Professional Documents
Culture Documents
قصيدة الإنسان الإله - الجزء الرابع 06.06.17
قصيدة الإنسان الإله - الجزء الرابع 06.06.17
الجزء الرابع
(الكتاب الثاني)
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
القسم األول
اتبع السنة الثانية يف احلياة العلنية
حوذ عليه)
األعميَني واألخرس ال ُـمستَ َ
اجلزء الرابع ( 93 -شفاء َ
غرد)
لت األمل ابلغفران يُ ّ
اجلزء الرابع ( 95 -بعد التَّذكري ابلشريعة َج َع ُ
اجلزء الرابع ( 101 -مرمي اجملدليّة بصحبة مرمي وسط التالميذ)
ِ
الصيادين) (مثَل
اجلزء الرابع َ 102 -
اجلزء الرابع ( 103 -مرغزايم يُعلِّم مرمي اجملدليّة الـ "أابان")
اجلزء الرابع ( 104 -يسوع لفليبس" :أان احلبيب القادر"َ .مثَل ال ّدرهم ال ُـمستَعاد 'املفقود')
اجلزء الرابع ( 105 -املعرفة ليست فساداً عندما تكون تديّناً)
اجلزء الرابع ( 114 -يف صور" .املثابرة ،هي ذي العِبارة العظيمة)".
الرجاء)
اجلزء الرابع ( 119 -يسوع يتح ّدث عن ّ
اجلزء الرابع ( 120 -يسوع َميضي إىل الكرمل مع يعقوب بن حلفا)
اجلزء الرابع "( 121 -على املرء أن يكون حبّه كامالً ليكون قائداً بقداسة")
"احلب هو السالم")
ّ اجلزء الرابع ( 123 -بطرس يَ ْك ِرز يف مرج بن عامر:
"احلب طاعة")
ّ اجلزء الرابع ( 124 -يسوع لفالّحي جيوقاان:
كل شيء") ن اجلزء الرابع ( 125 -مرمي ال ُكلّية ال َقداسة" :رأفيت أقوى ِ
م
ّ ّ
اجلزء الرابع "( 126 -فِعل اخلري صالة أعظم ِمن املزامري")
رسلو املعمدان)
اجلزء الرابع "( 129 -هل أنت ماسيّا؟" يَسأل ُم َ
اجلزء الرابع ( 138 -إذا كان لديكم إميان ،آيت وأجنّيكم من اخلطر)
املظال)
اجلزء الرابع ( 145 -يف اهليكل ،من أجل عيد ّ
اجلزء الرابع ( 149 -يسوع يغادر بيت عنيا إىل الض ّفة األخرى ِمن األردن)
اجلزء الرابع "( 163 -ال فائدة من ممارسة األسرار إذا ما غابت احملبّة")
اجلزء الرابع ( 174 -يسوع مع صالومي ،زوجة مسعان ابن عمه)
اجلزء الرابع ( 175 -ابن العم مسعان يعود إىل يسوع)
اجلزء الرابع ( 178 -يوحنا األندوري ،سوف متضي إىل أنطاكية)
1945 / 07 / 21
خيصه».
فيجيب توما« :كان يتحدَّث عن أمر ّ
"عما
«ال .بل كان يُشري إلينا إبصبعه .وقد رأيتُهُ جيّداًُُ .ثّ إ ّن اجلملة الثانية أتت أتكيداً لألوىلّ :
الذبح"». قليل سوف ُُير احلمل كذلكِ ،
ومن ُُثّ يُقاد إىل َّ َّ َ َ
فيؤّكِد اندراوس« :نعم ،ذلك ما َِمسعتُهُ أان».
أحترق شوقاً للعودة إىل الوراء وسؤال رفيقه الكاتب :ماذا يعرف عن يهوذا بن
«حسناً! ولكنّين ّ
مسعان ».يقول بطرس.
لكن الكاتب قال" :اجملموعة ينقصها احلِرابء" .أليست احلِرابء هي احليوان الذي
«نعم .نعرف .و ّ
يُ ِّ
غري لونه حسب مزاجه؟» يَسأل بطرس.
«نعم اي مسعان .ولكنّه ابلتأكيد ،أراد القول إ ّن ثيابه جديدة على الدوام .إنّه يُعىن بذلك ،فهو
شاب؛ وُيب أن نَعذره »...يقول الغيور بلهجة اسرتضائيّة.
حقيقي .ومع ذلك! ...اي هلا ِمن َجلة غريبة!» يستنتج بطرس.
ّ «وهذا ،كذلك،
يَنظُر يسوع حوله فريى مشلوالً ،طريح الفراش ،يبكي هبدوء .يدنو منه ،ينحين ويالطفه سائالً
ّإايه« :أتبكي؟»
«نعم ،فال أحد يُف ّكر يب على اإلطالق .أبقى هنا ،أبقى هنا ،واجلميع يُش َفون ّأما أان فال ،على
كل ما أملك ،وقد فت ّصَر ُاإلطالق .ها قد مضت أعوام مثانية وثالثون وأان ُملقى على ظهري .لقد َ
عيدين يف املساء...
ذوي ،ويعتين يب اآلن أحد أقاريب البعيدين ،وهو أييت يب صباحاً إىل هنا ،ويُ ُمات َّ
أود لو أموت!» ولكن هذا ُيعلين أشعر أبنّين أ ِ
ُثقل عليه .آه! ُّ ُ ّ
لدعائك».
َ وآمنت! وسوف يستجيب هللا
َ صِرب َ
ت كثرياً، غتم .لقد َ
«ال تَ ّ
أنت طيّب وصاحل ،إّّنا اآلخرون ...إبمكان الذي
آمل ذلك ...إّّنا تنتابين ساعات أيسَ . «ُ
ُش ِف َي ،كعرفان َجيل هلل ،أن يبقى هنا قليالً إلعانة اإلخوة الذين ال حول هلم وال ّقوة»...
فيك حقد .فَـ ُهم ال يُف ِّكرون بذلك ،ليس ِمن قَبيل
«ابلفعل ،ينبغي له القيام بذلك .إّّنا ال يكن َ
سوء النيّة .إنّه فرح الشفاء ،وهو ُيعلهم أاننيّني .اغفر هلم»...
الرب؟»
حبق هللا! أميكن أن تكون مالك ّ
«ولكن َمن تكون؟ قُل يل ّ
«أان أكثر ِمن مالك .امسي الرمحةِ .
امض بسالم».
َُيمل املشلول سريره -وهو ِعبارة عن عا ِرضتَني ،ثـُبِت عليهما زوجان ِمن الدواليبُِ ،
ومسّرت ّ َ
ألقاك اثنية .لن
عليهما كذلك قطعة من القماش البايل -وَميضي سعيداً وهو يَهتف ليسوع« :سوف َ
ووجهك».
َ امسك
أنسى َ
ّأما يسوع فيختلط ابجلمع وميضي ،يف وجهة أخرى ،صوب اجلدران .ولكنّه َمل يَ َكد يتجاوز
يتأججون
كأّنم َمدفوعون برايح عاتيةَّ ، ص َل رهط ِمن اليهودِ ،من أسوأ الطَّبَقات ،و ّ
حّت َو َ
الرواق األخريّ ،
يتوصلون إىل إدراك َمن هو ويتقصون .ولكنّهم ال ّ
ّ التفوه ابلشتائم ليسوع .يبحثون ،يَنظُرون،
برغبة ّ
املقصود ،وميضي يسوع ،بينما أولئك ،وقد خاب فَأهلم ،ي ِ
هاَجون املشلول املسكني ،ال ُـمربأ والسعيد،ُ
ويتّهمونه« :ملاذا َحت ِمل هذا السرير؟ اليوم سبت .وهذا غري مسموح به َ
لك».
يَنظُر إليهم الرجل ويقول« :أان ال أعرف شيئاًُ .ج ّل ما أعرفه هو أ ّن الذي شفاين قال يل:
يرك وامش" .هذا ما أعرفه».
"امحل سر َ
مينَ .ح َّدثَينَ .شفاين .ومضى ُمم ِسكاً بيده طفالً ،أظنّه
«ال أدري .كان هنا .رآين أبكي ،ودان ّ
ابنه ،إذ ُُيتمل أن يكون له ابن يف مثل هذا السن».
« َولَد؟ إذاً ليس هو! ...ماذا قال إ ّن امسه؟ أمل تَ َس ْله؟ ال تكذب!»
لكن يهوذا َمل يكن .وإنّه هو َمن نَعرف جيّداً .اآلخرون ...قد يكونون أانساً عاديّني».
«و ّ
«ال .كانوا ُهم».
وَميضي يسوع ُمس ِرعاً إىل رواق سليمان ،حيث َُِيد مكسيمني ابلفعل..
ص ِّل ،طاملا عُدان إىل هنا ».يقول يسوع ذلك وَميضي إىل ردهة اليهود. «لنَ ْم ِ
ض ونُ َ
الرب .يَراه ال ُـمربأ مبعجزة
ولكنّه يلتقي املشلول ال ُـمربأ ابلقرب من ذلك املكان ،وقد أتى ليشكر ّ
ش ِ ِ
وسط اجلمع ،فيحيّيه بفرح ،ويَروي له ما َح َدث أمام الربكة بعد رحيله .ويُنهي« :أحدهم ،وقد ُده َ
أنت هو ماسيّا .صحيح؟» ِ
من رؤييت معاىف ،قال يل َمن تكونَ .
لست أدري ما إذا كان ال ُـمربأ مبعجزة قد مضى تلقائيّاً للقاء اليهود ،أو إذا كان أولئك ،كوّنم ُ
عجائيب .الذي بشكل فاه ش الذي نفسه هو هَثدَّ ح الذي كان ما إذا سألوهيابملرصاد ،قد أوقَفوه لِ
ّ َ َ َ
فرتض
أَعلَمهُ هو أ ّن الرجل يتح ّدث إىل اليهود ُثّ َميضي ،بينما ميضي أولئك إىل جانب السلّم الذي يُ ََ
بادرونه دونصل يسوع ،ي ِأن ينـزل منه يسوع للعبور إىل الباحات األخرى واخلروج من اهليكل .عندما ي ِ
ُ َ َ
إليك؟ وتريد أن ِ
االهتامات اليت ُو ّجهت َ
كل ّأتستمر يف نقض السبت إذن ،رغم ّ إلقاء التحيّة ابلقولّ « :
رسل ِمن هللا؟»ُحت ََرتم َك ُم َ
رسل؟ بل أكثر :كابن .فاهلل أيب .وإذا ما رفضتم احرتامي ،فامتَنِعوا عن ذلكّ .أما أان ،فلن« ُم َ
أبي شكل عن إمتام رساليت .أل ّن هللا ال يتوقّف حلظة عن العمل .اآلن أيضاً أيب يعمل وأان أتوقّف ّ
أعمل».
أتيت إىل األرض ّإال لكي َأعمل ،ذلك أ ّن االبن الصاحل يفعل ما يفعله أبوه ،وألنّين ما ُ
أحس َن إليهم ،وآخرون ِ ِ ِ
يَدنو أانس لالستماع إىل النقاش .ومنهم َمن يَعرف يسوع ،وم ُنهم َمن قد َ
الر ُسل ابملعلّم.
مرة .كثريون ُيبّونه ،آخرون يُبغضونه ،وكثريون يَظلّون ال ُمبالنيُُ .ييط ُّ
ألول ّ
يَرونَه ّ
مرغزايم شبه خائف ،ويبدو وجهه الصغري على وشك أن متأله الدموع.
فعله هو».
يتهامس الناس« :ح ّقاً! ح ّقاً! ال أحد يفعل ما يَ َ
يُتابِع يسوع« :أان أقول لكم :هذا ألنّين أعرف ما ال يعرفه هو ،وأستطيع ما ال يستطيعه هو.
عمل بذاته ّإال األعمال اليت رآهاأعمل أعمال هللا ،فهذا ألنّين أان ابنه .ال ميكن ألحد أن يَ َ كنت َ وإذا ُ
لست
عمله ،فأان وهو واحد ،منذ دهر الدهور ،و ُ أيت اآلب يَ َ
نجز؛ وأان ،االبن ،ال ميكنين َع َمل ّإال ما ر ُ
تُ َ
فعله اآلب أفعله أان كذلك ،ألنّين ابنه ،فال بعلزبول وال غريه كل ما يَ َ
السلطان .و ُُّمتلفاً عنه ابلطبيعة و ُّ
أفعله ،أل ّن بعلزبول واآلخرين ال يَع ِرفون ما أعرفه .اآلب ُيبّين أان ،ابنه ،وُيبّين بغري ما عل يستطيع فِ
َ
فعله ،أان
فعله ،كي أفعل أان ما يَ َ كل ما يَ َ ِ
قياس ،كما أحبّه أان كذلك .ألجل ذلك هو أراين ،ويُريين ّ
على األرض ،يف زمن النِّ َعم هذا ،وهو يف السماء قبل أن يكون الزمن على األرض .وسوف يُريين
ند ِهشني. أعماالً أعظَم على الدوام لكي أ ِ
ُجنزها ،وتَظلّون أنتم ُم َ
أفرغ ِمن إجناز ما يُف ِّكر به اآلب ويريده ال مثله كوين به، أقتدي أان
و عمله. يف ب نض ي ال كره فِ
َ َ َ
احلب .ال حدود لنا ،وال شيء نضب أبداً .حنن ّ يف تفكريه .أنتم ال تَع ِرفون ما َخيلقه ّ
احلب دون أن يَ َ
ال ميكن فعله على مستوى درجات اإلنسان الثالث :األدىن واألعلى والروحيّة .ابلفعل ،كما أ ّن اآلب
ِ
وحّت ،بسببيُن ِهض املوتى ،ويُعيد إليهم احلياة ،فأان ،االبن ،كذلك ُميكنين َمنح احلياة ل َمن أريدّ ،
احلب الالُمدود الذي يكنّه اآلب لالبن ،فقد أُعطي يل أن أُعيد احلياة ،ليس فقط إىل اجلزء األدىن، ّ
حّت إىل القسم األعلى ،إبعتاق ِفكر اإلنسان وقلبه من أخطاء الروح واألهواء السيّئة ،وإىل القسم إّّنا ّ
الروحي ،إبعادة حترير الروح ِمن اخلطيئة .اآلب ،ابلفعل ،ال يدين أحداً ،إذ قد َمنَ َح سلطان الدينونة
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 17 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
فعله اآلب ِ
لالبن ،ذلك أ ّن االبن ،هو الذي اشرتى اإلنسانيّة ،بتضحيته الشخصيّة ،ليَفتَديها .وهذا يَ َ
ِ ِ ِ ِ
بجل اجلميع االبن كما َكَّرموا اليوم بِ َعدل ،ألنّه من العدل أن يُعطى ل َمن يَدفَع الثَّمن ممَّا ّ
خيصه ،ولكي يُ ّ
اآلب.
دهشوا للقيامة األوىل هذه ،الروحيّة ،اليت أصنَعها أان بكلميت .وسوف تَـَرون ما هو أقوى ال تُ َ
بعد ،أقوى ِمن أحاسيسكم املث َقلَة ،إذ ،يف احلقيقة ،أقول لكم :ما ِمن شيء أعظم ِمن القيامة احلقيقيّة،
كل َمن فيها .والذين ِ
سمعه ّغري املرئيّة ،لروح .ستأيت الساعة قريباً ،وفيها َخي َرتق صوت ابن هللا القبور ،ويَ َ
َع ِملوا الصاحلاتَ ،خي ُرجون إىل قيامة احلياة األبديّة؛ والذين َع ِملوا السيّئات إىل قيامة الدينونة األبديّة.
لست أقول لكم إنّين أقوم بذلك اآلن ،وسأقوم به الحقاًِ ،من ذايت وإبراديت وحدي ،بل إّّنا ُ
وحكمي عادل ،ألنّين ال أعمل مشيئيت، ِ
أح ُكم حبسب ما أَمسَعُ ،
إبرادة اآلب ُمتَّحدة إبراديت .أقول و ْ
أرسلَين.
بل مشيئة الذي َ
ُترَجه إىل كالم وفِعل. صال عن اآلب .أان فيه وهو يف ،وأان ِ
عامل بِِفكره وأ ِ َّ لست ُمن َف ِ ً
ُ
يف سوى ما أقوله ألشهد به لذايت ،ال ميكن أن تَقبَله نفسكم عدمية اإلميان اليت ال تريد أن ترى َّ
كنيب عظيم .وأَعلَم أ ّن
كرسونه ّ اإلنسان ال ُـمشابِه لكم َجيعاً .إنسان آخر يَ َ
شهد يل ،وتقولون إنّكم تُ ِّ
ألّنا تُناقِض تفكريكم
كرمونه ،تَرفُضون شهادتهّ ، حق ،ولكنّكم ،أنتم الذين تقولون إنّكم تُ ِّشهادته ّ
ألّنا ،حينما ال تناسبكم،نيب يف إسرائيلّ ، البار ،آخر ّ
ال ُـمعادي يل .أنتم ال تَقبَلون شهادة اإلنسان ّ
تقولون" :إ ْن هو ّإال إنسان ،وقد ُخي ِطئ".
ِ
عين ،بل ما تَشاؤون عين ما تَر َغبون ،ما تُف ّكرون به ّ أرسلتُم أانساً يَسأَلون يوحنّاَ ،علَّه يقول ّ
لقد َ
النيب قال إ ّن يسوع ن
ّ أ ذلك لها. ب ق
ُ ـ
َت ن تتمكنوا ِ
م حق ،مل َّ شهادة د عين .ولكن يوحنّا َش ِ
ه به ا
و ر أن تُف ِّ
ك
ّ ّ ّ ّ ّ
النيب َمنون ،وأبنَّين
سر قلوبكم ،إ ّن ّ الناصري هو ابن هللا .وألنّكم َُت ُشون اجلموع ،فإنّكم تقولون ،يف ّ ّ
أان َمنون كذلك .وعلى الرغم ِمن أنَّين ال أعتمد على شهادة إنسان ،حّت ولو كانت صادرة عن أقدس
هل تظنّون أنّين أتكلّم هكذا ألنّين أريد أن أكون ُممَ َّجداً منكم؟ ال ،فليكن معلوماً لديكم ،أان
األبدي .هذا هو اجملد خالصكم هو يده
ر أ
و عنه أحبث ما البشر. ن ال أحبث وال أَرضى ِمبَجد أييت ِ
م
ّ َ
الذي أسعى إليهَ .مدي َك ُم َخلِّص ،الذي ال ميكن أن يتح ّقق ّإال إذا كان يل أوفياء ،وهو يَتعاظم مع
ومن اآلب ،هو روح فائق عدد الذين أُخلِّصهم ،والذي ينبغي أن يعطى يل ِمن األرواح اليت خلَّصتُها ِ
َ ُ
الطُّهر ،بينما أنتم لن تكونوا ُُملَّصني .أعرفكم على ما أنتم عليه .ليس فيكم ّ
حب هللا ،فأنتم بدون
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 20 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
احلب .فأنتم فيه ََمهولون. ِ
دخلوا ملكوت ّ ب الذي يكلّمكم ،ولَن تَ ُ
حب ،ألجل ذلك ال تُقبلون إىل احل ّ
ّ
اآلب ال يعرفكم ألنّكم ال تعرفونين ،أان الذي يف اآلب .بل ال تريدون أن تعرفوين.
