يُقرع ويُسمع صوت يوحنّا املرح‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يوصدون الباب‪ .‬و ّ‬
‫«عود محيد!»‬

‫مهمتكم بسرعة!»‬
‫«لقد أهنيتم ّ‬
‫«ماذا هناك إذن؟»‬

‫«اي حلِّ ْملكم!»‬

‫يتكلّم اجلميع دفعة واحدة‪ ،‬ويساعدون الثالثة على إنزال األكياس الثقيلة من على أكتافهم‪.‬‬

‫«على مهل!»‬

‫«دعوان نلقي التحيّة على املعلّم!»‬

‫«ولكن حلظة!»‬

‫ب َمرِّح وعائلي بسبب وجودهم معاً‪.‬‬


‫ص َخ ٌ‬
‫هناك َ‬
‫«أحيّيكم أيّها األصدقاء‪ .‬لقد َمنَ َحكم هللا ّأايماً ساكنة‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 791 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يوطي‪.‬‬
‫كنت أتوقّع ذلك‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ .‬إّّنا ال أخبار مطمئنة‪ُ .‬‬
‫«ماذا هناك؟‪ »...‬فلقد استفاق الفضول‪.‬‬

‫حّت يلتقطوا أنفاسهم ّأوالً‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫«انتَظروا ّ‬
‫لك ولآلخرين‪ .‬وبداية‪ ...‬يوحنّا‪َ ،‬سلِّّمهُ الرسالة‪».‬‬
‫نعطيك ّأوالً ما حنمل َ‬
‫َ‬ ‫«ال اي معلّم‪ .‬بل‬

‫خشيت عليها من التَّـلَف مع ما أمحل‪».‬‬


‫ُ‬ ‫« ّإهنا مع مسعان‪ ،‬فقد‬

‫حّت ذلك احلني‪ ،‬يتشاجر مع توما الذي يريد إعطاءه املاء لقدميه التَّعِّبَتني‪،‬‬
‫الغيور الذي كان‪ّ ،‬‬
‫يهرع قائالً‪« :‬هي ذي معي هنا‪ ،‬يف حزامي‪ ».‬ويَفتح جيباً داخليّاً يف حزامه العريض من اجللد األمحر‪،‬‬
‫وَيرِّج لفافة أصبَ َحت مسطحة‪.‬‬
‫ُ‬

‫ك‪ .‬فعندما كنا قريبني من بيت عنيا‪ ،‬التقينا يواناثن الذي كان ذاهباً إىل لعازر‬ ‫«إهنا ِّمن ّأم َ‬
‫ب يواناثن إىل أورشليم‪ ،‬فقوزى قد أعاد توضيب قصره‪ ...‬وقد‬ ‫حامالً الرسالة وأشياء أخرى كثرية‪ .‬و َذ َه َ‬
‫ُيل‬
‫وطي بينما ّ‬‫طرباي‪ ...‬وال يريد قوزى أن تكون زوجته مع هريوداي‪ ».‬يشرح االسخري ّ‬ ‫أييت هريودس إىل ّ‬
‫يسوع عقدة اللفافة ويفردها‪.‬‬

‫يثرثر التالميذ بينما يقرأ يسوع كلمات ّأمه اببتسامة سعيدة‪.‬‬

‫«امسعوا» يقول يسوع بعد ذلك‪« .‬هنالك أيضاً شيء للجليليّني‪ .‬فلقد َكتَـبَت ّأمي‪" :‬إىل يسوع‪،‬‬
‫إيل هدااي لطيفة ِّمن قِّبَل حنّة اليت‬
‫وريب‪ ،‬سالماً وبركة‪ .‬إ ّن يواناثن خادم سيّده‪ ،‬قد َمحَ َل ّ‬ ‫ابين العذب ّ‬
‫لكل بيتها‪ .‬وقد قال يل يواناثن إنّه يذهب إىل أورشليم أبمر‬ ‫و‬ ‫لزوجها‬‫و‬ ‫هلا‬ ‫صها‪،‬‬ ‫تطلب الربكات ِّمن ُخمَلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إبالغك كالمي وبركايت‪ .‬وكذلك‬ ‫َ‬ ‫من قوزى إلعادة فتح قصر صهيون‪ .‬أابرك هللا هلذا‪ ،‬ألنّين سأمت ّكن من‬
‫رسالن القبالت والربكات ألبنائهما‪ .‬ومبا أ ّن يواناثن كان صاحلاً فوق احل ّد‬ ‫مرمي اليت حللفا وصالومي تُ ِّ‬
‫وحّت من عائلة فليبّس وكذلك نثنائيل‪.‬‬ ‫وطيّباً‪ ،‬فهناك أيضاً حتيّات من زوجة بطرس إىل زوجها البعيد‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 792 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫األعزاء البعيدون‪ ،‬قد َع ِّملن ابإلبرة واحلياكة إىل جانب العمل يف احلديقة لَتسلن‬
‫كل زوجاتكم‪ ،‬أيّها ّ‬ ‫ّ‬
‫لكم أثواابً تقيكم برد أشهر الشتاء هذه‪ ،‬وكذلك عسالً لذيذاً مع التوصية مبزجه ابملاء الساخن لتناوله‬
‫األمهات ألبلّغكم ّإايه‪ ،‬فأقوله لكم وأقوله‬
‫يف الليايل الرطبة‪ .‬اعتنوا أبنفسكم‪ .‬هذا ما قالته يل الزوجات و ّ‬
‫ض ِّّح أبنفسنا مقابل ال شيء‪ ،‬ثقوا بذلك‪ .‬استفيدوا من اهلدااي املتواضعة اليت‬
‫كذلك البين‪ .‬فنحن مل نُ َ‬
‫صحة جيّدة‪.‬‬
‫الرب‪ ،‬وامنحوان فقط فرح معرفتنا أنّكم يف ّ‬‫نق ّدمها‪ ،‬حنن تالميذ تالميذ املسيح‪ ،‬إىل ُخ ّدام ّ‬
‫تك‪ .‬وأتذ ّكر‪ ،‬بل أعود إىل الزمن‬ ‫ك منذ حوايل العام مل تعد يل بكلّيّ َ‬ ‫اآلن اي ابين احلبيب‪ ،‬أف ّكر أنّ َ‬
‫ك مل تكن هنا‬ ‫بقلبك َيفق يف صدري‪ ،‬ولكن كان َيكنين القول إنّ َ‬ ‫أحس َ‬ ‫كنت ّ‬ ‫كنت فيه هنا‪ ،‬و ُ‬ ‫الذي َ‬
‫كنت أستطيع‬
‫جسمك احملبوب‪ ،‬و ُ‬ ‫َ‬ ‫عين حباجز كان َينعين من مالمسة‬ ‫كنت منفصالً ّ‬ ‫ك َ‬ ‫أيضاً‪ ،‬إذ إنّ َ‬
‫قلبك َيفق مع‬
‫ك هنا‪ ،‬وأ ّن َ‬ ‫روحك اي ابين احلبيب واإلله املعبود‪ .‬وأعلَم اآلن أيضاً أنّ َ‬
‫َ‬ ‫فقط أن أعبد‬
‫وخدمتك‬
‫َ‬ ‫ومساعك‬
‫َ‬ ‫مالمستك‬
‫َ‬ ‫حّت ولو كان بعيداً‪ ،‬ولكنّين ال أستطيع‬ ‫عين أبداً ّ‬‫قليب‪ ،‬ومل ينفصل ّ‬
‫الرب ومسيح خادمته املسكينة‪.‬‬ ‫وإجاللك‪ ،‬اي مسيح ّ‬
‫َ‬

‫آثرت‬
‫أظل وحيدة أثناء فَتة عيد األنوار‪ .‬ولقد ُ‬ ‫كانت حنة تريدين أن أذهب إليها لكي ال ّ‬
‫كنت أعظم َملِّ َكة يف األرض‪ ،‬ولو‬
‫حّت ولو ُ‬ ‫لك‪ .‬ولكن ّ‬ ‫حينئذ البقاء هنا مع مرمي إلانرة املصابيح‪ ،‬يل و َ‬
‫لست هنا‪ .‬بينما‬
‫ك َ‬ ‫أظل يف الظلمة ألنّ َ‬
‫استطعت إانرة آالف‪ ،‬بل عشرات اآلالف من املصابيح‪ ،‬فإنّين ّ‬
‫ُ‬
‫كنت على صدري‪ ،‬نوراً يل ونوراً‬ ‫ِّ‬
‫كنت يف كامل النور أثناء وجودي يف تلك املغارة املعتمة‪ ،‬عندما َ‬ ‫ُ‬
‫للعامل‪ّ .‬إهنا املرة األوىل اليت أقول فيها لنفسي‪” :‬اليوم َكرب ابين عاماً آخر“‪ ،‬وابين ليس عندي‪ .‬وسيكون‬
‫رسالتك‪ ،‬وأان رساليت‪.‬‬
‫َ‬ ‫ك تنجز‬‫األمر أكثر حزانً من عيد ميالدك األول يف مطاراي ‪ .Matarea‬ولكنّ َ‬
‫كل الدموع‪.‬‬
‫نتمم مشيئة اآلب‪ ،‬ونعمل جملد هللا‪ .‬وهذا ما َيسح ّ‬‫وحنن االثنان ّ‬
‫صلين ِّمن قول‪ .‬فكما أمواج البحر احلُّر َحتمل صوت‬ ‫ُدرك ما تفعل من خالل ما ي ِّ‬
‫َ‬ ‫ابين احلبيب‪ ،‬أ ِّ‬
‫الرب يصل بيتنا الصغري‬ ‫عملك املق ّدس جملد ّ‬
‫َ‬ ‫ومغلَق‪ ،‬كذلك صدى‬ ‫منع ِّزل ُ‬
‫حّت داخل خليج َ‬ ‫عرضه ّ‬
‫ك اليت تَغتَبِّط منه وترجتف يف آن معاً‪ ،‬ألنّه‪ ،‬إذا حتدَّث اجلمع ع َ‬
‫نك‪ ،‬فإ ّهنم ال يتح ّدثون‬ ‫اهلادئ‪ ،‬إىل ّأم َ‬
‫إحساانتك ليقولوا يل‪” :‬مبارك هو ابن‬
‫َ‬ ‫مجيعاً ابملشاعر ذاهتا‪ .‬فيأيت أصدقاء وأانس استفادوا من‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 793 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فلتحل عليه اللعنة“‪ّ .‬إال أنّين‪ ،‬من أجل هؤالء‪،‬‬‫”‬ ‫هلم‪:‬‬‫و‬ ‫بق‬ ‫قليب‬ ‫جيرحون‬ ‫أعداء‬ ‫كذلك‬ ‫وأييت‬ ‫“‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫بطنك‬
‫ّ‬
‫إلهلي؟“ وال يعرفون‬
‫حّت أكثر من الوثنيّني الذين أيتون ليسألوين‪” :‬أين اجملوس ا ّ‬‫أصلّي‪ ،‬أل ّهنم ابئسون ّ‬
‫بكل ما يف هذه‬
‫أنت كاهن وعظيم‪ّ ،‬‬ ‫ك‪ ،‬يف احلقيقة‪َ ،‬‬‫ّأهنم‪ ،‬يف غلطتهم‪ ،‬يقولون حقيقة عظمى‪ ،‬ألنّ َ‬
‫إليك قائلة‪” :‬إنّه يف بيت‬
‫ُرسلهم َ‬ ‫الكلمة من معىن يف اللغة القدَية‪ ،‬وأنت رابين اي يسوعي‪ .‬وإذ ذاك أ ِّ‬
‫َ ّ‬
‫منك أوامر أخرى‪ .‬وأصلّي من أجل أولئك‬ ‫عنيا“‪ ،‬ألنّين أظن أ ّن هذا ما ينبغي يل قوله‪ ،‬إىل أن أتتيين َ‬
‫أزيل‪.‬‬
‫الذين أيتون ابحثني عن اخلالص ملا هو فان‪ ،‬كي جيدوا اخلالص للروح الذي هو ّ‬
‫يت هلم‬
‫إيل كالم الذين َش َف َ‬
‫أرجوك ال أتسف ألملي‪ .‬إنّه يكافَأ بكثري من الفرح الذي ُيمله ّ‬‫و َ‬
‫يوجهون‬
‫النَّفس واجلسد‪ .‬إّّنا مرمي‪ ،‬فقد كان لديها‪ ،‬وما زال‪ ،‬أمل أكرب من أملي‪ .‬فليس يل وحدي ّ‬
‫يدك أن تَعلَم أنّه‪ ،‬يف رحلة عمل سابقة قام هبا إىل أورشليم‪ ،‬قد أُوقِّف‬
‫احلديث‪ .‬يوسف بن حلفا ير َ‬
‫بسببك‪ .‬كانوا رجاالً من اجمللس األعلى‪ .‬أعتقد أ ّن أحد الرجاالت الكبار هنا قد أخ ََربهم‪ .‬إذ‪،‬‬ ‫وأ ِّ‬
‫ُنذر‬
‫َ‬
‫لك ذلك أل ّن واجيب كامرأة‬ ‫أخوك؟ أقول َ‬
‫رب عائلة و َ‬ ‫لوال ذلك‪ ،‬كيف َيكنهم معرفة أ ّن يوسف هو ّ‬
‫عك‪ .‬ولكن‪ ،‬بعد‬ ‫ألشج َ‬
‫جانبك‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫علي أن أطيع‪ .‬إّّنا‪ ،‬لو كان األمر بيدي‪ ،‬لوددت لو أكون إىل‬
‫ُيتّم ّ‬
‫ك على‬ ‫أوش َ‬
‫وك مسعان كان قد َ‬ ‫أنت‪ ،‬اي حكمة اآلب‪ ،‬دون إعارة االهتمام لدموعي‪ .‬أخ َ‬ ‫ذلك‪ّ ،‬قرر َ‬
‫لكن قسوة الفصل والطقس حالت دون‬ ‫القصة‪ ،‬ومعي‪ .‬و ّ‬‫إليك بعد تلك ّ‬ ‫توطيد العزم على اجمليء َ‬
‫أنت‪.‬‬
‫َيكنك البقاء حيث َ‬‫َ‬ ‫إجيادك‪ ،‬إذ قيل‪ ،‬بلهجة الوعيد‪ ،‬أبنّه ال‬
‫َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وابألكثر خشية عدم‬

‫بين! اي بين! اي ابين الق ّدوس واملعبود! يداي مبسوطتان‪ ،‬مثل موسى على اجلبل‪ ،‬لكي أصلّي‪،‬‬
‫أعدائك‪ ،‬اي يسوعي الذي ال ُيبّه العامل‪.‬‬
‫َ‬ ‫اعك مع أعداء هللا و‬
‫أجلك‪ ،‬يف صر َ‬
‫من َ‬

‫ألهنا كانت خري صديقة يل على الدوام‪.‬‬


‫نت‪ّ ،‬‬
‫ّأما هنا‪ ،‬فقد ماتت ليا اليت السحق‪ ،‬وقد حز ُ‬
‫أرجوك‬
‫أعطيك السالم والربكة‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫بين‪ ،‬وكما‬
‫أنت‪ ،‬البعيد وغري احملبوب‪ .‬أابركك اي ّ‬
‫لكن أملي األكرب هو َ‬
‫و ّ‬
‫ك"‪».‬‬ ‫أن َهتِّ‬
‫ألم َ‬
‫ّ‬ ‫بها‬

‫حّت ذاك البيت!» يصيح بطرس‪.‬‬ ‫« ِّ‬


‫الوقحون‪ ،‬أيتون ّ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 794 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ويَصرخ يوضاس ت ّداوس‪« :‬كان إبمكان يوسف االحتفاظ ابخلََرب لنفسه‪ .‬إّّنا‪ ...‬كان على عجلة‬
‫من أمره يف نقله!»‬

‫فعمني حيويّة‪ ».‬يقول فليبّس بلهجة احلِّ َكم‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫رخة الضبع ال تُرعب ال ُـم َ‬
‫ص َ‬‫«َ‬
‫يوطي‪ ،‬ويلتفت‬
‫«املصيبة ّأهنم ليسوا ضباعاً‪ ،‬بل هم ّنور تبحث عن فريسة حيّة‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫إىل الغيور‪« :‬قُل ما الذي َعلِّمناه‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬لقد كان يهوذا حم ّقاً يف خوفه‪ .‬ذلك أنّنا مضينا إىل بيت يوسف الرامي وبيت‬
‫لك علنيّني‪ ،‬مثّ أان ويهوذا‪ ،‬وكأنّين صديق طفولته‪ ،‬عند بعض أصدقائه يف صهيون‪...‬‬ ‫لعازر كأصدقاء َ‬
‫لك أن تغادر فوراً‪ ،‬وال تبقى هنا‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬أثناء فَتة األعياد هذه‪ ،‬وذلك‬
‫و‪...‬يوسف ولعازر يقوالن َ‬
‫تقرر أن أيتوا ليُوقِّفوه ويدينوه‪.‬‬
‫ملصلحتك‪ .‬وبعدئذ قال أصدقاء يهوذا‪" :‬كونوا على حذر‪ ،‬فقد ّ‬ ‫َ‬
‫فلينس ِّحب لبعض الوقت‪ ،‬ليُضلّل تلك الثعابني‪ .‬إ ّن‬
‫وابلتحديد أثناء ّأايم العيد هذه‪ ،‬حيث ال أانس‪َ .‬‬
‫موت دوراس قد َهيَّج مسّهم وخوفهم‪ .‬فباإلضافة إىل حقدهم لديهم اخلوف‪ .‬واخلوف جيعلهم يـََرون‬
‫حّت األكاذيب"‪».‬‬ ‫أشياء ال وجود هلا‪ ،‬واحلقد جيعلهم يقولون ّ‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫كل شيء! ويُغالون يف ّ‬ ‫كل شيء عنّا! إ ّن ذلك لَبَ ِّشع! ُ‬
‫وُيَّرفون ّ‬ ‫كل شيء‪ّ ،‬‬ ‫«يعرفون ّ‬
‫ِّ‬ ‫كاف الستنـزال اللعنة‪ِّ ّ ،‬‬ ‫وعندما يبدو هلم أ ّن ذلك غري ٍ‬
‫كت‪ .‬لقد راودتين‬ ‫فإهنم يَبتَدعون‪ .‬لقد قَ ِّر ُ‬
‫فت وأُهن ُ‬
‫لست أدري‪ ...‬بعيداً‪ .‬إّّنا خارج إسرائيل هذه‪ ،‬اليت ليست سوى‬ ‫املضي‪ُ ...‬‬
‫الرغبة يف العزلة‪ ،‬و ّ‬
‫خطيئة‪ »...‬يهوذا ُحمبَط‪.‬‬

‫أنت‪ ،‬كي تعطي العامل‬


‫«يهوذا‪ ،‬يهوذا! كي يُعطى للعامل إنسان‪ ،‬تعمل امرأة تسعة أشهر قمريّة‪ .‬و َ‬
‫معرفة هللا‪ ،‬تريد أن تفعل ذلك بسرعة أكرب؟ فذلك ال يلزمه تسعة أشهر قمريّة فقط‪ ،‬بل آالف األشهر‬
‫كل إقمار‪ ،‬ابدايً لنا كمولود جديد مثّ ممتلئ مثّ متناقِّص‪ ،‬هكذا‬
‫القمريّة‪ .‬وكما أ ّن القمر يولد وَيوت يف ّ‬
‫سوف يكون حال العامل‪ ،‬وطاملا هو موجود‪ ،‬فستكون أطوار لِّنَماء الداينة وتضاؤهلا على الدوام‪ .‬ولكن‬
‫حّت حينما تبدو ميتة‪ ،‬فستكون مع ذلك حيّة مثل القمر الذي يكون موجوداً حينما يقال إنّه انتهى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 795 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يبق على‬ ‫ِّ‬
‫حّت ولو مل َ‬
‫والذي يكون قد َعم َل من أجل تلك الداينة‪ ،‬سيكافأ عنها مكافأة عظيمة‪ّ ،‬‬
‫األرض سوى عدد ضئيل من النفوس املؤمنة‪ .‬هيّا‪ ،‬هيّا بنا! فال احلماس سهل يف االنتصارات وال‬
‫االنقباض سهل يف االهنزامات‪».‬‬

‫«ولكن مع ذلك‪ ...‬امض من هنا‪ .‬فنحن مل نصبح أقوايء كفاية‪ .‬ونشعر أنّنا سوف ينتابنا‬
‫لست أدري‪ ...‬ولكنّين أعتقد أ ّن اإلقدام على التجربة‬
‫األقل‪ ...‬اآلخرون‪ُ ،‬‬
‫اخلوف أمام اجملمع‪ .‬أان على ّ‬
‫نصر الثالثة‪».‬‬
‫التهور‪ .‬فليس لنا قلب أطفال بالط نبوخذ ّ‬
‫هو من قبيل ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬هكذا أفضل‪».‬‬

‫«وهو من قبيل الفطنة واحلَ َذر‪».‬‬

‫حق‪».‬‬
‫«يهوذا على ّ‬
‫حّت‪»...‬‬
‫ابءك ّ‬
‫ك وأقر َ‬
‫«ترى أن ّأم َ‬

‫«ولعازر ويوسف‪».‬‬

‫«فلنجعلهم أيتون لالشيء‪».‬‬

‫ويفتح ذراعيه ويقول‪« :‬فليكن كما تريدون‪ .‬إّّنا بعد ذلك نعود إىل هنا‪ .‬تَـَرون َكم من الناس‬
‫صنَـ َعته النساء‪».‬‬
‫فلنر ما َ‬
‫ُحس ّأهنا مستع ّدة‪ ...‬ولكن َ‬
‫لست أ ّ‬
‫أجرب نفسكم‪ .‬و ُ‬ ‫أيتون‪ .‬وأان ال أرغم وال ّ‬
‫الصرر‬
‫حينئذ‪ ،‬وإبشراقة فرح يف العيون‪ ،‬وصيحات هبجة يف احلناجر‪َُ ،‬يرِّج اجلميع من األكياس ّ‬
‫األمهات والزوجات‪ ،‬وُياولون إاثرة اهتمام يسوع لينظر إبعجاب إىل‬ ‫مع املالبس والصنادل ومؤونة ّ‬
‫مغتماً وشارد الذهن‪ .‬يَقرأ ويعيد قراءة رسالة ّأمه‪ .‬إنّه يَقبَع مع مصباح‬
‫نعمة هللا العظيمة‪ .‬ولكنّه يبقى ّ‬
‫يف أقصى زاوية للطاولة‪ ،‬حيث الثياب والت ّفاح واألوعية املعدنيّة واجلنب‪ .‬ويضع يده كواقية لعينيه‪ ،‬فيبدو‬
‫يتأمل‪ .‬ولكنّه يتأ ّمل‪.‬‬
‫وكأنّه ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 796 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫صنَـ َعته يل‪ ،‬وهذا املعطف ابلقبّعة!‬
‫«ولكن انظر اي معلّم‪ ،‬زوجيت املسكينة‪ ،‬ما أمجل الثوب الذي َ‬
‫ك‪ ».‬يقول بطرس الذي يغتبط وذراعاه‬ ‫من يدري كم َحتَ َّملَت من املش ّقة‪ ،‬فهي ليست ابرعة مثل ّأم َ‬
‫تضمان كنوزه‪.‬‬
‫ّ‬
‫لكن نَظَره بعيد ج ّداً عن األشياء‬
‫«مجيل‪ ،‬نعم‪ ،‬مجيل‪ ،‬إ ّهنا امرأة طيّبة‪ ».‬يقول يسوع أبدب‪ .‬و ّ‬
‫عرض عليه‪.‬‬
‫اليت تُ َ‬
‫يعجبانك اي يسوع؟ لوهنما مجيل‪،‬‬
‫َ‬ ‫«لقد حاكت لنا ّأمنا ثوبني مبطّنني‪ .‬اي لألم املسكينة! هل‬
‫أليس كذلك؟» يقول يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫لك ج ّداً‪».‬‬
‫«مجيل للغاية اي يعقوب‪ ،‬سوف يكون مالئماً َ‬

‫صنَـ َعتها‪ .‬فهي اليت تو ّشي هبذه اجلودة‪ .‬وكذلك‬‫ك هي اليت َ‬ ‫«انظر إىل هذه األحزمة‪ .‬أراهن أ ّن ّأم َ‬
‫لك‪ّ .‬أما الثوب‬
‫صنَـ َعته‪ .‬إنّه متاماًكالذي َ‬
‫هذا الوشاح املبطّن الواقي من الشمس‪ ،‬أقول إ ّن مرمي هي اليت َ‬
‫لألم املسكينة! فبَعد الدموع الكثرية اليت َذ َرفَتها هذا الصيف‪،‬‬
‫فال‪ .‬من املؤّكد أن ّأمنا هي اليت حاكته‪ .‬اي ّ‬
‫لألم احلبيبة!» ويـُ َقبِّّل يوضاس بن حلفا الثوب الثقيل‬
‫مل تعد ترى جيّداً‪ .‬وغالباً ما يُقطَع اخليط‪ .‬اي ّ‬
‫الكستناوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األمحر‬

‫ك مل تنظر إىل األغراض املرسلة‬ ‫لست فَ ِّرحاً اي معلّم‪ ».‬يالحظ أخرياً برتلماوس‪ّ « .‬‬
‫حّت إنّ َ‬ ‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫إليك‪».‬‬
‫َ‬

‫«هذا غري ممكن‪ ».‬يـُ َع ِّّقب مسعان الغيور‪.‬‬

‫كل شيء يف مكانه‪ .‬مل ُين الوقت بعد للقبض‬


‫الرزم‪ .‬ضعوا ّ‬
‫«أُف ّكر‪ ...‬لكن‪ ...‬أعيدوا توضيب ُّ‬
‫متأخر ليالً‪ ،‬وعلى ضوء القمر‪ ،‬سنمضي إىل ‪ Docco‬ومن مث‬‫علينا‪ ،‬ولن يُقبَض علينا‪ .‬ففي وقت ّ‬
‫إىل بيت عنيا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 797 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ملاذا إىل ‪Docco‬؟»‬

‫مين شفاءها‪».‬‬
‫«ألن هناك امرأة حتتضر وتنتظر ّ‬
‫ّنر عند الوكيل؟»‬
‫«ألن ّ‬
‫ضطر أحد إىل الكذب بقوله ال نعرف أين نكون‪.‬‬
‫ّنر أبحد‪ .‬وهكذا ال يُ ّ‬
‫«ال اي أندراوس‪ ،‬لن ّ‬
‫متمسك أبال أسبّب املتاعب للعازر‪».‬‬
‫الحقني‪ .‬فأان ّ‬
‫أبال تكونوا ُم َ‬
‫مهتمني ّ‬
‫إذا كنتم ّ‬
‫ينتظرك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ولكن لعازر‬

‫خادمك العجوز؟»‬
‫َ‬ ‫«وسنذهب إليه‪ .‬أو ابحلري‪ ...‬مسعان‪ ،‬هل تُ ِّ‬
‫سكننا يف دار‬ ‫ّ‬
‫لك ابسم لعازر وابمسي‬
‫كل شيء اآلن‪َ .‬يكنين إذن أن أقول َ‬
‫«بكل سرور اي معلّم‪ .‬تعرف ّ‬
‫لك‪».‬‬
‫وابسم املوجود هناك‪ :‬هي َ‬
‫«هيا ِّ‬
‫أسرعوا لنكون يف بيت عنيا قبل السبت‪».‬‬

‫يتفرق اجلميع مع مصابيحهم‪ ،‬لكي يقوموا مبا ينبغي من أجل الرحيل غري املتوقّع‪ ،‬يبقى‬
‫وبينما ّ‬
‫يسوع وحيداً‪.‬‬

‫أأتسف على‬
‫دخل‪ ،‬يذهب إىل جانب يسوع ويقول له‪« :‬وتلك املرأة؟ إنّين ّ‬ ‫يعود أندراوس ويَ ُ‬
‫تركها اآلن وقد أصبَ َح جميئها وشيكاً‪ّ ...‬إهنا َح ِّذ َرة‪ ...‬رأيتَها‪».‬‬

‫الك‪»...‬‬
‫فلتظل متذ ّكرة أقو َ‬
‫ّ‬ ‫«اذهب وقل هلا إنّنا سنعود بعد وقت قليل‪ ،‬ويف هذه األثناء‬

‫الك‪».‬‬
‫أنت اي سيّدي‪ .‬مل أقل هلا سوى أقو َ‬
‫الك َ‬
‫« ّإهنا أقو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 798 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ظهر األبرايء‬
‫لئال ير َاك أحد‪ .‬ابحلقيقة‪ ،‬يف هذا العامل الفاسد‪ ،‬جيب أن يَ َ‬
‫«اذهب‪ ،‬أسرع وانتبه ّ‬
‫مبظهر األشرار‪»...‬‬

‫كل شيء‪ ،‬ابلنسبة يل‪ ،‬هنا عند هذه احلقيقة العُظمى‪.‬‬


‫ويتوقّف ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 799 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -101‬شفاء ايروشا املصابة ابلسرطان يف ‪)Docco‬‬

‫‪1945 / 03 / 19‬‬

‫لقد كلَّمتُكم عن الزايرة املمتعة قليالً والنبوءة اليت تنبّ ُ‬


‫أت هبا أمس مساء‪ .‬ولقد رأيتُم وجهي كيف‬
‫كان مذعوراً‪ ،‬وقلتُم يل ذلك لدى دخولكم‪ .‬مل أكن أدري كيف كان مظهري‪ ،‬ولكن ابلتأكيد‪ ،‬أان متأثّرة‪،‬‬
‫وهذا ال يزول مع الزمن‪.‬‬

‫املرة األوىل اليت يُسبِّّب يل الشيطان فيها املتاعب‪ ،‬إنّه جيربّين يف هذا أو ذاك من األمور‪.‬‬
‫ليست هذه ّ‬
‫واآلن وقد أصبَ َح ال ُجي ّرب اجلسد فهو ُجي ّرب الروح‪ .‬منذ عام وهو يسبّب يل املتاعب بني آونة وأخرى‪.‬‬
‫األايم املريعة ابلنسبة يل‪ ،‬يف نيسان (أبريل) ‪ ،1944‬عندما َو َع َدين‬
‫املرة األوىل عندما َج َّربَين يف ّ‬
‫وقد كانت ّ‬
‫داَهَين بتلك التجربة اخلارقة والعنيفة والطويلة‪ ،‬يف الرابع‬
‫واملرة الثانية عندما َ‬
‫سجدت له‪ّ .‬‬
‫ُ‬ ‫ابملساعدة لو أان‬
‫إيل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫جيربين يف أن أُقلّد هلجة املعلّم بته ّكم إلغاظة الذين كانوا قد أساؤوا ّ‬
‫من متوز (يوليو) ‪ ،1944‬وهو ّ‬
‫علي لشخصي‪ ،‬وأنشره‪ ،‬مستفيدة بذلك‬ ‫أنسب الكالم الذي كان َُيلى ّ‬ ‫علي أن ُ‬ ‫اقَتح ّ‬
‫واملرة الثالثة عندما ََ‬
‫ّ‬
‫املرة الرابعة ففي شباط (فرباير) من تلك السنة (يبدو يل أنّنا كنا يف شباط [فرباير]‬ ‫ِّ‬
‫من جين األرابح‪ّ .‬أما ّ‬
‫أحس فقط‬‫كنت ّ‬ ‫املرات األخرى ُ‬ ‫املرة األوىل اليت أراه فيها‪ ،‬ذلك أ ّن يف ّ‬
‫آنذاك) وقد ظَ َه َر يل (وكانت ّ‬
‫وأما املرة اخلامسة فقد كانت مساء أمس‪ .‬حينها كانت التجلّيات‬ ‫بوجوده) ُم ِّّ‬
‫روعاً ّإايي مبظهره وكراهيّته‪ّ .‬‬
‫كل األمور األخرى األكثر ضآلة اليت أتتيين من اآلخرين‬
‫نسبت إليه هو ّ‬
‫ُ‬ ‫العُظمى للشيطان‪ .‬ولكنّين منذئذ‪،‬‬
‫حّت على‬‫ابحلري على التظاهر أو ّ‬
‫ّ‬ ‫الذين يريدون محلي على الكربايء‪ ،‬على النَّظر إىل نفسي إبعجاب‪ ،‬أو‬
‫كل هذا ليس سوى َمثََرة اضطراابت نفسيّة‪ّ .‬‬
‫حّت العوائق املتأتّية من‬ ‫لست سوى مريضة‪ ،‬وأ ّن ّ‬
‫االقتناع أبنّين ُ‬
‫وبكل‬
‫ّ‬ ‫والسلطات ومن سائقي الشاحنات‪ ،‬فإنّين أعزوها مجيعها إىل الشيطان‪ .‬إنّه يعمل ما بوسعه‬ ‫األهل ُّ‬
‫جهده ليسبّب يل املتاعب ويقودين إىل القلق‪ ،‬إىل الثورة وإىل االقتناع أبن ال فائدة من الصالة ترجى‪ ،‬وأ ّن‬
‫كل ذلك أكاذيب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يكون‬
‫املرة األوىل اليت ّ‬
‫ولكنّين أعَتف لكم أبنّه َج َعلَين‪ ،‬مساء أمس‪ ،‬أضطَرب كثرياً‪ .‬وتلك ليست ّ‬
‫أضطر يوماً ما إىل تقدمي احلساب هلل والناس‪ .‬وتَعلَمون أ ّن َهلَعي‬
‫ّ‬ ‫لدي اخلوف من أن أكون خمدوعة‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 800 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جمرد أفكار‬
‫تشجعونين دائماً‪ ،‬ويعود اخلوف للظهور ابستمرار‪ .‬مع ذلك كانت ّ‬
‫كمن هنا‪ ...‬يسوع وأنتم ّ‬
‫يَ ُ‬
‫عين‪ .‬أمس مساء كان األمر هتديداً جليّاً ومباشراً‪ .‬فقد قال يل‪« :‬هيّا‪،‬‬ ‫يل‪ ،‬يثريها الشيطان‪ ،‬ولكنّها تَص ُدر ّ‬
‫كذبت على‬‫ِّ‬ ‫ك‬‫أقنعك متاماً أبنّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫أنتظرك يف اللحظة املناسبة‪ ،‬يف اللحظة األخرية‪ ،‬وحينئذ سوف‬ ‫ِّ‬ ‫هيّا! إنين‬
‫ستَقعني يف حالة رعب حقيقيّة ويف أيس أن‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الدوام على هللا وعلى الناس وعلى نفسك‪ ،‬وحيث إنّك كاذبة‪ ،‬فَ َ‬
‫إبنكارك ّإايها هنائيّاً‪ ،‬ستنطَلِّقني‬
‫ِّ‬ ‫تكوين مدانَة‪ .‬وسوف تقولني ذلك بعبارات يعتقد معها الناس احمليطون ِّ‬
‫بك أ ّن‪،‬‬ ‫ُ‬
‫معك ستظلّون يف هذا اليقني‪ ،‬وهكذا متوتني‪...‬‬ ‫وأنت والذين سيكونون ِّ‬ ‫إىل هللا ُُم َّملة خبطيئة أقل ثقالً‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫َعد أبداً وأتن ّكر‬ ‫وأنت كذلك انتظريين‪ .‬فأان ال أ ِّ‬
‫رك‪ ،‬نَـعم‪ِّ ...‬‬‫مضطربني حّت أعماقهم‪ ...‬أنتظ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ويبقى اآلخرون‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ك يف هذه اللحظة تسببني يل ِّمن السأم ما ال حدود له‪ .‬إ ّّنا حينئذ فسأكون أان من أُسبِّبه ِّ‬
‫لك‪.‬‬ ‫لوعدي‪ .‬إنّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكل ما تفعلينه يب‪ ...‬سأنتقم ابلطريقة اليت أجيدها وحدي‪ ».‬وعلى هذا مضى عين اتركاً ّإايي‬ ‫سوف أنتقم ّ‬
‫يف حالة سيّئة ج ّداً…‬

