You are on page 1of 767

‫‪ /‬ماريا فالتورتا‬ ‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله‬

‫‪Il Poema Dell' Uomo-Dio / Maria Valtorta‬‬


‫‪The Poem Of The Man-God‬‬

‫بالفرنسية‪( :‬اإلنجيل كما أوحي به ّ‬


‫إلي)‬
‫‪L'Évangile tel qu'il m'a été révélé‬‬

‫الجزء الرابع‬

‫{ تابع السنة الثانية في الحياة العلنية }‬

‫(الكتاب الثاني)‬

‫ترجمه إلى اللغة العربية ‪ :‬فيكتور مصلح‬

‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬

‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 1 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫(فهرس اجلزء الرابع)‬

‫القسم األول‬
‫اتبع السنة الثانية يف احلياة العلنية‬

‫اجلزء الرابع ‪( 87 -‬مشلول بِركة بيت صيدا)‬ ‫‪‬‬

‫أرسلَت يف طَلَب مرات")‬


‫اجلزء الرابع ‪( 88 -‬يف بيت عنيا "اي معلم‪ ،‬مرمي َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 89 -‬يُعهد مبرغزايم إىل زوجة بطرس برفرييه)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 90 -‬يسوع يتح ّدث يف بيت صيدا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 91 -‬النازفة وابنة ايئري)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 92 -‬يسوع ومرات يف كفرانحوم)‬ ‫‪‬‬

‫حوذ عليه)‬
‫األعميَني واألخرس ال ُـمستَ َ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 93 -‬شفاء َ‬ ‫‪‬‬

‫(مثَل النَّعجة الضَّالة)‬


‫اجلزء الرابع ‪َ 94 -‬‬ ‫‪‬‬

‫غرد)‬
‫لت األمل ابلغفران يُ ّ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 95 -‬بعد التَّذكري ابلشريعة َج َع ُ‬ ‫‪‬‬

‫"انتصارك اآلن أصبح يف ِ‬


‫يدك")‬ ‫ِ‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 96 -‬يسوع يقول ملرات‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ََ‬
‫يسي)‬
‫الفر ّ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 97 -‬مرمي اجملدليّة يف بيت مسعان ّ‬ ‫‪‬‬

‫ب كثرياً يُغ َفر له كثرياً")‬ ‫اجلزء الرابع ‪"( 98 -‬من ُِ‬


‫ُي‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 99 -‬خواطر حول ِهداية مرمي اجملدليّة)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 2 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صداقَة ِمن أجل اكتساب نـَ ْفس")‬ ‫ِ‬
‫يستحق فقدان َ‬
‫ّ‬ ‫اجلزء الرابع ‪"( 100 -‬ذلك‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 101 -‬مرمي اجملدليّة بصحبة مرمي وسط التالميذ)‬ ‫‪‬‬

‫ِ‬
‫الصيادين)‬ ‫(مثَل‬
‫اجلزء الرابع ‪َ 102 -‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 103 -‬مرغزايم يُعلِّم مرمي اجملدليّة الـ "أابان")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 104 -‬يسوع لفليبس‪" :‬أان احلبيب القادر"‪َ .‬مثَل ال ّدرهم ال ُـمستَعاد 'املفقود')‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 105 -‬املعرفة ليست فساداً عندما تكون تديّناً)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 106 -‬يف بيت قاان)‬ ‫‪‬‬

‫كرر ِخطبة يسوع على جبل طابور)‬


‫اجلزء الرابع ‪( 107 -‬يوحنّا يُ ِّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 108 -‬يسوع يف الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 109 -‬السبت يف ََْم َمع الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 110 -‬األ ُّم تُعلِّم مرمي اجملدليّة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 111 -‬يف بيت حلم اجلليل)‬ ‫‪‬‬

‫أهم ِمن الدم" يف الطريق إىل سيكامينون)‬


‫اجلزء الرابع ‪"( 112 -‬الدعوة ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 113 -‬إىل تالميذ سيكامينون‪" :‬إحراق ال ّذات")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 114 -‬يف صور‪" .‬املثابرة‪ ،‬هي ذي العِبارة العظيمة‪)".‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 115 -‬إىل تالميذ سيكامينون‪ :‬اإلميان)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 3 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رك ابلنار و ِ‬
‫السندان")‬ ‫ُحض ِ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 116 -‬يسوع يقول ملرمي اجملدليّة‪" :‬سأ ّ‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫العْبدة اليواننيّة)‬
‫اجلزء الرابع ‪( 117 -‬سينتيكا‪َ ،‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 118 -‬وداع مرات ومرمي اجملدليّة وسينتيكا)‬ ‫‪‬‬

‫الرجاء)‬
‫اجلزء الرابع ‪( 119 -‬يسوع يتح ّدث عن ّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 120 -‬يسوع َميضي إىل الكرمل مع يعقوب بن حلفا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪"( 121 -‬على املرء أن يكون حبّه كامالً ليكون قائداً بقداسة")‬ ‫‪‬‬

‫لك األمل أدعُه ابناً")‬


‫اجلزء الرابع ‪"( 122 -‬الذي يسبّب َ‬ ‫‪‬‬

‫"احلب هو السالم")‬
‫ّ‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 123 -‬بطرس يَ ْك ِرز يف مرج بن عامر‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫"احلب طاعة")‬
‫ّ‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 124 -‬يسوع لفالّحي جيوقاان‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫كل شيء")‬ ‫ن‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 125 -‬مرمي ال ُكلّية ال َقداسة‪" :‬رأفيت أقوى ِ‬
‫م‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اجلزء الرابع ‪"( 126 -‬فِعل اخلري صالة أعظم ِمن املزامري")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 127 -‬يوم لالسخريوطي يف الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫للر ُسل ِمن أجل البدء ابلتّبشري)‬


‫اجلزء الرابع ‪( 128 -‬توجيهات ُّ‬ ‫‪‬‬

‫رسلو املعمدان)‬
‫اجلزء الرابع ‪"( 129 -‬هل أنت ماسيّا؟" يَسأل ُم َ‬ ‫‪‬‬

‫كنجار ِمن أجل أرملة يف قورازين)‬


‫اجلزء الرابع ‪( 130 -‬يسوع يعمل ّ‬ ‫‪‬‬

‫‪ ---‬هناية فهرس القسم األول من اجلزء الرابع ‪---‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 4 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫القسم الثاين‬
‫اتبع السنة الثانية يف احلياة العلنية‬

‫اجلزء الرابع ‪( 131 -‬احلب هو سر ووصية اجملد السماوي)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪"( 132 -‬مل يعد القلب مفطوراً")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 133 -‬موت يوحنّا املعمدان)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪"( 134 -‬فلنمض إىل تريشة")‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 135 -‬أثناء احلديث مع أحد ال َكتَـبَة)‬ ‫‪‬‬

‫(أول تكثري للخبز)‬


‫اجلزء الرابع ‪ّ 136 -‬‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 137 -‬يسوع ميشي على املياه)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 138 -‬إذا كان لديكم إميان‪ ،‬آيت وأجنّيكم من اخلطر)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 139 -‬لقاء مع التالميذ)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 140 -‬البُخل والغين األمحق)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 141 -‬يف حديقة مرمي اجملدلّية)‬ ‫‪‬‬

‫ليبشروا به)‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 142 -‬يسوع ي ِ‬


‫رسل االثنني والسبعني ّ‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 143 -‬يسوع يلتقي مع لعازر يف حقل اجلليليّني)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 144 -‬االثنان والسبعون يَ ُروون ليسوع ما فعلوه)‬ ‫‪‬‬

‫املظال)‬
‫اجلزء الرابع ‪( 145 -‬يف اهليكل‪ ،‬من أجل عيد ّ‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 5 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪( 146 -‬يوسف ونيقودميوس ينقالن خرب ِعلم اهليكل خبصوص هرمست ويوحنّا‬ ‫‪‬‬
‫األندوري وسينتيكا)‬
‫ّ‬
‫اجلزء الرابع ‪( 147 -‬سينتيكا تتحدث يف بيت لعازر)‬ ‫‪‬‬

‫الر ُسل األربعة يف اليهوديّة)‬


‫اجلزء الرابع ‪( 148 -‬رسالة ُّ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 149 -‬يسوع يغادر بيت عنيا إىل الض ّفة األخرى ِمن األردن)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 150 -‬اتجر ما وراء الفرات)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪ِ 151 -‬‬


‫(من راموت إىل جرياسا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 152 -‬التّبشري يف جرياسا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 153 -‬السبت يف جرياسا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 154 -‬الرحيل عن جرياسا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 155 -‬يف الطريق إىل بصرى)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 156 -‬يف بصرى)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 157 -‬عِظَة وعجائب يف بصرى)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 158 -‬وداع النِّساء التّلميذات)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 159 -‬يف أربيال)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 160 -‬أثناء الذهاب إىل عرا)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 6 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪( 161 -‬يسوع يَ ْك ِرز يف عرا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 162 -‬الطفالن اليَتيمان مرمي ومتّيا)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪"( 163 -‬ال فائدة من ممارسة األسرار إذا ما غابت احملبّة")‬ ‫‪‬‬

‫ُيوله يسوع إىل ِغىن")‬


‫ّ‬ ‫أن‬ ‫ميكن‬ ‫ال‬ ‫شقاء‬ ‫ن‬‫م‬‫اجلزء الرابع ‪"( 164 -‬ما ِ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪"( 165 -‬أريد أن ُيظى اليتامى أب ُّم")‬ ‫‪‬‬

‫ُقيم ِمن املوت)‬


‫اجلزء الرابع ‪( 166 -‬يف انئني‪ ،‬يف منـزل دانيال الذي أ َ‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 167 -‬يف حظرية بلدة أندور)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪ِ 168 -‬‬


‫(من أندور إىل َمدال)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 169 -‬يسوع يف الناصرة من أجل عيد األنوار)‬ ‫‪‬‬

‫األندوري وسينتيكا يف الناصرة)‬


‫ّ‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 170 -‬يسوع مع يوحنّا‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 171 -‬يسوع يُعلِّم مرغزايم)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 172 -‬مسعان الغيور يف الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 173 -‬أُمسية يف بيت الناصرة)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 174 -‬يسوع مع صالومي‪ ،‬زوجة مسعان ابن عمه)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 175 -‬ابن العم مسعان يعود إىل يسوع)‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 176 -‬مسعان بطرس يف الناصرة‪َ .‬كَرم مرغزايم)‬ ‫‪‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 7 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للحب الكوين)‬
‫ّ‬ ‫اجلزء الرابع ‪( 177 -‬ال شيء يضيع يف التدبري املق ّدس‬ ‫‪‬‬

‫اجلزء الرابع ‪( 178 -‬يوحنا األندوري‪ ،‬سوف متضي إىل أنطاكية)‬ ‫‪‬‬

‫‪ ---‬هناية فهرس اجلزء الرابع ‪---‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل بداية الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 8 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -87‬مشلول بِركة بيت صيدا)‬

‫‪1945 / 07 / 21‬‬

‫يوطي‪ََ .‬جع‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫عدا‬ ‫ل‬‫س‬ ‫الر‬


‫ُّ‬ ‫كل‬ ‫ومعه‬ ‫أنطونيا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫يسوع يف أورشليم‪ ،‬وابلتحديد ابلقرب ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الر ُسل‪ ،‬كما بقيّة احلجاّج‪ ،‬لذلك أان أظُ ُّن ّأّنا ّأايم عيد‬
‫ابّتاه اهليكل‪ .‬اجلميع بثياب العيد‪ُّ ،‬‬
‫غفري يسري ّ‬
‫ند ّسون بني اجلمع‪ ،‬يَشكون شقاءهم‪ُ ،‬م ِّرددين ال ِزمات ُمثرية للشفقة‪،‬‬ ‫العنصرة‪ .‬عدد كبري ِمن ِّ‬
‫املتسولني يَ َ‬
‫األماكن‪ ،‬جانب ّبواابت اهليكل‪ ،‬وعند تقاطع الطرق اليت تتوافد منها اجلموع‪.‬‬ ‫ويتوجهون إىل أفضل ّ‬
‫ّ‬
‫لص َدقات هلؤالء املساكني الذين يتفنّنون يف عرض أنواع شقائهم أثناء روايتها‪.‬‬ ‫مير يسوع وهو يعطي ا َّ‬ ‫ّ‬
‫الر ُسل يتح ّدثون عن َجالئيل الذي‬ ‫لدي انطباع أ ّن يسوع قد فَرغ ِمن زايرة اهليكل‪ ،‬ذلك أنّين أَمسَع ُّ‬
‫ّ‬
‫تظاهَر بعدم رؤيتهم‪ ،‬بينما إيتيان أَعلَ َمه أحد طالبه مبرور يسوع‪.‬‬
‫َ‬
‫ص َده أحد الكتبة هبذه اجلملة‪" :‬قَطيع ِمن‬
‫كذلك أَمسَع برتلماوس يسأل رفاقه‪« :‬تُرى ما الذي قَ َ‬
‫ِخراف َّ‬
‫الذبح"؟»‬

‫خيصه‪».‬‬
‫فيجيب توما‪« :‬كان يتحدَّث عن أمر ّ‬
‫"عما‬
‫«ال‪ .‬بل كان يُشري إلينا إبصبعه‪ .‬وقد رأيتُهُ جيّداً‪ُُ .‬ثّ إ ّن اجلملة الثانية أتت أتكيداً لألوىل‪ّ :‬‬
‫الذبح"‪».‬‬ ‫قليل سوف ُُير احلمل كذلك‪ِ ،‬‬
‫ومن ُُثّ يُقاد إىل َّ‬ ‫َّ َ َ‬
‫فيؤّكِد اندراوس‪« :‬نعم‪ ،‬ذلك ما َِمسعتُهُ أان‪».‬‬

‫أحترق شوقاً للعودة إىل الوراء وسؤال رفيقه الكاتب‪ :‬ماذا يعرف عن يهوذا بن‬
‫«حسناً! ولكنّين ّ‬
‫مسعان‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 9 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املرة‪ ،‬يهوذا ليس موجوداً‪ ،‬ألنّه مريض ح ّقاً‪ ،‬وحنن نَعلَم ذلك‪.‬‬
‫«ولكنّه ال يعرف شيئاً! فهذه ّ‬
‫وحتمالً‪ ،‬بينما هو عاش هنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن ال ُـمحتَ َمل أنّه عاىن كثرياً من الرحلة اليت قمنا هبا‪ .‬فنحن أكثر مقاومة ّ‬
‫برخاء‪ .‬وهو يشعر ابلتعب بسرعة‪ُ ».‬ييب يعقوب بن حلفا‪.‬‬

‫لكن الكاتب قال‪" :‬اجملموعة ينقصها احلِرابء"‪ .‬أليست احلِرابء هي احليوان الذي‬
‫«نعم‪ .‬نعرف‪ .‬و ّ‬
‫يُ ِّ‬
‫غري لونه حسب مزاجه؟» يَسأل بطرس‪.‬‬

‫«نعم اي مسعان‪ .‬ولكنّه ابلتأكيد‪ ،‬أراد القول إ ّن ثيابه جديدة على الدوام‪ .‬إنّه يُعىن بذلك‪ ،‬فهو‬
‫شاب؛ وُيب أن نَعذره‪ »...‬يقول الغيور بلهجة اسرتضائيّة‪.‬‬

‫حقيقي‪ .‬ومع ذلك!‪ ...‬اي هلا ِمن َجلة غريبة!» يستنتج بطرس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«وهذا‪ ،‬كذلك‪،‬‬

‫«يبدو ّأّنم يته ّددوننا على الدوام‪ ».‬يقول يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫حّت حيث ال وجود هلا‪ »...‬يُبدي‬


‫«الواقع هو أنّنا نعرف أنّنا مهدَّدون‪ ،‬ونرى التهديدات ّ‬
‫يوضاس ت ّداوس مالحظته‪.‬‬

‫حّت حيث ال وجود هلا‪ ».‬يستنتج توما‪.‬‬


‫«ونَرى أخطاء ّ‬
‫« ّإّنا احلقيقة! الوسواس أمر بَ ِشع‪َ ...‬من يدري كيف هي حال يهوذا اليوم؟ ويف أثناء ذلك‪،‬‬
‫كل تلك‬
‫ُسُّر ابملرض أان كذلك للحصول على ّ‬‫كنت سأ َ‬
‫يستمتع هبذه اجلنّة ووجود هؤالء املالئكة‪ُ ...‬‬
‫املتعة!» يقول بطرس‪.‬‬
‫وُييبه برتلماوس‪« :‬لنأمل أن يشفى قريبا‪ُ .‬يب ّإّناء الرحلة‪ ،‬ذلك أن موسم احلرارة ي ِ‬
‫داِهنا‪».‬‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬

‫اضطر األمر‪ ».‬يؤّكد اندراوس‪.‬‬


‫«آه! ال تنقصه العناية‪ُ ،‬ثّ‪ ...‬إ ّن املعلّم سيف ّكر بذلك إذا ما ّ‬
‫لست أدري كيف أُصيب هبا هكذا‪ »...‬يقول يعقوب‬
‫«عندما تركناه كانت حرارته مرتفعة ج ّداً‪ُ .‬‬
‫بن زبدى‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 10 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مّت‪« :‬كيف أتيت احلرارة؟ َّإّنا أتيت ألنّه ينبغي هلا أن أتيت‪ .‬و ّ‬
‫لكن األمر ال يهم‪ .‬املعلّم‬ ‫وُييبه ّ‬
‫غاد َر قصر حنّة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫غري قَلق على اإلطالق‪ .‬لو كان رأى يف ذلك خطراً‪ ،‬ملا َ‬
‫ابلفعل‪ ،‬فإ ّن يسوع غري قَلِق على اإلطالق‪ .‬إنّه يتح ّدث إىل مرغزايم ويوحنّا‪ ،‬ويتق ّدم وهو َمينَح‬
‫يشور ليدلّه على هذه وتلك ِمن التفاصيل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلبات‪ .‬من املؤَّكد أنّه يشرح للطفل أشياء كثرية‪ ،‬إذ أراه ّ‬
‫يتوجهون إىل مكان‬ ‫الشرقي‪ .‬فهناك َجع غفري ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشمايل‬
‫ّ‬ ‫يتوجه إىل طرف جدار اهليكل‪ ،‬عند الركن‬ ‫ّ‬
‫عهم يُطلِقون عليها‪ّ « :‬بوابة القطيع»‪.‬‬
‫توجد فيه أروقة تَسبق ّبوابة‪ ،‬أَمسَ ُ‬
‫« ّإّنا حوض الغَنَم‪ ،‬بِركة بيت صيدا‪ .‬اآلن انظر جيّداً إىل املاء‪ .‬أَتَـَرى َكم هو ساكن يف هذا‬
‫المس تلك اإلشارة الرطبة‪ .‬هل تراها؟‬ ‫الوقت؟ سرتى‪ ،‬بعد قليل‪ ،‬أ ّن حركة ستطرأ عليه‪ ،‬ويرتَِفع حّت ي ِ‬
‫ّ ُ‬
‫وُيلّه حسب ما يستطيع‪ .‬واملالك َُي ِمل إىل املاء أمر شفاء‬ ‫الرب يَهبط‪ ،‬ويَشعُر املاء بوجوده‪ُ ،‬‬
‫إ ّن مالك ّ‬
‫اإلنسان الذي يُسا ِرع إىل النُّـزول فيه‪ .‬هل ترى هذا اجلمع؟ إ ّن عدداًكبرياً ج ّداً منهم غافلون‪ ،‬وال يـََرون‬
‫احلركة األوىل للماء‪ ،‬أو إ ّن األقوى يَدفَع األضعف بدون شفقة‪ُ .‬يب عدم الغَفلة مُطلقاً عن وجود‬
‫رسل‬‫إشارات ِمن هللا‪ُ .‬يب جعل النَّـ ْفس متي ّقظة على الدوام‪ ،‬أل ّن أحداً ال يعلَم مّت يظهر هللا أو ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصحة‪َ .‬مَّرات كثرية يَفقد هؤالء املساكني اخلري‬ ‫ّ‬ ‫حّت يف أمور‬
‫مالكه‪ .‬وُيب ّأال يكون املرء أاننيّاً‪ّ ،‬‬
‫يمن يكون األكثر حاجة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يمن يَلمس املاء ّأوالً‪ ،‬أو ف َ‬ ‫ألّنم يَظَلّون يتناقشون ف َ‬
‫الناجم عن َميء املالك‪ّ ،‬‬
‫إىل ذلك‪ .‬ويَشرح يسوع ذلك كلّه ملرغزايم الذي يَنظُر إليه بعينني ُُمَملِ َقتني‪ُ ،‬متنبِّ َهتني‪ ،‬وهو يُراقِب املاء‬
‫يف ذات الوقت‪.‬‬

‫«هل ميكن رؤية املالك؟ إ ّن هذا لَيُسعدين‪».‬‬

‫أنت كذلك‪ ،‬وُكن مستع ّداً لتكرميه‪».‬‬


‫ك‪ ،‬قد رآه‪ .‬فانظر جيّداً‪َ ،‬‬
‫«الوي‪ ،‬ر ٍاع يف مثل سنّ َ‬
‫سمع‬
‫واترة إىل ما فوق املاء‪ .‬ومل يـَعُد يَ َ‬
‫اترة إىل املاء‪ّ ،‬‬
‫ناوابن النَّظَر ّ‬
‫َمل يـَعُد الطفل يَغ َفل‪ ،‬فعيناه تَـتَ َ‬
‫شيئاً وال يرى شيئاً آخر‪ .‬ويف تلك األثناء‪ ،‬يَنظُر يسوع إىل ذلك اجلمع ِمن العاجزين‪ ،‬العميان‪ ،‬املعاقني‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 11 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ُسل يَنظرون إبمعان‪ .‬تتالعب الشمس ابلنور فوق املاء‪ ،‬وّتتاح‪،‬‬
‫واملشلولني‪ ،‬وهم ينتظرون‪ .‬وكذلك ُّ‬
‫بشكل ملكي‪ ،‬الصفوف اخلمسة ِمن األروقة احمليطة ِ‬
‫ابلربكة‪.‬‬ ‫َ ّ‬
‫يتحرك‪ ،‬يَسطَع! اي له ِمن نور! املالك!»‪...‬‬ ‫خ‪،‬‬‫ف‬‫«هو ذا! هو ذا!» يهتف مرغزايم‪« :‬املاء ينت ِ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وُيثو الطفل‪.‬‬
‫الربكة‪ ،‬أثناء حتركه‪ ،‬يبدو وكأنّه يزداد حجماً‪ ،‬بفعل موجة م ِ‬
‫فاجئة وكبرية‪،‬‬ ‫ابلفعل‪ ،‬فإ ّن السائل يف ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫أعرج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَن ُفخه‪ ،‬وتَرفَعهُ إىل احلافة‪ .‬ويَسطَع املاء مثل مرآة حتت الشمس‪ .‬وميض ُمبهر َمدى بُرهة‪ .‬ويَنـزل َ‬
‫خرج منه بعد قليل‪ ،‬بساقه املوسومة آباثر جرح كبري‪ ،‬وقد ُش ِفيَت متاماً‪ .‬يتش ّكى‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫بسرعة يف املاء‪ ،‬لِ‬
‫اآلخرون ويتشاجرون مع الرجل الذي ُش ِف َي‪ .‬يقولون له إنّه‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬كان ال يزال يستطيع العمل‪،‬‬
‫بينما ُهم فال‪ .‬وميت ّد ِّ‬
‫الشجار‪.‬‬

‫يَنظُر يسوع حوله فريى مشلوالً‪ ،‬طريح الفراش‪ ،‬يبكي هبدوء‪ .‬يدنو منه‪ ،‬ينحين ويالطفه سائالً‬
‫ّإايه‪« :‬أتبكي؟»‬

‫«نعم‪ ،‬فال أحد يُف ّكر يب على اإلطالق‪ .‬أبقى هنا‪ ،‬أبقى هنا‪ ،‬واجلميع يُش َفون ّأما أان فال‪ ،‬على‬
‫كل ما أملك‪ ،‬وقد‬ ‫فت ّ‬‫صَر ُ‬‫اإلطالق‪ .‬ها قد مضت أعوام مثانية وثالثون وأان ُملقى على ظهري‪ .‬لقد َ‬
‫عيدين يف املساء‪...‬‬
‫ذوي‪ ،‬ويعتين يب اآلن أحد أقاريب البعيدين‪ ،‬وهو أييت يب صباحاً إىل هنا‪ ،‬ويُ ُ‬‫مات َّ‬
‫أود لو أموت!»‬ ‫ولكن هذا ُيعلين أشعر أبنّين أ ِ‬
‫ُثقل عليه‪ .‬آه! ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لدعائك‪».‬‬
‫َ‬ ‫وآمنت! وسوف يستجيب هللا‬
‫َ‬ ‫صِرب َ‬
‫ت كثرياً‪،‬‬ ‫غتم‪ .‬لقد َ‬
‫«ال تَ ّ‬
‫أنت طيّب وصاحل‪ ،‬إّّنا اآلخرون‪ ...‬إبمكان الذي‬
‫آمل ذلك‪ ...‬إّّنا تنتابين ساعات أيس‪َ .‬‬ ‫«ُ‬
‫ُش ِف َي‪ ،‬كعرفان َجيل هلل‪ ،‬أن يبقى هنا قليالً إلعانة اإلخوة الذين ال حول هلم وال ّقوة‪»...‬‬

‫فيك حقد‪ .‬فَـ ُهم ال يُف ِّكرون بذلك‪ ،‬ليس ِمن قَبيل‬
‫«ابلفعل‪ ،‬ينبغي له القيام بذلك‪ .‬إّّنا ال يكن َ‬
‫سوء النيّة‪ .‬إنّه فرح الشفاء‪ ،‬وهو ُيعلهم أاننيّني‪ .‬اغفر هلم‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 12 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتحرك ماء‬
‫يدي إىل هنا‪ ،‬حينما ّ‬
‫جر نفسي على ّ‬ ‫تتصرف هكذا‪ .‬أان أحاول ّ‬ ‫أنت صاحل‪ ،‬وال ّ‬ ‫« َ‬
‫وحّت ولو‬
‫الربكة‪ .‬إّّنا هناك َمن يَسبقين على الدوام‪ ،‬وال ميكنين املكوث قرب احلافّة‪ ،‬فأُداس ابألرجل‪ّ .‬‬
‫منك‪»...‬‬
‫طلبت ذلك َ‬
‫لكنت ُ‬‫أيتك قَبالً ُ‬
‫كنت ر َ‬
‫بقيت هنا‪ ،‬فَ َمن يُعينين على النُّـزول إىل املاء؟ لو ُ‬
‫ُ‬
‫صدر أمره‪ ،‬ويبدو وهو‬ ‫امش‪ ».‬وانتصب يسوع لِي ِ‬ ‫يرك و ِ‬
‫«أتريد حقاً أن تَربأ؟ إذاً‪ ،‬قُم‪ ،‬امحل سر َ‬
‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫يَ َنهض‪ ،‬وكأنّه يُن ِهض معه املشلول الذي يَِقف‪ُ ،‬ثّ يسري خطوة‪ ،‬اثنتان‪ ،‬ثالث‪ ،‬كما لو أنّه ال يُص ِّدق‪،‬‬
‫وذلك خلف يسوع الذي َميضي‪ ،‬ومبا أنّه ميشي حقيقة‪ ،‬يُطلِق صيحة ّتعل اجلميع يَلتَ ِفتون‪.‬‬

‫الرب؟»‬
‫حبق هللا! أميكن أن تكون مالك ّ‬
‫«ولكن َمن تكون؟ قُل يل ّ‬
‫«أان أكثر ِمن مالك‪ .‬امسي الرمحة‪ِ .‬‬
‫امض بسالم‪».‬‬

‫هرعون‪ .‬أظُنّهم َُيرسون‬


‫لكن ُحّراس اهليكل يَ َ‬
‫ودون الشفاء‪ .‬و ّ‬
‫ودون الكالم‪ .‬يَ ُّ‬
‫يتجمهرون َجيعاً‪ .‬يَ ُّ‬
‫ِ‬
‫الصاخب ابلتهديدات‪.‬‬ ‫التجمع‬
‫فرقون هذا ُّ‬ ‫ِ‬
‫الربكة كذلك‪ ،‬ويُ ِّ‬

‫َُيمل املشلول سريره ‪-‬وهو ِعبارة عن عا ِرضتَني‪ ،‬ثـُبِت عليهما زوجان ِمن الدواليب‪ُِ ،‬‬
‫ومسّرت‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ألقاك اثنية‪ .‬لن‬
‫عليهما كذلك قطعة من القماش البايل‪ -‬وَميضي سعيداً وهو يَهتف ليسوع‪« :‬سوف َ‬
‫ووجهك‪».‬‬
‫َ‬ ‫امسك‬
‫أنسى َ‬
‫ّأما يسوع فيختلط ابجلمع وميضي‪ ،‬يف وجهة أخرى‪ ،‬صوب اجلدران‪ .‬ولكنّه َمل يَ َكد يتجاوز‬
‫يتأججون‬
‫كأّنم َمدفوعون برايح عاتية‪َّ ،‬‬ ‫ص َل رهط ِمن اليهود‪ِ ،‬من أسوأ الطَّبَقات‪ ،‬و ّ‬
‫حّت َو َ‬
‫الرواق األخري‪ّ ،‬‬
‫يتوصلون إىل إدراك َمن هو‬ ‫ويتقصون‪ .‬ولكنّهم ال ّ‬
‫ّ‬ ‫التفوه ابلشتائم ليسوع‪ .‬يبحثون‪ ،‬يَنظُرون‪،‬‬
‫برغبة ّ‬
‫املقصود‪ ،‬وميضي يسوع‪ ،‬بينما أولئك‪ ،‬وقد خاب فَأهلم‪ ،‬ي ِ‬
‫هاَجون املشلول املسكني‪ ،‬ال ُـمربأ والسعيد‪،‬‬‫ُ‬
‫ويتّهمونه‪« :‬ملاذا َحت ِمل هذا السرير؟ اليوم سبت‪ .‬وهذا غري مسموح به َ‬
‫لك‪».‬‬

‫يَنظُر إليهم الرجل ويقول‪« :‬أان ال أعرف شيئاً‪ُ .‬ج ّل ما أعرفه هو أ ّن الذي شفاين قال يل‪:‬‬
‫يرك وامش"‪ .‬هذا ما أعرفه‪».‬‬
‫"امحل سر َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 13 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يهودايً؟‬
‫ّ‬ ‫«ابلتأكيد هو شيطان‪ ،‬ألنّه أ ََمَرَك أن تَنتَ ِهك السبت‪ .‬كيف كان؟ َمن كان؟ أكان‬
‫جليليّاً؟ صابئاً؟»‬

‫مين‪َ .‬ح َّدثَين‪َ .‬شفاين‪ .‬ومضى ُمم ِسكاً بيده طفالً‪ ،‬أظنّه‬
‫«ال أدري‪ .‬كان هنا‪ .‬رآين أبكي‪ ،‬ودان ّ‬
‫ابنه‪ ،‬إذ ُُيتمل أن يكون له ابن يف مثل هذا السن‪».‬‬

‫« َولَد؟ إذاً ليس هو!‪ ...‬ماذا قال إ ّن امسه؟ أمل تَ َس ْله؟ ال تكذب!»‬

‫«لقد قال يل إ ّن امسه الرمحة‪».‬‬

‫أنت! فهذا ليس امساً!»‬


‫«أبله َ‬
‫يَرفَع الرجل كتفيه وميضي‪.‬‬

‫شاه َداه يف اهليكل‪».‬‬ ‫ِ‬


‫يقول آخرون‪« :‬ابلتأكيد كان هو‪ .‬حنانيا وزّكا‪ ،‬من ال َكتَـبَة‪َ ،‬‬
‫«إّّنا هو ال أوالد له!»‬

‫«ومع ذلك فإنّه هو‪ .‬لقد كان مع تالميذه‪».‬‬

‫لكن يهوذا َمل يكن‪ .‬وإنّه هو َمن نَعرف جيّداً‪ .‬اآلخرون‪ ...‬قد يكونون أانساً عاديّني‪».‬‬
‫«و ّ‬
‫«ال‪ .‬كانوا ُهم‪».‬‬

‫ويستمر اجلدال‪ ،‬بينما متتلئ األروقة ابملرضى…‬


‫ّ‬
‫دخل اهليكل ِمن جهة أخرى‪ِ ،‬من اجلانب الغريب‪ ،‬الذي هو يف مواجهة املدينة‪.‬‬
‫يَعود يسوع ويَ ُ‬
‫الر ُسل‪ .‬يَنظُر يسوع حوله‪ ،‬وأخرياً يَرى الذي يبحث عنه‪ :‬يواناثن‪ ،‬الذي كان يبحث عنه بدوره‪.‬‬
‫يتبعه ُّ‬
‫ك تقول ّإّنا َأت ُمل التم ّكن ِمن اجمليء السبت‬
‫«إنَّه أفضل اي معلّم‪ .‬حرارته هتبط‪ .‬كذلك ّأم َ‬
‫القادم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 14 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫موعدك‪».‬‬
‫َ‬ ‫كنت دقيقاً يف‬
‫«شكراً اي يواناثن‪ ،‬لقد َ‬
‫ب إىل رواق‬
‫عنك‪ .‬لقد ذَ َه َ‬
‫«ليس كثرياً‪ ،‬فلقد استوقَـ َفين ماكسيمني صديق لعازر‪ .‬إنّه يبحث َ‬
‫سليمان‪».‬‬

‫معك‪ ،‬وامحل سالمي إىل ّأمي وإىل النساء التلميذات ابإلضافة‬


‫«سوف أمضي للقائه‪ .‬السالم َ‬
‫إىل يهوذا‪».‬‬

‫وَميضي يسوع ُمس ِرعاً إىل رواق سليمان‪ ،‬حيث َُِيد مكسيمني ابلفعل‪..‬‬

‫هاماً‪ .‬هل أتيت؟»‬


‫لك أمراً ّ‬
‫رؤيتك ليقول َ‬
‫يود َ‬ ‫ك هنا‪ .‬وهو ُّ‬
‫« َعرف لعازر أنّ َ‬
‫ميكنك القول له أن ينتظرين يف حبر هذا األسبوع‪».‬‬
‫َ‬ ‫شك وبال أتخري‪.‬‬
‫أي ّ‬
‫«بدون ّ‬
‫وبعد بضعة كلّمات َميضي مكسيمني كذلك‪.‬‬

‫ص ِّل‪ ،‬طاملا عُدان إىل هنا‪ ».‬يقول يسوع ذلك وَميضي إىل ردهة اليهود‪.‬‬ ‫«لنَ ْم ِ‬
‫ض ونُ َ‬
‫الرب‪ .‬يَراه ال ُـمربأ مبعجزة‬
‫ولكنّه يلتقي املشلول ال ُـمربأ ابلقرب من ذلك املكان‪ ،‬وقد أتى ليشكر ّ‬
‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسط اجلمع‪ ،‬فيحيّيه بفرح‪ ،‬ويَروي له ما َح َدث أمام الربكة بعد رحيله‪ .‬ويُنهي‪« :‬أحدهم‪ ،‬وقد ُده َ‬
‫أنت هو ماسيّا‪ .‬صحيح؟»‬ ‫ِ‬
‫من رؤييت معاىف‪ ،‬قال يل َمن تكون‪َ .‬‬

‫فيت ابملاء أو بِ ُقدرة أخرى‪ ،‬فإ ّن و َ‬


‫اجبك ّتاه هللا يبقى هو هو‪،‬‬ ‫كنت ُش َ‬ ‫حّت لو َ‬‫«أان هو‪ .‬إّّنا ّ‬
‫فيت‪ .‬اذهب إذاً‪ ،‬بنوااي‬
‫لتتصرف بشكل جيّد‪ .‬لقد ُش َ‬‫تك استخداماً جيّداً ‪ّ ،‬‬ ‫صح َ‬
‫إنّه واجب استخدام ّ‬
‫يعاقبك هللا بعد‪ .‬وداعاً‪ .‬امض بسالم‪».‬‬
‫َ‬ ‫حياتك‪ ،‬وال تَـعُد ُُتطئ‪ ،‬فال‬
‫َ‬ ‫صاحلة‪ ،‬وعا ِود نشاطات‬

‫ألخدمك وألتعلّم‪ .‬فهل تَقبَلين؟»‬


‫َ‬ ‫أتبعك‬
‫أود لو َ‬
‫مسن وال أعرف شيئاً‪ ...‬ولكنّين ُّ‬
‫«أان رجل ّ‬
‫رت تعال‪».‬‬ ‫ِ‬
‫أرد أحداً‪ .‬إّّنا فَ ّكر ملياً قبل أن أتيت‪ ،‬وإذا قَـَّر َ‬
‫«أان ال ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 15 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لست أدري أين تَذهب‪»...‬‬
‫«أين؟ ُ‬
‫تك ِمن‬
‫إيل‪ .‬وليُنر هللا بصري َ‬
‫يقودونك َّ‬
‫َ‬ ‫كل مكان َستَ ِجد بعضاً ِمن تالميذي‬
‫« َع ْرب العامل‪ .‬ففي ّ‬
‫أجل األفضل‪».‬‬

‫َميضي اآلن يسوع إىل مكانه ويُصلّي‪.‬‬

‫لست أدري ما إذا كان ال ُـمربأ مبعجزة قد مضى تلقائيّاً للقاء اليهود‪ ،‬أو إذا كان أولئك‪ ،‬كوّنم‬ ‫ُ‬
‫عجائيب‪ .‬الذي‬ ‫بشكل‬ ‫فاه‬ ‫ش‬ ‫الذي‬ ‫نفسه‬ ‫هو‬ ‫ه‬‫َ‬‫ث‬‫د‬‫َّ‬ ‫ح‬ ‫الذي‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫سألوه‬‫ي‬‫ابملرصاد‪ ،‬قد أوقَفوه لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فرتض‬
‫أَعلَمهُ هو أ ّن الرجل يتح ّدث إىل اليهود ُثّ َميضي‪ ،‬بينما ميضي أولئك إىل جانب السلّم الذي يُ ََ‬
‫بادرونه دون‬‫صل يسوع‪ ،‬ي ِ‬‫أن ينـزل منه يسوع للعبور إىل الباحات األخرى واخلروج من اهليكل‪ .‬عندما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إليك؟ وتريد أن‬ ‫ِ‬
‫االهتامات اليت ُو ّجهت َ‬
‫كل ّ‬‫أتستمر يف نقض السبت إذن‪ ،‬رغم ّ‬ ‫إلقاء التحيّة ابلقول‪ّ « :‬‬
‫رسل ِمن هللا؟»‬‫ُحت ََرتم َك ُم َ‬
‫رسل؟ بل أكثر‪ :‬كابن‪ .‬فاهلل أيب‪ .‬وإذا ما رفضتم احرتامي‪ ،‬فامتَنِعوا عن ذلك‪ّ .‬أما أان‪ ،‬فلن‬‫« ُم َ‬
‫أبي شكل عن إمتام رساليت‪ .‬أل ّن هللا ال يتوقّف حلظة عن العمل‪ .‬اآلن أيضاً أيب يعمل وأان‬ ‫أتوقّف ّ‬
‫أعمل‪».‬‬
‫أتيت إىل األرض ّإال لكي َ‬‫أعمل‪ ،‬ذلك أ ّن االبن الصاحل يفعل ما يفعله أبوه‪ ،‬وألنّين ما ُ‬
‫أحس َن إليهم‪ ،‬وآخرون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَدنو أانس لالستماع إىل النقاش‪ .‬ومنهم َمن يَعرف يسوع‪ ،‬وم ُنهم َمن قد َ‬
‫الر ُسل ابملعلّم‪.‬‬
‫مرة‪ .‬كثريون ُيبّونه‪ ،‬آخرون يُبغضونه‪ ،‬وكثريون يَظلّون ال ُمبالني‪ُُ .‬ييط ُّ‬
‫ألول ّ‬
‫يَرونَه ّ‬
‫مرغزايم شبه خائف‪ ،‬ويبدو وجهه الصغري على وشك أن متأله الدموع‪.‬‬

‫تك!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الفريسيّني والصدوقيّني‪ ،‬يَصرخون ُمعلنني ش ّكهم‪« :‬اي جلسار َ‬
‫وهم َمزيج من ال َكتَـبَة و ّ‬
‫اليهود‪ُ ،‬‬
‫أي انتهاك للحرمات! هللا هو الكائن وليس له ابن! ولكن اندوا َجالئيل! اندوا‬ ‫آه! يَدَّعي إنّه ابن هللا! ّ‬
‫فحموه‪».‬‬‫صادوق! اَجعوا احلاخامني لِيسمعوه وي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 16 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ال تَضطَ ِربوا‪ .‬اندوهم‪ ،‬وسيقولون لكم إذا ما كان ح ّقاً ّأّنم يَعلَمون أ ّن هللا واحد واثلوث‪ :‬آب‬
‫الفكر‪ ،‬قد أتى‪ ،‬كما كان قد تنبّأ عنه األنبياء‪ ،‬لِيُخلِّص إسرائيل‬
‫وابن وروح قدس‪ .‬وأ ّن الكلمة‪ ،‬يعين ابن ِ‬
‫والعامل ِمن اخلطيئة‪ .‬أان ال َكلِ َمة‪ .‬أان ماسيّا الذي بُ ِّشر به‪ ،‬فال انتهاك للمقدَّسات إذن إذا ما أَمسَيت‬
‫أجرتح املعجزات‪ ،‬وبِفضلها أج ُذب َّ‬
‫إيل اجلموع وأَستَميلهم‪.‬‬ ‫أيب‪ ،‬ذاك الذي هو اآلب‪ .‬تَقلقون ألنّين َِ‬
‫لكن بعلزبول موجود يف العامل منذ قرون‪ ،‬ويف احلقيقة‪،‬‬ ‫تتّهمونين أبنّين الشيطان‪ ،‬ألنّين أَصنَع اخلَوارق‪ .‬و ّ‬
‫لديه الكثري ِمن العابدين َّ‬
‫املكرسني‪ ،‬فلماذا إذن ال يفعل ما أفعله؟»‬

‫فعله هو‪».‬‬
‫يتهامس الناس‪« :‬ح ّقاً! ح ّقاً! ال أحد يفعل ما يَ َ‬
‫يُتابِع يسوع‪« :‬أان أقول لكم‪ :‬هذا ألنّين أعرف ما ال يعرفه هو‪ ،‬وأستطيع ما ال يستطيعه هو‪.‬‬
‫عمل بذاته ّإال األعمال اليت رآها‬‫أعمل أعمال هللا‪ ،‬فهذا ألنّين أان ابنه‪ .‬ال ميكن ألحد أن يَ َ‬ ‫كنت َ‬ ‫وإذا ُ‬
‫لست‬
‫عمله‪ ،‬فأان وهو واحد‪ ،‬منذ دهر الدهور‪ ،‬و ُ‬ ‫أيت اآلب يَ َ‬
‫نجز؛ وأان‪ ،‬االبن‪ ،‬ال ميكنين َع َمل ّإال ما ر ُ‬
‫تُ َ‬
‫فعله اآلب أفعله أان كذلك‪ ،‬ألنّين ابنه‪ ،‬فال بعلزبول وال غريه‬ ‫كل ما يَ َ‬
‫السلطان‪ .‬و ّ‬‫ُُمتلفاً عنه ابلطبيعة و ُّ‬
‫أفعله‪ ،‬أل ّن بعلزبول واآلخرين ال يَع ِرفون ما أعرفه‪ .‬اآلب ُيبّين أان‪ ،‬ابنه‪ ،‬وُيبّين بغري‬ ‫ما‬ ‫عل‬ ‫يستطيع فِ‬
‫َ‬
‫فعله‪ ،‬أان‬
‫فعله‪ ،‬كي أفعل أان ما يَ َ‬ ‫كل ما يَ َ‬ ‫ِ‬
‫قياس‪ ،‬كما أحبّه أان كذلك‪ .‬ألجل ذلك هو أراين‪ ،‬ويُريين ّ‬
‫على األرض‪ ،‬يف زمن النِّ َعم هذا‪ ،‬وهو يف السماء قبل أن يكون الزمن على األرض‪ .‬وسوف يُريين‬
‫ند ِهشني‪.‬‬ ‫أعماالً أعظَم على الدوام لكي أ ِ‬
‫ُجنزها‪ ،‬وتَظلّون أنتم ُم َ‬
‫أفرغ ِمن إجناز ما يُف ِّكر به اآلب ويريده‬ ‫ال‬ ‫مثله‬ ‫كوين‬ ‫به‪،‬‬ ‫أقتدي‬ ‫أان‬
‫و‬ ‫عمله‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ب‬ ‫نض‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫كره‬ ‫فِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلب‪ .‬ال حدود لنا‪ ،‬وال شيء‬ ‫نضب أبداً‪ .‬حنن ّ‬ ‫يف تفكريه‪ .‬أنتم ال تَع ِرفون ما َخيلقه ّ‬
‫احلب دون أن يَ َ‬
‫ال ميكن فعله على مستوى درجات اإلنسان الثالث‪ :‬األدىن واألعلى والروحيّة‪ .‬ابلفعل‪ ،‬كما أ ّن اآلب‬
‫ِ‬
‫وحّت‪ ،‬بسبب‬‫يُن ِهض املوتى‪ ،‬ويُعيد إليهم احلياة‪ ،‬فأان‪ ،‬االبن‪ ،‬كذلك ُميكنين َمنح احلياة ل َمن أريد‪ّ ،‬‬
‫احلب الالُمدود الذي يكنّه اآلب لالبن‪ ،‬فقد أُعطي يل أن أُعيد احلياة‪ ،‬ليس فقط إىل اجلزء األدىن‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حّت إىل القسم األعلى‪ ،‬إبعتاق ِفكر اإلنسان وقلبه من أخطاء الروح واألهواء السيّئة‪ ،‬وإىل القسم‬ ‫إّّنا ّ‬
‫الروحي‪ ،‬إبعادة حترير الروح ِمن اخلطيئة‪ .‬اآلب‪ ،‬ابلفعل‪ ،‬ال يدين أحداً‪ ،‬إذ قد َمنَ َح سلطان الدينونة‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 17 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فعله اآلب‬ ‫ِ‬
‫لالبن‪ ،‬ذلك أ ّن االبن‪ ،‬هو الذي اشرتى اإلنسانيّة‪ ،‬بتضحيته الشخصيّة‪ ،‬ليَفتَديها‪ .‬وهذا يَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بجل اجلميع االبن كما َكَّرموا‬ ‫اليوم بِ َعدل‪ ،‬ألنّه من العدل أن يُعطى ل َمن يَدفَع الثَّمن ممَّا ّ‬
‫خيصه‪ ،‬ولكي يُ ّ‬
‫اآلب‪.‬‬

‫احلب‪ ،‬فإنّكم ال حتبّون‬


‫اعلَموا أنّكم لو فَـَّرقتم اآلب عن االبن أو االبن عن اآلب‪ ،‬وما تذ ّكرمت ّ‬
‫حبق وحكمة‪ ،‬ولكنّكم تَرتَ ِكبون هرطقة‪ ،‬ألنّكم ال تَعبدون سوى واحد‪ ،‬بينما‬ ‫ب‪ّ :‬‬ ‫هللا كما ينبغي أن ُُيَ ّ‬
‫هو اثلوث رائع‪ .‬كذلك الذي ال ُُِي ّل االبن كالذي َمل ُُِي ّل اآلب‪ ،‬ذلك أ ّن اآلب‪ ،‬هللا‪ ،‬ال يَقبَل أن‬
‫أرسلَهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالً متكامالً‪َ .‬من ال ُُي ّل االبن ال ُُي ّل اآلب الذي َ‬
‫يُعبَد جزء واحد منه‪ ،‬بل إّّنا يريد أن يُعبَد ّ‬
‫حب كاملة‪ .‬ألنّه حينئذ يَرفض معرفة أ ّن هللا يَع ِرف القيام أبعمال صحيحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يف فكرة ّ‬
‫ضع لدينونة‪،‬‬‫أرسلَين‪ ،‬فله احلياة األبديّة‪ ،‬وال َخي َ‬ ‫ِ‬
‫سمع كالمي‪ ،‬ويؤمن مبَن َ‬ ‫احلق أقول لكم إ ّن َمن يَ َ‬
‫ّ‬
‫عرب ِمن املوت إىل احلياة‪ ،‬أل ّن اإلميان ابهلل وتَـ َقبُّل َكلِ َميت يَعين أن يتقبَّل يف ذاته احلياة اليت ال‬
‫ولكنّه يَ ُ‬
‫سمع فيها األموات صوت ابن هللا‪،‬‬ ‫متوت‪ .‬ستأيت الساعة‪ ،‬وهي اآلن حاضرة ابلنسبة إىل الكثريين‪ ،‬يَ َ‬
‫صدح ُُميّياً يف أعماق قلبه‪.‬‬ ‫سمعه‪ ،‬يَ َ‬ ‫وحيث َُييا الذي يَ َ‬
‫لك أيّها الكاتب؟»‬
‫ما قو َ‬
‫ك َمنون‪».‬‬
‫«أقول إ ّن املوتى ال يَعودون يَسمعون شيئاً‪ ،‬وإنّ َ‬
‫لمك ليس بشيء‪ ،‬إذا ما قوِرن بِعِلم هللا‪.‬‬ ‫«سوف تُقنِعك السماء أب ّن األمر ليس كذلك‪ ،‬وأ ّن ِع َ‬
‫ك مل تَـعُد تعطي الكلّمات ّإال معىن غري مباشر وأرضيّاً‪ .‬لقد‬ ‫ت األمور فائقة الطبيعة لدرجة أنّ َ‬‫لقد أنْ َسْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيَغ اليت لكم‪ ،‬دون َحتَ ُّمل عناء إدراك الرموز على حقيقتها‪ ،‬واآلن‪،‬‬ ‫اهلجادة بِصيغ جامدة‪ّ ،‬‬ ‫مت ّ‬ ‫َعلَّ َ‬
‫جراء ضغط الطبيعة البشريّة اليت تتغلّب على الروح‪ ،‬ال تؤمنون‬ ‫ِ‬
‫فإنّكم‪ ،‬يف قرارة نفسكم ال ُـم َنه َكة من ّ‬
‫حّت مبا تُعلِّمونه‪ .‬وهذا هو السبب الذي ألجله َمل تعودوا قادرين على َماهبة القوى الباطنيّة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫سمعون َكلِ َميت‬
‫فاملوت الذي أحت ّدث عنه ليس موت اجلسد‪ ،‬بل موت الروح‪ .‬سيأيت الذين يَ َ‬
‫فإّنم يستعيدون‬‫حّت ولو كانوا أموااتً أبرواحهم‪ّ ،‬‬
‫عملون هبا‪ ،‬فهؤالء‪ّ ،‬‬
‫آبذإّنم‪ ،‬ويتقبّلوّنا يف قلوهبم‪ ،‬ويَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 18 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلياة‪ ،‬أل ّن كلميت تَفيض حياة‪ .‬وأان أستطيع َمنحها لِ َمن أشاء‪ ،‬أل ّن َّ‬
‫يف كمال احلياة‪ ،‬ألنّه‪ ،‬كما أ ّن‬
‫اتمة‪ ،‬كاملة‪ ،‬أبديّة‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬
‫ص َل االبن‪ ،‬من هللا‪ ،‬على احلياة‪ ،‬يف ذاته‪ّ ،‬‬
‫اآلب له يف ذاته َمتام احلياة‪ ،‬فقد َح َ‬
‫ومتناقِلة‪ .‬ومع احلياة‪َ ،‬منَ َحين اآلب سلطان الدينونة‪ ،‬أل ّن ابن اآلب هو ابن اإلنسان‪ ،‬وميكنه‪،‬‬ ‫ّناية هلا ُ‬
‫بل وينبغي له دينونة اإلنسان‪.‬‬

‫دهشوا للقيامة األوىل هذه‪ ،‬الروحيّة‪ ،‬اليت أصنَعها أان بكلميت‪ .‬وسوف تَـَرون ما هو أقوى‬ ‫ال تُ َ‬
‫بعد‪ ،‬أقوى ِمن أحاسيسكم املث َقلَة‪ ،‬إذ‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬أقول لكم‪ :‬ما ِمن شيء أعظم ِمن القيامة احلقيقيّة‪،‬‬
‫كل َمن فيها‪ .‬والذين‬ ‫ِ‬
‫سمعه ّ‬‫غري املرئيّة‪ ،‬لروح‪ .‬ستأيت الساعة قريباً‪ ،‬وفيها َخي َرتق صوت ابن هللا القبور‪ ،‬ويَ َ‬
‫َع ِملوا الصاحلات‪َ ،‬خي ُرجون إىل قيامة احلياة األبديّة؛ والذين َع ِملوا السيّئات إىل قيامة الدينونة األبديّة‪.‬‬

‫لست أقول لكم إنّين أقوم بذلك اآلن‪ ،‬وسأقوم به الحقاً‪ِ ،‬من ذايت وإبراديت وحدي‪ ،‬بل إّّنا‬ ‫ُ‬
‫وحكمي عادل ‪ ،‬ألنّين ال أعمل مشيئيت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أح ُكم حبسب ما أَمسَع‪ُ ،‬‬
‫إبرادة اآلب ُمتَّحدة إبراديت‪ .‬أقول و ْ‬
‫أرسلَين‪.‬‬
‫بل مشيئة الذي َ‬
‫ُترَجه إىل كالم وفِعل‪.‬‬ ‫صال عن اآلب‪ .‬أان فيه وهو يف‪ ،‬وأان ِ‬
‫عامل بِِفكره وأ ِ‬ ‫َّ‬ ‫لست ُمن َف ِ ً‬
‫ُ‬
‫يف سوى‬ ‫ما أقوله ألشهد به لذايت‪ ،‬ال ميكن أن تَقبَله نفسكم عدمية اإلميان اليت ال تريد أن ترى َّ‬
‫كنيب عظيم‪ .‬وأَعلَم أ ّن‬
‫كرسونه ّ‬ ‫اإلنسان ال ُـمشابِه لكم َجيعاً‪ .‬إنسان آخر يَ َ‬
‫شهد يل‪ ،‬وتقولون إنّكم تُ ِّ‬
‫ألّنا تُناقِض تفكريكم‬
‫كرمونه‪ ،‬تَرفُضون شهادته‪ّ ،‬‬ ‫حق‪ ،‬ولكنّكم‪ ،‬أنتم الذين تقولون إنّكم تُ ِّ‬‫شهادته ّ‬
‫ألّنا‪ ،‬حينما ال تناسبكم‪،‬‬‫نيب يف إسرائيل‪ّ ،‬‬ ‫البار‪ ،‬آخر ّ‬
‫ال ُـمعادي يل‪ .‬أنتم ال تَقبَلون شهادة اإلنسان ّ‬
‫تقولون‪" :‬إ ْن هو ّإال إنسان‪ ،‬وقد ُخي ِطئ"‪.‬‬
‫ِ‬
‫عين‪ ،‬بل ما تَشاؤون‬ ‫عين ما تَر َغبون‪ ،‬ما تُف ّكرون به ّ‬ ‫أرسلتُم أانساً يَسأَلون يوحنّا‪َ ،‬علَّه يقول ّ‬
‫لقد َ‬
‫النيب قال إ ّن يسوع‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫لها‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫تتمكنوا ِ‬
‫م‬ ‫حق‪ ،‬مل َّ‬ ‫شهادة‬ ‫د‬ ‫عين‪ .‬ولكن يوحنّا َش ِ‬
‫ه‬ ‫به‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫أن تُف ِّ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النيب َمنون‪ ،‬وأبنَّين‬
‫سر قلوبكم‪ ،‬إ ّن ّ‬ ‫الناصري هو ابن هللا‪ .‬وألنّكم َُت ُشون اجلموع‪ ،‬فإنّكم تقولون‪ ،‬يف ّ‬ ‫ّ‬
‫أان َمنون كذلك‪ .‬وعلى الرغم ِمن أنَّين ال أعتمد على شهادة إنسان‪ ،‬حّت ولو كانت صادرة عن أقدس‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 19 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إنسان يف إسرائيل‪ّ .‬إال أنَّين أقول لكم‪ :‬لقد كان هو املصباح املتوقِّد واملضيء‪ ،‬ولكنّكم َمل تُريدوا‬
‫علي‪ ،‬لِتَعلَموا َمن هو املسيح‪ ،‬جعلتم املصباح‬ ‫االستمتاع بنوره ّإال قليالً ج ّداً‪ .‬وعندما َسلَّ َ‬
‫ط هذا النُّور َّ‬
‫الرب‪.‬‬
‫حتت املكيال‪ ،‬وقبل ذلك أيضاّ‪ ،‬جعلتم بينكم وبينه جداراً لكيال تَروا‪ ،‬على ضوئه‪ ،‬مسيح ّ‬
‫أان شاكر ليوحنّا شهادته‪ ،‬واآلب شاكر له ذلك‪ .‬وسوف تكون له مكافأة عظيمة ِمن أجل‬
‫كل‬
‫الشهادة اليت أَعطى‪ُ ،‬منرياً بذلك أيضاً يف السماء‪ّ ،‬أول مشس تتألّق بني الناس يف العُال‪ُ ،‬منرياً‪ ،‬كما ّ‬
‫فلدي شهادة أَعظَم ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للحق ومتعطّشني للعدل‪ّ .‬أما أان‪ ،‬يف هذه األثناء‪ّ ،‬‬ ‫الذين كانوا أوفياء ُُملصني ّ‬
‫ألّنا األعمال اليت أعطانيها اآلب ِألُمتِّمها‪ ،‬تلك األعمال‬
‫شهادة يوحنّا‪ ،‬وهذه الشهادة هي أعمايل‪ّ .‬‬
‫فإن اآلب نفسه هو الذي‬ ‫كل سلطان‪ .‬وهكذا َّ‬ ‫َرسلَين‪ ،‬ماحناً ّإايي ّ‬ ‫أُمتّمها‪ ،‬وهي تَ َ‬
‫شهد يل أب ّن اآلب أ َ‬
‫شهد يل‪.‬‬ ‫َرسلَين‪ ،‬وهو الذي يَ َ‬
‫أ َ‬
‫لت أراه‪ ،‬ولقد َِمسعتُه وأَمسَعه‪،‬‬
‫أنتم َمل تَسمعوا صوته قط‪ ،‬وَمل تَروا وجهه‪ّ ،‬أما أان فقد رأيتُهُ وما ِز ُ‬
‫أرسلَه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وَكل َمته ال يُقيم فيكم ألنّكم ال تؤمنون مبَن َ‬
‫تَدرسون الكتاب‪ ،‬ظنّاً منكم أنّكم مبعرفته َحتصلون على احلياة األبديّة‪َ .‬وأَفَال تتنبَّهون أب ّن ال ُكتُب‬
‫إيل لِنَيل احلياة؟ أان أقول لكم‪ :‬عندما‬ ‫تستمرون يف رفضكم اجمليء َّ‬‫ّ‬ ‫عين؟ ملاذا إذن‬
‫ابلذات تتح ّدث ّ‬ ‫َّ‬
‫التوصل إىل القول‪:‬‬
‫اضع‪ .‬ال ميكنكم ّ‬ ‫املتأصلة فيكم ترفضونه‪ .‬يَنقصكم التَّو ُ‬
‫يكون أمر ما ُمالفاً آلرائكم ّ‬
‫تصرفتم مع يوحنّا‪،‬‬‫الكتاب أو ذاك يقول ما هو كائن فعالً‪ ،‬وإ ّان ُُن ِطئ"‪ .‬هكذا َّ‬ ‫"لقد أخطأت‪ ،‬هذا ِ‬
‫ُ‬
‫مع ال ُكتُب‪ ،‬ومع ال َكلِ َمة الذي يتح ّدث إليكم‪ .‬ال ميكنكم أن تَروا بَعد وال أن تُد ِركوا‪ ،‬ألنّكم سجناء‬
‫الكربايء‪ ،‬وقد َسبَّـبَت أصواتكم لكم الدُّوار‪.‬‬

‫هل تظنّون أنّين أتكلّم هكذا ألنّين أريد أن أكون ُممَ َّجداً منكم؟ ال‪ ،‬فليكن معلوماً لديكم‪ ،‬أان‬
‫األبدي‪ .‬هذا هو اجملد‬ ‫خالصكم‬ ‫هو‬ ‫يده‬
‫ر‬ ‫أ‬
‫و‬ ‫عنه‬ ‫أحبث‬ ‫ما‬ ‫البشر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ال أحبث وال أَرضى ِمبَجد أييت ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الذي أسعى إليه‪َ .‬مدي َك ُم َخلِّص‪ ،‬الذي ال ميكن أن يتح ّقق ّإال إذا كان يل أوفياء‪ ،‬وهو يَتعاظم مع‬
‫ومن اآلب‪ ،‬هو روح فائق‬ ‫عدد الذين أُخلِّصهم‪ ،‬والذي ينبغي أن يعطى يل ِمن األرواح اليت خلَّصتُها ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الطُّهر‪ ،‬بينما أنتم لن تكونوا ُُملَّصني‪ .‬أعرفكم على ما أنتم عليه‪ .‬ليس فيكم ّ‬
‫حب هللا‪ ،‬فأنتم بدون‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 20 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب‪ .‬فأنتم فيه ََمهولون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دخلوا ملكوت ّ‬ ‫ب الذي يكلّمكم‪ ،‬ولَن تَ ُ‬
‫حب‪ ،‬ألجل ذلك ال تُقبلون إىل احل ّ‬
‫ّ‬
‫اآلب ال يعرفكم ألنّكم ال تعرفونين‪ ،‬أان الذي يف اآلب‪ .‬بل ال تريدون أن تعرفوين‪.‬‬

‫أي كان أييت ابمسه‬


‫أتيت ابسم أيب‪ ،‬وأنتم ال تتقبّلونين‪ ،‬رغم أنّكم على استعداد الستقبال ّ‬ ‫لقد ُ‬
‫اخلاص‪ ،‬شرط أن يقول ما يَروق لكم‪ .‬أتقولون إنّكم أرواح مؤمنة؟ ال‪ ،‬أنتم لستم كذلك‪ .‬كيف ميكنكم‬ ‫ّ‬
‫تتسولون اجملد‪ ،‬البعض ِمن البعض اآلخر‪ ،‬وال تبحثون عن ََمد السماوات الذي‬ ‫اإلميان‪ ،‬أنتم اي َمن َّ‬
‫حق‪ ،‬وهو ال يُ َسُّر أو يَستَمتِع ابلفوائد اليت ال تتع ّدى كوّنا أرضيّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أييت من هللا وحده؟ اجملد الذي هو ّ‬
‫وهي تُ ِ‬
‫داعب فقط اإلنسانيّة الفاسدة ألبناء آدم املنح ِطّني‪.‬‬

‫أان لن ّأهتمكم لدى اآلب‪ .‬ال تُف ِّكروا بذلك‪ ،‬فهناك َمن يتَّهمكم‪ .‬إنّه موسى الذي تَرجون‪ .‬هو‬
‫عين‪ ،‬وأنتم ال تعرفونين حبسب‬‫ب ّ‬ ‫َمن سوف يـَتَّهمكم بعدم إميانكم به‪ ،‬ألنّكم ال تؤمنون يب‪ ،‬فهو قد َكتَ َ‬
‫قسمون به‪ .‬فكيف ميكنكم إذن‬ ‫ما تَـرَكه مكتوابً عين‪ .‬أنتم ال تؤمنون بكالم موسى العظيم الذي تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اإلميان بكالمي؟ بكالم ابن اإلنسان الذي ال تؤمنون به؟ إذا ما تكلَّمنا بشرايً‪ ،‬فهذا م ِ‬
‫نطق‪ .‬إّّنا هنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فإنّنا يف حقل الروح حيث تَصطَ ِدم نفوسكم‪ ،‬فَـيَنظُر إليها هللا على ضوء أعمايل‪ ،‬ويُقابِل األفعال اليت‬
‫أتيت أُعلِّمه‪ .‬ويدينكم هللا‪.‬‬
‫تقومون هبا مع ما ُ‬
‫ّأما أان فإنّين أمضي‪ .‬ولن يطول الزمن الذي ترونين فيه‪َّ ،‬‬
‫وأتكدوا كذلك أ ّن هذا ليس نصراً لكم‪،‬‬
‫رحل‪».‬‬
‫بل إّّنا هو عقاب‪ .‬هيّا بنا نَ َ‬
‫ظل قسم منه صامتاً‪ ،‬وقسم يتهامسون حول االستحسان الذي‬ ‫َ ِ‬
‫وخي َرتق يسوع اجلمع الذي يَ ّ‬
‫الفريسيّني إىل َِهس‪ .‬وَميضي يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُُي ّوله اخلوف من ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 21 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫أرسلَت يف طَلَب مرات")‬


‫‪( -88‬يف بيت عنيا "اي معلم‪ ،‬مرمي َ‬
‫‪1945 / 07 / 22‬‬

‫صل يسوع‪ ،‬يُرافِقه الغيور‪ ،‬إىل بستان لعازر‪ ،‬يف صبيحة صيف َجيلة‪ .‬مل يُشا ِرف الفجر بعد‬
‫يِ‬
‫َ‬
‫على ّنايته‪ ،‬وكذلك كل شيء منتَعِش ِ‬
‫وابسم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ع الستقبال املعلّم‪ ،‬يُشري إىل هدب ثوب أبيض يتوارى خلف سياج ويقول‪:‬‬
‫والبستاينّ الذي َهَر َ‬
‫«لعازر ماض إىل تعريشة اليامسني‪ ،‬ومعه لفافات يقرأها‪ .‬سأانديه‪».‬‬

‫«ال‪ .‬سأذهب هناك وحدي‪».‬‬

‫ويسري يسوع ِخبُطى سريعة على درب ُي ّده سياج ِمن الزهور‪ .‬العشب القصري الناعم املزروع‬
‫باغت لعازر‪.‬‬‫على طول السياج ُخي ِّفف ِمن وقع اخلطوات‪ ،‬وُيتهد يسوع يف الدوس عليها ابلذات لِي ِ‬
‫ُ‬
‫فاجئه واقفاً واللفافات موضوعة على طاولة رخاميّة‪ ،‬وهو يُصلّي بصوت ُمرتَِفع‪« :‬ال ُُتيِّب‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫منك‪ ،‬بدموعي‪،‬‬ ‫أنت تنمو‪َ .‬هْبين ما طَلَبتُهُ َ‬‫األمل اليت نـَبَـتَت يف قليب‪ ،‬اجعلها َ‬ ‫رب‪ .‬غرسة ّ‬ ‫أملي اي ّ‬
‫مرة‪ .‬ما طَلَبتُهُ أبعمايل‪ ،‬ابملساُمة وبذايت كلّها‪َ .‬هْبين ّإايه بديالً عن حيايت‪َ .‬هْبين ّإايه‬
‫عشرة ومائة ألف ّ‬
‫عده َكلِ َمة ابطلة؟‬
‫الظن أب ّن َو َ‬
‫علي ّ‬ ‫يسوعك الذي َو َع َدين هبذا السالم‪ .‬هل ميكنه الكذب؟ هل َّ‬ ‫َ‬ ‫ابسم‬
‫وسلطانه أدىن ِمن هذه اخلطيئة اليت هي أخيت؟ قُل يل اي إهلي كي أستكني‪ُ ،‬حبّاً َ‬
‫بك‪»...‬‬

‫لك!» يقول يسوع‪.‬‬


‫«نعم‪ ،‬أقوهلا َ‬
‫أتيت؟» وينحين لِيُقبِّل ثوب يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويَلتَفت لعازر بسرعة‪ ،‬ويَصيح‪« :‬آه! سيّدي! ولكن مّت َ‬
‫«منذ بضعة دقائق‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 22 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وحدك؟»‬
‫« َ‬

‫ك تبغي أن تقول يل أمراً‬


‫أتيت وحدي‪ .‬أعرف أنّ َ‬
‫أنت‪ ،‬فقد ُ‬
‫«مع مسعان الغيور‪ ،‬إّّنا هنا‪ ،‬حيث َ‬
‫عظيماً‪ .‬قُله يل إذاً‪».‬‬

‫لك‪».‬‬ ‫ِ‬
‫رد َك سوف أقول َ‬
‫«ال‪ .‬قبل ذلك أجبين على السؤال الذي طرحتُهُ على هللا‪ .‬وحبسب ّ‬
‫ميكنك قوله‪ »...‬ويبتسم يسوع‪ ،‬فاحتاً ذراعيه‪ ،‬داعياً ّإايه‬
‫َ‬ ‫«قُل يل‪ ،‬قُل يل ذلك األمر اجلَّلَل‪.‬‬
‫إليهما‪.‬‬

‫حقيقي؟» ويلتجئ لعازر إىل‬


‫ّ‬ ‫أنت تَعلَم إذن أ ّن هذا‬
‫حقيقي؟ َ‬
‫ّ‬ ‫العلي! ولكن هل هذا‬ ‫«اي هللا ّ‬
‫سر له أبمره اجلَّلَل‪.‬‬
‫ذراعي يسوع ليُ ّ‬
‫أرسلَت مرمي يف طلب مرات إىل ََمدال‪ .‬ولقد ذَ َهبَت مرات ُمضطَ ِربة‪ ،‬خائفة ِمن َخطْب‬ ‫«لقد َ‬
‫أرسلَت يل‪ ،‬مع اخلادم الذي رافَـ َقها‪ ،‬رسالة‬
‫لكن مرات َ‬ ‫وبقيت هنا مبفردي‪ ،‬مع اخلوف ذاته‪ .‬و ّ‬
‫ُ‬ ‫عظيم‪...‬‬
‫لدي ِمن كنـز‪ .‬ال‬‫ألّنا أمثن ّ‬
‫َمألتين أمالً ورجاء‪ .‬انظُر‪ ،‬إنّين أمحلها هنا على قليب‪ .‬إنّين احتفظ هبا هنا‪ّ ،‬‬
‫إبّنا ُكتبَت جيّداً‪.‬‬
‫تعدو كوّنا بضعة كلّمات‪ ،‬ولكنّين أقرأها بني احلني واحلني‪ ،‬ألكون على يقني ّ‬
‫بنفسجي‪ ،‬ويفتحها‪« .‬أترى؟ اقرأ‪ ،‬اقرأ‬
‫ّ‬ ‫وخيرِج لعازر من ثوبه لفافة صغرية مربوطة بشريط‬ ‫انظر‪ُ »...‬‬
‫أنت‪ ،‬يبدو يل األمر مؤَّكداً أكثر‪».‬‬ ‫ِ‬
‫بصوت ُمرتَفع‪ .‬عندما تقرأها َ‬
‫لت بسرعة وبظروف جيّدة‪ .‬وَمل يـَعُد قليب َخيفق‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫لك السالم والربكة‪ .‬لقد َو َ‬ ‫«أخي لعازر‪َ .‬‬
‫لك؟ ّإّنا‬
‫علي أن أقول َ‬ ‫ِ‬
‫بصحة جيّدة‪ ،‬و‪ ...‬هل َّ‬ ‫أيت مرمي‪ ،‬مرمينا‪ّ ،‬‬ ‫خوفاً من مصائب جديدة‪ ،‬ألنّين ر ُ‬
‫أقل اضطراابً ِمن قَبل‪ .‬لقد بَ َكت على صدري بكاء ال ّناية له‪ُ ...‬ثّ‪ ،‬يف املساء‪ ،‬ويف الغرفة اليت قادتين‬ ‫ّ‬
‫إليها‪َ ،‬سأَلَتين أشياء وأشياء حول املعلّم‪ .‬ليس أكثر ِمن ذلك‪ ،‬يف الوقت احلاضر‪ .‬إّّنا أان اليت أرى وجه‬
‫ِ‬
‫لديك رجاء‪ .‬آه! لو كان‬ ‫ص ِّل اي أخي‪ ،‬وليكن َ‬ ‫مرمي‪ ،‬وأمسع كالمها‪ ،‬فأقول إ ّن األمل قد ُول َد يف قليب‪َ .‬‬
‫ذلك حقيقيّاً! سأم ُكث أكثر‪ ،‬ألنّين أُد ِرك ّأّنا تريدين بقرهبا‪ ،‬كما ِألَدفَع عنها التجربة‪ ،‬ولكي تتعلّم‪...‬‬
‫صالح يسوع الالمتناهي‪ .‬لقد َحدَّثتُها عن تلك املرأة اليت أتت إىل‬ ‫صلنا عليه حنن‪َ :‬‬ ‫ماذا؟ ما قد َح َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 23 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِّل‪ ،‬أر ُج‪ .‬وليكن ّ‬
‫الرب‬ ‫بيت عنيا‪ ...‬أرى ّأّنا تُف ّكر‪ ،‬تُف ّكر‪ ،‬تُف ّكر‪ُ ...‬يب أن يكون يسوع عندان‪َ .‬‬
‫معك‪ ».‬يُعيد يسوع ثَين اللُّفافة‪ ،‬ويُعيدها‪.‬‬ ‫َ‬
‫«اي معلّم‪»...‬‬

‫ميكنك إخبار مرات أن أتيت للقائي يف كفرانحوم خالل مخسة عشر‬


‫َ‬ ‫«سأذهب إىل هناك‪ .‬هل‬
‫يوماً على األكثر؟»‬

‫«نعم‪ .‬أستطيع اي سيّدي‪ .‬وأان؟»‬

‫ُعيدها إىل هنا‪».‬‬


‫أنت‪ ،‬سوف َمتكث هنا‪ .‬كذلك مرات‪ ،‬سوف أ ُ‬
‫« َ‬
‫«ملاذا؟»‬

‫«أل ّن ال ُـمفتَدين لديهم حياء عميق‪ ،‬وال شيء يؤثّر فيهم أكثر ِمن نظرة أب أو أخ‪ .‬وأقول َ‬
‫لك‪:‬‬
‫ص ِّل"‪».‬‬
‫ص ِّل‪َ ،‬‬ ‫"ص ِّل‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫مرة أخرى عن قلقه وعن‬ ‫ِ‬
‫يبكي لعازر على صدر يسوع‪ُ ...‬ثّ‪ ،‬بعد أن يَلتَقط أنفاسه‪ ،‬يتح ّدث ّ‬
‫قُنوطه‪« ...‬ها قد مضى ما يُقا ِرب العام وأان أرجو‪ ...‬وأان أقنط‪ ...‬كم هو طويل زمن القيامة!‪»...‬‬
‫ظ لعازر تقصريه يف واجب الضيافة‪ ،‬فيَ َنهض‬
‫الح َ‬
‫حّت َ‬‫ّأما يسوع فيدعه يتح ّدث‪ ،‬يتح ّدث ويتح ّدث‪ّ ...‬‬
‫ميران بسياج مليء ابليامسني املزهر‪ ،‬وعلى التوُيات‬ ‫ِ‬
‫ليأخذ يسوع إىل البيت‪ .‬ولكي يَصال إىل هناك‪ّ ،‬‬
‫تط ّن حنالت ذهبيّة‪.‬‬

‫إيل قد عاد إىل أحضان إبراهيم‪.‬‬ ‫لك‪ ...‬الشيخ العجوز الذي أرسلتَهُ َّ‬‫نسيت أن أقول َ‬
‫«آه! لقد ُ‬
‫لقد َو َج َده مكسيمني جالساً هنا‪ُ ،‬مسنِداً رأسه إىل هذا السياج‪ ،‬كما لو كان انئماً قرب خالاي حنل‬
‫فهمه‬‫يسمي النحل‪ .‬يبدو ّأّنا كانت تَ َ‬ ‫يعج فيها أطفال ُم َذ َّهبون‪ .‬هكذا كان ّ‬
‫كأّنا بيوت ّ‬‫يعتين هبا‪ ،‬و ّ‬
‫فهمها‪ّ .‬أما الشيخ النائم بسالم ضمريه الصاحل‪ ،‬عندما َو َج َده مكسيمني‪ ،‬فقد كان يكسوه وشاح‬ ‫ويَ َ‬
‫كل النحالت على صديقها‪ .‬وقد عاىن اخلُ ّدام كثرياً‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫لقد‬ ‫الذهب‪.‬‬ ‫بلون‬ ‫صغرية‬ ‫أجسام‬ ‫ن‬ ‫مثني ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 24 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ليبدو أنّه كان‪،‬‬ ‫لِ‬
‫حّت ليبدو أ ّن طعمه كان عسالً‪ ...‬ولقد كان نزيهاً ّ‬
‫فرقوها عنه‪ .‬لقد كان طيّباً ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬‫ي‬
‫َكسبه مدة‬
‫نت عليه‪ .‬وكم متنّيت أن أ َ‬‫ابلنسبة إىل النحالت‪ ،‬مبثابة تُويَج ليس فيه فساد‪ ...‬وقد َح ِز ُ‬
‫ابراً‪»...‬‬
‫أطول يف بييت‪ .‬فقد كان ّ‬

‫أجلك‪ ،‬اي َمن لَطَّ َ‬


‫فت له ّأايمه‬ ‫َ‬ ‫ومن َموقع السالم يُصلّي ِمن‬
‫تبك عليه‪ .‬إنّه يف السالم‪ِ ،‬‬
‫«ال ِ‬
‫األخرية‪ .‬أين ُدفِن؟»‬

‫آخذك إىل املكان‪»...‬‬


‫«يف آخر احلديقة‪ ،‬ابلقرب من خالاي النحل أيضاً‪ .‬هيّا بنا َ‬
‫وَمي ِ‬
‫ضيان َع ْرب غابة صغرية من الغار‪ ،‬صوب خالاي النحل حيث يُسمع طنني نشيط…‬

‫‪----------------------------------------------------‬‬

‫‪( 1945 / 07 / 22‬الساعة الثامنة صباحاً‪).‬‬

‫إنّه يهوذا َّ‬


‫الشاحب ج ّداً الذي يَهبط من العربة مع السيّدة العذراء والنساء األخرايت التلميذات‪،‬‬
‫أي املرميات وحنّة وأليصاابت…‬

‫كنت‬
‫صلَت يف البيت هذا الصباح‪ ،‬مل أستطع الكتابة يف الوقت الذي ُ‬ ‫‪...‬وبسبب الضوضاء اليت َح َ‬
‫كت وما ََِس ُ‬
‫عت‪.‬‬ ‫أرى خالله‪ ،‬لذا فاآلن‪ ،‬وقد أصبَ َحت الساعة الثامنة عشرة‪ ،‬ال يَسعين سوى قول ما أدر ُ‬
‫تصر أن أتيت‬
‫يعود يهوذا املتماثل للشفاء إىل يسوع املتواجد يف اجلتسمانيّة‪ ،‬مع مرمي اليت عا َجلَته‪ ،‬وحنّة اليت ّ‬
‫النساء وكذلك املتماثل للشفاء إىل اجلليل ابلعربة‪ .‬وابملقابل‪ََ ،‬تكث حنّة وأليصاابت يف أورشليم‪ ،‬لبضعة‬
‫ّأايم‪ ،‬لتعودا بعدئذ‪ ،‬أليصاابت إىل بيت ساحور‪ ،‬وحنّة إىل بيت حري ‪ .Bether‬أذ ُكر أ ّن أليصاابت كانت‬
‫ونك‪».‬‬
‫لدي الشجاعة كي أعود إىل هناك‪ ،‬فحيايت َمل تَعُد بدون هدف‪ .‬سأجعل أصدقائي حيبّ َ‬
‫تقول‪« :‬اآلن ّ‬
‫خدمتك‬
‫َ‬ ‫وأذكر أ ّن حنّة أضافت‪« :‬وسأفعل أان كذلك ضمن أمالكي‪ ،‬طاملا يدعين قوزى هنا‪ّ .‬أما األفضل يف‬
‫باعك‪».‬‬
‫فسيكون أتّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 25 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حت يف أسوأ أوقات مرضه‪،‬‬
‫كما أذكر أ ّن يهوذا كان يقول إنّه مل يكن اندماً لكونه بعيداً عن ّأمه‪ّ ،‬‬
‫مشوش‪،‬‬ ‫ك كانت أماً حقيقية يل‪ ،‬لطيفة ُِ‬
‫حييت‪ ».‬الباقي‪ ،‬ابلنسبة إىل الكالم‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وُمبّة‪ ،‬لن أنساها ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أل ّن « ّأم َ‬
‫وإذن فلن أحت ّدث عنه‪ ،‬ألنّين بذلك أكون أان َمن يتكلّم وليس أشخاص الرؤاي‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 26 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -89‬يُعهد مبرغزايم إىل زوجة بطرس برفرييه)‬

‫‪1945 / 07 / 24‬‬

‫حّت يهوذا الذي ُش ِف َي متاماً‬


‫الر ُسل هناك‪ ،‬إذ ّ‬
‫كل ُّ‬
‫طرباي‪ ،‬مع ُر ُسله‪ .‬إنّه الصباح‪ّ .‬‬
‫يسوع يف حبرية ّ‬
‫ظهره أكثر لُطفاً بفعل األمل والعناية اليت أولِيَت له‪ .‬وكذلك هناك مرغزايم‪،‬‬‫معهم هو‪ ،‬وقد أصبَ َح َم َ‬
‫كل أرجحة عنيفة قليالً‪،‬‬ ‫للمرة األوىل على املاء‪ .‬هو ال يريد إظهار ذلك‪ ،‬إّّنا لدى ّ‬
‫املتأثّر قليالً لوجوده ّ‬
‫الش َفقة‪ .‬وابلذراع‬
‫شاطره اخلوف‪ ،‬وهي تثغو بشكل يُثري َّ‬‫يتمسك إبحدى ذراعيه بعنق النَّعجة اليت تُ ِ‬
‫ّ‬
‫حّت ساق بطرس أو‬ ‫كرسي أو َمداف قريب منه‪ ،‬أو ّ‬‫األخرى يتشبّث مبا يتم ّكن منه‪ ،‬سارية أو ّ‬
‫وهم يقومون بعملهم‪ ،‬ويُغلِق عينيه‪ ،‬وقد يكون على قناعة ّ‬
‫إبّنا‬ ‫ميرون ُ‬ ‫اندراوس أو أحد الصبيان الذين ّ‬
‫ساعته األخرية‪.‬‬

‫ألست خائفاً؟ على‬ ‫طبطب على خ ّديه‪« :‬هيه!‬ ‫وبني احلني واحلني‪ ،‬يقول له بطرس‪ ،‬وهو ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫التلميذ ّأال خياف أبداً‪ »...‬ويُشري الولد برأسه أن ال‪ ،‬ولكن كلّما ازدادت ِش ّدة هبوب الريح‪ ،‬وازداد‬
‫حّت إنّه‪ ،‬لدى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صب األردن‪ ،‬فإنّه يزداد شحوابً‪ ،‬ويُكثر من إغماض عينيه‪ّ ،‬‬ ‫هياج املياه ابقرتاهبم من َم ّ‬
‫احنراف مفاجئ‪َ ،‬مييل فيه املركب على أحد جانبيه‪ ،‬يُطلِق صرخة َهلَع‪.‬‬

‫ساخرين ِمن بطرس الذي أصبَ َح أابً لَِولَد‬


‫حينئذ‪ ،‬أيخذ البعض يضحكون‪ ،‬والبعض يته ّكمون ِ‬
‫سخرون ِمن مرغزايم الذي يقول على الدوام إنّه سيجوب‬ ‫غري رابط اجلأش يف الظروف العصيبة‪ ،‬ويَ َ‬
‫لكن مرغزايم يُدافِع عن نفسه‬ ‫ِ ِ‬
‫الدنيا‪ّ ،‬براً وحبراً‪ ،‬ليُـبَ ّشر بيسوع‪ ،‬وهو خياف قطع شوط على البحرية‪ .‬و ّ‬
‫كل واحد خياف ِمن شيء َمهول‪ .‬أان ِمن املاء‪ ،‬يهوذا ِمن املوت‪»...‬‬
‫قائالً‪ّ « :‬‬
‫ِ‬
‫ب بعدم انفعاله هلذه املالحظة‪،‬‬ ‫أُد ِرك أن يهوذا قد انتابه خوف عظيم من أن ميوت‪ ،‬وأ َ‬
‫ُعج ُ‬
‫أحسنت قوالً‪ .‬املرء يَهاب ما ال يَعرفه‪ّ .‬أما اآلن فنحن على وشك‬‫َ‬ ‫ولكنّه‪ ،‬على العكس‪ ،‬يقول‪« :‬‬
‫أود لو أ َِجد‬ ‫ِ‬
‫ك َستَجد هناك ُحبّاً‪ .‬وأان ّ‬‫نت على ثقة أبنّ َ‬‫الوصول‪ .‬بيت صيدا تَبعد أشواطاً قليلة‪ ،‬وأ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 27 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب!» يقوهلا وقد‬ ‫هناك‬ ‫د‬ ‫نفسي هكذا‪ ،‬على مقربة ِمن بيت األب‪ ،‬وأن أكون متأ ّكداً ِمن أنّين أ ِ‬
‫َج‬
‫ّ‬
‫بدا عليه التعب واحلزن‪.‬‬

‫َخ َذته الدهشة‪.‬‬


‫«أتراتب يف هللا؟» يَسأل اندراوس وقد أ َ‬
‫كنت فيها مريضاً‪ُُ ،‬ماطاً بنساء طاهرات صاحلات‪،‬‬
‫األايم اليت ُ‬
‫«ال‪ ،‬بل أراتب يف نفسي‪ .‬خالل ّ‬
‫هن ُيت ِهدن يف أن يصبحن أفضل‬ ‫كن ّ‬‫كنت أقول لنفسي‪" :‬إذا ّ‬ ‫شعرت بضآلة روحي! كم فَ َّك ُ‬
‫رت! ُ‬ ‫ُ‬
‫وه َّن يف نظري‪ ،‬على الدوام‪ ،‬قد أصبحن‬ ‫ألّن َّن‪ُ ،‬‬
‫ويَبلغن السماء‪ ،‬فماذا ينبغي يل أن أفعل أان؟" ّ‬
‫أتوصل إىل ذلك اي معلّم؟»‬‫أنفسهن خاطئات‪ .‬وأان؟‪ ...‬هل َّ‬
‫ّ‬ ‫ق ّديسات‪ ،‬يَعتَِربن‬

‫كل شيء ممكن‪».‬‬


‫«ابإلرادة الطيّبة ّ‬
‫لكن إراديت كثرية العيوب‪».‬‬
‫«و ّ‬
‫أنت ترى‪ ،‬إذاً‪،‬‬ ‫«عون هللا َمينحها ما ين ُقصها لِ‬
‫احلايل انجم عن املرض‪ .‬و َ‬
‫ّ‬ ‫عك‬
‫َ‬ ‫اض‬
‫ُ‬ ‫و‬‫ت‬ ‫كاملة‪.‬‬ ‫صبح‬‫ُ‬‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لديك‪».‬‬
‫إعطاءك ما مل يكن َ‬
‫َ‬ ‫ومن خالل حادث مؤمل‪ ،‬يُدبِّر‬ ‫أ ّن هللا‪ِ ،‬‬

‫لست أحت ّدث عن‬ ‫«هذا صحيح‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ولكن تلك النساء اي ِ‬
‫هلن من تلميذات كامالت! ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ك‪ ،‬فاألمر‪ ،‬ابلنسبة إليها‪َ ،‬مفروغ منه‪ ،‬أحت ّدث عن األُخرايت‪ .‬آه! ابحلقيقة‪ ،‬لقد َُتَطَّينَنا! ُ‬
‫كنت‬ ‫ّأم ُ‬
‫بكل أمان‬ ‫عليهن‬
‫َّ‬ ‫االعتماد‬ ‫إبمكانك‬ ‫م‪،‬‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫مع‬ ‫اي‬ ‫ثق‬ ‫لكن‪،‬‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫املستقبلي‬ ‫كهنوهتن‬
‫َّ‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫اختبا‬ ‫ن‬‫م‬‫واحداً ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واطمئنان‪ .‬لقد اعتنني يب وأبليصاابت‪ ،‬وقد عادت أليصاابت إىل بيت ساحور‪ ،‬بنفس متج ّددة‪،‬‬
‫وأان‪ ...‬أان آمل إعادة تشكيلها‪ ،‬اآلن وقد َع ِملن فيها‪ »...‬ويبكي يهوذا الذي ما زال يشعر ابلضعف‪.‬‬
‫ضع إحدى يديه على رأسه‪ُ ،‬مشرياً إىل اآلخرين ّأال يتكلّموا‪.‬‬ ‫ويسوع‪ ،‬اجلالس بقربه‪ ،‬يَ َ‬
‫ومّت‬ ‫ذهوالن ِمن حركات ُّ‬
‫التقرب األخرية‪ ،‬وال يتكلّمان‪ ،‬بينما الغيور ّ‬ ‫لكن بطرس واندراوس َم ُ‬ ‫و ّ‬
‫وفليبّس ومرغزايم ال ُُيا ِولون الكالم ابلتأكيد‪ ،‬فالواحد شارد الذهن ابللّهفة إىل الوصول‪ ،‬واآلخرون‪،‬‬
‫بِِفطنة فطريّة طبيعيّة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 28 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَتبَع املركب ََمرى األردن‪ ،‬ويف ظرف فرتة وجيزة يتوقّف على الشاطئ‪ .‬يَهبط الصبيان لربط‬
‫عرب‪ .‬أيخذ بطرس ثوبه الطويل‪،‬‬ ‫ضعوا دفّة تكون مبثابة َم َ‬
‫املركب حببال يش ّدوّنا إىل صخرة‪ ،‬ولكي يَ َ‬
‫الر ُسل اآلخرون‪ .‬يَهبط يسوع‬
‫وكذلك يفعل اندراوس‪ .‬يقوم املركب اآلخر ابحلركات ذاهتا‪ ،‬ويَهبط منه ُّ‬
‫ويهوذا كذلك‪ ،‬بينما يعطي بطرس للولد ثوبه الصغري‪ ،‬ويرتبه ليكون الئقاً أثناء تقدميه إىل زوجته‪.‬‬

‫الربّ‪ ،‬ومعهم النِّعاج‪.‬‬


‫ها ُهم َجيعاً على َ‬
‫«واآلن هيّا بنا‪ ».‬يقول بطرس‪ .‬إنّه حتماً متأثّر‪ .‬مي ّد يده للطفل الذي هو بدوره متأثّر‪ ،‬لدرجة‬
‫يهتم يوحنّا هبا‪ .‬ويَسأل إبحساس ِمن اخلوف ُم َبهم‪« :‬ولكن هل ستتقبّلين؟ وهل‬ ‫ّ‬ ‫اليت‬ ‫عاج‬ ‫نسيان النِ‬
‫ّ‬
‫أنت‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬قل‬ ‫ِ‬
‫ستحبّين كثرياً؟» يُطمئنه بطرس‪ ،‬إّّنا قد يكون اخلوف ذا عدوى‪ ،‬ويقول ليسوع‪َ « :‬‬
‫ذلك لربفرييه‪ .‬فأان أخشى عدم معرفيت قول ذلك هلا‪ ».‬يبتسم يسوع‪ ،‬ويَعِد ابالهتمام ابألمر‪.‬‬

‫الرملي‪ .‬ويُرى‪ِ ،‬من خالل الباب املفتوح‪ ،‬أ ّن‬


‫يُسرعون يف الوصول إىل البيت ابتّباعهم الساحل ّ‬
‫ِ‬
‫نشغِلة أبعماهلا البيتيّة‪.‬‬
‫برفرييه ُم َ‬
‫لك!» يقول يسوع‪ ،‬وهو يَدنو ِمن ابب املطبخ‪ ،‬حيث املرأة تُرتِّب األواين‪.‬‬
‫«السالم ِ‬

‫صب بعدئذ‬‫وهترع املرأة لِتَجثو عند قدمي يسوع‪ُ ،‬ث عند قدمي زوجها‪ .‬تَنتَ ِ‬
‫ّ‬ ‫«املعلّم! مسعان!» َ َ‬
‫امحر وجهها ال ُـم َحبَّب‪ ،‬وإن يكن غري َجيل‪« :‬لقد طال زمن انتظاري ّإايكم! هل َجيعكم‬
‫وتقول‪ ،‬وقد َّ‬
‫بصحة جيّدة؟ تعالوا! تعالوا! فأنتم حتماً تَعِبون‪»...‬‬
‫ّ‬
‫«ال‪ .‬إنّنا قادمون ِمن الناصرة‪ ،‬حيث توقّفنا لبضعة ّأايم‪ ،‬وقد كانت لنا ُمطّة أخرى يف قاان‪.‬‬
‫طرباي‪ .‬تَـَرين أنّنا لسنا تَعِبني‪ .‬نصطَ ِحب معنا َولَداً ويهوذا بن مسعان وقد َوِه َن ِمن‬
‫وكانت املراكب يف ّ‬
‫جراء َمَرض أملَّ به‪».‬‬
‫ّ‬
‫« َولَد؟ تلميذ صغري ج ّداً؟»‬

‫«يَتيم‪ ،‬تَ َّلقيناه على الطريق‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 29 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫«آه! حبييب! تعال اي كنـزي ألُقبِّ َ‬
‫لك!»‬

‫الولَد الذي ظَ َّل شبه خائف وُمتبئاً خلف يسوع‪ ،‬يَستَسلِم للمرأة أتخذه‪ ،‬وقد َجثَت كما لِتُصبِح‬‫َ‬
‫يف مستواه‪ ،‬ويَ َدعها تُقبِّله دون ّ‬
‫تردد‪.‬‬

‫فع َمة‬ ‫ِ ِ‬
‫الصغَر؟ سوف يتعب‪ »...‬املرأة ُم َ‬
‫«واآلن أتخذونه معكم‪ ،‬دائماً هو معكم‪ ،‬هبذا ال َقدر من ّ‬
‫الصيب‪.‬‬
‫الولَد بذراعيها‪ ،‬وتُبقي خ ّدها على خ ّد ّ‬‫ضم َ‬
‫َش َف َقة‪ .‬تَ ّ‬
‫َعهد به إىل امرأة تلميذة‪ ،‬عندما نذهب بعيداً عن‬
‫«يف احلقيقة‪ ،‬كانت يل فكرة أُخرى‪ :‬أن أ َ‬
‫اجلليل‪ ،‬عن البحرية‪»...‬‬

‫ُرزق أبوالد‪ ،‬بل أبوالد إخوة‪ ،‬وأَع ِرف كيفيّة االهتمام ِهبم‪.‬‬ ‫«وملاذا ليس يل أان اي سيّدي؟ أان مل أ َ‬
‫فعل األُخرايت‪،‬‬‫باعك‪ ،‬كما تَ َ‬ ‫يؤهلها التِّ َ‬
‫الصحة ما ّ‬
‫ِ‬
‫إنّين التلميذة اليت ال ُّتيد الكالم‪ ،‬وال متلك من ّ‬
‫كماشة؟‬‫لت ّ‬‫كماشة أان‪ .‬هل قُ ُ‬ ‫ك تَعلَم يف أيّة ّ‬
‫أردت‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫حّت لو ُ‬ ‫اللوايت‪ ...‬آه! تَعلَم! سأكون جبانة‪ّ ،‬‬
‫لدي الشجاعة ألقطع أحدِها‪ .‬فامسح‬ ‫ال بل أان بني َحبلني يسحبانين يف ّاّتاهني ُمتلفني‪ ،‬وليست ّ‬
‫الولَد‪ .‬سوف أُل ِّقنه ما يُعلِّمه اآلخرون‬ ‫أخدمك قليالً‪ ،‬بِ َكوين ّ‬
‫األم التلميذة هلذا َ‬ ‫َ‬ ‫األقل‪ ،‬أن‬
‫يل‪ ،‬على ّ‬
‫أنت‪»...‬‬
‫ك‪َ ،‬‬ ‫للكثري ِمن الناس‪ ...‬أن ُيبّ َ‬

‫ابلولَد إىل هنا‪ ،‬ألنّه قد َو َج َد هنا أ ُّماً‬


‫ضع يسوع يده على رأسها‪ ،‬يبتسم ويقول‪« :‬لقد أتينا َ‬ ‫يَ َ‬
‫شع عيناه‪ ،‬ويف يد برفرييه‪.‬‬ ‫ضع يسوع يد مرغزايم يف يد بطرس الذي تَ ّ‬ ‫وأابً‪ .‬هيّا ولتكونوا عائلة‪ ».‬ويَ َ‬
‫« َربّيا هذا الربيء بقداسة‪».‬‬

‫ظل‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ق‬
‫ّ‬‫تو‬‫ت‬ ‫تكن‬ ‫مل‬ ‫اليت‬ ‫زوجته‬ ‫لكن‬‫و‬ ‫يده‪،‬‬ ‫هر‬‫ظ‬
‫َ‬ ‫بطرس‪ ،‬الذي يعلَم ابألمر‪َ ،‬ميسح دمعة بِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مين‪ ،‬لتجعلين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذت زوجي ّ‬ ‫َخ َ‬ ‫بُرهة بَكماء من الدهشة‪ُ ،‬ثّ َّتثو من جديد‪ ،‬وتقول‪« :‬آه! سيّدي‪ ،‬لقد أ َ‬
‫كل الزهور‪ ،‬ليس فقط تلك اليت‬ ‫فأنت تُعيد إىل حيايت ّ‬
‫ك هتبين ابناً‪ ...‬إذن‪َ ،‬‬ ‫َرملة‪ّ .‬أما اآلن فإنّ َ‬
‫أقول‪ ،‬أ َ‬
‫مين‪ ،‬إّّنا تلك اليت مل أحصل عليها أبداً‪ .‬لتكن مباركاً! سيكون ُمبوابً أكثر ممّا لو كان هذا‬ ‫ذهتا ّ‬
‫َخ َ‬
‫أَ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 30 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وتضمه‬ ‫مله‬ ‫وحت‬ ‫د‪،‬‬‫َ‬‫ل‬‫الو‬ ‫ق‬‫منك‪ ».‬وتُقبِل املرأة ثوب يسوع وتُعانِ‬
‫َ‬ ‫أاتين‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫أحشائي‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الصغري قد ولِ َد ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫إىل صدرها‪ّ ...‬إّنا سعيدة…‬

‫أنت أيضاً اي مسعان‪ .‬إنّنا ماضون إىل‬ ‫ِ‬


‫ابق َ‬
‫«لندعها تُـ َفضفض عن مشاعرها‪ ».‬يقول يسوع‪َ « .‬‬
‫املدينة للتبشري‪ .‬أنيت مساء‪ ،‬يف آخر الوقت‪ ،‬لِتَناول الطعام واالسرتاحة‪».‬‬

‫الر ُسل‪ ،‬اتركاً الثالثة يف سالم…‬


‫وخي ُرج يسوع مع ُّ‬
‫َ‬
‫ريب‪ ،‬مسعان اليوم سعيد!»‬
‫يقول يوحنّا‪ّ « :‬‬
‫«هل تُريد َولَداًكذلك؟»‬

‫حّت أبواب السماوات‪ِ ،‬ألَتعلَّم لُغة النور‪،‬‬ ‫ِ‬


‫«ال‪ ،‬بَل أريد فقط زوجاً من األجنحة أرتقي هبما ّ‬
‫وأعود فأقوهلا للناس‪ ».‬ويبتسم‪.‬‬

‫الشباك‪ ،‬يُق ِّدم هلا أوراقاً وعُشباً وماء ِمن البئر‪ ،‬وَميضون‬
‫يَربط النِّعاج يف آخر احلديقة‪ ،‬قُرب كوخ ِّ‬
‫إىل مركز املدينة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 31 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -90‬يسوع يتح ّدث يف بيت صيدا)‬

‫‪1945 / 07 / 25‬‬

‫العتَـبَة اليت يَرقى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يسوع يتح ّدث من بيت فليبّس‪َ .‬جع غفري َُمتَمع يف األمام‪ ،‬يسوع واقف عند َ‬
‫ضاعف‪.‬‬
‫إليها َع ْرب ُسلّم ُم َ‬
‫تبين بطرس لَِولَد جاء مع ثروته الضئيلة‪ ،‬وهي ِعبارة عن ثالث نِعاج‪ ،‬لِيَ ِجد ِغىن عائلة‬ ‫َخ َرب ّ‬
‫كل‬ ‫قني‪،‬‬ ‫عظيم‪ ،‬قد انتشر مثل بقعة زيت على قطعة قماش‪ .‬اجلميع يتح ّدثون عنه‪ ،‬ويتهامسون معلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬
‫شاطرُِها فَرحهما‪ّ .‬أما اخلبيث فيقول‪َ « :‬مل يَ ُكن لِيَقبَل‬
‫حسب منطقه‪ .‬فالصديق الويف لبطرس وبرفرييه ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫(مهر تدفعه املرأة لعروسها حسب عادة اليهود)‪ ».‬واإلنسان الشَّهم يقول‪َ« :‬جيعنا‬ ‫ِ‬
‫به لوال أ ََمله بدوطا َ‬
‫صدر‬‫الشرير يقول‪َ « :‬كَّرَم مسعان؟ نعم‪ ،‬طبعاً! سيكون له َم َ‬ ‫الولَد الذي ُيبّه يسوع‪ ».‬و ّ‬ ‫يحب هذا َ‬ ‫َس ّ‬
‫تصوروا!؟‬‫وإال‪ّ »...‬أما اجلَّ ِشعون فيقولون‪« :‬لو تَـيَ َّسر يل َولَد مع نِعاج‪ ،‬لَِف َعلتُها أان كذلك‪ .‬ثالث‪َّ ،‬‬‫ِربح‪ّ ،‬‬
‫قطيع صغري‪ .‬وهي َجيلة! الصوف واحلليب ُمتوفِّران‪ُ ،‬ثّ احلِمالن للبيع أو لالحتفاظ هبا! ّإّنا ثروة!‬
‫ض َمثن فِعل خري؟ حتماً مل يُف ِّكر‬‫والولد يفيد يف العمل‪ »...‬آخرون يَرفَعون الصوت‪« :‬آه! اي للعار! قَـبَ َ‬
‫اصة األوالد‪.‬‬ ‫مسعان بذلك‪ .‬فهو‪ ،‬بِ َدخله البسيط كصيّاد مسك‪َ ،‬عرفناه َجيعنا كرمياً مع املساكني‪ ،‬خ ّ‬
‫ابر‪ ،‬واآلن‪ ،‬وقد ان َقطَ َع عنه َد ْخل الصيد‪ ،‬وزاد عدد أفراد أسرته واحداً‪ ،‬فليكن له مورد ضئيل‬ ‫إنّه ّ‬
‫بطريقة أخرى‪».‬‬

‫كل بتعليقاته‪ُُ ،‬م ِرجاً ِمن قلبه ما هو صاحل وما هو سيّئ‪ُ ،‬ملبِساً ّإايه الكالم‪ ،‬يتح ّدث‬
‫وبينما يُديل ّ‬
‫يسوع إىل رجل ِمن كفرانحوم جاء للقائه وليقول له أبن أييت أبقصى سرعة‪ ،‬أل ّن ابنة رئيس اجملمع يف‬
‫بحثان عنه منذ بضعة ّأايم‪ .‬فَـيَعِده يسوع أبن أييت يف‬
‫نزاع املوت‪ ،‬وكذلك أل ّن سيّدة ومعها خادمتها تَ َ‬
‫أحز َن أهايل بيت صيدا الذين أرادوا االحتفاظ به ع ّدة أايم‪.‬‬ ‫صبيحة اليوم التايل‪ ،‬وهذا ما َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 32 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أقل ِمن حاجة اآلخرين‪ .‬دعوين أمضي‪ .‬فيما عدا ذلك‪ ،‬فطاملا الوقت ما‬ ‫إيل ّ‬
‫«إ ّن حاجتكم َّ‬
‫يزال صيفاً‪ ،‬فسأبقى يف اجلليل‪ ،‬وعلى األغلب يف كفرانحوم‪ .‬سوف نرى بعضنا بسهولة‪ .‬هناك أب‬
‫وأ ُّم قَلِقان‪ ،‬وجندهتما تُعتََرب ِمن قبيل احملبّة‪ .‬سوف تُِقّرون بصالح وطيبة مسعان ّتاه اليتيم‪ .‬الصاحلون‬
‫منكم‪ .‬فَ ُحكم الصاحلني فقط هو ال ُـمعتََرب ذا قيمة‪ّ .‬أما الذين ليسوا كذلك‪ ،‬فيجب عدم اإلنصات إىل‬
‫ابلسم والكذب‪ .‬حينئذ‪ ،‬أنتم الصاحلني‪ ،‬ينبغي لكم كذلك أن‬ ‫شربة ّ‬‫أحكامهم اليت تكون على الدوام ُم َّ‬
‫تُِقّروا بصالحي‪ ،‬لذهايب من أجل التخفيف عن أب وأ ُّم‪ .‬تَنبَّهوا كيال يكون حتبيذكم عقيماً‪ ،‬بل إّّنا‬
‫فليحملكم على االقتداء يب‪.‬‬

‫كل اخلري الذي يتأتّى ِمن فِعل صالح تتح ّدث عنه صفحات الكتاب‪ .‬فلنتذ ّكر طوبيت‪ .‬لقد‬ ‫ّ‬
‫استحق أن ُيفظ رئيس املالئكة ابنه طوبيّا‪ ،‬ويدلّه على كيفية معاودة النَّظَر إىل أبيه‪ .‬ولكن أيّة ُمبّة‪،‬‬
‫َّ‬
‫َّدت حياته!‬ ‫البار طوبيت‪ ،‬رغم ّاهتامات زوجته واألخطار اليت َهد َ‬ ‫مار َسها ّ‬ ‫ودون التفكري ابملنفعة‪َ ،‬‬
‫وتذ ّكروا كالم رئيس املالئكة‪" :‬إ ّن الصالة اليت تُرافِق الصوم أمر َح َسن‪ ،‬و َّ‬
‫الص َدقَة هلا قيمة أكثر ِمن‬
‫طهر من اخلطااي‪ ،‬وّتعل املرء َُِيد الرمحة واحلياة‬‫نجي من املوت وتُ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ِجبال ِمن الذهب‪ ،‬أل ّن َّ‬
‫الص َدقَة تُ ِ‬
‫للرب‪".‬‬ ‫ِ‬
‫اتك ّ‬ ‫كنت أُق ّدم صلو َ‬
‫كنت تَدفُن املوتى‪ُ ...‬‬‫كنت تُصلّي ودموعك تَ َنهمر‪ ،‬و َ‬‫األبديّة‪ ...‬عندما َ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن مسعان سيتجاوز طوبيت أشواطاً ابلفضائل‪ .‬وسيبقى لكم الدعامة لِتُثبِّت‬ ‫ّ‬
‫ُبوته لِنَفس‪ ،‬لِيُصبح غداً األب الق ّديس‬ ‫ضيت‪ .‬واآلن هو يبدأ أ ّ‬
‫نفوسكم يف حيايت‪ ،‬بعد أن أكون قد َم ُ‬
‫لكل النُّفوس اليت ستكون وفيّة يل‪ .‬ال تَـنُ ّموا إذن‪ ،‬ولكن‪ ،‬إذا ما صادفتُم يوماً‪ ،‬على طريقكم‪ ،‬يتيماً‬ ‫ّ‬
‫احلقيقي‪،‬‬ ‫االبن‬ ‫ر‬ ‫الزاد اليت يقامسكم إايها ذاك اليتيم‪ ،‬لن تُ ِ‬
‫فق‬ ‫َّ‬ ‫قمة‬‫ُ‬‫ل‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫لوه‪.‬‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ق‬‫َ‬‫ت‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ش‬
‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫كعصفور ساقِط ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بل‪ ،‬على العكس‪ ،‬هي َّتلب إىل البيت بـََركات هللا‪ .‬اصنعوا ذلك‪ ،‬أل ّن هللا هو أبو األيتام‪ ،‬وهو نفسه‬
‫العش الذي َخَّربَه املوت‪ .‬واصنعوا ذلك‪ ،‬ألنّه تعليم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي يُق ّدمهم لكم لتُساعدوهم يف إعادة بناء ّ‬
‫ضعفه‬‫الشريعة اليت أعطاها هللا ملوسى‪ ،‬ذلك أنّه َو َج َد يف أرض العداء والوثنيّة قَلباً ممتلئاً رمحة ّتاه ُ‬
‫كطفل‪ ،‬واحنىن لِيُخلِّصه ِمن املوت‪ُ ،‬م ِنقذاً ّإايه ِمن املياه‪ ،‬بعيداً عن االضطهادات‪ ،‬أل ّن هللا كان قد‬
‫ب إسرائيل زعيمه‪ .‬إ ّن ُم َنع َكسات فِعل اخلري هي‬ ‫أكس َ‬
‫َ‬ ‫محة‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫عل‬ ‫اختاره ليكون يوماً ُُم ِرر إسرائيل‪ .‬فَِ‬
‫ف‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 33 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ابحلري‪ ،‬كأمواج الريح اليت‬
‫ّ‬ ‫كاألمواج الصوتية اليت تنتشر بعيداً ج ّداً عن النقطة اليت َح َدثَت عندها‪ ،‬أو‬
‫حتمل البذار إىل البعيد البعيد‪ ،‬إىل أرض خصيبة‪.‬‬

‫امضوا اآلن‪ ،‬وليصحبكم السالم‪».‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 34 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -91‬النازفة وابنة ايئري)‬

‫‪1944 / 08 / 11‬‬

‫ومهمومة‪ ،‬وابلتايل يف أسوأ احلاالت ألف ّكر ِمن تلقاء‬


‫نه َكة َ‬
‫كنت أصلّي‪ُ ،‬م َ‬
‫لقد جتلّت يل الرؤاي بينما ُ‬
‫كتبت‪:‬‬
‫واملعنوي واهلموم كلّها تالشت ُمذ ظَ َه َر يسوعي‪ .‬و ُ‬
‫ّ‬ ‫اجلسدي‬
‫ّ‬ ‫األمور‪ّ .‬إال أ ّن اإلهناك‬
‫ذايت مبثل تلك ّ‬

‫وجه إىل البلدة‪ُ ،‬ييط به َجع غفري‬


‫يسوع على طريق مشمسة وترابيّة حتاذي ضفاف البحرية‪ .‬يت ّ‬
‫الر ُسل يَدفَعوّنم أبذرعهم وأكتافهم ليفسحوا له َماالً‬
‫كانوا ينتظرونه ابلتأكيد‪ ،‬ويتزامحون حوله‪ ،‬رغم أ ّن ُّ‬
‫للمرور‪ ،‬ويَرفَعون أصواهتم لِيَجعلوا احلشد يرتكون له بعض املكان‪.‬‬

‫يهتم هلذا التَّدافُع‪ .‬بل يَرفَع رأسه أعلى ِمن اجلمع ال ُـمحيطني به‪ ،‬ويَنظُر إليهم‬
‫ّإال أ ّن يسوع ال ّ‬
‫يشق طريقاً له وسط كتلة‬ ‫ِ‬
‫يرد التحيّات‪ ،‬يُداعب طفالً ّ‬ ‫اببتسامة عذبة‪ ،‬بينما ُهم يتزامحون حوله‪ّ .‬‬
‫ضع يده على رؤوس األطفال الذين ترفعهم ّأمهاهتم فوق رؤوس الناس لكي‬ ‫الكبار‪ ،‬ويدنو منه‪ ،‬يَ َ‬
‫كل تلك التدافعات اليت تُزعِج‬‫كل تلك الضوضاء‪ ،‬و ّ‬ ‫وأتَ ّن‪ ،‬وسط ّ‬ ‫كل ذلك وهو يسري ببطء َ‬ ‫يلمسهم‪ّ .‬‬
‫ّأايً ِسواه‪.‬‬

‫صوت رجل يَصيح‪« :‬افسحوا َماالً‪ ،‬افسحوا َماالً‪ ».‬إنّه صوت قَلِق‪ ،‬واملفروض أ ّن الكثريين‬
‫وُيلّونه‪ ،‬كأنّه صوت رجل صاحب نفوذ‪ ،‬ذلك أ ّن اجلموع الذين يفسحون اجملال بصعوبة‬ ‫يَعرفونه ُ‬
‫مير‪ ،‬وهو يرتدي ثوابً طويالً فضفاضاً‪ ،‬وعلى رأسه‬ ‫عمره‬ ‫ن‬ ‫ابلغة‪ ،‬ي َدعون رجالً يف حوايل اخلمسني ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تتدىل أهدابه على وجهه وعنقه‪.‬‬
‫شال أبيض‪ّ ،‬‬

‫أطلت الغياب كثرياً؟ لقد‬ ‫ِ‬


‫عندما يَصل قرب يسوع‪ُ ،‬يثو عند قدميه ويقول‪« :‬آه! اي معلّم‪ ،‬ملاذا َ‬
‫ك‬
‫وحدك أملي وأمل أ ُّمها‪ .‬تعال اي معلّم‪ .‬لقد انتظرت َ‬
‫أنت َ‬‫اشت ّد مرض ابنيت‪ .‬وال ميكن ألحد أن يربئها‪َ .‬‬
‫بَِقلَق ال نظري له‪ .‬تعال‪ ،‬تعال حاالً‪ .‬ابنيت الوحيدة توشك أن متوت‪ »...‬ويبكي‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 35 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يهزه البكاء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ضع يسوع يده على رأس الرجل الذي تَ َنهمر دموعه‪ ،‬على الرأس املنحين الذي ّ‬ ‫يَ َ‬
‫ِ‬
‫فلنمض إليها‪ّ .‬إّنض! هيّا بنا!» يقول يسوع العبارتني‬ ‫تبك‪ِ .‬آمن‪ .‬وستعيش َ‬
‫ابنتك‪.‬‬ ‫وُييبه‪« :‬ال ِ‬
‫األخريتني بلهجة األمر‪ .‬يف البدء كان الـمعزي‪ ،‬واآلن هو األمر الـم ِ‬
‫هيمن الذي يتكلّم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫يُعا ِودون املسري‪ .‬يسوع وإىل جانبه األب الذي يبكي ويش ّد على يده‪َ .‬مل يَقم أبكثر ِمن ذلك‪،‬‬
‫عامل هكذا ِمن قِبَل يسوع! قَـْبل ذلك‪ ،‬كان يعقوب‬ ‫ولكن أيّة ّقوة تعود إىل نَفس عندما تَشعُر ّأّنا تُ َ‬
‫لكن يسوع َج َعلَه ُخيلي املكان لألب املسكني‪ .‬بطرس يف اجلانب‬ ‫ُيتل املكان الذي ُيتلّه األب اآلن‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫حاجز يف وجه اجلمع‪ ،‬كما يفعل يعقوب ويهوذا يف‬ ‫اآلخر‪ ،‬ويوحنّا إىل جانب بطرس ُُيا ِول معه جعل ِ‬
‫َ َ‬
‫الر ُسل اآلخرون‪ ،‬قسم منهم أمام يسوع‪ ،‬والقسم اآلخر‬ ‫اجلهة املقابلة إىل جانب األب الذي يبكي‪ُّ .‬‬
‫فإّنم ال يتم ّكنون‬
‫مّت‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫خاصة الثالثة الذين يف اخللف‪ ،‬وأرى بينهم ّ‬ ‫خلفه‪ .‬إّّنا كان ال ب ّد من آخرين! ّ‬
‫احلي‪ .‬إّّنا‪ ،‬حني يَصيحون أكثر‪ ،‬وقد أصبَحوا على وشك أن يَشتموا ََجع املتط ّفلني‪،‬‬ ‫احلائط‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫يلتفت يسوع ويقول بلطف‪َ « :‬دعوا هؤالء الصغار‪ ،‬فَـ ُهم يل!‪»...‬‬

‫فجأة‪ ،‬يف حلظة معينة‪ ،‬يَلتَ ِفت اتركاً يد األب‪ ،‬ويتوقّف‪ .‬ال يدير رأسه فقط‪ ،‬بل يلتفت بكلّيّته‪.‬‬
‫فاحصة‪ُ ،‬ميعِن النَّظَر يف وجوه‬ ‫يبدو أكثر عظمة‪ ،‬إذ قد َّاُتَ َذ وضعية ملِك‪ ،‬وبِنَظرة أضحت صا ِرمة‪ِ ،‬‬
‫ّ َ‬
‫اجلميع‪ .‬عيناه تُ ِ‬
‫العظَ َمة‪ ،‬ويَسأل‪َ « :‬من لَ َم َسين؟»‬ ‫تنم عن قَسوة‪ ،‬بل هي تُ ِّ‬
‫عرب عن َ‬ ‫ّ‬ ‫ضات‬ ‫م‬
‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫الن‬ ‫رس‬

‫ال أحد ُييب‪.‬‬

‫صر يسوع‪.‬‬
‫أكرر‪َ ،‬من لَ َم َسين؟» يُ ُّ‬
‫« ّ‬
‫لمسونك‬
‫َ‬ ‫كل صوب‪ .‬اجلميع ي‬ ‫ن‬ ‫تزمحك اجلموع ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫فيجيبه التالميذ‪« :‬اي معلّم‪ ،‬أال ترى كيف‬
‫ّ‬
‫كل جهودان‪».‬‬‫رغم ّ‬
‫مين‪ ،‬أل ّن قلباً‬
‫شعرت أب ّن ّقوة َخَر َجت ّ‬
‫ُ‬ ‫«أان أسأل‪َ :‬من لَ َم َسين بغية احلصول على معجزة‪ .‬فلقد‬
‫طَلَبَها إبميان‪َ .‬من هو هذا القلب؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 36 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مرتني أو ثالاثً‪ ،‬بينما هو يتكلّم‪ ،‬صوب امرأة يف حوايل األربعني‪ ،‬ثياهبا رثّة‬
‫صَره ّ‬
‫وخيفض يسوع بَ َ‬ ‫َ‬
‫فأحست‬
‫التسرت وسط احلشد‪َّ .‬‬ ‫للغاية‪ ،‬وقد اجتاحتها التجاعيد‪ ،‬وهي ُحتا ِول التخ ّفي وسط اجلمع‪ّ ،‬‬
‫غرق‬ ‫ِ‬
‫أدرَكت ّإّنا لن تتم ّكن من اهلروب‪ ،‬فتعود لتتق ّدم وترمتي عند قدميه‪ ،‬ويكاد رأسها يَ َ‬‫حبرارة عينيه‪ ،‬و َ‬
‫يف الرتاب‪ ،‬ويداها ُمنبَ ِسطتان إىل األمام‪ ،‬وِها ال َّترؤان على ملس يسوع اآلن‪.‬‬

‫مين‪.‬‬
‫كنت مريضة‪ .‬منذ اثنيت عشرة سنة وأان مريضة! اجلميع يَهربون ّ‬ ‫عفوك! أان هي‪ .‬لقد ُ‬ ‫« َ‬
‫كل ما أملك كي ال أُعتَرب َدنِ َسة‪ ،‬ولكي أعيش مثل بقيّة الناس‪ .‬إّّنا مل‬ ‫بذلت ّ‬
‫زوجي َه َجَرين‪ .‬لقد ُ‬
‫أصبحت عجوزاً قبل األوان‪ .‬ولقد خارت قواي مع هذا‬ ‫ُ‬ ‫يستطع أحد شفائي‪ .‬أترى اي معلّم؟ لقد‬
‫أنت ِمن بـََرصه‪ .‬ومبا أنّه‬
‫ك صاحل‪ .‬والذي قال يل‪َ ،‬شفيتَه َ‬ ‫النَّـزف الذي ال يَربأ‪ ،‬ومعه سالمي‪ .‬قيل يل إنّ َ‬
‫عفوك! لقد‬‫مين‪ .‬مل أجرؤ على قول ذلك قبل اآلن‪َ .‬‬ ‫اختََرب هروب الناس منه لسنوات‪َ ،‬مل يَشعُر بنفور ّ‬
‫ثوبك الذي ُُيُّر على األرض‪،‬‬ ‫ست طََرف َ‬ ‫سك‪ .‬ابلكاد لَ َم ُ‬‫ملستك أبرأ‪ .‬ولكنّين َمل أُدنِّ َ‬
‫َ‬ ‫رت أنّين لو‬
‫ف ّك ُ‬
‫ثوبك‬
‫ست َ‬ ‫فيت‪ .‬فلتكن مباركاً! ما أن لَ َم ُ‬
‫بل على أوساخ األرض‪ ...‬وأان كذلك نفاية‪ ...‬ولكنّين ُش ُ‬
‫ككل النساء‪ .‬لن يتحاشاين الناس بعد اآلن‪ .‬وسيكون‬ ‫دت ّ‬ ‫ف َمرضي يف احلال‪ .‬ولقد عُ ُ‬ ‫حّت توقَّ َ‬
‫ّ‬
‫إبمكان زوجي وأوالدي وأهلي املكوث معي‪ ،‬وسأمت ّكن ِمن مالطفتهم‪ .‬سأكون انفعة يف بييت‪ .‬شكراً‬
‫لك اي يسوع‪ ،‬أيّها املعلّم الصاحل‪ .‬فلتكن مباركاً لألبد!»‬ ‫َ‬

‫يَنظُر إليها يسوع بِ َ‬


‫صالح ال متناهي اجلُّود‪ .‬يبتسم ويقول هلا‪« :‬اذهيب بسالم اي ابنيت‪ .‬إميانك‬
‫ّنائي‪ .‬كوين صاحلة وسعيدة‪ .‬اذهيب‪».‬‬ ‫بشكل‬ ‫أة‬
‫رب‬ ‫م‬ ‫وين‬ ‫فلتك‬ ‫‪.‬‬ ‫خلَّص ِ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫كل ذلك الوقت‬ ‫ظل‬ ‫الذي‬ ‫األب‬ ‫إىل‬ ‫ه‬ ‫يتوج‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫خادم‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أظ‬ ‫رجل‪،‬‬ ‫ل‬ ‫وبينما كان ال يزال يتكلّم‪ ،‬ي ِ‬
‫ص‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ابنتك‪ ،‬فال داعي ألن تُكلِّف‬
‫يف وضعيّة احرتام وإجالل‪ ،‬إّّنا مضطرب وكأنّه على ََجر‪« .‬لقد ماتت َ‬
‫وترجوك أن أتيت يف احلال‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك ذلك‬
‫املعلّم أكثر‪ .‬لقد لََفظَت أنفاسها‪ ،‬والنساء اآلن يَندبن‪ .‬األ ُّم تقول َ‬
‫يُطلِق األب زفرة‪ .‬يَرفَع يده إىل جبهته ويَضغَطها‪ ،‬كما يَضغَط على عينيه‪ ،‬وكأنّه تل ّقى ضربة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 37 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫منصب على مساع املرأة‬
‫ّ‬ ‫جل اهتمامه‬
‫يسوع الذي يبدو وكأنّه مل َير ومل يسمع شيئاً‪ ،‬بل وكأ ّن ّ‬
‫ُكرر‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ن"‪.‬‬ ‫ك ِ‬
‫"آم‬ ‫قلت ل َ‬
‫ّ‬ ‫وإجابَتها‪ ،‬يلتفت ويضع يده على كتفي األب املسكني املنحين‪« :‬أيّها الرجل‪ُ ،‬‬
‫يضم إليه الرجل املتالشي‪ .‬يقف اجلمع‬ ‫ِ‬
‫ابنتك ستحيا‪ .‬هيّا بنا إليها‪ ».‬ويسري وهو ّ‬ ‫"آمن"‪ .‬ال ُتف‪َ .‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫حبريّة‪ُ ،‬ثّ‬
‫ميرون ّ‬‫صلَت‪َ ،‬هلعني‪ ،‬يتباعدون‪ ،‬يَ َدعون يسوع وأتباعه ّ‬
‫أمام هذا األمل وتلك النّعمة اليت َح َ‬
‫َمرة السفينة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫متر مثل ّ‬ ‫يتبعون النّعمة اليت ّ‬
‫وخي َِرتقون مركز البلدة ابطّراد‪ .‬هناك‬
‫فعلون ذلك حلوايل املائة مرت أو أكثر ‪-‬ال أجيد احلساب‪َ -‬‬ ‫يَ َ‬
‫ِ‬
‫حاد على صرخات أكثر ح ّدة‪،‬‬ ‫ََجهرة أمام منـزل يبدو َجيالً‪ ،‬ويُعلّقون على احلَ َدث‪َُ ،‬ميبني بِصراخ ّ‬
‫ترتدد على مستوى اثبت‪ ،‬ويبدو ّأّنا تُدار ِمن قِبَل‬
‫حادة‪ّ ،‬‬‫البوابة املفتوحة‪ّ .‬إّنا صرخات ّ‬
‫ِ‬
‫متأتّية من ّ‬
‫أضعف‪ُ ،‬ثّ جوقة أخرى أكثر عدداً‪ .‬إ ّّنا‬‫صوت أكثر ح ّدة‪ ،‬يرتفع مبفرده‪ ،‬وتَ ّرد عليه َمموعة أصوات َ‬
‫َمناحة َّت َعل املرء يتأثّر‪.‬‬

‫دخل معهم‬ ‫َأي ُمر يسوع أتباعه ابلبقاء عند املدخل‪ ،‬وأيخذ معه بطرس ويوحنّا ويعقوب فقط‪ .‬يَ ُ‬
‫البيت‪ ،‬وهو يش ّد على الدوام على يد األب الباكي‪ .‬يبدو وكأنّه يريد‪ِ ،‬من خالل هذا الش ّد على يده‪،‬‬
‫رب البيت مع املعلّم‪.‬‬ ‫ضاعف النائِ‬
‫أن يؤّكد له أنّه هنا كي ُيعله سعيداً‪ .‬تُ ِ‬
‫رؤيتهن ّ‬
‫ّ‬ ‫لدى‬ ‫‪،‬‬ ‫احهن‬
‫ّ‬ ‫و‬‫ن‬ ‫حات‬
‫تطن‪ ،‬وعلى هذه املرافقة يرتَّكز النَّدب‪.‬‬
‫وُيّركن الطبول وُيعلن املثلثات ّ‬
‫بكف‪ُ ،‬‬
‫ّإّن ّن يضربن ك ّفاً ّ‬
‫يقول يسوع‪« :‬اصمتوا‪ .‬ال تبكوا‪ ،‬فالفتاة مل متت‪ّ ،‬إّنا انئمة‪».‬‬

‫أنفسهن‪ ،‬ويقتلعن‬
‫ّ‬ ‫وخيمشن‬‫بعضهن على األرض‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تُطلِق النساء صيحات أقوى‪ ،‬وتتدحرج‬
‫هز املوسيقيّون واألصدقاء رؤوسهم‬‫إبّنا ماتت ح ّقاً‪ .‬يَ ّ‬‫شعرهن‪( ،‬أو ابحلري يتظاهرن هكذا) لِيُظ ِهرن ّ‬
‫ّ‬
‫يتوهم‪ّ .‬أما هو فإنّه يُ ِّ‬
‫كرر‪« :‬اصمتوا!» بق ّوة‪ ،‬لدرجة أ ّن‬ ‫ِ‬
‫أمام أوهام يسوع‪ .‬حتماً ُهم يَعتَقدون أنّه ّ‬
‫ندنة‪ ،‬ويتق ّدم‪.‬‬
‫الضوضاء‪ ،‬وإن مل تتوقّف متاماً‪ ،‬فقد أضحت َد َ‬
‫َّدت على السرير فتاة صغرية مائتة‪ّ .‬إّنا حنيلة‪ ،‬شاحبة‪ ،‬مم ّددة وهي‬
‫دخل غرفة صغرية‪ ،‬فيها متد َ‬
‫يَ ُ‬
‫األم‪ ،‬يف جهته اليمىن‪ ،‬تبكي قرب السرير الصغري وتقبّل يد‬ ‫وممشط بعناية‪ّ .‬‬
‫ترتدي ثوهبا‪َ ،‬شعرها مرتّب ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 38 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املائتة الصغرية‪ .‬ويسوع‪ ...‬كم هو َجيل يف تلك اللحظة‪ ،‬كما قَـلَّما رأيتُهُ! يتق ّدم بسرعة‪ ،‬ولسرعته يبدو‬
‫وكأنّه يتز ّّل على األرض‪ ،‬طائراً ابّتاه ذلك السرير الصغري‪.‬‬

‫الر ُسل الثالثة عند الباب الذي يُغلِقونه يف وجه الفضوليّني‪ .‬يَِقف األب عند أسفل السرير‪.‬‬ ‫يَب َقى ُّ‬
‫ذهب يسوع إىل يسار السرير‪ ،‬مي ّد يده اليسرى‪ُ ،‬ميسك هبا يد املائتة الصغرية املستسلمة‪ .‬لقد‬ ‫ويَ َ‬
‫دت جيّداً‪ .‬اليد اليسرى ليسوع واليد اليسرى للفتاة الصغرية‪ .‬يرفع ذراعه األمين‪ ،‬رافعاً اليد املفتوحة‬
‫شاه ُ‬
‫َ‬
‫ك أقول قومي!»‬ ‫إىل مستوى الكتفني‪ُ ،‬ثّ َخيفضهما‪َ ،‬كمن بَِقسم أو أيمر‪ .‬يقول‪« :‬أيتها الصبية‪ ،‬ل ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ َُ‬
‫الر ُسل ِرقاهبم لَِريوا جيّداً‪.‬‬
‫َمتضي بُرهة‪ ،‬يبقى فيها اجلميع حائِرين‪ ،‬ما عدا يسوع واملائتة‪ .‬يُطا ِول ُّ‬
‫األم إىل ابنتهما وعيوّنما حزينة‪ .‬بُ َرهة‪ ،‬ويَرتَِفع صدر املائتة الصغرية بشهيق‪ .‬ويعود لون‬ ‫يَنظُر األب و ّ‬
‫الش َفتَني ِ‬
‫الشاحبَتني‪،‬‬ ‫خفيف إىل وجهها الشاحب فيخفي صبغة املوت الداكنة‪ .‬وترتسم ابتسامة على َّ‬
‫حّت قبل أن تُفتَح العينان؛ كما لو أ ّن الصبيّة َحتلم ُحلماً َجيالً‪ .‬ما يزال يسوع ُمي ِسك بيدها‪ .‬تَفتَح‬ ‫ّ‬
‫الصبيّة عينيها على مهل‪ ،‬تَنظُر حوهلا كما لو كانت تستيقظ ِمن النوم لِتَـ ّوها‪ّ .‬أول شيء تراه هو وجه‬
‫تشجعها‪ ،‬وتبتسم له‪.‬‬ ‫يسوع الذي يَ ُرمقها بعينيه الرائعتني‪ ،‬ويبتسم هلا بطيبة ّ‬
‫كررها يسوع‪ُ ،‬مبعِداً لوازم اجلنازة املنتشرة على السري وقربه (الزهور‪ ،‬واألغطية‪ ،‬و‪...‬‬
‫«قُومي‪ ».‬يُ ِّ‬
‫ساعدها يف النُّـزول‪ ،‬ويف خطواهتا األوىل‪ ،‬وها هو ما يزال ممسكاً بيدها‪.‬‬ ‫اخل) ي ِ‬
‫ُ‬
‫«أعطوها اآلن لتأكل‪َ ».‬أي ُمرهم «لقد ُش ِفيَت‪ ،‬لقد أعادها هللا إليكم‪ ،‬فاشكروه‪ ،‬وال ُُتِربوا أحداً‬
‫مبا جرى‪ .‬أنتم تَعلَمون ما الذي جرى هلا‪ ،‬لقد آمنتُم واستأهلتُم املعجزة‪ ،‬اآلخرون َمل ي ِ‬
‫ؤمنوا‪ ،‬فَ ِمن غري‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أنت أيّتها الصبيّة‪ ،‬كوين صاحلة‪.‬‬ ‫نكرون املعجزة‪ .‬و ِ‬ ‫الـمجدي ُماولة إقناعهم‪ .‬فاهلل ال يتجلّى لِمن ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫وخي ُرج ُمغلِقاً الباب خلفه‪.‬‬
‫وداعاً! السالم هلذا البيت‪َ ».‬‬

‫وتتوقّف الرؤاي‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 39 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سه‪،‬‬ ‫خاص كاان حيث يسوع يبحث بني احلشد َع َّمن لَ َم َ‬ ‫أقول لكم إ ّن احلَ َدثَني اللذين أفرحاين بشكل ّ‬
‫وَي ُمرها ابلنهوض‪ .‬السالم واألمان َو َجلَا‬ ‫ِ‬
‫خاص عندما كان واقفاً قرب الصبيّة امليتة‪ُ ،‬ميسك بيدها َ‬
‫إ ّّنا بشكل ّ‬
‫صر على األمل الذي ُمييتنا‪.‬‬ ‫رمحنا وال ينتَ ِ‬
‫إىل أعماقي‪ .‬مستحيل على َمن ميتلك الرمحة مثله‪ ،‬وهو قادر‪ّ ،‬أال يَ َ‬
‫َ‬
‫األمور األخرى‪ .‬يَراين ِشبه ميتة‪ ،‬وال يَرى ِمن‬
‫أي شيء عن ّ‬
‫ِ‬
‫ال يُعلّق يسوع اآلن‪ ،‬كما ال يقول ّ‬
‫ال م ِ‬
‫ناسب أن أكون أفضل هذا املساء‪ .‬فليَ ُكن حسب ما يشاء هو‪ .‬إنّين اآلن سعيدة مبا فيه الكفاية حلصويل‬ ‫ُ‬
‫على رؤايه‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 40 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -92‬يسوع ومرات يف كفرانحوم)‬

‫‪1945 / 07 / 27‬‬

‫يعود يسوع مع بطرس ويوحنّا إىل بيت كفرانحوم‪ ،‬يتصبّبهم العرق‪ ،‬ويكسوهم الغبار‪.‬‬

‫حّت انداه سيّد البيت‪ ،‬بدالّة‪ ،‬قائالً له‪« :‬اي يسوع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ما كاد يسوع يَطأ احلديقة‪ ،‬قاصداً املطبخ‪ّ ،‬‬
‫تنتظرك‪،‬‬
‫َ‬ ‫لت هلا أن‬
‫عنك‪ .‬قُ ُ‬
‫ك عنها يف بيت صيدا‪ .‬عادت تبحث َ‬ ‫لقد عادت تلك السيّدة اليت ح ّدثتُ َ‬
‫وج َعلتُها َمت ُكث يف الغرفة اليت يف األعلى‪».‬‬
‫َ‬
‫لك اي توما‪ ،‬سأَمضي إليها يف احلال‪ .‬إذا ما أتى أانس آخرون‪ ،‬اجعلهم ينتظرونين هنا‪».‬‬
‫«شكراً َ‬
‫حّت دون رفع معطفه‪.‬‬ ‫السلّم خب ّفة ّ‬
‫ويرتقي يسوع ُ‬
‫على الشُّرفة‪ ،‬حيث ينتهي السلّم‪ ،‬تقف‪ ،‬بال حراك‪ ،‬مارسيل خادمة مرات‪« :‬آه! اي معلّمنا!‬
‫تنتظرك منذ أايم‪ ».‬تقول املرأة وهي ّتثو إجالالً ليسوع‪.‬‬
‫َ‬ ‫معلّميت هنا‪ ،‬يف الداخل‪ّ ،‬إّنا‬
‫«كنت أتوقّع ذلك‪ .‬سأذهب حاالً للقائها‪ .‬فليبار ِ‬
‫كك هللا اي مارسيل‪».‬‬ ‫ُ‬
‫ويَرفَع يسوع احلجاب الواقي ِمن النور ال ُـمب ِهر‪ ،‬رغم تق ّدم الغسق كثرياً‪ ،‬والذي يُل ِهب اهلواء‬
‫ويُض ِرم بيوت كفرانحوم البيضاء ابالنعكاس األمحر جلَمّرة ضخمة‪ .‬يف الغرفة َّتلس مرات‪ُ ،‬ملتَ ِحفة‬
‫مبعطفها ووشاحها‪ ،‬قُرب النافذة‪ .‬قد تكون تَنظُر إىل َشرم ِمن البحرية‪ ،‬تغوص فيه تلّة ُُمَّرجة‪ .‬وقد ال‬
‫سمع الوقع اخلفيف خلطوات يسوع الذي‬ ‫تكون تَنظُر سوى إىل أفكارها‪ّ .‬إّنا ُمستَغ ِرقة لدرجة ّأّنا مل تَ َ‬
‫قرتب‪ .‬وتَنتَ ِفض عندما يناديها‪.‬‬
‫يَ َِ‬

‫حّت‬ ‫ِ‬
‫«آه! اي معلّم!» َهتتف وترمتي جاثية‪ ،‬وذراعاها ممدوداتن كما لطَلَب العون‪ُ ،‬ثّ تنحين ّ‬
‫لِتُالمس جبهتها األرض‪ ،‬وتبكي‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 41 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ولكن ملاذا؟ هيا إّنضي! ملاذا هذا احلزن اهلائل؟ هل ِ‬
‫لديك مأساة ُُتربينين عنها؟ نعم؟ ماذا‬ ‫ّ‬
‫السارة‪ .‬اآلن تبكني‪ ...‬ماذا‬ ‫إذن؟ لقد ذهبت إىل بيت عنيا‪ ،‬هل تعلمني؟ نعم؟ ِ‬
‫مت ابألخبار ّ‬‫وعل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وُيلس هو يف اجلهة ال ُـمقابِلة‪.‬‬ ‫رغمها على اجللوس على الكرسي الـم ِ‬
‫الصق للجدار‪َ ،‬‬ ‫جرى؟ وي ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ومعطفك‪ ،‬كما فعلت أان‪ .‬إنّ ِ‬
‫ك ُتتنقني داخله‪ُ .‬ثّ‪ ،‬أريد أن أرى وجه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وشاحك‬ ‫«هيّا انزعي‬
‫ُ‬
‫تغمه‪».‬‬
‫كل الغيوم اليت ّ‬
‫مرات هذه املضطربة‪ ،‬ألطرد ّ‬
‫املتورمتان‪.‬‬
‫احملمر‪ ،‬وعيناها ّ‬
‫ظهر وجهها ّ‬
‫دمع‪ ،‬ويَ َ‬
‫تُطيع مرات‪ ،‬وهي ما تزال تَ َ‬
‫عين‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرسلَت مرمي يف طلبك‪ .‬بَ َكت كثرياً‪ ،‬أرادت معرفة أمور كثرية ّ‬
‫«إذاً سأساعدك‪ .‬لقد َ‬
‫أتيت‪ .‬واآلن؟‪»...‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ظننت ذلك إشارة حسنة‪ ،‬لدرجة أنّك رغبت يف قدومي ألمتّم املعجزة‪ .‬وأان ُ‬
‫أخطأت‪ .‬إنّه أمل ُمضطَ ِرم‪ُ ،‬يعل املرء يرى ما ليس له وجود‪...‬‬
‫ُ‬ ‫«اآلن ال شيء اي معلّم‪ .‬لقد‬
‫ك أتيت لال شيء‪ ...‬مرمي أسوأ ِمن قَبل‪ ...‬ال! ماذا أقول؟ هذه ّنيمة‪ ،‬أان أكذب‪ .‬هي‬ ‫وقد جعلتُ َ‬
‫ألّنا تَرفض الرجال‪ .‬إ ّّنا ُُمتَلِفة‪ ،‬ولكنّها ما تزال سيّئة‪ّ .‬إّنا تبدو يل َمنونة‪ ...‬مل أعد‬
‫ليست أسوأ‪ّ ،‬‬
‫األقل‪ّ .‬أما اآلن! فَ َمن يستطيع فَهمها اآلن؟» وتبكي مرات‬ ‫أفهمها‪ .‬يف السابق ُ ِ‬
‫كنت أُدرك شيئاً على ّ‬
‫بشكل حزين‪.‬‬

‫«هيّا‪ ،‬اهدأي‪ ،‬وقويل يل ماذا تَفعل؟ ملاذا هي سيّئة؟ إذن فهي َمل تَـعُد تَر َغب ابلرجال‪ ،‬لذا أان‬
‫ِ‬
‫ت أن تكوين إىل جانبها‬ ‫افرتض ّإّنا ُم َنع ِزلة يف بيتها‪ .‬هل األمر كذلك؟ نعم؟ حسناً‪ ،‬حسناً ج ّداً‪َ .‬رغبَ ْ‬
‫بكل بساطة‪ ،‬اليت‬ ‫‪،‬‬ ‫حّت‬ ‫أو‬ ‫األثيمة‪،‬‬ ‫العالقات‬ ‫نع‬‫مب‬
‫َ‬ ‫كالمك‪ِ -‬‬
‫ِ‬ ‫هو‬ ‫هذا‬ ‫–‬ ‫بة‬
‫ر‬ ‫التج‬ ‫ن‬ ‫بك ِ‬
‫م‬ ‫كما لتحتمي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تؤدي إىل عالقات أثيمة‪ .‬وهذا دليل على ُحسن النيّة‪».‬‬ ‫ميكن أن ّ‬
‫أتظن أ ّن األمر هو ح ّقاً كذلك؟»‬ ‫م؟‬‫ّ‬‫ل‬‫مع‬ ‫اي‬ ‫ذلك‬ ‫د‬‫«هل تؤّكِ‬
‫ّ‬
‫شريرة؟ اروي يل ماذا تفعل‪»...‬‬ ‫ِ‬ ‫«ابلتأكيد‪ِ ّ .‬‬
‫أي شيء تبدو لك ّ‬
‫وإال فَب ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 42 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتيت‪َ ،‬مل َُت ُرج ِمن البيت‬
‫مرات‪ ،‬وقد اطمأنَّت قليالً بتأكيد يسوع‪ ،‬تتح ّدث بعناية أكثر‪ُ « :‬مذ ُ‬
‫حّت قبل ذلك َمل تَ ُكن َُت ُرج‪.‬‬‫حّت إىل البحرية على املركب‪ .‬لقد قالت يل ُمربّيتها ّإّنا‪ّ ،‬‬ ‫واحلديقة‪ ،‬وال ّ‬
‫كأّنا بَ َدأَت تتبدَّل‪ .‬فآنذاك‪ ،‬قبل َميئي‪ ،‬كان ما يزال بعض األشخاص أيتون‬ ‫ومنذ الفصح بَ َدت و ّ‬
‫أبال يَد ُخل أحد‪ ،‬وكان‬ ‫صدر أوامرها ّ‬ ‫لرؤيتها‪ ،‬ومل تكن لِتصرفهم دائماً‪ .‬لقد كانت‪ ،‬يف بعض األحيان‪ ،‬تُ ِ‬
‫َ‬
‫ذلك يبدو وكأنه أمر دائم‪ُ .‬ث كانت‪ ،‬أحياانً أُخرى‪ ،‬تضرب اخلدام‪ ،‬وقد استوىل عليها َغضب ِ‬
‫ظامل‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دهم قد َذ َهبوا‪ .‬ومنذ َميئي َمل تَـعُد تفعل‬ ‫ِ‬
‫الزوار‪ ،‬كانت َّت ُ‬ ‫الرواق لسماعها أصوات ّ‬ ‫بينما‪ ،‬وهي َهتَرع إىل ّ‬
‫ذلك‪ .‬قالت يل يف الليلة األوىل‪ ،‬وألجل ذلك كان يل أمل كثري‪" :‬أمسكي يب‪ ،‬قَـيِّديين‪ ،‬إّّنا ال تعودي‬
‫َبرأ‪ّ .‬أما أولئك الذين أيتون‬ ‫أ‬ ‫أن‬ ‫يد‬‫ر‬‫أ‬‫و‬ ‫يضة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ين‬‫َّ‬
‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫ية‪.‬‬‫ب‬‫ر‬ ‫امل‬
‫و‬ ‫ترتكيين أَخرج‪ ،‬لكي ال أعود أرى سو ِ‬
‫اك‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫احلمى‪ّ .‬إّنم يُفاقِمون َمَرضي‪ .‬ففي‬ ‫فإّنم كاملستنقعات اليت تُسبّب ّ‬ ‫إيل‪ ،‬أو يريدونين أن أذهب إليهم‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫مظهرهم ُهم رائعو اجلمال‪ ،‬ممتلئون زهوراً وأغنيات‪ ،‬وفواكه ُممتِعة للنَّظَر‪ ،‬ال أستطيع مقاومتها ألنّين‬
‫يستغل ضعفي‪ ،‬فيجعلين أقوم أبمور ُُمزية ال‬ ‫شقية‪ ،‬ألنّين تعيسة‪ِ .‬‬
‫أختك ضعيفة اي مرات‪ .‬هناك َمن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف‪ِ ،‬من أثر ّأمي املسكينة‪ "...‬وقد كانت تبكي‪،‬‬ ‫يف‪ .‬شيء ما ِمن أثر ّأمي‪ ،‬ما زال َّ‬‫يَرضى هبا شيء ما َّ‬
‫كانت تبكي‪.‬‬

‫ي يف قفص‪.‬‬ ‫صُّريف كالتايل‪ :‬بلطف عندما تكون رزينة‪ ،‬وحبزم عندما تبدو يل كحيوان ّبر ّ‬ ‫وكان تَ َ‬
‫وكانت هي تقول يل‪" :‬اغفري يل‪ ،‬اغفري يل!" وإذا ما سألتُها‪" :‬ماذا اي أختاه؟ ِملَ تُسبّيب يل األمل‪".‬‬
‫ك يف قليب‪ ،‬وقد‬ ‫لت يل‪" :‬لن َُترجي ِمن هنا" َك ِرهتُ ِ‬
‫فتجيبين‪" :‬ألنّين اآلن‪ ،‬أو أمس مساء‪ ،‬عندما قُ ِ‬
‫ُ‬
‫ك ومتنّيت ِ‬
‫لك املوت‪".‬‬ ‫لَعنتُ ِ‬
‫َ‬
‫أظن أ ّن َعبداً قَدَّم هلا‬
‫ريب؟ ولكن قد تكون َمنونة؟ هل َجعلَتها رذيلَتَها َمنونة؟ ّ‬ ‫ملك هذا ّ‬
‫أال يؤ َ‬
‫ص َع َد ذلك إىل دماغها‪»...‬‬ ‫وقد‬ ‫جور‪،‬‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫لل‬ ‫بدة‬‫ع‬ ‫لها‬ ‫جع‬ ‫ي‬‫شراب العشق لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫«ال‪ ،‬ال شراب عشق وال جنون‪ .‬إنّه أمر آخر‪ ،‬ولكن ِ‬
‫أكملي‪».‬‬

‫«إذاً فهي معي ُمتا ِرس طقوس االحرتام والطاعة‪ .‬وكذلك هي َمل تَـعُد تُسيء معاملة اخلُ ّدام‪ .‬ومع‬
‫غري َمرى احلديث‪ّ .‬أما‬ ‫فإّنا تُ ِّ‬
‫عنك‪ّ ،‬‬
‫حّت عندما أحت ّدث َ‬
‫عنك‪ّ .‬‬‫ذلك‪ ،‬ومنذ الليلة األوىل‪َ ،‬مل تَـعُد تَسأل َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 43 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ّإّنا‬
‫فإّنا ُمتضي ساعات وساعات على الصخرة حيث اإلطاللة على البحرية‪ّ ،‬‬ ‫فيما عدا ذلك ّ‬
‫فَت هبا وتسألين‪ ،‬كلّما َمَّر مركب‪" :‬أتعتقدين أنّه مركب الصيّادين اجلليليّني؟" وهي ال تنطق أبداً‬ ‫تُ َ‬
‫الر ُسل‪ ،‬ولكنّين أَعلَم ّأّنا تُف ّكِر هبم َ‬
‫وبك يف مركب بطرس‪ .‬وأُد ِرك كذلك ّأّنا تف ّكر‬ ‫ابمسك وال ابسم ُّ‬
‫َ‬
‫نتمشى يف احلديقة‪ ،‬أو عندما ننتَ ِظر ساعة الراحة‪ ،‬بينما أان‬
‫ألّنا أحياانً‪ ،‬عند املساء‪ ،‬عندما ّ‬ ‫بك‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫ذهب الذي تَـتَّبِعني؟" وأحياانً‬
‫أُخيط‪ ،‬تقول يل وذراعاها متصالبتان‪" :‬إذاً هكذا ُيب العيش حبسب ال َـم َ‬
‫تبكي‪ ،‬وأحياانً أخرى تضحك ضحكة جنون هت ّكميّة أو ضحكة شيطان‪.‬‬

‫فريتَني‪ ،‬وتَلبس‬ ‫ممشطاً بشكل فين‪ِ ُ ،‬‬


‫ض َ‬ ‫وّت ّدله َ‬ ‫ّ‬ ‫تفك شعرها الذي ما يزال ّ‬
‫ويف َمَّرات أخرى‪ ،‬كانت ّ‬
‫إيل مع الضفريتني املتدلّيتني على كتفيها أو املردودتني إىل األمام‪ ،‬مع ايقة واقفة عفيفة‪،‬‬
‫ثوابً يل‪ ،‬وأتيت َّ‬
‫وهي تُشبِه صبيّة صغرية بثوهبا وضفائرها وتعبري وجهها‪ ،‬وتقول أيضاً‪" :‬أهكذا إذن ينبغي أن تُصبِح‬
‫كل‬
‫حّت الركبتني‪ّ .‬‬ ‫مرمي؟" وأحياانً تبكي وهي تُقبِّل ضفريتيها الرائعتني‪ ،‬الضخمتني كالذراع‪ ،‬النازلتني ّ‬
‫الربَّاق الذي كان ََمد ّأمي‪ .‬ويف َمّرات أخرى‪ ،‬على العكس‪ ،‬تُطلِق تلك الضحكة‬ ‫ذلك الذهب َ‬
‫َفعل ِألُفارق هذا العامل‪ ".‬وتَربُط الضفريتني‬ ‫ِ‬
‫الفظيعة‪ ،‬وتقول يل‪" :‬ولكن انظري‪ ،‬أو ابحلري شاهدي ما أ َ‬
‫نق نفسها‪ .‬ويف أوقات أخرى‬ ‫كأين هبا تريد َخ َ‬
‫البنفسجي‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫حّت تصبح ابللون‬‫حول عنقها‪ ،‬وتش ّدِها‪ّ ،‬‬
‫حتس بشكل أقوى‪ ...‬جسدها‪ ،‬وحينئذ تَشتَكي أو تُسيء إىل نفسها‪ .‬لقد رأيتُها تَضرب‬ ‫ِ‬
‫أُدرك ّإّنا ّ‬
‫وُتمش وجهها‪ ،‬وتَرطم رأسها ابجلدار‪ ،‬وحني سألتُها‪" :‬ولكن ملاذا‬ ‫وحشي‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بطنها وصدرها بشكل‬
‫ُهشم رأسي وأحشائي‪ ،‬املؤذية‪ ،‬امللعونة‪،‬‬ ‫متوحشة وهي تقول‪"ِ :‬أل ِّ‬
‫إيل‪ ،‬مضطَ ِربة‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تفعلني هذا؟" التَـ َفتَت َّ ُ‬
‫ُيب حتطيمها‪ .‬إنّين أُح ِطّم نفسي‪".‬‬

‫كنت‬
‫عنك كما لو ُ‬ ‫عنك ‪-‬ابلفعل‪ ،‬إنّين‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬أحت ّدث َ‬
‫ثت عن الرمحة اإلهليّة‪َ ،‬‬
‫وإذا ما حت ّد ُ‬
‫كنت يف بعض األحيان أرتعب من ذكر امسك يف حضورها‪ -‬فتجيبين‪" :‬ال‬ ‫تالميذك‪ .‬وأقسم أنّين ُ‬
‫َ‬ ‫أوىف‬
‫كل احلدود‪ ".‬وحينئذ أيخذها هياج ِمن اليأس‪ ،‬فتصرخ‬‫زت ّ‬‫ّتاو ُ‬
‫ميكن أن تكون هناك رمحة يل‪ ،‬فلقد َ‬
‫عين‬
‫ميزقين‪ ،‬الذي َمينَع ّ‬
‫حّت يَسيل الدم‪" :‬ولكن ملاذا؟ ملاذا هذا الوحش الذي ّ‬
‫ضرب نفسها ّ‬ ‫وهي تَ ُ‬
‫خالب؟ وبعد ذلك‪ ،‬أتيت األصوات اليت تَ َلعنين‪ ،‬صوت أيب‬‫الشر بصوت ّ‬ ‫ِ‬
‫السالم‪ ،‬الذي َُيملين إىل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 44 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وأمي‪ ،‬صوات ُكما‪ ،‬ألنّكما‪ِ ،‬‬
‫أنت ولعازر‪ ،‬تلعنانين كذلك‪ ،‬وإسرائيل كلّها تلعنين؛ وهذه األصوات ّتعلين‬ ‫ّ‬
‫أجن‪"...‬‬
‫ّ‬
‫حينذاك‪ ،‬عندما تتكلّم هكذا‪ ،‬أجيب أان‪" :‬ملاذا تف ّكرين إبسرائيل‪ ،‬وهي ليست سوى شعب‪،‬‬
‫عربي‬ ‫ب َدل التفكري ابهلل؟ إّّنا‪ ،‬مبا أنّ ِ‬
‫كل شيء‪ ،‬فف ّكري اآلن أن تَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫تدوسي‬ ‫أبن‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫سابق‬ ‫ري‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫ف‬‫ُ‬‫ت‬ ‫مل‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يلعنوك إذا ما‬ ‫ك‪ .‬وهؤالء لَن‬ ‫أببيك وأبُم ِ‬
‫فوق كل شيء‪ ،‬وأن هتتمي أبمر آخر غري العامل‪ ،‬أي ابهلل‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ند ِهشة‪ ،‬كما‬ ‫لك أذرعتهم‪ "...‬وتَستَ ِمع َّ‬
‫إيل وهي ُمستَغ ِرقة ابلتفكري‪ُ ،‬م َ‬ ‫حياتك‪ ،‬ولكنّهم يفتَحون ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫َغ َّري ِ‬
‫كنت أروي هلا أسطورة خرافيّة‪ُ ،‬ثّ تَبكي‪ ...‬ولكنّها ال ّتيب‪ .‬أحياانً‪ ،‬على العكس‪ ،‬أتمر اخلُ ّدام‬ ‫لو ُ‬
‫شرح‪" :‬هذا كي ال أُف ّكر"‪.‬‬ ‫إبحضار اخلمور والعقاقري‪ ،‬وتشرب وأتكل‪ُ ،‬ثّ تَ َ‬
‫إليك‪" :‬ذات‬‫الحظ فيها أنّين آيت ِ‬ ‫ك على البحرية‪ ،‬تقول يل‪ ،‬كل مرة تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫اآلن‪ ،‬ومذ َعل َمت أنّ َ‬
‫يوم‪ ،‬سوف آيت أان كذلك"‪ ،‬ضاحكة تلك الضحكة اليت إّّنا هي إهانة هلا‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬لِتَختم ابلقول‪:‬‬
‫األقل‪ ،‬يـَ َقع نَظَر هللا على املريض كذلك‪ ".‬ولكنّين ال أريدها أن أتيت‪ .‬واآلن‪ ،‬لكي آيت‪،‬‬
‫"هكذا‪ ،‬على ّ‬
‫يت هكذا‪ ،‬على أن‬ ‫ِ‬
‫ض ُ‬‫كل شيء‪ .‬اليوم أيضاً َم َ‬ ‫ضب واخلمر والدموع و ّ‬
‫حّت تَنام ُم َنه َكة من الغَ َ‬
‫أنتظرها ّ‬
‫أعود ليالً‪ ،‬قبل أن تستيقظ‪ .‬تلك هي حيايت‪ ...‬وَمل يـَعُد يل اآلن أمل‪ "...‬وبكاؤها الذي ال يُوقِفه‬
‫كل شيء ابلرتتيب‪ ،‬يتضاعف‪ ،‬وبشكل أعنف ِمن ذي قبل‪».‬‬ ‫التفكري بسرد ّ‬
‫مرة؟ "مرمي مريضة"‪َ .‬مل تكوين تريدين تصديق ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«هل تتذ ّكرين‪ ،‬اي مرات‪ ،‬ما قُلتُه لك ذات ّ‬
‫عرتف ّأّنا مريضة ِحبُ ّمى تدفعها إىل اخلطيئة‪ّ .‬أما أان‬ ‫اآلن ِ‬
‫أنت تَـرينَه‪ .‬تقولني ّإّنا َمنونة‪ ،‬وهي نفسها تَ َِ‬
‫َ‬
‫فأقول ّإّنا تُعاين ِمن استحواذ شيطاينّ‪ .‬ويبقى هذا ِمن قبيل املرض‪ .‬تلك االختالطات السلوكيّة غري‬
‫املتّسقة‪ ،‬ذلك اهلياج‪ ،‬تلك الدموع‪ ،‬تلك األحزان وتلك االندفاعات حنوي‪ ،‬تلك هي أطوار مرضها‬
‫تتصرفني بكونك طيّبة معها‪،‬‬ ‫الذي‪ ،‬بوصوله إىل مرحلة الشفاء‪ ،‬فإ ّن النوابت األعنف حتصل‪ .‬حسناً ّ‬
‫عين! ال ترتعيب ِمن ِذكر امسي حبضورها‪ .‬اي لِنَفس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحسناً تفعلني بصربك‪ ،‬وحسناً تَسلكني حبديثك ّ‬
‫لك‪ ،‬عن‬ ‫مرمي املسكينة! مع ّإّنا خرجت ِمن بني يدي اخلالق غري ُُمتلفة عن األُخرايت‪ ،‬عن اليت ِ‬
‫ََ َ‬
‫ت‬‫ّتس ْد ُ‬
‫أحسبها وأراها وسط النفوس اليت ّ‬ ‫للر ُسل والتالميذ‪ .‬هي‪ ،‬كذلك‪َ ،‬‬ ‫نـَ ْفس لعازر‪ ،‬وعن تلك اليت ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 45 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أجلك ِ‬
‫أنت ولعازر‬ ‫ِ‬ ‫فعلت ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أتيت من أجلها هي‪ ،‬أكثر مما ُ‬ ‫من أجلها ألكون ُُمَلّصها‪ .‬بل إنّين ُ‬
‫الر ُسل والتالميذ‪ .‬اي لِنَفس مرمي املسكينة والعزيزة اليت تتأ ّمل! نفس عزيزيت مرمي املصابة بسموم سبعة‬
‫و ُّ‬
‫إيل! دعيها َّ‬
‫تتنفس‬ ‫العاملي! نفس عزيزيت مرمي السجينة! ولكن دعيها أتيت َّ‬ ‫األصلي و ّ‬
‫ّ‬ ‫السم‬
‫إضافة إىل ّ‬
‫ظريت!‪ ...‬إ ّّنا "مريضة"‪ ...‬آه! اي للنفس العزيزة املسكينة! ِمن بني‬ ‫ِ‬
‫سمع صويت وتُواجه نَ َ‬ ‫نـَ َفسي وتَ َ‬
‫الشياطني السبعة الذين يَسكنوّنا‪ ،‬أقلّهم عنفاً هو الكربايء! ولكنّها‪ ،‬لذلك فقط‪ ،‬سوف َُتلُص!»‬

‫صادفَت‪ ،‬أثناء خروجها‪ ،‬أحد الذين َُيّروّنا ِمن جديد إىل الرذيلة؟ وهذا ما‬
‫«ولكن‪ ،‬إذا ما َ‬
‫ُتشاه هي نفسها‪»...‬‬

‫«وسوف َُتشاه على الدوام‪ ،‬اآلن وقد بـَلَغَت مرحلة الغثيان ِمن الرذيلة‪ .‬ولكن ال ُتايف‪ .‬عندما‬
‫ابلعدو الشيطاينّ الذي يَع ِرف أنّه‬
‫ّ‬ ‫تَبلغ نفس إىل الرغبة يف اجمليء إىل اخلري‪ ،‬وال تعود ُُمتَ َجزة سوى‬
‫الشخصي لألان اليت ما زالت تَر ّن كإنسان‪ ،‬وحتكم على ذاهتا كإنسان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العدو‬
‫سوف يفقد فريسته‪ ،‬و ّ‬
‫ُمسنِدة حكمها إىل هللا ملنع الروح ِمن السيطرة على األان البشريّة‪ ،‬حينئذ تُصبِح تلك النفس قويّة ض ّد‬
‫نح ِرف بعد‪.‬‬
‫هجمات الفسق والفاسقني‪ .‬لقد َو َج َدت النجمة القطبيّة‪ ،‬ولن تَ َ‬
‫ِ‬
‫وابلطبع ُيب ّأال يُقال هلا‪" :‬أََمل تف ّكري ابهلل‪ ،‬بينما أنت تف ّكرين إبسرائيل؟" إنّه ّاهتام ُم َ‬
‫ضمر‪.‬‬
‫ألسنة َهلَب‪ ،‬وهي ليست سوى ِجراح ُيب عدم ملسها بغري طيوب اللُّطف‬ ‫ُيب عدم فِعله‪ .‬إ ّّنا ُُترج ِ‬
‫األمل…‬ ‫والوداعة والغفران و ّ‬
‫اتركي هلا حرية أن أتيت‪ .‬بل حّت ِ‬
‫عليك أن ُُتِربيها حينما تنوين اجمليء‪ ،‬إّّنا ال تقويل هلا‪" :‬تعايل‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫أنت‪ .‬عودي‪ ،‬انتظريها يف البيت‪ .‬فسوف‬ ‫لت إىل إدراك ّأّنا ستأيت هي‪ ،‬فال أتيت ِ‬
‫توص ِ‬
‫وحّت لو َّ‬
‫معي"‪ّ .‬‬
‫الشريرة اليت تَستَح ِوذ عليها‬ ‫ِ‬
‫القوة ّ‬
‫ص َد َمتها الرمحة‪ .‬فأان‪ ،‬ينبغي يل أن أنت ِزع منها تلك ّ‬
‫أتيت إليك وقد َ‬
‫اآلن‪ ،‬ويف خالل فرتة زمنيّة‪ ،‬ستكون َك َمن نـََزفَت دمها كلّه‪ ،‬كإنسان انتَـَزع منه الطبيب عظامه‪ّ .‬أما‬
‫بعد ذلك فَـتُصبِح أفضل‪ .‬وستكون َمذهولة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 46 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك‪ ،‬ابلنسبة إليها‪َ ،‬مالك‬ ‫الصمت تُصبِح كبرية‪ .‬فكوين معها‪ ،‬كما لو أنّ ِ‬ ‫حاجتَها للمالطفة و َّ‬ ‫َ‬
‫طرح على‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ها‬‫دهتا تبكي‪ ،‬فدعيها تبكي‪ .‬وإذا ما َِمسعتِ‬ ‫صوتك‪ .‬وإذا ما شاه ِ‬‫ِ‬ ‫حارس اثن‪ ،‬دون إمساع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شحب‪ُ ،‬ثّ تضحك ضحكة ُمغايِرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫شاهدهتا تضحك ُثّ تَ َ‬ ‫نفسها األسئلة‪ ،‬فدعيها تفعل‪ .‬وإذا ما َ‬
‫ضعيها حتت الوصاية‪ّ .‬إّنا تتأ ّمل اآلن‪ ،‬كي‬ ‫وبنظرة مغايرة ووجه مغاير‪ ،‬فال تطرحي عليها األسئلة‪ .‬ال تَ َ‬
‫صَّرفَت ِمن تلقاء ذاهتا‬ ‫ِ‬
‫تتصرف من تلقاء ذاهتا‪ ،‬كما تَ َ‬
‫ِ‬
‫صعد‪ ،‬أكثر من أملها حينما َهبَطَت‪ .‬وعليها أن ّ‬ ‫تَ َ‬
‫شاهدوّنا َهتبُط‪ ،‬أل ّن ّاهتاماً هلا كان يف عيونكم‪.‬‬‫حينما هبطَت‪ .‬آنذاك‪ ،‬مل َحتت ِمل نظراتكم‪ ،‬عندما كنتم تُ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ظ أخرياً‪ ،‬هي ال تستطيع َحت ُّمل نظراتكم‪ .‬حينذاك كانت أقوى‪ ،‬أل ّن فيها‬ ‫واآلن‪ِ ،‬خبَ َجلها الذي استي َق َ‬
‫الشر اليت كانت تقودها‪ ،‬كانت تستطيع حت ّدي العامل‪ ،‬إّّنا‪ ،‬مع‬ ‫وقوة ّ‬
‫كان الشيطان الذي كان معلّمها‪ّ ،‬‬
‫ذلك‪ ،‬مل تشأ أن تَروها أنتم يف خطيئتها‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فَـلَم يـَعُد الشيطان معلّمها‪ .‬إنّه مضيفها‪ّ ،‬أما مرمي‪،‬‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫علي أان بعد‪ ،‬لذلك هي ضعيفة ج ّداً‪ .‬وهي ال تستطيع ّ‬ ‫وإبرادهتا‪ ،‬فتُمسك خبناقه‪ .‬وهي مل حتصل َّ‬
‫خدم طاقتها كلّها‪ ،‬وتَبذهلا يف الش ّد على‬ ‫عينيك األخويتني لِتعود إىل الـمخلِّص‪ّ .‬إّنا تَست ِ‬
‫َحت ُّمل مالطفة ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬
‫كل ما سوى ذلك‪ ،‬هي بِغَري دفاع‪ ،‬عارية‪ .‬ولكنّين سوف أعيد‬ ‫ِ‬
‫خناق الشيطان ال ُـمسبَّع‪ .‬من أجل ّ‬
‫إلباسها وأ ِّ‬
‫ُقويها‪.‬‬

‫اذهيب بسالم اي مرات‪ .‬وغداً قويل هلا إنّين سأحت ّدث قرب سيل النبع‪ ،‬هنا يف كفرانحوم‪ ،‬بعد‬
‫كك‪».‬‬‫الغَسق‪ .‬اذهيب بسالم! اذهيب بسالم! أابر ِ‬
‫َ‬
‫ما تزال مرات حائرة‪.‬‬

‫الشك‪ ،‬اي مرات‪».‬‬


‫فيقول هلا يسوع الذي يراقبها‪« :‬ال تقعي يف ّ‬
‫القوة‪...‬‬ ‫ن‬ ‫َعطين ما ميكنين إعطاؤه ملرمي بغية منحها القليل ِ‬
‫م‬ ‫«ال‪ ،‬اي رب‪ ،‬ولكنّين أُف ِّكر‪ ...‬آه! أ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ّإّنا تتأ ّمل كثرياً‪ ...‬وأان خائفة ّأال تنجح يف التغلّب على الشيطان!»‬

‫وخذي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«إنّك طفلة! مرمي قد َملَ َكتنا‪ ،‬أان وأنت‪ .‬هل ميكنك ّأال تنجحي؟ ومع ذلك‪ ،‬تعايل ُ‬
‫أعطين هذه اليد اليت َمل ُتطئ أبداً‪ ،‬اليت َع ِرفَت أن تكون وديعة‪ ،‬رحيمة‪ ،‬فاعلة وتَقيَّة‪ .‬لقد قامت‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 47 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يدي‬ ‫بني‬ ‫كها‬ ‫على الدوام‪ ،‬أبفعال حب وصالة‪َ .‬مل تَكن أبداً كسولة‪ .‬مل تَفسد أبداً‪ .‬وها أان أ ِ‬
‫ُمس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألجعلها أكثر قداسة‪ .‬ارفعيها يف وجه الشيطان‪ ،‬وهو لن َُيتَ ِملها‪ُ .‬خذي هذا النطاق الذي يل‪ ،‬وال‬
‫لنفسك‪" :‬أَقوى ِمن نِطاق يسوع هذا هو سلطان يسوع‪ ،‬وبه‬ ‫ِ‬ ‫قك أبداً‪ ،‬وكلّما رأيتِها قويل‬
‫تَ َدعيه يفا ِر ِ‬
‫ُ‬
‫أنت مسرورة اآلن؟ سالمي ِ‬
‫معك‪.‬‬ ‫نَقضي على كل شيء‪ :‬الشياطني والوحوش‪ .‬علي ّأال أَخاف‪ ".‬هل ِ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫اذهيب بِ َسكينة‪».‬‬

‫وُت ُرج‪.‬‬
‫تنحين مرات أمامه َ‬

‫للمضي إىل َمدال‪.‬‬


‫ّ‬ ‫يبتسم يسوع عندما يراها تَرَكب العربة اليت أتت هبا مارسيل أمام الباب‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 48 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫حوذ عليه)‬
‫األعميَني واألخرس ال ُمستَ َ‬
‫‪( -93‬شفاء َ‬
‫‪1945 / 07 / 28‬‬

‫يَنـ ِزل يسوع بعد ذلك (يف الرؤاي السابقة كان يسوع قد َ‬
‫ص َع َد إىل الغرفة العلوية يف بيت كفرانحوم‬
‫لِ ُـمقابلة مرات) إىل املطبخ‪ ،‬ولدى رؤيته يوحنّا على وشك الذهاب إىل النبع‪ ،‬وبدالً ِمن البقاء يف املطبخ‬
‫للتو‪ ،‬أبنا زبدى لعشاء‬
‫الس َمكات اليت َجلَبَها‪ّ ،‬‬ ‫املدخن‪ ،‬فإنَّه يُ ِّ‬
‫فضل الذهاب معه‪ ،‬اتركاً بطرس يُصا ِرع َّ‬ ‫ّ‬
‫املعلّم‪.‬‬

‫مل يذهبا إىل النبع الذي يف طرف البلدة‪ ،‬بل إىل العني اليت يف الساحة‪ ،‬حيث ما زال املاء أييت‬
‫ِمن ذلك النبع اجلميل والغزير‪ ،‬الذي يتدفّق ِمن سفح الرابية‪ ،‬قرب البحرية‪ .‬هناك الكثري من األشخاص‬
‫ارهن‪ ،‬األوالد‬
‫املتجمعني يف الساحة‪ ،‬كما هي العادة يف بلدات فلسطني عند املساء‪ .‬النساء مع جر ّ‬
‫الفريسيّون‪ُُ ،‬ييط هبم‬
‫يلعبون‪ ،‬الرجال يتحادثون عن األعمال أو‪ ...‬عن أقاويل البلد‪ .‬وَميّر كذلك ّ‬
‫اخلُ ّدام أو التَّابِعون‪ ،‬عائدين إىل بيوهتم الفخمة‪ .‬يفسح اجلميع اجملال ابحرتام‪ ،‬كي يَ َدعوهم َميّرون‪ ،‬وما‬
‫صب اللعنات عليهم ِمن كل قلوهبم‪ ،‬وهم يـَ ْرُوون آخر أفعال ظلمهم و ِّ‬
‫الرىب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حّت يبدأ اجلميع ب ّ‬ ‫أن َميّروا ّ‬
‫ّ‬
‫يسي أوراي يقول ابحتقار‬
‫الفر‬ ‫ُيعل‬ ‫مما‬ ‫القدامى‪،‬‬ ‫دقائه‬ ‫أص‬ ‫إىل‬ ‫َّث‬
‫يتحد‬ ‫الساحة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫مّت‪ ،‬يف ركن ِ‬
‫م‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وبصوت مرتفع‪« :‬اي لل ِهداايت الشهرية! ما يزال التعلّق ابخلطيئة قائماً‪ ،‬وهذا واضح ِمن خالل‬
‫الصداقات اليت تَدوم‪ .‬آه! آه!»‬

‫مّت يلتفت حبيويّة ليجيب‪« :‬تَدوم ِمن أجل اهلداية‪».‬‬


‫هذا ما َج َع َل ّ‬
‫أنت بعيداً عنهم كي ال يَن ُكس املرض‪ ،‬هذا إذا افرتضنا‬
‫ابق َ‬
‫مك يكفي‪َ .‬‬
‫«هذا ليس ضرورّايً! معلّ َ‬
‫فيت متاماً‪».‬‬
‫ك ُش َ‬
‫أنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 49 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُتش‪ ،‬وال‬
‫مر مّت‪ ،‬وهو يبذل جهداً لكيال يقول هلم حقائقهم األربع‪ ،‬ولكنّه ُييب‪« :‬ال َ‬
‫َُي ّ‬
‫أتمل بشيء‪».‬‬

‫«ماذا؟»‬

‫ذوك ِألَفقد هذه النُّفوس‪ .‬ال ُفرقة‬


‫ُتش أن أعود الوي العشار‪ ،‬وال أتمل أن أحذو ح َ‬ ‫«ال َ‬
‫ُعاشر اخلَطَأَة ِألَجلبهم إىل النعمة‪».‬‬
‫وألصدقائك‪ .‬أما أان فأقتدي مبعلّمي وأ ِ‬
‫َ ّ‬ ‫لك‬
‫واالحتقار أتركهما َ‬

‫يتدخل ويقول‪« :‬ال تُل ِطّخ طهار َ‬


‫تك‪،‬‬ ‫يسي اآلخر‪ ،‬عايل العجوز‪ّ ،‬‬ ‫الفر ّ‬
‫لكن ّ‬
‫أراد أوراي اإلجابة‪ ،‬و ّ‬
‫فمك‪ ،‬اي صديقي‪ .‬تعال معي‪ ».‬وُمي ِسك بذراع أوراي وأيخذه إىل بيته‪.‬‬
‫لوث َ‬ ‫وال تُ ِّ‬

‫خاص األطفال‪ ،‬حول يسوع‪ .‬وبني األطفال هناك طوبيّا‬ ‫يف تلك األثناء يتزاحم احلشد‪ ،‬وبشكل ّ‬
‫لمسان أبيديهما‬ ‫وحنّة‪ ،‬األخوان اللذان كاان منذ زمن يتشاجران ِمن أجل التني‪ ،‬ويقوالن ليسوع‪ُ ،‬‬
‫وِها يَ َ‬
‫الصغرية قامة يسوع الطويلة لِيَ ِلفتا انتباهه‪« :‬امسع‪ ،‬اليوم أيضاً ُكنّا عاقِلَني‪ ،‬هل تَعلَم؟ َمل نـَعُد نبكي‪َ .‬مل‬
‫بك‪ .‬هل َمتنَحنا قُبلة؟»‬
‫يـَعُد الواحد يضايق اآلخر أبداً‪ُ ،‬حبّاً َ‬
‫«إذاًكنتما عاقلني ُحبّاً يب! اي للفرح الذي متنحانين‪ .‬إليكما قُبلَيت‪ ،‬وغداً ُكوان أفضل أيضاً‪».‬‬

‫كل سبت‪ .‬يقول‪َ « :‬مل يـَعُد الوي‬


‫مّت ّ‬‫ص َدقَة ّ‬
‫وكان هناك أيضاً يعقوب الذي كان َُيلب ليسوع َ‬
‫كل القطع النقديّة الصغرية اليت‬ ‫ِ‬
‫عت جانباً ّ‬
‫ض ُ‬ ‫أي شيء من أجل فقراء السيّد‪ّ ،‬أما أان فقد َو َ‬
‫يُعطيين ّ‬
‫يُعطونين ّإايها عندما أكون عاقالً‪ ،‬واآلن‪ ،‬ها أان أعطيكها‪ .‬هل َستُعطيها للفقراء ِمن أجل ج ّدي؟»‬

‫«ابلتأكيد‪ .‬ما به ج ّد َك؟»‬

‫« َمل يـَعُد يسري‪ ،‬إنّه عجوز وَمل تَـعُد ساقاه َحتمالنه‪».‬‬

‫نك؟»‬
‫«هل هذا ُيز َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 50 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«نعم‪ ،‬ألنّه كان معلّمي‪ ،‬فعندما كنّا نذهب َع ْرب القرية‪ ،‬كان يروي يل أشياء كثرية‪ .‬كان َُي َعلين‬
‫قعده‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وُيعلين أنظُر إىل جنوم السماء‪ ،‬إّّنا من على م َ‬
‫حّت اآلن هو يَروي يل عن أيّوب َ‬‫الرب‪ّ ،‬‬
‫ُحب ّ‬
‫أ ّ‬
‫لقد كان أحلى‪ ،‬فيما مضى‪».‬‬

‫أنت مسرور؟»‬
‫«سوف آيت ألرى ج ّد َك‪ .‬هل َ‬
‫ِ‬
‫شاهدتُهُ‬
‫ُمل يعقوب‪ ،‬ليس بنيامني َمدال‪ ،‬بل الذي من كفرانحوم‪ ،‬وهو الذي َ‬ ‫ُُثّ َُي ّل بنيامني ّ‬
‫صل إىل الساحة مع ّأمه‪ ،‬ويَرى يسوع‪ ،‬يرتك يد ّأمه‪ ،‬ويَرمي‬‫يف إحدى الرؤى البعيدة‪ .‬وهذا حني ي ِ‬
‫َ‬
‫صل أمام يسوع‪ ،‬يُعانِق‬ ‫بنفسه وسط احلشد كثري احلركة‪ُ ،‬مطلِقاً صرخة تبدو ّ‬
‫كأّنا زقزقة سنونو‪ ،‬وحني ي ِ‬
‫َ‬
‫ركبتيه قائالً‪« :‬يل أيضاً! ُمالطفة يل كذلك!»‬

‫أبهبة أمام يسوع الذي يَ ّرد له التحيّة‪ .‬يتوقّف‬


‫يسي الذي ينحين ّ‬
‫الفر ّ‬
‫يف تلك األثناء‪َ ،‬ميّر مسعان ّ‬
‫علي ُمبالطفة؟» ويبتسم ابتسامة‬ ‫تتكرم َّ‬
‫يتباعد الناس َمشدوهني‪ ،‬ويقول‪« :‬وأان‪ ،‬ألن ّ‬
‫يسي‪ ،‬بينما َ‬‫الفر ّ‬
‫ّ‬
‫خفيفة‪.‬‬

‫ك‬
‫لصحتك املمتازة‪ .‬لقد قيل يل يف أورشليم إنّ َ‬ ‫مين ذلك‪ .‬أَغتَبِط َ‬
‫معك ّ‬ ‫لكل الذين يَطلبون ّ‬
‫« ّ‬
‫توعكاً بعض الشيء‪».‬‬
‫كنت ُم ّ‬
‫َ‬
‫برؤيتك ِمن أجل الشفاء‪».‬‬
‫َ‬ ‫رغبت‬
‫كنت مريضاً ج ّداً‪ .‬وقد ُ‬
‫«نعم‪ُ ،‬‬
‫كنت تؤمن أبنّين قادر على ذلك؟»‬
‫«هل َ‬
‫ذهبت؟»‬ ‫ك يوماً بذلك‪ .‬ولكنّين برئت وحدي‪ ،‬ألنّ َ ِ‬
‫بت طويالً‪ .‬أين َ‬
‫كغ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫أش ّ‬
‫« َمل ُ‬

‫األايم بني الفصح والعنصرة‪».‬‬


‫لت ّ‬ ‫«إىل أقاصي إسرائيل‪ .‬هكذا َشغَ ُ‬

‫عت عن بُرص حنّوم وسلوان‪ .‬عظيم‪ .‬أهذا فقط؟ حتماً‬ ‫ِ‬ ‫«هل َّ‬
‫قت جناحات كثرية؟ لقد َمس ُ‬‫حق َ‬
‫ِ‬
‫مت به ِمن الكاهن يوحنّا‪ .‬ذاك الذي يؤمن َ‬
‫بك دوّنا تَطَُّرف‪ ،‬وهو سعيد بذلك‪».‬‬ ‫ال‪ .‬إّّنا هذا ما َعل ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 51 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«والذي ال يؤمن أل ّن لديه أشكاالً ِمن ُّ‬
‫التطرف‪ ،‬ماذا عنه‪ ،‬أيّها احلكيم مسعان؟»‬

‫املتطرفني‬
‫يسي قليالً‪ ...‬إنّه يتخبّط بني الرغبة بعدم ّاهتام أصدقائه العديدين ج ّداً‪ّ ،‬‬ ‫يَضطَ ِرب ّ‬
‫الفر ّ‬
‫ض ّد يسوع‪ ،‬والرغبة ابستحقاق إطراءات يسوع‪ .‬ولكنّه يتجاوز هذا االضطراب ويقول‪« :‬الذي ال يريد‬
‫بك رغم األدلّة والرباهني اليت تُق ِّدمها‪ ،‬فهو ُمدان‪».‬‬
‫اإلميان َ‬
‫أود ّأال يكون أحد كذلك‪»...‬‬
‫« ُّ‬

‫ونك‪ ...‬اي يسوع‪،‬‬


‫صالحك ّتاهنا‪ .‬الكثريون ال يستح ّق َ‬
‫َ‬ ‫أنت‪ ،‬نعم‪ّ .‬أما حنن‪ ،‬فال نتجاوب مع‬
‫« َ‬
‫َود لو تكون ضيفي غداً‪»...‬‬
‫أ ُّ‬

‫«غداً ال أستطيع‪ .‬سوف يكون ذلك خالل يومني‪ .‬هل تُوافِق؟»‬


‫«أان موافق على الدوام‪ .‬وسوف يكون لدي‪ ...‬أصدقاء‪ ...‬عليك أن تَ ِ‬
‫عذرهم إذا‪»...‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫«نعم‪ ،‬نعم‪ .‬سوف آيت مع يوحنّا‪».‬‬

‫«هو فقط؟»‬

‫اآلخرون لديهم ُم ِه ّمات أُخرى‪ .‬ها ُهم عائدون من األرايف‪ .‬السالم َ‬


‫لك اي مسعان‪».‬‬

‫معك‪ ،‬اي يسوع‪».‬‬


‫«هللا َ‬
‫الر ُسل‪.‬‬
‫يسي‪ ،‬وينضم يسوع إىل ُّ‬
‫الفر ّ‬
‫ميضي ّ‬
‫لحق هبم‬
‫املشوي‪ ،‬يَ َ‬
‫ّ‬ ‫يَعودون إىل البيت من أجل العشاء‪ .‬ولكن‪ ،‬بينما ُهم أيكلون السمك‬
‫انش َدا يسوع على الطريق‪ .‬يُ ِّ‬
‫كرران اآلن‪« :‬اي يسوع‪ ،‬اي ابن داود‪ ،‬ارمحنا!»‬ ‫َعميان‪ ،‬كاان قد َ‬
‫أ َ‬
‫فيقول هلما بطرس بلهجة اللَّوم‪« :‬ولكن اذهبا! لقد قال لكما‪" :‬غداً" فليكن غداً‪ .‬فلتَ َدعاه‬
‫أيكل‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 52 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تستحق املكافأة‪ .‬تعاليا أنتما اإلثنان‪ ».‬بعد ذلك يقول‬
‫ّ‬ ‫طردِها‪ .‬فاملثابرة‬
‫«ال‪ ،‬اي مسعان‪ ،‬ال تَ ُ‬
‫وِها يَطرقان بعصاِها األرض واجلدران‪« :‬هل تؤمنان أنّين أستطيع إعادة‬ ‫دخالن ُ‬ ‫لألعميني اللَّ َذين يَ ُ‬
‫صر إليكما؟»‬ ‫البَ َ‬
‫«آه! نعم اي سيّد! فلقد أتينا ألنّنا على يقني ِمن ذلك‪».‬‬

‫ضع أصابعه على اجلفون العمياء‪ ،‬يَرفَع وجهه‪ ،‬يصلّي‬ ‫يَ َنهض يسوع عن الطاولة‪ ،‬يدنو منهما‪ ،‬يَ َ‬
‫ويقول‪« :‬فليكن لكما حسب إميانكما‪ ».‬ويَن َـزع يديه‪ ،‬فتتحرك اجلفون عدمية احلركة‪ ،‬أل ّن النور‪ ،‬يعود‬
‫ِمن جديد لِيُصيب األحداق اليت عادت إليها احلياة‪ ،‬ابلنسبة إىل الواحد‪ّ ،‬أما اآلخر فقد ان َفتَ َح َجفناه‪،‬‬
‫عوجلَت بشكل سيّئ‪ ،‬يُ َس َّوى العيب احلاصل على‬ ‫قرحات ِ‬ ‫وحيث كانت خياطة‪ ،‬تعود ابلتأكيد إىل تَ ُّ‬
‫حواف اجلفنني‪ ،‬وها ُِها يَرتَِفعان ويَنـ ِزالن مثل جناحني َخيفقان‪.‬‬
‫َخيُّر اإلثنان ِ‬
‫ساج َدين‪.‬‬

‫لت لكما‪ .‬امحال نبأ النعمة اليت‬


‫اّنضا وامضيا‪ ،‬واحرصا جيّداً على ّأال يعرف أحد هنا ما فع ُ‬
‫حسناً ِمن أجل نفسيكما‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ست‬
‫َ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫وال‬ ‫اي‬
‫ً‬‫ّ‬‫ر‬‫ضرو‬ ‫ليس‬ ‫فهنا‬ ‫أصدقائكما‪.‬‬ ‫و‬ ‫أهلكما‬ ‫إىل‬ ‫مدينتكما‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ماها‬ ‫لت‬
‫ُ‬ ‫نِ‬
‫العني‪ ،‬وسوف َحت َفظاّنا ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حافظا عليها خالية من اجلروح يف إمياّنا‪ ،‬مثلما هي اآلن‪ ،‬عا ِرفَني ماهيَّة َ‬
‫أعميَني ِمن جديد‪».‬‬‫اجلرح لئال تَعودا َ‬
‫صعدون إىل الشُّرفة حيث القليل ِمن االنتعاش‪ .‬فالبحرية ليست سوى‬ ‫ِ‬
‫يَنتَهون من الطعام‪ .‬يَ َ‬
‫سطوع حتت هالل القمر‪َُ .‬يلس يسوع على حافة اجلدار الصغري‪ ،‬ويَستَغ ِرق يف ّ‬
‫أتمل البحرية أبمواجها‬
‫الفضيّة‪ّ .‬أما اآلخرون فيتح ّدثون فيما بينهم بصوت خافت لكيال يُزعِجوه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولكنّهم ينظرون إليه وقد افتُتِنوا‪ .‬ابلفعل‪َ ،‬كم هو هبي‪ُ ،‬حتيط به هالة ِمن القمر الذي يُنري وجهه‬
‫أدق التفاصيل فيه‪ ،‬إنّه َُيلِس ُمسنِداً رأسه على غصن الكرمة‬ ‫الصارم والصايف معاً‪ ،‬ممّا يَسمح بدراسة ّ‬
‫بدوان‬
‫اخلشن‪ ،‬الصاعد إىل الشُّرفة واملمت ّد عليها‪ .‬وعيناه الزرقاوان قليالً تبدوان يف الليل بلون العقيق‪ ،‬تَ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 53 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل شيء موجات سالم‪ .‬تَرتَِفعان أحياانً صوب السماء الصافية املزروعة ابلنجوم‪،‬‬ ‫نشران على ّ‬ ‫كأّنما تَ ُ‬
‫و ّ‬
‫نخ ِفضان أحياانً أُخرى صوب التالل‪ ،‬وأكثر صوب البحرية‪ ،‬وأحياانً أيضاً تثبتان على نقطة غري‬ ‫وتَ َ‬
‫خاصة هبما‪ .‬ويتماوج الشَّعر بِِفعل النَّسيم‪ ،‬بينما تَستَنِد إحدى‬ ‫كأّنما تبتسمان لرؤاي ّ‬ ‫ُم ّددة‪ ،‬وتبدوان و ّ‬
‫وتتدىل األخرى على مسافة قريبة منها‪ ،‬ويَبقى هكذا جالساً بِ َشكل ُموارب ويداه‬ ‫ساقيه إىل األرض‪ّ ،‬‬
‫ضيّاً بِِفعل نور القمر‪ ،‬بينما اليدان‬ ‫على ركبتيه‪ّ ،‬أما ثوبه األبيض‪ ،‬فيبدو أنّه يُ ِربز بياضه النوراينّ‪ ،‬وُيعله ف ّ‬
‫الرجويل‪ ،‬رغم‬
‫ّ‬ ‫العاجي املعتَّق‪ ،‬وَجاهلما‬
‫ّ‬ ‫كأّنما تُ ِربزان لوّنما‬
‫العاجي‪ ،‬تبدوان و ّ‬
‫ّ‬ ‫الطويلتان ببياضهما‬
‫البيضاوي ال ُـم َحبَّب للوجنتني اللَّتَني‬
‫ّ‬ ‫طوهلما‪ .‬وكذلك الوجه‪ ،‬جببهته العالية‪ ،‬واألنف املستقيم‪ ،‬والشكل‬
‫القمري بلون العاج العتيق‪ ،‬فاقِ َدتَني‬
‫ّ‬ ‫تَستَطيالن بفعل اللحية الشقراء النحاسيّة‪ ،‬تبدوان حتت هذا النور‬
‫الوجنتني‪.‬‬
‫امليل إىل الورديّة اليت تُرى يف النهار أعلى َ‬
‫أنت تَعِب اي معلّم؟»‬
‫فيسأله بطرس‪« :‬هل َ‬
‫«ال‪».‬‬

‫«تبدو شاحباً ومستغرقاً يف التفكري‪».‬‬

‫كنت أُف ِّكر‪ ،‬إّّنا ال أظُنّين أكثر شحوابً ِمن املعتاد‪ .‬تعالوا هنا‪ ...‬إ ّن ضوء القمر ُيعلكم‬
‫« ُ‬
‫شاحبني كذلك‪ .‬غداً سوف تذهبون إىل قورازين‪ .‬قد َِّتدون بعض التالميذ‪ .‬حت ّدثوا إليهم‪،‬‬ ‫َجيعكم ِ‬
‫َعظ قُرب السيل‪».‬‬ ‫واحرصوا على أن تكونوا هنا عند َغسق الغد‪ .‬سوف أ ِ‬
‫َ‬
‫صادفنا مرات ومرسيل‪ .‬هل‬ ‫ِ‬
‫«اي له من أمر رائع! سنقول ذلك للقورازينيّني‪ .‬اليوم‪ ،‬لدى عودتنا‪َ ،‬‬
‫جاءات إىل هنا؟» يَسأَل اندراوس‪.‬‬

‫«نعم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 54 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«يف َمدال كان يَدور كالم كثري حول مرمي‪ ،‬اليت َمل تَـعُد َُت ُرج‪ ،‬واليت َمل تَـعُد ُحتيي األفراح‪ .‬لقد‬
‫املرة املاضية‪ .‬وقد قال يل بنيامني إنّه‪ ،‬عندما يريد‬ ‫صادفناها‬ ‫اليت‬ ‫دة‬ ‫السي‬ ‫لدى‬ ‫احة‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫أَخذان قسطاً ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بك و‪»...‬‬‫يتصرف بشقاوة يُف ِّكر َ‬
‫أن ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫«ويب‪ ...‬قُلها كذلك اي يعقوب‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫« َمل يـَ ُقلها‪».‬‬

‫شريراً‪ ،‬أان"‪ .‬ونَظَر‬ ‫ِ‬


‫«ولكنه َع َّرب عنها يشكل ُمستَرت بقوله‪" :‬ال أريد أن أكون َجيالً‪ ،‬وابملقابل ّ‬
‫إيل بِطََرف عينه‪ .‬ال ميكنه إيالمي‪»...‬‬
‫َّ‬
‫«تَنافُر ال جدوى منه اي يهوذا‪ .‬ال تُف ِّكر به‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫«نعم اي معلّم‪ ،‬ولكنّه ُمثري لل َك َدر أن‪»...‬‬

‫وينادي صوت ِمن الطريق‪« :‬هل املعلّم موجود؟»‬

‫«نعم‪ .‬إّّنا ماذا تريدون ِمن جديد؟ أال يكفيكم النهار بطوله؟ هل الوقت مناسب إلزعاج ذلك‬
‫املسافر املسكني؟ عودوا غداً‪ ».‬أيمرهم بطرس‪.‬‬

‫صلنا‬ ‫«هذا أل ّن معنا أب َكماً مستَحوذاً عليه‪ ،‬وقد هر ِ‬


‫ب منّا ثالث مرات أثناء املشوار‪ .‬فلواله لََو َ‬‫ََ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬
‫بقوة ويُف ِزع‬ ‫ِ‬
‫يف وقت أب َكر‪ .‬كونوا طيّبني! ألنّه بعد قليل‪ ،‬عندما يُصبح القمر يف َكبد السماء‪ ،‬يَصيح ّ‬
‫أهل البلدة‪ .‬انظروا إليه كم هو ُمضطَ ِرب اآلن؟!»‬

‫الر ُسل حذوه‪ .‬دائرة ِمن‬


‫نحين يسوع ِمن فوق اجلدار الصغري بعد اجتيازه الشرفة كلّها‪َُ .‬يذو ُّ‬
‫يَ َ‬
‫نحنني‪.‬‬‫ـم‬‫ل‬‫ا‬ ‫ابّتاه‬ ‫رؤوسهم‬ ‫عون‬‫َ‬‫ف‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫الذين‬ ‫الناس‬ ‫ن‬ ‫الوجوه املنحنية فوق حشد ِ‬
‫م‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ابلسالسل‪َُ ،‬يأَر َر ُجل ُكبِّل معصماه جيّداً‬ ‫ب أو ذئب ُم َكبّل‬
‫يف الوسط‪ ،‬وحبركات َو َجأر الد ّ‬
‫هرب‪ ،‬وهو يَضطَ ِرب حبركات حيوان‪ ،‬وكأنّه يبحث يف األرض عن ُ‬
‫لست أدري ماذا‪ ،‬ولكنّه‬ ‫كيال يَ ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 55 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وُيا ِول‬
‫حقيقي‪ُ ،‬‬ ‫ياح‬‫ص‬‫عندما يرفَع عينيه لِتَلتَقيا بِنَظَر يسوع‪ ،‬يطلِق صيحة حيوانية‪ ،‬غري واضحة‪ ،‬هي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اهلروب‪.‬‬

‫حبق احملبّة! فهذا يُعيده‬


‫كل ُكهول كفرانحوم تقريباً‪ ،‬يتباعدون خائفني‪« :‬تعال ّ‬
‫اجلَّمع‪ّ ،‬‬
‫كالسابق‪»...‬‬
‫َّ‬
‫«أان ٍ‬
‫آت يف احلال‪».‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويَهبِط يسوع ُمس ِرعاً‪ ،‬ويَ َ‬
‫ذهب إىل قُبالة البائس املضطَ ِرب‪ ،‬اهلائج أكثر من ّ‬
‫أي وقت مضى‪.‬‬
‫ِ‬
‫الصياح يف كلمة واحدة‪« :‬سالم!»‬
‫اخرج منه‪ .‬أريد ذلك‪ ».‬ويتالشى ّ‬
‫« ُ‬
‫رت‪».‬‬
‫حتر َ‬
‫لك السالم‪ ،‬اآلن وقد َّ‬
‫«نَعم‪ ،‬السالم‪ .‬فليكن َ‬
‫التحول السريع ِمن اهلِياج إىل السكون‪ِ ،‬من االستحواذ إىل‬
‫ّ‬ ‫رؤية‬ ‫لدى‬ ‫شني‬ ‫ند ِ‬
‫ه‬ ‫يَهتف اجلميع ُم َ‬
‫التحرر‪ِ ،‬من البُكم إىل التكلّم‪.‬‬
‫ُّ‬

‫«كيف عرفتم أنّين هنا؟»‬

‫دت النَّظَر‬
‫َع َ‬ ‫«يف الناصرة قالوا لنا‪" :‬هو يف كفرانحوم"‪ ،‬ويف كفرانحوم َّ‬
‫أك َد لنا ذلك اثنان أ َ‬
‫لعيوّنما‪ ،‬يف هذا البيت‪».‬‬

‫«صحيح! صحيح! لقد قالوا لنا ذلك‪ ،‬حنن أيضاً‪ »...‬يَهتف الكثريون‪ .‬ويُعلِّقون‪« :‬مل نـََر قَ ّ‬
‫ط‬
‫مثل هذا يف إسرائيل‪».‬‬

‫«لوال َعون بعلزبول له‪ ،‬ملا فَـ َع َل ذلك‪ ».‬يقول بسخريّة ّفريسيّو كفرانحوم‪ ،‬وَمل يَ ُكن مسعان معهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫كل‬
‫فيت‪ ،‬واألعميان كذلك‪ .‬وأنتم ال ميكنكم فعل ذلك رغم ّ‬ ‫«بِ َعون أو بغري عون‪ ،‬فقد ُش ُ‬
‫حوذ عليه‪ ،‬الذي ُش ِف َي‪ ،‬ويُقبِّل ثوب يسوع الذي ال يَ ّرد على‬
‫صلواتكم العظيمة‪ُُ ».‬ييب األب َكم ال ُـمستَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 56 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الفريسيّني‪ ،‬ويكتفي بصرف احلشد بقوله‪« :‬السالم معكم‪ ».‬وُمي ِسك ابل ُـمربأ والذين معه‪ ،‬ماحناً هلم‬ ‫ّ‬
‫حّت الفجر‪.‬‬
‫مأوى يف الغرفة الطويلة لرياتحوا فيها ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 57 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫(مثَل النَّعجة الضَّالة)‬


‫‪َ -94‬‬
‫‪1944 / 08 / 12‬‬

‫املشجرة‪ ،‬يتح ّدث إىل حشد كبري انتَ َشَر‬


‫السيل َّ‬‫ص َع َد إىل حافّة َّ‬
‫يتح ّدث يسوع إىل اجلَّمع‪ ،‬وقد َ‬
‫أحرقَتها الشمس‪.‬‬ ‫يف حقل ح ِ‬
‫السوق اليت َ‬
‫صد القمح فيه‪ ،‬وهو يوحي حبزن ُّ‬ ‫ُ‬
‫ومنرية يف َمطلَع‬
‫لكن القمر بدأ رحلة صعوده‪ّ .‬إّنا ليلة َجيلة ُ‬‫إنّه املساء‪ ،‬والغَ َسق يُرخي سدوله‪ ،‬و ّ‬
‫داجد وزيز احلصاد احلاد‪ :‬كري‪ ،‬كري‪،‬‬ ‫صيف‪ .‬قطعان تعود إىل احلظرية‪ ،‬ورنني أجراسها خيتلط بغناء اجلَّ ِ‬
‫كري‪.‬‬

‫اهر ابنتباه‪ .‬ماذا‬‫الس ِ‬


‫كالراعي َّ‬
‫متر‪ .‬يقول‪« :‬إ ّن أابكم َّ‬ ‫اليت‬ ‫طعان‬ ‫ويستم ّد يسوع التَّشبيه ِمن ِ‬
‫الق‬
‫ّ‬
‫الصاحل؟ إنّه يبحث عن املراعي اجليّدة ِمن أجل ِخرفانه‪ ،‬حيث ال شوكران وال نبااتت‬ ‫الراعي َّ‬‫يفعل َّ‬
‫صحيّاً‪ .‬يُفتِّش هلا عن مكان يتوفّر فيه‬ ‫ِ‬
‫خطرة‪ ،‬بل شذر لذيذ وعشب َعطر وهندابء ُمَّرة إّّنا مفيدة ّ‬
‫االنتعاش إىل جانب الغذاء‪ ،‬ساقية مياه عذبة‪ ،‬أشجار تَفرد الظالل‪ ،‬حيث ال ثعابني َو َسط اخلضرة‪.‬‬
‫املرتصدة‪ ،‬واألعشاب‬‫ِ‬
‫يهتم إبُياد املراعي األكثر نُضرة‪ ،‬ألنّه يَعلَم ّأّنا ُتفي‪ ،‬بسهولة ويُسر‪ ،‬احليَّات ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وندايً‪ ،‬والشمس ُتلِّصه ِمن‬‫فضل مراعي اجلبال‪ ،‬حيث الندى ُيعل العشب نقيّاً ّ‬ ‫الضارة‪ ،‬ولكنّه يُ ِّ‬
‫ّ‬
‫الراعي‬‫ابلصحة كالذي يف السهل‪َّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ضراً‬
‫وم ّ‬
‫ُيركه النسيم‪ ،‬إّّنا ليس ثقيالً ُ‬ ‫اجلو لطيف‪ّ ،‬‬‫الزواحف‪ ،‬وحيث ّ‬
‫ضمد جرحها إن كانت جرُية‪ .‬يَرفَع‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصاحل يُراقب نعاجه واحدة واحدة‪ .‬يُداويها إن كانت مريضة‪ ،‬ويُ ّ‬ ‫َّ‬
‫َّهم‪ ،‬واليت تؤذي نفسها ابملكوث يف مكان رطب‪ ،‬أو حتت الشمس‬ ‫صوته يف وجه اليت تُصاب ابلنـ َ‬
‫احلارقة‪ ،‬فيجعلها تُب ِّدل موضعها‪ّ .‬أما إذا كانت فاقدة للشهيّة‪ ،‬فإنّه َُيلب هلا األعشاب احلَ ِامضة‬
‫الع ِطرة‪ ،‬اليت ميكنها فتح شهيّتها‪ ،‬ويُق ِّدمها هلا بيده‪ ،‬وهو ُُي ِّدثها كما ُُي ِّدث إنساانً صديقاً‪.‬‬
‫وَ‬
‫يتصرف األب الذي يف السماوات مع أبنائه الذين يَهيمون يف األرض‪ُ .‬حبّه هو العصا‬
‫هكذا ّ‬
‫اليت ّتمعهم‪ ،‬والصوت الذي يقودهم‪ ،‬ومراعيه هي شريعته‪ ،‬والسماء احلظرية‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 58 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عجة ترتكه‪َ .‬كم كان ُيبّها! كانت صغرية‪ ،‬نقيّة وطاهرة‪ ،‬مثل سحابة رقيقة يف‬ ‫ِ‬
‫ولكن هي ذي نَ َ‬
‫ِ‬
‫بكل اخلري الذي كان ميكنه تقدميه هلا‪،‬‬ ‫الراعي يتطلَّع إليها ّ‬
‫حبب كثري‪ ،‬وهو يُف ّكر ّ‬ ‫مساء نيسان‪ .‬كان َّ‬
‫احلب الذي ميكنه تل ّقيه‪ .‬وترتكه‪.‬‬
‫وبكل ّ‬
‫ّ‬
‫على مدى الطريق اليت َحت ّد ال َـمرعى‪َ ،‬ميّر َُمِّرب‪ .‬إنّه ال يرتدي سرتة ِّ‬
‫متقشفة‪ ،‬بل ثوابً أبلف لون‪.‬‬
‫تتدىل منه ُجريسات‪،‬‬ ‫وس ّكني‪ ،‬بل نطاقاً ِمن الذهب ّ‬ ‫تتدىل منه فأس ِ‬ ‫جلدايً‪ّ ،‬‬ ‫وهو ال يتمنطق حزاماً ّ‬
‫فضيّة رخيمة مثل صوت البلبل‪ ،‬وحباابت العُطور ال ُـمنعِشة‪ ...‬ال ميلك العصا اليت هبا َُي َمع‬ ‫رّانهتا ّ‬
‫الصاحل ِخرافه ويُدافِع عنها‪ ،‬وإذا مل تكن العصا كافية‪ ،‬فيكون ُمستع ّداً للدفاع عنها ابلفأس‬ ‫الراعي َّ‬ ‫َّ‬
‫بخرة‬
‫جرب الذي َميّر‪ُ ،‬يمل بني يديه َم َ‬ ‫لكن ذلك ال ُـم ِّ‬
‫وحّت بتعريض حياته هو للخطر‪ .‬و ّ‬ ‫والس ّكني‪ّ ،‬‬
‫دهش ابالنبهار‬ ‫تَشع أبحجارها الثمينة‪ ،‬ويتصاعد منها دخان‪ ،‬هو يف الوقت نفسه نَتانة وعِطر‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الغش! فإنّه ميضي ُمغنّياً‪ ،‬رامياً قَبضات‬
‫الذي تُسبّبه سطوح األحجار الكرمية واجلواهر‪ .‬آه! اي لذاك ّ‬
‫لمع على الدرب املظلم…‬ ‫ِ‬
‫من امللح تَ َ‬
‫وتَنظُر تسع وتسعون نعجة إليه دوّنا حراك‪.‬‬

‫الراعي‪ ،‬ولكنّها‬ ‫قفز وُتتفي خلف ال ُـم ِّ‬


‫جرب‪ .‬يناديها َّ‬ ‫فإّنا تَ ِ‬
‫األحب‪ّ ،‬‬
‫َّعجة املائة‪ ،‬األصغر و ّ‬ ‫ّأما الن َ‬
‫ال تعود‪ّ .‬إّنا متضي أسرع ِمن الريح‪ ،‬لِلَّحاق ابلذي َمَّر‪ ،‬وللحفاظ على قواها أثناء جريها‪ ،‬أتكل ِمن‬
‫وُيرقها بنشوة غريبة تَدفَعها للبحث عن املياه السوداء واخلضراء يف‬ ‫ذاك امللح الذي يَن َفذ إىل أعماقها‪َ ،‬‬
‫مرتني‪،‬‬
‫مرة‪ّ ،‬‬‫صعد‪ ،‬هتبط وتقع‪ّ ...‬‬‫غرق‪ُ ،‬ترتق‪ ،‬تَ َ‬ ‫ظُلمة الغاابت‪ .‬وهناك يف الغاابت‪ ،‬يف إثر ال ُـم ِّ‬
‫جرب‪ ،‬تَ َ‬
‫شرب‬ ‫ثالث مرات‪ ،‬ومرة ‪ ،‬مرتني وثالاثً حتس بِعِناق الزواحف َّ ِ‬
‫الدبق حول عنقها‪ ،‬ولش ّدة عطشها تَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫لمع بِلعاب ُمق ِرف‪.‬‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ً‬‫اب‬ ‫أعشا‬ ‫تقضم‬ ‫وجلوعها‬ ‫اآلسنة‪،‬‬ ‫ياه‬ ‫امل‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫َ‬
‫عجة‬ ‫ِ‬
‫الصاحل؟ إنّه يُقفل الباب على التسع والتسعني نَ َ‬ ‫الراعي َّ‬‫ويف تلك األثناء‪ ،‬ماذا تُراه يَفعل َّ‬
‫حّت يقتفي أثرها‪ .‬ومبا‬‫أمينة‪ ،‬يف مكان آمن‪ ،‬وميضي يف حبث حثيث عن النَّعجة الضَّالّة‪ ،‬وال يتوقّف ّ‬
‫ّإّنا ال تعود إليه‪ ،‬وقد ائتَ َمن الريح على نداءاته‪ ،‬فإنّه َميضي إليها‪ .‬يراها ِمن بعيد‪ ،‬سكرانة‪ ،‬وقد َشبَ َكتها‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 59 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سخر منه‪ .‬ويراها ِمن جديد ُمذنِبة‬
‫حتس معها حبنني الوجه الذي ُيبّها‪ ،‬وتَ َ‬
‫الزواحف‪ ،‬سكرانة لدرجة ال ّ‬
‫لِ ُدخوهلا كالسارق يف بيت الغري‪ُ ،‬مذنِبة لدرجة ال تعود َّترؤ معها على النَّظَر إليه‪ ...‬ومع ذلك‪ ،‬ال‬
‫بحث عنها‪ ،‬ينشدها‪ ،‬يتبعها‪ ،‬يطالبها إبحلاح‪ ،‬يبكي على آاثر الضالّة‪:‬‬ ‫الراعي‪ ...‬بل ميضي‪ ،‬ويَ َ‬
‫يتعب َّ‬
‫كل األشكال؛ نفاايت‪ :‬شهادات عن فسقها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جزة‪ ،‬نتف من نَفس؛ آاثر دم‪ُ :‬جنَح من ّ‬ ‫نتف من ّ‬
‫لحق هبا‪.‬‬
‫فيمضي ويَ َ‬
‫ألجلك! حّت أعود ِ‬
‫بك‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫كت ِمن الدروب‬ ‫ِ‬
‫حلقت بك! َكم َسلَ ُ‬
‫ِ‬
‫آه! لقد وجدتك اي ُمبوبيت! لقد ُ‬
‫خطيئتك يف قليب‪ .‬لَن يعرفها سواي‪ ،‬أان الذي‬ ‫ِ‬ ‫نت‬ ‫ِ‬
‫إىل احلظرية‪ .‬ال َحتين جبهتك امللطّخة‪ .‬لقد َدفَ ُ‬
‫(درع) يف وجه‬ ‫أمحيك بِذايت كمجن ِ‬‫ِ‬ ‫عنك يف مواجهة انتقادات الغري‪ ،‬سوف‬ ‫ك‪ .‬سوف أُدافِع ِ‬ ‫أحب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يدك أن تُريين‬‫احك‪ .‬أَع ِرفها‪ ،‬ولكنّين أر ِ‬
‫أنت جرُية؟ آه! أَِرين جر ِ‬ ‫حجارة الذين يدينونك‪ .‬تعايل‪ .‬هل ِ‬
‫ُ‬
‫اعيك ِ‬
‫وإهلك‪ ،‬بِ َعني بريئة‪.‬‬ ‫إيل‪ ،‬أان ر ِ‬ ‫كنت نقية‪ ،‬عندما ِ‬
‫كنت تَنظُرين َّ‬ ‫لك عندما ِ‬ ‫إايها‪ ،‬ابلثقة اليت كانت ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احك يف عُمق القلب هبذا‬ ‫هي ذي‪ .‬وَجيعها هلا اسم‪ .‬آه! كم هي عميقة! من ذا الذي جعل جر ِ‬
‫ََ َ‬
‫بعضته‬
‫جرب‪ .‬أَعلَم ذلك‪ .‬إنّه هو الذي ال ميلك عصاً وال فأساً‪ ،‬ولكنّه َُيَرح أكثر عُمقاً ّ‬ ‫العُمق؟ ال ُـم ِّ‬
‫تك بربيقها‪ ...‬وقد كانت كربيتاً جهنّميّاً يُصنَع‬ ‫السامة‪ ،‬وبعده أتيت اجلواهر املزيفة يف مبخرته‪ ،‬اليت أَغر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املمزقة‪ ،‬وَكم ِمن الدم‪ ،‬وَكم ِمن العلّيق!‬
‫قلبك‪ .‬انظري َكم ِمن اجلِّراح وَكم ِمن األمسال َّ‬
‫يف النور ليحرق ِ‬

‫لك‪ ،‬فهل ستحبّينين بعد؟‬ ‫آه! أيتها النَّفس الصغرية املسكينة املخدوعة! إّّنا قويل يل‪ :‬إذا غفرت ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ب صاحل؟‬ ‫ِ‬ ‫قويل يل‪ :‬لو م َددت ِ‬
‫اعي‪ ،‬فهل ترمتني فيهما؟ بَل قويل يل‪ :‬هل أنت عطشى إىل ُح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬‫ذ‬ ‫لك‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫ودموعك‪ ،‬إذ َمتتَزِج بدموعي‪،‬‬ ‫إذاً تعايل وعودي إىل احلياة‪ ،‬عودي إىل املراعي املقدَّسة‪ِ .‬‬
‫أنت تبكني‪.‬‬
‫ِ‬
‫أّنكك‪ ،‬أَفتَح صدري‪ ،‬أَفتَح‬ ‫ِ‬
‫أحرقك قد‬ ‫الشر الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَغسل آاثر خطيئتك‪ ،‬وأان‪ ،‬لكي أغ ّذيك‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫لك‪" :‬تغ ّذي ولكن عيشي!"‬ ‫عروقي وأقول ِ‬

‫اعي‪ .‬وسنمضي بشكل أسرع إىل املراعي املقدَّسة واملضمونة‪ .‬سوف تنسني‬ ‫ر‬ ‫ذ‬ ‫بني‬ ‫ك‬‫تعايل أضم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫لعودتك‪.‬‬ ‫اتك التسع والتسعني‪ .‬الصاحلات يغتبطن‬ ‫كل شيء عن ساعة اليأس هذه إىل جانب أخو ِ‬
‫ّ‬
‫وخلَّصتُها‪ ،‬ويكون فرح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثت عنها‪ ،‬وأان قادم من بعيد‪َ ،‬وَو َجد ُهتا َ‬
‫عجيت الضَّالّة‪ ،‬اي َمن َحبَ ُ‬
‫أقول لك‪ ،‬اي نَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 60 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫البارة اليت َمل تَبتَعِد عن‬ ‫التسعني‬
‫و‬ ‫التسع‬ ‫ن‬ ‫عظيم بني الصاحلني لِنَعجة واحدة ضالّة تعود‪ ،‬أكثر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫احلظرية‪».‬‬

‫صلَت َع ْربها‪ ،‬يف شبه عتمة املساء‪،‬‬ ‫و‬ ‫اليت‬


‫و‬ ‫خلفه‪،‬‬ ‫اليت‬ ‫يق‬‫ر‬ ‫الط‬ ‫إىل‬ ‫ر‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬‫ي‬‫َمل يلتفت يسوع أبداً لِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫األقل‪ ،‬وقد التَ َح َفت بِوشاح داكن خيفي‬ ‫على‬ ‫مة‪،‬‬ ‫ش‬‫مرمي اجملدلية‪ ،‬اليت ما تزال أنيقة ج ّداً‪ ،‬ولكنّها ُُمتَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫وجدتك اي ُمبوبيت‪َ ".‬مَّرَرت‬ ‫وشكلها‪ .‬ولكن‪ ،‬حينما بـَلَ َغ يسوع إىل تلك الكلّمات‪" :‬لقد‬ ‫تقاطيعها َ‬
‫ألّنا خلف‬ ‫َخ َذت تبكي على مهل‪ ،‬بنعومة وبال توقّف‪ .‬ال يراها الناس‪ّ ،‬‬ ‫مرمي يدها حتت الوشاح‪ ،‬وأ َ‬
‫نح َدر الذي َُي ّد الطريق‪ .‬فما َمن يراها سوى القمر العايل وروح يسوع…‬ ‫ال ُـم َ‬
‫ُُثَّ يقول يل‪« :‬التفسري يكمن يف الرؤاي‪ ،‬إ ّّنا سوف أُح ِّد ِ‬
‫ثك عنها أيضاً وأيضاً‪ .‬اسرتحيي اآلن‪ ،‬لقد‬ ‫َ‬
‫حان الوقت‪ .‬أابر ِ‬
‫كك أيّتها الوفيّة ماراي‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 61 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫غرد)‬
‫لت األمل ابلغفران يُ ّ‬
‫‪( -95‬بعد التَّذكري ابلشريعة َج َع ُ‬
‫‪1944 / 08 / 13‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫ك تَـَرين فيها العشاء يف بيت مسعان األبرص‪،‬‬ ‫«منذ كانون الثاين (يناير)‪ ،‬منذ اللحظة اليت جعلتُ ِ‬
‫ََ‬
‫أنت ومن ي ِ‬
‫رش ِ‬
‫دك‪ ،‬معرفة املزيد عن مرمي اجملدليّة‪ ،‬والكالم الذي َو َّجهتُهُ إليها‪ .‬بعد سبعة أشهر‪،‬‬ ‫بت‪ِ ،‬‬ ‫ر ِغ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ُفرح ُك َما‪ ،‬ولكي أَمنَح قاعدة سلوك للذين ينبغي‬ ‫َكشف لكما عن تلك الصفحات ِمن املاضي‪ِ ،‬أل ِ‬ ‫أ ُ‬
‫وجهاً إىل أولئك البائسني الذين َخيتَنِقون يف قبور‬ ‫هلم احلُ ّنو على تلك النفوس ال َـمجذومة‪ ،‬وصواتً ُم َّ‬
‫خرجوا منها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرذيلة‪ ،‬ليَ ُ‬
‫فرق بني خطيئة وخطيئة‬ ‫صالِح هو هللا‪ ،‬صالِح هو مع اجلميع‪ .‬ال يست ِ‬
‫خدم املقاييس البشريّة‪ .‬ال يُ ِّ‬ ‫َ َ‬
‫ومستع ّداً للمغفرة‪ .‬مقاومة النِّعمة َّت َعله صا ِرماً‬‫غمه‪ .‬والتوبة َّت َعلهُ فَ ِرحاً ُ‬
‫مميتة‪ .‬فاخلطيئة‪ ،‬مهما تكن‪ ،‬تَ ّ‬
‫ِ‬
‫وبِغري رمحة‪ ،‬ذلك أنّه ال ميكن للعدل أن يَغفر لغري التَّائب الذي ميوت على هذه احلال‪ ،‬رغم كلّ‬
‫اإلعاانت الـمُعطاة له ِمن أجل ِاهلداية‪.‬‬

‫األقل أربعة أعشار‪ ،‬السبب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ولكن‪ ،‬يف اهلداايت الناقصة‪ ،‬هناك‪ ،‬إن مل يكن النّصف‪ ،‬فعلى ّ‬
‫كاذبة‪ ،‬هي مبثابة ِستار يُغطّون به أاننيّة حقيقيّة‪،‬‬‫لديهم هو إِهال الـمكلَّفني ابهلِداية‪َُ ،‬نوة يساء فهمها و ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوحل النتشال‬ ‫يف‬ ‫وص‬ ‫َ‬‫ابلغ‬ ‫ف‬‫اخلاص هبم‪ ،‬دون التكلُّ‬ ‫األمني‬ ‫هم‬ ‫وكربايء يسمح هلم ابالستكانة يف م ِ‬
‫الذ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫طاهر‪ ،‬أان أهل لالحرتام‪ .‬ولن أذهب إىل حيث الفساد‪ ،‬وحيث ميكن أن يـُ َقلَّل ِمن احرتامي"‪.‬‬ ‫قَلب‪" .‬أان ِ‬
‫الزانة‪،‬‬ ‫لكن ذاك الذي يتكلّم هكذا‪ ،‬أََمل يَقرأ اإلجنيل حيث قِيل إ ّن ابن هللا مضى لِيهدي ّ‬
‫العشارين و ُّ‬ ‫و ّ‬
‫ليس فقط األوفياء للشريعة القدمية؟ ولكن أََمل يُف ِّكر أ ّن الكربايء َدنَس للروح؟ وأ ّن التقصري يف احملبّة‬
‫ستضطر ألن يُالمس‬‫ّ‬ ‫منك‪ ،‬وأان ابن هللا‪ .‬هل‬
‫قبلك‪ ،‬بل أكثر َ‬ ‫عليك؟ فأان َ‬ ‫َدنَس للقلب؟ هل َسيُشنَّع َ‬
‫الدنَس‪ ،‬لكي يستقيم وأقول له‪" :‬اسلك هذا الدرب اجلديد"؟‬ ‫الدنَس؟ وأان أََمل أَملس بيدي ذلك َّ‬
‫ك َّ‬ ‫ثوبَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 62 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عما إذا كان‬ ‫ِ‬
‫دخلوّنا‪ ،‬استَعلموا ّ‬
‫أال تتذ ّكرون ما قُلتُهُ ألسالفكم األوائل؟ أيّة مدينة أو قرية تَ ُ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫الشر يف ّ‬ ‫هناك َمن هو أهل‪ ،‬وأَقيموا عنده"‪ .‬وذلك كي ال يُثرثر العامل ويَ ّنم‪ .‬فالعامل جاهز لرؤية ّ‬
‫لت البيوت وَمل أَقُل البيت‪ -‬أَل ُقوا السالم بقولكم‪:‬‬‫فت‪" :‬لدى دخولكم إىل البيوت ‪-‬قُ ُ‬ ‫َض ُ‬ ‫شيء‪ .‬ولكنّين أ َ‬
‫"السالم هلذا البيت"‪ .‬فإذا كان البيت ُمستَ ِح ّقاً‪َ ،‬ح َّل فيه السالم‪ ،‬وإن مل يكن كذلك‪ ،‬فسالمكم يعود‬
‫حّت عند التأ ّكد ِمن عدم التوبة‪ ،‬فينبغي لكم أن يَتساوى اجلميع يف‬ ‫إليكم"‪ .‬وذلك لتعليمكم أنّه‪ّ ،‬‬
‫مت التعليم بقويل‪" :‬وإذا ما ُرفِض استقبالكم واالستماع إىل كالمكم‪ ،‬فلدى خروجكم‬ ‫قلبكم‪ .‬وقد أت َـم ُ‬
‫الفسق ليس سوى غُبار ابلنسبة‬ ‫ألن ِ‬
‫َرجلكم"‪َّ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من تلك البيوت وتلك ال ُـمدن‪ ،‬ان ُفضوا الغبار العالق يف أ ُ‬
‫ُيوهلم‪ ،‬ابملثابرة‪ ،‬لِنَـ ُقل هكذا‪ ،‬إىل كتلة كريستال صقيلة‪ .‬إنَّه َمَّرد‬
‫الصالح احملبوب ّ‬ ‫إىل الصاحلني‪ ،‬حيث َّ‬
‫أي جرح‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الذات حّت يتطاير دون أن ُخيلِ‬ ‫فخة على َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫غبار‪ ،‬تَكفيه َهَّزة أو نَ َ‬
‫ألي نوع ِمن الفساد الصعود‬
‫زيل‪ ،‬فال ميكن ّ‬‫الصالح األ ّ‬ ‫ُكونوا ح ّقاً صاحلني‪ ،‬كونوا واحداً مع َّ‬
‫لتلطيخكم يف أعلى ِمن احلذاء ال ُـمستَنِد إىل األرض‪ .‬فالنَّـ ْفس أمسى كثرياً هي! نـَ ْفس َّ‬
‫الصاحل والذي‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫ليس سوى واحد مع هللا‪ .‬النَّـ ْفس يف السماء‪ .‬وال ميكن للغُبار الوصول إىل هناك‪ ،‬وكذلك الوحل‪ّ ،‬‬
‫ولو ُرِم َي حبقد ض ّد روح َّ‬
‫الرسول‪.‬‬

‫الشر يَكره اخلري‪ ،‬أو ابإلساءة إليكم‪.‬‬


‫ومعنوايً بتعذيبكم‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫ماد ّايً‬
‫قد يُصيب اجلسد‪َُ ،‬يَرحكم ّ‬
‫ُجرح؟ ولكن هل أَثـََّرت تلك الضرابت وتلك الكلّمات البذيئة‬ ‫إيل أان؟ أمل أ َ‬‫الم يُفضي ذلك؟ أمل يُسأ َّ‬‫وإِ َ‬
‫أحدثَت االضطراب يف روحي؟ ال‪ .‬بل هي كالبُصاق على ِمرآة‪ ،‬وكحصاة تُرمى على‬ ‫على روحي؟ هل َ‬
‫سطحي‪ ،‬دون َجرح‬
‫ّ‬ ‫مثرة كثرية العُصارة‪ ،‬تتزحلق دون اخرتاقها‪ ،‬أو ابحلَري َُت َِرتقها‪ ،‬ولكن بشكل‬ ‫لب ّ‬ ‫ّ‬
‫عزز اإلنبات‪ ،‬ألنّه يُصبِح أسهل على البِذرة اخلروج‬‫البِذرة ال ُـمنغَلِقة داخل النواة‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬هي تُ ِّ‬
‫ي‬ ‫ِمن كتلة مفتوحة‪ِ ،‬منها ِمن تلك ِ‬
‫الكاملة‪ .‬فباملوت ُُت ِ‬
‫املاد ّ‬
‫الرسول‪ .‬ابملوت ّ‬ ‫صب احلبّة البذرة‪ ،‬وكذلك َّ‬
‫كسر‪ .‬وهذا ليس املوت‪:‬‬ ‫اجملازي‪ ،‬وذلك أل ّن األان البشريّة فقط تُ َ‬
‫ّ‬ ‫اليومي‪ ،‬ابملعىن‬
‫ّ‬ ‫أحياانً‪ ،‬ابملوت شبه‬
‫بشري‪.‬‬
‫إنّه احلياة‪ .‬إنّه َغلَبَة الروح على ما ليس سوى ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 63 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إيل بِنَـزوة بَطَّالة‪ ،‬ال تَعلَم كيف تَشغَل ساعات الفراغ‪ .‬وتَنامى إىل أُذُنيها اللتني أ َ‬
‫َص َّمتهما‬ ‫أتت‪َّ 1‬‬
‫س لِيَحصلوا عليها َك َعبدة‪َّ ،‬إّنا‬‫ّ‬
‫املخادعة ِمن أولئك الذين كانوا يـه ِ‬
‫دهدون هلا على أنغام احلِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫التَّملُّقات ِ‬
‫احلق الذي ال َخي َشى أن َُيتَ ِقره أحد‪ ،‬أو يتن ّكر له‪ ،‬والذي‬
‫احلق الصايف والصارم‪ّ .‬‬ ‫رن يف أذنيها صوت ّ‬ ‫َّ‬
‫كل األصوات يف ال َكلِ َمة‪ .‬األصوات اليت‬ ‫يتكلّم وهو يَنظُر إىل هللا‪ .‬وعلى غرار رنّة أجراس العيد‪ ،‬ذابت ّ‬
‫اعتادت أن تر ّن يف السماوات‪ ،‬يف األُفُق احلُّر‪ُ ،‬منتَ ِشرة َع ْرب الوداين والتالل‪َ ،‬ع ْرب السهول والبحريات‪،‬‬
‫الرب واحتفاالته‪.‬‬ ‫أبَماد‬ ‫ر‬‫لِتُذ ّكِ‬
‫ّ‬
‫للرب نَشواانً ج ّداً؟ كان‬
‫املكرس ّ‬ ‫أال تَذ ُكرون‪ ،‬يف زمن السالم‪ ،‬أجراس العيد اليت ّتعل اليوم َّ‬
‫اجلرس الضخم‪ِ ،‬مبقرعته‪ ،‬يُعطي ّأول صوت ابسم الشريعة اإلهليّة‪ .‬كان يقول‪" :‬أحتدَّث ابسم هللا‪ ،‬الد َّ‬
‫َّاين‬
‫حّت يقول اجلرس‬ ‫صدح‪" :‬الصاحل والرحيم والصبور"‪ّ ،‬‬ ‫وال َـملِك"‪ .‬وفيما بعد‪ ،‬كانت األجراس األصغر تَ َ‬
‫الش َفقة‪ ،‬لِيُعلِّمكم أ ّن املساُمة أكثر فائدة‬
‫مالئكي‪ُ" :‬مبّته تدعو إىل املساُمة و َّ‬
‫ّ‬ ‫فضيّة‪ ،‬بصوت‬‫األكثر ّ‬
‫شفق"‪ .‬وأان كذلك‪ ،‬بعد التذكري‬ ‫الش َفقة ِمن ال َقسوة‪ .‬هلموا إىل الغفور‪ِ ،‬آمنوا ابلذي ي ِ‬‫ِمن احلقد‪ ،‬و َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وفريوزي‪،‬‬ ‫يري أخضر‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫صدح‪ .‬مثل شريط حر ّ‬ ‫لت األمل ابملساُمة يَ َ‬
‫داستها اخلاطئة‪َ ،‬ج َع ُ‬
‫ابلشريعة اليت َ‬
‫املعزية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصبغات السوداء ألَضع فيها َكلماته ّ‬ ‫حركتُه وسط ّ‬ ‫ّ‬
‫جرح‬ ‫ي‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫كالسهم‪،‬‬ ‫ضرب‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫د‬‫كالرب‬ ‫ليس‬ ‫الندى‬ ‫و‬ ‫اخلاطئ‪.‬‬ ‫رق‬ ‫الغُفران‪ ،‬ذلك النَّدى على ِ‬
‫ح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويُعاود القفز‪ ،‬وميضي دون أن يَن َفذ‪ ،‬قاتالً الزهور‪ ،‬بينما الندى يَهبِط خفيفاً للغاية‪ ،‬لدرجة أ ّن الزهرة‬
‫وتتقوى‪...‬‬
‫شرب منه االنتعاش ّ‬ ‫فيستقر على بتالهتا احلريريّة‪ .‬إّّنا‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬تَ َ‬
‫ّ‬ ‫حتس به‪،‬‬
‫األكثر رقّة ال ّ‬
‫قوية ّإايهم يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّإّنا نداوة الدموع‪ ،‬دموع النجوم‪ ،‬دموع ُمربّية ُُمبّة على أوالدها العطاش‪ ،‬واليت َهتبُط ُم ّ‬
‫حّت عندما يكون اإلنسان يف‬ ‫ِ‬
‫الوقت ذاته مع احلليب اللذيذ واملغذي‪ .‬آه! سّر العناصر اليت تتفاعل ّ‬
‫وضع راحة أو عندما خيطئ!‬

‫الغُفران مثل ذاك الندى‪َُ .‬يلب معه‪ ،‬ليس فقط النقاء‪ ،‬بل إّّنا العُصارات احليويّة اليت أيخذها‪،‬‬
‫عد َوعد الغُفران‪ ،‬ها هي ذي احلكمة تتح ّدث وتقول‬ ‫ليس إىل العناصر‪ ،‬بل إىل املنازل اإلهليّة‪ُ .‬ثّ‪ ،‬بَ َ‬
‫ُمومي‪ ،‬ابخلالص‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫وهتّز‪ ،‬ليس بقسوة‪ ،‬بل بِ‬‫َ‬ ‫ر‬‫ما هو جائز وما ليس كذلك‪ ،‬وتُذ ّكِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 64 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وح ّديّة ّتاه احملبّة اليت تنحين عليكم!‪َ ...‬كم‬ ‫ِ‬ ‫َكم ِ‬
‫الصوان أكثر منكم منعة َ‬‫ّ‬ ‫فيها‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ي‬ ‫مل‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ر‬‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫سخرون منها! َكم ِمن َمّرة َمتقتوّنا!‪ ...‬لو تَ َّ‬
‫صرفَت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من َمّرة َهتربون بينما هي تُكلّمكم!‪َ ...‬كم من َمّرة تَ َ‬
‫تتصرفون معها‪ ،‬فالويل لِنفوسكم! على العكس‪ ،‬تَـَرون ذلك! ّإّنا السائرة اليت ال‬ ‫احملبّة معكم كما ّ‬
‫حّت ولو هربتم داخل اجلُّحر املقرف‪.‬‬ ‫تتعب‪ ،‬واليت متضي للبحث عنكم‪ّ .‬إّنا متضي للّحاق بكم ّ‬

‫أجرتح املعجزة؟ ذلك ِألُعلِّم ُّ‬


‫الر ُسل كيف ينبغي هلم‬ ‫أردت الذهاب إىل ذلك البيت؟ ملاذا َمل َِ‬
‫ملاذا ُ‬
‫يتصرفوا‪ُ ،‬متَ َح ِّدين الظنون واالنتقادات‪ ،‬إلمتام واجب أمسى ُمستثىن ِمن أمور الدنيا هذه‪.‬‬
‫أن ّ‬
‫كل املسيحيني‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫بعهم‬‫ط‬ ‫الرسل يقيمون الوزن كثرياً لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لت تلك الكلمات ليهوذا؟ كان ُّ ُ ُ‬ ‫ملاذا قُ ُ‬
‫لكن‬ ‫ِ‬
‫حّت لدى الكاملني‪ّ .‬‬ ‫أقل‪ ،‬يَستفيق فيهم شيء ما‪ّ ،‬‬ ‫حّت ق ّديسو األرض‪ ،‬إّّنا ب َدرجة ّ‬ ‫كذلك‪ّ ،‬‬
‫لكن وزن‬
‫كنت أمسو هبم‪ ،‬و ّ‬ ‫البشري‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫الر ُسل َمل يكونوا بعد على تلك الدرجة‪ .‬لقد كان انفِذاً إىل فِكرهم‬
‫ُّ‬
‫علي أن أضع يف طريق صعودهم ما‬ ‫ِ‬
‫سمون ابستمرار‪ ،‬كان َّ‬ ‫بشريّتهم كان يَش ّدهم إىل أسفل‪ .‬وجلَعلهم يَ ُ‬
‫آخذين قسطاً ِمن الراحة‪ ،‬لِيَصعدوا فيما بعد أكثر ِمن‬ ‫يوقِف احندارهم‪ ،‬بِشكل ي ِقفون قبالته مف ِّكرين‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أتمالت‬
‫ال َـمّرة السابقة‪ ،‬وهي أمور تكون على مستوى قابل إلقناعهم أبنّين إله‪ .‬ألجل ذلك كانت ّ‬
‫ناصر‪ ،‬ألجل ذلك كانت املعجزات‪ ،‬ألجل‬ ‫النُّفوس الباطنية‪ ،‬ألجل ذلك كانت االنتصارات على الع ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ذلك كان التجلّي والقيامة والوجود يف مكان ُُمدَّد‪.‬‬

‫اجدين يف‬
‫ت فيه يف العُلّية‪َ ،‬وزَمن التَّو ُ‬
‫دت على طريق عماوس يف الوقت الذي كن ُ‬‫اج ُ‬‫لقد تو َ‬
‫الر ُسل والتلميذين‪ ،‬كان واحداً ِمن األسباب اليت َهَّزهتم ابألكثر‪ ،‬ابنتزاعهم من مصاحلهم‪،‬‬
‫مواجهة ُّ‬
‫واإللقاء هبم على طريق املسيح‪.‬‬

‫كان حديثي ُم َو َّجهاً إىل األحد عشر أكثر منه إىل يهوذا‪ ،‬العُنصر الذي كان املوت كامناً فيه‬
‫علي أن أجعل كوين هللا يَسطَع يف عيوّنم‪ ،‬ليس على سبيل الكربايء‪ ،‬إّّنا أل ّن ذلك‬ ‫آنذاك‪ .‬فكان لزاماً َّ‬
‫فكنت هللا واملعلّم‪ .‬تلك الكلّمات كانت تشري إىل َمن أكون‪ .‬لقد‬ ‫ُ‬ ‫كان ضرورّايً من أجل تثقيفهم‪،‬‬
‫كنت أُعلِّم الكمال‪ّ :‬أال تكون هناك أحاديث سيّئة‬ ‫كانت ال ُقدرة اليت ظَ َهَرت هبا تتجاوز اإلنسان‪ ،‬و ُ‬
‫حّت يف داخلنا‪ .‬أل ّن هللا يرى‪ ،‬وينبغي أن يَرى هللا داخالً نقيّاً كي يَنـ ِزل َ‬
‫وُي َعل فيه َمس َكنه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 65 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جواً طاهراً‪ ،‬احرتاماً‬ ‫ِ‬ ‫ملاذا َمل َِ‬
‫أجرتح املعجزة يف ذلك البيت؟ ألُفهم اجلميع أ ّن وجود هللا يتطلّب ّ‬
‫الشفاه‪ ،‬إّّنا بكلمة أكثر نفاذاً‪ ،‬إىل روح اخلاطئة والقول هلا‪" :‬هل‬ ‫لِ َعظَ َمة جالله‪ .‬للتكلّم دون حتريك ِّ‬
‫بك‪ُ ،‬ملطَّ َخة لدرجة ال ميكن‬ ‫لك ملطَّخ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ‬
‫كل ما حو ُ‬ ‫تَـَرين ذلك أيّتها الشَّقيّة؟ إنّك ُملطخة لدرجة أ ّن ّ‬
‫حواء‪ ،‬وتُق ِّدمني الث ََّمرة إىل‬
‫ّ‬ ‫خطيئة‬ ‫دين‬ ‫ك ُّت ِّ‬
‫د‬ ‫أنت أكثر جناسة ِمن ذلك‪ ،‬ألنّ ِ‬
‫معها هلل أن يتصرف‪ِ .‬‬
‫ّ‬
‫أنت أداة الشيطان‪.‬‬ ‫اآلدميني‪ ،‬إبغوائهم وابنتزاعهم ِمن واجبهم‪ِ .‬‬
‫ّ‬
‫ملاذا َمل أشأ آنذاك أن تَدعوها األ ُّم ال َقلِ َقة "شيطاانً"؟ أل ّن ما ِمن مُربّر لإلهانة واالحتقار‪ .‬الضرورة‬
‫األوىل اليت تَفرض نفسها‪ ،‬والشرط األوّل ليكون هللا معنا‪ ،‬هو انتفاء احلقد ومعرفة املساُمة‪ .‬الضرورة‬
‫ط أخطاء اآلخرين‪.‬‬ ‫الثانية هي معرفة كيفيّة التعرّف على مَكمن الذنب فينا ويف ما هو لنا؛ ّأال نرى قَ ّ‬
‫الضرورة الثالثة هي معرفة احملافظة على الذات مع االعرتاف ابجلميل والوفاء‪ ،‬بعد نَيل النعمة‪ ،‬إنصافاً‬
‫حسن‬‫عد احلصول على النِّعمة‪ ،‬يكونون أسوأ ِمن الكالب‪ ،‬فال يتذ ّكرون الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫لألزيلّ‪ .‬والويل لِ َمن‪ ،‬بَ َ‬
‫إليهم‪ ،‬بينما الكلب يتذ ّكر!‬

‫دت إىل‬ ‫َمل أَقُل كلمة واحدة ملرمي اجملدليّة‪ .‬كما لو ّإّنا متثال‪ ،‬نَظَ ُ‬
‫رت إليها حلظة‪ُ ،‬ثّ تَـَركتُها‪ .‬عُ ُ‬
‫ظاهري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املادة امليتة كتمثال ِمن رخام‪ ،‬فقد َغلَّفتُها إبِهال‬
‫كنت أريد ُتليصهم‪ .‬وهي‪ّ ،‬‬ ‫"األحياء" الذين ُ‬
‫كنت أشاء‬
‫نفسها املسكينة اليت ُ‬ ‫ولكنّين مل أَفُه بكلمة أو آيت حبركة َمل يكن اهلدف الر ّ‬
‫ئيسي منها َ‬
‫افتداءها‪ .‬وكلميت األخرية‪" :‬أان ال أ ْشتُم‪ ،‬أبداً ال أ ْشتُم‪ .‬إنّين أصلّي ِمن أجل اخلَطَأَة‪ ،‬ليس أكثر‪".‬‬
‫كنت قد قُلتُها على اجلبل‪" :‬الغفران أكثر فائدة‬ ‫لتنضم إىل األوىل اليت ُ‬ ‫ضت مثل ابقة زهور تتش ّكل ّ‬ ‫وم َ‬ ‫َ‬
‫ُقفلَت االثنتان على تلك املسكينة البائسة ضمن دائرة ُممليّة‪،‬‬ ‫ِمن احلقد‪ ،‬والرمحة أكثر ِمن ال َقسوة"‪ .‬وأ ِ‬
‫جاعلَتني ّإايها تَشعُر كم خدمة هللا ال ُـم ِحبّة ُمتلفة عن استعباد الشيطان‬ ‫ابلصالح‪ِ ،‬‬ ‫ومعطَّرة َّ‬ ‫ِ‬
‫ُمنعشة ُ‬
‫كي‪ ،‬ابملقارنة مع نتانة اخلطيئة‪ ،‬وَكم هو مريح أن يكون املرء ُمبوابً بقداسة‪،‬‬ ‫َّ ِ‬
‫الشرس؛ َكم عطر السماء ز ّ‬
‫حوذاً عليه شيطانيّاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وهو أفضل من أن يكون ُمستَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 66 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫(حتوالت) صاعقة (فورية)‪ .‬وهو ال‬ ‫انظروا َكم هللا ُمعتَ ِدل يف مشيئته‪ .‬فهو ال يَفرض ِه َداايت ُّ‬
‫أي قلب‪ .‬هو يَع ِرف االنتظار‪ ،‬ويَع ِرف أن يُقنِع‪ .‬وبينما هو يَنتَ ِظر أن ّتد الضالّة‬ ‫ِ‬
‫يَطلُب ال ُـمطلَق من ّ‬
‫الطريق‪ ،‬أن تستعيد اجملنونة العقل‪ ،‬ويكتفي مبا ميكن أن تعطيه ّإايه األ ُّم املضطربة‪.2‬‬

‫كنت َألطلبها منها‪ ،‬كي أجعلها أهالً‬ ‫ِ‬


‫سألتُها فقط‪" :‬هل املساُمة ممكنة؟" َكم من األمور ُ‬
‫إهلي‪ .‬فبالنسبة إىل تلك األ ُّم‬
‫كنت أَح ُكم كالبشر! ولكنّين أقيس قواكم بشكل ّ‬ ‫للمعجزة‪ ،‬ذلك لو ُ‬ ‫ُ‬
‫أرد‬
‫التوصل إىل الغُفران‪ ،‬وال أَطلُب منها سوى هذا حاليّاً‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬وأان ّ‬ ‫املضطربة‪ ،‬كان كثرياً آنذاك ُّ‬
‫هلا ابنها‪ ،‬قُلت هلا‪" :‬كوين قِ ّديسة‪ ،‬واجعلي ِ‬
‫بيتك ُمق ّدساً‪ّ ".‬أما عندما تكون ُمضطَ ِربة‪ ،‬فال أَطلُب منها‬ ‫ُ‬
‫بكل شيء‪ .‬بعد ذلك‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مساُمة اخلاطئة‪ .‬علينا ّأال نُطالب َمن كان‪ ،‬منذ قليل‪ ،‬يف َغياهب الظلُمات‪ّ ،‬‬
‫صل إىل عينيها‬ ‫أتيت األُم إىل كمال النور‪ ،‬ومعها الزوجة واألوالد‪ .‬حينذاك ينبغي جعل َش َفق النور ي ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬
‫اللتني أعمتهما الدموع‪ :‬الغُفران‪ ،‬فَجر يوم هللا‪.‬‬

‫حاضرين ‪-‬يهوذا ليس يف احلسبان‪ ،‬فأان أحت ّدث عن الناس الذين استُقبلوا يف‬‫عن الذين كانوا ِ‬
‫ذلك املكان‪ ،‬وليس عن تالميذي‪ -‬واحد فقط مل يكن ليأيت إىل النور‪ .‬إّنزاماته تُرافِق انتصارات‬
‫الرسول ِمن أجله بال جدوى‪ .‬ولكن ينبغي ّأال َحت ِمله تلك ّ‬
‫األّنزامات‬ ‫فهناك دوماً َمن يَ َتعب َّ‬
‫الرسالة‪َ .‬‬
‫كل شيء‪ .‬فهناك على الدوام قوى‬ ‫على فقدان احلماس‪ .‬فليس على الرسول املطالبة ابحلصول على ّ‬
‫معاكسة تواجهه‪ ،‬وهي َحتمل َجلة أمساء‪ ،‬وهي‪ ،‬مثل َِم ّسات األخطبوط‪ ،‬تُعا ِود التقاط الفريسة اليت‬
‫الرسول فيبقى هو هو‪ .‬وبِئس الرسول الذي يقول‪" :‬أعلَم أنّين غري قادر‬ ‫انتُ ِز َعت منها‪ّ .‬أما استحقاق َّ‬
‫على اهلِداية هناك‪ ،‬لذا لَن أذهب"‪َ .‬‬
‫فذاك رسول ال قيمة له‪.‬‬
‫َُِيب الذهاب هناك‪ ،‬حّت ولو مل يكن سيخلص سوى واحد ابأللف‪ .‬فيكون يوم الرسول م ِ‬
‫ثمراً‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫ّ‬
‫كل ما كان ميكنه فِعله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫من أجل هذا اإلنسان الواحد‪ ،‬كما هو من أجل ألف‪ .‬إذ إنّه سيكون قد فَـ َع َل ّ‬
‫ِ‬
‫الرسول اهلداية‪ ،‬أل ّن َمن ينبغي‬ ‫وهذا ما يُكافئ هللا مبوجبه‪ .‬كذلك ُيب التفكري أبنّه‪ ،‬حيث ال يستطيع َّ‬
‫الرسول غري كافية للجهد املطلوب‪ ،‬فيمكن أن‬ ‫هدايته ُمستأثَر به كثرياً ِمن قِبَل الشيطان‪ ،‬وأ ّن قُوى َّ‬
‫يتدخل هللا‪ .‬وحينئذ‪َ ،‬من هو أكثر ِمن هللا؟‬
‫َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 67 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب القلوب الوفيّة‬
‫ظهر‪ ،‬ليس فقط ُح ّ‬‫احلب يَ َ‬
‫احلب‪ّ .‬‬ ‫للرسول أن ميارسه‪ ،‬هو ّ‬ ‫شيء آخر ال بد َّ‬
‫عامل هللا‪ ،‬وعليه ّأال يَِقف عند حدود‬
‫الرسول هو ِ‬ ‫لكن َّ‬
‫ي‪ .‬فذاك يكفي لإلخوة الصاحلني‪ .‬و ّ‬ ‫السر ّ‬
‫ّ‬
‫شل عمل الرسول وحركة النُّفوس صوب‬ ‫ي‬ ‫ُّد‬
‫َّشد‬
‫ت‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫عظيم‪.‬‬ ‫ب‬ ‫حب‬‫الصالة‪ :‬عليه أن يعمل‪ .‬فَليعمل ِحبب‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ ُّ‬
‫ب‪.‬‬‫النور‪ .‬فال تَشدُّد‪ ،‬بَل احلُ ّ‬
‫الشريرة أن تصيبه‬
‫الصخري (األميانت) الذي ال ميكن أللسنة هلب النوااي ّ‬‫ّ‬ ‫ب هو ثوب احلرير‬ ‫احلُ ّ‬
‫البشري‪-‬الشيطاينّ ِمن النَّفاذ إىل‬
‫ّ‬ ‫احلب يُشبِعكم ِمن اخلالصات الواقية اليت َمتنَع الفساد‬
‫أبذى‪ّ .‬‬
‫ب اخلري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ُ ،‬ح ّ‬ ‫أعماقكم‪ .‬ول َكسب نـَ ْفس‪َُ ،‬يب معرفة ُحبّها‪ .‬ل َكسب نـَ ْفس‪ُ ،‬يب َمحلها على أن ُحت ّ‬
‫كل أنواع ُحبّها املسكني للخطيئة‪.‬‬
‫وذلك برفض ّ‬
‫عين‬ ‫ِ‬
‫أردت نـَ ْفس مرمي‪ .‬وكما ابلنسبة إليك‪ ،‬اي يوحنّاي الصغرية‪ ،‬مل أتوقّف عند ح ّد الكالم ّ‬ ‫ُ‬
‫طت أحبث عنها على دروب اخلطيئة‪ .‬لقد تَبِعتُها والحقتُها ِحبُ ّيب‪ ،‬مالحقة‬ ‫كمعلّم ابجلسد‪ ،‬بل َهبَ ُ‬
‫لت‪ ،‬وأان الطَّهارة‪ ،‬حيث كانت ِه َي‪َّ ،‬‬
‫الدنَس‪.‬‬ ‫لطيفة! لقد َد َخ ُ‬
‫إيل‪ ،‬ألنّين‬
‫للشك أن يَنفذ ّ‬
‫إيل وال ابلنسبة إىل اآلخرين‪ .‬ال ميكن ّ‬ ‫الشك‪ ،‬ال ابلنسبة َّ‬‫أخش ِمن ّ‬ ‫َمل َ‬
‫شك‪ ،‬والذي‬ ‫الشك‪ .‬بِئس َّ‬
‫الراعي الذي يَ ّ‬ ‫أان الرمحة‪ ،‬والرمحة تبكي على اخلطااي دون أن تُسبِّب هلا ّ‬
‫الساتِر‪ ،‬ليتخلّى عن نـَ ْفس! أال تَعلَمون أب ّن النُّفوس تَسمو أبسهل ِمن األجساد‪،‬‬ ‫ُيتمي خلف ذاك َّ‬
‫وأ ّن َكلِمة الرمحة واحلب اليت تقول‪" :‬إّنضي اي أختاه ِ‬
‫خلريك"‪َّ ،‬ت َِرتح غالباً املعجزة؟ مل أكن أخشى ش ّ‬
‫ك‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الشريرة اليت‬
‫اآلخرين‪ ،‬فإ ّن َع َملي كان ُم َّربراً يف عيين هللا؛ وكان مفهوماً يف عيون الصاحلني‪ّ .‬أما العني ّ‬
‫حّت يف هللا‪ ،‬وال تَرى‬ ‫ِ ِ‬
‫املتحرر من جوف فاسد‪ ،‬فال قيمة هلا‪ّ .‬إّنا تَرى اخلطيئة ّ‬ ‫تخمر فيها اخلُبث ّ‬ ‫يَ َّ‬
‫الكمال ّإال يف ذاهتا‪ .‬لذا َمل أكن ِألُعريها ابالً‪.‬‬

‫تلك هي الشروط الثالثة خلالص النَّـ ْفس‪:‬‬

‫أن يكون املرء على درجة كبرية ِمن الكمال‪ ،‬ليتم ّكن ِمن التح ّدث دون خشية ِمن إعادته إىل‬
‫مهر‬ ‫ّت‬
‫َ‬ ‫الذي‬ ‫وهو‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫هة‬‫املوج‬
‫َّ‬ ‫ة‬‫لي‬‫و‬‫س‬‫الر‬
‫َّ‬ ‫تنا‬‫م‬ ‫الصمت‪ .‬التح ّدث إىل حشد‪ ،‬بشكل تَذهب معه َكلِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 68 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املتمرغون‬ ‫حيث‬ ‫ل‪،‬‬ ‫حول املركب السري‪ ،‬بتموجات متت ّد إىل البعيد على الدوام‪ ،‬حّت بلوغ الشاطئ ِ‬
‫املوح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ ّ‬
‫يف الوحل غري مبالني مبعرفة احلقيقة‪.‬‬

‫هذا هو ّأول عمل ينبغي القيام به لكسر قِشرة التلعة الصلبة‪ ،‬وهتيئتها للبذار‪ .‬إنّه العمل األكثر‬
‫صرامة‪ ،‬لِمن يتمه ولِمن يتحمله‪ ،‬ألنّه ال ب ّد للكلمة‪ ،‬على غرار ِ‬
‫الس َّكة القاطعة‪ِ ،‬من أن َّتَرح لِتَفتَح‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ َ‬
‫الرسول الصاحل ُُيَرح‪ ،‬وتسيل دماؤه بفعل األمل الذي ينتابه ِمن وجوب اجلَّرح‬ ‫احلق أقول لكم إ ّن قلب َّ‬
‫و ّ‬
‫الرسول تصبح األرض التلعة البور خصيبة‪.‬‬ ‫لكن هذا األمل َخصيب‪ ،‬فَبِدم ودموع َّ‬‫للفتح‪ .‬و ّ‬‫َّ‬

‫اخلاصة الثانية‪ :‬العمل حيث يَعمَد أحدهم إىل الفرار إلساءته فَهم الرسالة‪ّ ،‬‬
‫التهشم خالل العمل‬ ‫ّ‬
‫وجعل قُدرة هللا وصالحه يتألّقان‬ ‫اجلاد يف انتزاع الزؤان والعكرش واألشواك لتعرية األرض املفلوحة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فعم رمحة‪ ،‬واملتوقّف يَنتَ ِظر وَمينَح فرصة‬
‫خباصة احلاكم والطيّب ال ُـم َ‬
‫عليها‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬التحلّي ّ‬
‫للنُّفوس‪ ،‬لِتَجاوز احملنة والتفكري و ّاُتاذ القرار‪.‬‬

‫ومتأملة أخطاءها‪ ،‬وّترؤ‬


‫النقطة الثالثة‪ :‬منذ اللحظة اليت تتوب فيها النَّـ ْفس يف الصمت‪ ،‬ابكية ّ‬
‫طرد‪ ،‬لِيَكن قلب الرسول أكرب ِمن البحر‪ ،‬أكثر رقّة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫على اجمليء إىل َّ‬
‫الرسول‪ ،‬رغم خشيتها من أن تُ َ‬
‫قلب أُمّ‪ ،‬أكثر هياماً ِمن قلب عروس‪ ،‬ولِيَفتحه على مصراعيه ليتدفّق منه سيل احلنان‪.‬‬

‫بكل سهولة كلّمات احملبّة اليت ُيب أن تُقال للنُّفوس‪.‬‬


‫إذا كان هللا فيكم‪ ،‬وهللا ُمبّة‪ ،‬فستجدون ّ‬
‫سوف يتح ّدث هللا فيكم ومن خاللكم‪ ،‬وكالعسل الذي يَسيل ِمن القرص‪ ،‬وكال ِطّيب الذي يَسيل ِمن‬
‫ب على الشفاه امللتَ ِهبة والتَّعِبة‪ ،‬سيمضي إىل النفوس اجملروحة ويُصبح عزاء ودواء‪.‬‬‫حبابة‪ ،‬سينطلق احلُ ّ‬
‫تتذوق طعم احملبّة السماويّة‪ ،‬وتُصبِح ّ‬
‫متلهفة‬ ‫اجعلوا اخلطأة ُيبّونكم‪ ،‬أنتم أطبّاء النُّفوس‪ .‬اجعلوا النُّفوس ّ‬
‫كل جراحاهتا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هلا‪ ،‬فال تبحث عن غذاء آخر‪ .‬اجعلوها َُتتَرب يف لطفكم تعزية تبحث عنها يف ّ‬
‫كل خوف‪ ،‬ألنّه‪ ،‬كما قيل يف الرسالة اليت قَـَر ِأهتا اليوم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ُيب على ُمبّتكم أن تُبعد عن اخلَطَأَة ّ‬
‫فرتض العِقاب‪ .‬والذي َخياف ليس كامالً يف احملبّة‪ ".‬كذلك هو الذي َُي َعل اآلخر َخياف‪.‬‬ ‫"اخلوف يَ َِ‬
‫احلب الصاحل"‪ .‬بل قولوا‪،‬‬ ‫تذوق ّ‬ ‫ميكنك ّ‬
‫َ‬ ‫علت؟" ال تقولوا‪" :‬اذهب‪ ".‬ال تقولوا‪" :‬ال‬
‫ال تقولوا‪" :‬ماذا فَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 69 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫انس‬
‫املالئكي وهذه الكلّمات‪ ،‬و َ‬
‫ّ‬ ‫ذوق هذا اخلبز‬ ‫قولوا ابمسي‪" :‬أَحبِب وأان أغفر َ‬
‫لك"‪ .‬بل قولوا‪" :‬تَ َّ‬
‫كالدواب ِمن أجل ِهنات اآلخر ونقائصه‪ .‬فعلى‬ ‫قَطران اجلحيم واحتقار الشيطان"‪ .‬اجعلوا أنفسكم َّ‬
‫إيل ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حاملني‬ ‫الرسول أن َُي ِمل محله ومحل اآلخر‪ ،‬ويف الوقت ذاته صليبه وصليب اآلخر‪ .‬وعندما أتتون َّ‬
‫كل شيء اعتباراً من اآلن"‪ .‬وقولوا‪" :‬ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النّعاج اجلرُية‪ ،‬طَمئنوا تلك النّعاج اخلاطئة وقولوا‪" :‬لقد نُسي ّ‬
‫لست ِسوى جسر‬ ‫أجلك‪ .‬وأان ُ‬‫أجلك‪ ،‬خصوصاً ِمن َ‬ ‫َ‬ ‫َُتَف ِمن ال ُـمخلِّص‪ ،‬لقد أتى ِمن السماء ِمن‬
‫ينتظرك‪ ،‬إىل جانب قناة التوبة اليت َحت ّل ِمن اخلطااي‪ ،‬لنقلكم إىل مراعيه املق ّدسة‪،‬‬
‫َ‬ ‫أنقلك إليه‪ ،‬هو الذي‬
‫َ‬
‫تستمر بعدئذ يف ََجال خالِد يُغ ّذي وُميتِّع يف السماء"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫على‬ ‫نا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫اليت تبدأ ِ‬
‫م‬
‫الصاحل‪ .‬إّّنا ابلنسبة ِ‬
‫إليك‪،‬‬ ‫للراعي َّ‬ ‫ذلك هو التفسري‪ ،‬وهو ال يَعنيكم كثرياً‪ ،‬أنتم النِّعاج الوفيّة َّ‬
‫ص األب (املرشد الروحي‬ ‫ّنواً يف الثقة‪ ،‬وفيما خي ّ‬ ‫ِ‬
‫أيّتها العروس الصغرية (ماراي فالتورات)‪ ،‬فإنّه يُصبح ّ‬
‫كاهن‪ ،‬وابلنسبة إىل اآلخرين يُصبِح‪ ،‬ليس مهمازاً‬ ‫ملاري فالتورات) يصبح نوراً إضافياً إىل جانب نوره َك ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ثت عنه‪ ،‬الذي يَن ُفذ ويُغ ّذي والذي ُُييي الزهور‬ ‫يَدفَع إىل عمل اخلري‪ ،‬بل يُصبِح الندى الذي حت ّد ُ‬
‫الذابِلة‪.‬‬
‫َّ‬

‫أسك‪ .‬السماء يف األعايل‪ .‬امضي بسالم اي ماراي‪ ،‬الرب ِ‬


‫معك‪.‬‬ ‫ارفعي ر ِ‬
‫ّ ّ‬

‫‪ .1‬إشارة إىل مرمي اجملدلية (انظر‪ :‬اجلزء الثالث ‪ -‬الفقرة ‪)43‬‬


‫‪ .2‬األ ُّم اليت طُِعن ابنها بسبب مرمي اجملدلية‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 70 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫"انتصارك اآلن أصبح يف ِ‬


‫يدك")‬ ‫ِ‬ ‫‪( -96‬يسوع يقول ملرات‪:‬‬
‫ََ‬
‫‪1945 / 07 / 29‬‬

‫يسوع على وشك الصعود إىل ال َـمركب‪ .‬إنّه فجر صيف ُمنري حيث تتناثر أوراق توُيات الورود‬
‫إيل ُحبّاً ابهلل‪».‬‬ ‫صل مرات مع خادمتها‪« .‬آه! اي معلّم! أ ِ‬
‫َنصت َّ‬ ‫على برقع البحرية احلريري‪ ،‬عندما تَ ِ‬
‫ّ‬
‫السيل‪ .‬ويف هذه األثناء‪َ ،‬هيِّئوا‬
‫للر ُسل‪« :‬اذهبوا وانتظروين قرب َّ‬
‫يَهبط يسوع إىل الشاطئ ويقول ُّ‬
‫كل شيء ِمن أجل الرسالة يف َمدل‪ .‬املدن العشر تنتظر الكلمة كذلك‪ .‬امضوا‪».‬‬
‫ّ‬
‫بكل احرتام‪.‬‬ ‫مارسيل‬ ‫تتبعها‬ ‫ات‪،‬‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫جانب‬ ‫إىل‬ ‫يسوع‬ ‫ميشي‬ ‫ابطه‪،‬‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫بعد‬ ‫كب‬
‫املر‬ ‫ر‬ ‫وبينما ي ِ‬
‫بح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وهكذا يَبتَعِدون عن البلدة‪ ،‬سائِرين على الشاطئ‪ ،‬الذي يُصبح‪ ،‬مباشرة بعد شريط ِمن الرمل‬
‫ط األفق يتسلّق املنحدرات اليت تَنظُر إىل نفسها يف‬
‫ال ُـممتَزِج أبعشاب ّبريّة‪ُ ،‬مغطّى بنبااتت‪ ،‬اتركاً خ ّ‬
‫مرآة البحرية‪.‬‬

‫لدى وصوهلم إىل مكان ُم َنع ِزل‪ ،‬يقول يسوع مبتسماً‪« :‬ما الذي تريدين قوله يل؟»‬

‫«آه! اي معلّم‪ ...‬يف هذه الليلة‪ ،‬بعد اهلجعة الثانية بقليل‪ ،‬عادت مرمي إىل البيت‪ .‬آه! ولكنّين‬
‫ِ‬
‫يزعجك أن‬ ‫لك ّإّنا قالت يل يف الساعة السادسة‪ ،‬بينما ُكنّا نتناول طعامنا‪" :‬هل‬‫نسيت أن أقول َ‬ ‫ُ‬
‫لكين سأترك الثوب فضفاضاً وأُخ ِفض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تُعرييين ثوابً من أثوابك ومعطفاً؟ سيكوانن قصريين قليالً‪ ،‬و ّ‬
‫قلت‪ ،‬قَبالً‪ ،‬وأان‬
‫ألين ُ‬
‫بقوة هائلة‪ّ ،‬‬
‫يدق ّ‬‫"خذي ما تشائني اي أخيت"‪ .‬وكان قليب ّ‬ ‫قلت هلا‪ُ :‬‬
‫املعطف‪ُ "...‬‬
‫أحت ّدث إىل مارسيل يف احلديقة‪" :‬عند الغَ َسق‪ُ ،‬يب أن نكون يف كفرانحوم‪ ،‬أل ّن املعلّم سوف يتح ّدث‬
‫أيت مرمي تنتَ ِفض ويتب ّدل لوّنا‪ ،‬وال تعود قادرة على البقاء يف مكاّنا‪ ،‬بل‬
‫إىل اجلمع‪ ،‬هذا املساء"‪ .‬ور ُ‬
‫كانت تروح وّتيء وحيدة‪ ،‬مثل نـَ َفس يف ضيق‪ ،‬مضطربة‪ ،‬على وشك أن تتّخذ قراراً‪ ...‬غري عارفة‬
‫بعد ما الذي تَقبَله‪ ،‬وما الذي ترفُضه‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 71 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لدي‪ ،‬األكثر بساطة‪َ ،‬جَّربَته‪،‬‬
‫ت الثوب األكثر قتامة ّ‬ ‫ت إىل غرفيت‪ ،‬وأخ َذ ُ‬‫بعد تناول الطعام‪ ،‬ذهبَ ْ‬
‫حاولَت تسويته بنفسها‪،‬‬ ‫فك ك ّفة احلاشية كلّها‪ ،‬أل ّن الثوب كان قصرياً ج ّداً‪ .‬ولقد َ‬‫ت املربّية ّ‬‫ورج ْ‬
‫َ‬
‫كل ما هو مفيد وجيّد‪ "...‬وأل َقت ذراعيها‬ ‫نسيت ّ‬
‫أدرَكت وهي تبكي‪َ " :‬مل أعد أعرف اخلياطة‪ُ ،‬‬ ‫ولكنّها َ‬
‫حّت ال تُص ِادف أحداً‬‫يت ّ‬ ‫وخَر َجت وحيدة عند الغسق‪ ...‬وَكم صلّ ُ‬‫حول عُنقي قائلة‪" :‬صلّي ألجلي"‪َ .‬‬
‫وحّت تنجح يف أن َُتنُق ّنائيّاً الوحش الذي كان‬ ‫ِ‬
‫كالمك‪ّ ،‬‬‫َ‬ ‫وحّت تفهم‬
‫مينعها من اجمليء إىل هنا‪ّ ،‬‬
‫امك املشدود جيداً حتت اآلخر‪ ،‬وعندما كنت أ ِ‬
‫س‬‫ُ ّ‬‫ُح‬ ‫ّ‬ ‫ت إىل حزامي حز َ‬ ‫يَستَعبِدها‪ ...‬انظر‪ :‬لقد َ‬
‫أض ْف ُ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫كنت أقول‪" :‬هو أقوى من ّ‬ ‫الصلبة‪ُ ،‬‬‫ضغط اجللد القاسي على قاميت غري املعتادة على األحزمة ُّ‬
‫شيء"‪.‬‬

‫شاه َدتنا‪ ،‬هي‪ ،‬وسط‬ ‫لست أدري إذا ما َ‬ ‫بعد ذلك أسرعنا ابلعربة‪ ،‬مارسيل وأان‪ ،‬وأتينا‪ُ .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ ،‬لقد عادت‬ ‫أي أََمل‪ ،‬أيّة شوكة يف القلب‪ ،‬لعدم رؤية مرمي! ُ‬
‫كنت أُف ّكر‪" :‬لقد نَد َم ْ‬ ‫احلشد‪ ...‬ولكن ّ‬
‫إىل البيت‪ .‬أو ابألحرى‪ ...‬أو ابألحرى لقد َهَربَت‪ ،‬غري قادرة بعد على مقاومة سلطيت اليت طَلَبَتها‬
‫كأّنا ُجعِلَت هلا‪...‬‬ ‫إليك وأبكي خلف اخلِمار‪ .‬لقد كانت تلك الكلمات تبدو و ّ‬ ‫كنت أستمع َ‬ ‫هي"‪ُ .‬‬
‫يت‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ت إىل البيت ايئسة‪ .‬ح ّقاً‪ .‬لقد َع َ‬‫كنت أُف ّكر‪ ،‬أان اليت مل أكن أراها‪ .‬وعُ ْد ُ‬
‫سمعها! هكذا ُ‬‫مل تَ ُكن تَ َ‬
‫لت يل‪" :‬إذا ما جاءت فانتظريها يف البيت"‪ .‬إّّنا ُخذ قليب بعني االعتبار‪ ،‬اي‬ ‫كنت قد قُ َ‬
‫ك َ‬ ‫أمرك ألنّ َ‬
‫َ‬
‫كنت‬
‫جانبك؟ ُثّ!‪َ ...‬‬ ‫َ‬ ‫إليك هي أُخيت! فهل كان إبمكاين ّأال أكون هنا ألراها إىل‬ ‫معلّم! إ ّن اليت أتت َ‬
‫كنت أبغي أن أكون إىل جانبها‪ ،‬مباشرة‪ ،‬ألساعدها…‬ ‫قلت يل‪" :‬سوف تُ ْس َحق"‪ .‬و ُ‬ ‫قد َ‬
‫كنت جاثية أبكي وأصلّي يف غرفيت‪ ،‬وكان قد َمَّر وقت على انقضاء اهلجعة الثانية ِمن الليل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ض ّمين بِ ِش ّدة بني ذراعيها‬
‫علي وهي تَ ُ‬
‫عندما عادت‪ ،‬على مهل‪ ،‬لدرجة أنّين مل أمسَعها ّإال حينما ارمتت َّ‬
‫وحّت أكثر مما تقولينه كثرياً‪ .‬إ ّن رمحته َألعظم‬‫"كل ما تقولينه صحيح‪ ،‬أيّتها األخت املباركة‪ّ .‬‬ ‫قائلة‪ّ :‬‬
‫كثرياً‪ .‬آه! مرات حبيبيت! ال حاجة بعد ألن تَضبطيين! فلن تريين بعد ايئسة وساخرة! لن تسمعيين بعد‬
‫املتجسد‪ .‬لقد صلّ ِ‬
‫يت اي‬ ‫ِ‬ ‫أقول‪‘ :‬كي ال أُف ِّكر!’ فاآلن أان أريد أن أُف ِّكر‪ ،‬وأعرف مباذا أُف ِّكر‪َّ ،‬‬
‫ابلصالح‬
‫ّ‬
‫يديك‪ .‬ومر ِ‬
‫ميك َمل تَـعُد تريد أن ُُتطئ‪،‬‬ ‫يت ألجلي‪ .‬ولكن االنتصار أصبح اآلن بني ِ‬ ‫أخيت‪ ،‬ابلتأكيد صلّ ِ‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 72 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وها هي ذي تُولَد اآلن ِمن جديد‪ .‬تَـ َفَّرسي فيها جيّداً‪ّ ،‬إّنا مرمي جديدة بوجه َغ َسلَته دموع الرجاء‬
‫والتوبة‪ .‬ميكنك أن تُقبِليين أيتها األخت الطاهرة‪َ .‬مل يـعد على وجهي أي ِمن آاثر احلب الـم ِ‬
‫خجل‪.‬‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ُيب نفسي‪ ،‬ذلك إنّه كان يتح ّدث عنها وهلا‪ .‬فالنَّعجة الضالّة هي أان‪ .‬لقد قال‪ ،‬امسعي‬ ‫لقد قال إنّه ّ‬
‫ك‪ ،‬إّّنا بشكل‬ ‫ِ‬ ‫إذا ما كنت أجيد القول‪ِ ،‬‬
‫فأنت تعرفني طريقة حديث ال ُـمخلّص‪ "...‬وَكَّرَرت يل َمثَـلَ َ‬ ‫ُ‬
‫كامل‪.‬‬

‫إليك َمّرتني‪.‬‬
‫استمعت َ‬
‫ُ‬ ‫التذكر‪ .‬وهكذا أكون قد‬ ‫ذكيّة للغاية هي مرمي! أكثر ِم ّين كثرياً‪ُّ .‬تيد ُّ‬
‫إيل‪،‬‬
‫شفتيك‪ ،‬مقدَّسة ورائعة‪ ،‬فقد كانت على شفتيها‪ ،‬ابلنسبة َّ‬ ‫َ‬ ‫فإذا كانت تلك الكلّمات‪ ،‬على‬
‫استمرينا‬
‫ّ‬ ‫ألّنما كانتا شفيت أُخيت ال ُـمهتَ ِدية‪ ،‬العائدة إىل حظرية العائلة‪.‬‬
‫مقدَّسة ورائعة وُمبوبة‪ّ ،‬‬
‫متعانَِقتَني‪ ،‬جالِ َستَني على حصرية األرض‪ ،‬كما عندما كنّا صغريتني‪ ،‬وكنّا نبقى هكذا يف غرفة أ ُّمنا‪ ،‬أو‬
‫قُرب النول‪ ،‬حيث كانت تَنسج أو تُوشي أقمشتها الرائعة‪ .‬بقينا هكذا‪َ ،‬مل نـَعد ِ‬
‫متباع َدتَني بسبب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حّت بكثري ِمن‬ ‫اخلطيئة‪ ،‬وكان يبدو يل أ ّن أ ُّمنا كذلك كانت حاضرة بروحها‪ .‬لقد بكينا بغري أمل‪ ،‬بل ّ‬
‫عيدتَني‪ ...‬بعد ذلك‪ ،‬بسبب التعب ِمن الطريق اليت َم َشتها على قدميها‪ ،‬وبِتَأثّرها‬ ‫السالم! كنّا نتعانق َس َ‬
‫ِمن أمور كثرية‪ ،‬انمت مرمي على ذراعي‪ .‬ومبساعدة املربّية َج َعلتُها تستلقي على سريري‪ ...‬وتركتُها‬
‫ألهرع إىل هنا‪ »...‬وتُقبِّل مرات يدي يسوع ُمتهلِّلة‪.‬‬
‫َ‬
‫يديك‪ ".‬اذهيب وكوين سعيدة‪ .‬امضي‬ ‫ِ‬
‫انتصارك هو بني ِ‬ ‫«أان أيضاً أقول ِ‬
‫لك ما قالَتهُ مرمي‪" :‬إ ّن‬
‫كك يف غاية اللُّطف واحلَ َذر معها‪ ،‬هي اليت تُولَد ِمن جديد‪ .‬وداعاً مرات‪ .‬أَعلِمي‬ ‫بسالم‪ .‬وليكن سلو ِ‬
‫يتعذب هناك‪».‬‬ ‫بذلك لعازر الذي َّ‬

‫«نعم اي معلّم‪ .‬ولكن مّت ستأيت مرمي معنا‪ ،‬حنن التلميذات؟»‬

‫يبتسم يسوع ويقول‪« :‬اخلالق َخلَ َق العامل يف ستّة ّأايم‪ ،‬ويف اليوم السابع اراتح‪».‬‬

‫َفهم‪ُ .‬يب التحلّي ابلصرب‪»...‬‬


‫«أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 73 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«الصرب‪ ،‬نعم‪ .‬عدم اللُّهاث فَضيلة كذلك‪ .‬السالم لَ ُك َّن أيّتها النساء‪ .‬سوف نرى بعضنا قريباً‪».‬‬
‫ويرتكها يسوع ليمضي إىل البحرية‪ ،‬حيث املركب ينتظر قرب الشاطئ‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 74 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫يسي)‬
‫الفر ّ‬
‫‪( -97‬مرمي اجملدليّة يف بيت َسعان ّ‬
‫‪1944 / 01 / 21‬‬

‫التأمل ال ُـممتِع‪.‬‬ ‫لِتَعزييت يف االمي املتع ّددة‪ِ ،‬‬


‫وجلَعلي أنسى ُخبث الناس‪ ،‬فقد َمنَ َحين يسوعي هذا ُّ‬
‫أرى قاعة ثرية ج ّداً‪ ،‬ثُراي ِ‬
‫فاخرة متع ّددة املصابيح ُم َدّالة يف الوسط‪ُ ،‬مضاءة كلّها‪ .‬على اجلدران‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صب النَّفيس‪ ،‬كذلك هناك مفروشات يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رصعة ابلعاج وال َق َ‬
‫وم َّ‬
‫س ّجاد غاية يف اجلمال‪َ ،‬مقاعد ُمطَعَّمة ُ‬
‫غاية الروعة‪.‬‬

‫ري تتألّف من أربع طاوالت َُمتَ ِمعة‪ .‬وابلتأكيد‪،‬‬ ‫يف الوسط طاولة كبرية ُمربَّعة الشكل‪ ،‬هي ابحلَ ّ‬
‫املدعوين الكثريين (وكلّهم ِمن الرجال)‪ ،‬وهي مغطّاة بشراشف‬ ‫ّ‬ ‫م‬‫جعِلَت الطاولة بتلك الطريقة كي تُالئِ‬
‫ُ‬
‫َجيلة ج ّداً‪ ،‬وعليها األواين الفاخرة‪ِ .‬جرار كثرية وكؤوس مثّينة‪ ،‬واخلُ ّدام حوهلا يف حركة دؤوبة‪َُ ،‬يلبون‬
‫األطباق‪ ،‬ويَسكبون النبيذ‪ .‬ال أحد وسط املربّع‪ .‬أرى بالطاً َجيالً للغاية‪ ،‬يَ َنع ِكس منه نور مصابيح‬
‫َجيعها‪.‬‬
‫املدعوون َ‬ ‫ِ‬
‫الزيت‪ .‬يف ال ُـمقابل‪ ،‬يف الناحية اخلارجيّة‪ ،‬هناك متّكآت يَشغَل ّ‬ ‫َّ‬

‫صدر القاعة‪ ،‬جبانب ابب مفتوح على مصراعيه‬


‫يَبدو يل أنّين يف املثلّث شبه املظلم‪ ،‬الواقع يف َ‬
‫يتدىل ِمن الساكف‪.‬‬
‫بسجادة ثقيلة‪ ،‬أو نسيج صفيق مو ّشى ّ‬
‫إىل اخلارج‪ ،‬ولكنّه يف الوقت ذاته‪ُ ،‬مغلَق ّ‬
‫(هو اجلزء الذي يلي اتج العمود‪).‬‬

‫املدعوين املتميّزين‪ .‬إنّه رجل ُم ِس ّن‪ ،‬يرتدي جلباابً‬


‫رب البيت مع ّ‬
‫ِ‬
‫يف اجلهة األبعد من الباب‪ّ ،‬‬
‫ابيض فضفاضاً‪ ،‬يَش ّده عند اخلصر ِحزام ُموشَّى‪ .‬على الثوب‪ ،‬كذلك‪ ،‬عند ال َقبَّة وأطراف األكمام‬
‫وطرف الثوب ذاته‪ ،‬أطواق تَوشية مطبقة‪ ،‬كما لو كانت شرائط مو ّشاة أو غالون‪ ،‬إذا كان ِمن األفضل‬
‫وّنِم‪.‬‬ ‫لكن وجه ذلك العجوز القصري ال يعجبين‪ ،‬إنّه وجه خبيث ابرد‪ِّ ،‬‬
‫متكرب َ‬ ‫تسميتها هكذا‪ .‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 75 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جانيب‪ ،‬أكاد أقول ِمن اخللف‪ .‬يرتدي ثوبه األبيض‬
‫ّ‬ ‫يف اجلهة املقابلة يسوعي‪ .‬أراه بشكل‬
‫االعتيادي‪ .‬وصندالً‪ ،‬وقد فَـَر َق شعره إىل َمموعتني عند جبهته‪ ،‬وهو طويل كاملعتاد‪.‬‬
‫ّ‬
‫كنت أَظُ ُّن احلال على املتّكآت؛ يعين أ ّّنم‬ ‫أ ِ‬
‫املدعوين‪َ ،‬غري ُممَدَّدين‪ ،‬كما ُ‬
‫ّ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ه‪،‬‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫ظ‬ ‫ُالح‬
‫ِ‬
‫عموديّون على الطاولة‪ ،‬إّّنا بشكل متوا ٍز‪ .‬يف رؤاي عرس قاان‪ ،‬مل أُعر كثري انتباه هلذه التفاصيل‪ُ ،‬‬
‫كنت‬
‫وهم ُمستَنِدون إىل املرفق األيسر‪ ،‬إّّنا كان يبدو يل ّأّنم مل يكونوا ُمستَلقني‪ ،‬أل ّن‬ ‫قد رأيتُهم أيكلون ُ‬
‫فإّنا أ َِسَّرة حقيقيّة‪ ،‬شبيهة ابألرائِك احلديثة‪َ ،‬حسب‬
‫أقل تَـَرفَاً وأقصر كثرياً‪ّ .‬أما هذه ّ‬
‫املتّكآت كانت ّ‬
‫كي‪.‬‬ ‫الرت‬ ‫از‬
‫ر‬ ‫ال ِ‬
‫ط‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يوحنّا إىل ِجوار يسوع‪ ،‬ومبا أ ّن يسوع يتّكئ على ذراعه األيسر (كما اجلميع)‪ ،‬ميكن االستنتاج‬
‫السيد‪ ،‬وقد استَـنَ َد مرفقه إىل جوار فَخذ املعلّم‪ ،‬بشكل ال يضايقه‬
‫وج َسد ّ‬
‫أب ّن يوحنّا ُمشور بني الطاولة َ‬
‫ودايً‪.‬‬
‫سمح له كذلك‪ ،‬لو أراد‪ ،‬أن يتّكئ على صدره ّ‬ ‫أثناء تناول الطعام‪ ،‬ويَ َ‬
‫يتوجه ابلكالم‪ ،‬بني احلني واحلني‪ ،‬إىل يسوع‪،‬‬ ‫ورب البيت ّ‬ ‫ال نساء هناك‪ .‬اجلميع يتح ّدثون‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫لكل احلاضرين‪ ،‬أنّه قد َكَّرَمه كثرياً‬ ‫ِ‬ ‫بِ َدالَّة ُم َ‬
‫فع َمة َم َوّدة وتنازالً جليّاً‪ .‬من الواضح أنّه يريد أن يُظهر له‪ ،‬و ّ‬
‫تهوراً إىل َح ٍّد ما‪.‬‬
‫بدعوته إىل منـزله الفاخر‪ ،‬وهو النيب الفقري‪ ،‬وال ُـمعتََرب كذلك ُم ِّ‬
‫ّ‬
‫أرى يسوع ُُييب بكياسة وهدوء‪ .‬يبتسم ابتسامته اخلفيفة للذين يَسألونه‪ ،‬وابتسامة ُمش ِرقَة‪،‬‬
‫فقط إذا كان الذي ُُي ِّدثه أو يَنظُر إليه هو يوحنّا‪.‬‬

‫دخل امرأة شابة‪ ،‬غاية‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫املطرز الفاخر‪ ،‬الذي يغطّي فتحة الباب‪ ،‬يَرتَفع لتَ ُ‬ ‫أرى النسيج الصفيق ّ‬
‫يف اجلمال‪ ،‬ترتدي الثياب الفاخرة‪ ،‬وقد َسَّر َحت شعرها بعناية‪ .‬الشعر األشقر الكثيف ج ّداً يُش ِّكل‬
‫فين‪ .‬تَبدو وكأ ّن على رأسها قبّعة ِمن ذَ َهب َانفِر‪،‬‬ ‫على الرأس زينة حقيقيّة ابخلصالت اجملدولة بشكل ّ‬
‫عقد وغريب ج ّداً‪ ،‬إذا ما قارنتُهُ ابلذي كانت العذراء‬ ‫بَِقدر ما كان الشَّعر كثيفاً ّبراقاً‪ .‬وثوهبا‪ ،‬أقول إنّه ُم َّ‬
‫صر الثنيات يف أعلى الصدر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مرمي ترتديه بشكل دائم‪ .‬إبزميات من الذهب على الكتفني‪ ،‬جواهر َحت ُ‬
‫كل تفاصيل جسدها‬ ‫ز‬ ‫رسم الصدر‪ِ ،‬حزام بِعُ َقل ذهبيّة وأحجار مثّينة‪ .‬ثوب ُمثري‪ ،‬يُ ِ‬
‫رب‬ ‫سالسل ذهبيّة تَ ُ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 76 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ظهر ليس ّإال‪.‬‬
‫اجلميل ج ّداً‪ .‬وعلى رأسها وشاح خفيف للغاية‪ ...‬حبيث ال يَسرت شيئاً‪ .‬ما هو ّإال َم َ‬
‫فاخر إببزميات ِمن ذهب‪ ،‬حذاء ِمن اجلّلد األمحر‪ ،‬بشرائط متشابكة عند الكاحلني‪.‬‬
‫ويف قدميها حذاء ِ‬

‫يَلتَ ِفت اجلميع لِيَنظُروا إليها ّإال يسوع‪ .‬يَرمقها يوحنّا للحظة‪ُ ،‬ثّ يَلتَ ِفت إىل يسوع‪ُُ .‬ي ِّدق‬
‫مهمات اليت‬ ‫لله َ‬
‫لكن املرأة ال تَنظُر إليهم على اإلطالق‪ ،‬وال َهت ّتم َ‬ ‫ِ‬
‫لي وخبيث‪ .‬و ّ‬ ‫اآلخرون هبا بنَـ َهم َج ّ‬
‫تظاهر يسوع بعدم االنتباه إىل‬ ‫ارتَـ َفعت لدى دخوهلا‪ ،‬ولِ‬
‫املدعوين‪ ،‬ما عدا يسوع والتلميذ‪ .‬يَ َ‬
‫كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ات‬ ‫ز‬ ‫م‬‫َ‬‫غ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫شيء‪ ،‬ويُتابِع احلديث‪ُ ،‬مكمالً نقاشاً بَ َدأَه مع ّ‬
‫رب البيت‪.‬‬

‫ضع على األرض إانء صغرياً على شكل َجّرة‬ ‫قدمي املعلّم‪ .‬تَ َ‬
‫وّتثو عند ّ‬ ‫تتوجه املرأة إىل يسوع‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫بَطينة‪ ،‬تَن َـزع الوشاح عن رأسها‪ ،‬وقد فَ َّكت الدبّوس الثمني الذي كان يثبّته بشعرها‪ ،‬تَن َـزع اخلوامت ِمن‬
‫قدمي يسوع بني يديها‪،‬‬ ‫قدمي يسوع‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬أتخذ ّ‬ ‫ضعها كلّها على املتّكأ‪ ،‬جانب ّ‬ ‫أصابعها‪ ،‬وتَ َ‬
‫القدم اليمىن ّأوالً ُثّ اليسرى‪َ ،‬حت ّل سري احلذاء‪ ،‬وتضعهما على األرض‪ُ ،‬ثّ تُقبِّل قدميه وهي تَنتَ ِحب‪،‬‬
‫المسهما بِلُطف‪ ،‬وتَ َنه ِمر دموعها كمطر يَسطَع حتت نور الثرّاي‪ ،‬وتُبلِّل قدميه‬
‫مسنِدة جبهتَها إليهما‪ ،‬تُ ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫احملبّبتني‪.‬‬

‫ستقر نَظََره األزرق الداكن حلظة على الرأس املنحين‪ .‬نظرة عني تَغ ُفر‪.‬‬
‫يُدير يسوع رأسه ببطء‪ ،‬ويَ ّ‬
‫كاش َفتها‪.‬‬
‫الو َسط‪ ،‬ويَ َدعها ُحّرة يف ُم َ‬ ‫ِ‬
‫ُُثّ يَنظُر من جديد إىل َ‬
‫يسي لَِريى بشكل‬
‫الفر ّ‬
‫وُيلس ّ‬ ‫ّأما اآلخرون فال‪ .‬إ ّّنم يَتندَّرون فيما بينهم‪ ،‬ويَغمزون ويَهزؤون‪َ .‬‬
‫جلي‪ِ .‬من‬
‫ّ‬ ‫اإلحساس‬ ‫هذا‬ ‫أة‪،‬‬
‫ر‬ ‫امل‬ ‫هوة‬‫ش‬‫َ‬ ‫هي‬ ‫إليه‬ ‫ابلنسبة‬ ‫ية‪.‬‬
‫ر‬ ‫وسخ‬ ‫يظ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫رغبة‬ ‫عن‬ ‫أفضل‪ ،‬ونظرته تُ ِ‬
‫عرب‬
‫ّ‬
‫حريّة‪ِ ،‬ممّا يُوحي لآلخرين أب ّن املرأة‪ُ ...‬معتادة على‬
‫بكل ّ‬
‫ِ ِ‬
‫جهة أخرى‪ ،‬هو غاضب ل ُدخوهلا هكذا ّ‬
‫ساخرة…‬‫البيت‪ .‬يف النهاية ينظُر إىل يسوع نظرة ِ‬
‫َ‬
‫وتستمر يف َسكب الدموع غزيرة بال أيّة صرخة‪ .‬بَل دموع سخيّة‬ ‫ّ‬ ‫لكن املرأة ال تنتبه إىل شيء‪.‬‬
‫و ّ‬
‫وحنيب قليل‪ .‬بعد ذلك َحت ّل َشعرها ساحبة منه داببيس الذهب اليت تُثبِّت التسرُية ال ُـم َّ‬
‫عقدة‪،‬‬ ‫فقط‪َ ،‬‬
‫شالت الذهب على‬ ‫نس ِدل َّ‬ ‫وتضع الداببيس جبانب اخلوامت والدبّوس الكبري الذي كان يثبّت الوشاح‪ .‬وتَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 77 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وّت ِّففهما هبا‪ُ .‬ثّ تَغمس‬ ‫وّتلبها إىل صدرها وُمتّررها إىل قدمي يسوع ال ُـمبلَّلَتني‪ُ ،‬‬ ‫الكتفني‪ُ .‬مت ِسكها بيدها َ‬
‫خرج‬ ‫ست‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫يب‬ ‫الصفرة وذا رائحة زكية ج ّداً‪ .‬إنّه ِ‬
‫ط‬ ‫ُّ‬ ‫إىل‬ ‫مييل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫هن‬ ‫د‬ ‫نه‬‫م‬‫أصابعها يف اإلانء الصغري‪ ،‬وتَسحب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دهن وتُقبِّل‬ ‫ِ‬
‫غرف منه املرأة بسخاء‪ ،‬وتَ َ‬ ‫الروحي‪ ،‬يفوح أرُيه ويَعبق يف الغرفة كلّها‪ .‬تَ ُ‬
‫ّ‬ ‫املسك‬ ‫و‬ ‫نبق‬
‫ز‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫المس ِِخب ّفة‪.‬‬‫وتُ ِ‬

‫سمع‬ ‫وبني احلني واحلني‪ ،‬ينظُر إليها يسوع برمحة ودودة‪ .‬أَما يوحنّا الذي يلت ِفت م َ ِ‬
‫ندهشاً وهو يَ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النحيب‪ ،‬ال يستطيع أن يَشيح النَّظَر عن يسوع واملرأة‪ .‬ويَن ُقل نَظََره بينهما‪.‬‬

‫ظرة‬‫َ‬‫ن‬ ‫ها‬‫ق‬‫يزداد وجه الفريسي ِضيقاً‪ .‬أَمسع هنا َكلمات اإلجنيل املعروفة‪ ،‬وأَمسعها تُقال بِنغمة تُرافِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫الرجل َخيفض رأسه كا ِرهاً ِ‬
‫ساخطاً‪.‬‬ ‫َّت َعل َّ ُ‬
‫قدمي يسوع‪ .‬لََّفت‬ ‫ند‬ ‫املوجهة إىل املرأة اليت َمتضي اتركة جواهرها ِ‬
‫ع‬ ‫أَمسَع كلمات الغُفران َّ‬
‫ّ‬
‫األشعث قَ ْد َر املستطاع‪ّ .‬أما يسوع‪ ،‬فبينما يقول هلا‪« :‬اذهيب‬
‫َ‬ ‫شادة َشعرها‬
‫وشاحها حول رأسها‪َّ ،‬‬
‫ضع يده على رأسها املنحين‪ ،‬إّّنا بِلُطف ال ُمتناه‪.‬‬
‫بسالم»‪ ،‬يَ َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 78 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫ب كثرياً يُغ َفر له كثرياً")‬ ‫ِ‬


‫("من ُحي ّ‬
‫‪َ -98‬‬
‫‪1944 / 01 / 21‬‬

‫يقول يل يسوع اآلن (بعد الرؤاي السابقة)‪:‬‬

‫َرسلَها روحي ِمن‬ ‫ِ‬


‫يسي ورفاقه‪ ،‬وَمل يَنقله اإلجنيل‪ ،‬كانت َكلمايت اليت أ َ‬
‫الفر ّ‬ ‫ض رأس ّ‬ ‫«الذي أَخ َف َ‬
‫كنت سأفعله‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫بقوة أكرب كثرياً ممّا ُ‬ ‫ّ‬ ‫بت‬
‫ُ‬ ‫َج‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫لقد‬ ‫ى‪.‬‬ ‫طش‬
‫َ‬ ‫الع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ف‬ ‫اجلا‬ ‫س‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ـ‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫تلك‬ ‫يف‬ ‫ها‬‫س‬‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫يت‪،‬‬‫ظر‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ن‬ ‫الل‬ ‫خ‬
‫أدرَك هو لُغَيت البَكماء اليت كانت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علي‪ .‬ولقد َ‬
‫ابلكالم‪ ،‬ذلك أ ّن شيئاً من أفكار الرجال َمل يَ ُكن ليَخفى َّ‬
‫أث َقل يف ّاهتامها ِمن كلمايت‪.‬‬
‫لك الف ِ‬
‫اسد‪.‬‬ ‫لدي َمْي َ‬ ‫لمح تلميحات خبيثة لِتُ ِ‬ ‫قُلت له‪" :‬ال تُ ِ‬
‫نفسك‪ .‬فأان ليس ّ‬ ‫َ‬ ‫عيين‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫ذاتك‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫رب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ظريت‬ ‫مثلك وال أُشبِه‬ ‫وتلك املرأة َمل ِ‬
‫إيل أل ّن نَ َ‬
‫أمثالك‪ .‬لقد أتت َّ‬ ‫َ‬ ‫لست َ‬ ‫ابحلس‪ .‬وأان ُ‬ ‫ّ‬ ‫دفوعة‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫إيل‬
‫َّ‬ ‫أتت‬
‫الفسق‪ .‬ولقد‬ ‫الصدفة‪ ،‬قد أانرا نـَ ْفسها اليت خيَّمت فيها الظُّلمات بسبب ِ‬ ‫وَكلِ َميت‪ ،‬اليت َِمس َعتها مبحض ُّ‬
‫ََ‬
‫توصل مبفردها على‬ ‫أدرَكت املسكينة ّأّنا مل تكن لِتَ َّ‬ ‫س‪ ،‬وقد َ‬
‫ِ‬
‫ألّنا أر َادت االنتصار على احل ّ‬ ‫أتت ّ‬
‫يف الروح‪ ،‬وال شيء سوى الروح الذي لَ َم َست فيه صالحاً فائق الطبيعة‪ .‬لقد‬ ‫َحبَّت َّ‬ ‫اإلطالق‪ .‬ولقد أ َ‬
‫ضع َفها لصاحل َرذائِلكم‪،‬‬ ‫إيل بعد إساءات كثرية تَـلَ َّقتها منكم َجيعاً‪ ،‬أنتم اي َمن كنتم تَستَغلُّون ُ‬ ‫أتت َّ‬
‫ألّنا تنبَّـ َهت إىل ّإّنا َو َج َدت اخلري‬
‫إيل ّ‬‫ضَرابت سوط االحتقار؛ أتت َّ‬ ‫وتَدفَعون هلا الثمن‪ ،‬بعد ذلك‪َ ،‬‬
‫يسي ال ُـمرائي‪َُ ،‬تلَّص‬
‫الفر ّ‬‫األهبة وال َفخ َفخة يف العامل‪ .‬فيا أيّها ّ‬
‫والفرح والسالم اليت َحبَثَت عنها َعبَثاً وسط ّ‬
‫جسدك جانباً‪ّ .‬إّنما‬
‫َ‬ ‫روحك وفِسق‬
‫َ‬ ‫ِمن جذام النَّـ ْفس‪ ،‬وتَعلَّم أن متلك رؤية مستقيمة لألمور‪ .‬دع كربايء‬
‫رسلون يف طَلَيب ِمن‬ ‫جذام مقيت أكثر ِمن جذام اجلسد‪ .‬فلمسة مين تُربئِكم ِمن هذا األخري‪ ،‬ألنّكم تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أجله‪ّ ،‬أما جذام الروح فال‪ ،‬ألنّكم ال تريدون أن تُشفوا منه‪ ،‬ألنّه يروق لكم‪ّ .‬أما هي فكانت تريد‬
‫ُحررها ِمن سالسل عبوديّتها‪ .‬لقد ماتت اخلاطئة‪ .‬وهي هنا بزينتها‬ ‫الشفاء منه‪ .‬وها أان ذا أ ِّ‬
‫ُطهرها وأ ِّ‬
‫إيل ِألُابركها بتكريسها الحتياجايت واحتياجات تالميذي‪ ،‬للمساكني الذين‬ ‫اليت َخ ِجلَت ِمن تقدميها َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 79 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أُعينهم ِمبا يَفيض عن الغري‪ ،‬ألنّين أان‪ ،‬معلّم ال َكون‪ ،‬ال أَملك شيئاً‪ ،‬اآلن وأان ُُمِلّص اإلنسان‪ّ .‬إّنا هنا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لت‬
‫قدمي‪ُ ،‬متواضعاً كما َشعرها‪ ،‬على هذا اجلزء من اجلسم الذي أَِهَ َ‬ ‫يق على َّ‬ ‫بذاك الطّيب الذي أُر َ‬
‫لك أيضاً‪ .‬اخلاطئة‬ ‫محل النُّور َ‬ ‫ئرك‪ ،‬بعد الدروب الكثرية اليت قَطَعتُها ِأل ِ‬ ‫أنت إنعاشه ببعض ِمن ماء بِ َ‬ ‫َ‬
‫ماتت‪ .‬ومرمي عادت إىل احلياة‪ ،‬وقد عادت َجيلة ِمثل طفلة نقيّة‪ ،‬أبملها ال ُـم ِّربح‪ ،‬وإبخالصها ِحلُبّها‪.‬‬
‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫الفريسي‪ ،‬إنّين ال أ ِّ‬
‫ُفرق بني َمن ُيبّين ب ُف ّتوته النقيّة‪َ ،‬‬ ‫لك أيّها ّ ّ‬ ‫احلق أقول َ‬‫لقد اغتَ َسلَت بدموعها‪ّ .‬‬
‫مبهمة إدراك فِكري‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫بة‬‫ُيبين ابلتَّوبة اخلالصة لَِقلب يولَد ِمن جديد للنِّعمة‪ ،‬وإنّين أَعهد للنقي والتَّائِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اخلاص ليس‬ ‫آخر التكرميات على جسدي‪ ،‬و َّأول متجيد (متجيد أ ُّمي‬ ‫ال أعهد به ألي آخر‪ ،‬وإبضفاء ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫ظريت‪.‬‬ ‫ن‬
‫َ‬‫أود قوله للفريسي بِ‬ ‫ُّ‬ ‫كنت‬ ‫ما‬ ‫هذا‬ ‫ات"‪.‬‬ ‫و‬‫األم‬ ‫ن‬ ‫يف احلسبان) عندما أقوم ِ‬
‫م‬
‫ّ ّ َ‬ ‫ُ‬
‫حك وفَـَرح الكثريين‪ .‬يف بيت عنيا كذلك‪َ ،‬كَّرَرت مرمي‬ ‫لك شيئاً آخر‪ ،‬لَِفر ِ‬ ‫أما ِ‬
‫أنت‪ ،‬فإنّين أُبني ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرب َعن ِمسَة اإلنسان‪ .‬حركات فريدة‪.‬‬ ‫تتكرر وتُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫ّ‬‫شخصي‬ ‫كات‬ ‫حر‬ ‫فهناك‬ ‫دائها‪.‬‬ ‫فِعلَتها اليت طَبـعت فَجر فِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫التبجيلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اضعاً وأكثر بساطة يف تد ّهلها (تعبُّدها)‬‫أقل تُو ُ‬
‫إّّنا يف بيت عنيا‪ ،‬فقد كانت احلركة ّ‬
‫احلب‪ ،‬مثل ريح سريعة‪،‬‬ ‫لقد قَطَ َعت مرمي مسافات كثرية منذ فَجر افتدائها‪ .‬كثرية‪ .‬لقد َدفَـ َعها ّ‬
‫احلب مثل ُِمَرقة‪ُُ ،‬مطّماً فيها اجلسد الفاسد‪ ،‬وجاعالً فيها الروح‬‫أحرقَها ّ‬ ‫إىل األعايل وإىل األمام‪ .‬لقد َ‬
‫طهر كمعلّم أمسى‪ .‬ومرمي‪ ،‬املختلفة يف وقارها‪ ،‬كامرأة ُمهتَ ِدية‪ ،‬كما هي اآلن ُمتلفة بثوهبا الذي‬ ‫ال ُـم َّ‬
‫ظهرها ويف كالمها‪ ،‬هي ُكلّيّة اجلِ ّدة‪،‬‬
‫ظرهتا‪ ،‬ويف َم َ‬
‫أضحى بسيطاً مثل ثوب ّأمي‪ ،‬ويف تَسرُيَتها‪ ،‬ويف نَ َ‬
‫آخر قارورة ِعطر لديها‪ ،‬وهي قد احتَـ َفظَت‬ ‫ولديها أسلوب جديد يف تكرميي ابحلركة ذاهتا‪ .‬ولقد أَخ َذت ِ‬
‫َ‬
‫احلب واليقني ِمن املغفرة‬
‫قدمي ورأسي دوّنا بكاء‪ ،‬وبنظرة أَضفى عليها ّ‬ ‫هبا من أجلي‪ ،‬وأراقَتها على َّ‬
‫ِ‬
‫احلب قد طَ َّهرا مرمي بنار السريافيم‪،‬‬
‫دهنَين اآلن وتلمس رأسي‪ ،‬فالتوبة و ّ‬ ‫واخلالص السعادة‪ .‬ميكنها أن تَ َ‬
‫هي اآلن سريافيم‪.‬‬

‫لنفسك‪ ،‬اي مارّاي‪ ،‬اي صويت الصغري‪ ،‬قويل ذلك للنُّفوس‪ .‬اذهيب‪ ،‬قويل ذلك للنُّفوس‬ ‫ِ‬ ‫قُويل ذلك‬
‫ُيب كثرياً‪َ ،‬من ُيبّين كثرياً يُغفر له‬ ‫ِ‬
‫ألّنا تَشعُر بذاهتا ّإّنا خاطئة‪ .‬فَ َمن ّ‬
‫إيل ّ‬
‫اليت ال ّترؤ على اجمليء َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 80 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك ال ُـمخلِّص! ال ُتشوا شيئاً م ّين‪.‬‬ ‫كثرياً كثرياً كثرياً‪ِ .‬‬
‫فأنت‪ ،‬أيتها النفوس املسكينة‪ ،‬ال تَعلَمني َكم ُيب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعي‪.‬‬
‫تعالوا‪ .‬بثقة‪ .‬بشجاعة‪ .‬وأان أفتح لكم قليب وذر ّ‬
‫تَذ ّكروا هذا على الدوام‪" :‬أان ال أفرّق بني مَن حيبّين بطهارة ال عيب فيها ومَن حيبّين بتوبة صادقة‬
‫ذكروا هذا على الدوام‪.‬‬ ‫لقلب يُولَد ِمن جديد للِنّعمة‪ ".‬أان ال ُـمخلِّص‪ .‬تَ َّ‬
‫اذهيب بسالم‪ .‬أابر ِ‬
‫كك‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 81 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -99‬خواطر حول ِهداية مرمي اجملدليّة)‬

‫‪1944 / 01 / 22‬‬

‫نت أرى وأُد ِرك ِمن غري ما يتكلّم‪.‬‬ ‫ف عن التفكري إبمالء يسوع مساء أمس‪ِ ،‬‬
‫ومبا ُك ُ‬ ‫َمل أَ ُك ّ‬

‫أفهمها‪ ،‬أي تلك اليت كانت‬ ‫ِ‬


‫نت َ‬ ‫دعوين‪ ،‬تلك اليت ُك ُ‬
‫إذ ذاك أقول لكم‪َ ،‬ع َرضيّاً‪ ،‬إ ّن حوارات ال َم ّ‬
‫خاص‪ ،‬وكانت تدور حول أَح َداث اليوم‪ :‬الرومان‪ ،‬خمالفتهم للشريعة‪ُ ،‬ثّ رسالة‬ ‫ّ‬ ‫تتوجه إىل يسوع بشكل‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫درسة جديدة‪ .‬إ ّّنا‪ ،‬ومبظهر َعطوف ومتسامح‪ ،‬كان يُد ِرك ّإهنا مسائل احتياليّة ُ‬
‫ومرا ِوغة‬ ‫يسوع‪َ ،‬كونَه ُمعلّم َم َ‬
‫كل مالحظة بكلّمات قليلة‪ ،‬إجابة مباشرة‬ ‫ِ‬
‫إلحراجه‪ ،‬األمر الذي مل يكن سهالً‪ ،‬أل ّن يسوع كان يُقابل ّ‬
‫وُم ّددة‪.‬‬

‫خاصة كان املعلّم اجلديد‪ .‬فيجيب ببساطة‪ِ « :‬من مدرسة‬ ‫ِ‬


‫كأ ْن كان يُسأل مثالً من أيّة َمدرسة أو ملّة ّ‬
‫وأهتم ابلعمل على أن تتج ّدد يف هؤالء الصغار (وكان يَنظُر إىل يوحنّا‬
‫املقدسة‪ّ ،‬‬ ‫وإايه أتَّبِع يف شريعته َّ‬
‫هللا‪ّ .‬‬
‫ومن خالل يوحنّا كان يَنظُر إىل مستقيمي القلوب) بشكل كامل يف جوهرها‪ ،‬كما كانت يوم أعلَنَها‬ ‫ِِبب‪ِ ،‬‬
‫ُّ‬
‫الرب اإلله على جبل سيناء‪ .‬أُعي ُد الناس إىل نور هللا‪».‬‬
‫ّ‬
‫كي يف‬‫عسف قيصر‪ ،‬الذي كان قد أصبَ َح املعلّم ال َملَ ّ‬ ‫ول ما كان يُف ِّكر يف تَ ُّ‬
‫وعلى سؤال آخر َح َ‬
‫سمي أشور‪،‬‬ ‫النيب‪ ،‬أََمل يَ ُكن يُ ّ‬ ‫َّ‬
‫ألهنا إرادة هللا‪ .‬تَذكروا إشعيا ّ‬
‫فلسطني‪ ،‬وقد أجاب‪" :‬قيصر على هذا احلال‪ّ ،‬‬
‫ضبه؟ العصا اليت تُن ِّفذ العقوبة يف شعب هللا الذي ابتَ َع َد كثرياً عن هللا‪َّ ،‬‬
‫واَّتَ َذ اخلديعة‬ ‫"عصا" غَ َ‬
‫إهلي‪َ ،‬‬‫بوحي ّ‬
‫مهمته‪ ،‬وأصبَ َح‬‫ثوبه وروحه؟ َأومل يَ ُقل إنّه‪ ،‬بعد استخدامه للعقاب‪ ،‬سوف يَقصفه‪ ،‬ألنّه سيكون قد َجت َاوز ّ‬
‫ُم ِّ‬
‫تكّباً و َش ِرساً؟»‬

‫ّإهنما اإلجابتان اللتان لََفتتَا انتباهي ابألكثر‪.‬‬

‫بعد ذلك‪ ،‬يقول يل يسوعي هذا املساء مبتسماً‪:‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 82 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فأنت من تَشتَهي والعزيزة على قليب‪ .‬ألنّ ِ‬
‫ك تَشتَهني هللا كثرياً‪ ،‬إبمكاين‬ ‫ِ‬
‫مناداتك مثل دانيال‪ِ .‬‬ ‫علي‬
‫« َّ‬
‫َ‬
‫قلبك ََي َهد يف‬
‫جعلت فيه َ‬ ‫األول الذي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫املتابعة ألقول لك ما قاله مالكي لدانيال‪" :‬ال ََّتَف‪ ،‬ألنّه منذ اليوم ّ‬
‫أتيت"‪ .‬إ ّّنا هنا‪ ،‬فليس املالك الذي‬ ‫لصلواتك وبسببها ُ‬
‫َ‬ ‫استجبت‬
‫ُ‬ ‫قك بذلك‪ ،‬فقد‬ ‫إدراك وجود هللا وي ِ‬
‫ره َ‬ ‫ُ‬
‫مك‪ :‬يسوع‪.‬‬‫يتكلّم‪ ،‬بل هذا أان الذي أُكلّ ِ‬

‫"ُيعل أحد قلبه ي ِ‬


‫عمل ليُد ِرك"‪ .‬فأان ُ‬
‫لست إهلاً قاسياً وصارماً‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫اي مارّاي‪ ،‬أان آيت على الدوام عندما َ َ‬
‫إيل آيت إليه أبسرع ِمن ِ‬
‫الفكرة‪.‬‬ ‫ومن يَلتَ ِفت َّ‬
‫أان الرمحة احليّة‪َ ،‬‬

‫أتيت إليها ُمس ِرعاً بروحي ُمذ َش َع ُ‬


‫رت برغبتها‬ ‫حّت مرمي اجملدليّة الغارقة ج ّداً يف خطيئتها‪ ،‬فقد ُ‬
‫ّ‬
‫لت ِمن نفسي النور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يف اإلدراك تَسمو‪ ،‬إدراك نور هللا‪ ،‬ووضعها ال ُـمظلم‪ .‬وابلنسبة إليها فقد َج َع ُ‬
‫كنت أحت ّدث إليها فقط‪َ .‬مل‬‫كنت أحت ّدث إىل أانس كثريين‪ ،‬ولكنّين‪ ،‬يف احلقيقة‪ُ ،‬‬ ‫يف ذلك اليوم‪ُ ،‬‬
‫ضعها‪َ .‬مل‬ ‫أكن أرى غريها‪ ،‬وقد اقرتبت‪ ،‬مدفوعة بتوثُّب نـَ ْفس كانت تثور ض ّد اجلسد الذي كان ُخي ِ‬
‫َََ ْ‬
‫الداخلي اهلائل‪،‬‬ ‫أملها‬ ‫ُتفي‬ ‫كانت‬ ‫اليت‬ ‫فة‬‫أكن أرى سواها‪ ،‬بوجهها املسكني البائس‪ ،‬اببتسامتها املتكلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ت‬ ‫حتت مظهر األمان والفرح الكاذب‪ ،‬الذي كان حت ّدايً للعامل وهلا‪ .‬مل أكن أرى سواها وقد ُحو ِصَر ْ‬
‫ابلعلّيق أكثر ِمن النَّعجة الضَّالَّة يف ال َـمثَل‪ ،‬وهي الغارقة يف امللل ِمن حياهتا اليت طََفت على السطح‬
‫مثل هذه األمواج العميقة اليت َّتلب معها مياه العُمق‪.‬‬

‫خاصاً هبا‪ ،‬كخاطئة معروفة‪ ،‬لكيال أ ُِذ ُّهلا‪ ،‬وكي ال‬


‫لت موضوعاً ّ‬ ‫َمل أَقُل عبارات ُم َّ‬
‫فخمة‪ ،‬وال تناو ُ‬
‫ظريت َحت ّالن فيها‬ ‫ِ‬
‫كت كلميت ونَ َ‬
‫أَدفَعها إىل اهلَرب‪ ،‬إىل االمحرار َخجالً من نَفسها‪ .‬فقد تركتُها بسالم‪ .‬تر ُ‬
‫ثت ِأبلطَف ما‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وتتخمران‪ ،‬لتَجعال من ذلك التحريض‪ ،‬يف حلظة‪ ،‬مستقبلها اجمليد كق ّديسة‪ .‬لقد حت ّد ُ‬
‫خاص‪ .‬ويف ذلك املساء‪ ،‬وبينما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميكن من األمثال‪ :‬شعاع نور وصالح كان ينتشر من أجلها بشكل ّ‬
‫تتخمر كلميت فتصبح َمداً مستقبليّاً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الغين‪ ،‬حيث مل تكن ل ّ‬‫املتكرب ّ‬ ‫كنت أضع رجلي يف بيت ذلك ّ‬ ‫ُ‬
‫كنت أَعلَم آنذاك ّأّنا‪ ،‬إّّنا أتيت بعد طويل بكاء يف الغرفة حيث ارتَ َكبَت‬
‫يسي قد قَـتَـلَها‪ُ ،‬‬
‫الفر ّ‬
‫أل ّن كربايء ّ‬
‫ت مستقبلها‪.‬‬
‫املعاصي‪ ،‬و ّأّنا‪ ،‬بنور دموعها‪ ،‬كانت قد َّقرَر ْ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 83 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخل‪ ،‬ارتَـ َع َدت أجسادهم‪ ،‬وتَركوا الريبة تتسلّل إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫أحرقَهم الفسق‪ ،‬حينما رأوها تَ ُ‬ ‫الرجال‪ ،‬وقد َ‬
‫ي الوليمة‪ ،‬أان ويوحنّا‪ .‬ظَ َّن اجلميع ّأّنا أتت مدفوعة إبحدى‬ ‫ِ‬
‫فكرهم‪ .‬لقد اشتهوها َجيعهم‪ ،‬عدا طاهَر ّ‬
‫النـزوات ال ُـمحتَ َملة اليت‪ ،‬ابعتبارها استحواذاً شيطانيّاً حقيقيّاً‪ ،‬كانت ترميها يف املغامرات غري املتوقَّعة‪.‬‬
‫لكن الشيطان كان حينذاك قد ُه ِزم‪ .‬وظَ َّن اجلميع‪ ،‬أيكلهم احلَ َسد‪ ،‬لدى رؤيتهم ّأّنا مل تكن لِتَلتَ ِفت‬ ‫و ّ‬
‫إيل‪.‬‬
‫ألّنا إّّنا كانت قد أتت َّ‬
‫إىل أحد منهم‪ّ ،‬‬

‫حّت األشياء األكثر طُهراً ونقاء‪ .‬واألنقياء‬ ‫ِ‬


‫فاإلنسان‪ ،‬عندما يكون فقط إنسان حلم ودم‪ ،‬يُلطّخ ّ‬
‫صفو تفكريهم‪ .‬ولكن‪ ،‬أن ال يُد ِرك اإلنسان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فقط يـََرون بشكل سليم‪ ،‬ذلك أ ّن ال خطيئة لديهم تُع ّكر َ‬
‫فينبغي لذلك ّأال ُيعل املرء َخياف‪ ،‬اي مارّاي‪ .‬هللا يُد ِرك‪ ،‬وهذا كاف ابلنسبة إىل السماء‪.‬‬

‫اجملد اآليت ِمن الناس‪ ،‬ال يزيد غراماً واحداً إىل اجملد الذي هو مصري املختارين يف الفردوس‪.‬‬
‫تذ ّكري ذلك على الدوام‪ .‬فمرمي اجملدليّة املسكينة قد أُسيء فَهم أعماهلا الصاحلة واحلُكم عليها على‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫ألّنا كانت لُقمات فُجور ممنوحة للفاسقني‪ .‬فقد انتُق َد ْ‬
‫الدوام‪ .‬ومل يكن ذلك خالل أفعال السوء‪ّ ،‬‬
‫وأ ِ‬
‫ُحن َي عليها ابلالئمة يف بيت عنيا‪ ،‬يف بيتها‪.‬‬

‫لكن يوحنّا‪ ،‬الذي يقول كلمة عظيمة‪ ،‬يُق ِّدم مفتاح هذا االنتقاد األخري‪" :‬يهوذا‪ ...‬ألنّه كان‬ ‫و ّ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫يسي ورفاقه‪ ،‬أل ّّنم كانوا فاسقني‪ ".‬هو ذا‪ ،‬أَتَـَرين؟ إ ّن التَّعطش إىل احل ّ‬
‫س‪،‬‬ ‫"الفر ّ‬
‫سارقاً‪ ".‬وأان أقول‪ّ :‬‬
‫والطَّ َمع ابملال يَرفَعان الصوت النتقاد َع َمل صاحل‪ .‬الصاحلون ال يَنتَ ِقدون أبداً‪ ،‬مطلقاً‪ .‬إ ّّنم يُد ِركون‪.‬‬

‫املهم هو ُحكم هللا‪.‬‬ ‫إّّنا أ ِّ‬


‫ُكرر أ ّن انتقادات العامل ال َهت ّم‪ّ .‬‬
‫ئك لتعليم الغد‪َ .‬متعَّين يف الفصل الثاين عشر ِمن ِسفر دانيال‪ ،‬مع الكلّمات اليت قِيلَت له‬
‫أهي ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫أنت اعريف أن ُّتييب على‬ ‫ّ‬ ‫ِمن قبَل مالكي النُّوراينّ‪" :‬ال ُتف‪ ،‬السالم َ‬
‫معك‪ُ ،‬كن شجاعاً وقوايً"‪ .‬و ِ‬

‫الدوام‪" :‬تَكلَّم اي ّ‬
‫ريب فقد قَـ َّويتَين"‪».‬‬

‫فيما بَعد‪ ،‬يقول يل يسوع‪:‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 84 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وُمبَّة لِ ُمعلِّمها الذي تَعتَِربه " ُكلّ ّي‬
‫«عندما أر ِاك هكذا متنبِهة لتعاليمي‪ ،‬تَبدين يل تلميذة َُِمدَّة ُِ‬
‫ُّ‬
‫بنفسك تفاصيل جديدة‪ ،‬تُبدين مالحظات (وذلك أثناء‬ ‫ِ‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬عندما تَكتَ ِشفني‬ ‫املعرفة"‪ِ .‬‬
‫الرؤى) ّتعلينين أُف ِّكر بطفل ميسكه أبوه بيده وهو يقوده أمام ما يريد األب أن يراه الطفل لِيُصبح أكثر‬
‫كرب‬ ‫ِ‬
‫يتدخل ليَمنَح ابنه فَـَرح اكتشاف شيء جديد‪ ،‬واإلحساس أبنّه يَ ُ‬ ‫ذكاء‪ ،‬والذي‪ ،‬يف الوقت ذاته‪ ،‬ال ّ‬
‫بِِفعل التفكري‪.‬‬

‫لِكي تقومي بذلك‪ ،‬ال ب ّد أن تكوين متحرّرة على الدوام ِمن اهلموم البشريّة‪ُ .‬حّرة على الدوام‪.‬‬
‫التأمل‪ ،‬وعلى الدوام أبكثر َسكينة‬ ‫ِ‬
‫ال ب ّد أن تتمتّعي دائماً أبمان متزايد‪ ،‬لتَسريي مراتحة يف دروب ّ‬
‫بيدك‪ .‬فاألب ال ُيعل ابنه يرى‪ ،‬ولكنّه يَبتَ ِدع ألف طريقة كي يرى ابنه ما‬ ‫يف‪ ،‬أان الذي ميسك ِ‬ ‫وثِقة َّ‬
‫صرباً وطُول أانة ابلنسبة إىل صغاري‪،‬‬ ‫يريد هو أن يراه االبن‪ .‬آه! إنّين أكثر اآلابء ُحبّاً وأكثر املعلّمني َ‬
‫ُمسك أحدهم بيده‪ ،‬ويكون ُمطيعاً ومتنبّهاً‪ ،‬أكون أان سعيداً‪ .‬سعيداً لكوين أابً ومعلّماً‪ .‬إنّه‬ ‫وعندما أ ِ‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫فوق‬ ‫ك‬ ‫"أحب‬ ‫يل‪:‬‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ليق‬‫و‬ ‫مهم‪،‬‬‫لَ ِمن الصعب أن يضع الناس يدهم بيدي بِثِقة ألقودهم‪ ،‬وأُعلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبُكلّيَّيت!" هلؤالء قليلي العدد‪ ،‬الذين ُهم يل "بُكلّيَّتهم"‪ ،‬دون َحت ُّفظ‪ ،‬أفتح أان كنوز اإلُياءات و ّ‬
‫التأمالت‬
‫حهم ذايت دون َحت ُّفظ‪.‬‬
‫وأمنَ ُ‬
‫عك على ألوهيت‪ ،‬يف مظاهرها املختلفة‪ ،‬للذين ُهم يف‬ ‫أختارك ِألُطلِ ِ‬
‫ِ‬ ‫لذلك‪ ،‬اي مارّاي‪ ،‬مبا أنّين‬
‫كرري الذي‬ ‫حاجة ألن يَستيقظوا ويُقادوا إىل استبيان هللا‪ ،‬تذ ّكري أن تكوين شديدة التدقيق متاماً لِتُ ِّ‬
‫تتهريب منه‪ ،‬فيكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سمح لك أن ّ‬ ‫حّت األمر التافه له قيمة‪ ،‬وهو ليس لك‪ ،‬بل يل‪ .‬وكذلك ال يُ َ‬ ‫تَـَرينَه‪ّ .‬‬
‫نس ِكب املاء لِيَحصل عليه اجلميع‪ .‬فيما‬ ‫اإلهلي‪ ،‬حيث يَ َ‬
‫ّ‬ ‫املاء‬ ‫ان‬
‫ز‬‫َّ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ك‬‫تذكري أنّ ِ‬
‫ذلك عيباً وأاننيّة‪َّ .‬‬
‫أنت تُدقِّقني بكثري من‬ ‫التأمالت‪ِ ،‬‬‫لت إىل أصعب أنواع الوفاء واألمانة‪ .‬يف ُّ‬ ‫توص ِ‬
‫خيص اإلمالءات‪ ،‬فقد َّ‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫حالتك الصحية اخلاصة‪ ،‬والوضع الذي ِ‬
‫أنت فيه‪ ،‬فإنّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االنتباه‪ ،‬أ َّما يف عُجالة الكتابة‪ ،‬وبسبب‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫تتجاوزين بعض التفاصيل‪ُ .‬يب حتاشي ذلك‪ .‬اكتُبيها يف أسفل الصفحات‪ ،‬إّّنا أشريي إليها َجيعها‪.‬‬
‫مك‪ ،‬بل هي نصيحة لطيفة‪.‬‬ ‫وهذا ليس الئِمة ِمن معلّ ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 85 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل حيايت‪،‬‬ ‫و‬ ‫تعيب‬ ‫كل‬ ‫ر‬‫ك الناس أكثر قليالً بواسطيت‪ ،‬وهذا يُ ِ‬
‫رب‬ ‫َ‬ ‫"فليحب‬ ‫م‪:‬‬ ‫أاي‬ ‫بضعة‬ ‫منذ‬ ‫يل‬ ‫قُ ِ‬
‫لت‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"بنفسجتك ال ُـمتوارية"‬ ‫إليك ِسوى رجل واحد بو ِاسطة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وحّت لو َمل يـَعُد َ‬‫ئت عليه كفاية‪ّ .‬‬ ‫وقد ُكوف ُ‬
‫إيل كبرياً‪،‬‬
‫كنت أكثر انتباهاً‪ ،‬ودقّة‪ ،‬كلّما كان عدد الذين أيتون َّ‬ ‫فإّنا تكون سعيدة‪ ".‬وكلّما ِ‬ ‫الصغرية‪ّ ،‬‬
‫ك الروحية احلالية عظيمة‪ ،‬وكذلك ِغبطَتُ ِ‬
‫ك األبديّة املستقبليّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وغبطَتُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ك ِ‬
‫معك‪».‬‬ ‫اذهيب بسالم‪ .‬رب ِ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 86 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫صداقَة ِمن أجل اكتساب نَ ْفس")‬ ‫ِ‬


‫‪"( -100‬ذلك يستح ّق فقدان َ‬
‫‪1945 / 07 / 29‬‬

‫بدون يف‬
‫صل حبرية مريون ببحرية اجلليل‪ ،‬ومعه الغيور وبرتلماوس‪ ،‬ويَ ُ‬ ‫يسوع على الطريق اليت تَ ِ‬
‫حالة انتظار قرب السيل الذي َحت َّو َل إىل خيط ِمن ماء يُغ ِّذي‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬نبااتت كثيفة‪ ،‬أ َّما اآلخرون‬
‫صلون ِمن جهتني ُمتلفتني‪.‬‬
‫فَـي ِ‬
‫َ‬
‫(حّر) شديد‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬أانس كثريون تَبِعوا اجملموعات الثالث وقد َكَرزوا َع ْرب‬ ‫اليوم يوم قَيظ َ‬
‫لألصحاء‪ .‬عدد كبري ِممَّن بَِرئوا‬
‫ّ‬ ‫القرى‪ ،‬جاعلني املرضى يَسريون صوب َمموعة يسوع‪ُ ،‬متح ِّدثني عنه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهم جالسون بني األشجار فَ ِرحني‪ ،‬لدرجة ّأّنم ال يَشعُرون ّ‬
‫حّت‬ ‫مبعجزة يُش ّكلون َمموعة سعيدة‪ُ ،‬‬
‫األمور اليت تتسبَّب بـِ ُمضايَقة شديدة لآلخرين‪.‬‬
‫كل ّ‬ ‫ِ‬
‫احلر والغبار والنور ال ُـمبهر‪ ،‬و ّ‬
‫مبضايقة ّ‬
‫صلَت ّأوالً اجملموعة اليت يقودها يوضاس ت ّداوس إىل جانب يسوع‪ ،‬يبدو جليّاً تَـ َعب‬
‫عندما َو َ‬
‫صل اجملموعة اليت يقودها بطرس‪ ،‬حيث كثريون ِمن كورازين‬ ‫أفراد اجملموعة والذين يتبعوّنم‪ .‬أخرياً تَ ِ‬
‫َ‬
‫وبيت صيدا‪.‬‬

‫«لقد َع ِملنا‪ ،‬اي معلّم‪ .‬إّّنا ُيب أن يكون هناك عدد أكرب ِمن اجملموعات‪ ...‬تَرى‪ .‬ال ميكن‬
‫احلر‪ .‬وإذاً‪ ،‬فما العمل؟ َحت َسب العامل يكرب‪ ،‬طاملا حنن نعمل ابطّراد‪ُ ،‬مبعثِراً البلدات‬
‫املضي بعيداً بسبب ّ‬
‫ّ‬
‫نتوصل إىل‬ ‫ومطيالً املسافات‪ .‬مل أكن ألتنبه أب ّن اجلليل هبذا احلجم‪َ .‬مل نَ ِ‬
‫عمل سوى يف ركن منه‪ ،‬ومل ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يتنهد بطرس‪.‬‬ ‫بك‪ّ ».‬‬ ‫كِرازته‪ ،‬على قدر َرحابَته‪ ،‬وكثريون للغاية ُهم الذين يف حاجة َ‬
‫إليك ويرغبون َ‬
‫كرب‪ ،‬اي مسعان‪ُ ».‬ييب ت ّداوس‪« .‬هذا يعين أ ّن ُشهرة معلّمنا متت ّد‪».‬‬
‫«هذا ال يعين أ ّن العامل يَ ُ‬
‫«نعم‪ ،‬صحيح‪ .‬انظر َكم ِمن الناس‪ .‬كثريون ُهم الذين يَتبَعوننا منذ الصباح‪ .‬ولقد جلأان يف أثناء‬
‫ب املساء‪ ،‬فاملسري ُم ِرهق‪ .‬وهؤالء الناس املساكني ُهم‬ ‫اقرت َ‬
‫حّت اآلن‪ ،‬وقد ََ‬
‫احلر الشديد إىل غابة‪ .‬إّّنا ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 87 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فلست أدري كيف‬
‫ُ‬ ‫التوسع على هذا النحو‪،‬‬
‫مر األمر يف ّ‬
‫أبعد منّا كثرياً عن بيوهتم‪ .‬وإذا ما است ّ‬
‫العمل‪ »...‬يقول يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫الرعاة أيضاً‪ ».‬يقول اندراوس ملواساته‪.‬‬


‫األول (أكتوبر)‪ ،‬سيأيت ُّ‬
‫«يف تشرين ّ‬
‫الرعاة‪ ،‬التالميذ‪ ،‬حسناً! ولكنّهم ال يفيدون سوى يف القول‪" :‬يسوع هو ال ُـمخلِّص‪،‬‬
‫«هيه! نعم! ُّ‬
‫إنّه هنا"‪ .‬ال شيء أكثر‪ُ ».‬ييب بطرس‪.‬‬

‫األقل‪ ،‬سيَعرف الناس أين ُيدونه‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فعلى العكس! أنيت حنن إىل هنا‪،‬‬
‫«ولكن‪ ،‬على ّ‬
‫فيَهرعون إىل هنا‪ .‬وبينما ُهم أيتون إىل هنا‪ّ ،‬نضي حنن إىل مكان آخر‪ ،‬وعليهم أن يَركضوا يف إثران‪.‬‬
‫وحني يكون برفقتهم أوالد مرضى‪ ،‬فاألمر ليس عمليّاً‪».‬‬

‫ُشفق على تلك النُّفوس وتلك اجلُّموع‪.‬‬ ‫يتكلّم يسوع‪« :‬أنت ُُمق اي مسعان بطرس‪ .‬وأان كذلك أ ِ‬
‫َ ّ‬
‫وابلنسبة إىل كثريين‪ ،‬فإ ّن عدم إُيادي يف حلظة معيّنة قد يُسبِّب هلم شقاء ال ميكن إصالحه‪ .‬انظروا‬
‫ومضطَ ِربون‪ ،‬أولئك الذين مل تتولّد بعد لديهم القناعة األكيدة حبقيقيت‪ ،‬وَكم ُهم جياع‬ ‫ِ‬
‫َكم ُهم تَعبون ُ‬
‫تذوقوا كلميت‪ ،‬وَمل يَعودوا يَعرفون االستغناء عنها‪ ،‬وَمل تَـعُد أيّة كلمة أخرى‬ ‫أولئك الذين َسبَ َق هلم وأن َّ‬
‫ترضيهم‪ّ .‬إّنم يَبدون ِمثل ِخراف بدون ر ٍاع‪ ،‬اتئهة هنا وهناك‪ ،‬وال َِّتد َمن يقودها ويُق ِّدم هلا الغذاء‪.‬‬
‫بكل قواكم الروحيّة والوجدانيّة واجلسديّة‪ .‬فلن تذهبوا‬ ‫سوف أتدبّر األمر‪ّ ،‬أما أنتم‪ ،‬فعليكم مساعديت ّ‬
‫كل اثنني‬ ‫ِ‬
‫بَعد يف َجاعات كثرية العدد‪ ،‬بل عليكم أن تذهبوا اثنني اثنني معاً‪ .‬وسأُرسل أفضل التالميذ ّ‬
‫معاً‪ .‬ذلك أ ّن احلصاد كثري يف احلقيقة‪ .‬آه! سوف أُهيِّئكم خالل هذا الصيف لتلك الرسالة العظيمة‪.‬‬
‫لحق بنا اسحق ومعه أفضل التالميذ‪ .‬سوف أ ُِع ُّدكم‪ .‬ولن تُصبِحوا ابلشكل‬ ‫يف متّوز (يوليو) سوف يَ َ‬
‫صلّوا إىل سيّد األرض‬ ‫الذي يكفي‪ ،‬حيث إذا كان احلصاد كثرياً ح ّقاً‪ ،‬فالعُ ّمال يف ال ُـمقابِل قليلون‪ .‬فَ َ‬
‫لُِري ِسل فَـ َعلة كثريين حلصاده‪».‬‬

‫عنك‪ ».‬يقول يعقوب بن‬


‫بحثون َ‬ ‫ِ‬
‫غري كثرياً من َوضع الذين يَ َ‬
‫لكن ذلك لن يُ ّ‬
‫«نعم اي سيّدي‪ .‬و ّ‬
‫حلفا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 88 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ملاذا اي أخي؟»‬

‫كل‬
‫ألّنم ال يبحثون فقط عن املذهب وكلمة احلياة‪ ،‬إّّنا كذلك عن شفاء آالمهم وأمراضهم‪ ،‬و ّ‬ ‫« ّ‬
‫العاهات اليت تصيبهم هبا احلياة أو الشيطان يف اجلزء األدىن أو األمسى ِمن كياّنم‪ .‬وليس يف هذا ِسو َاك‬
‫كمن ال ُقدرة والسلطان‪».‬‬
‫فيك تَ ُ‬
‫َمن يَقدر عليه‪ ،‬أل ّن َ‬
‫كل‬ ‫يف‬ ‫املساكني‬ ‫لكل‬ ‫املعونة‬ ‫ح‬‫ن‬ ‫مت‬
‫ُ‬ ‫وسوف‬ ‫أفعل‪،‬‬ ‫ما‬ ‫عل‬ ‫«سوف يتم ّكن الذين معي ِمن فِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫شقاءاهتم‪ .‬إّّنا َمل يُصبِح فيكم بعد ما ُيب أن يتوفّر للتم ّكن ِمن فِعل ذلك‪ .‬فحا ِولوا َّت ُاوز أنفسكم‪،‬‬
‫وعبوا‪ ،‬ال كلميت فقط‪ ،‬بل روحها‪ ،‬يعين‬ ‫أن تدوسوا على ميولكم البشرية لِتَجعلوا الروح ينتصر‪ .‬واستَ ِ‬
‫ّ‬
‫كل شيء‪ .‬واآلن‪ ،‬هيّا بنا لنقول هلم كلميت‪ ،‬طاملا ال يريدون‬ ‫تَقدَّسوا هبا‪ ،‬وبعد ذلك تستطيعون فعل ّ‬
‫املضي دون احلصول على كلمة هللا‪ .‬بعد ذلك نعود إىل كفرانحوم‪ ،‬فهنالك أيضاً أانس ينتظرون‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫يسي؟»‬
‫الفر ّ‬
‫منك املغفرة يف بيت ّ‬
‫«هل صحيح اي سيّدي أ ّن مرمي اجملدليّة طَلَبَت َ‬
‫«صحيح اي توما‪».‬‬

‫«وهل َمنَحتَها ّإايها؟» يسأل فليبّس‪.‬‬

‫ومنَحتُها ّإايها‪».‬‬
‫«َ‬
‫َّصرف‪ ».‬يهتف برتلماوس‪.‬‬
‫أسأت الت ُّ‬
‫ك َ‬ ‫«ولكنّ َ‬
‫تستحق الغُفران‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«ملاذا؟ لقد كانت توبتَها صادقة‪ ،‬وكانت‬

‫وطي‪.‬‬‫ي‬‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يلومه‬ ‫»‬‫‪...‬‬‫ً‬‫ا‬


‫ر‬ ‫ها‬ ‫«ولكن‪َ ،‬مل يكن ينبغي لك منحها إايه يف ذلك البيت ِ‬
‫وج‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ ّ‬
‫أخطأت‪».‬‬
‫ُ‬ ‫أي شيء‬
‫لست أرى يف ّ‬
‫«ولكنّين ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 89 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الفريسيّون‪ ،‬وَكم َُيملون يف رؤوسهم ِمن احلُجج ال ُـمف ِرطة‬
‫أنت تَعلَم ما ُهم عليه‪ ،‬أولئك ّ‬
‫«يف هذا‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫عليك‪ .‬وإذا كان أحدهم يف كفرانحوم‬ ‫عليك‪ ،‬وَكم يَفرتون‪ ،‬وكم َُيقدون َ‬ ‫يف ال ّدقَّة‪ ،‬وكم عيوّنم مفتوحة َ‬
‫الصديق مسعان؟»‬ ‫رسل يف طَلَب زانية إىل بيته لِتُدنِّس له البيت وتُثري ُسخط َّ‬
‫صديقاً‪ ،‬وهو مسعان‪ ،‬فهل تُ ِ‬

‫دعها‪ .‬هي أتت إىل هناك‪َ .‬مل تَ ُكن حينذاك زانية‪ ،‬بل كانت اتئبة‪ .‬وهذا ُُمتَلف كثرياً‪.‬‬ ‫«أان َمل أستَ ِ‬
‫حّت أثناء وجودي‪ ،‬فاآلن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنو منها قَبالً‪ ،‬ومن اشتهائها على الدوام‪ّ ،‬‬‫يشمئز من ّ‬‫ّ‬ ‫إذا مل يكن أحد‬
‫قدمي‬ ‫ِ‬
‫حني َمل تَـعُد جسداً بل نفساً‪ ،‬ينبغي عدم الشعور ابالمشئزاز لدى رؤيتها داخلة لتَجثو عند َّ‬
‫اضع كانت ُُتبِّئه تلك الدموع‪ ،‬فأضحى بيت‬ ‫اضع يف اعرتاف عام متو ِ‬ ‫تقر بذنبها وتتو َ‬
‫ُّ‬ ‫وتبكي‪ ،‬وهي ّ‬
‫يسي متق ِّدساً مبعجزة عظيمة "قيامة نـَ ْفس"‪ .‬منذ مخسة ّأايم‪ ،‬كان قد َسأَلَين يف ساحة‬ ‫الفر ّ‬‫مسعان ّ‬
‫حت تلك املعجزة فقط؟" وأجاب بنفسه‪" :‬ابلطبع ال"‪ .‬وكانت لديه رغبة ُكربى‬ ‫اجرت َ‬
‫كفرانحوم‪" :‬هل ََ‬
‫َّاهد‪ ،‬إشبني خطوبة النَّفس إىل‬ ‫يف احلصول على واحدة‪ .‬وقد منحته إايها‪ .‬ولقد اخرتتُه ليكون الش ِ‬
‫ََ ُ ّ‬
‫فخر بذلك‪».‬‬ ‫النعمة‪ .‬عليه أن يَ َ‬
‫رت صديقاً‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«على العكس‪ ،‬فلقد افتُض َح بذلك‪ .‬وقد تكون َخس َ‬
‫الصداقة البائسة لَِر ُجل‪ ،‬إلعادة‬
‫يستحق عناء فِقدان صداقة َر ُجل‪َّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وجدت نـَ ْفساً‪ .‬وهذا‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫صداقة هللا لِنَـ ْفس‪».‬‬

‫ذكر ذلك!‬ ‫بشري‪ .‬إنّنا على األرض‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬تَ َّ‬
‫معك ال ميكن احلصول على تفكري ّ‬ ‫« َعبَثاً‪َ .‬‬
‫مسائك اليت يف‬ ‫تتحرك يف‬ ‫الشرائِع وأفكار األرض هي َّ ِ‬
‫َ‬ ‫تتصرف حسب َّنج السماء‪ّ ،‬‬ ‫أنت ّ‬ ‫السائدة‪َ .‬‬ ‫و َّ‬
‫أنت عدمي األهليّة إهليّاً على‬ ‫ِ‬
‫كل شيء من خالل أنوار السماء‪ .‬اي معلّمي املسكني! َكم َ‬ ‫قلبك‪ ،‬وتَرى ّ‬
‫َ‬
‫العيش وسطنا حنن املنحرفني!» يعانِقه يهوذا االسخريوطي م ِ‬
‫تعجباً وحزيناً‪ ،‬قائالً‪ ،‬إلّناء حديثه‪« :‬وأان‬
‫ُّ ّ‬ ‫ُ‬
‫كمالك‪».‬‬
‫َ‬ ‫لذاتك أعداء كثريين بسبب فَرط‬
‫ك َُتلُق َ‬ ‫آسف لذلك‪ ،‬ألنّ َ‬
‫عرفت أ ّن مسعان قد‬ ‫ِ‬
‫«ال أتسف لذلك اي يهوذا‪ ،‬لقد ُكتب أ ّن األمر يكون هكذا‪ .‬إّّنا كيف َ‬
‫أُهني؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 90 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َفه َمين أ ّن ذلك َمل يكن أمراً جديراً ابحلدوث‪َ .‬مل يكن‬
‫َفهم توما وأ َ‬
‫« َمل يـَ ُقل إنّه أُهني‪ .‬ولكنّه أ َ‬
‫دخل ِسوى أُانس أَشراف‪».‬‬ ‫عوهتا إىل بيته حيث ال يَ ُ‬‫لك َد َ‬ ‫ينبغي َ‬
‫نتحدثن أبداً عن َشَرف الذين يذهبون إىل بيت مسعان‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«حسناً! ال‬

‫«وميكنين القول إ ّن َعَرق العاهرات قد سال مرات عديدة على البالط‪ ،‬على الطاوالت‪ ،‬ويف‬
‫يسي‪ ».‬يقول مّت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفر ّ‬
‫أمكنة أخرى من بيت مسعان ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫«إّّنا ليس علناً‪ُُ ».‬ييب االسخر ّ‬
‫«ال‪ ،‬بل بِ ِرايء َح ِذر إلخفاء ذلك‪».‬‬

‫صل إذاً‪».‬‬
‫«تَرى أن تب ّدالً قد َح َ‬
‫لك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دخل لتَقول‪" :‬ها أنذا ُكلّي َ‬
‫َترك خطيئيت املخزية"‪ ،‬بَ َدل تلك اليت تَ ُ‬
‫«ودخول زانية لتَقول‪" :‬أ ُ‬
‫لِن ِ‬
‫نجز اخلطيئة معاً"‪ ،‬هو تَبدُّل كذلك‪».‬‬‫ُ‬
‫حق‪ ».‬يقول اجلميع‪.‬‬
‫مّت على ّ‬
‫«ّ‬
‫التوصل إىل تسوية معهم‪ُ ،‬يب التَّكيُّف‬ ‫ِ‬
‫حق‪ .‬إّّنا ُهم ال يُف ّكرون مثلنا‪ ،‬فيجب ّ‬
‫«نعم‪ ،‬إنّه على ّ‬
‫معهم للحصول عليهم كأصدقاء‪».‬‬

‫احلق والشرف والسلوك الوجداينّ ال تَكيُّف وال‬ ‫خيص ّ‬‫«هذا ال يكون ُمطلقاً اي يهوذا‪ .‬ففيما ّ‬
‫التصرف‪،‬‬
‫ت ّ‬ ‫وخيتم قوله‪« :‬عالوة على ذلك‪ ،‬أَعلَم أنّين أحسن ُ‬ ‫كالرعد‪َ .‬‬
‫تسوية‪ ».‬يقول يسوع بصوت َّ‬
‫وبَِقصد اخلري‪ .‬وهذا يكفي‪ .‬هيّا بنا نَصرف هؤالء الناس التَّعِبني‪».‬‬

‫وميضي صوب أولئك املنتشرين حتت األشجار‪ ،‬الذين يُثبِّتون النَّظَر ّ‬


‫ابّتاهه ُم ِّ‬
‫تلهفني لسماعه‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 91 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلق أقول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«السالم لكم َجيعاً‪ ،‬اي َمن أتيتم على َمراحل وحتت القيظ‪ ،‬لسماع البُشرى احلَ َسنة‪ّ .‬‬
‫لكم إنّكم بدأمت تُد ِركون ما هو ملكوت هللا‪ ،‬وَكم مثني هو امتالكه‪ ،‬وكم هو سعي ٌد االنتماء إليه‪.‬‬
‫اخلاصة به‪ ،‬أل ّن النَّـ ْفس فيكم َأت ُمر وتقول للجسد‪" :‬فلتفرح‬
‫كل تعب يَفقد قيمته ّ‬‫وابلنسبة إليكم‪ ،‬فإ ّن ّ‬
‫سعادتك أفعل ذلك‪ .‬عندما تتّحد يب‪ ،‬بعد القيامة األخرية‪ ،‬سوف ُحتبّين‬ ‫قك‪ .‬فإنّين ألجل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ألنّين أُره َ‬
‫صك الثاين"‪ .‬أليس هذا ما تقوله أرواحكم؟ ولكن هي‬ ‫ابل َقدر الذي دستك فيه‪ ،‬وسوف تَرى َّ ِ‬
‫يف ُُملّ َ‬ ‫ُ َُ‬
‫لتصرفاتكم‪ّ .‬أما اآلن فإنَّين أمنح ُكم‬
‫ابلتأكيد تقوله! وأنتم اآلن َّت َعلون تعاليم أمثليت البعيدة‪ ،‬أساساً ّ‬
‫أنواراً أخرى‪ ،‬ألجعلكم‪ ،‬على الدوام‪ ،‬أكثر َشغَفاً بذاك امللكوت الذي ينتظركم‪ ،‬والذي ال تُقدَّر قيمته‪.‬‬

‫سمداً إىل حديقته‪ .‬وبينما هو َُي ُفر األرض‬ ‫امسَعوا‪َ :‬مضى َر ُجل ِصدفة إىل حقل أيخذ منه تراابً ُم َّ‬
‫الصلبة بِ َعناء‪َ ،‬و َج َد حتت طبقة ِمن الرتاب ِعرق معدن مثني‪ .‬ماذا يفعل حينئذ ذاك الرجل؟ إنّه يغطي‬
‫ما اكتَ َش َفه ابلرتاب‪ ،‬وال يرتدد يف متابعة املشوار‪ ،‬فما اكتَ َش َفه يستحق العناء‪ .‬ميضي بعد ذلك إىل بيته‪،‬‬
‫صل على مال كثري‪ُ .‬ثّ ميضي ملقابلة مالك احلقل‬ ‫ِ‬
‫كل ثرواته من مال وممتلكات‪ ،‬يبيعها كي َُي َ‬ ‫َُي َمع ّ‬
‫لكن‬
‫"حقلك يُثري إعجايب‪ .‬كم تريد مثناً له؟" "ولكنّه ليس مع ّداً للبيع‪ ".‬يقول اآلخر‪ .‬و ّ‬ ‫َ‬ ‫ويقول له‪:‬‬
‫َّخذ املالك‬ ‫السعر‪ ،‬ويستمر يف رفعه بشكل ال يتناسب وقيمة احلقل‪ ،‬حّت ينتهي أبن يت ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرجل يَرفَع ّ‬
‫علي أن انتَ ِهز الفرصة‪ .‬أَقبُض املبلغ الذي يَع ِرضه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قراره وهو يُف ّكر‪" :‬هذا الرجل َمنون‪ ،‬ومبا إنّه كذلك‪َّ ،‬‬
‫وهذا ليس ِرىب‪ ،‬ألنّه هو الذي يريد َمنحي ّإايه‪ .‬وهبذا الثمن ميكنين شراء ثالثة حقول أَجل ِمن هذا"‪.‬‬
‫اآلخر هو الذي َح َّق َق‬ ‫َّ‬ ‫ويبيعه‪ ،‬وهو مقتَنِ‬
‫صفقة رائعة‪ .‬بينما العكس هو الصحيح‪ ،‬أل ّن َ‬ ‫َ َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫الصفقة اجليّدة‪ ،‬ذلك أنّه يستغين عن أشياء ميكن أن يَس ِرقها سارق‪ ،‬أو ميكن فقداّنا أو استهالكها‪،‬‬ ‫َّ‬
‫بكل ما لديه‬ ‫التضحية‬ ‫عناء‬ ‫يستحق‬ ‫فذلك‬ ‫‪.‬‬ ‫وطبيعي‬ ‫حقيقي‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫مبا‬ ‫نضب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ا‬
‫ً‬‫ز‬ ‫ـ‬‫ن‬‫ك‬ ‫نفسه‬ ‫واقتىن لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القتنائه‪ .‬ولكنّه رغم بقائه لبعض الوقت‪ ،‬ال يَقتَين ِسوى احلقل‪ ،‬فإنَّه يف احلقيقة َميلك الكنـز املخبّأ فيه‬
‫على الدوام‪.‬‬

‫الزوال ِمن أجل‬


‫فعلون مثل الرجل الذي يف ال َـمثَل‪َ .‬دعوا الثروات سريعة َّ‬ ‫أنتم قد أدركتُم ذلك‪ ،‬وتَ َ‬
‫سخروا‬
‫امتالك ملكوت السماوات‪ .‬تبيعوّنا للبُـلَهاء يف هذا العامل‪ ،‬تتنازلون هلم عنها‪ ،‬وتَقبَلون أن يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 92 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صَّرفوا هكذا على الدوام‪ .‬وذات يوم‪ ،‬سوف‬
‫صرف بالهة‪ .‬تَ َ‬
‫ظهر يف عيون العامل تَ ُّ‬
‫منكم ألجل ما يَ َ‬
‫يُعطيكم أبوكم الذي يف السماوات‪ ،‬بَِفَرح‪ ،‬مكانكم يف امللكوت‪.‬‬

‫الرب‪ ،‬فَ ِّكروا بِ َـمثَل الكنـز‪ ،‬الذي هو امللكوت‬


‫عُودوا إىل بيوتكم قَبل أن َُي ّل السبت‪ ،‬وأثناء يوم ّ‬
‫السماوي‪ .‬السالم معكم‪».‬‬
‫ّ‬
‫ويَنتَ ِشر الناس على َمهل على طُُرقات ودروب القرية‪ ،‬بينما ميضي يسوع صوب كفرانحوم‪.‬‬
‫ويَهبِط املساء‪.‬‬

‫صلها ليالً‪ُ .‬يتاز املدينة الصامتة بصمت‪ ،‬حتت ضوء القمر‪ ،‬املصباح الوحيد للطرقات املظلمة‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫َسرهتم‪ .‬إّّنا على‬
‫دخلون بصمت إىل احلديقة اجملاورة للبيت‪ ،‬ظانّني أ ّن اجلميع يف أ َّ‬ ‫الرصف‪ .‬يَ ُ‬
‫وسيّئة َّ‬
‫الشعلة‪ ،‬تنعكس على‬ ‫العكس‪ ،‬فإ ّن مصباحاً يتألأل يف املطبخ‪ ،‬وثالثة خياالت ترتاقص على وقع حركة ّ‬
‫جدار الفرن األبيض الصغري القريب‪.‬‬

‫سأذهب أان اآلن ألقول‬


‫ينتظرونك‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ولكن ال ميكن أن يسري األمر هكذا! َ‬
‫َ‬ ‫«هناك أانس‬
‫أنت إىل الشُّرفة‪».‬‬ ‫هلم إنّ َ ِ‬
‫اصعد َ‬
‫ك تَعب كثرياً‪ .‬ويف هذه األثناء َ‬
‫«ال اي مسعان‪ .‬إنّين ذاهب إىل املطبخ‪ .‬فإذا ما استبقى توما أُانسه‪ ،‬فهذا دليل على أ ّن هناك‬
‫هاماً‪».‬‬
‫سبباً ّ‬
‫العتَـبَة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سمع الذين يف الدَّاخل اهلَمس‪ ،‬ويدنو توما‪ ،‬صاحب البيت‪ ،‬من َ‬
‫ويف تلك األثناء يَ َ‬
‫تنتظرك منذ غياب مشس أمس‪ّ .‬إّنا مع خادم‪ُ ».‬ثّ‪،‬‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬هناك املرأة املعتادة‪ .‬وهي‬
‫وبصوت خافت‪ّ « :‬إّنا مضطربة ج ّداً وتبكي بغري انقطاع‪»...‬‬

‫«حسناً‪ .‬قُل هلا أن أتيت إىل الطابق العلوي‪ .‬أين انمت؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 93 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أمضت بضعة ساعات‪ ،‬عند الفجر‪ ،‬يف غرفيت‪ .‬وقد‬
‫« َملْ تكن تريد النوم‪ ،‬ولكنّها‪ ،‬يف النهاية‪َ ،‬‬
‫أسرتكم‪».‬‬
‫علت اخلادم ينام على أحد َّ‬ ‫َج ُ‬
‫أنت تنام على سريري‪».‬‬
‫«حسناً‪ ،‬سوف ينام عليه الليلة كذلك‪ ،‬و َ‬
‫«ال اي معلّم‪ ،‬سأكون على الشُّرفة‪ ،‬وسأانم أفضل على حصرية‪».‬‬

‫صعد كذلك‪.‬‬
‫صعد يسوع إىل الشُّرفة‪ ،‬وها هي ذي مرات تَ َ‬
‫يَ َ‬
‫«السالم ِ‬
‫لك اي مرات‪».‬‬
‫تُ ِ‬
‫بادله السالم بِنَحيب‪.‬‬
‫لت تبكني؟ ولكن ِ‬
‫ألست سعيدة؟»‬ ‫«أما ز ِ‬

‫وتُشري برأسها أَن ال‪.‬‬

‫«ولكن ملاذا إذن؟‪»...‬‬

‫فرتة صمت طويلة ِملؤها النَّحيب‪ .‬يف النهاية‪ ،‬و ِأبنني‪َ « :‬مل تَـعُد مرمي منذ ع ّدة ليال‪ .‬وال نَعثُر هلا‬
‫على أَثَر‪ ،‬ال أان وال املربّية وال مارسيل‪ .‬كانت قد َخَر َجت مع العربة‪ ،‬وقد أتنـَّ َقت بشكل رائع‪ .‬آه! َمل‬
‫تكن تريد ارتداء ثويب!‪ ...‬مل تكن نصف عارية‪ ،‬وما زال لديها منها‪ ،‬ولكنّها كانت ُمثرية ج ّداً يف‬
‫وطيباً‪ ...‬وَمل تَـعُد‪ .‬لقد َرَّدت اخلادم عند طالئع بيوت كفرانحوم‬ ‫ذلك‪ ...‬وكانت قد أَخ َذت معها ذهباً ِ‬
‫َ‬
‫َحست ابلوحدة‪،‬‬ ‫قائلة‪" :‬سوف أعود برفقة َمموعة أُخرى"‪ .‬ولكنّها َمل تَـعُد‪ .‬لقد َخ َد َعتنا! أو قد تكون أ َّ‬
‫ص َل هلا سوء‪ ...‬لن تعود‪ »...‬وّتثو مرات وهي تبكي‪،‬‬ ‫ض َعت لتجربة‪ ...‬نعم‪ ،‬لقد َح َ‬ ‫أو قد تكون َخ َ‬
‫ض َعته على كوم ِمن األكياس الفارغة‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫وقد أسنَ َدت رأسها إىل ساعدها الذي َو َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 94 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إيل منذ ثالث‬
‫يمنة‪« :‬ال تنوحي‪ .‬فمرمي قد أتت َّ‬ ‫وه‬ ‫قة‪،‬‬‫ينظُر إليها يسوع ويقول بِتُؤدة وثِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تكرست‪ ،‬وإىل األبد‪ ،‬مت ِ‬
‫َّخذة‬ ‫ُ‬ ‫قدمي‪ .‬وهكذا َّ َ‬
‫بكل َموهراهتا عند َّ‬
‫قدمي َورَمت ّ‬ ‫أمسيات‪ ،‬وقد طَيَّـبَت يل َّ‬
‫قلبك‪ .‬لقد ّتاوَز ِ‬
‫تك‪».‬‬ ‫مكاانً هلا بني تلميذايت‪ .‬فال تَ ُذميها يف ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫«ولكن أين‪ ،‬أين هي أخيت؟» هتتف مرات وهي تَرفَع وجهها املضطَ ِرب‪« .‬ملاذا َمل تَـعُد إىل البيت؟‬
‫ضته أن يكون‬‫استأجَرت مركباً و َغ ِرقَت؟ هل ميكن لعشيق َرفَ َ‬ ‫َ‬ ‫هل أَملَّ هبا سوء؟ هل ميكن أن تكون قد‬
‫حّت فَقدُّهتا!» ابحلقيقة لقد َخَر َجت مرات عن‬ ‫قد اختَطََفها؟ آه! مرمي! حبيبيت مرمي! ما أن َو َجدُّهتا ّ‬
‫سمعوّنا‪َ .‬مل تَـعُد تُف ِّكر أ ّن إبمكان يسوع أن يقول هلا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طَورها‪َ .‬مل تَـعُد تُف ّكر أ ّن الذين يف األسفل قد يَ َ‬
‫أبي شيء‪.‬‬
‫أين أختها‪ّ .‬إّنا تيأس دون تفكري ّ‬
‫السكينة‪ ،‬وعلى اإلنصات إليه‪ُ ،‬مهي ِمناً‬ ‫ُمي ِسكها يسوع بقبضته‪ ،‬وي ِ‬
‫رغمها على احلفاظ على َّ‬ ‫ُ‬
‫فهمت؟»‬‫يدك سخيَّة‪ .‬هل ِ‬ ‫ِ‬
‫عليها بقامته الطويلة ونظرته املغناطيسيّة «كفى! أريد أن تؤمين بكالمي‪ .‬أر َ‬
‫وال يرتكها ّإال حينما هتدأ مرات قليالً‪.‬‬

‫تتذوق فَـَرحها‪ ،‬يف عزلة مقدَّسة‪ ،‬أل ّن لديها احلياء فائق احلساسيّة الذي‬ ‫ضت ِ‬
‫أختك َّ‬ ‫«لقد َم َ‬
‫الفاحصة‪ِ ،‬من األهل على‬
‫لك ذلك مسبقاً‪ .‬ال ميكنها َحت ُّمل النَّظرة اللطيفة‪ ،‬إّّنا ِ‬
‫للمفتَدين‪ .‬ولقد قُلت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لك صحيح على الدوام‪ .‬ينبغي ِ‬
‫لك اإلميان يب‪».‬‬ ‫ثوهبا اجلديد كعروس للنّعمة‪ .‬وما أقوله ِ‬

‫لكن مرمي كانت حتت سلطان الشيطان بشكل هائل‪ ،‬هائل‪ .‬ولقد‬
‫«نَعم‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬نعم‪ .‬و ّ‬
‫اسرتدها دفعة واحدة‪ .‬لقد‪»...‬‬
‫َّ‬

‫أنت الشُّجاعة‪ ،‬وقد‬ ‫َّ‬ ‫«إنّه ينتَ ِقم ِ‬


‫منك من أجل الفريسة اليت فَـ َق َدها لألبد‪ .‬هل علي أن أر ِاك‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫ك‪ ،‬بسببها‪ ،‬هي اليت تؤمن‬ ‫حت فريسة بسبب خوف َمنون‪ ،‬وبال مربر؟ هل ينبغي يل أن أرى أنّ ِ‬ ‫أصب ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫إيل‪ .‬ال‬
‫أنصيت َّ‬‫إيل جيداً‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب اآلن‪ ،‬قد فَـ َقدت إميانك احللو الذي عرفتك فيه على الدوام؟ مرات انظري َّ ّ‬
‫نصيت إىل الشيطان‪ .‬أال تَعلَمني أنّه‪ ،‬عندما يكون َُم َرباً على ترك فريسته بسبب نصر ِمن هللا عليه‪،‬‬‫تُ ِ‬
‫كل‪ ،‬سارق حقوق هللا هذا‪ ،‬الذي ال يَ َتعب‪،‬‬ ‫فإنّه يبدأ العمل مباشرة‪َ ،‬ج ّالد الكائنات هذا‪ ،‬الذي ال يَ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 95 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لِيَجد فرائس أخرى؟ أال تَعلَمني أ ّن عذاابت شخص يُقاوم اهلجمات ألنّه صاحل ومؤمن تُثبِّت شفاء‬
‫كل شيء يَتبَع‬ ‫ِ‬
‫وجد يف اخلليقة‪ ،‬بل إ ّن ّ‬ ‫كل ما َُي ُدث ويُ َ‬
‫روح آخر؟ أال تعلمني أ ّن ال شيء ُم َنعزل عن ّ‬
‫كل فِعل ِمن أحدهم تكون له انعكاسات طبيعيّة‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫إىل‬ ‫يؤدي‬ ‫ا‬ ‫شريعة أزلية ِمن التَّبعيات والنتائج‪ِ ،‬‬
‫مم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت يف‬ ‫ِ‬ ‫ك تبكني هنا‪َُ ،‬تتَِربين هنا ّ‬ ‫وفائقة الطبيعة ممت ّدة كثرياً؟ إنّ ِ‬
‫الشك الفظيع وتَبقني وفيّة ملسيحك‪ّ ،‬‬
‫شك ابلغفران‬ ‫ساعة الظلمات هذه‪ .‬وهناك‪ ،‬يف موضع َُما ِور ال تعرفينه‪ ،‬مرمي‪ ،‬وهي تَشعُر ّأّنا َحت ّل آخر ّ‬
‫ِ‬
‫عذابك الذي‬ ‫صلَت عليه‪ .‬فتتب ّدل دموعها إىل ابتسامات‪ ،‬وظُلماهتا إىل نور‪ .‬إنّه‬ ‫الالمتناهي الذي َح َ‬
‫كل وصمة‪ ،‬إىل جانب‬ ‫ن‬ ‫قادها إىل حيث السالم‪ ،‬حيث النُّفوس تتج ّدد إىل جانب اليت ولِ َدت بريئة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أختك عند أ ُّمي‪ .‬آه! فهي‬ ‫اليت هي حياة لدرجة ّإّنا انلت أن َمتنَح العامل املسيح الذي هو حياة‪ِ .‬‬
‫احلي‬ ‫مرمي‬ ‫شعاع‬ ‫صدره‬ ‫إىل‬ ‫انداها‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫اآلمن‪،‬‬ ‫املرفأ‬ ‫ذاك‬ ‫يف‬ ‫اعها‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ليست األوىل اليت تُ ِ‬
‫دخ‬
‫ّ‬
‫العذب‪ ،‬بواسطة حب ابنها الصامت وال َف َّعال! ِ‬
‫أختك يف الناصرة‪».‬‬ ‫ُ ّ‬
‫بيتك؟‪ ...‬وحدها‪ ...‬أثناء الليل‪...‬‬
‫ك وال َ‬ ‫«ولكن كيف ذَ َهبَت إىل هناك وهي ال تَعرف ّأم َ‬
‫هكذا‪ ...‬دوّنا واسطة‪ ...‬بذلك الثوب‪ ...‬تَسلك طريقاً طويلة ج ّداً‪ ...‬كيف؟»‬
‫«كيف؟ مثل سنونو تَعِب َميضي إىل العش حيث ولِد‪َُ ،‬متازاً ُحبوراً ِ‬
‫وجباالً‪ُ ،‬متغلّباً على العواصف‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذهب أسراب السنونو إىل َمطا ِرحها الشتويّة‪ ،‬بغريزة تقودها‪ ،‬حبرارة‬ ‫ِ‬
‫والغيوم والرايح املعاكسة‪ .‬كما تَ َ‬
‫تدعوها‪ ،‬ابلشمس اليت تناديها‪ .‬وقد َهَر َعت هي كذلك صوب الشعاع الذي يناديها‪ ...‬صوب األ ُّم‬
‫األزليّة‪ .‬وسوف نراها عائدة عند الفجر سعيدة‪ ...‬وقد َخَر َجت ِمن الظُّلُمات لألبد‪ ،‬مع أ ُّم إىل جانبها‪،‬‬
‫ِ‬
‫ميكنك اإلميان بذلك؟»‬ ‫أ ُّمها‪ ،‬لكيال تعود يتيمة أبداً‪ .‬هل‬