أان لن ّأهتمكم لدى اآلب .ال تُف ِّكروا بذلك ،فهناك َمن يتَّهمكم .إنّه موسى الذي تَرجون .هو
عين ،وأنتم ال تعرفونين حبسبب ّ َمن سوف يـَتَّهمكم بعدم إميانكم به ،ألنّكم ال تؤمنون يب ،فهو قد َكتَ َ
قسمون به .فكيف ميكنكم إذن ما تَـرَكه مكتوابً عين .أنتم ال تؤمنون بكالم موسى العظيم الذي تُ ِ
ّ َ
اإلميان بكالمي؟ بكالم ابن اإلنسان الذي ال تؤمنون به؟ إذا ما تكلَّمنا بشرايً ،فهذا م ِ
نطق .إّّنا هنا، َ ّ
فإنّنا يف حقل الروح حيث تَصطَ ِدم نفوسكم ،فَـيَنظُر إليها هللا على ضوء أعمايل ،ويُقابِل األفعال اليت
أتيت أُعلِّمه .ويدينكم هللا.
تقومون هبا مع ما ُ
ّأما أان فإنّين أمضي .ولن يطول الزمن الذي ترونين فيهَّ ،
وأتكدوا كذلك أ ّن هذا ليس نصراً لكم،
رحل».
بل إّّنا هو عقاب .هيّا بنا نَ َ
ظل قسم منه صامتاً ،وقسم يتهامسون حول االستحسان الذي َ ِ
وخي َرتق يسوع اجلمع الذي يَ ّ
الفريسيّني إىل َِهس .وَميضي يسوع. ِ
ُُي ّوله اخلوف من ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
صل يسوع ،يُرافِقه الغيور ،إىل بستان لعازر ،يف صبيحة صيف َجيلة .مل يُشا ِرف الفجر بعد
يِ
َ
على ّنايته ،وكذلك كل شيء منتَعِش ِ
وابسم. ُ ّ
ع الستقبال املعلّم ،يُشري إىل هدب ثوب أبيض يتوارى خلف سياج ويقول:
والبستاينّ الذي َهَر َ
«لعازر ماض إىل تعريشة اليامسني ،ومعه لفافات يقرأها .سأانديه».
ويسري يسوع ِخبُطى سريعة على درب ُي ّده سياج ِمن الزهور .العشب القصري الناعم املزروع
باغت لعازر.على طول السياج ُخي ِّفف ِمن وقع اخلطوات ،وُيتهد يسوع يف الدوس عليها ابلذات لِي ِ
ُ
فاجئه واقفاً واللفافات موضوعة على طاولة رخاميّة ،وهو يُصلّي بصوت ُمرتَِفع« :ال ُُتيِّب ي ِ
ُ
منك ،بدموعي، أنت تنموَ .هْبين ما طَلَبتُهُ َاألمل اليت نـَبَـتَت يف قليب ،اجعلها َ رب .غرسة ّ أملي اي ّ
مرة .ما طَلَبتُهُ أبعمايل ،ابملساُمة وبذايت كلّهاَ .هْبين ّإايه بديالً عن حيايتَ .هْبين ّإايه
عشرة ومائة ألف ّ
عده َكلِ َمة ابطلة؟
الظن أب ّن َو َ
علي ّ يسوعك الذي َو َع َدين هبذا السالم .هل ميكنه الكذب؟ هل َّ َ ابسم
وسلطانه أدىن ِمن هذه اخلطيئة اليت هي أخيت؟ قُل يل اي إهلي كي أستكنيُ ،حبّاً َ
بك»...
لك». ِ
رد َك سوف أقول َ
«ال .قبل ذلك أجبين على السؤال الذي طرحتُهُ على هللا .وحبسب ّ
ميكنك قوله »...ويبتسم يسوع ،فاحتاً ذراعيه ،داعياً ّإايه
َ «قُل يل ،قُل يل ذلك األمر اجلَّلَل.
إليهما.
«أل ّن ال ُـمفتَدين لديهم حياء عميق ،وال شيء يؤثّر فيهم أكثر ِمن نظرة أب أو أخ .وأقول َ
لك:
ص ِّل"».
ص ِّلَ ، "ص ِّلَ ،
َ
مرة أخرى عن قلقه وعن ِ
يبكي لعازر على صدر يسوعُ ...ثّ ،بعد أن يَلتَقط أنفاسه ،يتح ّدث ّ
قُنوطه« ...ها قد مضى ما يُقا ِرب العام وأان أرجو ...وأان أقنط ...كم هو طويل زمن القيامة!»...
ظ لعازر تقصريه يف واجب الضيافة ،فيَ َنهض
الح َ
حّت َّأما يسوع فيدعه يتح ّدث ،يتح ّدث ويتح ّدثّ ...
ميران بسياج مليء ابليامسني املزهر ،وعلى التوُيات ِ
ليأخذ يسوع إىل البيت .ولكي يَصال إىل هناكّ ،
تط ّن حنالت ذهبيّة.
إيل قد عاد إىل أحضان إبراهيم. لك ...الشيخ العجوز الذي أرسلتَهُ َّنسيت أن أقول َ
«آه! لقد ُ
لقد َو َج َده مكسيمني جالساً هناُ ،مسنِداً رأسه إىل هذا السياج ،كما لو كان انئماً قرب خالاي حنل
فهمهيسمي النحل .يبدو ّأّنا كانت تَ َ يعج فيها أطفال ُم َذ َّهبون .هكذا كان ّ
كأّنا بيوت ّيعتين هبا ،و ّ
فهمهاّ .أما الشيخ النائم بسالم ضمريه الصاحل ،عندما َو َج َده مكسيمني ،فقد كان يكسوه وشاح ويَ َ
كل النحالت على صديقها .وقد عاىن اخلُ ّدام كثرياً ت م ث
َ ج لقد الذهب. بلون صغرية أجسام ن مثني ِ
م
ّ َ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 24 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
حّت ليبدو أنّه كان، لِ
حّت ليبدو أ ّن طعمه كان عسالً ...ولقد كان نزيهاً ّ
فرقوها عنه .لقد كان طيّباً ّ
ّ ُي
َكسبه مدة
نت عليه .وكم متنّيت أن أ َابلنسبة إىل النحالت ،مبثابة تُويَج ليس فيه فساد ...وقد َح ِز ُ
ابراً»...
أطول يف بييت .فقد كان ّ
----------------------------------------------------
كنت
صلَت يف البيت هذا الصباح ،مل أستطع الكتابة يف الوقت الذي ُ ...وبسبب الضوضاء اليت َح َ
كت وما ََِس ُ
عت. أرى خالله ،لذا فاآلن ،وقد أصبَ َحت الساعة الثامنة عشرة ،ال يَسعين سوى قول ما أدر ُ
تصر أن أتيت
يعود يهوذا املتماثل للشفاء إىل يسوع املتواجد يف اجلتسمانيّة ،مع مرمي اليت عا َجلَته ،وحنّة اليت ّ
النساء وكذلك املتماثل للشفاء إىل اجلليل ابلعربة .وابملقابلََ ،تكث حنّة وأليصاابت يف أورشليم ،لبضعة
ّأايم ،لتعودا بعدئذ ،أليصاابت إىل بيت ساحور ،وحنّة إىل بيت حري .Betherأذ ُكر أ ّن أليصاابت كانت
ونك».
لدي الشجاعة كي أعود إىل هناك ،فحيايت َمل تَعُد بدون هدف .سأجعل أصدقائي حيبّ َ
تقول« :اآلن ّ
خدمتك
َ وأذكر أ ّن حنّة أضافت« :وسأفعل أان كذلك ضمن أمالكي ،طاملا يدعين قوزى هناّ .أما األفضل يف
باعك».
فسيكون أتّ َ
1945 / 07 / 24
ألست خائفاً؟ على طبطب على خ ّديه« :هيه! وبني احلني واحلني ،يقول له بطرس ،وهو ي ِ
َ ُ
التلميذ ّأال خياف أبداً »...ويُشري الولد برأسه أن ال ،ولكن كلّما ازدادت ِش ّدة هبوب الريح ،وازداد
حّت إنّه ،لدى ِ ِ ِ
صب األردن ،فإنّه يزداد شحوابً ،ويُكثر من إغماض عينيهّ ، هياج املياه ابقرتاهبم من َم ّ
احنراف مفاجئَ ،مييل فيه املركب على أحد جانبيه ،يُطلِق صرخة َهلَع.
لست أحت ّدث عن «هذا صحيح ،اي معلّم .ولكن تلك النساء اي ِ
هلن من تلميذات كامالت! ُ ّ ّ
ك ،فاألمر ،ابلنسبة إليهاَ ،مفروغ منه ،أحت ّدث عن األُخرايت .آه! ابحلقيقة ،لقد َُتَطَّينَنا! ُ
كنت ّأم ُ
بكل أمان عليهن
َّ االعتماد إبمكانك م، ل
ّ مع اي ثق لكن، و . املستقبلي كهنوهتن
َّ ات ر اختبا نمواحداً ِ
ّ ّ
واطمئنان .لقد اعتنني يب وأبليصاابت ،وقد عادت أليصاابت إىل بيت ساحور ،بنفس متج ّددة،
وأان ...أان آمل إعادة تشكيلها ،اآلن وقد َع ِملن فيها »...ويبكي يهوذا الذي ما زال يشعر ابلضعف.
ضع إحدى يديه على رأسهُ ،مشرياً إىل اآلخرين ّأال يتكلّموا. ويسوع ،اجلالس بقربه ،يَ َ
ومّت ذهوالن ِمن حركات ُّ
التقرب األخرية ،وال يتكلّمان ،بينما الغيور ّ لكن بطرس واندراوس َم ُ و ّ
وفليبّس ومرغزايم ال ُُيا ِولون الكالم ابلتأكيد ،فالواحد شارد الذهن ابللّهفة إىل الوصول ،واآلخرون،
بِِفطنة فطريّة طبيعيّة.
صب بعدئذوهترع املرأة لِتَجثو عند قدمي يسوعُ ،ث عند قدمي زوجها .تَنتَ ِ
ّ «املعلّم! مسعان!» َ َ
امحر وجهها ال ُـم َحبَّب ،وإن يكن غري َجيل« :لقد طال زمن انتظاري ّإايكم! هل َجيعكم
وتقول ،وقد َّ
بصحة جيّدة؟ تعالوا! تعالوا! فأنتم حتماً تَعِبون»...
ّ
«ال .إنّنا قادمون ِمن الناصرة ،حيث توقّفنا لبضعة ّأايم ،وقد كانت لنا ُمطّة أخرى يف قاان.
طرباي .تَـَرين أنّنا لسنا تَعِبني .نصطَ ِحب معنا َولَداً ويهوذا بن مسعان وقد َوِه َن ِمن
وكانت املراكب يف ّ
جراء َمَرض أملَّ به».
ّ
« َولَد؟ تلميذ صغري ج ّداً؟»
الولَد الذي ظَ َّل شبه خائف وُمتبئاً خلف يسوع ،يَستَسلِم للمرأة أتخذه ،وقد َجثَت كما لِتُصبِحَ
يف مستواه ،ويَ َدعها تُقبِّله دون ّ
تردد.
فع َمة ِ ِ
الصغَر؟ سوف يتعب »...املرأة ُم َ
«واآلن أتخذونه معكم ،دائماً هو معكم ،هبذا ال َقدر من ّ
الصيب.
الولَد بذراعيها ،وتُبقي خ ّدها على خ ّد ّضم َ
َش َف َقة .تَ ّ
َعهد به إىل امرأة تلميذة ،عندما نذهب بعيداً عن
«يف احلقيقة ،كانت يل فكرة أُخرى :أن أ َ
اجلليل ،عن البحرية»...
ُرزق أبوالد ،بل أبوالد إخوة ،وأَع ِرف كيفيّة االهتمام ِهبم. «وملاذا ليس يل أان اي سيّدي؟ أان مل أ َ
فعل األُخرايت،باعك ،كما تَ َ يؤهلها التِّ َ
الصحة ما ّ
ِ
إنّين التلميذة اليت ال ُّتيد الكالم ،وال متلك من ّ
كماشة؟لت ّكماشة أان .هل قُ ُ ك تَعلَم يف أيّة ّ
أردت ،ولكنّ َ
حّت لو ُ اللوايت ...آه! تَعلَم! سأكون جبانةّ ،
لدي الشجاعة ألقطع أحدِها .فامسح ال بل أان بني َحبلني يسحبانين يف ّاّتاهني ُمتلفني ،وليست ّ
الولَد .سوف أُل ِّقنه ما يُعلِّمه اآلخرون أخدمك قليالً ،بِ َكوين ّ
األم التلميذة هلذا َ َ األقل ،أن
يل ،على ّ
أنت»...
كَ ، للكثري ِمن الناس ...أن ُيبّ َ
ظل ت
َ ذلك، ع ق
ّتوت تكن مل اليت زوجته لكنو يده، هرظ
َ بطرس ،الذي يعلَم ابألمرَ ،ميسح دمعة بِ
ّ ّ َ َ
مين ،لتجعلين ِ ِ
ذت زوجي ّ َخ َ بُرهة بَكماء من الدهشةُ ،ثّ َّتثو من جديد ،وتقول« :آه! سيّدي ،لقد أ َ
كل الزهور ،ليس فقط تلك اليت فأنت تُعيد إىل حيايت ّ
ك هتبين ابناً ...إذنَ ، َرملةّ .أما اآلن فإنّ َ
أقول ،أ َ
مين ،إّّنا تلك اليت مل أحصل عليها أبداً .لتكن مباركاً! سيكون ُمبوابً أكثر ممّا لو كان هذا ذهتا ّ
َخ َ
أَ
الشباك ،يُق ِّدم هلا أوراقاً وعُشباً وماء ِمن البئر ،وَميضون
يَربط النِّعاج يف آخر احلديقة ،قُرب كوخ ِّ
إىل مركز املدينة.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 07 / 25
كل بتعليقاتهُُ ،م ِرجاً ِمن قلبه ما هو صاحل وما هو سيّئُ ،ملبِساً ّإايه الكالم ،يتح ّدث
وبينما يُديل ّ
يسوع إىل رجل ِمن كفرانحوم جاء للقائه وليقول له أبن أييت أبقصى سرعة ،أل ّن ابنة رئيس اجملمع يف
بحثان عنه منذ بضعة ّأايم .فَـيَعِده يسوع أبن أييت يف
نزاع املوت ،وكذلك أل ّن سيّدة ومعها خادمتها تَ َ
أحز َن أهايل بيت صيدا الذين أرادوا االحتفاظ به ع ّدة أايم. صبيحة اليوم التايل ،وهذا ما َ
كل اخلري الذي يتأتّى ِمن فِعل صالح تتح ّدث عنه صفحات الكتاب .فلنتذ ّكر طوبيت .لقد ّ
استحق أن ُيفظ رئيس املالئكة ابنه طوبيّا ،ويدلّه على كيفية معاودة النَّظَر إىل أبيه .ولكن أيّة ُمبّة،
َّ
َّدت حياته! البار طوبيت ،رغم ّاهتامات زوجته واألخطار اليت َهد َ مار َسها ّ ودون التفكري ابملنفعةَ ،
وتذ ّكروا كالم رئيس املالئكة" :إ ّن الصالة اليت تُرافِق الصوم أمر َح َسن ،و َّ
الص َدقَة هلا قيمة أكثر ِمن
طهر من اخلطااي ،وّتعل املرء َُِيد الرمحة واحلياةنجي من املوت وتُ ِّ ّ ِجبال ِمن الذهب ،أل ّن َّ
الص َدقَة تُ ِ
للرب". ِ
اتك ّ كنت أُق ّدم صلو َ
كنت تَدفُن املوتىُ ...كنت تُصلّي ودموعك تَ َنهمر ،و َاألبديّة ...عندما َ
احلق أقول لكم ،إ ّن مسعان سيتجاوز طوبيت أشواطاً ابلفضائل .وسيبقى لكم الدعامة لِتُثبِّت ّ
ُبوته لِنَفس ،لِيُصبح غداً األب الق ّديس ضيت .واآلن هو يبدأ أ ّ
نفوسكم يف حيايت ،بعد أن أكون قد َم ُ
لكل النُّفوس اليت ستكون وفيّة يل .ال تَـنُ ّموا إذن ،ولكن ،إذا ما صادفتُم يوماً ،على طريقكم ،يتيماً ّ
احلقيقي، االبن ر الزاد اليت يقامسكم إايها ذاك اليتيم ،لن تُ ِ
فق َّ قمةُل ـ
َف لوه. ب
َّ قَت ه، ش
ّ ع ن كعصفور ساقِط ِ
م
ّ ّ ُ
بل ،على العكس ،هي َّتلب إىل البيت بـََركات هللا .اصنعوا ذلك ،أل ّن هللا هو أبو األيتام ،وهو نفسه
العش الذي َخَّربَه املوت .واصنعوا ذلك ،ألنّه تعليم ِ ِ
الذي يُق ّدمهم لكم لتُساعدوهم يف إعادة بناء ّ
ضعفهالشريعة اليت أعطاها هللا ملوسى ،ذلك أنّه َو َج َد يف أرض العداء والوثنيّة قَلباً ممتلئاً رمحة ّتاه ُ
كطفل ،واحنىن لِيُخلِّصه ِمن املوتُ ،م ِنقذاً ّإايه ِمن املياه ،بعيداً عن االضطهادات ،أل ّن هللا كان قد
ب إسرائيل زعيمه .إ ّن ُم َنع َكسات فِعل اخلري هي أكس َ
َ محة ر
َ عل اختاره ليكون يوماً ُُم ِرر إسرائيل .فَِ
ف ّ
1944 / 08 / 11
يهتم هلذا التَّدافُع .بل يَرفَع رأسه أعلى ِمن اجلمع ال ُـمحيطني به ،ويَنظُر إليهم
ّإال أ ّن يسوع ال ّ
يشق طريقاً له وسط كتلة ِ
يرد التحيّات ،يُداعب طفالً ّ اببتسامة عذبة ،بينما ُهم يتزامحون حولهّ .
ضع يده على رؤوس األطفال الذين ترفعهم ّأمهاهتم فوق رؤوس الناس لكي الكبار ،ويدنو منه ،يَ َ
كل تلك التدافعات اليت تُزعِجكل تلك الضوضاء ،و ّ وأتَ ّن ،وسط ّ كل ذلك وهو يسري ببطء َ يلمسهمّ .
ّأايً ِسواه.
صوت رجل يَصيح« :افسحوا َماالً ،افسحوا َماالً ».إنّه صوت قَلِق ،واملفروض أ ّن الكثريين
وُيلّونه ،كأنّه صوت رجل صاحب نفوذ ،ذلك أ ّن اجلموع الذين يفسحون اجملال بصعوبة يَعرفونه ُ
مير ،وهو يرتدي ثوابً طويالً فضفاضاً ،وعلى رأسه عمره ن ابلغة ،ي َدعون رجالً يف حوايل اخلمسني ِ
م
ّ َ
تتدىل أهدابه على وجهه وعنقه.
شال أبيضّ ،
فجأة ،يف حلظة معينة ،يَلتَ ِفت اتركاً يد األب ،ويتوقّف .ال يدير رأسه فقط ،بل يلتفت بكلّيّته.
فاحصةُ ،ميعِن النَّظَر يف وجوه يبدو أكثر عظمة ،إذ قد َّاُتَ َذ وضعية ملِك ،وبِنَظرة أضحت صا ِرمةِ ،
ّ َ
اجلميع .عيناه تُ ِ
العظَ َمة ،ويَسألَ « :من لَ َم َسين؟» تنم عن قَسوة ،بل هي تُ ِّ
عرب عن َ ّ ضات م
َوَ الن رس
صر يسوع.