‫األم العذبة‪ ،‬العذبة واحلنونة‪ ،‬بثوهبا األبيض‪ ،‬تبتسم يل وتالطفين‪ .‬ويبتسم يل يسوع‬
‫بعدئذ‪ ،‬جاءت ّ‬
‫طت يف الضَّىن‪ ...‬وقد طال‬
‫وس َق ُ‬
‫دت َ‬ ‫حّت عُ ُ‬
‫ابتسامة هي األكثر هبجة وحبوراً‪ .‬ولكنّهما ما كادا يَتكانين ّ‬
‫ُحس مبيل ألن أقول‪« :‬لن أكتب كلمة واحدة ابلرغم من‬ ‫القوة‪ ،‬أ ّ‬
‫ذلك‪ .‬عندما تراودين تلك الفكرة بتلك ّ‬
‫كل الضغوط‪ ».‬إ ّّنا فيما بعد‪ ،‬أف ّكر وأقول لنفسي‪« :‬هذا هو ابلضبط ما يريده الشيطان‪ ».‬وأ ِّ‬
‫َُهل هذا‬ ‫ّ‬
‫الوسواس‪ .‬إنه زمن اآلالم‪ ،‬أليس كذلك؟ وهناك مَن‪ ،‬بفعل عبادة األواثن املتأصّلة بعمق يف قلب اإلنسان‪،‬‬
‫حّت حينما يكون صاحلاً‪ ،‬يعبد الناطق ابلكلمة‪ ،‬انسياً أنّه ليس إالّ جمردّ وسيلة‪ ،‬وأ ّن العبادة هلل وحده‪ .‬وهناك‬
‫ّ‬
‫خاصة يف‬
‫مين على السواء‪ ،‬وأبهداف خمتلفة‪ ،‬أعماالً خارقة‪ّ ،‬‬ ‫آخرون ُيتقرونين‪ .‬هؤالء وأولئك ينتظرون ّ‬
‫عي يف مثل حاليت‪ .‬ابلنسبة إليكم‪ ،‬هذا‬ ‫زمن اآلالم هذا‪ .‬وقد تنتظرون ذلك أنتم أنفسكم‪ ،‬وكأنّه أمر طبي ّ‬
‫ضل‬‫لت أُف ِّّ‬‫االنتظار له ما يربره‪ّ .‬أما ابلنسبة إىل اآلخرين فإنّه احتقار أو عبادة أواثن‪ .‬أؤّكد لكم أنّين ما ز ُ‬
‫االحتقار ملاراي فالتورات على عبادة األواثن الشخصيّة‪ .‬فهذه األخرية تسبّب يل أسى ال يوصف‪ .‬يبدو يل‬
‫سري الثمني‪ ...‬ما أدراين؟ وأأت ّمل لذلك‪ّ .‬أما االحتقار‬ ‫عرونين يف مكان عام‪ ،‬وأ ّن هناك من يغتَ ِّ‬
‫مين ّ‬‫صب ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّأهنم يُ ُّ‬
‫موجهاً إىل ماراي فالتورات‪ ،‬على ّأال يَب َخسوا ”اإلمالءات“ ح ّقها وال يَعتَِّربوها‬
‫أقل‪ ،‬إذا كان ّ‬ ‫فيسبّب يل أملاً ّ‬
‫دعابة أو جنوانً…‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 801 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ابحلري صالحه‬
‫ّ‬ ‫إ ّّنا فوق الرغبات املق ّدسة والنـزيهة‪ ،‬كثرياً أو قليالً ألانس كثريين‪ ،‬هناك إرادة هللا أو‬
‫كل‬ ‫الذي ي ِّ‬
‫تك"‪ّ ،‬‬ ‫نصت ملاراي املسكينة‪ ،‬وصالهتا الدائمة وصالهتا احلاليّة‪ ،‬اليت هي هذه‪« :‬هي ذي "ضحيّ َ‬ ‫ُ‬
‫خيصين‪ ...‬ولكنّه هو‬
‫يف‪ ،‬يف ما ّ‬ ‫أنت‪ ،‬إ ّّنا اإلشارات ظاهريّة‪ ».‬كذلك مل أكن راضية بظهور هللا هذا ّ‬ ‫ما تبغيه َ‬
‫كل األمراض املمكن تشخيصها‬ ‫أي شيء آخر فال‪ ،‬ال‪ ،‬وال‪ّ .‬‬ ‫الذي أراد أن أكون فونوغرافه‪ ...‬الصرب! إ ّّنا ّ‬
‫ألحتمل منها أان ممّا حتمله هو‪ .‬نزاع كامل‬
‫أو اليت ال َيكن تشخيصها‪ ،‬أل ّن ال أعراض معروفة هلا‪ .‬اآلالم كلّها ّ‬
‫مرشدي وأان‪ ،‬وهذا يكفي‪ .‬حينئذ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫جيعلين أحنين حتت وطأة ثقل نزاعه‪ .‬على ّأال يعرف ذلك أحد سواه وأنتم‬
‫ي‪،‬‬
‫كنت يف زمن اآلالم‪ ،‬أخيّب آمال الذين يعبدونين أو ُيتقرونين‪ ،‬ألنّين ال أخترب اآلالم بشكل ما ّد ّ‬
‫إذا ما ُ‬
‫ومن َك ِّمش بفعل ضرابت وإعياء‬‫نهك ُ‬ ‫اجلسدي املتنامي‪ .‬فجسدي ُم َ‬
‫ّ‬ ‫أؤّكد لكم أنّين أعيش آالمي‪ .‬األمل‬
‫يف النَـ َفس‪ ،‬يسبب‬
‫عضلي‪ ،‬هذا العذاب الذي يَقطَع ّ‬ ‫اجللجلة‪ ،‬رأسي يف الطوق الذي يُ ِّ‬
‫نهكه‪ ،‬ش ّد وتشنّج‬
‫ّ‬
‫ولكن تلك ليست "آالمي"‪ ،‬بل هي دائماً ابلنسبة‬ ‫يل احتقاانً مثّ عطشاً وحرارة واحنطاطاً وتشنّجات تعذيب‪ّ .‬‬
‫إيل ما أمسّيه "اجلتسمانيّة"‪ :‬الليل الذي ينجلي مع أشباحه وخماوفه‪ ...‬اخلوف واهللع من املستقبل ومن هللا‪...‬‬
‫ّ‬
‫احلمى‪ ،‬ويُبكيين بدل الدمع‬
‫احلب غائب‪ .‬ذلك هو ما يبعث على العطش‪ ،‬ويسبّب ّ‬
‫وجماورة الكراهية‪ ،‬بينما ّ‬
‫دماً‪ ،‬فينهكين ويفقدين الصرب‪ .‬أؤّكد لكم أ ّن األمر أكثر ح ّدة من الساعة اليت عشتُها العام املاضي‪ ،‬عندما‬
‫يف‪».‬‬
‫حّت إنّين أستطيع القول‪« :‬إ ّن ذلك ألقوى‪ ،‬ذلك أنّين أأت ّمل ابلرغم من حضور هللا ّ‬
‫تَـ َرَكين هللا وحيدة‪ّ .‬‬

‫فهم‬
‫حّت ّإهنا تُ َ‬
‫سر بشكل سيّئ ج ّداً‪ّ .‬‬
‫أحسنت التعبري‪ّ .‬إال أن بعض العذاابت تُـ َف َّ‬
‫ُ‬ ‫آمل أن أكون قد‬
‫بشكل أسوأ مما هي عليه يف احلقيقة‪ ،‬وإن يكن من األب الروحي أو من عابدي األواثن‪ ،‬أو كذلك الفضوليّني‬
‫هتمهم الـ‪ ...‬الظاهرة أو ُيتقروهنا‪ .‬ليت تلك اجملموعات الثالث األخرية ََتتَِّرب‪ ،‬ولو لساعة‪ ،‬ما‬
‫حّت الذين ّ‬
‫ّ‬
‫خنترب حنن‪ ...‬وكذلك عابدو األواثن الذين قد ُيسدوننا‪ .‬ولكن ال! يستحسن ّأال َخيتَِّربوا ذلك‪ .‬أل ّن عابدي‬
‫األواثن سيحاولون الفرار‪َ ،‬من يدري إىل أين‪ ،‬خوفاً من مثل تلك الساعة؛ والفضوليّني واجملتهدين والساخرين‪،‬‬
‫صل هبم األمر‪ ،‬من خالل ذلك‪ ،‬ألن يلعنوا هللا‪ ...‬إذن‪ ...‬فلنبسط أكتافنا للنّري ولنشرب‬ ‫الذين َُيتَ ِّقرون‪ ،‬فَـي ِّ‬
‫َ‬
‫املرارة‪ ...‬وإىل األمام‪.‬‬

‫تك‪ .‬نَـ َعم‪ ،‬افعل يب ما تشاء‪ .‬إ ّّنا فقط‪،‬‬


‫خادمتك وضحيّ َ‬
‫َ‬ ‫مشيئتك‪ .‬هي ذي‬
‫َ‬ ‫ريب‪ ،‬ال تكن مشيئيت بل‬
‫ّ‬
‫ابق معنا‪ ،‬فلقد أت ّخر الوقت‪ ،‬وضوء النهار‬
‫قوة إمكانيّة التأملّ‪ ،‬وال تَتكين وحيدة‪َ « .‬‬
‫صالحك‪ ،‬امنحين ّ‬
‫َ‬ ‫بسبب‬
‫ف على الغروب‪»...‬‬
‫شار َ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 802 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دخل مدينة ‪ Docco‬الصغرية‪ .‬يَسأل‬ ‫متأخرة‪ ،‬يَ ُ‬
‫أرى يسوع يف ّأول إشراقات صبيحة شتوية ّ‬
‫األم العجوز اليت تُ ِّ‬
‫شرف كنّتها على املوت؟»‬ ‫ِّ‬
‫املارة املب ّكرين‪« :‬أين تقطن ماراين‪ّ ،‬‬
‫أحد ّ‬
‫«ماراين أرملة ليفي؟ محاة ايروشا امرأة يوشع؟»‬

‫«نعم‪ ،‬هي‪».‬‬

‫تتفرع طرقات‬
‫«انظر اي رجل‪ .‬يف هناية هذه الطريق توجد ساحة‪ ،‬يف أحد أركاهنا نبع ماء‪ ،‬ومنها ّ‬
‫حّت اجلسر اخلشيب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ثالث‪ .‬اسلك تلك اليت يف وسطها خنلة‪ ،‬وس ْر حوايل مائة خطوة‪ ،‬جتد خندقاً تتبعه ّ‬
‫فتتجاوزه وجتد درابً مسقوفاً‪ .‬اتبعه‪ .‬ففي هنايته‪ ،‬حيث ال يعود هناك طرق مكشوفة وال مسقوفة‪ ،‬فهو‬
‫وجتد بيت مراين وقد أضحى بلون الذهب لِِّّق َدمه‪ .‬وتَراهم‪،‬‬ ‫ينتهي بساحة‪ ،‬وبذلك تكون قد وصلت‪َِّ .‬‬
‫ََ َ‬
‫أنت قادم من بعيد؟»‬ ‫بسبب كثرة مصاريفهم‪ ،‬ال يتم ّكنون من ترميمه‪ .‬ال ختطئ‪ .‬وداعاً‪ .‬هل َ‬
‫«ليس كثرياً‪».‬‬

‫جليلي؟»‬
‫ّ‬ ‫أنت‬
‫«ولكن هل َ‬
‫«نعم‪».‬‬

‫«وهؤالء؟ هل أتيت من أجل العيد؟»‬

‫معك‪ ».‬ويَتك يسوع على الطريق الرجل الثراثر الذي‬


‫« ّإهنم أصدقاء‪ .‬وداعاً أيّها الرجل‪ .‬السالم َ‬
‫الر ُسل‪.‬‬
‫مل يعد مستعجالً‪ .‬يسلك الدرب ويتبعه ُّ‬
‫صلون الساحة الصغرية‪ :‬رقعة أرض موحلة‪ ،‬يف وسطها سنداينة نـَبَـتَت هنا وحدها‪ ،‬وقد متنح‬ ‫ي ِّ‬
‫َ‬
‫ظالً ممتعاً‪ .‬ولكنّها اآلن حزينة إبيراقها الكثيف والعامت فوق البيوت الفقرية‪ ،‬حيث حتجب‬
‫يف الصيف ّ‬
‫النور عنها والشمس‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 803 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫همل للغاية! الباب مغطى بقطع‬‫بيت ماراين هو األكثر بؤساً‪ .‬فهو واسع ومنخفض‪ ،‬ولكنّه ُم َ‬
‫كأهنا َحجاج‬
‫مرصوفة على تش ّققات اخلشب العتيق‪ .‬انفذة صغرية‪ ،‬دون ستار‪ ،‬وتبدو ثغرة فيها سوداء و ّ‬
‫انتُزعت منه العني‪.‬‬

‫حممرة العينني‪.‬‬
‫يَقرع يسوع الباب‪ .‬فتَفتَح فتاة يف حوايل العاشرة‪ ،‬شاحبة الوجه‪ ،‬حنيلة اجلسم‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫جلدتك إ ّن يسوع هنا‪».‬‬ ‫«هل ِّ‬
‫أنت حفيدة ماراين؟ قويل‬

‫وتفر وهي تصيح‪ .‬فتهرع العجوز‪ ،‬يتبعها ستة أطفال ابستثناء الفتاة السابقة‪ .‬ويبدو‬
‫صرخ الفتاة ّ‬ ‫تَ ُ‬
‫أ ّن األكرب توأم معها؛ ّأما األخريان فصبيّان صغريان حافيا القدمني وهزيالن‪َ ،‬يسكان بطرف ثوب‬
‫اجلدة‪ ،‬وُها ابلكاد يعرفان املشي‪.‬‬

‫وصلت إىل بييت املتواضع يف الوقت املناسب‪ .‬ابنيت‬


‫َ‬ ‫أتيت! أيّها األوالد َكِّّرموا ماسيا! لقد‬
‫«آه! َ‬
‫حتتضر‪ ...‬ال تبكوا أيّها الصغار لئال تسمعكم‪ .‬اي لكم من مساكني! الصغريات منهكات من السهر‪،‬‬
‫بكل شيء‪ ،‬ومل أعد أستطيع السهر‪ ،‬إنّين أقع أرضاً من نعاسي‪ .‬فمنذ أشهر مل أّن‬ ‫ذلك أ ّن علي القيام ّ‬
‫لكنهن صغريات ويعانني‪ .‬والصبية‬
‫يف سريري‪ .‬اآلن أانم على كرسي إىل جانبها هي واألطفال‪ ...‬و ّ‬
‫جيلبون احلطب إلشعال النار‪ ،‬ويبيعون منه أيضاً لتأمني القوت‪ .‬مل يعد إبمكاهنم أولئك املساكني‬
‫الصغار! ولكن الذي يقتلنا‪ ،‬ليس التعب‪ ،‬بل رؤيتها متوت‪ ...‬ال تبكوا‪ ،‬فيسوع عندان‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬ال تبكوا‪ .‬ستُشفى ّأمكم‪ ،‬وسيعود أبوكم‪ .‬ولن ترهقكم املصاريف بعد‪ ،‬وال اجلوع‪ .‬أهذان‬
‫ُها األصغر سناً؟»‬

‫ض َعت هذه املرأة الضعيفة توأمني ثالث مرات‪ ...‬وأصبَ َح هندها مريضاً‪».‬‬
‫«نعم اي سيّدي‪ ،‬لقد َو َ‬
‫«البعض لديهم الكثري واآلخرون َحمرومون‪ ».‬يُتمتِّم بطرس‪ .‬مثّ ُيمل واحداً ويعطيه ت ّفاحة‬
‫ليُسكته‪ .‬ويَطلُب اآلخر منه واحدة كذلك‪ ،‬فريضيه‪ .‬وجيتاز يسوع الردهة بصحبة العجوز‪ ،‬مثّ الدار‪،‬‬
‫عظمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تئن فيها امرأة‪ ،‬ما تزال شابّة‪ ،‬ولكنّها هيكل‬
‫صعد السلّم ليدخل غرفة ّ‬
‫ويَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 804 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ماسيا‪ ،‬ايروشا‪ .‬لن تشعري أبمل بعد اآلن‪ .‬أترين؟ لقد أتى ج ّد ّايً‪ .‬فإسحق ال يكذب أبداً‪.‬‬
‫يشفيك‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫وهو قد قال ذلك‪ .‬فآمين إذن‪ .‬إذ مبا أنّه أتى فهو قادر على أن‬

‫األم الصاحلة‪ .‬نعم اي سيّدي‪ .‬ولكن إن مل تستطع شفائي‪ ،‬فاجعلين أموت على‬ ‫«نعم أيّتها ّ‬
‫ب يل النار واملرارة‪ .‬إنّين‬
‫األقل‪ .‬فإ ّن كالابً تنهش صدري‪ .‬وفم أطفايل الذين َمنَحتُهم احلليب اللذيذ َجلَ َ‬
‫ّ‬
‫األم العجوز يه ّدها‬ ‫ليؤمن القوت‪ .‬و ّ‬ ‫علي الكثري! إ ّن زوجي يعمل بعيداً ّ‬ ‫أأت ّمل كثرياً‪ ،‬اي رب! ويُن َفق ّ‬
‫اإلعياء‪ .‬وأان أحتضر‪ ...‬فإىل أين يذهب اوالدي عندما َييتين املرض ومتوت هي من اجلهود املضنية؟‬

‫«العصافري هلم هللا‪ ،‬وكذلك صغار اإلنسان‪ .‬ولكنك لن متويت‪ .‬أهنا موضع األمل الكبري؟» ويوشك‬
‫يسوع أن يضع يده على الصدر املغطى ابألربطة‪.‬‬

‫«ال تلمسين! ال تزد أملي!» تصيح املريضة‪.‬‬


‫ولكن يسوع يضع يده الطويلة بلطف على الصدر املصاب‪« .‬ح ّقاً ِّ‬
‫لديك انر يف الداخل‪ ،‬أيّتها‬
‫ك ال حتقدين على زوجك و ِّ‬
‫أوالدك‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫صدرك‪ .‬ولكنّ ِّ‬ ‫احلب األمومي النار يف‬
‫َشع َل ّ‬
‫املسكينة ايروشا‪ .‬لقد أ َ‬
‫أليس كذلك؟»‬

‫متحاابن حبّاً عاقالً‪،‬‬


‫ّ‬ ‫علي أن أفعل ذلك؟ فهو طيّب‪ ،‬وقد أحبَّين على الدوام‪ .‬إنّنا‬ ‫«آه! ملاذا َّ‬
‫ريب! ولكن النار تالشت! ّأمي!‬ ‫وهم!‪ ...‬أان أعيش قَـلَق تركهم‪ ،‬ولكن‪ّ ...‬‬ ‫احلب أطفاالً‪ُ ...‬‬
‫وقد أمثََر ّ‬
‫ريب‪.‬‬
‫يدك ّ‬
‫أي سالم هو! ال ترفع‪ ،‬ال ترفع َ‬ ‫املربح! آه! ّ‬ ‫ّأمي! وكأ ّن مالكاً من السماء ينفخ على أملي ّ‬
‫للقوة! اي للفرح! أوالدي! إيل اي أوالدي! أريدهم! دينا! عوزّاي! حنّة!‬ ‫بل على العكس‪ ،‬اضغط‪ .‬آه! اي ّ‬
‫سبأ! مالخيا! داود! يوضاس! هنا! هنا! أمكم لن متوت! آه!‪ »...‬وتدور املرأة الشابة على وسادهتا‬
‫ابكية من الفرح‪ ،‬بينما يركض أوالدها‪ .‬وجتثو العجوز اليت مل تَـعُد َِّجتد يف فرحها ّإال أن ترّّن ترتيلة عازاراي‬
‫يف األتون‪ .‬فَتتّلها كاملة بصوهتا املته ّدج‪ ،‬صوت عجوز متأثّرة‪.‬‬

‫أكرمك به!»‬
‫َ‬ ‫لدي ما‬
‫لك؟ ليس َّ‬
‫رب! ولكن ماذا َيكنين أن أصنع َ‬
‫ويف النهاية تقول‪« :‬آه! اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 805 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يُ ِّنهضها يسوع ويقول‪« :‬امسحي يل فقط أن أسَتيح ألنّين تَعِّب‪ .‬واصميت‪ .‬فالعامل ال ُيبّين‪،‬‬
‫أنت والزوجة والصغار‪».‬‬‫منك الوفاء واإلَيان ابهلل والصمت‪ِّ .‬‬
‫وجيب أن أبتعد لبعض الوقت‪ .‬أطلب ِّ‬

‫َيكنك املكوث هنا دون خوف ِّمن أن ير َاك أحد‪.‬‬


‫َ‬ ‫«آه! ال ختف! ما ِّمن أحد يزور الفقراء!‬
‫الفريسيّون‪ .‬إيه؟ ولكن‪ ...‬من أجل الطعام؟ ليس لدي سوى اخلبز‪»...‬‬
‫ّ‬
‫كل ما يلزم‪ .‬سوف أنكل ونسَتيح‬ ‫يوطي‪« :‬خذ بعض املال واذهب لشراء ّ‬ ‫يسوع ينادي االسخر ّ‬
‫حّت املساء‪ .‬اذهب واصمت‪ ».‬مثّ يلتَ ِّفت إىل اليت شفاها‪« :‬أزيلي الرابط‪،‬‬
‫عند هؤالء الناس الطيّبني‪ّ ،‬‬
‫فضائلك كزوجة‪ ،‬سوف نكسر اخلبز‬‫ِّ‬ ‫عليك ليكافِّئ‬
‫ك‪ .‬وابتَ ِّهجي‪ .‬فلقد أنعم هللا ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهنضي وساعدي أم ِّ‬
‫ّ‬
‫معاً‪ ،‬فاليوم الرب األمسى يف ِّ‬
‫بيتك هو‪ .‬وينبغي االحتفال بذلك إبقامة العيد له‪ ».‬وََي ُرج يسوع للّحاق‬ ‫ّ‬
‫لألايم القادمة‪ .‬ابلنسبة لنا‪ ،‬لن‬
‫اشَت بوفرة‪ ،‬وليكن لديهم أيضاً ما يكفيهم ّ‬ ‫بيهوذا املزمع أن ََيرج‪ِّ « .‬‬
‫ُ‬
‫ينقصنا شيء عند لعازر‪».‬‬

‫إنقاذك‬
‫رت أن أبذهلا يف سبيل َ‬ ‫خاصيت‪ .‬وقد نَ َذ ُ‬
‫لدي بعض النقود ّ‬ ‫مسحت‪ّ ...‬‬
‫َ‬ ‫«نعم اي معلّم‪ .‬وإن‬
‫من األعداء‪ .‬سوف أشَتي هبا قواتً‪ .‬فيكون ذلك أفضل هلؤالء األخوة ابهلل من أفواه أولئك الذين يف‬
‫املعبد‪ .‬هل تسمح؟ فالذهب كان يل على الدوام مبثابة الثعبان‪ .‬وال أريد اختبار أتثريه الساحر بعد‪ .‬إذ‬
‫ُحس أنّين ُحّر‪ ،‬وأان سعيد‪».‬‬
‫الصالح‪ .‬أ ّ‬‫إنّين أجد نفسي يف أحسن حال اآلن وأان أعيش َّ‬

‫الرب السالم‪».‬‬
‫ليهبك ّ‬
‫«افعل ما تشاء اي يهوذا و َ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫لحق يسوع بتالميذه‪ ،‬بينما ََي ُرج يهوذا‪ .‬وينتهي ّ‬
‫يَ َ‬
‫ها أنذا وسط عاصفة قويّة‪ .‬ابلضبط وسط واحدة من عواصف آذار (مارس)‪ ،‬حيث بريق الشمس‬
‫قمة‬ ‫لدي انطباع أبنّين قارب تتقاذفه أمواج مضطَ ِّربة‪ .‬فتُارة تراه يف ّ‬
‫القمة‪ّ ،‬‬ ‫وظلمة غيوم العاصفة تتعاقبان‪ّ .‬‬
‫كأهنما يبغيان إغراقي يف هاوية مظلمة‪.‬‬
‫هوة بني جبلني سائلني يبدوان و ّ‬
‫املوج يف الشمس املشرقة‪ ،‬وحيناً يف ّ‬
‫اترة يف العلقم وطوراً‬
‫يبدو يل أنّين أنتقل بشكل متناوب بني ُميط هائج ومرفأ ساكن للغاية‪ ،‬وأبنّين أغطس ّ‬
‫يف العسل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 806 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اي له من أمل منذ مساء األمس! فهناك حلظات أكون فيها يف السماء مع العبارات املختصرة والعذبة‬
‫واالبتسامات املغبوطة اليت هتبنيها مرمي ويسوع‪ ،‬مع القوة اليت َينحانين ّإايها‪ .‬فأقول عندئذ‪« :‬آه! إنّين على‬
‫خاطئة‪( ».‬خبصوص اإلمالءات والرؤى ابلتأكيد‪ ).‬مثّ أَ ِّجدين أعود فأغوص يف‬ ‫واَهة وال ِّ‬ ‫يقني أبنين لست ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ص َخب الكالم املرعب وهتديدات مساء األمس‪ .‬فبعد اجلنّة أذوق طعم جهنّم‪ .‬مثّ تعود‬
‫اهلاوية املظلمة‪ ،‬يف َ‬
‫طيبة يسوع ومرمي إىل جنديت‪ ،‬وأجد نفسي املسكينة ترتَِّفع صوب الشمس‪ ،‬صوب السماء‪ ،‬يف غبطة متألين‬
‫عذوبة‪ .‬مثّ الغوص من جديد يف املرارة‪ ،‬ويف العتمة ويف اخلوف‪ .‬إنّين خائفة‪ ...‬ساعدوين ألكسب هذه‬
‫املعركة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 807 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -102‬يف بيت عنيا‪ ،‬يف بيت مسعان الغيور)‬

‫‪1945 / 03 / 21‬‬

‫صل يسوع إىل اهلضبة‪ ،‬بعد اجتيازه ال ُـمرتَقى األخري‪ ،‬يرى بيت عنيا ضاحكة‪ ،‬حتت‬ ‫عندما ي ِّ‬
‫َ‬
‫أقل ظلمة بقع السرو‬ ‫األول (ديسمرب) اليت خت ّفف من حزن الريف العاري‪ ،‬وجتعل ّ‬
‫أشعة مشس كانون ّ‬
‫اخلضراء وشجريات السنداين واخلرنوب اليت تنمو هنا وهناك‪ ،‬وهي تشبه رجاالت البالط املتزامحة إىل‬
‫حبق‪ ،‬واليت تنتصب فقط يف أمجل احلدائق‪.‬‬
‫جانب بعض شجريات النخيل الشاهقة‪ ،‬ذات املظهر امللكي ّ‬
‫هذا ويف بيت عنيا ال يوجد فقط بيت لعازر اجلميل‪ ،‬إّّنا هناك أيضاً بيوت أخرى ألغنياء‪ ،‬قد‬
‫فيالهتم‬
‫ويفضلون العيش هنا‪ ،‬قريبني من أرزاقهم‪ ،‬وهم يَ َنهضون بكتل ّ‬ ‫يكونون من سكان أورشليم‪ّ ،‬‬
‫عادي‪ ،‬على‬
‫الضخمة والرائعة‪ ،‬ذات احلدائق املرتبة بعناية‪ ،‬وسط بيوت الريفيّني الصغرية‪ .‬إنّه ملنظر غري ّ‬
‫تلك الروايب اليت تُذ ّكِّر ابلشرق‪ ،‬منظر أشجار النخل تلك‪ ،‬النامية‪ ،‬واليت تُكلِّّلها ابقة أوراق قاسية‬
‫وذات حفيف‪ .‬وخلف هذا الزبرجد األخضر‪َ ،‬يت ّد رمل الصحراء األصفر الذي ال حدود له‪ .‬هنا‪،‬‬
‫الفض ّي‪ ،‬احلقول مزروعة ولكنّها اآلن عارية‪ ،‬ال خضرة فيها‪،‬‬
‫على العكس‪ ،‬أرضيّة زيتون بلوهنا األخضر ّ‬
‫العظمي‪ ،‬جذوعها متيل إىل السواد‪ ،‬وأغصاهنا تتشابك وهي متثل نفوساً‬
‫ّ‬ ‫وبساتني‪ ،‬أشجارها كاهليكل‬
‫جهنمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتلوى من عذاب‬ ‫ّ‬
‫رب العمل‬ ‫ِّ‬
‫يَتصد‪ .‬يُلقي حتيّة ابلغة‪ ،‬ويستأذنه إعالم ّ‬
‫وفجأة يرى يسوع أيضاً أحد خدام لعازر َّ‬
‫بقدومه‪ .‬وَيضي بعدئذ مسرعاً‪.‬‬

‫وع َرب سياج ِّمن غار‪ُُ ،‬ييط خبضرة َع ِّطَرة‬


‫فالحون ومدنيّون لتحيّة الرايب‪َ ،‬‬
‫هرع ّ‬
‫يف تلك األثناء يَ َ‬
‫لبيت مجيل‪ ،‬تتق ّدم فتاة‪ ،‬وهي ابلتأكيد ليست إسرائيليّة‪ .‬جلباهبا طويل‪ ،‬له ذيل خفيف‪ ،‬وهو فضفاض‬
‫طرة مزيّنة أبلوان زاهية‪ ،‬تلمع فيها خيوط الذهب‪.‬‬ ‫من صوف انعم انصع البياض‪ .‬لتوشيته‪َ ،‬ج َعلَت له ّ‬
‫الطرة‪ .‬وهي حتافظ على تسرُيتها بشبكة شعر ذهبيّة مع ّقدة ج ّداً‪،‬‬ ‫صَرته عند اخلصر حبزام يشبه ّ‬‫وقد َح َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 808 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حلقات من األمام وملساء من اخللف‪ ،‬وتنتهي بعقصة عند الرقبة‪ .‬وهذا جيعلين أعتقد ّأهنا رومانيّة أو‬
‫احلادة واألوشعنا الصادرة عن حناجر الرجال‬ ‫ِّ‬
‫يواننيّة‪ .‬وهي تُراقب بفضول‪ ،‬حيث أصوات النساء ّ‬
‫يوجهون ذلك كلّه لرجل فقري ليس لديه‬ ‫جتعلها متنبّهة‪ .‬مثّ تبتسم ابتسامة سخرية‪ ،‬لدى رؤيتها ّإايهم ّ‬
‫أقل جاذبيّة منه‪.‬‬ ‫حّت ّ‬
‫حّت بغل يسافر عليه‪ ،‬وهو يسري وسط مجع من الناس َياثلونه‪ ،‬ومجيعهم ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ترفع كتفيها وتَبتَعِّد مع عبسة احتقار‪ ،‬يتبعها‪ ،‬بدل الكالب‪ ،‬جمموعة ِّمن طوال الساق متع ّددي األلوان‪،‬‬
‫بينهم طيور أبو منجل بيضاء‪ ،‬وحنامات‪ ،‬ابإلضافة إىل طََريي مالك احلزين بلون النار‪ ،‬مع أيب قردان‪،‬‬
‫الفضية بياض فريد متميّز عن ريشها الرائع الذي بلون الشعلة الذهبيّة‪.‬‬
‫يهتز على رؤوسها ّ‬
‫يَنظُر إليها يسوع للحظة مثّ يلتَ ِّفت لالستماع إىل عجوز‪ ...‬كان يريد التخلّص ِّمن َوهن ساقيه‪.‬‬
‫ويشجعه على الصرب‪ ،‬فقريباً سيأيت الربيع‪ ،‬ومع مشس نيسان اجلميلة سوف يشعر أبنّه‬ ‫ّ‬ ‫يالطفه يسوع‬
‫أقوى‪.‬‬

‫ك‬ ‫صل مكسيميان الذي يَسبق لعازر أبمتار قليلة‪« .‬اي معلّم‪ ...‬قال يل مسعان َّ‬
‫إن‪ ...‬إنّ َ‬ ‫ي ِّ‬
‫َ‬
‫ستذهب إىل بيته‪ ...‬وهذا يؤمل لعازر‪ ...‬ولكنّه مفهوم‪»...‬‬

‫بتشوق من لعازر الذي يبدو‬


‫«سنتح ّدث يف هذا فيما بعد‪ .‬آه! اي صديقي!» ويدنو يسوع ّ‬
‫مرتبكاً‪ ،‬ويـُ َقبِّّل له اخل ّد‪ .‬لقد َو َ‬
‫صلوا‪ ،‬يف تلك األثناء‪ ،‬إىل بيت صغري واقع بني بستان لعازر وبساتني‬
‫أخرى‪.‬‬

‫حبق تريد الذهاب إىل بيت مسعان؟»‬


‫فأنت ّ‬
‫«إذن َ‬
‫«نعم اي صديقي‪ ،‬فتالميذي مجيعهم معي‪ ،‬وأرى أ ّن هذا أفضل‪»...‬‬

‫يتأسف لعازر هلذا القرار ولكنّه ال َِّ‬


‫يعَتض‪ .‬يستدير فقط إىل اجلمع الذي يتبعه ويقول هلم‪:‬‬ ‫ّ‬
‫«اذهبوا‪ ،‬فاملعلّم يف حاجة إىل الراحة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 809 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫نس ِّحبون‪ ،‬بينما‬
‫نحين اجلميع‪ ،‬لدى مساع كالمه‪ ،‬ويَ َ‬
‫من خالل هذا أرى ما للعازر من أتثري‪ ،‬إذ يَ َ‬
‫سأعظ فيه‪».‬‬ ‫يوجه هلم يسوع حتيته العذبة‪« :‬السالم لكم‪ .‬سوف أُعلِّمكم عن املوعد الذي ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«اي معلّم‪ ».‬يقول له لعازر‪ ،‬اآلن وقد أصبَ َحا وحدُها؛ والتالميذ يتبعوهنما على بُعد بضعة أمتار‬
‫أتت‪ .‬ولكنّها سوف‬ ‫وهم يتح ّدثون إىل مكسيميانوس‪« .‬اي معلّم‪ ...‬مرات تبكي كثرياً‪ .‬لذلك هي مل ِّ‬
‫أبهنا‬
‫فلست أبكي ّإال يف أعماق قليب‪ .‬ولكنّنا نقول‪ :‬صحيح‪ .‬لو كنّا ف ّكران ّ‬ ‫ُ‬ ‫أتيت فيما بعد‪ّ .‬أما أان‬
‫أتت؟‪ ...‬أان أقول‪ :‬إ ّن الشيطان هو‬
‫ستأيت‪ ...‬ولكنّها أبداً ال أتيت من أجل األعياد‪ ...‬ولكن‪ ...‬مّت َ‬
‫الذي َدفَـ َعها لتأيت اليوم إىل هنا‪».‬‬

‫حّت ولو مل‬


‫«الشيطان؟ وملاذا ال يكون مالكها وأبمر من هللا؟ ولكن جيب أن تص ّدقين‪ ،‬ألنّه ّ‬
‫كنت سأذهب إىل بيت مسعان‪».‬‬‫تكن‪ُ ،‬‬
‫ريب؟ أمل جتد السالم يف بييت؟»‬
‫«ملاذا ّ‬
‫ت‬‫األعز على قليب بعد الناصرة‪ .‬إّّنا أجبين‪ :‬ملاذا قل َ‬
‫حّت غدا املكان ّ‬
‫دت سالماً عظيماً ّ‬
‫«بل َو َج ُ‬
‫َذهب إىل‬ ‫الفخ الذي ينصبونه هناك‪ ،‬أليس كذلك؟ وحينئذ أ َ‬ ‫يل‪" :‬اترك منطقة املياه احللوة"؟ من أجل ّ‬
‫لك اعتباراً؟‬
‫أرض لعازر‪ ،‬ولكنّين ال أضع لعازر يف ظروف يُهان فيها يف بيته‪ .‬أتظنّهم كانوا سيُقيمون َ‬
‫حّت على التابوت املق ّدس‪ ...‬دعين‬ ‫فلكي يسحقوين أبقدامهم‪ ،‬تراهم على استعداد ألن يدوسوا ّ‬
‫أتصرف‪ .‬أقلّه يف الوقت احلاضر‪ّ .‬أما بعد ذلك فسوف أرى‪ .‬وفيما عدا ذلك‪ ،‬ال شيء َينع من تناويل‬ ‫ّ‬
‫إيل‪ .‬ولكن فلتفعل ابلشكل الذي يقال فيه‪" :‬إنّه يف بيت أحد تالميذه"‪».‬‬ ‫وجميئك ّ‬
‫َ‬ ‫عندك‪،‬‬
‫الطعام َ‬