‫«نعم اي سيّدي‪».‬‬
‫كأّنا قد فُتِنَت‪ .‬وكان يسوع ابلفعل م ِ‬
‫هيمناً‪ ،‬عظيماً‪ ،‬واقفاً‪ ،‬ومع ذلك كان منحنياً قليالً‬ ‫مرات‪ ،‬و ّ‬
‫ُ‬
‫فوق مرات اجلاثية‪ ،‬يتح ّدث بِتؤدة وبصوت انفِذ‪ ،‬كما لِيَنفذ إىل أعماق التلميذة املضطربة‪ .‬قليلة هي‬
‫نصتون إليه‪ .‬إّّنا‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬اي له ِمن‬
‫املرات اليت رأيتُه فيها بذلك السلطان حّت يقنِع أحد الذين ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫نور‪ ،‬اي لالبتسامة على وجهه!‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 96 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وتَعكس مرات‪ ،‬لدى ابتسامته‪ ،‬نوراً أكثر سكينة على وجهها‪.‬‬

‫«واآلن اذهيب واسرتُيي بسالم‪».‬‬

‫ستعيدة ُهدوءها‪...‬‬ ‫وتُقبِّل مرات يديه‪َ ،‬‬


‫وهتبط ُم َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 97 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -101‬مرمي اجملدليّة بصحبة مرمي وسط التالميذ)‬

‫‪1945 / 07 / 30‬‬

‫صل خلف‬ ‫«قد َهتب العاصفة اليوم‪ ،‬اي معلّم‪ .‬هل تَـرى تلك احلُّزم‪ ،‬اليت بلون الرصاص‪ ،‬تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حتس بِلَفحات الريح الشماليّة اليت تَتنَاوب مع اهل ـَـبّات‬
‫تتجعد؟ هل ّ‬
‫حرمون؟ هل تَـَرى البحرية كيف ّ‬
‫احلارة‪ .‬الزوابع إشارة مؤَّكدة على هبوب العاصفة‪.‬‬
‫اخلماسينيّة ّ‬
‫«يف خالل َكم ِمن َّ‬
‫الزمن‪ ،‬اي مسعان؟»‬

‫«قَبل ّناية الساعة األوىل‪ .‬انظر كيف يُس ِرع الصيّادون يف العودة‪ ،‬إ ّّنم يَشعُرون ابلبحرية ُهت ِّدد‪.‬‬
‫بعد قليل سوف يُصبِح لوّنا كذلك ّ‬
‫رمادايً‪ُ ،‬ثّ بلون ال َقطران‪ ،‬وبعد ذلك اهليجان‪».‬‬

‫«ولكنّها تبدو ساكنة للغاية‪ ».‬يقول توما ُمش ِّككاً‪.‬‬

‫خيص الذهب‪ ،‬وأان أَعلَم مبا يتعلّق ابملاء‪ .‬واألمر سيكون كما أقول‪ .‬وهذه ليست‬ ‫ِ‬
‫أنت أَعلَم مبا ّ‬
‫« َ‬
‫عاصفة غري متوقَّعة‪ ،‬بل هي َحت ُدث وفق إشارات مؤَّكدة‪ .‬املاء ساكن على السطح‪ ،‬ابلكاد تلك الطبقة‬
‫لشعرت وكأ ّن اآلالف ِمن النَّقفات تَصطَ ِدم‬
‫َ‬ ‫كنت يف املركب!‬
‫َّك لو َ‬ ‫الرقيقة‪ ،‬وهي ال تُ َّ‬
‫شكل شيئاً‪ .‬ولكن َ‬
‫حّت تعطي السماء اإلشارة‪،‬‬ ‫يهتز املاء اآلن يف األسفل‪ .‬انتظر ّ‬
‫وهتز املركب بشكل غريب‪ّ .‬‬ ‫ابلغاطس‪ّ ،‬‬
‫َدخلوا ما نُ ِشَر‪،‬‬
‫وسوف تَـرى بعدها!‪ ...‬دع الريح الشمالية ُتتلط ابخلماسينية! ُث!‪ ...‬آه! النساء! أ ِ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وضعوا احليواانت يف املأوى‪ .‬سوف تَ َنه ِمر بغزارة عما قريب‪ ،‬حجارة وماء‪».‬‬‫َ‬
‫اصلة ِمن‬
‫ابلفعل تُصبِح السماء أكثر ميالً إىل اخلُضرة‪ ،‬مع سحب رمادية‪ ،‬بوصول حزم متو ِ‬
‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬
‫الغيوم اليت تبدو وكأ ّن حرمون العظيم قد تقيَّأَها‪ّ .‬إّنا تَدفَع الفجر لِتُ َ‬
‫عيده إىل اجلهة اليت أقبَ َل منها‪،‬‬
‫تستمر يف‬
‫ّ‬ ‫سحة) واحدة فقط‪ ،‬هي اليت‬ ‫وكأ ّن الوقت يعود إىل الليل‪ ،‬بَ َدل التقدُّم إىل الظُّهر‪ .‬فَرجة (فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضربة فرشاة وِهيّة صفراء‪-‬خضراء‪،‬‬ ‫نح ِرف من خلف حاجز الغيوم الرماديّة‪ ،‬وتُرسل َ‬ ‫اهلََرب بشكل ُم َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 98 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الالزوردي‪ ،‬لِيَمتَ ِقع لوّنا‬
‫ّ‬ ‫لوّنا‬ ‫البحرية‬ ‫ت‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫قد‬ ‫ها‬ ‫انحوم‪.‬‬ ‫ر‬ ‫كف‬ ‫ن‬ ‫على قمة هضبة يف اجلنوب الغريب ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وِهي على عمق ماء ُمظلِم‪.‬‬ ‫املتكسرة‪ ،‬تبدو ببياض ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزبَد بني املوجات الصغرية‪،‬‬
‫ابألزرق القامت‪ ،‬وطالئع َّ‬
‫السالل واألشرعة‬ ‫ِ‬ ‫وجلب ِّ‬
‫الشباك و ّ‬ ‫أي َمركب‪ .‬يُسرع الرجال يف اجلنوح ابل َـمراكب َ‬ ‫َمل يـَعُد يف البحرية ّ‬
‫ويؤِّمنون أواتداً وحباالً‪ ،‬ويُبيتون احليواانت يف‬
‫واجملاديف‪ ،‬أو إذا كانوا قَرويّني‪ ،‬فإ ّّنم يُف ِرغون ُماصيلهم‪َ ،‬‬
‫االصطبالت‪ .‬وتُس ِرع النساء يف الذهاب إىل النبع قبل هطول األمطار‪ ،‬أو َُيمعن األطفال الن ِ‬
‫َّاهضني‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫األمهات اللوايت يَشعُرن‬ ‫الدجاجات‬ ‫مثل‬ ‫يصات‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫اب‪،‬‬ ‫و‬‫األب‬ ‫قن‬ ‫مع الشمس ويعِدّنم إىل البيت‪ ،‬ويغلِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بقدوم الربد‪.‬‬
‫«تعال معي اي مسعان‪ .‬أ ِ‬
‫َرسل يف طَلَب خادم مرات ويعقوب أخي‪ُ .‬خذ شراعاً ضخماً‪ ،‬طويالً‬
‫وعريضاً‪ ،‬هناك امرأاتن على الطريق‪ ،‬وُيب الذهاب للقائهما‪».‬‬

‫يَنظُر إليه بطرس بُِفضول‪ ،‬ولكنّه يُطيع دون إضاعة الوقت‪.‬‬


‫ِ‬
‫متوجهني إىل اجلنوب‪ ،‬يَسأل مسعان‪« :‬ولكن‬
‫وعلى الطريق‪ ،‬بينما ُهم يَرُكضون‪َُ ،‬يتَازون البلدة ّ‬
‫َمن ُِها؟»‬

‫«أ ُّمي ومرمي اجملدليّة‪».‬‬

‫وكانت املفاجأة عظيمة لدرجة أ ّن بطرس يَِقف بُرهة‪ ،‬وكأنّه قد تَ َّ‬


‫سمَر يف األرض‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫ك؟!!! ومرمي اجملدليّة؟!!! معاً؟!!!» ُُثّ يُعا ِود اجلَّري‪ ،‬أل ّن يسوع َمل يتوقّف‪ ،‬وال يعقوب‪ ،‬واخلادم‬‫«أ ُّم َ‬
‫ك ومرمي اجملدليّة! معاً!‪ ...‬منذ مّت؟»‬ ‫كذلك‪ .‬ولكنّه يُ ِّ‬
‫كرر القول‪« :‬أ ُّم َ‬
‫«منذ أن َمل تَـعُد ِسوى مرمي يسوع‪ .‬أَس ِرع اي مسعان‪ .‬هي ذي ال َقطَرات األوىل‪»...‬‬
‫ِ‬
‫عج الغبار اآلن كالغيم يف األرض‬ ‫وُيا ِول بطرس اإلسراع أكثر من ِرفاقه األكرب واألسرع منه‪ .‬ويَ ّ‬
‫ُ‬
‫كسر‬ ‫ِ‬
‫يعج بفعل الريح اليت تشت ّد بني حلظة وأُخرى‪ ،‬ريح تَرفَع البحرية ُمش ّكلة َذرى تَشرع ابلت ّ‬
‫احملروقة‪ّ ،‬‬
‫شاهد وقد أصبَ َحت قِ ْدراً عمالقاً يغلي املاء‬
‫ـجلَبة على الشاطئ‪ .‬عندما تُصبح رؤية البحرية ممكنة‪ ،‬تُ َ‬
‫بَ‬
‫ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 99 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫االّتاهات‪ ،‬ترتَ ِطم ببعضها‪ُ ،‬ثّ تتفّرق‬ ‫كل ّ‬ ‫األقل‪ ،‬ترتاكض فيه يف ّ‬ ‫فيه بش ّدة‪ .‬أمواج‪ ،‬ابرتفاع مرت على ّ‬
‫وح َدابت ُمنتَ ِفخة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمرتاكضة يف ّاّتاهات متعاكسة‪ ،‬حبثاً عن موجة أخرى ترتَطم هبا‪ .‬إنّه نزال َزبَد وذَرى َ‬
‫ِ‬
‫طمات تَص َفع البيوت األقرب إىل الشاطئ‪ .‬وعندما َمل تَـ ُعد البيوت‬ ‫ِ‬
‫متفجرة‪ ،‬وهزير رايح‪ ،‬ولَ َ‬
‫وأصوات ّ‬
‫ُيسون بوجودها‪ ،‬بضجيج أقوى ِمن هدير الرايح اليت تَثين األشجار‪ُ ،‬منتَ ِزعة‬ ‫تُرى‪َّ ،‬ت َعل البحرية اجلميع ّ‬
‫الربوق املتقاربة واألكثر ش ّدة‪.‬‬ ‫منها األوراق ِ‬
‫الرعد ُمه ّدداً‪ ،‬وقد َسبَـ َقته ُ‬
‫دوي َّ‬
‫الثمار‪ ،‬ويَطول ّ‬
‫وموقعة ّ‬‫ُ‬
‫« َمن يدري ِمقدار خوف هاتني املرأتني!» يقول بطرس الهثاً‪.‬‬

‫«أ ُّمي‪ ،‬ال‪ّ .‬أما األُخرى فال أعرف‪ .‬إّّنا ابلتأكيد إن مل نُس ِرع فَستتبلَّالن‪».‬‬

‫األمتار‪ ،‬عندما‪ ،‬يف غيوم ِمن الغُبار‪ ،‬وسط زَمرة أ ّول َهطل‬ ‫ِ‬
‫َّت َاوزوا كفرانحوم ببضعة مئات من ّ‬
‫ِ‬
‫ُمتسا ِرع بشكل مائل بعنف‪ُُ ،‬مطّطاً اهلواء املظلم‪ ،‬والذي يُصبِح مباشرة شالّالً يَ ّ‬
‫رش‪ ،‬يَعمي‪ ،‬ويَقطَع‬
‫التنفس‪ ،‬حينذاك يَروا امرأتني َّت ِراين حبثاً عن َملجأ حتت شجرة كثيفة‪.‬‬
‫ُّ‬

‫«ها ِها! فلنُس ِرع!»‬

‫ولكن‪ ،‬رغم أن ُحبّه ملرمي َمينَحه أجنحة‪ ،‬فإنّه‪ ،‬مع ساقيه القصريتني‪ ،‬اللَّتني ليس فيهما ّ‬
‫أي أثر‬
‫صل عندما يكون يسوع ويعقوب قد تَ َّلقيا املرأتني حتت شراع ثقيل‪.‬‬ ‫لِعدَّاء‪ ،‬ي ِ‬
‫َ َ‬
‫نتعرض إىل ضربة صاعقة‪ ،‬وبعد قليل تُصبِح الطريق سيالً‪ .‬هيّا بنا اي‬
‫«ال ميكن البقاء هنا‪ .‬قد ّ‬
‫معلّم‪ ،‬أَقلَّه ّ‬
‫حّت أوائل البيوت‪ ».‬يقول بطرس وهو يَ َلهث‪.‬‬
‫ِ‬
‫مادين ِّ‬
‫الشراع فوق رؤوسهم وظهورهم‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ويَسريون جاعلني املرأتني يف الوسط‪ّ ،‬‬
‫ّأول كلمة يقوهلا يسوع ملرمي اجملدليّة‪ ،‬اليت ما تزال ترتدي الثوب ذاته الذي كانت ترتديه أثناء‬
‫الوليمة يف بيت مسعان‪ ،‬إّّنا إبضافة معطف ملرمي ال ُكلّية القداسة على كتفيها‪« :‬هل ِ‬
‫أنت خائفة اي‬ ‫ّ‬
‫مرمي؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 100 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب َوضعه‬
‫ُتر َ‬
‫وهي اليت كان رأسها منحنياً على الدوام‪ ،‬حتت الوشاح الذي يغطّي شعرها‪ ،‬وقد َّ‬
‫فإّنا َحت َمّر‪َ ،‬حتين رأسها أكثر وهي ُهتم ِهم‪« :‬ال اي سيّدي‪».‬‬
‫أثناء اجلري‪ّ ،‬‬

‫صبيّة جبدائلها ال ُـمدالّة على كتفيها‪ ،‬ولكنّها‬


‫والسيّدة العذراء فَـ َق َدت داببيسها كذلك‪ ،‬وتبدو َك َ‬
‫وُي ِّدثها اببتسامته‪.‬‬
‫تبتسم البنها الذي يسري إىل جانبها ُ‬
‫« ِ‬
‫أنت ُمبلَّلة اي مرمي‪ ».‬يقول يعقوب بن حلفا وهو يَلمس معطف ووشاح السيّدة العذراء‪.‬‬

‫ُنقذان كذلك ِمن املطر‪ ».‬تقول مرمي‬‫«ال يهم‪ ،‬وحنن اآلن يف مأمن‪ .‬أليس كذلك اي مرمي؟ لقد أ ِ‬
‫ّ‬
‫بلطف ملرمي اجملدليّة اليت تَشعُر ابالرتباك املؤمل‪ .‬وتُشري تلك برأسها أن نـَ َعم‪.‬‬

‫عنك‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬


‫برؤيتك‪ّ .‬إّنا يف كفرانحوم‪ ،‬وقد كانت تبحث َ‬ ‫سر ِ‬
‫أختك‬ ‫«سوف تُ ُّ‬
‫وحت ِّدق بعينيها الرائعتني يف وجه يسوع الذي ُُي ِّدثها ابللهجة الطبيعية‬
‫تَرفَع مرمي رأسها لُِربهة‪ُ ،‬‬
‫نفسها اليت ُُي ِّدث هبا التالميذ اآلخرين‪ .‬ولكنّها ال تقول شيئاً‪ .‬فهي ُمن َك ِسرة ابنفعاالت كثرية‪.‬‬

‫يُضيف يسوع‪« :‬إنّين مسرور إببقائها‪ .‬سوف أ ََدع ُكما تذهبان بعد أن أُاب ِرككما‪».‬‬
‫ِ‬
‫صدر عن مرمي اجملدليّة حركة تُنبِئ عن فَـَزع‪ .‬تَ َ‬
‫ضع يديها‬ ‫وي صاعقة قريبة‪ .‬وتَ ُ‬ ‫وتَضيع َكل َمته يف َد ّ‬
‫على وجهها وتنحين‪ ،‬وقد ان َف َجَرت ابلبكاء‪.‬‬

‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫«ال ُتايف!» يقول بطرس ليُطمئنها‪« .‬لقد َع ََربت الضربة‪ ،‬ومع يسوع ال َمال للخوف من ّ‬
‫شيء‪».‬‬

‫كذلك يعقوب‪ ،‬القريب ِمن مرمي اجملدليّة‪ ،‬يقول هلا‪« :‬ال تبكي‪ ،‬إ ّن البيوت قريبة ج ّداً‪».‬‬

‫«أان ال أبكي ِمن اخلوف‪ ...‬بل أبكي ألنّه قال يل إنّه سوف يُبا ِركين‪ ...‬أان‪ ...‬أان‪ »...‬وَمل تَـعُد‬
‫تستطيع قول شيء آخر‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 101 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عاصفتك اآلن‪ .‬ال تُف ِّكري هبا‬
‫ِ‬ ‫أنت‪ ،‬اي مرمي‪ ،‬قد ّتاو ِ‬
‫زت‬ ‫تد َّخل العذراء لِت ِ‬
‫هدئتها بَِقوهلا‪ِ « :‬‬ ‫وتَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ين؟»‬
‫الصفاء والسالم‪ .‬أليس كذلك اي بُ َّ‬
‫أبداً‪َ .‬مل يـَعُد اآلن سوى َّ‬

‫كل شيء أَجل‪ ،‬أنقى‪،‬‬


‫حقيقي‪َ .‬ع ّما قليل ستعود الشمس‪ ،‬وسيكون ّ‬
‫ّ‬ ‫«نعم اي أ ُّمي‪ ،‬ابلفعل هذا‬
‫وأكثر نَداوة ِمن األمس‪ .‬كذلك سيكون األمر ابلنسبة ِ‬
‫إليك اي مرمي‪».‬‬ ‫ّ‬
‫نت‪ .‬إنّين مسرورة‬
‫األم لتتكلّم‪ ،‬وهي تَش ّد على يد مرمي اجملدليّة‪« :‬سوف أقول ملرات ما قُلتَه أ َ‬ ‫وتعود ّ‬
‫فع َمة إرادة َح َسنَة‪».‬‬
‫إلمكانيّة رؤيتها حاالً‪ ،‬والقول هلا َكم مرميها ُم َ‬
‫تحمل الطََّوفان بصرب‪ ،‬يرتك املالذ ليذهب إىل أحد املنازل طَلَباً‬
‫بطرس الذي يتخبّط يف الوحل ويَ َّ‬
‫لِ َملجأ‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 102 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫ِ‬
‫الصيادين)‬ ‫(مثَل‬
‫‪َ -102‬‬
‫‪1945 / 07 / 31‬‬

‫اصل‬‫التَأَم اجلميع يف القاعة الواسعة يف الطابق العلوي‪ .‬والعاصفة العنيفة َحت َّولَت إىل مطَر متو ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وشك على التوقّف‪ ،‬وأحياانً يَهطُل بِش ّدة وهياج غري ُم َتوقَّعني‪ .‬يف احلقيقة‪،‬‬ ‫اهلطول‪َ ،‬خيف أحياانً وكأنّه ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هتب الرايح؛ وهي‬ ‫ِ‬
‫الزبَد‪ ،‬عندما ّ‬‫إ ّن البحرية اليوم ليست الزورديّة‪ ،‬بل هي صفراء‪ ،‬مع سحاابت من َ‬
‫رماديّة كالرصاص مع َزبَد أبيض عندما هتدأ العاصفة‪ .‬الروايب‪ ،‬ابملياه اليت ّتري فيها‪ ،‬وأوراقها اليت تنثين‬
‫دالة وقد َك َسَرهتا الرايح‪ ،‬وكميّات كبرية من األوراق اليت انتَـَز َعها‬‫أيضاً حتت ثِقل املطر‪ ،‬واألغصان ال ُـم ّ‬
‫كل اجلهات‪ ،‬إىل البحرية‪ ،‬األوراق واحلجارة والرتبة‬ ‫ن‬ ‫م‬‫الربد‪ ،‬تُش ِّكل سواقي مياه صفراء‪َّ ،‬ترف معها‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫ضّراً‪.‬‬ ‫املنج ِرفة ِمن املنحدرات‪ .‬وبَِق َي النور ُمغشَّى ُ‬
‫وُم َ‬
‫ويف الغرفة‪ ،‬مرمي مع مرات ومرمي اجملدليّة وامرأاتن أخراين‪ ،‬ال أعرف ابلضبط َمن تكوانن‪ ،‬جالِسات‬
‫الر ُسل يَعرفون املرأتني‪ ،‬ذلك ّأّنما‬ ‫قرب النافذة ال ُـم ِطلّة على الروايب‪ ،‬و َّ‬
‫لدي انطباع أ ّن يسوع ومرمي و ُّ‬
‫طأطئة الرأس بني مرمي ومرات‪ ،‬وقد‬ ‫على راحتهما‪ ،‬ابلتأكيد أكثر ِمن مرمي اجملدلية اليت تَلبث بال حراك‪ ،‬م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الوحل‪ .‬ولكنّين أُسيء التعبري‪ ،‬فإ ّن العذراء قد‬ ‫َّ ِ‬ ‫استعادات ثياهبما َّ‬
‫اجملف َفة قرب النار‪ ،‬وال ُـمنظفة من َ‬
‫ضيِّقاً وقصرياً ابلنسبة‬
‫الصويف األزرق الداكن‪ّ ،‬أما مرمي اجملدليّة فرتتدي ثوابً ُمستعاراً‪َ ،‬‬‫ّ‬ ‫استعادت ثوهبا‬
‫وحتا ِول تاليف عيوب الثوب أبن تبقى ُمتدثِّرة معطف أختها‪ ،‬وقد‬ ‫وص ّحتها ُمكتَنِـزة‪ُ ،‬‬
‫إليها‪ ،‬فهي طويلة َ‬
‫ائي‪ ،‬ألنّه ُيب إُياد بعض‬ ‫ض َّمت َشعرها يف ضفريتني كبريتني َع َق َدهتُما عند قَفا عُنقها بشكل عشو ّ‬ ‫َ‬
‫الداببيس األخرى َُمتَ ِمعة هنا وهناك‪ ،‬لِتَ َح ُّمل ثِقل الشَّعر‪ .‬ابلفعل‪ ،‬منذ ذلك احلني وأان أُالحظ‪ ،‬بشكل‬
‫بين بِ َذ َهب الشَّعر‪.‬‬‫دائم‪ ،‬أ ّن مرمي اجملدلية َُتتم الداببيس بشريطة هي نوعاً ما اتج انعم‪ ،‬ميتَزِج لونه التِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 103 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ُسل وصاحب البيت على مقاعد‪ ،‬عند أطراف‬ ‫يف اجلانب اآلخر ِمن القاعة‪َُ ،‬يلس يسوع و ُّ‬
‫ِ‬
‫النوافذ‪ .‬يَغيب عنهم فقط خادم مرات‪ّ .‬أما بطرس والصيّادون اآلخرون فَـيَدرسون الطقس ُم ِّ‬
‫تكهنني حالة‬
‫الغد‪ .‬ويسوع يَستَ ِمع إىل هذا وذاك‪ُ ،‬‬
‫وُييب‪.‬‬

‫تتعود تلك املرأة على صاحباهتا‪ ».‬يقول يعقوب‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫أتيت‪.‬‬ ‫أن‬ ‫ي‬ ‫ُم‬ ‫«لو كنت أَعلَم لقلت ِ‬
‫أل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بن زبدى وهو يَنظُر جهة النساء‪.‬‬
‫«هيه! لو علِمنا!‪ ...‬ولكن ملاذا مل ِ‬
‫أتت أ ُّمنا مع مرمي؟» يَسأل ت ّداوس أخاه يعقوب‪.‬‬ ‫َ‬
‫«ال أدري‪ ،‬فأان كذلك أتساءل‪».‬‬

‫«أهي مريضة؟»‬

‫«لكانت ذَ َكَرت مرمي ذلك‪».‬‬

‫«سوف أسأهلا عن ذلك‪ ».‬وميضي جهة النساء‪.‬‬

‫صحة جيّدة‪ ،‬أان َمن َجنَّبتُها ذلك التعب اهلائل يف‬‫سمع صوت مرمي العذب ُييب‪ّ « :‬إّنا يف ّ‬ ‫ويُ َ‬
‫ومضينا عند الفجر‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬
‫صلَت مرمي مساء‪َ ،‬‬ ‫تلك احلرارة‪ .‬وفَـَررَان مثل صبيّتني‪ ،‬أليس كذلك اي مرمي؟ َو َ‬
‫أتيت‪».‬‬
‫لت حللفا فقط‪" :‬هو ذا املفتاح‪ .‬سأعود قريباً‪ .‬قُل ذلك ملرمي"‪ .‬و ُ‬ ‫قُ ُ‬

‫صل مرمي على ثوب‪ .‬سوف ّنضي َجيعنا معاً‬ ‫وحت َ‬


‫يتحسن الطقس َ‬‫«سنعود معاً‪ ،‬اي أ ُّمي‪ ،‬حينما ّ‬
‫حّت بلوغ الطرق األكثر أماانً‪ .‬وهكذا يصبحن معروفات ِمن بورفرييه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َع ْرب اجلليل‪ُ ،‬مصطَحبني األخوات ّ‬
‫وسوسنة‪ ،‬ونسائكم‪ ،‬وفليبّس وبرتلماوس‪».‬‬

‫حن معروفات"‪ ،‬كيال يقول‪" :‬تُصبِح مرمي معروفة!" ّإهنا كذلك قويّة‬ ‫ِ‬
‫رائعة هي تلك الكلمة‪" :‬يُصب َ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫البالغة‪ ،‬تُزيل كل الظُّنون والقيود املعنوية ُّ ِ‬
‫فرض اجملدليّة‪ُ ،‬متغلّبة على ّ‬ ‫للر ُسل جتاه ال ُمفتَ َداة‪ّ .‬إهنا كلمة تَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ظرََتا ُم َتو ِّسلة‪ ،‬عا ِرفة‬
‫كل شيء‪ .‬مرات ُمش ِرقة‪ ،‬مرمي اجملدليّة َحت َم ّر‪ ،‬ونَ َ‬ ‫ِ‬
‫العقبات واملضايقات اليت ََّتتَّبها‪ ،‬و ّ‬
‫ابجلميل‪ُ ،‬مضطَ ِربة‪ ،‬ما أدراين؟‪ ...‬ومرمي الكلّيّة القداسة َعذبَة االبتسامة‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 104 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أين ّنضي لِنَبدأ‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫وطرباي وقاان‪ ،‬إىل الناصرة‪ .‬ومن هناك‪َ ،‬ع ْرب جافيا ومسريون‪،‬‬
‫«إىل بيت صيدا‪ُ ،‬ثّ‪َ ،‬ع ْرب َمدال ّ‬
‫ّنضي إىل بيت حلم اجلليل‪ُ ،‬ث إىل القيصرية‪ »...‬وبكاء مرمي اجملدلية ي ِ‬
‫قاطع يسوع‪َ ،‬فريفَع رأسه‪ ،‬يَنظُر‬‫ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫رت اخلادم بذلك‪،‬‬ ‫إليها‪ُ ،‬ثّ يُتابِع وكأ ّن شيئاً مل يكن‪« :‬يف القيصريّة سوف َّتدون عربتكم‪ .‬لقد أََم ُ‬
‫املظال‪».‬‬
‫وستَمضون إىل بيت عنيا‪ .‬وسنلتقي‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬يف عيد ّ‬ ‫َ‬
‫تتمالك مرمي اجملدليّة نفسها وال ّتيب على أسئلة أختها‪ ،‬ولكنّها َُت ُرج ِمن القاعة‪ ،‬وتنـزوي يف‬
‫املطبخ‪ ،‬رّمبا‪ ،‬لُِربهة‪.‬‬

‫«إ ّن مرمي تتأ ّمل لدى مساعها أب ّن عليها الذهاب إىل بعض املدن‪ ،‬وُيب تَـ َف ُّهمها‪ ...‬أقول ذلك‬
‫لك‪ ،‬اي معلّم‪ ».‬تقول مرات بِتَو ُ‬
‫اضع وقَـلَق‪.‬‬ ‫للتالميذ أكثر منه َ‬

‫«صحيح‪ ،‬اي مرات‪ .‬إّّنا ُيب أن ّتري األمور على هذا الشكل‪ ،‬فإذا مل ُّتابِه العامل مباشرة‪ ،‬فوراً‬
‫البشري‪ ،‬فإن ِهدايَتها البطوليّة تبقى‬‫ّ‬ ‫ومعنا‪ ،‬ومل ُحت ِطّم ذلك الطاغية الرهيب‪ ،‬الذي هو االحرتام‬
‫مشلولة‪».‬‬

‫لك اي مرات‪ ،‬ابمسي وابسم َجيع الرفاق كذلك‪ ».‬يَعِد‬


‫«معنا‪ ،‬لن يقول هلا أحد شيئاً‪ .‬أؤّكِ ُد ِ‬
‫بطرس‪.‬‬

‫«ولكن ابلطبع‪ ،‬سوف ُحنيط هبا كأخت‪ ،‬وهذا ما هي عليه ابلفعل‪ ،‬كما قالت مرمي‪ ،‬وهذا ما‬
‫ستكونه ابلنسبة إلينا‪ ».‬يؤّكد ت ّداوس‪.‬‬

‫حّت حنن‪ .‬وكذلك هي تُد ِرك صراعاهتا‪ ».‬يقول‬ ‫ِ‬


‫«ُثّ!‪ ...‬حنن َجيعنا َخطَأَة‪ ،‬والعامل َمل يُوفّران‪ ،‬وال ّ‬
‫الغيور‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 105 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أان أفهمها أفضل ِمن اجلميع‪ .‬إ ّن العيش يف األماكن اليت أَخطَأان فيها حملمود هو‪ .‬صحيح َّ‬
‫أن‬
‫قاومة‬
‫وم َ‬
‫الناس يف تلك األماكن يَعلَمون َمن نكون!‪ ...‬وهذا عذاب لنا‪ ،‬ولكنّه كذلك َعدل ونَصر ُ‬
‫حّت دون‬‫لي‪ ،‬وحنن بذلك نكون حافزاً لآلخرين على االهتداء‪ّ ،‬‬ ‫األمر ابلذات‪ ،‬أل ّن سلطان هللا فينا َج ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫فَتح أفواهنا‪ ».‬يقول َّ‬

‫فهموّنا‪ .‬وذلك ما سيكون على الدوام‪ .‬سوف‬ ‫ِ‬


‫«انظري اي مرات‪ ،‬إ ّن اجلميع يَت َف َّهمون أختك ويَ َ‬
‫ومضطَِربة‪ّ .‬إّنا ّقوة عظيمة للصاحلني كذلك‪ .‬إذ حينما ُحت ِطّم‬ ‫ِ‬ ‫تكون نقطة َّ ِ‬
‫عالمة لنُفوس كثرية خاطئة ُ‬
‫حب‪ .‬فهي قد َغ ََّريت فقط ِوجهة فيض مشاعرها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مرمي آخر سالسل املشاعر اإلنسانيّة‪َ ،‬ستُصبح انر ّ‬
‫فعل اخلَوارق‪ .‬أؤّكد لكم‬ ‫ِ‬
‫احلب فائقة الطبيعة‪ ،‬وبعد ذلك سوف تَ َ‬ ‫لقد َج َعلَت َمقدرهتا اهلائلة على ّ‬
‫وتتقوى يف حياهتا اجلديدة‪.‬‬
‫وّنا‪ ،‬يوماً إثر يوم‪ ،‬تَس ُكن ّ‬‫ذلك‪ .‬فاآلن هي ما تزال ُمضطَ ِربة‪ ،‬وسوف تَـَر َ‬
‫لت‪" :‬لقد غُ ِفر هلا الكثري‪ّ ،‬‬
‫ألّنا أَحبَّت كثرياً"‪ّ .‬أما اآلن فأقول لكم‪ :‬يف احلقيقة‪،‬‬ ‫ففي بيت مسعان قُ ُ‬
‫بكل دمها‪،‬‬ ‫فكرها‪،‬‬ ‫بكل‬ ‫نفسها‪،‬‬ ‫بكل‬ ‫هتا‪،‬‬‫قو‬ ‫بكل‬ ‫إهلها‬ ‫حتب‬ ‫سوف‬ ‫ا‬ ‫ألّن‬
‫ّ‬ ‫يء‬ ‫ش‬ ‫كل‬ ‫هلا‬ ‫ر‬ ‫لقد غُ ِ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حرقة‪».‬‬ ‫وبكل جسدها حّت ال ِ‬
‫ـم‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أمتىن لو أستَ ِح ُّقها أان كذلك‪ ».‬يت ّنهد اندراوس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫«اي لغبطتها‪ ،‬الستحقاقها هذه الكلّمات! ّ‬
‫لك َمثَالً‪ ،‬يبدو أنّه ُجعِل‬
‫ك قد استَح َققتَها! تعال هنا‪ ،‬اي صيّادي‪ ،‬أريد أن أروي َ‬
‫أنت؟ ولكنّ َ‬
‫« َ‬
‫خاص‪».‬‬
‫لك بشكل ّ‬
‫َ‬
‫مذهبك!‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«انتظر اي معلّم‪ ،‬سأحبث عن مرمي‪ ،‬إ ّن هبا لَ َشغف يف معرفة‬

‫قعد يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬


‫وبينما َُت ُرج مرات‪ ،‬يُرتّب اآلخرون املقاعد على شكل نصف دائرة حول َم َ‬
‫رض البحر‪ ،‬ويُل ُقون ِشباكهم‪ ،‬وبعد مضي الزمن الالزم‪،‬‬ ‫يبدأ يسوع احلديث‪َ« :‬مي ُخر الصيّادون َع َ‬
‫َُيُّروّنا إىل الشاطئ‪ .‬وقد كانوا يُتِ ّمون العمل بكثري ِمن العناء‪ ،‬أبمر ِمن معلّمهم الذي َكلَّ َفهم أتمني‬
‫حّت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الضارة أو سيّئة النوعيّة‪ ،‬فال َحتملوها ّ‬ ‫األول إىل املدينة‪ ،‬قائالً هلم‪" :‬أ َّما األمساك ّ‬
‫َمسَك من النوع ّ‬
‫عملون حلساب معلّم آخر‪،‬‬ ‫إىل األرض‪ .‬بل أَعيدوها إىل البحر‪ .‬وسيأخذها صيّادون آخرون‪ ،‬ومبا ّأّنم يَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 106 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دوي أكثر فظاعة‪ّ .‬أما‬ ‫ع‬ ‫مدينة‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫وما‬ ‫الضار‬ ‫كون‬ ‫فَسيأخذوّنا إىل مدينته‪ ،‬ذلك ّأّنم‪ ،‬هناك‪ ،‬يستهلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫(رديء)"‪.‬‬‫دخل شيء َوبيل َ‬ ‫يف مدينيت‪ ،‬اجلميلة واملشرقة واملقدَّسة‪ ،‬فينبغي ّأال يَ ُ‬

‫حاملا تُصبِح الشَّبَكة على الشاطئ‪ ،‬يبدأ الصيادون َّ‬


‫اجلر‪ ،‬ذلك أ ّن السمك كان كثرياً‪ ،‬هبيئات‬
‫ظهرها َجيالً ولكن حلمها ُممتَلِئ َح َسكاً‪ ،‬وهي ذات طعم‬ ‫وقياسات وألوان ُمتلفة‪ ،‬ومنها ما كان َم َ‬
‫املتفسخة اليت تَزيد طعم السمك سوءاً‪ .‬بينما كانت‬ ‫كريه‪ ،‬واجلوف َُمشو ابلوحل والديدان واألعشاب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫ب‪ ،‬والفم يبدو ِمثل َوجه َُم ِرم‪ ،‬أو وحش‪ ،‬أو‬ ‫ظهرها غري ُمستَ َح ّ‬
‫ِ‬
‫أُخرى على العكس من ذلك‪َ ،‬م َ‬
‫فإّنا كانت َمتُّر دون‬
‫ألّنا اتفهة‪ّ ،‬‬
‫لكن الصيادين كانوا يَعلَمون أ ّن حلمها لذيذ‪ .‬وأُخرى‪ّ ،‬‬ ‫كابوس‪ ،‬و ّ‬
‫السالل ابلسمك اللذيذ‪ ،‬وكان يف ِّ‬
‫الشباك‬ ‫ِ‬
‫عملون‪ .‬وامتَ َألَت ّ‬ ‫عملون ويَ َ‬
‫لَفت االنتباه‪ .‬وكان الصيّادون يَ َ‬
‫السالل‪ .‬لِنَـ ْرِم الباقي كلّه يف البحر"‪ .‬يقول صيّادون‬
‫ِ‬
‫مسك ال قيمة له‪" .‬هذا يكفي اآلن‪ .‬لقد امتَ َألَت ّ‬
‫كثريون‪.‬‬
‫ولكن واحداً منهم‪ ،‬وقد كان قليل الكالم‪ ،‬بينما كان اآلخرون َميت ِدحون أو يست ِ‬
‫هجنون األمساك‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اليت كانت تقع بني أيديهم‪ ،‬وهذا ظَ َّل يـُ َفتِّش يف الشَّبَكة‪ ،‬فاكتَ َشف وسط السمكات الصغرية مسكتني‬
‫"السالل ُممتَلِئة‪ ،‬بل هي‬
‫ّ‬
‫السالل‪" .‬ولكن ماذا تَفعل؟" يسأَل اآلخرون‪ِ .‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أو ثالاثً وضعها فوق تلك ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ََُ‬
‫ك تريد اعتبارها األَجل"‪.‬‬ ‫سبك أنّ َ‬
‫بوضعك تلك السمكات البائسة فوقها‪َ .‬ح َ‬ ‫َ‬ ‫فسدها‬‫تَط َفح‪ .‬وأنت تُ ِ‬
‫َ‬
‫ودة"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"دعوا عنكم هذا‪ ،‬فأان اعرف هذا النوع من األمساك‪ ،‬وأَعلَم ما هلا من أفضليّة َو ُج َ‬
‫الص ِامت‪ ،‬الذي َعَرف متييز أفضل‬ ‫وينتهي ال َـمثَل بََِربَكة ِمن املعلّم للصيّاد َّ‬
‫الصبور العا ِرف و َّ‬
‫السمكات بني اجملموعة‪.‬‬

‫العملي ال ُـمستَخلَص منه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫واآلن استَ ِمعوا إىل التطبيق‬
‫ِ‬
‫الرب‪ .‬واملدينة هي ملكوت السماوات‪ .‬الصيّادون‬ ‫ُمعلّم املدينة اجلميلة وال ُـمش ِرقة واملقدَّسة هو ّ‬
‫الس َمكات ال ُـم َفضَّلة ُهم الق ّديسون‪.‬‬
‫كل األجناس‪ .‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫ومسَك البحر‪ ،‬البشريّة‪ ،‬حيث الناس من ّ‬ ‫ُهم ُر ُسلي‪َ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 107 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وصيّادوه ُهم العامل واجلَّ َسد‬ ‫ِ‬
‫ُمعلّم املدينة الفظيعة‪ ،‬هو الشيطان‪ .‬املدينة الفظيعة هي جهنّم‪َ .‬‬
‫وهم‬ ‫ِ‬
‫املتجسدة يف ُخ ّدام الشيطان‪ ،‬إن يَ ُكن روحيّاً‪ ،‬أي الشياطني‪ ،‬وإن يكن بشرّايً ُ‬
‫ّ‬ ‫الشريرة‬
‫وال ُـميول ّ‬
‫السمكات السيّئة فهي ُمتثِّل الناس املدانني الذين ال يَستَ ِح ُّقون ملكوت‬
‫فسدو نُظرائِهم‪ّ .‬أما َّ‬
‫م ِ‬
‫ُ‬
‫السماوات‪.‬‬

‫َوسط الذين يَصطَادون النُّفوس ِمن أجل مدينة هللا‪ ،‬سوف يكون على الدوام أولئك الذين‬
‫الصبور‪ ،‬الذي يَع ِرف أن يُثابِر يف البَحث‪ ،‬ابلضبط يف الطَّبَقات اإلنسانيّة‪،‬‬ ‫الصياد َّ‬‫يُضاهون َمهارة َّ‬
‫وبكل أسف‪،‬‬ ‫َّظرة األوىل‪ّ .‬‬
‫ِ‬
‫الصرب‪ ،‬قد َرفَعوا فقط ما كان يَبدو صاحلاً من الن َ‬‫حيث رفاقه اآلخرون‪ ،‬انفِذو َّ‬
‫سيكون هناك صيّادون‪َ ،‬كوّنم شاردي الذهن وثَراثرين‪ ،‬بينما ال َفرز واالختيار يَتطَلَّب انتباهاً َ‬
‫وصمتاً‬
‫فقدوّنا‪ .‬وسيكون هناك‬ ‫السمكات اجليدة‪ ،‬وي ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫َ‬‫ل‬ ‫الطبيعة‪،‬‬ ‫فائقة‬ ‫ات‬‫ر‬‫اإلشا‬‫و‬ ‫فوس‬ ‫ُّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫صوت‬ ‫سماع‬ ‫لِ‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫كل ما تَـبَـ ّقى‪.‬‬
‫قصون كذلك النُّفوس غري املتكاملة ظاهرّايً‪ ،‬ولكنّها ممتازة يف ّ‬ ‫َمن‪ ،‬بسبب َكثرة التش ّدد‪ ،‬يُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلون عليها من أجلي‪ ،‬تُظ ِهر إشارات صر َ‬
‫اعاهتا‬ ‫همكم لو أ ّن إحدى السمكات اليت َحت َ‬ ‫ماذا يَ ُّ‬
‫همكم لو أ ّن‬ ‫التشوهات ِ‬
‫احلاصلة ألسباب كثرية‪ ،‬إن َمل َّتَرح روحها؟ ماذا يَ ُّ‬ ‫كشف عن ُّ‬ ‫املاضية‪ ،‬وتَ ِ‬
‫َّمت رغم جراحاهتا‪ ،‬إذا كان داخلها يُظ ِهر اإلرادة اجلليّة‬ ‫وتقد‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ح‬‫ِ‬
‫ر‬ ‫ج‬ ‫‪،‬‬ ‫العدو‬ ‫ن‬ ‫تتحرر ِ‬
‫م‬ ‫إحداها‪ ،‬كي َّ‬
‫َ‬ ‫ّ ُ َ‬
‫ابلرغبة يف االنتماء إىل هللا؟ ّإّنا نُفوس ُمبتالة‪ ،‬نُفوس اثبتة‪ ،‬أكثر ِمن أولئك الذين‪ ،‬كأطفال‪ُ ،‬هم‬
‫ُمصانون ابل ُق ُمط وال َـمهد واأل ُّم‪ ،‬وانئمون ُمشبَعني ويف أحوال جيّدة‪ ،‬أو يبتسمون بِ ُسكون‪ ،‬إّّنا الذين‬
‫الفكر أو العُمر أو تقلُّبات احلياة اليت تَفرض ذاهتا‪ -‬مفاجآت‬ ‫سوف يظ ِهرون فيما بعد ‪-‬إن بسبب ِ‬
‫ُ‬
‫مؤملة الحنرافات وجدانيّة‪.‬‬

‫َعمل جاهداً على أن أجعل‬ ‫ِ ِ‬


‫سمعون املزيد‪ ،‬ألنّين َسأ َ‬
‫أُذ ّكركم ب َـمثَل االبن الشاطر‪ .‬سوف تَ َ‬
‫استقامة البصرية تَن َفذ إىل داخلكم‪ ،‬حتت شكل فحص الضمري واختيار شكل توجيه الضمائر الفريدة‪،‬‬
‫التصرف ّتاه التجارب والتعاليم‪ .‬ال تَظنّوا فَرز‬
‫كل منها‪ ،‬ابلنتيجة‪ ،‬له طريقته اخلاصة ابإلحساس و ّ‬ ‫و ّ‬
‫اإلهلي‪ ،‬وهذا يتطلّب‬
‫النُّفوس سهالً‪ .‬العكس هو الصحيح‪ .‬هذا يتطلّب عيناً روحيّة ُمضاءَة ابلنور ّ‬
‫ذكاء َُت َِرتقه احلكمة اإلهليّة‪ ،‬وهذا يتطلّب امتالك الفضائل إىل درجة بطوليّة‪ ،‬وعلى رأسها احملبّة؛ وهذا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 108 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫التأمل فيه‪ .‬وهذا‬
‫ص غامض ُيب قراءته و ّ‬ ‫كل نـَ ْفس هي نَ ّ‬
‫التأمل‪ ،‬إذ إ ّن ّ‬
‫يتطلّب املقدرة على الرتكيز يف ّ‬
‫الرتفُّع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ال َـمنافع األاننيّة‪ .‬العيش من أجل النُّفوس ومن أجل هللا‪ََّ .‬‬‫يتطلّب ّاحتاداً دائماً ابهلل‪ ،‬مع نسيان ّ‬
‫وصلباً كاحلديد ِمثل احملا ِربني‪.‬‬
‫وّت ُاوز التَّحيُّزات واملشاعر والنُّفور‪ .‬أن يكون املرء لطيفاً مثل اآلابء‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫صلباً كاحلديد ِمن أجل القول‪" :‬هذا غري َمسموح به ولن‬ ‫لطيفاً من أجل النّصح وإعادة الشجاعة‪َ .‬‬
‫ِ‬
‫عمله"‪ .‬فَ ّكِروا يف ذلك جيّداً‪ ،‬أل ّن نُفوساً كثرية تُ َرمى يف‬
‫تَقوم به"‪ .‬أو "هذا يَصلُح للعمل‪ ،‬وسوف تَ َ‬
‫املستنقعات اجلهنّميّة‪ .‬إّّنا لن يكون هناك فقط نُفوس ُخطاة‪ .‬بل سيكون كذلك نُفوس صيّادين‬
‫قصر يف وظيفتها فَـتُساهم بذلك يف فقدان أرواح كثرية‪.‬‬‫ِ‬
‫إجنيليّني‪ :‬تلك اليت تُ ّ‬
‫األول ِمن أورشليم الكاملة اخلالدة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫سيأيت اليوم‪ ،‬الذي هو اليوم األخري من عُمر األرض‪ ،‬و ّ‬
‫حيث املالئكة‪ ،‬كالصيّادين يف ال َـمثَل‪ ،‬يَفصلون األخيار عن األشرار وفقاً لعدالة الدَّاين ال ُـمطلَ َقة‪ ،‬كي‬
‫خيص الصيّادين‬ ‫الص ِ‬
‫احلق فيما ّ‬ ‫عرف ّ‬ ‫َُ‬‫ي‬ ‫وحينذاك‬ ‫اخلالدة‪.‬‬ ‫النار‬ ‫إىل‬ ‫ار‬‫ر‬ ‫األش‬
‫و‬ ‫السماء‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ون‬ ‫احل‬ ‫ذهب َّ‬‫يَ َ‬
‫ظهر كما هو مع رؤسائه وال ُـم َخلَّصني‪ .‬سوف نَرى حينئذ‬ ‫الرايء يَس ُقط‪ّ ،‬أما شعب هللا فَـيَ َ‬
‫صادوا‪ ،‬و ّ‬‫ومن َ‬
‫َ‬
‫اهر قد أُسيئت معاملتهم‪ُ ،‬هم أَلَق السماء‪،‬‬ ‫أ ّن الكثريين ِممَّن هم ظاهرايً عدميو الشأن‪ ،‬أو من هم يف الظَّ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الصابِرين ُهم أولئك الذين َعملوا ابألكثر‪ ،‬والذين يتألَّقون اآلن كحجارة مثينة‪،‬‬ ‫وأ ّن الصيادين اهلادئني و َّ‬
‫صوا على أيديهم‪.‬‬‫كل الذين َخلَ ُ‬ ‫بسبب ّ‬
‫وشرحه‪».‬‬
‫ذاك هو ال َـمثَل َ‬
‫لكن‪ »...‬يَنظُر إليه بطرس‪ ،‬يَنظُر‪ُُ ...‬ثّ يَنظُر إىل مرمي اجملدليّة…‬
‫«وأخي؟!‪ ...‬آه! ّ‬
‫ف مبفرده‪ ».‬يقول اندراوس بصراحة‪.‬‬
‫صر َ‬
‫«ال اي مسعان‪ .‬ابلنسبة إليها ال فَضل يل‪ .‬فاملعلّم قد تَ َّ‬
‫كل الباقني؟» يَسأَل فليبّس‪.‬‬
‫«ولكن هل َأي ُخذ الصيّادون اآلخرون إذن‪ ،‬صيّادو الشيطان‪ّ ،‬‬
‫« ُُياولون أخذ األفضل‪ ،‬أي النُّفوس القادرة على إيصال أعظم معجزة للنعمة‪ ،‬ويست ِ‬
‫خدمون‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫صحفة َع َدس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لذلك الناس أنفسهم‪ ،‬فعالوة على ّتارهبم‪ .‬هناك يف العامل كثريون م َّـمن‪ ،‬من أجل َ‬
‫يَستغنون عن ح ّقهم يف البُكوريّة!»‪1‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 109 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت تقول سيكون‪ ،‬يف ذاك اليوم‪ ،‬كثري ِم َّـمن يَنساقون للفساد أبمور العامل‪ .‬أَفَيكون‬
‫«اي معلّم‪َ ،‬‬
‫أولئك أيضاً ُهم الذين يَصطَادون للشيطان؟» يَسأَل يعقوب بن حلفا‪.‬‬

‫نساق اإلنسان للفساد بواسطة الثَّروة اليت ُمي ِكنها أن َمتنَح‬ ‫«نعم اي أخي‪ .‬ففي هذا ال َـمثَل‪ ،‬يَ َ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬إنّه ِمن أصل مائة إنسان‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حق يف َكنـز امللكوت‪ .‬ولكن‪ّ ،‬‬ ‫كل ّ‬‫الكثري من املل ّذات‪ ،‬فَاقداً ّ‬
‫ومن َهذا الثُّلث ال يوجد سوى‬ ‫ال يوجد سوى الثُّلث يعرفون مقاومة ّتربة الذهب أو إغواءات أخرى‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫بطويل‪ .‬ميوت العامل ُُمتَنِقاً‪ ،‬ألنّه يُقيِّد ذاته إبرادته برابطات اخلطيئة‪.‬‬
‫النصف يعرفون القيام بذلك بشكل ّ‬
‫تتصرفون‬ ‫كيف‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫اعرف‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ووِهي‬ ‫اتفهة‬ ‫ات‬ ‫و‬‫ثر‬ ‫له‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫فالفضل أن يتجرد اإلنسان عن كل شيء‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يهمه االحتفاظ‬‫يدت فيه ُد ّرة اندرة‪ ،‬ال يعود ّ‬ ‫الصائِغ ال َف ِطن الذي‪ ،‬عندما يَستَعلِم عن مكان ِص َ‬ ‫ثل َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫م‬
‫ُّرة الرائعة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫جبواهر صغرية يف خزانته‪ ،‬بل هو يبيعها َجيعها ليَشرتي تلك الد ّ‬
‫يتبعونك‪ ،‬وملاذا تقول‬
‫َ‬ ‫الرساالت اليت تُكلِّف هبا الذين‬
‫ذاتك‪ ،‬فروقاً بني ِّ‬
‫أنت َ‬‫«ولكن ملاذا ّتعل‪َ ،‬‬
‫ألّنا اتفهة‬ ‫الرساالت كعطيّة ِمن هللا؟ إذاً ُيب علينا رفض تلك ِّ‬
‫الرساالت ّ‬ ‫لنا إ ّن علينا أن نَنظُر إىل ِّ‬
‫وال أِهيّة هلا‪ ،‬قياساً مبلكوت السماوات‪ ».‬يقول برتلماوس‪.‬‬

‫«هذه ليست أموراً اتفهة‪ّ :‬إّنا َوسائل‪ .‬وتكون بال أِهّيّة‪ ،‬أو تكون هباء منثوراً ملطّخاً‪ ،‬لو‬
‫هامة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عملون من أجل احلصول على مركز يف غاية إنسانيّة ّ‬ ‫أصبَ َحت هدفاً إنسانيّاً يف احلياة‪ .‬فالذين يَ َ‬
‫حّت ولو كان مق ّدساً‪ ،‬تفاهة ُملطَّ َخة‪ّ .‬أما أنتم فاجعلوا منه قبوالً طائِعاً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َُي َعلون من هذا املنصب‪ّ ،‬‬
‫فالرسالة ُِمَرقة‪ ،‬إذا ما أمتمناها دوّنا‬
‫وُمرقة كاملة‪ ،‬وبذلك َّت َعلون منه ُد ّرة اندرة‪ِّ .‬‬ ‫وواجباً مف ِرحاً‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫العَرق والدم‪ .‬ولكنّها تُش ِّكل‬
‫حت ّفظات تُصبِح شهادة‪ ،‬تُصبِح ََمداً‪ ،‬فهي َّت َعل الدموع تَسيل‪ ،‬وكذلك َ‬
‫اتج امللكوت اخلالد‪.‬‬

‫كل شيء‪».‬‬
‫ك ُّتيد اإلجابة على ّ‬
‫«ح ّقاً‪ ،‬إنّ َ‬
‫«ولكن أمل تَفهموا؟ أَتُد ِركون ما أقوله لكم ِمن خالل مقارانت موجودة يف األشياء اليوميّة‪ ،‬وهي‬
‫مع ذلك مضاءة بنور فائق الطبيعة‪َُ ،‬ي َعل منها تَفسرياً ألمور خالِدة؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 110 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«نعم اي معلّم‪».‬‬

‫ذكروا إذن األسلوب يف تعليم اجلموع‪ .‬فذلك هو أحد أسرار ال َكتَـبَة واحلاخامني‪ُّ :‬‬
‫التذكر‪.‬‬ ‫«تَ َّ‬
‫ف ابحلكمة اليت تؤّكد امتالك ملكوت السماوات‪ ،‬يُشبِه أابً‬ ‫كالًّ منكم‪ ،‬وقد َّ‬
‫تثق َ‬ ‫احلق أقول لكم إ ّن ّ‬
‫ّ‬
‫خدماً األشياء القدمية أو اجلديدة يف اهلدف الوحيد‪،‬‬ ‫لعائلة‪ُ ،‬خيرِج ِمن كنـزه أشياء مفيدة لعائلته‪ ،‬مست ِ‬
‫ُ َ‬
‫ف َهطل املطر‪ .‬فلنَ َدع النساء بسالم‪ ،‬ولِنَ ِ‬
‫مض إىل طوبيّا‬ ‫أتمني احلاجيات الضروريّة ألبنائه‪ ...‬ها قد توقَّ َ‬
‫لكن أيّتها النساء‪».‬‬
‫عيين روحه على أمور املاورائيّات‪ .‬السالم ّ‬ ‫العجوز الذي َسيَفتَح ّ‬

‫‪( .1‬يستَ ِ‬
‫بدلون ما ال يَفىن ِمبا يَفىن)‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 111 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -103‬مرغزايم يُعلِّم مرمي اجملدليّة ال "أابان")‬

‫‪1945 / 08 / 01‬‬

‫كل شيء أَجل اآلن ممّا كان عليه قبل‬ ‫وحّت إ ّن ّ‬


‫عاد الطقس اجلميل إىل منطقة حبر اجلليل‪ّ .‬‬
‫اجلو كاملة‪ ،‬وعندما تَنظُر العني إىل قبّة‬ ‫العاصفة‪ ،‬إذ إ ّن كل شيء قد َُتَلَّ ِ‬
‫ص من الغُبار‪ .‬فشفافيّة ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫نشر‬ ‫يتولَّد لديها انطباع ّ‬
‫أبّنا َمسَت وأصبَ َحت أكثر خ ّفة‪ّ ...‬إّنا وشاح شبه ش ّفاف‪ ،‬ميت ّد ويُ َ‬ ‫السماء‪َ ،‬‬
‫بني األرض وروائع اجلنّة‪ .‬والبحرية تَعكس هذا األُفق الكامل‪ ،‬وتضحك ساكنة مبياهها الزرقاء الفريوزيّة‪.‬‬

‫صعد إىل مركب بطرس‪ .‬ومعه‪ ،‬عالوة‬ ‫إنّه بزوغ الفجر‪ .‬يسوع‪ ،‬ومعه مرمي ومرات ومرمي اجملدليّة‪ ،‬يَ َ‬
‫يوطي‪،‬‬
‫عم يسوع واالسخر ّ‬ ‫مّت وتوما وأبنا ّ‬
‫على بطرس‪ ،‬اندراوس‪ ،‬وكذلك الغيور وفليبّس وبرتلماوس‪ّ .‬أما ّ‬
‫تتحمل‬
‫يتوجهون صوب بيت صيدا‪ ،‬يف رحلة قصرية‪ ،‬الرايح فيه مؤاتية‪ّ ،‬‬ ‫فَـ ُهم يف مركب يعقوب ويوحنّا‪ّ .‬‬
‫بضعة دقائق‪.‬‬

‫وشكون على الوصول‪ ،‬يقول يسوع لربتلماوس‪ ،‬ولرفيقه الذي ال يفارقه فليبّس‪« :‬سوف‬ ‫عندما ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َمتضيان لتُخطرا زوجتيكما‪ .‬سآيت اليوم لزايرتكما‪ ».‬ويَنظُر إىل اإلثنني نَظرة ُم ِّ‬
‫عربة‪.‬‬

‫بك؟»‬ ‫ِ‬
‫أمرت به يكون اي معلّم‪ .‬أفال َهتبين وفليبّس أن حنظى َ‬
‫«ما َ‬
‫حّت الغروب‪ .‬ال أريد حرمان مسعان بطرس فَـَرح أن يكون مع مرغزايم‪».‬‬
‫«لن ّنكث هنا سوى ّ‬
‫نس ِحب فليبّس مع برتلماوس لِيَمضيا إىل‬
‫ََ‬‫ي‬ ‫كب‪.‬‬
‫املر‬ ‫ن‬‫م‬‫يبلغ املركب الشاطئ‪ ،‬ويتوقّف‪ .‬ينـزلون ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫البلدة‪.‬‬

‫«أين ميضي هذان اإلثنان؟» يَسأَل بطرس املعلّم الذي نـََزل ّأوالً وهو إىل جانبه‪.‬‬
‫«َمي ِ‬
‫ضيان إلخطار زوجتيهما‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 112 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«إذن‪ ،‬هل أمضي أان كذلك إلخطار بورفرييه؟»‬

‫«ال داعي لذلك‪ .‬فإ ّن بورفرييه طيّبة لدرجة ال حتتاج معها للتهيئة‪ .‬فَـ َقلبها ال يَعرف أن َمينَح ّإال‬
‫اللُّطف والعُذوبة‪».‬‬

‫يُش ِرق وجه بطرس عندما يَ َ‬


‫سمع مديح زوجته‪ ،‬وال يضيف شيئاً‪ .‬ويف هذه األثناء تَنـزل النساء‬
‫ويتوجهون إىل بيت مسعان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من املركب بواسطة طاولة استُخدمت كرصيف مرفأ‪ّ ،‬‬
‫أول من يراهم هو مرغزايم اخلارج لِريعى النِّعاج على مشارف منحدرات بيت صيدا‪ِ ،‬‬
‫وهبتاف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فَـَرح‪ ،‬يـُبَ ِّشر بقدومهم‪ ،‬راكضاً لريمي بنفسه على صدر يسوع الذي ينحين ليعانقه‪ُ .‬ثّ يذهب إىل‬
‫بطرس‪َ .‬هتَرع بورفرييه‪ ،‬يُغطّي الطحني يديها‪ ،‬وتنحين للتحيّة‪.‬‬
‫لك اي بورفرييه‪ .‬مل تكوين تنتظريننا ابكراً‪ ،‬أليس كذلك؟ ولكنّين أردت جلب أُمي ِ‬
‫إليك‬ ‫«السالم ِ‬
‫ُ َ َ ّ‬
‫مرة اثنية‪ ...‬ها هو ذا بني ذراعيها‪.‬‬
‫الصيب ّ‬
‫مع تلميذتني‪ ،‬إضافة إىل بـََرَكيت‪ .‬وقد كانت أ ُّمي راغبة برؤية ّ‬
‫فاعلة ِمن‬
‫إليك‪ّ ...‬إّنا زوجة مسعان‪ .‬تلميذة صاحلة وصامتة‪ِ .‬‬‫أَما التلميذاتن فقد كانتا ترغبان ابلتعرف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خالل طاعتها أكثر ِمن آخرين كثريين‪ .‬التِّلميذاتن ُِها مرات ومرمي ِمن بيت عنيا‪ُ ،‬‬
‫وِها أُختان‪ .‬أحبِنب‬
‫بعضكن كثرياً‪».‬‬
‫ّ‬
‫علي ِمن دمي‪ ،‬اي معلّم‪ .‬تعال‪ .‬فالبيت يُصبِح أهبى كلّما‬
‫إيل ُهم أغلى َّ‬
‫كل الذين أتيت هبم َّ‬
‫« ّ‬
‫قدماك‪».‬‬
‫َوطَأَته َ‬

‫فع َمة حيويّة ح ّقاً‪ .‬فمظهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تَدنو مرمي مبتسمة‪ ،‬وتُعانق بورفرييه قائلة هلا‪« :‬أرى فيك األ ُّم ال ُـم َ‬
‫الصيب أفضل اآلن‪ ،‬وهو سعيد‪ .‬شكراً‪».‬‬‫ّ‬
‫مت بفرح مساع َمن يناديين‪:‬‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫املبارَكة أكثر من اجلميع! أَعلَم أنّين‪ ،‬بفضلك‪ ،‬نَع ُ‬
‫«آه! أيّتها املرأة َ‬
‫ادخلي مع‬ ‫أجعلك تتألّمني بكوين غري ذلك‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ادخلي‪ُ ،‬‬ ‫لدي‪ُ .‬‬
‫ابذلة أقصى ما َّ‬ ‫ماما‪ .‬واعلَمي أنّين لن‬
‫األُختني‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 113 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عمل يف رأسه التفكري‪ .‬أخرياً يقول‪« :‬ومع ذلك‪َ ...‬مل‬
‫يَنظُر مرغزايم إىل مرمي اجملدليّة بفضول‪ .‬ويَ َ‬
‫تكوين يف بيت عنيا‪»...‬‬

‫«مل أكن‪ّ ،‬أما اآلن فسأكون على الدوام‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة وهي َحت َمّر وتبتسم بنعومة‪.‬‬
‫حّت ولو مل نعرف بعضنا ّإال اآلن‪ ،‬فهل ستُ ِحبّين كثرياً؟»‬
‫الصيب قائلة له‪ّ « :‬‬
‫ّ‬ ‫ب‬ ‫وتُ ِ‬
‫داع‬
‫أنت طيبة‪ .‬و ِ‬
‫امسك مرمي‪ ،‬أليس‬ ‫بكيت‪ ،‬أليس كذلك؟ وألجل ذلك ِ‬ ‫ك طيبة‪ .‬لقد ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬ألنّ ّ‬
‫كل النساء اللوايت ُيملن اسم مرمي‬
‫كذلك؟ وأ ُّمي أيضاً كان هذا امسها‪ ،‬وقد كانت طيّبة وصاحلة‪ّ .‬‬
‫حّت ال َُيَرح بورفرييه ومرات «بيد أ ّن هناك نساء صاحلات‬
‫وخيتم احلديث ّ‬‫طيّبات وصاحلات‪ .‬بيد أ ّن‪َ »...‬‬
‫ك؟»‬‫بني اللوايت َُي ِملن امساً آخر‪ .‬ماذا كان اسم أُم ِ‬
‫ّ‬
‫عيين مرمي اجملدليّة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫«يوشرياي‪ ...‬ولقد كانت طيبة وصاحلة للغاية‪ ».‬وتَنه ِمر دمعتان كبرياتن ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫داعب يديها اجلميلتني ج ّداً‪ ،‬املضمومتني على ثوهبا‬ ‫ألّنا ماتت؟» يسأَل الصيب وهو ي ِ‬
‫«أتبكني ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تصرفها‪ ،‬ذلك أ ّن َك َّفة الثوب قد أُفلِتَت‪.‬‬
‫الداكن الذي هو‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬أحد أثواب مرات املوضوعة حتت ّ‬
‫عليك ّأال تبكي‪ .‬حنن لسنا وحدان‪ ،‬هل تَعلَمني؟ أ ُّمهاتنا قريبات ِمنّا على الدوام‪ .‬فإ ّن‬
‫ويضيف‪« :‬إّّنا ِ‬
‫ُ‬
‫يسوع هو الذي قال ذلك‪ .‬إ ّّن ّن كاملالك احلارس‪ .‬وهذا كذلك قاله يسوع‪ .‬وإذا ُكنّا صاحلني أيتني إلينا‬
‫حقيقي‪ ،‬أَتَعلَمني؟ هو الذي قال‬ ‫ّ‬ ‫لكن هذا‬
‫صعد إىل حضرة هللا بني ذراعي األ ُّم‪ .‬و ّ‬
‫حينما ّنوت ونَ َ‬
‫ذلك‪».‬‬

‫صل إذن ِألُصبح أان طيّبة وصاحلة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تُعانق مرمي اجملدليّة ال ُـمؤاسي الصغري بشدَّة وتُقبّله قائلة‪ِّ « :‬‬
‫هكذا‪».‬‬

‫ألست كذلك؟ فال َميضي مع يسوع غري الصاحلني‪ ...‬وإذا مل نكن كذلك بشكل كامل‪،‬‬ ‫«ولكن ِ‬
‫فإنّنا نُصبِح كذلك لنكون تالميذ يسوع‪ ،‬إذ ال ميكننا أن نُعلِّم ما ال نَع ِرف‪ .‬فال ميكننا قول ِ‬
‫"اغفر" إذا‬
‫ِ‬
‫َمل نَغفر حنن ّأوالً‪ .‬وال ميكننا القول "أحبِب قر َ‬
‫يبك" إذا َمل حنبّه حنن ّأوالً‪ .‬هل تعرفني صالة يسوع؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 114 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ال‪».‬‬

‫كل‬ ‫ِ‬
‫«آه! صحيح! إنّك حديثة العهد معه‪ّ .‬إّنا صالة َجيلة للغاية‪ ،‬هل تَعلَمني؟ وهي تروي ّ‬
‫هذه األشياء‪ .‬امسعي َكم هي َجيلة‪ ».‬ويَتلو مرغزايم «أابان الذي يف السماوات» إبحساس وإميان‪.‬‬

‫َخ َذهتا الدهشة‪.‬‬


‫يدها!» تقول مرمي اجملدليّة‪ ،‬وقد أ َ‬
‫«كم ُّت َ‬
‫أردت فسأُعلِّ ِ‬
‫مك ّإايها‪.‬‬ ‫«أُمي هي اليت علَّمتين إايها يف الليل‪ ،‬وأُم يسوع يف النهار‪ .‬ولكن‪ ،‬إذا ِ‬
‫ّ‬ ‫ََ ّ‬ ‫ّ‬
‫تودين اجمليء معي؟ النِّعاج تَثغو‪ّ ،‬إّنا جائعة‪ .‬أريد أخ َذها إىل املرعى‪ .‬تعايل معي‪ .‬سوف أُعلِّ ِ‬
‫مك‬ ‫هل ّ‬
‫وأي ُخذها ِمن يدها‪.‬‬
‫أن تصلّي وتُصبِحي صاحلة على أكمل وجه‪َ ».‬‬
‫لست أَعلَم إذا ما كان املعلّم يريد‪»...‬‬
‫«ولكن ُ‬
‫بكل صفاء‪»...‬‬ ‫ا‪.‬‬ ‫هي‬ ‫‪...‬‬‫ً‬‫ان‬‫ال‬ ‫لك صديقاً بريئاً‪ِ ،‬‬
‫ومح‬ ‫«اذهيب اي مرمي‪ ،‬اذهيب‪ .‬فإ ّن ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصيب‪ ،‬ونَراها تَبتَعِد‪ ،‬تَسبقها النِّعاج الثالث‪ .‬يَنظُر يسوع‪ ...‬واآلخرون‬
‫َُت ُرج مرمي اجملدليّة مع ّ‬
‫يَنظُرون كذلك‪.‬‬

‫«اي ألخيت املسكينة!» تقول مرات‪.‬‬

‫تضحك‪ ...‬فالرباءة‬
‫َ‬ ‫«ال تتحسري عليها‪ّ .‬إّنا َزهرة تَنتَ ِ‬
‫صب بعد اإلعصار‪ .‬هل تسمعني؟‪ّ ...‬إّنا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تُش ِّدد العزم على الدوام‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 115 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -104‬يسوع لفليبس‪" :‬أان احلبيب القادر"‪َ .‬مثَل ال ّدرهم ال ُمستَعاد 'املفقود')‬

‫‪1945 / 08 / 02‬‬

‫يرتنَّح املركب على طول شاطئ كفرانحوم‪ ،‬يف َمدال‪.‬‬

‫ظهر وضعيّة مرمي اجملدليّة َكتَائِبَة‪ :‬جالسة يف قاع املركب‪ ،‬عند قدمي يسوع‪ ،‬الذي‬ ‫ألول َمَّرة تَ َ‬
‫ّ‬
‫عما كان عليه يف األمس‪ .‬ولكنّه َمل يَبلُغ‬ ‫ِ‬
‫َُيلس على أحد مقاعد املركب‪ .‬وجه مرمي اجملدليّة ُُمتَلف كثرياً ّ‬
‫شع ملرمي اجملدليّة اليت َهتَرع للقاء يسوع كلّما ذهب إىل بيت عنيا‪ ،‬بل إّّنا هو اآلن الوجه‬ ‫بَعد الوجه ال ُـم ّ‬
‫ص ِمن ال َـمخاوف وال ُـمضايقات‪ ،‬وها هي عينها اليت كانت َوقِحة فيما مضى قد أصبحت‬ ‫الذي َُتلَّ َ‬
‫لمع ِمن وقت آلخر شرارة فرح‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ال‬ ‫إجال‬ ‫املفعمة‬ ‫يتها‬‫د‬‫ّ‬ ‫ج‬ ‫ويف‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ان‬‫أما‬ ‫ومفعمة‬ ‫ة‬‫جاد‬
‫ّ‬ ‫اآلن‬ ‫وهي‬ ‫رة‪،‬‬ ‫س‬‫من َك ِ‬
‫ُ‬
‫سمع يسوع يتح ّدث إىل ُر ُسله أو مع أ ُّمه ومرات‪.‬‬ ‫عندما تَ َ‬
‫يتح ّدثون عن طيبة بورفرييه البسيطة كثرياً‪ ،‬يتح ّدثون عن استقبال صالومي ونساء عائلة برتلماوس‬
‫األم ال تريده ّن على‬
‫وفليبّس الودود‪ ،‬ويقول فليبّس‪« :‬لو َمل يَ ُكن السبب ّأّن ّن َمل يَزلن صبااي‪ ،‬وأ ّن ّ‬
‫تبعنك أيضاً‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬
‫الطرقات‪ ،‬ل ُك َّن َ‬
‫ابنتك البِكر على وشك‬
‫إيل اي فليبّس‪َ .‬‬ ‫نفوسهن تَتبعين‪ ،‬وهذا أيضاً حب مق ّدس‪ِ .‬‬
‫أنصت َّ‬ ‫«‬
‫ُ ّ‬ ‫َّ َ‬
‫اخلطوبة‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫«نعم اي معلّم‪ ،‬إنّه خطيب ُمرتم‪ ،‬وسيكون زوجاً صاحلاً‪ .‬أليس كذلك اي برتلماوس؟»‬

‫َضمنه‪ ،‬ألنّين أعرف عائلته‪ .‬مل أستطع قبول أن أكون أان الوسيط‪ ،‬ولو مل أكن‬ ‫«صحيح‪ ،‬أان أ َ‬
‫لت ذلك مطمئنّاً وواثقاً ِمن إنشاء عائلة مقدَّسة‪».‬‬
‫لكنت فَـ َع ُ‬
‫مرتبطاً ابملعلّم‪ُ ،‬‬
‫لك ّأال تفعل شيئاً‪».‬‬
‫لكن الصبيّة َر َجتين أن أقول َ‬
‫«و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 116 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن عُمر الشباب يشوبه اجلنون‪ .‬آمل أن تَقتَنِع‪ .‬فما ِمن‬
‫«أال يَروق هلا اخلطيب؟ ّإّنا ُمطئة‪ ،‬و ّ‬
‫مربر لرفض قرين ممتاز‪ّ ،‬إال إذا‪ ...‬ال‪ ،‬غري معقول!» يقول فليبّس‪.‬‬
‫ّ‬
‫ليشجعه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫« ّإال إذا؟ أَكمل اي فليبّس‪ ».‬يقول يسوع ّ‬
‫حتب شخصاً آخر‪ .‬إّّنا هذا غري معقول‪ .‬فهي ال ُترج ِمن البيت أبداً‪ ،‬وحياهتا‬
‫« ّإال إذا كانت ّ‬
‫يف البيت تَ ِ‬
‫قضيها يف عزلة‪ .‬غري معقول!»‬

‫وهم ُُييدون التح ّدث إىل اللوايت‬ ‫ِ ِ‬


‫املوصدة ابألكثر؛ ُ‬
‫«اي فليبّس‪ ،‬هناك ُُمبّون يَل ُجون البيوت َ‬
‫الرتمل أو الشباب ال ُـمراقَب جيّداً‪،‬‬
‫كل عوائق ُّ‬‫الرقاابت؛ إ ّّنم يَهدمون ّ‬ ‫كل َّ‬‫كل احلواجز و ّ‬
‫وّنن رغم ّ‬‫ُيبّ ّ‬
‫صلون على َمن يُريدون‪ .‬وهناك ُُِمبّون كذلك ال ميكن‬ ‫َ‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫الذين‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫جهة‬ ‫ن‬ ‫أو‪ ...‬وأيضاً‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫حّت وإن‬‫كل مقاومة‪ّ ،‬‬ ‫قاومون يف إرادهتم أل ّّنم َج َّذابون‪ّ ،‬‬
‫حّت ّإّنم يتغلّبون على ّ‬ ‫ألّنم ال يُ َ‬
‫رفضهم‪ّ ،‬‬
‫ب واحداً ِمن هؤالء‪ ،‬بل األكثر سلطاانً منهم‪».‬‬ ‫كانت ِمن الشيطان‪ .‬و َ‬
‫ابنتك ُحت ّ‬
‫«ولكن َمن؟ أهو واحد ِمن حاشية هريودس؟»‬

‫«هذا غري ممكن!»‬

‫«أهو واحد‪ ...‬واحد ِمن بيت الوايل‪ ،‬أحد األشراف الرومان؟ لَن أمسح بذلك مهما يكن‪ .‬فَ َدم‬
‫إين أأت ّمل!»‬
‫حري يب أن أقتل ابنيت‪ .‬ال تبتسم اي معلّم! ّ‬
‫نقي‪ّ .‬‬
‫النقي لَن َميتَزِج بدم غري ّ‬
‫إسرائيل ّ‬
‫ك ِمثل حصان َجفول‪ .‬تَرى ِظالالً حيث ال يوجد ّإال النور‪ .‬إّّنا كن مطمئنّاً‪ .‬أفليس الوايل‬ ‫«ألنّ َ‬
‫خادماً؟ وأصدقاؤه األشراف ُخ ّداماً؟ وقيصر‪ ،‬أليس خادماً؟»‬

‫أردت إخافيت‪ .‬فَما ِمن أحد أعظم ِمن قيصر‪ ،‬وما ِمن معلّم أعظم منه‪».‬‬
‫«ولكنّك متزح اي معلّم! َ‬
‫«بلى‪ ،‬أان‪ ،‬اي فليبّس‪».‬‬

‫تتزوج ابنيت؟»‬
‫أنت تريد أن ّ‬
‫أنت؟ َ‬
‫« َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 117 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املوصدة والقلوب املق َفلة بسبعة‪ ،‬وسبعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الذي يَلج البيوت َ‬ ‫«ال‪ ،‬بل نـَ ْفسها‪ .‬فأان ال ُـمح ّ‬
‫كل العوائق‪ ،‬وأيخذ َمن‬ ‫الرقاابت‪ ...‬أان َمن يَهدم ّ‬
‫كل احلواجز و َّ‬ ‫مفاتيح‪ .‬أان الذي ُُييد التح ّدث رغم ّ‬
‫يريد أخذه‪ :‬األنقياء واخلَطَأَة‪ ،‬العذراوات واألرامل‪ ،‬الذين ال تُقيِّدهم الرذيلة‪ ،‬والذين ُهم عبيد هلا‪.‬‬
‫وجعِلَت سعيدة وخالدة الشباب‪ .‬هي ذي خطوبيت‪.‬‬ ‫ت‬ ‫َ‬‫ث‬‫وأ َِهب اجلميع نفساً فريدة وجديدة‪ ،‬نـَ ْفساً بعِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حّت الشيطان‪.‬‬ ‫ألي كان رفض إعطائي غنائمي البهيّة‪ .‬ال األب وال األ ُّم وال األوالد وال ّ‬ ‫وال ميكن ّ‬
‫ابنتك‪ ،‬أو خاطئ يَغوص يف َمحأة اخلطيئة‪ ،‬أو يُقيِّده الشيطان‬ ‫فإنّين‪ ،‬حاملا أحت ّدث إىل نـَ ْفس صبيّة مثل َ‬
‫مين‪.‬‬
‫أي أحد انتزاعها ّ‬ ‫ألي شيء أو ّ‬ ‫إيل‪ .‬وال ميكن‪ ،‬بعد ذلك‪ّ ،‬‬ ‫بسبعة قيود‪ ،‬أَل َقى هذه النَّـ ْفس آتية َّ‬
‫فال ثروة وال سلطة‪ ،‬وال هبجة دنيويّة ُّتاري الفرح الكامل الذي هو فرح الذين يتّحدون بِفقري‪،‬‬
‫كل اخلريات السماويّة‪ ،‬فَ ِرحني بصفاء انتمائهم إىل‬ ‫ِ‬ ‫تقشفي‪ِّ ،‬‬ ‫بِ ّ‬
‫كل خري ابئس‪ ،‬البسني ّ‬ ‫متجردين عن ّ‬
‫ألّنم يَغ ُزوّنا‬ ‫ألّنم ي ِ‬
‫هيمنون عليها‪ ،‬والثانية‪ّ ،‬‬ ‫هللا؛ فقط إىل هللا‪ ...‬فَـ ُهم سادة األرض والسماء األوىل‪ُ ّ ،‬‬
‫ويَستولون عليها‪».‬‬

‫«ولكن ال وجود هلذا يف شريعتنا على اإلطالق!» يهتف برتلماوس‪.‬‬

‫ائيلي‬
‫سمياً ّإايك اإلسر ّ‬‫ك ُم ّ‬
‫مرة َحيَّيتُ َ‬
‫ألول ّ‬
‫ك ّ‬ ‫عنك اإلنسان العتيق‪ ،‬نثنائيل‪ .‬عندما رأيتُ َ‬‫انزع َ‬
‫«َ‬
‫غش وال‬‫ك اآلن تنتمي إىل املسيح‪ ،‬وليس إىل إسرائيل‪ .‬فَ ُكن للمسيح بِغَري ّ‬ ‫غش فيه‪ .‬ولكنّ َ‬
‫الذي ال ّ‬
‫ِ‬ ‫حتفظ‪ .‬أليس هذا هو الـم ِ‬‫ُّ‬
‫إاال فلن تستطيع فَهم الكثري من ََجاالت الفداء الذي أَتَ ُ‬
‫يت‬ ‫نطق اجلديد؟ ّ‬ ‫َ‬
‫أمحله إىل اإلنسانية ِ‬
‫قاطبة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬

‫لست أُان ِز َ‬
‫عك‬ ‫وهتا؟ وماذا تَفعل اآلن؟ فأان ُ‬
‫ك َد َع َ‬
‫يتدخل فليبّس قائالً‪« :‬وابنيت‪ ،‬أتقول إنّ َ‬
‫« ّ‬
‫دعوتك‪»...‬‬ ‫خيص‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أود معرفة ذلك‪ ،‬ال لشيء ّإال ملساعدهتا يف ما ّ‬ ‫عليها‪ ،‬ولكنّين ُّ‬

‫حبب بتويل‪ ،‬إىل حديقة املسيح‪ .‬سيكون منها الكثري‬ ‫املكرسة‪ّ ،‬‬
‫عمل على جلب الزانبق َّ‬ ‫« ّإّنا تَ َ‬
‫يف األجيال القادمة!‪ ...‬الكثري!‪ ...‬حدائق زهر ُمعطَّرة ابلبخور‪ ،‬لِتُوا ِزن َمزابل َّ‬
‫الرذائِل‪ .‬نُفوس صالة‬
‫لكل البالاي اإلنسانيّة‪ ،‬وفرح هلل‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لتُوازن الكافرين ال ُـملحدين‪َ .‬عون ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 118 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تَفتَح مرمي اجملدليّة شفتيها لتطرح سؤاالً‪ ،‬وتفعل ذلك واالمحرار يعلو وجهها أيضاً‪ ،‬إّّنا ِأبَيسر‬
‫األايم املاضية‪« :‬وحنن‪ ،‬األنقاض اليت تَرفَعها‪ ،‬إالم نَصري؟»‬ ‫ِ‬
‫من ّ‬
‫العذارى‪»...‬‬
‫اتكن َ‬
‫«إىل ما ُه َّن عليه‪ ،‬أخو َّ‬

‫«آه! غري ممكن! لقد ُخضنا يف الكثري ِمن الوحل‪ ،‬و‪ ...‬و‪ ...‬وغري ممكن‪».‬‬
‫لك‪ .‬وهو كذلك فِعالً‪ِ .‬‬
‫أنت‬ ‫«مرمي‪ ،‬مرمي! أبداً ال يغفر يسوع بني بني‪ .‬لقد قُلت إنّين غفرت ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ني‪ ،‬سوف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكل اللوايت أخطأن ِ‬
‫هبن‪ ،‬فإ ّّن ّن سوف يُعطّر َن‪ ،‬سوف يُصلّ َ‬
‫اقرتن ّ‬
‫هلن ُح ّيب‪ ،‬و ََ‬
‫مثلك‪ ،‬و َغ َفَر َّ‬ ‫ّ‬
‫حيثما ُوجد‪ ،‬النُّفوس اليت هي شهيدة‬ ‫معاجلته‬ ‫على‬ ‫ات‬ ‫ر‬‫وقاد‬ ‫‪،‬‬ ‫للشر‬ ‫هات‬ ‫ُُيبِنب‪ ،‬وي ِ‬
‫شددن العزائم؛ ُمتنبِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يف نَظَر هللا؛ فهي إذاً عزيزة على قلبه كال َعذارى‪».‬‬

‫«شهيدات؟ أبي شيء‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫احلب والتَّكفري‪».‬‬
‫أنفسكن وذكرايت املاضي‪ ،‬وابلعطش إىل ّ‬
‫ّ‬ ‫بوقوفكن ض ّد‬
‫ّ‬ ‫«‬

‫كل الذين يف املركب‪ ،‬حبثاً عن أتكيد لألمل‬


‫«هل ينبغي يل أن أؤمن بذلك؟‪ »...‬تَنظُر مرمي إىل ّ‬
‫الذي اضطََرم يف داخلها‪.‬‬

‫عنك‪ ،‬عنكم‪ ،‬أنتم اخلَطَأَة بشكل عام‪ ،‬يف إحدى‬ ‫«اسأيل مسعان عن ذلك‪ .‬كنت أحت ّدث ِ‬
‫ُ‬
‫لكل‬ ‫يت‬ ‫م‬ ‫نشد َكلِ‬
‫لك إذا مل تُ ِ‬
‫حديقتك‪ .‬وإبمكان كل اإلخوة القول ِ‬
‫ِ‬ ‫األمسيات ال ُـمنارة ابلنجوم‪ ،‬يف‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ال ُـمفتَدين معجزات الرمحة واهلداية والتوبة‪».‬‬

‫دت بعد َدرسه وقد انتَـ َعش روحي‪ .‬لقد‬


‫املالئكي‪ .‬وعُ ُ‬
‫ّ‬ ‫«لقد َح َّدثَين عنها كذلك ّ‬
‫الصيب‪ ،‬بصوته‬
‫حّت ِمن أخيت‪ ،‬لدرجة أنّين أشعر اليوم بنفسي أكثر َشجاعة ملواجهة َمدال‪،‬‬ ‫أعرفك‪ ،‬أفضل ّ‬
‫َ‬ ‫َمنَ َحين أن‬
‫لك‪ ،‬اي‬ ‫واآلن‪ ،‬وقد قُلت يل ذلك‪ ،‬فإنّين أشعر أ ّن قويت تنمو‪ .‬لقد َش َّككت العامل‪ ،‬ولكنّين أ ِ‬
‫ُقسم َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وسلطانك‪».‬‬
‫َ‬ ‫تك‬
‫سيتوصل إىل إدراك ماهيّة قدر َ‬
‫ّ‬ ‫إيل‪،‬‬
‫سيّدي‪ ،‬أ ّن العامل‪ ،‬اآلن وهو يَنظُر َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 119 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ضع يسوع يده بُرهة على رأسها‪ ،‬بينما مرمي الكلّيّة القداسة تبتسم كعادهتا‪ :‬ابتسامة فردوسيّة‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫ها هي َمدال متت ّد على ض ّفة البحرية‪ ،‬والشمس تُش ِرق يف مواجهة جبل أربيل الذي ُيميها ِمن‬
‫صب منه يف البحرية َسيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرايح من جهة اخللف‪ ،‬والوادي الضيّق‪ ،‬ذو املنحدرات القاسية وال ُـمقفرة‪ ،‬يَ ّ‬
‫فعمة َجاالً صارخاً وخالّابً‪.‬‬
‫صغري متّجه صوب الغرب ابحندارات شديدة‪ُ ،‬م َ‬
‫«اي معلّم»‪ ،‬يهتف يوحنّا ِمن املركب اآلخر‪« ،‬هو ذا وادي َخلوتنا‪ »...‬ويُش ِرق وجهه كما لو‬
‫أتججت يف داخله‪.‬‬
‫أ ّن مشساً َّ‬

‫فت عليه جيّداً‪».‬‬


‫تعر ُ‬
‫«وادينا‪ ،‬نعم‪ .‬لقد َّ‬

‫عرفنا فيها على هللا‪ُ ».‬ييب يوحنّا‪.‬‬


‫األماكن اليت تَ َّ‬ ‫«ال ميكن َعدم ُّ‬
‫تذكر ّ‬
‫عرفتك‪ .‬هل تعلمني اي مرات أنّين‬
‫َ‬ ‫«إذن‪ ،‬فأان سوف أتذ ّكر هذه البحرية على الدوام‪ ،‬ألنّين هنا‬
‫أيت املعلّم هنا‪ ،‬ذات صباح؟‪»...‬‬
‫ر ُ‬
‫«نعم‪ ،‬وُكنّا على وشك أن نُصبِح َجيعنا يف القاع‪ ،‬أنتم وحنن‪ .‬ثِقي أيتها املرأة أن ج َّذ ِ‬
‫افيك َمل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َّصادم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يكونوا على مستوى‪ ».‬يقول بطرس وهو ُميثّل َحَركة الت ُ‬
‫األول‪.‬‬ ‫«مل نَ ُكن نساوي شيئاً‪ ،‬ال َّ‬
‫اجلذافون وال الذين كانوا معهم‪ ...‬إّّنا يبقى إنّه كان اللّقاء ّ‬
‫أيتك بعد ذلك على اجلبل‪ُ ،‬ثّ يف َمدال‪ ،‬وبعدها يف كفرانحوم‪...‬‬
‫وهذا حب ّد ذاته ذو قيمة عظيمة‪ .‬وقد ر َ‬
‫لكن كفرانحوم كانت املكان األَجل‪ .‬فهناك‬ ‫و‬ ‫السل‪...‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫حتطيم‬ ‫كان‬ ‫قاءات‬‫وعلى قَدر اللِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫َحَّررتَين‪»...‬‬

‫دخلون املدينة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫يَهبطون من املركب‪ ،‬وقد َسبَـ َقهم اآلخرون‪ .‬ويَ ُ‬

‫فرتض أن يكون عذاابً‬ ‫ِ ِ‬


‫ال ُفضول البسيط‪ ،‬أو‪ ...‬ال ُفضول غري البسيط من قبَل سكان َمدال‪ ،‬يُ ََ‬
‫الر ُسل َجيعهم‪ ،‬بينما النساء‬
‫تتحمله ببطولة‪ ،‬وهي تَتبَع املعلّم الذي يتق ّدم وسط ُّ‬
‫ملرمي اجملدليّة‪ ،‬ولكنّها ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 120 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عاصروا فرتة نفوذ مرمي يف‬ ‫الثالث يف اخللف‪ .‬اهلمهمة قوية‪ ،‬وال َخيلو األمر ِ‬
‫كل الذين َ‬ ‫ّ‬ ‫ية‪،‬‬‫ر‬ ‫السخ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ََ‬
‫ويتعرفون عليها بعيداً عن أصدقائها‬ ‫اآلن‬ ‫ا‬‫روّن‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫القصاص‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َمدال‪ ،‬والذين كانوا َُي ِرتموّنا خوفاً ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سمحون ألنفسهم كذلك ابحتقارها ونَعتها نعواتً مثرية إىل ح ّد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعفيفة‪ ،‬يَ َ‬ ‫من َذوي النُّفوذ‪ُ ،‬متواضعة َ‬
‫ما‪.‬‬

‫تودين العودة إىل املنـزل؟»‬


‫مرات‪ ،‬اليت تتأ ّمل لذلك أكثر منها‪ ،‬تسأهلا‪« :‬هل ّ‬
‫كل آاثر املاضي‪ ،‬فلن أدعوه إليه‪».‬‬ ‫ن‬ ‫تطهر املنـزل ِ‬
‫م‬ ‫َترك املعلّم‪ .‬وقبل أن يَ َّ‬
‫ّ‬ ‫«ال‪ ،‬ال أ ُ‬
‫«ولكنّ ِ‬
‫ك تتألّمني اي أخيت‪».‬‬

‫لمع على وجهها‪ ،‬واالمحرار‬


‫العرق الذي يَ َ‬
‫ظهر عليها ّأّنا تتأ ّمل‪َ .‬‬
‫استحققت ذلك‪ ».‬ويَ َ‬
‫ُ‬ ‫«أان‬
‫حّت العُنق‪ ،‬ليسا بسبب احلرارة فقط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال ُـمنتَشر ّ‬

‫حّت يَبلغوا البيت الذي توقَّفوا عنده يف ّ‬


‫املرة‬ ‫َُيتَازون َمدال كلّها قاصدين املناطق الفقرية‪ّ ،‬‬
‫السابقة‪ .‬واملرأة‪ ،‬عندما ترفع رأسها عن طَبَق الغسيل لِتَنظُر إىل َمن ُييّيها‪ ،‬أتخذها الدَّهشة‪ ،‬فقد‬
‫َو َج َدت نفسها يف مواجهة يسوع وسيّدة َمدال املشهورة اليت مل تَـعُد ترتدي الثياب الفاخرة وال تتقلَّد‬
‫اجلواهر الكثرية‪ ،‬بل هي تغطّي رأسها بوشاح ِمن الكتّان اخلفيف‪ ،‬وترتدي ثوابً بلون السماء ضيّقاً‪،‬‬
‫ُماولَة َجعله مناسباً لقامتها‪ ،‬ومتدثّرة معطفاً ثقيالً‪ ،‬يُف ََرتض ّأّنا تعاين‬
‫وهو ليس هلا ابلتأكيد‪ُ ،‬رغم َ‬
‫بسببه‪ ،‬يف تلك احلرارة‪.‬‬
‫«هل تسمحني يل ابلتوقّف يف ِ‬
‫بيتك والتح ّدث إىل الذين يتبعونين؟» أي إىل َمدال كلّها‪،‬‬
‫فالس ّكان كلّهم قد تَبِعوا اجلماعة َّ‬
‫الرسوليّة‪.‬‬

‫لك‪ ».‬وتُسا ِرع يف إحضار الكراسي واملقاعد للنساء‬


‫لكن بييت هو َ‬ ‫« َأوتسألين اي سيّدي؟ و ّ‬
‫متر قرب مرمي اجملدليّة‪ ،‬تنحين مثل َعبدة‪.‬‬
‫الر ُسل‪ .‬وبينما هي ّ‬
‫و ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 121 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«السالم ِ‬
‫لك اي أُختاه‪ُّ ».‬تيب تلك‪ .‬واملفاجأة َج َعلَت املرأة ترتك املقعد الذي كان بني يديها‬
‫صرفها جعلَين أُف ِّكر أ ّن مرمي كانت تُ ِ‬
‫عامل الناس بِتَعال‪.‬‬ ‫يـَ َقع‪ .‬ولكنّها َمل تَـ ُقل شيئاً‪ .‬ومع ذلك فإ ّن تَ ُّ َ َ‬
‫ولقد تعاظَ َمت دهشة املرأة عندما َِمس َعتها تسأهلا‪« :‬كيف حال األوالد‪ ،‬أين هم؟ وإذا ما كان الصيد‬
‫جيّداً‪».‬‬

‫وهم ّإما يف املدرسة أو عند أ ُّمي‪ .‬فقط الصغري األخري يَرقد يف َمهده‪ .‬الصيد‬
‫« ّإّنم خبري‪ُ ...‬‬
‫جيد‪ .‬وسوف َُي ِمل زوجي ِ‬
‫لك العُشر‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ألوالدك‪ .‬هل تسمحني يل برؤية الصغري؟»‬ ‫«ال‪َ ،‬مل يـَعُد ِمن داع لذلك‪ .‬احتفظي به‬

‫«تعايل‪…».‬‬

‫يتدفّق الناس إىل الشارع‪.‬‬

‫يبدأ يسوع احلديث‪:‬‬

‫تتحرك‪َ ،‬س َقطَت حقيبتها ِمن‬ ‫«كان المرأة عشرة دراهم يف حقيبتها‪ .‬ولكنّها‪ ،‬وبينما هي ّ‬
‫صدرها‪ ،‬وفُتِحت‪ ،‬وتدحرجت الدراهم على األرض‪ .‬فَجعلت تَلمها ‪ ،‬مبساعدة اجلَّارات ِ‬
‫احلاضرات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َشعلَت‬‫ظهر‪ .‬ومبا أ ّن الليل كان يَهبط‪ ،‬والنور كان خيبو‪ ،‬أ َ‬ ‫وتَـعُ ّدها‪ .‬وإذا هبا تسعة فقط‪ّ .‬أما العاشر فَـلَم يَ َ‬
‫تدحر َج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عل الدرهم قد َ‬ ‫َخ َذت تَكنُس ابنتباه‪َّ ،‬‬ ‫وتناولَت مكنَسة‪ ،‬وأ َ‬‫ض َعته على األرض‪َ ،‬‬ ‫السراج‪َ ،‬وَو َ‬
‫املرأة ّ‬
‫بعيداً عن املوضع الذي َس َقط فيه‪ّ .‬إال ّإّنا َمل َِّتد الدرهم‪ .‬و َذ َهبَت الصديقات بعد أن تَعِنب ِمن البحث‪.‬‬
‫حينئذ َشَر َعت إبزاحة الصندوق واخلزانة وصندوق آخر أث َقل‪ ،‬وإزاحة اجلِّرار واألابريق املوضوعة يف ُك ّوة‬
‫َج َعت قُرب‬ ‫يف اجلِدار‪ .‬ولكنّها َمل َِّتد الدرهم‪ .‬حينئذ جثَت على أربع‪ ،‬وب َدأَت تُفتّش يف ال ُكنَاسة اليت ُِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ط بقشور اخلضار‪ .‬وأخرياً َو َج َدت‬ ‫تدحر َج خارج البيت واختَـلَ َ‬
‫الباب‪ ،‬لرتى ما إذا كان الدرهم قد َ‬
‫َّس َخ و َغ َمَرته ال ُكنَاسة ال ُـمرتاكِمة فوقه‪.‬‬
‫الدرهم‪ ،‬وقد ات َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 122 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫ضته‬
‫وعَر َ‬
‫حّت أصبَ َح أكثر هباء من ذي قَبل‪َ .‬‬ ‫وج َّف َفته‪ّ ،‬‬
‫تناولَته و َغ َسلَته َ‬
‫املرأة‪ ،‬وقد َم َألَها الفرح‪َ ،‬‬
‫اندهتن ِمن جديد‪ ،‬واللوايت ُك ّن قد انسحنب بعد احملاوالت األوىل للبحث‪ ،‬وهي‬ ‫َّ‬ ‫على اجلَّارات اللوايت‬
‫دت‬
‫حّت َو َج ُ‬
‫ت ّ‬ ‫أصري ُ‬
‫صحتنين بعدم التعب أكثر‪ ،‬ولكنّين ّ‬ ‫هلن‪" :‬ها هو‪ ،‬أترين؟ لقد نَ َ‬ ‫تَصيح قائلة ّ‬
‫الدرهم املفقود‪ .‬افرحن معي إذن‪ ،‬أان اليت َمل أأت ّمل لفقدان جزء واحد ِمن كنـزي"‪ .‬معلّمكم كذلك‪ ،‬ومعه‬
‫فكل نـَ ْفس هي كنـز‪.‬‬ ‫رسله‪ ،‬فإنّه ي ِ‬
‫فعل مثل املرأة يف ال َـمثَل‪ ،‬يَعلَم أ ّن حركة ما ُميكنها َجعل كنـز يَس ُقط‪ّ .‬‬ ‫ََ‬ ‫ُُ‬
‫والشيطان الذي يَكره هللا‪ ،‬يُسبِّب احلركات السيّئة كي ُيعل النُّفوس املسكينة تَس ُقط‪ .‬وأثناء السقوط‪،‬‬
‫هناك َمن يتوقّفون قريباً ِمن احلقيبة‪ ،‬أي ال يبتعدون كثرياً َعن شريعة هللا اليت َحت َفظ النُّفوس حتت محاية‬
‫حّت ضمن النفاايت‬ ‫ِ‬
‫الوصااي‪ .‬وهناك َمن يَبتَعدون أكثر عن هللا والشريعة؛ وهناك أخرياً َمن يتدحرجون ّ‬
‫واألوساخ والوحل‪ .‬وهناك‪ ،‬يَنتَهون إىل املوت واالحرتاق يف النريان األبديّة‪ ،‬كاألقذار اليت ُحتَرق يف أمكنة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ّ‬
‫كل مكان‪،‬‬ ‫يف‬ ‫عنها‬ ‫يبحث‬ ‫املفقودة‪.‬‬ ‫ع‬‫َ‬‫ط‬ ‫املعلّم يع ِرف ذلك‪ ،‬وهو يبحث‪ ،‬بال كلل‪ ،‬عن ِ‬
‫الق‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ّ .‬إّنا كنوزه‪ ،‬وهو ال يتعب‪ ،‬وال يَ َدع شيئاً يُثري امشئزازه‪ ،‬بل هو يُن ّقب‪ ،‬ويُن ّقب‪ُُ ،‬يِّرك ويَكنُس ّ‬
‫حّت‬ ‫ّ‬ ‫حب‬
‫ُ‬
‫كل صاحلي األرض‪،‬‬ ‫و‬ ‫ها‪،‬‬‫ّ‬‫ل‬ ‫ك‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ن‬‫اجل‬ ‫أصدقاءه‪:‬‬ ‫ينادي‬ ‫انه‪،‬‬
‫ر‬ ‫بغف‬ ‫ها‬‫ي‬ ‫غسل النُّـ ْفس اليت لَِ‬
‫ق‬ ‫َُِيد‪ .‬وحينما َُِيد‪ ،‬ي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وجدت َمن كان ضائعاً‪ ،‬وهو اآلن أَجل ِمن ذي قبل‪ ،‬أل ّن مغفريت َج َعلَت‬ ‫ُ‬ ‫ويقول‪" :‬افرحوا معي ألنّين‬
‫منه كائناً جديداً"‪.‬‬

‫فرح مالئكة هللا والصاحلون يف األرض‬ ‫احلق أقول لكم إ ّن عيداً عظيماً ُُيتَفل به يف السماء‪ ،‬ويَ َ‬
‫ّ‬
‫احلق أقول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلق أقول لكم إ ّن ما من شيء يُضاهي َجال دموع التوبة‪ّ .‬‬ ‫من أجل خاطئ واحد يتوب‪ّ .‬‬
‫لكم إ ّن الشياطني وحدهم ال يَع ِرفون وال يتم ّكنون ِمن الفرح هلذه التوبة‪ ،‬اليت هي انتصار هلل‪ .‬أقول‬
‫صالحه و ّاحتاده ابهلل‪.‬‬
‫لكم كذلك إ ّن الطريقة اليت يتقبّل فيها اإلنسان توبة خاطئ تُشري إىل مقدار َ‬
‫السالم معكم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 123 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يُد ِرك الناس معىن األمثولة‪ ،‬ويَنظُرون إىل مرمي اجملدليّة اليت جاءت َّتلس عند الباب وعلى‬
‫ذراعيها الطفل الوليد‪ ،‬وقد يكون ذلك كي تتمالك نفسها‪ ،‬وتُسيطر على انفعاالهتا‪ .‬يَبتَعِد الناس على‬
‫صلَت مع األوالد‪ .‬فقط بنيامني الذي ما يزال يف‬ ‫يبق سوى ربّة البيت الصغري وأ ُّمها اليت َو َ‬
‫مهل‪ ،‬ومل َ‬
‫املدرسة غائب‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 124 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -105‬املعرفة ليست فساداً عندما تكون تديّناً)‬

‫‪1945 / 08 / 03‬‬

‫هرع بعض العاطلني عن العمل الذين يتن ّـزهون قرب‬ ‫طرباي الصغري‪ ،‬فَـيَ َ‬
‫يتوقّف املركب يف مرفأ ّ‬
‫كل اجلنسيّات‪ .‬كذلك الثياب الطويلة‪ ،‬واليهود‬ ‫ِ‬
‫الرصيف الصغري‪ .‬هناك أانس من كافّة الطبقات‪ ،‬ومن ّ‬
‫وحلاهم ال َـمهيبة ُتتَلِط ابألثواب الصوفيّة البيضاء األقصر‬ ‫ِمن كل األلوان‪ .‬شعر اإلسرائيليني األشعث ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اليت للرومان ِ‬
‫األش ّداء‪ ،‬وأيضاً الثياب األكثر اختزاالً اليت تُغطّي أجساد اليواننيّني الرشيقة وال ُـمخنَّثة‪.‬‬
‫حّت يف وضعيّاهتم‪ ،‬فيبدون كتماثيل آهلة َهبَطَت على‬ ‫بفن موطنهم البعيد‪ّ ،‬‬ ‫كأّنم يتشبّهون ّ‬
‫وهم يَبدون و ّ‬
‫ومعطَّر‪ ،‬وسواعد‬ ‫كالسيكيّة حتت شعر َُم ّعد ُ‬
‫األرض يف أجساد بَ َشر‪ ،‬متدثّرة قمصاانً انعمة‪ُ ،‬وجوه ّ‬
‫تزيّنها أساور تتألأل يف حركات مدروسة‪.‬‬

‫رتددون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫عاهرات كثريات َخيتَلطن ابلفئتني األخريتني من الناس‪ ،‬ذلك أ ّن الرومان واليواننيّني ال ي ّ‬
‫يف اإلعالن عن عالقاهتم على املأل‪ ،‬يف الساحات والشوارع‪ ،‬بينما ُُي ِجم الفلسطينيّون عن ذلك‪،‬‬
‫العاهرات داخل البيوت‪ .‬وهذا واضح‪ ،‬إذ إ ّن العاهرات‪ ،‬رغم‬ ‫ويطلِقون العنان‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬لعالقاهتم مع ِ‬
‫ُ‬
‫يسي‬ ‫فر‬ ‫ومنهم‬ ‫املختلفة‪،‬‬ ‫ة‬ ‫اليهودي‬ ‫أبمسائهم‬ ‫د‬ ‫بتود‬
‫ُّ‬ ‫ينادينهم‬ ‫ن‬ ‫فإّن‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ينادوّنن‬ ‫الذين‬ ‫قها‬‫التهديدات اليت يطلِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ابلشرائِط‪.‬‬
‫ُمزيَّن َّ‬

‫أدق إىل حيث َُيتَ ِمع َّ‬


‫الرهط األكثر أانقة بكثافة أكرب‪ .‬اجلماعة‬ ‫يتوجه يسوع إىل املدينة‪ ،‬وبشكل ّ‬‫ّ‬
‫وهم األكثريّة‪ ،‬مع حفنة ِمن حاشية هريودس‪ ،‬وأشخاص آخرين‪،‬‬ ‫األنيقة‪ ،‬أي الرومان واليواننيّون‪ُ ،‬‬
‫الفينيقي‪ ،‬انحية صيدون وصور‪ ،‬ذلك ّأّنم يتح ّدثون عن تلك املدن‬ ‫الشاطئ‬ ‫ن‬ ‫أظنّهم ّتاراً أغنياء ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعن املخازن واملراكب‪.‬‬

‫للحم َامات العموميّة أَرِوقتها اخلارجيّة املزدمحة بتلك اجلماعة األنيقة والعاطلة عن العمل‪ ،‬اليت‬
‫َّ‬
‫ايضي األكثر‬
‫تضيّع وقتها هكذا يف مناقشة مسائل قليلة األِهيّة‪ ،‬كاحلديث عن رامي ال ُقرص‪ ،‬أو الر ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 125 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رشاقة واألكثر انسجاماً يف املباراة اليواننيّة والرومانيّة؛ أو ّإّنم يتح ّدثون عن املوضة والوالئم‪ ،‬ويَضربون‬
‫املواعيد لنـزهات فَرفَشة‪ ،‬مع دعوة أَجل العاهرات أو السيّدات اللوايت َخي ُرجن ِمن احلَ َّمامات أو ِمن‬
‫كل ما فيه َم َرمر‪ ،‬واملزيَّن بشكل‬
‫طرباي ذاك‪ ،‬حيث ّ‬‫ويتفرقن يف مركز ّ‬‫وَم َّعدات الشعر‪ّ ،‬‬ ‫ال ُقصور ُمعطَّرات ُ‬
‫فين مثل صالون‪.‬‬‫ّّ‬
‫يتعرف أحدهم‬‫عادي‪ ،‬عندما ّ‬‫ّ‬ ‫الرسوليّة فُضوالً ابلغاً يُصبِح غري‬
‫طبيعي أن يُثري مرور اجلماعة َّ‬
‫ّ‬
‫تعرف آخر على مرمي اجملدليّة‪ .‬وهي مع ذلك تَسري‬ ‫على يسوع‪ ،‬إذ قد رآه يف القيصريّة‪ ،‬أو حينما ي ّ‬
‫وخدَّيها‪ ،‬بشكل ّأّنا‪ ،‬هبذا الوشاح وابحنناءة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُملتَحفة مبعطفها‪ُ ،‬متَّشحة بوشاح أبيض يُغطّي جبينها َ‬
‫رأسها‪ ،‬ال يعود يُرى وجهها جيّداً‪.‬‬

‫الناصري الذي َش َفى بنت فالرياي‪ ».‬يقول أحد الرومان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫«إنّه‬

‫أود لو أرى معجزة‪ُُ ».‬ييبه روماينّ آخر‪.‬‬


‫« ُّ‬

‫كأين به فيلسوف عظيم‪ .‬هل نطلب منه أن يتح ّدث؟» يَسأَل أحد‬
‫أود لو أَمسَعه يتح ّدث‪ّ .‬‬
‫«أان ُّ‬
‫اليواننيّني‪.‬‬

‫إن كِر َازته كالم فارغ‪ .‬إنّه يوافق الرتاجيداي يف قصيدة‬


‫نفسك بذلك اي تيودات‪َّ .‬‬
‫َ‬ ‫«ال تَشغل‬
‫ِهجاء‪ُُ ».‬ييب يوانينّ آخر‪.‬‬

‫ك اي اريستوبول‪ .‬يبدو وكأنّه يَهبط ِمن الغيوم وميضي على األرض الصلبة‪ .‬أَتَرى أ ّن له‬
‫«ال علي َ‬
‫الشاابت واجلميالت‪َ ».‬ميَزح أحد الرومانيّني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حراساً من النساء ّ‬
‫ّ‬
‫لكن هذه هي مرمي اجملدليّة!» يَهتف روماينّ آخر‪ُ ،‬ثّ ينادي‪« :‬لوشيوس! كورنيليوس! تيطس!‬
‫«و ّ‬
‫انظروا! ّإّنا مرمي!»‬

‫أنت سكران؟»‬
‫ظهر! هل َ‬
‫«ولكنّها ليست هي! مرمي يف هذا ال َـم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 126 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ولو كانت ُمتن ِّكرة هكذا‪».‬‬ ‫ِ‬
‫لك ّإّنا هي‪ .‬ال ميكن أن أُخطئ ّ‬
‫«أقول َ‬
‫الرسوليّة اليت ّتتاز دوار الساحة ذات األروقة الكثرية‬
‫يتجمع الرومان واليواننيّون يف جهة اجلماعة َّ‬
‫َّ‬
‫إحداهن إىل حتت وشاح مرمي لَِرتاها‬
‫َّ‬ ‫وتنضم بعض النساء إىل َجاعة ال ُفضوليّني‪ .‬ومتضي‬ ‫ّ‬ ‫والينابيع‪.‬‬
‫بشكل أفضل‪ ،‬وتَن َذ ِهل عندما تتأ ّكد ّإّنا هي‪ .‬وتسأل‪« :‬ماذا تفعلني هبذا الشكل؟» وتَضحك ِ‬
‫ساخرة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ظهر مرمي‬ ‫ت‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫اخللف‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫وشاحها‬ ‫امية‬
‫ر‬ ‫وجهها‪،‬‬ ‫عن‬ ‫كشف‬ ‫ت‬‫صب‪ ،‬ترفع يدها لِ‬
‫تتوقّف مرمي وتَنتَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل ما هو حقري‪ ،‬واملعلّمة‪ ،‬وهي اآلن معلّمة على ِطباعها «هي أَان‪،‬‬ ‫اجملدليّة‪ ،‬السيّدة املطلقة على ّ‬
‫يت اجلمال‪« .‬هذا أان‪ ،‬وإنّين أَ َنزع وشاحي كي ال‬ ‫غ‬‫نعم‪ ».‬تقول بصوهتا الرائع‪ ،‬وبوميض يف عينيها البالِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫َخجل ِمن كوين مع هؤالء الق ّديسني‪».‬‬ ‫تَظنّوا أنّين أ َ‬
‫«آه! آه! مرمي مع قِ ّديسني! ولكن ِ‬
‫دعك منهم! ال تتصاغري!» تقول املرأة‪.‬‬

‫حّت اآلن‪ّ .‬أما اآلن فلم أعد كذلك‪».‬‬


‫ضيعة‪ ،‬هذا ما ُكنتُه ّ‬
‫« َو َ‬
‫«ولكن هل ِ‬
‫أنت َمنونة؟ أَم ّإّنا نزوة؟» تقول املرأة‪.‬‬

‫ويقول أحد الرومان بِلَهجة هت ّكمية‪ ،‬وهو يَرمقها‪« :‬تعايل معي‪ .‬فأان أكثر َجاالً وَمَرحاً ِمن ذاك‬
‫أجَريَن‪ ،‬الذي يُ ِذ ّل احلياة وُيعلها َ‬
‫كاملأمت (كاجلنازة)‪ .‬فاحلياة حلوة! انتصار!‬ ‫الكئيب ذي الشا ِربََني ال ُـمستَ َ‬
‫ِ‬
‫إسعادك‪ ».‬يقوهلا رجل مائل إىل ال ُّسمرة‪ .‬ذو وجه‬ ‫التفوق عليهم َجيعاً يف‬
‫حفلة فرح! تعايل‪ .‬إبمكاين ّ‬
‫هم بلمسها‪.‬‬
‫رفيع‪ ،‬وهو مع ذلك ُُمبَّب‪ ،‬ويَ ّ‬
‫قلت إ ّن احلياة َحفلة‪ ،‬وهي األكثر خزايً‪ ،‬وتُسبِّب يل الغَثَيان‪».‬‬
‫«ارجع! ال تلمسين‪ .‬حسناً َ‬
‫حّت وقت قريب‪ُُ ».‬ييب أحد اليواننيّني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«آه! آه! ولقد كانت‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬حياتك ّ‬
‫يتهكم أحد اهلِريوديّني‪.‬‬
‫العذراء‪َّ ».‬‬
‫«واآلن هي تَ َلعب دور َ‬
‫معك‪ .‬تعايل معنا‪ ».‬يُلِ ّح أحد الرومان‪.‬‬
‫الق ِّديسني! وسوف يفقد الناصري هالتَه ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫دمرين ِ‬
‫ِ ِ‬
‫«أنت تُ ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 127 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األقل ِمن البشر‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«تعالوا أنتم معي لنَتبَعه‪ُ .‬ك ّفوا عن كونكم حيواانت‪ ،‬وصريوا على ّ‬
‫(جوقَة) ِمن انفجارات الضحك والسخرية‪.‬‬
‫ويَ ّرد عليها كورس َ‬
‫فعل ما تشاء‪ .‬أان أُدافِع عنها‪».‬‬ ‫فقط روماين عجوز يقول‪َِ « :‬‬
‫احرتموا املرأة‪ّ .‬إّنا ُحّرة يف أن تَ َ‬ ‫ّ‬
‫األمس؟» يَسأَل أحد الشبّان‪.‬‬ ‫«الدمياغوجي! امسعوه! هل أتذّ ِ‬
‫يت من َمخّرة ليلة ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ابلوهم‪ .‬ظَهره يؤمله‪ُُ ».‬ييبه آخر‪.‬‬
‫«ال‪ ،‬بل هو مريض َ‬
‫لك‪».‬‬
‫الناصري فيح ّكه َ‬
‫ّ‬ ‫«اذهب إىل‬

‫جراء اتّصايل بكم‪ُُ ».‬ييب العجوز‪.‬‬ ‫ن‬ ‫«أان ذاهب إليه لِيكشط عين الوحل العالق يب ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وهم ُييطون به كدائرة‪.‬‬ ‫يتفكه َّ‬
‫(يتهكم) عدد كبري ُ‬ ‫«آه! إن كريسبوس قد فَس َق يف الستّني!» َّ‬
‫َ‬
‫لحق ابملعلّم‬ ‫ُّ‬
‫ابلتهكمات‪ ،‬ويسري خلف مرمي اجملدليّة اليت تَ َ‬ ‫املدعو كريسبوس ال يُبايل‬
‫لكن الرجل ّ‬
‫و ّ‬
‫يب الساحة‪.‬‬ ‫الذي تَفيَّأَ يف ظل بيت َجيل ممت ّد على شكل قاعة ُماداثت على جانِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طرباي ومع تلك الصحبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُّهم لكونه يف ّ‬
‫يسوع اآلن يف صراع مع أحد ال َكتَـبَة الذي يُكيل له التـ َ‬
‫طرباي كذلك‪ ،‬بل هنا أكثر‬
‫حّت يف ّ‬
‫لك إنّه ّ‬
‫طرباي؟ أقول َ‬
‫أنت ملاذا هنا؟ ملاذا تتّهمين لكوين يف ّ‬
‫«و َ‬
‫ِمن أماكن أخرى‪ ،‬توجد نُفوس ينبغي ُتليصها‪ُ ».‬ييبه يسوع‪.‬‬

‫وخطَأة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«ال ميكنها أن َُتلص‪ ،‬أل ّن الناس هنا َوثنيّون‪ُ ،‬ملحدون‪َ ،‬‬
‫وألجلك أيضاً‪ ،‬أان‬ ‫احلق‪ .‬ألجل اجلميع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أتيت‪ .‬ألجعلهم يَعرفون هللا ّ‬
‫«وأان من أجل اخلَطَأَة ُ‬
‫أتيت‪».‬‬
‫ُ‬
‫وم َّثقف‪».‬‬ ‫ِ‬
‫لست يف حاجة إىل معلّم‪ ،‬وال إىل الفادي‪ .‬فأان طاهر ُ‬
‫« ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 128 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وضعك!»‬
‫َ‬ ‫كنت كذلك‪ ،‬أقلّه لِتَعرف‬
‫ليتك َ‬
‫« َ‬
‫لك‪ ،‬صحبة مومس‪».‬‬ ‫«و ِ‬
‫أنت‪ ،‬لتَعرف كم هي مؤذية َ‬
‫َ‬
‫بكربايئك تُ ِ‬
‫ضاعف‬ ‫َ‬ ‫أنت‬ ‫أساُمك كذلك ابمسها‪ .‬فهي‪ ،‬بِتَو ُ‬
‫اضعها‪َُ ،‬مَت خطيئتها‪ .‬و َ‬ ‫َ‬ ‫«‬
‫أخطاءك‪».‬‬
‫َ‬

‫لدي‪».‬‬
‫«ال أخطاء َّ‬
‫ب‪».‬‬ ‫احل‬ ‫ن‬‫م‬‫خال ِ‬
‫ك ٍ‬ ‫لديك أعظَ َمها‪ .‬إنّ َ‬
‫« َ‬
‫ُّ‬
‫فيقول ذاك الذي ِمن ال َكتَـبَة‪« :‬راكا» (كلمة سراينيّة وهي َكلِ َمة احتقار) ويُدير له ظهره‪.‬‬

‫« ّإّنا غلطيت اي معلّم‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة‪ ،‬وحني ترى شحوب مرمي العذراء ُهتَم ِهم‪« :‬ساُميين‪،‬‬
‫أنس ِحب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫فأان أُسبّب اإلهاانت البنك‪ .‬سوف َ‬
‫ِ‬

‫يمن مع سطوع يف عينيه‪،‬‬ ‫«ال‪ ،‬ابقي حيث أنت‪ .‬هذا ما أريده أان‪ ».‬يقول يسوع بصوت مه ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫مكانك‪ .‬وإذا َمل‬ ‫وسيطرة يف شخصه كلّه‪ ،‬تكاد َمتنَع النَّظَر إليه‪ُ .‬ث يقول أبكثر ِرقّة‪ِ « :‬‬
‫أنت‪ ،‬ابقي‬ ‫ّ‬
‫ك‪ ،‬فليذهب‪ ،‬هو فقط‪».‬‬ ‫َُيتَ ِمل أحد قُرب ِ‬
‫َ‬
‫الغريب ِمن املدينة‪.‬‬ ‫اجلزء‬ ‫إىل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ه‬ ‫ويتابِع يسوع املسري ِ‬
‫متوج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫«اي معلّم!» يَهتِف الروماينّ البدين وال ُـم ِس ّن الذي دافَ َع عن مرمي اجملدليّة‪.‬‬

‫يَلتَ ِفت يسوع‪.‬‬

‫مساعك تتح ّدث‪ .‬فأان نِصف فيلسوف‬


‫َ‬ ‫أود‬
‫يك هبذا االسم‪ُّ .‬‬ ‫يدعونك معلّماً‪ ،‬وأان كذلك أُمسّ َ‬
‫َ‬ ‫«‬
‫أنت أن ّتعل م ّين َر ُجالً نزيهاً‪».‬‬ ‫ونِصف ِ‬
‫إبمكانك َ‬
‫َ‬ ‫ماجن‪ .‬إّّنا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 129 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُميعِن يسوع فيه النَّظَر ويقول‪« :‬إنّين مغادر املدينة اليت تسودها الدَّانءة واحليوانيّة البشريّة‪ ،‬وحيث‬
‫السلطان‪ ».‬ويُعا ِود املسري‪.‬‬
‫االحتقار هو ُّ‬
‫أخذ‪ ،‬أل ّن خطوات يسوع سريعة‪،‬‬
‫كل َم َ‬
‫َّعب ّ‬ ‫َخ َذ منه التـ َ‬
‫الرجل‪ ،‬يف اخللف‪ ،‬يتصبَّب َعَرقاً وقد أ َ‬
‫ت يُنبّه يسوع‪.‬‬ ‫وهو بدين وعجوز‪ ،‬ومث َقل َّ ِ‬
‫ابلرذائل‪ .‬وبطرس الذي التَـ َف َ‬ ‫ُ‬
‫«دعه يسري‪ ،‬ال تكرتث به‪».‬‬

‫يوطي‪« :‬ولكن هذا الرجل يَتبَعنا‪ ،‬وهذا ليس حسناً!»‬


‫بعد قليل يقول االسخر ّ‬
‫«ملاذا؟ إشفاقاً عليه أَم لِ َسبب آخر؟»‬

‫الر ُجل ّإايه الذي ِمن ال َكتَـبَة ومعه يهود آخرون‪».‬‬


‫«إشفاقاً عليه؟ ال‪ .‬بل أل ّن خلفه قليالً يَتبَعنا َّ‬
‫نفسك‪».‬‬ ‫شفق عليه ِمن أن تُ ِ‬
‫شفق على‬ ‫«دعهم يفعلون‪ .‬إّّنا األجدر بك أن تُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫عليك اي معلّم‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«إنّين أُشفق َ‬
‫وتتعرف عليها‪».‬‬
‫مشاعرك َّ‬
‫َ‬ ‫نفسك اي يهوذا‪ُ .‬كن صرُياً لِتتنبَّه على‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬بل على‬
‫ِ‬
‫«يف احلقيقة أان أُشفق على هذا العجوز‪ .‬فاملرء يَ َتعب يف اتِّ َ‬
‫باعك‪ ،‬هل تَعلَم؟» يقول بطرس وهو‬
‫يتصبّب َعَرقَاً‪.‬‬

‫«دائماً يَ َتعب املرء يف اتِّباع الكمال‪ ،‬اي مسعان‪».‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هلن كلمة واحدة‪.‬‬ ‫عهم الرجل بِال َكلَل‪ُُ ،‬ما ِوالً البقاء قريباً من النساء اللوايت‪ ،‬مع ذلك‪َ ،‬مل ّ‬
‫يوجه َّ‬ ‫يَتبَ ُ‬
‫تبكي مرسم اجملدليّة بصمت حتت وشاحها‪.‬‬
‫«ال تبكي اي مرمي‪ ».‬تقول هلا السيدة العذراء لِتؤاسيها‪ِ ،‬‬
‫ممسكة يدها‪« .‬فيما بعد‪ ،‬سوف ُُيلّ ِ‬
‫ك‬ ‫ّ‬
‫األايم األوىل هي األكثر إيالماً‪».‬‬
‫العامل‪ ،‬إ ّن ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 130 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫علي أن أُسيء إليه فلن أسامح نفسي أبداً‪ .‬هل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«آه! ليس من أجلي! بل من أجله‪ .‬لو كان َّ‬
‫عت ذاك الرجل الذي ِمن ال َكتَـبَة ماذا قال؟ إنّين أ َُوِّرطه‪».‬‬
‫َِمس ِ‬

‫حّت قبل أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«أيّتها املسكينة! أال تَعلَمني أ ّن تلك الكلّمات تُص ّفر حوله مثل فحيح احلَيَّات‪ّ ،‬‬
‫تُف ِّكري ابجمليء إليه؟ لقد قال يل مسعان إ ّّنم كانوا يُدينونه منذ العام املاضي ألنّه َش َفى ََمذومة‪ ،‬كانت‬
‫يف السابق خاطئة‪َ ،‬مل يَـَرها ِسوى يف وقت اجرتاح املعجزة‪ .‬وَمل يـَعُد يراها بعد ذلك‪ ،‬وهي امرأة أكرب‬
‫ِمين ِسنّاً‪ ،‬أان أُمه‪ .‬ولكن أال تَعلَمني أنّه اضطَُّر إىل الفرار ِمن منطقة املياه احللوة أل ّن إحدى أخو ِ‬
‫اتك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البائسات ذَ َهبَت إىل هناك لتُفتَدى؟ كيف تريدين أن يُدينوه إذا كان هو بغري خطيئة؟ ابألكاذيب‪.‬‬
‫فعله‬ ‫ِ‬
‫أي شيء يَ َ‬
‫يتحول دليالً على ارتكاب اخلطيئة‪ .‬و ّ‬ ‫وأين إُيادها؟ يف رسالته بني الناس‪ .‬فعل َخري ّ‬
‫ف يف صومعة‪َّ ،‬اهتَموه إبِهال شعب هللا‪ .‬وإن نَزل وسط‬ ‫ابين هو دائماً ابلنسبة إليهم خطيئة‪ .‬فإن اعتَ َك َ‬
‫شعب هللا‪ ،‬فهو ُمذنِب لذلك‪ .‬فبالنسبة إليهم هو ُمذنِب على الدوام‪».‬‬

‫«إذن‪ ،‬فَـ ُهم أشرار بشكل شنيع!»‬

‫األزيل‪ ،‬وسيبقى هكذا‪،‬‬ ‫ك‬‫املدر‬ ‫غري‬ ‫هو‬ ‫يسوعي‪،‬‬ ‫وهو‪،‬‬ ‫ُّت‪.‬‬


‫ن‬ ‫ع‬‫َ‬‫ت‬‫«ال‪ ،‬بل ُهم منغَلِقون عن النور بِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ويستمر على الدوام ابطّراد‪».‬‬
‫ّ‬
‫«أال تتألّمني لذلك؟ إنّ ِ‬
‫ك تَبدين يف غاية الصفاء‪».‬‬

‫فن‬
‫تنفس‪ ،‬إّّنا ال يعر َّ‬ ‫كل عملية ُّ‬ ‫اخزة تُغلِّفه‪َ ،‬‬
‫وّتَرحين لدى ّ‬
‫«اس ُكيت‪ .‬إ ّن قليب‪ ،‬وكأ ّن أشواكاً و ِ‬
‫هو ذلك! إنّين أتظاهر ابلصفاء ِألُسانِده به‪ .‬فإذا مل تُش ِّدد أ ُّمه من عزميته‪ ،‬فأين ميكن ليسوعي أن َُِيد‬
‫ي عليه ألنّه فَـ َع َل ذلك؟‬ ‫العزاء؟ على أي صدر ميكنه إسناد رأسه‪ ،‬دون أن َُِيد نفسه وقد ُجرِح‪ ،‬أو ُِ‬
‫افرت َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َجرعها يف أثناء ساعات‬ ‫أ‬ ‫اليت‬ ‫الدموع‬
‫و‬ ‫قليب‪،‬‬ ‫ق‬‫ز‬ ‫مت‬
‫ُ‬ ‫اليت‬ ‫اك‬‫و‬ ‫األش‬ ‫عن‬ ‫َّظر‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫بغض‬ ‫إذن‪،‬‬ ‫اب‬ ‫و‬‫الص‬ ‫ن‬ ‫فَ ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوحدة‪ ،‬أن أضع معطفاً ِ‬
‫ف ذلك‪ ،‬ألجعله أكثر‬ ‫احلب الناعم‪ ،‬أن أمنحه ابتسامة‪ ،‬مهما َكلَّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫أي شيء‪،‬‬ ‫حّت اللحظة اليت يَبلُغ فيها سيل احلقد ح ّداً ال يعود يَن َفع معه ّ‬ ‫اطمئناانً‪ ،‬أكثر َسكينة‪ّ ...‬‬
‫ب األ ُّم‪ »...‬وتَ َنه ِمر دمعتان كبرياتن على وجه مرمي الشاحب‪.‬‬‫حّت ُح ّ‬
‫وال ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 131 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تَنظُر إليها األختان‪ ،‬وقد أتثـََّرات كثرياً‪« :‬ولكنّنا ِملك له‪ ،‬وحنن حنبّه؛ و ُّ‬
‫الر ُسل‪ »...‬تقول مرات‬
‫لتواسيها‪.‬‬

‫وهم ما يزالون أدىن كثرياً ِمن ُمستوى رسالتهم‪ ...‬وأملي أش ّد‪،‬‬


‫الر ُسل‪ُ ...‬‬
‫«أنتما له‪ ،‬نعم‪ .‬وله ُّ‬
‫ألنّين على ِعلم أبنّه ال َُي َهل شيئاً‪»...‬‬

‫حّت التضحية بنفسي لو لَ ِزم األمر؟»‬


‫«إذن‪ ،‬فاملفروض أنّه يَعلَم كذلك أنّين أريد أن أُطيعه ّ‬
‫تسأل مرمي اجملدليّة‪.‬‬
‫«هو يعلَم ذلك‪ .‬و ِ‬
‫أنت فَـَرح عظيم على دربه القاسي‪».‬‬ ‫َ‬
‫«آه! أيّتها األ ُّم!» وأتخذ مرمي اجملدليّة يد مرمي وتُقبِّلها بَِفيض ِمن املشاعر‪.‬‬

‫املؤدية إىل قاان‪ُ ،‬ي ّدها‪ ،‬من جهة‪،‬‬


‫طرباي يف حدائق الضاحية‪ .‬وبعدها أتيت الطريق الرتابيّة ّ‬
‫تَنتَهي ّ‬
‫َحرقَتها مشس الصيف‪.‬‬‫البساتني‪ ،‬ومن األخرى مروج وحقول أ َ‬
‫ِ‬
‫لحق به النساء‪ ،‬وبعد ذلك الروماينّ‬ ‫ظل أشجار كثيفة‪ .‬تَ َ‬ ‫دخل يسوع أحد البساتني‪ ،‬ويَقف يف ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫الال ِهث الذي َمل يـَعُد قادراً على املتابعة‪ ،‬يف احلقيقة‪َ .‬أي ُخذ مكاانً ُُمايِداً قليالً‪ ،‬ال يتكلّم‪ ،‬ولكنّه يَنظُر‪.‬‬
‫ّ‬

‫«لِنَتناول الطعام أثناء اسرتاحتنا‪ ».‬يقول يسوع‪« .‬هناك بئر‪ ،‬وابلقرب منه فَ َّالح‪ .‬امضوا واطلبوا‬
‫منه ماء‪».‬‬

‫حّت اجلَّمام‪ ،‬يتبعهما ال َف َّالح الذي َُي ِمل‬ ‫ِ‬


‫َميضي يوحنّا وت ّداوس إليه‪ .‬ويَعودان جبّرة مليئة ماء ّ‬
‫للمجموعة تيناً رائعاً‪.‬‬

‫لك‪».‬‬
‫تك وُمصو َ‬
‫صح َ‬
‫ليكافئك هللا يف ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫أنت املعلّم‪ ،‬أليس كذلك؟»‬ ‫ِ‬


‫ك هللا‪َ .‬‬
‫« َحفظَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 132 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أان هو‪».‬‬

‫«أتتح ّدث هنا؟»‬

‫«ال أحد يَر َغب بذلك‪».‬‬

‫«أان أر َغب اي معلّم‪ .‬وأكثر ِمن املاء الذي ال أ َّ‬


‫َلذ منه ساعة العطش‪ ».‬يَهتف الروماينّ‪.‬‬

‫أأنت ظمآن؟»‬
‫« َ‬

‫«كثرياً‪ .‬لقد تَبِعتُ َ‬


‫ك من املدينة‪».‬‬

‫طرباي ينابيع كثرية تتدفّق ماء زالالً‪».‬‬


‫«يف ّ‬
‫ِ‬
‫تبعتك ألَستَ ِمع َ‬
‫إليك تتح ّدث‪».‬‬ ‫«ال تَغلَط اي معلّم‪ ،‬أو ابحلري ال تتظاهر بذلك‪ .‬لقد َ‬
‫«ولكن ملاذا؟»‬

‫لست أدري‪ ،‬شيء‬


‫لست أدري ملاذا وال كيف‪ .‬لدى رؤييت ّإايها (ويُشري إىل مرمي اجملدليّة)‪ُ ،‬‬
‫« ُ‬
‫لك أشياء ال تَع ِرفها"‪ .‬و ُ‬
‫أتيت‪».‬‬ ‫ما قال يل‪" :‬سوف يقول َ‬
‫«أعطوا الرجل ماء وتيناً‪ .‬ولِيَستَعِد ّقوة بَ َدنه‪».‬‬

‫«والروح؟»‬

‫احلق‪».‬‬
‫«الروح يستعيد ّقوته يف ّ‬
‫حّت‬
‫ووجدت الفساد؛ يف املذاهب‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫احلق يف العِلم‪،‬‬
‫حبثت عن ّ‬‫ك‪ .‬لقد ُ‬ ‫«ألجل ذلك تَبِعتُ َ‬
‫أصبحت رجالً‬
‫ُ‬ ‫حّت أصابين الغثيان‪ ،‬و‬
‫احندرت ّ‬
‫ُ‬ ‫الصالح‪ .‬ولقد‬
‫َفضلها‪ ،‬وهناك دائماً افتقار ما إىل َّ‬
‫أ َ‬
‫ِّ‬
‫مقززاً‪ ،‬ال مستقبل يل سوى الساعة اليت أعيشها‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 133 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُميعِن يسوع فيه النَّظَر‪ ،‬وهو أيكل اخلبز والتني املقدَّم له ِمن ُّ‬
‫الر ُسل‪.‬‬

‫انتهى الطعام بسرعة‪.‬‬

‫َمرد تثقيف بسيط لُِر ُسله‪ .‬ويبقى ّ‬


‫الفالح‬ ‫ِ‬
‫يوجه َّ‬
‫يسوع‪ ،‬وقد ظَ َّل جالساً‪ ،‬يبدأ احلديث‪ ،‬وكأنّه ّ‬
‫كذلك قريباً منهم‪.‬‬

‫احلق‪ ،‬طوال حياهتم‪ ،‬فال َُِيدونه‪ .‬يَبدون كمجانني‪ ،‬يريدون‬ ‫«كثريون ُهم الذين يبحثون عن ّ‬
‫ويتلمسون بتشنّج‪ ،‬بشكل يَبتَعِدون معه‬ ‫كل شيء‪ ،‬وهم يضعون صفيحة برونزيّة على عيوّنم‪َّ ،‬‬ ‫رؤية ّ‬
‫ابحلري ُخيفونه مبا يك ّدسونه فوقه من األشياء اليت يزحزحها حبثهم اجملنون ويَقلِبها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫احلق‪ ،‬أو‬
‫ابطّراد عن ّ‬
‫احلق حيث ال ميكن أن يوجد‪.‬‬‫ال ميكن أن ُيصل معهم غري ذلك‪ ،‬أل ّّنم يبحثون عن ّ‬
‫احلب‪ .‬والنَّظَر إىل األشياء‪ ،‬ليس فقط بعينني حكيمتني‪ ،‬بل‬‫ض ّم الذكاء إىل ّ‬ ‫احلق‪ُ ،‬يب َ‬‫إلُياد ّ‬
‫يتوصل‪ ،‬على‬ ‫ِ ِ‬
‫ُيب‪ّ ،‬‬ ‫الصالح أكثر قيمة وجدارة من احلكمة‪ .‬فإ ّن الذي ّ‬ ‫إّّنا بعيين صالح كذلك‪ ،‬أل ّن َّ‬
‫احلب ال يعين أبداً التمتّع ابجلسد وبواسطة اجلسد؛ فهذا‬ ‫احلق‪ّ .‬‬
‫املؤدي إىل ّ‬ ‫الدوام‪ ،‬إىل إدراك الدرب ّ‬
‫احلب هو عاطفة نـَ ْفس ّتاه نـَ ْفس‪ ،‬عاطفة جزء أمسى ّتاه جزء أمسى‪.‬‬ ‫ليس حبّاً‪ ،‬بل هو شهوانيّة‪ّ .‬‬
‫هبذه العاطفة نرى يف شريكة احلياة‪ ،‬يف رفيقة العمر‪ ،‬ليس َعبدة‪ ،‬بل اليت تُعطي النور لألوالد‪ ،‬فقط‬
‫الكل القادر على َخلق حياة‪ ،‬بل حيوات عديدة؛ أي‬ ‫الرجل‪،‬‬ ‫مع‬ ‫ل‪،‬‬ ‫ذلك‪ ،‬أي النصف الذي يش ِّ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الرفيقة اليت هي أُمّ وأُخت وابنة للرجل‪ ،‬اليت هي أضعف ِمن طفل وليد أو أقوى ِمن َسبع َغضن َفر‪،‬‬
‫كل ما هو خالف‬ ‫ِ‬
‫ب ابحرتام مطمئن وحافظ‪ .‬و ّ‬ ‫حسب احلاالت‪ ،‬واليت‪ ،‬كأ ُّم وأُخت وابنة‪ُ ،‬يب أن ُحتَ َّ‬
‫حبب‪ ،‬بل هو رذيلة‪ .‬وهو ال يقود إىل أعلى‪ ،‬بل إىل أسفل‪ ،‬ليس إىل النور‪ ،‬بل إىل‬ ‫ملا أقول فهو ليس ّ‬
‫حب القريب‬ ‫يب‪.‬‬ ‫ر‬ ‫الق‬ ‫حب‬ ‫معرفة‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫الظُّلُمات‪ ،‬ليس إىل النجوم‪ ،‬بل إىل الوحل‪ .‬حب املرأة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق هو هللا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلق هنا‪ ،‬اي َمن تبحثون عنه‪ّ .‬‬
‫احلق‪ّ .‬‬‫حب هللا‪ .‬وهكذا يَعثُر على طريق ّ‬ ‫ّ‬ ‫فة‬
‫ر‬ ‫مع‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫وهنا مفتاح إدراك العِلم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 134 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ذهب هللا‪ .‬كيف ميكن إلنسان إعطاء إجاابت‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫ذهب خال من األخطاء سوى َم َ‬ ‫ما من َم َ‬
‫َمرد‬ ‫حّت‬ ‫لق‪،‬‬ ‫اخل‬ ‫ار‬
‫ر‬ ‫أس‬ ‫عن‬ ‫الكشف‬ ‫يستطيع‬ ‫الذي‬ ‫ذا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يجيبه؟‬‫لتساؤالته‪ ،‬إذا مل يكن هللا معه لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل هذه اخلليقة؟ كيف ميكن إدراك‬ ‫صنَ َع ّ‬
‫وبكل بساطة‪ ،‬إذا مل يكن معه العامل األمسى الذي َ‬ ‫هذه‪ّ ،‬‬
‫املعجزة احليّة‪ ،‬اليت هي اإلنسان‪ ،‬حيث ميتَزِج الكمال احليواينّ ابلكمال اخلالِد‪ ،‬الذي هو النَّـ ْفس‪ ،‬اليت‬
‫متحررة ِمن األخطاء اليت يرتكبها اإلنسان‪ ،‬واليت ّتعله‬ ‫هبا نكون آهلة‪ ،‬إذا كانت فينا نـَ ْفس حيّة‪ ،‬أي ِّ‬
‫مبنزلة البهيمة‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فهو يتفاخر ابرتكاهبا؟‬
‫مك‪ ،‬وطيور السماء فَـتُ ِ‬
‫خرب َك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"س ْل البهائم فَـتُعلّ َ‬
‫ُردد لكم ما قاله أيّوب‪َ :‬‬
‫احلق‪ ،‬أ ّ‬
‫أيّها الباحثون عن ّ‬
‫ِ‬
‫ثك‪".‬‬‫ك‪ ،‬وأمساك البحر فتح ّد َ‬‫استَف ِهم األرض فَـتُلقنِّ َ‬
‫خضوضرة وال ُـم ِزهرة‪ ،‬تلك الثمار اليت تَنتَ ِفخ على األشجار‪ ،‬تلك‬
‫ِ‬ ‫نعم األرض‪ ،‬تلك األرض ال ُـم‬
‫الطيور اليت تتكاثر‪ ،‬وتيّارات الريح اليت تُب ِّدد الغيوم‪ ،‬تلك الشمس اليت ال ُُت ِطئ أبداً يف شروقها منذ‬
‫فسر كِنه (جوهر) هللا‪،‬‬
‫ِ‬
‫كل شيء يُ ّ‬ ‫كل شيء يتح ّدث عن هللا‪ّ ،‬‬ ‫مئات السنني‪ ،‬بل منذ آالف السنني‪ّ ،‬‬
‫كشف عن هللا‪ .‬إن مل يَعتَ ِمد العِلم على هللا‪ ،‬يُصبِح اخلطأ الذي ال يَرفَع‪ ،‬بل‬ ‫كل شيء يزيح الستار وي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ط ِمن قَدر املرء‪ .‬فاملعرفة ليست فساداً عندما تكون تَديُّناً‪َ .‬من كان عالِماً ابهلل ال يَس ُقط‪ ،‬إذ لديه‬ ‫َُي ّ‬
‫احلقيقي‪ ،‬وليس عن األشباح اليت ليست‬ ‫هللا‬ ‫عن‬ ‫البحث‬ ‫ُيب‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫لوده‪.‬‬ ‫خب‬
‫ُ‬ ‫إحساس بكرامته‪ ،‬ألنّه يؤمن ِ‬
‫ّ‬
‫الروحي‪ ،‬اليت بسببها ال ِظ ّل‬
‫ّ‬ ‫آهلة‪ ،‬بل هي َه َذايانت الناس الذين ال يزالون ُمغلَّفني يف قُ ُمط اجلَّهل‬
‫للحق يف إمياّنم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للحكمة يف دينهم‪ ،‬وال ظ ّل ّ‬
‫ُك ّل عُمر يَصلُح كي يُصبِح املرء فيه حكيماً‪ .‬وهذا كذلك قيل يف ِسفر أيوب‪" :‬يف املساء يُش ِرق‬
‫انتهيت‪ ،‬سوف تَطلَع ِمثل جنمة الصبح‪ ،‬وسوف‬
‫َ‬ ‫نفسك قد‬
‫َ‬ ‫عليك نور يُشبِه نور الظَّهرية‪ ،‬وعندما تَ ُّ‬
‫ظن‬ ‫َ‬
‫ينتظرك"‪.‬‬
‫َ‬ ‫فعماً ثِقة ابلرجاء الذي‬
‫تكون ُم َ‬
‫كشف‪ ،‬إن عاجالً أو آجالً‪ .‬ولكن حينما‬ ‫احلق‪ ،‬وسوف يُ َ‬ ‫تَكفي اإلرادة الصاحلة إلُياد ّ‬
‫كشف‪ ،‬فالويل لِ َمن ال يَتبَعه‪ُ ،‬مقلِّداً أولئك اإلسرائيليّني متصلّيب الرأي‪ ،‬الذين إذ قبضوا على اخليط‬
‫يُ َ‬
‫احلق‪ ،‬بل ويكرهونه‪،‬‬
‫عين يف الكتاب‪ ،‬ال يريدون اللجوء إىل ّ‬ ‫كل ما قيل ّ‬ ‫أي ّ‬ ‫املوصل إىل اكتشاف هللا‪ّ :‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 135 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُمك ِّدسني على ذكائهم وعلى قلبهم‪ ،‬جفاف احلقد والشكليّات‪َّ .‬إّنم ال يَعلَمون أ ّن األرض َستُفتَح‬
‫حتت ثِقل خطواهتم اليت يعتقدون أّنا تقودهم حنو االنتصار‪ ،‬بينما هي تقودهم حنو عبودية الشكليات‬
‫نح ِدر أولئك ال ُـمذنِبون عن‬ ‫واحلقد واألاننيّات‪ .‬سوف يبتَـلَعون‪ ،‬م ِ ِ‬
‫نحدرين بشدَّة حنو اهلاوية إىل حيث يَ َ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ومث َقلني أكثر من أولئك الذين أذنبوا وفقاً ألحكام الوثنية‪ ،‬واليت َّاُتَ َذهتا تلك‬
‫وعي وفقاً للوثنية‪ ،‬بل ُ‬
‫الشعوب بذاهتا للحصول على ِدين يُن ِظّمون مبوجبه سلوكهم‪.‬‬

‫ّأما أان‪ ،‬فكما أنّين ال أرفُض التَّائِبني ِمن أبناء إسرائيل‪ ،‬كذلك ال أستَبعِد الوثنيّني الذين يؤمنون‬
‫احلق!"‬
‫وهم يَئنّون‪" :‬أعطُوان ّ‬
‫مبا أُعطي هلم ليؤمنوا به‪ ،‬والذين يقولون يف أعماقهم ُ‬
‫وهبذا اُّني كالمي‪ ،‬واآلن لِنَ َِ‬
‫سرتح يف هذه اخلُضرة‪ ،‬إذا َمسَ َح لنا الرجل بذلك‪ .‬ويف املساء سوف‬
‫ّنضي إىل قاان‪».‬‬

‫كك‪ .‬ولكن مبا أنّين ال أريد تَدنيس العِلم الذي َمنَحتَنيه‪ ،‬فسأمضي هذا املساء إىل‬ ‫«سيّدي‪ ،‬أَتر َ‬
‫فلدي هناك بيت‪ .‬لقد َمنَحتَين الكثري‪.‬‬ ‫خادمي إىل ليقونية‪َّ ،‬‬ ‫ُغادر هذه األرض‪ .‬سأمضي مع ِ‬ ‫طرباي‪ .‬أ ِ‬
‫ّ‬
‫لدي ما أُعيد به بناء فِكري‪.‬‬ ‫أُد ِرك أنّه ال ميكن إعطاء املزيد لعجوز شهواينّ‪ .‬إّّنا‪ ،‬مبا َمنَحتَين‪ ،‬أصبَ َح َّ‬
‫صل لكي‬‫طرباي‪ِّ .‬‬
‫لك يف ّ‬ ‫إهلك ِمن أجل العجوز كريسبوس‪ ،‬ال ُـمستمع الوحيد َ‬ ‫ص ِّل إىل َ‬ ‫أنت َ‬
‫و‪َ ...‬‬
‫علي ليبيتينا (‪ Libitina‬آهلة اجلنازات والدفن‬ ‫مرة أخرى‪ .‬قبل أن تَستَح ِوذ َّ‬ ‫إليك ّ‬
‫أستطيع االستماع َ‬
‫خد َمت هنا كِناية َعن املوت)‪ ،‬حبيث‪ ،‬وابلوسائل اليت أعتَ ِقد إمكانيّة خل َقها َّ‬
‫يف ِمن‬ ‫عند الرومان‪ ،‬وقد استُ ِ‬
‫ّ‬
‫احلق بشكل أفضل‪ .‬سالماً أيّها املعلّم‪».‬‬ ‫أفهمك بشكل أفضل‪ ،‬وأفهم ّ‬ ‫َ‬ ‫كالمك‪ ،‬قد‬
‫َ‬ ‫خالل‬

‫مير جبانب النساء اجلالسات على حدة‪،‬‬‫وُييّي على الطريقة الرومانيّة‪ .‬إّّنا‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬وبينما ّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫مآدبك‬ ‫ِ‬
‫منحت رفيق‬ ‫ينحين أمام مرمي اجملدلية ويقول هلا‪« :‬شكراً اي مرمي‪ ،‬فمعرفيت ِ‬
‫بك كانت خرياً‪ .‬فلقد‬ ‫ّ‬
‫بفضلك ِ‬
‫أنت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫توصلت أان إىل ما ِ‬
‫أنت عليه اآلن‪ ،‬فيكون‬ ‫ِ‬
‫القدمي الكنـز الذي كان يُفتّش عنه‪ .‬وإذا ما َّ ُ‬
‫وداعاً‪».‬‬

‫وميضي‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 136 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫شع‪ ،‬وّتثو وتزحف أمام‬ ‫وّتمع مرمي اجملدلية يديها بش ّدة على صدرها‪ ،‬وبوجه م َ ِ‬
‫وم ّ‬
‫ندهش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫يسوع‪« :‬آه! سيّدي! سيّدي! هل ح ّقاً أنّين أستطيع أن أقود إىل اخلري؟ آه! سيّدي! هذا كثري!»‬
‫وخافِضة رأسها يف العشب‪ ،‬تُقبِل قدمي يسوع‪ِ ،‬‬
‫غاسلة ّإايِها ِمن جديد بدموع عاشقة َمدال العظيمة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫اعرتافاً ابجلميل‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 137 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -106‬يف بيت قاان)‬

‫‪1945 / 08 / 04‬‬

‫العجائيب‪،‬‬ ‫العرس‬ ‫يف‬ ‫جرى‬ ‫الذي‬ ‫ذاك‬ ‫ن‬ ‫يف بيت قاان احتفال بقدوم يسوع‪ ،‬هو أقل قليالً ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السعوف اخلضراء‪ ،‬وليست هناك طاوالت‬ ‫املدعوون؛ والبيت ال تُزيِّنه الزهور و ُّ‬
‫يَغيب عنه املوسيقيّون‪ ،‬و ّ‬
‫لكن ذلك كلّه قد َمتَّ‬ ‫ِ ِ‬
‫للضيوف الكثريين‪ ،‬وال القهرمان ( َكبري اخلَ َدم) جبانب حامل اجلّرار املليئة مخراً‪ ،‬و ّ‬
‫ومقداره السليم‪ ،‬أي ليس هو للضَّيف الذي قد‬ ‫َّتاوزه ابحلب الذي يوهب اآلن بشكله الصحيح ِ‬
‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫التعرف على‬ ‫و‬ ‫رفته‬ ‫مع‬ ‫تتم‬ ‫الذي‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫املع‬ ‫َّيف‬
‫للض‬ ‫هو‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫بل‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫وى‬‫س‬‫يكون أحد األقرابء‪ ،‬ولكنّه ليس ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصديق‬ ‫ب بِ ُكلِّيَّتها َّ‬
‫ّ‬ ‫حت‬
‫ُ‬ ‫قاان‬ ‫قلوب‬ ‫كذلك‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫إهلي‬
‫ّ‬ ‫كشيء‬ ‫ابإلجالل‬ ‫ته‬‫م‬‫َ‬
‫طبيعته احلقيقية‪ ،‬والذي َحتظَى َكلِ‬
‫ّ‬
‫ومحرة الغَ َسق‪ ،‬البساً ثوبه الكتّاين‪َُ ،‬م ِّمالً‬ ‫ضَر إىل مدخل احلديقة‪ ،‬وسط ُخضرة األرض ُ‬ ‫العظيم الذي َح َ‬
‫حّت إىل األشياء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجه سالمه إليها‪ ،‬بل ّ‬ ‫سالمه‪ ،‬ليس فقط إىل النُّفوس اليت يُ ّ‬ ‫كل شيء حبضوره‪ُ ،‬موصالً َ‬ ‫ّ‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬يبدو أ ّن السالم ينتَ ِشر حيث يُدير عينه الزرقاء‪ ،‬وهو وشاح ِمن السالم املهيب مع‬
‫ب قلبه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وح ّ‬
‫ذاك الفرح‪ .‬فالنقاء والسالم يتدفّقان من عينه مثل ع ْلم فَمه ُ‬
‫قد يبدو‪ ،‬لِ َمن يقرأ هذه الصفحات‪ ،‬أ ّن ما أقوله مستحيل‪ .‬ومع ذلك فاملكان ذاته الذي كان‪ ،‬قبل‬
‫ابحلري مكاانً‪ ،‬حركته الدؤوبة تُقصي السالم الذي يُعتَ َّب غريباً على هياج‬
‫ّ‬ ‫عادايً‪ ،‬أو‬
‫وصول يسوع‪ ،‬مكاانً ّ‬
‫لست أدري ماذا من‬‫حت يصبح ذلك املكان راقياً‪ ،‬ويتَّخذ العمل نفسه ُ‬ ‫ظهر يسوع‪ّ ،‬‬ ‫العمل‪ ،‬وما أن يَ َ‬
‫كنت‬
‫لست أدري إذا ما ُ‬ ‫اليدوي‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫التنسيق الذي ال يُشري إىل وجود فكرة فائقة الطبيعة يقوم عليها العمل‬
‫حت يف ساعات ال ُمضايَقة العُظمى‪ِ ،‬ألمر ما َحيصل له‪ ،‬ولكنّه‬
‫أُجيد التعبري‪ .‬فيسوع ال يبدو عابِساً‪ ،‬وال ّ‬
‫يتحرك ضمنه‪َ .‬م َرح يسوع ليس ابهراً على اإلطالق‪،‬‬ ‫قاره فائق الطبيعة يف اإلطار الذي ّ‬
‫بث َو َ‬‫َوقور ِمبَهابة‪ ،‬ويَ ّ‬
‫األعظمي أو ال ُقنوط‬ ‫حت يف أوقات الفرح‬ ‫سوداوي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫شوه وجهه الضحك‪ ،‬وال هو‬ ‫وال هو بُ ّكاء‪ ،‬ال يُ ِّ‬
‫ّ‬
‫األعظمي‪.‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 138 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يشع يف‬ ‫ِ ِ‬
‫كأهنا نور يَنبَعث من قلبه‪ ،‬نور ّ‬ ‫رسام أن يُعي َدها‪ .‬تبدو و ّ‬
‫ألي ّ‬
‫ابتسامته ال تُضاهى‪ ،‬وال ميكن ّ‬
‫األعظمي بنفس تُفتَدى أو أُخرى تدنو ِمن الكمال؛ ابتسامة‪ ،‬أقول ّإهنا بِلَون الورد‪ ،‬عندما‬
‫ّ‬ ‫أوقات الفرح‬
‫ََيتَِّب ّ‬
‫تصرفات أصدقائه أو تالميذه التلقائيّة‪ ،‬ويَبتَ ِهج بقرهبم منه؛ ابتسامة الزورديّة‪ ،‬للبقاء دائماً وسط‬
‫األلوان‪ ،‬مالئكية‪ ،‬عندما ينحين أمام األطفال لِيسمعهم ويعلِّمهم ويباركهم؛ ابتسامة تت ِ‬
‫َّسم ابلرمحة عندما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫يَنظُر إىل بؤس جسد أو روح؛ أخرياً‪ ،‬هي ابتسامة إهليّة عندما يتح ّدث عن اآلب أو عن أ ُّمه‪ ،‬أو عندما يَنظُر‬
‫أو يَستَ ِمع إىل تلك األ ُّم الفائقة الطُّهر‪.‬‬

‫األعظمي‪ :‬يف آالم اخليانة‪ ،‬يف عذاابت‬


‫ّ‬ ‫التمزق‬
‫حت يف أوقات ُّ‬ ‫سوداوايً‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ال ميكنين القول إنّين رأيتُهُ‬
‫الدموي‪ ،‬ويف أهوال اآلالم‪ .‬فإن غَ َم َر احلزن إشراقة ابتسامته العذبة‪ ،‬فال يكفي ذلك لِيمحو السالم‬
‫ّ‬ ‫َّعرق‬
‫الت ُّ‬
‫اإلهلي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي يبدو اتجاً من اجلواهر الفردوسيّة‪ ،‬يتألّق على جبينه اخلايل من التجاعيد‪ ،‬ويُضيء بنوره شخصه ّ‬
‫كلّه‪.‬‬

‫وكذلك ال ميكنين القول إنّين رأيتُه يَستَسلم لِ َمرح ُمبالَغ فيه‪ .‬ال َيلو األمر ِمن ضحكة عالية إذا ما‬
‫تطلَّبَت الظروف ذلك‪ ،‬ولكنّه يعود مباشرة بعدها إىل صفائه ال ُم َ‬
‫فعم َمهابة َوَوقاراً‪ّ .‬إال أنّه حينما يضحك‬
‫عجائيب‪ ،‬لدرجة أ ّن وجهه يبدو كوجه ابن العشرين‪ ،‬والعامل كذلك يبدو وكأنّه يَستَعيد‬ ‫بشكل‬ ‫باه‬‫ص‬‫يستعيد ِ‬
‫ّ‬
‫الرَّاننة وال ُم ِّ‬
‫عّبة‪.‬‬ ‫شبابه حتت أتثري ضحكته اجلميلة الصافية‪َّ ،‬‬

‫فعل ذلك هبدوء‪،‬‬ ‫كما ال ميكنين القول إنّين رأيتُهُ يستَ ِ‬


‫عجل القيام ابألعمال‪ .‬فإن تكلَّ َم أو َّ‬
‫حتر َك فإنّه يَ َ‬ ‫َ‬
‫إ ّّنا ليس أبداً ببطء أو فُتور‪ .‬قد يكون بسبب كِ َّب قامته‪ ،‬ممّا ُمي ِّكنه ِمن أن َيطو خطوات كبرية دون اضطراره‬
‫كل تلك املسافات‪ ،‬وقد يكون كذلك بسبب إمكانيّة أن يَطال األشياء البعيدة دون احلاجة‬ ‫للجري ليقطع ّ‬
‫ظهر عليه وقار سيّد عظيم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حت يف حركته‪ ،‬يَ َ‬‫إىل هنوضه ليَطاهلا‪ .‬واألكيد هو أنّه‪ّ ،‬‬

‫عما يقوله‬ ‫والصوت؟ ها قد مضى ما يُقا ِرب العامني وأان أَسَعه يتح ّدث‪ ،‬ورغم ذلك فأان أ ُ‬
‫َشرد أحياانً ّ‬
‫كرر بِ ُك ّل صّب ما قاله‪ ،‬انظراً َّ‬
‫إيل وهو يبتسم‬ ‫والصاحل يُ ِّ‬
‫يل‪ ،‬لش ّدة غَوصي يف دراسة صوته‪ .‬ويسوع الطيب َّ‬
‫اجلين لدى َساعي صوته‪ ،‬أثناء‬ ‫الصاحل‪ ،‬لتحاشي حصول انقطاعات انمجة عن الغبطة اليت َُّت ِ‬ ‫ابتسامة املعلّم َّ‬
‫لست أعرف القول بدقّة ما تصنيف‬ ‫ذوقي له‪ ،‬ودراسيت لِطَابعه ومجاله‪ .‬ولكنّين‪ ،‬بعد عامني‪ُ ،‬‬‫إمالءاته‪ ،‬وتَ ُّ‬
‫صوته‪ :‬أَستَ ِبعد القرار ‪ Basse‬بشكل ُمطلَق‪ ،‬كما أَستَ ِبعد كذلك َّ‬
‫الصادح اخلفيف ‪ ،Tenor‬ولكنّين ما‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 139 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َّام‪ ،‬مع مساحة‬ ‫ِ‬ ‫لت ال أعرف إذا كان صوته ِمن نوع َّ‬
‫القوي أَم من نوع اجلَّهري ‪ Barytone‬الت ّ‬‫ّ‬ ‫الصادح‬ ‫ز ُ‬
‫ُرجح هذا أل ّن صوته يكون أحياانً ذا نّبات أو مقامات برونزية‪ ،‬تكاد تكون ُمبطَّنة لِ ِش ّدة‬ ‫ِ‬
‫صوتيّة كبرية‪ .‬أ ّ‬
‫خاصة عندما يتح ّدث إىل خاطئ‪ ،‬على انفراد‪ ،‬كي يُعيَده إىل النعمة‪ ،‬أو عندما يُشري للجموع إىل‬ ‫عُمقها‪ّ ،‬‬
‫احنرافات البشر‪ .‬إ ّّنا بعد ذلك‪ ،‬عندما يتعلّق األمر ابلتحليل واإلشارة إىل األمور احملظورة والكشف عن‬
‫قاصماً كالصاعقة‪ ،‬بل هو‬ ‫الرايء‪ ،‬فإ ّن الّبونز يصبِح أكثر جالء‪ ،‬وعندما يفرض احلقيقة وإرادته‪ ،‬فإنّه يصبِح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ض ِربَت مبطرقة ِمن الكريستال‪ ،‬عندما يَرتَِفع لِ ُريتِّل للرمحة أو لتمجيد‬
‫الرنني مثل صفيحة ِمن الذهب ُ‬ ‫صل إىل َّ‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫يتحدث إىل األ ُّم أو عن األ ُّم‪ .‬حينذاك يكون صوته ِب ّق‬ ‫َّخذ طابعاً حنوانً عندما َّ‬ ‫أعمال هللا؛ أو أيضاً ي ت ِ‬
‫َ‬
‫أكمل أعماله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب هللا الذي يُثين على َ‬ ‫وح ّ‬
‫ب االبن الذي يُراعي واجبات االحرتام‪ُ ،‬‬ ‫ب‪ُ ،‬ح ّ‬ ‫مطبوعاً بطابع احلُ ّ‬
‫ُّ‬
‫للتحدث إىل ال ُمفضَّلني‪ ،‬إىل التائبني‪ ،‬أو إىل األطفال‪.‬‬ ‫تشدداً‪ ،‬فإنّه يستَ ِ‬
‫خدمه‬ ‫أقل ُّ‬
‫َ‬ ‫وهذا الصوت‪ ،‬رغم كونه ّ‬
‫حت يف أطول األحاديث‪ ،‬أل ّن هذا الصوت يَلبس الفكرة أو الكلمة‪ ،‬عندما يُ ِّ‬
‫عّب‬ ‫وهو ال يتعب أبداً‪ ،‬وال ّ‬
‫عن سلطاهنا أو عذوبتها‪ِ ،‬بسب احلاجة‪.‬‬

‫أحياانً أَلبُث أَستَ ِمع‪ ،‬والقلم يف يدي‪ُ ،‬ثّ أتنبَّه إىل أ ّن الت ُّ‬
‫َّوسع يف الفكرة قد قَطَ َع شوطاً كبرياً‪ ،‬ح ّت‬
‫قاطعونَين‪ ،‬لِيُعلِّمين‬
‫كرر يسوع‪ ،‬كما يفعل عندما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫حت يُ ِّ‬
‫وأظل حيث أان ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أصبَ َح اللّحاق به مستحيالً‪...‬‬
‫َترك لكم تقدير مدى إزعاجهم‪ ،‬عندما يَنتَ ِزعون ِم ّين‬ ‫صّب‪ ،‬األشياء واألشخاص املزعجني‪ ،‬الذين أ ُ‬ ‫َّحمل بِ َ‬
‫الت ُّ‬
‫الفرح الكامل لدى استِماعي إىل يسوع…‬

‫اآلن‪ ،‬يف قاان‪ ،‬يَش ُكر يسوع سوسنة الستضافتها حجالي‪ّ .‬إّنما على انفراد‪ ،‬حتت العريشة‬
‫احململة ابلعناقيد اليت بَ َدأَت تَنضج‪ ،‬بينما يسرتيح اآلخرون َجيعهم يف املطبخ الواسع‪.‬‬
‫الكثيفة َّ‬

‫«لقد كانت املرأة طيّبة ج ّداً اي معلّم‪َ .‬مل تكن لِتُش ِّكل ِعبئاً على اإلطالق‪ .‬كانت تريد مساعديت‬
‫يف أعمال املطبخ كلّها‪ ،‬ويف تنظيف البيت‪ِ ،‬من أجل الفصح‪ِ ،‬مثل خادمة‪ ،‬وقد َع ِملَت‪ ،‬أؤّكد َ‬
‫لك‪،‬‬
‫تنس ِحب ِحبَ َذر حال وفود أحدهم‪ ،‬وكانت‬ ‫كانت‬ ‫لقد‬‫و‬ ‫الفصح‪.‬‬ ‫ثياب‬ ‫إكمال‬ ‫يف‬ ‫ساعدين‬ ‫ت‬‫ِمثل أَمة‪ ،‬لِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حّت مع زوجي‪ .‬وكانت‪ ،‬يف وجود العائلة‪ ،‬قليلة الكالم‪ ،‬وكذلك أكلها قليل‪.‬‬ ‫ُحتا ِول عدم املكوث ّ‬
‫كنت أ َِجد البيت نظيفاً على الدوام‪ ،‬والنار مشتعلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وكانت تَغتَسل ابكراً ج ّداً قبل استيقاظ الرجال‪ ،‬و ُ‬
‫مين أن أُعلِّمها مزامري ديننا‪ .‬كانت‬
‫عنك‪ ،‬وكانت تَطلُب ّ‬‫إّّنا‪ ،‬عندما نكون مبفردان‪ ،‬فكانت تسألين َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 140 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تقول‪" :‬كي أَع ِرف أن أُصلّي كما يُصلّي املعلّم"‪َّ .‬إّنا هل انتهى أملها؟ فقد كانت قد أتلَّ َمت كثرياً‪.‬‬
‫وتتنهد وتبكي كثرياً‪ .‬فهل هي سعيدة اآلن؟»‬ ‫كانت ُتاف ِ‬
‫كل شيء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬
‫أشكرك‬ ‫حترَرت ِمن ُماوفها‪ .‬وهي يف سالم‪.‬‬
‫«نعم‪ ،‬هي سعيدة بشكل يفوق الطبيعة‪ .‬لقد َّ‬
‫كذلك على اخلَري الذي قَدَّمتِه هلا‪».‬‬

‫أي أمر آخر‪ .‬كانت أختاً‬ ‫ِ‬


‫ابمسك‪ .‬فأان ال أُجيد ّ‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫أي خري؟ َملْ أمنَحها سوى احلُ ّ‬
‫«آه! سيّدي! ّ‬
‫مين جبميله تعاىل الذي َح ِفظَين يف نِعمتِ ِه‪ ،‬فقد أحبَبتُها‪».‬‬
‫كنت أُد ِرك ذلك‪ .‬وأان‪ ،‬اعرتافاً ّ‬
‫مسكينة‪ ،‬و ُ‬
‫كنت َك ِ‬
‫رزت يف بيل ندراسك ‪ .Bel Nidrasc‬و ِ‬
‫لديك هنا اآلن غريها‪.‬‬ ‫وفعلت أكثر مما لو ِ‬
‫« ِ‬
‫هل َع ِرفتِها؟»‬

‫ومن ال يَع ِرفها يف هذه املناطق؟»‬


‫«َ‬
‫«ال أحد‪ ،‬هذا صحيح‪ .‬ولكنّكم‪ ،‬أنتم والبلدة‪ ،‬ما زلتم َّت َهلون مرمي األخرى‪ ،‬تلك اليت ستبقى‬
‫أرجوك أن تَثِقي بذلك‪».‬‬
‫ِ‬ ‫أمينة لِ َدعوهتا على الدوام‪ .‬على الدوام‪.‬‬

‫أنت تَعلَم‪ .‬وأان أؤمن‪».‬‬


‫أنت تقول ذلك‪َ .‬‬
‫« َ‬
‫شفق على أحد هو منّا‪ ،‬وأن نساُمه‪ ،‬أكثر مما‬ ‫ب"‪ .‬أَع ِرف أنّه َألَصعب أن نُ ِ‬ ‫«قويل أيضاً "أ ُِح ُّ‬
‫قوايً‪ ،‬فلتكن العاطفة‬ ‫العائلة‬ ‫يف‬ ‫تداد‬
‫ر‬ ‫اال‬ ‫رؤية‬ ‫أمل‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫لكن‬‫و‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫وثني‬ ‫لكونه‬ ‫ذر‬ ‫الع‬ ‫له‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يكون ذلك لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فصالً الكلمات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لكل إسرائيل‪ ».‬ويُنهي يسوع ُم ّ‬ ‫رت ّ‬ ‫أقوى‪ ،‬وكذلك املغفرة‪ .‬فأان قد َغ َف ُ‬
‫فعله املعلّم‪».‬‬‫ي‬ ‫ما‬ ‫عل‬‫«وأان سوف أَغ ُفر‪ِ ،‬من ِجهيت‪ ،‬ألنّين أظ ُّن أ ّن على التلميذ فِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ننضم إىل اآلخرين‪ .‬فالليل يَهبط‪ .‬وستكون الراحة‬ ‫ِ‬
‫وسيَبتَهج هللا لذلك‪ .‬هيّا بنا ّ‬
‫احلق‪َ ،‬‬
‫«أنت يف ّ‬
‫ممتعة يف صمت الليل‪».‬‬

‫«ألن تقول لنا شيئاً‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 141 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لت ال أدري‪».‬‬
‫«ما ز ُ‬
‫دخالن املطبخ‪ ،‬حيث ُج ِّهَزت األطباق والشراب ِمن أجل العشاء الوشيك‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫عرتيه امحرار قليل‪« :‬هل تريد أخوايت اجمليء َمعي‬ ‫الشبايب الذي يَ َ‬
‫ّ‬ ‫تتق ّدم سوسنة وتقول بوجهها‬
‫إىل الغرفة اليت يف األعلى؟ علينا هتيئة الطاوالت بسرعة من أجل تناول الطعام‪ ،‬إذ علينا‪ ،‬بعد ذلك‪،‬‬
‫ّتهيز الفراش للرجال‪ .‬إبمكاين القيام بذلك مبفردي‪ ،‬ولكنّه يتطلّب ِم ّين وقتاً أكثر‪».‬‬

‫«آيت أان أيضاً اي سوسنة‪ ».‬تقول العذراء‪.‬‬


‫ِ‬
‫وحد كاإلخوة‪».‬‬
‫نتعارف‪ ،‬إذ إ ّن العمل يُ ّ‬
‫«ال‪ .‬حنن نفي ابلغرض‪ ،‬وهذا ما سوف َُي َعلنا َ‬
‫ذهب لِيَجلِس مع‬ ‫َُت ُرج النساء معاً‪ ،‬بينما يسوع‪ ،‬بعد ُشربِه املاء املمزوج بِلَ ُ‬
‫ست أدري ماذا‪ ،‬يَ َ‬
‫فسحوا اجملال للخادمات والسيّدة العجوز إلجناز مستلزمات‬ ‫ِ‬
‫الر ُسل ورجال البيت حتت العريشة‪ ،‬ليَ َ‬
‫أ ُّمه و ُّ‬
‫العشاء‪.‬‬

‫سمع أصوات النساء التلميذات الثالث‪ ،‬أثناء هتيئة الطاوالت‪ .‬سوسنة تَروي‬ ‫ِ‬
‫من الغرفة العلويّة تُ َ‬
‫قوي‪ ،‬أَّما حتويل امرأة‬ ‫املعجزة اليت ُِ‬
‫وّتيب مرمي اجملدليّة‪« :‬حتويل املاء مخراً‪ ،‬أمر ّ‬
‫اجرت َحت يوم عرسها‪ُ ،‬‬
‫خاطئة إىل تلميذة فهو لَ َعمري أمر أقوى‪ .‬فليشأ هللا أن أكون مثل ذاك اخلمر‪ ،‬أن أُصبِح أفضل‪».‬‬

‫كل شيء بشكل ممتاز‪ .‬كانت هنا امرأة‪ ،‬ابلرغم ِمن‬ ‫ِ‬
‫شك‪ .‬فإنّه ُُي ّول ّ‬
‫«ال يكن ِ‬
‫لديك أدىن ّ‬
‫أبال ُيصل ذلك ِ‬
‫لك‪ ،‬اي َمن‬ ‫الشك ّ‬
‫ميكنك ّ‬‫ِ‬ ‫داها‪ ،‬يف مشاعرها ويف إمياّنا‪ .‬فهل‬
‫َكوّنا وثنيّة‪ ،‬فقد َه َ‬
‫تنتمني إىل إسرائيل؟»‬

‫«امرأة؟ شابّة؟»‬

‫«شابّة غاية يف اجلمال‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 142 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«وأين هي اآلن؟» تَسأَل مرات‪.‬‬

‫«املعلّم وحده يَعلَم‪».‬‬

‫ومس َع ما قِيل هلا‪ .‬اي‬


‫َّثتك عنها‪ .‬لقد كان لعازر عند يسوع‪ ،‬تلك الليلة‪َِ ،‬‬
‫«آه! إذن هي اليت حد ِ‬
‫لذاك العِطر الذي كان عابِقاً يف تلك الغرفة! وظَ َّل عالقاً بثياب لعازر عدة ّأايم‪ .‬ومع ذلك قال يسوع‬
‫"إ ّن ِعطر توبة قَلب التَّائِبة‪ ،‬فاق ذاك العِطر"‪َ .‬من يدري أين َذ َهبَت؟ إىل العُزلة‪ ،‬على ما ُّ‬
‫أظن‪»...‬‬

‫كفارهتا هي يف الوحدة‪ّ ،‬أما أان‬ ‫عاشت يف الوحدة‪ ،‬وكانت غريبة‪ .‬أان هنا‪ ،‬وأان معروفة‪ .‬فَ َّ‬
‫«ولقد َ‬
‫أحسدها على مصريها‪ ،‬ألنّين أان مع املعلّم‪ .‬ولكنّين‬ ‫لست ُ‬ ‫َّ‬
‫فكفاريت يف العيش وسط العامل الذي يعرفين‪ُ .‬‬
‫أي شيء يُلهيين عنه‪».‬‬ ‫آمل أن أستطيع االقتداء هبا يوماً لكي ال يكون هناك ّ‬‫ُ‬
‫«أترتكينه؟»‬

‫«ال‪ .‬ولكنّه يقول إنّه َميضي‪ .‬حينذاك‪ ،‬سوف يَتبَعه روحي‪ .‬معه ميكنين حت ّدي العامل‪ّ .‬أما بدونه‬
‫فإنّين أخاف ِمن العامل‪ .‬وستكون الصحراء بني العامل وبيين‪».‬‬

‫«ولعازر وأان‪ ،‬ماذا نفعل؟»‬

‫«كما فَـ َعلتُما يف َزَمن األمل‪ .‬سوف حتبّان بعضكما وحتبّانين‪ .‬وبدون َخ َجل‪ .‬ألنّكما سوف‬
‫الرب سوف أحبّكما‪».‬‬ ‫الرب‪ .‬وأان يف ّ‬
‫تكوانن آنذاك مبفردكما‪ ،‬ولكنّكما مع ّ‬
‫اضحة يف ُحلوهلا‪ ».‬يقول بطرس الذي َِمسع احلديث‪.‬‬
‫«إ ّن مرمي لَقوية هي‪ ،‬وو ِ‬
‫ّ‬
‫قهر‪».‬‬
‫صل مستقيم‪ ،‬مثل أبيها‪ .‬هلا قَ َسمات أ ُّمها‪ ،‬إّّنا روح أبيها الذي ال يُ َ‬
‫وُييب الغيور‪ّ « :‬إّنا نَ ْ‬
‫ُ‬

‫السفرة جاهزة‪.‬‬
‫قهر تَنـزل اآلن مسرعة لتقول للرفاق إ ّن ُّ‬
‫واملرأة ذات الروح الذي ال يُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 143 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫آت من النجوم‪،‬‬ ‫‪...‬وتغيب القرية يف الليل الصايف‪ ،‬إّّنا حالياً بدون قمر‪ .‬نور خفيف فقط‪ٍ ،‬‬
‫ّ‬
‫يُظ ِهر ُكتَل األشجار الداكنة وُكتَل البيوت البيضاء‪ .‬وال شيء آخر‪.‬عصافري ليليّة (وطاويط) تَنتَ ِقل‬
‫مارة كذلك ابلقرب من األشخاص اجلالسني‬ ‫الذابب‪َّ ،‬‬ ‫بطرياّنا الصامت حول بيت سوسنة‪ ،‬سعياً وراء ُّ‬
‫على الشُّرفة‪ ،‬حول مصباح يَنبَعِث منه نور أصفر ضعيف‪ ،‬يَ َنع ِكس على وجوه األشخاص املتحلِّقني‬
‫صرخ ُكلَّما لَ َمسها أحدها‪ .‬ويسوع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فرتض ّأّنا ُتاف كثرياً من الوطاويط‪ ،‬تَ ُ‬ ‫حول يسوع‪ .‬مرات‪ ،‬اليت يُ ََ‬
‫يهتم ابلفراشات اليت َُي ِذهبا املصباح‪ُ ،‬‬
‫وُيا ِول إبعادها‪ ،‬بذراعه الطويلة‪ ،‬عن اللَّ َهب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هته‪،‬‬‫ج‬‫ِمن ِ‬

‫« ّإّنا حيواانت بَ َلهاء حتماً‪ .‬بعضها كالبعض اآلخر‪ ».‬يقول توما‪« .‬األوىل تَعتَِربان ذُابابً واألخرى‬
‫حّت وال ِظ ّل َعقل‪».‬‬ ‫تَعتَِرب اللَّهب مشساً‪َ ،‬‬
‫وحت َِرتق به‪ .‬فليس لديها ّ‬
‫يوطي‪.‬‬ ‫« ّإّنا حيواانت‪ ،‬وتريدها أن َّ‬
‫تتعقل؟» يقول االسخر ّ‬
‫األقل‪».‬‬ ‫على‬ ‫طرة‪،‬‬ ‫أود لو تكون هلا ِ‬
‫الف‬ ‫«ال‪ُّ .‬‬
‫ّ‬
‫«ليس لديها الوقت لبلوغها‪ .‬أتكلَّم عن الفراشات‪ ،‬إذ لدى احملاولة األوىل متوت‪ .‬و ِ‬
‫الفطرة‬
‫تستفيق وتنمو بعد أوىل املفاجآت املؤملة‪ ».‬يَروي يعقوب بن حلفا‪.‬‬

‫فرتض ّأّنا تتمتّع هبا‪ ،‬فهي تعيش لسنوات‪ّ .‬إّنا بلهاء‪ُُ ».‬ييب توما‪.‬‬
‫«والوطاويط؟ يُ ََ‬
‫فحّت البشر يبدون أحياانً وطاويط بلهاء‪ .‬يَطريون‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫«ال اي توما‪ ،‬ليس أكثر من البشر‪ّ .‬‬
‫ابحلري يُرف ِرفون‪ ،‬كما لو كانوا سكارى‪ ،‬حول أشياء ال تَن َفع لغري األمل‪ .‬ها ُكم‪ :‬إ ّن أخي قضى على‬
‫أَحدها وهو ُُيِّرك معطفه‪ .‬أعطونيه‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫اخ‪ ،‬وهو يَضطَ ِرب اآلن ّ‬


‫ويتحرك على‬ ‫يعقوب بن زبدى‪ ،‬الذي َوقَ َع الوطواط عند قدميه‪ ،‬وقد َد َ‬
‫وُي ِمله عالياً‪ ،‬كما لو كان ِخرقة مت ِ‬
‫َّسخة‪،‬‬ ‫األرض حركات غري ُمنتَظَمة‪ُ ،‬مي ِسك به ِمن جناحه إبصبعني‪َ ،‬‬
‫كبيت يسوع‪.‬‬
‫ضعه على ر ّ‬
‫ويَ َ‬
‫وس ََرتون أنّه يتمالك نفسه‪ ،‬ولكنّه ال يُصلِح سلوكه‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«ها هو الطَّائش‪ .‬دعوه يَ َ‬
‫فعل‪َ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 144 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يوطي‪.‬‬
‫مكانك لََقتلتُهُ‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫َ‬ ‫كنت‬
‫«إنقاذ فريد اي معلّم‪ .‬لو ُ‬
‫ويتمسك هبا‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«ال‪ .‬ملاذا؟ فهو كذلك له حياة‬

‫عرضها للخطر!»‬ ‫أخال ذلك‪ ،‬أو ابحلري هو غري ِ‬


‫عامل هبا‪ ،‬أو ابألحرى ال يتمسك هبا‪ .‬وهو يُ ِّ‬ ‫«ال ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫أنت صا ِرم مع اخلَطَأَة‪ ،‬مع البشر! ّ‬


‫فحّت البشر يَعلَمون أ ّن هلم حياة‬ ‫«آه! يهوذا! يهوذا! َكم َ‬
‫يرتددون يف تعريض االثنتني للخطر‪».‬‬
‫وحياة‪ ،‬وال ّ‬
‫«هل لنا حيااتن؟»‬

‫«حياة اجلسد وحياة الروح‪ .‬تَعلَم ذلك‪».‬‬


‫التقمص‪ .‬فهناك من ِ‬
‫يؤمن بذلك‪».‬‬ ‫إىل‬ ‫ح‬ ‫ك تُ ِ‬
‫لم‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫«آه! ظننتُ َ ّ‬
‫كنت‬ ‫توجد حيااتن‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فاإلنسان يُ ِّ‬
‫عرض احلياتني للخطر‪ .‬فلو َ‬ ‫للتقمص‪ ،‬إّّنا َ‬
‫«ال وجود ُّ‬
‫هللا‪ ،‬كيف تُدين البشر الذين يتمتعون ابلعقل إضافة إىل ِ‬
‫الفطرة؟»‬ ‫ّ‬
‫صرامة‪ّ ،‬اال إذا كانوا ُمعاقِني فِكرّايً‪».‬‬
‫«بِ َ‬
‫«أال تُقيم وزانً للظروف اليت ّتعلهم َمانني وجدانيّاً؟»‬

‫لدي لذلك‪».‬‬
‫«ال اعتبار َّ‬
‫أتخذك رمحة ِمبَن يَع ِرف هللا والشريعة‪ ،‬ومع ذلك يَ َِ‬
‫قرتف اخلطيئة‪».‬‬ ‫َ‬ ‫«بشكل أََّال‬

‫أرمحهُ‪ ،‬أل ّن على اإلنسان أن يَع ِرف كيف يَسلُك‪».‬‬


‫«ال َ‬
‫«عليه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 145 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«عليه‪ ،‬اي معلّم‪ .‬إنّه لَ َعار ال يُغتَـ َفر‪ ،‬أن يـَ َقع ابلِغ يف بعض اخلطااي‪ .‬وابألكثر إن مل تَدفَعه قُـ َّوة‬
‫لذلك‪».‬‬

‫أيك؟»‬
‫«أيّة خطااي‪ ،‬حسب ر َ‬
‫«الشهوانيّة منها‪ ،‬كبداية‪ .‬إ ّن ذلك َال ِحنطاط ال عالج له‪َُ »...‬ت ِفض مرمي اجملدليّة رأسها‪...‬‬
‫التخمرات يَنبَعِث ِمن جسد املدنَّسني‪َُ ،‬ي َعل‬
‫حّت لآلخرين‪ ،‬أل ّن نوعاً ِمن ُّ‬‫يُتابِع يهوذا‪« :‬إنّه إفساد ّ‬
‫وُيذون َحذوه‪»...‬‬‫األكثر طُهراً يَضطَ ِربون َ‬
‫وبينما تَزيد مرمي اجملدليّة َخفض رأسها‪ ،‬يقول بطرس‪« :‬أوه! ال! ال! ال تكن قاسياً إىل هذا‬
‫خمر َدنَس‬ ‫أخالك تريد القول ّإّنا أ ِ‬
‫ُفس َدت بِتَ ُّ‬ ‫حواء‪ .‬وال‬
‫َ‬ ‫اقرتفَت هذا العار هي ّ‬ ‫احل ّد‪ .‬إ ّن األُوىل اليت ََ‬
‫جلست‬ ‫حّت ولو‬ ‫منبعِث ِمن ِ‬
‫ُ‬ ‫أبي اضطراب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ر‬‫ُ‬‫أشع‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫إيل‬
‫َّ‬ ‫ابلنسبة‬ ‫ه‪،‬‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫م‬‫َ‬‫ل‬ ‫اع‬ ‫حال‪،‬‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫ر‪.‬‬ ‫فاج‬ ‫َُ‬
‫ُتصه‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫جبانب فَاسق‪ّ .‬إّنا مسألة ّ‬
‫«اجملاورة تُل ِطّخ دوماً‪ .‬إن مل يكن اجلسد‪ ،‬فالنَّـ ْفس‪ ،‬وذلك أسوأ‪».‬‬

‫«تبدو يل ّفريسيّاً! ولكن اعذرين‪ :‬ففي هذه احلال إذن‪ُ ،‬يب على املرء أن يَ َنع ِزل يف برج ِمن‬
‫الكريستال‪ ،‬ويُقيم فيه حتت األختَام‪».‬‬

‫يفيدك‪ .‬فأكثر التجارب هوالً تكون يف العُزلة‪ ».‬يقول الغيور‪.‬‬


‫«ال تَظن‪ ،‬اي مسعان‪ ،‬أ ّن ذلك َ‬

‫ضري يف ذلك‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬


‫«آه! حسناً! تبقى األحالم‪ .‬ال َ‬
‫ضري؟ ولكن أال تَعلَم أ ّن التجربة ُحتِّرض ال ُـمخيِّلة‪ ،‬وتَدفَعها إىل البحث عن وسيلة إلشباع‬‫«ال َ‬
‫صرخات الغريزة بطريقة ما‪ ،‬وهذه الوسيلة تَفتَح الطريق لإلفراط يف اخلطيئة حّت تَـت ِ‬
‫َّحد الشهوانيّة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يوطي‪.‬‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫َل‬
‫أ‬ ‫س‬‫ي‬ ‫»‬‫كرة؟‬ ‫ِ‬
‫ابلف‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 146 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ال أَعلَم شيئاً ِمن هذا‪ ،‬اي عزيزي يهوذا‪ .‬قد يكون ذلك ألنّين مل أُدفَع أبداً‪ ،‬كما تقول‪ ،‬إىل‬
‫لك ّأال تكون‬
‫األمور‪ .‬وأرى‪ ،‬كما يبدو يل‪ ،‬أنّنا ذهبنا بعيداً عن الوطاويط‪ ،‬واألفضل َ‬
‫التفكري يف بعض ّ‬
‫لك يف هذا اي معلّم؟»‬ ‫وإال‪ ،‬فَبِصر َ‬
‫امتك هذه‪ ،‬تبقى وحيداً يف الفردوس‪ .‬ما قو َ‬ ‫هللا‪ّ .‬‬
‫سمع كالم البشر‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫دوّنا‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫الرب‬ ‫مالئكة‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ابلفعل‪،‬‬ ‫ق‪.‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ط‬ ‫ـم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫يف‬ ‫غ‬‫«أقول‪َُ :‬ي ُدر ابملرء ّأال يبالِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مت"‪ .‬أقول إ ّن‬ ‫ِ‬
‫لك كما َح َك َ‬ ‫يف ال ُكتُب األزليّة‪ ،‬وقد يكون ُمنَـ ّفراً االستماع يوماً إىل مقولة‪" :‬فليكن َ‬
‫لمه مدى ضعف‬ ‫غفر كل اخلطااي اليت يتوب عنها اإلنسان‪ ،‬لِعِ ِ‬ ‫هللا‪ ،‬إذا ما بـعثين‪ ،‬فألنّه يشاء أن ي ِ‬
‫َ ََ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‪ ،‬بسبب الشيطان‪ .‬أجبين اي يهوذا‪ :‬هل توافِق على أ ّن استحواذ الشيطان على نـَ ْفس كي‬
‫عيين هللا؟»‬ ‫يف‬ ‫طيئتها‬ ‫خ‬ ‫ة‬ ‫سام‬‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬‫مربر للتَّخفيف ِ‬ ‫ُميا ِرس عليها إكراهاً هو ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫«ال‪ ،‬ال أوافق على ذلك‪ ،‬فال ميكن للشيطان أن يستويل ّإال على اجلزء األدىن‪».‬‬

‫ك ُّت ِّدف اي يهوذا بن مسعان!» يقول معاً‪ ،‬تقريباً‪ ،‬الغيور وبرتلماوس‪.‬‬


‫«ولكنّ َ‬
‫أي شيء؟»‬
‫«ملاذا؟ ويف ّ‬
‫هاج َم كذلك اجلزء السامي‪ ،‬وهللا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫«يف ِ‬
‫ك هللا والكتاب‪ .‬فلقد جاء فيه أن لوسيفورس قد َ‬ ‫نقض َ‬
‫بِلِسان كلمته‪ ،‬قال لنا ذلك َمَّرات ال ُحتصى‪ُُ ».‬ييب برتلماوس‪.‬‬

‫«قيل كذلك إ ّن اإلنسان يتمتّع حبرية االختيار‪ ،‬ما يعين أنّه ال ميكن للشيطان ممارسة اإلكراه‬
‫فعلها كذلك‪».‬‬ ‫حريّة البشر يف التفكري ويف اإلحساس‪ .‬وال هللا يَ َ‬
‫على ّ‬
‫«هللا‪ ،‬ال؛ ألنّه نظام ونَزاهة‪ ،‬أ َّما الشيطان فَـنَـ َعم‪ ،‬ألنّه فوضى وحقد‪ُُ ».‬ييب الغيور‪.‬‬

‫ك ال ُّتيد التَّعبري‪».‬‬ ‫ِ‬


‫«احلقد ليس اإلحساس ال ُـمناقض للنَّـزاهة‪ .‬إنّ َ‬
‫ُعرب جيّداً‪ ،‬ألنّه إذا كان هللا نزاهة‪ ،‬فإنّه هلذا السبب ال َخيلِف ابلوعد الذي قَطَ َعه أبن‬
‫«إنّين أ ِّ‬
‫حبريّة االختيار‪،‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫د‬ ‫ُيعل اإلنسان حراً يف تصرفاته‪ ،‬أما الشيطان فإنّه ال ي ِ‬
‫كذب يف هذا ألنّه َمل يعِ‬
‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 147 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حريّة‬ ‫ابلذات‪ ،‬لذلك هو ُُيا ِرب هللا واإلنسان‪ِ ُ ،‬‬ ‫ومع ذلك فهو ح ّقاً احلقد َّ‬
‫وُياربه ابالنقضاض على ّ‬
‫الفكر تلك إىل العبوديّة‪ ،‬إىل استحواذ‬‫الفكر لدى اإلنسان‪ ،‬ابإلضافة إىل جسده‪ ،‬وهو يقود حرية ِ‬ ‫ِ‬
‫ّّ‬ ‫َ‬
‫َُي َعل اإلنسان يقوم أبفعال ال يقوم هبا لو كان ُمعتَـ َقاً ِمن الشيطان‪ ».‬يؤيِّد الغيور كالمه‪.‬‬

‫افقك‪».‬‬
‫«ال أو َ‬
‫ك تتعنَّت‪ ».‬يهتف يوضاس ت ّداوس‪.‬‬
‫املستحوذ عليهم إذن؟ إنّ َ‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫«و ّ‬
‫«املستحوذ عليهم صم أو بكم أو َمانني‪ ،‬ولكنّهم ليسوا ِ‬
‫فاجرين‪».‬‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ‬
‫الرذيلة؟» يقول توما ِ‬
‫ساخراً‪.‬‬ ‫«أال تُف ِّكر يف غري هذه َّ‬
‫ألّنا األكثر انتشاراً واألكثر احنطاطاً‪».‬‬
‫« ّ‬

‫كنت أظُ ُّن ّأّنا اليت تَع ِرفها ابألكثر‪ ».‬يقول توما ضاحكاً‪.‬‬
‫«آه! ُ‬
‫السلّم لِيَبتَعِد َع ْرب‬
‫ُ‬ ‫هبط‬‫وي‬
‫َ‬ ‫نفسه‬ ‫ك‬‫َ‬‫ل‬‫يتما‬ ‫ُث‬
‫ّ‬‫ُ‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫موقف‬ ‫ذ‬ ‫َّخ‬‫َ‬
‫ولكن يهوذا ي ِ‬
‫قفز على قدميه‪ ،‬وكأنّه يـت ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫احلقول‪.‬‬
‫فرتة صمت‪ُُ ...‬ث يقول اندراوس‪« :‬فكرته ليست خاطئة متاماً‪ .‬فإ ّن الشيطان‪ِ ،‬‬
‫ابلفعل‪ ،‬ال ُميا ِرس‬ ‫ّ‬
‫استحواذه ّإال على احلواس‪ :‬العينني واألذنني والنُّطق وال ُـم ّخ‪ .‬إّّنا‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬كيف ميكن حينئذ تفسري‬
‫بعض االحنرافات؟ أميكن ّأال تكون استحواذاً؟ َك ِمثل دوراس مثالً؟‪»...‬‬

‫يكافئك هللا‪ ،‬أو‬ ‫أي كان‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫ّتاه‬ ‫ة‬ ‫احملب‬ ‫إىل‬ ‫ر‬ ‫« َك ِمثل دوراس‪ ،‬كما تقول كيال تَفت ِ‬
‫ق‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َك ِمثل مرمي‪ ،‬كما نُف ِّكر َجيعنا‪ ،‬ولنبدأ هبا‪ ،‬فَـبَعد التلميحات الصرُية وال ُـمفتَ ِقرة إىل احملبّة ِمن يهوذا‪،‬‬
‫األكمل‪ ،‬وهو الذي يَبسط سلطانه على قُدرات‬ ‫ِ‬
‫املستحوذ عليهم من الشيطان‪ ،‬ابلشكل َ‬ ‫َ‬ ‫فإ ّن أمثاهلا ُهم‬
‫يتحرر منها فقط‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان الثالث العظمى‪ ،‬واالستحواذات األكثر جوراً واألكثر ح ّدة‪ ،‬هي تلك اليت ّ‬
‫األقل احنطاطاً يف روحهم كي ُُييدوا إدراك َدعوة النور‪ .‬بينما دوراس َملْ‬ ‫أولئك الذين ُهم على الدوام ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 148 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كمن االختالف‪ّ .‬أما ابلنسبة‬ ‫يَ ُكن فاجراً‪ ،‬ولكنّه‪ ،‬رغم ذلك‪َ ،‬ملْ يَع ِرف أن يُقبِل إىل ِّ‬
‫احملرر‪ .‬يف هذا يَ ُ‬
‫الص ّم والعُميان بِِفعل الشيطان‪ ،‬فاألهل يُف ِّكرون ُ‬
‫وُيا ِولون َجلبَهم َّ‬
‫إيل‪ .‬أ َّما‬ ‫ِ‬
‫إىل شاذّي الطّباع والبُكم و ُ‬
‫صلون‬ ‫احلريّة‪ .‬بسبب هذا‪َُ ،‬ي َ‬
‫يهتم يف البحث عن ّ‬ ‫املستحوذ عليهم يف روحهم‪ ،‬فليس سوى روحهم ّ‬ ‫َ‬
‫ابلتحرر ِمن استحواذ الشيطان‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫احلريّة‪ ،‬أل ّن إرادهتم بَ َدأَت‬
‫على املغفرة ابإلضافة إىل ّ‬
‫صلّي ِمن أجل الذين‬
‫الفخ‪ ،‬فَ َ‬
‫ِ‬
‫واآلن‪ ،‬هيّا بنا نسرتيح‪ .‬مرمي‪ ،‬أنت تَعلَمني ماذا يعين الوقوع يف ّ‬
‫العدو‪ ،‬بشكل متق ِطّع‪ ،‬ارتكاب اخلطيئة والتسبُّب ابألمل‪».‬‬
‫يَرتَضون‪ ،‬بفعل ّ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬وبغري حقد‪».‬‬

‫السبب يف النقاشات الكثرية‪ .‬الظُّلمات مع الظلمات خارجاً‪،‬‬


‫«السالم لكم َجيعاً‪ .‬فلنَ َدع هنا َّ‬
‫دخل لِنَنام حتت نَظَر املالئكة‪».‬‬
‫يف الليل‪ .‬أ َّما حنن‪ ،‬فلنَ ُ‬

‫نس ِحب مع ُّ‬


‫الر ُسل إىل الغرفة‬ ‫قعد‪ ،‬ويَ َ‬
‫ضع الوطواط‪ ،‬الذي يقوم أبوىل ُماوالته الطريان‪ ،‬على َم َ‬
‫ويَ َ‬
‫العلويّة‪ ،‬بينما متضي النساء وأصحاب املنـزل إىل األسفل‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 149 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫كرر ِخطبة يسوع على جبل طابور)‬


‫‪( -107‬يوحنّا يُ ِّ‬

‫‪1945 / 08 / 05‬‬

‫كأّنا‬
‫نحدرات روايب اجلليل تبدو و ّ‬ ‫يسريون َجيعاً إىل الناصرة‪ ،‬عرب طريق ُُمتَصرة ِ‬
‫ومنعشة‪ُ .‬م َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫وهبَّت قد َغ َسلَتها‪ّ ،‬أما الندى‪ ،‬فيُحافِظ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُخل َقت ل ّتوها يف تلك الصبيحة‪ ،‬ذلك أ ّن العاصفة اليت َسبَ َق َ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫اجلو صاف لدرجة تَربُز معها ّ‬ ‫كل شيء يَربُق مع أشعّة الشمس األوىل‪ .‬و ّ‬ ‫عليها ُمشرقة ورطبة‪ّ .‬‬
‫تفاصيل اجلبال اجملا ِورة‪.‬‬

‫قمة إحدى الروايب‪َ ،‬منظَر أحد أركان البحرية الرائعة اجلمال‪ ،‬حتت ذلك النور‬ ‫عندما يَبلُغون ّ‬
‫لكن مرمي اجملدليّة تشيح‬‫فعل يسوع‪ .‬و ّ‬ ‫الصباحي‪ ،‬يَ َبعث على النَّشوة‪ .‬يَنظُر اجلميع إبعجاب‪ ،‬كما يَ َ‬
‫َّظر يف ِ‬
‫القمم‬ ‫بوجهها عن ذلك املشهد بسرعة‪ ،‬وهي تبحث عن شيء آخر يف ِّاّتاه آخر‪ُ .‬متعِن الن ِ‬
‫َ‬
‫كأّنا َمل َِّتد ُمبتَغاها‪.‬‬
‫اجلبليّة إىل الشمال الغريب ِمن املوضع الذي هو فيه‪ ،‬وتبدو و ّ‬

‫سوسنة املوجودة هناك كذلك تسأ َهلا‪َ « :‬ع َّم تبحثني؟»‬

‫التقيت املعلّم‪».‬‬
‫ُ‬ ‫أود معرفة اجلبل الذي فيه‬
‫« ُّ‬

‫«اسأليه‪».‬‬

‫يوطي‪».‬‬
‫«ال داعي إلزعاجه فهو يتح ّدث إىل يهوذا االسخر ّ‬
‫«اي لَه ِمن َر ُجل‪ ،‬هذا اليهوذا!» ُهتم ِهم سوسنة‪ ،‬ليس أكثر‪ ،‬إّّنا ميكن ُتمني الباقي‪.‬‬

‫آخذك إليه اي مرات‪ .‬كان فجر كهذا وزهور‬‫«ذاك اجلبل‪ ،‬حتماً هو ليس على طريقنا‪ .‬إّّنا سوف ِ‬
‫َت أان على الظُّهور أمام اجلميع‪ ،‬بذاك الوضع ال ُـمستَن َكر‪،‬‬
‫ّترأ ُ‬
‫كثرية‪ ...‬وأانس كثريون‪ ...‬آه! مرات! وقد َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 150 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل‬ ‫قت‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫استح‬ ‫لقد‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ستحققت‬ ‫ا‬ ‫فلقد‬ ‫ين‪.‬‬ ‫هين‬‫ي‬ ‫أن‬ ‫يهوذا‬ ‫كالم‬‫ومع أولئك األصدقاء‪ ...‬ال‪ ،‬ال ميكن لِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫احلق يف أن يقولوا يل احلقيقة‪ .‬وأان‪،‬‬ ‫ذلك‪ .‬وهذا األمل الذي أَختَربه هو َك َّفاريت‪ّ .‬‬
‫الكل يتذ ّكر‪ ،‬اجلميع هلم ّ‬
‫أصمت‪ .‬آه! لو كان املرء يُف ِّكر قبل ارتكاب اخلطيئة! فالذي أهانين هو اآلن أعظم صديق‬ ‫علي أن ُ‬ ‫َّ‬
‫يل‪ ،‬ألنّه يُساعدين يف التَّكفري‪».‬‬

‫ابنك َمسرور ح ّقاً ِمن ذاك الرجل؟»‬


‫التصرف‪ .‬أُماه‪ .‬هل ِ‬
‫«ولكن ال َمينَع أنّه أساء ُّ ّ‬
‫«ُيب أن نُصلّي كثرياً ِمن أجله‪ .‬هذا ما يقوله يسوع‪».‬‬

‫صعب‪ ،‬تَن َـزلِق فيه األحذية‪ ،‬لِ َكثرة ما هو‬


‫الر ُسل ليأيت ملساعدة النساء يف َمسلَك َ‬ ‫يَرتُك يوحنّا ُّ‬
‫ش األقدام‬ ‫مغطّى ابحلجارة امللساء اليت تبدو كاأللواح الصخريّة‪ ،‬وفيه عشب قصري‪ ،‬المع ٍ‬
‫وقاس يـَغُ ّ‬
‫عرب النّسوة ال َـمسلَك اخلَ ِطر ُمستَنِدات عليهما‪.‬‬
‫ذوه‪ ،‬وتَ ُ‬
‫تتعود عليه‪َُ .‬يذو الغيور َح َ‬
‫اليت مل ّ‬
‫أقصر‪ ».‬يقول الغيور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«هذا الدرب ُمتعب قليالً‪ .‬إّّنا ال تراب فيه وال َجوع‪ ،‬وهو َ‬
‫أتيت إىل هذه البلدة‪ ،‬وسط املنحدر‪ ،‬مع أوالد أخيت‪ ،‬عندما طُِرد‬
‫«أان أَع ِرفه اي مسعان‪ .‬لقد ُ‬
‫يسوع ِمن الناصرة‪ ».‬تقول مرمي الكلّيّة القداسة وهي َّ‬
‫تتنهد‪.‬‬

‫كل حال‪ ،‬العامل ِمن هنا َجيل‪ .‬ها هو ذا طابور وحرمون‪ ،‬وإىل الشمال جبال أربيال‪،‬‬ ‫«على ّ‬
‫وهناك يف العمق‪ ،‬حرمون الكبري‪ .‬لألسف‪ ،‬ال يُرى البحر كما يُرى ِمن طابور‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬

‫ذهبت إىل هناك؟»‬


‫«هل َ‬
‫«نعم‪ ،‬مع املعلّم‪».‬‬

‫َّث هناك عن هللا‪،‬‬


‫ص َل لنا على فَـَرح كبري‪ ،‬إذ إ ّن يسوع قد حتد َ‬ ‫«يوحنّا‪ ،‬مع ُحبّه الالمتناهي‪َ ،‬ح َ‬
‫صلنا على التوبة‪ .‬سوف تَع ِرفني ذلك‬ ‫لحظها أبداً‪ُُ ،‬ثّ‪ ،‬بعد حصولنا على الكثري‪َ ،‬ح َ‬ ‫ِ‬
‫بنَشوة َمل نَ ُكن نَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أره َقهُ‬
‫ب ابحلقد‪ ،‬و َ‬‫أنت أيضاً اي مرمي‪ ،‬وستُصبح نفسك أقوى ممّا هي عليه اآلن‪ .‬لقد َو َجدان رجالً تَصلَّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 151 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتردد يف القول‪ ،‬شخصاً سيصبِح تلميذاً عظيماً‪ِ ،‬‬
‫مثلك اي‬ ‫أتنيب الضمري‪ ،‬وقد َج َع َل منه يسوع‪ ،‬ال ّ‬
‫ُ‬
‫حقيقي‪ .‬إنّنا‪ ،‬حنن اخلَطَأَة‪ ،‬أكثر طواعية للخري عندما يُد ِركنا‪،‬‬ ‫مرمي‪ .‬ثِقي‪ ،‬ابلفعل‪ ،‬أ ّن ما أقوله ِ‬
‫لك‬
‫ّ‬
‫ألنّنا نشعر ابحلاجة إىل املغفرة‪ِ ،‬من ذواتنا‪ ،‬كذلك‪ ».‬يقول الغيور‪.‬‬

‫ك طيب ج ّداً لتقول "حنن اخلطَأَة"‪ .‬فأنت كنت ابئساً وليس ِ‬


‫خاطئاً‪».‬‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫«صحيح‪ .‬ولكنّ َ ّ‬

‫األقل‪ ،‬هو األكثر ميالً‬ ‫ِ‬


‫يظن نفسه ّ‬ ‫ومن ّ‬‫«حنن َجيعنا كذلك‪ ،‬البعض أكثر من البعض اآلخر‪َ .‬‬
‫لكن أعظم اخلَطَأَة‪ ،‬عندما يتوبون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ألن يُصبح كذلك‪ ،‬إذا مل يكن قد صار فعالً‪ .‬حنن َجيعنا كذلك‪ ،‬و ّ‬
‫ِ‬
‫يَع ِرفون أن يُصبحوا األعظم يف اخلري‪ ،‬كما كانوا يف ّ‬
‫الشر‪».‬‬

‫كنت على الدوام أابً ألبناء تيوفيلس‪».‬‬ ‫عين ويُ ِّ‬ ‫ِ‬
‫فأنت َ‬
‫عزيين‪َ .‬‬ ‫تشجيعك ُخي ّفف ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«وكأب أفرح لرؤيتكم‪ ،‬أنتم الثالثة‪ ،‬أصدقاء ليسوع‪».‬‬

‫«أين وجدمت ذاك التلميذ اخلاطئ الكبري؟»‬

‫نسب استحقاقي للكثري ِمن األشياء اجلميلة والصاحلة إىل‬


‫«يف أندور‪ ،‬اي مرمي‪ .‬يريد مسعان أن يَ ُ‬
‫بتأمل البحر‪ ،‬ال إىل جداريت ابستحقاقها‪ .‬وإذا ما أقبل يوحنّا العجوز إىل يسوع‪ ،‬فال فضل‬ ‫رغبيت ُّ‬
‫السا َذج‪ .‬بل كان ذلك بفضل يهوذا بن مسعان‪ ».‬يقول ابن زبدى مبتسماً‪.‬‬ ‫بذلك ليوحنّا ّ‬
‫الشك‪.‬‬
‫انتاهبا ّ‬
‫« َهل هو َمن َهداه؟» تَسأل مرات وقد َ‬

‫«ال‪ ،‬ولكنّه أراد الذهاب إىل أندور لـ‪»...‬‬


‫الس ِ‬
‫احرة‪ ...‬إنّه لََر ُجل غريب األطوار‪ ،‬يهوذا بن مسعان‬ ‫«نعم‪ ».‬يقول مسعان‪« .‬لرؤية كهف َّ‬
‫قاد َان إىل الكهف‪ُ ،‬ثّ بقي معنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هذا‪ُ ...‬يب تَقبُّله على حاله‪ ...‬ابلطبع!‪ ...‬ويوحنّا الذي من أندور َ‬
‫رغبتك يف الالمتناهي (البحر)‪ ،‬ملا َسلَكنا تلك‬
‫َ‬ ‫إليك‪ .‬ابلفعل‪ ،‬لوال‬
‫بين‪ ،‬فالفضل دائماً يعود َ‬ ‫إّّنا‪ ،‬اي ّ‬
‫الع َمل على ذلك البحث الغريب‪».‬‬ ‫الطريق‪ ،‬وملا َرغب يهوذا بن مسعان يف َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 152 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫التعرف إىل اجلبل الذي رأيتُهُ عليه‪».‬‬
‫أود ُّ‬‫أود معرفة ما قاله يسوع على جبل طابور‪ ...‬كما ُّ‬
‫« ُّ‬
‫تتنهد مرمي اجملدليّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ظهر يف هذا احلني وكأ ّن مشساً َحت َِرتق عليه‪ ،‬بسبب بِركة َّت َمع فيها مياه‬
‫«اجلبل هو ذاك الذي يَ َ‬
‫متشعبة مثل ِمذراة كبرية تبغي طَعن الغيوم‬
‫القمة ّ‬ ‫ظهر ّ‬ ‫النبع وتُستَخدم لل ُقطعان‪ .‬بل ُكنّا أعلى‪ ،‬حيث تَ َ‬
‫لك‪».‬‬ ‫فأظن يوحنّا قادراً على س ِردها ِ‬
‫وتوجيهها إىل جهة أُخرى‪ .‬ابلنسبة إىل ِخطبة يسوع‪ُّ ،‬‬
‫َ‬
‫لصيب إعادة كالم هللا؟»‬
‫«آه! اي مسعان! هل ميكن ّ‬

‫أنت‪ ،‬فَـبَلى‪ .‬حا ِول‪ ،‬إلرضاء األخوات وإرضائي‪ ،‬أان الذي أُحبّ َ‬
‫ك كثرياً‪».‬‬ ‫صيب‪ ،‬ال‪ .‬أ َّما َ‬
‫« ّ‬
‫شرع يف َسرد ِخطبة يسوع‪.‬‬
‫يَعلو يوحنّا امحرار شديد‪ ،‬عندما يَ َ‬
‫الصفحة اليت بغري حدود‪ ،‬واليت َكتَـبت عليها التيارات كلمة ‘‘أٌ ِ‬
‫ؤمن’’‪.‬‬ ‫«هو قال‪" :‬هي ذي َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ومنح البشر األرض‬ ‫ِ‬
‫فَ ّكروا يف َخ َواء الكون قبل أن يَشاء اخلالق ترتيب العناصر وتنظيمها بشكل رائع‪َ ،‬‬
‫كل ذلك كان يف السابق معدوماً‪ ،‬مثل َخ َواء عدمي الشكل‪،‬‬ ‫وما عليها‪ ،‬والسماء النجوم والكواكب‪ّ .‬‬
‫وكشيء ُم ٍّ‬
‫تعض‪.‬‬

‫ض َّارة‪.‬‬
‫حّت ولو بَ َدت أحياانً َ‬
‫صنع العناصر‪ ،‬فهي ضروريّة ّ‬ ‫كل شيء‪ .‬وإذن‪ ،‬قد بَ َدأَ بِ ُ‬ ‫صنَ َع هللا ّ‬
‫َ‬
‫قوي لوجودها‪ .‬وال‬ ‫ر‬‫مرب‬ ‫هلا‬ ‫ليس‬ ‫أصغرها‪،‬‬ ‫حّت‬ ‫ندى‪،‬‬ ‫نقطة‬ ‫توجد‬ ‫ال‬ ‫ام‪:‬‬‫و‬‫الد‬ ‫على‬ ‫بذلك‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫إّّنا فَ ِّ‬
‫ك‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫قوي لكينونتها‪ .‬وليس هناك كذلك جبال عمالقة‬ ‫مربر ّ‬
‫حشرة‪ ،‬مهما كانت صغرية ومزعجة‪ ،‬ليس هلا ّ‬
‫وابلتحول‬
‫ّ‬ ‫مربر‪.‬‬
‫قوي لوجودها‪ .‬وليست هناك زوبعة بال ّ‬ ‫مربر ّ‬‫املتوهجة‪ ،‬ليس هلا ّ‬ ‫تتقيّأ النار واحلجارة ّ‬
‫ِمن األشياء إىل األشخاص‪ ،‬فال َح َدث وال دموع وال فَـَرح وال والدة وال موت‪ ،‬وال عُ ْقم أو كثرة أوالد‪،‬‬
‫صحة وال توفيق‬ ‫ِ‬
‫ترمل سريع‪ ،‬وال مصائب متأتّية من بؤس أو مرض‪ ،‬كما ال ّ‬ ‫وال حياة مشرتكة طويلة أو ُّ‬
‫البشري الذي يَنظُر‬ ‫صر النَّظَر أو الكربايء‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ظهر ذلك بسبب ق َ‬ ‫حّت ولو َمل يَ َ‬ ‫قوي لوجوده‪ّ ،‬‬ ‫مربر ّ‬‫ليس له ّ‬
‫اخلاصة ابألشياء املنقوصة‪ .‬بينما َعني هللا‪ ،‬وبينما فِكر هللا غري‬‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫الس‬
‫ُّ‬ ‫و‬ ‫ط‬ ‫ويدين كل أنواع الـمساقِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 153 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عزل عن الشكوك العقيمة اليت تُ ِرهق األعصاب‬ ‫احملدود‪ ،‬يَرى ويَع ِرف‪ .‬و ّ‬
‫السر الكامن كي يعيش املرء يف َم َ‬
‫ذكي‬ ‫ر‬‫مبرب‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫ع‬‫َ‬‫صن‬‫ي‬ ‫هللا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫معرفة‬ ‫يف‬ ‫ن‬ ‫كم‬ ‫ي‬ ‫السر‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫على‬ ‫م‬ ‫األاي‬ ‫م‬ ‫وتُن ِهك القوى‪ ،‬وتُ ِ‬
‫سم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حبب‪ ،‬وليس بنيّة بلهاء أبن يُسبّب األمل ِمن أجل األمل‪.‬‬
‫وصاحل‪ ،‬أ ّن هللا يَصنَع ما يَصنَع ّ‬
‫ض َعهم هللا فيه كان جيّداً‪،‬‬
‫َخلَ َق هللا املالئكة‪ .‬وَمل يَ َشأ بعضهم اإلميان أب ّن مستوى اجملد الذي َو َ‬
‫وحاولوا اغتصاب عرش هللا الذي ال يُدىن منه‪ .‬واملالئكة املؤمنون‪،‬‬ ‫و َّ ِ‬
‫متردوا بنَـ ْفس َحترقها قلّة اإلميان برّهبم‪َ ،‬‬
‫قاوموا نِزاعهم وفكرهم الظامل واملتشائم‪ ،‬حيث التشاؤم الذي هو قلّة إميان‪،‬‬ ‫فعمة تناغماً‪َ ،‬‬ ‫بعقوهلم ال ُـم َ‬
‫وهم الذين كانوا أرواح النور‪.‬‬ ‫َج َعلَهم أرواح الظُّلُمات‪ُ ،‬‬
‫ِِ‬
‫ضعوا‪ ،‬كأساس‬‫ليَعش إىل األبد أولئك الذين‪ ،‬يف السماء كما على األرض‪ ،‬يَع ِرفون أن يَ َ‬
‫ِ‬
‫فعماً نوراً! فهؤالء لَن ُخيطئوا ُمطلَقاً َخطَأً كامالً‪ّ ،‬‬
‫حّت ولو َخيَّـبَت األحداث آماهلم‪،‬‬ ‫لتفكريهم‪ ،‬تفاؤالً ُم َ‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫حب هللا والقريب‪ ،‬فوق ّ‬ ‫يستمر يف اإلميان‪ ،‬ويف الرجاء ويف ّ‬ ‫ّ‬ ‫خيص روحهم الذي‬ ‫أقلّه فيما ّ‬
‫ماكِثني‪ ،‬ابلنتيجة‪ ،‬يف هللا إىل دهر الدهور!‬

‫ِِ‬ ‫وكان الفردوس قد َُتلَّ ِ‬


‫حّت يف‬
‫غشى نظرهم اضطراب ّ‬ ‫ص من أولئك املتشائمني ِّ‬
‫املتكربين الذين يَ َ‬ ‫َ‬
‫حّت يف‬ ‫ِِ‬
‫غشى االضطراب نَظَر املتشائمني‪ّ ،‬‬ ‫أكثر أعمال هللا إشراقاً‪ ،‬كذا هو احلال على األرض‪ ،‬فيَ َ‬
‫عاجي‪ ،‬ظانِّني يف أنفسهم كماالت‬
‫ّ‬ ‫ج‬‫بر‬ ‫يف‬ ‫أنفسهم‬ ‫ضع‬‫و‬‫َ‬ ‫بني‬‫أعمال البشر األكثر صراحة وإشراقاً؛ ر ِ‬
‫اغ‬
‫الع َدم‪ ،‬ذلك‬ ‫ِ‬
‫فريدة‪ ،‬فيَح ُكمون على ذواهتم بسجن ُمظلم ينتهي هبم إىل ظُلُمات مملكة اجلحيم‪ ،‬مملكة َ‬
‫أ ّن املتشائم َع َدم ُهو كذلك‪.‬‬

‫السر اجمليد للكائن الواحد والثالوث‪ُ ،‬يب معرفة اإلميان ورؤية‬


‫صنَ َع اخلليقة‪ .‬وإلدراك ّ‬
‫إذاً فاهلل قد َ‬
‫ابحلب الكامل‪ ،‬ومنهما فقط ميكن أن‬ ‫ِ‬
‫أ ّن يف البدء كان الكلمة‪ ،‬والكلمة كان مع هللا‪ ،‬متَّح َدين معاً ّ‬
‫ينبثق كائنان إهلان مع كوّنما إله واحد فقط‪ ،‬كذلك هي احلال إذا أراد املرء رؤية اخلَلق كما هو‪ ،‬على‬
‫حقيقته‪ ،‬فيجب النَّظَر إليه بعيين املؤمن‪ ،‬ذلك أنّه ُيمل يف كيانه الذي ال ُمي َحى ِمسات ِخلَالِقه‪ ،‬كما‬
‫َُي ِمل االبن مسات ألبيه ال ُمت َحى‪ .‬وسوف نَرى إذن أنّه يف البدء كانت السماء واألرض‪ ،‬وبَعد ذلك‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 154 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب‪ .‬والنور هو بيئة الفردوس‪ .‬والكائن‬ ‫ِ‬
‫احلب‪ .‬إذ إ ّن النور فَـَرح‪ ،‬كما هو احلُ ّ‬
‫كان النور الذي يُشبه ّ‬
‫وروحي‪ ،‬يف السماء كما على‬
‫ّ‬ ‫مادي‬
‫وعاطفي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فكري‬
‫لكل نور ّ‬ ‫ي الذي هو هللا‪ ،‬هو نور‪ ،‬وأب ّ‬‫الالماد ّ‬
‫ّ‬
‫األرض‪.‬‬

‫كل شيء‪ .‬وكما يف‬ ‫ومن النور ِ‬ ‫ومن أجلهما جعِل النور‪ِ ،‬‬‫يف البدء كانت السماء واألرض‪ِ ،‬‬
‫صنع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫صل النور عن الظالم‪،‬‬ ‫السماوات العليا ان َفصلَت أرواح النور عن أرواح الظُّلُمات‪ ،‬كذلك يف اخلَلق فُ ِ‬
‫َ‬
‫ومساؤه‪ ،‬ظهريته ومنتصف ليله‪ .‬وعندما عادت‬ ‫ِ‬
‫صبحه ُ‬‫وجع َل النهار والليل‪ّ .‬أول يوم يف اخلليقة كان له ُ‬‫ُ‬
‫ابتسامة هللا‪ :‬النور‪ ،‬بعد الليل‪ ،‬امت ّدت يده‪ ،‬إرادته ذات السلطان‪ ،‬على األرض الفارغة وغري املتش ِّكلة‪،‬‬
‫امت ّدت إىل السماء اليت ّتري فيها املياه‪ ،‬أحد عناصر اخلَواء‪ ،‬وشاء أن تكون ال ُقبّة الزرقاء ح ّداً فاصالً‬
‫جلراين املياه غري املنتظم بني السماء واألرض‪ ،‬لتكون وشاحاً لألنوار الفردوسيّة‪ ،‬وحدوداً للمياه العليا‪،‬‬
‫الذرات‪ ،‬بغية َّتويف وتفكيك ما كان هللا قد ََجَ َعه‬ ‫ِ‬
‫لتمنع الطوفاانت من النـزول إىل غليان املعادن و ّ‬
‫ووحده‪.‬‬‫ّ‬
‫استتب‪ .‬والنظام ُوِجد على األرض أبمر هللا الذي أصدره إىل املياه‬ ‫َّ‬ ‫كان النظام يف السماء قد‬
‫ب عليه‪ ،‬كما على القبّة الزرقاء‪" :‬هللا موجود"‪ .‬ومهما‬ ‫ِ‬ ‫املنتشرة على وجه األرض‪ِ .‬‬
‫وجعل البحر‪ ،‬وقد ُكت َ‬ ‫ُ‬
‫يكن ذكاء اإلنسان وإميانه أو عدم إميانه‪ ،‬فقد أقام تلك الصفحة اليت تَسطَع فيها شرارة ِمن الالّناية‪،‬‬
‫كل إنسان َُمرب على اإلميان‪ ،‬أل ّن ال قدرة اإلنسان وال‬ ‫ف‬ ‫سلطانه‪،‬‬ ‫على‬ ‫د‬ ‫اليت هي هللا‪ ،‬واليت هي ِ‬
‫شاه‬
‫ّ‬
‫حّت يف ح ّدها األدىن‪ .‬اإلميان‪ ،‬ليس فقط‬ ‫ِ‬ ‫التنظيم الطبيعي للعناصر ميكنه أن ي ِ ِ‬
‫كرر ُمعجزة ُمشاهبة‪ ،‬وال ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫السبُل‪ ،‬وأمالحاً‬
‫الرب‪ ،‬بل بصالحه كذلك‪ ،‬الذي‪ ،‬بواسطة ذلك البحر‪َ ،‬مينَح اإلنسان الغذاء و ُّ‬ ‫بسلطان ّ‬
‫حرة‪ ،‬وهو يعطي البذور لألراضي‪ ،‬البعيدة‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫مفيدة‪ ،‬كما ُخي ّفف من ح ّدة الشمس‪ ،‬وَمينَح الرايح َماالت ّ‬
‫سمع صوت العواصف ليذ ّكِر النملة اليت هي اإلنسان ابلالمتناهي‪،‬‬ ‫بعضها عن البعض اآلخر‪ ،‬يُ َ‬
‫علواً‪.‬‬ ‫أكثر‬ ‫االت‬ ‫َم‬ ‫ب‬‫صو‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬
‫مسو‬ ‫أكثر‬ ‫د‬ ‫فالالمتناهي الذي هو أبوه‪ ،‬ي ِهب وسيلة لالرتقاء‪ ،‬بتأمل م ِ‬
‫شاه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫أشياء ثالثة حت ّدثنا أكثر ِمن غريها عن هللا يف عمليّة اخلَلق‪ ،‬اليت هي مبجملها شهادة له‪ :‬النور‬
‫حده هللا‬
‫اإلهلي؛ النور الذي َو َ‬
‫وال ُقبَّة الزرقاء والبحر‪ .‬نظام الكواكب وتَعاقُب ال ُفصول‪ ،‬انعكاس للنظام ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 155 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ضعهُ ِضمن أُطُر‬ ‫ِ‬ ‫كان ُمي ِكنه إُياده‪ ،‬البحر‪ ،‬السلطان‪ ،‬الذي‪َ ،‬و َ‬
‫حده هللا‪ ،‬بعد َخلقه‪ ،‬كان إبمكانه َو َ‬
‫يتحرك بغري انتظام‪ ،‬بضرر وأذيّة‬
‫َّدة‪ ،‬ماحناً ّإايه احلركة والصوت‪ ،‬دون أن يتسبّب بذلك‪ ،‬كعنصر ّ‬ ‫ُمد َ‬
‫األرض اليت حتمله على سطحها‪.‬‬

‫سر النور الذي ال يَنضب أبداً‪ .‬ارفعوا عيونكم إىل ال ُقبَّة الزرقاء‪ ،‬حيث تضحك‬ ‫ان ُفذوا إىل ّ‬
‫شاهدوه على حقيقته‪ ،‬ليس َكحائِل‪ ،‬بل إّّنا‬ ‫َخفضوها صوب البحر‪ .‬انظروا إليه لِت ِ‬ ‫النجوم والكواكب‪ ،‬أ ِ‬
‫ُ‬
‫كجسر بني الشعوب الذين على الضفاف األخرى غري املرئيّة‪ ،‬واليت ما تزال َمهولة‪ ،‬إّّنا اليت ُيب‬
‫اإلميان بوجودها‪ ،‬فَِألجل ذلك ُوِجد البحر‪ .‬إ ّن هللا ال يَصنَع شيئاً بغري جدوى‪َ .‬مل يكن إذاً ليصنع هذا‬
‫اض أخرى‪ ،‬يَس ُكنها‬ ‫املدى الالّنائي لو مل يكن له حدود‪ ،‬هناك‪َ ،‬خلف األفق الذي َُيجب عنّا أر ٍ‬
‫ّ‬
‫أُانس آخرون‪ ،‬ومصدر اجلميع إله واحد‪ ،‬وقد اقتِيدوا إىل هناك إبرادة هللا‪ ،‬بواسطة العواصف والتيّارات‪،‬‬
‫القارات واملناطق مأهولة‪ .‬وهذا البحر‪ُ ،‬يمل مع أمواجه‪ ،‬ويف أصوات مياهه‪ ،‬ويف َم ّده وجزره‪،‬‬ ‫جلعل ّ‬
‫حترك عواطف يوحنّا تتأتّى ِمن نِداءات‬ ‫فرقاً‪ .‬وهذه اللهفة العذبة اليت ّ‬ ‫نداءات بعيدة‪ .‬إنّه وسيط وليس ُم ّ‬
‫ِ‬
‫اإلخوة البعيدين‪ .‬وكلَّما سيطََر الروح على اجلسد‪ ،‬كلّما أصبَ َح قادراً على مساع أصوات األرواح املتّحدة‪،‬‬
‫حّت ولو مل يكن غُصن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت ولو كانت متباع َدة‪ ،‬كما األغصان املنبثقة من َجذر واحد هي متّحدة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫بعيين نُور‪ ،‬وسرتون الكثري الكثري ِمن األراضي‪،‬‬ ‫وض َع بينهما‪ .‬انظروا إىل البحر ّ‬ ‫يرى اآلخر‪ ،‬أل ّن عائقاً تَ َّ‬
‫ُعطيَت لكم‪.‬‬ ‫صل هتاف‪" :‬تعالوا! امحلوا لنا النور الذي متتلكون‪ .‬امحلوا لنا احلياة اليت أ ِ‬ ‫ومنها َجيعها ي ِ‬
‫َ‬
‫احلب‪َ .‬علِّموان قراءة الكلمة اليت نراها‬
‫قولوا لقلبنا الكلمة اليت َجن َهل‪ ،‬إّّنا اليت نَعلَم أ ّّنا أساس الكون‪ّ :‬‬
‫ِ‬
‫حقيقي‬ ‫نور‬ ‫بوجود‬ ‫س‬ ‫حن‬ ‫نا‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫أنريوان‪،‬‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫البحر‪:‬‬‫و‬ ‫الزرقاء‬ ‫ة‬ ‫ب‬‫ق‬‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫مكتوبة على الصفحات الالمتناهية ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وُيول البحر إىل جواهر متأللئة‪ .‬امنَ ُحوا ظُلماتنا النور‬ ‫أكثر من ذاك الذي ُيعل السماوات محراء‪ِّ ،‬‬
‫الذي َمنَ َحكم ّإايه هللا‪ ،‬فبعد أن أجنَبَه حببّه‪ ،‬أعطا ُكم ّإايه‪ ،‬ولكن ِمن أجل اجلميع‪ ،‬كما أعطاه للنجوم‪،‬‬
‫إّّنا لكي تُعطيه لألرض‪ .‬أنتم النجوم وحنن الرتاب‪ .‬إّّنا َش ِّكلوان ابلطريقة ذاهتا اليت َخلَ َق هبا اخلالق‬
‫ِ‬
‫حّت أتيت الساعة اليت ال يعود فيها‬ ‫األرض ابلرتاب‪ ،‬ليَس ُكنها البشر‪ ،‬عابِدين ّإايه اآلن وعلى الدوام‪ّ ،‬‬
‫احلي أ ْن سيكون؛‬‫احلب والسالم‪ ،‬كما قال لكم هللا ّ‬ ‫أرض‪ ،‬إّّنا اليت أييت فيها امللكوت‪ ،‬ملكوت النور و ّ‬
‫ألنّنا‪ ،‬حنن كذلك‪ ،‬أبناء هذا هللا ونَطلُب أن نَع ِرف ‘أابان’"‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 156 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ضي على طُُرقات الالّناية‪ ،‬دون خوف‪ ،‬ودوّنا احتقار ألحد‪ ،‬لدى لقائكم أولئك‬ ‫واعرفوا ال ُـم ّ‬
‫ألّنم ُُِي ّسون بوجود هللا‪ ،‬ولكنّهم ال‬
‫الذين يُنادون ويَبكون‪ ،‬وأولئك الذين يُسبِّبون لكم األمل كذلك ّ‬
‫يَعرفون عبادة هللا؛ إّّنا الذين‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬سوف يُوفِّرون لكم اجملد‪ ،‬ألنّكم َستُصبِحون أعظم‪ ،‬بَِقدر ما‬
‫احلق"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ب الذي متتلكون‪ ،‬جالبني األُمم اليت تنتظر‪ ،‬إىل ّ‬
‫َستعرفون َمنح احلُ ّ‬
‫األقل‪ ،‬تلك هي فكرته‪».‬‬ ‫هكذا تَكلَّم يسوع‪ ،‬بشكل أفضل كثرياً مما ُ‬
‫فعلت‪ ،‬إّّنا‪ ،‬على ّ‬
‫تك على إدراك هللا‬‫أِهلت فقط ما قاله عن قدر َ‬
‫رت ابلضبط ما قاله املعلّم‪َ .‬‬ ‫«اي يوحنّا‪ ،‬لقد َكَّر َ‬
‫أفضلنا! لقد قَطَعنا الطريق كلّها دون‬
‫ك َ‬ ‫ك طيّب وصاحل اي يوحنّا‪ .‬إنّ َ‬ ‫ذاتك‪ .‬إنّ َ‬
‫ك يف بَذل َ‬ ‫بَِفضل َكَرَم َ‬
‫دخل البلدة‬ ‫ِ‬
‫التنبّه لذلك‪ .‬تلك هي الناصرة على روابيها‪ .‬املعلّم يَنظُر إلينا ويبتسم‪ .‬فلنلحق به بسرعة لنَ ُ‬
‫َجاعة‪».‬‬

‫أهديت األ ُّم هديّة عظيمة‪».‬‬


‫َ‬ ‫أشكرك اي يوحنّا‪ ».‬تقول السيّدة العذراء‪« .‬لقد‬
‫« َ‬

‫حت ملرمي أيضاً آفاقاً ال ّنائيّة‪»...‬‬


‫«وأان كذلك‪ .‬فلقد فَـتَ َ‬
‫للتو‪.‬‬
‫كل هذا؟» يَسأَل يسوع الواصلني ّ‬
‫عم كنتم تتح ّدثون ّ‬
‫« َّ‬

‫خطبتك على جبل طابور‪ ،‬ابلتمام‪ .‬ولقد كنّا سعداء بذلك‪».‬‬


‫َ‬ ‫«لقد َكَّرَر لنا يوحنّا‬

‫«إنّين مسرور أل ّن أ ُّمي َِمس َعتها‪ ،‬وهي اليت حتمل امساً ليس غريباً عن البحر‪ ،‬واليت متتَلِك ُمبّة‬
‫واسعة مثل حبر‪».‬‬

‫تك الالمتناهية ككلمة هللا‪ .‬اي يسوعي‬


‫أنت متتلكها كإنسان‪ ،‬وهي ال تقاس مبحبّ َ‬
‫«ابين‪َ ،‬‬
‫العذب!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 157 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت صغرياً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«تعايل اي أ ُّمي إىل جانيب‪ ،‬كما كنا لدى عودتنا من قاان‪ ،‬أو من أورشليم‪ ،‬عندما ُ‬
‫كنت ُمت ِسكني بيدي‪».‬‬‫و ِ‬

‫املفع َمة ُحبّاً‪.‬‬ ‫وينظُر و ِ‬


‫ظرهتما َ‬
‫اآلخر نَ َ‬
‫دِها إىل َ‬
‫اح ُ‬ ‫َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 158 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -108‬يسوع يف الناصرة)‬

‫‪1945 / 08 / 06‬‬

‫ّأول ُمطّة يتوقّف فيها يسوع يف الناصرة هي بيت حلفا‪ .‬إنّه على وشك الولوج إىل احلديقة‪،‬‬
‫جراتن حناسيّتان متضي هبما إىل النبع‪.‬‬
‫حينما يلتقي مرمي اليت حللفا اخلارجة ومعها ّ‬
‫لك اي مرمي!» يقول يسوع ُمعانِقاً قريبته اليت تُعانِقه ُمطلِ َقةً‪ ،‬كالعادة‪ ،‬صيحة فرح‪ ،‬فهي‬
‫«السالم ِ‬
‫تكشف عن شعورها على الدوام‪.‬‬

‫لدي احلبيبني! اي لفرحة‬


‫أتيت! آه! اي و َّ‬
‫ك َ‬ ‫«سيكون حتماً يوم سالم وفرح‪ ،‬اي يسوعي‪ ،‬ألنّ َ‬
‫ّأمكما برؤيتكما!» وتُعانِق حبنان ابنيها اللذين كاان خلف يسوع مباشرة‪« .‬ستبقيان معي اليوم‪ ،‬أليس‬
‫كنت ماضية جللب املاء‪ ،‬كي ال يعطّلين شيء عن‬‫لتوي من أجل اخلبز‪ُ .‬‬‫أضرمت الفرن ّ‬
‫ُ‬ ‫كذلك؟ لقد‬
‫الطهو‪».‬‬

‫« ّأمي‪ ،‬نذهب حنن‪ ».‬يقول االبنان وِها يَستَح ِوذان على اجلِّرار‪.‬‬

‫«اي هلما ِمن طيّبني! أليس كذلك اي يسوع؟»‬

‫«كثرياً‪ ».‬يؤّكد يسوع‪.‬‬

‫حيب هلما‪».‬‬ ‫ِ‬


‫أبقل ممّا ُيبّانين لََق َّل ّ‬
‫انك ّ‬‫ومعك أيضاً‪ ،‬أليس كذلك؟ ذلك ّأّنما لو كاان ُيبّ َ‬
‫« َ‬
‫إيل‪ ،‬ليسا سوى فَـَرح‪».‬‬
‫«ال ُتايف اي مرمي‪ ،‬فَـ ُهما‪ ،‬ابلنسبة َّ‬
‫كنت سأذهب أان كذلك‪ .‬كانت‬
‫غرة‪ُ ...‬‬
‫إليك على حني ّ‬
‫وحدك؟ لقد َذ َهبَت مرمي َ‬
‫أنت َ‬ ‫«هل َ‬
‫معها امرأة‪ ...‬هل هي تلميذة؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 159 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«نعم‪ّ .‬إّنا أُخت مرات‪».‬‬

‫يت كثرياً ِمن أجل ذلك! أين هي؟»‬


‫صلَّ ُ‬
‫«آه! تبارك هللا! لقد َ‬
‫«ها هي ذي تَ ِ‬
‫صل مع ّأمي ومرات وسوسنة‪».‬‬

‫الر ُسل‪َ .‬هتَرع مرمي اليت حللفا وتصيح‪« :‬اي لسعاديت‬


‫ابلفعل‪ ،‬نساء عند منعطف الطريق‪ ،‬يتبعن ُّ‬
‫ِ‬
‫أانديك ابالسم العزيز على‬ ‫ك شابّة وأان عجوز‪ .‬ولكنّين‬ ‫لك "ابنة"‪ ،‬ألنّ ِ‬
‫علي أن أقول ِ‬ ‫ِ‬
‫لكونك أُختاً يل! َّ‬
‫قليب‪ ،‬مذ أطلقتُه على مرمييت‪ .‬حبيبيت! تعايل‪ .‬يفرتض أن تكوين تَعِبة‪ ...‬إّّنا ابلتأكيد ِ‬
‫أنت سعيدة‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كذلك‪ ».‬وتُعانِق مرمي اجملدليّة‪ ،‬وبعد ذلك‪ُ ،‬مت ِسك هبا ِمن يدها‪ ،‬كما لِتَجعلها تَشعُر‪ ،‬بشكل أفضل‪،‬‬
‫ّأّنا حتبّها‪.‬‬
‫يبدو َجال مرمي اجملدلية الن ِ‬
‫َّضر أكثر إشراقاً أمام الوجه َّ‬
‫الذاوي ملرمي اليت حللفا الطيّبة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫رحلون‪ ».‬ومع تنهيدة ِمن األعماق َُت ُرج بدون قَصد‪ ،‬يَفلِت‬ ‫«اليوم اجلميع يف بييت‪ .‬لَن أدع ُكم تَ َ‬
‫وم َنع ِزلة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫االعرتاف‪« :‬إنّين وحيدة على الدوام! وعندما ال تكون سل َفيت هنا‪ ،‬أُمضي ّأايماً حزينة ُ‬
‫أبناؤك غائِبون؟» تَسأَل مرات‪.‬‬
‫«هل ِ‬

‫فرق‪...‬‬ ‫ِ‬
‫يوحد ويُ ِّ‬
‫وتتنهد‪« :‬ابلنَّـ ْفس‪ ،‬نعم‪ ،‬أيضاً‪ .‬أن يكون املرء تلميذاً‪ّ ،‬‬
‫َحت َمّر مرمي اليت حللفا ّ‬
‫أنت اي مرمي‪ ،‬فَـ ُهم أيضاً َسيأتون‪ ».‬وَمت َسح دمعة‪ .‬تَنظُر إىل يسوع الذي يُراقِبها‬
‫أتيت ِ‬
‫ك ِ‬ ‫ولكن مبا أنّ ِ‬
‫وّت َهد يف االبتسام لِتَسأَله‪ّ « :‬إّنا أمور تتطلَّب وقتاً‪ ،‬أليس كذلك؟»‬
‫إبشفاق‪َ ،‬‬
‫«نعم‪ ،‬اي مرمي‪ ،‬ولكنّ ِ‬
‫ك سوف تَرينَهم‪».‬‬

‫آمل‪ِ ...‬من بَعد أن مسعان‪ ...‬إّّنا بعد ذلك َع ِرف أموراً‪ ...‬أخرى‪ ،‬وعاد إىل َحريته‪ .‬مع‬
‫كنت ُ‬
‫« ُ‬
‫ذلك‪ ،‬أَحبِبه اي يسوع!»‬

‫الشك بذلك؟»‬
‫كنك ّ‬‫«هل مي ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 160 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وهم يُعلِنون عدم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبينما هي تتكلّم‪ُ ،‬حتضر مرمي ُمرطّبات للمسافرين‪ ،‬غري آهبة لكالم اجلميع‪ُ ،‬‬
‫حاجتهم إىل شيء‪.‬‬

‫«فلنَ َدع النساء التلميذات بسالم‪ ».‬يقول يسوع‪ ،‬ويُضيف‪« :‬ولِنَ ِ‬


‫مض إىل البلدة‪».‬‬

‫«هل تذهب؟ هل ُُيتَ َمل أن أييت أوالدي اآلخرون؟»‬

‫ابق طوال يوم الغد‪ .‬سنكون إذن معاً‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فإنّين ٍ‬
‫ماض إىل لقاء أصدقائي‪ .‬السالم‬ ‫«إنّين ٍ‬
‫لكن أيّتها النساء‪ .‬وداعاً أ ُّمي‪».‬‬
‫ّ‬
‫يتعجل اجمليء إىل بيت مرمي اليت‬ ‫الناصرة يف هياج لوصول يسوع تَتبَعه مرمي اجملدليّة‪ .‬البعض ّ‬
‫شاهدوا‪ .‬وإذ َُِيدون بيت يسوع ُمغلَقاً‪ ،‬يَرتَدُّون َجيعاً صوب يسوع‬ ‫حللفا‪ ،‬وآخرون إىل بيت يسوع‪ ،‬لِي ِ‬
‫ُ‬
‫ساخر‪ِ ،‬‬
‫وجزء‬ ‫الذي ُيتاز الناصرة يف ّاّتاه مركز البلدة اليت ما زالت عصية على املعلّم‪ِ .‬جزء منها ِ‬
‫ّ‬
‫عربة عن مشاعرها ِمن خالل بعض اجلُّ َمل اجلَّا ِرحة‪ ،‬والبلدة‬ ‫الشر‪ُ ،‬م ِّ‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫ك‪ ،‬وبعض اجملموعات تُظ ِ‬
‫ه‬ ‫متش ِّك ِ‬
‫ُ‬
‫طرح عليه خالية ِمن‬ ‫وحّت األسئلة اليت تُ َ‬
‫فهمهُ‪ّ .‬‬ ‫ب‪ ،‬ابنها العظيم الذي ال تَ َ‬ ‫ِ‬
‫تَتبَع بفضول‪ ،‬إّّنا بغري ُح ّ‬
‫الحظ ذلك عليهم‪ ،‬وُييب الذين‬ ‫شك َكاً وسخرية‪ .‬أَما هو فال يظ ِهر أنّه ي ِ‬ ‫فعمة تَ ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫احلب‪ ،‬ال بل هي ُم َ َ‬‫ّ‬
‫بكل لُطف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُُي ّدثونه ّ‬
‫ك ال تُعطيه شيئاً‪».‬‬ ‫ك ابن ال تربطه ِمب ِ‬
‫وطنه أيّة رابِطة‪ ،‬ألنّ َ‬ ‫ك تُعطي اجلميع‪ ،‬إّّنا يبدو أنّ َ‬
‫«إنّ َ‬
‫«أان هنا ألعطيكم ما تَطلُبون‪».‬‬

‫خاطئني أكثر ِمن اآلخرين‪».‬‬


‫فضل ّأال تكون هنا‪ .‬فقد نكون ِ‬
‫ك تُ ِّ‬
‫«ولكنّ َ‬
‫«ما ِمن خاطئ واحد‪ ،‬مهما كان كبرياً‪ ،‬ال أريد ِهدايـتَه‪ .‬وأنتم لستم ِ‬
‫خاطئني أكثر ِمن اآلخرين‪».‬‬ ‫َ‬
‫الصاحل يقول على الدوام إ ّن أ ُّمه أفضل ِمن ُك ّل‬
‫أفضل ِمن اآلخرين‪ .‬واالبن َّ‬
‫أنت ال تقول إنّنا َ‬
‫« َ‬
‫إليك‪ ،‬هي زوجة أب؟»‬
‫ُخرايت‪ .‬فَـ َهل الناصرة ‪ ،‬ابلنسبة َ‬
‫األ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 161 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«لن أقول شيئاً‪ .‬فالصمت قاعدة ُمبّة ّتاه اآلخرين‪ ،‬وّتاه الذات‪ ،‬عندما ال نريد القول عن‬
‫لكن التمجيد أيتيكم سريعاً‪ ،‬إن أنتم أقبَلتُم فقط إىل تعاليمي‬
‫أحد إنّه صاحل‪ ،‬وحنن ال نريد الكذب‪ .‬و ّ‬
‫ومعتَـ َقدي‪».‬‬
‫ُ‬
‫«أتريد إذن أن ُّن ِّج َ‬
‫دك؟»‬

‫ؤمنوا يب‪ِ ،‬من أجل خري نفوسكم‪».‬‬


‫إيل فقط وتُ ِ‬ ‫«ال‪ ،‬بل أن تُ ِ‬
‫نصتوا َّ‬
‫إليك‪».‬‬
‫نصت َ‬‫«حتدَّث إذن! وسوف نُ ِ‬

‫علي أن أُح ِّدثكم؟»‬


‫أي موضوع َّ‬
‫«قولوا يل‪ :‬عن ّ‬
‫دخل إىل اجملمع وتَشَرح يل‬
‫أود لو تَ ُ‬
‫ويقول رجل يف حوايل األربعني أو اخلامسة واألربعني‪ُّ « :‬‬
‫نقطة‪».‬‬

‫الالوي‪».‬‬ ‫«إنين ٍ‬
‫آت على الفور‪ ،‬أيّها ّ‬

‫غص هبم اجملمع فجأة‪.‬‬


‫وَميضون إىل اجملمع‪ ،‬والناس َُيثّون اخلُطى خلف يسوع ورئيس اجملمع‪ ،‬ويَ ّ‬
‫أيخذ الرئيس لُفافة ويَقرأ‪"« :‬يُصعِد ابنة فرعون ِمن مدينة داود‪ ،‬إىل البيت الذي َج َعلَه يبنيه‪،‬‬
‫ُ‬
‫َّس عندما َد َخلَه‬ ‫تقد‬ ‫الذي‬ ‫ائيل‪،‬‬
‫ر‬ ‫إس‬ ‫ك‬ ‫ذلك أنّه كان يقول‪‘ :‬ينبغي ّأال تَس ُكن زوجيت بيت داود‪ ،‬ملِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بصحة هذا املقياس أم ال‪ ،‬وملاذا؟»‬
‫كنت َحت ُكم ّ‬
‫أود لو تقول يل إذا َ‬‫الرب’‪ُّ ".‬‬
‫اتبوت عهد ّ‬
‫َّس بِِفعل دخول اتبوت‬
‫شك‪ ،‬كان صحيحاً‪ ،‬ذلك أ ّن إكرام بيت داود الذي تقد َ‬
‫أي ّ‬ ‫«بدون ّ‬
‫الرب إليه‪ ،‬كان يَف ِرض ذلك‪».‬‬
‫عهد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 162 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ليؤهل ابنة فرعون لِ ُسكىن بيت داود؟ أال تُصبِح املرأة‪،‬‬
‫ِ‬
‫«ولكن كوّنا زوجة سليمان‪ ،‬أمل يكن ّ‬
‫حسب قول آدم‪" ،‬عظماً ِمن عظام" الزوج "وحلماً ِمن حلمه"؟ فإذا كان كذلك‪ ،‬فكيف ميكنها التَّدنيس‬
‫إذا َمل تُدنِّس الزوج؟»‬

‫ذمت نساء غريبات لِتَزيدوا يف إُث إسرائيل"‪ .‬وواحد‬ ‫«لقد قيل يف ِسفر عزرا‪" :‬إنّكم قد تعدَّيتُم و َّاُت ُ‬
‫من أسباب وثنيّة سليمان يُعزى ابلضبط إىل تلك الزُيات ِمن نِساء أجنبيّات‪ .‬وكان هللا قد قاهلا‪:‬‬
‫حّت ُيعلنكم تَعبُدون آهلة أجنبيّة"‪ .‬والنتائج نَع ِرفها‪».‬‬ ‫ِ‬
‫"ه َّن‪ ،‬األجنبيّات‪ ،‬سوف يُفسدن قلوبكم ّ‬‫ُ‬
‫توصل إىل أن يُ ِّ‬
‫قرر حبكمة‬ ‫َّ‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫فرعون‪،‬‬ ‫ابنة‬ ‫ن‬ ‫ف بزواجه ِ‬
‫م‬ ‫«ولكنّه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬مل يكن قد احنََر َ‬
‫َ‬
‫أب ّن عليها عدم املكوث يف البيت املقدَّس‪».‬‬

‫حّت ولو كان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«مكيال صالح هللا ومكيالنا ليسا واحداً‪ .‬فاإلنسان ال يَغفر خطيئة واحدة‪ّ ،‬‬
‫سمح بِتع ُّود‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫حينئذ‬ ‫ه‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫لك‬‫و‬ ‫األوىل‪،‬‬ ‫اخلطيئة‬ ‫بعد‬ ‫سوة‬‫ق‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫يرتَ ِكب اخلطااي على الدوام‪ .‬فاهلل ال يست ِ‬
‫خد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان على اخلطيئة ذاهتا دوّنا قصاص‪ .‬هلذا السبب ال يُنـ ِزل قصاصه بعد السقطة األوىل‪ ،‬بل يتح ّدث‬
‫ِ‬
‫ضعفاً‪.‬‬ ‫حينذاك إىل القلب‪ .‬ويُنـ ِزل العقاب حينما ال يودي صالحه ابإلنسان إىل التوبة‪ ،‬بل يَعتَِربه ُ‬
‫حينئذ يُنـ ِزل قصاصه‪ ،‬ألنّه ال َمال للسخرية ِمن هللا‪َ .‬عظم ِمن عظامه وحلم ِمن حلمه‪ ،‬بِ َذا كانت ابنة‬
‫يتفشى عندما يكون‬ ‫ض َعت َّأول بذور الفساد يف قلب احلكيم‪ .‬وأنتم تَعلَمون أ ّن املرض ال ّ‬ ‫فرعون قد َو َ‬
‫يف اجلسم جرثومة واحدة‪ ،‬بل إّّنا عندما تكون كميّات كبرية ِمن اجلراثيم‪ ،‬اليت تكاثـََرت انطالقاً ِمن‬
‫َفس َدت الدم‪ .‬سقوط اإلنسان إىل األعماق السحيقة يبدأ دائماً ِمن أمور خفيفة‪،‬‬ ‫اجلرثومة األوىل‪ ،‬قد أ َ‬
‫َّساهل مع ضمريه‪،‬‬ ‫يتعود املرء على الت ُ‬‫الشر‪ .‬وبعد ذلك َّ‬ ‫تَبدو ظاهرّايً غري ُمسيئة؛ ُثّ يتعاظَم استمراء ّ‬
‫يتوصل إىل ارتكاب اخلطااي الكبرية‪ ،‬ولدى سليمان‬ ‫على إِهال واجباته‪ ،‬وإىل عدم إطاعة هللا‪ ،‬وابلتدريج َّ‬
‫إىل الوثنيّة‪ُ ،‬مسبِّباً االنشقاق الذي ما زالت آاثره ّ‬
‫حّت اآلن‪».‬‬

‫فأنت تقول إنّه ُيب أن نُعري األمور املقدَّسة أعظم االنتباه وأعظم االحرتام؟»‬
‫«إذن َ‬
‫شك‪».‬‬
‫أي ّ‬
‫«بدون ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 163 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك َكلِ َمة هللا‪ .‬هل هذا صحيح؟»‬
‫«اآلن‪ ،‬اشرح يل هذا أيضاً‪ .‬تَدَّعي أنّ َ‬
‫كل اخلَطَأَة‪».‬‬ ‫دي‬ ‫أفت‬
‫و‬ ‫الناس‬ ‫كل‬ ‫إىل‬ ‫نة‬‫س‬ ‫احل‬ ‫شرى‬‫الب‬ ‫َمحل‬
‫أل‬‫«أان هو‪ ،‬وهو الذي أرسلَين ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فأنت أعظَم ِمن اتبوت العهد‪ .‬أل ّن هللا ال يكون على اجملد‬
‫كنت ّإايه‪َ ،‬‬
‫أنت إذن‪ ،‬وإن َ‬‫«هو َ‬
‫السائِد على التابوت‪ ،‬بل إّّنا َ‬
‫فيك‪».‬‬ ‫َّ‬
‫قلت‪ ،‬وهي احلقيقة‪».‬‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫نفسك؟»‬
‫َ‬ ‫«إذن‪ ،‬ملاذا تُدنِّس‬

‫ك إىل احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«أَلِتقول يل هذا‪ِ ،‬‬


‫عليك وعلى َمن َدفَـ َع َ‬
‫عليك‪َ ،‬‬ ‫ئت يب إىل هنا؟ ولكنّين أُشفق َ‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫أي تربير‪ ،‬ذلك أ ّن حقدكم ُُي ِطّمه‪ .‬إّّنا لكم أنتم‪ ،‬اي َمن تَـتَّ ِهمونين‬ ‫ن‬ ‫ال داعي للتربير‪ ،‬فال جدوى ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫احلب يف نظركم‪ ،‬ويف تَدنيس َشخصي‪ ،‬سأعطيكم أان تربيري‪ .‬امسعوا‪ :‬أَع ِرف إىل ماذا‬ ‫ابلتقصري يف ّ‬
‫ُعيدهم إىل احلياة‪،‬‬ ‫لمنا ِزعني ِأل ُ‬ ‫لمحون‪ .‬ولكنّين أُجيبكم‪" :‬إنّكم على خطأ"‪ .‬فكما أفتح ذر ِ‬
‫اعي ل ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تُ ِ‬
‫ّ‬
‫اعي لِ َمن ُهم أكثر احتضاراً‪ ،‬وأاندي الذين ُهم أموات‬ ‫ألعيد هلم احلياة‪ ،‬كذلك افتح ذر َّ‬‫األموات ُ‬ ‫وأاندي ّ‬
‫تفسخني‪ ،‬لكي ال يَعودوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُقيمهم من املوت‪ ،‬إذا كانوا ُم ّ‬
‫ابحلقيقة‪ :‬اخلَطَأَة‪ ،‬ألقودهم إىل احلياة األبديّة‪ ،‬وأ ُ‬
‫أود أن أقول لكم َمثَالً‪:‬‬
‫َميوتون‪ .‬ولكنّين ُّ‬

‫َخ َذ هذا الرجل‪ ،‬يف‬‫َبع َده الناس عن َمتمعهم‪ ،‬وأ َ‬ ‫ابلربص نتيجة آاثمه الكثرية‪ ،‬وأ َ‬
‫رجل أُصيب ََ‬
‫ضت سنوات‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬
‫وحدته املوحشة املخيفة‪ ،‬يُف ّكر يف حاله ويف اخلطيئة اليت أ ََّدت به إىل ذاك املصري‪َ .‬‬
‫الرب الرمحة‬
‫استخد َم معه ّ‬
‫َ‬ ‫كثرية على ذلك احلال‪ ،‬ويف حلظة َمل يَ ُكن يتوقَّعها‪ُ ،‬ش ِف َي األبرص؛ فلقد‬
‫فعل الرجل؟ هل ميكنه العودة إىل بيته‬ ‫والرأفة بسبب صلواته الكثرية ودموعه الغزيرة‪ .‬حينئذ‪ ،‬ماذا تُراه يَ َ‬
‫استخد َم معه الرمحة؟ ال‪ .‬بل ينبغي له أن يَعرض نفسه على الكاهن‪ ،‬وهذا األخري‪ ،‬بعد أن‬ ‫َ‬ ‫أل ّن هللا‬
‫يتطهر‪ ،‬بعد ذبيحة زوج اليَمام األوىل‪ .‬وبعد َغسل ثيابه‪ ،‬ليس‬ ‫يتفحصه ابنتباه لبعض الوقت‪َُ ،‬ي َعله َّ‬
‫َّ‬
‫َمَّرة واحدة‪ ،‬بل َمَّرتني‪ ،‬يعود الرجل الذي ُش ِف َي إىل الكاهن مع احلُ ُموالت بِغَري َعيب‪ ،‬احلَ َمل والطحني‬
‫والزيت‪ ،‬األشياء احملدَّدة‪ ،‬فيقوده الكاهن إىل ابب اخلباء (ابب خيمة االجتماع‪ :‬انظر سفر الالويني‪-‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 164 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أصحاح ‪ .)14‬وهكذا يُقبَل الرجل‪ ،‬دينيّاً‪ِ ،‬من جديد‪ ،‬وسط شعب إسرائيل‪ّ .‬أما أنتم فقولوا يل‪ :‬عندما‬
‫ذهب إليه؟»‬
‫مرة‪ ،‬ملاذا يَ َ‬
‫ألول ّ‬
‫ذهب الرجل إىل الكاهن ّ‬ ‫يَ َ‬
‫احلق يف الدخول‬ ‫طهر َمَّرة أوىل‪ ،‬بشكل َّ‬
‫يتمكن معه إمتام التطهري األعظم الذي يُعيد إليه ّ‬ ‫«ليت َّ‬
‫يف الشعب املقدَّس!»‬

‫تطهَر بشكل ُكلّ ّي‪».‬‬


‫«حسناً قُلتُم‪ .‬ولكنّه حينذاك ال يكون قد َّ‬
‫ِ‬
‫«آه! ال‪ .‬ما زال ينقصه الكثري ليُصبِح كذلك ّ‬
‫ماد ّايً وروحيّاً‪».‬‬

‫ومرة اثنية االقرتاب ِمن‬


‫ّ‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫متام‬ ‫س‬ ‫«فكيف ميكنه إذن االقرتاب ِمن الكاهن أول مرة‪ ،‬بينما هو َِ‬
‫جن‬ ‫ّ ّ‬
‫اخلباء؟»‬

‫«أل ّن الكاهن هو الوسيط الالزم ليتم ّكن ِمن إعادة قبوله وسط األحياء‪».‬‬

‫«واخلباء؟»‬

‫«أل ّن هللا وحده ُمي ِكنه ُمو اخلطااي‪ ،‬واإلميان هو االعتقاد أ ّن وراء احلِجاب املقدَّس يُقيم هللا يف‬
‫وزعاً غفرانه ِمن هناك‪».‬‬ ‫ََم ِده ُم ِّ‬

‫يقرتب األبرص الذي ُش ِفي ِمن الكاهن ِ‬


‫ومن اخلباء‪ ،‬أال يكون قد‬ ‫«ولكن حينذاك‪ ،‬عندما َِ‬
‫َ‬
‫أصبَ َح بغري خطيئة؟»‬

‫بكل أتكيد!»‬
‫«ال‪ّ .‬‬
‫الفكر ال ُـمرا ِوغ والقلب ال ُـمفتَ ِقر إىل الصفاء‪ ،‬ملاذا تتّهمونين إذاً‪ ،‬أان الكاهن‬
‫«أيها الناس‪َ ،‬ذوي ِ‬
‫ّ‬
‫مين؟ ملاذا تَكيلون ِمبكيالَني؟ نعم‪ ،‬فاملرأة اليت‬
‫جعلت أولئك اجملذومني روحيّاً يقرتبون ّ‬ ‫ُ‬ ‫وال ِـمظلّة‪ ،‬إذا‬
‫الوي العشار‪ ،‬واليت هي اآلن هنا بِنَـ ْفسها اجلديدة ورسالتها اجلديدة‪ ،‬ومعهما رجال‬ ‫ِ‬
‫كانت ضالّة مثل ّ‬
‫ونساء آخرون أتوا قبلهما‪ُ ،‬هم اآلن إىل جانيب‪ .‬وميكنهم ذلك ألنّه قد أُعيد اآلن قبوهلم يف ِعداد شعب‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 165 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫غفرة‪ ،‬والشفاء والقيامة‪ .‬فلو دامت‬ ‫إيل إرادة هللا الذي منحين سلطان الدينونة والـم ِ‬
‫الرب‪ .‬لقد َجلَبَ ُتهم َّ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ّ‬
‫فيهم الوثنيّة كما كانت ابقية يف ابنة فرعون‪ ،‬لكان هناك تَدنيس‪ .‬إّّنا ال تدنيس طاملا اعتَـنَقوا ال ُـمعتَـ َقد‬
‫الرب‪.‬‬
‫الذي َمحَلتُهُ أان إىل األرض‪ ،‬وبه كانت قيامتهم إىل نعمة ّ‬
‫يف احلقيقة‪،‬‬
‫اي أهل الناصرة‪ ،‬اي َمن تَنصبون يل الفخاخ‪ ،‬ألنّه ال يبدو لكم ممكناً أن تَس ُكن َّ‬
‫يتفوقون عليكم‪ ،‬عندما‬ ‫واستقامة وعدل كلمة اآلب‪ ،‬أان أقول لكم‪" :‬اقتدوا ابخلَطَأَة"‪ .‬يف احلقيقة‪ّ ،‬إّنم ّ‬
‫لجأوا إىل مناورات شائنة لتتم ّكنوا ِمن‬ ‫احلق‪ .‬وأقول لكم كذلك‪" :‬ال تَ َ‬ ‫يتعلّق األمر ابإلقبال إىل ّ‬
‫كل الذين أيتون‬‫فعلوا ذلك‪ .‬اسألوا وسوف أمنَح ُكم‪ ،‬أان‪ ،‬كلمة احلياة‪ ،‬كما أمنَحها إىل ّ‬ ‫ضيت"‪ .‬ال تَ َ‬
‫عار َ‬
‫ُم َ‬
‫يداي لُطفاً‪ ،‬وقليب‬ ‫ِ‬
‫َضمر لكم احلقد‪ .‬تَط َفح َ‬ ‫إيل‪ .‬استَقبلوين كابن هلذه األرض اليت هي لنا‪ ،‬فأان ال أ ُ‬ ‫َّ‬
‫رغبة يف تعليمكم وإسعادكم‪ .‬فأان على استعداد‪ ،‬إذا أردمت‪ ،‬أن أُمضي السبت بينكم ِألُعلِّمكم الشريعة‬
‫اجلديدة‪».‬‬
‫ِ‬
‫لكن الفضول يتغلَّب‪ ،‬أو احلُ ّ‬
‫ب‪ ،‬وعدد كبري يصيح‪« :‬نعم‪،‬‬ ‫الناس غري ُمتَّفقني فيما بينهم‪ .‬و ّ‬
‫تعال هنا غداً‪ .‬وسوف نَستَ ِمع َ‬
‫إليك‪».‬‬

‫كل األحكام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«سوف أُصلّي‪ ،‬هذا املساء‪ ،‬لتَس ُقط القشرة اليت تُصلّب القلب‪ ،‬كي تَس ُقط ّ‬
‫كل األرض‪ ،‬ولكن‬ ‫حرركم‪ ،‬تستطيعون إدراك صوت هللا‪ ،‬اآليت ِ‬ ‫ال ُـمسبَـ َقة‪ ،‬ولكي‪ ،‬بِتَ ُّ‬
‫ليحمل البشارة إىل ّ‬
‫َ‬
‫عت فيها‪ .‬السالم لكم َجيعاً‪».‬‬
‫رعر ُ‬
‫مع الرغبة يف أن تكون ّأول منطقة تَستَأهل تَقبُّله‪ ،‬هي البلدة اليت تَ َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 166 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -109‬السبت يف ََْم َمع الناصرة)‬

‫‪1945 / 08 / 07‬‬

‫َممع الناصرة من جديد‪ ،‬يف يوم السبت‪.‬‬

‫يروي يسوع سرية أبيمالك ‪ ،Abimelech‬وخيتم هبذه العبارات‪" :‬فلتخرج منه انر ولِتلتَ ِهم‬
‫أرز لبنان" (انظر ِسفر القضاة‪-‬أصحاح ‪ُ .)14‬ثّ يُعيد اللُّفافة إىل رئيس اجملمع‪.‬‬

‫هم لَِفهم احلكاية‪ ».‬يقول هذا األخري‪.‬‬


‫«أََال تقرأ الباقي؟ إ ّن ذلك ُم ّ‬
‫«ال ضرورة لذلك‪ .‬فَـَزَمن أبيمالك بعيد ج ّداً‪ .‬وأان أُطبِّق حكاية قدمية يف هذا الزمن‪ .‬امسعوا اي‬
‫أبناء الناصرة‪:‬‬

‫أصبحتُم تَعلَمون‪ِ ،‬من خالل تَعليم رئيس َممعكم‪ ،‬تطبيقات حكاية أبيمالك‪ .‬ابلفعل‪ ،‬فلقد‬
‫مر العصور‪ ،‬ودائماً ابألسلوب‬
‫ف يف زمانه على يد رايب‪ ،‬وذاك على يد آخر‪ ،‬وهكذا دواليك على ّ‬ ‫تَ َّثق َ‬
‫ذاته‪ ،‬والنتائج ذاهتا‪.‬‬

‫سمعون تطبيقاً آخر‪ .‬وابلتايل‪ ،‬أرجوكم أن ُّتيدوا حتكيم عقلكم وفكركم‪ ،‬و ّأال‬ ‫ِ‬
‫ّأما م ّين أان‪ ،‬فَ َستَ َ‬
‫تكونوا ِمثل احلِبال املوضوعة على بَ َكرة البئر‪ ،‬واليت طاملا هي غري ابلية‪َ ،‬متضي ِمن البَ َكرة إىل املاء‪ ،‬ومن‬
‫متكنها ِمن التبدُّل أبداً‪ .‬واإلنسان ليس حبالً مربوطاً‪ ،‬وال أداة ميكانيكيّة‪ .‬بل إ ّن‬‫املاء إىل البَ َكرة‪ ،‬دون ُّ‬
‫ذكي‪ ،‬وعليه استخدامه بذاته حسب احلاجات والظروف‪.‬‬ ‫اإلنسان يتمتّع بعقل ّ‬
‫وإذا كانت رسالة الكلمة أزليّة‪ ،‬فإ ّن الظروف متب ِّدلة‪ .‬وبِئس املعِلّمني الذين ال يَعرفون تقبُّل عناء‬
‫أي الروح الكامن على الدوام يف الكالم القدمي واحلكيم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرة‪ّ ،‬‬‫كل ّ‬‫استخراج عربة جديدة‪ُ ،‬مرضية‪ ،‬يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 167 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املرات‪،‬‬
‫فإّنم سيبقون شبيهني ابلصدى الذي ال ميكنه سوى ترديد الكلمة ذاهتا عشرات وعشرات ّ‬
‫ّ‬
‫أي شيء ِمن عندهم‪.‬‬
‫دون إضافة ّ‬
‫األشجار‪ ،‬يعين اإلنسانيّة‪ ،‬وُمتثِّلها الغابة حيث هي األشجار والشجريات والعشب‪ ،‬تَشعُر‬
‫كل‬ ‫ن‬ ‫ابحلاجة ألن يقودها امرؤ أيخذ على عاتقه األَماد كلّها‪ ،‬إّّنا كذلك‪ ،‬وهذا له ثِقل أكثر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫السلطة‪ ،‬أن يكون املرء مسؤوالً عن سعادة أو تعاسة مرؤوسيه‪ ،‬مسؤوالً ّتاه مرؤوسيه‪ّ ،‬تاه‬ ‫مسؤوليّات ُّ‬
‫الشعوب اجملاورة‪ ،‬وما هو مريع‪ ،‬هو أن يكون مسؤوالً ّتاه هللا‪ .‬ذلك أ ّن التِّيجان أو املراتِب االجتماعيّة‬
‫التغريات‬ ‫ِ‬
‫يفسر ّ‬ ‫العالية‪ ،‬مهما تكن‪ ،‬فهي ممنوحة من بشر‪ ،‬هذا صحيح‪ ،‬إّّنا إبذن من هللا‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫س‪ ،‬واليت‪،‬‬‫غري املتوقَّعة‪ ،‬واليت ال ُتطر على ابل‪ ،‬للسالالت امللكيّة اليت كانت تبدو أزليّة وبقدرات ال ُمتَ ّ‬
‫وحتولَت‬
‫ُسقطَت بواسطتهم‪ ،‬إبذن من هللا‪َّ ،‬‬ ‫عندما ّتاوزت احل ّد يف دورها يف قصاص واختبار الشعوب‪ ،‬أ ِ‬
‫ََ‬
‫َمرد غُبار‪ ،‬وأحياانً َمحأة يف بؤرة فساد‪.‬‬
‫إىل ّ‬
‫كل املسؤوليّات ّتاه األفراد‪ّ ،‬تاه البلدان‬
‫يتحمل ّ‬
‫لت‪ :‬تَشعُر الشُّعوب ابحلاجة إىل اختيار َمن ّ‬
‫قُ ُ‬
‫اجملاورة وّتاه هللا‪ ،‬وهذا هو املريع أكثر‪.‬‬

‫ُحكم التاريخ رهيب‪ .‬وعبثاً ُحتا ِول مصاحل الشعوب تغيريه‪ ،‬ذلك أ ّن األحداث والشعوب‬
‫لكن ُحكم هللا أكثر قَسوة‪ ،‬وال ُمت َارس عليه أيّة‬
‫املستقبليّة َستُعيده إىل حقيقته األوىل‪ .‬رهيب هو‪ ،‬و ّ‬
‫ضغوط‪ ،‬وهو ليس موضوع تب ّدالت مزاج أو ُحكم‪ ،‬كما ُهم الناس يف األغلب‪ ،‬وهو أيضاً غري قابل‬
‫يتصرفوا‬
‫للخطأ يف احلُكم‪ .‬فيجب إذاً على املختارين‪ ،‬لكي يكونوا زعماء الشعوب وصانعي التاريخ أن ّ‬
‫لحق هبم العار يف العصور املقبلة‪ ،‬ويعاقبهم هللا يف دهر‬
‫اخلاص ابلق ّديسني‪ ،‬كي ال يَ َ‬
‫ّ‬ ‫البطويل‬
‫ّ‬ ‫ابلعدل‬
‫الدهور‪.‬‬

‫ولكن فَلنَـعُد إىل حكاية أبيمالك‪.‬‬

‫لكن هذه األخرية‪،‬‬ ‫ِ‬


‫أر َادت األشجار‪ ،‬إذن‪ ،‬اختيار َملك‪ ،‬وذَ َهبَت تبحث عن شجرة الزيتون‪ .‬و ّ‬
‫الرب‪ ،‬واملكانة‬ ‫أمام‬ ‫ل‬‫املكرسة الستخدامات فائقة الطبيعة‪ ،‬بسبب الزيت الذي يشتَعِ‬
‫الشجرة املق ّدسة و َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 168 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صنع ال ِطّيب املقدَّس‪ِ ،‬من أجل مسح اهليكل وال َك َهنَة‬ ‫ِ‬ ‫اليت هلا يف العُشور و َّ‬
‫الذابئح‪ ،‬اليت هتيّئ زيتها ل ُ‬
‫وامللوك‪ ،‬وهي تَنـزل يف األجساد أو على األجساد املريضة خبصائص‪ ،‬أقول‪ ،‬صانعة معجزات؛ أجابَت‪:‬‬
‫األمور األرضيّة؟"‬
‫"كيف ميكنين التقصري يف دعويت املقدَّسة والفائقة الطبيعة‪ ،‬ألهبط إىل ّ‬
‫آه! اي إلجابة شجرة الزيتون الرائعة!‬

‫كل الذين خيتارهم هللا لرسالة مقدَّسة‪ ،‬أَقلَّه هم‪ ،‬أقول أَقلَّه؟ ألنّه‪ ،‬يف‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ملاذا َمل يتعلمها وُميارسها ّ‬
‫كل إنسان هو َملِك‬ ‫الرد على اقرتاحات الشيطان‪ ،‬ابعتبار أ ّن ّ‬ ‫كل إنسان لدى ّ‬ ‫احلقيقة‪ُ ،‬يب أن يقوهلا ّ‬
‫دعواً إىل مصري فائق الطبيعة‪ .‬له نفس هي هيكل‬ ‫م‬ ‫ة‪،‬‬‫بنو‬ ‫ابل‬ ‫ا‬ ‫وإهلي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫كي‬‫َ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ّتعله‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫نفس‬ ‫ح‬ ‫وابن هلل‪ ،‬وقد منِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫احلب واإلجالل ِممَّن ُهم ابن ومرؤوس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ومقام‪ .‬اهليكل هلل‪ ،‬واملقام هو حيث ينـزل أب السماوات لتَقبُّل ّ‬
‫كل نـَ ْفس‪ ،‬كوّنا هيكالً‪ّ ،‬تعل ِمن اإلنسان الذي ُيويها كاهناً‪ ،‬حارساً للهيكل‪.‬‬ ‫لكل إنسان نـَ ْفس‪ ،‬و ّ‬‫ّ‬
‫فسد"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫"أما الكاهن فال يَ َ‬ ‫وقد قيل يف سفر األحبار‪ّ :‬‬
‫على اإلنسان إذاً أن يـَُرَّد على ّتربة الشيطان والعامل واجلسد‪" :‬هل ميكنين اإلحجام عن كوين‬
‫املاديّة اليت حتمل على ارتكاب اخلطيئة؟"‬ ‫روحيّاً لالهتمام ابألمور ّ‬
‫لكن شجرة التني‬‫و‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫يادة‬ ‫حينئذ ذَهبت األشجار تطلب شجرة التني‪ ،‬داعية إايها ِ‬
‫للس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫أجابت‪" :‬كيف ميكنين التخلّي عن نعوميت وفاكهيت اللذيذة ألصبح َملِ َك ُكم؟"‬

‫يتوجهون إىل الوديع ِجلَعله َملِكاً‪ ،‬ليس إعجاابً وتقديراً لوداعته‪ ،‬بَِقدر ما‬
‫كثريون ُهم الذين ّ‬
‫كل ِرضى‪ ،‬وميكن معه للمرء أن ُُييز‬ ‫منه‬ ‫ر‬‫َ‬‫ظ‬ ‫نت‬‫ي‬ ‫اة‬ ‫له‬ ‫م‬ ‫ك‬‫أيملون أنّه‪ ،‬لوداعته‪َ ،‬خيلُص إىل أن يصبِح ملِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫احلرّايت‪.‬‬
‫كل ّ‬‫لنفسه ّ‬
‫الصالح‪ّ .‬إّنا ذكيّة وحازمة‪ .‬ال َُتلُطوا أبداً بني الوداعة‬
‫ضعفاً‪ ،‬بل هي َّ‬‫لكن الوداعة ليست ُ‬ ‫و ّ‬
‫والضَّعف‪ .‬األوىل فضيلة واألُخرى َعيب‪ .‬وأل ّّنا فضيلة‪ ،‬فهي تَبلُغ ابلذي ميتلكها إىل استقامة ضمري‬
‫ِ‬
‫تؤهله ملقاومة اإلاثرة والغِواية البشريّة‪ ،‬الدَّائِبة على حتويله إىل مصاحلها اليت ال تتماشى ومصاحل هللا‪.‬‬
‫ّ‬
‫أبي مثن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فهي تَظَ ّل أمينة وفيّة ل َق َدرها ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 169 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لن يكون الوديع أبداً َخ ِشناً يف رفض أتنيب اآلخرين له‪ .‬لن يكون أبداً قاسياً يف إقصاء الذي‬
‫يك‬ ‫يطلبه‪ .‬بل بتساُمه وابتسامته يقول على الدوام‪" :‬أخي‪ ،‬دعين إىل مصريي الوديع‪ .‬فأان هنا ِ‬
‫ُعز َ‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫َ‬
‫أساعدك‪ ،‬إّّنا ال ميكنين أن أُصبِح َملِكاً ابلشكل الذي تتطلَّع إليه‪ ،‬أل ّن َِهّي واهتمامي مبلكوت‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ونفسك"‪.‬‬
‫َ‬ ‫وحيد‪ ،‬ملكوت الروح‪ُِ ،‬ها ِمن أجل نفسي‬

‫لكن ال َك َرمة أجابت‪:‬‬‫و‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫ا‬


‫ً‬ ‫ك‬‫ومضت األشجار يف طَلَب ال َكرمة‪ ،‬لِتطلب منها أن تكون ملِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫القوة ألصبح َملِ َك ُكم؟"‬
‫"كيف ميكنين التخلّي عن البهجة و ّ‬
‫يؤدي دائماً إىل ظُلمة الروح‪ ،‬بسبب املسؤوليّة وتَبكيت الضمري‪ ،‬ذلك أ ّن‬ ‫ِ‬
‫أن يكون املرء َملكاً‪ّ ،‬‬
‫لمع ِمن البعيد‬‫َ‬‫ت‬ ‫ما‬ ‫بقدر‬ ‫د‬ ‫فالسلطة تُ ِ‬
‫فس‬ ‫ُّ‬ ‫سوداء‪.‬‬ ‫ماسة‬ ‫ن‬ ‫ملِكاً دون خطيئة وتبكيت ضمري أكثر نُدرة ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صل املرء إليها يَرى ّأّنا ليست سوى نور يَراعة (حشرة تُضيء يف الظالم)‬ ‫ِمثل منارة‪ ،‬إّّنا حينما ي ِ‬
‫َ‬
‫وليست نور َجنم‪.‬‬

‫السلطة ليست سوى ّقوة مربوطة أبلف حبل إىل ألف مصلحة هائجة حول َملِك‪.‬‬ ‫وأيضاً‪ُّ :‬‬
‫يكرسهم الزيت‪" :‬أان‬ ‫قسمون‪ ،‬بينما ِّ‬ ‫مصاحل احللَفاء‪ ،‬املصاحل الشخصية ومصاحل األهل‪َ .‬كم ِمن امللوك ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫متجرداً"‪ ،‬وبعد ذلك‪ ،‬ال يَعرفون أن يكونوا كذلك؟ ِمثلهم ِمثل شجرة ضخمة‪ ،‬ال تثور لدى‬ ‫سأكون ِّ‬
‫"إّنا ضعيفة لدرجة ال تستطيع معها إيذائي"‪،‬‬ ‫َّأول ِعناق ِمن نبتة لبالب ليّنة وانعمة‪ ،‬قائلة لنفسها‪ّ :‬‬
‫ّنوها‪ ،‬وغالباً‪ ،‬ميكنين القول‪ :‬إ ّن ال َـملِك‬
‫طوقها وتكون هي دعامتها اليت تَسنُدها يف ّ‬ ‫حّت ّإّنا تُسّر أبن تُ ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫يتوجه إليه‪ ،‬ويُ َسّر أبن يكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألول عناق َمصلَحة حلاشية أو حلليف أو لشخصه أو أهله ّ‬ ‫يُذعن دائماً ّ‬
‫"احرتس"‪ُُ .‬ييبه‪" :‬هذا أضعف اإلميان!" ويعتقد أ ّن ذلك ال‬ ‫له حافظاً كرمياً‪ .‬وعندما يَصرخ الضمري‪َِ :‬‬
‫ُ‬
‫ظن كذلك‪ .‬ولكن أييت يوم ينمو فيه‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫الشجرة‬‫و‬ ‫عته‪.‬‬ ‫مس‬
‫ُ‬ ‫يف‬ ‫وال‬ ‫سلطانه‬ ‫يف‬ ‫ال‬ ‫األذى‬ ‫ق‬ ‫ميكنه أن ي ِ‬
‫لح‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الغصن بعد الغصن‪ّ ،‬قوة وطوالً‪ ،‬ينمو بِنَـ َهمه يف امتصاص النَّسغ ِمن األرض‪ ،‬والصعود إىل غزو النور‬
‫والشمس‪ ،‬وحتيط نبتة اللبالب بكامل الشجرة الضخمة‪ ،‬تُ ِرهقها‪َُ ،‬تنُقها‪ ،‬تَقتُلها‪ ،‬وهي اليت كانت‬
‫ضعيفة ج ّداً! وكانت الشجرة قويّة ج ّداً!‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 170 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اخلاصة‪ ،‬لدى ّأول‬
‫ساهل مع رسالته ّ‬ ‫األمر ذاته كذلك‪ ،‬ابلنسبة للملوك‪ .‬فلدى ّأول تسوية أو تَ ُ‬
‫رفع أكتاف لصوت الضمري‪ ،‬أل ّن الثناء لذيذ‪ ،‬أل ّن ِص َفة احلافظ‪ ،‬اليت يُفتِّش عنها املرء‪ُ ،‬ممتِعة‪ ،‬أييت‬
‫كم فمه‬ ‫ِ‬
‫الوقت الذي ال يعود فيه امللك هو الذي يسود‪ ،‬بل مصاحل اآلخرين هي اليت تسود وأتسره وتَ ّ‬
‫حّت ُتنقه‪ ،‬أو تلغي وجوده مّت أصبَ َحت أقوى منه‪ ،‬إذا َرأَت أ ّن ال داعي إىل االستعجال يف موته‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الرجل العادي كذلك‪ ،‬وهو الـملِك بروحه دائماً‪ ،‬ي ِ‬
‫ض ُّل‪ ،‬إذا ما ارتضى ملكيّة أدىن‪ ،‬ابلكربايء‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أو ابجلَّ َشع‪ .‬ويفقد صفاءه الروحي الذي أيتيه ِمن ّاحتاده ابهلل‪ .‬ذلك أ ّن الشيطان والعامل واجلسد ميكنهم‬
‫وقوة‬ ‫الروحي الذي أيتيه ِمن ّ‬ ‫منح قُدرة ومسرة ِ‬
‫االحتاد ابهلل‪َ ،‬هبجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫االبتهاج‬ ‫حساب‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ني‪،‬‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫وِه‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ‬
‫املساكني ابلروح‪ ،‬فإنّكم تَستَ ِح ُّقون أن يَعرف اإلنسان منكم القول‪" :‬كيف ميكنين قبول أن أُصبِح‬
‫الداخلي والسماء وملكوهتا‬ ‫ح‬‫الفر‬ ‫و‬ ‫ة‬‫القو‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫أف‬ ‫معكم‬ ‫في‬‫ُ‬‫ل‬‫حا‬ ‫ت‬‫كنت بِ‬ ‫إذا‬ ‫األدىن‪،‬‬ ‫ياين‬‫ك‬‫َ‬ ‫يف‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ك‬‫ملِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫احلقيقي؟"‬
‫ّ‬
‫طمحون ّإال إىل امتالك ملكوت‬ ‫وميكنهم القول كذلك‪ ،‬أولئك املساكني ابلروح الذين ال يَ َ‬
‫وُيتَ ِقرون ُك ّل ِغىن ِسوى هذا امللكوت‪ ،‬وميكنهم القول‪" :‬كيف ميكننا اجمليء لإلقالل ِمن‬ ‫السماوات‪َ ،‬‬
‫ومحل الفرح هلذه اإلنسانيّة‪ ،‬أُختنا اليت تعيش يف صحراء‬ ‫املقوية َ‬
‫شأن رسالتنا اليت هي إنضاج العُصارات ُّ‬
‫احليوانيّة القاحلة‪ ،‬واليت هي يف حاجة إىل أن تُروى كي ال متوت‪ ،‬لتتغ ّذى على العُصارات احلياتيّة ِمثل‬
‫صدر هللا‪ ،‬اليت أخطأت‪ ،‬عقيمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طفل أُقصيَت عنه ال ُـمرضعة؟ فنحن ال ُـمرضعات لإلنسانيّة اليت فَـ َق َدت َ‬
‫ِ‬ ‫ومريضة‪ ،‬اليت تَ ِ‬
‫الشك املظلم‪ ،‬إن َملْ َّتدان‪ ،‬حنن الذين‪ ،‬ابجلهد والفرح‪َ ،‬ملْ‬
‫صل إىل املوت ايئسة‪ ،‬يف ّ‬
‫وحريّة وسالم‪ .‬ال ميكننا‬
‫أرضي‪ ،‬التأكيد بوجود حياة وفرح ّ‬ ‫تباط‬
‫ر‬ ‫ا‬ ‫كل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫نَ ُكن لِنَمنح أولئك ِّ‬
‫املتحررين ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التخلّي عن تلك احملبّة ِمن أجل مصلحة دنيئة‪".‬‬

‫ضت عليها‬ ‫ِ‬ ‫ضت األشجار إىل شجرة العلَّيق ُ‬


‫(شجرية شائكة)‪ .‬فَـلَم تَرفضها‪ ،‬بل فَـَر َ‬ ‫حينذاك َم َ‬
‫مين مستوى‪ .‬ولكن إذا مل تشاؤوا فِعل ذلك‪ ،‬بعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميثاقاً صارماً‪" :‬إذا َرغبتُم يب َملكاً‪ ،‬تعالوا وكونوا أدىن ّ‬
‫ِ‬
‫متأججاً وأَح ِرقُكم َجيعاً ّ‬
‫حّت أرز لبنان‪".‬‬ ‫كل شوكة عذاابً ّ‬ ‫أجعل من ّ‬ ‫اختياري‪ ،‬فسوف َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 171 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬فذاك هو الـملِك الذي يراه العامل ملِكاً حقيقياً! فاإلنسانية الفاسدة تت ِ‬
‫َّخذ ِمن الطُّغيان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ودونيَّة‪.‬‬ ‫والوحشيّة َملِكاً حقيقيّاً‪ ،‬بينما تَعتَِرب الوداعة و َّ‬
‫الصالح مبثابة غباء ُ‬
‫حرت َق‪.‬‬
‫للشر‪ .‬وبذلك أصبَ َح فاسداً‪ ،‬وابلتايل فقد ا ََ‬
‫ضع ّ‬ ‫ضع للخري‪ ،‬بل إّّنا هو َخي َ‬
‫اإلنسان ال َخي َ‬
‫تلك هي حكاية أبيمالك‪.‬‬

‫فأطرح عليكم َمثَالً آخر‪ .‬ليس بعيداً وال أحداثه بعيدة‪ ،‬بل هو قريب‪ ،‬حاضر‪.‬‬
‫ّأما أان َ‬
‫فَ َّكَرت احليواانت يف اختيار َملِك هلا‪ ،‬ومبا ّأّنا كانت ُُم ِادعة‪ ،‬فَ َّكَرت يف اختيار حيوان ال ُخييفها‬
‫متوحشاً‪.‬‬
‫قوايً أو ّ‬
‫بكونه ّ‬
‫ستبع َدت األسد وَجيع السنّورايت‪ .‬أَعلَنَت َعدم رغبتها ابلنُّسور‪ ،‬بسبب مناقريها‪ ،‬وال‬ ‫لذلك ا َ‬
‫ِ‬
‫فعل‪.‬‬‫أبي من اجلَّوارح‪َّ .‬تنـَّبَت احلصان الذي كان ابستطاعته‪ ،‬بَِفضل سرعته‪ ،‬اللَّحاق هبا ورؤية ما تَ َ‬ ‫ّ‬
‫فاجئ واحلوافِر الصلبة‬‫الصرب‪ ،‬إّّنا كذلك اهلِياج الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫وّتنـَّبَت كذلك احلمار الذي كانت تعرف عنه َّ‬
‫(منتَ ِقم)‪ .‬وحبجة‬ ‫ِ‬
‫حاد الذكاء ومئثار ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القويّة‪ .‬وارتَـ َع َدت من فكرة كون النسناس (القرد) هو ال َـملك‪ ،‬ألنّه ّ‬
‫تضامنَت مع الشيطان يف إفساد اإلنسان‪ ،‬فأعلَنَت عدم القبول هبا َملِكاً‪ ،‬رغم ألواّنا‬ ‫أ ّن احليّة قد َ‬
‫الرائعة ورشاقة حركاهتا‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬مل تَ ُكن تَر َغب هبا ملعرفتها ودرايتها مبشيتها غري املسموعة‪ ،‬وقُدرة‬
‫ُف! "فالشيطان‬ ‫حادة؟ أ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعضالهتا اهلائلة‪ ،‬وأتثري ُمسَّها ال ُـمرعب‪ .‬اختيار الثَّور َملكاً‪ ،‬أي حيوان له قرون ّ‬
‫له قرون كذلك‪ ".‬ولكنّها كانت تُف ِّكر هكذا‪" :‬إذا ما ثُران يوماً‪ ،‬فسيقضي علينا بقرونه"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ضع‬‫بعد َحبث غري َُمد‪َ ،‬رأَت َمحَالً صغرياً ربيالً أبيض اللون‪ ،‬كان يَقفز بَِفَرح يف حقل أخضر‪ ،‬ويَر َ‬
‫ِمن ِضرع ّأمه املنتفخ‪ .‬مل تكن لديه قرون‪ ،‬إّّنا له عينان َعذبَتان مثل مساء نيسان (أبريل)‪ .‬كان َوديعاً‬
‫غمس فيه فمه‬ ‫وبسيطاً‪ .‬كان مسروراً ِمن كل شيء‪ِ :‬من ماء جدول صغري‪ ،‬كان يشرب منه وهو ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الوردي؛ ِمن زهور هلا نكهات ُمتلفة‪ ،‬كانت تَ ِسّر عينه وذَوقه؛ وعُشب كثيف كان يَطيب له النوم فيه‬
‫كأّنا ِمحالن أُخرى َمتَرح يف األعلى‪ ،‬فوق احلقول‬‫عندما يكون قد َشبِع؛ وغيمات كانت تبدو و ّ‬
‫داعبات‬
‫وخاصة ُم َ‬
‫ّ‬ ‫الالزورديّة‪ ،‬واليت كانت تدعوه إىل اللعب والركض يف احلقل‪ ،‬كما هي يف السماء‪،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 172 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الوردي؛‬
‫ّ‬ ‫األ ُّم اليت كانت ما تزال تَسمح له بِرضاعة حليبها الدافئ‪ ،‬بينما هي تَ َلعق ّ‬
‫اجلزة البيضاء بلساّنا‬
‫واحلظرية احملميّة جيّداً واآلمنة ِمن الرايح؛ واملهاد الناعم واملعطَّر‪ ،‬حيث كان يطيب له النوم قرب ّأمه‪.‬‬

‫جعله َملِكاً‪".‬‬
‫َ‬ ‫َ‬‫فلن‬ ‫بسيط‪.‬‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬
‫ُّ‬‫س‬ ‫وال‬ ‫لديه‬ ‫الح‬‫س‬‫"سهل إرضاؤه‪ .‬ال ِ‬
‫َ‬
‫وج َعلَته ال َـملِك‪ .‬وكانت تتفاخر به كونه َجيالً وطيّباً‪ ،‬تُق ِّدره َّ‬
‫الرعااي‪َُ ،‬مبوب ِمن َمرؤوسيه بسبب‬ ‫َ‬
‫الصابرة‪.‬‬
‫وداعته َّ‬

‫حت اآلن‬
‫احلقيقي‪ .‬لقد أصبَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َمَّر الوقت‪ ،‬وأصبَ َح احلَ َمل َخروفاً‪ ،‬وقال‪" :‬حان اآلن وقت احلُكم‬
‫ومهميت‪ .‬وإرادة هللا هي اليت َمسَ َحت أبن أُنتَ َخب َملِكاً‪ ،‬وقد أ ََّهلَتين هلذه الرسالة‬
‫أعي متاماً رساليت َّ‬
‫حّت ِمن أجل عدم‬ ‫ِ‬ ‫ماحنة إايي الـم ِ‬
‫قدرة على ِ‬
‫السيادة‪ .‬فَ ِ‬ ‫املهمة‪ِ ،‬‬
‫اتم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بشكل‬ ‫سها‬‫ر‬ ‫ُما‬‫أ‬ ‫أن‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫إذ‬ ‫العدل‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫إِهال ِهبات هللا ونِ َعمه"‪.‬‬

‫السلوك‪ ،‬أو للمحبّة أو الوداعة أو‬ ‫ولدى رؤيته أفراداً كانت تقوم أبمور ُُمالِفة للنَّـزاهة يف ُّ‬
‫اإلخالص‪ ،‬للقناعة أو الطاعة أو االحرتام أو احلَ َذر‪ ،‬وهكذا دواليك‪َ ،‬رفَع صوته لِيُؤنِّبها‪.‬‬

‫َس ِخَر األفراد ِمن ثُغائِه احلكيم والوديع‪ ،‬الذي مل يكن لِيُسبِّب اخلوف مثل زَمرة السنّورايت‪ ،‬وال‬
‫حّت كنباح الكلّب الذي يوحي‬ ‫تنقض على فريستها‪ ،‬وال كفحيح األفعى‪ ،‬وال ّ‬ ‫كصياح اجلوارح عندما ّ‬
‫ابلرهبة‪.‬‬
‫َّ‬
‫ف احلَ َمل الذي أصبَ َح َخروفاً ابلثُّغاء‪ ،‬ولكنّه َمضى إىل ال ُـمذنِبني يعيدهم إىل ممارسة‬ ‫مل يكتَ ِ‬
‫َ‬
‫لكن احليّة َز َح َفت بني قوائمه‪ ،‬وارتَـ َفع النسر يف األجواء اتركاً ّإايه على األرض‪ ،‬والسنّورايت‪،‬‬
‫واجبهم‪ .‬و ّ‬
‫اليت اكتفت اآلن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دحر َجته ُمه ّددة ّإايه‪" :‬هل تَرى ما يف قوائمنا امللبَّدة ّ‬
‫وبضربة من قوائمها امللبَّ َدة‪َ ،‬‬
‫َخ َذت َّتري َخبَباً َحوله‪،‬‬ ‫بدحرجتك؟ فيها املخالب"‪ .‬واجلِ‬
‫كل احليواانت اليت ّتري بشكل عام‪ ،‬أ َ‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫ياد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وصفي َقات (مسيكات) اجللد األُخرى‪َ ،‬رَمت به هنا وهناك بِ َ‬
‫ضربة‬ ‫كالسفيه‪ .‬والفيَلة َ‬
‫جاعلة ّإايه يدور َّ‬
‫ِمن خرطومها أو فمها‪ ،‬بينما كانت النَّسانيس ترميه ابملقاذيف ِمن فوق األشجار‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 173 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يف ّناية املطاف‪ ،‬قَلِ َق احلَ َمل الذي أصبَ َح خروفاً وقال‪" :‬مل أكن أبغي استعمال قُروين وال قُـ َّويت‪،‬‬
‫فأان كذلك يل قُـ َّوة يف عُنقي يُعتَ ّد هبا يف تدمري العوائق يف زمن احلرب‪ .‬مل أكن أبغي استخدامها‪ ،‬ألنّين‬
‫هاَجتموين هبذه األسلحة‪ ،‬فها أان ذا أست ِ‬
‫خدم‬ ‫َ‬ ‫ب واإلقناع‪ ،‬ولكن‪ ،‬مبا أنّكم َ ُ‬ ‫أود استخدام احلُ ّ‬‫كنت ُّ‬
‫ُ‬
‫صرمت بواجبكم ّتاهي وّتاه هللا‪ ،‬فأان ال أبغي التقصري بواجيب ّتاه هللا وّتاهكم‪.‬‬ ‫قُـ َّويت‪ ،‬ألنّكم إذا ما قَ َّ‬
‫ومن قِبَل هللا‪ ،‬ألقودكم إىل العدل واالستقامة وإىل اخلري‪ .‬وأريد‬ ‫لقد جعِلت يف هذا املوقع من قِبلِ ُكم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫أن يسود هنا العدل واخلري‪ ،‬أي النظام"‪.‬‬

‫خد َم قرونه بشكل خفيف‪ ،‬ألنّه كان‬ ‫استمر يف مضايقة جريانه‪ ،‬استَ َ‬
‫ملعاقبة َسفيه عنيد‪ ،‬كان قد َّ‬
‫وبقوة عُنقه‪َ ،‬حطَّم ابب كوخ‪ ،‬كان خنـزير َّنِم وأانينّ قد َخَّزن فيه املؤونة على حساب‬
‫طيّباً‪ُُ ،‬ثّ‪ّ ،‬‬
‫عرشات اختاره قِردان ِ‬
‫فاسقان ملمارسة عالقاهتما غري املشروعة‪.‬‬ ‫وحطَّم كذلك َدغل ُم ِّ‬
‫اآلخرين‪َ ،‬‬
‫«لقد أَصبَ َح هذا ال َـملِك ذا سطوة كبرية‪ .‬وهو يريد أن يَسود ح ّقاً‪ .‬يريد أن يَف ِرض علينا أن‬
‫عقل)‪ .‬وهذا ال ي ِ‬
‫رضينا‪ُ .‬يب َخلعه عن العرش"‪ .‬و َّاُتَ َذت احليواانت قرارها‪.‬‬‫ُ‬ ‫نَعيش ابتِّزان (تَ ُّ‬

‫وسبب‬ ‫ِ‬
‫نفعلن ذلك ّإال ابالستناد إىل َذريعة ُم َّربرة َ‬
‫ص َحها‪" :‬ولكن ال ّ‬ ‫لكن قرداً صغرياً ماكراً نَ َ‬
‫و ّ‬
‫للح َمل الذي أَصبَ َح‬
‫رتصد َ‬ ‫وإال فَ َسنَبدو أمام الرعااي ُدون ال ُـمستوى‪ ،‬ونكون َممقوتني ِمن هللا‪ .‬فلنَ َّ‬
‫َوجيه‪ّ .‬‬
‫ِ‬ ‫خروفاً يف كل أعماله حّت َّ ِ‬
‫العدل"‪.‬‬‫نتمكن منه‪ ،‬فَنتَّ ِهمه حتت أحد َمظاهر َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صد له‪ ".‬تقول األفعى‪.‬‬
‫أتر َّ‬
‫"أان سوف َ‬
‫"وأان كذلك‪ ".‬يقول النسناس‪.‬‬

‫َخر‪ِ ،‬من أعلى األشجار‪ ،‬يُ ِبقيان نَظََرِها على احلَ َمل‬
‫زحف بني العشب‪ ،‬واأل َ‬‫واألُوىل‪ ،‬وهي تَ َ‬
‫املهمة‪ ،‬ويُف ِّكر ابملقاييس‬
‫ّ‬ ‫مشاق‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الذي أصبح خروفاً‪ .‬ويف كل مساء‪ ،‬عندما كان أيوي لرياتح ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ََ َ‬
‫الواجب تطبيقها‪ ،‬والكلّمات الواجب استخدامها لتهدئة اهلَيجان والتغلُّب على خطااي مرؤوسيه‪ ،‬كان‬
‫وسني واخلونة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اجلاس َ‬
‫أولئك‪ ،‬عدا بعض النَّـزيهني األوفياء القليلني‪َُ ،‬يتَمعون لالستماع إىل تقرير ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 174 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أل ّن هذا ما كانت عليه تلك احليواانت‪.‬‬

‫أود لو أستطيع‬
‫يهاَجك‪ُّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أيت َمن‬
‫ر‬ ‫وإذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫أحب‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫"أتبعك‬
‫َ‬ ‫ها‪:‬‬‫ك‬‫فاألفعى كانت تقول لِملِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عنك"‪.‬‬
‫الدفاع َ‬
‫مساعدتك‪ .‬انظر‪ :‬أرى ِمن هنا أ ّن وراء احلقل َمن‬
‫َ‬ ‫أود‬
‫رك! ُّ‬‫وكان النسناس يقول له‪َ " :‬كم أُق ِّد َ‬
‫شارَك اليوم كذلك يف وليمة بَعض اخلَطَأَة‪.‬‬ ‫"لقد‬ ‫رفاقه‪:‬‬‫يرتكب خطيئة‪ .‬اركض!" وكان يقول بعد ذلك لِ‬
‫َ‬
‫(خطأهم)"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاهَر أبنّه مضى من أجل هدايتهم‪ ،‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬كان يف احلقيقة شريكاً هلم يف قُصوفهم َ‬ ‫تَ َ‬
‫وجاءت إفادة األفعى‪" :‬لقد مضى خارج حدود شعبه‪ ،‬م ِ‬
‫عاشراً الفراشات و ُّ‬
‫الذابابت والبَـَّزاقات‬ ‫ُ‬
‫اللَّ ِزجة‪ .‬إنّه كافِر‪ .‬يُقيم عالقات مع َِجنسني غرابء"‪.‬‬

‫حبق الربيء‪ُ ،‬م ِّ‬


‫تصورة أنّه َمل يَ ُكن يَعرف شيئاً‪.‬‬ ‫هكذا كانت احليواانت تتكلّم ّ‬
‫للمهمة‪ ،‬كان يُنريهُ كذلك حول مؤامرات مرؤوسيه‪ .‬كان إبمكانه‬
‫الرب كان قد هيَّأه ّ‬ ‫لكن روح ّ‬ ‫و ّ‬
‫ُيب‪ .‬وكان اخلطأ يف أنّه‬ ‫ِ‬
‫لكن احلَ َمل كان وديعاً ومتواضع القلب‪ .‬كان ّ‬
‫اهلَرب‪ ،‬ساخطاً‪ ،‬وهو يَ َلع ُنهم‪ .‬و ّ‬
‫لتتم مشيئة هللا‪.‬‬
‫مهمته‪ ،‬وكان الثمن حياته ّ‬
‫احلب والغفران يف ّ‬
‫َحب‪ ،‬واخلطأ األكرب‪ ،‬يف إصراره على ّ‬ ‫أ َّ‬
‫استوجبَت احلُكم عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫آه! اي هلا ِمن أخطاء ّتاه الناس! ال تُغتَفر! كانت أخطاء‬

‫"فليُقتَل! لِ َّ‬
‫نتحرر ِمن استبداده"‪.‬‬

‫َخ َذت األفعى على عاتِقها أن تقتله‪ ،‬أل ّن األفعى هي رمز اخليانة على الدوام…‬
‫وأ َ‬
‫احلب الذي يربطين‬
‫فهموه! ّأما أان‪ ،‬فبسبب ّ‬ ‫هذا هو ال َـمثَل الثاين‪ .‬ولكم اي أهل الناصرة أن تَ َ‬
‫حب األرض‬‫إن ّ‬ ‫العداء فقط‪ ،‬و ّأال تذهبوا إىل أبعد ِمن ذلك‪َّ .‬‬
‫احلب‪ ،‬أو أقلَّه يف َ‬
‫أمتىن لو تَبقون يف ّ‬‫بكم‪ّ ،‬‬
‫حبب‪ُ ،‬يعلين أقول لكم‪" :‬ال تكونوا‬ ‫ِ‬
‫احلب ّ‬‫ت عليها‪ ،‬وأان أابدلكم ّ‬ ‫اليت جئتُها طفالً صغرياً‪ ،‬واليت َك ُرب ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 175 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتصرفوا بشكل ُيعل التاريخ يقول‪ِ ‘‘ :‬من الناصرة أتى اخلائن الذي َسلَّ َمه وكذلك‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ني‪.‬‬‫ّ‬‫دائي‬ ‫أكثر ِمن ِ‬
‫ع‬
‫قُضاته الظَّالِمون’’‪".‬‬

‫األول‪ ،‬ابلنسبة إليكم‬


‫وداعاً‪ .‬كونوا مستقيمني يف أحكامكم‪ ،‬واثبتني يف إرادتكم‪ .‬هذا يف املقام ّ‬
‫َجيعاً اي أبناء بلديت‪ .‬والثاين للذين منكم تع ِّكرهم أفكار غري نزيهة‪ .‬أان ٍ‬
‫ماض‪ ...‬السالم معكم‪»...‬‬

‫ويسوع‪ ،‬وسط صمت مض ٍن‪ ،‬يَقطَعه فقط صواتن أو ثالثة يُِقّرون ذلك‪َ ،‬خي ُرج حزيناً‪ ،‬خافِضاً‬
‫رأسه‪ِ ،‬من َممع الناصرة‪ ،‬يتبعه ُّ‬
‫الر ُسل‪.‬‬

‫صف واحد‪ ،‬وعيوّنم ليست ابلتأكيد عيون َمحَل وديع‪ ...‬يَنظُرون بِ َ‬


‫صرامة إىل‬ ‫أوالد حلفا على ّ‬
‫كنت‬ ‫ِ‬
‫يرتدد يوضاس ت ّداوس يف الوقوف ُمنتَصباً يف وجه أخيه مسعان ليقول له‪ُ « :‬‬ ‫العدائي‪ .‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫اجلَّمع‬
‫أظن أ ّن يل أخاً أكثر نزاهة‪ ،‬ويتمتّع بشخصيّة أقوى‪».‬‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫شجعه اآلخرون الذين ِمن الناصرة‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫لكن األخ اآلخر‪ ،‬يُ ّ‬
‫َخيفض مسعان رأسه ويصمت‪ ،‬و ّ‬
‫ُتجل ِمن إهانة َ‬
‫أخيك البِكر؟!»‬ ‫«أال َ‬
‫وحسب‪ ،‬بل هي‪ ،‬ابلنسبة إىل‬ ‫«ال‪ ،‬بل أخجل منكم‪ ،‬منكم َجيعاً‪ .‬فالناصرة ليست زوجة أب َ‬
‫يسوع‪ ،‬زوجة أب سيّئة األخالق‪ .‬مع ذلك امسعوا نبوءَيت‪ :‬سوف تَذرفون الدموع‪ ،‬بشكل يكفي لتغذية‬
‫احلقيقي هلذه البلدة‪ ،‬بلدتكم‪ .‬هل تَعرفون‬
‫ّ‬ ‫نَبع‪ ،‬ولكنّها لن تكون كافية لتمحو ِمن ُكتُب التاريخ االسم‬
‫"محاقة"‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫أي اسم؟ َ‬
‫ّ‬
‫وخي ُرجون مع حلفا بن سارة وشابّني‪ ،‬وإن‬‫يُضيف يعقوب حتيّة أكرب ُمتمنّياً هلم نور احلِكمة‪َ ،‬‬
‫املستخد َمة يف الذهاب للقاء حنّة اليت لقوزى‬
‫َ‬ ‫فإّنما اللَّذان رافَـ َقا احلمري‬
‫كنت ال أعرفهما جيّداً‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫احملتضرة‪.‬‬

‫واجلَّمع الذي بَِق َي مذهوالً يُهم ِهم‪« :‬ما هذه احلكمة اليت أوتِيها؟»‬

‫كل فلسطنب تتح ّدث عنها‪».‬‬ ‫عليها؟‬ ‫القدرة‬ ‫له‬ ‫أين‬ ‫ن‬‫م‬‫«واملعجزات اليت ّتري على يديه‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 176 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أليس هو ابن يوسف النجار؟ وقد رأيناه َجيعنا يف مشغله يف الناصرة يصنع الطاوالت واأل ِ‬
‫َسَّرة‪،‬‬ ‫َ ُ‬
‫ط‪ ،‬فأ ُّمه وحدها كانت معلّمته‪».‬‬
‫ذهب إىل املدرسة ق ّ‬ ‫ي‬ ‫مل‬
‫َ‬‫و‬ ‫اليج‪.‬‬
‫ز‬ ‫امل‬
‫و‬ ‫العجالت‬ ‫ح‬‫ويصلِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫«وهذا أيضاً فضيحة‪ ،‬وقد انتَـ َق َده أيب‪ ».‬يقول يوسف بن حلفا‪.‬‬

‫إخوتك أيضاً أَّنوا املدرسة مع مرمي اليت لِيوسف‪».‬‬


‫َ‬ ‫لكن‬
‫«و ّ‬
‫«هيه! لقد كان أيب ضعيفاً أمام زوجته‪ُُ »...‬ييب يوسف أيضاً‪.‬‬

‫«أَفَأَخو َ‬
‫أبيك كذلك‪ ،‬إذن؟»‬

‫«كذلك‪».‬‬

‫«ولكن هل هو ح ّقاً ابن النجار؟»‬

‫«أال تراه؟»‬

‫«آه! كثريون يتشاهبون! أظنُّه يَنتَ ِحل شخصيّته‪».‬‬

‫«إذاً أين يسوع بن يوسف؟»‬

‫تظن أ ّن أ ُّمه ال تعرفه؟»‬


‫«هل ّ‬
‫« َّ‬
‫إن َجيع إخوته وأخواته هنا‪ ،‬وَجيعهم يَدعُونه ابلقريب‪ .‬أليس كذلك‪ ،‬وأنتما؟»‬

‫يشري ابنا حلفا ابإلُياب‪.‬‬

‫صدر عن جنّار‪».‬‬
‫حوذاً عليه‪ ،‬ذلك أ ّن ما يقوله ال يَ ُ‬
‫«إذاً فقد أصبَ َح َمنوانً أو ُمستَ َ‬
‫«ُيب عدم اإلنصات إليه‪ .‬فَ َمذهبه املزعوم َه َذاين أو استحواذ‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 177 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتوقّف يسوع يف الساحة يَنتَ ِظر حلفا بن سارة الذي يتح ّدث إىل أحد الرجال‪ .‬وبينما هو‬
‫يَنتَ ِظر‪ ،‬يَن ُقل إليه أحد حا ِر َس ّي احلمري اللذين بقيا عند ابب اجملمع‪ ،‬الوشاايت اليت قِيلَت هناك‪.‬‬

‫غيب لدرجة االعتقاد أبنّه‪ ،‬كي يكون املرء‬


‫لنيب يف وطنه ويف بيته‪ .‬اإلنسان ّ‬‫«ال َحتَزن‪ ،‬فال كرامة ّ‬
‫نبيّاً‪ُ ،‬يب أن يكون ِمن كائنات غريبة عن احلياة‪ .‬وأبناء البلدة وأفراد العائلة يَعرفون أكثر من اجلميع‪،‬‬
‫يك‪ .‬السالم‬
‫احلق‪ .‬اآلن أحيّ َ‬ ‫ِ‬
‫ويتذ ّكرون الشخصيّة اإلنسانيّة البن بلدهتم وقرابتهم‪ ،‬إّّنا يف النهاية يَنتَصر ّ‬
‫معك‪».‬‬
‫َ‬
‫لشفائك أ ُّمي‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك اي معلّم‬
‫«شكراً َ‬
‫رفت أن تؤمن‪ .‬سلطاين هنا عاجز‪ ،‬ألنّه ال إميان‪ .‬هيّا بنا اي‬
‫ك َع َ‬
‫تستحق ذلك‪ ،‬ألنّ َ‬
‫ّ‬ ‫كنت‬
‫« َ‬
‫نرحل مع الفجر‪».‬‬
‫أصدقاء‪ .‬غداً َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 178 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -110‬األُ ّم تُعلِّم مرمي اجملدليّة)‬

‫‪1945 / 08 / 08‬‬

‫«أين ستكون ُمطّتنا اي سيّد؟» يَسأَل يعقوب بن زبدى‪ ،‬بينما هم يَسريون يف فَ ّج بني رابيتني‬
‫القمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حّت ّ‬
‫جملهما‪ ،‬ويكسوِها االخضرار من األسفل ّ‬ ‫مزروعتني مبُ َ‬
‫«يف بيت حلم‪ ،‬يف أثناء ال َقيظ‪ ،‬سنتوقّف على اجلبل املشرف على مرياال ‪ .Merala‬وهكذا‬
‫مرة اثنية‪ ».‬يبتسم يسوع ويُضيف‪« :‬كان إبمكاننا‪ ،‬حنن الرجال‪ ،‬قطع مسافة‬ ‫أخوك برؤية البحر ّ‬
‫سعد َ‬ ‫يَ َ‬
‫ط‪ ،‬إّّنا علينا ّأال نُتعِبه َّن أكثر‪».‬‬
‫أطول‪ ،‬إّّنا معنا النساء التلميذات اللوايت ال يشتكني قَ ّ‬

‫قر برتلماوس‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ط‪ ،‬صحيح‪ .‬بينما حنن نشتكي بيُسر أكثر‪ ».‬يُ ّ‬
‫«ال يَشتَكني قَ ّ‬

‫عوداً على ِمثل هذه احلياة‪ »...‬يقول بطرس‪.‬‬


‫أقل منا تَ ُّ‬
‫«مع ّأّن ّن ّ‬
‫قيامهن بذلك عن ِطيب خاطر‪ ».‬يقول توما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«قد يكون هذا هو سبب‬

‫احلب‪ ،‬يفعلن ذلك عن ِطيب خاطر‪ .‬ثِق متاماً أ ّن أ ُّمي وكذلك َرَّابت‬ ‫«ال اي توما‪ ،‬بل بسبب ّ‬
‫بيوهتن بدافع اللَّهو‪ ،‬ليأتني َع ْرب‬ ‫ِ‬
‫البيوت األُخرايت‪ ،‬مثل مرمي اليت حللفا وصالومي وسوسنة‪ ،‬ال يرتكن ّ‬
‫فإّنما‬‫تتعودا على التعب‪ّ ،‬‬ ‫ُخراين‪ ،‬اللَّتان مل َّ‬
‫طُُرق العامل ووسط الناس‪ .‬ومرات وحنّة‪ ،‬عندما أتتيان ُِها األ َ‬
‫عهما‪ .‬أ َّما خبصوص مرمي اجملدليّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلب هو الذي يَدفَ ُ‬
‫ال تفعالن ذلك عن طيب خاطر‪ ،‬لو َمل يَ ُكن ّ‬
‫حمل ذلك العذاب‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫القوة لِتَ ُّ‬
‫نحها ّ‬
‫احلب اجلبّار ميكنه َم َ‬
‫فوحده ّ‬
‫يوطي‪« .‬فهذا ليس‬
‫كنت تَعلَم أنّه عذاب؟» يَسأَل االسخر ّ‬
‫ضت عليها ذلك إذن‪ ،‬إن َ‬ ‫«ملاذا فَـَر َ‬
‫ابألمر احلَ َسن ابلنسبة هلا وال ابلنسبة لنا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 179 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ألي شيء أن يتم ّكن ِمن إقناع العامل سوى االختبار الذي يُظ ِهر تبدُّهلا بشكل ال يَ َدع‬
‫« َمل يكن ّ‬
‫اتم‪».‬‬
‫اتماً‪ .‬إنّه ّ‬‫للشك‪ .‬ومرمي تريد إقناع العامل بذلك‪ .‬فانقطاعها عن املاضي كان ّ‬
‫َماالً ّ‬
‫يتعود املرء على ّنط ِمن احلياة‪ ،‬فَ ِمن الصعب‬
‫«سوف نـََرى‪ .‬الكالم عنه مب ّكر اآلن‪ .‬عندما ّ‬
‫يوطي‪.‬‬‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يقول‬ ‫»‬‫إليه‪.‬‬ ‫نا‬‫الصداقات واحلنني يعيدانِ‬
‫االنعتاق منه متاماً‪َّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مّت‪.‬‬
‫حياتك السابقة؟» يَسأَل ّ‬
‫َ‬ ‫حتن إىل‬
‫فأنت ُّ‬
‫«إذن‪َ ،‬‬
‫ُيب املعلّم و‪ ...‬اخلالصة‪ ،‬أَمتَلِك يف ذايت‬ ‫كالمي‪ .‬إنّين أان‪ :‬رجل ّ‬ ‫ّ‬ ‫«أان‪ ...‬ال‪ .‬ولكنّه أسلوب‬
‫فإّنا امرأة‪ ،‬وأيَّة امرأة! ُُثّ‪،‬‬
‫مت عليه‪ .‬أ َّما هي‪ّ ،‬‬
‫عناصر تساعدين على البقاء وفيّاً ملشروعي‪ ،‬وفيّاً ملا َعَز ُ‬
‫حسن كثرياً‪ .‬إن كان علينا لِقاء احلاخامني وال َك َهنَة‬
‫حّت ولو مل يَن َقصها احلَزم‪ ،‬فوجودها معنا غري ُمستَ َ‬
‫ّ‬
‫الفريسيّني َذوي السلطان‪ ،‬فَثِقوا متاماً أ ّن تعليقهم لن يكون ُمستحبَّاً‪ .‬أَمحَُّر ُمسبقاً لدى التفكري‬‫أو ّ‬
‫بذلك‪».‬‬

‫تود القول‪ ،‬فلماذا تتأ ّمل‬


‫حبق‪ ،‬كما ُّ‬ ‫«ال تُناقِ‬
‫ت اجلسور مع املاضي ّ‬‫طع َ‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫إذا‬ ‫يهوذا‪.‬‬ ‫اي‬ ‫ذاتك‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫كثرياً لكون نـَ ْفس مسكينة تتبعنا لِتُتِ َّم تبدُّهلا يف اخلري؟»‬

‫ّتاهك‪».‬‬ ‫احلب‬ ‫ِ‬


‫َ‬ ‫كل شيء بدافع ّ‬
‫احلب‪ ،‬اي معلّم‪ .‬فأان كذلك أفعل ّ‬
‫«ولكن‪ ،‬من قَبيل ّ‬
‫فاحلب‪ ،‬كي يكون حبّاً ح ّقاً‪ُ ،‬يب ّأال يكون ُمصوراً‪ .‬عندما ال‬ ‫احلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫«إذن‪ ،‬فأتقن هذا ّ‬
‫حّت ولو كان ُمبوابً ِمن ذاك‬‫أي شيء آخر‪ّ ،‬‬ ‫ُيب ّ‬‫ُيب ّإال شيئاً واحداً‪ .‬وال يَعرف أن ّ‬
‫يَعرف املرء أن ّ‬
‫َّرجات اليت تَفرض‬ ‫ُيب‪ ،‬ابلد َ‬
‫فاحلب الكامل ّ‬‫ّ‬ ‫احلقيقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ابحلب‬
‫ّ‬ ‫ظهر أنّه ليس‬
‫الشيء موضوع حبّه‪ ،‬يَ َ‬
‫كل شيء يف هللا‪.‬‬ ‫حّت احليواانت والنبااتت‪ ،‬النجوم واملياه‪ ،‬ألنّه يَرى ّ‬‫البشري‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬ ‫كل النوع‬
‫ذاهتا‪ّ ،‬‬
‫حب اآلخرين‬ ‫إىل‬ ‫ل‬ ‫تتوص‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫إذ‬ ‫اعرف‬ ‫ة‪.‬‬ ‫األانني‬ ‫ن‬ ‫املخصص هو يف األغلب نوع ِ‬
‫م‬ ‫احلب‬ ‫َِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫احرتس‪ ،‬فإ ّن ّ‬
‫للحب‪».‬‬
‫ّ‬ ‫كذلك‬

‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 180 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يف تلك األثناء‪ ،‬تتق ّدم مرمي‪ ،‬موضوع النقاش‪ِ ،‬من النساء األخرايت‪ ،‬إىل جانب مرمي األ ُّم ال ُكلّيّة‬
‫القداسة‪.‬‬

‫وّتَ َاوزوا َّت ُّمع جافيا ‪ Jafia‬دون أن يُبدي أحد ِمن الس ّكان الرغبة يف اتِّباع‬
‫اجتازوا َ‬
‫صلوا‪ُ ،‬‬
‫َو َ‬
‫وُيا ِول يسوع‬‫الر ُسل قَلِقون ِمن الالمباالة يف هذا الشأن‪ُ ،‬‬
‫التمسك به‪ .‬يُتابِعون السري‪ُّ ،‬‬‫املعلّم‪ ،‬أو ّ‬
‫هتدئتهم‪.‬‬

‫ميت ّد الوادي غرابً‪ ،‬وتُـَرى‪ ،‬عند طََرفه‪ ،‬بلدة أخرى متت ّد عند أسفل جبل آخر‪.‬‬

‫عهم يُطلِقون عليها اسم مريااب‪ ،‬ال مبالية‪ .‬أطفال فقط يَدنُون ِمن‬ ‫تلك البلدة كذلك‪ ،‬اليت أَمسَ ُ‬
‫الرسل‪ ،‬بينما هم أيخذون املاء ِمن نبع صاف جبانب أحد البيوت‪ .‬ي ِ‬
‫الطفهم يسوع سائالً ّإايهم عن‬ ‫ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ُّ ُ‬
‫تسول ِشبه‬
‫عمل‪ .‬يدنو كذلك ُم ِّ‬ ‫ومن يكون‪ ،‬وأين َميضي وماذا يَ َ‬ ‫أمسائهم‪ ،‬ويَسأَل األوالد عن امسه َ‬
‫صل عليها ابلفعل‪.‬‬ ‫وُي َ‬ ‫أعمى‪ ،‬عجوز‪ ،‬حاين الظَّهر‪ ،‬ومي ّد يده طالباً َ‬
‫ص َدقَة‪َ ،‬‬

‫حتولَت‬‫تصب فيه مياه جداوهلا الصغرية‪ ،‬اليت َّ‬ ‫يُعا ِودون املسري صاعدين رابية تس ّد الوادي الذي ّ‬
‫لكن الطريق جيّدة‪ ،‬يف البداية هي مفتوحة وسط‬ ‫أحرقَتها الشمس‪ ،‬و ّ‬
‫اآلن إىل خيط ماء‪ ،‬أو حجارة َ‬
‫القمة‬ ‫غون‬‫ُ‬‫ل‬ ‫ب‬‫ي‬ ‫يق‪.‬‬
‫ر‬ ‫الط‬ ‫فوق‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ضوض‬ ‫ُم‬
‫ُ‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫اق‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫لة‬‫ك‬‫غابة زيتون‪ُُ ،‬ث أشجار أُخرى تتشابك أغصاّنا مش ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وُيلسون هناك لالسرتاحة وتناول‬ ‫سمع حفيف أوراقها‪ ،‬غابة دردار‪ ،‬إذا مل أكن ُمطئة‪َ .‬‬ ‫املكلَّلة بغابة يُ َ‬
‫الطعام‪ .‬ومع االسرتاحة والطعام يتمتّعون مبنظَر َخالّب‪ ،‬فالبانوراما رائعة مع سلسلة جبال الكرمل إىل‬
‫تدرجات اللون‬ ‫ِ‬
‫كل ّ‬‫اليسار‪ ،‬عند النَّظَر إىل الغرب‪ّ .‬إّنا سلسلة كثرية االخضرار‪ ،‬حيث يكتَشف املرء ّ‬
‫حتركه أمواج‬
‫األخضر األكثر َجاالً‪ .‬وتنتهي هناك عند البحر الذي يتألأل ممت ّداً بال حدود‪ ،‬متدثّراً حلافاً ّ‬
‫تستحم به الشواطئ اليت ِمن طََرف الرأس املتش ِّكل ِمن سلسلة جبال سانِ َدة‬ ‫ّ‬ ‫خفيفة‪ ،‬صوب الشمال‪.‬‬
‫ابّتاه بطوملايس واملدن األخرى‪ ،‬لِتَضيع أخرياً يف الضَّباب‪ِ ،‬جهة فينيقية‪-‬سورية‪.‬‬ ‫صعد ّ‬ ‫للكرمل‪ ،‬تَ َ‬
‫ابملقابل‪ ،‬ال يُرى البحر إىل اجلنوب ِمن رأس الكرمل‪ ،‬ذلك أ ّن السلسلة األعلى ِمن الروايب‪ ،‬يف ذلك‬
‫االّتاه‪َ ،‬حتجبه‪.‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 181 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اهلادر للغابة جيّدة التهوية‪ .‬يَنام البعض‪ ،‬يتح ّدث آخرون بصوت‬ ‫َمتضي الساعات يف الظل ِ‬
‫ّ‬
‫خافِت‪ ،‬وآخرون يَنظُرون‪ .‬يبتعد يوحنّا عن رفاقه صاعداً إىل أعلى نقطة ممكنة‪ ،‬لَِريى بشكل أفضل‪.‬‬
‫بدورهن‪ ،‬ينسحنب خلف ستار ُمتما ِوج ِمن‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫يَ َنع ِزل يسوع يف مكان مغطّى ليُصلّي ّ‬
‫ويتأمل‪ .‬والنساء‪،‬‬
‫شجرية لِزهر العسل ُم ِزهرة‪ .‬هناك يرتطّنب يف نبع صغري حتول إىل خيط ماء‪ ،‬وهو يُش ِّكل على األرض‬
‫منهن تَعِبات‪ ،‬بينما تتح ّدث مرمي ال ُكلّيّة القداسة مع‬‫ُمستنقعاً ال يَرقى إىل َجدول‪ُ .‬ثّ تنام األكرب سنّاً ّ‬
‫تود لو َحتصل على هذا الدَّغل ال ُـم ِزهر لتزيِّن به مغارهتا‬
‫بيوهتن البعيدة‪ ،‬وتقول مرمي إ ّّنا ّ‬
‫مرات وسوسنة عن ّ‬
‫الصغرية‪.‬‬

‫مرمي اجملدليّة‪ ،‬اليت َحلَّت شعرها‪ ،‬أصبَ َحت غري قادرة على َحت ُّمل ثِقله‪َّ ،‬ت َمعه ِمن جديد وتقول‪:‬‬
‫انضم إليه مسعان‪ِ ،‬ألَنظُر إىل البحر معهما‪».‬‬
‫«أمضي إىل يوحنّا‪ ،‬اآلن وقد ّ‬
‫«أمضي أان كذلك ِ‬
‫معك‪ّ ».‬تيب مرمي ال ُكلّيّة القداسة‪.‬‬

‫وتبقى مرات وسوسنة إىل جانب رفيقاهتما النائمات‪.‬‬

‫انعَزَل فيه يسوع لِيُصلّي‪.‬‬ ‫لِلَّحاق َّ‬


‫ابلرسولَني ال ب ّد من املرور جبانب الدَّغل الذي َ‬
‫«ابين َُِيد راحته يف الصالة‪ ».‬تقول مرمي هبدوء‪.‬‬

‫أظن أنّه ال ب ّد له ِمن اخللوة للحفاظ على سيادته الرائعة اليت يَضعها العامل‬
‫ُّتيبها مرمي اجملدليّة‪ّ « :‬‬
‫كل ليلة زمناً‪ ،‬يطول أو‬ ‫ِ‬
‫عملت حبسب قولك يل‪ ،‬أَختَلي ّ‬ ‫ُ‬ ‫صعب‪ .‬هل تَعلَمني اي أ ُّماه؟ لقد‬ ‫ُمك َ‬
‫على ّ‬
‫ب بسبب أمور كثرية‪ .‬وبعد ذلك أَشعُر بنفسي أقوى كثرياً‪».‬‬ ‫ِ‬
‫يَقصر‪ ،‬ألُعيد إىل ذايت اهلدوء الذي اضطََر َ‬
‫«اآلن أقوى‪ّ ،‬أما فيما بعد فستشعرين ابلسعادة‪ .‬ثِقي بذلك أيضاً اي مرمي‪ :‬يف الفرح كما يف‬
‫التأمل لِيُعيد بناء ما َحطَّ َمه‬
‫األمل‪ ،‬يف السالم كما يف املعركة‪ُ ،‬يتاج روحنا ألن يَغوص أبكمله يف ُميط ّ‬
‫وخللق قُوى جديدة لالرتقاء والسمو ابستمرار‪ .‬يف إسرائيل نَست ِ‬
‫خدم‪ ،‬ونُف ِرط يف‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫العامل وتقلُّبات احلياة‪َ ،‬‬
‫الصالة الشفويّة‪ .‬ال أريد القول ّإّنا بِال جدوى وغري مقبولة لدى هللا‪ .‬ولكنّين‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬
‫استعمال‪َّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 182 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بتأملنا يف‬
‫التأمل الذي‪ ،‬من خالله‪ُّ ،‬‬
‫أقول إ ّن ما هو أكثر فائدة للروح هو االرتقاء الوجداينّ حنو هللا‪ُّ ،‬‬
‫فهمها‪،‬‬ ‫للحنو عليها وتَ ُّ‬
‫اإلهلي وشقائنا‪ ،‬أو شقاء نفوس مسكينة كثرية‪ ،‬ليس النتقادها‪ ،‬بل إّّنا ّ‬ ‫كماله ّ‬
‫نتوصل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب الذي محاان فَ َمنَـ َعنا من ارتكاب اخلطيئة‪ ،‬أو َغ َفر لنا كي ال يُبقينا على األرض‪ّ ،‬‬
‫ول ُشكر ّ‬
‫الصالة‪ ،‬كي تكون حقيقة ما‪ ،‬ينبغي أن تكون حبّاً؛ و ّإال‬ ‫احلب‪ .‬أل ّن َّ‬‫إىل الصالة احلقيقيّة‪ ،‬أي إىل ّ‬
‫أصبَ َحت حتريك ِشفاه تَغيب عنها النَّـ ْفس‪».‬‬

‫«ولكن هل مسموح التح ّدث إىل هللا‪ ،‬عندما تكون ِّ‬


‫الشفاه قد َجنَّ َستها كلّمات كثرية؟ فأان‪ ،‬يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يود أن يقول‬
‫العذب‪ ،‬أقسو على قليب الذي ّ‬ ‫ساعات خلويت اليت أقضيها كما َعلَّمتين‪ ،‬أنت‪ ،‬اي رسويل َ‬
‫ك"‪»...‬‬ ‫هلل‪" :‬أحبّ َ‬
‫«ال‪ .‬ملاذا؟»‬

‫«ألنّين‪ ،‬وأان أُق ِّدم قليب‪ ،‬يبدو يل أنّين أُق ِّدم قرابانً مدنَّساً‪»...‬‬

‫كل شيء‪ ،‬قد أُعيد تكريسه بغُفران االبن‪،‬‬ ‫ِ‬


‫«ال تفعلي ذلك اي ابنيت‪ ،‬ال تفعليه‪ .‬فقلبك‪ ،‬قبل ّ‬
‫كنت ِ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫لك بعد‪ ،‬وإذا ِ‬ ‫واآلب ال يرى ِسوى هذا الغُفران‪ .‬ولكن حّت ولو مل يكن يسوع قد َغ َفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ك أيّها اآلب‪،‬‬ ‫كنت تَصرخني إىل هللا‪" :‬أحبّ َ‬ ‫يف خلوة َمهولة‪ ،‬اليت قد تكون مادية أكثر منها وجدانية‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫لك"‪ .‬ثِقي متاماً‪ ،‬اي مرمي‪ ،‬أ ّن هللا اآلب‬ ‫اغفر يل شقاءايت‪ِ ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫علي‪ ،‬بسبب األمل الذي تُسبِّبه َ‬‫ألّنا تُنغّص َّ‬
‫للحب‪ .‬ال تَقسي عليه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ذاتك‪َ ،‬دعي ِ‬
‫ذاتك‬ ‫هتافك عزيزاً على قلبه‪َ .‬دعي ِ‬‫ِ‬ ‫لك ِمن ذاته‪ ،‬ويُصبِح‬
‫يغفر ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي‪ ،‬ولكنّه ال ُخيِّرب ّ‬
‫ذرة‬ ‫ماد ّ‬
‫كل ما هو ّ‬ ‫ِ‬
‫متأجج؛ فاحلريق يَلتَهم ّ‬
‫حّت مثل حريق ّ‬ ‫بل دعيه يُصبِح عنيفاً‪ّ ،‬‬
‫ضالت الصغرية اليت َحت ِملها‬ ‫واحدة ِمن اهلواء‪ ،‬أل ّن اهلواء ال جسد له‪ .‬بل ابلعكس‪ ،‬هو ي ِ ِ‬
‫طهره من ال َف َ‬‫ُ ّ‬
‫مادة اإلنسان‪ ،‬إذا َمسَ َح‬ ‫ِ‬
‫احلب ابلنسبة إىل الروح‪ .‬يَستَنفذ سريعاً ّ‬ ‫أخف وزانً‪ .‬هكذا هو ّ‬ ‫الرايح‪ ،‬وُيعله ّ‬
‫دمر وال ُخيِّرب الروح‪ .‬على العكس ِمن ذلك‪ ،‬هو يزيد حيويّته‪َ ،‬‬
‫وُي َعله نقيّاً‬ ‫ِ‬
‫هللا بذلك‪ ،‬ولكنّه ال يُ ّ‬
‫صيب‪ ،‬ولكنّه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬هو نَسر‪ .‬إنّه أقوى‬ ‫حبق ّ‬ ‫ورشيقاً‪ ،‬للصعود إىل هللا‪ .‬هل تَـَرين يوحنّا هناك؟ إنّه ّ‬
‫ب‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫الرسل‪ ،‬فلقد أدرَك ِسر القوة‪ِ ،‬‬
‫التأمل ال ُـمح ّ‬
‫الروحي‪ُّ :‬‬
‫ّ‬ ‫التكوين‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫س‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫كل ُّ ُ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 183 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صيب‪ّ ،‬أما أان‪»...‬‬
‫نقي‪ّ .‬أما أان‪ ...‬هو ّ‬
‫«ولكن‪ ،‬هو ّ‬
‫قر بذلك‬ ‫ض‪ ،‬وهو يُ ّ‬
‫عاش‪ ،‬كافَ َح‪ ،‬وقد َح َق َد وأبغَ َ‬
‫«انظري إذاً إىل الغيور‪ ،‬فهو ليس صبيّاً‪ .‬لقد َ‬
‫يتأمل‪ .‬وهو كذلك‪ ،‬ثقي يب‪َ ،‬س ٍام ج ّداً‪ .‬أترين؟ الواحد يبحث عن‬ ‫بكل صراحة‪ .‬ولكنّه تعلَّ َم أن ّ‬
‫ّ‬
‫الصالة الوجدانيّة‪ .‬فيها‬
‫التام ذاته‪ ،‬وبذات الوسيلة‪َّ :‬‬ ‫يتشاهبان‪ .‬لقد بـَلَغَا عُمر الروح ّ‬
‫ألّنما َ‬ ‫اآلخر‪ّ ،‬‬
‫الصيب َكهالً بروحه‪ ،‬والذي كان قد بـَلَ َغ الشيخوخة واهلََرم‪ ،‬عاد إىل ُكهولة قويّة‪ .‬وهل تَع ِرفني‬
‫ّ‬ ‫أصبَ َح‬
‫التأمل الذي‪،‬‬ ‫اثلثاً‪ ،‬دون أن يكون َرسوالً‪ ،‬سيكون‪ ،‬بل هو اآلن متق ِّدم كثرياً بسبب ميله الطبيعي إىل ُّ‬
‫التأمل حاجة لديه روحية؟ إنّه ِ‬
‫أخوك‪».‬‬ ‫ُمذ أصبَ َح صديق يسوع‪ ،‬أصبَ َح ُّ‬
‫ّ‬
‫لك‪ ،‬كيف‬ ‫كشفها ِ‬ ‫أنت اي من تَع ِرفني أموراً كثرية‪ ،‬أل ّن هللا ي ِ‬ ‫«لعازري؟‪ ...‬آه! أماه! قويل يل‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صمت ُُمتَ ِقراً ّإايي‪ ،‬ولكنّه كان يفعل ذلك ألنّين‬ ‫األول؟ يف السابق‪ ،‬كان يَ ُ‬
‫ِ‬
‫سيُعاملين لعازر يف لقائنا ّ‬
‫كنت قاسية ج ّداً مع أخي وأخيت‪ ...‬اآلن أُد ِرك‪ .‬اآلن وقد َعلِ َم‬ ‫ِ‬
‫أان مل أكن أحتَمل املالحظات‪ .‬لقد ُ‬
‫صدر عنه ّاهتام صريح‪ .‬آه! ابلتأكيد سوف‬ ‫أ ّن ابستطاعته الكالم‪ ،‬ما تُراه سيقول يل؟ أخشى أن يَ ُ‬
‫كنت أذهب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أود لو أطري إىل لعازر‪ ،‬ولكنّين خائفة منه‪ .‬يف السابق ُ‬ ‫بكل اآلالم اليت َسبَّبتُها‪ُّ .‬‬
‫يُذ ّكرين ّ‬
‫يف‪ ،‬ال ذكرايت أ ُّمي املائتة‪ ،‬وال دموعها اليت ما زالت على األغراض‬ ‫ُيركين أو يؤثّر ّ‬‫ولكن ال شيء كان ّ‬
‫ومغلَقاً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليت كانت تَستَعملها‪ ،‬الدموع اليت ذَ َرفَتها بسبيب‪ ،‬بسبب خطيئيت‪ .‬لقد كان قليب َوقحاً ُم َته ّكماً ُ‬
‫الشر السيّئة‪ ،‬وأان أرتَعِد‪ ...‬ماذا‬ ‫يف ّقوة ّ‬ ‫"الشر"‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فَـلَم تَـعُد َّ‬
‫كل صوت مل يكن صوت ّ‬ ‫يف وجه ّ‬
‫سيفعل يب لعازر؟»‬

‫ويناديك‪" :‬أخيت احلبيبة"‪ .‬بقلبه أكثر منه بشفتيه‪ .‬لقد ّنا يف هللا إىل‬ ‫ِ‬ ‫لك ذراعيه‬‫«سوف يفتَح ِ‬
‫َ‬
‫لك َكلِ َمة واحدة عن املاضي‪.‬‬ ‫درجة َمل يـعد معها ميكنه التصرف ّإال هبذه الطريقة‪ .‬ال ُتايف‪ .‬لَن يقول ِ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬
‫ك إىل‬ ‫ِ‬
‫ينتظرك ليضم ِ‬ ‫متر عليه طويلة ج ّداً‪ .‬إنّه‬
‫ّ‬ ‫وهو‪ ،‬وكأنّين أراه‪ ،‬هو هناك يف بيت عنيا‪ ،‬و ّأايم االنتظار ّ‬
‫لتتذوقي ل ّذة كونكما ُخلِقتُما‬
‫ك هو‪َّ ،‬‬ ‫عليك سوى أن حتبيه كما ُيب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قلبه‪ ،‬لِيشبِع حبه األخوي‪ .‬وليس ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِمن األحشاء ذاهتا‪».‬‬
‫االهتامات‪ .‬فأان ِ‬
‫أستح ُّقها‪».‬‬ ‫حّت ولو كال يل ّ‬ ‫ِ‬
‫«أُحبُّه ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 184 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ولكنّه سوف ُيب ِ‬
‫ك‪ ،‬بدون أيّة إضافات‪».‬‬ ‫ّ‬
‫لحقان بيوحنّا ومسعان اللذين يتح ّداثن عن الرحالت ال ُـمقبِلة‪ ،‬واللذين يَِقفان احرتاماً أل ُّم السيّد‬‫تَ َ‬
‫لدى وصوهلا‪.‬‬

‫صنَـ َعت يداه‪».‬‬ ‫ِ‬


‫الرب جلمال ما َ‬
‫«حنن كذلك جئنا ُّن ّجد ّ‬
‫«أُماه! هل ر ِ‬
‫أيت البحر؟»‬ ‫ّ‬
‫أقل ملوحة ِمن دموعي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أقل اضطراابً من قليب‪ ،‬و ّ‬
‫«آه! لقد رأيتُهُ‪ .‬وقد كان آنذاك‪ ،‬رغم العاصفة‪ّ ،‬‬
‫اعي‪ ،‬خائفة ِمن هريودس‬ ‫ِ‬
‫كنت ها ِربة‪ ،‬من جهة غزة‪ ،‬صوب البحر األمحر‪ ،‬وطفلي على ذر َّ‬ ‫عندما ُ‬
‫الحقين‪ .‬ورأيتُهُ أثناء العودة‪ .‬ربيع العودة إىل الوطن‪ .‬وكان يسوع يُص ِّفق بيديه الصغريتني‬‫الذي كان ي ِ‬
‫ُ‬
‫الرب قد َخ َّف َ‬
‫ف َعنّا قَسوة ال َـمن َفى‬ ‫صالح ّ‬ ‫سعيداً برؤية أشياء جديدة‪ ...‬ويوسف وأان كنّا سعيدين أل ّن َ‬
‫يف مطاراي أبلف طريقة‪».‬‬

‫استمر نقاشهم‪ ،‬بينما َمل أَعُد أستطيع أن أرى وأمسَع‪.‬‬


‫و َّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 185 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -111‬يف بيت حلم اجلليل)‬

‫‪1945 / 08 / 09‬‬

‫وصلوا إىل بيت حلم اجلليل مساء‪ .‬قَ َدر الـم ُدن اليت َحت ِمل هذا االسم أن متت ّد على رو ٍ‬
‫اب‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫متما ِوجة‪ُُ ،‬ماطَة ابخلضرة‪ ،‬ابلغاابت واحلقول واملراعي اليت تَرعى فيها ِ‬
‫القطعان النَّا ِزلة إىل حظائرها ليالً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫السماء محراء‪ ،‬بقية َغسق يتالشى‪ .‬اجلو مليء ابملوسيقى الرعائية ِمن أجراس وثُغاءات م َِ‬
‫رّتفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬
‫تنضم إليها أصوات فَ ِر َحة ألطفال يَلعبون‪ ،‬وأصوات ّأمهاهتم تناديهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫«اذهب اي يهوذا بن مسعان‪ ،‬مع مسعان‪ ،‬للبحث عن مأوى لنا وللنساء‪ .‬النَّـزل يف مركز البلدة‪،‬‬
‫وسوف نوافيكم هناك‪».‬‬

‫املرة كما يف بيت‬ ‫ه‬‫هذ‬ ‫تكون‬ ‫لن‬‫«‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫ه‬‫ُم‬ ‫أ‬ ‫إىل‬ ‫يسوع‬ ‫ت‬ ‫بينما ين ِّفذ يهوذا والغيور األمر‪ ،‬يلت ِ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫حلم األخرى تلك‪َ .‬ستَ ِجدين مكاانً تسرتُيني فيه‪ ،‬اي أ ُّمي‪ .‬فال َكثرة يف عدد املسافرين‪ ،‬يف هذا املوسم‪،‬‬
‫كما ليس هناك اكتتاب‪».‬‬

‫«يف هذا الفصل‪ ،‬يَطيب النوم يف املروج‪ ،‬أو وسط هذه املراعي‪ ،‬بني احلِمالن‪ ».‬وتبتسم مرمي‬
‫البنها‪ ،‬وتَبتَ ِسم لُِرعاة صغار فضوليّني‪ُ ،‬ميعِنون يف النَّظَر إليها‪ .‬تبتسم بطريقة َج َعلَت أحدهم يقول‬
‫لرفيقه‪ ،‬بعد أن يُنبِّهه مبِِرفَقه‪« :‬قد تكون هي وال أحد ِسواها‪ ».‬ويتقدَّم واثِقاً ِمن نفسه وقائالً‪« :‬السالم‬
‫عليك اي مرمي‪ ،‬اي ممتلئة نِعمة‪ ،‬هل السيد ِ‬
‫معك؟»‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ت ليتح ّدث‬
‫وّتيب مرمي اببتسامة أكثر عذوبة‪« :‬هو ذا السيّد‪ ».‬وتُشري إىل يسوع الذي التَـ َف َ‬ ‫ُ‬
‫قرتبون سائِلني انئِحني‪ .‬وتَلمس‬
‫الص َدقات على املساكني الذين يَ َِ‬‫إىل ابين عمه‪ُ ،‬مكلِّفاً ّإايِها بتوزيع َّ‬
‫لست أدري كيف‪»...‬‬ ‫إيل‪ُ ،‬‬
‫عرفوا َّ‬
‫يطلبونك‪ ،‬وقد تَ َّ‬
‫َ‬ ‫الرعاة‬
‫بين‪ ،‬هؤالء ُّ‬ ‫«‬ ‫له‪:‬‬ ‫قائلة‬ ‫طف‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫األم ابنها بِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 186 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الوحي‪ .‬أَقبِل إىل هنا أيّها الصيب‪».‬‬ ‫طر‬ ‫«ال ب َّد أن يكون اسحق قد مَّر ِمن هنا اتركاً ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قوي البنية رغم ُهزاله‪ ،‬عيناه‬ ‫ِ‬
‫الراعي‪ ،‬أَمسَر‪ ،‬وهو بني الثانية عشرة والرابعة عشرة من العُمر‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫السواد ُملبَّداً‪ ،‬وقد تدثـََّر ِجلد نَعجة‪ ،‬يبدو يل نسخة‬
‫نس ِدل حالِك َّ‬
‫وشعره يَ َ‬‫سوداوان حيويّتان ج ّداً‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫ب‪.‬‬‫عمدان)‪ ،‬يَدنو من يسوع‪ ،‬مع ابتسامة سعادة‪َ ،‬مسلوب اللُّ ّ‬ ‫السابق (ال َـم َ‬
‫طبق األصل عن َّ‬

‫فت إىل مرمي؟»‬


‫تعر َ‬
‫الصيب‪ ،‬كيف َّ‬
‫لك‪ ،‬أيّها ّ‬
‫«السالم َ‬
‫"وجه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«أل ّن أل ُّم ال ُـمخلّص فقط ميكن أن تكون تلك االبتسامة وذلك الوجه‪ .‬لقد قيل يل‪َ :‬‬
‫مالك‪ ،‬عينان كالنجوم‪ ،‬وابتسامة أع َذب ِمن قُبلة األ ُّم‪ّ ،‬إّنا وديعة مثل امسها‪ :‬مرمي‪ ،‬قِ ّديسة لدرجة‬
‫عنك‪ُ .‬كنّا‬
‫كنت أحبث َ‬ ‫َّمكن ِ‬
‫الت ُّ‬
‫وحيَّيتُها ألنّين ُ‬
‫َ‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫أيت‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ل‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫وهذ‬ ‫ليد"‪.‬‬‫الو‬
‫َ‬ ‫اإلله‬ ‫فوق‬ ‫االحنناء‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫أنت ّأوالً‪».‬‬
‫تك َ‬ ‫رب‪ ،‬و‪ ...‬مل أكن أجرؤ على حتيّ َ‬ ‫عنك اي ّ‬‫نبحث َ‬
‫َّثك َعنّا؟»‬
‫« َمن َحد َ‬
‫إليك يف اخلريف ال ُـمقبِل‪».‬‬
‫أيخذان َ‬
‫«اسحق‪ ،‬من بيت حلم األُخرى‪ .‬وقد َو َع َدان أن ُ‬
‫«هل جاء اسحق إىل هنا؟»‬

‫َّث إلينا‪ .‬وقد‬


‫الرعاة‪ ،‬فهو الذي حتد َ‬ ‫«إنّه ما يزال يف هذه األحناء‪ ،‬مع تالميذ كثريين‪ .‬إّّنا حنن ُّ‬
‫لك آايت اإلجالل‪ِ ،‬مثل رفاقنا يف الليلة السعيدة (امليالد)‪».‬‬ ‫ِ‬
‫رب‪ ،‬امسح لنا أن نُق ّدم َ‬
‫َآمنَّا بكالمه‪ .‬اي ّ‬
‫للرعاة اآلخرين الذين أوقَفوا القطيع عند أبواب البلدة‬ ‫وبينما هو َُيثو على تُراب الطريق‪ ،‬يُطلِق صيحة ُّ‬
‫ف يسوع كذلك يف انتظار النساء‪،‬‬ ‫(أبواب‪ ،‬أسلوب كالم‪ ،‬فهذه البلدة ال أسوار هلا‪ ).‬حيث توقَّ َ‬
‫معهن‪.‬‬
‫دخل البلدة َّ‬ ‫ِ‬
‫ليَ ُ‬
‫الرب‪ .‬هيّا لِنُ ِّ‬
‫كرمه‪».‬‬ ‫الراعي‪« :‬أيب‪ ،‬إخويت‪ ،‬أصدقائي‪ ،‬لقد َو َجدان ّ‬
‫يَصيح َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 187 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رجونه ّأال َميضي إىل مكان آخر‪ ،‬بل يَرضى‬ ‫يقبِل ُّ ِ ِ‬
‫الرعاة ليَجتَمعوا مع قطيعهم أمام يسوع‪ ،‬يَ ُ‬ ‫ُ‬
‫للمبيت فيه مع أصدقائه‪.‬‬
‫ببيتهم الفقري غري البعيد َ‬
‫ش املعطَّر‪.‬‬
‫شرحون «مبا أ ّن هللا ُيمينا‪ ،‬وهناك غَُرف وأَرِوقة مليئة ابل َق ّ‬
‫«هناك حظرية كبرية» يَ َ‬
‫لك‪ .‬أ َّما اآلخرون فبإمكاّنم النوم‬ ‫ألّن ّن نساء‪ ،‬إّّنا هناك غُرفَة أُخرى َ‬
‫َخ َواهتا‪ّ ،‬‬
‫فالغَُرف تكون لأل ُّم وأ َ‬
‫ش‪ ،‬حتت األَرِوقة‪».‬‬ ‫معنا على ال َق ّ‬
‫َبيت يف منـزل َملِك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كنت أ ُ‬
‫حّت ممّا لو ُ‬
‫«أان أيضاً أمكث معكم‪ ،‬وستكون اسرتاحة أكثر ُمتعة ّ‬
‫إّّنا سوف ُُن ِطر ّأوالً يهوذا ومسعان‪».‬‬

‫َذهب أان اي معلّم‪ ».‬يقول بطرس‪ ،‬وَميضي مع يعقوب بن زبدى‪.‬‬


‫«أ َ‬

‫يتوقَّفون على قارعة الطريق‪ ،‬يف انتظار عودة ُّ‬


‫الر ُسل األربعة‪.‬‬

‫الرعاة إىل يسوع وكأنّه هللا يف ََم ِده‪ .‬األصغر ِسنّاً منهم‪ ،‬يف احلقيقة‪ُ ،‬هم ُسعداء‪ ،‬ويَبدون‬
‫يَنظُر ُّ‬
‫اعب ِمحالانً أتت‬
‫كأّنم يريدون أن يطبعوا يف نفوسهم كل التفاصيل عن يسوع ومرمي اليت احننَت تُد ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫و ّ ُ‬
‫تَفرك أفواهها بركبتيها‪.‬‬

‫كنت‬ ‫ِ‬
‫مرة كان يَراين فيها‪ُ .‬‬
‫كل ّ‬‫«كان واحد يف بيت أليصاابت قريبيت‪ ،‬وكان يَ َلعق َجدائلي‪ّ ،‬‬
‫إيل كلّما استطاع إىل ذلك سبيالً‪.‬‬
‫هرع َّ‬‫أُمسّيه‪ :‬صديقي‪ .‬ألنّه‪ ،‬ابحلقيقة‪ ،‬كان يل صديقاً كطفل‪ ،‬وكان يَ َ‬
‫وهذا يُذ ّكِرين به متاماً‪ ،‬بعينيه ذات اللونني‪ .‬ال تَقتُلوه! لقد تُِرَك اآلخر كذلك يعيش بسبب حبّه يل‪».‬‬

‫« ّإّنا نَعجة أُنثى‪ ،‬وُكنّا نريد بيعها أل ّن هلا عينني بِلَونني‪ ،‬وأَظنُّها ال ترى جيّداً بِ َعني واحدة‪ّ .‬أما‬
‫ادتك‪ ،‬فسوف َحنتَ ِفظ هبا‪».‬‬‫إذا كانت هذه إر ِ‬

‫أود لو مل يُقتَل َمحَل أبداً‪ ...‬فاحلِمالن بريئة ج ّداً‪ ،‬وصوهتا صوت طفل ينادي ّأمه‪.‬‬
‫«آه! نعم! ّ‬
‫إيل أن طفالً يُقتَل‪».‬‬‫َحدها‪ُ ،‬خيَيَّل َّ‬
‫ولدى قَتل أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 188 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الراعي‬
‫كل احلمالن حيّة‪ ،‬ملا بقي لنا مكان على األرض‪ ».‬يقول َّ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ق‬‫«ولكن‪ ،‬اي امرأة‪ ،‬لو ب ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األكرب سناً‪.‬‬

‫«أَعلَم‪ .‬ولكنّين أُف ِّكر أبملها وأمل النِّعاج‪ّ ،‬أمهاهتا‪ .‬فهي تبكي كثرياً عندما تُن َـزع منها صغارها‪.‬‬
‫بتمزق ِمن‬
‫س ُّ‬ ‫ِ‬
‫كأّنا ّأمهات حقيقيّات‪ ،‬مثلنا‪ .‬وأان‪ ،‬ال ميكنين رؤية أحد يتأ ّمل‪ ،‬ولكنّين أُح ُّ‬ ‫وهي تبدو و ّ‬
‫يتمزق القلب والعقل‬ ‫أجل أُم ُممَّزقة هكذا‪ .‬إنّه أمل ُُمتلِ‬
‫كل اآلالم‪ ،‬ذلك أ ّن‪ ،‬ابلنسبة لنا‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نظل ُمرتَبِطات بَِولَدان على‬ ‫هات‪،‬‬ ‫األم‬ ‫فنحن‬ ‫ا‪.‬‬‫ّ‬‫ن‬‫م‬‫فقط‪ ،‬بِِفعل صدمة موت ابن‪ ،‬بل إّّنا حّت األحشاء ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدوام‪ .‬وانتزاعه منّا هو متزيقنا ابلكامل‪َ ».‬مل تَـعُد مرمي تبتسم‪ ،‬بل تتألأل دمعة يف عينها الزرقاء‪ ،‬وتَنظُر‬
‫ضع يدها على ذراعه‪ ،‬كما لو ّأّنا كانت ُتشى أن يكون‬ ‫سمعها ويَنظُر إليها‪ ،‬وتَ َ‬ ‫إىل يسوع الذي يَ َ‬
‫نتزع ِمن أمامها‪.‬‬ ‫على وشك أن يُ َ‬
‫صل َمموعة ِمن الناس املسلَّحني‪ :‬ستّة رجال يصحبهم أانس يَصيحون‪.‬‬ ‫على الطريق الرتابية‪ ،‬تَ ِ‬
‫الرعاة ويتح ّدثون فيما بينهم بصوت خافت‪ُُ .‬ثّ يَنظُرون إىل يسوع ومرمي‪ .‬يتكلّم األكرب سنّاً‪:‬‬ ‫يَنظُر ُّ‬
‫دخلي بيت حلم هذا املساء‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«حلُسن احلظ أنّك لَن تَ ُ‬
‫«ملاذا؟»‬

‫ماضون إليها النتزاع ابن ِمن أ ُّمه‪».‬‬


‫دخلون البلدة‪ُ ،‬‬
‫للتو‪ ،‬والذين يَ ُ‬
‫«ألن هؤالء الناس الذين َمّروا ّ‬
‫«آه! ولكن ملاذا؟»‬

‫«لِيَقتُلوه‪».‬‬

‫«آه! ال! ماذا فَـ َع َل؟»‬

‫سمعوا‪.‬‬ ‫الرسل لِ‬


‫يَسأَل يسوع كذلك‪ ،‬ويَدنو ُّ ُ َ َ‬
‫ي‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 189 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الغين مقتوالً على طريق اجلبل‪ .‬وقد كان عائداً ِمن شكيم‪ ،‬ومعه مال كثري‪.‬‬ ‫يوئيل‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫«لقد وِ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اخلادم الذي كان يُرافِقه قال إ ّن معلّمه‬
‫ولكنَّهم َمل يكونوا لُصوصاً‪ ،‬أل ّن املال كان ما يزال مع القتيل‪ِ .‬‬
‫اخلادم ذاك الشاب ‪-‬الذي ُهم‬ ‫كان قد طَلَب منه أن يسبِقه للتبليغ عن قدومه‪ ،‬وعلى الطريق‪ ،‬شاه َد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اآلن ذاهبون لَِقتله‪ -‬وقد كان ُمتَّجهاً صوب املكان الذي َح َدثَت فيه اجلرمية‪ .‬وبعد ذلك َش ِهد َر ُجالن‬
‫صّر أهل القتيل على موت الشاب‪ .‬هذا إذا كان هو‬ ‫ِمن البلدة ّأّنما شاهداه ي ِ‬
‫هاجم يوئيل‪ .‬واآلن ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫القاتل حقاً‪»...‬‬

‫أنت؟»‬ ‫ِ‬
‫«أال تُص ّدق ذلك َ‬
‫املعشر‪ .‬عاش مع‬‫«يبدو يل األمر ُمستحيالً‪ .‬فالشاب ابلكاد َّت َاوَز ِس ّن املر َاه َقة‪ ،‬وهو طَيِّب َ‬
‫ّأمه ابستمرار‪ ،‬ألنّه وحيدها وهي أرملة‪ ،‬أرملة قِ ّديسة‪ .‬ليس يف حاجة إىل املال وال هو يُف ِّكر ابلنساء‪.‬‬
‫كما ليس مشاغباً وال َمنوانً‪ .‬فلماذا يَقتُل إذاً؟»‬

‫«ولكن قد يكون له أعداء‪».‬‬

‫« َمن؟ يوئيل الذي مات أم هابِيل ال ُـمتـ َ‬


‫َّهم؟»‬

‫َّهم‪».‬‬
‫«ال ُـمتـ َ‬
‫«آه! ال أدري‪ ...‬ولكن‪ ...‬ال أدري‪».‬‬

‫« ُكن صرُياً أيّها الرجل‪».‬‬

‫«سيّدي‪ ،‬إنّه أمر أُف ِّكر فيه‪ .‬وقد قال لنا اسحق ّأال نُف ِّكر َشّراً ابلقريب‪».‬‬

‫«ولكن ُيب أن تكون لنا اجلُّرأة يف الكالم إلنقاذ بريء‪».‬‬

‫َهرب ِمن هنا‪،‬‬


‫أ‬ ‫أن‬ ‫علي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ام‬
‫ز‬ ‫«لو تَكلَّمت‪ ،‬وإن كنت على حق أو على خطأ‪ ،‬فسوف يكون لِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫دعوان آسر ويعقوب ُِها ِمن َذوي النُّفوذ‪».‬‬
‫أل ّن ال َـم َّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 190 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«تكلّم دون خوف‪ ،‬ولَن تكون ُمر َغماً على اهلرب‪».‬‬

‫إن أ ُّم هابيل َجيلة وشابّة وحكيمة‪ .‬فاملدعو آسر ليس عاقِالً‪ ،‬وال يعقوب كذلك‪.‬‬ ‫«سيّدي‪َّ ،‬‬
‫فاألول يَشتهي األرملة‪ ،‬والثاين‪ ...‬البلدة كلّها تَع ِرف أ ّن الثاين هو َو َقواق يف بيت يوئيل (ُميا ِرس ّ‬
‫الزىن‬ ‫ّ‬
‫مع زوجة يوئيل)‪ .‬أظُ ّن أ ّن‪»...‬‬

‫الرعاة‪ .‬سأعود يف احلال‪».‬‬


‫أنَت‪ ،‬أيّتها النساء‪ ،‬ابقني إذن مع ُّ‬ ‫«فَ ِه ُ‬
‫مت‪ .‬هيّا بنا اي أصدقاء‪ّ .‬‬
‫معك‪».‬‬
‫بين‪ ،‬آيت َ‬
‫«ال اي ّ‬
‫الرعاة حائِرين‪ ،‬ولكنّهم بعدئذ يَرتُكون القطيع مع‬ ‫َميضي يسوع ُمس ِرعاً إىل مركز البلدة‪ .‬يَب َقى ُّ‬
‫األصغر سنّاً الذين يَب ُقون مع النساء َجيعاً عدا األ ُّم ومرمي اليت حللفا اللَّتَني تَبِ َعتَا يسوع‪ ،‬ويُس ِرعون‬
‫الرسوليّة‪».‬‬‫لِلَّحاق ابجملموعة َّ‬

‫يوطي ومسعان وبطرس‬ ‫ِ‬


‫ئيسي لبيت حلم‪ ،‬يُقابلون االسخر ّ‬
‫عند الطريق الثالثة اليت تَقطَع الشارع الر ّ‬
‫وهم يُ َش ِّورون ويَصيحون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويعقوب الذين يَصلون ُ‬
‫«اي له ِمن فِعل اي معلّم! اي له ِمن فِعل! واي له ِمن أََمل!» يقول بطرس ُمضطَ ِرابً‪.‬‬

‫ضبع‪ ،‬ولكنّها امرأة ُمقابِل رجال مسلَّحني‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«ابن ينتَـَزع من أ ُّمه عنوة ليُقتَل‪ .‬إ ّّنا تُدافع عنه مثل َ‬
‫يُضيف مسعان الغيور‪.‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫كل ُركن يف جسمها‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫«لقد سالَت دماؤها من ّ‬
‫«لقد حطَّموا ابهبا بينما كانت معتَ ِ‬
‫صمة يف البيت‪َ ».‬خيلَص إىل القول يعقوب بن زبدى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫«سأمضي إليها‪».‬‬

‫وحدك َمن يستطيع تعزيتها‪».‬‬


‫فأنت َ‬
‫«آه! نعم! َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 191 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اخب الذي‬ ‫الص ِ‬
‫َّجمهر َّ‬ ‫ِ‬
‫ظهر الت ُ‬ ‫يَ َنعطفون إىل اليمني‪ُُ ،‬ثّ إىل اليسار صوب مركز البلدة‪ .‬ويَ َ‬
‫يَضطَ ِرب ويتدافَع أمام منـزل هابيل‪ ،‬وأصوات امرأة تُفتِّت القلب‪ ،‬ال إنسانيّة‪ُ ،‬م َتو ِّحشة‪ ،‬ويف الوقت‬
‫حّت هنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للش َفقة‪ ،‬تَصل ّ‬
‫ذاته ُمثرية َّ‬

‫الص َخب‬ ‫يسرع يسوع‪ ،‬وي ِ‬


‫صل إىل ساحة صغرية‪ ،‬هي تَـ َو ُّسع للطريق أكثر منها ساحة‪ ،‬حيث َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يف ذُروتِه‪.‬‬