أكررَ ،من لَ َم َسين؟» يُ ُّ
« ّ
لمسونك
َ كل صوب .اجلميع ي ن تزمحك اجلموع ِ
م َ فيجيبه التالميذ« :اي معلّم ،أال ترى كيف
ّ
كل جهودان».رغم ّ
مين ،أل ّن قلباً
شعرت أب ّن ّقوة َخَر َجت ّ
ُ «أان أسألَ :من لَ َم َسين بغية احلصول على معجزة .فلقد
طَلَبَها إبميانَ .من هو هذا القلب؟»
مين.
كنت مريضة .منذ اثنيت عشرة سنة وأان مريضة! اجلميع يَهربون ّ عفوك! أان هي .لقد ُ « َ
كل ما أملك كي ال أُعتَرب َدنِ َسة ،ولكي أعيش مثل بقيّة الناس .إّّنا مل بذلت ّ
زوجي َه َجَرين .لقد ُ
أصبحت عجوزاً قبل األوان .ولقد خارت قواي مع هذا ُ يستطع أحد شفائي .أترى اي معلّم؟ لقد
أنت ِمن بـََرصه .ومبا أنّه
ك صاحل .والذي قال يلَ ،شفيتَه َ النَّـزف الذي ال يَربأ ،ومعه سالمي .قيل يل إنّ َ
عفوك! لقدمين .مل أجرؤ على قول ذلك قبل اآلنَ . اختََرب هروب الناس منه لسنواتَ ،مل يَشعُر بنفور ّ
ثوبك الذي ُُيُّر على األرض، ست طََرف َ سك .ابلكاد لَ َم ُملستك أبرأ .ولكنّين َمل أُدنِّ َ
َ رت أنّين لو
ف ّك ُ
ثوبك
ست َ فيت .فلتكن مباركاً! ما أن لَ َم ُ
بل على أوساخ األرض ...وأان كذلك نفاية ...ولكنّين ُش ُ
ككل النساء .لن يتحاشاين الناس بعد اآلن .وسيكون دت ّ ف َمرضي يف احلال .ولقد عُ ُ حّت توقَّ َ
ّ
إبمكان زوجي وأوالدي وأهلي املكوث معي ،وسأمت ّكن ِمن مالطفتهم .سأكون انفعة يف بييت .شكراً
لك اي يسوع ،أيّها املعلّم الصاحل .فلتكن مباركاً لألبد!» َ
دخل معهم َأي ُمر يسوع أتباعه ابلبقاء عند املدخل ،وأيخذ معه بطرس ويوحنّا ويعقوب فقط .يَ ُ
البيت ،وهو يش ّد على الدوام على يد األب الباكي .يبدو وكأنّه يريدِ ،من خالل هذا الش ّد على يده،
رب البيت مع املعلّم. ضاعف النائِ
أن يؤّكد له أنّه هنا كي ُيعله سعيداً .تُ ِ
رؤيتهن ّ
ّ لدى ، احهن
ّ ون حات
تطن ،وعلى هذه املرافقة يرتَّكز النَّدب.
وُيّركن الطبول وُيعلن املثلثات ّ
بكفُ ،
ّإّن ّن يضربن ك ّفاً ّ
يقول يسوع« :اصمتوا .ال تبكوا ،فالفتاة مل متتّ ،إّنا انئمة».
أنفسهن ،ويقتلعن
ّ وخيمشنبعضهن على األرضَ ، ّ تُطلِق النساء صيحات أقوى ،وتتدحرج
هز املوسيقيّون واألصدقاء رؤوسهمإبّنا ماتت ح ّقاً .يَ ّشعرهن( ،أو ابحلري يتظاهرن هكذا) لِيُظ ِهرن ّ
ّ
يتوهمّ .أما هو فإنّه يُ ِّ
كرر« :اصمتوا!» بق ّوة ،لدرجة أ ّن ِ
أمام أوهام يسوع .حتماً ُهم يَعتَقدون أنّه ّ
ندنة ،ويتق ّدم.
الضوضاء ،وإن مل تتوقّف متاماً ،فقد أضحت َد َ
َّدت على السرير فتاة صغرية مائتةّ .إّنا حنيلة ،شاحبة ،مم ّددة وهي
دخل غرفة صغرية ،فيها متد َ
يَ ُ
األم ،يف جهته اليمىن ،تبكي قرب السرير الصغري وتقبّل يد وممشط بعنايةّ .
ترتدي ثوهباَ ،شعرها مرتّب ّ
الر ُسل الثالثة عند الباب الذي يُغلِقونه يف وجه الفضوليّني .يَِقف األب عند أسفل السرير. يَب َقى ُّ
ذهب يسوع إىل يسار السرير ،مي ّد يده اليسرىُ ،ميسك هبا يد املائتة الصغرية املستسلمة .لقد ويَ َ
دت جيّداً .اليد اليسرى ليسوع واليد اليسرى للفتاة الصغرية .يرفع ذراعه األمين ،رافعاً اليد املفتوحة
شاه ُ
َ
ك أقول قومي!» إىل مستوى الكتفنيُ ،ثّ َخيفضهماَ ،كمن بَِقسم أو أيمر .يقول« :أيتها الصبية ،ل ِ
ّ َ َ َُ
الر ُسل ِرقاهبم لَِريوا جيّداً.
َمتضي بُرهة ،يبقى فيها اجلميع حائِرين ،ما عدا يسوع واملائتة .يُطا ِول ُّ
األم إىل ابنتهما وعيوّنما حزينة .بُ َرهة ،ويَرتَِفع صدر املائتة الصغرية بشهيق .ويعود لون يَنظُر األب و ّ
الش َفتَني ِ
الشاحبَتني، خفيف إىل وجهها الشاحب فيخفي صبغة املوت الداكنة .وترتسم ابتسامة على َّ
حّت قبل أن تُفتَح العينان؛ كما لو أ ّن الصبيّة َحتلم ُحلماً َجيالً .ما يزال يسوع ُمي ِسك بيدها .تَفتَح ّ
الصبيّة عينيها على مهل ،تَنظُر حوهلا كما لو كانت تستيقظ ِمن النوم لِتَـ ّوهاّ .أول شيء تراه هو وجه
تشجعها ،وتبتسم له. يسوع الذي يَ ُرمقها بعينيه الرائعتني ،ويبتسم هلا بطيبة ّ
كررها يسوعُ ،مبعِداً لوازم اجلنازة املنتشرة على السري وقربه (الزهور ،واألغطية ،و...
«قُومي ».يُ ِّ
ساعدها يف النُّـزول ،ويف خطواهتا األوىل ،وها هو ما يزال ممسكاً بيدها. اخل) ي ِ
ُ
«أعطوها اآلن لتأكلَ ».أي ُمرهم «لقد ُش ِفيَت ،لقد أعادها هللا إليكم ،فاشكروه ،وال ُُتِربوا أحداً
مبا جرى .أنتم تَعلَمون ما الذي جرى هلا ،لقد آمنتُم واستأهلتُم املعجزة ،اآلخرون َمل ي ِ
ؤمنوا ،فَ ِمن غري ُ َ
أنت أيّتها الصبيّة ،كوين صاحلة. نكرون املعجزة .و ِ الـمجدي ُماولة إقناعهم .فاهلل ال يتجلّى لِمن ي ِ
َ ُ ُ
وخي ُرج ُمغلِقاً الباب خلفه.
وداعاً! السالم هلذا البيتَ ».
وتتوقّف الرؤاي.
1945 / 07 / 27
يعود يسوع مع بطرس ويوحنّا إىل بيت كفرانحوم ،يتصبّبهم العرق ،ويكسوهم الغبار.
حّت انداه سيّد البيت ،بدالّة ،قائالً له« :اي يسوع، ِ
ما كاد يسوع يَطأ احلديقة ،قاصداً املطبخّ ،
تنتظرك،
َ لت هلا أن
عنك .قُ ُ
ك عنها يف بيت صيدا .عادت تبحث َ لقد عادت تلك السيّدة اليت ح ّدثتُ َ
وج َعلتُها َمت ُكث يف الغرفة اليت يف األعلى».
َ
لك اي توما ،سأَمضي إليها يف احلال .إذا ما أتى أانس آخرون ،اجعلهم ينتظرونين هنا».
«شكراً َ
حّت دون رفع معطفه. السلّم خب ّفة ّ
ويرتقي يسوع ُ
على الشُّرفة ،حيث ينتهي السلّم ،تقف ،بال حراك ،مارسيل خادمة مرات« :آه! اي معلّمنا!
تنتظرك منذ أايم ».تقول املرأة وهي ّتثو إجالالً ليسوع.
َ معلّميت هنا ،يف الداخلّ ،إّنا
«كنت أتوقّع ذلك .سأذهب حاالً للقائها .فليبار ِ
كك هللا اي مارسيل». ُ
ويَرفَع يسوع احلجاب الواقي ِمن النور ال ُـمب ِهر ،رغم تق ّدم الغسق كثرياً ،والذي يُل ِهب اهلواء
ويُض ِرم بيوت كفرانحوم البيضاء ابالنعكاس األمحر جلَمّرة ضخمة .يف الغرفة َّتلس مراتُ ،ملتَ ِحفة
مبعطفها ووشاحها ،قُرب النافذة .قد تكون تَنظُر إىل َشرم ِمن البحرية ،تغوص فيه تلّة ُُمَّرجة .وقد ال
سمع الوقع اخلفيف خلطوات يسوع الذي تكون تَنظُر سوى إىل أفكارهاّ .إّنا ُمستَغ ِرقة لدرجة ّأّنا مل تَ َ
قرتب .وتَنتَ ِفض عندما يناديها.
يَ َِ
حّت ِ
«آه! اي معلّم!» َهتتف وترمتي جاثية ،وذراعاها ممدوداتن كما لطَلَب العونُ ،ثّ تنحين ّ
لِتُالمس جبهتها األرض ،وتبكي.
«هيّا ،اهدأي ،وقويل يل ماذا تَفعل؟ ملاذا هي سيّئة؟ إذن فهي َمل تَـعُد تَر َغب ابلرجال ،لذا أان
ِ
ت أن تكوين إىل جانبها افرتض ّإّنا ُم َنع ِزلة يف بيتها .هل األمر كذلك؟ نعم؟ حسناً ،حسناً ج ّداًَ .رغبَ ْ
بكل بساطة ،اليت ، حّت أو األثيمة، العالقات نعمب
َ كالمكِ -
ِ هو هذا – بة
ر التج ن بك ِ
م كما لتحتمي ِ
ّ ّ
تؤدي إىل عالقات أثيمة .وهذا دليل على ُحسن النيّة». ميكن أن ّ
أتظن أ ّن األمر هو ح ّقاً كذلك؟» م؟ّلمع اي ذلك د«هل تؤّكِ
ّ
شريرة؟ اروي يل ماذا تفعل»... ِ «ابلتأكيدِ ّ .
أي شيء تبدو لك ّ
وإال فَب ّ
ي يف قفص. صُّريف كالتايل :بلطف عندما تكون رزينة ،وحبزم عندما تبدو يل كحيوان ّبر ّ وكان تَ َ
وكانت هي تقول يل" :اغفري يل ،اغفري يل!" وإذا ما سألتُها" :ماذا اي أختاه؟ ِملَ تُسبّيب يل األمل".
ك يف قليب ،وقد لت يل" :لن َُترجي ِمن هنا" َك ِرهتُ ِ
فتجيبين" :ألنّين اآلن ،أو أمس مساء ،عندما قُ ِ
ُ
ك ومتنّيت ِ
لك املوت". لَعنتُ ِ
َ
أظن أ ّن َعبداً قَدَّم هلا
ريب؟ ولكن قد تكون َمنونة؟ هل َجعلَتها رذيلَتَها َمنونة؟ ّ ملك هذا ّ
أال يؤ َ
ص َع َد ذلك إىل دماغها»... وقد جور، ف
ُ لل بدةع لها جع يشراب العشق لِ
َ َ َ َ
«ال ،ال شراب عشق وال جنون .إنّه أمر آخر ،ولكن ِ
أكملي».
«إذاً فهي معي ُمتا ِرس طقوس االحرتام والطاعة .وكذلك هي َمل تَـعُد تُسيء معاملة اخلُ ّدام .ومع
غري َمرى احلديثّ .أما فإّنا تُ ِّ
عنكّ ،
حّت عندما أحت ّدث َ
عنكّ .ذلك ،ومنذ الليلة األوىلَ ،مل تَـعُد تَسأل َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 43 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
حّت ّإّنا
فإّنا ُمتضي ساعات وساعات على الصخرة حيث اإلطاللة على البحريةّ ، فيما عدا ذلك ّ
فَت هبا وتسألين ،كلّما َمَّر مركب" :أتعتقدين أنّه مركب الصيّادين اجلليليّني؟" وهي ال تنطق أبداً تُ َ
الر ُسل ،ولكنّين أَعلَم ّأّنا تُف ّكِر هبم َ
وبك يف مركب بطرس .وأُد ِرك كذلك ّأّنا تف ّكر ابمسك وال ابسم ُّ
َ
نتمشى يف احلديقة ،أو عندما ننتَ ِظر ساعة الراحة ،بينما أان
ألّنا أحياانً ،عند املساء ،عندما ّ بكّ ،
َ
ذهب الذي تَـتَّبِعني؟" وأحياانً
أُخيط ،تقول يل وذراعاها متصالبتان" :إذاً هكذا ُيب العيش حبسب ال َـم َ
تبكي ،وأحياانً أخرى تضحك ضحكة جنون هت ّكميّة أو ضحكة شيطان.
كنت
عنك كما لو ُ عنك -ابلفعل ،إنّين ،مع ذلك ،أحت ّدث َ
ثت عن الرمحة اإلهليّةَ ،
وإذا ما حت ّد ُ
كنت يف بعض األحيان أرتعب من ذكر امسك يف حضورها -فتجيبين" :ال تالميذك .وأقسم أنّين ُ
َ أوىف
كل احلدود ".وحينئذ أيخذها هياج ِمن اليأس ،فتصرخزت ّّتاو ُ
ميكن أن تكون هناك رمحة يل ،فلقد َ
عين
ميزقين ،الذي َمينَع ّ
حّت يَسيل الدم" :ولكن ملاذا؟ ملاذا هذا الوحش الذي ّ
ضرب نفسها ّ وهي تَ ُ
خالب؟ وبعد ذلك ،أتيت األصوات اليت تَ َلعنين ،صوت أيبالشر بصوت ّ ِ
السالم ،الذي َُيملين إىل ّ
صادفَت ،أثناء خروجها ،أحد الذين َُيّروّنا ِمن جديد إىل الرذيلة؟ وهذا ما
«ولكن ،إذا ما َ
ُتشاه هي نفسها»...
«وسوف َُتشاه على الدوام ،اآلن وقد بـَلَغَت مرحلة الغثيان ِمن الرذيلة .ولكن ال ُتايف .عندما
ابلعدو الشيطاينّ الذي يَع ِرف أنّه
ّ تَبلغ نفس إىل الرغبة يف اجمليء إىل اخلري ،وال تعود ُُمتَ َجزة سوى
الشخصي لألان اليت ما زالت تَر ّن كإنسان ،وحتكم على ذاهتا كإنسان،
ّ العدو
سوف يفقد فريسته ،و ّ
ُمسنِدة حكمها إىل هللا ملنع الروح ِمن السيطرة على األان البشريّة ،حينئذ تُصبِح تلك النفس قويّة ض ّد
نح ِرف بعد.
هجمات الفسق والفاسقني .لقد َو َج َدت النجمة القطبيّة ،ولن تَ َ
ِ
وابلطبع ُيب ّأال يُقال هلا" :أََمل تف ّكري ابهلل ،بينما أنت تف ّكرين إبسرائيل؟" إنّه ّاهتام ُم َ
ضمر.
ألسنة َهلَب ،وهي ليست سوى ِجراح ُيب عدم ملسها بغري طيوب اللُّطف ُيب عدم فِعله .إ ّّنا ُُترج ِ
األمل… والوداعة والغفران و ّ
اتركي هلا حرية أن أتيت .بل حّت ِ
عليك أن ُُتِربيها حينما تنوين اجمليء ،إّّنا ال تقويل هلا" :تعايل ّ ّّ
أنت .عودي ،انتظريها يف البيت .فسوف لت إىل إدراك ّأّنا ستأيت هي ،فال أتيت ِ
توص ِ
وحّت لو َّ
معي"ّ .
الشريرة اليت تَستَح ِوذ عليها ِ
القوة ّ
ص َد َمتها الرمحة .فأان ،ينبغي يل أن أنت ِزع منها تلك ّ
أتيت إليك وقد َ
اآلن ،ويف خالل فرتة زمنيّة ،ستكون َك َمن نـََزفَت دمها كلّه ،كإنسان انتَـَزع منه الطبيب عظامهّ .أما
بعد ذلك فَـتُصبِح أفضل .وستكون َمذهولة.
اذهيب بسالم اي مرات .وغداً قويل هلا إنّين سأحت ّدث قرب سيل النبع ،هنا يف كفرانحوم ،بعد
كك».الغَسق .اذهيب بسالم! اذهيب بسالم! أابر ِ
َ
ما تزال مرات حائرة.
وُت ُرج.
تنحين مرات أمامه َ
حوذ عليه)
األعميَني واألخرس ال ُمستَ َ
( -93شفاء َ
1945 / 07 / 28
يَنـ ِزل يسوع بعد ذلك (يف الرؤاي السابقة كان يسوع قد َ
ص َع َد إىل الغرفة العلوية يف بيت كفرانحوم
لِ ُـمقابلة مرات) إىل املطبخ ،ولدى رؤيته يوحنّا على وشك الذهاب إىل النبع ،وبدالً ِمن البقاء يف املطبخ
للتو ،أبنا زبدى لعشاء
الس َمكات اليت َجلَبَهاّ ، املدخن ،فإنَّه يُ ِّ
فضل الذهاب معه ،اتركاً بطرس يُصا ِرع َّ ّ
املعلّم.
مل يذهبا إىل النبع الذي يف طرف البلدة ،بل إىل العني اليت يف الساحة ،حيث ما زال املاء أييت
ِمن ذلك النبع اجلميل والغزير ،الذي يتدفّق ِمن سفح الرابية ،قرب البحرية .هناك الكثري من األشخاص
ارهن ،األوالد
املتجمعني يف الساحة ،كما هي العادة يف بلدات فلسطني عند املساء .النساء مع جر ّ
الفريسيّونُُ ،ييط هبم
يلعبون ،الرجال يتحادثون عن األعمال أو ...عن أقاويل البلد .وَميّر كذلك ّ
اخلُ ّدام أو التَّابِعون ،عائدين إىل بيوهتم الفخمة .يفسح اجلميع اجملال ابحرتام ،كي يَ َدعوهم َميّرون ،وما
صب اللعنات عليهم ِمن كل قلوهبم ،وهم يـَ ْرُوون آخر أفعال ظلمهم و ِّ
الرىب. ِ
حّت يبدأ اجلميع ب ّ أن َميّروا ّ
ّ
يسي أوراي يقول ابحتقار
الفر ُيعل مما القدامى، دقائه أص إىل َّث
يتحد الساحة، ن مّت ،يف ركن ِ
م
ّ ّ ّ
وبصوت مرتفع« :اي لل ِهداايت الشهرية! ما يزال التعلّق ابخلطيئة قائماً ،وهذا واضح ِمن خالل
الصداقات اليت تَدوم .آه! آه!»