‫تالميذك؟»‬
‫َ‬ ‫ألست من‬
‫«وأان ُ‬
‫ك صديق‪ .‬إّّنا األمر ليس كذلك ابلنسبة إىل‬ ‫فأنت أكثر من تلميذ‪ ،‬إنّ َ‬‫لعاطفتك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«نظراً‬
‫لك‪ ،‬منـزل ابن تيوفيلس‬
‫لك‪ ...‬ولكنّه ليس منـز َ‬
‫أتصرف اي لعازر‪ :‬هذا البيت ملك َ‬ ‫األشرار‪ .‬دعين ّ‬
‫الثري‪ .‬واملتحذلقون يولون هذا أُهيّة كبرية‪».‬‬
‫اجلميل و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 810 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت مزمعاً أن أساحمها‪ ...‬ولكنّها لو‬
‫«تقول ذلك‪ ...‬ولكن أل ّن‪ ...‬بسببها‪ ،‬هكذا‪ .‬لقد ُ‬
‫أبعدتك فسأكرهها وهللا‪»...‬‬
‫َ‬
‫وإال فستخسرين يف احلال‪ ...‬هي ذي مرات‪.‬‬
‫دعك من هذه الفكرة‪ ،‬وفوراً‪ّ .‬‬
‫«وختسرين متاماً‪َ .‬‬
‫السالم ِّ‬
‫لك اي مضيفيت اللطيفة‪».‬‬

‫أنزلَت الوشاح املوضوع على رأسها بشكل اتج‪،‬‬


‫رب!» تبكي مرات وهي جاثية‪ .‬لقد َ‬
‫«آه! اي ّ‬
‫لكي ال تُ ِّ‬
‫ظهر لألغراب دموعها‪ .‬ولكنّها ال تفكر يف إخفائها عن يسوع‪.‬‬

‫ك تفسدينها! هناك أسباب كثرية للبكاء‪ ،‬ولتحويل الدموع‬ ‫«ملاذا هذه الدموع؟ يف احلقيقة إنّ ِّ‬
‫ك مل تعودي تعلمني من أكون! فأان‬ ‫إىل حبات مثينة‪ .‬ولكن البكاء لذاك السبب! آه! مرات! يبدو يل أنّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ليس يل من اإلنسان سوى الثوب‪ّ .‬أما القلب فإهلي هو وخفقاته إهليّة‪ .‬هيّا‪ ،‬اهنضي‪ ،‬و ِّ‬
‫لنمض إىل‬ ‫ّ‬
‫البيت‪ ...‬وهي‪ ...‬دعيها تفعل ما تشاء‪ .‬حّت ولو كانت قد أتت للسخرية‪ :‬دعيها تفعل‪ ،‬أقول ِّ‬
‫لك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ليست هي‪ ،‬إّّنا الذي يتسلّط عليها هو الذي جيعل منها أداة للبلبلة‪ .‬ولكن يوجد هنا َمن هو أقوى‬
‫اصربوا ِّ‬
‫وآمنوا‪ .‬وال شيء‬ ‫من معلّمها‪ .‬واملعركة اآلن بيين وبينه بشكل مباشر‪ .‬أما أنتم فَصلّوا واص َفحوا و ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أكثر من ذلك‪».‬‬

‫دخلون البيت الصغري‪ :‬إنّه بيت صغري على شكل مربع‪ُ ،‬ييط به رواق جيعله يبدو أكرب‪ .‬يف‬ ‫يَ ُ‬
‫يؤدي إىل سطح الرواق‬
‫خارجي كالعادة ّ‬
‫ّ‬ ‫ممر على شكل صليب‪ .‬درج‬ ‫الداخل هناك أربع غرف يفصلها ّ‬
‫خدم يف بعض‬‫يتحول آنئذ إىل شرفة ينفذ منها إىل غرفة واسعة ج ّداً‪ ،‬أطواهلا أطوال البيت‪ ،‬تُستَ َ‬
‫الذي ّ‬
‫فرغة متاماً ونظيفة‪ ،‬وال شيء فيها على اإلطالق‪.‬‬ ‫األوقات للمؤونة‪ ،‬ولكنّها اآلن ُم َ‬
‫مسعان إىل جانب اخلادم العجوز الذي أمسَعه يناديه يوسف‪ .‬وهو مسؤول عن تشريفات املنـزل‪،‬‬
‫َيكنك التح ّدث إىل الناس وتناول الطعام‪ ...‬كما تشاء‪».‬‬
‫َ‬ ‫ويقول‪« :‬هنا‬
‫«سنف ّكر بذلك يف احلال‪ .‬وريثما ُيني ذلك‪ ،‬اذهب و ِّ‬
‫أخرب اآلخرين أ ّن الناس سيأتون بعد‬
‫الطعام‪ ،‬ولن أخيّب أمل الناس الطيّبني هنا‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 811 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«أين ينبغي يل أن أقول هلم أبن يذهبوا؟»‬

‫حممي من الرايح‪ .‬ولن يلحق األذى ابلبستان العاري‪ ،‬لو أتى إليه‬
‫«هنا‪ ،‬فاليوم دافئ‪ ،‬واملكان ّ‬
‫الناس‪ .‬وهنا سوف أحت ّدث من فوق الشرفة‪ .‬هيّا إذن‪».‬‬

‫أضحت‬
‫مضطرة لالهتمام أبانس كثريين‪ ،‬فقد َ‬‫ّ‬ ‫ويبقى لعازر مبفرده مع يسوع‪ .‬بينما مرات‪ ،‬كوهنا‬
‫”املضيفة الصاحلة“ وهي تعمل يف الطابق السفلي مع اخل ّدام والتالميذ أنفسهم يف حتضري الطاوالت‬
‫واملراقِّد‪.‬‬

‫يتمشيان على الشرفة احمليطة‬


‫وَي ُرج معه خارج الغرفة‪ّ ،‬‬‫يضع يسوع ذراعه على كتفي لعازر َ‬
‫لحظ من األعلى َع َمل اخل ّدام والتالميذ‪ .‬يبتسم‬
‫ابلبيت‪ ،‬حتت الشمس املمتعة اليت تدفئ الطقس‪ .‬يَ َ‬
‫ملرات اليت تروح وجتيء‪ ،‬وجهها جاد ولكنّه أصبَ َح أقل اضطراابً‪ .‬وينظر كذلك إىل املشهد اجلميل الذي‬
‫ويسمي مع لعازر سائر األمكنة وخمتلف األشخاص‪ ،‬ويسأل فجأة‪« :‬إذن فموت‬ ‫ُييط ابملكان‪ّ ،‬‬
‫املتحركة يف وكر األفاعي؟»‬
‫دوراس جاء كالعصى ّ‬
‫جو من العنف مل يُعرف قبالً!»‬
‫«آه! اي معلّم! لقد قال يل نيقودَيوس إ ّن جلسة اجملمع كانت يف ّ‬
‫طبيعي‪ ،‬على مرأى من مجع غفري‪ ،‬لقد‬
‫ّ‬ ‫لت أان للمجمع ألقلقه؟ دوراس مات بشكل‬ ‫«ماذا فَـ َع ُ‬
‫قَـتَـلَه الغضب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬مل أمسح ابلتقصري يف احَتام امليت‪»...‬‬

‫حق‪ّ .‬أما ُهم‪ ،‬فلقد جنّوا من اخلوف‪ .‬و‪ ...‬لو تدري ماذا قالوا عن وجوب إجياد‬
‫أنت على ّ‬
‫« َ‬
‫قتلك!»‬
‫فيك للتم ّكن من َ‬
‫خطيئة َ‬
‫حّت حتني ساعة هللا!»‬
‫«آه! إذن‪ ،‬كن مطمئنّاً! فينبغي هلم االنتظار ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 812 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫للفريسيّني وال َكتَـبَة أن يفعلوا؟‬
‫عمن نتح ّدث؟ هل تعرف ماذا َيكن ّ‬
‫«ولكن اي يسوع‪ ،‬هل تَعلَم ّ‬
‫أنت تَعلَم!‬
‫هل تعرف مشاعر حنّان؟ هل تعرف َمن هو انئبه؟ هل تعرفه؟‪ ...‬ولكن ما عساي أقول؟ َ‬
‫ليدينوك‪».‬‬
‫َ‬ ‫فال جيدي قويل ّإهنم َيَتعون خطيئة‬

‫ثت إىل‬
‫ثت إىل الرومانيّني‪ ،‬وحت ّد ُ‬
‫عملت أكثر من الالزم‪ .‬فلقد حت ّد ُ‬
‫ُ‬ ‫«لقد َو َجدوها‪ .‬فأان‬
‫إيل‪.‬‬
‫فإحداهن أتيت ابستمرار لتستمع ّ‬
‫ّ‬ ‫إيل هبلع‪...‬‬
‫خاطئات‪ ...‬نعم‪ ،‬إىل خاطئات‪ ،‬اي لعازر‪ .‬ال تنظر ّ‬
‫مين فقد كانت تقيم‬‫مين‪ ،‬إذ لكي تبقى قريبة ّ‬ ‫كيلك بناء على طلب ّ‬‫َّمه هلا و َ‬
‫ّإهنا تقطن يف إسطبل قَد َ‬
‫يف مالذ للخنازير‪»...‬‬

‫وغدا لعازر متثال الذهول‪ ،‬بال حراك‪ ،‬ينظر إىل يسوع َكِّإىل َمن جتعله غرابته غري قابل لإلدراك‪.‬‬
‫أيت الشيطان؟»‬
‫يهزه يسوع مبتسماً «هل ر َ‬
‫ّ‬
‫أيت‪ .‬ولكن‪ ...‬ولكنّين أان أ ِّ‬
‫ُدرك‪ّ .‬أما ُهم‪ ،‬رجال اجمللس‪ ،‬فال‪.‬‬ ‫«ال‪ ...‬بل هي الرمحة اليت ر ُ‬
‫فعلت؟»‬
‫أظن‪ ...‬آه! ماذا َ‬ ‫كنت ّ‬
‫حقيقي! ُ‬
‫ّ‬ ‫ويقولون ّإهنا خطيئة‪ .‬هذا إذن‬

‫«إنّه واجيب‪ ،‬وح ّقي‪ ،‬ورغبيت‪ :‬البحث عن نفس َزلَّت الفتدائها‪ .‬تَرى إذن أن َ‬
‫أختك لن تكون‬
‫أود أن أبذر‬ ‫احلمأة األوىل اليت أ َِّ‬
‫َقَتب منها وأحنو عليها‪ .‬ولن تكون األخرية‪ .‬فإنّين‪ ،‬على الوحل‪ّ ،‬‬
‫الزهور وأجعلها تنمو‪ :‬زهور اخلري‪».‬‬

‫رغبتك‪.‬‬
‫َ‬ ‫اجبك وهي‬
‫ك وو َ‬ ‫حق‪ ،‬وهو ح ّق َ‬
‫ك على ّ‬ ‫«آه! اي هللا! اي إهلي!‪ ...‬آه! اي معلّمي‪ .‬إنّ َ‬
‫حتس‪ ،‬بل ال َيكنهم استنشاق رائحة الزانبق‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫نتنة‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ج‬‫درك ذلك‪ .‬إ ّهنم ِّ‬
‫الضباع ال تُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ولكن ّ‬
‫دركون أ ّن تلك‬ ‫يشمون رائحة اخلطيئة‪ .‬ال يُ ِّ‬
‫السلطة‪ّ ،‬‬ ‫وحّت حيث تزهر الزانبق‪ ،‬هم‪ ،‬اجلّيف ذوات ُّ‬ ‫ّ‬
‫جتول وال تتح هلم‬ ‫أرجوك‪ ،‬ال تَـعُد تطيل اإلقامة يف مكان واحد‪ .‬اذهب‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫الرائحة تصدر ِّمن بؤرهم‪...‬‬
‫وُهي يرقص على سوق الزهور‪ ،‬سريع‪ ،‬ال َيكن اإلمساك به‪ُ ،‬حم ّري يف‬ ‫اكك‪ُ .‬كن مثل ضوء ّ‬ ‫الفرصة إلدر َ‬
‫أمس احلاجة ألن تكون‬ ‫حب العامل الذي هو يف ّ‬ ‫خط سريه‪ .‬افعل ذلك‪ .‬ليس عن ُجنب‪ ،‬ولكن بدافع ّ‬
‫أيت ساكنة بيت عنيا اجلديدة؟ ّإهنا‬ ‫حيّاً ليتقدَّس‪ .‬إ ّن الفساد يتفاقم‪ ،‬فَقابِّل الفساد ابلتقديس‪ ...‬هل ر َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 813 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يهودي‪ .‬هو مؤمن ابلشريعة‪ّ ،‬أما هي فوثنيّة‪ .‬مل تكن تستطيع أن حتيا كما تبغي يف‬
‫ّ‬ ‫متزوجة من‬
‫رومانيّة ّ‬
‫أورشليم‪ ،‬إذ كانت على أخذ َورّد مع جرياهنا بسبب حيواانهتا‪ .‬فجاءت هنا‪ .‬وبيتها يغص ابحليواانت‬
‫اليت هي ابلنسبة لنا َِّجن َسة‪ .‬و‪ ...‬واألكثر جناسة‪ ،‬هي‪ ،‬اليت تسخر منّا وتسمح لنفسها أبشياء‪ ...‬أان‬
‫تتحمل العائلة‬
‫ال أستطيع توجيه اللوم هلا اآلن‪ ...‬ولكنّين أقول أبن ال أحد يطأ بييت بسبب مرمي اليت ّ‬
‫كلّها وزر خطيئتها‪ّ ،‬أما بيت تلك املرأة‪ ،‬فيذهبون إليه دوّنا َحَرج‪ .‬ذلك أ ّن هلا حظوة لدى بيالطس‬
‫وهم يتظاهرون بعدم التدنُّس‪،‬‬ ‫البنطي‪ ،‬وهي تعيش منفصلة عن زوجها‪ .‬هو يف أورشليم وهي هنا‪ُ .‬‬
‫يبق‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حّت آذاهنم يف النّفاق والرايء! ومل َ‬
‫مبجيئهم إليها وعدم مالحظة رجسهم‪ .‬رايء! ّإهنم َُييَون غائصني ّ‬
‫حّت أعضاء من اجمللس! وإ ّن أحد أبناء‬‫حّت يَغرقوا فيه‪ .‬السبت هو يوم الوليمة‪ ...‬ويوجد ّ‬
‫ّإال القليل ّ‬
‫حنّان هو األكثر مواظبة‪».‬‬

‫«رأيتُها‪ ،‬نعم‪ ،‬دعها تفعل‪ .‬دعهم يَفعلون‪ .‬عندما ُُي ِّّ‬


‫ضر طبيب دواء‪ ،‬فإنّه َيزج املواد‪ ،‬ويبدو‬
‫تَتسب الفضالت‪ ،‬ويعود املاء صافياً رغم كونه‬ ‫ِّ‬
‫حّت ُيركها‪ ،‬مث يبدو َعكراً‪ .‬إّّنا بعد ذلك ّ‬
‫املاء فاسداً ّ‬
‫مشبعاً ابلعصارات والعناصر املفيدة‪ .‬هكذا هي احلال اآلن‪َ .‬يتزج اجلميع‪ ،‬وأان أعمل مع اجلميع‪.‬‬
‫احلي فاعالً يف حميط شعب يسوع املسيح الكبري‪ .‬فلنهبط‪.‬‬ ‫ويَتسب املائت فيما بعد ويُرمى‪ ،‬ويبقى ّ‬‫ّ‬
‫إهنم ينادوننا‪…»...‬‬

‫‪...‬وتُ ِّ‬
‫عاود الرؤاي عندما يعود يسوع إىل الشرفة ليتح ّدث إىل الناس اآلتني لسماعه من بيت عنيا‬
‫وما ُييط هبا‪.‬‬

‫«السالم لكم‪:‬‬

‫حيب وكالم حقد اآلخرين‪ .‬أعلَم أنّكم‬ ‫أصمت‪ ،‬فإ ّن رايح هللا حتمل إليكم كلمات ّ‬
‫حّت حينما ُ‬ ‫ّ‬
‫يف حالة غليان‪ ،‬إذ إ ّن سبب وجودي بينكم ال َُيفى على أحد‪ .‬ولكن ال يكن وجودي هذا لغري‬
‫الشر إىل ما بني‬ ‫مبنخس‬ ‫له‬ ‫مح‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ه‬ ‫خدم الشر ليسعد أبناءه‪ِّ ،‬‬
‫موج‬ ‫وابركوا معي الرب الذي يست ِّ‬
‫الفرح‪ِّ .‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ضعه يف مأمن من الذائب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫احلمالن‪ ،‬ليَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 814 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫انظروا كم الرب صاحل‪ .‬إىل املكان الذي كنت فيه‪ ،‬وصل‪ ،‬كما تَ ِّ‬
‫صل املياه إىل البحر‪ ،‬هنر‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حّت‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األول كان حبّكم‪ ،‬من لعازر ومرات ّ‬ ‫وساقية‪ ،‬هنر من العذوبة واحلنان‪ ،‬وساقية من املرارة امللتَهبة‪ّ .‬‬
‫آخر البلدة‪ .‬والساقية كانت املكيدة اجلائرة من أانس يتّهمون اخلري أبنه جرَية‪ ،‬بسبب عدم مت ّكنهم من‬
‫لك‬
‫بك وتعز َ‬
‫"هلم‪ ،‬عُد فيما بيننا‪ .‬مياهنا حتيط َ‬
‫التوجه صوب اخلري الذي يدعوهم‪ .‬وكان النهر يقول‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫تتوعد وتبغي القتل‬ ‫ِّ‬
‫السامة‪ ،‬فكانت ّ‬ ‫لك العامل"‪ّ .‬أما الساقية ّ‬ ‫كل ما أيابه َ‬ ‫تعطيك ّ‬
‫َ‬ ‫عنك‪ .‬وهي‬
‫وتُدافع َ‬
‫بسمها‪ .‬ولكن‪ ،‬ماذا تُش ِّّكل الساقية يف مقابل النهر؟ وماذا تكون يف مقابل البحر؟ ال شيء‪ .‬ولقد‬ ‫ّ‬
‫حّت إنّه‬
‫حيب سوى عذوبة حبّكم‪ّ ،‬‬ ‫ب يف حبر ّ‬ ‫صّ‬ ‫سم الساقية‪ ،‬أل ّن هنر حبّكم قد َحمَ َقه‪ .‬ومل يَ ُ‬
‫تالشى ّ‬
‫الرب األمسى‪».‬‬
‫َج َع َل خرياً يُولَد‪ .‬لقد أتى يب إليكم‪ .‬فلنُبارك‪ ،‬يف ذلك‪ّ ،‬‬
‫يَتدد صوت يسوع جبّاراً يف اجلو اهلادئ الصامت‪ .‬فيسوع فائق اجلمال يف ضوء الشمس‪،‬‬
‫كأين إبزاء‬
‫فعمني فرحاً‪ :‬و ّ‬
‫يبتسم‪ ،‬وحركاته ساكنة وهو فوق الشرفة‪ .‬والناس يف األسفل ينصتون إليه ُم َ‬
‫إزهار وجوه مرتفعة صوبه‪ ،‬وتتفتّح لدى مساعها صوته املتناغم‪ .‬لعازر قريب من يسوع‪ ،‬وكذلك مسعان‬
‫ويوحنّا‪ .‬بينما تَـ َفَّرق اآلخرون بني اجلمع‪ .‬وتصعد مرات كذلك إىل الشرفة وجتلس أرضاً‪ ،‬عند قدمي‬
‫يسوع‪ .‬تنظر صوب بيتها الذي يُرى بعد البستان‪.‬‬

‫«العامل ِّملك لألشرار‪ .‬واجلنّة ِّملك الصاحلني‪ّ .‬إهنا احلقيقة والوعد‪ .‬وعلى هذا تستند ّقوتكم‬
‫ومن يكسبها بصالحه يَغتَبِّط ويَسعد هبا لألبد‪ .‬وإذن؟ ملاذا‬ ‫اهلادئة‪ .‬العامل َيضي ويزول ّأما اجلنّة فال‪َ .‬‬
‫تفجعات الصاحلني‬ ‫تفجعات أيوب؟ لقد َغ َدت ّ‬ ‫االضطراب والقلق ملا يفعله األشرار؟ أتتذ ّكرون ّ‬
‫يئن‪ ،‬ولكن ينبغي له ّأال يئن‪ ،‬وكلّما ُس ِّحق ابألرجل‪ ،‬كلّما ارتَـ َف َعت‬
‫واملضطَ َهدين األبديّة‪ ،‬إذ إن اجلسد ّ‬
‫الرب‪.‬‬
‫أجنحة النَّفس يف فرح ّ‬
‫هل تظنّوهنم سعداء‪ ،‬أولئك الذين يبدون كذلك‪ ،‬أل ّن لديهم‪ ،‬بشكل مشروع أو غري مشروع‪،‬‬
‫أكواماً من القمح‪ ،‬وأقبية ممتلئة‪ ،‬وزقاقهم مليئة زيتاً؟ ال‪ .‬فإ ّهنم يَذوقون طعم دم ودموع اآلخرين يف‬
‫غذائهم كلّه‪ ،‬ويبدو هلم سريرهم وقد مألته أشواك العلّيق الذي طاملا التَـ َه َم ُهم بتأنيب الضمري‪ .‬يسرقون‬
‫عرون األيتام ويَ َنهبون القريب ليُك ِّّدسوا ألنفسهم على الدوام‪ ،‬فيَجورون ويَطغون‬ ‫الفقراء املساكني ويُ ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 815 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يهم‪ .‬دعوهم يفعلون‪ .‬فإ ّن مملكتهم من هذا العامل هي‪ .‬وعند‬ ‫على َمن ُهم دوهنم سلطة واحنرافاً‪ .‬ال ّ‬
‫اللهم ّإال إذا ما أرادوا تسمية ِّمحْل اخلطااي الذي ُيملون معهم والذي‬
‫املوت ماذا يبقى هلم؟ ال شيء‪ّ .‬‬
‫متمردون على النور‪ ،‬وال َيكنهم إتباع‬ ‫َيَْثُلون به أمام هللا كنـزاً‪ .‬دعوهم يفعلون‪ّ .‬إهنم أبناء الظلمات‪ّ ،‬‬
‫فضلون‬ ‫ظالً مميتاً‪ ،‬ويعتَِّربوهنا ِّ‬
‫فاسدة‪ّ .‬إهنم يُ ِّّ‬ ‫يسموهنا ّ‬
‫تشع‪ّ ،‬‬
‫النرية‪ .‬وعندما جيعل هللا جنمة الصباح ّ‬
‫طرقه ّ‬
‫اتّباع َهدي بريق ذهبهم املظلم وحقدهم اللذين ال يلمعان ّإال أل ّن احلقائق اجلهنّمية هلا وميض حبريات‬
‫الفوسفوري الربّاق‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫اهلالك‬
‫«أخيت‪ ،‬اي يسوع‪ ...‬آه!» يكتَ ِّشف لعازر أن مرمي تتسلّل خلف سياج بستان لعازر لتَ ِّ‬
‫صل إىل‬ ‫َ‬
‫أقرب مكان ممكن‪ .‬إ ّهنا تسري منحنية‪ ،‬ولكن شعرها األشقر يلمع مثل الذهب على البقس الداكن‪.‬‬

‫تظل حيث هي‪ .‬ويرفع‬


‫لكن يسوع يضع يده على رأسها إذ ينبغي هلا أن ّ‬
‫هتم مرات ابلنهوض‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫صوته أكثر‪.‬‬

‫فرطون يف استعماله‬ ‫«ماذا أقول عن هؤالء البؤساء؟ لقد َمنَ َحهم هللا الوقت للتوبة‪ ،‬وهم يُ ِّ‬
‫حّت حينما يبدو كذلك‪ .‬بل أتيت حلظة كالصاعقة اليت حتطّم‬ ‫لكن هللا ال ُييد نظره عنهم‪ّ ،‬‬
‫للخطيئة‪ .‬و ّ‬
‫حّت‬
‫يصعد م ّد محأهتم‪ّ ،‬‬ ‫حّت إ ّن ركام خطاايهم ّ‬‫حب هللا فيها قلبهم القاسي‪ ،‬أو ّ‬ ‫حّت الصخر‪ُ ،‬يطّم ّ‬ ‫ّ‬
‫ابلتقزز من ذلك الطعم وتلك النتانة اليت‬‫ُيسون ّ‬ ‫وُيسون ‪-‬آه! نعم‪ ،‬وأخرياً ّ‬ ‫تصل أفواههم وأنوفهم‪ّ .‬‬
‫تثري امشئزاز اآلخرين ومتأل قلوهبم‪ -‬أ ّن حلظة أتيت‪ ،‬يصيبهم فيها الغثيان‪ ،‬وتتصاعد فيهم بداية رغبة يف‬
‫الفتوة‪ ،‬عندما كانت نفسي‬ ‫"ومن ذا الذي يساعدين على العودة إىل زمن ّ‬ ‫اخلري‪ .‬فتصرخ النفس آنئذ‪َ :‬‬
‫كنت أسري يف إشعاعه؟ عندما كان العامل‬ ‫شرق نوره يف قليب و ُ‬ ‫يف حالة الصداقة مع هللا؟ عندما كان يُ ِّ‬
‫كل من كان يراين كان يعلن سعاديت؟ كان العامل يَ َنهل‬ ‫فعم إعجاابً‪ ،‬و ّ‬‫يَصمت أمام بِّّري وعديل وهو ُم َ‬
‫إيل‪ .‬وما الذي‬ ‫املقربني ّ‬
‫ابتساميت ويتقبّل كالمي مثل كالم مالك‪ ،‬وكان القلب يرتعش زهواً يف صدر ّ‬
‫صرت إليه اآلن؟ مصدر سخرية الشباب ومقت الشيوخ‪ّ .‬إهنم يَهجونين ويبصقون احتقارهم يف وجهي"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حقيقي‪ .‬إذ ما من شقاء‬
‫ّ‬ ‫نعم‪ ،‬هكذا تتكلّم نفس اخلاطئني‪ ،‬يف بعض األحيان‪ ،‬وكلّهم أيّوب‬
‫أعظم من ذاك‪ ،‬شقاء َمن فَـ َق َد صداقة هللا وملكوته هنائيّاً‪ .‬على تلك النفوس أن تَصنع رمحة‪ ،‬فقط‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 816 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كنت‬
‫األبدي بسبب البطالة أو الطيش‪" .‬أثناء الليل‪ ،‬ويف سريري‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرمحة‪ .‬فهي قد فَـ َق َدت العروس‬
‫حب نفسي‪ ،‬ومل أكن أجده"‪ .‬ابلفعل‪ ،‬ال َيكن متييز العروس يف الظلمات‪ ،‬والنَّفس تبحث‬ ‫أحبث عن ّ‬
‫فتظن‬
‫الروحي‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ألهنا حماطة ابلظالم‬
‫احلب‪ ،‬وهي غري واعية ّ‬
‫نخسها ّ‬‫وتسعى إلجياد ما َي ّفف عذاهبا‪ ،‬يَ َ‬
‫حب واحد للنَّفس‪ :‬هللا‪ .‬متضي تلك النفوس‬ ‫احلب‪ .‬ال‪ .‬فليس هناك سوى ّ‬
‫أي نوع من ّ‬ ‫ّأهنا جتده يف ّ‬
‫ابحلب كعروس‪ .‬متضي‬ ‫احلب‪ .‬ويكفي أن تبغي النور يف داخلها وحتظى ّ‬
‫حب هللا ابحثة عن ّ‬ ‫اليت ُيثها ّ‬
‫لصق‬ ‫ِّ‬
‫وتصادف كل أنواع احلب‪ ،‬كل األمور املن ّفرة اليت ي ِّ‬ ‫احلب على غري هدى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫كاملرضى‪ ،‬ابحثة عن ّ‬
‫احلب هو هللا‪ ،‬وليس الذهب وال املتعة وال‬ ‫احلب؛ إذ إ ّن ّ‬
‫اإلنسان هبا هذا االسم‪ ،‬ولكنّها ال جتد ّ‬
‫السلطان‪.‬‬

‫أقل كسالً‪ ،‬لكانت َهبَّت لدى مساعها ّأول‬ ‫اي للمساكني! اي للنفوس املسكينة! فهي لو كانت ّ‬
‫األبدي‪ ،‬لتنطلق إىل هللا الذي يقول‪” :‬اتبعين“‪ .‬إىل هللا الذي يقول‪” :‬افتح يل“‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نداء من العروس‬
‫ومل تكن لتفتح الباب ابندفاع حبّها املتي ّقظ‪ ،‬عندما يكون العروس الذي خابت آماله قد أصبَ َح بعيداً‪،‬‬
‫َّجس‪ ،‬بقدر‬ ‫ُخمتفياً‪ ...‬ومل تكن لتفسد هذا االندفاع املق ّدس بتوق إىل احلب وسط وحل يقزز احليوان الن ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اخزات فقط متزقها‬ ‫ما هو عدمي اجلدوى ومغلّف ابلعلّيق الذي مل يكن يوماً زهراً‪ ،‬بل إّّنا هو أشواك و ِّ‬
‫كل الناس الذين‪ ،‬على‬ ‫ِّ ِّ‬
‫بدل تتوجيها‪ .‬ومل تكن لتُحتَقر من قبل القائمني على اخلدمة الدينيّة‪ ،‬من قبَل ّ‬
‫سخروا منه‬
‫مثال هللا‪ ،‬إّّنا ألسباب مناقضة‪ ،‬ال ُييدون النظر عن اخلاطئ‪ ،‬ويشريون إليه ابلبنان لكي يَ َ‬
‫وين ّددوا به‪.‬‬

‫ينضم إىل ذلك‬


‫ويعريها وجيرحها اجلميع! وحده هللا الذي ال ّ‬ ‫اي للنفوس املسكينة اليت يضرهبا ّ‬
‫تنه ِّمر لشفاء جراحها‪ ،‬ويعيد إلباس خليقته ثوابً‬ ‫الرجم ابالحتقار دون شفقة‪ .‬ولكنّه جيعل دموعها َ‬
‫الرب‪ .‬فَ ِّمن أجل‬
‫يسطع كاملاس‪ .‬فهي ما تزال خليقته‪ ...‬هللا وحده‪ ...‬ومع اآلب‪ ،‬أبناء هللا‪ .‬فلنبارك ّ‬
‫شر خرياً‪،‬‬ ‫كل‬ ‫ن‬ ‫م‬‫خرجوا ِّ‬
‫ِّ‬ ‫است‬ ‫ام‪.‬‬
‫و‬ ‫الد‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫"ساحموا‪ِّ ،‬‬
‫ساحم‬ ‫اخلطأة أراد أن أعود إىل هنا ألقول لكم‪ِّ :‬‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫أحب‬
‫كرروا ما أقوم به‪ .‬إنّين ّ‬ ‫كل إساءة نعمة"‪ .‬وأان ال أقول لكم فقط‪" :‬افعلوا"‪ .‬بل أقول لكم‪ّ :‬‬ ‫ومن ّ‬
‫نت ِّمن العودة إليكم اي أصدقائي‪.‬‬
‫وأابرك أعدائي‪ ،‬ألنّه‪ ،‬بفضلهم‪ ،‬مت ّك ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 817 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫السالم لكم مجيعاً‪».‬‬

‫بكل هدوء‪.‬‬
‫يهز الناس األوشحة والنخيل إكراماً ليسوع‪ ،‬مثّ يبتعدون ّ‬
‫ّ‬
‫الوقِّحة؟»‬
‫«أتُراهم رأوا تلك َ‬
‫«ال‪ ،‬اي لعازر‪ ،‬لقد كانت خلف السياج‪ ،‬ومتخ ّفية متاماً‪ .‬كنّا نستطيع رؤيتها من هنا‪ ،‬من على‬
‫الشرفة‪ّ .‬أما اآلخرون فال‪».‬‬

‫«كانت قد َو َع َدتنا أبن‪»...‬‬

‫«ملاذا كان عليها ّأال أتيت؟ أليست هي أيضاً إحدى بنات إبراهيم؟ أريد منكم‪ ،‬أخوة وتالميذ‪،‬‬
‫فعل‪ .‬هل ستَسخر مين؟ دعوها تفعل‪ .‬هل ستبكي؟‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫دعوها‬ ‫فعل‪.‬‬ ‫ة‬‫رد‬ ‫ة‬ ‫أبي‬ ‫روها‬‫أبال تُشعِّ‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫م‬ ‫أن تُ ِّ‬
‫قس‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سر الفادي والساعني إىل الفداء‪َ :‬ملَ َكة الصرب‬ ‫ستود الفرار؟ دعوها تفعل‪ .‬إنّه ّ‬ ‫دعوها تفعل‪ .‬هل ّ‬
‫والصالح واملثابرة والصالة‪ .‬وال شيء أكثر‪ :‬أيّة حركة قد تكون زائدة‪ ،‬ال داعي هلا يف كثري من‬
‫كل إىل عمله‪ .‬ولريافقكم هللا‪.‬‬
‫األمراض‪ ...‬وداعاً أيّها األصدقاء‪ .‬إنّين أنفرد للصالة‪ّ .‬أما أنتم فامضوا ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 818 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫الرعاة)‬
‫‪( -103‬عيد األنوار يف بيت لعازر مع ُّ‬
‫‪1945 / 03 / 22‬‬

‫ويتوهج أبنوار ال حتصى‬ ‫إ ّن بيت لعازر متألّق أصالً‪ّ .‬أما هذا املساء فإنّه يتسربَل هباء رائعاً‪ّ ،‬‬
‫أضيئت فيه‪ ،‬وقد جتلّى وهجها خارجاً‪ ،‬إذ قد بدأ الليل يرخي سدوله‪ ،‬واستفاضت ِّمن الغَُرف إىل‬
‫حّت كست ابلذهب حجارة الدرب‪ ،‬والنبااتت واألعشاب‬ ‫الردهة‪ ،‬ومنها إىل الرواق‪ ،‬واستطالت ّ‬
‫ي‪،‬‬
‫املاد ّ‬
‫األرضيّة‪ ،‬مشاركة بذلك نور القمر‪ ،‬بينما هي هتيمن خالل األمتار األوىل بتألّقها األصفر ّ‬
‫كل‬
‫لنقي الذي يبسطه القمر على ّ‬ ‫الفض ّي ا ّ‬
‫كل شيء مالئكيّاً‪ ،‬متسربالً الثوب ّ‬ ‫وعلى بعد أمتار يصبح ّ‬
‫الربكة‪،‬‬‫حّت الصمت الذي يغلّف احلديقة الرائعة‪ ،‬حيث ال يسمع سوى نغمات خرير املاء يف ِّ‬ ‫شيء‪ّ .‬‬
‫ُ َ‬
‫الفردوسي‪ ،‬بينما‪ ،‬قرب املنـزل‪ ،‬أصوات عديدة فَ ِّر َحة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يبدو وكأنّه زاد سالم الليلة القمريّة اخلاشع و‬
‫بسط على الطاوالت‪ ،‬ومجيعها‬ ‫مصحوبة مبرح ضوضاء األاثث الذي يوضع يف مكانه‪ ،‬والشراشف اليت تُ َ‬
‫تذ ّكر أب ّن اإلنسان هو اإلنسان‪ ،‬ومل يُصبِّح بعد روحاً‪.‬‬