‫حديدايً‪ِ ،‬حبُطام‬
‫ّ‬ ‫أضحت َُملَباً‬
‫تتمسك بيد‪َ ،‬‬ ‫احلراس ِمن أجل ابنها‪ .‬فهي َّ‬ ‫ما زالت األ ُّم تُقا ِرع ّ‬
‫إبعادها تَـعُضَّه بوحشيّة‪،‬‬ ‫الباب احملطَّم‪ ،‬وابألُخرى ما زالت م ِ ِِ‬
‫حاو َل أحدهم َ‬ ‫تمسكة حبزام ابنها‪ .‬وإذا ما َ‬ ‫ُ ّ‬
‫وحشي‬ ‫بشكل‬ ‫ونه‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ش‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫عرها‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫غري آهبة ابلضرابت اليت تتل ّقاها‪ ،‬وال إىل األمل الذي يلم هبا ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫اتركوه! قَـتَـلَة! إنّه بريء! ليلة مقتل يوئيل كان‬
‫عض تصيح‪ُ « :‬‬ ‫حّت يَرجع رأسها إىل اخللف‪ .‬وعندما ال تَ ّ‬ ‫ّ‬
‫يف السرير إىل جانيب! قَـتَـلَة! َس َّفاحني! قَ ِذرين! ُشهود ُزور!»‬

‫ك به ُمنتَ ِزعوه ِمن كتفيه‪ ،‬وهم َُيُّرونه ِمن ذراعيه‪ ،‬فيلتَ ِفت بوجهه ال ُـمضطَ ِرب‬
‫َمس َ‬
‫َّأما الشاب‪ ،‬وقد أ َ‬
‫َفعل شيئاً؟»‬ ‫ويصيح‪« :‬ماما! ماما! ملاذا ينبغي يل أن أموت وأان َمل أ َ‬
‫إنه مر ِاهق وسيم‪ ،‬كبري‪ ،‬ممت ِشق القامة‪ ،‬عيناه سوداوان وعذبتان‪ ،‬شعره أسود ِ‬
‫قامت‪َُ ،‬معَّد قليالً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ ُ‬
‫الفيت‪ ،‬يكاد يكون جسد طفل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ثوبه ُممَّزق ويُظهر جسده الناعم و ّ‬
‫للش َفقة‪،‬‬
‫صل إىل اجملموعة املثرية َّ‬ ‫ساعده مرافِقوه‪ ،‬يشق له طريقاً وسط اجلَّمع الـمرتاص‪ ،‬لِي ِ‬ ‫يسوع‪ ،‬ي ِ‬
‫ُ ّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وجَّرت مثل كيس مربوط جبسد ابنها‬ ‫الباب‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬‫متاماً يف الوقت الذي اّنارت فيه قُوى املرأة‪ ،‬فأُفلِتَت ِ‬
‫ُ‬
‫لكن ذلك َمل يَ ُدم أكثر ِمن بضعة أمتار‪ .‬ضربة عنيفة تَن َـزع يَد األ ُّم ِمن ِحزام‬ ‫على حجارة الدرب‪ .‬و ّ‬
‫صب حاالً على‬ ‫ابنها‪ .‬وتَـ َقع األُم‪ ،‬ويرتَ ِطم وجهها ابألرض بقسوة‪ ،‬ليزداد سيالن الدم منه‪ .‬ولكنّها تَنتَ ِ‬
‫ّ َ‬
‫يتباعد‬ ‫ركبتيها‪ِ َّ ،‬‬
‫سمح به احلَشد الذي َ‬ ‫ؤخذ بسرعة‪ ،‬ابل َقدر الذي يَ َ‬ ‫مادة ذراعيها‪ ،‬بينما االبن الذي يُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 192 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت‬ ‫وُيِّركه‪ ،‬وهو يَلتَ ِفت إىل اخللف‪ ،‬ويصيح‪« :‬ماما! وداعاً! َّ‬
‫تذكري‪ِ ،‬‬ ‫بصعوبة‪ُُ ،‬يِّرر ذراعه اليسرى ُ‬
‫األقل‪ ،‬أنّين بريء!»‬
‫على ّ‬
‫تَنظُر إليه املرأة بعينني ََمنونـَتَني‪ُُ ،‬ث تَـ َقع أرضاً وقد أ ِ‬
‫ُغمي عليها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ظهر التَّأثُّر على وجهه‪.‬‬ ‫يتقدَّم يسوع ِ‬
‫احلراس‪« :‬توقَّفوا حلظة‪ُ .‬‬
‫آمرُكم!» ال يَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َمموعة‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫نعرفك‪ .‬ابتعد ودعنا ّنضي‬


‫َ‬ ‫أنت؟» يَسأل واحد ِمن اجملموعة بعدوانيّة‪« .‬حنن ال‬
‫« َمن تكون َ‬
‫عدم قبل حلول الليل‪».‬‬
‫ليُ َ‬

‫«أان رايب‪ .‬األعظم‪ .‬ابسم يهوه توقَّفوا أو يَ َ‬


‫صعق ُكم هللا‪ ».‬ويبدو يف تلك اللحظة إنّه ُهو َمن‬
‫سوف يصعقهم‪« .‬من الش ِ‬
‫َّاهد ض ّد هذا؟»‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫«أان وهو وهو‪ُُ ».‬ييب الذي تَكلَّ َم ّأوالً‪.‬‬

‫ألّنا ليست صحيحة‪».‬‬


‫شهادتك غري مقبولة ّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«وملاذا تقول هذا؟ حنن ُمستَعِدُّون لل َق َسم على ذلك‪».‬‬

‫«قَ َسمكم خطيئة‪».‬‬

‫«حنن نَرتَ ِكب خطيئة؟ حنن؟»‬


‫ِ‬
‫وتؤججون احلقد‪ ،‬إنّكم َج ِشعون ّتاه الثَّروات‪ ،‬وأنتم قَـتَـلَة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«أنتم‪ .‬وكذلك تُضمرون الفسق‪ّ ،‬‬
‫أي عمل‬ ‫ِ‬
‫فإنّكم كذلك َحتنُثون ال َق َسم‪ .‬وقد بعتُم أنفسكم إىل النَّجاسة‪ .‬فأنتم قادرون على ارتكاب ّ‬
‫شائِن‪».‬‬
‫ِ‬
‫لكالمك‪ ،‬فأان آسر‪»...‬‬ ‫«انتبه‬

‫«وأان يسوع‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 193 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت الغريب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫لست شيئاً‪َ .‬‬
‫أنت َ‬
‫لست كاهناً وال قاضياً‪َ .‬‬
‫لست من هنا‪َ .‬‬
‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫«نعم‪ ،‬أان الغريب‪ ،‬أل ّن األرض ليست مملكيت‪ .‬ولكنّين قاض وكاهن‪ .‬ليس فقط هلذا اجلزء‬
‫لكل العامل‪».‬‬
‫الصغري من إسرائيل‪ ،‬بل إلسرائيل كلّها و ّ‬
‫اآلخر وهو يَدفَع يسوع لِيُبعِده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فعله مع َمنون‪ ».‬يقول الشَّاهد َ‬
‫«هيّا بنا‪ ،‬هيّا بنا! ليس لنا ما نَ َ‬
‫شل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قهر وتَ ّ‬‫ظرة ُمعجزة تَ َ‬ ‫دوي صوت يسوع وهو يَنظُر إليه نَ َ‬ ‫«ال تتق ّدم وال خطوة واحدة‪ ».‬يُ ّ‬
‫حّت خطوة واحدة‪ .‬أال تَثِق مبا أقول؟ حسناً‬ ‫كما تُعيد احلياة وتُفرِح عندما يريد ذلك‪« .‬ال تتق ّدم وال ّ‬
‫جعل املاء الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إذن انظر‪ .‬هنا ال وجود ل ُرتاب اهليكل وال ملائه‪ ،‬وليست هنا كلّمات مكتوبة ابحلرب لتَ َ‬
‫هو احلُكم على احلَ َسد والزىن ُمّراً (انظر ِسفر العدد أصحاح ‪ 5‬اآلايت ‪ .)31-11‬إّّنا هنا أان‪ .‬وأان َمن‬
‫يُن ِّفذ احلُكم‪ ».‬صوت يسوع كرنني بوق بَِقدر ما هو انفِذ‪.‬‬

‫يتدافَع الناس لَِريوا‪ .‬مرمي ال ُكلّيّة القداسة فقط‪ ،‬ومعها مرمي اليت حللفا‪ ،‬بَِقيَتا إلسعاف األ ُّم املغمى‬
‫عليها‪.‬‬

‫ُعطى‬‫أ‬ ‫ا‬ ‫يثم‬


‫ر‬ ‫و‬ ‫إانء‪.‬‬ ‫يف‬ ‫املاء‬ ‫ن‬‫م‬‫«ها ُكم كيفية حكمي‪ .‬أعطُوين القليل ِمن تُراب الطريق والقليل ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنت بريء أيّها االبن؟ قُلها بصراحة لِ َمن هو‬
‫َّهم أجيبوين‪ :‬هل َ‬ ‫أنت أيّها املتـ َ‬
‫ذلك‪ ،‬أنتم أيّها الشَّا ُكون و َ‬
‫صك‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ُُملّ َ‬
‫«أان كذلك اي سيّدي‪».‬‬

‫ك َمل تَـ ُقل ِسوى احلقيقة؟»‬ ‫ميكنك أن تُ ِ‬


‫قسم أبنّ َ‬ ‫َ‬ ‫«آسر‪ ،‬هل‬

‫ُقسم على ذلك ابهليكل‪ .‬فَليَنـ ِزل َهلَب ِمن السماء لِيَح ِرقين‬
‫لدي ِألَكذب‪ .‬أ ِ‬
‫«أُقسم‪ .‬ال داعي َّ‬
‫إن َمل أكن أقول احلقيقة‪».‬‬

‫يدفعك إىل ال َك ِذب؟»‬


‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫امك‪ ،‬دون ُم ّربر َخ ّ‬
‫ك صادق يف ا ّهت َ‬
‫ميكنك أن تُقسم أنّ َ‬
‫َ‬ ‫«يعقوب‪ ،‬هل‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 194 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫شخصي‬ ‫أمر‬ ‫هناك‬ ‫ليس‬ ‫الكالم‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫يدفعين‬ ‫فقط‬ ‫القتيل‬ ‫لصديقي‬ ‫يب‬ ‫ح‬ ‫بيهوه‪.‬‬ ‫ذلك‬ ‫على‬ ‫م‬ ‫«أ ِ‬
‫ُقس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بيين وبني هذا‪».‬‬

‫ك تَقول احلقيقة؟»‬
‫أنت أيّها اخلادم‪ ،‬هل ميكنك ال َق َسم أبنّ َ‬
‫«و َ‬
‫«أُقسم على ذلك ألف َمَّرة لو لَ ِزم األمر! معلّمي! معلّمي املسكني!» يبكي وهو ُخيفي وجهه‬
‫مبعطفه‪.‬‬

‫"أنت أيّها اآلب الق ّدوس واإلله تعاىل‪،‬‬ ‫ِ‬


‫«حسناً‪ .‬هو ذا املاء وهو ذا الرتاب‪ .‬وها هي ال َكل َمة‪َ :‬‬
‫احلق‪ ،‬لِتَعود احلياة والسعادة إىل الربيء وأ ُّمه احلزينة‪ ،‬والعقاب العادل لغري الربيء‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أَمتَّ من خاليل ُحكم ّ‬
‫عينيك‪ ،‬فال انر وال موت‪ ،‬بل َك َّفارة طويلة للذين ارتَ َكبوا اخلطيئة"‪».‬‬
‫َ‬ ‫ولكن لِما يل ِمن ُحظوة يف‬
‫ِ‬
‫فعل الكاهن أثناء القداس‪ ،‬عند التَّقدمة‪ُ .‬ثّ‬
‫ماداً يديه على اإلانء‪ ،‬كما يَ َ‬ ‫يقول هذه الكلّمات ّ‬
‫ِ‬
‫شربون جرعة‬ ‫لهم يَ َ‬
‫وُي َع ُ‬
‫للحكم‪َ ،‬‬
‫ضعوا ُ‬ ‫يَغمس يده اليمىن يف اإلانء‪ ،‬وبيده املبلَّلة يَ ّ‬
‫رش األربعة الذين َخ َ‬
‫ِمن هذا املاء‪ّ ،‬أوالً للشَّاب ُثّ للثالثة اآلخرين‪.‬‬

‫صدره ويَنظُر إليهم‪ .‬واجلَّمع يَنظُر كذلك‪ ،‬وبعد بُ َرهة يطلق‬ ‫ِ‬
‫بعد ذلك‪ ،‬يُصالب ذراعيه على َ‬
‫اجلَّمع صيحة ويرمتي أرضاً والوجه إىل األرض‪ِ .‬حينذاك يَنظُر األربعة الذين كانوا على نَ َسق واحد إىل‬
‫الرعب‪ ،‬إذ يرى كل‬ ‫بعضهم‪ ،‬ويَصيحون بِ َدورهم‪ .‬يَصيح الشاب أوالً ِمن الدَّهشة‪ُُ ،‬ثّ اآلخرون ِمن ُّ‬
‫الربص املفاجئ‪ ،‬بينما الشاب سليم منه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واحد من الثالثة وجوه اآلخرين وقد غطاها ََ‬
‫اخلادم عند قدمي يسوع الذي يبتَعِد ِمثل اآلخرين‪ِ ،‬مبا فيهم اجلنود‪ ،‬يبتَعِد ِ‬
‫آخذاً هابيل‬ ‫يرَمتي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َبرص! ُهم الذين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الربص‪ .‬ويَصيح اخلادم‪« :‬ال! ال! ال َـمغفرة! أان أ َ‬
‫بيده ل َكيال تُصيبه العدوى من الثالثة ُ‬
‫أنزع نَعل البَغل َعن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت املساء‪ ،‬ليَضربوه على الطريق الصحراويّة‪ .‬لقد َج َعلوين َ‬ ‫َدفَعوا يل لتأخري املعلّم ّ‬
‫ِ‬
‫كنت معهم ساعة قَتله‪ ،‬وأقول كذلك‬ ‫إين َسبَقتُهُ‪ .‬على العكس‪ُ ،‬‬‫وعلَّموين ال َكذب‪ ،‬أن أقول ّ‬ ‫قصد‪َ ،‬‬
‫ُيب زوجته الشابّة‪ ،‬وأل ّن آسر‬ ‫يعقوب‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫الح‬ ‫قد‬ ‫كان‬ ‫(املقتول)‬ ‫يوئيل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫علتهم‪:‬‬‫ملاذا ارتَ َكبوا فِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 195 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كان يريد أ ُّم هابيل‪ ،‬وهي تَرفضه‪ .‬فاتَّف َقا على التَّخلُّص ِمن يوئيل وهابيل معاً والتمتّع ابملرأتني‪ .‬ها قد‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ِّل ألجلي!»‬
‫أنت صاحل‪َ ،‬‬‫الربص‪َ ،‬خلّصين منه! هابيل‪َ ،‬‬ ‫مت فَ َخلّصين من ََ‬‫تَكلَّ ُ‬
‫وجهك وتعود إىل حياة هادئة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حّت إذا ما أفاقت ِمن غيبوبتها تَرى‬
‫ك؛ ّ‬ ‫أنت إىل أ ُّم َ‬
‫«اذهب َ‬
‫وأنتم‪ ...‬كان ينبغي يل أن أقول لكم‪" :‬فليُفعل بكم ما ُكنتم تَبغُون فِعله"‪ .‬ولكان هذا عادالً بَشرايً‪.‬‬
‫ولكنّين أُكلِّفكم ب َك َّفارة إهلية رحيمة‪ .‬فهذا اجلُذام الذي ابتالكم سوف يَقي ُكم ِمن ُحكم املوت كما‬
‫ضون إىل حياهتم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تَستح ّقون‪ .‬اي أهل بيت حلم‪ ،‬ابتعدوا‪ ،‬أَفسحوا الطريق مثل مياه البحر‪ ،‬لتَ َدعوهم َمي ُ‬
‫الفجائي‪ .‬وهذه‪َ ،‬رمحَة ِهي ِمن هللا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املوت‬ ‫ن‬ ‫الشاقّة الطويلة‪ .‬احلياة الشاقّة الرهيبة! األكثر فظاعة ِ‬
‫م‬
‫امضوا!»‬ ‫ِ‬
‫حهم إمكانيّة التوبة‪ ،‬إذا أرادوا ذلك‪ُ .‬‬ ‫ليَمنَ ُ‬
‫صوب اجلبل‪ ،‬وقد غطّاهم‬ ‫الثالثة‬ ‫ميضي‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫ً‬‫ر‬ ‫ح‬ ‫يق‬‫ر‬ ‫الط‬ ‫صف‬ ‫نت‬‫م‬ ‫ع‬‫د‬
‫َ‬ ‫ي‬‫صق احلشد ابجلدار لِ‬
‫يلتَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫صمت الغَ َسق الذي يَهبط‪ ،‬والذي َج َع َل‬ ‫اجلُذام و َّ‬
‫كأّنم ُمصابُون به منذ أعوام‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ ،‬يف َ‬
‫سمع سوى َحنيبهم‪.‬‬ ‫أصوات العصافري كلّها تصمت‪ ،‬وكذلك ذوات األربع‪ ،‬ومل يـَعُد يُ َ‬
‫ِط ِّهروا الطريق بكمية ِمن املاء بعد إضرام النار‪ .‬وأنتم أيّها اجلنود‪ ،‬اذهبوا وقولوا إ ّن العدالة قد‬
‫حتق َقت‪ ،‬وطُبِّقت حسب أكثر الشرائع املوسويّة َكماالً‪».‬‬
‫َّ‬

‫هم يسوع ابلذهاب إىل حيث أ ُّمه ومرمي اليت حللفا تُـتَابِعان إسعاف املرأة اليت يَعود إليها َوعيها‬ ‫يَ ّ‬
‫لكن أهايل بيت حلم‪ ،‬ابحرتام َممزوج ابخلَشية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ببطء‪ ،‬بينما يُالطف ابنها يديها الباردتني ويُقبّلهما‪ .‬و ّ‬
‫أنت هو ابلتأكيد الذي َح َّدثَنا عنه الرجل الذي‬ ‫ِ‬
‫أنت يف احلقيقة ذو سلطان‪َ .‬‬ ‫رجونه‪َ « :‬ح ّدثنا اي سيّد‪َ .‬‬
‫يَ ُ‬
‫بَشَّر مباسيّا لدى مروره هنا‪».‬‬
‫الرعاة‪ .‬أما اآلن فَسأ ِ‬
‫ُساعد األ ُّم على استعادة وعيها‬ ‫«سوف أحت ّدث ليالً قُرب َحظرية ُّ‬
‫ّ‬
‫وطبيعتها‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 196 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يت مرمي اليت حللفا‪ّ .‬إّنا تستعيد وعيها رويداً رويداً‪ ،‬وهي‬ ‫وَميضي للقاء املرأة اليت َجلَ َست على ُركبَ ّ‬
‫صوب شعر ابنها‬ ‫ِ‬
‫تَنظُر إىل وجه مرمي ال ُـمحبَّب الذي يبتسم هلا‪ .‬وال تتنبَّه متاماً ّإال حلظة تَلفت نَظََرها َ‬
‫مت أان أيضاً؟ هل هذا هو اليمبس؟»‬ ‫رّت َفتني‪ ،‬وتَسأل‪« :‬هل ُّ‬ ‫املتديل على يديها الـم َِ‬
‫األسود ّ‬
‫ُ‬
‫ابنك‪ ،‬وقد َجنا ِمن املوت‪ .‬وهذا هو يسوع‪ ،‬ابين‪،‬‬
‫«ال اي امرأة‪ .‬هذه هي األرض وهذا هو ِ‬
‫ال ُـمخلِّص‪».‬‬

‫تضم رأس ابنها املنحين‪ .‬وتراه‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أبول حركة هلا‪ ،‬إنسانيّة‪ .‬تَستَجمع قُواها‪ ،‬وتتق ّدم ل ّ‬ ‫وتقوم املرأة ّ‬
‫كل األمساء اليت كانت تُطلِقها عليه عندما‬
‫سرتجعة ّ‬
‫سالِماً معاىف‪ ،‬تُعانِقه ِهبياج‪ ،‬ابكية‪ ،‬ضاحكة‪ ،‬م ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫عرب له عن فَـَرِحها‪.‬‬
‫كان صغرياً‪ ،‬كي تُ ِّ‬

‫إيل‪ ،‬بل إليه‪ .‬هو الذي أن َق َذين‪ .‬اب ِركي ّ‬


‫الرب‪».‬‬ ‫«نعم اي ماما‪ ،‬نعم‪ .‬إّّنا اآلن انظري‪ ،‬ليس َّ‬
‫املرأة‪ ،‬وهي ما تزال ال تَقوى على النُّهوض أو الركوع‪ ،‬مت ّد يديها اللتني َِ‬
‫ترّتفان وتَسيل منهما‬ ‫َ‬
‫الدماء‪ .‬وُمت ِسك بيد يسوع وتَنهال عليها ابل ُقبالت وتُغطّيها الدموع‪.‬‬

‫ضع يسوع يده اليسرى على رأسها قائالً هلا‪« :‬كوين سعيدة ويف سالم‪ ،‬وكوين صاحلة على‬
‫يَ َ‬
‫أنت كذلك اي هابيل‪».‬‬
‫الدوام‪ .‬و َ‬
‫ينضم إىل التالميذ‪،‬‬
‫ذهتُما‪ .‬فامسح له أبن ّ‬ ‫ك أن َق َ‬
‫لك‪ ،‬ألنّ َ‬
‫«ال اي سيّدي‪ .‬إ ّن حيايت وحياة ابين َ‬
‫أخدم‬
‫َخدمه و ُ‬‫سمح أبن أتبَعهُ أل ُ‬
‫أرجوك أن تَ َ‬
‫أعطيك ّإايه بفرح كبري‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫كما كان يَشتَهي ُمذ أتوا إىل هنا‪.‬‬
‫ُخ ّدام هللا‪».‬‬
‫« ِ‬
‫وبيتك؟»‬

‫«آه! اي سيّدي! إ ّن َمن عاد إىل احلياة‪ ،‬هل ميكن أن تكون له املشاعر ذاهتا اليت كانت له قبل‬
‫أتوصل إىل ُكره الذين َع َّذبوين‬ ‫وبفضلك َجنت مريات ِمن املوت ِ‬
‫ومن اجلحيم‪ .‬يف هذا البلد‪ ،‬قد َّ‬ ‫املوت؟‬
‫َ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 197 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب‪،‬‬
‫يستحق ّ‬
‫ّ‬ ‫حتب الوحيد الذي‬ ‫ابحلب‪ ،‬أَع ِرف ذلك‪ .‬فامسَح للمسكينة مريات أن ّ‬
‫أنت تَكرز ّ‬ ‫اببين‪ .‬و َ‬
‫أتبعك‪ .‬ولكن حاملا سأمت ّكن‪ ،‬امسَح يل اي سيّدي‪،‬‬
‫لت اآلن ُم َنهكة وال ميكنين أن َ‬
‫وخ ّدامه‪ .‬ما ز ُ‬
‫ورسالته ُ‬
‫سأتبعك وأكون قريبة ِمن هابيلي‪»...‬‬
‫َ‬
‫ابنك‪ ،‬وتتبعينين معه‪ ،‬كوين سعيدة‪ .‬كوين يف سالم اآلن‪ .‬سالمي ِ‬
‫لك‪ .‬وداعاً‪».‬‬ ‫«سوف تتبعني ِ‬

‫الرعاة ومرمي ومرمي‬ ‫وبينما تَدخل املرأة إىل البيت‪ ،‬يسنِدها ابنها وبعض ِ‬
‫األتقياء‪َ ،‬خي ُرج يسوع و ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تاخم للحقول…‬ ‫اليت حللفا ِمن البلدة للمضي إىل احلظرية الواقعة يف طرف شارع م ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪...‬أُض ِرمت انر كبرية إلانرة االجتماع‪ََ .‬جع َغفري يَنتَ ِظرون أن يتح ّدث يسوع‪ ،‬جالِسني على‬
‫شكل نصف دائرة يف احلقول‪ .‬ويف انتظار ذلك يتح ّدثون عن أحداث النهار‪ .‬هابيل كذلك هنا‪ ،‬مع‬
‫أانس كثريين ُمبتَ ِهجني‪ ،‬قائلني إ ّّنم كانوا َجيعهم مؤمنني برباءته‪.‬‬

‫أنت‪ ،‬اي َمن َحيَّيتَين على ابب بييت ساعة قتل يوئيل‪».‬‬ ‫ِ‬
‫حّت َ‬
‫«ولكنّكم كنتم ُمستع ّدين لقتلي! ّ‬
‫فأساُمك ابسم يسوع‪».‬‬
‫َ‬ ‫حّت تل ِّقي اإلجابة‪ ،‬فيضيف‪ّ « :‬أما أان‬ ‫ِ‬
‫ومل يَستَطع الشاب متالك نفسه ّ‬
‫الرعاة‬
‫الر ُسل‪ ،‬يتبَعهُ ُّ‬
‫ابّتاههم‪ ،‬عظيماً‪ ،‬مرتدايً األبيض‪ُُ ،‬ييط به ُّ‬ ‫هو ذا يسوع ِ‬
‫قادم ِمن احلظرية ّ‬
‫والنساء‪.‬‬

‫«السالم لكم َجيعاً‪.‬‬

‫ساه َم‬ ‫ِ‬


‫الرب‪ .‬إن كان َميئي قد َ‬
‫ساه َم يف إرساء ملك هللا فيما بينكم‪ ،‬فليتبارك ّ‬
‫إن كان َميئي قد َ‬
‫ساه َم‬
‫الرب‪ .‬وإذا كان وصويل يف الوقت املناسب ملنع وقوع جرمية‪َ ،‬‬
‫يف إظهار براءة إنسان‪ ،‬فليتبارك ّ‬
‫الرب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كذلك يف َمنح ثالثة ُمذنبني وسيلة افتداء‪ ،‬فليتبارك اسم ّ‬
‫نتأملها بينما يَهبط الليل لِيُغلِّف‬
‫التأمل يف أمور كثرية‪ .‬سوف ّ‬
‫اآلن‪ ،‬تَ َبعث أحداث اليوم على ّ‬
‫ابلعتمة فَـَرح قلبني وأتنيب ضمري ثالثة آخرين‪ .‬ففي عتماته يُظلِّل‪ ،‬كما حتت وشاح عفيف‪ ،‬دموع‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 198 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل تلك األشياء‪ ،‬هناك َميل‬ ‫األولَني‪ ،‬والدموع احلارقة َ ِ‬
‫لآلخرين‪ ،‬اليت يراها هللا آنذاك‪ .‬وسط ّ‬ ‫فَـَرح َّ‬
‫العتبار ما أعطى هللا يف الشريعة وكأنّه َمل يَ ُكن‪ ،‬أو بغري جدوى‪.‬‬

‫يتم التقيّد هبا يف إسرائيل‪ّ ،‬أما يف احلقيقة فال‪ .‬الشريعة هنا ُُملَّلَة‬ ‫ِ‬
‫نظرايً‪ ،‬الشريعة املعطاة من هللا ّ‬
‫كأّنا جثّة ُمنَّطة‪ ،‬بال حياة‪ ،‬بال‬‫شرحة إىل درجة َج َعلَتها متوت بشكل ُمريع‪ّ .‬إّنا هنا‪ ،‬و ّ‬ ‫وم َّ‬
‫ومفصلة ُ‬
‫َّ‬
‫قعد‪ ،‬على املومياء ميكن‬ ‫تن ّفس وال دم يف قلوب كثرية كثرية‪ .‬فعلى املومياء ميكن اجللوس كما على َم َ‬
‫ضالت‪ ،‬لو أراد املرء ذلك‪ ،‬وهي ال تَثور‪ ،‬أل ّن ال حياة هلا‪ .‬فهكذا َُي َعل‬ ‫حّت فَ َ‬
‫وضع أشياء‪ ،‬ثياب‪ّ ،‬‬
‫قعداً‪َ ،‬مسنَداً‪َ ،‬مقلَباً لفضالهتم‪ .‬ابلنسبة إىل البعض‪ ،‬هي ال تَثور يف ضمائرهم‬ ‫ِ‬
‫الكثريون من الشريعة َم َ‬
‫ألّنا ميتة‪.‬‬
‫ّ‬

‫شاهد هنا وهناك يف وادي النيل‬ ‫املتحجرة اليت تُ َ‬


‫ّ‬ ‫ميكنين مقارنة جزء كبري من إسرائيل ابلغاابت‬
‫الص َخب حتت‬ ‫ويف صحراء مصر‪ .‬لقد كانت غاابت‪ ،‬وغاابت نبااتت حيّة‪ ،‬تتغ ّذى على النَّسغ‪ ،‬كثرية َّ‬
‫الشمس‪ ،‬تغطّيها إيراقات َجيلة وزهور ومثّار‪ .‬كانت ّتعل ِمن املكان الذي َّنَت فيه فردوساً أرضيّاً‪،‬‬
‫قفرة‪ ،‬العطش ال ُـمحتَ ِدم‬
‫كانت ُمبوبة ِمن البشر ومن احليواانت اليت كانت تنسى جفاف الصحراء الـم ِ‬
‫ُ‬
‫الذي يُسبِّبه الرمل لإلنسان بِغباره ال ُـمح ِرق‪ ،‬فانياً األجساد‪ُُ ،‬م ّوالً ّإايها إىل غبار‪ ،‬اتركاً اهلياكل العظمية‬
‫كل شيء‬ ‫ِ‬
‫ص َقلَها‪ .‬كانوا يَنسون ّ‬ ‫متوجات الرمال‪ ،‬هياكل عظميّة مصقولة‪ ،‬وكأ ّن عامالً دقيقاً َ‬ ‫راقدة يف ّ‬
‫ِ‬
‫اصلة‬‫الغين ابملاء والفواكه اليت تُشبِع وتُسلّي وَمتنح الشجاعة ل ُمو َ‬
‫الظل األخضر‪ ،‬الصاخب‪ّ ،‬‬ ‫حتت هذا ّ‬
‫َمسريات جديدة‪.‬‬

‫ف وحسب‪ ،‬كما َُي ُدث مع أشجار أخرى‪ ،‬رغم‬ ‫ُُثّ‪ ،‬ولسبب َمهول‪ ،‬كأمور ملعونة مثالً‪َ ،‬مل َّت ّ‬
‫خدم يف إضرام النار يف َمواقِد الناس‪ ،‬أو َجذوات إلانرة الليل‪ ،‬إلبعاد احليواانت‬‫موهتا‪ ،‬ما زالت تُستَ َ‬
‫الصهباء‪ ،‬والتخلّص ِمن رطوبة الليل ابلنسبة إىل املسافرين البعيدين عن أوطاّنم‪ .‬إّّنا تلك األشجار مل‬
‫ص َع َد ِمن‬ ‫ِ‬
‫ص ّوان األرض‪ ،‬بفعل سحر ما‪َ ،‬‬
‫تُستخدم َك َحطَب‪ ،‬فقد أصبَ َحت حجارة‪ ،‬حجارة‪ .‬يبدو أن َ‬
‫اجلذور إىل اجلذوع وإىل األوراق‪ُ .‬ثّ أتت الرايح‪ ،‬وَك َسَرت األغصان األكثر هشاشة‪ ،‬وقد أصبَ َحت‬
‫أشبَه ابملرمر الذي هو يف ح ّد ذاته قاس ورخو‪ّ .‬إال أ ّن األشجار األكثر ضخامة ما زالت على جذوعها‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 199 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خدع أفراد القوافل ال ُـم َتعبني الذين‪ ،‬بفعل انعكاسات الشمس ال ُـمب ِهرة‪ ،‬أو حتت أطياف نور‬ ‫اجلبّارة لِتَ َ‬
‫القمر‪ ،‬يـرو َن ِظالل اجلذوع‪ ،‬املنتَ ِ‬
‫صبة يف السهول‪ ،‬أو يف عُمق الوداين اليت مل تَـَر املاء ّإال يف أزمنة‬ ‫ََ‬
‫بحثون قَلِقني عن ملجأ ومالذ‪ ،‬عن شيء يتغ ّذون به‪ ،‬عن بئر‪ ،‬عن‬ ‫ِ‬
‫الفيضاانت الغزيرة‪ ،‬ترتَسم‪ ،‬وهم يَ َ‬
‫فاكهة طازجة‪ ،‬ومبا أ ّن عيوّنم تَعِبَة ِمن انعكاس الشمس على الرمال دوّنا محاية منه‪ ،‬فإ ّن القوافل‬
‫حقيقي ألشياء‬
‫ّ‬ ‫تتهافت إىل الغاابت الوِهيّة‪ّ .‬إّنا أشباح حقيقيّة! مظاهر َخدَّاعة ألجسام حيّة‪ ،‬وجود‬
‫ميتة‪.‬‬
‫ِ‬
‫كنت ما أزال صغرياً‪ ،‬كإحدى أشياء األرض األكثر‬ ‫احتفظت بِذكراها‪ ،‬رغم أنّين ُ‬
‫ُ‬ ‫لقد رأيتُها و‬
‫ألّنا ميتة‪ .‬األشياء‬
‫كآبة‪ .‬هكذا كانت تبدو يل‪ ،‬طاملا مل أملسها وأقيس وأزن أشياء األرض الكئيبة متاماً ّ‬
‫ألّنا قَـتَـلَت ذاهتا‪.‬‬
‫الالماديّة‪ ،‬أي الفضائل والنُّفوس امليّتة‪ .‬األوىل ميّتة يف النُّفوس‪ ،‬والنُّفوس ميّتة ّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫املتحجرة يف الصحراء‪ :‬أصبَ َحت كاملرمر‪ ،‬ميّتة‪.‬‬ ‫الشريعة موجودة يف إسرائيل‪ ،‬ولكنّها كاألشجار‬
‫ّ‬
‫املتحجرة‪ ،‬أل ّّنا‬
‫ّ‬ ‫حّت ِمثل األشجار‬
‫احلت دوّنا جدوى‪ .‬أشياء مؤذية‪ّ ،‬‬ ‫ُمسبِّبة للخطأ‪ ،‬أشياء قـُيِّض هلا ّ‬
‫َُتلِق سراابً َُيلِب إليه الناس‪ُ ،‬مبعِداً ّإايهم عن الواحات احلقيقيّة‪ ،‬جاعالً ّإايهم ميوتون ِمن اجلوع والظمأ‬
‫والعُزلة‪ُ ،‬مودايً هبم إىل َح ِتفهم‪ .‬أشياء ميتة َّتلِب أخرى إىل املوت‪ ،‬كما يُقرأ يف كثري من األساطري‬
‫الوثنيّة‪.‬‬

‫حتولت إىل حجر يف نـَ ْفس أصبَ َحت هي أيضاً‬ ‫عما تَكونه شريعة ّ‬
‫لقد كان لكم اليوم مثال ّ‬
‫كل أنواع اخلطااي والشقاء‪ .‬فليفدكم ذلك يف معرفة العيش ومعرفة إحياء الشريعة فيكم‪،‬‬
‫حجراً‪ .‬إ ّّنا نبع ّ‬
‫بنـزاهتها اليت أُضيئها أان أبنوار الرمحة‪.‬‬

‫الليل ُمد َهلِ ّم‪ .‬النجوم تَنظُر إلينا‪ ،‬وكذلك هللا‪ .‬ارفعوا نَظَركم إىل السماء َّ‬
‫املرصعة ابلنجوم‪ ،‬وارفعوا‬
‫أرواحكم صوب هللا‪ .‬دوّنا انتقاد للبؤساء الذين عاقَـبَـ ُهم هللا‪ ،‬دوّنا كربايء لعدم ارتكاهبم خلطيئتهم‪،‬‬
‫ِع ُدوا هللا وأنفسكم بعدم الوقوع يف َجدب النبااتت امللعونة لصحارى ووداين مصر‪.‬‬

‫السالم لكم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 200 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫نس ِحب إىل نِطاق احلظرية الواسع‪ ،‬احملاط ابألروقة‪ ،‬حيث َم َّد ُّ‬
‫الرعاة حتتها طبقة جيّدة‬ ‫يباركهم ويَ َ‬
‫الرب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ش جلعلها سريراً خلُ ّدام ّ‬‫من ال َق ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 201 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫أهم ِمن الدم" يف الطريق إىل سيكامينون)‬


‫‪"( -112‬الدعوة ّ‬
‫‪1945 / 08 / 10‬‬

‫صبيحة هادئة ومشمسة‪ ،‬مؤاتية لصعود الروايب املتّجهة صوب الغرب‪ ،‬أي صوب البحر‪.‬‬
‫َ‬
‫«حسناً فَـ َعلنا بوصولنا إىل الروايب يف ساعات الصبيحة األوىل‪ .‬مل نكن لنستطيع البقاء يف السهل‬
‫حتت هذه الشمس‪ .‬بينما هنا ِظل ورطوبة‪ .‬أ ِ‬
‫ُشفق على الذين يَسلكون الطريق الرومانيّة‪ ،‬فهي صاحلة‬ ‫ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫للشتاء‪ ».‬يقول ّ‬
‫اجلو على الدوام‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫ف‬‫ط‬
‫ّ‬‫عد هذه الروايب‪ ،‬سوف نُو ِاجه هواء البحر‪ .‬وهو يل ِ‬
‫«بَ َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫«سوف أنكل يف األعلى‪ .‬ذاك اليوم كان ممتعاً للغاية‪ ،‬وينبغي أن يكون هذا املكان أكثر ُمتعة‪،‬‬
‫أقرب‪ ،‬وكذلك البحر‪ ».‬يضيف يعقوب بن حلفا‪.‬‬ ‫أل ّن الكرمل َ‬
‫«على ذلك‪َّ ،‬‬
‫فإن وطننا َجيل!» يقول اندراوس‪.‬‬

‫كل شيء‪ :‬جبال تكسوها الثلوج‪ ،‬ومرتفعات منحدراهتا لطيفة‪ ،‬حبريات وأّنار‪ ،‬أشجار‬ ‫«فيه من ّ‬
‫غىن به ُمؤلِّفو املزامري وأنبياؤان ُ‬
‫وُما ِربوان‬ ‫كل نوع‪ ،‬دون أن ينقصه البحر‪ .‬إنّه ح ّقاً البلد الرائع الذي تَ ّ‬
‫من ّ‬
‫ِ‬
‫وشعراؤان‪ ».‬يقول ت ّداوس‪.‬‬
‫العظماء ُ‬
‫أنت اي َمن تَع ِرف الكثري‪ ».‬يَطلُب إبحلاح يعقوب بن زبدى‪.‬‬
‫«قُل لنا منها بعض املقاطع‪َ ،‬‬
‫«"ببهاء الفردوس أنشأَ أرض يهوذا؛ اببتسامة مالئكته َزيَّ َن أرض نفتايل؛ وأبّنار َع َسل السماء‬
‫َج َع َل طَعم فواكه أرضه‪.‬‬

‫فيك اي جوهرة هللا املمنوحة ِمن اإلله إىل شعبه املق ّدس‪.‬‬
‫كل اخلليقة تتمرى ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 202 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جبالك‪ ،‬أَطيَب ِمن احلليب الذي ينفخ‬
‫ِ‬ ‫نضج على منحدرات‬ ‫ِ‬
‫أل ّذ من العناقيد املرصوصة اليت تَ ُ‬
‫نعاجك‪ ،‬استساغة ِمن العسل الذي له طعم الزهور اليت تكسوك‪ ،‬أيّتها األرض املغبوطة‪ ،‬هو‬‫ِ‬ ‫ضروع‬
‫ِ‬
‫أبنائك‪.‬‬ ‫َجالك على قلب‬‫ِ‬

‫ثوبك األخضر ِحزاماً وقالئد‪.‬‬ ‫هبطَت السماء لِتُش ِّكل ّنراً ُيمع جوهرتني‪ ،‬لِيجعل ِ‬
‫لك على ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫ََ‬
‫اآلخر يُذ ّكِر أ ّن هللا رهيب‪ ،‬بينما تبدو الروايب و ّ‬
‫كأّنا تَرقُص َمساء‬ ‫يغين‪ ،‬البحر يبتسم‪َ ،‬‬
‫ّنر األردن ّ‬
‫مثل بنيّات (فَـتَيات) َم ِرحات يف مرج‪ ،‬واجلبال تصلّي يف ساعات الفجر املالئكيّة أو تُرتِّل هللواي حتت‬
‫العلي‪.‬‬
‫تك‪ ،‬أيّها اإلله ّ‬ ‫نريان الشمس‪ ،‬أو كذلك تُسبِّح مع النجوم قدر َ‬
‫كت لنا البحر مفتوحاً لتقول إ ّن العامل لنا"‪».‬‬ ‫ِ‬
‫َمل َحتصران ضمن حدود ضيّقة‪ ،‬ولكنّك تر َ‬
‫«َجيل! آه! إنّه ح ّقاً َجيل! أان مل أَُزر ِسوى البحرية وأورشليم؛ خالل سنوات وسنوات‪َ ،‬مل أ ََر‬
‫أتعرف على فلسطني‪ ،‬ولكنّين على يقني أبن ليس يف العامل ما هو أَجل‪ ».‬يؤّكد‬ ‫غري ذلك‪ .‬اآلن فقط َّ‬
‫بطرس وكلّه اعتزاز بوطنه‪.‬‬

‫«كانت مرمي تقول يل كذلك إ ّن وادي النيل َجيل ج ّداً‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬

‫األندوري يتح ّدث عن قربص كما عن فردوس‪ ».‬يُضيف مسعان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫و‬

‫لكن أرضنا!‪»...‬‬
‫«آه! نعم‪ ،‬و ّ‬
‫يوطي وتوما اللَّ َذين يتقدَّمان اآلخرين قليالً‬
‫الر ُسل يف مديح َجال فلسطني‪ ،‬عدا االسخر ّ‬
‫مر ُّ‬
‫يَستَ ّ‬
‫مع يسوع‪.‬‬

‫دائقهن أو‬
‫ّ‬ ‫اهتن ِمن قطف بذور الزهور لزراعتها يف ح‬ ‫ِ‬
‫خلفهم النساء اللوايت َمل يَستَطعن منع ذو ّ‬
‫ألّنا َجيلة وستكون مبثابة التذكار للرحلة‪.‬‬
‫بساتينهن ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 203 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دائري فوق قِمم الروايب‪ُ ،‬من َقضَّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بشكل‬ ‫ق‬‫هناك عقبان‪ ،‬عقبان َحبر على ما أظن‪ ،‬أو نسور‪ُ ،‬حتلِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سرين‪ ،‬يتقاتالن ويتقاتالن‪ ،‬ويتطاير منهما الريش‪،‬‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫بني‬ ‫اك‬ ‫ر‬ ‫نشب ِ‬
‫ع‬ ‫بني احلني واحلني‪ ،‬على فريسة‪ ،‬ويَ َ‬
‫َ‬
‫قمة بعيدة‪ .‬فهذا‪،‬‬ ‫وش ِرسة تنتهي بفرار ِ‬
‫شك ليموت على ّ‬ ‫اخلاسر‪ ،‬الذي مضى بدون ّ‬ ‫يف معركة مميَّزة َ‬
‫وم َنهكاً‪.‬‬
‫األقل‪ ،‬هو تقدير اجلميع‪ ،‬لش ّدة ما كان طريانه ثَقيالً ُ‬
‫على ّ‬
‫الشراهة تسبَّـبَت له ابألذى‪ ».‬يُعلّق توما‪.‬‬
‫« َّ‬

‫لكن أولئك الثالثة ابألمس!‪ ...‬اي للرمحة األزليّة!‬‫و‬ ‫ام‪.‬‬


‫و‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫األذى‬ ‫بان‬‫الشراهة والعِناد يُسبِ‬
‫ّ‬ ‫« َّ‬
‫ّ‬
‫مّت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اي لَهُ من َمصري فظيع!» يقول ّ‬
‫«ألن يُشفوا أبداً؟» يَسأَل اندراوس‪.‬‬

‫« َسل املعلّم‪».‬‬

‫فاحلق أقول لكم إنّه‬


‫عما إذا كانوا َسيَتوبون‪ّ .‬‬
‫وعندما يَسأَل يسوع ُُييب‪« :‬األفضل هو السؤال ّ‬
‫فالربص يبقى على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَمن األفضل أن ميوت املرء وهو أبرص ق ّديس من أن ميوت وهو سليم خاطئ‪ُ .‬‬
‫لكن اخلطيئة تُال ِزمه إىل األبد‪».‬‬
‫األرض‪ ،‬يف ال َقرب‪ ،‬و ّ‬
‫حبديثك كثرياً‪ ،‬أان‪ ،‬يف األمس‪ ».‬يقول الغيور‪.‬‬ ‫«لقد أ ِ‬
‫ُعجبت‬
‫َ‬
‫«أان‪ ،‬ال‪َ .‬مل يـَُرق يل‪ .‬فلقد كان قاسياً ج ّداً ابلنسبة إىل الكثريين يف إسرائيل‪ ».‬يقول‬
‫يوطي‪.‬‬
‫االسخر ّ‬
‫أنت منهم؟»‬
‫«هل َ‬
‫«ال اي معلّم‪».‬‬
‫«ولكن ملاذا أنت ِ‬
‫غاضب إذاً؟»‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 204 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أل ّن هذا قد يُسبِّب َ‬
‫لك األذيّة‪».‬‬

‫«هل ينبغي يل إذن‪ ،‬لِتَحاشي تلك املتاعب‪ ،‬التواطُؤ مع اخلَطَأَة‪ ،‬وأن أكون هلم شريكاً؟»‬
‫ميكنك فِعل ذلك‪ .‬إّّنا أن تَصمت لِ ّئال تؤلِّب ِ‬
‫الكبار ض ّد َك‪»...‬‬ ‫لست أقول هذا‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫« ُ‬
‫لست ُموافِقاً على اخلطااي‪ ،‬ال الصغرية منها وال العظيمة‪».‬‬
‫«الصمت يعين املوافقة‪ .‬وأان ُ‬
‫ص َل للمعمدان؟»‬
‫«ولكن أمل تَـَر ما َح َ‬
‫« ََم َدهُ‪».‬‬

‫« ََم َدهُ؟ يبدو يل تدمريه‪».‬‬

‫«االضطهاد واملوت يف سبيل الوفاء للواجب ََمد لإلنسان‪ .‬فالشهيد ُمم َّجد دائماً‪».‬‬

‫لكن املوت َمينَعه ِمن أن يكون معلّماً‪ ،‬ويُسبِّب األمل لتالميذه وأفراد أسرته‪ .‬هو يُفلِت ِمن ُك ّل‬
‫«و ّ‬
‫صاعب أعظَم‪ .‬املعمدان ال أهل له‪ ،‬صحيح‪ .‬إّّنا عليه واجبات‪ ،‬على الدوام‪،‬‬ ‫عناء‪ ،‬ويرتك لآلخرين م ِ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫ّتاه تالميذه‪».‬‬

‫أهم ِمن الدم‪».‬‬ ‫ِ‬


‫حّت ولو كان له أهل‪ ،‬فاألمر سيّان‪ .‬الدعوة ّ‬
‫« ّ‬
‫«والوصية الرابعة؟»‬

‫ص هللا‪».‬‬
‫«أتيت بعد اليت َُت ّ‬
‫أيت ابألمس كم كانت تلك األ ُّم تتأ ّمل بسبب ابنها‪»...‬‬
‫«ر ُ‬
‫«أ ُّمي! تعايل هنا‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫بين؟»‬
‫َهتَرع مرمي إىل يسوع وتسأله‪« :‬ماذا تريد اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 205 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أُمي‪ ،‬إ ّن يهوذا االسخريوطي يدافِع عن قضي ِ‬
‫تك ألنّه ُيب ِ‬
‫ك وُيبّين‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫«قضيّيت؟ أيّة قضيّة؟»‬

‫«يُريدين أن أكون َح ِذراً إىل أبعد احلدود‪ ،‬كي ال أُقتَل ِمثل قريبنا‪ ،‬املعمدان‪ .‬ويقول يل بوجوب‬
‫لك؟ أان أترك الكالم ِ‬
‫لك لتعليم‬ ‫هن‪ ،‬إذ هذا ما تَتطَلَّبه الوصية الرابعة‪ .‬ما قو ِ‬
‫الرأفة ابأل ُّمهات‪ُ ،‬مراعياً ّإاي َّ‬
‫ّ‬
‫يهوذا بِلطف‪».‬‬

‫كنت ُُم ِطئة‬ ‫ِ‬


‫عما إذا ُ‬ ‫ب ابين كإله‪ ،‬حبيث سوف أبدأ ابلتساؤل ّ‬ ‫«أقول أبنّين سوف لن أعود أُح ّ‬
‫تساهل أبمر َكماله‪،‬‬
‫علي بشأن طبيعته‪ .‬وفيما إذا رأيتُهُ يَ َ‬ ‫ط َّ‬ ‫أن األمر كان قد اختَـلَ َ‬ ‫بشأنه على الدوام‪ ،‬أَم َّ‬
‫قصياً االعتبارات فائقة البشر‪ ،‬اليت هي‪ :‬معرفة‬ ‫وذلك ِجبعل فِكره يهبط إىل مستَوى اعتبارات إنسانية‪ ،‬م ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غض النَّظَر َع ّما قد يُسبّب له ذلك ِمن متاعب‬ ‫ِ‬
‫االفتداء‪ ،‬والعمل على فداء البشر حبّاً هبم‪ ،‬وجملد هللا‪ ،‬بِ ّ‬
‫شريرة‪ ،‬سوف أ ُِحبُّه بدافع الشَّفقة‪ ،‬ألنّه ابين‪،‬‬
‫ّ ّ‬‫ة‬‫قو‬ ‫فعل‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َّ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫قد‬ ‫كابن‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ب‬ ‫وأَحقاد‪ .‬فَحينذاك سوف أ ِ‬
‫ُح‬
‫للرب‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب الذي أ ُكنُّه له اآلن‪ ،‬وأان أراه أميناً ّ‬
‫وألنه ابئس ومسكني‪ ،‬إّّنا سوف لن أُحبُّه مبلء ّ‬
‫قصدين لِنفسه‪».‬‬
‫«تَ ِ‬

‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وحّت أكثر من ّ‬
‫آخر‪ّ ،‬‬ ‫أي َ‬‫للرب‪ ،‬مثل ّ‬
‫الرب‪ ،‬وعليه أن يكون أميناً ّ‬ ‫للرب‪ .‬اآلن هو مسيح ّ‬ ‫« ّ‬
‫وجد على األرض‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫سوف‬ ‫أو‬ ‫اآلن‬ ‫د‬ ‫وج‬ ‫ُ‬‫ت‬ ‫أو‬ ‫ت‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫آخر‪ .‬ألنّه صاحب رسالة أعظم ِمن أية رسالة وِ‬
‫ج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تناسب مع َعظَ َمة هذه الرسالة‪».‬‬ ‫ي‬ ‫ان‬
‫ً‬ ‫عو‬ ‫هللا‬ ‫ن‬ ‫على اإلطالق‪ .‬وابلتأكيد هو يل َقى ِ‬
‫م‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ص َل له مكروه‪ ،‬أال تبكني؟»‬
‫«ولكن‪ ،‬لو َح َ‬
‫ويف هلل‪ ،‬فإنّين أبكي مع الدموع دماً‪».‬‬
‫عيين كلّها‪ .‬ولكنّين لو رأيتُه غري ّ‬
‫أذرف ُدموع ّ‬
‫« ُ‬
‫«هذا ُخي ِّفف كثرياً خطااي الذين يَضطَ ِهدونه‪».‬‬

‫«ملاذا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 206 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ألنّه‪ ،‬وكذلك ِ‬
‫أنت‪ ،‬تُ ِّربران هلم خطاايهم بطريقة ما‪».‬‬

‫عيين هللا‪ ،‬إن َح َك ْمنا أ ّن ذلك ال ميكن‬ ‫ِ‬


‫«ال تُف ّكر يف ذلك‪ .‬فاألخطاء تبقى على حاهلا يف ّ‬
‫حبق ماسيّا‪».‬‬ ‫ِ‬
‫حتاشيه‪ ،‬أو َح َك ْمنا إبنّه ينبغي ّأال يكون إنسان يف إسرائيل ُمذنباً ّ‬
‫«إنسان يف إسرائيل؟ وإذا كان وثنيّاً‪ ،‬أفال يكون األمر ذاته؟»‬

‫«ال‪ .‬ابلنسبة للوثنيّني‪ ،‬األمر ال يتع ّدى كونه خطيئة ّتاه إنسان يُشبِ ُ‬
‫ههم‪ .‬بينما اإلسرائيليّون‬
‫يَعلَمون َمن يكون يسوع‪».‬‬

‫«قِسم كبري من إسرائيل ال يَعلَم‪».‬‬


‫متعمد‪ .‬يضيفون عدم احملبة إىل ال ُكفر‪ ،‬وي ِ‬
‫الرجاء‪.‬‬
‫نكرون َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫«ال يُريدون أن يَع ِرفوا‪ُ .‬هم ك َفَرة بشكل َّ ُ‬
‫فَ َدوس الفضائل الرئيسيّة الثالث ليس خطيئة صغرية‪ ،‬اي يهوذا‪ .‬إ ّن ذلك َألمر َجلَل‪ ،‬فروحيّاً هي اخلطيئة‬
‫ي ض ّد ابين‪».‬‬ ‫األكثر جسامة ِ‬
‫ماد ّ‬
‫تصرف ّ‬
‫ّ‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ َ‬
‫ِمبا أ ّن يهوذا يَفتَ ِقر إىل احلُ َجج‪ ،‬فإنّه ينحين لَِريبط سري حذائه‪ ،‬ويبقى يف اخللف‪.‬‬

‫القمة‪ ،‬يَربُز وكأنّه يَبغي اجلَّري صوب األفق‪ُ ،‬مستخ ّفاً ابلبحر‬
‫ابحلري نتوءاً يف ّ‬‫ّ‬ ‫القمة‪ ،‬أو‬
‫يَبلُغون ّ‬
‫الزمرد الصايف‪ ،‬وتتّسم بِنُـتَف مشس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذي بغري حدود‪ .‬غابة كثيفة من السنداين األخضر تُضفي نوراً من ّ‬
‫هواة‪ ،‬واملفتوحة على الشاطئ القريب‪ ،‬يف مواجهة سلسلة جبال‬ ‫القمة اجلبليّة احملبّبة‪ ،‬ال ُـم ّ‬
‫ممتعة على تلك ّ‬
‫نح ِدرة‬
‫الكرمل العظيمة‪ .‬يف أسفل اجلبل‪ ،‬الذي يبدو بُروزه وكأنّه يَبغي الطريان‪ ،‬بعد حقول صغرية ُم َ‬
‫حتول اآلن‬‫بقوة جراينه يف زمن الفيضان‪ ،‬وقد َّ‬ ‫َّار‬
‫د‬ ‫ه‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫حتم‬ ‫هو‬ ‫عميق‪،‬‬ ‫سيل‬ ‫مع‬ ‫ق‬ ‫ضي‬ ‫قليالً‪ ،‬هناك و ٍ‬
‫اد‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ضي وسط َمراه‪ .‬والسيل ُيري صوب البحر م ِ‬
‫المساً قاعدة الكرمل‪ .‬وطريق تُسايِر َمرى‬ ‫إىل زبد فِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫سامرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السيل‪ ،‬أعلى منه قليالً‪ ،‬إىل ميينه‪ ،‬تَربط مدينة وسط الشرم‪ ،‬ابملدن الداخليّة‪ ،‬قد تكون ُمدن ال ّ‬
‫إذا كانت وجهيت صحيحة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 207 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هذه املدينة هي سيكامينون» يقول يسوع‪« .‬سوف نَبيت فيها هذا املساء‪ ،‬عند هبوط الليل‪.‬‬
‫لِنَ َِ‬
‫سرتح اآلن‪ ،‬فاالحندار صعب‪ ،‬رغم كونه ُمنعِشاً وقصرياً‪».‬‬

‫حديدي) ريفي‪ ،‬إنّه ابلتأكيد‬ ‫(قضيب‬ ‫سفود‬ ‫على‬ ‫ل‬ ‫مح‬


‫َ‬ ‫شوى‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫بين‬ ‫دائرة‪،‬‬ ‫شكل‬ ‫على‬ ‫سون‬ ‫َُيلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هديّة ِمن ُّ‬
‫الرعاة‪ .‬ويتح ّدثون فيما بينهم ومع النساء‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 208 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -113‬إىل تالميذ سيكامينون‪" :‬إحراق ال ّذات")‬

‫‪1945 / 08 / 11‬‬

‫على ِضفاف َّ‬


‫السيل العميق ابلضبط‪ ،‬يلتقي يسوع ابسحق ومعه تالميذ كثريون‪ ،‬منهم َمن هو‬
‫معروف ومنهم غري املعروف‪.‬‬

‫بني أولئك املعروفني‪ ،‬هناك رئيس َممع منطقة املياه احللوة‪ :‬تيمون؛ يوسف الذي من عماوس‬
‫والذي ُّاهتِم بِ ِسفاح ذوي ال ُقرىب؛ الشاب الذي تَـَرَك دفن أبيه لِيَتبع يسوع؛ إيتيان؛ هابيل األبرص الذي‬
‫نص ِرم قُرب كورازين مع صديقه صموئيل؛ وكذلك صاحب زورق نقل الناس يف أرُيا‪:‬‬ ‫تطهَر العام ال ُـم َ‬
‫َّ‬
‫سليمان؛ وآخرون‪ ،‬وآخرون أع ِرفهم‪ ،‬ولكنّين ُ‬
‫لست أتذ ّكر أبداً املكان الذي رأيتُـ ُهم فيه وال أمساءهم‪.‬‬
‫وجوه معروفة‪ ،‬الكثري منها‪ ،‬وكلّهم َمعروفون كالتالميذ‪ُُ .‬ثّ آخرون استماهلم اسحق أو التالميذ ّإايهم‬
‫الذين ذَ َكرُهتم‪ ،‬الذين يَتبَعون اجملموعة األساسيّة‪ ،‬أَمالً بلقاء يسوع‪.‬‬

‫ميي‪ .‬يَ ُش ّع اسحق فَـَرحاً لرؤية املعلّم كي يُريه رعيَّته اجلديدة‪ ،‬وكمكافأة‬
‫اللقاء َودود وفَرِح وتكر ّ‬
‫للجمع الذي معه‪.‬‬ ‫يَطلُب ِمن يسوع حديثاً َّ‬

‫«هل تَع ِرف مكاانً هادائً ميكننا االجتماع فيه؟»‬

‫ألّنا غري‬
‫«عند طََرف اخلليج‪ ،‬هناك شاطئ قَفر‪ ،‬فيه أكواخ صيادين‪ ،‬فارغة يف هذا املوسم‪ّ ،‬‬
‫صحيّة‪ ،‬وأل ّن موسم صيد األمساك وَمتليحها قد انتهى‪ ،‬والصيّادون قد َمضوا إىل فينيقية السوريّة الصطياد‬
‫ّ‬
‫ألّنم َِمس َ‬
‫عوك تتح ّدث يف‬ ‫بك ّ‬ ‫ستخرج منها األرجوان)‪ .‬كثريون منهم يؤمنون َ‬ ‫الفرفورة (أصداف حبرية يُ َ‬
‫ألّنم التقوا التالميذ‪ ،‬ولقد تَـَركوا أكواخهم لنسرتيح فيها‪ ،‬وحنن عائدون بعد أداء‬
‫املدن الساحليّة‪ ،‬أو ّ‬
‫حّت إىل فينيقية‬ ‫ِ‬
‫أود لو أَصل ّ‬ ‫فسد متاماً أبمور كثرية‪ُّ .‬‬
‫رسالة‪ .‬فعلى هذا الشاطئ َع َمل كثري‪ .‬إنّه ُم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 209 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫السوريّة‪ ،‬وذلك ُمم ِكن عن طريق البحر‪ ،‬أل ّن الشاطئ تُل ِهبه الشمس‪ ،‬وال ميكن اجتيازه على األقدام‪.‬‬
‫ِ‬
‫لست حبّاراً‪ ،‬وما من أحد بني هؤالء يَع ِرف أن ّ‬
‫يوجه مركباً شراعياً‪».‬‬ ‫ولكنّين ر ٍاع و ُ‬
‫نح ٍن قليالً بقامته الفارعة أمام ر ٍاع صغري ال َق ّد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يُنصت يسوع ابنتباه‪ ،‬مع ابتسامة خفيفة‪ .‬إنّه ُم َ‬
‫كنت أان‬‫اضعك‪ .‬إذا ُ‬ ‫كجندي يُديل بتقرير شامل لقائده‪ُ .‬ييب يسوع‪« :‬هللا مي ّد َك ابلعون‪ ،‬بسبب تو َ‬ ‫ّ‬
‫أنت ال اآلخرين‪ .‬سنسأل اآلن راببنة البحرية إذا كان إبمكاّنم قيادة‬ ‫فبفضلك َ‬
‫َ‬ ‫معروفاً هنا‪ ،‬اي تلميذي‪،‬‬
‫املراكب الشراعيّة يف البحر‪ ،‬وإن استطعنا‪ ،‬فسوف نذهب إىل فينيقية السوريّة‪ ».‬ويلتَ ِفت ابحثاً عن‬
‫بطرس واندراوس ويعقوب ويوحنّا‪ ،‬ال ُـم َنه ِمكني يف نقاش ُُمتَ ِدم مع بعض التالميذ‪ ،‬بينما يهوذا‬
‫يوطي‪ ،‬يف اخللف‪ُ ،‬م َنه ِمك يف مدح إيتيان‪ ،‬والغيور وبرتلماوس وفليبّس قرب النساء‪ .‬واألربعة‬ ‫االسخر ّ‬
‫اآلخرون قرب يسوع‪.‬‬

‫أييت الصيّادون األربعة فوراً‪ ،‬ويسأل يسوع‪« :‬هل أنتم‪ ،‬يف نَظَر أنفسكم‪ ،‬أهل لقيادة املركب يف‬
‫البحر؟»‬

‫يَنظُر األربعة إىل بعضهم ِحبَرية‪ .‬وُميِّرر بطرس يده يف شعره‪ ،‬وهو يُف ِّكر‪ُ ،‬ثّ يَسأل‪« :‬ولكن إىل‬
‫أين؟ أإىل عرض البحر؟ فنحن أمساك مياه حلوة‪».‬‬

‫«ال‪ .‬بَل مبحاذاة الشاطئ‪ ،‬إىل صيدون‪».‬‬

‫أظن ذلك ممكناً‪ .‬ما قولكم؟»‬


‫« ّ‬
‫«أان أَظُنّه كذلك‪َ .‬حبر أو حبرية‪ ،‬األمر سيّان على الدوام‪ :‬مياه‪ ».‬يقول يعقوب‪.‬‬

‫حّت سيكون أَجل وأسهل‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬


‫«بل ّ‬
‫ك فيه؟» ُُييبه أخوه‪.‬‬
‫كم َ‬
‫يت ُح َ‬
‫لست أدري‪ ،‬على ماذا بـَنَ َ‬
‫«ولكن هذا‪ُ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 210 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكنت زوجاً‬
‫حتب امرأة َ‬
‫كنت ّ‬
‫كل الكماالت‪ .‬لو َ‬
‫ُيب شيئاً يـََرى فيه ّ‬
‫«بسبب ُحبّه للبحر‪َ .‬من ّ‬
‫هز يوحنّا بتحبّب‪.‬‬
‫مثاليّاً‪َ ».‬ميَزح بطرس وهو يَ ّ‬
‫أيت يف عسقالن أ ّن احلركات هي ذاهتا‪ ،‬واإلحبار ممتع للغاية‪ُُ ».‬ييب‬
‫«ال‪ .‬أقول هذا ألنّين ر ُ‬
‫يوحنّا‪.‬‬

‫«إذاً هيّا بنا!» يقول بطرس‪.‬‬

‫«ومع ذلك‪ ،‬فَ ِمن األفضل اصطحاب أحد ِمن البلدة‪ .‬فنحن ال نعرف هذا البحر‪ ،‬وال أعماقه‪».‬‬
‫يبدي يعقوب مالحظته‪.‬‬

‫استكنت لألمر‪ ،‬ولكنّه ُمذ َس َّكن البحرية! هيّا‪ ،‬هيّا‬


‫ُ‬ ‫وإال ملا‬
‫أظن ذلك! فيسوع معنا! ّ‬‫«آه! ال ُّ‬
‫بنا إىل صيدون مع املعلّم‪ .‬قد يكون هناك خري نفعله‪ ».‬يقول اندراوس‪.‬‬
‫«إذن‪ ،‬سوف نذهب‪ .‬است ِ‬
‫أجر املراكب للغد‪ُ .‬خذ املال الالزم ِمن يهوذا بن مسعان‪».‬‬‫َ‬
‫َصف فَـَرح عدد كبري منهم ومن أولئك الذين يَع ِرفهم‬ ‫الرسل‪ .‬ال داعي ألن أ ِ‬
‫انضم التالميذ إىل ُّ ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫متوجهني إىل املدينة‪ ،‬ويتن ّـزهون يف الضاحية‪ ،‬إىل أن يَبلغوا آخر َح ّد ِمن‬
‫يسوع‪ .‬يَعودون على أعقاهبم‪ّ ،‬‬
‫الشَّرم الذي ميت ّد يف البحر كالذراع امللتوية‪ .‬واألكواخ املنتشرة أبعداد قليلة على الشاطئ الصغري املغطّى‬
‫األقل سكاانً‪ ،‬حيث ال تُشغَل إال مومسيّاً‪ .‬البيوت الصغرية‬ ‫املدينة‪،‬‬ ‫يف‬ ‫شقاء‬ ‫األكثر‬ ‫املوقع‬ ‫ل‬ ‫ابحلصى ُمتثِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫هي عبارة عن مكعبات ذات جدران متفتِّتة وابلية بفعل اهلواء املاحل‪ّ .‬إّنا ُمغلَقة‪َ ،‬جيعها‪ ،‬وعندما‬
‫يَفتَحها التالميذ يُظ ِهرون شقاءها‪ ،‬وقد أضحت سوداء بفعل الدخان‪ ،‬واألاثث فيها يف ح ّده األدىن‬
‫ابلضبط‪.‬‬
‫ِ‬
‫رحب هبم‪.‬‬
‫«هي ذي‪ّ ،‬إّنا متواضعة ج ّداً ونظيفة‪ ،‬وإن مل تكن َجيلة‪ ».‬يقول اسحق الذي يُ ّ‬
‫«َجيلة‪ ،‬ال‪ .‬فمنطقة املياه احللوة قَصر هي‪ ،‬إذا ما قوِرنَت هبا‪ .‬وكان هناك َمن َّ‬
‫يتشكى منها‪»...‬‬
‫يُهم ِهم بطرس‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 211 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ولكنّها‪ ،‬ابلنسبة لنا‪ ،‬نصيب وحظوة‪».‬‬

‫حالك؟‬
‫املهم هو سقف وُمبّة متبادلة‪ .‬آه! ولكن انظر أين احلبيب يوحنّا! كيف َ‬
‫«طبعاً‪ ،‬طبعاً! ّ‬
‫كنت؟»‬
‫أين َ‬
‫هرع لتكرمي يسوع الذي ُُييّيه بكلّمات رائعة ج ّداً‪.‬‬‫األندوري‪ ،‬وهو يبتسم لبطرس‪ ،‬يَ َ‬
‫ّ‬ ‫لكن يوحنّا‬
‫و ّ‬
‫التصرف مع أهل املدينة‪ ،‬ومع‬ ‫ُفضل بقاءه هنا‪ .‬هو ُييد ّ‬ ‫« َمل أدعه أييت‪ ،‬ألنّه مل يكن على ما يرام‪ ...‬أ ِّ‬
‫وري أحنَف كثرياً ِممّا كان عليه‬
‫الذين يَطلبون االستعالم عن ماسيّا‪ »...‬يقول اسحق‪ .‬ابلفعل‪ ،‬فإ ّن األند ّ‬
‫لكن وجهه صاف‪ ،‬واهلُزال يُضفي على قَ َسماته نُبالً ويدعو إىل التفكري ابمرئ ُمصاب‬ ‫سابقاً‪ ،‬و ّ‬
‫ابستشهاد مضاعف‪ :‬اجلسد والروح‪.‬‬

‫أنت مريض؟»‬ ‫ِ‬


‫يُالحظ يسوع ذلك ويَسأله‪« :‬يوحنّا‪ ،‬هل َ‬
‫كنت عليه قبل أن أر َاك‪ .‬هذا ابلنسبة إىل اجلسد‪ .‬أما ابلنسبة إىل الروح‪ ،‬فإذا‬
‫«ليس أكثر مما ُ‬
‫أحسنت احلُكم‪ ،‬فإنّين يف سبيلي إىل الشفاء ِمن ِجراحي الشخصيّة‪».‬‬
‫ُ‬
‫املتقعِرة عند الصدغني‪ ،‬وال يُضيف شيئاً‪ .‬ولكنّه‬
‫ما زال يسوع يَنظُر إىل عينه الساكنة وجبهته ّ‬
‫دخالن إىل بيت صغري‪ ،‬حيث ُجلِب وعاء مياه حبر لرتطيب القدمني‬ ‫ضع يده على كتفه بينما ُِها يَ ُ‬ ‫يَ َ‬
‫وجرار ماء عذب للشرب‪ ،‬ويف الوقت نفسه ُهتيّأ األطعمة يف اخلارج على طاولة ريفيّة تُظلِّلها‬ ‫التَّعِبتني‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫ِشبه تعريشة ِمن النبااتت املتسلِّقة‪.‬‬

‫إنّه لَ َمشهد َجيل‪ ،‬بينما يَهبِط الليل‪ ،‬والبحر يُتمتِم صلوات املساء بصوت ارتداد املوج اخلفيف‬
‫الر ُسل‪ ،‬جالِسني إىل طاولة كبرية‪ّ ،‬أما‬
‫يتعشى مع النساء و ُّ‬
‫احملصى‪ ،‬أن يُرى يسوع ّ‬ ‫على الشاطئ ّ‬
‫اآلخرون‪ ،‬فَـ ُهم َُيلسون أرضاً‪ ،‬أو على مقاعد‪ ،‬أو على ِسالل َمقلوبة‪ ،‬ويُش ِّكلون دائرة حول الطاولة‬
‫الرئيسيّة‪ .‬ينتهي العشاء بسرعة‪ ،‬وأبسرع منه تُرفَع السفرة‪ ،‬ذلك أ ّن األطباق كانت قليلة‪ ،‬وهي للضيوف‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 212 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل َعظَ َمة‬
‫وتتكشف ّ‬
‫ّ‬ ‫أضحى لون البحر نيليّاً يف الليل الذي ما زال دون قَ َمر‪،‬‬
‫األكثر أِهّيّة فقط‪ .‬لقد َ‬
‫خاصاً ابلشواطئ البحريّة‪.‬‬‫تلك الساعة املليئة ُحزانً َمهيباً ّ‬
‫ويسوع‪ ،‬عظَ َمة بيضاء وسط ِظالل تزداد ظُلمة‪ ،‬يَ َنهض عن الطاولة‪ ،‬وأييت وسط اجلَّمع الصغري‬
‫نس ِحب النساء‪ .‬اسحق ومعه آخر يُض ِرمان انراً صغرية على الشاطئ‪ ،‬لإلانرة‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫بينما‬ ‫التالميذ‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫شك‪ِ ،‬من املستنقعات القريبة‪.‬‬‫وإلبعاد غيوم البَعوض القادمة‪ ،‬بدون ّ‬
‫«السالم لكم َجيعاً‪.‬‬

‫فحصتُها َجيعها‪ ،‬القلوب‪،‬‬ ‫تبادالً‪ .‬لقد تَ َّ‬


‫رمحة هللا َّت َمعنا يف الوقت احملدَّد‪ ،‬ماحنة قلوبنا فَـَرحاً ُم َ‬
‫قلوبكم الصاحلة‪ ،‬كما يُظ ِهرها وجودكم هنا‪ ،‬يف انتظاري‪ُ ،‬مث ِّقفني أنفسكم بتعليمي‪ ،‬وإن كنتم ما زلتم‬
‫غري كاملني روحيّاً‪ ،‬كما تُشري بعض ردود أفعالكم‪ .‬فهي تُظ ِهر أ ّن إنسان إسرائيل العتيق ما يزال فيكم‬
‫ص َل‬
‫آبرائه وأحكامه ال ُـمسبَـ َقة‪ ،‬وَمل َخي ُرج بعد‪ ،‬مثل الفراشة اخلادرة‪ ،‬فاإلنسان اجلديد‪ ،‬إنسان املسيح‪َ ،‬ح َ‬
‫الرحب وال ُـمنري والرحيم‪ ،‬واحملبّة األكثر رحابة‪ .‬ولكن ال تَشعُروا ابل ّذل‪ ،‬إذا ما‬ ‫نطق َّ‬‫ِمن املسيح على الـم ِ‬
‫َ‬
‫كل األسرار فيكم‪ .‬فعلى املعلّم أن يَع ِرف تالميذه ليتم ّكن ِمن إصالح أخطائهم‪،‬‬ ‫أت ّ‬ ‫صت وقَر ُ‬
‫تفح ُ‬
‫َّ‬
‫يشمئز ِمن الذين لديهم ال َك ّم األكرب من األخطاء‪ ،‬بل على‬ ‫ّ‬ ‫وثِقوا‪ ،‬إذا كان هذا املعلّم صاحلاً‪ ،‬فإنّه ال‬
‫العكس‪ ،‬ينحين عليهم ليجعلهم أفضل‪ .‬وأنتم تعلمون أنّين معلّم صاحل‪.‬‬

‫التأمل معاً يف ال ُـم ِّربر‬ ‫ِ ِ‬


‫واآلن‪ ،‬فلننظر معاً إىل ردود الفعل واألحكام ال ُـمسبَقة تلك‪ ،‬ولنُف ّكر يف ّ‬
‫الرب الذي‬ ‫الذي ألجله حنن هنا‪ ،‬وبسبب الفرح الذي َمينَحنا ّإايه هذا االجتماع‪ ،‬فلنَع ِرف أن نُبارك ّ‬
‫اخلاص خرياً َجاعيّاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يَستَخرِج على الدوام ِمن اخلري‬

‫األندوري‪ ،‬إعجاابً أعظَم ِمن معرفته ذاته كخاطئ اتئِب‪،‬‬


‫ّ‬ ‫عت إعجابكم بيوحنّا‬ ‫ِ‬
‫من شفاهكم َمس ُ‬
‫ِ‬
‫َّخذها أساساً ِ‬
‫للكرازة‪ ،‬ابلنسبة للذين يُريد َجلبهم يل‪.‬‬ ‫فتلك هي طريقة حياته القدمية واجلديدة اليت يـت ِ‬
‫َ‬
‫خاطئاً‪ .‬واآلن هو تلميذ‪ .‬وكثريون منكم أتوا إىل ماسيّا بفضله‪ .‬وهكذا تَـَرون‬ ‫هذا صحيح‪ .‬لقد كان ِ‬
‫سخر منها إنسان إسرائيل العتيق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كيف أ ّن هللا َخيلق َشعبه اجلديد متاماً بذات الوسائل اليت يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 213 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وعب إسرائيل العتيق‬‫اآلن أرجوكم أن َحتجموا عن إطالق حكم ليس سليماً على أُخت‪ ،‬ال يستَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫منحهن قِسطاً‬
‫ّ‬ ‫رت النساء ابلذهاب لالسرتاحة‪ ،‬ومل يَ ُكن ذلك رغبة ِم ّين يف‬ ‫ِ‬
‫أن تكون تلميذة‪ .‬لقد أ ََم ُ‬
‫من الراحة‪ ،‬بقدر ما كان للحصول على إمكانيّة إعطائكم تثميناً ُمقدَّساً لِتَوبة‪ ،‬ولكي أمنَع ُكم ِمن‬
‫آمرهم بشكل َمل َخي ُل ِمن جعل النساء‬ ‫ارتكاب َمعصية ض ّد احملبّة والعدل‪ .‬هذا هو السبب الذي َجعلَين ُ‬
‫التلميذات َُيز ّن‪.‬‬

‫الرب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مرمي اجملدليّة‪ ،‬خاطئة إسرائيل الكبرية‪ ،‬تلك اليت مل يكن هلا عُذر يف خطيئتها‪ ،‬ارتَدَّت إىل ّ‬
‫وخ ّدام هللا؟ إسرائيل كلّها‪ ،‬ومع إسرائيل الغَُرابء الذين‬ ‫هللا‬ ‫ن‬‫م‬‫وِممَّن ستَنتَ ِظر الوفاء والرمحة‪ ،‬إن مل يكن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صرامة اآلن‪ ،‬حينما َمل تَـعُد شريكتهم يف فُجورهم‪،‬‬‫ُهم فيما بيننا‪ ،‬أولئك الذين يَعرفوّنا جيّداً‪ ،‬ويُدينوّنا بِ َ‬
‫يَنتَ ِقدون ويَستَ ِخ ّفون بتلك القيامة‪.‬‬

‫القيامة‪ ،‬هي العِبارة ّ‬


‫األدق‪ .‬قيامة اجلسد ليست أعظم املعجزات‪ّ ،‬إّنا معجزة نسبيّة‪ ،‬أل ّن قَ َد َرها‬
‫ُقيمه ابجلسد ال أَمنَحه اخللود‪ ،‬ولكنّين أَمنَح اخللود لِ َمن أُقيمه ابلروح‪.‬‬
‫أن تُلغى يوماً ابملوت‪ .‬فالذي أ ُ‬
‫أي استحقاق‪ ،‬الذي‬ ‫ِ‬
‫وحد إرادته ابلقيامة مع إراديت‪ ،‬وابلتايل ليس له ّ‬
‫وبينما الذي مات جبسده ال يُ ّ‬
‫ُقيم ابلروح إرادته فاعلة‪ ،‬بل هي يف الطليعة‪ .‬وابلتايل ال يَغيب استحقاقه ِمن أجل القيامة‪.‬‬
‫أ َ‬
‫ُبرر موقفي‪ .‬فال ينبغي يل أن أُق ِّدم حساابً عن أعمايل سوى هلل وحده‪.‬‬ ‫لست أقول ذلك ِأل ِّ‬
‫ُ‬
‫آخر‪ .‬وينبغي ّأال تكون فيه أيّة َعدم ِدراية‪،‬‬‫كل من تالميذي أن يكون يسوعاً َ‬
‫ولكنّكم تالميذي‪ .‬وعلى ِ‬
‫ّ‬
‫َّحدون ابهلل إال ابالسم فقط‪.‬‬ ‫تأصلة اليت بِسببها أانس كثريون ال يـت ِ‬
‫وال أي ِمن تلك األخطاء الـم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حّت ذاك الذي يبدو أنّه غري جدير بذلك‪.‬‬ ‫لكل شيء أن يُفضي إىل أعمال صاحلة‪ّ .‬‬ ‫ُميكن ّ‬
‫مادة ما إىل إرادة هللا‪ ،‬وإن تَ ُكن األكثر ُمخوالً‪ ،‬األكثر برودة‪ ،‬األكثر إاثرة لالمشئزاز‪،‬‬
‫عندما تُقدَّم ّ‬
‫فَـيُمكنها أن تُصبِح نشاطاً‪ُ ،‬شعلة‪َ ،‬جاالً نقيّاً‪ .‬إليكم ما يُشبه ذلك يف ِسفر املكابيّني‪.‬‬

‫املطهر للهيكل‬‫الذابئح على املذبح ّ‬ ‫عندما أعاد َملِك الفرس حنميا إىل أورشليم‪ ،‬تَ َّ‬
‫قرَر أن تُقدَّم َّ‬
‫وتذكَر حنميا كيف أنّه‪ ،‬يف اللحظة اليت كان الفرس َسيَأسروّنم‪ ،‬صلّى ال َك َهنَة ال ُـمكلَّفون‬‫ال ُـمعاد بناؤه‪َّ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 214 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سري‪ ،‬يف قاع أحد الوداين‪ ،‬يف بئر عميقة وجافّة‪،‬‬ ‫ابلتعبُّد هلل على انر اهليكل‪ ،‬وأَخلوها يف مكان ّ‬
‫وسريّة‪ ،‬لدرجة ّأّنم كانوا وحدهم يَعلَمون أين هي النار املقدَّسة‪ .‬كان حنميا َّ‬
‫يتذكر‬ ‫وفَـ َعلوا ذلك بدقّة ّ‬
‫فأرس َل أحفاد ال َك َهنة إىل املكان الذي كانوا قد أَرسلوا النار إليه ‪-‬ابلفعل‪ ،‬كان ال َك َهنَة قد قالوا‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫السر ِمن اآلابء إىل األبناء‪ -‬لِيَأخذوا منه النار املقدَّسة‬
‫ذلك ألبنائهم‪ ،‬واألبناء ألبنائهم‪ ،‬وهكذا انتقل ّ‬
‫إلضرام انر الذبيحة‪.‬‬

‫السريّة‪َ ،‬مل َُِيد األحفاد انراً‪ ،‬بل ماء ارتفع َمنسوبه‪َ ،‬محأة متع ِّفنة‬
‫ولكنّهم‪ ،‬حينما نـََزلوا إىل البئر ّ‬
‫كل اجملارير املمتلئة يف أورشليم ال ُـمهدَّمة‪ .‬وقالوا ذلك لنحميا‪ ،‬ولكنّه قال هلم‬ ‫ِ‬
‫ُمقرفة‪ ،‬ثقيلة‪ ،‬فضالت ّ‬
‫الكل‪ ،‬وبَِوفرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ورش ّ‬ ‫ضع احلطب على املذبح‪ ،‬وعلى احلطب الذابئح‪َّ ،‬‬ ‫أن َُيلبوا له من ذلك املاء‪َ .‬وَو َ‬
‫الشك يَنظُرون‪،‬‬
‫الكل مبلّالً ابملاء املوحل‪ .‬كان الشعب املذهول وال َك َهنَة الذين مألهم ّ‬ ‫بشكل أصبَ َح فيه ّ‬
‫أي حزن مأل قلوهبم وأيّة ريبة! وكانت‬ ‫وفَـ َعلوا ذلك ابحرتام‪ ،‬فقط أل ّن حنميا هو الذي أ ََمَر بذلك‪ .‬ولكن ّ‬
‫الشك كان يف القلوب لِيُصبح الناس ُمكتَئِبني‪.‬‬
‫غيوم يف السماء ّتعل اليوم ُمك َف ِهّراً‪ ،‬كذلك ّ‬
‫وحل يَضطَ ِرم‬ ‫ولكن الشمس بدَّدت الغيوم‪ ،‬وبـلَغَت أشعتها اهليكل‪ ،‬واحلطَب الـمبلّل ابملاء الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫متأججاً انراً عظيمة أتت على الذبيحة دفعة واحدة‪ ،‬بينما كان ال َك َهنَة يَتلون الصلوات اليت ألََّفها‬ ‫ّ‬
‫حّت احرتقت الذبيحة أبكملها‪ .‬وإلقناع اجلَّمع أب ّن هللا ميكنه اجرتاح‬ ‫حنميا‪ ،‬وأَجل تراتيل إسرائيل‪ّ ،‬‬
‫خدمة بِنيّة مستقيمة‪ ،‬فَ َس َف َح حنميا ما بقي من املاء على‬ ‫ناسبة‪ ،‬إّّنا ال ُـمستَ َ‬
‫األقل ُم َ‬
‫املعجزات ابملواد ّ‬
‫صخور كبرية‪ .‬واحرتقَت الصخور وأُفنِيَت يف النور العظيم الذي كان آتياً ِمن اهليكل‪.‬‬

‫ض َعها هللا على هيكل القلب‪ ،‬لِتُساهم يف استهالك ذبيحة احلياة‪،‬‬


‫كل نـَ ْفس هي انر مقدَّسة َو َ‬
‫ّ‬
‫كل يوم هو ذبيحة ُيب إنفاقه ابل َقداسة‪.‬‬ ‫د‪،‬‬ ‫جي‬ ‫بشكل‬ ‫شناها‬‫ع‬‫حباً خبالقها‪ .‬كل حياة هي ُِمرقة‪ ،‬إذا ما ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫النهابون‪ ،‬أولئك الذين يُ ِرهقون كاهل اإلنسان ونـَ ْفس اإلنسان‪ .‬تَغوص النار يف البئر‬
‫ولكن أييت ّ‬
‫كل األوساط الفاسدة‪،‬‬ ‫ايت‬ ‫فا‬‫العميق‪ ،‬ليس حلاجة مقدَّسة‪ ،‬بل إّّنا ببالهة ضارة‪ .‬وهنا هي غارقة يف نِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وُيلب ذلك الوحل إىل نور‬ ‫وتُصبِح َوحالً ُمتع ِّفناً وثَقيالً‪ ،‬إىل أن يَنـ ِزل إىل تلك األعماق كاهن‪َ ،‬‬
‫الشمس‪ ،‬واضعاً ّإايه على ُِمرقة ذبيحته الشخصيّة‪ .‬إذ‪ ،‬اعلَموا ذلك‪ ،‬ال تكفي البطولة لِ َمن يبغي‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 215 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وحّت ال ب ّد أن تَسبق بطولة هذا األخري بطولة‬
‫التّوبة‪ ،‬بل ال بُ ّد أيضاً من بطولة َمن يَهدي إىل التوبة‪ّ .‬‬
‫نتوصل إىل احلصول على حتويل الوحل إىل‬ ‫اآلخر‪ ،‬ذلك أ ّن النُّفوس ال ُُتلَّص ّإال بتضحيتنا‪ .‬وهكذا ّ‬ ‫َ‬
‫اتمة ومقبولة لدى قداسته‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وُي ُكم أب ّن الذبيحة اليت أُنف َقت ّ‬
‫انر‪ ،‬وعلى أن يرى هللا‪َ ،‬‬

‫وبينما ال حاجة‪ ،‬إلقناع العامل‪ ،‬سوى إىل َمحأة واحدة اتبت فأصبَ َحت أكثر حرارة ِمن انر‬
‫حّت ولو كانت انراً مق ّدسة‪ ،‬تلك النار العاديّة‪ ،‬إذ ال تفيد سوى يف إشعال احلطب والضحااي‪،‬‬
‫عاديّة‪ّ ،‬‬
‫حّت على إشعال وإحراق الصخور‬ ‫وهذه مو ّاد مؤاتية لالحرتاق‪ ،‬بينما تلك احلَمأة التائبة تُصبِح قادرة ّ‬
‫ذاهتا غري القابلة لالحرتاق‪.‬‬

‫أَفَال تَسألون َمن الذي َمينَح تلك احلمأة تلك ّ‬


‫اخلاصة؟ أال تَعلَمون ذلك؟‬

‫وشعلة‬
‫صعد ُ‬ ‫أان أقول لكم‪ :‬ذلك أ ّّنا‪ ،‬يف حرارة التوبة‪ ،‬تَذوب يف هللا‪ُ ،‬شعلة يف ُشعلة‪ُ ،‬شعلة تَ َ‬
‫يتحاابن‪ ،‬يتالقيان‪ ،‬يـت ِ‬
‫َّحدان‬ ‫ِ‬ ‫وشعلة تَبذل نفسها حب ِ‬ ‫َهتبِط‪ ،‬شعلة َهتِ‬
‫َ‬ ‫ب‪ ،‬عناق كائنَني َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫حبب‬
‫ّ‬ ‫ذاهتا‬ ‫ب‬
‫وشعلة‬
‫متتص‪ُ ،‬‬ ‫مؤلَِّفني كائناً واحداً‪ .‬ومبا أ ّن الشُّعلة األكرب هي ُشعلة هللا‪ّ ،‬‬
‫فإّنا تَطغى‪ ،‬تَط َفح‪ ،‬تَن ُفذ‪ّ ،‬‬
‫احلَمأة التائبة َمل تَـعُد ُشعلة نسبيّة لشيء ُملوق‪ ،‬بل هي الشُّعلة الالّنائيّة للشيء غري املخلوق‪ :‬له‬
‫تعاىل‪ ،‬للكلّ ّي القدرة‪ ،‬لالُّمدود‪ ،‬هلل‪.‬‬

‫هكذا ُهم اخلَطَأَة التائبون ح ّقاً‪ ،‬التائبون بكلّيّتهم‪ ،‬الذين َوَهبوا ذاهتم بِ َسخاء إىل التوبة‪ ،‬دون‬
‫اإلبقاء على شيء من املاضي‪ُُ ،‬م ِرقني ذواهتم ّأوالً يف اجلزء األكثر ثِقالً‪ ،‬ابلشُّعلة اليت تَلتَ ِهب ِمن‬
‫َمحأهتم‪ ،‬الذين َمضوا إىل لقاء النعمة‪ ،‬وقد أتثَّروا هبا‪.‬‬

‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن حجارة كثرية يف إسرائيل سوف تَلِج بنار هللا إىل تلك األفران ال ُـمستَعِرة‬ ‫احلق ّ‬ ‫ّ‬
‫الرتدد‪َ ،‬حياءات‬ ‫وتستمر يف إحراق احلجارة‪ ،‬ال ُفتور و ّ‬
‫ّ‬ ‫حّت إفناء الطبيعة البشريّة‪،‬‬ ‫تتأجج ابستمرار ّ‬ ‫اليت ّ‬
‫األرض وعروش السماء‪ ،‬املرآة احلقيقيّة‪ ،‬ال ُـمستَعِرة‪ ،‬فائقة الطبيعة‪ ،‬اليت ّتمع األنوار الواحدة والثالوثيّة‬
‫لتجعلها تَلتَئِم يف البشريّة وتُض ِرمها يف هللا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 216 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صرفايت‪ ،‬ولكنّين أردتُ ُكم أن تَلِجوا أفكاري وأن‬
‫ُبرر تَ ُّ‬
‫ُكرر لكم أنّين مل أكن يف حاجة ألن أ ّ‬
‫أ ّ‬
‫شاهبة يف املستقبل‪ ،‬عندما ال أعود معكم‪.‬‬‫َّتعلوها أفكاركم‪ ،‬يف الوقت احلاضر‪ِ ،‬من أجل حاالت م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نح ِرفة‪ ،‬ريبة ّفريسيّة إبصابة هللا ابلعدوى يف حال توجيه خاطئ اتئِب‬ ‫م‬ ‫كرة‬ ‫ال َمتنعنّكم أبداً فِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫األكمل للرسالة اليت اخرتتُكم هلا‪ ،‬فليكن حاضراً يف‬ ‫إليه‪ ،‬عن القيام بذلك العمل الذي هو التَّتويج َ‬
‫آت ِألُخلِّص الق ّديسني‪ ،‬بَل اخلَطَأَة‪ .‬وأنتم تفعلون الشيء ذاته‪ ،‬أل ّن ما‬ ‫أذهانكم‪ ،‬على الدوام‪ ،‬أنّين مل ِ‬
‫كنت أان ال أَن ُفر ِمن األخذ بيد َحثالة األرض الذين يَشعُرون حباجتهم‬ ‫ِ‬
‫من تلميذ أفضل من معلّمه‪ ،‬وإذا ُ‬
‫ِ ِ‬
‫كل َكسب‬ ‫ِ‬
‫إىل السماء‪ ،‬الذين َخيتَربوّنا يف النهاية‪ ،‬وأَجلُبهم إىل هللا بفرح عظيم‪ ،‬فتلك هي رساليت‪ ،‬و ّ‬
‫ِ‬
‫حدودون‪ ،‬اي‬ ‫جسدي الذي يُؤمل أزلييت‪ .‬فال تَنفروا أنتم كذلك ِمن فعله‪ ،‬أيّها الناس ال َـم ُ‬ ‫يُش ِّكل تربيراً لِتَ ُّ‬
‫َمن َعَرفتُم عدم الكمال كلّكم‪ ،‬ولو بشكل ُمتفا ِوت‪ ،‬مبا أنّكم ِمن طبيعة إخوتكم اخلَطَأَة ذاهتا‪ ،‬أيّها‬
‫ليستمر عملي إىل َدهر الدُّهور على األرض‪ ،‬كما لو أنّين أعيش‬ ‫صون‪،‬‬ ‫الرجال الذين اخرتتُكم‪ ،‬الـمخلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ستمّراً‪ ،‬جيالً بعد جيل‪ .‬وسوف يكون األمر هكذا‪ ،‬إذ إ ّن وحدة َك َهنَيت‬ ‫عليها على الدوام‪ ،‬وجوداً م ِ‬
‫ُ‬
‫احليوي‬
‫ّ‬ ‫احملرك‪ ،‬وحول هذا اجلزء‬‫احليوي جلسم كنيسيت العظيم‪ ،‬اليت سأكون هلا الروح ِّ‬ ‫ّ‬ ‫سيكون اجلزء‬
‫َّخذ امسه ِمن امسي‪ .‬ولكن لو كانت‬ ‫ستجتَ ِمع األجزاء الالّنائية ِمن املؤمنني لِيؤلِّفوا جسماً وحيداً‪ ،‬يـت ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الالّنائي ِمن األجزاء احلصول على احلياة؟‬ ‫العدد‬ ‫هذا‬ ‫ن‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫سيتم‬ ‫فهل‬ ‫ة‪،‬‬ ‫احليوي‬ ‫إىل‬ ‫ر‬ ‫َجاعة ال َكهنة تَفت ِ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ َ‬

‫يف احلقيقة‪ ،‬أان‪ ،‬القاطن يف هذا اجلَّ َسد‪ ،‬ميكنين بَعث حيايت يف األجزاء األكثر بُعداً‪ ،‬اتركاً جانباً‬
‫اخلزاانت والقنوات املسدودة واليت ال نَفع منها‪ ،‬اليت أتىب القيام خبدماهتا‪ .‬ابلفعل إ ّن املطر ينهمر حيث‬ ‫َّ‬
‫يشاء‪ ،‬واألجزاء الصغرية الصاحلة‪ ،‬القادرة بذاهتا على إرادة احلياة‪ ،‬تعيش حيايت‪ .‬ولكن ما عساها‬
‫وخزاانت‬‫صلة بقنوات َّ‬ ‫تكون املسيحية آنذاك؟ َماورةُ نُفوس لِنُفوس‪ ،‬هي متجاورة‪ ،‬ولكنّها مع ذلك من َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫كل جزء‪ .‬ولكنّها تُصبِح جدراانً وهاوية‬ ‫إىل‬ ‫احد‬‫و‬ ‫كز‬‫مر‬ ‫ن‬‫م‬‫يوحد‪ ،‬بتوزيع الدم احلي القادم ِ‬
‫َمل تَـعد رابطاً ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بشري‪ ،‬يف أسى فائق الطبيعة‪ ،‬قائلة لذواهتا‬ ‫داء‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫فَصل تَنظُر األجزاء الصغرية إىل بعضها ِمن خالهلا‪ ،‬بِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حّت ولو َو َجدان أنفسنا ُمن َق ِسمني!" َُم َاورة‪،‬‬
‫يف الروح‪" :‬مع ذلك ُكنّا إخوة‪ ،‬وما زلنا نشعر أبنّنا كذلك‪ّ ،‬‬
‫ليس اندماجاً‪ ،‬ليس جسماً‪ .‬وعلى تلك األنقاض يتألأل ُح ّيب ِأبََمل…‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 217 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وأكثر من ذلك‪ ،‬ال تَظنّوا أ ّن هذا يَنطَبِق فقط على االنشقاقات الدينيّة‪ .‬ال‪ ،‬فإ ّن ذلك ينطبق‬
‫كل النُّفوس اليت تبقى وحيدة‪ ،‬أل ّن ال َك َهنَة يَرفضون م ّد يد العون إليها‪ ،‬االهتمام هبا وُمبّتها‪،‬‬
‫أيضاً على ّ‬
‫إيل َجيعكم‪ ،‬وأان سوف‬ ‫َفعل‪ ،‬ومعرفة القول‪" :‬تعالوا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُمناقضني رسالتهم اليت هي قَول وفعل ما أقول وما أ َ‬
‫أقودكم إىل هللا"‪.‬‬

‫اذهبوا بسالم اآلن‪ ،‬وليكن هللا معكم‪».‬‬

‫األندوري‬ ‫ا‬‫ّ‬‫يوحن‬ ‫ض‬ ‫نه‬‫ي‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫سيأوي‬ ‫الذي‬ ‫الكوخ‬ ‫إىل‬ ‫كل‬ ‫هني‬ ‫ج‬‫يتفرق الناس على مهل‪ ،‬متوِ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َُّ‬ ‫ّ‬
‫كذلك‪ .‬وهو الذي مل يتوقّف عن التَّدوين‪ ،‬بينما كان يسوع يتح ّدث‪ ،‬شا ِوايً نفسه ابلنار للتم ّكن ِمن‬
‫يثما َميضي‬ ‫ِ‬
‫مك‪ ».‬ويُبقيه إىل جانبه ر ّ‬ ‫ابق قليالً مع معلّ َ‬
‫لكن يسوع يوقفه قائالً له‪َ « :‬‬
‫رؤية الذي يَكتُبه‪ .‬و ّ‬
‫اجلميع‪.‬‬

‫ئي‪».‬‬
‫«لنذهب إىل تلك الصخرة على حافّة املاء‪ .‬القمر عال والدرب مر ّ‬
‫وُيلِسان على صخرة ضخمة‪.‬‬ ‫يُوافِق يوحنّا دون أيّة كلمة‪ .‬يَبتَعِدان عن َّ‬
‫السكن حوايل املائيت مرت‪َ ،‬‬
‫حبري غائِص يف البحر‪ ،‬أو أنقاض كوخ‬ ‫ّ‬ ‫صخر‬ ‫امتداد‬ ‫هي‬ ‫أو‬ ‫رصيف‪،‬‬ ‫بقااي‬ ‫ن‬ ‫لست أدري إذا كانت ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ِشبه ُمبتَـلَعة يف املياه‪ ،‬وقد تكون مق ّدمة شاطئ نَ َشأ على مدى عصور‪ُ .‬ج ّل ما أع ِرفه هو إنّه ميكن‬
‫األرجل يف َّتاويف وعلى نتوءات تُش ِّكل ُسلّماً‪ ،‬ومن جهة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصعود إليها من الشاطئ الصغري ب َوضع ُ‬
‫حاد لِيَغوص يف املاء األزرق الضارب إىل اخلُضرة‪ ،‬وقد أحاط بِه امل ّد مبوجة‬ ‫البحر يَنـ ِزل اجلدار بشكل ّ‬
‫صمت بُرهة‪،‬‬ ‫تُبلِّل وتَضرب هذا احلاجز بشكل خفيف‪ ،‬وي ِ‬
‫صوت شهيق عظيم‪ُ ،‬ثّ يَ ُ‬ ‫نسحب ُُمداثً َ‬ ‫ََ‬
‫موسيقي َمذهول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صمت‪ ،‬مثل‬ ‫شهق ويَ ُ‬‫ليعود أيضاً حبركة وصوت َرتيب‪ ،‬يَص َفع ويَ َ‬
‫فضيّة‪،‬‬
‫قمة تلك الكتلة اليت يَضرهبا البحر‪ .‬يَرسم القمر على املياه طريقاً ّ‬
‫َُيلسان ابلضبط على ّ‬
‫ويُ ِّ‬
‫لون ابألزرق القامت البحر الذي مل يكن قبل ارتفاعه سوى موجة سوداء ممت ّدة يف ظُلمة الليل‪.‬‬

‫جسدك؟»‬
‫َ‬ ‫مك السبب الذي ألجله يتأ ّمل‬
‫«اي يوحنّا‪ ،‬أال تقول ملعلّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 218 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت تَعلَم‪،‬‬
‫أدق‪ ،‬و َ‬‫"يضمحل"‪ .‬فإنّه تعبري ّ‬
‫ّ‬ ‫أنت تَع ِرفه اي معلّم‪ .‬ولكن ال تَـ ُقل "يتأ ّمل"‪ ،‬بل قُل‬
‫« َ‬
‫فت نفسي‪ ،‬أان أيضاً‪ ،‬يف احلَمأة اليت أصبَ َحت ُشعلة‪،‬‬ ‫رب‪ .‬لقد َع ِر ُ‬ ‫وتَع ِرف أنّه يتالشى بَِفَرح‪ .‬شكراً اي ّ‬
‫ريب‪ ،‬سوف أموت قريباً‪ .‬لقد أتلَّ ُ‬
‫مت كثرياً‬ ‫إيل‪ ،‬فَـلَن يسمح يل الوقت أن أُض ِرم احلجارة‪ّ .‬‬ ‫إّّنا ابلنسبة ّ‬
‫لست آسف على احلياة‪ .‬هنا ميكنين أيضاً ارتكاب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حبب هللا‪ .‬ولكنّين ُ‬ ‫من حقد العامل‪ ،‬وأغتَبط اآلن ّ‬
‫مرتني يف حيايت‪ :‬يف رساليت كمعلّم‪ ،‬إذ‬ ‫رت ّ‬
‫ص ُ‬‫اخلطيئة‪ ،‬التقصري يف الرسالة اليت ُتتارها لنا‪ .‬فأان قد قَ َّ‬
‫أتثقف؛ ويف رساليت كزوج‪ ،‬إذ مل أَعرف‬ ‫كان من املفروض أن أعرف إُياد ما أُث ِّقف به ذايت فيها‪ ،‬ومل َّ‬
‫معك‪ ،‬هذا ما ال أريده‪.‬‬ ‫ُقصر َ‬‫ِ‬
‫رت كذلك يف رساليت كتلميذ‪ .‬وأن أ ّ‬ ‫ص ُ‬‫تثقيف زوجيت‪ .‬وقد أكون قَ َّ‬
‫فليتبارك املوت إذن‪ ،‬إذا ما قادين إىل حيث ال ُميكن بعد ارتكاب اخلطيئة! ولكن إذا مل أَبلُغ مصري‬
‫مبصريك‪ .‬وقد قُلتَها هذا املساء‪:‬‬
‫َ‬ ‫التلميذ املعلّم‪ ،‬فسأكون التلميذ الشهيد‪ ،‬وسيكون ذلك أكثر َشبَهاً‬
‫"إبحراق الذات يف البداية"‪».‬‬
‫«يوحنّا‪ ،‬هل هذا مصري تَبلُغه‪ ،‬أم تَ ِ‬
‫قدمة تُقِّرهبا؟»‬
‫«تَ ِ‬
‫قدمة أ ِّ‬
‫ُقرهبا‪ ،‬إذا مل يَرفض هللا احلَمأة اليت أصبَ َحت انراً‪».‬‬

‫ك تُكثِر ِمن الك ّفارات‪».‬‬


‫«يوحنّا‪ ،‬إنّ َ‬
‫فعلها َمن عليه أن يَدفَع الكثري‪ .‬إّّنا هل َِّتد‬ ‫ِ‬
‫أنت ّأوهلم‪ .‬ومن العدل أن يَ َ‬
‫«الق ّديسون كذلك‪ ،‬و َ‬
‫أنت أ ّن ك ّفارايت غري َمرضيَّة لدى هللا؟ هل َمتنَعين عنها؟»‬
‫َ‬
‫أتيت أَكرز يف الواقع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومطامح النَّفس العاشقة‪ .‬لقد ُ‬
‫«أان ال أضع أبداً احلواجز يف طريق أمنيات َ‬
‫أ ّن التكفري هو يف األمل‪ ،‬ويف األمل ِ‬
‫الفداء‪ .‬وال ميكنين أن أَن ُقض ذايت‪».‬‬

‫«شكراً اي سيّدي‪ .‬تلك ستكون رساليت‪».‬‬

‫كنت تكتب اي يوحنّا؟»‬


‫«ماذا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 219 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«آه! اي معلّم! أحياانً يُعا ِود فليكس العتيق الظهور مع عاداته كمعلّم‪ .‬أُف ّكر مبرغزايم‪ .‬فما زالت‬
‫ِ‬
‫رت يف تدوين بعض التعاليم‬ ‫عظاتك‪ .‬فَ َّك ُ‬
‫َ‬ ‫ضر لسماع‬ ‫بك‪ ،‬وبسبب عمره مل َُي ُ‬ ‫أمامه حياة طويلة ليَكرز َ‬
‫حّت‬
‫ماتك‪ّ ،‬‬‫نشغِالً بِلعبه‪ ،‬أو بعيداً مع أَحدان‪ .‬ففي كلّ َ‬ ‫الصيب‪ ،‬ألنّه كان ُم َ‬‫سمعها ّ‬ ‫اليت لََّقنتَنا ّإايها ومل يَ َ‬
‫أحاديثك العائليّة‪ ،‬حب ّد ذاهتا‪ ،‬تعليم‪ ،‬وابلتحديد حول األمور اليوميّة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أصغرها‪ ،‬الكثري من احلكمة!‬
‫كل إنسان‪ ،‬حول تلك التفاصيل الصغرية اليت هي‪ ،‬يف األعماق‪ ،‬أمور احلياة العظيمة‪ ،‬إذ إ ّن‬ ‫أمور ّ‬
‫ِ‬
‫تتم بقداسة‪ .‬إنّه َألَسهل أن يُ ّتم املرء َعمالً‬ ‫وخضوعاًكي ّ‬ ‫ومثابَرة ُ‬‫صرباً ُ‬ ‫هماً يَف ِرض َ‬
‫َمموعها يُش ّكل ُك ّالً ُم ّ‬
‫نتوصل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عظيماً بطوليّاً من إمتامه ألفاً وعشرة آالف أمر صغري تُوجب مثابرة على الفضيلة‪ .‬ومع ذلك ال ّ‬
‫الشر‪ ،‬إذا مل ندع أفعاالً صغرية‬ ‫يف‬ ‫ذلك‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َع‬
‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫الشر‬ ‫يف‬ ‫أو‬ ‫اخلري‬ ‫يف‬ ‫يكن‬ ‫إن‬ ‫‪،‬‬‫اهلام‬ ‫عل‬ ‫إىل القيام ِ‬
‫ابلف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رت إىل زوجيت َّأول‬ ‫ترتاكم على املدى‪ ،‬وهي يف الظاهر ال معىن هلا‪ .‬فلقد بَ َدأَت ابلقتل‪ ،‬عندما نَظَ ُ‬
‫شروحاتك الصغرية‪ .‬وهذا املساء‪،‬‬ ‫نت‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫كنت تَعباً من استهتارها‪ .‬فَمن أجل مرغزايم َد َّو ُ‬ ‫نظرة احتقار‪ ،‬وقد ُ‬
‫صل‬ ‫َترك عملي للصيب‪ ،‬كي َّ‬ ‫رِ‬
‫يتذكرين‪ ،‬أان املعلّم العجوز‪ ،‬ولكي َُي َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬‫س‬‫َ‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫تعليمك‬
‫َ‬ ‫تدوين‬ ‫يف‬ ‫بت‬
‫ُ‬ ‫غ‬‫َ‬
‫كالمك‪ .‬هل تسمح‬ ‫َ‬ ‫أي مكان آخر‪ .‬كنـزه الرائع‪.‬‬ ‫صل عليها يف ّ‬ ‫كذلك على هذه التعاليم اليت لَن َُي َ‬
‫يل؟»‬

‫كل حال‪ِ ،‬مثل هذا البحر‪ .‬أترى؟ ابلنسبة إ َ‬


‫ليك‪،‬‬ ‫«نعم اي يوحنّا‪ .‬ولكن ُكن يف سالم على ّ‬
‫حياتك‪.‬‬ ‫لت كثرياً يف‬ ‫انض‬ ‫لقد‬ ‫ارة‪.‬‬‫ر‬ ‫ح‬ ‫ابحلقيقة‬ ‫هي‬ ‫ة‬ ‫لي‬‫و‬‫س‬‫الر‬
‫َّ‬ ‫احلياة‬
‫و‬ ‫قة‪،‬‬ ‫ستكون حرارة الشمس م ِ‬
‫ره‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كل شيء‪ِ .‬‬
‫امش يف عذوبة‬ ‫ر‬ ‫يدعوك إليه حتت ضوء القمر الساكن هذا الذي يُطَمئِن ويُ ِ‬
‫طه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اآلن‪ ،‬هللا‬
‫ّ‬
‫منك‪».‬‬
‫لك‪ :‬هللا مسرور َ‬
‫هللا‪ .‬أقول َ‬
‫األندوري بيد يسوع‪ ،‬يُقبِّلها وهو يُتمتِم‪« :‬ومع ذلك كان رائعاً القول للعامل‪" :‬تعال‬
‫ّ‬ ‫ُمي ِسك يوحنّا‬
‫إىل يسوع!"‪».‬‬

‫َقرأ ما‬ ‫ِ‬


‫أود أن أ َ‬
‫حارة‪ .‬هيّا بنا اي يوحنّا‪ُّ .‬‬
‫أنت كذلك ستكون مرآة ّ‬
‫«ستقوهلا من الفردوس‪َ .‬‬
‫بت‪».‬‬
‫َكتَ َ‬
‫نت الكلمات األُخرى‪».‬‬
‫دو ُ‬
‫سأعطيك األُخرى‪ ،‬حيث َّ‬
‫َ‬ ‫«هي ذي اللُّفافة‪ ،‬اي سيدي‪ .‬وغداً‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 220 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَنـ ِزالن ِمن على صخرهتما‪ ،‬ويف بياض نور القمر املتأللئ الذي بَد َ‬
‫َّل ُحصيّات الشاطئ إىل اللون‬
‫الفض ّي‪ ،‬يَعودان إىل ال َـمساكِن‪ .‬يتصافحان‪ ،‬يوحنّا جاثياً‪ ،‬يسوع ُمبا ِركاً ّإايه بيده اليت يضعها على‬
‫ّ‬
‫رأسه‪ ،‬ماحناً ّإايه سالمه‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 221 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -114‬يف صور‪" .‬املثابرة‪ ،‬هي ذي ِ‬


‫العبارة العظيمة‪)".‬‬

‫‪1945 / 08 / 12‬‬

‫صل يسوع‪ ،‬يف ساعات الصباح األوىل‪ ،‬أمام مدينة ساحليّة‪ .‬أربعة مراكب تتبع َمركبه‪ .‬متت ّد‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫املدينة بشكل غريب داخل البحر‪ ،‬كما لو ّأّنا بُنِيَت على بَ َرزخ (أرض ضيّقة ُمصورة بني حبرين) أو‬
‫صل اجلزء الذي يطفو على البحر بذاك الذي ميت ّد على الشاطئ‪.‬‬ ‫ابحلري كأ ّن ب َرزخاً ضيقاً كان ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫شهد البحر وكأنّه قطعة فِطر ضخمة‪ ،‬ميت ّد رأسها على األمواج‪ ،‬وتغوص جذورها على‬ ‫َم َ‬
‫غص‬ ‫الشاطئ‪ .‬الربزخ ساقها‪ .‬مرفأ على كل ِمن جانِ‬
‫أقل انغالقاً‪ ،‬ويَ ّ‬
‫الربَزخ‪ .‬الذي يف اجلهة الشماليّة ّ‬
‫يب َ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫مي بشكل أفضل‪ ،‬وفيه سفن كبرية ّتيء وتروح‪.‬‬ ‫اآلخر الذي يف اجلهة اجلنوبيّة‪َُ ،‬م ّ‬
‫ابلزوارق الصغرية؛ َ‬
‫«ُيب الذهاب إىل هناك‪ ».‬يقول اسحق‪ ،‬وهو يُشري إبصبعه إىل مرفأ الزوارق الصغرية‪« .‬هناك‬
‫هم الصيادون‪».‬‬

‫اصطناعي‪ ،‬هو َع ِرَمة (س ّد يُبىن يف وجه املوج) عمالقة‪،‬‬


‫ّ‬ ‫الربَزخ‬
‫يَدورون حول اجلزيرة‪ ،‬أُالحظ أ ّن َ‬
‫صل اجلزيرة ابألرض الصلبة‪ .‬كانت عمليّة البناء قدمياً ّتري بال عناء وال صعوبة! هذا ما أَستَنتِجه ِمن‬‫تَ ِ‬
‫ذاك العمل وذاك العدد ِمن السفن يف املرافئ‪ ،‬كم املدينة غنيّة وّتاريّة‪ .‬خلف املدينة‪ ،‬بعد منطقة‬
‫املظهر‪ ،‬ويف البعيد البعيد يُرى حرمون والسلسلة اللبنانيّة‪ .‬وأَخلُص‬ ‫ِ‬
‫ُمنبَسطة‪ ،‬هناك مرتفعات صغرية ممتعة َ‬
‫كنت أراها‪.‬‬
‫كذلك إىل ّأّنا إحدى املدن اللبنانيّة اليت ُ‬
‫بقوة‬ ‫يِ‬
‫الشمايل‪ ،‬يف مرسى املرفأ‪ .‬ال يرسو ولكنّه ميضي ببطء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫صل مركب يسوع اآلن إىل املرفأ‬ ‫َ‬
‫حّت َُِيد اسحق أولئك الذين يبحث عنهم‪ ،‬ويناديهم بعايل صوته‪.‬‬
‫التجديف إىل األمام وإىل اخللف‪ّ ،‬‬
‫يتقدَّم َمرَكبا صيد َجيالن‪ ،‬وينحين الفريق على َمراكِب التالميذ األصغر حجماً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 222 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«املعلّم معنا أيّها األصدقاء‪ .‬تعالوا إذا أردمت مساع كالمه‪ .‬فإنّه سيعود هذا املساء إىل‬
‫سيكامينون‪ ».‬يقول اسحق‪.‬‬

‫«أنيت يف احلال‪ .‬أين نذهب؟»‬

‫«إىل مكان هادئ‪ .‬لن يَنـ ِزل املعلّم يف صور‪ ،‬وال يف املدينة اليت على الساحل‪ .‬سيتح ّدث ِمن‬
‫وُمميّاً‪».‬‬ ‫املركب‪ .‬اختاروا مكاانً ظَليالً َ‬
‫حّت النـزول‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«تعالوا صوب الصخور اليت خلفنا‪ .‬فهناك خلجان هادئة وظَليلة‪ .‬وميكنكم ّ‬
‫صخري‪ ،‬إىل الشمال أكثر‪ .‬الض ّفة مقطوعة عمودايً‪ ،‬تقي ِمن الشمس‪ .‬املكان‬‫ّ‬ ‫ضون إىل ركن‬‫َمي ُ‬
‫ُم َنع ِزل‪ .‬فقط النوارس والورشاانت تَقطُنه‪َُ .‬ت ُرج يف َغَزوات على البحر وتعود إىل أعشاشها يف الصخور‪،‬‬
‫ُمطلِ َقة صيحات عالية‪.‬‬

‫تنض ّم زوارق أخرى إىل تلك‪ُ ،‬مش ِّكلة أسطوالً صغرياً‪ .‬يف عمق اخلليج الصغري‪ ،‬هناك ساحل‬
‫َ‬
‫ضيّق‪ ،‬بل هو ِشبه ساحل‪ :‬ساحة ضيّقة مزروعة حصى‪ .‬إّّنا تتّسع حلوايل املائة شخص‪.‬‬

‫خدمني رصيفاً حبرّايً عريضاً ومسطّحاً يطفو على وجه املياه مثل حاجز لألمواج‬ ‫يهبطون مست ِ‬
‫َُ ُ َ‬
‫وي الصغري املتأللئ بفعل امللح‪ّ .‬إّنم رجال ُمسر‪َ ،‬هزيلون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ص ّ‬‫طبيعي‪ ،‬ويتَّخذون أماكنهم على الساحل احلَ َ‬
‫أحرقَ ُتهم الشمس والبحر‪ .‬ثياب داخليّة قصرية تكشف عن ُهزال أعضائهم ورشاقتها‪ .‬فَرق األصول‬ ‫َ‬
‫واضح ج ّداً بينهم وبني اليهود احلاضرين‪ ،‬ولكنّه غري واضح مع اجلليليّني‪ .‬أقول إ ّن فينيقيّي سورية هؤالء‬
‫يُشبِهون ابألحرى الفلسطينيّني البعيدين‪ ،‬أكثر ِمن الشعوب ال ُـمجا ِورة هلم‪ .‬أقلَّه أولئك الذين أراهم‪.‬‬

‫يُدير يسوع ظَهره للشاطئ ويبدأ احلديث‪.‬‬

‫الرب إيليا أن ميضي إىل صرفت اليت لصيدون ( ‪Zarephath‬‬‫«نقرأ يف سفر امللوك كيف أ ََمَر ّ‬
‫‪ ،)of Sidonians‬أثناء اجلَّفاف وال َقحط ال ُـم ِرهق لألرض أكثر ِمن ثالث سنوات‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 223 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رسله إىل صرفت أل ّن تلك‬ ‫َمل يفتَ ِقر الرب إىل الوسائل اليت هبا يشبِع نبيه يف أي مكان‪ .‬وَمل ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أرس َل هللا إيليا التّ ْشِ ُّ‬
‫يب؟‬ ‫املدينة كانت جيّدة التموين‪ .‬ال‪ ،‬فهناك أيضاً كانوا َميوتون جوعاً‪ .‬ملاذا إذاً َ‬
‫يف صرفت كانت امرأة‪ ،‬قلبها مستقيم‪ ،‬أرملة وق ّديسة‪ ،‬وكان هلا َولَد‪ .‬كانت فقرية‪ ،‬وحيدة‪،‬‬
‫عرتضة على ذلك القصاص الرهيب‪َ ،‬مل تكن أاننيّة‪ ،‬رغم جوعها‪ ،‬ومل تكن غري‬ ‫وكانت مع ذلك غري ُم َِ‬
‫ُمطيعة‪ .‬وشاء هللا أن يُنعِم عليها مبعجزات ثالث‪ .‬واحدة ِمن أجل املاء الذي كانت قد َمحَلَته إىل إيليّا‬
‫بضة‬ ‫ِ‬
‫العطشان‪ ،‬الثانية من أجل اخلبز الذي متّ َخبزه حتت الرماد‪ ،‬عندما مل يكن قد بقي لديها سوى قَ َ‬
‫للنيب‪ .‬فَ َمنَ َحها اخلبز والزيت وحياة ابنها ومعرفة كلمة هللا‪.‬‬ ‫َّمة‬
‫املقد‬ ‫الضيافة‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫ِمن طحني‪ ،‬والثالثة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫لرب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحسب‪ ،‬ولكنّه يث ّقف النَّـ ْفس حبكمة ا ّ‬
‫تَـَرون أ ّن فعل ُمبّة ال يُشبع اجلسد ويُزيل أمل املوت َ‬
‫صل‬ ‫الس َكن ِخلُ ّدام الرب‪ ،‬وهو مينحكم كلمة احلكمة‪ .‬على هذه األرض حيث ال تَ ِ‬ ‫أنتم قدَّمتُم َّ‬
‫ّ‬
‫النيب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫است‬ ‫اليت‬ ‫الوحيدة‬ ‫فت‬‫ر‬ ‫ص‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫ابم‬ ‫نتكم‬
‫ر‬ ‫مقا‬ ‫ميكنين‬ ‫لبها‪.‬‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫الح‬ ‫ص‬ ‫عل‬‫كلمة الرب‪ ،‬فها إ ّن فِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لت يف املدينة‪ ،‬فإ ّن األغنياء وذوو‬ ‫النيب‪ ،‬ذلك أنّين لو نَز ُ‬
‫أنتم كذلك‪ ،‬الوحيدون هنا‪ ،‬الذين استقبلتم ّ‬
‫التجار ال ُـم َنه ِمكون‪ ،‬وقَباطنة السفن الكبرية كانوا َسيُهملونين‪ ،‬ولكان بقي‬ ‫ِ‬
‫النفوذ َمل يكونوا ليَستقبلوين‪ّ ،‬‬
‫قدومي بِال أَثَر‪.‬‬

‫سأترككم اآلن‪ ،‬وسوف تقولون‪" :‬ولكن ماذا نكون؟ َحفنة ِمن رجال‪ .‬ماذا َّنلِك؟ نقطة ِمن‬
‫الفداء"‪ .‬أترككم ُم ِّ‬
‫كرراً كلّمات‬ ‫حكمة‪ ".‬ومع ذلك أقول لكم‪" :‬أترككم مع مهمة اإلعالن عن زمن ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ُ‬
‫وزعها بسخاء أكرب"‪.‬‬ ‫"جَّرة الطحني ال تَفرغ وقارورة الزيت ال تَن ُقص‪ ،‬إىل يوم أييت َمن يُ ِّ‬
‫النيب إيليّا‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ولقد فَـ َعلتُم ذلك‪ ،‬إذ يوجد بينكم هنا فينيقيّون قد أتوا ِمن وراء الكرمل‪ .‬وهذا يعين أبنَّكم قد‬
‫حتدَّثتم هلم مبثل ما قيل لكم‪ .‬وهذا يُثبِت لكم أ ّن قَبضة الدقيق ونقطة الزيت َمل يَن َفذا‪ ،‬بل على العكس‪،‬‬
‫َمل يتوقّفا عن االزدايد‪ .‬وإذا بَدا لكم األمر غريباً أن خيتاركم هللا هلذا العمل‪ ،‬بينما أنتم تَشعُرون أنّكم‬
‫بكلمتك"‪».‬‬
‫َ‬ ‫َفعل ما تقول‪ ،‬واثِقاً‬
‫غري أهل إلجنازه‪ ،‬فقولوا كلمة الثقة العظيمة‪" :‬أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 224 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫نتصرف مع هؤالء الوثنيّني؟ فنحن إذا كنّا نَع ِرفهم‪ ،‬فَ ِمن خالل الصيد‪،‬‬
‫«اي معلّم‪ ،‬ولكن كيف ّ‬
‫أل ّن الذي ُيمعنا هو العمل نفسه‪ّ .‬أما اآلخرون؟» يَسأَل صيّاد ِمن إسرائيل‪.‬‬

‫نشأ نفسه؟ فلقد َخلَ َق هللا‬ ‫«تقول‪ :‬العمل نفسه َُي َمعنا‪ .‬وإذن أَفَال يُ ََ‬
‫فرتض أن ُيمعكم ال َـم َ‬
‫اإلسرائيليّني كما َخلَ َق الفينيقيّني‪ .‬وأولئك الذين يف سهل شارون أو اليهوديّة العليا‪ ،‬ال َخيتَلِفون عن‬
‫كل‬ ‫لب‬ ‫الذين يف هذا الساحل‪ .‬الفردوس لكل أبناء البشر هو‪ ،‬على السواء‪ .‬وابن اإلنسان أتى ِ‬
‫جل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فرح اآلب‪ .‬فلتَ ِجدوا أنفسكم إذن على الدرب ذاته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الناس إىل الفردوس‪ .‬اهلدف هو بلوغ السماء ليَ َ‬
‫َحبّوا بعضكم روحيّاً‪ ،‬كما ُِحتبّون بعضكم بدافع العمل‪.‬‬‫وأ ِ‬

‫نود معرفة املزيد‪ .‬هل ِمن املمكن أن حنظى بتلميذ يكون‬


‫«لقد قال لنا اسحق الكثري‪ ،‬ولكنّنا ُّ‬
‫لنا حنن يف هذا املكان النائي؟»‬

‫تعوَد على العيش مع الوثنيّني‪ ».‬يَ َِ‬


‫قرتح‬ ‫األندوري اي معلّم‪ .‬إنّه جدير بذلك‪ ،‬وقد َّ‬ ‫ا‬‫ّ‬‫ن‬‫يوح‬ ‫ل‬ ‫«أ ِ‬
‫َرس‬
‫ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫يهوذا االسخر ّ‬
‫«ال‪ .‬يوحنّا يبقى معنا‪ُُ ».‬ييب يسوع بطريقة جا ِزمة‪ُ .‬ثّ يَلتَ ِفت إىل الصيّادين‪« :‬مّت ينتهي‬
‫موسم صيد الفرفورة؟»‬

‫ب عواصف اخلريف‪ .‬بعدها يَضطَ ِرب البحر كثرياً هنا‪».‬‬


‫«عندما َهت ّ‬
‫«وستعودون حينذاك إىل سيكامينون؟»‬

‫«إىل هناك وإىل القيصريّة‪ .‬إنّنا نبيع الكثري إىل الرومانيّني‪».‬‬

‫عاودة اللقاء مع التالميذ‪ .‬ويف انتظار ذلك اثبِروا‪».‬‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫«حينذاك‪ ،‬سوف تتم ّكنون ِ‬
‫م‬
‫ُ َ‬
‫ابمسك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«هناك شخص على مَت مركيب‪َ ،‬مل أكن راغباً به‪ ،‬وقد أتى‬

‫« َمن هو؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 225 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«صيّاد شاب ِمن عسقالن‪».‬‬
‫«لِينـ ِزل‪ ،‬و ِ‬
‫ليأت إىل هنا‪».‬‬ ‫َ‬
‫ضي الرجل إىل ظهر املركب لِيَعود بصحبة شاب خجول‪ ،‬كونه َُم ّ‬
‫ط أنظار‪ .‬يتعَّرف عليه يوحنّا‬ ‫َمي ِ‬
‫أأتيت اي هرمست؟ هل‬ ‫ِ‬
‫الرسول‪« :‬إنّه واحد من الذين أعطوان السمك اي معلّم‪ ».‬يَ َنهض لتحيّته‪َ « :‬‬ ‫َّ‬
‫مبفردك؟»‬
‫أنت َ‬ ‫َ‬
‫قيت على الض ّفة‪ ،‬آمالً‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫لت‪ ...‬بَ ُ‬
‫«مبفردي‪ .‬يف كفرانحوم َخج ُ‬
‫«ماذا؟»‬

‫مك‪».‬‬
‫«رؤية معلّ َ‬
‫ينتظرك‪.‬‬
‫َ‬ ‫«أمل يُصبِح معلّمك كذلك؟ ملاذا اي صديقي ُمو َ‬
‫اصلة املماطلة؟ َهلُ َّم إىل النور الذي‬
‫إليك ويبتسم‪».‬‬
‫انظر كيف يرنو َ‬
‫«كيف سيستقبلين؟»‬

‫أتيت إلينا حلظة‪».‬‬


‫«اي معلّم‪ ،‬هالّ َ‬
‫يَ َنهض يسوع وَميضي إىل يوحنّا‪.‬‬

‫«ال ُيرؤ ألنّه غريب‪».‬‬

‫حدك‬ ‫ورفاقك؟ أََمل تكونوا كثريين؟‪ ...‬ال تضطَ ِرب‪َ .‬‬


‫فأنت و َ‬ ‫َ‬ ‫إيل‪ ،‬ما ِمن أحد غريب‪.‬‬
‫«ابلنسبة َّ‬
‫وحدك‪ .‬تعال معي‪».‬‬ ‫كنت َ‬ ‫َمن َع ِرف املثابرة‪ .‬وأان سعيد َ‬
‫بك‪ ،‬ولو َ‬
‫يعود يسوع إىل مكانه مع غنيمة جديدة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 226 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هذا‪ ،‬نعم‪ ،‬سوف نَعهد به إىل يوحنّا األندوري‪ ».‬يقول لإلسخريوطي‪ُ .‬ث ُخي ِ‬
‫اطب اجلميع‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫قائالً‪:‬‬

‫«َمموعة ِمن عُ َّمال املناجم نَزلوا إىل منجم حيث كانوا يَعلَمون بوجود كنوز ُمبّأة جيّداً يف‬
‫لكن األرض صلبة والعمل ُم ِرهق‪.‬‬
‫أعماق األرض‪ .‬وبدأوا ابحلَفر‪ .‬و ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعاملوه‬
‫سخرون من رئيس الفريق‪َ ،‬‬ ‫َخذوا يَ َ‬
‫آخرون أ َ‬
‫ومضوا‪َ .‬‬‫تَعب عدد كبري منهم‪ ،‬فَـَرموا َمعا ِوهلم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضب‪،‬‬ ‫وضَربوا ابطن األرض بِغَ َ‬‫َكشبه أبله‪ .‬آخرون َعتبوا على مصريهم والعمل واألرض واملعدن‪َ ،‬‬
‫صلوا إىل‬ ‫ُُم ِطّمني ِعرق املعدن إىل أجزاء غري صاحلة لالستعمال‪ُ ،‬ث‪ ،‬وبعد أن خَّربوا كل شيء وَمل ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عام َل طبقات األرض ال ُـمقا ِومة بِلِني‬
‫يبق سوى واحد‪ ،‬األكثر مثابرة‪َ .‬‬ ‫نتيجة‪َ ،‬مضوا ُهم كذلك‪ .‬مل َ‬
‫وح َفَر أعمق‪ ،‬وانتهى إىل اكتشاف ِعرق معدن‬ ‫ِ‬
‫أي شيء‪ ،‬قام مبحاوالت كثرية‪َ ،‬‬ ‫ليَث ُقبها دون ُتريب ّ‬
‫عامل املنجم؛ وبواسطة املعدن الفائق النقاء الذي اكتَ َش َفه‪ ،‬استطاع الشروع‬ ‫مثّني رائع وكوفِئت مثابرة ِ‬
‫َ‬
‫أبعمال عديدة‪ ،‬وحتصيل أَماد كثرية‪ ،‬واحلصول على زابئن عديدين‪ ،‬أل ّن اجلميع كانوا يَر َغبون هبذا‬
‫الغاضبون‪ ،‬على شيء‪.‬‬ ‫املعدن الذي مل يكتَ َشف بِغَري املثابرة‪ ،‬وحيث مل َُيصل اآلخرون‪ ،‬الكساىل و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لكن الذهب ال ُـمكتَ َشف‪ ،‬كي يكون َجيالً ابلدرجة املطلوبة لالستخدام يف الصياغة‪ ،‬ينبغي له‬
‫و ّ‬
‫بدوره املثابرة على اإلرادة يف إمتام الشُّغل عليه‪ .‬فإذا كان الذهب‪ ،‬بعد ّأول عملية اكتشاف‪ ،‬ال يريد‬
‫دائي ال يكفي للنجاح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يظل َخاماً‪ ،‬وال ميكن صياغته‪ .‬تَـَرون إذن أ ّن احلماس الب ّ‬
‫َحت ُّمل املصاعب‪ ،‬فإنّه ّ‬
‫ال َكرسول وال كتلميذ وال كمؤمن‪ُ .‬يب املثابرة‪.‬‬

‫ِرفاق هرمست كانوا كثريين‪ ،‬وكان َمحاسهم ّ‬


‫متأججاً‪ ،‬وقد َو َعدوا َجيعهم ابجمليء‪ .‬وهو َوحده‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫الذي أتى‪ .‬كثريون ُهم تالميذي‪ ،‬ويزدادون ابستمرار‪ .‬إّّنا ثلث النصف فقط سوف يظلّون كذلك ّ‬
‫لكل األشياء الصاحلة‪.‬‬
‫النهاية‪ .‬املثابرة‪ .‬هي العبارة العظيمة ّ‬
‫الصدفة‬
‫الشباك اللتقاط أصداف األرجوان‪ ،‬هل تفعلون ذلك على سبيل ُّ‬ ‫أنتم‪ ،‬عندما تَ ُرمون ِّ‬
‫كل ذلك متعلِّق يف العودة إىل‬ ‫أشهر‪،‬‬ ‫م‪،‬‬ ‫أاي‬ ‫ساعات‪،‬‬ ‫مدى‬ ‫على‬ ‫ة‪،‬‬
‫املر‬
‫َّ‬ ‫لو‬‫املرة تِ‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ال‪.‬‬ ‫احدة؟‬
‫و‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ولِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 227 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرفاه‪ ،‬لكم ولعائالتكم‪ .‬وتُريدون‬‫األمكنة ذاهتا يف العام التايل‪ ،‬أل ّن ذلك يُوفِّر لكم القوت ووسائل َّ‬
‫التصرف خبالف ذلك يف األمور العظيمة اليت هي مصاحل هللا ونفوسكم‪ ،‬إذا كنتم مؤمنني ّأّنا مصاحلكم‬ ‫ّ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬الستخراج أُرجوان املالبس األزليّة‪ُ ،‬يب املثابرة‬
‫ومصاحل إخوتكم‪ ،‬إذا كنتم تالميذ؟ ّ‬
‫حّت النهاية‪.‬‬
‫ّ‬
‫حّت حتني ساعة العودة‪ ،‬هكذا نَع ِرف بعضنا بشكل أفضل‪،‬‬
‫صدوقني ّ‬
‫فلنتصرف كأصدقاء َ‬
‫ّ‬ ‫واآلن‪،‬‬
‫التعرف على بعضنا‪»...‬‬
‫وسيَسهل علينا ّ‬
‫َ‬
‫وسرطاانت التَـ َقطوها ِمن على الصخور‪ ،‬ومسكاً‬ ‫الصخري‪ ،‬وطَهوا َُماراً َ‬
‫ّ‬ ‫انتَ َشروا يف اخلليج‬
‫اجملففة‪ ،‬داخل ُكهوف فُتِ َحت بفعل‬ ‫اصطادوه بِ ِشباك صغرية؛ ّإّنم يَرقُدون على أ َِسّرة ِمن اإلشنيّات َّ‬
‫الصخري‪ ،‬بينما السماء والبحر الزورد َخ َّالب يُعانِق‬
‫ّ‬ ‫حت األمواج للساحل‬ ‫حّت بِفعل ّ‬ ‫الزالزل‪ ،‬أو ّ‬
‫ومرف ِرفة أبجنحتها؛‬ ‫ِ‬
‫األُفُق‪ .‬والنوارس تُتابع مهرجان الطريان بني البحر وأعشاشها‪ُ ،‬مطلقة صيحات‪ُ ،‬‬
‫سمع يف ساعات حرارة الصيف اخلانقة تلك‪.‬‬ ‫األصوات الوحيدة‪ ،‬مع طبطبة األمواج‪ ،‬اليت تُ َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 228 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -115‬إىل تالميذ سيكامينون‪ :‬اإلميان)‬

‫‪1945 / 08 / 13‬‬

‫اجد التالميذ‬ ‫ِ‬


‫حاصروا مكان تو ُ‬
‫أهايل سيكامينون‪َ ،‬مدفوعني ابل ُفضول‪ ،‬وعلى مدى اليوم كلّه‪َ ،‬‬
‫لن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذين يَنتَظرون عودة املعلّم‪ّ .‬إال أ ّن النساء التلميذات َمل يَهدرن الوقت ُسدى أثناء االنتظار‪ ،‬فَـغَ َس َ‬
‫عصر َعَرقاً‪ ،‬واي له ِمن َمعرض َجيل على الشاطئ لثياب ُّت َّفف يف اهلواء‬ ‫ِ‬
‫الثياب املتَّشحة ابلغبار واليت تَ ُ‬
‫فإّن ّن يسرعن يف‬
‫ك الليل على اهلبوط‪ ،‬ومع الليل اإلحساس ابلرطوبة املاحلة‪ّ ،‬‬ ‫أوش َ‬
‫والشمس‪ .‬اآلن وقد َ‬
‫كل االّتاهات قبل طيّها‪ ،‬لتكون‬ ‫فضها وش ّدها يف ّ‬‫َجع الثياب املغسولة اليت ما تزال رطبة قليالً‪ ،‬ونَ َ‬
‫مرتّبة جيّداً حينما تُقدَّم ألصحاهبا‪.‬‬
‫«لِنَ ِ‬
‫حمل الثياب إىل مرمي فوراً‪ ».‬تقول مرمي اليت حللفا‪ ،‬وتضيف‪« :‬كان ذلك ابلنسبة إليها‬
‫تضحية عظيمة‪ ،‬أمس واليوم‪ ،‬يف ذاك الكوخ دون هواء!‪»...‬‬

‫ِمن ذلك أُد ِرك أ ّن غياب يسوع آنذاك دام أكثر ِمن يوم‪ ،‬ويف أثنائها كان على مرمي اجملدليّة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ف ثوهبا‪.‬‬ ‫اليت ليس لديها سوى ثوب وحيد‪ ،‬البقاء ُُمتَبِئة ّ‬
‫حّت َُي ّ‬
‫الصالح‪».‬‬
‫ظ ّأّنا ال تتش ّكى أبداً! َمل أ ُكن أظنُّها أصبَ َحت هبذا َّ‬
‫ُّتيب سوسنة‪« :‬حلسن احل ّ‬

‫اضع واحلِشمة‪ .‬اي هلا ِمن فتاة مسكينة! ابحلقيقة لقد كان الشيطان‬ ‫«بل ِ‬
‫عليك القول‪ :‬وهبذا التَّو ُ‬
‫حّت عادت إىل طبيعتها‪ ،‬فبالتأكيد هكذا كانت حينما كانت صغرية‪».‬‬ ‫ِ‬
‫يُع ّذهبا! وما أن َحَّرَرها يسوعي ّ‬
‫تتحاداثن‪ ،‬إىل البيت َحت ِمالن الثياب املغسولة‪.‬‬
‫وعاد َات‪ ،‬وِها َ‬
‫َ‬
‫ويف تلك األثناء‪ ،‬كانت مرات ُم َنه ِمكة يف املطبخ يف إعداد الطعام‪ ،‬بينما العذراء تَغسل اخلضار‬
‫حناسي‪ُ ،‬ثّ تقوم بطهيها ِمن أجل العشاء‪.‬‬‫ّ‬ ‫يف وعاء‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 229 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هي ِذي‪ ،‬جافّة كلّها‪ ،‬ونظيفة ومطويّة‪ .‬لقد كانت فعالً حباجة للتنظيف‪ .‬اذهيب إىل مرمي‬
‫وأَعطيها ثياهبا‪ ».‬تقول سوسنة وهي تُعطي الثياب ملرات‪.‬‬

‫بعد قليل‪ .‬تعود األُختان معاً‪« .‬شكراً لكما‪ ،‬أنتما االثنتني‪ .‬فإ ّن تضحية ارتداء ذات الثّوب‬
‫لع ّدة أايم كانت األكثر عناء‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة ُمبتَ ِسمة‪« .‬اآلن تبدو يل مرُية‪».‬‬
‫أنت يف حاجة إىل ذلك‪ ،‬بعد ح ِ‬
‫بسك الطويل‪».‬‬ ‫«اجلسي يف اخلارج‪ ،‬فهناك نَسيم عليل‪ .‬حتماً ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َضعف ِمن أُختها‪ ،‬استطاعت ارتداء واحد ِمن ثياب‬
‫تُبدي مرات رأيها‪ ،‬وهي اليت‪ ،‬ابعتبارها أَصغَر وأ َ‬
‫غسل‪.‬‬
‫سوسنة أو مرمي اليت حللفا‪ ،‬بينما كان ثوهبا يُ َ‬
‫املرة تدبَّران أنفسنا هكذا‪ .‬إّّنا مستقبالً‪ ،‬فسوف نُرتِّب حقيبة صغرية لنا ِمثل األُخَرايت‪،‬‬
‫«هذه ّ‬
‫نتعرض هلذا العناء‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة‪.‬‬
‫ولن ّ‬
‫«كيف؟ هل تَنويِن أن تتبعيه ِمثلنا؟»‬

‫«ابلتأكيد‪ّ .‬إال إذا أ ََمَرين عكس ذلك‪ .‬أان ماضية اآلن إىل الشاطئ ألراه إذا ما كان قد عاد‪.‬‬
‫هل يعودون هذا املساء؟»‬

‫آمل ذلك‪ُّ ».‬تيب مرمي ال ُكلّيّة القداسة‪« .‬إنّين قَلِ َقة لذهابه إىل فينيقية‪ ،‬ولكنّين أُف ِّكر أنَّه مع‬ ‫«ُ‬
‫أود لو يَعود ِمن‬ ‫الر ُسل‪ ،‬وأُف ِّكر كذلك أ ّن الفينيقيّني‪ ،‬قد يكونون أفضل ِمن كثريين آخرين‪ .‬ولكنّين ُّ‬ ‫ُّ‬
‫اجلليلي‪،‬‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ع‬‫امل‬ ‫مع‬ ‫أجل الناس الذين ينتظرونه‪ .‬فعندما َذهبت إىل النبع أوقَـ َفتين أُم قائلة يل‪" :‬هل ِ‬
‫أنت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫لت بيتاً‬ ‫ِ‬
‫ود َخ ُ‬ ‫الذي يُدعى املسيح؟ تعايل إذن وانظري إىل َولَدي‪ .‬ها قد مضى عام واحلُ ّمى تُرهقه"‪َ .‬‬
‫كأين به وردة صغرية تَذبُل! سوف أقول ذلك ليسوع‪».‬‬ ‫ِ‬
‫صغرياً‪ .‬واي ل َلولَد املسكني! و ّ‬
‫تقول مرات‪« :‬هناك آخرون يَسأَلون الشفاء‪ .‬والشفاء أكثر أِهيّة ِمن التعلُّم‪».‬‬

‫« ِمن الصعوبة مبكان أن يكون املرء روحيّاً ابلكامل‪ .‬فإنّه دائم االستماع إىل نداء اجلسد‬
‫وحاجاته‪ُّ ».‬تيب العذراء‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 230 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«حينئذ‪ ،‬وبعد املعجزة‪ ،‬يُولَد الكثريون حلياة الروح‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬اي مرات‪ .‬ولذلك َُي َِرتح ابين معجزات كثرية‪ .‬رأفة ابإلنسان‪ ،‬إّّنا كذلك كي يَش ّده‪ ،‬هبذه‬
‫الوسيلة‪ ،‬إىل طريقه اليت‪ ،‬بغري ذلك‪ ،‬الكثريون ال يتبعوّنا‪».‬‬

‫ب مع يسوع‪ ،‬وكذلك العديد ِمن‬ ‫األندوري إىل البيت‪ .‬ذلك أنّه مل يكن قد ذَ َه َ‬
‫ّ‬ ‫يعود يوحنّا‬
‫صل مرمي‬ ‫التالميذ الذين كانوا قد َذهبوا إىل البيوت الصغرية اليت يقطنوّنا‪ .‬ويف الوقت نفسه تقريباً تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فت عليها جيّداً‪».‬‬ ‫تعر ُ‬
‫صلوا‪ّ .‬إّنا املراكب اخلمسة اليت أحبََرت فَجر أمس‪ .‬لقد َّ‬
‫اجملدليّة قائلة‪« :‬لقد َو َ‬
‫آخذ هلم املاء‪ ،‬فالنبع ابرد ج ّداً‪ ».‬تقول مرمي اليت حللفا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«سيكونون تَعبني وظمآنني‪ .‬سوف ُ‬
‫وُت ُرج حاملة اجلِّرار‪.‬‬
‫َ‬

‫األندوري‪ ،‬ذلك أ ّن‬


‫ّ‬ ‫وُت ُرج مرمي اجملدليّة ويوحنّا‬
‫«هيّا بنا إىل لقاء يسوع‪ .‬تعالوا‪ ».‬تقول العذراء‪َ .‬‬
‫امحرات‪ ،‬وِها ُم َنه ِمكتان ج ّداً يف إّناء حتضريات العشاء‪.‬‬
‫سوسنة ومرات تَب َقيان عند الفرن‪ ،‬وقد َّ‬
‫صلَت إليه مراكب صيد أخرى كثرية‬ ‫ِ‬
‫يَصلون‪ ،‬مبحاذاة الشاطئ‪ ،‬إىل رصيف صغري‪ ،‬وقد َو َ‬
‫أتخذ املدينة امسها‪ ،‬وتُـَرى كذلك‬ ‫ِ‬
‫ظهر خليج املدينة كلّه‪ ،‬الذي منه ُ‬ ‫للمبيت‪ .‬من أحد اجلوانب‪ ،‬يَ َ‬
‫املراكب اخلمسة اليت تسري بسرعة‪ ،‬مائِلة قليالً يف سريها‪ .‬أش ِرعتها ُمنتَ ِفخة‪ ،‬بِِفعل رايح الشمال املؤاتية‪،‬‬
‫واملخ ِّففة ِعبئاً عن الرجال ال ُـم َرهقني بِِفعل احلرارة‪.‬‬

‫«انظري إىل مسعان واآلخرين كيف يُدبِّرون أمورهم‪ .‬إ ّّنم يَتبَعون مركب القبطان بشكل رائع‪ .‬ها‬
‫القوي يف ذاك املوضع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويتوجهون اآلن إىل عرض البحر‪ ،‬ليَدوروا حول اجملرى ّ‬ ‫ُهم يتجاوزون الرصيف؛ ّ‬
‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل شيء اآلن على ما يرام‪َّ .‬إّنم على وشك أن يكونوا هنا‪ ».‬يقول يوحنّا‬ ‫هو ذا‪ّ ...‬‬
‫ابلفعل‪ ،‬تَ َِ‬
‫قرتب املراكب أكثر‪ ،‬ويتميّز الذين فيها‪.‬‬

‫أخ َفته‬
‫حّت ْ‬
‫قامته بكامل َعظَ َمتها‪ّ ،‬‬
‫ض وبَ َدت َ‬ ‫األول‪ ،‬ومعه اسحق‪ .‬لقد َّنَ َ‬ ‫يسوع يف املركب ّ‬
‫ماراً أمام النساء‬ ‫ِ‬ ‫األشرعة للحظات‪ .‬ابلفعل‪ ،‬يَ َنع ِطف املركب‪ ،‬يَدور‬
‫ليستقر يف محَى الرصيف الصغري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 231 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اللوايت هن فوق الرصيف متاماً‪ .‬يبتسم يسوع يف حتية هلن‪ ،‬بينما يس ِرعن يف املشي لِي ِ‬
‫صلن‪ ،‬يف نفس‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُّ‬
‫الوقت‪ ،‬مع املركب‪ ،‬إىل املوضع الذي يَرسو فيه‪.‬‬

‫صلنا‬‫و‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫بحث‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫ّ‬‫كن‬ ‫الذي‬ ‫تنا‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫ضا‬ ‫د‬ ‫كنت قَلِقة؟ يف صيدون َمل َِ‬
‫جن‬ ‫كك هللا اي أُمي‪ .‬هل ِ‬
‫«ابر ِ‬
‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َعهد به‬ ‫ِ‬
‫يود لو نُث ّقفه‪ .‬وأان أ َ‬
‫تعال اي هرمست‪ ...‬اي يوحنّا‪ ،‬هذا الشاب ّ‬ ‫إىل صور‪ ،‬وهناك َو َجدانه‪َ .‬‬
‫إليك‪».‬‬
‫َ‬
‫ينتظرونك‪ ».‬يقول يوحنّا‬
‫َ‬ ‫كلمتك‪ .‬شكراً اي معلّم! هناك الكثريون‬
‫َ‬ ‫أخذلك بتثقيفه حسب‬
‫َ‬ ‫«لن‬
‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬
‫حلضورك‪».‬‬
‫َ‬ ‫بين‪ ،‬وأ ُّمه ِّ‬
‫متلهفة‬ ‫«وأيضاً هناك مريض صغري مسكني‪ ،‬اي ّ‬
‫«سأمضي إىل هناك يف احلال‪».‬‬

‫ابدأ مبعرفة‬
‫أنت كذلك اي هرمست‪ .‬و َ‬ ‫«أع ِرف َمن يكون اي معلّم‪ .‬أر َ‬
‫افقك إىل هناك‪ .‬تعال َ‬
‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صالح سيّدان الالمتناهي‪ ».‬يقول‬
‫ومن الرابع اندراوس‪ِ ،‬‬
‫ومن اخلامس يوحنّا‪،‬‬ ‫ومن الثالث يعقوب‪ِ ،‬‬
‫ويهبِط ِمن املركب الثاين بطرس‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫يتجمعون حول يسوع‬ ‫الراببِنة األربعة‪ ،‬يتبعهم ُّ‬
‫الر ُسل اآلخرون‪ ،‬والتالميذ الذين كانوا معهم والذين َّ‬ ‫َّ‬
‫ومرمي‪.‬‬

‫«اذهبوا إىل البيت‪ .‬سآيت أان أيضاً يف احلال‪ .‬ويف هذه األثناء‪َ ،‬هيِّئوا ما يَ َلزم للطعام‪ ،‬وقولوا‬
‫للذين ينتظرون إنّين سأحت ّدث يف املساء‪».‬‬

‫«وإذا كان هناك مرضى؟»‬

‫يتمكنوا ِمن العودة إىل البيت سعداء‪».‬‬


‫حّت قبل الطعام‪ ،‬كي َّ‬
‫«سوف أبدأ بشفائهم‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 232 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األندوري وهرمست إىل املدينة‪ .‬يَسري اآلخرون على الشاطئ‬ ‫ّ‬ ‫يتفرقون‪َ .‬ميضي يسوع مع‬
‫َّ‬
‫ومسعوه‪ ،‬مسرورين كاألطفال الذين يعودون إىل ّأمهم‪ .‬ويهوذا‬ ‫حصى‪ ،‬وهم يروون كل ما رأوه َِ‬‫ال ُـم َّ‬
‫ّ َ‬ ‫َُ‬
‫صرة‬
‫وخاصة ّ‬
‫ّ‬ ‫الص َدقات اليت شاء صيّادو الفرفورة إعطاءَه ّإايها‪،‬‬
‫يوطي سعيد كذلك‪ .‬ويَعرض َّ‬
‫االسخر ّ‬
‫ِمن املادة النفيسة‪.‬‬

‫اندوين على ِحدة وقالوا‬ ‫ِ‬


‫«هذه للمعلّم‪ .‬وإذا مل َُيملها هو فَ َمن ذا الذي يستطيع َمحلها؟ لقد ُ‬
‫صلَت إلينا‬‫لست أدري َو َ‬
‫تصور! إنّه كنـز‪ُ .‬‬ ‫حّت لدينا لؤلؤة‪َّ ،‬‬‫يل‪" :‬لدينا َمرجاانت نفيسة يف املركب‪ّ ،‬‬
‫وذهبت إرضاء هلم‪ ،‬بينما‬
‫ُ‬ ‫تعال لَِرتاها"‪.‬‬
‫خاطر‪ِ ،‬من أجل املعلّم‪َ .‬‬‫نعطيك إايها‪ ،‬عن ِطيب ِ‬
‫َ ّ‬ ‫ثروة كهذه‪،‬‬
‫كان املعلّم قد اختلى يف مغارة للصالة‪ .‬لقد كانت هناك َمرجاانت َجيلة ولؤلؤة‪ ،‬ليست ضخمة‬
‫ري أعطوين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجيلة‪.‬فقلت هلم‪" :‬ال َحترموا أنفسكم من هذه األشياء‪ .‬فاملعلّم ال َُيمل اجلواهر‪ .‬ابحلَ ّ‬
‫ُ‬ ‫ولكنّها‬
‫الصرة‪ .‬وشاؤوا‬ ‫هذه‬ ‫وى‬ ‫قليالً من هذا األرجوان‪ ،‬وسنَجعل منه بعض زينة لثوبه‪ .‬ومل يكن لديهم ِ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫معرفتك‪ِ ،‬من أجل‬
‫ِ‬ ‫أبي شكل‪ُ .‬خذي أيّتها األ ُّم‪ .‬اصنعي منها ُشغالً َجيالً‪ ،‬حسب‬ ‫إعطائي ّإايها ّ‬
‫ظ هو ذلك‪ ،‬لََفضَّل أن نَبيعه ِمن أجل الفقراء‪ّ .‬أما‬ ‫سيّدان‪ .‬إّّنا اصنعيه‪ ،‬هل تَع ِرفني؟ فلو َ‬
‫الح َ‬
‫حنن‪ ،‬فيطيب لنا أن نَراه ُمرتَدايً ما يستح ّقه ويَليق به‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫وهم األدىن‬ ‫ِ‬


‫«آه! نعم‪ ،‬صحيح! أان أأت ّمل حينما أراه بسيطاً للغاية وسط اآلخرين‪ ،‬وهو ال َـملك‪ُ ،‬‬
‫فعمني ابلشرائط‪ ،‬متأللِئني‪ ،‬ويَنظُرون إليه كفقري غري َخليق هبم!» يقول بطرس‪.‬‬
‫الصبية‪ُ ،‬م َ‬
‫من ّ‬
‫ِ‬

‫سادة صور‪ ،‬حينما استأذ ّان ِمن الصيّادين؟» ُُييبه أخوه‪.‬‬


‫« َأومل تَـَر ضحكات َ‬

‫"اخجلوا ِمن أنفسكم‪ ،‬اي لَ ُكم ِمن كِالب! فإ ّن خيطاً‬


‫لت هلم‪َ :‬‬
‫ويقول يعقوب بن زبدى‪« :‬لقد قُ ُ‬
‫كل زخارفكم‪».‬‬ ‫ن‬ ‫واحداً ِمن ثوبه األبيض َهلو أمثَن ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ضريها ِمن أجل عيد ّ‬
‫املظال‪ ».‬يقول يوضاس‬ ‫فأود لو ُحت ِّ‬
‫ص َل على هذا‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫«مبا أ ّن يهوذا قد َح َ‬
‫ت ّداوس‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 233 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َنسج األرجوان أبداً‪ ،‬إّّنا سوف أُحا ِول‪ »...‬تقول مرمي ال ُكلّيّة القداسة وهي تَلمس اخليط‬
‫« َمل أ ُ‬
‫الطري‪ ،‬ذا اللون الرائع‪.‬‬
‫يري‪ ،‬اخلفيف‪ّ ،‬‬ ‫احلر ّ‬
‫«إ ّن ُمربِّييت ّتيد ذلك‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة اخلبرية ابجلَّمال فعالً‪« .‬سوف َِجندها يف القيصريّة‪.‬‬
‫كل شيء‪ .‬وأان سأضع الشريط على ال َقبّة‬ ‫يدين‬ ‫ّت‬
‫ُ‬ ‫يك كيف‪ .‬وستتعلّمني بسرعة‪ِ ،‬‬
‫فأنت‬ ‫وسوف تر ِ‬
‫ّ‬
‫واألكمام وأسفل الثوب‪ :‬أرجوان على كتّان أبيض انصع أو صوف انصع البياض‪ ،‬مع َسعف وتَطريز‬
‫ورد‪ ،‬كما هو احلال على َم َرمر قُدس األقداس‪ ،‬مع عُقدة داود يف الوسط‪ .‬وهكذا تسري األمور على ما‬
‫يرام‪».‬‬

‫الرسم‪ ،‬فقد َر َمسَته أُّمنا على الثوب الذي لَبِسه لعازر‪ ،‬عندما سافَـَر‬
‫تقول مرات‪« :‬نَظَراً جلمال هذا َّ‬
‫ُرسله‬‫إىل األراضي السورية‪ ،‬لالستمالك فيها‪ .‬ولقد احتَـ َفظت به‪ ،‬ألنّه كان آخر ُشغل بيد أُمنا‪ .‬سوف أ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫لك‪».‬‬
‫«سوف أشتَغِله وأان أُصلّي ِمن أجل أم ِ‬
‫ك‪».‬‬ ‫ّ‬
‫خاصة املرضى منهم…‬ ‫فرق التالميذ لِ‬
‫جمعوا الذين يُريدون املعلّم‪ّ ،‬‬
‫َ َ‬‫ي‬ ‫بـَلَغوا البيوت‪ ،‬وتَ َّ‬
‫األندوري وهرمست‪ ،‬وَميّر ُُميّياً وسط الذين يَتدافَعون أمام البيوت الصغرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يَعود يسوع مع يوحنّا‬
‫ابتسامته بـََركة‪.‬‬

‫يَدفَعون إليه مريض العيون الذي ال ُمي ِكن حتاشيه‪ ،‬فهو ِشبه أعمى‪ ،‬على إثر التهاب عينني‬
‫صيين‪،‬‬ ‫ثل‬‫م‬‫قرحي‪ ،‬ويشفيه‪ .‬بعده جاء دور ذاك الذي قد أُصيب ابملالراي حتماً‪ ،‬فهو هزيل وأصفر ِ‬ ‫تَ ُّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‪ ،‬وتُشري إىل طفل مل‬ ‫عجزة خاصة‪ :‬تَطلُب حليباً لِ‬
‫ويشفيه‪ُُ .‬ث تَطلُب منه امرأة م ِ‬
‫صدرها الذي َج ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عرض لعمليّة تسخني‪ّ .‬إّنا تبكي‪.‬‬ ‫امحر وكأنّه ُم َّ‬
‫يتجاوز عمره بضعة ّأايم‪ُ ،‬مصاب بسوء تغذية وقد َّ‬
‫«تَرى أ ّن لدينا وصيّة طاعة الرجل واإلجناب‪ ،‬ولكن ماذا يُفيد ذلك‪ ،‬إذا ُكنّا نَرى بعدئذ أوالدان ُس َقماء؟‬
‫الصدر العقيم‪ .‬وهذا اآلن‬‫لت اثنني منهم إىل القرب‪ ،‬بسبب هذا َّ‬ ‫ِ‬
‫أوص ُ‬
‫الولَد الثالث الذي أُجنبه‪ ،‬وقد َ‬
‫إنّه َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 234 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جعالين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخران عاشا الواحد عشرة أشهر واآلخر سنة‪ ،‬ليَ َ‬
‫يُوشك أن ميوت‪ ،‬ألنّه ُولد يف زمن احلَّر‪َ .‬‬
‫لدي حليب‪ ،‬ملا كان َوقَ َع هذا!‪»...‬‬
‫أبكي أكثر حينما ميواتن إبصاابت معويّة‪ .‬لو كان َّ‬
‫بيتك‪ ،‬وعندما تَ ِ‬
‫صلني‪ ،‬أعطي‬ ‫ابنك‪ِ .‬آمين‪ِ .‬‬
‫امضي إىل ِ‬ ‫ينظُر إليها يسوع ويقول‪« :‬سيعيش ِ‬
‫َ‬
‫صدرك‪ِ .‬آمين‪».‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صغريك‬

‫ضمه إىل قلبها‪.‬‬‫ت‬


‫َ‬ ‫وهي‬ ‫صغري‪،‬‬ ‫ر‬ ‫يتذمر ِمثل ِ‬
‫ه‬ ‫وَمتضي املرأة طائِعة مع صغريها املسكني الذي َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ولكن هل سيتدفَّق منها احلليب؟»‬

‫«ابلطبع سيتدفَّق‪».‬‬

‫«أان أقول إ ّن الصيب سيعيش‪ ،‬إّّنا لن يتدفَّق احلليب‪ ،‬وهكذا تكون معجزة يف ذلك‪ ،‬إذا عاش‪.‬‬
‫فهو اآلن مائِت ِمن احلرمان‪».‬‬

‫حصل على احلليب‪».‬‬


‫«أبداً‪ .‬أان أقول إنّه َسيَ َ‬
‫«نعم‪».‬‬

‫«ال‪».‬‬

‫تناول طعامه‪ .‬وعندما َخي ُرج‬‫ي‬‫وُتتلِف اآلراء حسب األشخاص‪ .‬ويف أثناء ذلك ينس ِحب يسوع لِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫للوعظ ِمن جديد‪ ،‬يكون عدد الناس قد ازداد‪ .‬ابلفعل َّ‬
‫إن َخ َرب معجزة الطفل املصاب ابحلُ ّمى اليت‬ ‫َ‬
‫اجرت َحها يسوع منذ نزوله من املركب‪ ،‬قد انتَ َشر يف املدينة‪.‬‬
‫ََ‬
‫الرب الوصول أثناء هبوب‬
‫إيل‪ .‬فال ميكن لصوت ّ‬ ‫«سالمي أُعطيكم‪ ،‬لتهيئة نفوسكم لالستماع ّ‬
‫ألّنا آتية ِمن هللا‪ .‬و ّ‬
‫الضيقات‬ ‫كل اضطراب يُسيء إىل احلكمة‪ ،‬ذلك ّأّنا َسالميّة‪ّ ،‬‬ ‫العاصفة‪ .‬فإ ّن ّ‬
‫والشكوك هي ِمن أعمال الشيطان‪ِ ،‬جلَعل أبناء البشر يَضطَ ِربون ويَبتَعِدون عن هللا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 235 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أقول لكم هذا ال َـمثَل لكي تُد ِركوا التعليم بشكل أفضل‪:‬‬
‫كان لِمزارع حقول كثرية‪ ،‬فيها العديد من األشجار‪ ،‬وكروم تَغل كثرياً‪ِ ،‬‬
‫ومن بني الكروم كانت‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عتز هبا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واحدة فاخرة يَ ّ‬
‫صديق له‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫يف إحدى السنوات كانت َغلّة تلك الكرمة أوراقاً كثرية وعناقيد قليلة‪ .‬فقال للمزارع‬
‫ك َمل تُقلِّمها كفاية"‪ .‬ويف السنة التالية‪ ،‬أكثَـَر ال ُـمزا ِرع يف تقليمها‪ .‬فأعطَت الكرمة أغصاانً‬ ‫"ذلك ألنّ َ‬
‫أكثرت التّقليم"‪ .‬ويف السنة الثالثة تَـَرَكها الرجل دوّنا‬
‫َ‬ ‫ك‬‫آخر‪" :‬ألنّ َ‬
‫أقل‪ .‬فقال له صديق َ‬ ‫قليلة‪ ،‬وعناقيد ّ‬
‫حّت عنقوداً واحداً‪ ،‬وكان َورقها قليالً‪ ،‬هزيالً‪ُ ،‬من َك ِمشاً‪ ،‬وتُغطّيها بـُ َقع‬ ‫ِ‬
‫تَقليم‪ .‬فَـلَم تُعط الكرمة وال ّ‬
‫عليك ِسوى إحراقها"‪ .‬ولكن‬ ‫قرر‪" :‬ال َكرمة متوت أل ّن األرض غري صاحلة‪ .‬فما َ‬ ‫محراء‪ .‬صديق له اثلث يُ ِّ‬
‫ملاذا‪ ،‬إذا كانت األرض ذاهتا ابلنسبة إىل األشجار األخرى اليت أعتَين هبا العناية ذاهتا؟ وقد كانت يف‬
‫غل كثرياً؟ يَرفَع الصديق كتفيه وميضي‪.‬‬
‫البداية تَ ّ‬
‫َمَّر عابِر سبيل َمهول فتوقَّف َلريى ال ُـمزا ِرع ُمستَنِداً على ِجذع ال َكرمة املسكينة‪.‬‬

‫بك؟" يسأَله‪" .‬أيف البيت ميّت؟"‬


‫"ما َ‬
‫لكن هذه ال َكرمة اليت أُحبّها كثرياً تكاد متوت‪َ .‬مل يـَعُد فيها نَسغ يُنتِج َمثراً‪ .‬سنة أعطَت‬
‫"ال‪ ،‬و ّ‬
‫لكن ذلك مل ُُْي ِد نَفعاً‪.‬‬
‫لت ما قيل يل‪ ،‬و ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقل‪ ،‬وهذه السنة َمل تُعط َمثراً أبداً‪َ .‬عم ُ‬
‫قليالً‪ ،‬السنة التالية ّ‬
‫َخ َذ ُكتلَة ِمن األرض‬ ‫س األوراق‪ ،‬أ َ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫رمة‪.‬‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫دخل عابر السبيل اجملهول احلقل‪ ،‬ودان ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َََ‬
‫صَره إىل جذع شجرة‪ ،‬كان مبثابة الدَّعامة لل َكرمة‪.‬‬ ‫وحت َّس َسها‪ ،‬فَـتـَّتَها بني أصابعه‪َ ،‬رفَ َع بَ َ‬
‫(الرتاب) يف يده َ‬

‫"ُيب قَلع هذا اجلذع‪ .‬فهو الذي َُي َعل ال َكرمة َعقيمة‪".‬‬

‫"ولكنّها تَستَنِد عليه منذ سنوات؟!"‬

‫ست هذه الكرمة‪ ،‬كيف كانت هي‪ ،‬وكيف كان اجلَّذع؟"‬


‫أجبين أيّها الرجل‪ :‬عندما َغَر َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 236 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رت‬ ‫َخذ ُهتا من َكرمة أُخرى يل ألغ ِرسها هنا‪َ ،‬‬
‫وح َف ُ‬ ‫"آه! كانت َك َرمة رائعة‪ ،‬بعمر الثالث سنوات‪ .‬أ َ‬
‫كنت قد‬ ‫ِ‬
‫َجرح اجلُّذور وأان أَقلَعها من األرض حيث كانت قد نـَبَـتَت‪ .‬وهنا كذلك‪ُ ،‬‬ ‫عميقاً كي ال أ َ‬
‫كنت قبل ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت أكرب من األوىل‪ ،‬كي تكون حاالً يف الوضع املريح‪ .‬و ُ‬ ‫رت ُحفرة ُمشاهبة‪ ،‬بل ّ‬ ‫َح َف ُ‬
‫َجعلها َرخوة أكثر ِمن أجل اجلُّذور‪ ،‬لكي متت ّد بسرعة ودون صعوبة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قت األرض كلّها حوهلا أل َ‬‫قد َعَّز ُ‬
‫قوى عندما َِّتد الغذاء مباشرة‪ .‬بينما‬ ‫ِ‬
‫لقد هيَّأ ُهتا بعناية‪ ،‬واضعاً يف العُمق مساداً‪ .‬فاجلُّذور‪ ،‬كما تَعلَم‪ ،‬تَ َ‬
‫اهتمامي ابلدَّردار كان أقل‪ .‬فقد كانت شجرة ال دور هلا سوى أن تُش ِّكل دعامة لل َكرمة‪ .‬وقد َزَرعتُها‬
‫ضَربَتا جذوراً أل ّن األرض صاحلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يت‪ .‬وكلتَاِها َ‬
‫ض ُ‬ ‫وم َ‬
‫َّست الرتاب حول ُجذرها َ‬ ‫سطحيّة‪ ،‬قريبة منها‪َ .‬كد ُ‬
‫عزق حوهلا‪.‬‬ ‫لكن ال َكرمة كانت تنمو‪ِ ،‬من سنة إىل أخرى‪ُ ،‬مدلَّلة‪ُ ،‬مبوبة‪ُ ،‬مقلَّمة‪ ،‬وكانت األرض تُ َّ‬ ‫و ّ‬
‫ّأما الدَّردار فعلى العكس‪ ،‬كانت تنمو بعناية تتناسب وقيمتها!‪ُ ...‬ثّ أصبَ َحت الشجرة قويّة وضخمة‪.‬‬
‫وحت َسبها مملكيت‬ ‫كالربج‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أترى كم هي َجيلة اآلن؟ عندما آيت‪ ،‬أرى من بعيد ق ّمتها الشاُمة‪ ،‬العالية ُ‬
‫الصغرية‪ .‬قبل ذلك‪ ،‬كانت ال َكرمة تُغطّيها‪ ،‬فال يُرى إيراقها اجلميل‪ّ .‬أما اآلن فانظُر َكم هي َجيلة‬
‫وقوايً‪ .‬فقد َد َعم ال َكرمة‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ق‬ ‫أوراقها‪ ،‬يف األعلى‪ ،‬حتت الشمس! وأي ِجذع هو ِجذعها! فقد أصبح ُممتَ ِ‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لسنوات وسنوات‪ ،‬ومل ُيعلها عقيمة كما تعتَ ِقد‪"...‬‬

‫كل شيء كان يف مصلحة حياهتا‪ :‬األرض‪ ،‬الوضعيّة‪ ،‬النور‪،‬‬ ‫"على العكس‪ ،‬فقد قَـتَـلَها‪َ ،‬خنَـ َقها‪ّ .‬‬
‫لكن هذه الشجرة قتلتها‪ .‬فقد أصبحت قويّة ج ّداً‪ ،‬وتشابَ َكت‬ ‫الشمس والعناية اليت َمنَحتَها ّإايها‪ .‬و ّ‬
‫وسدَّت عليها ال َـمنافِس لِتَمنَعها ِمن‬‫َ‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫ن‬ ‫اجلذور حّت خنَـ َقتها‪ ،‬ذلك ّأّنا أَخ َذت النَّسغ كلّه ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫التنفس واالستفادة من النور‪ .‬اقطع هذه الشجرة القويّة يف احلال‪ ،‬فهي ال تُفيد يف شيء‪ ،‬وستعيش‬
‫عري جذور الدردار‬ ‫ت‬‫كرمتك ِمن جديد‪ .‬وسوف تعيش بشكل أفضل إذا ما ح َفرت األرض بتأ ٍّن لِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شعباهتا متوت يف األرض‪ ،‬وبَ َدل أن تُسبِّب املوت‪ ،‬تعطي‬ ‫وتَقطَعها‪ ،‬لتتأ ّكد ّأّنا لَن ُُتلِّف‪ ،‬بل أ ّن تَ ُّ‬
‫ألّنا ستُصبِح مساداً‪ ،‬وذاك هو العِقاب ال ُـموائِم ألاننيّتها‪ّ .‬أما اجلَّذع فَـتَحرقه‪ ،‬لتستفيد منه‪.‬‬ ‫احلياة‪ّ ،‬‬
‫كل ما هو‬‫فالشجرة اليت ال نفع منها واملؤذية ال تصلح لغري النار‪ ،‬وُيب قَ َلعها‪ ،‬وذلك كي يَذ َهب ّ‬
‫صاحل إىل الشجرة الصاحلة واملفيدة‪ِ .‬آمن مبا أقول وستكون مسروراً‪".‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 237 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت؟ قُل يل ألمت ّكن ِمن اإلميان‪".‬‬
‫"ولكن َمن تكون َ‬
‫ضى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬
‫"أان احلكيم‪َ .‬من يؤمن يب يَعش أبمان"‪َ .‬‬
‫ضع يده على املنشار‪ .‬واندى كذلك أصدقاءه لِي ِ‬
‫ساعدوه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مرتدداً‪ُُ .‬ثّ َّقرَر َو ْ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫بَق َي الرجل فرتة ّ‬
‫القمة‬ ‫ِ‬
‫أنت أَبلَه؟"‪" ،‬سوف َُت َسر الدردار إضافة إىل ال َك َرمة"‪" .‬أان أكتفي ب َقطع ّ‬
‫"ولكن هل َ‬
‫ِ‬
‫َفسح اجملال لل َك َرمة لالستفادة ِمن اهلواء ليس أكثر"‪" .‬مع ذلك َُِيب أن تكون هلا دعامة‪ ،‬فَـ َع َ‬
‫ملك‬ ‫َ‬ ‫أل‬
‫معرفتك‪ ،‬أو حبسب‬
‫َ‬ ‫عليك بذلك؟ قد يكون ذلك حبسب قلَّة‬ ‫"من يدري َمن أشار َ‬ ‫ال طائل منه"‪َ .‬‬
‫ابحلري أحد اجملانني"‪ .‬وهكذا دواليك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عليك"‪ .‬أو‬
‫أحد الذين َُيقدون َ‬
‫َفعل ما قاله يل‪ .‬فأان أؤمن بذلك اإلنسان"‪ .‬ويبدأ بِنَشر الدردار على مستوى األرض‪ ،‬وال‬ ‫"أ َ‬
‫وبكل أت ٍّن وصرب يَقطَع جذور الدردار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عري جذور الشجرتني‪ّ .‬‬ ‫يكتفي بذلك‪ ،‬بل َُيفر دائرة كبرية ليُ ّ‬
‫ضع لل َك َرمة اليت فَـ َق َدت دعامتها َوتَ َداً‬‫منتبهاً متاماً لكيال ُخيِّرب جذور ال َك َرمة‪ .‬يَردم احلفرة الكبرية‪ ،‬ويَ َ‬
‫الوتَد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كبرياً صلباً من احلديد‪ ،‬حامالً كلمة "إميان"‪َ ،‬مكتوبة على لوحة ُمعل َقة يف أعلى َ‬
‫ومَّر اخلريف‪ .‬وكذلك الشتاء‪ .‬وجاء الربّيع‪ .‬وتزيَّنت‬ ‫هزون رؤوسهم‪َ .‬‬ ‫وهم يَ ُّ‬
‫ومضى اآلخرون ُ‬ ‫َ‬
‫اعم كثرية‪ ،‬يف البداية كانت ُمغلَقة كما يف ِغالف ِمن املخمل ّ‬
‫الفض ّي‪،‬‬ ‫األغصان امللت ّفة حول الدعامة برب ِ‬
‫َّحت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوليدة‪ُُ ،‬ثّ مفتوحة‪ُ ،‬ثّ ُممتَدَّة من اجلذع أغصاانً قويّة‪ ،‬تفت َ‬
‫الوَريقات َ‬ ‫زمرد ُ‬
‫ُُثّ شبه مفتوحة على ّ‬
‫حتولَت إىل َحبّات ِعنَب‪ .‬عناقيد أكثر ِمن األوراق‪ ،‬واألوراق عريضة‪ ،‬خضراء وقويّة‪ ،‬مع‬ ‫ُزهريات‪ُُ ،‬ثّ َّ‬
‫ومكتَظّة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمموعات ِ‬
‫كل عُنقود َُيمل َحبَّات عنب لبّية‪ ،‬رّاينة‪ ،‬رائعة ُ‬‫ّ‬ ‫كان‬‫و‬ ‫أكثر‪،‬‬ ‫و‬ ‫وثالثة‬ ‫ين‬‫نقود‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫"واآلن ما قولكم؟ هل كانت الشجرة هي اليت ُمتيت َك َرميت‪ ،‬نعم أم ال؟ هل كان احلكيم ُُييد‬
‫كنت ُُِم ّقاً يف كتابة كلمة ‘اإلميان’ على اللوحة‪ ،‬نعم أم ال؟" يقول الرجل‬
‫الكالم‪ ،‬نعم أم ال؟ هل ُ‬
‫ألصدقائه ال ُـمتش ِّككني‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 238 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تك على تدمري املاضي واألمور املؤذية‬
‫در َ‬
‫ملعرفتك اإلميان وقُ َ‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫حق‪ ،‬وسعيد َ‬
‫كنت على ّ‬‫"لقد َ‬
‫اليت كان ُمتَّفقاً عليها‪".‬‬

‫ذاك هو احلال ابلنسبة إىل ال َـمثَل‪ .‬وهي ذي اإلجابة ابلنسبة إىل املرأة جافّة الثَّديَني‪ .‬انظروا‬
‫صوب املدينة‪».‬‬

‫تم ِّسك بثديها املنتَ ِفخ‪،‬‬


‫َُ‬‫م‬ ‫ليدها‬‫و‬ ‫و‬ ‫ع‬
‫َ ََ‬‫ر‬ ‫هت‬
‫َ‬ ‫وهي‬ ‫ها‬ ‫إاي‬
‫ّ‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫امل‬ ‫دون‬ ‫يلت ِفت اجلميع ِجهة املدينة‪ ،‬وي ِ‬
‫شاه‬‫ُ‬ ‫ََ‬
‫غرق فيه‪ .‬وال تتوقّف املرأة ّإال عند قدمي‬ ‫ِ‬
‫ميتصه اجلائع الصغري بنَـ َهم‪ ،‬لدرجة أنّه يبدو أنّه يَ َ‬
‫املمتلئ حليباً ّ‬
‫ك!»‬ ‫يسوع‪ ،‬حيث تُبعِد أمامه ِطفلها عن ثَديها وهي هتتف‪« :‬اب ِركه‪ ،‬اب ِركه كي يعيش ِمن أجل َ‬
‫لكن ال َـمثَل‬‫و‬ ‫املعجزة‪.‬‬ ‫حول‬ ‫عاتكم‬‫ُّ‬
‫ق‬‫و‬‫ت‬‫بعد هذه الوقفة‪ ،‬يعا ِود يسوع‪« :‬لقد حصلتم على إجابة لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬
‫له معىن أوسع ِمن هذه احلقبة الصغرية ِمن اإلميان املكافأ؛ هو ذا‪:‬‬

‫لنموه وإعطائه مثّاراً دائماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كل ما يَلزم ّ‬‫س هللا َك َرمتَه‪َ ،‬شعبه‪ ،‬يف مكان ُمناسب‪ُ ،‬م َوفّراً له ّ‬ ‫لقد َغَر َ‬
‫لكن ال ُـمعلِّمني‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ة‪.‬‬‫القو‬
‫ّ‬ ‫منها‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫فيستم‬ ‫أفضل‬ ‫بشكل‬ ‫يعة‬‫ر‬ ‫الش‬ ‫هم‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫داعماً إايه ابلـمعلِّمني ليتم ّكن ِ‬
‫م‬ ‫ّ ُ‬
‫أكرب‪ِ ،‬‬
‫حّت فَـَرضوا ذواهتم كأعلى ِمن الكلمة‬‫وآمنوا‪َ ،‬آمنوا‪َ ،‬آمنوا ّ‬
‫ُ ّ َ‬‫ع‪،‬‬‫ِ‬
‫شر‬ ‫ـم‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫شاؤوا أن يضعوا أنفسهم أعلى ِ‬
‫م‬ ‫ََ‬
‫الرب احلكيم‪ ،‬لكي يتم ّكن أولئك الذين يتألّمون‪ ،‬يف‬ ‫أرس َل ّ‬
‫األزليّة‪ .‬وأصبَ َحت إسرائيل عقيمة‪ .‬حينئذ َ‬
‫وُيِّربون هذا أو ذاك ِمن العالجات‪ ،‬حسب كالم أو‬ ‫العقم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫إسرائيل‪ ،‬بنفوس مستقيمة‪ ،‬من هذا َ‬
‫فع َمة علوماً إنسانيّة‪ ،‬إّّنا اخلالية ِمن العلوم فائقة الطبيعة‪ ،‬وابلنتيجة بعيدة عن‬ ‫ِ‬
‫نصائح ال ُـمعلّمني‪ ،‬ال ُـم َ‬
‫حبق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫معرفة ما ُيب فِعله إلعادة احلياة لروح إسرائيل‪ ،‬كي َّ ِ‬
‫يتمكنوا من احلصول على النصيحة النَّاجعة ّ‬
‫ما الذي َُيصل إذن؟ ملاذا ال تستعيد إسرائيل قِواها وال تعود شديدة كما كانت يف أَجل أزمنة‬
‫التشوشات اليت تنامت فتسبَّـبَت ابلضََّرر لألمر املق ّدس‪:‬‬
‫كل ّ‬ ‫للرب؟ ألنّه ُيب نُصحها إبزالة ّ‬
‫وفائها ّ‬
‫للسماح‬ ‫شريعة الوصااي العشر‪ ،‬كما أ ِ‬
‫ُعطيت‪ ،‬دوّنا تواطؤ‪ ،‬دوّنا مراوغة‪ ،‬ودون رايء‪ ،‬إبزالة هذه َجيعها‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫لل َكرمة ابهلواء واملساحة والغذاء‪ ،‬أي لِشعب هللا‪ِ ،‬‬
‫ماحناً ّإايه َدعامة قويّة‪ ،‬مستقيمة‪ ،‬ال تلتوي‪ ،‬وحيدة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ابالسم املتأللئ كالشمس‪ :‬اإلميان‪ .‬وهذه النصيحة غري مقبولة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 239 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كذلك أقول لكم إ ّن إسرائيل َستَقضي عليها‪ ،‬بينما ما يزال إبمكاّنا احلياة من جديد‪ ،‬واحلُصول‬
‫على ملكوت هللا‪ ،‬لو كانت تَعلَم أن تُ ِ‬
‫ؤمن وتتوب بِ َكَرم َّ‬
‫وتتغري يف الصميم‪.‬‬

‫الرب معكم‪».‬‬
‫امضوا بسالم‪ ،‬وليكن ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 240 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫ِ‬
‫والسندان")‬ ‫‪( -116‬يسوع يقول ملرمي اجملدلية‪" :‬سأُح ّ ِ‬
‫ضرك ابلنار ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1945 / 08 / 14‬‬

‫الر ُسل والنساء ويوحنّا‬ ‫ودع يسوع مع ُّ‬ ‫ِ‬


‫ما زال الوقت ليالً‪ ،‬ليالً َجيالً ج ّداً يف غروبه‪ ،‬عندما يُ ّ‬
‫شرعون ابلسري على طول الشاطئ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ودعون بصمت اسحق‪ ،‬املستيقظ الوحيد‪ ،‬ويَ َ‬ ‫األندوري وهرمست‪ ،‬يُ ّ‬
‫ّ‬
‫سمع َوقع أقدام‪ ،‬سوى قَرقَعة خفيفة على احلصى اليت تَدوسها األحذية‪ ،‬وال أحد يتكلّم‪ ،‬إىل أن‬ ‫ال يُ َ‬
‫الحظ نيام هذا البيت والبيوت اليت َسبَـ َقته رحيل املعلّم‬‫آخر بيت ببضعة أمتار‪ .‬ابلتأكيد َمل ي ِ‬ ‫ّتاوزوا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك على الغياب‪،‬‬ ‫أوش َ‬ ‫الصامت مع أصدقائه‪ .‬الصمت عميق‪َ .‬وحده البحر يتح ّدث إىل القمر الذي َ‬
‫عال‪ ،‬اتركة على الشاطئ مساحة جافّة‬ ‫ويروي للشاطئ قصص األعماق‪ِ ،‬مبَوجته املمت ّدة مع بداية م ّد ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تَضيق ابستمرار‪.‬‬

‫املرة‪ ،‬النساء يف الطليعة‪ ،‬مع يوحنّا والغيور ويوضاس ت ّداوس ويعقوب بن حلفا‪ ،‬الذين‬ ‫هذه ّ‬
‫ماحلة َوزلِقة‪ .‬الغيور‬
‫ساعدون النساء يف اجتياز األرصفة الصغرية الـمنت ِشرة هنا وهناك‪ ،‬الرطبة رطوبة ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫يهتم أب ُّمه وسوسنة‪ ،‬وت ّداوس ال يَدع ألحد‬
‫مع مرمي اجملدليّة‪ ،‬يوحنّا مع مرات‪ ،‬بينما يعقوب بن حلفا ّ‬
‫ِ‬
‫املمرات‬
‫ساعدهتا يف ّ‬ ‫شرف أن َأي ُخذ بيده القويّة الطويلة اليت تُشبِه يَد يسوع‪ ،‬يَد مرمي الصغرية‪ ،‬ل ُم َ‬
‫كل منهم يتح ّدث‪ ،‬مع اليت يُرافِقها‪ ،‬بصوت خافِت‪ .‬اجلميع يُريدون‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬احرتام‬ ‫الصعبة‪ .‬و ّ‬
‫َّ‬
‫َغفوة األرض‪.‬‬

‫مرات عديدة‪ ،‬يف حركة‬ ‫ِ‬


‫يتح ّدث الغيور مع مرمي اجملدليّة بدون انقطاع‪ ،‬وأرى مسعان يَفتَح ذراعيه ّ‬
‫وّنُما ُمتق ِّد َمني كثرياً‪.‬‬
‫أفهم ما يَقوالن‪َ ،‬ك َ‬ ‫ُم ِّ‬
‫عربة‪( :‬هكذا وال شيء آخر‪ ).‬ولكنّين ال َ‬
‫يوحنّا يتح ّدث إىل مرات اليت يُرافِقها‪ ،‬بني احلني واحلني فقط‪ُ ،‬مشرياً إىل البحر والكرمل الذي‬
‫نح َدره إىل الغرب‪ ،‬وهو ال يزال يتل ّقى نور القمر األبيض‪ .‬قد يكون يتح ّدث عن ِمشواره السابق‬‫مييل ُم َ‬
‫الذي حاذى فيه الكرمل ِمن اجلهة األخرى‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 241 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتوسط مرمي اليت حللفا وسوسنة‪ ،‬يتح ّدث عن الكرمل‪ .‬فهو يقول أل ُّمه‪:‬‬ ‫كذلك يعقوب الذي ّ‬
‫صعد‪ ،‬حنن االثنني‪ُ ،‬من َف ِرَدين‪ ،‬إىل األعلى‪ .‬وأن يقول شيئاً ما يل أان وحدي‪».‬‬
‫«لقد َو َع َدين يسوع أبن نَ َ‬
‫لك اي َولَدي؟ هل َستُعيده على َمسمعي فيما بعد؟»‬
‫«ماذا يريد أن يقول َ‬
‫لك‪ُُ ».‬ييب يعقوب وهو يبتسم ابتسامته‬ ‫«اي أُمي‪ ،‬إذا كان األمر سراً‪ ،‬فال ميكنين البوح به ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شاهباً بَليغاً ج ّداً بَِق َسماهتا‪ ،‬بل أكثر ِمن ذلك يف‬
‫احلَنونة‪ ،‬اليت تُشبه ابتسامة يوسف عروس مرمي‪ ،‬تَ ُ‬
‫لُطفها َوَوداعتها‪.‬‬

‫«ال أسرار ابلنسبة إىل األ ُّمهات‪».‬‬

‫لدي منها ابلفعل‪ّ .‬أما إذا أراد يسوع أخذي إىل األعلى لِيُح ِّدثين على انفراد‪ ،‬فإ ّن يف‬
‫«ليس ّ‬
‫أنت اي أُمي‪ِ ،‬‬
‫أنت أ ُّمي احلبيبة‪ ،‬اليت‬ ‫ذلك إشارة إىل إنّه ال يريد ألحد أن يع ِرف ما يبغي قوله يل‪ .‬و ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ك‪ ،‬وكذلك األمر ابلنسبة ملشيئته‪ّ .‬إال أنّين سوف أسأله‪،‬‬ ‫أ ُِحبُّها كثرياً‪ ،‬ولكن حيب ليسوع يفوق حب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫أنت مسرورة؟»‬ ‫لك‪ .‬هل ِ‬ ‫عندما ُيني الوقت‪ ،‬إذا كان إبمكاين البوح بكالمه ِ‬

‫«سوف تَنسى أن تَسأَله‪»...‬‬

‫عين‪ .‬وعندما أَمسَع أو أرى شيئاً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫حّت وأنت بعيدة ّ‬
‫«ال اي أ ُّمي‪ .‬أان ال أنساك على اإلطالق‪ّ ،‬‬
‫َجيالً‪ ،‬أُف ِّكر دائماً‪" :‬لو كانت أ ُّمي هنا!"‪».‬‬

‫لكن التأثّر َمل يَقتل ال ُفضول‪ .‬وبعد‬ ‫«حبييب! دعين أُقبِ‬


‫ين‪ ».‬مرمي اليت حللفا متأثّرة‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬‫ب‬ ‫اي‬ ‫لك‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫لك عن‬
‫كت أنّه يريد التعبري َ‬ ‫ِ‬
‫قلت‪ :‬مشيئته‪ .‬إذن فلقد أدر َ‬ ‫حلظات من الصمت‪ ،‬تَعود إىل املبادرة‪َ « :‬‬
‫لك ذلك بوجود آخرين‪».‬‬ ‫ميكنك قوله‪ .‬فلقد قال َ‬‫َ‬ ‫األقل‪،‬‬
‫مشيئة له‪ .‬هيّا‪ ،‬فهذا‪ ،‬على ّ‬
‫كنت أمامه مبفردي‪ ».‬يقول يعقوب مبتسماً‪.‬‬
‫احلق يُقال‪ُ ،‬‬
‫« ّ‬
‫سمعوا‪».‬‬
‫«ولكن كان إبمكان اآلخرين أن يَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 242 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب‪ ،‬أان الوحيد‬ ‫« َمل ُُي ّدثين كثرياً اي أ ُّمي‪ .‬لقد ذَ َّكَرين بصالة إيليّا على الكرمل‪" :‬من ّ‬
‫كل أنبياء ّ‬
‫الرب اإلله"‪».‬‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الشعب‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫كي‬ ‫يل‬ ‫ب‬ ‫الذي ب ِقي"‪" .‬است ِمعين واست ِ‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫«وماذا كان يَقصد بقوله هذا؟»‬
‫«أشياء كثرية‪ ،‬اي أُمي‪ ،‬هل تريدين معرفتها؟ فاذهيب إذن إىل يسوع‪ ،‬وهو سوف يقول ِ‬
‫لك‪».‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫يقول يعقوب متحاشياً سؤاهلا املـُربِك‪.‬‬

‫ود القول إنّه‪ ،‬ومبا أ ّن املعمدان قد أُلقي القبض عليه‪ ،‬فهو وحده الذي بَقي نبيّاً يف‬
‫«رّمبا كان يَ ّ‬
‫يتعني على هللا أن َُي َفظه طويالً لتثقيف الشعب‪ ».‬تقول سوسنة‪.‬‬ ‫إسرائيل‪ ،‬وإنّه َّ‬

‫علي تصديق أ ّن يسوع يَطلُب البقاء طويالً‪ .‬فبالنسبة إليه‪ ،‬هو ال‬ ‫ِ‬
‫«هوم! ( ُهتَمهم) يَصعُب ّ‬
‫ك!»‬ ‫يَطلب شيئاً‪ ...‬هيّا اي يعقويب احلبيب‪ ،‬قُل أل ُّم َ‬
‫« َعيب هو الفضول اي أ ُّمي‪ .‬إنّه أمر ال نَفع منه‪َ ،‬خ ِطر‪ ،‬وأحياانً مؤمل‪ .‬قُومي بِِفعل إماتة َجيل‪»...‬‬

‫سجن‪ ،‬أو قد يُقتَل؟» تَسأل مرمي اليت حللفا ُمضطَ ِربة‪.‬‬ ‫«أواه! أكا َن ي ِ‬
‫قصد َّ‬
‫أخاك سوف يُ َ‬
‫أبن َ‬ ‫َ‬
‫إن يوضاس ليس "كل األنبياء"‪ ،‬اي أمي‪ ،‬حّت ولو كانت احملبة ال َقلِ َقة اليت يف داخل ِ‬
‫ك ّتاه‬ ‫« َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل واحد ِمنهم هو العامل أبسره‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫العتبار‬ ‫ِ‬
‫تدفعك‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أبنائك‬

‫«أُف ِّكر كذلك ابآلخرين‪ ،‬ألنّه‪ ...‬ألنّكم تُ َش ِّكلون‪ ،‬ابلتأكيد ِجزءاً ِمن أنبياء املستقبل‪ .‬إذن‪...‬‬
‫بقيت وحيداً‪ ،‬فهي إشارة إىل أ ّن اآلخرين‪ ،‬إىل أ ّن يوضاسي‪...‬‬ ‫أنت َ‬ ‫بقيت وحيداً‪ ...‬إذا َ‬
‫إذن‪ ،‬إن َ‬
‫أي‬
‫آه!‪ »...‬مرمي اليت حللفا ترتك يعقوب وسوسنة‪ ،‬وكصبيّة‪ ،‬تَعود بنشاط إىل اخللف‪ ،‬دون إعارة ّ‬
‫صل إىل َمموعة يسوع‪ ،‬وكأ ّن أحداً ي ِ‬
‫الحقها‪.‬‬ ‫اهتمام للسؤال الذي يطرحه عليها ت ّداوس‪ .‬تَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 243 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت أحت ّدث إىل ابين‪ ...‬حول ما قُلتَه له‪ ...‬عن الكرمل‪ ...‬عن إيليّا‪...‬‬
‫«اي يسوعي احملبوب‪ُ ...‬‬
‫سيحل به؟ إنّه ابين‪ ،‬تَعلَم؟»‬
‫ّ‬ ‫لت‪ ...‬إ ّن يعقوب سوف يَبقى وحيداً‪ ...‬ويوضاس‪ ،‬ما الذي‬ ‫واألنبياء‪ ...‬قُ َ‬
‫الضيق ِ‬
‫ومن اجلَّري‪.‬‬ ‫تقول ذلك وهي تَ َلهث‪ِ ،‬من ِّ‬
‫احلق كأ ُّم‪ّ ،‬أما أان فلي‬ ‫ك سعيدة لِكونه رسويل‪ .‬تَـرين أ ّن ِ‬
‫«أَعلَم ذلك اي مرمي‪ .‬وأَعلَم أنّ ِ‬
‫كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫لك‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلق كلّه كمعلّم وسيّد‪».‬‬
‫ّ‬

‫«صحيح‪ ...‬صحيح‪ ...‬ولكن يوضاس ابين!‪ »...‬وتَبكي بِ َسخاء وهي تَستَ ّ‬


‫شف املستقبل‪.‬‬

‫كل شيء يُغ َفر لقلب أ ُّم‪ .‬تعايل هنا اي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لكن ّ‬‫«آه! َكم من الدموع تُذرف من غري ما فائدة! و ّ‬
‫ك حينذاك كذلك أ ّن األمل العظيم الذي ِ‬
‫كنت ُتتَِربينه‪،‬‬ ‫ميتك مرة‪ ،‬ووعدتُ ِ‬
‫ِ‬
‫َّدت عز َ ّ‬ ‫مرمي‪ .‬ال تبكي‪ .‬لقد َشد ُ‬
‫وألوالدك‪ »...‬ويضع يسوع يده على كتف امرأة‬ ‫ِ‬ ‫لك ِ‬
‫وحلَلفاك‬ ‫ك تنالني‪ ،‬لدى هللا‪ ،‬نِعماً عظيمة‪ِ ،‬‬ ‫جعلَ ِ‬
‫ََ‬
‫ِ‬
‫عمه ليَسحبها إىل قُربِه‪َ ...‬‬
‫وأي ُمر الذين كانوا معه‪« :‬أنتم اذهبوا إىل األمام‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫مات وهو يَذ ُكرين‪ .‬وهلذا‬
‫لكالواب‪« :‬وَمل أكذب‪ .‬فحلفا َ‬
‫ّ‬ ‫ُُثّ يُعا ِود احلديث‪ ،‬وحيداً‪ ،‬مع مرمي اليت‬
‫درك‪ ،‬إىل املسيح الذي مل يكن‬ ‫ـم‬‫ل‬‫ا‬ ‫غري‬ ‫يب‬ ‫ر‬ ‫الق‬ ‫إىل‬ ‫االهتداء‬ ‫هذا‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫لدى‬ ‫ها‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ديونه‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫السبب أُلغِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫يريد التعرف إليه سابقاً‪ ،‬يعود ال َفضل فيه إىل أ ِ‬
‫ملك‪ ،‬اي مرمي‪ .‬وهذا األمل الذي ُتتَِربينه اآلن سوف ّ‬
‫يؤدي‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫حبلفاك‪».‬‬ ‫رتدد ويوسف العنيد إىل االقتداء‬ ‫ِ‬
‫بسمعان ال ُـم ّ‬
‫«نعم‪ ،‬ولكن‪ ...‬ماذا ستفعل بيوضاس‪ ،‬ابين يوضاس؟»‬

‫«سوف أ ُِحبّه أكثر ِممّا أ ُِحبّه اآلن‪».‬‬

‫«ال‪ ،‬ال‪ .‬ففي هذا الكالم َخطَر ُمبطَّن‪ .‬آه! اي يسوع! آه! اي يسوع!‪»...‬‬

‫تَعود مرمي العذراء كذلك إىل اخللف ملؤاساة ِسل َفتها يف األمل الذي َمل تَع ِرف بعد طبيعته‪ ،‬وعندما‬
‫تَع ِرفه‪ ،‬أل ّن ِسل َفتها ما أن رأهتا إىل جانبها‪ ،‬حّت اشت ّد بكاؤها وهي تُشا ِركها‪ ،‬حينئذ تُصبِح ِ‬
‫شاحبة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أنت‪ .‬ال‪ ،‬ليس املوت البين يوضاس‪»...‬‬ ‫أكثر ِمن القمر نفسه‪ .‬فَـتُـهم ِهم مرمي اليت حللفا‪« :‬قويل له‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 244 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هرب الدم ِمن وجه مرمي العذراء أكثر ِمن تلك‪ ،‬وتقول هلا‪« :‬وهل ميكنين طَلَب هذا ِمن‬ ‫فَـيَ ُ‬
‫أجلك‪ ،‬يف حني أنَّين غري قادرة على طَلَب اخلَالص ِمن املوت البين بِذاته؟ مرمي قويل معي‪" :‬لِتَكن‬ ‫ِ‬
‫مشيئتك‪ ،‬أيّها اآلب‪ ،‬يف السماء وعلى األرض ويف قلوب األ ُّمهات"‪ .‬فإ ّن إمتام مشيئة هللا َع ْرب َمصري‬ ‫َ‬
‫ومن جهة أخرى‪َ ...‬مل يـَ ُقل أحد إ ّن على‬ ‫الفداء ابلنسبة إلينا‪ ،‬حنن األمهات‪ِ ...‬‬ ‫األوالد هو استشهاد ِ‬
‫ّ‬
‫صل إىل عُمر متق ِّدم‪َ ،‬كم‬ ‫التك له اآلن كي ي ِ‬
‫َ‬
‫موتك‪ .‬وص ِ‬
‫َ‬
‫يوضاس أن يقتَل أو ميوت‪ ،‬أو أن يقتَل قَبل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وع ْرب أنوار هللا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلق‪َ ،‬‬
‫احلب و ّ‬‫كل األشياء‪ ،‬من خالل ملكوت ّ‬ ‫ستكون ثقيلة الوطأة‪ ،‬حينما َس ََرتين ّ‬
‫ك َكمغبوطة‪ ،‬وكأ ُّم‪ ،‬سوف تَر َغبني أبن يكون‬ ‫أمومتك الروحية‪ .‬حينئذ سأكون أان متأ ّكدة‪ ،‬أبنَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع ْرب‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫جانبك‪ِ ،‬من جديد‪ ،‬وعلى‬ ‫ِ‬ ‫وستتأججني كي يكون إىل‬ ‫َّ‬ ‫يوضاس َشبيهاً بيسوع يف مصريه كفادي‪،‬‬
‫ب‪ ،‬على ما أَظُ ّن‪،‬‬ ‫الدوام‪ .‬فإ ّن االبتعاد عن األوالد هو َعذاب لأل ُّمهات‪ ،‬إنَّه أََمل عظيم‪ ،‬يَدوم َك َقلَق ُح ّ‬
‫حّت يف السماء اليت تَستَقبِلنا‪».‬‬ ‫ّ‬
‫عودون إىل اخللف ملعرفة ما‬
‫الوليد‪َ ،‬ج َعلَت اجلميع يَ ُ‬
‫القوي يف صمت الفجر َ‬ ‫ُدموع مرمي وبكاؤها ّ‬
‫سمع كلمات مرمي العذراء‪ ،‬فَـيَسري التأثُّر على اجلميع‪.‬‬
‫الذي َجرى‪ .‬وهكذا تُ َ‬
‫حّت هنا‬ ‫ِ‬
‫بت هذا التربيح (العذاب الشديد) أل ُّمي ّ‬
‫تبكي مرمي اجملدليّة وهي تُـتَمتم‪« :‬وأان قد سبَّ ُ‬
‫على هذه األرض‪».‬‬

‫متبادل لألوالد ِوأل ُّمهم‪».‬‬


‫وتبكي مرات قائلة‪« :‬إ ّن ال ُفراق هلو أمل َ‬
‫اغرورقَت عينا بطرس كذلك ابلدموع‪ ،‬ويقول الغيور لربتلماوس‪« :‬اي لِكالم احلكمة لِتَفسري ما‬ ‫و َ‬
‫ُمومة أ ُّم مغبوطة (مباركة)!»‬
‫ستكون عليه أ َ‬
‫ثمن األشياء بواسطة أ ُّم مغبوطة (مباركة)‪َ :‬ع ْرب أنوار هللا واألمومة الروحيّة!‪ ...‬فإ ّن ذلك‬‫« َكم تُ َّ‬
‫َُيبِس األنفاس‪ ،‬كما أمام ِسّر المع‪ُُ ».‬ييبه نثنائيل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 245 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اس كلّه‪ ،‬وتُصبِح‬ ‫و‬‫احل‬ ‫ل‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫أن األمومة تتخلَّص ِمن ثِ‬ ‫يقول االسخريوطي الندراوس‪« :‬كما لو َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لن ابلفعل إىل هباء ال ُميكن‬‫حتو َ‬
‫َُمنَّحة‪ ...‬فعندما قالت أ ُّم املعلّم تلك الكلمات‪ .‬بدا لنا أ ّن أ ُّمهاتنا قد َّ‬
‫تصوره‪».‬‬
‫ّ‬
‫تتصور كم سيُصبِح حبّها آنذاك كامالً؟»‬ ‫«صحيح‪ .‬فأ ُّمنا‪ ،‬اي يعقوب‪َ ،‬ستُحبّنا هكذا‪ .‬هل ّ‬
‫جملرد فِكرة أ ّن أ ُّمه‬ ‫ِ‬
‫يقول يوحنّا ألخيه‪ ،‬وهو الوحيد الذي أصبَ َحت له ابتسامة نَّرية لش ّدة أتثّره بفرح‪ّ ،‬‬
‫احلب الكامل‪.‬‬
‫تتوصل إىل ّ‬
‫سوف ّ‬
‫أدرَكت املغزى الكامن يف‬ ‫قد‬ ‫كانت‬ ‫فهي‬ ‫«‬ ‫حلفا‪.‬‬ ‫بن‬ ‫وب‬ ‫يعق‬ ‫يقول‬ ‫»‬‫كثري‪.‬‬ ‫أبمل‬ ‫يب‬ ‫ب‬
‫ُّ‬ ‫س‬‫ت‬‫«آسف لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ِّدقين اي يسوع‪».‬‬
‫الكالم الذي قُلتُه هلا‪َ ...‬‬
‫ِ‬
‫ضربة أش ّد من ال ِـمْب َ‬
‫ضع‪ .‬ومع‬ ‫ص َدد العمل على ذاهتا‪ ،‬وهذه َ‬
‫لكن مرمي هي يف َ‬ ‫«أَعلَم‪ ،‬أَعلَم‪ .‬و ّ‬
‫ذلك فهي تزيح عن ِ‬
‫كاهلها ِعبئاً ثقيالً ميتاً‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫لم هلا بِيَقني ملكوت‬ ‫ِ‬


‫«هيّا أيّتها األ ُّم‪ .‬كفى دموعاً! هذا يؤملين‪ ،‬أن تُعاين كامرأة مسكينة‪ ،‬ال ع َ‬
‫صرامة‪ ،‬وهو يُعانِق أ ُّمه‪ ،‬ويُنهي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هللا‪ .‬فأنت ال تُشبهني يف شيء أ ُّم األوالد املكابيّني‪ ».‬يـَتَّ ِهمها ت ّداوس بِ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صص اليت‬ ‫ُمقبِّالً ّإايها من رأسها‪ ،‬وسط شعرها األشيب‪« :‬تَبدين َكطفلة خائفة من الظّالل‪ ،‬ومن الق َ‬
‫تُروى هلا إلخافتها‪ .‬ومع ذلك تَع ِرفني أن َِّتديين ِمن خالل يسوع‪ .‬اي ِألُمي! كان ينبغي ِ‬
‫لك أن تَبكي‬ ‫ّ‬
‫ك‪ .‬حينذاك‪ ،‬نعم‪ِ .‬‬
‫عليك‬ ‫رت‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬إىل خيانة يسوع‪ ،‬إىل تَركِه‪ ،‬وأن أَهلَ ْ‬ ‫ِ‬
‫لو قيل لك إنّين اضطُِر ُ‬
‫معك مدى‬‫لك هذا األمل مطلقاً‪ ،‬اي أُمي‪ .‬أَبغي البقاء ِ‬ ‫أن تبكي دماً حّت‪ .‬إّّنا‪ ،‬بعون هللا‪ ،‬لن أُسبِب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األبديّة‪»...‬‬

‫ضعفها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تؤدي إىل إيقاف بكاء مرمي اليت حللفا‪ ،‬اخلَجلة اآلن من ُ‬
‫االهتام ّأوالً‪ُُ ،‬ثّ املالطفات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫النُّور‪ ،‬أثناء االنتقال ِمن الليل إىل النهار‪ ،‬كان قد َخبا‪ ،‬ذلك أ ّن القمر قد غاب‪ ،‬والنهار مل يَبزغ‬
‫فقي قصري‪ .‬بعد ذلك مباشرة يكون النور‪ّ ،‬أوالً بلون الرصاص‪ُ ،‬ثّ مييل إىل‬ ‫بَعد‪ .‬ولكنّه فاصل َش ّ‬
‫احللييب مع آاثر زرقاء‪ ،‬يف النهاية يُصبِح واضحاً‪ ،‬يكاد يكون ِمثل‬
‫ّ‬ ‫الرمادي‪ُ ،‬ثّ إىل األخضر وُثّ إىل‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 246 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرملي الرطب الذي احنَ َسَرت عنه‬
‫سهالً الدرب على الشاطئ ّ‬ ‫الالماديّة‪ ،‬ويتأ ّكد ابستمرار‪ُ ،‬م ّ‬
‫ّ‬ ‫الفضة‬
‫ّ‬
‫وشك أن يُنار‬‫املوجة‪ ،‬بينما تستمتع العني برؤية البحر‪ ،‬الذي أصبح لونه األزرق فاحتاً أكثر‪ ،‬والذي ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫حّت يُصبِح‬ ‫ِ‬
‫وردايً أكثر نقاء‪ّ ،‬‬
‫الفض ّي لوانً ّ‬
‫بسطوع متأللئة كاجلواهر‪ُ .‬ثّ اهلواء أييت ليُضفي على لونه ّ‬
‫وردايً مييل إىل األمحر‪ ،‬على البحر‪ ،‬على الوجوه‪ ،‬على‬ ‫ذهب للفجر‪ ،‬غيثاً ّ‬ ‫الوردي ال ُـم َّ‬
‫ّ‬ ‫هذا اللون‬
‫إيل‪ ،‬األَجل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرايف‪ ،‬مع تبايُن ألوان أكثر حيويّة‪ ،‬تَصل إىل ملء كماهلا يف اللحظة اليت هي‪ ،‬ابلنسبة ّ‬
‫أشعة هلا على اجلبال‬ ‫ل‬ ‫أو‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الشرقي‬ ‫حدودها‬ ‫ج‬ ‫خار‬ ‫ز‬ ‫يف اليوم كلّه‪ ،‬عندما تَنشر الشمس‪ ،‬اليت تَ ِ‬
‫قف‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫كل األلوان‪ ،‬إن‬ ‫ِ‬
‫واملنحدرات‪ ،‬على الغاابت واحلقول‪ ،‬وعلى املساحات الواسعة للبحر والسماء‪ُ ،‬مظهرة ّ‬
‫الفض ّي‬
‫يتحول إىل أخضر اليشب‪ ،‬أو يكن بياض السماء ّ‬ ‫تكن بياض ثلج أو ْنيل اجلبال البعيدة الذي ّ‬
‫املعرق للزبرجد‪ ،‬واملخطَّط لآللئ البحر‪.‬‬
‫الوردي‪ ،‬أو يكن الياقويتّ َّ‬
‫ّ‬ ‫خيف ليتل ّقى اللون‬
‫الذي ّ‬
‫واليوم‪ ،‬البحر هو معجزة َجال حقيقيّة‪ .‬فهو ليس ميتاً بسكون ثقيل‪ ،‬وال مضطرابً مبعركة رايح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ظهر عليه حياة عظيمة أكثر حيويّة‪ ،‬أبمواج خفيفة ج ّداً‪ُْ ،‬حت ِدثها ُّ‬
‫متوجات مكلَّلَة بِعُرف من َ‬
‫الزبَد‪.‬‬ ‫إّّنا تَ َ‬
‫صل إىل دورا قبل أن تصبح الشمس ُملتَ ِهبة‪ ،‬ونُعا ِود الرحيل عند الغَ َسق‪ .‬وغداً‪ ،‬ستكون‬‫«سنَ ِ‬
‫َ‬
‫كن‪ ،‬ابلتأكيد‪ .‬وهناك‬
‫بتكن تنتظر ّ‬
‫تعبكن‪ ،‬اي أخوايت‪ .‬وحنن كذلك سوف نسرتيح‪ .‬عر ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف القيصريّة خامتة‬
‫كل املرميات يبكني؟» يقول يسوع‬ ‫اليوم‬ ‫د‬ ‫فرتق‪ ...‬ملاذا تبكني اي مرمي؟ هل ينبغي يل أن أ ِ‬
‫ُشاه‬ ‫سوف نَ َِ‬
‫ّ‬
‫ملرمي اجملدليّة‪.‬‬

‫عنك‪ ».‬تقول أختها مرات ُملتَ ِمسة هلا العُذر‪.‬‬


‫«هذا نتيجة أمل االبتعاد َ‬
‫« َمل يـَ ُقل أحد إنّنا لن نرى بعضنا ِمن جديد‪ ،‬وقريباً‪».‬‬

‫تُشري مرمي ابلنَّفي‪ ،‬فليس هذا سبب بكائها‪.‬‬

‫الصالح‪ّ .‬إّنا ُتشى‪ُ ...‬تشى‬


‫عنك‪ّ ،‬أال ُّتيد ُممارسة َّ‬
‫شرح الغيور‪ّ « :‬إّنا َُتشى‪ ،‬إن ابتَـ َع َدت َ‬
‫يَ َ‬
‫أن ُّتََّرب بِعُنف شديد‪ ،‬عندما ال تكون قريباً منها لِتُبعِد الشيطان‪ .‬فلقد كانت ُحت ِّدثين عن ذلك منذ‬
‫حلظات‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 247 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أسرتد أبداً نِعمة َمنَحتُها‪ .‬هل تريدين ارتكاب اخلطيئة؟ ال؟ إذن‪ ،‬كوين‬
‫«ال ُتشي ذلك‪ .‬فأان ال ّ‬
‫مطمئنّة؛ اسهري وكوين يَِقظة‪ ،‬هذا نعم‪ ،‬ولكن ال َُتشي‪».‬‬

‫فع َمة خبطاايي‪ .‬واآلن أراها كلّها‪...‬‬


‫«سيّدي‪ ...‬أبكي كذلك‪ ،‬ألنّه يف القيصريّة‪ ...‬القيصريّة ُم َ‬
‫علي أن َّ‬
‫أتعذب كثرياً يف إنسانيّيت‪»...‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫استحقاقك أفضل‪ .‬ألنّه‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬لن تتألّمي‬ ‫مت أكثر‪ ،‬كان‬ ‫«هذا يسعِدين وي ِ‬
‫رضيين‪ .‬كلّما أتلَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ك ابنة رجل قوي‪ ،‬وأنّ ِ‬
‫ك نـَ ْفس قويّة‪ ،‬وأنّين أريد‬ ‫ِمن هذه املعاانة الفارغة‪ .‬اي مرمي بنت تيوفيل‪ ،‬أُذ ّكِ ِ‬
‫رك أنَّ ِ‬
‫ّ‬
‫ألّن ّن يبقني نساء لطيفات‪ ،‬انعمات‬ ‫ُخرايت‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أن أجعلك قويّة ج ّداً‪ .‬أَع ُذر العيوب واهلنات لدى األ َ‬
‫ك‬‫السندان‪ .‬ذلك أنّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيهن أختك‪ّ .‬أما لديك فال أحتَملها‪ .‬سأصنَعك ابلنار وعلى ّ‬ ‫وخجوالت‪ ،‬مبا ّ‬
‫أنت والذين‪ ،‬بني‬ ‫ادتك وإراديت‪ .‬اعلَمي ذلك ِ‬ ‫شخصية ُيب صنعها هكذا‪ ،‬لكيال تتعطّل معجزة إر ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ّتاهك‪.‬‬ ‫لك‪ ،‬ميكنين أن أَضعُف‬ ‫احلاضرين هنا والغائبني‪ ،‬ميكنهم اإلميان أبنّين‪ ،‬بسبب حيب الكبري ِ‬
‫ّ‬
‫وح‪.‬‬
‫وم ٍ‬ ‫ِ‬
‫أَمسَح لك ابلبكاء توبة وحبّاً‪ ،‬وليس لشيء آخر‪ .‬هل فهمت؟» يسوع صارم ُ‬
‫قدمي يسوع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّت َهد مرمي اجملدليّة يف ابتالع دموعها وشهيقها‪ ،‬وتَس ُقط على ركبتيها‪ ،‬تُقبّل ّ‬
‫وَمتَ ِهدة يف تثبيت صوهتا تقول‪« :‬نعم‪ ،‬سيّدي‪ .‬سأفعل ما تقول‪».‬‬
‫ُ‬
‫«اّنَضي إذن‪ ،‬وكوين صافية البال‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 248 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫الع ْبدة اليواننيّة)‬


‫‪( -117‬سينتيكا‪َ ،‬‬
‫‪1945 / 08 / 15‬‬

‫توشك على املغيب‪ .‬واملسافرون يسريون ابّتاه القيصريّة‪.‬‬ ‫لست أرى مدينة دورا‪ .‬الشمس ِ‬
‫ُ‬
‫ص َل ذلك يف َع َجلَة‪ ،‬وليس فيه ما يُشار إليه‪ّ .‬أما البحر‬ ‫ولكنّين مل َأر التوقّف يف دورا‪ .‬وقد يكون َح َ‬
‫فيبدو متوهجاً يف سكونه‪ ،‬ويعكس لون السماء األمحر‪ ،‬األمحر الذي يكاد يكون وِهيّاً‪ ،‬لش ّدته‪َ .‬حت َسبه‬
‫َدماً مراقاً على قبّة السماء‪.‬‬

‫للتحمل‪ .‬ما زالوا‬


‫البحري‪ ،‬هو الذي َُي َعل تلك احلرارة قابلة ُّ‬ ‫ّ‬ ‫حاراً‪ ،‬رغم أ ّن اهلواء‬
‫ما زال الطقس ّ‬
‫يَسريون مبحاذاة البحر لتحاشي حرارة األرض اجلافّة‪ .‬كثريون َخلَعوا نِعاهلم َورفَعوا ثياهبم لينغَ ِمسوا يف‬
‫حّت العنق‪».‬‬‫ست يف املاء ّ‬ ‫يت متاماً‪ ،‬وانغَ َم ُ‬ ‫املاء‪ .‬وبطرس يُعلِن‪« :‬لو مل تكن النساء معنا َّ‬
‫لتعر ُ‬
‫إّّنا كان على بطرس اخلروج ِمن املاء‪ ،‬أل ّن مرمي اجملدليّة‪ ،‬اليت كانت يف املق ّدمة مع التلميذات‬
‫إين أعرف هذه النواحي جيّداً‪ .‬أترى هناك ذاك‬ ‫األُخرايت‪ ،‬ترتاجع إىل اخللف‪ ،‬وتقول‪« :‬اي معلّم‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫حّت يف‬
‫يصب هناك بشكل مستمر‪ّ ،‬‬ ‫اخلط األصفر الذي يرتَسم داخل زرقة البحر؟ إنَّه َمرى مائي ّ‬
‫نتوخى احلذر عند اجتيازه‪»...‬‬‫الصيف‪ ،‬وكأنَّه موجود هناك منذ األزل‪ ،‬وُيب أن ّ‬
‫«لقد اجتَزان مثله كثرياً! ولن يكون أسوأ ِمن ّنر النيل! فذاك كذلك سوف جنتازه‪ ».‬يقول‬
‫بطرس‪.‬‬

‫وجد حيواانت مائية ميكنها أن تُسبِّب‬‫«صحيح أنَّه ليس النيل‪ ،‬إّّنا يف مياهه‪ ،‬وعلى شواطئه‪ ،‬تُ َ‬
‫وح َذر‪ ،‬وال َخالِعاً النَّعل‪ ،‬لتفادي اجلِّراح‪».‬‬
‫األذى‪ .‬فيجب ّأال َميّر أحد دون حيطة َ‬
‫«آه! ما تَراها تكون؟ متاسيح؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 249 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أحسنت القول اي مسعان‪ .‬ابلضبط‪ ،‬هي متاسيح‪ ،‬صحيح َّأّنا متاسيح صغرية‪ ،‬ولكنّها قادرة‬
‫َ‬ ‫«‬
‫السري لفرتة ال أبس هبا‪».‬‬ ‫ن‬ ‫منعك ِ‬
‫م‬ ‫على َ‬
‫ّ‬
‫فعل هناك؟»‬
‫«ماذا تَ َ‬
‫أظن َّأّنا ُجلِبَت إىل هنا ِمن أجل العبادة‪ ،‬وذلك يف احلَقبَة اليت استوىل فيها الفينيقيّون على‬
‫« ُّ‬
‫أقل عدوانيّة‪ .‬لقد َز َح َفت ِمن‬ ‫تصبح‬ ‫مل‬ ‫ها‬‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫ار‪،‬‬
‫ر‬ ‫ابستم‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫حجم‬ ‫ر‬ ‫صغ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫وهي‬ ‫هناك‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ق‬‫البلد‪ .‬وقد ب ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫املعابد واستوطَنَت يف َوحل ََمرى املاء‪ .‬اآلن هي كما عظاءات ضخمة‪ ،‬إّّنا هلا أسنان‪ ،‬وأيّة أسنان!‬
‫فعلون‬
‫وحفالت َهلو ُمتلفة‪ ...‬وكنت آيت معهم‪ .‬لقد كانوا يَ َ‬ ‫أييت الرومانيّون إىل هنا يف رحالت صيد َ‬
‫أي شيء لـ‪ ...‬لقتل الوقت‪ُ .‬ثّ إ ّن جلودها َجيلة ج ّداً‪ ،‬وتُستَخدم يف استعماالت ُمتلفة‪ .‬فامسَحوا يل‬ ‫ّ‬
‫إذن‪ ،‬بسبب خربيت ابألماكن‪ ،‬أن أقو ُدكم‪».‬‬

‫ب أن أراها‪ »...‬يقول بطرس‪.‬‬ ‫«حسناً‪ .‬أ ِ‬


‫ُح‬
‫ّ‬
‫«قد نرى بعضاً منها‪ ،‬رغم ّأّنا تُ ِ‬
‫وشك على االنقراض‪ ،‬بسبب الصيد اجلّائر‪».‬‬

‫ويتوجهون صوب الداخل‪ ،‬إىل أن يَبلغوا طريقاً رئيسيّة يف منتصف الدرب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يُغادرون الشاطئ‪ّ ،‬‬
‫التقوس‪ ،‬على ّنر صغري‪َ ،‬مراه عريض‪ ،‬إّّنا حيث ُيري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بني الروايب والبحر‪ .‬يَصلون إىل جسر شديد ّ‬
‫حر‬ ‫ِ‬
‫صب‪ ،‬شبه جاف‪ ،‬بسبب ّ‬ ‫شاهد اخليزران وال َق َ‬
‫ضحلَة‪ ،‬وسط اجملرى‪ ،‬وحيث ال ماء‪ ،‬يُ َ‬‫فمياهه َ‬
‫الصيف‪ .‬ويف فصول أخرى‪ ،‬تُش ِّكل ُج ُزراً صغرية وسط املاء‪ .‬على الشواطئ‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أدغال‬
‫وأشجار كثيفة‪.‬‬

‫أي حيوان‪ .‬وقد خاب أمل كثريين‪.‬‬ ‫ِ‬


‫فإّنم َمل يَروا ّ‬
‫كل شيء ابلنَّظَر‪ّ ،‬‬
‫رغم أ ّن املسافرين يُفتّشون ّ‬
‫ولكن يف اللحظة اليت كادوا فيها إّناء اجتياز اجلسر‪ ،‬الذي قَوسه الوحيد عال ج ّداً‪ ،‬وقد يكون ذلك‬
‫حادة‬ ‫ِ‬
‫شك‪ -.‬تُطلق مرات صيحة ّ‬ ‫كي ال ُيمله التيار أثناء الفيضان ‪-‬إ ّن بنيانه متني‪ ،‬روماينّ بدون ّ‬
‫وهترب ُمرت ِاجعة إىل اخللف‪ُ ،‬م َّروعة‪ .‬فإ ّن عظاءة ضخمة‪ ،‬وهي ال تبدو خالف ذلك‪ ،‬إّّنا رأسها رأس‬
‫َ‬
‫تقليدي‪ُ ،‬وِج َدت يف عرض الطريق‪ ،‬وهي تتظاهر ّ‬
‫أبّنا انئمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫متساح‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 250 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كمن‬ ‫ِ‬
‫«ولكن ال ُتايف!» َهتتف مرمي اجملدليّة‪« .‬عندما تكون هنا‪ ،‬هي ال تُش ّكل خطراً‪ .‬اخلطر يَ ُ‬
‫عندما تكون ُُمتَبِئة‪ ،‬وَمير فوقها أحدهم دون أن يراها‪».‬‬

‫ولكن مرات تبقى يف اخللف ِحبَ َذر‪ .‬وكذلك سوسنة‪ ،‬فال مزاح يف ذلك‪ ...‬مرمي اليت حللفا أكثر‬
‫الر ُسل غري خائفني‪ ،‬يف احلقيقة‪،‬‬‫شجاعة‪ ،‬وابحملافظة على احلَ َذر‪ ،‬تبقى قرب َولَ َديها‪ ،‬تتق ّدم وتَنظُر‪ُّ .‬‬
‫تكرَمت وأدارت رأسها ببطء‪ُ ،‬لرتى‬ ‫املستحبَّة‪ ،‬اليت َّ‬
‫َ‬ ‫ويَنظُرون‪ ،‬ويُبدون تعليقاهتم على هذه الدابّة غري‬
‫صرخة‬ ‫يضايقوّنا‪.‬‬ ‫الذين‬ ‫لئك‬ ‫و‬‫أ‬ ‫صوب‬ ‫التوجه‬ ‫يد‬
‫ر‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫كأّن‬
‫ّ‬ ‫وتبدو‬ ‫كة‪،‬‬
‫ابحلر‬ ‫تتظاهر‬ ‫ُث‬ ‫األمام‪.‬‬ ‫ن‬ ‫كذلك ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫لكالواب‪ .‬ولكن مرمي‬
‫ّ‬ ‫أُخرى ِمن مرات اليت ترتاجع‪ ،‬اثنية‪ ،‬إىل اخللف‪ ،‬وتقتدي هبا اآلن سوسنة ومرمي اليت‬
‫(خاصرهتا)‪َ ،‬هتبط ِمن‬
‫ِ‬ ‫تلقت الضربة يف كشحها‬ ‫لم حصاة وترميها على الدابة‪ .‬وتلك‪ ،‬وقد َّ‬ ‫اجملدليّة تَ ّ‬
‫الشاطئ وتغوص يف املاء‪.‬‬

‫«تق ّدمي أيّتها اخلَّوافة‪َ ،‬مل تَـعُد هنا‪ ».‬تقول ألختها‪ ،‬وتقرتب النساء ِمن بعضهن‪.‬‬

‫«ومع ذلك‪ ،‬فهي دابّة قَ ِذ َرة‪ ».‬يُعلِّق بطرس‪.‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫«هل صحيح‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬أ ّن أضاحي بشريّة كانت تُـ َقدَّم هلا يف وقت ما؟» يَسأَل االسخر ّ‬
‫ِ‬
‫تمم حنن األضاحي املقدَّمة إلهلنا‪،‬‬
‫«كان التمساح يُعتََرب حيواانً مق ّدساً‪ .‬كان مبثابة آهلة‪ ،‬وكما نُ ّ‬
‫فعلون ذلك‪ ،‬ابملمارسات واألخطاء اليت كان يَفرضها ظَرفُهم‪».‬‬ ‫فَـ ُهم‪ ،‬الوثنيّون املساكني‪ ،‬كانوا يَ َ‬
‫«ولكن‪ ،‬هل انتهى ذلك اآلن؟» تَسأَل سوسنة‪.‬‬

‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أظن أ ّن ممارسة ذلك يف األصقاع الوثنيّة ِمن األمور املستحيلة‪ ».‬يقول يوحنّا‬
‫لست ُّ‬
‫« ُ‬
‫قل؟»‬ ‫ِ‬
‫«اي إهلي! ولكن هل يُق ّدموّنم أموااتً على األ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 251 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عام‪ِ .‬من أفضل‬ ‫ِ‬
‫«ال‪ ،‬بل يُق ّدموّنم أحياء‪ ،‬إذا كان ما يَزال َُي ُدث‪ .‬صبااي وصبياانً‪ ،‬بشكل ّ‬
‫كل صوب‬ ‫ن‬ ‫املوجودين بني الشعب‪ .‬أقلّه هذا ما قرأتُه‪ ».‬ما زال يوحنّا ُُييب النساء اللوايت ينظُرن ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خائفات‪.‬‬

‫علي االقرتاب منها‪ ،‬فإنّين أموت ِمن اخلوف‪ ».‬تقول مرات‪.‬‬


‫«أان‪ ،‬إذا ما فُ ِرض َّ‬
‫األقل‬
‫احلقيقي‪ .‬فإنّه أطول ثالث مرات على ّ‬
‫ّ‬ ‫«ح ّقاً؟ ولكن هذا ليس بشيء أمام التمساح‬
‫أضخم‪».‬‬
‫و َ‬
‫الربية‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«وجائع كذلك‪ ،‬فهذا كان شبعاانً من الثعابني واألرانب ّ‬
‫أتيت بِنا اي سيّدي؟» تُتمتِم مرات‪ّ .‬إّنا خائفة إىل‬
‫رب! ثَعابني كذلك! ولكن إىل أين َ‬
‫رمحاك اي ّ‬
‫« َ‬
‫درجة أ ّن اجلميع قد استسلموا للضحك بال ُمقاومة‪.‬‬

‫حّت اآلن‪ ،‬يقول‪« :‬ال ُتافوا أبداً‪ ،‬يَكفي إحداث أصوات كثرية‬
‫هرمست‪ ،‬الذي ظَ َّل صامتاً ّ‬
‫البحري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كنت‪ ،‬و ّملرات عديدة‪ ،‬يف مصر‪ ،‬الوجه‬
‫الكل‪ .‬أان عارف بذلك‪ ،‬فلقد ُ‬ ‫حّت يهرب ّ‬
‫ّ‬
‫املمر اخلَ ِطر‪.‬‬ ‫اجتياز‬ ‫مت‬
‫َّ‬ ‫لقد‬ ‫األشجار‪.‬‬ ‫جذوع‬ ‫بون‬ ‫ر‬ ‫ض‬‫وي‬ ‫أبيديهم‬ ‫قون‬ ‫يعا ِودون املسري وهم يص ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫و َّاُتَ َذت مرات مكاانً هلا قرب يسوع‪ ،‬وهي تَسأَل كثرياً‪« :‬أصحيح أنّه َمل يـَعُد هلا وجود اآلن؟»‬

‫ويهز رأسه مبتسماً‪ ،‬ولكنّه يُطمئِنها‪َ « :‬سهل شارون ما هو ّإال َجال‪ ،‬وها حنن‬
‫يَنظُر إليها يسوع ّ‬
‫قد أدركناه‪ .‬إّّنا اليوم‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬النساء التلميذات قد فاجأنَين! ح ّقاً لست أدري ملاذا ِ‬
‫أنت َهلوعة‬ ‫ُ‬
‫إىل هذا احل ّد‪».‬‬

‫س برودة تلك األجسام‪ ،‬الباردة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫زحف يُرهبين‪ .‬يبدو يل أنّين أُح ُّ‬
‫كل ما يَ َ‬
‫«أان نفسي الأعرف‪ .‬إّّنا ّ‬
‫الدبِقة‪ .‬وأتساءل كذلك عن سبب وجودها‪ .‬هل هي ضروريّة؟»‬ ‫ابلتأكيد و َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 252 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صنَـ َعها‪ ،‬فتلك إشارة إىل إ ّّنا‬ ‫ِ‬
‫صنَـ َعها‪ .‬إّّنا ثقي أنّه طاملا هو َ‬
‫«ُيب توجيه هذا السؤال إىل َمن َ‬
‫مفيدة‪ ،‬فهي ليست فقط إلبراز بطولة مرات‪ ».‬يَقول يسوع وعيناه تَسطَعان بَِوداعة‪.‬‬

‫ُمق‪ .‬ولكنّين أخاف‪ ،‬ولن أمتكن ِمن التغلّب على ذلك‪».‬‬


‫أنت ّ‬
‫ك متزح‪ ،‬و َ‬
‫«آه! سيدي! إنّ َ‬
‫يتحرك هناك‪ ،‬يف ذاك الدَّغل؟» يقوهلا يسوع رافعاً رأسه وهو يَنظُر إىل‬
‫«سوف نرى ‪ ...‬ماذا ّ‬
‫األمام‪ ،‬صوب تشابُك علّيق مع نبااتت أخرى تتسلّق عليها ِمن خالل سياج ُمرت ِاجع عنها بفروعه‬
‫القاسية بقدر ما أغصان النبااتت األخرى َم ِرنة‪.‬‬

‫«أهو متساح آخر اي سيّدي؟!‪ »...‬تُـتَمتِم مرات َهلِ َعة‪.‬‬

‫كل أولئك البشر‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ر‬ ‫ظ‬


‫ُ‬ ‫ن‬‫ت‬
‫َ‬ ‫أة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ام‬ ‫وجه‬ ‫آدمي‪،‬‬ ‫وجه‬ ‫هناك‬ ‫ن‬‫م‬‫وخيرج ِ‬
‫َ‬ ‫ع‪،‬‬ ‫ولكن الصوت يرتَِ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وتتساءل إذا ما كانت ستهرب عرب القرية‪ ،‬أو ُتتبئ يف السرداب الربي‪ .‬ولكن ِ‬
‫الفكرة األوىل سيطََرت‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ ُ َْ‬
‫وهَربَت ُمطلِقة صيحة‪.‬‬
‫عليها‪َ ،‬‬
‫حوذ عليها؟» يتساءلون ويَظلّون يف َحرية‪.‬‬
‫«َمذومة؟» «َمنونة؟» « ُمستَ َ‬
‫أضحت قريبة‪ .‬وأصبَ َحت املرأة‬ ‫ِ‬
‫لكن املرأة ترتاجع‪ ،‬أل ّن عربة رومانيّة تتق ّدم من القيصريّة اليت َ‬
‫و ّ‬
‫َك َفأر يف مصيدة‪ .‬ال تدري أين تذهب‪ ،‬أل ّن يسوع وأتباعه أصبَحوا اآلن قُرب الدَّغل الذي كان‬
‫شاهد‪ ،‬يف بداايت‬ ‫املضي صوب العربة‪ ...‬فتُ َ‬
‫لجأها‪ ،‬وَمل تَـعُد قادرة على العودة إليه‪ ،‬وهي ال تريد ّ‬ ‫َم َ‬
‫قوي‪ ،‬شابّة َجيلة‪ ،‬رغم شعرها األشعث وثياهبا‬
‫ضبابيات املساء‪ ،‬حيث يَهبط الليل بسرعة بعد َغ َسق ّ‬
‫املمزقة‪.‬‬
‫َّ‬

‫«اي امرأة! تعايل هنا!» َأيمر يسوع‪.‬‬


‫ِ‬
‫متوسلة‪« :‬ال تؤذين!»‬
‫َمت ّد املرأة ذراعيها ّ‬
‫أؤذيك‪ ».‬يُكلِّمها يسوع بِلُطف ُيعلها تَقتَنِع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫«تعايل هنا‪َ .‬من تكونني؟ لن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 253 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتق ّدم املرأة منحنية‪ ،‬وترمتي أرضاً قائلة‪ّ « :‬أايً تكون فارمحين‪ .‬اقتلين‪ ،‬إّّنا ال تُسلِّمين إىل معلّمي‪.‬‬
‫فارة‪»...‬‬
‫أان َعْبدة َّ‬
‫ِ‬
‫فلهجتك تُشري إىل ذلك‪ ،‬وكذلك‬ ‫أنت ِ‬
‫لست يهودية‪.‬‬ ‫أنت؟ حتماً ِ‬ ‫مك؟ ِ‬
‫ومن أين ِ‬ ‫«من كان معلّ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ثوبك‪».‬‬
‫«أان يواننية‪ .‬العبدة اليواننية لـ‪ ...‬آه! احجبوين! ستَ ِ‬
‫صل العربة‪»...‬‬ ‫َ‬ ‫ّ َْ‬
‫كشف‬ ‫يتجمعون حول املسكينة اليت َّتلس ال ُقرفصاء على األرض‪ .‬الثوب الذي مَّزقَه العلّيق ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫متر العربة ومل يـُْب ِد‬
‫عن الكتفني‪ ،‬وقد َش َّقت الضرابت فيهما أخاديد‪ ،‬وتَـَرَكت اخلدوش عليهما آاثراً‪ّ .‬‬
‫أحد ِمن شاغليها اهتماماً ابجلماعة الواقفة قرب السياج‪.‬‬
‫ِ‬
‫فسنساعدك‪ ».‬يقول يسوع واضعاً‬ ‫ِ‬
‫مساعدتك‬ ‫«لقد َذ َهبوا بعيداً‪ ،‬تكلّمي‪ .‬إذا كان إبمكاننا‬
‫رؤوس أصابعه على الشعر األشعث‪.‬‬

‫«أان سينتيكا‪ ،‬عبدة يواننية لنبيل روماينّ ِمن أتباع الوايل‪».‬‬


‫«إذن ِ‬
‫فأنت َعْبدة فالرياين!» َهتتف مرمي اجملدليّة‪.‬‬

‫تتوسل املسكينة‪.‬‬
‫«آه! الرمحة! الرمحة! ال تشي يب إليه‪َّ ».‬‬

‫شرح ليسوع‪« :‬إنّه أحد‬


‫«ال ُتايف‪.‬فأان لن أتكلّم مع فالرياين مطلقاً‪ُّ ».‬تيب مرمي اجملدليّة‪ .‬وتَ َ‬
‫أغىن الرومانيّني املتواجدين هنا‪ ،‬وأكثرهم إاثرة لالمشئزاز‪ .‬وبَِقدر ما هو ُمق ِرف هو َغليظ القلب‪».‬‬
‫«ملاذا هر ِ‬
‫بت؟» يَسأل يسوع‪.‬‬

‫لست بضاعة‪( ...‬تتجاسر املرأة عندما ترى أ ّّنا َو َج َدت أُانساً يتعاطفون‬
‫«أل ّن يل نـَ ْفساً‪ .‬فأان ُ‬
‫لست بضاعة‪ .‬هو اشرتاين‪ ،‬صحيح‪ .‬إّّنا ميكنه ِشراء شخصي لتزيني بيته‪ِ ،‬ألُهبِج أوقاته‬ ‫معها) أان ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 254 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُتصين! وهي ليست شيئاً يُشرتى‪ .‬وهو يريدها‬
‫ابلقراءة‪ ،‬ألخدمه‪ ،‬إّّنا ليس أكثر‪ّ .‬أما نـَ ْفسي فهي ّ‬
‫كذلك‪».‬‬
‫«كيف تَعلَمني أ ّن ِ‬
‫لك نـَ ْفساً؟»‬

‫العوام‪ .‬إنّه معلّمي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لست من َ‬‫لست أ ُّميّة‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬إنّين غنيمة حرب ُمنذ صباي‪ ،‬إّّنا ُ‬ ‫«أان ُ‬
‫الثالث‪ ،‬وهو كريه َمقيت‪ .‬إّّنا يبقى يل كالم فالسفتنا‪ .‬وأَعلَم أنّنا لسنا َّنلك اجلَّسد فقط‪ ،‬بل هنا‬
‫حت‬
‫شيء ُُمتوى فينا‪ ،‬وهو ال يَفىن‪ ،‬شيء ما ليس له اسم ُُمدَّد ابلنسبة إلينا‪ .‬إّّنا منذ وقت قريب أصبَ ُ‬
‫أعرف امسه‪ .‬فلقد َمَّر رجل ذات يوم يف القيصريّة‪ ،‬وكان َُي َِرتح املعجزات‪ ،‬ويتح ّدث أفضل ِمن سقراط‬
‫ذهبة‪،‬‬
‫ي عنه الكثري يف احلَ َّمامات العموميّة ويف قاعات الوالئم أو يف األروقة ال ُـم َّ‬ ‫وأفالطون‪ .‬وقد ُرِو َ‬
‫وهم يتل ّفظون به يف قاعات الفجور الدَّنِسة‪ .‬ومعلّمي الذي أضحى يَستَشعِر‬ ‫لوثني امسه ال َـمهيب ُ‬ ‫ُم ِّ‬
‫خيص سوى هللا‪ ،‬وال ميكن شراؤه كالبضاعة يف سوق العبيد‪َ ،‬ج َعلَين أُعيد‬ ‫بوجود شيء ال يُفىن‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫قراءة أعمال الفالسفة‪ ،‬ملقارنتها والبحث فيما إذا كان ذلك الشيء اجملهول‪ ،‬الذي َمسَّاه الرجل القادم‬
‫إىل القيصريّة "النَّـ ْفس"‪ ،‬قد أُشري إليه فيها‪ .‬ولقد َج َعلَين أان أقرأ ذلك! أان اليت كان يُريد إخضاعي‬
‫مت أ ّن ذلك الشيء الذي ال يَفىن هو النَّـ ْفس‪ .‬وبينما كان فالرياين والذين على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لغرائزه! وهكذا َعل ُ‬
‫وتثاؤب‪ ،‬كانوا ُُيا ِولون اإلدراك واملقارنة واملناقشة‪ ،‬و ُ‬
‫كنت أان‬ ‫شاكِلَته يَستَ ِمعون إىل صويت‪ ،‬وبني َّت ّشؤ ُ‬
‫َضعها هنا‪ُ ،‬متخيِّلة عِّزة النَّـ ْفس‬
‫كنت أ َ‬
‫قربة كالم ذلك اجملهول إىل كالم الفالسفة‪ ،‬و ُ‬ ‫أَجع أحاديثهم‪ُ ،‬م ِّ‬
‫حّت كاد ُمييتين‪ ،‬منذ بضعة ليال‪ ،‬ألنّين أقصيتُه أبسناين‪...‬‬ ‫وضَربَين ّ‬
‫تزداد ّقوة ابستمرار‪ ،‬لرفض َميله‪َ ...‬‬
‫لكن‬
‫بت يف اليوم التايل‪ ...‬ومنذ مخسة ّأايم وأان أعيش يف هذا الدغل‪ ،‬أقطُف التوت والتني ليالً‪ .‬و ّ‬ ‫وهر ُ‬
‫عين‪ .‬لقد اشرتاين بسعر مرتَِفع ج ّداً‪ ،‬وأان‬ ‫بكل أتكيد‪ ،‬يبحث ّ‬ ‫األمر سينتهي يب إىل االعتقال‪ .‬فهو‪ّ ،‬‬
‫يهودي‪ ،‬وابلتأكيد‬ ‫ّ‬ ‫فأنت‬
‫منك‪َ ،‬‬ ‫ارمحين! أطلُب ذلك َ‬ ‫أُرضي حواسه كثرياً‪ ،‬لذا هو لن يرتكين أرحل‪َ ...‬‬
‫أرجوك ُخذين إىل ذاك اجملهول الذي يتح ّدث إىل العبيد ويتكلّم عن النَّـ ْفس‪ .‬قِيل‬‫أنت تَعلَم أين يكون‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫أود لو أكون قريبة منه ألتث ّقف وأمسو‪ .‬فاملرء يُصبِح وحشاً‬ ‫يل إنّه فقري‪ .‬وسوف أُكابِد اجلوع ولكنّين ُّ‬
‫قاوَمهم‪ .‬أريد استعادة كراميت الوجدانيّة‪».‬‬
‫حّت ولو َ‬
‫جملرد أنّه ُييا مع وحوش‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 255 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫أمامك هو‪».‬‬ ‫«ذلك الرجل اجملهول‪ ،‬الذي تبحثني عنه‪،‬‬

‫حّت األرض‪.‬‬
‫وحتين جبهتها ّ‬
‫أنت؟ اي إله األكروبول اجملهول‪ ،‬سالماً!» َ‬
‫« َ‬
‫ٍ‬
‫فماض إىل القيصريّة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ميكنك البقاء هنا‪ .‬و ّأما أان‬ ‫«ال‬

‫«ال ترتكين اي سيّدي!»‬

‫كك‪ ...‬إين أُف ِّكر‪».‬‬


‫«لن أتر ِ‬

‫«اي معلّم‪ ،‬ابلتأكيد‪ ،‬عربتنا يف املكان املتّفق عليه تنتَ ِظر‪ .‬أ ِ‬
‫َرسل َمن ُخي ِطرهم‪ .‬يف العربة ستكون‬ ‫َ ََ‬
‫نصح مرمي اجملدليّة‪.‬‬
‫أبمان كما يف بيتنا‪ ».‬تَ َ‬
‫بتعاليمك‪ .‬وسوف تُنتَ َشل‬
‫َ‬ ‫«آه! نعم اي سيّدي‪ .‬عندان‪ ،‬مكان امساعيل العجوز‪ .‬وسوف نُث ِّقفها‬
‫تتوسل مرات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من الوثنيّة‪ّ ».‬‬
‫«هل تريدين اجمليء معنا؟» يَسأل يسوع‪.‬‬

‫أتباعك‪ ،‬على ّأال أكون مع ذلك الرجل‪ .‬ولكن‪ ...‬ولكن هنا امرأة قالت يل ّإّنا‬‫َ‬ ‫أي ِمن‬
‫«مع ّ‬
‫كانت تعرفه‪ .‬أفلن َُتونَين؟ ألن أييت رومانيّون إىل بيتها؟ أال‪»...‬‬

‫خاصة ِمن تلك النوعيّة‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة‬


‫«ال ُتايف‪ .‬ال أييت رومانيّون إىل بيت عنيا‪ّ ،‬‬
‫لِتُطمئِنها‪.‬‬

‫ندخل املدينة‪».‬‬
‫«مسعان ومسعان بطرس‪ ...‬اذهبا وأتيا ابلعربة‪ .‬سننتظركما هنا‪ .‬وبعد ذلك سوف ُ‬
‫َأي ُمر يسوع‪.‬‬

‫العَربة الثقيلة املغطّاة عن وصوهلا‪ ،‬بصوت احلوافر واإلطارات‪ ،‬وابلقنديل املعلَّق يف‬ ‫ِ‬
‫عندما تُعلن َ‬
‫األعلى‪ ،‬يَ َنهض الذين كانوا يَنتَ ِظرون على قارعة الطريق‪ ،‬حيث تَ ّ‬
‫عشوا ابلتأكيد‪ ،‬ويتق ّدمون إىل الطريق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 256 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتوقّف العربة ُمرتج ِرجة على حافة الطريق املتص ِّدعة‪ ،‬ويَنـزل منها بطرس ويوحنّا‪ ،‬تتبعهما مباشرة امرأة‬
‫م ِسنّة‪َ ،‬هترع ملعانقة مرمي اجملدلية قائلة‪« :‬ال أريد أن أأتخر حلظة واحدة ألقول ِ‬
‫لك إنّين سعيدة‪ ،‬وأقول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كنت تنامني يف ِ‬ ‫دت وردة بيتنا الشقراء‪ ،‬كما عندما ِ‬ ‫كع ِ‬
‫مهدك بعد‬ ‫أمك تَبتَ ِهج معي‪ ،‬وإنّ ِ ُ‬
‫لك إ ّن ِ‬
‫ِ‬
‫رضاعتك صدري‪ ».‬وال تعود تَنتهي ِمن تَقبيلها‪.‬‬
‫ِ‬

‫تبكي مرمي بني ذراعيها‪.‬‬


‫منك تضحية االنتظار هنا الليل كلّه‪ .‬غداً ِ‬
‫ميكنك‬ ‫إليك هبذه الشابة‪ ،‬وأَطلُب ِ‬‫«اي امرأة‪ ،‬أَعهد ِ‬
‫َ‬
‫الذهاب إىل ّأول قرية على الطريق القنصليّة‪ ،‬واالنتظار‪ .‬وسوف أنيت قبل الساعة الثالثة‪ ».‬يقول يسوع‬
‫للمربّية‪.‬‬
‫ُ‬
‫املبارك! امسح يل فقط أن أعطي مرمي الثياب اليت‬
‫مشيئتك‪ ،‬أيّها َ‬
‫َ‬ ‫كل شيء حسب‬ ‫«ليكن ّ‬
‫َجلَبتُها هلا‪ ».‬وتُعا ِود الصعود إىل العربة‪ ،‬مع مرمي ال ُكلّيّة القداسة ومرمي ومرات‪ .‬وعندما َخيرجن‪ ،‬تكون‬
‫ومعطف‬ ‫مرمي اجملدلية كما سوف نراها‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬على الدوام‪ :‬ثَوب بسيط‪ِ ،‬وشاح كتّاين فضفاض‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫دون تزيينات‪.‬‬

‫«اذهيب ابطمئنان اي سينتيكا‪ .‬غداً‪ ،‬سنأيت حنن كذلك‪ .‬وداعاً‪ ».‬يقول يسوع ُميّياً إ ّايها‪ .‬ويُتابع‬
‫الطريق إىل القيصريّة…‬

‫تعج ابلناس الذين يتن ّـزهون على ضوء املصابيح أو الفوانيس اليت َُيملها العبيد‬ ‫الطريق البحرية ّ‬
‫حر الصيف اخلانِق‪ .‬وهؤالء املتن ِّـزهون‬‫ّ‬ ‫من‬ ‫ني‬‫َ‬‫ت‬‫ـ‬‫َ‬‫ب‬‫ويتنشقون اهلواء البحري الذي ينعِش كثرياً الرئتني التَّعِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ينتمون إىل أغنياء الرومانيّني‪ .‬فاليهود يف بيوهتم‪ ،‬ويتل ّقون االنتعاش ِمن على ُشرفاهتم‪ .‬والطريق البحرية‬
‫تُشبِه صالة َرحبَة ج ّداً يف وقت الزايرات‪ .‬التن ّـزه هناك يَنطَوي على مالحظة تَفاصيل الفرد كلّها‪ .‬ومع‬
‫سخر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك فإ ّن يسوع َميّر من هناك‪ ...‬وعلى مدى املتَـنَـَّزه كلّه‪ ،‬دون االكرتاث مبَن يَنظُر إليه‪ ،‬ويُعلّق‪ ،‬ويَ َ‬
‫أأنت هنا؟ يف هذه الساعة؟» تَسأل ليداي اجلالسة على أريكة َمحَلَها الصبيّة إىل حافة‬
‫«اي معلّم‪َ ،‬‬
‫الطريق‪ ،‬وتَ َنهض‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 257 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رت‪ .‬أَحبَث عن مأوى‪».‬‬ ‫آت ِمن دورا‪ ،‬وقد َّ‬
‫أتخ ُ‬
‫«أان ٍ‬

‫لست أدري إذا‪»...‬‬


‫لك‪ :‬هو ذا بييت‪ ».‬وتُشري إىل بناء َجيل َخل َفها‪« .‬ولكنّين ُ‬
‫«وأقول َ‬
‫ِ‬
‫«ال‪ ،‬أشكرك‪ ،‬ال أقبَل‪ ،‬فَ َمعي أصحاب كثريون‪ ،‬وقد َسبَـ َقنا اثنان منهم إلخطار أانس أع ِر ُ‬
‫فهم‪.‬‬
‫أظنّهم سوف يستضيفوننا‪».‬‬

‫عرفَت يف احلال على‬


‫إليهن يسوع مع التالميذ‪ ،‬وقد تَ َّ‬
‫وتَنظُر ليداي كذلك إىل النساء اللوايت أشار ّ‬
‫مرمي اجملدليّة‪.‬‬
‫«مرمي؟ أهذا ِ‬
‫أنت؟ إذن فهذا صحيح؟»‬

‫حق‪ ،‬فليست ليداي هي‬‫عينا مرمي تُنبِئان عن عذاب غزالة يف موقف ال ُحت َسد عليه‪ .‬وهي على ّ‬
‫الوحيدة اليت عليها مواجهتها‪ ،‬بل هناك أشخاص عديدون يَنظُرون إليها‪ ...‬بينما هي تَنظُر إىل يسوع‬
‫وتستم ّد منه الشجاعة‪.‬‬

‫«صحيح‪».‬‬
‫«إذن‪ ،‬فلقد خسر ِ‬
‫انك‪».‬‬

‫صداقة فُضلى‪ ،‬على الدرب الذي وجدُّته‬ ‫األقل‪ ،‬آمل أن ألقاكم يوماً‪ ،‬وبِ َ‬ ‫ُّ‬
‫«ال بل وجدمتوين‪ .‬على ّ‬
‫الشر الذي رأيتِين أفعله‪ ،‬أَطلُب‬
‫ّ ّ‬ ‫كل‬ ‫انسي‬ ‫ليداي‪.‬‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫وداع‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أرجوك‬ ‫لكل الذين أعرفهم‪،‬‬
‫أخرياً‪ .‬قويل ذلك ّ‬
‫الصفح‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫منك َّ‬
‫«ولكن اي مرمي! ملاذا َحتطّني ِمن ِ‬
‫قدرك؟ فلقد عشنا حياة الثراء ذاهتا‪ ،‬والبطالة‪ ،‬وليس هناك‪»...‬‬

‫عشت حياة أسوأ‪ .‬ولكنّين ُتلَّ ُ‬


‫صت منها‪ ،‬وإىل األبد‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫«ال‪ ،‬لقد‬

‫عمه يوضاس ال ُـمقبِل إليه بصحبة توما‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ويتوجه صوب ابن ّ‬
‫«حتيّيت لك‪ ،‬ليداي‪ ».‬يُوجز يسوع ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 258 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َحتتَ ِفظ ليداي مبرمي اجملدليّة حلظة أخرى‪« :‬ولكن قويل يل احلقيقة‪ ،‬اآلن وقد أصبَحنا َو َ‬
‫حدان‪ :‬هل‬
‫أنت ح ّقاً ُمقتَنِعة؟»‬
‫ِ‬

‫لست أندم ِسوى على شيء واحد‪ :‬أنّين‬ ‫ِ‬


‫لست ُمقتَنعة وحسب‪ ،‬بل أان سعيدة لكوين تلميذة‪ُ .‬‬
‫« ُ‬
‫أكلت احلمأة‪ .‬وداعاً ليداي‪».‬‬
‫أتعرف قبل ذلك على النور‪ ،‬وبدل التغذية به‪ ،‬فقد ُ‬
‫مل ّ‬
‫وتَر ّن اإلجابة بكل وضوح‪ ،‬يف الصمت الذي خيَّم حول املرأتني‪ .‬وَمل يـعد أحد ِمن ِ‬
‫احلاضرين‬ ‫َُ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫الكثريي العدد يتكلّم…‬

‫تلتَ ِفت مرمي‪ُ ،‬‬


‫وحتا ِول اللّحاق ابملعلّم ُمس ِرعة‪.‬‬

‫جنونك؟» يقول ذلك ُُما ِوالً ِعناقها‪.‬‬


‫ِ‬ ‫يَقطَع شاب عليها الطريق‪« :‬أهذه هي آخر صرعات‬
‫ولكنّه‪ ،‬مبا إنّه ِشبه سكران‪ ،‬مل ينجح‪ ،‬وهترب منه مرمي وهي تصيح به‪« :‬ال‪ ،‬بل هذه هي ِحكميت‬
‫الوحيدة‪».‬‬

‫املتحجبات كال ُـمسلِمات‪ ،‬لشدَّة نفوِره َّن ِمن أن ير َّ‬


‫اهن أولئك اخلَليعون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتلحق برفيقاهتا‬
‫َ‬
‫«مرمي‪ ».‬تقول مرات متأثّرة‪« .‬هل أتلَّ ِ‬
‫مت كثرياً؟»‬

‫حق‪ ،‬هو‪»...‬‬ ‫ِ‬


‫حق‪ .‬فاآلن مل أعد أأت ّمل من ذلك مطلقاً‪ .‬إنّه على ّ‬
‫«ال‪ .‬إنّه على ّ‬
‫دخلوا بعد ذلك إىل بيت َرحب‪ ،‬هو ابلتأكيد نـَ ْزل‪ ،‬لِيُمضوا‬ ‫ِ ِ‬
‫يَدور اجلميع َع ْرب درب ُمظلم‪ ،‬ليَ ُ‬
‫فيه الليل‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 259 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -118‬وداع مرات ومرمي اجملدليّة وسينتيكا)‬

‫‪1945 / 08 / 17‬‬

‫ِ‬
‫يُعا ِودون املسري‪ّ ،‬‬
‫متوجهني صوب الريف‪.‬‬

‫لكالواب وسوسنة‪ ،‬على بُعد أمتار ِمن يسوع الذي يسري‬ ‫ّ‬ ‫الر ُسل والتلميذات مع مرمي اليت‬
‫اآلن ُّ‬
‫الر ُسل فعلى العكس‪ ،‬ال يتكلّمون‪ .‬يَبدون‬ ‫مع أمه وأخيت لعازر‪ .‬يتح ّدث يسوع بشكل متو ِ‬
‫اصل‪ّ ،‬أما ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫بتموجاته اليت يَشلَحها على السهل‬ ‫حّت َجال الريف الرائع ح ّقاً ّ‬ ‫اهلمة‪ .‬فلم يستَه ِوهم ّ‬
‫ُم َرهقني أو فاتري ّ‬
‫ك ِوسادات خضراء حتت قدمي َملِك عمالق‪ ،‬بروابيه اليت ترتفع بضعة أمتار‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬متهيداً‬
‫السامرة‪ .‬وكما يف السهل الذي يهيمن على تلك النواحي‪ ،‬كذلك على الروايب‬ ‫لسالسل جبال الكرمل و ّ‬
‫التموجات‪ ،‬هناك نبااتت ُم ِزهرة ورائحة مثار أينَـ َعت‪ .‬فذلك مكان جيّد اإلرواء‪ ،‬رغم َوضعه‬ ‫الصغرية و ّ‬
‫والفصل ِمن السنة‪ ،‬ذلك أ ّن هناك الكثري ِمن الزهور‪ُ ،‬رغم كون املياه ليست كثرية‪ .‬اآلن أُد ِرك ملاذا ذُكِر‬
‫الر ُسل ال يُشاركون أبداً هبذا احلماس‪.‬‬‫سهل الشارون يف الكتاب املقدس َمَّرات كثرية وحبماس‪ّ .‬إال أ ّن ُّ‬
‫وهم الكئيبون الوحيدون يف ذلك اليوم الصايف‪ ،‬ويف تلك البقعة‬ ‫ِّ‬
‫متجهمني قليالً‪ُ ،‬‬ ‫ّإّنم يَسريون‬
‫الضاحكة‪.‬‬

‫الطريق القنصليّة‪ ،‬يف حالتها اجليّدة ج ّداً‪ ،‬تقطع بشريطتها البيضاء‪ ،‬تلك القرية اخلصيبة؛ ويف‬
‫فالحون كثريون مع ُمحوالت من احملاصيل‪ ،‬أو ُمسافِرون‬
‫صادف ّ‬ ‫تلك الساعة اليت ما تزال صباحيّة‪ ،‬يُ َ‬
‫ُمملة ابألكياس‪ ،‬فريغِمهم على‬
‫ابلر ُسل أحدهم‪ ،‬مع قافلة محري َّ‬ ‫َّجهون صوب القيصريّة‪ .‬يلتقي ُّ‬ ‫مت ِ‬
‫فسحوا اجملال لقافلته‪ ،‬ويَسأل بغطرسة‪« :‬هل هنا كيسان؟»‬ ‫ِ‬
‫التفرق‪ ،‬ليَ َ‬
‫ّ‬
‫لك ِمن َجلِف!»‬
‫«إىل اخللف‪ُُ ».‬ييب توما ِجبفاء‪ ،‬ويُتمتِم بني أسنانه‪« :‬اي َ‬
‫سامري‪ .‬ليس أكثر!» ُُييب فليبّس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«إنّه‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 260 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ويَعودون إىل الصمت‪ .‬بعد بضعة أمتار‪ ،‬يقول بطرس‪ ،‬وكأنّه َخيتم ِحواراً داخليّاً‪َّ « :‬إّنا ما هي‬
‫كل تلك املسافات؟»‬ ‫أجله‬ ‫ن‬ ‫م‬‫اجلدوى! ما الذي كان َُمدايًكي نقطع ِ‬
‫ّ‬
‫كنت أظنّه يريد‬
‫حّت كلمة واحدة؟ ُ‬
‫حق! فلماذا ذهبنا إىل القيصريّة إذا َمل يـَ ُقل هناك وال ّ‬
‫معك ّ‬
‫« َ‬
‫اجرتاح بعض املعجزات املدهشة ليُقنع الرومان‪َّ .‬إّنا على العكس‪ »...‬يقول يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫السخط‪:‬‬ ‫ط سخرية‪ ،‬وهذا كل شيء‪ ».‬يعلِّق توما‪ .‬ويزاود االسخريوطي ِ‬


‫مؤججاً ُّ‬ ‫«لقد َج َعلَنا َُم ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«لقد َج َعلَنا نتأ ّمل‪ .‬إّّنا ابلنسبة إليه‪ ،‬فاإلهاانت تُرضيه‪ ،‬ويَظنّها تُرضينا حنن كذلك‪».‬‬

‫«يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن اليت أتلَّ َمت يف تلك الظروف هي مرمي بنت تيوفيلس‪ ».‬يقول الغيور هبدوء‪.‬‬

‫«مرمي! مرمي! هل أصبَ َحت مركز الكون‪ ،‬مرمي؟ أما ِمن أحد يتأ ّمل غريها‪ ،‬وليس بَطالً غريها‪ ،‬وما‬
‫لصاً أو قاتالً لِيُصبح بعد ذلك موضع اهتمام كثري‪».‬‬ ‫َمن يُ َّثقف غريها؟ فإ ّن املرء لََري َغب يف أن يكون ّ‬
‫يقول االسخريوطي ِ‬
‫ساخطاً‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اجرت َح معجزة وَكَرَز‪َ ،‬ك َّدرانه حنن‬
‫املرة السابقة‪ ،‬و ََ‬
‫احلق يُقال‪ ،‬عندما أتينا إىل القيصريّة يف ّ‬
‫« ّ‬
‫اجرت َحها‪ ».‬يُبدي ابن عم السيّد مالحظته‪.‬‬
‫ابستيائنا ألنّه ََ‬
‫يتصرف‬‫و‬ ‫م‪،‬‬ ‫«الواقع» يقول يوحنّا بِصرامة «هو أنّنا ال نعرف ما نريد‪ ...‬يتصرف بطريقة فَـن ِ‬
‫دمد‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بعكسها‪ ،‬فَـن ِ‬
‫دمدم‪ .‬إ ّن العيوب متألان‪».‬‬‫ُ‬

‫«آه! ها هو ذا احلكيم اآلخر يتكلّم! َّإّنا احلقيقة املؤَّكدة هي أنَّنا مل نقم ّ‬


‫أبي عمل مفيد منذ‬
‫زمن طويل‪».‬‬

‫لكن‬
‫لكن هابيل‪ ،‬و ّ‬
‫لكن هرمست‪ ،‬و ّ‬
‫لكن تلك اليواننيّة‪ ،‬و ّ‬
‫أي شي مفيد اي يهوذا؟ و ّ‬
‫«مل نفعل ّ‬
‫لكن‪»...‬‬
‫مرمي‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 261 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يوطي‪ ،‬وقد‬
‫يؤسس مملكته مع تلك الشخصيّات عدمية الكفاءة‪ُُ ».‬ييب االسخر ّ‬
‫«هو لَن ّ‬
‫األرضي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫استولَت عليه فكرة االنتصار‬

‫صيب يريد احلُكم‬


‫«اي يهوذا‪ ،‬أرجوك ّأال َحت ُكم على أعمال أخي‪ .‬إ ْن ذلك ّإال ّادعاء سخيف‪ّ .‬‬
‫على معلّمه‪ ،‬أ َْم َُيدر يب القول‪ :‬اتفه يَر َغب أبن يَرفَع نفسه إىل مرتبة َحكيم‪ ».‬يقول ت ّداوس الذي‪،‬‬
‫قاوم ليهوذا الذي يُشا ِركه ذات االسم‪.‬‬
‫رغم َمحله االسم ذاته‪ّ ،‬إال أ ّن لديه نفوراً ال يُ َ‬
‫الكتفائك بتسمييت صبيّاً‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬بعد كل ذاك الزمن الطويل الذي قضيتُه يف‬
‫َ‬ ‫أشكرك‬
‫« َ‬
‫ظننت أبنَّه ميكن على األقل اعتباري ابلغاً‪ُُ ».‬ييب االسخريوطي ُّ‬
‫بتهكم‪.‬‬ ‫اهليكل‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫«آه! اي لتلك املشاجرات ِمن مقيتة!» َّ‬
‫يتأوه اندراوس‪.‬‬

‫تفرق‪ .‬يف‬
‫مّت «إنّنا كلّما طال أمد عيشنا مع بعضنا‪ ،‬بَ َدل أن نَتالحم‪ ،‬نَ َّ‬
‫«ح ّقاً!» يقول ّ‬
‫سيكامينون أوصاان بوجوب ّاحتادان مع الرعيّة‪ ،‬فكيف سنتم ّكن من ذلك إذا مل نكن حنن أساساً‬
‫متَّحدين مع بعضنا؟»‬

‫أظن أنّنا لسنا عبيداً‪».‬‬


‫«إذن‪ ،‬هل ينبغي لنا عدم الكالم؟ أينبغي عدم اإلفصاح عن رأينا مطلقاً؟ ّ‬
‫فهمه‪».‬‬
‫«ال اي يهوذا‪ ».‬يقول الغيور هبدوء «حنن لسنا عبيداً‪ ،‬ولكنّنا لسنا أهالً التّباعه‪ ،‬ألنّنا ال نَ َ‬
‫أفهمه بشكل جيّد ج ّداً‪».‬‬
‫«أان َ‬
‫مثلك‪ .‬فَـ َفهمه يعين طاعته دوّنا مناقشة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فهمونه َ‬
‫أنت ال تفهمه‪ .‬وُك ّل الذين يَنتَقدونه ال يَ َ‬
‫«ال‪َ .‬‬
‫جملرد االقتناع بقداسة الذي يَقود‪ ».‬يقول الغيور أيضاً‪.‬‬
‫ّ‬
‫كنت أحت ّدث عن كالمه؛ فقداسته غري قابلة للنقاش‪،‬‬ ‫«آه! ولكنّ َ ِ‬
‫لمح إىل ذكاء قداسته! أان‪ُ ،‬‬
‫ك تُ ّ‬
‫يوطي يف القول‪.‬‬
‫وال تُناقَش‪ ».‬يُس ِرع االسخر ّ‬
‫ميكنك فَصل الواحدة عن األخرى؟ الق ّديس ميتلك احلكمة على الدوام‪ ،‬وكالمه حكيم‪».‬‬
‫َ‬ ‫«وهل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 262 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن العامل ليس‬ ‫ِ‬
‫«ح ّقاً‪ .‬ولكنّه يقوم أبعمال مؤذية‪ .‬ابلتأكيد بسبب فَرط قداسته‪ ،‬أان أوافقه‪ ،‬و ّ‬
‫الفلسطيين وتلك اليواننيّة‪ ،‬هل تظنّهما‬
‫ّ‬ ‫ق ّديساً‪ ،‬وهو بذلك ُيعل لنفسه أعداء‪ .‬على سبيل املثال‪ :‬ذاك‬
‫سيفيداننا؟»‬

‫أتيت ألجله وأقوم مبا هو الئق‪ ».‬يقول‬ ‫«ولكن‪ ،‬إذا كنت أُسبِب األذية‪ ،‬فأان ِ‬
‫أنسحب‪ .‬لقد ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫هرمست َمروحاً‪.‬‬

‫ك تُسبِّب له األمل‪ُُ ».‬ييبه يعقوب بن حلفا‪.‬‬


‫مضيت هلذا السبب‪ ،‬فإنّ َ‬
‫َ‬ ‫«إذا‬

‫لت عن األمر‪ُُ ،‬ثّ أُحيّيه و‪ ...‬أمضي‪».‬‬


‫يظن أنّين َع َد ُ‬
‫أجعله ّ‬
‫«سوف َ‬
‫أنت لن تذهب‪ .‬فليس ِمن العدل أن َخي َسر املعلّم تلميذاً صاحلاً بسبب توتُّر‬
‫«ال‪ .‬يف احلقيقة! َ‬
‫أي كان‪َُ ».‬يتَ ّد بطرس‪.‬‬
‫ّ‬
‫املضي ألتفه األسباب‪ ،‬فإ ْن هذا إال دليل على أنّه ليس متأ ّكداً من إرادته‪.‬‬
‫يود ّ‬ ‫«ولكنّه إذا كان ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫فدعه يذهب إذن‪ُُ ».‬ييب االسخر ّ‬

‫يَف ُقد بطرس صربه‪« :‬لقد َو َعدتُه‪ ،‬عندما َمنَ َحين مرغزايم‪ ،‬أن أُصبِح ّ‬
‫أبوايً مع اجلميع‪ ،‬ويسوءُين‬
‫لك؟‬
‫رغمين‪ .‬هرمست موجود هنا ليبقى‪ .‬هل تعلم ما ينبغي يل أن أقول َ‬ ‫ك تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُقصر يف وعدي‪ .‬ولكنّ َ‬
‫أن أ ّ‬
‫ك سبب التفريق والفوضى‪ .‬هذا هو‬ ‫أنت َمن ُيعل إرادة اآلخرين تَضطَ ِرب‪ ،‬وّتعلها غري اثبتة‪ .‬إنّ َ‬
‫ك َ‬ ‫إنّ َ‬
‫وعليك أن ُتجل ِمن ذلك‪».‬‬ ‫َ‬ ‫أنت‪.‬‬
‫َ‬
‫أنت َمن تكون؟ حامي الـ‪»...‬‬
‫«و َ‬
‫األندوري‪ ،‬حامي‬
‫ّ‬ ‫احملجبة‪ ،‬حامي يوحنّا‬
‫تود قوله‪ .‬حامي املرأة ّ‬ ‫قلت‪ .‬فأان ما ّ‬
‫«ابلضبط! حسناً َ‬
‫كل الذين َو َج َدهم يسوع‪ ،‬والذين ال يُش ِّكلون مثاالً رائعاً لطواويس‬
‫هرمست‪ ،‬حامي هذه العبدة‪ ،‬حامي ّ‬
‫وحَزم أضواء اهليكل كريهة الرائحة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اهليكل‪ ،‬املصنوعني من ال ُقبّعة املق ّدسة ونسيج عناكب اهليكل‪ُ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 263 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هاماً‪ ،‬أقلّه إذا‬
‫أوضح‪ ،‬إذا كان اهليكل ّ‬ ‫شاكلتك‪ُ .‬خالصة القول‪ ،‬كي يكون الكالم َ‬‫َ‬ ‫أولئك الذين على‬
‫أنت تُسيء إليه‪ »...‬يَصيح بق ّوة َج َعلَت املعلّم يتوقّف‬ ‫مل أُصبِح بعد أبلهاً‪ ،‬فإ ّن املعلّم أ ِ‬
‫َهم من اهليكل‪ ،‬و َ‬
‫ّ‬
‫هم ابلعودة‪ ،‬اتركاً النساء‪.‬‬
‫ويلتفت ويَ ّ‬
‫«ها هو قد َِمس َع‪ ،‬وسوف يتكدَّر!» يقول يوحنّا الرسول‪.‬‬

‫ضجر الطريق‪ ».‬يقول توما يف احلال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«ال‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬ال أتت‪ .‬إنّنا نتناقش‪ ...‬نُب ّدد َ‬
‫حّت بَلغَوا إليه‪.‬‬
‫ّإال أ ّن يسوع يبقى واقفاً ّ‬
‫مرة أخرى إ ّن النساء أمسى منكم؟» اللّوم‬
‫علي أن أقول لكم ّ‬
‫«ما كان موضوع نقاشكم؟ هل َّ‬
‫كل القلوب‪ .‬فيصمتون خافِضني رؤوسهم‪.‬‬
‫س ّ‬‫اللّطيف َم ّ‬
‫شك ألولئك الذين يُولَدون إىل النور اآلن! أال‬
‫«أصدقائي‪ ،‬اي أصدقائي! ال تكونوا سبب ّ‬
‫كل أخطاء الوثنيّة؟»‬ ‫ن‬ ‫تَعلَمون أن نقيصة فيكم تؤذي‪ ،‬يف افتداء وثين أو خاطئ‪ ،‬أكثر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال أحد ُُييب‪ ،‬ذلك ّأّنم ال ُُييدون احلديث ّإال يف ما يُ ِّربر أو َمينَع اللّوم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫قربة ِمن جسر يقع على َمرى سيل ّ‬
‫رعيان‬ ‫جاف‪ ،‬توقَّـ َفت عربة أ َّ‬
‫ُخيت لعازر‪ .‬احلصاانن يَ َ‬ ‫على َم ُ‬
‫اجلاف منذ م ّدة وجيزة على األرجح‪ .‬خادم مرات‪ ،‬وشخص‬ ‫العشب الكثيف الذي يغطّي ض ّفيت السيل‪ّ ،‬‬
‫آخر‪ ،‬قد يكون السائق‪ُِ ،‬ها على الض ّفة‪ ،‬بينما النساء ُُمتَ ِجبات داخل العربة املغطّاة بغطاء ثقيل‬
‫فتحث النساء التلميذات‬
‫ّ‬ ‫حّت أرضيّة العربة‪.‬‬
‫مصنوع من اجللود املدبوغة‪ ،‬النازلة مثل ستائر ثقيلة‪ّ ،‬‬
‫(ربطهما‬ ‫ِ‬
‫اخلطى إليها‪ ،‬واخلادم الذي يَر ُاه َّن ّأوالً ُخيطر املربّية‪ ،‬بينما يُس ِرع اآلخر يف تَكدين احلصانني َ‬
‫إىل العربة)‪.‬‬

‫حّت األرض‪ .‬واملربّية العجوز‪ ،‬وهي امرأة َجيلة‬


‫هرع اخلادم إىل معلّمتيه منحنياً ّ‬
‫يف تلك األثناء‪ ،‬يَ َ‬
‫لكن مرمي اجملدليّة هتمس هلا أبمر‬
‫ذات صبغة زيتونيّة‪ ،‬إّّنا ُمبَّبة‪َ ،‬هتبط برشاقة‪ ،‬ومتضي إىل معلّمتيها‪ .‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 264 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن فَـَرح رؤيتها كان عظيماً لدرجة‬
‫فتتوجه يف احلال إىل السيّدة العذراء وهي تقول‪« :‬ساُميين‪ ...‬و ّ‬
‫ما‪ّ ،‬‬
‫ظل‪».‬‬
‫أنّين َمل أَعُد أرى سواها‪ .‬تعايل اي مباركة‪ ،‬إ ّن الشمس حارقة‪ ،‬ويف العربة ّ‬
‫هن ينتظرن‪ ،‬وبينما سينتيكا اليت‬
‫املتأخرين كثرياً‪ .‬وبينما ّ‬
‫وتَصعد النساء كلّهن‪ ،‬يف انتظار الرجال ّ‬
‫صّر على‬ ‫ترتدي الثوب الذي كانت ترتديه مرمي اجملدلية مساء األمس‪ ،‬تُقبِل أرجل معلِّمتيها ‪-‬كما تُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دعوة تستقبالّنا‬
‫َمرد َم ّ‬
‫تسميتهما‪ ،‬رغم قوهلما ّإّنا‪ ،‬ابلنسبة إليهما‪ ،‬ليست َعبدة وال خادمة‪ ،‬بل إّّنا هي ّ‬
‫صرة األرجوان النّفيسة سائِلة عن كيفيّة َغزل تلك املشاقة (اخليوط)‬ ‫ابسم يسوع‪ -‬تُشري العذراء إىل ّ‬
‫القصرية الغري قابلة للبَـلَل وصعبة التّشكيل‪.‬‬

‫يتم استخدامها هكذا‪ ،‬اي امرأة‪ .‬بل ُيب حتويلها إىل َمسحوق‪ُ ،‬ثّ تُستَخدم كأيّة‬ ‫«هذه ال ّ‬
‫هشة‪ ،‬اآلن وقد َج َّفت؟ ُحت ِّولينها إىل مسحوق انعم‪ ،‬تَنخلينها‪ ،‬كي ال‬‫صبغة أُخرى‪ .‬أَتَـَرين َكم هي ّ‬‫َ‬
‫يتلون بشكل‬
‫ظهر كالبُـ َقع على اخليط أو القماش‪ .‬واخليط‪ ،‬على شكل شلّة‪ّ ،‬‬ ‫يبقى فيها ألياف طويلة‪ ،‬تَ َ‬
‫صل ابلزعفران والقرمز‪ ،‬أو‬
‫حتولت كلّها إىل مسحوق‪ ،‬كما َُي َ‬ ‫أفضل‪ .‬وعندما تُصبِحني على يقني ّ‬
‫أبّنا ّ‬
‫خل كثيف‬‫مبسحوق النيل‪ ،‬أو بقشور أخرى أو جذور أو مثار‪ ،‬ي ّتم استخدامها‪ .‬ويـُثَـبَّت اللون بواسطة ّ‬
‫يف املرحلة األخرية ِمن الغَسل‪».‬‬

‫َّيت خبيوط قرمزيّة‪ ،‬ولكنّها كانت قد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«شكراً لك اي نعيمي‪ .‬سأفعل كما أشرت يل‪ .‬أان قد َوش ُ‬
‫ككن َجيعك ّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أُعطيَت يل جاهزة لالستخدام‪ ...‬هو ذا يسوع يَصل‪ .‬حان وقت الوداع اي بنايت‪ .‬أابر ّ‬
‫الرب‪ .‬امضني بسالم‪ ،‬حامالت السالم والفرح إىل لعازر‪.‬‬
‫ابسم ّ‬
‫أضحيت‬ ‫بت على صدري أُوىل عربات (دموع) السعادة‪ .‬وبذلك‬ ‫ك س َك ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وداعاً اي مرمي‪ ،‬تذ ّكري أنّ َ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الولَد يَسكب أوىل عرباته على صدر ّأمه‪ .‬أان لك أ ُّم‪ ،‬وسأبقى كذلك على الدوام‪ّ .‬‬ ‫ّأماً لك‪ ،‬أل ّن َ‬
‫ما ّتدين صعوبة يف البوح به إىل األخت األكثر رقة‪ ،‬إىل املربّية األكثر حبّاً‪ ،‬قوليه يل‪ ،‬أان‪ .‬وأان سوف‬
‫ك َمبولة بكثري من البشريّة اليت ال يُريدها‬‫مك على الدوام‪ ،‬وما ال ّترؤين على قوله ليسوعي‪ ،‬ألنّ ِ‬ ‫أتفه ِ‬
‫ّ‬
‫أردت بعد ذلك أن‬ ‫إليك‪ ،‬حليمة ومتساُمة على الدوام‪ .‬وإذا ِ‬ ‫فيك‪ ،‬قوليه يل‪ ،‬أان‪ .‬وسأكون‪ ،‬ابلنسبة ِ‬ ‫ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 265 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لست أان‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أود لو تق ّدمينها له كزهور َعطرة‪ ،‬ألنّه هو ُُملّصك‪ ،‬و ُ‬
‫تبوحي يل ابنتصارات ‪-‬إّّنا هذه‪ُّ ،‬‬
‫فسوف أبتهج ِ‬
‫معك‪.‬‬

‫ك متضني اآلن سعيدة‪ ،‬وسوف تبقني يف هذه السعادة الفائقة الطبيعة‪ .‬إذن‬ ‫وداعاً اي مرات‪ .‬إنّ ِ‬
‫فأنت ال حتتاجني إىل غري التق ّدم يف العدل وسط السالم الذي لن ُيعله شيء يضطَ ِرب ِ‬
‫فيك بعد‬ ‫ِ‬
‫اتماً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب تلك اليت أحببتها حبّاً ّ‬
‫اآلن‪ .‬افعلي ذلك حبّاً بيسوع الذي أحبّك إىل درجة ُح ّ‬
‫ِ‬
‫حليبك‪،‬‬ ‫كنت تغ ّذينها ِمن‬
‫ـزك الذي وجدتِه ِمن جديد‪ .‬وكما ِ‬
‫َ‬
‫وداعاً اي نعيمي‪ .‬اذهيب مع كن ِ‬
‫وتوصلي إىل أن تَري يف ابين أكثر كثرياً ِمن‬
‫لك‪ ،‬هي ومرات‪َّ ،‬‬‫أنت اآلن ِمن الكالم الذي ستقوله ِ‬ ‫تَغ ّذي ِ‬
‫الشر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫املع ِزم (طارد الشياطني‪ ،‬املقسم) الذي ُُي ِرر القلوب ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫أهم‬ ‫هو‬ ‫ما‬ ‫هناك‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ري‬‫َ‬‫ت‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫نفسك‬ ‫تلقاء‬ ‫ن‬‫م‬‫تِ‬
‫وداعاً اي سينتيكا‪ ،‬اي زهرة اليوانن‪ ،‬اي من ع ِرفْ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ِمن اجلسد‪ .‬أ ِ‬
‫َزهري هلل يف هللا‪ ،‬وُكوين أوىل زهرات اليوانن اجلديدة للمسيح‪.‬‬

‫حبب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ككن ّ‬
‫كن ُمتَّحدات هكذا‪ .‬أابر ّ‬
‫إنّين مسرورة ج ّداً َلرتكي ّإاي ّ‬
‫َوقع اخلطوات أضحى قريباً‪ .‬يرفَعن الغطاء ويَرين يسوع الذي أصبَ َح على بُعد أمتار قليلة ِمن‬
‫العربة‪ ،‬فيهبطن حتت الشمس احلارقة اليت تَغمر الطريق‪.‬‬

‫ك ّإايي‬‫كل شيء‪ .‬وأيضاً كثرياً جلعل َ‬


‫أشكرك على ّ‬
‫ّتثو مرمي اجملدليّة عند قدمي يسوع قائلة‪َ « :‬‬
‫صت ِمن بقااي مرمي القدمية‪ .‬ابركين‬
‫وحدك متتلك احلكمة‪ .‬اآلن أمضي وقد ُتلَّ ُ‬
‫فأنت َ‬
‫أقوم هبذا السفر‪َ .‬‬
‫ألتقوى أكثر فأكثر‪».‬‬
‫رب ّ‬ ‫اي ّ‬
‫كك‪ .‬ابتهجي بوجود اإلخوة‪ ،‬ومع اإلخوة تث ّقفي بتعليمي على الدوام‪ .‬وداعاً اي مرمي‪.‬‬ ‫«نعم‪ ،‬أابر ِ‬
‫لست أعطيكماها‪ .‬فهي تلميذيت‪،‬‬ ‫َعهد لكما هبذه املرأة‪ُ .‬‬ ‫وداعاً مرات‪ .‬ستقولني للعازر إنّين أابركه‪ .‬أ َ‬
‫أود لو َمتنَحاّنا احل ّد األدىن من إمكانيات إدراك مذهيب‪ .‬وبعد ذلك سوف آيت‪ .‬نعيمي أابر ِ‬
‫كك‪،‬‬ ‫ولكنّين ّ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫وكذلك أنتما اإلثنتني‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 266 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خاص‪ ،‬ويعطيهما رسالة خطّيّة خلادمه‪ُُ .‬ييّيهما‬
‫مرات ومرمي تذرفان الدموع‪ُ .‬ييّيهما الغيور بشكل ّ‬
‫تتحرك العربة‪.‬‬
‫اآلخرون معاً‪ .‬وبعد ذلك ّ‬
‫لذهاهبن اي مرمي؟» يَسأل مرمي‬
‫ّ‬ ‫افقهن هللا‪...‬أأتسفني كثرياً‬
‫ظل‪ .‬ولري ّ‬
‫«واآلن هيّا بنا نبحث عن ّ‬
‫اليت حللفا اليت تبكي بصمت‪.‬‬

‫«نعم‪ ،‬فلقد ُك ّن طيّبات ج ّداً‪»...‬‬


‫«سوف نلتقيهن قريباً‪ ،‬وقد زاد عددهن‪ .‬سوف تكون ِ‬
‫لك أخوات كثريات‪ ...‬أو بنات‪ ،‬إذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عزيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أخوي‪ ».‬يقول هلا يسوع ذلك لي ّ‬
‫أمومي بقدر ما هو ّ‬
‫ّ‬ ‫وهو‬ ‫‪.‬‬ ‫حب‬
‫ّ‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ل‬ ‫ك‬ ‫هذا‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫لني‬ ‫فض‬
‫ّ‬ ‫ُ‬‫ت‬ ‫كنت‬

‫يوطي‪.‬‬
‫«على ّأال َخيلق ذلك هلا املتاعب‪ »...‬يقول االسخر ّ‬
‫حاب؟»‬
‫«متاعب‪ ،‬التّ ّ‬
‫ومنابِت أخرى‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جراء أن يكون هلا أانس من جنسيّات أخرى َ‬
‫«ال‪ .‬بل متاعب من ّ‬
‫«أتقصد سينتيكا؟»‬
‫«نعم اي معلّم‪ .‬يف النهاية‪ ،‬هي كانت مملوكة ِمن قِبل الروماين‪ِ ،‬‬
‫ومن السيئ االستيالء عليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫البنطي مع فظاظاته‪».‬‬
‫ّ‬ ‫صرف معنا‪ ،‬وسوف نُعادي بيالطس‬ ‫هذا َُي َعله يُسيء التّ ّ‬
‫«ولكن هل تتوقّع أن يؤثّر على بيالطس أن يَفقد أحد ال َـمنوطني به عبدة؟ سوف يَعلَم ما‬
‫األقل‪ ،‬فسوف يقول‬ ‫على‬ ‫العائلة‬ ‫يف‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫يقال‬ ‫كما‬ ‫الشرف‪،‬‬ ‫ن‬ ‫يساوي ذلك! وإذا كان لديه القليل ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أحسنَت فعالً هبرهبا‪ُُ .‬ثّ إذا كان قليل النـزاهة‪ ،‬فيقول‪" :‬إ ّن ذلك جيّد! فهكذا قد أ َِجدها‬
‫إ ّن تلك املرأة َ‬
‫كل املتاعب‬‫أان"‪ .‬ذلك أ ّن الناس قَليلي النـزاهة ال يتأثّرون آبالم اآلخر‪ُ .‬ثّ! آه! اي للوايل املسكني! مع ّ‬
‫فعله بَ َدل ضياع الوقت يف تَش ّكيات شخص يَ َدع َعبدة َهت ُرب!»‬ ‫اليت نُسبّبها له‪ ،‬فلديه شيء آخر يَ َ‬
‫يقول بطرس الذي يؤيّده الكثريون ساخرين ِمن الروماينّ اخلليع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 267 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن يسوع يَرفَع ِمن مستوى السؤال‪« :‬اي يهوذا‪ ،‬هل تَع ِرف ِسفر تثنية االشرتاع؟»‬
‫و ّ‬
‫أتردد يف القول‪ :‬كما ال يعرفه ّإال القليل‪».‬‬
‫«ابلتأكيد اي معلّم‪ .‬ولن ّ‬
‫«كيف تَعتَِربه؟»‬

‫«انطقاً بكلمة هللا‪».‬‬

‫«الناطق ابلكلمة‪ .‬إذن فهو يُ ِّردد كلمة هللا؟»‬

‫«ابلضبط هكذا‪».‬‬

‫ك ملاذا ال ُحت ِسن احلُكم يف َع َمل ما َأي ُمر به؟»‬


‫أجدت التّخمني‪ .‬ولكنّ َ‬
‫« َ‬
‫«مل أقل ذلك مطلقاً‪ .‬على العكس! فأان أرى أنّنا حنن من ي ِ‬
‫همله كثرياً يف اتّباعنا الشريعة‬‫َ ُ‬
‫اجلديدة‪».‬‬

‫ابحلري هي الكمال الذي متّ بلوغه بشجرة اإلميان‪ .‬إّّنا‬‫ّ‬ ‫مثرة للقدمية‪ .‬أو‬
‫«الشريعة اجلديدة هي ّ‬
‫هملها‪ ،‬حسب علمي‪ ،‬ألنّين ّأول َمن َُي َِرتمها وَمينَع اآلخرين من إِهاهلا‪ ».‬كان يسوع ّ‬
‫حاداً‬ ‫ال أحد منّا ي ِ‬
‫ُ‬
‫حّت عندما ينتصر ملكويت‪ ،‬ومع‬ ‫س‪ّ .‬‬ ‫ج ّداً لدى قوله ذلك الكالم‪ .‬ويتابع‪« :‬سفر تثنية االشرتاع ال ُميَ ّ‬
‫َملكويت الشريعة اجلديدة ببنودها التّسعة وفقراهتا‪ ،‬فسوف تُطَبَّق دائماً ابلوصااي اجلديدة‪ ،‬كما أ ّن احلجارة‬
‫ألّنا حجارة عظيمة تُش ّكل أسواراً صلبة‪ .‬إّّنا‬ ‫خدم يف اجلديدة‪ّ ،‬‬ ‫الكبرية املنحوتة لألبنية القدمية تُستَ َ‬
‫املوسوي‪ .‬إنَّه القاعدة‬ ‫اآلن‪َ ،‬مل يـ ُقم ملكويت بعد‪ ،‬وأان‪ ،‬كإسرائيلي مؤمن‪ ،‬ال أُسيء وال أ ِ‬
‫ُِهل الكتاب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يؤسس البناء‬ ‫ِ‬
‫تصرفايت وتعاليمي‪ .‬على أساس اإلنسان واملعلّم‪ ،‬ابن اآلب الذي ّ‬ ‫أوسس عليها ُّ‬ ‫اليت ّ‬
‫السماوي لطبيعته وحكمته‪.‬‬
‫ّ‬
‫إليك ِمن مواله‪ ،‬بل ليُ ِقم عند َك‪ ،‬يف املوضع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولقد قيل يف ِسفر تثنية االشرتاع‪" :‬ال تُسلّم عبداً َجلَأَ َ‬
‫ضطر عبد إىل‬ ‫ي‬ ‫حال‬ ‫يف‬ ‫ق‬ ‫ب‬
‫َّ‬‫َ‬‫ط‬ ‫ي‬ ‫وهذا‬ ‫مه"‪.‬‬‫الذي ُتتاره‪ ،‬يف إحدى مدنك‪ ،‬حيث يطيب له‪ .‬ال تَظلِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 268 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حريّة ُمدودة‪ ،‬بل إىل‬ ‫اهلروب من استعباد ال إنساينّ‪ .‬يف حاليت‪ ،‬حالة سينتيكا‪ ،‬هو اهلروب‪ ،‬ال إىل ّ‬
‫أنت تَبغي لتلك ال ُق ّربة اليت َهَربَت ِمن شبكة الصيّادين‪ ،‬أن أضعها‪ ،‬أان‪،‬‬
‫حريّة ابن هللا الالُمدودة‪ .‬و َ‬ ‫ّ‬
‫احلريّة؟ ال‪ ،‬أبداً! أُابرك هللا‬ ‫ِ‬
‫حّت من الرجاء بعد ّ‬
‫الشبكة‪ ،‬أن أُعيدها إىل سجنها‪ ،‬ألحرمها ّ‬ ‫َم ّدداً يف ّ‬
‫فالسفر إىل القيصريّة أعاد يل تلك االبنة‬
‫السفر إىل أندور قد أعاد ذلك االبن إىل اآلب‪َّ ،‬‬ ‫ألنّه‪ ،‬كما أ ّن َّ‬
‫كي أقودها إىل اآلب‪ .‬يف سيكامينون ح ّدثتكم عن قدرة اإلميان‪ .‬واليوم سوف أح ّدثكم عن نور‬
‫الرجاء‪ .‬إّّنا فلنتوقّف اآلن يف هذا البستان الكثيف‪ ،‬لنأكل ونسرتيح‪ ،‬فالشمس حارقة‪ ،‬كما لو أ ّن‬
‫اجلحيم قد فَـتَ َحت أبواب َم َواقِدها‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 269 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫الرجاء)‬
‫‪( -119‬يسوع يتح ّدث عن ّ‬
‫‪1945 / 08 / 18‬‬

‫حاملني ِسالالً مملوءة عنباً كالذهب‪ ،‬كما لو أنّه‬


‫شاهدهم بعض الكرامني املارين يف البستان‪ِ ،‬‬ ‫ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مصنوع ِمن العنرب‪ ،‬فيَ ِجد ُّ‬
‫الر ُسل أنفسهم َُم َّ‬
‫ط طرح األسئلة‪:‬‬

‫(ح ّجاج) أم غرابء؟»‬ ‫ِ‬


‫«هل أنتم ُمسافرون ُ‬
‫(ح َّجاج) جليليّون وّنضي إىل الكرمل‪ُُ ».‬ييب يعقوب بن زبدى نيابة عن‬ ‫رون‬ ‫«حنن مسافِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اجلميع‪ ،‬وهو مع رفاقه الصيّادين‪ُُ ،‬يِّركون سيقاّنم‪ُُ ،‬م َاولة منهم يف التغلُّب على بقيّة من َو َسن (مخول)‪.‬‬
‫ومّت ِمن على العشب الذي كاان قد متدَّدا عليه‪ ،‬بينما األكرب سنّاً ما يزالون نِياماً‬ ‫يوطي ّ‬
‫يَ َنهض االسخر ّ‬
‫لكالواب قريبتني‬
‫ّ‬ ‫األندوري وهرمست‪ ،‬بينما َّتلس مرمي ومرمي اليت‬
‫ّ‬ ‫تَعِبني‪ .‬ويسوع يتح ّدث إىل يوحنّا‬
‫منهم‪ ،‬إّّنا بصمت‪.‬‬

‫ويقول ال َكَّرامون‪« :‬هل أنتم آتون ِمن بعيد؟»‬

‫أبعد منها كذلك‪ ،‬وحنن‬


‫«القيصريّة كانت آخر ُمطّة لنا‪ .‬وقبل ذلك كنّا يف سيكامينون‪ ،‬بل َ‬
‫قادمون ِمن كفرانحوم‪».‬‬

‫«آه! اي هلا من طريق طويلة يف مثل هذا الفصل! ولكن ملاذا ال أتتون إىل بيتنا؟ إنّه هناك‪ ،‬هل‬
‫يفي‪ ،‬إّّنا اللذيذ‪ .‬تعالوا‪ ،‬هيّا بنا‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫الطعام‬ ‫وبعض‬ ‫أنفسكم‪،‬‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ش‬‫تَـرونَه؟ فنق ّدم لكم املاء البارد كي تُنعِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫اآلن‪».‬‬

‫كل خري‪».‬‬
‫كل حال جزاكم هللا ّ‬
‫«إنّنا على وشك الذهاب‪ .‬على ّ‬
‫جاد‪.‬‬ ‫«لن يهرب الكرمل على عربة ِمن انر مثل نبيه‪ ».‬يقول ّ ِ‬
‫فالح شبه ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 270 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫« َمل تَـعُد أتيت عرابت من السماء لِتَن ُقل األنبياء‪َ .‬مل يـَعُد أنبياء يف إسرائيل‪ .‬يُقال إن يوحنّا قد‬
‫فالح آخر‪.‬‬
‫مات‪ ».‬يقول ّ‬

‫مات؟ منذ مّت؟»‬


‫« َ‬
‫«هذا ما قاله لنا أُانس أتوا ِمن خلف األردن‪ .‬هل كنتم ُِّتلّونه؟»‬

‫« ُكنّا تالميذه‪».‬‬

‫«ملاذا تركتموه؟»‬

‫«لِنَتبَع َمحَل هللا‪ ،‬املسيح الذي بَشَّر به هو‪ .‬فهو الباقي يف إسرائيل‪ ،‬اي رجال‪ .‬وُيب أن أييت ما‬
‫هو أفضل ِمن عربة ِمن انر لنقله إىل السماء إبجالل! ألستم تؤمنون ابملسيح؟»‬

‫«بلى‪ ،‬إنّنا نؤمن به! ولقد ّقرران أن َّنضي بعد اجلّين للبحث عنه‪ .‬يُقال إنّه حريص على طاعة‬
‫املظال‪،‬‬
‫املقررة‪ .‬سنذهب عما قريب إىل عيد ّ‬ ‫الشريعة‪ ،‬وإنّه يذهب إىل اهليكل يف ّأايم االحتفاالت َّ‬
‫حّت َِجنده‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جادين يف البحث عنه ّ‬
‫وسنكون يف اهليكل طوال الوقت ل ُرؤيته‪ .‬وإذا مل َجنده فسنمضي ّ‬
‫ِ‬
‫وأنتم‪ ،‬اي َمن تَع ِرفونه‪ ،‬قولوا لنا‪ :‬هل صحيح أنّه ُميضي معظم وقته يف كفرانحوم؟ هل صحيح أنّه ّ‬
‫شاب‬
‫سمعه احليواانت‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫القلوب‪،‬‬ ‫س‬ ‫مي‬
‫َ‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫كل‬ ‫صوت‬ ‫عن‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ف‬‫طويل‪ ،‬شاحب‪ ،‬أشقر وأ ّن له صواتً ُُمتلِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫والنبااتت؟»‬

‫الفريسيّني‪ .‬فقد أضحوا أكثر شراسة‪».‬‬


‫كل القلوب عدا قلوب ّ‬
‫« ّ‬
‫حّت حيواانت‪ّ .‬إّنم شياطني‪ ،‬مبا فيهم ََجَال ‪ Gamala‬الذي أمحل امسه‪ .‬إّّنا قولوا‪:‬‬‫« ُهم ليسوا ّ‬
‫كل الناس‪ ،‬يَشفي‬ ‫عزي ّ‬‫هل صحيح أنّه هكذا‪ ،‬وأنّه طيّب لدرجة أنّه يتح ّدث إىل َجيع الناس‪ ،‬يُ ّ‬
‫األمراض ويَ ّرد اخلَطَأَة؟»‬

‫«هل تُص ِّدقون ذلك أنتم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 271 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قودوننا إليه!»‬
‫نود معرفة ذلك منكم أنتم‪ ،‬اي َمن تتبعونه‪ .‬آه! لو تَ ُ‬
‫«نعم‪ ،‬ولكنّنا ّ‬
‫«ولكن أليست الكروم يف حاجة إىل رعايتكم؟»‬

‫أهم ِمن الكروم‪ .‬هل هو يف كفرانحوم؟‬


‫«ولدينا نـَ ْفسنا أيضاً‪ ،‬وهي حتتاج إىل العناية‪ ،‬وهي ّ‬
‫فَبِ ُخطى حثيثة ميكننا الذهاب والعودة خالل عشرة أايم‪»...‬‬

‫إن َمن تبحثون عنه موجود هنا‪ .‬وهو أيخذ قسطاً ِمن الراحة يف بستانكم‪ ،‬ويف هذه اآلونة هو‬ ‫« َّ‬
‫يتح ّدث إىل ذاك العجوز وذاك الشاب‪ ،‬وإىل جانبه أ ُّمه وأُخت أ ُّمه‪».‬‬

‫نتصرف؟»‬
‫يتوجب علينا أن ّ‬
‫«ذاك!‪ ...‬آه!‪ ...‬إّّنا كيف َّ‬

‫ويَظلّون ُم َس َّمرين ِمن الدهشة‪ .‬لقد أضحوا بِ ُكلّيتهم عيوانً ُم َّ‬


‫سمرة عليه‪ .‬وحيويّتهم كلّها ترتّكز‬
‫يف أحداقهم‪.‬‬

‫تتحركون؟ هل أصبحتم متاثيل ِملح؟» بطرس‬


‫دمت ّ‬‫«حسناً! كنتم تتمنّون رؤيته‪ ،‬واآلن أما عُ ُ‬
‫ميازحهم‪.‬‬

‫«ال‪ ...‬ذلك أ ّن‪ ...‬ولكن هل ماسيّا بسيط؟»‬

‫ومتدثِّراً ِمعطفاً ُملوكيّاً؟ هل تظنّونه‬ ‫ِ‬


‫«ولكن ماذا كنتم تريدونه أن يكون؟ جالساً على عرش المع‪ُ ،‬‬
‫(ملِك فارسي) جديد؟»‬‫أسويروس ‪َ Assuerus‬‬
‫«ال‪ .‬ولكن‪ ...‬بَسيط إىل هذه الدرجة‪ ،‬وهو الق ّديس العظيم!»‬

‫«إنّه بسيط ألنّه ق ّديس‪ .‬حسناً‪ ،‬دعوان نفعل هكذا‪ ...‬اي معلّم! ِمن بَعد َ‬
‫إذنك‪ ،‬تعال هنا‬
‫عنك‪ ،‬ورؤيتهم ّإاي َك َمسَّرهتم يف مكاّنم‪ .‬فتعال لِتُعيد إليهم احلركة‬ ‫لِتَ َِ‬
‫جرتح معجزة‪ .‬فهنا أانس يبحثون َ‬
‫والنّطق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 272 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ت لدى مساعه َمن يناديه‪ ،‬يَ َنهض مبتسماً‪ ،‬ويُقبِل إىل ال َكّرامني الذين يَنظُرون‬‫ويسوع‪ ،‬الذي التَـ َف َ‬
‫إليه َمذهولني‪ ،‬لدرجة بَدوا فيها َمذعورين‪.‬‬

‫«السالم لكم‪ .‬هل كنتم تَطلبونين؟ ها أنذا‪ ».‬ويقوم حبركته املعهودة اليت هي فتح ذراعيه وم ّدِها‬
‫إىل األمام قليالً‪ ،‬كما لِيَ ِهب ذاته‪ .‬وُيثو ال َكّرامون ويَبقون صامتني‪.‬‬

‫«ال ُتافوا‪ .‬قولوا يل ماذا تُريدون‪».‬‬

‫دون أن يَنبسوا ببنت َشفة‪َ ،‬مي ّدون سالالً مليئة عنباً‪ .‬وَميتَ ِدح يسوع الثّمار الرائعة قائالً‪« :‬شكراً»‪.‬‬
‫ومي ّد يده ويتناول عنقوداً ويبدأ أبكل حبّاته‪.‬‬

‫شهق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املدعو َجال وهو يَ َ‬
‫«اي هللا تعاىل! إنّه أيكل مثلنا!» يقول ّ‬
‫فحّت يسوع تَرتَ ِسم على شفاهه ابتسامة‬ ‫ِمن غري املمكن عدم الضحك على هكذا َّ ِ‬
‫ردة فعل‪ّ .‬‬
‫أكثر تعبرياً‪ .‬وكأنّه كان يَعتَ ِذر‪ ،‬ويقول‪« :‬أان ابن اإلنسان‪».‬‬

‫حّت‬
‫دخل إىل بيتنا‪ ،‬أقلّه ّ‬ ‫لكن َحَرَكته قد تغلَّبَت على َخ َدرهم االنتشائي‪ .‬ويقول َجال‪« :‬أال تَ ُ‬
‫و ّ‬
‫املساء؟ فنحن كثريوا العدد‪ ،‬حنن سبعة إخوة مع نسائنا وأوالدان‪ ،‬وفوق ذلك‪ ،‬أهلنا ال ُـم ِسنّون الذين‬
‫ينتظرون املوت بسكون‪».‬‬
‫«هيا بنا‪ .‬وأنتم اندوا رفاقكم واحلقوا بنا‪ .‬أُماه‪ ،‬تعايل ِ‬
‫أنت ومرمي‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وهم يَسريون ابحنراف قليل لََِريوه يسري‪ .‬الدرب‬
‫الفالحني الذين َّنَضوا‪ُ ،‬‬
‫لف ّ‬ ‫ويَسري يسوع َخ َ‬
‫ضيّق بني جذوع األشجار املرتابطة‪ ،‬الواحدة ابألخرى‪ ،‬بواسطة ال ُكروم‪.‬‬
‫َ‬
‫صلوا إىل البيت‪ ،‬الذي هو ابحلري بيوت ِع ّدة تُش ِّكل مربّعاً صغرياً‪ ،‬يف وسطه دار‬ ‫ُسرعان ما َو َ‬
‫مشرتكة فيها بئر‪ ،‬ميكن الوصول إليها َع ْرب دهليز طويل‪ ،‬يُغلَق ليالً ابلتأكيد إبقفال بواابت ثقيلة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 273 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للمباركة‪ُ .‬ثّ َخيفضها‬
‫دخل ويَرفَع يده ُ‬
‫«السالم هلذا البيت ولساكنيه‪ ».‬يقول يسوع وهو يَ ُ‬
‫حبب‪ ،‬وهو ُُي ِّدق إليه بنظرة انتشائيّة‪ .‬إنّه ظريف ج ّداً بقميصه الصغري دون‬
‫ل ُمداعبة طفل نصف عار ّ‬
‫ِ‬
‫يتدىل على كتفيه الربيلني‪ ،‬بينما يقف الطفل على قدميه العاريتني وإصبعه يف فمه‪ ،‬ويف‬ ‫أكمام‪ ،‬وهو ّ‬
‫يده الصغرية األخرى كِسرة خبز مبلّلة ابلزيت‪.‬‬

‫خطرهم‪.‬‬ ‫«إنّه داود‪ ،‬ابن أخي الصغري‪ ».‬يشرح َجال‪ ،‬بينما يدخل َكرام آخر إىل أقرب بيت لِي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ّ‬ ‫َ َ‬
‫نس ِحب‪،‬‬ ‫ُث َخيرج منه لِيدخل إىل آخر‪ ،‬وهكذا كل البيوت‪ ،‬جاعالً وجوهاً ِ‬
‫ضر ُثّ تَ َ‬
‫كل األعمار َحت ُ‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫ظل إفريز ابرز‪ ،‬تَقيه تينة عمالقة‪ ،‬هناك عجوز‪ ،‬ع ّكازه يف يده‪ ،‬ال يَرفَع‬ ‫لِ‬
‫ئي‪ .‬ويف ّ‬‫ّ‬ ‫ز‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫ّ‬‫ز‬ ‫ت‬ ‫بعد‬ ‫عود‬‫َ‬‫ت‬
‫يهمه‪.‬‬
‫رأسه‪ ،‬كما لو أ ّن شيئاً مل يكن ّ‬
‫شرح َجال‪« ،‬أحد عجائز البيت‪ .‬ذلك أ ّن زوجة يعقوب كذلك َجلَبَت أابها‬ ‫«هو والدان» يَ َ‬
‫الذي أصبَح وحيداً إىل هنا‪ُ .‬ثّ هناك ج ّدة ليا‪ ،‬الزوجة األصغر سنّاً‪ .‬ووالِدان أعمى‪ .‬لقد تَ َّ‬
‫شكلَت َوَدقةٌ‬ ‫َ‬
‫( ُكتلة) على حدقتيه‪َ .‬كم ِمن الشمس على احلقول! وَكم ِمن احلَّر على األرض! ووالدان املسكني حزين‬
‫ج ّداً‪ ،‬ولكنّه طيّب ج ّداً‪ .‬وهو يف هذه اآلونة ينتظر أحفاده‪ ،‬أل ّّنم فَـَرحه الوحيد‪».‬‬

‫كك هللا اي أبتاه‪».‬‬


‫يتوجه يسوع إىل العجوز‪« :‬ابر َ‬
‫ّ‬
‫كتك‪ُُ ».‬ييب العجوز رافعاً رأسه صوب الصوت‪.‬‬ ‫« ّأايً تكون‪ ،‬فَليُعِد هللا َ‬
‫إليك بر َ‬
‫مصريك مؤِمل‪ ،‬أليس كذلك؟» يَسأل يسوع بلطف‪ ،‬ويُشري إىل عدم اإلفصاح َع َّمن يتكلّم‪.‬‬
‫« َ‬

‫علي‬
‫لت اخلري من هللا‪ّ ،‬‬
‫« ّإّنا مشيئة هللا‪ ،‬بَعد َخري كثري أعطانيه يف حيايت الطويلة‪ .‬ف َكما تقبَّ ُ‬
‫أبدايً‪ ،‬فسينتهي على صدر ابراهيم‪».‬‬‫كذلك تَقبُّل ُمصيبة نَظَري‪ .‬وهو‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬ليس ّ‬
‫نفسك عمياء‪».‬‬
‫َ‬ ‫ومصريك كان أسوأ لو َّ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫ك ُّتيد التَّحدُّث‪.‬‬
‫«إنّ َ‬
‫لت أُحا ِول احملافظة على بَصرية نفسي فاعلة‪».‬‬
‫لت‪ ،‬وما ز ُ‬
‫«لقد حاو ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 274 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فعلت؟»‬
‫«ماذا َ‬
‫صوتك ينبئين بذلك‪َّ .‬إّنا َأولست ِمثل شباب هذه األايم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ك شاب؛‬ ‫أنت‪ ،‬اي َمن تتكلّم‪ ،‬إنَّ َ‬
‫« َ‬
‫أوصى به هللا‪.‬‬ ‫ما‬ ‫عل‬ ‫ألّنم بِال ِدين؟ يف احلقيقة مصيبة عظيمة هو عدم اإلميان‪ ،‬وعدم فِ‬ ‫العُميان كلّهم‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أِهلت الشريعة فسوف تُصبِح أعمى على األرض ويف‬ ‫أنت إذا ما َ‬ ‫لك ذلك عجوز هو‪ .‬و َ‬ ‫ومن يقول َ‬ ‫َ‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬سيأيت اليوم الذي فيه يَفتَح ماسيّا الفادي أبواب هللا‪.‬‬ ‫احلياة األخرى‪ .‬ولن ترى هللا‪ .‬إذ‪ّ ،‬‬
‫إنّين عجوز‪ ،‬وقد ال أرى ذلك اليوم على األرض‪ ،‬ولكنّين سوف أراه ِمن حضن ابراهيم‪ .‬وإنّين كذلك‬
‫ال أشتكي ِمن شيء‪ ،‬ذلك أنّين أرجو أن أُس ِّدد هبذه الظُّلمة َمثَن إساءايت ّتاه هللا‪ ،‬وأن أستح ّقه للحياة‬
‫ك شاب‪ُ .‬كن مؤمناً اي بين‪ ،‬لتتم ّكن ِمن رؤية ماسيّا‪ ،‬فالوقت قريب‪ .‬هذا ما قاله‬ ‫أنت‪ ،‬فإنّ َ‬
‫األبديّة‪ّ .‬أما َ‬
‫َّث عنهم اشعيا‪ .‬ستكون‬ ‫نفسك عمياء‪ ،‬فستكون كالذين حتد َ‬ ‫َ‬ ‫املعمدان‪ .‬وسوف تَراه‪ّ .‬أما إذا كانت‬
‫لك عينان وال تَرى‪».‬‬
‫َ‬
‫تود رؤيته أيّها األب؟» يَسأله يسوع وهو يَضع يده على رأسه األبيض‪.‬‬
‫«هل ّ‬
‫ُفضل الذهاب دون رؤيته‪ ،‬على أن أراه وأرى أبنائي وقد‬‫أود رؤيته‪ .‬نعم‪ .‬ولكنّين‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬أ ِّ‬
‫« ُّ‬
‫وهم‪ ...‬آه! عا َمل اليوم!‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫لدي اإلميان القدمي‪ ،‬وهو يكفيين‪ُ .‬‬
‫فَشلوا يف التَّعرف عليه‪ .‬فأان ما زال ّ‬
‫ميرر يسوع يده يف الشعر‬ ‫«أيها األب‪ِ ،‬‬
‫مساؤك مكلّالً ابلفرح‪ ».‬و ّ‬
‫َ‬ ‫شاهد إذن املسيح‪ ،‬وليكن‬ ‫ّ‬
‫وحّت ذقن وحلية العجوز ليالطفه‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪ ،‬ينحين ليكون على مستوى‬
‫األبيض وعلى اجلبهة‪ّ ،‬‬
‫وجه اهلَِرم‪.‬‬

‫الرب تعاىل! ولكنّين أرى! أرى‪َ ...‬من تكون اي ذا الوجه اجملهول‪ ،‬إّّنا املألوف‪ ،‬كما‬
‫«آه! أيّها ّ‬
‫فأنت ماسيّا‬ ‫ِ‬ ‫لو أنّين ر َ ِ‬
‫أعدت يل نَظَري‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أنت َمن‬
‫أيتك من قبل؟‪ ...‬ولكن!‪ ...‬آه! اي يل من أبله! َ‬
‫ثماً ودموعاً‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬
‫ك هبما‪ُ ،‬مفعماً ّإايِها لَ َ‬‫أمس َ‬
‫املبارك! آه! آه!» ويبكي العجوز على يدي يسوع اللذين َ‬
‫بدا التأثُّر على َذويه كلّهم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 275 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتعرف على كلميت‬ ‫حّت‬ ‫تعال‬ ‫أان‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫نعم‪،‬‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ً‬‫ال‬ ‫قائ‬ ‫العجوز‬ ‫ف‬ ‫ُُيرر يسوع إحدى يديه‪ ،‬وي ِ‬
‫الط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ويتوجه صوب ُسلّم يُفضي إىل ُشرفة تُظلّلها تعريشة كثيفة تغطّيها ابلكامل‪.‬‬‫عالوة على وجهي‪ّ ».‬‬
‫ويتبعه اجلميع‪.‬‬

‫وعدت تالميذي ابحلديث عن الرجاء‪ ،‬وشرح َمثَل‪ .‬وال َـمثَل هو هذا العجوز‬ ‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫« ُ‬
‫يلي‪ ،‬الذي َج َعلَين اآلب السماوي أستَخلِص منه املوضوع‪ ،‬لتعليمكم َجيعاً الفضيلة العُظمى‬ ‫اإلسرائ ّ‬
‫السجني)‪.‬‬
‫سغي َّ‬ ‫ر‬ ‫أو‬ ‫لي‬ ‫اليت تُثبِت اإلميان واحملبة‪ ،‬كذراعي نري (احللَقتان احلديديتان اللّتان تقيِدان ِ‬
‫كاح‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فعم لُطفاً ولِيناً‪ِ .‬مشبك اإلنسانيّة‪َ ،‬ك ِذراع الصليب املعرتض‪َ ،‬عرش اجملد‪َ ،‬ك َدعامة‬ ‫ِ‬
‫إّّنا هو نري ُم َ‬
‫حراً‪،‬‬ ‫النور‬ ‫يف‬ ‫حتليقها‬ ‫ُيعل‬ ‫الذي‬ ‫س‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ـ‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫سر‬‫ج‬‫املنتصبة يف الربية‪ِ .‬مشبك اإلنسانية‪ِ .‬‬
‫احلية السالمية ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التامة للغاية‪ ،‬إذ ال ميكن أن يكون لإلميان وجود‬ ‫وهي يف الوسط‪ ،‬بني اإلميان الذي ال ب ّد منه‪ ،‬واحملبّة ّ‬
‫دون الرجاء‪ ،‬وبدون الرجاء متوت احملبّة‪.‬‬

‫فعماً يقيناً‪ .‬كيف الوصول إىل هللا ابإلميان إذا مل نكن أنمل ونرجو‬ ‫فرتض ُمسبقاً رجاء ُم َ‬‫اإلميان يَ َِ‬
‫صالحه؟ كيف ميكن إُياد نقطة استناد يف احلياة‪ ،‬إذا مل يكن رجاء أببديّة؟ كيف ميكن املثابرة يف‬
‫كل عمل ِمن أعمالنا الصاحلة يراه هللا ويُكافئنا عليه؟‬ ‫الرجاء أب ّن ّ‬
‫االستقامة إذا مل يكن ما ُُيّرك املرء هو ّ‬
‫وابلطريقة ذاهتا‪ ،‬كيف ميكن للمرء أن يعيش احملبّة إذا مل يكن فيه الرجاء؟ فالرجاء يَسبق احملبّة ويهيّئها‪.‬‬
‫السلّم املصنوع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عودون ُيبّون‪ .‬ذاك هو ُ‬ ‫احلب‪ .‬فاليائسون ال يَ ُ‬
‫الرجاء ليتم ّكن من ّ‬ ‫واإلنسان ُيتاج إىل ّ‬
‫يتم الصعود إليها‬ ‫اليت‬ ‫ة‬ ‫احملب‬ ‫بع‬‫رت‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫القم‬ ‫ويف‬ ‫ائم‪،‬‬
‫و‬ ‫الق‬ ‫الرجاء‬
‫و‬ ‫َّرجات‪،‬‬ ‫الد‬ ‫هو‬ ‫اإلميان‬ ‫جات‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ود‬ ‫ائم‬‫و‬‫ق‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بواسطة اإلثنني اآلخرين‪ .‬فاإلنسان يرجو كي يؤمن‪ ،‬ويؤمن كي ّ‬
‫حيب‪.‬‬

‫كل اآلخرين‪ّ .‬نا مع التعاليم‬ ‫ف أن يرجو‪ .‬منذ والدته‪ ،‬كان طفالً إلسرائيل مثل ّ‬ ‫هذا الرجل َعَر َ‬
‫كل اآلخرين‪ .‬وقد أصبَ َح رجالً ُثّ زوجاً فأابً فعجوزاً‪،‬‬
‫ذاهتا اليت رافَـ َقت اآلخرين‪ .‬أصبَ َح ابناً للشريعة مثل ّ‬
‫ورد َدها األنبياء‪ .‬ويف شيخوخته َهبَطَت الظّالل على‬ ‫راجياً على الدوام الوعود اليت قَطَ َعها األحبار َّ‬
‫متأججاً فيه‪ .‬الرجاء برؤية هللا‪ ،‬رؤية هللا يف احلياة األُخرى‪ .‬ويف‬
‫وظل الرجاء ّ‬ ‫قرنيّتيه‪ ،‬إّّنا ليس يف قلبه‪ّ .‬‬
‫ودي أكثر‪ ،‬وعزيز على قلبه أكثر‪" :‬رؤية ماسيّا"‪ .‬وقد قال يل‪ ،‬دون‬ ‫رجاء تلك الرؤية األبديّة‪ ،‬رجاء ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 276 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫معرفته الشاب الذي كان ُُي ّدثه‪" :‬إذا ُتلَّ َ‬
‫يت عن الشريعة‪ ،‬فستكون أعمى على األرض ويف السماء‪.‬‬
‫تتعرف على ماسيّا"‪.‬‬ ‫فلن تَرى هللا ولن ّ‬
‫التمرد على‬
‫الرجاء‪ ،‬أل ّن ّ‬ ‫َّث حبكمة‪ .‬فكثريون يف إسرائيل ُهم اآلن عميان‪ .‬ليس لديهم ّ‬ ‫لقد حتد َ‬
‫ُتفى حتت ِزينات قدسيّة‪ ،‬إذا مل يكن قبوالً ّ‬
‫اتماً‬ ‫حّت لو َّ‬
‫مترداً دائماً‪ّ ،‬‬
‫التمرد يبقى ّ‬
‫الشريعة قَـتَـلَه فيهم‪ .‬و ّ‬
‫لست أتكلّم عن البُنيات الفوقيّة (الشرائع واألحكام َّ‬
‫املعقدة) اليت‬ ‫لكلمة هللا‪ ، ،‬أقول كلمة هللا‪ ،‬فأان ُ‬
‫حّت ِمن قِبَل أولئك الذين‬ ‫َنسنة‪ ،‬هي مهملة ّ‬ ‫هي من صنع اإلنسان‪ ،‬واليت لكثرهتا‪ ،‬وإغراقها يف األ َ‬
‫ِ‬
‫ابلقوة وإبّناك وبشكل َعقيم ِمن قِبَل اآلخرين‪َ .‬مل يـَعُد لديهم رجاء‪ ،‬بَل‬
‫آيل‪ّ ،‬‬‫ضعوها‪ ،‬ومتّبعة بشكل ّ‬ ‫َو َ‬
‫اإلهلي ال ُـملقى على عاتق‬ ‫ري‬‫هم يسخرون من احلقائق األزلية‪ ،‬فلم يـعد لديهم إذن إميان وال ُمبة‪ .‬النِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫الشر‪،‬‬ ‫ثعابني‬ ‫ن‬ ‫اإلنسان لِيطيع ويكافأ‪ ،‬الصليب السماوي الذي وهبه هللا لإلنسان حلمايته ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واستخالص اجملد منه‪ ،‬قد فَـ َق َد ذراعه العرضيّة‪ ،‬اليت كانت َحتمل الشُّعلة البيضاء والشُّعلة احلمراء‪:‬‬
‫وخيَّ َمت الظلمات يف قلوهبم‪.‬‬
‫اإلميان واحملبّة‪َ .‬‬
‫"إّنا لَ ُمصيبة عظيمة عدم اإلميان وعدم القيام مبا أوصى به هللا"‪.‬‬
‫قال يل العجوز‪ّ :‬‬

‫ي الذي ما زال شفاؤه ممكناً‪ ،‬لِيَمنَح‬


‫املاد ّ‬
‫العمى ّ‬
‫ِ‬
‫وهي احلقيقة‪ .‬أؤّكد لكم ذلك‪ .‬إنّه أسوأ من َ‬
‫مستقيم القلب فَـَرح رؤية الشمس ِمن جديد‪ ،‬ورؤية احلقول ومثار األرض ووجوه األوالد واألحفاد‪،‬‬
‫أود لو أ ّن فضيلة كهذه تكون حيّة فاعلة‬‫الرب"‪ُّ .‬‬
‫كل ذلك‪ ،‬ما كان أمل رجائه‪" :‬رؤية مسيح ّ‬ ‫وفوق ّ‬
‫املثقفني يف الشريعة أكثر من سواهم‪ .‬فال يكفي الذهاب‬‫خاصة لدى أولئك َّ‬ ‫يف نـَ ْفس إسرائيل كلّها‪ّ ،‬‬
‫الكتاب عن ظَهر قَلب؛ بل ُيب أن نَصنَع من ذلك حياة‬ ‫إىل اهليكل‪ ،‬ال يكفي أن ُُي َفظ كالم ِ‬
‫حياتنا‪ ،‬بواسطة الفضائل اإلهليّة الثالث‪.‬‬

‫حّت املصيبة‪ .‬إذ إ ّن نِري هللا‬


‫سهل َحت ُّمل ك ّل شيء‪ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لديكم مثال‪ :‬حيث توجد الفضائل فَاعلة‪ ،‬يَ ُ‬
‫نِري خفيف هو على الدوام‪ ،‬وثِقله على اجلسد فقط‪ ،‬وال يصيب الروح‪ .‬امضوا بسالم‪ ،‬أنتم اي َمن‬
‫فأنت على‬‫ك هللا‪َ ،‬‬ ‫تُقيمون يف بيت اإلسرائيليّني الصاحلني هذا‪ِ .‬‬
‫امض بسالم أيّها األب العجوز‪ .‬وليحبّ َ‬
‫ضع احلكمة يف قلب الصغار الذين ِمن َ‬
‫دمك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يقني من ذلك‪ .‬اختُم ّنار االستقامة أبن تَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 277 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن بركيت تُقيم يف هذه اجلُّدران‪ ،‬الغنيّة ابلنِّ َعم مثل عناقيد تلك الكرمة‪».‬‬
‫ال ميكنين املكوث‪ ،‬و ّ‬
‫كل األعمار‪،‬‬ ‫ن‬ ‫يود يسوع الذهاب‪ ،‬ولكنّه يضطر للبقاء ريثما يتعرف على تلك العشرية ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت أصبَ َحت حقائب السفر بطينة (منتفخة) مثل ال ُقَرب‪...‬‬ ‫ودون إعطاءه ّإايه‪ّ ،‬‬ ‫كل ما يَ ّ‬
‫ويتل ّقى ّ‬
‫الكرامون الذين ال‬ ‫ِ‬
‫صرة بني الكروم‪ ،‬يشري إليها ّ‬ ‫يتم ّكن بعد ذلك من معاودة املسري َع ْرب طريق ُُمتَ َ‬
‫حّت بلوغ الطريق الرئيسيّة الظاهرة اآلن يف بلدة ميكن ليسوع وأتباعه املبيت فيها‪.‬‬‫يرتكونه ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 278 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -120‬يسوع َميضي إىل الكرمل مع يعقوب بن حلفا)‬

‫‪1945 / 08 / 19‬‬

‫«بَ ِّشروا يف مرج بن عامر ريثما أعود إليكم» يُوصي يسوع ُر ُسله‪ ،‬يف أثناء صبيحة صافية‪،‬‬
‫الزاد‪ِ :‬من خبز وفاكهة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫على مشارف كيسان‪ ،‬بينما ُهم يتناولون بعضاً من ّ‬
‫يشجعهم ويَرسم هلم خطّاً يَتبعونه يف طريقة‬ ‫الرسل ليسوا ِ‬
‫لكن يسوع ّ‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ري‬ ‫كث‬ ‫سني‬ ‫متحم‬
‫ّ‬ ‫يبدو أ ّن ُّ ُ‬
‫فالحي‬ ‫اصح النَّصوح‪ .‬أمضوا إىل ّ‬ ‫وخيتم قوله‪« :‬ومع ذلك فإ ّن أُمي معكم‪ .‬ستكون لكم النّ ِ‬ ‫تصرفهم‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فالحي دوراس أثناء السبت‪ .‬ق ِّدموا هلم العون‪ ،‬وش ِّددوا عزمية َج ّد‬ ‫اعملوا على أن تتح ّدثوا إىل ّ‬
‫جيوقاان‪َ ،‬‬
‫كل‬
‫املظال‪ .‬أعطوا كثرياً‪ّ ،‬‬
‫الولَد‪ ،‬وقولوا له إنّنا سوف َجنلبه إليه يف عيد ّ‬ ‫مارغزايم بنقلكم إليه آخر أخبار َ‬
‫كل ما لدينا ِمن‬ ‫كل العطف الذي يف داخلكم‪ّ ،‬‬ ‫كل ما تَعرفون‪ّ ،‬‬ ‫لكل أولئك املساكني‪ّ ،‬‬ ‫ما لديكم‪ّ ،‬‬
‫حّت ولو مل أنكل سوى اخلبز والفاكهة‪ .‬وإذا‬ ‫مال‪ .‬ال ُتافوا‪ .‬فكما َخي ُرج يعود‪ .‬لن ّنوت جوعاً أبداً‪ّ ،‬‬
‫وابألخص إذا ما رأيتم‬
‫ّ‬ ‫حّت ثيايب‪ ،‬بل ثيايب يف الطّليعة‪ .‬لن نعرى أبداً‪.‬‬
‫ما رأيتم عُراة فأعطوهم الثياب‪ّ ،‬‬
‫ُيق لكم ذلك‪ .‬وداعاً أ ُّمي‪ .‬وليبارككم هللا َجيعاً بفمي‪ .‬أمضوا‬ ‫عين‪ ،‬فال حتتقروهم‪ .‬ال ّ‬ ‫ويالت تبحث ّ‬
‫بكل أمان‪ .‬تعال اي يعقوب‪».‬‬ ‫ّ‬
‫هم ابلسري دون أخذها‪.‬‬
‫حقيبتك؟» يَسأل توما وهو يرى املعلّم يَ ّ‬
‫َ‬ ‫حّت‬
‫«أال أتخذ ّ‬
‫حريّة يف املسري‪».‬‬
‫«ال حاجة إىل ذلك‪ .‬هكذا أكون أكثر ّ‬
‫وكذلك يعقوب يرتك حقيبته‪ ،‬رغم استعجال أ ُّمه يف َملئها ابخلبز واجلنب والفاكهة‪َ .‬ميضيان‬
‫املؤدية إىل الكرمل‪،‬‬
‫صالن إىل مشارف املنحدرات ّ‬ ‫متتبِعني مرتَفع كيسان‪ ،‬لبعض الوقت‪ُ ،‬ث حني ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫يَغيبَان عن أنظار الباقني‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 279 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يقر بطرس بتواضع‪.‬‬ ‫»‬‫بشيء‪.‬‬ ‫ين‬
‫ر‬ ‫جدي‬ ‫غري‬ ‫نا‪...‬‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫ودينا‬‫ق‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫«أيتها األُم‪ ،‬حنن بني ِ‬
‫يديك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبتسم مرمي ابتسامة واثقة وتقول‪« :‬األمر بسيط ج ّداً‪ ،‬ليس لكم سوى أن تطيعوا أوامره‪ ،‬وك ّل‬
‫شيء سيسري على ما يرام‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬

‫عمه يعقوب وال يتكلّم‪ ،‬وكذلك اآلخر ال يتكلّم‪ .‬يرّكز يسوع تفكريه؛ ّأما‬ ‫صعد يسوع مع ابن ّ‬ ‫يَ َ‬
‫ب جليل‪ ،‬خشية روحيّة‪ ،‬وينظر‬ ‫ّتل‪ ،‬وقد استوىل عليه ُح ّ‬ ‫يعقوب الذي يَشعُر بنفسه أنّه على عتبة ٍّ‬
‫بني احلني واحلني إىل يسوع الذي ترتسم ابتسامة ّنرية على ُميّاه ال َـمهيب‪ .‬ينظر إليه كما إىل هللا غري‬
‫بكل عظمته‪ ،‬ووجهه الذي يشبه إىل ح ّد بعيد وجه الق ّديس يوسف‪ ،‬واألمسر‬ ‫املتجسد‪ ،‬وال ُـمشرق ّ‬
‫ّ‬
‫مرة على خ ّديه‪ ،‬والذي يَشحب ِمن ش ّدة أتثّره‪ .‬ولكنّه ما يزال ُيرتم صمت‬ ‫ّ‬ ‫احل‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫بشكل ال خيلو ِ‬
‫م‬
‫يسوع‪.‬‬

‫الرعاة الذين يَرعون قطعاّنم‬


‫بصران ُّ‬ ‫كأّنما مل يكوان ي ِ‬
‫ُمتصرة‪ ،‬و ّ‬
‫َ ُ‬ ‫صعدان‪َ ،‬ع ْرب دروب َ‬‫ال يزاالن يَ َ‬
‫يف املراعي اخلضراء حتت غاابت السنداين األخضر‪ ،‬والبلّوط والدردار وأشجار أخرى ِ‬
‫ابسقة‪ ،‬ومعطفاِها‬
‫الزمرد‬ ‫ي ِ‬
‫الوزال الذهبية‪ ،‬أو طاقات اآلس بلون ّ‬ ‫الضاربة اىل الزرقة‪ ،‬وأدغال ّ‬
‫المسان أدغال العرعر اخلضراء ّ‬ ‫ُ‬
‫الرب املزهر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املتحركة‪ ،‬أو ايمسني ّ‬
‫وقد نُثَرت عليها الآليلء‪ ،‬أو حواجز زهر العسل ّ‬
‫قمة اجلبل‪،‬‬ ‫التعب‪،‬‬ ‫ف‬‫تعر‬ ‫ال‬ ‫مسرية‬ ‫بعد‬ ‫بلغا‪،‬‬‫ي‬ ‫حّت‬ ‫ابني‬‫ّ‬‫ط‬ ‫احل‬ ‫و‬ ‫عاة‬‫الر‬
‫ُّ‬ ‫اءِها‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫فني‬ ‫يصعدان ُُملِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫قمة مكلَّلة أبشجار البلّوط العمالق‪ُ ،‬ي ّده نَ َسق ِمن األشجار‬ ‫ِ‬
‫ابحلري مسطّحاً صغرياً ُمستَنداً إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو‬
‫املنح َدر األخرى‪ ،‬حبيث يبدو املرج الصغري وكأنّه يَستَنِد إىل‬
‫الباسقة اليت تتّكيء على قمم أشجار َ‬
‫تلك الدعامة ذات احلفيف‪ ،‬معزوالً عن بقيّة اجلبل الذي َُيجب اإليراق الذي يف األسفل رؤيته‪،‬‬
‫وكذلك أنف اجلبل من اخللف‪ ،‬الذي يُطلِق أشجاره حنو السماء‪ ،‬ويف األعلى تنكشف السماء‪ ،‬ويف‬
‫حمّر عند الغَ َسق‪ ،‬واملتوقّد عند البحر امللت ِهب‪ .‬ثَلم يف األرض ال يته ّدم‪،‬‬ ‫املقابل ينكشف األُفق ال ُـم َ‬
‫كماشة‪ّ ،‬تعله يتماسك‪ ،‬وهو مفتوح‬ ‫ي‬‫ك‬‫ّ‬ ‫ف‬ ‫بني‬ ‫كما‬ ‫به‬ ‫ك‬ ‫س‬‫فقط أل ّن جذور البلّوط العمالق اليت ُمت ِ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 280 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سمح فقط مبرور رجل غري بدين‪ .‬دغل ُمنتَ ِفش يبدو استمراراً له وهو ميت ّد أفقيّاً‬
‫يف ال َـمسلَك‪ ،‬بعرض يَ َ‬
‫بدءاً ِمن حرف ال َـمسلَك‪.‬‬

‫وك‬
‫يقول يسوع‪« :‬يعقوب‪ ،‬اي أخي‪ ،‬سنمكث هذه الليلة هنا‪ ،‬ورغم تعب اجلسد املضين‪ ،‬أرج َ‬
‫حّت مثل هذه الساعة‪ .‬فيوم كامل ليس كثرياً مقابل‬
‫أن ُمتضي الليل ابلصالة‪ ،‬الليل وطوال يوم غد ّ‬
‫إعطاءك ّإايه‪».‬‬
‫َ‬ ‫تَل ّقي ما أبغي‬

‫شحب‬
‫أنت على الدوام‪ُُ ».‬ييب يعقوب الذي يَ َ‬
‫ريب ومعلّمي‪ ،‬إنّين أعمل ما تريده َ‬
‫«اي يسوع‪ّ ،‬‬
‫شرع يسوع ابلكالم‪.‬‬
‫أكثر عندما يَ َ‬
‫«أعلَم‪ .‬هيّا بنا اآلن نقطف التوت واآلس ِمن أجل َمعِدتنا‪ ،‬ونقصد نبعاً َِمسعتُهُ يف األسفل‪ .‬دع‬
‫معطفك يف الكهف‪ ،‬فلن أيخذه أحد‪».‬‬ ‫َ‬ ‫إذن‬

‫الربية ِمن ال ّدغل أسفل الغابة‪ُ ،‬ثّ‪ ،‬على‬


‫عمه حول ال َـمسلَك وِها يَقطفان الثمار ّ‬‫ويدور مع ابن ّ‬
‫بعد بضعة أمتار إىل األسفل‪ ،‬يف اجلهة املقابلة للطريق اليت َسلَكاها يف الصعود‪ ،‬ميآلن َمطَرتيهما‪،‬‬
‫يصب يف َكدس ِمن اجلذور‪ ،‬ويغتسالن‬ ‫الشيء الوحيد الذي َمحَاله معهما إىل النبع الثراثر الذي ّ‬
‫لينتَعِشا ُ ِ‬
‫الصعود إىل مسطّحهما‪،‬‬‫احلر اليت ما تزال شديدة‪ ،‬رغم االرتفاع‪ُ .‬ثّ يُعا ِودان ّ‬
‫وخي ّففا من وطأة ّ‬
‫أشعة الشمس اليت ستختفي عند الغرب‪ ،‬أيكالن ما‬ ‫القمة املتسربِلة ّ‬
‫اجلو أمحر ابلكامل على ّ‬‫وبينما ّ‬
‫شرابن أيضاً وِها يبتسمان لبعضهما كطفلني سعيدين أو كمالكني‪ .‬القليل من الكالم‪:‬‬ ‫ََجَعاه ويَ َ‬
‫األمني‪ ...‬ال شيء‬ ‫ِ‬
‫إستذكار الذين ظلّوا يف السهل‪ ،‬صرخة إعجاب جبمال اليوم الفائق‪ ،‬ذكر اسم ّ‬
‫أكثر‪.‬‬

‫عمه إليه‪ ،‬وهذا أيخذ وضعيّة يوحنّا االعتياديّة‪ ،‬رأسه ُمستَنِد إىل أعلى صدر‬‫ُُثّ يش ّد يسوع ابن ّ‬
‫ويظالن هكذا بينما يَهبط املساء وسط زقزقة‬‫عمه‪ّ ،‬‬ ‫يسوع‪ ،‬يد مرتوكة على ركبتيه واألخرى يف يد ابن ّ‬
‫هائلة من العصافري العائدة إىل األوراق‪ ،‬ورنني أجراس تبتعد وتصبح غري مميّزة‪ ،‬وصوت نسيم عليل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يداعب القمم ويُنعشها ابعثاً فيها احلياة بعد حرارة النهار اجلهنّميّة‪ِّ ،‬‬
‫ممهداً للندى‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 281 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أي وقت‬ ‫من‬ ‫أكثر‬ ‫الن‬ ‫يظالّن هكذا طويالً‪ ،‬وأظنّه ليس سوى صمت ِشفاه‪ ،‬بينما الروحان ِ‬
‫فاع‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫آخر‪ ،‬وتتبادالن حوارات فائقة الطبيعة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 282 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪"( -121‬على املرء أن يكون حبّه كامالً ليكون قائداً بقداسة")‬

‫‪1945 / 08 / 20‬‬

‫الساعة نفسها إّّنا يف اليوم التايل‪.‬‬

‫المس‬‫يعقوب الذي َمل يـزل يف خلوته على منحدر اجلبل‪ ،‬وهو متق ِّفص ورأسه منح ٍن حّت يكاد ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫لست على‬‫أتمل عميق‪ ،‬أو إنَّه ينام‪ُ .‬‬ ‫غرق يف ُّ‬ ‫ركبتيه املرتفعتَني اللتني يُبقي عليهما هكذا بذراعيه‪ ،‬يَ َ‬
‫انشبة بني طائَِرين كبريين‪ُ ،‬‬
‫وِها‬ ‫يقني‪ .‬أما ما هو أكيد فهو أنّه ال ُيس مبا ُيري حوله‪ ،‬أي مبعركة ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضراوة يف املرج الصغري‪ .‬أظنُّهما دي َك ّي َجبَل أو دي َك ّي اخللنج أو‬‫خاص هبما يتعاركان بِ َ‬
‫ّ‬ ‫لسبب ما‬
‫كل األلوان‪ ،‬إّّنا ليس هلما عُرف‪ ،‬بل‬ ‫فيت‪ ،‬ويف ريشهما ّ‬ ‫تدرجني ‪ Faisans‬إذ ّإّنما يف ضخامة ديك ّ‬
‫قمة الرأس وعلى اخل ّدين‪ ،‬وأؤّكد لكم أنّه وإن يكن الرأس‬ ‫ِ‬
‫َمرد قبّعة من اجلّلد األمحر كاملرجان على ّ‬ ‫ّ‬
‫ص َخب‬ ‫الفوالذي‪ .‬الريش يتطاير يف اهلواء والدم يسيل على األرض يف َ‬ ‫ّ‬ ‫صغرياً‪ ،‬فإ ّن املنقار كاملسمار‬
‫الصافرات ورجرجات األصوات على أغصان األشجار‪ .‬فقد يكون العصافري‬ ‫ِ‬
‫الزقزقات و ّ‬‫عنيف يُسكت ّ‬
‫املبارزة الوحشيّة…‬ ‫ِ‬
‫يُراقبون َ‬
‫القمة حيث كان قد‬ ‫ِ‬
‫سمع ويَنـزل من ّ‬ ‫سمع شيئاً‪ ،‬بينما يسوع‪ ،‬على العكس‪ ،‬يَ َ‬ ‫يعقوب ال يَ َ‬
‫يفران والدماء تسيل منهما‪ ،‬الواحد صوب املنحدر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومص ّفقاً بيديه‪ ،‬يُبعد املتقاتلَني اللذين ّ‬
‫صعد‪ُ ،‬‬‫َ‬
‫حّت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قمة شجرة بلّوط‪ ،‬وهناك يُعيد ترتيب ريشه املنتفش واملختلط‪ .‬ال يرفع يعقوب رأسه‪ّ ،‬‬ ‫واآلخر إىل ّ‬
‫للصوت الذي ُُْي ِدثُه‪ ،‬يسوع الذي‪ ،‬وهو يبتسم‪ ،‬يسري بضعة خطوات أخرى‪ ،‬ويتوقّف وسط املرج‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫تلون ابألمحر من اجلهة اليت يبدو فيها الغَ َسق غارقاً يف ُمحّرة شديدة‪ّ ،‬‬
‫الصغري‪ .‬ويبدو وكأ ّن ثوبه قد َّ‬
‫لَتَحسب السماء تشتعل‪ .‬ومع ذلك فيعقوب حتماً ال ينام‪ ،‬إذ ما أن يَهمس يسوع‪ ،‬ابلضبط يَهمس‪:‬‬
‫ويفك تشابُك ذراعيه‪ ،‬ويَ َنهض وَميضي إىل‬‫حّت يرفَع رأسه املستَنِد إىل ركبتيه ّ‬‫«يعقوب تعال هنا»‪ّ ،‬‬
‫يسوع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 283 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جاداً‪ ،‬ومع‬ ‫ِ‬
‫يَقف يف مواجهته‪ ،‬على مسافة خطوتني‪ ،‬ويَنظُر إليه‪ .‬ويسوع كذلك يَنظُر إليه‪ّ ،‬‬
‫شجع يعقوب اببتسامة ليست ِمن الشفاه وال ِمن العينني‪ ،‬ومع ذلك فهي واضحة جليّة‪ُ .‬ميعِن‬ ‫ِ‬
‫ذلك يُ ّ‬
‫أدق تفاصيل ردود الفعل والتأثّرات لدى ابن عمه ورسوله الذي‪،‬‬
‫النَّظَر إليه كما لو أنّه كان يريد قراءة ّ‬
‫ّتل‪ ،‬يَشحب لونه‪ ،‬ويزداد شحوبه لدرجة أ ّن لون وجهه يُصبِح بلون‬
‫ُيس أنّه على َعتَـبَة ٍّ‬
‫كاألمس‪ ،‬إذ ّ‬
‫ويستمر هكذا بذراعيه‬
‫ّ‬ ‫ثوبه الكتّاين عندما يرفع يسوع ذراعيه ويضع يديه على كتفي يعقوب‪،‬‬
‫حبق‪ .‬ال يُ ّلون وجهه املتنبّه سوى عينيه الناعمتني‬
‫املمدودتني‪ .‬حينئذ يبدو يعقوب وكأنّه أُضحية ّ‬
‫الكستناويّتني الداكنتني وحليته البنّـيّة‪.‬‬

‫ثك بعد ساعات ِمن الصالة‬


‫أردتك هنا لنكون وحدان فأح ّد َ‬
‫«يعقوب‪ ،‬اي أخي‪ ،‬هل تَعلَم ملاذا َ‬
‫التأمل؟»‬
‫و ّ‬
‫يبدو أ ّن يعقوب املتأثّر ج ّداً َُِيد صعوبة يف اإلجابة‪ ،‬ولكنّه يف النهاية يَفتَح شفتيه لِيُجيب‬
‫خاصاً؛ أو ِمن أجل املستقبل‪ ،‬أو ألنّين أقلّهم جدارة وأهليّة‪.‬‬
‫بصوت منخفض‪« :‬لتمنَحين تثقيفاً ّ‬
‫كنت بطيئاً‬ ‫أشكرك منذ اآلن‪ ،‬حّت ولو كان ذلك ِمن أجل مالمة‪ .‬إّّنا ِ‬
‫وريب‪ :‬إذا ما ُ‬
‫ص ّدقين اي معلّمي ّ‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وغري جدير‪ ،‬فإّّنا ذلك بسبب افتقاري للوسائل‪ ،‬وليس بسبب نقص يف العزمية‪».‬‬

‫«ليست َمالمة‪ ،‬بل تَعليماً‪ ،‬نعم‪ِ ،‬من أجل الزمن الذي ال أعود فيه معكم‪ .‬خالل األشهر‬
‫وعدتك ابجمليء‬
‫َ‬ ‫لك يوماً‪ ،‬يف أسفل هذا اجلبل‪ .‬وعندما‬ ‫قلبك كثرياً مبا قُلتُهُ َ‬
‫رت يف َ‬ ‫كنت قد َّ‬
‫فك َ‬ ‫األخرية َ‬
‫معك‪ ،‬مل يكن فقط للحديث عن ايليّا النيب‪ ،‬وال ِمن أجل النَّظَر ِمن هنا إىل البحر الذي يتألأل‬ ‫هنا َ‬
‫وخؤون أكثر ِمن هذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثك عن َحبر آخر‪ ،‬أكرب من هذا‪ ،‬حبر متب ّدل َ‬ ‫يف الالّناية‪ ،‬إّّنا ِمن أجل أن أُح ّد َ‬
‫البحر‪ ،‬الذي يبدو اليوم أكثر سكوانً ِمن بِركة‪ ،‬والذي ميكن‪ ،‬ويف غضون ساعات‪ ،‬أن يبدأ اببتالع‬
‫لك آنذاك‪ ،‬فِكرة أ ّن اجمليء إىل هنا له‬ ‫ِ‬
‫تبارحك الفكرة اليت قلتُها َ‬
‫َ‬ ‫املراكب والناس يف جوعه النَّ ِهم‪ .‬ومل‬
‫فعم مبسؤوليّة‬
‫رؤيتك أنّه مصري ثقيل‪ ،‬إرث ُم َ‬
‫املستقبلي‪ .‬وإن تَ ُكن تزداد اآلن شحوابً لدى َ‬ ‫ّ‬ ‫مبصريك‬
‫َ‬ ‫عالقة‬
‫بكل القداسة املمكنة يف إنسان لكيال ُخييّب أمل‬ ‫ؤها‬ ‫أدا‬ ‫ُيب‬ ‫ورسالة‬ ‫ة‬ ‫لي‬ ‫و‬ ‫مسؤ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ّتعل البطَل َِ‬
‫يرّت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ك أان هلذا‪ ،‬فإ ّن يف ذلك إشارة أب ّن ما‬‫دمارك‪ ،‬وإذا ما اخرتتُ َ‬
‫إرادة هللا‪ .‬ال َُتَف اي يعقوب‪ .‬ال أبغي َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 284 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫داخلك بفعل استسالم‬ ‫لك فيه‪ ،‬بَل ََمد فائق الطبيعة‪ .‬امسعين اي يعقوب‪ .‬إجعل السالم يف‬
‫ضرر َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫من َ‬
‫َجيل يل‪ ،‬لتتم ّكن ِمن مساع ُّ‬
‫وتذكر كالمي‪.‬‬

‫ككل‬
‫لن تتاح لنا فرصة أن نكون هكذا وحدان بعد اآلن‪ ،‬وابلروح املهيّأ هكذا لسماع بعضنا‪ .‬و ّ‬
‫يمون زماانً على األرض‪ ،‬سوف أمضي‪ .‬سوف تنتهي إقاميت‪ ،‬ولكن بطريقة ُمتلفة عن‬ ‫الناس الذين ي ِ‬
‫ق‬
‫ُ ُ‬
‫بقيّة الناس‪ ،‬إّّنا ينبغي أن تنتهي‪ ،‬ولن أكون إىل جانبكم بعد ّإال بروحي الذي‪ ،‬أؤّكد لكم‪ ،‬أنّه لن‬
‫يرتككم مطلقاً‪.‬‬

‫ذهيب يف العامل‪ ،‬بعد إمتام‬


‫ضروري النتشار َم َ‬
‫ّ‬ ‫كل ما هو‬
‫ّأما أان‪ ،‬فسوف أمضي‪ ،‬بعد إعطائكم ّ‬
‫التضحية واحلصول على النِّعمة‪ .‬وهبا‪ ،‬وبنار احلكمة سوف تتم ّكنون ِمن فِعل ما يبدو لكم اآلن ضرابً‬
‫تصوره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جملرد ّ‬
‫حّت ّ‬ ‫من اجلنون والشبهة ّ‬
‫سوف أمضي وتبقون أنتم‪ .‬والعامل الذي مل يُد ِرك املسيح لَن يُد ِرك ُر ُسل املسيح‪ .‬وأنتم كذلك‬
‫ستكونون مضطَ َهدين ومشتَّتني كالناس األكثر َخطَراً على مصاحل إسرائيل‪ .‬ولكن مبا أنكم تالميذي‪،‬‬
‫سعدوا إلصابتكم ببالاي معلّمكم ذاهتا‪.‬‬ ‫ينبغي لكم أن تَ َ‬
‫أدرَكت‬ ‫لقد‬‫و‬ ‫"‪.‬‬ ‫الرب‬ ‫أنبياء‬ ‫ن‬ ‫لك ذات يوم ِمن نيسان (أبريل)‪" :‬سوف تكون الذي ب ِقي ِ‬
‫م‬ ‫قلت َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫فيك قبل أن تتح ّقق يف‬
‫ك إىل ح ّد ما معىن تلك الكلّمات‪ ،‬بتأثري روحاينّ‪ .‬ولكنّها سوف تتح ّقق َ‬ ‫ّأم َ‬
‫ُر ُسلي اآلخرين‪.‬‬

‫الرب إىل مسائه‪ .‬سوف تبقى يف‬ ‫دعوك ّ‬‫حّت ي َ‬ ‫اي يعقوب‪ ،‬سوف يتشتّت اجلميع ّإال َك‪ ،‬وهذا ّ‬
‫أنت سليل امللوك‪ ،‬يف املدينة امللكيّة‪ ،‬لرتفَع صوجلاين‬
‫إخوتك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫الرب إليه بَِفم‬
‫اختارك ّ‬
‫َ‬ ‫احلقل الذي‬
‫احلقيقي‪َ .‬ملِك إسرائيل والعامل حبسب ُم ْلك فائق ال يُد ِركه أحد‪ِ ،‬سوى الذين‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫وتتح ّدث عن الـملِ‬
‫َ‬
‫القوة والثبات والصرب واحلكمة اليت بال حدود‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫فيه‬ ‫حتتاج‬ ‫زمن‬ ‫سيكون‬ ‫هلم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ُك ِ‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 285 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وطاهر مثل إميان طفل‪ ،‬ويف الوقت ذاته و ِاسع‬ ‫ينبغي أن تكون عادالً مبحبة‪ ،‬إبميان بسيط‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫دحض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العِ‬
‫احملارب يف قلوب كثرية‪ ،‬وأبمور كثرية مناقضة لـه‪ ،‬ولتَ َ‬ ‫دعم اإلميان َ‬ ‫حقيقي‪ ،‬لتَ َ‬
‫ّ‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬ ‫كمع‬ ‫لم‪،‬‬
‫املذهيب (التَّشدُّد التّافه) إلسرائيل العتيق‪ ،‬األعمى منذ اآلن‪ ،‬والذي‬
‫ّ‬ ‫أخطاء املسيحيّني املزيّفني واحلَ َذق‬
‫أتيت‬
‫وحّت وصااي اآلب الذي ُ‬ ‫يشوه الكلّمات النبويّة‪ّ ،‬‬
‫سوف يزداد َعماه بعد قَتله النُّور‪ ،‬والذي سوف ّ‬
‫ث عنه األحبار واألنبياء َمل يَ ُكن‬ ‫صل على السالم‪ ،‬ويُقنِع العا َمل‪ ،‬أب ّن الذي َّ‬
‫حتد َ‬ ‫منه‪ ،‬لِيُقنِع نفسه َ‬
‫وُي َ‬
‫أان‪ .‬بل إّّنا‪ ،‬على العكس ِمن ذلك‪ ،‬فأان مل أكن ِسوى إنسـان مسكني‪ ،‬و ِاهم‪ ،‬وأبحسن األحوال‪،‬‬
‫علي‪.‬‬ ‫ََمنون‪ ،‬أما ابلنسبة لألقل تشدُّداً ِ‬
‫حوذ َّ‬ ‫ـت‬
‫َ‬
‫ُّ َ‬ ‫س‬‫م‬ ‫هرطوقي‬ ‫د‬‫فمجر‬
‫ّ‬ ‫العتيق‪،‬‬ ‫ائيل‬ ‫ر‬ ‫إس‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك أن‬
‫آخر‪ .‬ال‪ ،‬ليس مستحيالً! بل هذا ممكن‪ .‬ينبغي َ‬ ‫منك حينئذ أن تكون أان ذايت َ‬ ‫أرجو َ‬
‫ك يف قالب‬ ‫قلبك على الدوام‪ ،‬وكذلك أفعاله وكلمته وآاثره‪ .‬كما لو أنّ َ‬ ‫يسوعك حاضراً يف َ‬ ‫َ‬ ‫يكون‬
‫يف‪ .‬سوف أكون‬ ‫نص ِهر َّ‬ ‫الس َّكابون ألخذ طَ َبعة للمعدن املصهور‪ ،‬فينبغي َ‬
‫لك أن تَ َ‬ ‫صلصال يستخدمه َّ‬
‫حاضراً على الدوام‪ ،‬حاضراً وحيّاً ِمن أجلكم أيّها األوفياء يل لدرجة أنّه سيُصبِح إبمكانكم أن تتّحدوا‬
‫كنت معي منذ نعومة‬ ‫أنت اي َمن َ‬ ‫أنت‪َ ،‬‬‫آخر‪ .‬يكفي أن تُريدوا ذلك‪ّ .‬أما َ‬ ‫يب‪ ،‬أن تُصبِحوا أان ذايت َ‬
‫أنت ابن أخ‬ ‫أظفاري‪ ،‬واي من استقيت ِغذاء احلِكمة ِ‬
‫مين‪ ،‬واي َمن َ‬ ‫ّ‬ ‫تستقيه‬ ‫أن‬ ‫ل‬‫ب‬‫ْ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ق‬ ‫مرمي‪،‬‬ ‫يدي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لك أن تكون مسيحاً كامالً‪»...‬‬ ‫الرجل األكثر استقامة يف إسرائيل‪ ،‬فينبغي َ‬
‫«ال ميكنين اي سيّدي! َكلِّف بذلك أخي‪َ ،‬كلِّف يوحنّا‪َ ،‬كلِّف مسعان بطرس‪َ ،‬كلِّف مسعان اآلخر‪.‬‬
‫ألستحق ذلك؟ أال تَرى أنّين رجل مسكني للغاية وال‬
‫ّ‬ ‫فعلت‬
‫ّأما أان فال اي سيّدي! ملاذا أان؟ ماذا ُ‬
‫بكل ما تقول؟»‬
‫ك حبّاً عظيماً وأؤمن ّ‬ ‫أستطيع القيام سوى بعمل واحد‪ :‬أن أحبّ َ‬
‫«ليوضاس َمزاج متصلّب ج ّداً‪ .‬وهذا يكون مناسباً ج ّداً حيث األمر يتطلّب ُماربة الوثنيّة‪،‬‬
‫وهم ابألساس شعب هللا‪ ،‬ويظنّون أنفسهم حتماً ّأّنم‬ ‫وليس هنا حيث َُِيب َج ْلب الناس إىل املسيحيّة ُ‬
‫كل الذين‪ ،‬إلمياّنم يب‪ ،‬سوف َخييب أملهم بسبب‬ ‫يف الطريق الصحيحة‪ .‬ليس هنا حيث ُيب إقناع ّ‬
‫تتابُع األحداث‪ .‬ليس هنا حيث ُيب إقناعهم أ ّن مملكيت ليست ِمن هذا العامل‪ ،‬بل إّّنا هي مملكة‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 286 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫روحانيّة ابلكامل‪ ،‬إنّه ملكوت السموات الذي تكون التهيئة له حبياة مسيحيّة‪ ،‬أي حياة تكون‬
‫األرجحية فيها ِ‬
‫للقيَم اليت للروح‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املكرهني‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫داعة متأنيّة‪ .‬والويل ل َمن ُميسك خبناق الناس ليُقنعهم‪ .‬أل ّن َ‬ ‫يتم اإلقناع َبو َ‬
‫يتوجب أن ّ‬
‫هنا َّ‬
‫فرون دون الرغبة يف العودة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬ ‫هم‬ ‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫نق‪،‬‬ ‫اخل‬ ‫ن‬ ‫سوف يقولون "نعم" يف حينها لِيفلتوا ِ‬
‫م‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هرعون‬ ‫ي‬ ‫فسوف‬ ‫ثاء‪،‬‬‫ب‬ ‫خ‬ ‫بني‬ ‫رافِضني كل حوار‪ .‬هذا فيما إذا كانوا مضلَّلني بسطاء‪َّ .‬أما إذا كانوا م ِ‬
‫تعص‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذاهب ُمتلفة عن م ِ‬
‫ذاهبهم‪.‬‬ ‫تهور يريد إكراههم على اتّباع م ِ‬‫غامر ُم ِّ‬‫كي يتسلّحوا‪ ،‬بغية قتل كل م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ومتعصبني بني اإلسرائيليّني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫متعصبني بني املسيحيّني‬
‫املتعصبني‪ّ :‬‬‫ّ‬ ‫وسوف تكون ُماطاً أبولئك‬
‫منك القيام أبعمال عُنف أو أقلّه السماح ابلقيام هبا‪ ،‬إذ إ ّن إسرائيل العتيق‪ ،‬بتش ّدداته‬
‫األولون يريدون َ‬
‫ّ‬
‫الس ّام‪ .‬واآلخرون سوف يَسريون ض ّد َك وض ّد اآلخرين كما يف حرب‬ ‫سيحرك فيهم أيضاً َذيله ّ‬
‫وقيوده‪ّ ،‬‬
‫مق ّدسة للدفاع عن العقيدة القدمية وشعاراهتا وشعائرها‪ .‬وسوف تكون وسط هذا البحر كما وسط‬
‫العاصفة‪.‬‬

‫أنت سـوف تكون قائداً ابلنسبة للذين سيكونون يف أورشليم اليت‬ ‫ذاك هو مصري القادة‪ .‬و َ‬
‫ك كامالً للتم ّكن ِمن أن تكون قائداً‬ ‫عليك معرفة أن يكون حبّ َ‬‫بيسوعك‪ .‬سيكون َ‬‫َ‬ ‫أصبَ َحت مسيحيّة‬
‫عليك استخدامه يف‬‫قلبك هو ما سيكون َ‬ ‫بقداسة‪ .‬لن تكون اللّعنات هي السالح املستخدم‪ ،‬بل َ‬
‫ابلفريسيّني يف اعتبار الوثنيّني ِّ‬
‫كالزبل‪.‬‬ ‫مواجهة أسلحة ولعنات اليهود‪ .‬ال تسمح لنفسك أبداً ابالقتداء ّ‬
‫أتيت‪ ،‬ألنّه‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬لو كان َميئي ِمن أجل إسرائيل فقط‪ ،‬لكان تالشي‬ ‫فَمن أجلهم كذلك أان ُ‬
‫ِ‬
‫حّت بَِفَرح‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أّتسـد‪ّ ،‬‬
‫حيب َج َعلَين َّ‬
‫هللا يف جسد قابل للموت غري مستحق (غري َمد)‪ .‬وإذا كان ح ّقاً أ ّن ّ‬
‫فرض أن يتالشى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أجل خالص ولو نـَ ْفس واحدة‪ ،‬فإ ّن العدل‪ ،‬الذي هو من صفات هللا‪ ،‬يَ ُ‬
‫البشري كلّه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الالمتناهي ِمن أجل ال تناهِ‪ :‬اجلنس‬

‫كونك اثبتاً يف‬


‫صراً على َ‬ ‫لك كذلك أن تكون وديعاً معهم لكي ال تُبعِدهم‪ ،‬ال مقتَ ِ‬ ‫ينبغي َ‬
‫ُ‬
‫املذهب‪ ،‬وإّّنا متساهالً مع األشكال األخرى للحياة اليت ال تُشبِه األشكال اليت لنا‪ ،‬وهي كلّها ّ‬
‫ماديّة‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 287 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عليك أن ُحتا ِرب كثرياً مع اإلخوة‪ ،‬أل ّن إسرائيل مغلّف‬ ‫َ‬ ‫إّّنا دون َجرح الروح‪ .‬سيكون لِزاماً‬
‫أنت فعلى العكس‪،‬‬ ‫غري الروح‪ّ .‬أما َ‬ ‫أبكمله ابملمارسات‪ ،‬وكلّها خارجية‪ ،‬كلّها ال طائل منها‪ ،‬أل ّّنا ال تُ ّ‬
‫ليكن جل اهتمامك يف الروح وحده‪ِ ،‬‬
‫وعلّم اآلخرين أن يكونوا كذلك‪ .‬ال تتوقّع أن يُ ِّ‬
‫غري الوثنيّون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فك البحري‪ ،‬إذ‪،‬‬ ‫بق ُمثبَّتاً يف رصي َ‬
‫عاداتك ُدفعة واحدة‪ .‬ال تَ َ‬
‫َ‬ ‫أنت كذلك‪ ،‬لَن تُ ِّ‬
‫غري‬ ‫عاداهتم يف احلال‪َ .‬‬
‫ِمن أجل احلصول على احلطام ِمن البحر وجلبه إىل املشاغل إلعادة أتهيله ِمن أجل حياة جديدة‪،‬‬
‫ك سوف‬ ‫املضي يف البحث عن احلطام‪ .‬فإنّ َ‬ ‫وعليك ّ‬ ‫َ‬ ‫ُيب اإلحبار‪ ،‬وليس املكوث يف املكان الواحد‪.‬‬
‫َِّتده يف الوثنيّة وكذلك يف إسرائيل‪ .‬وعلى طََرف البحر العظيم الواسع‪ ،‬هناك ستَ ِجد هللا فاحتاً ذراعيه‬
‫ألّنا وثنيّة‪.‬‬
‫لكل ُملوقاته‪ ،‬إن تكن غنيّة أبصلها كاإلسرائيليّني‪ ،‬أو كانت فقرية ّ‬ ‫ّ‬
‫لت‪" :‬سـوف ُحتبّون قريبكم"‪ .‬والقريب ليس فقط َمن َّت َمعُنا به صلة الرحم أو املواطَنَة‪.‬‬ ‫لقد قُ ُ‬
‫فاإلنسان املنتمي إىل أحد األصقاع الشماليّة القصوى‪ ،‬والذي ال تَعرفون شكله هو أيضاً قريبكم‪،‬‬
‫والذي يَنظُر اآلن إىل َش َفق يف بالد َمهولة ابلنسبة إليكم‪ ،‬أو الذي يسري على الثلج يف جبال آسيا‬
‫يشق طريقه وسط الغاابت اجملهولة يف مركز أفريقيا هو قريبكم‬ ‫ِ‬
‫األسطوريّة‪ ،‬أو الذي يشرب من ّنر ّ‬
‫املتقمص‬ ‫ِ‬
‫يظن نفسه احلكيم ّ‬ ‫أاتك عابد مشس‪ ،‬أو َمن يتّخذ التمساح النَّهم إهلاً‪ ،‬أو َمن ّ‬ ‫كذلك‪ .‬ولو َ‬
‫حّت إنسان‬ ‫ف أن يرى احلقيقة‪ ،‬ولكن دون إدراك الكمال‪ ،‬وال َمنح اخلالص للمؤمنني به‪ ،‬أو ّ‬ ‫الذي َع ِر َ‬
‫لك أن تقول هلم‪:‬‬ ‫ميكنك‪ ،‬بل ليس َ‬
‫َ‬ ‫التعرف إىل هللا‪ ،‬فال‬
‫أاتك طالباً ّ‬
‫عاف احلياة يف روما أو أثينا‪ ،‬وقد َ‬ ‫َ‬
‫"أطردكم أل ّن اقتيادكم إىل هللا يُع ّد تَدنيساً"‪.‬‬