«ماذا؟»
خاص األطفال ،حول يسوع .وبني األطفال هناك طوبيّا يف تلك األثناء يتزاحم احلشد ،وبشكل ّ
لمسان أبيديهما وحنّة ،األخوان اللذان كاان منذ زمن يتشاجران ِمن أجل التني ،ويقوالن ليسوعُ ،
وِها يَ َ
الصغرية قامة يسوع الطويلة لِيَ ِلفتا انتباهه« :امسع ،اليوم أيضاً ُكنّا عاقِلَني ،هل تَعلَم؟ َمل نـَعُد نبكيَ .مل
بك .هل َمتنَحنا قُبلة؟»
يـَعُد الواحد يضايق اآلخر أبداًُ ،حبّاً َ
«إذاًكنتما عاقلني ُحبّاً يب! اي للفرح الذي متنحانين .إليكما قُبلَيت ،وغداً ُكوان أفضل أيضاً».
نك؟»
«هل هذا ُيز َ
أنت مسرور؟»
«سوف آيت ألرى ج ّد َك .هل َ
ِ
شاهدتُهُ
ُمل يعقوب ،ليس بنيامني َمدال ،بل الذي من كفرانحوم ،وهو الذي َ ُُثّ َُي ّل بنيامني ّ
صل إىل الساحة مع ّأمه ،ويَرى يسوع ،يرتك يد ّأمه ،ويَرمييف إحدى الرؤى البعيدة .وهذا حني ي ِ
َ
صل أمام يسوع ،يُعانِق بنفسه وسط احلشد كثري احلركةُ ،مطلِقاً صرخة تبدو ّ
كأّنا زقزقة سنونو ،وحني ي ِ
َ
ركبتيه قائالً« :يل أيضاً! ُمالطفة يل كذلك!»
ك
لصحتك املمتازة .لقد قيل يل يف أورشليم إنّ َ مين ذلك .أَغتَبِط َ
معك ّ لكل الذين يَطلبون ّ
« ّ
توعكاً بعض الشيء».
كنت ُم ّ
َ
برؤيتك ِمن أجل الشفاء».
َ رغبت
كنت مريضاً ج ّداً .وقد ُ
«نعمُ ،
كنت تؤمن أبنّين قادر على ذلك؟»
«هل َ
ذهبت؟» ك يوماً بذلك .ولكنّين برئت وحدي ،ألنّ َ ِ
بت طويالً .أين َ
كغ َ َ ُ أش ّ
« َمل ُ
عت عن بُرص حنّوم وسلوان .عظيم .أهذا فقط؟ حتماً ِ «هل َّ
قت جناحات كثرية؟ لقد َمس ُحق َ
ِ
مت به ِمن الكاهن يوحنّا .ذاك الذي يؤمن َ
بك دوّنا تَطَُّرف ،وهو سعيد بذلك». ال .إّّنا هذا ما َعل ُ
املتطرفني
يسي قليالً ...إنّه يتخبّط بني الرغبة بعدم ّاهتام أصدقائه العديدين ج ّداًّ ، يَضطَ ِرب ّ
الفر ّ
ض ّد يسوع ،والرغبة ابستحقاق إطراءات يسوع .ولكنّه يتجاوز هذا االضطراب ويقول« :الذي ال يريد
بك رغم األدلّة والرباهني اليت تُق ِّدمها ،فهو ُمدان».
اإلميان َ
أود ّأال يكون أحد كذلك»...
« ُّ
«هو فقط؟»
ضع أصابعه على اجلفون العمياء ،يَرفَع وجهه ،يصلّي يَ َنهض يسوع عن الطاولة ،يدنو منهما ،يَ َ
ويقول« :فليكن لكما حسب إميانكما ».ويَن َـزع يديه ،فتتحرك اجلفون عدمية احلركة ،أل ّن النور ،يعود
ِمن جديد لِيُصيب األحداق اليت عادت إليها احلياة ،ابلنسبة إىل الواحدّ ،أما اآلخر فقد ان َفتَ َح َجفناه،
عوجلَت بشكل سيّئ ،يُ َس َّوى العيب احلاصل على قرحات ِ وحيث كانت خياطة ،تعود ابلتأكيد إىل تَ ُّ
حواف اجلفنني ،وها ُِها يَرتَِفعان ويَنـ ِزالن مثل جناحني َخيفقان.
َخيُّر اإلثنان ِ
ساج َدين.
كنت أُف ِّكر ،إّّنا ال أظُنّين أكثر شحوابً ِمن املعتاد .تعالوا هنا ...إ ّن ضوء القمر ُيعلكم
« ُ
شاحبني كذلك .غداً سوف تذهبون إىل قورازين .قد َِّتدون بعض التالميذ .حت ّدثوا إليهم، َجيعكم ِ
َعظ قُرب السيل». واحرصوا على أن تكونوا هنا عند َغسق الغد .سوف أ ِ
َ
صادفنا مرات ومرسيل .هل ِ
«اي له من أمر رائع! سنقول ذلك للقورازينيّني .اليوم ،لدى عودتناَ ،
جاءات إىل هنا؟» يَسأَل اندراوس.
«نعم».
«نعم .إّّنا ماذا تريدون ِمن جديد؟ أال يكفيكم النهار بطوله؟ هل الوقت مناسب إلزعاج ذلك
املسافر املسكني؟ عودوا غداً ».أيمرهم بطرس.
دت النَّظَر
َع َ «يف الناصرة قالوا لنا" :هو يف كفرانحوم" ،ويف كفرانحوم َّ
أك َد لنا ذلك اثنان أ َ
لعيوّنما ،يف هذا البيت».
«صحيح! صحيح! لقد قالوا لنا ذلك ،حنن أيضاً »...يَهتف الكثريون .ويُعلِّقون« :مل نـََر قَ ّ
ط
مثل هذا يف إسرائيل».
«لوال َعون بعلزبول له ،ملا فَـ َع َل ذلك ».يقول بسخريّة ّفريسيّو كفرانحوم ،وَمل يَ ُكن مسعان معهم.
ِ
كل
فيت ،واألعميان كذلك .وأنتم ال ميكنكم فعل ذلك رغم ّ «بِ َعون أو بغري عون ،فقد ُش ُ
حوذ عليه ،الذي ُش ِف َي ،ويُقبِّل ثوب يسوع الذي ال يَ ّرد على
صلواتكم العظيمةُُ ».ييب األب َكم ال ُـمستَ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 56 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الفريسيّني ،ويكتفي بصرف احلشد بقوله« :السالم معكم ».وُمي ِسك ابل ُـمربأ والذين معه ،ماحناً هلم ّ
حّت الفجر.
مأوى يف الغرفة الطويلة لرياتحوا فيها ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
لك ،فهل ستحبّينين بعد؟ آه! أيتها النَّفس الصغرية املسكينة املخدوعة! إّّنا قويل يل :إذا غفرت ِ
ُ ّ
ب صاحل؟ ِ قويل يل :لو م َددت ِ
اعي ،فهل ترمتني فيهما؟ بَل قويل يل :هل أنت عطشى إىل ُح ّ ّ رذ لك َ ُ
ِ
ودموعك ،إذ َمتتَزِج بدموعي، إذاً تعايل وعودي إىل احلياة ،عودي إىل املراعي املقدَّسةِ .
أنت تبكني.
ِ
أّنكك ،أَفتَح صدري ،أَفتَح ِ
أحرقك قد الشر الذي ِ ِ
تَغسل آاثر خطيئتك ،وأان ،لكي أغ ّذيك ،أل ّن ّ
لك" :تغ ّذي ولكن عيشي!" عروقي وأقول ِ
اعي .وسنمضي بشكل أسرع إىل املراعي املقدَّسة واملضمونة .سوف تنسني ر ذ بني كتعايل أضم ِ
ّ ّ
ِ
لعودتك. اتك التسع والتسعني .الصاحلات يغتبطن كل شيء عن ساعة اليأس هذه إىل جانب أخو ِ
ّ
وخلَّصتُها ،ويكون فرح ِ ِ
ثت عنها ،وأان قادم من بعيدَ ،وَو َجد ُهتا َ
عجيت الضَّالّة ،اي َمن َحبَ ُ
أقول لك ،اي نَ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 60 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
البارة اليت َمل تَبتَعِد عن التسعني
و التسع ن عظيم بني الصاحلني لِنَعجة واحدة ضالّة تعود ،أكثر ِ
م
ّ
احلظرية».
غرد)
لت األمل ابلغفران يُ ّ
( -95بعد التَّذكري ابلشريعة َج َع ُ
1944 / 08 / 13
يقول يسوع:
ك تَـَرين فيها العشاء يف بيت مسعان األبرص، «منذ كانون الثاين (يناير) ،منذ اللحظة اليت جعلتُ ِ
ََ
أنت ومن ي ِ
رش ِ
دك ،معرفة املزيد عن مرمي اجملدليّة ،والكالم الذي َو َّجهتُهُ إليها .بعد سبعة أشهر، بتِ ، ر ِغ ِ
َ ُ َ
ُفرح ُك َما ،ولكي أَمنَح قاعدة سلوك للذين ينبغي َكشف لكما عن تلك الصفحات ِمن املاضيِ ،أل ِ أ ُ
وجهاً إىل أولئك البائسني الذين َخيتَنِقون يف قبور هلم احلُ ّنو على تلك النفوس ال َـمجذومة ،وصواتً ُم َّ
خرجوا منها. ِ
الرذيلة ،ليَ ُ
فرق بني خطيئة وخطيئة صالِح هو هللا ،صالِح هو مع اجلميع .ال يست ِ
خدم املقاييس البشريّة .ال يُ ِّ َ َ
ومستع ّداً للمغفرة .مقاومة النِّعمة َّت َعله صا ِرماًغمه .والتوبة َّت َعلهُ فَ ِرحاً ُ
مميتة .فاخلطيئة ،مهما تكن ،تَ ّ
ِ
وبِغري رمحة ،ذلك أنّه ال ميكن للعدل أن يَغفر لغري التَّائب الذي ميوت على هذه احلال ،رغم كلّ
اإلعاانت الـمُعطاة له ِمن أجل ِاهلداية.
الغُفران مثل ذاك الندىَُ .يلب معه ،ليس فقط النقاء ،بل إّّنا العُصارات احليويّة اليت أيخذها،
عد َوعد الغُفران ،ها هي ذي احلكمة تتح ّدث وتقول ليس إىل العناصر ،بل إىل املنازل اإلهليّةُ .ثّ ،بَ َ
ُمومي ،ابخلالص. أ ن ج ش
َ وهتّز ،ليس بقسوة ،بل بَِ رما هو جائز وما ليس كذلك ،وتُذ ّكِ
ّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 64 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وح ّديّة ّتاه احملبّة اليت تنحين عليكم!َ ...كم ِ َكم ِ
الصوان أكثر منكم منعة َّ فيها د ع
ُ ـ
َي مل
َ ة
رّ م
َ ن م
سخرون منها! َكم ِمن َمّرة َمتقتوّنا! ...لو تَ َّ
صرفَت ِ ِ
من َمّرة َهتربون بينما هي تُكلّمكم!َ ...كم من َمّرة تَ َ
تتصرفون معها ،فالويل لِنفوسكم! على العكس ،تَـَرون ذلك! ّإّنا السائرة اليت ال احملبّة معكم كما ّ
حّت ولو هربتم داخل اجلُّحر املقرف. تتعب ،واليت متضي للبحث عنكمّ .إّنا متضي للّحاق بكم ّ
اجدين يف
ت فيه يف العُلّيةَ ،وزَمن التَّو ُ
دت على طريق عماوس يف الوقت الذي كن ُاج ُلقد تو َ
الر ُسل والتلميذين ،كان واحداً ِمن األسباب اليت َهَّزهتم ابألكثر ،ابنتزاعهم من مصاحلهم،
مواجهة ُّ
واإللقاء هبم على طريق املسيح.
كان حديثي ُم َو َّجهاً إىل األحد عشر أكثر منه إىل يهوذا ،العُنصر الذي كان املوت كامناً فيه
علي أن أجعل كوين هللا يَسطَع يف عيوّنم ،ليس على سبيل الكربايء ،إّّنا أل ّن ذلك آنذاك .فكان لزاماً َّ
فكنت هللا واملعلّم .تلك الكلّمات كانت تشري إىل َمن أكون .لقد ُ كان ضرورّايً من أجل تثقيفهم،
كنت أُعلِّم الكمالّ :أال تكون هناك أحاديث سيّئة كانت ال ُقدرة اليت ظَ َهَرت هبا تتجاوز اإلنسان ،و ُ
حّت يف داخلنا .أل ّن هللا يرى ،وينبغي أن يَرى هللا داخالً نقيّاً كي يَنـ ِزل َ
وُي َعل فيه َمس َكنه. ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 65 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
جواً طاهراً ،احرتاماً ِ ملاذا َمل َِ
أجرتح املعجزة يف ذلك البيت؟ ألُفهم اجلميع أ ّن وجود هللا يتطلّب ّ
الشفاه ،إّّنا بكلمة أكثر نفاذاً ،إىل روح اخلاطئة والقول هلا" :هل لِ َعظَ َمة جالله .للتكلّم دون حتريك ِّ
بكُ ،ملطَّ َخة لدرجة ال ميكن لك ملطَّخ ِ
ِ ِ َّ
كل ما حو ُ تَـَرين ذلك أيّتها الشَّقيّة؟ إنّك ُملطخة لدرجة أ ّن ّ
حواء ،وتُق ِّدمني الث ََّمرة إىل
ّ خطيئة دين ك ُّت ِّ
د أنت أكثر جناسة ِمن ذلك ،ألنّ ِ
معها هلل أن يتصرفِ .
ّ
أنت أداة الشيطان. اآلدميني ،إبغوائهم وابنتزاعهم ِمن واجبهمِ .
ّ
ملاذا َمل أشأ آنذاك أن تَدعوها األ ُّم ال َقلِ َقة "شيطاانً"؟ أل ّن ما ِمن مُربّر لإلهانة واالحتقار .الضرورة
األوىل اليت تَفرض نفسها ،والشرط األوّل ليكون هللا معنا ،هو انتفاء احلقد ومعرفة املساُمة .الضرورة
ط أخطاء اآلخرين. الثانية هي معرفة كيفيّة التعرّف على مَكمن الذنب فينا ويف ما هو لنا؛ ّأال نرى قَ ّ
الضرورة الثالثة هي معرفة احملافظة على الذات مع االعرتاف ابجلميل والوفاء ،بعد نَيل النعمة ،إنصافاً
حسنعد احلصول على النِّعمة ،يكونون أسوأ ِمن الكالب ،فال يتذ ّكرون الـم ِ
ُ لألزيلّ .والويل لِ َمن ،بَ َ
إليهم ،بينما الكلب يتذ ّكر!
دت إىل َمل أَقُل كلمة واحدة ملرمي اجملدليّة .كما لو ّإّنا متثال ،نَظَ ُ
رت إليها حلظةُ ،ثّ تَـَركتُها .عُ ُ
ظاهري.
ّ املادة امليتة كتمثال ِمن رخام ،فقد َغلَّفتُها إبِهال
كنت أريد ُتليصهم .وهيّ ، "األحياء" الذين ُ
كنت أشاء
نفسها املسكينة اليت ُ ولكنّين مل أَفُه بكلمة أو آيت حبركة َمل يكن اهلدف الر ّ
ئيسي منها َ
افتداءها .وكلميت األخرية" :أان ال أ ْشتُم ،أبداً ال أ ْشتُم .إنّين أصلّي ِمن أجل اخلَطَأَة ،ليس أكثر".
كنت قد قُلتُها على اجلبل" :الغفران أكثر فائدة لتنضم إىل األوىل اليت ُ ضت مثل ابقة زهور تتش ّكل ّ وم َ َ
ُقفلَت االثنتان على تلك املسكينة البائسة ضمن دائرة ُممليّة، ِمن احلقد ،والرمحة أكثر ِمن ال َقسوة" .وأ ِ
جاعلَتني ّإايها تَشعُر كم خدمة هللا ال ُـم ِحبّة ُمتلفة عن استعباد الشيطان ابلصالحِ ، ومعطَّرة َّ ِ
ُمنعشة ُ
كي ،ابملقارنة مع نتانة اخلطيئة ،وَكم هو مريح أن يكون املرء ُمبوابً بقداسة، َّ ِ
الشرس؛ َكم عطر السماء ز ّ
حوذاً عليه شيطانيّاً. ِ
وهو أفضل من أن يكون ُمستَ َ
حاضرين -يهوذا ليس يف احلسبان ،فأان أحت ّدث عن الناس الذين استُقبلوا يفعن الذين كانوا ِ
ذلك املكان ،وليس عن تالميذي -واحد فقط مل يكن ليأيت إىل النور .إّنزاماته تُرافِق انتصارات
الرسول ِمن أجله بال جدوى .ولكن ينبغي ّأال َحت ِمله تلك ّ
األّنزامات فهناك دوماً َمن يَ َتعب َّ
الرسالةَ .
كل شيء .فهناك على الدوام قوى على فقدان احلماس .فليس على الرسول املطالبة ابحلصول على ّ
معاكسة تواجهه ،وهي َحتمل َجلة أمساء ،وهي ،مثل َِم ّسات األخطبوط ،تُعا ِود التقاط الفريسة اليت
الرسول فيبقى هو هو .وبِئس الرسول الذي يقول" :أعلَم أنّين غري قادر انتُ ِز َعت منهاّ .أما استحقاق َّ
على اهلِداية هناك ،لذا لَن أذهب"َ .
فذاك رسول ال قيمة له.
َُِيب الذهاب هناك ،حّت ولو مل يكن سيخلص سوى واحد ابأللف .فيكون يوم الرسول م ِ
ثمراً ُ َ ََ ّ
كل ما كان ميكنه فِعله، ِ
من أجل هذا اإلنسان الواحد ،كما هو من أجل ألف .إذ إنّه سيكون قد فَـ َع َل ّ
ِ
الرسول اهلداية ،أل ّن َمن ينبغي وهذا ما يُكافئ هللا مبوجبه .كذلك ُيب التفكري أبنّه ،حيث ال يستطيع َّ
الرسول غري كافية للجهد املطلوب ،فيمكن أن هدايته ُمستأثَر به كثرياً ِمن قِبَل الشيطان ،وأ ّن قُوى َّ
يتدخل هللا .وحينئذَ ،من هو أكثر ِمن هللا؟
َّ
أن يكون املرء على درجة كبرية ِمن الكمال ،ليتم ّكن ِمن التح ّدث دون خشية ِمن إعادته إىل
مهر ّت
َ الذي وهو إليه، هةاملوج
َّ ةليوسالر
َّ تنام الصمت .التح ّدث إىل حشد ،بشكل تَذهب معه َكلِ
َ ّ َ َ
هذا هو ّأول عمل ينبغي القيام به لكسر قِشرة التلعة الصلبة ،وهتيئتها للبذار .إنّه العمل األكثر
صرامة ،لِمن يتمه ولِمن يتحمله ،ألنّه ال ب ّد للكلمة ،على غرار ِ
الس َّكة القاطعةِ ،من أن َّتَرح لِتَفتَح.
ّ ّ َ ّ َ
الرسول الصاحل ُُيَرح ،وتسيل دماؤه بفعل األمل الذي ينتابه ِمن وجوب اجلَّرح احلق أقول لكم إ ّن قلب َّ
و ّ
الرسول تصبح األرض التلعة البور خصيبة. لكن هذا األمل َخصيب ،فَبِدم ودموع َّللفتح .و َّّ
اخلاصة الثانية :العمل حيث يَعمَد أحدهم إىل الفرار إلساءته فَهم الرسالةّ ،
التهشم خالل العمل ّ
وجعل قُدرة هللا وصالحه يتألّقان اجلاد يف انتزاع الزؤان والعكرش واألشواك لتعرية األرض املفلوحةَ ، ّ
فعم رمحة ،واملتوقّف يَنتَ ِظر وَمينَح فرصة
خباصة احلاكم والطيّب ال ُـم َ
عليها ،ويف الوقت ذاته ،التحلّي ّ
للنُّفوس ،لِتَجاوز احملنة والتفكري و ّاُتاذ القرار.