‫البنفسجي‪ ،‬وتبدو كزهرة‪ ،‬بل زنبقة أو‬ ‫األمحر‬ ‫بلونه‬ ‫م‪،‬‬ ‫تتحرك مرات مسرعة بثوهبا املتألّق و ِّ‬
‫احملتش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أبهنا‬
‫تتحرك بني جدران الردهة األرجوانيّة‪ ،‬أو جدران غرفة الوليمة املزيّنة برسومات صغرية توحي ّ‬
‫فراشة ّ‬
‫سجادة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ظل ُمعتِّم‬
‫بتأمل متناوب بني ّ‬‫يتمشى وحيداً قرب الربكة‪ .‬يبدو أنّه يستغرق ّ‬
‫يسوع‪ ،‬من جهته‪ّ ،‬‬
‫الفوسفوري‪ ،‬الذي يصبح أكثر صفاء‪ .‬نور المع لدرجة أ ّن تدفّق‬
‫ّ‬ ‫تلقيه شجرة غار عمالقة‪ ،‬ونور القمر‬
‫يتكسر بعدئذ إىل شظااي بريق تتساقط لتهيم على سكون سطح‬ ‫فض ّي ّ‬ ‫ماء الربكة يبدو وكأنّه ريش زينة ّ‬
‫نصت‪ .‬ينظُر يسوع وي ِّ‬
‫نصت إىل ُهسات املاء يف الليل‪ ،‬فإ ّن هلا وقعاً‬ ‫الفضي‪ .‬ينظُر يسوع وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الربكة ّ ّ‬
‫ويرد على نغم قطرات املاء البطيء بصوت مزمار‬‫ظ بلبالً انئماً على شجرة الغار الكثيفة‪ّ .‬‬‫موسيقيّاً أي َق َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 819 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫التامة‬ ‫باشر‪َ ،‬كملِّ‬
‫حاد‪ ،‬مث يتوقّف ليتسلّم النغمة ويتماشى معها‪ ،‬أخرياً ي ِّ‬
‫حقيقي للغناء‪ ،‬أنشودة فَـَر َحه ّ‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫املتنوعة واملفعمة عذوبة وفرحاً‪.‬‬
‫و ّ‬
‫زعج‪ ،‬بصوت خطاه‪ ،‬فرح البلبل الصايف‪ ،‬وفرحه هو كذلك‬ ‫يتوقّف يسوع عن املشي لكي ال ي ِّ‬
‫ُ‬
‫أظن‪ ،‬فهو يبتسم‪ ،‬حانياً رأسه‪ ،‬ابتسامة نقيّة ج ّداً‪ .‬وأتساءل كيف َيكن حلنجرة‪ ،‬هبذا احلجم‬
‫على ما ّ‬
‫كك‬
‫تتوصل إىل إتقان النـَّغَم وطبقاته هبذا الشكل‪ .‬مثّ يتوقّف التغريد‪ .‬ويهتف يسوع‪« :‬أابر َ‬
‫الصغري‪ ،‬أن ّ‬
‫لست‬ ‫أيّها اآلب الق ّدوس هلذا الكمال وللفرح الذي وهبتنيه!» مثّ يُ ِّ‬
‫عاود مشيته البطيئة‪ ،‬الثقيلة بقدر ُ‬
‫أتمل‪.‬‬
‫أدري أي ُّ‬

‫فكل شيء جاهز‪».‬‬


‫يرجوك أن أتيت‪ّ ،‬‬
‫يلحق به مسعان‪« :‬اي معلّم‪ ،‬لعازر َ‬

‫شك أب ّن حمبّتهم قد تضاءَلَت يف قليب بسبب مرمي‪».‬‬


‫«هيّا بنا‪ .‬وليتب ّدد هكذا آخر ّ‬
‫منك فقط‪ ،‬ويُشفى ذلك األمل‪ .‬ولكن أال تعلم أ ّن لعازر كاد‬‫سريّة َ‬‫«اي للكآبة اي معلّم! معجزة ّ‬
‫يفر‪ ،‬عندما َخَر َجت هي من املنـزل‪ ،‬لدى عودهتم‪ ،‬وهي تقول ّإهنا كانت هتجر القبور من أجل متعة‬ ‫ّ‬
‫الفرح‪ ...‬ووقاحات أخرى؟ وقد استحلفناها‪ ،‬أان ومرات‪ّ ،‬أال تفعل‪ ،‬أل ّن‪ ،‬يف هذه احلال‪ ...‬ال َيكن‬
‫بردة فعل قلب‪ .‬لو كان َو َج َدها‪ ،‬أظنّه كان سيعاقبها أش ّد العقاب‪ .‬كانوا يريدوهنا‪ ،‬أقلّه أن‬
‫التكهن ّ‬
‫ّ‬
‫ك‪».‬‬ ‫َيص َ‬
‫أبي شيء ّ‬ ‫تصمت‪ ،‬فال تتح ّدث ّ‬
‫ابلقوة‪ .‬أان آمر املوت‬‫«كان إبمكاين اجَتاح معجزة مباشرة هلا‪ .‬ولكنّين ال أريد إبراء القلوب ّ‬
‫فيطيع ويعيد فريسته‪ ،‬ذلك ألنّين سيّد املوت واحلياة‪ .‬ولكن عندما يكون األمر خبصوص األرواح‪ ،‬وهي‬
‫مادة جامدة وبال حياة‪ ،‬إّّنا هي جواهر غري قابلة للموت‪ ،‬وقادرة على النهوض مبحض إرادهتا‪،‬‬ ‫ليست ّ‬
‫األول‪ ،‬مثل الذي يفتح قرباً‬ ‫ِّ‬ ‫وأان ال أ ِّ‬
‫األول والعون ّ‬‫ُكرهها على االنبعاث‪ .‬إنّين أقتَصر على منح النداء ّ‬
‫فَتض أن َيوت إذا ما طالت إقامته يف تلك الظلمات اخلانقة‪،‬‬ ‫كان قد حوى إنساانً ما زال حيّاً‪ ،‬يُ ََ‬
‫وأدع اهلواء والنور يَلِّجان‪ ...‬مثّ أنتَ ِّظر‪ .‬إذا كانت للروح إرادة للخروج‪ََ ،‬ي ُرج‪ .‬وإذا مل يُِّرد‪ ،‬فإنه يَغَرق‬
‫لك إنّه ما ِّمن إنسان يكون‬ ‫احلق أقول َ‬ ‫ِّ‬
‫أكثر يف الظلمات وينطَمر‪ .‬ولكن لو ََي ُرج!‪ ...‬آه! لو ََي ُرج‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 820 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أعظم من هذا الروح املنبَعِّث‪ .‬وحدها الرباءة املطلقة هي أكرب من ذلك املوت الذي يعود إىل احلياة‬
‫قوة حبّه الذايتّ ولفرح هللا‪ ...‬هي ذي انتصارايت العظمى!‬
‫بّ‬
‫انظر إىل السماء اي مسعان‪ ،‬جتد جنوماً كبرية أو صغرية‪ ،‬وكواكب أبحجام خمتلفة‪ .‬وكلّها تتمتّع‬
‫حبياة وألق من هللا الذي َخلَ َقها‪ .‬ولكنّها ليست مجيعها ابحلجم ذاته والتألّق ذاته‪ .‬ويف مسائي كذلك‬
‫لكل الذين أفتديهم‪ ،‬وبنوري سيكون التألّق‪ .‬إّّنا لن يكون للجميع‬‫سوف يكون هذا‪ .‬ستكون احلياة ّ‬
‫اجملرة الغالطيّة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫جمرد غبار النجوم‪ ،‬مثل تلك اليت تُش ّكل ّ‬
‫التألّق ذاته والعظمة ذاهتا‪ .‬بل سيكون البعض ّ‬
‫ابحلري أيخذون عنه‪ ،‬احل ّد األدىن الالزم لكي‬
‫ّ‬ ‫فأولئك الذين ال حصر هلم‪ ،‬سيحصلون من املسيح‪ ،‬أو‬
‫طهر طويل األمد‪ ،‬أيتون إىل السماء‪ .‬آخرون‬ ‫وهم فقط‪ ،‬بفضل رمحة هللا الالهنائيّة‪ ،‬وبعد َم َ‬ ‫ال يُدانوا‪ُ ،‬‬
‫يوحدون إرادهتم ‪-‬انتبه‬‫سوف يكونون أكثر بريقاً وأكثر كماالً يف التكوين‪ :‬سيكون األبرار الذين ّ‬
‫لئال يُدانوا‪ .‬مثّ ستكون هناك‬
‫قلت إرادهتم وليس إرادهتم احلَ َسنَة‪ -‬إبرادة املسيح‪ ،‬وأطاعوا كالمي ّ‬
‫جيّداً‪ُ ،‬‬
‫النقي أو اجلواهر‬
‫الكواكب‪ ،‬اإلرادات احلسنة‪ ،‬آه! بتألّق ال مثيل له! وسيكون تأللؤهم كتأللؤ املاس ّ‬
‫خمتلفة األلوان‪ :‬أمحر الياقوت‪ ،‬بنفسجيّة اجلمز‪ ،‬وأشقر الزبرجد وبياض الآللئ الناصع‪ّ .‬إهنم أولئك‬
‫حبب‪ ،‬الذين سيكونون قد‬ ‫حّت املوت‪ ،‬الذين سيكونون قد عانقوا الكفارة ّ‬ ‫الذين سيكونون عاشقني ّ‬
‫يوصموا‪.‬‬
‫ابحلب ظلّوا أنقياء ومل َ‬
‫حبب‪ ،‬الذين ّ‬ ‫تصرفوا ّ‬
‫ّ‬
‫وهم أجمادي كفادي‪ ،‬وسيكون فيهم نور الياقوت‬ ‫يوجد البعض ممّن متثّلهم تلك الكواكب‪ُ ،‬‬
‫ألهنم مل‬
‫يتوصلون إىل نيل الغفران ّ‬
‫كل كياهنم سيكون حبّاً‪ ،‬وببطوالهتم ّ‬ ‫واجلمز والزبرجد والدرر‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫يعرفوا أن ُيبّوا منذ بداية حياهتم‪ ،‬واتئبني‪ ،‬إلشباع ذواهتم ابلتكفري‪ ،‬كما إستري‪ ،‬قبل أن تتق ّدم إىل‬
‫أحشوروش‪ ،‬أشبَـ َعت نفسها ابلعطر‪ ،‬أولئك الذين ال يكلّون‪ ،‬بل يعملون يف وقت قليل‪ ،‬يف القليل من‬
‫حّت البطولة‪،‬‬
‫الوقت الباقي هلم‪ ،‬ما فاهتم فعله خالل السنوات اليت أضاعوها ابخلطيئة‪ ،‬وهم أنقياء ّ‬
‫حّت يف أحشائهم‪ ،‬وليس يف نفسهم وفكرهم فقط‪ ،‬أ ّن أحاسيسهم موجودة‪ .‬وسوف يكونون‬ ‫لينسوا‪ّ ،‬‬
‫ُهم الذين يَلفتون‪ ،‬بتألّقهم املتع ّدد األشكال‪ ،‬أنظار املؤمنني‪ ،‬األنقياء‪ ،‬التائبني‪ ،‬الشهداء‪ ،‬األبطال‪،‬‬
‫لكل من تلك الفئات سيكون أتلّقهم‪ ،‬كلمة وإجابة‪ ،‬ودعوة وأماانً…‬ ‫لنساك واخلطأة‪ ،‬و ّ‬ ‫ا ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 821 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إّّنا هيّا بنا‪ ،‬إنّنا نتح ّدث هنا وهم ينتظروننا هناك‪».‬‬

‫ك حينما تتح ّدث ننسى أنّنا من األحياء‪ .‬هل َيكنين أن أقول هذا كلّه للعازر؟ إذ‬
‫«ذلك ألنّ َ‬
‫يبدو يل أ ّن يف ذلك وعد‪»...‬‬

‫مروا‬ ‫ِّ‬
‫لك أن تقوله‪ .‬ذلك أنّه َيكن لكلمة الصديق أن تُبلسم جرحهم دون أن َُي ّ‬ ‫«بل ينبغي َ‬
‫كنت أحت ّدث إىل مسعان عن النجوم ونسينا‬ ‫ِّ‬
‫مين‪ ...‬لقد جعلناك تنتظرين اي مرات‪ .‬وذلك ألنّين ُ‬ ‫َخ َجالً ّ‬
‫كل هذه األنوار‪ .‬ح ّقاً إ ّن ِّ‬
‫بيتك هو قبّة السماء الليلة‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫أنت أيضاً ومن أجل‬
‫أجلك َ‬
‫«ليس من أجلنا حنن ومن أجل اخل ّدام فقط أضأان هكذا‪ ،‬إّّنا من َ‬
‫جمليئك يف الليلة األخرية‪ .‬فاآلن هو العيد‪ ،‬وابلتحديد التطهري‪ »...‬كانت‬
‫أصدقائك‪ .‬شكراً َ‬
‫َ‬ ‫الضيوف‬
‫وص َمتَت‪.‬‬
‫أحست ابلدموع يف عينيها َ‬ ‫مرات تبغي إكمال احلديث‪ ،‬ولكنّها ّ‬
‫«السالم لكم مجيعاً‪ ».‬يقول يسوع‪ ،‬بينما هو يدخل إىل الردهة حيث أضيئت عشرات املصابيح‬
‫كل مكان…‬ ‫الفضية ِّ‬
‫ووض َعت يف ّ‬‫ّ ُ‬
‫لك اي معلّم‪ ،‬وسنوات عديدة من السعادة املق ّدسة‪».‬‬
‫يتق ّدم لعازر مبتسماً‪« :‬السالم والربكة َ‬
‫دت بينما كانت بيت حلم تسطع بعيد أنوار‬ ‫يقبِّالن بعضهما‪« .‬لقد روى يل بعض األصدقاء أنّ ِّ‬
‫ك ُول َ‬‫َ‬ ‫ُّ‬
‫وهم‪ .‬أفال تسأل من يكونون؟»‬
‫لكونك معنا هذا املساء‪ ،‬حنن ُ‬
‫َ‬ ‫بعيد‪ .‬وإنّنا لنغتبط‬

‫األعزاء الذين يف بيت عنيا‪ّ ،‬إال‬


‫«ليس يل أصدقاء آخرون‪ ،‬إن مل يكونوا تالميذي وأصدقائي ّ‬
‫الرعاة‪ُ .‬هم إذن‪ .‬هل أتوا؟ ملاذا؟»‬
‫ُّ‬
‫حبضورك‪ ،‬وها حنن هنا‪ .‬مع قطعاننا‪ ،‬وهي اآلن يف‬‫َ‬ ‫أخربان‬
‫لك اي مسيحنا‪ .‬يواناثن ََ‬‫«لنسجد َ‬
‫َّستَني اآلن ودائماً‪ ».‬تكلَّ َم إسحق ابسم إيلي‬
‫قدميك املقد َ‬
‫َ‬ ‫إسطبالت لعازر‪ ،‬ومع قلوبنا اليت هي حتت‬
‫الساج ِّدين مجيعاً عند قدميه‪ُ .‬يافظ يواناثن على مظهره اجلميل كقهرمان‪،‬‬‫وليفي ويوسف ويواناثن ِّ‬
‫الكستنائي‬
‫ّ‬ ‫الصويف السميك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ومعلّمه ُيبّه كثرياً‪ ،‬وإسحق‪ ،‬هبيئته كمتج ّول ال يعرف التعب‪ ،‬ولباسه‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 822 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َّمها هلم لعازر ليتم ّكنوا‬
‫الداكن‪ ،‬غري النفوذ للماء؛ ليفي ويوسف وإيلي يرتدون ثياابً جديدة متاماً‪ ،‬قَد َ‬
‫الرعاة‪.‬‬
‫املمزق العابق برائحة قطعان ُّ‬‫من أخذ أماكنهم على الطاوالت بغري الثوب البائس ّ‬
‫« ِّأمن أجل هذا بـَ َعثتُم إىل احلديقة يف طليب؟ فليبارككم هللا مجيعاً! ال ينقص سوى ّأمي لتكمل‬
‫لكن حضوركم ينفي‬‫و‬ ‫ي‪.‬‬ ‫أم‬ ‫بغياب‬ ‫به‬ ‫ل‬ ‫سعاديت‪ .‬اهنضوا‪ ،‬اهنضوا‪ ،‬إنّه عيد ميالدي األول الذي أحت ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عين حزين وحنيين إىل قُبلتها‪».‬‬‫ّ‬
‫دخل اجلميع إىل غرفة الوليمة‪ ،‬وهنا املصابيح‪ ،‬يف غالبيتها‪ ،‬مصنوعة من الذهب‪ .‬واملعدن‬ ‫يَ ُ‬
‫الكم من الذهب‪ .‬وقد ُو ِّض َعت الطاوالت‬
‫توهجاً‪ ،‬يعكسه هذا ّ‬ ‫يتأجج بتألّق النور‪ ،‬والنور يبدو أكثر ّ‬
‫ّ‬
‫على شكل ‪ U‬إلفساح اجملال أمام عدد أكرب من األشخاص‪ ،‬ولتسهيل عمل اخل ّدام‪ .‬فباإلضافة إىل‬
‫الرعاة ومكسيميان خادم مسعان العجوز‪.‬‬
‫الر ُسل و ُّ‬
‫لعازر‪ ،‬هناك ُّ‬
‫عَتض‪ :‬اليوم ِّ‬
‫لست املضيفة‪ ،‬بل‬ ‫لكن يسوع يَ َِّ‬
‫تظل واقفة‪ ،‬و ّ‬
‫هتتم مرات بتوزيع األماكن‪ ،‬وتريد أن ّ‬
‫ومكانك إىل جانيب كما لو كنّا إخوة دم‪ .‬إنّنا عائلة واحدة‪ .‬والقواعد تسقط لتفسح‬ ‫ِّ‬ ‫أنت األخت‪،‬‬‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫جانبك يوحنّا‪ .‬وأان مع لعازر‪ ،‬إّّنا أعطوين مصباحاً‪ ،‬وليسهر نور‬ ‫للحب‪ .‬هنا‪ ،‬إىل جانيب‪ ،‬وإىل‬ ‫اجملال‬
‫ّ‬
‫ننتظرهن‪،‬‬ ‫هن‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫وهن حاضرات يف روحنا‪ .‬من أجل اللوايت حنبّ ّ‬ ‫بيين وبني مرات‪ ...‬شعلة من أجل الغائبات ّ‬
‫احلب‬ ‫ِّ‬
‫ألجلهن مجيعاً‪َ :‬كلمات الشعلة مضيئة وكلمات ّ‬‫ّ‬ ‫النساء العزيزات على قلوبنا والبعيدات عن هنا‪.‬‬
‫ملتَ ِّهبة‪ ،‬وتلك الكلمات تذهب بعيداً‪ ،‬على املوجات غري املاديّة لألرواح اليت تتواجد ابستمرار خلف‬
‫كل شيء‪ .‬أليس صحيحاً؟»‬ ‫الربكات‪ ...‬جتلب ّ‬ ‫اجلبال والبحار وجتلب ال ُقبالت و ََ‬
‫تضع مرات املصباح حيث يريد يسوع‪ ،‬يف مكان بَِّق َي شاغراً‪ ...‬وتنحين مرات وقد فَ ِّه َمت قصده‬
‫لتُقبِّّل يد يسوع اليت يضعها على شعر رأسها ّ‬
‫البين مباركاً ومؤاسياً ّإايها‪.‬‬

‫الرعاة الثالثة غري مراتحني‪ .‬إّّنا إسحق أصبَ َح أكثر اطمئناانً‬ ‫يبدأ األكل‪ .‬يف البداية‪ ،‬يبدو ُّ‬
‫ويواناثن ال يُبدي انزعاجاً‪ .‬ولكنّهم كلّما تق ّدم الوقت أثناء الوليمة‪ ،‬ازدادوا جرأة‪ ،‬وبعد أن ظلّوا صامتني‬
‫أي شيء يتح ّدثون إذا مل يكن عن ذكرايهتم؟‬ ‫طفقوا يتكلّمون‪ .‬وعن ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 823 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫جلأت‬
‫حّت إنّين ُ‬
‫شعرت بربد قارس‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫انسحبت قبل قليل‪ ».‬يقول ليفي‪« .‬و ُ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫« ُ‬
‫ووددت لو أكون مع ّأمي‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫كنت أبكي‪،‬‬
‫إىل القطعان أحتمي وسطها‪ُ .‬‬
‫كنت أقول لنفسي‪" :‬أيُعقل‬ ‫كنت التقيتُها قبل بعض الوقت‪ ،‬و ُ‬
‫ابألم الشابّة اليت ُ‬
‫كنت أف ّكر ّ‬‫«أان ُ‬
‫لكنت أخذ ُهتا إىل حظريتنا!‪ ...‬ولكنّها‬
‫كنت أعلَم ّأهنا كانت يف إسطبل ُ‬ ‫أن تكون َو َج َدت مكاانً؟ لو ُ‬
‫قلت هلا‪" :‬تعايل بيننا"‪ّ .‬إال‬
‫اعتقدت أنّين أهينها إن ُ‬
‫ُ‬ ‫حّت إنّين‬
‫كانت لطيفة للغاية‪ :‬زنبقة يف ودايننا‪ّ ،‬‬
‫س ابلربد أكثر‪ ،‬لتفكريي ّأهنا ستعاين منه‪ .‬هل تذكر نور تلك الليلة؟‬‫كنت أح ّ‬
‫كنت أف ّكر هبا‪ ...‬و ُ‬
‫أنّين ُ‬
‫وخوفك؟»‬
‫َ‬
‫«نعم‪ ...‬إّّنا فيما بعد‪ ...‬املالك‪ ...‬آه!» ويتيه ليفي قليالً يف حلمه‪ ،‬ويبتسم لذكراه‪.‬‬

‫«آه! امسعوا أيّها األصدقاء‪ .‬حنن ال نعرف ّإال القليل‪ ،‬واطّالعنا يسري‪ .‬لقد َِّمسعنا َمن يتح ّدث‬
‫جليلي وجنّار‪ ...‬فليس عدالً‬
‫ّ‬ ‫عن املالئكة‪ ،‬وعن املغارة والقطعان يف بيت حلم‪ ...‬بينما حنن نعلم أنّه‬
‫سألت املعلّم يف منطقة املياه احللوة‪ ...‬إّّنا بعد ذلك حت ّدثنا عن أشياء‬ ‫ِّ‬
‫ّأال نكون على علم‪ ،‬حنن! ولقد ُ‬
‫ك يل أان‬
‫لك اي يوحنّا بن زبدى‪ .‬فإ ّن احَتام َ‬‫أخرى‪ .‬وهذا الذي يَعلَم َمل يقل يل شيئاً‪ ...‬نعم‪ ،‬الكالم َ‬
‫أكرب مثل تلميذ حمدود!»‬
‫لنفسك‪ ،‬وتَتكين ُ‬
‫َ‬ ‫بكل شيء‬
‫ك حتتفظ ّ‬ ‫املسن رائع! ولكنّ َ‬
‫ّ‬
‫ضحكون ِّمن سخط بطرس‪ّ ،‬أما هو فيلتفت إىل معلّمه‪« :‬إ ّهنم يضحكون‪ ،‬ولكنّين أان الذي‬ ‫يَ َ‬
‫ومّت وتوما ويعقوب وأندراوس‪« :‬هيّا‪ ،‬قولوا ذلك أنتم‬
‫يتوجه إىل برتلماوس وفليبّس ّ‬‫حق‪ ».‬مثّ ّ‬
‫على ّ‬
‫احتجوا معي! ملاذا حنن ال نعرف شيئاً؟»‬
‫أيضاً‪ّ .‬‬
‫تويف يوان؟ ويف لبنان أين كنتم؟»‬
‫«ح ّقاً‪ ...‬أين كنتم عندما ّ‬
‫«أنت على حق‪ ،‬إّّنا خبصوص يوان‪ ،‬فأان على األقل‪ ،‬ظننت ذلك هذاين ُحمتَ ِّ‬
‫ضر‪ ،‬ويف لبنان‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كنت تعباً وانئماً‪ .‬ساحمين اي معلّم‪ ،‬ولكنّها احلقيقة‪».‬‬
‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 824 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫انل البُشرى غالباً ما‬
‫فذاك الذي َ‬ ‫«وسوف تكون تلك هي احلقيقة ابلنسبة للكثري من الناس! َ‬
‫"كنت أظنّه‬ ‫كنت تقولَه‪ ،‬سيقول‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫األزيل‪ ،‬لتربير جهله رغم تعليم ُر ُسلي‪ ،‬سيُجيب مبا َ‬
‫سيُجيب القاضي ّ‬
‫كنت تَعِّباً وانئماً"‪ .‬ويف األغلب هو ال يقبل احلقيقة ألنّه ُيسبها هذايانً‪ ،‬وال يتذ ّكر احلقيقة‬
‫هذايانً‪ُ ...‬‬
‫وحّت أثيمة‪ .‬بينما احلاجة إىل واحد‪ :‬معرفة‬ ‫ِّ‬
‫ألنّه سيكون ُم َنهمكاً أبمور كثرية ال طائل منها‪ ،‬عابرة‪ّ ،‬‬
‫هللا‪».‬‬

‫لبطرسك‪ .‬وسأنقل ذلك‬


‫َ‬ ‫نستحق‪ِّ ،‬‬
‫ارو لنا األمور كما َجَرت‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫قلت لنا ما‬
‫«حسناً‪ ،‬اآلن وقد َ‬
‫ذلك سابقاً‪ ،‬فما الذي َيكنين قوله هلم؟‬
‫لك َ‬ ‫قلت َ‬‫فيما بعد للناس‪ .‬فإن مل أكن أعلَم شيئاً‪ ،‬وقد ُ‬
‫فاملاضي أجهله‪ ،‬والنبوءات و ِّ‬
‫الكتاب ال أجيد شرحها‪ ،‬واملستقبل‪ ...‬آه! اي يل من مسكني! مباذا َيكنين‬
‫أن أ ِّّ‬
‫ُبشر إذن؟»‬

‫األقل‪ ،‬حسب‬
‫ك ماسيا ونؤمن به‪ .‬إّّنا على ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪ .‬لنَعلَم حنن كذلك‪ ...‬إنّنا نعرف أنّ َ‬
‫علي تَقبُّل أن ََي ُرج من الناصرة شيء صاحل‪ ...‬فلماذا مل تُعلِّمنا على الفور عن‬
‫اعتقادي‪ ،‬كان صعباً ّ‬
‫ماضيك؟» يقول برتلماوس‪.‬‬
‫َ‬
‫روحك‪ .‬إّّنا اآلن فسأح ّدثكم‪ .‬أو ابألحرى‪ :‬سوف حن ّدثكم عن‬ ‫َ‬ ‫إَيانك واستنارة‬
‫َ‬ ‫«الختبار‬
‫الرعاة‪ .‬وهم َس َريوون ما رأوه‪ .‬وستعرفون فجر املسيح‪.‬‬
‫أين سأقول لكم أيضاً ما ال يعرفه ُّ‬
‫حّت ّ‬
‫ماضي‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫امسعوا‪:‬‬

‫عندما بـَلَ َغ زمان النعمة‪ ،‬هيّأ هللا لذاته عذراءه‪َ .‬يكنكم اإلدراك جيّداً عدم إمكانيّة إقامة هللا‬
‫املستقبلي‬
‫ّ‬ ‫ض َع إشارته اليت ال ُمتحى‪ .‬لقد َع ِّملَت القدرة إذن لتصنع اتبوهتا‬ ‫حيث كان الشيطان قد َو َ‬
‫طاعنَني ابلسن‪ ،‬وخبالف قواعد اإلجناب املعتادة‪ُ ،‬حبِّل ابليت مل تَ ُشبها‬ ‫ابرين ِّ‬
‫الطاهر‪ .‬وبواسطة إنسانَني َّ‬
‫ض َع هذه النفس يف اجلسد اجلنيين الذي أعاد اخلصب‬ ‫كل عيب‪َ .‬من الذي َو َ‬ ‫شائبة‪ ،‬وهي بريئة من ّ‬
‫كل البشارات‪.‬‬ ‫أيت رئيس مالئكة ّ‬ ‫ـت اي ليفي‪ ،‬لقد ر َ‬ ‫إىل أحشاء حنّة بنت هارون‪ ،‬العجوز‪ ،‬ج ّديت؟ أن َ‬
‫صر ينقل خرب الفرح للق ّديسني واألنبياء‪،‬‬ ‫َيكنك القول‪ :‬إنّه ذاك‪ .‬إذ إ ّن قوة هللا جعلَت دائماً املنتَ ِّ‬
‫و َ‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫املبشر الذي كان حينئذ‬ ‫تكسرت عليه أعظم ّقوة للشيطان‪ ،‬بصرخة فرح‪ .‬وهو ّ‬ ‫الذي ال يُقهر‪ ،‬وقد ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 825 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫َخ َذ من النار اإلهليّة الشرارة الربيئة الطاهرة‪ ،‬اليت‬
‫يعرف طرق األرض‪ ،‬ألنّه كان قد نَزل ليكلّم األنبياء‪ ،‬أ َ‬
‫الروحي‪َ ،‬محَلَها إىل‬ ‫ه‬ ‫حب‬ ‫هليب‬ ‫‪،‬‬‫املالئكي‬ ‫اللهب‬ ‫دائرة‬ ‫يف‬ ‫ها‬ ‫إاي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ظ‬‫كانت نفس الطفل األزيل‪ ،‬وحافِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ص َل العامل على العابِّدة؛ ومنذ تلك اللحظة أصبَ َح‬ ‫األرض وإىل داخل أحشاء‪ .‬ومنذ تلك اللحظة‪َ ،‬ح َ‬
‫وولِّ َدت الطفلة احملبوبة من هللا‬‫بتقزز‪ُ .‬‬
‫ِّ‬
‫يف مقدور هللا النَّظَر إىل نقطة من األرض دون اإلحساس ّ‬
‫املكرسة هلل‪ ،‬احملبوبة من والديها بقداسة‪" .‬وقدَّم هابيل هلل بواكري قطيعه"‪ .‬آه! يف احلقيقة‪،‬‬ ‫ومالئكته‪َّ ،‬‬
‫كل خرياهتما‪ ،‬وأن َيوات يف سبيل تقدمي هذه‬ ‫األزيل َعَرفا أ ّن يق ّدما بواكري خرياهتما‪ ،‬بل ّ‬
‫الدي هابيل ّ‬
‫إ ّن و ّ‬
‫اخلريات ملن كان قد أعطاُها ّإايها!‬

‫بقوة‬
‫وع َّجلَت جميء املسيح ّ‬
‫وحّت اخلامسة عشرة‪َ ،‬‬‫سن الثالثة ّ‬‫كانت ّأمي طفلة اهليكل منذ ّ‬
‫حبّها‪ .‬عذراء قبل احلبل هبا‪ ،‬عذراء يف ظلمة األحشاء‪ ،‬عذراء يف بداية حياهتا‪ ،‬عذراء عند خطواهتا‬
‫األوىل‪ ،‬وانتَ َمت العذراء هلل‪ ،‬هلل وحده‪ .‬وأعلَنَت ح ّقها األمسى يف قرار شريعة إسرائيل حبصوهلا‪ ،‬من‬
‫العروس الذي َمنَ َحها هللا ّإايه‪ ،‬على حتقيق رغبتها يف بقائها غري ممسوسة بعد مراسيم زواجها‪.‬‬

‫عهد زنبقة هللا‪ ،‬وهو وحده امتَـلَ َكها‪.‬‬


‫ابراً‪ .‬وإليه وحده كان َيكن أن تُ َ‬
‫الناصري ّ‬
‫ّ‬ ‫كان يوسف‬
‫احلب القوي الذي كان فيه‬‫حتب مالئكة هللا‪ .‬عُمق هذا ّ‬ ‫أحب كما ّ‬‫مالكاً كان بنفسه كما جبسده‪ّ ،‬‬
‫التودد الزوجي كلّه‪ ،‬إّّنا دون جتاوز حاجز النار السماويّة الذي كان خلفه اتبوت عهد الرب‪ ،‬قليلون‬ ‫ّ‬
‫ابر‪ ،‬شرط أن يريد‬ ‫دركون ذلك على األرض‪ .‬إنّه الشهادة على ما َيكن أن يكونه ّ‬ ‫هم الناس الذين سيُ ِّ‬
‫حّت النَّفس اليت ما زالت مكلومة ابخلطيئة األصليّة‪ ،‬متتلك قوى‬
‫هو ذلك‪ ،‬على ما يستطيع فعله‪ ،‬إذ ّ‬
‫حب اآلب‪.‬‬ ‫إهلي من أجل ّ‬‫قادرة على االرتقاء والتذ ّكر والعودة إىل كرامتها كابنة هلل تعمل بشكل ّ‬
‫كانت مرمي ما تزال يف بيتها‪ ،‬يف انتظار ُمسا َكنَة عروسها‪ ،‬عندما عاد إىل األرض جربائيل‪،‬‬
‫ب من العذراء أن تكون أ ُّماً‪ .‬وكان آنئذ قد َسبَ َق َوَو َع َد الكاهن زكرّاي‪،‬‬ ‫مالك البشارات اإلهليّة‪ ،‬وطَلَ َ‬
‫بسمو‬
‫لكن العذراء َآمنَت أ ّن هذا ممكن احلدوث إبرادة هللا‪ .‬و ّ‬ ‫الذي مل يص ّدقه‪ ،‬ابلسابق (املعمدان)‪ .‬و ّ‬
‫فائق‪ ،‬يف جهلها لألمر‪ ،‬سأَلَت فقط‪" :‬كيف َيكن أن ُيدث هذا؟" وأجاهبا املالك‪" :‬إنّ ِّ‬
‫ك املمتلئة‬ ‫َ‬
‫تك‪ .‬وستحملني‬ ‫نلت حظوة لدى هللا‪ ،‬حّت خبصوص بتولي ِّ‬ ‫ك قد ِّ‬ ‫نعمة اي مرمي‪ .‬فال ختايف إذن‪ ،‬ألنّ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 826 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل أحبار وأنبياء إسرائيل‪.‬‬ ‫و‬ ‫ليعقوب‬ ‫به‬ ‫املوعود‬ ‫ص‬‫وتلدين ابناً تسمينه يسوع‪ ،‬ذلك أنّه هو الـمخلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫العلي يدعى‪ ،‬أل ّن احلَبَل به سيكون بفعل الروح القدس‪ .‬ويوليه هللا عرش داود‪،‬‬ ‫ويكون عظيماً‪ ،‬وابن ّ‬
‫كما قيل‪ ،‬وَيلك على آل يعقوب أبد الدهر‪ ،‬ولن يكون ل ُـملكه انقضاء‪ .‬واآلن فاآلب واالبن والروح‬
‫ِّ‬
‫نسيبتك أليصاابت‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫طاعتك ليت ّموا الوعد‪ .‬وها إ ّن سابق املسيح قد أصبَ َح يف أحشاء‬ ‫القدس ينتظرون‬
‫احلقيقي‪ ،‬ابن‬ ‫ابمسه‬ ‫دعى‬ ‫وي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫وس‬‫د‬‫ّ‬ ‫ق‬ ‫عليك‪ ،‬ويكون املولود ِّ‬
‫منك‬ ‫فإن الروح القدس ُيل ِّ‬ ‫وإذا و ِّ‬
‫افقت َّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫هللا"‪.‬‬

‫وحل الروح القدس على‬ ‫للرب‪ .‬وليكن يل حبسب قوله"‪ّ .‬‬ ‫حينئذ أجابت مرمي‪" :‬ها أنذا أ ََمة ّ‬
‫األول َمنَ َحها أنواره اليت انتهت بكمال فضائل الصمت والتواضع والفطنة واحملبةّ‬
‫عروسه‪ ،‬ومنذ العناق ّ‬
‫اليت امتألت هبا‪ ،‬ذلك ّأهنا أصبَ َحت واحلكمة واحداً وغري قابلة لالنفصال عن احملبّة والطاعة‪ ،‬وتالشت‬
‫وعَرفَت فرح أن تكون ّأماً دون اخلضوع الضطراابت أن تكون‬ ‫العفيفة يف حميط الطاعة الذي هو أان‪َ ،‬‬
‫َّمت نفسها هلل‪»...‬‬‫أزهَر كله‪ ،‬وهكذا قد َ‬
‫أضحت الثلج الذي َ‬‫ممسوسة‪َ .‬‬
‫«ولكن الزوج؟» سأل بطرس مندهشاً‪.‬‬

‫«خامت هللا أغلق شفاه مرمي‪ ،‬ومل يُعلم يوسف ابملعجزة ّإال يف اللحظة اليت ظَ َهَرت فيها مرمي أ ُّماً‬
‫يف عيين عروسها أثناء عودهتا من بيت قريبها زكرّاي‪».‬‬

‫«وهو ماذا فَـ َع َل؟»‬

‫أتملَ‪ ...‬وأتلَّ َمت مرمي‪»...‬‬


‫« َّ‬

‫كنت أان‪»...‬‬
‫«لو ُ‬
‫«كان يوسف ق ّديساً اي مسعان بن يوان‪ .‬وهللا يعرف أين يضع نعمته‪ ...‬وقد َّ‬
‫أتملَ بصمت وقَـَّرر‬
‫أتك‪ .‬فإ ّن‬
‫لكن املالك نـََزَل ليقول له‪" :‬ال ختف أن تتّخذ مرمي امر َ‬
‫متحمالً مسعة الظلم‪ .‬و ّ‬
‫أن َُيليها‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 827 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الذي َحبَـلَت به من الروح القدس هو‪ ،‬وهو ابن هللا‪ ،‬وبفعل هللا أصبَ َحت هي أ ُّماً‪ .‬وعندما يُولَد االبن‬
‫َِّمسّه يسوع‪ ،‬ألنّه هو ال ُـمخلِّّص"‪».‬‬