‫فلتتذ ّكر دائماً ّأّنم ال يَع ِرفون‪ ،‬بينما إسرائيل يَع ِرف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬كثريون يف إسرائيل‬
‫ُهم اآلن‪ ،‬وسوف يكونون‪ ،‬أكثر وثنيّة‪ ،‬وأكثر وحشيّة ِمن الوثنيّة األكثر بربريّة يف العامل‪ ،‬صحيح َّأّنم‬
‫ال يق ّدمون األضحيات البشريّة هلذا أو ذاك من األصنام‪ّ ،‬إال َّأّنم يُق ّدموّنا لذواهتم‪ ،‬لكربايئهم‪ ،‬وهم‬
‫حّت انقضاء الدهور‪.‬‬‫يتأجج يف داخلهم َعطَش ال يُ َروى‪ ،‬والذي سوف يدوم ّ‬ ‫املتعطّشون للدم بعد أن ّ‬
‫أضرَم ذلك العطش‪ .‬ولكن حينئذ سوف تكون‬ ‫وال يطفئه سوى إعادة الشرب من جديد‪ ،‬وإبميان‪ ،‬ممّا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 288 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل‬ ‫رغم‬ ‫ني‪،‬‬ ‫ائيلي‬
‫ر‬ ‫اإلس‬ ‫سيكونون‬ ‫املسيح"‬
‫و‬ ‫هللا‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫"نؤمن‬ ‫ـيقول‪:‬‬‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ّناية العامل كذلك‪ ،‬إذ إ ّن ِ‬
‫آخ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َّمت ِمن براهني عن ألوهيّيت وما سوف أُق ِّدم‪.‬‬
‫ما قَد ُ‬
‫َمرد كالم‬
‫ستسهر وتتنبّه كيال يكون إميان املسيحيّني ابطالً‪ ،‬فهو سوف يكون ابطالً إذا ما كان ّ‬ ‫َ‬
‫اجملردة من الروح‬ ‫وممارسات نِفاقيّة‪ .‬الروح هو الذي ُيب أن يَ َ‬
‫نشط‪ّ .‬أما املمارسات اآلليّة أو الرايئيّة َّ‬
‫احلق‪ .‬ماذا ينفع اإلنسان إن كان يُرتِّل التسابيح‬
‫النَّشط‪ ،‬فهي ليست سوى إميان متصنّع وليست اإلميان ّ‬
‫ِ‬
‫هلل يف اجتماع َجاعة املؤمنني‪ ،‬وكل سلوكه فيما بعد كان إهانة هلل‪ ،‬الذي ال ميكن أن يكون لعبة يف‬
‫وملِك؟‬ ‫ِ‬
‫أبوته‪َُ ،‬يتَفظ على الدوام ابمتيازاته كإله َ‬
‫يد هكذا مؤمن‪ ،‬بل إّّنا هو‪ ،‬رغم ّ‬
‫ِ‬
‫قصر هللا‬
‫وضعك‪ .‬لن يُ ّ‬
‫َ‬ ‫مينحك النور حسب‬
‫َ‬ ‫اسهر وتنبّه لكيال أيخذ أحد مكاانً ليس له‪ .‬هللا‬
‫داخلك بسبب اخلطيئة‪ .‬كثريون ُيبّون مساع‬ ‫يف منحك النور‪ ،‬شرط ّأال تكون النِّعمة قد أ ِ‬
‫ُطفئَت يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مك؛ كما ال تُوجد ِسوى معلّمة واحدة‪:‬‬ ‫َمن يناديهم "ابملعلّم"‪ .‬وال يوجد سوى معلّم واحد‪ :‬الذي يكلّ َ‬
‫خاصة يف التعليم‪.‬‬
‫همة ّ‬ ‫الكنيسة اليت ُُتلِّده‪ .‬يف الكنيسة‪ ،‬يُصبح معلِّمني‪ ،‬أولئك الذين َّ‬
‫سيكرسون مب ّ‬
‫سيوجد بني املؤمنني َمن‪ ،‬إبرادة هللا وقداستهم الشخصيّة‪ ،‬أي إبرادهتم الصاحلة‪ ،‬سيأخذهم تيّار‬‫حينئذ َ‬
‫احلكمة وسيتكلّمون‪ .‬وسيكون هناك آخرون‪ ،‬دون أن يكونوا حكماء بذواهتم‪ ،‬إّّنا لكوّنم طَيِّعني‪،‬‬
‫كاألدوات بني يدي الفنان‪ ،‬سيتح ّدثون ابسـم الفنّان‪ ،‬ويُ ِّرددون‪ ،‬كاألطفال الطيّبني ما يقول هلم اآلب‬
‫حّت دون إدراك املعىن الكامل ملا يقولون‪ .‬وأخرياً سيكون هناك‪َ ،‬من يتكلّمون كما لو ّإّنم‬ ‫أن يقولوا‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫متكربين‪ ،‬قُساة القلوب‪ ،‬حسودين‪ ،‬سريعي‬ ‫معلّمون‪ ،‬وبَِروعة تُغوي البسيطني‪ ،‬ولكنّهم سيكونون ّ‬
‫الغضب‪ ،‬كاذبني‪ ،‬فاسقني‪.‬‬

‫وحّت‬
‫الرب‪ ،‬وأطفال الروح القدس الساميني‪ّ ،‬‬ ‫لك أن تتقبّل كالم احلكماء يف ّ‬ ‫وأان أقول َ‬
‫اإلهلي‪ ،‬فإنّكم‪ ،‬أنتم ُر ُسلي‪،‬‬ ‫الصوت‬ ‫لي‬ ‫مساعدهتم يف إدراك عمق الكالم اإلهلي‪ ،‬أل ّّنم‪ ،‬وإن كانوا ِ‬
‫حام‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تَبقون على الدوام معلِّمي كنيسـيت‪ ،‬وعليكم أن َهتبُّوا ملساعدة ومؤازرة الذين ُهم ُم َنهكون بشكل فائق‬
‫ض َعه هللا فيهم لِيَحملوه إىل اإلخوة‪ ،‬وابلطريقة ذاهتا أقول‪ :‬ارفض‬
‫الطبيعة‪ ،‬ابلغىن الثقيل والفتّان الذي َو َ‬
‫ذهيب‪ .‬فالقداسة والوداعة والطهارة واحملبّة‬
‫الكالم الكاذب لألنبياء ال َك َذبَة الذين ال تتطابق حياهتم مع َم َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 289 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫والتواضع لن تَن ُقص أبداً لدى احلكماء ولدى أولئك البُسطاء الذين يتكلم هللا أبصواهتم‪ .‬يف حني‬
‫ستكون دائماً انقصة لدى اآلخرين‪.‬‬

‫اسهر وتي ّقظ كيال يكون هناك حسد وّنيمة ِضمن َجاعة املؤمنني‪ ،‬وال ضغينة وال روح انتقام‪.‬‬
‫يتفوق اجلسد على الروح‪ .‬فال ميكن لِ َمن ال يسيطر الروح لديه على اجلسد أن‬
‫اسهر وتي ّقظ لكيال ّ‬
‫يتحمل االضطهادات‪.‬‬
‫ّ‬

‫ك ستفعل ذلك‪ ،‬ولكن عِد أخاك أنّ َ‬


‫ك لن ُتيّب أمله‪».‬‬ ‫اي يعقوب‪ ،‬أَعلَم أنّ َ‬
‫ريب‪ ،‬أرجوك َكلِّف أحداً غريي‬
‫ريب! أخشى أمراً واحداً‪ّ :‬أال أكون أهالً لذلك‪ّ .‬‬
‫«ولكن سيّدي‪ّ ،‬‬
‫املهمة‪».‬‬
‫هبذه ّ‬
‫«ال‪ .‬ال ميكنين‪»...‬‬

‫ك وحتبّه‪»...‬‬
‫«مسعان بن يوان ُيبّ َ‬
‫«مسعان بن يوان ليس يعقوب بن داوود‪».‬‬

‫خادمك يف هذا األمر‪».‬‬


‫َ‬ ‫«يوحنّا! يوحنّا‪ ،‬املالك املث ّقف‪ .‬اجعله‬

‫«ال‪ .‬ال ميكنين‪ .‬فال مسعان وال يوحنّا ميتلكان ذلك الال شيء‪ ،‬الذي هو مع ذلك بغاية األِهية‬
‫القسم األفضل ِمن إسرائيل‬ ‫التنكر يل‪ ،‬فإ ّن ِ‬
‫عد ُّ‬ ‫عد‪ ...‬بَ َ‬
‫فأنت قرييب‪ .‬وبَ َ‬ ‫ِ‬
‫لدى الناس‪ :‬صلَة ال ُقرىب‪َ .‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب الذي كان‬ ‫(ال ُـمضلَّلني) سوف ُُيا ِول نيل الغفران من هللا ومن ذاته‪ ،‬وذلك مبحاولته ّ‬
‫التعرف إىل ّ‬
‫قد لَ َعنَه يف ساعة شيطانيّة‪ ،‬وفيما إذا كان أحد ِمن أقاريب ِمن األسرة ذاهتا يف مكاين‪ ،‬فسوف يبدو‬
‫هلم ّأّنم انلوا الغفران‪ ،‬وابلتايل القدرة على وضع أنفسهم على طريقي‪ .‬اي يعقوب‪ ،‬على هذا اجلبل‬
‫َّ‬
‫حتق َقت أمور عظيمة ج ّداً‪ .‬فهنا‪ ،‬انر هللا التَـ َه َمت‪ :‬ليس فقط احملرقة واحلطب واحلجارة‪ ،‬بل إّّنا ح ّّت‬
‫تظن أ ّن هللا َمل يـَعُد يستطيع فِعل ِمثل تلك األشياء‬
‫الغبار واملاء الذي كان يف احلفرة‪ .‬اي يعقوب‪ ،‬هل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 290 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتمل يف هذا‬ ‫ي يف يعقوب‪-‬اإلنسان‪ ،‬ليجعل منه يعقوب‪-‬انر هللا؟ َّ‬ ‫ماد ّ‬
‫كل ما هو ّ‬ ‫إبضرام والتهام ّ‬
‫تظن أ ّن هباء انر العربة اليت َمحَلَت ايليّا‬
‫حّت ثيابنا بينما كنّا نتح ّدث‪ .‬وهكذا‪ ،‬هل ّ‬
‫الغَ َسق الذي أضرم ّ‬
‫كان مبثل هذا االضطرام‪ ،‬أم أكثر‪ ،‬أم كان أقل منه اضطراماً؟»‬

‫«بل أكثر بكثري ِمن هذا االضطرام‪ ،‬أل ّّنا كانت مصنوعة ِمن انر مساويّة‪».‬‬

‫«إذن ف ِّكر كيف سيكون عليه حال هباء قلب‪ ،‬حينما يَضطَ ِرم بنار هللا الذي َح َّل فيه‪ ،‬لتخليد‬
‫كلمته يف ِ‬
‫الكرازة ببشرى اخلالص‪».‬‬

‫أنت‪ ،‬كلمة هللا‪ ،‬الكلمة األزليّة‪ ،‬ملاذا ال تبقى؟»‬


‫أنت‪َ ،‬‬
‫«ولكن َ‬
‫فعلي االفتداء‪».‬‬
‫علي التثقيف‪ ،‬وابعتباري جسداً َّ‬
‫«ألنّين الكلمة وجسد‪ .‬فباعتباري الكلمة َّ‬
‫أنت ٍ‬
‫ماض؟»‬ ‫«آه! اي يسوعي‪ ،‬ولكن كيف ستَفتَدي؟ إىل لقاء ماذا َ‬
‫«اي يعقوب َّ‬
‫تذكر األنبياء‪».‬‬

‫معاملتك ِمن البشر؟ أمل‬


‫َ‬ ‫لك‪ ،‬اي كلمة هللا‪ ،‬أن تُسـاء‬
‫«ولكن أمل يكن كالمهم رمزّايً؟ هل ميكن َ‬
‫لكمالك‪ ،‬وال شيء أكثر‪ ،‬ال شيء أكثر ِمن ذلك؟ َّ‬
‫إن أ ُّمي‬ ‫َ‬ ‫تك‪،‬‬
‫يَقصدوا أ ّن الشهادة ستكون أللوهيّ َ‬
‫بشأنك وبشأن مرمي‪ ،‬كما أنَّين قَلِق كذلك بشأننا حنن‬ ‫َ‬ ‫قَلِ َقة بشأين وبشأن يوضاس‪ّ ،‬أما أان ف َقلِق‬
‫تظن أ ّن الكثريين ِمنّا قد يظنّونك مذنباً‬
‫منك اإلنسان‪ ،‬أفال ّ‬
‫متك َن َ‬‫الضعفاء ج ّداً‪ .‬يسوع‪ ،‬يسوع‪ ،‬لو َّ‬
‫بك؟»‬ ‫ويبتعدون‪ ،‬وقد خاب أملهم َ‬
‫كل تالميذي‪َّ .‬إّنا السالم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«بل أان متأ ّكد من ذلك‪ .‬فسوف َُي ُدث اضطراب يُؤلّب مضاجع ّ‬
‫ص َمدوا‪ ،‬والذي سوف َُي ّل‬
‫سوف يسود بعد ذلك‪ ،‬وسيكون هناك ترابط وثيق بني َجيع أولئك الذين َ‬
‫القوة‪ ،‬بعد تضحييت وانتصاري‪».‬‬
‫عليهم الروح اإلهلي‪ :‬روح احلكمة و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 291 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫«اي يسوع‪ ،‬لكيال يَثىن شيء ِمن َعزمي‪ ،‬وكي ال ّ‬
‫أشك يف الساعة املريعة‪ ،‬قُل يل‪ :‬ماذا سيفعلون‬
‫بك؟»‬
‫َ‬
‫«إنّه ألمر عظيم ذاك الذي تَطلبه‪».‬‬

‫«قُله يل اي سيّدي‪».‬‬

‫مربحاً‪».‬‬
‫لك أملاً ّ‬
‫«معرفة ذلك ابلتحديد سيسبّب َ‬
‫احلب الذي ََجَ َعنا‪»...‬‬
‫يهم‪ .‬ابسم ّ‬
‫«ال ّ‬
‫« َّإّنا ُيب ّأال يَعلَم أحد بذلك‪».‬‬
‫«قُله يل‪ ،‬وبعد ذلك اجعلين ال أتذ ّكره حّت ساعة يتم‪ .‬حينذاك أ ِ‬
‫َعدهُ إىل ذاكريت كما الساعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك يف أعماق قليب‪».‬‬‫عدواً َ‬ ‫ِ‬
‫ك‪ ،‬ولن أُصبح ّ‬ ‫أش ُّ‬
‫أي شيء ُ‬
‫هكذا لن ُيعلين ّ‬
‫للزوبَعة‪».‬‬
‫أنت كذلك سوف تستسلم َّ‬
‫ك َ‬ ‫«ذلك لن ينفع يف شيء‪ ،‬إذ إنّ َ‬
‫«قُله يل اي سيّدي!»‬

‫علي ابملوت على‬


‫وُيكمون َّ‬
‫علي‪ ،‬ويُع ّذبونين َ‬ ‫َّ‬
‫«سوف أُهتم‪ ،‬وتَطالين اخليانة‪ ،‬فيَقبضون ّ‬
‫الصليب‪».‬‬

‫عض ذاته كما لو كان هو َمن سيُح َكم عليه ابملوت‪« .‬ال!»‬ ‫صرخ يعقوب ويَ ّ‬ ‫«آه! ال‪ ،‬ال!» يَ ُ‬
‫عملك؟ ال ميكنين‪ ،‬ال‬ ‫َ‬ ‫بك ذلك‪ ،‬فما الذي سيفعلونه بنا حنن؟ وكيف ميكننا متابعة‬ ‫يُ ِّ‬
‫كرر‪« :‬إذا فَـ َعلوا َ‬
‫أنت فسأموت أان َُمَّرداً ِمن‬
‫مت َ‬ ‫املهمة اليت َحت َفظها يل‪ ...‬ال ميكنين!‪ ...‬ال ميكنين! إذا َّ‬
‫ميكنين قبول ّ‬
‫األقل!»‬ ‫على‬ ‫بذلك‬ ‫ين‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫بدونك‪ .‬عِ ْدين‪ِ ،‬‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫كل ّقوة‪ .‬اي يسوع‪ ،‬اي يسوع! امسعين‪ .‬ال ترتكين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 292 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫«أ ِ‬
‫املادة‪ .‬أان و َ‬
‫أحترر ابلقيامة اجمليدة من حدود ّ‬
‫ّ‬ ‫عندما‬ ‫بروحي‪،‬‬ ‫تك‬
‫َ‬ ‫ر‬‫از‬
‫ؤ‬ ‫مل‬ ‫آيت‬ ‫أبن‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫َع‬
‫اعي» إذ ابلفعل قد استسلَ َم يعقوب وهو يبكي على صدر‬
‫أنت بني ذر ّ‬
‫سنكون واحداً‪ ،‬كما اآلن و َ‬
‫يسوع‪.‬‬
‫ف عن البكاء‪ .‬فلنخرج ِمن ساعة النشوة هذه‪ ،‬املنرية و ِ‬
‫املرهقة‪َ ،‬ك َمن َخي ُرج ِمن ظالل املوت‬ ‫« ُك َّ‬
‫دك هو "شعور" ال يدوم ِسوى دقيقة‪،‬‬ ‫ُيم َ‬
‫كل شيء ما عدا ظالل املوت تلك‪ ،‬فالرعب الذي ّ‬ ‫متذ ّكراً ّ‬
‫ألساعدك يف نسيان مصريي كإنسان‪ .‬وسوف‬ ‫َ‬ ‫أعانقك هكذا‬
‫َ‬ ‫َّإّنا "ذكراه" كفعل َمتَّ فتدوم لألبد‪ .‬تعال‪،‬‬
‫فمك الذي ينبغي له أن‬
‫لك على َ‬ ‫هاك‪ ،‬إنّين أقبّ َ‬
‫أنت‪َ .‬‬‫طلبت َ‬
‫تتذ ّكر ذلك يف الوقت املناسب‪ ،‬كما َ‬
‫الصدغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قلت‪ ،‬وهنا على ّ‬‫ب كما ُ‬ ‫قلبك الذي ينبغي له أن ُُي ّ‬
‫يُ ّردد كالمي على الناس يف إسرائيل‪ ،‬وعلى َ‬
‫جانبك يف‬ ‫ب‪ ،‬إىل‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫حيث احلياة تنتهي مع آخر كلمة إميان ُمبّةً يب‪ .‬وكذلك سآيت اي أخي الذي أُح ّ‬
‫حّت‬
‫التأمل‪ ،‬يف سـاعات اخلطر‪ ،‬ويف ساعة املوت! ال أحد‪ ،‬وال ّ‬ ‫لقاء َجاعات املؤمنني‪ ،‬يف ساعات ّ‬
‫نفسك‪ ،‬بل أان‪ ،‬بِ ُقبلة‪ ،‬هكذا‪»...‬‬
‫َ‬ ‫مالكك سـوف يتل ّقى‬‫َ‬
‫ويَظالّن متعانَِقني طويالً‪ ،‬ويبدو يعقوب وكأنّه يغفو يف فَـَرح قُبالت هللا اليت َج َعلَته ينسى أمله‪.‬‬

‫وعندما يُعا ِود رفع رأسه‪ ،‬يعود يعقوب بن حلفى‪ ،‬اهلادئ والطيّب‪ ،‬الذي يُشبِه كثرياً يوسف‬
‫عروس مرمي‪ .‬يبتسم يسوع ابتسامة أكثر إشراقاً‪ ،‬حزينة قليالً‪ ،‬إّّنا ابتسـامة كثرية العذوبة‪.‬‬

‫فلنتناول طعامنا‪ ،‬اي يعقوب‪ ،‬ولِنَـنَم بعدئذ حتت النجوم‪ .‬وسوف ننـزل إىل الوادي عند تباشري‬
‫ويتنهد يسوع‪ ...‬ولكنّه ينتهي إىل االبتسام‪ ...« :‬وإىل‬
‫الصباح األوىل‪ ...‬لنمضي وسط الناس‪ّ »...‬‬
‫جانب مرمي‪».‬‬

‫عوين ِمن غري أسئلة‪»...‬‬ ‫«وماذا عساي أقول أل ُّمي اي يسوع؟ و ِّ‬
‫للرفاق؟ فَـلَن يَ َد َ‬
‫رد هبا‬
‫النيب اليت ّ‬
‫تتأمل يف إجاابت ايليّا ّ‬
‫ك ّ‬ ‫لك عندما جعلتُ َ‬‫كل ما قُلتُه َ‬
‫ميكنك أن تقول هلم ّ‬
‫« َ‬
‫درة احملبوب ِمن هللا يف احلصول على ما يريد ِمن‬
‫على آشاب‪ ،‬وعلى الشعب على اجلبل‪ ،‬وعلى قُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 293 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتأمل أ ّن ابلسالم ويف السالم‬ ‫ك ّ‬ ‫الرب‪ ،‬وكيف جعلتُ َ‬
‫َكالة ألجل ّ‬ ‫كل العناصر‪ِ ،‬غ َريته األ َّ‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الشعب ِ‬
‫وم‬
‫لت لكم أنتم‪" :‬تعالوا"‪ ،‬ابلطريقة ذاهتا اليت فَـ َعلها ايليّا‬
‫سمع هللا وُندمه‪ .‬سوف تقول هلم إنّه كما قُ ُ‬ ‫نَ َ‬
‫للرب ُخ ّداماً‬ ‫ِ‬
‫كسبوا ّ‬ ‫مبعطفه الذي ألقاه على أليشع‪ّ ،‬أما أنتم فبمعطف احملبّة‪ ،‬سوف تتم ّكنون من أن تَ َ‬
‫التحرر ال ُـمفرِح ِمن أمور املاضي‬‫ك تُالحظ ّ‬
‫املنشغِلون على الدوام‪ ،‬فقل هلم كيف جعلتُ َ ِ‬ ‫هلل ُج ُدداً‪ّ .‬أما َ‬
‫ك تتذ ّكر أ ّن الذين يريدون‬ ‫العَربة‪ .‬قُل هلم كيف جعلتُ َ‬
‫الذي يشري إليه أليشع ابنفصاله عن الثريان و َ‬
‫ص َل ألقوزاي‬ ‫شر هو وليس خرياً‪ ،‬كما َح َ‬ ‫احلصول على معجزات ببعلزبول‪ ،‬فإ ّن ما يَنجم عنهم ّ‬
‫املطهرة إىل الذي‬ ‫احلب ِّ‬‫ك أن ستأيت انر ّ‬ ‫جراء كلمة إيليّا‪ .‬قُل هلم أخرياً كيف وعدتُ َ‬‫‪ّ Ochosias‬‬
‫وحدك‪».‬‬
‫لك َ‬ ‫ِ‬
‫حّت املوت لتَحرق نقائصه وتقوده مباشرة إىل السماء‪ّ .‬أما ما تب ّقى فهو َ‬ ‫يظل وفيّاً ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 294 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫لك األمل أدعُه ابناً")‬


‫‪"( -122‬الذي يسبّب َ‬
‫‪1945 / 08 / 21‬‬

‫ي ِ‬
‫غادر يسوع ُمسطَّح الكرمل‪ ،‬ويَنـزل سالكاً الدروب اليت رطَّبَها الندى‪َ ،‬ع ْرب الغاابت اليت تَبعث‬‫ُ‬
‫الشرقي يف شروقها‪ .‬وعندما‬ ‫اجلبل‬ ‫سفح‬ ‫ب‬ ‫فيها األصوات املختلفة احلياة‪ ،‬حتت أشعة الشمس اليت تُ ِ‬
‫ذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بكل هبائه وَجال بساتينه‬ ‫ظهر مرج بن عامر ّ‬ ‫تتب ّدد السحابة اخلفيفة اليت سبّبتها حرارة الشمس‪ ،‬يَ َ‬
‫كسجادة خضراء بشكل عام‪ ،‬مع واحات صفراء قليلة نُثَِرت عليها‬ ‫وكرومه احمليطة ابلبيوت‪ ،‬ويبدو ّ‬
‫سجادة َُيزمها خامت اجلبال‬ ‫لوحات محراء هي احلقول حيث ح ِ‬
‫وُيَرق اآلن اخلشخاش‪ّ ،‬‬ ‫ص َد القمح ُ‬ ‫ُ‬
‫املثلّث‪ :‬الكرمل وطابور وحرمون الصغري‪ ،‬وكذلك اجلبال األبعد اليت ال أعرف امسها‪ ،‬وهي ُُتفي ّنر‬
‫السامرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الغريب‪ ،‬جببل‬
‫األردن وتلتقي‪ ،‬يف اجلنوب ّ‬
‫كل هذا اجلزء من فلسطني‪ ،‬ويَنظُر إليه يعقوب ويقول له‪« :‬هل‬
‫متأمالً ّ‬
‫يتوقّف يسوع ويَنظُر ّ‬
‫تَنظُر إىل َجال هذه املنطقة؟»‬

‫ابألخص ابلتن ّقالت املستقبليّة‪ ،‬وبضرورة إرسالكم‪ ،‬وإبرسال‬


‫ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬هذا كذلك‪ّ ،‬إال أنّين أُف ِّكر‬
‫احلايل احملدود‪ ،‬بل إىل َع َمل رسالة حقيقيّة‪ .‬فلدينا مناطق ومناطق‬
‫الع َمل ّ‬ ‫التالميذ دون أتخري‪ ،‬ليس إىل َ‬
‫الع َمل قَدر استطاعيت‬
‫مل تعرفين بعد‪ ،‬وال ميكنين ترك مكان بدوين‪ ،‬إنّه اهتمامي املستدمي‪ :‬الذهاب‪َ ،‬‬
‫كل شئ‪»...‬‬
‫وع َمل ّ‬
‫َ‬
‫ّتعلك تتباطأ‪».‬‬
‫َ‬ ‫«هناك أمور ِمن وقت آلخر‬

‫علي اتّباعه‪ ،‬فإ ّن رحالتنا‬


‫علي تغيريات يف خط السري الذي َّ‬
‫«ليس إبطائي‪ ،‬بقدر ما تَفرض َّ‬
‫ليست بدون جدوى على اإلطالق‪ ،‬إّّنا هناك الكثري الكثري للعمل‪ ...‬وكذلك‪ ،‬فبعد غياب‪ ،‬سوف‬
‫وعلي البدء ِمن جديد»‬ ‫ِ‬
‫عادت إىل نقطة الصفر‪َّ ،‬‬
‫أَجد قلوابًكثرية قد َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 295 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الشر‪».‬‬
‫احلس ذاك يف األرواح‪ ،‬ذاك التذبذب وإيثار ّ‬
‫«نعم فهي ُمضنية‪ ،‬وتُثري االمشئزاز جبمود ّ‬
‫« ُمضنية‪ ،‬نعم‪ .‬إّّنا ُيب ّأال يُقال "تُثري االمشئزاز"‪ .‬فَـ َع َمل هللا ال يُثري االمشئزاز مطلقـاً‪ .‬والنُّفوس‬
‫الش َفقة ال االمشئزاز‪ .‬ينبغي أن يكون لنا قلب أب على الدوام‪ ،‬قلب أب‬ ‫املسكينة ينبغي أن تُثري فينا َّ‬
‫صاحل‪ .‬واألب الصاحل ال يَشعُر أبداً ابالمشئزاز ِمن ِعلَل أبنائه‪ .‬وُيب ّأال نشعر بذلك‪ ،‬حنن أيضاً‪ّ ،‬تاه‬
‫أي كان‪».‬‬
‫ّ‬
‫عليك؟ فأان مل أ َََن هذه الليلة كذلك‪ .‬ولكنّين‬
‫«اي يسوع‪ ،‬هل تسمح يل بطرح بعض األسئلة َ‬
‫أسك متّكئ‬
‫كنت تبتسم‪ ،‬ور َ‬
‫نومك تبدو أكثر شباابً‪ ،‬اي أخي! َ‬ ‫إليك انئماً‪ .‬أثناء َ‬
‫رت كثرياً وأان أنظر َ‬
‫ف ّك ُ‬
‫كنت‬
‫كنت أر َاك جيّداً حتت القمر ال ُـمنري ج ّداً يف هذه الليلة‪ُ .‬‬
‫اعك املنثين حتته‪ ،‬متاماً كالطفل‪ُ .‬‬
‫على ذر َ‬
‫وتباد َرت إىل ذهين أسئلة كثرية‪»...‬‬
‫أف ّكر َ‬
‫«قُلها‪».‬‬

‫املؤسسة اليت أمسيتَها‬


‫التوصل إىل تلك ّ‬
‫كنت أقول لنفسي‪ُ :‬يب أن أسأل يسوع كيف ميكننا ّ‬ ‫« ُ‬
‫مي‪ ،‬كما فَ ِه ُ‬
‫مت‪ ،‬وحنن يف عدم الكفاية هذه‪ .‬هل ستقول لنا‬ ‫الكنيسة‪ ،‬واليت سيكون فيها ترتيب َهَر ّ‬
‫كل ما ينبغي لنا َع َمله‪ ،‬أو علينا أن نفعله أبنفسنا؟»‬
‫ّ‬
‫ُعني لكم رئيسها‪ .‬ليس أكثر‪ .‬أثناء وجودي فيما بينكم‪،‬‬ ‫«أان‪ ،‬حينما أتيت الساعة‪ ،‬سوف أ ّ‬
‫ابلفعل‪ ،‬هذا ما ال ب ّد منه‪.‬‬ ‫الرسل والتالميذ‪ ،‬رجاالً ونساء‪ِ .‬‬
‫ً‬ ‫رت لكم عن الفئات املختلفة بني ُّ ُ‬ ‫َش ُ‬
‫أَ‬
‫وصرباً ّتاه التالميذ‪».‬‬ ‫الر ُسل‪ ،‬كذلك أريد ِمن ُّ‬
‫الر ُسل ُحبّاً َ‬ ‫حينئذ‪ ،‬فكما أريد ِمن التالميذ احرتام وطاعة ُّ‬
‫بك على الدوام؟»‬ ‫«وماذا علينا أن نفعل؟ أفقط ِ‬
‫الكرازة َ‬
‫«هذا هو امله ّم‪ُ .‬ثّ عليكم ابمسي أن تَغفروا وتُباركوا وتُعيدوا الناس إىل النّعمة وَمتنحوا األسرار‬
‫اليت سوف أ ِ‬
‫ُنشئها‪».‬‬

‫«وما تكون تلك األمور؟»‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 296 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خدم إلقناع الناس أ ّن‬
‫ماديّة‪ ،‬وتُستَ َ‬
‫« ّإّنا وسائل فائقة الطبيعة وروحيّة‪ ،‬وُمت َارس كذلك بوسائل ّ‬
‫أنت تَرى أ ّن اإلنسان ال يؤمن إن مل َير‪ .‬إنّه حباجة دائماً لشيء يُنبِئه‬ ‫الكاهن يقوم فعليّاً بشيء ما‪ .‬ف َ‬
‫أب ّن هناك شيئاً ما‪ .‬هلذا السبب‪ ،‬عندما أصنع املعجزات‪ ،‬أضع اليدين‪ ،‬أو أُبلِّل ابللُّعـاب‪ ،‬أو أُعطي‬
‫تظن آنذاك أ ّن الناس يقولون‪" :‬هللا‬ ‫هل‬ ‫لكن‬ ‫و‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫كري‬ ‫لقمة خبز مبلَّلة‪ .‬إبمكاين صنع املعجزة بِِ‬
‫ف‬
‫ّ‬
‫صنَ َع املعجزة"؟ إ ّّنم يقولون‪" :‬لقد ُش ِـف َي ألنّه قد آن أوان الشفاء"‪ .‬ويُ ِرجعون الفضل يف ذلك إىل‬ ‫َ‬
‫الطبيب‪ ،‬إىل األدوية‪ ،‬وإىل مقاومة املريض البدنيّة‪ .‬وسيكون األمر ذاته ابلنسبة لألسرار‪ :‬أّناط ِمن‬
‫العبادة لِمنح النّعمة‪ ،‬أو إعادهتا أو تقويتها لدى املؤمنني‪ .‬فيوحنّا مثالً كان يست ِ‬
‫خدم التَّغطيس ابملاء‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫تعبرياً عن التَّطهري ِمن اخلطااي‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن قَهر النَّـ ْفس مبعرفة جناسة الذات بسبب اخلطااي املرتكبة‪،‬‬
‫لدي ِعمادي الذي لن يكون رمزاً فقط‪،‬‬ ‫أهم من املاء الذي يَغسل األعضاء‪ .‬وأان كذلك سيكون ّ‬
‫هلو ِ‬
‫ّ‬
‫بل سيكون حب ّق تَطهرياً ِمن وصمة النَّـ ْفس األصليّة وإعادة النَّـ ْفس إىل احلالة الروحيّة اليت كانت آلدم‬
‫وح ّـواء قبل اخلطيئة‪ ،‬بل هنا أكثر‪ ،‬ألنّه يكون قد ُمنِ َح بفضل استحقاقات اإلله املتأنِّس‪».‬‬

‫ومن يُد ِركها يف املولود حديثاً أو الكهل أو‬


‫«ولكن‪ ...‬املاء ال يَنـ ِزل إىل النَّـ ْفس! النَّـ ْفس روحيّة‪َ .‬‬
‫العجوز؟ ال أحد‪».‬‬

‫روحي؟ فلن يكون املاء إذن‪ ،‬بل‬ ‫«أترى أنّ ِ‬


‫ماديّة ال أتثري هلا على شيء ّ‬
‫ك تُقُّر أب ّن املاء وسيلة ّ‬
‫َ‬
‫آخر‪ ،‬يف حاالت استثنائية‪ ،‬يقوم‬
‫املكرس خلدمته‪ ،‬أو مؤمن َ‬
‫كلمة الكاهن‪ ،‬عضو كنيسة املسيح‪َّ ،‬‬
‫عمد ِمن اخلطيئة األصلية‪».‬‬
‫مقامه‪ ،‬الذي يصنع معجزة افتداء ال ُـم َّ‬

‫لكن اإلنسان َخطَّاء كذلك بذاته‪ ...‬واخلطااي األخرى فَ َمن ذا الذي يزيلها؟»‬
‫«حسناً‪ .‬و ّ‬
‫«الكاهن هو من سوف يزيلها دائماً‪ ،‬اي يعقوب‪ .‬فإذا كان اإلنَّسان ال ُـم َّ‬
‫عمد ابلغاً فستختفي يف‬
‫عمد ارتكاب خطيئة‪،‬‬ ‫عاوَد اإلنسان ال ُـم ّ‬
‫الوقت ذاته اخلطيئـة األصليّة واخلطااي األخرى‪ّ .‬أما فيما إذا َ‬
‫املتجسد‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫فإ ّن الكاهن سوف ُيلّه منها ابسم هللا الواحد والثالوث‪ ،‬وبفضل استحقاقات االبن‬
‫أفعل أان ِمن أجل اخلَطَأة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 297 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت ق ّديس! ّأما حنن‪»...‬‬
‫ك‪َ ،‬‬‫«ولكنّ َ‬
‫«ينبغي لكم أن تَكونوا ق ّديسني‪ ،‬ألنّكم تَلمسون أشياء مق ّدسة وَمتنحون ما هو هلل‪».‬‬

‫مرات‪ ،‬مثل يوحنّا الذي يُغ ِطّس املرء ابملاء كلّما أاته؟»‬ ‫ِ‬
‫عمد الشخص ذاته ع ّدة ّ‬
‫«إذاً فسوف نُ ّ‬
‫ِ‬
‫لك ذلك آنفاً‪ّ ،‬أما أنتم فال‬ ‫لت َ‬‫اضع الذي يَعتَمد‪ .‬وقد قُ ُ‬ ‫«يوحنّا‪ ،‬مبعموديته‪ ،‬ال يُ ِّ‬
‫طهر ّإال بتو ُ‬
‫عمدون َمن اعتَ َمد سابقاً‪ِ ،‬سوى يف حالة واحدة‪ :‬وهي أ ّن املعمودية كانت قد َمتت سابقاً بصيغة‬ ‫ِ‬
‫تُ ّ‬
‫مرة اثنية‪ ،‬بعد سؤال ُمدَّد لِ َمن يبغي العِماد‪،‬‬
‫نشقة‪ ،‬يف هذه احلالة ُميكن تعميده ّ‬ ‫ليست رسوليّة‪ ،‬بل ُم َّ‬
‫إذا كان ابلِغاً‪ ،‬أن يكون األمر إبرادته‪ ،‬وبعد إجابة صرُية وواضحة إنّه يريد أن يكون عضواً يف الكنيسة‬
‫خدمون‬ ‫احلقيقية‪ .‬أما يف املرات التالية‪ ،‬فَِإلعادة الصداقة مع هللا‪ ،‬وإلرساء السالم معه‪ ،‬سوف تَست ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قرتنة ابستحقاقات املسيح‪ ،‬والنَّـ ْفس القادمة إليكم بندامة حقيقيّة وإقرار متواضع يُغ َفر‬ ‫كلمة املغفرة ُم َِ‬
‫هلا‪».‬‬

‫«وإذا كان أحدهم مريضاً لدرجة عدم مت ّكنه ِمن الت ُّ‬
‫َّنقل؟ فهل َميوت وهو يف اخلطيئة؟ وهل‬
‫َسيُضاف أمل اخلوف ِمن دينونة هللا إىل أمل النّـِزاع؟»‬

‫حّت وَمينَحه شكالً أوسع ِمن الغفران‪،‬‬ ‫ِ‬


‫«ال‪ .‬بَل ميضي الكاهن إىل ال ُـمنا ِزع ليحلّه من خطيئته‪ .‬بل ّ‬
‫حسي ميكن لإلنسان عادة أن خيطئ بواسطته‪.‬‬ ‫لكل عضو ّ‬ ‫ليس ابملعىن ال ُـمطلق‪ ،‬بل إّّنا ّ‬
‫كرس اهليكل‪،‬‬ ‫لدينا يف إسرائيل الزيت املق ّدس‪ ،‬املرَّكب حسب قاعدة ُمعطاة منه تعاىل‪ ،‬وبه يُ َّ‬
‫السماوي‪ .‬فيمكنه‬ ‫للكرسي‬ ‫ابختياره‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ك‬‫احلرب‪ ،‬ال َكهنة وامللوك‪ .‬اإلنسـان هو حبق هيكل‪ ،‬ويصبِح ملِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ؤخذ وُمتارس‬ ‫ِ‬
‫كرس بزيت ال َـمسح‪ .‬فالزيت املق ّدس وأجزاء أخرى من العبادة اإلسرائيليّة سوف تُ َ‬ ‫إذن أن يُ َّ‬
‫كل ما يف إسرائيل سيّئ‪ ،‬وينبغي ّأال يُرفض‪ ،‬ولكن‪ ،‬على العكس‪،‬‬ ‫َّ‬
‫يف كنيسيت‪ ،‬إّنا لغاايت ُمتلفة‪ .‬فما ّ‬
‫سيكون هناك الكثري ِمن ذكرايت املمارسات القدمية يف كنيسيت‪ .‬وإحداها سيكون زيت ال َـمسح‪،‬‬
‫كل املراتب الكنسـيّة‪ ،‬كلّها‪ ،‬ولتكريس امللوك‬ ‫املستخدم يف الكنيسة كذلك لتكريس اهليكل واألحبار و ّ‬
‫ابحلري عندما يكونون يف حاجة إىل عون كبري‬ ‫ّ‬ ‫واملؤمنني عندما يصبحون أولياء عهد امللكوت‪ ،‬أو‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 298 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرب مت ّد النَّـ ْفس ابلعون وكذلك اجلسد‪،‬‬ ‫ليمثلوا أمام هللا أبعضاء وحواس مطهرة ِ‬
‫كل خطيئة‪ .‬فنعمة ّ‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫إن شاء هللا‪ ،‬خلري املريض‪.‬‬

‫حّت بسـبب أتنيب الضمري الذي يُع ِّكر سالمه‪ ،‬وعمل‬ ‫غالباً ما ال يُبدي اجلسم أتثّراً ابملرض ّ‬
‫وحّت َمحل األحياء على اليأس‪ .‬فاملريض‬ ‫الشيطان الذي‪ ،‬بتلك امليتة‪ ،‬أيمل َك ْسب نـَ ْفس ململكته‪ّ ،‬‬
‫الداخلي للسالم‪ ،‬بواسطة اليقني ِمن غفران هللا له الذي‬ ‫اب‬ ‫ر‬ ‫االضط‬ ‫و‬ ‫الشيطاين‬ ‫الكابوس‬ ‫ن‬ ‫ينتَ ِقل ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ُيعله ُيظى كذلك اببتعاد الشيطان عنه‪ .‬وكما اقرتنت النعمة املمنوحة لآلابء األوائل بنعمة املناعة ض ّد‬
‫حّت من تلك اليت ملولود جديد‬ ‫األمراض واآلالم جبميع أشكاهلا‪ ،‬واملريض املعاد إىل النعمة األعظم ّ‬
‫عمد مبعموديّيت‪ ،‬ميكنه كذلك أن ُيظى ابلغَلَبَة على املرض‪ ،‬تساعده يف ذلك صلوات إخوته يف‬ ‫تَ َّ‬
‫األخص روحيّاً‪،‬‬ ‫على‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫جسداي‬ ‫فقط‬ ‫ليس‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫عطف‬ ‫يض‪،‬‬ ‫ر‬ ‫امل‬ ‫على‬ ‫العطف‬ ‫عليهم‬ ‫ب‬ ‫اإلميان‪ِ ،‬‬
‫املتوج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أضحت شكالً ِمن املعجزات‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قد‬ ‫فالصالة‬ ‫‪.‬‬ ‫الروحي‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫اجلسدي‬
‫ّ‬ ‫األخ‬ ‫ـالم‬‫س‬ ‫على‬ ‫احلصول‬ ‫إىل‬ ‫ني‬ ‫س ِ‬
‫ـاع‬
‫أيت لدى ايليّا‪ ،‬متتلك الكثري ِمن القدرة‪».‬‬ ‫البار‪ ،‬كما ر َ‬
‫اي يعقوب‪ .‬صالة ّ‬
‫أجدت الفهم‬
‫ُ‬ ‫لك قليل‪ ،‬ولكن ما فَ ِهمتُه ميألين احرتاماً لسمة ال َك َهنَة الكهنوتيّة‪ .‬إذا ما‬
‫«فهمي َ‬
‫فستكون لنا معك نقاط مشرتكة كثرية‪ :‬التبشري‪ ،‬املغفرة أو احللّة ِمن اخلطااي‪ ،‬واملعجزة‪ ،‬ثالثة أسرار‬
‫إذن‪».‬‬

‫«ال اي يعقوب‪ .‬فالتبشري واملعجزة ليسا ِمن األسرار‪ .‬بل ستكون هناك أسرار عديدة‪ .‬سبعة كما‬
‫توهب ليضطَ ِرم‬
‫احلب‪ .‬ويف احلقيقة إ ّن األسرار مواهب وشعالت‪َ ،‬‬ ‫مشعدان اهليكل املق ّدس ومواهب روح ّ‬
‫سر زواج اإلنسان‪ .‬املمثّل برمز الزواج‬ ‫الرب إىل أبد الدهور‪ .‬وسيكون كذلك هناك ّ‬ ‫اإلنسان أمام ّ‬
‫كل املعوانت من أجل حياة مشرتكة‬ ‫اج‬ ‫و‬‫األز‬ ‫ب‬ ‫وسيوه‬ ‫الشيطان‪.‬‬ ‫ن‬ ‫احملررة ِ‬
‫م‬ ‫املق ّدس لسارة ولراكيل َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫مق ّدسة حسب شرائع ورغبات هللا‪ .‬فالعروس والعروسة يُصبِحان كذلك أدوات طقس‪ :‬املشاركة يف‬
‫يكرسا‬‫عمليّة اخللق‪ .‬الزوج وزوجته يُصبِحان كذلك َك َهنَة كنيسة صغرية‪ :‬العائلة‪ .‬وابلتايل فينبغي هلما أن َّ‬
‫بارك به اسم هللا الكلّ ّي القداسة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ليُشاركا يف عمليّة اخللق مع بركة هللا ولرتبية نَسل يَ َ‬
‫«وحنن‪ ،‬ال َك َهنَة‪َ ،‬من الذي ِّ‬
‫سيكرسنا؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 299 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تضموّنم إليكم‬ ‫«أان‪ ،‬قبل أن أترككم‪ .‬أنتم‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬تُ ِّ‬
‫كرسون الذين أيتون بعدكم‪ ،‬والذين ّ‬
‫املسيحي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫لنشر اإلميان‬

‫أنت‪ ،‬سوف تُعلِّمنا‪ ،‬أليس كذلك؟»‬


‫« َ‬
‫سراً‪ .‬وقد ُمنِ َح طواعيّة ِمن هللا‬‫«أان والذي سوف أرسله إليكم‪ .‬وذاك القدوم أيضاً سيكون ّ‬
‫األول‪ ،‬وُمينَح بعدئذ ِمن الذين سوف يكونون قد انلوا ملء الكهنوت‪.‬‬ ‫الكلّ ّي القداسة يف ظهوره ّ‬
‫وخشية مق ّدسة‪ ،‬يُصبِح َعوانً يف‬ ‫ِ‬
‫سيكون قوة وفطنة‪ ،‬ويُصبح تثبيتاً يف اإلميان‪ ،‬يُصبِح رمحة مق ّدسة َ‬
‫ميكنك‬
‫َ‬ ‫املشورة وحكمة فائقة الطبيعة وامتالك ّبر وهو بطبيعته وقدرته ُيعل الذي يناله ابلغاً‪ .‬إّّنا ال‬
‫صلون‬ ‫ُيعلك تُد ِركه‪ .‬هو‪ ،‬الـمعزي اإلهلي‪ ،‬احلب األزيل‪ ،‬عندما تَ ِ‬ ‫َ‬ ‫إدراك ذلك اآلن‪ .‬وهو الذي سوف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫سر آخر ال ميكنكم إدراكه اآلن‪ .‬تكاد املالئكة‬ ‫إىل اللحظة اليت تتقبّلونه فيها يف ذواتكم‪ .‬وهكذا يكون ّ‬
‫لك‪ :‬إ ّن الذي‬ ‫ِ‬ ‫ال تُد ِركه لِ‬
‫احلق أقول َ‬ ‫احلب‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫و‬ ‫اإلميان‬ ‫ة‬‫بقو‬
‫ّ‬ ‫كونه‬‫ر‬ ‫د‬‫ُ‬‫ست‬ ‫البسطاء‬ ‫فأنتم‬ ‫ذلك‬ ‫ومع‬ ‫ه‪.‬‬‫مو‬
‫ُ ّ‬‫س‬
‫سيحبّه ويتغ ّذى روحه به سيتم ّكن ِمن أن يدوس الشيطان بقدميه دون أن يصيبه أذى‪ ،‬ألنّين حينذاك‬
‫لرفاقك‬
‫َ‬ ‫شأنك أن تقول ذلك‬ ‫َ‬ ‫سأكون معه‪ .‬حا ِول أن تتذ ّكر هذه األمور اي أخي‪ .‬وسيكون ِمن‬
‫ك ستتم ّكن ِمن القول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مرات كثرية ج ّداً‪ .‬وأنتم حينئذ سوف تُعلّموّنا بواسطة إهليّة‪ ،‬ولكنّ َ‬‫وللمؤمنني‪ّ ،‬‬
‫كنت منذ ذلك احلني ُمتاراً‬ ‫ِ‬
‫كل شيء ألنّين ُ‬ ‫"لقد قاهلا يل يوماً وحنن انزلون من الكرمل‪ .‬لقد قال يل ّ‬
‫ألكون رئيس كنيسة إسرائيل"‪».‬‬

‫الرفاق‪" :‬أان َمن‬ ‫ِ‬


‫كنت أُف ّكر هذه الليلة‪ ،‬أُيب أن أكون أان الذي ُخيرب ّ‬
‫لدي سؤال آخر‪ُ .‬‬‫« َّ‬
‫مين‪ ،‬ولكنّه ال يروق يل‪».‬‬
‫أنت ّ‬
‫سيصبح الرئيس هنا"؟ هذا ال يروق يل‪ .‬سوف أفعله إذا ما طلبتَه َ‬

‫املعزي على اجلميع ومينحكم أفكاراً مقدَّسة‪ .‬وستكون لكم َجيعاً‬


‫«ال َُتَف‪ .‬سينـزل الروح ّ‬
‫األفكار ذاهتا جملد هللا يف كنيسته‪».‬‬

‫وحّت يهوذا بن مسعان‪ ،‬ألن يبقى سبباً‬


‫«ولن تكون النقاشات الـ‪ ...‬املن ّفرة اليت هي اآلن؟ ّ‬
‫للخالف؟»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 300 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك‪ :‬اسهر وتي ّقظ دون‬
‫لت َ‬
‫«لن يبقى كذلك‪ ،‬كن مطمئنّاً‪ .‬ولكن ستبقى تبايُنات‪ .‬ألجل هذا قُ ُ‬
‫حّت النهاية‪».‬‬
‫اجبك ّ‬
‫متمماً و َ‬
‫كلل أو تعب ّ‬
‫لك‪،‬‬
‫أتصرف؟ فحسب قو َ‬ ‫علي أن ّ‬
‫لدي سؤال آخر اي سيّدي‪ .‬يف أثناء االضطهادات‪ ،‬كيف َّ‬ ‫« ّ‬
‫يبدو أنّه ينبغي يل أن أكون الوحيد ِمن بني اإلثين عشر الذي يبقى‪ .‬وسيمضي الباقون إذاً هاربني ِمن‬
‫االضطهاد‪ .‬وأان؟»‬

‫حّت تتثبّت الكنيسة جيّداً‪ ،‬وإذا كان هناك‬ ‫الضروري ّأال َهتلَك ّ‬
‫ّ‬ ‫كزك‪ .‬فَ ِمن‬
‫«سوف تبقى يف مر َ‬
‫وإِهالك كنيسة أورشليم‪.‬‬
‫َ‬ ‫رك‬
‫يربر فرا َ‬
‫الر ُسل َجيعهم تقريباً‪ ،‬فال شيء ّ‬ ‫وحّت ُّ‬
‫يربر تشتّت تالميذ ُكثُر ّ‬ ‫ما ّ‬
‫إليك وهي‬‫األحب َ‬
‫ّ‬ ‫ابنتك‬
‫الس َهر كما لو ّأّنا َ‬ ‫عليك َّ‬
‫توجب َ‬ ‫ابلعكس‪ ،‬كلّما اشت ّد عليها اخلطر‪ ،‬كلّما َّ‬
‫لك سوف يش ّد ِمن عزمية املؤمنني‪ .‬سيكونون يف حاجة إليه لتجاوز التجربة‪.‬‬ ‫مه ّددة ابملوت‪ .‬إ ّن َمثَ َ‬
‫قوايً‪ ،‬فال تكن بغري رمحة‬
‫كنت ّ‬
‫عليك مساندهتم‪ ،‬برمحة وحكمة‪ .‬وإذا َ‬ ‫وكلّما رأيتَهم يَضعفون‪َ ،‬و َجبَت َ‬
‫القوة اليت‬ ‫ِ‬ ‫ّتاه الضعفاء‪ ،‬بل إّّنا سانِ‬
‫للتوصل إىل هذه ّ‬
‫كل شيء من هللا ّ‬ ‫ّ‬ ‫لدي‬
‫ّ‬ ‫"أان‬ ‫ر‪:‬‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫تف‬ ‫أنت‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫دهم‬
‫أقل حظّاً مبواهب هللا"‪.‬‬
‫أتصرف مبحبّة ّتاه الذين ُهم ّ‬ ‫ُقر بذلك بتواضع‪ ،‬وأن ّ‬ ‫هي ّقويت‪ .‬ينبغي يل أن أ ّ‬
‫تك مع الكلمة و مع العون‪ ،‬ابلسكون وابل َـمثَل‪».‬‬ ‫وأن َمتنَح‪َ ،‬متنَح ّقو َ‬
‫علي أن أفعل؟»‬
‫شك وخطر على اآلخرين‪ ،‬فماذا َّ‬
‫«وإذا كان بني املؤمنني َمن ُهم سيّئون‪ ،‬سبب ّ‬
‫لك ّإايهم‪ ،‬إذ ِمن األفضل أن يكون عددهم قليالً‪ ،‬ولكن صاحلني‪،‬‬ ‫توخي احلذر عند قبو َ‬
‫عليك ّ‬
‫« َ‬
‫ِ‬
‫من أن يكونوا كثريين وغري صاحلني‪ .‬تَع ِرف احلكاية القدمية للت ّفاحات السـليمة و ّ‬
‫التفاحات الفاسدة‪.‬‬
‫ردهم‬
‫خائنيك‪ ،‬فاعمل على ّ‬
‫َ‬ ‫أنت كذلك‬
‫وجدت َ‬‫َ‬ ‫ـتك‪ .‬ولكن إذا ما‬
‫فاعمل على ّأال يكون هذا يف كنيس َ‬
‫ابلصرامة كآخر وسيلة‪ .‬إّّنا إذا كان األمر يتعلق أبخطاء صغرية‪ ،‬شخصيّة‪ ،‬فال‬
‫بكل الوسائل‪ُ ،‬متفظاً َّ‬
‫ّ‬
‫احلب تؤثّر أكثر ِمن احلزم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكن ذا صرامة تُرعب‪ .‬سامح‪ ،‬سامح‪ ...‬فاملساُمة املقرونة ابلدموع وكلّمات ّ‬
‫مثرة هجوم ِمن الشيطان غري متوقّع‪ ،‬عظيمة لدرجة‬‫يف افتداء قلب‪ .‬وإذا كانت اخلطيئة عظيمة‪ ،‬ولكنّها ّ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ّن ال ُـمذنِب يَشعُر ابحلاجة إىل حتاشي حض َ‬
‫فامض ابحثاً عن ال ُـمذنب ألنّه َمحَل اتئه‪ ،‬و َ‬ ‫ورك‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 301 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك إىل الدروب ِ‬
‫املوحلة‪ ،‬حبثاً عن النُّفوس َع ْرب املستنقعات‬ ‫نفسك بنـزو َ‬
‫َ‬ ‫الراعي‪ .‬ال ُتف أن تضع‬ ‫َّ‬
‫األول بني األكاليل الثالثة‪ ...‬وإذا‬ ‫احلب‪ ،‬وهو ّ‬
‫جبينك إبكليل شهيد ّ‬ ‫َ‬ ‫واملهاوي‪ .‬وحينئذ يتكلّل‬
‫لكل ق ّديس خائنه‪،‬‬ ‫فسك‪ ،‬هدفاً للخيانة كما كان املعمدان وكثريون غريه‪ ،‬أل ّن ّ‬ ‫أنت ن َ‬‫أضحيت‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫أي غريه‪ .‬اغفر كما َغ َفَر هللا للناس وكما سوف يَغفر‪ .‬وأيضاً ادعُ "ابناً"‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فسامح‪ .‬ساُمه هو أكثر من ّ‬
‫يدعوك اآلب بفمي‪ ،‬ويف احلقيقة ما ِمن إنسان مل يُسبِّب األمل‬
‫َ‬ ‫ذاك الذي يُسبِّب َ‬
‫لك األمل‪ ،‬ألنّه هكذا‬
‫لآلب السماوي‪»...‬‬

‫ويسود صمت طويل أثناء اجتياز املراعي حيث ترعى النِّعاج هنا وهناك‪.‬‬

‫علي؟»‬ ‫طرحه‬ ‫يد‬


‫ر‬ ‫ت‬ ‫آخر‬ ‫ال‬
‫ؤ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫أخرياً يسأل يسوع‪« :‬أما ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كت رساليت املخيفة بشكل أفضل‪»...‬‬
‫«ال اي يسوع‪ .‬ففي هذا الصباح أدر ُ‬
‫أقل اضطراابً ِمن األمس‪ .‬وعندما أتيت الساعة‪ ،‬ستكون يف سالم أكثر‪ ،‬وستُد ِرك أفضل‬
‫ك ّ‬ ‫«ألنّ َ‬
‫أيضاً‪».‬‬

‫كل هذه األشياء‪ ...‬كلّها‪ ...‬عدا‪»...‬‬


‫«سوف أتذ ّكر ّ‬
‫«عدا ماذا اي يعقوب؟»‬

‫لست أدري إذا ما قُلتَهـا يل‬


‫إليك‪ ،‬تلك الليلة‪ ،‬دون أن أبكي‪ .‬ما ُ‬‫«عدا ما كان ال يَ َدعين أنظُر َ‬
‫أنت َمن قُلتَهـا‪ ،‬أو كان ذلك آتيـاً ِمن الشيطان الذي كان يَبغي‬
‫كنت َ‬
‫وعلي الوثوق هبا إذا َ‬
‫ابلضبط‪ّ ،‬‬
‫كل هذه‬‫إخافيت‪ .‬ولكن كيف ميكن أن تكون هبذا السكون إذا‪ ...‬إذا كان ينبغي ح ّقاً أن َحتصل ّ‬
‫األمور؟»‬

‫ُير نفسه بعناء ألنّه كسيح‪،‬‬


‫لك‪" :‬هناك ر ٍاع ّ‬
‫لت َ‬
‫كنت قُ ُ‬
‫كنت ستَشعُر ابلسـكون لو ُ‬
‫«وهل َ‬
‫فاعمل على شفائه ابسم هللا"؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 302 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مكانك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬سوف أكون إنساانً آخر ُمف ّكراً بغواية اغتصاب‬

‫ك بذلك؟»‬
‫كنت أمرتُ َ‬
‫«وإذا ُ‬
‫أنت َمن يريد‬
‫ك َ‬ ‫أي اضطراب بَعد‪ ،‬ألنّين أكون على ِعلم أبنّ َ‬
‫لدي ّ‬
‫لك وال يكون ّ‬ ‫«أفعله طاعة َ‬
‫ك تُعطيين‬‫أرسلتَين‪ ،‬فإنّ َ‬
‫كنت قد َ‬‫بكل أتكيد‪ ،‬إذا ما َ‬ ‫ذلك‪ ،‬فال أخشى عدم معرفيت القيام به‪ .‬ألنّه‪ّ ،‬‬
‫القوة ألفعل ما تريد‪»...‬‬
‫ّ‬
‫وحت ِسن القول‪ .‬فََرتى أنّين‪ ،‬أان‪ ،‬بطاعيت لآلب‪ ،‬أكون بسالم على الدوام‪».‬‬
‫«تقول ذلك ُ‬

‫ويبكي يعقوب خافضاً رأسه‪.‬‬

‫حبق؟»‬
‫«هل تريد أن تنسى ّ‬
‫«كما تريد اي سيّدي‪»...‬‬

‫رك ِمن األمل‪َّ ،‬إّنا يفرض َ‬


‫عليك‬ ‫ُير َ‬
‫لديك خياران ممكنان‪ :‬أن تنسى أو أن تتذ ّكر‪ .‬النسيان ّ‬ ‫« َ‬
‫رفاقك‪ ،‬كما أنَّه يرتكك غري مهيّأ‪ّ .‬أما التذ ّكر‪ ،‬فيهيّئك للرسالة‪ ،‬إذ ليس هناك‬
‫الصمت ال ُـمطلَق ّتاه َ‬‫َّ‬
‫سوى تذ ّكر ما عاانه ابن اإلنسان يف حياته األرضيّة‪ ،‬لكيال يتش ّكى املرء ُمطلَقاً وليبلغ روحيّاً برؤيته‬
‫كل شيء ِمن املسيح‪ ،‬يف النور األكثر ملعاانً‪ .‬فاخرت‪».‬‬
‫ّ‬
‫يده‪ .‬واملوت يف أقرب فرصة اي سيّدي‪ »...‬وما يزال يعقوب‬ ‫احلب‪ ،‬هذا ما أر ُ‬
‫«اإلميان والتذ ّكر و ّ‬
‫لمع على حليته الكستنائيّة‪ ،‬ملا انتبه أحد إىل إنّه يبكي‪.‬‬
‫يبكي دون صوت‪ .‬ولوال الدموع اليت تَ َ‬
‫قمت يف املستقبل بتلميحات جديدة لـ‪...‬‬
‫يَ َدعه يسوع يَفعل‪ ...‬أخرياً يقول يعقوب‪« :‬وإذا َ‬
‫لشهادتك‪ .‬فهل ينبغي يل القول إنّين أعلَم؟»‬
‫َ‬
‫ض‬
‫تعر َ‬
‫يظن نفسه قد َّ‬ ‫«ال‪ .‬بل اصمت‪ .‬لقد َعرف يوسـف أن يَصمت على أمله كزوج كان ّ‬
‫سراً ُميفاً‪ .‬ومع ذلك‬ ‫ِ‬
‫سر احلَبَل يب من عذراء‪ ،‬وعلى طبيعيت‪ .‬اقتَد به‪ .‬فذاك أيضاً كان ّ‬
‫للخيانة‪ ،‬وعلى ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 303 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كان ال ب ّد ِمن َحفظـه‪ ،‬أل ّن عدم حفظه‪ ،‬عن كربايء أو عن طيش‪ ،‬كان سيُ ِّ‬
‫عرض عمليّة الفداء كلّها‬
‫مت اآلن لكان يف ذلك ضرر كبري لكثري‬‫عمل‪ .‬تذ ّكر هذا‪ .‬لو تكلّ َ‬
‫سهر ويَ َ‬
‫للخطر‪ .‬فالشيطان ال يَين يَ َ‬
‫فاصمت‪».‬‬ ‫ِ‬
‫من الناس‪ ،‬ألسباب كثرية‪ُ .‬‬
‫ضاعف ثِقل احلِمل على كاهلي‪»...‬‬
‫«سوف أصمت‪ ...‬وهذا ما سي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يسوع ال ُُييب‪ .‬يرتك يعقوب‪ ،‬يف ظل غطاء رأسه الكتّاين‪ ،‬يبكي على هواه‪.‬‬
‫ِ‬
‫يلتَقيان بَِر ُجل َُي ِمل طفالً معاقاً (مشلوالً)‪« .‬هل هو َ‬
‫ابنك؟» يَسأله يسوع‪.‬‬

‫السبب يف وفاة والدته‪ .‬واآلن‪ ،‬وقد ماتت ّأمي كذلك‪،‬‬‫«نعم‪ .‬لقد ُولِ َد على هذه احلال‪ ،‬وكان َّ‬
‫فإنّين أصطحبه معي إىل عملي ألسهر عليه‪ .‬أان َحطّاب‪ .‬أُم ِّدده على العُشب‪ ،‬على ِمعطفي‪ ،‬وبينما‬
‫انشر األشجار‪َ ،‬ميَرح هو ابألزهار‪ ،‬طفلي البائِس!»‬

‫لك‪ ،‬هو مصيبة عظيمة‪».‬‬


‫«ابلنسبة َ‬
‫«هي! نعم‪ .‬إّّنا ُيب تَقبُّل ما يريده هللا بسالم‪».‬‬

‫معك‪».‬‬
‫«وداعاً أيها الرجل‪ .‬السالم َ‬
‫«وداعاً‪ .‬السالم لكم كذلك‪».‬‬

‫صعد الرجل اجلبل بينما ما يزال يسوع ويعقوب يَنـ ِزالن‪.‬‬


‫يَ َ‬
‫متنهداً‪.‬‬
‫أمتىن لو تشفيه‪ ».‬يقول يعقوب ّ‬
‫كنت ّ‬‫«اي للبؤس! ُ‬
‫سمع‪.‬‬
‫يبدو يسوع وكأنّه مل يَ َ‬

‫ك املسيح‪ ،‬لكان ِمن احملتمل أن يَطلب َ‬


‫منك معجزة‪»...‬‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬لو كان يَعلَم ذاك الرجل أنّ َ‬
‫يسوع ال ُُييب‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 304 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الصيب‪ .‬قليب‬ ‫على‬ ‫ق‬ ‫«اي يسوع‪ ،‬هل تَ َدعين أعود إىل الوراء ألقول هذا إىل ذاك الرجل؟ إين أ ِ‬
‫ُشف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األقل امنحين فرح رؤية هذا الصغري وقد ُش ِف َي‪».‬‬
‫فعم أملاً‪ .‬فعلى ّ‬
‫ُم َ‬
‫وسأنتظرك هنا‪».‬‬
‫َ‬ ‫«هيّا إذن‪.‬‬

‫لحق ابلرجل ويناديه‪« :‬قِف أيّها الرجل وامسع! الذي كان معي هو‬
‫َميضي يعقوب وهو َُيري‪ .‬يَ َ‬
‫لك‪».‬‬
‫أردت‪ ،‬لرتى إذا ما كان املعلّم سيشفيه َ‬
‫أنت أيضاً إذا َ‬
‫طفلك ألمحله إليه‪ .‬تعال َ‬
‫َ‬ ‫ماسيّا‪ .‬اعطين‬

‫رت بسبب هذا الطفل‪ .‬وإذا‬ ‫أتخ ُ‬


‫كل هذا احلطب‪ .‬ولقد َّ‬ ‫علي قَطع ّ‬‫أنت أيّها الرجل‪َّ .‬‬
‫«اذهب َ‬
‫مل أعمل فال آ ُكل‪ .‬إنّين فقري‪ ،‬وهو يكلّفين الكثري‪ .‬أؤمن مباسيّا‪ ،‬ولكن ِمن األفضل أن ُحت ِّدثه بشأين‪».‬‬

‫ليأخذ الولد املم ّدد على العشب‪.‬‬


‫وينحين يعقوب ُ‬
‫كل أحناء جسمه تؤمله‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«على مهل‪ ».‬ينبّهه احلطّاب « ّ‬
‫حّت بكى الولد بشكل يدعو للشفقة‪.‬‬
‫ع يعقوب حبمله ّ‬
‫ابلفعل‪ ،‬فما أن َشَر َ‬
‫يتنهد يعقوب‪.‬‬
‫«آه! اي له من أمل!» ّ‬
‫أنت شفاءه؟»‬
‫«أمل عظيم‪ ».‬يقول احلطّاب وهو يَنشر جذعاً قاسياً‪ ،‬ويضيف‪« :‬أال تستطيع َ‬
‫لست سوى تلميذ‪»...‬‬
‫لست ماسيّا‪ُ .‬‬
‫«أان ُ‬
‫«حسناً! األطبّاء يتعلّمون ِمن أطباء آخرين‪ .‬والتالميذ ِمن معلّمهم‪ .‬هيّا‪ُ ،‬كن طيّباً‪ .‬ال تدعه‬
‫أنت‪ ،‬وهذا ّإما ألنّه ال يريد‬
‫ك َ‬ ‫أرسلَ َ‬ ‫يتأ ّمل‪ .‬حا ِول َ‬
‫أنت‪ .‬لو كان املعلّم يبغي اجمليء هنا لََف َعل‪ .‬ولكنّه َ‬
‫بنفسك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫وإما ألنّه يريد أن تفعل ذلك َ‬‫شفاءه‪ّ ،‬‬
‫أيمر‪:‬‬ ‫ِ‬
‫فعل‪ُ ،‬ثّ ُ‬
‫َُيار يعقوب يف أمره‪ُ .‬ثّ يَعقد العزم‪ .‬يَنتَصب ويصلّي كما كان يَرى يسوع يَ َ‬
‫شف‪ ».‬وُيثو مباشرة بعدها قائالً‪« :‬آه! اي سيّدي‪،‬‬
‫«ابسم يسوع املسيح ماسيّا إسرائيل وابن هللا‪ ،‬فلتُ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 305 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رمحتك اي إهلي! له ويل‬
‫َ‬ ‫أشفقت على ابن إسرائيل هذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫منك! ولكنّين‬
‫فت بدون إذن َ‬ ‫تصر ُ‬
‫عفوك! لقد َّ‬
‫َ‬
‫نح ٍن على الطفل املم ّدد‪ .‬وتَس ُقط الدموع على الساقني الصغريتني‬
‫أان اخلاطئ!» ويبكي كثرياً وهو ُم َ‬
‫املشوهتني و ِ‬
‫اجلام َدتني‪.‬‬ ‫َّ َ‬
‫عرب‪ .‬إّّنا ال يراه أحد‪ ،‬ذلك أ ّن احلطّاب يَعمل ويعقوب يبكي والطفل‬‫ظهر يسوع فجأة على ال َـم َ‬
‫يَ َ‬
‫يَنظُر إليه بفضول‪ُ ،‬ثّ يَسأل حبنان‪« :‬ملاذا تبكي؟» ومي ّد يده الطفوليّة ليالطفه‪ ،‬ودون أن ينتبه َُيلِس‬
‫رخة يعقوب هي اليت َج َعلَت احلطّاب يلتَ ِفت فريى ابنه‬ ‫وص َ‬
‫ِ‬
‫مبفرده‪ ،‬ويَ َنهض ويُعانق يعقوب ليواسيه‪َ .‬‬
‫مشوهتني‪ .‬وأثناء التفاتته يَرى يسوع‪.‬‬
‫واقفاً على قدميه اللتني مل تعودا ميّتتني وال ّ‬
‫لف يعقوب الذي يلتَ ِفت ويرى يسوع يَنظُر إليه بوجه‬
‫«ها هو! ها هو!» يَهتف وهو يشري َخ َ‬
‫ُمش ِرق ابلفرح‪.‬‬

‫لست أدري كيف َجرى هذا‪ ...‬الرمحة‪ ...‬هذا الرجل‪ ...‬هذا‬


‫ُ‬ ‫«اي معلّم! اي معلّم!‬
‫عفوك!»‬
‫َ‬ ‫الطفل‪...‬‬

‫فعل املعلّم عندما يكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«اّنض‪ .‬التالميذ ليسوا أفضل من املعلّم‪ ،‬ولكنّهم يستطيعون فعل ما يَ َ‬
‫عملون أعمال‬
‫حّت ُخ ّدام هللا يَ َ‬ ‫فعلون مقدَّس‪ .‬اّنض وتعال معي‪ .‬بوِركتُما كالكما‪َّ ،‬‬
‫وتذكرا أ ّن ّ‬ ‫املربر ملا يَ َ‬
‫ّ‬
‫لت‬
‫استطعت؟ ما ز ُ‬
‫ُ‬ ‫كف عن القول‪« :‬ولكن كيف‬ ‫ابن هللا‪ ».‬وَميضي وهو َُيّر إليه يعقوب الذي ال يَ ّ‬
‫ابمسك؟»‬
‫َ‬ ‫صنعت املعجزة‬
‫ُ‬ ‫ال افهم‪ .‬مباذا‬

‫برغبتك يف جعلي ُمبوابً ِمن هذا الربيء وذاك الرجل الذي كان يؤمن‬‫َ‬ ‫«ابلرمحة اي يعقوب‪.‬‬
‫احلب شافياً إنساانً يف حالة‬
‫صنَ َع معجزة بفضل ّ‬‫ويشك يف الوقت ذاته‪ .‬فيوحنّا‪ ،‬قُرب جبنيا ‪َ Jabnia‬‬
‫ّ‬
‫وبثقتك ابمسي‪ .‬أترى َكم خدمة‬ ‫اقك‪،‬‬
‫بدموعك وإشف َ‬ ‫أنت‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيت َ‬‫نزاع مبسـح الزيت وابلصالة‪ .‬وهنا شـَ َ‬
‫ومن غري‬‫الرب وادعة عندما تكون نية التلميذ مستقيمة؟ اآلن فلنمش بسرعة أل ّن هذا الرجل يتبعنا‪ِ .‬‬
‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تنهدا عميقاً) كما‬ ‫ِ‬
‫(يتنهد يسوع ّ‬
‫رفاقك بذلك‪ ،‬ليس اآلن‪ .‬قريباً أُرسل ُكم ابمسي‪ّ ...‬‬
‫املستحسن أن يَعلَم َ‬
‫َ‬
‫(ويتنهد يسوع َم ّدداً)‪ .‬وسوف تفعلون ذلك‪ ...‬ولكن ذلك لن يعود‬ ‫يتحرق يهوذا بن مسعان ليفعل ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 306 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أخوك وكذلك اآلخرون سوف يتألّمون‬ ‫إن مسعان بطرس‪ ،‬و َ‬ ‫ابخلري على اجلميع‪ .‬أسرع اي يعقوب! َّ‬
‫ويَعتَِربون أ ّن ذلك مبثابة احنياز‪ .‬إّّنا هو ليس كذلك‪ .‬بل األمر هو هتيئة واحد من بينكم‪ ،‬أنتم اإلثين‬
‫عشر‪ ،‬كي يكون قُدوة لآلخرين‪ .‬فلننـزل إىل َمرى هذا السيل املغطّى ابلورق‪ .‬وهكذا نُضيّع األثر‪...‬‬
‫أال تريد مفارقة الطفل؟ آه! ال تقلق‪ ،‬فسوف نَلقاه ِمن جديد‪»...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 307 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -123‬بطرس يَ ْك ِرز يف مرج بن عامر‪" :‬احلب هو السالم")‬

‫‪1945 / 08 / 22‬‬

‫«ماذا تفعلون أيّها األصدقاء قرب هذه النار؟» يَسأل يسوع حني يرى تالميذه حول انر‬
‫متأججة تتألّق يف عتمات الليل األوىل عند مفرتق طرق يف مرج بن عامر‪.‬‬
‫ّ‬

‫يَنتَ ِفض ُّ‬


‫الر ُسل أل ّّنم َمل يَروه ُمقبِالً‪ ،‬ونَسوا النار ليحيّوا املعلّم‪َ .‬حت َسب َدهراً قد َمَّر عليهم دون‬
‫كالً‬
‫حّت إ ّن ّ‬ ‫ِ‬
‫َخ َوين من يزرائيل‪ ،‬وقد كاان ج ّد مسرورين‪ّ ،‬‬ ‫سوينا خالفاً بني أ َ‬‫رؤيته‪ُ .‬ثّ يَشرحون‪« :‬لقد ّ‬
‫منهما أراد إعطاءان َمحَالً‪ .‬وف ّكران بشيّهما إلعطائهما لِعُ ّمال دوراس‪ .‬لقد َذ َحب َهما ميخا الذي جليوقاان‬
‫ك مع مرمي وسوسنة ذهنب إلخطار الذين لدوراس أن أيتوا يف‬ ‫وجهَزِها وسنضعهما اآلن على النار‪ّ .‬أم َ‬ ‫َّ‬
‫أقل لفتاً لالنتباه‪ّ ...‬أما حنن فقد‬ ‫ِ‬
‫شرب‪ .‬فالنساء ّ‬ ‫ّناية السهرة‪ ،‬عندما يُقفل القيّم على نفسه يف بيته ليَ َ‬
‫اقبتهن َُيتَزن احلقول كاملسافرات‪ .‬ولكنّنا َع ِملنا القليل‪ .‬كنّا قد قّرران االجتماع الليلة‪،‬‬ ‫َعملنا على مر ّ‬
‫ِ‬
‫فعلت‬ ‫هنا‪ ،‬وأن نقول شيئاً أيضاً ِمن أجل النَّـ ْفس‪ ،‬ولكي ُِ‬
‫بتحسن يف أجسادهم كذلك‪ ،‬كما َ‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ُي‬
‫فأنت هنا‪ ،‬وسيكون األمر أَجل‪».‬‬ ‫املرات األخرى‪ .‬إّّنا اآلن َ‬ ‫أنت يف ّ‬ ‫َ‬
‫« َمن كان سيتكلّم؟»‬

‫أخاك ال‬
‫ولكن!‪ ...‬تقريباً كلّنـا‪ ...‬هكذا‪ ،‬دون كلفة‪ .‬ال ميكننا أكثر‪ ،‬ذلك أ ّن يوحنّا والغيور و َ‬
‫حّت إنّنا تشاجران‬
‫حّت يهوذا بن مسعان‪ ،‬وكذلك برتلماوس ُُياول ّأال يتكلّم‪ّ ...‬‬
‫يريدون احلديث‪ ،‬وال ّ‬
‫ِمن أجل ذلك‪ »...‬يقول بطرس‪.‬‬

‫«وملاذا ال يريد هؤالء اخلمسة أن يتح ّدثوا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 308 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أخوك فألنّه يريدين‬
‫صح أن يكوان ُِها على الدوام‪ّ ...‬أما َ‬‫ألّنما يقوالن إنّه ال يَ ّ‬‫«يوحنّا ومسعان‪ّ ،‬‬
‫أن أتكلّم أان‪ ،‬قائالً إنّين إذا مل أبدأ فأبداً‪ّ ...‬أما برتلماوس فألنّه‪ ...‬ألنّه خياف أن يتكلّم كثرياًكمعلّم‪،‬‬
‫وال يَعرف اإلقناع‪ .‬تَرى ّإّنا حجج وأعذار‪»...‬‬

‫أنت اي يهوذا بن مسعان‪ ،‬ملاذا ال تريد الكالم؟»‬


‫«و َ‬
‫ألّنا كلّها صحيحة‪»...‬‬
‫«لألسباب ذاهتا اليت لآلخرين! هلا َجيعها‪ّ ،‬‬

‫أنت‪ ،‬اي‬
‫قطعي‪َ .‬‬
‫وحكمي ّ‬ ‫«أسباب كثرية‪ .‬وهناك سبب مل يذكره أحد‪ .‬واآلن أان الذي أح ُكم ُ‬
‫أنت‪ ،‬اي يهوذا بن مسعان سوف‬
‫مسعان بن يوان سوف تتح ّدث كما قال ت ّداوس‪ ،‬وقد قاهلا حبكمة‪ .‬و َ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬
‫تتح ّدث كذلك‪ .‬وبذلك‪ ،‬واحد من تلك األسباب العديدة‪ ،‬وهو السبب الذي يَعلمه هللا و َ‬
‫كذلك‪ ،‬ال يعود له وجود‪».‬‬

‫«اي معلّم‪ ،‬ثِق أنّه ال يوجد سبب آخر‪ُُ »...‬ياول يهوذا أن ُُييب‪.‬‬

‫حبضورك؟ لن أجنح! أخشى أن‬


‫َ‬ ‫لكن بطرس يقطع له احلديث قائالً‪« :‬آه! سيّدي! أأان أتكلّم‬
‫و ّ‬
‫تضحك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫أجعلك‬
‫َ‬

‫وحدك‪ ،‬وال تريد أن تكون معي‪ ...‬ماذا تريد إذن؟»‬


‫«ال تريد أن تكون َ‬

‫علي أن أقول؟»‬
‫حق‪ .‬ولكن‪ ...‬ماذا َّ‬
‫ك لَ َعلى ّ‬
‫«إنّ َ‬

‫فكل شيء يفيد‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ر‬‫ك‬‫أخيك‪ ،‬الـمقبِل مع احلملني‪ .‬ساعده‪ ،‬وأثناء الطهي‪ ،‬فَ ِّ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫«انظر إىل َ ُ‬
‫يف إُياد املواضيع‪».‬‬

‫حّت احلَ َمل الذي على النار؟» يَسأل بطرس متش ّككاً‪.‬‬
‫« ّ‬
‫«نعم‪ِ .‬‬
‫أطع‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 309 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ويُطلِق بطرس زفرة تبعث على الشَّفقة‪ ،‬ولكنّه ال يعود ُُييب‪ .‬ميضي ملالقاة اندراوس ويساعده‬
‫وج َع َل يُراقِب الطهو وقد بدا على وجهه تركيز‬ ‫يف تسفيد الدابتني يف عصاً ُم َّروسة ُجعِلَت َكسيخ َش ّ‬
‫ك‪َ ،‬‬
‫َج َعلَه يبدو كحاكم يف حلظة النُّطق ابحلكم‪.‬‬
‫«هيا بنا ملالقاة النساء‪ ،‬اي يهوذا بن مسعان‪ ».‬أيمر يسوع وينطلق صوب حقول دوراس ِ‬
‫املقفرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«التلميذ الصاحل ال َُيتَ ِقر ما ال َُيتَ ِقره املعلّم‪ ،‬اي يهوذا‪ ».‬يقوهلا بعد برهة ودون مق ّدمات‪.‬‬

‫س أ ّن ال أحد يفهمين‪ ،‬وأ ِّ‬


‫ُفضل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لدي‪ .‬ولكنّين مثل برتلماوس‪ ،‬أُح ُّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬ال احتقار ّ‬
‫الصمت‪».‬‬

‫«نثنائيل يفعل ذلك خلشيته من عدم إرضاء رغبيت‪ ،‬أي إانرة القلوب وتعزيتها‪ .‬هو أيضاً يُسيء‬
‫دافعك يف ذلك ليس‬ ‫َ‬ ‫ابلتصرف‪ ،‬ذلك أ ّن‬
‫ّ‬ ‫ابلرب‪ .‬ولكنّك أكثر إساءة‬ ‫التصرف‪ ،‬ابفتقاره إىل الثقة ّ‬
‫ّ‬
‫كل شيء‬ ‫يف‬ ‫جاهلني‬ ‫مساكني‬ ‫حني‪،‬‬ ‫فال‬
‫ّ‬ ‫عل‬ ‫جب‬‫فهمك‪ ،‬إّّنا االستخفاف ِ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫اخلوف ِمن عدم التم ّكن ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫يفهمونك‪ .‬فَـ ُهم‪ ،‬يف هذا املوضوع‪ ،‬يتجاوزون الكثريين منكم‪َ .‬مل تَفهم شيئاً‬
‫َ‬ ‫ما عدا موضوع الفضيلة‪،‬‬
‫بعد‪ ،‬اي يهوذا‪ .‬اإلجنيل هو ابلضبط البُشرى احلَ َسنة احملمـولة إىل املساكني واملرضى والعبيد واحلَزاىن‪،‬‬
‫صل ذَوي البؤس على العون والسلوى‬ ‫ِ‬
‫وبعد ذلك تكون لآلخرين‪ ،‬ولكنّها ابلتحديد من أجل أن َُي َ‬
‫واملؤاساة املمنوحة منها‪».‬‬

‫خيفض يهوذا رأسه وال ُييب‪.‬‬

‫لكالواب وسوسنة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتَنفذ ِمن غابة صغرية مرمي ومرمي اليت‬

‫لكن أيّتها النساء!»‬ ‫ِ‬


‫«أحيّيك اي أ ُّمي‪ ،‬السالم ّ‬
‫سار لكيال‬‫حصلت على خرب ّ‬‫ُ‬ ‫ذهبت إىل أولئك الناس‪َّ ...‬‬
‫املعذبني‪ .‬ولكنّين‬ ‫كنت قد ُ‬ ‫« َولَدي! ُ‬
‫أأت ّمل فوق احل ّد‪ .‬لقد ُتلّى دوراس عن هذه األراضي واشرتاها جيوقاان‪ .‬هي ليست اجلنّة‪ ...‬ولكنّها َمل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 310 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للفالحني‪ .‬ومضى هو اليوم حامالً على‬ ‫تَـعُد اجلحيم‪ .‬هذا ما قاله اليوم القهرمان (القيّم على األمالك) ّ‬
‫حّت آخر حبّة قمح‪ ،‬اتركاً ّإايهم َجيعاً دون مؤونة‪ .‬ومبا أ ّن ُمراقِب جيوقاان ال ميلك سوى ما‬ ‫عرابته ّ‬
‫فالحو دوراس للبقاء دون أكل‪ .‬يف احلقيقة إ ّن العناية اإلهليّة هي اليت‬ ‫اضطر ّ‬
‫َّ‬ ‫فالحيه‪ ،‬فقد‬ ‫يكفي ّ‬
‫أرسلَت هذين احلَ َملني!»‬
‫َ‬
‫«والعناية اإلهليّة كذلك هي اليت َج َعلَتهم ال يعودون ينتمون إىل دوراس‪ .‬لقد رأينا بيوهتم‪ ...‬إ ّّنا‬
‫ص ِد َمت بذلك‪.‬‬ ‫زرائب خنازير‪ »...‬تقول سوسنة وقد ُ‬
‫لكالواب‪.‬‬ ‫اليت‬ ‫مرمي‬ ‫ب‬ ‫«إ ّن أولئك املساكني لفي غاية السعادة!» تُع ِ‬
‫ق‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫«أان كذلك مسرور‪ .‬سوف يكونون أفضل ممّا كانوا عليه قبالً‪ُُ ».‬ييب يسوع الذي يعود إىل‬
‫ُر ُسله‪.‬‬

‫األندوري حامالً ِجرار ماء‪ ،‬يُساعده يف ذلك هرمست‪ّ « .‬إّنا ِمن جيوقاان‪ ،‬هو‬
‫ّ‬ ‫لحق به يوحنّا‬
‫يَ َ‬
‫شرح بعد التعبري عن إجالله ليسوع‪.‬‬
‫الذي أعطاان ّإايها‪ ».‬يَ َ‬
‫َّسم‪ .‬يُتابِع بطرس فَتل ِسيخ‬
‫يعود اجلميع إىل حيث يشوى احلمالن وسط غيوم ِمن الدخان الد ِ‬
‫ُ َ ََ‬
‫الشي‪ ،‬ويف تلك األثناء يُر ِاجع أفكاره‪ِ .‬من جهته‪ ،‬يوضاس ت ّداوس‪ ،‬ممسكاً أبخيه ِمن َخصره‪ ،‬يقطع‬
‫ّ‬
‫املكان طوالً وعرضاً وهو يتكلّم دون توقف‪ّ .‬أما اآلخرون‪ ،‬فمنهم َمن َُيلب احلطب‪ ،‬ومنهم َمن‬
‫لست أدري‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يُهيّئ‪ ...‬الطـاولة‪ ،‬جالبني صخوراًكبرية السـتخدامها كمقاعد أو طاوالت‪ُ ،‬‬
‫فالحو دوراس‪ ،‬أحنف ممّا كانوا عليه‪ ،‬وبثياب ابلية أكثر‪ .‬ولكنّهم يف سعادة كبرية! إ ّّنم‬ ‫يِ‬
‫صل ّ‬‫َ‬
‫حوايل العشرين‪ ،‬وليس فيهم طفل وال امرأة‪ .‬فقط رجال مساكني…‬

‫الرب معاً ملنحه ّإايكم معلّماً أفضل‪ .‬فلنباركه وحنن نصلّي ِمن أجل‬
‫«السالم لكم َجيعاً‪ ،‬ولنبارك ّ‬
‫أنت سعيد أيّها اجل ّد؟ أان كذلك‪ .‬سوف أمت ّكن‬ ‫ِ‬
‫هداية َمن َج َعلَكم تتألّمون كثرياً‪ .‬أليس كذلك؟ هل َ‬
‫ك تبكي ِمن الفرح‪ ،‬أليس كذلك؟ تعال‪ ،‬تعال دون‬ ‫ثوك عنه؟ إنّ َ‬
‫الصيب‪ .‬هل ح ّد َ‬
‫من اجمليء غالباً مع ّ‬
‫ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 311 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خوف‪ »...‬يقول ُُماطباً ج ّد مرغزايم‪ ،‬الذي احنىن ليُقبِّل يديـه وهو يبكي ويُتمتم‪« :‬ال أطلب شيئاً بعد‬
‫أود لو أموت خوفاً ِمن العيش الطويل وعوديت إىل‬
‫كنت أطلُب‪ .‬اآلن ُّ‬ ‫منه تعاىل‪ .‬لقد َوَهبَين أكثر ممّا ُ‬
‫اآلالم‪».‬‬

‫َّجاسر‪ .‬وعلى َوَرقات عريضة ُم َّدت‬


‫أسرعوا يف الت ُ‬
‫الفالحون املرتبكون قليالً لوجودهم مع املعلّم َ‬‫ّ‬
‫كل منها على فطرية ملساء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫على صخور ُجلبَت ُمسبقاً‪ُ ،‬وض َع احلَ َمالن وقُ ّسما إىل حصص ُوض َعت ّ‬
‫وهاهم قد َس َكنوا ببساطتهم وهم أيكلون بشهيّة‪ُ ،‬مشبِعني جوعهم‬
‫وعريضة الستخدامها كصحن‪ُ .‬‬
‫املرتاكِم وهم يتح ّدثون عن األحداث األخرية‪.‬‬

‫الرب‪،‬‬
‫نت دائماً اجلَّراد واخلُلد والنمل‪ .‬ولكن‪ ،‬مع ذلك ستبدو يل ُر ُسل ّ‬‫يقول أحدهم‪« :‬لقد لَ َع ُ‬
‫إذ بسببها َخَرجنا ِمن اجلحيم‪ ».‬رغم أ ّن مقارنة اجلماعة املالئكيّة ابجلَّراد والنمل قاسية‪ ،‬مل يضحك‬
‫س ابملأساة املختبئة خلف تلك الكلّمات‪.‬‬ ‫أحد‪ ،‬أل ّن اجلميع ُُي ّ‬
‫لكن الوجوه ال تتّجه صوب النار‪ ،‬وقليل منهم َمن يَنظُر إىل ما‬
‫اللّهب يُنري َجاعة الناس تلك‪ ،‬و ّ‬
‫كل العيون ُحت ِّدق يف وجه يسوع‪ ،‬ومل َِحتد سوى للحظة‪ ،‬عندما عادت مرمي اليت‬‫هو موضوع أمامهم‪ّ .‬‬
‫بلف‬
‫الفالحني اجلائعني‪ ،‬وتُنهي عملها ّ‬ ‫هتتم ابحلصص‪ ،‬لِتُضيف قطعة أخرى على فطائر ّ‬ ‫حللفى‪ ،‬اليت ّ‬
‫كل منكم لقمة أخرى غداً‪ .‬ويف هذه األثناء سوف‬ ‫مشويني قائلة جل ّد مارغزايم‪ُ « :‬خذ‪ .‬سينال ّ‬
‫َّ‬ ‫فَخ َذين‬
‫يتدبّر ُمراقِب جيوقاان األمر‪».‬‬

‫«ولكنّكم‪»...‬‬

‫سيخف ِمحلنا‪ُ .‬خذ‪ُ ،‬خذ أيّها الرجل‪».‬‬


‫ّ‬ ‫«حنن‪،‬‬

‫َمردة واستمرار رائحة دهن ذائب ما زال يشتعل على احلطب‬ ‫مل َّ ِ‬
‫يتبق من احلَ َملني سوى عظام ّ‬
‫حل ضوء القمر ُملّه لإلانرة‪.‬‬
‫الذي ينطفئ‪ ،‬وقد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 312 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فالحو جيوقاان إىل اآلخرين‪ .‬حان موعد احلديث‪ .‬وترتَِفع عينا يسوع ِ‬
‫ابحثَـتَني عن يهوذا‬ ‫ينضم ّ‬
‫ّ‬
‫فهم معىن تلك النَّظرة‪ ،‬يُنادي‬
‫الظل قليالً‪ .‬ومبا أنّه يتظاهر أبنّه مل يَ َ‬
‫يوطي القابع قرب شجرة يف ّ‬
‫االسخر ّ‬
‫رغمه على النهوض واحلضور‪.‬‬ ‫يسوع بصوت عال‪« :‬اي يهوذا!» وي ِ‬
‫ُ‬
‫وصلت هذا املساء‪ ،‬لكان‬
‫ُ‬ ‫عين‪ .‬إنّين متعب ج ّداً‪ ،‬ولو مل أكن قد‬
‫تتنح‪ .‬أرجوك التبشري بدالً ّ‬
‫«ال َّ‬
‫عليكم أنتم أن تتح ّدثوا!»‬

‫األقل‪».‬‬
‫علي أسئلة على ّ‬
‫لست أدري ما أقول‪ ...‬اطرح َّ‬
‫«اي معلّم‪ُ ...‬‬
‫لست أان َمن لديه أسئلة‪ ،‬بل ُهم‪ .‬أيّها الرجال‪ :‬ماذا ترغبون أن تسمعوا‪ ،‬أو هل لديكم‬
‫« ُ‬
‫الفالحني بعدئذ‪.‬‬
‫استفسارات معيّنة؟» يَسأل ّ‬

‫الفالحني‪« :‬لقد َعرفنا‬


‫يَنظُر الرجال بعضهم إىل بعض‪ ...‬إ ّّنم مرتبكون‪ ...‬أخرياً يَسأل أحد ّ‬
‫الرب وصالحه‪ ،‬ولكنّنا ال نعرف سوى القليل القليل عن عقيدته‪ .‬قد نتم ّكن ِمن معرفة املزيد‪،‬‬ ‫قدرة ّ‬
‫اآلن وقد أصبحنا مع جيوقاان‪ .‬إّّنا لدينا رغبة جاُمة يف معرفة األمور اليت ال ب ّد منها‪ ،‬واليت ُيب القيام‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي شيء‪،‬‬ ‫هبا للحصول على امللكوت الذي يَعد به ماسيّا‪ .‬وابعتبار أنَّنا غري قادرين عملياً على فعل ّ‬
‫فهل سنتم ّكن من احلصول على ذلك امللكوت؟»‬

‫فكل ما فيكم وما ُييط بكم‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫دون‬ ‫س‬ ‫حت‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ظروف‬ ‫يف‬ ‫كم‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫د‬ ‫ك‬
‫ّ‬‫املؤ‬ ‫ن‬ ‫ُُييب يهوذا‪ِ « :‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫احلريّة اليت تَفتَ ِقدون إليها للمجيء إىل املعلّم عندما يبدو لكم ذلك‬ ‫يتحالف إلبعادكم عن امللكوت‪ّ .‬‬
‫ضبعاً مثل دوراس‪ ،‬ومهما يكن‪ ،‬فهو مثل كلب احلراسة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حسناً‪ ،‬كونكم ُخ ّداماً ل ُمعلّم‪ ،‬إن مل يكن َ‬
‫املتدين الذي أنتم فيه‪ ،‬وهي كلّها ظروف غري مؤاتية الختياركم‬ ‫يبقي خ ّدامه يف األسر‪ ،‬اآلالم والوضع ّ‬
‫التأزم واالنتقام ممّن يعاملكم‬
‫للملكوت‪ .‬ذلك أنّه سيكون من الصعب ّأال تَستاءوا و ّأال تَشعروا ابحلقد و ّ‬
‫وحب القريب‪ .‬فبدون ذلك ال خالص‪ .‬عليكم السهر‬ ‫حب هللا ّ‬ ‫بقسوة‪َّ .‬إّنا األولوية القصوى هي ّ‬
‫حتمل‬ ‫على إبقاء قلوبكم يف خضوع واستسالم إلرادة هللا اليت تَ ِ‬
‫ظهر من خالل مصريكم‪ ،‬وعليكم ّ‬ ‫َ‬
‫بكل أتكيد لن تكون‬ ‫حلريّة تفكريكم ابإلدانة‪ ،‬اليت ّ‬ ‫حّت بدون إفساح اجملال ّ‬ ‫بكل صرب‪ّ ،‬‬ ‫معلّمكم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 313 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كورة لـ‪ ...‬لـ‪َّ ...‬إّنا ابلنتيجة‪ ،‬ينبغي عليكم ّأال تَثوروا‪ ،‬أل ّن هذه‬
‫متساُمة خبصوص معلّمكم‪ ،‬وال َش َ‬
‫احلب ال ينال اخلالص‪ ،‬ألنّه ُمالف للوصيّة األوىل‪ .‬وإنّين لَ َعلى يقني‬
‫ومن ليس لديه ّ‬ ‫احلب‪َ .‬‬
‫الثورة تَقتُل ّ‬
‫أ ّن إبمكانكم اخلالص‪ ،‬ألنّين أرى فيكم اإلرادة احلسنة‪ ،‬مقرونة بوداعة النَّـ ْفس اليت متنح األمل إبمكانيّة‬
‫إقصاء احلقد وروح االنتقام عنكم‪ّ .‬أما الباقي فتتك ّفل به رمحة هللا الواسعة اليت تَغفر لكم ما ينقصكم‬
‫لكمالكم‪».‬‬

‫ص ْمت‪ .‬يُبقي يسـوع رأسه كثري االحنناء‪ ،‬مما يُعيق رؤية تعبري وجهه‪ .‬إّّنا ميكن رؤية الوجوه‬ ‫َ‬
‫الفالحون أكثر إذالالً ِمن السابق‪ ،‬و ُّ‬
‫الر ُسل والنساء‬ ‫األخرى‪ ،‬وهي ليست ابحلقيقة وجوهاً سعيدة‪ .‬ف ّ‬
‫َمشدوهون‪ ،‬بل أكاد أقول ّإّنم َمذعُورون‪.‬‬

‫ظهر ِمنّا أيّة فكرة غري الصرب واملساُمة‪ُُ ».‬ييب العجوز بتواضع‪.‬‬
‫«إنّنا نعمل جاهدين كيال تَ َ‬
‫احلب‪.‬‬
‫التوصل إىل كمال ّ‬‫يتنهد‪« :‬حتماً سيكون من الصعب علينا ّ‬ ‫فالح آخر وهو ّ‬ ‫ويقول ّ‬
‫ابلنسبة لنا يـُ َع ّد كثرياًكوننا َمل نُصبِح قَـتَـلَة الذين يع ّذبوننا! فالروح يتأ ّمل و يتأ ّمل ويتأ ّمل‪ّ ،‬‬
‫وحّت وإن مل َُيقد‪،‬‬
‫ُيب‪ ،‬مثل أولئك األطفال اهلزيلني‪ ،‬الذين يَصعب عليهم أن يَنموا‬ ‫ِ‬
‫فلقد أصبَ َح من الصعب عليه أن ّ‬
‫ويَكربوا‪»...‬‬

‫أظن أنّكم‪ ،‬أنتم ابلذات‪ ،‬ألنّكم أتلّمتم كثرياً دون‬ ‫خالفك ّ‬


‫َ‬ ‫«ولكن ال أيّها الرجل‪ .‬فأان على‬
‫احلب‪ .‬وإنّكم ُِحتبّون دون‬
‫ّ‬ ‫خيص‬
‫ّ‬ ‫فيما‬ ‫ـا‬‫ن‬‫روح‬ ‫ن‬ ‫أقدر ِ‬
‫م‬ ‫التوصل إىل القتل واالنتقام‪ ،‬فإ ّن روحكم أقوى و َ‬
‫ّ‬
‫الحظ بطرس أنّه أخذ املبادرة ابلكالم‪ ،‬فيتوقّف ليقول‪:‬‬ ‫الحظوا ذلك‪ ».‬يقول بطرس ملؤاساهتم‪ .‬ي ِ‬ ‫أن تُ ِ‬
‫ُ‬
‫ُعزز ما أقول ِمبَثَل احلَ َمل‬
‫وحّت أن أ ِّ‬
‫علي أن أتكلّم‪ّ ...‬‬ ‫لت يل إ ّن َّ‬
‫«آه! اي معلّم!‪ ...‬ولكن‪ ...‬لقد قُ َ‬
‫يت يف النَّظَر إليه حبثاً عن كلّمات تَصلُح إلخوتنا يف وضعهم‪ .‬ولكن‬ ‫استمر ُ‬
‫ّ‬ ‫كنت أشويه‪ .‬لقد‬
‫الذي ُ‬
‫ت أدري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـت أدري كيف‪َ ،‬وجدتين أشطح بعيداً أبفكار لس ُ‬ ‫غيب‪ ،‬مل أجد ما يُناسب‪ ،‬ولس ُ‬
‫حتماً‪ ،‬مبا أنّين ّ‬
‫مين‪ ،‬أو إذا ما كانت مق ّدسة‪ ،‬فتكون حتماً آتية من السماء‪ .‬أقوُهلا‬ ‫متهورة‪ ،‬فهي حتماً ّ‬
‫إذا ما كانت ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 314 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬سوف تُعطيين تفسرياً هلا‪ ،‬أو إنك ستعارضين وتَرفُض‪ ،‬وأنتم َجيعاً سوف‬
‫كما أتتين‪ ،‬و َ‬
‫تُشا ِركون‪.‬‬

‫صنِ َع اللّهب؟‬ ‫مم ُ‬‫كل شيء أنظُر إىل اللّهب‪ ،‬وأتتين هذه الفكرة‪" :‬ها ُكم‪ّ :‬‬ ‫كنت قبل ّ‬ ‫إذاً فقد ُ‬
‫ِمن احلطب‪ .‬ولكن احلطب ال يشتعل بذاته‪ .‬وإذا مل يكن جافّاً متاماً‪ ،‬فإنّه ال يشتعل أبداً‪ ،‬أل ّن املاء‬
‫يُ ِثقله ومينع الصوفان (شيء َخي ُرج ِمن قلب الشجرة‪ ،‬رخو ايبس تقدح فيه النار) ِمن إشعاله‪ .‬احلطب‬
‫ويتحول إىل غبار بفعل الديدان‪ ،‬ولكنّه ال يشتعل بذاته‪َّ .‬إّنا حني يرتّب املرء‬ ‫ّ‬ ‫عندما ميوت يَفسد‬
‫احلطب بشـكل مالئم‪ ،‬ويدين الصوفان والوالعة‪ِ ُ ،‬‬
‫سهل اإلشعال بنفخه على العيدان‬ ‫وُيدث الشرارة‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫كل‬ ‫تاح‬ ‫وّت‬
‫َ‬ ‫يدة‬ ‫ومف‬ ‫َجيلة‬ ‫ح‬‫وحت ُدث الشُّعلة وتُصبِ‬
‫َ‬ ‫نعومة‪،‬‬ ‫كثر‬ ‫األ‬ ‫ابلعيدان‬ ‫ائ‬
‫ً‬ ‫د‬‫النحيلـة ليؤجج النار‪ ،‬مبت ِ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫كنت أقول لنفسي‪" :‬احلطب هو حنن‪ .‬وال نَضطَ ِرم بذواتنا‪ .‬ومع ذلك‬ ‫حّت األغصان الضخمة"‪ .‬و ُ‬ ‫شيء ّ‬
‫لئال نتبلّل كثرياً مبياه اللحم والدم الثقيلة ج ّداً لنسمح للصوفان إبضرامنا‪ .‬وعلينا‬ ‫توخي احلذر ّ‬‫ُيب ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلو والديدان‪ ،‬أي اإلنسـانيّة والشيطان‪.‬‬ ‫دمران تقلّبـات ّ‬‫الرغبة أبن نَضطَ ِرم‪ ،‬ألنّنا إن بقينا خاملني‪ ،‬فقد تُ ّ‬
‫إيل فإن تلك‬ ‫فإّنا تَب َـدأ إبحراق العيدان النَّحيلة وإفنائها ‪-‬وابلنسبة َّ‬ ‫احلب‪ّ ،‬‬
‫بينما لو استسلمنا لنار ّ‬
‫العيدان هي النقائص‪ُ -‬ثّ تنمو وتطال األغصان األكثر ضخامة أي امليول األقوى‪ .‬وحنن‪ ،‬احلطب‪،‬‬
‫ي والرشيق‬ ‫املاد ّ‬
‫املاديّة‪ ،‬القاسية‪ ،‬الكثيفة‪ ،‬الفظّة كذلك‪ ،‬سـوف نصبح ذلك الشيء اجلميل غري ّ‬ ‫األمور ّ‬
‫الوالعة والصوفـان اللَّذين ُيعالن ِمن‬ ‫للحب الذي هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل ذلك ألنّنا استسـلمنا‬ ‫الذي هو اللّهب‪ ،‬و ّ‬
‫كياننا البائس كأانس خاطئني مالك الزمن اآليت‪ ،‬مواطن ملكوت السموات"‪.‬‬

‫تلك كانت فكريت األوىل‪».‬‬

‫غمضتان‪ ،‬وقد ارتَ َس َمت ابتسامة خفيفة على شفتيه‪.‬‬


‫سمع وعيناه ُم َ‬
‫قي يَ َ‬
‫َرفَ َع يسوع رأسه قليالً وبَ َ‬
‫اآلخرون يَنظُرون إىل بطرس مذهولني كذلك‪ ،‬ولكنّهم مل يعودوا خائفني‪ .‬ويُتابِع هو بسكون‪.‬‬

‫شواين‪ .‬ال تقولوا أب ّن أفكاري‬


‫نت أنظُر إىل احليوانني اللذين كاان يُ َ‬
‫«فكرة أخرى أتتين بينما ُك ُ‬
‫أطعت‪.‬‬
‫كنت أرى‪ ...‬و ُ‬ ‫صبيانيّة‪ .‬لقد قال يل املعلّم أن أحبث عنها يف ما ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 315 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫"إّنما حيواانن بريئان ووديعان‪ .‬وكتابنا ملئ‬ ‫كنت أنظر إذاً إىل احليوانني وأقول لنفسي‪ّ :‬‬ ‫ُ‬
‫املوسوي‪ ،‬وابلوقت ذاته‬
‫ّ‬ ‫للح َمل‪ ،‬للتذكري مباسـيّا املوعود وال ُـمخلِّص املتمثِّل ابحلَمـَل‬
‫ابلتلميحات اللطيفة َ‬
‫للتعبري عن أ ّن هللا سوف يرأف بنا‪ .‬هذا ما يقوله األنبياء‪ .‬أييت لِيَجمع نعاجه‪ ،‬لِيُعاّل اجملروحني‪،‬‬
‫كنت أقول لنفسي‪َ " :‬كم ُيب ّأال ُناف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وليَحمل َمن كان منهم قد ُكسر له عضو‪ .‬اي له من صالح!" ُ‬
‫كنت أقول لنفسي أيضاً‪ُ" ،‬يب أن نكون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من إله يَعدان هبذا ال َق َدر من الرمحة‪ ،‬حنن البؤساء!" ولكن ُ‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫ابحلب‪ ،‬إذ ّ‬
‫األقل ُوَدعاء‪ ،‬مبا أنّنا لسنا أبرايء‪ُ .‬وَدعاء وراغبني يف أن نكون ُمستَهلَكني ّ‬ ‫ُوَدعاء‪ ،‬على ّ‬
‫َمرد ِجي َفة‬
‫ّ‬ ‫سيكون‬ ‫النار؟‬ ‫جه‬ ‫احلمل األكثر وداعة واألكثر طُهراً‪ ،‬ماذا ُيل به حني يقتَل إذا مل تُ ِ‬
‫نض‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫نَتِنَة‪ ،‬بينما إذا ما لََف َحته النار يُصبِح غذاءً سليماً ومباركاً"‪.‬‬

‫احلب‪ .‬فهو ُخيلِّصنا‬


‫انتهيت إىل النتيجة التالية‪" :‬ابلنتيجة‪ ،‬فإ ّن اخلري كلّه ُيصل نتيجة ّ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫و ُ‬
‫وم ْرضيّني هلل‪ .‬يَسمو مبزاايان الطبيعيّة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أثقال البشريّة‪َُ ،‬ي َعلنا المعني ومفيدين‪َُ ،‬ي َعلنا صاحلني إلخوتنا َ‬
‫ومن كان صاحب فضيلة‬ ‫ٍ‬
‫الصاحلة‪ ،‬حامال ّإايها إىل الدرجة اليت تتّخذ معها اسم فضائل فائقة الطبيعة‪َ .‬‬
‫كان ق ّديساً‪ ،‬والق ّديس يَنال السـماء‪ .‬إذ إ ّن الذي يَفتَح دروب الكمال‪ ،‬ليس العِلم وال اخلوف‪ ،‬بل‬
‫الرب‪ ،‬أكثر كثرياً ِمن اخلَوف ِمن العِقاب‪.‬‬ ‫احلب‪ .‬فهو يبقينا بعيدين عن الش ّـر ابلرغبة بعدم إحزان ّ‬ ‫هو ّ‬
‫فاحلب إذن هو خالص وتقديس اإلنسان"‪.‬‬ ‫أيتون‪.‬‬ ‫هللا‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ألّنم ِ‬
‫وهو مينحنا الرمحة واحملبّة ّتاه إخوتنا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫لدي سوى‬ ‫ِ‬
‫كنت أُف ّكر فيه وأان أنظُر إىل شوائي وأطيع يسوعي‪ .‬وساُموين إذا مل يكن ّ‬ ‫هذا ما ُ‬
‫صنَـ َعت خرياً يل‪ .‬أُق ِّدمها لكم على أمل أن تصنع اخلري لكم كذلك‪».‬‬
‫هذه األفكار‪ .‬ولكنّها قد َ‬
‫دت‬ ‫ِ‬
‫يَفتَح يسوع عينيه‪ .‬إنّه متألّق‪ .‬مي ّد ذراعه ويضع يده على كتف بطرس‪« :‬يف احلقيقة‪ ،‬لقد َو َج َ‬
‫اضع والرغبة يف مؤاساة اإلخوة‬ ‫الكلّمات اليت كان ُيب إُيادها‪ .‬الطـاعة واحلب جع َ ِ‬
‫الك َّتدهـا‪ .‬التو ُ‬ ‫ُ ّ ََ‬
‫ّتعل ِمن املؤاساة جنوماً كثرية يف ليل مسائهم‪ .‬ليبار َ‬
‫كك هللا‪ .‬اي مسعان بن يوان!»‬

‫أنت ألن تتكلّم؟»‬


‫أنت اي معلّمي! و َ‬
‫كك هللا َ‬
‫«فليبار َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 316 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«غداً سيبدأون العمل لصاحل معلّمهم اجلديد‪ .‬سوف أُاب ِرك تلك البداية بكالمي‪ .‬اآلن اذهبوا‬
‫بسالم‪ ،‬وليكن هللا معكم‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 317 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫ب طاعة")‬
‫‪( -124‬يسوع لفالّحي جيوقاان‪" :‬احلُ ّ‬
‫‪1945 / 08 / 23‬‬

‫يكاد يكون الفجر‪ .‬يسوع يَِقف وسط بستان دوراس َّ‬


‫املخرب‪ .‬صفوف ِمن األشجار امليتة أو‬
‫الر ُسل‪ ،‬البعض واقف والبعض‬
‫فالحو دوراس وجيوقاان و ُّ‬
‫تتماوت وقد انتـُِزع الكثري منها‪ .‬وحوله ّ‬
‫اليت َ‬
‫اآلخر جالس على جذوع األشجار الساقطة‪.‬‬

‫لست وحدي الذي يَنطَلِق‪ ،‬بل أنتم كذلك‬


‫يبدأ يسوع ابلكالم‪« :‬يوم جديد وانطالقة جديدة‪ُ .‬‬
‫فالحني آخرين‬‫ستنضمون إذن إىل ّ‬
‫ّ‬ ‫إمرة معلّم آخر‪.‬‬
‫فماد ّايً‪ ،‬ابنتقالكم إىل ّ‬
‫معنوايً ّ‬
‫تنطلقون‪ ،‬إن مل يكن ّ‬
‫ووِرعني‪ ،‬وستُش ِّكلون عائلة واحدة تستطيعون فيها التح ّدث عن هللا وكلمته دون استخدام‬
‫صاحلني َ‬
‫احلِيل لذلك‪ .‬فسـانِدوا بعضكم بعضاً يف اإلميان‪ِ .‬‬
‫ساعدوا بعضكم البعض‪ .‬كونوا متسـاُمني ّتاه أخطاء‬ ‫َ‬
‫اآلخرين‪ .‬كونوا قدوة صاحلة‪ ،‬البعض للبعض اآلخر‪.‬‬

‫احلب‪ .‬ورغم اختالف األساليب‪ ،‬فقد َِمسعتُم أمس مساء ِمن ُّ‬
‫الر ُسل أ ّن اخلالص يف‬ ‫هذا هو ّ‬
‫احلب الطبيعة الثقيلة‬ ‫ِ‬
‫احلب‪ .‬مسعان بطرس‪ ،‬بكلمته البسيطة والطيّبة‪َ ،‬ج َعلَكم تُالحظـون كيف يُب ّدل ّ‬ ‫ّ‬
‫فسداً كحيوان ميّت مل‬ ‫أبخرى فائقة الطبيعة‪ .‬كيف أ ّن املرء بدون احلب ميكنه أن يصبِح فاسداً وم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الع َفن يف املاء دون أن‬
‫األقل يكون بغري ذي فائدة كاحلطب الذي يُصيبه َ‬ ‫يَنضج على النار‪ ،‬أو على ّ‬
‫للحب أن َُي َعل ِمن هذا الشخص إنساانً ُييا يف أجواء هللا‪،‬‬‫ّ‬ ‫يكون صاحلاً إلضرام انر‪ ،‬كيف ميكن‬
‫وابلنتيجة كائناً يُفلِت ِمن الفساد ويصبح مفيداً لقريبه‪.‬‬

‫احلب‪ .‬ولن أ َك َّل أبداً ِمن قول ذلك‪.‬‬


‫ّ‬ ‫هي‬ ‫العظمى‬ ‫الكون‬ ‫ة‬‫قو‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫إال‬
‫ّ‬ ‫ذلك‬ ‫فما‬ ‫أبنائي‪،‬‬ ‫اي‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬‫ثِ‬
‫احلب‪ ،‬بدءاً ِمن املوت واألمراض اليت ُولِ َدت ِمن رفض آدم‬ ‫ِ‬
‫فكل مآسي األرض أتيت من االفتقار إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫الرب تعاىل‪.‬‬
‫حب ّ‬ ‫وحواء ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 318 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتمرد ض ّده‪ .‬ولكن كذلك‬‫ُيب الذي ّ‬ ‫املتمرد ال ّ‬
‫متمرد‪ .‬و ّ‬
‫فاحلب طـاعة‪ .‬والذي ال يَطيع هو ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬كاحلروب واّنيار عائلة أو اثنتني يف مزامحاهتما‪ِ ،‬من أين أتيت؟ ِمن‬ ‫العامة و ّ‬
‫املآسي األخرى ّ‬
‫املاديّة كقصاص ِمن هللا‪ ،‬إذ إ ّن‬
‫للحب‪ .‬ومع اّنيارات العائالت أتيت االّنيارات ّ‬ ‫ّ‬ ‫األاننيّة اليت هي افتقار‬
‫حب‪ .‬أَعلَم أ ّن شائعة تدور هنا ‪-‬وبسببها‬‫هللا‪ ،‬عاجالً أم آجالً يَضرب دائماً ذلك الذي ُييا بدون ّ‬
‫يتحملونين خوفاً من‬‫إيل البعض اآلخر خبوف‪ ،‬أو يعتربونين عقاابً جديداً‪ ،‬أو ّ‬ ‫يكرهين البعض‪ ،‬ويَنظُر ّ‬
‫ظريت هي اليت َمحَلَت اللّعنة هلذه احلقول‪ .‬ليست نظريت‪،‬‬
‫العقاب‪ -‬أعلَم أ ّن شائعة تدور هنا مفادها أ ّن نَ َ‬
‫كل الذين يكرهونين‪،‬‬ ‫اضي‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫رق‬ ‫حت‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫يت‬‫ظر‬ ‫ن‬ ‫على‬ ‫كان‬ ‫لو‬ ‫قاتل‪.‬‬ ‫م‬‫وَم ِ‬
‫ر‬ ‫ولكنه العقاب ألاننية رجل ِ‬
‫ظامل‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يف احلقيقة كم هي قليلة اخلضرة اليت تبقى يف فلسطني!‬

‫أان ال أنتَ ِقم أبداً ِمن أجل اإلهاانت اليت َحلِقت يب أان نفسي‪ ،‬ولكنّين أترك لآلب أمر أولئك‬
‫ـخرون من الوصيّة بطريقة تَنتَ ِهك‬‫خيص القريب‪ ،‬ويَس َ‬ ‫الذين يَبقون بعناد يف خطيئتهم األاننيّة فيما ّ‬
‫للحب‪ ،‬أصبَحوا أكثر‬ ‫سبهم‬‫ك‬‫َ‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫د‬ ‫قا‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫كالم‬
‫و‬ ‫إقناعهم‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫ُي‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫كالم‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫احلرمات‪ ،‬والذين كلّما َِ‬
‫مس‬
‫ّ‬ ‫ُُ‬
‫خطيئتك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ك ِمن‬
‫إجراماً‪ .‬إنّين دائما على أهبة االستعداد ألرفع يدي كي أقول للذي يتوب‪" :‬أحلّ َ‬
‫التغري‪ .‬وليكن ذلك حاضراً يف أذهانكم‬ ‫احلب بقبويل قَساوات أتىب ُّ‬ ‫امض بسـالم"‪ .‬ولكنّين ال أُهني ّ‬
‫على الدوام‪ ،‬لَِرتوا األمور يف نور يُالئِم العدل‪ ،‬ولتكذيب اإلشاعات اليت هي ُمالفة دائماً للحقيقة‬
‫بسبب التبجيل أو بِدافع ِمن َخشية َغضوبة‪.‬‬

‫غادرون هذه األرض‪ .‬واليت يف احلالة اليت هي‬ ‫إنَّكم تَنت ِقلون إىل تَبعية معلّم آخر‪ ،‬ولكنّكم ال تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫عليها‪ ،‬يبدو االهتمام هبا ضرابً من اجلنون‪ .‬ومع ذلك أقول لكم‪ :‬اجعلوا منها واجبكم‪ .‬لقد فعلتُم‬
‫عاملوا كما‬ ‫ِ‬
‫حّت اآلن خوفاً من العقوابت الالإنسانيّة‪ .‬افعلوا ذلك اآلن أيضاً‪ ،‬عاملني أنّكم لَن تُ َ‬ ‫ذلك ّ‬
‫توجب عليكم العمل حبميّة سعيدة‬ ‫ما‬‫ّ‬‫ل‬ ‫ك‬ ‫ة‪،‬‬ ‫إبنساني‬ ‫لتم‬ ‫كنتم تُعاملون‪ .‬بل حّت أقول لكم‪ :‬كلّما ع ِ‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حقيقي أ ّن على املعلّمني‬ ‫مثلها‪.‬‬ ‫ة‬ ‫إبنساني‬ ‫ة‬ ‫اإلنساني‬ ‫مينحكم‬ ‫الذي‬ ‫ذاك‬ ‫لون‬‫د‬‫لكي‪ ،‬بواسطة العمل‪ ،‬تُبا ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن يكونوا إنسانيّني ّتاه الذين هم حتت إمرهتم ‪-‬متذ ّكرين أ ّن اجلميع يتح ّدرون ِمن أصل واحد‪ ،‬وأ ّن‬
‫الناس كلّهم يُولَدون عراة ابلطريقة ذاهتا‪ ،‬ويصبحون نتانة بعد املوت ابلطريقة ذاهتا‪ ،‬الفقراء كاألغنياء‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 319 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ومك ِّدسيها بنـزاهة أو بغري نزاهة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫متاماً‪ّ ،‬أما الثروات فهي ال أتيت من َع َمل مالكيها‪ ،‬إّّنا بفضل جامعيها ُ‬
‫حّت ِمن أجل اآلخرين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وإنّه ُيب عدم التفاخر هبا والظلم بسببها‪ ،‬بل إّّنا فعل شيء صاحل‪ّ ،‬‬
‫احلقيقي الذي هو هللا‪،‬‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬‫املع‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫واستخدامها حبب وحت ّفظ وعدل‪ ،‬لكي ينظر إليهم بدون صرامة ِمن قِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذلك أنّه ال ميكن رشوة هللا‪ ،‬وال إغواؤه جبواهر وال بقطع ذهبية‪ ،‬ولكن ُمت ِكن مصادقته ابألفعال‬
‫الصاحلة‪ -‬فإذا كان هذا صحيحاً‪ ،‬فصحيح أيضاً‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أن يكون واجب اخلُ ّدام أن يكونوا‬
‫صاحلني مع معلّميهم‪.‬‬
‫افعلوا ببساطة وإرادة صاحلة إرادة هللا الذي أرادكم يف هذه احلال املتو ِ‬
‫اضعة‪ .‬تَعرفون َمثَل الغين‬
‫السيّئ‪ .‬وتَـَرون أ ّن يف السـماء ليس الذهب‪ ،‬بل الفضيلة هي اليت تُكافَأ‪ .‬فالفضـائل واخلضوع ملشيئة‬
‫هللا َّت َعل هللا صديقاً لإلنسان‪ .‬أَعرف أنّه من الصعوبة مبكان رؤية هللا ِمن خالل أفعال اإلنسان‪ .‬قد‬
‫يكون ذلك ممكناً ابلنسبة للصاحلني‪َّ .‬إّنا هو أمر صعب جداً ابلنسبة لألشرار‪ ،‬ألنّه قد ُيمل أرواحهم‬
‫َمرب ِمن‬
‫الشر الذي أوقعه عليكم إنسان َّ‬ ‫على التفكري أب ّن هللا غري صاحل‪ّ .‬أما أنتم فتغلَّبوا على ّ‬
‫لشر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيطان‪ ،‬وخلف هذا احلاجز الذي يكلّفكم دموعاً‪ ،‬فلتُبصروا حقيقة األمل وَجاله‪ .‬األمل أييت من ا ّ‬
‫الروحي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫القوة موجودة‪ ،‬وهي اختبار ملدى نقاء ذهب أبناء هللا‬ ‫لكن لعدم إمكانيّة إلغائه‪ ،‬أل ّن هذه ّ‬‫و ّ‬
‫الشر عصارة الدواء الذي يعطي احلياة األبديّة‪ .‬فاألمل احلارق لتلك‬ ‫سم ذاك ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫فإن هللا يستَخلص من ّ‬
‫العُصارة‪ُ ،‬ي ِّفز الصاحلني‪ ،‬ويرتقى أبرواحهم أعلى فأعلى جاعالً ّإايهم ق ّديسني‪.‬‬
‫ِ‬
‫أود لو‬ ‫أنتم‪ ،‬إذن‪ ،‬كونوا صاحلني وُم ِرتمني وخاضعني‪ .‬ال تُدينوا املعلّمني‪ .‬فلديهم اآلن ّ‬
‫دايّنم‪ُّ .‬‬
‫ِ‬
‫ليجعل لكم الطريق أكثر سهولة وينال احلياة األبديّة‪ .‬ولكن‬‫يُصبِح الذي يُصدر األوامر عادالً مستقيماً َ‬
‫تذ ّكروا أنّه كلّما كان أداء الواجب أكثر عناء‪ ،‬كلّما كان االستحقاق واألجر يف عيين هللا أعظم‪ .‬فال‬
‫غين وال يُشبِع ِمن جوع‪.‬‬‫ابلغش والتدليس ال يُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ش املعلّم‪ .‬فاملال واحملصول الذي ُينيه املرء‬ ‫ِ‬
‫حتاولوا غ ّ‬
‫حافِظوا على أايديكم طاهرة‪ ،‬وكذلك شفاهكم وقلوبكم‪ .‬حينئذ ُمتا ِرسون السبت واحتفاالت أحكام‬
‫حّت ولو قُـيِّدمت يف األرض املزروعة‪.‬‬
‫عيين هللا‪ّ ،‬‬
‫الشريعة بنعمة يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 320 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أن تعبكم سيكون ذا قيمة أكرب من الصالة النفاقية ألولئك الذين ي ِ‬
‫تممون‬ ‫احلق أقول لكم َّ‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫أحكام الشريعة بُغية احلصول على مديح العامل هلم‪ُ ،‬مالفني يف احلقيقة األحكام‪ ،‬بعدم طاعتهم للشريعة‬
‫ِ‬
‫يتمموّنا ملصاحلهم‬
‫اليت توصي الرجل وأهل بيته ابلطاعة ألحكام السبت واحتفاالت إسرائيل‪ ،‬كوّنم ّ‬
‫كل الظروف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُيب هللا بقداسة‪ ،‬يف ّ‬
‫اخلاصة‪ .‬فالصالة ليست ابملظاهر‪ ،‬بل ابإلحساس‪ .‬وإذا كان قلبكم ّ‬
‫تمم شـعائر السبت واألعياد أفضل من اآلخرين الذين َمينعونكم ِمن املشاركة فيها‪.‬‬‫ِ‬
‫فإنّه يُ ّ‬
‫أُابرككم وأترككم أل ّن الشـمس تطلع وأريد الوصول إىل الروايب قبل أن يشت ّد احلر‪ .‬سوف نلتقي‬
‫اثنية قريباً أل ّن اخلريف ليس ببعيد‪ .‬السالم معكم َجيعاً اي ُخ ّدام جيوقاان القدميني واجلُّدد‪ ،‬وليجعل‬
‫لكم القلب يف سكينة‪».‬‬

‫الفالحني ُمبا ِركاً ّإايهم الواحد تلو اآلخر‪.‬‬


‫ماراً وسط ّ‬
‫ويبتعد يسوع ّ‬
‫مير‪ ،‬متظاهراً بعدم‬ ‫أن‬ ‫يسوع‬ ‫ك‬ ‫خلف شجرة ت ّفاح جافّة‪ ،‬رجل ِشبه ُُمتبئ‪ .‬ولكن عندما ِ‬
‫يوش‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫ظهر ويقول له‪« :‬أان القائم أبعمال جيوقاان‪ .‬لقد قال يل‪" :‬إذا ما جاء رايب إسرائيل دعه يتوقّف‬ ‫رؤيته‪ ،‬يَ َ‬
‫اضي‪ ،‬ودعه يتح ّدث إىل اخلُ ّدام‪ .‬وسوف أحصل منهم على َع َمل أفضل‪ ،‬ذلك أنّه ال يُعلِّم ّإال‬ ‫يف أر ّ‬
‫أموراً صاحلة"‪ .‬وأمس‪ ،‬بينما كان يُطلِعين على أنّه اعتباراً ِمن اليوم ُهم (ويشري إىل خ ّدام دوراس) معي‪،‬‬
‫وتصرف مبا‬‫ب يل‪" :‬إذا ما أتى الرايب استَ ِمع إليه َّ‬ ‫ِ‬
‫أضحت ملكاً جليوقاان‪ ،‬وقد َكتَ َ‬ ‫وأ ّن هذه األراضي َ‬
‫بطل اللعنة عن هذه‬ ‫ُيلن بنا الويل‪ .‬أك ِرمه كما يليق‪ ،‬ولكن انظر إذا ما كان سي ِ‬
‫يقتضي األمر‪ .‬فال َّ‬
‫ُ‬
‫األراضي"‪ .‬فاعلَم أ ّن جيوقاان قد اشرتاها ِمن قَبيل النَّخوة واحلميّة‪ .‬ولكنّين أظنّه اآلن اندماً‪ .‬سيكون‬
‫حسناً لو َج َعلنا ِمنها َمر ٍاع‪»...‬‬

‫«هل َِمسعتَين أحت ّدث؟»‬

‫«نعم اي معلّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 321 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مك‪،‬‬
‫مك‪ ،‬للحصول على بـََركات هللا‪ .‬أن ُقل هذا ملعلّ َ‬
‫أنت ومعلّ َ‬‫تتصرف‪َ ،‬‬
‫«إذن ستعرف كيف ّ‬
‫أنت اي َمن ترى عمليّاً ماهيّة تَـ َعب إنسان احلقول‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لك‪َ ،‬خ ّفف كذلك من وطأة أوامره‪َ ،‬‬ ‫وابلنسبة َ‬
‫نفسك‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫ومنصبك ِمن أن َُت َسر‬
‫َ‬ ‫لك أن تَف ُقد استحسانه‬
‫واملعلّم كذلك يراه جيّداً‪ .‬فاألفضل َ‬
‫مك‪».‬‬‫«ولكن ينبغي يل أن أ ِّ‬
‫ُكر َ‬
‫بتطبيقك‬
‫َ‬ ‫بروحك‪،‬‬
‫َ‬ ‫فعي ألمنَح النِّ َعم‪ .‬أَك ِرمين‬
‫لست يف حاجة إىل تكرمي نَ ّ‬‫صنَم أواثن‪ُ .‬‬‫لست َ‬
‫«أان ُ‬
‫خدمت هللا واملعلّم يف الوقت ذاته‪».‬‬ ‫عت‪ ،‬وستكون قد‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ما َمس َ‬
‫الفالحني‪ ،‬ويسلك طريق الروايب‪ُ ،‬ييّيه اجلميع‬
‫كل ّ‬ ‫وُيتاز يسوع احلقول‪ ،‬يتبعه التالميذ والنساء و ّ‬
‫ِمن جديد‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 322 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫كل شيء")‬ ‫ِ‬


‫‪( -125‬مرمي ال ُكلّيّة ال َقداسة‪" :‬رأفيت أقوى من ّ‬
‫‪1945 / 08 / 24‬‬

‫على سلسـلة من الروايب‪ ،‬حيث متت ّد الطريق الواصلة إىل الناصرة‪ُ ،‬مستفيداً ِمن بساتني الزيتون‬
‫يتوجه يسوع صوب‬ ‫ِ‬
‫والبسـاتني األخرى اليت تغطّي القسم األكرب من تلك املنطقة اخلَصيبة وال ُـمعتىن هبا‪ّ ،‬‬
‫الناصرة‪.‬‬

‫صل إىل تقاطع طُُرق‪ ،‬حيث تَقطَعه الطريق إىل بطوملايس (عكا) يتوقّف‬‫ومع ذلك‪ ،‬حينما ي ِ‬
‫َ‬
‫مرة‪ ،‬ولنتناول طعامنا‪ ،‬وبينما تتابع الشمس‬ ‫ويقول‪« :‬فلنتوقّف قرب ذاك البيت حيث توقَّ ُ‬
‫فت ذات ّ‬
‫طرباي‪ ،‬ستَمضي أ ُّمي ومرمي إىل‬ ‫مسريهتا‪ ،‬فلنَبق َُمتَ ِمعني قبل أن نَ ِ ِ‬
‫نتوجه إىل ّ‬
‫فرتق من جديد‪ .‬فبينما حنن ّ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫الناصرة‪ ،‬ويوحنّا وهرمست إىل سيكامينون‪».‬‬

‫ومطوق‬
‫لفالحني واسع ومنخفض‪ُ ،‬مزيَّن بشجرة تني َّ‬‫يتوجهون َع ْرب بستان للزيتون صوب بيت ّ‬ ‫َّ‬
‫أبغصان كرمة تتسلّق السلّم الصغري لتمت ّد أغصاّنا بعدئذ على الشُّرفة‪.‬‬

‫«السالم لكم‪ .‬ها أنذا ِمن جديد‪».‬‬

‫معك» ُُييب رجل‬ ‫ومن َ‬ ‫أنت َ‬


‫وعليك سالم هللا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«تعال اي معلّم‪ ،‬على الرحب والسعة دائماً‪.‬‬
‫عجوز كان ُيتاز الدار ومعه َغمر ( َكومة) ِمن األغصان‪ُ .‬ثّ ينادي‪« :‬سارة! سارة! إنّه املعلّم مع‬
‫تالميذه‪ .‬زيدي الطحني يف َعجني اخلبز!»‬

‫نخل يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ومن إحدى الغُُرف َُت ُرج امرأة بيضـاء بفعل الطحني الذي كانت تَنخله‪ ،‬فمـا زال الـم َ‬
‫يدها ويف داخله بقااي‪ ،‬وّتثو مبتسمة أمام يسوع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 323 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك أيتها املرأة‪ .‬لقد جلبت معي أمي كما كنت قد وعدتُ ِ‬
‫ك‪ .‬ها هي ذي‪ ،‬وتلك هي‬ ‫«السـالم ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سلفتها‪ ،‬أ ُّم يعقوب ويوضاس‪ .‬أين دينا وفليبّس؟»‬

‫وّتيب املرأة بعد حتيّة مرمي ومرمي‪« :‬دينا َولَ َدت أمس ابنتها الثالثة‪ .‬إنّنا حزينون قليالً ألنّه مل‬
‫ُ‬
‫يُكتَب لنا أن نُ َرزق حبفيد‪ ،‬ولكنّنا مع ذلك فَ ِرحون‪ ،‬أليس كذلك اي متاتياس؟»‬

‫ألّنا حفيدة َجيلة وهي ِمن دمنا‪ .‬سوف نر َ‬


‫يك ّإايها‪ّ .‬أما فليبّس فقد َمضى كي يُعيد‬ ‫«نعم‪ّ ،‬‬
‫حنّة ونعيمي إىل أهلهما‪ ،‬ولكنّه سيعود حاالً‪».‬‬

‫يهتم بضيوفه‪ ،‬إبعطائهم‬


‫تعود املرأة إىل ُخبزها‪ ،‬بينما الرجل‪ ،‬بعد وضعه األغصـان يف الفـرن‪ّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مقاعد وحليباً طازجاً ل َمن يريد‪ ،‬وفاكهة وزيتوانً ل َمن يُ ِّ‬
‫فضلهما‪.‬‬

‫األرضي َر ِطب وظليل‪ ،‬وواسع‪ ،‬وهو مفتوح أمام البيت وخلفه‪ ،‬ببابني ُمظلَّلني‪ ،‬الواحد‬ ‫ّ‬ ‫الطابق‬
‫بشجرة تني ضخمة واآلخر بسياج زهور جنميّة‪ ،‬أنواع ِمن َد ّوار القمر شكالً ولكنّها أصغر منها حجماً‪.‬‬
‫الزمرد يَلِج هكذا إىل القاعة الكبرية‪ُ ،‬خي ِّفف عن العيون ال ُـم َتعبة ِمن نور الشمس الباهر‪.‬‬
‫نور عظيم بلون ّ‬
‫يف القاعة الكبرية مقاعد وطاوالت‪ ،‬قد تكون املكان الذي تَغزل فيه النساء ويَنسجن‪ ،‬ويُصلح الرجال‬
‫الرافدات املنتَ ِفشـات‬
‫أدوات الزراعة‪ ،‬أو َُيفظون فيه مؤونة الطحني والفاكهة‪ ،‬ذاك ما يوحي به وجود ّ‬
‫للخطّافات والطاوالت الصغرية املوضوعة على ركائز‪ ،‬ابإلضافة إىل صناديق خشبيّة طويلة على طول‬
‫اجلدران‪ .‬مشاقات كتّان أو قنّب نديفة‪ ،‬تبدو كاجلدائل احمللولة على طول اجلدار املبيّض ابلكلس‪،‬‬
‫اجلو كلّه بلونه الضاحك ذي‬ ‫ِ‬
‫ونسيج أمحر كالنار‪ ،‬ممدود على نول ما زال مكشوفاً‪ ،‬يبدو وكأنّه يُبهج ّ‬
‫األهبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ودون رؤية املولودة اجلديدة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تعود ربّة البيت بعد انتهائهـا من اخلَبز وتَسـأل الضيوف إذا ما كانوا يَ ّ‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬سوف أُاب ِركها‪».‬‬
‫ُُييب يسوع‪ّ « :‬‬
‫مرمي‪ِ ،‬من جهتها‪ ،‬تقول‪ُّ « :‬‬
‫أود أن أُسلّم على األ ُّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 324 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َُت ُرج َجيع النساء‪.‬‬

‫جلي إنّه تَعِب ج ّداً‪.‬‬


‫«إنّنا هنا على ما يرام‪ ».‬يقول برتلماوس الذي يبدو بشكل ّ‬
‫وصمت‪ .‬سينتهي بنا األمر إىل النوم‪ ».‬يؤّكد بطرس الذي أصبَ َح ِشبه نَعسان‪.‬‬
‫ظل َ‬
‫«نعم فهنا ّ‬
‫«ثالثة ّأايم ِمن اآلن‪َ ،‬سـنُقيم وقتاً طويالً يف بيوتنا‪ .‬سوف تراتحون ألنّكم ستنطلقون للتبشري يف‬
‫املتامخة لكفرانحوم‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬ ‫الضواحي ِ‬

‫أنت؟»‬
‫«و َ‬

‫«أان سـوف أبقى يف كفرانحوم طوال الوقت‪ ،‬مع بعض اإلقامـات يف بيت صيدا‪ .‬وسوف أُ ِّ‬
‫بشـر‬
‫الذين يَلحقون يب إىل هناك‪ُ .‬ثّ يف ّأول قمر تشرين (نوفمرب‪-‬ديسمرب)‪ .‬سنُعا ِود رحالتنا‪ .‬ويف هذه‬
‫األثناء سأاتبع تثقيفكم مساءً‪»...‬‬

‫هازاً رأسه وهو يَنظُر‬


‫يَصمت يسوع عندما يَرى أ ّن النُّعاس َُي َعل كالمه بغري ذي فائدة‪ .‬يبتسم ّ‬
‫سرتخني إىل ح ّد ما‪ .‬الصمت‬ ‫إىل َمموعة الناس الذين أّنَ َكهم التَّعب‪ ،‬والذين يستسـلمون للنوم ُم َ‬
‫السياج‬ ‫رب‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫الباب‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ب‬‫ـ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫على‬ ‫يسوع‬ ‫لس‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫اب‬
‫ً‬ ‫خال‬
‫ّ‬ ‫املكان‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫حت‬‫َ‬ ‫سة‪.‬‬ ‫مطبِق يف البيت والقرية ِ‬
‫املشم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ملتحرك‪.‬‬ ‫ا‬ ‫غري‬ ‫يتون‬‫ز‬ ‫ال‬ ‫شجر‬ ‫بفضل‬ ‫ة‬ ‫رمادي‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫أصب‬ ‫اليت‬ ‫اجلليل‬ ‫ايب‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫إىل‬ ‫األغصان‬ ‫رب‬ ‫ع‬ ‫ر‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬‫وي‬ ‫ر‪،‬‬ ‫الـم ِ‬
‫زه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يرتجع صداها فوق رأسه‪ .‬يَرفَع‬ ‫اجلديدة‬ ‫لودة‬‫و‬‫امل‬ ‫ن‬ ‫صاحبها شكوى مبهمة ِ‬
‫م‬ ‫ضجة خفيفة تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ّ‬
‫يتحرك فيها ثالثة أشياء محراء‪:‬‬
‫صرة بيضاء ّ‬‫يسوع رأسـه مبتسماً أل ُّمه اليت تَنـزل‪ ،‬حاملة بني ذراعيها ّ‬
‫هتتزان‪.‬‬
‫رأس صغري وقبضتان صغرياتن ّ‬
‫كنت هكذا‬‫عمرك يوماً‪َ .‬‬
‫هك قليالً عندما كان َ‬ ‫«انظر اي يسوع‪ ،‬اي هلا ِمن طفلة َجيلة! تُشبِ َ‬
‫شعرك منذ ذلك احلني مربوطاً بعقلة خفيفة‪،‬‬‫أشقر البشرة لدرجة كنت لَتبدو بدون شعر لو مل يكن َ‬
‫كنت مثل الوردة‪ .‬وانظر‪ ،‬انظر‪ ،‬اآلن وقد فَـتَ َحت عينيها الصغريتني يف هذا‬
‫مثل ندفة سحابة‪ ،‬وهكذا َ‬
‫لدي حليب‪ ،‬أيّتها‬
‫عينيك األزرق القامت‪ ...‬آه! حبيبيت! ولكن ليس َّ‬ ‫َ‬ ‫الظل تبحث عن الثدي‪ ،‬هلا لون‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 325 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الوردة الصغرية‪ ،‬الصغرية‪ ،‬اي مياميت الصغرية!» والسيدة العذراء ُهت ِ‬
‫دهد للصغرية اليت َس َكنَت وبَ َّدلَت‬ ‫ّ‬
‫صراخها مبناغاة كصوت ميامة صغرية‪ ،‬وتنام‪.‬‬
‫كنت تفعلني معي؟» يسأل يسوع الذي ينظُر إىل أُمه ُهت ِ‬
‫دهد للصغرية‪ ،‬و ِ‬
‫اضعة‬ ‫«أماه‪ ،‬أهكذا ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫خ ّدها على الرأس الصغري األشقر‪.‬‬

‫كنت أقول‪" :‬اي َمحَلي الصغري"‪ّ .‬إّنا َجيلة‪ ،‬أليس كذلك؟»‬


‫لك ُ‬‫«نعم اي بين‪ .‬إّّنا َ‬
‫فرتض أن تكون أ ُّمها سـعيدة هبا‪ ».‬يؤّكد يسوع وقد احنىن هو أيضاً لِيَنظُر‬
‫« ّإّنا َجيلة وقويّة‪ .‬يُ ََ‬
‫إىل نوم الربيئة‪.‬‬

‫غاضب أل ّن َجيع أوالده بنات‪ .‬صحيح أنّه ِمن أجل‬ ‫«يف الواقع هي ليست كذلك‪ ...‬فالزوج ِ‬
‫للتو وهي‬
‫صلَت ّ‬ ‫احلقول‪ ،‬يُ ِّ‬
‫فضل الذكور‪ ،‬ولكن الغلطة ليسـت غلطة ابنتنا‪ »...‬تقول ربّة البيت اليت َو َ‬
‫تتنهد‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرب بثقة‪.‬‬
‫وُيبّان بعضهما‪ ،‬وسوف يُ َرزقان ابلصبيان‪ ».‬يقول ّ‬
‫شاابن‪ُ ،‬‬
‫« ّإّنما ّ‬
‫سيتجهم اآلن‪ »...‬تقول املرأة مضطربة‪ .‬وتقول بصوت أعلى‪« :‬فليبّس‪ ،‬رايب‬
‫َّ‬ ‫«هو ذا فليبّس‪...‬‬
‫الناصرة هنا‪».‬‬

‫لك اي معلّم‪».‬‬
‫برؤيتك‪ .‬السالم َ‬
‫َ‬ ‫سعدت ج ّداً‬
‫ُ‬ ‫«‬

‫ألّنا تستأهل‬
‫لت أنظر إليها ّ‬
‫ابنتك الصغرية اجلميلة‪ .‬إنّين ما ز ُ‬
‫أيت َ‬ ‫لك السالم اي فليبّس‪ .‬لقد ر ُ‬‫«و َ‬
‫عليك االعرتاف جبميله‪ ...‬أفال‬
‫أصحاء وطيّبني‪َ .‬‬ ‫لك أطفاالً َجيلني‪ّ ،‬‬‫كك مبنحه َ‬‫قصائد مديح‪ .‬هللا يبار َ‬
‫غاضب‪»...‬‬‫ك ِ‬ ‫ُّتيب؟ يبدو أنّ َ‬
‫آمل احلصول على ابن‪ ،‬أان!»‬
‫كنت ُ‬
‫« ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 326 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ظهورك مبظهر‬
‫أبّنا فتاة‪ ،‬وأيضاً ب َ‬
‫امك الربيئة ّ‬
‫ابهت َ‬
‫ك ظامل ّ‬
‫تود أن تقول يل أبنّ َ‬
‫«ومع ذلك ال ّ‬
‫زوجتك؟» يَسأل يسوع بصرامة‪.‬‬
‫َ‬ ‫القاسي ّتاه‬
‫«أان‪ ،‬كنت أريد صبياً! ِمن أجل الرب ِ‬
‫ومن أجلي!» يَصرخ فليبّس غاضباً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أت فِكر هللا؟ هل‬ ‫أن احلصول عليه يكون ابلظُّلم والثورة؟ هل ميكن أن تكون قد قر َ‬ ‫«أ ََوتعتقد َّ‬
‫الصح"؟ هذه املرأة اليت هي تلميذيت ليس لديها‬ ‫أقدر منه لتقول له‪" :‬افعل هكذا أل ّن هذا هو ّ‬ ‫أنت َ‬ ‫َ‬
‫ألتبعك"‪ .‬وهذه أ ُّم ألربعة‬
‫َ‬ ‫توصلَت إىل القول يل‪" :‬إنّين أُاب ِرك عقمي الذي َمينَحين جناحني‬ ‫أوالد‪ ،‬وقد َّ‬
‫أوالد ذُكور‪َّ ،‬إّنا هي قَلِقة ِمن اليوم الذي لن يَعودوا فيه هلا‪ .‬هل هذا صحيح اي سوسنة واي مرمي؟ هل‬
‫ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫قت أبزرار ورد ثالثة تَطلُب حبّ َ‬‫متزوج منذ سنوات قليلة من امرأة َخصيبة‪ ،‬وقد ُرِز َ‬ ‫أنت ّ‬ ‫عهما؟ و َ‬ ‫سم ُ‬
‫تَ َ‬
‫اعيك‬
‫عنك احلقد حاالً‪ ،‬وافتح ذر َ‬ ‫ك أانينّ‪ .‬دع َ‬ ‫لك‪ :‬ألنّ َ‬
‫وتغضب؟ ممّن؟ ملاذا؟ أال تريد القول؟ أان أقول َ‬‫َ‬
‫صرة الكتان ويضعها بني ذراعي األب‬ ‫وأيخذ يسوع ّ‬ ‫منك وأحبّها‪ .‬هيّا! امحلها!» ُ‬
‫هلذه الطفلة املولودة َ‬
‫مينحك‬
‫َ‬ ‫وإال فإ ّن هللا لن‬
‫ك حتبّها‪ّ .‬‬
‫زوجتك اليت تبكي‪ ،‬وقُل هلا إنّ َ‬
‫َ‬ ‫الشاب‪ .‬ويتابع يسوع‪« :‬امض إىل‬
‫لك‪ .‬هيّا!‪»...‬‬
‫ُمطلقاً صبياانً يف املستقبل‪ .‬أؤّكد َ‬
‫صعد الرجل إىل الغرفة حيث زوجته‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫«شكراً اي معلّم!» تقول محاته بصوت منخفض‪« .‬فإنّه منذ األمس عنيف ج ّداً‪»...‬‬

‫الك عن‬
‫تشكرك وتَطلُب سؤ َ‬
‫َ‬ ‫فعلت‪ ،‬اي سيّد‪ .‬زوجيت‬
‫يعود الرجل لينـزل بعد دقائق ويقول‪« :‬لقد ُ‬
‫اخرتت هلا امساً ُمن ِّفراً‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫اسم هلذه الصغرية‪ ...‬ألنّين يف كراهيّيت الظاملة ُ‬
‫قسوتك‪ ،‬ميكن‬
‫َ‬ ‫« َِمسّها مرمي‪ .‬فلقد َش ِربَت دموعاً ُمّرة مع ّأول نقطة حليب‪ُ ،‬مّرة كذلك بسبب‬
‫تسميتها مرمي‪ .‬ومرمي سوف ُحتبّها‪ .‬أليس كذلك اي أ ُّمي؟»‬

‫«نعم‪ ،‬الصغرية املسكينة‪ّ .‬إّنا ظريفة ج ّداً‪ ،‬وابلتأكيد ستكون صاحلة‪ ،‬وسوف تُصبِح جنمة‬
‫صغرية يف السماء‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 327 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يوطي الذي يبدو‬
‫الر ُسل ال ُـم َتعبون نوماً عميقاً‪ ،‬ما عدا االسخر ّ‬
‫يَعودون إىل الغرفة اليت يَنام فيها ُّ‬
‫وكأنّه يَنام على َشوك‪.‬‬

‫كنت تريد رؤييت‪ ،‬اي يهوذا؟» يَسأل يسوع‪.‬‬


‫«هل َ‬
‫َخرج قليالً‪».‬‬ ‫«ال اي معلّم‪ ،‬ولكنّين ال أ َِجد إىل النوم سبيالً‪ُّ ،‬‬
‫أود لو أ ُ‬
‫َصعد على هذا التل الصغري‪ .‬إنّه ظَليل‪ ...‬وسوف‬
‫َخرج‪ .‬سوف أ َ‬ ‫مينعك؟ أان كذلك سأ ُ‬
‫« َمن َ‬
‫آخذ قسطاً ِمن الراحة بينما أُصلّي‪ .‬هل تريد اجمليء معي؟»‬

‫سمح يل ابلصالة‪ .‬قد‪ ...‬قد ال‬


‫لست يف وضع يَ َ‬
‫خلوتك‪ ،‬فإنّين ُ‬
‫َ‬ ‫« ال اي معلّم‪ .‬إنّين أ ِّ‬
‫ُشوش‬
‫أكون على ما يرام‪ ،‬وهذا يُك ّدرين‪»...‬‬

‫األندوري‬ ‫ا‬‫ّ‬‫ن‬‫يوح‬ ‫يستيقظ‬ ‫عندما‬ ‫اه‪،‬‬ ‫ُم‬‫أ‬ ‫النساء‪.‬‬ ‫تها‬‫أي‬ ‫ا‬


‫ً‬ ‫وداع‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬‫وداع‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫أحد‬ ‫م‬ ‫«ابق‪ ،‬إذاً‪ .‬فأان ال أُ ِ‬
‫رغ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫أرسليه يل مبفرده‪».‬‬

‫لك‪».‬‬
‫ين‪ .‬السالم َ‬
‫«نعم اي بُ ّ‬
‫َخي ُرج يسوع‪ .‬تنحين مرمي وسوسنة لَِرتاي قطعة القماش على النول‪َّ .‬تلس مرمي‪ ،‬يديها على‬
‫ركبتيهـا‪ .‬قد تكون هي أيضاً تصلّي‪ .‬مرمي اليت حللفى تتعب سريعاً ِمن النَّظر إىل العمل‪ .‬فتجلس يف‬
‫ِ‬
‫مستيقظَني‪.‬‬ ‫ظالً وتنام بسرعة‪ .‬تُف ِّكر سوسنة ج ّد ّايً ابالقتداء هبا‪ .‬وتبقى مرمي ويهوذا‬
‫الزاوية األكثر ّ‬
‫األوىل ُمستَغ ِرقة يف ُّ‬
‫التأمل والثاين يَنظُر إليها‪ ،‬بعينني مفتوحتني جيّداً‪ ،‬وال يشيح نَظَره عنها أبداً‪.‬‬

‫لست أدري ملاذا‪ ،‬إّّنا رغم َجاله‬ ‫و‬ ‫ة‪.‬‬‫ضج‬ ‫ث‬ ‫أخرياً ينهض ويدنو منها على مهل‪ ،‬دون أن ُُي ِ‬
‫د‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫يزي‬ ‫ر‬ ‫الغ‬ ‫فوري‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫يكون‬ ‫قد‬ ‫يستها‪.‬‬
‫ر‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الذي ال ميكن إنكاره‪َُ ،‬يعلين أُف ِّكر بسنّوري أو أفعى تقرتب ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫حّت يف خطواته‪ ...‬ينادي بصوت منخفض‪« :‬مرمي!»‬ ‫وش ِرساً ّ‬
‫منه هو الذي ُيعلين أراه ماكراً َ‬
‫مين اي يهوذا؟» تَسأل مرمي بلطف‪ ،‬وتَنظُر إليه بِ َعني و ِادعة ج ّداً‪.‬‬
‫«ماذا تريد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 328 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أريد أن أُح ِّد ِ‬
‫ثك‪»...‬‬

‫ك‪».‬‬
‫«تكلّم‪ .‬أان أمسعُ َ‬
‫ِ‬
‫ميكنك اخلروج قليالً؟ ففي اخلارج كذلك يوجد‬ ‫سمعين أحد‪ .‬أال‬
‫«ليس هنا‪ ...‬فال أريد أن يَ َ‬
‫ظل‪»...‬‬
‫ّ‬
‫إبمكانك التح ّدث هنا كذلك» تقول‬
‫َ‬ ‫«هيا بنا إذن‪َّ ...‬إّنا انظر‪ .‬إ ّن اجلميع نيام‪ ...‬وقد كان‬
‫وُت ُرج ّأوالً‪ ،‬متّكئة على سياج الزهر العايل‪.‬‬
‫العذراء‪ .‬ومع ذلك تَ َنهض َ‬

‫ابلرسول الذي يَضطَ ِرب‬ ‫مين اي يهوذا؟» تَسأله اثنية بينما ُحت ِّدق بنظرها الثَّاقب َّ‬ ‫«ماذا تريد ّ‬
‫بت أبمل وال تَع ِرف كيف‬ ‫ك تسبَّ َ‬ ‫قليالً‪ ،‬ويبدو أنّه َُِيد صعوبة يف إُياد الكلّمات‪« .‬هل تَشعُر أبمل؟ أو إنّ َ‬
‫بين‪ .‬وكما‬ ‫اي‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫تك‬ ‫بة؟‬‫ر‬ ‫ّت‬ ‫يف‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أب‬ ‫اف‬‫رت‬ ‫االع‬ ‫عليك‬ ‫شق‬
‫ّ‬ ‫وي‬ ‫خطأ‪،‬‬ ‫ف‬ ‫التصر‬ ‫وشك‬ ‫على‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫َم‬
‫أ‬ ‫؟‬ ‫تُ ِ‬
‫عرب‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ك‬‫أعدت ل َ‬
‫ُ‬ ‫استطعت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صفوك‪ ،‬وإذا‬‫َ‬ ‫نفسك‪ .‬قُل يل ما الذي يُع ِّكر‬
‫َ‬ ‫جسدك سوف أُعالِج‬‫َ‬ ‫عاجلت‬
‫ُ‬
‫لك إذا ما‬ ‫أخطأت كثرياً‪ ،‬هو يَغفر َ‬ ‫َ‬ ‫كنت‬
‫حّت ولو َ‬ ‫الصفاء‪ .‬وإن مل أستطع وحدي‪ ،‬أقول ليسوع‪ّ .‬‬
‫التوجه إليه‪ ،‬هو املعلّم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لك مباشرة‪ ...‬ولكن قد َُت َجل من ّ‬ ‫الصفح‪ .‬ح ّقاً‪ ،‬إ ّن يسوع يَغفر َ‬
‫لك َّ‬ ‫طلبت َ‬‫ُ‬
‫إيل‪»...‬‬ ‫ه‬ ‫التوج‬ ‫ن‬ ‫أان أُم‪ ...‬وال َُتجل ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حبق السالم بيننا‪ .‬أان‪ ...‬أان أشعُر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إين ال أشعر ابخلجل‪ ،‬ألنّك أ ُّم وأ ُّم صاحلة للغاية‪ .‬إنّك ّ‬
‫«نعم‪ّ .‬‬
‫لست أدري ماذا يف دمي‪ ،‬وماذا يف قليب‪ِ ...‬من وقت‬ ‫ابضطراب شديد‪ .‬مزاجي مع ّكر ج ّداً‪ ،‬اي مرمي‪ُ .‬‬
‫أسوئها‪».‬‬
‫ابلعجز عن السيطرة عليهما‪ ...‬وحينئذ أقوم أبغرب األمور‪ ...‬و َ‬ ‫آلخر أشعُر َ‬

‫ميكنك مقاومة الذي ُُيِّر َ‬


‫بك؟»‬ ‫َ‬ ‫جانبك‪ ،‬ال‬
‫َ‬ ‫حّت حينما يكون يسوع إىل‬
‫« ّ‬
‫حّت آنذاك‪َ .‬وثِِقي أنّين أأت ّمل ِمن ذلك‪ .‬ولكنّه هكذا‪ .‬إنّين تعيس‪».‬‬
‫« ّ‬

‫«سوف أصلّي ِمن َ‬


‫أجلك اي يهوذا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 329 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هذا ال يكفي‪».‬‬

‫«سأطلب ِمن األبرار وأجعلهم يُصلّون دون أن أقول هلم ِمن أجل َمن هي الصالة‪».‬‬

‫«وهذا غري كاف‪».‬‬

‫إيل‪ ،‬يف حديقيت‪ ،‬كالعصافري اليت‬ ‫«سوف أجعل األطفال يُصلّون‪ .‬فهناك الكثري منهم أيتون َّ‬
‫حهم ّإايها‪ .‬إنّين أحت ّدث عن هللا‪...‬‬
‫تبحث عن حبوب‪ .‬واحلبوب هي املالطفات والكلّمات اليت أمنَ ُ‬
‫الرب‪».‬‬
‫وصالة األطفال مقبولة لدى ّ‬ ‫فضلون ذلك على األلعاب والقصص‪َ .‬‬ ‫وهم األبرايء يُ ِّ‬
‫ِ‬
‫صالتك أبداً‪ ،‬ولكن ذلك ما زال ال يكفي‪».‬‬ ‫«ليست أكثر ِمن‬

‫«سأقول ليسوع أن يصلّي إىل اآلب ِمن َ‬


‫أجلك‪».‬‬

‫«وأيضاً هذا ال يكفي‪».‬‬

‫حّت على الشياطني‪»...‬‬ ‫ِ‬


‫«ولكن ال يوجد أكثر من هذا! فصالة يسوع تتغلّب ّ‬
‫«صحيح‪ ،‬ولكن يسوع لن يبقى ليصلّي يل على الدوام‪ .‬وهكذا سيبقى االضطراب ي ِ‬
‫الحق‬ ‫ُ‬
‫وعلي أن أف ّكر ابللحظة اليت أُصبِح فيها بدونه‪.‬‬
‫يكف عن القول أبنّه سيمضي يوماً‪ّ .‬‬
‫ذايت‪ ...‬فيسوع ال ّ‬
‫عدوي الذي هو أان ذايت‪ ،‬لِنَشر‬ ‫ِ‬
‫اآلن يريد يسوع إرسالنا إىل التبشري‪ .‬وإنّين خائف من الذهاب مع ّ‬
‫أود لو أكون ُمهيّأ لتلك الساعة‪».‬‬
‫كلمة هللا‪ُّ .‬‬

‫نجح‪ ،‬فَ َمن ذا الذي تريده أن يَقدر على ذلك؟»‬


‫بين‪ ،‬إذا كان يسوع بذاته لن يَ َ‬
‫«ولكن اي ّ‬
‫معك‪ .‬فالوثنيون والبغااي أقاموا ِ‬
‫عندك‪ .‬فيمكنين‬ ‫أنت اي أُماه! امسحي يل أن أبقى بعض الوقت ِ‬‫« ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أان كذلك أن أبقى‪ .‬وإذا ِ‬
‫كنت ال تريدين أن أُقيم ليالً حيث تَسكنني‪ ،‬فإنّين سأذهب للنوم يف بيت‬
‫التصرف‬ ‫لت‬ ‫و‬ ‫حا‬ ‫ُخرى‬‫أ‬ ‫ات‬ ‫مر‬ ‫يف‬ ‫األوالد‪.‬‬ ‫ومع‬ ‫حلفا ومرمي اليت لكالواب‪ ،‬وأما النهـار فأمضيه ِ‬
‫معك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫السوء‪ ،‬ويف‬ ‫ِ‬
‫فلدي هناك الكثري من أصدقاء ّ‬ ‫ذهبت إىل أورشليم‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫مبفردي‪ ،‬فكان الوضع أسوأ‪ .‬فإذا ما‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 330 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ذهبت إىل مدينة أخرى‪ ،‬فالشيء ذاته‪ .‬فالتجارب‬ ‫الظروف اليت أان فيها‪ ،‬سأُصبِح ألعوبتهم‪ ...‬وإذا ما ُ‬
‫ذهبت إىل إسخريوط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أأتجج أكثر ممّا أان عليه اآلن‪ .‬وإذا ما‬
‫اليت قد ألقاها على دريب سوف ّتعلين ّ‬
‫يمزقين‬
‫مضيت إىل اخللوة‪ ،‬فإ ّن الصمت س ّ‬ ‫ُ‬ ‫إىل حيث أ ُّمي‪ ،‬فإ ّن الكربايء سوف ُيعلين عبداً‪ .‬وإذا‬
‫عندك أشعُر أب ّن األمر سيكون ُمتلفاً!‪ ...‬امسحي يل ابجمليء!‬ ‫عندك‪ ...‬آه! ِ‬ ‫أبصوات الشيطان‪ .‬إّّنا ِ‬
‫إيل نظرة ظَبية‬
‫ك تنظرين َّ‬ ‫الضياع؟ هل ُتافني مين؟ إنّ ِ‬‫قويل ليسوع أن مينحين ذلك! هل تريدين يل ّ‬
‫ّ‬
‫لك األذى ‪ .‬فأان أيضاً‬ ‫َمروحة مل تعد متلك القدرة على الفرار أمام الذين يطاردوّنا‪ .‬ولكنّين لن أسبب ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫قدميك‪ ...‬وإذا ما‬ ‫ك أكثر ِمن أ ُّمي‪ .‬ارمحي خاطئاً اي مرمي! انظري‪ :‬إنّين أبكي عند‬ ‫لدي أُم‪ ...‬وأحب ِ‬
‫ّ‬ ‫َّ ّ‬
‫ص ّديتِين‪ ،‬فقد يكون يف ذلك مويت روحيّاً‪ »...‬ويهوذا يبكي حقيقة عند قدمي مرمي اليت تَنظُر إليه نظرة‬ ‫َ‬
‫إشفاق وقَـلَق ممزوجة ابخلوف‪ّ .‬إّنا شاحبة ج ّداً‪.‬‬

‫ولكنّها مع ذلك ُتطو خطوة إىل األمام‪ ،‬أل ّّنا كانت ِشبه غارقة يف السياج لتبتعد عن يهوذا‬
‫يسمعك‪.‬‬
‫َ‬ ‫البين‪« .‬اصمت! وال تدع أحداً‬ ‫يوطي ّ‬
‫اقرتب كثرياً‪ ،‬وتضع يدها يف شعر االسخر ّ‬
‫الذي كان قد ََ‬
‫يهمين ما يقوله الناس‪ ،‬ألنّه ال ُيرح‬
‫سأحت ّدث إىل يسوع‪ ،‬وإذا ما أراد ذلك هو‪ ...‬ستأيت إىل بييت‪ .‬ال ّ‬
‫نفسي‪ ،‬فأمر واحد فقط قد ُيرح نفسي‪ ،‬وهو أن أكون ُمذنِبة ّتاه هللا ابرتكايب اخلطأ‪ .‬فأان ال أابيل‬
‫شك ملدينتها‪.‬‬
‫ابلنميمة‪ .‬ولكنّين لن أكون هدفاً للنميمة‪ ،‬أل ّن الناصرة تَعلَم أ ّن ابنتها لن تكون سبب ّ‬
‫روحك‪ .‬سأحبث عن يسوع‪ .‬ابق يف سالم‪».‬‬ ‫َ‬ ‫يهمين هو أن َُتلص‬
‫ُثّ‪َ ،‬هب أ ّن ذلك سيحصل‪ ،‬فإ ّن ما ّ‬
‫املؤدي إىل منحدر صغري تغطّيه أشجار‬ ‫وتلتحف بوشاحها األبيض كثوهبا‪ ،‬ومتضي مسرعة َع ْرب الدرب ّ‬
‫الزيتون‪.‬‬

‫بين‪ ،‬هذا أان‪ ...‬امسعين!»‬ ‫تبحث عن يسوعها َِ‬


‫أتمل عميق‪ّ « .‬‬
‫وّتده غارقاً يف ّ‬
‫«آه! أ ُّمي! هل أتتني لتصلّي معي؟ اي له ِمن فَـَرح‪ ،‬واي هلا ِمن تعزية متنحينين ّإايِها!»‬

‫ك!»‬
‫ألم َ‬ ‫ِ‬
‫أنت تَعب روحيّاً؟ حزين؟ قُل ذلك ّ‬
‫بين؟ هل َ‬
‫« ماذا اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 331 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت قُلتِها‪ ،‬وحزين‪ .‬ليس بسبب اجلهد والبؤس الذي أراه يف القلوب بقدر ما هو‬ ‫«تَعِب‪ِ ،‬‬
‫يتغريون‪َّ .‬إّنا كي أكون منصفاً ّتاههم‪ ،‬فهناك فقط واحد منهم‬
‫بسبب رؤييت الذين ُهم أصدقائي ال ّ‬
‫يسبّب يل املخاوف‪ :‬إنَّه يهوذا بن مسعان‪»...‬‬

‫ثك عنه‪»...‬‬
‫أتيت ألح ّد َ‬
‫كنت قد ُ‬
‫ين‪ُ ،‬‬
‫«بُ ّ‬
‫«هل أساء التصرف؟ هل سبب ِ‬
‫لك األمل؟»‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫س به لرؤييت أحدهم وقد فَ َسد‪ ...‬اي لالبن املسكني!‬ ‫«ال‪ .‬ولكنّه جعلَين أ ُِحس ابألمل الذي أ ِ‬
‫ُح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫كم روحه مريض!»‬
‫أشفقت عليه؟ أمل تعودي ُتافني منه؟ ففي السابق ِ‬
‫كنت ُتافني منه‪»...‬‬ ‫ِ‬ ‫«وهل‬

‫أنت‬
‫أنت وإيّـاه‪ ،‬خلالص روحه‪َ .‬‬‫ـاعدتك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫أود مس‬
‫بين‪ ،‬إ ّن شـفـقيت أعظم كثرياً من خويف‪ .‬و ُّ‬
‫« ّ‬
‫ك تقول إ ّن على اجلميع املساِهة مع املسيح يف‬
‫إيل‪ .‬ولكنّ َ‬
‫لست يف حاجة َّ‬‫كل شيء‪ ،‬و َ‬ ‫قادر على ّ‬
‫الفداء‪ ...‬وهذا االبن يف أمس احلاجة إىل ِ‬
‫الفداء!»‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫علي أن أفعل أكثر مما أفعله ِمن أجله؟»‬
‫«ماذا َّ‬
‫إبمكانك تركي أفعل‪ .‬لقد رجاين السـماح له ابإلقامة يف بيتنا‪ ،‬فإنّه‬
‫َ‬ ‫ميكنك فِعل أكثر‪ ،‬إّّنا‬
‫َ‬ ‫«ال‬
‫أسك؟ أال تريد؟ سوف أقول له‬ ‫هتز ر َ‬ ‫ِ‬ ‫يبدو له إنّه سيتم ّكن هناك ِ‬
‫التحرر من َوحشه‪ ...‬هل ّ‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ذلك‪»...‬‬

‫«ال اي أ ُّمي‪ .‬القضيّة ليست قضيّة أنّين ال أريد‪ُ .‬أهُّز رأسي ألنّين أعرف أ ّن ذلك بال جدوى‪.‬‬
‫غرق‪ ،‬يرفض بكربايء احلَبل الذي يُ َرمى إليه جللبه إىل الشاطئ‪.‬‬‫غرق‪ ،‬ورغم إحساسه أبنّه يَ َ‬ ‫فيهوذا َك َمن يَ َ‬
‫ويتمسـك‪ُ ...‬ثّ يُعا ِوده الكربايء فيرتك احلبل‬ ‫ويستنجد‪،‬‬ ‫يبحث‬ ‫ق‪،‬‬ ‫ر‬ ‫الغ‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫وأحياانً إذ أيخذه اهللَع ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويرفضـه‪ ،‬ويريد أن يتخلّص ِمن الورطة مبفرده‪ ...‬ويزيد غرقه ابستمرار يف املياه املوحلة اليت تغمره‪ .‬ولكن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 332 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُجربه‪ ،‬فلنقم كذلك هبذه احملاولة‪ ،‬اي أ ُّمي املسكينة‪ ...‬نعم اي أ ُّمي‬
‫لكي ال يقال أب ّن هناك دواء مل أ ّ‬
‫ِ‬
‫جانبك‪».‬‬ ‫ِ‬
‫خييفك‪ ...‬إىل‬ ‫ضعني‪ُ ،‬حبّاً بِنَـ ْفس‪ ،‬إىل أمل َكون الذي‬
‫املسكينة اليت َُت َ‬
‫لت عُرضة للنّفور‪ .‬لُ ْمين على‬ ‫«ال اي يسوع‪ .‬ال تقل هذا‪ .‬فأان امرأة مسكينة ألنّين قد أكون ما ز ُ‬
‫بك‪ .‬فقد أكون مسكينة فقط هلذا األمر وال‬ ‫علي ّأال أن ُفر ِمن أحد‪ُ ،‬حبّاً َ‬
‫أستحق اللوم‪َّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ذلك‪ ،‬فأان‬
‫منحك كنـزاً‪،‬‬
‫َ‬ ‫فمنحك نفساً يعين‬
‫َ‬ ‫لك يهوذا املعاىف روحيّاً!‬
‫ألي أمر آخر‪ .‬آه! لو كان مبقدوري إعادته َ‬ ‫ّ‬
‫ك موافِق؟‬ ‫بين!‪ ...‬هل ميكنين أن أقول ليهوذا أ ّن إبمكانه البقاء‪ ،‬وإنّ َ‬ ‫ّ‬ ‫سكني‪.‬‬ ‫ومن يعطي كنوزاً ليس ِ‬
‫مب‬ ‫َ ُ‬
‫كنت قد‬‫مرة‪" :‬سيأيت وقت تقولني فيه‪‘ :‬ما أصعب أن تكون املرأة أ ُّم الفادي’"‪ُ .‬‬ ‫قلت يل ذات ّ‬ ‫فقد َ‬
‫أنت فادي‬ ‫املرة الواحدة؟ البشريّة كثرية ج ّداً! و َ‬‫مرة‪ ...‬من أجل حجالي‪ ...‬ولكن ما تكون ّ‬ ‫قُلتُها ّ‬
‫ُمسك يهوذا‬ ‫إليك كي تُبا ِركها‪ ،‬دعين أ ِ‬
‫اعي ألجلبها َ‬ ‫محلت الطفلة على ذر ّ‬
‫بين!‪ ...‬كما ُ‬ ‫بين!‪ّ ...‬‬‫اجلميع‪ّ .‬‬
‫كتك‪»...‬‬
‫بيدي ألقوده إىل بر َ‬
‫«أُمي‪ ...‬أُمي‪ ...‬إنّه ال يستح ّق ِ‬
‫ك‪»...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نش ِرحاً‪.‬‬
‫لك إ ّن ذلك َُيعله ُم َ‬
‫قلت َ‬
‫مرتدداً يف إعطاء مرغزايم لبطرس ُ‬
‫كنت ّ‬‫«اي يسوعي‪ ،‬عندما َ‬
‫ميكنك القول إ ّن بطرس مل يُصبِح رجالً آخر منذ ذلك احلني‪ ...‬دعين أفعل مع يهوذا‪».‬‬
‫َ‬ ‫وال‬

‫ب ّتاهي وّتاه يهوذا! اآلن فلنُ ِّ‬


‫صل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بارَكة أنت ألجل ما يف نيَّتك من ُح ّ‬
‫وم َ‬‫«ليكن كما تشائني! ُ‬
‫معاً اي أُمي‪ .‬ما أعذب الصالة ِ‬
‫معك!‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫دت الرحيل ِمن البيت الذي استقبَـلَهم‪.‬‬
‫شاه ُ‬
‫‪...‬كان الفجر يوشك على البدء حينما َ‬
‫ودعان يسوع حال وصوله إىل الطريق‪ .‬مرمي من جهتها تتابع طريقها‬ ‫ِ‬
‫األندوري وهرمست يُ ّ‬
‫ّ‬ ‫يوحنّا‬
‫طبيعي‪ ،‬عن أحداث اليوم‪ .‬يقول بطرس‪« :‬اي‬ ‫ّ‬ ‫الروايب‪ .‬يتح ّدثون‪ ،‬بشكل‬
‫مع النساء وابنها َع ْرب زيتون ّ‬
‫أيك‪».‬‬ ‫له ِمن َمنون ظريف‪ ،‬فليبس هذا! كان على وشك إنكار زوجته وابنته لو مل تُ ِ‬
‫سمعه ر َ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 333 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ومع ذلك فلنأمل أن ُُيافِظ على توبته احلالية و ّأال ي ِ‬
‫سيطر عليه من جديد َه َوس انتقاص قَ ْدر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ّنو العامل يعود للنساء‪ ».‬يقول توما ويضحك الكثريون هلذه اخلامتة‪.‬‬
‫النساء‪ .‬أساساً‪ ...‬الفضل يف ّ‬
‫لكنهن أكثر جناسة منّا و‪ُُ »...‬ييب برتلماوس‪.‬‬
‫حقيقي‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫«ابلطبع هذا‬

‫أود لو أعرف إن كان األمر‬ ‫«ماذا دهاان! ِمن جهة النّجاسة!‪ ...‬فنحن لسنا مالئكة‪ .‬هاكم‪ُّ ،‬‬
‫سيستمر على ما هو عليه بعد الفداء‪ ،‬ابلنسبة للنساء‪ .‬إنّنا نتعلّم إجالل األ ُّم‪ ،‬وأن نُ ِك َّن أعظم االحرتام‬
‫ّ‬
‫وحرم ِمن‬‫ُ‬ ‫هنا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬‫لألخوات والبنات واخلاالت والعمات وللكنّات وألخوات األزواج‪ ،‬وُث‪ ...‬حرم ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫حواء اليت أخطَأَت؟ ال أبس‪ .‬إّّنا آدم‬ ‫ُمالطتهن غالباً‪ ،‬ال‪ ...‬أهي ّ‬
‫ّ‬ ‫هناك! يف اهليكل هذا غري وارد‪.‬‬
‫حبواء قصاصاً هلا‪ ،‬أال يكفي هذا؟»‬ ‫أنزَل هللا ّ‬
‫كذلك‪ .‬وقد َ‬
‫كأّنا َِجن َسة‪».‬‬
‫حّت موسى نَظََر إىل املرأة و ّ‬
‫«ولكن اي توما! ّ‬
‫«وهو‪ ،‬لوال النساء‪ ،‬لكان سيموت َغَرقاً‪ ...‬ومع ذلك امسع اي برتلماوس‪ ،‬أُذ ّكِ َ‬
‫رك‪ ،‬رغم أ ّن ثقافيت‬
‫ثقافتك‪ ،‬إّّنا فقط خربة‪ ،‬أب ّن موسى يتح ّدث عن جناسة املرأة اجلسديّة‪ ،‬لكي‬ ‫َ‬ ‫ال ترقى إىل مستوى‬
‫َحن َِرتمها‪ ،‬ال لِنَرمي عليها احلُرم‪».‬‬

‫يوطي‪،‬‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ويهوذا‬ ‫ا‬‫ّ‬‫ن‬‫ويوح‬ ‫النساء‬ ‫مع‬ ‫مباشرة‬ ‫مهم‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫يتق‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫ويسوع‪،‬‬ ‫النقاش‪.‬‬ ‫م‬ ‫وُيت ِ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫مؤهل خلقيّاً وروحيّاً‪ ،‬وقد أفسدته احتكاكاته‬‫ويتدخل‪« :‬لقد كان أمام هللا شعب غري ّ‬‫ّ‬ ‫يتوقّف‪ ،‬يلتفت‬
‫جسدايً وروحيّاً‪ .‬فأعطاهم الوصااي كمبادىء انفعة‬‫ّ‬ ‫قوايً‪،‬‬
‫ابلوثنيّني‪ .‬وهو كان يريد أن ُيعل منه شعباً ّ‬
‫الشهوات‬
‫للصالبة اجلسـديّة‪ ،‬وانفعـة كذلك للنـزاهة األخالقيّة‪ .‬فلم يكن ابإلمكان غري ذلك لكبح َجاح ّ‬
‫تتكرر اخلطااي اليت بسببها غرقت األرض واحرتقت صادوم وعامورة‪ .‬إّّنا يف املستقبل‪،‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬لكيال ّ‬
‫لكن‬
‫اجلسدي‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫اخلاص ابالحرتاز‬
‫ّ‬ ‫مضطهدة كما هي اآلن‪ .‬سيبقى التحرمي‬ ‫َ‬ ‫لن تكون املرأة املفتداة‬
‫هبن اآلن لتهيئة كاهنات املستقبل األوائل‪».‬‬ ‫الرب ستزول‪ .‬وأان أرتقي ّ‬
‫العوائق اليت متنع القدوم إىل ّ‬
‫«آه! هل سيكون هناك كاهنات؟!» يَسأل فليبّس مندهشاً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 334 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هلن كهنوت الرجال‪ ،‬فال يُق ِّدسن وال َمينَحن مواهب هللا‪،‬‬‫ّ‬ ‫يكون‬ ‫لن‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫عليكم‬ ‫ط‬ ‫«ال َخيتلِ‬
‫َ‬
‫هن مع ذلك سوف ينتمني إىل السلك الكهنويتّ‬ ‫هذه املواهب اليت ال ميكنكم اآلن معرفتها‪ .‬ولكنّ ّ‬
‫ابملساِهة مع الكاهن خلري النفوس‪ ،‬أبساليب متع ّددة‪».‬‬

‫«هل سيَكرزن؟» يَسأل برتلماوس متش ّككاً‪.‬‬

‫«كما تَكرز أ ُّمي اآلن‪».‬‬

‫مّت‪.‬‬
‫«هل سيقمن برحالت رسوليّة؟» يَسأل ّ‬
‫«نعم‪ ،‬حامالت اإلميان إىل البعيد‪ ،‬وينبغي يل أن أقول ذلك‪ ،‬وأبكثر بطولة ِمن الرجال‪».‬‬

‫يوطي ضاحكاً‪.‬‬
‫«هل سيجرتحن املعجزات؟» يَسأل االسخر ّ‬
‫وه ّن‪ ،‬النساء‬
‫أساسي‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫بعضهن يصنعن كذلك املعجزات‪ .‬ولكن ال تعتمدوا على املعجزة كأمر‬
‫ّ‬ ‫«‬
‫الق ّديسات‪ ،‬سوف يصنعن الكثري ِمن معجزات اهلِداية ابلصالة‪».‬‬

‫«هوم (متتمة)! النساء‪ ،‬الصالة إىل ح ّد صنع املعجزات!» يُتمتِم نثنائيل‪.‬‬

‫أيك؟»‬
‫«ال تَ ُكن ُمدوداًكال َكتَـبَة‪ ،‬اي برتلماوس‪ .‬ما هي الصالة حسب ر َ‬
‫«التوجه إىل هللا بِ ِ‬
‫صيَغ حنن نعرفها‪».‬‬ ‫ّ‬
‫«هذا وأكثر منه أيضاً‪ .‬فالصالة‪ ،‬هي حوار القلب مع هللا‪ ،‬وهي ما ينبغي أن تكون عليه احلالة‬
‫االعتياديّة لإلنسان‪ّ .‬أما املرأة‪ ،‬فبسبب حياهتا األكثر عزلة منّا‪ ،‬وبقدراهتا اهلائلة اليت تفوق قدراتنا‪ ،‬فهي‬
‫مهيّأة أكثر منّا هلذا احلوار مع هللا‪ .‬ففي الصالة ّتد العزاء آلالمها‪ ،‬والعالج ألتعاهبا اليت هي ليست‬
‫فإّنا ّتيد التح ّدث‬
‫ـزيل والوالدات‪ّ ،‬إّنا ّتد ما ميسح الدموع ويعيد البسمة إىل القلب‪ّ .‬‬ ‫فقط التدبري املن ّ‬
‫إىل هللا‪ ،‬وستجيد ذلك أكثر يف املسـتقبل‪ .‬سيكون الرجال عمالقة التعليم‪ ،‬وستكون النساء على الدوام‬
‫وحّت العامل‪ ،‬ويالت كثرية وعقوابت َجّة سوف تُدرأ بفضل‬ ‫اهتن العمالقة‪ّ ،‬‬
‫اللوايت يدعمن بصلو ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 335 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن هللا وحده عامل هبا‪ ،‬إّّنا ليست‬
‫اهتن‪ .‬سوف يَصنعن املعجزات إذاً‪ ،‬وهي غالباً غري ظاهرة‪ ،‬و ّ‬
‫صلو ّ‬
‫وِهيّة‪».‬‬

‫صنعت اليوم معجزة غري ظاهرة‪ ،‬ومع ذلك هي حقيقيّة‪ ،‬أليس كذلك اي معلّم؟»‬
‫َ‬ ‫أنت كذلك‬
‫« َ‬
‫يَسأل ت ّداوس‪.‬‬

‫«نعم اي أخي‪».‬‬
‫«كان ِمن األفضل أن تكون ِ‬
‫ظاهرة‪ ».‬يُبدي فليبّس مالحظته‪.‬‬

‫صيب؟ فاملعجزة‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬هي تب ّدل األشياء الثابتة‪،‬‬ ‫كنت تريدين أن أ ِّ‬
‫ُحول الطفلة إىل ّ‬ ‫«هل َ‬
‫وابلنتيجة هي اختالل للنظام فيه مصلحة‪ ،‬مينحه هللا استجابة لصالة اإلنسان‪ ،‬ليُظ ِهر له أنّه ُيبّه أو‬
‫لِيُقنعه أبنّه الكائن‪ .‬ولكن مبا أ ّن هللا نظام هو‪ ،‬فإنّه ال يَنتَ ِهك ُحرمة النظام بشكل مبالغ فيه‪ .‬الطفلة‬
‫ُولِ َدت أنثى وتبقى أنثى‪».‬‬

‫تتنهد العذراء‪.‬‬
‫كنت حزينة للغاية هذا الصباح!» ّ‬
‫«لقد ُ‬
‫ِ‬
‫طفلتك‪ ».‬تقول سوسنة وتضيف‪« :‬أان‪ ،‬عندما أرى مصيبة‬ ‫«ملاذا؟ فالطفلة غري املعتربة مل تكن‬
‫لدي مثلها!"»‬
‫لدى طفل أقول‪" :‬حلسن حظّي أ ّن ليس ّ‬
‫«ال تقويل هذا اي سوسنة! فهذا ليس فيه ُمبّة‪ .‬فأان كذلك ميكنين أن أقول هذا أل ّن أموميت‬
‫الوحيدة كانت قد ّتاوزت قوانني الطبيعة‪ .‬ولكنّين ال أقوله‪ ،‬ألنّين أفكر دائماً‪" :‬لو مل يردين هللا عذراء‬
‫ُشفق على اجلميع‪ ...‬ألنّين أقول‪:‬‬ ‫يف‪ ،‬وأكون أان أُم هذا الشقي" وهكذا أ ِ‬ ‫لكان ممكناً أن يقع هذا الزرع َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أصحـاء‪ ،‬سليمني‪ُ ،‬مبوبني وظرفاء‪ ،‬فتلك هي‬ ‫"كان ابإلمكان أن يكون ابين"‪ ،‬وكأ ُّم‪ ،‬أريدهم َجيعـاً ّ‬
‫ألبنائهن‪ٌّ ».‬تيب مرمي بلطف‪ .‬ويبدو يسوع وكأنّه يعود ليكسوها نوراً لش ّدة ما كان‬ ‫ّ‬ ‫األمهات‬
‫رغبة ّ‬
‫شع فرحاً وهو يَنظُر إليها‪.‬‬
‫يَ ّ‬
‫علي‪ »...‬يقول يهوذا بصوت منخفض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«أألجل هذا تُشفقني َّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 336 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خيص قاتل ابين‪ ،‬إذ إنّين أُف ّكر أبنّه سيكون األكثر حاجة‬
‫حّت ولو كان األمر ّ‬ ‫«على اجلميع‪ّ .‬‬
‫احلب‪ .‬فإنّه ِمن املؤّكد أ ّن اجلميع سيبغضونه‪».‬‬
‫إىل الغفران‪ ...‬و ّ‬
‫حتمل الكثري يف الدفاع عنه كي متنحيه الوقت للهداية‪ّ ...‬أما أان فإنّين أبدأ‬ ‫ِ‬
‫«اي امرأة‪ ،‬عليك ّ‬
‫ابلتخلّص منه حاالً‪ »...‬يقول بطرس‪.‬‬

‫معك اي‬ ‫معك‪ِ .‬‬


‫ومعك اي مرمي‪ .‬وكذلك َ‬ ‫«ها إنّنا يف املوضع الذي نفرتق فيه‪ ،‬اي أُمي‪ .‬ليكن هللا ِ‬
‫ّ‬
‫يهوذا‪».‬‬

‫منحتك شيئاً عظيماً‪ ،‬اي يهوذا‪ .‬فافعل به خرياً‬


‫َ‬ ‫يتعانقون ويُضيف يسوع أيضاً‪َّ « :‬‬
‫تذكر أنّين‬
‫شراً‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫وليس ّ‬
‫ويسوع مع األحد عشر تلميذاً اآلخرين ومع سوسنة َميضون ُمس ِرعني صوب الشرق‪ ،‬بينما مرمي‪،‬‬
‫ضون إىل األمام‪.‬‬‫يوطي َمي ُ‬
‫وسلفتها واالسخر ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 337 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪"( -126‬فِعل اخلري صالة أعظم ِمن املزامري")‬

‫‪1945 / 08 / 26‬‬

‫دخل يسوع إىل معبد كفرانحوم الذي ميتلئ ابملؤمنني على مهل‪ ،‬إذ إ ّن اليوم سبت‪ .‬الدهشة‬ ‫يَ ُ‬
‫عظيمة لرؤيته‪ .‬يُشري إليه اجلميع ابلبَنان وهم يتهامسون‪ ،‬وهناك َمن يش ّد ثوب هذا أو ذاك ِمن ا ُّلر ُسل‬
‫ليسأله مّت عادوا‪ ،‬أل ّن أحداً مل يكن على عِلم بعودهتم‪.‬‬

‫قادمني ِمن بيت صيدا‪ ،‬لكيال ُنطو خطوة واحدة أكثر مما هو‬ ‫«لقد نَزلنا للتو يف "بئر التني" ِ‬
‫ّ‬
‫يسي‪ ،‬وذاك‪َ ،‬مروحاً ِمن مساعه صيّاد مسك يناديه‬
‫الفر ّ‬
‫مسـموح به‪ ،‬اي صديقي‪ ».‬بطرس ُُييب اوراي ّ‬
‫الصف األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لينضم إىل رفاقه يف‬
‫صديقي‪َ ،‬ميضي مستخ ّفاً ّ‬
‫«ال تُثِرهم اي مسعان!» ي ِ‬
‫نذره اندراوس‪.‬‬‫ُ‬
‫«أُثريُهم؟ لقد َسأَلَين فأجبتُه قائالً إنّنا حتاشينا املشي احرتاماً للسبت‪».‬‬

‫«سيقولون إنّنا أُج ِهدان يف املركب‪»...‬‬

‫«سينتهي هبم األمر إىل القول أبنّنا أُج ِهدان ّ‬


‫حّت يف التن ّفس! اي للغباء! إ ّن املركب هو الذي‬
‫َُي َهد‪ ،‬كذلك اهلواء واملاء‪ ،‬وليس حنن الذين ّنضي يف املركب‪».‬‬

‫صمت‪.‬‬
‫يتحمل اندراوس التبكيت ويَ ُ‬
‫ّ‬
‫بَعد الصلوات االفتتاحيّة‪ ،‬أييت وقت قراءة فصل وشـرحه‪ .‬يَطلُب رئيس املعبـد ِمن يسـوع أن‬
‫الفريسيّني قائالً‪« :‬فليفعلوا ذلك ُهم‪ ».‬ولكن مبا ّأّنم َأيبون‬
‫لكن يسوع يشري إىل ّ‬‫يفعل هو ذلك‪ ،‬و ّ‬
‫القيام بذلك‪ ،‬فعليه هو أن يتكلّم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 338 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األول‪ ،‬حيث يتح ّدث عن داوود وقد خانه الزيفيّون وأخربوا‬ ‫امللوك‬ ‫فر‬ ‫س‬‫يقرأ يسوع فصالً ِمن ِ‬
‫ّ‬
‫شاوول أنّه كان يف جبع‪ .‬ويُعيد اللُّفافة ويبدأ ابحلديث‪.‬‬

‫يرتدد يف فعل ذلك‬


‫لكن اإلنسان ال ّ‬‫شر على الدوام‪ .‬و ّ‬
‫«انتهاك وصيّة احملبّة والضيافة والنـزاهة ّ‬
‫مضاعفة حول ذلك االنتهاك وعقاب هللا الذي َُي ّل بسببه‪.‬‬
‫َ‬ ‫وهو يف غاية الالمباالة‪ .‬ولدينا هنا ِرواية‬

‫األولون‪ُ ،‬جبناء ويف نيّتهم‬ ‫سلوك الزيفيني كان ُمادعاً‪ .‬وسلوك شاوول مل يكن ِ‬
‫أقل من ذلك‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرب‪ .‬فاألاننيّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫استمالة األقوى بغية االستفادة منه‪ .‬الثاين‪ ،‬جبان ويف نيّته التخلّص من املمسوح من ّ‬
‫ابلنتيجة‪ ،‬كانت ّتمعهم‪ .‬ويتجاسر ملك إسرائيل املزيّف واخلاطئ‪ ،‬لدى االقرتاح ال ُـمعيب‪ ،‬أن يُعطي‬
‫الرب"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرب‪" :‬فلتكن مباركاً من ّ‬
‫جواابً حيث يَذ ُكر اسم ّ‬
‫اعتيادي! واإلنسان بشروره‪ ،‬غالباً ج ّداً ما يَستَنِد إىل اسم هللا وبركته‬
‫ّ‬ ‫ازدراء بعدل هللا! ازدراء‬
‫ابعتبارِها مكافأة أو ضمانة‪ .‬قيل‪" :‬ال تَذ ُكر اسم هللا ابلباطل"‪ .‬وهل ميكن أن يوجد ما هو ابطل‬
‫أكثر‪ ،‬ما هو أسوأ ِمن ذكر امسه ومناداته يف سياق تنفيذ جرمية ض ّد القريب؟ ومع ذلك هي خطيئة‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب‪،‬‬
‫حّت من قبَل الذين ُهم يف طليعة َجاعات ّ‬ ‫أكثر شيوعاً من أيّة خطيئة أُخرى‪ ،‬تُ َّنفذ بال مباالة ّ‬
‫كل ما ميكنه التسبّب ابألذى للقريب خطيئة‪.‬‬ ‫يف الشعائر ويف التعليم‪ .‬تذ ّكروا أ ّن البحث وتدوين وهتيئة ّ‬
‫كل ما ميكنه التسبّب ابألذى للقريب‪ .‬إنّه‬ ‫بحثون ويُ ِّ‬
‫دونون ويُهيّئون ّ‬ ‫وخطيئة كذلك جعل اآلخرين يَ َ‬
‫ابلقصاص (اجلزاء)‪.‬‬‫جلب اآلخرين إىل اخلطيئة إبغرائهم ابملكافآت أو هتديدهم وتوعدهم ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أُنبِّهكم أب ّن ذلك خطيئة‪ .‬أُنبِّهكم أب ّن سلوكاًكهذا هو أاننيّة وكراهية‪ .‬وأنتم تَعلَمون أ ّن الكراهية‬
‫هتم بنفوسكم‪ .‬ألنّين أحبّكم‪ .‬ألنّين ال أريدكم‬ ‫دوا احلب‪ .‬أَل ُفت انتباهكم إىل ذلك ألنّين ُم ّ‬
‫واألاننيّة ُِها َع ّ‬
‫خطَأَة‪ .‬ألنّين ال أريد أن ُُيازيكم هللا‪ ،‬كما حصل لشاوول الذي‪ ،‬بينما كان ي ِ‬
‫الحق داوود ليقتله‪َ ،‬د َّمر‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫لحق األذى ابلقريب‪ .‬إ ّن‬ ‫الفلسطينيون مدينته‪ .‬يف احلقيقة إ ّن ذلك سوف َُيصل على الدوام لِمن ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ُيف كذلك سريعاً ويُداس أبرجل‬ ‫انتصاره سيدوم كما العشب يف احلقل‪ .‬سوف يَنبت سريعاً‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫املارة الالمبالني‪ .‬بينما السلوك احلَ َسن‪ ،‬حياة النّـزاهة‪ ،‬املعاانة منذ الوالدة والثّبات‪ ،‬إّّنا ما أن تَثبت تلك‬
‫ّ‬
‫حّت تصبح كالشجرة الضخمة كثرية األوراق‪ ،‬اليت ال ميكن لألعاصري نفسها‬ ‫احلياة وتصبح اعتياديّة‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 339 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حبق‪ ،‬يُصبِح شجرة هائلة ال تَثنيه‬
‫الويف ّ‬
‫الويف للشريعة‪ّ ،‬‬
‫أن تنتزعها‪ ،‬وال للقيظ أن ُيرقها‪ .‬يف احلقيقة‪ّ ،‬‬
‫األهواء‪ ،‬وال حترقه انر الشيطان‪.‬‬

‫ثت‪ .‬والذي يريد إضافة شيء‪ ،‬فليفعل‪».‬‬


‫لقد حت ّد ُ‬
‫الفريسيّني‪».‬‬
‫موجهاً إلينا حنن ّ‬
‫حديثك ّ‬
‫َ‬ ‫نسألك إذا ما كان‬
‫َ‬ ‫«إنّنا‬

‫ابلفريسيّني؟ أنتم أربعة‪ .‬واجلمع ُيوي املئات ِمن الناس‪ .‬والكالم للجميع‪».‬‬
‫«هل املعبد مليء ّ‬
‫«ومع ذلك فالتلميح كان جليّاً‪».‬‬

‫نفسه بنفسه! وهذا ما تَفعلونه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«يف احلقيقة‪َ ،‬مل يـَُر أحد قط‪ ،‬تُشري مقارنةٌ ما فقط إليه‪ ،‬ويتَّهم َ‬
‫لت؟ أان ال أعرف‪.‬‬‫وملاذا تَـتَّ ِهمون أنفسكم إذا مل ّأهتمكم أان؟ قد تكونون عارفني أبنّكم تَسلُكون كما قُ ُ‬
‫لكن هللا يَغفر له إذا ما َمسَت به توبة‬ ‫ِ‬
‫إّّنا لو كان هكذا‪ ،‬فتوبوا‪ .‬أل ّن اإلنسان ضعيف وقد ُخيطئ‪ .‬و ّ‬
‫مضاعفة ال غفران‬
‫َ‬ ‫الشر خطيئة‬
‫جادة‪ ،‬والرغبة يف عدم العودة إىل اخلطيئة‪ .‬إّّنا ابلتأكيد االستمرار يف ّ‬ ‫ّ‬
‫هلا‪».‬‬

‫«حنن‪ ،‬ليست لدينا هذه اخلطيئة‪».‬‬

‫«إذن فال تت َكدَّروا ِمن كالمي‪».‬‬

‫لكن‬ ‫انتهى اجلّدال َِ‬


‫َحداث أُخرى‪ .‬و ّ‬‫ـيتفرق دوّنا أ َ‬
‫وعبق املعبد ابلرتاتيل‪ُ .‬ثّ يبدو أ ّن اجلمع س ّ‬
‫األول‪،‬‬ ‫الصف‬ ‫يف‬ ‫لس‬ ‫وُي‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ذه‬ ‫ي‬ ‫كي‬ ‫إليه‬ ‫ويومىء‬ ‫املوجودين‪،‬‬ ‫بني‬ ‫ن‬ ‫يواكيم الفريسي ينظر إىل رجل ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫حّت اليد فيها أصغر ِمن األخرى‬
‫ضامرة‪ ،‬وقد أصبَ َحت ّ‬
‫إنّه يف حوايل اخلمسني من عمره ولديه ذراع ّ‬
‫كثرياً‪ ،‬أل ّن الضُّمور قد َخَّرب العضالت‪.‬‬

‫ظهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫(ص َخب) كي يَلفتوا انتباهه إىل ذاك الرجل‪ .‬ويَ َ‬
‫يَراه يسوع ويُالحظ ما افتعلوه من َجلَبَة َ‬
‫جلي‪ .‬لكنّه ال يتحاشى املواجهة‪ ،‬فهو‬
‫مير كلمح البصر ولكنّه ّ‬ ‫على وجهه تعبري االمشئزاز والرمحة‪ ،‬تعبري ّ‬
‫على العكس يُو ِاجه املوقف بثبات‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 340 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«تعال هنا‪ ،‬يف الوسط‪َ ».‬أيمر الرجل‪.‬‬

‫لتوي ِمن التح ّدث‬ ‫وعندما يصبِح أمامه‪ ،‬يلتَ ِفت إىل الفريسيني ويقول هلم‪« :‬ملاذا ُّت ِربونين؟ أمل ِ‬
‫أنته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الفخاخ والكراهية؟ وأنتم أمل تقولوا حاالً‪" :‬ليست لدينا هذه اخلطيئة"؟ أال ُّتيبون؟ فقط أجيبوا‬ ‫ض ّد ِ‬
‫الشر يوم السبت؟ أُيوز إنقاذ احلياة أم انتزاعها؟ أال ُّتيبون؟ أُجيبُكم أان‬
‫على هذا‪ :‬أُيوز فعل اخلري أَم ّ‬
‫كل الشعب الذي َُي ُكم أفضل منكم‪ ،‬ألنّه بسيط وليست لديه كراهية وال كربايء‪ .‬ال َُيوز قَضاء‬ ‫أمام ّ‬
‫َع َمل يف السبت‪ .‬ولكن كما الصالة مسموح هبا‪ ،‬كذلك فِعل اخلري مسموح به‪ ،‬أل ّن فِعل اخلري أعظم‬
‫األايم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشر غري مسموح به ال يف السبت وال يف ّ‬ ‫الرتاتيل واملزامري اليت َرتَّلناها‪ .‬بينما فعل ّ‬
‫حّت من ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت ِمن كفرانحوم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫شراً بتآمركم كي ُحتضروا هذا الرجل إىل هنـا‪ ،‬الذي هـو ليس ّ‬ ‫األخرى‪ .‬وأنتم فعلتم ّ‬
‫كنت يف بيت صيدا‪ ،‬ولتخمينكم أبنّين سوف آيت بعدها‬ ‫ِِ‬
‫والذي استقدمتموه منذ يومني‪ ،‬لعلمكم أنّين ُ‬
‫إىل بلديت‪ .‬ولقد فعلتُم ذلك لتجعلوين يف موضع ّاهتام‪ .‬وهكذا فإنّكم تَرتَ ِكبون خطيئة قَتل نفسـكم‬
‫خيصين فأان أساُمكم‪ ،‬ولن أخيّب إميان هذا الرجل الذي أتيتم به إىل هنا‬ ‫بـدل َخالصها‪ .‬إّّنا فيما ّ‬
‫فخاً‪ .‬هو ال ذنب‬ ‫متظاهرين أبنَّكم ُمهتَ ّمني أبن أُشفيه‪ ،‬بينما أنتم مل تكونوا تنوون سوى تَنصبون يل ّ‬
‫يدك وامض بسالم‪».‬‬ ‫له‪ ،‬ألنّه مل أيت ويف نيّته غري الشفاء‪ .‬وليكن له ذلك‪ .‬أيّها الرجل ُم ّد َ‬
‫يطيع الرجل وتعود يده سليمة كاألخرى‪ .‬ويستخدمها مباشرة لِيُمسك طََرف معطف يسوع‬
‫لكنت‬
‫أتيت‪ ،‬و ُ‬
‫كنت أعلَم هبا ملا ُ‬
‫أنت تَعلَم أنّين مل أكن أعلَم حقيقة نواايهم‪ .‬لو ُ‬
‫ليقبّله قائالً له‪َ « :‬‬
‫لت موت يدي على استخدامها ض ّد َك‪ .‬فال تؤاخذين إذن‪».‬‬ ‫فض ُ‬‫ّ‬
‫ّتاهك غري العطف‪».‬‬
‫َ‬ ‫«امض بسالم أيّها الرجل‪ .‬أان أعرف احلقيقة‪ ،‬وليس يل‬

‫َخَر َج اجلميع وهم يُعلِّقون‪َ .‬‬


‫وخي ُرج يسوع يف النهاية مع األحد عشر رسوالً‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 341 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫‪( -127‬يوم لالسخريوطي يف الناصرة)‬

‫‪1945 / 08 / 27‬‬

‫بيت الناصرة هو األكثر مواءَمة الرتقاء الروح‪ .‬هناك السالم والصمت والنظام‪ .‬تبدو القداسة‬
‫كأّنا تنبعث ِمن حجارته‪ ،‬تفوح ِمن نبااتت حديقته‪ُ ،‬مت ِطر ِمن السماء الصافية اليت تغطّيه كقبّة مساويّة‪.‬‬ ‫و ّ‬
‫يف احلقيقة هي تَنبَثِق ِمن اليت تس ُكنه وتتنقل فيه‪ ،‬خب ّفة وصمت‪ ،‬حبركات فتيّة‪ ،‬سليمة‪ ،‬بَِق َدم خفيفة‬
‫العذبَة ذاهتا املطمئنّة واحلنونة‪.‬‬
‫كاليت كانت هلا يوم َد َخلَته عروساً‪ ،‬وابالبتسامة َ‬
‫أشعة الشمس‪ ،‬يف تلك الساعة الصباحيّة‪ ،‬تغطّي البيت ِمن جهته اليمىن‪ ،‬تلك اجلهة األكثر‬ ‫إ ّن ّ‬
‫أشعة الشمس الصباحية تلك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متوج للروايب‪ ،‬ووحدها ق َمم األشجار هي اليت تستفيد من ّ‬ ‫ألول ّ‬
‫قرابً ّ‬
‫و ّأوهلا أشجار الزيتون اليت ُزِر َعت عند بداية املنحدر لتُحافِظ على متاسك تربته جبذورها‪َّ ،‬إّنا أشجار‬
‫تضرع طلباً‬ ‫كأّنا ت ّ‬
‫معوجة‪ ،‬قويّة‪ ،‬واليت ترتفع أغصاّنا األضخم حنو السماء و ّ‬ ‫ص َم َدت ّ‬‫الزيتون اليت َ‬
‫كأّنا هي كذلك تصلّي ِمن موقع السالم هذا‪َّ ،‬إّنا أشجار الزيتون تلك اليت بقيت صامدة‬ ‫لربكتها‪ ،‬أو ّ‬
‫ِمن بستان الزيتون الذي ليواكيم‪ ،‬تلك األشجار اليت كانت يف ذلك احلني كثرية‪ ،‬واليت كانت َمتتَ ّد َكما‬
‫للرعي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت احلقول البعيدة حيث بستان الزيتون واحلقول كانت مرتَعاً ّ‬ ‫حجاج طويل‪ ،‬لتَصل ّ‬
‫موكب ّ‬
‫صَرت اليوم على بضع شجرات ابقية على حدود ملكيّة يواكيم اجملتَـَزئة‪.‬‬
‫وقد اقتَ َ‬
‫بعدئِذ تستفيد منها شجرة اللوز وأشجار الت ّفاح‪ ،‬الكبرية والقويّة‪ ،‬واليت تَفتَح على احلديقة مظلّة‬
‫ِ‬
‫أشعتها‪ ،‬وأخرياً شجرة التني املالصقة للبيت‪ُُ ،‬ثّ‬‫الرمان اليت تَ َنهل من ّ‬
‫أغصاّنا‪ ،‬ويف املرتبة الثالثة شجرة ّ‬
‫داعب الورود واخلضار املعتىن هبا جيّداً يف املساكِب املستطيلة‪ ،‬وعلى‬ ‫ها هي الشمس وقد بدأت تُ ِ‬
‫يطن‪ ،‬نقاط ِمن ذَ َهب تَطري على‬
‫احململة ابلعناقيد‪ .‬النحل ّ‬ ‫املتوضعة حتت غطاء التعريشة ّ‬
‫طول األسيجة ّ‬
‫تنقض عليها‪ ،‬وزهور‬ ‫كل ما ميكن أن َمينَحها عصارات لذيذة ِ‬
‫وعطرة‪ .‬هناك نبتة زهر عسل صغرية ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أجهل امسها‪ ،‬على شكل ُجريسات‪ ،‬تُش ِّكل طاقات‪ ،‬وهي يف طريقها إىل االنغالق اثنية ‪-‬بدون ّ‬
‫شك‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 342 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هي زهور ليليّة‪ِ -‬عطرها انفِذ‪ .‬تُس ِرع النحالت يف امتصاص رحيق تلك الزهور‪ ،‬قبل أن تلتوي بتالهتا‬
‫ط يف سبات التُّويج‪.‬‬‫لتغ ّ‬

‫ذهب مرمي خب ّفة ِمن أعشاش احلمام إىل النبعة الصغرية اليت تسيل قرب املغارة الصغرية‪ ،‬ومنها‬
‫تَ َ‬
‫لتتأمل أثناء عملها‪ ،‬ابلزهور أو احلَمامات‬ ‫ِ‬
‫إىل البيت لالهتمام بشؤونه‪ ،‬ومع ذلك فهي َّتد وسيلة‪ّ ،‬‬
‫اليت تقفز يف الدروب أو تدور فوق البيت واحلديقة‪.‬‬
‫يعود يهوذا االسخريوطي وهو َُي ِمل نبااتت وفسالت ِ‬
‫(غراس)‪« .‬أحي ِ‬
‫يك أيّتها األ ُّم‪ .‬لقد أعطوين‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضرب جذوراً مثل زهر العسل‪ .‬ويف العام‬ ‫أمتىن أن تَ ُ‬
‫حّت ال تتأثّر‪ ،‬ولكنّين ّ‬
‫أسرعت ّ‬
‫يده‪ .‬و ُ‬
‫كنت أر ُ‬
‫كل ما ُ‬
‫ّ‬
‫لك حديقة تُشبِه سلّة زهور‪ ،‬وهكذا تتذ ّكرين يهوذا املسكني وإقامته هنا‪ ».‬يقول‬‫املقبِل سوف تكون ِ‬
‫ومن كيس‬ ‫هذا وهو ُخيرِج ِمن أحد الكيسني وبعناية نبااتت مع جذورها ُُماطة بِرتاب وأوراق ندية‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آخر فسالت‪.‬‬

‫ميكنك معرفة مدى سعاديت بوجود زهور العسل هذه جبانب املغارة‬ ‫َ‬ ‫حبق اي يهوذا‪ .‬ال‬
‫أشكرك ّ‬
‫« َ‬
‫كنت ما أزال صغرية‪ ،‬هناك‪ ،‬عند طََرف احلقول تلك‪ ،‬اليت كانت ما تزال لنا‪ ،‬كانت‬ ‫الصغرية‪ .‬فعندما ُ‬
‫هناك مغارة أكثر َجاالً ِمن هذه‪ .‬وكانت زهور اللبالب وزهـر العسـل تغطّيها أبغصاّنا وزهورها مش ّكلة‬
‫حّت داخلها‪ ،‬واليت كانت شعريات نبتة كزبرة البئر قد‬‫ستاراً وملجأً للزانبق الصغرية اليت كانت تنمو ّ‬
‫كنت أف ّكر دائماً بتلك املغارة‪،‬‬
‫َج َعلتها خضراء ابلكامل‪ .‬إذ إ ّن نَبعاً كان هناك ابلضبط‪ ...‬يف اهليكل‪ُ ،‬‬
‫كنت أصلّي أمام سـتار قدس األقداس‪ ،‬أان‪ ،‬عذراء اهليكل‪ ،‬فلم أكن‬ ‫حّت عندما ُ‬ ‫لك‪ ،‬أبنَّين ّ‬
‫وأقول َ‬
‫كنت أَحلُم أبحاديث‬ ‫ِ‬
‫ألَشعُر أكثر بوجود هللا‪ .‬بل وأكثـر من ذلك‪ ،‬ينبغي يل االعرتاف أنّين‪ ،‬هناك‪ُ ،‬‬
‫أوص َل إليها ِسلسال ماء‪ ،‬ال هبدف‬‫ضين عنها هبذه‪ ،‬و َ‬ ‫عو َ‬
‫الرب‪ ...‬ويوسف كان قد َّ‬ ‫روحي العذبة مع ّ‬
‫االستفادة منه‪ ،‬وإّّنا كي مينحين فرح احلصول على مغارة كانت نسخة عن األخرى‪ ...‬لقد كان صاحلاً‪،‬‬
‫ع عندها زهر العسل‪ ،‬وشجرة اللبالب اليت ما تزال إىل اآلن‪ ،‬بينما‬ ‫حّت يف أدق األمور‪َ ...‬وزَر َ‬ ‫يوسف‪ّ ،‬‬
‫عت‬ ‫ِ‬
‫أنت َزَر َ‬
‫ع أخرى‪ ،‬ولكنّها ماتت منذ ثالث سنوات‪ .‬اآلن‪َ ،‬‬ ‫ين املنفى‪ُُ ...‬ثّ َزَر َ‬‫األوىل ماتت أثناء س ّ‬
‫ك بستاينّ رائع‪».‬‬
‫َخ َذت تنمو‪ ،‬أترى؟ إنّ َ‬ ‫مكاّنا‪ .‬وها قد أ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 343 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب النبااتت بشكل هائل‪ ،‬وكانت ّأمي تُعلِّمين كيفيّة العناية‬ ‫ُ ّ‬
‫«نعم‪ ،‬فعندما كنت طفالً‪ ،‬كنت أ ِ‬
‫ُح‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫إلرضائك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جانبك‪ ،‬أيّتها األ ُّم‪ ،‬وأستعيد مهارايت اليت كانت يل آنذاك‪.‬‬ ‫هبا‪ ...‬واآلن أستعيد طفوليت إىل‬
‫ك عطوفة علي للغاية!‪ُُ »...‬ييب يهوذا وهو يعمل بِيد خبرية يف زرع النبااتت يف أمكنتها ِ‬
‫املناسبة‪.‬‬ ‫ََ َ‬ ‫َّ‬ ‫إنّ ِ َ‬
‫ويذهب كي يَ َزرع قُرب سياج زهور الليل ُكتَالً ِمن اجلذور اليت ال أعلَم إذا ما كانت زنبق الوادي أو‬
‫زهوراً أخرى‪« .‬هنا ستكون على ما يرام» يقول وهو يَضرب طبقة رقيقة من الرتبة فوق اجلذور املغروسة‬
‫خادم أليعازر يريد إعطائي ّإايها‪ ،‬ولكنّين‬‫بواسطة ِمعزقة‪ُ« .‬يب ّأال تتعرض كثرياً للشمس‪ .‬مل يكن ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫تنازَل يل عنها‪».‬‬
‫حّت َ‬
‫أحلحت كثرياً ّ‬
‫ُ‬
‫حّت يؤمنّها‬
‫«اليامسني اهلندي هذا كذلك مل يكن يريد إعطاءه ليوسف‪ .‬ولكنّه اشتَـغَ َل هلم ابجملّان ّ‬
‫ف عن النمو‪».‬‬‫يل‪ .‬ومل تَ ُك َّ‬

‫كل شيء على ما يرام‪ ».‬يَسقي‬


‫األم‪ .‬سوف أسقيها وسيكون ّ‬
‫املهمة انتهت‪ ،‬أيّتها ّ‬
‫«هي ذي ّ‬
‫ُث ي ِ‬
‫غسل يديه يف النبع‪.‬‬‫َّ‬
‫تَنظُر إليه مرمي‪ ،‬بشـكل ُمتلف عن ابنها‪ ،‬وكذلك بشكل ُمتلف عن يهوذا يف بعض ساعات‬
‫أحسن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنت َ‬
‫ضع يدها على ذراعه وتَسأله بلطف‪« :‬هل َ‬
‫الغضب‪ُ .‬متعن النَّظَر فيه‪ ،‬تُف ّكر‪ ،‬تدنو منه وتَ َ‬
‫بروحك‪».‬‬
‫َ‬ ‫حاالً اآلن‪ ،‬اي يهوذا؟ أَعين‬

‫أنت تَـَرين ذلك‪ِ .‬أجد املتعة واخلالص يف األمور‬


‫«آه! أيتها األم! أحسن كثرياً! إين يف سالم‪ ،‬و ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫أخرج أبداً ِمن هذا السـالم‪ِ ،‬من هـذه اخلَلوة‪ .‬هنا‪َ ...‬كم‬
‫علي ّأال ُ‬
‫ِ‬
‫جانبك‪َّ .‬‬ ‫املتواضعة ويف إقاميت إىل‬
‫كمل‪:‬‬‫العامل بعيد عن هذا البيت!‪ »...‬وينظُر يهوذا إىل احلديقة واألشـجار والبيت الصغري‪ ...‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أصبحت رسوالً أبداً‪ ،‬وأان أريد أن أكون رسوالً‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫بقيت هنا ملا‬
‫كنت ُ‬ ‫«ولكنّين لو ُ‬
‫لك أن تكون نـَ ْفساً مستقيمة ِمن أن تكون رسوالً غري مستقيم‪.‬‬ ‫«ومع ذلك‪ .‬ثِق أنّه ِمن األفضل َ‬
‫ُيعلك تَضطَ ِرب‪ ،‬إذا ما أدر َ‬
‫كت أ ّن املديح والتشـريفات اليت يتل ّقاها‬ ‫َ‬ ‫احتكاكك ابلعامل‬
‫َ‬ ‫ت أ ّن‬
‫إذا ما أدرك َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 344 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك أن تكون مؤمناً بسيطاً يف نَظَر يسوعي‪ِ ،‬من أن‬
‫إليك‪ ،‬ارفض اي يهوذا‪ .‬فاألفضل َ‬
‫الرسول تسيء َ‬ ‫َّ‬
‫تكون رسوالً خاطئاً‪».‬‬

‫هتتم بشؤونه‪.‬‬
‫َخيفض يهوذا رأسه مستغرقاً يف التفكري‪ .‬ترتكه مرمي ألفكاره وتعود إىل البيت ّ‬
‫يتمشى طوالً وعرضاً حتت التعريشة‪ .‬ذراعاه متصالبتان ورأسه‬ ‫يبقى يهوذا بُرهة بِال َحراك‪ُ ،‬ثّ ّ‬
‫لكن‬
‫شرع يف مناجاة نفسه ويقوم حبركات‪ ،‬لوحده‪ ...‬مناجاة غري مفهومة‪ .‬و ّ‬ ‫منخفض‪ .‬يف ّكر ويف ّكر ويَ َ‬
‫ابحلري يتش ّكى‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫احلركات هي حركات رجل تتصادم أفكاره بعنف‪ .‬يبدو وكأنّه يَبتَ ِهل ويَدفَع‪ ،‬أو‬
‫ظهر أبسوأ حاالته‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫حّت يَ َ‬
‫ومهموم‪ّ ،‬‬ ‫إنّه يَ َلعن شيئاً ما‪ ،‬منتَقالً من تعبري َمن يتساءل‪ ،‬إىل تعبري رجل فَ ِزع َ‬
‫ضع يديه على‬ ‫حقيقي‪ُ ...‬ثّ يَ َ‬
‫ّ‬ ‫ويتوقّف فجأة هكذا يف منتصف الدرب‪ ،‬ويبقى بُرهة بوجه شيطان‬
‫حّت يهدأ ويبقى‬
‫نح َدر الزيتون‪ ،‬بعيداً عن نَظَر مرمي‪ .‬يبكي وهو ُخيبّئ وجهه بيديه‪ّ ،‬‬ ‫ويفر إىل ُم َ‬
‫وجهه ّ‬
‫جالساً‪ ،‬وظهره ُمستَنِد إىل شجرة زيتون‪َ ،‬مذهوالً…‬

‫املوصدة طوال‬
‫‪َ ...‬ملْ يـَعُد الوقت صباحاً‪ ،‬بل هو ّناية َغ َسق مؤثّر‪ .‬تفتح الناصرة أبواب بيوهتا َ‬
‫النهار بسـبب حرارة النهار الصيفيّة‪ ،‬وأكثر ِمن ذلك ّناراً شرقيّاً‪ .‬النساء والرجال واألطفال َخي ُرجون إىل‬
‫حارة‪ ،‬إّّنا ال مشس تَسطَع فيها‪ ،‬حبثاً عن النسيم‪ ،‬أو النبع‪ ،‬أو األلعاب‬
‫احلدائق أو الشوارع اليت ما تزال ّ‬
‫أو ُماداثهتم‪ ...‬يف انتظار العشاء‪ .‬حتيّات عظيمة‪ ،‬ثرثرات‪ ،‬صرخات وضحكات‪ ،‬بشكل ُُيافِظ على‬
‫االحرتام بني الرجال والنساء واألطفال‪.‬‬

‫ويتوجه إىل النبع حامالً ِجرار النحاس‪ .‬يَراه الناصريّون ويُشريون إليه بلقبه‬
‫َخي ُرج يهوذا كذلك ّ‬
‫بتحفظ‪ ،‬إن مل يكن ما‬‫"تلميذ اهليكل"‪ ،‬الذي يَر ّن كاملوسيقى يف أُذُينّ يهوذا‪َ .‬ميّر ُُميّياً بلطف‪ ،‬إّّنا ُّ‬
‫يزال ببعض ِمن الكربايء املتعايل‪ ،‬فهو قريب منه ج ّداً‪.‬‬

‫انصري ُملتَ ٍح‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ك طيّب ج ّداً مع مرمي‪ ،‬اي يهوذا‪ ».‬يقول له‬
‫«إنّ َ‬
‫حبق امرأة عظيمة ِمن إسرائيل‪ .‬إنّكم سعداء لكوّنا‬
‫« ّإّنا تستحق هذا وأكثر منه أيضاً‪ّ .‬إّنا ّ‬
‫اطنة ِمن بلدكم‪».‬‬
‫مو ِ‬
‫ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 345 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مديح امرأة الناصرة ي ِ‬
‫عجب كثرياً الناصريّني الذين يُ ِّرددون فيما بينهم ما قاله يهوذا‪.‬‬‫ُ‬
‫حّت إنّه َُي ِمل ِجرار‬ ‫ِ‬
‫ص َل إىل النبع‪ ،‬يَنتَظر دوره ويُظ ِهر كياسة‪ّ ،‬‬
‫وهو‪ ،‬يف هذه األثناء‪ ،‬وقد َو َ‬
‫وحّت إنّه ميأل املاء المرأتني كانتا ُمرتَبِ َكتني بطفل ُيمالنه على‬ ‫ِ‬
‫عجوز ال تعود تنتهي من مباركته‪ّ ،‬‬
‫فليكافئك هللا‪».‬‬
‫َ‬ ‫أذرعهما‪ .‬وبَِرفع اخلِمار قليالً تُـتَمتِمان‪« :‬‬

‫يوطي وهو ينحين وميأل ِجراره‬


‫األول لصديق يسوع‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫ب القريب هو الواجب ّ‬‫« ُح ّ‬
‫ليعود بعدئذ إىل البيت‪.‬‬

‫ويف طريق عودته‪ ،‬يوقِفه رئيس معبد الناصرة وآخرون‪ ،‬يَدعُونه للتح ّدث السبت ال ُـمقبِل‪.‬‬

‫أي تعليم غري َكياسة عظيمة لنا َجيعاً‪ ».‬يقول رئيس‬ ‫م‬ ‫«لقد مضى أسبوعان وأنت معنا‪ ،‬ومل تُق ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫املعبد وهو يتش ّكى‪ ،‬ومعه آخرون ِمن كِبار البلدة‪.‬‬

‫«ولكن إذا مل يكن مقبوالً لديكم االستماع إىل كلمة ابنكم األعظم‪ ،‬فهل ميكن لكلمة تلميذه‬
‫يهودايً؟» ُُييب يهوذا‪.‬‬
‫خاصة إذا كان ّ‬
‫أن تكون مقبولة لديكم أبداً‪ّ ،‬‬
‫ك ِمن اهليكل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«ش ّكك ِ‬
‫ويهودي‪ ،‬صحيح‪ .‬ولكنّ َ‬
‫ّ‬ ‫تلميذ‬ ‫أنت‬
‫َ‬ ‫صادقة‪.‬‬ ‫دعوتنا‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫ننا‪.‬‬
‫ز‬ ‫وُي‬
‫ُ‬ ‫ظامل‬ ‫َ‬
‫ميكنك إذن التح ّدث‪ ،‬ففي اهليكل هناك العقيدة‪ .‬وما ابن يوسف ِسوى جنّار‪»...‬‬
‫َ‬
‫«ولكنّه ماسيّا!»‬

‫«هو يقول ذلك‪ ...‬ولكن هل هذا صحيح؟ أو ابألحرى أال يَهذي؟»‬

‫ص ِدم يهوذا بعدم إميان الناصريّني‪.‬‬


‫لكن قداسته‪ ،‬اي أبناء الناصرة! قداسته!» وقد ُ‬
‫«و ّ‬
‫لكن الفرق بينها وبني أن يكون ماسيّا!‪ُ ...‬ثّ‪ ...‬ملاذا هلجته‬
‫«عظيمة هي‪ ،‬هذا صحيح‪ .‬و ّ‬
‫قاسية إىل هذه الدرجة؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 346 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إيل ال تبدو قاسية‪ .‬إّّنا ابألحرى هذا نَعم‪ ،‬إنّه صارم ج ّداً ومتش ِّدد كثرياً‪.‬‬‫«قاسية؟ ال! ابلنسبة َّ‬
‫ضع اإلصبع على اجلرح‬ ‫يرتدد يف التنديد خبيانة األمانة‪ ...‬وهذا ال ي ِ‬
‫رضي‪ .‬إنّه يَ َ‬ ‫ال يَ َدع خطيئة َُمفيّة‪ .‬ال ّ‬
‫ُ‬
‫مرات‬ ‫قلت له ّ‬‫يتصرف ّإال هبذا الشكل‪ .‬لقد ُ‬ ‫بكل أتكيد! إنّه ال ّ‬‫مباشرة‪ ،‬وهذا مؤمل‪ .‬إّّنا بقداسة‪ .‬آه! ّ‬
‫نفسك"‪ .‬ولكنه ال يريد اإلقرار بذلك!‪»...‬‬ ‫َ‬ ‫ك َّتين على‬ ‫عديدة‪" :‬اي يسوع‪ ،‬إنّ َ‬
‫توجيههُ‪».‬‬
‫فبإمكانك َ‬
‫َ‬ ‫ك على هذه الدرجة ِمن الثقافة‪،‬‬
‫ك حتبّه كثرياً‪ ،‬ومبا أنّ َ‬
‫«إنّ َ‬
‫دي‬ ‫ل‬ ‫األساليب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫أع‬ ‫مون!؟‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬‫َ‬‫ت‬ ‫اهليكل‬ ‫ن‬ ‫«آه! مث ّقف‪ ،‬ال‪ ...‬إّّنا عملي‪ ،‬هذا‪ ،‬نعم‪ِ .‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫وحّت إذا أردمت شيئاً ِمن اجملمع‪ ،‬فقولوه‪ ،‬قولوه‪ ...‬إّّنا اآلن‬
‫أصدقاء‪ .‬ابن حنان ابلنسبة يل مبثابة األخ‪ّ .‬‬
‫فَ َدعوين أمحل املاء إىل مرمي اليت تنتظرين ِمن أجل العشاء‪».‬‬

‫«عُد بعدها‪ .‬على ُشرفَيت‪ ،‬الطقس رطب‪ .‬وستكون جلسة أصدقاء وسنتح ّدث‪»...‬‬

‫أتخره أل ّن رئيس املعبد قد‬


‫«نعم‪ .‬وداعاً‪ ».‬وَميضي يهوذا إىل البيت‪ ،‬حيث يعتذر ملرمي على ّ‬
‫استوقَـ َفه هو وكبار البلدة‪ .‬ويُنهي بقوله‪« :‬أرادين أن أحت ّدث السبت ال ُـمقبِل‪ ...‬واملعلّم َمل يطلب ّ‬
‫مين‬
‫أنت‪َ ،‬وِّجهيين‪».‬‬
‫أنت أيتها األم؟ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك ِ‬ ‫ذلك‪ .‬فما قو ِ‬

‫«التح ّدث إىل رئيس املعبد‪ ...‬أم التح ّدث يف املعبد؟»‬

‫«هذا وذاك‪ .‬أان ال أريد التح ّدث إىل أحد وال مع أحد‪ ،‬ألنّين أعلَم أ ّّنم ض ّد يسوع‪ ،‬وأل ّن‬
‫للحرمات‪ .‬ولكنّهم أَحلّوا‬ ‫احلق أبن يكون املعلّم يبدو يل انتهاكاً ُ‬
‫التح ّدث حيث هو الوحيد صاحب ّ‬
‫كنت تظنّني أنّين أستطيع‪ ،‬بكالمي‪ ،‬انتزاع‬ ‫كثرياً! يريدون لقائي بعد العشاء‪ ...‬وأان تقريباً وعدت‪ .‬وإذا ِ‬
‫ََ ُ‬
‫علي‪ ،‬فسأذهب وأحت ّدث‪ .‬حسب‬ ‫ِ‬
‫املهمة عسرية‪ ،‬فأان‪ ،‬رغم كون العبء ثقيالً َّ‬
‫روح مقاومة املعلّم منهم‪ّ ،‬‬
‫كت جيّداً أ ّن ال جدوى ِمن أن‬ ‫ِ‬
‫إمكانيايت‪ُُ ،‬ما ِوالً فقط أن أكون صبوراً ج ّداً أمام عنادهم‪ .‬فلقد أدر ُ‬
‫يكون املرء قاسياً‪ .‬آه! لن أقع يف اخلطأ الذي ارتكبتُهُ يف مرج ابن عامر! لقد َح ِزن املعلّم! َمل يـَ ُقل يل‬
‫فهمت‪ .‬لن أفعل ذلك‪ .‬ولكنّين أريد مغادرة الناصرة بعد إقناعها أ ّن املعلّم هو ماسيّا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫شيئاً‪ ،‬ولكنّين‬
‫وُيب اإلميان به وحبّه‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 347 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتكلّم يهوذا بينما هو جالس إىل الطاولة مكان يسوع‪ ،‬وأيكل ما َحضََّرته مرمي‪ .‬وقد آملين رؤية‬
‫وُت ِدمه كأ ُّم‪.‬‬
‫يهوذا جالساً يف ذاك املكان‪ُ ،‬مقابل مرمي اليت تَستَ ِمع إليه َ‬

‫أمنعك‪ .‬هيّا‪.‬‬
‫َ‬ ‫اآلن ُّتيب‪« :‬يكون حسناً ابلفعل أن يُد ِرك الناصريّون احلقيقة ويتقبّلوها‪ .‬أان ال‬
‫ك هو ويُظ ِهر هذا‬‫منك‪ .‬فَ ِّكر كم ُيبّ َ‬
‫احلب أفضل َ‬‫ما من إنسان يستطيع القول إ ّن يسوع يستح ّق ّ‬
‫ِ‬
‫التصرف‬
‫لتمنحك هذه الفكرة الكالم و ّ‬ ‫َ‬ ‫رضيك كلّما استطاع ذلك‪ ...‬و‬ ‫يعذرك دائماً ويُ َ‬
‫َ‬ ‫احلب أبن‬
‫ّ‬
‫املق ّد َسني‪».‬‬

‫يَنتَهي العشاء بسرعة‪ .‬ويذهب يهوذا يَسقي زهور احلديقة قبل غياب الشمس متاماً‪ُ ،‬ثّ َخي ُرج‪،‬‬
‫طي الغسيل الذي َّ‬
‫جف َفته‪.‬‬ ‫اتركاً مرمي على الشُّرفة‪ ،‬م َ ِ‬
‫نشغلة يف ّ‬ ‫ُ‬
‫لكالواب اللذين يتبـادالن احلديث أمام ابب بيت األخرية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ويهوذا‪ ،‬بعد حتيّة حلفـا ومرمي اليت‬
‫ميضي مباشرة إىل بيت رئيس املعبد‪ .‬فيجد هناك كذلك ابين عم السيّد‪ .‬ابإلضافة إىل ستّة آخرين ِمن‬
‫ِ‬
‫الكبار‪.‬‬

‫نكه‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ويسرتطبون ابلشراب الـم َّ‬ ‫فخمة‪َُ ،‬يلس اجلميع بوقار يف مقاعد ذات َمسانِد‪،‬‬ ‫بعد حتيّات ُم َّ‬
‫فرتض أن يكون الشراب ابرداً ج ّداً نظراً لكون اإلبريق املعدين ُم ِّ‬
‫تعرقاً بسبب‬ ‫ابليانسون أو النعناع‪ .‬ويُ ََ‬
‫حاراً‪ ،‬رغم النسيم الذي ُُيِّرك قِمم األشجار قادماً‬
‫فارق احلرارة بني السائل البارد واهلواء الذي ما يزال ّ‬
‫مشايل الناصرة‪.‬‬ ‫ايب‬
‫و‬ ‫الر‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫أنت شـاب‪ .‬وبعض التسلية مفيد‪ ».‬يقول رئيس املعبد الذي‬
‫لك اجمليء‪َ .‬‬
‫«إنّين مسرور لقبو َ‬
‫يُراعي يهوذا كثرياً‪.‬‬

‫كنت أخشـى أن أكون ثَقيـل الظ ّـل مبجيئي قَبالً‪ .‬أان أعرفكم ُُمتَ ِقرين ليسوع وأتباعه‪»...‬‬
‫« ُ‬
‫« ُُمتَ ِقرون؟ ال‪ .‬بل غري مؤمنني‪ ...‬وَمروحون بـ‪ ...‬فلنُسلِّم بذلك‪ ،‬حبقائقه اجملردة ج ّداً‪ .‬كنّا‬
‫ندعوك بسبب ذلك‪».‬‬
‫َ‬ ‫ك َحتتَ ِقران‪ ،‬ومل نكن‬
‫نظنّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 348 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أظن أ ّن األمر‬
‫أفهمكم جيّداً ج ّداً‪ ...‬هيه! نعم! ولكنّين ّ‬ ‫«أحتقركم‪ ،‬أان؟ ولكن ابلعكس! ُ‬
‫سـينتهي أبن َُي ّل السالم بينكم وبينـه‪ .‬ابلنسبة إليه هذا يناسبه دائماً‪ ،‬وكذلك أنتم‪ .‬ابلنسبة إليه‪ ،‬ألنّه‬
‫حباجة إىل اجلميع‪ّ ،‬أما ابلنسبة إليكم‪ ،‬فألنّه ال يناسبكم أن يُطلَق عليكم اسم أعداء ماسيّا‪».‬‬

‫كي‬‫امللو‬ ‫جه‬ ‫الو‬ ‫ن‬ ‫«أوتظن األمر حقيقة هكذا؟» يسـأل يوسف بن حلفا‪« .‬فليس فيه شيء ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كمن فيه ال َـملِك‬ ‫الذي متّ التنبّؤ لنا به‪ .‬قد يكون ذلك بسبب تَ ُّ‬
‫ذكران أبنّه كان جنّاراً‪ ...‬ولكن أين يَ ُ‬
‫حرر؟»‬ ‫ال ُـم ِّ‬

‫أيت َملِك أعظَم ِمن داوود‪.‬‬ ‫«كذلك داوود مل ي ُكن يبدو ِسوى راع صغري‪ .‬إّّنا أنتم تَـرون أنّه مل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كل َمده‪ ،‬مل يكن لِيساويه‪ .‬إذ يف النهاية مل يكن سليمان سوى استمرار لداوود‪،‬‬ ‫وسليمان نفسه‪ ،‬يف ّ‬
‫ومل يكن أبداً ملهماً مثله‪ .‬بينما داوود! ولكن أتملوا وجه داوود! إنّه ِعمالق‪ ،‬ذو ملك أضحى ي ِ‬
‫المس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السماء‪ .‬فال ترتَكزوا إذن على أصول املسيح لتَش ّكوا مبُلكه‪ .‬فداوود َملك َور ٍاع‪ ،‬أو ابألحرى َر ٍاع ُثّ‬
‫ابحلري جنّار ُثّ َملِك‪».‬‬
‫ّ‬ ‫َملِك‪ .‬ويسوع َملِك وجنّار أو‬

‫منك رائحة َمن تل ّقى التعليم من اهليكل‪ ».‬يقول رئيس املعبد‪« .‬وهل‬
‫نشتم َ‬
‫«تتكلّم مثل رايب‪ّ .‬‬
‫خاص؟»‬
‫إبمكانك إعالم اجملمع أنّين‪ ،‬أان‪ ،‬رئيس املعبد‪ ،‬أحتاج إىل َعون اهليكل ألمر ّ‬
‫َ‬
‫الغين الذي‬ ‫ِ‬
‫صور! ُثّ يوسف الذي من األعيان‪ ،‬هل تعرفه؟ ّ‬
‫بكل أتكيد! مع أليعازر! ت ّ‬
‫«طبعاً! ّ‬
‫لك ِسوى أن تتح ّدث!»‬
‫ِمن الرامة‪ُ .‬ثّ صادوق‪ ،‬أحد ال َكتَـبَة‪ ...‬وبعد ذلك‪ ...‬ليس َ‬
‫«إذاً غداً ُكن ضيفي‪ .‬سوف نتح ّدث‪».‬‬

‫أتيت كي أبقى برفقتها‬


‫ضيفك‪ .‬ال‪ .‬فأان ال أترك تلك املرأة الق ّديسة واحلزينة اليت هي مرمي‪ .‬لقد ُ‬
‫« َ‬
‫على الدوام‪»...‬‬

‫بصحة جيّدة وسعيدة بفقرها‪ »...‬يقول‬


‫«هل هناك ما أصاب قريبتنا؟ فما نَعلَمه هو ّأّنا تتمتّع ّ‬
‫مسعان بن حلفا‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 349 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫متنهداً‪« .‬أ ُّمي على الدوام جبانبها‪ ،‬وأان وكذلك‬
‫«نعم‪ ،‬فنحن ال نرتكها‪ ».‬يقول يوسف بن حلفا ّ‬
‫ضعفها ّتاه ابنها‪ ،‬وكذلك أمل أيب الذي‪ ،‬بسبب‬ ‫زوجيت‪ .‬رغم أنّين‪ ...‬رغم أنّين ال أستطيع أن أَغفر هلا َ‬
‫نادى‬ ‫يسوع‪ ،‬مات ومل يكن أمام سريره سوى اثنني ِ‬
‫لكن مشاكل العائلة ال يُ َ‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫!‪...‬‬ ‫ُث‬
‫ّ‬ ‫!‬‫ّ‬‫ُث‬ ‫أوالده‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫هبا على رؤوس األشهاد (ال تُذاع على املأل)!»‬

‫حق‪ .‬فال يتم احلديث عنها ّإال بصوت منخفض وابلسر‪ ،‬وال يباح هبا ّإال إىل قَ ٍ‬
‫لب‬ ‫ك على ّ‬ ‫«إنّ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صديق‪ .‬وهذا ينطبق أيضاً على الكثري ِمن املشاكل! أان كذلك يل مشاكلي كتلميذ‪ ...‬ولكن ِمن‬
‫األفضل عدم التح ّدث عنها!»‬

‫«ابلعكس‪ ،‬فلنتح ّدث عنها! ماذا هناك؟ أهي مشاكل تواجه يسوع؟ صحيح أنّنا غري موافِقني‬
‫ومؤهبني للتضامن معه ض ّد أعدائه‪ .‬تكلّم!» يقول أيضاً يوسف‪.‬‬
‫على سلوكه‪ ،‬ولكنّنا مع ذلك أهل‪َّ .‬‬

‫عامل‬ ‫ِ‬ ‫أن‪َّ ...‬‬


‫كنت أقصد َّ‬
‫أن آالم التلميذ كثرية ج ّداً! ليس فقط األمل من طريقة تَ ُ‬ ‫«مشاكل؟ ال! ُ‬
‫أود لو أنّكم حتبّونه‬
‫املعلّم مع األصدقاء واألعداء‪ ،‬جانياً على نفسه‪ ،‬إّّنا كذلك لرؤية أنّه غري ُمبوب‪ُّ .‬‬
‫َجيعكم‪»...‬‬

‫التصرف… َملْ يَ ُكن هكذا عندما‬


‫فإن له أسلوب يف ّ‬‫نفسك تَقوهلا! َّ‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫«ولكن كيف العمل؟ َ‬
‫َغ َادر أ ُّمه‪ ».‬يقول ُمعتَ ِذراً رئيس املعبد‪« .‬أليس ذلك صحيحاً‪ ،‬ما قولكم أنتم؟»‬

‫الص ِامت‪ ،‬الوديع‪ ،‬واملتح ِّفظ‬


‫يُؤّكِد اجلميع برزانة قائلني الكثري عن حسنات يسوع ّأايم زمان‪ ،‬فهو َّ‬
‫الرصني‪.‬‬
‫َّ‬
‫« َمن كان إبمكانه التفكري أبنّه ُمي ِكن أن يُصبِح رجالً ابلصفات اليت هو فيها اآلن؟ البيت‬
‫انصري كبري السن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل شيء ابلنسبة إليه‪ .‬واآلن؟» يقول‬ ‫واألهل كانوا ّ‬
‫يتنهد يهوذا‪« :‬اي للمرأة املسكينة!»‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 350 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صرخ يوسف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«ولكن يف النهاية‪ ،‬ماذا تَعرف؟ تكلّم‪ ».‬يَ ُ‬

‫«ولكن ال شيء أكثر ممّا تَع ِرف‪ .‬هل ّ‬


‫تظن َّ‬
‫أن تركها وحيدة هو أمر ُمستحب ابلنسبة إليها؟»‬

‫مسن كذلك أبسلوب‬


‫انصري آخر ّ‬
‫ّ‬ ‫ص َل هذا‪ ».‬يقول‬
‫كأبيك ملا َح َ‬
‫َ‬ ‫يتصرف‬
‫«لو كان يوسف ّ‬
‫احلِ َكم‪.‬‬

‫«ال تُف ِّكر هكذا أيّها الرجل‪ .‬يكون األمر نفسه عندما تسيطر علينا بعض‪ ...‬األفكار!» يقول‬
‫يهوذا‪.‬‬

‫كل ملعان‬ ‫رغم‬ ‫قمر‪،‬‬ ‫بال‬ ‫فالليل‬ ‫لة‪،‬‬‫و‬‫الطا‬ ‫على‬ ‫ويضعها‬ ‫املصابيح‬ ‫ن‬ ‫َُيلب أحد اخل ّدام بعضاً ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫النجوم‪ .‬ومع النور ُّتلَب مشروابت أخرى يُريد رئيس املعبد تقدميها مباشرة إىل يهوذا‪.‬‬

‫لدي واجبات ّتاه مرمي‪ ».‬يقول يهوذا وهو يَ َنهض‪ .‬ويَ َنهض ابنا‬
‫«شكراً‪ .‬فلن أم ُكث طويالً‪ّ .‬‬
‫معك‪ ،‬فطريقنا واحدة‪ »...‬وبعد حتيّات عظيمة يفرتق اجلمع‪ ،‬ويبقى رئيس‬
‫حلفا كذلك قائلني‪« :‬أنيت َ‬
‫املعبد مع الستّة الكبار‪.‬‬

‫صل أصوات َِهَسات البالِغني‬ ‫قفرة وصامتة‪ِ .‬من ُشرفات البيوت تَ ِ‬ ‫لقد أضحت الطُّرقات م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سمع رجرجات أصواهتم كالعصافري‬ ‫أسرهتم الصغرية‪ ،‬وكذلك مل تَـعُد تُ َ‬
‫اخلافتة‪ .‬األطفال انئمون يف ّ‬
‫ِ‬
‫ضات مصابيح الزيت‪.‬‬ ‫ال َف ِرحة‪ .‬ومن ُشرفات البيوت األكثر ثراء أتيت مع األصوات َوَم َ‬
‫يَسري ابنا حلفا ويهوذا بضعة أمتار صامتني‪ُُ ،‬ثّ يَِقف يوسف وُمي ِسك يهوذا ِمن ذراعه قائالً له‪:‬‬
‫ك تَعلَم شيئاً ولكنّك مل تُِرد الكالم أمام الغرابء‪ .‬إّّنا اآلن‪ ،‬معي أان‪َ ،‬‬
‫عليك أن‬ ‫أحسست أبنّ َ‬
‫ُ‬ ‫«امسع‪.‬‬
‫كل شيء‪».‬‬ ‫معرفة‬ ‫اجب‬ ‫و‬ ‫وعلي‬ ‫احلق‬
‫ّ‬ ‫ويل‬ ‫البيت‪،‬‬ ‫كر‬‫تقول‪ .‬إنّين بِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أتيت إىل هنا ويف نيّيت أن أقول لكم‪ ،‬وأمحي املعلّم ومرمي وأخويكم ومسعتكم‪ .‬إنّه أمر مؤمل‬‫«وأان ُ‬
‫فهماين‪ .‬األمر ليس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله ومساعه‪ ،‬مؤمل كثرياً فعله‪ ،‬ألنّه يبدو ضرابً من اجلاسوسيّة‪ .‬ولكنّين أرجوكما أن تَ َ‬
‫ِ‬
‫لت عليها‬
‫ص ُ‬ ‫ب وحكمة‪ .‬أع ِرف أموراً كثرية أنتم كذلك لستم ّتهلوّنا‪َ .‬ح َ‬ ‫كذلك‪ .‬هو ليس سوى ُح ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 351 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫من أصدقائي يف اهليكل‪ .‬أع ِرف ّأّنا خطرية على يسوع‪ ،‬وكذلك على ُمسعة العائلة الطيّبة‪ .‬حاو ُ‬
‫لت‬
‫َجعل املعلّم يُد ِركها‪ ،‬ولكنّين مل أُفلِح‪ .‬بل على العكس! كلّما نصحتُهُ ازداد سوء سلوكه‪ ،‬جالِباً لنفسه‬
‫املزيد ِمن االنتقادات والكراهية‪ .‬وذلك ألنّه ق ّديس لِدرجة ال ميكنه معها إدراك ماهيّة العامل‪ .‬ولكن يف‬
‫ِ‬
‫مؤسسه وقلّة فطنته‪».‬‬
‫هتور ّ‬‫النهاية‪ُُ ،‬م ِزن ج ّداً رؤية شيء مق ّدس َميوت بسبب ّ‬
‫لديك‪ .‬وحنن سوف نتدبّر األمر‪ .‬أليس كذلك اي‬
‫كل ما َ‬
‫«ولكن‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬ماذا هناك؟ قُل ّ‬
‫مسعان؟»‬

‫أبي أمر ِّ‬


‫متهور‪ ،‬وض ّد رسالته‪»...‬‬ ‫«ابلتأكيد‪ .‬إّّنا يبدو يل مستحيالً أن يقوم يسوع ّ‬
‫أنت؟ دائماً‬
‫ب يسوع هو الذي يقوهلا!؟ أترى كيف َ‬ ‫«ولكن إذا كان هذا الشاب الذي ُُي ّ‬
‫كل العائلة ض ّدي‪ .‬إنّكم ال‬ ‫َّ‬
‫إن‬ ‫جة‪.‬‬‫ر‬ ‫هكذا! مراتب‪ِ ،‬‬
‫مرتدد‪ .‬ترتكين دائماً وحدي يف اللحظات احلَِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫دمر نفسه!»‬
‫حّت مسعتنا‪ ،‬وال أخاان املسكني الذي يُ ّ‬
‫رمحون ّ‬
‫تَ َ‬
‫ِ‬
‫دمر نفسه‪ ،‬ال! ولكنّه َُيين على نفسه‪ ،‬هذا ما يفعله‪».‬‬
‫«ال! يُ ّ‬
‫يلح يوسف‪ ،‬بينما مسعان وهو يف حرية‪ُُ ،‬يافِظ على الصمت‪.‬‬
‫«تكلّم‪ ،‬تكلّم!» ّ‬
‫«أقول لكما‪ ...‬ولكنّين أريد أن أكون متأ ّكداً أبنّكما لن تَذ ُكرا امسي أمام يسوع‪ ...‬أ ِ‬
‫َقسما‪».‬‬
‫«نُ ِ‬
‫قسم ابحلجاب املق ّدس‪ .‬تكلّم‪».‬‬

‫حّت إىل إخوتكما‪».‬‬


‫حّت إىل أ ُّمكما‪ ،‬وال ّ‬
‫«وما سوف أقوله لكما‪ ،‬ال تقواله ّ‬
‫صمتنا‪».‬‬ ‫ِ‬
‫« ُكن مطمئنّاً من َ‬
‫الس َهر‬
‫اجب هو َّ‬ ‫ِ‬
‫صمتان أمام مرمي؟ لكيال تُسبّبا هلا األمل‪ .‬كما أفعل أان بصميت‪ ،‬فو ٌ‬
‫«وهل َستَ ُ‬
‫على سالم هذه األ ُّم املسكينة‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 352 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك على ذلك‪».‬‬ ‫«سوف نَصمت مع اجلميع‪ .‬نُ ِ‬
‫قسم َ‬ ‫ُ‬
‫للفريسيّني‬ ‫إهانته‬ ‫ويف‬ ‫اين‪،‬‬
‫و‬ ‫للز‬‫و‬ ‫ين‬‫ر‬‫ا‬ ‫للعش‬
‫ّ‬ ‫ني‪،‬‬ ‫للوثني‬ ‫ته‬
‫ر‬ ‫معاش‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫عند‬ ‫ف‬‫ق‬‫«إذن امسعا‪ ،‬يسوع مل ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ب إىل بلد‬ ‫صورا أنّه َذ َه َ‬
‫وكبار القوم اآلخرين‪ .‬ولكنّه يفعل اآلن أموراً خارجة متاماً عن املعقول‪ .‬تَ َّ‬
‫نتجول ُمصطَ ِحبني معنا تَيساً أسود‪ .‬واآلن َج َع َل أحد الفلسطينيّني يف عداد‬ ‫وج َعلَنا ّ‬
‫الفلسطينيّني‪َ ،‬‬
‫التالميذ‪ .‬وقَبلَها‪ ،‬ذاك الطفل الذي اصطَ َحبَه؟ إنَّكما لن تتخيّال أيّة انتقادات أُطلِ َقت‪ .‬ومنذ بضعة‬
‫ّأايم‪ ،‬استَقبَ َل فتاة يواننية‪ ،‬هي عبدة هاربة ِمن سيّدها الروماينّ‪ .‬وُثّ أحاديثه اليت تناقض حكمتنا‬
‫(عقيدتنا) املتعارف عليها‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬إنَّه يبدو كاجملانني وُيين على نفسه‪ .‬يف بلد الفلسطينيّني َ‬
‫أقح َم‬
‫لكن‪ ...‬إذا كان‬ ‫ِ‬
‫صَر فيها‪ ،‬و ّ‬ ‫للس َحَرة‪ ،‬داخالً يف منافسة مباشرة معهم‪ .‬لقد انتَ َ‬‫حّت يف احتفال َّ‬
‫نفسه ّ‬
‫الفريسيّون يكرهونه ابألساس‪ .‬فما الذي سيحصل فيما لو تناهت تلك األمور إىل أمساعهم؟‬ ‫ال َكتَـبَة و ّ‬
‫التدخل ومنعه‪»...‬‬
‫فواجبكم ّ‬
‫وحّت اآلن‪ ،‬كيف ميكننا‬
‫«هذا خطري‪ ،‬خطري ج ّداً‪ .‬ولكن كيف كان ميكننا معرفته؟ حنن هنا‪ّ ...‬‬
‫معرفته؟»‬

‫التدخل ومنعه‪ .‬األ ُّم أ ُّم‪ ،‬وهي طيّبة للغاية‪ .‬ينبغي لكم ّأال ترتكوه هكذا‪.‬‬
‫فمهمتكم ّ‬
‫«ومع ذلك ّ‬
‫ِمن أجل مصلحته ومصلحة اجلميع‪ .‬وُثّ هذا اإلصرار يف طرد الشياطني‪ ...‬فإ ّن شائعات تدور اآلن‬
‫فأي َملِك‬
‫وابحملصلة! ّ‬
‫ّ‬ ‫أب ّن بعلزبول هو الذي يساعده‪ .‬فَـ َقيِّموا إذا ما كان ذلك يعود عليه ابلفائدة‪.‬‬
‫ميكنه أن يصبح عليه‪ ،‬إذا كانت اجلموع منذ اآلن ّإما يسخرون منه وإما َمصدومون ِمن تصرفاته؟»‬

‫فعل حقيقة هذه األشياء؟» يَسأل مسعان غري ُمص ِّدق‪.‬‬


‫«ولكن‪ ...‬هل يَ َ‬
‫«اسأاله عن ذلك‪ ،‬هو‪ .‬وسيقول لكما أبن نَعم‪ ،‬فهو ي ِ‬
‫صل إىل ح ّد التباهي هبا‪».‬‬ ‫َ‬
‫«عليك أن تُ ِ‬
‫نذران‪»...‬‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 353 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الصمت اآلن‬ ‫ِ‬
‫«ابلطبع سوف أفعل! عندما سأرى أمراً جديداً‪ ،‬سوف أُخطرُكما‪ .‬إّّنا أرجوكما! ّ‬
‫ودائماً ومع اجلميع!»‬

‫رحل؟»‬
‫أقسمنا على ذلك‪ .‬مّت تَ َ‬
‫«لقد َ‬
‫مت بواجيب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«بعد السبت‪ .‬فلم يـَعُد من سبب للبقاء هنا‪ .‬لقد قُ ُ‬
‫أنت‪ ،‬اي أخي‪ ،‬مل تكن تريد أن تُص ِّدقين‪...‬‬
‫تغري! و َ‬
‫كنت أقول إنّه ّ‬
‫نشكرك لذلك‪ .‬هيه! ُ‬
‫َ‬ ‫«وحنن‬
‫حق؟» يقول يوسف بن حلفا‪.‬‬
‫أترى أنّين على ّ‬
‫مرتدداً يف تصديق ذلك‪ .‬يف النهاية يوضاس ويعقوب ليسا َغبيّني‪ .‬فلماذا مل‬
‫لت ّ‬ ‫«أان‪ ...‬أان ما ز ُ‬
‫يتحسبان لألمر إذا كانت هذه األمور َحت ُدث فعالً؟» يقول مسعان بن حلفا‪.‬‬
‫يقوال لنا شيئاً؟ ملاذا ال ّ‬
‫تصديقك كالمي؟!» ُُييب يهوذا غاضباً‪.‬‬
‫َ‬ ‫«أيّها الرجل‪ ،‬لن ُهتينَين بعدم‬

‫لك‪ :‬سأؤمن حينما أرى‪».‬‬


‫قلت َ‬
‫«ال!‪ ...‬ولكن‪ ...‬هذا يكفي‪ .‬أعذرين إذا ما ُ‬
‫كل‬
‫حق"‪ .‬على ّ‬
‫"كنت على ّ‬
‫َ‬ ‫عليك أن تقول يل‪:‬‬
‫«حسناً‪ .‬قريباً سوف تَـَرى‪ ،‬وسيكون لزاماً َ‬
‫حال‪ ،‬وصلنا إىل بيتكم‪ .‬أترككم‪ .‬هللا معكم‪».‬‬

‫أنت كذلك ال تَـ ُقل هذا آلخرين‪ .‬حفاظاً على‬ ‫ِ‬


‫«ليكن هللا معك‪ ،‬اي يهوذا‪ .‬و‪ ...‬أنصت‪َ .‬‬
‫شرفنا‪»...‬‬

‫حّت للهواء‪ .‬وداعاً‪».‬‬


‫«لن أقوله ّ‬
‫تتأمل السماء املكتظّة‬
‫صعد إىل الشُّرفة حيث مرمي‪ ،‬يداها على ركبتيها‪ّ ،‬‬
‫دخل البيت مسرعاً ويَ َ‬
‫يَ ُ‬
‫لمع على خدَّي‬ ‫ظهر دموع تَ َ‬
‫ابلنجوم‪ ،‬وعلى بريق السراج الصغري الذي أانره يهوذا ليصعد السلّم‪ ،‬تَ َ‬
‫مرمي‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 354 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األم؟» يَسأل يهوذا ابهتمام قَلِق‪.‬‬
‫«ملاذا تبكني أيّتها ّ‬
‫ابلفخاخ أكثر ممّا هي عليه السـماء ابلنجوم ‪ .‬فِخـاخ ليسوعي‪»...‬‬
‫«ألنّه يبدو يل أ ّن العامل يعج ِ‬
‫َ ّ‬
‫ب‬ ‫ح‬ ‫هو‬ ‫يين‬
‫ز‬ ‫يع‬ ‫الذي‬ ‫لكن‬‫و‬‫«‬ ‫هبدوء‪:‬‬ ‫ضيف‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ها‬ ‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫اب‪.‬‬ ‫ر‬ ‫اضط‬ ‫و‬ ‫ابنتباه‬ ‫إليها‬ ‫ر‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫يهوذا‬ ‫ن‬‫وُميعِ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َحبوه كثرياً‪ ،‬يسوعي‪ ...‬أ ِ‬
‫َحبّوه‪ ...‬هل تريد البقاء اي يهوذا؟ أان سوف أنزل إىل غرفيت‪ .‬لقد‬ ‫ِ‬
‫التالميذ‪ ...‬أ ّ‬
‫لكالواب بعد هتيئتها اخلمرية للغد‪».‬‬
‫ّ‬ ‫انمت اآلن مرمي اليت‬

‫«نعم‪ ،‬أبقى‪َ .‬حسن هنا‪».‬‬

‫معك اي يهوذا‪».‬‬
‫«السالم َ‬
‫«السالم ِ‬
‫معك اي مرمي‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 355 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫للر ُسل ِمن أجل البدء ابلتّبشري)‬


‫‪( -128‬توجيهات ُّ‬
‫‪1945 / 08 / 28‬‬

‫يوطي كان قد عاد من‬


‫الر ُسل‪ ،‬وَجيعهم موجودون‪ ،‬مما يدل على أ ّن يهوذا االسخر ّ‬ ‫يسوع مع ُّ‬
‫انضم إىل رفاقه‪ .‬إ ّّنم َُيلسون إىل الطاولة يف بيت كفرانحوم‪ .‬الوقت مساء‪ .‬ضوء النهار‬ ‫الناصرة‪ ،‬و ّ‬
‫حتول أرجوان‬ ‫الذي يتالشى يلِج ِ‬
‫أفس َحت اجملال لرؤية ّ‬
‫َ‬ ‫وقد‬ ‫اعيها‪،‬‬
‫ر‬ ‫مص‬ ‫على‬ ‫املفتوحة‬ ‫افذ‬‫و‬‫الن‬
‫و‬ ‫الباب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫الرمادي‬ ‫البنفسجي إىل‬ ‫اللون‬ ‫ن‬ ‫الغَسق إىل األمحر البنفسجي اخليايل‪ ،‬املته ِّدب على أطرافه بتعرجات ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُلقيَت يف النار‪ ،‬وتلتَ ِهب كالفحم الذي أُ ِلقيَت فيه ولكنّها‪ ،‬على‬
‫الداكن‪ .‬وهذا ما ُيعلين أُف ِّكر بورقة أ ِ‬
‫لؤي يكاد يكون‬ ‫برمادي لؤ ّ‬
‫ّ‬ ‫زرق الذي ينتهي‬
‫أطرافها‪ ،‬بعد الشُّعلة‪ ،‬تلتوي وتُط َفأ بلون الرصاص ال ُـم ّ‬
‫أبيضاً‪.‬‬

‫«ستكون هذه حرارة‪ ».‬يقول بطرس أبسـلوب احلِ َكم ُمشرياً إىل الغمامة الكبرية اليت تغطّي الغرب‬
‫بتلك األلوان‪« .‬حرارة وليس ماء‪ .‬إنّه ضباب وليس َغيماً‪ .‬وأان يف هذه الليلة‪ ،‬سأانم يف املركب ألكون‬
‫جو أكثر انتعاشاً‪».‬‬
‫يف ّ‬
‫أود أن أُكلِّمكم‪ .‬ها قد عاد يهوذا اآلن‪.‬‬
‫«ال‪ .‬بل هذه الليلة سنمضي وسط بستان الزيتون‪ّ .‬‬
‫هوى‪ .‬سنكون على ما يرام‪ .‬اّنضوا وهيّا بنا‪».‬‬
‫وآن أوان احلديث‪ .‬أعرف مكاانً ُم ّ‬
‫وهم أيخذون معاطفهم‪.‬‬
‫«هل املكان بعيد؟» يَسأَلون ُ‬
‫عد رمية حجر ِمن آخر بيت‪ .‬ميكنكم ترك ِ‬
‫املعاطف‪ .‬يف هذه‬ ‫«ال‪ ،‬بل هو قريب ج ّداً‪ .‬على ب ِ‬
‫ُ َ‬
‫األثناء‪ُ ،‬خذوا الصوفان والق ّداحة لَِرتوا الطريق أثناء العودة‪».‬‬

‫رب البيت وزوجته اللذين يتن ّفسان‬ ‫ِ‬


‫َخي ُرجون من الغرفة اليت يف األعلى‪ ،‬ويَهبطون السلّم بعد حتيّة ّ‬
‫الرطب على الشُّرفة‪ .‬يُدير يسوع ظهره إىل البحرية‪ ،‬وبعد اجتياز البلدة‪ ،‬يقطع مائتني أو ثالمثائة‬‫اهلواء َّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 356 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مرت وسط أشجار الزيتون على رابيـة صغرية أوىل موجودة خلف البلدة‪ .‬يتوقّف على أَ َك َمة‪ِ ،‬حبُكم‬
‫كل اهلواء الذي ميكن االستمتاع به يف هذه الليلة‬ ‫ن‬ ‫موقِعها املنفرد واخلايل من العوائق‪ ،‬تستفيد ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫اخلانقة‪.‬‬

‫كت أن أكون يف‬ ‫أوش ُ‬


‫بشروا‪َ .‬‬ ‫«فلنجلس وأعريوين انتباهكم‪ .‬لقد آن األوان ابلنسبة إليكم لتُ ّ‬
‫ساهم التالميذ كذلك يف هتيئة هذا امللكوت‪.‬‬ ‫منتصف حيايت العلنية لتهيئة القلوب مللكويت‪ .‬آن األوان لي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قررون غزو مملكة‪ .‬يف البداية ُُي ّققون وي ِ‬
‫عاشرون األشخاص ليتنبّهوا إىل‬ ‫يتصرفون هكذا عندما يُ ِّ‬
‫ُ‬ ‫امللوك ّ‬
‫يتوسعون يف التهيئة للمشروع‪ ،‬مع إرساهلم‬ ‫كسبوّنم للفكرة اليت يَسعون وراءها‪ُ .‬ثّ ّ‬ ‫ردود الفعل‪ ،‬ويَ َ‬
‫حّت تُصبِح خصوصيّات البلد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َكشَّافني َذوي ثقة إىل البلد املراد اجتياحه‪ .‬ويُرسلوّنم يف أعداد متزايدة ّ‬
‫كلّها معروفة‪ ،‬اجلغرافيّة منها واخللقيّة‪ُ .‬ثّ‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬يُ ّتم امللك َع َمله إبعالنه وتتويج نفسه َملِكاً على‬
‫للتوصل إىل ذلك تسيل الدماء‪ ،‬أل ّن َمثَن النصر دائماً هو الدم‪»...‬‬ ‫هذا البلد‪ .‬و ّ‬

‫لسفك َدمنا‪ ».‬يَعِد ُّ‬ ‫ِ‬


‫الر ُسل ابإلَجاع‪.‬‬ ‫«حنن جاهزون للمحاربة ِمن َ‬
‫أجلك و ِ‬

‫«لن أريق دماً غري دم الق ّديس والق ّديسني‪».‬‬

‫تود البدء ابجتياح اهليكل وذلك ابلغزو ساعة التّقادم؟‪»...‬‬


‫«هل ّ‬
‫«دعوان ال َّن ِذي أيها األصدقاء‪ .‬املستقبل ستعرفونه يف حينه‪ .‬ال َِ‬
‫ترّتفوا ِمن الرعب‪ .‬أؤّكد لكم‬ ‫ّ‬
‫أنّين لن أبلبل االحتفاالت بعنف الغزو‪ .‬ومع ذلك سوف تَضطَ ِرب وسيكون مساء َمينَع فيه ُّ‬
‫الذعر‬
‫الصلوات الطقسيّة‪ .‬ذُعر اخلَطَأَة‪ّ .‬أما أان يف ذاك املساء فسأكون يف سالم‪ .‬يف سالم بروحي وجبسدي‪.‬‬
‫سالم كامل ومغبوط‪»...‬‬

‫يَنظُر يسوع إىل االثين عشر‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ ،‬وكأنّه كان يَنظُر إىل الصفحة ذاهتا اثنيت عشرة‬
‫مرة العبارة املكتوبة فيها‪َ :‬ع َدم فَهم‪ .‬يبتسم ويُتابِع‪.‬‬
‫مرة‪ ،‬ويقرأ اثنيت عشرة ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 357 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُرسلكم َِ‬
‫لتخرتقوا إىل األمام‪ ،‬إىل العمق‪ ،‬أكثر ممّا ميكنين فعله وحدي‪ .‬يف هذه‬ ‫«لقد قررت أن أ ِ‬
‫ّ ُ‬
‫علي استخدامها‪ ،‬لكيال‬
‫األثناء سـتكون بني أسـلويب يف التبشري وأسلوبكم اختالفات تَفرضها احليطة‪َّ ،‬‬
‫ُعرضكم إىل مصاعب كبرية ج ّداً‪ ،‬إىل أخطار هائلة لنفسكم وجسدكم‪ ،‬ولكيال أُسيء إىل عملي‪َ .‬مل‬ ‫أ ِّ‬
‫أقل‬ ‫ِ‬ ‫تُصبِحوا َّ‬
‫ألي كان دون أذى لكم أو له‪ ،‬وأنتم ما زلتم ّ‬ ‫مؤهلني بشكل كاف لتتم ّكنوا من التص ّدي ّ‬
‫بطولة ِمن أن تَـتَ َح َّدوا العـامل ابلفكرة متجاوزين انتقامات العامل‪.‬‬

‫دخلوا ُم ُدن السامريّني‪ ،‬بل‬ ‫بشروا يب وسط الوثنيّني‪ ،‬ولن تَ ُ‬ ‫وكذلك يف جوالتكم‪ ،‬لن َمتضوا لِتُ ّ‬
‫سوف تَنطَلِقون إىل اخلِراف الضالّة ِمن بيت إسرائيل‪ .‬ما زال هناك عمل كثري ُيب القيام به بينها‪،‬‬
‫فاحلق أقول لكم إ ّن اجلُّموع اليت تبدو لكم كثرية ج ّداً حويل‪ ،‬تُش ّكل جزءاً ِمن مائة ِمن الذين يَنتَ ِظرون‬ ‫ّ‬
‫حي‪ .‬امحلوا هلم اإلميان ومعرفة َشخصي‪ .‬بَ ِّشروا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ماسيّا يف إسرائيل‪ ،‬وال يَعرفونه‪ ،‬وال يَعرفون أنّه ّ‬
‫طريقكم قائلني‪" :‬إ ّن ملكوت السماوات قريب"‪ .‬وليكن هذا أساس ما تُعلِنون‪ .‬وارتَ ِكزوا عليه يف‬
‫تبشـريكم‪ .‬لقد َِمسعتُموين كثرياً أحت ّدث عن امللكوت! وليس عليكم سوى ترديد ما قُلتُه لكم‪ .‬ولكن‬
‫درس‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫أزيل‬ ‫طفل‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫لو‬ ‫كما‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬‫ماد‬ ‫ات‬ ‫و‬ ‫حال‬ ‫إىل‬ ‫ُيتاج‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الروحي‬ ‫ابحلقائق‬ ‫ع‬‫لكي ي َش َّد اإلنسان ويقتَنِ‬
‫ّ َُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فَصالً وال يتعلّم مهنة‪ ،‬إن مل تُـ ْغ ِره ُّأمه بقطعة حلوى‪ ،‬أو يَعِده معلّم املدرسة أو معلّم الكار (املهنة)‬
‫مبكافأة‪ .‬وأان‪ ،‬لكي تكون لديكم الوسيلة‪ ،‬كي يُص ِّدقوكم ويبحثوا عنكم‪ ،‬فسوف أَمنَح ُكم ِهبة اجرتاح‬
‫املعجزات‪»...‬‬

‫كل حسب‬ ‫لني‪،‬‬‫الرسل واقِفني‪ ،‬عدا يعقوب بن حلفى ويوحنّا‪ ،‬صا ِرِخني‪ُُ ،‬متجني‪ ،‬من َفعِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫هب ُّ ُ‬
‫يَ ّ‬
‫مزاجه‪.‬‬

‫يوطي‪ ،‬الذي ‪-‬ابندفاع‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫هو‬ ‫املعجزة‬ ‫نع‬‫ص‬‫يف احلقيقة‪ ،‬الوحيد الذي كان منتشياً بفكرة ِ‬
‫ّ‬
‫أرعن يكشف عن دوافع أاننية شخصية‪ -‬يصيح‪« :‬أخرياً آن األوان لنصنع ذلك كي يكون لنا احل ّد‬
‫األدىن ِمن ُّ‬
‫السلطة على اجلموع!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 358 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَنظُر إليه يسوع‪ ،‬وال يقول شـيئاً‪ .‬بطرس والغيور اللذان كاان ما زاال يقوالن‪« :‬ال اي معلّم! فنحن‬
‫لسنا أهالً ملثل هذه األمور العظيمة! فهذا يعود للق ّديسني»‪ ،‬يُربِكان يهوذا الذي يقول له الغيور‪:‬‬
‫املتكرب؟» وبطرس‪« :‬احل ّد األدىن؟‬
‫«كيف تسمح لنفسك أبن ُتاطب املعلّم هبذه الطريقة‪ ،‬أيّها األبله ّ‬
‫ِ‬
‫لديك رغبة لوسيفوروس‬‫أنت كذلك؟ هل َ‬ ‫وماذا تريد أن تَصنَع أكثر من املعجزة؟ أن تُصبِح هللا‪َ ،‬‬
‫عينها؟»‬

‫أيمر يسوع‪ ،‬ويُتابِع‪« :‬هناك ما هو أكثر ِمن املعجزة‪ ،‬ويُقنِع اجلموع أكثر‪ ،‬وأبكثر‬
‫«صمتاً!» ُ‬
‫أنت اي يهوذا‪ ،‬أبعد ِمن اآلخرين‪.‬‬
‫عمقاً وأكثر دميومة‪ :‬حياة قَداسة‪ .‬ولكنّكم ما زلتم بعيدين عنها‪ ،‬و َ‬
‫إّّنا دعوين أتكلّم‪ ،‬فالتوجيهات طويلة‪.‬‬

‫الربص‪ُ ،‬مقيمني موتى اجلسد والروح‪ ،‬إذ‬ ‫طهرون ُ‬ ‫امضوا‪ ،‬إذن‪ ،‬وأنتم تُش ُفون َذوي العاهات وتُ ِّ‬
‫الربص أو األموات‪ .‬وأنتم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميكن للجسد والروح على السواء أن يكوان من َذوي العاهات‪ ،‬أو من ُ‬
‫حارة‪ ،‬ورغبة صادقة يف‬‫تتصرفوا لتَصنعوا املعجزة‪ :‬حبياة تَوبة‪ ،‬وصالة ّ‬ ‫كذلك‪ ،‬اعلَموا كيف عليكم أن ّ‬
‫متأجج‪ ،‬ورجاء ال تُزع ِزعه الصعوابت‬ ‫ِ‬
‫فعمة حيويّة‪ ،‬إميان ّ‬ ‫اضع عميق‪ُ ،‬مبّة ُم َ‬
‫َجعل قُدرة هللا تتألّق‪ ،‬تو ُ‬
‫حّت الشياطني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل شيء ُمستطاع ل َمن ميلك هذه العناصر يف ذاته‪ّ .‬‬ ‫أي شكل‪ .‬احل ّق أقول لكم إ ّن ّ‬ ‫من ّ‬
‫مين‬ ‫ِ‬
‫الرب الذي تتل ّفظون به أنتم‪ ،‬إذا كان فيكم ما أقول‪ .‬هذا السلطان قد أُعط َي لكم ّ‬ ‫ستهرب ابسم ّ‬
‫ومن أبينا‪ .‬وهو ال ميكن شراؤه ابملال‪ .‬إرادتنا َوحدها َمتنَحه‪ ،‬وحياة االستقامة َوحدها هي اليت ُحتافِظ‬ ‫ِ‬
‫فمجاانً أعطوا اآلخرين‪ ،‬أولئك الذين يف حاجة‪ .‬الويل لكم إذا ما َهبطتم‬ ‫عليه‪ .‬ولكن َمّاانً أخذمت ّ‬
‫مبوهبة هللا بتسخريها مللء كيس نقودكم‪ .‬فالسلطان ليس سلطانكم‪ ،‬إنّه سلطان هللا‪ .‬استخدموه‪ ،‬إّّنا‬
‫ع منكم‪ .‬قبل حلظات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خيصين"‪ .‬فكما أُعط َي لكم ُميكن أن يُن َـز َ‬‫ال ّتعلوه من ممتلكاتكم بقولكم‪" :‬إنّه ّ‬
‫لديك رغبة لوسيفوروس عينها؟" لقد أعطى تعريفاً دقيقاً‪.‬‬ ‫قال مسعان بن يوان ليهوذا بن مسعان‪" :‬هل َ‬
‫َفعل ما يفعله هللا ألنّين مثل هللا" هو اقتداء بلوسيفوروس‪ .‬وعقابه معروف‪ .‬كما هو معروف‬ ‫فالقول‪" :‬أ َ‬
‫احملرمة‪ ،‬بتحريض ِمن احلَسود الذي كان‬ ‫ِ‬
‫ص َل للّذين كاان يف الفردوس األرضي وأَ َكال من ّ‬
‫الثمرة ّ‬ ‫ما َح َ‬
‫املتمردين الذين كانوا فيه آنذاك‪ ،‬ولكن‬ ‫ِِ‬
‫يريد وضع ابئسني آخرين يف جحيمه‪ ،‬ابإلضافة إىل املالئكة ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 359 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سمح لكم أن َأت ُخذوها‪ ،‬هي‬
‫فعلون‪ ،‬واليت يُ َ‬
‫برغبتهم الذاتية لكربايئهم الكامل‪ .‬الث ََّمرة الوحيدة ملا تَ َ‬
‫للرب ابملعجزة‪ ،‬واليت ينبغي أن تُعطى له‪ .‬هذا هو مالكم‪ ،‬وليس شيئاً سواه‪.‬‬ ‫النُّفوس اليت تَكسبوّنا ّ‬
‫وستَفرحون هبذا الكنـز يف احلياة األخرى‪.‬‬

‫فضة وال دراهم يف زاننريكم‪ ،‬وال حقائب سفر‬ ‫امضوا دون ثروات‪ .‬ال َحتملوا معكم ذهباً وال ّ‬
‫بثوبني أو أكثر‪ ،‬وال أحذية إضافيّة للتبديل‪ ،‬وال عصا سفر وال أسلحة‪ .‬إذ إ ّن زايراتكم الرسوليّة يف‬
‫كل ليلة سبت سوف نلتقي‪ ،‬وستتم ّكنون ِمن تبديل ثيابكم اليت‬ ‫الوقت الراهن ستكون قصرية‪ ،‬ويف ّ‬
‫العَرق‪ ،‬دون احلاجة إىل َمحل ثياب إضافيّة‪ .‬ال حاجة بكم إىل العصا أل ّن الطريق سهل‪ ،‬فما ينفع‬ ‫بلَّلَها َ‬
‫عما ينفع يف الصحارى ويف اجلبال العالية‪ .‬ال حاجة لألسلحة‪ .‬فهي‬ ‫يف الروايب والسـهول ُمتلف متـاماً ّ‬
‫اإلهلي‪ ،‬فأنتم ال ثروات لكم‬ ‫صاحلة للناس الذين ال يَعلَمون ما معىن الفقر املق ّدس وُيهلون الغفران ّ‬
‫حتفظوّنا وتُدافِعون عنها ِمن اللصوص‪ .‬اللص الوحيد الذي عليكم أن َُت َشونه هو الشيطان‪ .‬وميكن‬
‫االنتصار عليه ابلثبات والصالة‪ ،‬وليس ابلسيوف واخلناجر‪ .‬وإذا أساؤوا إليكم فس ِـاُموا‪ .‬وإذا انتَـَزعوا‬
‫وبتجرد عن الثروات‪ ،‬ولن ُُت ِجلوا‬ ‫حّت عُراة بوداعة ّ‬ ‫منكم معطفكم‪ ،‬فأعطوهم كذلك ِرداءكم‪ .‬وابقوا ّ‬
‫الرب‪ ،‬وال عفاف هللا الالمتناهي كذلك‪ ،‬أل ّن احملبّة سوف تكسو جسمكم العاري‬ ‫بذلك مالئكة ّ‬
‫وتساُمُكم ّتاه السارق سوف مينحكم معطفاً وكذلك اتجاً ملكيّاً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ابلذهب‪ ،‬والوداعة ستمنطقكم‪،‬‬
‫وستكونون بِ ِرداء أفضل ِمن ِرداء ال َـملِك‪ .‬بِ ِرداء ليس ِمن أقمشة قابلة للفساد‪ ،‬إّّنا ِمن مواد غري قابلة‬
‫للفساد‪.‬‬

‫ستحق الطعام‬ ‫ِ‬


‫هتتموا ملا أتكلون‪ .‬ستنالون دائماً ما يُناسـب ظرفكم وعملكم‪ ،‬أل ّن العامل يَ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الذي يق ّدم له‪ .‬على الدوام‪ .‬وإذا مل يكن الناس يتدبرون أمـر ذلك‪ ،‬فاهلل يتدبر أمر احتياجات ِ‬
‫العامل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫بشر‪.‬‬ ‫الضروري للمرء أن يكون بطنه ممتلئاً طعاماً لكي يعيش ويُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫نت لكم أنّه ليس من‬ ‫لديه‪ .‬لقد بيّ ُ‬
‫ساهم يف مسنة الناس‪.‬‬‫سمن لِتذبح وتُ ِ‬ ‫ِ‬
‫فذلك هو قَ َدر احليواانت النَّجسة‪ ،‬اليت ال شغل هلا سوى أن تُ َّ ُ َ‬
‫سمنوا روحكم ّإال ابلغذاء الذي َُيلب احلكمة‪ .‬واحلكمة تَكشف عن ذاهتا لروح‬ ‫ِ‬
‫ّأما أنتم فعليكم أال تُ ّ‬
‫مل ّتعله زايدة األطعمة ُمظلِماً‪ ،‬ولقلب يتغ ّذى أبشياء فائقة الطبيعة‪ .‬مل تكونوا أبداً بَليغني هكذا ّإال‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 360 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بعد َخلوتكم على اجلبل‪ .‬ومل تكونوا آنذاك تتناولون ّإال ما ال ب ّد منه الجتناب املوت‪ .‬ومع ذلك يف‬
‫أي وقت‪ .‬أليس هذا صحيحاً؟‬ ‫ِ‬
‫ّناية اخللوة‪ ،‬كنتم أكثر ّقوة وفرحاً من ّ‬
‫عمن يكون فيها أهالً الستقبالكم‪ .‬ليس ألنّكم مسعان أو‬ ‫ِ‬
‫أيّة مدينة أو قرية تدخلوّنا‪ ،‬استعلموا ّ‬
‫الرب‪ .‬وعندما تكونون‬ ‫رسلي ّ‬ ‫يهوذا أو برتلماوس أو يوحنّا أو يعقوب وهكذا دواليك‪ ،‬وإّّنا لكونكم ُم َ‬
‫عشارين‪ ،‬فإنّكم تَستح ّقون‬ ‫وحّت ولو كنتم سـابقاً حثالة أو قَـتَلة أو سا ِرقني أو ّ‬ ‫اآلن اتئبني ويف خدميت‪ّ ،‬‬
‫رسلون ِمن قِبَلي‪ .‬أقول أكثر ِمن ذلك‪ ،‬أقول‪ :‬الويل لكم إذا ما َعَّرفتم عن أنفسكم‬ ‫االحرتام ألنّكم ُم َ‬
‫رسلني ِمن قِبَلي وأنتم يف أعماقكم َخسيسون كالشياطني‪ ،‬الويل لكم! فاجلحيم قليل جملازاة‬ ‫كم َ‬‫ُ‬
‫وعشارين وسارقني‬ ‫السر خسيسني ّ‬ ‫ِ ِ‬
‫رسلني من قبَلي‪ ،‬ويف ّ‬ ‫العلَن ُم َ‬
‫حّت لو كنتم يف َ‬ ‫خديعتكم‪ .‬ولكن ّ‬
‫حّت لو كانت القلوب حتمل ريبة ّتاهكم‪ ،‬فاملؤّكد أ ّن على املرء احرتامكم وإكرام وفادتكم‪،‬‬ ‫وقتلة‪ ،‬أو ّ‬
‫رسل واهلدف‪ ،‬النَّظَر إىل هللا‬‫ألنّكم مرسلون ِمن قِبلي‪ .‬على عني اإلنسان ّتاوز الوسيط والنَّظَر إىل الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫وعمله فيما وراء الوسيط‪ ،‬الذي غالباً ما يكون ُمعيباً‪ .‬فقط يف حاالت األخطاء اجلسيمة اليت ّترح‬
‫سمح نأن‬ ‫إميان القلوب‪ ،‬أان حاليّاً وخلفائي فيما بعد‪ ،‬عليهم ّاُتاذ قرار بَرت العضو الفاسد‪ .‬ابلفعل ال يُ َ‬
‫الرسويل‪،‬‬ ‫اجلسم‬ ‫يف‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ج‬‫تَضل نفوس املؤمنني بسبب كاهن شيطان‪ .‬لن يسمح أبداً‪ ،‬من أجل إخفاء جرح وِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ابلسماح إببقاء أجسام ُمصابة ابلغنغرينا تُبعِد املؤمنني مبظهرها املن ِّفر وتُس ِّـممهم بنتانتها الشيطانيّة‪.‬‬

‫تَستَعلِمون إذن عن العائلة األكثر استقامة‪ ،‬حيث تَعرف النسـاء البقاء جانباً‪ ،‬وحيث األخالق‬
‫فعلوا كاليعسوب الذي بعد‬ ‫حّت رحيلكم عن املنطقة‪ .‬ال تَ َ‬
‫دخلون هناك وتُقيمون ّ‬ ‫ال غبار عليها‪ .‬تَ ُ‬
‫امتصاصه رحيق زهرة ينتقل إىل أخرى‪ّ .‬أما أنتم فكونوا حتت رعاية أانس يُق ِّدمون لكم املأوى والغذاء‬
‫الالئَِقني‪ ،‬أو عائلة ليست غنيّة ّإال ابلفضائل وامكثوا حيث أنتم‪ .‬ال تبحثوا أبداً عن األفضل للجسد‬
‫الذي يَفىن‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬أعطوه دائماً األسوأ‪ُُ ،‬مافِظني على حقوق الروح كلّها‪ .‬وأقول لكم هذا‬
‫ألنّه ِمن اخلري لكم أن تفعلوه‪ ،‬حينمـا تستطيعون إىل ذلك سـبيالً‪ ،‬فلتكن األفضليّة للفقراء يف اختياركم‬
‫مكان إقامتكم‪ ،‬لكيال ُُي َّقروا‪ ،‬إكراماً لذكري‪ ،‬أان الفقري وسأبقى فقرياً‪ ،‬ويل الفخر أن أكون فقرياً‪،‬‬
‫وكذلك أل ّن الفقراء ُهم يف الغالب أفضل ِمن األغنياء‪ .‬سوف َِّتدون على الدوام فقراء مستقيمني‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 361 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بينما ِمن الن ِ‬
‫َّادر أن َِّتدوا غنيّاً دون ظُلم‪ .‬فال عذر لكم للقول‪" :‬مل أجد َّ‬
‫الصالح ّإال لدى األغنياء"‬
‫الرخاء‪.‬‬‫لتربير رغبتكم يف َّ‬

‫والبيت الذي تَدخلونه‪ ،‬أَلقوا عليه السالم‪ ،‬سالمي الذي هو أعذب ما يقال‪ .‬قولوا ‪" :‬السالم‬
‫رسلي يسوع والبُشرى‬ ‫"فليحل السالم على هذا البيت"‪ .‬ابلفعل‪ ،‬أنتم ُم َ‬
‫ّ‬ ‫لكم‪ ،‬السالم هلذا البيت"‪ .‬أو‪:‬‬
‫احلَ َسنة‪َ ،‬حت ِملون معكم السالم‪ ،‬وَميئكم إىل مكان ما هو جللب السالم إليه‪ .‬وإذا كان ذاك البيت‬
‫ُمستَ ِح ّقاً له‪ ،‬أييت السالم ويُقيم فيه؛ وإذا مل يكن كذلك فسالمكم يعود إليكم‪ .‬حينئذ اجتَ ِهدوا يف أن‬
‫تكونوا ُُمبّني للسالم ليكون هللا لكم أابً‪ .‬واألب يُعني على الدوام‪ .‬وأنتم‪ ،‬إذا ما أعانكم هللا‪ ،‬فإنّكم‬
‫كل شيء بشكل جيّد‪.‬‬ ‫تَفعلون وتفعلون ّ‬
‫بكل أتكيد‪ّ ،‬أال تَستَقبِلكم مدينة أو بيت‪ ،‬حيث ال يريد‬ ‫وقد ُيصل كذلك‪ ،‬بل سيحصل ّ‬
‫وهم يرمونكم ابحلجارة كأنبياء‬‫حّت يَتبَعونكم ُ‬‫الناس مساع كالمكم‪ ،‬ويَطردونكم‪ ،‬يَسخرون منكم أو ّ‬
‫أي وقت آخر‪ ،‬يف حاجة إىل أن تكونوا ُُِمبّني للسالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫زعجني‪ .‬وحينئذ ستكونون‪ ،‬أكثر ِ‬
‫م‬ ‫مِ‬
‫ُ‬
‫شك للذين‬‫بشرون وأنتم سـبب ّ‬ ‫وإال فإ ّن الغضب يطفو‪ ،‬فتُ ِّ‬‫اضعني‪ُ ،‬وَدعاء يف أسـلوب حيـاتكم‪ّ .‬‬ ‫متو ِ‬
‫ُ‬
‫الح َقتكم‬
‫وم َ‬‫السخرية منكم‪ُ ،‬‬‫عليكم هدايتهم‪ ،‬وتزيدون قلّة إمياّنم‪ .‬بينما لو تقبّلتم بسالم إهانة طَ ِردكم و ُّ‬
‫فإنّكم َهتدون أبفضل ما يكون التَّبشري‪ :‬التَّبشري الصامت ابلفضيلة احلقيقيّة‪ .‬وسوف َِّتدون يوماً أعداء‬
‫اليوم على طريقكم‪ ،‬وسوف يقولون لكم‪" :‬لقد حبثنا عنكم‪ ،‬أل ّن طريقة ُسلوككم قد أقنعتنا ابحلقيقة‬
‫بشرون هبا‪ .‬س ِـاُموان ِمن فضلكم‪ ،‬واقبَلونـا تالميذ لكم‪ .‬فإنّنـا مل نكن نعرفكم‪ ،‬واآلن عرفنـاكم‬ ‫اليت تُ ِّ‬
‫ق ّديسني‪ ،‬ونؤمن اآلن به"‪ .‬ولكن لدى خروجكم ِمن املدينة أو البيت حيث مل يسـتقبلوكم‪ ،‬فانفضوا‬
‫احلق أقول لكم‪" :‬إ ّن مصري صادوم‬ ‫ِ‬
‫حّت يف نعالكم‪ّ .‬‬ ‫غُبار نعالكم لكيال يَعلَق كربايء وقسوة ذلك املكان ّ‬
‫أخف َوطأة ِمن مصري تلك املدينة"‪.‬‬‫وعامورة يوم الدينونة سيكون ّ‬
‫ُرسلكم كالنِّعاج بني الذائب‪ .‬فكونوا إذن ُح َكماء كاحليّات وودعاء كاحلمام‪ .‬فإنّكم‬
‫ها أان ذا أ ِ‬
‫يتصرف معي أان املسيح‪ .‬أان‪ ،‬أستطيع‬ ‫عاجه‪،‬‬‫تَعلَمون كيف العامل‪ ،‬الذي يف احلقيقة ذائبه أكثر ِمن نِ‬
‫ّ‬
‫الزمين يف العامل‪ّ .‬أما أنتم‪،‬‬
‫حّت حتني ساعة االنتصار ّ‬ ‫الدفاع عن نفسي بسلطاين‪ ،‬وسوف أفعل ذلك ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 362 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أمس احلاجة إىل أقصى درجات احلكمة والوداعة‪ .‬إذن املزيد‬ ‫السلطان‪ ،‬كما أنّكم يف ّ‬ ‫فليس لكم ذاك ُّ‬
‫السجون واجلَّلد يف الوقت احلاضر‪ .‬ففي احلقيقة أنتم‪ ،‬حاليّاً‪ ،‬رغم احتجاجاتكم‬ ‫ِمن احلِكمة لِتَحاشي ُّ‬
‫ضب‪ .‬بعدئذ أييت الزمن‬ ‫حّت نَظرة ُسخرية أو َغ َ‬ ‫ِ‬
‫ودون بَ ْذل دمكم من أجلي‪ ،‬فإنّكم ال َحتتَملون ّ‬ ‫أبنّكم تَ ُّ‬
‫كل االضطهادات‪ ،‬بل أكثر ِش ّدة ِمن األبطال‪ ،‬بطولة‬ ‫ِ‬
‫الذي تُصبحون فيه أشـ ّداء كاألبطال يف مواجهة ّ‬
‫صفها "ابجلنون"‪ .‬ال لن يكون هذا جنوانً! بل ستكون‬ ‫ال يفهمهـا العامل‪ ،‬وال ميكنه تفسريها‪ ،‬واليت ي ِ‬
‫َ‬
‫احلب‪ ،‬وسـوف تَع ِرفون فِعل ما فعلتُه أان‪ .‬إلدراك هذه البطولة ُيب‬
‫بقوة ّ‬ ‫مماثَلة اإلنسان لإلنسان‪-‬اإلله ّ‬
‫رؤيتها‪ ،‬ودراستها واحلكم عليها من وجهة نظر فوق‪-‬أرضيّة‪ .‬ذلك أ ّن ذاك األمر هو فائق للطبيعة‬
‫كل حدود الطبيعة البشريّة‪ .‬أبطايل يُصبِحون ملوكاً‪ ،‬ملوك الروح‪ ،‬ملوكاً وأبطاالً إىل األبد…‬ ‫ويتجاوز ّ‬
‫ويف ذاك الوقت‪ ،‬سوف يَقبضون عليكم‪ ،‬وسيقودونكم إىل احملافل‪ ،‬أمام الرؤساء وامللوك ليدينوكم‬
‫وُيكموا عليكم لِما هو يف عيون العامل خطيئة عظيمة‪ ،‬كونكم ُخ ّدام هللا‪ ،‬أدوات اخلري واألوصياء عليه‪،‬‬
‫حّت املوت‪ .‬وسوف تشهدون يل‬ ‫ُمعلّمي الفضيلة‪ .‬وبسبب ذلك سوف ُّتلَدون وتعاقبون أبلف طريقة ّ‬
‫احلقيقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫احلقيقي هلل‬
‫ّ‬ ‫أمام امللوك ورؤساء احملافل واألمم‪َ ،‬ماهرين بدمائكم أنّكم حتبّون املسيح‪ ،‬االبن‬

‫هتتموا حينئذ‬
‫هتتموا مبا عليكم اإلجابة به‪ ،‬أو ما عليكم قوله‪ .‬ال ّ‬
‫عندما َمتثلون بني أيديهم‪ ،‬ال ّ‬
‫ِ‬
‫إال ابل َكرب الذي لدى احلكام واملتَّ ِهمني الذين يُضلّلهم الشيطان ّ‬
‫حّت إنّه يعميهم عن احلقيقة‪ .‬والكالم‬
‫التفوه به سوف يُعطى لكم يف حينه‪ .‬وأبوكم سوف يضعه لكم على الشفاه‪ ،‬ألنّه حينئذ‬ ‫الذي عليكم ّ‬
‫ابحلق‪ ،‬إّّنا روح أبيكم هو الذي سيتكلّم‬
‫لن تكونوا أنتم الذين تتكلّمون لتهدوا إىل اإلميان وّتاهروا ّ‬
‫فيكم‪.‬‬

‫حينئذ يَقتُل األخ أخـاه واألب ابنه‪ ،‬ويتص ّدى األبناء آلابئهم وُيعلوّنم ميوتون‪ .‬ال‪ ،‬ال يغمى‬
‫عليكم وال تَ ُش ّكوا! أجيبوين‪ .‬ابلنسبة إليكم‪ ،‬أيّة جرمية هي األعظم‪ :‬قتل أب أو ابن أو أخ أم قتل هللا‬
‫نفسه؟»‬

‫يوطي جبفاء‪.‬‬
‫«هللا‪ ،‬ال ميكن قتله‪ ».‬يقول يهوذا االسخر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 363 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«صحيح‪ .‬إنّه روح ال ميكن إدراكه‪ ».‬يؤّكد برتلماوس‪ .‬واآلخرون رغم صمتهم يوافقونه الرأي‪.‬‬

‫«أان هللا وجسد‪ ».‬يقول يسوع هبدوء‪.‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫بقتلك‪ُُ ».‬ييب االسخر ّ‬
‫«ال أحد يف ّكر َ‬
‫«أرجوكم‪ ،‬أجيبوا على سؤايل‪».‬‬

‫بديهي!»‬
‫ّ‬ ‫«ولكن قتل هللا أكثر جسامة! هذا أمر‬

‫«حسناً‪ :‬البشر سيَقتُلون هللا‪-‬اجلسد‪ ،‬وقَـتَـلَة اإلله املتجسد سيقتلون معه نفوسهم ذاهتا‪ .‬إذن‪،‬‬
‫سيتوصل املرء إىل ارتكاب مثل هذه اجلرمية ِمن دون أن أن يُ ّروع مرتكبها ِمن َمدى فظاعتهـا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فكما‬
‫يتوصل اآلابء واإلخوة واألبناء ابملقابل‪ ،‬إىل ارتكاب اجلرائم ضد أبنائهم وأخوهتم وآابئهم‪.‬‬ ‫فسوف ّ‬
‫لكن الذي يَثبُت إىل النهاية فذاك الذي َخيلص‪ .‬وعندما‬ ‫سوف يكرهكم اجلميع‪ ،‬بسبب امسي‪ ،‬و ّ‬
‫يضطهدونكم يف مدينة اهربوا إىل أخرى‪ ،‬ليس بدافع اجلُّنب‪ ،‬إّّنا لكي َمتنَحوا كنيسة املسيح الفتيّة‬
‫سن البلوغ‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫العاجز‪،‬‬ ‫الضعيف‬ ‫الرضيع‬ ‫سن‬ ‫ليس‬ ‫‪،‬‬ ‫السن‬ ‫بلغ‬ ‫ت‬‫املولودة حديثاً متسعاً ِمن الوقت‪ ،‬لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حهم الروح‬ ‫حيث تُصبِح قادرة على مواجهة احليـاة واملوت دون خـوف من املوت‪ .‬وأولئك الذين يَ َ‬
‫نص ُ‬
‫كنت مـا أزال صغرياً ج ّداً‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬يف حياة كنيسيت سوف‬ ‫بت أان عندما ُ‬ ‫ابهلرب فليهربوا‪ .‬كما هر ُ‬
‫كل تقلّبات حيايت كإنسان‪ .‬كلّها‪ .‬ابتداء بسـ ّـر تَ َش ُّكلها‪ ،‬مروراً حبقارة األزمنة األوىل‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫تتكرر ّ‬
‫ّ‬
‫وحّت ضرورة اهلرب الستمرار الوجود؛ ِمن الفقر‬ ‫االضطراابت واملكائد اليت تَنصبها وحشيّة البشر‪ّ ،‬‬
‫حّت أمور أخرى كثرية أحياها حاليّاً‪ ،‬وأُعاين منها بعدئذ‪ ،‬قبل الوصول إىل النصر‬ ‫والعمل الدؤوب‪ّ ،‬‬
‫نصحهم الروح ابلبقاء‪ ،‬فليَبقوا‪ ،‬إذ ّإّنم‪ ،‬إذا ما سقطوا أموااتً‪ ،‬فسـوف‬ ‫األبدي‪ّ .‬أما الذين‪ ،‬على العكس يَ َ‬
‫ّ‬
‫نصح به روح هللا هو خري دائماً‪.‬‬ ‫كل ما يَ َ‬ ‫ِ‬
‫َُييَـون ويُصبحون أكثر نفعاً للكنيسة‪ .‬ذلك أ ّن ّ‬
‫حّت أييت ابن‬ ‫ِ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬لن تنتهوا‪ ،‬أنتم وخلفاؤكم‪ ،‬من اجتياز طرقات ومدن إسرائيل ّ‬‫ّ‬
‫كل‬
‫اإلنسان‪ ،‬إذ إ ّن إسرائيل‪ ،‬بسبب خطيئته الرهيبة‪ ،‬سوف يتشتّت كال ُكرة وسط الزوبعة‪ ،‬وينتشر يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 364 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األرض‪ .‬وقروانً وألفيّات سوف تتواىل قبل أن يعود ليجتمع على أرض أروان اليبوسيّة (أورشليم‪-‬‬
‫حاو َل ذلك قبل أن أتيت الساعة‪ ،‬فسوف أتخذه الزوبعة ِمن جديد ويتب ّدد‪ ،‬أل ّن على‬ ‫القدس)‪ .‬وكلّما َ‬
‫إسرائيل أن يبكي خطاايه خالل قرون تُقدَّر بعدد قطرات الدم املسفوكة ِمن شرايني محل هللا املق ّدم‬
‫ضَرَهبا يب وبرسلي‬ ‫ذبيحة عن خطااي العامل‪ .‬وسيكون على كنيسيت كذلك‪ ،‬اليت سيكون إسـرائيل قد َ‬
‫عمل على َجع إسرائيل حتت معطفها كما َّت َمع الدجاجة فِراخها‬ ‫كأم‪ ،‬وتَ َ‬
‫وتالميذي‪ ،‬أن تفتح ذراعيها ّ‬
‫املتباعدة‪ .‬وعندما تصبح إسرائيل كلّها حتت معطف كنيسـة املسيح‪ ،‬حينئذ آيت‪.‬‬

‫يتأخر حلوهلا‪.‬‬
‫لكن ذلك هو املستقبل‪ .‬فلنتح ّدث عن األزمنة اليت لن ّ‬
‫و ّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تذ ّكروا َّ ِ‬
‫أن ما من تلميذ أفضل من معلّمه‪ ،‬وال خادم أفضل من سيّده اآلمر‪ .‬ويف النتيجة َح ْس ُ‬
‫أيمره‪،‬‬
‫مستحق‪ ،‬وأن يكون اخلادم َك َمن ُ‬
‫ّ‬ ‫التلميذ أن يكون مثل معلّمه‪ ،‬وسيكون ذلك شرفاً له غري‬
‫وسيكون صالحاً فائق الطبيعة أن ُمتنحوا أن يكون األمر هكذا‪.‬‬

‫للخ ّدام أن يـَثُوروا إذا مل يَثر‬


‫رب البيت بعلزبول‪ ،‬فماذا َسيَدعون ُخ ّدامه؟ وهل ميكن ُ‬
‫فإذا َدعوا ّ‬
‫املعلّم‪ ،‬ومل َُي ُقد ومل يَ َلعن‪ ،‬بل يُتابِع عمله هادائً يف استقامته وعدله‪ُ ،‬م ِرجئاً حكمه إىل وقت الحق‪،‬‬
‫كل ُماوالته يف إقناعهم؟ ال‪ .‬لن يتم ّكن اخلُ ّدام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشر‪ ،‬بعد االنتهاء من ّ‬
‫عندما يُالحظ فيهم التصلّب يف ّ‬
‫ِمن فعل ما ال يفعله معلّمهم‪ ،‬بل عليهم ابألحرى االقتداء به متذ ّكرين ّأّنم ُهم كذلك َخطَأَة‪ ،‬بينما‬
‫هو كان بال خطيئة‪.‬‬

‫عرف فيه احلقيقة‪ ،‬وآنذاك يُرى َمن‬ ‫ِ‬


‫ال ُتافوا إذن من الذين يَدعونكم‪" :‬شياطني"‪ .‬سيأيت يوم تُ َ‬
‫وسيُعلَن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كان "الشيطان"‪ .‬أنتم أم هم‪ .‬ما ِ‬
‫ظهر‪ ،‬وما من مكتوم ّإال َ‬ ‫في ّإال وسيَ َ‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ُ‬
‫كل ما يقوله الكلمة‪ ،‬ليس‬
‫السر‪ ،‬حيث العامل ليس أهالً ملعرفة ّ‬ ‫الظل ويف ّ‬
‫ما أقوله لكم اآلن يف ّ‬
‫أهالً لذلك بعد ومل حتن الساعة كذلك إلعالنه لغري املسـتح ّقني‪ ،‬قولوه أنتم‪ ،‬عندما ُيني الوقت الذي‬
‫كل شيء‪ ،‬على رؤوس األشهاد (علناً)‪ِ ،‬صيحوا ِمن على السطوح مبا أقوله لكم‬ ‫عرف ّ‬ ‫ينبغي فيه أن يُ َ‬
‫تعمد ابلدم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫متوجهاً به إىل نفسـكم أكثر من أُذنيكم‪ .‬إذ آنذاك يكون العامل قد ّ‬
‫اآلن بصوت خافت‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 365 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ويكون الشيطان قد أصبح يف مواجهة راية سيتم ّكن العامل بفضلها‪ ،‬لو أراد‪ ،‬إدراك أسرار هللا‪ ،‬بينما‬
‫ويفضلوّنا على قُبلَيت‪ .‬ولكن‬
‫بعضة الشيطان ّ‬ ‫الشيطان لن يتم ّكن من أذيّة أحد غري الذين يرغبون ّ‬
‫كل شيء‬ ‫فة‬
‫ر‬ ‫مع‬ ‫يدون‬‫ر‬ ‫ي‬ ‫سوف‬ ‫فقط‬ ‫ة‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫الق‬ ‫اك‪.‬‬
‫ر‬ ‫اإلد‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫يد‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫لن‬ ‫العامل‬ ‫من‬ ‫عشرة‬ ‫أصل‬ ‫ن‬ ‫مثانية أجزاء ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫كل ما هو َمذهيب‪َّ .‬إّنا ال هتتموا‪ .‬فإذا مل يكن ابإلمكان فَصل تلك القلّة عن األغلبية املتصلبة‪،‬‬
‫التّباع ّ‬
‫بشروا هبا ِمن على قِ َمم اجلبال‪ِ ،‬من على البحار اليت بال حدود‪،‬‬ ‫فبشروا بعقيديت ِمن على السطوح‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫اإلهلي‪،‬‬
‫سمع الطيور الكالم ّ‬ ‫حّت أن يسمعوا‪ ،‬فسوف يَ َ‬ ‫يف بطون األرض‪ .‬وعندما ال يشاء الناس ّ‬
‫وكذلك الرايح والسمك واألمواج‪ ،‬واألرض حتفظ الصدى لتهمس به للينابيع واملعادن واجلماد‪ ،‬وسوف‬
‫تفرح به كلّها‪ ،‬أل ّن هللا خلقها هي أيضاً لتكون ِمرقاة لقدمي وهبجة لقليب‪.‬‬

‫ال ُتافوا ممّن يقتل اجلسـد ولكنّه ال يستطيع قتل النَّـ ْفس‪ ،‬بل خافوا فقط ممّن يستطيع إرسال‬
‫نفسكم إىل اهلالك‪ ،‬ويف الدينونة األخرية يُعيدها إىل اجلسد القائم لريمي هبما يف نريان جهنّم‪ .‬ال ُتافوا‪.‬‬
‫كل فخاخ اإلنسان بدون‬ ‫أفال يباع عصفوران بدرهم؟ ومع ذلك فال ميكن لواحد منها أن يقع رغم ّ‬
‫إذن اآلب‪ .‬ال ُتافوا إذن‪ .‬فأيب يعرفكم‪ .‬ويعرف عدد الشعر الذي على رؤوسكم‪ .‬وأنتم أغلى ِمن‬
‫عصافري كثرية!‬

‫وأقول لكم إ ّن َمن يعرتف يب ق ّدام الناس أعرتف به أان ق ّدام أيب الذي يف السماوات‪ّ .‬أما الذي‬
‫ي ِ‬
‫نكرين ق ّدام الناس‪ ،‬فسأنكره أان كذلك قُ ّدام أيب‪ .‬االعرتاف هنا يعين االتّباع والتطبيق العملي؛ واإلنكار‬‫ُ‬
‫يعين التخلّي عن دريب ِجبُنب‪ ،‬ابلشهوة الثالثيّة‪ ،‬أو حبساب حقري‪ ،‬بعاطفة بشريّة ّتاه واحد منكم‪ ،‬وهو‬
‫مناهض يل‪ .‬أل ّن ذلك سوف َُي ُدث‪.‬‬

‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أتيت إلحالل الوائم على األرض ومن خالل األرض‪ .‬فسالمي أمسى من ّ‬ ‫ال تف ّكروا أبنّين ُ‬
‫أنواع السالم احلاصل نتيجة حساب منفعة يوماً بعد يوم‪ .‬مل ِ‬
‫آت ألُلقي سالماً‪ ،‬بل سيفاً‪ .‬السيف‬
‫املعرشات اليت حتتجز البشر يف الوحل‪ ،‬ويَفتَح الدروب لطريان الفائق الطبيعة‪ ،‬إذن‬‫البتّار ليقطع كل ِّ‬
‫ّ‬
‫كل احلقوق‬
‫ألفرق االبن عن أبيه‪ ،‬واالبنة عن ّأمها‪ ،‬والكنّة عن محاهتا‪ .‬فأان الذي يَسود‪ ،‬ويل ّ‬
‫جئت ّ‬‫فقد ُ‬
‫كل‬
‫ففي أان تتمركز ّ‬
‫مين يف امتالك احلقوق على العواطف‪َّ .‬‬ ‫على َمن أَسودهم‪ .‬فليس َمن هو أعظم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 366 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب وتسمو‪ :‬أان أب وأ ُّم وأخ وزوج وصديق‪ ،‬هكذا أحبّكم‪ ،‬وهكذا ينبغي يل أن أكون ُمبوابً‪.‬‬‫أنواع ّ‬
‫وعندما أقول‪" :‬أريد"‪ ،‬فما ِمن رابِط ميكنه الصمود واملقاومة‪ ،‬واخلليقة هي ملك يل‪ .‬فأان الذي خلقتُها‬
‫احلق يف امتالكها‪.‬‬
‫مع اآلب‪ ،‬وأان َمن سأُخلّصها بذايت‪ ،‬لذلك فلي أان فقط ّ‬
‫املسيحي سيكونون‬
‫ّ‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬أعداء اإلنسان ُهم الناس‪ ،‬إضافة إىل الشياطني؛ وأعداء اإلنسان‬
‫مين فلن يستح ّقين‪،‬‬‫سيحب أابه أو ّأمه أكثر ّ‬
‫ّ‬ ‫بتوسالهتم‪ .‬وبذلك فَ َمن‬
‫أهل بيته بنحيبهم‪ ،‬بتهديداهتم أو ّ‬
‫كل يوم صليبه ال ُـمع ّقد‪ ،‬املصنوع من‬ ‫ل‬ ‫من سيحب ابنه أو ابنته أكثر مين فلن يستح ّقين‪ ،‬ومن ال َُي ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كل ما تُظ ِهره إرادة هللا‪ ،‬أو‬
‫التسـليم وإنكار الذات والطـاعة والبطولة واآلالم واألمراض والصراعات و ّ‬
‫يهتم حبياة األرض أكثر ِمن احلياة الروحيّة‪،‬‬
‫ومن ّ‬ ‫اختبار أييت من اإلنسان‪ ،‬ويتبعين معه فال يستح ّقين‪َ .‬‬
‫فإنّه يَفقد احلياة احلقيقيّة‪َ .‬من يَفقد حياة األرض حبّاً يب َُِيدها‪ ،‬أبديّة ومغبوطة‪.‬‬

‫نيب يَنل أجر ُمبّة ممنوحة‬


‫ومن يَقبَل نبيّاً ألنّه ّ‬ ‫ومن قَبِلَين قَبِ َل الذي َ‬
‫أرسلَين‪َ .‬‬ ‫َمن قَبِل ُكم فقد قَبِلَين‪َ .‬‬
‫نيب‪،‬‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫نيب‬ ‫يف‬ ‫ف‬‫ش‬‫لنيب‪ .‬ومن يقبل ابراً لكونه ابراً ينل أجر ُمبة ممنوحة لبار‪ .‬وذلك أل ّن من يكتَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ََ ّ‬
‫يتعرف على‬ ‫نيب هو كذلك‪ ،‬أي ق ّديس ج ّداً‪ ،‬أل ّن روح هللا ُيمله بني ذراعيه؛ ومن ّ‬ ‫فتلك إشـارة إىل أنّه ّ‬
‫فكل امرئ يُعطى‬ ‫ِ‬
‫تتعرف على بعضها‪ .‬إذن ّ‬ ‫ابر‪ ،‬أل ّن النُّفوس املتشاهبة ّ‬‫كبار‪ ،‬يُثبت أنّه هو كذلك ّ‬ ‫ابر ّ‬
‫ّ‬
‫حسب ّبره واستقامته‪.‬‬

‫وخ ّدام يسوع ُهم‬


‫نقي ألحد خ ّدامي‪ ،‬وإن يكن األصغـر فيهم ‪ُ -‬‬ ‫كل َمن يُعطي كأس ماء ّ‬ ‫ولكن ّ‬
‫تسولني‪ُ ،‬حكماء أو جاهلني ال يفقهون‬‫بشرون به حبياة مق ّدسة‪ ،‬وقد يكونون ُملوكاً أو ُم ِّ‬
‫كل الذين يُ ّ‬
‫ّ‬
‫كل األعمار ومن َجيع الطبقات ميكن أن يكون تالميذي‪ -‬إذاً فمن‬ ‫شيئاً‪ُ ،‬مسنّني أو أطفاالً‪ ،‬ففي ّ‬
‫احلق أقول لكم إ ّن أجره لن يَضيع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يُعط أحد تالميذي‪ ،‬وإن يكن كأس ماء ابمسي وألنّه تلميذي‪ّ ،‬‬

‫مت‪ّ .‬أما اآلن فلنُ ِّ‬


‫صل ولنذهب إىل البيت‪ .‬سوف َمتضون عند الفجر على النحو اآليت‪:‬‬ ‫لقد تكلّ ُ‬
‫مّت‪ ،‬يعقوب بن حلفى‬ ‫يوطي‪ ،‬اندراوس مع ّ‬
‫مسعان بن يوان مع يوحنّا‪ ،‬مسعان الغيور مع يهوذا االسخر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 367 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مع توما‪ ،‬فليبّس مع يعقوب بن زبدى‪ ،‬يوضاس أخي مع برتلماوس‪ .‬هكذا ِمن أجل هذا األسبوع‪.‬‬
‫بعدئذ سأعطيكم تعليمات جديدة‪ .‬فلنُ ِّ‬
‫صل‪».‬‬

‫ويُصلّون بصوت ُمرتَِفع‪...‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 368 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫رسلو املعمدان)‬
‫‪"( -129‬هل أنت ماسيّا؟" يَسأل ُم َ‬
‫‪1945 / 08 / 29‬‬

‫مّت الذي‪ ،‬بسـبب جرح يف قدمه‪ ،‬مل يستطع الذهاب مع اآلخرين للتبشري‪.‬‬ ‫يسوع َوحده مع ّ‬
‫ولكن يف هذه األثناء‪ ،‬املرضى والراغبون يف مساع البُشرى احلَ َسنة يَشغَلون الشُّرفة وال َفسحة احلُّرة ِمن‬
‫احلديقة ليَسمعوه واحلصول على مساعدته‪.‬‬

‫أتملنا معاً َجلة سليمان العظيمة‪" :‬يف وفرة العدالة تَك ُمن‬
‫يُنهي يسوع حديثه بقوله‪« :‬بعد أن ّ‬
‫ألّنا هي املال الالزم لدخول ملكوت السماوات‪.‬‬ ‫أحثّكم على امتالك هذه الوفـرة‪ّ ،‬‬
‫فإين ُ‬
‫القوة العظمى" ّ‬
‫ّ‬
‫فلتُقيموا مع سالمي وليكن هللا معكم‪».‬‬

‫بكل طيب‬ ‫ع‬ ‫ُث يلتفت إىل الفقراء واملرضى ‪-‬ويف أغلب احلاالت هم ِمن االثنني معاً‪ -‬ويستَ ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ومّت إىل‬ ‫ِ‬
‫نصح ابلكالم‪ ،‬يُشفي بوضع األيدي وابلكالم‪ّ .‬‬ ‫خاطر إىل شـكاواهم‪ ،‬مينح معونة ماليّة‪ ،‬يَ َ‬
‫يوزع املال‪.‬‬
‫جانبه‪ّ ،‬‬
‫النجار‬ ‫ِ‬
‫يُنصت يسوع ابنتباه إىل أرملة مسكينة‪ ،‬تتح ّدث إليه ابكية عن املوت املفاجىء لزوجها ّ‬
‫عنك هنا‪ ،‬وقد ّاهتمين األهل كلّهم‬ ‫هرعت للبحث َ‬
‫ُ‬ ‫وهو يف مشغله‪ ،‬الذي َوقَ َع قبل بضعة ّأايم‪« :‬لقد‬
‫ك تقيم املوتى‪،‬‬ ‫أتيت ألنّين أعلَم أنّ َ‬
‫فكنت قد ُ‬
‫ُ‬ ‫بعدم اللياقة وقَسوة القلب‪ ،‬وهم يَ َلعنونين اآلن‪ّ .‬أما أان‪،‬‬
‫وجدتك لكان زوجي قد قام ِمن املوت‪ .‬مل تكن هنا‪ ...‬اآلن هو يَس ُكن القرب منذ‬ ‫َ‬ ‫كنت‬
‫وأعلم أنّين لو ُ‬
‫لدي أشجار زيتون وَك َرمة‪.‬‬ ‫أسبوعني‪ ...‬وأان ابقية مع مخسة أطفال‪ ...‬األهل يكرهونين وال يساعدونين‪ّ .‬‬
‫حّت القطاف‪ .‬إّّنا‬ ‫ِ‬
‫ليس كثرياً‪ ،‬ولكنّها كانت لتوفّر يل خبز الشتاء لو كنت أستطيع احلفاظ عليها ّ‬
‫صحة جيّدة‪ .‬كان يعمل قليالً‪ ،‬ولكي‬ ‫لست أملك ماالً‪ ،‬أل ّن الرجل‪ ،‬منذ بعض الوقت‪ ،‬مل يكن يف ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اخلمرة تفيده‪ ...‬ولكنّها على العكس‪،‬‬ ‫يَقف على رجليه‪ ،‬كان أيكل ويُفـ ِرط يف الشراب‪ .‬كان يقول إ ّن ّ‬
‫فقد تسبَّـبَت أبذى مضاعف‪ ،‬قَتله وتبديد امل ّدخرات اليت كانت قد تناقصت لقلّة شـغله‪ .‬كان على‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 369 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وخزائن وطاوالت‪ .‬إّّنا اآلن‪ ...‬فلم ينته‬
‫ع يف صنع سريرين‪َ ،‬‬ ‫وشـك إّناء عربة وصندوق‪ ،‬وكان قد َشَر َ‬
‫علي آنذاك أن أبيع الع ّدة واخلشب‪.‬‬‫شيء‪ ،‬وابين مل يبلغ الثامنة بعد‪ .‬سوف أفقد املال‪ ...‬وسيكون َّ‬
‫وعلي بيعها‬
‫حّت ولو كاان على وشك االنتهاء‪َّ ،‬‬ ‫العربة والصندوق ال ميكنين بيعهما على هذه احلال‪ّ ،‬‬
‫كحطب للتدفئة‪ .‬ولن يكفينا املال‪ ،‬فأان و ّأمي العجوز واملريضة وأوالدي اخلمسة‪ ،‬سبعة أشخاص‪...‬‬
‫سأبيع ال َك َرمة وأشجار الزيتون‪ ...‬ولكنّك تَعلَم كيف هو العامل‪ ...‬إنّه يذبح الذين يف َع َوز‪ .‬قُل يل‪،‬‬
‫أود االحتفاظ ابملشغل والع ّدة من أجل ابين الذي أصبَ َح يَعرف القليل عن‬ ‫كنت ّ‬
‫علي أن أفعل؟ ُ‬ ‫ماذا َّ‬
‫أؤمن َمهر البنات‪»...‬‬
‫أود االحتفاظ ابألرض لكي أعيش ولكي ّ‬ ‫كنت ّ‬
‫اخلشب‪ُ ...‬‬
‫كل ذلك‪ ،‬عندما تَنبَّهَ‪ِ ،‬من خالل اضطراب بني الناس‪ ،‬إىل حدوث‬ ‫ِ‬
‫كان ما يزال يَسـتَمع إىل ّ‬
‫أمر ما جديد‪ .‬يَلتَ ِفت لِيَنظُر فريى ثالثة رجال يَش ّقون هلم طريقاً َع ْرب اجلمع‪ .‬يستدير من جديد ليتح ّدث‬
‫إىل األرملة‪« :‬أين تقطنني؟»‬

‫املؤدي إىل النبع الدافئ‪ .‬يف بيت منخفض بني شجريت تني‪».‬‬
‫«يف قورازين‪ ،‬قريباً من الدرب ّ‬
‫العَربَة والصندوق‪ ،‬وسوف تبيعينهما لِ َمن طَلَبَهما‪ .‬انتظريين غداً عند‬
‫«حسناً‪ .‬سوف آيت ألُّني َ‬
‫الفجر‪».‬‬

‫تغص‪.‬‬ ‫«أنت! أنت‪ ،‬تَ ِ‬


‫عمل من أجلي!» الدهشة َج َعلَت املرأة ّ‬
‫َ َ َ‬
‫«سوف أُزا ِول عملي ِمن جديد و ِ‬
‫أمنحك السـالم‪ .‬ويف الوقت ذاتـه أُعطي أهـل قورازين عدميي‬
‫القلب درساً يف احملبّة‪».‬‬

‫«آه! نعم! بال قلب! لو كان اسحق العجوز ما يزال حيّاً! ملا كان تركين أموت ِمن اجلوع‪ ،‬ولكنّه‬
‫عاد إىل إبراهيم‪»...‬‬

‫أحضر أان‪ .‬اذهيب‬ ‫«ال تبكي‪ .‬اذهيب مطمئنّة‪ .‬هذا ما ِ‬


‫أنت يف حاجة إليه اليوم‪ .‬وغداً سوف ُ‬
‫بسالم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 370 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫ّتثو املرأة لتُقبِّل ثيابه‪ ،‬وَمتضي أكثر اطمئناانً َ‬
‫وسكينة‪.‬‬

‫«أيّها املعلّم املثلّث القداسة‪ ،‬هل ميكنين إلقاء التحيّة؟» يَسأل أحد الرجال الثالثة الذين قَ ِدموا‬
‫عد يسوع‪ .‬والرجل الذي‬ ‫ووقفوا ابحرتام خلف يسوع‪ ،‬يف انتظار أن يَصـرف املرأة‪ ،‬والذين َِمسعوا إذن َو َ‬
‫ُُييّي هو مناحني‪.‬‬

‫لك اي مناحني! فلقد َّ‬


‫تذكرتين إذن؟»‬ ‫ِ‬
‫يَلتَفت يسوع ويقول اببتسامة‪« :‬السالم َ‬
‫ملالقاتك عند لعازر أو يف بستان الزيتون ألكون‬
‫َ‬ ‫رت اجمليء‬‫كنت قد َّقر ُ‬
‫«على الدوام‪ ،‬اي معلّم‪ .‬و ُ‬
‫أتمر هريوداي بقتل الق ّديس‬
‫كنت أخشى أن ُ‬ ‫ض على املعمدان‪ .‬وأان ُ‬ ‫جانبك‪ .‬إّّنا قبل الفصح قُبِ َ‬
‫َ‬ ‫إىل‬
‫أثناء غياب هريودس الذي جاء إىل أورشليم ِمن أجل الفصح‪ .‬مل تشأ هي أن َمتضي إىل صهيون ِمن‬
‫مضيت إىل مكرونة‬
‫ُ‬ ‫أجل األعياد‪ُ ،‬مدَّعية ّأّنا مريضـة‪ .‬مريضة‪ ،‬نعم‪ ،‬إّّنا ِمن احلقـد والفجور‪ ...‬ولقد‬
‫ألُراقب‪ ...‬وأمنع املرأة الغـادرة القادرة على القتل بيدها‪ ...‬وهي مل تفعل خوفاً ِمن فقداّنا محاية‬
‫وإما القناعة‪ ،‬يُدافِع عن يوحنّا‪ ،‬مكتفياً ابالحتفاظ به يف السجن‪.‬‬‫هريودس الذي‪ ...‬بفعـل‪ّ ،‬إما اخلوف ّ‬
‫أتيت مع‬ ‫ِ‬
‫احلر اخلانق يف مكرونة لتَمضي إىل قصر متتلكه هي‪ .‬وقد ُ‬ ‫يف هذا الوقت َهَربَت هريوداي من ّ‬
‫انضممت إليهم‪».‬‬
‫ُ‬ ‫ليسألوك وقد‬
‫َ‬ ‫أرسلَهم‬
‫أصدقائي وتالميذ يوحنّا‪ .‬لقد َ‬
‫والناس‪ ،‬لدى مساعهم احلديث حول هريودس وإدراكهم َمن يكون املتح ِّدث‪ ،‬يتهافتون بفضول‬
‫ُُمتَ ِشدين حول يسوع والثالثة‪.‬‬

‫اجلادين‪.‬‬
‫تبادل التحيّات مع الشخصني َّ‬
‫«ما الذي كنتم تريدون سؤايل عنه؟» يَسأل يسوع‪ ،‬بعد ُ‬
‫بك أكثر‪ ».‬يقول أحدِها‪.‬‬
‫كل شيء‪ ،‬واألمر متعلّق َ‬
‫فأنت تعرف ّ‬
‫«تكلّم اي مناحني‪َ ،‬‬
‫صلون إىل حد‬ ‫عليك أن تكون متساُماً إذا كان التالميذ‪ ،‬وبكثري ِمن احلب‪ ،‬ي ِ‬ ‫هاك اي معلّم‪َ .‬‬
‫« َ‬
‫ّ َ‬
‫أتباعك وكذلك‬ ‫ُيل ُملّه‪ .‬هذا ما يفعلـه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫االرتياب من الذي يعتقدون أنّه ض ّد معلّمهم‪ ،‬أو راغباً يف أن ّ‬
‫إيل‪ ...‬فإنّين غري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حب التالميذ كلّه حنو معلّمهم‪ّ .‬أما ابلنسبة ّ‬
‫أتباع يوحنّا‪ّ .‬إّنا غرية مفهومة تُظهر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 371 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حبق‪،‬‬
‫أعرفك وأعرف يوحنّا‪ ،‬وأحبّكما ّ‬ ‫َ‬ ‫ُمنحاز‪ ،‬وهؤالء الذين أتوا معي إبمكاّنم قول ذلك‪ ،‬ذلك أنّين‬
‫ُضحي أبن أبقى إىل جانب يوحنّا ألنّين أ ُِجلّه‪،‬‬ ‫لت أن أ ّ‬
‫فض ُ‬‫أنت عليه‪ّ ،‬‬ ‫لك‪ ،‬ملا َ‬‫حيب َ‬
‫لدرجة أنّين‪ ،‬رغم ّ‬
‫منك‪ .‬واآلن بسبب حبّهم املتَّقد ّتاه املعمدان‪،‬‬ ‫هو كذلك‪ ،‬ملا هو عليه‪ ،‬وحاليّاً ألنّه يف خطر أكثر َ‬
‫ك ماسيّا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشك أبنّ َ‬
‫لك‪ ،‬فأولئك التالميذ قد وصلـوا إىل ح ّد ّ‬ ‫الفريسيّون بكراهيتهم َ‬‫يوججه ّ‬ ‫والذي ّ‬
‫أنت هو ماسيّا‪ .‬وال ميكن‬ ‫رضونه بقوهلم‪" :‬ابلنسبة لنا‪َ ،‬‬ ‫وهم يظنّون ّأّنم إّّنا يُ ُ‬
‫اعرتفوا بذلك ليوحنّا‪ُ ،‬‬‫ولقد ََ‬
‫سمياً ّإايهم ابجمل ِّدفني وُثّ‪ ،‬بعد اال ّهتامات‪،‬‬
‫ابهتامهم ُم ّ‬
‫وشَرع يوحنّا ّ‬‫منك قَداسة‪َ ".‬‬ ‫أن يوجد َمن هو أكثر َ‬
‫احلقيقي‪ .‬أخرياً‪ ،‬عندما َو َج َدهم ما يزالون غري‬‫ّ‬ ‫ك ماسيّا‬‫دل على أنّ َ‬ ‫أبكثر لُطفاً‪َ ،‬شَر َح هلم ما الذي يَ ّ‬
‫أأنت اآليت أم علينا أن‬ ‫ِ‬
‫َخ َذ اثنني منهم‪ ،‬هذين‪ ،‬وقال هلما‪" :‬امضيا إليه وقوال له ابمسي‪َ ‘ :‬‬ ‫ُمقتَنعني‪ ،‬أ َ‬
‫رسل التالميذ الذين كانوا ُرعاة فيما مضى‪ ،‬ذلك أ ّّنم يؤمنون‪ ،‬وال فائدة ِمن إرساهلم‪،‬‬ ‫ننتظر آخر؟’"‪َ .‬مل ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫شك الذين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منك‪ ،‬ولكي يُب ّدد كالمهم ّ‬ ‫ليتقربوا َ‬‫ولكنّه اختار هذين االثنني من بني الذين يَ ُش ّكون ّ‬
‫أنت اآلن َخ ِّفف ِمن شكوكهم‪».‬‬ ‫مت‪َ .‬‬ ‫رؤيتك‪ .‬ها قد تكلّ ُ‬ ‫مثلهم‪ .‬ولقد رافقتُهم ألمت ّكن ِمن َ‬
‫جعلك تُف ّكِر بذلك‪ .‬حنن‪ ...‬حنن‪...‬‬
‫َ‬ ‫تظن أنّنا أعداء اي معلّم! فكالم مناحني ميكنه‬
‫«ولكن ال ّ‬
‫وم َلهم هو‪.‬‬
‫نَعرف املعمدان منذ سنوات ع ّدة‪ ،‬وهو يف نَظَران على الدوام ق ّديس‪ُ ،‬م َكَّرسة هي حياته‪ُ ،‬‬
‫وُيطّم‬
‫أنت تَعلَم ما هو كالم الناس‪َ ...‬خيلق ُ‬ ‫أما أنت‪ ...‬فال نعر َ ِ‬
‫فك ّإال من خالل أقوال اآلخرين‪ .‬و َ‬ ‫ّ َ‬
‫ذمون‪ ،‬كما يتش ّكل السحاب ويتب ّدد بفعل رُيَني‬ ‫الشهرة واجملد ابلتضاد بني الذين يُشيِّدون والذين يَ ّ‬
‫متعاكستني‪».‬‬

‫بك‪ ،‬كما أ ّن أذنيك‬


‫وعيناك تقرأان احلقيقة يف ما ُييط َ‬
‫َ‬ ‫روحك‪،‬‬
‫َ‬ ‫«أع ِرف‪ ،‬أع ِرف‪ّ .‬‬
‫إين أقرأ يف‬
‫قد َِمس َعتا حديثي مع األرملة‪ .‬وهذا يكفي إلقناعكم‪ .‬إّّنا أقول لكم‪ :‬انتبهوا إىل ما ُييط يب‪ .‬هنا ال‬
‫طالب ل ّذة‪ ،‬ال يوجد أشخاص ُمشينون‪ ،‬بل هنا فقراء‪ ،‬مرضى‪ ،‬إسرائيليّون نزيهون‬ ‫يوجد أغنياء وال ّ‬
‫يريدون معرفة كلمة هللا‪ .‬وليس غري ذلك‪ .‬فهذا وذاك وتلك املرأة وتلك الطفلة أتوا إىل هنا َمرضى‪،‬‬
‫صحة جيّدة‪ .‬اسألوهم وسيجيبونكم ماذا كان هبم وكيف َشفيتُهم‪ ،‬وكيف ُهم اآلن‪ .‬هيّا‪،‬‬ ‫وهم اآلن يف ّ‬
‫ويهم يسوع ابالنسحاب‪.‬‬
‫هيّا افعلوا‪ .‬ويف هذه األثناء أحت ّدث أان مع مناحني‪ّ ».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 372 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بكالمك‪ .‬فقط أعطنا إجابة َحن ِملها إىل يوحنّا‪ ،‬لريى أنّنا أتينا وليعتمد‬
‫َ‬ ‫نشك‬
‫«ال اي معلّم‪ .‬لسنا ّ‬
‫عليها يف إقناع رفاقنا‪».‬‬

‫صماء بكماء‪ .‬البُكم يتكلّمون‪،‬‬


‫سمعون‪ ،‬هذه الطفلة كانت ّ‬ ‫"الص ّم يَ َ‬
‫هيّا وامحلوا هذا إىل يوحنّا‪ُ :‬‬
‫هلم إىل هنا‪ .‬قل هلم ماذا كان‬ ‫الرجل‬ ‫ها‬‫أي‬ ‫رون"‪.‬‬ ‫وذاك الرجل كان أبكماً منذ الوالدة‪ .‬العميان ي ِ‬
‫بص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بك‪ ».‬يقول يسوع ممسكاً بذراع أحد الذين بَِرئوا مبعجزة‪.‬‬ ‫َ‬
‫وعشت‬
‫ُ‬ ‫أحر َق عيين‪.‬‬
‫احلي‪ .‬و َ‬
‫ويقول ذاك‪« :‬أان بـَنّاء‪ ،‬وقد سقط على وجهي دلو ملئ ابلكلس ّ‬
‫عيين اجلافّتني بلعابه‪ ،‬فعادات أفضل مما كانتا عليه عندما‬ ‫َّ‬
‫يف ظالم منذ أربع سـنوات‪ .‬ولقد بل َل ماسيّا ّ‬
‫كنت يف العشرين من عمري‪ .‬فليكن مباركاً‪».‬‬
‫ُ‬
‫صبون‬‫ويعا ِود يسوع الكالم‪« :‬ابإلضافة إىل الصم والبكم والعميان الذين ب ِرئوا‪ ،‬فإ ّن العرج ينتَ ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ‬
‫صب مثل ُنلة‬ ‫والـمقعدين يركضون‪ .‬ها إ ّن ذاك العجوز الذي كان السـاعة مشوهاً‪ ،‬وهو اآلن منتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ َ‬
‫بك؟»‬‫أنت أيتها املرأة ماذا كان ِ‬ ‫الصحراء ورشيق مثل الغزال‪ .‬واألمراض األكثر خطراً تَربأ‪ِ .‬‬
‫ّ‬
‫علي‬ ‫ص‬ ‫«أمل يف الصدر بسبب إكثاري من إعطاء احلليب ألفواه َّنِمة‪ ،‬وأمل الصدر كان ينغِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حيايت‪ .‬اآلن انظروا‪ ».‬وتفتح ثوهبا قليالً ُمظ ِهرة صدرها سليماً‪ ،‬وتضيف‪« :‬ما كان ّإال عبارة عن َجرح‬
‫وقميصي الذي ما يزال مفتوحاً يُظ ِهر ذلك‪ .‬وأان ماضيـة اآلن إىل البيت ألرتدي ثوابً نظيفاً‪ّ .‬‬
‫إين اآلن‬
‫كنت أحتضر‪ ،‬وقد أتى يب إىل هنا أانس ُُم ِسنون وأان تعيسة للغاية‪...‬‬
‫قويّة وسعيدة‪ .‬بينما ابألمس فقط ُ‬
‫بسبب األوالد الذين كانوا سيصبحون بال أ ُّم‪ .‬التسبيح للمخلّص إىل األبد!»‬

‫سمعون؟ وميكنكم أن تسألوا رئيس هيكل هذه املدينة عن قيامة ابنته ِمن املوت‪ ،‬ويف‬ ‫«هل تَ َ‬
‫طريقكم إىل أرُيا ُمّروا بنائني‪ .‬استعلِموا عن الشاب الذي أُقيم ِمن املوت‪ ،‬حبضور البلدة كلّها‪ ،‬بينما‬
‫يوضع يف القرب‪ .‬وهكذا ميكنكم أن تنقلوا إليه أ ّن املوتى يَقومون‪ .‬وأ ّن بُرصاًكثريين‬
‫كان على وشـك أن َ‬
‫قد بَِرئوا‪ ،‬وميكنكم معرفة ذلك من أماكن كثرية يف إسرائيل‪ ،‬إّّنا لو أردمت الذهاب إىل سيكامينون‪،‬‬
‫الربص يَربؤون‪ .‬وقولـوا‪ ،‬مبا أنّكم‬
‫فاحبثوا وسط التالميذ وستجدون منهم كثريين‪ .‬فقولوا إذن ليوحنّا إن ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 373 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يشك يب‪ .‬قولوا هذا ليوحنّا‪ .‬وقولوا‬
‫قد رأيتم‪ ،‬إ ّن البُشرى احلَ َسنة تُعلَن للفقراء‪ .‬ومغبوط هو الذي ال ّ‬
‫حيب‪».‬‬‫بكل ّ‬
‫له إنّين أابركه ّ‬
‫«شكراً اي معلّم‪ .‬اب ِركنا حنن كذلك قبل ذهابنا‪».‬‬

‫حّت املساء‪ .‬سوف تَعيشون‪ ،‬على مدى‬ ‫احلر‪ .‬كونوا إذاً يف ضيافيت ّ‬‫«ال ميكنكم الذهاب يف هذا ّ‬
‫يوم‪ ،‬حياة هذا املعلّم الذي ليس هو يوحنّا‪ ،‬ولكن يوحنّا ُيبّه ألنّه يَع ِرف َمن يكون‪ .‬تعالوا إىل املنـزل‪.‬‬
‫صرف‬ ‫إيل‪ .‬السالم معكم‪ ».‬وبعد َ‬ ‫فهناك رطوبة وانتعاش وأُق ّدم لكم الطعام‪ .‬وداعاً أيّها املستمعون ّ‬
‫اجلموع يعود إىل البيت مع الضيوف الثالثة…‬

‫احلر اخلانق تلك‪ .‬ما أراه اآلن هو استعدادات‬ ‫‪...‬لست أدري ما يقولون خالل ساعات ّ‬ ‫ُ‬
‫يؤت حبصانه مع احلمارين القويّني أمام فتحة‬
‫التلميذين للسفر إىل أرُيا‪ .‬يبدو أ ّن مناحني ابق‪ ،‬فلم َ‬
‫رسال يوحنّا‪ ،‬بعد احنناءات ع ّدة للمعلّم ومناحني‪ ،‬ميتطيان احلمري‪ ،‬وما زاال يلتفتان‬
‫وم َ‬
‫جدار احلوش‪ُ .‬‬
‫حّت َح َجبَهما ُم َنعطَف الطريق عن األنظار‪.‬‬
‫وُييّيان ّ‬
‫ّتمع الكثري ِمن سكان كفرانحوم لَِريوا هذا الرحيل‪ ،‬ذلك أ ّن نبأ قدوم تلميذي يوحنّا‪ ،‬وإجابة‬ ‫ّ‬
‫أظن يف البلدات اجملاورة‪ .‬أرى أانساً ِمن بيت صيدا وقورازين‪ ،‬وقد‬ ‫يسوع هلما قد شاعا يف البلدة‪ ،‬و ّ‬
‫رسلني حتيّاهتم له ‪-‬قد يكونون تالميذ قدامى‬ ‫تعرفوا أبنفسهم إىل مرسلي يوحنّا سائِلني عن أخباره وم ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ّ‬
‫ويهم يسوع ومعه مناحني‬
‫ليوحنّا‪ -‬وقد َم َكثوا اآلن مع َمموعة من أهايل كفرانحوم لتبادل احلديث‪ّ .‬‬
‫لكن الناس َُيتَ ِشدون حوله‪ ،‬ميألهم الفضول لرؤية أخي هريودس‬ ‫ابلدخول إىل البيت وهو يتكلّم‪ .‬و ّ‬
‫ابلرضاعة وأساليبه املفعمة احرتاماً ليسوع ويَر َغبون ابحلديث إىل املعلّم‪.‬‬

‫كذلك ايئريوس رئيس املعبد موجود‪ ،‬إّّنا‪ ،‬احلمد هلل ليس هناك ّفريسيّون‪ .‬إنّه ايئريوس ابلذات‬
‫ائك ّإايهم‪،‬‬
‫رسل له فقط إجابة شاملة وافية‪ ،‬إّّنا كذلك إببق َ‬ ‫ك مل تُ ِ‬
‫الذي يقول‪« :‬سوف يُ َسّر يوحنّا! فإنّ َ‬
‫نت ِمن أن تُعلِّمهم وتُريهم معجزة‪».‬‬ ‫قد مت ّك َ‬
‫«ُثّ‪ ،‬أيّة معجزة!» يقول أحد الرجال‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 374 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت يَروها‪ .‬فلم يَسبُق أن كانت يف حال جيّدة كحاهلا اليوم‪،‬‬ ‫متعمداً ّ‬
‫جلبت ابنيت اليوم ّ‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬
‫"لست أذكر شيئاً عن‬‫ُ‬ ‫وابلنسبة هلا‪ِ ،‬من دواعي سرورها أن أتيت ملالقاة املعلّم‪ .‬هل َِمسعتم إجابتها؟‬
‫أعرب ِمن خالل نور يزداد أتلّقاً ابستمرار‪،‬‬ ‫ماهية املوت‪ .‬ولكنّين أذكر أ ّن مالكاً انداين‪ ،‬جاعالً ّإايي ُ‬
‫إيل‪ .‬أنتم وأان اآلن‬
‫وقد كان يسوع يف ّنايته‪ .‬مل أعد أراه اآلن كما رأيتُهُ آنذاك بروحي اليت كانت تعود ّ‬
‫لكن روحي رأت اإلله احملتَـبَس يف اإلنسان"‪ .‬وكم أصبَ َحت وديعة منذئذ! هي كانت‬ ‫نرى اإلنسان‪ ،‬و ّ‬
‫حبق مالك‪ .‬آه! ابلنسبة يل‪ ،‬فليقل اجلميع ما يشاؤون‪ ،‬فما ِمن ق ّديس سو َاك‬ ‫فإّنا ّ‬
‫وديعة‪ّ ،‬أما اآلن ّ‬
‫أنت!»‬
‫َ‬
‫لكن يوحنّا كذلك ق ّديس‪ ».‬يقول أحد أهايل بيت صيدا‪.‬‬
‫«و ّ‬
‫«نعم‪ ،‬ولكنّه صارم ج ّداً‪».‬‬

‫«هو ليس كذلك ابلنسبة لآلخرين أكثر ممّا هو ابلنسبة لنفسه‪».‬‬

‫«ولكنّه ال يصنع املعجزات‪ ،‬ويقال إنّه يصوم ليصبح كاجملوس‪».‬‬

‫«ومع ذلك فهو ق ّديس» وميت ّد النقاش بني اجلمع‪.‬‬

‫يَرفَع يسوع يده وَمي ّدها ابحلركة املعتادة اليت يقوم هبا لِيَفرض الصمت واالنتباه عندما يريد‬
‫التح ّدث‪ .‬فيخيّم الصمت يف احلال‪.‬‬

‫احلق‬
‫يقول يسوع‪« :‬يوحنّا ق ّديس وعظيم‪ .‬ال تَنظُروا إىل طريقة عمله وإىل غياب املعجزات‪ّ .‬‬
‫كل عظمته‪.‬‬
‫أقول لكم‪" :‬إنّه عظيم يف ملكوت هللا"‪ .‬وهنا يبدو يف ّ‬
‫احلق أقول لكم إنّه َعمل‬ ‫ِ‬
‫َميتَعض الكثريون ملا كان عليه وهو صارم لدرجة يبدو معها قاسـياً‪ّ .‬‬
‫ومن يعمل هكذا ال وقت لديه يضيّعه يف امليوعة‪ .‬أفلم يكن هو يقول‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫الرب‪َ .‬‬
‫عمالً جبّاراً ليُع ّد طُُرق ّ‬
‫كل‬
‫"كل واد ميتلئ‪ ،‬و ّ‬
‫عندما كان على مدى ّنر األردن‪ ،‬الكالم الذي أَعلَن فيه أشعيا‪ ،‬عنه وماسيّا‪ّ :‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 375 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتقوم‪َ ،‬وَو ْعر الطريق يصري سهالً" وذلك إلعداد طُُرق املخلّص وامللك؟‬ ‫املعوج ّ‬
‫وتل ينخفض‪ ،‬و ّ‬ ‫جبل ّ‬
‫كل إسرائيل لِيُعِ َّد الطريق! والذي َسيَ ُد ّك اجلبال وميأل‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ولكن‪ ،‬يف احلقيقة لقد صنَع‪ ،‬هو‪ ،‬أكثر ِ‬
‫م‬ ‫ََ‬
‫السبُل ويُل ِطّف املسالِك الصاعدة ال ُـمضنية‪ ،‬ال ميكنه العمل ّإال بصرامة‪ .‬ذلك أنّه كان‬ ‫الوداين‪ ،‬ويُ ِّ‬
‫قوم ُّ‬
‫كل شيء ُمهيّأ قبل ارتفاع مشس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيب أن يكون ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ومل يكن يَسبقين سوى ببضعة أشهر‪ ،‬وكان ّ‬
‫كل العامل‪ .‬يوحنّا قد‬ ‫ِ‬
‫يوم الفداء‪ .‬لقد َح َّل هذا اليوم‪ ،‬والشمس تَطلع لتسطع على صهيون ومنه على ّ‬
‫كل ّاّتاه؟ ولكن ماذا‬ ‫صبة تَلويها الريح يف ّ‬‫الربيّة؟ أَقَ َ‬
‫أعد الطريق‪ ،‬كما كان ينبغي‪ .‬ماذا َمضيتم تَـَرون يف ّ‬‫َّ‬
‫لكن أولئك الناس يَسكنون بيوت امللوك‪ ،‬متدثّرين ثياابً‬ ‫اللني الناعم؟ و ّ‬
‫ضيتم تَنظُرون؟ أرجالً يَلبس ّ‬
‫َم َ‬
‫وخيدمهم إبجالل ألف خادم ومتزلِّف‪ ،‬وهم كذلك يتزلّفون إلنسان مسكني‪ .‬وهنا أحدهم‪.‬‬ ‫انعمة‪َ ،‬‬
‫شمئزاً ِمن حياة القصور واإلعجاب‪ ،‬من أجل الصخرة املنعزلة والغليظة اليت تتحطّم‬
‫اسألوه إن مل يكن ُم ّ‬
‫عليها ابطالً الصاعقة والربد‪ ،‬واليت تتصارع عليها الرايح احلمقاء لتنتزعها‪ ،‬يف الوقت الذي تبقى فيه‬
‫حادة‬ ‫ِ‬ ‫بقمتها اليت تُ ِّ‬
‫بشر ابلفرح من األعلى لش ّدة مشوخها‪ّ ،‬‬ ‫كل أجزائها صوب السماء‪ّ ،‬‬
‫صلبة مع مشوخ ّ‬
‫كشعلة ترتفع‪.‬‬

‫العظَ َمة حيث هي‪،‬‬


‫أدرَك حقيقة احلياة واملوت‪ ،‬ويـََرى َ‬
‫هذا هو يوحنّا‪ .‬هكذا يراه مناحني ألنّه َ‬
‫حّت لو اختَـبَأَت حتت مظاهر وحشيّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫نيب‪ .‬إنّه‬
‫وأنتم ماذا رأيتم يف يوحنّا عندما ذهبتم لرؤيته؟ نبيّاً؟ ق ّديساً؟ أقول لكم‪ :‬إنّه أكثر من ّ‬
‫ُرسل‬‫أكثر قداسة ِمن ق ّديسني كثريين‪ ،‬بل هو أكثر ِمن ق ّديس‪ ،‬ألنّه هو من ُكتِب عنه‪" :‬ها أنذا أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يقك"‪.‬‬
‫لك طر َ‬ ‫أمامك مالكي ليُعِ ّد َ‬
‫َ‬
‫تصوروا‪ .‬أنتم تَعلَمون أ ّن املالئكة أرواح طاهرة َخلَ َقها هللا على مثاله روحيّاً‪ ،‬لتكون الرابط‬
‫مالك‪ّ .‬‬
‫املاديّة‪ ،‬وهللا‪ :‬كمال السماء واألرض‪ ،‬خالِق ملكوت الروح‬ ‫بني اإلنسان‪ :‬كمال اخلليقة املنظورة و ّ‬
‫اهلوة تُصبِح أكثر‬‫هوة بينه وبني هللا‪ .‬و ّ‬
‫واململكة احليوانيّة‪ .‬ففي اإلنسان هناك دائماً اجلسد والدم جلعل ّ‬
‫حّت ما هو روحي يف اإلنسان‪ .‬صحيح َّ‬
‫أن هللا الذي َخلَ َق املالئكة‪،‬‬ ‫ل‬ ‫عمقاً بِِفعل اخلطيئة اليت تُ ِ‬
‫ثق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قمة سلّم اخلليقة‪ ،‬قد َخلَ َق أيضاً اجلمادات اليت تش ِّكل قاعدته‪ ،‬اجلمادات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫تلك املخلوقات اليت تش ِّ‬
‫ك‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 376 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أي الغبار الذي يش ّكل األرض واملو ّاد الالعضويّة بشكل عام‪َّ .‬إّنا املالئكة‪ ،‬فهي املرآة النقيّة اليت‬
‫ندفِعة للعمل‪ ،‬احلُّرة يف‬
‫حبب‪ ،‬اجلاهزة لِتُد ِرك‪ ،‬ال ُـم َ‬
‫التصرف ّ‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫َب‬ ‫أ‬ ‫د‬‫َ‬‫ت‬ ‫اليت‬ ‫عالت‬ ‫الش‬
‫ُّ‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫كر‬ ‫تعكس فِ‬
‫التمرد وفِعل اخلطيئة‪ .‬أولئك ُهم املالئكة الذين يَعبدون هللا‪،‬‬
‫إرادهتا مثلنا‪ ،‬إّّنا إبرادة مق ّدسة متاماً َّت َهل ّ‬
‫املرسلون إىل الناس‪ ،‬الذين َُيموننا‪ ،‬ويعطوننا النور الذي يُغلّفهم‪ ،‬والنار اليت ُيصلون عليها ِمن عبادهتم‪.‬‬

‫النبوي‪ .‬إذاً‪ ،‬أقول لكم‪َ " :‬مل يُولَد أعظم من يوحنّا بني مواليد‬
‫ّ‬ ‫لقد ُمسّي يوحنّا "مالكاً" ابلتعبري‬
‫النساء أبداً"‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإ ّن األصغر يف ملكوت السـماوات سـيكون أعظم منه كإنسان‪ .‬أل ّن َمن‬
‫كان ِمن ملكوت السماوات فهو ابن هللا وليس ابن امرأة‪ .‬فاعملوا إذن َجيعكم على أن تكونوا ِمن‬
‫أبناء امللكوت‪.‬‬

‫عما كنتم تتساءلون فيما بينكم؟»‬


‫ّ‬
‫«كنّا نقول‪" :‬ولكن هل سيكون يوحنّا يف امللكوت؟ وكيف سيُصبِح هناك؟»‬

‫«هو‪ ،‬بروحه‪ ،‬ابن للملكوت منذ اآلن‪ ،‬وسيُصبح هناك بعد موته كأحد مشوس أورشليم األبديّة‬
‫اخلاصة‪ .‬فهو كان وما زال‬
‫األكثر سطوعاً‪ .‬وذلك بسبب النعمة اليت فيه‪ ،‬بال خطيئة‪ ،‬وبسبب إرادته ّ‬
‫حّت مع ذاته‪ِ ،‬من أجل ّناية مقدَّسة‪.‬‬
‫صارماً ّ‬
‫الشر‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫قار‬ ‫م‬ ‫ة‬‫بقو‬ ‫عليه‬ ‫يستويل‬ ‫أن‬ ‫عرف‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬‫وابتداء ِمن املعمدان سيكون ملكوت السماوات لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫كل ما‬
‫والعنيفون ُهم َمن يستولون عليه‪ .‬ذلك أنّه قد أصبَ َح اآلن معلوماً ما ُيب فعله‪ ،‬وقد متّ منح ّ‬
‫وىل الزمن الذي مل يكن الكالم فيه ّإال للشريعة واألنبياء‪ .‬فهم قد‬ ‫يلزم من أجل هذا االستيالء‪ .‬لقد ّ‬
‫حّت يوحنّا‪ّ .‬أما اآلن فكلمة هللا هي اليت تتح ّدث‪ ،‬وال ُُتفي نقطة وال حرفاً صغرياً ممّا ُيب‬ ‫تكلّموا ّ‬
‫معرفته من أجل هذا االستيالء‪ .‬إذا كنتم تؤمنون يب‪ ،‬فعليكم إذن النَّظَر إىل يوحنّا كأنّه ايليا املزمع أن‬
‫أييت‪ .‬ومن له أذانن للسماع فليسمع‪.‬‬

‫صفه أولئك األطفال اجلالسني يف الساحة‬ ‫ولكن أبي شيء أُشبِه هذا اجليل؟ إنّه يشبه ما ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يَصيحون إىل رفاقهم قائلني‪" :‬عزفنا لكم فلم ترقصوا؛ ونَدبنا لكم فلم تبكوا"‪ .‬ابلفعل‪ ،‬أتى يوحنّا الذي‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 377 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ال أيكل وال يشرب‪ ،‬ويقول هذا اجليل‪" :‬ميكنه فِعل هذا أل ّن به شيطاانً يساعده"‪ .‬وابن اإلنسان أتى‪،‬‬
‫للعشارين واخلطأة"‪ .‬هكذا تَرى احلكمة أبناءها‬
‫وهو أيكل ويشـرب‪ ،‬ويقولون‪" :‬أكول‪ ،‬سـ ّكري‪ ،‬وصديق ّ‬
‫ألّنم ال ُخبث فيهم‪».‬‬
‫التعرف على احلقيقة ّ‬ ‫ِ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬وحدهم األطفال ُُييدون ّ‬‫يُنصفوّنا! ّ‬
‫أصبت أيّها املعلّم‪ ».‬يقول رئيس املعبد‪ .‬لذلك فابنيت اليت ال ُخبث فيها بعد‪ ،‬تَر َاك كما مل‬‫« َ‬
‫سلطانك يطغى عليها‪ ،‬وكذلك‬ ‫َ‬ ‫نتوصل بعد حنن أن نر َاك‪ .‬ومع ذلك فهذه املدينة واملدن اجملاورة تَرى‬
‫ّ‬
‫ّتاهك‪ .‬إ ّّنم ال يتوبون‪ ،‬واخلري الذي‬
‫َ‬ ‫وعلي أن أعلَم ّأّنا ال تتق ّدم ّإال ابخلُبث‬
‫وصالحك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫حكمتك‬
‫َ‬
‫ّتاهك‪».‬‬ ‫يتخمر حقداً‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تُق ّدمه هلم‪ّ ،‬‬
‫ك تفرتي علينا! إنّنا هنا ألنّنا مؤمنون ابملسيح وأوفياء له‪».‬‬
‫«كيف تقول هذا اي ايئريوس؟ إنّ َ‬
‫يقول أحدهم وهو من بيت صيدا‪.‬‬

‫أقل ِمن مائة ِمن ُمدن ثالث ينبغي هلا أن تكون عند‬ ‫«نعم‪ .‬حنن‪ .‬ولكن كم يبلغ عددان حنن؟ ّ‬
‫أقدام يسوع‪ِ .‬‬
‫الربع ال ُمبالون‪ّ ،‬أما الباقون فَبِ ّ‬
‫ودي‬ ‫ومن بني الغائبني‪ ،‬أتكلّم عن الرجال‪ ،‬نصفهم أعداء‪ ،‬و ُّ‬
‫كل هذا احلقد وهذا‬ ‫ِ‬
‫عيين هللا؟ ألن يُعاقب ّ‬
‫أن أظُ ّن ّأّنم ال يستطيعون اجمليء‪ .‬أليست هذه خطيئة يف ّ‬
‫صالحك‪ ،‬إّّنا ليس‬ ‫بقيت صامتاً فبسبب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الشر؟ ح ّدثين اي معلّم‪ ،‬اي َمن تُعلّم‪ ،‬واي َمن إذا ما َ‬
‫العناد يف ّ‬
‫مك‬
‫ليهز كال َ‬
‫رتجم هذا على أنّه َجهل وضعف‪ .‬حتدَّث إذن‪ ،‬و ّ‬ ‫سخي كرمي‪ ،‬ويُ َ‬
‫ّ‬ ‫ك‬‫ك َّت َهل‪ .‬إنّ َ‬
‫ألنّ َ‬
‫الشر ابستمرار‪».‬‬ ‫ِ‬
‫األقل‪ ،‬مبا أ ّن األشرار ال يهتدون‪ ،‬بل ُميعنون يف ّ‬
‫الالمبالني على ّ‬
‫«نعم‪ ،‬هي خطيئة‪ ،‬وبسببها سوف يَنـزل القصاص‪ .‬ألنّه ينبغي ّأال ُحتتـَقَر موهبة هللا وال تُستَعمَل‬
‫لك اي بيت صيدا‪ ،‬اي َمن تُسيئان استخدام عطااي هللا! لو‬ ‫لك اي قورازين‪ ،‬والويل ِ‬
‫يف فعل الشر‪ .‬الويل ِ‬
‫ّ‬
‫ص َنعت فيما بينكم منذ زمن بعيد‪ ،‬يف صور وصيدون ‪ ،‬لكان األهايل ُمستع ّدين‬ ‫اليت‬ ‫العجائب‬ ‫ت‬ ‫ع‬‫صنِ‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫إيل بتوبة‪ ،‬البسني املسوح ويغطّيهم الرماد‪ .‬كذلك أقول لكم إنّه ابلنسبة لصور وصيدون‪،‬‬ ‫ألن أيتوا ّ‬
‫ك جملرد‬‫أنت اي كفرانحوم‪ ،‬هل تظنني أنّ ِ‬ ‫فإّنما ستُعامالن أبكثر رأفة ِ‬
‫وحلماً منكم يوم احلساب‪ .‬و ِ‬
‫ّ َ َ‬
‫جائب‬ ‫ك سـوف هتبطني حّت اجلحيم‪ .‬ألنّه لو ِ‬
‫لك استضافيت ستُبعثني حّت السماء؟ بل إنّ ِ‬
‫قبو ِ‬
‫صن َعت الع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ألّنا كانت ستؤمن يب وهتتدي‪ .‬وكذلك‬ ‫عامرة‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫صنَعتُها فيك يف صادوم‪ ،‬لكانت ما تزال مزدهرة ّ‬ ‫اليت َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 378 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أقل‬ ‫خطيئتها‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫وابلتايل‬ ‫كلمته‪،‬‬
‫و‬ ‫ص‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫املخ‬ ‫عرف‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫أفة‪،‬‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫لم‬ ‫صادوم فسوف تُعامل أبكثر ِ‬
‫ح‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫عت كلمته ومل هتتدي‪ .‬آنئذ‪ ،‬مبا أ ّن هللا عادل‪،‬‬ ‫عرفت ماسيا َِ‬
‫ومس ِ‬ ‫أنت‪ ،‬اي من ِ‬ ‫خطيئتك ِ‬
‫ِ‬ ‫فداحة ِمن‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ضحون أبنفسهم طاعة لكلميت‪ ،‬هؤالء‬ ‫فبالنسبة ألهايل كفرانحوم وبيت صيدا وقورازين الذين آمنوا ويُ ّ‬
‫خيص‬
‫عاملون برمحة عظيمة‪ .‬ألنّه ليس من العدل أن يَشمل هالك اخلَطَأَة األبرار‪ّ .‬أما فيما ّ‬ ‫سوف يُ َ‬
‫شاهدون هللا‬‫أوالدك اي بنيامني‪ ،‬أقول لكم إ ّّنم ي ِ‬
‫ابنك اي زكرّاي و َ‬
‫ُ‬ ‫ابنتك اي مسعان‪ ،‬و َ‬‫ابنتك اي ايئريوس و َ‬
‫َ‬
‫عمل فيهم‪ُ ،‬متّحداً ابحلكمة السماويّة ورغبة احملبّة‪،‬‬ ‫نقي ويَ َ‬‫ألّنم بغري ُخبث‪ .‬وتَـَرون كم إمياّنم ّ‬ ‫اآلن ّ‬
‫وهذا ما ال ميتلكه الكبار‪».‬‬

‫رب‬
‫رك أيّها اآلب‪ّ ،‬‬ ‫ويرفع يسوع عينيه صوب السماء‪ ،‬اليت تُظلِم هببوط املساء‪ ،‬ويَهتف‪« :‬أشك َ‬
‫لديك‬
‫ك أخفيتَها عن احلُكماء والعُلماء‪ ،‬وَك َشفتَها لألطفال‪ .‬ألنّه هكذا َح َسن َ‬ ‫السماء واألرض‪ ،‬ألنّ َ‬
‫ومن يريد االبن أن يَكشف هلم‪.‬‬ ‫االبن‪،‬‬ ‫سوى‬ ‫يعرفه‬ ‫أحد‬ ‫وال‬ ‫أيب‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ُعطي يل ِ‬
‫م‬ ‫أيها اآلب‪ .‬فكل هذا أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كالزرع يف‬
‫احلق يَنـزل َّ‬ ‫وأان قد كشفت ذلك لألطفال‪ ،‬للمتواضعني‪ ،‬لألطهار‪ِ ّ ،‬‬
‫ألّنم يـَتَّحدون ابهلل‪ ،‬و ّ‬ ‫ُ‬
‫األراضي احلُّرة‪ ،‬وعليها ُمي ِطر اآلب أنواره لكي يتج ّذر وينبت‪ .‬يف احلقيقة إ ّن هللا يُعِ ُّد تلك األرواح اليت‬
‫للصغار سنّاً أو إرادة‪ ،‬لكي يَعرفوا احلقيقة‪ ،‬وأحظى أان بفرح إمياّنم‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 379 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم األول‬

‫كنجار ِمن أجل أرملة يف قورازين)‬


‫‪( -130‬يسوع يعمل ّ‬
‫‪1945 / 08 / 31‬‬

‫صيب حنيل وحزين‪،‬‬


‫يسوع يعمل جب ّد يف َمشغل جنّار‪ .‬إنّه يعمل على إّناء َع َجلَة‪ .‬يُساعده ّ‬
‫عجب‪ ،‬جالس على مقعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيجلب له هذا أو ذاك من األغراض‪ .‬مناحني شاهد ال َجدوى منه ولكنّه ُم َ‬
‫قرب اجلدار‪.‬‬
‫ينـزع يسوع ثوبه الكتّاين اجلميل ويرتدي ثوابً غريه داكناً‪ ،‬وحيث إنّه ليس له‪ ،‬فإنّه ي ِ‬
‫صل إىل‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫منتصف ساقه‪ .‬ثوب َعمل‪ ،‬نظيف‪ ،‬ولكنّه ُمرقَّع‪ ،‬وقد يكون ثوب ّ‬
‫النجار امليت‪.‬‬

‫الصيب اببتسامات وكلّمات طيّبة‪ ،‬وهو يعلّمه ما ُيب فعله من أجل وضع احلَلَ َقة‬ ‫يسوع‬ ‫ع‬ ‫ي ِ‬
‫شج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اف الصندوق‪.‬‬
‫يف مكاّنا الصحيح‪ ،‬وتلميع حو ّ‬
‫ميرر إصبعه على نقوش الصندوق‬
‫«لقد أّنيتَه بسرعة اي معلّم‪ ».‬يقول مناحني وهو يَ َنهض و ّ‬
‫الصيب بسائل‪.‬‬ ‫عه‬ ‫لم‬ ‫وي‬ ‫صنعه‬ ‫ن‬ ‫م‬‫الذي انتهى ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫«هو كان ِشبه ُمنته!‪»...‬‬

‫ص َل‪ ،‬ويبدو أ ّن له حقوقاً‪ ...‬ولقد‬‫لكن املشرتي قد َو َ‬


‫صنعتَه‪ ،‬و ّ‬
‫أود لو أحصل على هذا الذي َ‬
‫« ُّ‬
‫الكل كتعويض عن الدوانق القليلة اليت كان قد َدفَـ َعها كعربون‪.‬‬
‫بت أمله‪ .‬كان أيمل احلصول على ّ‬‫خيَّ َ‬
‫بك‪ ،‬لكان له‬‫األقل‪ ،‬أحد الذين يؤمنون َ‬ ‫أيخذ أغراضه فقط ال غري‪ .‬وهو لو كان‪ ،‬على ّ‬‫وبدل هذا ُ‬
‫مسعت؟‪»...‬‬
‫قيمة ال تُقدَّر عنده‪ .‬ولكن هل َ‬
‫دعك منه‪ .‬فيما عدا ذلك‪ ،‬يوجد هنا خشب‪ ،‬وستكون املرأة سعيدة ج ّداً لو استفادت ِمن‬
‫« َ‬
‫لك‪»...‬‬
‫استخدامه‪ .‬اطلب مين صندوقاً وسأصنعه َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 380 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«صحيح اي معلّم؟ ولكن هل تنوي االستمرار يف العمل؟»‬

‫حّت ينتهي اخلشب‪ .‬فأان عامل ُمتفان يف عملي‪ ».‬يقول وهو يبتسم ابتسامة عريضة‪.‬‬
‫« ّ‬
‫أنت تصنعه؟ آه! اي للذخرية! ولكن ماذا سأضع فيه؟»‬
‫«صندوق َ‬
‫كل ما تريد‪ ،‬اي مناحني‪ ،‬فإنّه َمرد صندوق‪».‬‬
‫« ّ‬
‫صنَـ َعه!»‬
‫أنت َمن َ‬
‫«إّّنا ستكون َ‬
‫كل الناس‪ .‬ومع ذلك ماذا وضع اإلنسان يف‬
‫صنَ َع اإلنسان‪ ،‬لقد َخلَ َق ّ‬
‫«وإذن؟ فاآلب كذلك َ‬
‫شاداً‬
‫عمل‪ ،‬ابحثاً هنا وهناك عن العُدد اليت ُيتاجها‪ّ ،‬‬
‫ذاته؟ وماذا يضع الناس؟» يتكلّم يسوع وهو يَ َ‬
‫امللزمة‪ ،‬اثقباً‪ ،‬ساحجاً‪ُ ،‬مديراً حسب احلاجة‪.‬‬

‫«هي اخلطيئة اليت ُو ِضعت فيه‪ ،‬هذا صحيح‪».‬‬

‫صنَعتُهُ أان‪ .‬ال َُتلط أبداً بني‬ ‫ِ‬


‫«تَرى! َوثق متاماً أ ّن إنساانً َخلَ َقه هللا أفضل كثرياً من صندوق َ‬
‫لروحك‪».‬‬
‫َ‬ ‫الغََرض والفعل‪ .‬واجعل ِمن عملي ذخرية‬