يسوع على وشك الصعود إىل ال َـمركب .إنّه فجر صيف ُمنري حيث تتناثر أوراق توُيات الورود
إيل ُحبّاً ابهلل». صل مرات مع خادمتها« .آه! اي معلّم! أ ِ
َنصت َّ على برقع البحرية احلريري ،عندما تَ ِ
ّ
السيل .ويف هذه األثناءَ ،هيِّئوا
للر ُسل« :اذهبوا وانتظروين قرب َّ
يَهبط يسوع إىل الشاطئ ويقول ُّ
كل شيء ِمن أجل الرسالة يف َمدل .املدن العشر تنتظر الكلمة كذلك .امضوا».
ّ
بكل احرتام. مارسيل تتبعها ات،
ر م جانب إىل يسوع ميشي ابطه،
ر ل ح بعد كب
املر ر وبينما ي ِ
بح
ّ ّ َ ُ
وهكذا يَبتَعِدون عن البلدة ،سائِرين على الشاطئ ،الذي يُصبح ،مباشرة بعد شريط ِمن الرمل
ط األفق يتسلّق املنحدرات اليت تَنظُر إىل نفسها يف
ال ُـممتَزِج أبعشاب ّبريّةُ ،مغطّى بنبااتت ،اتركاً خ ّ
مرآة البحرية.
لدى وصوهلم إىل مكان ُم َنع ِزل ،يقول يسوع مبتسماً« :ما الذي تريدين قوله يل؟»
«آه! اي معلّم ...يف هذه الليلة ،بعد اهلجعة الثانية بقليل ،عادت مرمي إىل البيت .آه! ولكنّين
ِ
يزعجك أن لك ّإّنا قالت يل يف الساعة السادسة ،بينما ُكنّا نتناول طعامنا" :هلنسيت أن أقول َ ُ
لكين سأترك الثوب فضفاضاً وأُخ ِفض ِ ِ
تُعرييين ثوابً من أثوابك ومعطفاً؟ سيكوانن قصريين قليالً ،و ّ
قلت ،قَبالً ،وأان
ألين ُ
بقوة هائلةّ ،
يدق ّ"خذي ما تشائني اي أخيت" .وكان قليب ّ قلت هلاُ :
املعطفُ "...
أحت ّدث إىل مارسيل يف احلديقة" :عند الغَ َسقُ ،يب أن نكون يف كفرانحوم ،أل ّن املعلّم سوف يتح ّدث
أيت مرمي تنتَ ِفض ويتب ّدل لوّنا ،وال تعود قادرة على البقاء يف مكاّنا ،بل
إىل اجلمع ،هذا املساء" .ور ُ
كانت تروح وّتيء وحيدة ،مثل نـَ َفس يف ضيق ،مضطربة ،على وشك أن تتّخذ قراراً ...غري عارفة
بعد ما الذي تَقبَله ،وما الذي ترفُضه.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 71 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لدي ،األكثر بساطةَ ،جَّربَته،
ت الثوب األكثر قتامة ّ ت إىل غرفيت ،وأخ َذ ُبعد تناول الطعام ،ذهبَ ْ
حاولَت تسويته بنفسها، فك ك ّفة احلاشية كلّها ،أل ّن الثوب كان قصرياً ج ّداً .ولقد َت املربّية ّورج ْ
َ
كل ما هو مفيد وجيّد "...وأل َقت ذراعيها نسيت ّ
أدرَكت وهي تبكيَ " :مل أعد أعرف اخلياطةُ ، ولكنّها َ
حّت ال تُص ِادف أحداًيت ّ وخَر َجت وحيدة عند الغسق ...وَكم صلّ ُحول عُنقي قائلة" :صلّي ألجلي"َ .
وحّت تنجح يف أن َُتنُق ّنائيّاً الوحش الذي كان ِ
كالمكّ ،َ وحّت تفهم
مينعها من اجمليء إىل هناّ ،
امك املشدود جيداً حتت اآلخر ،وعندما كنت أ ِ
سُ ُّح ّ ت إىل حزامي حز َ يَستَعبِدها ...انظر :لقد َ
أض ْف ُ
كل ِ
كنت أقول" :هو أقوى من ّ الصلبةُ ،ضغط اجللد القاسي على قاميت غري املعتادة على األحزمة ُّ
شيء".
شاه َدتنا ،هي ،وسط لست أدري إذا ما َ بعد ذلك أسرعنا ابلعربة ،مارسيل وأان ،وأتيناُ .
ِ ِ
ت ،لقد عادت أي أََمل ،أيّة شوكة يف القلب ،لعدم رؤية مرمي! ُ
كنت أُف ّكر" :لقد نَد َم ْ احلشد ...ولكن ّ
إىل البيت .أو ابألحرى ...أو ابألحرى لقد َهَربَت ،غري قادرة بعد على مقاومة سلطيت اليت طَلَبَتها
كأّنا ُجعِلَت هلا... إليك وأبكي خلف اخلِمار .لقد كانت تلك الكلمات تبدو و ّ كنت أستمع َ هي"ُ .
يت ِ
ص ُ ت إىل البيت ايئسة .ح ّقاً .لقد َع َكنت أُف ّكر ،أان اليت مل أكن أراها .وعُ ْد ُ
سمعها! هكذا ُمل تَ ُكن تَ َ
لت يل" :إذا ما جاءت فانتظريها يف البيت" .إّّنا ُخذ قليب بعني االعتبار ،اي كنت قد قُ َ
ك َ أمرك ألنّ َ
َ
كنت
جانبك؟ ُثّ!َ ... َ إليك هي أُخيت! فهل كان إبمكاين ّأال أكون هنا ألراها إىل معلّم! إ ّن اليت أتت َ
كنت أبغي أن أكون إىل جانبها ،مباشرة ،ألساعدها… قلت يل" :سوف تُ ْس َحق" .و ُ قد َ
كنت جاثية أبكي وأصلّي يف غرفيت ،وكان قد َمَّر وقت على انقضاء اهلجعة الثانية ِمن الليل، ُ
ض ّمين بِ ِش ّدة بني ذراعيها
علي وهي تَ ُ
عندما عادت ،على مهل ،لدرجة أنّين مل أمسَعها ّإال حينما ارمتت َّ
وحّت أكثر مما تقولينه كثرياً .إ ّن رمحته َألعظم"كل ما تقولينه صحيح ،أيّتها األخت املباركةّ . قائلةّ :
كثرياً .آه! مرات حبيبيت! ال حاجة بعد ألن تَضبطيين! فلن تريين بعد ايئسة وساخرة! لن تسمعيين بعد
املتجسد .لقد صلّ ِ
يت اي ِ أقول‘ :كي ال أُف ِّكر!’ فاآلن أان أريد أن أُف ِّكر ،وأعرف مباذا أُف ِّكرَّ ،
ابلصالح
ّ
يديك .ومر ِ
ميك َمل تَـعُد تريد أن ُُتطئ، يت ألجلي .ولكن االنتصار أصبح اآلن بني ِ أخيت ،ابلتأكيد صلّ ِ
ََ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 72 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وها هي ذي تُولَد اآلن ِمن جديد .تَـ َفَّرسي فيها جيّداًّ ،إّنا مرمي جديدة بوجه َغ َسلَته دموع الرجاء
والتوبة .ميكنك أن تُقبِليين أيتها األخت الطاهرةَ .مل يـعد على وجهي أي ِمن آاثر احلب الـم ِ
خجل. ّ ُ ّ َُ ّ ّ
ُيب نفسي ،ذلك إنّه كان يتح ّدث عنها وهلا .فالنَّعجة الضالّة هي أان .لقد قال ،امسعي لقد قال إنّه ّ
ك ،إّّنا بشكل ِ إذا ما كنت أجيد القولِ ،
فأنت تعرفني طريقة حديث ال ُـمخلّص "...وَكَّرَرت يل َمثَـلَ َ ُ
كامل.
إليك َمّرتني.
استمعت َ
ُ التذكر .وهكذا أكون قد ذكيّة للغاية هي مرمي! أكثر ِم ّين كثرياًُّ .تيد ُّ
إيل،
شفتيك ،مقدَّسة ورائعة ،فقد كانت على شفتيها ،ابلنسبة َّ َ فإذا كانت تلك الكلّمات ،على
استمرينا
ّ ألّنما كانتا شفيت أُخيت ال ُـمهتَ ِدية ،العائدة إىل حظرية العائلة.
مقدَّسة ورائعة وُمبوبةّ ،
متعانَِقتَني ،جالِ َستَني على حصرية األرض ،كما عندما كنّا صغريتني ،وكنّا نبقى هكذا يف غرفة أ ُّمنا ،أو
قُرب النول ،حيث كانت تَنسج أو تُوشي أقمشتها الرائعة .بقينا هكذاَ ،مل نـَعد ِ
متباع َدتَني بسبب ُ َ
حّت بكثري ِمن اخلطيئة ،وكان يبدو يل أ ّن أ ُّمنا كذلك كانت حاضرة بروحها .لقد بكينا بغري أمل ،بل ّ
عيدتَني ...بعد ذلك ،بسبب التعب ِمن الطريق اليت َم َشتها على قدميها ،وبِتَأثّرها السالم! كنّا نتعانق َس َ
ِمن أمور كثرية ،انمت مرمي على ذراعي .ومبساعدة املربّية َج َعلتُها تستلقي على سريري ...وتركتُها
ألهرع إىل هنا »...وتُقبِّل مرات يدي يسوع ُمتهلِّلة.
َ
يديك ".اذهيب وكوين سعيدة .امضي ِ
انتصارك هو بني ِ «أان أيضاً أقول ِ
لك ما قالَتهُ مرمي" :إ ّن
كك يف غاية اللُّطف واحلَ َذر معها ،هي اليت تُولَد ِمن جديد .وداعاً مرات .أَعلِمي بسالم .وليكن سلو ِ
يتعذب هناك». بذلك لعازر الذي َّ
يبتسم يسوع ويقول« :اخلالق َخلَ َق العامل يف ستّة ّأايم ،ويف اليوم السابع اراتح».
يسي)
الفر ّ
( -97مرمي اجملدليّة يف بيت َسعان ّ
1944 / 01 / 21
ري تتألّف من أربع طاوالت َُمتَ ِمعة .وابلتأكيد، يف الوسط طاولة كبرية ُمربَّعة الشكل ،هي ابحلَ ّ
املدعوين الكثريين (وكلّهم ِمن الرجال) ،وهي مغطّاة بشراشف ّ مجعِلَت الطاولة بتلك الطريقة كي تُالئِ
ُ
َجيلة ج ّداً ،وعليها األواين الفاخرةِ .جرار كثرية وكؤوس مثّينة ،واخلُ ّدام حوهلا يف حركة دؤوبةَُ ،يلبون
األطباق ،ويَسكبون النبيذ .ال أحد وسط املربّع .أرى بالطاً َجيالً للغاية ،يَ َنع ِكس منه نور مصابيح
َجيعها.
املدعوون َ ِ
الزيت .يف ال ُـمقابل ،يف الناحية اخلارجيّة ،هناك متّكآت يَشغَل ّ َّ
يَلتَ ِفت اجلميع لِيَنظُروا إليها ّإال يسوع .يَرمقها يوحنّا للحظةُ ،ثّ يَلتَ ِفت إىل يسوعُُ .ي ِّدق
مهمات اليت لله َ
لكن املرأة ال تَنظُر إليهم على اإلطالق ،وال َهت ّتم َ ِ
لي وخبيث .و ّ اآلخرون هبا بنَـ َهم َج ّ
تظاهر يسوع بعدم االنتباه إىل ارتَـ َفعت لدى دخوهلا ،ولِ
املدعوين ،ما عدا يسوع والتلميذ .يَ َ
كل ّ ّ ات ز مَغ َ
ِ
شيء ،ويُتابِع احلديثُ ،مكمالً نقاشاً بَ َدأَه مع ّ
رب البيت.
ضع على األرض إانء صغرياً على شكل َجّرة قدمي املعلّم .تَ َ
وّتثو عند ّ تتوجه املرأة إىل يسوعَ ،
ّ
بَطينة ،تَن َـزع الوشاح عن رأسها ،وقد فَ َّكت الدبّوس الثمني الذي كان يثبّته بشعرها ،تَن َـزع اخلوامت ِمن
قدمي يسوع بني يديها، قدمي يسوع .بعد ذلك ،أتخذ ّ ضعها كلّها على املتّكأ ،جانب ّ أصابعها ،وتَ َ
القدم اليمىن ّأوالً ُثّ اليسرىَ ،حت ّل سري احلذاء ،وتضعهما على األرضُ ،ثّ تُقبِّل قدميه وهي تَنتَ ِحب،
المسهما بِلُطف ،وتَ َنه ِمر دموعها كمطر يَسطَع حتت نور الثرّاي ،وتُبلِّل قدميه
مسنِدة جبهتَها إليهما ،تُ ِ
ََ ُ
احملبّبتني.
ستقر نَظََره األزرق الداكن حلظة على الرأس املنحين .نظرة عني تَغ ُفر.
يُدير يسوع رأسه ببطء ،ويَ ّ
كاش َفتها.
الو َسط ،ويَ َدعها ُحّرة يف ُم َ ِ
ُُثّ يَنظُر من جديد إىل َ
يسي لَِريى بشكل
الفر ّ
وُيلس ّ ّأما اآلخرون فال .إ ّّنم يَتندَّرون فيما بينهم ،ويَغمزون ويَهزؤونَ .
جليِ .من
ّ اإلحساس هذا أة،
ر امل هوةشَ هي إليه ابلنسبة ية.
ر وسخ يظ غ
َ و رغبة عن أفضل ،ونظرته تُ ِ
عرب
ّ
حريّةِ ،ممّا يُوحي لآلخرين أب ّن املرأةُ ...معتادة على
بكل ّ
ِ ِ
جهة أخرى ،هو غاضب ل ُدخوهلا هكذا ّ
ساخرة…البيت .يف النهاية ينظُر إىل يسوع نظرة ِ
َ
وتستمر يف َسكب الدموع غزيرة بال أيّة صرخة .بَل دموع سخيّة ّ لكن املرأة ال تنتبه إىل شيء.
و ّ
وحنيب قليل .بعد ذلك َحت ّل َشعرها ساحبة منه داببيس الذهب اليت تُثبِّت التسرُية ال ُـم َّ
عقدة، فقطَ ،
شالت الذهب على نس ِدل َّ وتضع الداببيس جبانب اخلوامت والدبّوس الكبري الذي كان يثبّت الوشاح .وتَ َ
سمع وبني احلني واحلني ،ينظُر إليها يسوع برمحة ودودة .أَما يوحنّا الذي يلت ِفت م َ ِ
ندهشاً وهو يَ َ ََ ُ ّ َ َ
النحيب ،ال يستطيع أن يَشيح النَّظَر عن يسوع واملرأة .ويَن ُقل نَظََره بينهما.
ظرةَن هاقيزداد وجه الفريسي ِضيقاً .أَمسع هنا َكلمات اإلجنيل املعروفة ،وأَمسعها تُقال بِنغمة تُرافِ
َ َ َ َ ّ ّ
الرجل َخيفض رأسه كا ِرهاً ِ
ساخطاً. َّت َعل َّ ُ
قدمي يسوع .لََّفت ند املوجهة إىل املرأة اليت َمتضي اتركة جواهرها ِ
ع أَمسَع كلمات الغُفران َّ
ّ
األشعث قَ ْد َر املستطاعّ .أما يسوع ،فبينما يقول هلا« :اذهيب
َ شادة َشعرها
وشاحها حول رأسهاَّ ،
ضع يده على رأسها املنحين ،إّّنا بِلُطف ال ُمتناه.
بسالم» ،يَ َ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
لنفسك ،اي مارّاي ،اي صويت الصغري ،قويل ذلك للنُّفوس .اذهيب ،قويل ذلك للنُّفوس ِ قُويل ذلك
ُيب كثرياًَ ،من ُيبّين كثرياً يُغفر له ِ
ألّنا تَشعُر بذاهتا ّإّنا خاطئة .فَ َمن ّ
إيل ّ
اليت ال ّترؤ على اجمليء َّ
1944 / 01 / 22
نت أرى وأُد ِرك ِمن غري ما يتكلّم. ف عن التفكري إبمالء يسوع مساء أمسِ ،
ومبا ُك ُ َمل أَ ُك ّ
اجملد اآليت ِمن الناس ،ال يزيد غراماً واحداً إىل اجملد الذي هو مصري املختارين يف الفردوس.
تذ ّكري ذلك على الدوام .فمرمي اجملدليّة املسكينة قد أُسيء فَهم أعماهلا الصاحلة واحلُكم عليها على
ت ِ
ألّنا كانت لُقمات فُجور ممنوحة للفاسقني .فقد انتُق َد ْ
الدوام .ومل يكن ذلك خالل أفعال السوءّ ،
وأ ِ
ُحن َي عليها ابلالئمة يف بيت عنيا ،يف بيتها.
لكن يوحنّا ،الذي يقول كلمة عظيمة ،يُق ِّدم مفتاح هذا االنتقاد األخري" :يهوذا ...ألنّه كان و ّ
ِ ُّ ِ
يسي ورفاقه ،أل ّّنم كانوا فاسقني ".هو ذا ،أَتَـَرين؟ إ ّن التَّعطش إىل احل ّ
س، "الفر ّ
سارقاً ".وأان أقولّ :
والطَّ َمع ابملال يَرفَعان الصوت النتقاد َع َمل صاحل .الصاحلون ال يَنتَ ِقدون أبداً ،مطلقاً .إ ّّنم يُد ِركون.
الدوام" :تَكلَّم اي ّ
ريب فقد قَـ َّويتَين"».
لِكي تقومي بذلك ،ال ب ّد أن تكوين متحرّرة على الدوام ِمن اهلموم البشريّةُ .حّرة على الدوام.
التأمل ،وعلى الدوام أبكثر َسكينة ِ
ال ب ّد أن تتمتّعي دائماً أبمان متزايد ،لتَسريي مراتحة يف دروب ّ
بيدك .فاألب ال ُيعل ابنه يرى ،ولكنّه يَبتَ ِدع ألف طريقة كي يرى ابنه ما يف ،أان الذي ميسك ِ وثِقة َّ
صرباً وطُول أانة ابلنسبة إىل صغاري، يريد هو أن يراه االبن .آه! إنّين أكثر اآلابء ُحبّاً وأكثر املعلّمني َ
ُمسك أحدهم بيده ،ويكون ُمطيعاً ومتنبّهاً ،أكون أان سعيداً .سعيداً لكوين أابً ومعلّماً .إنّه وعندما أ ِ
كل شيء، فوق ك "أحب يل: ا
و لو ليقو مهم،لَ ِمن الصعب أن يضع الناس يدهم بيدي بِثِقة ألقودهم ،وأُعلِ
ّ
ّ َ ّ
ِ ِ
وبُكلّيَّيت!" هلؤالء قليلي العدد ،الذين ُهم يل "بُكلّيَّتهم" ،دون َحت ُّفظ ،أفتح أان كنوز اإلُياءات و ّ
التأمالت
حهم ذايت دون َحت ُّفظ.