‫«هل كان يوسف مث ّقفاً؟» يسأل برتلماوس‪.‬‬

‫كأي واحد من نسل داود‪».‬‬


‫« ّ‬
‫النيب القائل‪" :‬ها إ ّن العذراء حتبل‪»"...‬‬
‫ص َل على النور فوراً‪ ،‬وهو يتذ ّكر ّ‬
‫«إذاً فقد َح َ‬
‫«نعم‪ ،‬كان له ذلك‪ .‬وعقب االختبار كان الفرح‪»...‬‬

‫ص َل شيء صاحل‪ ،‬إذ قَبل ذلك‬‫عاود مسعان بطرس الكالم‪« .‬ملا كان َح َ‬ ‫كنت أان‪ »...‬يُ ِّ‬
‫«لو ُ‬
‫كنت حطَّمتُها مثل ّ‬
‫قشة جافّة‪ ،‬دون إفساح‬ ‫أين مل أكن أان! فإنّين ُ‬
‫رب‪ ،‬كم كان حسناً ّ‬ ‫كنت‪ ...‬آه! اي ّ‬
‫ُ‬
‫خفت منها‪ ...‬خوف إسرائيل كلّها‪ ،‬منذ‬‫ُ‬ ‫لكنت‬
‫ُ‬ ‫اجملال هلا للكالم‪ .‬وفيما بعد‪ ،‬لو مل أكن قاتالً‪،‬‬
‫الدهور‪ ،‬حيال اتبوت العهد‪»...‬‬

‫ب‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫اجلبل‪...‬‬ ‫على‬ ‫معه‬ ‫وبقي‬ ‫النجدة‪،‬‬ ‫على‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫ذلك‬ ‫ومع‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫خاف ِّ‬
‫م‬ ‫حّت موسى َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫« ّ‬
‫اهتم ابحتياجات العذراء واملزمع أن يولَد‪ .‬وعندما حان‬
‫يوسف إذن ليسكن يف بيت عروسه املق ّدس‪ ،‬و ّ‬
‫ب مع مرمي إىل أرض اآلابء‪ ،‬وبيت حلم مل تقبلهم‪ ،‬أل ّن قلب الناس قد أُقفل يف‬ ‫موعد االكتتاب‪ ،‬ذَ َه َ‬
‫وجه احملبّة‪ .‬واآلن جاء دوركم يف الكالم‪».‬‬
‫ِّ‬
‫قابلت‪ ،‬حوايل املساء‪ ،‬امرأة شابّة ابمسة‪ ،‬راكبة على جحش‪ ،‬ويرافقها رجل‪ .‬سألين قليالً‬ ‫«أان ُ‬
‫كنت أعرفه‪ ...‬مثّ أقبَ َل الليل‪ ...‬وكان نور عظيم‪...‬‬ ‫وقلت له ما ُ‬‫من احلليب وبعض املعلومات‪ُ .‬‬
‫وخَرجنا‪ ...‬ورأى ليفي مالكاً قرب احلظرية‪ .‬قال املالك‪" :‬لقد ُولِّد ال ُـمخلِّّص"‪ .‬كان الليل يف أوجه‪،‬‬
‫َ‬
‫اضمحل يف نور املالك‪ ،‬وآالف آالف املالئكة‪( ...‬مازال‬
‫َّ‬ ‫لكن نور تلك الليلة‬
‫تعج ابلنجوم‪ .‬و ّ‬
‫والسماء ّ‬
‫أيلي يبكي كلما تذ ّكر) وقال لنا املالك‪" :‬اذهبوا واسجدوا له‪ .‬إنّه يف إسطبل‪ ،‬يف مذود‪ ...‬وهناك‬
‫مقمطاً أبقماط فقرية‪ "...‬آه! كم كان املالك يتألأل لدى قوله تلك الكلمات!‪...‬‬ ‫ستجدون طفالً وليداً ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 828 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ولكن هل تَذ ُكر اي ليفي كيف كانت أجنحته تقذف هلباً عندما‪ ،‬بعد أن احنىن ليذكر اسم ال ُـمخلِّّص‪،‬‬
‫الرب"؟»‬
‫قال‪ ..." :‬إنّه املسيح ّ‬
‫«آه! ابلطبع أتذ ّكر! وأصوات اآلالف؟ آه!‪" ...‬اجملد هلل يف األعايل وعلى األرض السالم لذوي‬
‫كل مرة أمسعها‪ ».‬ويرفع‬
‫اإلرادة الصاحلة!" تلك املوسيقى هنا‪ّ ،‬إهنا هنا‪ ،‬وهي تنقلين إىل السماء يف ّ‬
‫لمع‪.‬‬
‫ليفي وجهاً منتشياً‪ ،‬عليه دمعة تَ َ‬
‫حمملني مثل الدواب‪ ،‬فَ ِّرحني كما من أجل عرس‪ ،‬مثّ‪ ...‬ما عدان‬ ‫«و َذ َهبنا» يقول إسحق‪َّ « .‬‬
‫ودفَعنا ليفي‪ ،‬الذي كان ما يزال صغرياً‪،‬‬
‫األم‪َ ،‬‬
‫الطفويل وصوت ّ‬
‫ّ‬ ‫نعرف ماذا نفعل عندما مسعنا الصوت‬
‫كل هذه الطهارة‪ ...‬يسمع ويضحك وهو يبكي‪،‬‬ ‫كي ينظر‪ .‬لقد أحسسنا أبنفسنا وكأنّنا برص أمام ّ‬
‫حّت إن نعجة إيلي َشَر َعت ابلثغاء‪ .‬وجاء يوسف إىل فتحة اإلسطبل‬ ‫ِّ‬
‫وكان يُ ّردد بصوت كصوت احلَ َمل‪ّ ،‬‬
‫كنت‬
‫كنت تبكي‪ ...‬مثّ َ‬ ‫القش الواخز‪ ...‬و َ‬
‫وردي على ّ‬‫كنت صغرياً ومجيالً! برعم حلم ّ‬ ‫أدخلَنا‪ ...‬آه! كم َ‬ ‫و َ‬
‫وجبتك األوىل‪ ...‬آه!‪...‬‬
‫َ‬ ‫لك‪...‬‬
‫لك‪ ،‬واحلليب الذي َحلَبناه َ‬ ‫تبتسم يف دفء جلد النعجة اليت قَدَّمناه َ‬
‫اقك‪»...‬‬
‫منك رائحة اللوز واليامسني‪ ...‬ومل نعد نستطيع فر َ‬
‫لناك‪ ...‬وكانت تفوح َ‬ ‫مثّ‪ ...‬مثّ قَـبَّ َ‬

‫«ابلفعل مل تفارقوين‪».‬‬

‫كنت تنمو‪...‬‬
‫ابتسامتك‪َ ...‬‬
‫َ‬ ‫صوتك و‬
‫َ‬ ‫اتك طُبِّ َعت فينا‪ ،‬وكذلك‬
‫«حقيقي» يقول يواناثن‪« .‬قسم َ‬
‫بك‪ ...‬وعامل األشرار كان‬
‫سعد َ‬‫كنت تصبح أكثر فأكثر مجاالً‪ ...‬وكان عامل الصاحلني أييت ليَ َ‬
‫و َ‬
‫اتك األوىل‪ ...‬احلكماء الثالثة‪ ...‬النجمة‪»...‬‬
‫يتحاشاك‪ ...‬حنّة‪ ...‬خطو َ‬
‫َ‬

‫قدومك‪ ،‬على العكس‪،‬‬


‫َ‬ ‫متوهجاً أبلف نور‪ .‬ليلة‬
‫«آه! تلك الليلة‪ ،‬اي له من نور! كان العامل يبدو ّ‬
‫ومرصعاً ابلآللئ‪ ...‬مثّ كانت رقصة الكواكب‪ ،‬ولكن حينئذ كان سجود الكواكب‪.‬‬ ‫كان النور ساكناً ّ‬
‫متر وكنّا نتبعها لنرى ما إذا كانت ستتوقّف‪ ...‬ويف الغد‪ ،‬ويف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وحنن‪ ،‬من مكان ُمرتَفع‪ ،‬كنّا نرى القافلة ّ‬
‫من عنه!‪»...‬‬ ‫ِّ‬
‫من عن اهلول!‪ ...‬ال نتكلّ ّ‬
‫الغد َشه َدت بيت حلم كلّها سجود احلكماء‪ .‬مثّ‪ ...‬آه! ال نتكلّ ّ‬
‫ويشحب لون إيلي لتلك الذكرى‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 829 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫من‪ .‬ولنلزم الصمت حيال الكراهية‪»...‬‬
‫«نعم‪ ،‬ال نتكلّ ّ‬
‫أخبارك‪ .‬وكذلك زكرّاي‪ ،‬مل يكن‬
‫َ‬ ‫بك‪ ،‬وبقينا دون مساع‬
‫«األمل األكرب كان حينما مل نعد حنظى َ‬
‫يَعلَم شيئاً‪ .‬أ ََملنا األخري‪ ...‬ال شيء‪».‬‬

‫امك؟»‬
‫رب مل َجت ُرب قَلب خ ّد َ‬
‫«ملاذا اي ّ‬
‫أنت ترى أن زكرّاي‬
‫«أتسأل عن اللّماذا اي فليبّس؟ أل ّن تصرفاً كهذا كان على سبيل احلَ َذر‪َ .‬‬
‫حّت زكرّاي‪»...‬‬
‫الروحي قد اكتَ َم َل‪ ،‬مل يشأ أن يكشف النقاب‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫نفسه الذي كان إعداده‬

‫لك فيما بعد‪،‬‬


‫ابلرعاة‪ .‬وإذن‪ ،‬ملاذا هو مل يقل هلم ّأوالً‪ ،‬و َ‬
‫لت لنا إنّه هو من اعتىن ُّ‬
‫كق َ‬
‫«ولكنّ َ‬
‫إ ّن البعض كان يبحث عن اآلخر؟»‬

‫أقل رجولة وأكثر ّبراً أثناء أشهر البكم‬ ‫ابراً‪ ،‬رجالً بكل معىن الكلمة‪ .‬وأصبَ َح ّ‬ ‫«كان زكراي ّ‬
‫ابراً‪.‬‬
‫(اخلََرس) التسعة‪ ،‬وسعى حنو الكمال خالل األشهر اليت تَـلَت والدة يوحنّا‪ ،‬ولكنّه أصبَ َح روحاً ّ‬
‫حينما َوقَ َع تكذيب هللا على كربايء اإلنسان‪ .‬كان قد قال‪" :‬أان كاهن هللا أقول إ ّن على ال ُـمخلِّّص أن‬
‫حّت ولو كان من كاهن‪ ،‬إذا مل يكن مناراً من هللا‪ ،‬هو‬ ‫أي ُحكم‪ّ ،‬‬ ‫أظهَر له هللا أ ّن ّ‬
‫ُييا يف بيت حلم"‪ .‬و َ‬
‫مت لكان من املمكن جعلهم‬ ‫ِّ‬
‫كنت تكلّ ُ‬
‫حكم هزيل‪ ،‬وذلك كان عن طريق َجعله يُف ّكر برعب‪" :‬لو ُ‬
‫يقتلون يسوع"‪ .‬وأصبَ َح زكرّاي البار الذي يسَتيح اآلن يف انتظار اجلنّة‪ .‬ولقد َعلَّمتُه الربارة الفطنة واحملبّة‪،‬‬
‫يظل جاهالً يسوع‪ .‬عندما تو ّجهنا إىل‬ ‫الرعاة‪ ،‬والفطنة حيال العامل الذي كان عليه أن ّ‬ ‫احملبّة حيال ُّ‬
‫توجه زكرّاي‪ ،‬حتاشينا اخلليل وبيت حلم‪ ،‬وقد‬ ‫ِّ‬
‫الناصرة بعد العودة إىل الوطن‪ ،‬ابحليطة ذاهتا اليت كانت ّ‬
‫سن الرشد‪ ،‬مل يكن ممكناً أن يُرى زكرّاي أييت حلضور‬ ‫حّت يوم بلوغي ّ‬‫عُدان إىل اجلليل مبحاذاة البحر‪ّ .‬‬
‫االحتفال والعودة مساء مع ابنه‪.‬‬

‫كان هللا يرى‪ ،‬وكان هللا يُثبِّّت‪ ،‬وكان هللا يُدبِّّر‪ ،‬وكان هللا ُُي ِّّسن‪ .‬فامتالك هللا ليس امتالك الفرح‬
‫اجلاد‪ ،‬وكذلك ّأمي‪ ،‬حيال نفسي‬‫فقط‪ ،‬بل هو امتالك اجل ّد كذلك‪ .‬وكان لدى أيب احلنون السعي ّ‬
‫لظل‪ .‬وهذا‬ ‫ِّ‬
‫السر جملّالً املسيح الطفل اب ّ‬
‫حّت إ ّن ما كان مسموحاً به‪ ،‬كنّا نتحاشاه ليبقى ّ‬ ‫وجسدي‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 830 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ربت اتئهاً مل ّدة‬ ‫ِّ‬
‫ما يـُ َف ّسر لكثري من الناس الذين ال يدركون السبب املضاعف للّهفة والقلق عندما اعتُ ُ‬
‫وحب أبويّ حيال طفل ضائع؛ خوف حرّاس ماسيا الذي كان ممكناً أن‬ ‫حب أموميّ ّ‬ ‫ثالثة ّأايم‪ّ .‬‬
‫يُفتَضح أمره قبل األوان؛ الذعر من اإلخفاق يف محاية خالص العامل وعطي ـّـة هللا العظمى؛ ذاك هو‬
‫عنك متلهّفني!"‬
‫أبوك كنّا نبحث َ‬ ‫ـعت بنا ذلك؟ فأان و َ‬
‫بين‪ ،‬ملَ صنـ َ‬
‫الدافع للص ــرخة غري املألوفة‪" :‬ي ــا ّ‬
‫عين؟ أال تَعلَمان‬
‫املتجسد‪ .‬واإلجابة الواثقة‪" :‬ملاذا تبحثان ّ‬‫ّ‬ ‫ك‪ ...‬ويتـ ـ ّـم سـ ـ ــَت ب ـ ـريــق الكلمة‬‫ابوك‪ّ ،‬أم َ‬
‫َ‬
‫أدرَكْتها املمتلئة نعمة مبا تعنيه‪ ،‬أي‪" :‬ال ختافا‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أنّه ينبغي يل أن أكون يف ما هو أليب؟" إجابة قَبلَْتها و َ‬
‫كنت حسب اإلنسانيّة أّنو ابجلسم واحلكمة والنعمة يف عيون الناس‪ ،‬فأان‬ ‫إنّين صغري‪ ،‬طفل‪ .‬ولكن إذا ُ‬
‫أتصرف إبتقان‪ .‬خادماً اآلب ليسطع نوره‪ ،‬خادماً اآلب ابحلفاظ‬ ‫الكامل كوين ابن اآلب‪ ،‬وأعرف أن ّ‬
‫حّت قبل سنة من اآلن‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫أتصرف ّ‬
‫كنت ّ‬ ‫على ال ُـمخلّص"‪ .‬وهكذا ُ‬
‫لقد آن األوان يف الوقت احلاضر‪ ،‬ونُِّز َعت احلُ ُجب‪ .‬وابن يوسف يظهر بطبيعته‪ :‬ماسيا البشرى‬
‫احلسنة‪ ،‬ال ُـمخلِّّص‪ ،‬الفادي‪ ،‬ملك الدهر اآليت‪».‬‬

‫«أومل تعد ترى يوحنّا أبداً؟»‬

‫رغبت يف أن أعتمد‪».‬‬
‫«يف األردن فقط‪ ،‬عزيزي يوحنّا‪ ،‬عندما ُ‬
‫«بشكل مل تكن تَعلَم معه أ ّن زكرّاي قد أسدى خدمة هلؤالء؟»‬

‫قلت لكم‪ :‬بعد َمحَّام الدم الربيء‪ ،‬األبرار أصبَحوا ق ّديسني‪ ،‬والناس أصبحوا أبراراً‪ .‬فقط‬
‫«لقد ُ‬
‫الشياطني ظلّوا على ما ُهم عليه‪ .‬وزكرّاي تعلَّ َم تقديس ذاته ابلتواضع واحملبّة والفطنة والصمت‪».‬‬

‫كل هذا‪ ،‬ولكن هل سأستطيع؟» يقول بطرس‪.‬‬


‫أود لو أتذ ّكر ّ‬
‫« ّ‬
‫مرة واثنتني وثالاثً إن‬
‫يكررون ذلك أمامي ّ‬
‫الرعاة ّ‬
‫«كن مطمئنّاً وساكناً اي مسعان‪ .‬غداً سأجعل ُّ‬
‫وطورُهتا يف مكتيب‪ ،‬وسوف أتذكر من أجل اجلميع‪ .‬عندما تشاء‬ ‫لَ ِّزم‪ .‬وذاكريت جيّدة‪ ،‬وقد أّنيتُها َّ‬
‫أدون حساابت كفرانحوم‪ ،‬ومع ذلك‪»...‬‬
‫كل شيء‪ .‬فأان مل أكن ّ‬ ‫سأمتكن من تكرار ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 831 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أساحمك عما مضى‬
‫َ‬ ‫حّت بدرامخا واحدة!‪ ...‬أذكر ذلك‪ ...‬متاماً!‬‫«آه! ال‪ ،‬مل تكن ختطئ‪ ،‬وال ّ‬
‫أود لو تسكن الرواية قليب‬ ‫كل قليب‪ ،‬إذا ما َّ‬ ‫ِّ‬
‫رت هذه الرواية‪ ...‬وإذا ما رويتَها يل دائماً‪ّ .‬‬
‫تذك َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وم‬
‫كأولئك!‪ ...‬كما يوان‪ ...‬آه! أن أموت وأان أنطق امسه!‪»...‬‬

‫يَنظُر يسوع إىل بطرس ويبتسم‪ ،‬مثّ يَ َنهض ويُقبِّّل رأسه الذي َيطّه الشيب‪.‬‬

‫«ملاذا متنحين هذه القبلة اي معلّم؟»‬

‫ك‪».‬‬
‫لت الروح الذي نَطَ َق في َ‬
‫أنت تنطق امسي‪ .‬ولقد قَـبَّ ُ‬
‫كنت نبيّاً‪ .‬سوف متوت و َ‬
‫ك َ‬ ‫«ألنّ َ‬
‫يرددونه بعده‪« :‬اهنَضوا‬
‫ومدو‪ ،‬واجلميع يف وضعيّة الوقوف‪ّ ،‬‬ ‫قوي ٍّ‬ ‫مثّ يتلو يسوع مزموراً بصوت ّ‬
‫أنت‬ ‫وابركوا الرب إهلكم‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫كل بركة‪َ .‬‬‫ّ‬ ‫و‬ ‫مديح‬ ‫بكل‬
‫ّ‬ ‫د‬ ‫املمج‬
‫ّ‬ ‫العظيم‬ ‫امسه‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ك‬
‫مبار‬ ‫فليكن‬ ‫دهر‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫دهر‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ّ‬
‫كل ما حتوي‪ ...‬إخل»‬‫كل جيشها‪ .‬األرض و ّ‬ ‫عت السماء‪ ،‬ومساء السماوات و ّ‬ ‫صنَ َ‬‫الرب‪ .‬لقد َ‬
‫وحدك ّ‬‫َ‬

‫لست أدري ما إذا كانت ِّمن الطقس القدمي‪ ،‬أو إن‬


‫وينتهي كل شيء هبذه الَتتيلة الطويلة‪ُ .‬‬
‫يسوع يقوهلا من تلقاء نفسه‪.‬‬

‫ففتحت الكتاب املقدس‪ ،‬فتحتُه ال على التعيني‪ ،‬فقط‬ ‫ُ‬ ‫وجدت نفسي يف فَتة راحة منذ ثالثة أايم‪،‬‬‫ُ‬
‫الرب يتكلّم‪« :‬أليس‬ ‫ِّ ِّ‬
‫لكي أقرأ شيئاً يكون َكل َمة من عند هللا‪ .‬فأقع على املقاطع ‪ 31-25‬من املزمور ‪ّ .17‬‬
‫بكل‬ ‫ِّ‬
‫كنت فيه‪ ،‬من جهيت‪ ،‬أحبّك ّ‬ ‫ذاتك؟ كان وقت‪ُ ،‬‬ ‫َيكنك قوله عن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّمن احملتمل أن يكون هذا هو ما‬
‫كنت تستطيعينه‪ .‬ابلفعل‪ِّ ،‬‬
‫كنت تف ّكرين يب‬ ‫أنت مل تكوين حتبّينين بكل الكمال الذي ِّ‬ ‫الكمال املمكن‪ ،‬إ ّّنا ِّ‬
‫ّ‬
‫قلبك‪ ،‬إ ّّنا كانت هناك عواطف أكثر قوة من تلك اليت ِّ‬
‫كنت متنحينين ّإايها‪ .‬لذلك مل تكوين أهالً‬ ‫يف أعماق ِّ‬
‫ّ‬
‫َتر ِّ‬
‫جت من املدرسة الداخليّة معطّرة ابهلل‪،‬‬ ‫أكافئك‪ .‬هل تذكرين ذلك الوقت؟ ّأما أان فأتذ ّكره‪ِّ .‬‬
‫كنت قد َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ألن‬
‫تك‪ .‬مّت اخَت ِّ‬
‫تك أان؟‬ ‫كنت أان‪ ،‬آنذاك‪ ،‬قد اخَت ِّ‬
‫كما إحدى العذارى يف اهليكل‪ ،‬معطّرة ببخور الطقوس‪ .‬و ُ‬
‫بشري ال ُخيفى عن‬ ‫أي مصري‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫نفسك‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬ ‫هل تو ّدين أن تَعلَمي؟ يف احلقيقة‪ ،‬كان ذلك يوم ُخل َقت ُ‬
‫والدتك البائسة‪ ،‬وتلك اليت ر ِّ‬
‫افقتك‬ ‫ِّ‬ ‫ولكن مرمي الصغرية ُح ِّفظَت يف احلياة إبراديت‪ ،‬رغم ظروف‬
‫األزيل‪ّ .‬‬‫الفكر ّ‬
‫أضحت يل عندما اهنَ َم َرت أوىل دموعها لدى رؤييت انزالً من‬ ‫ِّ‬
‫رضع‪ ،‬تلك الصغرية َ‬ ‫وأنت بعد مالك صغري يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 832 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ِّ‬
‫أجلك‬ ‫تكرَرت من‬
‫وهبت نفسي مع ابتسامة جماملة‪ .‬تلك االبتسامة َّ‬
‫ُ‬ ‫عين‪ .‬وأان‪،‬‬ ‫أنت ِّ‬
‫حبثت ّ‬ ‫على الصليب‪ِّ .‬‬
‫املعزي‪" :‬دعوا األطفال أيتون إيل"‪.‬‬
‫يف السماء وقالت لآلب والروح ّ‬

‫فما من شيء يزيل آالم جراحه سوى شفاه األطفال الصغار‪ ،‬األطفال الصغار بسنّهم أو الذين‬
‫يوافقون على أن يكونوا كذلك‪ ،‬فأولئك الذين‪ ،‬حببّهم وطاعتهم للمعلّم "يُصبِّحون شبيهني ابألطفال الصغار‬
‫لينالوا ملكوت السماوات"‪ ،‬هبجة هللا هي مرمي‪ ،‬األم العذراء‪ ،‬وهي الطفلة الصغرية الكاملة‪ ،‬اليت تتمتّع‬
‫ابلغبطة يف ملكوت السماوات‪ .‬إ ّن نفوس البالغني املتمتّعة "ابلطفولة الصغرية" اندرة ندرة اجلواهر املستديرة‬
‫متاماً‪ ،‬ذات احلجم املدهش‪ .‬بينما األطفال الصغار بسنّهم‪ ،‬لديهم مجيعاً هذه النَّفس‪ ،‬حيث ال تكون بعد‬
‫فكل دمعة بريئة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ست‪ ،‬وهي تُش ّكل هبجة هللا وتعزية املسيح‪ .‬واالبن قد أرادك منذ تلك اللحظة‪ّ .‬‬ ‫قد ُدنّ َ‬
‫اإلهلي‪ .‬ليس خطأ النظر إىل الوراء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫احلب ّ‬ ‫كل نعمة َج َعلَتك َُتطَبني إىل ّ‬
‫كل قبلة نعمة‪ ،‬و ّ‬
‫ساوت قبلة له‪ ،‬و ّ‬
‫منك َ‬
‫ِّ‬
‫إبمكانك إنشادها إىل حني‬ ‫من أجل إنشاد "تُعظّم نفسي" و"ارمحين اي هللا"‪ّ .‬أما "تُعظّم نفسي" فقد كان‬
‫وحب وحيد‪ .‬ففي الكأس‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫خروجك من املدرسة الداخليّة‪ .‬فقد كنت أبكملك هلل‪ .‬هيكل وحيد يف داخلك ّ‬
‫واألشعة اإلهليّة‪ .‬مثّ أتى العامل ومعه‬
‫ّ‬ ‫السماوي‬
‫ّ‬ ‫كانت الزنبقة شبه املتفتّحة اليت مل تكن ممتلئة سوى ابلندى‬
‫صبوا مكاين‪ .‬وظلّوا ابلقدر الذي ارتضيتُه أان‪.‬‬
‫للحب‪ ،‬وقد اغتَ َ‬
‫ّ‬ ‫هياكل كثرية وأنواع أخرى كثرية‬

‫كان ابستطاعيت أيضاً ّأال أريد‪ .‬سيكون هناك َمن يقول‪" :‬كانت جتربة خطرية"‪ .‬ال بل كانت ضروريّة‪.‬‬
‫كل فروع اإلنسانيّة اليت‬
‫هيمنَت الفوقيّة يف ّ‬‫الر ُسل ابرتدادهم عن املسيح‪ .‬ويف تلك اللحظة‪َ ،‬‬ ‫ض َع ُّ‬ ‫لقد اتَّ َ‬
‫أدركوا‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫وه َّزهم وأاثرهم‪ .‬حينذاك َ‬
‫كل ما من شأنه جعل اإلنسان يضطرب‪َ ،‬‬ ‫أُفس َدت‪ ،‬وَمتَل َكهم‪ ،‬من جديد‪ّ ،‬‬
‫وس ِّحق‬ ‫ِّ‬
‫ّأهنم يف اجملال الذي أضحوا فيه ُخمتَلفني‪ ،‬مل يكن ذلك حملض استحقاقهم‪ ،‬إ ّّنا بفعل كوهنم مع يسوع‪ُ .‬‬
‫اخلاص‪ ،‬لكي ال‬ ‫لكل املختارين‪ ،‬نظراً ملصريهم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫فيهم الكربايء ُمفسد اإلنسان‪ .‬من الضروري أن َُي ُدث هذا ّ‬
‫فيك‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ .‬وعاد ِّ‬
‫إهلك‬ ‫ط الذين اغتَصبوا مكاين ِّ‬ ‫حيب‪ .‬ولقد َس َق َ‬
‫َ‬ ‫خيسروا دعوهتم خبسارهتم ّ‬
‫بتوبتك احلكيمة‪ .‬واآلن اي ابنيت‪ ،‬انظري إىل املاضي واحلاضر‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ك الذي رتَّ ِّ‬
‫لت له‪" :‬ارمحين اي هللا"‪.‬‬ ‫وحده ملِّ َك ِّ‬
‫َ‬
‫ك‪ ،‬وانظري إىل الوقت احلايل حيث‪ ،‬من جديد‪ ،‬مل‬ ‫ك املتع ّدد‪ ،‬لإلنسان والعلوم ولِّذاتِّ ِّ‬ ‫انظري إىل زمن حب ِّ‬
‫ّ‬
‫بسماعك ّإايه وحده فقط‪ ،‬فليس سوى‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بروحك‪،‬‬ ‫حيب‪ .‬وقويل يل‪ ،‬قويل يل ذلك‬ ‫ِّ‬
‫حب وحيد‪ّ ،‬‬ ‫يعد لك سوى ّ‬
‫كل شيء؟‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النَّفس‪ ،‬صوهتا صادق ومثني‪ .‬أليس لديك ك ّل شيء اآلن؟ منذ أصبَحت يل‪ ،‬أمل يصبح لديك ّ‬
‫ِّ‬
‫نفسك اليت ترى بعينيها هي‪،‬‬ ‫ولكن‬
‫صحة‪ ،‬وال فرح‪ ،‬وال رفاهيّة"‪ّ .‬‬ ‫سوف يقول األغبياء‪" :‬ال شيء لديها! ال ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 833 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫الضروري‬
‫ّ‬ ‫كمايل كل ما هو خارج‬
‫كمايل مق ّدس"‪ .‬لو استطعنا تسمية ّ‬
‫حّت ما هو ّ‬ ‫كل شيء‪ّ ،‬‬‫تقول‪" :‬أملك ّ‬
‫ضرورايً‬ ‫خاصة "الناطقة بلسان"‪ .‬وذلك عطيّة ونعمة‪ ،‬وليس‬
‫لديك رسالة ّ‬ ‫فأنت ِّ‬
‫حصراً للصعود إىل هللا‪ِّ .‬‬
‫ّ‬
‫لكل تلك الرغبات‪ .‬ملاذا؟ ألنه‪ ،‬كما يقول املزمور (‪-20/17‬‬ ‫ِّ‬ ‫امتالكها لتكوين َّ‬
‫املفضلَة‪ .‬فلديك تقبُّل هللا ّ‬
‫ص إهلي‪.‬‬
‫الرب ومل أع َ‬
‫حفظت طرق ّ‬‫ُ‬ ‫ألين‬
‫الرب حبسب ّبري وحبسب طهارة يدي أاثبَين‪ّ .‬‬ ‫‪" )25‬كافَأَين ّ‬
‫الرب حبسب ّبري‪،‬‬ ‫صرت لديه كامالً وح ِّف ِّ‬ ‫وأحكامه كلّها أمامي وسننه مل أ ِّ‬
‫ظت من إمثي‪ .‬فأاثبين ّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َحد عنها‪.‬‬
‫حبسب طهارة يدي أمام عينيه"‪.‬‬

‫إهلي‪ ،‬مع األبرار وذوي القلب الطاهر‪ .‬إنّين طيّب مع‬


‫إنّين متساهل إىل أبعد احلدود‪ ،‬وبشكل ّ‬
‫احلب‪ ،‬ينبغي‬
‫حيب‪ .‬ومبا أنّين أان ّ‬
‫الضعفاء‪ ،‬طيّب بشكل كامل مع الذين يعرفون أن يكونوا أقوايء من أجل ّ‬
‫املقصرين‪ .‬هلؤالء أمنح الرمحة‪ ،‬ألبنائي أمنح تع ّدد‬
‫يل أن أمارس العنف مع نفسي لكي ال أكون ضعيفاً حيال ّ‬
‫وأقويهم على الدوام‪ ،‬أقودهم‪ ،‬ممسكاً أبيديهم على طريقي اليت ال عيب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أحررهم‪ّ ،‬‬‫ن َعمي‪ .‬أخلّصهم‪ ،‬أنريهم‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫وضعت‬ ‫فيها‪ ،‬مث ّقفاً إايهم بكلميت مغمسة يف انر احلب اإلهلي‪ .‬هكذا هي احلال ابلنسبة ِّ‬
‫لك‪ ،‬اي نفسي اليت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجمدة‪ ،‬أو‬ ‫ط زهرة جمهريّة واحدة من املناطق‬ ‫ك وكل ِّ‬
‫ثقتك‪ .‬ال َتايف اي زهرة هللا‪ .‬فال توجد ق ّ‬ ‫يف حب ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫احلارة‪ ،‬أتركها بال ندى وضوء وحرارة ضروريّة حلياهتا اجلميلة‪ .‬وهي ليست سوى سوق‬ ‫عمالقة من املناطق ّ‬
‫املرصعة بدم ودموع االبن‬
‫نباتيّة! إ ّّنا زهرات نفسي‪ ،‬فأيّة اهتمامات يوليها ابريها؟ ال َتايف اي زهرة هللا‪ّ ،‬‬
‫فأنت عزيزة على قليب للغاية! رّّني على الدوام "تُعظّم‬ ‫ِّ‬
‫وفائك‪ِّ ،‬‬ ‫والعذراء‪ .‬مزيّنة بتلك اجلواهر إضافة إىل‬
‫املعزي ِّ‬
‫معك‪».‬‬ ‫نفسي"‪ .‬اآلب واالبن والروح ّ‬

‫ضرورايً‪ .‬ولكن ما الذي مل يَـ ْعنِّ ِّه‬


‫ّ‬ ‫كل شيء كان‬
‫أنت تقول ذلك‪ ،‬وابلتأكيد هي احلقيقة‪ّ .‬‬ ‫ريب! َ‬ ‫ريب! ّ‬
‫آه! ّ‬
‫حّت بعد‬ ‫ِّ‬
‫ك ترى ذلك‪ ،‬وال جتهل انطباعات القلوب‪ .‬هناك جراح تؤمل‪ّ ،‬‬ ‫إَهالك ّإايي يف العام املاضي؟ إنّ َ‬
‫َ‬ ‫يل‬
‫حّت اآلن وقد أعدتَين‬ ‫إَهالك يل‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫حّت بعد التئام اجلرح‪.‬‬
‫أبخف ما َيكن‪ .‬جراح تؤمل ّ‬‫ّ‬ ‫االندمال‪ ،‬حال ملسها‬
‫فعلت‬
‫أسألك ملاذا َ‬ ‫َ‬ ‫لست‬
‫بك‪ُ .‬‬ ‫صب الذي يربطين َ‬ ‫الع َ‬
‫قلبك‪ ،‬جرح يؤملين على الدوام‪ ،‬ذلك أنّه قَطَ َع َ‬ ‫إىل َ‬
‫َهالك ابلنسبة يل! اليوم أرجتف وأان أكتب‪ 10 :‬نيسان‬
‫أنت تعلم ما كان إ َ‬
‫لك فقط‪َ :‬‬
‫ذلك؟ لكنّين أقول َ‬
‫كت‬
‫تك البائسة دون ندى ودون نور ودون حرارة‪ .‬أو َش ُ‬ ‫كك زهر َ‬
‫(أبريل)‪ ،‬فاليوم تكتمل السنة على موعد تر َ‬
‫لك‪.‬‬
‫لكنت ق ّدمتُه َ‬
‫ُ‬ ‫كنت أملك شيئاً آخر‬
‫حّت ولو ُ‬‫كل شيء‪ّ ،‬‬ ‫أعطيتك ّ‬
‫َ‬ ‫أن أصبح يف عداد األموات‪ .‬إذ قد‬
‫ِّ‬
‫أرّ‪ ،‬نعم‪ .‬أنشد "تُعظّم‬ ‫مرة أخرى الختبار ُمشابِّه‪َ .‬‬
‫فأنت ترى أ ّن بؤسي ال َيكنه احتماله‪ّ .‬‬ ‫ولكن ال َتضعين ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 834 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫لك‪ :‬ابلتأكيد مل أستح ّق أن تصنع يب "العظائم"‪ّ .‬إال أ ّن نشيدي َيتزج على الدوام‬‫نفسي"! وكذلك أقول َ‬
‫هملَة‪ ،‬فلم تعد لديه ابتسامة األطفال السعداء الصافية‪ ،‬ابل ِّـمثل هو‬
‫مر مبرحلة طفولة ُم َ‬
‫ابلدموع‪ .‬مثل طفل ّ‬
‫حتمله يف‬
‫إَهالك يل العام املاضي‪ .‬يسوع على ح ّق! مرمي على ح ّق! ما ال نستطيع ّ‬ ‫َ‬ ‫دائماً حاضر يف ذهين‪:‬‬
‫إَهالك لنا أيّها اآلب…‬
‫َ‬ ‫"آالمنا" هو‬