‫«ماذا يعين هذا؟»‬

‫صة ممّا أفعل‪».‬‬ ‫َ ِ‬


‫لروحك العربة املستخلَ َ‬ ‫«هذا يعين‪ :‬أعط‬

‫نشاطك إذن‪ ...‬هذه هي الفضائل‪ ،‬أليس كذلك؟»‬


‫َ‬ ‫اضعك‪،‬‬
‫تك‪ ،‬تو َ‬
‫«ُمبّ َ‬
‫أنت الشيء ذاته يف املستقبل‪».‬‬
‫«نعم‪ ،‬وافعل َ‬
‫«نعم اي معلّم‪ ،‬ولكن هل تَصنع يل الصندوق؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 381 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فسأجعلك تدفع مثنه على هذا‬
‫َ‬ ‫ك ما ِزلت ترى فيه ذخرية‪،‬‬‫لك‪ .‬ولكن انتبه‪ ،‬مبا أنّ َ‬
‫«أَصنَعه َ‬
‫ك تَعلَم لِ َمن هو هذا املال‪...‬‬ ‫ِ‬
‫كنت َّنماً للمـال‪ ...‬ولكنّ َ‬
‫مرة أبنّين ُ‬
‫عين ّ‬‫األقل سيقال ّ‬
‫األساس‪ .‬على ّ‬
‫هلؤالء األيتام‪»...‬‬

‫ت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مربر لبَطاليت‪ ،‬بينما أن َ‬
‫األقل سوف يكون يل ّ‬
‫أعطيك‪ .‬على ّ‬
‫َ‬ ‫مين ما تشاء‪ ،‬وسوف‬
‫«أطلب ّ‬
‫عمل‪».‬‬
‫ابن هللا‪ ،‬تَ َ‬
‫جبينك"‪».‬‬
‫َ‬ ‫املروي بعرق‬
‫خبزك ّ‬ ‫«قيل‪" :‬ستأكل َ‬

‫أنت!»‬
‫لك َ‬‫«إّّنا قيل ذلك لإلنسان اخلاطئ‪ .‬وليس َ‬
‫ُعترب يوماً أان املذنب‪ ،‬وسأمحل خطااي العامل كلّها‪ .‬سوف آخذها معي يف ّأول رحيل‬
‫«آه! سأ َ‬
‫يل‪».‬‬

‫تظن أ ّن العامل لن يعود خيطئ؟»‬


‫«هل ّ‬
‫«ينبغي له ذلك‪ ...‬ولكنّه سوف خيطئ على الدوام‪ .‬ألجل ذلك‪ ،‬سيكون ِمحلي ثقيالً لدرجة‬
‫وحّت هذه الساعة‪،‬‬
‫كل اخلطااي املرتكبة منذ آدم ّ‬
‫أنّه سوف ُيطّم قليب‪ .‬إذ إنّين سأمحل على كاهلي ّ‬
‫حّت منتهى الدهر‪ .‬سوف أُك ِّفر عن خطااي الناس كلّها‪».‬‬
‫ومنذ هذه الساعة ّ‬
‫تظن أ ّن قورازين ستهتدي هبذه العربة الصامتة‬
‫ك أيضاً‪ ...‬هل ّ‬ ‫يفهمك اإلنسان ولن ُيبّ َ‬
‫َ‬ ‫«ولن‬
‫املنجز إلعانة عائلة؟»‬
‫بعملك َ‬
‫َ‬ ‫ص َدد إعطائها‬
‫أنت يف َ‬
‫واملق ّدسة اليت َ‬
‫لدي مال‪ .‬فلقد‬
‫َّل العمل لتمضية الوقت وَكسب املال"‪ .‬إّّنا أان ليس ّ‬
‫«ال بل ستقول‪" :‬إنّه فَض َ‬
‫لت ِمن أجل أن‬ ‫ِ‬
‫حّت آخر فلس‪ ،‬ولقد َعم ُ‬ ‫كل ما معي ّ‬
‫كل شيء‪ .‬وسوف أُعطي على الدوام ّ‬ ‫أعطيت ّ‬
‫ُ‬
‫أُعطي ماالً‪».‬‬

‫ملّت؟»‬ ‫«ِ‬
‫لك و ّ‬
‫ومن أجل الطعام َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 382 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هللا يتدبّر األمر يف ذلك‪».‬‬

‫ك أعطيتَنا لنأكل‪».‬‬
‫«ولكنّ َ‬
‫«صحيح‪».‬‬

‫فعلت ذلك؟»‬
‫«كيف َ‬
‫«أسأل سيَّد البيت‪».‬‬

‫بكل أتكيد لدى عودتنا إىل كفرانحوم‪».‬‬


‫«سوف أسأله ّ‬
‫ضحك يسوع هبدوء بلحيته الشقراء‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫صرير ال ِـملزمة اليت تَش ّد على قطعتني ِمن عجلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صمت يسود بينما ال يُسمع سوى َ‬
‫َ‬
‫ُثّ يَسأل مناحني‪« :‬ماذا تنوي أن تفعل قبل السبت؟»‬

‫كل يوم َجعة مساء ومتضية‬


‫الر ُسل‪ .‬فاملتّفق عليه هو االجتماع ّ‬
‫«الذهاب إىل كفرانحوم وانتظار ُّ‬
‫وإال‪...‬‬
‫مّت فسيكون هناك ستّة أزواج للتبشري‪ّ .‬‬ ‫ِ‬
‫السبت كلّه معاً‪ .‬ومن ُثّ أُصدر أوامري‪ .‬وإذا ما ُشفي ّ‬
‫تود الذهاب معهم؟»‬
‫هل ّ‬
‫لك نصيحة!»‬
‫معك اي معلّم‪ ...‬ولكن رغم ذلك‪ ،‬دعين أُسدي َ‬ ‫«أ ِّ‬
‫ُفضل البقاء َ‬
‫«قُلها‪ .‬وإذا كانت صائبة فسأقبلها‪».‬‬

‫أعداءك كثريون اي معلّم‪».‬‬


‫َ‬ ‫ردك مطلقاً‪ .‬فإ ّن‬
‫تبق مبف َ‬
‫«ال َ‬
‫الر ُسل يَفعلون شيئاً يُذ َكر يف حال اخلطر؟»‬
‫تظن ُّ‬
‫«أعلَم‪ .‬ولكن هل ّ‬
‫ونك‪ ،‬على ما أظُ ّن‪».‬‬
‫« ّإّنم ُيبّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 383 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فإّنم‬
‫علي‪ّ ،‬‬
‫بكل أتكيد‪ ،‬ولكن هذا ال ُيدي نَفعاً‪ .‬فاألعداء‪ ،‬إذا ما كانت لديهم نيّة القبض ّ‬ ‫« ّ‬
‫يصطحبون معهم ّقوة أعظم كثرياً ِمن ّقوة ُّ‬
‫الر ُسل‪».‬‬

‫تبق وحيداً‪».‬‬
‫يهم‪ .‬ال َ‬
‫«ال ّ‬
‫إيل العديد من التالميذ‪ .‬أ ُِعدُّهم ِأل ِ‬
‫ُرسلهم ُهم أيضاً للتبشري‪ .‬ولن‬ ‫ينضم َّ‬
‫«خالل أسبوعني سوف ّ‬
‫أكون وحيداً‪ .‬كن مطمئناً‪».‬‬

‫أثناء حديثهما هذا‪ ،‬أييت العديد ِمن فضوليّي قورازين يُلقون نَظرة وَميضون دون كالم‪.‬‬

‫ند ِهشون لرؤيتهم ّإاي َك تعمل‪».‬‬


‫« ّإّنم ُم َ‬
‫حّت يقولوا‪" :‬هكذا يُعطينا العِربة"‪ .‬إ ّن أفضل ممّن لدي‬‫«نعم‪ .‬ولكنّهم ال يَعرفون أن يَتواضعوا ّ‬
‫يهم‪ .‬فالعربة هي العِربة على الدوام‪».‬‬ ‫َّ‬
‫هنا ُهم اآلن مع التالميذ‪ ،‬ما عدا عجوز مات‪ .‬إّنا ال ّ‬
‫كنت تعمل؟»‬
‫ك َ‬ ‫الر ُسل لدى معرفتهم أنّ َ‬
‫« ماذا سيقول ُّ‬
‫« ّإّنم أحد عشر‪ ،‬ذلك أ ّن مّت قَد أبدى رأيه‪ .‬وسيكون هناك أحد عشر رأايً ُمتلفاً‪ .‬وعلى‬
‫لكن ذلك يفيدين يف تعليمهم‪».‬‬
‫األغلب‪ ،‬آراؤهم متضاربة‪ .‬و ّ‬
‫تعليمك؟»‬
‫َ‬ ‫«هل تسمح يل حبضور‬

‫شئت البقاء‪»...‬‬
‫«إذا َ‬
‫وهم ُر ُسل!»‬
‫«ولكنّين تلميذ ُ‬
‫الر ُسل يفيد التالميذ كذلك‪».‬‬
‫«ما يفيد ُّ‬
‫«سوف يَشعُرون ابإلحراج لدى تقوميهم حبضوري‪».‬‬

‫لك معي عن طيب خاطر‪».‬‬


‫ابق اي مناحني‪ .‬أَقبَ َ‬
‫ابق‪َ ،‬‬
‫«سوف يفيد ذلك من أجل تواضعهم‪َ .‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 384 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«وأان أبقى عن طيب خاطر‪».‬‬

‫ك تَعمل كثرياً‪»...‬‬
‫ضر األرملة وتقول‪« :‬الطعام جاهز اي معلّم‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫َحت ُ‬
‫أكسب قُويت أيّتها املرأة‪ .‬وُثّ‪ ...‬هوذا زبون آخر‪ .‬وهو يريد صندوقاً كذلك‪ُ .‬ثّ هو يدفع‬ ‫«إنّين َ‬
‫وخيرج ِمن الغرفة‬
‫ائتزَر به‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫جيّداً‪ .‬مكان اخلَ َشب سيظل فارغاً‪ ».‬يقول يسوع وهو يَن َـزع مئزراً كان قد َ‬
‫ليغتسل يف وعاء (لَ َكن) َجلَبَته له املرأة إىل احلديقة‪.‬‬
‫وهي‪ ،‬اببتسامة مبهمة‪ ،‬تبدو بعد فرتة طويلة ِمن البكاء‪ ،‬تقول‪« :‬الفراغ هو يف م ِ‬
‫وضع اخلشب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬
‫وجودك‪ ،‬والقلب ميلؤه السالم‪ .‬مل أعُد أخشى من الغد‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬كما ال ُتشى َ‬
‫َ‬ ‫بينما البيت ميلؤه‬
‫ِمن إمكانيّة أن َ‬
‫ننساك‪».‬‬

‫دخلون إىل املطبخ وتنتهي الرؤاي‪.‬‬


‫يَ ُ‬
‫‪ ---‬هناية القسم األول من اجلزء الرابع ‪---‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 385 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫السماوي)‬
‫ّ‬ ‫سر ووصيّة اجملد‬
‫(احلب هو ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-131‬‬

‫‪1945 / 09 / 01‬‬

‫ِ‬
‫وألوالدك‪ .‬سوف‬ ‫َخيرج يسوع‪ ،‬بصحبة مناحني‪ِ ،‬من بيت األرملة وهو يقول‪« :‬السالم ِ‬
‫لك‬ ‫ُ‬
‫نلتقي َم ّدداً بعد السبت‪ .‬وداعاً اي يوسف الصغري‪ ،‬غداً اسرتح والعب‪ ،‬وبعد ذلك سوف تُ ِ‬
‫ساعدين‪.‬‬
‫ملاذا تبكي؟»‬

‫«أخشى ّأال تعود‪»...‬‬

‫يزعجك رحيلي كثرياً؟»‬


‫َ‬ ‫«أان أقول احلقيقة دائماً‪ .‬ولكن هل‬

‫ويُشري الولد برأسه أن نعم‪.‬‬

‫وإخوتك‪ .‬وأان أبقى مع‬


‫َ‬ ‫أمك‬
‫الطفه يسوع ويقول‪« :‬يوم واحد َميضي بسرعة‪ .‬غداً تبقى مع َ‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫مك كيفيّة العمل‪ .‬واآلن أمضي ملالقاهتم‬
‫ثتك خالل هذه األايم ألعلّ َ‬
‫ُر ُسلي وأحت ّدث إليهم‪ .‬لقد ح ّد َ‬
‫ك ستكون الولد‬ ‫لك‪ ،‬ألنّ َ‬
‫وجودك معي مسليّاً َ‬
‫َ‬ ‫ألجل تلقينهم التبشري وأن يكونوا صاحلني‪ .‬لن يكون‬
‫الوحيد وسط رجال كثريين‪».‬‬

‫معك‪».‬‬
‫«آه! بل أكون على ما يرام ألنّين سأكون َ‬
‫وهم األفضل‪ .‬ال يريد أن يرتكين‪ .‬هل تثقني يب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فهمت‪ .‬اي امرأة! ابنك يَفعل مثل كثريين‪ُ ،‬‬
‫« ُ‬
‫حّت بعد غد؟»‬ ‫فترتكينه معي ّ‬
‫الصيب‬
‫فمعك يكونون يف أمان كما يف السماء‪ ...‬وهذا ّ‬ ‫أمنحك ّإايهم َجيعاً! َ‬ ‫َ‬ ‫«آه! سيّدي! بل‬
‫الذي كان األكثر مكواثً مع أبيه‪ ،‬قد أت ّملَ كثرياً‪ .‬واآلن َو َج َد نفسه‪ ...‬أترى؟‪ ...‬إنّه ال يفعل غري البكاء‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 386 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صحة ما أقول‪ .‬اي معلّم‪ِ ،‬من أجل مؤاساته‪ ،‬أان أقول له على‬
‫بين‪ .‬اسأل السيّد عن ّ‬
‫ّ‬ ‫اي‬ ‫الس َقم‪ .‬ال ِ‬
‫تبك‬ ‫و َّ‬
‫ب بشكل مؤقّت بعيداً عنّا‪».‬‬
‫الدوام إ ّن أابه مل يُف َقد‪ ،‬بل هو قد ذَ َه َ‬
‫ك‪ ،‬اي يوسف الصغري‪».‬‬
‫لك ّأم َ‬
‫« ّإّنا احلقيقة‪ .‬ابلضبط كما تقول َ‬
‫أصبحت عجوزاًكما كان اسحق‪ ،‬فكم‬
‫ُ‬ ‫حّت أموت‪ .‬وأان صغري‪ .‬وإذا ما‬
‫«ولكنّين لن ألتقي به ّ‬
‫ينبغي يل أن أنتظر؟»‬

‫مير بسرعة‪».‬‬ ‫«اي َ ِ‬


‫لكن الزمن ّ‬
‫لك من َولَد مسكني! و ّ‬
‫«ال اي سيّدي‪ .‬ها إ ّن أسابيع ثالثة قد َمَّرت وأان بدون أب‪ ،‬وهذا يبدو يل طويالً ج ّداً‪ ،‬طويالً‬
‫ج ّداً!‪ ...‬أان ال ميكنين االستغناء عنه‪ »...‬ويبكي دون صوت‪ ،‬إّّنا أبمل عميق‪.‬‬

‫خاصة عندما ال يكون مأخوذاً أبمر يسـتهويه‪ .‬السبت َه ّم‪ .‬أخشى‬


‫«أتراه؟ إنّه دائماً هكذا‪ّ .‬‬
‫خالله عليه أن ميوت‪»...‬‬

‫لدي صيب آخر دون أب ودون ّأم‪ .‬كان حنيالً وحزيناً‪ .‬وهو اآلن لدى امرأة طيّبة ِمن بيت‬ ‫«ال‪ّ .‬‬
‫صل عن أهله‪ ،‬وقد عاد لينتعش جسـداً وروحاً‪ .‬هكذا سيكون األمر ابلنسبة‬ ‫صيدا‪ ،‬مطمئنّاً إنّه لن ين َف ِ‬
‫َ‬
‫الزمن طبيب عظيم‪ ،‬وكذلك هو سيكون مطمئنّاً ألنّه َس َري ِاك‬ ‫لدك‪ ،‬وبسبب ما سوف أقوله له‪ ،‬وأل ّن َّ‬ ‫لو ِ‬
‫وعلي الذهاب‪.‬‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫سطوع‬ ‫أكثر‬ ‫تصبح‬ ‫الشمس‬ ‫أة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ام‬ ‫اي‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫وداع‬ ‫‪.‬‬ ‫اليومي‬ ‫القوت‬ ‫جهة‬ ‫ن‬ ‫م‬‫أكثر اطمئناانً ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإخوتك واجل ّدة واحلق يب راكضاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫تعال اي يوسف‪ .‬أ ِ‬
‫َلق التحيّة على ّأم َ‬
‫وَميضي يسوع‪.‬‬

‫للر ُسل؟»‬
‫«واآلن ماذا ستقول ُّ‬
‫لدي تلميذ عتيق وتلميذ جديد‪».‬‬
‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 387 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تعج ابلناس‪ .‬يستوقف يسوع ََجع ِمن الرجال‪« :‬هل متضي؟ ألن تبقى‬
‫َُيتَازان قورازين اليت ّ‬
‫لقضاء السبت؟»‬

‫«ال‪ .‬فأان ذاهب إىل كفرانحوم‪».‬‬

‫كالمك؟»‬
‫َ‬ ‫نستحق مساع‬
‫ّ‬ ‫«دون كلمة طوال األسبوع‪ .‬أفال‬

‫«أمل أمنحكم طوال األايم الستّة أفضل كلمة؟»‬

‫«مّت؟ ولِ َمن؟»‬

‫بشّت‬ ‫ِ‬
‫كنت أَكرز بوجوب ُمبّة القريب ومساعدته ّ‬ ‫«للجميع‪ .‬من َمشغل النّجارة‪ .‬طوال ّأايم ُ‬
‫خاصة عندما يكون ضعيفاً‪ ،‬كما هي حال األرامل واأليتام‪ .‬وداعاً اي أهايل قورازين‪ .‬أت ّملوا‬ ‫السبل‪ّ ،‬‬
‫خالل السبت ابلعِربة اليت ق ّدمتُها لكم‪ ».‬ويُعا ِود يسوع السري‪ ،‬اتركاً األهايل منذهلني‪.‬‬

‫الصيب الذي حلق بيسوع وهو يركض يوقِظ فضوهلم‪ ،‬فيقولون ليسوع الذي يستوقِفونه‬
‫ّ‬ ‫لكن‬
‫و ّ‬
‫َم ّدداً‪« :‬أأتخذ ابن األرملة؟ ملاذا؟»‬

‫«ألعلّمه أ ّن هللا أب‪ ،‬أنّه َسيَ ِجد يف هللا األب املفقود‪ .‬وكذلك أنّه يوجد هنا َمن يؤمن بدل‬
‫اسحق العجوز‪».‬‬

‫تالميذك ثالثة ِمن قورازين‪».‬‬


‫َ‬ ‫« َوسط‬

‫ابلصيب جاعالً ّإايه بينه وبني‬ ‫ك‬ ‫«مع تالميذي‪ ،‬وليس هنا‪ .‬هذا سيكون هنا‪ .‬وداعاً‪ ».‬وُمي ِ‬
‫س‬
‫ّ‬
‫مناحني‪.‬‬

‫ظل‬ ‫يف‬ ‫ُّرفة‪،‬‬


‫الش‬ ‫على‬ ‫لسون‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫إذ‬ ‫م‬‫وه‬ ‫قبلهم‪.‬‬ ‫لوها‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫قد‬ ‫التالميذ‬ ‫كان‬ ‫اليت‬ ‫انحوم‬
‫ر‬ ‫كف‬ ‫لون‬ ‫يِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قصون على رفيقهم الذي مل يَربأ بعد‪ ،‬ما قد فَـ َعلوه‪ .‬ولدى مساعهم َوقع أقدام‬ ‫مّت‪ ،‬يَ ّ‬
‫التعريشة‪ ،‬حول ّ‬
‫هرعون إليه‬ ‫ي‬ ‫ُّرفة‪.‬‬
‫الش‬ ‫جدار‬ ‫خلف‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫تدرُيي‬ ‫ز‬‫رب‬ ‫ي‬ ‫األشقر‬ ‫يسوع‬ ‫أس‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ري‬‫خفيف على السلّم‪ ،‬يلتفتون لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 388 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صعد مناحني كذلك‪،‬‬ ‫ويتسمرون يف مكاّنم لدى رؤيتهم خلف يسوع صبيّاً مسكيناً‪ .‬يَ َ‬ ‫َّ‬ ‫وهو يبتسم‪...‬‬
‫الناري ِمن الكتّان‬ ‫ِ‬
‫وهو يبدو رائعاً بثوبه الكتّاين األبيض الذي يُربز هباء حزامه النَّفيس‪ ،‬ومعطفه األمحر ّ‬
‫ليجر خلفه غطاء‬ ‫ِ‬
‫املصبوغ‪ ،‬الذي يلمع لدرجة َحت َسـبه معها من احلرير‪ ،‬ابلكاد مثبّت على الكتفني ّ‬
‫رأسه الذي يثبّته اتج انعم ِمن الذهب‪ ،‬نَصل منقوش ُييط جببهته العريضة ِمن منتصفها‪ُ ،‬مضفياً عليه‬
‫عرب عنها العيون بشكل واضح‪.‬‬ ‫ف سيالً من األسئلة تُ ِّ‬‫مصري‪ .‬حضوره أوقَ َ‬
‫ّ‬ ‫بشكل ما هيئة َملِك‬

‫وهم يُشريون‬
‫الر ُسل‪« :‬وهو؟» ُ‬
‫ولكن‪ ،‬بعد التحيّات املتبادلة واجللوس إىل جانب يسوع‪ ،‬يَسأل ُّ‬
‫إىل الطفل‪.‬‬

‫«إنّه َمغنَمي األخري‪ :‬يوسف الصغري‪ ،‬جنّار مثل يوسف الكبري الذي كان يل مبثابة األب‪ .‬فهو‬
‫ك على أصدقائي‬ ‫ألعرف َ‬
‫الصيب؟ تعال هنا‪ّ ،‬‬
‫علي ج ّداً‪ ،‬كما أان عزيز عليه ج ّداً‪ .‬أليس كذلك أيّها ّ‬
‫عزيز َّ‬
‫عت عنهم كالماً كثرياً‪ .‬هذا هو مسعان بطرس‪ :‬أفضل رجل ابلنسبة لألطفال املوجودين‪ .‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫الذين َمس َ‬
‫ِ‬
‫جاد وصاحل‬‫حّت وهو يَلعب‪ .‬وهذا اآلخر هو يعقوب أخوه‪ّ ،‬‬ ‫ثك عن هللا ّ‬‫هو يوحنّا‪ِ :‬طفل كبري ُُي ّد َ‬
‫كأنّه أَخ بِكر‪ .‬وذاك هو اندراوس أخو مسعان بطرس‪ :‬سوف تتفاهم معه على الفور ألنّه وديع‬
‫كاحلَ َمل‪ .‬وُثّ ها هو مسعان الغيور‪ :‬إنّه ُيب األطفال فاقدي األب لدرجة أنّين أخاله يَدور حول العامل‬
‫حبثاً عنهم‪ ،‬لو مل يكن معي‪ُ .‬ثّ ها هوذا يهوذا بن مسعان ومعه فليبّس من بيت صيدا ونثنائيل‪ .‬أترى‬
‫َخواي‪ ،‬يعقوب‬ ‫وُيبّون األوالد‪ .‬وهذان االثنان ِها أ َ‬
‫إليك؟ لديهم أوالد‪ُ ،‬هم كذلك‪ُ ،‬‬
‫كيف يَنظُرون َ‬
‫مّت الذي يتأ ّمل‬
‫انك‪ّ .‬أما اآلن فهيّا بنا نذهب إىل ّ‬
‫أحب‪ ،‬وابلتايل فسيحبّ َ‬
‫كل ما ّ‬‫ويوضاس‪ّ :‬إّنما ُيبّان ّ‬
‫ِمن قدمه ومع ذلك فهو ال ُيقد وال يكره الذين‪ ،‬بِلعبهم األرعن‪ ،‬أصابوه ِحبصاة ذات رأس‪ .‬أليس‬
‫مّت؟»‬
‫كذلك اي ّ‬
‫«آه! ال‪ ،‬اي معلّم‪ .‬أهو ابن األرملة؟»‬

‫« نعم‪ .‬إنّه شجاع ج ّداً‪ ،‬ولكنّه بقي حزيناً ج ّداً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 389 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مّت ساحباً إ ّايه‬
‫«آه! اي للولد املسكني! سوف أاندي "جاكو" وسوف تلعب معه‪ ».‬ويداعبه ّ‬
‫بيده إىل جانبه‪.‬‬

‫عملي‪ ،‬يُتِ ّمه أبن يُق ِّدم للصغري عنقود عنب يقطفه ِمن‬ ‫ِ‬
‫يُنهي يسوع التعارف بتوما الذي‪ ،‬كرجل ّ‬
‫التعريشة‪.‬‬

‫الصيب العنب وهو ُُييب‬


‫ّ‬ ‫«اآلن أنتم أصدقاء‪َ ».‬خيتَتِم يسوع وهو يُعا ِود اجللوس‪ ،‬بينما أيكل‬
‫مّت الذي يَنظُر إليه إىل جانبه‪.‬‬
‫على أسئلة ّ‬
‫بقيت وحيداً طوال األسبوع؟»‬
‫«ولكن أين َ‬
‫«يف قورازين‪ ،‬اي مسعان بن يوان‪».‬‬

‫ذهبت إىل اسحق؟»‬


‫فعلت هناك؟ هل َ‬
‫«هذا أعرفه‪ .‬ولكن ماذا َ‬
‫«اسحق الكبري قد مات‪».‬‬

‫«وإذن؟»‬

‫مّت؟»‬
‫لك ّ‬
‫«أما قال َ‬
‫كنت يف قورازين منذ اليوم التايل لرحيلنا‪».‬‬
‫ك َ‬ ‫«ال‪ .‬بل قال فقط إنّ َ‬
‫لك‪».‬‬
‫منك‪ .‬إنّه يعرف أن يصمت‪ ،‬وأنت ال تعرف كبح فضو َ‬
‫مّت أقدر َ‬
‫«ّ‬
‫«ليس فضويل أان‪ ،‬بل هو فضول اجلميع‪».‬‬
‫ُبشر ابحملبة ِ‬
‫ابلفعل‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ذهبت إىل قورازين أل ّ ّ‬
‫«لقد ُ‬
‫«احملبة ِ‬
‫ابلفعل؟ ما الذي ترمي إليه؟» يَسأل البعض‪.‬‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 390 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«يف قورازين أرملة هلا مخسة أوالد‪ ،‬ولديها عجوز مريضة‪ .‬مات الرجل فجأة قرب َمشغله‪ُُ ،‬ملّفاً‬
‫وراءه البؤس وأعماالً مل تَكتَ ِمل‪ .‬مل تَع ِرف قورازين إُياد ولو القليل من الرمحة ّتاه هذه العائلة البائسة‪.‬‬
‫فمضيت إلمتام األعمال و‪»...‬‬
‫ُ‬
‫مّت لسماحه بذلك‪ ،‬وهناك‬
‫ُيتج‪ ،‬وهناك َمن يَ َنهر ّ‬
‫صلَت َجلَبَة‪ .‬فهناك َمن يَسأل‪ ،‬وهناك َمن ّ‬
‫َح َ‬
‫احملتجون ُهم األكثريّة‪.‬‬ ‫من يق ِّدر‪ ،‬وهناك من ينت ِ‬
‫كل حال فاملنتقدون و ّ‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫د‪.‬‬ ‫ق‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ‬
‫حّت‬
‫شكلَت ويقول َُميباً‪« :‬سأعود بعد غد وسأفعل كذلك ّ‬ ‫يَرتك يسوع العاصفة هتدأ كما تَ َّ‬
‫األقل‪ .‬فإ ّن قورازين نواة كثيفة وخالية ِمن البُذور‪ .‬فلتكونوا‪ ،‬أنتم‬ ‫ِ‬
‫وآمل أن تُدركوا أنتم على ّ‬
‫أُّني العمل‪ُ .‬‬
‫إيل‬
‫أعطاك ّإايها مسعان‪ ،‬واستمع ّ‬ ‫َ‬ ‫الصيب‪ ،‬أعطين اجلوزة اليت‬
‫ّ‬ ‫أنت‪ ،‬أيّها‬
‫األقل‪ ،‬نوى فيها بذور‪َ .‬‬
‫على ّ‬
‫أنت كذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫فهموا‬ ‫ِ‬
‫مثرة اجلوز هذه؟ إنّين أعتَمدها أل ّن ال نوى غريها يف ُمتناول يدي‪ ،‬ولكن‪ ،‬لكي تَ َ‬
‫هل تَـَرون ّ‬
‫ِ‬
‫ال َـمثَل‪ُ ،‬تيّلوا نوى الصنوبر أو التمر‪ ،‬األكثر صالبة‪ ،‬أو نوى الزيتون مثالً‪ّ .‬إّنا أغلفة ُمغلَ َقة‪ ،‬بِال ّ‬
‫شق‪،‬‬
‫حلي سحريّة ال ميكن فتحها بغري العنف‪ .‬ومع ذلك فلو‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫تبدو‬ ‫كثيف‪.‬‬ ‫خشب‬ ‫ن‬ ‫قاسية ج ّداً‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ومَّر فوقها أحد العابرين فَـغََرسها يف‬ ‫َمرد وضعها على األرض‪َ ،‬‬ ‫صادف َوضع إحداها يف األرض‪ّ ،‬‬ ‫تَ َ‬
‫العمق‪ ،‬متاماً ابلقدر الكايف لزرعها يف األرض‪ ،‬فماذا ُيري؟ تَفتَح العُلبة وتُنتِج جذوراً وأوراقاً‪ .‬كيف‬
‫قوايً ابملطرقة لننجح يف ذلك‪ ،‬والنواة‪ ،‬ابلعكس تَفتَح وحدها‪.‬‬ ‫ميكنها ذلك بذاهتا؟ حنن‪ ،‬علينا الضرب ّ‬
‫القشرة القاسية!‬ ‫هل هذا البذار سحري إذن؟ ال‪ .‬ففي داخله لُب‪ .‬آه! شيء ضعيف‪ ،‬ابملقارنة مع ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومع ذلك تُغ ّذي شيئاً أكثر صغراً‪ :‬البُذيرة‪ ،‬وهذه تكون الركيزة‪ ،‬فتُث َقب وتُفتَح وتُعطي نبتة ذات جذور‬
‫وأوراق‪ .‬حا ِولوا وضع نوى يف األرض‪ُ ،‬ثّ انتظروا‪ .‬وسرتون أن البعض ينمو والبعض اآلخر ال‪ .‬أخ ِرجوا‬
‫نموا‪ .‬افتحوِها ابملطرقة‪ ،‬وسرتون ّإّنما ِمن البِذار الفارغة‪ .‬فليسـت إذن رطوبة األرض واحلرارة‬ ‫نواتني مل تَ ُ‬
‫العتَـلَة‬
‫اللب‪ :‬البذيرة اليت‪ ،‬ابنتفاخها‪ ،‬تفعل فعل َ‬ ‫اللب أو ابألحرى روح ّ‬ ‫ِها اللذان يَفتَحان النواة‪ ،‬لكنّه ّ‬
‫وتَفتَح‪.‬‬

‫إنّه ال َـمثَل‪ ،‬ولكن فلنطبقه علينا‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 391 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ال نُد ِرك أ ّن الرايء‬‫علي فعله؟ وحنن أمل نفهم أنفسنا بعد جيّداً‪ّ ،‬‬ ‫فعلت ممّا مل يكن َّ‬
‫ماذا ُ‬
‫القوة ِمن الفعل؟ ما الذي قُلتُه لكم مراراً وتكراراً‬‫خطيئة‪ ،‬وأ ّن الكالم ليس سوى ريح‪ ،‬إن مل يستم ّد ّ‬
‫بشر‪ ،‬هل ينبغي يل‬ ‫السماوي"‪ .‬وأان‪ ،‬الذي يُ ِّ‬
‫ّ‬ ‫وسر اجملد‬
‫فاحلب هو وصيّة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أان؟ "أحبّوا بعضكم بعضاً‪.‬‬
‫أن أكون بغري ُمبّة؟ أم أعطيكم َمثَل املعلّم الك ّذاب؟ ال‪ ،‬أبداً!‬

‫اللب‪ :‬النَّفس‪،‬‬ ‫على‬ ‫ق‬ ‫آه! اي أصدقائي‪ .‬إ ّن جسدان هو النواة القاسية‪ .‬هذه النواة القاسية تَنغلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫األساسي‪ :‬احملبّة‪ .‬فهي اليت‬ ‫العنصر‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫دة‪،‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫متع‬ ‫عناصر‬ ‫ن‬ ‫وفيها توجد البذيرة الوديعة‪ ،‬وهي مؤلّفة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ابالحتاد ابهلل الذي هو ُمبّة‪ .‬واحملبّة ال تَقوم‬ ‫املادة ّ‬ ‫ِ‬
‫وحتّرر الروح من قيود ّ‬ ‫تفعل فِعل العتلة لِتَفتح النواة ُ‬
‫(الص َدقة)‪ .‬احملبّة تقوم على احملبّة وال شيء سواها‪ .‬وال يكن ذلك مما يبدو لكم‬ ‫الفضة َّ‬
‫على الكالم أو ّ‬
‫فضة وال مال‪ ،‬والكالم مل يكن ليكفي يف تلك احلالة‪ .‬كان هنا‬ ‫لدي ّ‬‫أنّه تالعب ألفاظ‪ .‬فأان مل يكن ّ‬
‫نشـب ُمالبه السوداء لالستيالء عليهم وإغراقهم‪.‬‬ ‫الضيق‪ .‬واليأس ي ِ‬
‫سبعة أشخاص على حافّة اجلوع و ّ‬
‫ُ‬
‫العامل كان يبتعد أمام ذلك البؤس بقسوة وأاننيّة‪ .‬كان يبدو يل أ ّن العامل مل يكن يُد ِرك كالم املعلّم‪ .‬فَـبَشَّر‬
‫احلب‪ِ ،‬من أجل اجلميع‪،‬‬ ‫علي واجب ّ‬ ‫وحريّة الفعل‪ .‬وكان َّ‬ ‫لدي إمكانيّة ّ‬ ‫املعلّم بواسطة األفعال‪ .‬كانت ّ‬
‫حب‪ .‬هذا كلّه فَعلتُه‪ .‬هل ميكنكم االستمرار يف‬ ‫من أجل أولئك الصغار الذين تَـَرَكهم العامل بغري ّ‬
‫يشك‪ ،‬وقد جاء وسط النشارة وشظااي اخلشب‬ ‫انتقادي؟ أو ابألحرى‪ ،‬هل ينبغي يل ‪-‬بوجود تلميذ مل ّ‬
‫لكي ال يرتك املعلّم‪ ،‬وهو‪ ،‬وأان متي ّقن من ذلك‪ ،‬سوف يتعلّق يب‪ ،‬لدى رؤيته ّإايي منكبّاً على اخلشب‪،‬‬
‫صيب َع ِرفَين على ما أان عليه‪ ،‬رغم َجهله‪ ،‬واألسى الذي يُن ِهكه‪،‬‬ ‫أكثر مما لو رآين على عرش؛ وبوجود ّ‬
‫ومعرفته البدائيّة ج ّداً ملاسيّا‪ ،‬كما هو يف حقيقته‪ ،‬هل ينبغي يل أان أن أنتقدكم؟‬

‫ُقوم األفكار اخلاطئة‪ .‬فأان إّّنا أفعل‬ ‫ِ‬


‫أال تتكلّمون؟ ال تكتفوا ابلتَّصاغُر حينما أرفع الصوت أل ّ‬
‫ضعوا فيكم البُذيرة اليت تُق ِّدس وتَفتَح النواة‪ .‬أو إنّكم ستظلّون كائنات ال جدوى‬‫احلب‪ .‬بل َ‬‫ذلك بدافع ّ‬
‫ب القريب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قمت به‪ ،‬عليكم أن تكونوا على استعداد ألن تَفعلوه‪ .‬من أجل ُح ّ‬ ‫منها وال نفع‪ .‬ما ُ‬
‫الذل أبداً‪،‬‬
‫أي عمل‪ .‬فالعمل‪ ،‬مهما يكن‪ ،‬ال يدعو إىل ّ‬ ‫عليكم‬ ‫ل‬ ‫ولِتقودوا نـَ ْفساً إىل هللا‪ ،‬ينبغي ّأال ي ِ‬
‫ثق‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بل ُُمزية هي األفعال الدنيئة والرايء والبالغات الكاذبة وقسوة القلوب والظلم والرىب واالفرتاءات‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 392 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خاصة أولئك الذين‬
‫ذل اإلنسان‪ .‬ومع ذلك يفعله اإلنسان دون َخ َجل‪ّ ،‬‬ ‫والفجور‪ .‬فذاك هو الذي يَ ّ‬
‫ص ِدموا لرؤيتهم ّإايي أعمل ابملنشار واملطرقة‪ .‬آه! آه! املطرقة!‬
‫بكل أتكيد‪ُ ،‬‬
‫يَدَّعون الكمال والذين‪ّ ،‬‬
‫خد َمت لغرس املسامري يف اخلشب من أجل صنع شيء يوفّر الطعام لليتامى‪،‬‬ ‫املطرقة احلقرية‪ ،‬لو است ِ‬
‫ُ‬
‫كم تصبح نبيلة! املطرقة غري النبيلة‪ ،‬لو كانت يف يدي ِمن أجل غاية مق ّدسة‪ ،‬فهي ال تعود كذلك‪،‬‬
‫صرخون اآلن بسببها‪ :‬اي للفضيحة!‬ ‫وكم يريد احلصول عليها أولئك الذين يَ ُ‬
‫أنت ظالم ونِفاق! إّّنا أنتم‪ ،‬أنتم‬
‫لك أن تكون نوراً وح ّقاً‪ ،‬كم َ‬
‫آه! أيّها اإلنسان الذي ينبغي َ‬
‫الفريسيّون‪،‬‬
‫احلق أقول لكم‪ :‬كثريون هم ّ‬ ‫األقل‪ ،‬أد ِركوا ما هو اخلري‪ ،‬ما هي احملبّة‪ ،‬وما هي الطاعة! ّ‬
‫على ّ‬
‫وهم موجودون وسط الذين ُييطون يب‪».‬‬

‫ك ال نريد بعض األشياء!‪»...‬‬


‫«ال اي معلّم‪ .‬ال تقل هذا! فنحن‪ ...‬ألنّنا حنبّ َ‬
‫فهموا شيئاً بعد‪ .‬لقد َحدَّثتُكم عن اإلميان والرجاء‪ ،‬وكنت أعتقد أ ّن ال حاجة‬ ‫«هذا ألنّكم مل تَ َ‬
‫بعد لكالم جديد أح ّدثكم به عن احملبّة‪ ،‬ألنّين أُطلِقها لدرجة أنّه ينبغي أن تكونوا قد أُشـبِعتم هبا‪.‬‬
‫ولكنّين أرى أنّكم ال تَعرفون منها ّإال االسـم‪ ،‬دون معرفة طبيعتها وشكلها‪ .‬ابلطريقة ذاهتا اليت تَعرفون‬
‫هبا القمر‪.‬‬

‫ت لكم إ ّن الرجاء كالذراع املع ِرتضة للنّري اللطيف الذي يدعم اإلميان واحملبّة‪،‬‬ ‫َهل تَذ ُكرون يوم قُل ُ‬
‫ِ‬
‫مين شرحاً‬ ‫وعرش اخلالص؟ نعم؟ ولكنّكم مل تُد ِركوا معىن كالمي‪ .‬وملاذا مل تَطلبوا ّ‬ ‫وإنّه مشنقة اإلنسانية َ‬
‫له؟ أان أُق ِّدم لكم هذا الشرح‪ .‬إنّه نِري‪ ،‬ألنّه يُك ِره اإلنسان على خفض كربايئه األمحق حتت ثِقل احلقائق‬
‫األزليّة‪ ،‬وهو ِمشنقة الكربايء‪ .‬فاإلنسان الذي يرجو هللا ربّه‪ ،‬يَضع ابلضرورة كربايءه الذي يُريد إعالن‬
‫كل‬
‫كل شيء‪ ،‬وأنّه ال يستطيع َع َمل شيء‪ ،‬وأ ّن هللا يستطيع ّ‬ ‫ذاته "إهلاً"‪ ،‬ويَعلَم أنّه ال شيء‪ ،‬وأ ّن هللا ّ‬
‫شيء‪ ،‬وأنّه‪ ،‬هو اإلنسان‪ ،‬غُبار عابر‪ ،‬وأ ّن هللا خلود يرفع الغبار إىل درجة أمسى‪ ،‬مبنحه ّإايه األبديّة‬
‫سمراً بِ ُشعالت اإلميان واحملبّة‪،‬‬
‫يتسمر اإلنسان على صليبه املق ّدس ليلقى احلياة وُيد نفسه ُم َّ‬
‫كمكافأة‪ّ .‬‬
‫ولكنّه يسمو إىل السـماء ابلرجاء الذي بينهما‪ .‬إّّنا احفظوا هذه العِربة‪ :‬إذا احملبّة ارتَ َكبَت خطيئة‪،‬‬
‫يُصبِح العرش بغري نور‪ ،‬واجلسد‪ ،‬وقد أُفلِت املسمار من جهة‪ ،‬مييل صوب احلمأة‪ ،‬ألنّه ال يعود يرى‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 393 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫السماء‪ .‬إنّه يلغي بذلك أتثريات الرجاء اخلالصيّة‪ ،‬وينتهي أبن ُيعل اإلميان عقيماً بذاته‪ ،‬ألنّه إذ‬
‫يُفلِت ِمن اثنتني ِمن الفضائل الالهوتيّة الثالث‪ ،‬يَقع يف الفتور ويف برودة مميتة‪.‬‬

‫وثين هو‬ ‫كربايء‬ ‫بسبب‬ ‫يب‬


‫ر‬ ‫الق‬ ‫مساعدة‬ ‫ورفض‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ر‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫األكثر‬ ‫األمور‬ ‫يف‬ ‫حّت‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫د‬‫ال تَستَبعِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫استبعاد هلل‪.‬‬

‫َمذهيب نِري يَلوي اإلنسانيّة اخلاطئة‪ ،‬وهو مطرقة ُحت ِطّم القشرة الصلبة لِتُ ِّ‬
‫حرر الروح منها‪ .‬إنّه نِري‬
‫كل‬ ‫و‬ ‫األخرى‬ ‫ة‬ ‫اإلنساني‬ ‫املذاهب‬ ‫عن‬ ‫الناجم‬ ‫ابإلعياء‬ ‫ر‬ ‫شع‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫له‬ ‫قب‬ ‫ي‬ ‫فمن‬ ‫ذلك‬ ‫ومع‬ ‫نعم‪.‬‬ ‫طرقة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫األمور اإلنسانيّة األخرى‪ .‬ولكن مع ذلك فَ َمن يَ َدع نفسه يتل ّقى ضرابته‪ ،‬ال يشعر أبمل حتطّم األان‬
‫بكل ما هو‬ ‫ِ‬
‫عملون على االنعتاق منه الستبداله ّ‬ ‫التحرر‪ .‬فلماذا تَ َ‬
‫البشـريّة فيه‪ ،‬ولكنّه َخيتَرب إحسـاس ّ‬
‫رصاص وأمل؟ كلّكم لديكم آالمكم ومتاعبكم‪ .‬لدى البشريّة كلّها آالم ومتاعب تفوق أحياانً ال ُقدرات‬
‫البشريّة‪ِ .‬من الطفولة‪ِ ،‬مثل هذا الذي ابت َُي ِمل على كاهليه الصغريين محالً عظيماً ُيعله ينوء حتته‪،‬‬
‫ويَن َـزع ِمن َش َفتيه االبتسامة الطفوليّة والالمسؤوليّة ِمن روحه اليت‪ِ ،‬من ِوجهة نظر بشريّة‪ ،‬ال تعود طفوليّة‬
‫بكل خيبات األمل ومتاعب وأثقال وجراحات حياته‬ ‫حّت العجوز الذي ينحين صوب القرب ّ‬ ‫أبداً‪ّ ،‬‬
‫سمى "البُشرى‬ ‫الطويلة‪ .‬إّّنا يف مذهيب ويف اإلميان يب هناك عالج هلذه األثقال الساحقة‪ .‬ألجل ذلك يُ ّ‬
‫ِ‬
‫صل على هللا لعالجه‪،‬‬ ‫ومن يَقبَله ويُطعه يُصبِح مغبوطاً منذ حيـاته على األرض‪ ،‬ألنّه َُي َ‬ ‫احلَ َسنة"‪َ .‬‬
‫ومنرياً‪ ،‬كما لو أ ّن له أخوات َعطوفات‪ ،‬إذ ميسكنه بيده‪ ،‬مع مصابيح‬ ‫ِ‬
‫والفضائل لتَجعل له الدرب سهالً ُ‬
‫حّت اللحظة اليت‪ ،‬إذ يَرتك فيها اجلسد املتعب‬ ‫ِ‬
‫مضيئة تنري طريقه وحياته‪ ،‬ويُنشدن له وعود هللا األزليّة ّ‬
‫يسقط على األرض بسالم‪ ،‬يستيقظ يف اجلنّة‪.‬‬

‫شم ّئزين‪ ،‬ايئسـني‪ ،‬عندما‬ ‫ملاذا تريدون‪ ،‬أيّها الناس‪ ،‬أن تكونوا ُم َتعبني‪َ ،‬معزولني‪ُ ،‬م َنهكني‪ُ ،‬م َ‬
‫اسني؟ وملاذا أنتم أيضاً‪ ،‬أاي ُر ُسـلي‪ ،‬تريدون اإلحساس إبعياء‬ ‫عزين ومؤ َ‬
‫يكون إبمكانكم أن تكونوا ُم َّ‬
‫الرسـالة وصعوبتها وصرامتها‪ ،‬بينما‪ ،‬لو كانت لديكم ثقة طفل‪ ،‬لكان إبمكانكم ّأال يكون لديكم‬
‫سوى اندفاع ُمفرِح‪ ،‬وسهولة ُمش ِرقة لتطبيقه‪ ،‬وإدراك وإحساس أنّه ليس صارماً ّإال لغري التائبني الذين‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 394 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دل أرجل صغريها احلائرة على احلصى‬
‫ال يعرفون هللا‪ ،‬ولكنّه ابلنسبة للمؤمنني كأ ُّم َحت َفظ الدرب‪ ،‬وت ّ‬
‫يتعرف عليها وال يَهلك فيها؟‬
‫والعلّيق وجحور األفاعي واحلَُفر‪ ،‬لكي ّ‬
‫اضعي وكأنّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلن أنتم ُمتك ّدرون‪ ،‬وبداية َك َدركم تعيسة ج ّداً! ابدئ ذي بدء‪ ،‬تك ّدرمت من تَو ُ‬
‫جرمية ض ّد ذايت‪ .‬بعدئذ تك ّدرمت ألنّكم أدركتم أنّكم آملتموين‪ ،‬وأنّكم بذلك تكونون ما زلتم بعيدين عن‬
‫الكمال‪ .‬ولكن‪ ،‬لدى القليلني منكم‪ ،‬هذا ال َك َدر انجم عن الكربايء‪ .‬الكربايء اجملروح ابلتح ّقق ِمن‬
‫ّأّنم ما يزالون ال شيء‪ ،‬بينما تريدون بكربايئكم أن تكونوا كاملني‪ .‬فليكن لديكم فقط التواضع لقبول‬
‫ِ‬
‫اللوم ومعـرفة أنّكم قد أخطـأمت‪ ،‬أبن َعلَّلتم النَّفس إبرادة الكمال من أجل هدف يتجاوز ما هو ّ‬
‫بشري‪.‬‬
‫ُقومكم‪ ،‬ولكنّين أفهمكم وأ ِ‬
‫ُشفق عليكم‪.‬‬ ‫وُثّ تعالوا إيل‪ .‬وأان أ ِّ‬
‫ّ‬
‫ماديّة‪،‬‬
‫إيل أنتم َجيعكم‪ ،‬أيّها الناس الذين تتألّمون آالماً ّ‬
‫الر ُسل‪ ،‬وتعالوا ّ‬
‫إيل‪ ،‬أنتم أيّها ُّ‬
‫تعالوا ّ‬
‫وآالماً معنويّة‪ ،‬وآالماً روحيّة‪ .‬تلك األخرية وقد َسبَّـبَتها لكم آالم عدم معرفتكم تقديس أنفسكم كما‬
‫الشر‪ .‬درب التقديس طويل وغامض‪ ،‬ويتح ّقق أحياانً‬ ‫تَبغون‪ ،‬حبّاً ابهلل‪ ،‬وابندفاع وبغري عودة إىل ّ‬
‫ويظن أنّه ال يتق ّدم وال يشرب الشراب‬
‫السم يف فمه‪ّ ،‬‬ ‫ابخلفية َعن مسافر‪ ،‬يتق ّدم يف العتمة‪ ،‬وطَعم ّ‬
‫الروحي هو أحد عناصر الكمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السماوي‪ ،‬وال يَعلَم كذلك أ ّن هذا العمى‬
‫ّ‬
‫َمغبوطون‪ ،‬بل ُهم مثلّثو الغبطة‪ ،‬أولئك الذين يُتابِعون التق ّدم دون االسـتمتاع ابلنور والعذوبة‪،‬‬
‫شعرون بشيء وال يتوقّفون قائلني‪" :‬ال أتق ّدم طاملا هللا ال‬ ‫ألّنم ال يـََرون وال يَ ُ‬
‫والذين ال يستسلمون ّ‬
‫مينحين هبجة"‪ .‬أقول لكم‪ :‬الدرب األكثر عتمة يُصبِح فجأة ُمنرياً ج ّداً‪ُ ،‬من َفتِحاً على لوحات مساويّة‪.‬‬
‫يتحول إىل ُمتعة ِمن اجلنّة ألولئك الشجعان الذين سوف‬ ‫كل طعم لألشياء البشريّة‪ّ ،‬‬ ‫السم بعد إزالته ّ‬
‫و ّ‬
‫يقولون مندهشني‪" :‬كيف ذلك؟ ملاذا مثل هذه املتعة وهذا الفرح يل؟" هذا أل ّّنم اثبَروا‪ ،‬وهللا سـوف‬
‫ُيعلهم يَ َنعمون‪ ،‬منذ وجودهم على هذه األرض‪ ،‬مبا يف السماء‪.‬‬

‫الر ُسل‪،‬‬
‫إيل أيّها املتعبون واملنهكون‪ ،‬أنتم أيها ُّ‬
‫إّّنا يف انتظار ذلك‪ ،‬من أجل الصـمود‪ ،‬تعالوا ّ‬
‫املرهقني يف‬ ‫ِ‬
‫كل الناس الباحثني عن هللا‪ ،‬الباكني بسبب األمل الذي يواجهون على األرض‪َ ،‬‬ ‫ومعكم ّ‬
‫ذهيب كما لو أنّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوحدة‪ ،‬وأان أنعش قواكم‪ .‬امحلوا نريي‪ .‬فهو ليس عبئاً‪ .‬إنّه َعون حافظ‪ .‬عانقوا َم َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 395 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مين أان‬ ‫عروس ُمبوبة‪ .‬اقتدوا مبعلّمكم الذي ال ي ِ‬
‫عمل على تعليمه‪ .‬تعلّموا ّ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫بل‬ ‫كته‪،‬‬‫مبار‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ح‬ ‫عند‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫َ‬
‫الوديع واملتواضع القلب‪ ،‬فتجدوا راحة نفوسـكم‪ ،‬أل ّن الوداعة والتواضع َُيلبان امللكوت على األرض‬
‫لت لكم سابقاً إ ّن الظافرين احلقيقيّني بني الناس هم أولئك الذين يفوزون به‬ ‫ويف السماوات‪ .‬لقد قُ ُ‬
‫احلب على الدوام وديع ومتواضع‪ .‬أبداً لن أكلفكم مبا يتجـاوز قدراتكم‪ ،‬ألنّين أحبّكم وأريدكم‬ ‫ابحلب‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫معي يف مملكيت‪ّ .‬اُتذوا إذن شعاري وزيّي‪ ،‬وحاولوا أن تكونوا شبيهني يب وكما تعلّمتم ِمن مذهيب‪ .‬ال‬
‫ومحلي خفيف‪ ،‬بينما اجملد الذي ستتمتّعون به‪ ،‬إذا كنتم أوفياء‪ُ ،‬مقتَ ِدر إىل ما ال‬ ‫ُتافوا‪ ،‬فإ ّن نِريي لَني ِ‬
‫ّ‬
‫أزيل…‬ ‫ّناية‪ .‬المتناه و ّ‬
‫الصيب قُرب البحرية‪َ .‬سيَ ِجد أصدقاء له‪ ...‬بعدئذ سوف‬
‫ّ‬ ‫سوف أترككم للحظة‪ .‬أذهب مع‬
‫تتعرف إىل الصغار الذين ُيبّونين‪».‬‬
‫سأجعلك ّ‬
‫َ‬ ‫نَكسر اخلبز معاً‪ .‬تعال اي يوسف‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 396 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪"( -132‬مل يعد القلب مفطوراً")‬

‫‪1945 / 09 / 02‬‬

‫ودع األرملة وهو ميسك بيد يوسف الصغري ويقول للمرأة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫شهد الرؤاي السابقة ذاته‪ .‬يسوع يُ ّ‬
‫َم َ‬
‫حّت بعد غد قائلة له‬
‫«لن أييت أحد قبل عوديت‪ّ ،‬إال إذا كان أحد الوثنيّني‪ .‬إّّنا لو أتى أحد فاستبقيه ّ‬
‫إنّين سوف آيت حتماً‪».‬‬

‫«سوف أقول ذلك‪ ،‬اي معلّم‪ .‬وإذا كان هناك مرضى فسوف أستضيفهم كما علّمتين‪».‬‬

‫«وداعاً إذن‪ .‬والسالم لكم‪ .‬تعال اي مناحني‪».‬‬

‫بتلك اإلشارة املختصرة أُد ِرك أ ّن َمرضى وبؤساء قد أتوا إليه يف قورازين‪ ،‬وأ ّن يسوع قد َ‬
‫ض َّم‬
‫درس العمل إىل درس املعجزة‪ .‬وإذا ما بَِقيَت قورازين غري مبالية على الدوام‪ ،‬فتلك إشارة إىل أ ّّنا أرض‬
‫جدابء‪ ،‬ال ميكن استغالهلا‪َُ .‬يتازها يسوع يف تلك األثناء ُميّياً الذين ُييّونه وكأ ّن شيئاً مل يكن‪ ،‬ويُعا ِود‬
‫احلديث مع مناحني الذي يتساءل إذا ما كان سيَمضي َم ّدداً إىل مكرونة أو يبقى أسبوعا آخر…‬

‫مّت الذي يعرج قليالً‪ ،‬يستقبل‬


‫يتحضرون للسبت‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫‪...‬يف تلك األثنـاء‪ ،‬يف بيت كفرانحوم‪،‬‬
‫مهماهتم‪.‬‬
‫رفاقه‪ ،‬يُق ّدم هلم املاء والفاكهة الطازجة‪ ،‬سائالً ّإايهم عن ّ‬
‫الفريسيّني يتس ّكعون قرب البيت‪ّ « :‬إّنم يريدون تسميم السبت لنا‪.‬‬
‫بطرس يَعبس لدى رؤيته ّ‬
‫أقول أبن نذهب للقاء املعلّم ونقول له أن يذهب إىل بيت صيدا اتركاً ّإايهم وقد خاب أملهم‪».‬‬

‫أوتظن أ ّن املعلّم يفعلها؟» يَسأل أخوه‪.‬‬


‫« ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫«ُثّ هناك يف الغرفة السفلى هذا البائس املسكني الذي ينتظر‪ ».‬يقول ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 397 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ميكننا نقله إىل بيت صيدا ابملركب‪ ،‬وأان أو أحد آخر ميضي للقاء املعلّم‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬

‫«ممكن‪ ،‬ممكن‪ »...‬يقول فليبّس الذي يَذ َهب عن طيب خاطر لوجود أهل له يف بيت صيدا‪.‬‬

‫وأكثر من ذلك‪ ...‬انظروا‪ ،‬انظروا! اليوم احلراسة مش ّددة ابل َكتَـبَة‪ .‬هيّا بنا‪ ،‬دون إضاعة الوقت‪.‬‬
‫وع ْرب الطريق خلف البيت‪ .‬أان أجلب لكم املركب إىل "بئر التني"‬ ‫ِ‬
‫أنتم مع املريض‪ ،‬اعربوا من احلديقـة‪َ ،‬‬
‫ويعقوب كذلك‪ .‬مسعان الغيور وإخوة يسوع ميضون للقاء املعلّم‪».‬‬

‫يوطي‪.‬‬
‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ن‬‫«أان ال أذهب مع الـمستحوذ عليه‪ ».‬يعلِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ‬
‫يهاَجك الشيطان؟»‬
‫َ‬ ‫«ملاذا؟ أُتشى أن‬

‫قلت ال أجيء ولن أجيء‪».‬‬


‫«ال تضايقين اي مسعان بن يوان‪ُ .‬‬
‫العم للقاء يسوع‪».‬‬
‫«اذهب مع أوالد ّ‬
‫«ال‪».‬‬

‫«أوف! تعال يف املركب‪».‬‬

‫«ال‪».‬‬

‫فأنت َمن يضع العراقيل على الدوام‪»...‬‬


‫«ولكن يف النتيجة ماذا تريد؟ َ‬
‫أهرب‪ .‬عدا ذلك‪ ،‬لن يكون املعلّم‬ ‫«أريد أن أبقى حيث أان‪ :‬هنا‪ .‬فأان ال أخشى أحداً وال ُ‬
‫لست مستع ّداً لتل ّقيه بسببكم‪ .‬اذهبوا أنتم‪ .‬وأان سأبقى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ممنوانً من فكرتكم‪ ،‬وسيكون خطاب لوم آخر‪ ،‬و ُ‬
‫ألعطي املعلومات‪»...‬‬

‫«ال‪ ،‬متاماً! ّإما اجلميع أو ال أحد‪ ».‬يَصيح بطرس‪.‬‬

‫«إذن ال أحد‪ ،‬أل ّن املعلّم هنا‪ ،‬ها هو آت‪ ».‬يقول جب ّد الغيور الذي يقفز إىل الطريق‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 398 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتربم بلحيته‪َ .‬ميضي إىل لقاء يسوع مع اآلخرين‪ .‬بعد التحيّات األوىل‪ُ ،‬ي ّدثونه‬
‫بطرس غري راض‪ّ ،‬‬
‫حوذ عليه أعمى وأخرس‪ ،‬وهو ينتظر قدومه مع أهله منذ بضع ساعات‪.‬‬ ‫عن ُمستَ َ‬
‫كل رجاء أهله‬
‫يتحرك‪ّ .‬‬
‫مّت‪« :‬إنّه كاجلثة اهلامدة‪ .‬لقد ارمتى على أكياس فارغة ومل يـَ ُعد ّ‬
‫يَشرح ّ‬
‫فيك‪ .‬تعال لتأكل وتراتح وبعدئذ تغيثهم‪».‬‬
‫َ‬
‫«ال‪ .‬بل سأذهب مباشرة إليه‪ .‬أين هو؟»‬

‫«إنّه يف الغرفة اليت يف األسفل قرب الفرن‪ .‬جعلتُهُ هناك مع أهله‪ ،‬إذ إ ّن هناك الكثري من‬
‫الفريسيّني وال َكتَـبَة يَبدون ابملرصاد‪»...‬‬
‫ّ‬
‫«نعم‪ِ ،‬‬
‫ومن األفضل ّأال َجن َعلهم يَنالون ُمرادهم‪ ».‬يُهم ِهم بطرس‪.‬‬

‫«يهوذا بن مسعان‪ ،‬أليس هنا؟» يَسأل يسوع‪.‬‬

‫«لقد بَِق َي يف البيت‪ُ .‬يب أن يقوم على الدوام بشيء ُمالف ملا يفعله اآلخرون‪ ».‬يُهم ِهم أيضاً‬
‫بطرس‪.‬‬

‫ابلصيب إىل بطرس الذي يداعبه‬


‫ّ‬ ‫يَنظُر إليه يسوع ولكنّه ال يلومه‪ .‬يُس ِرع صوب البيت وقد َع َه َد‬
‫لت راعياً‬
‫سآخذك غداً لرتاه‪ .‬لقد َج َع ُ‬
‫َ‬ ‫وهو ُخيرِج مزماراً ِمن حزامه قائالً‪« :‬واحد َ‬
‫لك وواحد البين‪.‬‬
‫حدثتُه عن يسوع يصنعهما يل‪».‬‬ ‫َّ‬

‫مهتماً برتتيب الصحون‪ُ ،‬ثّ ميضي فوراً صوب‬


‫دخل يسوع إىل البيت‪ُُ ،‬ييّي يهوذا الذي يبدو ّ‬
‫يَ ُ‬
‫بيت مؤونة منخ ِفض ومظلِم م ِ‬
‫الصق للفرن‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫«أَخ ِرجوا املريض‪ ».‬أيمر يسوع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 399 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ّتهماً ِمن ّفريسيّي البلدة‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫الفريسيّني‪ ،‬وهو ليس من كفرانحوم‪ ،‬ولكنّه يبدو أكثر ّ‬
‫أحد ّ‬
‫حوذ عليه‪».‬‬
‫«إنّه ليس مريضاً‪ ،‬بل هو ُمستَ َ‬
‫«وهذا يُعتََرب َمَرضاً للروح‪»...‬‬

‫لكن عينيه ولسانه مربوطة‪»...‬‬


‫«و ّ‬
‫لكنت‬ ‫ِ‬
‫كنت تَـَركتَين أُكمل‪َ ،‬‬ ‫حّت االستحواذ على األطراف واألعضاء‪ .‬لو َ‬ ‫«إنّه مرض للروح ميت ّد ّ‬
‫احلمى تكون يف الدم‪ ،‬عندما يكون املرء َمريضاً‪ ،‬ولكنّها‪ ،‬انطالقاً ِمن الدم‪،‬‬
‫حّت ّ‬ ‫عرفت ماذا يعين هذا‪ّ .‬‬
‫َ‬
‫تُصيب هذا أو ذاك اجلزء ِمن اجلسم‪».‬‬

‫يسي مبا ُُييب ويَصمت‪.‬‬‫ال يَع ِرف ّ‬


‫الفر ّ‬
‫مّت متاماً‪ .‬إ ّن الشيطان يُضايقه كثرياً‪ .‬ويف‬
‫حوذ عليه أمام يسوع‪ .‬بال حراك كما قال ّ‬
‫اقتيد ال ُـمستَ َ‬
‫هذه األثناء أييت الناس أبعداد كبرية‪ .‬أمر ال يُص ّدق كيف الناس‪ ،‬يف أوقات اللهو‪ ،‬يُس ِرعون إىل حيث‬
‫الفريسيّون األربعة‪ ،‬ايئريوس‪ ،‬ويف أحد األركان‪،‬‬‫يوجد شيء يرونه‪ .‬يتواجد اآلن أعيان كفرانحوم‪ ،‬ومنهم ّ‬
‫الس َهر على النظام‪ ،‬هناك قائد املائة الروماينّ ومعه س ّكان ُمدن أخرى‪.‬‬
‫حبجة َّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫حدقيت ولسان هذا الرجل! أريد ذلك! َحِّرر هذا املخلوق َ‬
‫منك! مل يـَعُد مسموحاً‬ ‫ّ‬ ‫«ابسم هللا اترك‬
‫لك النيل منه‪ .‬هيّا امض!» يَصيح يسوع الذي َمي ّد يديه آمراً‪.‬‬
‫َ‬

‫تَبدأ املعجزة هبدير َغيظ ِمن الشيطان‪ ،‬وتنتهي بصيحة فَـَرح ِمن الذي َّ‬
‫حترَر‪ ،‬والذي يَصيح‪« :‬اي‬
‫ابن داوود! اي ابن هللا! أيّها الق ّديس وال َـملِك!»‬

‫«ماذا فَـ َع َل ملعرفة الذي َشفاه؟» يَسأل أحد ال َكتَـبَة‪.‬‬

‫الفريسيّني وهو‬
‫ض هؤالء الناس مثن قيامهم بذلك!» يقول أحد ّ‬
‫«إّّنا هذا كلّه َهتريج! لقد قَـبَ َ‬
‫يرفع كتفيه‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 400 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ولكن ممَّن؟ لو ُِمس َح يل أن أسألكم ذلك‪ ».‬يَسأل ايئريوس‪.‬‬

‫منك‪».‬‬
‫حّت َ‬
‫« ّ‬
‫وألي هدف؟»‬
‫« ّ‬
‫«لِتَجعل كفرانحوم مشهورة‪».‬‬

‫أنت تَعلَم أ ّن هذا ليس‬


‫لسانك بقول األكاذيب‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫ذكاءك بقول التفاهات‪ ،‬وال تُلطّخ‬ ‫َ‬ ‫دين‬
‫«ال تُ ّ‬
‫تتفوه حبماقة‪ .‬ما جرى هنا‪ ،‬جرى يف أماكن كثرية ِمن إسرائيل‪ .‬إذن ففي‬ ‫ك ّ‬ ‫وعليك إدراك أنّ َ‬
‫َ‬ ‫صحيحاً‪،‬‬
‫عامة الشعب يف إسرائيل أغنياء ج ّداً! ألنّكم‬
‫كل مكان هناك َمن يَدفَع؟ يف احلقيقة مل أكن أعلَم أ ّن ّ‬ ‫ّ‬
‫عامة الشعب الذين يَدفَعون‪ ،‬على‬ ‫ِ‬
‫كل العظماء‪ ،‬حتماً ال تَدفَعون من أجل هذا‪ .‬إذن ُهم ّ‬ ‫أنتم‪ ،‬ومعكم ّ‬
‫اعتبار َّأّنم الوحيدون الذين ُيبّون املعلّم‪».‬‬

‫وِها‬
‫أنت رئيس معبد وحتبّه‪ .‬مناحني أيضاً ُيبه‪ ،‬ويف بيت عنيا هناك لعازر بن تيوفيلس‪ُ .‬‬
‫«ها َ‬
‫عامة الشعب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ليسا من ّ‬
‫وخاصة يف األمور اإلميانيّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نصب على أحد يف شيء‪.‬‬ ‫«ولكنّهما نزيهني‪ ،‬وأان كذلك‪ ،‬وال نَ ُ‬
‫فإنّنا ال نسمح بذلك‪ ،‬ألنّنا ُناف هللا‪ ،‬وألنَّنا أدركنا أ ّن ما يرضي هللا هي النـزاهة‪».‬‬

‫ب منكم اجمليء‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ي‬‫ف‬‫وُيا ِورون أهل الرجل الذي ش ِ‬
‫الفريسيّون ظهورهم ليائريوس ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫يدير ّ‬
‫إىل هنا؟»‬

‫« َمن؟ أُانس كثريون انلوا الشفاء أو أهلهم‪».‬‬

‫«ولكن ماذا أعطوكم؟»‬

‫«ماذا أعطوان؟ لقد أعطوان أتكيدات أبنّه هو َمن يُشفيه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 401 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ولكن هل كان حقيقة مريضاً؟»‬

‫كل هذا كان ُُماتَلة؟ اذهبوا إىل جدرة‪ ،‬وإذا كنتم ال‬
‫«آه! اي للنفوس املاكرة! هل تظنّون أ ّن ّ‬
‫تُص ِّدقون‪ ،‬فاسألوا َعن بؤس عائلة حنّة اليت إلمساعيل‪».‬‬

‫ص َخبهم‪ ،‬بينما اجلليليّون‪ ،‬القادمون ِمن ضواحي الناصرة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫أهايل كفرانحوم‪ ،‬إذ يَستَنكرون‪ ،‬يَعلو َ‬
‫النجار!»‬
‫يقولون‪« :‬ومع ذلك‪ ،‬فهو ابن يوسف ّ‬
‫أهايل كفرانحوم‪ ،‬األوفياء ليسوع‪ ،‬يَصيحون‪« :‬ال‪ .‬بل هو ما يُقال‪ ،‬وما دعاه به الرجل الذي‬
‫شفي‪" :‬ابن هللا وابن داوود"‪».‬‬

‫«ولكن ال تُثريوا الشعب أكثر بتأكيداتكم!» يقول أحد ال َكتَـبَة ابزدراء‪.‬‬

‫ومن يكون حسب رأيكم؟»‬


‫«َ‬
‫«بعلزبول!»‬

‫حّت فرحنا‬ ‫ِ‬


‫«آه! ألسنة احليّات! اجمل ّدفني! اي َمن تَس ُكنكم الشياطني! عُميان القلوب! َخرابنا! ّ‬
‫ص َخب كثري!‬
‫مباسيّا تريدون انتزاعه منا؟ أيّها املرابون! احلصى اجملدبة!» َ‬
‫يسوع‪ ،‬الذي كان قد انسحب إىل املطبخ ليشـرب قليالً من املاء‪ ،‬ي ِ‬
‫صل إىل ا َلعتَـبَة يف الوقت‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫الفريسيّون ابستمرار‪« :‬إنّه ليس سوى بعلزبول‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يكرره ّ‬
‫االهتام األمحق الذي ّ‬
‫مرة أخرى ّ‬
‫املناسب ليَسمع ّ‬
‫مبا أ ّن الشياطني تطيعه‪ .‬بعلزبول األكرب‪ ،‬الذي هو أبوه‪ ،‬يُساعده‪ ،‬وهو ال يطرد الشياطني ّإال مبعونة‬
‫بعلزبول‪ ،‬أمري الشياطني‪».‬‬

‫جاداً وهادائً‪ ،‬ويقف متاماً يف مواجهة َجاعة‬ ‫ِ‬


‫العتَـبَة ويتق ّدم ابستقامة‪ّ ،‬‬
‫يَهبط يسوع َد َر َجتني من َ‬
‫كل مملكة ُمن َق ِسـمة‬
‫حّت على األرض‪ ،‬فإنّنا نرى أ ّن ّ‬
‫الفريسيّني وال َكتَـبَة‪ .‬ويَنظُر إليهم نظرة اثقبة ويقول‪ّ « :‬‬
‫ّ‬
‫إىل ُزَمر ُمتنـاقِضة تُصبِح ضعيفة داخليّاً حبيث ميكن َغزوها بسهولة‪ ،‬وّتتاحها الدول اجملاورة الستعبادها‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 402 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تضادة تفقد ازدهارها‪ ،‬وكذلك األمر ابلنسبة‬ ‫وعلى األرض كذلك نرى أ ّن مدينة ُمن َق ِسمة إىل زمر ُم َّ‬
‫ضحكة ألبناء‬ ‫فإّنا تتف ّكك وتصبح فتااتً ال يفيد يف شيء‪ ،‬وتُصبِح َم َ‬‫فرق احلقد بني أفرادها‪َّ ،‬‬ ‫لعائلة يُ ِّ‬
‫ِجلدهتا وموطنها‪ .‬الوفاق ليس واجباً فقط‪ ،‬ولكنّه أهليّة‪ ،‬فهو َُي َفظ الناس مستقلّني وأقوايء وودودين‪.‬‬
‫هذا ما ُيب أن يُف ِّكر به الوطنيّون‪ ،‬أبناء البلد الواحـد‪ ،‬أو أفراد األسرة الواحدة‪ ،‬عندما‪ ،‬يف حال الرغبة‬
‫خاصة‪َُِ ،‬يدون أنفسـهم مدفوعني إىل التفرقة وإىل النكاايت‪ ،‬وهذه خطرية دائماً ّ‬
‫ألّنا َّت َعل‬ ‫يف َمن َفعة ّ‬
‫وتدمر املشاعر الطيّبة‪.‬‬
‫كل واحدة ضد األخرى‪ّ ،‬‬ ‫اجلماعات متعارضة‪ّ ،‬‬
‫وضـع العمل‪ِ .‬‬
‫الحظوا روما يف سلطاّنا‬ ‫ضعها معلّمو العامل م ِ‬
‫َ‬ ‫ابلفعل إ ّن هذه الرباعة هي اليت يَ َ ُ‬
‫ـيطر على العامل‪ ،‬ولكنّها متّحدة يف مأرب واحد‪،‬‬ ‫الذي ال ين َكر‪ ،‬والذي ُيعلنـا نُعاين الكثري‪ .‬إ ّّنا تُس ِ‬
‫ُ‬
‫كل ذلك يبقى يف‬‫لكن ّ‬
‫مترد‪ .‬و ّ‬
‫حّت فيما بينهم‪ ،‬فهنـاك حتماً تَبايُن‪ ،‬تنافُر‪ّ ،‬‬ ‫إرادة واحدة‪" :‬السيطرة"‪ّ .‬‬
‫ص َخب‪ .‬فكلّهم يريدون الشيء ذاته وينجحون‬ ‫صدوع‪ ،‬بال َ‬ ‫العُمق‪ّ .‬أما على السطح فقالب واحد‪ ،‬بِال ُ‬
‫ألّنم يريدونه‪ .‬وسوف ينجحون طاملا يريدون الشيء ذاته‪.‬‬ ‫ّ‬

‫البشري للرتابط البارع وفَ ِّكروا‪ :‬إذا كان أوالد العصر هؤالء ُهم‬
‫ّ‬ ‫انظروا إىل هذا ال َـمثَل‬
‫لكن ِسـمتهم تلك‪ ،‬وهم الوثنيّون‪ ،‬ال‬ ‫هكذا‪ ،‬فكيف ال يكون إبليس؟ ُهم‪ ،‬ابلنسـبة لنا‪ ،‬أابلسة‪ ،‬و ّ‬
‫تُقارن بشيطانيّة إبليس الكاملة وشياطينه‪ .‬هناك‪ ،‬يف تلك اململكة األبديّة اليت ال دهور هلا وال ّناية‪،‬‬
‫كمن يف اإلساءة هلل والبشر‪ ،‬وحيث تن ّفسهم هو‬ ‫املسرة تَ ُ‬
‫الشر‪ ،‬هناك حيث ّ‬ ‫وال حدود للمكر فيها و ّ‬
‫َحدثَت اندماج األرواح املتّحدة ابإلرادة‬
‫ومسرهتم األليمة‪ ،‬الوحيدة والفظيعة ابللعنة الكاملة‪ ،‬أ َ‬
‫اإلساءة‪ّ ،‬‬
‫الواحدة‪" :‬اإلساءة"‪.‬‬
‫اآلن‪ ،‬وكما تَدعون إىل التشكيك بقدريت‪ ،‬إذا كان إبليس هو الذي ي ِ‬
‫ساعدين ألنّين‪ ،‬أان‪ ،‬بعلزبول‬ ‫ُ‬
‫استحو َذ هو‬
‫َ‬ ‫أدىن‪ ،‬أفال يكون إبليس على غري وفاق مع نفسه ومع شياطينه‪ ،‬إذا ما طََرَدهم ِمن الذين‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫عليهم؟ وإذا كان هناك َع َدم وفاق‪ ،‬فهل ميكن ململكته أن تدوم؟ ال‪ ،‬هذا ال يكون‪ .‬فإبليس هو ّ‬
‫ما ميكن أن يكون األكثر ُمادعة‪ ،‬وال يُسيء إىل ذاته‪ .‬إنّه يطمح إىل امتداد مملكته يف القلوب وليس‬
‫إىل احل ّد منها‪ .‬إ ّن حيـاته هي‪" :‬االختالس‪ ،‬واإلسـاءة‪ ،‬والكذب‪ ،‬والتسبّب ابجلِّراح واالضطراب‪".‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 403 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫غم‬ ‫ب‬ ‫هلا‬ ‫ب‬ ‫التسب‬
‫و‬ ‫اآلب‬ ‫ُملوقات‬ ‫إىل‬ ‫اإلساءة‬ ‫البشر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫اختالس النفوس ِمن هللا واختالس السالم ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عظيم‪ .‬ال َك ِذب هبدف التضليل‪ .‬التسبّب ابجلراح للتل ّذذ‪ .‬التسبّب ابالضطراب ألنّه هو الفوضى بعينها‪.‬‬
‫أبدي يف كيانه ويف أساليبه‪.‬‬
‫التغري‪ .‬إنّه ّ‬
‫وال ميكنه ّ‬
‫أطرد الشياطني ابسم بعلزبول‪ ،‬فباسم َمن يطردهم‬ ‫كنت أان ُ‬‫إّّنا أجيبوين على هذا السؤال‪ :‬إذا ُ‬
‫فرتين‪.‬‬
‫فإّنم سـوف يـََرون فيكم ُم َ‬
‫كالً منهم أيضاً بعلزبول؟ إذا قلتم هذا ّ‬‫أبناؤكم؟ أتريدون القول أب ّن ّ‬
‫وإذا كانت قداستهم لدرجة ّأّنم ال يَ ّردون على اال ّهتام‪ ،‬فسوف تُدينون أنفسكم أبنفسكم‪ ،‬ابعرتافكم‬
‫أبّنم شياطني‪ ،‬إذ مهما‬ ‫أ ّن يف إسرائيل شياطني كثرية‪ ،‬وسوف يدينكم هللا ابسم أبناء إسرائيل املتَّهمني ّ‬
‫صدر اإلدانة‪ ،‬فَ َسيبقون ُهم الذين يُدينونَكم‪ ،‬حيث الدينونة ال تَغويها مؤثّرات بشريّة‪.‬‬
‫يكن َم َ‬
‫أطرد الشياطني بروح هللا‪ ،‬فذاك إذن هو الدليل على أ ّن ملكوت‬ ‫كنت ُ‬ ‫ُُثّ‪ ،‬كما هي احلقيقة‪ ،‬إذا ُ‬
‫ضادة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َل إليكم وكذلك َملك هذا امللكوت‪ .‬وهذا ال َـملك يتمتّع بسلطان ال تستطيع أيّة قوة ُم ّ‬ ‫هللا قد َو َ‬
‫يب أبناء َملكويت على اخلروج ِمن األماكن اليت ُيتلّوّنا‪ ،‬وإىل‬‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ُ‬
‫أن تقاومه‪ .‬ألجل هذا أربط وأ ِ‬
‫ُرغم مغتَ ِ‬
‫ُ‬
‫وي النتزاع‬
‫فعله الذي يريد دخول بيت يسكنه رجل ق ّ‬ ‫إعادة فريستهم ألعود فأمتلكها‪ .‬أليس هذا ما يَ َ‬
‫دخل ويقيّده‪ ،‬وبعد‬ ‫عما إذا كان على صواب أم على خطأ؟ أال يفعل هكذا‪ :‬يَ ُ‬ ‫خرياته‪ ،‬بغض النظر ّ‬
‫صين‪ ،‬وأنتزع منه اخلري‬ ‫َخ َذ ما َخي ّ‬
‫إمتام ذلك‪ ،‬ميكنه أن يَ َنهب البيت‪ .‬أان‪ ،‬أُقيّد مالك الظلمات الذي أ َ‬
‫مين‪ .‬وأان وحدي َمن يستطيع فِعل ذلك‪ ،‬ألنّين القويّ الوحيد‪ ،‬أبو الدهر اآليت‪ .‬أمري‬ ‫الذي اختَـلَ َسه ّ‬
‫السالم‪».‬‬

‫ك سوف تعيش إىل‬ ‫نفسك أنّ َ‬


‫َ‬ ‫تظن‬
‫«اشرح لنا ما الذي تريد قوله بـ‪" :‬أبو الدهر اآليت"‪ .‬هل ّ‬
‫خيص هللا‪ ».‬يَسأل‬
‫أنت‪ ،‬الرجل املسكني؟ الزمن ّ‬
‫القرن اجلديد‪ ،‬وأبكثر محاقة‪ ،‬هل تُف ّكر خبلق الزمن؟ َ‬
‫أحد ال َكتَـبَة‪.‬‬

‫لست تَعلَم إذن أنّه سوف يكون دهر له بداية ولن تكون له‬ ‫ِ‬
‫أأنت من ال َكتَـبَة وتَسألين؟ َأو َ‬
‫« َ‬
‫وهم‬ ‫ِ‬
‫خاصيت؟ وفيه سوف أنتَصر‪ ،‬جامعاً حويل الذين سيكونون أبناءه‪ُ ،‬‬
‫ّناية‪ ،‬وأنّه سوف يكون ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 404 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫شرعت فعالً خبلقه فوق اجلسد وفوق‬
‫ُ‬ ‫سيحيون إىل األبد كذاك الدهر الذي سأخلقه‪ ،‬وأان اآلن قد‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫على‬ ‫قادر‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أل‬ ‫دها‬ ‫العامل وفوق اجلحيم اليت أُب ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬
‫ومن ال ُيمع معي فهو يُب ِّدد‪ .‬ألنّين أان‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫علي‬
‫َّ‬ ‫فهو‬ ‫معي‬ ‫ليس‬ ‫من‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫لكم‬ ‫أقول‬ ‫هذا‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ومن ال يؤمن بذلك‪ ،‬وقد بـَلَغَته النبوءات‪ ،‬فإنّه ُخي ِطئ ض ّد الروح ال ُق ُدس الذي نَطَق األنبياء‬
‫الكائن‪َ .‬‬
‫بكلمته اليت ليست َك ِذابً وال َغلَطاً‪ ،‬واليت ُيب اإلميان هبا بدون مقاومة‪.‬‬

‫كل ّتديف‪ ،‬أل ّن هللا يَعلَم أ ّن اإلنسان‬ ‫كل خطيئة و ّ‬


‫كل خطيئة تُغ َفر للبشر‪ّ ،‬‬‫ألنّين أقوهلا لكم‪ّ :‬‬
‫َمرب خاضع لنقائص وضعف طارئ‪ .‬ولكن التجديف ضد‬ ‫ليس روحاً فقط‪ ،‬ولكنّه جسد‪ ،‬وجسد َّ‬
‫الروح فلن يُغتَـ َفر‪َ .‬من يتكلّم ض ّد ابن اإلنسان سوف يُغ َفر له‪ ،‬أل ّن ثَِقل اجلسد الذي يُغلِّف شخصيّيت‬
‫لكن الذي يتكلّم ض ّد الروح‬ ‫ِ‬
‫يؤدي إىل اخلطأ‪ .‬و ّ‬ ‫ويُغلّف اإلنسان الذي يتكلّم ض ّدي‪ ،‬ميكنه أيضاً أن ّ‬
‫احلق‪ :‬واضح‪ ،‬مق ّدس‪ ،‬ال ِجدال فيه‪،‬‬ ‫القدس فلن يُغ َفر له ال يف هذه احلياة وال يف احلياة األخرى‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫عرب عنه للروح بطريقة ال تقود إىل اخلطأ‪ ،‬وهبذا املعىن‪ ،‬فإ ّن الذين يرتكبون اخلطأ ُهم الذين يُريدون‬ ‫وم َّ‬
‫ُ‬
‫للحب‬
‫بكل رضاهم ارتكاب اخلطأ‪ .‬إ ّن إنكار احلقيقة اليت يقوهلا الروح القدس‪ ،‬هو إنكار لكلمة هللا و ّ‬ ‫ّ‬
‫احلب ال تُغتَـ َفر‪.‬‬
‫الذي منحته هذه الكلمة حبّاً ابإلنسان‪ .‬واخلطيئة ض ّد ّ‬
‫إّّنا ُك ّل واحد يعطي مثار غرسته‪ .‬أنتم تعطون مثاركم‪ ،‬وهي ليست مثاراً صاحلة‪ .‬لو أَعطيتم شجرة‬
‫صاحلة لِتُغرس يف البستان‪ ،‬فستعطي مثاراً صاحلة‪ ،‬ولكن لو أعطيتم شجرة سيّئة‪ ،‬فستكون مثارها اليت‬
‫عرف ِمن مثارها‪.‬‬
‫كل شجرة تُ َ‬
‫حتملها رديئة‪ ،‬وسيقول اجلميع‪" :‬هذه الشجرة ليست جيّدة"‪ .‬ذلك أ ّن ّ‬
‫تتصورون أ ّن إبمكانكم أن ُّتيدوا احلديث‪ ،‬وأنتم السيّئون؟ فَ ِمن فَيض ما يف القلب‬
‫وأنتم‪ ،‬كيف ّ‬
‫ومن فَيض ما يَكمن فينا أتيت أفعالنا وأقوالنا‪ .‬والرجل الصاحل ُخيرِج ِمن كنـزه الصاحل‬ ‫يتكلّم اللسان‪ِ .‬‬
‫ويتصرف حبسب ما يف داخله‪.‬‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬ ‫فيتك‬ ‫ئة‪.‬‬‫سي‬ ‫أشياء‬ ‫ـزه‬‫ن‬‫ك‬ ‫ن‬ ‫أشياء صاحلة‪ .‬والرجل السيئ ُخيرِج ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫لكن األفضل للمرء ّأال يفعل شيئاً‪ِ ،‬من أن يفعل أموراً‬


‫احلق أقول لكم إ ّن الكسل خطيئة‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫شريرة‪.‬‬ ‫و‬‫أ‬ ‫الة‬‫ّ‬‫ط‬ ‫ب‬ ‫اضيع‬
‫و‬ ‫م‬ ‫يف‬ ‫خيوض‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫سيئة‪ .‬وأقول لكم كذلك إنّه من األفضل أن يصمت املرء‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 405 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ولو كان الصمت بطالة‪ ،‬فمارسوه بدالً ِمن أن ُُت ِطئوا ابللسان‪ .‬أؤّكد لكم أنّه سوف يُطلَب ِمن الناس‬
‫كل كلمة بَطَّالة يف يوم الدينونة‪ ،‬وأقول لكم إ ّن الناس سوف يُ ِّربرون ابلكالم الذي يقولونه‪،‬‬
‫تَربير عن ّ‬
‫وبكالمهم سوف يُدانون‪ .‬وابلنتيجة انتبهوا‪ ،‬أنتم اي َمن تقولون كالماً أكثر ِمن بَطَّال‪ ،‬ألنّه ليس فقط‬
‫احلق الذي يكلّمكم‪».‬‬ ‫بَطَّاالً‪ ،‬بل إنّه يؤدي إىل األذيّة‪ ،‬ويهدف إىل إبعاد القلوب عن ّ‬
‫يتشاور الفريسيون مع ال َكتـبة‪ُ ،‬ث َجيعهم‪ ،‬م ِ‬
‫تظاهرين ابلتهذيب‪ ،‬يَسألون‪« :‬اي معلّم‪ ،‬إنّه ألسهل‬ ‫ُ‬ ‫ََ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫ك كائِنه‪».‬‬ ‫أعطنا إشارة إذن لنتمكن ِمن أن نؤمن أبنّ َ‬
‫ك َمن تقول إنّ َ‬ ‫على املرء اإلميان مبا يرى‪ِ .‬‬

‫مرات عديدة أنّين الكلمة‬ ‫«هل أنتم ُمتنبّهون أ ّن فيكم اخلطيئة ض ّد الروح القدس الذي أشار ّ‬
‫املعني‪ ،‬واملسبوق واملتبوع بعالمات نبويّة‪ ،‬فاعالً ما قاله‬
‫الزَمن َّ‬
‫املتجسد؟ الكلمة واملخلّص‪ ،‬اآليت يف َّ‬
‫ّ‬
‫الروح‪».‬‬

‫بك إذا ُكنّا ال نرى أبعيننا أيّة إشارة؟»‬


‫ُُييبون‪« :‬إنّنا نؤمن ابلروح‪ ،‬إّّنا كيف ميكننا اإلميان َ‬
‫احلسيّة‬
‫«وكيف ميكنكم إذن اإلميان ابلروح‪ ،‬وأعماله كلّها روحيّة‪ ،‬إذا مل تكونوا تؤمنون أبعمايل ّ‬
‫فعمة هبا‪ .‬أمل يُصبِح ذلك كافياً؟ ال‪ .‬أُجيب بنفسي أن ال‪ .‬هذا ليس كافياً‪.‬‬‫والظاهرة لعيونكم؟ حيايت ُم َ‬
‫النيب يوانن‪.‬‬
‫يف هذا اجليل الفاسق الفاسد الذي يبحث عن آية‪ ،‬ولن تكون له سوى آية واحدة‪ :‬آية ّ‬
‫النيب يوانن بَِق َي ثالثة ّأايم يف بطن احلوت‪ ،‬كذلك ابن اإلنسان يبقى ثالثة أ ّايم يف‬
‫ابلفعل‪ ،‬كما أ ّن ّ‬
‫كل الناس‪ ،‬وسوف يَقومون‬ ‫احلق أقول لكم إ ّن أهل نينوى َسيَقومون يف يوم الدينونة مع ّ‬
‫َجوف األرض‪ّ .‬‬
‫النيب يوانن وأنتم ال‪ .‬وهنا َمن َهو أعظم ِمن‬
‫ألّنم اتبوا إبنذار ّ‬
‫ض ّد هذا اجلّيل‪ ،‬وسوف َُيكمون عليه ّ‬
‫ألّنا أَتَت ِمن أقاصي األرض‬
‫صب يف وجهكم وحتكم عليكم‪ّ ،‬‬ ‫يوانن‪ .‬وهكذا سـتقوم ملِكة اجلنوب وتنتَ ِ‬
‫َ‬
‫وه ُهنا َمن هو أعظم ِمن سليمان‪».‬‬ ‫ِ‬
‫لتَسمع حكمة سليمان‪َ .‬‬
‫«ملاذا تقول إ ّن هذا اجليل فاسد فاسق؟ وهو ليس أكثر من غريه‪ .‬فيه ِمن الق ّديسني ما كان يف‬
‫فأنت ُهتيننا‪».‬‬
‫يتغري‪َ .‬‬
‫ائيلي مل ّ‬
‫غريه‪ .‬واجملتمع اإلسر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 406 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلق‪ ،‬وابلتايل عن‬ ‫ِ‬
‫«أنتم َمن تُسيئون إىل ذواتكم إبحلاق الضرر بنفوسكم‪ ،‬إذ إنّكم تُبعدوّنا عن ّ‬
‫اخلالص‪ .‬إّّنا‪ ،‬مع ذلك سوف أُجيبُكم‪ .‬هذا اجليل ليس ق ّديسـاً سوى بثيابه ومظهره‪ّ .‬أما داخليّاً فهو‬
‫ليس بق ّديس‪ .‬يف إسرائيل‪ ،‬األمساء ذاهتا لِتَعيني األشياء نفسها‪ ،‬إّّنا ال وجود حلقيقة وجوهر األشياء‪.‬‬
‫ّإّنا العادات ذاهتا‪ ،‬الثياب ذاهتا والطقوس ذاهتا‪ ،‬ولكن ينقصهم الروح‪ .‬إنّكم فاسقون ألنّكم رفضتم‬
‫وابحتاد اثن فاسق‪ ،‬اقرتنتم بشريعة الشيطان‪ .‬مل ُُتتَنوا ِسوى بِ ُعضو ابل‪.‬‬
‫الروحي ابلشريعة اإلهليّة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الزواج‬
‫مت‪».‬‬
‫القلب مل يـَعُد ُمتوانً‪ .‬وأنتم فاسدون ألنّكم قد بعتم أنفسكم للفساد‪ .‬ها قد تكلّ ُ‬
‫أنت ُهتيننا كثرياً‪ ،‬ولكن إذا كان األمر هكذا‪ ،‬فلماذا ال ُحتِّرر إسرائيل ِمن الشـيطان لِيُصبح‬
‫« َ‬
‫اجلميع ق ّديسني؟»‬

‫تحرروا ِمن الشيطان أل ّّنم‬‫«هل لدى إسرائيل اإلرادة؟ ال‪ّ .‬أما هؤالء املساكني الذين أيتون لِيَ َّ‬
‫يَشعرون به فيهم َك ِحمل ثقيل وعار‪ ،‬فلديهم اإلرادة‪ .‬أنتم ال تَشعرون بذلك‪َ .‬‬
‫وحتُّرركم لن يفيد‪ ،‬ألنّكم‬
‫طاملا ال متلكون اإلرادة يف ذلك‪ ،‬فسوف يَستَح ِوذ عليكم من جديد وبصورة أقوى‪ .‬عندما َخي ُرج روح‬
‫َِجنس ِمن إنسان‪ ،‬فإنّه يهيم يف أمكنة َُم ِدبة حبثاً عن راحة وال َُِيدها‪َّ .‬ت ُدر اإلشارة إىل أ ّن األمر ال‬
‫بادله العداء بعدم استقباله‪ ،‬كما أ ّن األرض اجلدابء ُمعادية‬ ‫ماد ّايً‪ّ .‬إّنا َُم ِدبة ّ‬
‫ألّنا تُ ِ‬ ‫ِ‬
‫يتعلّق أبماكن َُمدبة ّ‬
‫ابلقوة وض ّد إراديت‪ .‬وأان متأ ّكد أنّه سيستقبلين‬
‫دت منه ّ‬ ‫للبذار‪ .‬حينئذ يقول‪" :‬أعود إىل بييت الذي طُِر ُ‬
‫احلق أقول لكم‪،‬‬‫وَمينَحين الراحة"‪ .‬ابلفعل‪ ،‬يَعود صوب الذي كان له‪ ،‬وغالباً ما َُِيده مهيّأ الستقباله‪ّ ،‬‬
‫إ ّن ذلك يكون‪ ،‬أل ّن اإلنسان َُي ّن إىل الشيطان أكثر ِمن حنينه إىل هللا‪ ،‬وإذا مل يَستَح ِوذ الشيطان على‬
‫عناصره ِمن خالل ملكيّة أخرى‪ ،‬فإنّه ينوح وينتحب‪َ .‬ميضي إذن فيجد البيت خالياً‪ ،‬نظيفاً‪ ،‬مزيّناً‬
‫ومعطّراً ابلطُّهر‪ .‬حينئذ سيأخذ معه سبعة شياطني ألنّه ال يريد أن َخي َسره بعد‪ ،‬ومع تلك األرواح السبعة‬
‫دخله ويُقيمون َجيعهم فيه‪ .‬واحلالة الثانية هذه اليت هي لِ َمن اتب ّأوالً ُثّ عاد إىل الفساد‪.‬‬ ‫األسوأ منه يَ ُ‬
‫تعاطف‬‫وهي أكثر سوءاً ِمن احلالة األوىل‪ .‬ذلك أ ّن الشيطان ميكنه تقدير إىل أية درجة هذا اإلنسان م ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مع الشـيطان وانكر للجميل ّتاه هللا‪ ،‬وأل ّن هللا كذلك ال يَعود إىل حيث تُداس نِ َعمه‪ ،‬وأولئك الذين‬
‫قد اختََربوا االستحواذ يَفتَحون ذراعيهم الستحواذ أقوى‪ .‬السقوط ِمن جديد يف عبادة الشيطان أسوأ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 407 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للتحسن وال للشفاء‪ .‬هكذا سيكون‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫قاب‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫مل‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫سابق‬ ‫ي‬‫ف‬‫من السقوط مرة أخرى يف ِسل ُمميت ش ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫ابلنسبة إىل هذا اجليل الذي‪ ،‬إذ اهتدى على يد املعمدان‪ ،‬أراد من جديد أن يكون خاطئاً ألنّه ُُم ّ‬
‫للفساد وليس يل أان‪».‬‬

‫ض ّجة‪ ،‬غري انَجة عن استحسان أو احتجاج‪ ،‬تَسري بني اجلمع الذي احتَ َش َد اآلن بكثافة‪،‬‬ ‫َ‬
‫ص الشارع هبم وكذا احلديقة والشُّرفة‪ .‬هناك أُانس على اجلدار الصغري وكأ ّّنم على حصان‪،‬‬ ‫حبيث َغ َّ‬
‫آخرون على شجرة التني اليت يف احلديقة وعلى أشجار احلدائق اجملاورة‪ ،‬ذلك أ ّن اجلميع يَر َغبون يف‬
‫كأّنا موجة آتية ِمن البحر إىل الشاطئ‪ ،‬تنتقل ِمن فَم إىل‬
‫الضجة‪ ،‬و ّ‬
‫وخصومه‪ّ .‬‬
‫ِ‬
‫مساع احلوار بني يسوع ُ‬
‫الر ُسل األقرب إىل يسوع‪ ،‬أي بطرس‪ ،‬يوحنّا‪ ،‬الغيور وابين حلفا‪ .‬اآلخرون ُهم ابلفعل‪ ،‬بعضهم‬
‫حّت ُّ‬ ‫فم‪ّ ،‬‬
‫يوطي الذي هو على الطريق وسط اجلمع‪.‬‬ ‫على الشُّرفة واآلخرون يف املطبخ‪ ،‬ما عدا يهوذا االسخر ّ‬
‫وبطرس ويوحنّا والغيور وابنا حلفا يَغتَنِمون الفرصة يف هذه الضوضاء‪ ،‬ويقولون ليسـوع‪« :‬يـا‬
‫إليك‪ُ .‬م ْر‬
‫عنك يريدون التح ّدث َ‬ ‫وإخوتك هنا‪ّ .‬إّنم يف اخلـارج‪ ،‬يف الطريق‪ ،‬ويبحثون َ‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫معلّم‪ّ ،‬أم َ‬
‫هم‪».‬‬ ‫نك أَمر ُم ّ‬ ‫اجلمع أن يفسـح اجملال ليتم ّكنوا ِمن الوصول َ‬
‫إليك‪ ،‬فحتماً ما أتى هبم إىل هنا للبحث ع َ‬
‫يَرفَع يسوع رأسه ويَرى‪َ ،‬خلف الناس‪ ،‬وجه أ ُّمه ال َقلِق الذي يُقا ِوم البكاء بينما يتح ّدث إليها‬
‫يوسف بن حلفا ُمن َفعِالً‪ ،‬ويَرى عالمات الرفض ِمن أ ُّمه‪ُ ،‬م ِّ‬
‫تكررة‪ ،‬حا ِزمة‪ ،‬رغم إصرار يوسف‪ .‬ويـََرى‬
‫لكن يسوع ال يبتسم وال‬‫ومشمئز‪ ...‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫كذلك وجه مسعان املضطرب‪ ،‬الذي يبدو جليّاً وهو حزين‬
‫ي ِ‬
‫صدر األمر‪ .‬يرتك احلزينة أبملها وابين عمه حيث ِها‪.‬‬‫ُ‬
‫وُييب كذلك أولئك البعيدين الذين‬ ‫َخيفض عينيه لِيَنظُر إىل اجلمع‪ ،‬وَميباً ُّ‬
‫الر ُسل القريبني منه‪ُ ،‬‬
‫ُياولون إعطاء الدم قيمة أكرب ِمن تلك اليت للو ِاجب‪َ « .‬من هي أ ُّمي؟ َمن ُهم إخويت؟» ويُدير نَظَره‬
‫الصارم‪ ،‬بوجهه الذي يَشحب بسبب اجلهد العنيف الذي ُميا ِرسه على ذاته ليجعل الواجب فوق‬ ‫َّ‬
‫أبمه‪ ،‬يف سبيل خدمة اآلب ويقول‪ُ ،‬مشرياً حبركة واسعة‬ ‫العاطفة والدم‪ ،‬ولِي َّ ِ‬
‫تنصل من الرابط الذي يربطه ّ‬ ‫َ‬
‫الفض ّي‪« :‬هذه أ ُّمي‪ ،‬وهؤالء‬
‫إىل اجلمع الذي يتزاحم حوله‪ ،‬حتت نور املصابيح األمحر ونور القمر البدر ّ‬
‫وهم أ ُّمي‪ .‬وليس يل سواهم‪ .‬والذين يل سيكونون‬ ‫عملون مشيئة هللا ُهم إخويت وأخوايت‪ُ ،‬‬ ‫إخويت‪ .‬الذين يَ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 408 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت التضحية الكاملة‬ ‫كما لو ّأّنم األوائل‪ ،‬وبكمال أعظم ِ‬
‫عملون مشيئة هللا ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ي‬ ‫سوف‬ ‫ين‬
‫ر‬ ‫اآلخ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫بكل مشيئة سواها‪ ،‬أو بنداء الدم والعواطف‪».‬‬‫ّ‬
‫سمع ِمن اجلمع َِه َهمة أقوى‪ ،‬وكما لو أ ّن البحر ارتَـ َف َع فجأة بفعل الريح‪.‬‬
‫وتُ َ‬
‫حّت دمه!»‬ ‫ِ‬
‫شرع ال َكتَـبَة ابهلروب قائلني‪« :‬يَسكنه الشيطان! إنّه يُنكر ّ‬
‫يَ َ‬
‫حّت أ ُّمه!»‬ ‫ِ‬
‫يتق ّدم األهل قائلني‪« :‬إنّه َمنون! إنّه يُع ّذب ّ‬
‫الر ُسل‪« :‬يف احلقيقة إ ّن يف كالمه البطولة كلّها!»‬
‫يقول ُّ‬
‫يقول اجلمع‪َ « :‬كم ُيبّنا!»‬

‫بصعوبة كبرية َُت َِرتق مرمي مع يوسف ومسعان اجلمع‪ .‬مرمي ليسـت ِسـوى وداعة‪ ،‬يوسف غاضب‬
‫حتماً‪ ،‬ومسعان ُمضطَ ِرب‪ .‬يدنون ِمن يسوع‪.‬‬

‫ك ال َحت َِرتمها‪ .‬إّّنا اآلن‬ ‫ِ‬


‫حّت ّأم َ‬
‫ك تُسيء إىل اجلميع‪ّ .‬‬ ‫أنت َمنون! إنّ َ‬
‫باشَرة يُهاَجه يوسف‪َ « :‬‬
‫وم َ‬‫ُ‬
‫ك َمتضي كعامل هنا وهناك؟ فإذن‪ ،‬إذا كان هذا‬ ‫أمنعك ِمن ذلك‪ .‬هل صحيح أنّ َ‬‫َ‬ ‫أان هنا‪ ،‬وسوف‬
‫عملك هو التبشري‪ ،‬أيّها‬ ‫كذب قائالً إ ّن‬‫صحيحاً‪ ،‬فلماذا ال تَعمل يف مشغلك لِتعيل أُمك؟ ملاذا تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َّ‬ ‫َ‬
‫عمل يف بيت غريب؟ ابحلقيقة تبدو يل‬ ‫ت‬‫الكسول واجلاحد‪ ،‬إذا كنت تذهب بعدئذ ِمن أجل املال لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُيعلك َهتذي‪ .‬أ َِجب!»‬‫َ‬ ‫عليك‪ ،‬وهو‬
‫استحو َذ َ‬
‫َ‬ ‫وكأ ّن شيطاانً قد‬

‫يلتَ ِفت يسوع‪ ،‬وأيخذ يوسف الصغري بيده‪ ،‬ويدنيه منه‪ ،‬ويرفعه ممسكاً ّإايه ِمن حتت إبطيه‬
‫ويقول‪َ « :‬ع َملي كان تقدمي القوت هلذا الربيء وألهله وإقناعهم أب ّن هللا صاحل‪ .‬كان للتبشري يف قورازين‬
‫لك‬
‫لك أيضاً اي يوسف‪ ،‬األخ الظامل‪ .‬ولكنّين أان أَغفر َ‬ ‫ابلتواضع واحملبّة‪ .‬وليس فقط لقورازين‪ ،‬إّّنا َ‬
‫أساُمك اي مسعان املتقلّب‪ .‬ما ِمن‬
‫َ‬ ‫لك و‬‫تك‪ .‬وأَغفر َ‬
‫عض َ‬‫أساُمك‪ ،‬ألنّين أعلم أ ّن أنياب احليّة قد ّ‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ألّنا َحت ُكم بعدل‪ .‬فليفعل العامل ما يشاء‪.‬‬
‫شيء أَغفره أل ُّمي‪ ،‬وال شيء أطلُب منها ألجله أن تساُمين‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 409 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أان أفعل ما يريده هللا وبربكة اآلب وأ ُّمي‪ ،‬وأان سعيد أكثر ِممّا لو أ ّن العامل أبسره قد نَ َّ‬
‫صبَين َملِكاً َحسب‬
‫العامل‪ .‬تعايل اي أ ُّمي ‪ ،‬ال تبكي‪ّ .‬إّنم ال يَدرون ماذا يَفعلون‪ .‬ساُميهم‪».‬‬

‫أنت تعلَم‪ .‬وما ِمن شيء آخر كي يُقال‪»...‬‬


‫بين! أان أعلَم‪ .‬و َ‬
‫«آه اي ّ‬
‫« ِ‬
‫ابلفعل‪ ،‬ما ِمن شيء آخر ِسوى أن أقول هلذا اجلمع‪" :‬امضوا بسالم"‪».‬‬

‫السلّم ويَرتقيه أوالً‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫ه‬ ‫ويتج‬ ‫ابليسرى‪،‬‬ ‫لد‬‫و‬‫ال‬


‫و‬ ‫اليمىن‬ ‫بيده‬ ‫مرمي‬ ‫ك‬ ‫يبا ِرك يسوع اجلمع ُُث ُمي ِ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 410 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -133‬موت يوحنّا املعمدان)‬

‫‪1945 / 09 / 04‬‬

‫يسوع يُشفي املرضى‪ ،‬وال يوجد ِسوى مناحني‪ّ .‬إّنم يف بيت كفرانحوم‪ ،‬يف احلديقة الظليلة يف‬
‫تلك الساعة الصباحيّة‪ .‬ولقد ُتلّى مناحني عن ِحزامه الثمني وصفيحة الذهب اليت على َجبينه‪ .‬وقد‬
‫س ثوبه حبزام صويف‪ ،‬وقلنسوته بشريطة رفيعة من الكتان‪ .‬يسوع عاري الرأس كما هو دائماً عندما‬‫َحبَ َ‬
‫يكون يف البيت‪.‬‬

‫صعد يسوع بصحبة مناحني إىل الغرفة العلويّة‪،‬‬


‫الشفاءات ومواساة املرضى‪ ،‬يَ َ‬ ‫بعد االنتهاء ِمن ِّ‬
‫كالِها على حافة النافذة ال ُـمطلّة على الرابية‪ ،‬ألن جهة البحرية تغطيها الشمس مرتفعة احلرارة‬ ‫وُيلسـان ّ‬
‫ضت منذ مدة‪.‬‬ ‫رغم أ ّن فرتة ال َقيظ َم َ‬
‫«موسم قِطاف العنب على وشك أن يَبدأ‪ ».‬يقول مناحني‪.‬‬

‫أنت‪ ،‬مّت تف ّكر ابلرحيل؟»‬ ‫ِ‬


‫«نعم‪ُ ،‬ثّ يوشك عيد املظال أن أييت‪ ...‬وسـوف َُي ّل الشتاء سريعاً‪َ .‬‬
‫يتم‬ ‫عندما‬ ‫ضعيف‪.‬‬ ‫هريودس‬ ‫ابملعمدان‪.‬‬ ‫ر‬ ‫«هوم (ِههمة)!‪ ...‬أان لن أرحل أبداً‪ ...‬ولكنّين أُف ِّ‬
‫ك‬
‫ّ‬
‫التأثري عليه ابخلري‪ ،‬ال يُصبح صاحلاً‪ ،‬بل يبقى على األقل غري دموي‪ .‬ولكن الذين يُسدون إليه النصـائح‬
‫لك‪ .‬ليس ألنّين ُّ‬
‫أعتد‬ ‫حّت عودة ُر ُس َ‬
‫أود البقاء هنا ّ‬ ‫ِّ‬
‫اخلرية قليلون‪ .‬وتلك املرأة!‪ ...‬تلك املرأة!‪ ...‬ولكنّين ُّ‬
‫لت أحتفظ ببعض ال َقدر‪ ...‬رغم أ ّن رصيدي قد تضـاءَ َل منذ َع ِرفوا أنّين‬ ‫كثرياً بنفسي‪ ...‬ولكنّين ما ز ُ‬
‫أتبعك‬
‫كل شيء و َ‬ ‫أود لو تكون يل الشجاعة احلقيقيّة ألترك ّ‬ ‫أتبَع دروب اخلري‪ .‬إّّنا هذا ال يهمين‪ُّ .‬‬
‫عامة‬ ‫ِ‬
‫بشكل كامل‪ ،‬مثل هؤالء التالميذ الذين تنتظرهم‪ .‬ولكن هل سأجنح اي تُرى؟ حنن الذين لسنا من ّ‬
‫باعك؟ ملاذا؟»‬
‫الناس نرتدد كثرياً يف اتّ َ‬
‫«أل ّن لديكم ُمالب الثروات التافهة ُمت ِسك بكم‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 411 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلق يقال‪ ،‬أَع ِرف كذلك كثريين ِممّن ليسوا أغنياء‪ ،‬ويعرفون الطريق إليه‪َّ ،‬إّنا ُهم كذلك ال‬
‫« ّ‬
‫أيتون‪».‬‬

‫« ُهم كذلك لديهم ُمالب الثروات التافهة اليت ُمت ِسك هبم‪ .‬فالغىن ليس فقط ابملال‪ .‬هناك كذلك‬
‫األابطيل‪،‬كل شيء ابطل"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتوصلون إىل أن يَعلَموا مثل سـليمان‪" :‬ابطل‬ ‫غىن املعرفة‪ .‬قليلون ُهم الذين ّ‬
‫هنك؟‬‫حاضرة يف ذ َ‬‫مادايً‪ ،‬بل إّّنا يف العمق‪ .‬هل هذه الفكرة ِ‬
‫ومضخمة‪ ،‬ليس فقط ّ ّ‬ ‫َّ‬ ‫مأخوذة ِمن جديد‬
‫يطور العِلم‬
‫ّ‬ ‫لذي‬ ‫ا‬‫و‬ ‫للروح‪،‬‬ ‫يح‬ ‫رب‬‫َ‬‫ت‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫"هي‬ ‫فقط‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ي‬
‫ر‬ ‫البش‬ ‫املعرفة‬ ‫ايدة‬
‫ز‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫إ‬ ‫إذ‬ ‫لة‪،‬‬ ‫العلوم البشرية ِ‬
‫ابط‬ ‫ّ‬
‫لك إ ّن األمر هو كذلك‪ .‬وأقول أيضاً إ ّن األمر ال يكون كذلك إذا‬ ‫احلق أقول َ‬ ‫طور كذلك املتاعب"‪ّ .‬‬ ‫يُ ِّ‬
‫ب هللا املق ّدس‪ .‬اللّذة ابطلة أل ّّنا‬‫وح ّ‬‫رسخة على احلكمة فائقة الطبيعة ُ‬ ‫وم َّ‬
‫كانت العلوم البشريّة ُمدعَّمة ُ‬
‫َّسة ِمن مصانع‬ ‫ال تَدوم‪ ،‬ولكنّها تتب ّدد بسرعة بعد أن َحت ِرق اتركة وراءها رماداً وفراغاً‪ .‬اخلريات املكد َ‬
‫ُمتلفة‪ ،‬ابطلة هي ابلنسبة إىل اإلنسان الذي ميوت ويرتكها آلخرين‪ ،‬والذي ال يتم ّكن خبرياته دفع‬
‫املوت؛ املرأة‪ ،‬كامرأة حب ّد ذاهتا‪ ،‬واملشتهاة كما هي‪ ،‬ابطلة‪ .‬وابلنتيجة فإ ّن الشيء الوحيد الذي ليس‬
‫ابطالً‪ ،‬هي ُمافة هللا املق ّدسة والطاعة لوصاايه‪ ،‬أي حكمة اإلنسان الذي ليس جسداً فقط‪ ،‬ولكنّه‬
‫كل املخالب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ميتلك الطبيعة الثانية‪ :‬الروحيّة‪ .‬الذي يَعرف أن يستنتج هكذا ويريد‪ ،‬يَعرف التخلّص من ّ‬
‫حراً للقاء الشمس‪».‬‬ ‫اليت للتملّك املسكني‪ ،‬وميضي ّ‬
‫املضي إىل بشاعات القصر‬ ‫«أريد تَ ُّ‬
‫األايم! اآلن ميكنين ّ‬
‫ذكر هذه الكلّمات‪ .‬كم َمنَ َحتين هذه ّ‬
‫الذي ال يبدو ُمش ِرقاً ّإال للحمقى‪ ،‬الذي يبدو ذا سلطان ّ‬
‫وحرية‪ ،‬وهو ليس سوى بؤس وسجن وظلمة‪،‬‬
‫املضي إىل هناك مع كنـز سيسمح يل أن أحيا فيه بشكل أفضل‪ ،‬يف انتظار ما هو أفضل‪ .‬ولكن هل‬ ‫و ّ‬
‫سأتوصل إىل هذا األفضل املتمثّل يف أن أكون بكلّييت ِملكاً َ‬
‫لك؟»‬

‫تتوصل‪».‬‬
‫«سوف ّ‬
‫«مّت؟ يف العام القادم؟ أو فيما بعد؟ عندما ّتعلين الشيخوخة حكيماً؟»‬

‫ببلوغك نضوج الروح وكمال اإلرادة يف خالل بضع ساعات‪».‬‬


‫َ‬ ‫تتوصل‬
‫«سوف ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 412 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أي شيء آخر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَنظُر مناحني نظرة املف ّكر املتسائل‪ ...‬ولكنّه ال يَسأل عن ّ‬
‫التقرب ِمن لعازر بيت عنيا؟»‬
‫لت يوماً ّ‬
‫صمت‪ُ .‬ثّ يقول يَسوع‪« :‬هل حاو َ‬
‫َ‬
‫أنت‬ ‫«ال اي معلّم‪ .‬أستطيع القول ال‪ّ .‬إال اللّهم ِ‬
‫سمى صداقة‪َ .‬‬‫ي‬
‫ُ ّ‬ ‫ال‬ ‫وهذا‬ ‫قاءات‪،‬‬‫ّ‬‫ل‬ ‫ال‬ ‫بعض‬ ‫ن‬‫م‬
‫تَعلَم‪ ...‬هريودس معي‪ ،‬وهريودس ض ّده‪ ...‬إذن‪»...‬‬

‫َّقرب منه كتلميذ‪».‬‬


‫عليك الت ُّ‬
‫«لعازر ير َاك اآلن فيما وراء األشياء‪ ،‬يف هللا‪َ .‬‬
‫أنت ذلك‪»...‬‬
‫شئت َ‬
‫«سوف أفعل‪ ،‬إذا َ‬
‫سمع من احلديقة أصوات أُانس مضطَ ِربني‪ .‬يَسألون بقلق‪« :‬املعلّم! املعلّم! هل هو هنا؟»‬
‫تُ َ‬
‫صوت ربّة البيت الرخيم ُُييبهم‪« :‬إنّه يف الغرفة العلويّة‪َ .‬من أنتم؟ َمرضى؟»‬

‫الناصري‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«ال‪ ،‬تالميذ ليوحنّا ونريد يسوع‬

‫يُقبِل يسوع إىل النافذة قائالً‪« :‬السالم لكم‪ ...‬آه! هذا أنتم؟ تعالوا! تعالوا!»‬

‫ظهر‬ ‫ِ‬
‫وهم يَرفَعون رؤوسهم لتَ َ‬
‫الرعاة الثالثة‪ :‬يوحنّا ومتيّا ومشعون‪« .‬آه! اي معلّم!» يقولون ُ‬
‫ّإّنم ُّ‬
‫حّت رؤية يسوع مل تُعِد هلم الطمأنينة‪.‬‬
‫وجوههم احلزينة‪ّ .‬‬
‫َخيرج يسوع ِمن الغرفة وميضي للقائهم على الشُّرفة‪ .‬يتبعه مناحني‪ .‬يلتقون عند حافة السلّم على‬
‫الشُّرفة املضاءة بنور الشمس‪.‬‬

‫ُيثو الثالثة ُمقبِّلني األرض‪ُ .‬ثّ يقول يوحنّا‪ ،‬ابسم اجلميع‪« :‬لقد آن األوان لتستقبلنا‪ ،‬اي سيّد‪.‬‬
‫ثك‪ ».‬وتنهمر الدموع على خ ّد التلميذ ورفاقه‪.‬‬ ‫ألنّنا إر َ‬
‫يُطلِق يسوع ومناحني صرخة واحدة‪« :‬يوحنّا!؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 413 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«لقد قتلوه‪»...‬‬

‫كل ضجيج العـامل‪ .‬ومع ّأّنا قيلت ببالغ اهلدوء‪.‬‬ ‫ص َخباً يَربو على ّ‬
‫تقع الكلمة كما لو كانت َ‬
‫جامدين كاحلجر‪ .‬يبدو أ ّن األرض‪ ،‬بعد أن َِمس َعتها وارتَـ َع َدت‪،‬‬
‫ولكنّها ّتعل الذي قاهلا والذين يسمعوّنا ِ‬
‫َ َ‬
‫كل ضجيج‪ ،‬فقد كانت حلظة صمت عميق وَجود كامل لدى احليواانت ويف األوراق ويف‬ ‫قد أوقَـ َفت ّ‬
‫ِ‬
‫ت زيز احلصاد فجأة‬ ‫وص َم َ‬
‫وخرست جوقة الدوري‪َ ،‬‬ ‫اهلواء‪ .‬توقَّ َ‬
‫ف هديل احلمام‪ ،‬وان َقطَ َع مزمار شحرور‪َ ،‬‬
‫كما لو كان جهازه قد حتطَّم‪ ،‬بينما يتوقّف اهلواء الذي كان يداعب أغصان الكرمة وأوراقها‪ ،‬م ِ‬
‫صدراً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صادم احلرير وصرير األواتد‪.‬‬
‫صواتً يُشبه تَ ُ‬
‫تتوسع عيناه وِها تغرورقان ابلدموع‪ .‬يفتح ذراعيه وهو‬‫يُصبِح يسوع شاحباً بلون العاج‪ ،‬بينما ّ‬
‫يتكلّم‪ ،‬وصوته عميق‪ ،‬للجهد الذي يبذله ليجعله اثبتاً‪« :‬السالم لشهيد العدالة وسابِقي‪ُ ».‬ثّ يُصالِب‬
‫ذراعيه ويستجمع أفكاره وابلتأكيد يصلّي‪ ،‬متّحداً بروح هللا وروح املعمدان‪.‬‬

‫ضب‪.‬‬
‫ال َُيرؤ مناحني على اإلتيان حبركة‪ .‬على عكس يسوع‪ ،‬فقد عاله امحرار شديد وفورة َغ َ‬
‫ب‪ ،‬وقد تب ّدى اضطرابه كلّه ابحلركة اآلليّة ليده اليمىن اليت تسحب ِحزام ثوبه‪ ،‬ويده اليسرى‬
‫ُثّ تصلَّ َ‬
‫ويهز مناحني رأسه وهو يشتكي ِمن ضعف روحه الذي‬ ‫اليت‪ ،‬حبركة ال واعية‪ ،‬تبحث عن اخلنجر‪ّ ...‬‬
‫ينسى أنّه ُتلّى عن السالح لِيُصبح‪ « :‬تلميذ َمن هو وديع‪ ،‬إىل جانب َمن ُهم ُودعاء»‪.‬‬

‫وجهه ونظرتُه وصوتُه العظمةَ اإلهليّة كما هي عادته‪.‬‬


‫يعود يسوع ليفتح فمه وعينيه‪ .‬وقد استعاد ُ‬
‫مل يبق سوى حزن كبري يُل ِطّفه السالم‪« .‬تعالوا‪ .‬سـوف تَروون يل‪ .‬منذ اليوم أنتم أتباعي‪».‬‬

‫ويقودهم إىل الغرفة‪ ،‬حيث يُغلِق الباب اتركاً الستائر نصف منسدلة‪ ،‬ليخ ِّفف النور‪َ ،‬‬
‫وخيلق ج ّو‬
‫ُخلوة حول أملهم‪ ،‬وهباء ِميتة املعمدان‪ ،‬لِيُ ِّ‬
‫فرق بني كمال احلياة هذا‪ ،‬والعامل الفاسـد‪« .‬تكلّموا» أيمرهم‪.‬‬

‫يبدو مناحني َُم َّمداً‪ .‬إنّه قُرب اجملموعة ولكنّه ال ينبس ببنت شفة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 414 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«كان ذلك عشيّة العيد‪ ...‬كان احلَ َدث غري متوقَّع‪ ...‬قبل ذلك بساعتني فقط‪ ،‬كان هريودس‬
‫بكل عناية‪ ...‬وقليالً‪ ،‬قليالً قبل أن َُيصل‪ ...‬ال َقتل‪ ،‬الشهادة‪ ،‬اجلرمية‪،‬‬‫وصَرفَه ّ‬‫قد حتاور مع يوحنّا َ‬
‫ع‬
‫وز َ‬
‫َرس َل للسجني خادماً َُيمل فاكهة ابردة ومخوراً اندرة‪ .‬وقد َّ‬
‫األبدي‪ ،‬كان قد أ َ‬
‫ّ‬ ‫االرتقاء إىل اجملد‬
‫تقشفه قط‪...‬مل يكن أحد سواان‪ ،‬ألنّه‪ ،‬بفضل مناحني‪ ،‬كنّا‬ ‫غري ّ‬‫علينا يوحنّا تلك األشياء‪ ...‬فهو مل يُ ِّ‬
‫يف القصر للخدمة يف املطابخ ويف اإلسطبالت‪ .‬وكان ذلك معروفاً‪ ،‬وبفضله كنّا نرى يوحنّا الذي لنا‬
‫على الدوام‪ ...‬كنّا يف املطابخ‪ ،‬يوحنّا وأان‪ ،‬بينما كان مشعون يُراقِب العاملني يف اإلسطبل كي يَعتنوا‬
‫بَِركائب الضيوف‪ ...‬كان القصر مليئاً ابلرجال العِظام‪ ،‬ابلقادة العسكريني وبسادة اجلليل‪ .‬وكانت‬
‫صلَت بينها وبني هريودس صباحاً‪»...‬‬ ‫مشادة عنيفة َح َ‬
‫هريوداي حبيسة جناحها على أثر ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ِ‬
‫قاطع مناحني‪« :‬ولكن تلك الضَّبع مّت جاءت؟»‬‫ُ‬
‫«قبل يومني‪ .‬مل يكن ََميئها ُمنتَظَراً‪ ...‬قالت للملك ّإّنا مل تكن تستطيع العيش بعيداً عنه‪ ،‬وال‬
‫أن تكون غائبة يف يوم عيده‪ .‬أفعى وابرعة كالعادة‪َ ،‬ج َعلَت ِمن هريودس ألعوبة‪ ...‬ولكن يف صبيحة‬
‫ض االستجابة ملا كانت تطلبه امرأته أبعلى‬ ‫اخلمرة والعربدة‪َ ،‬رفَ َ‬
‫ذلك اليوم‪ُ ،‬رغم ُسكر هريودس من ّ‬
‫صوهتا‪ ...‬ومل يكن أحد يَعلَم ّأّنا كانت تطلب حياة يوحنّا!‪...‬‬

‫أرسلَه هريودس‬
‫امللكي الذي َ‬
‫ّ‬ ‫كانت قد َم َكثَت يف جناحهـا ُُمتَـ َقـرة‪ .‬وكانت قد أعـادت الطعـام‬
‫أرسلَت إىل هريودس‬
‫يف أواين نفيسة‪ .‬واحتَـ َفظَت فقط بطبق مثني مليء ابلفواكه‪ ،‬وابملقابل كانت قد َ‬
‫جرة َمخر ممزوج ابملخ ِّدر‪ ...‬ممزوج ابملخ ِّدر‪ ...‬آه! حالـة ُّ‬
‫السكر اليت كان فيها‪ ،‬كانت تكفي معها‬ ‫َّ‬
‫طبيعته الفاسقة لدفعه إىل ارتكاب اجلرمية!‬

‫َعلِمنا ِمن أولئك الذين كانوا َخيدمون على املائدة‪ ،‬إنّه بعد رقص املقلِّدين الذين يف القصر‪ ،‬أو‬
‫املدعوين‪ ،‬وكان املقلِّدون‬
‫ابألحرى يف الوسط‪ ،‬كانت صالومي قد َد َخلَت فجأة وهي تَرقُص يف قاعة ّ‬
‫ومت َقناً‪ .‬يليق‬ ‫ِ‬
‫تسمروا أمام األمرية ُملتَصقني ابجلدران‪ .‬الرقص كان ُمت َقناً‪ ،‬هكذا قيل لنا‪َ ،‬خليعاً ُ‬
‫قد ّ‬
‫ابلضيوف‪ ...‬وهريودس‪ ...‬آه! قد تكون رغبة جديدة ابلزىن ِمن ذوي ال ُقرىب َُتتَ ِمر يف داخله!‪ ...‬ويف‬
‫ك تستح ّقني ُمكافأة‪.‬‬ ‫"أجدت يف الرقص! أ ِ‬
‫ُقسم أنّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫متحمساً‪:‬‬
‫ّناية الرقصة قال هريودس لصالومي ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 415 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ميكنك أن تطلبيه مين‪ .‬أ ِ‬
‫ُقسم أمام اجلميع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كل ما‬ ‫ِ‬
‫أعطيك‬ ‫سوف‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫م‬ ‫أمنحك إايها‪ .‬أ ِ‬
‫ُقس‬ ‫ِ‬ ‫أقسم أنّين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت بدون قَ َسم‪ .‬اطليب إذن ما تشائني‪".‬‬‫وكلمة امللك كلمة شرف ّ‬
‫حيي‪ ،‬بعد الكثري‬ ‫بوس‬ ‫وملتَ ِحفة بوشاحها‪ ،‬وب ُِ‬
‫ع‬ ‫ُ‬ ‫اضع‪،‬‬ ‫و‬‫الت‬
‫و‬ ‫اءة‬
‫رب‬ ‫ال‬ ‫تباك‪،‬‬
‫ر‬ ‫اال‬ ‫لة‬‫وصالومي‪ ،‬مفتَعِ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫ك قد‬‫أنس ِحب ُثّ أعود‪ ،‬ألن منـَّتَ َ‬
‫َ‬ ‫سوف‬ ‫حلظة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫من اخلالعة‪ ،‬تقول‪" :‬امسح يل أيها العظيم أن أُف ِّ‬
‫ك‬ ‫ّ‬
‫انس َحبَت لتمضي فتلتقي ّأمها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َج َعلَتين أضطَرب"‪ ...‬و َ‬
‫وهريوداي‪،‬‬ ‫ق‪".‬‬ ‫ب‬‫َّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫ين‬ ‫قالت يل سلمى ّإّنا دخلَت وهي تضحك وتقول‪" :‬أمي‪ ،‬لقد رِحبت‪ِ .‬‬
‫أعط‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫مع صرخة انتصار أ ََمَرت العبدة بتسليم ابنتها الطَّبَق الذي كانت قد احتَـ َفظَت به سـابقاً‪ ،‬قائلة‪" :‬اذهيب‪،‬‬
‫بسك اجلواهر والذهب"‪ .‬وتطيع سلمى مروعة…‬ ‫وعودي ابلرأس البغيض‪ ،‬وأان سـوف أل ِ‬

‫دخل إىل القاعة وهي تَرقُص‪ ،‬وهي تَرقُص َمتضي لتجثو عند قدمي امللك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تَعود صالومي لتَ ُ‬
‫ِ‬
‫ك هلا ويل‪ ،‬أريد رأس يوحنّا‪ُ .‬ثّ سوف‬ ‫عرب عن حبّ َ‬‫ثت به أل ُّمي لتُ ِّ‬
‫تقول‪" :‬على هذا الطبق الذي بـَ َع َ‬
‫غلبتك أيّها امللك!‬
‫َ‬ ‫انتصرت!‬
‫ُ‬ ‫يرضيك كثرياً‪ .‬سوف أرقص رقصة النَّصر ألنّين‬ ‫َ‬ ‫أرقُص أيضاً‪ ،‬أل ّن ذلك‬
‫السقاة وهو صديق لنا‪.‬‬
‫رد َده لنا أحد ُّ‬
‫غلبت احلياة‪ ،‬وأان سعيدة! "هذا ما قالَته وما َّ‬‫لقد ُ‬
‫واضطََرب هريودس‪ ،‬إذ أَصبَ َح بني املطرقة والسندان‪ :‬أن يكون عند كلمته‪ ،‬أو أن يكون عادالً‪.‬‬
‫اجلالد الذي كان خلف العرش امللكي‪ ،‬وهذا‬ ‫ولكنّه مل يَع ِرف أن يكون عادالً‪ ،‬فهو ظامل‪ .‬وأشار إىل ّ‬
‫َخ َذ ِمن يدي صالومي الطَّبَق الذي كانت قد أحضرته‪ ،‬يَهبط ِمن قاعة الوليمة إىل الغَُرف‬ ‫األخري إذ أ َ‬
‫رخة َمشعون‪" :‬قَـتَـلَة!" وُثّ رأيناه‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬‫اليت يف األسفل‪ .‬يوحنّا وأان رأيناه َُيتَاز البالط‪ ...‬وبعد قليل َمسعنا َ‬
‫سابقك كان قد مات‪»...‬‬ ‫مر والرأس على الطَّبَق‪ ...‬يوحنّا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يعود ليَ ّ‬
‫«مشعون‪ ،‬هل ميكنك أن تقول يل كيف مات؟» يَطلب يسوع بعد برهة‪.‬‬

‫رسالن‪ ،‬والذين ال‬


‫«نعم‪ .‬كان يصلّي‪ ...‬وكان قد قال يل قَبل ذلك‪" :‬بعد قليل سيعود ال ُـم َ‬
‫يؤمنون سوف يؤمنون‪ .‬ولكن حينئذ تذ ّكر إذا مل أكن لدى عودهتما على قيد احلياة‪َ ،‬ك َمن هو على‬
‫احلقيقي’"‪ .‬لقد كان‬
‫ّ‬ ‫الناصري هو ماسيّا‬
‫ّ‬ ‫لك أيضاً لكي تعود فتقول هلما‪’ :‬يسوع‬
‫حافة املوت‪ ،‬أقول َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 416 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ض وقال‪" :‬ال‬ ‫صرخت بصوت عـال‪َ .‬رفَ َع يوحنّا رأسه ورآه‪َّ .‬نَ َ‬
‫ُ‬ ‫اجلالد‪.‬‬
‫بك على الدوام‪َ ...‬د َخ َل ّ‬ ‫يُف ِّكر َ‬
‫الشر"‪ .‬وكان على وشك أن‬ ‫عل‬‫ميكنك سوى انتزاع حيايت‪ .‬ولكن احلقيقة اليت تدوم هي أنّه ال ُيوز فِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ط الرأس عن اجلذع مع‬ ‫وس َق َ‬
‫اجلالد بسيفه الثقيل‪ ،‬بينما كان يوحنّا واقفاً‪َ ،‬‬ ‫يقول يل شيئاً عندما لََّو َح ّ‬
‫صبَ َغ جلد املاعز ابألمحر‪ ،‬وأصبَ َح الوجه النحيل أبيض كالشمع حيث العينان‬ ‫ِ‬
‫سيل عارم من الدم الذي َ‬
‫علي ِمن‬ ‫ِ‬
‫طت وجسـده معاً‪ ،‬وقد أُغم َي َّ‬ ‫وس َق ُ‬ ‫قدمي‪َ ...‬‬
‫ط عند َّ‬ ‫بقيتا حيويتني‪ ،‬مفتوحتني ومتَّ ِه َمتني‪َ .‬س َق َ‬
‫هريوداي‪ُ ،‬رِم َي الرأس للكالب‪ .‬ولكنّنا تل ّقفناه بسرعة‬
‫ّ‬ ‫األمل‪ ...‬بعد ذلك‪ ...‬بعد ذلك‪ ...‬بعد أن َمَّزقَته‬
‫ألصقناه ابجلّذع يف وشاح مثني‪ .‬يف الليل أعدان تشكيل اجلَّ َسد وأخرجناه خارج َمكرونة‪ .‬ويف غابة‬ ‫و َ‬
‫قريبة وصغرية ِمن األكاسيا‪ ،‬طيَّبناه عند بزوغ الشمس مبسـاعدة تالميذ آخرين‪ ...‬ولكنّه أ ُِخ َذ منّا كي‬
‫ألّنا ال تَستطيع حتطيمه كما ال تستطيع أن تَغفر له‪ ...‬وعبيدها‪ ،‬خشية احلكم عليهم‬ ‫ُميَّزق َم ّدداً ‪ّ .‬‬
‫كنت هناك اي مناحني!‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫حّت نـََزعوا ذلك الرأس‪ .‬لو َ‬ ‫ابإلعدام‪ ،‬كانوا أكثر وحشيّة من ابن آوى ّ‬
‫حّت ولو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنت هناك‪ ...‬ولكنَّها لَ َعنَته‪ ،‬ذلك الرأس‪ ...‬هذا ال يُنقص شيئاً من َمد السابق ّ‬
‫«لو ُ‬
‫كان اجلسد غري كامل‪ .‬أليس كذلك اي معلّم؟»‬

‫يتغري‪».‬‬
‫حّت ولو َخَّربته الكالب‪ ،‬فإ ّن َمده لن ّ‬
‫«هذا صحيح‪ّ .‬‬
‫ممزقتني‪ ،‬ما تزاالن تقوالن‪" :‬هذا غري‬
‫تتغري‪ ،‬اي معلّم‪ .‬فعيناه رغم كوّنما َمروحتني‪َّ ،‬‬
‫«وكلمته مل ّ‬
‫لك"‪ .‬ولكنّنا فقدانه‪ ».‬يقول متّيا‪.‬‬
‫جائز َ‬
‫ك على ِعلم بذلك‪».‬‬
‫لك‪ ،‬أل ّن هذا ما قاله هو‪ ،‬وقد قال كذلك إنّ َ‬
‫«واآلن حنن َ‬
‫«نعم‪ .‬منذ شهور وأنتم يل‪ .‬كيف أتيتم؟»‬

‫ـاق‪ ،‬حتت الشمس ال ُـمح ِرقة والرمل امللتَ ِهب‪،‬‬


‫سرياً على األقدام وعلى مراحل‪ .‬الدرب طويل وش ّ‬
‫وهو ُملتَ ِهب أكثر بسبب األمل‪ .‬إنّنا نسري منذ عشرين يوماً‪»...‬‬

‫«اآلن سوف تسرتُيون‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 417 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَسأل مناحني‪« :‬قولوا‪ :‬أمل يستغرب هريودس لغيايب؟»‬

‫«بلى‪ .‬يف البدء كان قَلِقاً‪ُ ،‬ثّ غاضباً‪ ،‬إّّنا بعد زوال َغضبه قال‪" :‬هكذا ينقص الذين يدينوين‬
‫واحداً"‪ .‬هذا ما نـَ َقلَه لنا الساقي صديقنا‪».‬‬

‫وداين‪ ،‬وهذا يكفيه‪ .‬تعالوا إىل حيث‬ ‫ِ‬


‫يقول يسوع‪« :‬ينقص الذين يدينونه! لديه هللا كحاكم ّ‬
‫عفرون ابلغبار‪ ،‬سوف َِّتدون ثياابً وأحذية لرفاقكم‪ُ .‬خذوها‪ ،‬بَ ِّدلوا ثيابكم‪ .‬فما‬ ‫وم َّ‬
‫ننام‪ .‬إنّكم ُم َتعبون ُ‬
‫فيمكنك أخذ مالبسي‪ُ .‬ثّ سوف نتدبّر األمر‪ .‬يف‬ ‫َ‬ ‫ك طويل‬ ‫أنت‪ ،‬متّيا‪ ،‬مبا أنّ َ‬
‫هو للواحد هو للجميع‪َ .‬‬
‫السهرة‪ ،‬مبا ّأّنا ليلة السبت‪ ،‬سوف أييت ُر ُسلي‪ .‬األسبوع القادم أييت اسحق مع تالميذه‪ُ ،‬ثّ أييت‬
‫بنيامني ودانيال‪ ،‬وبعد عيد املظال أييت ايليّا ويوسف وليفي كذلك‪ .‬لقد حان الوقت لينضم اآلخرون‬
‫إىل اإلثين عشر‪ .‬اذهبوا اآلن لرتاتحوا‪».‬‬

‫يُرافِقهم مناحني وُثّ يعود‪ .‬يبقى يسوع مع مناحني‪َُ .‬يلِس ُمستَغ ِرقاً يف التفكري‪ ،‬حزيناً بشكل‬
‫يتحرك‪.‬‬ ‫ال‬ ‫لة‬‫و‬‫الطا‬ ‫رب‬‫ُ‬‫ق‬ ‫مناحني‬ ‫لس‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫ليسنده‪.‬‬ ‫كبة‬
‫الر‬ ‫إىل‬ ‫د‬‫جلي‪ ،‬رأسه منحن على يده‪ ،‬وال ِـمرفق مستَنِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مكفهر‪ .‬وجهه عاصفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ولكنّه‬

‫أنت؟ ماذا ستفعل اآلن؟»‬


‫بَعد مرور فرتة طويلة‪ ،‬يَرفَع يسوع رأسه‪ ،‬ويَنظُر إليه ويَسأل‪« :‬و َ‬
‫أود البقاء قريباً ِمن‬
‫لت ُّ‬
‫تالشت‪ .‬ولكنّين ما ز ُ‬
‫لت ال أدري‪ ...‬فكرة بقائي يف مكرونة َ‬
‫«ما ز ُ‬
‫محايتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫أمتكن ِمن‬
‫البالط‪ ،‬ألعلَم‪ ...‬وهكذا َّ‬

‫أجربك‪ .‬سوف أتيت حينما يَفىن مناحني العتيق‪،‬‬


‫لك أن تتبعين دون أتجيل‪ .‬ولكنّين ال َ‬
‫«األفضل َ‬
‫َذ ّرة بعد َذ ّرة‪».‬‬

‫أود كذلك لو أنزع رأس تلك املرأة‪ .‬فهي ليست أهالً ألن حتمله‪»...‬‬
‫« ُّ‬

‫يتطلّع يسوع اببتسامة شاحبة ويقول بصراحة‪ُ« :‬ثّ‪ ...‬مل َمتُت بعد عن املكتَ َسبات البشريّة‪ ،‬ومع‬
‫انتظرت‪ .‬أَع ِرف أن أنتظر‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫حّت ولو‬
‫أفقدك‪ّ ،‬‬
‫أين لن َ‬ ‫فأنت عزيز على قليب‪ .‬أَعلَم ّ‬
‫ذلك َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 418 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك تتأ ّمل‪ .‬أان أرى ذلك‪».‬‬
‫اسيك‪ ...‬ألنّ َ‬
‫أمنحك أرُيييت ألو َ‬
‫َ‬ ‫أود لو‬
‫«اي معلّم‪ُّ ،‬‬

‫«صحيح‪ .‬أأت ّمل‪ .‬كثرياً! كثرياً!‪»...‬‬

‫فأنت تَعلَم أنّه يف سالم‪».‬‬ ‫«أ ِ‬


‫أظن‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫فقط؟‬ ‫ا‬‫ّ‬‫يوحن‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫َم‬

‫مين ج ّداً‪».‬‬ ‫ِ‬


‫س به قريباً ّ‬
‫«أعلم أنّه يف سالم وأُح ّ‬
‫«وإذن؟»‬

‫«وإذن!‪ ...‬مناحني‪ ،‬ال َفجر ماذا يَسبق؟»‬

‫«النهار‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ملاذا تسأل؟»‬

‫شري يَرتَعِد هلذه‬ ‫«ألن موت يوحنّا يسبق النهار الذي سأكون فيه الفادي‪ .‬وكل ما َّ ِ‬
‫يف من بُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صلوا‪ .‬ابق‬
‫أنت الستقبال القادمني‪ ،‬وإلعانة الذين قد َو َ‬
‫إين ذاهب إىل الرابية‪ .‬ابق َ‬
‫الفكرة‪ ...‬مناحني‪ّ ،‬‬
‫حّت عوديت‪ُ .‬ثّ‪ ...‬افعل ما تريد‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫ّ‬
‫وي ِ‬
‫غادر يسوع الغرفة‪ .‬يَهبط السلّم هبدوء‪ُ ،‬يتاز احلديقة‪ ،‬ومن اخللف يَسلك درابً وسط احلدائق‬‫ُ‬
‫الـمهملة وبساتني الزيتون والت ّفاح والكرمة والتني‪ .‬ويصعد سفح رابية صغرية يغيب فيها عن ِ‬
‫انظري‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 419 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪"( -134‬فلنمض إىل تريشة")‬

‫‪1945 / 09 / 05‬‬

‫ضجة‪ ،‬يتوقّف ُهنيهة أمام املطبخ ال ُـمظلِم‪ .‬يراه‬


‫دخل احلديقة دون ّ‬
‫يعود يسوع إىل البيت ليالً‪ .‬يَ ُ‬
‫َسَّرة واحلصر‪ .‬وِها أيضاً خاليتان‪ .‬مل يكن هناك سوى الثياب‬ ‫خاوايً‪ .‬يتوجه إىل الغرفتني حيث األ ِ‬
‫ّ‬
‫الر ُسل قد عادوا‪ .‬يبدو البيت وكأنّه غري مسكون‪،‬‬ ‫املبدَّلة‪ ،‬فوق بعضها على األرض‪ ،‬ممّا يشري إىل أن ُّ‬
‫بقدر ما كان هادائً صامتاً‪.‬‬

‫صل‬‫ويسوع‪ ،‬وهو ال ُُي ِدث ضجة أكثر من ظل‪ ،‬يصعد السـلّم‪ ،‬األبيض يف بياض القمر‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ّ‬
‫يتحرك دون صوت‪َ ،‬شبَحاً نورانياً‪ .‬يف أتلُّق نور القمر‪ ،‬يبدو‬
‫إىل الشُّرفة‪ُ .‬يتازها‪ .‬يبدو وكأنّه شبح ّ‬
‫وكأنّه أضحى أكثر صفاء‪ ،‬وأكثر َعظَ َمة أيضاً‪ .‬يرفع بيده الستار الذي على ابب الغرفة العلويّة‪ .‬وكان‬
‫نس ِدالً ُمذ َد َخ َل تالميذ يوحنّا مع يسوع‪ .‬يف الداخل‪ ،‬جالِسني هنا وهناك‪َ ،‬جاعات أو‬ ‫قد ظَ َّل ُم َ‬
‫الر ُسل مع تالميذ يوحنّا ومناحني‪ ،‬وكان مرغزايم انئماً ورأسه على ركبيت بطرس‪ .‬وقد أخذ‬‫فرادى‪ ،‬كان ُّ‬
‫مهمة إانرة الغرفة بدخوله أبمواجه الفسفوريّة ِمن النوافذ املفتوحة‪ .‬ال أحد يتكلّم‪.‬‬
‫القمر على عاتقه ّ‬
‫وال أحد ينام ِسوى الولد وهو جالس أرضاً على حصرية‪.‬‬
‫يدخل يسوع على مهل‪ ،‬وأول من يراه توما‪« .‬آه! اي معلّم!» يقوهلا وهو ي ِ‬
‫قفز‪.‬‬‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ك على النهوض فجأة‪ ،‬ولكنّه يتذ ّكر الولد فَـيَفعلها‬ ‫أوش َ‬
‫بتسرعه‪َ ،‬‬‫هتز اآلخرون َجيعاً‪ .‬وبطرس‪ُّ ،‬‬ ‫يَ ّ‬
‫ص َل آخرهم أمام يسوع‪ ،‬بينما‬ ‫على مهل‪ ،‬جاعالً رأس مرغزايم األمسر يتّكئ على مقعده‪ ،‬حبيث َو َ‬
‫املعلّم‪ ،‬ابلصوت التَّعِب الذي المرئ عاىن الكثري‪ُُ ،‬ييب يوحنّا ويعقوب واندراوس الذين يَ ُروون له‬
‫َفهم ذلك‪ .‬إّّنا الـذي ال يؤمن هو فقط الذي يَشعُر ابألسى بسبب املوت‪ .‬وليس حنن الذين‬ ‫أملهم‪« :‬أ َ‬
‫وإما‬
‫حّت‪ّ .‬إما معي ّ‬ ‫فرقنا ّ‬ ‫نعرف ونؤمن‪ .‬مل يـَعُد يوحنّا منفصالً عنّا‪ .‬كان كذلك قبالً‪ .‬يف السابق كان يُ ِّ‬
‫معه‪ .‬اآلن انتهى‪ .‬فحيث يكون هو أكون أان‪ .‬إنّه إىل جانيب‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 420 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بكيت‬
‫أأنت كذلك َ‬ ‫بطرس َُي ُشر رأسه الذي مأله الشيب وسط رؤوس الشباب ويراه يسوع‪َ « :‬‬
‫كنت يوماً‬ ‫ِ‬
‫ش أكثر من املعتاد‪« :‬نعم‪ ،‬اي سـيّد‪ ،‬فأان كذلك ُ‬ ‫َج ّ‬
‫اي مسعان بن يوان؟» وبطرس‪ ،‬بصوت أ َ‬
‫تلميذاً ليوحنّا‪ ...‬وأيضاً‪ ...‬وأيضاً ألنَّين ال أزال متك ّدراً منذ عشية السبت املاضي‪ ،‬أل ّن وجود ّ‬
‫الفريسيّني‬
‫حصل على‬ ‫ِ‬
‫جلبت الولد‪ ...‬لنَ َ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫كان قد مأل لنا السبت مرارة! لقد كان حقاً سبت مرارة! ُ‬
‫سبت أكثر هبجة‪َّ ...‬إّنا على العكس‪»...‬‬

‫لك أيضاً‪ .‬وابملقابل‪،‬‬


‫ـك تنهار‪ ،‬اي سـمعان بن يوان‪ .‬مل نفقد يوحنّا‪ .‬أقول ذلك َ‬
‫«ال ّتعل نفس َ‬
‫أصبَ َح لدينا ثالثة تالميذ انضجني بشكل جيّد‪ .‬أين الولد؟»‬

‫«هنا‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬إنّه انئم‪»...‬‬

‫«دعه ينام‪ ».‬يقول يسوع وهو ينحين على الرأس الصغري األمسر الذي ينام مطمئناً‪ُ .‬ثّ يَسأل‬
‫ِمن جديد‪« :‬هل ّ‬
‫تعشيتم؟»‬

‫نك‪ ...‬كان‬
‫رك‪ ،‬غري عاملني أين نبحث ع َ‬
‫لتأخ َ‬
‫ننتظرك‪ ،‬وكنّا منشغلني اآلن ّ‬
‫َ‬ ‫«ال اي معلّم‪ .‬كنّا‬
‫أنت كذلك‪».‬‬‫فقدانك َ‬
‫َ‬ ‫يتهيّأ لنا أنّنا‬

‫«ما زال لدينا الوقت لنمكث معاً‪ .‬هيّا‪ ،‬هيّئوا العشـاء‪ ،‬ألنّنا سنذهب بعد ذلك إىل مكان‬
‫آخر‪ .‬إنّين يف حاجة ألن أختلي وسط أصدقاء‪ ،‬وغداً‪ ،‬إذا ما بقينا هنا‪ ،‬فحتماً سوف ُييط بنا‬
‫الناس‪».‬‬

‫للفريسيّني‪ .‬وإذا ما‬ ‫اليت‬ ‫تلك‬ ‫األفاعي‬ ‫كات‬ ‫حر‬ ‫ة‬‫خاص‬ ‫أحتملهم‪،‬‬ ‫لن‬ ‫ين‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أب‬ ‫لك‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫«وأان‪ ،‬أ ِ‬
‫ُقس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أفلَتَت منهم ولو ابتسامة موجهة إلينا يف اجملمع‪ ،‬فستحصل هلم أمور مؤسفة للغاية!»‬

‫أتيت آلخذكم معي‪».‬‬


‫كنت أف ّكر يف هذا‪ .‬ألجل ذلك ُ‬
‫«هدوءاً‪ ،‬اي مسعان!‪ ...‬ولكنّين‪ ،‬أان أيضاً ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 421 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫على بريق املصابيح الصغرية املضاءة على طريف الطاولة‪ ،‬يُرى امتقاع الوجوه بشكل أفضل‪ .‬وحده‬
‫يسوع ُيافظ على َعظَ َمته املهيبة‪ ،‬ومرغزايم يبتسم يف نومه‪.‬‬

‫شرح مسعان‪.‬‬
‫«لقد أكل لولد‪ ».‬يَ َ‬
‫«إذن فمن األفضل أن ندعه انئماً‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬

‫ووسط أتباعه‪َ ،‬مينَح ويوزع القليل من الطعام الذي أيكلونه بال شهيّة‪ .‬وينتهي العشاء بسرعة‪.‬‬

‫ليشجعهم‪.‬‬
‫«قولوا يل اآلن ماذا فعلتم‪ »...‬يقول يسوع ّ‬
‫وشفينا ولداً مريضاً‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬
‫ذهبت مع فليبّس إىل قرى بيت صيدا‪ .‬لقد بَ َّشران َ‬
‫«أان قد ُ‬
‫«يف احلقيقة هو مسعان الذي شفاه‪ ».‬يقول فليبّس الذي ال يريد نَسب مفخرة لنفسه وهي‬
‫ليست من ح ّقه‪.‬‬
‫«آه! اي سيدي! لست أدري كيف فعلت‪ .‬صلَّيت كثرياً‪ِ ،‬من كل قليب‪ ،‬ألنّين كنت أ ِ‬
‫ُشفق على‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أيت وجهه يستعيد‬ ‫ذلك الصيب‪ُ .‬ث مسحته ابلزيت الذي فركته بيدي الغليظتني‪ِ ...‬‬
‫وشف َي‪ .‬وعندما ر ُ‬‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ّ ّ َ َ ُُ‬
‫خفت‪».‬‬
‫لونه‪ ،‬وعينيه تَفتَحان‪ ،‬ابلنتيجة يَستَعيد احلياة‪ ،‬تقريباً ُ‬
‫يضع يسوع يده على رأس مسعان دون أن يتكلّم‪.‬‬

‫علي أان التحدث يف ذلك‪ ».‬يقول توما‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«لقد ُدهش يوحنّا كثرياً ألنّه طََرَد شيطاانً‪ ،‬إّّنا َّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫«أخوك يوضاس فَـ َعلَها كذلك‪ ».‬يقول ّ‬
‫«ويف الوقت ذاته اندراوس‪ ».‬يقول يعقوب بن حلفا‪.‬‬

‫« ِمن ِجهته‪ ،‬مسعان الغيور َشفى أحد الربص‪ .‬آه! مل َخيَف ِمن ملسه! ولكنّه قال يل فيما بعد‪:‬‬
‫جسدي"‪ ».‬يقول برتلماوس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أي أذى‬
‫"ال ُتف‪ .‬إبذن هللا لن يصيبنا ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 422 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يوطي‪،‬‬
‫أحسنت القول‪ ،‬اي مسعان‪ .‬وأنتما االثنان؟» يَسأل يسوع يعقوب بن زبدى واالسخر ّ‬ ‫َ‬ ‫«‬
‫ألول يتح ّدث إىل تالميذ يوحنّا الثالث‪ ،‬والثاين يبقى وحيداً وعابساً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املتواج َدين بعيداً قليالً‪ ،‬ا ّ‬
‫صنَ َع ثالث معجزات رائعة‪ :‬أعمى وكسيح‬
‫لكن يهوذا َ‬
‫«آه! أان مل أفعل شيئاً‪ ».‬يقول يعقوب‪ .‬و ّ‬
‫سمونه هكذا‪»...‬‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫الناس‬ ‫لكن‬‫و‬ ‫باع‪،‬‬‫ط‬
‫ّ‬‫ومستَحوذ عليه‪ ،‬كان يبدو يل شاذَّ ال ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫ساعدك كثرياً؟» يقول بطرس‪.‬‬
‫َ‬ ‫أنت تَعبس أمامنا هكذا‪ ،‬بينما هللا قد‬
‫«و َ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫«أان كذلك أعرف أن أكون متواضعاً‪ُُ ».‬ييب االسخر ّ‬
‫التصرف أكثر‪،‬‬
‫لكن يهوذا ُُييد ّ‬
‫الفريسيّني‪ .‬أان مل أكن على ما يرام‪ .‬و ّ‬
‫«وبعد ذلك استَقبَـلَنا أحد ّ‬
‫األول كان َح ِذراً‪ ،‬إّّنا بعدئذ‪ ...‬أليس كذلك اي يهوذا؟»‬
‫حبق‪ .‬يف اليوم ّ‬ ‫وقد طََّو َعه ّ‬
‫يُوافِق يهوذا دون كالم‪.‬‬

‫وسـتَفعلون أفضل على الدوام‪ .‬سنبقى معاً يف األسبوع ال ُـمقبِل‪ .‬يف هذه األثناء‪...‬‬
‫«حسناً ج ّداً‪َ .‬‬
‫أنت كذلك اي يعقوب‪».‬‬ ‫ِ‬
‫مسعان سيهيّئ املراكب‪ ،‬و َ‬
‫« ِمن أجل اجلميع‪ ،‬اي معلّم؟ لن نتّسع َجيعنا فيها‪».‬‬

‫ميكنك احلصول على مركب آخر؟»‬


‫َ‬ ‫«أال‬

‫«بطلبه ِمن صهري‪ ،‬نعم‪ .‬أان ذاهب‪».‬‬


‫«اذهب‪ ،‬وبعد إجناز العمل‪ ،‬ع ْد حاالً وال تُ ِ‬
‫عط تفسريات كثرية‪».‬‬ ‫ُ‬
‫َميضي الصيّادون األربعة‪ .‬يَهبط اآلخرون ليأخذوا احلقائب واملعاطف‪ .‬يبقى مناحني مع يسوع‪.‬‬
‫الولد ما يزال انئماً‪.‬‬

‫«هل تذهب بعيداً‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 423 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لست أَعلَم بَعد‪ُ ...‬هم تَعِبون وحزاىن‪ .‬وأان كذلك‪ .‬أُف ِّكر يف الذهاب إىل تريشة‪ ،‬إىل الريف‪،‬‬
‫ُ‬
‫لنختلي ونكون بسالم‪».‬‬

‫مسحت‪ ،‬سآيت ُمتَّبِعاً البحرية‪ .‬هل ستظل هناك طويالً؟»‬


‫َ‬ ‫لدي حصاين‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ولكن لو‬
‫« َّ‬
‫«قد أبقى طوال األسبوع‪ .‬وليس أكثر‪».‬‬

‫األول‪ .‬وارفع عن قليب ثِقالً‪».‬‬


‫«إذن سوف آيت‪ .‬ابركين اي معلّم يف هذا الوداع ّ‬
‫أي ثِقل اي مناحني؟»‬
‫« ّ‬
‫كنت هناك‪ ،‬لكان ِمن املمكن أن‪»...‬‬
‫إ ّن ضمريي يؤنّبين لرتكي يوحنّا‪ .‬لو ُ‬
‫لك هذا الثِّقل‪.‬‬
‫إيل‪ .‬ال يكن َ‬
‫لرؤيتك آتياً َّ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬فتلك كانت ساعته‪ .‬وهو ابلتأكيد قد ُسَّر‬
‫كونك إنسان‪.‬‬ ‫تتحرر بسرعة وجيّداً ِمن الثِّقل الوحيد الذي َ‬
‫لديك‪ :‬طَعم َ‬ ‫حاول‪ ،‬على العكس‪ ،‬أن ّ‬
‫معك‪ .‬سوف نعود لنلتقي قريباً يف اليهوديّة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ولتُصبح روحاً‪ ،‬اي مناحني‪ .‬سالمي َ‬
‫ُيثو مناحني ويباركه يسوع‪ُ .‬ثّ يُن ِهضه ويُعانِقه‪.‬‬

‫الر ُسل وتالميذ يوحنّا‪ .‬يف النهاية أييت الصيّادون‪« :‬لقد متّ‪،‬‬
‫دخل اآلخرون ويتبادلون التحيّة‪ُّ ،‬‬
‫يَ ُ‬
‫املضي‪».‬‬
‫اي معلّم‪ .‬ميكننا ّ‬
‫حّت َغ َسق الغد‪ .‬اَجعوا القوت وخذوا ماء ولنرحل‪ .‬قَـلِّلوا‬
‫«حسناً‪َ .‬حيّوا مناحني الذي يبقى هنا ّ‬
‫ما استطعتم ِمن الضجة‪».‬‬

‫ينحين بطرس إليقاظ مرغزايم‪.‬‬

‫ئن قليالً‪،‬‬
‫اعي‪ ».‬يقول يسوع ويَرفَع برفق الولد الذي ي ّ‬
‫«ال‪ .‬دعه‪ ،‬فقد يبكي‪ .‬أان سأمحله بني ذر ّ‬
‫عفوي أيخذ راحته بني ذراعي يسوع‪.‬‬
‫ولكنّه بشكل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 424 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫طفئون املصابيح‪َ .‬خي ُرجون‪ .‬يُغلِقون الباب‪ .‬يَهبطون‪ .‬على عتبة احلديقة ُُييّون مناحني ِمن‬
‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫جديد ُثّ‪ ،‬تِباعاً‪ ،‬على طول الدرب الذي يُنريه القمر‪ ،‬يَقصدون البحرية‪ :‬املرآة الفضيّة الكبرية حتت‬
‫القمر‪ .‬ثالث بقع محراء على املرآة الساكنة‪ ،‬هكذا تبدو الفوانيس الثالثة اليت يف مق ّدمة املراكب‪.‬‬
‫صعد الصيّادون‪ .‬بطرس وأحد الصبيان يف مركب‪،‬‬ ‫يتوزعون‪ ،‬يف النهاية يَ َ‬
‫يَصعدون إىل املراكب وهم ّ‬
‫يوحنّا واندراوس يف الثاين‪ ،‬يعقوب وأحد الصبيان يف الثالث‪.‬‬

‫«إىل أين حنن ذاهبون‪ ،‬اي معلّم؟» يَسأل بطرس‪.‬‬

‫«إىل تريشة‪ ،‬حيث َح َّ‬


‫ط بنا الرحال بعد معجزة اجلراسـانيّني‪ .‬اآلن‪ ،‬لن يكون هناك سبخ‬
‫مستنقعي وسنكون يف أمان واطمئنان‪».‬‬

‫َميخر بطرس عباب البحرية‪ ،‬ويسري اآلخرون مبراكبهم خلفه‪ ،‬على خط سري الذي يَسبق‪ .‬ال‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫أحد يتكلّم‪ .‬عندما يُصبحون يف عرض البحرية‪ ،‬وتتالشى كفرانحوم يف ضوء القمر الذي ُيعل ّ‬
‫األشياء متماثلة بغباره الفضي‪ ،‬حينئذ بطرس‪ ،‬وكأنّه كان يتح ّدث إىل الدفّة‪ ،‬يقول‪« :‬هذا يعجبين‪.‬‬
‫وبفضلك لن ُيدوان‪».‬‬
‫َ‬ ‫غداً سوف يبحثون عنّا‪،‬‬

‫«إىل َمن تتح ّدث اي مسعان؟» يَسأل برتلماوس‪.‬‬

‫ثت إليه! أكثر ِمن َحتدُّثي‬


‫«إىل املركب‪ .‬أال تدري أنّه‪ ،‬ابلنسبة للصيّادين‪ ،‬كالعروس؟ كم حت ّد ُ‬
‫إىل برفرييه‪ .‬اي معلّم‪ ...‬هل الولد مغطّى بشكل جيّد؟ هناك نَدى أثناء الليل على البحرية‪»...‬‬

‫إليك‪»...‬‬
‫علي أن أحتدَّث َ‬
‫«نعم‪ .‬امسع اي مسعان‪ .‬تعال إىل هنا‪َّ .‬‬
‫الصيب‪ ،‬وَميضي إىل يسوع‪.‬‬
‫يَدفَع بطرس ابلدفّة إىل ّ‬
‫ميكنك إُياد‬
‫َ‬ ‫حّت بعد السبت لتحيّة مناحني ِمن جديد‪ .‬أال‬
‫قلت تريشة‪ ،‬إّّنا سنبقى ّ‬
‫«لقد ُ‬
‫مكان لنا قريب ِمن هناك نكون فيه بسالم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 425 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«آه! اي معلّم! يف سالم‪ ،‬حنن أم املراكب كذلك؟ ابلنسبة للمراكب فما يلزمنا هو تريشة‪ ،‬أو‬
‫مرافئ الشاطئ اآلخر‪ّ ،‬أما إذا كان األمر ابلنسبة لنا‪ ،‬فيكفي أن تتوغّل فيما وراء األردن‪ ،‬حيث وحدها‬
‫ومن احملتمل‪ ،‬بعض صيّادي السمك الساهرين على سالل فخاخ لصيد‬ ‫اكتشافك‪ِ ...‬‬
‫َ‬ ‫احليواانت ميكنها‬
‫وننسل بسرعة إىل ما وراء ال َـمع َرب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السمك‪ .‬سوف نتم ّكن ِمن ترك املراكب يف تريشة اليت نبلغها فجراً‪،‬‬
‫ِمن السهل املرور يف ذاك الوقت‪».‬‬

‫«حسناً‪.‬سوف نفعل هكذا‪»...‬‬

‫حق‪».‬‬
‫ك على ّ‬
‫أتفضل السمك والبعوض؟ إنّ َ‬
‫أنت كذلك؟ ّ‬
‫ازك‪َ ،‬‬
‫«أيثري العامل امشئز َ‬

‫أبي فِعل يُثري‬


‫أبي امشئزاز‪ .‬وُيب ّأال يكون ذلك‪ .‬ولكنّين أريد حتاشي قيامكم ّ‬
‫«أان ال أشعر ّ‬
‫أتعزى بصحبتكم خالل ساعات السبت تلك‪».‬‬ ‫أود أن ّ‬
‫الشكوك‪ ،‬و ُّ‬

‫«معلّمي!‪ »...‬ويُقبِّله بطرس من جبهته ويبتعد وهو ميسح دمعة كبرية كانت حقيقة على وشك‬
‫أن تسيل من عينه لتنـزل إىل حليته‪ .‬يعود إىل دفّته وأيخذ ِوجهة اجلنوب بدقّة‪ ،‬بينما يتنامى نور القمر‬
‫انظري البشر‪ ،‬إّّنا اتركاً‬
‫ّ‬ ‫عند رقاد الكوكب الذي يهبط فيما وراء هضبة‪ ،‬خافياً وجهه العظيم عن‬
‫النيلي الداكن‬
‫الشرقي للبحرية‪ّ .‬أما الباقي فباللون ّ‬
‫ّ‬ ‫فضيّاً على الشاطئ‬
‫ض بنوره‪ ،‬وملعاانً ّ‬‫السماء أيضاً تبيَ ّ‬
‫الذي ابلكاد يتميّز بنور فوانيس املق ّدمة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 426 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -135‬أثناء احلديث مع أحد ال َكتَ بَة)‬

‫‪1945 / 09 / 06‬‬

‫ضع يسوع ِرجله على الض ّفة اليمىن لنهر األردن‪ ،‬على بعد ميل أو رّمبا أكثر‪ِ ،‬من ِشبه جزيرة‬ ‫يَ َ‬
‫الرطبة يف العمق‪ُ ،‬حتافِظ على‬‫تريشـة الصغرية‪ .‬ريف أخضر متاماً‪ ،‬ذلك أ ّن األرض اجلافّة اآلن‪ ،‬ولكن ّ‬
‫حياة النبااتت األكثر ضعفاً‪ .‬حينئذ َُِيد يسوع َجعاً ِمن الناس ينتظرونه‪.‬‬

‫يُقبِل ابنا عمه للقائه مع مسعان الغيور‪« :‬اي معلّم‪ ،‬لقد فضحت أمران املراكب‪ ...‬وقد يكون‬
‫مناحني أعطاهم إشارة‪»...‬‬

‫رحلت يف الليل لكي ال يراين أحد‪ ،‬ومل أحت ّدث إىل أحد‪ .‬ثِق‬
‫ُ‬ ‫«اي معلّم‪ »،‬يَعتَ ِذر مناحني‪« ،‬لقد‬
‫أظن أن األمر انجم‬
‫لكين ّ‬ ‫قلت للجميع فقط‪" :‬لقد َر َحل"‪ .‬و ّ‬‫كنت‪ .‬ولكنّين ُ‬
‫بذلك‪ .‬كثريون سألوين أين َ‬
‫أعطاك َمركبه‪»...‬‬
‫َ‬ ‫عن صيّاد مسك قال أبنّه‬

‫لت له‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كنت قد ق ُ‬‫قلت له ّأال يتكلّم! و ُ‬
‫كنت قد ُ‬
‫«اي لنَسييب األمحق!» يُن ّدد بطرس بعنف‪« .‬و ُ‬
‫وقلت له أبنّه إذا تكلّم فسأنتف له حليته! وسأفعلها! َّ‬
‫أتكد أنّين سأفعلها‪.‬‬ ‫أبنّنا ذاهبون إىل بيت صيدا! ُ‬
‫واآلن؟ وداعاً أيّها السالم والعزلة والراحة!»‬

‫حصلت جزئياً على‬


‫ُ‬ ‫صلنا على ّأايم السالم‪ .‬فيما عدا ذلك‪ ،‬فقد‬ ‫«هدوءاً اي مسعان! ها قد َح َ‬
‫الصدامات بينكم‬ ‫ِ‬
‫ت أصبـو إليه‪ :‬تثقيفكم وتعزيتكم وهتدئتكم‪ ،‬ألَحول دون اإلهاانت و ّ‬ ‫اهلدف الذي كن ُ‬
‫وبني ّفريسيّي كفرانحوم‪ .‬واآلن هيّا بنا ملالقاة هؤالء الناس الذين ينتظروننا‪ .‬لنكافئ إمياّنم وحبّهم‪.‬‬
‫ب‪ ،‬وإذن الفرح‪».‬‬ ‫ِ‬
‫احلب‪ ،‬أليس هو ابلنسبة لنا عزاء؟ حنن نتأ ّمل من احلقد‪ .‬وهنا يوجد ُح ّ‬
‫وحّت هذا ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 427 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هدأ بطرس كالريح اليت َس َكنَت فجأة‪ .‬ويذهب يسوع إىل َجع املرضى الذين ينتظرونه برغبة‬
‫يَ َ‬
‫حّت مع أحد ال َكتَـبَة الذي‬ ‫ِ‬
‫ابدية على وجوههم بوضوح‪ ،‬ويشفيهم الواحد تلو اآلخر بعطف وصرب‪ّ ،‬‬
‫يُق ِّدم له ابنه الصغري مريضاً‪.‬‬

‫ب‬
‫إنك َهترب‪ .‬ولكن دون جدوى‪ .‬احلقد واحل ّ‬ ‫يتوجه ذاك الكاتب إىل يسوع ابلقول‪« :‬أترى؟ َ‬
‫ُُثّ ّ‬
‫ك ابلنسبة ألانس كثريين مثل عروس‬ ‫وجدك كما يقول النشيد‪ .‬فإنّ َ‬
‫َ‬ ‫احلب‬
‫إُيادك‪ .‬هنا‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫اب ِرعان يف‬
‫عميناداب‬
‫حراس ّ‬ ‫النشيد‪ ،‬ويـُ ْقبِل املرء َ‬
‫إليك كما َمتضي السلميّة ‪ sulamite‬إىل عروسها متح ّدية ّ‬
‫وعرابته!»‬

‫«ملاذا تقول هذا؟»‬

‫عليك‪ .‬أال تَعلَم أ ّن روما‬


‫يكرهونك وُيقدون َ‬
‫َ‬ ‫ألّنم‬
‫إليك ُمفوف ابخلطر ّ‬
‫ألّنا احلقيقة‪ .‬اجمليء َ‬
‫« ّ‬
‫عليك؟»‬
‫اقبك واهليكل ُيقد َ‬‫تر َ‬
‫َنصب‬
‫«ملاذا ُّتّربين أيّها الرجل؟ كالمك فَ ّخ ألحتامل على روما وعلى اهليكل يف إجاابيت‪ .‬أان مل أ ُ‬
‫ابنك‪»...‬‬
‫لك َ‬ ‫فيت َ‬
‫فخاً عندما َش ُ‬ ‫لك ّ‬
‫َ‬

‫والكاتب‪ ،‬لدى هذا اللوم اللطيف‪َ ،‬خيفض رأسه‪ ،‬وهو ُمضطَ ِرب ويعرتف‪« :‬أرى أنّ َ‬
‫ك ابحلقيقة‬
‫أتيت بينما كانت مخرية‬
‫كنت قد ُ‬‫ك ابحلقيقة ق ّديس‪ .‬ساُمين‪ .‬نعم‪ُ ،‬‬
‫ترى قلوب البشر‪ .‬ساُمين‪ .‬أرى أنّ َ‬
‫يف آخرون تتفاعل‪»...‬‬‫وضعها ّ‬
‫فيك احلرارة املناسبة لِتَ ُّ‬
‫خمرها‪».‬‬ ‫«وكانت قد َو َج َدت َ‬
‫«نعم‪ ،‬هذا صحيح‪ ...‬ولكنّين اآلن أمضي بدون مخرية‪ ،‬أو ابألحرى ِخبَمرية جديدة‪».‬‬

‫«أعلَم ذلك وال أبطن (أمحل) غالًّ‪ .‬كثريون خيطئون إبرادهتم‪ ،‬وكثريون إبرادة غريهم‪ .‬وُمتلفة هي‬
‫أنت‪ ،‬أيّها الكاتب‪ُ ،‬كن مستقيماً‪ ،‬ويف املستقبل ال‬
‫املعايري اليت سيستخدمها هللا العادل لدينونتهم‪َ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 428 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أفس َد َك الغري‪ .‬عندما ُميا ِرس العامل َ‬
‫عليك ضغطه‪ ،‬انظر إىل النّعمة احليّة اليت هي‬ ‫كما‬ ‫للغري‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫د‬ ‫تكن م ِ‬
‫فس‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُنقذ ِمن املوت‪ ،‬واعرتف هلل هبذا اجلميل‪».‬‬ ‫ابنك الذي أ ِ‬
‫َ‬
‫أنت‪».‬‬
‫لك َ‬‫«بل َ‬
‫األول يف إطاعته‪ .‬ذلك‬
‫كرمه وُمي ّجده‪ّ .‬‬ ‫«هلل‪ .‬له كل اجملد واإلكرام‪ .‬أان مسيحه‪ ،‬وأان ّأول َمن يُ ِّ‬
‫ّ‬
‫ط إذا ما َخ َد َم اخلطيئة‪».‬‬‫وخ َد َمه أبمانة‪ ،‬ولكنّه ينح ّ‬
‫ط إذا ما َكَّرم هللا َ‬
‫أ ّن اإلنسان ال ينح ّ‬

‫ك ُحت ِسن الكالم‪ .‬أتتح ّدث هكذا دائماً وإىل اجلميع؟»‬


‫«إنّ َ‬
‫يفي‪،‬‬
‫متسولني على درب ر ّ‬
‫ثت إىل برص ّ‬
‫ثت إىل حنّان وَجالئيل‪ ،‬أو حت ّد ُ‬
‫«إىل اجلميع‪ .‬سواء حت ّد ُ‬
‫فالكالم ذاته أل ّن احلقيقة واحدة‪».‬‬

‫ماتك‪ ،‬أو واحدة ِمن نِ َع َ‬


‫مك‪».‬‬ ‫«تكلّم إذن‪ ،‬فإنّنا َجيعنا هنا لنستجدي واحدة ِمن كلّ َ‬
‫«سوف أتكلّم‪ ،‬لكيال يقال إنّين متحامل على النـزيهني يف معتقداهتم‪».‬‬

‫كنت أظنّين نزيهاً‪ ،‬العتقادي أبنّين‬


‫لدي‪ .‬ولكن يف احلقيقة ُ‬
‫«لقد ماتت نزاهة املعتقد اليت كانت ّ‬
‫بتك‪».‬‬
‫أخدم هللا يف ُمار َ‬
‫كنت ُ‬
‫ُ‬
‫معتقداتك مل‬
‫َ‬ ‫تستحق إدراك هللا الذي ليس َك ِذابً ُمطلقاً‪ .‬ولكن‬
‫ّ‬ ‫ك صريح صادق‪ ،‬ولذلك‬ ‫«إنّ َ‬
‫لك ذلك‪ .‬إ ّن األمر كنجيل (عُشب له جذور طويلة وينتشر بسرعة) أُح ِرق‪.‬‬ ‫َمتُت بعد‪ .‬أان َمن أقول َ‬
‫لكن اجلذور حيّة‪ ،‬واألرض ما تزال تغ ّذيها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ففي الظاهر يبدو أنّه ُد ّمر‪ ،‬وأن النار قد قضت عليه‪ .‬و ّ‬
‫وإال سوف ُيتاحك‬ ‫والندى يدعوها لِتُخرِج سوقاً جديدة وأوراقاً جديدة‪ُ .‬يب التنبّه لكيال ُيصل هذا‪ّ ،‬‬
‫النجيل ِمن جديد‪ .‬احلياة يف إسرائيل قاسية!»‬

‫«أعلى إسرائيل إذن أن متوت؟ أهي نَبات سيّئ؟»‬

‫«عليها أن متوت لكي تقوم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 429 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫روحي؟»‬
‫ناسخ ّ‬
‫«تَ ُ‬
‫أي شكل‪».‬‬ ‫ِ‬
‫تقمص من ّ‬
‫ناسخ أو ّ‬
‫روحي‪ .‬فال يوجد تَ ُ‬
‫«ارتقاء ّ‬
‫«هناك َمن يؤمن بذلك‪».‬‬

‫« ّإّنم على خطأ‪».‬‬

‫لكي‪».‬‬ ‫م‬ ‫ذاء‬‫«لقد تَـرَكت فينا اهللّينية كذلك معتقداهتا‪ .‬والعلماء يتعلّلون ويتباهون هبا كما بِغِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«تناقض غري معقول‪ ،‬فالذين يتبنوّنا‪ ،‬هم ذاهتم الذين يطلقون اللّعنات فيما إذا أ ِ‬
‫ُِهلت واحدة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫من الشرائع الصغرى الستّمائة والثالث عشرة‪».‬‬

‫حّت ما يكرهون‪».‬‬
‫«صحيح‪ .‬ولكن‪ ...‬هذا هو الواقع‪ .‬فالناس ُيبون تقليد ّ‬
‫«إذن قلّدوين‪ ،‬مبا أنّكم تكرهونين‪ .‬هذا سيكون أفضل ابلنسبة إليكم‪».‬‬

‫خرج ِمن يسوع‪ .‬والناس َمشدوهون لِما يَسمعون‪،‬‬


‫يبتسم الكاتب ُرغماً عنه أمام هذا ال َـم َ‬
‫والبَعيدون َُيعلون األقرب يُعيدون كالم االثنني‪.‬‬

‫ابلتقمص؟»‬
‫أيك ُّ‬ ‫أنت‪ ،‬والكالم بيننا‪ ،‬ما ر َ‬
‫«ولكن َ‬
‫قلت ذلك‪».‬‬
‫«خطأ‪ .‬لقد ُ‬
‫«هناك َمن يتبنّون فكرة أ ّن األحياء أيتون ِمن األموات واألموات ِمن األحياء‪ ،‬أل ّن ما يوجد ال‬
‫ميكنه أن يَفىن‪».‬‬

‫أنت‪ ،‬هل توجد حدود لِذات‬


‫أيك َ‬
‫أزيل ال يفىن‪ .‬إّّنا قل يل‪ ،‬حسب ر َ‬
‫«ابلفعل‪ ،‬إ ّن ما هو ّ‬
‫اخلالق؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 430 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ال‪ ،‬اي معلّم‪ .‬فمجرد التفكري يف ذلك يَنتَ ِقص ِمن قَدره‪».‬‬

‫بتقمص روح ألنّه ال ميكن أن يوجد ِسوى‬


‫«أنت قُلتَها‪ .‬وهل ميكن إذن التفكري أبنّه هو يَسمح ُّ‬
‫عدد ُم ّدد ِمن األرواح؟»‬

‫«علينا ّأال نف ّكر بذلك‪ ،‬ومع ذلك فهناك َمن يف ّكر بذلك‪».‬‬

‫يتم يف إسرائيل‪ .‬ففكرة خلود الروح تلك‪ ،‬اليت هي عظيمة حب ّد‬ ‫«واألسوأ هو أن التفكري بذلك ّ‬
‫وثين خبطأ يف تَقييم غري صحيح حول كيفيّة حصول هذا اخللود‪ ،‬ينبغي‬ ‫حّت ولو اقرتنت لدى ّ‬ ‫ذاهتا‪ّ ،‬‬
‫احلجة الوثنيّة‪،‬‬
‫أن تكون كاملة يف إسرائيل‪ .‬على العكس‪ ،‬لدى أولئك الذين يتقبّلوّنا مبوجب تعابري ّ‬
‫جملرد مالمستها‬ ‫ِ‬
‫ظهر أهالً لإلعجاب ّ‬ ‫تصبح فكرة ُمنتَـ َقصة‪ُ ،‬منحطّة‪ُُ ،‬مطئة‪ .‬فهي ليست َعظَ َمة فكرة ما تَ َ‬
‫الداخلي حبياة‬
‫ّ‬ ‫حسه‬
‫الوثين بسبب ّ‬
‫احلقيقة‪ ،‬وابلنتيجة تشهد لطبيعة اإلنسان املع ّقدة‪ ،‬كما هي لدى ّ‬
‫الربية‪ .‬ولكنّها احنطاط لِِفكر‪ ،‬إذ‬
‫يسمى النفس‪ ،‬وهي اليت متيّزان عن احليواانت ّ‬ ‫خالدة لشيء ُم َبهم ّ‬
‫روحي هبذا العمق‪ .‬فليس هناك‬
‫حّت يف أمر ّ‬ ‫ماد ّايً‪ّ ،‬‬
‫احلق‪ ،‬يُصبح ّ‬
‫لطاملا يَعرف احلكمة اإلهليّة واإلله ّ‬
‫ومن الكائن للخالق‪ ،‬الـذي َّنثُل لديه بعد احلياة لتل ّقي حكم‬ ‫انتقال للروح ِسوى ِمن اخلالق للكائن‪ِ ،‬‬
‫رسل الروح يبقى إىل األبد‪».‬‬ ‫حياة أو موت‪ .‬تلك هي احلقيقة‪ .‬وحيث يُ َ‬
‫طهر؟»‬
‫«أال تعتقد ابل َـم َ‬
‫«نعم‪ .‬ملاذا تسأل عن هذا؟»‬

‫رسل يَبقى"‪ .‬وال َـمطهر مؤقت‪».‬‬


‫"حيث يُ َ‬
‫ُ‬ ‫ك تقول‪:‬‬
‫«ألنّ َ‬
‫كنت أُشبِّهه ابحلياة األبديّة‪ .‬فال َـمطهر هو "حياة"‪ُ .‬مصغّرة‪ُ ،‬مرتَبِطة‪ ،‬ولكنّها‬
‫«ذلك أنّين يف ذهين ُ‬
‫صل إليها دون حدود‬ ‫تبقى حياة‪ .‬وحاملا تنتهي اإلقامة املؤقّتة يف الـمطهر‪ ،‬يكتَ ِسب الروح ملء احلياة‪ ،‬ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلوة‪ .‬اجلنّة‪ ،‬جهنّم‪ .‬وهناك فِئَتان‪ :‬املغبوطون‪ ،‬وال ُـمدانون‪ .‬ولكن‪،‬‬‫وال روابط‪ .‬شيئان يدومان‪ :‬السماء‪ّ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 431 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت القيامة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من املمالك الثالث املوجودة اآلن‪ ،‬لن يعود روح أبداً ليَلبس جسداً من جديد‪ .‬وذلك ّ‬
‫األخرية اليت تضع ح ّداً لألبد لِتَ ُّ‬
‫جسد األرواح يف اجلسد‪ ،‬اخلالد يف اخلَ ِ‬
‫اضع للموت‪».‬‬

‫األبدي‪ ،‬ال؟»‬
‫«و ّ‬
‫أبدي‪ .‬األبديّة تعين عدم وجود بداية وال ّناية‪ .‬وهذا هو هللا‪ .‬اخللود هو استمرار احلياة‬
‫«هللا ّ‬
‫منذ اللحظة اليت تبدأ منها احلياة‪ .‬وذلك هو حال روح اإلنسان‪ .‬هاك هو الفرق‪».‬‬

‫«تقول‪" :‬حياة أبديّة"‪».‬‬

‫«نعم‪ .‬منذ اللحظة اليت ُخيلَق فيها املرء ليعيش‪ ،‬ميكنه‪ ،‬بواسطة الروح والنّعمة وإرادته‪ ،‬الوصول‬
‫إىل احلياة األبديّة وليس إىل األبديّة‪ .‬احلياة تَ َِ‬
‫فرتض بداية‪ .‬فال يقال "حياة هللا" أل ّن هللا ال بداية له‪».‬‬

‫أنت؟»‬
‫«و َ‬
‫اإلهلي يف جسد إنسان‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«أان‪ ،‬سأحيا ألنّين جسـد كذلك‪ ،‬ولقد ُو ّح َدت نفس املسيح ابلروح ّ‬
‫"احلي"‪».‬‬
‫«يقال عن هللا ّ‬
‫«ابلفعل إنّه ال يعرف املوت‪ .‬هو احلياة‪ .‬احلياة اليت ال تَفىن‪ .‬ال ليس حياة هللا‪ ،‬بل احلياة‪ .‬هذا‬
‫احلق‪».‬‬
‫فقط‪ّ .‬إّنا فروق طفيفة‪ ،‬أيّها الكاتب‪ ،‬ولكنّها فروق تَلبَسها احلكمة و ّ‬
‫«هل تتح ّدث هكذا إىل الوثنيّني؟»‬

‫حّت ذلك‬‫لصيب هو ّ‬ ‫رها‬ ‫«ليس هكذا‪ .‬فلن يُد ِركوا‪ ،‬ولكنّين أُظ ِهر هلم الشمس‪ .‬إّّنا كأنّين أُظ ِ‬
‫ه‬
‫ّ‬
‫ص َل مبعجزة إىل الرؤيـة والذكاء‪ .‬هكـذا ككوَكب‪ ،‬دون الوصول إىل شرح‬ ‫احلني أعمى وأبله‪ ،‬وقد َو َ‬
‫بع هللا لكم‬
‫ت إص ُ‬‫تركيبه‪ .‬إّّنا أنتم أيّها اإلسرائيليّون‪ ،‬فإنّكم لستم عمياانً وال بـُلَهاء‪ .‬منذ دهور‪ ،‬فتَ َح ْ‬
‫عيونَكم وأانرت لكم الروح‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 432 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هذا صحيح‪ ،‬اي معلّم ‪ .‬ومع ذلك حنن عميان وبـُلَهاء‪».‬‬

‫«أنتم جعلتم أنفسكم هكذا‪ .‬وال تريدون معجزة ممّن ُيبّكم‪».‬‬

‫«اي معلّم‪»...‬‬

‫« ّإّنا احلقيقة أيّها الكاتب‪».‬‬


‫وخيفض ذاك رأسه ويصمت‪ ،‬ويرتكه يسوع وميضي بعيداً‪ .‬وأثناء مروره ي ِ‬
‫الطف مرغزايم وابن‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫الكاتب الصغري اللذين َشَرعا يلعبان حبصى متع ّددة األلوان‪ .‬موعظته هي ابألحرى ِحوار مع هذه‬
‫تتوسع‬ ‫ِ‬ ‫اجملموعة أو تلك‪ .‬ولكنّها موعظة متو ِ‬
‫كل فكر‪َُ ،‬تتَصر أو ّ‬
‫ّ‬ ‫نري‬‫ت‬
‫ُ‬‫و‬ ‫الشكوك‪،‬‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫يل‬‫ز‬‫ُ‬‫ت‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫لة‬‫اص‬
‫يف أمور قيلت أو أفكار َح ِفظَها أحدهم بشكل جزئي‪ .‬وهكـذا متضي الساعات‪...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 433 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫(أول تكثري للخبز)‬


‫‪ّ -136‬‬
‫‪1945 / 09 / 07‬‬

‫ما يزال املكان ذاته‪ .‬فقط الشمس مل تَـعُد أتيت ِمن الشرق ُمتسلّلة ِمن خالل الدغل الذي ُي ّد‬
‫ّنر األردن‪ ،‬يف هذا املكان املوحش قرب املكان الذي تصـب فيه مياه البحرية يف َمرى النهر‪ ،‬ولكنّها‬
‫صل‪ ،‬مائِلة كذلك‪ِ ،‬من املغـرب‪ ،‬يف الوقت الذي َهتبط فيه ابمحرار َمهيب ُم ِطّطة السماء آبخر أشعتها‪.‬‬ ‫تَ ِ‬
‫وحتت اإليراق الكثيف‪ ،‬النور ُُم ّفف كثرياً ومييل إىل صبغة املساء الوادعة‪ .‬الطيور املنتشية ِمن الشمس‬
‫صلَت عليه من األرايف اجملاورة‪ ،‬تستسلم إىل حفلة‬ ‫ِ‬
‫اليت كانت هلا طيلة اليوم‪ ،‬من الغذاء الوفري الذي َح َ‬
‫صاخبة ِمن رجرجة األصوات والغناء على قمم األشجار‪ .‬يَهبط الليل مع فخامات النهار األخرية‪.‬‬
‫ابألمثال اليت تو ِاجهه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الر ُسل بذلك إىل يسوع الذي ما زال يُعلّم ّ‬ ‫يُشري ُّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬املساء الظَّليل والرطب يقرتب‪ ،‬واملكان قَفر‪ ،‬بعيد عن البيوت والقرى‪ .‬بعد قليل‪ ،‬لن‬
‫يتأخر ابلظهور‪ .‬اصرف اجلموع لِيَذهبوا إىل القرية كي‬
‫يعود ممكناً هنا رؤية بعضنا وال السري‪ .‬القمر ّ‬
‫يبتاعون هلم طعاماً ويبحثون عن مأوى‪».‬‬

‫«ال ضرورة ألن يذهبوا‪ .‬أعطوهم أنتم ليأكلوا‪ .‬إبمكاّنم النوم هنا كما انموا أثناء انتظارهم يل‪».‬‬

‫أنت تَعلَم ذلك‪».‬‬ ‫ِ‬


‫«مل يبق لدينا سوى مخسة أرغفة ومسكتني‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬و َ‬
‫إيل هبا‪».‬‬
‫« َّ‬
‫ابلصرة‪ .‬منذ قليل كان مع ابن الكاتب واثنني‬
‫«اندراوس‪ ،‬اذهب وهات الولد‪ .‬فهو الذي ُيتفظ ّ‬
‫منهم ِكني يف صنع تيجان الورود ليلعبوا لعبة امللك‪».‬‬
‫آخرين‪ِ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 434 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫شرع يوحنّا وفليبّس يف البحث وسط اجلمع عن مرغزايم دائم‬ ‫هبمة‪ ،‬وكذلك يَ َ‬ ‫َميضي اندراوس ّ‬
‫الرب ُييط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلركة‪ .‬فيجدونه معاً‪ ،‬مع كيس املعيشة ورابً على صدره‪ ،‬غصن طويل مفتول من ايمسني َ‬
‫يتدىل منه‪ ،‬مبثابة السـيف‪ ،‬عصويّة املروج حيث املقبض هو العصوية ذاهتا‬ ‫الرب ّ‬ ‫برأسه‪ ،‬وحزام من ايمسني َ‬
‫والنصل هو الساق‪ .‬ومعه سبعة آخرون وهم ُمزرَكشون بشكل مماثل‪ ،‬وُميثِّلون حاشية ابن الكاتب‪ ،‬وهو‬
‫َولد حنيل ج ّداً‪ ،‬ذو نظرة صارمة ج ّداً المرئ أت ّمل كثرياً‪ ،‬والذي إذ تزيَّ َن ابلورود أكثر ِمن اآلخرين‪ ،‬يلعب‬
‫دور امللك‪.‬‬

‫يطلبك!»‬
‫َ‬ ‫«تعال اي مرغزايم‪ ،‬املعلّم‬

‫لكن اآلخرين‬ ‫حّت دون نَزع‪ ...‬تزييناته الورديّة‪ ،‬و ّ‬‫يُبقي مرغزايم رفاقه يف مكاّنم وميضي مسرعاً‪ّ ،‬‬
‫الطفهم بينما ُخيرِج من‬‫يتبعونه كذلك‪ ،‬ويصبِح يسوع بسرعة ُماطاً هبالة من األوالد املزيَّنني ابلورود‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صرة خبز‪ ،‬ووسط اخلبزات توجد مسكتان كبرياتن ُمغلَّفتان‪ :‬كيلوا مسك أو أكثر قليالً‪ّ .‬إّنا ال‬ ‫احلقيبة ّ‬
‫حّت للسـبعة عشر أو ابألحرى للثمانية عشر مع مناحني‪َ ،‬جاعة يسوع‪ .‬ويَدفَعون هبا للمعلّم‪.‬‬ ‫تكفي ّ‬
‫لكل فرد‪ .‬مرغزايم سوف يُق ِّدم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«حسناً‪ .‬اآلن أَحضروا يل سالالً‪ .‬سبعة عشر َسلّة‪ ،‬واحدة ّ‬
‫ِ‬
‫نت كذلك‪،‬‬ ‫الطعام لألوالد‪ُُ »...‬ي ّدق يسوع ابلكاتب الذي ما لَبِث إىل جانبه ويَسأله‪« :‬أتريد‪ ،‬أ َ‬
‫ِ‬
‫للجياع؟»‬
‫تقدمي الطعام ّ‬
‫لدي منه شيء‪».‬‬
‫يسرين هذا‪ ،‬ولكنّين أان كذلك ليس ّ‬
‫« ّ‬
‫لك بذلك‪».‬‬
‫حصيت‪ .‬أَمسَح َ‬ ‫ِ‬
‫«أعط ّ‬
‫«ولكن‪ ...‬هل تنوي إشباع حوايل مخسة آالف رجل ابإلضافة إىل النساء واألوالد هبذه اخلُبزات‬
‫اخلمس والسمكتني؟»‬

‫أي شك‪ .‬ال تكن َش َّكاكاً‪ .‬فَ َمن يؤمن َير املعجزة تتح ّقق‪».‬‬
‫«بدون ّ‬
‫«آه! إذن فإنّين أر َغب يف توزيع الطعام أان كذلك َعن ِطيب خاطر!»‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 435 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ُسل ومعهم قفف وسالل قليلة العمق وعريضة‪ ،‬أو عميقة وضيّقة‪ .‬ويعود الكاتب بق ّفة‬ ‫يعود ُّ‬
‫كأّنا أكرب ما ُميكن‪.‬‬
‫صغرية نوعاً ما‪ .‬ما يلفت االنتباه هو أ ّن إميانه أو َع َوزه لإلميان جعله خيتارها و ّ‬

‫«حسناً‪ .‬ضعوا هذا كلّه هنا يف األمام واجعلوا اجلموع ّتلس برتتيب‪ ،‬يف صفوف منتَظَمة قدر‬
‫اإلمكان‪».‬‬

‫وأثناء تلك العملية‪ ،‬يَرفَع يسوع اخلبزات وعليها السمكتان‪ ،‬يُق ِّدمها هلل ويصلّي ويُبا ِرك‪ .‬والكاتب‬
‫ال يشيح عنه النَّظر حلظة واحدة‪ُ .‬ثّ يَكسر يسوع اخلبزات اخلمس إىل مثاين عشرة قِطعة وكذلك‬
‫كل سلة‪ ،‬ويقسم قِطع اخلبز إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السمكتني إىل مثاين عشرة قطعة‪ ،‬يضع قطعة مسك‪ ،‬قطعة صغرية يف ّ‬
‫كل قِطعة‪ ،‬بعد ّتزئتها‪ ،‬يف واحدة‬ ‫كل قطعة إىل حوايل العشرين لُقمة ليس أكثر‪ .‬ويضع ّ‬ ‫لَُقم صغرية‪ّ ،‬‬
‫السالل مع قِطعة السمك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫من ِ‬

‫لرفاقك‪».‬‬
‫َ‬ ‫كالً كفايته‪ .‬امضوا‪ .‬اذهب اي مرغزايم وأعط هذا‬
‫«واآلن ُخذوا وأعطوا ّ‬

‫ذهب حاالً صوب أصدقائه الصغار‪.‬‬


‫السـلة‪ ،‬ويَ َ‬
‫«آه! كم هي ثقيلة!» يقول مرغزايم وهو يَرفَع َّ‬
‫يسري وكأنّه َُيمل ِمحالً ثقيالً‪.‬‬

‫الر ُسل والتالميذ ومناحني والكاتب وهو يذهب‪ ،‬غري عاملني مباذا يُف ّكرون‪ُ ...‬ثّ‬ ‫يَنظُر إليه ُّ‬
‫الصيب َميَزح! فهي ليست أثقل ِمن‬ ‫ّ‬ ‫«‬ ‫سهم‪:‬‬ ‫رؤو‬ ‫ون‬‫هز‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫وهم‬ ‫لبعض‬ ‫بعضهم‬ ‫ويقول‬ ‫الل‬ ‫أيخذون ِ‬
‫الس‬
‫ّ‬
‫ضع يده لِيُن ِّقب يف أعماقها‪ ،‬ألنّه مل يـَعُد هناك الكثري‬
‫السابق‪ ».‬وكذلك يَنظُر الكاتب داخل السلّة ويَ َ‬
‫ِمن الضوء‪ ،‬حتت الظُلّة حيث يسوع موجود‪ ،‬بينما يف مكان أبعد قليالً‪ ،‬يف الفسحة‪ ،‬ما زال املكان‬
‫مضيئاً إىل ح ّد ما‪ .‬ولكن مع ذلك‪ُ ،‬رغم التح ّقق‪َ ،‬ميضون صوب الناس ويبدؤون التوزيع‪ .‬ويُعطون‪،‬‬
‫ند ِهشني ِمن مواقع أبعد وأبعد‪ ،‬صوب يسوع الذي إذ‬ ‫ومن وقت إىل آخر يَعودون ُم َ‬‫يعطون‪ ،‬يعطون‪ِ .‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يَسند ظهره إىل شجرة ويُصالِب ذراعيه‪ ،‬يبتسم بنعومة لذهوهلم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 436 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫التوزيع طَويل ووافر‪ ...‬الوحيد الذي ال يُبدي الدَّهشة هو مرغزايم الذي يضحك‪ ،‬سعيداً لِملئه‬
‫أعطيت‬
‫ُ‬ ‫أيدي الكثريين من األطفال الفقراء ابخلبز والسمك‪ .‬وهو ّأول َمن عاد إىل يسوع قائالً‪« :‬لقد‬
‫الكثري‪ ،‬الكثري‪ ،‬الكثري!‪ ...‬إذ إنّين أَعلَم ماذا يعين اجلوع‪ »...‬ويَرفَع وجهه الذي َمل يـَعُد هزيالً‪ ،‬بل هي‬
‫لكن يسوع يُالطفه وتعود االبتسامة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َّدت اآلن‪ ،‬فيشحب حينئذ وهو ُُيملق‪ ...‬و ّ‬ ‫فقط ذكرى تبد َ‬
‫الطفويل الذي يَستَنِد مستسلماً على يسوع معلّمه وحاميه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُمش ِرقة‪ ،‬إىل ذلك الوجه‬
‫الذهول بكماً‪ .‬ويف النهاية ي ِ‬
‫صل الكاتب الذي‬ ‫َ‬ ‫الر ُسل والتالميذ رويداً رويداً‪ ،‬وقد َج َعلَهم ُّ ُ‬
‫يعود ُّ‬
‫ال ينبس ببنت شفة‪ .‬ولكنّه يقوم حبركة هي أكثر ِمن ِخطاب‪ُ :‬يثو ويُقبِّل أهداب ثوب يسوع‪.‬‬

‫حصيت‪ .‬ولنأكل الطعام الذي ِمن هللا‪».‬‬


‫حصتكم وأعطوين ّ‬
‫«خذوا ّ‬
‫كل حسب شهيّته‪ ...‬يف هذه األثناء‪ ،‬الناس‪ ،‬وقد َشبِعوا يتبادلون‬ ‫ابلفعل أيكلون خبزاً ومسكاً‪ّ ،‬‬
‫وهم يَنظُرون إىل مرغزايم الذي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حّت أولئك الذين ُهم حول يسوع يتهيّبون من احلديث ُ‬ ‫انطباعاهتم‪ّ .‬‬
‫حني ينتهي من أكل مسكته‪َ ،‬ميَزح مع األوالد اآلخرين‪.‬‬

‫حّت إنّين َّنق ُ‬


‫بت يف‬ ‫أحس الولد مباشرة ابلوزن‪ ،‬وحنن ال؟ ّ‬
‫«اي معلّم‪ ».‬يَسأل الكاتب‪« ،‬ملاذا َّ‬
‫السلة سوى تلك اللُّقمات القليلة من اخلبز وقطعة السمك الوحيدة‪ .‬بَ َد ُ‬
‫أت‬ ‫الداخل‪ .‬ومل يكن يف َّ‬
‫ب‬ ‫ابإلحساس ابلوزن وأان ذاهب إىل اجلمع‪ ،‬ولكن لو كان الوزن ي ِ‬
‫عادل الكمية اليت أ ِ‬
‫الستوج َ‬
‫َ‬ ‫ُعطيَت‬ ‫ّّ‬ ‫ُ‬
‫استوعبت‪ ،‬بل كان يلزم عربة كاملة ُُم َّملة ابلطعام‪.‬‬
‫َ‬ ‫َزوج ِمن البغال حلملها‪ ،‬وكذلك َّ‬
‫السلة ما كانت‬
‫دت إىل األوائل‬
‫عت أُعطي‪ ،‬أُعطي‪ ،‬ولكي ال أكون ظاملاً‪ ،‬عُ ُ‬ ‫كنت أَمضي ببطء‪ُ ...‬ثّ َشَر ُ‬ ‫يف البداية‪ُ ،‬‬
‫أعطيت القليل لألوائل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كان هناك ما يكفي‪».‬‬
‫ُ‬ ‫ألقوم ابلتوزيع َم ّدداً ألنّين‬

‫أعطيت بسخاء‬
‫ُ‬ ‫أحسست أ ّن السلة كانت تُصبِح ثقيلة بينما ُ‬
‫كنت أتق ّدم‪ ،‬ومباشرة‬ ‫ُ‬ ‫«أان كذلك‬
‫صنعت معجزة‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫كت أنّ َ‬
‫ألنّين أدر ُ‬
‫شاهدت‬
‫ُ‬ ‫فت وجلست ِألَسكب احلِمل على ثويب وأأت ّكد‪ ...‬حينئذ‬
‫«أان‪ ،‬على العكس‪ ،‬توقَّ ُ‬
‫ومضيت‪ ».‬يقول مناحني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خبزاً وخبزاً‪،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 437 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قلت‬
‫«أان‪ ،‬قد أحصيتُهم كي ال أبدو دون املستوى‪ .‬كانت هناك مخسون قطعة خبز صغرية‪ُ .‬‬
‫وصلت إىل‬ ‫أحصيت‪ .‬ولكنّين حينما‬ ‫لنفسي‪" :‬سوف أُعطيها خلمسـني شخصاً ِ‬
‫ومن ُثّ أعود"‪ .‬و‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعطيت‬
‫فتابعت و ُ‬
‫ُ‬ ‫نظرت إىل داخل السلة‪ .‬كان ما يزال فيها الكثري‪.‬‬
‫اخلمسني‪ ،‬كان ال يزال الوزن ذاته‪ُ .‬‬
‫ابملئات‪ .‬ولكن مع هذا مل ينقص أبداً‪ ».‬يقول برتلماوس‪.‬‬

‫يدي لقمات اخلبز وتلك القطعة الصغرية من السمك‬ ‫أخذت بني ّ‬‫ُ‬ ‫«أان أَعلَم أنّين مل أكن أؤمن‪.‬‬
‫كنت أنظُر إليها‪ ،‬أنظُر إليها‪ُُ ،‬متبئاً‬
‫كنت أنظُر إليها قائالً‪" :‬ماذا تنفع هذه؟ أراد يسوع أن ميزح!‪ "...‬و ُ‬
‫و ُ‬
‫كنت ُم ِزمعاً أن أعود‬ ‫ِ‬
‫متأمالً وايئساً من رؤيتها تنمو وتزداد‪ .‬ولكنّها ما تزال كما هي‪ُ .‬‬‫خلف شجرة‪ّ ،‬‬
‫قلت له‪" .‬ولكن اخلبز والسمكات!‪."...‬‬ ‫مّت وقال يل‪" :‬أترى كم هي َجيلة؟"‪" .‬ماذا؟" ُ‬ ‫مر ّ‬ ‫عندما َّ‬
‫رميت يف‬
‫ووزعها إبميان وسوف تَـَرى"‪ُ .‬‬ ‫لت أرى قِطَعاً ِمن اخلبز"‪" .‬اذهب ِّ‬
‫أنت َمنون؟ إنّين ما ز ُ‬‫"هل َ‬
‫وذهبت بتكتّم‪ ...‬وُثّ‪ ...‬ساُمين اي يسوع‪ ،‬فأان خاطئ!» يقول توما‪.‬‬‫ُ‬ ‫السلة بضع اللقمات تلك‬

‫أنت روح ِمن العامل‪ .‬وتُف ِّكر ِمثل الناس الذين ِمن العامل‪».‬‬
‫«ال بل َ‬
‫رت إبعطاء قطعة نقود مع‬ ‫«أان كذلك‪ ،‬اي سيّد‪ ،‬إذن‪ ».‬يقول االسخريوطي‪« .‬لدرجة أنّين َّ‬
‫فك ُ‬ ‫ّ‬
‫ظهر أبفضل وجه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مساعدتك لتَ َ‬
‫َ‬ ‫أأتمل يف‬
‫كنت ّ‬
‫كل قطعة خبز وأان أُف ّكر‪" :‬سيأكلون يف مكان آخر"‪ُ .‬‬‫ّ‬
‫ماذا أكون إذن؟ أ َِمثل توما أم أكثر؟»‬
‫«أكثر كثرياً ِمن توما‪ ،‬فأنت ِ‬
‫"عامل"‪».‬‬ ‫َ‬

‫«ولكنّين مع ذلك فَ َّك ُ‬


‫رت يف اإلحسان ألكون مساء! لقد كانت دراِهي اخلاصة‪»...‬‬

‫لكربايئك خطيئة‬
‫َ‬ ‫لكربايئك وليس هلل‪ .‬هذا األخري ال حاجة له به‪ ،‬واإلحسان‬
‫َ‬ ‫لذاتك و‬
‫«إحسان َ‬
‫وال أجر له‪».‬‬

‫َخيفض يهوذا رأسه ويَصمت‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 438 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت أُف ِّكر أ ّن لقمة السمك تلك ولقمات اخلبز‪ ،‬كان‬ ‫ِ ِ‬
‫«أان‪ ،‬من ج َهيت‪ »،‬يقول مسعان الغيور « ُ‬
‫علي أن أُفتِّتها لتكفي‪ .‬ولكنّين مل أكن ِألَشك ّ‬
‫أبّنا كانت ستكفي‪ ،‬إن للعدد وإن للقيمة الغذائية‪.‬‬ ‫لزاماً َّ‬
‫منك ميكنها أن تكون مغ ّذية أكثر ِمن وليمة‪».‬‬
‫فإ ّن نقطة ماء واحدة َ‬
‫«وأنتم مباذا كنتم تُف ِّكرون؟» يَسأل بطرس أبناء عم يسوع‪.‬‬

‫لنشك‪ ».‬يقول يوضاس جب ّديّة‪.‬‬


‫«كنا نتذ ّكر قاان‪ ...‬ومل نكن ّ‬
‫أنت اي أخي يعقوب‪ ،‬أمل تُف ِّكر بغري هذا؟»‬
‫«و َ‬
‫سر‪ .‬كما َحدَّثتين عنه‪ ...‬فهل هو كذلك أم إنّين ُمطئ؟»‬
‫رت أنّه ّ‬
‫«ال‪ .‬بل ف ّك ُ‬
‫يبتسم يسوع‪« :‬نعم وال‪ .‬فإىل جانب حقيقة ال ُقدرة الغذائيّة لنقطة املاء اليت َع َّرب عنها مسعان‪،‬‬
‫تك ِمن أجل صورة بعيدة‪ .‬إّّنا ليس ِسّراً بعد‪».‬‬
‫ُيب إضافة فكر َ‬
‫َُيتَ ِفظ الكاتب بكسرة بني أصابعه‪.‬‬

‫«ماذا تفعل هبا؟»‬

‫« ّإّنا‪ ...‬تذكار‪».‬‬

‫َضعها يف عنق مرغزايم يف ُجَريب‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«أان كذلك أحتَفظ هبا‪ .‬سوف أ َ‬
‫«أان سوف أمحلها إىل أ ُّمنا‪ ».‬يقول يوحنّا‪.‬‬

‫كل شيء‪ »...‬يقول اآلخرون ِخبَ َجل‪.‬‬


‫«وحنن؟ لقد أكلنا ّ‬
‫«اّنَضوا‪ُ .‬دوروا ابلسالل ِمن جديد واَجعوا الباقي‪ .‬افرزوا الناس األكثر فقراً َعن اآلخرين‪َّ ،‬‬
‫وإيل‬
‫أحبروا صوب سهل جنّسارت‪.‬‬ ‫هبم هنا مع السالل‪ُ .‬ث أنتم‪ ،‬اي تالميذي‪ ،‬اذهبوا َجيعكم إىل املراكب و ِ‬
‫ّ‬
‫وُثّ أحلق بكم‪».‬‬
‫َصرف الناس بعد أن أقوم ابلتوزيع على األكثر فقراً ُ‬
‫سوف أ ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 439 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ُسل‪ ...‬ويعودون ابثنيت عشرة قُـ ّفة ممتلئة مبا فَضل‪ ،‬ويلحق هبم ما يقارب الثالثني ِمن‬
‫يطيع ُّ‬
‫ال ُـمستَجدين أو األشخاص البائسني للغاية‪.‬‬

‫«حسناً‪ .‬اذهبوا‪».‬‬

‫متأسفني لرتكهم يسوع‪ .‬ولكنّهم يُطيعون‪ّ .‬أما‬


‫الر ُسل وتالميذ يوحنّا ُُييّون مناحني وَميضون ّ‬ ‫ُّ‬
‫مناحني فقد انتَظََر أن متضي اجلموع يف آخر ومضات النهار إىل القرى‪ ،‬أو تبحث عن مكان للنوم‬
‫ب الكاتب‪ ،‬بل كان ِمن بني األوائل‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫بله‬‫ق‬‫و‬ ‫عه‪.‬‬ ‫ود‬ ‫اجلاف لِي ِ‬
‫ودع يسوع‪ُ .‬ث ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسط القصب الطويل و ّ ُ‬
‫الذين مضوا‪ ،‬ألنّه تَبِع ُّ‬
‫الر ُسل مع ابنه الصغري‪.‬‬

‫ويتوجه صوب البحرية ِخبُطى‬ ‫ِ‬


‫وعندما يذهب اجلميع أو ينامون‪ ،‬يَ َنهض يسوع‪ ،‬يُبا ِرك النّيام ّ‬
‫َدرَك‬
‫كأّنا مق ّدمة رابية يف البحرية‪ .‬وعندما أ َ‬
‫َوئيدة‪ ،‬وسط شبه جزيرة تريشة املرتفعة بضعة أمتار‪ ،‬و ّ‬
‫وُيلس على صخرة‪ ،‬ليصلّي‪ ،‬يف‬ ‫صعد إىل األَ َك َمة َ‬
‫أَس َفلها‪ ،‬دون الدخول إىل املدينة‪ ،‬إّّنا مبحاذاهتا‪ ،‬يَ َ‬
‫مواجهة األفق ويف بياض القمر يف الليلة الصافية‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 440 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -137‬يسوع ميشي على املياه)‬

‫‪1944 / 03 / 04‬‬

‫ُيل‪ ،‬إذ ابلكاد تُرى الدروب الصاعدة على منحدر تُرى فيه‪،‬‬ ‫ك الليل أن ّ‬ ‫أوش َ‬
‫َّم املساء‪ .‬و َ‬
‫تَقد َ‬
‫هنا وهناك‪ ،‬أشجار‪ ،‬تبدو يل ّأّنا أشجار زيتون‪ ،‬إّّنا بسبب قلّة الضوء ال ميكنين التأكيد على ذلك‪.‬‬
‫ابلنتيجة‪ّ ،‬إّنا أشجار ِمن احلجم املتوسط‪ ،‬إيراقها كثيف‪ ،‬وهي ملتوية كما هي عادة أشجار الزيتون‪.‬‬

‫صعد ويتغلغل بني األشجار‪ .‬يسري‬ ‫يسوع وحده‪ ،‬يرتدي األبيض مع معطفه األزرق الداكن‪ .‬يَ َ‬
‫خبطى واسعة ومطمئنّة‪ ،‬بدون عجلة‪ ،‬ولكن بسبب طُول خطواته فإنّه‪ ،‬بغري استعجال‪ ،‬يقطع مسافات‬
‫صل إىل ُشـرفة طبيعيّة نوعاً ما‪ ،‬حيث ميت ّد النَّظر على البحرية الساكنة متاماً حتت‬‫طويلة‪ .‬يسري حّت ي ِ‬
‫ّ َ‬
‫يلف الصمت يسوع بعناقه املريح‪ .‬ينتزعه‬‫ضوء النجوم‪ ،‬واليت تتألأل فيها اآلن عيون النور يف السماء‪ّ .‬‬
‫كأّنا تنـزل لعبادة كلمة هللا‬ ‫ِ‬
‫موحداً ّإايه ابلسماء‪ ،‬اليت تبدو و ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من اجلموع ومن األرض‪ ،‬ويُنسيه ّإايها‪ّ ،‬‬
‫ومالطفته بنور جنومها‪.‬‬

‫يسوع يصلّي بوضعيته االعتياديّة‪ :‬واقفاً‪ ،‬وذراعاه على شكل صليب‪ .‬خلفه شجرة زيتون‪ ،‬ويبدو‬
‫بدل الكتابة اليت على‬ ‫وكأنّه مصلوب على ذاك اجلذع القامت‪ .‬اإليراق يتجاوزه قليالً‪ ،‬لضخامته‪ ،‬ويست ِ‬
‫َ َ‬
‫ِ‬
‫الصليب بكلمة تُناسب املسـيح‪ .‬فهناك‪" :‬ملك اليهود"‪ّ .‬أما هنا‪" :‬فأمري السالم"‪ .‬زيتون السالم يُ ِّ‬
‫عرب‬
‫مطوالً‪ُ ،‬ثّ َُيلس على الشُّرفة اليت هي مبثابة‬ ‫ِ‬
‫عن نفسه جيّداً ل َمن يَعرف اإلنصات‪ .‬يصلّي يسوع ّ‬
‫القاعدة لشجرة الزيتون‪ ،‬على جذر ضخم‪ ،‬وأيخذ وضعيّته االعتياديّة‪ :‬اليدان مضمومتان واملرفقان‬
‫إهلي يتبادل مع اآلب والروح يف هذه اللحظة اليت هو‬ ‫أي حوار ّ‬ ‫يتأمل‪َ .‬من يدري ّ‬ ‫على الركبتني‪ .‬إنّه ّ‬
‫فيها وحيد‪ ،‬وقد يكون بِ ُكلّيته هلل‪ .‬هللا مع هللا!‬

‫مرت على هذه احلال‪ ،‬إذ إنّين أرى النجوم وقد َّ‬
‫تبدلَت أمكنتها‪،‬‬ ‫يبدو يل أ ّن ساعات كثرية ّ‬
‫وكثرية منها تكاد تغيب‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 441 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫متاماً عندما يبدأ‪ ،‬يف األفق البعيد من الشرق‪ ،‬ارتسام ما يُشبه النور‪ ،‬أو ابألحرى اإلشراق‪ ،‬ألنّه‬
‫ال ميكن تسمية هذا نوراً بَعد‪ ،‬نسمة هواء ُحتِّرك شجرة الزيتون‪ .‬بعد ذلك‪ُ ،‬خييّم اهلدوء‪ُ .‬ثّ يُعا ِود اهلواء‬
‫أبكثر ش ّدة‪ .‬ومع وقفات ُُمتزلة يصبح أكثر فأكثر ش ّدة‪ .‬نور الفجر الذي كان ابلكاد قد بدأ‪ ،‬توقَّف‬
‫تزايده بسبب كتلة ِمن الغيوم السوداء اليت أتيت لتغطّي السماء‪ ،‬مدفوعة بنفحات ِمن اهلواء الذي يشت ّد‬
‫ابستمرار‪ .‬والبحرية كذلك فَـ َق َدت سكوّنا‪ .‬يبدو يل أ ّن زوبعة سـتهب عليها مثل تلك اليت رأيتُها يف‬
‫وص َخب األمواج‪ُ ،‬ثّ ُُتيّم حلظة سكون اتم‪.‬‬ ‫رؤاي العـاصفة‪ .‬ميأل املكان اآلن حفيف األوراق َ‬
‫أتمله‪ .‬يَ َنهض‪ .‬يَنظُر إىل البحرية‪ .‬يبحث فيها‪ ،‬على ضوء النجوم الباقية ِمن الفجر‬
‫يَقطَع يسوع ّ‬
‫صل‪ .‬يتدثّر يسوع‬ ‫املريض‪ ،‬ويرى مركب بطرس الذي يتق ّدم بصعوبة صوب الشاطئ املقابل‪ ،‬ولكنّه ال ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مبعطفه رافعاً طََرفه الذي ُُيّر‪ ،‬والذي يضايقه أثناء النـزول‪ ،‬ليضعه على رأسه وكأنّه قلنسوة‪ ،‬وينـزل‬
‫صل مباشرة إىل البحرية‪ .‬إنّه‬ ‫مسرعاً‪ ،‬ليس عرب الطريق اليت كان قد سلَ َكها‪ ،‬بل عرب مسلك سريع ي ِ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫َميضي بسرعة لدرجة أنّه يبدو وكأنّه يطري‪.‬‬

‫ومزبِدة‪ .‬يُتابع‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬


‫ضَربَته األمواج اليت ّتعل على الرمل حاشية صاخبَة ُ‬‫صل إىل الشاطئ الذي َ‬ ‫َ‬
‫وصلب‪ .‬اآلن‬ ‫ف أملَس ُ‬ ‫طريقه مسرعاً كما لو مل يكن يسري على عناصر سائلة وهائجة‪ ،‬إّّنا على َد ّ‬
‫يُصبِح هو نوراً‪ .‬يبدو أ ّن النور الذي ما زال أييت ِمن جنوم الفجر العاصف القليلة اليت تنطفئ‪ ،‬يرتّكز‬
‫الفوسفوري الذي يُنري جسده املمشوق‪ .‬إنَّه يرتفع (يطفو) على‬
‫ّ‬ ‫عليه‪ ،‬ويُش ِّكل نوعاً ِمن الوميض‬
‫األمواج‪ ،‬على قمم األمواج املزبدة‪ ،‬يف الطيّات املظلمة بني األمواج‪ ،‬والذراعان َممدودان إىل األمام‪،‬‬
‫واملعطف ُمنتَ ِفخ حول اخلدين وخيفق قدر ما يسمح به وضعه املشدود حول اجلسم‪ ،‬وهو يُرف ِرف‬
‫كاألجنحة‪.‬‬

‫رخة َهلَع َحت ِملها الرايح إىل يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ص َ‬‫الر ُسل ويُطلقون َ‬
‫يَراهُ ُّ‬
‫«ال ُتافوا‪ .‬أان هو‪ ».‬صوت يسوع‪ ،‬رغم الريح املعاكسة‪ ،‬يَنتَ ِشر دون صعوبة على البحرية‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 442 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إليك ماشياً‬
‫فم ْرين أن آيت َ‬
‫أنت هو ُ‬
‫كنت َ‬
‫أنت اي معلّم؟» يَسأل بطرس‪« .‬إذا َ‬
‫«هل هذا حقاً َ‬
‫مثلك على املياه‪».‬‬
‫َ‬
‫بكل بساطة‪ ،‬كما لو أن املشي على املياه كان األمر األكثر‬
‫يبتسم يسوع‪« :‬تعال‪ ».‬يقوهلا ّ‬
‫طبيعيّة يف العامل‪.‬‬

‫وبطرس‪ ،‬على ما هو عليه‪ ،‬نصف عار بقميص قصري دون أكمام‪ ،‬يَقفز ِمن فوق حافة املركب‬
‫وميضي صوب يسوع‪.‬‬

‫أيخذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ولكنّه‪ ،‬ما أن يُصبح على مسافة حوايل مخسني مرتاً من املركب‪ ،‬وتقريباً مثلها من يسوع‪ُ ،‬‬
‫احلس اإلنساينّ‪ ،‬و‪ ...‬يَرتَعِد خوفاً على حياته‪.‬‬ ‫َّ‬
‫حّت اآلن كان ُمموالً ابندفاع حبّه‪ .‬اآلن متل َكه ّ‬ ‫اخلوف‪ّ .‬‬
‫متحركة‪ ،‬يبدأ ابلرتنّح واالضطراب والغرق‪ .‬وكلّما‬ ‫رمال‬ ‫على‬ ‫أو‬ ‫حتته‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ج‬‫َكمن وِج َد على أرض َحتت ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ب وارتَـ َع َد ِمن اخلوف كلّما َغ ِرق أكثر‪.‬‬
‫اضطََر َ‬
‫حّت يـده‪ .‬يُبقي ذراعيه متصالبتني‪.‬‬ ‫يتوقّف يسـوع ويَنظُر إليه‪ .‬إنَّه ّ‬
‫جاد وينتظر‪ ،‬ولكنّه ال مي ّد لـه ّ‬
‫يتفوه بكلمة‪.‬‬
‫وال يعود يتق ّدم خطوة وال ّ‬
‫صعد‬ ‫ِ‬
‫غرق‪ .‬يَغيب ال َكعبَان ُُثّ الساقان ُُثّ الركبتان‪ .‬تَصل املياه إىل الورك وتتجاوزه‪ ،‬تَ َ‬
‫بطرس يَ َ‬
‫صوب احلِزام‪ .‬وترتسم عالئم الرعب على وجهه‪ .‬الرعب الذي يشل ِ‬
‫الفكر أيضاً‪َ .‬مل يـَعُد ِسوى َج َسد‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫حّت أن يرمتي يف املاء‪ .‬مل يف ّكر يف شيء‪ .‬فلقد أصابه البَـلَه ِمن اخلوف‪.‬‬
‫َخي َشى الغَرق‪ .‬مل يف ّكر ّ‬
‫حّت يبدأ روحه يُف ِّكر ويُد ِرك أين يَك ُمن‬
‫يف النهاية ّقرر النَّظَر إىل يسوع‪ .‬ويكفي أن ينظر إليه ّ‬
‫اخلالص‪« .‬اي معلّم‪ ،‬اي ِّ‬
‫رب جنّين‪».‬‬

‫الرسول ومي ّد له يده‬


‫ابّتاه ّ‬
‫يفك يسوع ذراعيه‪ ،‬وكما لو كان ُمموالً على الريح واملاء‪ ،‬يُس ِرع ّ‬ ‫ّ‬
‫مبفردك؟»‬
‫التصرف َ‬ ‫أردت ّ‬ ‫شككت يب؟ ملاذا َ‬‫َ‬ ‫قائالً‪« :‬آه! اي قليل اإلميان‪ .‬ملاذا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 443 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتشبّث بطرس بيد يسوع‪ ،‬وال ُُييب‪ .‬يَنظُر إليه لريى ما إذا كان غاضباً‪ ،‬يَنظُر إليه ببقيّة ِمن‬
‫خوف ممزوج ابلندم الذي يَفيق‪.‬‬
‫ولكن يسوع يبتسم وميسك به بشـ ّدة بقبضته إىل أن ي ِ‬
‫صال إىل املركب وُيتازا احلافّة ويدخاله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وأيمر يسوع‪« :‬اذهبوا إىل الشاطئ‪ .‬فإنّه مبلَّل متاماً‪ ».‬ويبتسم لدى رؤيته التلميذ متصاغراً‪.‬‬

‫ظهر خلف‬‫َ‬‫ت‬ ‫ابية‪،‬‬


‫ر‬ ‫ال‬ ‫أعلى‬ ‫ن‬‫م‬‫هتدأ األمواج لِتُسهل عملية الرسو‪ ،‬واملدينة اليت شوهدت سابقاً ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشاطئ‪.‬‬

‫وهنا تتوقّف الرؤاي‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 444 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -138‬إذا كان لديكم إميان‪ ،‬آيت وأجنّيكم من اخلطر)‬

‫‪1944 / 03 / 04‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫َهرع‬
‫ومرات كثرية أ َ‬
‫مرات كثرية‪ ،‬ال أنتظر أن يناديين أحد‪ ،‬عندما أرى أحد أبنائي يف خطر‪ّ .‬‬
‫«ّ‬
‫كذلك من أجل ابن جاحد ّتاهي‪.‬‬

‫أسهر وأصلّي ِمن أجلكم‪.‬‬ ‫إنّكم نيام‪ ،‬أو إ ّن مشـاغل احلياة وِهومها أتخذكم‪ّ .‬أما أان‪ ،‬فإنّين َ‬
‫التدخل‬ ‫كاملالك احلارس لكل الناس احنين عليكم‪ ،‬وما ِمن شـيء أكثر إيالماً يل ِمن عدم ُّ ِ‬
‫متكين من ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرير‪ِ .‬مثل أب‬ ‫ن‬ ‫فضلني التصرف مبفردكم‪ ،‬أو ما هو أسوأ‪ ،‬طالِبني العون ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬‫ألنّكم تَرفضون معونيت‪ ،‬م ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ومستكيناً‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬
‫منك‪ .‬اخرج من بييت"‪ .‬فأبقى حزيناً ُ‬ ‫ك وال أبغي شيئاً َ‬ ‫يَسمع ابنه يقول له‪" :‬أان ال أحبّ َ‬
‫نشـغِلني أبمور‬
‫ال أكون بِسبب اجلراح‪ .‬ولكن إذا كنتم فقط ال أتمرونين‪" :‬اذهب عنّا"‪ ،‬وإذا كنتم فقط ُم َ‬
‫انتظرت إىل أن تقولوا‬
‫ُ‬ ‫حّت قبل أن يناديين أحد‪ .‬وإذا ما‬
‫األبدي‪ ،‬اجلاهز للمجيء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫احلياة‪ ،‬فأان السـاهر‬
‫يل كلمة‪ ،‬وأحياانً أنتظرها‪ ،‬فذلك كي أَمسَع ِمن يُناديين‪ .‬أيّة مالطفة هي‪ ،‬وأيّة نعومة أن أَمسَع الناس‬
‫ينادونين! أن أشعر َّ‬
‫أبّنم يتذ ّكرون أنّين "املخلّص"‪.‬‬

‫الّنائي يَلِج قليب‪ ،‬ويُثريين‪ ،‬عندما ُيبّين أحدهم ويناديين دون انتظار‬
‫ّ‬ ‫ح‬‫ـر‬‫ف‬ ‫أي‬
‫ّ‬
‫وال أقول ِ‬
‫لك‬
‫أي شيء يف العامل‪ ،‬ويَشعر أبنّه ميتلئ فرحاً شبيهاً بفرحي‬ ‫ِ‬
‫ساعة احلاجة‪ .‬يناديين ألنّه ُيبّين أكثر من ّ‬
‫جملرد مناداته يل‪" :‬يسوع‪ ،‬يسوع"‪ ،‬كما األطفال عندما ينادون‪" :‬ماما‪ ،‬ماما" ويبدو هلم أ ّن العسل‬ ‫ّ‬
‫يسيل على شفاههم‪ ،‬أل ّن "ماما" هي الكلمة الوحيدة اليت حتمل معها طعم قُبالت األمومة‪.‬‬

‫الر ُسل ُُي ِّذفون‪ُ ،‬مطيعني أمري يف الذهاب إىل كفرانحوم وانتظاري هناك‪ .‬وأان‪ ،‬بعد معجزة‬
‫كان ُّ‬
‫لدي‬
‫لت نفسي عن اجلموع‪ ،‬ليس احتقاراً هلم‪ ،‬وال بسبب التعب‪ .‬مل يكن ّ‬ ‫كنت قد عز ُ‬ ‫تكثري اخلبز‪ُ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 445 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سحق وبيت هللا‬
‫كنت أرى الشريعة تُ َ‬
‫حّت ولو كانوا أشـراراً معي‪ .‬إّّنا فقط حينما ُ‬ ‫أي احتقار للناس‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫كنت أغتاظ‪ .‬ولكن حينذاك مل أكن أان طرفاً يف ذلك‪ ،‬بل إّّنا مصاحل اآلب‪ .‬وأان‪،‬‬ ‫يُدنَّس‪ ،‬عندها فقط ُ‬
‫كنت على األرض ّأول ُخ ّدام هللا خلدمة أب السماوات‪.‬‬
‫ُ‬
‫بطيئي‬ ‫ني‪،‬‬ ‫ق‬ ‫مل أكن ألتعب أبداً يف بذل ذايت ِمن أجل اجلموع‪ ،‬حّت حينما كنت أراهم منغلِ‬
‫ّ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وحّت‪ ،‬ابلضبط‪ ،‬أل ّّنم كانوا‬‫فرتون‪ّ .‬‬ ‫ال َفهم‪ ،‬بشريّني لدرجة َُيعلون معها األكثر تفانياً يف رسالتهم يَ َ‬
‫كنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنت أُعاملهم ح ّقاً مثل تالميذ ُمتخلّفني‪ُ ،‬‬ ‫كنت أُضاعف الشَّرح إىل ما ال ّناية‪ُ ،‬‬‫قاصرين‪ ،‬فقد ُ‬
‫أقود أرواحهم يف االكتشافات والتل ّقيات األكثر بدائيّة‪ ،‬مثلما يقود معلّم صبور أيدي التالميذ الصغرية‬
‫احلب‬ ‫ِ‬
‫ط احلروف األوىل‪ ،‬جلعلهم ابستمرار أكثر قدرة على اإلدراك والفعل‪َ .‬كم من ّ‬ ‫املتعثّرة لكي َُت ّ‬
‫ِ‬
‫كنت أبدأ ابجلسد‪ ،‬ولكن‬ ‫كنت أُخ ِرجهم من اجلسد ألصل هبم إىل الروح‪ .‬أان كذلك ُ‬ ‫منحت اجلموع! ُ‬
‫ُ‬
‫كنت أنطلق أان ألقودهم إىل السماء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بينما الشيطان ينطلق منه ليَصل هبم إىل جهنّم‪ُ ،‬‬
‫ضيت إىل عزليت ألشـكر اآلب على معجزة اخلبز‪ .‬لقد كانوا بضعة آالف إنسان‬ ‫كنت قد َم ُ‬ ‫ُ‬
‫للرب‪ .‬ولكن بعد نيل املعونة ال يعرف اإلنسان أن‬ ‫طلبت منهم أن يقولوا‪" :‬شكراً" ّ‬‫كنت قد ُ‬ ‫وأكلوا‪ ،‬و ُ‬
‫ذبت يف أيب‬ ‫ِ‬
‫كنت قد ُ‬ ‫كنت أقوهلا من أجلهم‪ ،‬نيابة عنهم‪ .‬وبعد ذلك‪ ...‬وبعد ذلك ُ‬ ‫يقول "شكراً"‪ُ .‬‬
‫كنت على األرض‪ ،‬إّّنا كجثّة بال حياة‪ .‬كان روحي قد ارمتى يف‬ ‫حب ال ينتهي‪ُ .‬‬ ‫الذي أَ ُك ُّن له حنني ّ‬
‫ك أيّها األب الق ّدوس!"‬ ‫كنت أقول له‪" :‬أحبّ َ‬ ‫أحضان أيب الذي كنت أ ِ‬
‫س به ُينو على كلمته‪ ،‬و ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُح‬ ‫ُ‬
‫ك"‪ .‬قوهلا له كإنسان عالوة على قوهلا له كإله‪ .‬إخضاع شعوري‬ ‫وكان فرحي يف القول له‪ " :‬أحبّ َ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫كنت أُق ّدم له اختالجي كإله‪ .‬كان يبدو يل أنّين املغناطيس الذي ُيذب إليه ّ‬ ‫كإنسان له‪ ،‬كما ُ‬
‫حب هللا بعض الشيء‪ ،‬أَجَعها‪ ،‬وأُق ِّدمها ِمن حنـااي قليب‪ .‬كان‬
‫حب الناس‪ ،‬الناس القادرين على ّ‬ ‫أنواع ّ‬
‫البشري الذي كان يَعود‪ ،‬كما يف ّأايم الرباءة‪ ،‬للتح ّدث‬
‫ّ‬ ‫يبدو يل أنّين مبفردي‪ :‬اإلنسان‪ ،‬يعين اجلنس‬
‫إىل هللا يف برودة املساء‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 446 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فإّنا مل تَ ُكن تُبعِدين عن‬
‫لكن ابلرغم ِمن أ ّن غبطيت كانت كاملة‪ ،‬أل ّّنا كانت ِغبطة ُمبّة‪ّ ،‬‬
‫احلب ِمن أجل‬
‫كت ّ‬ ‫الحظت اخلطر الذي كان ُييق أببنائي على البحرية‪ .‬وتر ُ‬
‫ُ‬ ‫احتياجات البشر‪ ،‬وقد‬
‫احلب‪ .‬فعلى احملبّة أن تكون ُمسا ِرعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫حتسبونين شبحاً‪ ،‬فَـَّزاعة! لو كنتم تف ّكرون‬ ‫ة‬
‫مر‬ ‫ن‬ ‫حسبوين شبحاً‪ .‬آه! أيها األبناء املساكني‪ ،‬كم ِ‬
‫م‬
‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫فع َمة أبوهام َجّة‪ ،‬وهذا ما يُسبِّب لكم‬ ‫لكن قلوبكم ُم َ‬
‫علي مباشرة‪ .‬و ّ‬ ‫تعرفتم َّ‬‫يب على الدوام‪ ،‬لكنتم ّ‬
‫إيل!‬
‫ُعرف عن نفسي‪ .‬آه! لو كنتم تَعرفون اإلنصات َّ‬ ‫الدوار‪ّ .‬أما أان فإنّين أ ِّ‬
‫ُّ‬

‫غرق بطرس بعد سريه بضعة أمتار؟ لقد قُلتُها‪ :‬أل ّن الطبيعة البشريّة تُسيطر على روحه‪.‬‬
‫ملاذا يَ َ‬
‫لقد كان بطرس ُمغالياً يف الطبيعة البشريّة‪ .‬لو كان يوحنّا‪ ،‬ملا كان متتَّع ِمبثل تلك اجلسارة‪َّ ،‬إّنا‬
‫لكن بطرس كان "بشراً"‪،‬‬ ‫و‬ ‫الثبات‪.‬‬ ‫و‬ ‫الفطنة‬ ‫مينح‬ ‫النقاء‬ ‫)‪.‬‬ ‫(الشك‬ ‫الثبات‬ ‫عدم‬ ‫بسبب‬ ‫غرق‬ ‫ي‬‫ملا كان لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُيب املعلّم‬ ‫أحد‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫يهم‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ين‪،‬‬‫ر‬ ‫اآلخ‬ ‫عن‬ ‫ز‬ ‫يتمي‬ ‫أن‬ ‫يف‬ ‫يرغب‬ ‫كان‬ ‫معىن‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بكل ما للكلمة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يظن نفسـه أرفَع ِمن أوهان اجلسد‪ .‬على‬ ‫ِ‬
‫مثله‪ .‬كان يريد فَرض نفسه‪ ،‬وفقط ألنّه كان من أتباعي‪ ،‬كان ّ‬
‫سام‪ .‬إّّنا‬
‫العكس‪ ،‬فسمعان املسكني‪ ،‬يف االختبارات‪ ،‬كان يعطي نتيجة سلبية‪ ،‬مل يكن فيها شيء ّ‬
‫ظل يف املستقبل الذي يدعو إىل دوام رمحة املعلّم يف الكنيسة الناشئة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ذلك كان ال بد منه ليَ ّ‬

‫بطرس مل يستسلم فقط للخوف على حياته اليت يف خطر‪ ،‬ولكنّه يُصبِح فقط‪ ،‬كما ُ‬
‫قلت‪،‬‬
‫إيل‪.‬‬
‫"جسداً يرتعد"‪ .‬مل يـَعُد يُف ّكر‪ ،‬ومل يـَعُد يَنظُر َّ‬
‫التصرف مبفردكم‪.‬كما لو‬‫تتصرفون ابملثل‪ .‬وكلّما كان اخلطر وشيكاً‪ ،‬كلّما شئتم ّ‬
‫وأنتم كذلك ّ‬
‫يف‪ ،‬تَبتَعِدون وتَعصرون‬
‫كنتم تسـتطيعون فعل شيء! ففي السـاعات اليت ينبغي فيها أن يكون رجاؤكم َّ‬
‫وحّت تلعنونين‪.‬‬
‫قليب ّ‬
‫إيل‪ :‬ألرفع له العينني صوب‬
‫وعلي حترير ّقوة اإلرادة ألدعو روحه َّ‬‫بطرس ال يَ َلعن‪ ،‬ولكنّه ينساين‪ّ ،‬‬
‫معلّمه وُملّصه‪ .‬أَحلّه مسبقاً ِمن خطيئة ّ‬
‫الشك‪ ،‬ألنّين أُحبّه‪ ،‬هذا النَّـ ِزق الذي ما أن يَثبت يف النعمة‪،‬‬
‫حّت‬
‫حّت الشهادة‪ ،‬وهو يرمي‪ ،‬بغري تعب‪ّ ،‬‬ ‫حّت يعرف كيف يسري يف املق ّدمة دون اضطراب أو تعب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 447 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املوت‪ ،‬شبكته السريّة ليجلب النُّفوس إىل معلّمه‪ .‬وعندما يناديين‪ ،‬فال أمشي‪ ،‬بل أطري إىل مساعدته‬
‫إيل ألقوده إىل مكان أمني‪.‬‬‫أضمه َّ‬
‫و ّ‬
‫داين‬ ‫أفضل‬ ‫و‬ ‫ع‬‫إن لومي له مفعم ِرقّة‪ ،‬ألنّين أُد ِرك كل ما ُخي ّفف أوهان بطرس‪ .‬إنّين أَفضل مدافِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫هت إليكم كلمة لوم‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ُ‬‫وحّت لو َّ‬
‫َفهم ُكم‪ ،‬اي أبنائي املساكني! ّ‬‫وسيوجد‪ .‬من أجل اجلميع‪ .‬أ َ‬ ‫ُوج َد َ‬
‫كل شيء‪.‬‬ ‫وهذا‬ ‫كم‪.‬‬ ‫ُحب‬‫أ‬ ‫فها‪.‬‬‫ّ‬‫ابتساميت تُل ِ‬
‫ط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أريدكم أن تُؤمنوا‪ .‬ولكن لو وقعتم يف خطر‪ ،‬فإنّين آيت وأجنّيكم منه‪ .‬آه! لو كانت األرض تعرف‬
‫حّت يَسـ ُقط يف‬ ‫ِ‬
‫صـرخة واحدة‪ ،‬ولكن من األرض كلّها‪ّ ،‬‬ ‫رب‪ ،‬خلّصين!" تكفي َ‬ ‫أن تقول‪" :‬اي معلّم‪ ،‬اي ّ‬
‫تؤمنوا‪ .‬إين ماض‪ ،‬مكثِّراً الوسائل ِ‬
‫املوصلة‬ ‫احلال الشـيطان وأعوانه مقهورين‪ .‬ولكنّكم ال تعرفون أن ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ّإايكم إىل اإلميان‪ .‬ولكنّها تَـ َقع يف أعماقكم كما تَـ َقع َحصاة يف قاع احمليط وتَبقى مدفونة هناك‪.‬‬

‫كمخلِّص‬
‫ُ‬ ‫اجيب‬ ‫و‬‫ب‬ ‫أقوم‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫يهم‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫فاسدة‪.‬‬ ‫أة‬‫مح‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫ون‬‫ب‬
‫ّ‬
‫ال تُريدون تطهري مياه روحكم‪ُِ ،‬‬
‫حت‬
‫وحّت لو مل أستطع خالص العامل أل ّن العامل ال يريد أن َخيلص‪ ،‬فسأُخلِّص من العامل أولئك الذين‬ ‫أزيل‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ب‪.‬‬
‫ُح ّ‬
‫ألّنم ُيبّونين كما ينبغي يل أن أ َ‬
‫ال يَعودون يَنتَمون إىل العامل ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 448 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -139‬لقاء مع التالميذ)‬

‫‪1945 / 09 / 08‬‬

‫يسوع يف سـهول قورازين‪ ،‬على َمدى وادي األردن األعلى‪ ،‬بني حبرية جنّيسارت وحبرية مريون‪.‬‬
‫فرتض أنّه هنـا منذ بضعة ّأايم‪ ،‬أل ّن التالميذ الذين كانوا‬
‫قرية مليئة ابلكروم وقد حان موعد قطافها‪ .‬يُ ََ‬
‫يف سـيكامينون‪ ،‬هم معه هذا الصباح‪ ،‬وبينهم َمن هو جديد مثل إيتيان وهريمس‪ .‬يَعتَ ِذر اسحق لعدم‬
‫مت ّكنه من التواجد هنا قبل ذلك الوقت‪ ،‬وذلك‪ ،‬حسب قوله‪ ،‬ألنّه كان يتساءل ما إذا كان من‬
‫َخرته‪.‬‬
‫املستحسن جلب القادمني اجلُّدد معه أم ال‪ ،‬وتلك األفكار أ َّ‬

‫لكل ذوي اإلرادة احلسنة‪ ،‬ويبدو يل‬ ‫إنَّه يقول‪َّ « :‬إّنا… لقد ف ّك ُ‬
‫رت أن طريق السماء مفتوحة ّ‬
‫فإّنم كذلك‪».‬‬
‫أ ّن هؤالء‪ ،‬رغم كوّنم تالميذ َجالئيل‪ّ ،‬‬

‫إيل هنا‪».‬‬
‫أحسنت قوالً وفعالً‪ .‬هاهتم َّ‬
‫َ‬ ‫«‬

‫َميضي اسحق ويعود مع االثنني‪.‬‬

‫حّت أردمتا االنضمام إليهم؟»‬


‫حق‪ّ ،‬‬
‫الر ُسل كالم ّ‬
‫«السالم لكما‪ .‬هل بدا لكما كالم ُّ‬
‫كالمك أكثر‪ .‬ال تُبعِدان اي معلّم‪».‬‬
‫«نعم‪ ،‬و َ‬
‫«ملاذا ينبغي يل ذلك؟»‬

‫«ألنّنا ِمن تالميذ َجالئيل‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 449 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ومع هذا‪ ،‬فأان أ ُِج ُّل َجالئيل العظيم وأرغب به إىل جانيب ألنّه أهل لذلك‪ .‬فهو ال ينقصه‬
‫جعل ِمن حكمته كماالً‪ .‬ماذا قال لكما عندمـا غادرمتاه؟ ألنّكما ابلتأكيد قد سلَّمتُما‬ ‫ِ‬
‫سوى هذا ليَ َ‬
‫عليه‪».‬‬

‫صلّيا ِمن أجل أن أنسـى ألمت ّكن‬


‫"مغبوطان أنتما ألنّكما استطعتما اإلميان‪َ .‬‬
‫«نعم‪ .‬لقد قال لنا‪َ :‬‬
‫ِمن أن أتذ ّكر"‪».‬‬

‫الر ُسل الذين احتَشدوا حول يسوع بدافع الفضول‪ ،‬ينظرون بعضهم إىل بعض ويتساءلون‬ ‫و ُّ‬
‫بصوت منخفض‪« :‬ماذا يقصد بذلك؟ ماذا يريد؟ النسيان ِمن أجل التذ ّكر؟»‬

‫سمع يسوع هذا اهلمس فيشرح‪« :‬يُريد نسيان حكمته ليأخذ اليت يل‪ .‬يريد نسيان أنّه الرايب‬ ‫يَ َ‬
‫َجالئيل‪ ،‬ليتذ ّكر أنّه ابن إلسرائيل ينتظر املسيح‪ .‬يريد أن ينسى ذاته ليتذ ّكر احلقيقة‪».‬‬

‫«َجالئيل ليس كاذابً‪ ،‬اي معلّم‪ ».‬يقول هريمس ملتمساً له العذر‪.‬‬

‫ُمل‬ ‫حتل‬ ‫اليت‬ ‫مات‬ ‫ل‬


‫ّ‬ ‫الك‬ ‫ب‪.‬‬ ‫«ال‪ .‬ولكنّها كومة ِمن الكلّمات البشرية املسكينة اليت هي َك ِ‬
‫ذ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق يف حالة العُري والعُذريّة‪ ،‬ليُعاد‬ ‫ِ‬
‫الكلمة‪ .‬وتلك الكلّمات ُيب نسياّنا‪ ،‬التخلّص منها‪ ،‬اجمليء إىل ّ‬
‫إلباس املرء وإخصابه‪ .‬وهذا يتطلّب التّواضع‪ُ .‬حجج‪»...‬‬

‫«إذن‪ ،‬فنحن كذلك علينا أن ننسى؟»‬

‫إهلي‪ .‬تعاليا‪ ،‬ميكنكما فِعل‬


‫كل ما هو ّ‬
‫بشري‪ .‬وتذ ّكر ّ‬
‫ّ‬ ‫كل ما هو‬
‫شك‪ .‬نسيان ّ‬
‫أي ّ‬
‫«بدون ّ‬
‫ذلك‪».‬‬

‫«إنّنا نريد فِعل ذلك‪ ».‬يؤّكد هريمس‪.‬‬

‫«هل عشتما حياة التالميذ؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 450 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صل النبـأ بسرعة فائقة إىل أورشليم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«نعم‪ ،‬منذ اليـوم الذي َعلمنـا فيه نبأ قتل املعمدان‪ .‬لقد َو َ‬
‫َمحَله رجال ِمن حاشية وضباط هريودس‪ .‬وموته قد أي َقظَنا ِمن ُسباتنا‪ُُ ».‬ييب إتيان‪.‬‬

‫السبات‪ .‬تذ ّكر ذلك اي إتيان‪».‬‬


‫«إ ّن دم الشهداء هو دائماً حياة للذين يف ُّ‬
‫كالمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«نعم اي معلّم‪ .‬هل ستتح ّدث اليوم؟ فأان متعطّش إىل‬

‫ث أيضاً وكثرياً إليكم أيّها التالميذ‪ .‬رفاقكم الُّر ُسل قد بدأوا‬


‫ثت‪ ،‬ولكنّين سوف أحت ّد ُ‬
‫«لقد حت ّد ُ‬
‫كل شيء يف وقت ُم ّدد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يتم ّ‬
‫التبشري بعد هتيئة فاعلة‪ .‬ولكنّهم غري كافيني الحتياجات العامل‪ .‬وُيب أن ّ‬
‫إنّين َك َمن حان أجله وعليه أن يُ َّتم عملَه كلّه يف وقت ُمدود‪ .‬أطلب منكم َجيعكم العون‪ ،‬وابسم هللا‬
‫أِ‬
‫َع ُدكم ابلعون ومبستقبل َميد‪».‬‬
‫ِ‬
‫عني يسوع اخلا ِرقة اكتَ َش َفت رجالً متدثّراً معطفاً من كتّان‪َ « :‬‬
‫ألست الكاهن يوحنّا؟»‬

‫بت ألحبث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫«بلى اي معلّم‪ .‬إ ّن قلب اليهود َُمدب أكثر من وهاد (هاوية) ملعون‪ .‬ولقد هر ُ‬
‫عنك‪».‬‬
‫َ‬
‫«وال َك َهنوت؟»‬

‫نعمتك تش ّدين إليها‪:‬‬


‫َ‬ ‫ك‪.‬‬‫املرة الثانية‪ ،‬ألنّين أحبّ َ‬
‫الربص‪ ،‬والناس يف ّ‬
‫املرة األوىل أقصاين عنه ََ‬
‫«يف ّ‬
‫طهرتَين‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬جسداً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخر َجتين من مكان َجنس لتقودين إىل مكان طاهر‪ .‬لقد ّ‬ ‫إليك‪ .‬فهي كذلك َ‬ ‫َ‬
‫وروحاً‪ .‬وما هو طاهر ال ميكنه‪ ،‬بل عليه ّأال يدنو ممّا هو َِجنس‪ .‬ففي ذلك إساءة لِ َمن طَ َّهر‪».‬‬

‫حكمك صارم ولكنّه ليس ظاملاً‪».‬‬


‫َ‬ ‫«إ ّن‬

‫«اي معلّم‪ ،‬إ ّن قباحات العائلة يعرفها الذي يعيش يف العائلة‪ ،‬وينبغي ّأال تُقال ّإال لذوي الروح‬
‫لك‪،‬‬
‫أنت‪ُ ،‬ر ُس َ‬
‫ك تَعلَم‪ .‬وأان ال أقول ذلك لآلخرين‪ .‬هنا يوجد َ‬ ‫ك هو‪ ،‬وفضالً عن ذلك فإنّ َ‬ ‫املستقيم‪ .‬إنّ َ‬
‫ِ‬
‫واثنان ممّن ُهم على عِلم‪َ ،‬‬
‫مثلك ومثلي‪ .‬ابلتايل‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 451 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتيت لتقدمي أطعِمة أخرى؟»‬
‫لك! هل َ‬
‫أنت أيضاً؟! السالم َ‬
‫«هذا َح َسن‪ .‬ولكن‪ ...‬آه! َ‬
‫غذائك‪».‬‬
‫َ‬ ‫«ال‪ .‬بل ألحصل أان على‬

‫ُماصيلك؟»‬
‫َ‬ ‫«هل ضاعت‬

‫«آه! ال‪ .‬مل تكن يف يوم أَجل منها اآلن‪ .‬ولكن‪ ،‬اي معلّمي‪ ،‬إنّين أحبث عن خبز آخر‪ُ ،‬مصول‬
‫أرضي‪ .‬لقد عاد إىل معلّمه‪ .‬إّّنا هو وأان‪ ،‬لدينا‬
‫ُماصيلك‪ .‬ومعي األبرص الذي ّبرأتَه على َّ‬
‫َ‬ ‫آخر‪ِ :‬من‬
‫أنت‪».‬‬
‫اآلن معلّم نتبعه وُندمه‪َ :‬‬
‫«تعالوا‪ .‬واحد‪ ،‬اثنان‪ ،‬ثالثة‪ ،‬أربعة‪ُ ...‬مصول جيّد! ولكن هل ف ّكرمت بوضعكم ّتاه اهليكل؟‬
‫لست أقول غري هذا‪»...‬‬
‫أنتم تعلمون‪ ،‬وأان أعلَم‪ ...‬و ُ‬
‫حر‪ ،‬وأذهب مع َمن أشاء‪ ».‬يقول الكاهن يوحنّا‪.‬‬
‫«إنّين رجل ّ‬
‫َّم الطعام يوم السبت‬
‫«وأان كذلك‪ ».‬يقول القادم اجلديد‪ ،‬الكاتب يوحنّا‪ ،‬وهو الرجل الذي قَد َ‬
‫أسفل جبل التطويبات‪.‬‬

‫«وحنن كذلك‪ ».‬يقول هريمس وإتيان‪.‬‬

‫رب‪ .‬فإنّنا َجنهل ما هي رسالتنا ابلتحديد‪ .‬امنحنا احل ّد األدىن‬


‫ويُضيف إتيان‪« :‬حت ّدث إلينا اي ّ‬
‫نتبعك‪».‬‬
‫خدمتك حاالً‪ .‬والبقيّة أتيت وحنن َ‬
‫َ‬ ‫يؤهلنا لنتم ّكن ِمن‬
‫الذي ّ‬
‫ثت عن التطويبات‪ .‬وكان ذلك تعليماً ابلنسبة لنا‪ .‬ولكنّنا‪ ،‬ابلنسبة‬
‫«نعم‪ .‬فعلى اجلبل حت ّد ُ‬
‫حب القريب‪ ،‬ماذا علينا أن نفعل؟» يَسأل الكاتب يوحنّا‪.‬‬
‫للحب الثاين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫لآلخرين‪ ،‬ابلنسبة‬

‫كل األسئلة‪.‬‬
‫األندوري؟» يَسأل يسوع جواابً على ّ‬
‫ّ‬ ‫«أين هو يوحنّا‬

‫«هناك اي معلّم‪ ،‬مع الذين قد بَرئوا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 452 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«فليأت إىل هنا‪».‬‬

‫خاصة‪ ،‬ويقول له‪« :‬هاكم‪،‬‬ ‫األندوري‪ .‬ويضع يسوع يده على كتفه وهو ُُييّيه حتية ّ‬
‫ّ‬ ‫هرع يوحنّا‬
‫يَ َ‬
‫أنت أيّها‬
‫أنت‪َ ،‬رسويل؛ و َ‬ ‫فإنّين سوف أحت ّدث اآلن‪ .‬أريدكم أمامي‪ ،‬أنتم اي َمن َحتملون االسم املق ّدس‪َ .‬‬
‫أنت‪ ،‬أخرياً‪ ،‬إلقفال اتج النِّ َعم املمنوحة‬
‫أنت‪ ،‬يوحنّا تلميذ املعمدان؛ و َ‬
‫أنت أيّها الكاتب؛ و َ‬
‫الكاهن؛ و َ‬
‫وعدتك يوماً هبذا‪.‬‬ ‫لست األخري يف قليب‪ .‬لقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فأنت تعلَم أنّك َ‬
‫ذكرت امسك يف اآلخر‪َ ،‬‬ ‫من هللا‪ .‬وإذا ُ‬
‫لك‪».‬‬
‫وسوف يكون َ‬
‫الصف‬
‫ّ‬ ‫صعد على حافة صغرية ليتم ّكن اجلميع من رؤيته‪ .‬أمامه‪ ،‬يف‬ ‫فعل عادة‪ ،‬يَ َ‬
‫ويسوع‪ ،‬كما يَ َ‬
‫كل أحناء‬
‫ط هبم الذين َهَرعوا من ّ‬
‫األول‪ ،‬اخلمسة الذين َُيملون اسـم يوحنّا‪ .‬خلفهم التالميذ‪ ،‬وقد اختَـلَ َ‬
‫ّ‬
‫صحتهم أو من أجل االستماع إىل الكلمة‪.‬‬ ‫فلسطني من أجل ّ‬
‫«السالم لكم َجيعاً‪ ،‬واحلكمة‪.‬‬

‫امسعوا‪َ .‬سأَلَين أحدهم ذات يوم إذا ما كان هللا رحيماً ابخلَطَأَة‪ ،‬وإىل أيّة درجة هو كذلك‪.‬‬
‫يتوصل إىل االقتناع بعفو هللا ال ُـمطلَق‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬
‫والذي كان يَسأل‪ ،‬كان خاطئاً غُفَرت له خطاايه‪ ،‬ومل يكن ّ‬
‫جعلتُهُ يهدأ أبمثال‪ ،‬طمأنتُهُ ووعدتُهُ أنّين‪ِ ،‬من أجله‪ ،‬سأتكلّم دائماً عن الرمحة‪ ،‬لكي يشعر قلبه التائب‪،‬‬
‫السماوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الذي يشبه طفالً اتئهاً كان يبكي يف داخله‪ ،‬ابلطمأنينة واألمان أبنّه أصبَ َح ألبيه‬

‫هللا رمحة أل ّن هللا ُمبّة‪ .‬وعلى خادم هللا أن يكون رحيماً ليقتدي ابهلل‪ ،‬فاهلل يستخدم الرمحة ليش ّد‬
‫إن وصيّة‬‫إليه أبناءه الضالّني‪ ،‬وعلى خادم هللا استخدام الرمحة كوسيلة جللب األبناء الضالّني إىل هللا‪َّ .‬‬
‫مرات أكثر‪.‬‬ ‫احلب مفروضة على اجلميع‪ ،‬ولكنّها ابلنسبة خل ّدام هللا‪ ،‬ينبغي أن تكون ثالث ّ‬ ‫ّ‬
‫ُيب‪ .‬إّّنا هذا يكفي قوله للمؤمنني‪ّ .‬أما لـِ ُخ ّدام هللا‪ ،‬فأان‬
‫ال ُيصل أحد على السماء إذا مل ّ‬
‫احلب كامالً‪" .‬وأنتم‪َ ،‬من تكونون‪ ،‬اي َمن‬ ‫أقول‪" :‬ال ميكن جعل املؤمنني ينالون السماء إذا مل يكن ّ‬
‫املباركة‪ ،‬احلياة الشاقّة‬ ‫احلياة‬ ‫احلياة‪،‬‬ ‫كمال‬ ‫إىل‬ ‫تسعى‬ ‫ُملوقات‬ ‫منكم‪،‬‬ ‫األكرب‬ ‫القسم‬ ‫حويل؟‬ ‫دون‬ ‫َحتتَ ِ‬
‫ش‬
‫َ‬
‫حب كامل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي الواجبات عليكم يف حياة اخلُ ّدام أو املمثّلني تلك؟ ّ‬ ‫واملنرية خلادم هللا‪ ،‬ل ُممثّل املسيح‪ .‬و ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 453 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وحب كامل للقريب‪ .‬هدفكم‪ :‬اخلدمة‪ .‬كيف؟ أبن تُعيدوا هلل ما أخذه العامل واجلسد والشيطان‬‫هلل‪ّ ،‬‬
‫ُيب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلب الذي له ألف طريقة ُمي َارس هبا وّناية واحدة‪ :‬أن َّت َعل اآلخر ّ‬
‫من هللا‪ .‬أبيّة طريقة؟ ّ‬
‫فلنف ّكر ِأبُردننا‪ ،‬النهر اجلميل‪ .‬كم هو َمهيب يف أرُيا! ولكن هل كان هكذا عند منبعه؟ ال‪،‬‬
‫بل كان خيط ماء‪ ،‬وكان سيبقى كذلك لو أنّه بَِق َي وحيداً دائماً‪ .‬إّّنا على العكس‪ ،‬فها ألف ألف‬
‫رافد َهتبط ِمن ِجبال وروايب عديدة ِمن على ض ّفيت واديه‪ ،‬منها الوحيد ومنها املتش ِّكل ِمن مئات‬
‫حّت يُصبح‬ ‫ِ‬
‫تصب يف َمراه الذي ينمو وينمو وينمو من اجلدول اخلفيف الذي كان‪ّ ،‬‬ ‫اجلداول‪ ،‬وَجيعها ّ‬
‫الزوردايً يضحك ويلهو يف طفولته كنهر‪ ،‬النهر الواسع‪ ،‬ال َـمهيب‪ ،‬والساكن الذي‬
‫ّ‬ ‫فضيّاً‬
‫َمرى مائيّاً ّ‬
‫الزمرد‪.‬‬
‫الالزوردي وسـط ض ّفتيه اخلصيبتني بلون ّ‬
‫ّ‬ ‫يَسيل شريطه‬

‫يل لدى أولئك األطفال على درب احلياة‪،‬‬ ‫احلب‪ .‬فهو بداية خيط ّأو ّ‬
‫هكذا هو احلال ابلنسبة إىل ّ‬
‫الذين ابلكاد يعرفون حفظ أنفسهم ِمن اخلطيئة الثقيلة خوفاً ِمن العقاب وُثّ‪ ،‬إذ يتق ّدمون على طريق‬
‫ب جداول‬ ‫ِ‬ ‫الكمال‪ ،‬فَـت ِ ِ‬
‫وُت ُرج إبرادة احل ّ‬
‫املتكربة‪ ،‬والقاسية‪َ ،‬‬
‫ظهر من جبال اإلنسانيّة الغليظة‪ ،‬ال ُـمجدبة‪ّ ،‬‬ ‫َ َ‬
‫كل شيء يفيد يف جعلها تنبثق وتتدفّق‪ :‬اآلالم واألفراح‪ ،‬كما‬ ‫ِ‬
‫كثرية من تلك الفضيلة األسـاسيّة‪ ،‬و ّ‬
‫شق الطريق هلا‪:‬‬
‫كل شيء يفيد يف ّ‬ ‫الشمس اليت تذيب الثلج املتجلّد على اجلبال وّتعله جداول‪ّ .‬‬
‫يل‪ ،‬إذ إ ّن النَّـ ْفس‪ ،‬مدفوعة على‬‫األو‬ ‫النهر‬ ‫صوب‬ ‫توجيهها‬ ‫يف‬ ‫يفيد‬ ‫شيء‬ ‫كل‬ ‫التوبة‪.‬‬ ‫ثله‬ ‫التواضع ِ‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حتب النـزول يف تالشي األان‪ ،‬وهي تتوق إىل الصعود ِمن جديد‪ ،‬تش ّدها الشمس‪-‬هللا‪،‬‬ ‫تلك الطريق‪ّ ،‬‬
‫وخِّرياً‪.‬‬
‫بعد أن تُصبح ّنراً جبّاراً‪ ،‬رائعاً َ‬
‫اجلنيين ذاك‪ ،‬هي‪ ،‬إضـافة إىل الفضائل‪ ،‬األعمال اليت تُعلِّم‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫السواقي اليت تغ ّذي جدول ّ‬
‫فلنتطرق‬
‫ّ‬ ‫حب‪ ،‬هي أفعال رمحة‪.‬‬‫الفضائل القيام هبا‪ ،‬الفضائل اليت هي ابلضبط‪ ،‬لكي تكون سواقي ّ‬
‫إليها معاً‪ .‬فالكثري منها معروفة اآلن يف إسرائيل‪ّ ،‬أما األخرى‪ ،‬فأان الذي أ ِّ‬
‫ُعرفكم عليها‪ ،‬أل ّن شريعيت‬
‫احلب‪.‬‬
‫هي كمال ّ‬
‫أعطوا اجلياع ليأكلوا‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 454 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عرتفون جبميـل األب ِمن أجل اخلبز الذي يُوفّره‬‫واجب العرفان واحلب‪ .‬واجب االقتداء‪ .‬األوالد يَ َِ‬
‫ّ‬
‫هلم‪ ،‬وعندما يُصبِحون رجاالً‪ ،‬يقتدون به بتوفري اخلبز ألبنـائهم وألبيهم الذي َج َعلَته سنّه غري قادر على‬
‫العمل‪ ،‬يُوفّرون اخلبز بعرق جبينهم‪َ ،‬كَرّد عطوف‪ ،‬متاماً َكَرّد على اخلري الذي تَل ّقوه‪ .‬الوصيّة الرابعة تقول‬
‫ط ِمن قدرهم بطلبهم اخلبز ِمن‬ ‫ك"‪ .‬وذلك هو أيضاً إكرام شيبهم بعدم احل ّ‬ ‫ذلك‪" :‬أَك ِرم َ‬
‫أابك و ّأم َ‬
‫آخرين‪.‬‬
‫إهلك ِ‬
‫نفسك وك ّل‬
‫َ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫قلبك‬
‫َ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫الرب َ‬‫ولكن قبل الوصيّة الرابعة توجد األوىل‪" :‬أحبِب ّ‬
‫ـك"‪ُ .‬مبّة هللا ألجل ذاته‪ ،‬وُمبّته ِمن خالل القريب‪ ،‬ذاك هو‬ ‫تك"‪ .‬والثانية‪" :‬أحبِب قر َ‬
‫يبك كنفس َ‬ ‫ّقو َ‬
‫الكمال‪.‬‬

‫للمرات الكثرية اليت أشبع هو (هللا) فيها اإلنسان أبفعاله‬ ‫ِ‬


‫ُمبّته هي بتقدمي اخلبز للجائع‪ ،‬تذكاراً ّ‬
‫املستمرة للبِذرة اليت تَنبُت بفعل‬
‫ّ‬ ‫املن والسلوى‪ ،‬فلننظر إىل املعجزة‬
‫املعجزة‪ .‬ولكن دون النَّظَر فقط إىل ّ‬
‫صالح هللا‪ ،‬الذي َمنَ َح أرضاً صاحلة للزراعة ونَظَّم الرايح واألمطار واحلرارة والفصول كي تُصبح البِذرة‬
‫سنبلة والسنبلة رغيفاً‪.‬‬

‫وهذا‪ ،‬أمل يكن معجزة ِمن رمحته تعليم أبنائه اخلطأة‪ ،‬بنور فائق الطبيعة‪ ،‬أ ّن تلك األعشاب‬
‫الذهيب حتت أشعّة الشمس ال ُـمح ِرقة‪ ،‬ال ُـمنغَلِقة يف غالف‬
‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫الطويلة والناعمة اليت تنتهي بسنبلة من احلَ ّ‬
‫وخبزها؟ هللا‬ ‫ِ‬
‫وعجنها َ‬ ‫قاس من القشور الشائكة‪ ،‬هي غذاء ينبغي جنيه‪ ،‬نَزع حباته وحتويلها إىل طحني َ‬
‫ض َع احلجارة قرب السنابل واملاء قرب‬ ‫وخيبَز‪ .‬لقد َو َ‬
‫عجن ُ‬‫طحن ويُ َ‬‫فرز ويُ َ‬ ‫َّ‬
‫كل هذا‪ .‬وكيف ُُيىن ويُ َ‬ ‫َعل َم ّ‬
‫ب على‬ ‫َشع َل بفعل انعكاس الشمس على املاء ّأول انر على األرض‪ ،‬والرايح َجلَبَت احلَ ّ‬ ‫احلجارة‪ ،‬وأ َ‬
‫النار حيث متّ طهيها‪ ،‬انشرًة رائحة زكية لتجعل اإلنسان يدرك ّأّنا هكذا أفضل ِمن حلظة خروجها من‬
‫طحن ُمش ِّكلة عجينة لَ ِز َجة تُطهى على النار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السنبلة كما تَستَهلكها الطيور‪ ،‬أو َمعجونة بعد أن تُ َ‬
‫العائلي‪ِ ،‬من أيّة رمحة‬
‫ّ‬ ‫الفرن‬ ‫يف‬ ‫املخبوز‬ ‫اللذيذ‬ ‫اخلبز‬ ‫اآلن‬ ‫أتكلون‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫اي‬ ‫أنتم‬ ‫بذلك‬ ‫رون‬ ‫إنّكم ال تُف ِّ‬
‫ك‬
‫أي َدرب ُجعِلَت املعرفة اإلنسانيّة‬ ‫هو هذا الربهان‪ ،‬هذا احلَ َدث أبنّكم وصلتم إىل كمال الطهي ذاك‪ّ ،‬‬
‫احلايل؟ ولِ َمن كان الفضل؟‬
‫ضغها اإلنسان كما احلصان‪ ،‬وصوالً إىل الرغيف ّ‬ ‫تَسلكه منذ ّأول سنبلة َم َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 455 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكل أنواع الغذاء‪ ،‬حيث َعرف اإلنسان‪ ،‬بفعل إهلام فائق الطبيعة‪،‬‬ ‫ابلنسبة‬ ‫وهكذا‬ ‫اخلبز‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األبوي لالبن‬
‫ّ‬ ‫انتقاء ما يناسبه ِمن بني النبااتت واحليواانت اليت َم َأل اخلالق هبا األرض‪ ،‬مكان القصاص‬
‫اخلاطئ‪.‬‬

‫للرب واألب الذي يشبعنا‪ ،‬واقتداء ابآلب الذي‬ ‫ِ‬


‫إذن‪ ،‬فإعطاء اجلياع ليأكلوا‪ ،‬هي صالة عرفان ّ‬
‫بتصرفاته‪.‬‬
‫ننميه ابستمرار ابقتدائنا ّ‬
‫َمنَ َحنا َمّاانً التشبّه به‪ ،‬والذي ُيب علينا أن ّ‬
‫أعطوا العطاش ليشربوا‪.‬‬

‫العطشان‪،‬‬‫س املطر؟ أو لو قال‪" :‬بسبب قسـوتكم ّتاه َ‬ ‫صل لو أ ّن هللا َحبَ َ‬


‫هل ف ّكرمت يوماً ماذا َُي ُ‬
‫حّت أكثر‬ ‫ِ‬
‫حنتج وأن نَ َلعن؟ واملاء هلل هو ّ‬‫سوف أمنع الغيوم من النّـزول إىل األرض"؟ هل إبمكاننا أن ّ‬
‫صدها اإلنسان‪ ،‬بينما هللا وحده هو الذي َُيصد حقول‬ ‫ِمن حبات القمح‪ .‬ذلك أ ّن حبات القمح َُي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الغيوم اليت تُنـ ِزل مطراً أو ندى‪ ،‬كالضباب والثلوج‪ ،‬ويُغ ّذي احلقول واملخازن‪ ،‬وميأل األّنار والبحريات‪،‬‬
‫ماحناً املأوى لألمساك اليت تُشبِع اإلنسـان مـع حيواانت أخرى‪ .‬هل ميكنكم إذن القول لِ َمن يقول لكم‬
‫صنَ َع ندفة ثلج واحدة أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعطيك ّإايه؟ هراء! َمن منكم َ‬
‫َ‬ ‫خيصين وال‬‫"أعطين ألشـرب"‪ :‬ال‪ .‬فهذا املاء ّ‬
‫قَطرة َمطر واحدة؟ َمن ِمنكم َخبَّر نقطة ندى واحدة حبرارته الكوكبيّة؟ ال أحد‪ .‬هللا وحده هو الذي‬
‫يفعل ذلك‪ .‬وإذا كانت املياه تَنـزل ِمن السماء وتعود لِتَصعد إليها‪ ،‬فهذا فقط أل ّن هللا يُن ِظّم هذا اجلزء‬
‫ِمن اخلَلق كما يُن ِظّم الباقي‪.‬‬

‫ألِبسوا العُراة‪.‬‬

‫هملون‪ ،‬أولئك‬ ‫ِ‬


‫الع َجَزة ال ُـم َ‬
‫ومشردين‪ ،‬ابئسني ُمثريين للشـفقة‪ .‬هناك َ‬
‫َميّر على طرقات األرض عُراة َّ‬
‫الرب؛ هناك‬
‫العاجزون بفعل األمراض أو احلوادث؛ هناك الربص العائدون إىل احلياة بفضل صالح ّ‬
‫كل حببوحة؛ وهناك األيتام‬ ‫ضَربَتهم الويالت فانتَـَز َعت منهم ّ‬
‫األرامل احلامالت عبء العائلة؛ وهناك َمن َ‬
‫كل مكان أشخاصاً عُراة‪ ،‬أو تغطيهم أمسال ال‬ ‫رت إىل األرض الواسعة‪ ،‬أرى يف ّ‬ ‫األبرايء‪ .‬وإذا ما نَظَ ُ‬
‫الربد‪ ،‬وهؤالء األشخاص يَنظُرون بعني ذَليلة إىل األغنياء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تكاد ُحتافظ على احلشـمة‪ ،‬وال حتمي من َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 456 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الذين َميّرون بثياب ابذخة ونِعال ُمرُية‪ .‬عني ذليلة َّإّنا صاحلة لدى الصاحلني منهم‪ ،‬وعني ذليلة إّّنا‬
‫جاعلني أولئك الصاحلني‬‫حاقدة لدى ِمن هم أقل صالحاً‪ .‬ولكن ملاذا ال َهتُبون مل ّد يد العون ِهلواّنم‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫األقل صالحاً؟‬ ‫لئك‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫حقد‬ ‫كم‬ ‫حبب‬ ‫ين‬‫ر‬ ‫منهم يف حال أفضل‪ ،‬وم ِ‬
‫دم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫لدي سوى كفاييت"‪ .‬فكما هي احلال ابلنسبة للخبز‪ ،‬فلديكم منه على املوائد‬ ‫ال تقولوا‪" :‬ليس ّ‬
‫إيل‪ ،‬هناك أكثر ِمن واحد‬ ‫ّ‬ ‫يستمعون‬ ‫الذين‬ ‫بني‬ ‫ن‬ ‫ويف اخلزائن أكثر ممّا لدى أولئك املهملني ّنائياً‪ِ .‬‬
‫وم‬ ‫ّ‬
‫ومن شرشف عتيق‪،‬‬ ‫ع ِرف أن ُيعل ِمن ثوب و ِضع جانباً بسبب تلفه‪ ،‬ثوابً صغرياً ليتيم أو لطفل فقري‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫املتسول‪ ،‬على مدى سنوات‪ ،‬أن يَقتَ ِسم ال ُقوت‬ ‫أقمطة لربئ ليس لديه‪ ،‬كما أ ّن واحداً َع ِرف‪ ،‬وهو ّ‬
‫بشق النَّـ ْفس ِمن اهلِبات واإلحسان‪ ،‬مع أبرص مل يكن إبمكانه م ّد يده على‬ ‫الذي كان ُيصل عليه ّ‬
‫الرحيمني‪ُ ،‬يب عدم البحث عنهم وسط ال ُـم َرتفني‪ ،‬بل إّّنا‬ ‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن هؤالء َّ‬
‫ابب األغنياء‪ .‬و ّ‬
‫يف الصفوف املتواضعة للفقراء الذين يَع ِرفون‪ ،‬نظراً لظروفهم‪َ ،‬كم الفقر ُمض ٍن‪.‬‬

‫وهنا كذلك‪ ،‬كما ابلنسبة إىل املاء وال ُقوت‪ ،‬فَ ِّكروا أ ّن الصوف والكتّان اللذين ترتدوّنما قد‬
‫لكل الناس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أُخذا من احليواانت والنبااتت اليت َخلَ َقها هللا‪ ،‬مل َخيلقها لألغنياء من الناس فقط‪ ،‬بل إّّنا ّ‬
‫الصحة والفهم والذكاء‪ ،‬إّّنا ليست الثروة امللطَّخة‬
‫ب ثروة واحدة لإلنسان‪ :‬ثروة نعمته و ّ‬ ‫فإ ّن هللا قد َوَه َ‬
‫مصاف املعدن الذي ال يتجاوز َجاله َجال معدن آخر‪ ،‬وهو أقل‬ ‫ّ‬ ‫الذ َهب‪ .‬لقد رفعتموه ِمن‬ ‫اليت هي َّ‬
‫فائدة كثرياً ِمن احلديد الذي تُصنَع منه ال َـمعا ِول والعرابت‪ ،‬األمشاط واملناجل‪ ،‬األزاميل واملطارق‪،‬‬
‫مصاف معدن نبيل‪ ،‬ذي نُبل أجوف‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫املنشار واملسحاج‪ ،‬واألدوات املق ّدسة للعمل املق ّدس‪ ،‬إىل‬
‫الربية‪ .‬وثروة ما هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاذب‪ ،‬بتحريض من الشيطان الذي َح َّولَكم من أبناء هلل‪ ،‬إىل وحوش كاحليواانت ّ‬
‫مق ّدس قد وهبَـْتكم ما ُيعلكم ترتقون يف ُسلّم القداسة على الدوام! ليست تلك الثروة القاتلة اليت تُريق‬
‫الرب‪ ،‬دون خشية أن تبقوا عُراة‪ .‬فأفضل‬ ‫ِ‬
‫الكثري من الدماء والدموع‪ .‬وأعطوا مثلما أُعطيتم‪ .‬أعطوا ابسم ّ‬
‫حّت حتت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرة أن ميوت املرء من الربد‪ ،‬انزعاً ثيابه لصاحل فقري يَستعطي‪ ،‬من أن يَ َدع قلبه يتجلّد‪ّ ،‬‬ ‫ألف ّ‬
‫الثياب الوثرية وهو يَفتَ ِقد للمحبّة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 457 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنعم وألطَف ِمن حرارة معطف ِمن الصوف َّ‬
‫الصرف‪ ،‬وجسد‬ ‫إ ّن حرارة اخلري الذي متّ فعله هلي َ‬
‫الفقري الذي اكتسى يتح ّدث إىل هللا ويقول له‪" :‬اب ِرك الذين أَلبَسوان"‪.‬‬
‫وإذا كان اإلشباع واإلرواء واإللباس‪ ،‬حبرمان الذات ملنح اآلخرين‪ِ ،‬‬
‫يوحد القناعة املق ّدسة والعدالة‬
‫ّ‬
‫املغبوطة ابحملبّة الفائقة القداسة‪ ،‬حبيث يتب ّدل بقداستنا مصري إخوة بؤساء‪ ،‬إبعطاء ممّا ّنلك بوفرة‪،‬‬
‫شر الناس أو بسبب األمراض قد حرموا منه‪ ،‬فإ ّن الضيافة املمنوحة‬ ‫إبذن هللا‪ ،‬لصاحل الذين‪ ،‬بسبب ّ‬
‫توحد احملبّة ابلثقة واحرتام القريب‪ .‬هل تعلمون أ ّن تلك أيضاً هي فضيلة؟ فضيلة تَ ّنم‪ ،‬لدى‬
‫للمسافرين ّ‬
‫يتصرف بشكل حسن‪ ،‬ومبا‬ ‫مالكيها‪ ،‬عن نَزاهة واستقامة‪ ،‬عالوة على احملبّة‪ .‬ابلفعل‪َ ،‬من كان نزيهاً ّ‬
‫يتصرف هو عادة‪ ،‬فها هي الثِّقة والبساطة اللذان يَنموان يف‬
‫يتصرفون كما ّ‬ ‫أ ّن املرء يعتقد أ ّن اآلخرين ّ‬
‫تنمان عن أ ّن َمن يَسمع الكالم هو إنسان يقول احلقيقة يف الكبائر والصغائر‪ ،‬فال‬ ‫صدق كالم اآلخر ّ‬
‫يِ‬
‫صل به األمر إىل االرتياب برواايت اآلخر‪.‬‬ ‫َ‬
‫لصاً أو قاتالً؟" هل‬ ‫ملاذا ّ ِ‬
‫"من يدري أنّه ليس ّ‬ ‫الشك مبسافر يَطلب الضيافة‪ ،‬قائلني يف قلوبكم‪َ :‬‬
‫تتمسكون كثرياً حبياتكم‬ ‫ِ‬
‫أي غريب؟ هل ّ‬ ‫جملرد حضور ّ‬ ‫تتمسكون كثرياً بثرواتكم اليت ّتعلكم ترتَعدون ّ‬ ‫ّ‬
‫جملرد التفكري إبمكانيّة فقداّنا؟ وماذا؟ أتظنّون أ ّن هللا ال ميكنه أن‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫هلع‬ ‫دون‬‫اليت تشعرون أبنّكم تَرتَعِ‬
‫ّ‬
‫صاً‪ ،‬وال ُتافون ِمن ضيف الظلمات الذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيميكم من اللصوص؟ وماذا؟ َُتشون أن يكون العابر ل ّ‬
‫َخيتَلِس منكم ما ال ميكن تعويضه؟ َكم يُقيم الشيطان يف قلوهبم؟ ميكنين القول‪ :‬اجلميع تسكنهم اخلطيئة‬
‫األصليّة‪ ،‬ومع ذلك ال أحد يَرتَعِد بسببها‪ .‬إذن أما ِمن شيء مثني سوى خريات وثروات الوجود؟‬
‫أوليست أمثن هي األبدية اليت تَ َدعوّنا تُسـلَب منكم وتَ َدعون اخلطيئة تقتلكم؟ مسكينة هي النُّفوس‬
‫اليت ال تكرتث وقد انتُ ِزع منها كنـزها ذاك‪ ،‬ووقع يف أيدي األشرار‪،‬كما لو كان شيئاً اتفهاً ال قيمة له‪،‬‬
‫الكالب والصناديق احلديدية حلماية أشياء ال أحد َُي ِملها‬ ‫توصد األبواب وتَضع املزالج و ّ‬ ‫بينما هي ِ‬
‫معه إىل احلياة األخرى!‬

‫لصاً؟ حنن إخوة‪ .‬والبيت يُفتَح لإلخوة العابرين‪ .‬أليس املسافر‬


‫كل مسافر ّ‬
‫ملاذا تُريدون أن تروا يف ّ‬
‫ِمن َدمنا؟ آه! بلى! إنّه ِمن َدم آدم وحواء‪ .‬أليس أخاان؟ وكيف ال؟! فال يوجد سوى أب واحد‪ :‬هللا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 458 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فاعملوا على‬
‫الذي َوَهبَنا النَّـ ْفس ذاهتا‪ ،‬مثل األب الذي مينح أوالد السرير الواحد الدم ذاته‪ .‬أهو فقري؟ َ‬
‫فاعملوا على ّأال تكون نفسكم‬ ‫ِ‬
‫الرب‪ .‬أثيابه ممزقة؟ َ‬
‫ّأال يكون روحكم أكثر منه فقراً‪ُ ،‬مروماً من صداقة ّ‬
‫ِ‬
‫متزقاً منها ابخلطيئة‪ .‬أَقَدماه موحلتان ويكسوِها الغبار؟ َ‬
‫فاعملوا على ّأال تكون األان فيكم قد‬ ‫أكثر ّ‬
‫أتلَ َفتها الرذائل أكثر ِمن حذائه الوسخ بسبب كثرة الدروب‪ ،‬واملهرتئ بسبب طول السفر‪ .‬هل مظهره‬
‫فاعملوا على ّأال يكون مظهركم غري مقبول أكثر منه يف عيين هللا‪ .‬هل يتكلّم لغة غريبة؟‬
‫غري مقبول؟ َ‬
‫فاعملوا على ّأال تكون لغة قلوبكم غري مفهومة يف ِ‬
‫حاضرة هللا‪.‬‬ ‫َ‬
‫فَ َلرتوا يف ال ُـمسافِر أخاً لكم‪ .‬إنّنا َجيعنا ُمسافِرون على طريق السماء‪ ،‬وَجيعنا نقرع األبواب‬
‫املؤدية إىل السماء‪ .‬األبواب ُهم األحبار واملستقيمون‪ُ ،‬هم املالئكة ورؤساء‬
‫املتواجدة على طول الطريق ّ‬
‫املالئكة‪ ،‬الذي نلتجئ إليهم للحصول على العون واحلماية للوصول إىل اهلدف‪ ،‬دون الوقوع ِمن‬
‫اإلّناك يف ظُلمة الليل‪ ،‬يف ش ّدة الربد‪ ،‬فريسة ِشراك ذائب وأبناء آوى الشهوات الفاسدة والشياطني‪.‬‬
‫وكما نريد أن يَفتَح املالئكة لنا ُحبّهم إليوائنا ومنحنا القوى من جديد ملتابعة الطريق‪ ،‬فلنتصّرف حنن‬
‫مرة نفتح فيها بيتنا وذراعينا وحنن نلقي التحيّة على َمهول‬ ‫ابلطريقة ذاهتا مع مسافِ‬
‫كل ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫ري‬ ‫ُ‬
‫ابسم األخ اللطيف‪ ،‬وحنن نُف ّكر ابهلل الذي يَع ِرفه‪ ،‬أقول لكم أبنّكم تكونون قد قطعتم أمياالً كثرية‬
‫املؤدية إىل السماوات‪.‬‬
‫على الطريق ّ‬
‫عودوا (زوروا) املرضى‪.‬‬

‫آه! يف احلقيقة‪ ،‬كما أ ّن الناس ُمسافِرون‪ ،‬كذلك ُهم َجيعاً مرضى‪ .‬واألمراض األكثر خطورة‬
‫هي أمراض الروح‪ ،‬األمراض اخلفيّة واألكثر فتكاً‪ ،‬ومع ذلك فهي ال تُثري االمشئزاز‪ .‬اجلرح الوجداينّ ال‬
‫روحي ال‬
‫يوحي ابلنُّفور‪ .‬نتانة الرذيلة ال تُسبّب الغثيان‪ .‬اجلنون الشيطاينّ ال ُخييف‪ .‬غنغرينا أبرص ّ‬
‫وتفسخت ال ُيعل املرء يهرب‪ .‬فاالقرتاب ِمن إحدى‬ ‫تُنفر‪ .‬القرب املمتلئ ابألقذار إلنسان ماتت نفسه ّ‬
‫تلك القذارات ليس لعنة‪ .‬اي لِفكر اإلنسان املسكني والضيّق! إّّنا قولوا‪ :‬هل القيمة األكرب للروح هي‬
‫ي بفعل اجملاورة؟ ال‪ .‬أقول‬‫الماد ّ‬
‫ي القدرة على إفساد ما هو ّ‬ ‫ماد ّ‬
‫أم للّحم والدم؟ وهل ميتلك ما هو ّ‬
‫لكم ال‪ .‬فقيمة الروح ال ُمتناهية مقارنة ابللّحم والدم‪ ،‬هذا نعم؛ إّّنا اجلسد ال قدرة له تفوق قدرة‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 459 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فحّت ولو كان أحدكم يُعالِج‬
‫ماديّة‪ ،‬بل أبشياء روحيّة‪ّ .‬‬ ‫الروح‪ .‬وميكن للروح أن يَفسد‪ ،‬إّّنا ليس أبشياء ّ‬
‫حّت العزلة يف وادي‬‫أبرصاً‪ ،‬فروحه ال تُصبِح َمذومة‪ ،‬بل ابلعكس‪ ،‬فبسبب احملبّة اليت ميارسها ببطولة ّ‬
‫كل وصمة خلطيئة‪ .‬ذلك أ ّن احملبّة هي ح ّـل ِمن اخلطيئة وأُوىل‬
‫املوت‪ ،‬رمحة ابألخ‪ ،‬سوف تسقط عنه ّ‬
‫ال ُـم ِّ‬
‫طهرات‪.‬‬

‫كنت مثل هذا؟" وافعلوا ما تريدون أن‬ ‫ِ‬


‫انطلقوا دائماً من فكرة‪" :‬ماذا أريد أن يفعلوا يب لو ُ‬
‫يَفعلوه ُهم بكم‪ .‬اآلن ما زال إسرائيل ُيتفظ بشرائعه القدمية‪ ،‬ولكن سيأيت يوم‪ ،‬وفجره ليس ابلبعيد‪،‬‬
‫ماد ّايً رجل آالم اشعيا َّ‬
‫ومعذب مزامري داوود‪،‬‬ ‫حيث نُ ِّ‬
‫كرم‪ ،‬كرمز للجمال ال ُـمطلَق‪ ،‬صورة َمن يتج ّدد فيه ّ‬
‫هرع‪ ،‬كاألايئل‬ ‫ِ‬
‫والذي‪ ،‬لكي ُيعل نفسه شبيهاً أببرص‪ ،‬يُصبح فادي جنس البشر‪ ،‬وصوب جراحه يَ َ‬
‫كل الذين يبكون على األرض‪ ،‬وسوف يَرويهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كل العطاش‪ ،‬واملرضى واملتعبني‪ّ ،‬‬ ‫إىل ينابيع املياه‪ّ ،‬‬
‫طمحون ألن يُصبحوا شبيهني به‪،‬‬ ‫يُشفيهم‪ ،‬يُرُيهم ويُواسيهم روحاً وجسداً‪ ،‬واألفضل مرتبة منهم يَ َ‬
‫وصلِبوا‪ ،‬حبّاً ابلناس الواجب‬ ‫ِ‬
‫ثخنني ابجلّراح‪ُ ،‬مراقة دماؤهم‪ ،‬وقد ُجلدوا وتكلّلوا أبكليل الشوك ُ‬ ‫ُم َ‬
‫كملني عمل َمن هو َملِك امللوك وفادي العامل‪.‬‬‫ِ‬
‫افتداؤهم‪ُ ،‬م ّ‬
‫أنتم الذين ما تزالون إسرائيليّني‪ ،‬ولكنّكم َشَّرعتُم أجنحتكم لِتُحلِّقوا ّ‬
‫ابّتاه ملكوت السماوات‪،‬‬
‫بصحة جيّدة‪،‬‬
‫ابدأوا منذ اآلن إدراك تلك القيمة اجلديدة للعاهات‪ ،‬ومبباركتكم هللا الذي ُيفظكم ّ‬
‫ُتش أن تَلمس الربص‪،‬‬
‫َحتنُون على الذين يتألّمون وميوتون‪ .‬قال أحد ُر ُسلي يوماً ألحد إخوته‪" :‬ال َ‬
‫حّت ولو أصابتكم العدوى‬
‫أحس َن القول‪ .‬فاهلل َُي َفظ ُخ ّدامه‪ .‬ولكن ّ‬
‫ميسنا سوء"‪ .‬لقد َ‬ ‫فبمشيئة هللا لن ّ‬
‫احلب‪.‬‬
‫سجل أمساؤكم يف احلياة األخرى يف قائمة شهداء ّ‬ ‫وأنتم تَعتنون ابملرضى‪ ،‬فسوف تُ َّ‬
‫زوروا السجناء‪.‬‬

‫هل تظنّون أنّه ال يوجد يف القوادس (هي سفن حربية كان يعمل احملكومون ابألشغال الشاقة‬
‫يف التجذيف فيها) سوى َُم ِرمني؟ أن العدالة البشريّة لديها عني عمياء واألخرى الرؤية فيها ُمضطَ ِربة‪.‬‬
‫وُتطئ أكثر أل ّن املتص ِّدر َخيلق‬
‫ترى َجاالً حيث تكون الغيوم‪ ،‬وتعتَِرب احليّة غُصناً ُم ِزهراً‪ُُ .‬تطئ احلُكم‪ُ .‬‬
‫حّت ولو كان املساجني َجيعهم لصوصاً‬ ‫ِ‬
‫إبرادته غيوماً من الدخان كي تُرى بشكل أسوأ‪ .‬ولكن ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 460 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرجاء ابلغفران‪ ،‬ابحتقاران‬
‫وَمرمني‪ ،‬فليس من العدل أن جنعل أنفسنا سارقني وقاتلني ابنتزاعنا منهم ّ‬
‫ّإايهم‪.‬‬

‫اي للمساجني املساكني! إ ّّنم ال َُي ُرؤون على أن يَرفَعوا‪ ،‬صوب هللا‪ ،‬عُيوّنم ال ُـمث َقلة كما هي‬
‫فالسالسل‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬تَربط أرواحهم أكثر ِمن أقدامهم‪ .‬ولكن الويل لو‬ ‫ِ‬ ‫حاهلم بسبب خطاايهم‪.‬‬
‫يَئِسوا ِمن رمحة هللا! إ ّّنم يُضيفون إىل اجلرمية ّتاه ال َقريب ُجرم اليأس ِمن الغُفران‪ .‬فالقادس تَكفري كما‬
‫البشري ِمن أجل اجلرمية املقرتفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هو املوت على ال ِـمشنقة‪ .‬إّّنا ال يكفي َدفع ما هو مفروض إىل اجملتمع‬
‫احلصة املرتتّبة هلل ِمن أجل التكفري‪ ،‬للحصول على احلياة األبديّة‪ .‬والذي يثور‬ ‫ابألخص دفع ّ‬ ‫ّ‬ ‫بل َُِيب‬
‫ب األخوة صوب احملكومني‬ ‫ِ‬
‫فليتوجه ُح ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪.‬‬‫وييأس ال يُك ّفر ّإال فيما يرتتب عليه ّتاه اجملتمع البشر ّ‬
‫واملساجني‪ .‬وسيكون نُوراً يف الظُّلُمات‪ ،‬سيكون صواتً‪ ،‬سيكون يداً تشري إىل األعايل بينما الصـوت‬
‫ّتاهك‪ ،‬أيّها األخ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫ض َع يف قليب هذا احلُ ّ‬
‫ك‪ .‬فإنّه هو الذي َو َ‬ ‫لك ُح ّيب إ ّن هللا أيضاً ُيبّ َ‬
‫يقول‪" :‬فليقل َ‬
‫فعم رمحة‪.‬‬‫سمح ابستشفاف هللا‪ ،‬األب ال ُـم َ‬ ‫َمنكود احلظ"‪ ،‬والنور يَ َ‬
‫لئك الذين ُهم ليسوا‬ ‫البشري‪ .‬سواء أو َ‬
‫ّ‬ ‫فلتَمض ُمبتكم‪ ،‬أبكثر عقالنيّة‪ ،‬ملواساة ُشهداء الظُّلم‬
‫ُمذنِبني أبداً‪ ،‬أو أولئك الذين َدفَـ َعتهم ّقوة قاهرة للقتل‪ .‬ال تُدينـوا أنتم كذلك حيث متّت اإلدانة‪ .‬أنتم‬
‫ال تعرفون ملاذا ميكن إلنسان أن يَقتُل‪ .‬أنتم ال تَعلَمون أ ّن الذي يَقتُل هو يف أغلب األحيان ليس‬
‫ومسلوب التفكري ألنّه‪ ،‬وحّت ِمن دون إراقة َدم‪ ،‬كان أحد ال َقتَلة‬ ‫ِسوى شخص ميت‪ ،‬شخص ُم َّ‬
‫سري َ‬
‫ع منه تفكريه ِخب ّسة خيانة مريرة‪ .‬هللا يَعلَم‪ .‬وهذا يكفي‪ .‬يف احلياة األُخرى‪ ،‬سوف يَرى املرء يف‬ ‫قد انتَـَز َ‬
‫السماء (الفردوس) الكثريين ِمن احملكومني ابألشغال الشاقّة‪ ،‬والكثريين ممّن َسرقوا وقَتلوا‪ ،‬وسوف يَرى‬
‫السا ِرقني‬ ‫يف جهنّم الكثريين ممّن كان يَبدو عليهم ّأّنم ُس ِرقوا وقُتِلوا‪ّ ،‬‬
‫ألّنم يف احلقيقة ُهم الذين كانوا َّ‬
‫ضحااي زائفني‪ .‬وقد اعتُربوا ضحااي‬ ‫احلقيقيّني لسـالم اآلخـر‪ ،‬للنـزاهة‪ ،‬للثقة‪ ،‬ال َقتَـلَة احلقيقيّني لِقلب‪ُ :‬هم َّ‬
‫صمت وعلى مدى سنوات‪ .‬القتل‬ ‫ضَربوا هم أنفسهم بِ َ‬ ‫ألّنم يف النهاية تَل ّقوا ضربة‪ ،‬إّّنا بعد أن َ‬
‫فقط ّ‬
‫وسَر َق أل ّن آخرين َمحَلوه على ذلك ُثّ نَ ِدم‪ ،‬والذي َمحَ َل‬ ‫ِ‬
‫والسرقة ُِها من اخلَطااي‪ ،‬ولكن بني الذي قَـتَ َل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 461 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ندم‪ ،‬فإ ّن َمن َُي ِمل آخرين على اخلطيئة دون وازع ِمن ضمري‪ ،‬سـتكون دينونته‬
‫آخرين على اخلطيئة ومل يَ َ‬
‫أش ّد‪.‬‬

‫فعمني رمحة ّتاه املساجني دون إدانتهم أبداً‪ .‬فَ ِّكروا على الدوام أنّه لو‬ ‫ابلنتيجة‪ ،‬فلتكونوا ُم َ‬
‫عوقِبَت جرائم القتل والسرقات كلّها‪ ،‬ملا بَِق َي ِسوى القليل ِمن النساء والرجال مل َميوتوا يف ال َقو ِادس أو‬
‫األمهات اللوايت َُي ِملن وال يُِردن أن تَرى َمثَرات أحشـائهن النور‪ ،‬ماذا ميكن‬ ‫ِ‬
‫على املشانق‪ .‬تلك ّ‬
‫"س َّفاحات"‪ .‬أولئك الرجال‬ ‫بكل صراحة‪َ :‬‬ ‫ـميتهن ّ‬
‫هلن تس ّ‬ ‫نتالعنب ابأللفاظ! فلنقل ّ‬
‫ّ‬ ‫تسميتهن؟ آه! ال‬
‫ّ‬
‫بكل بساطة ما يكونون‪" :‬لصوص"‪.‬‬ ‫الذين يَسلبون األعراض واملراكز‪ ،‬فبماذا ميكن تسميتهم؟ ولكن ّ‬
‫أولئك الرجال والنساء الفاسقني الفاجرين أو الذين إذ يُع ِّذبون أزواجهم‪ ،‬يَدفَعوّنم للقتل أو االنتحار‪،‬‬
‫وكذلك األمر ابلنسبة للذين‪َ ،‬كوّنم عُظماء األرض‪ ،‬يَدفَعون الذين حتت سلطتهم إىل اليأس‪ ،‬وابليأس‬
‫إىل العُنف‪ ،‬ماذا يكون امسهم؟ هوذا‪" :‬قَـتَـلَة"‪ .‬وإذن؟ ال أحد يُفلِت؟ تَـَرون أنّنا نعيش وسط أولئك‬
‫وهم ِملء البيوت واملدن‪ ،‬وُيت ّكون بنا‬ ‫ِ‬
‫املستح ّقني لألحكام الشديدة‪ ،‬والذين قد أفلَتوا من العدالة‪ُ ،‬‬
‫على الطرقات‪ ،‬وينامون معنا يف الفنادق‪ ،‬ويقامسوننا الطعام‪ ،‬وال نف ّكر يف ذلك‪ .‬فإذن‪َ ،‬من ذا الذي‬
‫بِغَري خطيئة؟ لو كانت يد هللا تَكتُب على جدران الغرفة حيث تلتئم أفكار اإلنسان‪ :‬على اجلبني‪،‬‬
‫عما كنتم عليه‪ ،‬وما أنت اآلن‪ ،‬وما سوف تكونون‪ ،‬لكانت اجلِّباه اليت َحتمل عبارة‪:‬‬ ‫االهتام ّ‬
‫عبارات ّ‬
‫إّنا َحتمل حبروف خضراء كالشهوة‪ ،‬أو محراء‬ ‫"بريء" أبحرف ِمن نُور قليلة‪ّ .‬أما اجلِّباه األخرى ف ّ‬
‫"س ّفاحني" "لصوص" "قَـتَـلَة"‪.‬‬ ‫ين"‬
‫ر‬ ‫كاجلرمية‪ ،‬أو سوداء كاخليانة‪ ،‬كلمات‪ِ :‬‬
‫"فاج‬
‫َ‬
‫األقل سعادة بشرّايً‪ ،‬والذين يف القوادس‪ُ ،‬مك ِّفرين‬
‫كونوا إذن بغري كربايء‪ُ ،‬ر َمحاء ّتاه إخوتكم ّ‬
‫مبا مل تُك ِّفروا أنتم به ِمن أجل اخلطيئة ذاهتا‪ .‬وسوف تستفيدون من ذلك من أجل تواضعكم‪.‬‬

‫ادفنوا املوتى‪.‬‬

‫أود التم ّكن ِمن َمحلكم َجيعاً إىل مواجهة املوت‪ ،‬والقول‬
‫التأمل يف املوت هو مدرسـة احلياة‪ُّ .‬‬‫ّ‬
‫لكم‪" :‬اعرفوا أن تعيشوا كق ّديسـني كيال تكون لكم سوى هذه امليتة‪ :‬االنفصال املؤقّت بني اجلسد‬
‫َّحدين ومغبوطني"‪.‬‬‫والروح‪ ،‬للقيامة فيما بعد مظ ّفرين لألبدية‪ ،‬مت ِ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 462 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للتفسخ‪ُ .‬ملوكاً كنّا أَم صعاليك‪ّ ،‬نوت كما أنيت‬
‫َجيعنا نولد عُراة‪َ .‬جيعنا سنموت جثثاً آيلة ُّ‬
‫التفسخ هو على‬
‫إىل هذه احلياة‪ .‬وإذا كانت فخامة امللوك تسـمح ابالحتفاظ ابجلثث مل ّدة أطول‪ ،‬فإ ّن ُّ‬
‫متحجرة بفعل‬
‫ّ‬ ‫مادة‬
‫حّت املومياء ذاهتا‪ ،‬ماذا تكون؟ جسداً؟ ال‪ .‬بل ّ‬ ‫الدوام مصري اجلسد امليت‪ّ .‬‬
‫فرغة وُمروقة ابخلُالصات‪ ،‬ولكنّها فريسة‬‫ألّنا ُم َّ‬ ‫الريزينات (الراتنج)‪ُ ،‬م ِّ‬
‫تخشبة‪ .‬ليست فريسة الديدان ّ‬
‫ديدان قارضة مثل اخلشب العتيق‪.‬‬

‫ف الروح وأُحيِ َي‬


‫مجرد أ ّن هذا الرتاب قد َغلَّ َ‬
‫ولكن الرتاب يعود تراابًكما قال هللا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فل ّ‬
‫س ََمد هللا ‪-‬كذا هي نـَ ْفس اإلنسان– ُيب التفكري أنّه تراب مق ّدس بشكل ال‬ ‫به‪ ،‬فإنّه كشيء لَ َم َ‬
‫األقل كانت النَّفس فيها كاملة‪ :‬يف‬ ‫خيتلف عن األشياء اليت المست اتبوت العهد‪ .‬هناك حلظة على ّ‬
‫صل‬ ‫اللحظة اليت كان هللا خيلقها‪ .‬وإذا ما لَطَّختها اخلطيئة فيما بعد‪ ،‬انزعة منها كماهلا‪ ،‬فَبِأصلها فقط تَ ِ‬
‫َ‬
‫ويستحق االحرتام‪ .‬حنن هياكل‪،‬‬ ‫يتجمل اجلسد‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ابملادة‪ ،‬وبسبب هذا اجلمال الذي أييت من هللا ّ‬ ‫اجلمال ّ‬
‫يستقر فيها اتبوت العهد‪.‬‬
‫كرم على الدوام األماكن اليت كان ّ‬ ‫نستحق اإلكرام‪ ،‬كما كانت تُ َّ‬
‫ّ‬ ‫وبذلك‬

‫كرمة يف انتظار القيامة‪ ،‬وأنتم تَـَرون يف التناغم الرائع‬


‫فاجعلوا إذن للموتى احملبّة‪ ،‬ابسرتاحة ُم َّ‬
‫الرب‬
‫مكرمني ذاك اجلسد الذي عمله ّ‬ ‫للجسد اآلدمي‪ ،‬روح ويد هللا الذي ف ّكر به وأبدعه بكمال‪ّ ،‬‬
‫حّت يف موته‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولكن اإلنسان ليس فقط حلماً ودماً‪ .‬بل هو كذلك نـَ ْفس وفِكر‪ .‬وِها يتألّمان كذلك‪ ،‬وُيب‬
‫العمل على أتمني احتياجاهتما برمحة‪.‬‬

‫ألّنم ال يعرفـون اخلري‪ .‬فكم من الناس ال يعرفون‪ ،‬أو إ ّن معرفتهم‬ ‫هناك َج َهلَة يصنعون الش ّـر ّ‬
‫وحّت ابلشـرائع اخلُلقيّة! ّإّنم يَذوون كاجلياع أل ّن ال أحد مينحهم الغذاء‪ ،‬ويـَ َقعون يف‬
‫سيّئة أبمور هللا ّ‬
‫ُرسلكم‪ .‬امنحوا‬ ‫الوهن لقلة احلقائق اليت تغ ّذيهم‪ .‬امضوا إليهم وعلِّمـوهم‪ ،‬إذ إنّين ألجل ذلك أَجعكم وأ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫الروحي‪ ،‬إشباع اجلّياع‪ ،‬وإذا كان هناك أجر‬ ‫خبز الروح جلوع األرواح‪ .‬تَعليم اجلَّهلة ي ِ‬
‫عادل‪ ،‬يف النظام‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫فأي أجر سيُمنَح لِ َمن يُشبِع‬
‫ّ‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫ذلك‬ ‫يف‬ ‫ميوت‬ ‫ال‬ ‫لكي‬ ‫يذوي‬ ‫جلسد‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫ُمينَح ِمن أجل رغيف أ ِ‬
‫ُعط‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 463 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫روحاً ابحلقائق األبدية‪ ،‬مبنحه احلياة األبدية؟ ال تَبخلوا مبا تَعرفون‪ .‬فإ ّن ذلك قد أ ِ‬
‫ُعط َي لكم َمّاانً وبغري‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قياس‪ .‬فأعطوه دون ُخبل‪ ،‬ألنّه ِمن أمور هللا كماء السماء‪ ،‬وُيب أن يعطَى كما أ ِ‬
‫ُعط َي‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومتكربين يف األمور اليت تَع ِرفون‪ ،‬لكن أعطوا بِ َكرم متو ِ‬
‫اضع‪ .‬وأعطوا إنعاش‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ال تَكونوا ُخبَالء‬
‫الصالة الصايف واخلَِّري لألحياء واألموات املتعطّشني للنِّ َعم‪ .‬يَنبَغي عدم َحبس املاء عن احلُلوق اليت‬
‫َج َّفت‪ .‬فماذا َُِيب إذن أن يُعطى لقلوب األحياء ال َقل َقة وألرواح األموات املتألِّمة؟ صلوات‪ ،‬صلوات‬
‫ألّنا مشبعة ابحلب وروح التضحية‪.‬‬ ‫خصيبة ّ‬

‫صوت َع َجلَة على الدرب‪ .‬هل هو الصوت‬ ‫ِ‬


‫ينبغي أن تكون الصالة حقيقيّة‪ ،‬وليست آليّة مثل َ‬
‫العَربة تتق ّدم‪ .‬األمر ذاته‬
‫الع َجلَة هي املستخدمة يف جعل َ‬
‫العَربة تتق ّدم؟ ّإّنا َ‬
‫الع َجلَة هي اليت َّتعل َ‬
‫أَم َ‬
‫ضجة ليس ّإال‪ .‬والثانية‪ :‬عمل تُسـتَهلَك فيه‬ ‫ِ‬
‫ابلنسبة للصالة الشفويّة اآلليّة والصالة الفاعلة‪ .‬األوىل‪ّ :‬‬
‫فعلون‬
‫القوى وتتعاظم املعاانة‪ ،‬إّّنا يتح ّقق معه الوصـول إىل اهلدف‪ .‬صلّوا بتضحياتكم أكثر ممّا تَ َ‬
‫بشفاهكم وستَمنَحون الراحة لألحياء واألموات بقيامكم بفعل الرمحة الروحيّة الثاين‪ .‬سوف َخيلص‬
‫العامل بواسطة صلوات الذين يعرفون أن يصلّوا‪ ،‬وليس ابحلروب ِ‬
‫الصاخبة‪ ،‬عدمية النفع واملعارك الطاحنة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أانس كثريون يف العامل يعرفون اإلميان‪ .‬ولكنّهم ال يعرفون أن يثبتوا يف اإلميان‪ .‬كما لو ّأّنم بني‬
‫ِ‬
‫يرتددون دون أن يتق ّدموا خطوة واحدة‪ ،‬ويُن ِهكون قُواهم دون ّ‬
‫التوصل‬ ‫فيرتددون‪ّ ،‬‬
‫ضني‪ّ ،‬‬ ‫معس َكَرين متناق َ‬
‫املرتددون‪ .‬أانس الـ ـ "لكن" والـ ـ "إذا" والـ ـ "وُثّ"‪ .‬الذين يَسألون‪" :‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫ألي شيء‪ .‬أولئك ُهم ّ‬ ‫ّ‬
‫هل سيحصل هكذا؟"‪" ،‬وإذا مل يكن هكذا؟" "هل سأستطيع؟"‪" ،‬وإذا مل أجنح؟" وهكذا دواليك‪.‬‬
‫يتمسكون‬ ‫ِ‬
‫فإّنم ّ‬ ‫وحّت لو َو َجدوا‪ّ ،‬‬
‫صعدون‪ّ ،‬‬ ‫ّإّنم ضعيفو اإلرادة الذين‪ ،‬إذا مل َُيدوا ما يتعلّقون به‪ ،‬ال يَ َ‬
‫كل طالع يوم جديد‪.‬‬ ‫صعدون يف ّ‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬وما ُيب ليس فقط دعمهم‪ ،‬إّّنا جعلهم يَ َ‬
‫الرب‪ ،‬ال ُهت ِملوهم!‬
‫آه! يف احلقيقة ّإّنم ُميارسون الصرب واحملبّة أكثر من طفل معاق! ولكن‪ ،‬ابسم ّ‬
‫املتأججة ألولئك الناس األسرى لذواهتم وملرضهم الغامض‪ .‬قودوهم‬ ‫كل ّقوتكم ّ‬ ‫كل إميانكم املنري و ّ‬
‫أعطوا ّ‬
‫املرتددين‪ِ ،‬من غري أن تَ َتعبوا أو تَفقدوا صربكم‪ .‬هل‬ ‫ِ‬
‫إىل الشمس واألعايل‪ .‬كونوا معلّمني وآابء ألولئك ّ‬
‫وحّت‬
‫اعي‪ ،‬أان ذايت‪ّ ،‬‬ ‫مرات كثرية‪ ،‬أُن ِزل ذر َّ‬
‫ُيعلونكم تُنـ ِزلون ذراعيكم؟ حسناً‪ .‬أنتم كذلك َج َعلتُموين‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 464 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اآلب الذي يف السماوات‪ ،‬الذي عليه أن يُف ِّكر غالباً أنه يبدو أ ّن ّتسد الكلمة ال طائل منه‪ ،‬مبا أ ّن‬
‫سمع كلمة هللا يتكلّم‪.‬‬ ‫حّت اآلن وهو يَ َ‬
‫مرتدداً‪ّ ،‬‬
‫اإلنسـان ما زال ّ‬
‫ِ‬
‫ومين! فافتحوا إذن السجون ألولئك األسرى‬ ‫وفيما إن كنتم ال تَعتَِربوا أنفسكم أكثر قَ ْدراً من هللا ّ‬
‫حرروهم ِمن َسالسل "هل ميكنين؟" و "إذا مل أجنح؟"‪ .‬أَقنِعوهم أنّه يكفي أن‬ ‫لل ـ "لكن" والـ ـ "إذا"‪ِّ .‬‬
‫حّت يكون هللا مسروراً‪ .‬وإذا ما رأيتموهم يَس ُقطون ِمن مرتكزاهتم‪،‬‬
‫كل شيء أبفضل ما ميكنه ّ‬ ‫يَصنَع املرء ّ‬
‫األمهات اللوايت ال َُيزن (يتابعن) إذا ما سقط‬ ‫ِ‬
‫مرة أخرى‪ .‬كما تفعل ّ‬ ‫فال ترتكوهم‪ ،‬بل أَّنضوهم ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت ال يعود َخيشى َسقطة‬ ‫صغريهن‪ ،‬بل يتوقّفن‪ ،‬يُن ِهضنَه من جديد‪ ،‬يُنظّفنَه‪ ،‬يُواسينَه‪ ،‬ويَدعمنَه ّ‬
‫ويتصرفن هكذا على مدى أشهر وسنوات إذا ما كانت ساقا الولد ضعيفتني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جديدة‪.‬‬
‫ألِبسوا عُراة الروح ِ‬
‫غافرين للمسيئني إليكم‪.‬‬

‫اإلساءة فِعل ُمناف للمحبّة‪ .‬والفعل املنايف للمحبّة يَسلَخ عن هللا‪ .‬كذلك َمن يرتكب اإلساءة‬
‫ري ّإال غفران الذي أساء إليه‪ ،‬ألنّه يُعيد هللا إليه‪ .‬هللا‪ ،‬لكي يَغفر‪ ،‬ينتظر‬ ‫يتعرى‪ ،‬وال يُعيد إلباس هذا العُ ّ‬
‫ّ‬
‫ال ُـمساء إليه أن يَغفر‪ .‬يَغفر لإلنسان الذي أُسيء إليه‪ ،‬مثلما يَغفر للذي أساء لإلنسان وهللا‪ .‬ألنّه ما‬
‫لكن هللا يَغفر لنا حنن إذا ما َغ َفران حنن للقريب‪ ،‬ويَغفر للقريب إذا ما‬ ‫و‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ب‬
‫ر‬ ‫إىل‬ ‫ئ‬ ‫ِمن إنسان مل ي ِ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فعل بكم (ابلكيل الذي تُكيلون يُكال لكم)‪ .‬ابلنتيجة اغفروا‬ ‫َغ َفر الذي أُسيء إليه‪ .‬كما فعلتم سوف يُ َ‬
‫سعدون يف السماء بسـبب احملبّة اليت َمنَحتُموها‪ ،‬كما لو كان‬ ‫إذا ما أردمت أن يُغ َفر لكم‪ ،‬وسوف تَ َ‬
‫َّسني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وضع معطف من النجوم على من َكبي ُكم املقد َ‬ ‫يُ َ‬
‫كونوا ُر َمحاء ّتاه الباكني‪ّ .‬إّنم أولئك الذين أدمتهم احلياة‪ ،‬أولئك الذين قد حتطَّم قلبهم يف‬
‫مشاعره‪.‬‬

‫ال تُغلِقوا على أنفسكم يف سكينتكم كما يف قلعة‪ .‬بل اعرفوا أن تَبكوا مع الباكني‪ ،‬أن تُواسوا‬
‫احملزونني‪ ،‬وأن متألوا فراغ َمن ُح ِرَم ِمن أحد أبويه ابملوت‪ .‬آابء مع اليتامى‪ ،‬أبناء مع اآلابء‪ ،‬إخوة‬
‫بعضكم لبعض‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 465 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أحبوا‪ .‬ملاذا احملبة فقط للمغبوطني؟ فهؤالء قد حصلوا على حصتهم ِمن الشمس‪ِ .‬‬
‫أحبّوا الباكني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫ّإّنم األقل حظّاً يف ُمبة العامل‪ ،‬ولكن العامل ال يعرف قيمة الدموع‪ .‬أما أنتم فتعرفوّنا‪ِ .‬‬
‫فأحبّوا إذن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الباكني‪ .‬أحبّوهم إذا كانوا يف حزّنم ُمستَسلِمني ملشيئة هللا‪ .‬وأَحبّوهم أكثر إذا ما َج َعلَهم أملهم يَثورون‪.‬‬
‫فال مالمات‪ ،‬بل لُطف إلقناعهم يف أملهم بفائدة األمل‪ .‬وفيما إذا جعلتهم غشاوة الدموع يـََرون بِشكل‬
‫صدموا (تُ َّروعوا)! فذاك ليس سوى هلوسة‬ ‫مشوه وجه هللا‪ ،‬وأنَّه ليس ِسوى ُمنتَ ِقم جبّار‪ .‬فال‪ .‬ال تُ َ‬ ‫ّ‬
‫جعلوا حرارهتم َهتبط‪.‬‬ ‫ت‬‫بسبب حرارة األمل‪ .‬م ّدوا هلم يد العون لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فليكن إميانكم املنعش كالثلج الذي يوضـع على الذي يَهذي‪ُ .‬ثّ‪ ،‬عندما هتبط احلرارة األكثر‬
‫ُصيب بصدمة‪ ،‬حينذاك‪ ،‬وكما ألطفال‬ ‫ُّ ِ‬
‫ارتفـاعاً‪ ،‬وُيني وقت احنطاط القوى واخلَبَل والذهول ل َمن أ َ‬
‫صرب وأَانة َورويّة‪...‬‬ ‫أعاقَـ َهم ال َـمَرض‪ ،‬أعيدوا الكالم عن هللا‪ ،‬كما لو كان األمر جديداً‪ ،‬على مهل وبِ َ‬
‫لحوا‪ ...‬فإ ّن النَّـ ْفس‬
‫األزيل الذي هو اإلنسان! ُثّ اصمتوا‪ .‬ال تَ ّ‬ ‫ِ‬
‫آه! رواية َجيلة تُقال لتسلية الطفل ّ‬
‫ساعدوها ابملالطفات وابلصالة‪ .‬وعندما تقول‪" :‬إذن‪ ،‬أمل يكن هللا؟" تقولون‪" :‬ال‪ ،‬هو‬ ‫تعمل بذاهتا‪ِ .‬‬
‫حتاملت عليه" قولوا‪ :‬هو قد‬ ‫ُ‬ ‫ُيبك"‪ .‬وعندما تقول النَّـ ْفس‪ :‬ولكنّين قد‬
‫لك األذى‪ ،‬ألنّه َ‬
‫مل يكن يريد َ‬
‫قلبك‬
‫ألّنا كانت احلُ ّمى"‪ .‬وحينما تقول‪" :‬إذن أان أريده"‪ ،‬قولوا‪" :‬ها هو ذا! إنّه على ابب َ‬ ‫نَ ِس َي ّ‬
‫ينتَ ِظر أن تفتح له"‪.‬‬

‫حتملوا الـ ُمضايِقني‪ .‬أيتون فَـيَزعجون بيت األان الصغري‪ ،‬كاملسافرين أيتون فيزعجون البيت الذي‬
‫َّ‬
‫نَقطُن‪ .‬ولكن كما أوصيتكم أن تستقبلوا هؤالء‪ ،‬أوصيكم أن تستقبلوا أولئك‪.‬‬

‫فإّنم‪ُ ،‬هم‪،‬‬
‫زعجون؟ ولكن إذا كنتم أنتم ال حتبّوّنم بسبب املضايقة اليت يسبّبوّنا لكم‪ّ ،‬‬ ‫هل هم م ِ‬
‫ُ ُ‬
‫حّت ولو كانوا قد أتوا ليطرحوا عليكم أسئلة ال‬ ‫احلب‪ّ .‬‬
‫ُيبّونكم قليالً أو كثرياً‪ .‬استقبلوهم بسبب هذا ّ‬
‫فصحوا لكم عن حقدهم ويشتموكم‪ ،‬ما ِرسوا الصرب واحملبّة‪ .‬إبمكانكم جعلهم يُصبِحون‬ ‫رزانة فيها‪ ،‬لِي ِ‬
‫ُ‬
‫شك ابفتقاركم إىل احملبّة‪ .‬تتألّمون لرؤيتهم يَ َِ‬
‫قرتفون اخلطااي‬ ‫أفضل بصربكم‪ ،‬وإبمكانكم أن تكونوا سبب ّ‬
‫ِمن تلقاء أنفسهم؛ ولكنّكم تتألّمون أكثر جبعلهم ُخي ِطئون‪ ،‬وأبن ُُت ِطئوا أنتم أنفسكم‪ .‬اقبلوهم ابمسي‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 466 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إذا كنتم ال تستطيعون قبوهلم مبحبتكم‪ .‬وهللا سيكافئكم مبجيئه هو فيما بعد لزايرتكم وإزالة الذكرى‬
‫غري املستحبّة مبالطفاته فائقة الطبيعة‪.‬‬

‫أخرياً اجتهدوا يف أن تَغمـروا اخلَطَأة لتهيّئوا عودهتم إىل حياة النّعمة‪ .‬هل تَعلَمون مّت تفعلون‬
‫صبور وعطوف‪ .‬فكأنّكم تُك ِّفنون رويداً رويداً قَباحات اجلسد قبل‬ ‫أبوي‪َ ،‬‬
‫ذلك؟ عندما تؤنّبوّنم إبحلاح ّ‬
‫إيل"‪.‬‬
‫إيداعها القرب يف انتظار أمر هللا‪" :‬اّنض وتعال ّ‬
‫طهر اجلسد‪ ،‬حنن العربانيّني‪ ،‬احرتاماً للجسد الذي ينبغي له أن يقوم؟ توبيخ اخلَطَأة‪،‬‬ ‫ألسنا نُ ِّ‬
‫الرب هي اليت تفعله‪ .‬طَ ِّهروهم ابحملبّة‬
‫يُشبه تطهري أعضائهم قبل التكفني‪ّ .‬أما ما تب ّقى‪ ،‬فإ ّن نعمة ّ‬
‫والدموع والتضحيات‪ .‬كونوا أبطاالً لتنتشلوا روحاً ِمن الفساد ‪ .‬كونوا أبطاالً‪.‬‬

‫ـتحق املكافأة‪ ،‬فما‬


‫ي يس ّ‬
‫ماد ّ‬
‫لن يبقى ذلك دون مكافـأة‪ .‬ذلك أ ّن كأس ماء يَروي غليل عطش ّ‬
‫مي؟‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫اجله‬ ‫العطش‬ ‫ن‬‫م‬‫ابلكم ابنتشال روح ِ‬
‫ّ‬
‫احلب ينمو‪ .‬اذهبوا وما ِرسوها‪.‬‬
‫مت‪ .‬تلك هي أعمـال الرمحة للجسد والروح اليت ّتعل ّ‬
‫لقد تكلّ ُ‬
‫وليكن سالم هللا وسالمي معكم اآلن وعلى الدوام‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 467 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -140‬البُخل والغين األمحق)‬

‫‪ 10‬و ‪1945 / 09 / 14‬‬

‫للعيان املدن والبلدات املتناثرة على‬ ‫ظهر َ‬


‫يسوع على إحدى روايب الض ّفة الغربيّة للبحرية‪ .‬تَ َ‬
‫وطرباي‪ ،‬األوىل ِحبيِّها الراقي ذي‬ ‫ِ‬
‫الشواطئ يف كلتا اجلهتني‪ ،‬إّّنا ابلضبط يف أسـفل الرابية توجد َمدلة ّ‬
‫وعامة الشعب الفقرية‬ ‫جلي عن بيوت الصيّادين والف ّالحني ّ‬ ‫احلدائق املتع ّددة‪ ،‬الذي يفصله بشكل ّ‬
‫كل ما هو بُؤس واحنطاط‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫جف اآلن متاماً‪ .‬واألُخرى اليت ليست سوى َأتلق‪ ،‬وهي َّت َهل ّ‬ ‫َسيل قد ّ‬
‫وتضحك لشمس وهي تُقابِل البحرية َجيلة وجديدة‪ .‬وبني االثنتني بساتني اخلُضار‪ ،‬هي قليلة‪ ،‬إّّنا‬
‫معتىن هبا جيّداً‪ ،‬وهي يف السهل الضيّق‪ ،‬تليها أشجار الزيتون الصاعدة ُمقتَ ِحمة الروايب‪ .‬خلف يسوع‪،‬‬
‫العام الواصل بني البحر‬ ‫تَ ِ‬
‫مير عند أسفله الطريق ّ‬ ‫القمة صهوة جبل التطويبات‪ ،‬الذي ّ‬ ‫ظهر من على هذه ّ‬
‫َ‬
‫وطرباي‪ .‬وقد يكون يسوع اختار هذه الناحية اليت ميكن للكثري من الناس الوصول‬ ‫األبيض املتوسط ّ‬
‫إليها ِمن مدن كثرية على البحرية أو من داخل اجلليل‪ ،‬بسبب قرب تلك الطريق الرئيسيّة املأهولة ج ّداً‪،‬‬
‫حيث ميكن للمرء‪ ،‬عند املساء‪ ،‬العودة إىل بيته بسهولة‪ ،‬أو إُياد َمن يستضيفه يف بلدات كثرية‪.‬‬
‫َخ َذت مكان أشجار‬ ‫وكذلك احلرارة أصبَ َحت ألطف بفعل االرتفاع وأشجار الغاابت العالية اليت أ َ‬
‫القمة‪.‬‬
‫الزيتون يف ّ‬
‫صحتهم‪،‬‬
‫الر ُسل والتالميذ‪ .‬أانس يف حاجة إىل يسوع من أجل ّ‬ ‫ابلفعل يوجد أانس كثريون عدا ُّ‬
‫أو من أجل النصائح‪ ،‬أانس أتوا بدافع الفضول‪ ،‬أانس أتوا بصحبة أصدقاء‪ ،‬أو أتوا أُسوة ابآلخرين‪.‬‬
‫أي وقت‬ ‫ن‬ ‫يف النتيجة هم ََجع… مل يعد الطقس يتأثّر ابلقيظ‪ ،‬بل هو مييل إىل اخلريفي ويدعو أكثر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املضي يف البحث عن املعلّم‪.‬‬
‫إىل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 468 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لقد انتهى يسوع ِمن شفاء املرضى والتح ّدث إىل الناس‪ ،‬وحتماً حول موضوع الثروات غري‬
‫العادلة‪ ،‬وعن ضرورة التخلّي عنها لكسب السماء‪ ،‬والضرورة املطلقة هلذا التخلّي ليكون املرء تلميذاً‬
‫له‪ .‬واآلن هو ُُييب على أسئلة هذا أو ذاك من التالميذ األغنياء املضطربني قليالً بسبب هذا اإلصرار‪.‬‬

‫كل ما أملك َُمِّرداً أوالدي منه؟»‬


‫علي إذن إتالف ّ‬
‫يوحنّا الكاتب يقول‪« :‬هل َّ‬
‫«ال‪ .‬إ ّن هللا قد منحك اخلريات‪ .‬فاجعلها يف خدمة العدل‪ ،‬و ِ‬
‫استخدمها بعدل واستقامة‪ .‬يعين‬ ‫ََ َ َ‬
‫َّامك إبنسانيّة‪ ،‬هذه ُمبّة‪ ،‬واجعل‬
‫عائلتك‪ ،‬هذا واجب‪ ،‬عامل ُخد َ‬ ‫َ‬ ‫استخدمها يف تلبية احتياجات‬
‫الفقراء املساكني يُفيدون منها‪ ،‬ساعد يف تلبية احتياجات التالميذ املساكني‪ .‬وهكذا ال تعود الثروات‬
‫لك‪.‬‬
‫يقك‪ ،‬بل عوانً َ‬
‫عائقاً يف طر َ‬
‫ب‬ ‫احلق أقول لكم‪ ،‬إ ّن خطر فقدان السماء بسبب ُح ّ‬ ‫ُثّ يقول‪ ،‬موجهاً احلديث للجميع‪ّ « :‬‬
‫الثروات ذاته ميكنه أن يكون كذلك ُُميقاً بتلميذ أكثر فَقراً إذا ما افتَـ َقَر إىل العدل واالستقامة‪ ،‬وهو‬
‫كاهين‪ .‬فَ َمن كان غنيّاً أو فاسداً‪ ،‬سيُحا ِول يف كثري من األحيان إفسادكم‬ ‫يتواطأ مع الغين بعد أن أصبح ِ‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫هبداايه‪ ،‬جلعلكم َُتتَِربون طريقة حياته وخطيئته‪ .‬وسـوف يكون من بني تالميذي َمن يـَ َقع يف ّتربة‬
‫اهلدااي‪ .‬ينبغي ّأال يكون ذلك‪ .‬فلتتعلّموا ِمن املعمدان‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬رغم عدم كونه قاضياً وال حاكِماً‪،‬‬
‫ك أفضليّات‪ ،‬لن تَقبَل‬ ‫فإنّه كان يتمتّع بكمال القاضي واحلاكِم‪ ،‬كما تصفه تثنية االشرتاع‪" :‬لن تكون ل َ‬
‫فسد كالم املستقيمني‪ ".‬فغالباً ما يدع اإلنسان سيف العدالة يـَ ُف ّل‬ ‫اهلدااي‪ ،‬أل ّّنا تعمي عيون احلكماء وتُ ِ‬
‫(يتَـثَـلَّ َم) بِ َذ َهب ِآُث ُميَّرر على َح ّده‪ .‬ال‪ ،‬ينبغي ّأال يكون هذا‪ .‬اعرفوا أن تكونوا فقراء‪ ،‬اعرفوا أن تَذوقوا‬
‫حّت مع حجة جعل هذا الذهب يف خدمة مصلحة‬ ‫طعم املوت‪ ،‬إّّنا ال تتّفقوا أبداً مع اخلطيئة‪ .‬وال ّ‬
‫الفقراء‪ .‬إنّه َذ َهب َملعون ولن ُُي ّقق هلم اخلري‪ .‬إنّه َذ َهب تسوية ُمزية مع الضمري‪ .‬أنتم تُش ِّكلون التالميذ‬
‫وُملِّصني‪ .‬فماذا ستكونون إذا ما سـايرمت الشّر من أجل َمصلَحة؟‬ ‫ال ُـمع ّدين لتكونوا معلّمني وأطباء ُ‬
‫ستكونون معلِّمني لعلوم سيّئة‪ ،‬أطبّاء يقتلون مرضاهم‪ ،‬ولن تكونوا ُُملِّصني‪ ،‬بل إّّنا أانس متعا ِونون‬
‫على تدمري القلوب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 469 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بك‪ .‬أ َِجب إذن على هذا‬
‫لست تلميذاً‪ ،‬ولكنّين معجب َ‬
‫يتق ّدم رجل من اجلمع ويقول‪« :‬أان ُ‬
‫ُيق ألحد أن ُمي ِسك مال اآلخر عليه؟»‬
‫السؤال‪" :‬هل ّ‬
‫املارة‪».‬‬ ‫أحد‬ ‫ن‬ ‫«ال‪ ،‬أيها الرجل‪ .‬فتلك هي سرقة‪ ،‬متاماً كسرقة كيس النقود ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت ولو كان مال العائلة؟»‬
‫« ّ‬
‫«نعم‪ .‬فليس ِمن العدل أن يتملّك امرؤ مال اآلخرين كلّهم‪».‬‬

‫يوزع إرث أيب الذي مات‬ ‫ومر أخي أن ِّ‬ ‫«إذن‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬تعال إىل بيلمان على طريق دمشق‪ُ ،‬‬
‫والحظ أنّنا توأم ِمن َّأول ِوالدة‪ ،‬بل ال ِوالدة‬
‫دون ترك وصية بيين وبينه‪ .‬لقد استأثر بكل شيء لنفسه‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوحيدة‪ .‬إذن فَلِي احلقوق ذاهتا اليت له‪».‬‬

‫يتصرف بشكل جيّد‪ .‬ولكن ك ّل‬‫أخوك ال ّ‬


‫يَنظُر إليه يسوع ويقول‪« :‬إنّه لََوضع مؤمل‪ ،‬وابلتأكيد َ‬
‫أجلك ِ‬
‫ومن أجله أكثر ليهتدي‪ ،‬وأن آيت إىل بلدتك للتبشري فيها‬ ‫ما ميكنين فعله‪ ،‬هو أن أصلّي ِمن َ‬
‫ـتطعت إرساء السالم بينكما‪».‬‬
‫إيل إذا ما اس ُ‬
‫َمس قلبه‪ .‬والدرب ليس شاقّاً ابلنسـبة ّ‬
‫وهكذا أ ُّ‬
‫بكالمك؟ يف حال كهذه ُيب القيام بشيء آخر‬
‫َ‬ ‫ب الرجل هائِجاً‪« :‬وماذا تريدين أن أفعل‬
‫يـَ ُه ّ‬
‫غري الكالم!»‬

‫«ولكن أمل تقل يل أن أَطلُب ِمن َ‬


‫أخيك أن‪»...‬‬

‫قرن دائماً بتهديد‪َ .‬ه ِّدده أبن تضربه بشخصه‪ ،‬إذا مل يعطين ما‬ ‫َّ‬
‫«الطلَب ليس التبشري‪ .‬فاألمر يُ َ‬
‫ميكنك أن تَبلي ابملرض‪».‬‬
‫َ‬ ‫ميكنك فِعل ذلك‪ .‬فكما َهتِب الصحة‪،‬‬
‫َ‬ ‫خيصين‪.‬‬
‫ّ‬
‫أتيت للهداية وليس للضرب‪ .‬ولكن إن تؤمن بكالمي َِّتد السالم‪».‬‬
‫«أيّها الرجل‪ ،‬لقد ُ‬
‫أي كالم؟»‬
‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 470 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت ويهتدي‬ ‫أجلك ِ‬ ‫لك إنّين سـوف أصلّي ِمن‬
‫تتعزى َ‬
‫أخيك‪ ،‬لكي ّ‬
‫َ‬ ‫ومن أجـل‬ ‫َ‬ ‫قلت َ‬
‫«لقد ُ‬
‫هو‪».‬‬

‫لست بسيطاً لدرجة أن أؤمن بذلك‪ .‬تعال وأَل ِزمه‪».‬‬


‫«حكاايت ورواايت‪ ،‬وأان ُ‬
‫ومهيباً‪ .‬ينتصب ِمن جديد ‪-‬وكان فيما َسبق قد‬ ‫يسوع الذي كان لطيفاً وصبوراً‪ ،‬يُصبِح صارماً َ‬
‫يتأجج غضباً‪ -‬ويقول‪« :‬أيّها الرجل‪َ ،‬من ذا الذي أقامين‬
‫احنىن على الرجل قصري القامة والبدين الذي ّ‬
‫رضيت اجمليء ألمتّم‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫عليكم قاضياً أو قَ َّساماً؟ ال أحد‪ .‬ولكن لكي أزيل خالفاً بني أخوين‪ُ ،‬‬
‫عودتك إىل‬ ‫أخاك‪ ،‬لدى‬
‫وجدت َ‬ ‫لكنت‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫آمنت بكالمي‪َ ،‬‬ ‫ك َ‬ ‫رساليت يف إحالل السـالم والفداء‪ ،‬ولو أنّ َ‬
‫كنت‬
‫ك لو َ‬ ‫طلبت‪ .‬فإنّ َ‬
‫َ‬ ‫لك املعجـزة اليت‬
‫ك ال تعرف أن تؤمن‪ ،‬ولن تكون َ‬ ‫بيلمان وقد اهتدى‪ .‬إنّ َ‬
‫لنفسك حا ِرماً َ‬
‫أخاك منه‪ ،‬ألنّكما يف احلقيقة‪ ،‬إذا‬ ‫َ‬ ‫احتفظت به‬
‫َ‬ ‫لكنت‬
‫يدك على الكنـز ّأوالً‪َ ،‬‬ ‫وضعت َ‬
‫َ‬
‫ب وحيد‪ :‬الذهب‪ .‬فابق إذن‬ ‫لديك ُح ّ‬
‫أخيك‪َ ،‬‬‫أنت ِمثل َ‬‫كنتما ولدمتا توأمني‪ ،‬فإ ّن ميولكما متوائمة‪ ،‬و َ‬
‫إميانك‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫مع َ‬
‫لكن يسوع يتص ّدى‪.‬‬‫َميضي الرجل وهو يَ َلعن‪ُ ،‬مثرياً استنكار اجلموع الذين أرادوا معاقبته‪ .‬و ّ‬
‫الشر؟ أان أساُمه‪ ،‬أل ّن شيطان‬
‫يقول‪« :‬دعوه يذهب‪ .‬ملاذا تريدون تلطيخ أيديكم بضربكم من أعماه ّ‬
‫صل ابألحرى ِمن أجل هذا‬ ‫الذ َهب الذي َج َعلَه منحرفاً يَستَح ِوذ عليه‪ .‬افعلوا ذلك أنتم أيضاً‪ .‬ولِنُ ِّ‬
‫َّ‬
‫البائِس كي يعود إنساانً ذا نـَ ْفس َجيلة ُحّرة‪».‬‬

‫حّت َوجهه قد أصبَ َح رهيباً بفعل جشعه‪ .‬هل الحظتم ذلك؟» يتساءل التالميذ‪،‬‬
‫حقيقي‪ّ .‬‬
‫« ّ‬
‫والذين كانوا قريبني من الرجل اجلَّ ِشع فيما بينهم‪.‬‬

‫«ح ّقاً! ح ّقاً! مل يكن ليبدو كما كان قبالً‪».‬‬

‫صَرفَه املعلّم كان على وشـك أن يَضربه وهو يلعنه‪ ،‬وقد أصبَ َح وجهـه وجه‬
‫«نعم‪ .‬عندما َ‬
‫شيطان‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 471 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الشر‪»...‬‬ ‫«وجه شيطان ِّ‬
‫َمرب‪ .‬كان يَبغي َمحل املعلّم على فعل ّ‬
‫«امسعوا»‪ ،‬يقول يسوع «إ ّن فساد النفس غالباً ما ينعكس على الوجه‪ .‬وقد كان الشيطان ظاهراً‬
‫على سطح ذاك الذي يَسـتحوذ عليه‪ .‬فقليلون ج ّداً هم أولئك الذين‪ ،‬مع كوّنم شـياطني أبفعاهلم‬
‫ومستَح َوذ عليهم‬
‫الشر ُ‬
‫لكن هؤالء القالئل ُهم كاملون يف ّ‬
‫فضحون حقيقتهم‪ .‬و ّ‬ ‫ومظهرهم‪ّ ،‬إال ّأّنم ال يَ َ‬
‫بشكل كامل‪.‬‬

‫شوهاً‪ ،‬بفعل َجال فائق‬ ‫حّت ولو كان ُم ّ‬ ‫َوجه املستقيم‪ ،‬على العكس‪ََ ،‬جيل هو على الدوام ّ‬
‫نضح ِمن الداخل إىل اخلارج‪ .‬وليس أسلوب الكالم‪ ،‬بل إّّنا األفعال هي اليت تُظ ِهره‪ ،‬فنالحظ‬ ‫الطبيعة يَ َ‬
‫ابلذات‪ .‬فالنَّفس قاطنة يف داخلنا وتَستَح ِوذ علينا ابلكامل‪.‬‬ ‫لدى الطَّاهر ِمن كل رذيلة نَضارة اجلسد َّ‬
‫ّ‬
‫اهرة ُحتافِظ عليه‪ .‬النَّـ ْفس الن ِ‬
‫َّجسة تدفع‬ ‫فسد حّت اجلسد‪ ،‬بينما ِعطر النَّـ ْفس الطَّ ِ‬
‫ونتانة النفس الفاسدة تُ ِ‬
‫ّ‬
‫ويتشوه‪ّ .‬أما النَّـ ْفس الطاهرة فتجعل اجلسد يعيش‬ ‫اجلسد إىل خطااي فاحشة‪ ،‬وهذه َّت َعل اجلسـد يَـذوي ّ‬
‫العظَمة‪.‬‬ ‫حياة طاهرة‪ ،‬وهذا ما ُيافظ على النَّضارة ويشيع َ‬
‫يستقر فيكم شباب الروح‪ ،‬أو أن يستعيد حياته إذا كان قد فُِقد‪ ،‬واسهروا على‬‫اعملوا على أن ّ‬
‫ابلسلطة‪ .‬فحياة اإلنسان ليست رهناً‬ ‫كل َج َشع‪ ،‬إن يكن ابألحاسيس أو ُّ‬ ‫ِ‬
‫أن حتافظوا على ذواتكم من ّ‬
‫بوفرة اخلريات اليت ميلك‪ ،‬ال هذه احلياة وال احلياة األخرى‪ :‬تلك األبديّة‪ ،‬بل إّّنا بطريقة عيشها‪ .‬ومع‬
‫احلياة‪ ،‬سعادة هذه األرض وسعادة السماء‪ .‬ذلك أ ّن الفاسق ال يكون سعيداً أبداً‪ ،‬سعادة حقيقيّة‪.‬‬
‫حّت املوت ال يُثريه‪ ،‬ألنّه ال‬
‫حّت ولو كان فقرياً ووحيداً‪ّ .‬‬
‫مساوي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بينما العفيف مغبوط دائماً اببتهاج‬
‫ُيمل خطيئة وال تبكيت ضمري ُيعله خيشى اللقاء ابهلل‪ ،‬وال أيسف على ما يرتكه على األرض‪ .‬فهو‬
‫خيصه‪ ،‬اإلرث املق ّدس‪ ،‬ميضي مبتهجاً‪،‬‬ ‫يَعلَم أن كنـزه يف السماء هو‪ ،‬وَك َمن ميضي الستالم إرثه الذي ّ‬
‫مستعجالً لقاء املوت الذي يَفتَح له أبواب امللكوت حيث هو كنـزه‪.‬‬

‫اكنـزوا لكم هناك كنـزاً يف احلال‪ .‬ابدأوا بذلك منذ صباكم‪ ،‬أنتم أيّها الشـباب؛ واعملوا بدون‬
‫َجل‬
‫كلل اي َمن أنتم أكرب سناً‪ ،‬اي َمن بسبب سنّكم‪ ،‬أنتم أقرب إىل املوت‪ .‬ولكن مبا أ ّن املوت أ َ‬
‫َمهول‪ ،‬وقد يقع الصغري أحياانً قبل الكبري‪ ،‬فال تُ ِرجئوا للغد العمـل الذي يَكنـز لكم كنـز فضيلة‪،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 472 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وأعماالً صاحلة للحياة األخرى‪ ،‬خوفاً ِمن أن يفاجئكم املوت دون أن تَد ِ‬
‫َّخروا لكم كنـزاً للسماء‪.‬‬
‫وقوي! الساعة أستمتع على األرض‪ ،‬وفيما بعد سوف‬ ‫شاب ّ‬ ‫كثريون هم الذين يقولون‪" :‬آه! إنّين ّ‬
‫أهتَدي"‪ .‬خطأ عظيم!‬

‫غين وأنتَ َجت غالالً وفرية‪ .‬كانت ابحلقيقة تفوق‬ ‫َخصبَت أرض رجل ّ‬ ‫امسعوا هذا املثل‪" :‬أ َ‬ ‫َ‬
‫كل تلك الثروة اليت تتك ّدس يف حقوله وعلى بيدره‪ ،‬واليت مل يكن هلا ُمتَّسـع‬ ‫يتأمل بفرح ّ‬‫ع ّ‬ ‫الوصف‪ .‬فَ َشَر َ‬
‫لت‬ ‫ِ‬
‫وحّت يف بعض غرف املنـزل‪ ،‬ويقول‪" :‬لقد َعم ُ‬ ‫يف األهراء (املخازن)‪ ،‬وكانت ُحت َفظ يف عنابر مؤقّتة‪ّ ،‬‬
‫لت لعشـرة مواسم واآلن أريد أن أسرتيح زمناً مماثالً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لكن األرض مل ُتيّب أملي‪ .‬لقد َعم ُ‬ ‫كالعبد‪ ،‬و ّ‬
‫كل تلك احملاصيل؟ ال أنوي بيعها أل ّن ذلك يرغمين على العمل ألحظى مبحصول‬ ‫كيف العمل ألحفظ ّ‬
‫كل ُماصيلي‬ ‫أهدم أهرائي وأبين أكرب منها إليواء ّ‬‫جديد العام القادم‪ .‬هذا ما سوف أفعله‪ :‬سوف ُ‬
‫تكفيك لسنوات كثرية‪ .‬فاسرتُيي إذن وُكلي‬ ‫ِ‬ ‫لديك اآلن أرزاق‬ ‫وأرزاقي‪ُ .‬ثّ أقول لنفسي‪ :‬اي نفسي! ِ‬
‫وتنعمي‪ ".‬هذا الرجل ِمثل كثريين‪ ،‬كان َخيلط بني اجلسد والروح‪ ،‬وميزج املقدَّس ابملدنَّس‪ ،‬أل ّن‬ ‫واشريب ّ‬
‫املسرات والبطالة‪ ،‬بل َُتمل‪ ،‬وهذا كذلك ِمثل كثريين‪ ،‬بعد ّأول ُمصـول جيّد يف‬ ‫النَّـ ْفس ال تستمتع يف ّ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫احلقول واألرزاق‪ ،‬يتوقّف ألنّه كان يبدو له أنّه فَـ َع َل ّ‬
‫لكن أال تَعلمون أ ّن َمن يَضع يده على احملراث عليه أن يثابر سنة‪ ،‬عشراً‪ ،‬مائة‪ ،‬ما دامت‬
‫حبق الذات‪ ،‬بسبب رفض ََمد أعظَم‪ ،‬وهو تَقه ُقر‪ ،‬أل ّن َمن يتوقّف‪،‬‬ ‫احلياة‪ ،‬ذلك أ ّن التوقّف جرمية هو ّ‬
‫عادة‪ ،‬ليس فقط ال يعود يتق ّدم‪ .‬بل إّّنا يرتاجع إىل الوراء؟ كنـز السماء ُيب أن ينمو سنة بعد سنة‬
‫حّت مع الذين أمضوا سنوات قليلة‬ ‫ليكون صاحلاً‪ ،‬ألنّه‪ ،‬إذا كان على الرمحة اإلهليّة أن تكون عطوفة‪ّ ،‬‬
‫فعلوا ّإال القليل‪.‬‬
‫فإّنا لن تكون متواطئة مع الكساىل الذين‪ ،‬إذ كانت حياهتم طويلة‪ ،‬مل يَ َ‬ ‫يف تشكيله‪ّ ،‬‬
‫خامل‪ ،‬وهذا َُيصل‬ ‫وإال فهو ليس ابلكنـز الذي يطرح مثّاراً‪ ،‬ولكنّه كنـز ِ‬
‫على الكنـز أن ينمو ابستمرار‪ّ .‬‬
‫على حساب السالم املوعود يف السماء‪ .‬يقول هللا لإلنسان األمحق‪" :‬أيّها األمحق‪ ،‬اي َمن َُتلط بني‬
‫إليك رغم كونه نِعمة ِمن هللا‪ ،‬اعلَم أ ّن يف هذه الليلة‬
‫اجلسد وخريات األرض مع ما هو روح‪ ،‬وقد أساء َ‬
‫نفسك‪ ،‬وعندما ستمضي‪ ،‬سيبقى اجلسد بال حياة‪ ،‬وما هيّأتَه لِ َمن سيؤول؟ هل‬ ‫َ‬ ‫منك‬
‫ابلذات تُطلَب َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 473 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫معك؟ ال‪ .‬فسوف َمتثُل أمامي َُمّرداً من ُماصيل األرض وأعمال الروح‪ ،‬وستكون فقرياً يف‬‫ستحمله َ‬
‫ك‬
‫لنفسك‪ ،‬إذ إنّ َ‬
‫ُماصيلك أفعال رمحة للقريب و َ‬
‫َ‬ ‫علت ِمن‬
‫لك لو َج َ‬ ‫احلياة األخرى‪ .‬كان ِمن األفضل َ‬
‫نفسك‪ .‬وبدالً ِمن تغذية أفكار البطالة‪ ،‬أن تضع‬
‫َ‬ ‫حينما تكون رحيماً مع اآلخرين تكون رحيماً مع‬
‫لنفسك‪،‬‬
‫َ‬ ‫جسدك‪ ،‬واستحقاقات عظيمة‬
‫َ‬ ‫موضع التنفيذ نشاطات كان ميكن أن ّتين منها فوائد ملصلحة‬
‫لك‪ ".‬ومات الرجل يف تلك الليلة وكانت دينونته صارمة‪.‬‬ ‫إىل أن ُيني موعد اسـتدعائي َ‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬هكذا يكون األمر لِ َمن يُك ِّدس لنفسه الثروات وال يغتىن يف عيين هللا‪ .‬واآلن‬‫ّ‬
‫ُعط َي لكم كنـزاً‪ .‬وليكن السالم معكم‪».‬‬‫امضوا واجعلوا من التعليم الذي أ ِ‬

‫نس ِحب مع ُّ‬


‫الر ُسل والتالميذ لتناول الطعام واالسرتاحة‪ .‬ولكن بينما ُهم أيكلون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يُبارك يسوع ويَ َ‬
‫مرات عديدة‪ ،‬وأظنّه مهما‬
‫الر ُسل ّ‬
‫ضه على ُّ‬‫يُتابِع حديثه إلكمال تعليمه السابق‪ ،‬وقد طََر َق موضوعاً َعَر َ‬
‫مؤسساً بشكل جيّد‪.‬‬
‫فسيظل غري كاف نظراً لكون اإلنسان فريسة املخاوف إن مل يكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫طََر َق‬

‫يقول‪« :‬ثِقوا أبنّه ُيب االهتمام فقط بِغِىن الفضيلة هذا‪ .‬واسـهروا على ّأال يكـون اهتمامكم‬
‫ِ‬
‫عدو اهلُموم واملخاوف واملبادرات اليت تتأثّر أكثر ابحلسد واجلَّشع وسوء‬ ‫أبداً ُمضطَ ِرابً وقَلقاً‪ّ .‬‬
‫فالرزق هو ّ‬
‫الظُّنون البشريّة‪.‬‬

‫فاجئة‪ .‬إذ هكذا‬ ‫فاجئة وال توقُّفات م ِ‬ ‫فليكن عملكم دؤوابً‪ ،‬واثِقاً‪ ،‬و ِادعاً‪ ،‬دون اندفاعات م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫خدمها ّإال إذا كان َمنوانً‪ ،‬وذلك من أجل السالمة‪.‬‬ ‫تَفعل أنواع ِمن اخليول املتوحشة‪ ،‬إّّنا ال أحد يست ِ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حّت احلزن الذي يسبّبه خطأ ارتُكب وهو ُيعلكم‬ ‫فكونوا ودعاء يف انتصاراتكم وودعاء يف اّنزاماتكم‪ّ .‬‬
‫عزى ابلتواضع والثقة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تُعانون‪ ،‬ألنّكم هبذا اخلطأ تَنفرون من هللا‪ ،‬على هذا احلزن أن يكون وادعاً ُم ّ‬
‫اإلّناك‪ ،‬احلقد على الذات هو على الدوام دليل الكربايء وكذلك االرتياب‪َ .‬من يكن متواضعاً يَعرف‬
‫أنّه إنسان مسكني عُرضة هلموم اجلسد الذي ينتصر أحياانً‪َ .‬من يكن متواضعاً يَكن واثقاً ليس بنفسه‬
‫ك ترمحين‪.‬‬ ‫حّت يف االّنزامات‪ ،‬قائالً‪ :‬اغفر يل أيّها اآلب‪ .‬أؤمن أبنّ َ‬
‫بقدر ما يثق ابهلل ويظل يف سكون‪ّ ،‬‬
‫أرضيك ّإال قليالً ج ّداً "‪.‬‬
‫َ‬ ‫ك ستساعدين مستقبالً أكثر ِمن ذي قبل‪ ،‬رغم أنّين ال‬ ‫لدي ثِقة اثبتة أنّ َ‬
‫َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 474 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وال تكونوا ال مبالني وال ُخبَالء خبريات هللا‪ .‬أعطوا ممّا عندكم ِمن ابب احلكمة والفضيلة‪ .‬كونوا‬
‫خيص اجلسد ال تقتدوا ابلناس‬
‫نشيطني وفاعلني يف أمور الروح كما ُهم الناس يف أمور اجلسد‪ .‬وفيما ّ‬
‫الذين ِمن العامل‪ ،‬الذين ال يتوقّفون عن االضطراب ِمن أجل َغ ِدهم‪ ،‬خشية أن ينقص لديهم الفائِض‪،‬‬
‫أن َميَرضوا‪ ،‬أن ميوتوا‪ ،‬أن يتم ّكن أعداؤهم من اإلساءة إليهم‪ ،‬وهكذا دواليك‪.‬‬

‫هللا يَعلَم ما أنتم يف حاجة إليه‪ .‬ال َُتشوا على غدكم‪ُ .‬تلّصوا من ُماوفكم اليت هي أث َقل ِمن‬
‫َسالسل احملكومني ابألشغال الشاقّة‪ .‬ال تَ َدعوا أنفسكم تُعانون ِمن أجل حياتكم‪ِ ،‬من أجل طعام أو‬
‫أهم ِمن اللباس‪ ،‬إذ ابجلسد وليس ابللباس‬ ‫أهم من اجلسد‪ ،‬واجلسـد ّ‬
‫شراب أو كِساء‪ .‬فإ ّن حياة الروح ِ‬
‫ّ‬
‫ـاعدون الروح على احلصول على احلياة األبديّة‪ .‬هللا يَعلَم ح ّّت مّت تَبقى‬ ‫َحتيون‪ ،‬وإبماتة اجلسد تُس ِ‬
‫ضروري لكم‪ .‬إنّه يَ ِهبه للغرابن‬
‫ّ‬ ‫نفسكم يف جسدكم‪ ،‬وإىل أن حتني تلك اللحظة‪ ،‬هو يَ ِهبكم ما هو‬
‫مربر وجودها متاماً هلذه الغاية‪ ،‬اليت هي وظيفتها أن‬ ‫هلا‬ ‫اليت‬
‫و‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ي‬ ‫اجل‬ ‫أتكل‬ ‫اليت‬ ‫سة‬ ‫واحليواانت الن ِ‬
‫َّج‬
‫ّ‬ ‫َ‬‫ّ‬
‫املتفسخة‪ ،‬أفال يَهبه لكم؟ تلك ال مكان لديها خلزن ما تقتات به‪ ،‬وال أهراء‪،‬‬ ‫األجسام‬ ‫من‬ ‫صنا‬ ‫ُُتلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومع ذلك هللا يرزقها قوهتا‪ّ .‬أما أنتم فإنّكم بَ َشر ولستم غرابانً‪ .‬وُثّ‪ ،‬حاليّاً‪ ،‬أنتم زهرة الناس ألنّكم تالميذ‬
‫نميها‬ ‫ِ‬
‫املبشرون للعامل‪ُ ،‬خ ّدام هللا‪ .‬وهل ميكنكم أن تُف ّكروا أ ّن هللا الذي يعتين بزانبق الوداين ويُ ّ‬‫املعلّم‪ّ ،‬‬
‫ويُلبِسها لِباساً أَجل ِمن لِباس سليمان‪ ،‬دون أتدية عمل غري التعطري أثناء التسبيح‪ ،‬أو تظنّون أ ّن‬
‫حّت ِمن جهة اللّباس؟‬ ‫إبمكانه أن ينساكم ّ‬
‫سن واحدة على فمكم األجرد ِمن تلقاء ذواتكم‪ ،‬وال إطالة‬ ‫أنتم اي َمن ال تستطيعون إضافة ّ‬
‫غشى ِح ّدته‪ .‬وإذا كنتم ال تستطيعون فعل هذه‬‫الساق القصرية قيد أّنلة‪ ،‬وال أن تُعيدوا إىل بَصر ُم ّ‬
‫األمور‪ ،‬فهل ميكنكم التفكري إبمكانيّة إبعادكم البؤس واملرض عنكم‪ ،‬وإخراجكم الغذاء ِمن الرتاب؟‬
‫ضروري لكم‪ .‬ال تُسبّبوا‬
‫ّ‬ ‫ال ميكنكم ذلك‪ .‬ولكن ال تكونوا قليلي اإلميان‪ .‬ستنالون على الدوام ما هو‬
‫ابلشر ليحصلوا على املل ّذات‪ .‬لديكم‬
‫ألنفسكم العقاب كالناس يف العامل‪ ،‬الذين يتسبّبون ألنفسهم ّ‬
‫وبره ّأول اهتمامكم‪ ،‬والباقي‬
‫أبوكم الذي يعرف احتياجاتكم‪ .‬عليكم فقط احملاولة‪ ،‬وليكن ملكوت هللا ّ‬
‫كلّه يُزاد لكم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 475 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ال ُتافوا‪ ،‬اي َمن أنتم ِمن قطيعي الصغري‪ .‬لقد راق أليب أن يدعوكم إىل امللكوت لكي متتلكوا‬
‫ـاعدوا اآلب إبرادتكم الصـاحلة ونشاطكم املق ّدس‪.‬‬ ‫هذا امللكوت‪ .‬ميكنكم إذن أن تطمحوا إليه وتُس ِ‬
‫َ‬
‫تعوض ترككم البيت‬ ‫بِيعوا أرزاقكم وتصدَّقوا هبا إذا كنتم مبفردكم‪ .‬وأعطوا ذويكم أسباب العيش اليت ِّ‬
‫لتتبعوين‪ ،‬فَ ِمن العدل عدم حرمان األوالد والزوجات ال ُقوت‪ .‬وإذا مل يكن مبقدوركم التضحية بثروات‬
‫يثمنها هللا ملا هي عليه‪َ :‬ذ َهب أكثر نقاء ِمن‬
‫فإّنا هي كذلك عُملة ّ‬ ‫فضحوا بثروات العواطف‪ّ .‬‬
‫املال‪ّ ،‬‬
‫أي ذهب آخر‪ ،‬آللئ أمثن ِمن تلك اليت انتُ ِزعت ِمن البحر‪ ،‬وايقوت أكثر نُدرة ِمن تلك اليت أُخ ِر َجت‬‫ّ‬
‫ذرة‬ ‫ن‬ ‫ِمن ابطن األرض‪ .‬ذلك أ ّن ترك العائلة ِمن أجلي‪ُ ،‬مبة كاملة أكثر ِمن الذهب اخلالص اخلايل ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واحدة ِمن الشوائب‪ ،‬لؤلؤة مصنوعة ِمن الدموع‪ ،‬ايقوتة مصنوعة ِمن الدم املتدفِّق ِمن جرح القلب‬
‫األم والزوجة واألوالد‪.‬‬
‫املمزق بفعل االبتعاد عن األب و ّ‬
‫َّ‬

‫ولكن هذه األموال ال تتلف‪ ،‬هذا الكنـز ال يَنقص أبداً‪ .‬ال يدخل اللصوص إىل السماء‪ .‬والدود‬
‫نخر ما ُو ِضع فيها‪ .‬ولتكن السماء يف قلبكم‪ ،‬وقلبكم يف السماء إىل جانب كنـزكم‪ .‬ذلك أ ّن قلب‬
‫ال يَ َ‬
‫شريراً‪ ،‬هو حيث ما يبدو له أنّه كنـزه الثمني‪ .‬إذ كما يكون القلب حيث‬ ‫اإلنسان‪ ،‬صاحلاً كان أو ّ‬
‫يوجد الكنـز (يف السماء)‪ ،‬كذلك يكون الكنـز حيث يوجد القلب (أي يف داخلكم)‪ ،‬والكنـز ذاته‬
‫يكون يف القلب‪ ،‬ومع كنـز الق ّديسني تكون يف القلب مساء الق ّديسني‪.‬‬

‫كونوا دائماً على أهبة االستعداد َك َمن هو على وشك السفر‪ ،‬أو َك َمن يَنتَ ِظر معلّمه‪ .‬أنتم ُخ ّدام‬
‫هللا املعلّم‪ .‬فقد يدعوكم يف أيَّة حلظة كي تذهبوا إىل حيث هو‪ ،‬أو قد أييت هو إىل حيث أنتم‪ .‬إذن‬
‫كونوا دائماً مستع ّدين للذهاب إليه أو استقباله مبا يَليق‪ ،‬متمنطقني نِطاق السفر أو العمل ويف يدكم‬
‫السراج ُمتّقداً‪ .‬كخا ِرجني من حفلة عرس مع أحدهم وقد سبقكم إىل السماء أو إىل تكريس ذاته هلل‬
‫على األرض‪ ،‬حبيث ميكن هلل أن يتذ ّكركم أنتم اي من تنتظرون‪ ،‬وميكنه القول‪" :‬هيّا بنا إىل إيتيان أو إىل‬
‫يوحنّا أو إىل يعقوب أو إىل بطرس"‪ .‬وهللا سريع يف َميئه‪ ،‬أو يف قوله‪" :‬تعال"‪ .‬كونوا إذن مستع ّدين‬
‫ألن تفتحوا له الباب عندما ي ِ‬
‫صل‪ ،‬أو ألن متضوا إذا ما انداكم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 476 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫طوىب ألولئك اخل ّدام الذين إذا ما جاء املعلّم َُِيدهم ساهرين‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬إنّه‪ ،‬لكي يُكافِئ‬
‫شرع يف خدمتهم‪ .‬وقد أييت يف‬ ‫ِ‬
‫الس َهر فإنّه َأيتَزر‪ ،‬وبعد أن ُيعلهم ُيلسون إىل الطاولة‪ ،‬يَ َ‬
‫أمانتهم يف َّ‬
‫اهلَجعة األوىل ِمن الليل‪ ،‬كما ميكنه ذلك يف الثانية أو الثالثة‪ .‬ال تَعلَمون‪ .‬كونوا إذن دائماً متي ّقظني‪.‬‬
‫وطوىب لكم إذا كنتم ساهرين وأتى املعلّم ووجدكم هكذا! وال ُُت ِادعوا ذواتكم قائلني‪" :‬لدينا متَّسع ِمن‬
‫الوقت‪ ،‬لن أييت هذه الليلة"‪ ،‬فقد يُصيبكم أذى‪ .‬ال تَدرون‪ .‬لو كان أحد يَعلَم مّت أييت السارق‪ ،‬ملا‬
‫احلديدي‪ .‬كذلك أنتم كونوا مستع ّدين‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬ ‫تَـَرَك بيته دون حراسة‪ ،‬فيتم ّكن اللص ِمن الباب والصندوق‬
‫"إّنا الساعة"‪».‬‬ ‫يف اللحظة اليت تتهاونون فيها أييت ابن اإلنسان قائالً‪ّ :‬‬

‫الرب‪ ،‬إذ رأى يسوع يَصمت‪ ،‬يَسأل‪:‬‬ ‫ِ‬


‫بطرس الذي نَس َي إكمال طعامه من أجل االستماع إىل ّ‬
‫«ما تقوله‪ ،‬لنا هو أو للجميع؟»‬

‫«إنّه لكم وللجميع‪ ،‬ولكنّه لكم أنتم أكثر‪ ،‬إذ إنّكم مبثابة ال َقيِّمني املكلَّفني ِمن قِبَل املعلّم على‬
‫كمجرد‬ ‫ِ‬
‫رأس اخلُ ّدام‪ ،‬وأنتم َُم َربون بشكل مضاعف على أن تكونوا مستع ّدين كقيّمني‪ ،‬ويف الوقت ذاته ّ‬
‫مؤمنني‪.‬‬

‫حصتـه احمل ّددة يف‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫كل أحد ّ‬‫ماذا على القيّم من قبَل املعلّم على رأس اخل ّدام أن يكون كي يعطي ّ‬
‫يتمم واجبه الذايت‪ ،‬ولكي َُي َعل الذين ُهم دونه‬
‫الوقت احمل ّدد؟ عليه أن يكون متي ّقظاً وأميناً‪ .‬لكي ّ‬
‫فستتضرر ِمن ذلك مصاحل املعلّم الذي يَدفَع أجر املكلَّف ليتصّرف ابمسه ويسهر‬
‫ّ‬ ‫تممون واجبهم‪ .‬وإال‬ ‫ِ‬
‫يُ ّ‬
‫يتصرف أبمانة ومهارة واستقامة‪.‬‬‫على مصاحله أثناء غيابه‪ .‬طوىب للخـادم الذي يعود معلّمه فيجده ّ‬
‫كل أمالكه‪ ،‬مراتحاً ومسروراً يف قلبه ِمن‬
‫احلق أقول لكم إنّه يُقيمـه على األمالك األخرى أيضاً‪ ،‬على ّ‬
‫ّ‬
‫األمان الذي َمينَحه ّإايه هذا اخلادم‪.‬‬