وأمنَ ُ
عك على ألوهيت ،يف مظاهرها املختلفة ،للذين ُهم يف أختارك ِألُطلِ ِ
ِ لذلك ،اي مارّاي ،مبا أنّين
كرري الذي حاجة ألن يَستيقظوا ويُقادوا إىل استبيان هللا ،تذ ّكري أن تكوين شديدة التدقيق متاماً لِتُ ِّ
تتهريب منه ،فيكون ِ ِ
سمح لك أن ّ حّت األمر التافه له قيمة ،وهو ليس لك ،بل يل .وكذلك ال يُ َ تَـَرينَهّ .
نس ِكب املاء لِيَحصل عليه اجلميع .فيما اإلهلي ،حيث يَ َ
ّ املاء ان
زَّ خ
َ كتذكري أنّ ِ
ذلك عيباً وأاننيّةَّ .
أنت تُدقِّقني بكثري من التأمالتِ ،لت إىل أصعب أنواع الوفاء واألمانة .يف ُّ توص ِ
خيص اإلمالءات ،فقد َّ ّ
ك حالتك الصحية اخلاصة ،والوضع الذي ِ
أنت فيه ،فإنّ ِ ِ االنتباه ،أ َّما يف عُجالة الكتابة ،وبسبب
ّ ّّ
تتجاوزين بعض التفاصيلُ .يب حتاشي ذلك .اكتُبيها يف أسفل الصفحات ،إّّنا أشريي إليها َجيعها.
مك ،بل هي نصيحة لطيفة. وهذا ليس الئِمة ِمن معلّ ِ
بدون يف
صل حبرية مريون ببحرية اجلليل ،ومعه الغيور وبرتلماوس ،ويَ ُ يسوع على الطريق اليت تَ ِ
حالة انتظار قرب السيل الذي َحت َّو َل إىل خيط ِمن ماء يُغ ِّذي ،رغم ذلك ،نبااتت كثيفة ،أ َّما اآلخرون
صلون ِمن جهتني ُمتلفتني.
فَـي ِ
َ
(حّر) شديد ،ومع ذلك ،أانس كثريون تَبِعوا اجملموعات الثالث وقد َكَرزوا َع ْرب اليوم يوم قَيظ َ
لألصحاء .عدد كبري ِممَّن بَِرئوا
ّ القرى ،جاعلني املرضى يَسريون صوب َمموعة يسوعُ ،متح ِّدثني عنه
ِ ِ
وهم جالسون بني األشجار فَ ِرحني ،لدرجة ّأّنم ال يَشعُرون ّ
حّت مبعجزة يُش ّكلون َمموعة سعيدةُ ،
األمور اليت تتسبَّب بـِ ُمضايَقة شديدة لآلخرين.
كل ّ ِ
احلر والغبار والنور ال ُـمبهر ،و ّ
مبضايقة ّ
صلَت ّأوالً اجملموعة اليت يقودها يوضاس ت ّداوس إىل جانب يسوع ،يبدو جليّاً تَـ َعب
عندما َو َ
صل اجملموعة اليت يقودها بطرس ،حيث كثريون ِمن كورازين أفراد اجملموعة والذين يتبعوّنم .أخرياً تَ ِ
َ
وبيت صيدا.
«لقد َع ِملنا ،اي معلّم .إّّنا ُيب أن يكون هناك عدد أكرب ِمن اجملموعات ...تَرى .ال ميكن
احلر .وإذاً ،فما العمل؟ َحت َسب العامل يكرب ،طاملا حنن نعمل ابطّرادُ ،مبعثِراً البلدات
املضي بعيداً بسبب ّ
ّ
نتوصل إىل ومطيالً املسافات .مل أكن ألتنبه أب ّن اجلليل هبذا احلجمَ .مل نَ ِ
عمل سوى يف ركن منه ،ومل ّ َ ّ ُ
يتنهد بطرس. بكّ ». كِرازته ،على قدر َرحابَته ،وكثريون للغاية ُهم الذين يف حاجة َ
إليك ويرغبون َ
كرب ،اي مسعانُ ».ييب ت ّداوس« .هذا يعين أ ّن ُشهرة معلّمنا متت ّد».
«هذا ال يعين أ ّن العامل يَ ُ
«نعم ،صحيح .انظر َكم ِمن الناس .كثريون ُهم الذين يَتبَعوننا منذ الصباح .ولقد جلأان يف أثناء
ب املساء ،فاملسري ُم ِرهق .وهؤالء الناس املساكني ُهم اقرت َ
حّت اآلن ،وقد ََ
احلر الشديد إىل غابة .إّّنا ّ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 87 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
فلست أدري كيف
ُ التوسع على هذا النحو،
مر األمر يف ّ
أبعد منّا كثرياً عن بيوهتم .وإذا ما است ّ
العمل »...يقول يعقوب بن زبدى.
األقل ،سيَعرف الناس أين ُيدونهّ .أما اآلن ،فعلى العكس! أنيت حنن إىل هنا،
«ولكن ،على ّ
فيَهرعون إىل هنا .وبينما ُهم أيتون إىل هناّ ،نضي حنن إىل مكان آخر ،وعليهم أن يَركضوا يف إثران.
وحني يكون برفقتهم أوالد مرضى ،فاألمر ليس عمليّاً».
ُشفق على تلك النُّفوس وتلك اجلُّموع. يتكلّم يسوع« :أنت ُُمق اي مسعان بطرس .وأان كذلك أ ِ
َ ّ
وابلنسبة إىل كثريين ،فإ ّن عدم إُيادي يف حلظة معيّنة قد يُسبِّب هلم شقاء ال ميكن إصالحه .انظروا
ومضطَ ِربون ،أولئك الذين مل تتولّد بعد لديهم القناعة األكيدة حبقيقيت ،وَكم ُهم جياع ِ
َكم ُهم تَعبون ُ
تذوقوا كلميت ،وَمل يَعودوا يَعرفون االستغناء عنها ،وَمل تَـعُد أيّة كلمة أخرى أولئك الذين َسبَ َق هلم وأن َّ
ترضيهمّ .إّنم يَبدون ِمثل ِخراف بدون ر ٍاع ،اتئهة هنا وهناك ،وال َِّتد َمن يقودها ويُق ِّدم هلا الغذاء.
بكل قواكم الروحيّة والوجدانيّة واجلسديّة .فلن تذهبوا سوف أتدبّر األمرّ ،أما أنتم ،فعليكم مساعديت ّ
كل اثنني ِ
بَعد يف َجاعات كثرية العدد ،بل عليكم أن تذهبوا اثنني اثنني معاً .وسأُرسل أفضل التالميذ ّ
معاً .ذلك أ ّن احلصاد كثري يف احلقيقة .آه! سوف أُهيِّئكم خالل هذا الصيف لتلك الرسالة العظيمة.
لحق بنا اسحق ومعه أفضل التالميذ .سوف أ ُِع ُّدكم .ولن تُصبِحوا ابلشكل يف متّوز (يوليو) سوف يَ َ
صلّوا إىل سيّد األرض الذي يكفي ،حيث إذا كان احلصاد كثرياً ح ّقاً ،فالعُ ّمال يف ال ُـمقابِل قليلون .فَ َ
لُِري ِسل فَـ َعلة كثريين حلصاده».
كل
ألّنم ال يبحثون فقط عن املذهب وكلمة احلياة ،إّّنا كذلك عن شفاء آالمهم وأمراضهم ،و ّ « ّ
العاهات اليت تصيبهم هبا احلياة أو الشيطان يف اجلزء األدىن أو األمسى ِمن كياّنم .وليس يف هذا ِسو َاك
كمن ال ُقدرة والسلطان».
فيك تَ ُ
َمن يَقدر عليه ،أل ّن َ
كل يف املساكني لكل املعونة حن مت
ُ وسوف أفعل، ما عل «سوف يتم ّكن الذين معي ِمن فِ
ّ ّ َ
شقاءاهتم .إّّنا َمل يُصبِح فيكم بعد ما ُيب أن يتوفّر للتم ّكن ِمن فِعل ذلك .فحا ِولوا َّت ُاوز أنفسكم،
وعبوا ،ال كلميت فقط ،بل روحها ،يعين أن تدوسوا على ميولكم البشرية لِتَجعلوا الروح ينتصر .واستَ ِ
ّ
كل شيء .واآلن ،هيّا بنا لنقول هلم كلميت ،طاملا ال يريدون تَقدَّسوا هبا ،وبعد ذلك تستطيعون فعل ّ
املضي دون احلصول على كلمة هللا .بعد ذلك نعود إىل كفرانحوم ،فهنالك أيضاً أانس ينتظرون»... ّ
يسي؟»
الفر ّ
منك املغفرة يف بيت ّ
«هل صحيح اي سيّدي أ ّن مرمي اجملدليّة طَلَبَت َ
«صحيح اي توما».
ومنَحتُها ّإايها».
«َ
َّصرف ».يهتف برتلماوس.
أسأت الت ُّ
ك َ «ولكنّ َ
تستحق الغُفران».
ّ «ملاذا؟ لقد كانت توبتَها صادقة ،وكانت
دعها .هي أتت إىل هناكَ .مل تَ ُكن حينذاك زانية ،بل كانت اتئبة .وهذا ُُمتَلف كثرياً. «أان َمل أستَ ِ
حّت أثناء وجودي ،فاآلن، ِ ِ
الدنو منها قَبالً ،ومن اشتهائها على الدوامّ ،يشمئز من ّّ إذا مل يكن أحد
قدمي ِ
حني َمل تَـعُد جسداً بل نفساً ،ينبغي عدم الشعور ابالمشئزاز لدى رؤيتها داخلة لتَجثو عند َّ
اضع كانت ُُتبِّئه تلك الدموع ،فأضحى بيت اضع يف اعرتاف عام متو ِ تقر بذنبها وتتو َ
ُّ وتبكي ،وهي ّ
يسي متق ِّدساً مبعجزة عظيمة "قيامة نـَ ْفس" .منذ مخسة ّأايم ،كان قد َسأَلَين يف ساحة الفر ّمسعان ّ
حت تلك املعجزة فقط؟" وأجاب بنفسه" :ابلطبع ال" .وكانت لديه رغبة ُكربى اجرت َ
كفرانحوم" :هل ََ
َّاهد ،إشبني خطوبة النَّفس إىل يف احلصول على واحدة .وقد منحته إايها .ولقد اخرتتُه ليكون الش ِ
ََ ُ ّ
فخر بذلك». النعمة .عليه أن يَ َ
رت صديقاً». ِ ِ
«على العكس ،فلقد افتُض َح بذلك .وقد تكون َخس َ
الصداقة البائسة لَِر ُجل ،إلعادة
يستحق عناء فِقدان صداقة َر ُجلَّ ،
ّ وجدت نـَ ْفساً .وهذا
ُ «لقد
صداقة هللا لِنَـ ْفس».
ذكر ذلك! بشري .إنّنا على األرض ،اي معلّم ،تَ َّ
معك ال ميكن احلصول على تفكري ّ « َعبَثاًَ .
مسائك اليت يف تتحرك يف الشرائِع وأفكار األرض هي َّ ِ
َ تتصرف حسب َّنج السماءّ ، أنت ّ السائدةَ . و َّ
أنت عدمي األهليّة إهليّاً على ِ
كل شيء من خالل أنوار السماء .اي معلّمي املسكني! َكم َ قلبك ،وتَرى ّ
َ
العيش وسطنا حنن املنحرفني!» يعانِقه يهوذا االسخريوطي م ِ
تعجباً وحزيناً ،قائالً ،إلّناء حديثه« :وأان
ُّ ّ ُ
كمالك».
َ لذاتك أعداء كثريين بسبب فَرط
ك َُتلُق َ آسف لذلك ،ألنّ َ
عرفت أ ّن مسعان قد ِ
«ال أتسف لذلك اي يهوذا ،لقد ُكتب أ ّن األمر يكون هكذا .إّّنا كيف َ
أُهني؟»
«وميكنين القول إ ّن َعَرق العاهرات قد سال مرات عديدة على البالط ،على الطاوالت ،ويف
يسي ».يقول مّت. ِ
الفر ّ
أمكنة أخرى من بيت مسعان ّ
يوطي.
«إّّنا ليس علناًُُ ».ييب االسخر ّ
«ال ،بل بِ ِرايء َح ِذر إلخفاء ذلك».
صل إذاً».
«تَرى أن تب ّدالً قد َح َ
لك ِ ِ
دخل لتَقول" :ها أنذا ُكلّي َ
َترك خطيئيت املخزية" ،بَ َدل تلك اليت تَ ُ
«ودخول زانية لتَقول" :أ ُ
لِن ِ
نجز اخلطيئة معاً" ،هو تَبدُّل كذلك».ُ
حق ».يقول اجلميع.
مّت على ّ
«ّ
التوصل إىل تسوية معهمُ ،يب التَّكيُّف ِ
حق .إّّنا ُهم ال يُف ّكرون مثلنا ،فيجب ّ
«نعم ،إنّه على ّ
معهم للحصول عليهم كأصدقاء».
احلق والشرف والسلوك الوجداينّ ال تَكيُّف وال خيص ّ«هذا ال يكون ُمطلقاً اي يهوذا .ففيما ّ
التصرف،
ت ّ وخيتم قوله« :عالوة على ذلك ،أَعلَم أنّين أحسن ُ كالرعدَ .
تسوية ».يقول يسوع بصوت َّ
وبَِقصد اخلري .وهذا يكفي .هيّا بنا نَصرف هؤالء الناس التَّعِبني».
سمداً إىل حديقته .وبينما هو َُي ُفر األرض امسَعواَ :مضى َر ُجل ِصدفة إىل حقل أيخذ منه تراابً ُم َّ
الصلبة بِ َعناءَ ،و َج َد حتت طبقة ِمن الرتاب ِعرق معدن مثني .ماذا يفعل حينئذ ذاك الرجل؟ إنّه يغطي
ما اكتَ َش َفه ابلرتاب ،وال يرتدد يف متابعة املشوار ،فما اكتَ َش َفه يستحق العناء .ميضي بعد ذلك إىل بيته،
صل على مال كثريُ .ثّ ميضي ملقابلة مالك احلقل ِ
كل ثرواته من مال وممتلكات ،يبيعها كي َُي َ َُي َمع ّ
لكن
"حقلك يُثري إعجايب .كم تريد مثناً له؟" "ولكنّه ليس مع ّداً للبيع ".يقول اآلخر .و ّ َ ويقول له:
َّخذ املالك السعر ،ويستمر يف رفعه بشكل ال يتناسب وقيمة احلقل ،حّت ينتهي أبن يت ِ ِ
ّ ّ الرجل يَرفَع ّ
علي أن انتَ ِهز الفرصة .أَقبُض املبلغ الذي يَع ِرضه، ِ
قراره وهو يُف ّكر" :هذا الرجل َمنون ،ومبا إنّه كذلكَّ ،
وهذا ليس ِرىب ،ألنّه هو الذي يريد َمنحي ّإايه .وهبذا الثمن ميكنين شراء ثالثة حقول أَجل ِمن هذا".
اآلخر هو الذي َح َّق َق َّ ويبيعه ،وهو مقتَنِ
صفقة رائعة .بينما العكس هو الصحيح ،أل ّن َ َ َ ق
َ ق ح ه ن
ّ أ ع ُ
الصفقة اجليّدة ،ذلك أنّه يستغين عن أشياء ميكن أن يَس ِرقها سارق ،أو ميكن فقداّنا أو استهالكها، َّ
بكل ما لديه التضحية عناء يستحق فذلك . وطبيعي حقيقي هّنأ مبا نضب، ي ال ا
ًز ـنك نفسه واقتىن لِ
ّ ّ ّ ّ َ َ
القتنائه .ولكنّه رغم بقائه لبعض الوقت ،ال يَقتَين ِسوى احلقل ،فإنَّه يف احلقيقة َميلك الكنـز املخبّأ فيه
على الدوام.
صلها ليالًُ .يتاز املدينة الصامتة بصمت ،حتت ضوء القمر ،املصباح الوحيد للطرقات املظلمة يِ
َ
َسرهتم .إّّنا على
دخلون بصمت إىل احلديقة اجملاورة للبيت ،ظانّني أ ّن اجلميع يف أ َّ الرصف .يَ ُ
وسيّئة َّ
الشعلة ،تنعكس على العكس ،فإ ّن مصباحاً يتألأل يف املطبخ ،وثالثة خياالت ترتاقص على وقع حركة ّ
جدار الفرن األبيض الصغري القريب.
صعد كذلك.
صعد يسوع إىل الشُّرفة ،وها هي ذي مرات تَ َ
يَ َ
«السالم ِ
لك اي مرات».
تُ ِ
بادله السالم بِنَحيب.
لت تبكني؟ ولكن ِ
ألست سعيدة؟» «أما ز ِ
فرتة صمت طويلة ِملؤها النَّحيب .يف النهاية ،و ِأبننيَ « :مل تَـعُد مرمي منذ ع ّدة ليال .وال نَعثُر هلا
على أَثَر ،ال أان وال املربّية وال مارسيل .كانت قد َخَر َجت مع العربة ،وقد أتنـَّ َقت بشكل رائع .آه! َمل
تكن تريد ارتداء ثويب! ...مل تكن نصف عارية ،وما زال لديها منها ،ولكنّها كانت ُمثرية ج ّداً يف
وطيباً ...وَمل تَـعُد .لقد َرَّدت اخلادم عند طالئع بيوت كفرانحوم ذلك ...وكانت قد أَخ َذت معها ذهباً ِ
َ
َحست ابلوحدة، قائلة" :سوف أعود برفقة َمموعة أُخرى" .ولكنّها َمل تَـعُد .لقد َخ َد َعتنا! أو قد تكون أ َّ
ص َل هلا سوء ...لن تعود »...وّتثو مرات وهي تبكي، ض َعت لتجربة ...نعم ،لقد َح َ أو قد تكون َخ َ
ض َعته على كوم ِمن األكياس الفارغة. ِِ
وقد أسنَ َدت رأسها إىل ساعدها الذي َو َ
تتذوق فَـَرحها ،يف عزلة مقدَّسة ،أل ّن لديها احلياء فائق احلساسيّة الذي ضت ِ
أختك َّ «لقد َم َ
الفاحصةِ ،من األهل على
لك ذلك مسبقاً .ال ميكنها َحت ُّمل النَّظرة اللطيفة ،إّّنا ِ
للمفتَدين .ولقد قُلت ِ
ُ ُ
لك صحيح على الدوام .ينبغي ِ
لك اإلميان يب». ثوهبا اجلديد كعروس للنّعمة .وما أقوله ِ
لكن مرمي كانت حتت سلطان الشيطان بشكل هائل ،هائل .ولقد
«نَعم ،اي سيّدي .نعم .و ّ
اسرتدها دفعة واحدة .لقد»...
َّ
«نعم اي سيّدي».
كأّنا قد فُتِنَت .وكان يسوع ابلفعل م ِ
هيمناً ،عظيماً ،واقفاً ،ومع ذلك كان منحنياً قليالً مرات ،و ّ
ُ
فوق مرات اجلاثية ،يتح ّدث بِتؤدة وبصوت انفِذ ،كما لِيَنفذ إىل أعماق التلميذة املضطربة .قليلة هي
نصتون إليه .إّّنا ،يف النهاية ،اي له ِمن
املرات اليت رأيتُه فيها بذلك السلطان حّت يقنِع أحد الذين ي ِ
ُ ّ ُ ُ ّ
نور ،اي لالبتسامة على وجهه!