‫أثناء كتابيت‪ ،‬يضاء النور الذي ينار دائماً أمام يسوع‪ .‬النجمة الصغرية اليت تلمع مع قليب هي أمام‬
‫مر عام على انطفائها‪ ...‬زنزانيت‪ ،‬اتبوت عهدي‪ ،‬فردوسي مل يعد فيه نور‪ .‬وهذا ما‬
‫يسوعي املصلوب‪ .‬فلقد ّ‬
‫قسوتك‪ :‬ظُلُمات‬
‫َ‬ ‫كل شيء من‬
‫حبك‪ ،‬إ ّّنا كذلك‪ ،‬على ّ‬
‫كل شيء من َ‬
‫حصلت على ّ‬
‫ُ‬ ‫كان يؤملين كثرياً‪ ...‬لقد‬
‫ب صدفة من‬ ‫ابنك (ماراي تتكلم مع اآلب) "جحيماً"‪ُ ...‬‬
‫بقيت مثل عصفور َه َر َ‬ ‫ووحدة وأيضاً ما أمساه َ‬
‫رمحتك ريب‪...‬‬
‫َ‬ ‫كل صوب ِّشبَاكاً وأقفاصاً وتعذيباً‪...‬‬ ‫ِّ‬
‫ُمع ّذبيه‪ .‬إنّين خائفة‪ ...‬فإنّين أرى من ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 835 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -104‬العودة إىل منطقة املياه احللوة)‬

‫‪1945 / 04 / 15‬‬

‫قفر‪ .‬الوقت‬ ‫جيتاز يسوع مع تالميذه حقول منطقة املياه احللوة الـمنب ِّسطة‪ .‬اليوم ُمم ِّطر واملكان م ِّ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫ظهر‪ ،‬بني الفينة والفينة‪ ،‬من وراء ستار الغيوم الرماديّة‪،‬‬ ‫هو الظهرية‪ ،‬ذلك أن طيف الشمس الذي يَ َ‬
‫يوطي‪ ،‬ويكلّفه ابلذهاب إىل البلدة لشراء ما ال ب ّد منه‪.‬‬ ‫عمودايً‪ .‬يسوع يتح ّدث إىل االسخر ّ‬
‫ّ‬ ‫يهبط‬
‫وعندما يبقى وحيداً يلحق به أندراوس‪ ،‬وخبَ َجله املعهود‪ ،‬يقول بتؤدة‪« :‬هل تسمعين اي معلّم؟»‬

‫«نعم‪ ،‬تعال معي‪ ،‬ولنَ ِّسر‪ ».‬ويُطيل مدى خطواته يتبعه الرسول‪ ،‬تفصلهما عن اآلخرين بضعة‬
‫أمتار‪.‬‬

‫فهَربَت‪ .‬وهي جمروحة‬ ‫الحقوها َ‬


‫«مل تعد املرأة هنا اي معلّم!» يقول أندراوس حبزن‪ .‬ويشرح «لقد َ‬
‫قت األمور بقويل إنّين ذاهب لرؤية ما إذا كان هناك فخ‪ .‬ذلك أنّين‬ ‫وتنزف‪ .‬وقد رآها الوكيل‪ .‬لقد استَـبَ ُ‬
‫األايم‬
‫يت كثرياً‪ ،‬خالل ّ‬ ‫كنت أريد الذهاب مباشرة للبحث عنها‪ .‬كنت آمل َجلبَها إىل النور! لقد صلَّ ُ‬ ‫ُ‬
‫لكنت‬
‫ُ‬ ‫كنت أَعلَم أين هي‪،‬‬ ‫املنصرمة‪ ،‬من أجل هذه النيّة!‪ ...‬اآلن هي هاربة! وسوف تضيع‪ .‬لو ُ‬
‫ك تفهمين‪ ،‬وتَعلَم أ ّن حبثي عنها‬ ‫أنت ألنّ َ‬
‫لك َ‬ ‫حلقت هبا‪ ...‬وال أقول ذلك لآلخرين‪ ،‬ولكنّين أقوله َ‬‫ُ‬
‫احلسيّة‪ ،‬إّّنا هو فقط رغبة عارمة للغاية‪ ،‬إىل درجة ال َقلَق‪ ،‬جللب أخت يل إىل‬ ‫خال من املؤثّرات ّ‬
‫اخلالص‪»...‬‬

‫رغبتك‪ .‬فأبداً ال‬


‫َ‬ ‫ث سوف تتح ّقق‬
‫كل الذي َح َد َ‬
‫لك‪ :‬رغم ّ‬
‫«أعرف ذلك اي أندراوس‪ ،‬وأقول َ‬
‫تضيع صالة من أجل نيّة كهذه‪ .‬فاهلل يتقبّلها‪ ،‬وسوف َختلُص‪».‬‬

‫َيف!»‬
‫أنت تقول ذلك؟ آه! إ ّن أملي ّ‬
‫« َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 836 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إيل؟ أال‬
‫أنت َمن سيجلبها ّ‬
‫لست َ‬ ‫لكونك َ‬‫َ‬ ‫حّت‬
‫هتتم ّ‬
‫«أال تريد أن تعرف ما الذي ستكونه؟ أال ّ‬
‫ستتصرف؟» ويبتسم يسوع بلطف مع إشراق نور يف عينيه الزرقاوين؛ إنّه ينحين صوب‬
‫ّ‬ ‫تتساءل كيف‬
‫التلميذ الذي يسري إىل جانبه‪ ،‬وتُشرق عليه ابتسامة ونظرة‪ ،‬هي إحدى أسرار يسوع يف غزو القلوب‪.‬‬

‫كنت‬
‫يك‪ .‬مثّ‪ ،‬إن ُ‬ ‫يَنظُر إليه أندراوس بعينيه الكستناويّتني ويقول‪« :‬يكفيين أن أَعلَم ّأهنا أتت إل َ‬
‫الضروري أن اعرفه أان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أنت‪ ،‬وليس من‬ ‫ستتصرف؟ فهذا تعرفه َ‬
‫ّ‬ ‫أي آخر فماذا يضري؟ ّأما كيف‬ ‫أان أو ٌّ‬
‫إنّين أكتفي مبا تؤّكِّده يل‪ ،‬وأان سعيد به‪».‬‬

‫ودي جيعل أندراوس يَنتَشي‪ .‬ويتكلّم وهو‬ ‫َُيّرر يسوع يده خلف كتفيه‪ ،‬ويسحبه إليه يف عناق ّ‬
‫حياتك وحياة‬
‫َ‬ ‫فأنت ترى‪ ،‬اي صديقي‪ ،‬أ ّن‬
‫احلقيقي‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫الرسول‬
‫ممسك به هبذا الشكل‪« :‬تلك هي مزيّة َّ‬
‫الر ُسل املستقبليّني ستكون هكذا على الدوام‪ .‬ستَعرفون أحياانً أنّكم ”خملِّّصون“‪ .‬ولكن‪ ،‬يف أغلب‬ ‫ُّ‬
‫األحيان‪ ،‬ستخلِّّصون‪ ،‬دون علم منكم‪ ،‬األشخاص الذين كنتم تتمنّون خالصهم ابألكثر‪ .‬ويف السماء‬
‫األزيل‪ ،‬أولئك الذين كنتم ستخلِّّصوهنم‪ .‬وفرحكم‬
‫فقط سَتوهنم آتني ملالقاتكم أو الصعود إىل امللكوت ّ‬
‫كل شخص خملَّص‪ .‬وأحياانً تعرفون ذلك على األرض‪ .‬وتلك هي ّ‬
‫املسرات اليت‬ ‫كطوابويّني يزداد مع ّ‬
‫ألبث فيكم نشاطاً وحيويّة أعظم لغزوات أخرى‪ .‬ولكن طوىب للكاهن الذي لن ُيتاج‬ ‫أمنحكم ّإايها ّ‬
‫يغتم لعدم رؤيته االنتصارات‪ ،‬وال يقول‪" :‬لن‬ ‫حمرض كهذا لكي يقوم أبداء واجبه! طوىب ملن ال ّ‬ ‫إىل ِّّ‬
‫أفعل شيئاً بعد اآلن‪ ،‬ألنّين ال أانل الرضى"‪ .‬إن إشباع رغبة الرسول اليت تُعتََرب التشجيع الوحيد يف‬
‫دين مستوى الرسالة اليت هي أمر روحاينّ إىل مستوى بشري‬ ‫الرسويل‪ ،‬ويُ ّ‬
‫ّ‬ ‫ينم عن غياب التأهيل‬
‫العمل‪ّ ،‬‬
‫للرب‬
‫اعتيادي‪ .‬وجيب عدم الوقوع مطلقاً يف وثنيّة الكهنوت‪ .‬فليس لكم أن تُعبَدوا أنتم‪ ،‬بل العبادة ّ‬‫ّ‬
‫إهلكم هي‪ .‬له وحده جمد الذين قد ُخلِّّصوا‪ .‬وعليكم أنتم العمل من أجل اخلالص‪ ،‬يف انتظار جمد‬
‫كنت تقول يل إ ّن الوكيل رآها‪ِّ .‬‬
‫ارو يل‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫ك َ‬ ‫كونكم "خملّصني"‪ ،‬يف زمن السماء‪ .‬ولكنّ َ‬
‫وطبيعي ّأهنم مل َِّجيدوان‪ .‬داروا‬
‫ّ‬ ‫عنك‪.‬‬
‫الفريسيّون يبحثون َ‬‫«يف اليوم الثالث‪ ،‬بعد مغادرتنا‪ ،‬أتى ّ‬
‫لكن أحداً مل يص ّدق ذلك‪ .‬فنـزلوا يف الفندق‪،‬‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫لرؤيتك‬ ‫فون‬ ‫تله‬ ‫ِّ‬
‫متظاهرين ّأهنم م ِّّ‬ ‫البلدة وبيوت القرية‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫حبجة أ ّهنم مل يكونوا يريدون احتكاكاً بغرابء جمهولني قد يُدنِّّسوهنم‪ .‬وكانوا‬
‫ّ‬ ‫نزالئه‪،‬‬ ‫مجيع‬ ‫ن‬ ‫بعدما أخلوه ِّ‬
‫م‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 837 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كل يوم يذهبون إىل البيت‪ .‬وبعد بضعة أايم‪َ ،‬و َجدوا املسكينة اليت كانت أتيت يوميّاً إىل هناك‪ ،‬أمالً‬ ‫يف ّ‬
‫إبجيادك واحلصول على السالم‪ .‬فطاردوها حّت ملجئها يف إسطبل الوكيل‪ .‬ولكنّهم مل ي ِّ‬
‫هامجوها مباشرة‪،‬‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ألنّه َخَر َج إليهم مع أبنائه متسلّحني ابهلراوات‪ .‬إّّنا فيما بعد‪ ،‬عند املساء‪ ،‬حينما َخَر َجت‪ ،‬عادوا ومعهم‬
‫حّت النبع‪ ،‬حيث رمجوها ابحلجارة ُمطلِّ ِّقني عليها تسمية "عاهرة"‪ ،‬مشريين إليها‬ ‫آخرون‪ ،‬وتَبِّعوها ّ‬
‫ِّ‬
‫معاملَتَها‪ ،‬فنـزعوا عنها الوشاح‬
‫أدركوها وأساؤوا َ‬ ‫ابلبنان ليحتَقرها أهل البلدة‪ .‬وظَلَّت هترب منهم ّ‬
‫حّت َ‬
‫أنت‬
‫ويلعنك َ‬ ‫رمجها‪،‬‬
‫ليلعنها ويَ ُ‬
‫فارضني سلطتهم على رئيس الكنيس َ‬ ‫وضربوها ِّ‬
‫َ‬ ‫واملعطف لرياها اجلميع‪َ َ ،‬‬
‫ك السبب يف جميئها إىل البلدة‪ّ .‬إال أنّه أىب فعل ذلك‪ ،‬وها هو اآلن ينتَ ِّظر احلرم من اجملمع‪.‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬ألنّ َ‬
‫َسع َفها‪ّ .‬إال ّأهنا َر َحلَت ليالً اتركة سواراً وقصاصة ِّمن‬
‫ولقد انتَـَز َعها الوكيل من أيدي أولئك األوغاد وأ َ‬
‫صل ِّمن أجلي"‪ .‬ويقول الوكيل ّإهنا شابّة ورائعة اجلمال‪ ،‬ابلرغم من‬ ‫لك‪ِّّ .‬‬
‫رق َكتَـبَت عليها‪" :‬شكراً َ‬
‫ث عنها يف القرية كلّها أل ّن جراحها كانت بليغة‪ ،‬ولكنّه مل يعثر هلا على أثر‪.‬‬ ‫شحوهبا وحنوهلا‪ .‬ولقد َحبَ َ‬
‫وهو ال يَعلَم كيف َمتَ َّكنَت من الذهاب بعيداً‪ .‬وقد تكون ماتت يف مكان ما‪ ...‬دون التم ّكن من‬
‫النجاة بنفسها‪»...‬‬

‫«ال‪».‬‬

‫تضل؟»‬
‫«ال؟ َمل َمتُت؟ مل ّ‬
‫َضحت مغفرة خلطاايها‪ .‬وإذا ماتت فستكون قد غُ ِّفر هلا‪ّ ،‬‬
‫ألهنا َحبَثَت عن‬ ‫«رغبتها يف الفداء أ َ‬
‫احلق‪ِّ ،‬‬
‫ساحقة اخلطيئة بقدميها‪ .‬ولكنّها مل َمتت‪ّ .‬إهنا تتسلّق املراقي األوىل جلبل الفداء‪ .‬أراها‪ ...‬منحنية‬ ‫ّ‬
‫َيف‪ .‬أراها‪ .‬إ ّهنا يف طريقها للقاء‬ ‫ِّ‬
‫لكن حمنتها تزيدها ّقوة ابطّراد‪ ،‬بينما محلها ّ‬ ‫حتت دموع الندامة‪ ،‬و ّ‬
‫الشمس‪ .‬وعندما تَصعد املرتقى كلّه‪ ،‬ستصبح يف جمد هللا ‪ -‬الشمس‪ّ .‬إهنا ترتقي‪ ...‬فساعدها‬
‫بصالتك‪».‬‬
‫َ‬
‫«آه! ريب!» يكاد يكون أندراوس مذهوالً إلمكانيّة مساعدته نفساً على اخلالص‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 838 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املضي‬
‫يبتسم يسوع بلطف رائع للغاية‪« :‬ينبغي لنا فتح ذراعينا وقلبنا لرئيس الكنيس املضطَهد‪ ،‬و ّ‬
‫إىل الوكيل الصاحل ملباركته‪ .‬هيّا بنا اآلن إىل الرفاق لنح ّدثهم عن ذلك‪».‬‬

‫ويَعودان أدراجهما ليلحقا ابلعشرة الذين توقفوا جانباً‪ُ ،‬م ِّ‬


‫دركني أ ّن حوار أندراوس مع املعلّم‬
‫يوطي وهو جيري‪ ،‬وكأنّه فراشة عمالقة جتري يف احلقل‪ ،‬لسرعته‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ل‬ ‫سري‪ .‬ويف تلك األثناء‪ ،‬ي ِّ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّّ‬
‫يف اجلري‪ ،‬ومعطفه يطري خلفه‪ ،‬بينما هو مستسلم حلركات وإشارات متالحقة‪.‬‬

‫س؟ »‬
‫«ولكن ما به؟» يسأل بطرس‪« .‬هل أصابه َم ّ‬
‫يوطي إىل مسافة قريبة منهم‪ ،‬ويهتف وهو يلهث‪:‬‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ل‬‫ص‬‫الرد‪ ،‬ي ِّ‬
‫ّ‬ ‫قبل أن يتم ّكن أحد من ّ َ‬
‫فخ‪ ...‬آه! اي هلم من جبناء!‪ »...‬ويركض‪.‬‬ ‫ذهابك إىل البيت‪ ...‬هناك ّ‬ ‫َ‬ ‫«توقّف اي معلّم‪ .‬امسعين قبل‬
‫فالفريسيّون يف البلدة‪ ،‬وأيتون إىل‬ ‫يلحق ابجملموعة‪« :‬اي معلّم‪ ،‬مل يعد إبمكاننا الذهاب إىل هناك! ّ‬
‫عنك‪َ .‬ييفوهنم حبرماانت‬ ‫إليك‪ُ .‬هم يَطردون الذين أيتون للبحث َ‬ ‫ينتظرونك ليُسيئوا َ‬
‫َ‬ ‫كل يوم‪ّ .‬إهنم‬
‫البيت ّ‬
‫وهامجَين‪،‬‬
‫وعملك دون جدوى‪ ...‬فلقد رآين أحدهم َ‬ ‫َ‬ ‫أنت مضطَ َهد‪،‬‬ ‫فظيعة‪ .‬ماذا تريد أن تفعل؟ فهنا َ‬
‫إنّه عجوز ذميم‪ ،‬ذو أنف ضخم‪ ،‬وهو يعرفين ألنّه أحد ال َكتَـبَة يف اهليكل‪ .‬فهناك َكتَـبَة كذلك‪ .‬لقد‬
‫ومخَ َشين كثرياً‪ ،‬انظر‪...‬‬
‫هامجَين‪ ،‬وهو َيمشين ويشتمين بصوته الذي يشبه صوت الصقر‪ .‬لقد َشتَ َمين َ‬ ‫َ‬
‫اغتابك‬
‫َ‬ ‫(ويشري إىل زند وخد تظهر عليهما بوضوح آاثر األظافر) وقد تَـَركتُه يفعل‪ .‬ولكن حينما‬
‫أمسكت خبناقه‪»...‬‬
‫ُ‬
‫«ولكن اي يهوذا!» يصرخ يسوع‪.‬‬

‫امسك‪ ،‬مثّ تركتُه َيضي‪ .‬واآلن هو‬


‫«ال اي معلّم‪ ،‬مل أخنقه‪ .‬لقد َمنَعتُه فقط من التجديف على َ‬
‫أرجوك‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬
‫ض له‪ ...‬إّّنا حنن‪ ،‬فلنبتعد‪َ ،‬‬
‫هناك َيوت من اخلوف بسبب اخلطر الذي تَـ َعَّر َ‬
‫إليك‪»...‬‬
‫مل يعد أحد جيرؤ على اجمليء َ‬
‫«اي معلّم!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 839 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ولكن اي للهول!»‬

‫حق‪».‬‬
‫«يهوذا على ّ‬
‫« ّإهنم كالضباع‪ ،‬يَِّقفون ابملرصاد!»‬

‫«اي انر السماء اليت َهبَطَت على سادوم‪ ،‬ملاذا ال تعودين؟»‬

‫ساعدتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫كنت َولَداً شجاعاً؟ ومن املؤسف أنّين مل أكن هناك‪ُ .‬‬
‫أنك َ‬
‫«إّّنا هل تَعلَم َ‬
‫كنت هناك لكان ذاك الصقر الصغري فَـ َقد ريشه وصوته لألبد‪».‬‬
‫ك َ‬ ‫«آه! اي بطرس! لو إنّ َ‬
‫فعلتك لآلخر؟»‬
‫َ‬ ‫معك‪ ...‬لكي ال تُ ِّ‬
‫كمل‬ ‫«ولكن ما الذي جرى َ‬
‫لست أدري من أيّة أعماق من القلب‪" :‬املعلّم‬
‫«لكن‪ ...‬كأنّه الربق يف روحي‪ .‬ر َاوَدتين فكرة‪ُ ،‬‬
‫إيل ضربة أكثر عنفاً من الصدمة اليت َّ‬
‫تلقيتُها من اجلدار الذي‬ ‫فت‪ .‬وهذا ما َو َّجهَ ّ‬
‫يدين العنف"‪ ،‬وتوقّ ُ‬
‫القوة‬
‫هامجَين‪ .‬وأصبَ َحت أعصايب شبه حمطّمة‪ ...‬لدرجة أن مل تعد يل ّ‬ ‫ص َد َمين به الكاتب عندما َ‬
‫َ‬
‫للضرب‪ .‬ما أقسى السيطرة على الذات!‪»...‬‬

‫أيك؟» بطرس سعيد للغاية من‬ ‫كنت شجاعاً! أليس كذلك اي معلّم؟ أفال تُ ِّّ‬
‫عرب عن ر َ‬ ‫«ابحلقيقة‪َ ،‬‬
‫تصرف يهوذا‪ ،‬لدرجة أنّه مل يلحظ تب ّدل وجه يسوع الذي‪ ،‬بعد أن كان ُمش ِّرقاً‪ ،‬أصبَ َح عابساً‪ ،‬ونظرته‬ ‫ّ‬
‫حّت بدا فمه أكثر نعومة‪.‬‬
‫مظلمة‪ ،‬وقد َّزم شفتيه ّ‬
‫فهم فاقِّدو‬‫تصرفات اليهود‪ُ .‬‬
‫أتقزز من طريقة تفكريكم‪ ،‬أكثر من ّ‬ ‫مثّ فَـتَ َح فاه ليقول‪« :‬أقول إنّين ّ‬
‫مهمون‬ ‫احلظوة‪ََ ،‬يكثون يف الظلمات‪ّ .‬أما أنتم الذين مع النور‪ ،‬فإنكم قساة ُِّحمبّون لالنتقام‪ُ ،‬م َه ِّ‬
‫وعنيفون‪ ،‬وتؤيّدون الشراسة مثلهم‪ .‬أقول لكم إنّكم تُثبِّتون يل على الدوام أنّكم ما زلتم كما كنتم عندما‬
‫الفريسيّني فإنّكم تَعلَمون أ ّن يسوع املسيح ال‬ ‫للمرة األوىل‪ .‬وهذا ما يؤملين‪ّ .‬أما خبصوص ّ‬
‫التقيتُ ُكم ّ‬
‫أتوصل‬ ‫ِّ‬
‫لست جباانً‪ .‬وعندما أحت ّدث إليهم وال ّ‬ ‫فانسحبوا‪ ،‬وسوف أواجههم أان‪ .‬فأان ُ‬ ‫هرب‪ .‬و ّأما أنتم َ‬ ‫يَ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 840 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫إيل‪ .‬فهم‬ ‫أجذهبم‬ ‫أن‬ ‫الطرق‪،‬‬ ‫بشّت‬ ‫أحاول‪،‬‬ ‫مل‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫قال‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ينبغي‬ ‫فال‬ ‫ب‪.‬‬ ‫إىل إقناعهم‪ ،‬حينئذ سأنس ِّ‬
‫ح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫جراء سوء إرادهتم‪،‬‬
‫حّت النهاية‪ .‬فإ ّن إدانتهم جيب أن تكون فقط من ّ‬ ‫أيضاً أبناء إبراهيم‪ .‬سأقوم بواجيب ّ‬
‫جراء إُهايل حياهلم‪ ».‬ويتوجه يسوع إىل البيت الذي يُرى سطحه خلف رتل من األشجار‬ ‫وليس من ّ‬
‫العارية‪.‬‬

‫الر ُسل‪ ،‬مطأطئي الرأس‪ ،‬وهم يتحادثون فيما بينهم هبدوء‪.‬‬


‫لحق به ُّ‬
‫يَ َ‬
‫دخلون إىل املطبخ بصمت‪ ،‬ويَ َنه ِّمكون حول املوقد‪ .‬بينما يسوع يستغرق‬
‫ها ُهم يف البيت‪ .‬يَ ُ‬
‫يف أفكاره‪.‬‬

‫هم» يُتمتِّم‬
‫ضَر إىل الباب جمموعة أشخاص‪« .‬ها ُ‬
‫ّإهنم على وشك تناول الطعام عندما َح َ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫االسخر ّ‬
‫لكن‬
‫اجعون للحظة‪ .‬و ّ‬
‫يَ َنهض يسوع على الفور ويذهب إليهم‪ .‬إنّه َمهيب لدرجة أ ّن اجملموعة يَت َ‬
‫حتيّة يسوع تطمئنهم‪« :‬السالم معكم‪ ،‬ماذا تريدون؟»‬

‫كل شيء‪ ،‬ويُبلِّّغونه ابستعالء‪« :‬ابسم الشريعة املقدَّسة‪،‬‬ ‫حينئذ اعتَـ َق َد اجلبناء ّأهنم جيرؤون على ّ‬
‫فسد مدن اليهوديّة الساكِّنة‪.‬‬
‫أنمرك مبغادرة املكان‪ .‬أنت اي من يبلبِّل الضمائر وين ُقض الشريعة‪ ،‬اي من تُ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫عمد يف األردن وحتمي العاهرات؟ اخرج ِّمن‬ ‫أال ختاف ِّمن عقاب السماء‪ ،‬أنت اي من تُقلِّّد البار وتُ ِّ‬
‫ّ ّ‬ ‫َ َ‬
‫ك من سور املدينة املق ّدسة بعد‪».‬‬ ‫يدنو ّن نـَ َف ُس َ‬
‫أرض اليهوديّة املق ّدسة! فال َ‬
‫شرير‪ .‬بل إنّين أُعلِّّم كرايب‪ ،‬وأشفي كصانع للمعجزات‪ ،‬وأطرد الشياطني‬
‫أبي عمل ّ‬
‫«أان ال أقوم ّ‬
‫كل هذه الفئات موجودة أيضاً يف اليهوديّة‪ .‬وهللا الذي يريدهم جيعلكم‬ ‫الشريرة‪ .‬و ّ‬
‫كطارد لألرواح ّ‬
‫حتَتموهنم وجتلّوهنم‪ .‬وأان ال أطلب اإلجالل‪ .‬بل أطلب منكم فقط أن تَتكوين أفعل اخلري ألولئك الذين‬
‫لديهم عاهة يف جسدهم أو يف رأسهم أو يف روحهم‪ .‬فلماذا متنعونين من ذلك؟»‬

‫مساً ِّمن الشيطان‪ ،‬فانصرف‪».‬‬


‫بك ّ‬
‫«إ ّن َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 841 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫سمحون بذلك لآلخرين؟»‬
‫«الشتيمة ليست إجابة‪ .‬سألتكم ملاذا تَ َ‬
‫بك مساً ِّمن الشيطان‪ ،‬فتطرد الشياطني َِّ‬
‫وجتَتح املعجزات مبؤازرة الشياطني‪».‬‬ ‫«أل ّن َ ّ‬
‫«وطاردو األرواح الشريرة الذين لديكم‪ ،‬مبؤازرة َمن إذن يفعلون ذلك؟»‬
‫«بواسطة حياهتم املق ّدسة‪ .‬أما أنت فخاطئ‪ ،‬ولكي تُع ِّظّم سلطتك تَست ِّ‬
‫خدم العاهرات‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫ّ َ‬
‫اطئك‪ ،‬ولكنّنا ال نسمح أبن‬
‫القوة الشيطانيّة‪ .‬قداستنا طَ َّهَرت منطقة تو َ‬
‫هبن ينمي مقدار ّ‬
‫فاالرتباط ّ‬
‫تبقى هنا وجتلب نساء أخرايت‪».‬‬

‫«ولكن هل هذا البيت لكم؟» يسأل بطرس الذي جاء إىل جانب معلّمه وقد بدا مثرياً للقلق‪.‬‬

‫كل إسرائيل هي بني أيدي أطهار إسرائيل َّ‬


‫املقدسة‪».‬‬ ‫لكن اليهوديّة كلّها‪ ،‬و ّ‬
‫«هو ليس بيتنا‪ .‬و ّ‬
‫العتَـبَة‪ ،‬مثّ أَتبَـ َعها بضحكة‬
‫يوطي وقد جاء إىل َ‬‫«اي لكم من كائنات‪ ،‬أنتم!» يقول االسخر ّ‬
‫رجتف؟ أيّها اخلسيسون‪ ،‬هيّا انصرفوا!‬ ‫ساخرة‪ .‬مث يسأل‪« :‬واآلخر‪ ،‬صديقكم‪ ،‬أين هو؟ هل ما زال ي َِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وإال فسوف أجعلكم تندمون على‪»...‬‬
‫وحاالً‪ّ .‬‬

‫الفريسيّون‪.‬‬
‫مكانك‪ .‬وامسَعوا أنتم أيّها الكتبة و ّ‬
‫َ‬ ‫أنت اي بطرس‪ ،‬عُد إىل‬ ‫«اصمت اي يهوذا‪ .‬و َ‬
‫ُدرك منطقكم‬ ‫اربوا كلمة هللا‪ .‬تعالوا إيل‪ ،‬فأان ال أكرهكم‪ .‬أ ِّ‬
‫فلمصلحتكم ورمحة بنفسكم‪ ،‬أرجوكم ّأال ُحت ِّ‬
‫ّ‬
‫أود لو أنقلكم إىل منطق جديد‪ ،‬مقدَّس‪ ،‬قادر على تقديسكم وإيصالكم إىل السماء‪.‬‬ ‫وأرثي له‪ .‬ولكنّين ّ‬
‫أتيت‪ .‬إنّين أمحلكم‬ ‫ِّ‬
‫أتيت ألُخلّصكم‪ .‬ألجل هذا ُ‬ ‫أتيت حملاربتكم؟ آه! ال! لقد ُ‬ ‫إّّنا هل تعتقدون أنّين ُ‬
‫التفهم‪ ،‬ابلضبط ألنّكم األكثر ِّحكمة يف إسرائيل‪ ،‬ينبغي لكم إدراك‬ ‫احلب و ّ‬
‫يف قليب‪ .‬وأطلب منكم ّ‬
‫كبيت؟‬
‫احلقيقة أكثر من اجلميع‪ .‬كونوا روحاً وليس جسداً‪ .‬هل تريدون أن أرجوكم وأان أجثو على ر ّ‬
‫هامة لدرجة أنّين أضع ذايت حتت أقدامكم ألرحبها للسماء‪ ،‬وأان متأ ّكد أ ّن‬ ‫الرهان هو نفسكم‪ ،‬وهي ّ‬
‫اآلب لن ينظر إىل تواضعي هذا على أنّه خطأ‪ .‬تكلّموا! قولوا يل كلمة أان أنتظرها!»‬

‫«اللعنة! هذا ما نقوله‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 842 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«حسناً‪ ،‬مفهوم‪ .‬اذهبوا أنتم فقط وأان كذلك سأذهب‪ ».‬يدور يسوع ويعود إىل مكانه‪ُ ،‬يين‬
‫رأسه على الطاولة ويبكي‪.‬‬

‫املتوحشني الذين َشتَموه‪ ،‬والذين‬ ‫ِّ‬


‫يُغلق برتلماوس الباب لكي ال يرى دموعه أحد من أولئك ّ‬
‫وجي ّدفون على املسيح‪.‬‬
‫يتوعدون ُ‬
‫َيضون وهم ّ‬
‫حّت‬ ‫صمت طويل‪ ،‬مث ي ِّ‬
‫الطف يعقوب بن حلفا رأس يسوعه قائالً‪« :‬ال ِّ‬
‫ك‪ّ ،‬‬
‫تبك‪ .‬فنحن حنبّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫عوضاً عنهم‪».‬‬

‫يرفع يسوع وجهه ويقول‪« :‬ليس من أجلي أبكي بل من أجلهم ُهم‪ ،‬الذين يَقتُلون نفوسهم‬
‫كل دعوة‪».‬‬
‫صامني آذاهنم عن ّ‬
‫ّ‬
‫«ماذا سنفعل اي رب؟» يسأل يعقوب اآلخر‪.‬‬

‫«سنذهب إىل اجلليل‪ .‬صباح الغد سنرحل‪».‬‬

‫رب؟»‬
‫«أوليس اليوم اي ّ‬
‫«ال‪ .‬ينبغي يل إلقاء التحيّة على الصاحلني هنا‪ .‬وأنتم سوف أتتون معي‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 843 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -105‬تلميذ جديد‪ .‬االنطالق إىل اجلليل)‬

‫‪1945 / 04 / 16‬‬

‫اقبت تلك املرأة خالل‬‫ريب‪ ،‬مل أقُم بغري واجيب جتاه هللا وجتاه معلّمي‪ ،‬وجتاه ضمريي‪ .‬فلقد ر ُ‬ ‫«ّ‬
‫لدي‪ ،‬وقد وجد ُهتا نزيهة‪ ،‬شريفة على الدوام‪ .‬إذا كانت فيما مضى خاطئة‪،‬‬ ‫الفَتة اليت كانت فيها ضيفة ّ‬
‫وهم‬
‫ماض َحمَْتهُ هي وألغته؟ يل أبناء شباب‪ُ ،‬‬ ‫علي النبش يف ٍ‬
‫فهي مل تعد كذلك اآلن‪ .‬ملاذا إذن يتحتّم َّ‬
‫ليسوا َجلِّفني‪ .‬وهي مل تكشف قط عن وجهها اجلميل ح ّقاً‪ ،‬وال أمسَ َعت أحداً صوهتا‪ .‬أستطيع القول‬
‫صَر َخت بسبب جرحها‪ .‬خبالف ذلك‪ ،‬فإ ّن األشياء القليلة اليت‬ ‫مسعت صوهتا الرانن ّإال حينما َ‬
‫إنّين ما ُ‬
‫حّت‬ ‫ِّ‬
‫مين أو من زوجيت‪ ،‬وكانت هتمس ُهساً من خلف الوشاح‪ ،‬وبنعومة فائقة‪ّ ،‬‬ ‫كانت تطلبها‪ ،‬فدائماً ّ‬
‫إنّنا كنا جند صعوبة يف إدراك طَلَبها‪ .‬انظر كم كانت كذلك َح ِّذ َرة فَ ِّطنَة‪ .‬فهي حينما َخ ِّشيَت من‬
‫كنت قد وعد ُهتا ابلدفاع عنها ومساعدهتا‪،‬‬ ‫انصَرفَت‪ ...‬و ُ‬
‫إمكانيّة التسبّب ابلضرر يل بوجودها هنا‪َ ،‬‬
‫يتصرفن هكذا! سوف أصلّي من أجلها كما طَلَبَت‪،‬‬ ‫الضاالت ال ّ‬
‫تستغل ذلك‪ .‬ال‪ ،‬فالنساء ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولكنّها مل‬
‫ص َدقات ملنفعتها الروحيّة‪ .‬فالصدقات لو ُوِّّزعت‬ ‫حّت بدون ذلك التذكار‪ .‬خذه اي سيّد‪ .‬اجعل منه َ‬ ‫بل ّ‬
‫بكل أتكيد سبب سالم هلا‪».‬‬
‫أنت‪ ،‬فستكون ّ‬ ‫يقك َ‬‫عن طر َ‬
‫بكل احَتام‪ .‬إنّه رجل وسيم‪ ،‬ذو وجه فاضل وجسم ضخم‪ .‬خلفه‬ ‫يتح ّدث الوكيل إىل يسوع ّ‬
‫ستّة شباب يُشبِّهون والدهم‪ ،‬ستّة وجوه صافية وذكيّة‪ ،‬وكذلك الزوجة‪ ،‬هي امرأة انعمة ولطيفة ج ّداً‪،‬‬
‫كأهنا تستمع إىل آهلة‪ ،‬غري متوقّفة عن التأكيد إبشارات من رأسها‪.‬‬
‫وهي تستمع إىل زوجها و ّ‬

‫الذهيب‪ ،‬ويعطيه لبطرس قائالً‪« :‬ألجل الفقراء‪ ».‬مثّ يعود فيلتفت إىل الوكيل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أيخذ يسوع السوار‬
‫الشر‪ ،‬وتَـتَّبِّع‬ ‫ك حكيم ألنّ َ ِّ‬
‫ك ُمتيّز اخلري من ّ‬ ‫أنت فإنّ َ‬
‫«ال يتمتّع مجيع من يف إسرائيل ابالستقامة‪ّ .‬أما َ‬
‫وبيتك‪ .‬حافِّظوا‬‫وزوجتك َ‬
‫َ‬ ‫وبنيك‬
‫كك َ‬ ‫األزيل أابر َ‬
‫اخلري دوّنا إقامة وزن للمنفعة البشريّة‪ .‬فباسم اآلب ّ‬
‫الرب معكم وتنالون احلياة األبديّة‪ .‬اآلن أان أنصرف‪.‬‬ ‫فيظل ّ‬
‫احلايل‪ّ ،‬‬
‫الروحي ّ‬
‫ّ‬ ‫على الدوام على وضعكم‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 844 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫ليمنحك‬
‫َ‬ ‫إيل على الدوام‪ .‬و‬
‫وإبمكانك أن أتيت َّ‬
‫َ‬ ‫ولكن هذا ال يعين أنّنا لن نلتقي اثنية‪ .‬سوف أعود‪،‬‬
‫كل الذي فَـ َعلتَه ألجلي وألجل تلك املسكينة‪».‬‬
‫هللا سالمه من أجل ّ‬
‫جيثو الوكيل واألوالد وكذلك الزوجة‪ ،‬ويُقبِّّلون قدمي يسوع الذي‪ ،‬بعد آخر حركة بركة‪ ،‬يبتعد‬
‫متوجهاً صوب البلدة‪.‬‬
‫مع تالميذه ّ‬
‫املتوحشون ما يزالون هناك؟» يسأل فليبّس‪.‬‬
‫«وإذا كان أولئك ّ‬
‫«ال َيكن منع أحد من الكالم على الطرقات‪ ».‬جييب يوضاس بن حلفا‪.‬‬