‫ب يل يقول إنّه سيتأخر يف‬ ‫ولكن لو قال هذا اخلادم‪" :‬آه! حسناً! املعلّم بعيد ج ّداً وقد َكتَ َ‬
‫العودة‪ .‬إذن فبإمكاين فِعل ما يطيب يل وُثّ‪ ،‬حني أرى أ ّن عودته أصبَ َحت وشيكة‪ ،‬أتدبّر األمر"‪.‬‬
‫صدر أوامر سـ ّكري‪ .‬وحني يَرفُض اخلُ ّدام الصاحلون التابعون له‬ ‫ويشرع ابألكل والشرب حّت الثّمالة‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫الس َقم‪ .‬يَظن‬
‫حّت اإلعياء و َّ‬
‫االنصياع ألوامره كيال يُسـيئوا إىل معلّمهم‪ ،‬يقوم بضـرب اخلُ ّدام واخلادمات ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 477 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتذوق طعم ما معىن أن يكون املرء معلّماً َخيشاه اجلميع"‪ .‬ولكن ما الذي‬ ‫نفسه سعيداً ويقول‪" :‬أخرياً ّ‬
‫صل يف وقت ال يتوقّعه‪ ،‬م ِ‬
‫فاجئاً ّإايه وهو يضع املال يف جيبه‬ ‫سيحصل له؟ ما سيحصل هو أن املعلّم ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سمح‬ ‫أو يُفسد خادماً ضعيفاً‪ .‬حينئذ أقول لكم‪ ،‬يُقيله املعلّم من وظيفته كقيِّم ّ‬
‫وحّت كخادم‪ ،‬إذ ال يَ َ‬
‫إببقاء عدميي الوفاء واخلونة وسط اخلُ ّدام النـزيهني‪ .‬وسيكون عقابه على قَدر ما كان املعلّم قد أحبَّه‬
‫و َعلَّمه‪.‬‬

‫ذلك أ ّن املرء‪ ،‬كلّما َعرف أكثر مشيئة املعلّم وفِكره‪ ،‬كلّما التَـَزَم أكثر إبجنازِها بدقة‪ .‬وإذا مل‬
‫ضَرابت كثرية‪ ،‬بينما الذي هو‪،‬‬ ‫ألي آخر‪ ،‬تل ّقى َ‬ ‫فعل ّ‬ ‫يتصرف كما قال له املعلّم وابلتفصيل‪ ،‬كما مل يَ َ‬
‫ّ‬
‫يظن أنّه يُصيب‪ ،‬فإ ّن قصاصه يكون‬ ‫حبكم كونه ِ‬
‫خادماً ِمن الدرجة الثانية‪ ،‬يَعلَم القليل ُ‬
‫وخيطئ وهو ّ‬
‫يؤدي الكثري‪ ،‬ذلك أ ّن‬ ‫ِ‬
‫أخف‪ .‬فَ َمن أُعطي كثرياً طُلب منه الكثري‪ ،‬وينبغي للذي أُقيم على الكثري أن ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت عن النَّـ ْفس اليت ال يتجاوز عمرها ساعة واحدة‪.‬‬ ‫ُقيمهم ينبغي هلم أتدية احلسـاب ّ‬
‫الذين أ ُ‬
‫أتيت أمحل النار إىل األرض‪ ،‬وماذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إ ّن اختيار املرء يل ليس اسرتاحة ُمنعشة يف غابة ُمزهرة‪ .‬لقد ُ‬
‫ِ‬
‫تتأجج؟ كذلك أان أُّنك نفسـي وأريدكم أن تُن ِهـكوا أنفسكم ّ‬
‫حّت املوت‪،‬‬ ‫ميكنين أن أر َغب يف غري أن َّ‬
‫وحّت تصبح األرض كلّها ََجرة انر مساويّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫تتم! أال تتساءلون ملاذا؟ ألنّين‪،‬‬
‫حّت ّ‬
‫أي َك ْرب أعانيه ّ‬
‫فعلي أن أَقبَل معموديّة أخرى‪ .‬و ّ‬
‫ّأما أان ّ‬
‫كل طبقات‬ ‫بتلك املعمودية‪ ،‬سأمت ّكن ِمن جعلكم ِ‬
‫حاملي النار‪ِّ ،‬‬
‫تتحركون وسط ويف مواجهة ّ‬ ‫وُمرضني ّ‬ ‫ّ‬
‫اجملتمع لتجعلوا منها شيئاً واحداً وحيداً‪ :‬قطيع املسيح‪.‬‬

‫أتيت ِألُلقي سالماً على األرض؟ ِوحبَسب ِوجهة نَظَر األرض؟ ال‪ ،‬بل على العكس‪،‬‬ ‫هل تظنّونين ُ‬
‫وحّت تصبح األرض كلّها قطيعاً واحداً‪ِ ،‬من َمخسـة يف البيت الواحد‪ ،‬سيقوم‬ ‫ِ‬
‫شقاقاً ونزاعاً‪ .‬فمنذ اآلن‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫إضايف لعدم‬ ‫سبب‬ ‫وسيكون‬ ‫ها‪،‬‬‫أم‬ ‫البنت‬
‫و‬ ‫ابنتها‬ ‫األم‬‫و‬ ‫أابه‬ ‫االبن‬
‫و‬ ‫ابنه‬ ‫األب‬ ‫ف‬ ‫اثنان على ثالثة‪ ،‬فيخالِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫التفاهم بني الكنّة ومحاهتا‪ .‬ذلك أ ّن لُغة جديدة ستكون على ِشفاه كثرية‪ ،‬وسيحصل ما يُشبه الذي‬
‫ص َل يف اببل‪ ،‬أل ّن انتفاضة عميقة اجلذور سوف تُزع ِزع مملكة العواطف‪ ،‬البشريّة منها وفوق البشريّة‪.‬‬‫َح َ‬
‫لناصري قد‬
‫ّ‬ ‫كل الذين سيكون ا‬ ‫تتوحد فيها اللغة اجلديدة اليت يتكلّمها ّ‬
‫إّّنا بعدئذ ستأيت الساعة اليت ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 478 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ويتطهر نَقيع األحاسيس‪ ،‬بينما تَس ُقط الشوائب إىل القاع‪ ،‬وتلمع على السطح مياه البحريات‬
‫صهم‪َّ ،‬‬ ‫خلَّ َ‬
‫السماويّة الصافية‪.‬‬

‫يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن خدميت ليست راحة حبسب املعىن الذي يُطلِقه اإلنسان على هذه الكلمة‪ُ .‬يب‬
‫توافر بطولة ال تعرف التعب‪ .‬إّّنا أقول لكم‪ :‬سيكون يسوع يف ّناية املطاف‪ ،‬دائماً وأبداً يسوع الذي‬
‫كل تعب وأمل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سيأتَزر ليخدمكم‪ُ ،‬ثّ ُيلس معكم إىل الوليمة األبديّة ويُنسى ّ‬
‫واآلن‪ ،‬مبا أ ّن أحداً مل يَطلبنا‪ ،‬فلنمض إىل البحرية‪ .‬سوف ننال قسطاً ِمن الراحة يف َمدلة‪ .‬يف‬
‫تصرف ال ُـمسـافِر وأصدقائه‪.‬‬‫ض َعت البيت حتت ّ‬ ‫حدائق مرمي أخت لعازر يوجد متّسع للجميع‪ ،‬وقد َو َ‬
‫وإّنا‪ ،‬بتوبتها‪ ،‬قد ُولِ َدت ِمن جديد‪،‬‬ ‫وال حاجة ألن أقول لكم إ ّن مرمي اجملدليّة ماتت مع خطيئتها‪ّ ،‬‬
‫الناصري‪ .‬تَعلَمون ذلك‪ ،‬فاخلرب قد انتَ َشَر كما ينتشر صوت الريح يف‬
‫ّ‬ ‫مرمي أخت لعازر‪ ،‬تلميذة يسوع‬
‫غابة‪ .‬إّّنا أان أقول لكم ما ال تَعرفون‪ :‬إ ّن أرزاق مرمي أخت لعازر قد ُوِهبَت كلّها خلُ ّدام هللا وفقراء‬
‫املسيح‪ .‬هيّا بنا‪»...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 479 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -141‬يف حديقة مرمي اجملدلّية)‬

‫‪1945 / 09 / 16‬‬

‫َمل يـَعُد يسوع يف املوضع ذاته الذي رأيتُهُ فيه يف الرؤاي األخرية‪ ،‬ولكنّه موجود يف حديقة واسعة‬
‫حّت البحرية‪ .‬ويف وسط احلديقة يَقبَع املنـزل‪ ،‬تَسبقه احلديقة وحتيط به‪ ،‬وهي متت ّد خلفه ثالثة‬‫متت ّد ّ‬
‫أضعاف امتدادها على اجلانبني ِ‬
‫ومن األمام‪.‬‬

‫فيها زهور‪ ،‬إّّنا بشكل خاص أشجار ومخائل وأركان خضراء سـاكنة‪ ،‬حتيـط بفسقيّات ِمن َمرمر‬
‫فرتض أ ّن متاثيـل كانت موضوعة هنا وهناك على‬ ‫مثني‪ ،‬كاملضارب حول طاوالت ومقاعد حجريّة‪ .‬ويُ ََ‬
‫طول املسالك ووسط الفسقيّات‪ ،‬مل يـَعُد منها اآلن ِسوى قواعد هلا تُذ ّكِر هبا إىل جانب أشجار الغار‬
‫تتأمل ذاهتا يف الفسقيّات املمتلئة ماء صافياً‪ .‬وجود يسوع مع أتباعه وس ّكان َمدلة‪،‬‬ ‫والشمشاد‪ ،‬أو ّ‬
‫أبّنا حدائق بيت‬
‫شرير‪ُ ،‬يعلين أُف ّكر ّ‬
‫يوطي إنّه ّ‬
‫ّترأ وقال لالسخر ّ‬ ‫وبينهم بنيامني الصغري الذي كان قد ّ‬
‫كل‬ ‫منها‬ ‫يلت‬ ‫ز‬‫أ‬ ‫وقد‬ ‫اجلديدة‪،‬‬ ‫وظيفتها‬ ‫تخدم‬ ‫مرمي اجملدلية‪ ...‬وقد أُج ِريت عليها بعض التعديالت لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫للشك‪ ،‬واليت تذ ّكر ابملاضي‪.‬‬
‫املظاهر املسبّبة ّ‬
‫رمادي مييل إىل األزرق الذي يعكس السماء اليت ترتاكض فيها‬ ‫ّ‬ ‫يري‬
‫البحرية كلّها وشاح حر ّ‬
‫احململة بطالئع أمطار اخلريف‪ .‬ومع ذلك فهي رائعة حتت ذاك النور الساكن الو ِادع لِيَوم‪ ،‬إذ هو‬ ‫الغيوم ّ‬
‫ليس صافياً‪ ،‬فهو ليس ابملاطر متاماً‪َ .‬مل يـَعُد على شواطئها الكثري ِمن الزهور‪ ،‬إّّنا ابملقابل قد َّلوَّنا ذاك‬
‫املنهك ألوراق‬ ‫ظهر ضرابت ريشة أرجوانية ومحراء‪ ،‬والشحوب َ‬ ‫الرسام العظيم الذي هو اخلريف‪ ،‬وتَ َ‬ ‫َّ‬
‫احلي على األرض‪.‬‬‫األشجار والكروم امليتة اليت تتغري ألواّنا قبل استكانة ثوهبا ّ‬
‫من حديقة املنزل تُرى البحرية كما لو َّأّنا حيّز قد اطبَ َغ ابألمحر‪ ،‬كما لو أ ّن دماً يفيض يف املياه‪،‬‬
‫متوهجة‪ ،‬بينما ترّتف أوراق‬ ‫بفعل وجود سياج ذي أغصان مرنة أضفى عليها اخلريف صبغة حناسيّة ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 480 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الفضيّة املنتشرة على مقربة من الشاطئ‪ ،‬هزيلة وأكثر شحوابً من املعتاد قبل أن‬
‫أشجار الصفصاف ّ‬
‫متوت‪.‬‬

‫ال يَنظر يسوع إىل ما أنظر إليه‪ .‬إنّه يَنظُر إىل َمرضى مساكني يُنعِم عليهم ابلشفاء‪ .‬يَنظُر إىل‬
‫ُمستَ ْج ِدين ُمسنّني ويعطيهم ماالً‪ .‬يَنظُر إىل أطفال تُق ّدمهم ّأمهاهتم له ليبـاركهم‪ .‬يَنظُر إبشفاق إىل‬
‫أخيهن الوحيد الذي َج َع َل ّأمهم متوت كمداً وقد‬
‫ّ‬ ‫تصرف‬
‫َمموعة من األخوات اللوايت ُي ّدثنه عن ّ‬
‫أجلهن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هلن النصيحة ويُصلّي ِمن‬
‫يتوسلن إليه أن يسدي ّ‬ ‫وهن ّ‬ ‫رهن‪ّ .‬‬ ‫دم ّ‬ ‫ّ‬
‫إليكن‬
‫كن‪ُ ،‬معيداً ّ‬ ‫ويتذكر ّ‬
‫ّ‬ ‫كن‬
‫يهبكن السالم ويهتدي أخو ّ‬‫ّ‬ ‫«ابلطبع سأصلّي‪ .‬سأصلّي إىل هللا كي‬
‫أنَت هل حتببنه‬
‫كل الباقي‪ .‬إّّنا ّ‬
‫فيحبكن‪ .‬إذ إنّه‪ ،‬إذا ما فَـ َع َل هذا‪ ،‬فسيفعل ّ‬
‫ّ‬ ‫وخاصة كي يعود‬
‫نصيبكن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫(حرقتكن) احتقار هو؟ فإنّه هو كذلك‬
‫َّ‬ ‫كمدكن‬
‫ّ‬ ‫قلوبكن أم إ ّن‬
‫ّ‬ ‫أم حتقدن عليه؟ هل تساُمنه ِمن أعماق‬
‫منكن‪ ،‬ولذلك ُيب اإلشفاق عليه‪ .‬مل يـَعُد يتمتّع‬
‫منكن‪ .‬ورغم ثرواته‪ ،‬فهو أكثر فقراً ّ‬ ‫تعيس‪ ،‬أكثر ّ‬
‫أنَت‪ ،‬ابتداء‪ ،‬سوف تُنهني ابلفرح احلياة احلزينة‬
‫كم هو ابئس؟ ّ‬ ‫أتريْ َن َ‬
‫حب هللا‪َ .‬‬
‫ابحلب‪ ،‬وهو يفتقر إىل ّ‬
‫ّ‬
‫كن‪ ،‬إّّنا هو فال‪ .‬على العكس‪ ،‬إنّه ينتَ ِقل ِمن متعة ساعة‬ ‫جعلكن تعشنها هكذا منذ موت ّأم ّ‬‫ّ‬ ‫اليت‬
‫أتوجه إىل اجلميع ِمن خالل حديثي‬ ‫أبدي فظيع‪ .‬تعالني إىل قريب‪ .‬سوف ّ‬ ‫كاذبة وِهيّة إىل عذاب ّ‬
‫إليكن»‪.‬‬
‫ّ‬
‫فرتض أنّه كان يف وسطها متثال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ويتو ّجه يسوع إىل وسط خضرية مو ّشاة أبدغال من الزهور‪ ،‬يُ ََ‬
‫ما زالت قاعدته هناك‪ُُ ،‬ماطة بسياج منخفض ِمن الورود الصغرية واآلس‪ .‬يدير يسوع ظهره هلذا‬
‫ويتجمعون حوله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السياج ويبدأ احلديث‪ .‬يصمت اجلميع‬

‫«السالم لكم‪ .‬امسعوا‪.‬‬

‫البشري ابإلَجال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل اجلنس‬
‫املعين هبذه التسمية؟ ّ‬
‫كنفسك"‪ ،‬ولكن َمن هو ّ‬ ‫َ‬ ‫يبك‬
‫قيل‪" :‬أحبب قر َ‬
‫خاص أكثر أبناء البلد الواحد؛ ُثّ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األمة الواحدة؛ وبشكل‬ ‫كل الناس يف ّ‬‫أخص‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بعدئذ‪ ،‬بشكل‬
‫احلب‪ ،‬املنحصر َكبَتالت‬ ‫تاج‬‫بتضييق الدائرة أيضاً‪ ،‬كل األهل واألقارب؛ أخرياً‪ ،‬بتضييق الدائرة أكثر لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 481 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب‪ ،‬هو هللا‪ ،‬فحبّه هو ّأول‬
‫حب إخوة الدم؛ ّأول القريبني‪ .‬مركز قلب زهرة ّ‬ ‫وردة حول قلب الزهرة‪ّ ،‬‬
‫حب األهل واألقارب‪ ،‬وهو التايل أل ّن األهل ُهم "هللا"‬
‫ما ُيب أن يكون فينا‪ .‬وحول مركزه‪ ،‬هوذا ّ‬
‫حبب ال‬
‫ألّنم َخيلقوننا ويُساِهون مع هللا يف عمليّة َخلقنا‪ ،‬عدا عن اعتنائهم بنا ّ‬
‫الصغري على األرض‪ّ ،‬‬
‫للحب‪،‬‬
‫يتوهج مبدقات ويفوح ابلعطور املختارة ّ‬ ‫احلب ذاك‪ ،‬الذي ّ‬
‫َّعب‪ .‬وحول مركز قلب زهرة ّ‬ ‫يَعرف التـ َ‬
‫ب اإلخوة املولودين ِمن األحشاء ذاهتا والدم‬ ‫األول هو ُح ّ‬
‫احلب تضيق‪ّ .‬‬
‫ها هي حلقات ُمتلف أنواع ّ‬
‫ذاته اليت نولد حنن منها‪.‬‬

‫ب األخ؟ هل حنبّه فقط ألنّنا ِمن اللحم والدم ذاهتما؟ هذا مـا تَعرف‬
‫ولكن كيف ُيب أن ُحن ّ‬
‫شرتك ِسوى‬ ‫ِ‬
‫العش عينه‪ .‬هي‪ ،‬ابلفعل‪ ،‬ليس هلا من أمر ُم ََ‬
‫أن تفعله كذلك العصافري الصغرية القابعة يف ّ‬
‫األبوي واألموم ّي ذاته‪َ .‬حنن‬ ‫اللعاب‬ ‫طعم‬ ‫وتذوق‬ ‫ذاهتا‪،‬‬ ‫التفقيس‬ ‫بيض‬ ‫وجبة‬ ‫ن‬ ‫هذا‪ّ :‬إّنا خلِ َقت ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫البشر‪ ،‬أكثر ِمن العصافري‪ ،‬لدينا ما يفوق اللحم والدم‪ .‬لدينا اآلب‪ ،‬ابإلضافة إىل أب وأ ُّم‪ .‬لدينا‬
‫األم اللذين أجنباان‪،‬‬
‫حب األخ كأخ‪ ،‬بسبب األب و ّ‬ ‫النَّفس ولدينا هللا أب اجلميع‪ .‬وها إنّه ُيب معرفة ّ‬
‫وكأخ بسبب هللا الذي هو األب الشامل‪.‬‬

‫اجلسدي‪ .‬حبّه ليس فقط بسبب اللحم والدم‪ ،‬إّّنا‬


‫ّ‬ ‫احلب‬
‫ابلنتيجة حبّه حبّاً روحيّاً إضافة إىل ّ‬
‫احلب‪ ،‬كما ينبغي‪ ،‬حيث الروح أه ّـم ِمن جسد أخينا‪ ،‬أل ّن‬
‫بسبب الروح الذي هو قاسم مشرتك بيننا‪ّ .‬‬
‫أهم ِمن األب اإلنسان‪ .‬أل ّن قيمـة الروح تفوق قيمة اجلسد‪ .‬أل ّن‬
‫أهم من اجلسد‪ .‬أل ّن هللا اآلب ّ‬
‫الروح ِ‬
‫ّ‬
‫فطر‬‫أخاان يكون أكثر بؤساً بفقدان هللا اآلب منه بفقدان اإلنسان األب‪ .‬فقدان األب اإلنسان م ِ‬
‫ُ‬
‫للقلب‪ ،‬ولكنّه ال ُيعل اإلنسان ِسوى نصف يتيم‪ .‬ال َُيرح ِسوى ما كان أرضيّاً‪ ،‬احتياجنا للعون‬
‫البار‬
‫التوددات‪ّ .‬أما الروح‪ ،‬إذا ما َعرف أن يؤمن‪ ،‬فإنّه ال ُُيَرح مبوت األب‪ .‬على العكس‪ ،‬بُغية اتّباع ّ‬‫و ّ‬
‫حب‬
‫احلق أقول لكم إ ّن هذا هو ّ‬ ‫احلب‪ .‬و ّ‬
‫بقوة ّ‬ ‫إىل حيث هو موجود‪ ،‬روح االبن يسمو وكأنّه مشدود ّ‬
‫ويتصرف‬
‫ّ‬ ‫هللا واألب‪ ،‬الذي يسمو بروحه إىل حيث تُقيم احلكمة‪ .‬يسمو إىل حيث يكون هللا أقرب‪،‬‬
‫ب‬ ‫ابستقامة أكرب ألنّه ال يفت ِ‬
‫احلقيقي الذي هو صلوات األب الذي يعرف اآلن أن ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ون‬ ‫الع‬
‫َ‬ ‫إىل‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ََ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 482 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرادع الذي تُولِّده فيه ثقته أبن أابه يرى اآلن أفعال ابنه أفضل منه أثناء حياته‪ ،‬الرغبة‬
‫بشكل كامل‪َّ ،‬‬
‫يف إمكانيّة اللقاء وهو يعيش حياة قداسة‪.‬‬

‫ب اتفه للغاية‪ ،‬ذلك الذي‬ ‫ح‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫إ‬ ‫جسده‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ِمن أجل ذلك ُيب االهتمام بروح األخ أكثر ِ‬
‫م‬
‫ُ ّ‬
‫األبدي‪.‬‬ ‫ح‬‫الفر‬ ‫ضيع‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ميكنه‬ ‫ل‪،‬‬ ‫همالً الذي ال يفىن‪ ،‬والذي‪ ،‬إذا ما أ ِ‬
‫ُِه‬ ‫ينصب فقط على ما يفىن‪ ،‬م ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ّ‬
‫كثريون ج ّداً ُهم أولئك الذين يُتعِبون أنفسهم ِمن أجل أشياء ال طائل منها‪ ،‬الذين يُن ِهكون أنفسهم‬
‫ضروري حقاً‪ .‬األخوات احلقيقيّات‪ ،‬اإلخوة‬ ‫ّ‬ ‫ِمن أجل منفعة نِسبية فقط‪ ،‬وقد غاب عن انظريهم ما هو‬
‫الصاحلون ينبغي ّأال يَصبّوا اهتمامهم على احملافظة على ترتيب الثياب فقط‪ ،‬وّتهيز الطعام‪ ،‬أو مساعدة‬
‫اإلخوة يف عملهم‪ .‬بل عليهم أن ينكبّوا على أرواحهم‪ ،‬سـماع أصواهتا‪ ،‬مالحظة أخطائها‪ ،‬وبصرب‬
‫الصحة والقداسة‪ ،‬إذا ما رأوا يف هذه األصوات وهذه‬ ‫ّ‬ ‫حنون‪ ،‬املعاانة من أجل أتمني روح يتن ّفس‬
‫األخطاء ما يُش ّكل خطراً على حياهتم األبديّة‪ .‬وعليهم‪ ،‬إذا ما أخطأوا ّتاههم‪ ،‬العمل على املساُمة‬
‫احلب الذي ال يَغفر هللا بدونه‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫ابلعودة‬ ‫وذلك‬ ‫أجلهم‪،‬‬ ‫ن‬‫م‬‫واحلصول على مغفرة هللا ِ‬
‫ّ‬
‫أخيك‪ ،‬بل َوِّجه له اللوم علناً ّ‬
‫لئال ترتَ ِكب األخطاء بسببه"‪.‬‬ ‫قلبك ّتاه َ‬
‫قيل‪" :‬ال يكن بُغض يف َ‬
‫هوة‪ .‬قد يبدو لكم أ ّن النُّفور وغياب العالقات‬ ‫احلب‪ ،‬ما تزال هناك ّ‬
‫ولكن ما بني غياب البُغض و ّ‬
‫احلب وابلضرورة‬
‫أتيت أُعطيكم أنواراً جديدة على ّ‬‫ألّنا ليست بُغضاً‪ .‬ال‪ .‬لقد ُ‬‫والالمباالة ليست خطااي ّ‬
‫بكل‬ ‫الثاين‬ ‫على‬ ‫اء‬
‫و‬ ‫األض‬ ‫ط‬ ‫على البغض‪ ،‬أل ّن من يسلّط األضواء على األول بكل تفاصيله‪ ،‬يسلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫األول‪ ،‬احندر‬
‫يؤدي إىل انفصال كبري عن اآلخر‪ ،‬إذ كلّما َمسا ّ‬ ‫ابألول إىل األعايل ّ‬
‫السمو ّ‬
‫حّت ّ‬
‫تفاصيله‪ّ .‬‬
‫اهلوة‪.‬‬
‫اآلخر إىل درجات أعمق يف ّ‬
‫ذهيب هو الكمال‪ .‬إنّه دقّة املشاعر واحلُكم‪ّ .‬إّنا احلقيقة دون استعارات وال كناايت‪ .‬وأقول‬ ‫َم َ‬
‫احلب هو‬ ‫ِ‬
‫جملرد عدم كوّنا حبّاً‪ .‬وعكس ّ‬ ‫لكم إ ّن النُّفور‪ ،‬انعدام العالقات والالمباالة تُصبح بُغضاً‪ّ ،‬‬
‫طبيعي‬
‫ّ‬ ‫البُغض‪ .‬هل ميكنكم إعطاء اسم آخر للنُّفور؟ للرتفُّع عن كائن؟ لالمباالة؟ فَ َمن ّ‬
‫ُيب لديه ميل‬
‫حّت ولو احلياة أبعدته عن احملبوب‬‫ُيب‪ّ ،‬‬ ‫ّتاه الذي ُيبّه‪ .‬إذن فَ َمن لديه نُفور ّتاهه ال ُيبّه‪َ .‬من ّ‬
‫افرت َق أحدهم عن آخر ابلروح‪ ،‬فإنّه ال يعود ُيبّه‪.‬‬
‫ابجلسد‪ ،‬فإنّه يستمر قريباً منه ابلروح‪ .‬إذن إذا ما ََ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 483 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بكل ما له عالقة به‪ .‬إذن إذا ما‬ ‫يهتم ّ‬‫ُيب ال يَشـعُر ُمطلقاً ابلالمباالة ّتاه احملبوب‪ ،‬بل ابلعكس ّ‬
‫َمن ّ‬
‫كان لدى أحدهم الشعور ابلالمباالة ّتاه آخر‪ ،‬فإّّنا هي إشارة إىل أنّه مل يـَعُد ُيبّه‪ .‬تَـَرون إذن أ ّن‬
‫هذه األمور الثالثة إّّنا هي فروع ثالثة لنبتة واحدة‪ :‬نبتة البُغض‪ .‬إذ ماذا َُيصل حينما يسيء إلينا‬
‫مرة ِمن أصل مائة‪ ،‬إذا مل ُيصل بُغض فَـنُفور‪ ،‬أو البعاد أو الالمباالة‪.‬‬ ‫أحد الذين حنبّهم؟ يف تسعني ّ‬
‫تتصرفوا هكذا‪ .‬ال ُّت ِّمدوا قلوبكم أبشكال البُغض الثالثة تلك‪ .‬أحبّوا‪.‬‬
‫ال‪ .‬ال ّ‬
‫حّت الذي‬‫ب ّ‬ ‫ولكنّكم تتساءلون‪" :‬كيف نستطيع ذلك؟" أُجيبُكم‪" :‬كما يستطيعه هللا الذي ُي ّ‬
‫يُسيء إليه‪ُ .‬حبّاً أليماً‪ ،‬ولكنّه صاحل على الدوام"‪ .‬تقولون‪" :‬وكيف سنفعل؟" فأُعطي الشريعة اجلديدة‬
‫بتأنيبك ّإايه أمام‬
‫َ‬ ‫أخوك فال حت ّقره على املأل‬
‫إليك َ‬‫للعالقات مع اإلخوة املذنبني‪ ،‬وأقول‪" :‬إذا أساء َ‬
‫يين هللا‪،‬‬
‫أخيك عن عيون العامل‪ ".‬وهبذا تنال أجراً عظيماً يف ع ّ‬
‫ك ُخيفي خطيئة َ‬ ‫اجلميع‪ ،‬بل اجعل حبّ َ‬
‫لكربايئك‪.‬‬
‫َ‬ ‫كل إرضاء‬ ‫ابحلب‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ع‬ ‫ِ‬
‫قاط‬
‫ّ ّ‬
‫ٍ‬
‫كمستجد َمنون‪،‬‬ ‫وأتملَ ِمن ذلك! إنّه َميضي‬
‫آه! كم َُيلو لإلنسان اإلعالن عن أنّه أُسيء إليه َّ‬
‫وصعاليك مثله يَطلُب قُبضات ِمن‬
‫َ‬ ‫ص َدقَة ذهباً ِمن َملِك‪ ،‬بل َميضي إىل بـُلَهاء آخرين‬
‫ال ليَستَعطي َ‬
‫ويلح يف‬ ‫ى‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫ليتش‬ ‫ضي‬ ‫مي‬
‫َ‬‫و‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫ُسيء‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ومساد وجرعات ِمن سم حارق‪ .‬هذا ما يهبه العامل لِ‬ ‫رماد َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫طلب املؤاساة‪ .‬هللا ال َـملِك يَ ِهب الذهب الصايف لِ َمن إذا ما أُسـيء إليه‪ ،‬ال يذهب يبكي أمله ّإال عند‬
‫وعربة الحتمال وقوع‬ ‫قدميه‪ ،‬ولكن بدون حقد‪ ،‬ويطلب منه هو‪ِ ،‬من احلب واحلكمة‪ ،‬مؤاساة حب ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حبب‪.‬‬ ‫ما هو مض ٍن‪ .‬إذا كنتم تريدون مؤاساة إذن‪ ،‬فاذهبوا إىل هللا ّ‬
‫وتصرفوا ّ‬

‫أخوك فامض وعاتبه على ِح َدة‪َ ،‬‬


‫بينك‬ ‫إليك َ‬
‫صححاً الشريعة القدمية‪" :‬إذا أخطأ َ‬ ‫ِ‬
‫أان أقول لكم ُم ّ‬
‫ك تكون قد رحبت َ ِ‬ ‫وبينه فقط‪ .‬فإذا َِمسع َ‬
‫أخاك من جديد‪ ،‬ويف الوقت ذاته‪َ ،‬رِحب َ‬
‫ت بـََركات‬ ‫َ‬ ‫إليك فإنّ َ‬
‫ك شريكه‬ ‫عنك إنّ َ‬
‫لئال يُقال َ‬
‫أخوك‪ ،‬بل ص ّد َك‪ ،‬متشبّثاً يف خطئه‪ ،‬و ّ‬
‫إليك َ‬ ‫سمع َ‬ ‫ِ‬
‫َجّة من هللا‪ .‬وإذا مل يَ َ‬
‫معك اثنني أو ثالثة شهود رصينني وصاحلني‬ ‫الروحي‪ ،‬اصطَ ِحب َ‬ ‫ّ‬ ‫أخيك‬
‫يف اخلطيئة‪ ،‬أو المبال خبري َ‬
‫مالحظاتك كي يتم ّكن‬
‫َ‬ ‫ووِّجه إليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخيك‪ ،‬وحبضورهم‪ ،‬أَعد ال َك ّـرة برفق َ‬
‫َ‬ ‫وأهالً للثقة‪َ ،‬وعُد هبم إىل‬
‫أخيك بقداسة‪ .‬أل ّن هذا هو واجب األخ‬ ‫كل ما بوسـعك إلصالح َ‬ ‫فعلت ّ‬
‫ك َ‬ ‫الشـهود القول بفمهم أبنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 484 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عليك أن تَدفع األذيّة عن نفسه‪ ،‬وإذا مل‬
‫أنت َ‬ ‫ك هي أذيّة لنفسه‪ ،‬و َ‬ ‫الصاحل‪ ،‬فاخلطيئة اليت ارتَ َكبَها حب ّق َ‬
‫ص َّد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُُْيد هذا أيضاً نفعاً‪ ،‬فأَعلم اجملمع ليُذ ّكره ابحل ّد ابسم هللا‪ .‬وإذا مل يُصلح ذاته يف هذه احلال‪َ ،‬و َ‬
‫كوثين أو عشار"‪.‬‬
‫لديك ّ‬ ‫َّك‪ ،‬فليكن َ‬ ‫اجملمع أو اهليكل كما صد َ‬

‫حّت مع قريبكم‬ ‫حلب‪ .‬إذ‪ّ ،‬‬ ‫ُخوة اب ّ‬‫افعلوا هذا َمع َمن ُهم أخوتكم ابلدم‪ ،‬أو َمن تربطكم هبم أ ُّ‬
‫التصرف بقداسة ودون َج َشع‪ ،‬دون قَسوة ودون ِحقد‪ .‬وعندما تكون َ‬
‫هناك‬ ‫األكثر بُعداً‪ ،‬عليكم ّ‬
‫نفسك‪،‬‬
‫َ‬ ‫وخصمك‪ ،‬اي أيّها اإلنسان الذي غالباً ما َِّتد‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫نزاعات تستدعي أن تذهب إىل القضاء َ‬
‫ِ‬
‫ت على‬ ‫ِ‬
‫لك أن ّتتهد أثناء الطريق يف أن تُصاحله‪ ،‬أكن َ‬ ‫منك‪ ،‬يف أسوأ وضع‪ ،‬فأان أقول َ‬ ‫بسبب خطأ َ‬
‫خطأ أم على صواب‪ .‬ذلك أ ّن العدالة البشريّة هي دائماً غري كاملة‪ ،‬وعادة يُ َسِّري الدهاء العدالة‪ ،‬وقد‬
‫حقك‪،‬‬
‫لك ليس فقط عدم اسرتداد َ‬ ‫أنت الربيء إىل ُمذنِب‪ .‬وقد ُيصل َ‬ ‫يتحول املذنب إىل بريء‪ ،‬و َ‬
‫ّ‬
‫لك القاضي‬‫رس َ‬ ‫ك بريء‪ ،‬فقد تُعتَرب مذنباً ابلقدح والذم والتشهري‪ ،‬وي ِ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫تك‪ ،‬وابلرغم ِ‬
‫م‬ ‫حج َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫إّّنا فقدان ّ‬
‫حّت تفي آخر فلس‪.‬‬ ‫يدعك تذهب ّ‬ ‫َ‬ ‫السجان‪ ،‬الذي ال‬
‫إىل ّ‬

‫ُكن متساهالً‪ .‬هل يتأ ّمل كربايؤك ِمن ذلك؟ حسناً‪ .‬هل ينقص َ‬
‫مالك؟ إنّه ألفضل أيضاً‪ .‬يكفي‬
‫اعملوا على أن‬
‫للذ َهب‪ .‬ال يكن لديكم َّنَم للمديح‪َ .‬‬ ‫حب حنيين َّ‬ ‫لديك ّ‬ ‫قداستك‪ .‬ال يكن َ‬‫َ‬ ‫أن تنمو‬
‫ّ‬
‫صلّوا ِمن أجل الذين يُسيئون‬
‫يثين هللا عليكم‪ .‬اعملوا على أن تَكنـزوا لكم كنـزاً عظيماً يف السـماء‪َ .‬و َ‬
‫ميجدونكم ويعيدون إليكم خرياتكم‪ .‬وإذا مل‬ ‫ص َـل هذا‪ ،‬فأولئك أنفسـهم ّ‬ ‫إليكم كي يتوبوا‪ .‬إذا ما َح َ‬
‫يَفعلوا ُهم‪ ،‬فاهلل يُف ِّكر يف ذلك‪.‬‬

‫الر ُسل‪.‬‬ ‫امضوا اآلن‪ ،‬فقد حان وقت الطعام‪ .‬فليبق فقط الـم ِ‬
‫ستج ّدون‪ ،‬وليَجلسوا إىل طاولة ُّ‬ ‫ُ‬
‫ليكن السالم معكم‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 485 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫شروا به)‬ ‫‪( -142‬يسوع ي ِ‬


‫رسل االثنني والسبعني ليب ّ‬‫ُ‬
‫‪1945 / 09 / 17‬‬

‫حّت بَِق َي يسوع مع ُر ُسـله وتالميذه يف حديقة مرمي اجملدليّة‪.‬‬


‫صَرف الفقراء بعد الطعام‪ّ ،‬‬
‫ما أن َ‬
‫َُيلسون عند حدودها ابلقرب ِمن مياه البحرية الساكنة‪َّ ،‬إّنا املكتظّة مبراكب الصيّادين املنهمكني يف‬
‫الصيد‪.‬‬

‫«سوف َُيصلون على صيد وفري‪ ».‬يقول بطرس الذي يُراقِبهم‪.‬‬

‫صيدك وفرياً‪ ،‬اي مسعان بن يوان‪».‬‬


‫َ‬ ‫أنت كذلك‪ ،‬سوف يكون‬
‫« َ‬
‫َخرج للصيد ِمن أجل طعام الغد؟ سأذهب حاالً و‪»...‬‬
‫رب‪ ،‬مّت؟ أتريدين أن أ ُ‬
‫«أان اي ّ‬
‫«لسنا يف حاجة إىل طعام يف هذا البيت‪ .‬الصيد الذي ستقوم به‪ ،‬للمستقبل هو‪ ،‬ويف اجملال‬
‫معك صيّادون ممتازون‪ ،‬أَغلَب هؤالء‪».‬‬
‫الروحي‪ .‬وسوف يكون َ‬
‫ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫«أليس َجيعهم‪ ،‬اي معلّم؟» يَسأل ّ‬
‫«ليس اجلميع‪ .‬إّّنا الذين‪ ،‬ابملثابرة سيُصبِحون كهنيت‪ ،‬فسيصيدون صيداً وفرياً‪».‬‬

‫« ِهداايت‪ ،‬أليس كذلك؟» يَسأل يعقوب بن زبدى‪.‬‬

‫« ِهداايت‪ ،‬توبة‪ ،‬عودة إىل هللا‪ .‬آه! أشياء كثرية‪».‬‬

‫حّت بوجود شهود‪ ،‬فليؤنّبه‬


‫سمع أحد ألخيه‪ّ ،‬‬ ‫قلت لنا سابقاً‪ ،‬إن مل يَ َ‬
‫«امسع اي معلّم‪ .‬لقد َ‬
‫حتل‬
‫كت متاماً ما قُلتَه لنا‪ ،‬منذ أن تعارفنا‪ ،‬يبدو يل أ ّن الكنيسة سوف ّ‬‫كنت قد أدر ُ‬
‫اجملمع‪ .‬واآلن‪ ،‬إن ُ‬
‫تؤسسها‪ .‬إذن أين سنذهب لِنُصح اإلخوة املتعنِّتني؟»‬ ‫ُمل اجملمع‪ ،‬تلك اليت سوف ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 486 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«سوف تذهبون إىل ذواتكم‪ ،‬ألنّكم أنتم َمن سوف تكونون كنيسيت‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬سوف أييت‬
‫وإما ليُق ّدموا النُّصح آلخرين‪ .‬أقول لكم أكثر‪:‬‬ ‫املؤمنون إليكم‪ّ ،‬إما لكي ُيصلوا على نُصح لذواهتم‪ّ ،‬‬
‫لن يكون إبمكانكم إسداء النصائح فقط‪ ،‬بل سـيكون إبمكانكم أن َحتلّوا ِمن اخلطااي ابمسي‪ .‬سيكون‬
‫جاعلني منهما جسداً‬ ‫فك سالسل اخلطيئة‪ ،‬كما ميكنكم عقد رابط شخصني يتحاابن‪ِ ،‬‬ ‫إبمكانكم ّ‬
‫ّ‬
‫احلق أقول‬
‫واحداً‪ .‬وما سوف تفعلونه سيكون مقبوالً يف عيين هللا كما لو أ ّن هللا نفسه كان قد فَـ َعلَه‪ّ .‬‬
‫كل ما حتلّونه على األرض يكون ُملوالً‬ ‫كل ما تربطونه على األرض سيكون مربوطاً يف السماء‪ ،‬و ّ‬ ‫لكم‪ّ :‬‬
‫األخوي والصالة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يف السـماء‪ .‬وأقـول لكم أيضاً‪ ،‬لكي أجعلكم تُد ِركون سلطان امسي‪ ،‬خبصوص ّ‬
‫احلب‬
‫كل الذين يؤمنون ابملسيح‪ ،‬اجتمعا ليطلبا شيئاً مستقيماً‬ ‫اآلن‬ ‫تالميذي‬ ‫إذا اثنان ِمن تالميذي‪ ،‬وأَعتَِ‬
‫رب‬
‫ّ‬
‫ابمسي‪ ،‬فسيعطيه أيب هلما‪ ،‬ذلك أ ّن للصالة قُدرة عظيمة‪ ،‬للوحدة األخوية قُدرة عظيمة‪ ،‬والمسي‬
‫وحضوري وسطكم قُدرة عظيمة‪ ،‬بل قُدرة ال ّنائيّة‪ .‬وحيثما اجتمع اثنان أو ثالثة ابمسي‪ ،‬فسأكون‬
‫فيما بينهم وسأصلّي معهم‪ ،‬ولن يرفض هللا شيئاً للذين يصلّون معي‪ .‬ذلك أ ّن كثريين ال ينالون أل ّّنم‬
‫يُصلّون وحدهم‪ ،‬ولدوافع غري مشروعة‪ ،‬أو بكربايء‪ ،‬أو إ ّن اخلطيئة يف قلبهم‪ .‬طَ ِّهروا قلوبكم ّ‬
‫حّت ميكنين‬
‫سمع لكم‪».‬‬ ‫أن أكون معكم ُثّ صلّوا‪ ،‬وسوف يُ َ‬

‫بطرس غارق يف التفكري‪ .‬يراه يسوع ويَسأله عن السبب‪ .‬فيشرح بطرس‪« :‬أُف ّكر ّ‬
‫ألي واجب‬
‫عظيم اخرتتَنا‪ ،‬وأخاف لذلك‪ ،‬أخاف ِمن أن ال أُجيد القيام به‪».‬‬

‫لكن‬
‫«ابلفعل‪ ،‬فإ ّن مسعان بن يوان أو يعقوب بن حلفى أو فليبّس أو آخرين لن ُُييدوا الفعل‪ ،‬و ّ‬
‫عملون جنباً إىل‬ ‫ِ‬
‫الكاهن بطرس والكاهن يعقوب والكاهن فليبّس أو توما سوف ُُييدون فعله أل ّّنم َسيَ َ‬
‫جنب مع احلكمة اإلهليّة‪».‬‬

‫مرة إذا أخطأوا‬‫مرة إذا أخطأوا ض ّد الكهنة‪ ،‬وكم ّ‬


‫مرة ينبغي لنا أن نَغفر لإلخوة؟ َكم ّ‬
‫«و‪ ...‬كم ّ‬
‫مرات‬ ‫ِ‬ ‫حبق هللا؟ ألنّه إذا كان ذلك سيحصل كما اآلن‪ ،‬فَبِما ّأّنم خيطئون َ‬
‫إليك‪ ،‬فسيُخطئون إلينا ّ‬ ‫ّ‬
‫مرات أو ح ّّت‬ ‫ِ‬
‫املرات‪ .‬سبع ّ‬
‫علي أن أغفر على الدوام أو عدداً من ّ‬ ‫ومرات كثرية‪ .‬قُل يل إذا ما كان َّ‬‫ّ‬
‫أكثر مثالً؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 487 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مرات ال حدود هلا‪ .‬ذلك أ ّن اآلب‬ ‫مرة سبع مرات‪ّ .‬‬ ‫لك سبع مرات‪ ،‬بل سبعني ّ‬ ‫«ال أقول َ‬
‫املرات‪ ،‬لكم أنتم الذين ينبغي لكم أن‬ ‫ن‬ ‫م‬‫السماوي سيغفر لكم أنتم مرات كثرية‪ ،‬عدداً ال ُُيصى ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتصرفوا أنتم‪ ،‬ألنّكم سـوف ُمتثِّلون هللا على األرض‪.‬‬
‫يتصرف هو معكم عليكم أن ّ‬ ‫تكونوا كاملني‪ .‬وكما ّ‬
‫كل حال امسعوا‪ .‬سوف أروي لكم َمثَالً يَصلح للجميع‪».‬‬‫على ّ‬
‫ويسوع الذي كان مع ُر ُسله فقط يف مكان ُماط ابلشمشاد‪ ،‬يتّجه صوب التالميذ الذين‪ِ ،‬من‬
‫بكل احرتام يف مكان مزيّن بفسقيّة مليئة ابملياه العذبة الصافية‪ .‬ابتسامة يسوع‬ ‫عني‬ ‫جهتهم‪ ،‬كانوا َُمتَ ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫هي اإلشارة أبنّه سيتح ّدث‪ .‬وبينما هو ماض خبطوته البطيئة والطويلة اليت يقطع هبا مسافات طويلة‬
‫ابلتجمع حوله ُمبتَ ِهجني‪ُ ،‬‬
‫وُييطون به كما ُُييط األطفال‬ ‫ّ‬ ‫يف وقت قصري‪ ،‬وبدون عجلة‪َّ ،‬‬
‫فإّنم أيخذون‬
‫مبن يُفرحهم‪ُ ،‬مش ِّكلني دائرة ِمن الوجوه املتنبّهة‪ُ .‬ثّ يَستَنِد يسوع على شجرة ضخمة ويبدأ الكالم‪.‬‬

‫ما قُلتُه للشعب ّأوالً‪ ،‬ينبغي لكم أن تُ ِتقنوه أنتم‪ ،‬اي َمن متّ اختياركم ِمن بينهم‪ .‬لقد َسأَلَين مسعان‬
‫ُكرر إجابيت على َمسمع‬ ‫علي أن أغفر؟ لِ َمن؟ ملاذا؟" وأجبتُهُ على ِحدة‪ ،‬واآلن‪ ،‬أ ِّ‬ ‫مرة َّ‬
‫بن يوان‪" :‬كم ّ‬
‫صح أن تعرفوا‪.‬‬‫اجلميع ألنّه يَ ّ‬
‫مرة‪ ،‬وكيف‪ ،‬وملاذا ُيب أن تساُموا‪ُ .‬يب أن تساُموا كما يُسامح هللا‪ ،‬وهو الذي‬ ‫امسعوا َكم ّ‬
‫مرة‪ ،‬طاملـا هو يَرى أ ّن إرادة ارتكاب اخلطيئة‪ ،‬السعي إىل‬ ‫ِ ِ‬
‫مرة ونَدم‪ ،‬يَغفر ألف ّ‬‫إذا ما أخطأ املرء ألف ّ‬
‫ضعف اإلنسان‪.‬‬ ‫أسباب اخلطيئة‪ ،‬غري موجود لدى اخلاطئ‪ ،‬إّّنا على العكس‪ ،‬ليست اخلطيئة سوى َمثَرة ُ‬
‫يف حال املثابرة على ارتكاب اخلطيئة مبلء اإلرادة‪ ،‬ال ُميكن أن يكون هناك غُفران لإلساءات ض ّد‬
‫الشريعة‪ .‬ولكن رغم أ ّن تلك األخطاء تؤملكم شخصياً‪ِ ،‬‬
‫ساُموا‪ .‬اغفروا دائماً لفاعلي الش ّـر لكم‪ .‬اغفروا‬ ‫ّ‬
‫لكي يُغ َفر لكم‪ ،‬فأنتم كذلك ترتكبون األخطاء ض ّد هللا وض ّد إخوتكم‪ .‬املساُمة تَفتَح ملكوت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخدَّامه‪.‬‬
‫ص َل بني َملك ُ‬‫السماوات‪ ،‬ل َمن َغ َفر وملن غُفر له‪ .‬وهذا يُشبِه ما َح َ‬
‫أراد َملِك أن ُُياسب عبيده‪ .‬فناداهم الواحد تلو اآلخر‪ ،‬بِدءاً ِمن املراتب العُليا‪ِ .‬جيء إليه‬
‫بواحد منهم عليه عشرة آالف بدرة (عملة قدمية)‪ ،‬وَمل يَكن عنده ما يفي به دينه للملك الذي أقرضه‬
‫كل نوع‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬ألسباب قد تكون أو ال تكون مشروعة‪َ ،‬مل‬ ‫ِ‬
‫ليبين له بيواتً ويقوم أبعمال من ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 488 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يست ِ‬
‫خدم املبالغ اليت تل ّقاها ملشاريعه بعناية فائقة‪ .‬فأ ََمَر امللك السيَّد‪ ،‬الذي أاثر سخطَه َك َس ُل ذاك‬ ‫َ َ‬
‫وعدم التزامه‪ ،‬ببيعه وبيع امرأته وأوالده وَجيع ما َميلِك ليقضى (يُسدَّد) دينه‪ .‬فجثا له العبد ساجداً‬ ‫ُ‬
‫حّت آخـر‬ ‫وأَخ َذ يرجوه بدموع وتوسالت ويقول‪" :‬دعين أذهب‪ .‬أم ِهلين وسوف أ ِ‬
‫علي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما‬ ‫لك‬ ‫ُؤد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫دينار"‪ .‬وامللك الذي أتثـََّر ابألمل الكبري ‪-‬فقد كان َملِكاً صاحلاً‪ -‬مل يَستَ ِجب فقط لطلبه‪ ،‬ولكنّه إذ‬
‫َعلِ َم أ ّن ِمن أسباب عنايته القليلة وعدم انتباهه لالستحقاقات‪ ،‬كانت األمراض كذلك‪ ،‬فأطلَ َقه وأعفاه‬
‫ِمن الدين‪.‬‬

‫ضه مائة دينار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أقر َ‬
‫مضى ذلك العبد سعيداً‪ .‬وملا َخَر َج لَق َي عبداً من أصحابه‪ ،‬عبداً فقرياًكان قد َ‬
‫توهم ِمحاية ال َـملِك له‪ ،‬ظَ َّن أ ّن‬
‫ص َل عليها ِمن ال َـملِك‪ .‬وإذ َّ‬
‫من البدرات العشرة آالف اليت كان قد َح َ‬
‫ِ‬
‫عليك"‪.‬‬
‫"أد يل حاالً ما َ‬ ‫حّت كاد خينقه وهو يقول له‪ّ :‬‬ ‫َخ َذ بِعنق املسكني ّ‬ ‫كل شيء مسموح به له‪ ،‬فأ َ‬ ‫ّ‬
‫يئن‪" :‬ارمحين أان املصاب بويالت كثرية‪ .‬أم ِهلين قليالً أيضاً‬ ‫وهو‬ ‫قدميه‬ ‫له‬ ‫ل‬ ‫فَـ َعبَثا َجثا صاحبه ابكياً لِيُقبِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حّت آخر فلس"‪ .‬وينادي العبد عدمي الرمحة اجلنود ليقودوا املسكني إىل السـجن‪ ،‬إىل أن‬ ‫لك ّ‬
‫وسأعيد َ‬
‫حّت احلياة‪.‬‬
‫يقضي الدين حتت طائلة فقدان احلريّة أو ّ‬
‫بكل ما َجرى‪.‬‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫املع‬
‫و‬ ‫ك‬ ‫علِم أصحاب املسكني ابألمر‪ ،‬فاسـتاؤوا كثرياً‪ ،‬فَمضوا وأخربوا الـملِ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صرامة‪ ،‬قال له‪" :‬اي عبد السوء‪،‬‬ ‫وهذا األخري‪ ،‬إذ َعل َم‪ ،‬أ ََمَر إبحضار العبد عدمي الرمحة‪ ،‬وانظراً إليه بِ َ‬
‫وساعدتك أيضاً‬
‫َ‬ ‫جعلتك غنيّاً‬
‫َ‬ ‫ساعدتك فيما مضى لكي تُصبِح رحيماً‪ ،‬إذ إنّين قد‬ ‫َ‬ ‫كنت قد‬
‫أان ُ‬
‫رحم واحداً ِمن‬ ‫لك‪ .‬ومل تَ َ‬ ‫عليك‪ ،‬والذي ِمن أجله َر َجوتَين كثرياً أن أُم ِه َ‬ ‫إبعفائك ِمن الدين الذي يل َ‬ ‫َ‬
‫ودفَعهُ إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معك؟" و َغضب َ‬ ‫فعلت أان َ‬ ‫ك كثرياً‪ .‬فلماذا مل تفعل كما ُ‬ ‫أصحابك‪ ،‬بينما أان‪ ،‬ال َـملك‪َ ،‬ر َمحتُ َ‬
‫َ‬
‫رحم َمن له عليه القليل‪ ،‬بينما أان ال َـملِك رمحتُ ُه‬ ‫حّت يؤدي َجيع ما عليه قائالً‪" :‬كما َمل يَ َ‬ ‫اجلّالدين ّ‬
‫عامل بنفس الطريقة‪ ،‬حيث أنّه مل يَستَ ِفد ِمن رمحيت"‪.‬‬ ‫كثرياً‪ ،‬فليُ َ‬
‫يتصرف أيب معكم‪ ،‬إذا كنتم عدميي الرمحة ّتاه إخوتكم‪ ،‬إذا كنتم أنتم الذين‬
‫ابلطريقة ذاهتا ّ‬
‫عادي‪ .‬تذ ّكروا أنّه مطلوب منكم‪ ،‬أكثر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أي مؤمن ّ‬ ‫تل ّقيتم من هللا الكثري‪ ،‬تصبحون مذنبني أكثر من ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 489 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫من اجلميع‪ ،‬أن تكونوا بال خطيئة‪ .‬تذ ّكروا أ ّن هللا يُسلِفكم كنـزاً عظيماً‪ ،‬ولكنّه يشاء أن تُعريوه اهتماماً‬
‫أي شخص آخر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كبرياً‪ .‬تذ ّكروا أ ّن عليكم معرفة ممارسة احملبّة واملساُمة أكثر من ّ‬
‫ال تكونوا عبيداً تُلِ ّحون يف طلب الكثري ألنفسكم‪ُ ،‬ثّ ال تُعطون شيئاً لِ َمن يسألكم‪ .‬كما‬
‫الشر‬
‫تصرف اآلخرين املنقادين إىل اخلري أو ّ‬ ‫حاسبون كذلك على ّ‬ ‫فعل لكم‪ .‬وستُ َ‬ ‫تفعلون‪ ،‬كذلك يُ َ‬
‫ِ‬
‫مربرين فسيكون لكم َمد عظيم يف السماوات! إّّنا ابلطريقة‬
‫ابقتدائهم بكم‪ .‬آه! يف احلقيقة‪ ،‬إن كنتم ّ‬
‫حّت َكساىل يف عمل التَّقديس‪ ،‬فستُجازون بشكل قاس‪.‬‬‫ذاهتا‪ ،‬إذا كنتم سبباً يف االحنراف‪ ،‬أو ّ‬
‫اخلاصة‪،‬‬
‫مرة أخرى أقول لكم‪" :‬إذا مل يكن أحدكم ميتلك الشجاعة الكافية ليكون ضحيّة رسالته ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫دمر يف احلقيقة تكوينه وتكوين اآلخرين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قصر يف األمور اليت تُ ّ‬
‫قصر ّن فيها‪ .‬أقول ّأال يُ ّ‬
‫فليمض‪ .‬إّّنا ال يُ ّ‬
‫كل‬
‫وليعرف أن يتّخذ هللا صديقاً له‪ ،‬وليكن يف قلبه على الدوام االستعداد ملساُمة الضعفاء‪ .‬حينئذ ّ‬
‫َمن يَع ِرف منكم أن يَغفر سوف ُمينح الغفران ِمن هللا اآلب‪.‬‬

‫خاص‪ ،‬ابتداء‬
‫هت إليهم هذا الصباح حبديث ّ‬ ‫توج ُ‬
‫املظال قريب‪ .‬والذين َّ‬‫انتهت اإلقامة‪ .‬عيد ّ‬
‫احتفظت ابلبعض منهم على‬
‫ُ‬ ‫ِمن الغد سوف يَسبقونين ليُبشـّروا الناس يب‪ .‬فال َُتُّر عزمية الباقني‪ .‬لقد‬
‫سبيل احليطة واحلذر‪ ،‬وليس انتقاصاً أو احتقاراً هلم‪ .‬سوف يبقون معي‪ ،‬وقريباً سوف أ ِ‬
‫ُرسلهم كما‬
‫ُرسل االثنني والسبعني األوائل‪ .‬احلصاد كثري وال َف َعلة قليلون دائماً نسبة إىل العمل الواجب إجنازه‪.‬‬‫أِ‬
‫رب احلصاد‬‫صلّوا إىل ّ‬
‫فهناك إذن عمل للجميع‪ .‬ولن يكون عددهم كافياً‪ .‬إذن‪ ،‬بغري حسد أو غرية‪َ ،‬‬
‫رسل على الدوام فَـ َعلَة ُجدداً ِمن أجل حصاده‪.‬‬‫كي ي ِ‬
‫ُ‬
‫الر ُسل وأان‪ ،‬أثناء ّأايم االسرتاحة هذه‪ ،‬قد أكملنا أتهيلكم ِمن أجل العمل الذي‬ ‫اآلن امضوا‪ُّ .‬‬
‫عليكم القيام به‪ ،‬بتكرار ما قُلتُه قبل إرسال االثين عشر‪ .‬لقد سألين أحدكم‪" :‬ولكن كيف أشفي‬
‫ابمسك؟" اشفوا الروح ّأوالً‪ِ .‬ع ْدوا ذوي العاهات مبلكـوت هللا إذا َع ِرفوا أن يؤمنوا يب‪ ،‬وبعد أن تَروا‬
‫َ‬
‫كل شيء‪ .‬وبكلمة واثقة بـُثّوا الرجاء‪ .‬سآيت‬ ‫ِ‬
‫اإلميان فيهم‪ُ ،‬مروا املرض أن يذهب‪ .‬أَضرموا اإلميان قبل ّ‬
‫بدوري ألضع فيهم احملبّة اإلهليّة‪ ،‬كما وضعتُها يف قلوبكم بعد أن آمنتم يب وأضحى لكم الرجاء برمحيت‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 490 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وال َُتشوا بشراً وال شيطاانً‪ .‬فلن يُسبّبوا لكم األذى‪ .‬األشياء الوحيدة اليت عليكم خشيتها‪ ،‬هي امليل‬
‫إىل الشهوة والكربايء واجلَّشع‪ .‬هبا تستسلمون للشيطان وللناس الشياطني املوجودين كذلك‪.‬‬

‫الرعاة يف‬
‫اذهبوا إذن‪ ،‬واسبقوين على طرقات األردن‪ .‬ولدى وصولكم إىل أورشليم‪ ،‬اذهبوا للقاء ُّ‬
‫وادي بيت حلم‪ ،‬وتعالوا لتجدوين يف املكان الذي تعرفونه (حقل اجلليليّني)‪ .‬وسوف حنتفل معاً ابلعيد‬
‫أي وقت إىل َع َملنا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫املق ّدس‪ ،‬لنعود بعدئذ أكثر ثبااتً من ّ‬

‫امضوا بسالم‪ .‬أُاب ِرككم ابسم ّ‬


‫الرب الق ّدوس‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 491 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -143‬يسوع يلتقي مع لعازر يف حقل اجلليليّني)‬

‫‪1945 / 09 / 18‬‬

‫حقل اجلليليّني الشهري ‪-‬أظنّه معىن العبارة اليت استخ َد َمها يس وع (يف الرؤاي السابقة) لتحديد مكان‬
‫اللقاء عند عودة االثنني والسبعني املرسلني سابقاً‪ -‬ليس ِسوى جزء ِمن جبل الزيتون‪ ،‬وهو أقرب إىل الطريق‬
‫أيت فيه‪ ،‬يف رؤاي قدمية‪ ،‬يواكيم وحنّة‬
‫َتر به‪ .‬وهو كذلك‪ ،‬بدقّة‪ ،‬املكان الذي ر ُ‬
‫املؤ ّدية إىل بيت عنيا‪ ،‬بل هي ّ‬
‫َُييِّمان مع حلفى‪ ،‬الذي كان آنذاك صغرياً‪ ،‬إىل جانب أكواخ أخرى ِمن األغصان‪ ،‬يف عيد املظال الذي‬
‫َسبَ َق احلَبَل ابلسيدة العذراء‪.‬‬

‫العامة‬
‫كل شيء على هذا اجلبل لطيف‪ :‬ال َـمسالك الصاعدة واملناظر ّ‬ ‫مدورة‪ّ .‬‬ ‫قمة ّ‬
‫جلبل الزيتون ّ‬
‫يتنشق السـالم‪ ،‬فالزيتون يُغلّفه والصمت يَل ّفه‪َّ .‬إّنا ليس يف هذا الوقت‪ ،‬فهناك‬ ‫القمة‪ .‬يف احلقيقة إنّه ّ‬
‫و ّ‬
‫أانس اّنَمكوا يف صنع األكواخ‪ .‬إّّنا يف العادة هو حبق مكان راحة وأتمل‪ .‬إىل يساره‪ ،‬ابلنسبة للن ِ‬
‫َّاظر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫نح َدر بستان‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫املتَّجه صوب الشمال‪ ،‬يوجد منخ َفض خفيف‪ُ ،‬ث قمة أخرى مبنحدر أقل ح ّدة ِ‬
‫م‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ َ‬
‫لست أدري ما إذا كان هذا عرفاً دينيّاً وقد أصبَ َح‬ ‫الزيتون‪ .‬هنا‪ ،‬على هذا املسطّح‪ُ ،‬خييّم اجلليليّون‪ُ .‬‬
‫تقليداً‪ ،‬أم هو نتيجة أوامر رومانيّة هبدف حتاشي سوء التفاهم القائم مع اليهود‪ ،‬أو مع ُس ّكان مناطق‬
‫أخرى ال يتعاملون بِظُرف مع اجلليليّني‪ .‬هذا ما ال أعرفه‪ُ ،‬ج ّل ما أعرفه هو أنّين أرى الكثري ِمن اجلليليّني‬
‫وبينهم حلفى بِن سارة الذي ِمن الناصرة؛ يوضاس املالك العجوز الذي ِمن قرب حبرية مريون؛ ايئريوس‬
‫رئيس اجملمع؛ وآخرون ِمن بيت صيدا وكفرانحوم ومدن أُخرى ِمن اجلليل‪ ،‬ال أعرف أمساءها‪.‬‬
‫يشري يسوع إىل ِ‬
‫املوضع الذي سيُقيمون فيه أكواخهم‪ ،‬ابلضبط هو عند احلدود الشرقيّة حلقل‬ ‫ُ‬
‫الرسل مع بعض التالميذ ِ‬
‫ومن بينهم الكاهن يوحنّا والكاتب يوحنّا وتيمون رئيس اجملمع‪،‬‬ ‫اجلليليّني‪ُ ُّ .‬‬
‫عماوس‪ ،‬وهابيل الذي ِمن بيت حلم اجلليل‪ُ ،‬م َنه ِمكون‬ ‫ِ‬
‫ومعهم إيتيان وهرمست ويوسف الذي من ّ‬
‫ببناء األكواخ‪ّ .‬إّنم ُم َنه ِمكون ويسوع يتح ّدث إىل أطفال ِمن كفرانحوم يتزامحون حوله طالبني منه‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 492 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صل لعازر ِمن الطريق القادم ِمن بيت عنيا‪،‬‬ ‫مائة مائة شيء‪ ،‬وم ِسرين له مبائة شيء أخرى‪ ،‬عندما ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ّ‬
‫مع مكسيمني الذي ال يفارقه‪ .‬وحيث إ ّن يسوع يُدير ظَهره‪ ،‬فإنّه ال يراه قادماً‪ .‬إّّنا ابملقابل يَراه‬
‫هناك وَميضي صوب صديقه مبتسماً‪ .‬يتوقّف مكسيمني‬ ‫يوطي وينبّه املعلّم الذي يُبقي األطفال َ‬
‫االسخر ّ‬
‫األول‪ .‬ويقطع لعازر األمتار األخرية أبسرع ما ميكن‪ ،‬وهو يسـري أبكثر‬ ‫ليفسح اجملال لالثنني يف لقائهما ّ‬
‫أي وقت آخر‪ ،‬اببتسامة يَرتَعِش معها األمل والدموع معاً على الفم ويف العيون‪ .‬يَفتح‬ ‫ِ‬
‫صعوبة وأملاً من ّ‬
‫يسوع له ذراعيه‪ ،‬ويرمتي لعازر على صدره وتَ َنه ِمر دموعه غزيرة‪.‬‬

‫لت تبكي؟‪ »...‬يَسأله يسوع وهو يُقبِّله ِمن صدغيه‪ ،‬وهو األطول‬ ‫«وملاذا‪ ،‬اي صديقي؟ أما ز َ‬
‫ِمن لعازر أبكثر ِمن طول الرأس‪ ،‬والذي يبدو أكرب أيضاً‪ ،‬أل ّن لعازر املمتلئ ُحبّاً وإجالالً‪ ،‬ينحين أثناء‬
‫العِناق‪.‬‬

‫أعطيتك العام املاضي آللئ دموعي احلزينة‪،‬‬


‫َ‬ ‫أخرياً يرفع لعازر رأسه ويقول‪« :‬أبكي‪ ،‬نعم‪ .‬فلقد‬
‫أظن أ ّن ما ِمن شيء أكثر‬ ‫لك آللئ دموع فَـَرحي‪ .‬آه! اي معلّم‪ ،‬اي معلّمي! ّ‬ ‫ومن العدل أن تكون َ‬ ‫ِ‬
‫لك‪" :‬شكراً" ِمن أجل مرمي أخيت اليت مل تَـعُد‬ ‫لك ألقول َ‬‫تواضعاً وقداسة ِمن دموع فَـَرح‪ ...‬وأُق ّدمها َ‬
‫حّت مما كانت عليه وهي‬ ‫ِ‬
‫اآلن سوى طفلة وديعة‪ ،‬سعيدة‪ ،‬صافية‪ ،‬طاهرة‪ ،‬وصاحلة‪ ...‬آه! ّإّنا أفضل ّ‬
‫ائيلي أمني للشريعة‪ ،‬اآلن‬
‫كنت أشعر أنّين أرفَع منها كثرياً‪ ،‬يف كربايئي كإسر ّ‬
‫طفلة صغرية‪ .‬وأان‪ ،‬أان الذي ُ‬
‫أشعر بضآليت‪ ،‬بل أكاد أقول َع َدمي‪ ،‬ابملقارنة هبا‪ ،‬هي اليت مل تَـعُد ُملوقة‪ ،‬بَل ُشعلة‪ُ .‬شعلة مق ِّدسة‪.‬‬
‫أان‪ ...‬ال ميكنين إدراك أين َِّتد احلِكمة واألقوال واألفعال اليت َِّتدها‪ ،‬واليت تؤثّر يف البيت كلّه أتثرياً‬
‫الكم ِمن‬ ‫ِ‬
‫سر‪ .‬ولكن كيف كان ميكن هلذا ال َقدر من النار‪ ،‬هلذا ّ‬ ‫حسناً‪ .‬أان أَنظُر إليها َك َمن يَنظُر إىل ّ‬
‫كل تلك القذارة وأن تعيش فيها براحتها؟ ال أان وال مرات نَرقى إىل ما تَرقى إليه‬ ‫ُّرر أن خيتبئ حتت ّ‬ ‫الد َ‬
‫هي‪ .‬كيف ميكنها ذلك إذا كانت الرذيلة قد حطَّ َمت هلا جناحيها؟ أان‪ ،‬ال أفهم‪»...‬‬

‫لك‪ :‬إ ّن مرمي قد َح َّولَت صوب اخلري‬ ‫«وليس ضرورّايً أن تفهم‪ .‬يكفي أن أفهم أان‪ .‬إّّنا أقول َ‬
‫كل طاقات كياّنا القويّة‪ .‬ولقد َو َّج َهت طَْبعها صوب الكمال‪ .‬ومبا أ ّن طَْبعها يتمتّع بِ ُقدرة ُمطلَ َقة‪،‬‬
‫ّ‬
‫شر لتكون قديرة يف اخلري كما كانت‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫بتها‬
‫ر‬ ‫ّت‬ ‫ف‬ ‫حتفظ‪ّ .‬إّنا تُو ِ‬
‫ظ‬
‫ّ‬ ‫فإّنا تندفع يف هذا الدرب دون ُّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 493 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ض َعت موضع العمل األسلوب ذاته يف إعطاء ذاهتا ابلكامل كما كانت تفعل يف‬ ‫الشر‪ ،‬وإذ َو َ‬
‫يف ّ‬
‫بكل‬ ‫إهلك‬
‫َ‬ ‫الرب‬
‫ّ‬ ‫ب‬‫فإّنا َهتِب ذاهتا ابلكامل إىل هللا‪ .‬لقد أدرَكت معىن الشريعة القائلة‪" :‬أحبِ‬
‫اخلطيئة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كل َمن يف العامل‬
‫كل َمن يف إسرائيل مرمي‪ ،‬لو كان ّ‬
‫تك"‪ .‬لو كان ّ‬‫وبكل ّقو َ‬
‫بنفسك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫جبسدك‪،‬‬
‫َ‬ ‫كيانك‪،‬‬
‫َ‬
‫مرمي‪ ،‬ألصبَ َح لنا على األرض ملكوت هللا‪ ،‬كما هو يف أعايل السماء‪».‬‬

‫«آه! اي معلّم‪ ،‬اي معلّم! هي مرمي اجملدليّة اليت تستحق هذا الكالم!‪»...‬‬

‫ت هنا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مت أنّين كن ُ‬
‫ّإّنا مرمي أُخت لعازر‪ .‬صديقيت العظيمة‪ ،‬أُخت صديقي العظيم‪ .‬كيف َعل َ‬
‫وأُمي مل تَ ِ‬
‫صل بعد إىل بيت عنيا؟»‬ ‫ّ‬
‫ك آت‪ .‬وأان كنت أ ِ‬
‫ُرسل‬ ‫أحث اخلطى‪ ،‬أتى وكيل منطقة املياه احللوة ليقول يل أبنّ َ‬
‫«بينما أان ُّ‬
‫ُ‬
‫فمشيت على الفور‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫لتوه يقول يل‪" :‬لقد جاء‪ ،‬وهو يف حقل اجلليليّني"‪.‬‬
‫خادماً يوميّاً‪ .‬وقد أتى ّ‬
‫ك تتأ ّمل‪»...‬‬
‫«ولكنّ َ‬
‫«كثرياً‪ ،‬اي معلّم! هذان الساقان‪»...‬‬

‫كنت سآيت بسرعة‪»...‬‬


‫أتيت! أان ُ‬
‫«و َ‬
‫أحترق لذلك منذ أشهر‪ .‬رسالة! أيّة رسالة‬ ‫‪.‬‬‫ا‬
‫ً‬‫ري‬ ‫كث‬ ‫قين‬ ‫«ولكن عجلَيت ألخربك بفرحي كانت تُ ِ‬
‫ره‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫ميكنها التعبري عن أمر كهذا؟ وأان مل يكن إبمكاين االنتظار أكثر‪ ...‬هل ستأيت إىل بيت عنيا؟»‬

‫بكل أتكيد‪ .‬بعد العيد مباشرة‪».‬‬


‫« ّ‬
‫أحر ِمن اجلَّمر‪ ...‬تلك اليواننيّة‪ ...‬اي لتلك الروح! إنّين أحت ّدث إليها‬
‫ينتظرك على ّ‬
‫َ‬ ‫«وهناك َمن‬
‫كثرياً‪ ،‬وهي متعطّشة لالستعالم عن هللا‪ .‬ولكنّها ُمث ّقفة ج ّداً‪ ...‬وأان أبقى قصري الباع‪ ،‬فبعض األمور‬
‫أنت‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ال أعرفها جيّداً‪ .‬ال ب ّد من أن تكون َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 494 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫علي‪ .‬سوف تفرح‬
‫«وسآيت‪ .‬اآلن هيّا بنا نُالقي مكسيمني‪ ،‬وبعد ذلك أرجوك أن َحت ّل ضيفاً َّ‬
‫الصيب‪».‬‬ ‫مع‬ ‫قليل‬ ‫بعد‬ ‫آتية‬ ‫ا‬ ‫إّن‬
‫ّ‬ ‫احة‪.‬‬
‫ر‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫برؤيتك‪ ،‬وستأخذ أنت قِسطاً ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫أ ُّمي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ويُوايف يسوع مكسيمني الذي ُيثو ليُحيّيه‪...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 495 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫روون ليسوع ما فعلوه)‬


‫‪( -144‬االثنان والسبعون يَ ُ‬
‫‪1945 / 09 / 19‬‬

‫األول (أكتوبر) الصافية‪ ،‬يَعود االثنان والسـبعون مع إيلي‬ ‫أثناء َغ َسق طويل ألحد ّأايم تشرين ّ‬
‫الرعاة الثالثة ُسعداء لكوّنم قد أصبَحوا‬ ‫ويوسف وليفي‪ ،‬تَعِبني‪ ،‬يكسوهم الغبار‪ ،‬إّّنا ُسعداء للغاية! و ُّ‬
‫أحراراً خلدمة املعلّم‪ .‬سعداء كذلك لكوّنم‪ ،‬بعد انفصال دام سنوات كثرية‪ ،‬عادوا لالنضمام إىل ِرفاق‬
‫مهمة رسوليّة هلم‪ .‬الوجوه تُ ِش ّع أكثر من املصابيح‬
‫ّأايم زمان‪ .‬االثنان والسبعون ُسعداء الختبارهم ّأول ّ‬
‫احلجاج‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصغرية اليت تُنري األكواخ املبنيّة هلذا العدد من َجوع ّ‬
‫ساعدها يف إعداد العشاء‪ .‬وحوهلما‬ ‫كوخ يسوع يف الوسط‪ ،‬وأدىن منه كوخ مرمي ومرغزايم الذي ي ِ‬
‫ُ‬
‫الر ُسل‪ .‬مرمي اليت حللفا يف كوخ يعقوب ويوضاس؛ مرمي صالومي وزوجها يف كوخ يوحنّا ويعقوب؛‬ ‫أكواخ ُّ‬
‫فعلي‪ ...‬بل إّّنا ال ب ّد‬
‫ويف الكوخ اجملاور سوسن مع زوجها الذي ال هو رسوالً وال تلميذاً‪ ...‬بشكل ّ‬
‫ض بقائه هناك‪ ،‬وذلك ألنّه َمسَ َح المرأته أبن تكون ب ُكلِّيتها ليسوع‪ُ .‬ثّ َحوَهلا أكواخ التالميذ‪،‬‬‫أنَّه قد فَـَر َ‬
‫نضموا إىل‬
‫ومن ليس لديهم‪ .‬والذين مبفردهم‪ ،‬وهؤالء ُهم األكثر عدداً‪ ،‬كانوا قد ا ّ‬ ‫َمن لديهـم عائالت َ‬
‫األندوري مع هرمست املنعزل‪ ،‬الذي كان قد َسعى كي يكون أقرب ما ميكن ِمن‬ ‫ّ‬ ‫رفيق أو أكثر‪ .‬يوحنّا‬
‫كوخ يسوع‪ ،‬بشكل أن مارغزايم يَذهب إليه غالباً‪ ،‬حامالً له هذا الغرض أو ذاك‪ ،‬أو ُمف ِرحاً ّإايه‬
‫ذكي‪ ،‬والسعيد لكونه مع يسوع ومرمي وبطرس‪ ،‬ويف ِعيد‪.‬‬ ‫آبرائه‪ ،‬آراء طفل ّ‬
‫يتوجه يسوع إىل منحدرات بستان الزيتون يتبعه التالميذ َجاعات‪ .‬يف َمعزل عن‬
‫بعد العشاء‪ّ ،‬‬
‫قصون على يسوع بتفصيل أكثر ممّا كانوا‬ ‫صلّوا بشكل َجاعي‪َّ ،‬‬
‫فإّنم يَ ّ‬ ‫الضوضاء واجلموع‪ ،‬وبعد أن َ‬
‫ّ‬
‫وَميئهم‪.‬‬
‫قد فَـ َعلوا سابقاً‪ ،‬وسط َرواح اجلموع َ‬
‫ّإّنم مندهشون وفَ ِرحون حينما يقولون‪« :‬هل تَعلَم‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬أ ّن ليست األمراض فقط‪ ،‬بل‬
‫أنت‬ ‫ِ‬
‫ك َ‬ ‫جملرد أنّ َ‬
‫امسك؟ اي له من أمر‪ ،‬اي معلّم! حنن‪ ،‬حنن املساكني‪ّ ،‬‬
‫بقوة َ‬
‫ض َعت لنا ّ‬‫الشياطني أيضاً َخ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 496 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َرسلتَنا‪ ،‬كنا نتم ّكن ِمن حترير اإلنسان ِمن ُسـلطان الشـيطان املريع!‪ »...‬ويَ ُروون األحداث الكثرية اليت‬
‫أ َ‬
‫صلَت هنا وهناك‪َ .‬ح َدث واحد فقط قالوا عنه‪« :‬األهل‪ ،‬أو ابألحرى أ ُّمه واألقارب‪َ ،‬جلَبوه لنا‬ ‫َح َ‬
‫دت هنا إبرادته‪ ،‬بعد أن طََرَدين يسـوع الناصري‪ ،‬ولن‬ ‫ِ‬
‫لكن الشيطان َسخر منّا قائالً‪" :‬لقد عُ ُ‬
‫ُمر َغماً‪ ،‬و ّ‬
‫ع الرجل ممّن كان‬‫عين"‪ ،‬وفجأة‪ ،‬وبقوة هائلة‪ ،‬انتَـَز َ‬
‫ث ّ‬‫أتركه أبداً ألنّه ُيبّين أكثر ِمن معلّمكم‪ ،‬وقد َحبَ َ‬
‫هوة‪ .‬ركضنا لنرى إذا ما كان قد ُك ِسَر له شيء ما‪ .‬ولكن ال! كان َُيري ِمثل‬ ‫ُميسك به ورماه أسفل ّ‬
‫ِ‬
‫ظَبية فتيّة ُمطلِقاً الشتائم والسخرايت‪ ،‬وهي ابلتأكيد ليست ِمن هذه األرض‪ ...‬لقد أش َفقنَا على‬
‫يتصرف هكذا؟»‬
‫األ ُّم‪ ...‬إّّنا هو! إّّنا هو! آه! هل ميكن للشيطان أن ّ‬
‫حّت أكثر‪ ».‬يقول يسوع وهو حزين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«إبمكانه فعل ذلك‪ ،‬بل ّ‬
‫كنت هناك‪»...‬‬
‫ك لو َ‬
‫« ُُيتَ َمل أنّ َ‬
‫الشر وأراد ذلك‪.‬‬‫لت له‪" :‬اذهب وال تَـعُد ُُتطئ"‪ .‬وهو أراد ذلك‪ .‬كان يَعلَم أنّه يريد ّ‬ ‫«لقد قُ ُ‬
‫املبدئي‪ ،‬والذي يستسـلم لالستحواذ‪ ،‬عالِماً‬‫ّ‬ ‫حوذ عليه بسبب جهله‬ ‫لقد ضاع‪ .‬هناك فرق بني َمن يُستَ َ‬
‫أنّه بِِفعله هذا يبيع نفسه للشيطان ِمن جديد‪ .‬ولكن ال تتح ّدثوا عنه‪ .‬إنّه عُضو َمبتور‪ ،‬دون رجاء‪ .‬إنّه‬
‫الرب لالنتصارات اليت َم َّن هبا علينا‪ .‬إنّين أعرف اسم اخلاطئ‬‫للشر مبشيئته‪ .‬فلنُسبِّح ابألحرى ّ‬ ‫ُمريد ّ‬
‫أيت الشيطان يسقط كالصاعقة بفضل جدارتكم اليت َّاحتَ َدت مع امسي‪.‬‬ ‫وأعرف أمساء املخلَّصني‪ .‬وقد ر ُ‬
‫ألنّين رأيت تضحياتكم وصلواتكم واحلب الذي م َأل قلوبكم بينما أنتم ماضون إىل البؤساء لِت ِ‬
‫نجزوا ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فعلون‪ ،‬ولكنّهم‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫آخرون‬ ‫ل‬ ‫فع‬ ‫ي‬ ‫سوف‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫م‬ ‫كك‬‫ابر‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫حبب‬ ‫فتم‬‫تصر‬ ‫لقد‬ ‫عله‪.‬‬ ‫طلبت منكم فِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فرحوا إبخضاع األرواح‪ ،‬ولكن‬ ‫ب‪ .‬ولن يهتدي أحد على أيديهم‪ ...‬حينئذ‪ ،‬ال تَ َ‬ ‫سيفعلونه بدون ُح ّ‬
‫افرحوا أل ّن أمساءكم َمكتوبة يف السماء‪ .‬فال َّت َعلوها ُمتحى ِمن هناك‪»...‬‬

‫لئك الذين لن يَهتَدي أحد على‬


‫«اي معلّم‪ »،‬يقول أحد التالميذ‪ ،‬ال أعرف امسه‪« ،‬مّت أييت أو َ‬
‫أيديهم؟ هل ُُيتَمل أن يكون ذلك عندما ال تَعود معنا؟»‬

‫كل وقت‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬اي أغابّو‪ ،‬يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 497 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت يف حني تُعلِّمنا ُ‬
‫وحتبّنا؟»‬ ‫«كيف؟ ّ‬
‫عين‪ .‬سوف‬
‫حّت ولو كنتم بعيدين ّ‬
‫للحب فسأحبّكم على الدوام‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫حّت حينذاك‪ .‬و ّأما ابلنسبة‬‫« ّ‬
‫حتسون به‪».‬‬ ‫وسوف‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫دائم‬ ‫إليكم‬ ‫حيب‬ ‫ل‬ ‫يِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كنت فيه حزيناً ألنّين مل أكن أدري مبا أجيب‬ ‫حلقيقي‪ .‬لقد اختربتُهُ ذات مساء ُ‬
‫ّ‬ ‫«آه! إن ذلك‬
‫كالمك‪:‬‬
‫َ‬ ‫تذكرت‬
‫ُ‬ ‫كنت ُم ِزمعاً على اهلروب ِمن ش ّدة خجلي‪ ،‬ولكنّين‬
‫علي سؤاالً‪ُ .‬‬
‫أحدهم وقد طََر َح َّ‬
‫بكل‬
‫قلت‪" :‬يسوع ُيبّين ّ‬ ‫ك بروحي‪ُ .‬‬ ‫ود َعوتُ َ‬
‫"ال ُتافوا‪ .‬فما ُيب أن تقولوه يُعطى لكم يف حينه"‪َ ،‬‬
‫ب‪ِ ،‬مثل انر‪ ،‬نور‪ّ ...‬قوة‪ ...‬الرجل الذي كان يواجهين‬ ‫أتكيد‪ .‬فأُاندي حبّه لنجديت"‪ .‬وقد وافاين احلُ ّ‬
‫الحظين وكان يسـتهزئ يب‪ ،‬بته ّكم‪ ،‬ويَغمز أصدقاءه‪ .‬لقد كان متأ ّكداً ِمن فوزه يف النقاش‪.‬‬ ‫كان ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فتحت فَمي‪ ،‬وكان سيل من الكالم َخي ُرج بَِفرح من فمي األبله‪ .‬اي معلّم‪ ،‬هل َ‬
‫أتيت ح ّقاً أم كان َوِهاً؟‬ ‫ُ‬
‫أان ال أعرف‪ .‬ما أعرفه هو أ ّن الرجل‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬وقد كان أحد ال َكتَـبَة الشباب‪ ،‬قد ألقى بذراعيه على‬
‫قاد َك إىل هذه احلكمة‪ .‬وكان يبـدو يل أنّه راغب يف‬ ‫أنت ومغبوط الذي َ‬ ‫عنقي وهو يقول‪" :‬مغبوط َ‬
‫عنك‪ .‬هل سيأيت؟»‬‫البحث َ‬
‫«فِكر اإلنسان غري اثبت ككلمة مكتوبة على املاء‪ ،‬وإرادته مضطربة كجناح السنونو الطائر‬
‫ومعك‬
‫َ‬ ‫ص ِّل ِمن أجله‪ ...‬نعم‪ .‬أان َمن أتى َ‬
‫إليك‪.‬‬ ‫أنت‪َ ،‬‬ ‫للحصول على وجبة النهار األخرية‪ .‬ولكن َ‬
‫الحظَين البعض والبعض‬
‫األندوري ومسعان وصموئيل ويوان‪َ .‬‬‫ّ‬ ‫مّت وتيمون ويوحنّا‬
‫علي أيضاً ّ‬
‫ص َل َّ‬
‫َح َ‬
‫احلق إىل آخر الدهور‪».‬‬ ‫اآلخر ال‪ .‬ولكنّين كنت معكم‪ .‬وسأكون مع من َخي ِ‬
‫ابحلب و ّ‬
‫ّ‬ ‫مين‬‫د‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬مل تَـ ُقل لنا بعد إذا ما كان بَني احلاضرين َمن سوف يَكونون بدون ُح ّ‬
‫ُيب هلو‬
‫«معرفة ذلك ليست ضروريّة‪ .‬فإ ّن إظهار أيّة إشارة احتقار ّتاه رفيق ال يعرف أن ّ‬
‫احلب‪».‬‬
‫مين يف ّ‬
‫دليل على تقصري ّ‬
‫إبمكانك أن تقول هذا‪»...‬‬
‫َ‬ ‫«ولكن هل يوجد؟‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 498 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ع‪ ،‬فإنّه‬
‫حّت ولو ُزر َ‬
‫احلب هو الشيء األكثر بسـاطة‪ ،‬األكثر رقّة واألكثر نُدرة‪ .‬وهو ّ‬
‫«يوجد‪ّ .‬‬
‫ال ينبت على الدوام‪».‬‬

‫ك؟» على هذا فإ ّن ُسخطاً يبدو اآلن بني ا ُّلر ُسل‬


‫ك حنن فَ َمن ميكنه أن ُيبّ َ‬‫«ولكن لو مل حنبّ َ‬
‫يهزهم األمل والريبة‪.‬‬
‫والتالميذ الذين ّ‬
‫حّت إنّه ُخيفي نَظََره لكيال يُعطي إشارة‪ .‬ولكنّه يقوم بِِفعل ِملؤه االستكانة‬
‫يُغمض يسوع عينيه‪ّ .‬‬
‫ِ‬
‫ذعن‪َ ،‬حت ُّقق ُمستكني‪ ،‬ويقول‪« :‬ال ب ّد أن يكون هذا‪.‬‬‫والرقّة واحلزن بفتحه َك َّفيه إىل اخلارج‪ ،‬فِعل بوح م ِ‬
‫َ ُ‬
‫ُشفق عليهم »‬‫كثريون ما يزالون ال يعرفون أنفسهم‪ ،‬أما أان‪ ،‬فإنّين أعرفهم وأ ِ‬
‫ّ‬
‫«آه! اي معلّم‪ ،‬اي معلّم! ولكن لن أكون أان هو‪ ،‬أليس كذلك؟» يَسـأل بطرس‪ ،‬وهو ذاهب إىل‬
‫يت‬
‫صَر املسكني مرغزايم بينه وبني املعلّم‪ ،‬وواضعـاً ذراعيه القصريتني ومفتول ّ‬
‫جانب يسوع‪ ،‬وقد َه َ‬
‫ويهزه‪ ،‬وقد ُج َّن ُرعباً ِمن أن يكون هو أحد الذين ال ُُيبّون‬
‫العضالت على كتفي يسوع الذي ميسـكه ّ‬
‫يسوع‪.‬‬

‫السائِل واخلائف‪ ،‬ويقول‬


‫الرباقتني ومع ذلك حزينتني‪ ،‬ويَنظُر إىل وجه بطرس َّ‬‫يَفتَح يسوع عينيه ّ‬
‫ب‪ ،‬وسوف تَع ِرف على الدوام أن ُحت ّ‬
‫ب‬ ‫ك تَع ِرف أن ُحت ّ‬
‫أنت‪ .‬فإنّ َ‬
‫لست َ‬ ‫له‪« :‬ال‪ ،‬اي مسعان بن يوان‪َ .‬‬
‫علي‪ ،‬وأان واثق‬ ‫ِ‬
‫األعز َّ‬
‫أنت صخريت‪ ،‬اي مسعان بن يوان‪ ،‬صخرة صاحلة‪ .‬وعليها سأُسند األشياء ّ‬ ‫أكثر‪َ .‬‬
‫ك ستحميها دون أن تَع ِرف اضطراابً‪».‬‬
‫أنّ َ‬
‫وترتدد األسئلة كالصدى ِمن فم إىل فم‪.‬‬
‫«إذن أان؟»؛ «أان؟»؛ «أان؟» َّ‬

‫احلب َجيعكم‪».‬‬
‫«هدوء! هدوء! ابقوا هادئني‪ ،‬واجتهدوا على أن متتلكوا ّ‬
‫ُيب أكثر ِمن اجلميع؟»‬ ‫ِ‬
‫«ولكن َمن منّا يَعرف أن ّ‬
‫ُُييل يسوع نَظََره يف اجلميع ابلتَّتابُع‪ُ :‬مالطَفة ابمسة‪ُ ...‬ثّ َخيفض نَظََره على مرغزايم الذي ما‬
‫ومديراً وجه الطفل صوب اجلمع الصغري‪ ،‬يقول‪« :‬ها هو الذي يعرف‬ ‫زال ُمصوراً بينه وبني بطرس‪ُ ،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 499 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أضحت لكم حلى على وجناتكم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُيب أكثر من َجيعكم‪ .‬الطفل‪ .‬ولكن ال ترّتفوا أنتم اي َمن َ‬ ‫أن ّ‬
‫وسبِّحوا هللا‬ ‫فضية يف شعركم‪ .‬فَمن يولَد َّ ِ‬
‫يف من جديد يُصبِح "طفالً"‪ .‬آه! امضوا بسالم! َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وحّت خيوط ّ‬ ‫ّ‬
‫الرب‪ .‬مغبوطون هم أولئك الذين َس َريون ما تَـَرون‪.‬‬ ‫الذي دعاكم‪ ،‬فإنّكم تَـَرون حقيقة أبعينكم ُمعجزات ّ‬
‫ذلك أنّين أؤّكد لكم أ ّن أنبياء كثريين وملوكاً قد َر ِغبوا حبرارة أن يَروا ما تَـَرون ومل يَروا‪ ،‬وأحباراً كثريين‬
‫سمعون ومل يسـتطيعوا سـماعه‪ .‬إّّنا مع‬ ‫أرادوا معرفة ما تَعرفون ومل يَعرفوا‪ ،‬وأبراراً كثريين أرادوا مساع ما تَ َ‬
‫كل شيء‪».‬‬ ‫ذلك فإ ّن الذين سيحبّونين سيعرفون ّ‬
‫«وبعد ذلك؟ مّت ستمضي كما تقول؟»‬

‫عين‪ُ .‬ثّ‪ ...‬آه! اجلموع العظيمة‪ ،‬ليس ابلعدد‪ ،‬بل بِنِعمة الذين‬ ‫عون‬ ‫«بعد ذلك سوف تُدافِ‬
‫ّ‬
‫سمعون‪ ،‬ما تَـَرونه اآلن وتعرفونه وتسمعونه! آه! اجلموع العظيمة‪ ،‬اجلموع‬ ‫سوف يـََرون‪ ،‬يَع ِرفون ويَ َ‬
‫احملبوبة‪َ ،‬جوعي "الصغار‪-‬الكبار! عيون أزليّة‪ ،‬أرواح أزليّة‪ ،‬وآذان أزليّة! كيف أشرح لكم‪ ،‬اي َمن‬
‫ُحتيطون يب‪ ،‬ماذا يعين أن َُي ََي املرء بطريقة أزليّة‪ ،‬بل أكثر ِمن أزليّة‪ ،‬بال قياس‪ ،‬أولئك الذين سيحبّونين‬
‫حّت ولو ُهم يعيشون يف زمن ال تعود‬ ‫حّت إبطال الزمن‪ ،‬وسـوف يكونون "سـ ّكان إسرائيل" ّ‬ ‫وسأحبّهم ّ‬
‫فيه إسرائيل ِسوى ِذكرى أ ُّمة‪ ،‬وسيكونون معاصري يسوع الذي يعيش يف إسرائيل‪ .‬وسوف يكونون‬
‫أي اسم سـوف أُطلِق عليهم؟ أنتم ُر ُسـل وأنتم‬ ‫حّت معرفة ما ُماه الزمن وما بَلبَـلَه الكربايء‪ّ .‬‬‫ويف‪ّ ،‬‬‫معي َّ‬
‫سمون "مسيحيّني"‪ .‬وهؤالء؟ ماذا سـيكون امسهم؟ سـيكون امساً غري معروف‬ ‫تالميذ‪ّ ،‬أما املؤمنون فسيُ ّ‬
‫كل شيء‪،‬‬ ‫جسدي‪.‬‬ ‫ارة‬
‫ر‬ ‫ح‬ ‫يت‪،‬‬ ‫م‬ ‫ّإال يف السماء‪ .‬أية مكافأة سيجزون هبا منذ هذه األرض؟ قُبلَيت‪َ ،‬كلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫االحتاد الكامل…‬‫وهم أان‪ّ .‬‬ ‫كل شيء‪ ،‬كلّي أان ذايت‪ .‬فأان ُهم‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اذهبوا‪ .‬أما أان فسـأبقى أُمتِّع نفسـي بتأمل الذين سـوف يَعرفونين يف املسـتقبل وُيبونين بدون‬
‫َحت ُّفظ‪ .‬السالم معكم‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 500 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫املظال)‬
‫ّ‬ ‫‪( -145‬يف اهليكل‪ ،‬من أجل عيد‬

‫‪1945 / 09 / 20‬‬

‫يتوجه يسـوع إىل اهليكل‪ .‬يَسبقه التالميذ َجاعات‪ ،‬وتتبعه النسـوة التلميذات َجاعة‪ :‬أ ُّمه‪ ،‬مرمي‬
‫ّ‬
‫لكالواب‪ ،‬مرمي صالومي‪ ،‬سوسن‪ ،‬حنّة قوزى‪ ،‬إليز ‪ Elise‬بيت ساحور‪ ،‬أانليا أورشليم‪ ،‬مرات‬ ‫ّ‬ ‫اليت‬
‫الر ُسل االثين عشر ومرغزايم ُُييطون بيسوع‪.‬‬
‫ومرسيل‪ .‬مرمي اجملدليّة ليست هناك‪ُّ .‬‬
‫كل املناطق‪ .‬تراتيل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أورشليم يف بذخ أايم عيدها االحتفايل‪ .‬أُانس على الطرقات َجيعها‪ِ ،‬‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫كل هذا‪ ،‬مساء ُمشـ ِرقة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلوات َمهموسة‪ ،‬لَعنات للحمري‪ ،‬بعض من بكاء األطفال‪ ،‬وفوق ّ‬ ‫عظات‪َ ،‬‬
‫ظهر بني البيوت‪ ،‬ومشس َهتبط فَ ِرحة لتجعل ألوان الثياب أكثر نُضرة‪ ،‬لتُثري األلوان امليتة للتعريشات‬
‫تَ َ‬
‫واألشجار اليت تُرى هنا وهناك خلف جدران احلدائق املغلقة أو الش ُُّرفات‪.‬‬

‫أقل إجالالً حسب َمزاج‬ ‫ِ‬


‫يُصادف يسوع أحياانً أشخاصاً من معارفه‪ ،‬والسالم يكون أكثر أو ّ‬
‫تفضالً‪ ،‬سالم َجالئيل‪ .‬فيُح ِّدق هذا األخري إبتيان الذي‬ ‫الذي يُصادفه‪ .‬وهكذا كان عميقاً‪ ،‬إّّنا ُم ّ‬
‫يبتسم له ِمن بني َجاعة التالميذ‪ ،‬وبعد أن ينحين أمام يسوع‪ ،‬يُناديه َجالئيل على ِحدة ويقول له‬
‫كالواب‬
‫فعم احرتاماً هو سالم رئيس اجملمع العجوز ّ‬ ‫بعض الكلمات‪ ،‬يعود بعدها إتيان إىل َجاعته‪ُ .‬م َ‬
‫يتوجه مع أبناء بلدته إىل اهليكل‪ّ .‬أما َرّد التحيّة على يسوع ِمن قِبَل ّفريسيّي كفرانحوم‬
‫عماوس‪ ،‬الذي ّ‬
‫فكان قاسياً كاللَّعنة‪.‬‬

‫المسوا‬
‫حّت َ‬
‫فالحو جيوقاان‪ ،‬وقد أتى هبم القائم على األمالك‪ ،‬فكان سالمهم أن َجثوا ّ‬ ‫ّأما ّ‬
‫قدمي يسوع‪ .‬يتوقّف اجلمع لريى بدهشـة َمموعة الرجال هذه الذين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تراب الطريق بينما ُهم يُقبّلون ّ‬
‫وهم يَهتفون عند أقدام شاب ليس ّفريسيّاً وال كاتباً مشهوراً‪ ،‬وال رجل‬
‫فرتق طُرق‪ ،‬يتدافعون ُ‬
‫عند ُم ََ‬
‫بالط ذا سلطان‪ ،‬ويَسأل أحدهم َمن يكون‪ .‬وينتشر اهلمس‪« :‬إنّه رايب الناصرة‪ ،‬الذي يُقال عنه إنّه‬
‫ماسيا‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 501 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ُمهتدون ُج ُدد ووثنيّون ُُييطون به آنذاك بفضول‪ ،‬دافعني اجملموعة إىل اجلِّدار‪ ،‬وقد َخلَقوا‬
‫لكن اجلمع يعود‬ ‫ِ‬
‫حّت َّفرقَهم َرهط من احلمري وهم يَلعنون اإلعاقة‪ .‬و ّ‬ ‫ازدحاماً يف الساحة الصغرية‪ّ ،‬‬
‫فرقني النسـاء عن الرجال‪ُ ،‬ملِ ّحني‪ ،‬فَظّني يف بوادر إمياّنم‪ .‬اجلميع‬ ‫للتجمع ِمن جديد دون أتخري‪ُ ،‬م ِّ‬
‫ّ‬
‫يريدون أن يَلمسوا ثياب يسوع‪ ،‬أن يقولوا له كلمة‪ ،‬أن يَسألوه‪ .‬إنّه جلهد ضائع‪ ،‬أل ّن َع َجلَتهم ذاهتا‪،‬‬
‫أي واحد‬ ‫يؤدي إىل عدم جناح ّ‬ ‫كل هذا ّ‬ ‫وهم يتدافعون‪ّ ،‬‬ ‫قَـلَقهم‪ ،‬حركاهتم لالنتقال إىل الصفوف األوىل‪ُ ،‬‬
‫وحّت األسئلة واألجوبة تذوب يف ضوضاء ُم َبه َمة‪.‬‬
‫يف ذلك‪ّ ،‬‬
‫الوحيد الذي يَنتَ ِزع نفسـه من هذا املشهد هو ج ّد مرغزايم الذي ُُييب بصيحة على صيحة‬
‫الصيب إىل قلبه‪ ،‬وإذ هو على تلك احلال مرتكزاً‬‫ّ‬ ‫يضم‬
‫حفيده‪ ،‬وحاالً‪ ،‬بعد أن ُُييّي املعلّم إبجالل‪ّ ،‬‬
‫يتأمله ويداعبه بدموع وقُبالت فَ ِرحة‪ ،‬يَسأله ويَسمعه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫على عقبيه وركبتاه إىل األرض‪ُُ ،‬يلسه يف حضنه‪ّ ،‬‬
‫لقد أصبَ َح العجوز وكأنّه يف اجلنّة‪ ،‬لش ّدة سعادته‪.‬‬

‫هرع اجلنود الرومان لظنّهم أ ّن هناك مشكلة قائمة‪ ،‬ويَش ّقون هلم طريقاً‪ .‬ولكنّهم حينما يـََرون‬ ‫يَ َ‬
‫فرتق الطُّرق ّ‬
‫اهلام ُحّراً‪.‬‬ ‫يسوع‪ ،‬يبتسمون وينسـحبون هبدوء‪ُ ،‬مكتَفني بنصيحة الذين ُهم هناك برتك ُم ََ‬
‫احلرة اليت َخلَّفها جنود الرومان‪ ،‬الذين يَسبقونه بضعة‬ ‫ِ‬
‫ويُطيع يسوع عقب ذلك‪ ،‬مستفيداً من املساحة ّ‬
‫خطوات‪ ،‬كما لو كانوا يَفتحون له الطريق‪ ،‬لِيَعودوا يف احلقيقة إىل نوبة حراستهم‪ ،‬إذ إ ّن احلامية الرومانيّة‬
‫ُمكثَّفة ج ّداً‪ ،‬كما لو أ ّن بيالطس كان يَعلَم أ ّن هناك استياء بني اجلموع‪ ،‬وكما لو أنّه كان َخيشـى‬
‫كل األصقاع‪.‬‬ ‫ن‬ ‫انتفاضة يف تلك األايم اليت تعج فيها أورشليم ابليهود القادمني ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َجيل أن يُرى وهو يذهب‪ ،‬تسبقه املفرزة الرومانيّة‪َ ،‬ك َملِك ُخيلون له الطريق‪ ،‬بينما هو يزور‬
‫رجالك‪.‬‬
‫َ‬ ‫أرجوك أن ترتك يل‬
‫للصيب والعجوز أثناء تن ّقله‪« :‬ابقيا معاً واتبعاين‪ ».‬وللوكيل‪َ « :‬‬
‫ممتلكاته‪ .‬قال ّ‬
‫حّت املساء‪».‬‬
‫سيكونون يف ضيافيت ّ‬
‫كل شيء‪ ».‬وَميضي وحيداً بعد حتية بليغة‪.‬‬
‫ُُييب الوكيل ابحرتام‪ « :‬فليكن ما تشاء يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 502 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لقد أصبَ َح قريباً ِمن اهليكل‪ ،‬وما زال عجيج اجلموع أكثر كثافة‪ ،‬يف احلقيقة ُهم كالنمل قرب‬
‫فالحي جيوقاان‪« :‬هـا هو املعلّم!» وإذ يقتدي به اآلخرون‪ُ ،‬يثو‬ ‫ف أحد ّ‬ ‫املنملة (الوكر)‪ ،‬عندما َهتَ َ‬
‫الفالحني‪ ،‬أل ّّنم كانوا ُمتشدين حوله‪ ،‬ويدير نَظََره‬
‫على ركبتيه لتحيّته‪ .‬يبقى يسوع واقفاً وسـط َجاعة ّ‬
‫إيل‪ ،‬ولكنّين‬
‫يسي ثيابه فاخرة‪ ،‬وهو ليس جديداً ابلنسبة َّ‬ ‫فر‬ ‫نظرة‬ ‫ف‬ ‫صوب النقطة املشار إليها‪ .‬ي ِ‬
‫صاد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫يسي جيوقاان مع آخرين ِمن طَبَـ َقته‪ :‬كومة ِمن األقمشة الثمينة‪ ،‬أهداب‪،‬‬ ‫الفر ّ‬
‫لست أدري أين رأيتُه‪ّ .‬‬‫ُ‬
‫كل ذلك أبكثر إسهاابً ِمن املعتاد‪ُُ .‬ي ِّدق جيوقاان بيسوع‪ :‬نظرة فضول‬ ‫حلقات‪ ،‬أحـزمة ومتيمات‪ ،‬و ّ‬
‫حّت سالمه هو ابألحرى متكلِّف‪َُ :‬يين رأسه فقط‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حبت‪ ،‬ومع ذلك فهي ال ُتلو من االحرتام‪ .‬بل ّ‬
‫وحّت ّفريسيّان أو ثالثة ُُييّون‪ ،‬بينما آخرون ينظرون‬ ‫يرد عليه يسوع ابحرتام‪ّ .‬‬ ‫ولكنّه يبقى سالماً ّ‬
‫يتفوه بشتيمة‪ .‬هذا أكيد ألنّين أرى‬‫أبّنم يَنظُرون إىل جهة أخرى‪ ،‬وواحد فقط ّ‬ ‫ابحتقار‪ ،‬أو يتظاهرون ّ‬
‫صعق الذي َشتَ َم بنظرة‪ ،‬إنّه أكثر شباابً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحّت جيوقاان يلتَفت فجأة ليَ َ‬
‫الذين ُييطون بيسوع يَنتَفضون‪ّ ،‬‬
‫منه وتقاسيمه جليّة وقاسية‪.‬‬

‫الفالحون الكالم‪ ،‬يقول أحدهم‪« :‬إنّه دوراس‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬ذاك الذي‬
‫عندما متّ اجتيازهم واستطاع ّ‬
‫لعنك‪».‬‬
‫َ‬
‫لدي أنتم تباركونين‪ ».‬يقول يسوع هبدوء‪.‬‬
‫«دعه يفعل‪ ،‬فأان ّ‬
‫حّت يرفع‬
‫مناحني موجود مع آخرين‪ ،‬وهو يتّكئ على واجهة قنطرة مزخرفة‪ ،‬وما أن يَرى يسوع ّ‬
‫التقيتك!» ويُقبِل إىل يسوع‪ ،‬يتبعه ُمرافِقوه‪ُ .‬ييّيه‬
‫َ‬ ‫ذراعيه عالمة على فَـَرحه‪« :‬إنّه لَيوم ممتع‪ ،‬ألنّين‬
‫إبجالل حتت القنطرة املزخرفة الظليلة‪ ،‬حيث تر ّن األصوات كما لو أ ّّنا حتت قُـبّة‪.‬‬

‫العم سـمعان ويوسف‬


‫الرسوليّة ابنا ّ‬
‫مير أمام اجملموعة َّ‬
‫متاماً يف اللحظة اليت ُُييّيه فيها إبجالل‪ّ ،‬‬
‫مع آخرين ِمن الناصرة‪ ...‬وال يُلقون التحيّة‪ ...‬يَنظُر إليهم يسوع حزيناً ولكنّه ال يقول شيئاً‪ .‬يوضاس‬
‫يتأجج غيظاً‪ُ ،‬ثّ ميضي وهو َُيري‪ ،‬دون أن‬‫ويعقوب‪ ،‬وقد أُثريا‪ ،‬يتحاداثن فيما بينهما‪ .‬ويوضاس َّ‬
‫يتم ّكن أخوه ِمن األمساك به‪ .‬ولكن يسوع يعود فيناديه بلهجة ِآمرة‪« :‬يوضاس تعال هنا!» فيعود ابن‬
‫حلفا الثَّائِر إىل اخللف…‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 503 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«دعهم يَفعلون‪ .‬إ ّّنم َزرع مل يَطَله الربّيع بعد‪ .‬دعهم يف ظُلمة قساوهتم املتبلّدة‪ .‬ورغم ذلك فإنّين‬
‫حّت ولو أضحت قساوهتم تلك بصالبة حجر يشب يغلّف بذرة‪ .‬سـوف أفعل ذلك‬ ‫سوف أخرتقهم‪ّ ،‬‬
‫يف الوقت املناسب‪».‬‬

‫لكن بكاء مرمي اليت حللفا‪ ،‬احملزونة‪ ،‬يَر ّن أقوى ِمن إجـابة يوضاس بن حلفا‪ .‬األنني الطويل‬
‫و ّ‬
‫إلنسانة َمهيضة اجلَّناح…‬

‫جلي حتت القنطرة‬


‫لكن يسوع مل يلتفت إليها ليواسيها‪ ،‬رغم أ ّن ذاك األنني يَـر ّن بشكل ّ‬‫و ّ‬
‫يستمر يف حديثه مع مناحني الذي يقول له‪« :‬الذين معي ُهم‬
‫ّ‬ ‫مضاعف‪.‬‬
‫َ‬ ‫صدى‬ ‫املزخرفة‪ ،‬ممّا َُي َعل له َ‬
‫يتبعوك‪».‬‬
‫تالميذ ليوحنّا‪ .‬يريدون مثلي أن َ‬

‫وهم معي على الدوام‪.‬‬


‫مّت ويوحنّا ومشعون‪ُ ،‬‬ ‫«السالم للتالميذ الصاحلني‪ .‬هنا‪ ،‬يف املق ّدمة‪ّ ،‬‬
‫كل َمن أيتيين ِمن قِبَل السابق الق ّديس‪».‬‬ ‫ِ‬
‫استَقبلكم كما استقبلتُهم‪ ،‬فعزيز على قليب هو ّ‬
‫يوطي وسـمعان الغيور من أجل‬ ‫وبعد بلوغ سور اهليكل‪ ،‬يعطي يسوع أوامره إىل االسخر ّ‬
‫أنت اي َمن تنتمي هلذا املكان‪،‬‬
‫املشرتايت االعتياديّة والتَّقادم املألوفة‪ُ .‬ثّ ينادي الكاهن يوحنّا ويقـول‪َ « :‬‬
‫احلق‪ .‬إذ يف احلقيقة‪ ،‬ميكنين أن أحتفل هذا‬
‫هتتم بدعوة بعض الالويّني الذين تعرفهم أهالً ملعرفة ّ‬ ‫سوف ّ‬
‫العام بعيد سعيد‪ .‬ولن يكون يوم هبذا اللُّطف‪»...‬‬

‫«ملاذا اي معلّم؟» يَسأله الكاتب يوحنّا‪.‬‬

‫روحي‪».‬‬
‫«ألنكم َجيعكم حاضرون حويل بشكل منظور أو ّ‬
‫الرسول بشدة ويُ ّردد‬
‫«ولكنّنا سـنكون كذلك على الدوام! ومعنا آخرون كثريون‪ ».‬يؤّكد يوحنّا َّ‬
‫اجلميع ذلك‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 504 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صمت‪ ،‬بينما الكاهن يوحنّا ميضى مع إتيان إىل اهليكل لين ّفذ األمر‪ .‬ويناديه‬ ‫يبتسم يسوع ويَ ُ‬
‫يسوع ِمن اخللف‪« :‬وافِنا إىل رواق الوثنيّني‪».‬‬

‫حّت التقوا بنيقودميوس الذي ّأدى حتيّة عميقة‪ ،‬ولكنّه مل يقرتب ِمن يسوع‪.‬‬‫دخلون ّ‬‫ما كادوا يَ ُ‬
‫تباد َل مع يسوع ابتسامة طويلة وو ِادعة‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد َ‬
‫الصالة‬
‫هلن الوقوف فيه‪َ ،‬ميضي يسوع مع الرجال إىل َّ‬ ‫بينما توقّفت النساء يف املكان املسموح ّ‬
‫كل الطقوس لِيُالقي الذين ينتظرونه يف رواق الوثنيّني‪.‬‬
‫وُثّ يعود بعد أتدية ّ‬
‫املخصص لليهود‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫يف املكان‬

‫يتوجه يسوع‬ ‫ِ‬


‫األروقة الواسعة ج ّداً والعالية ج ّداً ممتلئة ابجلموع اليت تستمع إىل تعليم احلاخامني‪ّ .‬‬
‫ضرب يف احلال َحلَ َقة حوله‪،‬‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ني‪.‬‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫الرسولَني والتلمي َذين املرسلَني مسبقاً واقِ‬
‫صوب املكان الذي يرى فيه َّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫تعج ابلناس‪.‬‬
‫الر ُسل والتالميذ أشخاص آخرون عديدون كانوا هنا‪ ،‬وهناك يف ابحة املرمر اليت ّ‬ ‫وينضم إىل ُّ‬
‫ّ‬
‫تلقائي أو‬ ‫بشكل‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫أدري‬ ‫لست‬ ‫احلاخامني‪،‬‬ ‫تالميذ‬ ‫بعض‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ما‬ ‫الفضول‬ ‫ن‬ ‫ولقد كان ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اصة حول يسـوع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫رسلني من قبَل معلّميهم‪ ،‬يَدنون من احلَلَ َقة املرت ّ‬
‫ُم َ‬
‫يَسأَل يسوع فجأة‪« :‬ملاذا َحتتَ ِشدون حويل؟ قولوا‪ .‬لديكم حاخامون مشهورون وحكماء‬
‫ومعتََربون ِمن اجلميع‪ .‬بينما أان َمهول وال اعتبار يل‪ .‬ملاذا إذن أتتون َّ‬
‫إيل؟»‬

‫كالمك خيتلف عن كالم اآلخرين»‪،‬‬


‫َ‬ ‫ك‪ ».‬يقول البعض‪ ،‬ويقول آخرون‪« :‬أل ّن‬ ‫«ألنّنا حنبّ َ‬
‫وحدك كالم احلياة‬
‫عندك َ‬
‫عنك» و «ألن َ‬ ‫اتك» و «ألنّنا َِمسعنا األحاديث َ‬ ‫وآخرون أيضاً‪« :‬لرؤية معجز َ‬
‫تالميذك‪».‬‬
‫َ‬ ‫ننضم إىل‬ ‫أن‬ ‫يد‬
‫ر‬ ‫ن‬ ‫نا‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ً‬‫ا‬
‫ري‬ ‫أخ‬
‫و‬ ‫»‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫األق‬ ‫ق‬‫األبدية واألفعال اليت تُوافِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يَنظُر يسوع إىل الناس‪ ،‬طاملا هم يتكلّمون‪ ،‬كما لو أنّه كان يريد أن َخي َِرتقهم نَظَره ليقرأ انطباعاهتم‬
‫اخلفيّة‪ ،‬والبعض‪ ،‬إذ ال يستطيعون مقاومة تلك النَّظرة‪ ،‬يبتعدون أو َخيتَبِئون خلف عامود أو أانس‬
‫أضخم منهم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 505 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يُعا ِود يسـوع الكالم‪« :‬ولكن هل تَعلَمون ماذا يعين هذا‪ ،‬وماذا يرتتّب على َميئكم خلفي؟‬
‫تستحق أن ُُياب عليها‪ ،‬وأل ّن املتعطّش‬
‫ّ‬ ‫أريد أن أُجيب على هذه األقوال فقط‪ ،‬أل ّن أقوال الفضول ال‬
‫إيل‪ .‬ذلك أ ّن بني الذين تكلّموا هناك فِئَتان‪:‬‬
‫إىل كالمي مينحين ابلنتيجة حبّه ويرغب ابالنضمام ّ‬
‫صرامة‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫كل ما َخي ّ‬
‫املتطوعون (الراغبون) الذين أُعلّمهم دون مواربة ّ‬
‫الفضوليّون‪ ،‬وهؤالء ال أابيل هبم‪ ،‬و ّ‬
‫هذه الدعوة‪.‬‬

‫حب‬ ‫ِ‬
‫حيب أان‪ّ .‬‬ ‫حب وحيد‪ّ :‬‬ ‫احلب من أجل ّ‬ ‫كل أنواع ّ‬‫التجرد عن ّ‬
‫إيل كتلميذ‪ ،‬هذا يعين ّ‬ ‫اجمليء ّ‬
‫لألم‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫املق‬ ‫احلب‬ ‫للزوجة‪،‬‬ ‫يه‬
‫ز‬ ‫ـ‬‫ن‬‫ال‬ ‫احلب‬ ‫لطة‪،‬‬ ‫للس‬ ‫أو‬ ‫ات‬‫و‬‫للشه‬ ‫ات‪،‬‬ ‫و‬‫للثر‬ ‫الذات األانين‪ ،‬احلب ِ‬
‫اآلُث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق‬ ‫ِ‬
‫حليب‪ ،‬إذا ما أراد أحد أن يتبعين‪ّ .‬‬ ‫كل هذا أن يُذعن ّ‬ ‫احلب الودود لألبناء واإلخوة‪ ،‬على ّ‬
‫واألب‪ّ ،‬‬
‫حرية من‬ ‫أكثر‬ ‫السماء‪،‬‬ ‫يف‬ ‫قة‬ ‫أقول لكم إ ّن على تالميذي أن يكونوا أكثر حرية ِمن الطيور الـمحلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫هتب يف الفضاء‪ ،‬وال يستطيع أحد أن يضبطها‪ ،‬ال أحد وال شيء‪ .‬أحراراً دون قيود ثقيلة‪،‬‬ ‫الرايح اليت ّ‬
‫حّت خيوط العنكبوت الدقيقة للعوائق األكثر خ ّفة‪ .‬الروح كفراشة‬ ‫ي‪ ،‬دون ّ‬ ‫ماد ّ‬
‫حب ّ‬ ‫دون أحابيل ّ‬
‫انعمة ُمغلَقة ضمن شرنقة اجلسد الثقيلة‪ ،‬وقد يُ ِثقل طرياّنا أو يتوقّف متاماً‪ ،‬بفعل نسيج عنكبوت‬
‫كل شيء وبدون ُّ‬
‫حتفظ‪.‬‬ ‫دقيق ج ّداً‪ ،‬نسيج عنكبوت الشهوة‪ ،‬االفتقار إىل اجلُّود يف التضحية‪ .‬أان أريد ّ‬
‫الروح ُيتاج إىل هذا اجلُّود يف العطاء‪ ،‬ليتم ّكن ِمن التأ ّكد ِمن عدم البقاء سجني نسيج عنكبوت‬
‫الوحشي الذي هو‬‫ّ‬ ‫العواطف‪ ،‬العادات واألفكار واملخـاوف املمت ّدة مثل خيـوط ذلك العنكبوت‬
‫الشيطان‪ ،‬سارق النُّفوس‪.‬‬

‫وحّت‬
‫إيل وال َمي ُقت بقداسة أابه و ّأمه وزوجته وأوالده وإخوته وأخواته‪ّ ،‬‬ ‫إذا أراد أحد أن أييت ّ‬
‫"حسب تعليمه‬‫حياته‪ ،‬فال ميكنه أن يكون تلميذي‪ .‬قلت "َمي ُقت بقداسة"‪ .‬أنتم تقولون يف نفسكم‪َ :‬‬
‫هو‪ ،‬فال ُـمقت ال يكون أبداً مق ّدساً‪ .‬فهو يُناقِض نفسه إذن"‪ .‬ال‪ .‬فأان ال أُانقِض نفسي‪ .‬أقول أن‬
‫األم والزوجة واألوالد واإلخوة واألخوات واحلياة‬ ‫َمتقتوا ثِ‬
‫للحب ّتاه األب و ّ‬‫ّ‬ ‫اجلسدي‬
‫ّ‬ ‫امليل‬ ‫‪،‬‬ ‫احلب‬
‫ّ‬ ‫قل‬
‫ذاهتا‪ ،‬ولكن‪ِ ،‬من ِجهة أخرى‪ ،‬آمر مبحبة األهل واحلياة بتحرر رهيف كما الذي لألرواح‪ِ .‬‬
‫أحبّوهم يف‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تمني يف أن تقودوهم إىل حيث‬ ‫هللا ومن أجل هللا‪ ،‬غري جاعلني هللا يف املرتبة الثانية بعدهم مطلقاً‪ ،‬مه ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 506 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلق‪ .‬هكذا ُِحتبّون األهل وهللا بقداسة‪ ،‬موافقني بني احلبّني‪ ،‬جاعلني ِمن‬
‫ص َل التلميذ‪ ،‬أي إىل هللا ّ‬‫َو َ‬
‫حّت حياتكم‪ ،‬عليكم أن َمت ُقتوها ِمن‬
‫صلة الدم ال ثقالً‪ ،‬بل جنـاحاً‪ ،‬ال خطيئة‪ ،‬بل عدالً واستقامة‪ّ .‬‬
‫أجل أن تتبعوين‪َ .‬ميقت حياته ذاك الذي‪ ،‬دون خوف ِمن أن يَفقدها‪ ،‬أو أن ُيعلها حزينة بشرّايً‪،‬‬
‫كرسها خلدميت‪ .‬إّّنا ذلك ليس سوى ِشبه ُمقت‪ .‬شعور ُد ِع َي بطريقة غري صحيحة‪" :‬ال ُـمقت"‪ ،‬بتفكري‬ ‫يُ ِّ‬
‫األرضي بشكل حبت‪ ،‬األرقى ِمن الوحش بقليل‪ .‬يف‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان الذي ال يعرف أن يسمو‪ ،‬اإلنسان‬
‫احلسيّة‪ ،‬ملنح الروح حياة أعظم‬
‫احلقيقة إ ّن ذلك الـ ُمقت الظاهري الذي هو رفض إلرضاءات الوجود ّ‬
‫مسواً واألكثر مباركة يف الوجود‪.‬‬
‫احلب األكثر ّ‬
‫احلب‪ .‬إنّه ّ‬
‫على الدوام‪ ،‬إّّنا هو ّ‬
‫االهتامات واالفرتاءات‬
‫هذا الرفض للرغبات الدنيئة‪ ،‬حترمي املشاعر الشهوانيّة ذاك‪ ،‬خطر ّ‬
‫والعقوابت والطالق واللعنات واحتمال االضطهادات ذاك‪ ،‬ما هي ّإال آالم متالحقة‪ .‬إّّنا ُيب‬
‫للمضي ُم َّربرين صوب هللا‪ ،‬وهبا‬ ‫كل اخلطااي املاضية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫معانقتها وتقبّلها كصليب‪ ،‬كمشنقة تُعلق عليها ّ‬
‫ومن ال ُيمل‬ ‫ِ‬ ‫يكون احلصول ِ‬
‫كل النّعم احلقيقيّة والقادرة واملق ّدسة من أجل الذين حنبّهم‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫هللا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫صليبه ويتبعين‪َ ،‬من ال يعرف أن يفعل ذلك‪ ،‬ال ميكنه أن يكون تلميذي‪.‬‬

‫فَ ِّكروا يف ذلك كثرياً‪ ،‬كثرياً‪ ،‬أنتم اي َمن تقولون‪" :‬لقد أتينا ألنّنا نريد االنضمـام إىل تالميذك"‪.‬‬
‫"لست‬
‫ُ‬ ‫فليس ِمن العار‪ ،‬بل هو ِمن احلكمة أن يَِزن املرء نفسه وُياكم ذاته ويعلن لنفسه ولآلخرين‪:‬‬
‫أهالً ألن أكون تلميذاً"‪ .‬وماذا؟ فلدى الوثنيّني‪ ،‬يف أساس أحد تعاليمهم‪ ،‬ضرورة "معرفة الذات"‪،‬‬
‫وأنتم‪ ،‬أيّها اإلسرائيليّون‪ ،‬أال تعرفون فِعل ذلك ِمن أجل غزو السماء؟‬

‫إيل‪ ،‬وأن تبقوا أبناء‬ ‫ا‬


‫و‬ ‫أتت‬ ‫أال‬
‫ّ‬ ‫األفضل‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫إيل‬ ‫أيتون‬ ‫سوف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وتذ ّكروا على الدوام أ ّن طوىب لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أرسلَين‪.‬‬ ‫الشريعة كما أنتم حّت اآلن‪ِ ،‬‬
‫إيل لتخونوين أان‪ ،‬وُتونوا الذي َ‬‫ّ‬ ‫ا‬‫و‬‫أتت‬ ‫أن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫املسيحي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الويل ألولئك الذين‪ ،‬إذ يقولون‪" :‬إنّنا آتون"‪ ،‬يُسـيئون للمسـيح خبيانتهم للفكـر‬
‫بتشكيكهم الصغار‪ ،‬الناس النـزيهني! الويل هلم! ومع ذلك سيوجد منهم على الدوام‪ ،‬سيوجد منهم!‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 507 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وُيسب نقوده‪،‬‬‫اقتدوا إذن ابلذي يريد أن يَبين برجاً‪ .‬إنّه يَبدأ حبساب التكاليف الضروريّة بدقّة‪َ ،‬‬
‫يضطر إىل إيقاف األعمال بعد إجناز األساسات‬ ‫لريى ما إذا كان ميلك ما يكفي إلمتام البناء‪ ،‬كي ال ّ‬
‫لعدم كفاية املال‪ .‬يف هذه احلال‪ ،‬يكون قد فَـ َق َد ما كان ميلكه سابقاًكذلك‪ ،‬فيبقى بال برج وبال نقود‪،‬‬
‫ويف املقابل َُيلِب لنفسه سخرية الناس الذين يقولون‪" :‬لقد بدأ البناء ومل يتم ّكن ِمن اإلجناز‪ .‬اآلن‪،‬‬
‫يتم‪".‬‬
‫ميكنه أن ميأل معدته أبطالل بنائه الذي مل ّ‬
‫اقتدوا أيضاً مبلوك األرض‪ِ ،‬جبعل أحداث العامل الفقرية يف خدمة تعليم فائق الطبيعة‪ .‬فَـ ُهم عندما‬
‫كل شيء هبدوء وانتباه‪ ،‬مـا هلم ومـا عليهم‪ ،‬يُف ّكرون لَِريوا‬ ‫ِ‬
‫شن حرب على ملك آخر‪َ ،‬خيتَربون ّ‬ ‫يريدون ّ‬
‫درسون إمكانيّة اقتحام ذلك املكان‪ ،‬وإذا‬ ‫إذا ما كانت فائدة املعركة تستأهل التضحية حبياة العناصر‪ ،‬يَ ُ‬
‫حّت ولو كانوا أكثر قدرة على القتال‪ ،‬ميكنهم‬ ‫ِ‬
‫كانت جيوشهم اليت تُع ّد نصف عدد جيوش اخلصم‪ّ ،‬‬
‫املستبعد أن يتغلّب عشرة آالف على عشرين ألفاً‪ ،‬وقَبل‬ ‫َ‬ ‫ومف ِّكرين إبحكام أنّه ِمن‬‫إحراز النصر‪ُ ،‬‬
‫رسلون إىل اخلصم ُممثِّالً عنهم‪ُُ ،‬م ّملني ّإايه ابهلدااي الثمينة‪ ،‬وإذ يُه ِّدئون اخلصم الذي‬
‫حدوث املواجهة‪ ،‬ي ِ‬
‫ُ‬
‫الصداقة‪ ،‬ويُب ِّددون شكوكه‪،‬‬ ‫حتركات جيوش اآلخر‪ ،‬يَن َـزعون فتيل احلرب بشهادات َّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أصبح قَلِقاً ِ‬
‫م‬ ‫ََ‬
‫ويُوقِّعون معه معاهدة سالم‪ ،‬هي يف احلقيقة أفضل على الدوام من احلرب‪ ،‬إنسانيّاً كما هي كذلك‬
‫روحيّاً‪.‬‬

‫تتصرفوا قبل شروعكم يف احلياة اجلديدة ومواجهة العامل‪ .‬أل ّن هذا ما ينطوي‬
‫هكذا عليكم أن ّ‬
‫دوامة وعنف إغراء العامل واجلسد والشيطان‪ .‬وإذا مل تشعروا يف‬
‫املضي عكس ّ‬ ‫عليه كونكم تالميذي‪ّ :‬‬
‫إيل‪ ،‬ألنّكم ال تستطيعون أن تكونوا تالميذي‪».‬‬‫كل شـيء حبّـاً يب‪ ،‬فال أتتوا ّ‬
‫أنفسكم ابلشجاعة لنبذ ّ‬
‫ط ابجملموعة‪« ،‬ولكن إذا ُتلّينا عن‬ ‫َحد ال َكتَـبَة الذي اختَـلَ َ‬ ‫ِ‬
‫«حسناً‪ ،‬ما تقوله صحيح‪ ».‬يؤّكد أ َ‬
‫ُندمك فيما بعد؟ الشريعة لديها الوصااي اليت تُشبِه املال الذي يَ ِهبه هللا لإلنسان‬ ‫َ‬ ‫فبأي شيء‬
‫كل شيء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وحت ِّدد األب واأل ّم‬
‫كل شيء"‪ُ ،‬‬ ‫"ُتلّوا عن ّ‬ ‫يؤمن لنفسه احلياة األبديّة‪ .‬تقول‪َ :‬‬ ‫لكي‪ ،‬ابستخدامه‪ّ ،‬‬
‫خدمها‬ ‫والثروات واألمتيازات‪ .‬ومع أ ّن هللا هو الذي منح هذه األشياء وقال لنا‪ ،‬على فم موسى‪ ،‬أن نَست ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫كل شيء‪ ،‬فماذا تعطينا؟»‬ ‫ا‬‫من‬
‫ّ‬ ‫عت‬ ‫ز‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ن‬ ‫إذا‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫عيين‬ ‫يف‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫أب‬ ‫ر‬ ‫ظه‬ ‫ن‬‫بقداسة لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 508 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قلت ذلك أيّها الرايب‪ .‬أعطيكم مذهيب الذي ال يُ ِنقض حرفاً ِمن الشريعة‬
‫احلقيقي‪ ،‬وقد ُ‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫« ّ‬
‫كملها‪».‬‬
‫القدمية‪ ،‬بل على العكس يُ ّ‬
‫«إذن فجميعنا تالميذ متساوون‪ ،‬أل ّن لدى َجيعنا األشياء ذاهتا‪».‬‬

‫« ّإّنا لدى َجيعنا‪ ،‬حسب الشريعة املوسويّة‪ .‬وليس اجلميع حبسب الشريعة اليت َج َعلتُها أان‬
‫حّت‬
‫لكن اجلميع ال يَبلغون‪ ،‬يف هذه الشريعة‪ ،‬إىل َك ّم االستحقاقات ذاته‪ّ .‬‬‫احلب‪ .‬و ّ‬
‫كاملة حبسب ّ‬
‫كمية االسـتحقاقات ذاهتا‪ ،‬وكثريون منهم‪ ،‬ليس فقط‬ ‫يتوصل َجيعهم إىل احلصـول على ّ‬
‫تالميذي‪ ،‬فلن ّ‬
‫الكم‪ ،‬ولكنّهم سوف َخي َسرون ماهلم الوحيد كذلك‪ :‬نفسهم‪».‬‬
‫لن ُيصلوا على ذلك ّ‬
‫رسالتك‪،‬‬
‫َ‬ ‫ونك يف‬
‫وتالميذك‪ ،‬أو ابألحرى ُر ُسلك‪ ،‬يتبع َ‬
‫َ‬ ‫«كيف؟ فَمن أ ِ‬
‫ُعطي كثرياً يبقى له الكثري‪.‬‬ ‫َ‬
‫صلوا على الكثري‪،‬‬
‫وتالميذك الفعليّون َح َ‬
‫َ‬ ‫عملك‪ ،‬لقد انلوا الكثري الكثري‪،‬‬
‫وهم على اطّالع على أسلوب َ‬
‫تالميذك ابالسـم فقط‪ ،‬ومل َُيصلوا على شيء‪ ،‬أولئك الذين‪ِ ،‬مثلي‪ ،‬ال‬ ‫َ‬ ‫أقل منهم أولئك الذين ُهم‬‫و ّ‬
‫الر ُسل يف السماء على الكثري الكثري‪ ،‬والتالميذ الفعليّون على‬‫هي أن ُيصل ُّ‬ ‫يسمعونك ّإال اندراً‪ .‬فبدي ّ‬
‫َ‬
‫تالميذك ابالسم فقط‪ ،‬وال شيء ألولئك الذين مياثلونين‪».‬‬‫َ‬ ‫أقل منهم أولئك الذين هم‬ ‫الكثري‪ ،‬و ّ‬
‫بديهي‪ ،‬وسيّئ كذلك بشرّايً‪ .‬فليس اجلميع بَِقادرين على جعل اخلريات اليت انلوها‬
‫ّ‬ ‫«بشرّايً هذا‬
‫أتوسع هنا يف تعليمي‪ .‬إّّنا أان السـنونو املهاجر وال أقيم‬
‫كنت َّ‬ ‫ِ‬
‫تُثمر‪ .‬امسع هذا املثل‪ ،‬وساُمين إذا ما ُ‬
‫أتيت ِمن أجل العامل كلّه‪ ،‬وعامل هيكل بيت حلم الصغري هذا‪ ،‬ال‬‫ّإال قليالً يف بيت اآلب‪ ،‬ذلك أنّين ُ‬
‫يريدين أن أتوقّف عن الطريان‪ ،‬وأن أبقى حيث يناديين َمد اآلب‪».‬‬

‫«ملاذا تقول هذا؟»‬

‫ألّنا احلقيقة‪».‬‬
‫« ّ‬
‫يَنظُر الكاتب حوله‪ُ ،‬ثّ َخيفض رأسه‪ .‬إنّه يُدرك َّ‬
‫أبّنا احلقيقة فعالً‪ ،‬فإنّه يرى ذلك مكتوابً (ابدايً)‬
‫الفريسيّني‪ ،‬الذين َج َعلوا اجملموعة اليت حتيط بيسوع‬ ‫ِ‬
‫على كثري من وجوه أعضاء اجملمع واحلاخامني و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 509 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عادل كالم اللَّعنات والبُصاق‬‫تزداد اتّساعاً‪ .‬وجوه زرقاء ِمن الغيظ‪ ،‬أو محراء ِمن الغضب‪ ،‬نَظَرات تُ ِ‬
‫كل صوب‪ ،‬رغبة يف معاملة املسيح بوحشيّة‪َّ ،‬إّنا اليت ال تعدو عن كوّنا‬ ‫ن‬ ‫املسموم‪ِ ،‬حقد يتخمر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املودة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكم من الناس الذين ُُييطون ابملعلم ويكنّون له ّ‬
‫َمرد رغبة‪ ،‬بسبب اخلوف من ُك ّل ذلك ّ‬ ‫فقط ّ‬
‫الساهرة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫املتأهبني لفعل أي شيء يف سبيل محايته‪ ،‬وقد يكون ذلك بسبب اخلوف من عقاب روما‪ّ ،‬‬ ‫و ّ‬
‫اجلليلي الوديع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫على أمن املعلّم‬

‫يَعود يسوع هبدوء لِيَعرض فكرته عن طريق ال َـمثَل‪« :‬كان رجل على وشك القيام برحلة طويلة‪،‬‬
‫فضة‪،‬‬
‫كل ما ميلك‪ .‬أعطى الواحد مخس وزانت ّ‬ ‫ع لديهم ّ‬ ‫أود َ‬
‫والغياب مل ّدة طويلة‪ََ ،‬جَ َع ُخ ّدامه َجيعهم و َ‬
‫ومهارته‪ُ .‬ثّ َمضى‪.‬‬
‫كالً حسب َمواهبه َ‬
‫وأعطى آخر وزنتني‪ ،‬وأعطى اثلثاً وزنة واحدة ذهباً‪ّ .‬‬

‫واتجَر بوزانته‪ ،‬وبعد بعض‬ ‫ِ‬


‫الفضة اخلمس‪َ ،‬مضى َ‬ ‫ص َل على وزانت ّ‬ ‫ومن َُثَّ‪ ،‬اخلادم الذي َح َ‬
‫وضاع َفها‪ّ ،‬أما الذي أعطاه‬ ‫الوقت‪َ ،‬رِحبَت مخس وزانت أخرى‪ .‬والذي أ َ‬
‫َخ َذ الوزنتني فَـ َع َل الشيء ذاته َ‬
‫املعلّم وزنة الذهب اخلالص‪ ،‬إذ َشلَّه اخلوف ِمن أن ال ُُييد التصرف‪ ،‬واخلوف ِمن اللصوص ِ‬
‫ومن أَلف‬ ‫ّ‬
‫وخبَّأ فيها مال سيده‪.‬‬
‫فرة كبرية يف األرض َ‬ ‫خاص بسبب الكسـل‪َ ،‬ح َفَر ُح َ‬
‫وِهي‪ ،‬وبشكل ّ‬ ‫أَمر ّ‬
‫َرس َل حاالً يف طَلَب اخلُ ّدام لكي يُعيدوا له املال الذي كان قد‬
‫َمَّرت شهور كثرية‪ ،‬وعاد املعلّم‪ .‬أ َ‬
‫"هاك اي سيدي‪ .‬أعطيتَين مخس‬ ‫ضَر وقال‪َ :‬‬ ‫َخ َذ الوزانت اخلمس َح َ‬ ‫تَـَرَكه لديهم وديعة‪ .‬فالذي كان قد أ َ‬
‫رت أمري‬ ‫ِ‬
‫كنت قد أعطيتَنيه‪ ،‬فتدبَّ ُ‬
‫وزانت‪ .‬ومبا أنّه كان يبدو يل من السـيّئ عدم اسـتثمار املال الذي َ‬
‫أحسنت أيّها اخلادم‬
‫َ‬ ‫لك مخس وزانت أخرى‪ .‬مل أستطع أن أفعل أكثر ِمن ذلك‪" ."...‬حسناً‪،‬‬ ‫ورحبت َ‬
‫ُ‬
‫دك"‪.‬‬
‫أدخل إىل فَـَرح سيّ َ‬
‫فسأقيمك على الكثري‪ُ .‬‬
‫َ‬ ‫كنت أميناً على القليل‪ ،‬نشيطاً ونزيهاً‪.‬‬
‫الصاحل األمني‪َ .‬‬
‫الك‬ ‫ِ‬
‫مسحت لنَفسي أبن استخدم أمو َ‬
‫ُ‬ ‫َخ َذ الوزنتني وقال‪" :‬لقد‬
‫ضَر الذي كان قد أ َ‬
‫ُثّ َح َ‬
‫لدي وزنتان ِمن‬
‫مالك‪ .‬أترى؟ كانت ّ‬
‫استخدمت َ‬
‫ُ‬ ‫ملصلحتك‪ .‬هي ذي احلساابت اليت تُظ ِهر كيف‬
‫َ‬
‫وُييب السيّد خادمه هذا كما أجاب ذاك‪.‬‬
‫أنت مسرور‪ ،‬سيّدي؟" ُ‬ ‫الفضة‪ ،‬ها هي اآلن أربع‪ .‬هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 510 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فأخر َجها ِمن‬
‫َ‬ ‫الذهب‪.‬‬ ‫نة‬
‫ز‬ ‫و‬ ‫على‬ ‫له‬‫و‬ ‫حبص‬ ‫ده‬‫ّ‬‫سي‬ ‫ن‬‫م‬‫أخرياً وصل الذي متتَّع أبكرب قَ ْدر ِمن الثّقة ِ‬
‫َ ََ‬
‫ك ُمتش ِّدد‬‫ك تَعلَم أنّين حريص وأمني‪ ،‬كما أعلَم أان أنّ َ‬‫إيل أبكرب قيمة ألنّ َ‬ ‫عهدت َّ‬
‫َ‬ ‫ُمبئها وقال‪" :‬لقد‬
‫منك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالك‪ ،‬ويف حال اخلسارة تُلقي املسؤوليّة على َمن هو قريب َ‬ ‫تتحمل خسارة َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ومتطلّب‪ ،‬وأنّ َ‬
‫وّتين حيث ال تَب ُذر شيئاً‪ ،‬وال تُق ِّدم هديّة بفلس واحد خلازن‬ ‫صد حيث ال تَ َزرع َ‬ ‫إذ‪ ،‬يف احلقيقة‪َ ،‬حت ُ‬
‫أي سبب‪ .‬وأنَّه َُِيب أن يكون مالك بقدر ما تقول‪ .‬لذا‪ ،‬وخوفاً‬ ‫أمالكك‪ ،‬بدون ّ‬‫َ‬ ‫الك أو لوكيل‬
‫أمو َ‬
‫ُعيدها‬
‫َخرجتُها وأ ُ‬‫حّت وال لذايت‪ .‬واآلن أ َ‬
‫يت بذلك ّ‬ ‫ِمن أن تَن ُقص ثروتك‪ ،‬فقد أَخذ ُهتا وخبَّأ ُهتا‪ ،‬وما أ َ‬
‫َفش ُ‬
‫نتك"‪.‬‬
‫إليك‪ .‬ها هي وز َ‬ ‫َ‬
‫حتب صاحلي‪ ،‬اتركاً مايل غري‬ ‫ك مل تعرفين ومل ّ‬ ‫"اي عبد السوء الكسول! يف احلقيقة مل حتبّين مبا أنّ َ‬
‫أحصد‬ ‫ين‬ ‫رفت‬ ‫ع‬ ‫‪.‬‬ ‫نفسك‬ ‫على‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫حت‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ت‬
‫َّ‬ ‫ت‬ ‫‪،‬‬ ‫ذاتك‬ ‫ض‬ ‫مثمر‪ .‬لقد خنت تقديري لك‪ ،‬وأنت نفسك تُناقِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أحصد وأَجَع؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من حيث ال أزرع وأََجَع من حيث ال أب ُذر‪ .‬فلماذا إذن مل تتص ّـرف حبيث أمت ّكن من أن ُ‬
‫ألسرتده لدى عوديت مع‬ ‫ّ‬ ‫ضع مايل عند الصيارفة‬ ‫فيك؟ أهكذا تعرفين؟ ملاذا مل تَ َ‬ ‫أفهكذا تُقابِل ثِقيت َ‬
‫ومحاقتك‪ ،‬مل تكرتث لذلك‪.‬‬‫َ‬ ‫بكسلك‬
‫َ‬ ‫أنت‪،‬‬‫خاصة هلذا الغرض‪ ،‬و َ‬ ‫بتثقيفك عناية ّ‬
‫َ‬ ‫اعتنيت‬
‫ُ‬ ‫الفائدة؟ لقد‬
‫ط للذي معه العشر وزانت"‪.‬‬ ‫مالك‪ ،‬ولِتُع َ‬
‫كل َ‬ ‫نتك و ّ‬
‫منك وز َ‬
‫فلتؤخذ َ‬
‫كل شيء‪ "...‬يعرتضون‪.‬‬
‫"لكن ذاك لديه ابألساس عشر وزانت‪ ،‬بينما هذا قد أصبح َمرداً من ّ‬
‫ّ‬
‫ومن ليس له ألنّه ال يرغب يف أن يكون له‪ ،‬فما‬ ‫ِ‬
‫"من له ويَستَثمر ما له يُعطى فَـيُزداد ويَفيض‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫طرد ِمن أمالكي‪،‬‬
‫َ‬ ‫فلي‬
‫ُ‬ ‫استثمار‪،‬‬ ‫دون‬ ‫عطاايي‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬‫و‬ ‫يت‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫له يؤخذ منه‪ .‬أما العبد البطَّال الذي خان ثِ‬
‫ّ َ‬
‫و ِ‬
‫ليمض ليبكي ويَذوي قلبه أملاً"‪.‬‬

‫األقل‪،‬‬ ‫له‬ ‫ي‬ ‫هذا هو الـمثل‪ .‬وكما تَرى أيها احلاخام‪ ،‬فالذي كان قد حصل على األكثر قد ب ِ‬
‫ق‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫لك َّ‬
‫أبن‬ ‫يستحق احملافظة على عطيّة هللا‪ .‬فليس ابلضرورة أن يكون صحيحاً قو َ‬ ‫ّ‬ ‫ذلك أنّه مل يَع ِرف أن‬
‫اعتربت ّأّنم ليسوا تالميذ ِسوى ابالسم‪ ،‬كونه ليس لديهم ّإال القليل لِيُتاجروا‬
‫َ‬ ‫ال أحد ِمن أو َ‬
‫لئك الذين‬
‫أبن ال أحد ِمن أولئك الذين ال يَسمعوين ّإال اندراً‪ ،‬والذين ليس لديهم كرأمسال‬ ‫لك َّ‬‫حّت قو َ‬‫به‪ ،‬وال ّ‬
‫ألّنا قد تُ َنزع ِمن واحد كان قد‬
‫سـوى أن ُفسهم‪ ،‬سوف ينجح ابحلصول على وزنة الذهب وفوائدها‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 511 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرب ال ّنائيّة‪ ،‬أل ّن ردود فِعل اإلنسان ال َحصر هلا‪ .‬وسوف تَـَرون‬
‫ُمن َح الكثري وتُعطى هلم‪ .‬فمفاجآت ّ‬
‫ِ‬
‫غش فيهم‬ ‫ِ‬
‫وثنيّني يَصلون إىل احلياة األبديّة‪ ،‬وسامريّني ميتلكون السماء‪ ،‬وسوف تَـَرون إسرائيليّني ال ّ‬
‫ويتبعونين‪ ،‬يفقدون السماء واحلياة األبديّة‪».‬‬

‫لكن أحد‬ ‫و‬ ‫اهليكل‪.‬‬ ‫سور‬ ‫إىل‬ ‫ت‬ ‫ف‬‫يصمت يسوع‪ ،‬وكأنّه كان يريد وضع ح ّد لكل ِحوار‪ ،‬يلت ِ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫جاد حتت الرواق‪ ،‬يَ َنهض ويتق ّدم وهو يَسأل‪« :‬اي‬ ‫س ليسمع بشكل ّ‬ ‫علماء الشريعة‪ ،‬وكان قد َجلَ َ‬
‫معلّم‪ ،‬ماذا علي أن أفعل ألحصل على احلياة األبدية؟ لقد أجبت الكثريين‪ِ ،‬‬
‫فأجبين أان كذلك‪».‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫شوه الشريعة‪ ،‬أألنّين‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫أشياء‬ ‫أقول‬ ‫أن‬ ‫يف‬ ‫أتمل‬ ‫هل‬ ‫ب؟‬ ‫«ملاذا تريد أن ُّتربين؟ ملاذا تريد أن تَ ِ‬
‫كذ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ب يف الشريعة؟ أ َِجب! ما الوصيّة الرئيسيّة‬
‫َ‬
‫أُضيف إليها أفكاراً أكثر نورانية وأكثر كماالً؟ ماذا ُكتِ‬
‫ّ‬
‫فيها؟»‬

‫ذهنك‪ .‬وأحبِب‬ ‫تك ِ‬ ‫نفسك ِ‬ ‫قلبك ِ‬ ‫إهلك ِ‬


‫كل َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫قد‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫َ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫َ‬ ‫كل‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫«"أحبِب ّ‬
‫الرب َ‬
‫لنفسك"‪».‬‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫يبك حبّ َ‬
‫قر َ‬
‫لك احلياة األبديّة‪».‬‬
‫أجبت‪ .‬افعل ذلك فتكون َ‬
‫ك ابلصواب َ‬
‫«ها إنّ َ‬
‫ومن هو قرييب؟ فالعامل مليء ابلناس الصاحلني والسيّئني‪ ،‬املعروفني واجملهولني‪ ،‬األصدقاء‬‫«َ‬
‫واألعداء إلسرائيل‪ .‬فَ َمن هو قرييب؟»‬

‫«كان رجل ذاهباً ِمن أورشليم إىل أرُيا َع ْرب الدروب اجلبليّة‪ ،‬فَـ َوقَع يف أيدي اللصوص‪ .‬وهؤالء‪،‬‬
‫حي وميت‪.‬‬‫وحّت ثيابه‪ ،‬وألقوه على قارعة الطريق بني ّ‬
‫كل ما ميلك‪ّ ،‬‬ ‫أثخنوه جراحاً‪ ،‬انتَـَزعوا منه ّ‬
‫بعد أن َ‬
‫ومَّر ِمن تلك الطريق كاهن كان قد أّنى خدمته يف اهليكل‪ .‬آه! كان ما يزال ُمعطَّراً ببخور‬ ‫َ‬
‫حلب‪ ،‬مبا أنّه‬‫قُدس األقداس! واملفروض واحلالة هذه أن تكون نفسه ُمعطَّرة ابلصالح فائق الطبيعة وا ّ‬
‫كان يف بيت هللا‪ ،‬يف اتصال معه تعاىل‪ .‬كان الكاهن على َع َجلَة ِمن أمره للعودة إىل بيته‪ .‬فَـنَظََر إىل‬
‫اجلريح‪ ،‬ولكنّه مل يتوقّف‪ .‬بل جاز ُمس ِرعاً اتركاً البائِس على قارعة الطريق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 512 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الوي لِيَ ُمّر‪ .‬هل كان عليه أن يُصاب ابلعدوى‪ ،‬وهو الذي كان ُم َلزماً ابخلدمة يف اهليكل؟‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫وقَ ِ‬
‫د‬
‫ع اخلُطى‬
‫أسر َ‬ ‫ئن ُم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫تضرجاً بدمه‪ ،‬و َ‬ ‫ظرة عابرة على الذي يَ ّ‬
‫هيّا إذن! َرفَ َع ثوبه لئال يتلطخ ابلدم‪ .‬ألقى نَ َ‬
‫صوب أورشليم‪ ،‬صوب اهليكل‪.‬‬
‫يف املرة الثالثة‪ ،‬أتى ِ‬
‫ف‬
‫اكتش َ‬
‫فو َ‬ ‫سامري‪ .‬رأى الدم فتوقَّ َ‬‫ّ‬ ‫عرب‬
‫َ‬ ‫ـم‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫وب‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ه‬‫متوج‬
‫ّ‬ ‫السامرة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫اجلريح يف الغسق الذي كان يتق ّدم‪ ،‬فرتجل عن مطيته‪ ،‬تقدَّم صوب اجلريح وسقاه جرعة نبيذ ِ‬
‫فاخر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بكل ِعناية‪.‬‬
‫وض َّم َدها ّ‬‫وم َس َحها ابلزيت‪َ ،‬‬‫خالً َ‬‫صب على اجلروح ّ‬ ‫مزق معطفه جاعالً منه ضماداً‪ُ ،‬ثّ َّ‬ ‫ّ‬
‫معنوايت اجلريح‪ُ ،‬مش ِّدداً من عزميته ابلكالم الطيّب‪،‬‬‫بكل تؤدة‪ ،‬رافعاً ّ‬
‫ُثّ َمحَلَه على مطيّته اليت قادها ّ‬
‫َخ َذه إىل‬
‫يهودي‪ .‬وحينما بـَلَ َغ املدينة‪ ،‬أ َ‬
‫ّ‬ ‫دون اكرتاث ابلتعب‪ ،‬ودون احتقار ذاك اجلريح‪ ،‬رغم أنّه‬
‫وس ِهر عليه طوال الليل‪ ،‬وعند الفجر‪ ،‬حينما رأى أنّه أصبَ َح أفضل حاالً‪َ ،‬ع ِهد به إىل صاحب‬ ‫الفندق‪َ ،‬‬
‫كل ما تكون قد‬ ‫لك ّ‬ ‫الفندق دافعاً له َسلَفاً وقال له‪" :‬اعَت به وكأنّه أان ذايت‪ .‬ولدى عوديت سأدفع َ‬
‫أنفقتَه زايدة على ذلك‪ ،‬ولك زايدة أُخرى إذا ما أحسنت صنع ما كان ُيب فعله"‪ .‬ومضى‪.‬‬

‫اي عامل الشـريعة ِأجبين‪َ .‬من ِمن هؤالء الثالثة كان قريب الرجل الذي َوقَ َع يف أيدي اللصوص؟‬
‫السامري؟ الذي مل يكن يتساءل َمن‬
‫ّ‬ ‫الالوي؟ أو ليس هو ابألحرى‬
‫ّ‬ ‫هل يكون الكاهن؟ أو قد يكون‬
‫ويتحمل‬
‫ّ‬ ‫التصرف إبسعافه وهو يَهدر الوقت واملال‪،‬‬
‫يكون اجلريح‪ ،‬ملاذا هو جريح‪ ،‬أم هل كان يُسيء ّ‬
‫خطر ّاهتامه أبنّه هو َمن َجَر َحه؟»‬

‫عاملَه ابلرمحة‪».‬‬ ‫الذي‬ ‫األخري‬ ‫ذاك‬ ‫هو‬ ‫يب‬


‫ر‬ ‫الق‬ ‫«‬ ‫يعة‪:‬‬
‫ر‬ ‫الش‬ ‫ُُييب ِ‬
‫عامل‬
‫َ‬
‫وحتب هللا يف القريب‪ُ ،‬مستح ّقاً بذلك احلياة‬
‫وستحب القريب ّ‬
‫ّ‬ ‫أنت كذلك‪ ،‬افعل الشيء ذاته‬
‫« َ‬
‫األبديّة‪».‬‬

‫كن ينتظرنه قرب‬ ‫ِ‬


‫مل يـَعُد أحد ُيرؤ على الكالم‪ ،‬وينتَهز يسوع الفرصة ليلتحق ابلنساء اللوايت ّ‬
‫انضم إىل التالميذ كاهنان‪ ،‬أو ابألحرى كاهن‬ ‫ِ‬
‫معهن من جديد إىل املدينة‪ .‬واآلن قد ّ‬
‫السور‪ ،‬ليمضي ّ‬
‫فيت‪ ،‬بينما الكاهن شيخ َمهيب‪.‬‬
‫والوي‪ ،‬هذا األخري ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 513 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن يسوع يتح ّدث اآلن إىل ّأمه ومرغزايم بينهما‪ .‬ويَسأهلا‪« :‬هل َِمسعتِين اي أ ُّمي؟»‬
‫و ّ‬
‫لكالواب اليت بكت قليالً قبل دخوهلا إىل‬
‫ّ‬ ‫نت كما َح ِزنَت مرمي اليت‬
‫بين‪ ،‬وقد َحـ ِز ُ‬
‫«نعم اي ّ‬
‫اهليكل‪»...‬‬

‫«أَعلَم اي أ ُّمي‪ ،‬وأعرف السبب‪ .‬إّّنا عليها ّأال تبكي‪ ،‬بل أن تصلّي فقط‪».‬‬

‫«آه! ّإّنا تصلّي كثرياً! يف هذه الليايل‪ ،‬يف كوخها‪ ،‬بني َولَديها النائِ َمني‪ ،‬كانت تصلّي وتبكي‪.‬‬
‫كنت أمسعها تبكي َع ْرب احلاجز الرقيق ِمن األوراق الذي يفصل بيننا‪ .‬وذلك من جراء رؤيتها يوسف‬ ‫ُ‬
‫صلَني هكذا!‪ ...‬وليست الوحيدة اليت تبكي‪ .‬كانت معي تبكي حنّة‬ ‫ومسعان على بعد خطوات ومن َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫لك ساكنة صافية‪»...‬‬ ‫اليت تبدو َ‬
‫«ملاذا اي أ ُّمي؟»‬

‫كل شيء‪ .‬يَص ّد قليالً يف ك ّل شيء‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ال‬


‫ً‬ ‫قلي‬ ‫ها‬ ‫«أل ّن قوزى‪ ...‬تصرفه‪ ...‬ال تفسري له‪ .‬إنّه ي ِ‬
‫وخب‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ّأما إذا كاان وحدِها وال يراِها أحد‪ ،‬فإنّه يكون الزوج املثايل كما على الدوام‪ّ .‬أما إذا كان معه أانس‬
‫وُمتَ ِقراً لزوجته اللطيفة الوديعة‪ّ .‬إّنا ال تفهم السبب‪»...‬‬
‫آخرون‪ِ ،‬من القصر طبعاً‪ ،‬فإنّه يُصبِح متسلّطاً ُ‬
‫«أان أقوله ِ‬
‫لك‪ .‬قوزى عبد هلريودس‪ ،‬افهميين اي أ ُّمي‪" .‬عبد"‪ .‬أان ال أقول ذلك حلنّة كيال أُسبّب‬
‫لكن األمر هكذا‪ .‬عندما ال خيشى أتنيب وسخرية سيّده‪ ،‬فإنّه يكون قوزى الطيّب‪ .‬وعند‬ ‫هلا األمل‪ .‬و ّ‬
‫احتمال اخلوف ِمن ذلك‪ ،‬فال يعود الشخص ذاته‪».‬‬

‫«ذلك أل ّن هريودس ُمغتاظ ج ّداً بسبب مناحني و‪»...‬‬

‫لكن حنّة قد‬


‫هلريوداي‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫املتأخر إلذعانه‬
‫«وأل ّن هريودس أصبَ َح َمنوانً بسبب أتنيب الضمري ّ‬
‫(أي عليها أن تصرب)»‬
‫انلت خرياًكثرياً يف حياهتا‪ .‬عليها َمحْل َمسحها حتت التاج‪ّ .‬‬
‫«أانليا كذلك تَبكي‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 514 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ملاذا؟»‬

‫ب ض ّد َك‪».‬‬
‫«أل ّن خطيبها قد ان َقلَ َ‬
‫تبكني‪ .‬قويل هلا ذلك‪ .‬هذا َح ّل (عالج)‪ .‬صالح من هللا‪ .‬فإ ّن تضحيتها تُعيد صموئيل‬
‫«فال َ َّ‬
‫جادة اخلري‪ .‬وستكون كذلك ُحّرة ِمن أيّة ضغوط من أجل الـزواج‪ .‬لقد وعد ُهتا أبن آخذها معي‪.‬‬
‫إىل ّ‬
‫وهي سوف متوت قبلي‪»...‬‬

‫ب الدم ِمن وجهها‪.‬‬


‫بين!‪ »...‬تضغط مرمي على يد يسوع‪ .‬وقد َهَر َ‬
‫« ّ‬
‫حب البشر‪ .‬فلنشرب كأسنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«اي أ ُّمي احلبيبة! إنّه من أجل البشر‪ .‬تعرفني ذلك‪ .‬إنّه من أجل ّ‬
‫عن طيب خاطر‪ ،‬أليس كذلك؟»‬
‫وّتيب‪« :‬نعم»‪" .‬نعم" مؤثّرة ِ‬
‫ومن قلب يَن َف ِطر أملاً‪.‬‬ ‫َحتبِس مرمي دموعها ُ‬

‫يَرفَع مرغزايم وجهه ويقول ليسوع‪« :‬ملاذا تقول هذه األشياء القاسية اليت ُحت ِزن ّ‬
‫األم؟ أان لن‬
‫دافعت عن احلِمالن كذلك سأدافع َ‬
‫عنك‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫أدعك متوت‪ .‬فكما‬‫َ‬
‫نعجاتك؟‬
‫َ‬ ‫الصيب‪« :‬ماذا ستفعل اآلن‬ ‫سأل‬‫ي‬ ‫ني‬‫َ‬‫ن‬‫احملزو‬ ‫ت‬ ‫معنواي‬ ‫ن‬ ‫داعبه يسوع‪ ،‬ولكي يرفع ِ‬
‫م‬ ‫ي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أال تشتاق إليها؟»‬

‫وإين أتساءل على الدوام‪" :‬هل سـتأخذها بورفرييه إىل املرعى؟ وهل ستسهر‬ ‫معك! ّ‬
‫«آه! أان َ‬
‫على ّأال تذهب سبوما إىل البحرية؟ ّإّنا نشيطة ج ّداً سبوما‪ ،‬هل تَعلَم؟ أ ُّمها تناديها‪ ،‬تناديها‪ ...‬إّّنا‬
‫حّت مترض! هل تَعلَم اي معلّم؟ أان أُد ِرك ماذا يعين‬ ‫أتكل‬ ‫ة‪،‬‬‫م‬ ‫الجدوى! ّإّنا تفعل ما تشاء‪ .‬ونيفي‪َّ ،‬نِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الر ُسل القادمني من‬‫ابمسك‪ .‬أُد ِرك ذلك أفضل ِمن اآلخرين‪ُ .‬هم (ويُشري بيده إىل ُّ‬ ‫أن يكون املرء كاهناً َ‬
‫اخللف) ُهم يقولون الكثري ِمن الكالم اجلميل‪ ،‬يبنون مشاريع كثرية‪ ...‬للمستقبل‪ .‬بينما أان أقول‪:‬‬
‫ك َرَوت يل أمس فقرة رائعة‬ ‫"سوف أكون راعياً للبشر كما أان للنّعاج‪ .‬وهذا يكفي‪ ".‬األ ُّم‪ ،‬أ ُّمي وأ ُّم َ‬
‫قلت يف قليب‪" :‬وأان كذلك سوف‬ ‫ج ّداً عن األنبياء‪ ...‬وقالت يل‪" :‬ابلضبط هكذا هو يسوعنا"‪ .‬وأان ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 515 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قلت أل ُّمنا‪" :‬حاليّاً أان َمحَل‪ ،‬فيما بعد سأُصبِح راعياً‪ .‬على العكس‪ ،‬فيسوع‬‫أكون هكذا متاماً‪ُ ".‬ثّ ُ‬
‫اآلن هو ر ٍاع وُث هو كذلك َمحل‪ .‬أما ِ‬
‫أنت فإنّ ِ‬
‫ك َرخلَة (أنثى احلَ َمل) على الدوام‪َ ،‬رخلَتنا البيضاء فقط‪،‬‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫كالمك أعذب ِمن احلليب‪ .‬لذلك يسوع هو َمحَل إىل هذه الدرجة‪ :‬ألنّه ولِ َد ِ‬
‫منك‬ ‫ِ‬ ‫اجلميلة‪ ،‬احملبوبة‪،‬‬
‫ُ‬
‫الرب"‪».‬‬
‫اي َرخلَة ّ‬
‫ينحين يسوع ويُعانقه حبرارة‪ُ .‬ثّ يَسأل‪« :‬هل تريد ح ّقاً أن تكون كاهناً؟»‬

‫بكل أتكيد سيّدي! فَِألجل هذا أَجتَهد يف أن أُصبِح صـاحلاً وأن أعرف كثرياً‪ .‬إنّين أذهب‬‫« ّ‬
‫عاملين دائماًكرجل‪ ،‬وبكثري من الطيبة‪ .‬أريد أن أكون راعياً ِ‬
‫للخراف الضالّة‬ ‫كثرياً إىل يوحنّا األندوري‪ .‬ي ِ‬
‫ّ ُ‬
‫النيب‪ .‬آه! كم هذا رائع!» ويَقفز‬
‫وغري الضالّة‪ ،‬وراعياً طبيباً للمجروحة واملكسورة منها‪ ،‬كما يقول ّ‬
‫الصيب وهو يُص ِّفق بيديه‪.‬‬
‫ّ‬
‫حّت يكون سعيداً هكذا؟» يَسأل بطرس وهو يَ َِ‬
‫قرتب‪.‬‬ ‫«ما هلذا الرأس األسود الصغري ّ‬
‫ُكرس هذه الرؤية اليت لديه بـ "نـَ َعم" ِم ّين‪».‬‬
‫حّت النهاية‪ ...‬وأان‪ ،‬أ ّ‬
‫«إنّه يرى طريقه‪ .‬بشكل واضح ّ‬
‫لكن املكان أكثر‬
‫يتوقّفون أمام بيت عال وهو‪ ،‬إن مل أكن ُمطئة‪ ،‬إىل جانب ضاحية أوفيل‪ ،‬و ّ‬
‫ثراء‪.‬‬

‫«هل سنتوقّف هنا؟»‬

‫َّمه يل لعازر ِمن أجل وليمة ال َفَرح‪ .‬مرمي هي اآلن هنا‪».‬‬


‫«إنّه البيت الذي قَد َ‬
‫أتت معنا؟ أخوفاً ِمن ُّ‬
‫التهكمات؟»‬ ‫«ملاذا مل ِ‬

‫«آه! ال! هذا ما أَمرُهتا به فقط‪».‬‬

‫رب؟»‬
‫«ملاذا اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 516 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الصدام قدر املستطاع‪ ،‬وليس ُجبناً‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«أل ّن اهليكل أش ّد حساسية من عروس حامل‪ .‬وال أريد ّ‬
‫الصدام فقط‪ ،‬بل أرميه‬
‫مكانك‪ ،‬فال أرتضي ّ‬
‫َ‬ ‫كنت أان‬
‫ينفعك يف شيء اي معلّم‪ .‬فلو ُ‬
‫َ‬ ‫«هذا ال‬
‫كل الذين يف داخله‪».‬‬
‫يف أسفل مورايح مع ّ‬
‫«أنت ُُتطئ اي مسعان‪ .‬وُيب الصالة ِمن أجل ِ‬
‫املشاهبني وليس قتلهم‪».‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عليك أن تفعل ذلك‪».‬‬
‫أنت فال‪ ...‬و‪َ ...‬‬
‫«أان خاطئ‪ّ ،‬أما َ‬
‫وصل إىل ح ّد اخلطيئة‪».‬‬
‫فعلها‪ .‬وبعد التّ ُّ‬
‫«سيكون هناك َمن يَ َ‬
‫أي ح ّد؟»‬
‫« ّ‬
‫ميكنك أن تفهم‪ ...‬آه! مرات! افتحي‬
‫َ‬ ‫«احل ّد الذي سوف ميأل اهليكل ويَط َفح على أورشليم‪ .‬ال‬
‫للحاج!»‬ ‫إذن ِ‬
‫بيتك‬
‫ّ‬
‫دخلون َجيعاً إىل ردهة طويلة‪ ،‬تنتهي بدار ُمبلَّطَة فيها أربع أشجار يف الزوااي‬ ‫تتنبّه مرات وتَفتَح‪ .‬يَ ُ‬
‫األرضي هناك قاعة واسعة حيث ميكن رؤية املدينة كلّها بطرقاهتا الصاعدة واهلابطة‬ ‫ّ‬ ‫األربع‪ .‬يف الطابق‬
‫ِمن النوافذ املفتوحة‪ .‬فأستنتج إذن أ ّن البيت على املنحدرات اجلنوبيّة أو اجلنوبيّة الشرقيّة ِمن املدينة‪.‬‬

‫الزوار‪ .‬عدد كبري من الطاوالت موضوعة بشكل متوا ٍز‬ ‫الغرفة مهيّأة الستقبال عدد كبري من ّ‬
‫وُتّر جاثية أمام يسوع‪.‬‬ ‫بكل ارتياح‪َ .‬هتَرع مرمي اجملدليّة‪ .‬كانت يف مكان آخر‪َ ،‬‬
‫تكفي ملائة شخص ّ‬
‫دخل الضيوف رويداً رويداً‪ ،‬يبدو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العليل (املريض)‪ .‬يَ ُ‬
‫يَصل لعازر كذلك‪ ،‬مع ابتسامة غبطَة على وجهه َ‬
‫لكن لطف النساء طمأّنم سريعاً‪.‬‬
‫على البعض االرتباك‪ ،‬والبعض اآلخر بثقة أكرب‪ .‬و ّ‬
‫الكاهن يوحنّا يُق ِّدم إىل يسوع الشخصني اللذين َجلَبَـ ُهما معه ِمن اهليكل‪« .‬اي معلّم‪ ،‬هذا‬
‫صديقي الطيّب يواناثن‪ ،‬وهذا صديقي الشاب زكرّاي‪ّ .‬إّنما إسرائيليّان حقيقيّان بال خبث وال حقد‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 517 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت يف أبسط العادات‪َ .‬جيل‬‫إين سعيد برؤيتكم‪ُ .‬يب احلفاظ على الطقوس ّ‬ ‫«السالم لكم‪ّ .‬‬
‫أن َميَُّد اإلميان القدمي يداً كرمية لإلميان اجلديد اآليت ِمن األصل نفسه‪ .‬اجلسوا إىل جانيب ريثما ُيني‬
‫موعد الطعام‪».‬‬

‫حّت بَِرهبَة‪.‬‬
‫الالوي الشاب يَنظُر هنا وهناك بفضول ودهشة‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬ ‫احلربي يتكلّم‪ ،‬بينما‬
‫ّ‬ ‫يواناثن‬
‫ظهر مبظهر الطَّليق‪ ،‬ولكنّه يف احلقيقة كالسمكة خارج املاء‪ .‬حلسن احلظ أن أتى إتيان‬ ‫يود أن يَ َ‬
‫أظُنّه ُّ‬
‫الر ُسل والتالميذ الرئيسيّني الواحد تلو اآلخر‪.‬‬
‫ع َُيلب له ُّ‬
‫وشَر َ‬
‫لنجدته‪َ ،‬‬
‫إيل أان ابلذات‪ ،‬ابعتباري‬ ‫داعب حليته الثلجيّة‪« :‬عندما أتى يوحنّا َّ‬‫يقول الكاهن العجوز وهو ي ِ‬
‫ُ‬
‫َخرج ِمن ِحصين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫د‬‫َع‬ ‫أ‬ ‫مل‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬‫مع‬ ‫اي‬ ‫ين‬‫ّ‬‫لكن‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫عليك‬ ‫ف‬‫التعر‬ ‫يف‬ ‫رغبت‬ ‫شفائه‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫نفسه‬ ‫يين‬‫ري‬ ‫معلّمه‪ ،‬لِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فليتمجد امسه! ولقد‬
‫ّ‬ ‫أأتمل أن أر َاك قبل أن أموت‪ ،‬وقد استجاب يل يهوه‪.‬‬ ‫كنت آنذاك ّ‬ ‫فأان عجوز‪ُ ...‬‬
‫أشك‬
‫حّت أن ّ‬ ‫ِ‬
‫ك أفضل من هيلليل‪ ،‬العتيق‪ ،‬احلكيم‪ .‬ال أريد‪ ،‬بل ال ميكنين ّ‬ ‫مسعتك اليوم يف اهليكل‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬
‫يتشرب املرء َع ْرب مثانني عاماً إميان إسرائيل ابلشكل‬‫ك َمن ينتظره قليب‪ .‬ولكن هل تَعلَم ماذا يعين أن ّ‬ ‫أبنّ َ‬
‫آل إليه َع ْرب عصور ِمن‪ ...‬التأويالت البشريّة؟ لقد أصبَ َح دمنا‪ .‬وأان عجوز! ّأما االستماع َ‬
‫إليك‬ ‫الذي َ‬
‫فيُشبِه شرب املاء العذب املتدفّق ِمن النبع‪ .‬آه! نعم! ماء ّنري (شديد النّقاء والعذوبة)! إّّنا أان‪ ...‬أان‬
‫حّت‬ ‫ِ‬ ‫الذي قد تشبَّ ِ‬
‫عت من املياه البالية اآلتية من البعيد البعيد‪ ...‬وقد ل َّوثَتها أمور كثرية‪ .‬فما العمل ّ‬ ‫ُ‬
‫أنت؟»‬
‫قك َ‬ ‫أتذو َ‬
‫َّشرب وأن ّ‬ ‫أُتلّص من هذا الت ُّ‬
‫البار ال ُيتاج إىل شيء آخر‪».‬‬
‫«أن تؤمن يب وحتبّين‪ .‬فيواناثن ّ‬
‫حّت إىل تتبُّع‬
‫أتوصل ّ‬
‫بكل ما تقول؟ لن ّ‬
‫«ولكنّين أموت قريباً! هل يتّسع يل الوقت ألؤمن ّ‬
‫التعرف إليه ِمن فَم اآلخرين‪ .‬فإذن؟»‬
‫كالمك كلّه‪ ،‬أو ّ‬
‫«سوف تتعلّمه يف السماء‪ .‬فال ميوت عن احلِكمة ّإال ال ُـمدان‪ ،‬بينما الذي ميوت يف نعمة هللا‬
‫أين هو؟»‬ ‫ِ‬
‫تظن ّ‬
‫يَصل إىل احلياة وُييا يف احلكمة‪َ .‬من ّ‬
‫ميكنك أن تكون ّإال ال ُـمنتَظَر الذي َسبَـ َقه ابن صديقي زكراي‪ .‬هل َعرفتَه؟»‬
‫َ‬ ‫«ال‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 518 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«لقد كان قرييب‪».‬‬

‫أنت قريب املعمدان إذن؟»‬


‫«آه! َ‬
‫«نعم‪ ،‬أيّها الكاهن‪».‬‬

‫للرب‪ ،‬وبعد أن أمتَّ رسالته‪،‬‬


‫«هو قد مات‪ ...‬وال ميكنين القول‪" :‬اي لتعاسته!" ألنّه مات أميناً ّ‬
‫وأل ّن‪ ...‬آه! اي لألزمنة الوحشيّة اليت نعيشها! أليس ِمن األفضل العودة إىل أحضان إبراهيم؟»‬

‫«نعم‪ ،‬إّّنا سوف أتيت أزمنة أكثر وحشيّة منها‪ ،‬أيّها الكاهن‪».‬‬

‫«أتقوهلا؟ روما‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫األول‪».‬‬
‫«ليست روما وحدها‪ .‬بل إ ّن إسرائيل اخلاطئة سوف تكون السبب ّ‬
‫مسعت عن‬
‫َ‬ ‫فحّت روما‪ ...‬هل‬
‫نستحق ذلك‪ .‬ولكن مع ذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫«صحيح‪ .‬هللا يضربنا‪ .‬وحنن‬
‫اجلليليّني الذين قتلهم بيالطس أثناء تقدميهم الذبيحة؟ لقد امتزج دمهم بدم األضاحي‪ .‬أمام املذبح!‬
‫ابلضبط أمام املذبح!»‬

‫علمت بذلك‪».‬‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫يثور اجلليليّون َجيعاً هلذا الظلم‪ .‬يهتفون‪« :‬صحيح إنّه كان ماسيّا كاذب‪ .‬ولكن ملاذا قَتل‬
‫مؤيّديه بعد القضاء عليه هو؟ وملاذا يف هذا الوقت ابلذات؟ ُأُيتَ َمل ّأّنم كانوا أكثر اقرتافاً للخطااي؟»‬

‫يَفرض يسوع اهلدوء‪ُ ،‬ثّ يقول‪« :‬تتساءلون إذا ما كانوا أكثر اقرتافاً للخطااي ِمن جليليّني آخرين‬
‫احلق أقول لكم إ ّّنم َدفَعوا‪ ،‬وكثريون‬ ‫ِ‬
‫كثريين‪ ،‬وإذا ما كانوا قد قُتلوا بسبب ذلك؟ ال‪َ ،‬مل يكونوا كذلك‪ّ .‬‬
‫الرب‪ .‬إذا مل تتوبوا َجيعكم‪ ،‬فَ َستَقضون َجيعاً‬
‫آخرون غريهم سوف يَدفَعون الثَّمن‪ ،‬إن مل َهتتَدوا إىل ّ‬
‫بنفس الطريقة‪ ،‬يف اجلليل وغريها‪ .‬لقد َس َخط هللا على شعبه‪ .‬أقوهلا لكم‪ُ .‬يب ّأال يعتقد املرء أن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 519 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل إنسان ضمريه‪ ،‬ولِيَحكم هو على نفسه‪ ،‬وليس‬ ‫فحص ّ‬ ‫الذين تَنـ ِزل هبم ضربة ُهم دائماً األسوأ‪ .‬فليَ َ‬
‫اآلخرون‪ .‬كذلك أولئك الثمانية عشر الذين هوى عليهم برج سيلوي فقتلهم‪ ،‬مل يكونوا األكثر إمثاً يف‬
‫وحّت يف أرواحكم‪ .‬تعال‪ ،‬اي‬ ‫سحقوا مثلهم‪ّ ،‬‬‫أورشليم‪ .‬أقول لكم‪ :‬توبوا‪ ،‬توبوا إذا مل تكونوا تريدون أن تُ َ‬
‫تفضل‪ ،‬فالكاهن هو َمن ُيب تكرميه على الدوام ِمن‬ ‫كاهن إسرائيل‪ .‬لقد ُو ِضع الطعام على الطاولة‪ّ .‬‬
‫منك‪ ،‬أن تُق ِّدم‬
‫أنت‪ ،‬أيّها احلَرب الذي بيننا‪ ،‬واجلميع أصغر َ‬
‫فلك َ‬‫أجل الفكرة اليت ميثّلها ويُذ ّكِر هبا‪َ ،‬‬
‫وتُبا ِرك‪».‬‬

‫أنت ابن هللا!»‬


‫حبضورك! َ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ .‬اي معلّم! ال! ال ميكنين ذلك‬
‫«إنّ ِ‬
‫ك تُت ّقدم البخور أمام اهليكل! أُيتمل أنَّ َ‬
‫ك ال تؤمن حبضور هللا هناك؟»‬ ‫َ‬

‫«بل إنَّين أؤمن بذلك ّ‬


‫بكل قدريت!»‬

‫كنت ال ُتشى تقدمي القرابني أمام َمده تعاىل الكلّ ّي القداسة‪ ،‬فلماذا تريد اخلوف‬‫«وإذن؟ إذا َ‬
‫أنت كذلك‪ ،‬بركة هللا قبل أن يُد ِر َ‬
‫كك الليل؟ آه! ال تَعلَمون‬ ‫أمام الرمحة اليت لَبِست جسداً‪ ،‬لِتَ ِ‬
‫لك َ‬ ‫حمل َ‬ ‫َ ََ‬
‫َّحت ألوهييت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أيّها اإلسرائيليّون‪ ،‬أنّه ابلضبط من أجل أن يدنو اإلنسان من هللا دون أن ميوت‪ ،‬قد وش ُ‬
‫كل الكهنة الق ّديسني‪ ،‬منذ هارون‬ ‫ل‬
‫ُّ‬ ‫غري الـمدرَكة بوشاح اجلسد‪ .‬تعال‪ ،‬آمن‪ ،‬وُكن سعيداً‪ .‬فيك أ ِ‬
‫ُج‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫أنت‪ ،‬أل ّن القداسة الكهنوتيّة هي ح ّقاً تذوي فيما بيننا‬
‫ابر يف إسـرائيل‪ ،‬وقد تكـون َ‬
‫وحّت آخر كاهن ّ‬ ‫ّ‬
‫هملة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫رسة ُم َ‬
‫مثل َغ َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 520 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫األندوري‬
‫ّ‬ ‫‪( -146‬يوسف ونيقودميوس ينقالن خّب ِعلم اهليكل خبصوص هرمست ويوحنّا‬
‫وسينتيكا)‬

‫‪1945 / 09 / 21‬‬

‫الر ُسل والتالميذ‪ ،‬وهو ابلتحديد يتح ّدث إىل التالميذ الذين‬ ‫يتوجه صوب بيت عنيا مع ُّ‬ ‫يسوع ّ‬
‫صدر إليهم األمر أبن يَ َِ‬
‫فرتقوا‪ ،‬فيمضي اليهود َع ْرب اليهوديّة‪ ،‬واجلليليّون يُعا ِودون الصعود إىل ما بعد‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫ظهر بعض االعرتاضات‪ .‬يبدو أ ّن ُمسعة ما وراء األردن مل‬ ‫األردن ليُ ِّ‬
‫بشروا مباسيّا‪ .‬ونتيجة هلذا األمر تَ َ‬
‫كأّنا مناطق وثنيّة‪ ،‬ولكن ذلك يُهني التالميذ الذين‬ ‫تَ ُكن َح َسنة وسط اإلسرائيليّني‪ .‬يتح ّدثون عنها و ّ‬
‫ِمن مناطق ما وراء األردن‪ ،‬ومن بينهم صاحب الصوت األكثر ُسلطة ِمن اجلميع‪ ،‬رئيس َممع "عني‬
‫َجهل امسه‪ ،‬اللَّذان يُدافِعان ِِحب ّدة عن مدّنما ومواطنيهما‪.‬‬
‫احللوة" تيمون‪ُ ،‬ثّ شاب أ َ‬

‫ُيرتمونك هناك‪ .‬لن َِّتد يف اليهوديّة إمياانً‬


‫َ‬ ‫يقول تيمون‪« :‬تعال اي سيّد إىل ِعرا وسرتى كم‬
‫جليلي‪َ .‬س َرياين‬ ‫مع‬ ‫يهودي‬ ‫مدينيت‬ ‫إىل‬ ‫ذهب‬ ‫ي‬‫َبقين معك ولِ‬
‫كالذي هناك‪ .‬وحّت أان ال أريد الذهاب‪ .‬أ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جملرد كلميت‪».‬‬
‫بك ّ‬ ‫كم َع ِرفَ ْ‬
‫ت اإلميان َ‬
‫عنك بعـد مغفرة أ ُّمي‬
‫وحبثت َ‬ ‫ُ‬ ‫حّت دون أن أر َاك أبداً‪.‬‬
‫رفت أن أؤمن ّ‬
‫ويقول الشاب‪« :‬أان‪ ،‬قد َع ُ‬
‫كنت سيّئاً يف املاضي‪،‬‬
‫اطين‪َ ،‬كوين ُ‬‫يل‪ .‬ولكنّين سعيد ابلعودة إىل هناك‪ ،‬رغم أ ّن ذلك يَعين ُسخرية مو َّ‬
‫بك ِمبَثَلي َّ‬
‫الصاحل‪».‬‬ ‫ذمات الصاحلني بسبب سلوكي القدمي‪ .‬إّّنا هذا ال يهمين‪ .‬سوف أَكرز َ‬ ‫وم َّ‬
‫َ‬
‫ـنت قوالً‪.‬‬
‫أنت كذلك اي تيمون أحس َ‬ ‫قلت‪ُ .‬ثّ آيت أان‪ ،‬و َ‬ ‫أحسنت قوالً‪ .‬سوف تفعل كما َ‬‫َ‬ ‫«‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنت اي تيمون‪ ،‬سوف‬ ‫سيذهب هرمس مع هابيل الذي من بيت حلم اجلليل ليَك ِرزا يب يف عرا‪ ،‬بينما َ‬
‫تبقى معي‪ .‬ولكن مع ذلك‪ ،‬ال أريد مثل هذه النقاشات‪ .‬أنتم مل تعودوا يهوداً أو جليليّني‪ :‬أنتم‬
‫ضعانكم يف نَفس املرتبة ابلنسبة للمنطقة والطَّبَقة‪ ،‬وابلنسبة‬ ‫التالميذ‪ ،‬وهذا يكفي‪ .‬االسم والرسالة يَ َ‬
‫لكل شيء‪ .‬ليس هناك ما ُمييّز واحدكم عن اآلخر ِسوى‪ :‬القداسة‪ .‬فهي شخصيّة ونسبيّة حسب ما‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 521 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تتوصلوا َجيعكم للدرجة ذاهتا‪ :‬الكمال‪ .‬هل تَـَرون‬‫يتوصل‪ّ .‬أما أان فأريد أن ّ‬‫كل واحد إالم َّ‬ ‫يعرف ّ‬
‫فرقهم األصل أو شيء آخر‪ .‬واآلن بعد سنة أو أكثر من اإلعداد‪ ،‬فقد‬ ‫الر ُسل؟ لقد كانوا مثلكم يُ ِّ‬
‫ُّ‬
‫تصرفوا أنتم كذلك وابلطريقة ذاهتا‪ ،‬وكما أ ّن بينكم الكاهن إىل جانب َمن كان‬ ‫الر ُسل‪ّ .‬‬
‫أصبَحوا فقط‪ُّ :‬‬
‫فاعملوا على إزالة التفرقة‬
‫الغين إىل جانب َمن كان يستجدي‪ ،‬الشاب إىل جانب العجوز‪َ ،‬‬ ‫خاطئاً‪ ،‬و ّ‬
‫حبجة االنتماء إىل هذه أو تلك ِمن املناطق‪ .‬فوطنكم واحد‪ :‬السماء‪ .‬ألنّكم ارتضيتم أن تضعوا أنفسكم‬
‫عن طيب خاطر على طريق السماء‪ .‬ال تُعطوا أعدائي ُمطلقاً االنطباع أبنّكم أعداء فيما بينكم‪ .‬العدو‬
‫هو اخلطيئة‪ ،‬وليس أمراً آخر‪.‬‬

‫آمل أن‬ ‫ِ‬


‫نت ُ‬
‫لك شيئاً‪ .‬ك ُ‬
‫علي أن أقول َ‬
‫يَسريون برهة بصمت‪ُ ،‬ثّ يَدنو إتيان من املعلّم ويقول‪َّ « :‬‬
‫ك مل تفعل‪ .‬أمس َح َّدثَين َجالئيل‪»...‬‬
‫تَسأَلين عنه‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫«لقد رأيتُهُ‪».‬‬

‫«وال تسألين ماذا قال يل؟»‬

‫أنت‪ ،‬إذ إ ّن التلميذ الصاحل ال ُيتفظ أبسرار خيفيها عن معلّمه‪».‬‬


‫«أنتظر أن تقول يل َ‬
‫« َّ‬
‫إن َجالئيل‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬تعال معي نتق ّدم بضعة أمتار‪»...‬‬

‫إبمكانك التكلّم أمام اجلميع‪»...‬‬


‫َ‬ ‫«نعم هيّا بنا‪ ،‬إّّنا كان‬

‫علي أن أُسـدي َ‬
‫لك نصيحة‪ ،‬اي معلّم‪.‬‬ ‫يبتَعِ‬
‫مر‪َّ « :‬‬
‫ّ‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫وهو‬ ‫إتيان‬ ‫يقول‬ ‫أمتار‪.‬‬ ‫بضعة‬ ‫دان‬ ‫َ‬
‫ساُمين‪»...‬‬

‫«إذا كانت النصيحة جيّدة‪ ،‬فسأقبَلها‪ .‬هيّا تكلّم‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 522 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل شيء يف اجملمع‪ّ .‬إّنا مؤسسة أبلف عني ومائة فرع‪.‬‬
‫عرف ّ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬عاجالً أم آجالً يُ َ‬
‫كل شيء‪ .‬ولديهم ُُمِربون‪ ...‬أكثر ممّا يف جدران‬
‫سمعون ّ‬
‫كل شيء‪ ،‬ويَ َ‬ ‫كل مكان‪ ،‬ويـََرون ّ‬
‫ِ‬
‫َخي َرتقون ّ‬
‫آجر‪ .‬كثريون يعيشون هكذا‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫اهليكل من ّ‬
‫قل أو يزيد‬ ‫ِ‬
‫ابلتجسس‪ .‬أَكمل إذن‪ّ ،‬إّنا احلقيقة وأعرف ذلك‪ .‬وإذن؟ ماذا قيل يف اجملمع يَ ّ‬
‫ّ‬ ‫«‬
‫عن احلقيقة؟»‬

‫كل شيء‪ .‬أان‪ ،‬ال أعرف كيف يستطيعون معرفة بعض األمور‪ .‬كذلك ال أعرف إذا‬ ‫«قيل‪ّ ...‬‬
‫لك حرفيّاً ما قاله يل َجالئيل‪" :‬قُل للمعلّم أن َخيَِت هرمست‪ ،‬أو‬
‫ما كانت حقيقيّة‪ ...‬ولكنّين أقول َ‬
‫فليُبعِده ّنائيّاً‪ .‬الشيء آخر يُقال"‪».‬‬

‫أي شيء آخر‪ّ ،‬أوالً ألنّين ابلضبط أان ماض إىل بيت عنيا ألجل هذا‪،‬‬ ‫«ابلفعل‪ُ ،‬يب ّأال يقال ّ‬
‫أي تصحيح ال ميكنه إسقاط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت يتم ّكن هرمست من السفر من جديد‪ .‬واثنياً أل ّن ّ‬ ‫وسأبقى هناك ّ‬
‫جسدايً‪.‬‬ ‫جملرد أ ّن أحد الذين معي غري َُمتون‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫التصورات ال ُـمسبَـ َقة‪ ،‬و… حت ّفظات َجالئيل املتش ّكك ّ‬
‫ّ‬
‫آه! لو يَنظُر حوله وفيه! َكم يوجد يف إسرائيل ِمن غري ال َـمختونني!»‬

‫لكن َجالئيل‪»...‬‬
‫«و ّ‬
‫«إنّه املمثّل األمثل إلسرائيل العتيق‪ .‬فهو ليس سيّئاً‪ ،‬إّّنا‪ ...‬انظر إىل هذه احلصاة‪ .‬ميكنين‬
‫كسرها‪ ،‬ولكن ال أن أجعلها مطواعة‪ .‬هكذا هو األمر ابلنسبة إليه‪ .‬ال بد ِمن حتطيمه إلعادة تشكيله‪،‬‬
‫وسوف أفعل ذلك‪».‬‬

‫«تريد ُماربة َجالئيل؟ اح َذر! إنّه ذو سلطان!»‬

‫«ُماربته؟ كما لو كان عدواً؟ ال‪ .‬بَدالً ِمن ُماربته‪ ،‬سوف أ ُِحبّه‪ُ ،‬مشبِعاً إحدى رغباته‪ ،‬بسبب‬
‫وسأنشر عليه بلسماً يُفتِّته لِيُعيد تركيبه بشكل ُمتلف‪».‬‬
‫ُ‬ ‫عقله احملنّط‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 523 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«سوف أصلّي‪ ،‬أان كذلك‪ ،‬كي ُيصل هذا‪ ،‬ألنّين أحبّه كثرياً‪ .‬هل أُخطئ يف ذلك؟»‬

‫فعلها‪ .‬بل‬ ‫ِ‬


‫بكل أتكيد سـوف تَ َ‬
‫فعل ذلك‪ّ .‬‬ ‫«ال‪ .‬عليك أن ُحتبّه أبن تُصلّي من أجله‪ .‬وسوف تَ َ‬
‫أنت َمن يساعدين يف تركيب البلسم‪ ...‬يف هذه األثناء سـتقول جلمالئيل أن يَستكني‪،‬‬‫حّت ستكون َ‬ ‫ّ‬
‫لدي عِلم خبصوص هرمست‪ ،‬وإنّين أشكره لنصيحته‪ .‬ها حنن يف بيت عنيا‪ .‬فلنتوقّف هنا‬ ‫فلقد أصبَ َح َّ‬
‫ألابرككم َجيعاً‪ ،‬ألنّه املوضع الذي سوف نفرتق منه‪».‬‬

‫الر ُسل والتالميذ معاً‪ ،‬يباركهم ويصرفهم َجيعاً عدا هرمست ويوحنّا‬
‫وإذ اجتَ َمعوا َمموعة كبرية‪ُّ ،‬‬
‫األندوري وتيمون‪.‬‬
‫ّ‬
‫فصله عن بوابـة لعازر‪،‬‬ ‫ُث‪ ،‬مع أولئك الذين م َكثوا معه‪ ،‬يـ َقطع بسرعة اخلطوات القليلة اليت تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫دخل احلديقة رافعاً يده ليبارك البيت ال ُـمضيف‪ ،‬يف‬ ‫ِ‬
‫وهي اآلن مفتوحة على مصراعيها الستقباله‪ ،‬ويَ ُ‬
‫الوِرعات‪ ،‬الذين يضحكون جلري مرغزايم‬ ‫احلديقة الواسعة حيث يوجد هنا وهناك أرابب البيت والنساء َ‬
‫صيحاهتن‪ ،‬يَن َفذ‬
‫ّ‬ ‫َع ْرب الدروب املزيّنة ابلورود األخرية‪ .‬ومع أرابب البيت والنساء اللوايت يَصحن‪ ،‬ومع‬
‫ضيفا لِعازر‪ ،‬ليتم ّكنا ِمن املكوث بسالم‬ ‫َحد ال َـمسالِك يوسف الرامي ونيقودميوس‪ُ ،‬‬
‫وِها كذلك َ‬ ‫من أ َ‬
‫ِ‬
‫هرع اجلميع أمام يسوع‪ ،‬مرمي اببتسامتها اللطيفة‪ ،‬ومرمي اجملدليّة مع صيحة حبّها‪:‬‬ ‫مع املعلّم‪ .‬ويَ َ‬
‫الوقوران‪ ،‬ويف النهاية نساء أورشليم واجلليل الورعات‪،‬‬ ‫عرج‪ ،‬وعضوا اجملمع َ‬ ‫«معلّمي!»‪ ،‬ولعازر الذي يَ ُ‬
‫مر وهو ُييّي‬ ‫ذري‪ ،‬الوديع كوجه املالك الذي َُي ّ‬
‫اجملعدة‪ ،‬ووجوه الصبااي امللساء‪ ،‬ووجه أانليا العُ ّ‬
‫ابلوجوه ّ‬
‫املعلّم‪.‬‬

‫األوليّة‪.‬‬
‫«أليست سينتيكا هنا؟» يَسأل يسوع بعد التحيّات ّ‬

‫« ّإّنا مع سارة ومارسيل ونعومي ُُي ِّ‬


‫ضرن املائدة‪ .‬إّّنا ها ُه َّن آتيات‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 524 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جهني تَـَرَكت السنون‬ ‫ِ‬
‫وابلفعل‪ ،‬فَـها ه َّن ي ِ‬
‫بوجوههن املختلفة‪َ ،‬و َ‬
‫َّ‬ ‫لن مع العجوز استري بنت حنّة‬ ‫َ‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫آخرين صافيني‪ ،‬والوجه الصارم َّإّنا املشرق ابلسالم للفتاة‬ ‫جهني َ‬ ‫وو َ‬‫املاضية واآلالم آاثراً عليهما‪َ ،‬‬
‫اليواننية‪ ،‬املختلفة ابلعِرق‪ ،‬واليت مييّزها أيضاً شيء آخر إّّنا ال أدري ما هو‪.‬‬

‫غري أين ال ميكنين اعتباره َجاالً حقيقيّاً وأصيالً‪ .‬ولكن مع ذلك‪ ،‬فإ ّن عينيها بسوادِها اخلفيف‬
‫فع َمة نُبالً‪ ،‬تُثريان االنتباه أكثر ِمن جسمها الذي‬ ‫م‬
‫ُ َ‬ ‫عالية‬ ‫جبهة‬ ‫حتت‬ ‫الغامق‪،‬‬ ‫النيلي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫مع مسحات ِ‬
‫م‬
‫متناسق‪ ،‬م ِ‬
‫تناغم يف مشيته وحركاته‪ّ .‬إال أ ّن‬ ‫هو ابلتأكيد أَجل ِمن وجهها‪ِ .‬جسم حنيف دون ُحنول‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫متتص العامل لِتُفرزه‪،‬‬
‫كأّنا ّ‬
‫َّظرة هي اليت تثري االنتباه‪ :‬تلك النَّظرة الذكيّة واملت ّفتحة والعميقة‪ ،‬اليت تبدو و ّ‬
‫الن َ‬
‫حّت‬
‫سمح أبن يُنبَش ّ‬ ‫فتُبقي منه الصاحل والنافع واملق ّدس‪ ،‬وتَنبُذ ما هو سيّئ‪ ،‬ذلك النَّظر النَّـزيه الذي يَ َ‬
‫ليتفحص ما ُييط به‪ .‬وإذا كان صحيحاً أ ّن النَّظَر يسمح مبعرفة شخص ما‪،‬‬ ‫أعماقه‪ ،‬والروح يتجلّى ّ‬
‫فإنّين أقول إ ّن سينتيكا امرأة ذات إدراك واثِق‪ ،‬وأفكار اثبتة ونزيهة‪ّ .‬تثو هي كذلك مع األخرايت‬
‫حّت تَ َنهض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وتَنتَظر أمر املعلّم ّ‬
‫الرواق الذي يَسبِق البيت‪ ،‬ويدخل بعدئذ إىل غرفة‪،‬‬ ‫حّت ّ‬
‫يتق ّدم يسوع‪َ ،‬ع ْرب احلديقة اخلضراء‪ّ ،‬‬
‫فيها ُخ ّدام جاهزون لتقدمي املرطّبات ومساعدة القادمني للقيام ابلتَّطهري السابق لتناول الطعام‪ .‬وبينما‬
‫األندوري وهرمست إىل‬
‫ّ‬ ‫الر ُسل يف الغرفة‪ ،‬يف حني ميضي يوحنّا‬‫كل النساء‪ ،‬يبقى يسوع مع ُّ‬ ‫تنسحب ّ‬
‫بيت مسعان الغيور ليَضعوا احلقائب اليت كاان ُيمالّنا‪.‬‬

‫الفلسطيين الذي قَبِلتَه؟» يَسأل يوسف‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ب مع يوحنّا األعور‪ ،‬هل هو‬
‫«هذا الشاب الذي ذَ َه َ‬
‫عرفت ذلك؟»‬
‫«نعم اي يوسف‪ .‬كيف َ‬
‫بكل‬
‫«اي معلّم‪ ...‬منذ ّأايم‪ ،‬نيقودميوس وأان نتساءل كيف ميكننا معرفة ذلك‪ ،‬وكيف ميكن‪ّ ،‬‬
‫َسف أن يَع ِرفه اآلخرون يف اهليكل‪ .‬إّّنا ما هو أكيد هو أنّنا نَع ِرفه‪ .‬فَـ َقبل عيد ّ‬
‫املظال‪ ،‬أثناء اجللسة‬ ‫أَ‬
‫الفريسيّني قالوا ّإّنم يَعرفون ابلتأكيد أ ّن بني التالميذ‪ ،‬عدا‪- ...‬عفواً‬ ‫ِ‬
‫اليت تَسبق العيد عادة‪ ،‬عدد من ّ‬
‫مّت بن حلفى‪ -‬واحملكومني‬ ‫منهن واجملهوالت‪ ،‬والوثنيّني‪- ،‬عفواً اي ّ‬ ‫لعازر‪ -‬اخلاطئات‪ ،‬املعروفات ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 525 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فلسطيين غري َُمتون ووثنيّة‪ .‬ابلنسبة للوثنيّة اليت هي ابلتأكيد سينتيكا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السابقني ابألشغال الشاقّة‪ ،‬يوجد‬
‫ضجة بسببها‪ ،‬وهو قد أصبَ َح‬ ‫ث الروماينّ ّ‬ ‫أحد َ‬
‫فهم أنّه ممكن معرفة ذلك أو على األقل َُتمينه‪ .‬فقد َ‬ ‫يُ َ‬
‫كل‬ ‫يف‬ ‫يبحث‬ ‫‪،‬‬‫ا‬
‫ً‬ ‫د‬ ‫ط سخرية بني مواطنيه ووسط اليهود‪ ،‬ألنّه مضى شاكياً‪ ،‬ويف الوقت ذاته مه ِّ‬
‫د‬ ‫َُم ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أبّنا ُمتبئة يف‬
‫ص َل إىل ح ّد مضايقـة هريودس‪ ،‬ألنّه كان يقول عنها ّ‬ ‫حّت أنّه َو َ‬
‫مكان عن اهلاربة منه‪ّ ،‬‬
‫كل أولئك الرجال‬ ‫ِ‬
‫بيت حنّة‪ ،‬وأ ّن على حاكم الربّع إرغام القهرمان إبعادهتا إىل سيّدها‪ .‬ولكن من بني ّ‬
‫أن آخر كان يوماً ُمكوماً عليه‬ ‫يتبعونك‪ ،‬أن ميكن معرفة أن أحدهم هو فلسطيين غري ُمتون‪ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫الذين‬
‫ّ‬
‫لك ذلك غريباً‪ ،‬بل وغريباً ج ّداً؟»‬
‫ابألشغال الشاقّة!‪ ...‬أال يبدو َ‬
‫«نعم وال‪ .‬سوف أتدبّر أمر سينتيكا واحملكوم سابقاً ابألشغال الشاقّة‪».‬‬

‫َجاعتك‪».‬‬ ‫خاصة إببعاد يوحنّا‪ .‬فال خري يُرجى منه ضمن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫«نعم‪ُ .‬حتسن عمالً‪ّ ،‬‬

‫أصبحت ّفريسيّاً؟» يَسأل يسوع بِ َ‬


‫صرامة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫«اي يوسف‪ ،‬هل ُُيتَ َمل أن تكون قد‬

‫«ال‪ ...‬ولكن‪»...‬‬
‫«وأان‪ ،‬هل علي أن أَحتَ ِقر نفساً ّتدَّدت‪ ،‬من أجل َحت ِرُج سخيف لفريسية ِ‬
‫فاس َدة؟ ال‪ ،‬لن‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫أحرص على سكينتها‪ ،‬سكينتها هي ال أان‪ .‬سوف أسهر على إعدادها كما‬ ‫أفعل ذلك! بل سوف ُ‬
‫تفوه بكالم‬ ‫الروحي! الواحد ي ّ‬
‫ّ‬ ‫أسهر على نـَ ْفس مرغزايم الربيء‪ .‬ففي احلقيقة‪ ،‬ال فرق بينهما يف اجلَّهل‬
‫يتفوه‬ ‫ِ‬
‫ب إليه اخلـاطئ‪ .‬واآلخر ّ‬ ‫مرة أل ّن هللا قد َغ َفر له‪ ،‬ألنّه ُولد اثنية يف هللا‪ ،‬أل ّن هللا َج َذ َ‬
‫ألول ّ‬
‫احلكمة ّ‬
‫حب هللا‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ِ‬
‫حب اإلنسان‪ ،‬إضافة إىل ّ‬ ‫هملة‪ ،‬إىل مر َاه َقة يَسهر عليها ّ‬ ‫هبا ألنّه بعبوره من طفولة ُم َ‬
‫يوشك أن يقول‬ ‫نـَ ْفسه تتفتَّح كما تُويج زهرة للشمس‪ ،‬والشمس تُنريها بذاهتا‪ .‬مشسـه‪ :‬هللا‪ .‬واألول ِ‬
‫ّ‬
‫أود لو‬ ‫كالمه األخري‪ ...‬أليس لكم عيون لِ‬
‫احلب؟ آه! يف احلقيقة‪ ،‬إنّين ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫التوبة‬ ‫يف‬ ‫يتالشى‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫رت‬
‫َ‬
‫أنت اي‬
‫أود لو يكون لكما‪َ ،‬‬ ‫األندوري يف إسرائيل ووسط ُخ ّدامي‪ُّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫أحصل على كثريين أمثال يوحنّا‬
‫أنت اي نيقودميوس‪ ،‬قلباً مثل قلبه‪ ،‬ومعكما ذاك الذي َو َشى به‪ ،‬األفعى الوضيعة املختبئة حتت‬ ‫يوسف و َ‬
‫ظهر صديق وهو جاسوس‪ ،‬قبل أن يكون َمرماً س ّفاحاً‪ .‬األفعى اليت َحتسد العصفور على جناحيه‪،‬‬ ‫َم َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 526 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وحّت‬ ‫وتَنصب له ِ‬
‫يتحول العصفور إىل مالك‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫سوف‬ ‫ال!‬ ‫آه!‬ ‫السجن‪.‬‬ ‫يف‬ ‫وترميه‬ ‫منه‬ ‫لتنتزعهما‬ ‫خاخ‬ ‫الف‬ ‫ُ‬
‫يتحوالن ‪-‬حاملا‬ ‫ِ‬
‫لو استطاعت تلك األفعى انتزاع جناحيه‪ ،‬وهي لن تستطيع فعل ذلك‪ ،‬فسوف ّ‬
‫اش هو شيطان‪».‬‬‫فكل و ٍ‬ ‫شيطان‪.‬‬ ‫جناحي‬ ‫إىل‬ ‫‪-‬‬ ‫ق‬‫الدبِ‬
‫وضعان على جسدها َّ‬‫يُ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ولكن أين هو هذا الشخص؟ قُل يل ألذهب حاالً وأنتزع لسانه‪ ».‬يهتف بطرس‪.‬‬

‫السامة‪ ».‬يقول يوضاس بن حلفى‪.‬‬


‫فعل أفضل لو تَنتَ ِزع أسنانه ّ‬
‫«تَ َ‬
‫شر‪،‬‬
‫حادة‪« .‬األفضل َذحبه! وهكذا ال يعود يتسبّب ابل ّ‬
‫يوطي بلهجة ّ‬‫«ولكن ال!» يقول االسخر ّ‬
‫وال أبيّة طريقة‪ّ .‬إّنم أانس يستطيعون األذيّة على الدوام‪»...‬‬

‫أي شيء ض ّده‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أي إنسان ّ‬ ‫ُُي ّدق فيه يسوع ويُكمل‪...« :‬والكذب‪ .‬ولكن ينبغي ّأال يفعل ّ‬
‫خيص هرمست‪ ،‬فأان سوف أبقى هنا‪ ،‬يف بيت‬ ‫ّنتم ابألفعى‪ .‬وفيما ّ‬ ‫ُيب ّأال نَ َدع العصفور يَهلك وحنن ّ‬
‫لعازر‪ ،‬من أجل ختان هرمست ذاك الذي يزعج داينة شعبنا املق ّدسة‪ ،‬حبّاً يب ولتحاشي اضطهادات‬
‫صغار النفوس من قِبَل اليهود‪ .‬صحيح أنّه خطوة للعبور ِمن الظلمات إىل النور‪ .‬إّّنا هو ليس بتلك‬
‫أي كان‪ .‬ولكنّين أوافق عليه للتخفيف ِمن حساسيّة إسرائيل‪،‬‬ ‫قلب‬ ‫إىل‬ ‫ج‬‫اخلطوة الضرورية جلعل النُّور يلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الفلسطيين احلقيقيّة يف الوصول إىل هللا‪ .‬ولكنّين أقوهلا لكم‪ ،‬هذا ليس ضرورّايً يف زمن‬
‫ّ‬ ‫وإلظهار إرادة‬
‫احلب‪ ،‬تكفيه استقامة الضمري‪ .‬وأين َُنَِت اليواننيّة؟ يف‬
‫املسيح لالنتماء إىل هللا‪ .‬يكفي املرء اإلرادة و ّ‬
‫س ابهلل أفضل ِمن الكثريين من أبناء إسرائيل؟‬ ‫ّ‬
‫أية نقطة ِمن روحها إذا ما كانت قد ع ِرفَت بذاهتا أن ُِ‬
‫حت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كأّنم ُهم‬
‫يف احلقيقة‪ ،‬وسط املوجودين هنا‪ ،‬كثريون هم ظُلُمات‪ ،‬ابملقارنة مع أولئك الذين حت ّقروّنم و ّ‬
‫الظُّلُمات‪ .‬على أيّة حال‪ ،‬فالواشي وأنتم اي أعضاء اجملمع‪ ،‬ميكنكم إعالم أصحاب الشأن أ ّن ّ‬
‫الشك‬
‫يل ابتداء ِمن هذا اليوم ابلذات‪».‬‬ ‫قد أُز َ‬
‫«ابلنسبة لِ َمن؟ ابلنسبة للثالثة؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 527 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لديك ما‬
‫«ال اي يهوذا بن مسعان‪ .‬ابلنسبة هلرمست‪ .‬ابلنسبة لآلخرين سوف أتدبّر األمر‪ .‬هل َ‬
‫تسأل عنه غري هذا؟»‬

‫«أان‪ ،‬ال‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬

‫كنت عاملاً بذلك‪،‬‬


‫َلك أن تقول يل‪ ،‬إذا َ‬
‫لك‪ .‬يف هذه األثناء أَسأ َ‬
‫لدي ما أقوله َ‬
‫«وال أان‪َ ،‬مل يـَعُد َّ‬
‫ماذا َح َّل مبعلّم سينتيكا‪».‬‬

‫َرسلَه إىل إيطاليا على ّأول سفينة ُمقلِ َعة‪ ،‬لتحاشي املشاكل مع هريودس ومع‬
‫«إ ّن بيالطس قد أ َ‬
‫مير بظـروف صعبة‪ ...‬وهذا يكفيه‪ »...‬يقول نيقودميوس‪.‬‬ ‫ـام‪ .‬فإ ّن بيالطس ّ‬
‫اليهود بشكل ع ّ‬
‫«هل اخلََرب أكيد؟»‬

‫أيت ذلك حسناً‪ ».‬يقول لعازر‪.‬‬


‫«إبمكاين التح ّقق منه‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬إذا ر َ‬
‫افعل وقُل يل احلقيقة بعدئذ‪».‬‬
‫«نعم‪َ ،‬‬
‫اتم يف بييت‪».‬‬
‫لكن سينتيكا يف أمان ّ‬
‫«و ّ‬
‫أجنيب غليظ القلب‪ .‬ولكنّين أريد‬ ‫ِ‬
‫العبد الالجئ من معلّم ّ‬
‫«أعرف ذلك‪ .‬كذلك إسرائيل َحتمي َ‬
‫معرفة ذلك‪».‬‬

‫الفريسيّني الظريف ذاك‪ ...‬وأيضاً أريد أن أعرف‪،‬‬ ‫ِ‬


‫«وأان أريد معرفة الواشي‪ ،‬ال ُـمخرب‪ ،‬جاسوس ّ‬
‫الفريسيّني ومدّنم‪ .‬أحت ّدث‬
‫لنتعرف إىل أمساء أولئك ّ‬ ‫الفريسيّون املشتكون‪ّ .‬‬
‫وهذا يسهل معرفته‪َ ،‬من هم ّ‬
‫الفريسيّني الذين قاموا بعمل اإلعالم اجلميل‪ ،‬بفضل خيانة أحدان ال ُـمسبَـ َقة‪ ،‬ألنّنا الوحيدون الذين‬
‫عن ّ‬
‫نعرف بعض األمور‪ ،‬حنن التالميذ‪ ،‬القدامى منّا واجلُّدد‪ ،‬العمل اجلميل إبعالم اجملمع عن أعمال املعلّم‪.‬‬
‫حبق‪ ،‬وما َمن يقول أو يُف ّكر عكس ذلك ّإال شيطان و‪»...‬‬ ‫تلك األعمال اليت هي صحيحة ّ‬
‫آمرك بذلك‪».‬‬
‫«يكفي هذا اي مسعان بن يوان‪َ .‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 528 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«وأان أطيع‪ ،‬رغم أ ّن اجملهود الذي أقوم به َُيعل أوِردة قليب تن َف ِجر‪ .‬وها قد أ ِ‬
‫ُفسدت متعة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النهار‪»...‬‬

‫تغري ابلنسبة لنا؟ وإذن؟ اي مسعاين! ولكن تعال هنا إىل جانيب‪ ،‬ولنتح ّدث‬
‫«ال‪ .‬ملاذا؟ أهناك ما ّ‬
‫عما هو صاحل‪»...‬‬
‫ّ‬
‫«جاء َمن ُخيِربان أ ّن الطعام جاهز اي معلّم‪ ».‬يقول لعازر‪.‬‬

‫«هيّا بنا إذن‪»...‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 529 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -147‬سينتيكا تتحدث يف بيت لعازر)‬

‫‪1945 / 09 / 22‬‬

‫تعج ابلتالميذ‬
‫يسوع جالس يف الدار ذات األروقة‪ ،‬داخل البيت‪ ،‬يف بيت عنيا‪ ،‬الدار اليت رأيتُها ّ‬
‫مرمري تغطّيه وسادات‪ ،‬وظهره ُمستَنِد إىل ِجدار البيت‪ُُ ،‬ييط‬
‫صبيحة قيامة يسوع‪ .‬جالس على مقعد ّ‬
‫الر ُسل والتالميذ ويوحنّا وتيمون ابإلضافة إىل يوسف ونيقودميوس‪ ،‬ونساء َوِرعات‪،‬‬ ‫به معلّمو البيت و ُّ‬
‫مهتمون إىل‬ ‫ِ‬
‫وهو يَستَمع إىل سينتيكا اليت تبدو ّأّنا ُّتيب وهي واقفة على سؤال طََر َحه عليها‪ .‬اجلميع ّ‬
‫وهم يَستَ ِمعون بوضعيّات ُمتلفة‪ ،‬البعض َُيلسون على املقاعد وآخرون على األرض‪ ،‬وآخرون‬ ‫ح ّد ما‪ُ ،‬‬
‫يَِقفون‪ ،‬وآخرون يَستَنِدون إىل العواميد أو اجلدار‪.‬‬

‫ُذعن‪ ،‬أن أرفض اإلذعان‬ ‫«‪...‬تلك كانت ضرورة‪ ،‬كيال أَشعر بِثِقل وضعي كلّه‪ .‬كان ضرورايً ّأال أ ِ‬
‫ُ‬
‫كنت وحيدة‪َ ،‬عْبدة ُمنتَـَزعة ِمن وطين‪ ،‬وأن أُف ِّكر أ ّن أيب و ّأمي وإخويت وإزمني (‪Ismene‬‬ ‫لفكرة أنّين ُ‬
‫حّت‬
‫هي ابنة أوديب ملك طيبة يف امليثولوجيا اإلغريقية) اللطيفة مل يَ ُكونوا قد ضاعوا إىل األبد‪ .‬ولكن‪ّ ،‬‬
‫الدواب‪ ،‬حنن الذين‬ ‫وابعتنا ِمثل َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فرقنا‪ ،‬كما كانت روما قد فَـَّرقتنا َ‬
‫ب علينا ليُ ّ‬‫ولو كان العامل كلّه قد أتل َ‬
‫مادة‬
‫مادة‪ّ ،‬‬‫كنّا أحراراً‪ ،‬كان سيجمعنا مكان ما‪ ،‬فيما وراء هذه احلياة‪ .‬التفكري أب ّن حياتنا ليست فقط ّ‬
‫ألي قيد أن َأي ِسرها ِسوى اإلرادة الطوعية إلهدار احلياة يف‬ ‫ِ‬
‫تُـ َقيّد‪ ،‬بل إ ّن يف داخلها ّقوة ُحّرة‪ ،‬ال ميكن ّ‬
‫جسدي‪ .‬أنتم تُس ُّـمون ذلك‪" :‬خطيئة"‪ّ .‬أما الذي كان‪ ،‬والذين كانوا أنواري‬ ‫ّ‬ ‫احنالل أخالقي وفُجور‬
‫سمرة ابجلسد‬ ‫فسرون ذلك بطريقة أخرى‪ .‬ولكنّهم يوافقونكم يف أ ّن نفساً ُم َّ‬ ‫يف ظُلمة ليل عبودييت‪ ،‬في ِ‬
‫ّ ُ ّ‬
‫سميه حنن احلياة املشـرتكة‬
‫تسمونه أنتم ملكوت هللا‪ ،‬وما نُ ّ‬
‫تتوصل إىل ما ّ‬‫ابلشهوات الرديئة واجلسديّة‪ ،‬ال ّ‬
‫املاديّة‪ ،‬والعمل ِِجب ّد على بلوغ حريّة اجلسـد‪،‬‬
‫يف اهلادس مع اآلهلـة‪ .‬ابلنتيجة‪ُ ،‬يب حتاشي الوقوع يف ّ‬
‫ابحلصول على مرياث ِمن الفضائل‪ ،‬لِنَيل خلود سعيد‪ ،‬و ّ‬
‫االحتاد ابلذين أحببناهم‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 530 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فتحس الواحدة ابلنتيجة‪،‬‬ ‫األحياء‪،‬‬ ‫نفس‬ ‫ازرة‬
‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫التفكري أب ّن ما من شيء َمينَع نـَ ْفس األموات ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫األم إىل جانبها‪ ،‬فتعود نظرهتا وصوهتا عندما تتح ّدث إىل نـَ ْفس ابنتها‪ ،‬والتم ّكن ِمن القول‪:‬‬ ‫أب ّن نـَ ْفس ّ‬
‫ِ‬
‫صوتك‪ ،‬نعم‪.‬‬ ‫تتوضع الدموع يف‬
‫نظرك‪ ،‬نعم‪ .‬لكيال ّ‬ ‫إليك‪ ،‬نعم‪ .‬لكيال يضطَ ِرب ِ‬ ‫"نعم‪ ،‬أُماه‪ ،‬للمجيء ِ‬
‫ّ‬
‫كل هذا أُحافِظ على نفسي ُحّرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كيال ميتلئ اهلادس ابحلزن حيث تكونني أنت بسالم‪ ،‬نعم‪ .‬من أجل ّ‬
‫مين‪ ،‬والذي أريد احملافظة عليه نقيّاً طاهراً‪ ،‬لكي‬‫الشيء الوحيد الذي أملكه‪ ،‬وال يستطيع أحد انتزاعه ّ‬
‫كنت أريد أن أُف ِّكر وأن‬
‫حرية وفرحاً‪ .‬وهكذا ُ‬ ‫أستطيع إخضاع عقلي للفضيلة‪ ".‬التفكري هكذا كان ّ‬
‫ومن ُُثّ العمل أبسلوب ال يتوافق مع التفكري‪ ،‬إ ْن هو ّإال فلسفة خاطئة ومبتورة‪.‬‬ ‫أتصرف‪ .‬أل ّن التفكري ِ‬
‫َّ‬
‫حّت يف املنفى‪َ ،‬وطَن يف عُمق األان‪ ،‬هبياكله وإميانه‬
‫التفكري هكذا كان مبثابة إعادة بناء َوطَن‪ّ ،‬‬
‫سر النَّـ ْفس اليت تعرف ّأّنا ال‬
‫ي‪ ،‬وإن مل يكن لدرجة كبرية‪ ،‬يف ّ‬
‫سر ّ‬
‫ومعتَـ َقده ومشاعره‪ ...‬وطن كبري‪ّ ،‬‬‫ُ‬
‫تعرف يف‬ ‫كأّنـا َحبّـار وسط البحر الواسع‪ ،‬ت ّ‬
‫حّت ولو كانت تعرفه يف الوقت احلاضر‪ ،‬و ّ‬ ‫ّتهل املاوراء‪ّ ،‬‬
‫يل‪ ،‬مع بعض نقاط تكاد‬ ‫أو‬ ‫تصميم‬ ‫ثل‬ ‫صبيحة ضبابية إىل تفاصيل الشاطئ‪ :‬بشكل غري واضح‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املالح التَّعِب الذي أّنَ َكته العواصف ليقول‪" :‬هوذا املرفأ‪،‬‬
‫تكون واضحة‪ ،‬ومع ذلك تكفي‪ ،‬آه! تكفي ّ‬
‫إنّه السـالم"‪ .‬وطن النُّفوس‪ ،‬املكـان الذي أتت منه‪ ...‬مكان احلياة‪.‬‬

‫أل ّن احلياة تُولَد ِمن املوت‪ ...‬آه! مل أفهم ذلك ّإال نصف فهم‪ ،‬طاملا مل أكن أعرف َكلِمة ِمن‬
‫كل‬ ‫أضحى‬ ‫و‬ ‫كري‪.‬‬‫كلماتك‪ .‬بعد ذلك‪ ...‬ما حصل بعد ذلك‪ ،‬هو كأ ّن شعاع مشس ضرب ماس فِ‬
‫ّ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫توصلوا‪ ،‬وكيف اتهوا فيما بعد‪ ،‬أل ّن أحد‬ ‫أي ح ّد كان معلّمو اليوانن قد َّ‬
‫كت إىل ّ‬
‫شيء نوراً‪ ،‬وأدر ُ‬
‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫حلل نظريّة احلياة واملوت متاماً‪ .‬ذلك ال ُـمعطى هو‪ :‬هللا‬
‫املعطيات كان ينقصهم‪ ،‬واحد فقط ّ‬
‫كل ما هو موجود!‬
‫رب وخالق ّ‬ ‫ّ‬
‫أتيت ِمثل اجلميع‪ .‬فهو الذي‬
‫بشفيت الوثنيّتني؟ نعم‪ ،‬أستطيع‪ ،‬ألنّين منه ُ‬
‫َّ‬ ‫هل إبمكاين تسميته‬
‫كل الناس‪ ،‬ولدى األكثر حكمة‪ ،‬ذكاء فائقاً ُيعلهم يبـدون‪ ،‬حقيقة‪ ،‬كأنصاف‬ ‫ض َع ال ُقدرة يف روح ّ‬
‫َو َ‬
‫آهلة‪ ،‬بقدرة تتجاوز حدود البشريّة‪ .‬نعم‪ ،‬ألنّه هو الذي َج َعلَهم يكتبون تلك احلقائق اليت هي اآلن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 531 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك‪ ،‬أقلّه أخالقيّاً‪ ،‬وقادراً على حفظ النفوس "حيّة"‪ ،‬ليس م ّدة‬ ‫ِ‬
‫مبثابة ال ّدين‪ ،‬وقد يكون إهليّا كالذي َ‬
‫احلياة هنا على األرض‪ ،‬بل إّّنا إىل األبد‪.‬‬

‫ومن قاهلا كان َك َمن ليس َمثِالً متاماً‪ ،‬بل إّّنا َك َمن‬
‫كت معىن‪" :‬ابملوت تُولَد احلياة"‪َ .‬‬ ‫منذئذ أدر ُ‬
‫يتمتّع بذكاء هائل‪ .‬لقد قال كالماً فائقاً‪ ،‬ولكنّه مل يُد ِرك ُك َنهه متاماً‪ .‬أان‪ ،‬أيّها السيّد‪ ،‬ساُمين لكربايئي‪،‬‬
‫فهمت أفضل منه‪ ،‬ومنذ ذلك احلني وأان سعيدة‪».‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فهمت؟»‬ ‫«ماذا‬

‫اجلنيين للحياة‪ ،‬واحلياة احلقيقيّة تبدأ حينما يَلِدنـا املوت…‬


‫ّ‬ ‫«أ ّن هذا الوجود ليس سوى األصل‬
‫أسأت التعبري؟»‬
‫بك‪ .‬هل ُ‬ ‫يف اهلادس كوثنيّة‪ ،‬ويف احلياة األبديّة كمؤمنة َ‬
‫ِ‬
‫أحسنت قوالً‪ ،‬اي امرأة‪ ».‬يؤّكد يسوع‪.‬‬ ‫«بل‬
‫ِ‬
‫استطعت أن تَعلَمي بكالم املعلّم؟»‬ ‫ي ِ‬
‫قاطع نيقودميوس‪« :‬ولكن كيف‬‫ُ‬
‫كنت أحبث عن طعامي‪ .‬كقارئة‪ ،‬بفضل ثقافيت وصويت‬ ‫ِ‬
‫«اجلائع يُفتّش عن الطعام‪ ،‬اي سيّد‪ .‬وأان ُ‬
‫كنت‬
‫ت بعد‪ُ .‬‬ ‫مي‪ .‬ولكنّين مل أكن قد َشبِع ُ‬
‫كنت أستطيع قراءة الكثري يف مكتبات معلّ ّ‬
‫اجلميل ولفظي‪ُ ،‬‬
‫ذهيب‪،‬‬
‫املؤرخة‪ ،‬وكسـجينة يف قفص ّ‬ ‫أشعر أنّه ما تزال هناك أمور أخرى وراء جدران العلوم البشريّة َّ‬
‫أتيت إىل فلسطني مع‬ ‫كنت أضرب اجلدران‪ ،‬أُحا ِول فتح األبواب عنوة للخـروج‪ ،‬ألجد‪ ...‬وعندما ُ‬ ‫ُ‬
‫كنت أخشى الوقوع يف الظُّلُمات‪ ...‬على العكس‪ُ ،‬‬
‫كنت أسري إىل النور‪ .‬فكالم ُخ ّدام‬ ‫معلّمي األخري‪ُ ،‬‬
‫دخل منها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيصريّة كان كضرابت املعاول اليت تُفتّت اجلدران‪ ،‬فاحتة فجوات تتعاظم ابستمرار‪ ،‬لتَ ُ‬
‫كنت‬
‫ضم الطفل الآللئ يف اخلَيط‪ُ ،‬‬ ‫أتلقف تلك الكلمات وتلك املعارف‪ ،‬وكما يَ ّ‬ ‫كنت َّ‬‫كلمتك‪ .‬وأان ُ‬‫َ‬
‫أتطهر ابستمرار‪ ،‬من أجل تقبُّل‬ ‫كنت أستَخلِص منها قدرة لكي َّ‬ ‫أجعل منها زينة‪ُ ،‬‬ ‫كنت َ‬‫أُسطّرها‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫حّت ولو كان الثمن‬ ‫أردت أن أكون طاهرة‪ّ ،‬‬‫بتطهري أجدها‪ .‬ومنذ هذه األرض‪ُ .‬‬ ‫هت أنّين ُّ‬‫احلقيقة‪ .‬وتنبَّ ُ‬
‫إيل بدهشة‪.‬‬ ‫وهم يَنظُرون َّ‬
‫ريب‪ ،‬إين أقول عبارات جنونيّة‪ُ .‬‬ ‫حيايت‪ ،‬ملالقاة احلقيقة واحلكمة واأللوهة‪ّ .‬‬
‫مين‪»...‬‬
‫أنت الذي طلبتَها ّ‬‫ك َ‬ ‫ولكنّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 532 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الضروري أن تتكلّمي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫«تكلّمي‪ ،‬تكلّمي‪ِ .‬من‬

‫قاومت الضغوط اخلارجيّة‪ .‬كان إبمكاين أن أكون ُحّرة وسعيدة حبسب العامل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بقوة واعتدال‪،‬‬
‫« ّ‬
‫ُابدل احلكمة ابلل ّذة‪ ،‬إذ بدون احلكمة ال تنفع الفضائل‬ ‫كان يكفيين أن أريد ذلك‪ .‬ولكنّين مل أشأ أن أ ِ‬
‫األخرى َجيعها يف شيء‪ .‬هو‪ ،‬الفيلسوف قاهلا‪" :‬العدل والقناعة (االعتدال) وال ُقدرة‪ ،‬إذا مل تُرافِقها‬
‫كنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حقيقي"‪ .‬أان‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أي شيء راسخ أو‬‫الصماء‪ ،‬فضيلة تُناسب اجلَّاهلني‪ ،‬بال ّ‬
‫احلكمة‪ ،‬فهي كاللوحة ّ‬
‫ـك حبضوري‪ .‬حينئذ أصبَ َحت اجلدران‬ ‫راغبة ابألشياء احلقيقيّة‪ .‬معلّمي‪ ،‬ذلك األمحق‪ ،‬كان يتح ّدث عن َ‬
‫االحتاد ابحلقيقة‪ .‬وهذا ما فعلتُهُ‪».‬‬
‫كفي اإلرادة لتمزيق الستار و ّ‬‫كأّنا ستار‪ .‬كانت تَ ِ‬
‫و ّ‬

‫يوطي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫« َمل تكوين تَعلَمني أنّك ستجديننا‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫الذهب‪ ،‬وال اجملد‪ ،‬وال‬ ‫كنت أعرف أن أؤمن أ ّن اآلهلة تُكافِئ الفضيلة‪ .‬أان‪ ،‬مل أكن أطلُب َّ‬ ‫« ُ‬
‫كنت أطلُبها ِمن هللا‪،‬‬
‫كنت أطلُب احلقيقـة‪ .‬هي اليت ُ‬ ‫حّت وال هذه األخرية‪ .‬ولكنّين ُ‬‫احلرية اجلسديّة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الرضى أبن أصبح‬ ‫التدين ألصبح "شيئاً"‪ ،‬وأكثر ِمن ذلك ِّ‬ ‫كنت أريد أن أّتَنَّب ّ‬
‫وإما أن أموت‪ُ .‬‬ ‫ّإما هي ّ‬
‫رب‪ ،‬أل ّن البحث‪ ،‬حينما مير َع ْرب‬ ‫عنك‪ ،‬اي ّ‬ ‫جسدي‪ ،‬أثناء حبثي َ‬‫ّ‬ ‫بكل ما هو‬
‫زهد ّ‬ ‫كنت أُ َ‬
‫كذلك‪ُ .‬‬
‫لظين أبن عيناي قد‬ ‫جملرد رؤييت ّإايك ّ‬‫بت ّ‬ ‫الحظت كيف أنَّين قد هر ُ‬
‫َ‬ ‫األحاسيس فإنّه يبقى انقصاً ‪-‬وقد‬
‫وجدتك أل ّن‬
‫َ‬ ‫خدعتين‪ -‬حينئذ سلَّ ُ‬
‫مت نفسي هلل‪ ،‬الذي يسمو عنّا وهو فينا‪ ،‬ويُعلّم النَّـ ْفس عن ذاته‪ .‬و‬
‫إليك‪».‬‬
‫نفسي قادتين َ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أيض‬ ‫يقول‬ ‫»‬‫ة‪.‬‬ ‫وثني‬ ‫س‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ن‬ ‫هي‬ ‫ِ‬
‫نفسك‬ ‫« َّإّنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة عندما تبذل جهداً للمحافظة على‬
‫إهلي يف ذاهتا‪ّ ،‬‬
‫لكن النَّـ ْفس فيها على الدوام شيء ّ‬
‫«و ّ‬
‫سعى ابلنتيجة إىل أمور ِمن ذات طبيعتها‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ذاهتا من اخلطأ‪ ...‬وتَ َ‬
‫نفسك ابهلل‪ِ ،‬‬
‫أنت؟»‬ ‫ِ‬ ‫«هل تُقا ِرنني‬

‫«ال‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 533 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«فإذن ملاذا تقولني هذا؟»‬

‫أنت‪ ،‬تلميذ املعلّم‪َ ،‬من يسألين عن ذلك؟ أان اليواننيّة‪ ،‬واحلُّرة منذ بعض الوقت؟‬ ‫«كيف؟ أهو َ‬
‫أصم؟ وهو أ َْما‬
‫ك ّ‬ ‫ص َل ح ّداً َج َعلَ َ‬‫فيك َو َ‬
‫أنت؟ أ َْم ابألحرى َُت ُّمر اجلسد َ‬
‫عندما يتكلّم هو‪ ،‬أفال تسمع َ‬
‫كان يقول على الدوام إنّنا أبناء هللا؟ إنّنا إذن آهلة‪ ،‬إذا كنّا أبناء اآلب‪ ،‬األب الذي هو أبوه وأبوان‪،‬‬
‫أبين غري‬ ‫والذي يتح ّدث عنه على الدوام‪ .‬قد تقول عين أبنّين لست متو ِ‬
‫ميكنك ّاهتامي ّ‬
‫َ‬ ‫اضعة‪ ،‬إّّنا ال‬ ‫ُ ُ‬
‫مؤمنة وال مبالية‪».‬‬

‫ك؟ »‬ ‫ك تعلّ ِ‬
‫مت كل شيء يف ُكتُب يوانن ِ‬ ‫نفسك أفضل مين؟ أتظنّني أنّ ِ‬
‫ِ‬ ‫«لدرجة أنّ ِ‬
‫ك تظنّني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ال‪ .‬ال هذا وال ذاك‪ .‬بل إّّنا ُكتُب احلكماء‪ِ ،‬من حيثما كانوا‪ ،‬أعطتين احلـ ّد األدىن لتقودين‪ .‬ال‬
‫مين‪ .‬ولكنّين سعيدة يف مصريي الذي أاتين ِمن هللا‪ .‬ماذا ميكنين‬ ‫ائيلي أفضل ّ‬‫أشك يف أن يكون اإلسر ّ‬ ‫ّ‬
‫وجدت املعلّم‪ .‬وأُف ِّكر أ ّن هذا قَ َدري‪ ،‬إذ إنّين أرى يف‬
‫ُ‬ ‫كل شيء حينما‬ ‫وجدت ّ‬
‫ُ‬ ‫أن أشتهي أكثر؟ لقد‬
‫علي‪ ،‬وقد خطَّت يل قَ َدراً عظيماً‪ ،‬وأان مل أفعل شيئاً سوى االمتثال له‪ ،‬ألنّين‬ ‫درة تسهر ّ‬ ‫احلقيقة أ ّن قُ َ‬
‫كت أبنّه كان قدراً صاحلاً‪».‬‬
‫كنت قد أدر ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اسرتجعك‪ ،‬فكيف‬ ‫ليظي القلب‪ ...‬ولو كان األخري مثالً قد‬ ‫غ‬ ‫ألسياد‬ ‫بدة‬‫ع‬ ‫«صاحلاً؟ لقد ِ‬
‫كنت‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫رك‪ ،‬اي من ِ‬
‫أنت حكيمة إىل هذا احل ّد؟»‬ ‫كان سيكون عليه قَ َد ِ‬
‫َ‬
‫«امسك يهوذا‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫«نعم‪ .‬وإذاً؟»‬

‫مك‪ُ .‬كن حذراً أل ّن الته ّكم غري‬


‫امسك ابإلضافة إىل هت ّك َ‬
‫«إذاً‪ ...‬ال شيء‪ .‬أريد أن أتذ ّكر َ‬
‫كنت سأقتل‬‫حّت لدى أصحاب الفضائل‪ ...‬كيف كان سيكون قدري؟ من احملتمل أنّين ُ‬ ‫مستحسن‪ّ ،‬‬
‫نفسي‪ .‬إذ يف احلقيقة‪ ،‬يف بعض احلاالت‪ ،‬املوت خري ِمن احلياة‪ ،‬رغم أ ّن الفيلسوف يقول أبنّه ِمن‬
‫احلق يف‬
‫غري املستحسن‪ ،‬بل من الكفر أن ُيصل املرء على هذا اخلري بنفسه‪ ،‬فاآلهلة فقط ميلكون ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 534 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َفعل ذلك هو ما منعين من فعله أثناء سلسلة مصريي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دعوتنا إليهم‪ .‬وهذا االنتظار إلشارة من اآلهلة أل َ‬
‫كنت‬ ‫ِ‬
‫احلزين‪ .‬ولكنّين حينئذ‪ ،‬لو كان ذلك املعلّم النَّجس قد اسرتجعين‪ ،‬لكنت سأرى اإلشارة الفائقة‪ ،‬و ُ‬
‫سأفضل املوت على احلياة‪ .‬فأان كذلك أمتتّع ابلكرامة‪ ،‬أيّها الرجل‪».‬‬
‫ّ‬
‫اسرتجعك اآلن؟ ِ‬
‫أكنت ستتّخذين دائماً التدابري ذاهتا‪»...‬‬ ‫ِ‬ ‫«ولو كان‬

‫«اآلن لن أقتل نفسي أبداً‪ .‬فاآلن أعرف أ ّن العنف ض ّد اجلسد ال َُيَرح الروح الـذي ال يُوافِق‬
‫حّت يقتلين العنف‪ .‬فهذا كذلك أعتربه إشارة من هللا الذي‬ ‫على ذلك‪ .‬اآلن أقاوم حّت ُحت ِ‬
‫القوة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫مين‬ ‫ّ‬‫ط‬ ‫ّ‬
‫يدعوين إليه ِمن خالل هذا العنف‪ .‬واآلن أموت مطمئنّة‪ ،‬عاملة أنّه مل يكن ّإال لفقدان ما هو فان‪».‬‬
‫ِ‬
‫أحسنت اإلجابة اي امرأة‪ ».‬يقول لعازر‪ ،‬ويؤّكد نيقودميوس كذلك‪.‬‬‫«‬

‫يوطي‪.‬‬
‫«االنتحار غري مسموح به مطلقاً‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫أنت اي سينتيكا‪ِ ،‬‬
‫عليك التفكري أب ّن‬ ‫«كثرية هي األمور احملظورة‪ ،‬واملرء ال َُي ِرتم احلظر‪ .‬ولكن ِ‬
‫َ‬
‫لك لو‬ ‫صانك حّت ِمن العنف ض ّد ِ‬
‫ذاتك‪ .‬اآلن اذهيب‪ .‬وأكون ممتنّاً ِ‬ ‫ِ‬ ‫هللا‪ ،‬كما ِ‬
‫قادك على الدوام‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫الصيب وجلبتِ ِه يل‪ ».‬يقول يسوع بلطف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫يل‬ ‫ِ‬
‫حبثت‬
‫تنحين املرأة حّت تُ ِ‬
‫المس األرض ومتضي‪ .‬يتبعها اجلميع ابلنَّظَر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لست أفهم ملاذا األمور اليت كانت ابلنسـبة هلا "حياة"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يُتمتم لعازر‪« :‬األمر كان معها هكذا! أان ُ‬
‫كانت ابلنسبة لنا حنن اإلسرائيليّني "مواتً"‪ .‬ولو أتيحت لكم الفرصة لالستماع إليها اثنية‪ ،‬لرأيتم أ ّن‬
‫أفس َدتنا‪ ،‬حنن‪ ،‬رغم امتالكنا للحكمة‪ ،‬قد َخلَّ َ‬
‫صتها‪ ،‬هي‪ ،‬ملاذا؟»‬ ‫اهللّينيّة اليت َ‬
‫الرب عجيبة‪ ،‬وهو يفتحها للمستح ّقني‪ .‬واآلن‪ ،‬أيّها األصدقاء‪ ،‬أَصرفكم أل ّن املساء‬ ‫«أل ّن طرق ّ‬
‫أفضل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يتق ّدم‪ .‬يسعدين أنّكم َجيعاً قد َمسعتُم اليواننيّة تتكلّم‪ُ .‬مالحظني كيف أ ّن هللا يتجلّى ل َمن ُهم َ‬
‫ائيلي عن قطيع هللا ُمهني وخطري‪ .‬ولتكن تلك‬ ‫ر‬ ‫إس‬ ‫غري‬ ‫إنسان‬ ‫ألي‬ ‫إقصاء‬ ‫أي‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫منها‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ص‬‫واستخلِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫لديك َوسا ِوس‬
‫أنت اي يوسف‪ ،‬ال تكن َ‬ ‫قاعدة لكم للمستقبل‪ ...‬ال ُهتم ِهم اي يهوذا بن مسعان‪ .‬و َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 535 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أي منكم أبيّة عدوى القرتابه ِمن يواننيّة‪ .‬اعملوا ‪ ،‬اعملوا‪ ،‬اعملوا بشكل ال يدع‬
‫صب ّ‬ ‫متأرجحة‪ .‬مل يُ َ‬
‫مرة أخرى‬
‫َماالً للشيطان يدنو‪ ،‬وال تستضيفوه‪ .‬وداعاً يوسف‪ ،‬وداعاً نيقودميوس‪ .‬هل ميكنين أن أراكم ّ‬
‫أثناء مكوثي هنا؟ ها هو مرغزايم‪ ...‬تعال اي ولَدي‪ ،‬أ ِ‬
‫َلق التحيّة على رؤساء اجملمع‪ .‬ماذا ستقول هلم؟»‬ ‫َ‬
‫«السالم معكم و‪ ...‬أقول أيضاً‪ :‬أثناء تقدمي البخور صلّوا ِمن أجلي‪».‬‬

‫لست يف حاجة هلا‪ ،‬اي صغريي‪ .‬إّّنا ملاذا ابلتحديد يف تلك األثناء؟»‬
‫« َ‬
‫دخلت اهليكل مع يسوع‪َ ،‬ح َّدثَين عن صالة املساء‪ ...‬آه! اي هلا ِمن صالة‬
‫ُ‬ ‫مرة‬
‫«ألنّين يف ّأول ّ‬
‫رائعة!‪»...‬‬

‫أنت هل ستصلّي ِمن أجلنا؟ مّت؟»‬


‫«و َ‬
‫«سوف أُصلّي‪ ...‬سوف أُصلّي صبحاً وعشيّة‪ .‬ليحفظكم هللا ِمن اخلطيئة أثناء النهار وآانء‬
‫الليل‪».‬‬

‫«وماذا ستقول اي صغريي؟»‬

‫ومن نيقودميوس صديقني حقيقيّني ليسوع"‪،‬‬ ‫«سوف أقول‪" :‬أيها الرب تعاىل‪ ،‬اجعل ِمن يوسف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن ال يُسبِّب األمل ليسوع‬
‫ألن َمن يكون صديقاً حقيقيّاً ال يُسبِّب األمل لصديقه‪َ .‬‬
‫وسيكون هذا كافياً‪َّ ،‬‬
‫فهو أكيد أنّه سيفوز ابلسماء‪».‬‬

‫فليحفظك هللا هكذا اي َولَدي!» يقول عضوا اجملمع‪ُ .‬ثّ ُُييّيان املعلّم‪ُ ،‬ثّ العذراء ولعازر بشكل‬
‫َ‬ ‫«‬
‫خاص‪ ،‬والباقي َجيعاً َُجلة‪ ،‬وَميضيان‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 536 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫الر ُسل األربعة يف اليهوديّة)‬


‫‪( -148‬رسالة ُّ‬
‫‪1945 / 09 / 23‬‬

‫الر ُسل ِمن جولة رسوليّة يف ضواحي بيت عنيا‪ .‬كانت اجلولة قصرية بال شك‪،‬‬‫يَعود يسوع مع ُّ‬
‫الزاد‪ .‬يتح ّدثون فيما بينهم‪ .‬يقولون‪« :‬فِكرة سليمان املع ّدي (صاحب‬
‫حّت حقائب َّ‬
‫إذ ّإّنم ال ُيملون ّ‬
‫زورق ينقل الناس ِمن ض ّفة إىل أخرى) كانت َح َسـنة‪ ،‬أليس كذلك اي معلّم؟»‬

‫«نعم‪ ،‬فِكرة َح َسنة‪».‬‬

‫يوطي ليس مع رأي اآلخرين‪« :‬أان ال أرى ذلك الشيء العظيم احلَ َسن يف ما‬ ‫كالعادة االسخر ّ‬
‫فَـ َع َل‪ .‬لقد قَدَّم لنا ما مل يـَعُد ذو نَفع ابلنسبة إليه كتلميذ‪ .‬فال أرى مربّراً ملدحه‪»...‬‬

‫«البيت يَلزم على الدوام‪ ».‬يقول الغيور بصرامة‪.‬‬

‫صح ّي‪».‬‬
‫بيتك‪ .‬إّّنا ماذا تراه يكون هذا؟ إنّه كوخ غري ّ‬
‫«إذا كان مثل َ‬
‫كل ما ميلك سليمان‪ُُ ».‬ييب الغيور‪.‬‬
‫«إنّه ّ‬
‫حّت أصبَ َح عجوزاً‪ ،‬كذلك إبمكاننا أن نقيم فيه من وقت‬
‫«وكما عاش فيه دون أن يُصاب آبفة ّ‬
‫كل البيوت مثل بيت لعازر؟» يضيف بطرس‪.‬‬ ‫آلخر‪ .‬ماذا تريد؟ أن تكون ّ‬
‫«أان ال أريد شيئاً‪ .‬ال أرى ضرورة هلذه اهلديّة‪ .‬عندما نكون يف هذا املوضع‪ ،‬إبمكاننا أن نذهب‬
‫إىل أرُيا‪ .‬إن هي ّإال ُمطّات قليلة بني االثنني‪ .‬وابلنسبة للناس مثلنا حنن الذين نُشبِه املضطَ َهدين‬
‫املر َغمني على السري املتواصل‪ ،‬ماذا تعين بضعة ُمطّات؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 537 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتدخل يسوع قبل نفاذ صرب اآلخرين‪ ،‬كما تشري الدالئل الواضحة‪« .‬إ ّن سليمان‪ ،‬نسبة إىل‬ ‫ّ‬
‫ليؤمن لنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪ .‬لقد َوَهبَنا ذلك البيت ّ‬ ‫َمموع ما ميلك‪ ،‬فقد أعطى أكثر من اجلميع‪ .‬لقد أعطى حبُ ّ‬
‫ملجأ‪ ،‬إذا ما كان الطقس املمطر سبباً يف حجزان يف هذا املوضع قليل الضيافة‪ ،‬أو الفيضان‪ ،‬أو‬
‫قوايً لدرجة أن يكون ِمن ال ُـمفضَّل جعل النهر حاجزاً بيننا‬ ‫ابألخص يف حال كان سوء نيّة اليهود ّ‬
‫وبينهم‪ .‬وتلك اهلبة تعين أ ّن تلميذاً متواضعاً وقليل الثقافة‪ ،‬ولكنّه أمني كثرياً ومليء ج ّداً ابإلرادة‬
‫التوصل إىل ذلك اجلُّود الذي َُي َعل فيه اإلرادة البيّنة أبن يكون تلميذاً لألبد تتجلّى‬
‫الصاحلة‪ ،‬قد َعرف ّ‬
‫بوضوح‪ ،‬وهذا سبب فرح عظيم يل‪ .‬يف احلقيقة إنّين أرى أ ّن تالميذ كثريين‪ ،‬مع القليل ِمن الثقافة اليت‬
‫أنت‪،‬‬
‫تضحوا من أجلي‪ ،‬وخصوصاً َ‬ ‫مين قد فاقوكم‪ ،‬أنتم اي َمن تل ّقيتم الكثري‪ .‬أنتم ال تعرفون أن ّ‬ ‫تل ّقوها ّ‬
‫لكل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫مقاوم‬ ‫‪،‬‬‫ا‬
‫ً‬ ‫قاسي‬ ‫لك‬ ‫هو‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫ظ‬ ‫حّت ابألشياء اليت ال تُكلِّف شيئاً‪ :‬احلكم الذايت‪ .‬إنّك ُحتافِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تغيري‪».‬‬

‫أنت تقول إ ّن املعركة ض ّد الذات هي اليت تُكلِّف أكثر‪»...‬‬


‫« َ‬
‫ك‬
‫ُخطئ بقويل ّإّنا ال تكلّف شـيئاً‪ .‬هل هذا صحيح؟ ولكنّ َ‬ ‫«ومع ذلك تريد القول يل إنّين أ ِ‬
‫حق‪ ،‬ما ِمن قيمة ّإال لألشياء املتّصلة‬
‫أنت رجل ّ‬
‫مت جيّداً ما أريد قوله! ابلنسبة للرجل‪ ،‬ويف احلقيقة َ‬‫فَ ِه َ‬
‫ابلفضة‪ّ .‬إال إذا كان البيع لِ َمن يؤمل االستفادة منه‪ّ .‬تارة شبيهة بتلك اليت‬
‫ابلتجارة‪" .‬األان" ال تُباع ّ‬
‫تضم فكر أو حكم أو ح ّـرية‬ ‫وحّت أوسع‪ .‬أل ّّنا‪ ،‬إضافة إىل النَّفس‪ ،‬فهي ّ‬
‫متارسها النَّـ ْفس مع الشيطان‪ّ ،‬‬
‫لك‪ .‬فَ ِمثل هؤالء البؤسـاء موجودون‪ ...‬إّّنا اآلن فال نفكر ّن هبم‪ .‬لقد‬‫اإلنسـان‪َ .‬مسّها حسبما يروق َ‬
‫كل ما هو صاحل يف عمله‪ .‬وهذا يكفي‪».‬‬ ‫مدحت سليمان ألنّين أرى ّ‬
‫ُ‬
‫ُخييِّم صمت‪ ،‬بعدئذ يُعا ِود يسوع الكالم‪« :‬خالل بضعة ّأايم سيكون إبمكان هرمست السري‬
‫دون صعوبة‪ .‬وأان‪ ،‬سوف أعود إىل اجلليل‪ .‬حينذاك لن أتتوا َجيعكم معي‪ .‬قسم منكم سيبقى يف‬
‫اليهوديّة لِيُعا ِود الصعود مع التالميذ اليهود‪ ،‬حبيث ّتتمعون كلّكم ِمن أجل عيد األنوار‪».‬‬

‫كل هذا الوقت؟ َمن الذي سيكلَّف بذلك؟» يقول ُّ‬


‫الر ُسل فيما بينهم‪.‬‬ ‫« ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 538 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وُييب‪« :‬سيقوم بذلك يهوذا بن مسعان وتوما وبرتلماوس وفليبّس‪ .‬ولكنّين‬ ‫سمع يسوع احلِوار ُ‬‫يَ َ‬
‫حّت عيد األنوار‪ .‬بل على العكس‪ ،‬أريد أن َّتمعوا أو أن تنبّهوا التالميذ‬ ‫مل أقل أن يبقوا يف اليهوديّة ّ‬
‫وّتمعوّنم‬ ‫أن يكونوا هنا ِمن أجل عيد األنوار‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬فإنّكم ستذهبون اآلن وتبحثون عنهم َ‬
‫ومن ُثّ تتبعونين‪ ،‬جالبني معكم الذين‬ ‫وتُنبهوّنم‪ .‬ويف غضون ذلك ستُش ِرفون عليهم وستساعدوّنم‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ستكونون قد وجدمتوهم‪ُ ،‬مشيِّعني لآلخرين نبأ اجمليء‪ .‬عِلماً أ ّن لنا أصدقاء يف املناطق الرئيسيّة يف‬
‫اليهوديّة‪ ،‬وسيُسـدون لنا خدمة إخطار التالميذ‪ .‬أثناء عودتكم‪َ ،‬ع ْرب اجلليل على الض ّفة األخرى لنهر‬
‫وحّت ِعرا‪ ،‬اَجعوا كذلك أولئك‬ ‫أمر بـ جراسا وبصرى وأربيل ّ‬ ‫األردن‪ ،‬وبينما أنتم تتذ ّكرون أنّين سوف ّ‬
‫الدنو لطلب املعرفة أو املعجزة‪ ،‬ولكنّهم يتألّمون فيما بعد أل ّّنم مل‬
‫اسروا على ّ‬ ‫الذين مل يكونوا قد َّت َ‬
‫حّت وصولكم‪».‬‬ ‫يَفعلوا‪ .‬سوف ّتلبوّنم‪ .‬سوف أم ُكث يف عرا ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫املضي إىل هناك حاالً‪ ».‬يقول االسخر ّ‬
‫«إذن فمن املستحسن ّ‬
‫ِ‬
‫«ال بل ستمضون يف عشيّة اليوم الذي يَسبِق رحيلي‪ ،‬فتمضون من يوان إىل اجلتسمانيّة ّ‬
‫حّت‬
‫ك وتساعدها يف فرتة األعمال الزراعيّة هذه‪».‬‬
‫اليوم التايل‪ُ ،‬ثّ َمتضون إىل اليهوديّة‪ .‬هكذا ترى ّأم َ‬
‫تعودت‪ ،‬ومنذ سنوات‪ ،‬أن تُ ِ‬
‫نجز األعمال وحدها‪».‬‬ ‫«لقد َّ َ‬
‫وجودك كان ال ب ّد منه ِمن أجل قطاف العنب يف العام املاضي؟» يَسأل‬
‫َ‬ ‫«آه! أال تَذ ُكر أ ّن‬
‫بطرس بقليل ِمن املكر‪.‬‬

‫لكن يسوع‬‫و‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫وخ‬ ‫غضبه‬ ‫يف‬ ‫ع‬ ‫يصطَبِغ يهوذا بلون أكثر امحراراً ِمن اخلشخاش املنثور‪ ،‬إنّه ب ِ‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حّت الفصح وما‬
‫رد ابلقول‪« :‬االبن هو دائماً ابلنسبة أل ُّمه َعون وتعزية‪ُ .‬ثّ ّإّنا لن تر َاك ّ‬
‫كل ّ‬ ‫يتدارك ّ‬
‫لك‪».‬‬
‫بعد الفصح‪ .‬إذن فاذهب وافعل ما قُلتُه َ‬
‫يتحول يف استيائه إىل يسوع‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هل تَعلَم ماذا ينبغي يل‬ ‫يهوذا ال ُُييب بطرس‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫ك تظلمين‬‫يف‪ ،‬ألنّ َ‬
‫تشك ّ‬‫ك ّ‬ ‫مين‪ ،‬أقلّه إبعادي‪ ،‬ألنّ َ‬‫ك تريد التخلّص ّ‬ ‫لدي انطباع أبنّ َ‬
‫لك؟ ّ‬ ‫أن أقول َ‬
‫ِ‬
‫ك‪»...‬‬ ‫ابعتقادك أنّين ُمذنِب يف أمر ما‪ ،‬ألنّ َ‬
‫ك تَفتَقر إىل احملبّة ّتاهي‪ ،‬ألنّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 539 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك فقط‪" :‬أ ِ‬
‫َطع"‪ ».‬يسوع‬ ‫لك كالماً كثرياً‪ .‬ولكنّين أقول َ‬
‫«يهوذا! هذا يكفي! ميكنين أن أقول َ‬
‫حّت يهـوذا يَرتَعِد‪ .‬يَِقف خلف‬
‫تشع ووجهه صا ِرم‪ُُ ...‬ميف‪ّ .‬‬‫َمهيب أثناء قوله ذلك‪ .‬عظيم هو‪ ،‬عينه ّ‬
‫الر ُسل الذين صمتوا‪.‬‬‫اجلميع بينما يسوع يبقى وحيداً يف املق ّدمة‪ .‬وبني الواحد واآلخر‪َ ،‬مموعة ُّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 540 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -149‬يسوع يغادر بيت عنيا إىل الض ّفة األخرى ِمن األردن)‬

‫‪1945 / 09 / 24‬‬

‫ظهر على َعتَـبَة غرفة يبدو فيها‬


‫منك اجمليء معي‪ ».‬يقول يسوع وهو يَ َ‬
‫«لعازر‪ ،‬صديقي‪ ،‬أَطلُب َ‬
‫لعازر ِشبه ُمستَلق على سرير‪ ،‬أثناء قراءته إحدى اللُّفافات‪.‬‬

‫«حاالً اي معلّم‪ .‬إىل أين ّنضي؟» يَسأل لعازر وهو يَ َنهض مباشرة‪.‬‬

‫معك‪».‬‬
‫«إىل الريف‪ ،‬فأان يف حاجة إىل أن أكون مبفردي َ‬
‫سراً؟ أو أن‪...‬‬
‫لديك أخبار حزينة تريد أن ُتربين ّإايها ّ‬
‫يَنظُر إليه لعازر مضطرابً‪ ،‬ويَسأل‪« :‬هل َ‬
‫ال‪ ،‬ال أريد أن أُف ِّكر يف ذلك‪»...‬‬

‫حّت اهلواء مبا سـنقوله‪ .‬أُطلب العربة ألنّين ال‬


‫أسألك نصيحة‪ ،‬وينبغي ّأال يَعلَم ّ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬بل إنّين‬
‫بك‪ .‬عندما نُصبِح يف قلب الريف‪ ،‬سأحت ّدث َ‬
‫إليك‪».‬‬ ‫أريد أن أُتعِ َ‬
‫حّت اخلادم ال يَع ِرف ما سيدور بيننا‪».‬‬
‫«إذن‪ ،‬فأان َمن سيقود العربة‪ .‬وهكذا ّ‬
‫«نعم‪ ،‬فليكن‪».‬‬

‫وخي ُرج‪.‬‬
‫«سأذهب حاالً‪ ،‬اي معلّم‪ .‬وسأكون جاهزاً خالل حلظة‪َ ».‬‬
‫آيل‬ ‫وبشكل‬ ‫ر‪،‬‬ ‫َخيرج يسوع كذلك‪ ،‬بعد بقائه قليالً مف ِّكراً وسط الغرفة الثرية‪ .‬وبينما هو يف ِّ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ضعها يف مكاّنا على‬ ‫َغ َّري أمكنة غرضني أو ثالثة‪ ،‬ملّ اللفافة الواقعة على األرض‪ ،‬وأخرياً‪ ،‬وبينما هو يَ َ‬
‫قوي ج ّداً لدى يسوع‪ ،‬يُبقي ذراعيه مرفوعتني وهو يَنظُر‬ ‫الفطري للرتتيب‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أحد الرفوف‪ ،‬بذلك امليل‬
‫عما هو شائع يف فلسطني‪ُ ،‬مرتبة ابلتدريج‬ ‫ِ‬
‫أقل ما يقال فيه غريب‪ ،‬وهو َخيتَلف ّ‬ ‫إىل أدوات أحد الفنون‪ّ ،‬‬
‫مطرق‪ ،‬مزيّن برسوم تَن ُقل تفاصيل‬ ‫الرف‪ّ .‬إّنا ِجرار وكؤوس قدمية ج ّداً‪ ،‬كما يبدو‪ِ ،‬من َمعدن َّ‬‫على ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 541 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لست أدري ما الذي يراه هو فيما وراء األداة‪َ ...‬خي ُرج وميضي‬
‫وإجاانت مأمتيّة‪ُ .‬‬
‫هياكل اليوانن القدمية‪ّ ،‬‬
‫الر ُسل‪.‬‬
‫إىل الدار الداخليّة حيث يتواجد ُّ‬
‫«إىل أين حنن ماضون‪ ،‬اي معلّم؟» يَسألون‪ ،‬حينما يـََرون يسوع يرتدي معطفه‪.‬‬

‫أي مكان‪ .‬أان خارج مع لعازر‪ .‬وأنتم تبقون َجيعاً هنا تنتظرونين‪ .‬سأعود‬
‫«لن ّنضي إىل ّ‬
‫بسرعة‪».‬‬

‫حدك؟‬
‫يَنظُر االثنا عشر إىل بعضهم‪ ...‬ليسـوا مسـرورين ج ّداً‪ ...‬يقول بطرس‪« :‬أمتضي و َ‬
‫احرتس‪»...‬‬

‫ش شيئاً‪ .‬وأثناء انتظاري‪ ،‬ال تكونوا عاطلني عن العمل‪ .‬ثـَ ِّقفوا هرمسـت لكي يَع ِرف‬
‫«ال َُت َ‬
‫تصرفوا بلطف ووداعة‬
‫الشريعة أكثر‪ ،‬وكونوا رفاقاً صاحلني‪ .‬فال مشاجرات وال ُخروج عن األدب‪َّ .‬‬
‫وأ ِ‬
‫َحبّوا بعضكم بعضاً‪».‬‬
‫يتوجه إىل احلديقة ويتبعه اجلميع‪ .‬ويف احلال تَ ِ‬
‫صل عربة خفيفة ومغطّاة‪ ،‬يَرَكبها لعازر‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫«هل متضي ابلعربة؟»‬

‫«نعم‪ ،‬كي ال يُتعِب لعازر ساقيه‪ .‬إىل اللقاء‪ .‬مرغزايم كن عاقالً‪ .‬السالم لكم َجيعاً‪».‬‬

‫تصر على حصى الدرب‪َُ ،‬ت ُرج ِمن احلديقة إىل الطريق العموميّة‪.‬‬
‫صعد إىل العربة اليت إذ ّ‬
‫يَ َ‬
‫«هل متضي إىل عني احللوة‪ ،‬اي معلّم؟» يهتف توما ِمن اخللف‪.‬‬

‫مرة أخرى أقول لكم‪ :‬كونوا صاحلني‪».‬‬


‫«ال‪ّ .‬‬
‫يتعرى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫متر عرب الريف الذي ّ‬
‫يَنطَلق احلصان ُمسرعاً‪ .‬الطريق اليت تذهب من بيت عنيا إىل أرُيا ّ‬
‫وي ِ‬
‫الحظ املرء موت الطبيعة كلّما احنَ َد َر إىل السهل‪.‬‬‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 542 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫نشغِل فقط بقيادة احلصان‪ .‬عندما يُصبِحان يف السهل‪،‬‬ ‫صمت وهو ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫لعازر‬ ‫ر‪.‬‬ ‫يسوع يف ِّ‬
‫ك‬ ‫ُ‬
‫ض َعت‬‫سهل خصيب جاهز متاماً لتغذية بِذار احلبوب املستقبليّة‪ ،‬ذي الكروم النائمة اآلن مثل امرأة َو َ‬
‫منذ قليل مثرة بطنها‪ ،‬وتسرتيح ِمن تَـ َعبها اللّذيذ‪ ،‬فيشري إليه يسوع أن يتوقّف‪ .‬ولعازر‪ُ ،‬مطيعاً لألمر‪،‬‬
‫فسر‪« :‬هنا نكون يف‬ ‫ِ‬
‫يؤدي إىل بيـوت قَصيّة‪ ...‬ويُ ّ‬‫يتوقّف ويقود احلصان على طريق فرعيّة صغرية ّ‬
‫سكون أكثر ِمن الطريق العموميّة‪ .‬هذه األشجار ُتفينا عن نواظر الكثريين‪ ».‬ابلفعل َدغل ِمن األشجار‬
‫املارة‪ .‬ويقف لعازر إىل جانب يسوع يف أثناء‬‫القصرية كثيفة األوراق تقوم مقام احلاجز يف وجـه فضول ّ‬
‫االنتظار‪.‬‬

‫األندوري وسينتيكا‪ِ .‬من ابب احليطة واحلذر وكذلك احملبّة‪ .‬ابلنسبة‬


‫ّ‬ ‫علي إبعاد يوحنّا‬
‫«اي لعازر‪ّ ،‬‬
‫يتعرضا الضطهادات تُطلَق ض ّدهم‪...‬‬ ‫أن‬ ‫منه‪،‬‬ ‫جدوى‬ ‫ال‬ ‫مل‬
‫َ‬‫َ‬‫أ‬ ‫رة‪،‬‬ ‫للواحد‪ ،‬كما لألخرى‪ ،‬هي َّتربة خ ِ‬
‫ط‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫األقل مفاجآت مؤملة للغاية‪».‬‬ ‫وقد َحتصل ألحدِها على ّ‬
‫«يف بييت‪»...‬‬

‫سحق‬ ‫ي‪ ،‬ولكنّهما يُ َذّالن معنوايً‪ .‬العامل فظيع‪ .‬يَ َ‬


‫ماد ّ‬
‫بيتك‪ .‬قد ال يصااب أبذى ّ‬ ‫حّت يف َ‬ ‫«ال‪ .‬وال ّ‬
‫ِ‬
‫عت يوماً بني العجوز‬‫ضحاايه‪ .‬وأان ال أريد هلاتني الطَّاقَتني الرائ َعتني أن تُف َقدا هكذا‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬فكما ََج ُ‬
‫أود اآلن أن أَجع بني يوحنّا املسكني وسينتيكا‪ .‬أريد أن ميوت بسالم‪ ،‬و ّأال‬ ‫امساعيل وسارة‪ ،‬فإنّين ُّ‬
‫ُرسل إىل مكان آخر‪ ،‬ليس ألنّه "احملكوم عليه سابقاً ابألشغال الشاقّة"‪،‬‬ ‫يكون وحيداً‪ ،‬وإبُياء أنّه إّّنا أ ِ‬
‫بل ألنّه التلميذ ال ُـمهتَدي الذي ميكن إرساله إىل أمكنة أخرى للتبشري ابملعلّم‪ .‬وستساعده سينتيكا‪...‬‬
‫ومن أجل كنيسة املستقبل‪ .‬فهل‬ ‫سينتيكا نـَ ْفس رائعة‪ ،‬وسوف تكون قوة عظيمة يف كنيسة املستقبل‪ِ ،‬‬
‫حّت إىل املدن العشـر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ميكنك إسداء النُّصح يل إىل أين أُرسلهما؟ ليس إىل اليهوديّة أو اجلليل‪ ،‬وال ّ‬ ‫َ‬
‫فيدين ويف‬‫الوثين‪ .‬أين إذن؟ أين؟ ليكوان ُم َ‬ ‫الر ُسـل والتالميذ‪ .‬ليس إىل العامل ّ‬ ‫إىل حيث أذهب ومعي ُّ‬
‫أمان؟»‬

‫أنصحك!»‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ...‬أان‪ ...‬ولكن أان‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 543 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تفكريك ليس ضيّقاً‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫حتب الذين أحبّهم‪ ،‬وأُفُق‬
‫ت حتبّين كثرياً‪ ،‬وال ُتون‪ّ .‬‬
‫«ال‪ ،‬ال‪ .‬تكلّم‪ .‬أن َ‬
‫هو لدى آخرين‪».‬‬

‫لدي أصدقاء‪ .‬إىل قربص أو إىل سوراي‪ .‬اخرت‪ .‬يف‬ ‫أنصحك إبرساهلم إىل حيث ّ‬ ‫َ‬ ‫«أان‪ ...‬نعم‪.‬‬
‫لدي هناك أيضا بيت صغري يُديره أحد القائمني‪ ،‬وهو‬ ‫لدي أشخاص موثوقون‪ .‬ويف سوراي!‪ّ ...‬‬ ‫قربص ّ‬
‫فإّنما‪،‬‬
‫مسحت يل‪ّ ،‬‬ ‫كل ما أقول‪ .‬وإذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فعل ّ‬
‫ُُملص أكثر من نَعجة‪ .‬صاحبنا فليبّس! من أجلي سوف يَ َ‬
‫ضيفي منذ اآلن وأبمان‬ ‫وِها ال ُـمضطَ َهدان ِمن إسرائيل‪ ،‬والعزيزان على َ‬
‫قلبك‪ ،‬ميكنهما اعتبار نفسيهما َّ‬
‫يف بييت‪ ...‬آه! هو ليس بقصر! إنّه بيت يقطنه فليبّس وحده مع حفيد يعتين حبدائق أنتيجونيو‪ .‬احلدائق‬
‫فإّنا كانت قد َمحَلَت إليها نبااتت ِمن حدائقها‬ ‫اليت كانت ّأمي ُحتبّها‪ .‬لقد احتفظنا هبا إحيـاء لذكراها‪ّ .‬‬
‫يف اليهوديّة‪ ،‬وقد كانت اندرة‪ ...‬أ ُّمي!‪ ...‬كم كانت تصنع ِمن خالصاهتا خرياً للفقراء‪ ...‬لقد كانت‬
‫ي‪ ...‬أ ُّمي‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬سأمضي بسرعة ألقول هلا‪" :‬افرحي أيّتها األ ُّم الصاحلة‪،‬‬‫سر ّ‬
‫حقل اختصاصهـا ال ّ‬
‫تنتظرك‪ »...‬دمعتان ابديتان على وجه لعازر املتأ ّمل‪ .‬يَنظُر إليه‬
‫َ‬ ‫ال ُـمخلِّص على األرض"‪ .‬لقد كانت‬
‫لك املكان مالئماً؟»‬
‫أنت‪ .‬هل يبدو َ‬
‫عنك َ‬‫يسوع ويبتسم‪ .‬فيعاود لعازر‪« :‬فلنتح ّدث َ‬
‫عين ِمحالً عظيماً‪»...‬‬
‫ك تزيح ّ‬
‫عين وعنهم‪ .‬إنّ َ‬
‫أشكرك ّ‬
‫َ‬ ‫ومرة أخرى‬
‫«نعم‪ّ .‬‬
‫«مّت سيذهبان؟ أَسأَل لكي أُهيّئ رسالة إىل فليبّس‪ .‬سوف أقول فيها ّإّنما صديقان يل ِمن‬
‫هنا‪ ،‬وِها يف حاجة إىل السالم‪ .‬وهذا يكفي‪».‬‬

‫أنت تَرى! ّإّنم‬


‫حّت اهلواء ذاته‪َ .‬‬
‫بكل هذا ّ‬
‫أرجوك ّأال يَعلَم ّ‬
‫«نعم‪ ،‬هذا يكفي‪ .‬ويف هذه األثناء‪َ ،‬‬
‫علي‪»...‬‬
‫يتجسسون َّ‬
‫ّ‬
‫«أرى ذلك‪ .‬ولن أحت ّدث عن ذلك وال حّت إىل أُخيت‪ .‬ولكن ماذا ستفعل حّت تُ ِ‬
‫وصلهما إىل‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫معك‪»...‬‬
‫الر ُسل َ‬
‫هناك؟ إ ّن ُّ‬
‫«اآلن‪ ،‬سأعاود الصعود إىل عرا بدون يهوذا بن مسعان وتوما وفليبّس وبرتلماوس‪ .‬ويف هذه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األثناء سوف أُث ّقف يوحنّا وسينتيكا بعمق‪ ...‬كي َميضيا ومعهما مؤونة عظيمة مـن احلقيقة‪ ...‬ومن ُثّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 544 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سأنزل إىل مريون ومن هناك إىل كفرانحوم‪ .‬وهناك‪ ...‬هناك ِمن جديد أ ِ‬
‫ُرسل األربعة يف رسالة أُخرى‪،‬‬
‫لدي‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫َجعل االثنني َميضيان إىل أنطاكية‪ .‬ال خيار ّ‬
‫وحينئذ أ َ‬
‫أتباعك‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬إنّين أأتمل لرؤييت ّإاي َك قَلِقاً‪»...‬‬
‫َ‬ ‫خشيتك ِمن‬
‫َ‬ ‫أنت ُُم ّق متاماً يف‬
‫« َ‬
‫أشكرك اي لعازر‪ ...‬بعد غـد أمضي ُمصطَ ِحباً‬
‫َ‬ ‫صداقتك الطيّبة تُش ِّدد عزمييت كثرياً‪...‬‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫«و ّ‬
‫هبن سينتيكا‪ .‬سوف أتيت كذلك حنّة اليت‬ ‫ِ‬
‫أختيك معي‪ .‬إنّين يف حاجة إىل تلميذات كثريات َُتتَلط ّ‬ ‫َ‬
‫ألّنا َستُمضي الشتاء هناك‪ .‬هذا ما يريده زوجها لتكون‬‫طرباي‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لقوزى‪ .‬ومن مريون سوف َمتضي إىل ّ‬
‫طرباي لبعض الوقت‪».‬‬‫قريبة منه‪ .‬ذلك أ ّن هريودس يَعود إىل ّ‬
‫كل شيء ملك‬ ‫وخ ّدامي‪ّ .‬‬‫لك‪ ،‬أان وبيويت وأمالكي ُ‬‫لك كما أان َ‬
‫ُختاي َ‬
‫أنت يكون‪ .‬أ َ‬ ‫«ما ترغبه َ‬
‫ِ‬
‫لك اي معلّم‪ .‬فاستخدمه ِمن أجل اخلري‪ .‬سوف أُهيّئ َ‬
‫لك الرسالة إىل فليبّس‪ .‬يُفضَّل أن َحتصل عليها‬ ‫َ‬
‫مباشرة‪».‬‬

‫«شكراً اي لعازر‪».‬‬

‫ألتيت‪ ...‬اشفين اي معلّم‪ ،‬وسآيت‪».‬‬


‫صحة جيّدة‪ُ ،‬‬
‫كنت يف ّ‬
‫كل ما ميكنين فعله‪ ...‬لو أنّين ُ‬
‫«هذا ّ‬
‫أنت‪».‬‬
‫يك كما َ‬
‫«ال‪ ،‬اي صديقي‪ .‬فأان يف حاجة إل َ‬
‫حّت ولو مل أفعل شيئاً؟»‬
‫« ّ‬
‫حّت ولو كان ذلك‪ .‬آه! اي صديقي لعازر!» يُعانِقه يسوع ويُقبِّله‪.‬‬
‫« ّ‬
‫صعدان إىل العربة ِمن جديد ويَعودان‪ .‬اآلن لعازر هو الصامت متاماً وشارد الذهن‪ .‬يَسأله‬
‫يَ َ‬
‫السبَب‪.‬‬
‫يسوع عن َّ‬
‫«أُف ّكر يف أنّين سأفقد سينتيكا‪ .‬ولقد كانت ثقافتها وطيبتها تَ ُش ّدانين‪»...‬‬

‫ص َل عليها‪»...‬‬
‫«يسوع هو الذي َح َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 545 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«صحيح‪ ،‬صحيح‪ .‬مّت سأراك اثنية اي معلّم؟»‬

‫«يف الربّيع‪».‬‬

‫كنت عندي ِمن أجل عيد األنوار‪»...‬‬


‫حّت الربّيع؟ العام املاضي َ‬
‫«وفوق ذلك ّ‬
‫معك أكثر‪ .‬أ ِ‬
‫َع ُد َك‪».‬‬ ‫الر ُسل‪ .‬ولكن يف العام القادم سأكون َ‬ ‫«هذا العام أ ِ‬
‫ُرضي ُّ‬
‫ظهر بيت عنيا حتت مشس تشرين (أكتوبر‪-‬نوفمرب)‪ّ .‬إّنما على َوشك الوصول عندما يوقِف‬ ‫تَ َ‬
‫ك‪ .‬وهو‬ ‫يوطي‪ .‬إنّين أخشاه‪ .‬فهو ال ُيبّ َ‬
‫إببعادك االسخر ّ‬
‫َ‬ ‫لعازر احلصان ليقول‪« :‬اي معلّم‪ ،‬حسناً تفعل‬
‫أي ذنب‪ .‬اي معلّم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال يروق يل أبداً‪ .‬ومل يـَُرق يل يوماً‪ .‬إنّه شهواينّ َو َش ِره‪ .‬كذلك هو ُم َّ‬
‫ؤهل ألن يَرتَكب ّ‬
‫بك‪»...‬‬ ‫إنّه هو َمن َو َشى َ‬
‫لديك أدلّة على ذلك؟»‬
‫«هل َ‬
‫«ال‪».‬‬

‫كنت َحت ُكم على مرمي أب ّّنا‬


‫ك َ‬ ‫لست خبرياً ج ّداً يف أمور احلُكم‪َّ .‬‬
‫تذكر أنّ َ‬ ‫فأنت َ‬
‫«إذن ال َحت ُكم‪َ .‬‬
‫عين ّأوالً‪».‬‬
‫فإّنا هي َمن َحبَثَت ّ‬
‫ضالّة بدون رمحة‪ ...‬ال تَـ ُقل إ ّن الفضل يف ذلك يعود يل‪ّ .‬‬

‫«وهذا كذلك صحيح‪ .‬إّّنا خالصة القول ال تَثِق بيهوذا‪».‬‬

‫الر ُسل بفضول‪.‬‬


‫دخالن إىل احلديقة حيث ينتظرِها ُّ‬
‫بعد قليل يَ ُ‬
‫الر ُسل األربعة‪ ،‬وخاصة يهوذا‪َ ،‬ج َع َل اجملموعة الباقية أكثر محيمية وأكثر أتلُّقاً‪ .‬ح ّقاً إ ّّنم‬
‫غياب ُّ‬
‫عائلة‪ ،‬رئيساها يسوع ومرمي اليت تُدير ظهرها لبيت عنيا يف صبيحة لتشـرين (أكتوبر‪-‬نوفمرب) صافية‪،‬‬
‫متوجهة صوب أرُيا‪ ،‬لِتَعرب إىل الض ّفة املقابلة لألردن‪ّ .‬تتمع النساء حول مرمي‪ ،‬وال تغيب عن َمموعة‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫النساء التلميذات سوى أانليا‪ ،‬أي احلامالت اسم مرمي الثالث‪ ،‬وحنّة وسوسن وأليصاابت ومرسيل‬
‫ومّت‪ ،‬ويوحنّا‬ ‫وسارة وسينتيكا‪ .‬وُيتمع حول يسوع بطرس وأندراوس‪ ،‬ويعقوب ويوضاس ابنا حلفا‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 546 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األندوري‪ ،‬وهرمست وتيمون‪ ،‬بينما مرغزايم يقفز كاجلَدي‬
‫ّ‬ ‫ويعقوب ابنا زبدى‪ ،‬ومسعان الغيور ويوحنّا‬
‫مثل امل ّكوك بني اجملموعتني‪ ،‬حيث تَسبق الواحدة األخرى أمتاراً قليلة‪ .‬ورغم ّأّنم ُيملون حقائب‬
‫ثقيلة‪ ،‬فإ ّّنم يَنطَلِقون فَ ِرحني على الطريق اليت تغطيها أشعة للشمس لطيفة‪ ،‬يف غفوة الريف املهيبة‪.‬‬
‫يتق ّدم يوحنّا األندوري بصعوبة حتت الثّقل الذي على منكبيه‪ .‬ي ِ‬
‫الحظ بطرس ذلك ويقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أردت معاودة أخذ هذا احلِمل؟»‬
‫حّت َ‬‫ت مصاابً ابحلنني ّ‬‫«أعطين ّإايه إذن‪ .‬هل كن َ‬
‫«إن املعلّم هو الذي أ ََمَرين بذلك‪».‬‬

‫«املعلّم؟ آه! َّإّنا ملاذا؟»‬

‫معك ِمن جديد واتبعين‪».‬‬


‫بك َ‬‫"خذ ُكتُ َ‬
‫لست أدري‪ .‬أمس مساء قال يل‪ُ :‬‬
‫« ُ‬
‫«آه! حسناً ج ّداً! حسناً ج ّداً! إذا كان هو َمن قال ذلك‪ ،‬فهذا يعين شيئاً حسـناً‪ .‬قد يكون‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أجل تلك املرأة‪ .‬كم من األشياء تَع ِرف؟ هل تَع ِرفها َ‬
‫أنت كذلك؟»‬

‫«تقريباً بقدر ما تَع ِرف هي‪ّ .‬إّنا ُم َّثقفة ج ّداً‪».‬‬

‫لكنك ال تستطيع االستمرار يف ُموا َكبَتنا مع هذا احلِمل‪ .‬أليس كذلك؟»‬


‫«و َ‬
‫لت أستطيع َمحله‪»...‬‬
‫أظن‪ ،‬ولكنّين ال أَعلَم‪ .‬إّّنا ما ز ُ‬
‫«آه! ال ّ‬
‫لست يف حال جيّدة‪ .‬هل تَعلَم‬
‫فأنت َ‬
‫«ال اي صديقي‪ .‬أان حريص على ّأال تُصاب ابملرض‪َ .‬‬
‫ذلك؟»‬

‫«أعلم‪ ،‬أشعر أبنّين أموت‪».‬‬

‫األقل إىل كفرانحوم‪ .‬إنّنا على ما يرام‪ ،‬اآلن وحنن مع بعضنا دون‬ ‫ِ‬
‫«ال متزح! دعنا نَصل على ّ‬
‫ضت َوعدي للمعلّم!‪ ...‬اي معلّم! اي معلّم!»‬
‫ذاك‪ ...‬اي للّسان اللعني! لقد نـَ َق ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 547 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ماذا تريد اي مسعان؟»‬

‫أبال أعود أفعل‪ .‬ساُمين‪».‬‬


‫وعدتك ّ‬
‫َ‬ ‫كنت قد‬
‫هت ابلسوء على يهوذا و ُ‬
‫تفو ُ‬
‫«لقد َّ‬
‫«نعم‪ .‬حا ِول ّأال تَعود إىل فِعل ذلك‪».‬‬

‫مرة‪»...‬‬
‫مساُمتك ‪ّ 489‬‬
‫َ‬ ‫احلق يف نيل‬ ‫«ما ِز ُ‬
‫لت أملك ّ‬
‫«ولكن ما الذي تقوله اي أخي؟» يَسأل اندراوس مندهشاً‪.‬‬

‫األندوري‪:‬‬ ‫ا‬‫ّ‬‫يوحن‬ ‫حقيبة‬ ‫قل‬‫وبطرس‪ ،‬إبشـراقة خبث على وجهه الطَّيب‪ ،‬وقد لوى عنقه حتت ثِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مرة سبع مرات؟ ابلنتيجة‪ ،‬فأان ما زلت أملك احلق بنيل‬
‫«أال تَذ ُكر أنّه‪ ،‬هو الذي قال ابملساُمة سبعني ّ‬
‫‪ 489‬مساُمة‪ .‬إنّين حريص ج ّداً على دقّة احلساابت‪»...‬‬

‫بك أن َحترص‬
‫حّت يسوع‪ ،‬تَراه ُمر َغماً على االبتسام‪ .‬ولكنّه ُُييب‪َُ « :‬يدر َ‬
‫يضحك اجلميع‪ّ ،‬‬
‫الولَد الكبري‪».‬‬
‫عليك أن تكون فيها صاحلاً‪ ،‬اي أيّها َ‬‫املرات اليت َ‬
‫كل ّ‬‫على حساب ّ‬
‫وُييط قامة يسوع بذراعه اليمىن وهو يقول‪« :‬اي معلّمي العزيز! كم أان سعيد‬ ‫قرتب بطرس ُ‬‫يَ َِ‬
‫أنت كذلك‪ ...‬وتُد ِرك ما أريد قوله‪ .‬إنّنا معاً‪ ،‬ومعنا ّأم َ‬
‫ك‬ ‫ك مسرور َ‬
‫معك بدون‪ ...‬هيّا بنا! إنّ َ‬
‫لكوين َ‬
‫معك لَ ُممتع‬
‫الصيب‪ ،‬وَّنضي إىل كفرانحوم‪ ،‬والطقس بديع‪ ...‬مخسة أسباب للسعادة‪ .‬آه! إ ّن اجمليء َ‬ ‫و ّ‬
‫ح ّقاً! أين نتوقّف هذا املساء؟»‬

‫«يف أرُيا»‬

‫«يف العام املاضي رأينا هناك املرأة ذات احلِجـاب‪ .‬ولكن َمن يدري ماذا َّ‬
‫حل هبا؟‪ ...‬ينتابُين‬
‫ضحك بطرس ضحكة ُمعدية لِش ّدة َدويّها‪.‬‬ ‫الفضول ملعرفة ذلك‪َ ...‬وَو َجدان إنسان ال ُكروم‪ »...‬ويَ َ‬
‫يوطي‪.‬‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫بيهوذا‬ ‫اللقاء‬ ‫مبشهد‬ ‫جديد‬ ‫ن‬ ‫ويضحك اجلميع مف ِّكرين ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ك غري قابل لإلصالح اي مسعان!» يؤنّبه يسوع‪.‬‬
‫«ولكنّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 548 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«مل أقل شيئاً اي معلّم‪ .‬ولكنّين مل أستطع منع نَفسي ِمن الض ِ‬
‫َّحك وأان أُف ّكر مبظهره عندمـا َو َجدان‬ ‫َ‬
‫حّت إنّه اضطَُّر إىل التوقّف‪ ،‬بينما يُتابع‬ ‫ِ‬
‫هناك‪ ...‬يف ُكرومه‪ »...‬ويضحك بطرس من أعماق قلبه‪ّ ،‬‬
‫وهم يَضحكون ُرغماً عنهم‪.‬‬ ‫اآلخرون ُ‬
‫بك اي مسعان؟»‬
‫تلحق النساء ببطرس‪ .‬تَسأله مرمي بلطف‪« :‬ما َ‬
‫أنت حكيمة‪ ،‬قويل‬ ‫«آه! ال ميكنين البوح‪ ،‬فأ ِ‬
‫ُخ ُّل ابحملبة مرة أخرى‪ .‬ولكن‪ ...‬أيتها األم‪ ،‬اي من ِ‬
‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ضحكت‬ ‫الطبيعي أنّين أخطئ‪ّ .‬أما لو‬ ‫ن‬ ‫يل‪ :‬إذا ما أحملت إىل أمر ما‪ ،‬أو حّت تفوهت بنميمة‪ ،‬فَ ِ‬
‫م‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫َّحك‪ ،‬مثالً التذكري مبفاجأة ِ‬
‫كاذب وارتباكه وأعذاره‪،‬‬ ‫بسبب أمر يعرفه اجلميع‪ ،‬أمر يبعث على الض ِ‬
‫ََ‬
‫ض ِحكنا يف حينها‪ ،‬فهل يُعتَرب هذا سوءاً أيضاً؟»‬ ‫ِ‬
‫عاودة الضَّحك كما َ‬‫وم َ‬
‫ُ‬
‫وحّت كالتلميح‪ ،‬ولكنّه يبقى‬
‫«إ ّن يف ذلك إخالالً ابحملبّة‪ .‬هو ليس خبطيئة كالنميمة والوشاية ّ‬
‫إخالالً ابحملبّة‪ .‬فهو كاخليط املنـزوع ِمن قُماش‪ .‬وهذا ليس َخرقاً ابملعىن الصحيح‪ ،‬والقماش ليس مهرتائً‬
‫لتمزقات‬
‫لكن األمر يبقى على الدوام مما يُصيب سالمة القماش وَجاله‪ ،‬يبقى أمراً يُهيّئ ُّ‬ ‫متاماً‪ ،‬و ّ‬
‫تظن ذلك؟»‬
‫وخروق‪ .‬أال ُّ‬ ‫ُ‬
‫يَفرك بطرس جبهته ويقول وهو مقهور قليالً‪« :‬نعم‪ .‬مل أُف ّكر هبذا أبداً‪».‬‬

‫اقرتف‬
‫الصفع‪ .‬هل ََ‬‫«فَ ِّكر فيه اآلن وال تَـعُد تفعله اثنية‪ .‬كم ِمن ضحكة َّتَرح احملبّة أكثر ِمن َّ‬
‫وجعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحدهم خطيئة؟ هل ُمحل على ال َكذب أو على ارتكاب خطيئة أخرى؟ فإذاً؟ ملاذا التَّذكري هبا؟ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخرين يُف ّكرون فيها؟ فلنُ ِلق وشاحاً على أخطاء أخ لنا‪ُ ،‬مف ّكرين على الدوام‪" :‬لو ُ‬
‫كنت أان املذنب‪،‬‬
‫ب أن يَذ ُكر آخر تلك اخلطيئـة‪ ،‬أو أن َُي َعل اآلخـرين يُف ّكِرون هبا؟ "هناك أمور تدعو إىل‬ ‫فهل أ ُِح ُّ‬
‫تود قوله‪ ...‬ولكن املخطئني‬ ‫أسك‪ .‬أع ِرف ما الذي ُّ‬‫هتز ر َ‬‫الداخلي‪ ،‬أمور تُسبِّب أملاً كثرياً‪ .‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫اخلَ َجل‬
‫وس َرتى‬ ‫لنفسي؟"‬ ‫ذلك‬ ‫ب‬ ‫كذلك يتألّمون‪ .‬ثِق متاماً‪ .‬فانطَلِق‪ ،‬انطَلِق دائماً ِمن هذه الفكرة‪" :‬هل أ ِ‬
‫ُح‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫داخلك‪ .‬انظر هناك إىل مرغزايم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لك سالم عظيم يف‬
‫ك لن تعود ُتطئ ض ّد احملبّة‪ ،‬وسـوف يكون َ‬ ‫أنّ َ‬
‫غين‪ .‬ذلك أنّه ال َُي ِمل أيّة فِكرة يف قلبه‪ .‬ليس له أن يُف ِّكر خبطوط سري‪ ،‬مبصاريف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أبي فَـَرح هو يَقفز ويُ ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 549 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫هكذا‪.‬‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫أيض‬ ‫أنت‬ ‫ف‬‫تصر‬
‫َّ‬ ‫أجله‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وبكالم يقوله‪ .‬إنّه يع ِرف أ ّن آخرين يف ِّكرون بكل هذا ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صيب يقوده هللا‪ ،‬فلماذا تريد أن‬ ‫ثل‬ ‫م‬‫شيء هلل‪ ،‬حّت احلكم على األشخاص‪ .‬وطاملا تستطيع أن تكون ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫وح َكماً‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُحت ّمل نفسك محل التقرير واحلُكم؟ سيأيت الوقت الذي سوف تُضطَّر ألن تكون فيه حاكماً َ‬
‫نفسك على درجة ِمن احلمق‬ ‫َ‬ ‫أقل خطراً!" وسوف تَعتَِرب‬‫وحينئذ ستقول‪" :‬آه! كم كان أسهل آنذاك و ّ‬
‫مسعت‬ ‫ِ‬ ‫لرغبتك يف أن ُحت ِّمل‬
‫كل تلك املسؤوليّات‪ .‬احلُكم! اي له من أمر صعب! هل َ‬ ‫نفسك قبل األوان ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بحث عنه ابحلواس هو دائماً انقِص"‪ .‬لقد أجادت فيما قالت‪ .‬كثرياً‬ ‫ما قالته سينتيكا منذ ّأايم؟ "ما يُ َ‬
‫اسنا‪ ،‬وابلنتيجة ابختالل عظيم‪ .‬فال َحت ُكم‪»...‬‬ ‫ما َحن ُكم وفقاً لردود فعل حو ّ‬
‫كل األشياء اجلميلة اليت تعرفها سينتيكا!»‬ ‫أعرف‬ ‫لست‬ ‫ين‬‫ّ‬‫لكن‬‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫حبق‬ ‫أعدك ِ‬
‫أنت‬ ‫«نعم اي مرمي‪ِ .‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«وتتأ ّمل لذلك اي رجل؟ أال تَع ِرف أنّين أريد التَّخلُّص من كل معاريف تلك يف سبيل أن أَمتَلِك‬
‫فقط حكمتكم؟»‬

‫«ح ّقاً؟ ملاذا؟»‬

‫دي املعرفة‪،‬‬ ‫ل‬ ‫فأان‬ ‫السماء‪.‬‬ ‫تغزو‬ ‫كمة‬‫ك ابحلِ‬


‫ميكنك أن تَسلُك على األرض‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫َ‬ ‫ك ابملعرفة‬
‫«ألنّ َ‬
‫ّ‬
‫ّأما أنتَم فلدي َكم احلِكمة‪».‬‬
‫مبعرفتك عر ِ‬
‫فت أن أتيت إىل يسوع! فهي إذن شيء صاحل‪».‬‬ ‫ِ َ‬ ‫«ولكنّ ِ‬
‫ك‬

‫أود لو أُتلّص منها أللبَس احلكمة وحدها‪ .‬ال أريد الثياب‬‫«إّّنا ُممتَ ِزجة أبخطاء كثرية‪ ،‬حبيث ُّ‬
‫املزركشة عدمية النَّفع‪ .‬وليكن ثويب هو الثوب اخلشن والسميك للحكمة‪ ،‬اليت تلبس ثوابً ال يبلى‪ ،‬الذي‬
‫فيشع اثبتاً‬
‫ويهتز‪ّ .‬أما نور احلكمة ّ‬
‫ليس ممّا هو قابل للفساد‪ ،‬بل ممّا هو خالد‪ .‬إ ّن نور املعرفة يرّتف ّ‬
‫يتغري وال يتب ّدل‪ِ ،‬مثل اإلله الذي أ َ‬
‫َحدثَهُ‪».‬‬ ‫ال ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 550 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل‬ ‫ن‬ ‫لك أن تتوقي إىل التخلّص ِ‬
‫م‬ ‫بطئ يسوع سريه لِيسمع‪ .‬يلتفت ويقول لليواننية‪« :‬ليس ِ‬ ‫يِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫األزيل‪ ،‬ال ُـمكتَ َسب ِمن أرواح‬
‫ّ‬ ‫الفكر‬ ‫ن‬ ‫عليك أن تنتقي ممّا تعرفينه ما يقدَّر ِمقدار ذرة ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ما تعرفينه‪ ،‬إّّنا ِ‬
‫ذات قيمة ال ميكن إنكارها‪».‬‬

‫«تلك األرواح ح ّققت إذن يف ذاهتا أسطورة النار احملجوبة عن اآلهلة؟»‬


‫«نعم‪ ،‬اي امرأة‪ .‬إّّنا هنا مل َحتجبها‪ ،‬بل عرفت تَقبُّلها‪ ،‬عندما متسها األلوهة بنرياّنا‪ ،‬م ِ‬
‫داعبة إ ّايها‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َمردة ممّا هو اإلنسان‪ ،‬ال ُـم َنعم عليه ابلعقل‪».‬‬
‫كأمثلة‪ ،‬منتشرة يف إنسانيّة ّ‬
‫لست حاكماً‬
‫علي تركه‪ .‬أان ُ‬
‫لك أن تدلّين على ما ينبغي يل االحتفاظ به وما ّ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬ينبغي َ‬
‫حكمتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫جيّداً‪ ،‬مللء الفراغات‪ ،‬وُثّ وضع أنوار‬

‫أتوسع‬
‫صل حكمة الفكرة اليت تعرفني‪ ،‬وسوف َّ‬ ‫ك إىل أي ح ّد تَ ِ‬
‫«هذا ما أنوي فعله‪ .‬وسوف أدلّ ِ‬
‫ّ‬
‫حّت ّناية الفكرة احلقيقيّة‪ .‬ولِتَعلَمي‪ .‬سيكون األمر جيّداًكذلك ابلنسبة‬ ‫ِ‬
‫هبا‪ ،‬انطالقاً من ذلك احل ّد‪ّ ،‬‬
‫للمع ّدين ألن يكون هلم‪ ،‬يف املستقبل‪ ،‬احتكاكات كثرية مع الوثنيّني‪».‬‬

‫رب‪ ».‬يُتمتِم يعقوب بن زبدى‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«لن نفهم شيئاً من ذلك اي ّ‬
‫«قليالً يف الوقت الراهن‪ .‬إّّنا ستُد ِركون يوماً التعاليم احلالية وأِهيتها‪ .‬و ِ‬
‫أنت‪ ،‬اي سينتيكا‪ ،‬اعرضي‬ ‫ّ ّ‬
‫لك‪».‬‬‫أوضحها ِ‬ ‫لك‪ .‬وأثناء التوقّفات ِ‬ ‫يل النقاط الـمبهمة ابألكثر ابلنسبة ِ‬
‫َُ‬
‫وحلم حيايت‬
‫أنت املعلّم‪ُ .‬‬
‫احلق‪ ،‬و َ‬
‫رغبتك‪ .‬أان‪ ،‬تلميذة ّ‬
‫َ‬ ‫«نعم‪ ،‬ريب‪ّ .‬إّنا رغبة نفسي اليت تذوب يف‬
‫كلّها‪ :‬امتالك احلقيقة‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 551 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -150‬اتجر ما وراء الفرات)‬

‫‪1945 / 09 / 25‬‬

‫بعد سهل خصيب ميت ّد على مساحة واسعة وراء األردن‪َ ،‬جيل هو املسري أثناء فصل صاح‬
‫األول (أكتوبر)‪ ،‬وبعد توقُّف يف قرية صغرية متت ّد عند أسفل‬
‫ولطيف‪ ،‬كما هي احلال يف ّناية تشرين ّ‬
‫حبق جباالً‪ -‬يُعا ِود‬
‫أُوىل منحدرات سلسلة جبليّة ذات نتوءات ابرزة ‪-‬وبعض القمم ميكن تسميتها ّ‬
‫مدججون‬ ‫ِ‬
‫انضم إىل قافلة طويلة فيها العديد من ذوات األربع ورجال ّ‬
‫يسوع املسري من جديد‪ ،‬وقد َّ‬
‫ابلسالح‪ ،‬بينما كانوا يَس ُقون الدواب ِمن بِركة َّ‬
‫الساحة‪.‬‬

‫ّإّنم رجال طَُوال القامة‪ُ ،‬مسر البَ َشَرة آسيويّو املظهر‪ .‬رئيس القافلة ميتطي بغالً ضخماً‪ ،‬وهو‬
‫حّت أسنانه‪ ،‬وقد علَّ َق أسلحة كذلك على السرج‪ .‬لقد كان كثري االحرتام ّتاه يسوع‪.‬‬ ‫مسلّح ّ‬
‫الر ُسل يسوع‪َ « :‬من هو؟»‬
‫يَسأل ُّ‬
‫مير ابملدن اليت أنوي‬
‫ثري ممّا وراء الفرات‪ .‬سألتُهُ إىل أين كان ماضياً وقد كان مه ّذابً‪ .‬إنّه ّ‬
‫«اتجر ّ‬
‫ض ٌد لنا على تلك اجلبال‪ ،‬أل ّن معنا نساء‪».‬‬ ‫املضي إليها‪ .‬إنّه َع ُ‬
‫ّ‬
‫«هل ُتشى شيئاً؟»‬

‫لست أخشى شيئاً‪ ،‬ذلك أنّنا ال ّنلك شيئاً‪ .‬إّّنا خوف النسـاء يكفي‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫«من جهة السرقات‪ُ ،‬‬
‫القوة‪ ،‬وقد يفيدان هذا يف معرفة أفضل املمرات وعبور‬ ‫هبذه‬ ‫قافلة‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أبد‬ ‫هتاجم‬ ‫ال‬ ‫اللصوص‬ ‫ن‬ ‫وحفنة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫"كنت منذ ّأايم يف قصر للوثنيّني‪ ،‬وقد‬
‫ُ‬ ‫َصعبها‪ .‬سألين‪" :‬هل أنت ماسيّا؟" وعندما َِمس َع التأكيد قال‪:‬‬‫أ َ‬
‫لدي بضاعة ذات قيمة عالية"‪».‬‬ ‫أمحيك وستحميين‪َّ .‬‬
‫ك دون أن أراك‪ ،‬ألنّين قصري‪ .‬حسناً‪ ،‬سوف َ‬ ‫َِمسعتُ َ‬
‫«هل هو أحد املهتدين؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 552 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أظن‪ ،‬ولكنّه قد يكون أيضاً ِمن شعبنا‪».‬‬
‫«ال ّ‬
‫تتق ّدم القافلة ببطء‪ ،‬كما لو كانت الغاية هي عدم إّناك الدواب جبعلها تسري كثرياً‪ .‬فمن السهل‬
‫يضطرون للتوقّف أحياانً‪ ،‬أل ّن الذين يقودون الدواب ُيعلوّنا‬
‫إذن اللحاق هبا سرياً على األقدام‪ ،‬فهم ّ‬
‫وهم يقودوّنا ُمم ِسكني ابللّجام‪.‬‬
‫املمرات الصعبة ُ‬
‫متر الواحدة تلو األخرى يف ّ‬
‫ّ‬
‫بكل معىن الكلمة‪ ،‬فإ ّن املنطقة خصيبة ج ّداً ومعتىن هبا جيّداً‪ .‬قد تكون اجلبال‬
‫ُرغم أنّه جبل ّ‬
‫تؤمن محاية ِمن تيّارات الشمال الباردة‪ ،‬وتيّارات الشرق املؤذية‪،‬‬
‫املرتفعة‪ِ ،‬من جهة الشمال الشرقي‪ِ ،‬‬
‫ّ ّ‬
‫وهذا ما ُُي ِ‬
‫يصب ابلتأكيد يف األردن‪ ،‬إنَّه غزير ابملياه اليت ُ‬
‫لست‬ ‫ّ‬ ‫ً‬‫ال‬‫سي‬ ‫القافلة‬ ‫اذي‬ ‫حت‬
‫ُ‬ ‫احملاصيل‪.‬‬ ‫ن‬ ‫س‬
‫ّ‬
‫أدري ِمن أيَّة قمة تنزل‪ .‬املنظر َجيل‪ ،‬ويزداد َجاله كلّما زاد االرتفاع‪ ،‬وهو ميت ّد إىل الغرب صوب سهل‬
‫األردن‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬املشاهد الظريفة لروايب وجبال اليهوديّة ِمن الشمال‪ ،‬بينما يف الشرق والشمال تَبدُّل‬
‫تالحم أَ َكمات وقمم‬
‫مستمر للبانوراما‪ ،‬بعضها تنفتح على أبعاد شاسعة‪ ،‬وبعضها اآلخر متنح األبصار ُ‬ ‫ّ‬
‫كأّنا تس ّد الطريق كجدار متاهة غري متوقّع‪.‬‬‫ضوضرة أو صخريّة‪ ،‬تبدو و ّ‬ ‫ُُم َ‬
‫الشمس‪ ،‬على وشك اهلبوط خلف جبال اليهوديّة‪ ،‬جاعلة السماء والضفاف شديدة االمحرار‪،‬‬
‫متر‪ ،‬ينادي يسوع‪ُ« :‬يب الوصول إىل البلدة قبل حلول‬ ‫الغين‪ ،‬الذي توقّف اتركاً القافلة ّ‬
‫عندما التاجر ّ‬
‫معك يبدو عليهم التعب‪ّ .‬إّنا مرحلة قاسية‪ .‬اجعلهم ميتطون بِغال احلُّراس‪.‬‬ ‫لكن كثريين ممّن ُهم َ‬
‫الليل‪ ،‬و ّ‬
‫ّإّنا حيواانت ُمسالِمة‪ .‬سيكون لديها الليل بطوله لالسرتاحة‪ ،‬كما أ ّن َمحل امرأة ليس ُمتعِباً‪».‬‬

‫األندوري‬
‫ّ‬ ‫يوافق يسوع وأيمر الرجل ابلتوقّف كي متتطي النساء الدواب‪َُ .‬ي َعل يسـوع يوحنّا‬
‫لتطمئن النساء‬
‫ّ‬ ‫ميتطي إحداها أيضاً‪ .‬والذين يسريون على أقدامهم‪ ،‬مبا فيهم يسـوع‪ُ ،‬مي ِسكون ابألعنّة‬
‫أي منها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أكثر‪ .‬يريد مرغزايم اعتبار نفسه رجالً‪ ...‬ورغم أ ّن التعب يُنهكه‪ ،‬فإنّه ال يريد امتطاء سرج ّ‬
‫بل على العكس‪ ،‬فإنّه ميسك بِعنان البَغل الذي متتطيه مرمي الكلّيّة القداسة‪ ،‬والذي هو بني يسوع‬
‫الصيب‪ ،‬وهذا األخري يتق ّدم بشجاعة‪.‬‬
‫و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 553 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بَِق َي التاجر قرب يسوع وهو يقول ملرمي‪« :‬هل ترين هذه البلدة اي امرأة؟ ّإّنا راموت‪ .‬سوف‬
‫املرتني األخريني فإنَّين‬ ‫يف‬ ‫بينما‬ ‫عام‪،‬‬ ‫كل‬ ‫تني‬
‫مر‬ ‫هنا‬ ‫ن‬ ‫نتوقّف فيها‪ .‬يع ِرفين صاحب الفندق‪ ،‬ألنّين أمُّر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫لكين أب الثين عشر ولداً ما زالوا‬ ‫أحاذي الض ّفة ألبيع وأشرتي‪ .‬هكذا هي حيايت‪ّ :‬إّنا حياة قاسية‪ .‬و ّ‬
‫كت ابين الصغري وهو ابن تسعة ّأايم‪ .‬واآلن سوف أالقيه وقد‬ ‫متأخراً‪ .‬وقد تر ُ‬
‫جت ّ‬ ‫تزو ُ‬
‫صغاراً‪ .‬لقد َّ‬
‫بـََز َغت أسنانه األوىل‪».‬‬

‫لك!»‬ ‫ِ‬
‫«عائلة َجيلة‪ »...‬تُعلّق مرمي‪ ،‬وتُنهي‪« :‬فلتحفظها السماء َ‬
‫التذمر ِمن إعالتها‪ ،‬عدا عن أنَّين حقاً ال أستح ّقها‪».‬‬
‫«يف احلقيقة إنّين ال أستطيع ّ‬
‫األقل؟»‬ ‫على‬ ‫يسأله يسوع‪« :‬هل أنت مهت ٍ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫َ َُ‬
‫« ِمن املفروض أن أكون كذلك‪ ...‬فأجدادي كانوا إسرائيليّني حقيقيّني‪ُ .‬ثّ‪ ...‬أتقلمنا هناك‪»...‬‬

‫«ليس هناك سوى َج ّو واحد تتأقلم فيه النَّـ ْفس‪َ :‬ج ّو السماء‪».‬‬

‫أقل‬ ‫األبناء‬ ‫فكان‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ائيلي‬


‫ر‬ ‫إس‬ ‫تكن‬ ‫مل‬ ‫أة‬‫ر‬ ‫ام‬ ‫ن‬‫م‬‫ك ُُمق‪ .‬ولكن تَعلَم‪ ...‬ج ّدي الثاين تزوج ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«إنّ َ ّ‬
‫نب أوالداً كانوا فقط ُُم َِرتمني‬ ‫إمياانً‪ ...‬أبناء األبناء تزوجوا ِ‬
‫يكن يَنتَمني إىل إسرائيل‪ ،‬فأجنَ َ‬
‫ّ‬ ‫مل‬ ‫نساء‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫يهودي‪ .‬واآلن أان‪ ،‬حفيد األحفـاد‪ ...‬الشيء‪ .‬فباحتكاكي‬ ‫ّ‬ ‫لالسم اليهودي؛ ذلك أنّنا ِمن أصل‬
‫حّت مل أعد أنتمي إىل أحد‪».‬‬ ‫ِ‬
‫اقتبست من اجلميع‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫جبميع الناس‪ ،‬فقد‬

‫ذهابك ِمن هذه‬


‫َ‬ ‫التقيت‪ ،‬أثناء‬
‫َ‬ ‫ك تُف ّكر بشكل سيّئ‪ ،‬وسوف أُثبِت َ‬
‫لك ذلك‪ .‬إذا ما‬ ‫«إنّ َ‬
‫لك‪" :‬ولكن ال‪ ،‬اذهب ِمن هذه‬ ‫الطريق اليت تعرف ّأّنا األفضل‪ ،‬خبمسة أو ستة أشخاص يقولون َ‬
‫الناحية"‪" ،‬عُد إىل اخللف"‪" ،‬توقّف"‪" ،‬اذهب ابّتاه الشرق"‪" ،‬استدر ابّتاه الغرب"‪ ،‬ماذا تقول؟»‬

‫«أقول‪" :‬أَع ِرف أ ّن هذه هي األقصر واألسهل‪ ،‬لن أحيد عنها"‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 554 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أنت تَع ِرف طريقة إجنازه‪ ،‬فهـل تُصغي إىل الذين‪،‬‬
‫عليك معاجلة أمر ما و َ‬
‫«أو أيضاً‪ :‬إذا كان َ‬
‫تتصرف بشكل مغاير؟»‬ ‫لك أن ّ‬‫تبجح أو حبساب ُمادع‪ ،‬يقولون َ‬
‫مبحض ّ‬
‫«ال‪ .‬بل أَتبَع ما تُشري يل ّتربيت أنّه األفضل‪».‬‬

‫لست‬
‫أنت َ‬ ‫خلفك ألوف السنوات من اإلميان‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫لك‬
‫ئيلي األصل‪ ،‬و َ‬
‫أنت إسرا ّ‬
‫«حسن ج ّداً‪َ .‬‬
‫خيص موضوع اإلميان‪ ،‬بينما تَع ِرف كيف‬‫متتص احتكاكك ابجلميع فيما ّ‬
‫أبلهاً وال أ ُّميّاً‪ ،‬فلماذا إذاً ّ‬
‫البشري؟ َج ْعل‬
‫ّ‬ ‫حّت ابملعىن‬
‫شرف ّ‬‫لك ذلك غري ُم ِّ‬
‫خيص املال أو أمان الطرقات؟ أال يبدو َ‬
‫ترفض فيما ّ‬
‫هللا يف املرتبة الثانية بعد املال والطريق‪»...‬‬

‫فقدت رؤيته‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫«أان مل أجعله يف املرتبة الثانية‪ ،‬ولكنّين‬

‫لك أيضاً‬
‫لكن هللا هو الذي يسمح َ‬ ‫ذت ِمن التجارة واملال واحلياة آهلة َ‬
‫لك‪ .‬و ّ‬ ‫ك ّاُت َ‬
‫«ذلك أنّ َ‬
‫دخلت إىل اهليكل إذن؟»‬
‫َ‬ ‫ابحلصول على مثل تلك األشياء‪ ...‬ملاذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنت أُفا ِوض فيه على بضائع‪ ،‬ر ُ‬
‫أيت‬ ‫«من ابب الفضول‪ .‬يف الطريق‪ ،‬أثناء خروجي من بيت ُ‬
‫كنت قد َِمسعتُهُ يف عسقالن‪ ،‬عند امرأة تصنع‬ ‫ونك‪ ،‬فتذ ّك ِ‬
‫رت حواراً ُ‬
‫ُ‬ ‫َمموعة من الناس‪ ،‬وقد كانوا ُيلّ َ‬
‫بكونك ذلك الذي كانت املرأة قد َحدَّثتين عنه‪ .‬وحني‬
‫َ‬ ‫كنت أشتبه‬
‫سألت َمن تكون‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫السجاد‪ُ .‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ك حلظة فقط‪.‬‬‫عدت فرأيتُ َ‬
‫أثرك‪ .‬يف أرُيا ُ‬
‫فقدت َ‬
‫أّنيت عمل ذلك اليوم‪ُ ...‬ثّ ُ‬
‫كنت قد ُ‬ ‫ك‪ُ .‬‬ ‫مت تَبِعتُ َ‬
‫َعل ُ‬
‫هاك‪»...‬‬
‫فوجدتك‪َ ...‬‬
‫َ‬ ‫دت‬
‫واليوم عُ ُ‬
‫ألشكرك على‬
‫َ‬ ‫أمنحك ّإايه‬
‫َ‬ ‫لدي ما‬
‫وُي َعل طُرقنا تتالقى‪ .‬أان ليس َّ‬
‫«ها إ ّن هللا إذن ُيمعنا َ‬
‫األقل‪».‬‬ ‫لطفك‪ .‬ولكنّين آمل قبل مغادريت إايك أن َ ِ‬
‫أهبك نعمة‪ ،‬على ّأال ترتكين قَبلها على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هاك‪ :‬خلف ذاك املنعطف تبدأ‬‫«ال لن أفعلها! اسكندر ميزاس عندما يُق ِّدم ذاته ال ينسحب! َ‬
‫البلدة‪ .‬أان ماض إىل األمام‪ .‬سنلتقي اثنية يف الفندق‪ ».‬ويَهمز مطيّته وميضي َجرايً على حافة الطريق‪.‬‬

‫«إنّه رجل نزيه وتعيس‪ ،‬اي َولَدي‪ ».‬تقول مرمي‪.‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 555 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«و ِ‬
‫أنت تريدينه سعيداً حبسب احلكمة‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫ويتبادالن ابتسامة وادعة مع حلول الظّالل األوىل للمساء‪.‬‬

‫‪...‬أثناء أمسية تشرينيّة (أكتوبر) طويلة‪ ،‬وإذ هم ُملتَئِمون َجيعهم يف غرفة واسعة يف الفندق‪،‬‬
‫ينتظر املسافرون ساعة النوم‪ .‬ويف إحدى الزوااي‪ ،‬التاجر مبفرده منشغل حبساابته‪ .‬يف الزاوية املقابلة‪،‬‬
‫وصهيل وثُغاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يسوع مع أتباعه كلّهم‪ .‬ليس هناك نُزالء آخرون‪ .‬من االصطبالت أتيت أصوات َّنيق َ‬
‫هذا ما يدعو إىل االفرتاض أب ّن نُزالء آخرين يف الفندق‪ ،‬ولكن قد يكونون يف الفراش‪.‬‬

‫َخ َذه النُّعاس وهو ليس‬


‫"ر ُجل"‪ .‬وبطرس أ َ‬
‫انم مرغزايم بني ذراعي السيدة العذراء‪ ،‬انسياً فجأة أنّه َ‬
‫فإّنن شبه انئمات وصامتات‪ّ .‬أما يسوع ومرمي وأختا لعازر‬ ‫وحّت النساء املسنّات الثراثرات ّ‬
‫الوحيد‪ّ .‬‬
‫وسينتيكا ومسعان الغيور ويوحنّا ويوضاس فَـ ُهم يَِقظون‪.‬‬

‫كأّنا تبحث عن شيء ما‪ .‬إّّنا يف النهاية‪ ،‬تُ ِّ‬


‫فضل‬ ‫األندوري‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫سينتيكا تنبش يف حقيبة يوحنّا‬
‫اجمليء إىل جانب اآلخرين واالستماع إىل يوضاس بن حلفا الذي يتح ّدث عن عواقب املنفى يف اببل‬
‫كل َمن َفى هو دمار‪ »...‬تُشري‬ ‫ِ‬
‫وينتهي بقوله‪...« :‬قد يكون ذلك الرجل واحداً من تلك العواقب‪ّ .‬‬
‫شعوري‪ ،‬ولكنّها ال تقول شيئاً‪ ،‬وخيتم يوضاس بن حلفا‪« :‬غريب هو أن‬ ‫ّ‬ ‫سينتيكا برأسها بشكل ال‬
‫خاصة يف أمور الدين هذه‪،‬‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ي‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫جديد‬ ‫صبح‬‫ي‬ ‫يتم ّكن املرء ِمن التجرد عما هو كنـز دهور أبكملها‪ ،‬لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ودين كالذي لنا‪»...‬‬ ‫ِ‬

‫ك تَرى السامرة يف قلب إسرائيل‪».‬‬


‫عليك ّأال تندهش طاملا أنّ َ‬
‫ُُييب يسوع‪َ « :‬‬
‫اجلانيب لوجه يسوع الصايف‪ .‬تَنظُر إليه‬ ‫املنظر‬ ‫يف‬ ‫قان‬ ‫فرتة صمت‪ ...‬عينا سينتيكا القامتتني ُحت ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬
‫َّظرة ويستدير لِيَنظُر إليها‪.‬‬
‫بدقّة ولكنّها ال تتكلّم‪ .‬يَشعُر يسوع بتلك الن َ‬
‫«أمل َِّتدي شيئاً على هو ِاك؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 556 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وصلت إىل ح ّد عدم معرفة التوفيق بني املاضي واحلاضر‪ ،‬بني أفكاري السابقة‬
‫ُ‬ ‫«ال‪ ،‬اي سيّد‪ .‬لقد‬
‫وتلك احلاليّة‪ .‬ويبدو يل أ ّن يف األمر‪ ،‬لِنَـ ُقل‪ ،‬خيانة‪ ،‬ذلك أ ّن أفكاري القدمية قد أعانتين‪ ،‬حقيقة‪ ،‬يف‬
‫لك كان قد أجاد القول‪ ...‬حينئذ دماري هو دمار سعيد‪».‬‬ ‫احلصول على احلاليّة‪َ .‬ورسو َ‬
‫«ما الذي ُد ِمر ابلنسبة ِ‬
‫لك؟»‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫رب‪ .‬ومع ذلك فإنّين ُمضطَ ِربة قليالً‪ ،‬ألنّين لدى قراءيت ما ُكت َ‬
‫ب يف‬ ‫«اإلميان ابلسماء الوثنيّة‪ ،‬اي ّ‬
‫حّت يف‬
‫ـدت أنّه ّ‬
‫لفافاتكم ‪-‬لقد أعطانيها يوحنّا‪ ،‬وأان أقرأها ألنّه بدون معرفة ال يكون امتالك‪ -‬وج ُ‬
‫وعلي أن أُقِّر‪ ،‬هناك أحداث ال ُتتلف كثرياً عن اليت لنا‪ .‬اآلن ُّ‬
‫أود أن‬ ‫اترخيك‪ ...‬منذ البداايت‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫أعرف‪»...‬‬
‫«لقد قلت ِ‬
‫لك‪ :‬اسأيل وأان سأُجيب‪».‬‬ ‫ُ‬
‫كل ما يف ِدين اآلهلة خطأ؟»‬
‫«هل ّ‬
‫«نعم‪ ،‬اي امرأة‪ .‬فال يوجد سوى إله واحد‪ ،‬ما أتتّى َعن آخر‪ ،‬وهو غري خاضع لألهواء واحلاجات‬
‫كامل‪ ،‬وخالِق‪».‬‬
‫البشرية‪ ،‬إله أوحد‪ ،‬أزيل‪ِ ،‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫«أان أؤمن بذلك‪ .‬ولكنّين ال أريد اإلجابة بشكل ال َُيتَ ِمل النقاش‪ ،‬بل إّّنا أبسلوب يَقبَل‬
‫علي وثنيّون آخرون‪ .‬فأان‪ ،‬بذايت‪ ،‬وبفضل هذا‬ ‫طرحها َّ‬ ‫النّقاش لإلقناع‪ ،‬لإلجابة على أسئلة ميكن أن يَ َ‬
‫كنت‬
‫أعطيت لنفسي إجاابت مبدئيّة ولكنّها كافية‪ ،‬لتمنح روحي السالم‪ .‬ولكنّين ُ‬ ‫ُ‬ ‫األبوي‪،‬‬
‫اإلله اخلَّري و ّ‬
‫أقل‪ ،‬ومع ذلك فعلى اجلميع أن تكون لديهم‬ ‫ِ‬
‫التوصل إىل احلقيقة‪ .‬آخرون يبحثون عنها ب َقلَق ّ‬‫أبغي ّ‬
‫أود لو أُعطيه‪ .‬ولكي‬‫فلست أنوي البقاء عدمية النَّفع ّتـاه النُّفوس‪ .‬فما نِلتُه ُّ‬
‫ُ‬ ‫الرغبة بذلك البحث‪.‬‬
‫كنت‬
‫احلب‪ .‬اليوم‪ ،‬يف الطريق‪ ،‬بينما ُ‬ ‫وسأخدمك ابسم ّ‬‫َ‬ ‫علي أن أعرف‪ .‬فامسح يل أن أعرف‪،‬‬ ‫أُعطي َّ‬
‫املشاهد ُحتيِي يف ذاكريت صورة سالسل جبال هيالّد‪ ،‬واتريخ الوطن‪ ،‬وبرتابُط‬ ‫أأتمل اجلبال‪ ،‬كانت بعض ِ‬
‫ّ‬
‫األفكار كانت َحتضر يف ذهين أسطورة بروميثي‪ ،‬وتلك اليت لديكاليون‪ ...‬أنتم كذلك لديكم ما يُشبِهها‬
‫تالزمات خفيفة‪ ،‬ولكنّها مع ذلك‬ ‫صعق لوسيفوروس‪ ،‬يف بث احلياة يف الصلصال ويف طوفان نوح‪ُ .‬‬ ‫يف َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 557 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تذكار‪ ...‬اآلن قل يل‪ :‬كيف استطعنا أن نعرفها لو مل يكن هناك تواصل بيننا وبينكم‪ ،‬وإن كنتم فعالً‬
‫قد حصلتم عليها قبلنا‪ ،‬وكنّا حنن قد حصلنا عليها كذلك‪ ،‬إّّنا ال نعرف كيف؟ وإن كنا حنن وأنتم‬
‫جنهل عن بعضنا الكثري من األمور‪ .‬فكيف إذن كانت لنا منذ آالف السنني أساطري كانت قد ذُكَِرت‬
‫فيها احلقائق اليت لكم؟»‬
‫لك أن تسأليين عن هذا أقل ِمن اآلخرين‪ .‬لقد قر ِ‬
‫أت أعماالً إبمكاّنا‬ ‫«أيتها املرأة‪ ،‬ينبغي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انتقلت ِمن تذ ّكر جبال مسقط‬
‫ِ‬ ‫الك‪ِ .‬‬
‫فأنت اليوم‪ ،‬ابئتالف األفكار‪ ،‬قد‬ ‫وحدها أن ُّتيب عن سؤ ِ‬
‫ر ِ‬
‫أسك‪ ،‬إىل األساطري امليالديّة‪ ،‬وإىل مقارنتها‪ .‬أليس كذلك؟ ملاذا كان هذا؟»‬

‫«أل ّن فكري‪ ،‬بينما كان يصحو‪َّ ،‬‬


‫تذكَر‪».‬‬

‫ذكـروا‪ ،‬إّّنا بغموض‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ألرضك‪ ،‬تَ َّ‬ ‫حّت نفوس القدماء ج ّداً‪ ،‬الذين َمنَحوا الداينة‬
‫«جيّد ج ّداً‪ّ .‬‬
‫تذكروا على الدوام‪.‬‬ ‫صل عن الداينة املوحى هبا‪ .‬ولكنّهم َّ‬ ‫كما يستطيع غري الكامل أن يفعل‪ ،‬وهو من َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫كل خصوصيّاهتا‪ ،‬لكنّا رأينا أ ّن هناك‬ ‫ِ‬
‫توجد دايانت كثرية يف العامل‪ .‬فلو كانت هنا لوحة واضحة تُظهر ّ‬
‫كمن فيها أجزاء ِمن احلقيقة الصحيحة‪».‬‬ ‫ِ‬
‫ما يُشبه خيط الذهب اتئهاً يف الوحل الوفري‪ ،‬خيط فيه َعقد تَ ُ‬
‫أنت تقول ذلك‪ .‬إذن‪ ،‬فلماذا قدماء القدماء‬ ‫ِ‬
‫«ولكن أمل أنت َجيعنا من أصل َك َرمة واحدة؟ َ‬
‫األصلي مل يَع ِرفوا أن َُي ِملوا معهم احلقيقة؟ أليس ِمن الظُّلم أن ُحت َجب عنهم؟»‬
‫ّ‬ ‫اجلذع‬ ‫ن‬‫م‬‫اآلتني ِ‬

‫وجدت؟ يف البداية هناك خطيئة ُمرَّكبة حتيط حباالت‬ ‫ِ‬ ‫أت ِسفر التكوين‪ ،‬أليس كذلك؟ ماذا‬ ‫« قر ِ‬
‫ـاعف ملوازاة عمل أخنوخ‬ ‫مادة وفكراً وروحاً‪ .‬بعد ذلك قَـْتل األخ أخاه‪ُ ،‬ثّ قَـْتل ُمض َ‬ ‫اإلنسان الثالث‪ّ :‬‬
‫ابالحتاد الشهواين ألبناء هللا ببنات ِمن األسرة املالكة‪.‬‬ ‫يف حفظ النور يف القلوب‪ ،‬بعدئذ يـأيت الفساد ّ‬
‫التطهر ابلطوفان وإعادة بناء األصل ابتداء ِمن بِـذار صاحلة‪ ،‬وليس انطالقاً ِمن حجارة كما تقول‬ ‫ورغم ُّ‬
‫أساطريكم‪ ،‬وليس بدءاً ِمن سرقة انر حيويّة ِمن قِبَل صنيعة إنسانيّة‪ ،‬بل إّّنا ببث النار احليويّة يف صنيعة‬
‫بشري‪ ،‬وهي ذي ِمن‬ ‫َّ‬
‫هللا‪ ،‬وكانت احلياة قد دبّت يف ّأول صلصال شكلَه هللا على صورته وبشكل ّ‬
‫يفهمن بعضهم لغة‬
‫ّ‬ ‫جديد مخرية الكربايء‪ ،‬إهانة هللا‪"« :‬إنّنا نبلغ السماء" واللعنة اإلهليّة‪" :‬فليتب ّددوا وال‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 558 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بعض‪ ...‬واجلذع الوحيد‪ ،‬كاملاء الذي إذ يرتَ ِطم بصخرة‪ ،‬ينقسم إىل جداول ال تعود ّتتمع أبـداً‪،‬‬
‫فإّنا تتب ّدد وال‬
‫اإلهلي‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫تفر بفعل اخلطيئة والعقاب ّ‬‫ينقسـم‪ ،‬واألصل يُصبح أصوالً‪ .‬والبشريّة‪ ،‬إذ َشَر َعت ّ‬
‫لكن النُّفوس تتذ ّكر‪ .‬يبقى فيها‬
‫تعود ّتتمع أبداً‪ ،‬حاملة معها البَلبَلة اليت كان قد َخلَقها الكربايء‪ .‬و ّ‬
‫شيء ما على الدوام‪ ،‬واألكثر عفافـاً واألكثر حكمـة تَرى بصيص نور يف ظُلمات األساطري‪ :‬نور‬
‫احلقيقة‪ .‬إنّه تذكار النور الذي رأته قبل احلياة‪ ،‬الذي ُُيِّرك فيها حقائق توجد فيها مقتطفات ِمن‬
‫احلقيقة املوحى هبا‪ .‬هل فَ ِهمتِين؟»‬

‫«جزئياً‪ .‬ولكنين اآلن سوف أُف ِّكر فيها‪ .‬فالليل هو صديق الذي يُف ِّكر وخيتلي يف ذاته‪».‬‬

‫لكن أيتّها النساء‪ .‬السالم لكم‬


‫كل يف ذاته‪ .‬هيّا بنا اي أصدقائي‪ .‬السالم ّ‬
‫هلموا بنا ُنتلي ّ‬
‫«إذن ّ‬
‫لك اي اسكندر ميزاس‪».‬‬ ‫اي تالميذي‪ .‬السالم َ‬
‫معك‪ ».‬يقول التاجر وهو ينحين‪...‬‬
‫«وداعاً اي سيّد‪ .‬ليكن هللا َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 559 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪ِ -151‬‬
‫(من راموت إىل جرياسا)‬

‫‪1945 / 09 / 26‬‬

‫هتب عليها الريح قليالً‪ ،‬تبدو يف َجاهلا البديع تلك البلدة القابعة على‬‫يف النور الباهر لصبيحة ّ‬
‫القمم املتفاوتة االرتفاع‪ .‬حتسبها لوحة ِمن‬ ‫هضبة صخرية بطابعها الفريد‪ ،‬اليت تنتصب وسط حلقة ِمن ِ‬
‫ّ‬
‫توض َعت عليها البيوت‪ ،‬الكبرية منها والصغرية‪ ،‬واجلسور والينابيع‪ ،‬واليت إّّنا ُوِج َدت هنا كما‬
‫الغرانيت َّ‬
‫للرتفيه عن طفل عمالق‪.‬‬

‫املادة األساسيّة هلذه املنطقة‪ .‬مبنيّة‬ ‫ِ‬ ‫كأّنا ُِ‬


‫الكلسي الذي يُش ّكل ّ‬
‫ّ‬ ‫الصخر‬ ‫يف‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫حن‬ ‫تبدو البيوت و ّ‬
‫ِمن قوالب مرتاكبة فوق بعضها‪ ،‬وهي بغري َمالط (مادة تشبه االمسنت)‪ ،‬وهي إذ تكاد تكون ُمربّعة‪،‬‬
‫كعبات‪.‬‬‫كأّنا لعبة بناها طفل كبري ابرع بواسطة ُم ّ‬
‫تبدو و ّ‬

‫حرج واخلصيب‪ ،‬مبنتوجاته املتنوعة اليت تبدو ِمن‬ ‫يتأمل املرء ريفها الصغري ال ُـم َّ‬
‫َحول هذه البلدة‪ّ ،‬‬
‫نحرفات ومثلّثات‪ ،‬البعض منها أرض بُنيّة نُ ِك َشت ابملعول‬ ‫سجادة‪ ،‬تتميّز فيها مربّعات وأشباه ُم َ‬
‫األعلى ّ‬
‫منذ مدة قصرية‪ ،‬والبعض اآلخر أرض خضراء فريوزيّة بسبب العشب الذي أنبَـتَته أمطار اخلريف‪،‬‬
‫وأُخرى محراء بسبب آخر أوراق ال َك َرمة والبساتني‪ ،‬وأُخرى خضراء رماديّة بفضل أشجار احلور‬
‫مطلي ابملينا (مادة شفافة المعة) بفضل السنداين‬ ‫ّ‬ ‫والصفصاف‪ ،‬وأُخرى ذات لون أخضر وكأنّه‬
‫برونزي بوجود السرو والصنوبر‪ّ .‬إّنا َجيلة‪َ ،‬جيلة ج ّداً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اخلروب‪ ،‬أو أخضر‬
‫و ّ‬
‫ُثّ هناك طُُرقات تَنطَلِق ممّا يُشبه عُقدة َشريطة‪ِ ،‬من البلدة إىل السهل البعيد‪ ،‬أو صوب اجلبال‬
‫ط داكن‪ ،‬احلقول اخلضراء واألراضي البنيّة املفلوحة‪.‬‬
‫األعلى‪ ،‬وهي تتوغّل يف الغاابت‪ ،‬أو تَفصل‪ ،‬خب ّ‬

‫الفضة‪ِ ،‬من جهة النبع‪ ،‬ويف اجلهة املقابلة‬


‫وفيما وراء البلدة‪ ،‬هناك َمرى ماء ضاحك‪ ،‬بلون ّ‬
‫(املمرات) الضيّقة‬
‫الش َـعب ّ‬‫يُصبح بلون الالزورد املمتزج ابلزبرجد يف املنحدرات صوب الوداين بني ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 560 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فسح اجملال‬
‫توس َع اجملرى‪ ،‬وهو ال يَ َ‬
‫ظهر ويَغيب‪ُ ،‬متقلّباً‪ ،‬أكثر غزارة وأكثر ازرقاقاًكلّما َّ‬
‫والسفوح‪ ،‬وهو يَ َ‬
‫صب القاع واألعشاب اليت ّنت خالل فصل اجلفاف أبن تُضفي عليه اللون األخضر‪ .‬فهو يعكس‬ ‫ِ‬
‫ل َق َ‬
‫اآلن السماء‪ ،‬بعد دفن القصب حتت كثافة للماء الذي أصبَ َح عميقاً‪.‬‬

‫ص ْدع يف كتلتها الرائعة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ص َدفة مثينة طُليَت مبينا أزرق داكن‪ ،‬بدون َ‬
‫ُزرقة السماء خيالية‪َ :‬‬
‫تُعا ِود القافلة املسري‪ ،‬والنساء ما يزلن على اجلّياد‪ ،‬ذلك أ ّن التاجر يقول إ ّن الطريق فيما وراء‬
‫البلدة ُمتعِبة‪ ،‬وُيب اإلسراع للوصول إىل جرياسا قبل حلول الليل‪ .‬وإذ يتدثّرون ألبسة دافئة‪ ،‬وقد‬
‫صعد وسط األدغال البديعة احملاذية‬ ‫نشطوا بعد االسرتاحة‪ ،‬يتق ّدمون بسرعة على الطريق اليت تَ َ‬ ‫تَ ّ‬
‫حقيقي‬ ‫عمالق‬ ‫ض‪.‬‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َخ‬
‫أ‬ ‫ُخرى‬
‫أ‬ ‫ـال‬ ‫ب‬‫ج‬ ‫فوق‬ ‫ضخمة‬ ‫ككتلة‬ ‫ب‬ ‫ص‬‫للمنحدرات األعلى جلبل من َف ِرد ينتَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫صادفه يف أعلى نقاط "أبنني"‪.‬‬ ‫كالذي نُ ِ‬

‫« ّإّنا جلعاد» يقول التاجر الذي بقي إىل جانب يسوع‪ ،‬وهو يشري إليها ابليد‪ ،‬وما يزال يقود‬
‫أتيت يوماً إىل‬
‫البغل الذي متتطيه مرمي ابللّجام‪ .‬ويُضيف‪« :‬بعد ذلك سيكون الطريق أفضل‪ .‬هل َ‬
‫هنا؟»‬

‫(طردت) ِمن جلجاال‪».‬‬


‫ُ‬ ‫ُقصيت‬
‫كنت أريد اجمليء يف الربّيع‪ ،‬ولكنّين أ ُ‬
‫«أبداً‪ُ .‬‬
‫إقصاؤك؟ اي للخطأ!»‬
‫َ‬ ‫«‬

‫يَنظُر إليه يسوع ويصمت‪.‬‬

‫لحق‪ ،‬بساقيـه القصريتني‪،‬‬‫َُي َعل التاجر مرغزايم ميتطي سـرجاً‪ ،‬ألنّه ابحلقيقة كان يُعاين وهـو يَ َ‬
‫اخلطوة السريعة للمطااي‪ .‬وبطرس يَعلَم ّأّنا سـريعة! يتق ّدم‪ ،‬وهو َُي َهد بصعوبة للّحاق ابلقافلة‪ ،‬مقتدايً‬
‫متأخراً عنها دائماً‪ .‬يتصبّب عرقاً‪ ،‬ولكنّه مسرور لسماعه مرغزايم يضحك‪،‬‬ ‫يظل ّ‬‫ابآلخرين‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫مّت وأخيه اندراوس اللذين‬ ‫ورؤيته السيّدة العذراء مراتحة والسيّد سعيداً‪ .‬يتح ّدث وهو يلهث مع ّ‬
‫ضحكهم بقوله هلم إنّه كان سيسـعد يف هذه الصبيحة لو كان له جناحان‬ ‫يبقيان يف آخر القافلة مثله‪ ،‬وي ِ‬
‫ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 561 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ص كاآلخرين ِمن محولته‪ ،‬وقد عُلِّ َقت احلقائب على سروج مطااي النساء‪،‬‬ ‫كما له ساقان‪ .‬لقد ُتلَّ َ‬
‫خاصة وأ ّن الندى قد َج َع َل احلجارة َزلَِقة‪ .‬يعقوب ويعقوب مع يوحنّا وت ّداوس‬
‫حبق‪ّ ،‬‬ ‫لكن الطريق صعبة ّ‬
‫و ّ‬
‫األندوري‪ .‬تيموت‬
‫ّ‬ ‫ُهم أكثر إقداماً ويَتبَعون عن َكثَب مطااي النساء‪ .‬مسعان الغيور يتح ّدث إىل يوحنّا‬
‫نشغِالن كذلك بقيادة املطااي‪.‬‬‫وهرمست ُم َ‬
‫املند ِهش‪ .‬وادي األردن اختفى‬ ‫ظهر لوحة ُمتلفة للنَّظَر َ‬ ‫ِ‬
‫أخرياً متّ اجتياز القسم األصعب‪ ،‬وتَ َ‬
‫ضبة عالية ذات امتداد َمهيب‪ ،‬حيث بعض التجاعيد فقط‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّنائيّاً‪ .‬اآلن تَكتَشف العني يف الشرق َه َ‬
‫للروايب اليت ابلكاد ترتفع لتقطع راتبة املشهد‪ .‬مل أف ّكر أبداً أن يكون يف فلسطني شيء كهذا‪ .‬يبدو َّ‬
‫أن‬
‫ف معه صخور ِمن اجلبال‪،‬‬ ‫تشكلت بعد عاصفة نـَتَ َج عنها َسيل عنيف َجَر َ‬ ‫تلك اهلضبة كانت قد َّ‬
‫حبيث تراكمت تلك الصخور املنجرفة فوق بعضها بعدما سكنت العاصفة لِتُش ِّكل كتلة حجرية ضخمة‬
‫متوض َعت بني مستوى القاع والسماء‪ ،‬مع بقاء ذكرى وحيدة ملدى عنف ذاك السيل بني خطوط الروايب‬ ‫َ‬
‫اصت تلك البقااي معاً وتَصلَّبَت يف أكثر من‬ ‫تلك‪ ،‬وهي بَقااي ما كان َزبَد السيل قد محله معه‪ ،‬وقد تر َّ‬
‫صل املرء إىل‬ ‫َ‬ ‫موضع‪ ،‬بينما مياه السيل ذاته كانت قد انتشرت على مساحة ُمنبَ ِسطة ّ‬
‫أبهبة رائعة‪ .‬وي ِ‬
‫ِ‬
‫ممر ضيّق‪ ،‬والذي هو أيضاً َعميق كما لو كان فجوة بني‬ ‫منطقة السالم ال ُـمش ِرق هذا بعد عبور آخر ّ‬
‫صل‬‫آخر موجيت عاصفة قد ارتَطَمتا‪ .‬ويف القاع ها هو سيل جديد َُيري وهو يزبد صوب الغرب‪ .‬ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِمن الشرق يف َمرى غري ُمستو‪ ،‬هائجاً عرب الصخور وال َـمساقط‪ُ ،‬مناقضاً بذلك السالم البعيد للهضبة‬
‫الضخمة‪.‬‬

‫آمر ابإلسراع‪ ».‬يقول التاجر‪.‬‬


‫حت فسوف ُ‬
‫«اآلن ستكون الطريق جيّدة‪ .‬إذا َمسَ َ‬
‫ك على بيّنة‪».‬‬
‫لك‪ ،‬أيّها الرجل‪ .‬فإنّ َ‬
‫كت القياد َ‬
‫«أان‪ ،‬تر ُ‬
‫ويتفرقون على املنحدر بُغيـة البحث عن َحطَب لطهي الطعام‪ ،‬وماء لألقدام‬ ‫يَهبطون َجيعاً ّ‬
‫التَّعِبة‪ ،‬واحلُلوق العطشى‪ .‬الدواب اليت أُن ِزلَت محولتها‪ ،‬تقضم العشب الكثيف‪ ،‬أو تنـزل يف ماء السيل‬
‫مشوي تنطلق ِمن النريان الصغرية املشتعلة لطهي احلِمالن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القراح (العذب) لتشرب‪ .‬رائحة راتنج وحلم‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 562 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لكن التاجر‬
‫الر ُسل انراً يشوون عليها السمك اململّح‪ ،‬املغسول قبالً يف مياه السيل العذبة‪ .‬و ّ‬ ‫ُُي ِّهز ُّ‬
‫وُيِربهم على قبوله‪ .‬وأيخذ بطرس على عاتقه شيّه‪ ،‬بعد‬ ‫يَر ُاهم ويُقبِل جالباً هلم َمحَالً صغرياً أو جدايً‪ُ ،‬‬
‫أن َُيشوه ابلتوابل‪.‬‬

‫ُج ِّهزت الوجبة بسرعة واستُهلِكت بسرعة‪ .‬وحتت مشس الظهرية‪ ،‬يُعا ِودون املسري على طريق‬
‫قي‪ ،‬يف منطقة رائعة اخلَصب‪ ،‬جيّدة الزرع‪ ،‬غنيّة بقطعان‬
‫للسيل يف ّاّتاه اجلنوب الشر ّ‬
‫أفضل‪ُ ،‬ماذية ّ‬
‫املاعز واخلنازير اليت هترب أمام القافلة ُمفخفة (صوت اخلنزير)‪.‬‬

‫«هذه املدينة احملاطة ابألسوار‪ ،‬اي سيّد‪ ،‬هي جرياسا‪ .‬مدينة املستقبل العظيم‪ .‬اآلن هي يف طَور‬
‫لت ّإّنا َستُجاري بسرعة جبعون وعسقالن وصور ومدانً أخرى كثرية‬ ‫ِ‬
‫التوسع‪ ،‬وال أظنّين أُخطئ إذا ما قُ ُ‬‫ّ‬
‫وغناها‪ .‬الرومان يـََرون أِهّيّتها ِمن خالل هذه الطريق اليت أتيت ِمن البحر األمحر‪ ،‬ابلتايل‬
‫جبماهلا وّتارهتا ِ‬
‫صل إىل البحر البنطي‪ّ .‬إّنم يساعدون اجلرياسيني يف البناء‪ّ ...‬إّنم يتمتّعون‬ ‫ِمن مصر‪ ،‬ومتر عرب دمشق لِتَ ِ‬
‫ّ َْ‬
‫صر والبَصرية‪ .‬حاليّاً فيها فقط ّتارات عديدة‪ ،‬إّّنا فيما بعد!‪ ...‬آه! سوف تكون َجيلة‬ ‫جبودة البَ َ‬
‫وحلَبات ومحَّامات عموميّة‪ .‬أان‪ ،‬مل يكن يل هناك ِسوى متاجر‪.‬‬ ‫وغنيّة! روما ُمصغَّـرة مبعـابد وأحواض‪َ ،‬‬
‫وُمالت ّتاريّة‪ ،‬ألبيعها أبسعار أعلى بعد‬ ‫حصلت على أراض كثرية أُقيم عليها ُمازن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّأما اآلن فقـد‬
‫أن أشرتيتها أبسعار متدنّية‪ ،‬وقد أبين بيتاً فخماً أقضي فيه شيخوخيت‪ ،‬عندما يتم ّكن أوالدي بلدصار‬
‫مصب‬
‫ّ‬ ‫وانبور وفليكس وسيدميا أن يُصبِحوا جديرين إبدارة متاجر صور وجبعون واالسكندريّة عند‬
‫النيل‪ .‬يف أثناء ذلك يَكرب األوالد الثالثة اآلخرون‪ ،‬وسـأعطيهم متـاجر جرياسـا وعسقالن‪ ،‬وقد أُعطيهم‬
‫ويتزوجن زُيات ثريّة وينجنب يل‬ ‫يكن مطلوابت ّ‬ ‫وَجاهلن‪ ،‬فسوف ّ‬‫ّ‬ ‫ائهن‬
‫ُمازن أورشليم‪ّ .‬أما بنايت‪ ،‬بثر ّ‬
‫أحفاداًكثريين‪َُ »...‬يلم التاجر بعينني مفتوحتني أبسـعد مستقبل‪.‬‬

‫يَسأل يسوع هبدوء‪« :‬وبعد؟»‬

‫كل شيء‪ .‬وبعد ذلك أييت املوت‪...‬‬ ‫هذا‬ ‫ـد؟‬‫ع‬ ‫وب‬‫«‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫ُث‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫ـائ‬‫ح‬ ‫إليه‬ ‫ر‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬‫وي‬ ‫التاجر‬ ‫ض‬‫ف‬‫ينت ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األمر ُُم ِزن ولكنّه هكذا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 563 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل املشاعر؟»‬
‫احملالت؟ و ّ‬
‫كل ّ‬ ‫كل النشاطات؟ و ّ‬
‫«وسترتك ّ‬
‫وعلي أن أترك‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫أموت‬ ‫أن‬ ‫علي‬ ‫دت‬‫«ولكن اي سيد! أان ال أريد ذلك‪ .‬ولكنين كما ولِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل شيء‪ ».‬ويُطلِق زفرة قادرة هبوائها أن تدفع القافلة إىل األمام…‬
‫ّ‬
‫كل شيء؟»‬
‫لك أ ّن بعد املوت يرتك املرء ّ‬
‫«ولكن َمن قال َ‬
‫كل شيء‪ .‬فال أايدي بعد وال عيون وال‬
‫« َمن؟ ولكن األحداث! عندما ميوت املرء‪ ...‬ينتهي ّ‬
‫آذان‪»...‬‬

‫لست َمّرد يدين وعينني وأذنني فقط‪».‬‬


‫أنت َ‬
‫« َ‬
‫كل شيء ينتهي مع املوت‪ .‬إنّه مثل غروب‬
‫لدي أشياء أخرى‪ .‬إّّنا ّ‬
‫«أان إنسان‪ .‬أعرف ذلك‪ّ .‬‬
‫الشمس‪ .‬غروهبا َُي َعلها ُتتفي‪»...‬‬

‫قلت‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أنت إنسان كما َ‬ ‫«ولكن الفجر َُي َعلها تُولَد من جديد‪ ،‬أو ابألحرى يعود هبا من جديد‪َ .‬‬
‫لديك النَّـ ْفس‪ .‬أال تعرف‬
‫أنت فال‪َ .‬‬
‫حبق‪ّ .‬أما َ‬
‫لست حيواانً كالذي متتطي‪ .‬فهو حينما ميوت ينتهي ّ‬ ‫و َ‬
‫حّت هذا مل تَـعُد تعرفه؟»‬
‫ذلك؟ ّ‬
‫لت‬ ‫ِ‬
‫وخيفض الرأس وهو يُتمتم‪« :‬هذا ما ز ُ‬
‫سمع التاجر هذا اللوم احلزين‪ ،‬احلزين واللطيف‪َ ،‬‬
‫يَ َ‬
‫أعرفه‪»...‬‬

‫«وإذن؟ أفال تَعلَم أ ّن النَّـ ْفس خالِدة؟»‬

‫«أَعلَم‪».‬‬

‫تظل فاعلة يف احلياة األخرى؟ فاعلية ُمقدَّسة‪ ،‬إذا كانت هي ق ّديسة‪.‬‬


‫«وإذن؟ أال تَعلَم ّأّنا ّ‬
‫حب‪ ،‬إذا كانت ق ّديسة‪.‬‬
‫وسيّئة‪ ،‬إذا كانت هي سيّئة‪ .‬هلا مشاعرها‪ .‬آه! كيف هي لديها! مشاعر ّ‬
‫حالتك‪ ،‬الفعاليات‬
‫َ‬ ‫مشاعر ِحقد‪ ،‬إذا كانت هالِكة‪ِ .‬حقد‪ّ ،‬تاه َمن؟ ّتاه أسـباب هالكها‪ .‬يف مثل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 564 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب‪ ،‬لِ َمن؟ لألشياء ذاهتا‪ .‬وَكم ِمن الربكات على‬
‫واملتاجر واملشاعر اليت هي إنسانيّة فقط‪ .‬مشـاعر ُح ّ‬
‫الرب!»‬ ‫ِ‬
‫األوالد وعلى فعالياهتم ميكن أن َحتملها نـَ ْفس عندما تكون يف سـالم ّ‬
‫أصبحت عجوزاً‪ ».‬ويوقِف‬
‫ُ‬ ‫الرجل شارد الذهن‪ .‬فيما بعد يقول‪« :‬لقد فات األوان‪ .‬فأان اآلن‬
‫البَغل‪.‬‬

‫الر ُسل الذين‬


‫أنصحك‪ ».‬ويلتفت لينظُر إىل ُّ‬
‫َ‬ ‫أرغمك‪ .‬بل‬
‫َ‬ ‫يبتسم يسوع وُييب‪« :‬أان‪ ،‬ال‬
‫حقائبهن أثناء التوقّف‪ ،‬قبل دخول املدينة‪ .‬ومتضي القافلة ِمن‬
‫ّ‬ ‫وُيملون‬ ‫زول‪،‬‬‫ّ‬‫ـ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫يف‬ ‫النساء‬ ‫دون‬ ‫ي ِ‬
‫ساع‬‫ُ‬
‫دخل ِمن الباب الذي َُي ِرسه بُرجان يف املدينة كثرية األشغال‪.‬‬ ‫جديد ُمس ِرعة لتَ ُ‬
‫تود البقاء معي؟»‬
‫لت ّ‬‫يَعود التاجر إىل يسوع‪« :‬هل ما ز َ‬
‫علي ّأال أريد ذلك؟»‬
‫«إذا مل تطردين‪ ،‬فلماذا ّ‬
‫علي أن أتوقّع االمشئزاز‪».‬‬ ‫يس‪،‬‬‫د‬‫ّ‬ ‫الق‬ ‫‪،‬‬ ‫أنت‬ ‫نك‬
‫َ‬ ‫م‬‫لك‪ .‬فَ ِ‬
‫«من أجل ما قُلتُه َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬

‫أتيت ِمن أجل الذين ُهم َ‬


‫مثلك‪ .‬أُحبّكم ألنّكم أنتم َمن ُهم يف حاجة إىل ذلك‬ ‫«آه! ال! فلقد ُ‬
‫احلب‪».‬‬
‫مير ُمستجدايً ّ‬ ‫احلب الذي ّ‬
‫لت ال تعرفين‪ .‬ولكنّين ّ‬
‫ك ما ز َ‬
‫ابألكثر‪ .‬إنّ َ‬
‫فأنت ال تكرهين؟»‬
‫«إذن َ‬
‫ك‪».‬‬
‫«بل أحبّ َ‬
‫عيين الرجل‪ .‬ولكنّه يقول اببتسامة‪« :‬إذن فسوف نبقى معاً‪ .‬سوف أتوقَّف يف‬ ‫بَريق َُيتاز عُمق ّ‬
‫ُجنز بعض األعمال‪ .‬هنا أُبقي البِغال وآخذ اجلِّمـال‪َّ .‬‬
‫لدي اتصاالت مع القوافل‬ ‫جرياسا ثالثة أايم ِأل ِ‬
‫ّ‬
‫أنت‪ ،‬ماذا‬
‫لدي خادم أُبقيه للعناية ابلدواب اليت أُبقيها يف هذا املكان‪ .‬و َ‬
‫األخرى يف أمكنة بعيدة‪ ،‬و َّ‬
‫ستفعل؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 565 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أوقفت القافلة‪ ،‬ذلك أن‬ ‫كك لو مل تكن قد‬
‫سأضطر إىل تر َ‬ ‫كنت‬ ‫السبت‪.‬‬ ‫أثناء‬ ‫ر‬ ‫«سوف أ ِ‬
‫ُبش‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫للرب‪».‬‬
‫مكرس ّ‬ ‫السبت َّ‬
‫يقطب الرجل اجلبني ويف ّكر‪ ،‬و ِ‬
‫كالنادم يُبدي املوافقة‪...« :‬نعم‪ ...‬صحيح‪ .‬إنّه ُمكَّرس إلله‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫مسحت‪».‬‬
‫َ‬ ‫لك لو‬ ‫إسرائيل‪ .‬إنّه مقدَّس‪ .‬إنّه مقدَّس‪ ».‬ويَنظُر إىل يسوع‪ِّ « ...‬‬
‫سأكرسه َ‬
‫«هلل وليس خلادمه‪».‬‬

‫إليك‪ .‬هل‬ ‫سأمسعك‪ .‬سأ ِ‬


‫ُجنز أعمايل اليوم ويف صبيحة الغد‪ .‬وُثّ‪ ،‬سوف أستمع َ‬ ‫َ‬ ‫لك‪ ،‬وأان‬
‫«هلل و َ‬
‫أتيت اآلن إىل الفندق؟»‬

‫كل بُ ّد‪ .‬فمعي النساء وأان هنا غري معروف‪».‬‬ ‫ن‬ ‫«ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫لدي غَُرف واسعة ِمن أجل‬
‫«هوذا فندقي‪ .‬إنّه فندقي أل ّن هنا اصطباليت ِمن سنة ألخرى‪ .‬إّّنا َّ‬
‫كنت تر َغب فبإمكانكم الـ‪»...‬‬
‫البضائع‪ .‬وإذا َ‬
‫«فليكافئك هللا على ذلك‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 566 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -152‬التّبشري يف جرياسا)‬

‫‪1945 / 09 / 27‬‬

‫ضع ِرجله يف صبيحة اليوم التايل خارج َم َ‬


‫تجر اسكندر‪،‬‬ ‫ظن نفسه غري معروف! وما أن يَ َ‬
‫كان يَ ّ‬
‫حّت َُِيد أُانساً ينتظرونه‪ .‬يسوع مع ُّ‬
‫الر ُسل فقط؛ النساء والتالميذ ظَلّوا يف البيت لالسرتاحة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وُييطون به قائلني له إ ّّنم يعرفونه‪ ،‬أل ّّنم استَ َمعوا إىل َر ُجل ُش ِـف َي ِمـن استحواذ‬ ‫ُُييّيه الناس ُ‬
‫نصت‬‫شيطاين‪ .‬وهذا األخري غائب اآلن‪ ،‬ألنّه ذَهب مع تلمي َذين مـرا ِمن هنـاك منذ بضعة أايم‪ .‬ي ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫سمع‬
‫ظهر له‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬املناطق اليت يُ َ‬ ‫يسوع ابنتباه إىل هذه األحاديث وهو يَسري َع ْرب املدينة حيث تَ َ‬
‫ِ‬
‫عملون‬
‫تعهدو أعمال تُرابية‪َ ،‬حنّاتو َح َجر‪ ،‬ح ّدادون‪ ،‬جنّارون‪ ،‬يَ َ‬ ‫فيها ضجيج ال َـمشاغل الفظيع‪ .‬بـَنَّاؤون‪ُ ،‬م ِّ‬
‫يف بناء أو تسوية أو ردم أراض مبستوايت ُُمتَلِفة‪ ،‬يف هتذيب أحجار ِمن أجل اجلُّدران‪ ،‬يف هتيئة احلديد‬
‫صلبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صنع أواتد من ُجذوع ُ‬ ‫السحج‪ ،‬يف ُ‬ ‫ملختَـلَف االستعماالت‪ ،‬يف النَّشر‪ ،‬يف َّ‬
‫مير يف وسط املدينة متاماً‪ ،‬والبيوت مصط ّفة على‬ ‫عرب جسراً فوق سيل غزير ّ‬ ‫َميّر يسوع ويَنظُر‪ ،‬يَ ُ‬
‫ِ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫جانبيه‪ ،‬كما لو كانت هي اليت تُش ّكل ض ّفتيه‪ .‬يَرقى بعدئذ إىل القسـم األعلى من املدينة‪ ،‬الذي بُ َ‬
‫لكن اجلّانِبَني‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫الشرقي‬ ‫الشمايل‬ ‫اجلانب‬ ‫من‬ ‫أعلى‬ ‫الغريب‬ ‫اجلنويب‬ ‫اجلانب‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫حبيث‬ ‫عة‪،‬‬ ‫على أرض مرتَِ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫ف يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعلى من وسط املدينة اليت يقطعها َمرى املاء الصغري إىل قسمني‪ .‬املنظر َجيل من حيث َوقَ َ‬
‫شاهد رؤية املدينة أبكملها‪ ،‬ويف اخللف‪ ،‬يف الشرق والوسط والغرب توجد هضاب‬ ‫فَ ِمن هناك ُمي ِكن للم ِ‬
‫ُ‬
‫على شكل حدوة حصـان‪ ،‬وهي ذات احندار لطيف‪ ،‬وخضراء مبجملها‪ ،‬بينما يف اجلنوب ميت ّد النظر‬
‫صعب تسميته ابهلضبة‪ ،‬وقد اكتسى‬ ‫ِ‬
‫إىل سهل مكشوف وواسع‪ ،‬وهو يُش ّكل يف األفق نتوءاً خفيفاً يَ ُ‬
‫ذهب أغصان ال ُكروم الصفراء اليت تغطي موجة األرض‬ ‫ِ‬
‫اللون األشقر أبكمله بفعل مشس الصباح اليت تُ ّ‬
‫تلك‪ ،‬كما لِتُل ِطّف كآبة األوراق امليتة بفخامة طبقة التَّذهيب ‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 567 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ويظل أهايل جرياسا يَنظرون إليه‪ .‬يستميلهم يسوع بقوله‪« :‬هذه املدينة َجيلة‬ ‫ب‪،‬‬ ‫يسوع يراقِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ج ّداً‪ ،‬فاجعلوها َجيلة كذلك ابالستقامة والقداسة‪ .‬الروايب‪ ،‬اجلدول‪ ،‬السهل األخضر‪ ،‬هو هللا الذي‬
‫أنع َم هبا عليكم‪ .‬روما تساعدكم اآلن يف بناء بيوت وأبنية َجيلة لكم‪ ،‬إّّنا لكم وحدكم يَعود أن تُعطوا‬ ‫َ‬
‫ملدينتكم اسم املدينة املق ّدسـة واملستقيمة‪ .‬فاملدينة هي يف ساكنيها‪ ،‬أل ّن املدينة هي ليست يف ذلك‬
‫املؤسسة ال ُـمحتواة ِضمن أسوار‪ ،‬إّّنا ما ُيعلها مدينة ُهم الس ّكان‪ .‬املدينة حب ّد‬ ‫ِ‬
‫املادي من تلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلزء‬
‫ذاهتا ال ُُت ِطئ‪ .‬فاجلدول واجلسر والبيوت واألبراج ال ميكنها أن ترتكب خطيئة‪ .‬فهي مو ّاد وليست‬
‫ميرون على‬ ‫الذين‬ ‫لئك‬ ‫و‬‫أ‬ ‫املتاجر‪،‬‬ ‫يف‬ ‫البيوت‪،‬‬ ‫يف‬ ‫املدينة‪،‬‬ ‫ار‬
‫و‬ ‫أس‬ ‫ضمن‬ ‫ين‬ ‫ر‬ ‫نفوساً‪ .‬ولكن أولئك الـمنح ِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫يستحمون يف اجلدول‪ ،‬فَـ ُهم الذين إبمكاّنم أن يرتَ ِكبوا اخلطااي‪ .‬يُقال عن مدينة ُمشاغبة‬ ‫ّ‬ ‫اجلسر أو‬
‫لكن‬
‫شريرة‪ ،‬و ّ‬ ‫شريرة للغاية"‪ .‬ولكنّه قَول غري صحيح‪ .‬فليست املدينة هي ال ّ‬ ‫"إّنا مدينة ّ‬ ‫ومتوحشة‪ّ :‬‬‫ّ‬
‫السكان ُهم األشرار‪.‬‬

‫يستحق‬
‫ّ‬ ‫ابحتادهم‪ ،‬وحدة مرّكبة‪ ،‬ومع ذلك ُهم وحدة‪ ،‬وذاك هو ما‬ ‫األشخاص الذين يصبحون‪ّ ،‬‬
‫اسم مدينة‪ .‬اآلن امسعوا‪ .‬إذا كان يف مدينة عشرة آالف ِمن س ّكاّنا صاحلني‪ ،‬وألف فقط ليسوا كذلك‪،‬‬
‫فهل ميكن القول إ ّن هذه املدينة ش ّـريرة؟ ال‪ ،‬ال ميكن قول ذلك‪ .‬على النحو ذاته‪ ،‬إذا كان يف مدينة‪،‬‬
‫كل فريق يريد تقدمي مصلحته‪ ،‬فهل ميكن القول إ ّن هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعداد س ّكاّنا عشرة آالف‪ ،‬فَرق كثرية‪ ،‬و ّ‬
‫املدينة متّحدة؟ ال‪ ،‬ال ميكن قول ذلك‪ .‬وهل تعتقدون أ ّن هذه املدينة ستكون ُم َزد ِهرة؟ ال‪ ،‬لن تكون‬
‫كذلك‪.‬‬

‫أنتم‪ ،‬اي س ّكان جرياسا‪ ،‬إنّكم متّحدون اآلن يف فكرة َجعل مدينتكم عظيمة‪ .‬وسوف تنجحون‬
‫ألنّكم َجيعكم تريدون الشيء ذاته‪ ،‬وتتنافسـون فيما بينكم لبلوغ هذا اهلدف‪ ،‬ولكن‪ ،‬لو كانت قد‬
‫قامت بينكم فَِرق ُمتلفة‪ ،‬وجاءكم فريق يقول‪" :‬ال‪ُ ،‬يدر بنا االمتداد حنو الشرق"‪ ،‬وآخر‪" :‬أبداً‪،‬‬
‫نتجمع يف املركز إىل‬ ‫أن‬ ‫يد‬‫ر‬ ‫ن‬ ‫ذاك‪،‬‬ ‫وال‬ ‫هذا‬ ‫"ال‬ ‫واثلث‪:‬‬ ‫السهل"‪،‬‬ ‫جانب‬ ‫ن‬ ‫سنمضي صوب الشمال ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫ئ هبا تتوقّف‪ ،‬والذين يُق ِرضون‬‫جانب اجلدول"‪ ،‬فماذا ُيصـل؟ الذي ُيصل هـو أ ّن األعمال اليت بُ ِد َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 568 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األموال يسرتدوّنا‪ ،‬والذين كانوا ينوون اإلقامة ميضون للبحث عن مدينة أخرى أكثر تضامناً‪ ،‬وما أ ِ‬
‫ُجنَز‬ ‫ّ‬
‫كمل بسبب انقسام الس ّكان‪.‬‬
‫اجلوية الرديئة دون أن يُ َ‬
‫يتعرض لألحوال ّ‬‫يته ّدم‪ ،‬ألنّه ّ‬
‫هل األمر هكذا أم ال؟ تقولون األمر هكذا‪ ،‬وحسـناً تقولون‪ .‬فيجب إذن التفاهم بني الس ّكان‬
‫مؤسسة‪ ،‬ما هو صاحلها‬ ‫لِيصار إىل فِعل ما هو يف ِ‬
‫صالح املدينة‪ ،‬وابلتايل صاحل الس ّكان‪ ،‬ألنّه يف أيّة ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫هو صاحل الذين يُش ِّكلوّنا‪.‬‬