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 96 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وتَعكس مرات ،لدى ابتسامته ،نوراً أكثر سكينة على وجهها.
1945 / 07 / 30
صل خلف «قد َهتب العاصفة اليوم ،اي معلّم .هل تَـرى تلك احلُّزم ،اليت بلون الرصاص ،تَ ِ
َ َ ّ
حتس بِلَفحات الريح الشماليّة اليت تَتنَاوب مع اهل ـَـبّات
تتجعد؟ هل ّ
حرمون؟ هل تَـَرى البحرية كيف ّ
احلارة .الزوابع إشارة مؤَّكدة على هبوب العاصفة.
اخلماسينيّة ّ
«يف خالل َكم ِمن َّ
الزمن ،اي مسعان؟»
«قَبل ّناية الساعة األوىل .انظر كيف يُس ِرع الصيّادون يف العودة ،إ ّّنم يَشعُرون ابلبحرية ُهت ِّدد.
بعد قليل سوف يُصبِح لوّنا كذلك ّ
رمادايًُ ،ثّ بلون ال َقطران ،وبعد ذلك اهليجان».
خيص الذهب ،وأان أَعلَم مبا يتعلّق ابملاء .واألمر سيكون كما أقول .وهذه ليست ِ
أنت أَعلَم مبا ّ
« َ
عاصفة غري متوقَّعة ،بل هي َحت ُدث وفق إشارات مؤَّكدة .املاء ساكن على السطح ،ابلكاد تلك الطبقة
لشعرت وكأ ّن اآلالف ِمن النَّقفات تَصطَ ِدم
َ كنت يف املركب!
َّك لو َ الرقيقة ،وهي ال تُ َّ
شكل شيئاً .ولكن َ
حّت تعطي السماء اإلشارة، يهتز املاء اآلن يف األسفل .انتظر ّ
وهتز املركب بشكل غريبّ . ابلغاطسّ ،
َدخلوا ما نُ ِشَر،
وسوف تَـرى بعدها! ...دع الريح الشمالية ُتتلط ابخلماسينية! ُث! ...آه! النساء! أ ِ
ّ ّ ّ َ َ
وضعوا احليواانت يف املأوى .سوف تَ َنه ِمر بغزارة عما قريب ،حجارة وماء».َ
اصلة ِمن
ابلفعل تُصبِح السماء أكثر ميالً إىل اخلُضرة ،مع سحب رمادية ،بوصول حزم متو ِ
َُ ّ ُُ َ
الغيوم اليت تبدو وكأ ّن حرمون العظيم قد تقيَّأَهاّ .إّنا تَدفَع الفجر لِتُ َ
عيده إىل اجلهة اليت أقبَ َل منها،
تستمر يف
ّ سحة) واحدة فقط ،هي اليت وكأ ّن الوقت يعود إىل الليل ،بَ َدل التقدُّم إىل الظُّهر .فَرجة (فَ َ
ِ ِ
ضربة فرشاة وِهيّة صفراء-خضراء، نح ِرف من خلف حاجز الغيوم الرماديّة ،وتُرسل َ اهلََرب بشكل ُم َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 98 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الالزوردي ،لِيَمتَ ِقع لوّنا
ّ لوّنا البحرية ت د
َ ق
َ ـ
َف قد ها انحوم. ر كف ن على قمة هضبة يف اجلنوب الغريب ِ
م ّ ّ
وِهي على عمق ماء ُمظلِم. املتكسرة ،تبدو ببياض ّ ّ الزبَد بني املوجات الصغرية،
ابألزرق القامت ،وطالئع َّ
السالل واألشرعة ِ وجلب ِّ
الشباك و ّ أي َمركب .يُسرع الرجال يف اجلنوح ابل َـمراكب َ َمل يـَعُد يف البحرية ّ
ويؤِّمنون أواتداً وحباالً ،ويُبيتون احليواانت يف
واجملاديف ،أو إذا كانوا قَرويّني ،فإ ّّنم يُف ِرغون ُماصيلهمَ ،
االصطبالت .وتُس ِرع النساء يف الذهاب إىل النبع قبل هطول األمطار ،أو َُيمعن األطفال الن ِ
َّاهضني َ ّ
األمهات اللوايت يَشعُرن الدجاجات مثل يصات ر ح اب، واألب قن مع الشمس ويعِدّنم إىل البيت ،ويغلِ
ّ ُ ُ
بقدوم الربد.
«تعال معي اي مسعان .أ ِ
َرسل يف طَلَب خادم مرات ويعقوب أخيُ .خذ شراعاً ضخماً ،طويالً
وعريضاً ،هناك امرأاتن على الطريق ،وُيب الذهاب للقائهما».
«أ ُّمي ،الّ .أما األُخرى فال أعرف .إّّنا ابلتأكيد إن مل نُس ِرع فَستتبلَّالن».
األمتار ،عندما ،يف غيوم ِمن الغُبار ،وسط زَمرة أ ّول َهطل ِ
َّت َاوزوا كفرانحوم ببضعة مئات من ّ
ِ
ُمتسا ِرع بشكل مائل بعنفُُ ،مطّطاً اهلواء املظلم ،والذي يُصبِح مباشرة شالّالً يَ ّ
رش ،يَعمي ،ويَقطَع
التنفس ،حينذاك يَروا امرأتني َّت ِراين حبثاً عن َملجأ حتت شجرة كثيفة.
ُّ
ولكن ،رغم أن ُحبّه ملرمي َمينَحه أجنحة ،فإنّه ،مع ساقيه القصريتني ،اللَّتني ليس فيهما ّ
أي أثر
صل عندما يكون يسوع ويعقوب قد تَ َّلقيا املرأتني حتت شراع ثقيل. لِعدَّاء ،ي ِ
َ َ
نتعرض إىل ضربة صاعقة ،وبعد قليل تُصبِح الطريق سيالً .هيّا بنا اي
«ال ميكن البقاء هنا .قد ّ
معلّم ،أَقلَّه ّ
حّت أوائل البيوت ».يقول بطرس وهو يَ َلهث.
ِ
مادين ِّ
الشراع فوق رؤوسهم وظهورهم. ِِ
ويَسريون جاعلني املرأتني يف الوسطّ ،
ّأول كلمة يقوهلا يسوع ملرمي اجملدليّة ،اليت ما تزال ترتدي الثوب ذاته الذي كانت ترتديه أثناء
الوليمة يف بيت مسعان ،إّّنا إبضافة معطف ملرمي ال ُكلّية القداسة على كتفيها« :هل ِ
أنت خائفة اي ّ
مرمي؟»
ُنقذان كذلك ِمن املطر ».تقول مرمي«ال يهم ،وحنن اآلن يف مأمن .أليس كذلك اي مرمي؟ لقد أ ِ
ّ
بلطف ملرمي اجملدليّة اليت تَشعُر ابالرتباك املؤمل .وتُشري تلك برأسها أن نـَ َعم.
يُضيف يسوع« :إنّين مسرور إببقائها .سوف أ ََدع ُكما تذهبان بعد أن أُاب ِرككما».
ِ
صدر عن مرمي اجملدليّة حركة تُنبِئ عن فَـَزع .تَ َ
ضع يديها وي صاعقة قريبة .وتَ ُ وتَضيع َكل َمته يف َد ّ
على وجهها وتنحين ،وقد ان َف َجَرت ابلبكاء.
أي ِ ِ ِ
«ال ُتايف!» يقول بطرس ليُطمئنها« .لقد َع ََربت الضربة ،ومع يسوع ال َمال للخوف من ّ
شيء».
كذلك يعقوب ،القريب ِمن مرمي اجملدليّة ،يقول هلا« :ال تبكي ،إ ّن البيوت قريبة ج ّداً».
«أان ال أبكي ِمن اخلوف ...بل أبكي ألنّه قال يل إنّه سوف يُبا ِركين ...أان ...أان »...وَمل تَـعُد
تستطيع قول شيء آخر.
ِ
الصيادين) (مثَل
َ -102
1945 / 07 / 31
اصلالتَأَم اجلميع يف القاعة الواسعة يف الطابق العلوي .والعاصفة العنيفة َحت َّولَت إىل مطَر متو ِ
َ ُ ّ َ
وشك على التوقّف ،وأحياانً يَهطُل بِش ّدة وهياج غري ُم َتوقَّعني .يف احلقيقة، اهلطولَ ،خيف أحياانً وكأنّه ي ِ
ُ ّ
هتب الرايح؛ وهي ِ
الزبَد ،عندما ّإ ّن البحرية اليوم ليست الزورديّة ،بل هي صفراء ،مع سحاابت من َ
رماديّة كالرصاص مع َزبَد أبيض عندما هتدأ العاصفة .الروايب ،ابملياه اليت ّتري فيها ،وأوراقها اليت تنثين
دالة وقد َك َسَرهتا الرايح ،وكميّات كبرية من األوراق اليت انتَـَز َعهاأيضاً حتت ثِقل املطر ،واألغصان ال ُـم ّ
كل اجلهات ،إىل البحرية ،األوراق واحلجارة والرتبة ن مالربد ،تُش ِّكل سواقي مياه صفراءَّ ،ترف معهاِ ،
ّ ََ
ضّراً. املنج ِرفة ِمن املنحدرات .وبَِق َي النور ُمغشَّى ُ
وُم َ
ويف الغرفة ،مرمي مع مرات ومرمي اجملدليّة وامرأاتن أخراين ،ال أعرف ابلضبط َمن تكوانن ،جالِسات
الر ُسل يَعرفون املرأتني ،ذلك ّأّنما قرب النافذة ال ُـم ِطلّة على الروايب ،و َّ
لدي انطباع أ ّن يسوع ومرمي و ُّ
طأطئة الرأس بني مرمي ومرات ،وقد على راحتهما ،ابلتأكيد أكثر ِمن مرمي اجملدلية اليت تَلبث بال حراك ،م ِ
ُ َ ّ
الوحل .ولكنّين أُسيء التعبري ،فإ ّن العذراء قد َّ ِ استعادات ثياهبما َّ
اجملف َفة قرب النار ،وال ُـمنظفة من َ
ضيِّقاً وقصرياً ابلنسبة
الصويف األزرق الداكنّ ،أما مرمي اجملدليّة فرتتدي ثوابً ُمستعاراًَ ،ّ استعادت ثوهبا
وحتا ِول تاليف عيوب الثوب أبن تبقى ُمتدثِّرة معطف أختها ،وقد وص ّحتها ُمكتَنِـزةُ ،
إليها ،فهي طويلة َ
ائي ،ألنّه ُيب إُياد بعض ض َّمت َشعرها يف ضفريتني كبريتني َع َق َدهتُما عند قَفا عُنقها بشكل عشو ّ َ
الداببيس األخرى َُمتَ ِمعة هنا وهناك ،لِتَ َح ُّمل ثِقل الشَّعر .ابلفعل ،منذ ذلك احلني وأان أُالحظ ،بشكل
بين بِ َذ َهب الشَّعر.دائم ،أ ّن مرمي اجملدلية َُتتم الداببيس بشريطة هي نوعاً ما اتج انعم ،ميتَزِج لونه التِ
ّ ّ
تتعود تلك املرأة على صاحباهتا ».يقول يعقوب أن ن س ح أتيت. أن ي ُم «لو كنت أَعلَم لقلت ِ
أل
ّ َ َ ّ ُ ُ
بن زبدى وهو يَنظُر جهة النساء.
«هيه! لو علِمنا! ...ولكن ملاذا مل ِ
أتت أ ُّمنا مع مرمي؟» يَسأل ت ّداوس أخاه يعقوب. َ
«ال أدري ،فأان كذلك أتساءل».
«أهي مريضة؟»
صحة جيّدة ،أان َمن َجنَّبتُها ذلك التعب اهلائل يفسمع صوت مرمي العذب ُييبّ « :إّنا يف ّ ويُ َ
ومضينا عند الفجر .وقد ِ
صلَت مرمي مساءَ ، تلك احلرارة .وفَـَررَان مثل صبيّتني ،أليس كذلك اي مرمي؟ َو َ
أتيت».
لت حللفا فقط" :هو ذا املفتاح .سأعود قريباً .قُل ذلك ملرمي" .و ُ قُ ُ
حن معروفات" ،كيال يقول" :تُصبِح مرمي معروفة!" ّإهنا كذلك قويّة ِ
رائعة هي تلك الكلمة" :يُصب َ
كل ِ البالغة ،تُزيل كل الظُّنون والقيود املعنوية ُّ ِ
فرض اجملدليّةُ ،متغلّبة على ّ للر ُسل جتاه ال ُمفتَ َداةّ .إهنا كلمة تَ ُ ّ ّ َ
ظرََتا ُم َتو ِّسلة ،عا ِرفة
كل شيء .مرات ُمش ِرقة ،مرمي اجملدليّة َحت َم ّر ،ونَ َ ِ
العقبات واملضايقات اليت ََّتتَّبها ،و ّ
ابجلميلُ ،مضطَ ِربة ،ما أدراين؟ ...ومرمي الكلّيّة القداسة َعذبَة االبتسامة.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 104 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«أين ّنضي لِنَبدأ ،اي معلّم؟»
وطرباي وقاان ،إىل الناصرة .ومن هناكَ ،ع ْرب جافيا ومسريون،
«إىل بيت صيداُ ،ثَّ ،ع ْرب َمدال ّ
ّنضي إىل بيت حلم اجلليلُ ،ث إىل القيصرية »...وبكاء مرمي اجملدلية ي ِ
قاطع يسوعَ ،فريفَع رأسه ،يَنظُرّ ُ ّ ّ
ِ
رت اخلادم بذلك، إليهاُ ،ثّ يُتابِع وكأ ّن شيئاً مل يكن« :يف القيصريّة سوف َّتدون عربتكم .لقد أََم ُ
املظال».
وستَمضون إىل بيت عنيا .وسنلتقي ،فيما بعد ،يف عيد ّ َ
تتمالك مرمي اجملدليّة نفسها وال ّتيب على أسئلة أختها ،ولكنّها َُت ُرج ِمن القاعة ،وتنـزوي يف
املطبخ ،رّمبا ،لُِربهة.
«إ ّن مرمي تتأ ّمل لدى مساعها أب ّن عليها الذهاب إىل بعض املدن ،وُيب تَـ َف ُّهمها ...أقول ذلك
لك ،اي معلّم ».تقول مرات بِتَو ُ
اضع وقَـلَق. للتالميذ أكثر منه َ
«صحيح ،اي مرات .إّّنا ُيب أن ّتري األمور على هذا الشكل ،فإذا مل ُّتابِه العامل مباشرة ،فوراً
البشري ،فإن ِهدايَتها البطوليّة تبقىّ ومعنا ،ومل ُحت ِطّم ذلك الطاغية الرهيب ،الذي هو االحرتام
مشلولة».
«ولكن ابلطبع ،سوف ُحنيط هبا كأخت ،وهذا ما هي عليه ابلفعل ،كما قالت مرمي ،وهذا ما
ستكونه ابلنسبة إلينا ».يؤّكد ت ّداوس.
َوسط الذين يَصطَادون النُّفوس ِمن أجل مدينة هللا ،سوف يكون على الدوام أولئك الذين
الصبور ،الذي يَع ِرف أن يُثابِر يف البَحث ،ابلضبط يف الطَّبَقات اإلنسانيّة، الصياد َّيُضاهون َمهارة َّ
وبكل أسف، َّظرة األوىلّ .
ِ
الصرب ،قد َرفَعوا فقط ما كان يَبدو صاحلاً من الن َحيث رفاقه اآلخرون ،انفِذو َّ
سيكون هناك صيّادونَ ،كوّنم شاردي الذهن وثَراثرين ،بينما ال َفرز واالختيار يَتطَلَّب انتباهاً َ
وصمتاً
فقدوّنا .وسيكون هناك السمكات اجليدة ،وي ِ َّ ا
و ر ي نَل الطبيعة، فائقة اتراإلشاو فوس ُّ
ن ال صوت سماع لِ
ّ َ َ
كل ما تَـبَـ ّقى.
قصون كذلك النُّفوس غري املتكاملة ظاهرّايً ،ولكنّها ممتازة يف ّ َمن ،بسبب َكثرة التش ّدد ،يُ ُ
ِ ِ
صلون عليها من أجلي ،تُظ ِهر إشارات صر َ
اعاهتا همكم لو أ ّن إحدى السمكات اليت َحت َ ماذا يَ ُّ
همكم لو أ ّن التشوهات ِ
احلاصلة ألسباب كثرية ،إن َمل َّتَرح روحها؟ ماذا يَ ُّ كشف عن ُّ املاضية ،وتَ ِ
َّمت رغم جراحاهتا ،إذا كان داخلها يُظ ِهر اإلرادة اجلليّة وتقد ت، حِ
ر ج ، العدو ن تتحرر ِ
م إحداها ،كي َّ
َ ّ ُ َ
ابلرغبة يف االنتماء إىل هللا؟ ّإّنا نُفوس ُمبتالة ،نُفوس اثبتة ،أكثر ِمن أولئك الذين ،كأطفالُ ،هم
ُمصانون ابل ُق ُمط وال َـمهد واأل ُّم ،وانئمون ُمشبَعني ويف أحوال جيّدة ،أو يبتسمون بِ ُسكون ،إّّنا الذين
الفكر أو العُمر أو تقلُّبات احلياة اليت تَفرض ذاهتا -مفاجآت سوف يظ ِهرون فيما بعد -إن بسبب ِ
ُ
مؤملة الحنرافات وجدانيّة.
نساق اإلنسان للفساد بواسطة الثَّروة اليت ُمي ِكنها أن َمتنَح «نعم اي أخي .ففي هذا ال َـمثَل ،يَ َ
احلق أقول لكم ،إنّه ِمن أصل مائة إنسان، ِ
حق يف َكنـز امللكوت .ولكنّ ، كل ّالكثري من املل ّذات ،فَاقداً ّ
ومن َهذا الثُّلث ال يوجد سوى ال يوجد سوى الثُّلث يعرفون مقاومة ّتربة الذهب أو إغواءات أخرىِ ،
َ
بطويل .ميوت العامل ُُمتَنِقاً ،ألنّه يُقيِّد ذاته إبرادته برابطات اخلطيئة.
النصف يعرفون القيام بذلك بشكل ّ
تتصرفون كيف ا
و اعرف ة. ووِهي اتفهة ات وثر له تكون أن ن فالفضل أن يتجرد اإلنسان عن كل شيءِ ،
م
ّ ّ ّ ّ
يهمه االحتفاظيدت فيه ُد ّرة اندرة ،ال يعود ّ الصائِغ ال َف ِطن الذي ،عندما يَستَعلِم عن مكان ِص َ ثل َّ
َ
ِ
م
ُّرة الرائعة». ِ
جبواهر صغرية يف خزانته ،بل هو يبيعها َجيعها ليَشرتي تلك الد ّ
يتبعونك ،وملاذا تقول
َ الرساالت اليت تُكلِّف هبا الذين
ذاتك ،فروقاً بني ِّ
أنت َ«ولكن ملاذا ّتعلَ ،
ألّنا اتفهة الرساالت كعطيّة ِمن هللا؟ إذاً ُيب علينا رفض تلك ِّ
الرساالت ّ لنا إ ّن علينا أن نَنظُر إىل ِّ
وال أِهيّة هلا ،قياساً مبلكوت السماوات ».يقول برتلماوس.