‫"حمرومون"‪».‬‬
‫«ال‪ .‬ولكنّنا ابلنسبة هلم َ‬
‫هتتم لذلك؟»‬
‫«آه! دعهم يفعلون! هل ّ‬
‫يهمين غري الذي يريده املعلّم‪ .‬حتاشي العنف‪ .‬وهم الذين يعرفون ذلك‬
‫«أان ليس يل ما ّ‬
‫يوطي‬ ‫ِّ‬
‫يستغلّونه‪ ».‬يُتمتم بطرس‪ .‬وهو يعتقد‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬أ ّن يسوع الذي يتح ّدث مع مسعان واالسخر ّ‬
‫ال يسمعه‪.‬‬

‫صر ابلعنف؟ ولكنّه‬‫ولكن يسوع يسمع‪ .‬ويلتفت نصف عابس ونصف مبتسم‪« .‬هل تظنّين أنتَ ِّ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫تستمر اهليبة‬
‫ّ‬ ‫بشري‪ ،‬وال ََي ُدم ّإال لفَتة حم ّددة‪ ،‬وألجل حتقيق انتصارات بشريّة‪ .‬كم من الزمن‬
‫تصرف ّ‬ ‫ّ‬
‫والشهرة؟ الزمن الذي تَنتُج فيه من ذاهتا‪ ،‬لدى اخلاضعني هلا‪ ،‬تفاعالت‪ ،‬لو اجتَ َم َعت ألنتَ َجت عنفاً‬
‫مرة‬
‫هائالً يطرح اهليبة والشهرة أرضاً‪ .‬وأان ال أبغي مملكة زمنيّة‪ .‬أريد مملكة أبديّة‪ :‬ملكوت السماء‪ .‬كم ّ‬
‫دركون؟ نعم‪ ،‬سوف أتيت حلظة تفهمون فيها‪».‬‬ ‫قلت لكم ذلك؟ وكم مرة علي أن أقوله لكم؟ هل ستُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ّ ّ‬
‫أقل جهالً‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬
‫متعجل لإلدراك ألُصبح ّ‬
‫ريب؟ إنّين ّ‬
‫«مّت‪ّ ،‬‬
‫طحنون مثل احلبّة بني حجري األمل والندامة‪ .‬سوف تتم ّكنون‪ ،‬بل ينبغي لكم‬‫«مّت؟ عندما تُ َ‬
‫حراً‪ .‬وأنتم‬ ‫ِّ‬
‫أن تُدركوا مسبقاً‪ .‬ولكن من أجل ذلك عليكم حتطيم الطبيعة البشريّة فيكم‪ ،‬وإبقاء الروح ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 845 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫دركون‪ .‬وعندئذ ستفهمون أنّين مل‬‫دركون‪ ...‬ستُ ِّ‬
‫ال تعرفون ممارسة هذا اجملهود على ذواتكم‪ .‬ولكن ستُ ِّ‬
‫أكن أستطيع استخدام العنف وسيلة بشريّة إلقامة ملكوت السماوات‪ :‬ملكوت الروح‪ .‬إّّنا يف انتظار‬
‫ذلك‪ ،‬ال ختافوا‪ ،‬فهؤالء الناس الذين يقلقونكم ال يفعلون شيئاً لكم‪ ...‬بل يكفيهم ّأهنم طردوين‪».‬‬

‫«ولكن‪ ،‬أمل يكن من األيسر إعالم رئيس الكنيس أن أييت إىل الوكيل‪ ،‬أو انتظاران على الطريق‬
‫العامة؟»‬
‫ّ‬
‫ابحلري كان ذلك أيسر لنا‪،‬‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬‫ال‬
‫ً‬ ‫سه‬ ‫يكن‬ ‫مل‬ ‫ا‬‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫توما!‬ ‫اي‬ ‫حذر‬ ‫رجل‬ ‫ن‬ ‫لك اليوم ِّ‬
‫م‬ ‫«آه! اي َ‬
‫ّ‬
‫َظهَر بطولة حيايل‪ ،‬ولقد ُشتم يف بيته بسبيب‪ .‬ومن العدل أن أذهب أان إىل‬
‫إّّنا ليس عدالً‪ .‬فهو قد أ َ‬
‫بيته ألواسيه‪».‬‬

‫يرفع توما كتفيه‪ ،‬وال يعود يتكلّم‪.‬‬

‫هي ذي البلدة‪ ،‬ولكنّها بلدة ريفيّة‪ ،‬بيوهتا وسط البساتني العارية حاليّاً‪ ،‬وفيها الكثري من حظائر‬
‫كل اجلهات ثغاء القطعان‪ ،‬وهي تصعد‬ ‫فَتض أن تكون مكاانً مناسباً للرعي‪ ،‬فإنّين أمسع من ّ‬ ‫النعاج‪ .‬يُ ََ‬
‫إىل اهلضبة أو تنـزل منها‪ .‬وكالعادة‪ ،‬تتقاطع الطرقات لتش ّكل ساحة القرية ذات الينبوع‪ ،‬وهناك يقع‬
‫بيت رئيس الكنيس‪.‬‬

‫الرب يتملّكها‬
‫امرأة عجوز‪ ،‬تَفتَح‪ ،‬وآاثر الدموع ظاهرة على وجهها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فلدى رؤيتها ّ‬
‫الفرح وجتثو لتباركه‪.‬‬
‫ألودعكم‪ .‬أين ِّ‬
‫ابنك؟»‬ ‫جئت ّ‬‫األم‪ .‬لقد ُ‬
‫«اهنضي أيّتها ّ‬
‫أتيت لتواسيه؟ فأان غري قادرة على‬
‫«إنّه هناك‪ »...‬وتشري إىل غرفة يف صدر البيت‪« .‬وهل َ‬
‫ذلك‪»...‬‬

‫عين؟»‬
‫«هو إذن حزين؟ هل يتأ ّمل ألنّه دافَ َع ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 846 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬اي سيّد‪ .‬ولكن وسواساً يتملّكه‪ .‬وستسمعه‪ .‬أانديه‪».‬‬

‫َذهب أان إليه‪ .‬وأنتم انتظروا هنا‪ .‬هيّا بنا اي امرأة‪».‬‬


‫«ال‪ ،‬أ َ‬
‫دخل إىل الغرفة‪ ،‬ويتق ّدم ببطء اب ّجتاه رجل‬
‫جيتاز يسوع بضعة أمتار الردهة‪ ،‬يَدفَع الباب‪ ،‬يَ ُ‬
‫أتمل أليم‪.‬‬
‫غرق يف ّ‬‫ومستَ ِّ‬
‫جالس‪ ،‬منح ٍن إىل األرض‪ُ ،‬‬
‫لك اي طيمون‪».‬‬
‫«السالم َ‬
‫أنت!»‬
‫ريب! َ‬
‫«ّ‬
‫أنت حزين هكذا؟»‬
‫«أان‪ ...‬ملاذا َ‬
‫َفحص ضمريي فال أجدين كذلك‪ .‬إّّنا‬ ‫أخطأت‪ .‬قالوا إنّين حمروم‪ .‬أ َ‬
‫ُ‬ ‫ريب‪ ...‬أان‪ ...‬قالوا إنّين‬
‫«ّ‬
‫حق‪ .‬ومل أعد اآلن أجرؤ‬ ‫فإهنم ق ّديسو إسرائيل‪ ،‬وأان رئيس الكنيس املسكني‪ .‬فبالتأكيد هم على ّ‬ ‫هم‪ّ ،‬‬
‫حبب‬
‫كنت أخدمه ّ‬ ‫أمس احلاجة إليه يف هذه الساعة! لقد ُ‬ ‫عيين يف وجه هللا الغاضب‪ .‬وأان يف ّ‬
‫على رفع ّ‬
‫كنت أعمل على التعريف به‪ .‬ولقد ُح ِّر ُ‬
‫مت اآلن من فعل اخلري هذا أل ّن اجملمع يلعنين‬ ‫حقيقي‪ ،‬و ُ‬
‫ّ‬
‫ابلتأكيد‪».‬‬

‫حت يف موقع‬
‫ك أصبَ َ‬
‫كونك مل تعد رئيس الكنيس؟ أم ألنّ َ‬
‫أملك؟ هل هو َ‬‫«ولكن ما مصدر َ‬
‫عليك فيه التح ّدث عن هللا؟»‬
‫يستحيل َ‬
‫ك تريد القول يل ما إذا كان يزعجين ّأال أعود‬
‫«األمر األخري هذا هو الذي يسبّب يل األمل! أظنّ َ‬
‫رئيس الكنيس‪ ،‬بسبب الفائدة اليت ُجتىن‪ ،‬واالعتبار الناجم عن الوظيفة‪ .‬فإ ّن هذا ال يشغل ابيل أبداً‬
‫إذ ليس يل سوى ّأمي‪ ،‬وهي يف األصل ِّمن ايراي ‪ Aerea‬وهلا هناك بيت صغري‪ .‬فهي متتلك سقفاً‬
‫ووسائل للعيش‪ّ .‬أما أان‪ ...‬فإنّين شاب‪ ،‬وسوف أجد عمالً‪ .‬ولكنّين لن أجرؤ أبداً على التح ّدث عن‬
‫اقَتفت اخلطيئة‪».‬‬
‫ُ‬ ‫هللا‪ ،‬أان الذي‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 847 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اقَتفت اخلطيئة؟»‬
‫َ‬ ‫أبي فعل‬
‫« ّ‬
‫رب! ال جتعلين أقوهلا!‪»...‬‬
‫«يقولون إنّين شريك يف‪ ...‬اي ّ‬
‫أنت‪ ،‬نعرف ّاهتاماهتم‪ ،‬ونَعلَم ّأهنا ليست‬
‫لك أان‪ .‬وأان كذلك لن أقوهلا‪ .‬فأان و َ‬
‫«ال‪ .‬سوف أقول َ‬
‫لك ذلك‪».‬‬
‫فأنت مل تقَتف خطيئة‪ .‬وأان َمن أقول َ‬
‫صحيحة‪ .‬وابلنتيجة‪َ ،‬‬
‫عيين صوب الكلّ ّي القدرة؟ أستطيع أن‪»...‬‬
‫لت أستطيع رفع ّ‬
‫«إذن‪ ،‬ما ز ُ‬
‫بين؟» يسوع كلّ ّي اللطف‪ ،‬بينما هو ينحين صوب الرجل الذي توقّف فجأة وكأنّه‬ ‫«ماذا اي ّ‬
‫عك اجملمع‪.‬‬ ‫وفكرك‪ .‬نعم‪ ،‬سوف يُ ِّّ‬
‫قر َ‬ ‫َ‬ ‫قلبك‬
‫تك‪ ،‬ويريدها‪ .‬وأان أريد َ‬
‫خائف‪« .‬ماذا؟ أيب يبحث عن نظر َ‬
‫كل ما يلزم لتكون‬ ‫فيك ّ‬
‫اعي وأقول‪" :‬تعال"‪ .‬هل تريد أن تكون يل تلميذاً؟ فأان أرى َ‬‫لك ذر ّ‬
‫وأان أفتح َ‬
‫األزيل‪ .‬تعال إىل َك ْرمي‪»...‬‬
‫أحد فَـ َعلَة املعلّم ّ‬
‫أنت جاد يف قول ذلك اي معلّم؟ ّأماه‪ ...‬هل تسمعني؟ إنّين سعيد اي ّأمي! أان‪...‬‬ ‫«ولكن هل َ‬
‫أُابرك هذا األمل ألنّه َمنَ َحين هذا الفرح‪ .‬آه! فلنُ ِّقم احتفاالً عظيماً اي ّأمي‪ .‬وبعدئذ سأذهب مع املعلّم‪،‬‬
‫كل خشية‪ ،‬وكذلك األمل واخلوف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫عين ّ‬
‫لت ّ‬‫أنت اي َمن أز َ‬
‫رب‪َ ،‬‬ ‫وتعودين أنت إىل بيتك‪ .‬آيت حاالً اي ّ‬
‫من هللا‪».‬‬

‫كزك‪ ،‬طاملا ُهم‬


‫أنت يف مر َ‬ ‫ِّ‬
‫فابق كما َ‬
‫«ال‪ ،‬بل ستنتَظر قرار اجملمع‪ ،‬بسكينة نفس ودون حقد‪َ .‬‬
‫ك‪».‬‬
‫معك ومع ّأم َ‬
‫كونك‪ .‬مثّ توافيين إىل الناصرة أو كفرانحوم‪ .‬وداعاً‪ .‬السالم َ‬
‫يَت َ‬
‫لنفسك حمطّة يف بييت؟»‬
‫َ‬ ‫«أفال تتّخذ‬

‫ك‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬سوف آيت إىل بيت ّأم َ‬
‫«اإلَيان يف البلدة قليل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 848 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت سعيدة اآلن؟» يالطفها يسوع كما يفعل على‬ ‫«سأُعلِّّمهم اإلَيان‪ .‬الوداع أيتها األم‪ .‬هل ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يناديهن تقريباً دائماً بـ «أيّتها األ ّم»‪.‬‬ ‫الدوام مع الطاعنات يف السن اللوايت‪ ،‬كما أ ِّ‬
‫ُالحظ‪،‬‬
‫ّ‬
‫الرب‬
‫الرب يَقبَله خادماً ملسيحه‪ .‬فليتبارك ّ‬
‫الرب‪ .‬و ّ‬
‫يت ابناً من أجل ّ‬‫كنت قد ربّ ُ‬
‫«سعيدة اي رب‪ُ .‬‬
‫املدعو‬ ‫ابين‬ ‫و‬‫ه‬ ‫بارك‬‫وم‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫لذلك‪ .‬ولتكن مباركاً أنت‪ ،‬مسيحه‪ .‬ولتكن مباركة الساعة اليت قَ ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫خلدمتك‪».‬‬
‫َ‬
‫«ولتكن مباركة األم الق ّديسة مثل حنّة اليت أللقاان‪ .‬وليكن السالم ِّ‬
‫معك‪».‬‬ ‫ّ‬
‫ََي ُرج يسوع‪ ،‬يتبعه االثنان‪ .‬يوايف تالميذه‪ ،‬مثّ يبدأ رحلة عودته إىل اجلليل‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 849 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -106‬على جبال عماوس)‬

‫‪1945 / 04 / 17‬‬

‫يسوع مع أتباعه يف مكان كثري اجلبال‪ .‬الطريق َو ِّعَرة وصعبة‪ .‬األكرب سنّاً تَعِّبون ج ّداً‪ .‬الشباب‬
‫على العكس‪ُُ ،‬ييطون بيسوع وقد َغ َمَرهم الفرح‪ ،‬ويسريون صعداً برشاقة‪ ،‬وهم يتح ّدثون فيما بينهم‪.‬‬
‫صلَت عدوى فرحهم إىل‬ ‫ابنا عمه وابنا زبدى وأندراوس فَ ِّرحون لفكرة العودة إىل اجلليل‪ ،‬وقد َو َ‬
‫يوطي الذي يبدو‪ ،‬منذ بعض الوقت‪ ،‬يف أحسن حاالته الروحيّة‪ .‬ويكتفي ابلقول‪« :‬يف هذه‬ ‫االسخر ّ‬
‫احلال اي معلّم‪ ،‬عندما أنيت إىل اهليكل‪ ،‬يف الفصح‪ ،‬هل ستكرر الزايرة إلسخريوط؟ فإ ّن ّأمي أتمل‬
‫تك‪ .‬لقد أعلَ َمتين بذلك‪ ،‬وكذلك أبناء بلديت‪»...‬‬ ‫دائماً بزاير َ‬
‫قاس ج ّداً وال يسمح ابلسري على‬‫فحّت ولو كنّا نريد ذلك‪ ،‬فالطقس ٍ‬
‫«ابلتأكيد‪ّ ،‬أما حاليّاً‪ّ ،‬‬
‫كنت‬
‫علي ذلك‪ ،‬ملا ُ‬ ‫حّت هنا‪ .‬فلو مل يكونوا قد فَـَرضوا ّ‬
‫تلك الطرقات الصعبة‪ .‬انظروا مدى صعوبتها ّ‬
‫رت السفر يف هذا الوقت‪ ...‬إّّنا مل يكن مبقدوران بعد البقاء‪ »...‬ويصمت يسوع مستغرقاً يف التفكري‪.‬‬
‫ّقر ُ‬
‫أدل يعقوب‬
‫أود القول‪ :‬هل سنتم ّكن من اجمليء من أجل الفصح؟ فإنّين أرغب يف أن ّ‬
‫«وبعد‪ّ ،‬‬
‫تك‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬
‫وأندراوس على مغار َ‬
‫يوطي‪« .‬خاصة املعلّم‪».‬‬
‫«هل تنسى حبّنا لبيت حلم؟» يقول االسخر ّ‬
‫بيتك‪»...‬‬
‫«ال‪ .‬ولكنّين ابحلري أذهب مع يعقوب وأندراوس وإبمكان يسوع البقاء يف ايفا أو يف َ‬
‫أنت تبقى معي يف‬
‫«آه! إ ّن هذا ليسعدين‪ .‬هل تفعلها اي معلّم؟ ُهم يذهبون إىل بيت حلم‪ ،‬و َ‬
‫تك‪»...‬‬
‫أمتىن كثرياً لو تكون يل بكلّيّ َ‬
‫ط لتبقى معي وحدي‪ ...‬و ّ‬
‫إسخريوط‪ .‬ابلفعل مل تكن ق ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 850 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حّت‬
‫تظن أنّين معكم مجيعاً‪ّ ،‬‬
‫«هل تشعر ابلغرية؟ أال تَعلَم أنّين أحبّكم مجيعاً ابملقدار ذاته؟ أال ّ‬
‫حينما يبدو لكم أنّين بعيد عنكم؟»‬

‫روحك‬
‫َ‬ ‫أظن أ ّن‬
‫األقل‪ّ .‬‬
‫لكنت أكثر صرامة‪ ،‬معي أان على ّ‬
‫ك حتبّنا‪ .‬ولو مل تكن حتبّنا َ‬ ‫«أعرف أنّ َ‬
‫حب‬
‫بكل ما يف ذلك من أنواع ّ‬‫جمرد أرواح‪ ،‬بل حنن بشر كذلك‪ّ ،‬‬ ‫يسهر علينا دائماً‪ .‬ولكنّنا لسنا ّ‬
‫أظن‬
‫جيعلك األكثر سعادة‪ .‬ولكنّين ّ‬
‫َ‬ ‫لست ذاك الذي‬
‫اإلنسان ورغباته وحسراته‪ .‬اي يسوعي‪ ،‬أَعلَم أنّين ُ‬
‫أفقدك فيها بسبب بؤسي‪»...‬‬
‫كل الساعات اليت َ‬‫َسفي على ّ‬ ‫إسعادك‪ ،‬وأ َ‬
‫َ‬ ‫أنك تَعلَم مدى رغبيت يف‬
‫َ‬
‫لك من اآلخرين‪ ،‬وأكثر‪ ،‬حتديداً‪ ،‬ألنّين أعرف من‬
‫أفقدك‪ .‬وإنّين أقرب َ‬
‫«عزيزي يهوذا‪ .‬أان ال َ‬
‫تكون‪».‬‬

‫َفهم‪ .‬يبدو يل وكأنّين امرأة مضطَ ِّربة‬ ‫ريب؟ قل‪ .‬ساعدين أل ِّ‬
‫ُدرك ما أكون‪ .‬إنّين ال أ َ‬ ‫«من أكون ّ‬
‫فلدي رغبات مق ّدسة‪ ،‬وأخرى منحطّة‪ .‬ملاذا؟ ماذا أكون؟»‬
‫برغبات احلَ ْمل‪ّ .‬‬
‫يرمقه يسوع بنظرة يَصعُب وصفها‪ .‬إنّه حزين‪ ،‬ولكنّه حزن ممزوج ابلشفقة‪ .‬واي هلا من شفقة!‬
‫حتسبه طبيباً يتنبّه إىل حالة مريض‪ ،‬وهو يعرف أنّه غري قابل للشفاء‪ ...‬ولكنّه ال يتكلّم‪.‬‬

‫األقل صرامة على الدوام‪ .‬مثّ‪ ...‬حنن‬


‫حكمك على يهوذا املسكني‪ ،‬سيكون ّ‬
‫َ‬ ‫«قل اي معلّمي‪ ،‬إ ّن‬
‫قومون حكمهم‪،‬‬ ‫منك‪ ،‬فسيُ ِّّ‬
‫أي معدن أان‪ .‬ابلعكس‪ ،‬لو عرفوا ذلك َ‬
‫يهمين أن يعلموا من ّ‬
‫إخوة‪ .‬وال ّ‬
‫ويساعدونين‪ .‬أليس كذلك؟»‬

‫اآلخرون متضايقون‪ ،‬وال يعرفون ماذا يقولون‪ .‬يَنظُرون إىل رفيقهم وينظرون إىل يسوع‪.‬‬
‫َ‬
‫يوطي إىل جانبه‪ ،‬إىل املكان الذي كان فيه سابقاً يعقوب ابن عمه‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫يش ّد يسوع االسخر ّ‬
‫أقل‬
‫َّدة املعامل متاماً‪ ،‬و ّ‬
‫كل العناصر ال ُفضلى‪ ،‬ولكنّها ليست حمد َ‬ ‫ك‪ ،‬بكل بساطة غري ُمنتَ ِّظم‪َ .‬‬
‫لديك ّ‬ ‫«إنّ َ‬
‫نسمة هواء تف ّككها‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 851 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫املمر وظَ َهَرت لنا األضرار احلاصلة للمساكن الفقرية يف تلك البلدة‪ ،‬بفعل‬ ‫منذ قليل مرران بذاك ّ‬
‫املاء والَتاب والشجر‪ .‬واملاء والَتاب والشجر هي أشياء مباركة ومفيدة‪ ،‬أليس هذا صحيحاً؟ ومع ذلك‬
‫أصبَ َحت ملعونة‪ .‬ملاذا؟ أل ّن مياه السيل مل يكن هلا جمرى ُمنتَظَم‪ ،‬ونتيجة استهتار الناس‪ُ ،‬ح ِّفَرت هلا‬
‫جما ٍر عديدة تبعاً هلواها‪ .‬كانت مجيلة طوال الفَتة اخلالية من العواصف‪ .‬حينها كانت املياه الصافية‬
‫زمرد‪ ،‬على حسب‬ ‫اجلارية على اجلبال يف سو ٍ‬
‫حلي ماس أو عقود ّ‬ ‫ّ‬ ‫للصياغة‪،‬‬ ‫ل‬‫شغ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫نتاج‬ ‫مثل‬ ‫صغرية‪،‬‬ ‫اق‬ ‫َ‬
‫ألهنا كانت ذات فائدة حلقوهلم‬ ‫ظل الغيضات‪ .‬وكان الناس يُ َسّرون من ذلك‪ّ ،‬‬ ‫ما تَعكس من النور أو ّ‬
‫الصغرية‪ ،‬شرايني املاء اهلادرة تلك‪ .‬وكم كانت مجيلة تلك األشجار اليت نـَبَـتَت تبعاً لنـزوات الرايح‪ ،‬هنا‬
‫وهناك‪ ،‬يف جمموعات غري مدروسة‪ ،‬اتركة مساحات نور متلؤها الشمس‪ .‬وكانت مجيلة‪ ،‬األرض خفيفة‬
‫متوجات اهلضبة العديدة‪ ،‬وهي اخلصيبة ج ّداً‬ ‫لست أدري ابيّة رواسب طمي‪ ،‬بني ّ‬ ‫الَتبة‪ ،‬املخطّطة ُ‬
‫تفرعات السيل غري املنتظمة‬ ‫تتجمع ّ‬ ‫حّت ّ‬ ‫هتب العواصف منذ شهر ّ‬ ‫للزراعة‪ .‬ولكن كان يكفي أن ّ‬
‫ائي‪ ،‬وجارفة إىل األسفل قطع‬ ‫جارة الشجر بشكل عشو ّ‬ ‫وي‪ ،‬متتبّعة جمرى آخر‪ّ ،‬‬‫وتتدفّق بشكل فوض ّ‬
‫األرض املنتَـَز َعة من املكان‪ .‬فلو كان جمرى املاء منظماً‪ ،‬ولو كانت األشجار جمتمعة يف غيضات‬
‫منتظمة‪ ،‬ولو كانت األرض مثبّتة مبصاطب مع ّدة بشكل جيّد‪ ،‬ملا كانت تلك العناصر الثالثة الصاحلة‪،‬‬
‫دموي لتلك البلدة الصغرية‪.‬‬
‫املاء والَتاب والشجر‪ ،‬لتصبح مصدر خراب ّ‬
‫لديك الكثري الكثري من املزااي‪ّ .‬إال أ ّن‬
‫أنت متتلك الذكاء واإلقدام والثقافة والبديهة واملهابة‪َ .‬‬
‫و َ‬
‫أنت حتتاج إىل‬ ‫كل شيء على هذه احلال‪ .‬انظر‪َ :‬‬ ‫أنت تَتك ّ‬‫ائي‪ ،‬و َ‬
‫فيك بشكل عشو ّ‬ ‫هذا كلّه موجود َ‬
‫اتك‪ ،‬حبيث إ ّن‬ ‫ذاتك للَتتيب‪ .‬وهذا الَتتيب يُصبِّح فيما بعد ّقوة‪ ،‬وسط ميز َ‬
‫ودؤوب على َ‬ ‫َع َمل صبور َ‬
‫عليك وعلى اآلخرين‪».‬‬ ‫شراً وابالً َ‬
‫فيك يصبح ّ‬ ‫هتب‪ ،‬ال جتعل اخلري الذي َ‬‫عاصفة التجارب حينما ّ‬
‫كل شيء ينقلب رأساً على عقب‪.‬‬
‫كل حلظة أترنّح بفعل الريح‪ ،‬و ّ‬
‫حق اي معلّم‪ ،‬ففي ّ‬
‫ك لَ َعلى ّ‬
‫«إنّ َ‬
‫وتقول إنّه إبمكاين‪»...‬‬

‫كل شيء اي يهوذا‪».‬‬


‫«إإلرادة هي ّ‬
‫«إّّنا توجد جتارب الذعة للغاية‪ ...‬فنختبئ خوفاً من أن يقرأها العامل على وجهنا‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 852 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«وهذا هو اخلطأ‪ .‬فهذه اللحظة ابلضبط هي املناسبة لعدم االختباء‪ ،‬إّّنا للبحث عن املشاركة‪:‬‬
‫فبمجرد االحتكاك بسالم الصاحلني‪ ،‬هتدأ وتسكن‬ ‫ّ‬ ‫مشاركة الصاحلني للحصول منهم على العون‪.‬‬
‫فهم سبب ذاك الكربايء الذي يدفع إىل االختباء‬‫احلرارة‪ .‬وكذلك معاودة البحث عن مشاركة الالئمني‪ُ ،‬‬
‫األخالقي‪ ،‬فال نعود نسقط‪».‬‬
‫ّ‬ ‫اجملربة‪ ،‬وهذا ما يتفاعل ض ّد الضعف‬
‫سر نفوسنا َّ‬
‫تفك رموز ّ‬
‫لكي ال ّ‬
‫ذهبت إىل الربيّة‪»...‬‬
‫أنت َ‬‫« َ‬
‫كنت أستطيع فعل ذلك‪ .‬ولكن الويل ملن يكونون مبفردهم‪ ،‬إذا مل يكونوا‪ ،‬يف وحدهتم‪،‬‬
‫«ألنّين ُ‬
‫طائفة مقابل طائفة‪».‬‬

‫«كيف؟ ال أفهم‪».‬‬

‫«طائفة من الفضائل مقابل طائفة من التجارب‪ .‬وعندما يكون هناك القليل من الفضائل‪،‬‬
‫جيب العمل على غرار ذلك اللبالب غري ا ِّ‬
‫ملتماسك‪ :‬التشبث أبغصان األشجار القويّة للصعود‪».‬‬

‫وابلرفاق‪ ،‬فساعدوين مجيعكم‪ .‬إنّكم مجيعاً أفضل‬


‫بك ّ‬ ‫لك اي معلّم‪ .‬إنّين أتشبث َ‬
‫كل الشكر َ‬
‫« ّ‬
‫مين‪».‬‬
‫ّ‬
‫أنت معنا‪ ،‬وحنن‬‫الو َسط البسيط والنـزيه الذي نَ َشأان فيه‪ ،‬اي صديقي‪ .‬ولكن اآلن َ‬ ‫«األفضل كان َ‬
‫األقل يف بلداتنا‪ ،‬فالثراء‬
‫ك كثرياً‪ .‬سوف ترى‪ ...‬وهذا ليس َذ ّماً ابليهود‪ ،‬إّّنا ثق أ ّن يف اجلليل‪ ،‬على ّ‬ ‫حنبّ َ‬
‫طرباي‪ ،‬جمدال‪ ،‬وأمكنة أخرى‪ ،‬حيث االنشراح‪ ،‬قريبة منّا‪ .‬ولكنّنا حنن نعيش‬ ‫أقل‪ّ .‬‬ ‫أقل‪ ،‬والفساد ّ‬
‫هناك ّ‬
‫قدسي مبا َوَهبَنا هللا‪ ».‬يقول‬ ‫بشكل‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ش‬‫ـم‬ ‫ل‬‫ا‬‫و‬ ‫َّة‬
‫د‬ ‫مع نفسنا البسيطة‪ ،‬اجللفة لو أردت‪ ،‬ولكنّها الـم ِّ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يعقوب بن حلفا‪.‬‬

‫«ولكن هل تَعلَم اي يعقوب أ ّن أ ُّم يهوذا ق ّديسة‪ ،‬والصالح ُمرتَ ِّسم على حميّاها؟» يقول يوحنّا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 853 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يوطي سعيداً هبذا املديح‪ ،‬وابتسامته تصبح أكثر إشراقاً عندما يضيف‬
‫«يبتسم يهوذا االسخر ّ‬
‫أحسنت قوالً اي يوحنّا‪ .‬فهي إنسانة ق ّديسة‪».‬‬
‫َ‬ ‫يسوع‪« :‬‬

‫صلَين عن ّأمي متاماً بشكل‬


‫مين أحد عظماء العامل‪ ،‬فَـ َف َ‬
‫لكن أيب كان ُيلم أن جيعل ّ‬
‫«إيه! نعم‪ ،‬و ّ‬
‫مب ّكر‪»...‬‬

‫«ولكن ما الذي تتح ّدثون عنه؟ أنتم اي من ال تك ّفون عن الكالم‪ ».‬يسأل بطرس من بعيد‪.‬‬
‫وبساقي القصريتني‪».‬‬
‫َّ‬ ‫«توقّفوا! انتظروان‪ .‬فليس لطيفاً أن متضوا هكذا دون التفكري يب‬

‫يتوقّفون ريثما تلحق هبم اجملموعة األخرى‪.‬‬

‫ك اي َمرَكيب الصغري! هنا نك ّد مثل العبيد‪...‬ماذا كنتم تقولون؟»‬


‫«أوف! كم أحبّ َ‬
‫«كنّا نتح ّدث عن املزااي الالزمة لبلوغ الصالح‪ ».‬جييب يسوع‪.‬‬

‫«أفال تقوهلا يل أيضاً اي معلّم؟»‬

‫مرات عدة!»‬
‫«ابلتأكيد‪ّ :‬إهنا الَتتيب والصرب واملثابرة والتواضع واحملبّة‪ ...‬لقد قُلتُها ّ‬
‫«ولكن الَتتيب‪ ،‬ال‪ .‬ما دخله؟»‬

‫لك‪ .‬ولقد‬
‫وهم سوف يُعيدون احلديث َ‬ ‫لرفاقك‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫شرحت ذلك‬‫ُ‬ ‫«مل تكن الفوضى يوماً مزيّة‪ .‬وقد‬
‫أنت‬
‫اتم‪ .‬و َ‬
‫وضعت مزيّة احملبّة يف النهاية‪ ،‬فهما الطرفان ملستقيم ّ‬
‫ُ‬ ‫األول‪ ،‬بينما‬
‫عت مزيّة الَتتيب يف ّ‬
‫ض ُ‬‫َو َ‬
‫تَعلَم أ ّن مستقيماً مرسوماً على سطح‪ ،‬ال بداية له وال هناية‪ .‬فبإمكان النهايتني تبادل املواضع‪ .‬بينما‬
‫اللولب أو أي رسم غري منغلق على نفسه‪ ،‬فله على الدوام بداية وهناية‪ .‬لذلك‪ ،‬فالقداسة خطّية‪،‬‬
‫ط املستقيم‪».‬‬ ‫واتمة‪ ،‬وليس هلا سوى هنايتني مثل اخل ّ‬
‫بسيطة ّ‬
‫«رسم املستقيم سهل‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 854 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫عقداً‪َ ،‬يكن خلطأ بسيط أن َير دون أن‬ ‫أي رسم‪ ،‬ولو كان ُم َّ‬‫أنت خمطئ‪ .‬ففي ّ‬ ‫أتظن ذلك؟ َ‬‫« ّ‬
‫عرجاً‪ .‬عندما كان يوسف‬ ‫ظهر للعيان فوراً‪ :‬ميالً كان أم تَ ُّ‬
‫الحظ‪ ،‬إّّنا يف اخلط املستقيم‪ ،‬فأي خطأ يَ َ‬
‫يُ َ‬
‫حبق‪" :‬أترى اي‬
‫صر كثرياً على أن تكون الطاوالت مستوية متاماً‪ ،‬وكان يقول يل ّ‬ ‫يعلّمين املهنة‪ ،‬كان يُ ّ‬
‫بين؟ إ ّن أبسط العيوب يف الزخرفة أو العمل الذي على املخرطة‪َ ،‬يكنه أن َير‪ ،‬إذ إ ّن عيناً غري َخبرية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حّت يف‬
‫اخلشيب إذا مل يكن مستوايً كما جيب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن اللوح‬
‫إذا ما نَظََرت إىل نقطة ال تَرى أخرى‪ .‬و ّ‬
‫ختتل وال تعود صاحلة‬
‫العمل األكثر بساطة‪ ،‬كطاولة قروية مثالً‪ ،‬فهو عمل معيب‪ .‬فتنحين الطاولة أو ّ‬
‫لغري النار"‪ .‬وَيكننا قول ذلك أيضاً ابلنسبة إىل النفوس‪ .‬فلكي ال تكون صاحلة لنار جهنم فقط‪ ،‬أي‬
‫روحي‬
‫دف أملس ومستقيم متاماً‪ .‬فالذي يبدأ عمله ال ّ‬ ‫لكي تكسب السماء‪ ،‬جيب أن تكون كاملة مثل ّ‬
‫فوضوي‪ ،‬اببتدائه أبمور ال طائل منها‪ ،‬أو أبن يقفز مثل عصفور مضطَ ِّرب من شيء آلخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بشكل‬
‫يتوصل إىل شيء‪ ،‬إذ ما من جتميع يعود ممكناً‪.‬‬ ‫فعندما يرغب يف مجع أجزاء َع َمله املختلفة‪ ،‬ال يعود ّ‬
‫فإذن الَتتيب‪ ،‬وإذن احملبّة‪ .‬مثّ‪ ،‬ابحلفاظ على هذين الطرفني اثبتني بني امللزمتني‪ ،‬حبيث ال يعودان‬
‫فهمت؟»‬
‫َ‬ ‫يتحركان أبداً‪ ،‬يبدأ العمل ابلباقي كلّه‪ :‬إن يكن تزييناً أو حفراً‪ .‬هل‬
‫ّ‬
‫فهمت‪ ».‬يهضم بطرس بصمت الدرس الذي أُعطي له‪ .‬وفجأة ََيلُص إىل نتيجة‪« :‬إذن‬ ‫« ُ‬
‫يتحرك‪ ،‬وهو على‬‫مين‪ .‬إنّه حقيقة ُمنَظَّم‪ .‬خطوة خطوة وبصمت وهدوء‪ .‬يبدو وكأنّه ال ّ‬ ‫فأخي أفضل ّ‬
‫عكس ذلك‪ ...‬بينما أان أريد أن أهني أشياء كثرية وبسرعة‪ ،‬وابلنتيجة أجدين ال أهني شيئاً‪ .‬فَ َمن‬
‫يساعدين؟»‬