‫مؤسسة الذين ينتمون إىل املدينة ذاهتا‪ ،‬أو إىل‬ ‫فيها‪،‬‬ ‫رون‬ ‫ولكن ال توجد فقط املؤسسة اليت تُف ِّ‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أوسع وال ّنائيّة‪ :‬تلك اليت لألرواح‪.‬‬ ‫مؤسسة َ‬‫مؤسسة البيت الصغرية والعزيزة‪ .‬هناك ّ‬ ‫الوطن ذاته‪ ،‬أو إىل ّ‬
‫حنن َجيع األحياء لدينا نـَ ْفس‪ .‬وهذه النَّـ ْفس ال متوت مع اجلسد‪ ،‬ولكنّها َُتلد لألبد‪ .‬لقد كان يف فِكر‬
‫ب اإلنسان النَّـ ْفس‪ ،‬أن ّتتمع َجيع النُّفوس البشريّة يف مكان واحد‪ :‬السماء‪،‬‬ ‫هللا اخلالق‪ ،‬الذي َوَه َ‬
‫العاهل هو هللا واألشخاص املغبوطون ُهم الناس‪ ،‬بعد حياة‬ ‫اليت تُش ِّكل ملكوت السماوات‪ ،‬حيث ِ‬
‫وخيِّرب‪ ،‬لكي ُُي ِطّم ُ‬
‫وُي ِزن هللا والنُّفوس‪ .‬لقد‬ ‫فرق ُ‬ ‫عاشوها بقداسة ورقاد بِسكون‪ .‬فالشـيطان قد أتى لِيُ ِّ‬
‫ُ‬
‫حّت األرواح‪ .‬موت‬ ‫َمحَ َل اخلطيئة إىل القلوب‪ ،‬ومعهـا الـموت لألجساد يف زمن الوجود‪ ،‬راجياً إماتة ّ‬
‫األبدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫احلق والفرح‬
‫األرواح هو الدينونـة اليت هي وجود كذلك‪ ،‬نعم‪ ،‬ولكنّه وجود َُمَّرد ممّا هو احلياة ّ‬
‫األزيل‪ .‬وان َق َس َمت البشـريّة يف إراداهتا‬ ‫النور‬ ‫يف‬ ‫األبدي‬ ‫امتالكه‬ ‫ن‬ ‫أي احلرمان ِمن الرؤاي الـمب ِهجة هلل‪ِ ،‬‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ضت إىل دمارها‪.‬‬ ‫وبتصرفها هكذا َم َ‬ ‫ّ‬ ‫متضادة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مؤسسة تنقسم إىل أحزاب‬ ‫مثل ّ‬
‫"كل مملكة تَن َق ِسم على نفسها‬ ‫َّ‬
‫قُلتُها سابقاً للذين اهتَموين أبنّين ببعلزبول أُخرِج الشياطني‪ّ :‬‬
‫َُترب"‪ .‬ابلفعل إذا كان الشيطان يَطرد نفسـه‪ ،‬فإنّه َميضي هو ومملكة الظَّالم اليت له إىل اخلراب‪ .‬أان‪،‬‬
‫ت أُذ ّكِر أ ّن َملكواتً واحداً فقط هو‬‫احلب الذي لَ َدى هللا ّتاه البشريّة اليت َخلَ َقها هو‪ ،‬جئ ُ‬
‫بسبب ّ‬
‫حّت األكثر‬ ‫املقدَّس‪ :‬ملكوت السماوات‪ .‬جئت أ ِّ ِ‬
‫أود لو اجلميع‪ّ ،‬‬‫هرع إليه األخيار‪ .‬آه! ُّ‬ ‫ُبشر به ليَ َ‬ ‫ُ‬
‫علين‬ ‫بشكل‬ ‫اء‬
‫و‬ ‫س‬ ‫دين‪،‬‬‫َ‬‫ستعب‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫سوءاً‪ ،‬أن أيتوا إليه‪ُ ،‬مهتَدين‪ُُ ،‬م ِررين أنفسهم ِمن الشيطان الذي يُبقي ِ‬
‫ه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫َمضي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من خالل االستحواذات اجلسديّة والروحيّة‪ ،‬أو سّراً من خالل تلك اليت هي فقط روحيّة‪ .‬هلذا أ َ‬
‫الرب‪ُ ،‬معلِّماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شافياً املرضى‪ ،‬طارداً الشياطني من األجساد املستحوذ عليها‪ ،‬هادايً اخلطأة‪ ،‬غافراً ابسم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 569 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خيص امللكوت‪ ،‬صانعاً املعجزات ألقنعكم بسلطاين‪ ،‬وأ ّن هللا معي‪ .‬إذ ال ميكن للمرء أن يصنع‬ ‫ما ّ‬
‫َطرد الشياطني إبصبع هللا‪ ،‬وأُشفي املرضى‪،‬‬‫كنت أ ُ‬
‫املعجزات إن مل يكن هللا صديقاً له‪ ،‬ألنّين إذا ما ُ‬
‫ُبشر ابمللكوت‪ ،‬وأُعطي العِربة للوصول إليه‪ ،‬وأدعو إليه‬
‫ُطهر الربص‪ ،‬وأَهدي اخلَطَأَة إىل التوبة‪ ،‬وأ ِّ‬
‫وأ ِّ‬
‫جلي وال َُيتَ ِمل اجلدل‪ ،‬وال ميكن ّإال لألعداء املخادعني فقط القول‬
‫ابسم هللا‪ ،‬وهللا يُؤيّدين بشكل ّ‬
‫حل فيما بينكم‪ ،‬وينبغي له أن يُبىن أل ّن‬
‫كل هذا ما هو ّإال إشـارة إىل أ ّن امللكوت قد ّ‬
‫خالف ذلك‪ ،‬و ّ‬
‫ساعة أتسيسه قد حانت‪.‬‬

‫يتأسس ملكوت هللا يف العامل ويف القلوب؟ ابلعودة إىل شـريعة موسى وابملعرفة الدقيقة‬ ‫كيف ّ‬
‫كل‬
‫كل عمل ويف ّ‬ ‫وابألخص يف التطبيق الكامل للشريعة على الذات‪ ،‬يف ّ‬
‫ّ‬ ‫هلا‪ ،‬إذا كان املرء ُيهلها‪،‬‬
‫حلظة ِمن احلياة‪ .‬ما هي طبيعة هذه الشريعة؟ أهي صارمة لدرجة ال ميكن معها ممارستها؟ ال‪ّ .‬إّنا‬
‫حبق‪ ،‬يُد ِرك أنّه ُيب‬
‫ضمريايً‪ ،‬الصاحل ّ‬
‫ّ‬ ‫َمموعة ِمن عشرة وصااي مق ّدسة وسهلة‪ ،‬حبيث اإلنسان الصاحل‬
‫حّت ولو كان ُمتبئاً حتت السقف النبايتّ الذي ال َُمَرج له يف ََماهل غاابت أفريقيا اليت ال‬‫التقيّد هبا ّ‬
‫ميكن الولوج إليها‪ .‬وهي تقول‪:‬‬

‫لك إله غريي‪.‬‬


‫إهلك‪ ،‬ال يَ ُكن َ‬
‫الرب َ‬
‫"أان هو ّ‬
‫ال تَذ ُكر اسم هللا ابلباطل‪.‬‬

‫احفظ يوم السبت حبسب وصية هللا وحاجة اخلليقة‪.‬‬

‫أمك لتعيش طويالً وتنال اخلري على األرض ويف السماء‪.‬‬ ‫أَك ِرم َ‬
‫أابك و َ‬
‫ال تَقتُل‪.‬‬

‫ال تَسرق‪.‬‬
‫ال تَ ِ‬
‫زن‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 570 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ابلزور‪.‬‬
‫يبك ّ‬‫شهد على قر َ‬
‫ال تَ َ‬
‫يبك‪.‬‬
‫ال تشته امرأة قر َ‬
‫غريك"‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫تشته مقتىن َ‬

‫توحشاً‪ ،‬والذي إذا ما نَظََر‬ ‫حّت ولو كان ُم ّ‬‫َمن هو اإلنسان الذي‪ ،‬إذا كانت له نـَ ْفس صاحلة‪ّ ،‬‬
‫كل هذا ِمن ذاته‪ .‬إذاً فهناك َمن هو أكثر‬ ‫يتوصل إىل القول‪" :‬ال ميكن أن يُصنع ّ‬ ‫كل ما حوله‪ ،‬ال ّ‬ ‫إىل ّ‬
‫صنَـ َعه؟ ويَعبُد ذا السلطان هذا الذي يَعرف أو ال يعرف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلطاانً من الطبيعة ومن اإلنسان ذاته قد َ‬
‫امسه الق ّدوس‪ ،‬ولكنّه يشعر بوجوده‪ .‬ويُ ِك ُّن له احرتاماً عندما يَذ ُكر امسه الذي مسّاه به أو الذي تَعلَّ َم‬
‫قوله لدى تسميته‪ ،‬ويرتَعِد ِمن ش ّدة االحرتام‪ ،‬ويُد ِرك أن يُصلّي له‪ ،‬ال لشيء ّإال لِيَذ ُكر امسه ابحرتام‪.‬‬
‫ابلفعل‪ ،‬إ ّن ذكر اسم هللا بُغية عبادته أو تعريف الناس الذين ُيهلونه عليه‪ ،‬هو صالة‪.‬‬

‫كل إنسان أ ّن عليه أن َمينَح أعضاءه فرتة راحة لتتم ّكن‬‫جملرد احليطة الوجدانيّة‪ ،‬يَشعُر ّ‬‫وكذلك‪ّ ،‬‬
‫ِمن الصمود طاملا هو على قيد احلياة‪ِ .‬من ابب أوىل‪ ،‬فإ ّن اإلنسان الذي ال َُي َهل إله إسرائيل‪ ،‬اخلالق‬
‫للرب‪ ،‬لكي ال يكون شبيهاً ابلبهيمة اليت‪،‬‬ ‫كرس هذه الراحة اجلسديّة ّ‬ ‫ورب الكون‪ ،‬يُد ِرك أ ّن عليه أن يُ ِّ‬
‫ّ‬
‫ّترت الشوفان بني أسناّنا القويّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إذا ما تَعبَت‪ ،‬تسرتيح على املهاد وهي ّ‬
‫الدم ذاته يصيح حبّاً للذين أتى منهم‪ ،‬ونالحظ ذلك يف ذلك احلمار الصغري الذي ُيري اآلن‬
‫حّت َّ‬
‫تذكر أنّه‬ ‫ِ‬
‫السوق‪ .‬لقد كان يَ َلعب ضمن القطيع‪ ،‬وما إن رآها ّ‬ ‫وهو يَ َنهق لِيُالقي أ ُّمه العائدة ِمن ُّ‬
‫وج َعلَته ينعم ابلـدفء‪ ،‬وهل تَـَرون؟ إنّه يَفرك هلا رقبتها‬ ‫ِ‬
‫َرضع منها‪ ،‬وقد لَ َع َقته ّأمه حبنان ودافَـ َعت عنه َ‬
‫ب األهل واجب‬ ‫الفيت ابل َكشح (البطن) الذي َمحَله‪ُ .‬ح ّ‬‫مبنخره الناعم‪ ،‬ويقفز فرحاً وهو يفرك َردفه ّ‬
‫ُيب الذي َأجنَبه‪ .‬ومـاذا؟ هل يكون اإلنسان أدىن مستوى ِمن الدودة اليت‬ ‫ومتعة‪ .‬وما من حيوان ال ّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫تعيش يف الوحل؟‬

‫يشمئز‪ .‬يُد ِرك أنّه ال ُيوز انتزاع حياة ّ‬


‫أي كان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان الصاحل وجدانيّاً ال يَقتُل‪ .‬العنف ُيعله‬
‫ووحده هللا الذي َمنَ َحها له احلق يف انتزاعها‪ .‬وأيىب القتل‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 571 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وكذلك َمن كان وجدانه سليماً ال ميكنه االستيالء على ما هو ِملك لغريه‪ .‬إ ّن رغيف خبز‬
‫ـوي لذيذ حصل عليه عن‬ ‫ِ‬
‫فض ّي املاء‪ ،‬هلو عنده أفضل من خروف مش ّ‬ ‫أيكله وضمريه مراتح قرب نبع ّ‬
‫فضل النوم على األرض ُمسنِداً رأسه على حجر‪ ،‬والنجمات الصديقات ُمت ِطر فوق‬ ‫طريق السرقة‪ .‬يُ ِّ‬
‫رأسه سالماً وتُش ِّدد عزميته بضمري نزيه‪ ،‬على النوم املضطَ ِرب على سرير َمسروق‪.‬‬

‫وإذا كان وجدانه سـليماً‪ ،‬فإنّه ال يشتهي امرأة غريه‪ ،‬وال يَلِج ِِخب ّسـة يف سرير غريه لِيُلطّخه‪ .‬بل‬
‫إنّه يرى يف زوجة الصديق أُختاً‪ ،‬وال تكون نظراته وعواطفه ّتاهها ّإال ما تكون عليه نظرات وعواطف‬
‫أخ ّتاه أخته‪.‬‬

‫حّت طبيعيّاً فقط‪ ،‬بدون أيّة معرفة عن اخلري سوى تلك اليت‬ ‫اإلنسان ذو النَّفس املستقيمة‪ّ ،‬‬
‫متس احلقيقة بسوء‪ ،‬إذ يبدو له‬
‫رضى ُمطلقاً اإلدالء بشهادة ّ‬ ‫فعم استقامة‪ ،‬ال يَ َ‬
‫يعطيه ّإايها ضمريه ال ُـم َ‬
‫لكن شفتيه نزيهتان ِمثل قلبه‪ ،‬وليست لديه نَظَرات يَشتهي‬ ‫ذلك شبيهاً ابلقتل والسرقة‪ ،‬وهو كذلك‪ .‬و ّ‬
‫هبا امرأة غريه‪ .‬وليست لديه الرغبة يف ذلك ألنّه يَعلَم أ ّن الرغبة تَدفَع إىل اخلطيئة‪ .‬وليس لديه َح َسد‬
‫ألنّه صاحل‪ .‬والصاحل ال َُيسد أبداً‪ .‬إنّه فَرِح مبصريه‪.‬‬

‫هذه الشريعة‪ ،‬مبا فيها من متطلّبات‪ ،‬هل تبدو لكم غري قابلة للتطبيق؟ ال تُغالِطوا أنفسكم! أان‬
‫تؤسسـون ملكوت هللا يف ذواتكم ويف مدينتكم‪ ،‬وسوف‬ ‫واثق من أنّكم لن تفعلوا‪ ،‬وإذا مل تفعلوا فإنّكم ّ‬
‫تعودون اثنية للّقاء يوماً‪ ،‬وأنتم ُسـعداء‪ ،‬مع الذين أحببتموهم والذين‪ ،‬كما َستَفعلون أنتم‪ ،‬قد بـَلَغوا‬
‫األبدي يف أفراح السماء اليت ال ّناية هلا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫امللكوت‬

‫وجد امليول‪ ،‬كما السكان القابعون ضمن أسوار مدينة‪ُ .‬يب أن تُريد‬ ‫ولكن يف أعماقنا ذاهتا تُ َ‬
‫وإال فعبثاً مييل قِسم حنو السماء‪ ،‬إذا ما تَـَرَك قِسم‬
‫كل ُميول اإلنسان أمراً واحداً‪ :‬أن تعرف القداسة‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫بطل‪ ،‬بنقاشات وَك َسل‪َ ،‬ع َمل قِسم ِمن‬ ‫آخر بعدئذ الباب دون حراسة‪ ،‬فيدع الشـيطان يدخل‪ ،‬أو ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫السامة‪ ،‬للعكرش‪ ،‬لألفاعي‪،‬‬ ‫الس ّكان الروحيّني‪ ،‬جبعله داخل املدينـة يَفىن وعُرضـة للق ّـراص ولألعشاب ّ‬
‫الشريرة وملالئكة الشيطان‪ُ .‬يب السهر دون اإلِهال‬ ‫للعقارب‪ ،‬للفئران وأبناء آوى وللبوم‪ ،‬أي للميول ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 572 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الشرير ِمن الدخول إىل حيث نريد بناء ملكوت‬
‫وضعون عند اجلدران ملنع ّ‬
‫احلراس الذين يُ َ‬
‫حلظة‪ ،‬مثل ّ‬
‫هللا‪.‬‬

‫فكل َمن يف داخله ُهم يف‬ ‫القوي َُيرس َمدخل بيته ابلسالح‪ّ ،‬‬ ‫احلق أقول لكم‪ :‬طاملا الرجل ّ‬ ‫ّ‬
‫وجَّرَده ِمن‬
‫َدرَكه األقوى َ‬ ‫أمان‪ .‬ولكن لو أتى َمن هو أقوى منه‪ ،‬أو لو تَـَرَك اببه دون حراسة‪ ،‬إذاً َأل َ‬
‫وأي ِسره األقوى ويَسبيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عول عليها‪ ،‬فإنّه يتذلَّل ويُذعن‪َ ،‬‬ ‫سالحه وهو‪ ،‬إذ ُُيَّرد ِمن األسـلحة اليت كان يُ ِّ‬
‫ولكن لو عاش اإلنسان يف هللا‪ ،‬بواسطة األمانة للشريعة واالستقامة اليت ميارسها بقداسة‪ ،‬فإ ّن هللا‬
‫قوي أن‬
‫ألي ّ‬ ‫االحتاد ابهلل هو السالح الذي ال ميكن ّ‬ ‫ميسه سوء‪ّ .‬‬ ‫يكون معه‪ ،‬وأان معه‪ ،‬وال ميكن أن ّ‬
‫االحتاد يب ضمان للنصر ولغنيمة فضائل أبديّة‪ِ ،‬من أجلها ُمينَح لألبد مكاانً يف ملكوت‬ ‫يتغلّب عليه‪ّ .‬‬
‫ومن‬ ‫يت‪.‬‬ ‫م‬ ‫صل عين أو يصبِح عدواً يل‪ ،‬فإنّه ابلنتيجة يرفُض األسلحة وأمان َكلِ‬ ‫هللا‪ .‬ولكن الذي ين َف ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كل ما كان ميلكه‬ ‫م‬‫ّ‬‫نكر هللا يدعو الشيطان‪ .‬والذي يدعو الشيطان ُُي ِ‬
‫ط‬ ‫نكر هللا‪ .‬ومن ي ِ‬ ‫نكر الكلمة ي ِ‬
‫ي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لِبُلوغ امللكوت‪.‬‬

‫عت أان‪ ،‬يَقطف ما َزَر َعه العدو‪ .‬ومن‬


‫صد ما َزَر ُ‬
‫ومن ال َُي ُ‬
‫علي‪َ .‬‬
‫وابلنتيجة فَ َمن ليس معي فهو َّ‬
‫سري ِسله إىل املعلّم الذي‬ ‫ِ‬
‫الداين العظيم الذي ُ‬
‫ال َُيصد معي يُب ّدد‪ ،‬وسوف أييت مسكيناً وعرايانً إىل ّ‬
‫ابع نفسه له‪ُ ،‬م ِّ‬
‫فضالً بعلزبول على املسيح‪.‬‬
‫اي س ّكان جرياسا أ ِ‬
‫َنشئوا يف ذواتكم ويف مدينتكم ملكوت هللا‪».‬‬ ‫ُ‬
‫فعم إعجاابً‪ُ ،‬مرِّّناً‬
‫ضجة اجلموع ال ُـم َ‬
‫ِ‬
‫ويرتَفع صوت امرأة حاد‪ ،‬صافياًكنشيد متجيد‪ ،‬على صوت ّ‬
‫ضعتَـ ُهما‪».‬‬
‫محلك وللثديني اللذين َر َ‬
‫الطوىب اجلديدة‪ ،‬أي ََمد مرمي‪« :‬طوىب للبطن الذي َ‬
‫ابألم عن طريق اإلعجاب ابالبن‪ .‬يبتسم أل ّن مديح األ ُّم‬
‫يلتفت يسوع صوب املرأة اليت تُشيد ّ‬
‫يب ِهجه‪ .‬ولكنّه يقول بعد ذلك‪« :‬بل طوىب لِمن يسمع كلمة هللا ويعمل هبا‪ .‬افعلي ذلك ِ‬
‫أنت أيّتها‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫املرأة‪».‬‬

‫لت هذا؟»‬
‫الر ُسل الذين يسألونه‪« :‬ملاذا قُ َ‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬يُبا ِرك يسوع ّ‬
‫ويتوجه صوب الريف‪ ،‬يَتبَعه ُّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 573 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلق أقول لكم‪ ،‬أل ّن مقاييس السماء َُتتَلِف عن مقاييس األرض‪ .‬وأ ُّمي نفسها ستكون‬ ‫« ّ‬
‫َمغبوطة‪ ،‬ليس بسبب نَـ ْفسها اليت بِال َدنَس‪ ،‬بَِقدر ما هو بسبب مساعها كلمة هللا وممارستها بطاعة‪.‬‬
‫فإن "لِتَكن نـَ ْفس مرمي بال خطيئة" لَـ ِه َي معجزة ِمن اخلالق‪ .‬إذن فله يكون املديح‪ّ .‬أما "لِيَ ُكن يل حبسب‬ ‫َّ‬
‫لك"‪ ،‬فهي معجزة أ ُّمي‪ .‬فَ ِمن أجل هذا يكون ما تستح ّقه عظيماً‪ .‬إنّه عظيم لدرجة أ ّن ُُملِّص العامل‬ ‫قو َ‬
‫ض َع كلمة هللا‬ ‫ِ‬
‫قد أتى بفضل هذه ال َـمقدرة على مساع كلمة هللا املتكلّم بفم جربائيل‪ ،‬وبفضل إرادهتا َو َ‬
‫أي حساب ملقدار الصعوابت واآلالم املباشرة واملستقبلية اليت تتأتّى ِمن‬ ‫َموضع التطبيق واملمارسة دون ّ‬
‫ِ‬
‫ألّنا َِمس َعت‬
‫أرض َعتين‪ ،‬ولكن ّ‬‫ألّنا َحبِلَت يب و َ‬ ‫موافقتها‪ .‬تَـَرون إذاً أ ّن ّأمي لَمغبوطة هي‪ ،‬ليس فقط ّ‬
‫خرجت لبعض الوقت‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫ومار َستها بِطاعة‪ .‬إّّنا اآلن فلنعد إىل البيت‪ .‬كانت أ ُّمي تَعلَم أنّين‬
‫كلمة هللا َ‬
‫الوثَن‪ .‬ولكن يف احلقيقة‪ّ ،‬إّنا أفضل ِمن‬ ‫ِ‬
‫أتخرت‪ .‬إنّنا يف بلدة نصفها من َ‬‫ُ‬ ‫ُتاف إذا ما رأت أنّين‬
‫فلنمض‪ ،‬ولِنَ ُدر خلف اجلدران لِنُفلِت ِمن اجلموع اليت تريد إبقائي هنا‪ .‬هيّا بنا‬ ‫ِ‬ ‫األُخرايت‪ .‬وكذلك‬
‫بسـرعة خلف تلك اخلمائل الكثيفة‪»...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 574 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -153‬السبت يف جرياسا)‬

‫‪1945 / 09 / 28‬‬

‫طويلة هي ساعات النهار عندما ال يعرف املرء ما يفعله‪ .‬وأولئك الذين كانوا مع يسوع‪ ،‬ال‬
‫فرقهم فيه‬‫يعرفون ابلفعل ماذا يفعلون خالل ذاك السبت‪ ،‬يف بلدة ال معارف هلم فيها‪ ،‬يف بيت يُ ِّ‬
‫صلني عن قادة‬ ‫اختالف اللغـات والعادات‪ ،‬كما لو أ ّن االحنيازات العربية مل تكن تَكفي لِتُبقيهم من َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وخ ّدام اسكندر ميزاس‪ .‬كذلك البعض ظلّوا يف السرير‪ ،‬أو ُهم يَغفون يف الشمس اليت تُدفّئ‬ ‫القافلة ُ‬
‫الدار الواسعة املربّعة‪ .‬دار بُنِيَت ح ّقاً لتَستَقبِل القوافل‪ ،‬فيها بَِرك ماء وحلقات مثبتة يف اجلدران وعلى‬
‫اجلاف‪ ،‬على‬
‫يفي ميت ّد على اجلوانب األربعة‪ ،‬وع ّدة اصطبالت مع ُمازن للتنب أو الكأل ّ‬ ‫أعمدة رواق ر ّ‬
‫منهن‪.‬‬
‫غرفتهن‪ .‬ال أرى أحداً ّ‬‫ّ‬ ‫اجلوانب الثالثة‪ .‬النساء يف‬

‫مرغزايم َُِيد كذلك تسلية يف الدار املغلقة‪ .‬إنّه يُراقِب عمل السائِسني َُي ّسون البغال (ينظّفون)‪،‬‬
‫يُب ِّدلون املهاد‪ ،‬يُراقِبون احلوافر ويُعيدون تسوية النّعال‪ ،‬أو إنّه‪ ،‬وهذا ممّا يثري اهتمامه أكثر‪ ،‬مبا أنّه شيء‬
‫كل منها منذ اليوم‪،‬‬ ‫لة‬‫و‬‫مح‬ ‫لتحضري‬ ‫اإلبل‬ ‫مع‬ ‫الني‬ ‫اجلم‬
‫َّ‬ ‫ف‬ ‫تصر‬
‫ُّ‬ ‫ة‬ ‫كيفي‬ ‫بنشوة‬ ‫ب‬ ‫جديد ابلنسبة له‪ ،‬يراقِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وجعلها ُمتوا ِزنة‪ ،‬وكيف ُيعلونه ُيثـو ويَ َنهض ِمن أجل حتميله وتفريغ احلمولة‪ ،‬مبكافأته بعد‬ ‫بتجزئتها َ‬
‫اخلروب (نوع من البقوليات) الذي‬ ‫ِ‬
‫ذلك حبفنة من اخلُضار اجلافّة اليت تبدو يل ّأّنا فـول‪ ،‬انتهاءً بتوزيع ّ‬
‫أرى الرجال كذلك يَستَمتِعون مبَضغِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مرغزايم م َ ِ‬
‫حبق‪ ،‬ويَنظُر حوله ليَجد َمن يُشاط ِره دهشته‪ .‬و ّ‬
‫لكن أمله خـاب أل ّن الكبار ال‬ ‫ندهش ّ‬ ‫ُ‬
‫يهتمون ابجلِّمال‪ّ .‬إما أ ّّنم يتح ّدثون فيما بينهم‪ ،‬أو ّأّنم يَغفون‪ .‬فيمضي إىل بطرس الذي ينام هانئاً‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويهزه ِمن ُك ّمه‪ .‬يَفتَح بطرس عينيه نصف فتحة ويَسأل‪« :‬ماذا هناك؟ َمن‬
‫طري‪ّ ،‬‬ ‫رأسه متّكئ على َك َأل ّ‬
‫يُريدين؟»‬

‫«هذا أان‪ .‬تعال وانظر إىل اجلِّمال‪».‬‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 575 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أيت منها الكثري‪ ...‬حيواانت قبيحة‪».‬‬
‫«دعين أانم‪ .‬لقد ر ُ‬
‫مّت الذي يُدقِّق حساابت الصندوق‪ ،‬فهو أمني الصندوق يف هذه الرحلة‪:‬‬ ‫الصيب إىل ّ‬
‫ذهب ّ‬ ‫يَ َ‬
‫كنت ابلقرب ِمن اجلِّمال‪ .‬هل تدري؟ إ ّّنا أتكل كالنِّعاج‪ ،‬هل تَعلَم؟ وهي ّتثو كالبشر‪ ،‬وتبدو‬
‫« ُ‬
‫كالسفن حبركاهتا ِّ‬
‫املرتحنة أثناء سريها‪ .‬هل رأيتَها؟»‬ ‫ُّ‬

‫وم ّّت الذي َمل يـَعُد يَع ِرف أين َو َ‬


‫صل يف حساابته‪ ،‬بسبب املقاطعة‪ُُ ،‬ييب جبفاء‪« :‬نعم» ويَعود‬
‫إىل دراِهه‪.‬‬

‫َخيبة أ ََمل أُخرى‪ ...‬مرغزايم يَنظُر حوله‪ ...‬ها ِها سـمعان الغيور ويوضـاس ت ّداوس يتح ّداثن‪...‬‬
‫يتوجه حنوِها قائالً‪َ « :‬كم هي َمليحة تلك اجلِّمال! وطيّبة! لقد َمحَّلوها وأفرغوا احلمولة‪ ،‬وقد نـََزلَت إىل‬
‫ّ‬
‫اخلروب‪ .‬كذلك الرجال أكلوا منه‪ .‬أرغب أبن‪ ...‬ولكنّين ال‬ ‫األرض كيال يَ َتعب الرجل‪ُ .‬ثّ أَ َكلَت ّ‬
‫أنت‪ »...‬وُمي ِسك بيد مسعان‪.‬‬
‫أَستَوعب‪ .‬تعال‪َ ،‬‬
‫ِ‬

‫وهذا األخري‪ ،‬إذ كان ُمستَغ ِرقاً يف حديث هادئ مع ت ّداوس‪ُُ ،‬ييب بِ ُشرود‪« :‬نعم اي حبييب‪...‬‬
‫نفسك‪».‬‬
‫َ‬ ‫اذهب‪ ،‬اذهب وانتبه لِ ّئال تؤذي‬

‫يَنظُر إليه مرغزايم مندهشاً‪َ ...‬مل ُُِيبه مسعان ابللهجة ذاهتا‪ .‬يَكاد يبكي‪ .‬يَبتَعِد خائباً ويَستَنِد‬
‫على عمود…‬

‫الصيب ويضع يده على رأسه‪:‬‬ ‫إىل‬ ‫ضي‬‫مي‬


‫َ‬ ‫‪.‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ووحيد‬ ‫ستاء‬‫م‬ ‫اه‬
‫ري‬ ‫ل‬ ‫الغرف‬ ‫إحدى‬ ‫ن‬‫م‬‫َخيرج يسوع ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫«ماذا تفعل وحيداً وحزيناً؟»‬

‫إيل‪»...‬‬
‫«ال أحد يَستَمع ّ‬
‫تود قوله لآلخرين؟»‬
‫كنت ّ‬
‫«ما الذي َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 576 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فرتض أن يكون‬ ‫ِ‬
‫كنت أحتدَّث عن اجلّمال‪ّ ...‬إّنا َمليحة‪ ...‬وهي تروق يل‪ .‬يُ ََ‬
‫«ال شيء‪ُ ...‬‬
‫حّت الرجال كذلك‪»...‬‬ ‫اخلروب؛ ّ‬‫امتطاؤها كركوب السفينة‪ ...‬وأتكل ّ‬
‫اخلروب‪ .‬تعال‪ .‬هيّا بنا نرى اجلِّمال‪ ».‬وأيخذه يسـوع بيده ويذهب مع‬ ‫«وتريد امتطاءها وأكل ّ‬
‫وُييّيه اببتسامة‪ .‬ينحين ذاك‪،‬‬
‫ويتوجه مباشـرة إىل ََجَّال ُ‬
‫استعاد َسكينته‪ ،‬إىل آخر الدار‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫الصيب‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬
‫املوجهة ويُع ّدل اللِّجام‪.‬‬
‫ِ‬
‫ويُتابِع ُمراقبة دابّته اليت يَضبط هلا ّ‬
‫مبقدورك أن تفهمين أيّها الرجل؟»‬
‫َ‬ ‫«هل‬

‫اصل مع شعبكم منذ عشرين عاماً‪».‬‬


‫«نعم اي سيّد‪ ،‬فأان على تَو ُ‬
‫خروب‪ ».‬ويبتسم‬
‫«هذا الولد لديه رغبة عارمة يف امتطاء ََجَل‪ ...‬ورغبة صغرية يف أكل قطعة ّ‬
‫يسوع ابتسامة أكثر حيويّة‪.‬‬

‫ابنك؟»‬
‫« َ‬
‫لدي أوالد‪ ،‬أان‪ .‬فال زوجة يل‪».‬‬
‫«ليس َّ‬
‫القوي‪ ،‬مل َِّتد امرأة؟»‬
‫أنت‪ ،‬الوسيم و ّ‬
‫« َ‬
‫«مل أحبث عنها‪».‬‬

‫«أال تَشعُر برغبة يف النساء؟»‬

‫«ال‪ .‬أبداً‪».‬‬
‫ينظُر إليه الرجل مذهوالً‪ُ ،‬ث يقول‪« :‬أان لدي تسعة أوالد يف اشيلو‪ ...‬أ ِ‬
‫َمضي إىل هناك‪َ :‬ولَد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أ ِ‬
‫َمضي إىل هناك‪َ :‬ولَد‪ .‬دائماً‪».‬‬

‫أوالدك كثرياً؟»‬
‫َ‬ ‫أحتب‬
‫« ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 577 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قاس‪ .‬أان هنا واألوالد هناك‪ .‬يف البعيد‪ ...‬ولكن ِمن أجل قُوهتم‪ .‬أتُد ِرك؟»‬
‫لكن العمل ٍ‬
‫« َدمي! و ّ‬
‫اخلروب؟»‬
‫ميكنك فَـ ْهم الولد الذي يريد ركوب اجلَّمل وأكل ّ‬
‫َ‬ ‫«أُد ِرك‪ .‬إذن‬

‫لدي ابن هكذا‪ .‬أسود‬ ‫«نعم‪ .‬تعال‪ .‬أُتاف؟ ال؟ أحسنت‪ .‬اي َ ِ‬
‫لك من َولَد َجيل! أان أيضاً ّ‬ ‫َ‬
‫اسك‪ .‬اآلن آيت‬ ‫ِ‬
‫السرج‪« .‬مت َ‬
‫هكذا‪ .‬امسك هنا‪ .‬ش ّد جيّداً‪ ».‬ويضع بني يديه مقبضاً غريباً يف مق ّدمة ّ‬
‫سينهض‪ .‬ال ُتاف‪ .‬أليس كذلك؟»‬ ‫أان‪ .‬واجلَّ َمل َ‬
‫ليب ويَ َنهض وهـو يتمايل بش ّدة‪.‬‬ ‫السرج املرتَِفع‪ِ َ ،‬‬
‫وُيلس وينادي اجلَّ َمل الذي يُ ّ‬ ‫ويتسلّق الرجل َّ‬
‫اخلروب اللذيذة يف فمه‪َُ .‬ي َعل‬
‫ضع الرجل له قطعة ّ‬ ‫يضحك مرغزايم‪ ،‬سعيداً‪ ،‬ويزداد سعادة حني يَ َ‬
‫صرخ‬
‫الرجل اجلَّمل يسري على مهل يف الدار‪ُ ،‬ثّ َُي َعله يَرُكض‪ُ .‬ثّ‪ ،‬حني يـرى أ ّن مرغزايم مل َخيَف‪ ،‬يَ ُ‬
‫وخيتَفي اجلمل‪ ،‬مع محولته‪،‬‬
‫مؤخرة الدار َ‬
‫البوابة الكبرية اليت يف ّ‬ ‫بشيء ما إىل أحد رفاقه الذي يفتَح له ّ‬
‫يف ُخضرة الريف‪.‬‬

‫يعود يسوع إىل البيت‪ ،‬إىل غرفة تتواجد فيها النساء‪ .‬ابتسامته ُمش ِرقة لدرجة أ ّن مرمي تَسأله‪:‬‬
‫حّت تكون سعيداً هكذا؟»‬ ‫بين‪ّ ،‬‬
‫بك اي ّ‬
‫«ما َ‬
‫اخرجن لرتينه عائداً‪».‬‬
‫يتجول اآلن على ََجَل‪ُ .‬‬
‫لدي سرور مرغزايم الذي ّ‬
‫« ّ‬
‫الر ُسل‪ ،‬غري النائمني منهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الربك‪ .‬و ُّ‬ ‫ِ‬
‫وُيلسون على جدار صغري قرب َ‬ ‫َخي ُرج اجلميع إىل الدار‪َ ،‬‬
‫العلوي‪ ،‬يَنظُرون إىل أسفل‪ ،‬يـََرون فَـيُقبِلون كذلك‪ .‬أصوات‬
‫ّ‬ ‫يقرتبون‪ .‬والذين كانوا على نوافذ الطابق‬
‫مّت‪ .‬اآلن اكتَ َملوا‪ ،‬ذلك‬ ‫جليّة وفتيّة‪ ،‬أصوات يوحنّا وحاملَي اسم يعقوب‪ ،‬تُوقِظ بطرس واندراوس َ‬
‫وهتّز ّ‬
‫األندوري أييت كذلك مع التلميذين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أ ّن يوحنّا‬

‫«ولكن أين مرغزايم؟ فأان ال أراه‪ ».‬يَسأل بطرس‪.‬‬

‫«إنّه يف نزهة على اجلَّمل‪ .‬مل يكن أحد منكم ليستمع إليه‪ ...‬رأيتُهُ حزينا وعاجلتُه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 578 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اخلروب‪ .‬ولكنّين‬
‫و‬ ‫مال‪...‬‬‫بطرس ومّت ومسعان يتذ ّكرون‪« :‬آه! بلى! لقد كان يتح ّدث عن اجلِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حصلت عليه ِمن‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫لك كشفاً مبا ُ‬‫كنت ُم َنه ِمكاً يف احلساابت‪ ،‬ألُق ّدم َ‬
‫كنت نعساانً!»؛ «أان‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫أخيك!»‬
‫كنت أحت ّدث عن اإلميان مع َ‬ ‫ِ‬
‫ُعطيت من الصدقات»؛ «وأان‪ُ ،‬‬ ‫كنت قد أ ُ‬ ‫اجلرياسيّني‪ ،‬وما ُ‬
‫احلب‪...‬‬ ‫قبيل‬ ‫ن‬ ‫«ال يهم‪ .‬ف ّكرت هبذا أان‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أقول لكم إ ّن االهتمام أبلعاب طفل هو ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بق ِمن سبتنا ّإال الذكرى‪ّ ،‬إال ذكرى‬ ‫إّّنا فلنتح ّدث عن أمر آخر‪ .‬يف اخلارج‪ ،‬املدينة يف حالة عيد‪ .‬مل يَ َ‬
‫عام‪ .‬إذاً من األفضل أن نبقى يف الداخل‪ ،‬بشكل ّأّنم إذا شاؤوا‪ ،‬فبإمكاّنم أن َُِيدوان‪ .‬يَعلَمون‬‫فَـَرح ّ‬
‫أين حنن‪ .‬ها هو اسكندر يَستَع ِرض َِجاله‪ .‬اآلن سوف أقول له أب ّن واحداً منها يَنقص‪ ،‬وتلك غلطة‬
‫مين‪».‬‬
‫ّ‬
‫يُس ِرع يسوع للقاء التاجر والتح ّدث إليه‪ .‬يعودان معاً‪ .‬يقول التاجر‪« :‬حسناً‪ ،‬إنّه يلهو‪ ،‬واجلري‬
‫إبمكانك االطمئنان أب ّن الرجل ُُي ِسن معاملته‪ .‬كاليبيو رجل شهم‪ .‬ومبقابل ذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫حتت الشمس يفيده‪.‬‬
‫بكالمك‪ ...‬الذي َِمسعتُه يدور يف راموت‪َ ،‬‬
‫بينك‬ ‫َ‬ ‫كنت أف ّكر‬
‫أسألك أن تقول يل شيئاً‪ .‬يف هذه الليلة ُ‬
‫َ‬
‫َصعد إىل جبل ُمرتَِفع يُشبِه ِجبال‬
‫وشعرت كما لو يل أنّين أ َ‬
‫ُ‬ ‫كالمك الذي َِمسعتُه يف األمس‪.‬‬
‫وبني املرأة‪ ،‬و َ‬
‫كنت تسمو يب إىل العايل‪ ،‬إىل العايل‪ ،‬إىل‬ ‫ِ‬
‫أنت َ‬ ‫حّت الغيوم‪ .‬و َ‬
‫األرض اليت أس ُكن‪ ،‬واليت تصل ق َممهـا ّ‬
‫العايل‪ .‬كان يبدو يل أ ّن نَسراً ُيملين‪ ،‬واحداً ِمن النُّسور املقيمة يف أعظم جبل عندان‪ ،‬يف ّأول خروج‬
‫كنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل األمور سـوى نور‪ ...‬و ُ‬ ‫ّ‬ ‫تكن‬ ‫مل‬
‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫أبد‬ ‫رها‬‫أتصو‬
‫ّ‬ ‫أكن‬ ‫مل‬ ‫جديدة‪،‬‬ ‫ا‬
‫ر‬
‫ً‬ ‫أمو‬ ‫أرى‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫الطوفان‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫شت‪ .‬فقل يل املزيد‪».‬‬ ‫أُد ِركهـا‪ُ .‬ثّ َّ‬
‫تشو ُ‬
‫«ماذا ينبغي يل أن أقول؟»‬

‫وفهمت‬
‫ُ‬ ‫كنت تقول أبنّنا نلتقي يف السماء‪...‬‬
‫كل شيء كان َجيالً‪َ .‬‬ ‫لست أدري‪ّ ...‬‬
‫«ولكن‪ُ ،‬‬
‫نتحاب هناك بشكل ُمتلف‪ ،‬إّّنا متسا ٍو‪ .‬مثالً‪ ،‬لن تعود لدينا ِهوم احلاضر‪ ،‬ومع ذلك سوف‬
‫ّ‬ ‫أبنّنا‬
‫للكل‪ ،‬كما لو أنّنا عائلة واحدة‪ .‬هل أُسيء التعبري؟»‬
‫الكل للواحد والواحد ّ‬
‫نكون ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 579 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت مع األحياء‪ .‬النُّفوس ال تنفصل ابملوت‪.‬‬ ‫«ال‪ ،‬بل على العكس! سوف نكون عائلة واحدة ّ‬
‫أحت ّدث عن األبرار‪ .‬إ ّّنم يُش ِّكلون عائلة واحدة كبرية‪ .‬تص ّـور هيكالً كبرياً حيث يوجد أانس يَعبدون‬
‫عملون‬ ‫ِ‬
‫عملون‪ ،‬واآلخرون يَ َ‬
‫األولون يُصلّـون كذلك من أجل الذين يَ َ‬‫عملون‪ّ .‬‬ ‫ويُصلّون‪ ،‬وأانس آخرون يَ َ‬
‫وهم يُساندوننا بصلواهتم‪ .‬وحنن‬ ‫ِ‬
‫عمل على األرض؛ ُ‬ ‫من أجل الذين يُصلّون‪ .‬توجد نفوس هكذا‪ .‬حنن نَ َ‬
‫احلب الذي يَربط الذين كانوا‬
‫علينا أن نُق ّدم آالمنا لنمنحهم السالم‪ّ .‬إّنا سلسلة ال ّناية هلا‪ .‬إنّه ّ‬
‫ابلذين ُهم اآلن‪ ...‬والذين ُهم اآلن‪ ،‬عليهم أن يكونوا صاحلني‪ ،‬ليتم ّكنوا ِمن لقاء الذين كانوا‪ ،‬والذين‬
‫يتمنّون أن نكون معهم‪».‬‬

‫لكن يسوع يراها ويدعوها ألن َُت ُرج عن َحت ُّفظها‬ ‫ِ‬
‫تقوم سينتيكا حبركة ال إراديّة‪ ،‬تُوقفها ُمباشرة‪ .‬و ّ‬
‫الذي ُحتافِظ املرأة عليه على الدوام‪.‬‬

‫احلق يقال إنّه يُسبِّب يل اضطراابً‪ ،‬ألنّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كنت أُف ّكر‪ ...‬ومنذ بضعة ّأايم وأان أُف ّكر يف هذا‪ ،‬و ّ‬
‫« ُ‬
‫كسر صوت سينتيكا‬ ‫ِ‬
‫بفردوسك يعين أن أَف ُقد أ ُّمي وأخوايت إىل األبد‪ »...‬نشيج يُ ّ‬
‫َ‬ ‫يبدو يل أ ّن اإلميان‬
‫اليت تتوقّف كي ُتنق دموعها‪.‬‬
‫ِ‬
‫ّتعلك تضطَ ِربني إىل هذا احل ّد؟»‬ ‫«ما تكون تلك الفكرة اليت‬

‫بك‪ّ .‬أما أ ُّمي فال ميكنين أن أراها ّإال وثنيّة‪ .‬لقد كانت صاحلة‪ ...‬آه! كثرياً!‬ ‫«اآلن أان أؤمن َ‬
‫كن‬ ‫ِ‬
‫هن ّ‬ ‫وأخوايت أيضاً كثرياً! ايسمني الصغرية كانت أفضل ما َمحَلَت األرض من ُملوقات‪ .‬ولكنّ ّ‬
‫كنت أقول‪" :‬سوف جنتمع"‪ .‬اآلن‬ ‫ِ‬
‫كنت أُف ّكر ابهلاديس‪ ،‬و ُ‬
‫مثلهن‪ُ ،‬‬
‫كنت أان ّ‬ ‫وثنيّات‪ ...‬ولذلك فطاملا ُ‬
‫احلقيقي بِ ّرب‪ .‬وتلك‬
‫ّ‬ ‫فردوسك‪ ،‬ملكوت السـماوات للذين َخ َد َموا اإلله‬ ‫َ‬ ‫مل يـَعُد هناك هاديس‪ .‬يوجد‬
‫أي ِمن َك َهنَة إسرائيل ليقول لنا‪:‬‬ ‫إلينا‬ ‫النُّفوس املسكينة؟ فليس خطَأها ّأّنا ولِ َدت يواننية! ومل ِ‬
‫أيت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫آالمهن‪ ،‬ال شيء؟ وظُلُمات أبديّة‪ ،‬وانفصال‬ ‫ّ‬ ‫فضائلهن‪ ،‬ال شيء؟‬
‫ّ‬ ‫احلقيقي هو إهلنا"‪ .‬وإذن؟‬
‫ّ‬ ‫"اإلله‬
‫إين أبكي‪»...‬‬ ‫ريب‪ّ ...‬‬‫عفوك‪ّ ،‬‬
‫اهن َمقصيّات‪َ .‬‬ ‫مربح! يبدو يل أنّين أكاد أر ّ‬ ‫لك‪ :‬أمل ّ‬ ‫عين؟ قُلتُها َ‬
‫أبدي ّ‬
‫ّ‬
‫وّتثو وهي تبكي ُمزونة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 580 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ابراً‪ ،‬إذا ما‬
‫أصبحت ّ‬
‫ُ‬ ‫كنت أتساءل‪ ،‬أنّين يف حال‬
‫ويقول اسكندر ميزاس‪« :‬هاك! أان كذلك ُ‬
‫كنت سألتقي أبيب و ّأمي وإخويت وأصدقائي‪»...‬‬
‫ُ‬
‫ضع يسوع أصابعه على رأس سينتيكا األمسر ويقول‪« :‬تكون اخلطيئة عندمـا تُعرف احلقيقة‬ ‫يَ َ‬
‫أي‬ ‫أييت‬ ‫وال‬ ‫احلق‬ ‫يف‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أب‬ ‫قناعة‬ ‫على‬ ‫رء‬ ‫امل‬ ‫يكون‬ ‫عندما‬ ‫ليس‬ ‫و‬ ‫ط‪.‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫الغ‬
‫َ‬ ‫يف‬ ‫ار‬
‫ر‬ ‫االستم‬ ‫على‬ ‫املرء‬ ‫ر‬ ‫وي ِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫احلق وستنالون السماء"‪ .‬هللا‬ ‫ِ‬
‫احلق‪ .‬اتركوا أوهامكم من أجل هذا ّ‬ ‫صوت ليقول‪" :‬ما أمحله إليكم هو ّ‬
‫ِ‬
‫نفسك السالم‬ ‫وثين؟ امنحي‬ ‫عامل‬ ‫ساد‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وسط‬ ‫مبفردها‪،‬‬ ‫ت‬‫َ‬‫ّن‬
‫َ‬ ‫إذا‬ ‫الفضيلة‬ ‫ئ‬ ‫عادل‪ .‬هل تريدين ّأال يكافِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫اي ابنيت‪».‬‬

‫«ولكن اخلطيئة األصليّة؟ ولكن العبادة املعيبة؟ ولكن‪ »...‬كان اإلسرائيليّون سيقولون أشياء‬
‫ض الصمت حبركة منه‪.‬‬ ‫أُخرى تُضيِّق على نـَ ْفس سـينتيكا اليت أضحت ُمزونة‪ ،‬لوال أ ّن يسـوع قد فَـَر َ‬
‫يقول‪« :‬اخلطيئة األصليّة تُصيب اجلميع‪ ،‬إسرائيليّني كانوا أم ال‪ .‬فهي ليست ِحكراً على الوثنيّني‪.‬‬
‫العبادة الوثنيّة تُصبِح خاطئة منذ اللحظة اليت تَنتَ ِشر فيها شريعة املسيح يف العامل‪ .‬الفضيلة هي الفضيلة‬
‫الفكرة املقدَّسة إىل كالم‪ ،‬إ ّن‬ ‫رتَجاً ِ‬
‫وابحتادي مع اآلب أقول‪ ،‬أقول ابمسه‪ ،‬م ِ‬ ‫عيين هللا‪ ،‬على الدوام‪ّ .‬‬
‫ُ‬ ‫يف ّ‬
‫الفاضلِني‪ ،‬وإن العوائق سوف تُزال ِمن نـَ ْفس‬ ‫طُرق القدرة الرحيمة واسعة ج ّداً‪ ،‬وترمي كلّها إىل إسعاد ِ‬
‫ُ‬
‫يستحق السالم‪ .‬وليس هذا وحسب‪ .‬بل وأقول إنّه يف املستقبل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إىل أخرى‪ ،‬وإ ّن السالم سيعطى لِ َمن‬
‫برب وقداسة‪ ،‬لن يكونوا منبوذين ِمن‬ ‫احلق‪َ ،‬سيَتبعون داينة آابئهم ّ‬
‫أبّنم يف ّ‬ ‫فإن أولئك الذين‪ ،‬لقناعتهم ّ‬ ‫َّ‬
‫احلق‬ ‫ومعاقَبِ‬ ‫قِ‬
‫للحق املعروف‪ ،‬وخباصة ُماربة ّ‬ ‫املتعمد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرفض‬
‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الني‬
‫ّ‬ ‫وسوء‬ ‫بث‬ ‫اخل‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫أم‬
‫ّ‬ ‫منه‪.‬‬ ‫ني‬ ‫ُ‬ ‫هللا‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫املوحى به والنيل منه‪ ،‬فتلك هي حياة الرذيلة اليت ستفصل ح ّقاً وإىل األبد نفوس األبرار عن نفوس‬
‫ضب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمة جهنّميـّة متأتّية من الغَ َ‬
‫اخلَطَأَة‪ .‬ارفعي روحك ال ُـمحبَط اي سينتيكا‪ .‬إ ّن هذا االكتئاب هو َه َ‬
‫أنت الفريسة اليت فَـ َق َدها إىل األبد‪ .‬ال يوجد هاديس‪ .‬ما يوجد هـو فردوسي‬ ‫بك به الشيطان‪ِ ،‬‬ ‫الذي ُُير ِ‬
‫ّ‬
‫شك‪،‬‬‫احلق ويكون سبب إحباط أو ّ‬ ‫ِ‬
‫أان‪ .‬ال سبب لألمل فيه‪ ،‬بل على العكس للفرح‪ .‬ال شيء أييت من ّ‬
‫أنت‪ ،‬فَـبُوحي يل دائماً‬‫بل على العكس قوة هو لالستمرار يف ازدايد اإلميان وأبمان وطمأنينة فَ ِرحة‪ .‬إّّنا ِ‬
‫ّ‬
‫ومستَ ِقّراً ِمثل نور الشمس‪».‬‬ ‫ِ‬
‫أبفكارك‪ .‬أريد فيك نوراً ساكناً ُ‬
‫ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 581 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫سينتيكا اليت ما تزال جاثية ‪ُ ،‬مت ِسك يده وتُقبِّلها …‬

‫صيحات (كررر‪ ،‬كررر) اليت يُطلِقها َّ‬


‫اجلمال َّت َعل املرء يُد ِرك أ ّن اجلَّ َمل عائد سرياً دون ضجة‬
‫اخللفي الذي يَفتَحه أحد اخلُ ّدام حاالً‪ .‬ويعود مرغزايم سعيداً‪ ،‬وقد‬‫ّ‬ ‫على العشب الكثيف‪ ،‬خارج الباب‬
‫امحر نتيجة اجلولة‪َ :‬ر ُجل صغري يَرَكب اجلَّمل ويضحك ُم ّلوحاً بيديه‪ ،‬بينما ُيثو اجلَّمل‪ ،‬ويَنـزل عن‬ ‫َّ‬
‫اجلمال األمسر‪ُ .‬ثّ َُيري صوب يسوع هاتفاً‪« :‬كم هو َجيل! هل على‬ ‫السرج الغريب الشَّكل م ِ‬
‫داعباً َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫لك فروض العبادة؟ وأان سوف أمضي عليها ِأل ِّ‬
‫ُبشر‬ ‫ِ ِ‬
‫هذه الدواب أتى ُحكماء الشَّرق (اجملوس) ليُق ّدمـوا َ‬
‫وهد ِمن فوقها‪ ،‬ويقول‪" :‬تعالوا‪ ،‬تعالوا اي َمن تَعرفون‬ ‫بك يف كل مكان! يبدو العامل أكرب إذا ما ش ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أنت كذلك أيّها التـاجر‬
‫حّت هذا الرجل يف حاجة إىل ذلك‪ ...‬و َ‬ ‫البُشرى احلَ َسنة!" آه! هل تَعلَم؟‪ّ ...‬‬
‫امك‪َ ...‬كم ِمن الناس ينتظروّنا‪ ،‬وميوتون دون التم ّكن ِمن احلصول عليها‪ ...‬أُانس أكثَر ِمن‬ ‫وَجيع ُخ ّد َ‬
‫ويتمسك‬
‫ّ‬ ‫عداك اي يسوع! آه! ولكن أَس ِرع يف قوهلا للجميع!»‬ ‫َحبّات َرمل النَّهر َع َدداً‪ .‬اجلميع ما َ‬
‫ِ‬
‫حّت أقاصي ُُتوم‬‫جبنبه رافعاً رأسه‪ .‬ويسوع ينحين ويُقبِّله وهو يَع ْد‪« :‬سوف تَـَرى ملكوت هللا ُمبشَّراً به ّ‬
‫أنت َمسرور؟»‬
‫روما‪ .‬هل َ‬
‫يعرفونك"‪ .‬حينذاك‬
‫َ‬ ‫لك‪" :‬هاك هذا البلد وذاك وذا اآلخر‬ ‫«أان‪ ،‬نعم‪ِ .‬‬
‫ومن ُُثّ سوف آيت ألقول َ‬
‫أنت‪ ،‬ماذا ستقول يل؟»‬
‫سأَعرف أمساء تلك األراضي البعيدة‪ .‬و َ‬
‫كل بـَلَد بَشَّرت يب فيه‪ُ ،‬ثّ تعال‬
‫لك‪" :‬تعال اي مرغزايم الصغري لتنال أكليالً َعن ّ‬
‫«سوف أقول َ‬
‫كنت خادماً أميناً‪ ،‬واآلن‬
‫ك َ‬ ‫أتعابك‪ ،‬ذلك أنّ َ‬
‫َ‬ ‫هنا إىل جانيب‪ِ ،‬مثل هذا اليوم يف جرياسا‪ ،‬واسرتح ِمن‬
‫ِمن العدل أن تكون َمغبوطاً يف َملكويت"‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 582 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -154‬الرحيل عن جرياسا)‬

‫‪1945 / 09 / 29‬‬

‫عسكري‪ .‬على نَ َسق‪ ،‬يسوع مع أَتبَاعه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫َُت ُرج القافلة ِمن دار اسكندر‪ ،‬ابلرتتيب كما الستعراض‬
‫كل خطوة تبدو رؤوسها وكأ ّّنا تسأل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اإلبل‪ ،‬أبمحاهلا الثقيلة‪ ،‬تتق ّدم وهي تتمايل خبُطى ُمنتَظَمة‪ ،‬ويف ّ‬
‫كأّنا تقول‪:‬‬‫كل حلظة و ّ‬
‫"ملاذا؟ ملاذا؟" حبركة صامتة ولكنّها ّنوذجيّة مثل طيور احلمام اليت تبدو يف ّ‬
‫كل الرجال‬ ‫صاحي‪ّ .‬‬ ‫جو الصباح ال ّ‬
‫نس ّل يف ّ‬
‫لكل ما تراه‪ .‬على القافلة أن ّتتاز املدينة‪ .‬فَـتَ َ‬
‫"نعم‪ ،‬نعم‪ّ ".‬‬
‫وشكوى أحد اجلِّمال الذي‬ ‫اجلمالني‪َ ،‬‬
‫يتدثّرون ألبسة وثرية أل ّن الطقس ابرد‪ .‬أجراس اإلبل و"كررر" َّ‬
‫كل ذلك ينبّه اجلرياسيّني إىل رحيل يسوع‪.‬‬ ‫يتأسف على االصطبل الساكن‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ومحل اهلدااي إليه‪ِ ،‬من ِمثار وأطعمة أخرى‪.‬‬
‫يَنتَ ِشر اخلرب بسرعة الربق‪ ،‬وأييت جرياسيّون لتحيّته‪َ ،‬‬
‫هرع ومعه طفل مريض‪« :‬اب ِركه لكي يَربأ‪ .‬الرمحة!»‬
‫ها هو أحد الرجال يَ َ‬
‫طمئن‪ِ .‬آمن‪».‬‬
‫أنت ُم ّ‬
‫يَرفَع يسوع ذراعه ويُبارك ُمضيفاً‪« :‬اذهب و َ‬
‫قرحات يف‬
‫حّت إ ّن إحدى النسـاء تَسـأل‪« :‬إ ّن زوجي مصاب بت ّ‬
‫فعم ثقة‪ّ ،‬‬
‫وُييب الرجل بنعم ُم َ‬ ‫ُ‬
‫عينيه‪ ،‬فهل تُ ِربئه؟»‬
‫«إذا ِ‬
‫كنت أهالً لإلميان‪ ،‬نعم‪».‬‬

‫كأّنا طَري سنونو‪.‬‬


‫«إذاً سآيت به‪ .‬انتظرين اي سيّد‪ ».‬وتَطري‪ُ ،‬مسرعة و ّ‬
‫انتَ ِظر‪ ،‬قِيلَت بسرعة! اجلِمال تتق ّدم‪ .‬اسكندر يف املق ّدمة ال يدري ما الذي ُيري يف ِ‬
‫اآلخر‪ .‬ما‬ ‫ّ‬
‫ِمن وسيلة ّإال تنبيه الرجل‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 583 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«اركض اي مرغزايم‪ .‬اذهب وقُل للتاجر أن يتوقَّف قبل اخلروج ِمن األسوار‪ ».‬يقول يسوع‪.‬‬
‫ينص ِرف إلمتام ّ‬
‫مهمته‪.‬‬ ‫ومرغزايم َ‬
‫تتوقّف القافلة‪ ،‬بينما التاجر أييت صوب يسوع‪« .‬ما الذي ُيري؟»‬

‫«ابق وسوف ترى‪».‬‬

‫تَعود املرأة اجلرياسيّة ُمس ِرعة بصحبة زوجها املصاب يف عينيه‪ .‬بشيء آخر غري الت ُّ‬
‫َّقرحات! إ ّّنما‬
‫ثُقبَان ُممتَلِئان نتانة يَن َفتِحان وسط وجهه‪ .‬العني هنا يف الوسط‪ ،‬تغشاها الدموع‪ ،‬محراء‪ِ ،‬شبه عمياء‪،‬‬
‫حّت تزداد شكواه‪ ،‬أل ّن‬ ‫ِ‬
‫وخي ُرج منها سائل كريه‪ .‬ال يكاد الرجل يَن َـزع الغطاء القامت الذي َُيجب النور ّ‬ ‫َ‬
‫النور يُهيِّج أمل العني املصابة‪.‬‬

‫يئن الرجل‪« :‬الرمحة! إنّين أأت ّمل كثرياً!»‬


‫ّ‬
‫لكونك قد تَف ُقد‬ ‫ك ال تتأ ّمل ّإال‬
‫ملك ذلك أيضاً؟ أَم أنّ َ‬
‫ئت كذلك كثرياً‪ّ .‬أال يؤ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كنت قد َخط َ‬
‫«وقد َ‬
‫اقرتفت‬
‫َ‬ ‫عمن هو هللا؟ أال ُتشى الظُّلُمات األبديّة؟ ملاذا‬ ‫رؤيتك للعامل احملدود هذا؟ أال تعرف شيئاً ّ‬
‫َ‬
‫اخلَطااي؟»‬

‫غفرت‪»...‬‬
‫تئن وتبكي‪« :‬أان ُ‬
‫يَبكي الرجل ويُطأطئ رأسه دون أن يتكلّم‪ .‬كذلك امرأته ّ‬
‫َقس َم يل هنا أنّه لن يعود إىل ارتكاب خطيئته‪».‬‬
‫«وأان أَغفر له إذا ما أ َ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«نعم‪ ،‬نعم! اغفر يل‪ .‬اآلن أَعلَم ما َّتلبه اخلطيئة معها‪ .‬اغفر يل‪ .‬مثل املرأة اغفر يل‪َ .‬‬
‫الصاحل‪».‬‬

‫وستَ َربأ‪».‬‬ ‫لك‪ .‬اذهب إىل اجلدول و ِ‬ ‫ِ‬


‫وجهك ابملاء‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫اغسل‬ ‫«أان أَغفر َ‬
‫تئن املرأة‪.‬‬
‫«املاء البارد يؤذيه‪ ،‬اي سيّدي‪ّ ».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 584 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرسول‬
‫حّت أيخذه يوحنّا َّ‬ ‫ولكن الرجل ال يف ِّكر يف غري الذهاب‪ ،‬وَميضي ِ‬
‫يتلمس الطريق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر‬‫ذ‬‫َ‬ ‫حب‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لكن املرأة أتخذه بعدئذ ِمن اليد األُخرى‪ .‬يَهبط الرجل‬
‫الرأفة بـه‪ ،‬ويقوده َوحده‪ ،‬و ّ‬
‫َخ َذتـه َّ‬
‫بيده‪ ،‬وقد أ َ‬
‫احتيه‪ ،‬يَغسل وجهه ويَغسله‬ ‫ِ‬
‫أيخذ ماء ملء ر َ‬
‫نحين‪ُ ،‬‬ ‫إىل حافّة املياه اجلليديّة اليت تتخبّط على احلصى‪ ،‬يَ َ‬
‫يتحسس ِعالجاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اثنية‪ .‬ال يُبدي أيّة ابدرة أََمل‪ ،‬بل على العكس يبدو أنّه ّ‬
‫صعد إىل الض ّفة‪ ،‬ووجهه ما يزال ُمبلَّالً‪ ،‬ويعود ّ‬
‫ابّتاه يسوع الذي يَسأله‪« :‬حسناً‪ ،‬هل‬ ‫ُُثَّ‪ ،‬يَ َ‬
‫فيت؟»‬ ‫ُش َ‬
‫لت وأان سأبرأ‪».‬‬
‫أنت قُ َ‬
‫ك َ‬ ‫«ال اي سيّدي‪ ،‬ليس بَعد‪ .‬ولكنّ َ‬
‫رجائك‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫َ‬ ‫«إذاً حافِظ على‬

‫تَنهار املرأة وهي تبكي‪ ...‬لقد خاب أملها‪ .‬يُشري يسوع إىل التاجر أ ّن إبمكانه املض ّي‪ .‬والتاجر‪،‬‬
‫وخي ُرجون ِمن‬
‫وقد خاب أمله كذلك‪ ،‬يَن ُقل األمر‪ .‬تُعا ِود اجلِّمال السري حبركاهتا اليت تتماوج كاملراكِب‪َ ،‬‬
‫ابّتاه اجلنوب الغريب‪.‬‬‫األسوار‪ .‬أيخذون طريق القوافل املاضية‪ ،‬الرتابيّة العريضة‪ّ ،‬‬

‫ّتاوزا األسوار حبوايل العشرين‬


‫وري ومسعان الغيور‪َ ،‬‬‫األخريان يف اجملموعة الرسوليّة‪ ،‬أي يوحنّا األند ّ‬
‫وترتدد وهي تَعلو ابستمرار‪،‬‬
‫كأّنا َم َألَت الدنيا‪ّ ،‬‬
‫تدوي يف األجواء الصامتة‪ .‬تبدو و ّ‬ ‫رخة ّ‬ ‫ص َ‬‫مرتاً‪ ،‬وإذا بِ َ‬
‫آمنت!‬
‫أكثر فَـَرحاً‪ ،‬أكثر احتفاليّة‪ « :‬إين أرى! اي يسوع! اي يسوع املبارك! إنّين أرى! إنّين أرى! لقد ُ‬
‫كت اي يسوع!» والرجل الذي عاد وجهه سليماً متاماً‪ ،‬وعادت عيناه‬ ‫إ ّين أرى! يسوع‪ ،‬اي يسوع! بور َ‬
‫وخيّر عند قدمي يسوع‪ ،‬يكاد يكون حتت‬ ‫الر ُسل َ‬‫َجيلتني‪ ،‬كياقوتتني ُم ِشـعَّتني ومتألَِّقتَني‪َ ،‬خي َِرتق صفوف ُّ‬
‫متك َن ِمن إبعاده عن الرجل الذي ُيثو يف الوقت املناسب‪.‬‬ ‫أقدام ََجَل التاجر الذي َّ‬

‫ِ‬
‫كت اي يسوع!»‬
‫آمنت وأان أرى‪ .‬بور َ‬ ‫يُقبِّل الرجل ثوب يسوع وهو يُ ّردد‪« :‬لقد ُ‬
‫آمنت! لقد ُ‬

‫لزوجتك أن تَع ِرف كيف تؤمن إمياانً‬


‫َ‬ ‫أخص ُكن صـاحلاً‪ ...‬قُل‬
‫ّ‬ ‫«اّنض وُكن سـعيداً‪ ،‬وبشكل‬
‫اتماً‪ .‬وداعاً‪ ».‬ويُفلِت يسوع ِمن ِعناق الذي َجَرت عليه املعجزة ويُعا ِود السري‪.‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 585 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ي ِ‬
‫داعب التاجر حليته وهو ُمستَغ ِرق‪ ...‬أخرياً يَسأل‪« :‬ولو مل يكن يعرف أن يستمر ابإلميان بعد‬‫ُ‬
‫خيبة أمله يف الغسل؟»‬

‫«كان سيبقى كما كان قبالً‪».‬‬

‫أنت على كل هذا ال َق ْدر ِمن اإلميان لِتَ َِ‬


‫جرتح معجزة؟»‬ ‫ِ‬
‫«ملاذا تُصّر َ‬
‫ّ‬
‫ب هللا‪».‬‬ ‫ِ‬
‫وح ّ‬
‫«أل ّن اإلميان هو الشَّاهد على وجود الرجاء ُ‬
‫أردت ّأوالً التوبة؟»‬
‫«وملاذا َ‬
‫صديقاً هلل‪».‬‬
‫«أل ّن التوبة َّت َعله َ‬
‫ألشهد أبنّين أؤمن؟»‬
‫لست ُمصاابً مبرض‪ ،‬ماذا ينبغي يل أن أفعل َ‬
‫«أان الذي ُ‬

‫«أن تُقبِل إىل ّ‬


‫احلق‪».‬‬

‫صداقة هللا؟»‬
‫«وهل ميكنين اجمليء دون َ‬
‫الرب يسمح للذي ما يزال دون توبة‪ ،‬أن يسعى إليها‪،‬‬ ‫ميكنك اجمليء دون صالح هللا‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫«بل ال‬
‫س‬ ‫ِ ِ‬
‫ويتوصل إىل إُيادها‪ .‬إذ إ ّن التوبة أتيت عادة عندما يكون اإلنسان‪ ،‬عن قصد أو بقليل من ح ّ‬ ‫ّ‬
‫الضمري مبا تريده نفسه‪ ،‬يَع ِرف هللا‪ .‬يف السابق هو كاألبله‪ ،‬تقوده غرائزه فقط‪ .‬أمل ُتترب أبداً احلاجة إىل‬
‫اإلميان؟»‬

‫كنت أشعر أب ّن هناك ما هو أقوى ِمن املال‬


‫لدي‪ُ .‬‬ ‫كنت فيها غري راض مبا كان َّ‬
‫« َمّرات كثرية‪ُ ،‬‬
‫كنت أحبث‬ ‫ومن أوالدي ِ‬ ‫ِ‬
‫أعمل على معرفة ما ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫عناء‬ ‫ل‬ ‫أحتم‬
‫ّ‬ ‫بعدئذ‬ ‫أكن‬ ‫مل‬ ‫ين‬‫ّ‬‫لكن‬‫و‬ ‫أمنيايت‪...‬‬ ‫ن‬ ‫وم‬
‫عنه ال شعورّايً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 586 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ماضيك العقيم‬
‫َ‬ ‫نفسك كانت تبحث عن هللا‪ .‬صالح هللا َمسَ َح أبن َِّتد هللا‪ .‬التوبـة عن‬‫َ‬ ‫«إ ّن‬
‫مينحك صداقة هللا‪».‬‬
‫َ‬ ‫الذي َمَّر بعيداً عن هللا سوف‬

‫علي التوبة عن املاضي؟»‬ ‫ِ‬


‫احلق ابلنَّـ ْفس‪َّ ،‬‬
‫«إذن‪ ،‬من أجل‪ ...‬من أجل احلصول على معجزة رؤية ّ‬
‫حياتك تغيرياً شامالً‪»...‬‬
‫َ‬ ‫وعزمك على تغيري‬
‫َ‬ ‫توبتك‬
‫«ابلتأكيد‪َ .‬‬
‫ِ‬
‫س ويـَعُ ُّد َوبـََر عُنق‬ ‫داعبَة حليته‪ ،‬إنَّه يُرّكز نَظََره لدرجة يبدو معها وكأنّه يَ ُ‬
‫در ُ‬ ‫يعود الرجل إىل ُم َ‬
‫حلث اخلُطى‪ ،‬وهي تُطيع‬ ‫َدرَكت ّأّنا إشارة ّ‬ ‫أ‬ ‫اليت‬ ‫(بكعبه)‪،‬‬ ‫قبه‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫اجلَّمل‪ .‬وبغري قصد‪ ،‬يهمز ال ّدابة بِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عدو ابلتاجر قُ ُدماً حنو مقدمة القافلة‪ .‬ال يوقفه يسوع‪ .‬بل على العكس‪ ،‬فهو يتوقّف اتركاً أيضاً‬ ‫وتَ ُ‬
‫وينضم يسوع إليهما‪.‬‬‫ّ‬ ‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حّت يُد ِركه مسعان الغيور ويوحنّا‬ ‫النساء والرسل يتجاوزونه ّ‬
‫أي شيء تتحدَّاثن؟» يَسأل‪.‬‬
‫«عن ّ‬
‫«كنّا نتح ّدث عن ال ُقنوط الذي َخيتَِربه َمن ال يؤمن‪ ،‬أو َمن فَـ َق َد إميانه الذي كان له‪ .‬يف األمس‬
‫حبق‪ ،‬رغم انتقاهلا إىل إميان كامل‪ ».‬يقول الغيور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كانت سينتيكا قَل َقة ّ‬
‫وُمِّري‬
‫ذهل ُ‬ ‫«أان كنت أقول لسمعان أبنّه‪ ،‬إذا كان مؤملاً االنتقال ِمن اخلري إىل الشر‪ ،‬فإنّه م ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الشر إىل اخلري‪ .‬يف احلالة األوىل يتع ّذب املرء ابلضمري الذي يؤنِّب‪ .‬يف الثانية‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫كذلك االنتقال ِ‬
‫م‬
‫يتمزق‪َ ...‬ك َمن يُقاد إىل بلد غريب َمهول متاماً‪ ...‬أو إنّه فَـَزع رجل ابئس وغري مث ّقف‪َُِ ،‬يد نفسه وقد‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫اقتيد إىل قصر َملك‪ ،‬وسط علماء وأثرايء‪ .‬إنّه أََملْ‪ ...‬أان أعرفه‪ ...‬أََملْ عظيم ج ّداً‪ ...‬ال ميكن ّ‬
‫التصور‬
‫خاصة عندما تكون النَّـ ْفس‬ ‫ِ‬ ‫حقيقي‪ ،‬وأنّه ِمن املمكن أن‬
‫يستمر‪ ...‬من املمكن أن نستح ّقه‪ّ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أبنّه‬
‫َدنِ َسة‪ ...‬كما كانت نفسي‪»...‬‬

‫«واآلن اي يوحنّا؟» يَسأل يسوع‪.‬‬

‫أقل هزاالً‪ .‬يقول‪:‬‬


‫شع اببتسـامة ّتعله يبدو ّ‬
‫األندوري ال ُـم َنهك‪ ،‬ال ُـم َنهك واحلزين‪ ،‬يَ ّ‬
‫ّ‬ ‫وجه يوحنّا‬
‫للرب الذي شاء ذلك‪ .‬وتَب َقى فقط‬
‫حّت إنّه ينمو‪ّ ،‬‬ ‫«اآلن َمل يـَعُد هذا‪ .‬بل يبقى العرفان ابجلميل‪ّ ،‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 587 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتقلمت‪ ،‬ومل أعد غريباً يف عامل‬ ‫اضعي‪ .‬إّّنا اآلن األمان‪ .‬أَشعُر أنّين قد‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ذكرى املاضي لتُحافظ على تَو ُ‬
‫احلب‪ .‬وإنّين اآلن أعيش بسالم وصفاء وسعادة‪».‬‬ ‫عاملك‪ ،‬عامل الغفران و ّ‬
‫الوداعة هذا الذي هو َ‬

‫«هل َِّتد ّتر َ‬


‫بتك جيّدة؟»‬

‫كنت قد أحزنت هللا‪،‬‬ ‫«نعم‪ .‬ولو مل أكن ُمث َقالً حبقيقة أنَّين ُ‬
‫كنت خاطئاً‪ ،‬ألنّين بتلك اخلطيئة ُ‬
‫ماضي هذا كان ماضياً حسناً‪ .‬حبيث ميكنه أن يساعدين كثرياً يف محاية‬ ‫ّ‬ ‫لكان إبمكاين أن أقول إ ّن‬
‫النُّفوس ذوات اإلرادة الطيّبة‪ ،‬إّّنا التائهة‪ ،‬يف اللحظات األوىل إلمياّنا اجلديد‪».‬‬

‫حّت املساء‪».‬‬
‫للصيب ّأال يركض كثرياً ألنّه سيُنهك ّ‬
‫ّ‬ ‫«مسعان امض وقُل‬

‫يَنظُر مسعان إىل يسوع‪ ،‬ولكنّه يُد ِرك حقيقة األمر‪ .‬فيبتسم ابتسامة ذكيّة ويَرتُكهما وحدِها‪.‬‬

‫أنت‪ ،‬وألسباب كثرية‪ ،‬متتلك ِسعة‬


‫«اآلن وقد أصبَحنَا مبفردان‪ ،‬فامسع ما هي رغبيت اي يوحنّا‪َ .‬‬
‫عامة اإلسرائيليّني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يف احلُكم والتفكري ال ميتلكها أحد آخر ِمن الذين يتبعونين‪ .‬و َ‬
‫أوسع من ّ‬
‫لديك ثقافة َ‬
‫منك مساعديت‪»...‬‬ ‫لذلك أطلب َ‬
‫أي شيء؟»‬
‫أساعدك؟ يف ّ‬
‫َ‬ ‫«أان‬

‫معك‪ .‬لدرجة أنّين عازم‬‫ك معلّم كثري الطّيبة! مرغزايم يتعلّم بسرعة وجيّداً َ‬ ‫« ِمن أجل سينتيكا‪ .‬إنّ َ‬
‫على ترككما معاً لبضعة أشهر‪ ،‬ألنّين أريد ملرغزايم امتالك معرفة أوسع ِمن معرفة عا َمل إسرائيل الصغري‪.‬‬
‫أفرح لرؤيتكما معاً‪ ،‬أنت تُعلِّم وهو يتعلَّم؛‬
‫مينحك ال َفَرح‪ .‬وأان كذلك سوف َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن االهتمام به سوف‬
‫لك‬ ‫ِ‬
‫عليك كذلك االهتمام بسينتيكا‪ .‬كأُخت َ‬ ‫نضج ابنشغاله‪ .‬إّّنا َ‬ ‫شبابك‪ ،‬وهو ليَ ُ‬
‫َ‬ ‫أنت الستعادة‬
‫َ‬
‫جوي‪ .‬أتفعل هذا ألجلي؟»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتئهة‪ .‬لقد قُلتَها‪ :‬إنّه تيه‪ ...‬فساعدها على التأقلم مع ّ‬
‫ضروري‪.‬‬ ‫غري‬ ‫يل‬ ‫يبدو‬ ‫كان‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫إليها‪،‬‬ ‫ب‬‫أتقر‬
‫َّ‬ ‫أكن‬ ‫مل‬ ‫دي!‬ ‫سي‬ ‫اي‬ ‫أفعل‪،‬‬ ‫أن‬ ‫يل‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ن‬‫م‬‫«ولكنّها ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قرأ لُفافايت؛ منها ما هو ُمقدَّس ومنها ما هو للثقافة فقط‪ :‬الرومانيّة‬‫أنت‪ّ .‬إّنا تَ َ‬
‫ئت َ‬ ‫ولكن إن ش َ‬
‫ِ‬
‫أنت ذلك‪»...‬‬‫شئت َ‬‫أتدخل ملساعدهتا‪ .‬إن َ‬ ‫واليواننيّة‪ .‬أراها تُف ّكر وتَطَّلع عليها‪ ،‬ولكنّين مل ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 588 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ومثلك‪َ ،‬ستَبقون بعض‬ ‫َ‬ ‫ص ِدي َقني‪ .‬فهي كذلك‪ ،‬مثل مرغزايم‬ ‫أود رؤيتكما َ‬ ‫«نعم‪ ،‬أريد ذلك‪ُّ ،‬‬
‫فسني تَن َفتِحان على هللا‪ .‬أ ُّمي‪ :‬املعلّمة‬ ‫ن‬‫الوقت يف الناصرة‪ .‬سيكون األمر رائعاً‪ .‬أُمي وأنت معلِّمان لِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫شرحها برباهني فائقة‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫مبقدورك‬
‫َ‬ ‫اليت‬‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫البش‬ ‫املعرفة‬ ‫يف‬ ‫اخلبري‬ ‫م‬‫ّ‬‫ل‬ ‫املع‬ ‫‪:‬‬ ‫أنت‬
‫و‬ ‫هللا؛‬ ‫لم‬‫املالئكية لِعِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ال ّدقة‪ .‬سيكون األمر َجيالً ومفيداً‪».‬‬

‫«نعم‪ ،‬اي سيّدي املبارك! َجيل ج ّداً ابلنسبة ليوحنّا املسكني!‪ »...‬ويبتسم الرجل لفكرة ّأايم‬
‫السالم ال ُـمقبِلة إىل جانب مرمي‪ ،‬يف بيت يسوع…‬

‫وينبَ ِسط الطريق يف دفء للشمس يتزايد اإلحساس به ابستمرار‪ ،‬يف ريف فَـتَّان ُمنبَ ِسط‪ ،‬بعد‬
‫عد جرياسا‪ .‬الطريق معتىن هبا جيّداً‪ ،‬والسـري عليها سهل‪ .‬ويعاودون املسري‬ ‫ُماذاة مرتفعاته اخلفيفة اليت بَ َ‬
‫تضحك ِمن قلبها‪ ،‬عندما‬ ‫َ‬ ‫مرة‬
‫ّ ّ‬‫ل‬ ‫ألو‬ ‫سينتيكا‬ ‫عت‬
‫ُ‬
‫بعد اسرتاحة الظهرية‪ .‬كان قد اقرتب املساء عندما َِ‬
‫مس‬
‫الصيب وتَطبَع‬ ‫ف‬ ‫ضحك كل النساء‪ .‬أرى اليواننية تنحين لِتُ ِ‬
‫الط‬ ‫يروي هلا مرغزايم لست أدري ماذا‪ ،‬ممّا ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الصيب إىل القفز كما لو أنّه مل يكن يَشعُر ابلتعب‪.‬‬
‫قُبلة على جبهته‪ ،‬يعود بعدها ّ‬
‫اجلمالة"‪ .‬يقول‬ ‫"نبع‬ ‫يف‬ ‫الليلة‬ ‫قضاء‬ ‫ار‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫خرب‬ ‫ون‬‫ق‬‫ّ‬ ‫يتل‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫و‬ ‫بون‪،‬‬‫ولكن اآلخرين‪َ ،‬جيعهم‪ ،‬تَعِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ومتعِب‬
‫إين دائماً أمضي الليل هناك‪ .‬طويل ج ّداً هو الشـوط الفاصل بني جرياسا وبصرى‪ُ ،‬‬ ‫التاجر‪ّ « :‬‬
‫للرجال و َّ‬
‫الدواب‪».‬‬

‫الر ُسل املالحظة فيما بينهم‪ ،‬وهم ُُيرون املقارنة بينه‬


‫حبس إنساينّ» يُبدي ُّ‬
‫«إ ّن هذا التاجر يتمتّع ّ‬
‫وبني دوراس…‬

‫اجلمالة" ليست ِسوى َح ْفنة ِمن البيوت حول آابر عديدة‪َ .‬شكل ِمن أشكال الواحة‪،‬‬ ‫"نبع ّ‬
‫الرحابة غري املأهولة للحقول‬‫ليست يف الصحراء القاحلة‪ ،‬أل ّن هنا ال يوجد جفاف‪ ،‬ولكنّها واحة يف َّ‬
‫والبساتني املتتالية على مدى أميال وأميال‪ ،‬واليت لدى حلول عشيّة تشرينيّة (أكتوبر)‪ ،‬يَنبَعِث منها‬
‫وشم رائحة‬
‫الرضع‪ّ ،‬‬ ‫ُحزن البحر عند الغَ َسق ذاته‪ .‬وكذلك رؤية البيوت‪ ،‬وسـماع َجلَبة األصوات وبُكاء ّ‬
‫كل ذلك شيء لطيف كوصول املرء إىل بيته اخلاص‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دخن‪ ،‬ورؤية املصابيح األوىل تَشتَعل‪ّ ،‬‬
‫املواقد اليت تُ ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 589 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخل مع التاجر‬ ‫ِ‬ ‫بينما يتوقّف َّ ِ‬
‫الرسل والنساء يسوع الذي يَ ُ‬
‫مرة‪ ،‬يَتبَع ُّ‬
‫اجلمالة لتَشرب اجلّمال ّأول ّ‬
‫إىل‪ ...‬الفندق الذي يعود إىل ما قبل التاريخ‪ ،‬والذي سيأويهم أثناء الليل…‬

‫ع اخلُ ّدام يف هتيئة‬ ‫ِ‬


‫املدخنة حيث تناولوا طعامهم‪ ،‬وحيث سينام الرجال‪ ،‬وبينما َشَر َ‬ ‫‪...‬يف الغرفة ّ‬
‫صدر القاعة كلّه‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكل أمام موقد عريض يَشغَل َ‬ ‫القش املكدَّس على َمشابك‪ُ ،‬يتمع ّ‬ ‫مراقد ّ‬
‫أُض ِرَمت النار فيه‪ ،‬ذلك أ ّن املساء قد َمحَ َل معه الرطوبة والربد‪.‬‬

‫يتنهد بطرس‪.‬‬
‫«حسبنا ّأال يَهطل املطر» ّ‬
‫حّت أييت الطقس السيّئ‪ّ .‬أما‬ ‫ِ‬
‫حّت ّناية القمر هذا‪ّ ،‬‬
‫يُطمئنه التاجر‪« :‬ما زال ُيب االنتظار ّ‬
‫كل مساء‪ ،‬إّّنا غداً ستُش ِرق الشمس‪».‬‬
‫هذا الطقس فهو عادة هكذا ّ‬
‫لك‬
‫«هذا من أجل النساء‪ ،‬هل تَعلَم؟ وليس من أجلي أان‪ .‬إنّين صيّاد وأعيش يف املاء‪ .‬أؤّكد َ‬
‫أنّين أ ِّ‬
‫ُفضل املاء على اجلَّبَل والغبار‪».‬‬

‫األندوري والغيور يستمعان إليه‪ِ .‬من‬


‫ّ‬ ‫عمه‪ .‬كذلك يوحنّا‬‫يسوع يتح ّدث إىل النساء وإىل ابين ّ‬
‫ومّت يَقرأون إحدى لفافات يوحنّا‪ ،‬واإلسرائيليّان يَش َـرحان هلرمست األحداث‬
‫جهتهم تيمون وهرمست ّ‬
‫التوراتيّة األكثر إهباماً ابلنسبة إليه‪.‬‬

‫الصيب‬ ‫هذا‬ ‫«‬ ‫وتقول‪:‬‬ ‫حللفا‬ ‫اليت‬ ‫مرمي‬ ‫اه‬


‫ر‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫انعس‪.‬‬ ‫وجهه‬ ‫لكن‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫ي‬‫ش‬‫نصت إليهم‪ ،‬منتَ ِ‬
‫مرغزايم ي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تَعِب‪ .‬تعال اي حبييب‪ ،‬سوف َّنضي حنن إىل النوم‪ .‬تعايل اي أليس‪ .‬تعايل اي صالومي‪ .‬فليس أفضل ِمن‬
‫إنكن تَعِبات‪».‬‬
‫أنَت إىل النوم‪ّ .‬‬‫بكن أن تذهنب ّ‬‫وُيسن ّ‬
‫السرير للعجائز والصغار‪ِ ُ .‬‬

‫يتحرك‪.‬‬ ‫ات‬‫ّ‬‫املسن‬ ‫النساء‬ ‫ن‬ ‫وابستثناء مارسيل وحنّة اليت لقوزى‪ ،‬فال أحد ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫حّت قبل اآلن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مّت‪« :‬هل من أحد كان قد قال للنساء‪ ،‬ولو ّ‬
‫بعد أن نلن الربكة وذهنب‪ ،‬يُتمتم ّ‬
‫بيوهتن!»‬
‫القش بعيداً عن ّ‬
‫عليهن النوم على ّ‬
‫ّ‬ ‫بقليل‪ ،‬أنَّه سيكون‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 590 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أبداً مل أ َََن أفضل‪ ».‬تؤّكد إبصرار مرمي اجملدليّة‪ ،‬ومرات تؤكد األمر ذاته‪ .‬حينئذ بطرس يؤيّد رفيقه‪:‬‬
‫بكن املعلّم إىل هنا؟»‬
‫أفهم‪ ،‬ملاذا أتى َّ‬ ‫ِ‬
‫مّت ُُم ّق‪ .‬فإنّين أتساءل دون أن َ‬ ‫«إ ّن ّ‬
‫«ولكن ألنّنا النساء التلميذات!»‬

‫ب‪ ...‬إىل حيث تعيش ِسباع‪ ،‬هل َّ‬


‫كنَت ستذهنب؟»‬ ‫«ولكن لو كان َذ َه َ‬
‫«طبعاً‪ ،‬اي مسعان بطرس! فَ ُممتِع السري‪ ،‬ولو بضعة خطوات! وبقربه!»‬

‫حبق خطوات كثرية‪ ،‬ابلنسبة إىل نساء مل يَعتَد َن على ذلك‪»...‬‬


‫«وهذا يـُ َع ّد ّ‬
‫حتتج النساء يف الوقت الذي يَرفَع بطرس كتفيه‪ ،‬ويصمت‪.‬‬
‫ولكن ّ‬
‫لمح ابتسامة ُمش ِرقة ج ّداً على وجه يسوع ويَسأله‪« :‬هل‬ ‫يعقوب بن حلفا‪ ،‬وهو يرفع رأسه‪ ،‬يَ َ‬
‫احلقيقي هلذه الرحلة‪ ،‬مع النساء‪ ...‬وليس معنا ّإال القليل القليل‬
‫ّ‬ ‫لك أن تقول لنا‪ ،‬فيما بيننا‪ ،‬السبب‬ ‫َ‬
‫من الفاكهة‪ ،‬مقارنة مع ال َـم َّ‬
‫شقة؟»‬

‫الزعم برؤية ِمثار البُذور املدفونة يف احلقول اليت اجتزانها؟»‬


‫ميكنك َّ‬
‫َ‬ ‫«هل‬

‫«أان‪ ،‬ال‪ .‬سوف أراها يف الربّيع‪».‬‬

‫لك‪" :‬سوف تَـَرى ذلك يف أوانه"‪».‬‬


‫«أان كذلك أقول َ‬
‫عما‬
‫الفض ّي يرتفع‪« :‬كنّا اليوم نتح ّدث فيما بيننا ّ‬
‫الر ُسل بشيء‪ .‬وها هو صوت مرمي ّ‬ ‫ال ُُييب ُّ‬
‫لكل ِمنّا انطباعات وآراء ُمتلفة‪ .‬هل تريد أن تقول لنا ما هي فكر َ‬
‫تك؟‬ ‫قُلتَه يف راموت‪ ،‬وقد كانت ّ‬
‫األندوري‪».‬‬ ‫ا‬‫ّ‬‫يوحن‬ ‫إىل‬ ‫ث‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫تتح‬ ‫كنت‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫مباشرة‪،‬‬ ‫نناديك‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫األفضل‬ ‫ن‬ ‫أان‪ ،‬كنت أقول إنّه ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أاثرت السؤال‪ .‬فأان وثنيّة مسكينة‪ ،‬وال أَملك أنوار إميانكم الرائعة‪.‬‬
‫كنت أان َمن َ‬
‫«يف احلقيقة‪ُ ،‬‬
‫علي‪».‬‬
‫ُيب اإلشفاق َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 591 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫نفسك‪ ،‬اي أُختاه!» تقول مرمي اجملدليّة حبماس‪ .‬وإذ هي ال تزال‬ ‫ِ‬ ‫فأود لو تكون يل‬ ‫« ّأما أان ُّ‬
‫طافِ َحة ابحليويّة‪ ،‬تُعانِقها وهي تش ّدها إليها إبحدى ذراعيها‪ .‬يبدو َجاهلا املتألِّق كما لو أنَّه يُنري بذاته‬
‫الكوخ البائس‪ ،‬مزيّناً ّإايه بثر ٍاء كما ذاك الذي ملنزهلا ال ُـم َرتف‪ .‬واليواننية‪ ،‬ذات املالمح املختلفة كلّياً‪،‬‬
‫فإّنا تُضيف تعبرياً أتملياً إىل صرخة احلب‬ ‫املتفردة‪ ،‬وفيما هي مشدودة إىل اجملدلية‪ّ ،‬‬ ‫وبتلك الشخصية ّ‬
‫املتحمسة‪ .‬فيما العذراء املب َاركة‪ ،‬اجلالسة بوجهها‬ ‫اليت تبدو كما لو ّأّنا دفق عاطفي قد َّ ِ‬
‫تفجر من مرمي ّ‬ ‫ّ‬
‫ظهر على‬ ‫اجلانيب شديد النقاء يَ َ‬
‫ّ‬ ‫ضامة يديها كما لو ّأّنا تصلّي‪ ،‬وشكلها‬
‫الوديع‪ ،‬املرتفع صوب ابنها‪ّ ،‬‬
‫اجلّدار املظلِم‪ ،‬فهي ُمتعبِّدة كما هي حاهلا على الدوام‪.‬‬

‫ظل زاوية وتغفو‪ ،‬بينما تستفيد مرات ِمن نور املوقِد ِمن أجل تثبيت حلقات‬
‫ّتلس سوسن يف ّ‬
‫على ثوب مرغزايم الصغري‪ ،‬نشيطة هي كذلك رغم التعب وإحلاح اآلخرين‪.‬‬
‫ِ‬
‫مسعتك تضحكني‪».‬‬ ‫يقول يسوع لسينتيكا‪« :‬ولكن مل تكن فكرة مؤملة‪ .‬لقد‬

‫الصيب الذي كان يَقطَع السؤال قائالً‪" :‬أان ال أريد العودة ّإال إذا عاد يسوع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬بسبب‬
‫كنت تتذ ّكرين"‪»...‬‬ ‫كنت تريدين معرفة كل شيء‪ ،‬فابتعدي عن هنا‪ ،‬وعودي لِتُ ِ‬
‫خربينا إذا ما ِ‬ ‫ولكن إذا ِ‬
‫ّ‬
‫عما مل تكن قد فَ ِه َمته جيّداً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َجيعهن من ذلك ويَقلن إ ّن سينتيكا كانت تَطلُب من مرمي شرحاً ّ‬‫ّ‬ ‫تضحك‬
‫ِ‬
‫فسر إمكانيّات كثرية لدى الوثنيّني ابمتالك ذكرايت ُم َبه َمة‬
‫حول الذكرى اليت حتتفظ هبا النُّفوس‪ ،‬واليت تُ ّ‬
‫عن احلقيقة‪.‬‬

‫ك‪،‬‬ ‫«أان كنت أقول‪" :‬أميكن أن يؤّكد ذلك نظرية التقمص اليت ِ‬
‫يؤمن هبا وثنيّون كثريون؟" و ّأم َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫فسر يل هذا أيضاً اي‬ ‫ِ‬
‫فسر يل أ ّن ما تقوله هو شيء آخر‪ .‬واآلن‪ ،‬أتسمح أبن تُ ّ‬‫اي معلّم‪ ،‬كانت تُ ّ‬
‫سيّدي؟»‬

‫جملرد أ ّن األرواح هلا ذكرايت عفويّة عن احلقيقة‪ ،‬أ ّن هذا‬ ‫ِ‬


‫«امسعي‪ .‬ليس لك أن تؤمين وتُص ّدقي‪ّ ،‬‬
‫عريف كيف ُخلق اإلنسان‪،‬‬ ‫أصبحت اآلن مث ّقفة بشكل كاف لِتَ ِ‬
‫ِ‬ ‫يُثبت أنّنا نعيش احلياة ِمراراً وتِكراراً‪ .‬لقد‬
‫لك عن كيفيّة وضع نفس واحدة ِمن قِبَل هللا‬ ‫كيف أخطأ اإلنسان‪ ،‬وكيف عوقِب‪ .‬إ ّن شرحاً قُ ِّدم ِ‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 592 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫خدم أبداً‬‫لكل جسد)‪ ،‬وال تُستَ َ‬ ‫مرة (أي ُُتلَ ُق نـَ ْفس ّ‬ ‫داخل كل إنسان حيواينّ‪ .‬وهذه النَّـ ْفس ُُتلَق ّ‬
‫لتجسدات متتالية‪ .‬قد يبدو هذا اليقني أبنّه يلغي ما أؤّكده حول ذكرايت النُّفوس‪ .‬قد يلغيه ابلنسبة‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫صنع هللا‪ .‬ال ميكن للحيوان أن يتذ ّكر شيئاً‬ ‫ألي كائن آخر ما عدا اإلنسان‪ ،‬ال ُـم َنعم عليه بِنَـ ْفس من ُ‬ ‫ّ‬
‫مرة واحدة‪ّ .‬أما اإلنسان فيمكنه التذ ّكر رغم كون والدته هي أيضاً ّملرة واحدة‪ .‬إنَّه َّ‬
‫يتذكر‬ ‫ألنّه ُخيلَق ّ‬
‫ومن هو هللا؟‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل نـَ ْفس بشريّة؟ من هللا‪َ .‬‬
‫بفعل اجلزء األفضل الذي فيه‪ :‬النَّـ ْفس‪ .‬فَمن أين أتيت النَّـ ْفس؟ ّ‬
‫ذهل الذي هو النَّـ ْفس‪ ،‬الشيء املخلوق ِمن‬ ‫الروح الذكي ج ّداً‪ ،‬القادر ج ّداً‪ ،‬والكامل‪ .‬هذا الشيء الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ُبوته الكلّيّة القداسة‪ ،‬واليت تُظ ِهر‬ ‫أ‬ ‫حول‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫جل‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫قب‬‫َ‬‫ت‬ ‫ال‬ ‫كإشارة‬ ‫ومثاله‪،‬‬ ‫ته‬‫ر‬‫صو‬ ‫اإلنسان‬ ‫ح‬ ‫من‬ ‫ي‬‫هللا لِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حرة‪ ،‬وخالدة كاألب‬ ‫يتفرد هبا ذاك الذي َخلَ َقها‪ .‬فهي إذن ذكيّة‪ ،‬روحانيّة‪ّ ،‬‬ ‫عالمات تُنبِؤ ابملزااي اليت َّ‬
‫اإلهلي كاملة‪ ،‬ويف حلظة َخ ْلقها‪ ،‬هي تُشبِه‪ ،‬جلزء ِمن األلف ِمن اللحظة‪،‬‬ ‫كر‬ ‫الذي خلَ َقها‪َُ .‬ترج ِمن ِ‬
‫الف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫األول‪ :‬كمال يُد ِرك احلقيقة نتيجة نِعمة َمّانيّة ممنوحة‪ .‬جزء ِمن ألف ِمن اللحظة‪ُ .‬ثّ ما‬ ‫نـَ ْفس اإلنسان ّ‬
‫لك تُدركني بشكل أفضل‪ ،‬أقول إ ّن ذلك يكون وكأ ّن‬ ‫إن تتش ّكل حّت توصم ابخلطيئة األصلية‪ .‬وجلع ِ‬
‫ّ َْ‬ ‫ّ َ‬
‫فهمني‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫هل‬ ‫حى‪.‬‬ ‫مت‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫بعالمة‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫ُي‬
‫ُ‬ ‫الدته‪،‬‬‫ِ‬
‫و‬ ‫حلظة‬ ‫املخلوق‪،‬‬ ‫الكائن‬
‫و‬ ‫قها‪،‬‬ ‫هللا كان َُيمل النَّـ ْفس اليت َخيلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أقول؟»‬

‫أن النَّـ ْفس هي فكرة‪ ،‬فهي كاملة‪ ،‬وتلك الفكرة الكاملة تدوم جلزء ِمن أَلف‬
‫«نعم‪ ،‬أي طاملا َّ‬
‫الفكرة تُرتجم إىل فِعل‪ ،‬و ِ‬
‫الفعل يغدو خاضعاً لسطوة الشريعة‬ ‫ِمن اللَّحظة‪ُ ،‬ث تُصبِح الفكرة ُملوقة‪ُ .‬ث‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الناَجة عن اخلطيئة‪».‬‬

‫البشري‪ ،‬حاملة معها تلك اجلوهرة‬ ‫ّ‬ ‫دت اإلجابة‪ .‬إذن فالنَّـ ْفس تَلِج هكذا يف اجلسد‬ ‫«لقد أَج ِ‬
‫َ‬
‫احلق‪ُ .‬ثَّ يُولَد الطفل‪ .‬قد يكون طيّباً‪ ،‬رائعاً‪ ،‬كما ميكن أن‬ ‫ِ‬
‫الروحي‪ ،‬ذكرى اخلالق‪ ،‬أي ّ‬ ‫ّ‬ ‫السريّة لكياّنا‬
‫أي شيء ألنّه ُحّر يف إرادته‪ .‬على هذه الذكرايت ينشر املالئكة أنوارهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يكون خائناً‪ .‬ميكنه أن يُصبح ّ‬
‫الشراك ظُلُماته‪ .‬وطاملا اإلنسان يَتبَع األنوار‪ ،‬وابلتايل فَضائِل تتنامى ابطّراد‪ ،‬جاعالً النَّـ ْفس‬
‫ويُلقي زارع ِّ‬
‫سيّدة كيانه‪ ،‬فستنمو فيها َملَ َكة التذ ّكر‪ ،‬كما لو أ ّن الفضيلة كانت ّتعل احلاجز ِّ‬
‫املتوضع بني النَّفس‬
‫يرق ابستمرار‪ .‬هذا ما ُيعل الناس الفاضلني ِمن كل البالد ُُِيسون ابحلق‪ ،‬ليس بشكل ِ‬
‫كامل‪،‬‬ ‫وهللا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 593 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أل ّن م ِ‬
‫ذاهب معاكِسة‪ ،‬أو جهالً قاتالً ي ِ‬
‫سيطر عليهم‪ ،‬بل َّإّنا مبا يكفي ملنح الشعوب اليت ينتمون إليها‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اقتنعت؟»‬ ‫ِ‬
‫فهمت‪ ،‬هل‬ ‫بضع صفحات من الكمال األخالقي‪ .‬هل‬

‫احلقيقي وملعرفة‬ ‫ين‬‫د‬‫«نعم‪ .‬واخلالصة‪ :‬إ ّن ِدين الفضائل اليت ُمتارس ببطولة يهدي النَّـ ْفس لل ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هللا‪».‬‬

‫أنَت أيّتها‬ ‫ِ‬


‫«هذا هو ابلضبط‪ .‬واآلن اذهيب لتسرتُيي‪ ،‬وكوين مباركة‪ .‬وأنت أيضاً‪ ،‬اي أ ُّمي‪ ،‬و ّ‬
‫ليحل سالم هللا على راحتكن‪».‬‬
‫األخوات والتلميذات‪ .‬و ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 594 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -155‬يف الطريق إىل بصرى)‬

‫‪1945 / 09 / 30‬‬

‫حق‪ .‬ما كان ميكن لتشرين (أكتوبر) أن مينح املسافرين يوماً أَجل ِمن هذا‬ ‫كان التاجر على ّ‬
‫َّدت الشمس الضباب الذي كان يُغلِّف الريف‪ ،‬كما لو أن الطبيعة كانت قد نَ َشَرت‬ ‫اليوم‪ .‬فما أن بد َ‬
‫ظهر الريف يف عظمة امتداد حقوله املزروعة‬ ‫ِوشاحاً فوق النبااتت اليت كانت تغفو أثناء الليل‪ ،‬حّت يَ َ‬
‫ّتمع على قِ َم ِم ِجبال بَعيدة‪ ،‬مغلِّفاً ّإايها بَِرذاذ َش ّفاف‪،‬‬
‫اليت تُدفِّئها الشمس‪ .‬يبدو أ ّن الضباب قَد َّ‬
‫طام َساً معاملها أكثر فاكثر‪ ،‬خالفاً ملا هي عليه السماء ِمن صفاء‪.‬‬
‫ِ‬

‫«وهذه ما تكون؟ أهي جبال علينا اجتيازها؟» يَسأل بطرس قلقاً‪.‬‬

‫فسنظل يف السهل‪ ،‬خلف هذه اجلبال‪ .‬ويف العشيّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«ال‪ ،‬ال‪ّ .‬إّنا جبال حوران‪ّ .‬أما حنن‬
‫سنكون يف بصرى‪ ،‬املدينة اجليّدة واجلميلة‪ ،‬ففيها ّتارة كثرية‪ ».‬يؤّكد التاجر ويُثين عليها‪ ،‬وهو الذي‬
‫لوايت َجال مكان ما‪.‬‬ ‫يضع َجناح التجارة يف أساس أو ّ‬
‫مرة يريد االختالء‪ .‬يَلتَ ِفت مرغزايم َمّرات ِع ّدة لِيَنظُر إليه‪.‬‬
‫املؤخرة‪ ،‬كما يف ك ّل ّ‬
‫يسوع مبفرده‪ ،‬يف ّ‬
‫ُثّ مل يعد قادراً على املقاومة‪ ،‬فيرتك بطرس ويوحنّا بن زبدى‪َُ ،‬يلِس على قارعة الطريق‪ ،‬على نُصبة‪،‬‬
‫الصيب‪ ،‬ويذهب دون كالم‬ ‫ض‬ ‫نه‬ ‫ي‬ ‫يسوع‪،‬‬ ‫ل‬ ‫يفرتض ّأّنا إشارة عسكرية للرومان‪ ،‬وينتظر‪ .‬وعندما ي ِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ََ‬
‫إىل جانب يسوع‪َّ ،‬إّنا يبقى خلفه بعض الشيء‪ ،‬كيال يُضايقه‪ ،‬ويُراقِب‪ ،‬يُراقِب…‬

‫قع ُخطى َخفيف َخلفه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يستمر يف املراقبة إىل أن َخي ُرج يسوع ِمن ُّ‬
‫سمع َو َ‬
‫أتمله‪ ،‬ويلتَفت وهو يَ َ‬ ‫ّ‬
‫للصيب قائالً‪« :‬آه! مرغزايم! ماذا تفعل هنا وحيداً؟»‬
‫ّ‬ ‫يبتسم وهو مي ّد يده‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 595 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اقبك‪ .‬للجميع عيون‪ ،‬ولكنّهم ال يرون َجيعاً الشيء ذاته‪.‬‬ ‫اقبك‪ ،‬منذ ّأايم وأان أر َ‬ ‫كنت أر َ‬
‫«لقد ُ‬
‫كنت‬
‫األايم األوائل‪ُ ،‬‬ ‫بنفسك‪ ...‬يف ّ‬
‫َ‬ ‫ك‪ ،‬ويف أوقات معيّنة‪ ،‬تُ ِّ‬
‫فضل أن َُتتَلي‬ ‫الحظت أبنّ َ‬
‫ُ‬ ‫كنت قد‬
‫وأان ُ‬
‫فحّت األ ُّم ال‬ ‫ِ‬
‫ك تفعل ذلك دائماً يف األوقات ذاهتا‪ّ ،‬‬ ‫أيت أنّ َ‬
‫ك ُمستاء من أمر ما‪ .‬إّّنا‪ ،‬بعدئذ‪ ،‬ر ُ‬ ‫أظنّ َ‬
‫نك‪.‬‬
‫اسيك يف حز َ‬ ‫لك شيئاً يف األوقات اليت تكون فيها على هذه احلال‪ ،‬وهي اليت دائماً ما تو َ‬ ‫تقول َ‬
‫الحظت ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مثلك‪ .‬لقد‬
‫ث وكانت تتكلّم‪ ،‬فهي أيضاً تصمت وُتتلي َ‬ ‫بل على العكس‪ ،‬فإن َح َد َ‬
‫عما تَفعله‪ ،‬إذ ِمن املؤَّكد‬
‫الر ُسل ّ‬
‫سألت ُّ‬
‫ُ‬ ‫هل تَعلَم؟ ذلك أنّين أرقبكما على الدوام‪ ،‬ألفعل ما تفعالنه‪.‬‬
‫وسألت‪" :‬ماذا يقول"؟ مل ُُِيبين أحد‪ ،‬أل ّّنم مل يكونوا يعرفون‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ك تفعل شيئاً‪ .‬فقالوا يل‪" :‬إنّه يُصلّي"‪.‬‬ ‫أنّ َ‬
‫أتبعك‪ ،‬وأنظُر‬
‫كنت َ‬ ‫كنت أر َاك على تلك احلال ُ‬ ‫مرة ُ‬ ‫كل ّ‬
‫معك منذ سنني‪ ،‬وال يعرفون‪ .‬واليوم‪ ،‬يف ّ‬ ‫ّإّنم َ‬
‫كنت تبدو‬ ‫مرة‪ .‬ففي هذا الصباح‪ ،‬عند الفجر‪َ ،‬‬ ‫كل ّ‬
‫مظهرك مل يكن ذاته يف ّ‬ ‫َ‬ ‫لكن‬
‫أنت تصلّي‪ .‬و ّ‬ ‫إليك و َ‬
‫َ‬
‫ظرة‪ ،‬أظنُّها كانت تَنتَ ِشلها ِمن الظُّلمة أكثر ِمن الشمس‪.‬‬ ‫كنت تَنظُر إىل األشياء نَ َ‬ ‫كما مالك نور‪َ .‬‬
‫ك تبقى هي ذاهتا اليت تبدو فيها أثناء‬ ‫كنت تَنظُر إىل السماء‪ ،‬وكانت قَ َسماتُ َ‬ ‫األشياء واألشخاص‪ُ .‬ثّ َ‬
‫كنت تبدو‬ ‫ِ‬
‫املؤخرة‪ ،‬و َ‬
‫رت يف ّ‬ ‫تقدمتك اخلبز على املائدة‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬حينما كنّا جنتاز هذه البلدة‪ ،‬س َ‬ ‫َ‬
‫"حتمل‬
‫قلت ألحدهم‪َّ :‬‬ ‫مرورك‪ .‬فقد َ‬ ‫مهتماً بقول كالم طيّب لفقراء البلدة‪ ،‬أثناء َ‬ ‫كنت ّ‬ ‫يل أابً‪ ،‬بقدر ما َ‬
‫املتوحشة اليت‬‫بد تلك ّ‬ ‫شاكلتك"‪ .‬وقد كان َع ُ‬
‫َ‬ ‫كل الذين على‬ ‫عنك قريباً‪ ،‬وعن ّ‬ ‫بصرب‪ ،‬فسأُخ ّفف َ‬
‫كنت تبدو‬ ‫احلب‪َ .‬‬‫كنت تَنظُر إلينا بعينني ملؤِها الطّيبة و ّ‬
‫أطلَ َقت كالهبا علينا‪ُ .‬ثّ‪ ،‬أثناء إعداد الطعام‪َ ،‬‬
‫كأم‪ ...‬مباذا تكون تُف ّكر‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬لتكون على تلك املظاهر يف تلك األوقات؟‪ ...‬إذ يف املساء‬ ‫ّ‬
‫الصرامة‪ .‬قُل يل كيف تصلّي‪ ،‬وملاذا تصلّي؟»‬ ‫أحياانًكذلك‪ ،‬ال أانم‪ ،‬وأر َاك يف غاية اجلِّ ِّد و َّ‬

‫لك‪ .‬وهكذا سوف تصلّي معي‪ .‬اليوم‪ ،‬هللا هو الذي َمينَحه‪ ،‬ما هو ُمنري‬ ‫بكل أتكيد سأقول َ‬ ‫« ّ‬
‫منه وما هو ُمظلِم‪ :‬النهار والليل‪ .‬فاحلياة واحلصول على النور هي ِهبات‪ .‬وطريقة احلياة هي نوع ِمن‬
‫الذات يف القداسة‪،‬‬ ‫التَّقديس‪ .‬أليس كذلك؟ إذاً فيجب تقديس أوقات اليوم كلّه للحفاظ على َّ‬
‫العلي وصالحه يف قلوبنا‪ ،‬ويف الوقت نفسه إقصاء الشيطان بعيداً‪ .‬انظر إىل العصافري‪:‬‬ ‫واالحتفاظ ابإلله ّ‬
‫ابلصداح‪ ،‬وتُبا ِرك النور‪ .‬حنن كذلك‪ ،‬علينا أن نُبا ِرك النور‪،‬‬
‫شرع ُّ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫الشمس‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ّإّنا‪ ،‬ولدى أول ُشعاع ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ألنّه عطيّة ِمن هللا‪ ،‬وأن نُبا ِرك هللا الذي َمينَحنا ّإايه وهو نور‪ .‬وأن نشتهيه ِمن طلوع الفجر‪ ،‬كما لِنُثبِّت‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 596 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِمسَة النور‪ ،‬عالمة النور‪ ،‬على اليوم كلّه‪ ،‬الذي يتق ّدم‪ ،‬كي يكون أبكمله ُمنرياً ومق ّدساً‪ ،‬ونتّحد ابخلليقة‬
‫فإّنا َّت َعلنا نُد ِرك َمدى‬
‫متر‪ّ ،‬‬ ‫هي‬ ‫وطاملا‬ ‫الساعات‪،‬‬ ‫متضي‬ ‫عندما‬ ‫‪،‬‬ ‫ُث‬ ‫"أوشعنا"‪.‬‬ ‫للخالق‪:‬‬ ‫ل‬ ‫كلّها لِنُرتِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫داوى األمل‪ ،‬ويتب ّدد اجلَّهل‪ ،‬وأن يكون‬ ‫ِ‬
‫الصالة أيضاً من أجل أن يُ َ‬ ‫األمل واجلَّهل يف العامل‪ ،‬وابلتايل فعلينا ّ‬
‫ويتضرع إليه َجيع الناس الذين‪ ،‬لو كانوا يعرفون هللا‪ ،‬لكانوا ُم َعَّزين على‬ ‫ِ‬
‫هللا معروفاً وُمبوابً‪ ،‬وأن يَلتَجئ ّ‬
‫الصالة‬‫حّت يف آالمهم‪ .‬ويف الساعة السادسة (ما يعادل الساعة التاسعة صباحاً اليوم) علينا ّ‬ ‫الدوام‪ّ ،‬‬
‫االحتاد ابلذين ُيبّوننا‪ .‬فهذه أيضاً عطية من هللا‪ .‬وعلينا‬ ‫نتذوق نعمة ّ‬
‫ب العائلي‪ ،‬وأن َّ‬ ‫ِ‬
‫من أجل احلُ ّ‬
‫ويتحول إىل سبب للخطيئة‪ .‬وعند الغَ َسق‪ ،‬فإنَّنا‬ ‫كحاجة‪،‬‬ ‫طبيعته‬ ‫الطعام‬ ‫يتجاوز‬ ‫أال‬
‫ّ‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫م‬‫الصالة ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتم غروب يومنا‬ ‫أن‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫نصلي مف ّكرين ابملوت‪ ،‬الذي هو الغروب الذي ينتظران َجيعاً‪ .‬أن نصلّي ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫وغروب حياتنا‪ ،‬على الدوام‪ ،‬ونـَ ْفسنا يف حال النّعمة‪ .‬وعندما تُضاء املصابيح‪ ،‬علينا الصالة ِمن أجل‬
‫الشُّكر على النهار الذي انتهى‪ ،‬وطلب احلماية واملغفرة‪ ،‬لِيُصار إىل االستسالم إىل النوم دون خوف‬
‫ِ‬
‫وه َجمات الشيطان‪ .‬وأخرياً علينا الصالة أثناء الليل ‪-‬ولكن هذه للذين‬ ‫من الدينونة غري املتوقَّعة‪َ ،‬‬
‫ندم اخلَطَأَة ويُف ِّكروا‪،‬‬
‫سن الطفولة‪ -‬لالحرتاز ِمن َخطااي الليل‪ ،‬إلبعاد شيطان الضُّعفاء‪ ،‬وكي يَ َ‬ ‫ّتاوزوا ّ‬
‫البار طوال النهار‪».‬‬ ‫هاك ملاذا وكيف يُصلّي ّ‬ ‫ولكي تُصبِح احللول الصاحلة حقيقة‪ ،‬عند طلوع النهار‪َ .‬‬

‫ومهيب‪ ،‬يف اهلزيع الرابع ِمن النهار‪»...‬‬


‫أنت صارم َ‬
‫ك مل تَـ ُقل يل ملاذا ُتتلي‪ ،‬و َ‬
‫«ولكنّ َ‬

‫كل الذين يؤمنون‬ ‫خلص‬ ‫ي‬‫«ألنّين‪ ...‬أقول‪" :‬ليأت ملكوتك إىل العامل بتضحية هذه الساعة‪ ،‬ولِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أنت كذلك‪»...‬‬
‫بكلمتك"‪ .‬قُلها َ‬
‫َ‬
‫أن البخور يق ّدم يف الصباح واملساء‪ .‬و َّ‬
‫أن الذابئح تق ّدم يف الوقت‬ ‫قلت َّ‬‫«أيّة تضحية تقصد؟ فقد َ‬
‫كل ساعة‪ .‬إّّنا‬
‫كل وقت و ّ‬‫أن ذابئح النذور والك ّفارات‪ ،‬فتُـ َقدَّم يف ّ‬‫كل يوم‪ ،‬على هيكل املعبد‪ .‬و َّ‬
‫ذاته‪ّ ،‬‬
‫ُمصصة للساعة التاسعة»‬ ‫كالمك أيّة إشارة لتضحية َّ‬
‫َ‬ ‫مل يتضمن‬

‫الصيب بني يديه‪ ،‬ويرفعه إىل قُبالة وجهه‪ ،‬وكما لو أنّه كان يُرتّل مزموراً‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يتوقّف يسوع وُيمل‬
‫ووجهه مرتفع‪ ،‬يقول‪"« :‬وبني الساعة السادسة والساعة التاسعة‪َّ ،‬‬
‫فإن الذي قد أتى ُملّصاً وفادايً‪ ،‬ذاك‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 597 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخل بذبيحته‪ ،‬بعد أكله خبز اخليانة املر‪ ،‬ومنحه خبز احلياة اللذيذ‪،‬‬
‫الذي حت ّدث عنه األنبياء‪ ،‬سوف يَ ُ‬
‫عصر كالعنقود يف الد ّن (وعاء ضخم)‪ ،‬وبعد أن يشفي غليل الناس والنبات بذاته كلّها‪،‬‬ ‫وبعد أن يُ َ‬
‫ض ْفر أكليل له وإمساكه ابلصوجلان ونقل عرشه إىل‬ ‫وبعد أن ُيعل لنفسه برفرياً ملكيّاً بدمه‪ ،‬وبعد َ‬
‫مكان عال لرتاه صهيون كلّها وإسرائيل والعامل‪ ،‬وبعد رفعه بثوبه الذي سيستحيل أرجوانيّاً بفعل ِجراحه‬
‫دخل إىل الظلمات لِيَ ِهب النور‪ ،‬وإىل املوت لِيَ ِهب احلياة‪ ،‬وسوف ميوت يف‬‫اليت ال حتصى‪ ،‬سوف يَ ُ‬
‫الساعة التاسعة ليفتدي العامل"‪».‬‬

‫وينظر إليه مرغزايم هبلَع‪ ،‬وقد شحب لونه‪ ،‬وبرغبة عارمة ابلبكاء تبدو على شفتيه ويف عينيه‬
‫أنت َمن ميوت يف هذه‬ ‫ِ‬
‫أنت! وإذن ستكون َ‬ ‫لكن ال ُـمخلّص هو َ‬ ‫مرتدد‪« :‬و ّ‬
‫اخلائفتني‪ .‬يقول بصوت ّ‬
‫الساعة؟» وتبدأ دموع منه ابالّنمار على خ ّديه‪ ،‬فيشرهبا فمه شبه املفتوح‪ ،‬بينما هو ينتظر تكذيباً‪.‬‬

‫لكن يسوع يقول‪« :‬سأكون أان‪ ،‬أيّها التلميذ الصغري‪ .‬وسيكون كذلك ِمن َ‬
‫أجلك‪ ».‬ومبا أ ّن‬ ‫و ّ‬
‫يضمه إىل قلبه ويقول له‪« :‬أحتزن إذن ملويت؟»‬ ‫ِ‬
‫الصيب ينفجر يف بكاء متشنّج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫عنك‪»...‬‬
‫«آه! اي فرحي الوحيد! أان‪ ،‬ال أريد ذلك! أان‪ ...‬اجعلين أموت بدالً َ‬

‫عليك أن تَكرز يب يف العامل كلّه‪ .‬هذا األمر مفروغ منه‪ .‬إّّنا امسع‪ .‬سوف أموت مسروراً ألنّين‬
‫« َ‬
‫قصة يوان؟ لقد َخَر َج ِمن بطن احلوت‬
‫األموات‪ ،‬أتتذ ّكر ّ‬
‫ِ‬
‫ك حتبّين‪ .‬وبعدئذ سأقوم من بني ّ‬ ‫أعرف أنّ َ‬
‫لك‪" :‬اي مرغزايم‬‫إليك‪ ،‬وأقول َ‬
‫وقوي‪ .‬وأان كذلك‪ ،‬وسوف آيت مباشرة َ‬ ‫بشكل أهبى‪ ،‬وهو ُمراتح ّ‬
‫الصغري‪ ،‬دموعك أزالت مين العطش‪ .‬حبك رافَـ َقين يف القرب‪ .‬واآلن آيت ألقول لك‪ُ ” :‬كن ِ‬
‫كاهين‘‘‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يف‪».‬‬
‫لك ورائحة الفردوس ما تزال َّ‬ ‫وسأُقبِّ َ‬

‫«ولكن أين سأكون؟ أليس مع بطرس؟ أليس مع األ ُّم؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 598 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األايم اجلهنّميّة‪ .‬سوف أُخلِّص األكثر براءة واألكثر‬
‫صك من هجمات تلك ّ‬
‫«أان سوف أُخلِّ َ ِ‬
‫الرسول الصغري‪ ،‬هل تريد أن تساعدين ابلصالة من أجل‬ ‫ضعفاً‪ .‬ما عدا واحد‪ ...‬اي مرغزايم‪ ،‬أيّها َّ‬
‫تلك الساعة؟»‬

‫«نعم اي سيّدي! واآلخرون؟»‬

‫سر عظيم‪ .‬ذلك أ ّن هللا ُيب أن يتجلّى للصغار‪ ...‬ال تَـعُد تبكي‪.‬‬ ‫وبينك‪ّ ،‬‬
‫سر بيين َ‬ ‫«هذا ّ‬
‫ك‪.‬‬‫حب البشر كلّه‪ ،‬بدءاً ِمن حبّ َ‬
‫أين‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬لن أأت ّمل أبداً‪ ،‬وأنّين سأتذ ّكر فقط ّ‬
‫أنت تف ّكر ّ‬
‫ابتسم و َ‬
‫تعال‪ ،‬تعال‪ .‬انظر كم اآلخرون بعيدون‪ .‬هيّا بنا نعدو لنلحق هبم‪ ».‬ويُنـ ِزله يسوع أرضاً‪ .‬ميسكه بيده‪،‬‬
‫حّت يلحقا ابجلماعة‪.‬‬
‫شرعان يَرُكضان ّ‬
‫ويَ َ‬
‫فعلت اي معلّم؟»‬
‫«ماذا َ‬
‫كنت أشرح ملرغزايم ساعات اليوم‪».‬‬
‫« ُ‬
‫لصالحك‪ ».‬يقول بطرس‪.‬‬
‫َ‬ ‫الصيب؟ كان شقياًّ و َ‬
‫أنت َعذرتَه‪،‬‬ ‫«وهل بكى ّ‬
‫إيل وأان أصلّي‪ .‬وأنتم مل تفعلوا ذلك‪ .‬سألين عن السبب‪ .‬وشرحتُه له‪.‬‬ ‫«ال اي مسعان‪ .‬لقد نَظََر َّ‬
‫الصيب ِمن كالمي‪ .‬اآلن دعوه يف سكون‪ .‬اذهب إىل ّأمي‪ ،‬اي مرغزايم‪ّ .‬أما أنتم‪ ،‬فامسعوين‬ ‫ولقد أتثّر ّ‬
‫َجيعكم‪ .‬لن يضريكم أن تسمعوا األمثولة أنتم أيضاً‪».‬‬

‫شرح يسوع ِمن جديد فائدة الصالة يف ساعات النهار الرئيسيّة‪ ،‬دون احلديث عن شرح‬ ‫ويَ َ‬
‫كل‬
‫االحتاد ابهلل هو احلصول عليه حاضراً يف ّ‬
‫الساعة التاسعة (اهلزيع الرابع)‪ .‬ويقول ُمتتماً كالمه‪ّ « :‬‬
‫التضرع إليه‪ .‬افعلوا ذلك‪ ،‬وستتق ّدمون يف حياة الروح‪».‬‬
‫وقت لتمجيده و ّ‬
‫لقد أضحت بصرى قريبة‪ .‬ممت ّدة يف السهل‪ ،‬تبدو كبرية وَجيلة أبسوارها وأبراجها‪ .‬املساء الذي‬
‫الرمادي املليء‬
‫ّ‬ ‫يهبط يطبع أشكال جدران املنازل واألرايف‪ُ ،‬مك ِسباً ّإايها لون الليلك املائل إىل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 599 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فخفة اخلنازير احلبيسة ضمن زرائب خارج السور‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وخ َ‬
‫ابخلمول حيث يتالشى احمليط‪ ،‬بينما ثُغاء النّعاج َ‬
‫دخل يف متاهة الدروب الصغرية‪ ،‬اليت‬
‫البوابة وتَ ُ‬
‫عرب القافلة ّ‬
‫تقطع صمت الريف‪ .‬ينتهي السكون حاملا تَ ُ‬
‫ُُتيِّب آمال الذين كانوا يـََرون املدينة ِمن اخلارج وقد ظنّوا ّ‬
‫أبّنا َجيلة‪ .‬بينما الضجيج والروائح و‪...‬‬
‫حّت إحدى الساحات‪ ،‬وهي حتماً سوق فيه‬ ‫اإلنتاانت تفوح يف الدروب املع ّقدة‪ ،‬وترافق املسافرين ّ‬
‫الفندق‪.‬‬

‫صلوا إىل بصرى‪.‬‬


‫وها ُهم قد َو َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 600 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -156‬يف بصرى)‬

‫‪1945 / 10 / 01‬‬

‫إ ْن يكن بسبب الفصل‪ ،‬أو يكن بسبب انغالقها ضمن دروهبا الصغرية‪ ،‬فإ ّن بصرى تبدو يف‬
‫الر ُسل‪ ،‬بعد عودهتم من السوق الذي اشرتوا منه بعض احلاجيّات‪،‬‬ ‫غشاة ابلضباب وقَ ِذرة ج ّداً‪ُّ .‬‬
‫الصباح ُم ّ‬
‫يتح ّدثون فيما بينهم‪ .‬ذلك أ ّن الصناعة الفندقيّة لتلك احلقبة‪ ،‬ويف تلك البقاع‪ ،‬ترجع إىل ما قبل‬
‫يهتم إبعاشة نفسه‪ .‬يُفهم من ذلك أ ّن أصحاب الفنادق ال يريدون‬ ‫كل فرد أن ّ‬ ‫التاريخ‪ ،‬لدرجة أ ّن على ّ‬
‫َضف إىل ذلك‬ ‫اخلسارة‪ .‬يكتفون بطهي ما ُيلبه هلم الزابئن الذين أيملون ّأال أيخذوا منه حصتهم‪ ،‬أ ِ‬
‫ّ‬
‫ّأّنم يشرتون لزابئنهم أو يبيعوّنم اإلعاشة اليت ُيفظوّنا كمؤونة‪ ،‬مما ِرسني‪ ،‬ابملناسبة‪ ،‬مهنة ال ّ‬
‫قصابني‬
‫للشي‪.‬‬ ‫َّة‬
‫عد‬ ‫ـم‬‫ل‬‫ا‬ ‫املسكينة‬ ‫مالن‬‫(اجلزارين) على احلِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الرسول‬
‫مشادة كالميّة بني َّ‬
‫فتنشب ّ‬ ‫عمليّة الشراء هذه ِمن صاحب الفندق ال تروق لبطرس‪َ ،‬‬
‫الرسول‪،‬‬‫وصاحب الفندق‪ :‬الذي تكاد تكون لوجهة مالمح قاطع طريق (َمرم)‪ ،‬يصل إىل ح ّد شتم َّ‬
‫"ابجلليلي"‪ ،‬بينما ُُييبه ذاك‪ُ ،‬مشرياً إىل صغري خنـزير َذ َحبَه صاحب الفندق لصاحل زبون عابر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫انعتاً ّإايه‬
‫لص و‪...‬‬ ‫فندقك النَّت ساعة واحدة‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫بقيت يف‬
‫كنت املعلّم ملا ُ‬
‫فوثين خنـزير‪ .‬لو ُ‬‫أنت ّ‬ ‫جليلي‪ّ ،‬أما َ‬
‫ّ‬ ‫«أان‬
‫أدوّنا)‪».‬‬
‫(يستخدم عبارة أخرى‪ ...‬مل ّ‬
‫من ذلك أستنتج أ ّن بني اجلليليّني وأهل بصرى سوء عالقة‪ ،‬إقليميّة ودينيّة‪ ،‬حسبما كان احلال‬
‫يف إسرائيل‪ ،‬أو ابألحرى يف فلسطني‪.‬‬

‫الناصري‪ ،‬ولو مل أكن أفضل من ّفريسيّيكم‬


‫ّ‬ ‫صراخ صاحب الفندق‪« :‬لو مل تكن مع‬ ‫يَعلو ُ‬
‫تضطر إىل ترك‬
‫ّ‬ ‫وجهك بدم اخلنـزير‪ .‬وهكذا‬
‫َ‬ ‫غسلت‬
‫ُ‬ ‫لكنت‬
‫ُ‬ ‫ال ُـمق ِرفني الذين يكرهونه بدون سبب‪،‬‬
‫كل ما‬
‫لك إنّكم مع ّ‬‫(التطهر)‪ .‬ولكنّين احرتمه هو‪ ،‬فسلطانه مؤَّكد‪ .‬وأقول َ‬
‫ُّ‬ ‫املكان والذهاب لالغتسال‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 601 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تُظ ِهرونه من تديُّن فأنتم َخطَأَة‪ .‬حنن أفضل منكم‪ .‬حنن ال ننصب فخاخاً‪ ،‬حنن لسنا خونة‪ّ .‬أما أنتم‪،‬‬
‫واه! ُساللة اخلونة الظاملني واجملرمني الذين ال حترتمون الق ّديسني القليلني الذين معكم‪».‬‬

‫«أتدعوان ابخلونة؟ حنن؟ آه! أيّتها السماء فلتمسكي يدي‪ »...‬بطرس غاضب لدرجة أنّه على‬
‫ومّت‪.‬‬
‫ويتدخل مسعان الغيور ّ‬
‫ّ‬ ‫وشك استعمال يديه‪ ،‬بينما أخوه ويعقوب ميسكان به‪،‬‬

‫ظهر عند أحد‬ ‫ِ‬


‫تدخلهم يف إمخاد ثورة الغضب‪ ،‬كان صوت يسوع الذي يَ َ‬
‫ّأما ما هو أهم من ّ‬
‫أنت كذلك أيّها الرجل‪».‬‬
‫األبواب ويقول‪« :‬مسعان‪ ،‬اصمت اآلن‪ .‬و َ‬
‫«سيّدي‪ ،‬إ ّن صاحب الفندق هذا قد شتمين وأهانين ّأوالً‪».‬‬

‫الناصري‪ ،‬بل هو َمن أهانين ّأوالً‪».‬‬


‫ّ‬ ‫«أيّها‬

‫جاداً وهادائً‪.‬‬
‫االهتام على التوايل‪ّ .‬أما يسوع فيتق ّدم ّ‬
‫أان‪ ،‬هو‪ .‬هو وأان‪ .‬يتبادالن ّ‬

‫احلب والغفران‬
‫ذهب ّ‬ ‫ك تَع ِرف َم َ‬
‫أنت‪ ،‬اي مسعان‪ ،‬أكثر منه‪ .‬ذلك أنّ َ‬
‫«أنتما االثنان على خطأ‪ .‬و َ‬
‫أنت‪،‬‬
‫امك كق ّديس‪ .‬و َ‬
‫كجليلي‪ ،‬عليك فرض احرت َ‬ ‫ّ‬ ‫ُخوة‪ .‬ولكي ال تُساء معاملتك‬
‫والوداعة والصرب واأل ّ‬
‫نفسك أفضل ِمن اآلخرين‪ ،‬فبا ِرك هللا على ذلك‪ ،‬وُكن أهالً ألن تصبح‬‫َ‬ ‫كنت ترى‬
‫أيّها الرجل‪ ،‬إذا َ‬
‫انصيب ِشراك‪».‬‬
‫ابهتامات ابطلة‪ .‬رسلي ليسوا خونة وال ِ‬
‫ََ‬ ‫ُُ‬ ‫نفسك ّ‬
‫َ‬ ‫خاص‪ ،‬ال تُلطّخ‬
‫دائماً أفضل‪ .‬وبشكل ّ‬
‫أتيت‪،‬‬
‫ت قد َ‬
‫الناصري؟ فلماذا‪ ،‬إذن‪ ،‬أتى أولئك األربعة يسألونين إن كن َ‬
‫ّ‬ ‫أنت متأ ّكد‪ ،‬أيّها‬
‫«هل َ‬
‫كنت‪ ،‬وأشياء أُخرى كثرية؟»‬
‫ومع َمن َ‬
‫الرسل انسني ّأّنم يقرتبون ِمن رجل ملطّخ بدم خنـزير‪،‬‬
‫وُييط به ُّ‬
‫«ماذا؟ ماذا؟ َمن؟ أين ُهم؟» ُ‬
‫رعبهم وُيعلهم يَِقفون بعيدين عنه‪.‬‬
‫وهو الذي كان سابقاً ي ِ‬
‫ُ‬
‫فابق‪».‬‬
‫أنت‪ ،‬اي ميزاس‪َ ،‬‬
‫«أنتم امضوا إىل أعمالكم‪ّ .‬أما َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 602 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يبق يف الدار سوى يسوع وصاحب الفندق‪،‬‬ ‫الر ُسل إىل الغرفة اليت َخَر َج منها يسوع‪ ،‬ومل َ‬
‫ميضي ُّ‬
‫الواحد يف مواجهة اآلخر‪ .‬وعلى بُعد خطوات من يسوع‪ ،‬يقف التاجر يُراقِب احلَ َدث مندهشاً‪.‬‬

‫منك إذا ما َج َع َل الدم أحد تالميذي يغضب‪َ .‬من ُهم‬


‫«أجب بصراحة‪ ،‬أيّها الرجل‪ .‬وعفواً َ‬
‫هؤالء األربعة؟ وماذا قالوا؟»‬

‫وفريسيّون ِمن الطرف اآلخر‪َ .‬من‬ ‫بكل أتكيد ُهم َكتَـبَة ّ‬


‫« َمن يكونون‪ ،‬ال أعرف ابلضبط‪ .‬إّّنا ّ‬
‫ك‪ّ .‬إّنم‬‫خيص َ‬
‫بكل ما ّ‬ ‫لست أعلَم‪ .‬مل أ ََرُهم قط سابقاً‪ .‬ولكنّهم على اطّالع جيّد ّ‬ ‫أتى هبم إىل هنا‪ُ ،‬‬
‫أنت‪ .‬ولكنّهم كانوا يريدونين أن أؤّكد هلم‪ .‬ال‪ .‬لو‬ ‫ِ‬
‫يعرفون من أين أتيت‪ ،‬إىل أين تذهب‪ ،‬وبرفقة َمن َ‬
‫فعلت أكون آمثّاً‪ .‬وأان أُجيد مهنيت‪ .‬أان‪ ،‬ال أعرف أحداً‪ ،‬ال أرى شيئاً‪ ،‬ال أعرف شيئاً‪ .‬ابلنسبة لآلخرين‬ ‫ُ‬
‫خاصة ألولئك الـ ُمرائني؟‬
‫علي أن أقول ما أعرفه لآلخرين‪ّ ،‬‬ ‫كل شيء‪ .‬إّّنا ملاذا َّ‬
‫طبعاً‪ .‬ذلك أنّين أعرف ّ‬
‫أؤدي خدمة للّصوص‪ .‬تعرف ذلك متام املعرفة‪ ...‬ولكنّين ال أعرف‬ ‫هل أان فاسق؟ نعم‪ .‬فأان‪ ،‬ابملناسبة‪ّ ،‬‬
‫وحياتك‪ّ .‬أما ُهم ‪-‬ال يكون امسي بعد فرا بن طولومي إن مل يكن‬ ‫َ‬ ‫وشرفك‬
‫َ‬ ‫يتك‬
‫حر َ‬ ‫سلبك ّ‬
‫السرقة‪ ،‬وال َ‬
‫رسلهم؟ قد يكون أحدهم ِمن برياي أو ِمن‬ ‫بك األذى‪ .‬من ي ِ‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬ ‫يالحقونك لِي ِ‬
‫لح‬ ‫ما أقوله حقيقيّاً‪ُ -‬هم‬
‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫نعرفك‪،‬‬
‫َ‬ ‫املدن العشر؟ وقد يكون ِمن طراخونيطس أو جوالنيطس أو حورانيطس؟ ال‪ .‬فنحن ّإما ال‬
‫أرسلَهم؟ شخص‬ ‫بك كق ّديس‪َ .‬من إذن َ‬‫بار‪ ،‬ولو مل نكن نؤمن َ‬ ‫حنرتمك َك ّ‬
‫َ‬ ‫نعرفك‪ ،‬فإنّنا‬
‫َ‬ ‫وإما‪ ،‬إذا كنّا‬
‫ّ‬
‫ئك‪ ،‬ذلك ّأّنم يعرفون الشيء الكثري‪»...‬‬‫طرفك‪ ،‬وقد يكون أحد أصدقا َ‬ ‫ما ِمن َ‬
‫«االستعالم عن قافليت أمر سهل‪ »...‬يقول ميزاس‪.‬‬

‫عنك‪ ،‬بل عن اآلخرين الذين مع يسوع‪ .‬أان ال أعرف‪ ،‬وال أريد أن‬
‫«ال‪ ،‬أيّها التاجر‪ ،‬ليس َ‬
‫نفسك مذنباً‪ ،‬فعليك أن‬
‫َ‬ ‫كنت تعرف‬
‫لك‪ :‬إذا َ‬ ‫أعرف‪ .‬أان ال أرى‪ ،‬وال أريد أن أرى‪ .‬ومع ذلك أقول َ‬
‫فعليك االحرتاس‪».‬‬
‫َ‬ ‫خيونك‪،‬‬
‫َ‬ ‫كنت تَعلَم أ ّن هناك َمن‬
‫تعاّل األمر‪ .‬وإذا َ‬
‫لست مذنباً‪ ،‬أيّها الرجل‪ ،‬وليس هناك من خيونين‪ .‬فما ِمن أمر ِسوى َكون إسرائيل ال‬
‫«أان ُ‬
‫علي؟»‬ ‫ِ‬
‫تعرفت ّ‬ ‫تُدرك‪ .‬ولكن كيف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 603 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ذاع ِصيته يف بصرى وأربيال‪ .‬هنا‪ ،‬ألنّه كان أييت وُميا ِرس آاثمه‪،‬‬ ‫«ِ‬
‫صيب‪ .‬كان شقيّاً َ‬
‫ّ‬ ‫خالل‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ابر‪ .‬وقد َمَّر اآلن مع‬ ‫ِ‬
‫َشرف من ّ‬ ‫وهناك ألنّه كان يُلحق العار أبهله‪ .‬وبعد ذلك اهتدى‪ .‬وأصبَ َح أ َ‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫مك مع أبيه و ّأمه‪ .‬وهو يروي للجميع أنّ َ‬ ‫كر َ‬
‫ينتظرك يف أربيال ليُ ّ‬
‫َ‬ ‫تالميذك‪ ،‬فهو كذلك تلميذ‪ ،‬وهو‬
‫َ‬
‫َّست هذه املنطقة‪ ،‬فالفضل يعود له يف‬ ‫ت قلبه بفضل صالة أ ُّمه‪ .‬فليبّس بن يعقوب‪ .‬وإذا ما تقد َ‬
‫َغ َّري َ‬
‫بك‪ ،‬فالفضل يف ذلك يعود له‪».‬‬ ‫تقديسها‪ .‬وإذا كان يف بصرى َمن يؤمن َ‬
‫«أين ُهم ال َكتَـبَة الذين أتوا هنا؟»‬

‫لدي أمكنة‪ ،‬ولكنّين مل‬


‫قلت هلم أب ّن ال مكان هلم هنا‪ .‬كان ّ‬‫لست أدري‪ .‬لقد مضوا‪ ،‬ألنّين ُ‬ ‫« ُ‬
‫بكل أتكيد‪ .‬انتبه‪».‬‬
‫أكن أشاء أن يُقيم األفاعي إىل جانب احلَمامة‪ّ .‬إّنم يف املنطقة‪ّ ،‬‬
‫امسك؟»‬
‫أشكرك أيّها الرجل‪ ،‬ما َ‬
‫« َ‬

‫قمت بواجيب‪ ،‬فتذ ّكرين‪».‬‬


‫«فرا‪ .‬لقد ُ‬
‫احلب الكبري الذي يكنّه يل يعميه أحياانً‪».‬‬
‫أنت تذ ّكر هللا وسامح مسعاين‪ .‬فإ ّن ّ‬
‫«نعم‪ .‬و َ‬
‫أنت ال تشتم‬ ‫«ما ِ‬
‫أسأت إليه أان كذلك‪ ...‬ولكن ما يضري هو أن نشتم بعضنا‪َ .‬‬
‫شر‪ .‬لقد ُ‬
‫ّ‬ ‫ن‬‫م‬
‫أبداً‪»...‬‬

‫الناصري؟»‬
‫ّ‬ ‫يتنهد يسوع‪ُ ،‬ثّ يقول‪« :‬هل تريد مساعدة‬
‫ّ‬
‫استطعت‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫«إذا‬

‫أود التح ّدث ِمن هذه الباحة‪»...‬‬


‫« ُّ‬

‫ك تتكلّم‪ .‬مّت؟»‬
‫«سوف أدعُ َ‬
‫«بني الساعة السادسة والساعة التاسعة‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 604 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك ستتح ّدث‪ .‬أان سأتدبّر األمر‪».‬‬
‫«اذهب مطمئنّاً حيثما تشاء‪ .‬ستعرف بصرى كلّها أنّ َ‬
‫يتوجه إىل الغرفة اليت كان فيها‬
‫ليكافئك هللا‪ ».‬ويبتسم له يسوع ابتسامة مبثابة املكافأة‪ُ .‬ثّ ّ‬
‫َ‬ ‫«‬
‫سابقاً‪.‬‬

‫يقول له اسكندر ميزاس‪« :‬اي معلّم‪ ،‬ابتسم يل أيضاً هبذه الطريقة‪ ...‬أان أيضاً سوف أقول‬
‫الصالح يتح ّدث‪ .‬أعرف الكثريين‪ .‬وداعاً‪».‬‬
‫للس ّكان أن أيتوا لسماع َّ‬

‫أنت أيضاً‪ ».‬ويبتسم له يسوع‪.‬‬


‫ليكافئك هللا‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫«و‬

‫متوجهة صوب ابنها‪ .‬ال‬ ‫دخل إىل الغرفة‪ .‬النساء حول مرمي‪ ،‬وجهها حزين‪ ،‬وتنهض مباشرة ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫حّت الساعة السادسة‪.‬‬ ‫كل ما فيها يَسأل‪ .‬يبتسم يسوع ويقول للجميع‪« :‬أنتم أحرار ّ‬
‫تتكلّم‪ ،‬ولكن ّ‬
‫حّت ذلك احلني امضوا‪ ،‬عدا مسعان بطرس ويوحنّا وهرمست‪ .‬بَ ِّشروا‬
‫فسوف أحت ّدث هنا إىل اجلموع‪ّ .‬‬
‫يب وتَص ّدقوا كثرياً‪».‬‬

‫الر ُسل‪.‬‬
‫َميضي ُّ‬
‫يدنو بطرس‪ ،‬على مهل‪ِ ،‬من يسوع القريب ِمن النساء‪ ،‬ويَسأل‪« :‬ملاذا أان ال؟»‬

‫حاد الطَّبع‪ ،‬فإنّه يبقى يف البيت‪ .‬مسعان‪ ،‬مسعان! مّت إذن َستُما ِرس احملبّة‬
‫«عندما يكون املرء ّ‬
‫(ُمبتك) شعلة متّقدة‪ ،‬إّّنا فقط من أجلي‪ّ ،‬إّنا شفرة مستقيمة وحادة‪ ،‬إّّنا‬‫َ‬ ‫ّتاه القريب؟ اآلن هي‬
‫فقط من أجلي‪ُ .‬كن وديعاً اي مسعان بن يوان‪».‬‬

‫لكن عتاهبا َو َّلَ إىل‬ ‫ُمق‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬فلقد أنـَّبَتين ّ‬


‫األم‪ ،‬كما تعرف‪ ،‬دون التسبّب ابألمل‪ ،‬و ّ‬ ‫أنت ّ‬
‫« َ‬
‫إيل‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬هبذا املظهر احلزين‪».‬‬ ‫تنظر‬ ‫ال‬ ‫لكن‪...‬‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫أيض‬ ‫أنت‬ ‫بين‬‫أعماقي‪ .‬واآلن‪ ...‬عاتِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أود التح ّدث ِ‬
‫إليك على انفراد‪ .‬اخرجي إىل الشُّرفة‪ .‬تعايل‪،‬‬ ‫« ُكن طيّباً‪ُ .‬كن طيّباً‪ ...‬سينتيكا‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫أنت أيضاً‪ ،‬اي أ ُّمي‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 605 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتمشى يسوع على‬ ‫وعلى الشُّرفة الريفيّة اليت تغطّي جناحاً ِمن البناء‪ ،‬يف حرارة أشعّة الشمس‪ّ ،‬‬
‫أنَت النساء‪،‬‬
‫مهل بني مرمي واليواننيّة‪ ،‬ويقول‪« :‬غداً سنفرتق لبعض الوقت‪ .‬قُرب أربيال‪ ،‬سوف متضني‪ّ ،‬‬
‫فردكن مع‬
‫أرسلكن مب ّ‬
‫َّ‬ ‫األندوري‪ ،‬وتُتابِعون معاً إىل الناصرة‪ .‬ولكن‪ ،‬كيال‬
‫ّ‬ ‫إىل حبر اجلليل‪ ،‬بصحبة يوحنّا‬
‫ِ‬
‫أخوي ومسعان بطرس يرافقونكم‪ .‬أُمخّن أن تكون هذه الفرقة َمقيتة‪ ،‬و ّ‬
‫لكن‬ ‫َر ُجل قليل احلِيلة‪ ،‬سأجعل َّ‬
‫ُقيم عليها قوزى ُمراقِباً لصاحل هريودس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مترون من األراضي اليت أ َ‬ ‫البار‪ .‬مبا أنّكم ّ‬
‫الطاعة هي فضيلة ّ‬
‫طلبت الصعود‬
‫فسيكون حلنّة موكب ُمرافَـ َقة لبقيّة الطريق‪ .‬حينذاك يعود ابنا حلفا ومسعان بطرس‪ .‬هلذا ُ‬
‫رت أن تُقيمي يف بيت أ ُّمي‪ .‬وهي قد اصبَ َحت على‬ ‫ِ‬
‫إىل هنا‪ .‬أريد أن أقول لك‪ ،‬اي سينتيكا‪ ،‬إنّين ّقر ُ‬
‫األندوري‪ .‬كونوا على وفاق‪ ،‬واطلبوا احلكمة دوماً ابزدايد‪.‬‬ ‫ا‬‫ّ‬‫ويوحن‬ ‫ايم‬
‫ز‬ ‫مرغ‬ ‫ِعلم بذلك‪ .‬وسيكون ِ‬
‫معك‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ميكنك اإلدراك‪،‬‬ ‫ألّنا ال حتتاج إىل نصائح‪.‬‬
‫ألمي‪ّ ،‬‬
‫هتتمي كثرياً بيوحنّا املسكني‪ .‬ال أقول ذلك ّ‬ ‫أريدك أن ّ‬
‫والرأفة بيوحنّا‪ ،‬وهو ميكنه إفادتك كثرياً‪ ،‬فإنّه معلّم فَ ِطن‪ .‬بعد ذلك سآيت‪ ،‬أان‪ .‬آه! قريباً! ونرى بعضنا‬
‫خاص‪ .‬هذا هو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمتىن أن أراك أكثر حكمة يف احلقيقة على الدوام‪ .‬أابركك اي سينتيكا‪ ،‬بشكل ّ‬ ‫كثرياً‪ّ .‬‬
‫أي مكان آخر‪ .‬إّّنا يف بييت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلب واحلقد مثل ّ‬‫املرة‪ .‬يف الناصرة سوف تُصادفني ّ‬ ‫وداعي لك هلذه ّ‬
‫ستجدين السالم‪ ،‬دائماً‪».‬‬

‫احلق‪ ،‬ولن يَعين يل العامل شيئاً‪ ،‬اي‬


‫َجهلها‪ .‬سأعيش وأان أتغ ّذى على ّ‬
‫«سوف َّت َهلين الناصرة‪ ،‬وأ َ‬
‫سيّدي‪».‬‬

‫بكل شيء‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫«حسناً‪ .‬ميكنك االنصراف اي سينتيكا‪ ،‬إّنا ال ُُتربي أحد‪ .‬أ ُّمي‪ ،‬إنّك على علم ّ‬
‫ِ‬
‫مبالطفاتك‪»...‬‬ ‫إليك أبغلى جواهري‪ .‬وبينما حنن يف سالم‪ ،‬بيننا‪ ،‬اي أمي‪ ،‬اجربي قلب ِ‬
‫ابنك‬ ‫أعهد ِ‬
‫ّ‬
‫« َكم من الكراهية‪ ،‬اي بين!»‬

‫احلب!»‬ ‫ن‬‫م‬‫« َكم ِ‬


‫ّ‬
‫« َكم ِمن املرارة‪ ،‬اي يسوع احلبيب!»‬

‫« َكم ِمن اللُّطف والوداعة!»‬


‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 606 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بين!»‬ ‫اي‬ ‫هم‪،‬‬‫ف‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫سوء‬ ‫ن‬‫م‬‫«كم ِ‬
‫ّ‬
‫«كم ِمن ال َفهم‪ ،‬اي أ ُّمي!»‬

‫«آه! اي كنـزي‪ ،‬اي ابين احملبوب!»‬

‫«أ ُّماه! اي فرح هللا وفرحي! اي أ ُّمي!»‬

‫احلجري احملاذي جلدار الشُّرفة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫يتعانقان‪ ،‬وقد بَِقيا بعدئذ الواحد إىل جانب اآلخر‪ ،‬على املقعد‬
‫وعطوفاً‪ .‬رأسها على كتف ابنها‪ ،‬يداها يف يده‪ :‬يف ِغبطة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يبقى يسوع هكذا مع أ ُّمه‪ُ ،‬معانقاً وحافظاً َ‬
‫ب واإلخالص‪...‬‬ ‫عارمة‪ ...‬بعيداً ج ّداً عن العامل‪ ...‬يف حنااي أمواج احلُ ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 607 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪ِ -157‬‬
‫(عظَة وعجائب يف بصرى)‬

‫‪1945 / 10 / 02‬‬

‫‪...‬والعامل قريب ج ّداً أبمواج حقده وخيانته وأمله وحاجته وفضوله‪ .‬وأتيت أمواجه‪ ،‬وكما متوت‬
‫أمواج البحر يف املرفأ‪ ،‬فهي أيضاً متوت هنا‪ ،‬يف ابحة فندق بصرى اليت نظّفها من بقااي األوساخ‪،‬‬
‫ظهره‪ .‬هناك َجوع غفرية‪ ،‬سواء ِمن‬
‫احرتام صاحب الفندق‪ ،‬الذي ميلك قلباً أفضل كثرياً مما يوحي به َم َ‬
‫س ّكان املنطقة ذاهتا أو ِمن س ّكان مناطق أخرى‪ ،‬إّّنا الذين ُهم ِمن نفس اإلقليم‪ .‬وهناك أانس آخرون‪،‬‬
‫ُيعلين حوارهم أُد ِرك أ ّّنم أتوا من بعيد‪ِ ،‬من شواطئ البحرية‪ ،‬أو ممّا وراء البحرية‪ .‬أمساء بلدات‪ ،‬شهادات‬
‫يتم التعبري عنها يف احلوارات اليت َُتتَلِط‪ ،‬أثناء انتظارهم ليسوع‪ .‬جدرة‪ ،‬جرجسة‪َ ،‬جال‪ ،‬افقا‪،‬‬ ‫األم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫انحيم وأندور وجزرائيل وَمدلة وقورازين‪ ،‬أمساء تنتقل ِمن فم إىل فم‪ ،‬ومعها شرح عن مربرات اجمليء‬
‫ِمن البعيد إىل هنا‪.‬‬

‫كنت عازماً‬
‫علمت أنّه جاء َع ْرب بلدات ما وراء األردن‪ ،‬خارت عزمييت‪ .‬ولكن‪ ،‬بينما ُ‬‫ُ‬ ‫«عندما‬
‫على العودة إىل جزرائيل‪ ،‬أتى تالميذ وقالوا لنا‪ ،‬حنن الذين كنّا ننتظر يف كفرانحوم‪" :‬يف هذه الساعة‪،‬‬
‫ت معهم‪».‬‬‫ّتاوَز جرياسا‪ .‬فال تضيّعوا الوقت واذهبوا إىل بصرى أو أربيال‪ ".‬وأتي ُ‬
‫هو حتماً قد َ‬
‫مارين‪ .‬وكانوا يسألون عن مكان وجود‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أيت ّفريسيّني ّ‬
‫كنت آتياً من جدرة‪ ،‬ر ُ‬
‫«أان‪ ،‬من ج َهيت‪ ،‬إذ ُ‬
‫لدي امرأيت مريضة‪ .‬فانضممت إليهم‪.‬‬
‫الناصري‪ ،‬الذي يعرفون أبنّه ُيول يف هذه املناطق‪ .‬وأان ّ‬
‫ّ‬ ‫يسوع‬
‫فأتيت إىل هنا‪».‬‬ ‫ِ‬
‫مت أنّه كان ينوي اجمليء ّأوالً إىل بصرى‪ُ ،‬‬
‫ُثّ‪ ،‬أمس‪ ،‬يف أربيال‪َ ،‬عل ُ‬
‫ضَربَته بقرة هائجة‪ .‬وبقي على هذه احلال‪»...‬‬ ‫آت ِ‬
‫«أان ٍ‬
‫الصيب‪ .‬لقد َ‬
‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫بسبب‬ ‫ال‬‫َ‬‫َج‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫حّت عن حتريك ذراعيه ِحبُريّة‪.‬‬
‫ويريهم ابنه منكفئاً على نفسه‪ ،‬عاجزاً ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 608 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أان مل أستطع جلب ابين‪ .‬إنّين ِمن َم ّدو‪ .‬ما قولكم؟ هل سيشفيه يل ِمن هذا املكان؟» تقول‬
‫امحر وجهها ِمن البكاء‪.‬‬
‫تئن‪ ،‬وقد ّ‬
‫امرأة وهي ّ‬
‫ضر املريض‪».‬‬
‫«ولكن ُيب أن َُي ُ‬
‫«ال‪ .‬اإلميان يكفي‪».‬‬

‫«ال‪ .‬إن مل يضع يديه فال شفاء‪ .‬هذا ما يفعله كذلك تالميذه‪».‬‬

‫كل هذه املسافات على ال شيء‪ ،‬أيّتها املرأة!»‬ ‫ِ‬


‫قطعت‬ ‫«لقد‬
‫ّ‬
‫شرع املرأة ابلبكاء وهي تقول‪« :‬آه! اي لشقائي! ولقد تركتُه يف حالة ِشبه نِزاع‪ ،‬وأان أرجو‪...‬‬
‫وتَ َ‬
‫هو لن يشفيه‪ ،‬وأان لن أكون معه وهو ميوت‪»...‬‬

‫صنَ َع معي معجزة عظيمة‬


‫تواسيها امرأة أخرى‪« .‬ال تص ّدقيه‪ ،‬اي امرأة‪ .‬أان آتية ألشكره‪ ،‬ألنّه َ‬
‫دون مغادرة اجلبل حيث كان يتح ّدث‪».‬‬
‫«ماذا كان مرض ابن ِ‬
‫ك؟»‬

‫«مل يكن ابين‪ ،‬بل كان زوجي الذي أصبَ َح َمنوانً‪ »...‬وتُتابِع املرأاتن احلديث بصوت خافت‪.‬‬

‫حّت امرأة أربيال قد ُش ِف َي ابنها دون أن يراه املعلّم‪ ».‬يقول أحد سكان أربيال‪ ،‬ويتابع‬
‫«صحيح‪ّ .‬‬
‫احلديث مع جريانه…‬

‫وهم َُيملون ُم ّفة ُمغطّاة‪.‬‬


‫«أفسحوا اجملال‪ ،‬الرمحة! أفسحوا الطريق!» يَصيح أُانس ُ‬
‫متر احمل ّفة مع ِمحلها املتأ ّمل‪َ .‬ميضون إىل صدر املكان‪ ،‬تقريباً خلف ِمتبَـنَة (مكان‬
‫يتباعد الناس‪ ،‬و ّ‬
‫لوضع التِّنب)‪ .‬أهو رجل أم امرأة‪ ،‬ذاك املتم ّدد على ال ِـمح ّفة؟ َمن يدري!‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 609 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هاَجان صاحب الفندق املسكني‬ ‫يدخل فريسيان متعاليان ومتأنّقان‪ ،‬وِها متفاخران كثرياً‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ّ ّ‬
‫أأنت شريكه؟ كيف‬
‫قلت لنا إنّه مل يكن هنا؟ َ‬
‫كمجنونني وِها يصرخان‪« :‬أيّها الكاذب اللعني! ملاذا َ‬
‫ّترؤ على االستهزاء هكذا بنا‪ ،‬حنن ق ّديسي إسرائيل‪ ،‬لتسهيل أمور‪َ ...‬من؟ ماذا تعرف عنه؟ ماذا‬
‫إليك؟»‬
‫يكون ابلنسبة َ‬
‫ص َل بعد قدومكم بقليل‪ .‬مل خيتبئ‪،‬‬
‫«ماذا يكون؟ ما ال تكونونه أنتم‪ .‬ولكنّين مل أكذب‪ .‬لقد َو َ‬
‫وأان مل أُخبّئه‪ .‬ولكن‪ ،‬مبا أنّين هنا أان املعلّم‪ ،‬فإنّين أقول لكم اآلن‪" :‬اخرجوا ِمن البيت!" هنا ال إهانة‬
‫للناصري‪ .‬هل تفهمون؟ وإذا كنتم ال تفهمون ابلكالم‪ ،‬فسوف أجعلكم تفهمون ِ‬
‫ابلفعل‪ ،‬اي أوالد‬ ‫ّ‬
‫الثعالب!»‬

‫الفريسيّني‬
‫مصمماً ج ّداً على الفعل‪ ،‬لدرجة أ ّن ّ‬
‫يبدو صاحب الفندق‪ ،‬ذو العضالت املفتولة‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫تظن أنت؟‬
‫كرمه! ماذا ّ‬‫ابلسوط‪« .‬ولكنّنا كنّا نبحث عنه لن ّ‬
‫َّدين ّ‬‫غريان اللهجة‪ ،‬ويَتزلَّفان مثل كلبني مهد َ‬
‫يُ ّ‬
‫غلطتك‪ .‬حنن نَعلَم َمن يكون‪ .‬ماسيا الق ّديس‬
‫َ‬ ‫أغضبَنا هو فِكرة عدم مت ّكننا ِمن رؤيته بسبب‬
‫وما َ‬
‫واملبارك‪ ،‬الذي حنن غري أهل ألن نرفع نظران إليه‪ .‬حنن الرتاب وهو َمد إسرائيل‪ .‬خذان إليه‪ .‬قلبنا‬
‫يتحرق شوقاً لسماع كالمه‪».‬‬‫ّ‬
‫يُعيد صاحب الفندق هلما نقود غرفتهما وهو ُييب‪« :‬آه! هكذا إذاً! كيف أمكنين التفكري‬
‫بكل أتكيد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفريسيّني من شهرهتم؟! إّّنا‪ّ ،‬‬
‫كنت أعرف استقامة ّ‬ ‫أبنّه مل يكن األمر هكذا‪ ،‬وأان الذي ُ‬
‫حبق الشيطان! ال‬
‫تتحرقون رغبة بذلك! سأقول له ذلك‪ .‬أان ماض إليه‪ ...‬ال‪ّ ،‬‬ ‫أنتم أتيتم لتكرميه! وأنتم ّ‬
‫حّت أجعل أحدكما‬‫السامة‪ّ ،‬‬
‫وإال أصدم ُكما‪ ،‬الواحد ابآلخر‪ ،‬أيّها املومياء ّ‬
‫أنت كذلك‪ّ ،‬‬ ‫تتبعين! وال َ‬
‫أنت هناك‪ .‬آسف لعدم مت ّكين ِمن إدخالكما يف‬‫سأزرعك‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫أنت حيث‬
‫دخل يف اآلخر‪ .‬ابقيا هنا‪َ .‬‬ ‫يَ ُ‬
‫علي ذحبها‪ ».‬وإذ يَقرن القول ابلفعل‪،‬‬
‫حّت العنق‪ ،‬الستخدامكما وتداً أربط به اخلنازير اليت ّ‬ ‫األرض ّ‬
‫يسي األضعف ِمن حتت إبطيه‪ ،‬ويرفعه‪ُ ،‬ثّ يغرسه يف األرض بعنف‪ ،‬لدرجة أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫ابلفر‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫أو‬
‫ّ‬ ‫ك‬ ‫س‬‫فإنّه ُمي ِ‬
‫لكن األرض قاسية‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حّت الكاحل‪ .‬و ّ‬ ‫س فيها‪ ،‬أقلّه ّ‬
‫األرض‪ ،‬لو مل تكن قاسية إىل ح ّد كاف‪ ،‬لكان انغََر َ‬
‫متحركة‪ُ .‬ثّ يتدبّر صاحب الفندق أمر اآلخر‪ ،‬ورغم كونه‬ ‫هزة عنيفة‪ ،‬يبقى الرجل واقفاً كدمية ّ‬ ‫وبعد ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 610 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بديناً‪ ،‬فإنّه يَرفَعه ويُنـ ِزله ابلعنف ذاته‪ ،‬ومبا أنّه كان يَن َفعِل ويتخبّط قبل أن يَ َزرعه واقفاً‪ ،‬أَجلَ َسه على‬
‫يردد كلمة بذيئة تَضيع وسط أ ّانت االثنني‬ ‫ِ‬
‫صرة حقيقيّة من حلم وأقمشة‪ ...‬وميضي وهو ّ‬ ‫األرض‪ّ :‬‬
‫وانفجار ضحكات عدد كبري من الناس‪.‬‬

‫ضع ِرجله على ُشرفة ذات أروقة‪،‬‬ ‫ِ‬


‫صعد سلّماً‪ ،‬يَ َ‬
‫ممر‪ ،‬يَنتَقل منه إىل دار صغرية‪ ،‬يَ َ‬
‫دخل إىل ّ‬
‫يَ ُ‬
‫عرب إىل غرفة واسعة‪ ،‬حيث يسوع وأتباعه ومعهم التاجر يتناولون طعامهم‪.‬‬‫ومنها يَ ُ‬
‫الفريسيّني األربعة‪ .‬انظر قليالً‪ .‬حاليّاً أبقيتُـ ُهما يف مكاّنما‪ .‬لقد كاان‬ ‫ن‬ ‫«لقد وصل اثنان ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ ََ‬
‫يريدان أن يتبعاين‪ ،‬مل أشأ‪ّ .‬إّنما اآلن يف األسفل‪ ،‬يف الباحة‪ ،‬حيث الكثري من املرضى وآخرون أيضاً‪».‬‬

‫ميكنك االنصراف‪».‬‬
‫َ‬ ‫«سأذهب إىل هناك يف احلال‪ .‬شكراً اي فرا‪.‬‬

‫لكن يسوع أيمر التالميذ ابلبقاء يف مكاّنم‪ ،‬وكذلك النساء‪ ،‬عدا أ ُّمه ومرمي‬
‫يَ َنهض اجلميع‪ ،‬و ّ‬
‫لكالواب وسوسن وصالومي‪ .‬وإذ يرى احلزن ابدايً على وجوه الذين استُبعِدوا‪ ،‬يقول‪« :‬اذهبوا إىل‬
‫ّ‬ ‫اليت‬
‫الشُّرفة‪ ،‬وستسمعون بشكل جيّد‪».‬‬

‫الر ُسل والنساء األربعة‪ .‬يُعا ِود سلوك الدرب ذاته الذي َسلَ َكه صاحب الفندق‪ ،‬ويَلِج‬
‫َخي ُرج مع ُّ‬
‫صعدون على كومة التّنب‪ ،‬على العرابت‬
‫الباحة الكبرية‪ .‬يرفع الناس رؤوسهم لريوا‪ ،‬واألكثر دهاء منهم يَ َ‬
‫الربكة…‬ ‫اف ِ‬
‫الواقفة جانباً‪ ،‬وعلى حو ّ‬
‫الفريسيّان للقائه مبجاملة ُمف ِرطة‪ُ .‬ييّيهما يسوع حتيّته املعهودة‪ ،‬كما لو كاان ِمن أخلَص‬
‫يذهب ّ‬
‫للرد على أسئلتهما اللطيفة‪« :‬هل أنتم قليلو العدد؟ وبدون تالميذ؟‬ ‫أصدقائه‪ .‬ومع ذلك ال يتوقّف ّ‬
‫كوك إذن؟»‬
‫هل تر َ‬

‫وُييب يسوع جب ّدية وهو يسري‪« :‬مل يَرتُك أحد‪ .‬أنتما قادمان من اربيال حيث التقيتُما الذين‬ ‫ُ‬
‫َسبَقوين‪ ،‬ويف اليهودية التقيتما يهوذا بن مسعان وتوما ونثنائيل وفليبّس‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 611 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يسي البدين ُيرؤ على اللحاق به‪ ،‬ويتوقّف فجأة‪ ،‬أمحر كاجلَّمر‪ .‬واآلخر أكثر وقاحة‪،‬‬ ‫الفر ّ‬
‫َمل يـَعُد ّ‬
‫مند ِهشني‬
‫كنت مع تالميذ ُُملِصني ومع النساء‪ ،‬وقد كنّا َ‬
‫ك َ‬ ‫صر‪« :‬صحيح‪ .‬ولكنّنا كنّا نعرف متاماً أنّ َ‬ ‫يُ ّ‬
‫معك‪ ».‬ويضحك ضحكة‬ ‫اتك اجلديدة لنبتهج َ‬ ‫لرؤيتك مع عدد قليل ج ّداً من الناس‪ .‬كنّا نود رؤية إجناز َ‬‫َ‬
‫مزيّفة‪.‬‬

‫«إجنازايت اجلديدة؟ ها هي!» ويشري يسوع‪ ،‬على شكل نصف دائرة أمامه‪ ،‬إىل اجلموع‪ ،‬وقد‬
‫أتى أكثرهم ِمن ما وراء األردن‪ ،‬أي ِمن تلك املناطق اليت بصرى منها‪ُ .‬ث‪ِ ،‬‬
‫ومن غري أن يَرتُك َماالً‬ ‫ّ‬
‫يسي ليُجيب‪ ،‬يبدأ ابلكالم‪:‬‬
‫للفر ّ‬
‫ّ‬
‫عين‪ .‬أُانس َو َجدوين‪ ،‬ومل يكونوا قبالً يبحثون‬ ‫عين‪ ،‬ومل يكونوا قبالً قد استَعلَموا ّ‬
‫«أُانس َحبَثوا ّ‬
‫للرب الذي يضع احلقيقة على‬ ‫ِ‬
‫وقلت‪" :‬ها اان ذا‪ ،‬ها اان ذا!" أل ُّمة مل تكن تلتمس امسي‪ .‬اجملد ّ‬ ‫عين‪ُ .‬‬ ‫ّ‬
‫الرب‪ ،‬ألنّين أرى النبوءات اليت‬ ‫اص حويل‪ ،‬أبتهج يف ّ‬ ‫فم األنبياء! ح ّقاً إنّين‪ ،‬إذ أرى هذه اجلموع ترت ّ‬
‫َججتُها أان‪ ،‬مع اآلب‬ ‫أرسلَين إىل العامل‪ ،‬تتح ّقق‪ .‬تلك النبوءات اليت أ َّ‬ ‫عين‪ ،‬عندما َ‬ ‫األزيل ّ‬
‫ّ‬ ‫َج َعلها‬
‫وشج َعتين كي‬ ‫أّتسد‪َّ ،‬‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫رفوها‬ ‫ع‬ ‫الذين‬ ‫األنبياء‬ ‫لئك‬‫و‬‫أ‬ ‫األنبياء‪،‬‬ ‫وقلب‬ ‫وفم‬ ‫كر‬ ‫والباراقليط يف فِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وشك وكذب‪ .‬الذين مل‬ ‫كل حقد وضغينة ّ‬ ‫القوة‪ .‬نعم ّإّنا تواسيين يف مقابل ّ‬
‫ألبس جسداً‪ .‬واليت متنحين ّ‬
‫عين قد َو َجدوين‪ .‬فلماذا‪ ،‬ابملقابل‪ ،‬نـَبَ َذين‬ ‫ِ‬
‫عين‪ .‬والذين مل يكونوا يبحثون ّ‬‫عين سابقاً قد حبثوا ّ‬
‫يستَعلموا ّ‬
‫يدي قائالً‪" :‬ها أان ذا"؟ مع أ ّن هؤالء كانوا يعرفونين‪ ،‬بينما أولئك مل يكونوا يعرفونين‪.‬‬
‫مددت هلم ّ‬ ‫ُ‬ ‫الذين‬
‫وإذن؟‬

‫ولكن اإلنكار خطيئة‪ .‬كثريون ِمن أولئك استَعلَموا‬ ‫السر‪ .‬اجلهل ليس خطيئة‪ّ ،‬‬ ‫هو ذا مفتاح ّ‬
‫ألّنم‪ ،‬يف‬ ‫عين‪ ،‬والذين مددت هلم يدي‪ ،‬قد أن َكروين كما لو كنت ابن زىن أو لصاً‪ ،‬شيطاانً م ِ‬
‫فسداً‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كربايئهم‪ ،‬قد أمخَدوا شعلة اإلميان‪ ،‬واتهوا يف الدروب اليت مل تكن صاحلة‪ ،‬بل ُملتوية خاطئة‪ ،‬اتركني‬
‫َسّرة‪ّ ،‬إّنا يف قلوب ونفوس‬‫الطريق اليت كان صويت يد ّهلم عليها‪ .‬اخلطيئة يف القلب‪ ،‬على املوائد‪ ،‬يف األ ِ‬
‫يف‪،‬‬
‫اخلاصة‪ ،‬فإنّه يراها ّ‬
‫ّ‬ ‫كل مكان انعكاس جناسته‬ ‫ذاك الشعب الذي ينبذين‪ ،‬والذي‪ ،‬إذ يَرى يف ّ‬
‫فأنت َِجنس"‪.‬‬
‫ُيرضه أكثر‪ ،‬حينئذ يقول يل‪" :‬ابتعد‪َ ،‬‬ ‫وحقده ما يزال ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 612 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫امللون ابألمحر‪َ ،‬هبيّا يف ثيابه‪ ،‬والذي يَسري يف َعظَ َمة‬
‫وماذا سيقول حينئذ ذاك الذي أييت بثوبه ّ‬
‫سيتم ما قاله اشعيا‪ ،‬فال يصمت‪ ،‬بل يَسكب يف صدورهم ما يستح ّقون؟ ال‪ُ .‬يب ّأوالً أن‬ ‫قوته؟ هل ّ‬
‫البارين ليجعل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هرس يف معصرته‪ ،‬وحيداً‪ ،‬وقد تَـَرَكه اجلميع‪ ،‬ليَصنَع َمخر اخلالص‪ .‬اخلَمر الذي يُسكر ّ‬ ‫يُ َ‬
‫سكر مرتكيب اخلطيئة العظيمة‪ ،‬ليجعل سلطاّنم املدنَّس حطاماً‪ . .‬نعم‪.‬‬ ‫منهم مغبوطني‪ ،‬اخلمر الذي ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وَمداً لكثريين‪ ،‬كما‬ ‫األزيل‪ ،‬سيُصبِح ُحطاماً َ‬
‫احلب ّ‬ ‫نضج ساعة إثر ساعة‪ ،‬يف مشس ّ‬ ‫إ ّن مخري الذي يَ ُ‬
‫الصماء‪ ،‬حيث نـَبَـتَت ال َكرمة‬
‫مود َعة يف الصخرة ّ‬ ‫قيل يف إحدى النبوءات اليت مل تُكتَب بعد‪ ،‬ولكنّها َ‬
‫اليت َهتَب احلياة األبديّة‪.‬‬

‫يهم إن فهمتم‪ .‬فستهبط عليكم‬ ‫هل تفهمون؟ ال‪ ،‬إنّكم ال تفهمون اي علماء إسرائيل‪ .‬ال ّ‬
‫سمعون"‪ .‬إنّكم‪ ،‬حبقدكم‪،‬‬ ‫الظُّلُمات اليت يتح ّدث عنها اشعيا‪" :‬هلم عيون وال يـََرون‪ .‬وهلم آذان وال يَ َ‬
‫ضعون حاجزاً يف وجه النور‪ ،‬ولذلك ميكن القول إ ّن النور قد أُقصي ِمن قِبَل الظُّلمات‪ ،‬ومل يُِرد العامل‬‫تَ َ‬
‫أن يعرفه‪.‬‬

‫ّأما أنتم فإنّكم تبتهجون! أنتم‪ ،‬اي َمن‪ ،‬إذ كنتم يف الظلمة‪ ،‬عرفتم أن تؤمنوا ابلنور الذي بُ ِّشرمت‬
‫قطعت‬
‫َ‬ ‫به‪ ،‬أنتم اي َمن َرغبتموه‪ ،‬اي َمن حبثتُم عنه‪ ،‬واي َمن وجدمتوه‪ .‬ابتهج‪ ،‬أيّها الشعب املؤمن‪ ،‬اي َمن‬
‫اجلبال والوداين واألّنار والبحريات لتأيت إىل اخلالص‪ ،‬غري عابئ بتعب الدرب الطويل‪ .‬سيكون األمر‬
‫سيقودك‪ ،‬اي شعب بصرى‪ِ ،‬من ظُلمة اجلهل‬ ‫َ‬ ‫الروحي‪ ،‬الذي‬
‫ّ‬ ‫ذاته ابلنسبة إىل الدرب اآلخر‪ ،‬الدرب‬
‫إىل نور احلكمة‪.‬‬

‫عنك وعن الشعوب اليت‬ ‫ابتهج‪ ،‬اي شعب حورانيطس! ابتهج يف فرح املعرفة‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬قيل َ‬
‫النيب‪ ،‬أ ّن َِجالكم ونوقكم سوف تتدافَع على دروب نفتايل وزبولون‪ ،‬لِتَحمل‬ ‫َّل ّ‬
‫بك‪ ،‬عندما َرت َ‬
‫حتيط َ‬
‫األبوة‬
‫احلق‪ ،‬ولتكونوا ُخ ّدامه يف الشريعة املق ّدسة والوديعة‪ ،‬اليت ال تفرض شيئاً آخر‪ ،‬ملنح ّ‬
‫العبادة لإلله ّ‬
‫ب‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كيانك‪ ،‬أح ّ‬ ‫بكل‬
‫احلق ّ‬ ‫ب هللا ّ‬
‫الرب العشر‪ .‬أح ّ‬ ‫اإلهليّة والغبطة األزليّة‪ ،‬سوى احملافظة على وصااي ّ‬
‫أمك‪ ،‬ال تقتل‪ ،‬ال تسرق‪ ،‬ال ِ‬
‫تزن‪ .‬ال‬ ‫كنفسك‪ ،‬ال تنتَ ِهك ُحرمة ّأايم السبت‪ ،‬أكرم َ‬
‫أابك و َ‬ ‫َ‬ ‫القريب‬
‫غريك‪ .‬آه! إنّكم لَ َـمغبوطون‪ ،‬ألنّكم‪ ،‬إذ قَدمتم ِمن‬
‫يبك‪ ،‬ال تشته مقتىن َ‬
‫تشهد ابلزور‪ ،‬ال تشته امرأة قر َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 613 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وخَرجوا منه‪ ،‬وقد ُُِنسوا بوصااي الشيطان العشر‬
‫الرب َ‬
‫البعيد‪ ،‬فإنّكم تتجاوزون الذين كانوا يف بيت ّ‬
‫حبب الذات‪ ،‬بفساد العبادة‪ ،‬ابلقسوة ّتاه األهل‪ ،‬بشهوة القتل‪ ،‬مبحاولة سرقة قداسة‬
‫اليت ميقتها هللا‪ّ ،‬‬
‫الغري‪ ،‬ابلزىن مع الشيطان‪ ،‬بشهادات الزور‪ ،‬ابحلَ َسد حيال طبيعة ورسالة الكلمة‪ ،‬وابخلطيئة الفظيعة‬
‫تتخمر وتنضج يف أعماق القلوب‪ ،‬قلوب كثرية‪.‬‬
‫اليت ّ‬
‫ابتَ ِهجوا أيّها العطاش! ابتَ ِهجوا أيّها اجلياع! ابتَ ِهجوا أيّها احلزاىن! هل كنتم مرذولني؟ هل كنتم‬
‫هلموا! ابتَ ِهجوا! فلم يـَعُد ذلك اآلن‪ .‬أان أمنحكم بيتاً‬‫منفيّني؟ هل كنتم ُمتَـ َقرين؟ هل كنتم غرابء؟ ّ‬
‫أبوة ووطن‪ .‬أهبكم السماء‪ .‬اتبعوين‪ ،‬أان ال ُـمخلِّص! اتبعوين‪ ،‬أان الفادي! اتبعوين‪ ،‬أان احلياة!‬ ‫وخريات و ّ‬
‫حيب! ابتهجوا! ولكي تَروا أنّين أحبّكم‪ ،‬أنتم اي‬ ‫ِ‬
‫اتبعوين‪ ،‬أان َمن ال يَرفُض له اآلب نعمة! ابتهجوا يف ّ‬
‫حقيقي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عين رغم آالمكم‪ ،‬أنتم اي َمن آمنتم يب قبل أن تعرفوين‪ ،‬ليكون هذا اليوم يوم ابتهاج‬ ‫َمن حبثتم ّ‬
‫كل هذه اجلراح واألمراض‪ ،‬جراح‬ ‫فليحل على ّ‬
‫ّ‬ ‫فإنّين أُصلّي هكذا‪" :‬أيّها اآلب! أيّها اآلب الق ّدوس!‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫كل إميان يضطَرب‪ ،‬و ّ‬ ‫كل إميان يُولَد‪ ،‬وعلى ّ‬
‫الضيقات والعذاابت وندامة القلوب‪ ،‬على ّ‬ ‫اجلسد و ّ‬
‫ابمسك! واخلالص ِمن أجل‬‫َ‬ ‫فليحل اخلالص والنعمة والسالم! السالم ابمسي! النعمة‬‫ّ‬ ‫إميان يتوطَّد‪ ،‬آه!‬
‫كل هؤالء األبناء‪ ،‬أبنائي‬
‫الرب الكلّي القداسة! اَجع واصهر يف رعية واحدة‪ّ ،‬‬ ‫املتبادل! اب ِرك‪ ،‬أيّها ّ‬
‫حبّنا َ‬
‫معك ومعي‬‫معك‪ ،‬أيّها اآلب القدوس‪َ ،‬‬ ‫أبنائك‪ ،‬املشتَّتني! اجعلهم أن يكونوا حيث أكون أان‪ ،‬واحداً َ‬ ‫و َ‬
‫اإلهلي"‪».‬‬
‫ومع الروح ّ‬
‫ِ‬
‫فض ّي‪،‬‬
‫يدوي كبوق ّ‬ ‫اعاه متصالبتان‪َ ،‬ك َّفاه إىل األعلى صوب السماء‪ ،‬وجهه مرفوع‪ ،‬وصوته ّ‬ ‫ذر َ‬
‫يسوع‪ ،‬ال ميكن مقاومة كلماته‪ ...‬يبقى هكذا صامتاً لع ّدة دقائق‪ُ .‬ثّ تتوقّف عيناه الزفرييّتان عن النَّظَر‬
‫يتنهدون متأثِّرين‪ ،‬أو يرتعشون ابألمل‪،‬‬ ‫الذين‬ ‫ابجلموع‬ ‫تغص‬ ‫اليت‬ ‫اسعة‬
‫و‬ ‫ال‬ ‫الباحة‬ ‫إىل‬ ‫ر‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬‫ي‬‫إىل السماء‪ ،‬لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُيمع يديه‪ ،‬كما ليمت ّدا إىل األمام‪ ،‬واببتسامة َج َعلَته يتجلّى‪ ،‬يُطلِق صيحته األخرية‪« :‬ابتهجوا‪ ،‬اي َمن‬
‫إهلك!»‬
‫الرب َ‬ ‫تؤمنون وتَرجون! أيّها الشعب املتأ ّمل‪ ،‬اّنض وأحبِب ّ‬
‫لكل املرضى‪ .‬صيحات هذاينيّة‪َ ،‬رعد ِمن األصوات اليت تُرتّل األوشعنا‬ ‫إنّه الشفاء اآلينّ والكامل ّ‬
‫ّتر اللّحاف الذي يغطّيها‪َُ ،‬ت َِرتق امرأة اجلمع‪ ،‬لرتمتي عند‬ ‫ال‬
‫ز‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫وهي‬ ‫الباحة‪،‬‬ ‫مق‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫للمخلِّص‪ِ .‬‬
‫وم‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 614 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرب‪ .‬يُطلِق اجلمع صرخة أخرى‪ ،‬صرخة رعب‪ّ « :‬إّنا مرمي‪ ،‬اجملذومة‪ ،‬زوجة يواكيم!» َ‬
‫وُيري‬ ‫قدمي ّ‬
‫االّتاهات‪.‬‬
‫كل ّ‬ ‫الفرار يف ّ‬
‫لحق بكم األذى ِمن ملسها‪ ».‬يؤكد يسوع‪ُ ،‬ثّ يقول للمرأة‬‫«ال ُتافوا! لقد بَِرئَت‪ .‬ال ميكن أن يُ َ‬
‫لك على املغفرة لعدم توخ ِ‬
‫يك احلَ َذر‬ ‫رجاءك العظيم قد ِ‬
‫كافأك‪ ،‬وحصل ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلاثية‪« :‬اّنضي اي امرأة‪ .‬إ ّن‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تك‪ .‬عودي إىل ِ‬
‫بيتك بعد مراسم التطهري اخلالصيّة‪».‬‬ ‫ِمن إخو ِ‬

‫املرأة‪ ،‬شابّة وَجيلة‪ ،‬تبكي وهي تَ َنهض‪ .‬يُريها يسوع للجمع الذي يقرتب قليالً ويَنظُر إىل املعجزة‬
‫إبعجاب‪ُ ،‬مع ِرابً عن إعجابه ابهلتاف‪.‬‬

‫كل مساء‬
‫«زوجها الذي كان ُيبّها حبّاً عظيماً‪ ،‬كان قد بىن هلا ملجأ يف عمق أراضيه‪ ،‬وكان يف ّ‬
‫يذهب إىل ُسورها ابكياً‪ ،‬حامالً هلا الطعام‪»...‬‬

‫املتسولني الذي مل يكن قد أَعلَ َن‬


‫«كانت قد أصيبت ابملرض بسبب رأفتها‪ ،‬أثناء عنايتها أبحد ّ‬
‫عن إصابته ابلربص‪».‬‬

‫«ولكن كيف أتت مرمي الشُّجاعة؟»‬

‫«على هذه احمل ّفة‪ .‬إّّنا كيف مل نالحظ وجود ُخ ّدام يواكيم؟»‬

‫للرجم‪».‬‬
‫التعرض َّ‬
‫ّ‬ ‫« َّإّنم بذلك قد جازفوا خبطر‬

‫« ّإّنا معلّمتهم! وهم ُيبّوّنا‪ ،‬وهي تعرف كيف ّتعل اآلخرين ُيبّوّنا‪ ،‬أكثر ِمن حبّهم‬
‫لذواهتم‪»...‬‬

‫الصالح َُيلبان املعجزة وال َفَرح‪.‬‬


‫احلب و َّ‬
‫يقوم يسوع حبركة ّتعل اجلميع يصمتون‪« .‬تَـَرون أ ّن ّ‬
‫لك ويف ِ‬
‫بيتك‪».‬‬ ‫ك أحد أبذى‪ .‬السالم ِ‬ ‫اعرفوا إذن أن تكونوا صاحلني‪ .‬اذهيب‪ ،‬اي امرأة‪ .‬لن ميس ِ‬
‫ّ‬
‫أحرقوا احمل ّفة وسط الباحة‪ ،‬ويتبعها معهم أانس كثريون‪.‬‬
‫َُت ُرج املرأة‪ ،‬يتبعها اخلُ ّدام‪ ،‬الذين َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 615 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ينس ِحب‪ ،‬ومعه الذين كانوا‬
‫يَصرف يسوع اجلموع‪ ،‬وبعد االستماع إىل بعض األشخاص‪َ ،‬‬
‫يُرافقونه‪.‬‬

‫«اي هلذا الكالم‪ ،‬اي معلّم!»‬

‫كنت متجلّياً»‬
‫«كم َ‬
‫«اي له ِمن صوت!»‬

‫«واي هلا ِمن معجزات!»‬

‫الفريسيَّني حني فَـّرا؟»‬


‫أيت ّ‬‫«هل ر َ‬
‫ضيا ُمنسلَّني مثل سحليّتني‪ ،‬بعد الكلمات األوىل‪».‬‬
‫«لقد َم َ‬
‫لك بذكرى رائعة‪»...‬‬
‫«أهل بصرى والبلدات األخرى ُيتفظون َ‬
‫«أُمي‪ ،‬و ِ‬
‫أنت ماذا تقولني؟»‬ ‫ّ‬
‫كك‪ ،‬اي بين‪ِ ،‬من أجلي ِ‬
‫ومن أجلهم‪».‬‬ ‫«أابر َ‬
‫ّ‬
‫«حسناً‪ ،‬فرب ِ‬
‫كتك سرتافقين إىل أن نعود فنلتقي‪».‬‬

‫رب؟ هل ستغادران النساء إذن؟»‬


‫«ملاذا تقول ذلك‪ ،‬اي ّ‬
‫حّت‬
‫«نعم‪ ،‬اي مسعان‪ .‬غداً عند مطلع النهار‪ ،‬اسكندر يرحل إىل "عرا"‪ .‬سوف ّنضي معه ّ‬
‫كنت الدليل الظريف‬ ‫ِ‬
‫أنت اي َمن َ‬
‫املؤدية إىل أربيال‪ُ ،‬ثّ نرتكه‪ ،‬وأبمل‪ ،‬ثق بذلك‪ ،‬اسكندر ميزاس‪َ ،‬‬
‫الطريق ّ‬
‫رك على الدوام‪ ،‬اي اسكندر‪»...‬‬ ‫للحج‪ .‬سوف أذ ُك َ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 616 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫العجوز متأثّر بعمق‪ .‬يبقى‪ ،‬وذراعاه متصالبتان على صدره‪ ،‬يف حتيّة شرقيّة عميقة‪ ،‬وهو منحن‬
‫يت يف‬
‫خاص‪ ،‬مّت أت َ‬
‫قليالً‪ ،‬قبالة يسوع‪ .‬ولكنّه‪ ،‬لدى مساع هذه الكلمات‪ ،‬يقول‪« :‬اذكرين‪ ،‬وبشكل ّ‬
‫ملكوتك‪».‬‬
‫َ‬
‫«هل تشتهي ذلك‪ ،‬اي ميزاس؟»‬

‫«نعم‪ ،‬اي رب‪».‬‬

‫منك‪».‬‬
‫«أان كذلك أرغب يف شيء َ‬
‫حّت ولو كان أمثن ما‬
‫وسأعطيك ّإايه‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫«ماذا‪ ،‬اي رب؟ يكفي أن يكون ضمن إمكانيّايت‪،‬‬
‫أملك‪».‬‬

‫أمتىن‬
‫كنت ّ‬‫لك‪ ،‬يف بداية الرحلة‪ ،‬إنّين ُ‬
‫قلت َ‬
‫إيل‪ .‬لقد ُ‬‫نفسك‪ ،‬هي اليت أريد‪ .‬تعال َّ‬
‫َ‬ ‫« ّإّنا األمثن‪.‬‬
‫بك نعمة يف النهاية‪ .‬النعمة هي اإلميان‪ .‬هل تؤمن يب‪ ،‬اي ميزاس؟»‬ ‫ِ‬
‫أن أه َ‬
‫«أؤمن اي رب‪».‬‬

‫ضاراً‪».‬‬
‫إليك جامداً فقط‪ ،‬بل ّ‬
‫نفسك‪ ،‬كي ال يكون اإلميان ابلنسبة َ‬
‫َ‬ ‫«إذاً‪ ،‬قَ ِّدس‬

‫إين خاطئ عتيق‪ .‬ولكن‬ ‫ِ‬


‫ريب‪ّ ،‬‬
‫«إ ّن نفسي لَ َعجوز‪ .‬ولكنّين سأجتهد يف أن أعيد هلا ج ّدهتا‪ّ .‬‬
‫كتك معي كأفضل‬
‫أنت‪ ،‬اغفر يل خطاايي وابركين كي أبدأ‪ ،‬منذ اآلن‪ ،‬حياة جديدة‪ .‬سوف أمحل بر َ‬ ‫َ‬
‫رب؟»‬‫ملكوتك‪ ...‬ألن نلتقي اثنية أبداً‪ ،‬اي ّ‬
‫َ‬ ‫حارس يف طريقي إىل‬

‫لك أخباري‪ ،‬وسوف تؤمن أكثر ألنّين لن‬ ‫«لن نلتقي اثنية على هذه األرض‪ .‬إّّنا سوف تَ ِ‬
‫ص َ‬
‫كك دون تبشري‪ .‬الوداع اي ميزاس‪ .‬فغداً سيضيق بنا الوقت لذلك‪ .‬لنفعل ذلك اآلن‪ ،‬قبل أن نتناول‬
‫أتر َ‬
‫مرة‪».‬‬
‫طعامنا معاً‪ ،‬آلخر ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 617 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يُعانِقه ويُقبّله‪ .‬و ُّ‬
‫الر ُسل أيضاً يفعلون ذلك‪ ،‬وكذلك التالميذ‪ُ .‬حتيّيه النساء حتيّة واحدة‪ّ .‬أما ميزاس‬
‫حّت املمات‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيجثو أمام مرمي قائالً‪« :‬فليتألأل نورك كنجمة الصباح الطاهرة يف فكري ّ‬
‫ك‪».‬‬
‫ب ابين‪ ،‬وستحبّين‪ ،‬وأان سوف أحبّ َ‬ ‫«يف احلياة‪ ،‬اي اسكندر‪ِ ،‬‬
‫أح‬
‫ّ‬
‫يسأل مسعان بطرس‪« :‬ولكن هل سنذهب ِمن أربيال إىل عرا؟ أخشى أن ي ِ‬
‫فاجئنا سوء الطقس‪.‬‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫صادف وجوده عند الفجر وعند الغسق‪»...‬‬‫فالضباب كثيف‪ ...‬ومنذ ثالثة أايم ي ِ‬
‫ّ ُ‬
‫لكن األمر هكذا‪ .‬اعتباراً من الغد سوف‬
‫لك أنّنا نزلنا كثرياً؟ و ّ‬
‫«هذا ألنّنا نزلنا إىل هنا‪ .‬أال يبدو َ‬
‫صادف ضباابً بعد‪ ».‬يَشرح ميزاس‪.‬‬‫ابّتاه جبال املدن العشر‪ ،‬ولن تُ ِ‬ ‫تُعا ِود الصعود ّ‬

‫«نـََزلنا؟ مّت؟ الطريق كانت منبسطة‪»...‬‬

‫مستمر‪ .‬آه! إنّه خفيف ج ّداً لدرجة عدم االنتباه له‪ .‬ولكنّه على مدى أميال‬
‫ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬ولكنّه نزول‬
‫وأميال!‪»...‬‬

‫«كم ِمن الوقت سوف ّنكث يف أربيال؟»‬

‫حّت ساعة واحدة‪َُ ».‬يزم يسوع‪.‬‬


‫ومعك يعقوب ويوضاس‪ ،‬وال ّ‬
‫أنت‪َ ،‬‬
‫« َ‬
‫أبق معكم َجيعاً؟»‬
‫حّت ساعة واحدة؟ أين سأذهب‪ ،‬إذا مل َ‬
‫«أان‪ ...‬ويعقوب ويوضاس‪ ...‬وال ّ‬
‫سرتافِق أ ُّمي والنساء‪ ،‬مع اآلخرين‪ ،‬إىل‬
‫احلراس‪ُ .‬‬
‫«يف الطريق إىل األراضي اليت فيها قوزى مع ّ‬
‫وحدهن مع ُخ ّدام حنّة‪ ،‬وتعودون أنتم للقائي يف عرا‪».‬‬
‫ّ‬ ‫هن‬
‫هناك‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬ميضني ّ‬
‫ِ‬
‫أي أمل تُسبِّب يل‪ ،‬اي ّ‬
‫رب!»‬ ‫مين وتعاقبين‪ّ ...‬‬
‫أنت ّ‬
‫ب! غاضب َ‬
‫«آه! اي ر ّ‬
‫لك األمل‪ ،‬إّّنا ليس القصاص‬
‫ذاك اخلطأ أن يُسبّب َ‬
‫«اي مسعان‪ ،‬املخطئ يَشعُر بنفسه معاقَباً‪ .‬على َ‬
‫أظن أن مرافقة أ ُّمي والنساء التلميذات على طريق العودة قصاص‪».‬‬ ‫حب ّد ذاته‪ .‬ولكنّين ال ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 618 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دعك ِمن عرا وتلك األماكن‪ ،‬وتعال معنا‪».‬‬
‫«ولكن أليس ِمن األفضل أن أتيت معنا؟ َ‬
‫وعدت ابلذهاب إىل هناك‪ ،‬وسأذهب‪».‬‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫«إذن‪ ،‬سآيت أان كذلك‪».‬‬


‫«أ ِ‬
‫َطع‪ ،‬كما يفعل إخويت‪ ،‬دوّنا احتجاج‪».‬‬

‫الفريسيّني؟»‬
‫صادفت ّ‬
‫ُ‬ ‫«وإذا‬

‫يدك أن تبتعد عن‬


‫أنت األكثر مالءمة هلدايتهم‪ .‬وابلضبط ألنّين سألتقيهم‪ ،‬أر َ‬
‫لست َ‬
‫«ابلتأكيد َ‬
‫األندوري ومرغزايم‪».‬‬
‫ّ‬ ‫أنت ويعقوب ويوضاس‪ ،‬مع النساء ومع يوحنّا‬
‫أربيال‪َ ،‬‬
‫فهمت! حسناً‪».‬‬
‫ُ‬ ‫«آه!‪...‬‬

‫منهن النصائح اليت تناسبها‪.‬‬


‫لكل ّ‬‫كهن‪ ،‬واحدة واحدة‪ُ ،‬مسدايً ّ‬
‫يلتفت يسوع إىل النساء ويبار ّ‬
‫مرمي اجملدليّة‪ ،‬وبينما هي تنحين لِتُقبِّل ِرجلَي ُُملِّصها‪ ،‬تَسأل‪« :‬هل أر َاك اثنية‪ ،‬قبل عوديت إىل‬
‫بيت عنيا؟»‬

‫بدون أدىن شك‪ ،‬اي مرمي‪ .‬ففي شهر إيتانيم (سبتمرب‪-‬أكتوبر)‪ ،‬سأكون عند البحرية‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 619 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -158‬وداع النِّساء التّلميذات)‬

‫‪1945 / 10 / 03‬‬

‫َّب محولة اجلِّمال‬


‫ظهر إجالل ميزاس‪ .‬خالل الكيلومرتات األوىل من الطريق‪ ،‬رت َ‬ ‫يف الصباح التايل يَ َ‬
‫بشكل ُيعل منها َمهداً ُمرُياً للفرسان قليلي اخلربة‪ .‬وإنّه لَ ِمن دواعي التسلية أن تُرى الرؤوس السمراء‬
‫ظهر ِمن حتت أوشحة النساء‪ ،‬متوج‬ ‫حّت آذان الرجال‪ ،‬أو اجلدائل اليت تَ َ‬
‫والشقراء ذات الشعر الطويل‪ّ ،‬‬
‫بني الطرود والصناديق‪ِ .‬من وقت آلخر‪ ،‬اهلواء الناجم عن َجري اجلِّمال املتسا ِرع يَرمي تلك األوشحة‬
‫الالمع‪ ،‬أو َشعر مرمي الكلّيّة القداسة‬‫الذهيب ّ‬
‫ّ‬ ‫إىل اخللف‪ُ ،‬فريى‪ ،‬حتت الشمس‪َ ،‬شعر مرمي اجملدليّة‬
‫األشقر األكثر عذوبة‪ ،‬بينما الرؤوس الداكنة أكثر‪ ،‬رؤوس حنّة وسينتيكا ومارسيل وسوسنة وسارة‪،‬‬
‫الربونزي الداكن‪ ،‬والرؤوس الشائبة اليت ألليصاابت وصالومي ومرمي اليت‬ ‫ّ‬ ‫النيلي أو‬
‫فإّنا تعكس اللون ّ‬ ‫ّ‬
‫لمع هي أيضاً حتت نور الشمس اليت تدفئها‪.‬‬ ‫فإّنا تَ َ‬
‫ابلفضة‪ّ ،‬‬
‫لكالواب املو ّشاة ّ‬
‫ّ‬
‫يتق ّدم الرجال على وسيلة النَّقل اجلديدة‪ ،‬ويضحك مرغزايم سعيداً‪ّ .‬إّنم يالحظون أ ّن شرح‬
‫شاهد بصرى يف أسفل الوادي‪،‬‬ ‫التاجر كان صحيحاً‪ ،‬فبعد انعطافهم أثناء املسري يف طريق العودة‪ ،‬تُ َ‬
‫ظهر يف الشمال الغريب تالل ذات منحدرات‬ ‫أببراجها وبيوهتا العالية بني متاهة شوارعها الضيقة‪ .‬وتَ َ‬
‫فرتقوا‪ .‬تَرَكع اجلِّمال‬ ‫ِ‬
‫خفيفة‪ .‬يف أسفلها متت ّد الطريق إىل أربيال‪ ،‬هناك َوقَـ َفت القافلة إلنزال املسافرين‪ ،‬وليَ َ‬
‫بكل عناية إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫املتحرك‪ ،‬ممّا ُيعل أكثر من امرأة تصرخ‪ .‬أُالحظ اآلن أ ّن النساء قد ُربطن ّ‬ ‫حبملها ّ‬
‫لكنهن يشعرن ابلراحة‪.‬‬
‫السروج‪ .‬يهبطن دائخات قليالً‪ ،‬بسبب الرتنّح‪ ،‬و ّ‬ ‫ُّ‬
‫اجلمالون يعيدون ترتيب‬ ‫يَهبِط كذلك ميزاس‪ ،‬الذي كان قد أ َ‬
‫َخ َذ مرغزايم معه‪ ،‬وبينما كان َّ‬
‫احلمولة‪ ،‬حسب الطريقة املعتادة‪ ،‬يدنو ِمن يسوع لِيُحيّيه من جديد‪.‬‬

‫أشكرك اي ميزاس‪ .‬لقد وفّرت علينا تعباً كثرياً وهدر وقت‪».‬‬


‫« َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 620 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ولو مل تكن‬ ‫ِ‬
‫للجمال سيقان طويلة‪ّ ،‬‬
‫«نعم‪ ،‬فإ ّن عشرين ميالً قطعناها يف خالل ساعة‪ّ .‬‬
‫مشيتها انعمة‪ .‬أرجو ّأال تكون النساء قد عانَني‪».‬‬

‫تؤّكد َجيع النساء ّأّنن قد ارحتن وبدون معاانة‪.‬‬

‫ميسرة‪ .‬وداعاً اي‬


‫أنتم اآلن على بعد ستّة أميال من أربيال‪ .‬فلرتافقكم السماء‪ ،‬وّتعل طريقكم ّ‬
‫قدمي‬ ‫ِ‬
‫رب‪ .‬اذكرين‪ ».‬يُقبّل ميزاس ّ‬
‫بلقائك‪ ،‬اي ّ‬
‫َ‬ ‫إين سعيد‬
‫قدميك املق ّدستني‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫سيّدي‪ .‬امسح يل أن أُقبّل‬
‫يسوع‪ُ ،‬ثّ يُعا ِود ركوب اجلَّمل‪ ،‬وبـ "كررر" منه‪ُ ،‬يعل اجلِّمال تُعا ِود النهوض‪ ...‬ومتضي القافلة جرايً‬
‫املنبسطة‪ ،‬وسط سحابة من الغُبار‪.‬‬ ‫على الطريق ِ‬

‫للهزات! ّإّنا‬
‫قدمي‪ ،‬ابملقابل‪ ،‬مراتحتان‪ .‬إّّنا اي ّ‬
‫«اي له من رجل طيب! إنّين سقيم عليل‪ ،‬ولكن ّ‬
‫حي مركيب!‬ ‫فلي‬ ‫النساء‪.‬‬ ‫مثل‬ ‫د‬‫ُتتلف عن عاصفة مشال البحرية! أتضحكون؟ أان‪ ،‬مل تكن لدي مسانِ‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫إنّه ما يزال الشيء األكثر نظافة واألكثر أماانً‪ .‬واآلن‪ ،‬فلنحمل حقائبنا على ظهوران‪ ،‬وهيّا بنا‪».‬‬

‫مّت‬
‫لكن الفائزين ُهم الذين عليهم البقاء مع يسوع‪ ،‬أي ّ‬ ‫إنّه تَسابُق‪َ ،‬من ُيمل األكثر ثقالً‪ .‬و ّ‬
‫كل شيء لُِريُيوا الثالثة الذين عليهم الذهاب مع النساء‪،‬‬‫والغيور ويعقوب وهرمست وتيمون‪َُ .‬يملون ّ‬
‫األندوري‪ ،‬ولكن‪ ،‬مبا إنّه على غري ما يُرام‪ ،‬فإ ّن‬
‫ّ‬ ‫أو ابألحرى األربعة‪ ،‬إذا ما كان ُيب ع ّد يوحنّا‬
‫مساع َدته كانت ستبقى‪ ،‬نسبيّاً‪ ،‬ذاهتا‪.‬‬
‫َ‬
‫قمة اهلضبة‪ ،‬اليت كانت مص ّداً للريح ِمن جهة‬‫هبمة عالية‪ ،‬بضعة كيلومرتات‪ .‬يبلغون ّ‬
‫ميشون‪ّ ،‬‬
‫صادفوها‬ ‫ِ ِ‬
‫الغرب‪ ،‬وهناك عاد للظهور َسهل َخصيب ُماط حبلقة من اهلضاب‪ ،‬أعلى من تلك اليت َ‬
‫ّأوالً‪ ،‬ويف وسطه هضبة طويلة ومنعزلة‪ .‬يف السهل ‪ ،‬مدينة‪ :‬أربيال‪.‬‬

‫صلون بسرعة إىل السهل‪ .‬يسريون بعض الوقت‪ ،‬بعدها يتوقّف يسوع قائالً‪« :‬هي‬ ‫ينحدرون‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬
‫املؤدي إىل جدرة‪ .‬ستسلكون‬
‫ذي ساعة الفراق‪ .‬فلنتناول طعامنا معاً‪ ،‬وبعد ذلك نفرتق‪ .‬هذا هو املفرق ّ‬
‫هذه الطريق‪ ،‬وقبل املساء تبلغون األرض اليت يُشرف عليها قوزى‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 621 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ظهر محاس كثري‪ ...‬إّّنا‪ ،‬يف النهاية‪ ،‬هي الطاعة‪ .‬أثناء الطعام‪ ،‬يقول مرغزايم‪« :‬إذن لقد‬
‫ال يَ َ‬
‫كنت راكباً على اجلمل معه‪ .‬قال يل‪:‬‬
‫إعطائك هذا املال‪ .‬لقد أعطانيه التاجر عندما ُ‬ ‫َ‬ ‫حان وقت‬
‫علي ثويب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك"‪ .‬هو ذا‪ .‬الكيس يُثقل َّ‬ ‫"سوف تعطيه ليسوع قبل مغادرته‪ ،‬وتقول له أن ُيبّين كما ُيبّ َ‬
‫يبدو وكأنّه مليء ابحلصى‪».‬‬

‫«أَِرين! أَِرين! املال ثقيل!» اجلميع فضوليّون‪.‬‬

‫اجللدي الرفيع واملعقود‪ ،‬والذي يُغلِق كيس النقود املصنوع ِمن جلد الغزال‪،‬‬‫ّ‬ ‫َُي ّل يسوع احلبل‬
‫أظن‪ ،‬ألنّه يبدو يل أنّه ِمن الشاموا‪ ،‬ويُف ِرغ احملتوى على ثوبه‪ .‬تتدحرج بعض من قطع النقود‪.‬‬
‫على ما ّ‬
‫ظهر ظُروف كثرية ِمن البيسوس (نسيج كتّاين‬ ‫لكن ما يتدحرج هو جزء يسري من النقود الكثرية‪ .‬وتَ َ‬‫و ّ‬
‫تشف َع ْرب الكتان الناعم ج ّداً‪ ،‬وتبدو الشمس‬‫انعم وشفاف)‪ :‬ظروف مربوطة خبيوط‪ .‬ألوان لطيفة ّ‬
‫تؤجج َجرات صغرية موجودة داخل تلك الظروف‪ ،‬كما لو ّأّنا َجرات حتت طَبَـ َقة ِمن الرماد‪.‬‬ ‫كأّنا ّ‬
‫و ّ‬

‫«ما هذا؟ ما هذا؟ ف ّكها اي معلّم‪».‬‬

‫ألول ظرف‪ :‬زبرجد ِمن قياسات‬ ‫الرباقة ّ‬‫قدة املذهبة ّ‬


‫ب اجلميع عليه وهو َُي ّل هبدوء العُ َ‬
‫ين َك ّ‬
‫ُمتلفة‪ ،‬زبرجد خام‪ ،‬يتألأل ُحّراً حتت الشمس‪ .‬ظرف آخر‪ :‬ايقوت‪ ،‬قطرات دم متخثّرة‪ .‬وآخر‪ :‬بريق‬
‫بنفسجي مييل إىل الزرقة)‬
‫ّ‬ ‫زمرد ابللون األخضر الضاحك‪ .‬وآخر‪ :‬معشوق (حجر كرمي أرجواينّ اللون أو‬ ‫ّ‬
‫نيلي بنفسجي‪ .‬وآخر‪ :‬عقيق أسود رائع‪...‬‬ ‫زمرد ّ‬‫النقي‪ .‬وآخر‪ّ :‬‬
‫انعم‪ .‬وآخر‪ :‬قطع من السماء مع الزفري ّ‬
‫كل هباء وروعة ذهب الزابرج‪ ،‬وفيه‬‫وهكذا دواليك الظروف االثين عشر‪ .‬ويف األخري‪ ،‬وهو األثقل‪ّ ،‬‬
‫حقيقي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫كحرب وملك‬‫مصريك َ‬
‫َ‬ ‫رق صغري مكتوب عليه‪« :‬ألجل‬ ‫ّ‬
‫الر ُسل أيديهم يف هذا النور‬
‫شعة‪ ...‬يَغمس ُّ‬ ‫ِ‬
‫ثوب يسوع حقل صغري نُثرت عليه وريقات بَتالت ُم ّ‬
‫يوطي هنا!‪»...‬‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يهوذا‬ ‫كان‬ ‫لو‬‫«‬ ‫طرس‪:‬‬ ‫ب‬ ‫يتمتم‬ ‫ا‪...‬‬
‫و‬ ‫ش‬‫ه‬‫الذي أصبح مادة متع ّددة األلوان‪ ،‬وقد د ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ّ‬
‫«اصمت! فمن األفضل ّأال يكون هنا‪ ».‬يقول ت ّداوس فجأة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 622 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَطلب يسوع قطعة قماش كي ُيعل منها رزمة واحدة‪ ،‬وبينما تتواىل التعليقات‪ ،‬يُف ّكر‪.‬‬

‫لكن هذا الرجل كان غنيّاً ج ّداً!» ويثري بطرس الضحك عندما يقول‪« :‬لقد‬
‫الر ُسل‪« :‬و ّ‬ ‫يقول ُّ‬
‫َجرينا على عرش ِمن الآللئ‪ .‬مل أكن أظنّين أكون على روعة وهباء كهذه‪ .‬ولكن ليت هذا كان أكثر‬
‫أنت ُم ِزمع أن تفعل اآلن؟»‬
‫نعومة! ماذا َ‬
‫«سأبيعها ِمن أجل الفقراء‪ ».‬يرفع نَظَره ويَنظُر إىل النساء وهو يبتسم‪.‬‬

‫الصفقة؟»‬
‫«وأين ستجد اتجر جواهر يشرتي هذه َّ‬

‫شرتين ثرويت؟»‬
‫«أين؟ هنا‪ .‬حنّة‪ ،‬مرات‪ ،‬مرمي‪ ،‬هل تَ َ‬
‫لكن مرات تضيف‪« :‬هنا‬
‫حّت بدون استشارة بعضهن‪ ،‬يقلن‪« :‬نعم‪ ».‬حبماس‪ .‬و ّ‬
‫النساء الثالث‪ّ ،‬‬
‫معنا دراهم قليلة فقط‪».‬‬

‫حّت الشهر املقبل‪».‬‬ ‫َمدلة‬ ‫يف‬ ‫ّنا‬


‫ر‬ ‫«سوف توفِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫رب؟»‬
‫«كم تريد اي ّ‬
‫«يل أان‪ ،‬ال شيء‪ .‬من أجل فقرائي‪ ،‬الكثري‪».‬‬

‫لك الكثري‪ ».‬تقول مرمي اجملدليّة اليت أتخذ الكيس وتضعه يف صدرها‪.‬‬
‫«هاهتا إذن‪ .‬سيكون َ‬
‫عمه وبطرس ويوحنّا‬ ‫ِ‬
‫عمه وابين ّ‬
‫يسوع ُيتفظ فقط بقطع النقود‪ .‬يَ َنهض‪ ،‬يُعانق أ ُّمه وزوجة ّ‬
‫حّت ُخيفيهم منعطف ِمن‬
‫األندوري ومرغزايم‪ .‬يُبا ِرك النساء‪ ،‬ويصرفهم‪ .‬وميضون وهم يَدورون ويلت ّفون ّ‬
‫ّ‬
‫الطريق‪.‬‬

‫ويتوجه يسوع مع َمن بقي إىل أربيال‪ .‬ثلّة صغرية‪ ،‬مع مثانية اشخاص فقط‪ .‬ميشون بسرعة‬‫ّ‬
‫وصمت حنو املدينة اليت تقرتب ابستمرار‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 623 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫(أي يسوع وماراي فالتورات)‪ ،‬انتهينا! ثالث وعشرون مقاطعة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحت اليوم‪ ،‬بكثري من الصّب من الطرفني ّ‬
‫ّ‬
‫إيل‪ ،‬أؤكد لكم‬ ‫ِ‬
‫ليتسرب ّ‬
‫صّب يسوع الذي ال هناية له‪ ،‬ينبثق منه ّ‬ ‫أمس‪ ،‬أربع عشرة اليوم‪ .‬فهذا مل يكن سوى َ‬
‫كنت ألصبح يف حالة هيجان‪ّ .‬أما هو فإنّه صبور للغاية! يتوقّف‪ ،‬يُعيد‪ ،‬هادائً مبتسماً‪ .‬أان‪ ،‬ال أجنح يف‬
‫أنّين ُ‬
‫َتالك نفسي والصّب على املقاطعات املزعجة اليت ترغمين على إغالق الدفرت وترك قلمي جانباً لدقائق‪،‬‬
‫وإهنا ملعجزة عظيمة‪ ،‬أن‬
‫وسريّة‪ ،‬وإخفائه عن الفضول عدمي اجلدوى‪ّ .‬‬
‫بكل هدوء ّ‬
‫يتم ّ‬
‫السر الذي ّ‬
‫حلجب ّ‬
‫علي‪ ،‬وال تُقطع سلسلة‬
‫بكل أتكيد أان أتبعه‪ ،‬ألنّين أَعلَم أنّه هو الذي ُميلي ّ‬
‫مين إنسانة صبورة‪ّ ...‬‬
‫َيعل ّ‬
‫أفكاره‪ .‬إذ عندما أكون أان‪ ،‬كما يف هذا الصباح‪ ،‬أكتب رسالة أو شيئاً آخر‪ ،‬حينئذ تُقطَع مباشرة سلسلة‬
‫مرة اصرخ‪:‬‬
‫َسعت كالماً بقريب‪ .‬ومرات (صديقة ماراي فالتورات) تَعلَم كم ّ‬
‫ُ‬ ‫حت ولو‬
‫أفكاري وأفقد صّبي‪ّ ،‬‬
‫"صمتاً! اغلقي الباب!" عندما أكون أكتب لذايت‪...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 624 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -159‬يف أربيال)‬

‫‪1945 / 10 / 04‬‬

‫حّت يُدركوا حجم العمل‬ ‫يتوجهوا إىل ّأول شخص لسؤاله عن أخبار فليبّس بن يعقوب‪ّ ،‬‬ ‫ما إ ْن ّ‬
‫جرة ممتلئة ماء‪ُ ،‬حت ّدق‬ ‫ِ‬
‫متغضنة‪َ ،‬حتمل ب َعناء ّ‬
‫الذي قام به التلميذ الشاب‪ .‬واليت يسألوّنا امرأة عجوز ّ‬
‫بعينيها الغائرتني بفعل الزمن يف وجه يوحنّا اجلميل‪ .‬لقد طََر َح عليها السؤال وهو يبتسم‪ ،‬وقد أَسبَ َق‬
‫أنت ماسيّا؟»‬ ‫ِ‬
‫سؤاله ابلقول‪« :‬السالم لك‪ ».‬بشكل وديع‪ ،‬لدرجة أنّه استمال العجوز‪ ،‬فقالت‪« :‬هل َ‬
‫«ال بل رسوله‪ .‬ها هو ذا ٍ‬
‫آت‪».‬‬

‫االّتاه املشار إليه‪ ،‬لتجثو بعدئذ أمام يسوع‪.‬‬


‫جرهتا أرضاً ومتضي يف ّ‬
‫تضع العجوز ّ‬
‫اجلرة اليت ان َقلَبَت لينسكب نصف ُمتواها‪ ،‬يبتسم وهو‬
‫يوحنّا‪ ،‬وقد بقي وحيداً‪ ،‬مع مسعان‪ ،‬أمام ّ‬
‫ويهم ابلفعل بذلك‪ ،‬بينما يضيف‬
‫يقول لرفيقه‪« :‬يليق بنا أن أنخذ هذه اجلرة ونذهب إىل العجوز‪ّ ».‬‬
‫رفيقه‪« :‬وتَصلُح للشرب‪ ،‬فجميعنا يَشعُر ابلعطش‪».‬‬

‫تستمر برتديد‪َ« :‬جيل‪ ،‬االبن‬


‫ّ‬ ‫لحقان ابلعجوز اليت‪ ،‬إذ ال تعرف ما عليها أن تقول ابلتحديد‪،‬‬ ‫يَ َ‬
‫الق ّديس ألقدس أ ُّم!» ّتثو وهي تَلتَ ِهم بعينيها وجه يسوع الذي يبتسم هلا قائالً بدوره‪« :‬اّنضي أيّتها‬
‫انس َكبَت‪ .‬بقي‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫صالن إليها‪ ،‬يقول هلا يوحنّا‪« :‬لقد أخذان جر ِ‬
‫تك‬ ‫األُم‪ .‬ولكن اّنضي!» وعندما ي ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فيها القليل من املاء‪ .‬إّّنا‪ ،‬لو مسحت‪ ،‬فإنّنا سنشرب هذا املاء‪ِ ،‬‬
‫ومن ُثّ ّنألها‪».‬‬

‫لدي حليب‬
‫أود لو أنّه كان ّ‬ ‫«نعم‪ ،‬اي بين‪ ،‬نعم‪ .‬ويزعجين أنّين ال أملك سوى املاء أق ّدمه لكم‪ُّ .‬‬
‫لكنت عل استعداد كي أُق ِّدم لكم أل ّذ ما ميكن أن‬ ‫ِ‬
‫كنت أُطعم ابين يوضاس‪ُ ،‬‬ ‫يف صدري‪ ،‬كما حني ُ‬
‫لكن‬ ‫ِ‬
‫أود لو كان معي مخر‪ ،‬من أفضل األنواع‪ ،‬ألمنحكم ّقوة‪ .‬و ّ‬ ‫يوجد على وجه األرض‪ :‬حليب أ ُّم‪ُّ .‬‬
‫مراين اليت ألليشع عجوز وفقرية‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 625 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫« ِ‬
‫ب‪ُُ ».‬ييب يسوع وهو يشرب ّأوالً من ّ‬
‫إيل َمخر وحليب‪ ،‬ألنّه أُعط َي حب ّ‬
‫ماؤك هو ابلنسبة َّ‬
‫شرب اآلخرون‪.‬‬
‫اليت َدفَـ َعها إليه يوحنّا‪ُ .‬ثّ يَ َ‬
‫الحظ ّأّنم‪ ،‬عندما فَرغوا ِمن‬ ‫كأّنا تنظر إىل اجلنّة‪ .‬وتُ ِ‬
‫العجوز‪ ،‬اليت ّنضت أخرياً‪ ،‬تنظر إليهم و ّ‬
‫همون إبراقة ما بقي من املاء‪ ،‬ليذهبوا إىل النبع اجلاري يف طرف الطريق‪ ،‬عندئذ تعرتضهم‬ ‫الشرب‪ ،‬يَ ّ‬
‫ابجلرة قائلة‪« :‬ال‪ ،‬ال‪ .‬إ ّن هذا املاء الذي َش ِرب منه هو هلو أقدس ِمن ماء التطهري‪.‬‬ ‫وهي متسك ّ‬
‫لدي غريها‪،‬‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫سآخذها‬ ‫«‬ ‫قائلة‪:‬‬ ‫ة‬
‫ابجلر‬ ‫ك‬ ‫طهروين به عند مويت‪ »..‬وُمت ِ‬
‫س‬ ‫سأحتفظ به بعناية لِيُ ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ك على بيت فليبّس‪ ».‬وُهترول وهي منحنية‪ ،‬واالبتسامة‬ ‫وسأمألها‪ .‬إّّنا تعال ّأوالً أيّها الق ّديس‪ ،‬ألدلّ َ‬
‫تتأججان فرحاً‪ُ ،‬هترول وهي متسك أبحد أطراف معطف‬ ‫املتغضن‪ ،‬ويف عينيها اللتني ّ‬ ‫ّ‬ ‫على وجهها‬
‫ابجلرة‪ُ ،‬مقا ِومة إحلاح ُّ‬
‫الر ُسل الذين‬ ‫وتتمسك ّ‬ ‫ّ‬ ‫يسوع بني أصابعها‪ ،‬كما لو كانت ُتشى أن يهرب منها‪،‬‬
‫كانوا يريدون أن ُخي ّففوا عنها هذا احلِمل‪ُ .‬هترول ُمغتَبِطة‪ ،‬وهي تَنظُر إىل الطريق اخلالية اخلاوية‪ ،‬وبيوت‬
‫ظرة فاتِ ٍح َسعيد بنصره‪.‬‬‫أربيال املغلقة عند بدء حلول املساء‪ ،‬نَ َ‬
‫أخرياً يتم العُبور من ذلك الدرب الفرعي إىل درب آخر أكثر مركزيّة‪ ،‬حيث أُانس يُس ِرعون يف‬
‫ّتمع‬
‫الحظها الناس بدهشة‪ ،‬يُشريون إليها أبصابعهم‪ ،‬وينادوّنا‪ .‬وهي‪ ،‬بعد انتظار ُّ‬ ‫العودة إىل بيوهتم‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫كل مكان‪ ،‬وقبل ّ‬ ‫حلقة ال أبس هبا من الناس‪ ،‬تصيح‪« :‬معي ماسيا فليبّس‪ .‬اجروا وانشروا اخلََرب يف ّ‬
‫حّت ينقطع نـَ َفسها‪ّ .‬إّنا تعرف‬
‫شيء يف بيت يعقوب‪ .‬وليكونوا جاهزين لتكرمي الق ّديس‪ ».‬تَصيح ّ‬
‫كيف ّتعلهم يُطيعوّنا‪ .‬إنّه أوان استالم العجوز صغرية الق ّد واملسكينة‪ ،‬الوحيدة واملغمورة‪ ،‬زمام قيادة‬
‫كل املدينة ألمرها‪.‬‬
‫هتتز ّ‬
‫الشعب‪ .‬وها هي تَـَرى كيف ّ‬
‫ضع يده على‬
‫يسوع الذي يَفوقها طوالً كثرياً يبتسم هلا‪ ،‬عندما تَنظُر إليه بني آونة وأخرى‪ ،‬ويَ َ‬
‫رأسها اهلَِرم‪ُ ،‬مالطفاً ّإايها كابن‪ ،‬مما ُيعلها تطري ِمن الفرح‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 626 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ممر طويل‪ ،‬ميوج‬
‫ومضاء‪ ،‬بعد الباب ّ‬‫بيت يعقوب يف أحد الشوارع املركزيّة‪ .‬مفتوح على مصراعيه ُ‬
‫ظهر يسوع على الدرب‪ .‬التلميذ الشاب فليبّس‪،‬‬
‫فيه الناس ومعهم املصابيح‪ ،‬وخيرجون فرحني‪ ،‬حاملا يَ َ‬
‫ُثّ األ ُّم واألب‪ ،‬فاألهل واخلُ ّدام واألصحاب‪.‬‬

‫بجله جاثية‪،‬‬‫ِ‬
‫يتوقّف يسوع ويَ ّرد بعظمة على حتيّة يعقوب العميقة‪ُ ،‬ثّ ينحين على أ ُّم فليبّس اليت تُ ّ‬
‫ع مع‬ ‫ِ‬
‫إلميانك‪ُ ».‬ثّ ُُييّي التلميذ الذي َهَر َ‬ ‫يُن ِهضها ويباركها ويقول هلا‪« :‬كوين سعيدة على الدوام‬
‫وحتافِظ على‬‫كل شيء‪ ،‬ال تُفلِت ذيل املعطف‪ُ ،‬‬ ‫صديقه الذي ُُييّيه يسوع كذلك‪ .‬مراين العجوز‪ ،‬رغم ّ‬
‫ِ‬
‫تئن‪« :‬الربكة ألكون سعيدة!‬ ‫هموا بوضع ال ِرجل يف الفناء‪ .‬حينئذ ّ‬ ‫مكاّنا ابلقرب من يسوع إىل أن يَ ّ‬
‫كل هذا الشيء اجلميل قد انتهى!» واي له ِمن‬ ‫أنت تبقى هنا‪ ...‬وأان أمضي إىل بييت الفقري‪ ...‬و ّ‬ ‫اآلن َ‬
‫َغ ّم يف صوهتا اهلَِرم‪.‬‬
‫يعقوب الذي ح َّدثَته زوجته بنعومة يقول‪« :‬ال‪ ،‬اي مراين اليت ألليشع‪ .‬ابقي‪ِ ،‬‬
‫أنت كذلك‪ ،‬يف‬ ‫َ‬
‫بييت كما لو ِ‬
‫كنت تلميذة‪ .‬أقيمي ما أقام املعلّم‪ ،‬وكوين سعيدة‪».‬‬

‫فإنك تُد ِرك معىن احملبّة‪».‬‬


‫كك هللا‪ ،‬أيّها الرجل‪َ .‬‬
‫«ابر َ‬
‫رد بعض‬ ‫ِ‬
‫علي وأحببتين‪ .‬وأان ال أفعل سوى ّ‬‫أنعمت َّ‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫قادتك إىل بييت‪ .‬و َ‬
‫َ‬ ‫«اي معلّم‪ ...‬لقد‬
‫الكثري الذي نِلتُه َ‬
‫منك‪ ،‬ولو بطريقة متواضعة دائماً‪ .‬ادخل‪ ،‬ادخلوا‪ ،‬وأهالً وسهالً بكم يف بييت‪».‬‬

‫كالمك‪».‬‬
‫َ‬ ‫وتَراه اجلموع اليت يف اخلارج‪ ،‬على الدرب‪ ،‬وتَصيح‪« :‬وحنن؟ نريد مساع‬

‫ط الليل‪ .‬وأنتم ُمتعبون‪ .‬هيِّئوا أنفسكم ابسرتاحة مقدَّسة‪ ،‬وغداً ستسمعون‬


‫يعود يسوع‪« :‬لقد َهبَ َ‬
‫صوت هللا‪ .‬واآلن فلريافقكم السالم والربكة‪ ».‬ويُغلَق الباب على ِغبطة ذاك البيت‪.‬‬

‫الس َفر‪« :‬ميكن أنّه كان من األفضل‬


‫للرب أثناء التطهري الذي يَع ُقب َّ‬
‫يعقوب بن زبدى يقول ّ‬
‫الفريسيّون يف املدينة‪ .‬فليبّس قال يل ذلك‪ .‬سوف يُسبِّبون َ‬
‫لك‬ ‫التح ّدث مباشرة والرحيل عند الفجر‪ّ .‬‬
‫املتاعب‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 627 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«الذين كان من املمكن أن يَن َـز ِعجوا منهم بَعيدون اآلن‪ .‬واملتاعب اليت ميكن أن يُسبِّبوها يل ال‬
‫احلب إللغائها‪…».‬‬
‫قيمة هلا‪ .‬هناك ّ‬
‫الر ُسل‪ .‬العجوز يف اخللف‪ .‬لقاء أهايل‬
‫يف صباح اليوم التايل‪ ...‬اخلروج ال َفرِح وسط أهل فليبّس و ُّ‬
‫أربيال الذين ينتظرون بصرب‪ .‬الوصول إىل الساحة الرئيسيّة حيث بدأ يسوع احلديث‪:‬‬

‫«يُقرأ يف الفصل الثالث ِمن ِسفر عزرا ما أعيده عليكم اآلن هنا‪" :‬وملا كان الشهر السابع‪"...‬‬
‫(يقول يل يسوع‪ :‬ال تضيفي شيئاً فأان أُردد كالم ِ‬
‫الس ْفر حبذافريه")‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫آت ألعيدكم إىل أرض أبيكم وإىل‬ ‫مّت يعود شعب إىل وطنه؟ عندما يعود إىل أرض آابئه‪ .‬أان ٍ‬
‫ٌ‬
‫آت إذن ألقودكم إىل ملكوت هللا‪،‬‬ ‫ُرسلت هلذا الغرض‪ .‬أان ٍ‬ ‫ِ‬
‫ملكوت اآلب‪ .‬وأستطيع ذلك ألنّين أ ُ‬
‫الرب‪ ،‬وُيسن أن‬ ‫تصح مقارنتكم أبولئك الذين أُعيدوا مع زرّاببل إىل وطنهم أورشليم‪ ،‬مدينة ّ‬ ‫وابلتايل ّ‬
‫أفعل معكم كما فَـ َع َل الكاتب عزرا مع الشعب ال ُـمجتَ ِمع ِمن جديد عند اجلدران املق ّدسة‪ .‬ذلك أ ّن‬
‫للرب‪ ،‬إّّنا بدون إعادة بناء النُّفوس اليت تُشبِه ُمدانً صغرية كثرية هلل‪ ،‬إ ْن‬
‫إعادة بناء مدينة وتكريسها ّ‬
‫هي ّإال محاقة ال مثيل هلا‪.‬‬

‫كيف العمل إلعادة بناء تلك املدن الروحيّة الصغرية اليت ساِهت أسباب كثرية يف تدمريها؟ ما‬
‫هي املو ّاد الواجب استخدامها جلعلها متينة‪َ ،‬جيلة وتدوم؟‬

‫الرب‪ ،‬هي الوصااي العشر‪ ،‬وتعرفوّنا‪ ،‬أل ّن فليبّس‪ ،‬ابنكم وتلميذي‪ ،‬قد ذَ َّكركم‬
‫املو ّاد‪ ،‬يف تعاليم ّ‬
‫صر‬
‫كنفسك"‪ .‬هذا هو ُُمتَ َ‬
‫َ‬ ‫كيانك‪ .‬أحبِب قر َ‬
‫يبك‬ ‫َ‬ ‫بكل‬
‫الرب ّ‬ ‫َقدس وصيّتني فيها‪" :‬أحبِب ّ‬ ‫هبا‪ .‬وأ َ‬
‫القوة على‬ ‫احلب تكمن ّ‬
‫الشريعة‪ ،‬وهذا ما أَكرز به‪ ،‬ألنّه هبذا يتأ ّكد اكتساب املرء مللكوت هللا‪ .‬يف ّ‬
‫القوة على الصفح‪ ،‬القدرة على البطولة يف الفضيلة‪.‬‬ ‫احملافظة على القداسة‪ ،‬أي أن يصبح املرء ق ّديساً‪ّ ،‬‬
‫احلب هو‪.‬‬
‫كل شيء يف ّ‬ ‫ّ‬
‫ليس اخلوف هو الذي ُخيلِّص‪ .‬اخلوف ِمن دينونة هللا‪ ،‬اخلوف ِمن العقوابت البشريّة‪ ،‬واخلوف‬
‫ِمن األمراض‪ .‬فاخلوف ليس بَـنّاء على اإلطالق‪ .‬إنّه يُسبّب االّنيار‪ ،‬والتف ّكك والتص ّدع والدمار‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 628 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫التصرفات السيّئة‪ ،‬إنّه ُيمل فقط على اخلشية‪ ،‬إّّنا‬ ‫إلخفاء‬ ‫داع‬‫اخلوف يقود إىل اليأس‪ ،‬يقود إىل اخلِ‬
‫ّ‬
‫الشر يكون قد أصبَ َح فينا‪َ .‬من يُفكر‪ ،‬عندما يكون يف‬
‫فقط عندما تصبح اخلشية عدمية اجلدوى‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫يتصرف حبذر رأفة جبسده؟ ال أحد‪ .‬ولكن عندما تسري يف العروق ّأول رعشة ُمحّى‪،‬‬ ‫الصحة‪ ،‬أن ّ‬
‫متام ّ‬
‫ُيل اخلوف‪َ ،‬ك َه ّم يُضاف إىل املرض‪ ،‬وقدرة على التفتّت يف‬
‫أو توحي بقعة أبمراض خبيثة‪ ،‬حينئذ ّ‬
‫جسد أصبح املرض يفتّته‪.‬‬

‫احلب َُيلب الرجاء‬


‫اص‪ّ .‬‬ ‫احلب على العكس‪ ،‬بـَنّاء هو‪ .‬إنّه يبين‪ ،‬يُثبّت‪ ،‬يَقي‪ُُ ،‬يافظ على الرت ّ‬ ‫ّ‬
‫احلب َُيمل على احلذر ِمن ذات اإلنسان الذي ليس هو مركز الكون‪ ،‬كما‬ ‫الشر‪ّ .‬‬ ‫احلب يَطرد ّ‬ ‫ابهلل‪ّ .‬‬
‫صرف األاننيّون‪ُُِ ،‬مبّو ذواهتم املزيّفون‪ ،‬ذلك ّأّنم ال ُُيبّون سوى جزء من ذواهتم‪ :‬اجلزء األق ّل‬
‫يعتقد ويت ّ‬
‫صحة‬‫مسواً‪ ،‬على حساب اجلزء اخلالد واملق ّدس؛ بينما الواجب يقتضي العناية الدائمة هبا حلفظها يف ّ‬ ‫ّ‬
‫جيّدة‪ ،‬ابلقدر الذي يريده هللا‪ ،‬ليكون املرء انفعاً لنفسه وألهله ومدينته ووطنه أبكمله‪ .‬ال ميكن حتاشي‬
‫كل مرض هو نتيجة رذيلة أو عقاب‪.‬‬ ‫اإلصابة ابألمراض ّنائيّاً‪ .‬ومل يقل أحد إ ّن ّ‬
‫كل‬ ‫املتعة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫رسلها الرب ألبراره لكي ِ‬
‫يوجد يف العامل‪ ،‬الذي ُيعل ِ‬ ‫هناك األمراض املقدَّسة اليت ي ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وهم الذين‬ ‫كل شيء خلدمته‪ ،‬ق ّديسني يُشبِهون رهائن احلرب خلالص اآلخرين‪ُ ،‬‬ ‫ذاته‪ ،‬والذي َُي َعل ّ‬
‫كل يوم‪ ،‬واليت تنتهي أبن هتوي على‬ ‫العامل‬ ‫تكبها‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫اليت‬ ‫اخلطااي‬ ‫عن‬ ‫ر‬ ‫يس ِّددون ِمن شخصهم ما يك ِّ‬
‫ف‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قصة موسى الذي إذ أصبَ َح شيخاً‪ ،‬وكان يصلّي‪ ،‬بينما‬ ‫اإلنسانيّة دافنة ّإايها حتت لَعنَتها‪ .‬هل تتذ ّكرون ّ‬
‫الرب؟ عليكم أن تعرفوا أ ّن الذي يتأ ّمل بقداسة خيوض أعظم املعارك ض ّد أعّت‬ ‫كان يشوع ُيارب ابسم ّ‬
‫شر‪ ،‬وأنّه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ّ‬ ‫ُُمارب يف العامل‪ُ ،‬مستَرت حتت مظاهر الناس والشعوب‪ ،‬ض ّد الشيطان‪ ،‬املع ّذب‪ ،‬أصل ّ‬
‫رسلها هللا‪،‬‬‫ُُيا ِرب ِمن أجل كل البشر اآلخرين‪ .‬ولكن كم يبلغ الفرق بني هذه األمراض املق ّدسة اليت ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫احملسنة؛‬ ‫ِ‬
‫احلسيّة! األوىل‪ ،‬برهان على مشيئة هللا ّ‬ ‫حب آُثّ للمتع ّ‬ ‫وتلك اليت تُسبّبها الرذائل‪ ،‬نتيجة ّ‬
‫والثانية‪ ،‬برهان على الفساد الشيطاينّ‪.‬‬

‫احلب َخيلِق‪ ،‬يَصون ويُق ِّدس‪.‬‬


‫ُيب ليكون ق ّديساً‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫إذن‪ُ ،‬يب على املرء أن ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 629 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫للرب‬
‫كرس هو ّ‬ ‫أان كذلك‪ ،‬إذ أُعلِن لكم هذه احلقيقة‪ ،‬أُكلّمكم ِمثل حنميا وعزرا‪" :‬هذا اليوم ُم َّ‬
‫الرب‪ ...‬املوت يَفقد‬‫كل حزن يتوقّف عندما يعيش املرء يوم ّ‬ ‫إهلنا‪ .‬فال حزن وال دموع"‪ .‬ذلك أ ّن ّ‬
‫قسوته‪ ،‬أل ّن فقدان ابن أو زوج أو أب أو أ ُّم أو أَخ‪ ،‬يُصبِح فراقاً آنيّاً وُمدوداً‪ .‬آنيّاً‪ ،‬ألنّه ينتهي مبوتنا‪.‬‬
‫اس‪ّ .‬أما النَّفس فال تفقد شيئاً مبوت قريب َمخَ َدت حركته‪.‬‬ ‫ُمدوداً‪ ،‬أل ّن حدوده تنتهي عند اجلسد واحلو ّ‬
‫ولكن على العكس‪ ،‬فإ ّن احلريّة ال ُحتَ ّد ّإال من جهة واحدة‪ :‬جهة الباقي على قيد احلياة الذي ما تزال‬
‫نفسه أسرية اجلسد‪ ،‬بينما الطرف اآلخر‪ ،‬الذي َع ََرب إىل احلياة األخرى‪ ،‬فإنّه يتمتّع ابحلريّة‪ ،‬وإبمكانيّة‬
‫السهر علينا وكسبنا أكثر‪ ،‬أكثر كثرياً ممّا كان عليه يوم كان ُيبّنا وهو يف ِسجن اجلسد‪.‬‬

‫حصة للذين‬ ‫ا‬


‫و‬ ‫ل‬ ‫أقول لكم ِمثل حنميا وعزرا‪" :‬اذهبوا وُكلوا حلماً د ِمساً واشربوا نبيذاً حلواً‪ ،‬وأ ِ‬
‫َرس‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الرب‪،‬‬
‫للرب‪ ،‬وُيب ّأال يتأ ّمل أحد يف هذا اليوم‪ .‬ال َحتَزنوا‪ ،‬أل ّن فرح ّ‬ ‫ليس لديهم‪ ،‬فهذا يوم مقدَّس ّ‬
‫الرب تعاىل داخل جدرانه ويف قلبه"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الذي هو فيما بينكم‪ ،‬هو ّقوة للذي يتقبّل النعمة من ّ‬
‫مل يـَعُد إبمكانكم صنع خيمة اتبوت العهد‪ .‬لقد مضى عليها الزمن‪ ،‬إّّنا أقيموا خياماً روحيّة يف‬
‫قلوبكم‪ .‬تسلّقوا اجلبل‪ ،‬وهذا يعين أن تَرقوا صوب الكمال‪ .‬اقطفوا أغصان زيتون وآس وُنيل وبلّوط‬
‫وزوىف ومن َجيع األنواع األَجل ِمن األشجار‪َ .‬سعف َُنل فضائل السالم والطهارة والبطولة و ّ‬
‫التقشف‬
‫الرب‪ .‬خيام اتبوت عهده‬ ‫كل الفضائل‪َ .‬زيِّنوا أرواحكم وأنتم حتتفلون بعيد ّ‬ ‫كل‪ّ ،‬‬
‫القوة والرجاء والعدل و ّ‬
‫و ّ‬
‫الرب‪ .‬واليوم‪ ،‬معي‪ ،‬و ِطّدوا‬ ‫تنتظركم‪ .‬وهي َجيلة ومق ّدسة وأزلية ومن َفتِ‬
‫كل الذين ُييون يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫على‬ ‫حة‬ ‫ّ‬
‫العزم على التوبة عن املاضي وبدء حياة جديدة‪.‬‬

‫الرب‪ .‬إنّه يناديكم ألنّه ُيبّكم‪ .‬ال ُتافوا‪ .‬كونوا أبناءه كما ُهم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أي شيء من قبَل ّ‬ ‫ال ُتافوا من ّ‬
‫َوج َد ابراهيم وموسى‪ ،‬وفَـتَ َح البحر‬ ‫ِ‬
‫كل الذين يف إسرائيل‪ .‬فَمن أجلكم كذلك َج َع َل اخلليقة والسماء‪ ،‬وأ َ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫وخلَ َق الغيوم لتشري إىل الطريق‪ ،‬ونـََزَل ِمن السماء ليعطي الشريعة‪َّ ،‬‬
‫أخص َ‬
‫املن‪ ،‬و َ‬ ‫الس ُحب ليُمطر ّ‬
‫وشق ُّ‬ ‫َ‬
‫احلي ِمن السماء ليُشبع جوعكم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اخلبز‬ ‫ل‬ ‫الصخر ليمنحكم املاء‪ .‬واآلن‪ ،‬آه! اآلن ِمن أجلكم أيضاً ي ِ‬
‫رس‬‫ُ‬
‫الكرمة احلقيقيّة ونبع احلياة اخلالدة إلرواء عطشكم‪ .‬وبفمي يقول لكم‪" :‬ادخلوا لتملكوا األرض اليت‬
‫عت عليها يدي ألعطيكم ّإايها"‪ .‬أرضي الروحيّة‪ :‬ملكوت السماوات‪».‬‬ ‫َرفَ ُ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 630 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتبادل الناس كلمات محاسية‪ُ ...‬ثّ ها هم املرضى‪ .‬كثريون ج ّداً‪ .‬يرتّبهم يسوع على نَ َسقني‪،‬‬
‫شفهم؟»‬ ‫وبينما يتم هذا‪ ،‬يتوجه ابلسؤال إىل فليبس الذي ِمن أربيال‪« :‬ملاذا مل تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يديك‪».‬‬
‫حظيت به أان‪ :‬الشفاء على َ‬
‫ُ‬ ‫«ليحظوا مبا‬

‫الصم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫تتكرر‪ :‬العميان يُبصرون و ّ‬
‫مير يسوع ُمباركاً املرضى‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ ،‬واملعجزة االعتياديّة ّ‬
‫ّ‬
‫الوهن خيتفي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫احلمى تسقط و َ‬‫سمعون والبكم يَنطقون واألحدب ينتَصب و ّ‬ ‫يَ َ‬
‫الفريسيّان اللذان كاان قد مضيا إىل بصرى مع‬
‫انتهت الشفاءات‪ُ .‬ثّ‪ ،‬بعد آخر مريض‪ ،‬هناك ّ‬
‫لك اي معلّم‪ .‬وحنن أفال تقول لنا شيئاً؟»‬
‫اثنني آخرين‪« :‬السالم َ‬
‫ثت إىل اجلميع‪».‬‬
‫« لقد حت ّد ُ‬
‫«ولكنّنا مل نكن يف حاجة إىل مثل ذلك الكالم‪ .‬فنحن ق ّديسو إسرائيل‪».‬‬

‫«لكم‪ ،‬اي َمن أنتم ُمعلِّمون‪ ،‬أقول‪" :‬تباحثوا فيما بينكم ابلفصل التايل‪ :‬الفصل التاسع ِمن كِتاب‬
‫استعم َل هللا الرمحة معكم‪ ،‬وقولوا وأنتم تقرعون صدوركم‪ ،‬كما لو كانت‬
‫َ‬ ‫مرة‬
‫عزرا الثاين‪ ،‬متذ ّكرين كم ّ‬
‫صالة‪ُ ،‬خالصة الفصل‪».‬‬

‫وتالميذك‪ ،‬هل يفعلون ذلك؟»‬


‫َ‬ ‫قلت اي معلّم!‬
‫قلت‪ ،‬حسناً َ‬
‫«حسناً َ‬
‫َصّر عليه‪».‬‬
‫«نعم‪ ،‬وهذا ّأول شيء أطلبه وأ ُ‬
‫صفوفك؟»‬
‫َ‬ ‫حّت ال َقتَـلَة الذين يف‬
‫«اجلميع؟ ّ‬
‫شمون رائحة الدم؟»‬
‫«هل تَ ّ‬
‫«إنّه صوت يهتف إىل السماء‪».‬‬

‫«اجتهدوا‪ ،‬إذن‪ ،‬على ّأال تقتدوا ِمبَن يُريقه‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 631 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«حنن لسنا قَـتَـلَة‪».‬‬

‫ُُي ّدق فيهم يسوع ُُم َِرتقاً ّإايهم بِنَظَره‪ .‬ال يتجاسرون على إضافة كلمة واحدة‪ ،‬لبعض الوقت‪،‬‬
‫يظن أ ّن عليه دعوهتم للدخول واملشاركة يف الوليمة‪.‬‬
‫ولكنّهم يَتبَعون اجلمع العائد إىل بيت فليبّس الذي ّ‬
‫بكل طيب خاطر! سنمكث مع املعلّم م ّدة أطول‪ ».‬يقولوّنا إبجالل عظيم‪.‬‬
‫« ّ‬
‫االّتاهات‪ ،‬يطرحون‬‫كل ّ‬ ‫حّت بَدوا كالشرطة‪ ...‬ينظرون يف ّ‬ ‫صلوا إىل البيت‪ّ ،‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ما إن َو َ‬
‫حّت على العجوز اليت تبدو يل أ ّّنا منجذبة إىل يسوع كما قطعة احلديد‬ ‫األسئلة املاكرة على اخلُ ّدام‪ّ ،‬‬
‫إىل املغناطيس‪ .‬ولكنّها ُّتيب حبيوية‪« :‬أان‪ ،‬أمس‪ ،‬مل َأر غريهم‪ .‬أنتم َحتلُمون‪ .‬أان‪ ،‬رافقتهم إىل هنا‪ ،‬ومل‬
‫يكن بينهم ِسوى يوحنّا واحد‪ :‬إنّه ذاك الصيب األشقر والطيّب كاملالك‪».‬‬

‫يرد عليهم‬ ‫ِ‬


‫ويتحولون إىل ّاّتاه آخر‪ .‬ولكن أحد اخلُ ّدام‪ ،‬من غري أن ّ‬
‫صعقون العجوز بشتائمهم‪ّ ،‬‬ ‫يَ َ‬
‫األندوري؟ إ ّن هذا السيّد يبحث‬
‫ّ‬ ‫مباشرة‪ ،‬ينحين ليتح ّدث إىل سيّد البيت اجلالس‪ ،‬ويسأله‪« :‬أين يوحنّا‬
‫عنه‪».‬‬

‫لكن يسوع على اطّالع بنواايهم‪ ،‬وُيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يسي إىل اخلادم نظرة صاعقة‪ ،‬ويَعتَربه أبلهاً‪ .‬و ّ‬
‫الفر ّ‬
‫يَنظُر ّ‬
‫يسي حينئذ‪« :‬كان ذلك كي نَبتَ ِهج مبعجزة تعليمك تلك‪،‬‬ ‫معاجلة املوقف قدر املستطاع‪ .‬فيقول الفّر ّ‬
‫اي معلّم‪ ،‬وّننّئك على تلك اهلِداية‪».‬‬

‫«لقد ابتَـ َعد يوحنّا لألبد‪ ،‬وسيبتعد أكثر فأكثر‪».‬‬

‫«هل عاد إىل السقوط خبطيئته؟»‬

‫«ال‪ ،‬بل هو يرتقي إىل السماء‪ .‬اقتدوا به‪ ،‬وستُالقونه يف احلياة األخرى‪».‬‬

‫غريون احلديث ِحبَ َذق‪ .‬يُعلِن اخلُ ّدام أن الوليمة جاهزة‪،‬‬


‫ال يعود األربعة يعرفون ماذا يقولون‪ ،‬فيُ ِّ‬
‫عرب اجلميع إىل قاعة االحتفال‪.‬‬
‫ويَ ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 632 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يتأجج األمل بش ّدة‪ ...‬ومن سيستقبلين؟ أان السيّئة ج ّداً‪ ،‬وقد ََنََرين عذاب الشيطان‬‫ّإهنا احلقيقة‪ّ .‬‬
‫لمح‬‫ِ‬
‫علي بشكل آخر‪ ،‬فإنّه يعاملين هكذا‪ :‬يُ ّ‬ ‫كالدودة الناخرة؟ إنّه ال مينحين هدنة‪ .‬وألنّه ال يستطيع التأثري ّ‬
‫لكنت‬
‫ُ‬ ‫علي‪ .‬هل يَعلَم أنّه لو كان استطاع إقناعي‪،‬‬
‫وميلي ّ‬‫يل أنّين أان َمن تَكتُب‪ ،‬وليس يسوع هو َمن يُريين ُ‬
‫ومن‬‫انكفأت ِمن جديد يف وحديت ويف هلَعي ِمن َكوين اقرتفت خطيئة‪ ،‬ولكان انتابين اخلوف ِمن املوت ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ذهلين ج ّداً بطروحاته اليت ال تنتهي نأنّين‪ ،‬عندما يضع يسوع ح ّداً للرؤاي‬‫الدينونة؟ آه! كم يع ّذبين! إنّه ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اخلاصة‪ ،‬أي بفائق الطبيعة هذا الذي يُغلّفين وَيعل‬
‫كل إمكانيّة لالستمتاع مبا هو حيايت ّ‬ ‫ولكالمه‪ ،‬فإنّين أفقد ّ‬
‫مين "الناطقة ابسم"‪.‬‬
‫ّ‬

‫لدي كذلك هذه‬‫الوقائع مجيلة؟ يف املاضي‪ ،‬كانت ّ‬ ‫أنتم اي َمن تقرأون‪ ،‬هل تبدو لكم هذه‬
‫شيئاً‪ .‬عبثاً أِبث وأُفتّش أيضاً عن اجلُّ َمل اليت كانت‪،‬‬ ‫االنطباعات‪ .‬واآلن‪ ،‬عدا الناحية الفنّية‪ ،‬ال أختَِّب‬
‫حينما قيلت يل‪ ،‬ترفعين إىل درجة الغبطة‪ .‬عبثاً أف ّكر وأعاود التفكري ابألوضاع اليت كانت عذوبتها تصعقين‬
‫كل شيء إىل رماد‪ .‬الفردوس‪ ،‬هو فردوس‪ ،‬وقد فَ َق َد روعته‪،‬‬ ‫وحتو َل ّ‬
‫كل شيء‪َّ ،‬‬ ‫كنت أراها‪ ...‬لقد َخبا ّ‬‫عندما ُ‬
‫بكل أنواره‪ ،‬وأانشيده‪ ،‬وعذوبته‬ ‫ي‬ ‫إاي‬ ‫ا‬
‫ً‬‫ر‬ ‫أو ابألحرى يفتح طاملا تدوم خدميت اليومية كناطقة ابسم‪ِ ،‬‬
‫غام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫كل شيء إبحكام‪ ،‬وأُغلَّف‪ ،‬ألغرق يف ضباب الظُّلمة‪ ،‬بدون ّ‬
‫أي‬ ‫وفرحه‪ُ .‬ثّ‪ ،‬حينما ينتهي العمل‪ ،‬يُغلق ّ‬
‫صوت‪ ،‬عدا صوت الشك والنَّفي الذي يلسعين ويهزأ يب‪ .‬أليس هذا أملاً عظيماً؟ ومع ذلك ال ُّ‬
‫أود أن أقنط‬
‫وأرزح حتت عبء‬ ‫نه َكة‪َ ،‬‬‫خاصة اآلن‪ ،‬وأان ُم َ‬
‫وأقول‪" :‬ال شأن يل هبذا‪ ،‬إنّه عملي‪ ".‬ال‪ ،‬هذا ليس عملي‪ّ ،‬‬
‫جاهلة أُخرى كثرية غريها‪ ،‬لس إبمكاين فعل ذلك‪ .‬فأان‪ ،‬يف حالة الضُّعف اجلسماينّ الذي أان‬ ‫أمور كثرية‪ِ ،‬‬
‫فيه‪ ،‬واحلزن الوجداينّ‪ ،‬ال ميكنين اختبار شيء غري الغَثَيان ِمن ذلك‪ ،‬وال أكتُب شيئاً‪ .‬فما ّد ّايً‪ ،‬استحالة‬
‫ومعنوايً‪ ،‬امشئزاز من التفكري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التفكري‪،‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 633 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -160‬أثناء الذهاب إىل عرا)‬

‫‪1945 / 10 / 06‬‬

‫أربيال هي أيضاً قد أصبحت بعيدة جداً اآلن‪ .‬بني اجملموعة اليت تُرافِق يسوع‪ ،‬هناك فليبّس‬
‫بيلي والتلميذ اآلخر الذي أمسعهم يُنادونه مرقس‪.‬‬
‫األر ّ‬
‫املؤدية إىل‬ ‫ِ‬
‫الطريق ُموحلة‪ ،‬كما لو ّأّنا أمطََرت كثرياً‪ .‬السماء رمادية‪ّ .‬نر صغري يقطع الطريق ّ‬
‫عرا‪ .‬وإذ قد امتأل ِمن األمطار اليت َهطَلَت ابلتأكيد على املنطقة‪ ،‬فهو حتماً ليس بلون زرقة السماء‪،‬‬
‫مرت على أرض حديديّة‪.‬‬ ‫يتلون ابألصفر الضارب إىل احلُمرة‪ ،‬كما لو أنّه كان ُيمل مياهاً َّ‬
‫بل ّ‬
‫إليهن‪ ،‬الوقت غري مالئم‬
‫أحسنت صنعاً بصرف النساء‪ .‬ابلنسبة ّ‬ ‫َ‬ ‫كفهر‪.‬‬
‫اجلو اآلن ُم ّ‬
‫«إ ّن ّ‬
‫للسفر‪ ».‬يقول يعقوب أبسلوب احلِ َكم‪ .‬ومسعان الغيور الوادع أبداً يف تسليمه املطلَق للمعلّم‪ ،‬يُ ِّ‬
‫صرح‪:‬‬
‫فعل‪ .‬فهو ليس عدمي الذكاء مثلنا‪ .‬إنّه يـََرى ويُق ِّدر ك ّل شيء ملا هو‬‫كل ما يَ َ‬
‫ِ‬
‫«املعلّم ُُيسن عمالً يف ّ‬
‫أفضل‪ ،‬لنا حنن أكثر منه لنفسه‪».‬‬

‫أحب‬
‫أنت ُّ‬ ‫ِ‬
‫ويوحنّا‪ ،‬السعيد لكونه إىل جانبه‪ ،‬يَنظُر إليه من أسفل بوجهه الباسم ويقول‪َ « :‬‬
‫ك األقدس‪».‬‬
‫صلنا وحنصل وسنحصل عليه‪ ،‬فضالً عن أنّ َ‬ ‫أفضل معلّم َح َ‬
‫و َ‬
‫ألندوري مل‬
‫ّ‬ ‫ساع َد يف إقناعهم أ ّن يوحنّا ا‬
‫وحّت سوء الطقس َ‬
‫الفريسيّون‪ ...‬اي للخيبة! ّ‬
‫«أولئك ّ‬
‫األندوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يتصرفون هكذا معه؟» يَسأل هرمست الذي يَعطف كثرياً على يوحنّا‬
‫يكن هنا‪ .‬ولكن ملاذا ّ‬
‫َمرد أداة يستعملوّنا ض ّدي‪».‬‬
‫ُُييب يسوع‪« :‬حقدهم ليس عليه وال ألجله‪ ،‬ولكنّه ّ‬
‫يقول فليبّس األربيلي‪« :‬حسناً‪ ،‬فإ ّن املياه أكثر َمن أقنَـ َعْتهم أ ّن ال جدوى ِمن االنتظار واالرتياب‬
‫بقائك مخسة ّأايم يف بييت‪».‬‬‫ساه َم كذلك يف َ‬ ‫ِِ‬
‫األندوري‪ .‬ليَعش املاء! فلقد َ‬
‫ّ‬ ‫بيوحنّا‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 634 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫« َمن يدري كم سيكونون قَلِقني يف عرا! عجيب ّأال نرى أخي قادماً ملالقاتنا‪ .‬يقول أندراوس‪.‬‬

‫مّت‪.‬‬
‫«ملالقاتنا؟ بل هو سيأيت بعدان‪ ».‬يقول ّ‬
‫ب إىل البحرية‪ ،‬ومنها‪ ،‬ابملركب إىل بيت‬ ‫ِ‬
‫«ال‪ .‬لقد اتـَّبَ َع طريق البحرية‪ ،‬ذلك أنّه من جدرة َذ َه َ‬
‫صيدا لريى امرأته‪ ،‬ويقول هلا إ ّن الصيب يف الناصرة‪ ،‬وإنّه سيعود بسرعة‪ .‬ومن بيت صيدا إىل مريون‬
‫سيسلك مقطع من طريق دمشق‪ُ ،‬ثّ سيأخذ الطريق إىل عرا‪ .‬فهو حتماً يف عرا‪».‬‬

‫رب!»‬
‫لكن تلك العجوز‪ ،‬اي ّ‬
‫صمت قليل‪ُ ،‬ثّ يقول يوحنّا مبتسماً‪« :‬و ّ‬
‫َ‬
‫يوطي‪ ».‬يُعلّق‬
‫فعلت مع شاوول االسخر ّ‬
‫صدرك كما َ‬
‫َ‬ ‫ك َستَ ِهبها فرح املوت على‬
‫كنت أظنّ َ‬
‫« ُ‬
‫مسعان الغيور‪.‬‬

‫يل‪ .‬لن‬
‫«ال‪ ،‬بل أردت هلا خرياً أعظم‪ ،‬ألنّين أنتظر أن يَفتح املسيح أبواب السماء‪ ،‬ألدعوها إ َّ‬
‫أقل‬
‫أبيك اي فليبّس‪ ،‬ستكون حياهتا ّ‬
‫األم‪ .‬اآلن‪ ،‬هي تعيش ال ّذكرى‪ ،‬مبساعدة َ‬ ‫تنتظرين طويالً‪ ،‬تلك ّ‬
‫أهلك‪».‬‬
‫أنت و َ‬ ‫كك أيضاً َ‬
‫حزانً‪ .‬أابر َ‬
‫ألست‬ ‫ِ‬
‫فَـَرح يوحنّا يُغلّفه غيم كثيف‪ ،‬أكثر من ذاك الذي يغطّي السماء‪ .‬يراه يسوع ويقول‪َ « :‬‬
‫مسروراً أبن أتيت العجوز بسرعة إىل الفردوس؟»‬

‫رب؟»‬
‫ك متضي‪ ...‬ملاذا املوت اي ّ‬
‫لست مسروراً أل ّن هذا يعين أنّ َ‬
‫«بلى‪ ...‬ولكنّين ُ‬
‫كل َمن يُولَد ِمن امرأة ميوت‪».‬‬
‫« ّ‬
‫حل آخر‪ ،‬اي رب؟»‬ ‫ن‬ ‫«أما ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫«آه! ال! َّإّنا كم ستكون هبجة عظيمة ألولئك الذين ينتظرون‪ ،‬الذين سوف أخلِّصهم كإله‪،‬‬
‫والذين قد أحببتهم كإنسان‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 635 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ََْمَراي ماء قريبان ِمن بعضهما ج ّداً‪ ،‬وقد متّ اجتيازِها‪ .‬يبدأ هطول املطر على منطقة السهل الذي‬
‫لتستمر متّجهة‬
‫ّ‬ ‫تستغل الوادي‬
‫ّ‬ ‫ميت ّد أمام املسافرين بعد اجتيازهم الروايب اليت تتقاطع مع الطريق اليت‬
‫صوب الشمال‪.‬‬

‫الغريب‪ ،‬تَرتَ ِسم سلسلة جبال هائلة‪ ،‬تعلوها ُكتَل ضخمة‬


‫يف الشمال‪ ،‬أو ابألحرى يف الشمال ّ‬
‫السحب اليت تُ ِش ّكل قِمماً وِهية على ِ‬
‫الق َمم الصخريّة احلقيقيّة املغطّاة ابلغاابت على املنحدرات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫من ُّ ُ‬
‫وابلثلوج على ِ‬
‫الق َمم‪ .‬ولكنّها سلسلة بعيدة للغاية‪.‬‬

‫«هنا ماء‪ ،‬وهناك يف األعلى ثلج‪ّ .‬إّنا سلسلة جبال حرمون‪ .‬لقد اكتست قممها مبعطف هائل‬
‫ِ‬
‫القمة العليا َجيلة عندما ّتعلها‬
‫اجلو مشمساً يف عرا‪ ،‬فسرتون كم ّ‬
‫ض لنا أن يكون ّ‬ ‫من الثلج‪ .‬إذا قُـيِّ َ‬
‫حب وطنه إىل مديح َجاالت بلدته‪.‬‬
‫الشمس ابللون الوردي‪ ».‬يقول تيمون الذي يدفعه ّ‬
‫مّت‪.‬‬
‫لكن الطقس‪ ،‬يف هذه األثناء‪ ،‬ماطر‪ .‬هل ما تزال عرا بعيدة؟» يَسأل ّ‬
‫«و ّ‬
‫«نعم‪ ،‬لن نصلها قبل ّناية الليل‪».‬‬

‫التحمس للسفر يف مثل ذلك اجل ّو‪.‬‬ ‫ِ‬


‫مّت قليل ّ‬
‫الصحة‪ ».‬يقول ّ‬
‫«فليجنّبنا هللا‪ ،‬إذن‪ ،‬متاعب ّ‬
‫ّإّنم يرتدون معاطفهم‪ ،‬وحتتها حقائب السفر‪ ،‬حلمايتها ِمن البَـلَل‪ ،‬فَـيَحمون بذلك ثياهبم‪،‬‬
‫ليتم ّكنوا ِمن تبديلها لدى وصوهلم‪ ،‬ذلك أ ّن املاء يَسيل ِمن الثياب اليت يرتدوّنا‪ ،‬والوحل يُ ِثقل أرجلهم‪.‬‬

‫يسوع يف املق ّدمة‪ ،‬غارق يف التفكري‪ .‬اآلخرون يَقضمون اخلبز‪ ،‬ويوحنّا ميزح قائالً‪« :‬ال حاجة‬
‫للبحث عن نبع إلرواء العطش‪ .‬يكفي إبقاء الرأس إىل الوراء‪ ،‬والفم مفتوحاً‪ ،‬واملالئكة تعطينا املاء‪».‬‬

‫بيلي ويوحنّا‪ ،‬بروح الدعابة‪ ،‬يقول‪:‬‬


‫هرمست الذي‪ ،‬بسبب شبابه‪ ،‬يتمتّع‪ ،‬هو وفليبّس األر ّ‬
‫ُفضل‪ ،‬يف هذه الرحلة‪ ،‬أن أكون على واحد من‬‫«مسعان بن يوان كان يشتكي ِمن اجلِّمال‪ ،‬ولكنّين أ ِّ‬
‫لك؟»‬
‫املهتزة كما الزالزل‪ ،‬على هذا الوحل‪ .‬ما قو َ‬
‫تلك األبراج ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 636 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت‪ ،‬طاملا يسوع موجود‪»...‬‬
‫َحسن ما يرام‪ ،‬أينما ُ‬
‫ويقول يوحنّا‪« :‬أقول إنّين على أ َ‬
‫شرع الثالثة يتح ّدثون‪ ،‬دون انقطاع‪ ،‬فيما بينهم‪.‬‬
‫ويَ َ‬
‫األربعة األكرب سنّاً َُيثّون اخلطى للّحاق بيسوع‪ .‬واجملموعة الباقية املؤلّفة ِمن تيمون ومرقس‬
‫املؤخرة يتح ّداثن…‬‫ظالن يف ّ‬‫يَ ّ‬

‫«اي معلّم‪ ،‬سيكون يهوذا بن مسعان يف عرا‪ »...‬يقول اندراوس‪.‬‬

‫«ابلتأكيد‪ ،‬ومعه توما ونثنائيل وفليبّس‪».‬‬

‫ويتنهد يعقوب‪.‬‬
‫أحتسر على ّأايم السالم هذه‪ّ ».‬‬
‫«اي معلّم‪ ...‬إنّين ّ‬
‫«ينبغي ّأال تقول هذا اي يعقوب‪».‬‬

‫«أعرف‪ ...‬ولكنّين ال أستطيع منع نفسي‪ »...‬ويُطلِق تنهيدة أخرى‪.‬‬

‫ألست مسروراً لذلك؟»‬


‫«سوف يكون أيضاً مسعان بطرس مع إخويت‪َ .‬‬
‫«أان‪ ،‬ج ّداً! اي معلّم‪ ،‬ملاذا يهوذا بن مسعان ُمتلف كثرياً عنّا؟»‬

‫احلر والربد‪ ،‬النور والظالم؟»‬


‫«ملاذا يتعاقب املطر والشمس‪ّ ،‬‬
‫وإال النتهت احلياة على األرض‪».‬‬
‫«ولكن ألنّه ال ميكن أن يكون الشيء ذاته على الدوام‪ّ ،‬‬

‫أحسنت اي يعقوب‪».‬‬
‫َ‬ ‫«‬

‫«نعم‪ ،‬ولكن هذا ال عالقة له بيهوذا‪».‬‬

‫«أ َِجب‪ .‬ملاذا ال تكون النجوم كلّها مثل الشمس‪ ،‬كبرية‪ ،‬حارة‪َ ،‬جيلة وقادرة؟»‬

‫كل هذه النار‪».‬‬


‫«أل ّن‪ ...‬األرض قد حترتق حتت ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 637 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«ملاذا ال تكون املزروعات كلّها مثل شجرة اجلوز هذه؟ زراعيّاً‪ ،‬كلّها نبااتت‪».‬‬

‫«ألنّه ال ميكن للحيواانت أن أتكل منها‪».‬‬

‫«وإذن‪ ،‬ملاذا ال تكون كلّها كالعشب؟»‬

‫«ألنّه ال يعود لنا َحطَب نُشعِله‪ ،‬وال خشب نبين به بيوتنا‪ ،‬أو نصنع منه ِع َدد الشُّغل والعرابت‬
‫واملراكب واملفروشات‪».‬‬

‫«ملاذا ال تكون الطيور كلّها نسوراً‪ ،‬واحليواانت كلّها فِيَـلَة أو َِجاالً؟»‬

‫«كنّا أصبحنا َجيعنا يف الطّراوة (ورطة)‪ ،‬لو كان األمر هكذا‪».‬‬

‫التنوع جيّداً إذاً؟»‬


‫لك هذا ّ‬
‫«يبدو َ‬
‫«بدون أدىن شك‪».‬‬

‫أيك‪ ...‬ملاذا خلقها هللا إذن؟»‬


‫«حبسب ر َ‬
‫كل َعون ممكن‪».‬‬
‫«ليمنحنا ّ‬
‫أنت متأ ّكد ِمن ذلك؟»‬ ‫ِ‬
‫«بِنيّة صاحلة إذن؟ هل َ‬
‫حي يف هذه اللحظة‪».‬‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫ن‬ ‫«كتأ ّكدي ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫كنت ترى أنّه ِمن العدل وجود التع ّددية يف أنواع احليواانت والنبااتت والكواكب‪،‬‬
‫«وإذاً إذا َ‬
‫لك التع ّددية الالمتناهية‬
‫لكل منهم رسالته وتدابريه‪ .‬هل تبدو َ‬
‫كل الناس متشاهبني؟ ّ‬
‫فلماذا تريد أن يكون ّ‬
‫ضعف اخلالق؟»‬‫درة أم َ‬
‫لألنواع إشارة إىل قُ َ‬
‫دعم) اآلخر‪».‬‬
‫عزز (يَ َ‬
‫«إىل قُدرته‪ .‬فالواحد يُ ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 638 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫جانبك‪.‬‬
‫َ‬ ‫ورفاقك إىل‬
‫َ‬ ‫رفاقك‪،‬‬
‫أنت تكون إىل جانب َ‬ ‫وفائدتك َ‬
‫َ‬ ‫«حسناً ج ّداً‪ .‬ليهوذا الفائدة ذاهتا‪،‬‬
‫وجدهتا ُمتلفة متاماً فيما بينها‪ .‬ليس فقط يف‬
‫نظرت إليها جيّداً‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لنا يف فَمنا إثنان وثالثون سناً‪ ،‬وإذا َ‬
‫مهمتها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ك أتكل اآلن‪ ،‬الحظ ّ‬ ‫كل منها له فرادته ضمن فئته‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬مبا أنّ َ‬ ‫فئاهتا الثالث‪ ،‬بل إّّنا ّ‬
‫األقل أِهّيّة‪ ،‬وهي قليلة العمل‪ ،‬هي ابلضبط اليت تقوم ابلوظيفة األوىل‪ ،‬بَِقطع‬ ‫لك ّ‬ ‫وسرتى أ ّن اليت تبدو َ‬
‫مرره لألخرى اليت ُحت ِّوله إىل عجينة‪ .‬أليس كذلك؟ ويهوذا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اخلُبز ونقله إىل األخرى اليت ّتعله ُمهشَّماً لتُ ّ‬
‫التصرف‪ .‬أُذ ّكِ َ‬
‫رك أنّه بَشَّر جيّداً يف جنوب اليهوديّة‪ ،‬وأنّه‪،‬‬ ‫لك أنّه ال يفعل شيئاً‪ ،‬أو أنّه يُسيء ّ‬ ‫يبدو َ‬
‫قلت‪ ،‬يَع ِرف أن يُقيم عالقات مع ّ‬
‫الفريسيّني‪».‬‬ ‫كما َ‬
‫«ح ّقاً‪».‬‬

‫مّت‪« :‬وهو ُُييد احلصول على املال للفقراء‪ .‬يَطلُب‪ ،‬يَع ِرف أن يَطلُب كما ال أعرف‬ ‫ِ‬
‫يُعلّق ّ‬
‫أمشئز‪».‬‬
‫أان‪ُ ...‬يوز أن يكون ذلك أل ّن املال قد أصبَ َح اآلن َُي َعلين ّ‬
‫َخيفض مسعان الغيور وجهه الذي أصبَ َح قرمزّايً لش ّدة امحراره‪ .‬يَراه اندراوس فيسأله‪« :‬هل تَشعُر‬
‫بِ ِ‬
‫ضيق؟»‬

‫لست أدري‪».‬‬
‫«ال‪ ،‬ال‪ ...‬التَّعب‪ُ ...‬‬
‫ُُي ِّدق فيه يسوع‪ ،‬ويزداد امحراراً‪ .‬ولكن يسوع ال يقول شيئاً‪.‬‬

‫َُيري تيمون إىل األمام‪« :‬ها قد أصبَ َحت البلدة اليت تَسبق عرا مرئيّة‪ .‬ميكننا التوقّف فيها وطلب‬
‫بعض احلمري‪».‬‬

‫«ولكن املطر قد توقّف‪ ،‬فَيجدر بنا املتابعة‪».‬‬

‫مسحت يل‪ ،‬سأذهب إىل األمام‪».‬‬


‫َ‬ ‫«كما تريد اي معلّم‪ .‬ولكن لو‬

‫«هيّا‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 639 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخل دخول الظَّافِرين‪».‬‬
‫ذهب تيمون وهو ُيري مع مرقس‪ ،‬ويقول يسوع مبتسماً‪« :‬يريدان أن نَ ُ‬
‫يَ َ‬
‫تنوع املناطق‪ ،‬لريجع إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكل من جديد‪ .‬يرتكهم يسوع‪ ،‬وقد احتَ َدم حديثهم حول ّ‬ ‫َُيتَمع ّ‬
‫اخللف ومعه الغيور‪ .‬وعندما يُصبِحان ُمن َف ِرَدين‪ ،‬يَسأله يسوع‪« :‬ملاذا عال وجهك االمحرار اي مسعان؟»‬

‫يُصبِح وجهه كاجلمر‪ ،‬وال يتكلّم‪ .‬يُ ِّ‬


‫كرر يسوع السؤال‪ ،‬ويزداد امحراره وصمته‪ .‬يعيد يسوع‬
‫السؤال‪.‬‬

‫أنت تَعلَم! ملاذا َّت َعلين أبوح؟» يهتف الغيور الذي يتأ ّمل وكأن أحداً يُع ِّذبه‪.‬‬
‫«اي رب‪َ ،‬‬
‫أنت متأ ّكد؟»‬
‫«هل َ‬
‫أتصرف هكذا على سبيل احليطة‪ .‬تفكريي سليم‪ .‬فاملعلّم‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫"إ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ذلك‬ ‫ومع‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ر‬ ‫«مل ي ِ‬
‫نك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ال يُف ِّكر يف الغد مطلقاً"‪ .‬قد يكون ذلك حقيقيّاً‪ .‬ولكن‪ ،‬يف هذه احلال‪ ...‬إنّه على الدوام‪ ...‬على‬
‫أنت الكلمة الصحيحة‪».‬‬‫الدوام‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬قُل َ‬

‫يظل على الدوام "إنساانً"‪ .‬وهو ال يعرف أن يسمو ليكون روحاً‬ ‫«هذا دليل على أ ّن يهوذا ّ‬
‫فقط‪ .‬ولكنّكم‪َ ،‬جيعكم‪ ،‬متشاهبون إىل ح ّد ما‪َُ .‬تشون أشياء اتفهة‪ .‬تَقلَقون ِمن تَ ُّ‬
‫بصرات ال طائل‬
‫ليبق هذا فيما بيننا‪ .‬أليس كذلك؟»‬
‫منها‪ .‬ال تعرفون أن تؤمنوا أ ّن العناية اإلهليّة قادرة وحاضرة‪ .‬حسناً و َ‬
‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬

‫املستحسن االرتياح‬
‫َ‬ ‫ساد الصمت فرتة‪ُ .‬ثّ قال يسوع‪« :‬سنعود قريباً إىل البحرية‪ ...‬سيكون من‬
‫أنت وحيد‪...‬‬
‫قليالً بعد مسري طويل‪ .‬سوف ّنضي حنن االثنني لبعض الوقت‪ ،‬حوايل عيد األنوار‪َ .‬‬
‫أنت معي‪».‬‬ ‫ّأما اآلخرون فلديهم عائالهتم‪ ،‬لذلك فستبقى َ‬
‫مّت وحيد‪».‬‬
‫وحّت ّ‬
‫رب‪ ،‬يهوذا وحيد‪ ،‬توما كذلك‪ّ ،‬‬
‫«اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 640 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫مبفردك‪ّ .‬إال إذا‬
‫أنت َ‬ ‫«ال تُف ِّ‬
‫فمّت لديه أخته‪ .‬و َ‬
‫كل منهم مع عائلته‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ُيتفل‬ ‫سوف‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫كنت ترغب يف الذهاب إىل بيت لعازر‪»...‬‬ ‫َ‬
‫معك‪ ،‬فهذا يعين‬
‫أحب لعازر‪ ،‬ولكن أن أكون َ‬
‫رب‪ ».‬يصيح مسعان‪« .‬ال‪ .‬صحيح أنّين ّ‬ ‫«ال اي ّ‬
‫رب‪ ».‬ويُقبِّل له اليد‪.‬‬
‫لك اي ّ‬
‫أنّين يف اجلنّة‪ .‬شكراً َ‬
‫ليظهر على الدرب املتماوج‪ ،‬حتت َهطل جديد للمطر‪ ،‬تيمون‬ ‫حّت يعود َ‬‫ما أن يتجاوزوا البلدة‪ّ ،‬‬
‫وِها يصيحان‪« :‬توقفوا! ها هو ذا مسعان بطرس ومعه مطااي‪ .‬قابلتُهُ‪ ،‬وقد كان قادماً‪ .‬منذ‬‫ومرقس‪ُ ،‬‬
‫ثالثة ّأايم وهو أييت حتت املطر‪ ،‬إىل هذا املكان‪ ،‬مع َّ‬
‫الدواب‪».‬‬

‫يتوقّفون حتت شجرة بلوط حتميهم قليالً ِمن املطر‪ .‬وها هو بطرس قادم راكباً محاراً على رأس‬
‫قافلة ِمن املطااي‪ ،‬وهو يُشبِه راهباً‪ ،‬حتت الغطاء الذي خيفي رأسه وكتفيه داخله‪.‬‬

‫نت أبن تكون مبلّالً كمن َوقَ َع يف البحرية! هيّا بنا‬ ‫كنت قد مخّ ُ‬
‫كك هللا‪ ،‬اي معلّم! ولكنّين ُ‬
‫«ليبار َ‬
‫لتجفيفك! بسرعة‪،‬‬
‫َ‬ ‫املضرَمة‬
‫متأججة منذ ثالثة ّأايم‪ ،‬لكثرة املدافئ َ‬ ‫بسرعة‪ ،‬ولريكب اجلميع‪ .‬عرا ّ‬
‫أبي حال! ولكن انظروا! أمل تستطيعوا محايته؟ آه! عندما ال أكون معكم! انظروا إذن! إن‬ ‫بسرعة‪ّ ...‬‬
‫للتهور! وأنتم؟ وأنتم؟ اي‬ ‫اي‬ ‫ل!‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ب‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫بفعل‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫د‬ ‫شعره يظ ِهره وكأنّه كان غارقاً‪ .‬يفرتض أن تكون ِ‬
‫متجم‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬
‫أنت ّأوهلم‪ ،‬اي أخي األبله‪ ،‬وُثّ اجلميع! ما أحالكم! إنّكم تشبهون أكياساً واقعة يف‬ ‫للمساكني! و َ‬
‫الروع (القلق)‪»...‬‬ ‫إين غارق يف َّ‬ ‫مستنقع‪ .‬هيّا بنا بسرعة! آه! لن أثق‪ ،‬بعد اآلن‪ ،‬يف أن أعهد به إليكم‪ّ .‬‬
‫خيب محاره إىل جانب محار بطرس‬ ‫مت كثرياً اي مسعان‪ ».‬يقول يسوع هبدوء‪ ،‬بينما ّ‬
‫«لقد تكلّ َ‬
‫ص َل اآلخرون‪...‬‬ ‫كرر يسوع‪« :‬كالم كثري‪َّ ،‬إّنا ال طائل منه‪َ .‬‬
‫فأنت مل تقل إذا ما َو َ‬ ‫يف مق ّدمة القافلة‪ .‬يُ ِّ‬
‫أتك بصحة جيّدة‪ .‬مل تقل يل شيئاً‪».‬‬
‫إذا ما كانت النساء قد مضني‪ ،‬إذا ما كانت امر َ‬
‫ذهبت حتت هذا املطر؟»‬
‫كل شيء‪ .‬ولكن ملاذا َ‬
‫لك ّ‬
‫«سوف أروي َ‬
‫أتيت؟»‬
‫أنت ملاذا َ‬
‫«و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 641 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لرؤيتك‪ ،‬اي معلّم‪».‬‬
‫َ‬ ‫متشوقاً‬
‫كنت ّ‬‫«ألنّين ُ‬
‫ملالقاتك اي مسعاين‪».‬‬
‫َ‬ ‫متشوقاً‬
‫كنت ّ‬‫«وأان‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫الولَد‪ ،‬والبيت؟ هم ال شيء‪ ،‬فال شيء َجيل‬
‫ك! ما الزوجة‪ ،‬و َ‬ ‫«آه! اي معلّمي احلبيب! كم أحبّ َ‬
‫ك هبذا ال َق ْدر؟»‬ ‫ِ‬
‫أنت موجوداً‪ .‬هل تُص ّدق أنّين أحبّ َ‬
‫إذا مل تكن َ‬
‫«أُص ِّدق‪ .‬أان أعرف َمن تكون اي مسعان‪».‬‬

‫« َمن؟»‬

‫ك طفل كبري مليء ابألخطاء اليت َغطَّت الكثري ِمن املميزات اجلميلة‪ .‬إّّنا توجد واحدة غري‬
‫«إنّ َ‬
‫كل شيء‪ .‬حسناً‪َ ،‬من يف عرا؟»‬ ‫ُمغطَّاة‪ّ .‬إّنا نز َ‬
‫اهتك يف ّ‬
‫أخوك مع يعقوب‪ُ ،‬ثّ يهوذا مع اآلخرين‪ .‬يبدو أنّه فَـ َعل خرياً كثرياً‪ ،‬يهوذا‪ .‬اجلميع‬
‫«يوضاس َ‬
‫ميدحونه‪»...‬‬

‫عليك أسئلة؟»‬
‫«هل طََر َح َ‬
‫أي منها‪ ،‬قائالً إنّين ال أعرف شيئاً‪ .‬ابلفعل‪ ،‬ماذا أعرف غري أنّين‬ ‫على‬ ‫ب‬ ‫«آه! كثرياً! مل أ ِ‬
‫ُج‬
‫ّ‬
‫عليك قول‬
‫معك‪َ .‬‬
‫األندوري‪ .‬يظنّه َ‬
‫ّ‬ ‫أنت تَعلَم‪ ...‬مل أقل له شيئاً عن يوحنّا‬
‫حّت جدرة؟ َ‬ ‫افقت النّساء ّ‬
‫ر ُ‬
‫ذلك لآلخرين‪».‬‬

‫«ال‪ .‬فَـ ُهم كذلك ال يعرفون أين هو يوحنّا‪ .‬ال يفيد يف شيء أن يقال أكثر يف ذلك‪ .‬إّّنا هذه‬
‫احلمري!‪ ...‬لثالثة ّأايم!‪ ...‬اي هلا ِمن مصاريف! والفقراء؟»‬

‫يهتم بذلك‪ .‬هذه احلمري مل تكلّفين فلساً واحداً‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫ق‪،‬‬‫الدوانِ‬


‫َّ‬ ‫ن‬ ‫«الفقراء‪ ...‬يهوذا لديه الكثري ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫أهل عرا كانوا سيعطونين ألفاً دون مقابل ِ‬
‫ت إىل رفع صويت ألمنعهم من اجمليء‬ ‫اضطرِر ُ‬
‫ُ‬ ‫لقد‬ ‫‪.‬‬ ‫أجلك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ويتنهد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بك‪ .‬إ ّّنم أفضل منّا‪ّ »...‬‬ ‫حق‪ .‬هنا اجلميع يؤمنون َ‬
‫ملالقاتك مع جيش من احلمري‪ .‬تيمون على ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 642 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«مسعان‪ ،‬اي مسعان! لقد ُكِّرمنا فيما وراء األردن؛ فمحكوم ابألشغال الشاقّة‪ ،‬ووثنيّات‪،‬‬
‫وخاطئات‪ ،‬ونِساء‪ ،‬قد أعطوكم درساً يف الكمال‪ .‬احفظ ذلك يف ذاكر َ‬
‫تك اي مسعان بن يوان‪ ،‬على‬
‫الدوام‪».‬‬

‫الكم ِمن الناس! ها‬


‫رب‪ .‬ها ُهم‪ ،‬ها ُهم طالئع أهل عرا‪ .‬انظر إىل هذا ّ‬ ‫«سوف أحاول‪ ،‬اي ّ‬
‫كنت قد أرسلتَهم قبل أولئك الذين‬ ‫هي أ ُّم تيمون‪ .‬ها ِها أخو َاك بني اجلّمع‪ .‬وها ُهم التالميذ الذين َ‬
‫يود أن تكون ضيفه‪ ،‬ولكن أ ُّم‬
‫يوطي‪ .‬ها هو أثرى رجل يف عرا‪ ،‬مع عبيده‪ .‬كان ّ‬ ‫أتوا مع يهوذا االسخر ّ‬
‫طفئ املشاعل‪ .‬هناك‬ ‫تيمون فَـرضت حقوقها‪ ،‬وستحل أنت يف بيتها‪ .‬انظر! إ ّّنم منـزعجون أل ّن املطر ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ََ‬
‫وك مباشرة‪ .‬أحدهم‪ ،‬لديه ُمزن‬ ‫مرضى كثريون‪ ،‬هل تَعلَم؟ لقد ظلّوا يف املدينة‪ ،‬جانب األبواب‪ ،‬لَِري َ‬
‫للخشب‪ ،‬وقد استقبَـلَهم حتت العنرب‪ّ .‬إّنم هناك منذ ثالثة ّأايم‪ ،‬املساكني؛ مذ وصلنا وحنن مندهشون‬
‫ك مل تكن هناك‪».‬‬ ‫ألنّ َ‬
‫هتاف اجلموع مينع بطرس ِمن املتابعة فيصمت‪ .‬يبقى إىل جانب يسوع مثل الفارس‪ .‬اجلموع‬
‫يكف عن املباركة أثناء مروره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مير يسوع على محاره‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫اليت أدركاها تُفسح اجملال‪ ،‬و ّ‬
‫دخلون املدينة‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫يودون جعله‬‫مبال ابالحتجاجات الصادرة عن الذين ّ‬ ‫«إىل املرضى يف احلال‪ ».‬يقول يسوع غري ٍ‬
‫ُممي‪ ،‬حتت سقف‪ ،‬وأتمني الطعام له والنار‪ ،‬خوفاً ِمن أن يعاين كثرياً‪ .‬فيجيبهم‪« :‬إ ّّنم‬
‫يف موضع ّ‬
‫مين‪».‬‬
‫يُعانون أكثر ّ‬
‫صدر‬
‫يَدور إىل اليمني‪ .‬ها هو ُرواق ُمزن اخلشب احملاط بسور‪ .‬الباب مفتوح على مصراعيه‪ ،‬ويَ ُ‬
‫هتاف انئح‪« :‬اي يسوع‪ ،‬اي ابن داود‪ ،‬ارمحنا!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 643 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كأّنا طُلبة‪ .‬أصوات أطفال‪ ،‬أصوات نساء‪ ،‬أصوات رجال وأصوات‬ ‫يلح‪ ،‬و ّ‬‫يرتجى‪ّ ،‬‬
‫كورس ّ‬
‫كأّنا أصوات ّأمهات َميَُت‪ ،‬ايئسة كأصوات‬
‫كأّنا ثغاء محالن تتأ ّمل‪ ،‬كئيبة و ّ‬
‫عجائز‪ .‬أصوات حزينة و ّ‬
‫أانس مل يبق هلم سوى أمل وحيد‪ ،‬مرّتفة‪ ،‬كأصوات أانس مل يعودوا يعرفون سوى البكاء…‬

‫صب قدر اإلمكان على ِّ‬


‫الركابني‪ ،‬ورافعاً يده اليمىن‪ ،‬يقول بصوته‬ ‫السور‪ .‬ينتَ ِ‬
‫دخل يسوع ِضمن ُّ‬
‫يَ ُ‬
‫لكل الذين يؤمنون يب‪ ،‬سالم وبركة‪».‬‬
‫اجلبار‪ّ « :‬‬
‫لكن اجلمع يزمحه‪ ،‬وأولئك الذين ُشفوا‬ ‫وُيا ِول العودة إىل الدرب‪ ،‬و ّ‬
‫السرج‪ُ ،‬‬‫َُيلس َم ّدداً على َّ‬
‫يتزامحون حوله‪ .‬وعلى ضوء املشاعل اليت تشتعل ُمتمية ابألروقة‪ ،‬وتُنري الظالم‪ ،‬تُرى اجلموع‪ ،‬وهي‬
‫املربئني الذين وضعتهم‬ ‫األطفال‬ ‫ن‬‫م‬‫تَظهر يف نشوة الفرح‪ ،‬مهلِّلة للرب‪ .‬والسيد الذي خيتفي وسط ابقة ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حّت ال يـَ َقعوا‪ّ .‬إّنم ِملء‬ ‫ِ‬
‫وحّت على عنق احلمار‪ُ ،‬ممسكات هبم ّ‬ ‫ّأمهاهتم بني ذراعيه‪ ،‬على صدره‪ّ ،‬‬
‫ذراعي يسوع‪ ،‬كما لو كانوا زهوراً‪ ،‬ويبتسم ُمغتَبِطاً‪ُ ،‬مقبّالً ّإايهم‪ ،‬ألنّه ال يستطيع مباركتهم‪ ،‬حامالً‬
‫ّإايهم هكذا بني ذراعيه‪ .‬أخرياً أ ُِخذ األطفال منه‪ ،‬وها هم العجائز الذين بَرئوا على يده‪ ،‬يبكون ِمن‬
‫الفرح‪ ،‬ويُقبِّلون ثوبه‪ُ ،‬ثّ الرجال والنساء…‬

‫متك َن ِمن الدخول إىل بيت تيمون‪ ،‬واالسرتاحة قرب النار بثياب‬
‫ط متاماً عندما َّ‬
‫كان الليل قد َهبَ َ‬
‫جافة‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 644 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -161‬يسوع يَ ْك ِرز يف عرا)‬

‫‪1945 / 10 / 07‬‬

‫قلت يف أمكنة‬‫أود أن أقول لكم‪ ،‬كما ُ‬ ‫يسوع يتح ّدث يف ساحة عرا الرئيسيّة‪ ...« :‬وأان‪ ،‬ال ُّ‬
‫أخرى‪ ،‬املبادئ األوليّة ملعرفتها والعمل هبا ِمن أجل اخلالص‪ .‬فِإنّكم تعرفوّنا‪ ،‬وبشكل جيّد ج ّداً‪،‬‬
‫والفضل يف ذلك يعود إىل تيمون‪ ،‬حكيم الشريعة القدمية‪ ،‬وقد َّنَت حكمته اآلن ألنّه ُُي ِّددها بنور‬
‫لحظوه وأنتم يف احلالة الروحيّة‬ ‫ِ ِ‬
‫الشريعة اجلديدة‪ .‬ولكنّين أريد أن أُح ّذركم من َخطَر ال ميكنكم أن تَ َ‬
‫احلاليّة‪ .‬خطر االحنراف نتيجة ضغوط وتلميحات ُحتا ِول إبعادكم عن اإلميان يب الذي أنتم عليه اآلن‪.‬‬
‫الكتاب على الضوء‬ ‫اآلن سأدع تيمون معكم بعض الوقت‪ .‬وسوف يشرح لكم‪ ،‬مع اآلخرين‪ ،‬كلمات ِ‬
‫َ َ‬
‫تفحص قلوبكم ورؤيتها نزيهة يف‬ ‫لماً به‪ .‬إّّنا قبل أن أترككم‪ ،‬بعد ّ‬ ‫اجلديد حلقيقيت‪ ،‬والذي أصبَ َح ُم ّ‬
‫اضعاً‪ ،‬فإنّين أريد أن أُعلّق معكم على نقطة ِمن ِسفر امللوك الرابع‬ ‫فع َمة إرادة صاحلة وتَو ُ‬
‫وم َ‬
‫احلب‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫(الثاين)‪.‬‬

‫قام سنحاريب مبهاَجة حزقيّا ملك يهوذا‪ ،‬أقبَ َل ثالثة ِمن أعظَم الشخصيّات لدى امللك‬ ‫عندما َ‬
‫اصره‪ .‬ولدى تَكلُّم‬ ‫العدو إليه لِريِهبوه‪ .‬لِريِهبوه ِخبَشية قطع العالقات‪ ،‬وابلقوات اليت كانت آنذاك ُحت ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وشْبنا ويوآح قائلني هلم‪" :‬تَكلَّموا معنا بلغة ال يفهمها الشعب‬ ‫ِ‬
‫رد عليهم حل َقيَّا َ‬
‫املرسلني‪َّ ،‬‬
‫املقتَدرين َ‬
‫لكن هذا ما كان يريده مبعوثو‬ ‫املروع السالم‪ .‬و ّ‬‫(أي ابآلرامية)"‪ ،‬وذلك هبدف ّأال يَطلُب الشعب َّ‬
‫سنحاريب‪ ،‬وقالوا بصوت عظيم ابليهوديّة (ابللغة العربية)‪" :‬ال يُطْغكم حزقيّا‪ ...‬ألنّه هكذا يقول‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل واحد من جفنته ( َك ْرَمته) ومن تينته‪ ،‬واشربوا ّ‬ ‫إيل‪ ،‬وُكلوا ّ‬
‫َملكنا‪ :‬اعقدوا معي صلحاً‪ ،‬واخرجوا ّ‬
‫حّت آيت وآخذكم إىل أرض مثل أرضكم‪ ،‬أرض حنطة ومخر‪ ،‬أرض خبز وكروم‪ ،‬أرض‬ ‫واحد ماء بئره‪ّ ،‬‬
‫زيت وعسل‪ ،‬وعيشوا وال متوتوا‪ "...‬وقيل‪" :‬فَ َس َكت الشعب ومل ُُييبوا‪ ،‬أل ّن امللك أ ََمَرُهم قائالً‪ :‬ال‬
‫(سفر امللوك الثاين أصحاح ‪ :18‬اآلايت ‪.)36-17‬‬ ‫ُّتيبوا" ِ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 645 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت ِمن قوى سنحاريب الذي كان‬ ‫حاصَرة بِقوى أكثر وحشيّة‪ّ ،‬‬‫أان كذلك‪ .‬رأفة بنفوسكم ال ُـم َ‬
‫يستطيع أن يستويل على اجلسد‪ ،‬إّّنا الذي مل ميكنه الوصول إىل النّفس‪ّ ،‬أما أنتم فاحلرب هي ض ّد‬
‫كل املخلوقات‪،‬‬ ‫نفوسكم‪ ،‬بواسطة جيش حتت إمرة طاغية‪ ،‬هو األكثر كربايء واألكثر وحشيّة بني ّ‬
‫سعون إىل إرهابنا‪ ،‬أان وأنتم‪ ،‬ابلتهديد‬ ‫ِ‬
‫رجوت َمبعوثيه الذين‪ ،‬لكي ُياربوين من خاللكم‪ ،‬فَـ ُهم يَ َ‬‫ُ‬ ‫ولقد‬
‫ودعوا النُّفوس اليت تُولَد اآلن للنور بسالم‪.‬‬ ‫إيل فقط‪َ ،‬‬ ‫بعقوابت رهيبة‪ ،‬رجوُهتم قائالً هلم‪" :‬حت ّدثوا ّ‬
‫ضايِقوين‪َ ،‬ع ِّذبوين‪َّ ،‬اهتِموين‪ ،‬واقتلوين‪ ،‬إّّنا ال َُتمشوا أطفال النور أولئك‪ّ .‬إّنم ما يزالون ضعفاء‪.‬‬
‫سيصبحون يوماً أقوايء‪ ،‬ولكنّهم اآلن ما يزالون ضعفاء‪ .‬ال تَثوروا عليهم‪ .‬ال ُهت ِ‬
‫اَجوا حريّة النّفوس يف‬
‫وحب"‪.‬‬
‫بحثون عنه ببساطة ّ‬ ‫حق هللا يف أن يدعو إليه أولئك الذين يَ َ‬
‫تتمردوا على ّ‬‫اختيار الطريق‪ .‬ال ّ‬
‫لتوسالت الذي َُيقد عليه؟ هل ميكن لِ َمن يتملّكه احلقد‬ ‫ولكن هل ميكن للحقد االستكانة ُّ‬
‫احلب؟ ال ميكنه ذلك‪ .‬ابلنتيجة‪ ،‬فبقسوة أكثر‪ ،‬قسوة أكثر ابستمرار‪ ،‬يُقبِلون ليقولوا لكم‪:‬‬
‫أن يعرف ّ‬
‫كل خري"‪ .‬وسوف يقولون لكم‪" :‬الويل لكم إن‬ ‫ِ‬
‫"ال يُفتْنكم يسوع‪ .‬تعالوا معنا وستحصلون على ّ‬
‫بدون لكم ِطيبة متصنِّعة قائلني‪ِ :‬‬
‫"أنقذوا‬ ‫تَبِعتُموه‪ .‬ستكونون مضطَ َهدين"‪ .‬وسوف ُيثونكم وهم يُ ُ‬
‫َ‬
‫عين‪ ،‬أشياء كثرية لِيُقنِعوكم ابالبتعاد عن النور‪.‬‬
‫نفوسكم‪ .‬إنّه شيطان"‪ .‬سوف يقولون لكم أشياء كثرية ّ‬

‫"رّدوا على ال ُـمغويِن ابلصمت"‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬عندما تنـزل ّقوة ّ‬


‫الرب يف قلوب‬ ‫أان‪ ،‬أقول لكم‪ُ :‬‬
‫املؤمنني بيسوع املسيح ماسيّا وُملّصاً‪ ،‬حينذاك سوف تتم ّكنون ِمن الكالم‪ ،‬ألنّكم ال تَعودون أنتم‬
‫الذين تتكلّمون‪ ،‬بل إّّنا روح هللا ذاته هو الذي سيتكلّم ِمن ِخالل شفاهكم‪ ،‬وسوف تصبح أرواحكم‬
‫كاملة النمو ابلنعمة‪ ،‬وتصبح شديدة ومنيعة يف اإلميان‪.‬‬

‫ألي ِمن الشعوذات اليت‬ ‫كونوا دؤوبني‪ .‬ال أطلب منكم غري ذلك‪ .‬وتذ ّكروا أ ّن هللا ال يستجيب ّ‬
‫ميارسها أعدائه‪ .‬ادعوا مرضاكم الذين انلت نفوسهم التعزية والسالم‪ ،‬كي يتح ّدثوا عنكم حبضورهم‪،‬‬
‫حيب ويف مذهيب‪ ،‬وستنالون ملكوت السماوات"‪.‬‬ ‫عن ذاك الذي أتى فيما بينكم ليقول لكم‪" :‬اثبروا يف ّ‬
‫ألي‬
‫فأعمايل تتكلّم أكثر من أقوايل‪ ،‬وعلى الرغم من أن الغبطة الكاملة هي يف اإلميان دون احلاجة ّ‬
‫لتتقووا يف اإلميان‪ .‬أجيبوا عقولكم اليت ُُيّرهبا أعداء النور‪،‬‬
‫مسحت أبن تَروا معجزات هللا ّ‬
‫ُ‬ ‫دليل‪ّ ،‬إال أنَّين‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 646 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫وبذينك‬ ‫أيت هللا يف أعماله"‪ُ .‬رّدوا على أعدائكم بصمت فاعل‪.‬‬
‫بكلمات روحكم‪" :‬أؤمن ألنّين ر ُ‬
‫الردين سوف تتق ّدمون يف النور‪ .‬وليكن السالم معكم على الدوام‪».‬‬
‫َّ‬

‫ويَصرفهم ليبتعد‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬عن املكان‪.‬‬

‫رب؟ قد يَشعُر تيمون خبيبة أمل‪ ».‬يقول نثنائيل‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫«ملاذا حدَّثتَهم هبذا ال َق ْدر من القلّة اي ّ‬
‫ب أقوى‪ .‬وهذا اخلطر‬
‫ابر ويُدرك أن تنبيه امرئ خلطر داهم هو ُح ّ‬
‫«لن يكون كذلك‪ ،‬ألنّه ّ‬
‫وشيك‪».‬‬

‫مّت‪.‬‬
‫الفريسيّون‪ ،‬أليس كذلك؟» يَسأل ّ‬
‫«دائماً ّ‬
‫« ُهم وغريهم‪».‬‬

‫أأنت ُم َنهك‪ ،‬اي سيّد؟» يَسأل يوحنّا منـزعجاً‪.‬‬


‫« َ‬
‫«ال‪ ،‬ليس أكثر ِمن املعتاد‪»...‬‬

‫األايم األخرية‪»...‬‬
‫كنت أكثر سعادة يف ّ‬
‫«ومع ذلك‪ ،‬فقد َ‬
‫«إنّه احلزن لعدم تواجد التالميذ‪ .‬ولكن ملاذا صرفتَهم؟ قد تكون تريد متابعة السفر؟» يقول‬
‫يوطي‪.‬‬
‫االسخر ّ‬
‫«ال‪ ،‬بل هي املرحلة األخرية‪ِ .‬من هنا سوف نعود إىل البيت‪ّ .‬أما النساء فلم َّ‬
‫يكن قادرات على‬
‫هلن أن يعملن أكثر‪».‬‬ ‫املتابعة يف مثل هذا الطقس‪ .‬لقد عملن كثرياً‪ .‬وليس ّ‬
‫«ويوحنّا؟»‬

‫أنت‪».‬‬
‫كنت َ‬
‫«يوحنّا مريض‪ .‬وهو يف بيت ُمضيف كما َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 647 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بعد ذلك يستأذن يسوع ِمن تيمون‪ِ ،‬‬
‫ومن التالميذ اآلخرين الباقني يف املنطقة‪ ،‬والذين تل ّقوا‬
‫ابلتأكيد أوامره للمرحلة القادمة‪ ،‬ذلك أنّه ال يُبدي نصائح أخرى‪.‬‬

‫مرة أخرى‪ ،‬أن يُبا ِرك ربّة البيت‪ .‬اجلموع‬


‫ّإّنم على عتبة بيت تيمون‪ ،‬ذلك أ ّن يسوع أراد‪ّ ،‬‬
‫بكل احرتام‪ ،‬ويتبعونه عندما يعاود املسري إىل الضاحية‪ ،‬البساتني‪ ،‬والريف‪ .‬واألكثر متسكاً به‬
‫يراقبونه ّ‬
‫وحّت هذا األخري‬
‫حّت ظَلّوا تسعة‪ُ ،‬ثّ مخسة‪ُ ،‬ثّ ثالثة‪ُ ،‬ثّ واحد‪ّ ...‬‬
‫يتبعونه َجاعة‪ ،‬ويتناقصون ابستمرار ّ‬
‫الر ُسل االثين عشر‪ ،‬أل ّن هرمست بقي مع‬ ‫يتوجه صوب الغرب‪ ،‬وحده مع ُّ‬ ‫يعود إىل عرا‪ ،‬بينما يسوع ّ‬
‫تيمون‪.‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫الرسوليّة‪ ،‬الرحلة الكبرية الثانية‪ .‬واآلن العودة إىل أرايف اجلليل املعروفة‪.‬‬
‫الرحلة ّ‬
‫«وانتهت ّ‬
‫لك بتجاوز وصف األمكنة‪ .‬لقد أعطينا‬‫نهكة أكثر من يوحنّا األندوري‪ .‬أََسَح ِ‬ ‫ماراي املسكينة‪ِ ،‬‬
‫أنت ُم َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكثري للباحثني الفضوليني‪ .‬والذين سيظلّون على الدوام "ابحثني فضوليني"‪ ،‬ليس أكثر‪ .‬اآلن يكفي‪ .‬قو ِ‬
‫تك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الحظت به عدم جدوى الكثري من أتعايب‪ ،‬أرى‬ ‫تتالشى‪ .‬احتفظي هبا ِمن أجل الكلمة‪ .‬وبنفس الروح الذي‬
‫نفسك فقط ِمن أجل الكلمة"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫قلت ِ‬
‫لك‪" :‬حافظي على‬ ‫ِ‬
‫أتعابك‪ .‬لذلك ُ‬ ‫عدم جدوى الكثري ِمن‬

‫"عزفنا على النّاي فلم تُغنّوا‪ .‬ندبنا‬ ‫ِ‬


‫حالتك ما قيل‪َ :‬‬ ‫يتكرر يف‬ ‫ِ‬
‫إنّك "الناطقة ابسم"‪ .‬آه! يف احلقيقة ّ‬
‫ِ‬
‫وصفك‬ ‫ِ‬
‫أضفت‬ ‫قمت فقط بتكرار كلمايت‪ ،‬فقد دس العلماء ِ‬
‫املماحكني أنوفهم‪ .‬وعندما‬ ‫فلم تبكوا"‪ .‬فعندما ِ‬
‫ّ‬
‫إىل كالمي‪ ،‬فقد أوجدوا عيوابً يف ذلك أيضاً‪ .‬وهم دائماً سوف َيدون الكثري من األمور لالعرتاض عليها‪.‬‬
‫قك‪.‬‬ ‫مر ما يقارب العام وأان أ ِ‬
‫ُره ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لقد أُهنكت‪ .‬سوف أقول لك مت ينبغي لك وصف الرحلة‪ .‬أان فقط‪ .‬ها قد َّ ُ‬
‫ولكن هل تريدين أن تسرتحيي ِمن جديد على قليب قبل هناية العام؟ تعايل إذن‪ ،‬أيّتها الشهيدة الصغرية‪»...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 648 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -162‬الطفالن اليَتيمان مرمي ومتّيا)‬

‫‪1945 / 10 / 08‬‬

‫ص ْمت وضباب‪ .‬يَغيب األفق يف‬ ‫ِ ِ‬


‫أعود ألرى حبرية مريون يف يوم غائم ماطر‪َ ...‬و ْحل وغيوم‪َ .‬‬
‫الس ُحب‪ .‬أشجار السنداين يف حرمون تكسوها طبقات ِمن الغيوم املنخفضة‪ ،‬ولكن ِمن ذلك املكان‬ ‫ُّ‬
‫املصفرة بسبب طني آالف اجلداول‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬وهو عبارة عن هضبة مرتفعة قرب البحرية الصغرية الرماديّة‬
‫وبسبب مساء تشرين الثاين الغائمة‪ -‬تُكتَشف تلك املرآة الصغرية ِمن املياه اليت تغذيها مياه األردن‬
‫تصب بعدئذ لتغ ّذي حبرية جنّسارت األكرب‪.‬‬
‫األعلى‪ ،‬اليت ّ‬
‫مكفهراً أكثر فأكثر‪ ،‬وماطراً‪ ،‬بينما يسري يسوع َع ْرب الطريق اليت تقطع األردن بعد‬
‫ّ‬ ‫يهبط الليل‬
‫مؤدايً بشكل مباشر إىل أحد البيوت…‬ ‫حبرية مريون‪ ،‬ليسلك درابً ّ‬
‫(يقول يسوع‪« :‬هنا تُوِردين رؤاي اليتيمني متّيا ومرمي اليت أُعطيت ِ‬
‫لك يف ‪)»1944 / 08 / 20‬‬ ‫َ‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫‪1944 / 08 / 20‬‬

‫الولَدين‪.‬‬
‫رؤاي أُخرى ممتعة ليسوع و َ‬

‫ذرت فيها منذ م ّدة قصرية‪،‬‬ ‫فرتض أ ّن البذور قد بُ َ‬


‫مير يف درب ضيّق َع ْرب حقول‪ ،‬يُ ََ‬
‫أرى يسوع ّ‬
‫ذلك أ ّن األرض ما تزال طرية وُمفورة كما بعد بِذار قريب‪ .‬يتوقّف يسوع لِي ِ‬
‫داعب َولَدين‪ :‬صبيّاً ال‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فرتض ّأّنما ِمن عائلة فقرية ج ّداً‪ ،‬ذلك‬ ‫يتجاوز السنوات األربع‪ ،‬وطفلة عمرها بني الثامنة والتاسعة‪ .‬يُ َ‬
‫عرب عن أمل‪.‬‬‫ممزقَني‪ ،‬والوجه حزين ويُ ِّ‬
‫حّت َّ‬
‫ّأّنما يرتداين ثوبني رثّني ال لون هلما‪ ،‬بل ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 649 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أي شيء‪ُ .‬ميعِن النَّظر فيهما فقط بينما هو يالطفهما‪ .‬يُس ِرع بعدئذ اخلُطى‬
‫ال يَسأل يسوع عن ّ‬
‫صعد إىل الشرفة اليت‬
‫خارجي يَ َ‬
‫ّ‬ ‫يفي‪ ،‬ولكنّه الئق‪ ،‬له سلّم‬
‫صوب بيت يف طرف الدرب الضيّق‪ .‬بيت ر ّ‬
‫تتدىل‬
‫مصفرة ما تزال ّ‬ ‫ِ‬
‫تعرت اآلن من العناقيد واألوراق‪ .‬فقط بضعة وريقات ّ‬ ‫تغطّيها عريشة َك ْرمة‪ ،‬وقد ّ‬
‫مكفهر‪ .‬على تصوينة البيت َمحْامات َهتدل‪ ،‬منتظرة املاء الذي‬
‫ّ‬ ‫يفي‬
‫وتتحرك بفعل الريح الرطبة ليوم خر ّ‬
‫ّ‬
‫تُنبِئ عنه السماء الرماديّة الغائمة‪.‬‬

‫يفي الذي يف اجلدار احلجري الصغري احمليط ابلبيت‪،‬‬ ‫يسوع‪ ،‬يتبعه أتباعه‪ ،‬يَدفَع احلاجز الر ّ‬
‫دخل إىل الدار‪ ،‬حيث يوجد بئر‪ ،‬ويف زاوية منها الفرن‪ .‬أفرتض ّأّنا غرفة املهمالت تلك‪ ،‬ذات‬ ‫ويَ ُ‬
‫اجلدران األكثر قتامة بسبب الدخان املتصاعد منها اآلن‪ ،‬والريح تدفعه إىل األرض‪.‬‬

‫وهتَرع إىل البيت‬


‫على وقع اخلطوات‪ ،‬أتيت امرأة إىل عتبة الغرفة‪ ،‬وبعد أن ترى يسوع‪ُ ،‬حتيّيه بفرح‪َ ،‬‬
‫لِتُنبِئهم‪.‬‬

‫ابّتاه يسوع‪« .‬اي له ِمن َشَرف عظيم‪،‬‬


‫ها هو رجل َك ْهل وبدين يُقبل إىل ابب البيت‪ ،‬ويُس ِرع ّ‬
‫وُييّيه‪.‬‬
‫اي معلّم‪ ،‬أن نر َاك!» ُ‬

‫منك‬
‫لك» ويُضيف‪« :‬الليل يهبط واملطر وشيك‪ .‬أطلب َ‬
‫ويرّد يسوع بسالمه املعهود‪« :‬السالم َ‬
‫مأوى وزاداً يل ولتالميذي‪».‬‬

‫لك‪ .‬ستَخبز اخلادمة‪ .‬وإنّه لَ ِمن دواعي سروري أن أُق ّدم َ‬


‫لك‬ ‫تفضل ابلدخول‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬بييت َ‬
‫« ّ‬
‫اخلبز مع ُجنب ِمن نِعاجي وفاكهة ِمن أرضي‪ .‬ادخل‪ ،‬ادخل‪ ،‬إ ّن الرايح رطبة وابردة‪ »...‬ويُسا ِرع إىل‬
‫صب‬ ‫فتح الباب وهو ينحين لدى مرور يسوع‪ .‬ولكنّه‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬ي ِغري هلجته بشكل فجائي وهو ينتَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫فهمت؟ فال‬ ‫أنت أيضاً هنا؟ هيا‪ .‬ما ِمن شيء ِ‬
‫لك هنا‪ .‬هل‬ ‫يف وجه أحد ما يراه‪ ،‬ويقول غاضباً‪« :‬و ِ‬
‫ّ‬
‫للمتشردين‪ »...‬ويتمتم‪« :‬وكذلك للسا ِرقني ِ‬
‫مثلك‪».‬‬ ‫ِّ‬ ‫مكان هنا‬
‫ُ‬

‫صوت صغري انئح ُُييب‪« :‬الرمحة‪ ،‬اي سيّد‪ .‬رغيف على األقل ألخي الصغري‪ .‬إنّنا جائعان‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 650 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يسوع‪ ،‬الذي كان قد َد َخ َل إىل املطبخ الواسع‪ ،‬حيث ترتاقص انر عظيمة تقوم مقام املصباح‪،‬‬
‫حّت‬
‫غري مظهره‪ ،‬يبدو صارماً وحزيناً‪ ،‬ويَسأل‪ ،‬ليس املضيف‪ ،‬إّّنا بشكل عام‪ّ ،‬‬ ‫العتَـبَة‪ .‬لقد تَ َّ‬
‫أييت إىل َ‬
‫يبدو وكأنّه يَسأل الباحة الصامتة‪ ،‬والتينة العارية‪ ،‬والبئر املظلم‪َ « :‬من اجلائع؟»‬

‫«أان اي سيّد‪ .‬أخي وأان‪ .‬رغيف فقط وّنضي‪».‬‬

‫أصبَ َح يسوع اآلن خارجاً‪ .‬يف جو تزداد ظلمته بسبب الغسق الذي يتق ّدم واملطر الوشيك‪.‬‬
‫«تقدَّمي‪ ».‬يقول هلا‪.‬‬

‫«أان خائفة اي سيّدي!»‬

‫مين‪».‬‬ ‫ِ‬
‫«أقول لك تعايل‪ ،‬وال ُتايف ّ‬

‫َخ َذ‬ ‫ِ‬


‫من خلف زاوية البيت‪ ،‬أتيت الطفلة‪ .‬يتشبّث أخوها الصغري بثوهبا البايل‪ .‬أيتيان‪ ،‬وقد أ َ‬
‫ظرة خوف لسيّد البيت الذي ُُي ِملق هبما ويقول‪:‬‬ ‫ظرة خجولة ليسوع‪ ،‬ونَ َ‬ ‫كل مأخذ‪ .‬نَ َ‬
‫منهما اخلوف ّ‬
‫املعصرة‪ .‬فقد كانت ابلتأكيد‬
‫لصان‪ .‬منذ حلظة فقط ضبطتُها تَنبش قرب َ‬ ‫« ّإّنما ِّ‬
‫متشردان‪ ،‬اي معلّم‪ .‬و ّ‬
‫تود الدخول بقصد السرقة‪َ .‬من يَدري ِمن أين أيتيان؟ فهما ليسا ِمن البلدة‪».‬‬
‫ّ‬

‫سمعه‪ُُ .‬ي ِّدق ابلطفلة ذات الوجه الشاحب والشعر األشعث‪ ،‬والضفريتني‬ ‫يبدو يسوع وكأنّه يَ َ‬
‫اللتني تتدلّيان على أذنيها‪ ،‬وقد ُربِطَتا عند طرفيهما مبِِزقتني‪ .‬ولكن وجه يسوع مل يـَعُد صارماً لدى نَظَره‬
‫كنت عازمة على السرقة؟‬ ‫ك ِ‬ ‫إىل املسكينة الصغرية‪ .‬إنّه حزين‪ ،‬ولكنّه يبتسم ليشجعها‪« .‬هل صحيح أنّ ِ‬
‫ّ‬
‫قويل احلقيقة‪».‬‬

‫أيت‬
‫كنت جائعة‪ .‬ومل يعطين أحد‪ .‬ور ُ‬
‫طلبت قطعة خبز‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫كنت قد ُ‬
‫«ال‪ ،‬اي سيّدي‪ .‬بل ُ‬
‫وذهبت آلخذها‪ .‬إنّين جائعة‪ ،‬اي‬ ‫املعصرة‪،‬‬ ‫كِ‬
‫ُ‬ ‫غمسة ابلزيت ملقاة على األرض هناك‪ ،‬قُرب َ‬
‫ّ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫سرة‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 651 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ضعوان يف القرب مع أ ُّمنا؟» وتبكي‬
‫فاحتفظت به ملتّيا‪ ...‬ملاذا مل يَ َ‬
‫ُ‬ ‫ُعطيت رغيفاً واحداً‪،‬‬
‫سيّدي‪ .‬ابألمس أ ُ‬
‫الفتاة حزينة‪ ،‬وُيذو أخوها حذوها‪.‬‬

‫«ال تبكي‪ ».‬يواسيها يسوع وهو ُيذهبا إليه‪« .‬أجيبيين‪ِ :‬من أين ِ‬
‫أنت؟»‬

‫« ِمن سهل ابن عامر‪».‬‬

‫«و ِ‬
‫أتيت إىل هنا؟»‬

‫«نعم‪ ،‬اي سيّدي‪».‬‬

‫الدتك؟ وهل ما يزال ِ‬


‫أبوك على قيد احلياة؟»‬ ‫«هل مضى زمن طويل على وفاة و ِ‬

‫«لقد مات أيب نتيجة ضربة مشس أثناء احلصاد‪ ،‬وأ ُّمي الشهر املاضي‪ ...‬ماتت هي والطفل‬
‫الذي كان يُولَد‪ »...‬وّتهش ابلبكاء‪.‬‬

‫«أليس ِ‬
‫لك أهل؟»‬

‫«أتينا ِمن البعيد البعيد! ُكنّا فقراء‪ُ ...‬ثّ َع ِمل أيب أجرياً‪ .‬واآلن مات هو‪ ،‬وماتت أ ُّمي معه‪».‬‬

‫«من كان معلّمه؟»‬

‫يسي امساعيل‪».‬‬
‫الفر ّ‬
‫« ّ‬
‫ِ‬
‫مضيت‬ ‫كرَر فيها يسوع ذاك االسم)‪ .‬هل‬
‫يسي امساعيل!‪( ...‬يستحيل وصف الطريقة اليت َّ‬
‫الفر ّ‬
‫« ّ‬
‫ادتك أم إنّه هو الذي صر ِ‬
‫فك؟»‬ ‫مبحض إر ِ‬
‫ََ‬

‫صَرفين اي سيّدي‪ .‬قال‪" :‬إىل الطريق أيّتها الكالب اجلائعة"‪».‬‬


‫«لقد َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 652 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عط الطفلني رغيف خبز؟ رغيفاً وقليالً ِمن احلليب وحفنة ِمن القش‬
‫«وأنت‪ ،‬اي يعقوب‪ ،‬ملاذا مل تُ ِ‬
‫َ‬
‫إلراحة جسديهما ِمن التعب؟‪»...‬‬

‫لدي القليل فقط ِمن احلليب يف البيت‪...‬‬


‫«ولكن‪ ...‬اي معلّم‪ ...‬يكاد اخلبز ال يكفيين‪ ...‬و ّ‬
‫ّإّنم كما احليواانت الشاردة‪ .‬فإذا ما أريناهم الوجه احلسن‪ ،‬فال يعودون َميضون أبداً‪»...‬‬

‫ميكنك أن تقول ذلك ح ّقاً‪ ،‬اي يعقوب؟‬ ‫َ‬ ‫تنقصك األمكنة والطعام هلذيَن البائِ َسني؟ هل‬
‫َ‬ ‫«وهل‬
‫ممتلكاتك هذا العام‬
‫َ‬ ‫كميّات الزيت والفواكه الكثرية واملتع ّددة‪ ،‬أمل ترفع ِمن شأن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫مر‬‫َ‬‫اخل‬
‫و‬ ‫الل‬‫ووفرة الغِ‬
‫ََ‬
‫عليك الغ ّم‬
‫اتك‪ ،‬وقد استوىل َ‬ ‫الربد خري َ‬‫لت تتذ ّكر؟ يف السنة املاضية َخَّرب ََ‬
‫بسبب ما أنتجتَه؟ هل ما ز َ‬
‫وبقيت‬
‫َ‬ ‫كنت قد َِمسعتَين أحت ّدث يوماً‪،‬‬
‫منك رغيفاً‪ ...‬و َ‬‫وطلبت َ‬
‫ُ‬ ‫أتيت أان‬
‫معيشتك‪ُ ...‬‬
‫َ‬ ‫اهلم ِمن أجل‬
‫و ّ‬
‫خرجت صباح‬
‫ُ‬ ‫ومنَحتَين ال ُقوت واملأوى‪ .‬وحني‬ ‫وبيتك‪َ ،‬‬
‫قلبك َ‬ ‫فتحت يل َ‬ ‫َ‬ ‫معاانتك‬
‫َ‬ ‫وفيّاً يل‪ ...‬ورغم‬
‫كت احلقيقة‪ُ .‬كن رحيماً على الدوام‪ ،‬وسوف تنال‬ ‫لك؟ "اي يعقوب‪ ،‬لقد أدر َ‬ ‫قلت َ‬ ‫اليوم التايل‪ ،‬ماذا ُ‬
‫لك ابلقمح كما ِرمال البحر عدداً‪،‬‬ ‫رمحة‪ِ .‬من أجل اخلبز الذي قدَّمتَه البن اإلنسان‪ ،‬سوف تفيض حقو َ‬
‫أنت‬
‫كل هذا‪ ،‬و َ‬ ‫نلت ّ‬
‫وسوف تنوء أشجار الزيتون أبمحَاهلا‪ ،‬وتنحين أشجار الت ّفاح لكثرة مثارها"‪ .‬وقد َ‬
‫أغىن رجل يف املنطقة هذا العام‪ .‬وترفض منح رغيف للطفلني!‪»...‬‬

‫الرايب‪»...‬‬
‫كنت ّ‬
‫أنت َ‬
‫«ولكن‪َ ،‬‬

‫كنت كذلك‪ ،‬كان إبمكاين أن أجعل ِمن احلجارة خبزاً‪ّ .‬أما ُِها فال‪ .‬واآلن‬
‫«وابلضبط ألنّين ُ‬
‫لك معاانة‪ ،‬معاانة كربى‪ ...‬إّّنا حينذاك قُل‪،‬‬‫لك‪ :‬سوف ترى معجزة أخرى‪ ،‬وسوف تكون َ‬ ‫أقول َ‬
‫ويتوجه يسوع إىل الطفلني‪« :‬ال تبكيا‪ .‬اذهبا إىل تلك‬‫"إين أستحق ذلك"‪ّ ».‬‬ ‫صدرك‪ّ :‬‬
‫َ‬ ‫أنت تقرع‬
‫و َ‬
‫الشجرة واقطُفا‪».‬‬

‫«ولكنّها عارية‪ ،‬اي سيّدي‪ ».‬تُعلِّق الفتاة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 653 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«اذهيب‪».‬‬

‫تذهب الفتاة وتعود وقد َم َألَت ثوهبا‪ ،‬الذي َرفَـ َعت طرفه‪ ،‬ابلت ّفاح األمحر اجلميل‪.‬‬

‫وخذا َه َذين الصغريين إىل حنّة اليت لقوزى‪ .‬فهي ُّتيد‬


‫للر ُسل‪« :‬هيّا بنا‪ُ ،‬‬
‫« ُك ّال‪ ،‬وتعاليا معي‪ ».‬و ُّ‬
‫تذكر املعروف الذي انلَته‪ ،‬وهي رحيمة‪ُ ،‬حبّاً ابلذي كان رحيماً معها‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬‫ُّ‬

‫والرجل‪ ،‬وقد ذُ ِه َل وقُ ِهر‪ُُ ،‬يا ِول احلصول على العفو‪« :‬أقبَ َل الليل‪ ،‬اي معلّم‪ .‬قد يهطل املطر‬
‫وسأعطيك كذلك ألجلهما‪».‬‬
‫َ‬ ‫هتم إبنضاج اخلبز‪...‬‬‫أنت على الطريق‪ .‬عُد إىل بييت‪ .‬ها هي اخلادمة ّ‬ ‫و َ‬

‫احلب‪ ،‬بل خوفاً ِمن العقاب املوعود‪».‬‬ ‫ِِ‬


‫« َعبَثاً تفعل‪ .‬فما سوف تُعطيه‪ ،‬لن يكون بفعل ّ‬

‫أليست هذه إذن (ويشري إىل الت ّفاحات املقطوفة ِمن على الشجرة اليت كانت عارية‪ ،‬واليت‬
‫« َ‬
‫أيكلها اجلائِعان بِنَـ َهم) أليست هذه إذن هي املعجزة؟»‬

‫«ال‪ ».‬يسوع صارم للغاية‪.‬‬

‫رب!»‬
‫فهمت! تريد معاقبيت مبحاصيلي! الرمحة اي ّ‬
‫ُ‬ ‫«آه! اي سيّد‪ ،‬اي سيّد‪ ،‬ارمحين!‬

‫احلب واالحرتام‪ ،‬بل‬


‫يتم إظهار ّ‬
‫علي‪ ،‬إذ ليس ابلكالم ّ‬
‫كل َمن يقول يل اي رب ُيصل َّ‬
‫«ليس ّ‬
‫لديك‪».‬‬
‫ابألفعال‪ .‬سوف تنال الرمحة اليت كانت َ‬

‫رب‪».‬‬
‫ك اي ّ‬
‫«أحبّ َ‬

‫حتب‬
‫ذاتك‪ .‬عندما ّ‬‫حتب ّإال َ‬
‫أنت ال ّ‬
‫ُيب قريبه ُيبّين‪ ،‬هذا هو تعليمي‪ .‬و َ‬‫«ليس صحيحاً‪ .‬فَ َمن ّ‬
‫تتم‬ ‫كما َعلَّ ُ‬
‫مت أان‪ ،‬عندئذ يعود السيّد‪ّ .‬أما اآلن فإنّين أمضي‪ .‬فإقاميت هي حيث ُمي َارس اخلري‪ ،‬حيث ّ‬
‫مواساة احملزونني‪ ،‬حيث ُمت َسح دمعة اليتامى‪ .‬وكما تَبسط الدجاجة جناحيها على صغارها دون مقاومة‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 654 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املع َّذبني‪ .‬تعاليا‪ ،‬أيّها الولدان‪ .‬فقريباً سيكون لكما بيت‬
‫كذلك أبسط أان سلطاين على املتألّمني و َ‬
‫وقُوت‪ .‬وداعاً اي يعقوب‪».‬‬

‫َع َدم سرور الطفلة املتعبة ِمن املسري‪ُ ،‬يعل اندراوس ُيملها‪ ،‬فيأخذها بني ذراعيه‪ ،‬ويَل ّفها‬
‫مبعطفه‪ .‬وُيمل يسوع الطفل‪ ،‬وميضون‪َ ،‬ع ْرب الدرب الضيّق الذي أصبَ َح مظلماً‪ ،‬مع ِمحلهم املثري‬
‫للشفقة‪ ،‬وقد توقّف البكاء‪.‬‬

‫أتيت‪ّ .‬أما ابلنسبة إىل يعقوب!‪ ...‬فما‬


‫ك َ‬ ‫يقول بطرس‪« :‬اي معلّم! إنّه لَ ِمن ُحسن حظّهما أنّ َ‬
‫الذي تنوي فعله‪ ،‬اي معلّم؟»‬

‫«العدل‪ .‬لن يعرف اجلوع‪ ،‬أل ّن أهراءه مليئة‪ ،‬وتكفيه لفرتة طويلة‪ ،‬إّّنا سوف يعاين من ال َقحط‪،‬‬
‫حيث لن تطرح البذور حبوابً‪ ،‬وأشجار الزيتون والت ّفاح لن حتمل سوى األوراق‪ .‬وهذان الربيئان انال‪،‬‬
‫مين‪ ،‬بل ِمن اآلب‪ ،‬ال ُقوت واملأوى‪ .‬أل ّن أيب هو كذلك أب لليتامى‪ ،‬وهو الذي يَرزق عصافري‬ ‫ليس ّ‬
‫كل البؤساء الذين يعرفون أن يظلّوا "أبنائه‬
‫الغابة عُ ّشاً وما تقتات به‪ .‬وإبمكاّنما القول‪ ،‬ومعهما ّ‬
‫ض َع يف أيديهم الصغرية ال ُقوت‪ ،‬وبعنايته األبويّة يقودهم إىل سقف‬ ‫األبرايء واحملبّني"‪ ،‬إ ّن هللا قد َو َ‬
‫ُمضيف‪».‬‬

‫وتنتهي الرؤاي‪ ،‬ويبقى يل منها سالم عظيم‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 655 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪"( -163‬ال فائدة من ممارسة األسرار إذا ما غابت احملبّة")‬

‫‪1944 / 08 / 20‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫خاص‪ ،‬أيّتها النَّفس اليت تبكي وهي تنظر إىل صلبان املاضي وغيوم املستقبل‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫«هذا لك أنت بشكل ّ‬
‫وعش َُيوي ميامته الباكية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فاآلب لديه على الدوام خبز يضعه يف يدك‪ّ ،‬‬

‫"الرب" العادل‪ .‬إّّنا ال ميكن أن خيدعين أحد‪ ،‬كما‬


‫ُيب أن يعرف اجلميع أنّين أعرف أن أكون ّ‬
‫كاذب‪.‬‬‫ال ميكنه ُماابيت ابحرتام ِ‬

‫َمن يُغلِق قلبه يف وجه أخيه‪ ،‬يُغلِق قلبه يف وجه هللا‪ ،‬وهللا يُغلِق قلبه يف وجهه‪.‬‬

‫ُيب فهو يَكذب عندما‬ ‫احلب‪ .‬والذي ال ّ‬ ‫احلب ُثّ ّ‬‫هذه هي الوصيّة األوىل‪ ،‬اي أيّها الناس‪ّ .‬‬
‫يَعتَِرب نفسه مسيحيّاً‪َ .‬عبَثاً ُميا ِرس األسرار والطقوس‪َ ،‬عبَثاً يصلّي إذا ما غابت احملبّة‪ّ .‬‬
‫وإال أصبَ َحت‬
‫األزيل وتَشبَعوا‪ ،‬وقد رفضتم إعطاء‬ ‫ِ‬
‫تتقربوا من اخلبز ّ‬ ‫شكليّات وانتهاكاً للم َقدَّسات‪ .‬كيف ميكنكم أن ّ‬
‫كل احلدود يف‬ ‫رغيف جلائع؟ هل خبزكم أمثن ِمن ُخبزي؟ هل هو َ‬
‫أقدس؟ اي أيّها املراؤون! إنّين أّتاوز ّ‬
‫منح ذايت لبؤسكم‪ ،‬وأنتم‪ ،‬أنتم البؤس ذاته‪ ،‬ال رمحة لديكم ّتاه الشقاوات اليت ليست ممقوتة يف عيين‬
‫رب"‪ ،‬لكي‬‫رب‪ ،‬اي ّ‬‫هللا كاليت لكم‪ ،‬ذلك ّأّنا بالاي‪ّ ،‬أما اليت لكم فهي خطااي‪ .‬غالباً ما تقولون‪" :‬اي ّ‬
‫الرب لصاحل‬
‫أرعى مصاحلكم‪ .‬ولكنّكم ال تقولون ذلك حبّاً بقريبكم‪ .‬إنّكم ال تعملون شيئاً ابسم ّ‬
‫القريب‪.‬‬

‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫انظروا‪ :‬لدى اجلماعات واألشخاص‪ ،‬ما الذي سار بكم إىل دينكم الكاذب وعوزكم‬
‫الرب عندما تعرفون أن حتبّوا كما َعلَّ ُ‬
‫مت أان‪ّ .‬أما أنتم‪ ،‬أيّها القطيع‬ ‫إىل احملبّة؟ االبتعاد عن هللا‪ .‬وسيعود ّ‬
‫هملني‪ .‬فال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصغري من املتألّمني‪ ،‬مع كونكم صاحلني‪ ،‬فأقول لكم‪" :‬أبداً لستم يتامى‪ ،‬أبداً لستم ُم َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 656 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب‬ ‫حب‬‫وجود هلل إذا ما أِهلَت العناية اإلهلية أبناءه‪ .‬م ّدوا يدكم‪ :‬اآلب مينحكم كل شيء ’كأب‘‪ ،‬أي ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫آخذ ُكم وأمحل ُكم ألنّين أرحم ضناكم"‪ .‬اإلنسان هو‬ ‫ِ‬
‫ط أبداً من قَ ْدر أحد‪ .‬امسحوا دموعكم‪ُ .‬‬ ‫ال ُي ّ‬
‫الويف؛‬ ‫ِ‬
‫الويف؟ اإلنسان ّ‬ ‫الشك أب ّن هللا يرحم العصفور أكثر من اإلنسان ّ‬ ‫تودون ّ‬ ‫أحب املخلوقات‪ .‬هل ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت مع اخلاطئ الذي مينحه الوقت وإمكانيّة اجمليء إليه؟ آه! لو كان العامل يُد ِرك‬
‫وهو الطويل األانة‪ّ ،‬‬
‫ما هو هللا!‬

‫كاليتيمني اللَّ َذين رأيتِهما‪ ،‬بل أكثر‪ .‬اذهيب بسالم‪ .‬أان‬


‫َ‬
‫اذهيب بسالم‪ ،‬اي ماراي‪ِ .‬‬
‫فأنت عزيزة على قليب‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫معك‪».‬‬

‫ُثَّ يقول يسوع‪ :‬عندما أكشف عن األحداث اجملهولة يف حيايت العامة‪ ،‬فإنّين أَسع جوقة األحبار‬
‫أيت هذا؟"‬
‫"ولكن هذا احلَ َدث غري مذكور يف األانجيل‪ .‬فكيف ميكنها القول‪ :‬إنّين ر ُ‬
‫ّ‬ ‫املماحكني يقولون‪:‬‬
‫فهؤالء أُجيبُهم بكالم اإلجنيل‪:‬‬

‫كل املدن والقرى‪ ،‬يُعلِّم يف َمامعها ويُعلِن بشارة امللكوت‪ ،‬ويشفي‬


‫مت‪" :‬وكان يسوع يسري يف ّ‬
‫يقول ّ‬
‫كل مرض وعلّة"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشعب من ّ‬
‫لك اي بيت صيدا‪ ،‬فلو جرى يف صور وصيدا ما جرى‬ ‫لك اي قورازين‪ ،‬الويل ِ‬
‫ويقول أيضاً‪" :‬الويل ِ‬
‫ألظهرات التوبة ابملسح والرماد ِمن زمن بعيد‪ِ ...‬‬
‫وأنت اي كفرانحوم‪ ،‬أحتسبني أنّ ِ‬
‫ك‬ ‫فيكما من املعجزات‪َ َ ،‬‬
‫فيك ِمن املعجزات‪ ،‬ل ِ‬
‫بقيت‬ ‫ترتَِفعني إىل السماء؟ بل ستهبطني إىل اجلحيم‪ ،‬ألنّه لو جرى يف سدوم ما جرى ِ‬
‫إىل اليوم"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومرقس يقول‪ ..." :‬وتَبِ َعه مجع كثري من اجلليل‪ ،‬ومجع كثري من اليهوديّة ومن أورشليم وأدوم َ‬
‫وع ّْب‬
‫األردن ونواحي صور وصيدا‪ ،‬وقد ََِسعوا مبا يَصنَع‪ ،‬فجاؤوا إليه‪."...‬‬

‫ولوقا يقول‪" :‬وس َار بعد ذلك يف املدن والقرى‪ ،‬يَِعظ ويُب ّ‬
‫شر مبلكوت هللا‪ ،‬يصحبه االثنا عشر‪ ،‬وبعض‬
‫النسوة اللوايت برئن ِمن األرواح اخلبيثة واألمراض"‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 657 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫"وع َّب يسوع ِبر اجلليل‪ ،‬فَتَبِعه مجع كثري‪ ،‬ملا رأوا ِمن اآلايت اليت أتى هبا‪،‬‬
‫وحبييب يوحنّا يقول‪َ :‬‬
‫شهد يل شهادة عظيمة ج ّداً‪" :‬وهذا التلميذ هو الذي يشهد هبذه األمور‬ ‫دي يَ َ‬
‫ضل ل َّ‬
‫شفى املرضى"‪ .‬واملف ّ‬ ‫فَ َ‬
‫حلسبت أن‬
‫َ‬ ‫دوهنا‪ ،‬وحنن نَعلَم أ ّن شهادته صادقة‪ .‬وهناك أمور كثرية أتى هبا يسوع‪ ،‬لو ُكتِبَت ُم َف َّ‬
‫صلة‪،‬‬ ‫ويُ ِّ‬
‫سع األسفار اليت ُكتِبت فيها"‪.‬‬‫الدنيا نفسها ال تَ َ‬
‫وإذن‪ ،‬ماذا يقول اآلن أحبار املماحكة؟‬

‫أحببتهن‪ ،‬واليت حتمل صلييب ِمن أجلكم ‪-‬قد‬ ‫ّ‬ ‫إذا كان صالحي‪ ،‬بقصد التخفيف عن إحدى اللوايت‬
‫فضلَت أن َتوت على أن تراين‬ ‫انتَ َزعتُهُ ِمن على كتفي ووضعتُهُ على ِمن َكبيها‪ّ ،‬‬
‫ألهنا أحبّتين‪ ،‬إىل درجة ّأهنا َّ‬
‫صه‪،‬‬ ‫حزيناً‪ -‬إذا كان صالحي‪ ،‬بقصد إيقاظكم ِمن ُّ‬
‫السبات الذي َتوتون فيه‪ ،‬يُ َع ِّرف على األحداث اليت َّت ّ‬
‫فهل تريدون ّاَتام هذا الصالح؟ يف احلقيقة‪ ،‬أنتم ال تستح ّقون هذه النعمة والعناء الذي يُكابِده خملّصكم‬
‫إلخراجكم من األوحال اليت َّتنقكم‪ .‬ولكن‪ ،‬طاملا أمنحكم ذلك‪ ،‬فاقبلوه واهنضوا‪ّ .‬إهنا أنغام جديدة يف‬
‫األقل يف إيقاظ انتباهكم الذي ما يزال ويبقى خامالً‪ ،‬ال مبالياً‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اجلوقة اليت تُرتّلها أانجيلي‪ .‬ولتساهم على ّ‬
‫أمام أحداث معروفة يف األانجيل‪ ،‬ومع ذلك تقرأوهنا بشكل سيّئ وبال روح‪.‬‬

‫أال تو ّدون‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬التفكري يف أنّين مل أصنع خالل السنوات الثالث سوى القليل ِمن املعجزات‬
‫اليت ُر ِويَت؟ أال تريدون التفكري نأنّه مل تّبأ سوى النساء قليالت العدد اللوايت متّ ذكرهن؟ ولكن إذا كان‬
‫ِظ ّل بطرس يشفي‪ ،‬فما ابلكم بِ ِظلّي أان؟ بتن ّفسي؟ بنظريت؟ هل تذكرون النازفة؟ "حسيب أن أملس رداءه‬
‫احلب‬
‫جئت ألقود إىل هللا وأفتح سدود ّ‬
‫تمر‪ُ .‬‬ ‫قوة عجائبيّة بشكل مس ّ‬
‫مين ّ‬
‫فأبرأ"‪ .‬وكان هلا ذلك‪ .‬كانت ََّت ُرج ّ‬
‫حب هللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل ّ‬‫احلب تدفّقت كاألمواج على عا َمل فلسطني الصغري‪ّ .‬‬
‫املغلقة ُمذ ارتُكبَت اخلطيئة‪ .‬عهود من ّ‬
‫فعل ذلك‬‫ابحلب‪ ،‬قبل أن يَ َ‬
‫ّ‬ ‫لإلنسان‪ ،‬الذي َت ّكن أخرياً ِمن التدفّق‪ ،‬كما كان يسحب الناس إىل الفداء‬
‫ابلدم‪.‬‬

‫ولكن قد تقولون‪" :‬ملاذا هي‪ ،‬تلك البائسة؟" سوف أجيبكم عندما تكون‪ ،‬تلك اليت حتتَ ِقروهنا أنتم‬
‫أقل إهناكاً‪ .‬إنّكم تستح ّقون الصمت الذي مارستُهُ يف حضرة هريودس‪ .‬ولكنّين سوف أحاول‬
‫وأُحبّها أان‪ّ ،‬‬
‫افتداءكم‪ ،‬أنتم اي َمن َُي ِهلكم (يعميكم) الكّبايء األصعب إقناعاً‪».‬‬

‫‪----------------------------------------------------‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 658 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫‪1944 / 08 / 21‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫«وسوف أجيبُ ُكم بكلمات بولس الرسول‪" :‬األعضاء اليت تبدو األكثر ضعفاً‪ ،‬هي األكثر ضرورة‪،‬‬
‫تلك اليت نَعتِّبها األقل نُبالً يف اجلسد‪ ،‬نكسوها نأكثر زينة‪ ،‬واليت هي األقل لياقة‪ ،‬نُ ِ‬
‫عاملها ابحرتام أكثر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بينما األجزاء الشريفة ال حتتاج النتباه زائد‪ .‬ولقد َج َع َل هللا اجلسد بشكل ُمينَح فيه التقدير األكّب لألعضاء‬
‫اليت مل يكن هلا ذلك"‪.‬‬

‫هل تظنّون أ ّن تلك "الصوت اهلامس" تعتّب نفسها شيئاً عظيماً؟ إذا ما سألتُ ُموها ُجتيبكم‪" :‬إنّين‬
‫حقيقي‪ّ .‬أما أنتم‪ ،‬فإنّكم ال‬
‫ّ‬ ‫قل نبالً يف جسد املسيح"‪ .‬هذا ما ُجتيبُكم به‪ ،‬وبصدق‬ ‫العضو األضعف واأل ّ‬
‫واضع لديكم وال صدق‬ ‫كل إنسان يُطبِّق على اآلخرين مقاييسه‪ .‬وأنتم‪ ،‬اي َمن ال تُ ُ‬
‫تص ّدقوهنا‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬
‫سمعوا َمن يقول لكم‪" :‬ولكن ال‪ ،‬فأنتم صاحلون للغاية"‪ ،‬وتف ّكرون يف ذلك‬ ‫ِ‬
‫وتقولون‪" :‬إنّين سيّئ"‪ ،‬لتَ َ‬
‫نأنفسكم إىل أبعد احلدود؛ وإذا كان هناك أحد الصادقني‪ ،‬وهو اليعزو إليكم ّإال القليل ِمن الصالح‪ ،‬أو‬
‫صمت على سبيل احملبّة‪ ،‬وال ميتدحكم على سبيل الصراحة‪ ،‬فإنّكم تغضبون وتكرهونه‬ ‫ال يعزو أبداً‪ ،‬بل يَ ُ‬
‫نأهنا صادقة‪ّ .‬أما أان‪ ،‬أان الذي أقرأ ما يف فِكرها‪ ،‬وأرى ما‬
‫ألنّه مل ميتدحكم؛ ّإال أنّكم ال تستطيعون االعتقاد ّ‬
‫يف داخل قلبها‪ ،‬أان أعرف إذا ما كانت لديها تلك الفكرة عن نفسها أم مل تكن‪ .‬األحاديث بني تلك النَّفس‬
‫مرة رنَّت فيها كلمات إهلها املطَ ْمئِنة‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ألهنا تقول‪" :‬ولكن كيف ّاَّتذتَين أان‪ ،‬اي ّ‬
‫رب‪ ،‬أان اليت‬ ‫وإهلها‪َ ،‬كم من ّ‬
‫يف أان‪ ،‬ألنّه‬
‫تشك َّ‬
‫كأهنا ّ‬
‫إليك كثرياً؟" وتبدو و ّ‬
‫لت أفتقر َ‬
‫إليك كثرياً‪ ،‬وما ز ُ‬
‫رت َ‬ ‫ال تساوي شيئاً‪ ،‬واليت افتَ َق ُ‬
‫يبدو هلا مستحيالً أن أختارها هي هلذه الرسالة‪.‬‬

‫تظن نفسها ضعيفة‪ ،‬ضعيفة للغاية‪ .‬وإذا ما قوِرنَت ابلكمال‪ ،‬فهي أضعف ِمن شعرة طفل وليد‪ .‬تظن‬ ‫ّ‬
‫قوة وحيدة‪ :‬حبّاً‬ ‫ِ ِ‬ ‫نفسها مرذولة‪ .‬وإذا ما قوِرنَت ابهلل‪ ،‬فهي ِ‬
‫أقل من دودة ُخل َقت من الرتاب‪ .‬ولكنّها َتلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فإهنا ال تُف ِّكر مطلقاً بذاَتا‪ ،‬وال ابملنفعة اليت جتنيها ِمن اآلخرين‪ .‬إهنّا‬
‫كامالً‪ .‬عندما تُعطي أو َتنح ذاَتا‪ّ ،‬‬
‫حت حينما تُصبِح ممقوتة ِمن العامل هلذا السبب‪ .‬لقد أو َش َكت على بغض ذاَتا‬
‫تف ّكر يف إرضائي أان فقط‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫(حت‬ ‫كجسد‪ ،‬ذلك البغض املق ّدس الذي علَّمتُه أان بقويل‪َ :‬‬
‫"من أراد أن َُيلّص حياته (األرضيّة) يَفقدها ّ‬
‫َدر َك فحوى الكلمة!‬ ‫األزليّة)‪ ،‬ومن يَفقدها حبّاً يب َيدها"‪ .‬احلِقد َّ‬
‫املقدس للذي أ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 659 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ذت يوماً طفالً ووضعتُه وسط ُر ُسلي‬
‫َخ ُ‬
‫احلب الذي يتجاوز األوهان اخرتَتُا‪ .‬ولقد أ َ‬ ‫ِ‬
‫فَمن أجل هذا ّ‬
‫قوته‪ ،‬وليست لديه أفكار كّبايء‪ .‬الطفل الصغري‪ ،‬الرضيع‪ ،‬أل ّن‬ ‫بكل ّ‬
‫متّخذاً ّإايه مثالً‪ .‬ذلك أ ّن الطفل حيب ّ‬
‫زهر عندما تبدأ ساقها ابخلروج ِمن األحشاء الوالديّة‪ ،‬بعدئذ‬
‫بذور الشيطان تعطي‪ ،‬كأول سنبلة‪ ،‬الكّبايء‪ ،‬وتُ ِ‬
‫ّ‬
‫ولكن‬
‫السلطة أو ُسلطان املال‪ّ .‬‬ ‫السلطان‪ ،‬إن تكن ُّ‬ ‫َّترج ساق السنبلة الثانية ِمن الشهوة‪ ،‬والثالثة هي ساق ُّ‬
‫الساق األوىل هي دائماً الكّبايء‪ ،‬وََّت ُرج ِمن الشفاه اليت مل تكد تنسى احلليب الوالدي‪.‬‬

‫ضع أريدهم ألمنحهم كالم احلياة‪ .‬كم كان مجيالً أن‬ ‫ضع‪ ،‬مثل الر ّ‬ ‫فأريد أن يكون تالميذي مثل الر ّ‬
‫"هاك"‪ .‬ويَهربون وهم يضحكون‪ ،‬ليعودوا ِمن‬ ‫إيل‪ ،‬وأيديهم الصغرية مليئة أزهاراً‪ ،‬قائلني يل‪َ :‬‬ ‫أراهم َيتون ّ‬
‫حب‪ ،‬مطمئنّني‪ ،‬صادقني‪ ،‬وُمبّني‪ ...‬أريد الصغار يف العامل لتقديس‬ ‫جديد حاملني زهريات أخرى يف لُعبَة ّ‬
‫َتر وحتيا فيما بينكم ليس هلا قدرة على تغيريكم لألفضل ‪-‬وهو املفروض‪ ،‬أل ّن‬ ‫العامل‪ ،‬ومبا أ ّن الّباءة اليت ّ‬
‫صنَ َعه‪ ،‬يَفرض‪ ،‬دون‬ ‫َساوي‪ ،‬كائن تفوح منه الطهارة والسالم‪ ،‬يتكلّم بغري كالم عن هللا الذي َ‬ ‫ّ‬ ‫الّبيء كائن‬
‫لفتوته اليت ينبغي هلا ّأال تفسد‪ ،‬لضعفه الذي َيب أن‬ ‫أن يتكلّم‪ ،‬احرتام ما هو هلل‪ ،‬ي ِ‬
‫واحلب ّ‬
‫ّ‬ ‫ناشد الرمحة‬ ‫ُ‬
‫األول‪ ،‬ومحراء وبنفسجيّة مها الزهراتن‬‫ُحيَب‪ ،‬زهرة قريبكم كما املريض زهرة‪ ،‬واملتأ ّمل زهرة طاهرة يف املقام ّ‬
‫كل قريب له احل ّق يف حبّنا‪ -‬مبا أ ّن براءة األبرايء ِبسب‬
‫ُخراين اللتان عليكم أن حتبّومها حبّاً مميّزاً بني ّ‬ ‫األ َ‬
‫فطري ال َتلكونه أنتم‪ ،‬وهم‬‫ّ‬ ‫السن ال تكفي‪ ،‬فإنّين‪ ،‬إذاً‪ ،‬أخلق األطفال ابلروح‪ ،‬فهؤالء لديهم ِعلم‬ ‫ّ‬
‫وصادقون كاألطفال الذين ََيطّون‪ ،‬مبتسمني‪ ،‬خطواَتم األوىل‪ ،‬ويَعلَمون ّأهنم‬ ‫ِ‬ ‫متواضعون‪ ،‬بُسطاء‪ ،‬واثِقون‬
‫ِ‬
‫لوال األ ُّم يَ َقعون‪ ،‬فال يرتكوهنا مطلقاً‪.‬‬

‫كما ُهم‪ ،‬كذلك هي ال ترتكين أبداً‪ .‬لذلك‪ ،‬هلا هي‪ ،‬ولِ َمن ُهم مثلها‪ ،‬أعضاء ضعيفون –هكذا يبدون‬
‫ط لكم‪.‬‬
‫لكم‪ -‬أعضاء َمرذُولون ‪ -‬هكذا يبدون لكم‪ -‬يُعطَون ما مل يُع َ‬

‫املتكّبين‪ ،‬هي اليت تعمل ابألكثر‪ .‬إصبع‬


‫ي‪ ،‬تلك األعضاء ابلضبط‪ ،‬اليت حيتقرها عامل ّ‬
‫السر ّ‬
‫يف اجلسد ّ‬
‫حت ابألعمال األكثر اعتياديّة‬
‫واحد ليس الدماغ‪ .‬إ ّّنا بدون األصابع ماذا تفعلون أنتم؟ ال ميكنكم القيام ّ‬
‫حت التقاط الثدي وتل ّقي الغذاء‪ ،‬إن مل تضعه‬
‫واألكثر تواضعاً‪ ،‬تكونون كاملولود حديثاً يف املهد‪ ،‬ال ميكنه ّ‬
‫حت ولو كنتم قد تل ّقيتم أعلى درجات التعليم‪ ،‬وأنتم على درجة عالية ج ّداً من الذكاء‪،‬‬
‫أ ُّمه له بني شفتيه‪ّ .‬‬
‫فال ميكنكم تثبيت فكرة ِمن دماغكم على الورق‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 660 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫هكذا هو األمر ابلنسبة هلا‪ .‬إصبع‪ ...‬إ ّّنا‪ ،‬هلذا العضو الصغري‪ ،‬قد أُسنِ َدت رسالة إرشادكم إىل النور‬
‫وإعادة دعوتكم إىل النور‪ .‬النور الذي يريد إضاءتكم‪ ،‬اي أيّها الفوانيس اليت تُ َد ّخن أخبرة العقالنيّة‪ ،‬أو املطفأة‬
‫حت املال‪ ،‬ومن املال إىل الشهوة‪ ،‬ومن الشهوة إىل األفعال‬ ‫ِ‬
‫احلب ّ‬
‫ألسباب متع ّددة‪ ،‬بدءاً من االفتقار إىل ّ‬
‫املضا ّدة للمحبّة‪ .‬هيّا اجثوا‪ .‬ليس أمام "الصوت اهلامس"‪ ،‬لكن أمام الكلمة الذي يتح ّدث‪" .‬فالصوت‬
‫الرب‪ّ .‬أما "الصوت اهلامس" فمجهولة‬ ‫ِ‬
‫الرب الذي يتكلّم‪ّ .‬‬ ‫اهلامس" تُر ّدد كلماته‪ .‬أداة إهلها هي‪ .‬اعبدوا ّ‬
‫هي‪ .‬أريدها ُخمتَ ِفية عن العامل‪ .‬ستكون معروفة فيما بعد‪ .‬اآلن هي ليست ِسوى "صوت"‪ّ .‬إهنا هي اليت حتمل‬
‫كل اختيار ِمن هللا هو صليب للكائن‪.‬‬ ‫صويت‪ .‬شرفها هو شهادَتا‪ ،‬ذلك أ ّن ّ‬
‫حت أن ُحتبّوها‪ .‬أان أكفي هلذا‪ ،‬وهي ال تطلب املزيد‪ .‬ولكنّين أريدكم أن تَ َدعُوها‬
‫ال أطلب منكم ّ‬
‫وشأهنا‪ ،‬مع االحرتام املفروض أن تتحلّوا به جتاه شيء يستخدمه هللا‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 661 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫حيوله يسوع إىل ِغىن")‬ ‫ِ‬


‫‪"( -164‬ما من شقاء ال ميكن أن ّ‬
‫‪1944 / 08 / 21‬‬

‫تقول مرمي‪:‬‬

‫ك يسوعي عن طفولة الروح‪ ،‬املطلوبة بشكل الزم‬ ‫«اي ماراي‪ ،‬األم هي اليت تتكلّم‪ .‬ح َّدثَ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫لك يف األمس صفحة ِمن حياته كمعلّم‪ .‬ر ِ‬
‫أيت أطفاالً‪ ،‬أطفاالً‬ ‫الكتساب امللكوت‪ .‬لقد أظهر ِ‬
‫ََ‬
‫ك‬‫أود أن أجعل يسوع ُيب ِ‬ ‫لك‪ِ ،‬‬
‫أنت اليت ُّ‬ ‫مساكني‪ .‬أمل يكن هناك ما يضاف؟ بلى‪ ،‬وأان من تقوله ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫روحك ِمن أجل روح عدد كبري من الناس‪ .‬ولكنّها ِمن‬
‫ِ‬ ‫أكثر‪ّ .‬إّنا صبغة يف اللوحة اليت َّ‬
‫حتدثَت إىل‬
‫الرسام وحكمة املراقب‪.‬‬
‫الصبغات اليت تُضفي اجلمال على اللوحة‪ ،‬إ ّّنا هي اليت تُوحي إببداعات ّ‬
‫اضع يسوع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جعلك تالحظني تو ُ‬ ‫أريد‬

‫املتحجر بشكل‬ ‫عامل اخلاطئ ذي القلب‬‫تلك الفتاة الصغرية املسكينة‪ ،‬يف بساطة جهلها‪ ،‬ال تُ ِ‬
‫ّ‬
‫متوحشة صغرية‪ ،‬كوّنا‬ ‫ِ‬
‫أقل قليالً من ّ‬
‫الرايب وال عن ماسيّا‪ّ .‬إّنا ّ‬‫ُمتلف عن ابين‪ّ .‬إّنا ال تَعلَم شيئاً عن ّ‬
‫يسي كان َُيتَ ِقر يسوعي‪ ،‬مل‬
‫ّ‬ ‫الفر‬
‫ّ‬ ‫امساعيل‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫م‪،‬‬‫ل‬
‫ّ‬ ‫املع‬ ‫ر‬ ‫قد عاشت يف الرباري‪ ،‬يف بيت كان َُيت ِ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫سمع أحداً يتح ّدث عنه ومل تره قط‪.‬‬
‫تَ َ‬
‫األم‪ ،‬وقد َحطَّ َم ُهما العمل املن ِهك الذي كان يتطلّبه منهما السيّد غليظ القلب‪ ،‬مل يكن‬
‫األب و ّ‬
‫لديهما الوقت وال اإلمكانيّة لرفع الرأس عن األرض اليت كاان يَستَصلِحاّنا‪ .‬قد يكوانن َِمسعا‪ ،‬أثناء‬
‫حصاد الغالل‪ ،‬أو أثناء قطاف الثمار والعناقيد‪ ،‬أو أثناء سحق الزيتون حتت الرحى القاسية‪ ،‬هتاف‬
‫لكن اخلوف والتعب كاان َخيفضان رأسيهما‬ ‫املتعبني‪ .‬و ّ‬
‫هوشعنا‪ ،‬وقد يَكوانن َرفَعا للحظة رأسيهما َ‬
‫مباشرة حتت النّري‪ .‬وكاان قد ماات وِها يُف ِّكران أ ّن العامل ليس ِسوى حقد وأمل‪ ،‬بينما العامل‪ ،‬على العكس‪،‬‬
‫َجريين لسيّد بال رمحة‪،‬‬
‫كان حبّاً وخرياً‪ ،‬منذ اللحظة اليت َوطَأه فيها يسوعي بقدميه املقدَّستني‪ .‬كاان أ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 662 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ماات دون أن يُقابِال نظرة وابتسامة يسوعي ولو ملّرة واحدة‪ ،‬وال أن يسمعا كالمه الذي كان مينح النَّفس‬
‫ِغىن‪ ،‬بفضله كان املعوزون يشعرون أنفسهم أغنياء‪ ،‬واجلياع ُمشبَعني‪ ،‬واملرضى يف صحة جيدة‪،‬‬
‫واملتألّمون ُم َعَّزين‪.‬‬

‫لك‪ :‬افعل كذا"‪ .‬إنّه يَكتم لقبه‪.‬‬


‫حسناً‪ ،‬إ ّن يسوع ال يقول‪" :‬أان السيد أقول َ‬
‫حّت ِمن أوراقها‪،‬‬
‫حّت أمام معجزة شجرة الت ّفاح العارية ّ‬
‫والصغرية‪ ،‬اجلاهلة لدرجة عدم اإلدراك‪ّ ،‬‬
‫تستمر يف مناداته‪" :‬اي سيّدي"‪ ،‬كما كانت تنادي‬ ‫ّ‬ ‫واليت امتأل أحد أغصاّنا ابلثمار لس ّد جوعهما‪،‬‬
‫سيّدها امساعيل ويعقوب غليظ القلب‪ .‬كانت تَشعُر بنفسها َمشدودة إىل السيّد الصاحل‪ ،‬أل ّن الصالح‬
‫عفوي‪ ،‬الكائن الصغري التائه يف العامل‬
‫ّ‬ ‫يش ّد دائماً‪ .‬ليس أكثر‪ .‬تَبِ َعته بثقة‪ .‬أحبَّته على الفور‪ ،‬بشكل‬
‫ويف اجلهل الذي أراده العامل‪" ،‬العامل الكبري‪ ،‬عامل املتسلِّطني والشهوانيّني"‪ ،‬الذين يريدون إبقاء األدىن‬
‫وعلِ َمت فيما بعد‬ ‫ِ‬
‫منهم يف اجلهل للتم ّكن من تعذيبهم على راحتهم‪ ،‬واستغالهلم بشكل بغيض أكثر‪َ .‬‬
‫كل‬
‫َمن كان ذاك "السيّد" الذي‪ ،‬لكونه فقرياً مثلها‪ ،‬بال بيت وال طعام‪ ،‬بال أ ُّم‪ ،‬ألنّه كان قد تَـَرَك ّ‬
‫حّت ذلك اإلنسان الضئيل الذي كانَته‪ ،‬املخلوقة املسكينة‪ ،‬وهي الطفلة الصغرية‪،‬‬ ‫شيء‪ُ ،‬حبّاً ابإلنسان‪ّ ،‬‬
‫ومن‬‫ذاك السيد الذي أعطاها الثمار العجائبية‪ ،‬وهو يبغي انتزاع طعم مرارة الشر اإلنساين ِمن شفتيها ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قلبها‪ ،‬تلك املرارة اليت ُتلق حقد البؤساء ض ّد ذوي السلطة‪ ،‬وذلك بفاكهة ِمن اآلب‪ ،‬وليس بقطعة‬
‫خبز أُعطيت فيما بعد‪ ،‬وهي ابلنسبة إليها حتتفظ على الدوام بطعم القسوة والدموع‪.‬‬

‫األرضي‪ .‬فاكهة ُوِج َدت‬ ‫الفردوس‬ ‫ار‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن تلك التفاحات كانت تعيد إىل األذهان ِ‬
‫مث‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كل أنواع الشقاء‪ ،‬بدءاً ِمن‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ومن أجل الشر‪ ،‬وهي تُشري إىل الفداء ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫على الغصن ِمن أجل اخلري ِ‬
‫ف وكأنّه مل‬
‫صر َ‬
‫َجهل هللا‪ ،‬ابلنسبة إىل اليتيمني‪ ،‬وتُشري إىل العقاب للذي‪ ،‬إذ أصبَ َح يعرف الكلمة‪ ،‬ت َّ‬
‫يكن يعرفه‪ .‬وسوف تَع ِرف فيما بعد‪ ،‬بواسطة املرأة فاعلة اخلري اليت استقبَـلَتها ابسم يسوع‪َ ،‬من كان‬
‫يسوع‪ .‬وقد كان ابلنسبة هلا املخلِّص ِمن أمور كثرية‪ .‬املخلِّص ِمن اجلوع‪ِ ،‬من رداءة اجلّو‪ِ ،‬من أخطار‬
‫العامل ِ‬
‫ومن اخلطيئة األصليّة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 663 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فإّنا رأت يسوع على الدوام يف نور ذاك اليوم‪ ،‬وقد ظَ َهَر دائماً مبظهر السيّد الصاحل‪،‬‬
‫ّأما هي‪ّ ،‬‬
‫بصالح القصص اخلرافيّة‪ ،‬السيّد الذي َمينح املالطفات واهلدااي‪ ،‬السيّد الذي أنساها ّأّنا كانت بال‬
‫كاألم‪ ،‬وكان قد َمنَ َحهما ع ّشاً لتعبهما‬
‫أب وال أ ُّم‪ ،‬بال مأوى وال ثياب‪ ،‬ألنّه كان طيّباً كاألب ولطيفاً ّ‬
‫وغطاء لعريهما بصدره ومعطفه ومعاطف ِّ‬
‫اخلريين اآلخرين الذين كانوا معه‪.‬‬

‫حّت عندما َعلِ َمت أنّه مات ُمع ّذابً على‬‫يتالش حتت سيل الدموع‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وعذب‪ ،‬مل‬‫أبوي َ‬
‫نور ّ‬
‫صليب‪ ،‬وال عندما‪ ،‬كمؤمنة يف الكنيسة األوىل‪ ،‬رأت ما كان قد جرى لوجه "سيّدها" حتت أتثري‬
‫الضرابت والشَّوك‪ ،‬وبعد التفكري كيف هو اآلن يف السماء على ميني اآلب‪ .‬نور ابتسم هلا يف ساعتها‬
‫األخرية على األرض‪ ،‬وهو يقودها بال خوف إىل ُُملّصها‪ ،‬نور ابتَ َس َم هلا أيضاً‪ ،‬بعذوبة ال توصف‪ ،‬يف‬
‫أَلَق الفردوس‪.‬‬

‫ابحلب الذي يكنّه‬ ‫سعيدة‬ ‫كوين‬ ‫و‬ ‫البعيدة‪،‬‬ ‫إليك يسوع‪ .‬فانظري إليه مثل شب ِ‬
‫يهتك‬ ‫كذلك ينظُر ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَت‪،‬‬‫لك‪ .‬كوين بسيطة‪ ،‬متواضعة‪ ،‬ومؤمنة مثل مرمي الصغرية املسكينة اليت َع ِرفتها‪ .‬انظري إىل أين َو َ‬
‫لك‪ ،‬وأصبَ َحت‬‫رغم كوّنا جاهلة إسرائيل الصغرية املسكينة‪ :‬إىل قلب هللا‪ .‬لقد ّتلّى احلب هلا كما ّتلّى ِ‬
‫ّ‬
‫ضليعة يف احلكمة احلقيقيّة‪.‬‬

‫ُيوله إىل ِغىن‪ ،‬وما ِمن عزلة ال‬ ‫ِ‬


‫كوين مؤمنة‪ ،‬ابقي يف سالم‪ .‬فما من شقاء ال ميكن البين أن ّ‬
‫حّت وال‬
‫احلب‪ّ .‬‬
‫ميكنه أن ميألها‪ ،‬كما ال يوجد تقصري ال ميكنه ُموه‪ .‬ال وجود للماضي عندما ميحوه ّ‬
‫اللص ديسماس (الذي كان على ميني يسوع أثناء‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ملاض رهيب‪ .‬هل تريدين أن ُتايف أنت بينما ّ‬
‫أحيب‪ِ ،‬‬
‫أح ّيب وال َُتشي شيئاً‪.‬‬ ‫الصلب) مل َخيَف؟ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األم ترت ِ‬
‫كك مع بـََرَكتها‪».‬‬ ‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 664 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪"( -165‬أريد أن حيظى اليتامى نأ ُّم")‬

‫‪1945 / 10 / 11‬‬

‫أبّنا كما لو‬


‫رمادي‪ .‬تبدو زئبقاً تغشاه الدموع‪ ،‬مع االعتقاد ّ‬‫ّ‬ ‫حبرية طرباي ليست سوى غطاء‬
‫الزبَد‪ ،‬تتوقّف وتَثبُت بعد حركة‬
‫صل إىل ح ّد إظهار َّ‬‫كانت يف اسرتاحة مرتافِقة بِ ِشبه أمواج تَعِبة‪ ،‬ال تَ ِ‬
‫ُ‬
‫موحدة حتت مساء دون أتلّق‪.‬‬ ‫بسيطة‪ ،‬متّخذة على امتدادها صبغة ّ‬
‫ضي‬
‫بطرس واندراوس حول مركبهما‪ ،‬كذلك يعقوب ويوحنّا حول مركبهما‪ .‬إ ّّنم يتهيّأون للم ّ‬
‫إىل شاطئ بيت صيدا الصغري‪ .‬رائحة أعشاب‪ ،‬وأرض مشبعة ابملاء‪ ،‬ضباب خفيف على السطح‬
‫كل شيء‪.‬‬‫العشيب املمت ّد صوب قورازين‪ ،‬كآبة تشرين الثاين (نوفمرب) على ّ‬
‫ّ‬
‫َخي ُرج يسوع من بيت بطرس‪ ،‬ممسكاً بيديه الصغريين متّيا ومرمي‪ ،‬اللذين قد اعتنت برفرييه‬
‫بدلة ثوب مرمي آبخر ملرغزايم‪ّ .‬أما متّيا‪ ،‬فهو صغري ج ّداً‪ ،‬وال ميكن االستفادة‬‫إبلباسهما عناية أُم‪ ،‬مست ِ‬
‫ّ ُ َ‬
‫ِمن الطريقة ذاهتا‪ ،‬وهو ال يزال َِ‬
‫يرّتف يف جلبابه القطين الذي َّاُمَت منه األلوان‪ ،‬رغم أ ّن برفرييه‪ ،‬وقد‬
‫تلف به الصغري‪ ،‬كما لو‬ ‫ِ‬ ‫أَخ َذهتا الشفقة‪ ،‬تعود إىل البيت لِ‬
‫خرج اثنية ومعها قطعة من حرام (غطاء) ّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تيمني قُبلة أخرية‪.‬‬ ‫الي‬ ‫تقبيل‬ ‫بعد‬ ‫وتنسحب‬ ‫نة‪،‬‬ ‫كان احلرام معطفاً‪ .‬يشكرها يسوع‪ ،‬بينما هي ّتثو م ِ‬
‫ستأذ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫أتخذِها أيضاً‪ ».‬يُعلّق بطرس الذي رأى املشهد‪ ،‬وبدوره‬
‫«للحصول على أطفال‪ُ ،‬يدر هبا أن ُ‬
‫ينحين ليعطي الصغريين قطعة خبز ابلعسل‪ ،‬كان ُيتفظ هبا حتت مقعد يف املركب‪ .‬وهذا ما جعل‬
‫زوجتك لِتَمنَح‬
‫َ‬ ‫سرقت العسل ِمن‬
‫ك َ‬ ‫حّت إنّ َ‬
‫أنت فال‪ ،‬أليس كذلك؟ ّ‬
‫اندراوس يضحك ويقول له‪ّ « :‬أما َ‬
‫الطفلني قليالً ِمن الفرح‪».‬‬

‫سرقت! العسل يل!»‬


‫ُ‬ ‫سرقت!‬
‫« ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 665 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخلت إىل‬ ‫أنت‪ ،‬اي َمن تعرف ذلك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫لكن زوجة أخي تغار من ذلك‪ ،‬ألنّه ملرغزايم‪ .‬و َ‬
‫«نعم‪ ،‬و ّ‬
‫أيتك اي أخي‪،‬‬
‫نعليك‪ ،‬لتأخذ منه ما تُزيّن به هذا الرغيف‪ .‬لقد ر َ‬
‫َ‬ ‫املطبخ ليالً‪ ،‬كالسارق‪ ،‬خالعاً‬
‫الصفعات الوالديّة‪».‬‬
‫لك كالطفل الذي خيشى ّ‬ ‫كنت تنظر حو َ‬
‫ك َ‬ ‫وضحكت‪ ،‬ألنّ َ‬
‫ُ‬
‫عينك!» يقول بطرس ضاحكاً‪ ،‬وهو يُعانِق أخاه الذي يُعانِقه بِ َدوره قائالً‪« :‬أخي‬
‫«بِئس َ‬
‫احلبيب‪».‬‬

‫يتوسط الطفلني اللذين يلتهمان رغيفهما‪.‬‬


‫يرى يسوع ويبتسم ابتسامة عريضة‪ ،‬وهو ّ‬
‫الر ُسل الثمانية اآلخرون ِمن داخل بيت صيدا‪ِ .‬من احملتمل أ ّّنم كانوا ينـزلون ضيوفاً على‬ ‫يِ‬
‫صل ُّ‬‫َ‬
‫فليبّس وبرتلماوس‪.‬‬

‫«بسرعة!» يصيح بطرس‪ ،‬وِمبُعانقة واحدة ُيمل الصغريين إىل املركب دون أن يبلّال أقدامهما‬
‫احلافية‪« .‬لستما خائفني‪ ،‬أليس كذلك؟» يَسأل بينما هو خيوض يف املاء بساقيه القصريتني والقويّتني‬
‫حّت ما فوق الركبتني‪.‬‬
‫والعاريتني ّ‬
‫«ال اي سيّدي‪ ».‬تقول الصغرية وهي تش ّد على عنق بطرس بتشنُّج ُمغلِقة عينيها‪ ،‬بينما هو‬
‫صعد إليه بِ َدوره‪ .‬الصغري‪ ،‬أكثر جرأة أو أكثر‬ ‫ِ‬
‫يضعها يف املركب الذي يتأرجح حتت ثقل يسوع الذي يَ َ‬
‫ذهوالً‪ ،‬فإنّه ال يَنبس ببنت شفة‪َُ .‬يلس يسوع ويش ّد إليه الصغريين‪ ،‬مغطّياً ّإايِها مبعطفه الذي يبدو‬
‫وصني‪.‬‬
‫الص َ‬
‫كاجلناح املنبسط حلماية ُّ‬

‫ساعدة على الصعود‬ ‫ستّة يف مركب‪ ،‬وستّة يف اآلخر‪ ،‬اجلميع يف املركبني‪ .‬يرفع بطرس الدفّة الـم ِ‬
‫ُ‬
‫إىل املركب‪ .‬وبضربة قَ َدم قويّة يَدفَع املركب بعيداً عن الض ّفة‪ ،‬ويقفز إليه ُمتجاوزاً الض ّفة‪ .‬وُيذو يعقوب‬
‫تئن الصغرية قائلة‪« :‬ماما!» وُتفي وجهها يف صدر‬ ‫أرج َحت املركب‪ّ ،‬‬ ‫حذوه يف مركبه‪ .‬دفعة بطرس َ‬
‫صيب‬ ‫ال‬‫و‬ ‫اوس‬‫ر‬‫اند‬
‫و‬ ‫بطرس‬ ‫إىل‬ ‫ابلنسبة‬ ‫ب‬ ‫يسوع‪ ،‬متشبثة بركبتيه‪ .‬إّّنا اإلحبار قد أصبح لطيفاً رغم أنّه متعِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫اجلو الثقيل‬ ‫ِ‬ ‫َخ َذ موقع اجمل ّذف الرابع‪ِّ .‬‬
‫مرتهل يف هذا ّ‬
‫الشراع ّ‬ ‫الذين عليهم أن ُُي ّذفوا مع فليبّس الذي أ َ‬
‫بقوة اجملاذيف‪.‬‬
‫والرطب‪ ،‬وال يفيد يف شيء‪ .‬عليهم التق ّدم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 666 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يوطي هو اجمل ّذف الرابع‪،‬‬
‫«نزهة َجيلة!» يهتف بطرس للّذين يف املركب التوأم‪ ،‬حيث االسخر ّ‬
‫والذي يهنّئه بطرس على ضربة َمذافه املمتازة‪.‬‬

‫قوي ّقوة ُمكوم أبشغال‬


‫بقوة أو إنّنا سنسبقكم‪ .‬يهوذا ّ‬
‫بقوة اي مسعان!» ُُييب يعقوب‪ّ « .‬‬
‫« ّ‬
‫أحسنت‪ ،‬اي يهوذا!»‬
‫َ‬ ‫شاقّة‪.‬‬

‫قيمك رئيساً للمج ّذفني‪ ».‬يؤّكد بطرس الذي ُُي ِّذف عن اثنني‪ .‬ويضحك قائالً‪:‬‬‫«نعم‪ ،‬سوف نُ َ‬
‫كنت يف العشرين وأان رئيس‬ ‫ِ‬
‫األول من مسعان بن يوان‪ُ .‬مذ ُ‬ ‫«ومع ذلك‪ ،‬ال ميكن ألحد أن ينتزع املكان ّ‬
‫للمج ّذفني يف املبارايت اليت كانت تقام بني ُمتلف البلدات‪ ».‬وِمبَرح‪ ،‬يَشرع ابإليعاز ابإليقاع للمج ّذفني‬
‫وترتدد األصوات يف صمت البحرية اخلالية يف تلك‬ ‫الذين معه‪« :‬أوه!‪ ...‬هيس! أوه!‪ ...‬هيس!» ّ‬
‫الساعة الصباحيّة ‪.‬‬

‫يَكتَ ِسب الولدان جرأة‪ّ .‬إّنما ما يزاالن حتت املعطف‪ُ ،‬خي ِرجان وجهيهما النَّحيلني ِمن جانيب‬
‫املعلّم الذي يُعانِقهما ويبتسمان‪ .‬يُبداين اهتماماً بِ َع َمل ال ُـمج ِّذفِني‪ .‬يتبادالن التعليقات‪.‬‬

‫« َحت َسبنا نسري على عربة بدون عجالت‪ ».‬يقول الصغري‪.‬‬

‫«ال‪ ،‬بل على عربة فوق السحاب‪ .‬انظر! َحت َسبنا نسري فوق السماء‪ .‬ها إنّنا نصعد فوق‬
‫سحابة!» تقول مرمي‪ ،‬وهي ترى مق ّدمة املركب َُت َِرتق مكاانً يوحي بسحابة قطنيّة‪ .‬وتبتسم‪ .‬و ّ‬
‫لكن‬
‫الشمس تُب ِّدد الضباب‪ ،‬ورغم كوّنا مشساً ابهتة‪ ،‬فإ ّن الغيوم تُصبِح َّ‬
‫مذهبة وتَعكس البحرية بريقها‪.‬‬

‫«آه! كم هذا َجيل! إنّنا نسري اآلن على النار‪ .‬آه! كم هذا َجيل! كم هذا َجيل!» ويُص ِّفق‬
‫صمت‪ُ ،‬ثّ تنفجر ابلبكاء‪ .‬ويَسأهلا اجلميع عن سبب البكاء‪ .‬وتَشرح هي‬ ‫لكن الطفلة تَ ُ‬
‫الولد بيديه‪ .‬و ّ‬
‫وسط دموعها‪« :‬كانت أُمي تُ ِردد قصيدة أو مزموراً‪ ،‬لست أدري‪ ،‬كي َحت َفظنا ِ‬
‫صاحلَني‪ ،‬لنتم ّكن من‬ ‫ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫االستمرار يف الصالة رغم األحزان الكثرية‪ ...‬وكانت تلك القصيدة تتح ّدث عن فردوس كبحرية ِمن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 667 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل الصاحلني‪ ...‬بعد أن أييت‬
‫نور‪َ ،‬كنَار عذبة حيث لن يكون سوى هللا والفرح‪ ،‬وحيث سيذهب ّ‬
‫ال ُـمخلِّص‪ ...‬وهذه البحرية َّ‬
‫ذكرتين هبا‪ ...‬أب ُّمي!»‬

‫يبكي متيا كذلك‪ ،‬وأتخذ الشفقة ابجلميع‪.‬‬

‫ولكن ها هو صوت يسوع العذب يعلو فوق متتمات األصوات املختلفة وفوق حنيب اليتيمني‪.‬‬
‫إيل‪ ،‬وهي هنا معكما‪ ،‬بينما أان آخذكما إىل أ ُّم ُمرومة ِمن األوالد‪.‬‬
‫«ال تبكيا‪ ،‬فإ ّن ّأمكما قادت ُكما َّ‬
‫وستكون مسرورة للغاية حبصوهلا على ولدين طيّبني بدل ابنها الذي هو اآلن حيث أ ُّمكما‪ .‬ذلك ّأّنا‬
‫بَ َكت هي كذلك‪ ،‬هل تَعلَمان؟ فلقد مات ابنها كما ماتت أ ُّمكما‪»...‬‬

‫ب إىل أ ُّمنا!» تقول مرمي‪.‬‬


‫«آه! إذن حنن ذاهبان إليها وابنها َذ َه َ‬
‫«هو هكذا ابلضبط‪ ،‬وسوف تكونون َجيعكم سعداء‪».‬‬

‫فالحة؟ هل معلّمها صاحل؟» يُبدي الولدان‬


‫«كيف هي تلك املرأة؟ ماذا تعمل؟ هل هي ّ‬
‫اهتماماً‪.‬‬

‫فالحة‪ ،‬ولكن لديها حديقة مليئة ابلورود‪ ،‬وهي طيّبة كمالك‪ .‬زوجها صاحل‪ .‬وهو‬‫«هي ليست ّ‬
‫أيضاً سوف ُيبّكما كثرياً‪».‬‬

‫مّت مش ّككاً‪.‬‬
‫تظن ذلك اي معلّم؟» يَسأل ّ‬
‫«هل ّ‬
‫«بل أان متأ ّكد‪ ،‬وأنتم سوف تَقتَنِعون‪ .‬منذ م ّدة كان قوزى يَطلب مرغزايم ليجعل منه فارساً‪».‬‬

‫«آه! ِمن أجل ذلك‪ ،‬ال!» يصيح بطرس‪.‬‬

‫«سيكون مرغزايم فارساً للمسيح فقط‪ ،‬اي مسعان‪ُ .‬كن مطمئنّاً‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 668 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ب ريح خفيفة ُّتَعِد البحرية‪ .‬تُ َ‬
‫نشر األشرعة‪ ،‬وَمي ُخر املركبان‬ ‫تعود البحرية لتصبح رماديّة‪ .‬هتُ ّ‬
‫لكن الولدين ال ُيلمان اآلن ّإال أب ُّمهما اجلديدة‪ ،‬لدرجة مل يعودا معها يَشعُران‬
‫يهتزان‪ .‬و ّ‬
‫العباب وِها ّ‬
‫ابخلوف‪.‬‬

‫وطرباي‪ .‬وها هي طالئع‬


‫يتم ّتاوز َمدال ببيوهتا البيضاء وسط اخلضرة‪ ،‬كذلك الريف بني َمدال ّ‬
‫ّ‬
‫طرباي‪.‬‬
‫بيوت ّ‬
‫«أين اي معلّم؟»‬

‫«إىل مرفأ قوزى الصغري‪».‬‬

‫للصيب‪ .‬يُن َـزل الشراع بينما يرسو املركب يف املرفأ الصغري‪ُ ،‬ثّ يَلِج‬
‫ّ‬ ‫امره‬ ‫و‬‫أ‬ ‫ر‬ ‫ينعطف بطرس‪ ،‬وي ِ‬
‫صد‬ ‫ُ‬
‫ط تَعِبَني‪.‬‬
‫ليتوقّف يف الرصيف الصغري‪ ،‬يتبعه املركب اآلخر‪ .‬الواحد إىل جانب اآلخر‪ِ ،‬مثل فرخي ب ّ‬
‫يهبط اجلميع‪ ،‬ويهرع يوحنّا يف املق ّدمة ليُنبئ البُستانيّني‪.‬‬

‫متنهدة‪ ،‬وهي تَش ّد ثوب يسوع‪« :‬ولكن هل ستكون‬


‫يلتصق الصغريان بيسوع حبياء‪ ،‬وتَسأل مرمي ّ‬
‫ح ّقاً طيّبة؟»‬

‫البوابة‪ .‬وحنّة قد استي َقظَت‪».‬‬


‫يعود يوحنّا‪« :‬اي معلّم‪ ،‬أحد اخلُ ّدام يفتح ّ‬
‫«حسناً‪ .‬انتظروا َجيعكم هنا‪ .‬فأان أمضي ّأوالً‪».‬‬

‫ويسري يسوع مبفرده‪ .‬ينظر إليه اآلخرون ميضي وهم يُعلّقون تعليقات متفاوتة حول ُماولة يسوع‪.‬‬
‫وهي ال ُتلو ِمن الشكوك واالنتقادات‪ .‬ولكنّهم ِمن حيث هم ميكثون ال يـََرون سوى قوزى الذي يَهرع‬
‫البوابة‪ُ ،‬ثّ يَلِج احلديقة إىل يسار يسوع‪ .‬بعد ذلك ال يعودون يـََرون‬
‫حّت األرض‪ ،‬عند َعتَـبَة ّ‬
‫لينحين ّ‬
‫شيئاً‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 669 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ّأما أان فأرى‪ .‬أرى يسوع يتق ّدم ببطء إىل جانب قوزى الذي يُبدي سروراً عظيماً لكونه‬
‫تتحسن ابستمرار‪ .‬لقد َح َّدثَتين عن الرحلة‪ .‬اي‬
‫يستضيفه‪« :‬عزيزيت حنّة ستفرح كثرياً‪ .‬وأان كذلك‪ّ .‬إّنا ّ‬
‫هلذا الظََّفر اي سيّدي!»‬

‫«أمل تتضايق ِمن ذلك؟»‬

‫«حنّة سعيدة‪ ،‬وأان سعيد لرؤييت ّإايها هكذا‪ .‬كان من املمكن أن أفقدها منذ أشهر عديدة‪ ،‬اي‬
‫سيّدي‪».‬‬

‫لك‪ .‬فاعرف كيف تَ ّرد اجلميل هلل‪».‬‬


‫«كان ممكناً‪ ...‬وأان َرَد ّد ُهتا َ‬
‫يَنظُر قوزى إليه مذهوالً‪ُ ...‬ثّ يقول‪« :‬هل هذا لوم‪ ،‬اي سيّدي؟»‬

‫«ال‪ ،‬بل هي نصيحة‪ُ .‬كن صاحلاً اي قوزى‪».‬‬

‫«اي معلّم‪ ،‬إنّين خادم هلريودس‪»...‬‬

‫أردت ذلك‪».‬‬
‫أنت َ‬‫نفسك ليست خادمة أحد غري هللا‪ ،‬إن َ‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫«أعرف‪ .‬و ّ‬
‫علي االعتبارات البشريّة‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫«ح ّقاً‪ ،‬اي سيّدي‪ ،‬سأُصلح ذايت‪ .‬فأحياانً تسيطر َّ‬
‫كنت تريد إنقاذ حنّة؟»‬
‫كنت كذلك العام املاضي‪ ،‬عندما َ‬
‫«هل َ‬
‫كنت أظُنّه يستطيع‬ ‫ِ‬
‫هت إىل الذي ُ‬
‫وتوج ُ‬
‫كل اعتبار‪َّ ،‬‬
‫غامرت خبطر فقدان ّ‬
‫ُ‬ ‫«آه! ال‪ .‬فلقد‬
‫إنقاذها‪».‬‬

‫حّت ِمن حنّة‪ .‬ها هي أتيت‪».‬‬


‫فإّنا أمثن ّ‬
‫نفسك‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫«افعل الشيء ذاته ِمن أجل‬

‫ابّتاهها وقد َهَر َعت للقائهما‪.‬‬ ‫ي ِ‬


‫سرعان اخلطى ّ‬‫ُ‬
‫تلميذتك؟»‬
‫َ‬ ‫قادك إىل بيت‬
‫أي صالح َ‬
‫رؤيتك هبذه السرعة‪ّ .‬‬
‫«معلّمي! مل أكن أتوقّع َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 670 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫« ّإّنا حاجة‪ ،‬اي حنّة‪».‬‬

‫نساعدك‪ ».‬يقول العروسان معاً‪.‬‬


‫َ‬ ‫«حاجة؟ ما هي؟ قُل‪ ،‬وإذا أمكننا فسوف‬

‫صيب وبنت صغريين‪ ...‬حافيني‪،‬‬ ‫دت َولَدين فقريين على طريق جرداء‪ّ ...‬‬ ‫«أمس مساء َو َج ُ‬
‫ِ‬
‫وم ِهيض ّي اجلناح‪ ...‬رأيتُـ ُهما‪ ،‬وقد َ‬
‫طرد ُِها كالذائب َر ُجل قلبه مثل قلب الذائب‪.‬‬ ‫جائعني‪ ،‬وحيدين َ‬
‫ض إعطاء‬‫منحت ذاك الرجل خريات ََجّة يف العام املاضي‪ .‬وهو َرفَ َ‬‫ُ‬ ‫كادا ميواتن ِمن اجلوع‪ ...‬أان‬
‫املتوحش‪ .‬سينال هذا الرجل‬
‫اليتيمني رغيف خبز‪ .‬إذ ّإّنما يتيمان‪ّ .‬إّنما يتيمان وعلى دروب العامل ّ‬
‫احلب‪ ،‬لليتيمني اللذين بال مأوى‪ ،‬بال‬
‫عقابه‪ .‬هل تريدان أن تناال بركيت؟ أ َُم ّد لكما يدي‪ ،‬مستجدايً ّ‬
‫والحب‪ .‬هل تريدان مساعديت؟»‬ ‫ّ‬ ‫ثياب‪ ،‬بال غذاء‬

‫كل شيء!‪ »...‬يقول‬


‫كل ما تريد‪ ،‬قل ّ‬
‫«ولكن‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬هل تَسأل عن ذلك؟ قل ما تريد‪ّ ،‬‬
‫قوزى حبماس‪.‬‬

‫لكن يديها مشدوداتن إىل قلبها‪ ،‬والدمعة على رمشيها الطويلني‪ ،‬وابتسامة‬ ‫وحنّة ال تتكلّم‪ ،‬و ّ‬
‫رغبة على شفتيها احلمراوين‪ّ ،‬إّنا تنتظر وتتكلّم أكثر مما لو كانت تنطق‪.‬‬

‫أود لو يكون هلذين الصغريين أ ُّم وأب وبيت‪ .‬وأن يكون اسم األ ُّم‬
‫ينظر إليها يسوع ويبتسم‪ُّ « :‬‬
‫حنّة‪»...‬‬

‫حترَر ِمن سجنه‪ ،‬بينما ّتثو‬


‫كأّنا صيحة سجني َّ‬
‫حّت َعلَت صيحة حنّة‪ ،‬و ّ‬
‫مل يَ َكد يُنهي كالمه‪ّ ،‬‬
‫لتُقبِّل قدمي سيّدها‪.‬‬

‫لك؟ هل تَقبَل ابمسي هذين الطفلني اللذين أ ُِحبُّهما‪ ،‬آه! ّإّنما عزيزان‬
‫أنت اي قوزى‪ ،‬ما قو َ‬
‫«و َ‬
‫ُّرر على قليب؟»‬‫الد‬ ‫ن‬ ‫على قليب‪ .‬بل أغلى ِ‬
‫م‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 671 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك بشريف‪ ،‬أبنّين ما أن أضع يدي على رأسيهما‬ ‫«اي معلّم أين ِها؟ خذين إليهما‪ ،‬وأ ِ‬
‫ُقسم َ‬ ‫ُ‬
‫ابمسك‪».‬‬
‫َ‬ ‫حقيقي‪،‬‬ ‫كأب‬ ‫هما‬ ‫ب‬ ‫الربيئني‪ ،‬حّت أ ِ‬
‫ُح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت أَعلَم جيّداً أ ّن َميئي لن يكون بال جدوى‪ .‬تعاليا‪ّ .‬إّنما فظّان‪ ،‬خائفان‪،‬‬
‫«تعاليا إذن‪ُ .‬‬
‫ولكنّهما طيّبان‪ .‬ثِقا يب أان الذي أرى القلوب واملستقبل‪ .‬يف حبّهما سوف تعودان لتل َقيا حبّكما‪.‬‬
‫الزوجي‪ .‬وسوف تسهر السماء عليكما وترمحكما‬‫ّ‬ ‫عناقهما الربيء سوف يكون أفضل داعم لبيتكما‬
‫البوابة‪ .‬فنحن قادمون ِمن بيت صيدا‪»...‬‬
‫على الدوام من أجل ُمبّتكما‪ّ .‬إّنما خارج ّ‬
‫َخ َذهتا رغبة جاُمة يف ُمداعبة الطفلني‪.‬‬
‫مل تَـعُد حنّة تسمع شيئاً‪َّ .‬تري وقد أ َ‬
‫وتفعل ذلك ابلسقوط على ركبتيها لتش ّد اليتيمني إىل صدرها‪ُ ،‬مقبِّلة خدودِها النحيلة‪ ،‬بينما‬
‫ِها ينظُران بدهشة إىل املرأة اجلميلة ذات الثياب املزينة ابحللي‪ .‬وينظران إىل قوزى الذي ي ِ‬
‫داعبهما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫هرعون‪ ...‬ويَنظُران إىل البيت الذي‬ ‫وُيمل متيّا بني ذراعيه‪ .‬وينظران إىل احلديقة الرائعة واخلُ ّدام الذين يَ َ‬
‫ور ُسله‪ .‬ويَنظُران إىل إستري اليت تطبَع عليهما قبالهتا اليت ال تنتهي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ممراته املمتلئة ابلنَّفائس ليسوع ُ‬
‫تُفتَح ّ‬
‫لقد فُتِ َحت أبواب عامل األحالم أمام الصغريين التائهني…‬

‫يرى يسوع ذلك ويبتسم‪.‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 672 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫ُقيم ِمن املوت)‬


‫‪( -166‬يف انئني‪ ،‬يف من زل دانيال الذي أ َ‬
‫‪1945 / 10 / 12‬‬

‫الشاب دانيال ِمن املوت‪.‬‬


‫ّ‬ ‫مرة‪ ،‬منذ إقامة‬
‫ألول ّ‬
‫مدينة انئني يف عيد‪ .‬يسوع يَنـزل عليها ضيفاً ّ‬
‫انضم إىل ُس ّكان‬
‫لحق به عدد كبري من الناس‪ُ ،‬يتاز يسوع املدينة وهو يباركها‪ .‬وقد َّ‬ ‫يَسبقه ويَ َ‬
‫ومن هناك‬ ‫انئني آخرون‪ِ ،‬من مناطق أخرى‪ ،‬وافِ ِدين ِمن كفرانحوم‪ ،‬حيث كانوا قد ذَهبوا َحبثاً عنه‪ِ ،‬‬
‫َ‬
‫لدي انطباع أ ّن تالميذه اآلن كثريون‪ ،‬فيسوع قد نَظَّ َم ما يُشبه شبكة‬ ‫أِ‬
‫ُرسلوا إىل قاان‪ ،‬ومنها إىل انئني‪َّ .‬‬
‫قاصدوه ِمن إُياده رغم تن ّقالته املتواصلة‪ ،‬رغم كوّنم يـُ َع ّدون ابآلالف‬
‫االستعالمات‪ ،‬حبيث يتم ّكن ِ‬
‫ومن بني الذين يبحثون عنه‪ ،‬ال خيلو األمر ِمن وجود‬ ‫يومياً‪ ،‬حسب ما يسمح به الفصل وقِصر النهار‪ِ .‬‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫َكتَـبَة و ّفريسيّني كثريي التهذيب ظاهرّايً…‬

‫الشاب الذي أُقيم ِمن املوت‪ .‬وهناك أيضاً ُيتمع ُو َجهاء البلدة‪ .‬أ ُّم‬
‫ّ‬ ‫استُقبل يسوع يف بيت‬
‫كالرذائل السبع الرئيسيّة‪ ،‬تدعوهم ِخبَ َجل‪ ،‬وهي‬
‫الفريسيّني‪ :‬وقد كانوا سبعة َّ‬
‫دانيال‪ ،‬إذ تَـَرى ال َكتَـبَة و ّ‬
‫تعتذر لعدم مت ّكنها ِمن توفري َمسكن يليق هبم أكثر‪.‬‬
‫«املعلّم موجود‪ ،‬املعلّم موجود أيتها املرأة‪ ،‬وهذا يضفي قيمة كبرية حّت على كهف‪ ،‬ولكن ِ‬
‫بيتك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫لك و ِ‬
‫لبيتك"‪».‬‬ ‫أفضل ِمن الكهف‪ ،‬ونَدخله وحنن نقول‪" :‬السالم ِ‬
‫ُ‬
‫ابلفعل‪ ،‬فإ ّن املرأة‪ ،‬وهي ابلتأكيد ال تَ َنعم ابلغِىن‪ ،‬قد َجثَت على األربعة لتبجيل يسوع‪ .‬إ ّن‬
‫بكل‬ ‫ِ‬
‫ثروات انئني كلّها قد استُخدمت ابلتأكيد يف تزيني البيت والطاولة‪ .‬وأصحاب البيت يُراقبون ّ‬
‫املؤدي إىل غرفتني هيَّأَت املرأة فيهما‬ ‫ِ‬
‫متر يف الدهليز ّ‬
‫كل النقاط املمكنة‪ ،‬اجلماعة اليت ّ‬ ‫احرتام‪ ،‬ومن ّ‬
‫الطاوالت‪ .‬قد تكون النساء فَـ َعلن ذلك بقصد احملافظة على ال ُقرب‪ِ ،‬من أجل األواين والشراشف‬
‫واملقاعد فقط‪ ،‬والعمل على الفرن‪ :‬رؤية املعلّم عن قُرب والتن ّفس حيث يتن ّفس هو‪ .‬واآلن يتواجدن‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 673 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عملهن يف املطبخ‪ .‬ينظرن‬
‫ّ‬ ‫أيديهن‪ ،‬حسب‬
‫ّ‬ ‫مرات‪ ،‬يكسوهن الطحني والرماد‪ ،‬أو تقطر‬ ‫هنا وهناك‪ُُ ،‬م ّ‬
‫وينهلن ِمن الربكة العذبة والوجه‬
‫اإلهلي‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الصوت‬ ‫ن‬ ‫م‬‫وأيخذن نصيبهن ِمن النَّظر اإلهلي‪ ،‬ونصيبهن ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعجن أو اجمللى‪ :‬سعيدات‪.‬‬
‫وآذاّنن‪ ،‬ويـَعُد َن أكثر امحراراً إىل الفرن أو َ‬
‫ّ‬ ‫عيوّنن‬
‫ّ‬ ‫الوديع ِملء‬

‫سعيدة ج ّداً كذلك هي اليت تُق ِّدم أواين التطهري للضيوف املتميّزين مع ربّة املنـزل‪ّ .‬إّنا شابّة‬
‫الوردي‪ ،‬عندما ُُتِرب ربّة البيت يسوع أب ّن‬
‫ّ‬ ‫وشعر كالليل‪ ،‬وسحنة بلون الورد‪ .‬ويزداد لوّنا‬ ‫ذات عينني َ‬
‫قدومك لالحتفال به‪ ،‬لكي يتق ّدس البيت‬ ‫َ‬ ‫الشابّة هي عروس ابنها‪ ،‬وأب ّن العرس وشيك‪« .‬لقد انتظران‬
‫بك‪ .‬إّّنا اآلن فباركها هي أيضاً كي تكون زوجة صاحلة يف هذا البيت‪».‬‬ ‫كلّه َ‬
‫ينظُر إليها يسوع وتنحين العروس الشابة‪ ،‬فيضع يديه على رأسها قائالً‪« :‬فلتُزهر ِ‬
‫فيك فضائل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سارة ورفقة وراشيل‪ ،‬وليولَد ِ‬
‫منك أبناء حقيقيّون هلل‪ ،‬جملده ولفرح هذا البيت‪».‬‬

‫الر ُسل‬
‫الشاب‪ ،‬بينما ُّ‬
‫ّ‬ ‫رب البيت‬
‫دخلون قاعة الوليمة مع ّ‬ ‫تطهر يسوع واألعيان‪ ،‬فإ ّّنم يَ ُ‬‫اآلن وقد َّ‬
‫دخلون القاعة املقابِلة‪ .‬ويبدأ الطعام‪.‬‬ ‫ورجال آخرون ِ‬
‫أقل أِهيّة يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫انئني‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫لكن‬‫و‬ ‫انئني‪.‬‬ ‫يف‬ ‫شفاءات‬ ‫أجرى‬ ‫و‬ ‫رز‬ ‫ك‬


‫َ‬ ‫قد‬ ‫يسوع‬ ‫كان‬ ‫الرؤاي‪،‬‬ ‫بدء‬ ‫قبل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ات‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫احل‬ ‫ن‬ ‫أَفهم ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الفريسيّني قليالً ما يتوقّفون عند هذا‪ .‬وابملقابل فإ ّّنم يُ ِرهقون س ّكان انئني ابألسئلة للحصول على‬
‫ّ‬
‫تفاصيل حول املرض الذي ّأدى إىل موت دانيال‪ ،‬وكم ساعة َمَّرت على الوفاة قبل أن يُقيمه‪ ،‬إن كان‬
‫التحرايت‪ ،‬ويتح ّدث إىل الذي أُقيم ِمن املوت‪،‬‬
‫بكل هذه ّ‬
‫ِ‬
‫قد ُحنّط ابلكامل‪ ،‬أخل‪ ،‬أخل‪ .‬ال يُبايل يسوع ّ‬
‫وهو يتمتّع بصحة جيّدة للغاية‪ ،‬وأيكل بشهيّة رائعة‪.‬‬

‫ولك ّن ّفريسيّاً ينادي يسوع ليسأله إذا ما كان على ِعلم مبرض دانيال‪.‬‬

‫فعلت‬ ‫«كنت قادماً ِ‬


‫كنت قد ُ‬
‫يوطي‪ ،‬كما ُ‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫االسخ‬ ‫يهوذا‬ ‫إرضاء‬ ‫يف‬ ‫مين‬
‫ّ‬ ‫رغبة‬ ‫صدفة‪،‬‬ ‫أندور‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫احلج‬
‫بدأت رحلة ّ‬
‫كنت قد ُ‬
‫علي املرور بنائني عندما ُ‬
‫حّت أ ّن َّ‬
‫مع يوحنّا بن زبدى‪ .‬بل مل أكن أَعلَم ّ‬
‫الفصحي‪ُُ ».‬ييب يسوع‪.‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 674 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دت الذهاب إىل أندور؟» يَسأل أحد ال َكتَـبَة مندهشاً‪.‬‬
‫تعم َ‬
‫«آه! أمل تكن قد َّ‬

‫لدي أيّة نيّة للذهاب إىل هناك حينئذ‪».‬‬


‫«ال‪ .‬مل تكن ّ‬
‫«وملاذا إذن ذهبت إليها آنذاك؟»‬

‫«لقد قُلتُها‪ :‬أل ّن يهوذا بن مسعان أراد الذهاب‪».‬‬

‫«وملاذا هذه الرغبة؟»‬

‫«لريى مغارة الساحرة‪».‬‬

‫«قد تكون حدَّثتَه عنها‪»...‬‬

‫مربر لذلك‪».‬‬
‫لدي ّ‬
‫«مطلقاً! فلم يكن َّ‬
‫شرحت‪ ،‬مع ذلك احلدث‪ ،‬أشكاالً أُخرى ِمن السحر‪ ،‬بُغية تلقني‬
‫َ‬ ‫«أقصد‪ ...‬قد تكون‬
‫تالميذك‪»...‬‬
‫َ‬

‫قمة جبل‬ ‫حج‪ .‬غرفة منفردة أو صحراء قاحلة‪ّ ،‬‬ ‫«ماذا؟ لتلقني القداسة‪ ،‬ال حاجة إىل رحالت ّ‬
‫ابلتقشف والقداسة‪ ،‬وأن يتحلّى املتل ّقي‬
‫ّ‬ ‫أو بيت منعزل يكفي لذلك‪ ،‬يكفي أن يتحلّى الذي يُعلِّم‬
‫إبرادة تقديس الذات‪ .‬هذا ما أُعلِّمه‪ ،‬وال شيء آخر‪».‬‬

‫«ولكن املعجزات اليت يصنعوّنا ُهم‪ ،‬التالميذ‪ ،‬ماذا تكون إن مل تكن عجائب و‪...‬؟»‬

‫«وإرادة هللا‪ .‬ذاك فقط‪ .‬وكلّما تقدَّموا يف القداسة‪ ،‬كلَّما فَـ َعلوا ذلك أكثر‪ .‬ابلصالة والتضحية‬
‫والطاعة هلل‪ .‬وليس بشيء آخر‪».‬‬

‫أنت متأ ّكد؟» يَسأل أحد ال َكتَـبَة وهو ُميسك ذقنه بيده ويَنظُر إىل يسوع‪ .‬وصوته فيه‬
‫«هل َ‬
‫حّت راثء‪.‬‬
‫خفي‪ ،‬بل ّ‬ ‫ُّ‬
‫هتكم ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 675 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تدىن أحدهم‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬إىل‬ ‫املذهب‪ .‬وعددهم كثري‪ ،‬وإذا ما َّ‬
‫«أان أعطيتُهم هذه األسلحة وهذا َ‬
‫مين‪ .‬ميكنين‬‫التصرف بشكل غري الئق‪ ،‬بسبب الكربايء أو لسبب آخر‪ ،‬فال يكون قد تقبَّل النُّصح ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص ِمن هللا‪ ،‬أبنوار‬
‫أفرض على نفسي ك ّفارات قاسية لنيل عون ّ‬ ‫الصالة حملاولة افتداء اخلاطئ‪ .‬قد ُ‬
‫حيب له كأخ‪ ،‬وكمعلّم‪ ،‬وكصديق كي يبتعد‬ ‫بكل ّ‬
‫حكمته‪ ،‬كي يـََرى اخلطأ‪ .‬قد أرمتي على قدميه أرجوه‪ّ ،‬‬
‫يتحمل املرء اتضاعاً‬ ‫ِ‬
‫عن اخلطيئة‪ .‬وال أظنّين أُقلّل من شأين بفعلي هذا‪ ،‬ذلك أ ّن مثن نـَ ْفس جدير أبن ّ‬
‫كل‬
‫استمرت اخلطيئة رغم ّ‬‫كهذا‪ ،‬للحصول على تلك النَّـ ْفس‪ .‬إّّنا ال ميكنين أن أفعل أكثر‪ .‬وإذا ما ّ‬
‫أقد َم على خيانيت وعدم فهمي كمعلّم وصديق‪».‬‬ ‫عيين قليب ستفيضان دمعاً ودماً لوجود َمن َ‬
‫ذلك‪ ،‬فإ ّن ّ‬
‫اي للنعومة واحلزن يف صوت وهيئة يسوع!‬

‫الفريسيّون وال َكتَـبَة النَّظَرات فيما بينهم‪ .‬لُعبة نَظَرات‪ ،‬ولكنّهم ال يضيفون شيئاً حول هذا‬
‫يتبادل ّ‬
‫وعما اختََربه يف عودته إىل‬
‫املوضوع‪ .‬بل على العكس‪ ،‬فإ ّّنم يَسألون الشاب دانيال عن ماهيّة املوت‪ّ ،‬‬
‫شاه َده يف املسافة الفاصلة بني احلياة واملوت‪.‬‬ ‫وعما َ‬
‫احلياة‪ّ ،‬‬
‫عانيت ِمن أمل النـزاع‪ .‬آه! اي له ِمن‬
‫ُ‬ ‫كنت أُعاين ِمن مرض مميت‪ ،‬وقد‬
‫« ُج ّل ما أعرفه هو أنّين ُ‬
‫أمر مريع! ال ّتعلوين أُف ِّكر فيه!‪ ...‬ومع ذلك سوف أييت يوم ينبغي يل فيه أن أأتملّ األمل ذاته ِمن جديد!‬
‫آه! اي معلّم!‪ »...‬ويَنظُر إليه مذعوراً‪ ،‬وشاحباً لفكرة وجوب املوت ِمن جديد‪.‬‬

‫تتطهر متاماً‬
‫مرتني‪ ،‬سوف َّ‬
‫مبوتك ّ‬
‫أنت‪َ ،‬‬ ‫يواسيه يسوع بلطف قائالً‪« :‬املوت حب ّد ذاته تَكفري‪ .‬و َ‬
‫فلتجعلك هذه الفكرة تَعيش عيشة قداسة‪ ،‬كي ال ترتكب‬
‫َ‬ ‫كل العيوب‪ ،‬وستنعم مباشرة ابلسماء‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ّ‬
‫وعَرضيّة‪».‬‬
‫سوى خطااي ال إراديّة َ‬
‫عودتك إىل احلياة؟»‬
‫َ‬ ‫اختربت لدى‬
‫َ‬ ‫الفريسيّني يعودون إىل اهلجوم‪« :‬إّّنا ماذا‬
‫لكن ّ‬‫و ّ‬
‫استيقظت ِمن نوم طويل وثقيل‪».‬‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫وجدت نفسي حيّاً وسليماً كما لو ُ‬
‫ُ‬ ‫«الشيء‪.‬‬

‫ت؟»‬
‫كنت قد ُم َّ‬
‫ك َ‬ ‫كنت تذ ُكر أنّ َ‬
‫«ولكن هل َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 676 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل شيء‪».‬‬
‫حّت النـزاع‪ .‬هذا ّ‬
‫كنت مريضاً ج ّداً ّ‬
‫كنت أتذ ّكر أنّين ُ‬
‫« ُ‬
‫«وماذا تتذ ّكر ِمن العا َمل اآلخر؟»‬

‫«ال شيء‪ .‬ال شيء‪ .‬ثقب أسود‪ ،‬فسحة خاوية يف حيايت‪ ...‬ال شيء‪».‬‬

‫نظرك ليس هناك ميبس وال َمطهر وال جهنّم؟»‬


‫«إذاً ففي َ‬

‫« َمن قال بعدم وجودها؟ ابلطبع هي موجودة‪ .‬إّّنا أان ال أتذ ّكرها‪».‬‬

‫ت؟»‬ ‫أنت متأ ّكد ِمن أنّ َ‬


‫ك ُم َّ‬ ‫«ولكن‪ ،‬هل َ‬
‫قفز سكان انئني َجيعهم‪« :‬هل كان قد مات؟ وماذا تريدون أكثر؟ عندما وضعناه يف النَّعش‪،‬‬ ‫يِ‬
‫َ‬
‫فحّت لو كان عمالقاً‬ ‫ِ‬
‫كل ذلك احلنوط وتلك األكفان‪ّ ،‬‬ ‫تفسخه قد بَ َدأَت تنتَشر‪ُ .‬ثّ! مع ّ‬
‫كانت روائح ُّ‬
‫لكان مات‪».‬‬

‫كنت مائتاً؟»‬
‫ك َ‬ ‫أنت‪ ،‬فال تتذ ّكر أنّ َ‬
‫« ّأما َ‬
‫صربه ويُضيف‪« :‬ولكن ما الذي تريدون إثباته ِمن هذا احلديث‬ ‫لت لكم ال‪ ».‬يَفقد الشاب َ‬ ‫«قُ ُ‬
‫كنت ميتاً‪ ،‬مبا فيهم أ ُّمي‪ ،‬مبا فيهم زوجيت اليت كانت تلزم‬
‫كل البلدة كانت تتظاهر أبنّين ُ‬ ‫الطويل؟ أ ّن ّ‬
‫القصة كلّها غري حقيقيّة؟ ما قولكم؟‬ ‫ِ‬
‫السرير وتكاد متوت من احلزن‪ ،‬مبا فيهم أان املقيَّد واحملنَّط‪ ،‬بينما ّ‬
‫يودون املزاح؟ أ ُّمي غاب لوّنا لبضع ساعات‪ .‬زوجيت‬ ‫أ ُك ّل أبناء انئني كانوا أوالداً أو بـُلَهاء‪ ،‬وكانوا ُّ‬
‫احتاجت إىل عالج أل ّن احلزن والفرح كادا أن يُصيباها ابجلنون‪ .‬وأنتم تَ ُش ّكون؟ وملاذا كان علينا أن‬
‫نفعل ذلك؟»‬

‫«ملاذا؟ ح ّقاً‪ ،‬ملاذا كان علينا أن نفعل ذلك؟» يقول أهل انئني‪.‬‬

‫الفريسيّون ماذا يقولون‪...‬‬


‫يسوع ال يقول شيئاً‪ .‬يَ َلعب ابلشرشف كما لو كان غائباً‪ .‬ال يعرف ّ‬
‫لكن يسوع يفتح فاه فجأة‪ ،‬عندما يبدو احلديث واحلوار ّأّنما انتهيا‪ ،‬ويقول‪« :‬هاكم ملاذا‪ُ .‬هم‬
‫و ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 677 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الفريسيّني وال َكتَـبَة) يريدون أن يُبيِّنوا أ ّن القيامة ليست سوى لعبة ُمبوكة بشكل جيّد من‬
‫(ويُشري إىل ّ‬
‫أجل زايدة شهريت لدى اجلموع‪ .‬أان صاحب الفكرة وأنتم شركائي يف خيانة هللا والقريب‪ .‬ال‪ .‬فإنّين‬
‫لست يف حاجة إىل املكائد والشعوذات‪ ،‬واأللعاب والتواطؤ‪ ،‬ألكون على‬ ‫للمعيبني‪ .‬فأان ُ‬ ‫أ ََدع اخلداع ُ‬
‫ما أان عليه‪ .‬ملاذا تريدون إنكار قدرة هللا على إعادة النَّـ ْفس إىل اجلسد؟ إذا كان هو ِ‬
‫ماحنها لدى تَ َش ُّكل‬
‫كل مّرة‪ ،‬أفال ميكنه إعادهتا عندما تكون عودة النَّفس إىل اجلسد‬ ‫اجلسد‪ ،‬ولدى خلقه النُّفوس يف ّ‬
‫احلق؟ هل ميكنكم إنكار قدرة هللا على‬
‫جادة ّ‬‫مبوجب صالة مسيحه سبباً يف عودة اجلموع الكثرية إىل ّ‬
‫صنع املعجزات؟ ملاذا تريدون إنكارها عليه؟»‬

‫أنت هللا؟»‬
‫«هل َ‬
‫«أان هو الكائن‪ .‬معجزايت ومذهيب تنبئ مبَن أكون‪».‬‬

‫املستحضَرة تعرف أن تتح ّدث عن املاورائيّات؟»‬


‫َ‬ ‫«ملاذا إذاً هو ال يتذ ّكر‪ ،‬بينما األرواح‬

‫تطهَرت بك ّفارة امليتة األوىل‪ ،‬بينما َمن يتح ّدث على ِشفاه‬
‫«أل ّن هذه النَّفس تقول احلقيقة‪ ،‬وقد َّ‬
‫مستحضري األرواح ال يقول احلقيقة‪».‬‬

‫لكن صموئيل‪»...‬‬
‫«و ّ‬
‫الس ِ‬
‫احرة‪ ،‬ليقوم على الذي كان خائناً للشريعة‬ ‫لكن صموئيل جاء أبمر ِمن هللا‪ ،‬وليس أبمر َّ‬ ‫«و ّ‬
‫الرب اليت ال ُيوز االستهزاء هبا يف وصاايه‪».‬‬ ‫ِ‬
‫املقررة من ّ‬
‫ّ‬
‫متكرب‪ ،‬وقد ارتَـ َفع ِحب ّدة‪ ،‬يرفع وترية النقاش‪،‬‬
‫يسي ِّ‬
‫تالميذك إذن؟» صوت ّفر ّ‬
‫َ‬ ‫فعل ذلك‬‫«وملاذا يَ َ‬
‫ممر بعرض مرت‪ ،‬بدون أبواب وال‬ ‫الر ُسل الذين يف الغرفة املقابلة‪ ،‬واليت يفصلها عن هذه ّ‬
‫ويلفت انتباه ُّ‬
‫أبّنم قد أصبَحوا موضع ّاهتام‪ ،‬يَ َنهضون ويُقبِلون‪ ،‬بدون َجلَبة‪ ،‬إىل‬
‫ستائر ثقيلة تعزهلا‪ .‬ولدى مساعهم ّ‬
‫نصتون‪.‬‬‫املمر حيث ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 678 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فعلون ذلك؟ تكلّم بوضوح‪ ،‬وإذا كانت شكواك صحيحة فسوف‬
‫أبي شيء (قُدرة) يَ َ‬
‫«تقصد ّ‬
‫فعلوا ما ُخيالِف الشريعة‪».‬‬
‫أُنبّههم ّأال يَ َ‬
‫ك أَعظَم ِ‬
‫نيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫أنت الذي تُقيم املوتى‪ ،‬وتَدَّعي أنّ َ‬‫«مباذا‪ ،‬أان أَع ِرف‪ ،‬ومعي كثريون‪ .‬إّّنا َ‬
‫فعل‬ ‫ِ‬ ‫فاكتَ ِشف ذلك‬
‫لك عينَني ل ََرتاي كذلك أشياء كثرية تُ َ‬ ‫لك‪ .‬ذلك أ ّن َ‬
‫بنفسك‪ .‬فبالتأكيد لن نقوهلا َ‬
‫َ‬
‫أنت ال‬
‫تالميذك‪ .‬و َ‬
‫َ‬ ‫يتوجب فِعلها‪ ،‬وُكلّها يَرتَ ِكبها‬
‫فعل بينما ّ‬
‫يتوجب عدم القيام هبا‪ ،‬وأُخرى ال تُ َ‬
‫عندما ّ‬
‫تُبايل هبا‪».‬‬

‫تفضلتم ابإلشارة إىل واحدة‪».‬‬


‫«هالّ ّ‬
‫ض بعد على‬ ‫تالميذك أحكام اآلابء؟ فقد الحظناهم اليوم‪ .‬اليوم ابلذات‪ ،‬مل َمي ِ‬‫َ‬ ‫«ملاذا يتع ّدى‬
‫الفريسيّون‬
‫ذلك ساعة واحدة! فلقد َد َخلوا إىل قاعتهم ليأكلوا‪ ،‬ومل يكونوا قد طَ َّهروا أيديهم قبالً!» يقول ّ‬
‫ذلك حبيث لو ّأّنم كانوا قد قالوا‪" :‬وقد ذحبوا السكان قبالً‪ ".‬فلم يكونوا ليقولوها بنربة أكثر هوالً‪.‬‬

‫تستحق املشاهدة وهي َجيلة وصاحلة‪ .‬أمور تدعو إىل‬ ‫ّ‬ ‫«الحظتموهم‪ ،‬نعم‪ .‬وهناك أمور كثرية‬
‫تسبيح هللا ألنّه َوَهبَنا احلياة لنتم ّكن ِمن رؤيتها‪ ،‬وألنّه َخلَ َق أو َمسَ َح بتلك األشياء‪ .‬ومع ذلك فأنتم ال‬
‫تنظرون إليها‪ ،‬ومعكم كثريون‪ .‬ولكنّكم تضيعون وقتكم والسالم يف مالحقة ما هو غري صاحل‪.‬‬

‫هملة موجات ُمعطَّرة‬‫الضباع اليت تتبع أَثَر رائحة نَتِنَة‪ ،‬م ِ‬


‫إنّكم تُشبِهون الثعالب‪ ،‬أو ابألحرى ِّ‬
‫ُ‬
‫حتب الزانبق والورود واليامسني والكافور‬ ‫ال‬ ‫باع‬ ‫ُيملها النسيم ِمن حدائق ميألها أريج عطور‪ِ .‬‬
‫فالض‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫متفسخة‪ ،‬يف قاع َمرى سيل‪،‬‬ ‫والقرنفل‪ .‬ابلنسبة إليها‪ ،‬هذه الروائح غري مرغوب هبا‪ّ .‬أما نتانة جيفة ّ‬
‫أود َعها َُم ِرم‪ ،‬أو رمتها العاصفة على شاطئ خا ٍو‪ ،‬منتفخة‬ ‫أو يف أخدود‪ ،‬مدفونة يف العليق حيث َ‬
‫تتنشق نسيم املساء‪ ،‬الذي‬ ‫للضباع! وهي ّ‬ ‫ومزرورقة ومتش ّققة بشكل رهيب‪ ،‬آه! اي له ِمن عطر ُممتِع ّ‬ ‫ُ‬
‫املبهمة‬ ‫ِ‬
‫كل الروائح اليت تكون الشمس قد َخبَّرهتا بعد تسخينها‪ ،‬لتش ّم تلك الرائحة َ‬ ‫يُكثّف وُيمل معه ّ‬
‫اليت تَش ّدها‪ ،‬وبعد اكتشافها وتَ ُّبني ّاّتاهها‪ ،‬تراها ّتري وخطمها يف اهلواء‪ ،‬وقد َكشََّرت عن أنياهبا‪،‬‬
‫املتفسخة‪ .‬وإن تكن جيفة‬‫للمضي إىل حيث اجليفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهَّزت ف ّكيها بشكل يُشبِه الضحكة اهلسترييّة‪،‬‬
‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 679 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إنسان‪ ،‬أو ِمن ذوات األربع‪ ،‬أو ثُعبان قَـتَـلَه ّ‬
‫فالح‪ ،‬أو فأر قتلته مدبّرة منـزل‪ ،‬آه! فهذا ما يُرضي‪ ،‬ما‬
‫وتتلمظ…‬ ‫يروق‪ ،‬وما يطيب! ويف تلك النتانة الـمن ِّ‬
‫غرس أنياهبا وتتل ّذذ ّ‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫رة‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف أحدهم فقط بشكل سيّئ‪،‬‬ ‫تصر َ‬
‫يهم! ّأما إذا ما َّ‬
‫أُانس يتق ّدسون يوماً إثر يوم؟ هذا أمر ال ّ‬
‫حّت تقليداً‪ُ ،‬حكماً‪ ،‬كما تشاؤون‪ ،‬يَبقى‬ ‫ِ‬
‫أو أَِهَل أمراً ليس من وصااي هللا‪ ،‬بل عادة بشريّة ‪-‬مسّوها ّ‬
‫َمرد ريبة‪ ...‬بل وُهتلّلوا‪ ،‬يف حال‬
‫ويتم تسجيلها‪ .‬وّترون خلف ّ‬‫األمر بشرّايً‪ -‬حينئذ ُيصل االنزعاج ّ‬
‫كانت الريبة حقيقة‪.‬‬

‫شريرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫احلب وال اإلميان وال النـزاهة‪ ،‬بل إّّنا بنيّة ّ‬
‫إّّنا أجيبوا‪ ،‬أجيبوا ‪ ،‬اي َمن أتيتم ليس بدافع ّ‬
‫أهم ِمن الوصيّة؟ فعلى‬‫أبن التقليد ّ‬‫أجيبوا‪ :‬ملاذا تتع ّدون وصيّة هللا يف إحدى تقاليكم؟ هل َستُجيبوين َّ‬
‫ومن يَ َلعن أابه أو ّأمه يستوجب املوت"! َّإّنا أنتم‪ ،‬فعلى‬ ‫أمك‪َ ،‬‬
‫أابك و َ‬‫الرغم من أ ّن هللا قال‪" :‬أَك ِرم َ‬
‫علي أن أعطيه لك سوف أُق ِّدمه ك ُقرابن‘ فيصبح‬ ‫العكس من ذلك تقولون‪" :‬من قال ألبيه و ّأمه‪’ :‬ما َّ‬
‫غري ُم َلزم أبن يعطيه ألبيه و ّأمه"‪ .‬فإذاً بتقليدكم قد ألغيتم وصية هللا‪.‬‬

‫لكن‬
‫كرمين بشفاهه‪ ،‬و ّ‬
‫اي أيّها املراؤون! عنكم أنتم ابلذات قال اشعيا يف نبوءته‪" :‬هذا الشعب يُ ّ‬
‫قلبه بعيد عين‪ ،‬ذلك أنّه عبثاً يكرمين وهو يعلِّم م ِ‬
‫ذاهب ووصااي بشريّة"‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫فأنتم إذ تتع ّدون وصااي هللا‪ ،‬تتقيّدون بتقاليد البشر‪ ،‬بغسيل اجلِّرار والكؤوس واألطباق واأليدي‬
‫وخبل ابن‪ ،‬أبن ُهتيّئوا له ذريعة تقدمة القرابن كيال يُق ِّدم رغيف ُخبز‬ ‫وما شابه‪ ،‬بينما أنتم تُ ِّربرون اجلحود ُ‬
‫غسل يديه‪،‬‬ ‫ومن الواجب إكرامه ألنّه أب‪ .‬تستنكرون ِمن امرئ أنّه مل ي ِ‬ ‫لِمن أجنبه‪ ،‬وهو ُُمتاج للعون‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫زورون وتَنقضون كلمة هللا لتطيعوا كالماً أنتم صانعِوه ورافِعوه إىل درجة األحكام‪ .‬وبذلك تُعلِنون‬ ‫وأنتم تُ ِّ‬
‫املشرع الوحيد يف‬ ‫هو‬ ‫هللا‬ ‫بينما‬ ‫عني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫شر‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫احلق‬ ‫ألنفسكم‬ ‫عون‬ ‫َّ‬
‫د‬ ‫ت‬
‫َ‬‫و‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫ن‬‫م‬‫ذواتكم أكثر استقامة وبراً ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن‬ ‫ل‬ ‫س‬‫الر‬
‫ُّ‬ ‫عني‬ ‫االهتامات‪ ،‬دافِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫شعبه‪ .‬أنتم‪ »...‬ويتابع‪ ،‬ولكن اجملموعة املعادية َخيرجون حتت وابل ِ‬
‫م‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املمر‪ ،‬وقد شدَّهم‬ ‫يف‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ّت‬
‫َ‬ ‫قد‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫الذين‬‫و‬ ‫البيت‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ب‬
‫ر‬ ‫ل‬ ‫دين‬ ‫كانوا يف البيت‪ ،‬ضيوفاً كانوا أو ِ‬
‫مساع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انفجار صوت يسوع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 680 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املمر َجيعهم ابلدخول إىل حيث هو‪ ،‬ويقول‬‫ف‪َُ ،‬يلس مشرياً للّذين يف ّ‬‫يسوع الذي كان قد َوقَ َ‬
‫إيل َجيعكم وامسَعوا هذه احلقيقة‪ .‬ما ِمن شيء خارج عن اإلنسان‪ ،‬وإن َد َخ َل إىل جوفه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ا‬‫و‬‫ت‬ ‫هلم‪ِ « :‬‬
‫أنص‬
‫نجسه‪.‬‬
‫صدر عن اإلنسان هو الذي يُ ّ‬
‫نجسه‪ ،‬بل إّّنا ما يَ ُ‬
‫ميكنه أن يُ ّ‬
‫ليتصرف‪ .‬واآلن هيّا بنا‪ .‬وأنتم اي‬ ‫ادته‬
‫ر‬ ‫وإ‬ ‫م‪،‬‬ ‫فه‬ ‫ي‬‫عمل ذكاءه لِ‬
‫من له أُذُانن للسماع فليسمع‪ ،‬ولي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أهل انئني‪ ،‬اثبِروا يف اخلري‪ ،‬وليكن سالمي معكم‪».‬‬

‫املمر‪ .‬ولكنّه يرى النساء‬ ‫يف‬ ‫ويبتعد‬ ‫وصاحبته‪،‬‬ ‫البيت‬ ‫صاحب‬ ‫خاص‬ ‫بشكل‬ ‫ح‬ ‫ينهض‪ ،‬يصافِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫هلن‪« :‬السالم‬‫إليهن قائالً ّ‬
‫فيتوجه مباشرة ّ‬ ‫ّتمعن يف ركن‪ ،‬يَنظُر َن إليه ُمغتَبِطات‪ّ ،‬‬‫الصديقات‪ ،‬اللوايت إذ ّ‬
‫أحتسر على املائدة الوالديّة‪ .‬لقد‬ ‫حبب َج َعلَين ال ّ‬
‫لكن أيضاً‪ .‬فلتكافئكم السماء الستقبالكم ّإايي ّ‬ ‫ّ‬
‫كل َمرق أو ِشواء‪ ،‬يف لذة العسل ويف اخلمر املنعش‬ ‫كل كسرة خبز‪ ،‬يف ّ‬
‫شعرت حببكن الوالدي يف ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تتحملن عناء كثرياً من‬ ‫ِ‬
‫مرة أخرى‪ ،‬ال ّ‬ ‫واملعطّر‪ .‬أحببنَين هكذا على الدوام اي نساء انئني الطيّبات‪ .‬ويف ّ‬
‫تكن النـزيهة والصاحلة‪.‬‬
‫اببتسامتكن الوالديّة‪ ،‬ونظر ّ‬
‫ّ‬ ‫أجلي‪ .‬يكفيين رغيف وقبضة زيتون ُمبَـ َّهرة‪ ،‬مصحوبة‬
‫كن‪».‬‬
‫ف عنه حبّ ّ‬ ‫بصنيعكن وهو ميضي‪ ،‬وقد َخ َّف َ‬
‫ّ‬ ‫بيوتكن‪ ،‬فاملضطَ َهد يَ َِ‬
‫عرتف‬ ‫ّ‬ ‫ُك َّن سعيدات يف‬

‫النساء سعيدات‪ ،‬ومع ذلك تنهمر دموعهن‪َ ،‬جيعهن جاثيات‪ ،‬وهو‪ ،‬لدى مروره‪ُ ،‬ميِّرر يده‬
‫على شعرهن األبيض أو األسود‪ ،‬واحدة فواحدة كما ليباركهن‪ُ .‬ثّ َخي ُرج لِيُعاود السري…‬

‫ُُتيِّم ظالل املساء األوىل‪ ،‬خافية شحوب يسوع‪ ،‬وقد َ‬


‫أحزنَتهُ أمور كثرية‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 681 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -167‬يف حظرية بلدة أندور)‬

‫‪1945 / 10 / 13‬‬

‫ال يعود يسوع ّإال إىل أندور‪ .‬يتوقّف عند ّأول بيت يف البلدة‪ ،‬وهو أقرب إىل احلَظرية منه إىل‬
‫اجلاف‪ ،‬وميكنه أن أيوي‬
‫البيت‪ .‬وهذا ابلضبط ألنّه هكذا ابصطبالته املنخفضة‪ ،‬املغلقة‪ ،‬املليئة ابل َك َأل ّ‬
‫املسافِ ِرين الثالثة عشر‪ .‬صاحب البيت رجل خشن‪ ،‬ولكنّه طيّب‪ ،‬يُس ِرع يف َجلب مصباح ودلو حليب‬
‫ابرَكه يسوع الذي يَب َقى منفرداً ابالثين عشر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُمزبد‪ ،‬إضافة إىل أرغفة خبز أسود‪ُ .‬ثّ ينسحب وقد َ‬
‫شرب منه‬ ‫يُ ِّ‬
‫كل رغي َفه يف الدلو‪ ،‬ويَ َ‬
‫وزع يسوع اخلبز‪ ،‬ولعدم توفر ال َقصعات أو الكؤوس‪ ،‬يَغمس ّ‬
‫لريوي غليله‪ .‬يُ َسُّر يسوع بشرب القليل ِمن احلليب‪ .‬إنّه جاد وصامت‪ ...‬لدرجة إ ّّنم‪ ،‬حاملا ينتهي‬
‫الحظون صمته‪.‬‬‫الرسل الذين أيكلون بشهية‪ ،‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫العشاء‪ ،‬ويَشبَع ُّ ُ‬
‫بك اي معلّم؟ تبدو يل حزيناً أو ُم َتعباً‪»...‬‬
‫اندراوس هو ّأول َمن يَسأله‪« :‬ما َ‬
‫«ال أ ِ‬
‫ُنكر أنّين كذلك‪».‬‬

‫دت على ذلك اآلن‪...‬‬ ‫تعو َ‬


‫لك أن تكون قد َّ‬ ‫الفريسيّني؟ ولكن ينبغي َ‬
‫«ملاذا؟ أبسبب أولئك ّ‬
‫كنت يف املّرات األوىل معهم‪ .‬إ ّّنم يُغنّون‬
‫أنت تعرف كيف ُ‬ ‫كدت أعتاد على ذلك أان الذي‪ ...‬هيّا! َ‬ ‫ُ‬
‫ألي ثعبان التغريد كالبلبل‪ُ .‬يدر‬
‫املوال ذاته!‪ ...‬ابلفعل‪ ،‬ال ميكن للثعابني ّإال الفحيح‪ ،‬وال ميكن ّ‬
‫دائماً ّ‬
‫ومن جهة أخرى لِيُعيد إىل يسوع‬ ‫بنا ّأال نعود جنعل منها قضية‪ ».‬يقول بطرس ِمن جهة عن اقتناع‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫هدوءه‪.‬‬

‫تتعودوا ُمطلقاً على أصوات‬


‫«وهبذه الطريقة تفقدون التح ّكم وتقعون يف حبائلهم‪ .‬أرجوكم ّأال ّ‬
‫الشر‪ ،‬كما لو كانت غري م ِ‬
‫ضّرة‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 682 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك الناس‪».‬‬
‫أنت ترى كم ُيبّ َ‬ ‫«آه! حسناً! إذا كان ِمن أجل هذا أنت حزين‪ ،‬فإنّ َ ِ‬
‫ك ُُمطئ‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫مّت‪.‬‬
‫يقول ّ‬

‫إليك‬
‫أنت حزين؟ قُل يل‪ ،‬أيّها املعلّم الصاحل‪ .‬أَم إ ّّنم محلوا َ‬ ‫ِ‬
‫«ولكن أَمن أجل هذا فقط َ‬
‫لك الدَّسائِس‪ ،‬والشُّبهات‪ ،‬ما أدراين؟ حولنا حنن الذين حنبّ َ‬
‫ك؟» يَسأل‬ ‫األكاذيب‪ ،‬حاكوا َ‬
‫وَم ِامالً‪ ،‬وقد َمَّرَر ذراعه حول يسوع اجلالس على ال َك َأل جبانبه‪.‬‬ ‫االسخريوطي م ِ‬
‫داعباً ُ‬ ‫ُّ‬
‫فوسفوري يف نور املصباح املرتاقص‪ ،‬وقد ُو ِضع‬ ‫وميض‬ ‫ق‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬
‫أ‬ ‫عينيه‬ ‫ويف‬ ‫يهوذا‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫يسوع‬ ‫ت‬ ‫ف‬‫يلت ِ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬
‫الر ُسل اجلالسني على ال َك َأل‪ ،‬على شكل دائرة‪ُُ .‬ي ّدق يسوع جيّداً يف يهوذا‬ ‫املصباح يف وسط ُّ‬
‫أي‬ ‫ِ‬
‫ميكنك اعتباري أبلهاً لدرجة تَـ َقبُّل الدَّسائس من ّ‬
‫َ‬ ‫يوطي‪ ،‬وفيما هو يَنظُر إليه يَسأله‪« :‬وهل‬‫االسخر ّ‬
‫وحّت أن أضطَ ِرب بسببها؟ ّإّنا احلقائق اي يهوذا‪ ،‬هي اليت ّتعلين أضطَ ِرب‪ ».‬وال يتوقّف نظره‬ ‫كان‪ّ ،‬‬
‫عن الغوص يف َح َدقَة يهوذا البُـنّية بشكل مباشر كال ِـمسبار‪.‬‬

‫يوطي بثبات‪.‬‬ ‫ّتعلك تضطَ ِرب؟» يُ ّ‬


‫لح االسخر ّ‬ ‫َ‬ ‫«إذن‪ ،‬فأيّة حقائق‬

‫«تلك اليت أراها يف أعماق القلوب‪ ،‬وأقرأها على جبهات أولئك املخلوعني عن عروشهم‪».‬‬
‫ويؤّكد يسوع كثرياً على هذه الكلمة‪.‬‬

‫يَضطَ ِرب اجلميع‪« :‬املخلوعون عن العرش؟ ملاذا؟ ما الذي تريد قوله؟»‬

‫ويتم البدء بِنَـزع التاج الذي‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ابلبقاء‬ ‫جدير‬ ‫غري‬ ‫ح‬‫« ُخيلَع الـملِك عن العرش عندما يُصبِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫كأّنا املكان األكثر نُبالً يف اإلنسان‪ ،‬احليوان الوحيد الذي ترتفع جبهته صوب السماء‪،‬‬ ‫على جبهته‪ ،‬و ّ‬
‫ماد ّايً حيوان‪ ،‬ولكنّه كائن فائق الطبيعة‪ ،‬ألنّه ميتلك نـَ ْفساً‪ .‬إّّنا ال حاجة ألن يكون َملِكاً على‬
‫ألنّه ّ‬
‫فكل إنسان هو َملِك ابلنَّـ ْفس‪ ،‬وعرشه يف السماء‪ .‬ولكن‬ ‫أرضي‪ ،‬كي يكون ُملوعاً عن العرش‪ّ .‬‬ ‫عرش ّ‬
‫عندما َميتَ ِهن اإلنسان نفسه‪ ،‬ويُصبِح َش ِرساًكالوحش‪ ،‬ويُصبِح شيطاانً‪ ،‬حينئذ يَس ُقط عن عرشه‪ .‬العامل‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 683 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اهلوة‪ُ ،‬مث َقلَة ابلكلمة‬ ‫صوب‬ ‫تنحين‬ ‫ها‬ ‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫السماء‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ر‬‫ُ‬‫ظ‬ ‫ن‬‫ت‬
‫َ‬ ‫د‬‫ع‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ت‬ ‫مل‬
‫و‬ ‫تاج‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫اليت‬ ‫باه‬‫مليء ابجلِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫اليت َح َفَرها الشيطان عليها‪ .‬هل تريدون معرفتها؟ ّإّنا تلك اليت أقرأها على اجلِّباه‪ .‬فلقد ُكتب عليها‪:‬‬
‫"مباع!" ولكي ال تَ ُش ّكوا ِمبَن يكون املشرتي‪ ،‬فإنّين أقول لكم إنّه الشيطان‪ ،‬بذاته أو بواسطة ُخ ّدامه‬ ‫ُ‬
‫الذين يف العامل‪».‬‬

‫خادم أعظم منهم‪ ،‬الذي هو نفسه ِ‬


‫خادم‬ ‫«فهمت! أولئك الفريسيون‪ ،‬مثالً‪ ،‬هم خ ّدام ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫الشيطان‪ ».‬يقول بطرس بيقني‪ ،‬وال ُُييب يسوع‪.‬‬

‫الفريسيّني‪ ،‬بعد مساعهم الكالم الذي قُلتَه‪ ،‬قد َمضوا‬


‫«حينذاك‪ ...‬هل تَعلَم اي معلّم‪ ،‬أ ّن أولئك ّ‬
‫حاداً ج ّداً‪ ».‬يقول‬ ‫ِ‬
‫كنت ّ‬‫وهم يَدفَعونَين لدى خروجهم‪ ...‬لقد َ‬ ‫ساخطني؟ فإ ّّنم كانوا يقولون ذلك ُ‬
‫برتلماوس‪.‬‬

‫رت لقول بعض األشياء‪.‬‬ ‫ُُييب يسوع‪« :‬ح ّقاً‪ .‬وليست غلطيت‪ ،‬بل غلطتهم هي إذا ما اضطُِر ُ‬
‫فكل نبتة مل يَ َزرعها أيب تُقلَع‪ .‬والنبتة اليت مل يزرعها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهي أيضاً من قبيل احملبّة من جهيت‪ ،‬أن أقوهلا هلم‪ّ .‬‬
‫هو‪ ،‬هي خلنج نبااتت طفيليّة عدمية الفائدة‪ ،‬خانقة‪ ،‬شائكة‪َُ ،‬تنُق بذور احلقيقة املق ّدسة‪ .‬فَ ِمن قبيل‬
‫شوهها‪ ،‬وّتعلها جامد ًة ومستحيلةً‬ ‫احملبّة استئصال التقاليد واألحكام اليت َُتنق الوصااي العشر‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫يتم ذلك هو ُمبّة ّتاه النُّفوس النـزيهة‪ّ .‬أما هؤالء املتغطرسون‪ ،‬العنيدون‬ ‫رعايتُها واحلفا ُظ عليها‪ .‬أن ّ‬
‫كل نصيحة ُمبّة‪ ،‬فَ َدعوهم وشأ ّّنم‪ ،‬ولِيَتبعهم أولئك الذين يُشاهبوّنم‬ ‫أي أتثري وعلى ّ‬‫واملنغلقون على ّ‬
‫بروحهم وميوهلم‪ّ .‬إّنم عميان يقودون عمياانً‪ .‬وإذا كان أعمى يقود أعمى‪ ،‬فال ميكنهما ّإال أن يـَ َق َعا‪،‬‬
‫نجسهم‬ ‫ِ‬
‫سموّنا "الطهارة"‪ .‬فال ميكنها أن تُ ّ‬ ‫كالِها‪ ،‬يف احلفرة‪ .‬دعوهم يتغ ّذون على جناساهتم اليت يُ ّ‬
‫الرحم الذي تَـ َولَّ َدت منه‪».‬‬
‫أكثر‪ ،‬إذ ال ميكنها ّإال أن تنسجم مع َّ‬

‫«إ ّن ما تقوله اآلن ينسجم مع ما قُلتَه يف بيت دانيال‪ ،‬أليس كذلك؟ أي ليس ما يدخل إىل‬
‫ينجسه‪ ،‬بل إّّنا الذي َخي ُرج منه‪ ».‬يَسأل مسعان الغيور وهو مستغرق يف أفكاره‪.‬‬
‫جوف اإلنسان ّ‬
‫«نعم‪ ».‬يقول يسوع ابختصار‪.‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 684 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صر َامة يسوع ُّت ِّمد ال ِطّباع األكثر إفراطاً ابحليويّة‪ ،‬فإ ّن بطرس يَسأل بعد حلظة صمت‪:‬‬ ‫مبا أ ّن َ‬
‫دخل‬
‫لست وحدي‪ ،‬مل أفهم ال َـمثَل جيّداً‪ .‬فاشرحه لنا قليالً‪ .‬إذ كيف ميكن للذي يَ ُ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬أان‪ ،‬و ُ‬
‫ّأال ينجس‪ ،‬وللّذي َخيرج أن ينجس؟ فأان لو أخذت جَّرة نقية وأفرغت فيها ماء َِجنساً أ ِ‬
‫ُجنّسها‪ .‬وابلنتيجة‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫بت املاء على األرض ِمن َجَّرة مليئة ماء نقيّاً‪ ،‬فال‬ ‫فإ ّن ما َد َخ َل إىل جوفها قد َجنَّ َسها‪ .‬ولكن لو َس َك َ‬
‫نقي‪ .‬وإذن؟»‬ ‫ماء‬ ‫هو‬ ‫ة‬
‫اجلر‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ُجنس اجلرة‪ ،‬أل ّن ما َخيرج ِ‬
‫م‬ ‫أِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ُُييب يسوع‪« :‬لسنا َجَّرة‪ ،‬اي مسعان‪ .‬لسنا َجَّرة‪ ،‬اي أصدقائي‪ .‬وليس ُك ّل ما يف اإلنسان طاهراً!‬
‫الفريسيّون يتّهمونكم مبوجبها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن أما زلتم إىل اآلن تَفتَقرون إىل الذكاء؟ فَ ّكروا يف احلالة اليت كان ّ‬
‫غربة‪ ،‬وقد سال منها العرق‪ ،‬ابلنتيجة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نجسون ذواتكم ألنّكم َحتملون طعاماً إىل أفواهكم أبيد ُم ّ‬ ‫فأنتم تُ ّ‬
‫هي َِجنسة‪ .‬ولكن إىل أين كان هذا الطعام ميضي؟ ِمن الفم إىل املعدة‪ ،‬ومنها إىل األحشاء‪ ،‬ومنها إىل‬
‫بكل ما ُيتويه‪ ،‬إذا كان مير فقط يف‬
‫اجملارير‪ .‬ولكن هل ميكن هلذا أن يَن ُقل النَّجاسة إىل اجلسد كلّه‪ّ ،‬‬
‫قرر لذلك‪ ،‬يف اجملارير؟‬
‫القناة ال ُـم َعدَّة ألداء وظيفة تغذية اجلسد وحسب‪ ،‬واالنتهاء‪ ،‬حسبما هو ُم َّ‬
‫نجس اإلنسان!‬ ‫ِ‬
‫فليس هذا ما يُ ّ‬

‫ب ِمن أانه‪ .‬أي ما هو‬ ‫َجن‬


‫أ‬‫و‬ ‫به‬ ‫ل‬ ‫صه فقط‪ ،‬ما َحبِ‬ ‫خي‬
‫َ‬ ‫وما‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ص‬‫خي‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫هو‬ ‫اإلنسان‪،‬‬ ‫س‬ ‫إ ّن ما ي ِ‬
‫نج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫نجس اإلنسان بكامله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صعد إىل شفتيه ورأسه‪ ،‬ويُفسد الفكر والكالم‪ ،‬ويُ ّ‬ ‫موجود يف قلبه‪ ،‬ومن قلبه يَ َ‬
‫الشريرة‪ ،‬القتل والزىن والفسق والسرقة وشهادات الزور والتجديف‪ِ .‬من القلب‬ ‫فَمن القلب تُولَد األفكار ّ‬
‫ِ‬
‫يُولَد اجلَّ َشع وامليول الفاسدة والكربايء‪ ،‬والشهوات والغضب والشراهة والبطالة اخلاطئة‪ِ .‬من القلب يُولَد‬
‫شريرة ِمثل القلب‪ .‬كلّ األفعال‪:‬‬ ‫شريراً فكلّها تكون ّ‬ ‫كل األفعال‪ .‬وإذا كان القلب ّ‬ ‫التحريض على ّ‬
‫كل تلك األمور اليت تنطلق ِمن داخل اإلنسان إىل خارجه‬ ‫الصراحة‪ّ ...‬‬‫الصدق و ّ‬‫عبادة النميمة خارج ّ‬
‫ِ‬
‫كل‬ ‫تدوسه‬ ‫أن‬ ‫ميكن‬ ‫ً‬‫ا‬ ‫طين‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫حبت‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أرضي‬ ‫ليس‬ ‫هللا‬ ‫لم‬ ‫نجسه‪ ،‬إّّنا ليس األكل بدون غسل األيدي‪ِ .‬‬
‫ع‬ ‫تُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أشعة نور لِيُنري بصرية األبرار‪ .‬فأنتم‬ ‫ِ‬
‫وُييا يف مناطق النجوم‪ ،‬ويَهبط من هناك مع ّ‬ ‫األرجل‪ .‬ولكنّه ٍ‬
‫سام َ‬
‫األقل‪ ،‬ال تعملوا على انتزاعه ِمن السماوات لدفنه يف الطني…‬ ‫على ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 685 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اذهبوا واسرتُيوا اآلن‪ .‬وأان خارج ألصلّي‪».‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 686 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪ِ -168‬‬
‫(من أندور إىل َمدال)‬

‫‪1945 / 10 / 14‬‬

‫الرسل‪ ،‬غري الراضني كثرياً عن هذا املسري حتت املطر‪ ،‬ي ِ‬


‫لمحون ليسوع أ ّن‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ماء‪ ،‬ماء‪ ،‬ماء‪ ...‬و ُّ ُ‬
‫ِمن األفضل أن يبيتوا يف الناصرة غري البعيدة‪ ...‬ويقول بطرس‪« :‬بعدئذ ميكن الذهاب ِمن هناك مع‬
‫الصيب‪»...‬‬
‫ّ‬
‫«ال‪ ».‬يسوع جازم لدرجة أ ّن ال أحد ُيرؤ على اإلحلاح‪ .‬يسوع يف املق ّدمة‪ ،‬وحده‪ ...‬واآلخرون‬
‫خلفه يف َمموعتني‪ ،‬يَسريون عابِ ِسني‪.‬‬

‫َمل يـَعُد بطرس قادراً على املقاومة‪ ،‬فيقرتب ِمن يسوع‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هل ميكنين السري م َ‬
‫عك؟»‬
‫يَسأل وهو مقهور قليالً‪.‬‬

‫أنت عزيز على قليب دائماً‪ ،‬اي مسعان‪ .‬تعال‪».‬‬


‫« َ‬
‫يعود السكون إىل بطرس‪ .‬يُهرِول إىل جانب يسوع الذي‪ ،‬لطول ساقيه‪ ،‬يقطع مسافات طويلة‬
‫الصيب معنا يف العيد‪»...‬‬
‫بسهولة‪ .‬بعد بُرهة‪ ،‬يقول‪« :‬اي معلّم‪َ ...‬جيل أن يكون ّ‬
‫ال ُُييب يسوع‪.‬‬

‫«اي معلّم‪ ،‬ملاذا ال تعمل على إرضائي؟»‬

‫منك‪».‬‬ ‫«اي مسعان‪ ،‬إنّك تُعرض نفسك ِ‬


‫الصيب َ‬
‫ّ‬ ‫ع‬‫ز‬‫َ‬‫ن‬ ‫طر‬‫َ‬‫خل‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫ريب! ملاذا؟» يُصيب بطرس اهلَلَع ِمن هذا اخلطر‪َ ،‬‬
‫وُيَزن‪.‬‬ ‫«ال! ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 687 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫نت‪،‬‬
‫إليك مبرغزايم‪ّ .‬أما أ َ‬
‫هدت َ‬‫لك ذلك عندما َع ُ‬
‫لت َ‬ ‫ألي شيء أن يُقيِّ َ‬
‫دك‪ .‬قُ ُ‬ ‫«ألنّين ال أريد ّ‬
‫فعلى العكس‪ ،‬تغوص يف هذه العاطفة‪».‬‬

‫فأنت كذلك حتبّه‪»...‬‬


‫حب مرغزايم‪َ .‬‬
‫احلب ليس خطيئة‪ ،‬وابلذات ّ‬
‫« ّ‬
‫احلب ال مينعين ِمن أن أ َِهب ذايت بكلّيّتها لرساليت‪ .‬أال تتذ ّكر كالمي حول العواطف‬
‫لكن هذا ّ‬
‫«و ّ‬
‫البشريّة؟ نصائحي‪ ،‬الواضحة لدرجة ّأّنا أصبَ َحت اآلن أوامر‪ ،‬لِ َمن يريد أن يضع يده على احملراث؟‬
‫أت تتعب‪ ،‬اي مسعان بن يوان‪ِ ،‬من أن تكون تلميذي بشكل بطويلّ؟»‬ ‫هل بَ َد َ‬
‫كل شيء‪ ،‬ومل‬ ‫ِ‬
‫َخي َشوشن صوت بطرس بسبب الدموع عندما ُُييب‪« :‬ال‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬إنّين أتذ ّكر ّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫مين‪ ،‬أان مسعان املسكني الذي تَـَرَك ّ‬ ‫أنت َمن تَعب ّ‬
‫ك َ‬ ‫لدي انطباع أبنّه العكس‪ ...‬أنّ َ‬
‫أتعب‪ .‬إّّنا ّ‬
‫ليتبعك‪»...‬‬
‫َ‬ ‫شيء‬

‫«الذي وَجَ َد كلّ شيء ابتّباعه إايّي‪ ،‬هذا ما تريد قوله‪».‬‬

‫«ال‪ ...‬نعم‪ ...‬اي معلّم‪ ...‬إنّين رجل مسكني‪ ،‬أان‪»...‬‬

‫بك‪ .‬لكي أجعل ِمن َّ‬


‫الر ُجل املسكني َر ُجالً‪ ،‬ق ّديساً‪،‬‬ ‫«أعلَم ذلك‪ .‬وألجل هذا ابلضبط أعتين َ‬
‫يدك‬
‫يدك أن تكون َرخواً كهذا الطني‪ .‬أر َ‬ ‫صلباً‪ .‬ال أر َ‬‫أجعلك ُ‬
‫َ‬ ‫اي رسويل‪ ،‬اي صخريت‪ .‬إنّين أقسو كي‬
‫ِ‬
‫احلب؟ أال تَذ ُكر احلكيم؟ فهو يقول‬ ‫صخرة منحوتة‪ ،‬كاملة‪ :‬حجر أساس‪ .‬أال تُد ِرك أ ّن هذا من قبيل ّ‬
‫األقل! أال ترى كم أان ُم َنهك وحزين بسبب‬ ‫نت على ّ‬ ‫ب صا ِرم هو‪ .‬ولكن افهمين! افهمين‪ ،‬أ َ‬ ‫إ ّن َمن ُُي ّ‬
‫ب‪ ،‬وخيبات أمل أكثر وأكثر؟»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكثري من سوء الفهم‪ ،‬الكثري من املو َارابت‪ ،‬الكثري من االفتقار إىل احلُ ّ‬
‫‪...‬أأنت هكذا‪ ،‬اي معلّم؟ آه! اي للرمحة اإلهليّة! وأان مل أكن أالحظ ذلك! كم أان حيوان‬
‫َ‬ ‫أأنت‬
‫« َ‬
‫كبري!‪ ...‬ولكن منذ مّت؟ ولكن بسبب َمن؟ قُل يل‪»...‬‬

‫حّت أان أستطيع‪»...‬‬ ‫ِ‬


‫ميكنك فعل شيء‪ .‬وال ّ‬
‫َ‬ ‫«عبثاً‪ .‬ال‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 688 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عنك؟»‬
‫«أح ّقاً ال ميكنين فعل شيء ألخ ّفف َ‬
‫معك‪».‬‬
‫تصرفايت َ‬ ‫ِ‬
‫كل ّ‬‫احلب يف ّ‬
‫احلب‪ .‬رؤية ّ‬
‫لك‪ :‬إدراك أ ّن صراميت هي من قبيل ّ‬
‫«لقد قُلتُها َ‬
‫أنت‪ ،‬ساُمين أان احليوان الكبري‪.‬‬
‫«نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬لن أقول املزيد‪ ،‬اي معلّمي احلبيب! لن أتكلّم‪ .‬و َ‬
‫ك تساُمين‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫بَرهن يل أنّ َ‬
‫تكفيك كلميت‪ ،‬ولكنّين أعطيكه‪ .‬امسع‪ :‬ال ميكنين الذهاب إىل‬
‫َ‬ ‫«الربهان! يف احلقيقة ينبغي أن‬
‫األندوري وسينتيكا يف الناصرة إضافة إىل مرغزايم‪ .‬وينبغي ّأال يَع ِرف أحد ذلك‪».‬‬
‫ّ‬ ‫الناصرة‪ ،‬أل ّن يوحنّا‬

‫تشك يف أحد منّا؟»‬


‫حّت حنن؟ ملاذا؟ آه! اي معلّم؟ اي معلّم؟! هل ّ‬
‫« ّ‬
‫سراً‪ ،‬فكثري أن يَعلَم به اثنان‪ .‬ذلك أنّه ِمن املمكن‬ ‫ما‬ ‫أمر‬ ‫إبقاء‬ ‫املرء‬ ‫شاء‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫م‬‫«احليطة تُعلِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حّت ِمن خالل كلمة تُفلِت عن غري قصد‪ .‬فلستم َجيعكم ُحت ِسنون التفكري دوماً‪».‬‬ ‫أن َحت ُدث اإلساءة ّ‬
‫«ح ّقاً‪ ...‬وال أان كذلك‪ .‬ولكن حينما أريد‪ ،‬أعرف أن أحافظ على الصمت‪ .‬واآلن سوف‬
‫لك‪،‬‬
‫أصمت‪ .‬آه! نعم‪ ،‬سوف أصمت‪ .‬وال يكون امسي مسعان بن يوان إن مل أعرف أن أصمت‪ .‬شكراً َ‬
‫احلب‪ .‬إذن أإىل تريشة حنن ماضون؟»‬
‫اي معلّم‪ ،‬لتقديرك ّإايي‪ .‬إنّه لربهان عظيم على ّ‬
‫علي استبدال اجلواهر ابلذهب‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫«نعم‪ .‬من هنا إىل َمدال ابملراكب‪َّ .‬‬
‫كنت أعرف أن أصمت‪ .‬مل أقل شيئاً مطلقاً ليهوذا‪ ،‬هل تَعلَم؟»‬
‫أنت ترى ما إذا ُ‬
‫« َ‬
‫أحصل على الذهب‪ ،‬أجعلكم َجيعكم أحراراً ح ّّت‬ ‫ال يُعلّق يسوع على املقاطعة‪ .‬يُتابِع‪« :‬حاملا َ‬
‫ُرسل يف طلبه إىل الناصرة‪ .‬اليهود‪ ،‬عدا مسعان الغيور‪،‬‬‫غداة عيد األنوار‪ .‬وإذا ما أردت أحداً منكم‪ ،‬أ ِ‬
‫ُ‬
‫ُخيت لعازر وخادماهتما ابإلضافة إىل أليز اليت من بيت ساحور إىل البيت يف بيت عنيا‪.‬‬ ‫سريافقون أ َّ‬
‫وبعد ذلك ميضون إىل بيوهتم من أجل عيد األنوار‪ .‬يكفيين أن يعودوا يف ّناية العيد ملتابعة الرحلة‪.‬‬
‫وحدك َمن يَع ِرف هذا‪ ،‬أليس كذلك اي مسعان بطرس؟»‬‫أنت َ‬ ‫َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 689 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ضطر إىل قوله‪»...‬‬
‫لكنك‪ ...‬سوف تُ ّ‬
‫«أان فقط أعرفه‪ .‬و َ‬
‫حيب‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫«سوف أقوله يف اللحظة املناسبة‪ّ .‬أما اآلن ِ‬
‫رفاقك وُكن متأ ّكداً من ّ‬
‫فامض إىل َ‬
‫بكل سرور‪ ،‬ويستغرق يسوع‪ِ ،‬من جديد‪ ،‬يف تفكريه‪.‬‬
‫يطيع بطرس ّ‬
‫تتكسر األمواج على شاطئ َمدال الصغري‪ ،‬عندما يرسو فيه املركبان‪ ،‬يف ّناية فرتة ما بعد الظهر‬
‫ّ‬
‫ليوم من تشرين الثاين (نوفمرب)‪ .‬هي ليست أمواجاً قويّة‪ ،‬ولكنّها‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬ال تَروق لِ َمن ُهم على‬
‫لكن فكرة التواجد قريباً يف بيت مرمي اجملدليّة ّتعلهم‬
‫املراكب‪ ،‬ذلك ّإّنا تتسبّب يف بـَلَل ثياهبم‪ .‬و ّ‬
‫تذمر‪.‬‬
‫يتحملون هذا احلَ ّمام غري املرغوب فيه بدون ّ‬
‫ّ‬
‫شرع مباشرة‬
‫لننضم إىل بعضنا‪ ».‬يقول يسوع للصبيان‪ .‬ويَ َ‬
‫ضعوا املراكب يف مكان آمن‪ ،‬و ّ‬
‫«َ‬
‫ابلسري على طول الشاطئ‪ ،‬إذ قد رسوا يف حوض صغري خارج املدينة‪ ،‬حيث مراكب أُخرى لصيّادين‬
‫ِمن َمدال‪.‬‬

‫ومّت‪ ،‬تعاليا هنا معي‪ ».‬يناديهما يسوع‪.‬‬


‫«يهوذا بن مسعان ّ‬
‫هرع االثنان‪.‬‬
‫يَ َ‬
‫ُخيت لعازر‬ ‫ِ‬
‫املهمة هي ُمرافَـ َقة أ َّ‬
‫مبهمة ثقة‪ ،‬ستكون كذلك فَـَرحاً‪ّ .‬‬
‫رت أن أعهد إليكما ّ‬ ‫«لقد ّقر ُ‬
‫إىل بيت عنيا‪ ،‬ومعهما أليز‪ .‬إنّين أُق ِّدركما مبا فيه الكفاية ألعهد إليكما ابلتلميذات‪ .‬ويف الوقت ذاته‬
‫املهمة‪ ،‬ستمضيان إىل بيتيكما ِمن أجل عيد‬ ‫ن‬ ‫ستحمالن رسالة مين إىل لِعازر‪ُ .‬ث‪ ،‬بعد االنتهاء ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قاطعين‪ ،‬اي يهوذا‪ ،‬فجميعنا سنُمضي عيد األنوار يف بيوتنا‪ ،‬هذا العام‪ .‬إنّه شتاء ماطر‬ ‫األنوار‪ ...‬ال تُ ِ‬
‫ج ّداً ويعيق السفر‪ .‬تَـَرون كذلك أ ّن املرضى قليلون‪ .‬سنغتنم الفرصة إذن لنأخذ قسطاً ِمن الراحة ونُفرِح‬
‫عائالتنا‪ .‬أنتظركم يف كفرانحوم يف ّناية العيد‪».‬‬

‫أنت يف كفرانحوم؟» يَسأل توما‪.‬‬


‫«ولكن هل ستبقى َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 690 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫إيل‪ .‬يكفيين أن تكون أ ُّمي قريبة‬
‫لست متأ ّكداً بعد أين سأبقى‪ .‬هنا أو هناك سيان‪ ،‬ابلنسبة ّ‬
‫« ُ‬
‫مين‪».‬‬
‫ّ‬
‫يوطي‪.‬‬
‫معك‪ ».‬يقول االسخر ّ‬ ‫«أ ِّ‬
‫ُفضل االحتفال بعيد األنوار َ‬
‫لطاعتك أن‬
‫َ‬ ‫عليك أن تساعدين قدر ما ميكن‬
‫َطع‪َ .‬‬ ‫«أُص ِّدق ذلك‪ .‬ولكن‪ ،‬إن أردت مرضايت فأ ِ‬
‫َ َ‬
‫وهم ُمشتَّتون هنا وهناك! ضمن العائالت‪ ،‬األبناء البِكر‬ ‫تؤمن إمكانيّة مساعدة التالميذ العائدين ُ‬
‫ّ‬
‫ي ِ‬
‫ساعدون األهل يف تنشئة اإلخوة األصغر‪ .‬وأنتم األبناء البِكر ابلنسبة إىل التالميذ الذين ُهم إخوتكم‬ ‫ُ‬
‫األصغر‪ ،‬وينبغي لكم أن تكونوا سعداء لثقيت بكم‪ .‬وهذا يؤّكد مدى سروري ِمن عملكم السابق‪».‬‬

‫إيل‪ ،‬فإنّين سوف أعمل‬ ‫ك طيّب للغاية‪ ،‬اي معلّم‪ّ .‬أما ابلنسبة ّ‬ ‫بكل بساطة‪« :‬إنّ َ‬
‫يقول توما ّ‬
‫فرح والدي العجوز‬‫مير بسرعة‪ ...‬وسيَ َ‬‫لكن ذلك سوف ّ‬ ‫كك‪ ...‬و ّ‬ ‫بشكل أفضل‪ .‬ال يروق يل أن أتر َ‬
‫برؤييت أثناء العيد‪ ...‬وكذلك أخوايت‪ ...‬وأُخيت التوأم!‪ ...‬قد تكون ُرِزقَت‪ ،‬أو على وشك أن تُ َرزق‬
‫فأي اسم سأُطلِق عليه؟»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األول‪ ...‬إذا كان صبياًّ‪ ،‬وإذا ُول َد وأان هنا‪ّ ،‬‬
‫ب َولَد‪ ...‬ابن أخيت ّ‬
‫«يوسف‪».‬‬

‫«وإذا كانت بنتاً؟»‬

‫«مرمي‪ .‬فما ِمن اسم أعذب منه‪».‬‬

‫وخيطّط ملشاريع ومشاريع‪ ...‬ونَ ِس َي متاماً أنّه كان‬


‫ابملهمة‪ ،‬أصبَ َح َخيتال ُ‬
‫لكن يهوذا‪ ،‬ال َفخور ّ‬
‫و ّ‬
‫ُتين الذاكرة‪ ،‬كان قد أتفَّ َ‬
‫ف وتربََّم‬ ‫يبتعد عن يسوع‪ ،‬وأنّه منذ وقت قريب‪ ،‬يف حوايل عيد املظال‪ ،‬إذا مل ّ‬
‫الشك الذي بدا عليه يف‬ ‫ي ِمن أمر االفرتاق عن يسوع لبعض الوقت‪ .‬وخيتفي عنه متاماً ّ‬ ‫ِ‬
‫مثل ُمهر ّبر ّ‬
‫كل شيء‪ ...‬وهو سعيد لكونه اعتُِ َرب ِمن الذين ميكن‬ ‫السابق أب ّن رغبة لدى يسوع يف إبعاده‪ .‬ينسى ّ‬
‫وخيرِج‬ ‫لك الكثري ِمن املال للفقراء‪ُ ».‬‬‫املهام الدقيقة‪ .‬ويَقطَع وعداً‪« :‬سوف أجلب َ‬
‫االعتماد عليهم يف ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 691 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل ما لدينا‪ ،‬وال أملك أكثر‪ .‬أعطين املؤونة لسفران ِمن بيت عنيا إىل‬
‫كيسه ويقول‪« :‬هاك‪ُ ،‬خذ‪ .‬هذا ّ‬
‫البيت‪».‬‬

‫«ولكن‪ ،‬لن ّنضي هذا املساء‪ ».‬يعرتض توما‪.‬‬

‫نزعت عبء هذا الكيس‬‫يهم‪ .‬ال حاجة إىل املال يف بيت مرمي‪ ،‬وإذن‪ ...‬إنّين سعيد ألنَّين ُ‬
‫«ال ّ‬
‫ك بُذور َورد‪ .‬سأجعل أ ُّمي تعطيين ّإايها‪ .‬أريد جلب‬ ‫عن ِ‬
‫ألم َ‬
‫ّ‬ ‫أجلب‬ ‫سوف‬ ‫عوديت‪،‬‬ ‫لدى‬ ‫و‬ ‫لي‪...‬‬ ‫كاه‬
‫متحمس‪.‬‬
‫هديّة كذلك ملرغزايم‪ »...‬إنّه ّ‬
‫يَنظُر إليه يسوع‪.‬‬

‫دخلون َجيعاً‪َ .‬هتَرع النساء ملالقاة املعلّم‬ ‫ّإّنم اآلن يف بيت مرمي اجملدليّة‪ .‬يُ ِّ‬
‫عرفون عن أنفسهم ويَ ُ‬
‫بيتهن…‬
‫القادم للمبيت يف ّ‬
‫الر ُسل‪ ،‬يَن ُقل يسوع إىل النساء التلميذات اجلالسات على شكل‬
‫بعد العشاء‪ ،‬وبعد انصراف ُّ‬
‫حتتج واحدة‬
‫وسطهن‪ ،‬رغبته يف أن ينصرفن يف أقرب وقت‪ .‬مل ّ‬ ‫ّ‬ ‫دائرة يف إحدى القاعات‪ ،‬وهو يف‬
‫كن‬
‫حقائبهن‪ .‬ول ّ‬
‫ّ‬ ‫افقتهن‪ُ ،‬ثّ خيرجن لتحضري‬
‫الر ُسل‪َُ .‬ينني رؤوسهن للتعبري عن مو ّ‬ ‫منهن‪ ،‬على عكس ُّ‬ ‫ّ‬
‫العتَـبَة‪.‬‬
‫يسوع ينادي مرمي اجملدليّة اليت ما تزال عند َ‬
‫سراً"؟»‬ ‫ِ‬
‫إليك ّ‬
‫"علي التح ّدث َ‬
‫ّ‬ ‫وصويل‪:‬‬ ‫لدى‬ ‫يل‪،‬‬ ‫ِهست‬ ‫«حسناً‪ ،‬اي مرمي‪ ،‬ملاذا‬

‫طرباي‪ .‬إ ّن مرسيل هي اليت ابعتها مبساعدة اسحق‪.‬‬


‫بعت األحجار الثمينة‪ .‬يف ّ‬ ‫«اي معلّم‪ ،‬لقد ُ‬
‫مر بش ّدة‪.‬‬
‫وحت ّ‬
‫لدي املبلغ يف غرفيت‪ .‬ولقد وددت ّأال يـََرى يهوذا شيئاً‪َ »...‬‬
‫َّ‬
‫ُميعِن يسوع النَّظر إليها‪ ،‬ولكنّه ال يَنبَس ببنت شفة‪.‬‬

‫َُت ُرج مرمي اجملدليّة‪ ،‬لتعود اثنية‪ ،‬ومعها كيس نقود ثقيل تعطيه ليسوع قائلة‪« :‬ها هو‪ .‬لقد ُدفِع‬
‫مثنها بشكل جيّد‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 692 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«شكراً ِ‬
‫لك‪ ،‬اي مرمي‪».‬‬

‫مين؟‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫مين هذه اخلدمة‪ .‬هل من شيء آخر تطلبه ّ‬
‫طلبت ّ‬
‫ك َ‬ ‫لك‪ ،‬اي سيّدي‪ ،‬ألنّ َ‬
‫«الشكر َ‬
‫«ال‪ ،‬اي مرمي‪ .‬و ِ‬
‫أنت هل ِ‬
‫لديك شيء آخر تقولينه يل؟»‬

‫رب‪ .‬ابركين اي معلّمي‪».‬‬


‫«ال‪ ،‬اي ّ‬
‫أنت مسرورة يف العودة إىل لعازر؟ فَ ِّكري يف أنّين مل أعد يف‬
‫كك‪ ...‬اي مرمي‪ ...‬هل ِ‬
‫«نعم‪ ،‬أابر ِ‬
‫فلسطني‪ .‬هل تعودين إىل البيت إذن‪ ،‬عن طيب خاطر؟»‬

‫رب‪ .‬ولكن‪»...‬‬
‫«نعم‪ ،‬اي ّ‬
‫َكملي اي مرمي‪ .‬ال ُتايف ِمن اإلفصاح يل عما َُيول يف فِ ِ‬
‫كرك‪».‬‬ ‫«أ ِ‬
‫ّ‬
‫يوطي بسمعان الغيور‪ ،‬وهو صديق عظيم‬
‫استبدلت يهوذا االسخر ّ‬
‫َ‬ ‫«ولكنّين أعود برضى أكرب لو‬
‫لعائلتنا‪».‬‬

‫مهمة‪».‬‬
‫«إنّين أحتاجه يف رسالة ّ‬
‫رب‪،‬‬
‫«فليكن أحد إخوتك إذن‪ ،‬أو يوحنّا صاحب قلب احلمامة‪ّ .‬أايًكان منهم‪ ،‬ما عداه‪ ...‬اي ّ‬
‫صرامة‪َ ...‬من ذاق الفجور ُيس ابقرتابه‪ ...‬أان ال أخشاه‪ .‬وإبمكاين أن أكون مع َمن‬ ‫إيل بِ َ‬
‫ال تَنظُر َّ‬
‫يف‪ ،‬وهذا هو الشيطان الذي‬ ‫األان‬ ‫هي‬ ‫فهذه‬ ‫املغفرة‪،‬‬ ‫أانل‬ ‫أال‬
‫ّ‬ ‫هو‬ ‫أخشاه‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫يهوذا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫هو أكثر ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫تشمئز‬
‫ّ‬ ‫ُيوم حويل‪ ،‬وهذا هو العامل‪ ...‬ولكن إذا كانت مرمي تيوفيلس ال ُتشى أحداً‪ ،‬فإ ّن مرمي يسوع‬
‫أمشئز ِمن الرجل الذي يستسلم للشهوات‪»...‬‬‫رب‪ ...‬إنّين ّ‬ ‫من الرذيلة اليت كانت قد أذلَّتها‪ ،‬والـ‪ ...‬اي ّ‬
‫ِ‬

‫وحدك يف السفر‪ ،‬اي مرمي‪ِ .‬‬


‫ومعك‪ ،‬أكون أكيداً أنّه لن يعود إىل الوراء‪ ...‬تذ ّكري أ ّن‬ ‫ِ‬ ‫« ِ‬
‫لست‬
‫متهور‪»...‬‬
‫رحالن إىل أنطاكية‪ ،‬وأنّه ُيب ّأال يَعلَم ابألمر إنسان ّ‬
‫علي أن أجعل سينتيكا ويوحنّا يَ َ‬
‫َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 693 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حقيقي‪ .‬إذن سأذهب‪ ...‬اي معلّم‪ ،‬مّت نلتقي اثنية؟»‬
‫« ّ‬
‫«لست أدري‪ ،‬اي مرمي‪ .‬قد يكون ذلك يف الفصح فقط‪ .‬اذهيب بسالم اآلن‪ .‬أابر ِ‬
‫كك هذا املساء‬ ‫ُ‬
‫ومعك ِ‬
‫أختك ولعازر الصاحل‪».‬‬ ‫وكل مساء‪ِ ،‬‬
‫ّ‬
‫وُت ُرج اتركة يسوع وحيداً يف الغرفة الساكنة‪.‬‬
‫وتنحين مرمي لتقبيل قدمي يسوع‪َ ،‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 694 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -169‬يسوع يف الناصرة من أجل عيد األنوار)‬

‫‪1945 / 10 / 15‬‬

‫وعاصفة‪ .‬فيما عدا األوراق املتساقطة عن‬‫أمسية من كانون األول (ديسمرب) مظلمة‪ ،‬ابردة ِ‬
‫ّ‬
‫حتف يف هزيز الريح‪ ،‬ال صوت يف شوارع الناصرة‪ ،‬املظلمة كشوارع مدينة ميّتة‪ .‬البيوت‬
‫األشجار‪ ،‬واليت ّ‬
‫مغلقة‪ ،‬ال نور فيها وال صوت‪ .‬أمسية ذائب حقيقيّة‪.‬‬

‫يتوجه َمحَل هللا‪َ ،‬ع ْ َرب طرقات الناصرة‪ ،‬مباشرة إىل بيته‪ .‬ويبدو‪ ،‬بثوبه القامت‪ ،‬وكأنّه‬
‫ويف املقابل‪ّ ،‬‬
‫يَتيه يف ظلمات ليل بال جنوم‪ .‬ابلكاد ميكن اإلحساس خبطواته‪ ،‬عندما يطأ كومة من األوراق اجلافّة‪،‬‬
‫اجلو بفعل اهلواء‪ ،‬وهي جاهزة لالنتقال ِمن جديد إىل مكان‬ ‫حطّت على األرض بعد أن دارت يف ّ‬
‫آخر‪.‬‬

‫مرتدداً ما بني الدخول إىل احلديقة‪ ،‬والطرق على‬‫لكالواب‪ .‬يبقى برهة ّ‬ ‫صل أمام بيت مرمي اليت‬‫يِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ابب املطبخ‪ ،‬أَم متابعة السري‪ ...‬إّّنا بعدئذ‪ ،‬يُتابِع طريقه دون توقّف‪ .‬ها هو اآلن يف احلارة اليت فيها‬
‫نصت ابنتباه‪.‬‬‫بيته‪ .‬يرى اآلن االهتزاز اهلائج لشجر الزيتون على الـمنح َدر الذي يستَنِد عليه البيت‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫إنّه لَِفي غاية السهولة مساع ما ُيري يف هذا البيت الصغري! يكفي أن تُسنَد األذن على إطار الباب‪،‬‬
‫نصت والذي يتح ّدث‪...‬‬ ‫كيال يبقى سوى بضعة سنتيمرتات ِمن خشب الباب تفصل بني الذي ي ِ‬
‫ُ‬
‫أي صوت‪.‬‬ ‫سمع ُّ‬
‫ومع ذلك ال يُ َ‬
‫يهم‬
‫حّت أقرع‪ ».‬ولكن‪ ،‬يف اللحظة اليت ّ‬ ‫يتنهد‪« .‬سوف أنتظر الفجر ّ‬ ‫متأخر‪ّ ».‬‬
‫«إ ّن الوقت ّ‬
‫ضت‪ّ .‬إّنا تَنسج‪ .‬ابلتأكيد‬
‫سمع صوت إيقاع نول النسيج‪ .‬يبتسم ويقول‪« :‬لقد َّنَ َ‬ ‫فيها ابالبتعاد‪ ،‬يُ َ‬
‫ّإّنا هي‪ ...‬إنّه إيقاع أ ُّمي‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 695 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كمن يف صوته الذي كان‬‫َ‬‫ت‬ ‫ضحكة‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫م‪،‬‬ ‫ال ميكنين رؤية وجهه‪ ،‬ولكنّين متأ ّكدة أنّه يبتَ ِ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يف البدء حزيناً‪ ،‬وهو اآلن مبتهج‪.‬‬

‫الفض ّي الذي يَسأل‪:‬‬


‫كرسي يُزاح‪ُ ،‬ثّ الصوت ّ‬
‫سمع صوت ّ‬
‫قرع‪ .‬يتوقّف الصوت حلظة‪ُ ،‬ثّ يُ َ‬
‫يَ َ‬
‫« َمن الطارق؟»‬

‫«أان اي أ ُّمي!»‬

‫يحة‪ ،‬رغم اُنفاض مستوى الصوت فيها‪ .‬يُسمع صوت مزالج‬ ‫ص َ‬


‫صي َحة فَـَرح َعذبَة‪َ ،‬‬
‫« َولَدي!» َ‬
‫يتحرك‪ ...‬ويُفتَح الباب‪ُ ،‬متيحاً اجملال لظهور بقعة نور ذهبيّة على سواد الليل‪ .‬وترمتي مرمي بني ذراعي‬
‫ّ‬
‫يسوع‪ ،‬هناك على العتبة‪ ،‬كما لو أنّه هو ال يستطيع االنتظار الحتضاّنا‪ ،‬وهي لرتمتي على ذاك القلب‪.‬‬

‫دخالن بعدها‪ ،‬ويُغلَق الباب اثنية‬


‫العذبَة‪ ...‬يَ ُ‬
‫ين» َ‬
‫ين!» قُبالت وكلمات «أ ُّمي ـ بُ ّ‬
‫ين! بُ ّ‬
‫ين! بُ ّ‬
‫«بُ ّ‬
‫هبدوء‪.‬‬

‫كنت أسهر‪ ...‬منذ اللحظة اليت جاء فيها‬


‫شرح مرمي بصوت منخفض‪« :‬اجلميع نيام‪ .‬وأان ُ‬ ‫وتَ َ‬
‫متأخرة‪ .‬هل تشعر ابلربد اي‬
‫حّت ساعة ّ‬‫انتظرك ّ‬
‫كنت دائماً َ‬ ‫كنت تتبعهما‪ُ .‬‬
‫ك َ‬ ‫يعقوب ويوحنّا قائلني إنّ َ‬
‫كت انر املوقد مشتعلة‪ .‬سأضع فيها حطباً‪ .‬وسوف تتدفّأ‪».‬‬
‫ك متجلّد‪ .‬تعال‪ .‬لقد تر ُ‬ ‫يسوع؟ نعم‪ ،‬إنّ َ‬
‫وتقوده ابليد كما لو كان ما يزال يسوع الصغري…‬

‫وتَسطَع الشُّعلة فَ ِرحة‪ ،‬وترتاقص يف املوقد ّ‬


‫املتأجج‪ .‬تنظر مرمي إىل يسوع الذي مي ّد يديه إىل النار‬
‫بين‪ .‬لقد‬
‫نحل ابستمرار وتَشحب‪ ،‬اي ّ‬ ‫أنت حنيل! مل تكن هكذا عندما افرتقنا‪ ...‬إنّك تَ َ‬ ‫ليدفئهما‪« .‬كم َ‬
‫ين؟ هل‬ ‫معك َم ّدداً اي بُ ّ‬
‫ص َل َ‬
‫ك عاج عتيق‪ .‬ماذا َح َ‬ ‫كنت بلون احلليب والورد‪ّ .‬أما اآلن‪ ،‬فتبدو وكأنّ َ‬
‫َ‬
‫الفريسيّون كما دائماً؟»‬
‫ُهم ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 696 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ِ‬
‫ومعك‪ ،‬وسوف أكون على الفور أبحسن‬ ‫«نعم‪ ...‬وأشياء أخرى‪ .‬إّّنا اآلن أان سعيد‪ ،‬هنا‬
‫جانبك هنا‪ .‬هل ِ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫السن إىل‬
‫إين أبلغ كمال ّ‬
‫حال‪ .‬هذه السنة سيكون عيد األنوار هنا‪ ،‬اي أ ُّمي! ّ‬
‫مسرورة؟»‬

‫إيل‪،‬‬
‫ك شاب‪ ،‬وابلنسبة ّ‬
‫إليك‪ ،‬اي قليب‪ ،‬ما يزال بعيداً‪ ...‬إنّ َ‬
‫السن ابلنسبة َ‬
‫«نعم‪ .‬ولكن كمال ّ‬
‫هاك‪ ،‬فاحلليب ساخن‪ .‬هل تريد ُشربه هنا أو هناك؟»‬ ‫ك ما تزال صغريي‪َ .‬‬
‫فإنّ َ‬
‫«هناك اي أ ُّمي‪ .‬إنّين أشعر ابحلر اآلن‪ .‬سأشرب بينما تُغطّني النول‪».‬‬

‫وُيلس يسوع على املقعد قرب الطاولة‪ ،‬ويَشرب احلليب‪ .‬تنظر إليه‬
‫يَعودان إىل الغرفة الصغرية‪َ ،‬‬
‫مرمي وتبتسم‪ .‬تبتسم عندما أتخذ حقيبته وتضعها على منضدة‪ .‬تبتسم إىل درجة أ ّن يسوع يَسأل‪:‬‬
‫«مباذا تف ّكرين؟»‬

‫لت ابلضبط يف ذكرى رحيلنا إىل بيت حلم‪ ...‬حينذاك كذلك كانت هناك‬ ‫ص َ‬
‫ك َو َ‬ ‫«أُف ّكر يف أنّ َ‬
‫حقائب وصناديق مفتوحة ومليئة ‪-‬على األخص‪ -‬ابلثياب واألقمطة الصغرية‪ِ ...‬من أجل َوليد "قد"‬
‫كنت أقول بيين‬ ‫كنت أقول ليوسف؛ والذي "يتحتّم" أن يُولَد يف بيت حلم اليهوديّة‪ ،‬كما ُ‬ ‫يُولَد‪ ،‬كما ُ‬
‫كنت قد خبّأ ُهتا يف األسفل‪ ،‬أل ّن يوسف كان خيشى ِمن ذلك‪ ...‬مل يكن يَعلَم بعد‬ ‫وبني نفسي‪ ...‬و ُ‬
‫أ ّن والدة ابن هللا مل تكن خاضعة‪ ،‬سواء ابلنسبة للمولود نفسه أو أل ُّمه‪ ،‬للهموم االعتياديّة للحمل‬
‫كنت واثقة‬‫والوالدة‪ .‬مل يكن يَعلَم‪ ...‬وكان خياف أن أكون معه بعيدة عن الناصرة يف تلك احلال‪ .‬أان ُ‬
‫أنت َج ِذالً (مبتهجاً) ج ّداً‪ ،‬يف أحشائي‪ِ ،‬من ش ّدة ال َفَرح‬
‫كنت َ‬‫كنت سأصبح أ ُّماً هناك‪ ...‬و َ‬
‫ِ‬
‫من أنّين ُ‬
‫حتملك‪ ،‬اي‬ ‫حللول موعد والدتك‪ ،‬وابلنتيجة موعد والدة ِ‬
‫الفداء‪ .‬كان املالئكة َُيومون حول املرأة اليت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إهلي‪ ...‬مل يعد آنذاك رئيس املالئكة األعظم‪ ،‬مل يعد املالك الفائق العذوبة هو الذي ُيرسين‪ ،‬كما كان‬
‫األمر يف األشهر السابقة‪ .‬فآنذاك كانت جوقات وجوقات ِمن املالئكة الذين كانوا َميضون من مساء‬
‫كنت أمسعهم يُرتِّلون ويتبادلون كلمات ِمن نور‪...‬‬ ‫كنت فيها‪ُ ...‬‬‫اإلله إىل مسائي الصغرية‪ :‬األحشاء اليت َ‬
‫كنت أمسعهم أثناء تسلّلهم ِمن الفردوس‪ ،‬بِِفعل‬ ‫املتجسد‪ُ ...‬‬
‫ّ‬ ‫أنت‪ ،‬اإلله‬
‫رؤيتك‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫متلهفة إىل‬
‫كلمات ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 697 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ت أحاول تَعلُّم أقواهلم‪...‬‬ ‫ب اآلب‪ ،‬املختبئ يف أحشائي‪ .‬وكن ُ‬‫أنت‪ ،‬اي ُح ّ‬
‫فيعبدوك َ‬
‫َ‬ ‫احلب‪ ،‬ليأتوا‬
‫ّ‬
‫بشري قول أو اقتناء أشياء مساويّة‪»...‬‬
‫وتوهجهم‪ ...‬إّّنا ال ميكن لكائن ّ‬
‫تراتيلهم‪ّ ...‬‬
‫نصت إليها يسوع‪ ،‬وهو جالس‪ ،‬وهي واقفة قرب الطاولة‪ ،‬حاملة بقدر ما هو ُمغتَبِط‪ ...‬إحدى‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫يديها على اخلشب الداكن‪ ،‬واألخرى على قلبها‪ ...‬ويسوع يغطّي اليد الصغرية البيضاء‪ ،‬الناعمة‪،‬‬
‫صمت‪ ،‬كما لو ّأّنا أتسف‬ ‫األقل بياضاً‪ ،‬ويش ّد على تلك اليد املق ّدسة بيده‪ ...‬وعندما تَ ُ‬
‫بيده الطويلة و ّ‬
‫كل تراتيلهم‪،‬‬‫و‬ ‫‪،‬‬‫املالئكة‬ ‫كالم‬ ‫كل‬ ‫«‬ ‫يسوع‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫جهم‪،‬‬ ‫وتوه‬ ‫اتيلهم‬
‫ر‬ ‫وت‬ ‫كالمهم‬ ‫املالئكة‬ ‫ن‬ ‫لعدم تُعلُّمها ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منك‪ ،‬اي أمي! لقد ِ‬
‫قلت‬ ‫توهجهم مل يكن ليجعلين سعيداً على األرض‪ ،‬لو مل يكن يل هذا الذي ِ‬
‫ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫و ّ‬
‫فلست ِ‬
‫أنت من تَعلَّم منهم‪ ،‬بل إّّنا هم الذين تعلّموا ِ‬
‫منك‪...‬‬ ‫يل ومنَحتِين ما مل يقدروا هم أن مينحوين‪ِ .‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تعايل هنا‪ ،‬اي أُمي‪ ،‬إىل جانيب‪ ،‬واروي يل املزيد‪ ...‬ليس عن ذاك الوقت‪ ...‬بل عن هذا‪ .‬ماذا ِ‬
‫كنت‬ ‫ّ‬
‫تفعلني؟»‬

‫كنت أعمل‪»...‬‬
‫« ُ‬
‫كنت تتعبني ِمن أجلي‪ .‬دعيين أرى‪»...‬‬
‫ك ِ‬ ‫«أعرف ذلك‪ ،‬ولكن ما كان هذا العمل؟ أُر ِاهن أنّ ِ‬

‫تُصبِح مرمي أكثر امحراراً ِمن قطعة القماش اليت على النول‪ ،‬واليت يَنظُر إليها يسوع الذي َّنَض‪.‬‬
‫ِ‬
‫أعطاك هذا؟»‬ ‫«أُرجوان؟ َمن‬

‫ص َل عليها ِمن صيّادين ِمن صيدون‪ ،‬على ما أظن‪ .‬يُريدين أن أصنع‬ ‫يوطي‪َ .‬ح َ‬
‫«يهوذا االسخر ّ‬
‫ك ال حتتاج إىل أرجوان لِتَكون َملِكاً‪».‬‬
‫لك‪ ،‬ولكنّ َ‬
‫لك ثوابً ملوكيّاً‪ ...‬الثوب‪ ،‬أصنعهُ َ‬
‫َ‬
‫«يهوذا أكثر عناداً ِمن بغل َح ُرون‪ ».‬كان هذا هو التعليق الوحيد حول األرجوان‪ُ ،‬ثّ يلتَ ِفت‬
‫ِ‬
‫أعطاك؟»‬ ‫صنع ثوب مبا‬ ‫ِ‬
‫صوب أ ُّمه‪« :‬وهل ميكنك ُ‬
‫بين! هذا يكفي ألهداب الثوب واملعطف‪ .‬ليس أكثر‪».‬‬
‫«آه! اي ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 698 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫فهمت ملاذا تَصنَعينها على شكل شرائط ضيّقة‪ .‬إذن‪ ...‬أ ُّمي‪ :‬هذه الفكرة تروق يل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫«حسناً‪.‬‬
‫لك يوماً أن تستخدميها يف ثوب َجيل‪ّ .‬أما اآلن‪،‬‬ ‫ستضعني هذه الشرائط على ِحدة‪ ،‬وسوف أقول ِ‬
‫فالوقت ليس مناسباً‪ .‬ال تتعيب‪».‬‬

‫َعمل عندما أكون يف الناصرة‪»...‬‬


‫«أ َ‬
‫«صحيح‪ ...‬واآلخرون ماذا فَـ َعلوا خالل هذا الوقت؟»‬

‫«لقد تث ّقفوا‪».‬‬
‫أنت ثقّ ِفتهم‪ .‬ما ر ِ‬
‫أيك فيهم؟»‬ ‫«أو ابألحرى‪ِ :‬‬

‫ظ أبداً بتالميذ أكثر انضباطاً‬


‫أنت‪ ،‬فأان مل أح َ‬
‫استثنيتك َ‬
‫َ‬ ‫«آه! ّإّنم ثالثة تالميذ جيّدون‪ .‬فإذا ما‬
‫لت كذلك تقوية يوحنّا قليالً‪ .‬إنّه مريض ج ّداً‪ .‬لن يعيش طويالً‪»...‬‬ ‫وأكثر انتباهاً منهم‪ .‬لقد حاو ُ‬
‫َدرَك تلقائيّاً قيمة‬
‫«أَعلَم‪ .‬إّّنا هذا َخري ابلنسبة له‪ .‬ابإلضافة إىل أنّه هو الذي يَر َغب به‪ .‬لقد أ َ‬
‫األمل واملوت‪ .‬وسينتيكا؟»‬

‫« ِمن املؤسف إبعادها‪ّ ،‬إّنا تساوي مائة تلميذ يف قداستها وأهليّتها إلدراك الفائق الطبيعة‪».‬‬

‫علي أن أفعل‪».‬‬ ‫ِ‬


‫«أُدرك ذلك‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫بين‪».‬‬
‫كل ما تفعله َح َسن هو على الدوام‪ ،‬اي ّ‬
‫« ّ‬
‫الصيب؟»‬
‫«و ّ‬
‫األايم‪ ...‬إنّه يتذ ّكر الشقاء الذي كان منذ عام‪...‬‬
‫«هو كذلك يتعلّم‪ .‬ولكنّه حزين ج ّداً هذه ّ‬
‫يتنهدان لدى تفكريِها بوجوب الرحيل عن هنا‪،‬‬ ‫اجلو ُمف ِرحاً كثرياً هنا!‪ ...‬يوحنّا وسينتيكا ّ‬
‫آه! مل يكن ّ‬
‫أبمه اليت ماتت‪»...‬‬
‫الصيب يبكي لدى تفكريه ّ‬ ‫و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 699 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«و ِ‬
‫أنت؟»‬

‫عين‪ .‬وكذلك هي ال وجود هلا ح ّّت‬ ‫أنت بعيد ّ‬‫بين‪ .‬ال وجود للشمس و َ‬
‫أنت أَعلَم اي ّ‬
‫«أان‪َ ...‬‬
‫األقل سيكون السكون وهدوء البال‪ِ ...‬ع َوضاً عن‪»...‬‬
‫ك‪ ،‬إّّنا على ّ‬ ‫ولو كان العامل ُيبّ َ‬
‫«عن الدموع‪ِ .‬مسكينة ِ‬
‫أنت اي أُمي!‪ ...‬أمل تُطرح ِ‬
‫عليك األسئلة حول يوحنّا وسينتيكا؟»‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صمت‪ .‬حلفا بن سارة رأى يوحنّا سابقاً‪ ،‬وهو‬
‫فعل؟ مرمي اليت حللفا تَعلَم وتَ ُ‬
‫ومن تُريده أن يَ َ‬ ‫«َ‬
‫ليس فضوليّاً‪ .‬إنّه يدعوه "التلميذ"‪».‬‬

‫«واآلخرون؟»‬

‫«ال أيتيين أحد سوى مرمي اليت حللفا‪ .‬وبعض النساء ِمن أجل َع َمل أو نصيحة‪ّ .‬أما رجال‬
‫الناصرة فلم يعد منهم َمن ُيتاز َعتَـبَة بييت‪».‬‬

‫حّت يوسف ومسعان؟»‬


‫«وال ّ‬
‫رسل يل الزيت والطحني والزيتون واحلطب والبيض‪ ...‬كما لو أنّه يطلب‬ ‫«‪ ...‬ال‪ ...‬مسعان ي ِ‬
‫ُ‬
‫العفو لعدم فهمه ّإاي َك‪ ،‬وكأنّه يتكلّم َع ْرب هداايه‪ّ .‬إال أنّه يعطيها ملرمي أ ُّمه‪ ،‬وال أييت إىل هنا‪ .‬فيما عدا‬
‫ذلك‪ ،‬فلو كان أحد أتى‪ ،‬فإنّه مل يكن لَِريى أحداً ِسواي‪ ،‬ذلك أ ّن يوحنّا وسينتيكا يَن َس ِحبان حاملا‬
‫قرع الباب‪»...‬‬
‫يُ َ‬
‫«حياة ِج ُّد حزينة‪».‬‬

‫الصيب يُعاين منها قليالً‪ ،‬رغم أ ّن مرمي تصطحبه معها عندما متضي إىل السوق‪ .‬إّّنا اآلن‬
‫«نعم‪ .‬و ّ‬
‫فأنت هنا!»‬
‫لن نكون حزاىن‪ ،‬اي يسوعي‪َ ،‬‬
‫كنت صغرياً‪».‬‬
‫«أان‪ ،‬هنا‪ ...‬هيّا بنا إىل النوم اآلن‪ .‬ابركيين اي أ ُّمي‪ ،‬كما حينما ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 700 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تلميذتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫بين‪ ،‬فأان‬
‫أنت‪ ،‬اي ّ‬
‫«ابركين َ‬
‫وخيرجان لِي ِ‬
‫مضيا إىل النوم‪.‬‬‫يَتعانَقان‪ ...‬يُضيئان قنديالً جديداً‪َ ُ َ ،‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 701 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫األندوري وسينتيكا يف الناصرة)‬


‫ّ‬ ‫‪( -170‬يسوع مع يوحنّا‬

‫‪1945 / 10 / 16‬‬

‫األندوري الذي َخَر َج ِمن غرفته الصغرية‬


‫ّ‬ ‫«اي معلّم! اي معلّم! اي معلّم!» صيحات ثالث ليوحنّا‬
‫هرع إىل‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫ايم‬‫ز‬ ‫مرغ‬ ‫ظ‬‫ليذهب لالغتسال يف الربكة‪ ،‬فوج َد نفسه يف مواجهة يسوع العائد منها‪ ،‬توقِ‬
‫ََ‬ ‫ََ‬
‫خارج غرفة مرمي بقميصه القصري والذي بِال أكمام‪ ،‬وهو ما يزال حايف القدمني‪ ،‬كلّه عيون وفَم لََِريى‬
‫صرخ‪« :‬يسوع هنا!» وُكلّه سيقان لَِريُكض ويتسلّق ذراعيه‪ .‬وتستيقظ بذلك سينتيكا أيضاً اليت كانت‬ ‫ويَ ُ‬
‫وُت ُرج منه بعد حلظة‪ ،‬وقد ارتدت ثياهبا‪ ،‬إّّنا ضفائرها السوداء القامتة ما‬
‫تنام يف مشغل يوسف القدمي‪َ ،‬‬
‫نس ِدل على كتفيها‪.‬‬
‫تزال نصف مرتبة‪ ،‬وهي تَ َ‬
‫وُيثّهما على دخول‬ ‫يسوع الذي ما يزال ُيمل الصيب على ِ‬
‫ساع َديه‪ُُ ،‬ييّي يوحنّا وسينتيكا‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫دخل هو ّأوالً حامالً مرغزايم شبه العاري‪ ،‬الذي تصطك‬ ‫البيت أل ّن الريح الشماليّة شديدة للغاية‪ ...‬ويَ ُ‬
‫الصيب‬ ‫ثياب‬ ‫ُث‬ ‫‪،‬‬ ‫احلليب‬ ‫تسخني‬ ‫إىل‬ ‫مرمي‬ ‫ع‬‫ر‬‫ِ‬ ‫سا‬‫ت‬
‫ُ‬ ‫حيث‬ ‫د‪،‬‬‫أسنانّه رغم حتمسه‪ ،‬قريباً ِمن املوقِد الذي أُوقِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت ال يصيبه أذى‪.‬‬
‫ّ‬
‫الصيب على ركبتيه‪،‬‬ ‫و‬ ‫يسوع‬ ‫س‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ُي‬
‫َ‬ ‫َّشوة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ح‬‫ر‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫دان‬ ‫س‬‫اآلخران ال يتكلّمان‪ ،‬إّّنا يبدو ّأّنما ُُي ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫بينما تُسا ِرع مرمي يف مترير الثياب اليت َج َعلَتها دافئة إليه‪ .‬يُعا ِود يسوع رفع رأسه ويبتسم هلما قائالً‪:‬‬
‫مهمة أوكلتُها‬ ‫ِ‬
‫ب يف ّ‬ ‫كنت قد وعدتُ ُكما ابجمليء‪ .‬واليوم أو غداً يَصل كذلك مسعان الغيور‪ .‬لقد َذ َه َ‬ ‫« ُ‬
‫يتأخر‪ ،‬وسوف نبقى بضعة ّأايم معاً‪».‬‬ ‫إليه‪ .‬ولكنّه لن ّ‬
‫انتهى هندام مرغزايم‪ ،‬وقد عاد اللون إىل خ ّديه‪ ،‬بعد شحوبه بفعل الربد‪ .‬يُنـ ِزله يسوع عن ركبتيه‪،‬‬
‫الصيب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ويَ َنهض ليذهب إىل الغرفة الصغرية اجملاورة‪ ،‬وقد تَب َعه اجلميع‪ .‬ويف اآلخر تَصل مرمي ُممسكة بيد ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 702 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫حّت‬
‫"ابق يف السرير ّ‬
‫لك‪َ :‬‬‫قلت َ‬
‫بك اآلن‪ ،‬أان؟ لقد َعصيتَين‪ُ .‬‬
‫علي أن أفعل َ‬
‫وهي تلومه بتؤدة‪« :‬ماذا َّ‬
‫أنت قبل ذلك‪»...‬‬
‫أتيت َ‬
‫أعود"‪ ،‬و َ‬
‫استيقظت على صيحات يوحنّا‪ »...‬يقول مرغزايم معتذراً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫«لقد‬

‫عليك أن تعرف كيف تُطيع‪ .‬البقاء يف السرير طاملا املرء انئم ليس طاعة‬
‫«حينذاك ابلضبط كان َ‬
‫عليك أن تَع ِرف كيف تفعل ذلك عندما يكون له استحقاق‪ ،‬أل ّن ذلك كان‬ ‫وال استحقاق له‪ .‬كان َ‬
‫يصيبك‬
‫َ‬ ‫لك ب ُكلّيّته‪ ،‬ودون خوف ِمن أن‬ ‫لك يسوع‪ .‬وكان سيُصبِح َ‬‫كنت سأجلب َ‬
‫يتطلّب إرادة‪ُ .‬‬
‫أذى‪».‬‬

‫«مل أكن أَعلَم أ ّن الطقس ابرد إىل هذا احل ّد‪».‬‬

‫كنت أَعلَم‪ .‬إنّين حزينة لرؤييت ّإاي َك عاصياً‪».‬‬


‫« ّأما أان فقد ُ‬
‫ّنضت‪،‬‬ ‫كنت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫«ال‪ ،‬اي أ ُّمي‪ .‬يَزيد من أملي أن أراك هكذا‪ ...‬لو مل يكن األمر يتعلّق بيسوع ملا ُ‬
‫كنت نَسيتِين يف السرير دون طعام‪ ،‬اي أُمي اجلميلة‪ ،‬اي أُمي!‪ ...‬أعطيين قبلة‪ ،‬اي أُمي‪ِ .‬‬
‫أنت‬ ‫حّت ولو ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صيب مسكني!‪»...‬‬ ‫تعرفني أنّين ّ‬
‫حتمله مرمي بني ذراعيها وتُعانِقه‪ ،‬موقِفة بذلك الدموع املنهمرة على الوجه الصغري‪ُ ،‬معيدة إليه‬
‫االبتسامة مع الوعد‪« :‬لن أعصي ِ‬
‫لك أمراً أبداً‪ ،‬أبداً‪ ،‬مطلقاً!»‬

‫يف تلك األثناء يتح ّدث يسوع إىل التلميذين‪ .‬يَستَعلِم عن مدى تق ّدمهما يف احلكمة‪ ،‬وإذ‬
‫كل شيء ينجلي هلما بكالم مرمي‪ ،‬يقول‪« :‬أَعلَم‪ .‬احلكمة املشرقة بشكل فائق الطبيعة ِمن‬‫يقوالن إ ّن ّ‬
‫حّت ِمن قِبَل أصحاب أقسى القلوب‪ .‬ولكنّكما لستما‬ ‫هللا‪ ،‬عندما تَنطق هي هبا‪ ،‬تُصبِح نوراً مفهوماً ّ‬
‫قاسيَي القلب‪ ،‬وهلذا السبب‪ ،‬تستفيدان ِمن تعليمها ابلكامل‪».‬‬

‫أنت هنا‪ ،‬اي بين‪ .‬وتعود املعلّمة كي تُصبِح تلميذة‪».‬‬


‫«اآلن َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 703 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األايم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستستمرين يف كونك معلّمة‪ .‬سوف أستَمع إليك مثلهما‪ .‬فأان يف هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫«آه! ال! بل‬
‫كرك‪ ،‬و ّأول‬ ‫أنت كذلك منذ اآلن‪ :‬أان‪ ،‬بِ ِ‬ ‫"االبن" فقط‪ .‬ليس أكثر‪ .‬ستكونني أُم ومعلّمة املسيحيني‪ِ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لك‪ ،‬هؤالء‪ ،‬ومعهم مسعان‪ ،‬عندما أييت‪ُ ،‬هم اآلخرون كذلك‪ ...‬هل تَـَرين‪ ،‬اي أ ُّمي؟ العا َمل هنا‪.‬‬ ‫تلميذ ِ‬
‫"املسيحي"؛ العا َمل‪ ،‬عا َمل‬
‫ّ‬ ‫حّت أبنّه سيكون‬
‫ائيلي الصغري الذي ال ينتبه إىل ذاته ّ‬
‫عا َمل الغد يف اإلسر ّ‬
‫رضعة‬ ‫إليك‪ ،‬أيتها امل ِ‬
‫إسرائيل العتيق يف الغيور؛ البشرية يف يوحنّا‪ ،‬الوثنيون يف سينتيكا‪ .‬وكلّهم أيتون ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بك‬ ‫الق ّديسة اليت متنح حليب احلكمة واحلياة للعامل والدهور‪ .‬كم ِمن األفواه ر ِغبت أبن تنهل ِمن حلي ِ‬
‫ََ‬
‫أحشائك اخلصيبة‬‫ِ‬ ‫ذاك! وكم منها ستفعل ذلك يف املستقبل! األحبار واألنبياء اتقوا ِ‬
‫إليك‪ ،‬أل ّن من‬
‫ِ‬
‫يطلبونك لينالوا الغفران‪ ،‬ليتث ّقفوا‪ ،‬وليحصلوا على‬ ‫كان ينبغي أن أييت غذاء اإلنسان‪ .‬وأتباعي سوف‬
‫احلب مثل مرغزايم‪ .‬وطوىب ملن يفعل ذلك! إذ لن يكون ممكناً الثَّبات يف املسيح إن مل تستم ّد‬ ‫احلماية و ّ‬
‫األم املمتلئة نعمة‪».‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫النعمة ّقوهتا من عونك‪ ،‬أيّتها ّ‬
‫أتجج وجهها‪ ،‬أثناء مديح ابنها هلا‪ .‬وردة رائعة اجلمال‬
‫تبدو مرمي كوردة يف ثوهبا القامت‪ ،‬لش ّدة ّ‬
‫يف ثوب متواضع ِمن الصوف البُ ّين…‬

‫دخل‪َ ،‬جاعةً‪ ،‬مرمي اليت حللفا ويعقوب ويوضاس‪ ،‬واألخريان َُي ِمالن ِجرار املاء‬ ‫قرع الباب ويَ ُ‬
‫يُ َ‬
‫ابين حلفا َجليّة‪،‬‬ ‫ة‬‫مود‬
‫ّ‬ ‫‪.‬‬‫ا‬
‫ً‬ ‫يب‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫واحلليب‪ .‬فَرحة اللقاء متبادلة‪ .‬وتزداد لدى معرفة أ ّن الغيور سوف ي ِ‬
‫ص‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الحظَت تلك الفرحة‪« :‬أ ُّماه‪ ،‬يف هذا‬ ‫حّت بدون اجلُّملة اليت أجاب هبا يوضاس على تعليق أ ُّمه اليت َ‬‫ّ‬
‫وح ِفظَها لنا‪ .‬ال ميكننا نسياّنا‪.‬‬ ‫مودة أب‪َ ،‬‬
‫البيت ابلذات‪ ،‬ويف ليلة حزينة ج ّداً ابلنسبة إلينا‪َ ،‬منَ َحنا ّ‬
‫فرحون بِلِقاء أب صاحل؟»‬ ‫أي أبناء ال يَ َ‬
‫فبالنسبة إلينا هو "األب"‪ .‬وحنن له "أبناء"‪ .‬و ّ‬
‫حّت يف أحزاّنا‪ ،‬تسأل‪« :‬وأين سينام؟ ليس‬ ‫ِ‬
‫وتتنهد‪ُ ...‬ثّ‪ ،‬وهي العمليّة ّ‬
‫تُف ّكر مرمي اليت حللفا ّ‬
‫لديكم مكان‪ .‬أ ِ‬
‫َرسلوه إىل بييت‪».‬‬

‫«ال‪ ،‬اي مرمي‪ ،‬بل سيبقى حتت سقفي‪ .‬وسوف نتدبّر األمر بسرعة‪ .‬سينتيكا تنام مع ّأمي‪ ،‬أان‬
‫وحّت ُيدر بنا هتيئة األمر يف احلال‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬
‫مع مرغزايم‪ ،‬مسعان يف املشغل‪ّ .‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 704 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫وخي ُرج الرجال إىل احلديقة مع سينتيكا‪ ،‬بينما مرمي ومرمي متضيان إىل املطبخ لتقوما مبهامهما‪.‬‬
‫َ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 705 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -171‬يسوع يُعلِّم مرغزايم)‬

‫‪1945 / 10 / 17‬‬

‫دخالن يف مركز الناصرة‪ ،‬بل‪ ،‬على العكس‪،‬‬ ‫َخيرج يسوع ِمن البيت ُمم ِ‬
‫الصيب بيده‪ .‬ال يَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ُ‬
‫مرة‪ ،‬مغادراً بيته إىل حياته العلنيّة‪،‬‬
‫ألول ّ‬
‫فإّنما يَسلُكان الطريق ذاهتا اليت َسلَ َكها يسوع عندما َخَر َج ّ‬
‫ّ‬
‫صالن إىل طالئع بساتني الزيتون‪ ،‬يرتكان الطريق الرئيسية لِيسلُكا دروابً بني األشجار‪ِ ،‬‬
‫ابحثَني‬ ‫وإذ ي ِ‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫لكن مرغزايم‬
‫الصيب إىل الركض والقفز‪ .‬و ّ‬ ‫عن الشمس اخلفيفة اليت َع َقبَت ّأايم العاصفة‪ .‬يسوع يدعو ّ‬
‫جانبك‪ .‬فأان اآلن كبري‪ ،‬وأان تلميذ‪».‬‬
‫َ‬ ‫ُُييب‪« :‬أ ِّ‬
‫ُفضل البقاء إىل‬

‫ابلسن واألهليّة‪ .‬حقاً إنّه ابلغ صغري يسري إىل جانبه‪ .‬ال‬
‫ّ‬ ‫اجلادة‬
‫يبتسم يسوع هلذه‪ ...‬اجملاهرة ّ‬
‫خاصة‬
‫أحد ُخي ّمن أ ّن عمره يَزيد عن العشر سنوات‪ ،‬ولكن ال ميكن ألحد القول إنّه ليس تلميذاً‪ّ ،‬‬
‫ك معي‬ ‫أتيت ب َ‬
‫ببقائك صامتاً بينما أان أُصلّي‪ .‬لقد ُ‬
‫َ‬ ‫يصيبك امللل‬
‫َ‬ ‫يسوع الذي يكتفي ابلقول‪« :‬سوف‬
‫لتتسلّى‪».‬‬

‫إليك كثرياً يف‬


‫ت َ‬ ‫عزيين كثرياً‪ ...‬تُق ُ‬
‫جانبك يُ ّ‬
‫َ‬ ‫األايم‪ ...‬بينما البقاء إىل‬
‫«ال ميكنين اللهو يف هذه ّ‬
‫صمت عن الكالم‪.‬‬ ‫هذه اآلونة‪ ...‬أل ّن‪ ...‬أل ّن‪ »...‬يَ ّزم الصيب شفتيه املرّتفتني‪ ،‬ويَ ُ‬
‫ضع يسوع يده على رأسه فائالً‪« :‬الذي يؤمن بكالمي‪ ،‬عليه ّأال ُيزن مثل أولئك الذين ال‬ ‫يَ َ‬
‫حّت عندما أؤّكد أ ّن ال انفصال بني نفوس األبرار الذين يف أحضان‬ ‫يؤمنون‪ .‬أان أقول احلقيقة دائماً‪ّ .‬‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫ابراهيم‪ ،‬ونفوس األبرار الذين على األرض‪ .‬أان القيامة واحلياة اي مرغزايم‪ .‬وهذه احلياة‪ ،‬أُق ّدمها ّ‬
‫وإّنما كاان يطلبان‬
‫يتنهدان بعد َميء ماسيّا‪ّ ،‬‬ ‫أبويك كاان ّ‬
‫كنت تقول يل دائماً إ ّن َ‬ ‫قبل إمتام رساليت‪َ .‬‬
‫حّت يـََرايه‪ .‬إذن فَـ ُهما كاان يؤمنان يب‪ .‬وقد رقدا على هذا اإلميان‪ .‬ابلنتيجة قد‬ ‫ِ‬
‫من هللا أن مي ّد بعمرِها ّ‬
‫الرب‪ .‬فَ ِّكر‬ ‫ِ‬
‫وِها حيّان اآلن به‪ .‬ذلك أنّه إميان يَهب احلياة‪ ،‬وهو َمينَح العطش إىل ّ‬ ‫َخلصا به‪ ،‬وقد قاما ُ‬
‫املرات اليت قاوموا هبا التجارب‪ ،‬ليكونوا أهالً ملالقاة ال ُـمخلِّص‪»...‬‬
‫يف عدد ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 706 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫رب‪ ...‬وأبيّة طريقة ماتوا‪ ...‬لقد رأيتُهم‪ ،‬تَعلَم‪ ،‬عندما أخلوا‬
‫يروك‪ ،‬اي ّ‬‫«ولكنّهم ماتوا دون أن َ‬
‫يهمين إذا ما كانوا يقولون يل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كل موتى املدينة‪ ...‬أيب‪ّ ،‬أمي‪ ...‬إخويت الصغار‪ ...‬ماذا ّ‬ ‫األرض من ّ‬
‫"أهلك ليسوا كذلك‪ ،‬فَـ ُهم مل يتع ّذبوا"؟ آه! مل يتع ّذبوا! فاحلجارة اليت َس َقطَت فوقهم‪ ،‬إذن‪،‬‬
‫َ‬ ‫لتعزييت‪:‬‬
‫كرهم أمل يكن يتفاعل عندما كانوا يَشعُرون‬ ‫ِ‬
‫كانت ريشاً؟ الرتاب واملاء اللذان َخنَـ َقاِها كاان هواء؟ وف ُ‬
‫شور وهو واقف أمام يسوع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بِ ُدنو أَجلهم‪ ،‬وهم يف ِّ‬
‫الصيب كثرياً من األمل‪ .‬يَ ّ‬
‫ّ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬‫َ‬‫ط‬ ‫اض‬‫و‬ ‫»‬‫يب؟‪...‬‬ ‫رون‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ّ َ‬
‫بشكل ِشبه عدواينّ…‬

‫يتفهم ذلك األمل‪ ،‬وتلك احلاجة إىل الكالم‪ ،‬ويَ َدعهُ يتكلّم‪ .‬فيسوع ليس ِمن أولئك‬
‫لكن يسوع ّ‬
‫و ّ‬
‫حقيقي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الذين يقولون‪" :‬اصمت فإنّك تثري سخطي‪ ".‬للذين يهذون بسبب أمل‬

‫ص َل بعد ذلك! لو مل تكن‬ ‫أنت تَعلَم ماذا َح َ‬


‫ص َل بعد ذلك؟ َ‬ ‫الصيب‪« :‬وبعد؟ وماذا َح َ‬ ‫ّ‬ ‫يُتابِع‬
‫كنت سأمضي إىل‬ ‫أتيت أنت‪ ،‬لكنت أصبحت حيواانً برايً‪ ،‬أو كنت م ُّ ِ‬
‫ت مثل أفعى يف الغابة‪ .‬وملا ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ب هللا كما يف السابق‪ ،‬عندما‬ ‫ِ ِ‬
‫عدت ألُح ّ‬
‫كنت أكره دوراس‪ ،‬و‪ ...‬وما ُ‬ ‫أ ُّمي وأيب وإخويت الصغار‪ ،‬ألنّين ُ‬
‫كنت أكاد أح ُقد على العصافري اليت كانت‬
‫ب القريب‪ُ .‬‬ ‫كانت ّأمي ما تزال هنا لتحبّين‪ ،‬ولتجعلين أ ُِح ُّ‬
‫ممزق وال‬
‫عيد بناء أعشاشها‪ ،‬بينما أان جائع وثويب ّ‬ ‫وصلة (الشبعانة)‪ ،‬ومتلك ريشاً دافئاً‪ ،‬واليت تُ ُ‬ ‫متأل احلَ َ‬
‫كنت‬
‫ب العصافري‪ ،‬بسبب الغضب الذي كان ينتابين عندما ُ‬ ‫كنت أتصيّ ُدها‪ ،‬أان الذي أ ُِح ُّ‬
‫بيت يل‪ُ ...‬‬
‫أستحق جهنّم‪»...‬‬
‫شريراً و ّ‬ ‫كنت ّ‬
‫كنت أتنبّه إىل أنّين ُ‬
‫كنت أبكي‪ ،‬ألنّين ُ‬ ‫أُقا ِرن نفسي هبا‪ ،‬وبعد ذلك ُ‬
‫شريراً؟»‬
‫لكونك ّ‬
‫َ‬ ‫كنت تندم إذن‬
‫«آه! َ‬

‫رب‪ .‬ولكن كيف العمل ألكون صاحلاً؟ ج ّدي كان كذلك‪ ،‬ولكنّه كان يقول‪" :‬قريباً‬ ‫«نعم‪ ،‬اي ّ‬
‫علي االنتظار للتم ّكن من العمل‬
‫كل شيء‪ .‬إنّين عجوز‪ "...‬إّّنا أان‪ ،‬فلم أكن عجوزاً! كم َسنة ّ‬
‫سينتهي ّ‬
‫أنت‪».‬‬
‫كنت سأصبح سارقاً‪ ،‬لو مل أتت َ‬
‫متشرد؟ ُ‬ ‫واألكل كإنسان‪ ،‬وليس ككلب ّ‬
‫ك؟ وهذا‬
‫أتيت وأخذتُ َ‬ ‫ك كانت تُصلّي ِمن َ‬
‫أجلك‪ .‬أترى أنّين ُ‬ ‫«مل تكن لتصبح كذلك‪ ،‬أل ّن ّأم َ‬
‫عليك‪».‬‬
‫سهر َ‬ ‫ك تَ َ‬
‫ك‪ ،‬وكانت ّأم َ‬ ‫يربهن على أ ّن هللا كان ُيبّ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 707 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صيب ويُف ّكر‪ .‬يبدو وكأنّه يَطلُب نوراً ِمن األرض اليت يدوسها‪ ،‬لكثرة ما كان يَنظُر‬
‫يَصمت ال ّ‬
‫أصهب قليالً‪ ،‬بسبب الريح الشماليّة اليت‬‫إليها وهو يسري إىل جانب يسوع على العشب الذي أصبَ َح َ‬
‫األايم السابقة‪ُ .‬ثّ يرفع رأسه سائالً‪« :‬ولكن أمل يكن الربهان أَجل لو مل يَ َدع أ ُّمي متوت؟»‬
‫َهبَّت يف ّ‬
‫شرح ِجب ّديّة وطيبة‪« :‬اي مرغزايم‪،‬‬
‫البشري لذلك العقل الصغري‪ .‬ولكنّه يَ َ‬
‫ّ‬ ‫يبتسم يسوع للمنطق‬
‫حتب العصافري‪ ،‬أليس كذلك؟ اآلن امسعين‬ ‫ك ّ‬ ‫قلت يل إنّ َ‬
‫أجعلك تُدرك األمور بواسطة مقارنة‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫سوف‬
‫وضع يف قفص؟»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قليالً‪ .‬هل ُجعلَت العصافري لتَطري أم لتُ َ‬
‫«لتطري‪».‬‬

‫«حسناً‪ .‬و ّأمهات العصافري‪ ،‬كيف تعمل لِتُطعمها وهي صغرية؟»‬

‫«تُعطيها الزقّة‪( .‬ما ُيمله العصفور يف منقاره لِيُطعم به فراخه)»‬

‫«نعم‪ ،‬ولكن مباذا؟»‬

‫«حببوب‪ ،‬بذابب‪ ،‬بيسروع‪ ،‬بكسر خبز أو نـُتَف ِمن فاكهة َِّتدها هنا وهناك أثناء طرياّنا‪».‬‬

‫وجدت يف هذا الربّيع عشاً على األرض فيه فراخ وأ ُّمها‪ ،‬فماذا‬
‫َ‬ ‫«حسناً ج ّداً‪ .‬امسع اآلن‪ .‬لو‬
‫تفعل؟»‬

‫آخذها‪».‬‬
‫« ُ‬
‫«َجيعها؟ مبا فيها األ ُّم؟»‬

‫«َجيعها‪ ،‬فإنّه بَ ِشع ج ّداً أن يكون هناك صغار بدون أ ُّم‪».‬‬

‫كرسة‬
‫األم ُحّرة‪ ،‬فهي ُم َّ‬
‫«يف احلقيقة‪ ،‬قيل يف تثنية االشرتاع أن يؤخذ الصغار فقط وتُرتك ّ‬
‫للتكاثُر‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 708 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األم صاحلة فال تذهب‪ ،‬بل َهتَرع إىل حيث ُهم صغارها‪ .‬هكذا كانت أ ُّمي‬
‫«إّّنا لو كانت ّ‬
‫أنت‪ ،‬ذلك‬‫لك َ‬ ‫حّت َ‬
‫عين أبداً حّت ولو كان ذلك ألجل خري يل‪ ،‬وال ّ‬ ‫لَتَفعل‪ .‬فهي مل تكن لَتتخلّى ّ‬
‫مين‬
‫كنت ما أزال طفالً‪ .‬وأيضاً مل تكن لتستطيع اجمليء معي‪ ،‬أل ّن إخويت الصغار كانوا أصغر ّ‬
‫أنّين ُ‬
‫بعد‪ .‬لذلك فهي مل تكن لِتَ َدعين أمضي‪».‬‬

‫لتحب أ ُّم العصافري والعصافري أنفسهم أكثر لو‬


‫ّ‬ ‫كنت‬
‫أيك‪ ،‬هل َ‬‫«حسناً‪ .‬ولكن امسع‪ :‬حسب ر َ‬
‫تركت ابب القفص مفتوحاً لذهاب األم وَميئها ِ‬
‫حاملة هلا الطعام املناسب‪ ،‬أم لو أبقيتَها أسرية؟»‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حيب هلا‬
‫حّت يكرب صغارها‪ ...‬ويكون ّ‬ ‫حيب هلا أكثر لو تركتُها تروح وّتيء ّ‬‫«هيه!‪ ...‬يكون ّ‬
‫اتماً‪ ،‬إذا ما تركتُها ُحّرة حينما يكرب صغارها‪ ،‬ذلك أ ّن العصفور ُخلِق ليطري‪ ...‬يف احلقيقة‪ ...‬لكي‬
‫ّ‬
‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫احلريّة‪ ...‬وذلك يكون ّ‬ ‫ُعيدها إىل ّ‬
‫علي ترك الفراخ تطري حاملا تَكرب‪ ،‬فأ ُ‬
‫أكون صاحلاً متاماً‪َّ ،‬‬
‫فعلت غري إفساح‬
‫الذي أ ُكنُّه هلا‪ ،‬واألكثر استقامة‪ ...‬هيه! نعم! األكثر استقامة‪ ،‬إذ ال أكون قد ُ‬
‫اجملال ملا أراده هللا أن يتح ّقق يف العصافري‪»...‬‬

‫دك‪ ،‬والذي‬
‫مت كحكيم‪ .‬ستكون معلّماً عظيماً لسيّ َ‬
‫فوك‪ ،‬اي مرغزايم! ح ّقاً لقد تكلّ َ‬
‫ض َ‬ ‫«ال فُ َّ‬
‫ك تتكلّم حبكمة!»‬‫يسمعك سيؤمن مبا تقول ألنّ َ‬
‫َ‬ ‫سوف‬

‫متجهماً بسبب‬
‫«ح ّقاً اي يسوع؟» والوجه الصغري الذي كان يف البدء مضطرابً وحزيناً‪ُ ،‬ثّ أصبَ َح ّ‬
‫للحكم فيما كان األفضل‪ ،‬تنفرج أساريره‪ ،‬ويُش ِرق يف هبجة‬
‫التفكري‪ ،‬غامضاً بسبب اجملهود املبذول ُ‬
‫ذلك املديح‪.‬‬

‫ك َولَد شاطر‪َ ،‬حت ُكم هكذا‪ .‬فَ ِّكر كيف سيحكم هللا‪،‬‬
‫أنت‪ ،‬فقط ألنّ َ‬
‫«ح ّقاً‪ .‬اآلن انظر قليالً! َ‬
‫احلقيقي‪ .‬النُّفوس هي كالعصافري اليت َأيسرها‬
‫ّ‬ ‫خيص النُّفوس وخريها‬
‫كل شيء‪ ،‬يف ما ّ‬ ‫وهو الكمال يف ّ‬
‫احلريّة يف السماء؛‬
‫اجلسد يف قفصه‪ .‬األرض هي املكان الذي أتت إليه يف القفص‪ .‬ولكنّها تتوق إىل ّ‬
‫بشري‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ب ّ‬ ‫التأمل يف هللا‪ .‬ما من ُح ّ‬
‫صنَـ َعته هي‪ ،‬والذي هو ّ‬ ‫إىل الشمس اليت هي هللا؛ إىل الغذاء الذي َ‬
‫ابلقوة اليت ّتعله قادراً على‬
‫ألمهم‪ ،‬ميكنه أن يكون ّ‬ ‫ب األوالد ّ‬ ‫األم املق ّدس ألوالدها‪ ،‬أو ُح ّ‬
‫ب ّ‬ ‫حّت ُح ّ‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 709 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الحتاد أبصلها الذي هو هللا‪ .‬وهكذا‪ ،‬كما أ ّن هللا‪ ،‬بسبب حبّه الكامل لنا‪،‬‬ ‫َخنق رغبة النُّفوس تلك اب ّ‬
‫االحتاد ابلنَّفس اليت تتوق إليه‪ .‬حينئذ‪ ،‬ماذا ُيصل؟ أحياانً‬‫قوي لتجاوز رغبته يف ّ‬ ‫ِ‬
‫أي سبب ّ‬ ‫ال َُيد ّ‬
‫األم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حّت ولو كان هناك أوالد حول ّ‬ ‫أحررك"‪ .‬ويقول ذلك ّ‬ ‫ُيبّها لدرجة أن يقول هلا‪" :‬تعايل! إنّين ّ‬
‫فعل‪ .‬عندما ُُيِّرر نفساً ‪-‬هذا ليس بديهيّا‬
‫كل ما يَ َ‬
‫كل شيء‪ .‬هو ُُييد ّ‬
‫ِ‬
‫كل شيء‪ .‬هو يَعرف ّ‬ ‫هو يـََرى ّ‬
‫فعل ذلك دائماً خلري أعظم‪ ،‬للنَّفس ذاهتا وللمتّحدين‬‫النسيب‪ -‬عندما ُُيِّرر نفساً‪ ،‬يَ َ‬
‫ّ‬ ‫العقل‬
‫للناس ذوي َ‬
‫هبا‪.‬‬

‫مهام املالك احلارس مهمة‬


‫مرات سابقة‪ ،‬يُضيف إىل ّ‬ ‫لك ذلك يف ّ‬‫قلت َ‬
‫هو‪ ،‬حينذاك‪ ،‬وقد ُ‬
‫كل األعباء البشريّة‪ ،‬أهلها الذين حتبّهم يف‬ ‫ِ‬
‫متحرراً من ّ‬
‫حتب‪ ،‬حبّاً ّ‬
‫العناية ابلنَّفس اليت دعاها إليه‪ ،‬واليت ّ‬
‫يتوىل العناية ابحتياجات الذين بقوا‪ .‬أمل يفعل ذلك‬ ‫هللا‪ .‬عندما ُُيِّرر نفساً‪ّ ،‬‬
‫يهتم إبُياد البديل الذي ّ‬
‫املستقبلي؟»‬ ‫ين‬ ‫معك؟ أمل ُيعل منك‪ ،‬وأنت ابن إسرائيل الصغري‪ ،‬تلميذي‪ِ ،‬‬
‫كاه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«بلى اي سيّدي‪».‬‬

‫أنت‪ ،‬لو كانت‬ ‫اتك‪ّ .‬أما َ‬


‫ُحررها أان‪ ،‬ولن تكون يف حاجة إىل صلو َ‬ ‫ك سوف أ ّ‬ ‫فَ ِّكر اآلن قليالً‪ّ .‬أم َ‬
‫كنت تستطيع توفريها هلا ككاهن؟ فَ ِّكر‪ :‬مل يكن‬
‫ماتت بعد الفداء‪ ،‬واحتاجت إىل صلوات‪ ،‬هل َ‬
‫ابستطاعتك أن تفعل شيئاً غري دفع مصاريف تقدمة لكاهن من اهليكل‪ ،‬ليق ّدم ِمن أجلها ذابئح‪،‬‬ ‫َ‬
‫الصيب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بقيت أيّوب ّ‬ ‫كنت َ‬‫َكحمالن على سبيل املثال‪ ،‬أو طيور محام‪ ،‬أو من نتاج األرض‪ .‬هذا فقط لو َ‬
‫نك أن تُق ِّدم‬
‫كنك‪ ،‬على العكس‪ ،‬ميك َ‬
‫ِ‬
‫أنت مرغزايم‪ ،‬كاهن املسيح‪ ،‬مي َ‬ ‫ك‪ .‬بينما و َ‬ ‫يفي الصغري قرب ّأم َ‬ ‫الر ّ‬
‫كل الغفراانت!»‬ ‫ح‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫مت‬
‫ُ‬ ‫ابمسها‬ ‫اليت‬ ‫الكاملة‬ ‫ة‬ ‫احلقيقي‬ ‫الذبيحة‬ ‫أجلها‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«أولن أستطيع فعل ذلك؟»‬

‫وتالميذك‪ .‬أليس‬
‫َ‬ ‫أصدقائك‬
‫َ‬ ‫ميكنك ذلك ِمن أجل‬
‫َ‬ ‫وإخوتك‪ ،‬ال‪ .‬إّّنا‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫« ِمن أجل َ‬
‫أبيك و ّأم َ‬
‫كل ذلك؟»‬
‫َجيالً ّ‬
‫«نعم اي سيّدي‪».‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 710 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«إذن‪ ،‬هيّا بنا نعود إىل البيت‪ ،‬مستعيدين الصفاء‪».‬‬

‫أدعك تُصلّي!‪ ...‬وهذا يُك ّدرين‪»...‬‬


‫«نعم‪ ...‬ولكنّين مل َ‬
‫كل ذلك صالة هو‪ .‬وقد‬‫وأتملنا هللا يف صالحاته‪ّ ...‬‬
‫أتملنا يف احلقيقة‪َّ ،‬‬ ‫«ولكنّنا صلّينا! لقد َّ‬
‫حقيقي‪ .‬هيّا بنا! ولنُرتّل اآلن مزمور تسبيح َجيل‪ ،‬للفرح الذي فينا‪».‬‬
‫ّ‬ ‫فعلت ذلك كبالغ‬
‫َ‬
‫الفض ّي إىل صوت يسوع‬
‫ويضم مرغزايم صوته ّ‬ ‫»‬‫…"‬ ‫َجيل‬ ‫نشيد‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫خ‬ ‫قليب‬ ‫ن‬ ‫نشد‪ِ "« :‬‬
‫م‬ ‫وي ِ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الذهيب‪.‬‬
‫الربونزي و ّ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 711 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪َ( -172‬سعان الغيور يف الناصرة)‬

‫‪1945 / 10 / 18‬‬

‫األول (ديسمرب) يَهبط الظالم بسرعة‪ ،‬وتُضاء القناديل ابكراً‪ ،‬وّتتمع العائلة يف غرفة‬‫يف كانون ّ‬
‫واحدة‪ .‬كذلك هو األمر يف بيت الناصرة الصغري‪ ،‬وبينما املرأاتن تعمالن‪ ،‬الواحدة تَنسج على النول‬
‫األندوري‪ ،‬ويتح ّدث معه هبدوء‪ ،‬بينما يُنهي‬
‫ّ‬ ‫واألخرى يف اخلياطة‪َُ ،‬يلِس يسوع إىل الطاولة مع يوحنّا‬
‫موضوعني على األرض‪.‬‬
‫َ‬ ‫صقل صندوقَني‬ ‫مرغزايم َ‬
‫لم َسه‪،‬‬
‫ض واحنىن على اخلشب وتَ َّ‬ ‫يست ِ‬
‫حّت إ ّن يسوع‪ ،‬بعد أن َّنَ َ‬
‫كل قوته‪ّ ،‬‬ ‫الصيب يف ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫خد‬ ‫َ َ‬
‫كل األدوات‬ ‫ِ‬
‫لمعه غداً‪ .‬اآلن َرتّب ّ‬
‫صقله جيّداً‪ ،‬وميكننا أن نُ ّ‬ ‫يقول له‪« :‬هذا يكفي اآلن‪ .‬لقد أصبَ َح َ‬
‫الصقل‪ :‬مسواط قاس وقد ثـُبِّت عليه جلد‬ ‫كي نعمل غداً أيضاً‪ ».‬وبينما َخي ُرج مرغزايم ومعه أدوات َّ‬
‫َمسَك خشن‪ ،‬يقوم مقام ورق الزجاج يف ّأايمنا‪ ،‬وأدوات تُشبِه السكاكني‪ ،‬إّّنا ابلتأكيد ليست ِمن‬
‫خدم يف العمل ذاته؛ َُي ِمل يسوع بني ذراعيه القويّتني أحد الصندوقني‬ ‫الفوالذ‪ ،‬واليت هي أيضاً تُستَ َ‬
‫مارسوا العمل ابلتأكيد‪ ،‬نظراً لوجود نشارة وشظااي خشبيّة قرب إحدى‬ ‫وأيخذه إىل ال َـمشغَل‪ ،‬حيث َ‬‫ُ‬
‫الطاوالت املوضوعة يف منتصف الغرفة‪ .‬يُعيد مرغزايم األدوات إىل أمكنتها على احلو ِامل‪ ،‬وهو اآلن‬
‫األندوري فَضَّل أن يفعل ذلك‬ ‫لم النّشارة‪ ،‬ولكن يوحنّا‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫يُلملم الشظااي لريميها يف النار‪ ،‬وأراد أن يَ ّ‬
‫بنفسه‪.‬‬

‫ويهم‬
‫األول‪ّ .‬‬ ‫ضعه جبانب ّ‬ ‫كل شيء كان يف مكانه‪ ،‬حينما عاد يسوع ابلصندوق الثاين الذي يَ َ‬ ‫ّ‬
‫األجش ير ّن يف حتيّة‬
‫ّ‬ ‫سمع طَرق على ابب البيت‪ ،‬يليه مباشرة صوت الغيور‬ ‫الثالثة ابخلروج‪ ،‬حني يُ َ‬
‫ِ‬
‫طيبتك اليت تسمح يل ابإلقامة حتت‬ ‫باركة هي‬ ‫ِ‬
‫وم َ‬‫ريب‪ُ ،‬‬
‫موجهة إىل مرمي‪« :‬السالم لك‪ ،‬اي أُم ّ‬
‫عميقة َّ‬
‫ِ‬
‫سقفك‪».‬‬

‫ص َل مسعان‪ .‬وسنعرف اآلن سبب التأخري‪ .‬هيّا بنا‪ »...‬يقول يسوع‪.‬‬


‫«لقد َو َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 712 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫صرة ضخمة ِمن على كتفيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرسول مع النساء‪ ،‬فيج ُدونَه يُنـ ِزل ّ‬
‫دخلون الغرفة الصغرية‪ ،‬حيث َّ‬
‫يَ ُ‬
‫لك اي مسعان‪»...‬‬
‫«السالم َ‬
‫كل شيء إبتقان‪»...‬‬
‫أجنزت ّ‬
‫رت‪ ،‬أليس كذلك؟ ولكنّين ُ‬
‫أتخ ُ‬
‫املبارك! لقد ّ‬
‫«آه! معلّمي َ‬
‫إعاانتك مفيدة ج ّداً‪ .‬فالعجوز‬
‫َ‬ ‫النجار‪.‬‬
‫مضيت إىل أرملة ّ‬
‫ُ‬ ‫يَتعانَقان‪ُ .‬ثّ يُتابِع مسعان عرضه‪« :‬لقد‬
‫مريضة ج ّداً‪ ،‬وابلتايل فقد زادت املصاريف‪ .‬النَّ ّجار الصغري يبذل جهده يف العمل أبشياء صغرية‪ ،‬على‬
‫مضيت إىل انرة ومسرية وسريا‪ .‬األخ يف ذروة‬ ‫ُ‬ ‫كك اجلميع‪ .‬بعد ذلك‬ ‫رك على الدوام‪ .‬يبار َ‬ ‫ق ّده‪ ،‬ويتذ ّك َ‬
‫خبزهن ُم ّبهراً ابلدموع والغفران‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهن ابلفعل كذلك‪ ،‬أيكلن‬‫هن يف سالم‪ ،‬كالق ّديسات‪ّ ،‬‬ ‫قسوته‪ .‬ولكنّ ّ‬
‫أخيهن القاسي‪.‬‬‫ّ‬ ‫إليك أن تُصلّي ِمن أجل هداية‬
‫هن يتوسلن َ‬ ‫املرسلة‪ ،‬ولكنّ ّ‬
‫كنك من أجل اإلعانة َ‬
‫يبار َ ِ‬
‫آمل أن‬ ‫طرباي من أجل املشرتايت‪ُ .‬‬‫ذهبت إىل ّ‬ ‫كك ِمن أجل َّ‬
‫الص َدقَة‪ .‬أخرياً ُ‬ ‫كذلك راشيل العجوز تبار َ‬
‫طرباي كان قد استبقاين بعض‬ ‫ِ‬
‫صنعاً‪ ،‬وميكن للنساء أن يُلقني عليها نظرة اآلن‪ ...‬يف ّ‬ ‫أحسنت ُ‬
‫ُ‬ ‫أكون قد‬
‫شئت! ولكنّه على‬ ‫مرسالك‪ .‬وقد احتَ َجزوين ثالثة ّأايم‪ ...‬آه! سجن ُم َذ ّهب إذا َ‬
‫َ‬ ‫الذين كانوا يظنّونين‬
‫صَرفتَنا‬
‫ك َ‬ ‫لت إنّ َ‬
‫لت احلقيقة حينما قُ ُ‬‫كل حال سجن‪ ...‬كانوا يريدون معرفة أمور كثرية‪ ...‬ولقد قُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ألّنم ذهبوا‬
‫بيتك بسبب الشتاء القاسي‪ ...‬وعندما اقتنعوا ّأّنا احلقيقة‪ّ ،‬‬ ‫جهتك‪ ،‬إىل َ‬‫َ‬ ‫َجيعاً‪ ،‬عائداً‪ِ ،‬من‬
‫حّت‬
‫ُيدوك‪ ،‬ومل يَعلَموا شيئاً أكثر مما قُلتُه هلم‪ ،‬تركوين أمضي‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫إىل بيت مسعان بن يوان وفليبّس ومل‬
‫أتخري‪».‬‬ ‫التذرع ابلطقس السيئ مل يكن ليُجدي نفعاً مع هذا الطقس اجلميل‪ .‬هذا هو سبب ّ‬ ‫ّ‬
‫أشكرك على كل شيء‪ ...‬اي أُمي‪ ،‬انظري ِ‬
‫أنت‬ ‫يهم‪ .‬لدينا الوقت الكايف لنمكث معاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫«ال ّ‬
‫وسينتيكا ماذا يف الصرة‪ ،‬وقويل يل إذا ما كان يكفي ملا هو معلوم ِ‬
‫لديك‪ »...‬وبينما تفتح املرأاتن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الصرة‪َُ ،‬يلس يسوع ليتح ّدث إىل مسعان‪.‬‬
‫ّ‬
‫فعلت اي معلّم؟»‬
‫أنت ماذا َ‬
‫«و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 713 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫قمت بنـزهة‪،‬‬
‫مفيدين‪ُ .‬‬
‫وألّنما سيكوانن َ‬
‫صنعت صندوقني‪ ،‬كي ال أبقى عاطالً عن العمل‪ّ ،‬‬
‫« ُ‬
‫استمتعت ببييت‪»...‬‬
‫ُ‬ ‫و‬

‫ُُي ِّدق فيه مسعان‪ ...‬ولكنّه ال يقول شيئاً‪.‬‬


‫صيحات تَـع ُّجب مرغزايم الذي يـرى ما َخيرج ِمن الصرة ِمن كتّان وصوف وأحذية و ِ‬
‫أوشحة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫وأح ِزمة‪َ ،‬ج َعلَت يسوع ورفيقيه يلتَ ِفتون‪.‬‬

‫كل‬ ‫ِ‬
‫كل شيء على ما يرام‪ ،‬ممتاز‪ .‬سنبدأ العمل حاالً‪ ،‬وسننتهي قريباً من خياطة ّ‬
‫تقول مرمي‪ّ « :‬‬
‫شيء‪».‬‬

‫أتتزوج‪ ،‬اي يسوع؟»‬


‫الصيب‪ّ « :‬‬
‫يَسأل ّ‬
‫يَضحك اجلميع‪ ،‬ويَسأل يسوع‪ِ « :‬من أين َ‬
‫لك هبذه الفكرة؟»‬

‫ومن الصندوقني اللذين صنعتَـ ُهما‪ .‬وِها ِمن أجل‬


‫« ِمن هذا اجلهاز الذي هو لرجل وامرأة‪ِ ،‬‬
‫عرفين عليها؟»‬
‫جهازك وجهاز العروس‪ .‬هل ستُ ّ‬
‫َ‬

‫تتعرف على عروسي؟»‬


‫«هل تريد ح ّقاً أن ّ‬
‫«آه! نعم! َمن يدري كم ستكون َجيلة وطيّبة! ما امسها؟‪»...‬‬

‫أنت‪ ،‬حيث كان امسك أيوب‪ُ ،‬ثّ أَصبَ َح مرغزايم‪».‬‬ ‫«هذا ِسّر حاليّاً‪ ،‬إذ هلا امسان‪َ ،‬‬
‫مثلك َ‬
‫«أال ميكنين معرفتهما؟»‬

‫«حاليّاً ‪ ،‬ال‪ .‬إّّنا سوف تعرفهما يوماً‪».‬‬


‫«هل ستدعوين إىل حفل ِ‬
‫القران؟»‬ ‫ََ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 714 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫املدعوين والشهود‪.‬‬
‫أدعوك إىل حفلة العرس‪ .‬سوف تكون أحد ّ‬
‫«لن تكون حفلة لألوالد‪ .‬سوف َ‬
‫يرضيك هذا؟»‬
‫َ‬ ‫هل‬

‫عد كم ِمن الوقت؟ أَبَ َ‬


‫عد َشهر؟»‬ ‫«ولكن بَ َ‬
‫«آه! أكثر بكثري!»‬

‫يديك؟»‬
‫لت إىل درجة إحداث دمامل يف َ‬ ‫ِ‬
‫«وإذن‪ ،‬ملاذا َعم َ‬
‫الصيب أ ّن البطالة مؤملة هي على‬ ‫«لقد َح َدثَت ال ّدمامل ألنّين مل أَعُد أعمل بيدي‪ .‬أترى أيّها ّ‬
‫ضاعف‪ ،‬ألنّه يُصبِح ُم َرهفاً ج ّداً‪ .‬فَ ِّكر! إذا‬
‫الدوام؟ عندما يعود املرء بعدئذ إىل العمل‪ ،‬يتأ ّمل بشكل ُم َ‬
‫اضطررت‬
‫ُ‬ ‫فأي أذى يُسبِّبه للنَّفس؟ هل ترى؟ أان‪ ،‬هذا املساء‪،‬‬ ‫كان هذا يؤذي اليدين هبذا الشكل‪ّ ،‬‬
‫كنت أأت ّمل لدرجة مل أعد معها أستطيع اإلمساك ابل ِـمربد‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫ِ‬
‫لك‪" :‬ساعدين"‪ ،‬ألنّين ُ‬ ‫للقول َ‬
‫حّت أربع عشرة ساعة يوميّاً دون إحساس أبمل‪ .‬األمر ذاته ابلنسبة‬ ‫كنت فيه‪ ،‬منذ سنتني فقط‪ ،‬أعمل ّ‬ ‫ُ‬
‫إىل الذي يَفرت يف الصالة ويف إرادته‪ .‬إنّه يُصبِح خامالً ويَضعف‪ .‬يَ َتعب ِمن أبسط األمور‪ .‬وأبسهل‬
‫نجز األعمال الصاحلة اليت‬ ‫ما ميكن ُترتقه مسوم األمراض الروحية‪ .‬وابملقابل فإنّه‪ ،‬بصعوبة مضاعفة‪ ،‬ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ّ‬
‫متمرساً‪ .‬آه! ُيب عدم البقاء عاطالً عن العمل‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫ِ‬
‫مل يكن َُيد يف إجنازها أيّة صعوبة‪ ،‬ألنّه كان ّ‬
‫متر هذه املرحلة‪ ،‬أُعا ِود العمل أبكثر نشاطاً"! ال ينجح املرء يف ذلك أبداً‪ ،‬أو ابألحرى سيكون‬ ‫"حاملا ّ‬
‫يف ذلك تَـ َعب هائل‪».‬‬

‫ك مل تتكاسل أبداً!»‬
‫«ولكنّ َ‬

‫كنت أقوم بعمل آخر‪ .‬إّّنا ترى أن تَـ َعطُّل ّ‬


‫يدي عن العمل كان مؤذايً هلما‪ ».‬ويُريه‬ ‫«ال‪ ،‬بل ُ‬
‫يسوع َك َّفيه ال ُـم َ‬
‫حمّرين مع دمامل هنا وهناك‪.‬‬

‫احلب يشفي‪».‬‬ ‫يُقبِّلهما مرغزايم قائالً‪« :‬كانت ّأمي تفعل هذا عندما ُ‬
‫كنت أأت ّمل‪ ،‬أل ّن ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 715 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب يشفي ِمن أشياء كثرية‪ ...‬حسناً‪ ...‬تعال اي مسعان‪ .‬سوف تنام يف مشغل‬
‫«نعم‪ ،‬إ ّن ّ‬
‫ثيابك و‪»...‬‬
‫ميكنك أن تضع َ‬‫َ‬ ‫يك أين‬
‫النجارة‪ .‬فتعال إذن ألر َ‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫َخي ُرجان‪ ،‬وينتهي ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 716 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -173‬أُمسية يف بيت الناصرة)‬

‫‪1945 / 10 / 19‬‬

‫نول النسيج ُمتوقِّف عن العمل‪ ،‬ذلك أ ّن مرمي وسينتيكا ُتيطان األقمشة اليت َجلَبَها الغيور‪.‬‬
‫ومن حني‬ ‫فصلة‪ ،‬تُطوى وتُرتَّب فوق بعضها على الطاولة حبسب اللون‪ِ ،‬‬ ‫قِطَع الثياب اليت أصبَ َحت ُم َّ‬
‫سرجها (ّتمعها معاً بِغَُرز مؤقتة) على الطاولة‪ ،‬مما َدفَ َع الرجال‬
‫إىل حني‪ ،‬أتخذ النسوة منها قطعة‪ ،‬وتُ ِّ‬
‫كرتثوا يف ذلك لِ َع َمل النّسوة‪ .‬وهناك‬
‫الركن‪ ،‬حيث النول املتوقّف عن العمل‪ ،‬إّّنا ِمن غري أن يَ َِ‬ ‫إىل ُّ‬
‫الرسوالن يوضاس ويعقوب ابنا حلفا‪ ،‬اللذان يَنظُران ِمن جهتهما إىل العمل النسائي دون طرح‬ ‫كذلك َّ‬
‫ظين‪ ،‬ليس دون فضول‪.‬‬ ‫أسئلة‪ ،‬إّّنا‪ ،‬حسب ّ‬

‫حّت الباب‪ُ ،‬ثّ‬ ‫قهما ّ‬‫ابنا العم يتح ّداثن عن أخويهما‪ ،‬وبشكل خاص عن مسعان الذي رافَ ُ‬
‫وصرامة‬ ‫مضى‪« ،‬أل ّن له ولَداً يتأ ّمل»‪ ،‬يقول يعقوب لِيل ِطّف اخلرب َِ‬
‫وُيد عذراً ألخيه‪ .‬يوضاس أكثر ج ّديّة َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كل الناصريّني‪،‬‬ ‫مثل‬ ‫ابلغباء‪.‬‬ ‫ُصيب‬ ‫أ‬ ‫قد‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫أيض‬ ‫هو‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫يبدو‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫أتى‪،‬‬ ‫ابلتحديد‬ ‫هذا‬ ‫أجل‬ ‫ن‬ ‫ويقول‪ِ « :‬‬
‫م‬
‫ّ‬
‫ومن يدري أين ُهم اآلن‪ ،‬ميكن إدراك أ ّن ما ِمن‬ ‫كل حال‪ ،‬لو وضعنا حلفا والتلميذين جانباً‪َ ،‬‬ ‫على ّ‬
‫قززاً يف مدينتنا‪»...‬‬‫الصالح أبكمله‪ ،‬وكأن له طعماً ُم ّ‬‫شيء آخر صاحل يف الناصرة‪ .‬فلقد انتُ ِزع ّ‬
‫روحك‪ ...‬اخلطأ ليس خطأهم‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫سمم‬
‫َ‬ ‫«ال تتكلّم هكذا‪ ».‬يرجوه يسوع‪« .‬ال تُ ّ‬
‫«خطأ َمن هو إذن؟»‬

‫دوة‪ .‬فاألطفال‪»...‬‬
‫لكن الناصرة ليست كلّها َع ّ‬
‫«أمور كثرية‪ ...‬ال َمال لبحثها‪ .‬و ّ‬
‫ألّنم أطفال‪».‬‬
‫«هذا ّ‬

‫«والنّسوة‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 717 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ألّن ّن نسوة‪ .‬إّّنا ليس األطفال والنّسوة ُهم َمن يُثبّتون ِم َ‬
‫لكك‪».‬‬ ‫« ّ‬

‫ك لَ َعلى خطأ‪ .‬فأطفال اليوم ُهم ابلضبط َمن سيكونون تالميذ الغد‪ُ ،‬هم‬
‫«ملاذا اي يوضاس؟ إنّ َ‬
‫ميكنهن فِعل ذلك؟»‬
‫ّ‬ ‫كل األرض‪ .‬والنّسوة‪ ،‬ملاذا ال‬
‫نشرون امللكوت على ّ‬ ‫َمن َسيَ ُ‬
‫ميكنهن القيام به هو أن يَ ُك َّن‬
‫ّ‬ ‫ميكنك أن ّتعل ِمن النساء رسوالت‪ُ .‬ج ّل ما‬
‫َ‬ ‫«ابلطبع ال‬
‫قلت‪ ،‬ملساعدة التالميذ‪».‬‬
‫تلميذات‪ ،‬كما َ‬
‫علك‬
‫حّت أن أج َ‬ ‫أيك يف أمور كثرية‪ ،‬يف املستقبل‪ ،‬اي أخي‪ .‬إّّنا أان‪ ،‬فلن أُحاول ّ‬ ‫غري ر َ‬
‫«سوف تُ ّ‬
‫اصطدمت مبنطق َورثتَه عن أجيال ِمن األفكار واألحكام املسبقة واخلاطئة عن املرأة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أيك‪ .‬لقد‬
‫غري ر َ‬‫تُ ّ‬
‫الحظ بنفسك االختالفات اليت تراها بني النساء التلميذات والتالميذ‪ ،‬وأن‬ ‫أرجوك فقط أن تَنظُر وتُ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أردت‪ ،‬اليت كانت أوىل‬ ‫ك‪ ،‬لو َ‬ ‫تجرد كيف يَستَجنب لتعاليمي‪ .‬وسوف ترى‪ ،‬بدءاً ِمن أ ُّم َ‬ ‫الحظ ب ُّ‬‫تُ ِ‬
‫وّتابِه بشجاعة بَلدة َهتَزأ منها ّ‬
‫ألّنا وفيّة‬ ‫النساء التلميذات يف ترتيب الزمن والبطولة‪ ،‬وما زالت كذلك‪ُ ،‬‬
‫حّت صوت دمها الذي ال يوفّر املالمات ألمانتها يل‪ ،‬وسرتى أ ّن النّسوة أفضل منكم‪».‬‬ ‫يل‪ُ ،‬مقا ِومة ّ‬
‫حّت النساء التلميذات‪ ،‬أين ُه ّن؟ بنات حلفا‪ ،‬أ ُّم‬
‫«أعرف ذلك‪ ،‬حقيقة‪ .‬إّّنا يف الناصرة‪ّ ،‬‬
‫كل هذا‪».‬‬
‫أود ّأال أعود إىل الناصرة كي ال أرى ّ‬
‫امساعيل وأ ُّم آسر وأخواهتما‪ .‬فقط‪ .‬قليالت ج ّداً‪ُّ .‬‬

‫«اي لأل ُّم املسكينة! قد تُسبِّب هلا أملاً كبرياً‪ ».‬تقول مرمي يف مداخلة هلا يف احلوار‪.‬‬

‫أخ َوينا مع يسوع ومعنا‪.‬‬


‫التوصل إىل مصاحلة َ‬
‫«صحيح‪ ».‬يقول يعقوب‪ّ « .‬إّنا أتمل كثرياً يف ّ‬
‫ك‬
‫حّت اآلن أعطيتُ َ‬‫نتوصل إىل ذلك ببقائنا بعيدين‪ّ .‬‬ ‫تتمىن سوى هذا‪ .‬ولكنّنا ابلتأكيد لن ّ‬ ‫أظنُّها ال ّ‬
‫التقرب ِمن هذا وذاك‪ ...‬ألنّه إن كان علينا أن نُ ِّ‬
‫بشر‬ ‫أود اخلروج و ُّ‬
‫احلق ابلبقاء يف عُزلة‪ ،‬إّّنا منذ الغد‪ُّ ،‬‬
‫ّ‬
‫بشر مدينتنا؟ أان أرفُض االعتقاد أب ّّنا سيّئة كلّها‪ ،‬ومستحيلة ِهدايتها‪».‬‬
‫حّت الوثنيّني‪ ،‬فلماذا ال نُ ِّ‬
‫ّ‬
‫جلي‪.‬‬ ‫بشكل‬ ‫ب‬‫يوضاس ت ّداوس ال يُعلِّق‪ ،‬ولكنّه ُمضطَ ِ‬
‫ر‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 718 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أود أبداً أن أزرع الشكوك‪.‬‬ ‫يتدخل‪« :‬أان ال ُّ‬ ‫ِ‬
‫مسعان الغيور الذي كان قد بَق َي صامتاً طوال الوقت‪ّ ،‬‬
‫وى‬ ‫إّّنا امسحوا يل‪ ،‬كي أُسري عن روحكم‪ ،‬أن أطرح عليكم سؤاالً‪ :‬هل أنتم على يقني أ ّن ما ِمن قِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫فاعل‪،‬‬‫غريبة قادمة ِمن مكان آخر‪ ،‬تُس ِهم يف تَعنُّت الناصرة‪ ،‬وهي قِوى يبدو ّأّنا تعمل هنا بشكل ِ‬
‫ً‬
‫املؤدية‬ ‫ِ‬
‫وتؤثّر على حقيقة ينبغي هلا‪ ،‬لو كنّا نُف ّكر بشكل عادل ومستقيم‪ ،‬أن تُق ّدم أقوى الضماانت ّ‬
‫لمهم املفرتض ابحلياة املثالية اليت عاشها يسوع‪ ،‬وهو ابن‬ ‫إىل اليقني أب ّن املعلّم هو ق ّديس هللا؟ حقيقة عِ ِ‬
‫سهل على الناصريّني تَقبُّله ابعتباره ماسيّا املوعود‪ .‬أان‪ ،‬أكثر‬ ‫الناصرة‪ ،‬وهي حقيقة كان ينبغي هلا أن تُ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناهى إىل أمساعنا‪،‬‬ ‫سين‪ ،‬يف الناصرة‪َ ،‬عرفنا‪ ،‬أقلَّه من خالل ما تَ َ‬ ‫منكم‪ ،‬ومعي كثريون ممَّن ُهم يف مثل ّ‬
‫كثريين ِممَّن ّادعوا أ ّّنم ماسيّا‪ .‬وإبمكاين أن أؤّكد لكم أب ّن أسلوب حياهتم اخلاصة كان قد أعاق‬
‫التصديق مبسيحانيتهم حّت ِمن قِبَل مؤيّديهم األكثر إخالصاً‪ .‬وروما كانت قد قمعتهم بشدة كما‬
‫توجهاهتم السياسية‪ ،‬اليت مل تكن روما لتسمح هبا يف مناطق نفوذها‪،‬‬ ‫غض النَّظَر عن ّ‬ ‫املتمردين‪ .‬إّّنا‪ ،‬بِ ّ‬
‫ّ‬
‫حنرضهم‬ ‫فإ ّن أولئك ال ُـمسحاء ال َك َذبَة كانوا قد استح ّقوا العقاب ألسباب خاصة كثرية‪ .‬وحنن بدوران كنّا ّ‬
‫ود أن نرى فيهم‬ ‫وندعمهم أل ّّنم كانوا مصدر تغذية الثورة ض ّد روما يف نفوسنا‪ .‬كنّا نناصرهم ألنّنا كنّا نَ ُّ‬
‫أظهَر املعلّم‬ ‫أن‬ ‫إىل‬ ‫وذلك‬ ‫اك‪.‬‬‫ر‬‫اإلد‬ ‫وقليلي‬ ‫الفهم‬ ‫وغليظي‬ ‫ر‬ ‫ص‬‫الب‬ ‫ليلي‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ّ‬‫ن‬‫ك‬ ‫نا‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫املوعود‪،‬‬ ‫ك‬ ‫الـملِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫كل هذا مل نكن لنؤمن كما كان ينبغي لنا أن نفعل‪ ،‬أي إمياانً كامالً‪.‬‬ ‫رغم‬ ‫سف‪،‬‬ ‫لأل‬‫و‬ ‫الء‪،‬‬ ‫جب‬‫احلقيقة ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫لك إسرائيل‪.‬‬ ‫فأولئك املسحاء الكذبة كانوا يعلِّلون نفوسنا اجملروحة آبمال التحرر الوطين واستعادة م ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫لك متزعزع وفاسد كان؟! ال‪ ،‬يف احلقيقة‪ ،‬إ ّن تَلقيب أولئك املسحاء‬ ‫ولكن‪ ،‬آه! اي للبؤس! أي م ٍ‬
‫ّ ُ‬
‫ومؤسسي الـم ْلك املوعود‪ ،‬كان حطّاً ِمن قَ ْدر ِ‬ ‫ِ‬
‫الفكرة املسيحانية‪ .‬بينما‬ ‫ُ‬ ‫ال َك َذبَة بِلَ َقب ملوك إسرائيل‪ّ ،‬‬
‫لدى املعلّم‪ ،‬فقد اقرتنت حياة القداسة بثبات املذهب‪ .‬والناصرة تعرفه أكثر ِمن أيّة مدينة أخرى‪ .‬وال‬
‫لكن‬ ‫ِ‬
‫حّت يف لوم َع َدم إميان الناصرة بوالدته الفائقة الطبيعة‪ ،‬اليت ُيهل الناصريّون حقيقتها‪ .‬و ّ‬ ‫أُف ّكر ّ‬
‫املدركة‪ ...‬ولكن ما‬ ‫غري‬ ‫املقاومة‬ ‫ن‬ ‫أسلوب حياته!‪ ...‬وبرغم ذلك‪ ،‬فاآلن هناك كثري ِمن احلقد‪ ،‬كثري ِ‬
‫م‬
‫َ‬
‫ضمرة؟ إنّنا‬ ‫م‬ ‫ة‬‫عدائي‬ ‫امل‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫خلفها‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫ميكن‬ ‫أال‬ ‫الشكل‪،‬‬ ‫هبذا‬ ‫رة‬ ‫ش‬‫عساي أقول! مقاومة منتَ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬
‫نعرف َمن ُهم أعداء يسوع‪ .‬ونعرف مراكزهم‪ .‬أتظنّوّنم سيكونون فقط هنا غري فاعلني وغائبني‪ ،‬فهم‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 719 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كأّنا ال ُـمذنب‬
‫خربوا عمل املسيح؟ ال تلوموا الناصرة و ّ‬ ‫ي‬‫إما يسبقوننا أو يرافقوننا أو يتبعوننا يف كل مكان لِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضلَّلَها أعداء يسوع‪».‬‬
‫الوحيد‪ .‬بل إّّنا ابكوا عليها‪ ،‬وقد َ‬
‫أحسنت قَوالً اي مسعان‪ .‬ابكوا عليها‪ »...‬يقول يسوع وهو حزين‪.‬‬
‫َ‬ ‫«‬

‫بقولك إ ّن العناصر املالئمة تصبح غري مالئمة‪ ،‬أل ّن‬


‫َ‬ ‫أحسنت كذلك‬
‫َ‬ ‫األندوري‪« :‬‬
‫ّ‬ ‫ويُعلِّق يوحنّا‬
‫األول هو الوالدة املتواضعة‪ ،‬الطفولة املتواضعة‪،‬‬
‫اإلنسان اندراً ما يكون عادالً يف تفكريه‪ .‬هنا‪ ،‬العائق ّ‬
‫نسى اإلنسان أ ّن القيمة احلقيقيّة ُتتفي حتت مظاهر‬‫املراهقة املتواضعة‪ ،‬وشباب يسوعنا املتواضع‪ .‬ويَ َ‬
‫بسيطة‪ ،‬بينما عدم الكفاءة تتن ّكر حتت مظاهر ذَوي ُسلطة‪ ،‬لِتَفرض ذاهتا على اجلموع‪».‬‬

‫اطين‪ .‬شيء قُلناه هلم‪ ،‬كان عليهم معرفة احلُكم‬


‫خيص مو َّ‬
‫يغري فكريت فيما ّ‬
‫«ممكن‪ ...‬إّّنا ال شيء ّ‬
‫مبوجب أعمال املعلّم احلقيقيّة‪ ،‬وليس حبسب أقوال ََمهولني‪».‬‬

‫تقصه العذراء شرائح لتصنع منها أردافاً‪.‬‬ ‫ص ْمت طويل‪ ،‬يقطعه فقط صوت الكتّان الذي ّ‬ ‫َ‬
‫ينم‬ ‫الذي‬ ‫مظهرها‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫دائم‬ ‫فظ‬‫سينتيكا مل تَنبس ببنت شفة‪ ،‬بينما هي متنبهة على الدوام‪ .‬فهي ُحتاِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصيب‪ ،‬وهو جالس‬ ‫ّ‬ ‫عن احرتام عميق‪ ،‬عن َحت ُّفظ ال يلني ّإال مع العذراء و ّ‬
‫الصيب‪ّ .‬أما اآلن فقد انم‬
‫قدمي سينتيكا‪ ،‬ورأسه ‪-‬ال ُـمستَنِد إىل ذراعه الذي ثناه‪ -‬على ركبتيها‪ّ .‬إّنا ال‬
‫ّ‬ ‫عند‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫متام‬ ‫د‪،‬‬ ‫قع‬
‫َ‬
‫على ِ‬
‫م‬
‫مرر هلا قِطَع القماش‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تتحرك‪ ،‬وتنتظر مرمي لتُ ّ‬‫ّ‬
‫«اي للنوم الربيء‪ ...‬إنّه يبتسم‪ »...‬تُعلِّق مرمي وهي تنحين على وجه النائم الصغري‪.‬‬

‫« َمن يدري مباذا َُيلُم؟» يقول مسعان مبتسماً‪.‬‬

‫ذكي ج ّداً‪ ».‬يقول يوحنّا‪« .‬يتعلّم بسرعة ويطلب تفسريات واضحة‪ .‬يطرح أسئلة‬ ‫«إنّه ولد ّ‬
‫كنت أرتَبِك أحياانً يف اإلجابة اليت َّ‬
‫علي‬ ‫كل شيء‪ .‬أَذ ُكر أنّين ُ‬
‫دقيقة ج ّداً ويريد إجاابت واضحة‪ .‬على ّ‬
‫أن أُعطيها‪ّ .‬إّنا مفاهيم تَفوق سنّه‪ ،‬وكذلك إمكانيّايت يف الشرح‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 720 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لديك تلميذان صعبان ج ّداً‪ ،‬يف ذلك‬ ‫«نعم! يف مثل هذا اليوم‪ ...‬هل تَذ ُكر اي يوحنّا؟ كان َ‬
‫وحت ِّدق ابلتلميذ بِنَظَرها العميق‪.‬‬
‫اليوم! وجاهالن ج ّداً!» تقول سينتيكا وهي تبتسم ابتسامة خفيفة ُ‬

‫يبتسم يوحنّا بدوره ويقول‪« :‬نعم‪َ .‬ولَ َديكما ُمعلِّم فاشل ج ّداً‪ ،‬الذي كان عليه استدعاء املعلّمة‬
‫أي ِمن ال ُكتُب الكثرية اليت قرأ ُهتا اإلجابة‬ ‫يف‬ ‫وجدت‬ ‫قد‬ ‫أكن‬ ‫مل‬ ‫ين‬‫ّ‬‫ن‬‫أ‬ ‫ذلك‬ ‫املعونة‪...‬‬ ‫له‬ ‫م‬ ‫احلقيقية لِتق ِّ‬
‫د‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ُ‬
‫درس ما أزال جاهالً‪».‬‬ ‫درس األمحق الذي ُكنتُه‪ .‬وهذا دليل على أنّين ُم ِّ‬ ‫اليت أُعطيها للصيب‪ ،‬اي للم ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إن ما كان‬ ‫مؤهل‪ ،‬بل َّ‬
‫درس هو الغري ّ‬ ‫البشري هو أيضاً ِمن اجلهل اي يوحنّا‪ .‬فليس الـم ِّ‬ ‫ّ‬ ‫لم‬ ‫«العِ‬
‫ُ‬
‫البشري املسكني! آه! كم يبدو يل قاصراً! وهذا ُيعلين أُف ِّكر‬ ‫لم‬‫كاف‪ .‬اي للعِ‬‫قد أُعطي له هو الغري ٍ‬
‫ّ‬
‫ؤمن أنه مبقدور اليوانيني‬ ‫آبهلة أسطورية كانت ُمم َّجدة يف اليوانن‪ .‬فاملادية الوثنية كان قد أمكنها أن تُ ِ‬
‫ّّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ألّنا كانت بال أجنحة! وبذلك‪ ،‬فتلك املادية الوثنية مل تقتصر فقط‬ ‫أن َُيتَ ِفظوا آبهلة النصر إىل األبد‪ّ ،‬‬
‫حريتنا… فقد كان األمر ليكون أفضل لو كانت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحَرَمتنا أيضاً من ّ‬‫على ّتريد النصر من جناحيه‪ ،‬بل َ‬
‫معتقداان قد أب َقت لتلك اآلهلة أجنحتها‪ ،‬ألنّنا ُكنّا قد آمنّا أنه كان مبقدورها الطريان كي َُتطف‬
‫الصواعق السماويّة لتضرب هبا أعدائنا‪ .‬ولكنّها‪ ،‬يف احلالة اليت كانت عليها‪ ،‬فهي مل تكن توحي ابألمل‪،‬‬
‫بل ابإلحباط واحلزن‪ .‬ومل أكن أستطيع رؤيتها دون أمل‪ ...‬كانت تبدو يل متألّمة‪ ،‬وقد بَ َدت ذليلة‬
‫فعل ابلعلم‬ ‫بسبب ذلك البرت‪ .‬وهي بذلك كانت رمز أمل وليس رمز فرح‪ ...‬هكذا كانت‪ .‬واإلنسان يَ َ‬
‫كما فَـ َعل اليوانن مع النَّصر‪ ،‬إنّه يَبرت أجنحته‪ ،‬اليت ُمت ِّكنه ِمن بلوغ املعرفة الفائقة الطبيعة‪ ،‬واليت متنحه‬
‫املفاتيح لكشف أسرار اإلدراك واخلَلق‪ .‬لقد اعتَـ َقدوا ويعتقدون أن إبمكاّنم إبقاء العلم أسرياً ببرت‬
‫جناحيه‪ ...‬وهم بذلك مل يُفلِحوا ِسوى جبعله انقصاً وقاصراً‪ ...‬فالعلم اجملنَّح يُصبح حكمة‪ّ .‬أما ببقائه‬
‫على ما هو عليه‪ ،‬فإنّه ليس سوى فَهم جزئي‪».‬‬
‫«وأُمي‪ ،‬هل أجاب ِ‬
‫تك يف ذلك اليوم؟»‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫صيب وابلِغان ُُمتَلِفا اجلنس دون اضطرار‬
‫ّ‬ ‫إليها‬ ‫ع‬ ‫«بوضوح كامل وكلمة عفيفة‪ ،‬ميكن أن يستَ ِ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫أحدهم إىل االمحرار‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 721 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«حول ماذا كان احلديث؟»‬

‫الدتك ألتذ ّكره‪ ».‬تقول سينتيكا‪ ،‬ويقول‬‫بت شرح و َ‬ ‫«حول اخلطيئة األصليّة‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ولقد َكتَ ُ‬
‫األندوري كذلك‪« :‬وأان مثلها‪ .‬أظُنُّها ِمن األمور اليت سوف يَسألوننا عنها كثرياً‪ ،‬إذا ما َمضينا‬
‫ّ‬ ‫يوحنّا‬
‫يوماً فيما بني الوثنيّني‪ .‬إّّنا أان ال أُف ِّكر يف الذهاب إىل هناك اآلن‪»...‬‬

‫«ملاذا اي يوحنّا؟»‬

‫«ألنّين لن أعيش طويالً‪».‬‬

‫«ولكن هل ستمضي إىل هناك عن طيب خاطر؟»‬

‫لدي‪ .‬وأيضاً‪ ...‬نعم‪ ،‬وأيضاً ِمن أجل ذلك‪ .‬لقد‬


‫«أكثر ِمن كثريين يف إسرائيل‪ ،‬أل ّن ال حتيُّز َّ‬
‫ت قد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التوصل إىل فعل اخلري حيث كن ُ‬
‫أود ُّ‬ ‫إين ُّ‬
‫كنت مثاالً سيّئاً وسط الوثنيّني يف سينتيوم ويف أانتويل‪ّ .‬‬
‫ُ‬
‫عليك‪ ...‬ولكن هذا شرف‬ ‫أود فِ‬
‫ُعرفهم َ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫أن‬ ‫هناك‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫كلمتك‬
‫َ‬ ‫أمحل‬ ‫أن‬ ‫عله‪:‬‬ ‫الشر‪ .‬اخلري الذي ُّ‬
‫فعلت ّ‬‫ُ‬
‫عظيم‪ ...‬أان ال أستح ّقه‪».‬‬

‫يَنظُر إليه يسوع وهو يبتسم‪ ،‬ولكنّه ال يقول شيئاً هبذا اخلصوص‪ .‬يَسأل‪« :‬أما من أسئلة أخرى‬
‫علي؟»‬
‫لديك لتطرحها ّ‬ ‫َ‬
‫الصيب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كنت تتح ّدث عن البطالة مع‬‫لدي سؤال‪ .‬لقد َخطََر ببايل ذات مساء‪ ،‬عندما َ‬
‫«أان ّ‬
‫ألسألك عنه‪ ،‬عندما تتوقَّف اليدين‬ ‫كنت أنتظر السبت‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫لت أن أَجد له إجابة‪ ،‬دون جدوى‪ .‬و ُ‬
‫ولقد حاو ُ‬
‫يديك إىل هللا‪ ».‬تقول سينتيكا‪.‬‬
‫عن العمل وترتفع نفسنا بني َ‬
‫«اطرحي اآلن سؤ ِ‬
‫الك‪ ،‬بينما ننتظر ساعة االسرتاحة‪».‬‬

‫ابلوهن ويصبح عُرضة‬


‫الروحي‪ ،‬يُصاب َ‬
‫ّ‬ ‫قلت إ ّن أحداً إذا ما فَ َرت يف العمل‬
‫«ها هو اي معلّم‪ .‬لقد َ‬
‫ألمراض الروح‪ .‬أليس كذلك؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 722 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«نعم‪ ،‬اي امرأة‪».‬‬

‫ك حول اخلطيئة األصليّة‪ ،‬أتثرياهتا‬ ‫منك ِ‬


‫ومن ّأم َ‬ ‫«اآلن يبدو يل ذلك متناقضاً مع ما مسعتُهُ َ‬
‫َ‬ ‫التحرر ِمن هذه اخلطيئة بو‬
‫اسطتك‪ .‬لقد علّمتُماين أ ّن اخلطيئة األصليّة ُمتحى ابلفداء‪ .‬ال أظنّين‬ ‫علينا‪ ،‬و ّ‬
‫بك‪».‬‬
‫قلت إ ّّنا ستُمحى‪ ،‬ولكن ليس لدى اجلميع‪ ،‬إّّنا فقط لدى الذين سيؤمنون َ‬ ‫أُخطئ إذا ُ‬
‫«صحيح‪».‬‬

‫احداً ِمن ال ُـمخلَّصني‪ .‬وأَعتَِرب أبنّه وبعد‬


‫«إذن سأَدع اآلخرين جانباً‪ ،‬وسآخذ بعني االعتبار و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مفاعيل الفداء‪ ،‬مل يـَعُد للخطيئة األصليّة أثر يف نفسه‪ ،‬اليت تعود إىل حال النعمة كما كان األبوان‬
‫أي مخول؟ سوف تقول‪" :‬اإلنسان‬ ‫عرتيها ّ‬
‫األوالن‪ .‬أفال مينحها هذا حينئذ طاقة‪ ،‬حبيث ال ميكن أن يَ َ‬
‫ّ‬
‫أسألك كيف‪.‬‬
‫َ‬ ‫يرتكب كذلك خطااي شخصيّة"‪ .‬ال أبس‪ .‬لكنّها هي كذلك ستُمحى بتأثري فدائِ َ‬
‫ك‪ .‬لن‬
‫مت ال ِفداء‬
‫أنك قد أمتَ َ‬‫كذلك أفرتض أنَّك سوف ترتك بعض الوسائل‪ ،‬بعض الرموز… كأدلّة على َ‬
‫إليك يف الكتاب املق ّدس َُي َعل‬‫كل ما يشري َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫م‬‫ابلفعل‪ ،‬والذي ال أدري كيف سيتم‪ ،‬على الرغم ِ‬
‫ّ‬
‫رمزي‪ُ ،‬مصور يف حدود معنوية‪ .‬على الرغم من أن األمل‬ ‫ِ‬
‫املرء يرتَعد‪ ،‬وآمل أن يكون ذلك حول أمل ّ‬
‫فكل الدايانت لديها ِمن تلك الوسائل‬ ‫ِ‬
‫املعنوي ليس أملاً زائفاً‪ ،‬ورمبا يكون أكثر ُرعباً من األمل اجلسدي‪ّ .‬‬
‫والرموز‪ ،‬وكانت تُدعى أسراراً‪ ...‬واملعموديّة احلاليّة املعمول هبا يف إسرائيل‪ ،‬هي إحداها‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫«نعم‪ .‬وسوف تكون يف ِديين كذلك‪ ،‬إّّنا حتت تَسميات ُمتلفة عن اليت تُطلِقني‪ ،‬عالمات‬
‫لِِفدائي ُمت َارس على النُّفوس لتطهريها‪ ،‬وتقويتها‪ ،‬وإانرهتا‪ ،‬ومحايتها‪ ،‬وتغذيتها ومنحها الغفران‪».‬‬

‫فإّنا ستكون يف حال النعمة‬


‫«وإذن؟ إذا ما َمنَ َحت كذلك الغفران عن اخلطااي الشخصيّة‪ّ ،‬‬
‫ومعرضة لألمراض الروحيّة؟»‬
‫على الدوام‪ ...‬فكيف ستكون إذاً ضعيفة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«أوِرد لك مثاالً للمقارنة‪ :‬لنأخذ مثالً طفالً مولوداً من أبوين سليمني متاماً‪ ،‬سليماً معاىف ّ‬
‫وقوايً‬
‫العظمي واألعضاء‪.‬‬ ‫اهليكل‬ ‫حيث‬ ‫ن‬ ‫هو كذلك‪ .‬ليس فيه أي عيب خلُقي‪ ،‬وراثي‪ .‬عضويته اتمة ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫األم كذلك لديها حليب‬
‫قوايً وسليماً‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫يؤهله لكي ينمو ّ‬ ‫كل ما ّ‬
‫يتمتّع بدم سليم‪ .‬وابلنتيجة‪ ،‬لديه ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 723 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عرف سببه‪ .‬مرض مميت‬ ‫ي‬ ‫مل‬ ‫للغاية‪،‬‬ ‫خطري‬ ‫مبرض‬ ‫ُصيب‬
‫أ‬ ‫حلياته‬ ‫األوىل‬ ‫اللحظة‬ ‫منذ‬ ‫ه‬ ‫لكن‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫وافر ومغ ٍّ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ح ّقاً‪ُ .‬شفي منه بصعوبة‪ ،‬بفضل رمحة هللا الذي َحفظ له حياته‪ ،‬اليت كانت على وشك أن تُفا ِرق‬
‫صب بذاك املرض؟ ال‪،‬‬ ‫قوايً كما لو أنّه مل يُ َ‬
‫جسده الصغري‪ .‬إذن‪ ،‬أتظنني بعد هذا أ ّن الطفل سيبقى ّ‬
‫حّت ولو مل يكن ظاهراً‪ ،‬فإنّه سيبقى‪ ،‬وسيجعله عرضة ألمراض كان‬ ‫سوف يُصاب بضعف دائم‪ّ .‬‬
‫أقل مقاومة‬
‫اتم السالمة كالسابق‪ .‬وسيكون دمه ّ‬ ‫صب ابملرض‪ .‬أحد أعضائه لن يكون ّ‬ ‫سيتجنّبها لو مل يُ َ‬
‫أدرَكتهُ‪ ،‬يُصبح‬ ‫ِ‬
‫يتعرض بسهولة لبعض األمراض اليت‪ ،‬إذا ما َ‬ ‫كل ذلك ُيعله ّ‬ ‫أقل نقاء من السابق‪ّ ،‬‬ ‫و ّ‬
‫مريضاً ِمن جديد‪.‬‬

‫لكن الروح‬
‫الروحي‪ .‬سوف ُمتحى اخلطيئة األصليّة لدى الذين يؤمنون يب‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫األمر ذاته يف اجملال‬
‫سيحتفظ مبيل إىل اخلطيئة‪ ،‬اليت مل تكن لتوجد لوال اخلطيئة األصليّة‪ .‬فَ ِمن أجل هذا ُيب السهر‬
‫مستمر‪ ،‬متاماً كما تفعل أ ُّم حريصة على طفلها الصغري الذي حتبّه بشكل متميّز‬
‫ّ‬ ‫والعناية ابلروح بشكل‬
‫طفويل‪ .‬فإذن ُيب حتاشي البطالة‪ ،‬وأن يكون املرء فاعالً ونشيطاً على الدوام يف متتني‬
‫ّ‬ ‫على أَثَر مرض‬
‫ط أحدهم يف هاوية الكسل أو الفتور‪ ،‬فسيكون سهالً على الشيطان أن يغويه‪.‬‬ ‫الفضائل‪ .‬وإذا ما َس َق َ‬
‫معرضاً دائماً لإلصاابت ابآلفات ومبوت‬‫ألّنا تُشبِه نكسة جسيمة‪ ،‬فهي ّتعله َّ‬
‫كل خطيئة جسيمة‪ّ ،‬‬ ‫و ّ‬
‫ساعدة للنعمة بنشاط ودأب‪ ،‬فإنّه‬‫الروح‪ .‬بينما على العكس‪ ،‬إذا ما أصبحت إرادة الذي انل الفداء م ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫حينذاك ُيفظ نفسه‪ .‬وليس هذا وحسب‪ ،‬بل إنّه ينمو مع الفضائل اليت اكتسبها هذا اإلنسان‪،‬‬
‫ِ‬
‫فهمت؟»‬ ‫القداسة والنعمة! اي هلا ِمن أجنحة آمنة للطريان صوب هللا! هل‬

‫أنت‪ ،‬أعين الثالوث القدوس‪َ ،‬متنَح اإلنسان األساس الذي يَ َلزمه‪ .‬وعلى‬
‫«نعم اي سيّدي‪َ .‬‬
‫صحة‬ ‫ِ‬
‫دمر النعمة‪ ،‬أي ّ‬ ‫كل خطيئة جسيمة تُ ّ‬
‫فهمت‪ّ .‬‬
‫ُ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬بعمله وانتباهه‪ ،‬أن يتفادى االّنيار‪.‬‬
‫لكن اخلاطئ العنيد الذي يرفض‬ ‫الصحة‪ .‬صحيح‪ ،‬و ّ‬‫أنت لنا ستعيد ّ‬ ‫الروح‪ .‬العالمات اليت سترتكها َ‬
‫مرة‪ُ .‬يب إذن‬ ‫ِ‬
‫كل ّ‬
‫حّت ولو انل الغفران يف ّ‬
‫مرة‪ ،‬أكثر ضعفاً‪ّ ،‬‬‫كل ّ‬
‫الصراع ض ّد اخلطيئة‪ ،‬يُصبح‪ ،‬يف ّ‬
‫الصراع لتفادي الفناء‪ .‬شكراً اي سيّدي‪ ...‬مرغزايم يستيقظ‪ .‬لقد أتخر الوقت‪»...‬‬

‫ِ‬
‫فلنمض إىل النوم‪».‬‬ ‫ِّ‬
‫فلنصل َجيعنا معاً‪ُ ،‬ثّ‬ ‫«نعم‪،‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 724 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫بقوة‬
‫الصيب الذي ما يزال شبه انئم‪ .‬وتصدح «األابان» ّ‬
‫حّت ّ‬ ‫يَ َنهض يسوع‪ ،‬ويقتدي به اجلميع‪ّ ،‬‬
‫وتناغُم يف الغرفة الصغرية‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 725 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -174‬يسوع مع صالومي‪ ،‬زوجة َسعان ابن عمه)‬

‫‪1945 / 10 / 20‬‬

‫ابّتاه قاان‪ .‬وُيتاز‬


‫يسوع ُيتاز الناصرة مع مسعان الغيور ومرغزايم‪ ،‬متّجهني صوب الريف املمت ّد ّ‬
‫مدينته العدائيّة وعدمية اإلميان‪ ،‬سالكاً ابلضبط الشوارع األكثر مركزيّة‪ ،‬وقاطعاً بشكل ُموا ِرب ساحة‬
‫السوق املكتظّة يف تلك الساعة الصباحيّة‪ .‬يلتفت كثريون للنَّظَر إليه‪ .‬قليلون ج ّداً ِمن الس ّكان ُييّونه‪،‬‬
‫منهن‪ ،‬يبتسمن له‪ ،‬ولكن ال أحد يُقبِل إليه‪ ،‬ما عدا بعض األطفال‪.‬‬ ‫وابألخص املسنّات ّ‬‫ّ‬ ‫النساء‪،‬‬
‫كل شيء‪ ،‬ولكنّه ال يُظ ِهر ذلك‪ .‬يتح ّدث إىل مسعان‬ ‫يرى‬ ‫وع‬ ‫يس‬ ‫ابلتأكيد‪،‬‬ ‫س‪.‬‬ ‫ِه‬
‫َ‬ ‫قه‬‫وعندما مير يرافِ‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ‬
‫الر ُجلَني‪ ،‬ويُتابِع طريقه‪.‬‬
‫الصيب الكائن بني َّ‬
‫أو إىل ّ‬
‫ّإّنم اآلن عند البيوت األخرية‪ .‬على َعتَـبَة واحد ِمن هذه البيوت امرأة يف حوايل األربعني ِمن‬
‫هتم ابلتق ّدم‪ُ ،‬ثّ تتوقّف وُتفض رأسها وقد عالها‬
‫عمرها‪ .‬يبدو ّأّنا تنتظر أحداً‪ .‬عندما ترى يسوع ّ‬
‫االمحرار‪.‬‬

‫للرسول‪.‬‬
‫« ّإّنا إحدى قريبايت‪ ،‬هي زوجة مسعان بن حلفا‪ ».‬يقول يسوع َّ‬
‫كأّنا على األشواك‪ ،‬فريسة ملشاعر متناقضة‪ .‬يتب ّدل لوّنا‪ ،‬ترفَع عينيها وُتفضهما‪.‬‬ ‫تبدو املرأة و ّ‬
‫وجهها كلّه يُ ِّ‬
‫عرب عن أ ّن سبباً ما يكبَح فيها رغبة يف التكلّم‪.‬‬
‫«السالم ِ‬
‫لك اي صالومي‪ ».‬يقول هلا يسوع ُميّياً وقد أصبَ َح قريباً منها‪.‬‬

‫وّتيب‪ ،‬وقد زاد امحرارها‪« :‬السالم لـ‪»...‬‬ ‫تنظر إليه املرأة مندهشة ِمن صوت قريبها احلنون‪ُ ،‬‬
‫رغبتها يف البكاء متنعها ِمن إمتام اجلملة‪ .‬تغطّي وجهها بثين ذراعها وتبكي قَلِ َقة‪ُ ،‬مستَنِدة على إطار‬
‫الباب‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 726 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الركن‪،‬‬
‫اساتك؟ تعايل هنا‪ ،‬يف هذا ُّ‬
‫«ملاذا تبكني هكذا‪ ،‬اي صالومي؟ أال ميكنين فعل شيء ملو َ‬
‫بك‪ »...‬وميسكها ِمن ِمرفقها ويسري هبا يف زقاق يفصل بيتها عن حديقة بيت آخر‪.‬‬ ‫وقويل يل ما ِ‬
‫الزقاق‪.‬‬
‫مسعان‪ ،‬ومعه مرغزايم مندهشاً‪َ ،‬مي ُكثان عند مدخل ُّ‬
‫بك اي صالومي؟ ِ‬
‫أنت تعرفني أنّين أحبّك كثرياً‪ ،‬أنّين أحبّكم كثرياً على الدوام‪َ .‬جيعكم‪.‬‬ ‫«ما ِ‬
‫عليك أن تَثِقي‪»...‬‬
‫عليك أن تؤمين بذلك‪ ،‬لذا ِ‬
‫هكذا على الدوام‪ِ .‬‬

‫احلقيقي‪ُ ،‬ثّ تُعا ِود وبشكل أقوى‪ ،‬ابلتناوب‬


‫ّ‬ ‫يتوقّف البكاء كما لسماع هذا الكالم وفهم معناه‬
‫حّت مسعان‪ ...‬ولكنّه هو‬‫أنت نعم‪ ...‬حنن‪ ...‬ليس أان‪ ،‬ومع ذلك‪ ...‬وال ّ‬ ‫مع الكلمات املتقطّعة‪َ « :‬‬
‫لكن البلدة كلّها ض ّدان‪ ...‬ض ّد َك‪ ...‬ض ّدي‪...‬‬
‫كنت أقول له‪" ...‬ادعُ يسوع"‪ ...‬و ّ‬ ‫مين‪ ...‬أان ُ‬ ‫أكثر غباء ّ‬
‫فتعض املرأة نفسها‪،‬‬ ‫مأساوي‪ ،‬فإ ّن بكاءها يُصبِح بدوره‬ ‫ض ّد ابين‪ »...‬وحينما تَ ِ‬
‫مأساوايً‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صل إىل ح ّد‬
‫وتُـتَمتِم‪ ،‬وتَلطُم وجهها‪ ،‬كما لو أ ّن األمل كان َُي َعلها َهتذي‪.‬‬

‫كل‬ ‫أان‬ ‫ر‬ ‫وسأتدب‬ ‫مي‬‫ّ‬‫ل‬ ‫تك‬ ‫‪.‬‬ ‫ُمي ِسك هلا يسوع يديها قائالً‪« :‬ال ليس هكذا‪ .‬أان هنا ملو ِ‬
‫اساتك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمور‪»...‬‬

‫لكن الرجاء َمنَ َحها ّقوة لتتكلّم‪ ،‬وتتكلّم بتؤدة‪:‬‬


‫هشة وأملاً‪ .‬و ّ‬
‫تَنظُر إليه املرأة وهي تفرك عينيها َد َ‬
‫حّت ولو كان مسعان ُمذنِباً سرتمحين؟ ح ّقاً؟‪ ...‬آه! اي يسوع‪ ،‬اي َمن ُُتلِّص اجلميع! صغريي! حلفا‪،‬‬ ‫« ّ‬
‫كنت تَصنَع له لُ َعباً ِمن‬
‫كنت حتبّه‪ ،‬حلفا‪َ .‬‬‫آخر أوالدي‪ ،‬مريض‪ ...‬وهو ُمش ِرف على املوت!‪ ...‬لقد َ‬
‫ِ‬
‫كنت‬
‫أشجارك‪ ...‬وقبل أن متضي إىل‪ ...‬إىل العامل‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كنت ترفعه لِيَقطُف العنب والتني ِمن‬
‫اخلشب‪ُ ...‬‬
‫إبمكانك‪ ...‬إنّه كامليت‪ ...‬لن أيكل العنب والتني بعد اآلن‪.‬‬‫َ‬ ‫تُعلِّمه أموراًكثرية صاحلة‪ ...‬اآلن مل يـَعُد‬
‫حارة‪.‬‬
‫لن يتعلّم شيئاً‪ »...‬وتبكي بدموع ّ‬
‫«صالومي‪ ،‬كوين طيّبة‪ ،‬وقويل يل ما به‪».‬‬

‫صَر َخ ِمن املغص‪ ،‬وبقي يهذي ع ّدة ّأايم‪ّ .‬أما اآلن فلم يـَعُد يتكلّم‪ .‬إنّه‬
‫«بطنه يؤمله كثرياً‪ .‬لقد َ‬
‫حّت إنّه يُتمتِم‪ .‬إنّه شاحب ممتَ ِقع‪.‬‬
‫َك َمن تل ّقى ضربة على رأسه‪ .‬إنّه يتمتم ولكنّه ال ُُييب‪ .‬ال يدري ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 727 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عنك‪ .‬ولكن‪ ...‬آه! لقد أحببتُه‬‫وهو يَربُد اآلن‪ .‬ومنذ ّأايم وأان أطلب ِمن مسعان أن ميضي ويبحث َ‬
‫غيب‪ِ ،‬من أجل فكرة بلهاء َُي َعل ابين ميوت‪ .‬ولكنّه لو مات‬
‫على الدوام‪ّ ،‬أما اآلن فإنّين أكرهه ألنّه ّ‬
‫فسأمضي إىل بيت أهلي مع أوالدي اآلخرين‪ .‬فليس مبقدوره أن يكون أابً عند اللزوم‪ .‬وأان أدافع عن‬
‫أبنائي‪ .‬سأمضي‪ ،‬نعم‪ .‬ولِيَـ ُقل الناس ما يشاؤون‪ .‬سوف أمضي‪».‬‬
‫«ال تتكلّمي هكذا‪ .‬اقتلعي فوراً فكرة االنتقام هذه ِمن ر ِ‬
‫أسك‪».‬‬

‫لك‪" :‬تعال"‪ّ .‬أما أان‬


‫تك أل ّن أحداً مل يكن ليقول َ‬ ‫« ّإّنا عدالة‪ .‬أان أثور‪ ،‬أترى ذلك؟ أان انتظر َ‬
‫لك‪" :‬ادخل"‪ ،‬أل ّن‬ ‫ِ‬
‫علي أن أفعل كما لو كانت فعالً ُمشيناً‪ ،‬وال ميكنين أن أقول َ‬
‫لك‪ .‬إّّنا كان ّ‬ ‫فأقوُهلا َ‬
‫َجاعة يوسف يف البيت‪ ،‬و‪»...‬‬

‫«ليس هذا ضرورّايً‪ .‬هل تَعِدينين أن تساُمي مسعان؟ أن تكوين زوجته الصاحلة على الدوام؟ إذا‬
‫ِ‬
‫ميكنك اإلميان هبذا؟»‬ ‫لك"‪ .‬هل‬‫ابنك املعاىف سيبتسم ِ‬
‫بيتك‪ ،‬و ِ‬
‫لك أان‪" :‬عودي إىل ِ‬ ‫وعدتِين بذلك أقول ِ‬

‫بك‪ .‬حّت ولو كان ذلك ُخيالِف اجلميع‪ ،‬أ ِ‬


‫ُؤمن‪».‬‬ ‫«أان أؤمن َ ّ‬
‫ميكنك أن ت ِ‬
‫ساُمي؟»‬‫ِ ُ‬ ‫«ومبا أنّ ِ‬
‫ك تؤمنني‪ ،‬هل‬

‫«‪...‬هل ستشفيه يل ح ّقاً؟»‬


‫أنت ِ‬
‫ومعك‬ ‫شك مسعان يب‪ ،‬وحلفا الصغري وبقية األوالد و ِ‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ق‬
‫ّ‬‫يتو‬ ‫أبن‬ ‫«ليس هذا فقط‪ .‬أَعِ ِ‬
‫دك‬
‫ّ‬
‫زوجك‪ ،‬أبوهم‪ ،‬ستعودون إىل بييت‪ .‬مرمي تَذ ُكر ِ‬
‫امسك على الدوام‪»...‬‬ ‫ِ‬

‫«آه! مرمي‪ ،‬مرمي! لقد ُولِد حلفا حينما كانت هنا‪ ...‬نعم اي يسوع‪ ،‬سوف أسامح‪ .‬لن أقول له‬
‫لك"‪ .‬فهذا‪،‬‬
‫ابنك َ‬
‫فك‪ :‬إبعادته َ‬
‫تصر َ‬
‫شيئاً‪ ...‬أو ابألحرى سوف أقول له‪" :‬هكذا يَ ُّرد يسوع على ّ‬
‫ميكنين أن أقوله له!»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 728 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ميكنك قوله‪ ...‬اذهيب‪ ،‬اي صالومي! ال تعودي تبكني‪ .‬وداعاً‪ .‬السالم ِ‬
‫لك اي صالومي الطيّبة‪.‬‬ ‫« ِ‬
‫متلهفة‪َ ،‬هتَرع إىل املدخل‬
‫دخل‪ ،‬يبتسم وهو يراها ّ‬ ‫اذهيب‪ ،‬اذهيب!» ويُعيدها إىل الباب‪ ،‬ويَنظُر إليها تَ ُ‬
‫حّت أن تُغلِق الباب‪ ،‬ويدنو هو ببطء لِيُغلقه متاماً‪.‬‬
‫دون ّ‬
‫يَلتَ ِفت إىل الرفيقني ويقول‪« :‬واآلن ف ِ‬
‫لنمض إىل حيث كان علينا الذهاب‪»...‬‬

‫«هل تعتقد أ ّن مسعان سيهتدي؟» يَسأل الغيور‪.‬‬

‫«هو ليس بكافر‪ .‬إنّه فقط ُم َسيطَر عليه ِمن األقوى‪».‬‬

‫«آه! ولكن إذن! هو أمر أعظم وأقوى ِمن املعجزة!»‬

‫بنفسك‪ ...‬أان مسرور لتخليصي الطفل‪ .‬لقد رأيتُهُ عندما كان‬ ‫َ‬ ‫نفسك‬
‫َ‬ ‫ك ُّتيب على‬‫«ها إنّ َ‬
‫عمره مل يتجاوز بعد الساعات القليلة‪ ،‬وقد أحبَّين كثرياً دائماً‪»...‬‬

‫صعُب عليه االعتقاد أ ّن أحداً ميكنه أن‬


‫مهتماً‪ ،‬وقد َ‬
‫«مثلي؟ وسيصبح تلميذاً؟» يَسأل مرغزايم ّ‬
‫ُيب يسوع كما ُيبّه هو‪.‬‬
‫ّ‬
‫أنت حتبّين كطفل وكتلميذ‪ .‬حلفا كان ُيبّين كطفل فقط‪ّ .‬أما فيما بعد‪ ،‬فإنّه سيحبّين كتلميذ‪.‬‬
‫« َ‬
‫ولكنّه اآلن ما يزال طفالً‪ .‬إنّه يف حوايل الثامنة ِمن عمره‪ .‬سوف تراه‪».‬‬

‫«إذن كطفل وتلميذ‪ ،‬ال يوجد أحد سواي‪».‬‬

‫ك‬ ‫الرجولة‪َّ ،‬‬


‫تذكر أنّ َ‬ ‫ك رئيس األطفال التالميذ‪ .‬وحينما تَبلُغ كمال ُّ‬
‫مبفردك‪ ،‬حاليّاً‪ .‬إنّ َ‬
‫َ‬ ‫أنت‬
‫« َ‬
‫لكل األطفال الذين سيأتون‬
‫يقل عن الرجال‪ ،‬وابلنتيجة‪ ،‬افتح ذراعيك ّ‬ ‫رفت كيف تكون تلميذاً ال ّ‬ ‫َع َ‬
‫عين وقائلني‪" :‬أريد أن أكون تلميذ املسيح"‪ .‬هل ستفعل ذلك؟»‬ ‫إليك ابحثني ّ‬
‫َ‬
‫«سوف أفعل ذلك‪ ».‬يَعِد مرغزايم جب ّديّة…‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 729 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عين‪ ،‬حتت‬
‫وهم يبتعدون ّ‬
‫ظهر اآلن‪ ،‬مضاء كلّه بنور الشمس‪ ،‬أصبَ َح ُُييط هبم‪ُ ،‬‬
‫الريف الذي يَ َ‬
‫الشمس‪...‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 730 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪( -175‬ابن العم َسعان يعود إىل يسوع)‬

‫‪1945 / 10 / 21‬‬

‫َُيُلّون ضيوفاً على بيت فقري‪ ،‬حيث ُُييط بعجوز َمموعة ِمن األوالد ترتاوح أعمارهم بني الثانية‬
‫حتول بعضها إىل مروج‬‫والعاشرة‪ ،‬تقريباً‪ .‬والبيت وسط حقول صغرية مل تَـنَل نصيباً وافراً ِمن العناية‪ ،‬وقد َّ‬
‫تَظهر فيها أشجار م ِ‬
‫ثمرة‪ ،‬ما تزال على قيد احلياة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ابلعون؟»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«السالم لك اي حنّة‪ .‬هل ّتري األمور بشكل أفضل اليوم؟ هل أتوك َ‬
‫ِ‬
‫«نعم أيّها املعلّم يسوع‪ .‬ولقد قالوا يل ّإّنم سيعودون من أجل البِذار‪ .‬سيكون الوقت ّ‬
‫متأخراً‪،‬‬
‫ولكنّهم قالوا يل ّإّنا ستنبت أيضاً‪».‬‬

‫بكل أتكيد سوف تنبت‪ .‬وما يكون معجزة األرض والزراعة يُصبِح معجزة هللا‪ .‬وابلتايل معجزة‬
‫« ّ‬
‫بك‪ ،‬ستكون هلا وفرة ِمن‬ ‫لك أَجل حقول املنطقة‪ ،‬وهذه العصافري اليت حتيط ِ‬ ‫اتمة‪ .‬ستكون حقو ِ‬
‫احلبوب متأل هبا مناقريها‪ .‬ال تعودي تبكني‪ .‬العام القادم‪ ،‬سيكون األمر أفضل كثرياً‪ .‬ولكنّين سوف‬
‫امسك ذاته‪ ،‬وهي ال تَشبَع أبداً ِمن أن‬
‫عينك امرأة حتمل ِ‬‫لك يد العون أيضاً‪ .‬أو ابألحرى سوف تُ ِ‬
‫أمد ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت موعد احلصاد‪».‬‬ ‫تكون صاحلة ابطّراد‪ .‬انظري‪ :‬هذا لك‪ .‬وهبذا ميكنك أن تُدبِّري نفسك ّ‬
‫أتخذ املرأة اإلعانة‪ ،‬ويف الوقت ذاته ُمت ِسك بيد يسوع وتُقبّلها وهي تبكي‪ُ ،‬ثّ تَسأل‪« :‬قُل يل‬
‫الرب‪».‬‬
‫َمن تكون تلك املخلوقة الصاحلة اليت سوف أَذ ُكر امسها لدى ّ‬
‫«إحدى تلميذايت‪ ،‬وهي أخت ِ‬
‫لك‪ .‬وامسها أَع ِرفه أان ويعرفه أب السماوات‪».‬‬

‫أنت!‪»...‬‬
‫«آه! هذا َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 731 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أان فقري‪ ،‬اي حنّة‪ .‬أ َِهب ما يُعطى يل‪ .‬ال ميكنين أن أ َِهب ِمن ذايت ّإال املعجزة‪ .‬وآسف لعدم‬
‫متأخراً‪ .‬إّّنا هكذا يتألّق‬ ‫ِ‬
‫أخربتين سوسن‪ .‬ومع ذلك كان الوقت ّ‬ ‫أتيت ُمذ ََ‬
‫دراييت ببؤسك قبل ذلك‪ُ .‬‬
‫عمل هللا أكثر‪».‬‬

‫ص َد الشباب‪ .‬وليس‬
‫متأخر! فقد كان املوت سريعاً يف حصاده هنا! وقد َح َ‬ ‫متأخر هو! نعم‪ّ .‬‬ ‫« ّ‬
‫صلبني ِمن أجل العمل‪.‬‬ ‫كنت غري ذات نفع‪ .‬وال هؤالء القاصرين‪ .‬إّّنا أولئك الذين كانوا َ‬ ‫أان اليت ُ‬
‫الشريرة!»‬
‫حمل ابآلاثر ّ‬‫َملعون قمر أيلول (سبتمرب)‪ ،‬ال ُـم َّ‬

‫«ال تلعين الكوكب‪ .‬فال َدخل له‪ ...‬هل هؤالء الصغار طيّبون؟ تعالوا هنا‪ .‬أتَـَرون؟ هو كذلك‬
‫يتخل عنه‪ .‬ولن يتخلّى عنه طاملا هو صاحل‪ .‬أليس كذلك اي‬ ‫طفل بدون أب‪ ،‬ومع ذلك فاهلل مل َّ‬
‫مرغزايم؟»‬

‫لكن بعضهم‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ا‬


‫ً‬ ‫سن‬ ‫منه‬ ‫أصغر‬ ‫م‬ ‫وه‬ ‫له‪،‬‬‫و‬‫ح‬ ‫قون‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫يتح‬ ‫الذين‬ ‫الصغار‬ ‫إىل‬ ‫ث‬ ‫د‬‫ّ‬ ‫ويتح‬ ‫ايم‬
‫ز‬ ‫مرغ‬ ‫ق‬‫يوافِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ظاهراً‪ .‬يقول‪« :‬آه! يف احلقيقة إ ّن هللا ال يتخلّى‪ .‬أان‪ ،‬ميكنين قول ذلك‪ .‬ج ّدي قد صلّى ِمن‬ ‫أكرب منه ِ‬
‫أجلي ابلتأكيد‪ ،‬وكذلك أيب و ّأمي ِمن احلياة األخرى‪ .‬وقد َِمسع هللا تلك الصلوات‪ ،‬فهو صاحل للغاية‪،‬‬
‫الربرة على الدوام‪ ،‬أحياء كانوا أم أموااتً‪ّ .‬أما ابلنسبة إليكم‪ ،‬فحتماً أمواتكم قد صلّوا‬
‫سمع صلوات ََ‬ ‫ويَ َ‬
‫تستحق؟»‬ ‫احلب الذي‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫من أجلكم‪ ،‬وكذلك هذه اجل ّدة الطيّبة‪ .‬هل تُوفُوّنا ّ‬
‫صمت يسوع لِيَسمع حوار تلميذه الصغري واليتامى‪.‬‬
‫يَ ُ‬
‫كل حال‪ ،‬علينا ّأال جنعل أحداً‬ ‫السن يبكون‪ .‬على ّ‬ ‫حق‪ُ .‬يب ّأال جنعل كبار ّ‬ ‫«إنّكم على ّ‬
‫يبكي‪ ،‬أل ّن من يسبب األمل للقريب يسبب األمل هلل‪ .‬إّّنا كبار السن! فاملعلّم ي ِ‬
‫عامل َجيعهم ابحلُسىن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ُ ّ‬
‫السن فإنّه يُصبِح اللُّطف كلّه‪ ،‬وكأنّه يتعامل مع أطفال‪ .‬ذلك أ ّن األطفال أبرايء‪ ،‬وكبار‬
‫ّأما مع كبار ّ‬
‫كل‬ ‫ِ‬
‫السن متألّمون‪ .‬لقد بكوا كثرياً! ُيب أن ُُيَبّوا ضعفني‪ ،‬ثالثة أضعاف‪ ،‬عشرة أضعاف‪ ،‬من أجل ّ‬ ‫ّ‬
‫شرير بشكل مضاعف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السن هو ّ‬
‫الذين مل يَعودوا ُيبّوّنم‪ .‬يقول يسوع على الدوام إ ّن َمن ال ُُي ّل كبري ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 732 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫السن والطفل‪ ،‬كالِها ال ميكنه الدفاع عن نفسه‪.‬‬
‫كالذي يُسيء معاملة الطفل‪ .‬هذا أل ّن كبري ّ‬
‫وابلنتيجة‪ ،‬كونوا أنتم صاحلني مع اجل ّدة‪».‬‬

‫«أان‪ ،‬أحياانً ال أساعدها‪ »...‬يقول واحد ِمن أكربهم سنّاً‪.‬‬

‫س فيه بطعم دموعها عندما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لك ُرغم تَـ َعبها! أفال ُحت ّ‬
‫ك أتكل اخلبز الذي تُق ّدمه َ‬
‫«ملاذا؟ مع أنّ َ‬
‫ُحت ِزّنا؟ و ِ‬
‫أنت‪ ،‬أيّتها املرأة‪ ،‬هل تساعدينها؟ (املرأة املقصودة ال يتجاوز عمرها العشر سنوات‪ ،‬وهي فتاة‬
‫هزيلة وشاحبة)‪».‬‬

‫حّت تَغ ِزل‬


‫متأخر ّ‬
‫كأّنم جوقة‪« :‬آه! راشيل طيّبة! ّإّنا تسهر إىل وقت ّ‬ ‫يقول اإلخوة الصغار و ّ‬
‫القليل ِمن الصوف والقطن الذي لدينا‪ ،‬وقد أصابَتها احلُ ّمى وهي يف احلقل هتيِّئه للبذار‪ ،‬بينما كان‬
‫أبوان ُمش ِرفاً على املوت‪».‬‬

‫جاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يكافئك هللا على ذلك‪ ».‬يقول مرغزايم بشكل ّ‬ ‫«سوف‬

‫«ها قد كافَأَين أبن فَـَّرج عن اجل ّدة‪».‬‬

‫يتدخل يسوع‪« :‬أال تطلبني أكثر ِمن هذا؟»‬


‫ّ‬
‫«ال اي سيّدي‪».‬‬
‫«ولكن هل ُش ِ‬
‫فيت؟»‬
‫ت اآلن‪ ،‬فإ ّن اجل ّدة َِّتد من ي ِ‬
‫نجدها‪ .‬قبل ذلك كان يسوءين‬ ‫«ال اي سيّدي‪ .‬إّّنا ال يهم‪ .‬فلو ُم ُّ‬
‫َ ُ‬
‫أن أموت ألنّين كنت أ ِ‬
‫ُساعدها‪».‬‬ ‫ُ‬
‫لكن املوت أمر بَ ِشع‪ ،‬اي صغرية‪»...‬‬
‫«و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 733 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«كما أ ّن هللا يساعدين أثناء حيايت‪ ،‬فإنّه سوف يساعدين يف مويت‪ ،‬وسأذهب ملالقاة أ ُّمي‪...‬‬
‫وحّت إذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آه! ال تبكي اي ج ّديت! أحبّك كثرياً اي عزيزيت‪ .‬لن أعود ألقول هذا إذا كان ُيعلك تبكني‪ّ .‬‬
‫ئت فسأقول للسيّد أن يُشفيين‪ ...‬ال تبكي اي أ ُّمي الصغرية‪ »...‬وتُعانِق العجوز احلزينة‪.‬‬
‫ِش ِ‬

‫لت ج ّدي سعيداً بسبيب‪ .‬فاجعل هذه العجوز سعيدة اآلن‪».‬‬


‫رب‪ .‬لقد َج َع َ‬
‫«اشفها اي ّ‬
‫أنت‪ ،‬أيّة تضحية َستُق ِّدم للحصول عليها؟» يَسأل‬
‫يتطلّب تضحية‪ .‬و َ‬ ‫«احلصول على النِّ َعم‬
‫جاد‪.‬‬
‫يسوع بشكل ّ‬
‫الع َسل‬ ‫ِ‬
‫شق عليه أكثر التخلّي عنه‪ُ ...‬ثّ يبتسم‪« :‬لن أذوق َ‬
‫بحث عن أمر يَ ّ‬
‫يُف ّكر مرغزايم‪ ...‬يَ َ‬
‫َشهراً‪».‬‬

‫«قليل! فلقد مضى قسم كبري ِمن هذا الشهر‪»...‬‬

‫األايم يـَ َقع عيد‬ ‫ِ‬


‫«أان أحت ّدث عن شهر‪ ،‬وأعين أربعة أطوار (أسابيع)‪ .‬وأُف ّكر أ ّن خالل هذه ّ‬
‫األنوار حيث تُصنع الفطائر ابلعسل‪»...‬‬

‫بفضلك‪ .‬واآلن فلنمض‪ .‬وداعاً اي حنّة‪ .‬وقبل رحيلي‬ ‫َ‬ ‫«ح ّقاً‪ .‬حسناً‪ ،‬إ ّن راشيل سوف تُش َفى‬
‫أنت اي طوبيّا‪ُ ،‬كن طيّباً دائماً‪ .‬وداعاً لكم َجيعاً أيّها‬
‫عن املنطقة سوف أعود أيضاً‪ .‬وداعاً اي راشيل‪ .‬و َ‬
‫فلتحل عليكم بركيت وفيكم سالمي‪».‬‬
‫ّ‬ ‫الصغار‪.‬‬

‫َخي ُرجون ترافقهم بركات العجوز واألطفال‪.‬‬

‫مرغزايم‪ ،‬بعد أن لَعِب دوره كـ "رسول وضحيّة"‪ ،‬يبدأ ابلقفز َك َجدي‪ ،‬وهو ُيري إىل األمام‪.‬‬
‫بشر ابخلري؟»‬
‫لك اي معلّم أ ّن هذا يُ ّ‬ ‫يعلِ‬
‫األول وتضحيته األوىل‪ .‬أال يبدو َ‬
‫ّ‬ ‫حديثه‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫ً‬‫ا‬ ‫مبتسم‬ ‫مسعان‬ ‫ق‬‫ّ‬ ‫ُ‬
‫حّت على يهوذا بن مسعان‪»...‬‬
‫مرات كثرية‪ّ .‬‬
‫«نعم‪ ،‬ولكنّه َكَرَز ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 734 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الرب يتكلّم إليه ِمن خالل األطفال‪ ...‬وقد يكون ذلك لتحاشي‬
‫«‪...‬الذي على ما يبدو أن ّ‬
‫انتقاماته‪».‬‬

‫حادة‪ ،‬نعم‪ .‬هو ال ُيب‬ ‫ِ‬ ‫أظن األمور تَ ِ‬


‫صل إىل هذا احل ّد‪ .‬إّّنا ردود فعل ّ‬ ‫«انتقامات‪ ،‬ال‪ ...‬ال ُّ‬
‫احلقيقة‪ ،‬وذلك يستأهل اللوم‪ ...‬ومع ذلك ُيب قوهلا‪»...‬‬

‫ذت قرار إرسال اجلميع‬ ‫أبعدته‪ ،‬و ّاُت َ‬


‫يَنظُر إليه مسعان‪ُ ،‬ثّ يَسأل‪« :‬اي معلّم‪ ،‬قُل يل احلقيقة‪ .‬لقد َ‬
‫أسألك وال أبغي أن‬ ‫َ‬ ‫إىل بيوهتم ِمن أجل عيد األنوار‪ ،‬لتمنع وجود يهوذا يف اجلليل يف هذه اآلونة‪ .‬ال‬
‫زرت‪ .‬اجلميع‬ ‫كنت قد َح َ‬ ‫يوطي ّأال يكون بيننا‪ .‬يكفيين أن أعرف إذا ما َ‬‫تقول يل ملاذا َُي ُدر ابالسخر ّ‬
‫ُخي ّمنون ذلك‪ ،‬هل تدري؟ توما ابلذات‪ .‬ولقد قال يل‪" :‬سأمضي دون أيّة ردة فعل‪ ،‬إذ إنَّين أُد ِرك أ ّن‬
‫صنعاً بذلك‪ .‬فكثريون أمثال انحوم وصادوق‬ ‫َحسن املعلّم ُ‬
‫هاماً"‪ .‬وأضاف‪" :‬لقد أ َ‬ ‫وراء ذلك سبباً ّ‬
‫وأليعازر وجيوقاان ُهم ضمن صداقات يهوذا‪ "...‬وتوما ليس أبلهاً!‪ ...‬وهو ليس سيّئاً رغم مغاالته‬
‫لك‪»...‬‬
‫ابلرجولة‪ .‬وهو صادق ج ّداً يف ُمبّته َ‬
‫«أَع ِرف ذلك‪ .‬وما جال يف خاطرك صحيح‪ .‬قريباً سوف تعرفون السبب‪»...‬‬

‫نسألك عنه‪».‬‬
‫َ‬ ‫«لسنا‬

‫علي أن أقول لكم‪».‬‬ ‫ا‬


‫ً‬ ‫ام‬
‫ز‬ ‫«ولكنّين سوف أجدين مضطراً لطلب مساعدتكم‪ ،‬وسيكون لِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتفرع ال َـمسلَك عن الطريق‪ ،‬ابن عمك مسعان‪،‬‬ ‫يعود مرغزايم مسرعاً‪« :‬اي معلّم‪ ،‬هناك‪ ،‬حيث ّ‬
‫أجبت‪" :‬هنا‪ ،‬يف اخللف‪ ،‬مع مسعان‬ ‫ض كثرياً‪ .‬لقد َسأَلَين‪" :‬أين يسوع؟" و ُ‬ ‫يتصبّب عرقاً وكأنّه َرَك َ‬
‫"بكل أتكيد‪ .‬ال بد ِمن املرور ِمن هنا للعودة إىل البيت‪،‬‬
‫أجبت‪ّ :‬‬
‫الغيور"‪ .‬قال يل‪" :‬هل ِ‬
‫مير من هنا؟" ُ‬ ‫ّ‬
‫كل االّتاهات لتعود بعد ذلك إىل عشها‪ .‬هل تريده؟"‬ ‫أقلّه للتَّشبُّه ابلعصافري اليت تطري وتذهب يف ّ‬
‫وك حائِراً‪ .‬ومع ذلك فهو ير َ‬
‫يدك‪ ،‬أان متأ ّكد‪».‬‬ ‫سألتُهُ‪ .‬فَـلَبث أخ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 735 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عرب‬
‫كك ُحّراً‪ .‬وسوف نَ ُ‬
‫«اي معلّم‪ ،‬لقد رأى زوجته‪ ...‬وهذا ما سوف نفعله‪ .‬أان ومرغزايم سنرت َ‬
‫السبيل املباشر‪».‬‬
‫أنت تسلك َّ‬ ‫ِ‬
‫كل األحوال‪ ...‬لسنا مستعجلني على الوصول‪ ...‬و َ‬‫ّ‬ ‫على‬ ‫اخللف‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬

‫لك اي مسعان‪ .‬وداعاً لكليكما‪».‬‬


‫«نعم‪ .‬شكراً َ‬
‫العامة‪ .‬ها هو مسعان ُمسنِداً ظهره إىل جذع شجرة‬
‫وُيث يسوع اخلطى صوب الطريق ّ‬ ‫فرتقون‪ّ ،‬‬ ‫يَ َِ‬
‫وخيفض رأسه ذليالً‪.‬‬
‫يَ َلهث وَمي َسح َعَرقه‪ .‬وحني يرى يسوع يَرفَع ذراعيه‪ُ ...‬ثّ يرتكهما ينـزالن َ‬
‫مين‪ ،‬اي مسعان؟ أن تُف ِرحين‬ ‫يِ‬
‫ضع يده على كتفه وهو يَسأله‪« :‬ماذا تريد ّ‬ ‫صل إليه يسوع‪ ،‬ويَ َ‬ ‫َ‬
‫منك منذ ّأايم كثرية؟»‬
‫ب أنتظرها َ‬ ‫بكلمة ُح ّ‬
‫َخيفض مسعان رأسه أكثر‪ ،‬ويَ َلزم الصمت…‬

‫ك ما تزال أخي الطيّب مسعان‪ ،‬وأان ابلنسبة‬


‫عنك؟ ال‪ ،‬يف احلقيقة إنّ َ‬
‫«تكلّم إذن‪ .‬ألعلّي غريب َ‬
‫حبب كبري‪ ،‬عندما عُدان إىل‬
‫اعيك‪ ،‬إّّنا ّ‬
‫كنت حتمله بعناء بني ذر َ‬ ‫لت يسوع الصغري الذي َ‬‫إليك‪ ،‬ما ز ُ‬
‫َ‬
‫الناصرة‪».‬‬

‫لكن‬‫و‬ ‫املذنب‪،‬‬ ‫أان‬ ‫يسوع!‬ ‫اي‬ ‫آه‬ ‫«‬ ‫م‪:‬‬‫يغطّي الرجل وجهه بيديه‪ ،‬ويرمتي على ركبتيه وهو يتمتِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العقاب الذي تل ّقيته ٍ‬
‫كاف‪»...‬‬ ‫ُ‬
‫«هيّا اّنض! إنّنا أهل‪ .‬هيّا! ما الذي تريده؟»‬

‫العربات‪.‬‬
‫وُتنقه َ‬
‫« َولَدي! إنّه‪َ »...‬‬

‫دك؟ ما به؟»‬
‫« َولَ َ‬

‫ضاعف‪:‬‬
‫ب صالومي‪ ...‬وأبقى أان مع تبكيت للضمري ُم َ‬ ‫«يف احلقيقة إنّه ُيتضر‪ ،‬ومعه ميوت ُح ّ‬
‫صرخ يف وجهي‪:‬‬‫خسارة الولد والزوجة معاً‪ ...‬هذه الليلة ظننتُه مات‪ ،‬وبَ َدت يل هي كالضبع‪ .‬كانت تَ ُ‬
‫حّت ولو اضطّر األمر‬
‫الولَد‪ّ ،‬‬
‫إليك لو عاد َ‬
‫أقسمت أن آيت َ‬
‫ُ‬ ‫يت كي ال ُيصل هذا‪ ،‬و‬ ‫ابنك!" فصلّ ُ‬
‫"قاتل َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 736 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عين‪ .‬وعند‬ ‫أنت الوحيد القادر على حجب البؤس ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ُعلمك أبنّ َ‬
‫أستحق هذا‪ -‬أل َ‬ ‫ّ‬ ‫إىل طردي –ابلنتيجة‬
‫ُصادف‬‫الفجر‪ ،‬بدأ الولَد يصحو قليالً‪ ...‬وهربت ِمن بييت قاصداً بيتك ِمن خلف املدينة‪ ،‬كي ال أ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ند ِهشة‪ .‬كان إبمكاّنا أن تُسيء استقبايل‪ .‬ولكنّها قالت‬ ‫ك ُم َ‬ ‫قرعت الباب‪ .‬فَـتَ َحت يل ّأم َ‬
‫عوائق‪ُ ...‬‬
‫كنت ما أزال طفالً‪ ...‬وهذا ما َج َعلَين‬ ‫بك اي مسعان املسكني؟" ولقد الطََفتين كما لو ُ‬ ‫يل فقط‪" :‬ما َ‬
‫لك يهوذا‪ .‬مل‬ ‫الرتدد‪ .‬وال ميكن أن يكون صحيحاً ما قاله لنا رسو َ‬ ‫َّد الكربايء و ّ‬ ‫أبكي كثرياً‪ .‬وبذلك تبد َ‬
‫كل النُّعوت‪ ،‬منذ ذلك احلني‪.‬‬ ‫نفسي‬ ‫على‬ ‫ق‬‫أقل هذا ملرمي‪ ،‬ولكنّين أقوله لنفسي وأان أقرع صدري وأُطلِ‬
‫ّ‬
‫لت‪" :‬هل يسوع هنا؟ ِمن أجل حلفا‪ .‬إنّه ُمش ِرف على املوت‪ "...‬وقالت يل مرمي‪:‬‬ ‫ّأما هلا فقد قُ ُ‬
‫املؤدية إىل قاان‪ .‬إّّنا أَس ِرع‪ .‬لقد‬
‫الر ُسل‪ .‬إنّه على الطريق ّ‬ ‫الصيب وأحد ُّ‬‫"اركض! إنّه يتّجه صوب قاان مع ّ‬
‫َخَر َج منذ الفجر‪ ،‬وهو على وشك العودة‪ .‬سأصلّي كي َِّتده"‪ .‬بدون أيّة كلمة لوم‪ ،‬وال كلمة‪ ،‬يل أان‬
‫أستحق منها الكثري!»‬
‫ّ‬ ‫الذي‬

‫اعي كي‪»...‬‬
‫لك ذر ّ‬
‫ألومك‪ .‬ولكنّين أفتح َ‬
‫َ‬ ‫«وأان كذلك لن‬

‫«آه! كي تقول يل‪ :‬حلفا مات!‪»...‬‬

‫ك كثرياً‪».‬‬
‫لك إنّين أحبّ َ‬
‫«ال‪ ،‬بل ألقول َ‬
‫«تعال إذن! بسرعة! بسرعة!‪»...‬‬

‫«ال‪ .‬ال ضرورة لذلك‪».‬‬

‫حّت ولو كان كذلك‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬اي‬ ‫إن حلفا قد مات؟ ولكن ّ‬ ‫«أال أتيت؟ آه! أال تساُمين؟ أ َْم َّ‬
‫َعد يل ابين! آه! اي يسوع الصاحل!‪ ...‬آه! اي يسوع‬ ‫يسوع‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬أنت الذي تُقيم املوتى‪ ،‬أ ِ‬
‫َ‬
‫الق ّديس!‪ ...‬آه! اي يسوع الذي هجرتُهُ!‪ ...‬آه! اي يسوع‪ ،‬اي يسوع‪ ،‬اي يسوع‪ »...‬ودموع الَّر ُجل متأل‬
‫الطريق املنعزلة‪ ،‬بينما هو‪ ،‬إذ ُيثو ِمن جديد‪ُ ،‬يمع ثوب يسوع بشكل تشنّجي‪ ،‬ويُقبِّل قدميه‪ ،‬وقد‬
‫األبوي…‬
‫ّ‬ ‫احلب‬
‫َس َح َقه األمل‪ ،‬وتبكيت الضمري‪ ،‬و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 737 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫َميئك إىل هنا؟»‬
‫ببيتك قبل َ‬
‫متر َ‬ ‫«أمل ّ‬
‫كضت كاجملنون إىل هنا‪ ...‬ملاذا؟ أهناك أمل آخر؟ هل َهَربَت صالومي؟ لقد ُجنَّت!‬
‫«ال‪ .‬بل ر ُ‬
‫كأّنا قد أصبَ َحت كذلك‪»...‬‬‫كانت قد بَ َدت هذه الليلة و ّ‬

‫بنك‪».‬‬ ‫إيل‪ .‬بَ َكت‪َ .‬آمنَت‪ِ .‬‬


‫امض إىل بيتك اي مسعان‪ .‬لقد ُشفي ا َ‬ ‫«لقد َّ‬
‫حتدثَت صالومي َّ‬
‫إليك بتصديقي ذلك الثعبان (يهوذا)؟‬
‫أسأت َ‬ ‫ُ‬ ‫لت هذا يل‪ ،‬أان الذي‬
‫أنت!‪ ...‬فَـ َع َ‬
‫أنت!‪َ ...‬‬
‫« َ‬
‫كل هذا! ساُمين! ساُمين! ساُمين! قُل يل ماذا تريدين أن أفعل ِألُصلح‬ ‫أستحق ّ‬
‫ّ‬ ‫لست‬
‫آه! سيّدي! ُ‬
‫حّت‬ ‫األمر‪ ،‬ألقول لك إين أحب ِ‬
‫أتيت إىل هنا‪ّ ،‬‬
‫لك ُمذ َ‬ ‫كنت أأت ّمل لذاك البُعد‪ ،‬ألقول َ‬
‫ُقنعك أبنّين ُ‬
‫ك‪ ،‬أل َ‬ ‫َ ّ َّ‬
‫إليك!‪ ...‬ولكن‪ ...‬ولكن‪»...‬‬‫كنت أر َغب يف احلديث َ‬ ‫قبل أن يَبلغ املرض حبلفا إىل هذه الدرجة‪ُ ،‬‬
‫انس كالم‬ ‫و‬ ‫كذلك‪،‬‬ ‫أنت‬ ‫افعل‬ ‫ره‪.‬‬ ‫ك‬
‫ّ‬ ‫أتذ‬ ‫أعد‬ ‫مل‬ ‫أان‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫ن‬‫م‬‫دعك ِمن هذا‪ .‬كل ذلك أصبح ِ‬ ‫« َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬
‫أي وقت أمام‬‫كرر هذا الكالم ال اآلن وال يف ّ‬‫منك هذا فقط‪ّ :‬أال تُ ِّ‬‫يوطي‪ .‬إنّه َولَد‪ .‬أريد َ‬
‫يهوذا االسخر ّ‬
‫بيتك اي مسعان‪ِ .‬‬
‫امض وكن يف‬ ‫امض إىل َ‬ ‫وابألخص أمام أ ُّمي‪ .‬هذا فقط‪ .‬اآلن ِ‬
‫ّ‬ ‫تالميذي وال ُر ُسلي‪،‬‬
‫امض‪ ».‬يُعانِقه ويدفعه بلطف صوب الناصرة‪.‬‬ ‫بيتك‪ِ .‬‬‫تتأخر عن الفرح الذي ميأل َ‬ ‫سالم‪ ...‬ال ّ‬
‫«أال أتيت معي؟»‬

‫زوجتك‪ ،‬اليت َع ِرفَت أن‬


‫َ‬ ‫ك بَِفضل‬ ‫ومعك صالومي وحلفا‪ِ .‬‬
‫امض‪ .‬وتذ ّكر أنّ َ‬ ‫َ‬ ‫أنتظرك يف بييت‬
‫« َ‬
‫احلايل‪ .‬بفضلها هي‪».‬‬
‫نلت الفرح ّ‬
‫ابحلق‪ ،‬قد َ‬
‫تؤمن فقط ّ‬
‫إيل‪»...‬‬
‫«تريد القول إنّه ابلنسبة َّ‬
‫وندامتك أتت ِمن هلجتها املتَّ ِهمة‪ ...‬ح ّقاً‪ ،‬إ ّن هللا‬
‫َ‬ ‫فيك ابلنَّدم‪.‬‬
‫أحسست َ‬
‫ُ‬ ‫«ال‪ .‬أريد القول إنّين‬
‫القوي‪ .‬اذهب‪،‬‬ ‫و‬ ‫اضع‬ ‫و‬ ‫املت‬ ‫صالومي‬ ‫إميان‬ ‫أيت‬
‫ر‬ ‫لقد‬‫و‬ ‫ح!‪...‬‬ ‫نص‬ ‫وي‬ ‫م‬ ‫يهتف بفم الصاحلني‪ ،‬ويهدي ِ‬
‫هب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تتأخر أكثر عن أن تقول هلا "شكراً"‪».‬‬‫لك‪ .‬ال ّ‬ ‫أقول َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 738 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَدفَعه بشكل يكاد يكون َخ ِشناً‪ ،‬لِيُقنعه ابلذهاب‪ .‬وعندما يذهب مسعان أخرياً‪ ،‬يُبا ِركه‪ُ ...‬ثّ‪،‬‬
‫توجه‬
‫عرب عن ُّ‬ ‫يهز رأسه مبناجاة صامتة‪ ،‬وتسيل دموع على وجهه الشاحب ببطء‪ ...‬كلمة واحدة تُ ِّ‬ ‫ّ‬
‫تفكريه‪« :‬يهوذا!»‬

‫ابّتاه بيته‪.‬‬
‫يَسلك الدرب الضيّق ذاته الذي َسلَ َكه الغيور‪ ،‬خلف حدود املدينة‪ّ ،‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 739 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫‪َ( -176‬سعان بطرس يف الناصرة‪َ .‬ك َرم مرغزايم)‬

‫‪1945 / 10 / 22‬‬

‫ص َل بطرس وحده‪ ،‬وبشكل غري منتَظَر‪ ،‬إىل بيت الناصرة‪ .‬إنّه‬ ‫ِ‬
‫متأخر من الصبيحة‪َ ،‬و َ‬
‫يف وقت ّ‬
‫كالعتّال ُيمل سالالً وأكياساً‪ ،‬ولكنّه سعيد للغاية‪ ،‬لدرجة أنّه ال يشعر ابلثقل والتعب‪.‬‬

‫فعمة فرحاً وإجالالً‪ُ .‬ثّ يَسأل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يبتسم ملرمي‪ ،‬اليت مضت لتفتح له‪ ،‬ابتسامة غبطة يُرفقها بتحيّة ُم َ‬
‫«أين املعلّم ومرغزايم؟»‬

‫« ّإّنما على املنحدر‪ ،‬فوق املغارة‪ ،‬إّّنا ِمن جهة بيت حلفا‪ُّ .‬‬
‫أظن أ ّن مرغزايم يقطف الزيتون‪،‬‬
‫يتأمل‪ .‬سأانديهما‪».‬‬
‫ويسوع ابلتأكيد ّ‬
‫«أان سأفعل‪».‬‬

‫الرَزم‪».‬‬
‫كل هذه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫األقل من ّ‬
‫«ُتلص على ّ‬
‫ب أن أراه ُُيملق ويُفتّش بقلق‪ّ ...‬إّنا فرحته‪َ ،‬ولَدي‬ ‫ِ‬
‫للصيب‪ .‬أُح ّ‬
‫ّ‬ ‫«ال‪ ،‬ال‪ّ ،‬إّنا مفاجآت‬
‫املسكني‪».‬‬

‫َخي ُرج إىل احلديقة‪ ،‬يذهب حتت املنحدر‪ ،‬خيتبئ جيّداً داخل املغارة‪ُ ،‬ثّ ينادي ُم ِّ‬
‫غرياً صوته قليالً‪:‬‬
‫لك اي معلّم‪ُ ».‬ثّ بصوت طبيعي‪« :‬مرغزايم!‪»...‬‬
‫«السالم َ‬
‫صمت‪ ...‬حلظة سكون‪ُ ،‬ثّ يَسأل‬‫صوت مرغزايم الناعم الذي كان ميأل اجلو الساكن تعجباً‪ ،‬يَ ُ‬
‫الصوت الناعم الشبيه بصوت طفلة‪« :‬اي معلّم‪ ،‬أمل يكن أيب هو الذي انداين؟»‬

‫بكل بساطة‪.‬‬
‫ويتعرف عليه‪ّ ،‬‬
‫سمع شيئاً‪ّ ،‬‬
‫قد يكون يسوع آنذاك غارقاً يف تفكريه إىل درجة أنّه مل يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 740 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ينادي بطرس ِمن جديد‪« :‬مرغزايم!» ُثّ يُطلِق ضحكة كبرية‪.‬‬

‫أنت؟»‬
‫«آه! إنّه ح ّقاً هو! أيب! أيب! أين َ‬
‫وينحين لِيَنظُر إىل احلديقة‪ ،‬ولكنّه ال يَرى شيئاً‪ ...‬يتق ّدم يسوع كذلك ويَنظُر‪ ...‬فريى مرمي‬
‫وِها يف الغرفة اليت يف عُمق احلديقة‪ ،‬قرب الفرن‪.‬‬
‫فعالن مثلها‪ُ ،‬‬
‫تبتسم عند الباب‪ ،‬ويوحنّا وسينتيكا يَ َ‬
‫صمم ويرمي بنفسه ِمن أعلى املنحدر قرب احلديقة‪ ،‬ويتل ّقاه بطرس سريعاً قبل‬
‫ِ‬
‫ولكن مرغزايم يُ ّ‬
‫مالمسته األرض‪ .‬سالم االثنني مؤثّر‪ .‬يسوع ومرمي واالثنان اللذان يف عمق احلديقة يراقبوّنما وهم‬
‫الصيب‪ ،‬لينحين أمام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يتحرر بطرس من معانقة ّ‬ ‫يبتسمون‪ُ ،‬ثّ يقرتبون من اجملموعة الصغرية الودودة‪ّ .‬‬
‫ابلرسول‪ ،‬والذي يَسأل‪« :‬أين‬ ‫الصيب املتشبّث َّ‬ ‫ِ‬
‫يسوع وُييّيه من جديد‪ .‬ويعانقه يسوع‪ ،‬معانقاً كذلك ّ‬
‫أ ُّمي؟»‬

‫رت يف القدوم؟»‬ ‫ّأما بطرس فإنّه ُُييب يسوع الذي يَسأله‪« :‬ملاذا َّ‬
‫بك َ‬
‫رؤيتك؟ ُثّ‪ ...‬هه! بورفرييه‪ ،‬ما كانت لترتكين‬
‫لك أنّين أستطيع البقاء طويالً دون َ‬
‫«هل كان يبدو َ‬
‫تظن مرغزايم بني لصوص‬‫يف سالم‪" :‬اذهب لرتى مرغزايم‪ُ .‬خذ له هذا‪ ،‬امحل له ذاك"‪ .‬يبدو ّأّنا كانت ّ‬
‫حّت‬
‫تعمدة لصنع فطائر العسل‪ ،‬وما كادت تنضج ّ‬ ‫أو هو يف صحراء‪ُ .‬ثّ‪ ،‬الليلة املاضية‪ ،‬قامت ُم ّ‬
‫َج َعلَتين أمضي‪»...‬‬

‫صمت‪.‬‬
‫«آه! فطائر العسل!‪ »...‬يَهتف مرغزايم‪ ،‬ولكنّه بعدئذ يَ ُ‬
‫«نعم‪ّ ،‬إّنا هنا‪ ،‬يف الداخل‪ ،‬مع التني اجمل ّفف على الفرن والزيتون والت ّفاح األمحر‪ُ .‬ثّ‪ ،‬لقد‬
‫نعجاتك‪.‬‬
‫َ‬ ‫صنَـ َعتها ِمن حليب‬
‫لك أقراص اجلُّنب الصغرية‪َ ،‬‬‫لك رغيفاً ابلزيت‪ ،‬ولقد بـَ َعثَت َ‬
‫صنَـ َعت َ‬
‫َ‬
‫متلهفاً؟ أتبكي؟ آه!‬
‫وهناك ثوب ال ينفذ منه املاء‪ُ .‬ثّ‪ُ ،‬ثّ‪ ...‬ال أدري ماذا هناك أيضاً‪ .‬كيف؟ أمل تَـعُد ّ‬
‫ملاذا؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 741 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كل هذه األشياء‪ ...‬فأان أُحبّها كثرياً‪ ،‬هل‬
‫ُفضل أن أتيت يل هبا هي‪ ،‬عوضاً عن ّ‬
‫كنت أ ّ‬
‫«ألنّين ُ‬
‫تَعلَم؟»‬

‫كل هذه األشياء‪،‬‬


‫«آه! اي للرمحة اإلهليّة! ولكن َمن كان ليف ّكر هبذا؟ لو كانت هي اليت تسمع ّ‬
‫كالسمن‪»...‬‬‫لكانت ستذوب َّ‬
‫تتمىن رؤيته‪ ،‬منذ زمن بعيد‪ .‬حنن‬
‫ميكنك اجمليء معها‪ .‬ابلتأكيد هي ّ‬
‫َ‬ ‫حق‪ .‬كان‬
‫«مرغزايم على ّ‬
‫معشر النساء هكذا مع أوالدان‪ »...‬تقول مرمي‪.‬‬

‫عما قريب‪ ،‬أليس كذلك اي معلّم؟»‬


‫«حسناً‪ ،‬ولكنّها سرتاه ّ‬
‫«نعم‪ ،‬بعد عيد األنوار‪ ،‬عندما نرحل‪ ...‬إّّنا وإن يكن‪ ...‬نعم‪ ،‬عندما تعود بعد عيد األنوار‪،‬‬
‫تعود معها‪ .‬وستُمضي هي معه بضعة ّأايم‪ُ ،‬ثّ يعودان معاً إىل بيت صيدا‪».‬‬

‫للصيب صفاؤه وسعادته‪.‬‬


‫ّ‬ ‫«آه! اي للروعة! هنا ومع أ َُّمني!» ويعود‬

‫دخلون َجيعاً إىل البيت ويُنـ ِزل بطرس ُّ‬


‫الرَزم عن كاهله‪.‬‬ ‫يَ ُ‬
‫الطري‬
‫ّ‬ ‫َمفف‪ ،‬مملَّح وطازج‪ .‬سيكون هذا عمليّاً ابلنسبة إىل أ ُّم َ‬
‫ك‪ .‬وهذا اجلُّنب‬ ‫«هذا مسك َّ‬
‫آمل ّأال تكون قد ُك ِسَرت‪ ...‬ال‪ ،‬حلسن احلظ‪ُ .‬ثّ عنب‪.‬‬ ‫الذي حتبّه كثرياً اي معلّم‪ .‬وهنا بيض ليوحنّا‪ُ .‬‬
‫أعطتين ّإايه سوسن يف قاان‪ ،‬حيث َّنَت‪ُ .‬ثّ‪ ...‬آه! ُثّ هذا! انظر اي مرغزايم كم هو أشقر‪ .‬حتسبه شعر‬
‫مرمي‪ »...‬ويَفتَح قِدراً مليئاً عسالً سائالً‪.‬‬

‫الصرر الكبرية‬
‫لت نفسك عناء اي مسعان‪ ».‬تقول مرمي وهي ترى ُّ‬‫كل هذا؟ لقد َمحَّ َ‬
‫«ولكن ملاذا ّ‬
‫والصغرية واألواين وال ُقدور اليت غطّت الطاولة‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 742 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اصطدت كثرياً‪ ،‬وبكثري من التوفيق‪ .‬هذا ِمن جهة السمك‪ّ .‬أما الباقي‪ :‬فَ ِمن‬ ‫ُ‬ ‫«عناء؟ ال‪ .‬لقد‬
‫إنتاج البيت‪ .‬هذا ال يكلّف شيئاً‪ ،‬وابملقابل َّ‬
‫فإن َجلبها مينح فرحاً كبرياً‪ُ .‬ثّ‪ ...‬إنّه عيد األنوار‪ ،‬وهذا‬
‫مومسها‪ .‬أليس كذلك؟! أال تذوق العسل؟»‬

‫«ال أستطيع‪ ».‬يقول مرغزايم بشكل جا ّد‪.‬‬

‫«ملاذا؟ هل تَشعُر بتوعُّك؟»‬

‫«ال‪ .‬إّّنا ال ميكنين أكله‪».‬‬

‫«ولكن ملاذا؟»‬

‫شرح األمر‪« :‬لقد نَ َذ َر‬


‫صمت‪ .‬يبتسم يسوع ويَ َ‬ ‫الصيب ولكنّه ال ُُييب‪ .‬يَنظُر إىل يسوع ويَ ُ‬
‫َُي َمّر ّ‬
‫مرغزايم نذراً للحصول على نعمة‪ .‬ال ميكنه تناول العسل مل ّدة أربعة أسابيع‪».‬‬

‫أظن‬
‫كنت ُّ‬
‫«آه! حسناً! سوف تتناوله فيما بعد‪ ...‬ومع ذلك ُخذ الوعاء‪ ...‬ولكن انظر! ما ُ‬
‫أنّه‪ ...‬أنّه‪»...‬‬

‫سهل عليه إُياد‬ ‫«إنَّك ّ‬


‫سخي ج ّداً اي مسعان‪ .‬ولكن الذي ميارس التّوبة منذ الطفولة‪ ،‬سوف يَ ُ‬
‫الصيب والوعاء الصغري بني يديه‪.‬‬
‫سبيل الفضيلة مدى حياته‪ ».‬يقول يسوع بينما يبتعد ّ‬
‫فعماً إعجاابً‪ُ .‬ثّ يَسأل‪« :‬والغيور‪ ،‬أليس هنا؟»‬
‫يَنظُر إليه بطرس وهو ميضي‪ُ ،‬م َ‬
‫«إنّه عند مرمي اليت حللفا‪ .‬ولكنّه على وشك العودة‪ .‬سوف تنامان معاً هذه الليلة‪ .‬تعال هنا اي‬
‫مسعان بطرس‪».‬‬

‫ابلرَزم‪.‬‬
‫َخي ُرجان‪ ،‬بينما مرمي وسينتيكا تُرتّبان الغرفة املليئة ُّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 743 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫األايم‪،‬‬
‫رت كثرياً هذه ّ‬ ‫الصيب‪ .‬ح ّقاً‪ .‬إّّنا كذلك ألنّين ف ّك ُ‬
‫أنت و ّ‬ ‫أتيت ألر َاك‪َ ،‬‬
‫«اي معلّم‪ ...‬لقد ُ‬
‫كذبت عليهم أكثر ممّا يف البحر‬
‫ُ‬ ‫خاصة منذ قدوم أولئك الثالثة الذين يَن ُفثون السموم‪ ...‬أولئك الذين‬
‫األندوري‪ُ ،‬ثّ َسيَمضون‬
‫ّ‬ ‫ِمن َمسَك‪ .‬وهم اآلن يف طريقهم إىل اجلسمانيّة‪ ،‬ظانّني ّأّنم َسيَ ِجدون يوحنّا‬
‫أنت‪ .‬فليمضوا إىل هناك!‪ ...‬ولكنّهم سوف يعودون‬ ‫كذلك‬ ‫و‬ ‫هناك‪،‬‬ ‫سينتيكا‬ ‫إُياد‬ ‫ني‬ ‫إىل لعازر ِ‬
‫متومس‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫لك املتاعب ِمن أجل هذين البائِ َسني‪»...‬‬ ‫و‪ ...‬اي معلّم‪ّ ،‬إّنم يَبغون أن يُسبِّبوا َ‬
‫كل هذا منذ أشهر‪ .‬وعندما يعودون حبثاً عن هذين االثنني اللذين يالحقوّنما‪،‬‬‫عت ّ‬
‫«لقد توقّ ُ‬
‫كل هذه الثياب املطوية‬
‫أي مكان يف فلسطني‪ .‬أترى هذه الصناديق؟ ّإّنا هلما‪ .‬أترى ّ‬
‫لن ُيدوِها وال يف ّ‬
‫ند ِهش؟»‬
‫أنت ُم َ‬
‫قرب النول؟ ّإّنا هلما‪ .‬هل َ‬
‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪ .‬ولكن إىل أين سرتسلهم؟»‬

‫«إىل أنطاكية‪».‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يُطلق بطرس صافرة ُم ِّ‬
‫عربة‪ُ ،‬ثّ يَسأل‪« :‬وإىل بيت َمن؟ وكيف يذهبان؟»‬

‫«إىل أحد بيوت لعازر‪ .‬آخر ممتلكات لعازر‪ ،‬حيث كان ُيكم أبوه ابسم روما‪ .‬وسيمضيان إىل‬
‫هناك حبراً‪»...‬‬

‫املضي إىل هناك على قدميه‪»...‬‬


‫«آه! هو ذا! إذ لو كان على يوحنّا ّ‬
‫لك‪" :‬تعال"‪ ،‬لتهيئة‬ ‫ُمادثتك يف هذا‪ ،‬كنت سأ ِ‬
‫ُرسل مسعان ليقول َ‬ ‫َ‬ ‫« َحبراً‪ .‬يسرين أين أمت ّكن ِمن‬
‫ُ‬
‫كل شيء‪ .‬امسع‪ .‬يومان أو ثالثة بعد عيد األنوار‪ ،‬سوف ّنضي ِمن هنا َجاعات صغرية‪ ،‬كي ال نَ ِلفت‬ ‫ّ‬
‫أخوك ويعقوب ويوحنّا وأخواي إضافة إىل يوحنّا‬
‫أنت و َ‬ ‫ِ‬
‫االنتباه‪ .‬ومن اجملموعة سوف نُش ّكل فريقاً‪ ،‬أان و َ‬
‫قهما ابلقارب إىل صور‪ .‬وهناك تَستقلّون سفينة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسينتيكا‪ .‬سوف ّنضي إىل بطوملايس! ومن هناك تُراف ُ‬
‫يومي‪،‬‬
‫قمة اجلبل بشكل ّ‬ ‫متّجهة إىل أنطاكية‪ُ .‬ثّ تعود لتالقيين يف أكزيب ‪ .Aczib‬سوف أكون على ّ‬
‫وفضالً عن ذلك فإ ّن الروح سوف يقودكم‪»...‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 744 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«كيف؟ أال أتيت معنا؟»‬

‫«سأكون الفتاً لالنتباه كثرياً‪ .‬وأان أريد َمنح السالم لروح يوحنّا‪».‬‬

‫ط عن هنا؟»‬
‫«وكيف سأعمل‪ ،‬أان الذي مل أبتعد ق ّ‬

‫بك‪.‬‬
‫إين أثق َ‬ ‫ِ‬
‫عليك املضي إىل أبعد من أنطاكية كثرياً‪ّ .‬‬
‫لست َولَداً‪ ...‬وقريباً سيكون لزاماً َ‬
‫«أنت َ‬
‫ترى أنّين أُق ِّد َ‬
‫رك‪»...‬‬

‫«وفليبّس وبرتلماوس؟»‬

‫«سوف أيتيان ملالقاتنا يف يوطاابت ‪ ، Jotapate‬ويُ ِّ‬


‫بشران وِها ينتظراننا‪ .‬سأكتب هلما ‪،‬‬
‫أنت الرسالة‪».‬‬
‫وحتمل َ‬
‫«و‪ ...‬هذان االثنان هنا‪ ،‬هل يَع ِرفان مصريِها؟»‬

‫«ال‪ .‬سأدعهما ُميضيان العيد بسالم‪»...‬‬

‫مالحقاً ِمن َُم ِرمني و‪»...‬‬


‫«آه! اي للمسكينني! انظر إذن إذا ما كان على املرء أن يكون َ‬
‫فمك اي مسعان‪».‬‬
‫«ال تُلطّخ َ‬
‫«نعم‪ ،‬اي معلّم‪ ...‬امسع‪ ...‬مع ذلك كيف العمل حلمل هذه الصناديق؟ وحلمل يوحنّا؟ إنّه يبدو‬
‫يل حقاً إنّه مريض ج ّداً‪».‬‬

‫«سنأخذ محاراً‪».‬‬

‫«ال‪ .‬سنأخذ عربة صغرية‪».‬‬

‫ومن سيقودها؟»‬
‫«َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 745 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«هه! كما تَعلَّم يهوذا بن مسعان استعمال اجملذاف‪ ،‬كذلك سيتعلّم مسعان بن يوان القيادة‪ُ .‬ثّ‬
‫ينبغي أال يكون أمراً صعباً َجُّر محار ابللّجام! وعلى العربة نضع الصناديق وهذين االثنني‪ ...‬وحنن‬
‫ّنضي سرياً على األقدام‪ .‬نعم‪ .‬نعم! يستحسن أن نفعل هكذا‪ ،‬ثق متاماً‪».‬‬

‫«والعربة‪َ ،‬من الذي يعطيناها؟ َّ‬


‫تذكر أنّين ال أريد أن يعرف أحد برحيلنا‪».‬‬

‫معك نقود؟»‬ ‫يُف ِّكر بطرس‪ ...‬يُ ِّ‬


‫قرر‪« :‬هل َ‬
‫حلي ميزاس‪».‬‬
‫«نعم‪ .‬الكثري‪ ،‬وأيضاً ّ‬
‫أعطين مبلغاً‪ .‬سوف أتدبّر محاراً وعربة ِمن عند أحدهم‪ ،‬و‪ ...‬نعم‪،‬‬
‫«إذن فاألمر كلّه يهون‪ِ .‬‬
‫فعلت يف َميئي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫نعم‪ ...‬بعد ذلك َّنب احلمار ألحد البؤساء‪ ،‬والعربة‪ ...‬سننظر يف أمرها‪ ...‬حسناً ُ‬
‫علي ح ّقاً العودة مع زوجيت؟»‬
‫وهل َّ‬
‫«نعم‪ .‬يُستحسن‪».‬‬

‫«وسيكون حسناً‪ .‬إّّنا هذان املسكينان! يؤسفين ّأال يعود يوحنّا فيما بيننا‪ .‬وقد كان لنا لبعض‬
‫لكن املسكني! كان إبمكانه أن ميوت هنا مثل يوان‪»...‬‬ ‫الوقت‪ ...‬و ّ‬
‫كره الذي يُفتدى‪».‬‬
‫«غري مسموح له‪ .‬فالعامل يَ َ‬
‫«سوف يؤمله هذا‪»...‬‬

‫حجة ّتعله ميضي دون كثري أسف‪».‬‬


‫«سأجد ّ‬
‫حجة؟»‬
‫«أيّة ّ‬
‫حجة العمل ِمن أجلي‪».‬‬
‫احلجة ذاهتا اليت استخدمتُها يف إرسال يهوذا بن مسعان‪ّ :‬‬
‫« ّ‬
‫«آه! إّّنا لدى يوحنّا‪ ،‬القداسة‪ ،‬بينما لدى يهوذا ال شيء سوى الكربايء‪».‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 746 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫تنم‪».‬‬
‫«مسعان‪ ،‬ال ّ‬
‫تغين‪ّ .‬إّنا احلقيقة‪ ،‬اي معلّم‪ ،‬وليست ّنيمة‪ ...‬ولكن‬ ‫ِ‬
‫«إ ّن ذلك هلو أصعب من جعل مسكة ّ‬
‫يبدو يل أ ّن الغيور قَ ِدم مع إخوتك‪ .‬هيّا بنا‪».‬‬

‫«هيّا‪ ،‬والزم الصمت مع اجلميع‪».‬‬

‫«أتقول يل هذا؟ ال ميكنين إخفاء احلقيقة‪ ،‬عندما أحت ّدث‪ ،‬ولكنّين أعرف أن أصمت متاماً عندما‬
‫حّت أنطاكية! إىل آخر العامل! آه!‬
‫عاهدت نفسي على ذلك‪ .‬أان أذهب ّ‬ ‫ُ‬ ‫أريد‪ .‬وأان أريد ذلك‪ .‬لقد‬
‫كل شيء‪»...‬‬ ‫يتم ّ‬
‫لست أرى مّت أعود! ولن أانم طاملا مل ّ‬
‫ُ‬
‫َخي ُرجان وال أعود أرى شيئاً‪.‬‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 747 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫للحب الكوين)‬
‫ّ‬ ‫‪( -177‬ال شيء يضيع يف التدبري املق ّدس‬

‫‪1945 / 10 / 23‬‬

‫لست أدري إذا ما كان اليوم ذاته‪ ،‬ولكنّين أتوقّع ذلك‪ ،‬بسبب وجود بطرس على طاولة عائلة‬ ‫ُ‬
‫الناصرة‪ .‬تُشا ِرف وجبة الطعام على االنتهاء‪ ،‬وتَ َنهض سينتيكا لتضع على الطاولة الت ّفاح واجلوز واللوز‬
‫والعنب‪ .‬فقد انتهوا ِمن العشاء‪ ،‬فالوقت مساء واملصابيح أُضيئَت‪.‬‬

‫وعلى ضوء املصابيح يدور احلوار‪ ،‬بينما ّتلب سينتيكا الفاكهة‪ .‬يقول بطرس‪« :‬هذا العام‪،‬‬
‫بين‪ .‬ذلك أنّنا نريد أن نضيئه‬ ‫اي‬ ‫أجلك‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫سوف نُضيء واحداً إضافياً‪ ،‬وسيظل‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬دائماً‪ِ ،‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املرة األوىل اليت نضيئه فيها ِمن أجل َولَد‪ »...‬ويتأثّر مسعان‬
‫كنت هنا‪ّ .‬إّنا ّ‬
‫حّت ولو َ‬ ‫حنن ِمن َ‬
‫أجلك ّ‬
‫أنت هناك‪ ،‬كان سيبدو ذلك أهبى‪»...‬‬ ‫كنت َ‬ ‫قليالً وهو ينهي كالمه بقوله‪« :‬ابلتأكيد‪ ...‬لو َ‬
‫تتنهد ِمن أجل االبن البعيد ج ّداً‪ ،‬ومعي مرمي اليت‬
‫كنت أان‪ ،‬اي مسعان‪ ،‬اليت ّ‬‫«العام املاضي‪ُ ،‬‬
‫حللفا وصالومي‪ ،‬وكذلك مرمي اليت لسمعان‪ ،‬يف بيتها يف إسخريوط‪ ،‬وأ ُّم توما‪»...‬‬

‫لست أظنُّها أكثر سعادة‪ ...‬فال‬‫«آه! أ ُّم يهوذا! سيكون ابنها معها هذه السنة‪ ...‬ولكنّين ُ‬
‫أّنا مساء ِمن الذهب والنار‪ .‬هذا‬ ‫نف ّكر ّن هبذا‪ ...‬كنّا عند لعازر‪َ .‬كم ِمن األنوار!‪ ...‬كانت تبدو وك ّ‬
‫لست هناك‪ .‬ويف العام‬ ‫ِ‬
‫ك َ‬ ‫جملرد تفكريهم أنّ َ‬
‫يتنهدون ّ‬
‫العام‪ ،‬لعازر لديه أخته‪ ...‬ولكنّين متأ ّكد من ّأّنم ّ‬
‫القادم‪ ،‬أين سنكون؟»‬

‫«أان‪ ،‬سأكون بعيداً ج ّداً‪ »...‬يُتمتِم يوحنّا‪.‬‬


‫يلتفت بطرس لِينظُر إليه‪ ،‬فهو إىل جانبه‪ِ ،‬‬
‫ويوشك أن يَسأله عن أمر ما‪ ،‬إّّنا‪ ،‬حلسن احلظ‪،‬‬ ‫َ‬
‫يعرف كيف يتوقّف على أَثَر نَظرة ِمن يسوع‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 748 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫يَسأل مرغزايم‪« :‬أين ستكون؟»‬

‫الرب‪ ،‬آمل أن أكون يف حضن ابراهيم‪»...‬‬


‫«برمحة ّ‬
‫تتحسر على املوت قبل التبشري؟»‬ ‫«آه! تريد أن متوت؟ أال تريد أن تُ ِّ‬
‫بشر؟ أال ّ‬
‫علي أنّه َمسَح يل أن أمسعها وأن أُفتَدى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب من شفاه مق ّدسة‪ .‬كثري َّ‬
‫« َُيب أن َخي ُرج كالم ّ‬
‫بفضلها‪ .‬كان سيُسعدين ذلك‪ ...‬إّّنا فات األوان‪»...‬‬

‫إليك‪ .‬ألجل ذلك ستُدعى التلميذ‬‫كنت تلفت االنتباه َ‬


‫بشر‪ .‬ولقد فعلتَها‪ ،‬طاملا َ‬ ‫«ومع ذلك ستُ ِّ‬
‫لك يف احلياة األخرى املكافأة احملفوظة‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫نشر البُشرى احلَ َسنة‪ ،‬فستكون َ‬
‫حّت ولو مل تسافر لتَ ُ‬
‫املبشر‪ّ ،‬‬
‫للم ِّ‬
‫بشرين يب‪».‬‬ ‫ُ‬
‫كل دقيقة ِمن هذه احلياة ميكنها أن ُُتبّئ شركاً‪ ،‬وأان‪ ،‬على‬
‫وعدك َُي َعلين أشتهي املوت‪ّ ...‬‬ ‫«إ ّن َ‬
‫أجنزت‪ ،‬أال يكون هذا ُجوداً ِمن الواجب‬
‫عما ُ‬
‫ِ‬
‫ضعفي‪ ،‬قد ال أمتكن من حتاشيه‪ .‬وإن تَقبَّـلَين هللا‪ ،‬راضياً ّ‬
‫مباركته؟»‬

‫لك إ ّن املوت سيكون ُجوداً فائقاً ابلنسبة إىل كثريين‪ ،‬ممّن سيعرفون هبذه الطريقة‬
‫احلق أقول َ‬
‫« ّ‬
‫مساً شيطانيّاً‪ ،‬للوصول إىل درجة يواسيهم فيها السالم بتلك‬ ‫ِ‬
‫إىل أيّة درجة يُصبح اإلنسان وكأ ّن به ّ‬
‫التحرر ِمن اليمبس‪».‬‬
‫ألّنا سوف تتّحد ابلفرح الذي ال يوصف‪ ،‬الناجم عن ّ‬ ‫املعرفة‪ ،‬ويُب ّدلوّنا أبوشعنا‪ّ ،‬‬

‫«ويف األعوام القادمة‪ ،‬أين سنكون اي سيّدي؟» يَسأل الغيور ابهتمام‪.‬‬

‫األزيل‪ .‬هل تريد أن تعرف ُمسبقاً األزمنة املتق ّدمة ج ّداً‪ ،‬عندما ال نكون أكيدين‬
‫«حيث يشاء ّ‬
‫ِمن اللحظة اليت نعيشها‪ ،‬وإذا ما سيُـ َقدَّر لنا أن نُكملها؟ عدا ذلك‪ ،‬مهما يكن املكان الذي ستقام‬
‫فيه أعياد األنوار القادمة‪ ،‬فإنّه سيكون مق ّدساً دائماً‪ ،‬إذا كنتم فيه إلمتام مشيئة هللا‪».‬‬

‫أنت؟» يَسأل بطرس‪.‬‬


‫«هل ستكونون هناك؟ و َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 749 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«أان سأكون على الدوام حيث يكون الذين أحبّهم‪».‬‬

‫لكن عينيها مل تتوقّفا حلظة عن التحديق يف وجه االبن‪ ...‬تلتفت لدى‬ ‫مل تتكلّم مرمي أبداً‪ ،‬و ّ‬
‫ضعي فطائر العسل على الطاولة؟ يسوع ُُيبّها‪ ،‬وهي‬‫مالحظة مرغزايم الذي يقول‪« :‬أ ُّماه‪ ،‬ملاذا مل تَ َ‬
‫مفيدة ليوحنّا ِمن أجل بلعومه‪ُ .‬ثّ أيب كذلك ُيبّها‪»...‬‬
‫«وكذلك أنت‪ ».‬ي ِ‬
‫كمل بطرس‪.‬‬‫َ ُ‬
‫دت‪»...‬‬
‫كأّنا مل تَ ُكن‪ .‬لقد َو َع ُ‬
‫إيل‪ ...‬هي ّ‬
‫«ابلنسبة َّ‬
‫«وهلذا‪ ،‬اي حبييب مل أضعها‪ »...‬تقول مرمي وهي تالطفه‪ ،‬فمرغزايم بينها هي وسينتيكا يف طرف‬
‫الطاولة‪ ،‬بينما الرجال األربعة يف اجلهة املقابلة‪.‬‬

‫عليك أن ّتلبيها‪ ،‬وأان سوف أُق ِّدمها‬


‫ميكنك أن أتيت هبا ِمن أجل اجلميع‪ .‬بل ِ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬ال‪.‬‬
‫للجميع‪».‬‬

‫أتخذ سينتيكا مصباحاً‪َُ ،‬ت ُرج وتعود حاملة الفطائر‪ .‬أيخذ مرغزايم الوعاء‪ ،‬ويبدأ ابلتوزيع‪.‬‬
‫اتمة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صنَـ َعها‪ ،‬هذه يُق ّدمها ليسوع‪ .‬أُخرى‪ّ ،‬‬ ‫ذهبة‪ُ ،‬منتَفخة‪ ،‬وكأ ّن معلّم حلوايت قد َ‬
‫الفطرية األَجل‪ُ ،‬م َّ‬
‫الصنع كذلك‪ ،‬يُق ِّدمها إىل مرمي‪ُ .‬ثّ أييت دور بطرس‪ ،‬مسعان‪ ،‬وسينتيكا‪ّ .‬أما كي يُق ِّدمها إىل يوحنّا‪،‬‬
‫وحصيت‪ ،‬وفوقها‬
‫تك ّ‬ ‫حص َ‬
‫لك ّ‬ ‫املريب العجوز واملريض‪ ،‬ويقول له‪َ « :‬‬
‫الصيب يَ َنهض وميضي إىل جانب ّ‬‫فإ ّن ّ‬
‫كل ما تُعلِّمين‪ُ ».‬ثّ يعود إىل مكانه واضعاً الوعاء يف منتصف الطاولة‪ ،‬ويتكتّف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قُبلة من أجل ّ‬
‫حبق عن‬
‫ص يف بَلع هذه الفطائر املمتعة‪ ».‬يقول بطرس وهو يَرى مرغزايم ميتنع ّ‬
‫ك ّتعلين أغُ ّ‬
‫«إنّ َ‬
‫حصيت‪ ،‬فقط كي ال متوت ِمن االشتهاء‪ .‬إنّ َ‬
‫ك تُعاين‬ ‫ِ‬
‫تناوهلا‪ .‬ويُضيف‪« :‬أقلّه قطعة صغرية‪ُ .‬خذ‪ ،‬من ّ‬
‫لك بذلك‪».‬‬ ‫سمح َ‬ ‫كثرياً‪ ...‬يسوع يَ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 750 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫كنت أَعلَم أ ّن‬
‫أي استحقاق‪ ،‬اي أيب‪ .‬ابلضبط ألنّين ُ‬ ‫لكين إن مل أكن أعاين‪ ،‬فال يكون يل ّ‬
‫«و ّ‬
‫تضيت هذه التضحية‪ ...‬فيما عدا ذلك‪ ...‬أان مسرور ج ّداً لِِفعلي ّإايها‪ ،‬رغم‬
‫هذا سيجعلين أعاين‪ ،‬ار ُ‬
‫كل مكان‪ ،‬يبدو أنّين أتن ّفسه مع اهلواء‪»...‬‬
‫أ ّن الفطائر تبدو يل مليئة عسالً‪ .‬أشعُر بطعمها يف ّ‬
‫ك متوت ِمن االشتهاء‪».‬‬
‫«ذلك ألنّ َ‬
‫بين"‪».‬‬
‫"أحسنت اي ّ‬
‫َ‬ ‫«ال‪ ،‬بل ألنّين أَعلَم أ ّن هللا يقول يل‪:‬‬

‫ك كثرياً!»‬
‫حّت بدون هذه التضحية‪ .‬إنّه ُيبّ َ‬
‫سريضيك‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫«كان املعلّم‬

‫احلب‪ .‬هو يقول ذلك‪ ،‬فضالً عن‬ ‫«نعم‪ ،‬إّّنا ليس ِ‬


‫أستغل هذا ّ‬‫ّ‬ ‫أن‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫اب‬‫ُمبو‬ ‫كنت‬
‫ُ‬ ‫إذا‬ ‫العدل‪،‬‬ ‫ن‬‫م‬
‫أظن أنّه إذا كان عظيماً ِمن أجل كأس‬ ‫ِ‬
‫أ ّن أجراً عظيماً يف السماء هو‪ ،‬من أجل كأس ماء ُمينح ابمسه‪ّ .‬‬
‫ماء يُعطى آلخر ابمسه‪ ،‬فسيكون كذلك ِمن أجل فطرية عسل أنابها ُحبّاً أبخ‪ .‬هل أان على خطأ اي‬
‫معلّم؟»‬

‫مين ِمن أجل راشيل الصغرية‪،‬‬ ‫كنت تطلب ّ‬ ‫أهبك ما َ‬‫«بل إنّك حبكمة تتكلّم‪ .‬كان إبمكاين أن َ‬
‫ِ‬
‫ك‬‫تضحيتك‪ ،‬أل ّن ذلك فعل َح َسن هو‪ ،‬وكان قليب يريده‪ .‬ولكنّين فعلتُهُ مبزيد ِمن الفرح‪ ،‬ألنّ َ‬
‫َ‬ ‫حّت بدون‬
‫ّ‬
‫حب إخوتنا ال يقف عند ح ّد الوسائل واحلدود البشريّة‪ ،‬ولكنّه يَرقى ويَسمو أكثر بكثري‪.‬‬ ‫ساعدتَين‪ّ .‬‬
‫المس عرش هللا‪ ،‬ويَذوب يف ُمبّته الالمتناهية وصالحه‪ .‬ا ّحتاد الق ّديسني‬ ‫وعندما يكون كامالً‪ ،‬فإنّه ي ِ‬
‫ُ‬
‫عمل هللا‪ ،‬لِيَمنَح العون‬
‫شّت‪ ،‬هكذا يَ َ‬ ‫هو ابلضبط هذا العمل املتواصل‪ ،‬وكما هو متواصل‪ ،‬وبطرق ّ‬
‫املاديّة‪ ،‬أو الروحيّة‪ ،‬أو لالثنني معاً‪ ،‬كما هو احلال ابلنسبة إىل مرغزايم الذي‪،‬‬
‫لإلخوة‪ ،‬إ ْن الحتياجاهتم ّ‬
‫ويؤجج‬
‫حبصوله على شفاء راشيل‪ ،‬يُداوي مرضها‪ ،‬ويف الوقت ذاته يُداوي روح العجوز حنّة املنهار‪ّ ،‬‬
‫ثقة ابلرب يف قلبيهما تتعاظم ابستمرار‪ .‬فحّت ملعقة عسل نضحي هبا‪ ،‬ميكنها أن تُ ِ‬
‫ساعد يف إعادة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يؤمن‬
‫احلب‪ ،‬ميكنه أن ّ‬ ‫السالم والرجاء حملزون‪ ،‬كالفطرية أو طعام آخر‪َُ ،‬ي ُرم املرء نفسه منه هبدف ّ‬
‫حّت‬
‫رغيفاً‪ ،‬ممنوحاً بصورة معجزة‪ ،‬جلائع بعيد‪ ،‬سيبقى على الدوام َمهوالً ابلنسبة إلينا؛ وكلمة غضب‪ّ ،‬‬
‫ضبِطَت بروح التضحية‪ ،‬ميكنها أن َمتنَع جرمية بعيدة‪ ،‬واالمتناع عن‬ ‫ولو كان الغضب عادالً‪ ،‬إذا ما ُ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 751 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫احلب‪ ،‬ميكنها املساِهة يف َمنح فكرة نَ َدم وتوبة لسارق‪ ،‬ومتنع بذلك حدوث‬ ‫قطف فاكهة‪ ،‬بفعل ّ‬
‫احلب الكوينّ املق ّدس‪ .‬إ ّن إحراق شهيد يف ُِمرقة ليس أعظم ِمن‬ ‫سرقة‪ .‬ال شيء يضيع يف حساب ّ‬
‫تضحية طفل بطوليّة أمام صحفة فطائر‪ .‬أقول لكم إ ّن ُمرقة الشهيد أساسها يف الغالب الرتبية البطوليّة‬
‫حب هللا والقريب‪».‬‬
‫اليت تل ّقاها منذ الطفولة من أجل ّ‬
‫«إذن‪ ،‬هو ح ّقاً مفيد أن أعمل دائماً التضحيات‪ِ ،‬من أجل الزمن الذي نكون فيه مضطَ َهدين‪».‬‬
‫يقول مرغزايم بيقني‪.‬‬

‫«مضطَ َهدين؟» يَسأل بطرس‪.‬‬

‫أنت قلتَها يل‪ ،‬عندما‬ ‫ِ‬


‫«نعم‪ .‬أال تتذ ّكر أنّه قال ذلك؟ "سوف تكونون مضطَ َهدين من أجلي"‪َ .‬‬
‫لتبشر يف بيت صيدا‪ ،‬أثناء الصيف‪».‬‬
‫للمرة األوىل وحيداً‪ّ ،‬‬‫أتيت ّ‬
‫َ‬
‫كل شيء‪ ».‬يقول بطرس ممتلئاً إعجاابً‪.‬‬
‫الصيب يتذ ّكر ّ‬
‫«إ ّن هذا ّ‬
‫يَنتَهي العشاء‪ .‬يَ َنهض يسوع‪ ،‬يُصلّي للجميع ويُبا ِرك‪ُ .‬ثّ‪ ،‬بينما تذهب النساء جللي األواين‪،‬‬
‫َُيلس يسوع مع الرجال يف إحدى زوااي الغرفة‪ ،‬وينحت قطعة خشب‪ ،‬لتصبح حتت نظر مرغزايم‬
‫عجة‪...‬‬
‫املتعجب نَ َ‬
‫ّ‬
‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 752 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫اجلزء الرابع ‪ /‬القسم الثاين‬

‫األندوري‪ ،‬سوف َتضي إىل أنطاكية")‬


‫ّ‬ ‫‪"( -178‬يوحنّا‬

‫‪1945 / 10 / 24‬‬

‫ّإّنا صبيحة شتاء ماطرة‪ .‬يسوع قد َّنَض‪ ،‬وهو اآلن يعمل يف مشغله‪ .‬إنّه يصنع أشياء صغرية‪.‬‬
‫ويف إحدى الزوااي هناك نول نسيج جديد‪ ،‬ليس كبرياً ج ّداً‪ ،‬ولكنّه حسن التكوين‪.‬‬

‫دخل مرمي وبيدها كأس حليب ساخن‪« .‬اشرب اي يسوع‪ .‬لقد مضى وقت طويل على‬
‫تَ ُ‬
‫ّنوضك‪ .‬الطقس َرطب وابرد‪»...‬‬
‫َ‬

‫كل شيء‪ّ ...‬أايم العيد الثمانية كانت قَد َشلَّت‬ ‫«نعم‪ .‬إّّنا‪ ،‬على األقل‪ ،‬فقد مت ّك ِ‬
‫نت من إّناء ّ‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫تتأمل مرمي‬ ‫بينما‬ ‫احلليب‪،‬‬ ‫ب‬ ‫شر‬ ‫وي‬ ‫بة‪،‬‬
‫ر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫امل‬ ‫ن‬ ‫وُيلِس يسوع على طاولة النّجارة‪ ،‬بقليل ِ‬
‫م‬ ‫العمل‪َ »...‬‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫وتتلمسه بيدها‪.‬‬
‫النول ّ‬
‫«هل تباركيه اي ّأمي؟» يَسأل يسوع مبتسماً‪.‬‬

‫أنت تصنعه‪.‬كانت فكرة‬


‫صنَعتَه‪ّ .‬أما الربكة فقد منحتَه ّإايها و َ‬
‫أنت َ‬
‫ك َ‬ ‫أتلمسه ألنّ َ‬
‫«ال‪ ،‬بل ّ‬
‫التقرب ِمن النساء‬
‫منك‪ .‬سيكون مفيداً لسينتيكا‪ّ .‬إّنا ماهرة ج ّداً يف النسيج‪ .‬وسيفيدها يف ّ‬
‫حسنة َ‬
‫أيت شظااي خشب الزيتون‪ ،‬على ما يبدو يل‪ ،‬قرب الفرن؟»‬ ‫فعلت غري ذلك‪ ،‬فقد ر ُ‬
‫والصبااي‪ .‬ماذا َ‬
‫صنعت أشياء تفيد يوحنّا‪ .‬أترين؟ علبة أقالم‪ ،‬وطاولة صغرية للكتابة‪ُ .‬ثّ هذه اخلزائن الحتواء‬‫« ُ‬
‫الكتب‪ .‬مل أكن ألمت ّكن ِمن صنع هذا لو مل يكن مسعان بن يوان قد فَ َّكَر ابلعربة الصغرية‪ .‬واآلن أصبَ َح‬
‫إبمكاننا تعبئة هذه األشياء كذلك‪ ...‬وِها سيف ّكران أبنّين أحببتُـ ُهما يف هذه األشياء الصغرية‪»...‬‬

‫«تتأ ّمل إلبعادِها‪ ،‬أليس كذلك؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 753 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أتخر مسعان عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حّت اآلن ألح ّدثهما‪ ...‬ولقد ّ‬ ‫نتظرت ّ‬
‫«أأت ّمل من أجلي ومن أجلهما‪ .‬لقد ا ُ‬
‫وج َع َل أنوار مصابيح‬
‫األايم‪َ ،‬‬
‫كل هذه ّ‬ ‫الوصول مع برفرييه‪ ...‬إنّه وقت التح ّدث‪ ...‬أمل َجثَ َم على قليب ّ‬
‫وددت االحتفاظ به لنفسي‬‫ُ‬ ‫كثرية حزينة‪ ...‬أََمل َّ‬
‫علي اآلن أن أنقله إىل اآلخرين‪ ...‬آه! اي أ ُّمي‪ ،‬كم‬
‫فقط!‪»...‬‬

‫ص ْمت‪ُ ،‬ثّ يُعا ِود يسوع الكالم‪« :‬هل‬ ‫ِ‬


‫بين!» وتُداعب مرمي له يده لتواسيه‪َ .‬‬
‫أطيبك اي ّ‬
‫َ‬ ‫«ما‬
‫ظ يوحنّا؟»‬
‫استي َق َ‬

‫مسعت سعاله‪ .‬قد يكون يف املطبخ يشرب احلليب‪ .‬اي ليوحنّا املسكني!‪ »...‬وتسيل‬
‫«نعم‪ ،‬فلقد ُ‬
‫دمعة على خ ّد مرمي‪.‬‬

‫علي أن أقول له ذلك‪ .‬مع سينتيكا سيكون األمر أسهل‪...‬‬ ‫يَ َنهض يسوع‪« :‬أان ماض إليه‪َّ ...‬‬
‫ّأما ابلنسبة إليه‪ ...‬أ ُّماه‪ ،‬اذهيب إىل مرغزايم وأيقظيه‪ ،‬وصلّي‪ ،‬بينما أحت ّدث إىل هذا الرجل‪ ...‬فاألمر‬
‫يشبِه النَّبش يف أحشائه‪ .‬ميكن قَتله أو شلّه يف حياته الروحية‪ ...‬اي له ِمن أمل‪ ،‬اي ِ‬
‫أبت!‪ ...‬أان ماض‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وخي ُرج وهو ُم َنهك ح ّقاً‪.‬‬
‫إليه‪َ »...‬‬

‫يسري اخلطوات القليلة اليت تفصل املشغل عن غرفة يوحنّا‪ ،‬وهي الغرفة ذاهتا اليت مات فيها‬
‫صادف سينتيكا اليت تعود ومعها ُحزمة حطب أتخذها إىل الفرن‪ ،‬وحتيّيه‪،‬‬ ‫يوانن‪ ،‬أي غرفة يوسف‪ .‬ي ِ‬
‫ُ‬
‫وُييب على حتيّة اليواننيّة وهو شارد الذهن‪ُ ،‬ثّ يقف اثبتاً يَنظُر إىل جنينة زنبق‬ ‫ال ِعلم هلا بشيء‪ُ .‬‬
‫طرق ابب يوحنّا الذي يَفتَح فيُش ِرق‬ ‫وي‬ ‫ت‬ ‫ب َدأَت أزرارها ابلبزوغ‪ .‬ولكنّين ال أخاله يراها‪ُ ...‬ث يقرر‪ .‬يلت ِ‬
‫ف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّّ َ‬ ‫َ‬
‫وجهه لدى رؤيته يسوع آتياً إليه‪.‬‬

‫غرفتك قليالً؟» يَسأله يسوع‪.‬‬


‫َ‬ ‫«هل ميكنين الدخول إىل‬

‫كنت تقوله أمس مساء حول الفطنة‬


‫ُدون ما َ‬
‫كنت أ ّ‬
‫أي وقت تشاء! قد ُ‬ ‫«آه! اي معلّم! يف ّ‬
‫والطاعة‪ .‬وُيسن أن تنظر إليه‪ ،‬إذ يبدو يل أنّين مل أحفظ جيداًكل ما قلته عن ِ‬
‫الفطنة‪».‬‬ ‫ّ ّ َ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 754 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫دخل يسوع إىل الغرفة الصغرية‪ ،‬وقد ُرتِّبت جيداً‪ ،‬حيث متّت إضافة طاولة صغرية لراحة املعلّم‬
‫يَ ُ‬
‫العجوز‪.‬‬

‫أحسنت ترديدها‪».‬‬
‫َ‬ ‫الرق ويقرأ‪« .‬جيّد ج ّداً‪ ،‬لقد‬
‫ينحين يسوع على ّ‬

‫أسأت التعبري يف هذه اجلملة‪ :‬تقول على الدوام بوجوب عدم‬ ‫ُ‬ ‫أين‬
‫«كما ترى‪ ،‬كان يبدو يل ّ‬
‫حّت يف األمور املتعلّقة ابلغد‪ ،‬هي‬
‫خيص جسد املرء‪ ،‬واآلن القول أب ّن الفطنة‪ّ ،‬‬
‫محل ِهوم الغد فيما ّ‬
‫مين طبعاً‪».‬‬
‫فضيلة‪ .‬وقد كان يبدو يل ذلك خطأ واقعاً ّ‬
‫املتخوف‪ ،‬خيتلف عن االهتمام‬ ‫هم األانين املبالَغ فيه و ِّ‬ ‫«ال‪ .‬مل ُتطئ‪ .‬هو ابلضبط ما قلتُهُ‪ .‬فإ ّن ّ‬
‫ّ‬
‫البار‪ .‬البُخل ِمن أجل غد‪ ،‬قد ال نعيشه‪ ،‬خطيئة‪ ،‬بينما التقتري بقصد أتمني القوت‬ ‫ّ‬ ‫لدى‬ ‫ن‬ ‫ال َف ِ‬
‫ط‬
‫كل احمليطني‬‫واحلماية لألهل‪ ،‬يف فرتة الفاقة‪ ،‬ليس خطيئة‪ .‬خطيئة هي عناية األانينّ جبسده‪ ،‬ومطالبته ّ‬
‫كل تضحية‪ ،‬خوفاً على اجلسد ِمن أن يتأ ّمل‪ ،‬إّّنا ال‬ ‫كل عمل و ّ‬ ‫به أبن يهتموا ابحتياجاته‪ ،‬ويتجنّب ّ‬
‫تُعتََرب خطيئة احملافظة على هذا اجلسد ِمن األمراض اليت ال طائل منها‪ ،‬واليت نُصاب هبا بعدم احرتاسنا‪،‬‬
‫ب احلياة‪ .‬وهي عطيّة منه‪ .‬وعلينا‬ ‫ِ‬
‫واليت تُش ّكل عبئاً على العائلة‪ ،‬وخسارة العمل املثمر لنا‪ .‬فاهلل َوَه َ‬
‫تصرفات قد تبدو للبُـلَهاء ُجبناً‬
‫هتور وال أاننية‪ .‬أترى؟ تقتضي الفطنة أحياانً ّ‬ ‫استخدامها بقداسة‪ ،‬دون ّ‬
‫ضتها أحداث جديدة كانت قد طرأت‪.‬‬ ‫أو عدم ثبات‪ ،‬بينما هي يف حقيقتها نتاج فطنة مق ّدسة‪ ،‬فَـَر َ‬
‫بك األذى‪ ...‬أهل زوجتك مثالً‪ ،‬أو ُحّراس‬ ‫لحقوا َ‬ ‫ك اآلن وسط أانس ميكن أن ي ِ‬ ‫كنت أرسلتُ َ‬
‫ُ‬ ‫مثالً‪ :‬لو ُ‬
‫صنعاً أم أسأتُه؟»‬
‫أحسنت ُ‬
‫ُ‬ ‫عملت‪ ،‬هل أكون‬
‫َ‬ ‫املناجم حيث‬

‫عليك‪ ،‬إّّنا أقول إ ّن ِمن األفضل إرسايل إىل مكان آخر‪ ،‬حيث ال خطر‬
‫أود احلُكم َ‬
‫«أان ال ُّ‬
‫يتعرض الختبار قاس ج ّداً‪».‬‬ ‫ِ‬
‫لدي أن ّ‬ ‫على القليل من الفضيلة الذي ّ‬
‫كنت يف‬
‫أرسلك أبداً إىل بثينيا أو ميسيا‪ ،‬حيث َ‬
‫َ‬ ‫أنت َحت ُكم حبكمة وفطنة‪ .‬ألجل ذلك ال‬‫«ها َ‬
‫روحك حتت ضغط‬
‫َ‬ ‫تتمىن الذهاب إىل هناك‪ .‬قد َِّتد‬
‫ك‪ ،‬روحيّاً‪ّ ،‬‬
‫حّت إىل سينتيوم‪ ،‬رغم أنّ َ‬
‫السابق‪ ،‬وال ّ‬
‫إرسالك إىل حيث‬ ‫اجعك روحيّاً‪ .‬إذن فالفطنة تقتضي عدم‬
‫يؤدي إىل تر َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫كبري من القسوة البشريّة الذي ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 755 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ونفسك‪.‬‬
‫َ‬ ‫إرسالك إىل مكان آخر فيه مصلحة يل ولِنَفس القريب‬
‫َ‬ ‫ال تكون ذا فائدة‪ ،‬بينما أستطيع‬
‫أليس كذلك؟»‬

‫مهمة خارج فلسطني‪.‬‬ ‫يوحنّا‪ ،‬اجلاهل مصريه‪ ،‬ال يُد ِرك تلميحات يسوع إىل إمكانيّة إرساله يف ّ‬
‫بكل أتكيد اي معلّم‪ ،‬إنّين‬ ‫يَدرس يسوع وجهه ويراه ساكناً‪ُ ،‬مغتَبِطاً ابالستماع إليه‪ ،‬حاضراً ّ‬
‫للرد‪ّ « :‬‬
‫"أود لو أذهب وسط الوثنيّني‪،‬‬‫لت‪ُّ :‬‬
‫أكون أكثر فائدة يف موضع آخر‪ .‬أان نفسي‪ ،‬منذ بضعة ّأايم قُ ُ‬
‫مت نفسي على ذلك قائالً‪" :‬وسط الوثنيّني‪ ،‬نعم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كنت مثاالً سيّئاً"‪َ .‬ولُ ُ‬
‫ألكون مثاالً صاحلاً حيث ُ‬
‫حّت على اجلبال‬ ‫ِ‬
‫لك هناك من اإلسرائيليّني اآلخرين‪ .‬بينما يف سينتيوم‪ ،‬ال‪ ،‬وال ّ‬ ‫أل ّن ال حت ّفظات َ‬
‫عشت مثل ُمكوم عليه ابألشغال الشاقّة وذئب‪ ،‬يف مناجم الرصاص‪ ،‬ويف مقالع‬ ‫قفرة‪ ،‬حيث‬ ‫الـم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حّت على سبيل التعطّش إىل التضحية املطلقة‪.‬‬ ‫ميكنك الذهاب إىل هناك‪ ،‬وال ّ‬ ‫َ‬ ‫الرخام النَّفيس‪ .‬ال‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫فحّت ولو مل يُلقوا أبنفسهم‬
‫عليك‪ّ ،‬‬
‫ف الناس َ‬ ‫تعر َ‬
‫جراء الذكرايت الرهيبة‪ ،‬وإذا ما َّ‬ ‫فقلبك يَضطَ ِرب من ّ‬
‫َ‬
‫عليك‪ ،‬فسيقولون‪" :‬اصمت اي َُم ِرم‪ .‬ال ميكننا االستماع َ‬
‫إليك‪ ،‬وعبثاً يكون ذهايب إىل هناك"‪ .‬هذا‬ ‫َ‬
‫ما قُلتُه لنفسي‪ .‬وهي فكرة صائبة‪».‬‬

‫عليك تعب الرسالة كما‬


‫رت َ‬ ‫ك متتلك الفطنة كذلك‪ .‬وأان كذلك أمتلكها‪ .‬هلذا وفَّ ُ‬
‫«ترى إذن أنّ َ‬
‫بك إىل هنا حيث الراحة والسالم‪».‬‬
‫وجئت َ‬
‫ُ‬ ‫اختَََربها اآلخرون‪،‬‬

‫«آه! نعم! اي له ِمن سالم! ليتين أعيش مائة عام هنا‪ ،‬سيكون هو هو على الدوام‪ .‬إنّه سالم‬
‫هتز‬
‫حّت إىل احلياة األخرى أمحله‪ ...‬ما زالت الذكرايت ّ‬ ‫مضيت فسأمحله معي‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فائق الطبيعة‪ .‬ولو‬
‫مشاعري‪ ،‬واإلساءات تؤملين‪ ،‬فأان إنسان‪ .‬ولكنّين مل أعد قادراً على ال ُكره‪ ،‬إذ قد أصبَ َحت الكراهية‬
‫كنت أنظُر‬ ‫ِ‬
‫لدي نفور من املرأة‪ ،‬أان الذي ُ‬ ‫حّت يف آاثرها السحيقة‪ .‬مل يعد ّ‬ ‫عقيمة هنا‪ ،‬وإىل األبد‪ّ ،‬‬
‫علي احرتامها‬
‫ضت َّ‬ ‫ك خارج املوضوع‪ .‬فهي قد فَـَر َ‬ ‫كأّنا أكثر حيواانت األرض جناسة وحقارة‪ .‬أ ُّم َ‬‫إليها و ّ‬
‫ُيب‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫يسة‪.‬‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫الق‬ ‫أة‬
‫ر‬ ‫امل‬ ‫ا‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫أة‪،‬‬
‫ر‬ ‫امل‬ ‫طر‬ ‫مذ رأيتُها‪ ،‬ذلك أنّين رأيتُها ُمتلفة عن كل النساء‪ّ .‬إّنا عِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عطر الزهور األكثر طُهراً؟ ولكن كذلك النساء األخرايت‪ ،‬التلميذات الصاحلات‪ ،‬العطوفات‪،‬‬
‫لكالواب‪ ،‬وأليز‪ ،‬الكرميات كمرمي اجملدليّة‪ ،‬تلك اليت كان‬ ‫هن الثقيل‪ ،‬كمرمي اليت‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫الصابرات حتت محل ِهّ ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 756 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ِاجح والثقة‬
‫تَبدُّل حياهتا ُمطلَقاً؛ اللطيفات والطاهرات مثل مرات وحنّة؛ الوقورات والذكيّات‪ ،‬ابلفكر َّ‬
‫أفضل‪.‬‬
‫لك أ ّن سينتيكا هي اليت ّ‬ ‫َعد َن الوفاق بيين وبني املرأة‪ .‬أعرتف َ‬ ‫ابلنفس مثل سينتيكا‪ ،‬قد أ َ‬
‫كل هذا يتيح يل‬ ‫شفافية روحها ّتعلها عزيزة على قليب‪ ،‬وتَشابُه الظروف‪ :‬هي خادمة وأان ُمكوم‪ّ ،‬‬
‫ست‬
‫عين‪ .‬فسينتيكا هي راحيت‪ .‬ل ُ‬ ‫اختالفهن ّ‬
‫ّ‬ ‫علي ّتاه األخرايت نتيجة‬ ‫حرم َّ‬‫االطمئنان إليها‪ ،‬وهو ال ُـم َّ‬
‫إيل‪ ،‬وكيف أراها‪ .‬أان العجوز ابملقارنة هبا‪ ،‬أراها‬ ‫لك ابلتحديد ما تكون ابلنسبة َّ‬ ‫أدري كيف أقول َ‬
‫يت أن تكون يل‪ ...‬أان‪ ،‬املريض الذي تداويه حبنان كثري‪،‬‬ ‫كنت قد متنّ ُ‬
‫كابنة‪ ،‬ابنة حكيمة وَمتهدة‪ُ ،‬‬
‫كل‬
‫األم يف ّ‬
‫وحبثت عن املرأة‪ّ -‬‬ ‫ُ‬ ‫بكيت أ ُّمي وافتقد ُهتا طوال حيايت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أان‪ ،‬الرجل احلزين واملنعزل الذي‬
‫حلمت به‪ ،‬وعلى رأسي املتعب ونفسي املاضية‬ ‫ُ‬ ‫النساء‪ ،‬دون أن أجدها‪ ،‬وها أان أرى فيها احللم الذي‬
‫األمومي‪ ...‬فََرتى أنّين إبحساسي يف سينتيكا بِنَـ ْفس اإلبنة‬ ‫احلنان‬ ‫ندى‬ ‫حبلول‬ ‫س‬ ‫إىل مالقاة املوت‪ ،‬أ ِ‬
‫ُح‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫صلَت يل ِمن املرأة‪ .‬وإذا ما‬ ‫كل اإلساءات اليت َح َ‬ ‫س فيها كمال املرأة‪ ،‬وبسببها‪ ،‬أَص َفح عن ّ‬
‫ِ‬
‫األم‪ ،‬أُح ُّ‬
‫و ّ‬
‫ت‬ ‫ِ‬
‫س أنّين أصفح عنها‪ ،‬فلقد أصبَح ُ‬ ‫صلَت الصدفة املستحيلة‪ ،‬وقامت زوجيت البائسة اليت قَـتَلتُها‪ ،‬أُح ُّ‬ ‫َح َ‬
‫احلارة عندما َهتِب ذاهتا‪ ...‬إن يكن ذلك يف اخلري أَم يف‬ ‫العطف‪ّ ،‬‬ ‫اآلن أفهم النَّفس األنثويّة‪ ،‬سهلة َ‬
‫الشر‪».‬‬
‫ّ‬
‫لك يف ما بقي ِمن‬
‫كل هذا يف سينتيكا‪ .‬ستكون رفيقة صاحلة َ‬‫وجدت ّ‬ ‫َ‬ ‫ك‬
‫يسرين كثرياً أنّ َ‬
‫« ّ‬
‫حياتك‪ ،‬وستفعالن معاً خرياًكثرياً‪ .‬ألنَّين سوف أجعلكما تعمالن معاً‪»...‬‬
‫َ‬

‫ُميعن يسوع النَّظَر َم ّدداً يف يوحنّا‪ .‬إّّنا ال إشارة إىل استفاقة انتباه التلميذ الذي هو‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬
‫لست أدري‪ُ .‬ج َّل ما أعرفه هو أ ّن‬
‫حّت اللحظة احمل ّددة؟ ُ‬
‫ليس سطحيّاً‪ .‬أيّة رمحة إهليّة تغشى حكمته ّ‬
‫خدمتك أبفضل ممّا نستطيع‪».‬‬
‫َ‬ ‫يوحنّا يبتسم قائالً‪« :‬سوف نَعمل على‬

‫العمل واملكان اللذين أُح ِّددِها لكما‪،‬‬


‫«نعم‪ .‬وأان أكيد أنّكما سوف تفعالن ذلك دون مناقشة َ‬
‫حّت ولو مل يكن ذلك هو ما تشتهيان‪»...‬‬
‫ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 757 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫س مبا ينتظره‪ .‬يتب ّدل وجهه ولونه‪ .‬يُصبِح أكثر ج ّديّة ويَشحب لونه‪ .‬عينه الوحيدة‬ ‫ِ‬
‫بَ َدأَ يوحنّا ُُي ُّ‬
‫لك يوماً‪ ،‬من أجل‬‫ُمتعِن النَّظَر اآلن وتستقصي وجه يسوع الذي يُتابِع‪« :‬هل تذكر اي يوحنّا ما قُلتُه َ‬
‫أجعلك تقوم أبعمال رمحة‬
‫َ‬ ‫أجعلك تُد ِرك الرمحة‪ ،‬سوف‬
‫َ‬ ‫خيص غفران هللا‪" :‬كي‬
‫كك يف ما ّ‬ ‫هتدئة شكو َ‬
‫وألجلك سوف أروي أمثال الرمحة"؟»‬‫َ‬ ‫خاصة‪،‬‬
‫ّ‬
‫كالص َدقات‪،‬‬
‫إيل أعمال رمحة‪ ،‬أقول األكثر دقّة َّ‬ ‫لت ّ‬ ‫«نعم‪ .‬وكان هذا ح ّقاً‪ .‬لقد أقنعتَين‪ ،‬وأوَك َ‬
‫حّت إنّه‬ ‫وتعليم صيب‪ ،‬وفلسطيين ويواننية‪ .‬هذا ما جعلَين أُد ِرك أ ّن هللا علِ‬
‫ووج َدها حقيقيّة‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫بتوبيت‪،‬‬ ‫م‬
‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إيل بنفوس بريئة‪ ،‬أو نفوس تبغي اهلداية‪ِ ،‬ألُعدُّها له‪».‬‬‫َع َهد َّ‬

‫شحب لألمل‬ ‫يعانِق يسوع يوحنّا َ ِ‬


‫وُيذبه إليه‪ ،‬احلركة اليت ميارسها عادة مع يوحنّا اآلخر‪ ،‬وإذ يَ َ‬ ‫ُ‬
‫أنت‬
‫مفضلة‪َ .‬‬ ‫مهمة َّ‬‫مبهمة دقيقة ومق ّدسة‪ّ .‬‬ ‫إليك ّ‬ ‫الذي عليه أن يُسبِّبه له‪ ،‬يقول‪« :‬اآلن أيضاً يَ َ‬
‫عهد هللا َ‬
‫ذاتك بشكل خاص‬ ‫بت َ‬ ‫لديك وال حت ّفظات‪ ،‬احلكيم‪ ،‬اي َمن َوَه َ‬ ‫فقط‪ ،‬الكرمي‪ ،‬اي َمن ال ِضيق أُفُق َ‬
‫أنت‬
‫عليك‪َ ،‬‬ ‫الدين الذي كان ما يزال هلل َ‬ ‫التجرد والتوبة لدفع مثن ما بقي ِمن التطهري‪ ،‬ذلك َ‬ ‫لكل أنواع ّ‬ ‫ّ‬
‫حق‪ ،‬ألنّه يَفتَ ِقر إىل ما هو واجب‬‫أي إنسان آخر كان سريفضها‪ ،‬وهو على ّ‬ ‫ميكنك أن تقوم هبا‪ّ .‬‬
‫َ‬ ‫فقط‬
‫ك‬‫الرب‪ ...‬عدا ذلك‪ ،‬فإنّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليذهب ويُع ّد طُُر َق ّ‬ ‫أنت َ‬‫وضروري‪ .‬ما من أحد من ُر ُسلي َميلك ما متلكه َ‬ ‫ّ‬
‫ُمل‬ ‫حتل‬ ‫سوف‬ ‫بل‬ ‫‪...‬‬ ‫مك‬
‫َ‬ ‫ّ‬‫ل‬ ‫ملع‬ ‫ق‬‫ر‬‫تُدعى يوحنّا‪ .‬ستكون إذن املتق ّدم يف مذهيب‪ ...‬سوف تُعِ ّد الطُّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ُ‬
‫التحرر ِمن ِذراع يسوع لِيَنظُر‬
‫وُيا ِول ّ‬ ‫مك الذي ال يستطيع الذهاب بعيداً ج ّداً‪( ...‬يقفز يوحنّا‪ُ ،‬‬ ‫معلّ َ‬
‫إليه مواجهة‪ ،‬ولكنّه ال ينجح يف ذلك أل ّن ِعناق يسوع لطيف‪ ،‬ولكنّه م ِ‬
‫سيطر‪ ،‬بينما فمه َمينَح َدفق‬ ‫ُ‬
‫املضي بعيداً ج ّداً‪ ...‬إىل سورية‪ ...‬إىل أنطاكية‪»...‬‬ ‫مك الذي ال ميكنه ّ‬ ‫النّعمة‪... )...‬معلّ َ‬

‫أسأت‬ ‫يتحرر بِ ِ‬
‫إين ُ‬ ‫ريب! أإىل أنطاكية؟ قُل يل ّ‬ ‫قوة من عناق يسوع‪ّ « .‬‬ ‫ريب!» يَهتف يوحنّا وهو َّ ّ‬ ‫«ّ‬
‫التوسل‪ ،‬كذلك وجهه الذي‬ ‫ال َفهم! قُل يل ذلك رأفة يب!‪ »...‬إنّه واقف‪ ...‬ويف عينه الوحيدة ُك ّل ُّ‬
‫الرماد‪ ،‬ويف شفتيه اللتني ترّتفان‪ ،‬ويف يديه املرّتفتني واملمت ّدتني إىل األمام‪ ،‬ورأسه املنحين‬
‫أصبَ َح بلون َّ‬
‫إىل األرض‪ ،‬كما لو أ ّن اخلرب قد أّنكهُ‪.‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 758 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ليضم إىل‬
‫أسأت ال َفهم‪ ».‬فيفتح ذراعيه‪ ،‬ويَ َنهض بدوره‪ّ ،‬‬
‫ولكن يسوع ال يستطيع القول‪« :‬لقد َ‬
‫املريب العجوز‪ ،‬ويفتح ذراعيه ليؤّكد‪« :‬إىل أنطاكية‪ ،‬بلى‪ .‬يف بيت لعازر‪ ،‬مع سينتيكا‪ .‬سوف‬
‫قلبه ّ‬
‫متضيان غداً أو بعد غد‪».‬‬

‫ُحزن يوحنّا مؤثّر ج ّداً يف احلقيقة‪ .‬يُفلِت قليالً ِمن العِناق‪ ،‬ويَهتف يف وجه يسوع‪ ،‬ووجهه تُبلّله‬
‫ك م ّين‪ ،‬اي‬‫أغضبَ َ‬
‫جانبك!! ما الذي َ‬ ‫َ‬ ‫الدموع اليت تسيل على خ ّديه النحيلني‪« :‬آه! مل تَـعُد تريدين إىل‬
‫عذابً‪ ،‬تنتابه نوابت‬ ‫يهزه بكاء مؤثّر ج ّداً‪ُ ،‬م َّ‬ ‫لة‪،‬‬‫و‬‫الطا‬ ‫على‬ ‫بنفسه‬ ‫ي‬ ‫سيدي؟» ُث يفلِت متاماً‪ ،‬وي ِ‬
‫لق‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ومتمتِماً‪« :‬تطردين‪ ،‬تطردين‪ ،‬ولن أر َاك بَ ُ‬
‫عد أبداً‪»...‬‬ ‫بكل مالطفات يسوع‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ُسعال‪ ،‬غري ُمبال ّ‬
‫جلي ويُصلّي‪ُ ...‬ثّ َخي ُرج على مهل‪ ،‬ويَرى عند َعتَـبَة ابب املطبخ مرمي مع‬
‫يتأ ّمل يسوع بشكل ّ‬
‫مرغزايم‪ ،‬الذي فَ ِزع ِمن ذلك البكاء‪ ...‬ابإلضافة إليهما‪ ،‬هناك سينتيكا ‪ِ ،‬‬
‫املتفاجئة هي كذلك‪« .‬اي‬
‫أ ُّمي‪ ،‬تعايل هنا حلظة‪».‬‬

‫الر ُجل الذي يبكي‪ ،‬كما لو‬


‫دخالن معاً‪ .‬تنحين مرمي على َّ‬
‫أتيت مرمي يف احلال‪ ،‬شاحبة ج ّداً‪ .‬ويَ ُ‬
‫كان طفالً مسكيناً‪ ،‬وهي تقول‪« :‬حسناً‪ ،‬حسناً‪ ،‬اي َولَدي املسكني! ليس هكذا! سوف تؤذي‬
‫نفسك‪».‬‬
‫َ‬

‫يَرفَع يوحنّا وجهه املضطَ ِرب ويَهتف‪« :‬إنّه يُبعِدين!‪ ...‬سوف أموت وحيداً يف البعيد‪ ...‬آه!‬
‫اقرتفت؟‬
‫ُ‬ ‫كان إبمكانه االنتظار بضعة أشهر‪ ،‬ويَ َدعين أموت هنا‪ .‬ملاذا هذا العقاب؟ ما اخلطيئة اليت‬
‫حّت بعد ذلك‪ »...‬ويعود لريمتي‬
‫حّت بعد ذلك‪ّ ...‬‬ ‫نحي هذا السالم‪ّ ،‬‬ ‫لك املتاعب؟ ملاذا َم َ‬
‫بت َ‬
‫هل سبّ ُ‬
‫على الطاولة‪ ،‬وهو يبكي بشكل أش ّد‪ ،‬وينهج (يلهث)…‬

‫ميكنك االعتقاد أبنّين لو‬


‫ويضع يسوع يده على كتفيه اهلزيلني اللذين ينتفضان‪ ،‬ويقول‪« :‬أو َ‬
‫الرب هناك ضرورات رهيبة!‬
‫بك هنا؟ آه! يوحنّا! على طريق ّ‬ ‫احتفظت َ‬
‫ُ‬ ‫كنت‬
‫كنت أستطيع ذلك‪ ،‬ما ُ‬ ‫ُ‬
‫إيل اي يوحنّا‪ .‬انظر إذا ما كان‬
‫كل العامل‪ .‬انظر ّ‬
‫و ّأول املتألّمني منها هو أان‪ .‬أان الذي أمحل أملي وأمل ّ‬
‫منك‪ ...‬تعال هنا‪ ،‬بني ذراعي‪ ،‬وامسع قليب كم خيفق ِمن‬
‫ضك‪َ ،‬من قَد تَعِب َ‬‫وجهي هو وجه َمن يُبغِ َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 759 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لك أبواب‬ ‫ِ‬
‫عليك ليَفتَح َ‬
‫األمل‪ .‬امسعين‪ ،‬اي يوحنّا‪ ،‬وال تُسئ فَهمي‪ .‬هذه‪ ،‬هي الك ّفارة اليت يفرضها هللا َ‬
‫ِ‬
‫فضلك‪ ...‬واآلن وقد‬ ‫السماء‪ .‬امسع‪ »...‬يُن ِهضه ويَ ُّلفه بذراعيه‪« .‬امسع‪ ...‬أ ُّمي‪ ،‬اخرجي حلظة ِمن‬
‫أنت تَعلَم َمن أكون‪ .‬هل تؤمن إمياانً اثبتاً أنّين الفادي؟»‬
‫أصبحنا مبفردان‪ ،‬امسع‪َ .‬‬
‫حّت املمات‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫معك‪ ،‬على الدوام‪ّ ،‬‬
‫أود البقاء َ‬
‫كنت ُّ‬
‫«كيف ال أؤمن؟ فأان من أجل ذلك ُ‬
‫حّت املمات‪ ...‬كم سيكون مويت رهيباً!‪»...‬‬
‫« ّ‬
‫«مويت أان‪ ،‬أقول‪ ،‬مويت أان!‪»...‬‬

‫وحبب‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫حب‬ ‫ن‬ ‫فيك اليقني ِ‬


‫م‬ ‫يبث َ‬
‫موتك سيكون هادائً‪ُ ،‬مشدَّد العزمية بوجودي الذي ّ‬ ‫« َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لت إىل كوم ِمن‬‫حتو ُ‬
‫هتيئتك النتصار اإلجنيل يف أنطاكية‪ّ .‬أما مويت! فرتاين وقد َّ‬
‫َ‬ ‫سينتيكا‪ ،‬إضافة إىل‬
‫اللحم املثخن ابجلراح‪ ،‬املغطّى ابلبصاق‪ ،‬ال ُـمهان‪ ،‬وقد ُسلِّم إىل شرذمة هائجة‪ُ ،‬معلَّق على صليب‪،‬‬
‫أنت أن حتتمل هذا؟»‬
‫ميكنك َ‬
‫َ‬ ‫ليموت كمجرم‪ ...‬فهل‬

‫صرخ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كل جزء من تفاصيل ما سيكون من آالم يسوع‪ ،‬يُتمتم‪« :‬ال‪ ،‬ال!» يَ ُ‬ ‫يوحنّا الذي‪ ،‬لدى ّ‬
‫ك شاب و‪»...‬‬ ‫ت‪ ،‬ألنّ َ‬
‫«ال» قويّة ويُضيف‪« :‬أعود إىل كراهية البشريّة‪ ...‬إّّنا أان‪ ،‬فسأكون قد ُم ُّ‬

‫«لن أُعيِّد ِسوى عيد أنوار واحد بعد‪».‬‬

‫ُُيملِق فيه يوحنّا فَ ِزعاً…‬

‫لك إىل البعيد‪ ،‬هو‬ ‫لك أ ّن أحد األسباب اليت ِمن أجلها أ ِ‬
‫ُرس َ‬ ‫سراً‪ ،‬ألشرح َ‬ ‫لك ذلك ّ‬ ‫لت َ‬‫«قُ ُ‬
‫كل الذين ال أريد هلم أن يَضطَ ِربوا بشكل يفوق‬ ‫املصري‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫ثل‬‫هذا‪ .‬ولن تكون الوحيد الذي َُيظَى مبِِ‬
‫ّ‬
‫احلب؟‪»...‬‬
‫لك ذلك تقصرياً يف ّ‬ ‫قدراهتم‪ ،‬سوف أُبعِدهم َسلَفاً‪ .‬وهل يبدو َ‬

‫كك‪ ...‬واملوت بعيداً‪».‬‬


‫لي تر َ‬
‫«ال‪ ،‬اي إهلي الشهيد‪ ...‬إّّنا أان‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬فَـ َع َّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 760 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫أعدك أبنّين سأكون منحنياً على وسادة نِز َ‬
‫اعك‪».‬‬ ‫احلق الذي أان هو‪َ ،‬‬
‫«ابسم ّ‬
‫أنت ال أتيت إىل البعيد؟ تقول‬
‫ك َ‬ ‫كنت تقول يل إنّ َ‬
‫كنت أان بعيداً ج ّداً‪ ،‬وإذا َ‬
‫«وكيف‪ ،‬إذا ما ُ‬
‫أقل ُحزانً‪»...‬‬
‫ذلك كي تصرفين وأان ّ‬
‫كنت بعيداً ج ّداً‪ ،‬ومل‬
‫«حنّة اليت لقوزى‪ ،‬واليت كانت متوت عند أسفل جبل لبنان‪ ،‬رأتين‪ ،‬وقد ُ‬
‫ومن هناك أعد ُهتا إىل حياة األرض البائسة‪ .‬ثِق أب ّّنا‪ ،‬يوم مويت‪ ،‬سوف تندم على‬ ‫تكن تعرفين بعد‪ِ ،‬‬
‫إليك‪ ،‬اي هبجة قليب‪ ،‬يف هذه السنة الثانية للمعلّم‪ ،‬سوف أفعل أكثر‪.‬‬ ‫ّأّنا عاشت!‪ّ ...‬أما ابلنسبة َ‬
‫الرب قد أتت‪ .‬كما‬ ‫ِ‬
‫مهمة القول للّذين ينتظرون‪" :‬ساعة ّ‬ ‫ألمحلك يف السالم‪ُُ ،‬م ّمالً ّإايك ّ‬
‫َ‬ ‫سوف آيت‬
‫أييت اآلن الربيع على األرض‪ ،‬كذلك سينبت لنا ربيع الفردوس"‪ .‬إّّنا لن آيت فقط حينذاك‪ ...‬سآيت‪...‬‬
‫داخلك‪،‬‬
‫َ‬ ‫وسوف متتلكين‪ ...‬على الدوام‪ ...‬أان‪ ،‬أستطيع ذلك‪ ،‬وسوف أفعل‪ .‬سوف متتلك املعلّم يف‬
‫حّت‬ ‫ِ‬
‫ب‪ ،‬وبشكل ُمسوس إىل ح ّد ما‪ّ ،‬‬ ‫احلب االتّصال مبَن ُُي ّ‬
‫كما مل متتلكين أبداً‪ .‬ذلك أ ّن إبمكان ّ‬
‫أنت أكثر اطمئناانً اآلن اي يوحنّا؟»‬
‫اس ذاهتا‪ .‬هل َ‬ ‫ميس فقط الروح‪ ،‬بل احلو ّ‬
‫إنّه ال ّ‬
‫«نعم اي سيّدي‪ .‬ولكن اي له ِمن أمل!»‬

‫«ومع ذلك ال تثور‪»...‬‬

‫مشيئتك‪».‬‬
‫َ‬ ‫فأفقدك متاماً‪ .‬أقول يف صاليت الرّابنية (أابان)‪ :‬لتكن‬
‫َ‬ ‫«أثور؟ أبداً!‬

‫مرة‪ ،‬رغم‬ ‫ِ‬ ‫كنت أَعلَم أنّ َ ِ‬


‫ك فَهمتَين‪ »...‬يُقبّله على وجنتيه اللتني تسيل عليهما الدموع املست ّ‬ ‫« ُ‬
‫كوّنا قد َه َدأَت‪.‬‬

‫الصيب؟‪ ...‬فهذا أمل آخر‪ ...‬أحبَبتُه كثرياً‪ »...‬وتسيل الدموع أبكثر‬


‫ّ‬ ‫«هل تَ َدعين أُسلّم على‬
‫إدراراً…‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 761 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عليك مساعدهتا‪،‬‬
‫«نعم‪ ،‬سأانديه يف احلال‪ ...‬وأاندي سينتيكا‪ .‬هي كذلك سوف تتأ ّمل‪َ ...‬‬
‫الر ُجل‪»...‬‬
‫فأنت َّ‬
‫َ‬
‫رب‪».‬‬
‫«نعم اي ّ‬
‫ويتلمس جدران وأغراض الغرفة املضيفة الصغرية‪.‬‬
‫َخي ُرج يسوع ‪ ،‬بينما يوحنّا يبكي ّ‬
‫دخل مرمي ومعها مرغزايم‪.‬‬
‫تَ ُ‬
‫نت على ِعلم بذلك؟»‬
‫مسعت؟ أ ُك ِ‬
‫«آه! أيتها األُم! هل ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نت حزينة‪ ...‬ولكنّين أان كذلك انفصلت عن يسوع‪ ...‬وأان األ ُّم‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫نت على علم‪ ،‬وُك ُ‬
‫« ُك ُ‬
‫«صحيح!‪ ...‬تعال هنا اي مرغزايم‪ .‬تَعلَم أنّين أرحل‪ ،‬وأنّنا لن نعود نرى بعضنا؟‪ »...‬يُريد أن‬
‫الصيب بني ذراعيه‪َُ ،‬يلِس على حافّة السرير‪ ،‬ويبكي‪ ،‬يبكي على الرأس‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫يكون شجاعاً‪ ،‬ولكنّه َُي ِ‬
‫م‬
‫البُ ّين ملرغزايم املستع ّد لالقتداء به‪.‬‬

‫كل هذه الدموع اي يوحنّا؟»‬


‫دخل يسوع مع سينتيكا اليت تَسأَل‪« :‬ملاذا ّ‬
‫يَ ُ‬
‫ألست تَعلَمني بعد؟ إنّه ي ِ‬
‫رسلنا إىل أنطاكية!»‬ ‫«إنّه يبعِدان‪ ،‬أال تَعلَمني ذلك؟ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أنت‪ ،‬قد تكون‬ ‫«وإذن؟ أمل يقل‪ :‬حيثما اجتَ َمع اثنان ابمسه يكون هو وسطهما؟ هيّا اي يوحنّا! َ‬
‫حّت ولو كانت انَجة عن فِعل‬ ‫إليك‪ ،‬تَل ّقي إرادة أخرى‪ّ ،‬‬
‫حّت اآلن‪ ،‬وابلنسبة َ‬ ‫بنفسك ّ‬
‫َ‬ ‫مصريك‬
‫َ‬ ‫ت‬‫اخرت َ‬
‫آخر‪ .‬واي له ِمن مصري!‪...‬‬‫علي من َ‬
‫ِ‬
‫دت تَقبُّل املصري املفروض َّ‬‫تعو ُ‬ ‫عك‪ّ .‬أما أان‪ ...‬فقد َّ‬‫ب‪ ،‬فهذا يُف ِز َ‬‫ُح ّ‬
‫أخضع َعن ِطيب خاطر هلذا ال َق َدر اجلديد‪ .‬وِملَ ال أخضع؟ فأان مل أَثُر على عبوديّة استبداديّة‬ ‫وكذلك أان َ‬
‫احلب هذه اليت ال‬
‫علي اآلن الثورة ض ّد عبوديّة ّ‬‫س نفسي‪ .‬فهل تَرى أ ّن ّ‬ ‫ممار َستها َمت ّ‬
‫ّإال حينما كانت َ‬
‫ك‬‫أنت خائف ِمن الغد ألنّ َ‬ ‫ِ‬
‫ّترح‪ ،‬بل تَسمو بنفسنا وتُنعم علينا بلقب وحقيقة أن نكون ُخ ّدامه؟ هل َ‬
‫كك أبداً‪ُ .‬كن على‬‫أجلك‪ .‬هل أنت خائف ِمن البقاء وحيداً؟ ولكنّين لن أتر َ‬ ‫تتأ ّمل؟ أان سوف أعمل ِمن َ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 762 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫عهد‬ ‫ِ‬
‫أنت القريب الذي يَ َ‬
‫يقني من ذلك‪ .‬ال هدف يل آخر يف هذه احلياة‪ ،‬سوى ُمبّة هللا والقريب‪ .‬و َ‬
‫إيل‪ .‬فَ ِّكر فيما لو أنّ َ‬
‫ك ستكون عزيزاً على قليب!»‬ ‫هللا به ّ‬
‫«لن تكوان يف حاجة إىل العمل ِمن أجل املعيشة‪ ،‬ألنّكما تكوانن يف بيت لعازر‪ .‬ولكنّين‬
‫ِ‬
‫أبشغالك‬ ‫أنصحكما ابستخدام أساليب التعليم لتقريب الناس منكم‪ .‬أنت كمعلّم‪ ،‬و ِ‬
‫أنت‪ ،‬اي امرأة‪،‬‬ ‫َ‬
‫معىن على ّأايمكما‪».‬‬ ‫ي‬ ‫النسائية‪ .‬فهذا يفيد الرسالة وي ِ‬
‫ضف‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«هذا ما سيكون‪ ،‬سيّدي‪ُّ ».‬تيب سينتيكا ِحبَزم‪.‬‬
‫ما يزال يوحنّا‪ ،‬ومعه الصيب بني ذراعيه‪ ،‬يبكي هبدوء‪ .‬مرغزايم ي ِ‬
‫داعبه…‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫«هل ستتذ ّكرين؟»‬

‫وخي ُرج راكضاً‪.‬‬


‫حّت‪ ...‬انتظر حلظة‪َ »...‬‬ ‫«على الدوام اي يوحنّا‪ ،‬وسوف أُصلّي ِمن َ‬
‫أجلك‪ّ ...‬‬
‫تَسأل سينتيكا‪« :‬وكيف سنذهب إىل أنطاكية؟»‬

‫«حبراً‪ .‬هل ِ‬
‫أنت خائفة؟»‬
‫ك أنت من ي ِ‬
‫رسلنا‪ ،‬وهذا سوف ُيمينا‪».‬‬‫«ال اي سيّدي‪ .‬إنّ َ َ َ ُ‬
‫وحّت‬ ‫ِ‬
‫ومّت‪ ،‬من هنا ّ‬
‫وي وابين زبدى واندراوس ّ‬‫َخ َّ‬
‫«سوف تذهبان مع مسعان ومسعان اآلخر وأ َ‬
‫ستوضع الصناديق ونول صنَعتُه ِ‬
‫لك اي سينتيكا‪ ،‬وبعض األغراض‬ ‫َ‬ ‫بطوملايس (عكا) على عربة‪ ،‬حيث‬
‫َ‬
‫املفيدة ليوحنّا‪»...‬‬

‫أت نفسي للفراق‪ .‬العيش‬‫رت شيئاً ما لدى رؤييت الصناديق والثياب‪ ،‬وهيّ ُ‬
‫تصو ُ‬
‫كنت قد ّ‬ ‫«أان‪ُ ،‬‬
‫دعم شجاعة يوحنّا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تماسك لتَ َ‬
‫هنا كان َجيالً ج ّداً!‪ »...‬وبكاء َحبَ َسه َكسر صوت سينتيكا‪ .‬ولكنّها تَ َ‬
‫وتَسأل بصوت استعاد ثباته‪« :‬مّت سنمضي؟»‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 763 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫الر ُسل‪ ،‬وقد يكون غداً‪».‬‬
‫«حني وصول ُّ‬

‫بك اي يوحنّا‪».‬‬ ‫«إذن‪ ،‬لو مسحت‪ ،‬فسأرتّب الثياب يف الصناديق‪ِ .‬‬


‫أعطين ُكتُ َ‬ ‫َ‬
‫وُييب يوحنّا‪ُ « :‬خذيها‪ ...‬ويف هذه‬
‫أظن أ ّن سينتيكا ترغب يف أن تكون وحدها لتبكي‪ُ ...‬‬‫ّ‬
‫األثناء أ ِ‬
‫َعطين تلك اللُّفافة ذات الشريط األزرق‪».‬‬

‫يعود مرغزايم ومعه وعاء العسل‪.‬‬

‫عين‪»...‬‬ ‫ِ‬
‫« ُخذ اي يوحنّا‪ .‬ستأكله عوضاً ّ‬
‫«ولكن ال‪ ،‬اي َولَدي! ملاذا؟»‬

‫أنت‬
‫«أل ّن يسوع قال إ ّن مقدار ملعقة عسل ُمقدَّس ميكنه أن مينح السالم واألمل حملزون‪َ .‬‬
‫كل املواساة‪».‬‬
‫لك ّ‬
‫كل العسل لتكون َ‬ ‫أعطيك ّ‬
‫َ‬ ‫حزين‪ ...‬وأان‬

‫تضحياتك قد َكثُـَرت اي َولَدي‪».‬‬


‫َ‬ ‫لكن‬
‫«و ّ‬
‫الشرير"‪ .‬وقد كان هذا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫«آه‪ ،‬ال! يف صالة يسوع نقول‪" :‬ال تُدخلنا يف ّتربة‪ ،‬لكن َجنّنا من ّ‬
‫شراً‪ ،‬ألنّه كان إبمكانه جعلي أَن ُكث بعهدي‬
‫إيل ّتربة‪ ...‬وكان إبمكانه أن يكون ّ‬ ‫الوعاء ابلنسبة َّ‬
‫دك بواسطة هذه التضحية اجلديدة‪.‬‬ ‫ونَذري‪ .‬وهكذا ال أعود أراه‪ ...‬وهذا أسهل‪ ...‬وأظن أ ّن هللا ي ِ‬
‫ساع َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫إّّنا ال تعد تبكي‪ .‬وال ِ‬
‫أنت كذلك‪ ،‬اي سينتيكا‪»...‬‬

‫ابلفعل‪ ،‬إ ّن اليواننيّة تبكي اآلن بدون صوت‪ ،‬بينما هي َّت َمع ُكتُب يوحنّا اليت يالمسها مرغزايم‪،‬‬
‫لكن سينتيكا َُت ُرج حاملة لفائف كثرية‪ ،‬وتتبعها‬ ‫و‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫هو‬ ‫البكاء‪،‬‬ ‫يف‬ ‫كبرية‬ ‫برغبة‬ ‫اآلخر‪،‬‬ ‫لو‬‫الواحد تِ‬
‫ّ‬
‫مرمي ومعها وعاء العسل‪.‬‬

‫الصيب القابع بني ذراعيه‪ .‬إنّه هادئ‪ ،‬إّّنا ُم َنهك‪.‬‬


‫يبقى يوحنّا مع يسوع اجلالس إىل جانبه و ّ‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 764 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫ك تريد إعطاءها ملرغزايم‪»...‬‬
‫كتابتك األخرية يف اللفافة‪ ».‬ينصحه يسوع‪« .‬أظنّ َ‬
‫َ‬ ‫«ثـَبِّت‬

‫ت‬
‫الصيب‪ ،‬إ ّن هذا كالم املعلّم‪ .‬قاله عندما كن َ‬
‫ّ‬ ‫هاك أيّها‬
‫لدي نُسخة أخرى‪َ ...‬‬
‫«نعم‪ ...‬فأان ّ‬
‫ومن‬
‫أمامك‪َ ...‬‬
‫َ‬ ‫أجلك‪ ،‬أل ّن احلياة‬
‫َ‬ ‫كنت أريد االستمرار يف كتابته ِمن‬
‫غائباً‪ ،‬وكالم آخر كذلك‪ُ ...‬‬
‫بشر‪ّ ...‬أما أان فلم يـَعُد إبمكاين فِعل ذلك‪ ...‬اآلن أان َمن سيبقى بدون كالمه‪»...‬‬
‫يدري كم ستُ ِّ‬
‫ويَشرع ابلبكاء بش ّدة‪.‬‬

‫ورجويل يف مظهره اجلديد‪ .‬يتعلّق بِعُنق يوحنّا ويقول‪« :‬اآلن أان َمن سيكتبه ِمن‬
‫ّ‬ ‫مرغزايم لطيف‬
‫لك‪ ...‬أليس كذلك اي معلّم؟ هذا ممكن‪ ،‬أليس كذلك؟»‬ ‫أجلك‪ ،‬وسأ ِ‬
‫ُرسله َ‬ ‫َ‬

‫بكل أتكيد‪ ،‬هذا ممكن‪ .‬وسيكون فِعل ذلك ِمن قَبيل احملبّة العظيمة‪».‬‬
‫« ّ‬
‫ك كثرياً‪،‬‬
‫«سأفعلها‪ .‬وعندما أكون غائباً سأجعل مسعان الغيور يفعلها‪ .‬إنّه ُيبّين كثرياً‪ ،‬وهو ُيبّ َ‬
‫وسيفعلها لِيُظ ِهر لنا احملبّة‪ .‬ال تعد تبكي إذن‪ .‬بعد ذلك سآيت ألر َاك‪ ،‬أان‪ ...‬فحتماً لن تذهب إىل‬
‫البعيد البعيد‪»...‬‬

‫«آه! كم هو بعيد! مئات األميال‪ ...‬وسأموت قريباً‪».‬‬

‫الصيب وثـَبَطت عزميته‪ .‬ولكنّه يعود ليتمالك نفسه بصفاء الطفل اجلميل الذي يبدو‬‫خاب أ ََمل ّ‬
‫أنت إىل هناك‪ ،‬سوف أمت ّكن أان ِمن الذهاب مع أيب‪ُ .‬ثّ‪ ...‬سوف‬ ‫كل شيء سهالً‪« .‬كما تذهب َ‬ ‫له ّ‬
‫نتكاتب‪ .‬وعندما يقرأ املرء الصفحات املق ّدسة‪ ،‬فكأنّه يكون مع هللا‪ ،‬أليس كذلك؟ إذن‪ ،‬فعندما يقرأ‬
‫ومن َكتَـبَها‪ .‬هيّا بنا‪ ،‬تعال معي جانباً‪»...‬‬
‫ب‪َ ،‬‬
‫املرء رسالة ما فكأنّه يكون مع َمن ُُي ّ‬
‫أرسلت يف طلبهم‪».‬‬
‫ُ‬ ‫عما قريب سيصل إخويت مع الغيور‪ .‬فلقد‬
‫«نعم‪ ،‬هيّا بنا اي يوحنّا‪ّ .‬‬
‫«هل يَعلَمون ذلك؟»‬

‫«ليس بعد‪ .‬أَنتَ ِظر حضور اجلميع ألقول َ‬


‫ذلك‪»...‬‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 765 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫«حسناً اي سيّدي‪ .‬هيّا بنا‪»...‬‬

‫كل شجرة والربكة‬‫و‬ ‫نبتة‬ ‫كل‬ ‫ي‬‫ي‬ ‫ُي‬


‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫يبدو‬ ‫حّت‬ ‫‪،‬‬‫ا‬
‫ً‬ ‫متام‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫منحني‬ ‫ا‬
‫ز‬ ‫عجو‬ ‫يوسف‬ ‫غرفة‬ ‫ن‬ ‫وخيرج ِ‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َُ‬
‫توضب مرمي وسينتيكا األغراض والثياب داخل الصناديق‬‫يتوجه صوب املشغَل‪ ،‬حيث ِّ‬
‫واملغارة‪ ،‬بينما هو ّ‬
‫صمت…‬ ‫بِ َ‬
‫وهكذا َُِيدهم مسعان ويوضاس ويعقوب‪ ،‬صامتني وابكني‪ ،‬يَنظُرون‪ ...‬ولكنّهم ال يطرحون‬
‫أدركوا احلقيقة‪.‬‬
‫أتوصل إىل فَهم ما إذا َ‬
‫األسئلة‪ ،‬ومل ّ‬
‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫يقول يسوع‪:‬‬

‫نت مكان إقامة يوحنّا ابألَساء املستخدمة حالياً‪ .‬هناك َمن‬ ‫«لكي أُح ِّدد لل ُقراء مكاانً‪ُ ،‬‬
‫كنت قد عيَّ ُ‬
‫اعرتض على ذلك‪ .‬وها إنّين اآلن أُح ِّدد‪" :‬بيثينيا أو ميسيا ‪ Bithynie‬أو ‪ِ "Mysie‬من أجل الذين‬ ‫ََ‬
‫ولكن هذا اإلجنيل هو ِمن أجل البسطاء والصغار‪ ،‬وليس ِمن أجل األحبار الذين‪،‬‬ ‫يَبغُون التسميات القدمية‪ّ .‬‬
‫لدى الغالبيّة منهم‪ ،‬هذا األمر غري مقبول وال طائل منه‪ .‬البُسطاء والصغار َسيُد ِركون تسمية "األانضول"‬
‫ِ"‪ "Anatolie‬أكثر ِمن "بيثينيا وميسيا"‪ .‬أليس كذلك اي يوحنّاي الصغري‪ ،‬اي َمن تبكني ألمل يوحنّا‬
‫ك‬‫األندوري؟ إ ّّنا هناك كثريون على شاكلة يوحنّا األندوري يف العا َمل! إهنّم اإلخوة احملزونون الذين جعلتُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رسلي بعيداً عن املعلّم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تتألّمني من أجلهم العام املاضي‪ ..‬اراتحي اآلن‪ ،‬اي يوحنّاي الصغري‪ ،‬اي َمن ال ولن تُ َ‬
‫بل على العكس‪ ،‬ستكونني على الدوام أكثر قرابً‪.‬‬

‫وبذلك تنتهي السنة الثانية من التبشري واحلياة العلنيّة‪َ :‬سنَة الرمحة‪ ...‬وال ميكنين ّإال أن أُرِّدد الشكوى‬
‫تستمر يف عملها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل العوائق‬
‫اليت كانت لدى انتهاء السنة األوىل‪ .‬ولكنّها ال تعين الناطقة ابَسي‪ ،‬اليت‪ ،‬رغم ّ‬
‫يف احلقيقة لن يكون "العظماء" بل "الصغار" هم الذين سيتَّبِعون دروب البطولة‪ِ ،‬‬
‫غامرين ّإايها بتضحياَتم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫"الصغار"‪.‬‬
‫الو َدعاء‪ ،‬أنقياء القلوب والعقول‪ّ .‬‬
‫سطاء‪ُ ،‬‬‫"الصغار" أعين البُ َ‬
‫حت ال ُمث َقلني منهم نأمور كثرية‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫كل الذين يُشبِهونَكما‪" :‬تعالوا َّ‬
‫إيل‬ ‫ماراي ومعكما ّ‬
‫الصغار‪ ،‬أقول لكم‪ ،‬اي روموالدو واي ّ‬
‫وأقول لكم‪ ،‬أيّها ّ‬
‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬
‫‪Page 766 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬
‫لتسمعوا أيضاً وعلى الدوام ال َكلِ َمة الذي يُكلِّمكم ألنّه ُحيبّكم‪ ،‬والذي يُكلِّم ُكم ليبارككم‪ .‬ليكن سالمي‬
‫معكم"‪».‬‬

‫‪ ---‬هناية اجلزء الرابع ‪---‬‬


‫‪( ---------------‬عودة إىل الفهرس) ‪---------------‬‬
‫‪www.sites.google.com/site/valtortamaria‬‬
‫‪valtorta.maria@gmail.com‬‬

‫قصيدة اإلنسان ‪ -‬اإلله ‪ /‬ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)‬


‫‪Page 767 of 767‬‬ ‫آخر تحديث ‪06.06.17 :‬‬

You might also like