‫ك تبذل جمهوداً‪».‬‬
‫عمل‪ .‬إنّ َ‬
‫أنت أيضاً تَ َ‬
‫رغبتك الصاحلة‪ .‬ال َختَف اي بطرس‪َ .‬‬
‫« َ‬
‫«وأان؟»‬

‫أنت أيضاً اي فليبّس‪».‬‬


‫«و َ‬
‫لست صاحلاً لشيء على اإلطالق‪».‬‬
‫«وأان؟ يبدو يل أنّين ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 855 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فأنت أيضاً َجتتَ ِّهد‪ .‬مجيعكم َجتتَ ِّهدون‪ .‬إنّكم أشجار بريّة‪ ،‬ولكنّكم ابلتطعيم ّ‬
‫تتغريون‬ ‫«ال اي توما‪َ ،‬‬
‫ببطء وبشكل أكيد‪ .‬وفرحي أان كامن فيكم‪».‬‬

‫أنت متنحنا الشجاعة‪ .‬لنا‬


‫خوافون و َ‬
‫تقوينا‪ّ ،‬‬
‫أنت ّ‬‫ض َع َفاء و َ‬
‫تعزينا‪ُ ،‬‬
‫أنت ّ‬
‫«هو ذا‪ :‬حنن حزاىن و َ‬
‫لديك مباشرة النصيحة والتعزية‪ .‬ماذا تفعل اي معلّم لتكون‪ ،‬على الدوام‪،‬‬
‫كل األحوال‪َ ،‬‬ ‫مجيعاً‪ ،‬ويف ّ‬
‫هبذه اجلاهزيّة وهذا الصالح؟»‬

‫كنت عارفاً مسبقاً ماذا سأجد‪ ،‬وماذا سأفعل‪ .‬وعندما ال‬ ‫ِّ‬
‫أتيت‪ ،‬و ُ‬
‫«أصدقائي‪ ،‬من أجل هذا ُ‬
‫حّت أنتم‬
‫توجد أوهام‪ ،‬فال وجود خليبة األمل‪ ،‬وال يضيق نـَ َفسنا‪ .‬بل نسري يف املق ّدمة‪ .‬تذ ّكروا ذلك‪ّ ،‬‬
‫أيضاً‪ ،‬حينما تريدون‪ ،‬ينبغي لكم حتويل اإلنسان احليوان إىل اإلنسان الروح‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 856 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫اجلزء الثاين ‪ /‬القسم الثاين‬

‫كالواب)‬
‫‪( -107‬يف منـزل رئيس اجمللس ّ‬
‫‪1945 / 04 / 18‬‬

‫قرعان ابب منـزل يف بلدة‪ .‬أَتَـ َعَّرف على ذلك املنـزل‪ ،‬إنّه ذاك الذي َد َخلَه تلميذا‬
‫يوحنّا وأخوه يَ َ‬
‫لست أراه‪ ،‬مثّ ََي ُرجان‬ ‫ِّ‬
‫عماوس مع يسوع القائم من بني األموات‪ .‬عندما يُفتَح هلما‪ ،‬يتح ّداثن إىل أحد ُ‬
‫ذهبان َع َرب إحدى الطرقات ملوافاة يسوع الواقف مع اآلخرين يف موضع حمايد‪.‬‬ ‫ويَ َ‬
‫جمليئك‪ .‬وقد قال لنا‪" :‬اذهبا وقوال له إ ّن بييت حتت‬
‫«إنّه هنا اي معلّم‪ ،‬وهو يف غاية السعادة َ‬
‫تصرفه‪ .‬اآلن آيت أان أيضاً"‪».‬‬
‫ّ‬
‫«هيّا بنا إذن‪».‬‬

‫كالواب‪ ،‬الذي التقوه سابقاً يف منطقة املياه احللوة‪.‬‬


‫يسريون قليالً‪ .‬مثّ يلتقون رئيس اجمللس العجوز ّ‬
‫ينحيان الواحد واآلخر‪ ،‬ولكن بعدئذ جيثو العجوز الصاحل‪ ،‬الذي يبدو َك َحرب‪ُ ،‬حميّياً إبجالل‪ .‬يراه بعض‬
‫السكان‪ ،‬فيقَتبون بفضول‪ .‬يَ َنهض العجوز ويقول‪« :‬هو ذا املسيح املوعود‪ .‬تذ ّكروا هذا اليوم اي س ّكان‬
‫عماوس‪».‬‬

‫يشق َر ُجالن طريقهما بني‬


‫حقيقي‪ ،‬ويبدي آخرون إجالالً دينيّاً‪ .‬مثّ ّ‬
‫ّ‬ ‫بشري‬
‫يَنظُر البعض بفضول ّ‬
‫لك اي رايب‪ .‬حنن أيضاً كنّا موجودين يف ذلك اليوم‪».‬‬
‫الناس وُها يقوالن‪« :‬السالم َ‬
‫مت بناء على طلب رئيس جملسكم‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«السالم لكما‪ ،‬ولكم مجيعاً‪ .‬لقد قَد ُ‬
‫«هل ستجَتح معجزات‪ ،‬هنا أيضاً؟»‬

‫بكل أتكيد‪».‬‬ ‫حها‬‫«إذا وِّجد أبناء هلل‪ ،‬يؤمنون‪ ،‬وهم يف حاجة إىل املعجزات‪ ،‬فسوف َِّ‬
‫أجَت‬
‫ّ‬ ‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 857 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫يودون االستماع إىل املعلّم‪ ،‬وكذلك الذين لديهم مرضى‪ ،‬فليأتوا‬
‫ويقول رئيس اجمللس‪« :‬الذين ّ‬
‫إىل الكنيس‪ .‬هل َيكنين أن أقول ذلك اي معلّم؟»‬

‫لكالواب الصاحل‪».‬‬
‫ّ‬ ‫َيكنك ذلك‪ .‬بعد صالة الساعة السادسة‪ ،‬سأكون كلّي لكم‪ّ .‬أما اآلن فأان‬
‫« َ‬
‫حّت البيت‪.‬‬ ‫وبينما يتبعه مجع غفري من الناس‪ ،‬يتابع سريه إىل جانب العجوز ّ‬
‫«هو ذا ابين‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬وزوجيت وزوجة ابين وأوالده الصغار‪ .‬آسف لكون ابين اآلخر مع َمحي‬
‫ثك عنه‪ .‬تفضل اي سيّدي‪ ،‬وادخل‬
‫ابين كالواب يف أورشليم برفقة رجل مسكني من هنا‪ ...‬إّّنا سأح ّد َ‬
‫تالميذك‪».‬‬
‫َ‬ ‫مع‬

‫تتأجج يف موقد كبري‪،‬‬


‫دخلون‪ ،‬يَستَعيدون قواهم حسب عادات البلدة‪ ،‬مثّ يقَتبون من انر ّ‬
‫يَ ُ‬
‫فالطقس اليوم رطب وابرد‪.‬‬

‫دعوت ُو َجهاء من املنطقة‪ .‬عيد كبري هو اليوم‪ .‬ولكن‪ ،‬ال‬


‫ُ‬ ‫«بعد قليل سنجلس إىل املائدة‪ ،‬وقد‬
‫يودون أن يؤمنوا‪.‬‬
‫لك مشاعر العداء‪ .‬يبحثون فقط‪ّ ...‬‬ ‫بك‪ .‬ومع ذلك فهم ال يكنّون َ‬ ‫يؤمن اجلميع َ‬
‫مرات كثرية يف اآلونة األخرية‪ ،‬خبصوص ماسيا‪ .‬فهناك ريبة‪ .‬وتكفي كلمة من اهليكل‬ ‫عنا‬ ‫ولكنّنا خ ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بكل بساطة‪َ ،‬يكن احلصول‬‫ومساعك‪ ،‬هكذا ّ‬
‫َ‬ ‫برؤيتك‬
‫َ‬ ‫رت أ ّن‬
‫لكن اهليكل‪ ...‬ف ّك ُ‬
‫كل ارتياب‪ .‬و ّ‬ ‫إلزالة ّ‬
‫لك أصدقاء حقيقيّني‪».‬‬ ‫أود أن أُق ّدم َ‬
‫على نتائج كثرية هبذا اخلصوص‪ّ .‬‬
‫أنت واحد منهم‪».‬‬
‫« َ‬
‫السن يُ ِّثقل حركيت‪».‬‬
‫لكن ّ‬‫تبعتك‪ .‬و ّ‬
‫لكنت َ‬‫كنت أكثر شباابً ُ‬
‫«عجوز مسكني أان‪ .‬لو ُ‬
‫أنساك ساعة‬
‫َ‬ ‫كالواب‪ ،‬فلن‬
‫إبَيانك‪ .‬كن مطمئنّاً اي ّ‬
‫َ‬ ‫إبَيانك يب‪ .‬تكرز يب‬
‫َ‬ ‫أنت ختدمين اآلن‬
‫« َ‬
‫الفداء‪».‬‬

‫«ها هو مسعان مع حرماس على وشك الوصول‪ ».‬يُعلِّن ابن رئيس اجمللس‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 858 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫«هذا هو مسعان‪ ،‬وهذا اآلخر حرماس‪ ،‬اي معلّم‪ّ .‬إهنما إسرائيليّان ال غش فيهما‪ّ ،‬إهنما صادقان‬
‫يف عمق النَّفس‪».‬‬

‫فليحل فيهما السالم‪ .‬فَبِّدون السالم ال يُسمع‬


‫ّ‬ ‫«سوف يتجلّى هللا لنفسيهما‪ .‬ويف انتظار ذلك‪،‬‬
‫صوت هللا‪».‬‬

‫«ذلك قيل أيضاً يف ِّسفر امللوك‪ ،‬يف معرض احلديث عن إيليا‪».‬‬

‫املدعو مسعان‪.‬‬
‫تالميذك؟» يسأل ّ‬
‫َ‬ ‫«هل هؤالء هم‬

‫«نعم‪».‬‬

‫جليلي؟»‬
‫ّ‬ ‫أنت‬
‫أنت‪ ،‬هل َ‬
‫كل األعمار ومن مجيع املناطق‪ .‬و َ‬
‫«إ ّن فيهم من ّ‬
‫دت يف بيت حلم زمن االكتتاب‪».‬‬‫ِّ‬
‫«من الناصرة‪ ،‬ولكنّين ُول ُ‬
‫«من بيت حلم إذن‪ .‬هذا ما تؤكده ِّ‬
‫السمات‪».‬‬

‫البشري‪ ،‬ولكن التأكيد األكيد هو من النوع فائق البشر‪».‬‬


‫ّ‬ ‫«إنّه أتكيد عطوف ابلضعف‬

‫أبعمالك؟» يقول حرماس‪.‬‬


‫َ‬ ‫«تقصد القول‪:‬‬

‫شفيت‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫«هبا‪ ،‬وابلكالم الذي يُضرمه الروح على ّ‬
‫مملكتك‬
‫َ‬ ‫حكمتك لَ َعظيمة‪ .‬هل تنوي أتسيس‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫املستمعني‪ .‬ابحلقيقة‪ ،‬إ ّن‬ ‫«لقد نـَ َقلَه يل بعض‬
‫عليها؟»‬

‫للملِّك أن يكون له أتباع يعرفون شرائع مملكته‪».‬‬


‫«ينبغي َ‬
‫ائعك مجيعها روحانيّة‪».‬‬
‫لكن شر َ‬
‫«و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 859 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫فلدي إذن تشريع روحاينّ‪».‬‬
‫قلت اي حرماس‪ ،‬كلّها روحانيّة‪ .‬مملكيت ستكون روحانيّة‪ّ .‬‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫«ولكن ماذا بشأن إعادة أجماد إسرائيل؟»‬

‫البشري‪ .‬فتُقال كلمة إسرائيل واملقصود هبا‬


‫ّ‬ ‫«ال تَـ َقعوا يف اخلطأ الشائع أبخذ اسم إسرائيل مبعناه‬
‫"شعب هللا"‪ .‬سوف أعيد احلريّة احلَّقة‪ ،‬القدرة احلقيقيّة لشعب هللا هذا‪ ،‬سأعيد بناءها أبن أقود النفوس‬
‫َ‬
‫إىل السماء‪ ،‬مفتداة‪ ،‬ويف حوزة حكمة احلقائق األزليّة‪».‬‬

‫كالواب الذي َجيلس مع يسوع يف الوسط‪ ،‬وعلى َيني‬ ‫«رجاء لنأخذ أماكننا على املائدة‪ ».‬يقول ّ‬
‫كالواب مسعان‪ ،‬مثّ أبناء رئيس اجمللس والتالميذ يف األمكنة املتب ّقية‪.‬‬
‫يسوع حرماس‪ ،‬وإىل جانب ّ‬
‫يقوم يسوع‪ ،‬بناء على طلب املضيف‪ ،‬ابلتقدمة والربكة‪ ،‬ويبدأ بتناول الطعام‪.‬‬

‫أنت قادم إىل هذه املناطق اي معلّم؟» يسأل حرماس؟‬


‫«هل َ‬
‫مت إىل هنا مرور طريق‪».‬‬ ‫ماض إىل اجلليل‪ ،‬وقد قَ ِّ‬
‫د‬ ‫«ال‪ ،‬بل أان ٍ‬
‫ُ‬
‫«كيف؟ أتغادر منطقة املياه احللوة؟»‬

‫كالواب‪».‬‬
‫«نعم اي ّ‬
‫أتتيك‪ ،‬رغم قسوة الشتاء‪ .‬فلماذا ختيّب أملهم؟»‬
‫«مجوع كثرية كانت َ‬
‫«ليس أان‪ ،‬بل أطهار إسرائيل ّقرروا هذا‪».‬‬

‫تعج ابلرابيني الذين يتح ّدثون أينما شاؤوا‪ .‬فلماذا‬ ‫«ماذا؟ ملاذا؟ ما السوء الذي تَ َِّ‬
‫قَتف؟ فلسطني ّ‬
‫أنت ابلذات؟»‬
‫لك َ‬ ‫ال يُسمح بذلك َ‬
‫سم تلك املعرفة املرة‪».‬‬
‫قلبك ّ‬
‫مسن وحكيم‪ .‬ال تضع يف َ‬
‫ك ّ‬ ‫كالواب‪ .‬إنّ َ‬
‫«ال تَ َسل اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 860 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫بكل أتكيد هو خطأ‬
‫َّثت عن مذاهب جديدة‪ ،‬وقَدَّروا ّأهنا خطرية؟ آه! ّ‬‫«ولكن هل تكون حتد َ‬
‫عنك ال يبدو لنا‪ ...‬أليس كذلك اي مسعان؟ ولكن‬ ‫يف التقييم ِّمن قِّ‬
‫كل ما نعرفه َ‬
‫ّ‬ ‫ني‪.‬‬‫ّ‬‫يسي‬‫الفر‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ة‬‫َ‬‫ب‬ ‫ـ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫َ‬‫ب‬
‫مذهبك؟» يسأل حرماس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كل شيء‪ .‬على ماذا يقوم‬ ‫قد ال نكون نعرف ّ‬
‫احلب والرمحة‪ ،‬ذلك التن ّفس‪ ،‬دم‬
‫احلب والرمحة‪ّ .‬‬
‫«على املعرفة الدقيقة للوصااي العشر‪ ،‬وعلى ّ‬
‫هللا‪ُ ،‬ها أساس مذهيب وسلوكي‪ .‬وأعمل على تطبيقهما يف مجيع مواقفي اليوميّة‪».‬‬

‫«ولكن هذا ليس خطيئة! بل صالح هو!»‬

‫الفريسيّون َُيكمون أبنّه خطيئة‪ّ .‬أما أان فال أستطيع الكذب يف رساليت وال عصيان‬ ‫«ال َكتَـبَة و ّ‬
‫أرسلَين إىل األرض ِّمن قَبيل "الرمحة"‪ .‬لقد آن أوان الرمحة الكاملة‪ ،‬بعد دهور من العدالة‪.‬‬ ‫هللا الذي َ‬
‫كأهنما ُولِّ َدات ِّمن أحشاء واحدة‪ .‬إّّنا يف البدء كانت العدالة أقوى‪ ،‬واألخرى تُـلَ ِّطّف من‬
‫ّإهنما أختان‪ ،‬و ّ‬
‫تسر‬
‫احلب‪ -‬واآلن حان موعد الرمحة‪ ،‬وهي امللكة‪ ،‬وكم ّ‬ ‫إن هللا ال َيكنه االمتناع عن ّ‬ ‫ش ّدهتا فقط ‪-‬إذ َّ‬
‫هبا العدالة اليت كانت تتأ ّمل كثرياً لوجوب العقاب! لو نظرمت إىل ذلك عن كثب‪ ،‬فإنّكم تَـَرون بيُسر ّأهنما‬
‫ُوِّجدا على الدوام‪ ،‬مذ أر َغ َم اإلنسان هللا على أن يكون صارماً‪ .‬وما وجود واستمرار اإلنسانيّة ّإال دليل‬
‫حّت بعقاب آدم‪ .‬كان إبمكانه حتويلهما إىل رماد‪ ،‬نتيجة خطيئتهما‪.‬‬ ‫امتز َجت الرمحة ّ‬ ‫على ما أقول‪ .‬فلقد َ‬
‫يشع‪،‬‬
‫كل الشر‪ ،‬املتّضعة هلذا السبب‪َ ،‬ج َع َل وجه امرأة ّ‬ ‫ولكنّه َمنَ َح ُهما التكفري‪ .‬ويف عيين املرأة‪ ،‬سبب ّ‬
‫وهو سبب اخلري كلّه‪ .‬وقد َمنَ َح كليهما أوالداً‪ ،‬واملعارف الالزمة الستمرار الوجود‪ .‬إ ّن قايني القاتل‪ ،‬يف‬
‫الوقت ذاته حيث كانت العدالة تضربه‪َ ،‬منَ َحه هللا عالمة‪ ،‬كانت رمحة له لكي ال يُقتل‪ .‬ولإلنسانيّة‬
‫أبدي للسالم‪ .‬فال‬‫الفاسدة‪َ ،‬منَ َح هللا نوحاً‪ ،‬ليحافظ عليها يف السفينة‪ .‬وانطالقاً من هنا‪َ ،‬و َع َد مبيثاق ّ‬
‫حّت‬
‫َّس َمت العدالة ابلرمحة‪ .‬هل تريدون مراجعة التاريخ املق ّدس معي‪ّ ،‬‬ ‫طوفان صارم بعد‪ .‬بل لقد ات َ‬
‫احلب‪ ،‬وبشكل أوسع‪ .‬واآلن بـَلَ َغ ملء‬ ‫لتموجات ّ‬ ‫جميئي؟ سوف تَـَرون‪ ،‬على الدوام‪ ،‬االنتشار الدائم ّ‬
‫حّت السماء طاهرة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلهلي‪ ،‬وهو يرفعك أيّتها اإلنسانيّة على مياهه العذبة والساكنة‪ ،‬ويرفعك ّ‬ ‫امل ّد ّ‬
‫ِّ‬
‫"أعيدك إىل أيب"‪».‬‬ ‫مجيلة‪ ،‬ويقول ِّ‬
‫لك‪:‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 861 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت‬
‫يتنهد كالواب‪« :‬إنّه هكذا‪ .‬إّّنا َ‬
‫احلب هذا‪ .‬مث ّ‬
‫استحوذَت على الثالثة الدهشة من نور ّ‬
‫َ‬
‫مسعت به؟»‬
‫فَتض أن يكون اخلرب قد شاع اآلن؟ هل َ‬
‫سيحل بيوسف؟ أال يُ ََ‬
‫ّ‬ ‫وحدك هكذا! ماذا‬
‫َ‬

‫عماوس‪ .‬كان‬ ‫كالواب إىل يسوع‪« :‬اي معلّم‪ ،‬إ ّن األمر َيص رجالً من ّ‬ ‫ال أحد جييب‪ .‬يلتفت ّ‬
‫لتتزوج من أخ صاحب متجر‪ .‬هذا الرجل وقع يف خطأ‬ ‫أبوه قد طَلَّ َق زوجته اليت سافرت إىل أنطاكية ّ‬
‫لست يف‬ ‫ط تلك املرأة اليت كانت قد طُِّرَدت بعد أشهر قليلة من زواجها‪ ،‬و ُ‬ ‫جسيم‪ ،‬فهو مل يَعرف ق ّ‬
‫الطبيعي أن يكون امسها قد أُلغِّي‬
‫ّ‬ ‫أي شيء‪ ،‬ألنّه من‬ ‫صدد البحث عن األسباب‪ .‬مل يكن يعرف عنها ّ‬
‫سن الرجولة‪ ،‬وقد ورث عن أبيه جتارته وأمالكه‪ ،‬فَ َّكر يف الزواج‪.‬‬ ‫ص َل إىل ّ‬
‫من ذاك البيت‪ .‬وهو حني َو َ‬
‫لست أدري كيف عرفوا‪ ،‬أو الطريقة‬ ‫ثري‪ ،‬وتَـَزَّو َجها‪ .‬و ُ‬
‫وكان قد تَـ َعَّرف يف ايفا على امرأة‪ ،‬صاحبة متجر ّ‬
‫اليت اتـَّبَعوها ليعرفوا ّأهنا ابنة زوجة أبيه‪ .‬إذن فزواجه هذا خطيئة فاحشة‪ ،‬رغم أ ّن نَ َسبه إىل تلك املرأة‪،‬‬
‫برأيي‪ ،‬أمر مشكوك فيه متاماً‪ .‬وقد أُدين يوسف‪ .‬وعليه فَـ َقد طمأنينته كمؤمن وكزوج‪ .‬ورغم حزنه طَلَّ َق‬
‫غفر له أحد‪ .‬وأان أقول‬ ‫امرأته‪ ،‬أخته املزعومة‪ ،‬اليت من ش ّدة أملها اعَتهتا احلمى وماتت‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬مل ي ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كنت‬
‫أنت‪ ،‬ماذا َ‬ ‫صدقاً‪ ،‬لو مل يكن هناك أعداء ينافسونه على مصلحته‪ ،‬ملا كان أصابه ما أصابه‪ .‬و َ‬
‫ستفعل؟»‬

‫إيل؟»‬
‫أتيت ّ‬
‫كالواب‪ .‬ملاذا مل حت ّدثين عنها عندما َ‬
‫«احلالة ج ّديّة للغاية اي ّ‬
‫إبعادك عن هنا‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«مل أكن أريد‬

‫«آه! ولكن أموراً من هذا النوع ال تطردين! اآلن امسَع‪ .‬عمليّاً هو زىن ذوي القرىب‪ ،‬وابلنتيجة‬
‫لكن اخلطيئة‪ ،‬لكي تكون منطقيّاً خطيئة‪ ،‬جيب أن تكون مبنيّة على أساس العزم على‬ ‫العقاب‪ .‬و ّ‬
‫ب هذا الرجل خطيئة زىن ذوي القرىب عن سابق معرفة وقصد؟ تقول ال‪.‬‬ ‫ارتكاب اخلطيئة‪ .‬فهل ارتَ َك َ‬
‫ك تقول إ ّن هذه ال ُقرىب مشكوك‬
‫إذن أين اخلطيئة؟ يبقى موضوع احلياة املشَتكة مع فتاة ألبيه‪ .‬ولكنّ َ‬
‫وحّت ولو كانت ُحمَ َّق َقة‪ ،‬فاخلطيئة تَبطُل مع توقّف احلياة املشَتكة‪ .‬وهنا التوقّف مؤّكد‪ ،‬ليس فقط‬
‫فيها‪ّ .‬‬
‫حّت هذا الذي‬
‫سامح ذلك الرجل‪ّ ،‬‬ ‫بفعل الطالق‪ ،‬إّّنا حبصول املوت‪ .‬أقول إذن‪ ،‬إنّه من املفروض أن يُ َ‬
‫املستمر على مرأى ومعرفة اجلميع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احملرمني‬
‫يبدو خاطئاً‪ .‬أقول‪ :‬مبا أنّه ال توجد إدانة زىن بزواج األقارب ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 862 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫حتل الرمحة يف هذه احلالة املؤملة‪ ،‬اليت يعود أصلها إىل السلطة املمنوحة من موسى بطالق‬ ‫فينبغي أن ّ‬
‫السلطة أان أُدينها‪ ،‬إذ ينبغي للرجل‪،‬‬
‫الزوجة لتحاشي شرور أكثر عدداً‪ ،‬إن مل تكن أكثر خطورة‪ .‬وهذه ُّ‬
‫ُوفِّّق يف زواجه أم مل َيوفَّق‪ ،‬أن يعيش مع زوجته وال يطلّقها‪ ،‬األمر الذي يهيّئ ألخطار وأوضاع شبيهة‬
‫خاصة‬
‫ُكرر‪ ،‬يف ما يتعلّق ابلصرامة‪ ،‬فينبغي تطبيقها مع اجلميع على السواء‪ّ .‬‬ ‫بتلك‪ .‬فضالً عن ذلك‪ ،‬أ ِّّ‬
‫وحّت اآلن مل أَعلَم أ ّن أحداً‪ ،‬ما عدا املعمدان‪ ،‬قد َرفَ َع صوته يف مواجهة‬
‫مع الذات ومع العظماء‪ّ .‬‬
‫حّت أسوأ منها؟ أم إ ّن امسهم‬
‫خطيئة امللك‪ .‬فالذين يُدينون‪ ،‬هل ختلو حياهتم من خطااي مشاهبة أو ّ‬
‫وسلطاهنم يساُهان يف سَتها كما ُيجب معطفهم الباذخ النَّظر عن جسدهم الذي َج َعلَته الرذيلة‬
‫عليالً؟»‬

‫أنت َمن تكون؟‪ »...‬يسأل معاً صديقا‬


‫أحسنت قوالً اي معلّم‪ .‬هذا جيّد‪ .‬إّّنا خالصة القول‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫«‬
‫رئيس اجمللس‪.‬‬

‫كالواب االبن‪.‬‬ ‫ِّ‬


‫ود َخ َل مسعان محو ّ‬
‫ال يتم ّكن يسوع من اإلجابة‪ ،‬أل ّن الباب فُتح يف تلك اللحظة َ‬
‫«عدمت ابلسالمة؟ وإذن؟»‬

‫وقد كان الفضول متوقِّّداً للغاية لدرجة أ ّن أحداً مل يـَعُد يف ّكر ابملعلّم‪.‬‬

‫حّت بتقدمة قرابن التضحية‪ .‬لقد أُقصي يوسف عن إسرائيل‪».‬‬


‫«وإذن‪ ...‬إدانة ُمطلَ َقة‪ .‬ومل يَقبَلوا ّ‬
‫«أين هو؟»‬

‫السلطات العُليا‪ ،‬فطردوين كاألبرص‪ .‬اآلن‪...‬‬


‫لت التح ّدث إىل ُّ‬
‫«هنا‪ ،‬يبكي خارجاً‪ .‬حاو ُ‬
‫ولكن‪ ...‬إنّه دمار ذاك الرجل‪ .‬أمالكه ونفسه‪ .‬ماذا تريده أن يفعل؟»‬

‫ويتوجه صوب الباب دون أن ينبس ببنت شفة‪.‬‬


‫يَ َنهض يسوع ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 863 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫كالواب العجوز أنّه استاء من إُهاله‪ ،‬ويقول‪« :‬آه! ساحمين اي معلّم! ولكن أمل احلَ َدث قد‬
‫يظن ّ‬
‫أرجوك!»‬
‫ابق‪َ ،‬‬ ‫َج َع َل نفسي تضطَ ِّرب‪َ .‬‬
‫وَي ُرج يسوع إىل‬
‫شئت‪َ ».‬‬ ‫ٍ‬
‫كالواب‪ .‬سأحبث فقط عن ذاك البائس‪ .‬تعال معي إن َ‬
‫«إنّين ابق اي ّ‬
‫الردهة‪.‬‬

‫قرب البيت‪ ،‬هناك رقعة أرض وحدائق زهور صغرية‪ ،‬مثّ بعدها الطريق‪ .‬على األرض‪ ،‬عند العتبة‪،‬‬
‫ماداً له يديه‪ .‬ويف اخللف اجلميع‪ ،‬وهم ُُي ِّ‬
‫اولون املشاهدة‪.‬‬ ‫رجل‪ .‬يدنو منه يسوع ّ‬
‫عنك أحد؟» يتكلّم يسوع بنعومة فائقة‪.‬‬
‫«اي يوسف‪ ،‬أمل يَصفح َ‬
‫كل تلك األصوات اليت‬ ‫بعد‬ ‫الطيبة‪،‬‬
‫و‬ ‫الصالح‬ ‫وفائق‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫جمهو‬ ‫ات‬
‫ً‬ ‫صو‬ ‫مساعه‬ ‫لدى‬ ‫الرجل‬ ‫ش‬ ‫يرتَعِّ‬
‫ّ‬
‫كانت تدينه‪ .‬يرفع رأسه وينظر إليه بدهشة‪.‬‬

‫يكرر يسوع القول‪ ،‬وينحين ليطال يدي الرجل حماوالً إهناضه‪.‬‬


‫«يوسف‪ ،‬أمل يَغفر لك أحد؟» ّ‬
‫أنت؟» يسأل املغضوب عليه‪.‬‬
‫« َمن َ‬
‫«أان الرمحة والسالم‪».‬‬

‫«مل يـَعُد يل رمحة وال سالم‪».‬‬

‫«يف حضن هللا‪ ،‬هناك دائماً رمحة وسالم‪ .‬هذا احلضن يفيض على الدوام مبثل تلك األشياء‪،‬‬
‫وخاصة للبؤساء‪».‬‬
‫ّ‬
‫أنت اي َمن هو‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬صاحل‪،‬‬ ‫لكن خطيئيت هي تلك اليت جتعلين أُفْ َ‬
‫صل عن هللا‪ .‬فدعين‪َ ،‬‬ ‫«و ّ‬
‫أصيبك ابلعدوى‪».‬‬
‫َ‬ ‫لكي ال‬

‫أقودك إىل السالم‪».‬‬


‫أدعك‪ ،‬أريد أن َ‬
‫«لن َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 864 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫أنت من تكون؟»‬
‫«ولكن أان‪ ،‬إنّين‪َ ...‬‬
‫لك‪ :‬الرمحة والسالم‪ .‬أان ال ُـمخلِّّص‪ .‬أان يسوع‪ .‬اهنض‪ .‬أان قادر على ما أريد‪ .‬ابسم هللا‪،‬‬ ‫قلت َ‬ ‫« ُ‬
‫فاألزيل‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫خطااي‬ ‫احلامل‬ ‫هللا‬ ‫ل‬‫مح‬‫َ‬ ‫أان‬ ‫له‪.‬‬ ‫وجود‬ ‫ال‬ ‫اآلخر‬ ‫اخلطأ‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ادي‬ ‫ر‬ ‫اإل‬ ‫غري‬ ‫اللوثة‬ ‫ن‬ ‫ك ِّ‬
‫م‬ ‫أان أُحلِّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كل ُحكم‪ .‬ومن يؤمن بكالمي فله احلياة األبديّة‪ .‬تعال اي ابن إسرائيل املسكني‪ .‬استَعِّد‬ ‫قد َمنَ َحين أان ّ‬
‫روحك احملطّم‪ .‬سوف أصفح عن كثري من اخلطااي األخرى‪ .‬ال‪ .‬لن يتأتّى‬ ‫صن‬ ‫جسدك املنهك‪ِّ ،‬‬
‫َ‬ ‫وح ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّقوة‬
‫كل عيب‪ ،‬ولكنّين ال أختلّى عن النعاج اجملروحة خوفاً من‬ ‫مين اليأس يف القلوب! أان احلَ َمل املن ّـزه عن ّ‬ ‫ّ‬
‫العدوى‪ .‬بل ابلعكس‪ ،‬إنّين أحبث عنها وآخذها معي‪ .‬كثريون‪ ،‬كثريون ج ّداً هم الذين اقتيدوا إىل‬
‫جراء صرامة ُحكم‪ ،‬هو مع ذلك جائر‪ .‬الويل للذين‪ ،‬بقسوهتم املتصلّبة املتش ّددة‪،‬‬ ‫الدمار الكامل من ّ‬
‫وصلون نفساً إىل اليأس! تلك ليست يف مصلحة هللا‪ ،‬ولكنّها يف مصلحة الشيطان الذي ََيدمون‪.‬‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫حاليّاً‪ ،‬أرى خاطئة ترغب يف فدائها وبقلق‪ ،‬وها هي تُ َبعد عن الفادي‪ .‬أرى رئيس كنيس مضطَ َهد‬
‫ب خطيئة عن غري قصد وقد ظُلِّم‪ ،‬أرى أموراً كثرية جتري وهي متأتّية‬ ‫بسبب عدالته‪ ،‬أرى رجالً ارتَ َك َ‬
‫وَيلق انفصاالً‪ .‬هكذا األشياء اليت‬ ‫صب حجراً حجراً َ‬ ‫من حيث تعيش الرذيلة والكذب‪ ،‬مثل جدار ينتَ ِّ‬
‫َ‬
‫أيت منها الكثري يف خالل سنة واحدة‪ ،‬ترفع بيين وبينهم جداراً من القسوة‪ .‬والويل هلم‬ ‫رأيتُها‪ ،‬وقد ر ُ‬
‫ك ُم َنهك‪ .‬مثّ‪،‬‬ ‫حينما يُصبِّح منتصباً ابلكامل بواسطة املواد اليت يصنعوهنا هم! خذ‪ :‬اشرب‪ُ ،‬ك ْل‪ .‬إنّ َ‬
‫حراً يف اختيار‬‫نفسك إىل اطمئناهنا وسكينتها‪ ،‬سوف تكون ّ‬ ‫َ‬ ‫غداً ستأيت معي‪ .‬ال ختف‪ .‬عندما تعود‬
‫كك تفعل‪».‬‬‫َيكنك ذلك‪ .‬ومن اخلطر تر َ‬ ‫َ‬ ‫مستقبلك‪ّ .‬أما اآلن فال‬
‫َ‬
‫أيخذ يسوع الرجل إىل الغرفة‪ ،‬وجيربه على اجللوس يف مكانه‪ ،‬مث أخذ َيدمه‪ .‬بعدئذ يلتفت إىل‬
‫حرماس ومسعان ويقول هلما‪« :‬ذاك هو مذهيب وتعليمي‪ .‬هو ذاك وليس شيئاً آخر‪ .‬وأان ال أقتصر على‬
‫إيل‪».‬‬ ‫الكرازة هبا فقط‪ ،‬بل إّّنا أطبقها‪ .‬ومن ُيس ابلعطش إىل احلقيقة واحلب ِّ‬
‫فليأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقول يسوع‪:‬‬

‫«وهبذا َُتتَـتَم السنة األوىل للتبشري‪َ .‬د ِّّونوا ذلك‪ .‬ماذا أقول لكم أيضاً؟ َس َر ُ‬
‫دت هذا أل ّن رغبيت كانت‬
‫الفريسيّني‪ .‬رغبيت يف أن‬
‫ولكن الذي جيري ابلنسبة هلذا العمل‪ ،‬متاماً كالذي جرى مع ّ‬
‫يف أن يُصبح معلوماً‪ّ .‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬
‫‪Page 865 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬
‫احلب‪ -‬وستكون مرفوضة بسبب أشياء كثرية‪ .‬وذلك يسبّب أملاً هائالً يل‪ ،‬أان‬
‫أكون ُمبوابً ‪-‬واملعرفة هي ّ‬
‫األزيل‪ ،‬وقد أسرمتوين أنتم‪»...‬‬
‫املعلّم ّ‬
‫‪ ---‬هناية اجلزء الثاين ‪---‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الثاني)‬


‫‪Page 866 of 866‬‬ ‫آخر تحديث ‪25.03.17 :‬‬

You might also like