«هذه ليست أموراً اتفهةّ :إّنا َوسائل .وتكون بال أِهّيّة ،أو تكون هباء منثوراً ملطّخاً ،لو
هامة، ِ
عملون من أجل احلصول على مركز يف غاية إنسانيّة ّ أصبَ َحت هدفاً إنسانيّاً يف احلياة .فالذين يَ َ
حّت ولو كان مق ّدساً ،تفاهة ُملطَّ َخةّ .أما أنتم فاجعلوا منه قبوالً طائِعاً، ِ ِ
َُي َعلون من هذا املنصبّ ،
فالرسالة ُِمَرقة ،إذا ما أمتمناها دوّنا
وُمرقة كاملة ،وبذلك َّت َعلون منه ُد ّرة اندرةِّ . وواجباً مف ِرحاًِ ،
ُ
العَرق والدم .ولكنّها تُش ِّكل
حت ّفظات تُصبِح شهادة ،تُصبِح ََمداً ،فهي َّت َعل الدموع تَسيل ،وكذلك َ
اتج امللكوت اخلالد.
كل شيء».
ك ُّتيد اإلجابة على ّ
«ح ّقاً ،إنّ َ
«ولكن أمل تَفهموا؟ أَتُد ِركون ما أقوله لكم ِمن خالل مقارانت موجودة يف األشياء اليوميّة ،وهي
مع ذلك مضاءة بنور فائق الطبيعةَُ ،ي َعل منها تَفسرياً ألمور خالِدة؟»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 110 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«نعم اي معلّم».
ذكروا إذن األسلوب يف تعليم اجلموع .فذلك هو أحد أسرار ال َكتَـبَة واحلاخامنيُّ :
التذكر. «تَ َّ
ف ابحلكمة اليت تؤّكد امتالك ملكوت السماوات ،يُشبِه أابً كالًّ منكم ،وقد َّ
تثق َ احلق أقول لكم إ ّن ّ
ّ
خدماً األشياء القدمية أو اجلديدة يف اهلدف الوحيد، لعائلةُ ،خيرِج ِمن كنـزه أشياء مفيدة لعائلته ،مست ِ
ُ َ
ف َهطل املطر .فلنَ َدع النساء بسالم ،ولِنَ ِ
مض إىل طوبيّا أتمني احلاجيات الضروريّة ألبنائه ...ها قد توقَّ َ
لكن أيّتها النساء».
عيين روحه على أمور املاورائيّات .السالم ّ العجوز الذي َسيَفتَح ّ
( .1يستَ ِ
بدلون ما ال يَفىن ِمبا يَفىن). َ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 08 / 01
صعد إىل مركب بطرس .ومعه ،عالوة إنّه بزوغ الفجر .يسوع ،ومعه مرمي ومرات ومرمي اجملدليّة ،يَ َ
يوطي،
عم يسوع واالسخر ّ مّت وتوما وأبنا ّ
على بطرس ،اندراوس ،وكذلك الغيور وفليبّس وبرتلماوسّ .أما ّ
تتحمل
يتوجهون صوب بيت صيدا ،يف رحلة قصرية ،الرايح فيه مؤاتيةّ ، فَـ ُهم يف مركب يعقوب ويوحنّاّ .
بضعة دقائق.
وشكون على الوصول ،يقول يسوع لربتلماوس ،ولرفيقه الذي ال يفارقه فليبّس« :سوف عندما ي ِ
ُ
ِ ِ ِ
َمتضيان لتُخطرا زوجتيكما .سآيت اليوم لزايرتكما ».ويَنظُر إىل اإلثنني نَظرة ُم ِّ
عربة.
بك؟» ِ
أمرت به يكون اي معلّم .أفال َهتبين وفليبّس أن حنظى َ
«ما َ
حّت الغروب .ال أريد حرمان مسعان بطرس فَـَرح أن يكون مع مرغزايم».
«لن ّنكث هنا سوى ّ
نس ِحب فليبّس مع برتلماوس لِيَمضيا إىل
ََي كب.
املر نميبلغ املركب الشاطئ ،ويتوقّف .ينـزلون ِ
َ َ
البلدة.
«أين ميضي هذان اإلثنان؟» يَسأَل بطرس املعلّم الذي نـََزل ّأوالً وهو إىل جانبه.
«َمي ِ
ضيان إلخطار زوجتيهما».
«ال داعي لذلك .فإ ّن بورفرييه طيّبة لدرجة ال حتتاج معها للتهيئة .فَـ َقلبها ال يَعرف أن َمينَح ّإال
اللُّطف والعُذوبة».
«مل أكنّ ،أما اآلن فسأكون على الدوام ».تقول مرمي اجملدليّة وهي َحت َمّر وتبتسم بنعومة.
حّت ولو مل نعرف بعضنا ّإال اآلن ،فهل ستُ ِحبّين كثرياً؟»
الصيب قائلة لهّ « :
ّ ب وتُ ِ
داع
أنت طيبة .و ِ
امسك مرمي ،أليس بكيت ،أليس كذلك؟ وألجل ذلك ِ ك طيبة .لقد ِ ِ
ّ «نعم ،ألنّ ّ
كل النساء اللوايت ُيملن اسم مرمي
كذلك؟ وأ ُّمي أيضاً كان هذا امسها ،وقد كانت طيّبة وصاحلةّ .
حّت ال َُيَرح بورفرييه ومرات «بيد أ ّن هناك نساء صاحلات
وخيتم احلديث ّطيّبات وصاحلات .بيد أ ّنَ »...
ك؟»بني اللوايت َُي ِملن امساً آخر .ماذا كان اسم أُم ِ
ّ
عيين مرمي اجملدليّة. ن «يوشرياي ...ولقد كانت طيبة وصاحلة للغاية ».وتَنه ِمر دمعتان كبرياتن ِ
م
ّ َ ّ
داعب يديها اجلميلتني ج ّداً ،املضمومتني على ثوهبا ألّنا ماتت؟» يسأَل الصيب وهو ي ِ
«أتبكني ّ
ُ ّ َ
تصرفها ،ذلك أ ّن َك َّفة الثوب قد أُفلِتَت.
الداكن الذي هو ،ابلتأكيد ،أحد أثواب مرات املوضوعة حتت ّ
عليك ّأال تبكي .حنن لسنا وحدان ،هل تَعلَمني؟ أ ُّمهاتنا قريبات ِمنّا على الدوام .فإ ّن
ويضيف« :إّّنا ِ
ُ
يسوع هو الذي قال ذلك .إ ّّن ّن كاملالك احلارس .وهذا كذلك قاله يسوع .وإذا ُكنّا صاحلني أيتني إلينا
حقيقي ،أَتَعلَمني؟ هو الذي قال ّ لكن هذا
صعد إىل حضرة هللا بني ذراعي األ ُّم .و ّ
حينما ّنوت ونَ َ
ذلك».
ألست كذلك؟ فال َميضي مع يسوع غري الصاحلني ...وإذا مل نكن كذلك بشكل كامل، «ولكن ِ
فإنّنا نُصبِح كذلك لنكون تالميذ يسوع ،إذ ال ميكننا أن نُعلِّم ما ال نَع ِرف .فال ميكننا قول ِ
"اغفر" إذا
ِ
َمل نَغفر حنن ّأوالً .وال ميكننا القول "أحبِب قر َ
يبك" إذا َمل حنبّه حنن ّأوالً .هل تعرفني صالة يسوع؟»
كل ِ
«آه! صحيح! إنّك حديثة العهد معهّ .إّنا صالة َجيلة للغاية ،هل تَعلَمني؟ وهي تروي ّ
هذه األشياء .امسعي َكم هي َجيلة ».ويَتلو مرغزايم «أابان الذي يف السماوات» إبحساس وإميان.
تضحك ...فالرباءة
َ «ال تتحسري عليهاّ .إّنا َزهرة تَنتَ ِ
صب بعد اإلعصار .هل تسمعني؟ّ ...إّنا َ ّ
تُش ِّدد العزم على الدوام.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -104يسوع لفليبس" :أان احلبيب القادر"َ .مثَل ال ّدرهم ال ُمستَعاد 'املفقود')
1945 / 08 / 02
ظهر وضعيّة مرمي اجملدليّة َكتَائِبَة :جالسة يف قاع املركب ،عند قدمي يسوع ،الذي ألول َمَّرة تَ َ
ّ
عما كان عليه يف األمس .ولكنّه َمل يَبلُغ ِ
َُيلس على أحد مقاعد املركب .وجه مرمي اجملدليّة ُُمتَلف كثرياً ّ
شع ملرمي اجملدليّة اليت َهتَرع للقاء يسوع كلّما ذهب إىل بيت عنيا ،بل إّّنا هو اآلن الوجه بَعد الوجه ال ُـم ّ
ص ِمن ال َـمخاوف وال ُـمضايقات ،وها هي عينها اليت كانت َوقِحة فيما مضى قد أصبحت الذي َُتلَّ َ
لمع ِمن وقت آلخر شرارة فرح، َ ت
َ ،ًال إجال املفعمة يتهادّ ج ويف ،ًانأما ومفعمة ةجاد
ّ اآلن وهي رة، سمن َك ِ
ُ
سمع يسوع يتح ّدث إىل ُر ُسله أو مع أ ُّمه ومرات. عندما تَ َ
يتح ّدثون عن طيبة بورفرييه البسيطة كثرياً ،يتح ّدثون عن استقبال صالومي ونساء عائلة برتلماوس
األم ال تريده ّن على
وفليبّس الودود ،ويقول فليبّس« :لو َمل يَ ُكن السبب ّأّن ّن َمل يَزلن صبااي ،وأ ّن ّ
تبعنك أيضاً ،اي معلّم».
الطرقات ،ل ُك َّن َ
ابنتك البِكر على وشك
إيل اي فليبّسَ . نفوسهن تَتبعين ،وهذا أيضاً حب مق ّدسِ .
أنصت َّ «
ُ ّ َّ َ
اخلطوبة ،أليس كذلك؟»
«نعم اي معلّم ،إنّه خطيب ُمرتم ،وسيكون زوجاً صاحلاً .أليس كذلك اي برتلماوس؟»
َضمنه ،ألنّين أعرف عائلته .مل أستطع قبول أن أكون أان الوسيط ،ولو مل أكن «صحيح ،أان أ َ
لت ذلك مطمئنّاً وواثقاً ِمن إنشاء عائلة مقدَّسة».
لكنت فَـ َع ُ
مرتبطاً ابملعلّمُ ،
لك ّأال تفعل شيئاً».
لكن الصبيّة َر َجتين أن أقول َ
«و ّ
«أهو واحد ...واحد ِمن بيت الوايل ،أحد األشراف الرومان؟ لَن أمسح بذلك مهما يكن .فَ َدم
إين أأت ّمل!»
حري يب أن أقتل ابنيت .ال تبتسم اي معلّم! ّ
نقيّ .
النقي لَن َميتَزِج بدم غري ّ
إسرائيل ّ
ك ِمثل حصان َجفول .تَرى ِظالالً حيث ال يوجد ّإال النور .إّّنا كن مطمئنّاً .أفليس الوايل «ألنّ َ
خادماً؟ وأصدقاؤه األشراف ُخ ّداماً؟ وقيصر ،أليس خادماً؟»
أردت إخافيت .فَما ِمن أحد أعظم ِمن قيصر ،وما ِمن معلّم أعظم منه».
«ولكنّك متزح اي معلّم! َ
«بلى ،أان ،اي فليبّس».
تتزوج ابنيت؟»
أنت تريد أن ّ
أنت؟ َ
« َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 117 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
املوصدة والقلوب املق َفلة بسبعة ،وسبعة ِ ِ
ب الذي يَلج البيوت َ «ال ،بل نـَ ْفسها .فأان ال ُـمح ّ
كل العوائق ،وأيخذ َمن الرقاابت ...أان َمن يَهدم ّ
كل احلواجز و َّ مفاتيح .أان الذي ُُييد التح ّدث رغم ّ
يريد أخذه :األنقياء واخلَطَأَة ،العذراوات واألرامل ،الذين ال تُقيِّدهم الرذيلة ،والذين ُهم عبيد هلا.
وجعِلَت سعيدة وخالدة الشباب .هي ذي خطوبيت. ت َثوأ َِهب اجلميع نفساً فريدة وجديدة ،نـَ ْفساً بعِ
ُ ُ
حّت الشيطان. ألي كان رفض إعطائي غنائمي البهيّة .ال األب وال األ ُّم وال األوالد وال ّ وال ميكن ّ
ابنتك ،أو خاطئ يَغوص يف َمحأة اخلطيئة ،أو يُقيِّده الشيطان فإنّين ،حاملا أحت ّدث إىل نـَ ْفس صبيّة مثل َ
مين.
أي أحد انتزاعها ّ ألي شيء أو ّ إيل .وال ميكن ،بعد ذلكّ ، بسبعة قيود ،أَل َقى هذه النَّـ ْفس آتية َّ
فال ثروة وال سلطة ،وال هبجة دنيويّة ُّتاري الفرح الكامل الذي هو فرح الذين يتّحدون بِفقري،
كل اخلريات السماويّة ،فَ ِرحني بصفاء انتمائهم إىل ِ تقشفيِّ ، بِ ّ
كل خري ابئس ،البسني ّ متجردين عن ّ
ألّنم يَغ ُزوّنا ألّنم ي ِ
هيمنون عليها ،والثانيةّ ، هللا؛ فقط إىل هللا ...فَـ ُهم سادة األرض والسماء األوىلُ ّ ،
ويَستولون عليها».
ائيلي
سمياً ّإايك اإلسر ّك ُم ّ
مرة َحيَّيتُ َ
ألول ّ
ك ّ عنك اإلنسان العتيق ،نثنائيل .عندما رأيتُ َانزع َ
«َ
غش والك اآلن تنتمي إىل املسيح ،وليس إىل إسرائيل .فَ ُكن للمسيح بِغَري ّ غش فيه .ولكنّ َ
الذي ال ّ
ِ حتفظ .أليس هذا هو الـم ُِّ
إاال فلن تستطيع فَهم الكثري من ََجاالت الفداء الذي أَتَ ُ
يت نطق اجلديد؟ ّ َ
أمحله إىل اإلنسانية ِ
قاطبة». ِ
ّ
لست أُان ِز َ
عك وهتا؟ وماذا تَفعل اآلن؟ فأان ُ
ك َد َع َ
يتدخل فليبّس قائالً« :وابنيت ،أتقول إنّ َ
« ّ
دعوتك»... خيص ِ
َ أود معرفة ذلك ،ال لشيء ّإال ملساعدهتا يف ما ّ عليها ،ولكنّين ُّ
حبب بتويل ،إىل حديقة املسيح .سيكون منها الكثري املكرسةّ ،
عمل على جلب الزانبق َّ « ّإّنا تَ َ
يف األجيال القادمة! ...الكثري! ...حدائق زهر ُمعطَّرة ابلبخور ،لِتُوا ِزن َمزابل َّ
الرذائِل .نُفوس صالة
لكل البالاي اإلنسانيّة ،وفرح هلل». ِ ِ ِ ِ
لتُوازن الكافرين ال ُـملحدينَ .عون ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 118 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
تَفتَح مرمي اجملدليّة شفتيها لتطرح سؤاالً ،وتفعل ذلك واالمحرار يعلو وجهها أيضاً ،إّّنا ِأبَيسر
األايم املاضية« :وحنن ،األنقاض اليت تَرفَعها ،إالم نَصري؟» ِ
من ّ
العذارى»...
اتكن َ
«إىل ما ُه َّن عليه ،أخو َّ
«آه! غري ممكن! لقد ُخضنا يف الكثري ِمن الوحل ،و ...و ...وغري ممكن».
لك .وهو كذلك فِعالًِ .
أنت «مرمي ،مرمي! أبداً ال يغفر يسوع بني بني .لقد قُلت إنّين غفرت ِ
ُ ُ َ َ َ
ني ،سوف ِ ِ وكل اللوايت أخطأن ِ
هبن ،فإ ّّن ّن سوف يُعطّر َن ،سوف يُصلّ َ
اقرتن ّ
هلن ُح ّيب ،و ََ
مثلك ،و َغ َفَر َّ ّ
حيثما ُوجد ،النُّفوس اليت هي شهيدة معاجلته على ات روقاد ، للشر هات ُُيبِنب ،وي ِ
شددن العزائم؛ ُمتنبِ
ّ ّ ّ ُ
يف نَظَر هللا؛ فهي إذاً عزيزة على قلبه كال َعذارى».
احلب والتَّكفري».
أنفسكن وذكرايت املاضي ،وابلعطش إىل ّ
ّ بوقوفكن ض ّد
ّ «
عنك ،عنكم ،أنتم اخلَطَأَة بشكل عام ،يف إحدى «اسأيل مسعان عن ذلك .كنت أحت ّدث ِ
ُ
لكل يت م نشد َكلِ
لك إذا مل تُ ِ
حديقتك .وإبمكان كل اإلخوة القول ِ
ِ األمسيات ال ُـمنارة ابلنجوم ،يف
ّ َ ّ
ال ُـمفتَدين معجزات الرمحة واهلداية والتوبة».
وهم ّإما يف املدرسة أو عند أ ُّمي .فقط الصغري األخري يَرقد يف َمهده .الصيد
« ّإّنم خبريُ ...
جيد .وسوف َُي ِمل زوجي ِ
لك العُشر»... ّ
ِ
ألوالدك .هل تسمحني يل برؤية الصغري؟» «الَ ،مل يـَعُد ِمن داع لذلك .احتفظي به
«تعايل…».
تتحركَ ،س َقطَت حقيبتها ِمن «كان المرأة عشرة دراهم يف حقيبتها .ولكنّها ،وبينما هي ّ
صدرها ،وفُتِحت ،وتدحرجت الدراهم على األرض .فَجعلت تَلمها ،مبساعدة اجلَّارات ِ
احلاضرات، ّ ََ ََ َ
َشعلَتظهر .ومبا أ ّن الليل كان يَهبط ،والنور كان خيبو ،أ َ وتَـعُ ّدها .وإذا هبا تسعة فقطّ .أما العاشر فَـلَم يَ َ
تدحر َج ِ ِ
عل الدرهم قد َ َخ َذت تَكنُس ابنتباهَّ ، وتناولَت مكنَسة ،وأ َض َعته على األرضَ ، السراجَ ،وَو َ
املرأة ّ
بعيداً عن املوضع الذي َس َقط فيهّ .إال ّإّنا َمل َِّتد الدرهم .و َذ َهبَت الصديقات بعد أن تَعِنب ِمن البحث.
حينئذ َشَر َعت إبزاحة الصندوق واخلزانة وصندوق آخر أث َقل ،وإزاحة اجلِّرار واألابريق املوضوعة يف ُك ّوة
َج َعت قُرب يف اجلِدار .ولكنّها َمل َِّتد الدرهم .حينئذ جثَت على أربع ،وب َدأَت تُفتّش يف ال ُكنَاسة اليت ُِ
َ َ ّ
ط بقشور اخلضار .وأخرياً َو َج َدت تدحر َج خارج البيت واختَـلَ َ
الباب ،لرتى ما إذا كان الدرهم قد َ
َّس َخ و َغ َمَرته ال ُكنَاسة ال ُـمرتاكِمة فوقه.
الدرهم ،وقد ات َ
فرح مالئكة هللا والصاحلون يف األرض احلق أقول لكم إ ّن عيداً عظيماً ُُيتَفل به يف السماء ،ويَ َ
ّ
احلق أقول ِ ِ
احلق أقول لكم إ ّن ما من شيء يُضاهي َجال دموع التوبةّ . من أجل خاطئ واحد يتوبّ .
لكم إ ّن الشياطني وحدهم ال يَع ِرفون وال يتم ّكنون ِمن الفرح هلذه التوبة ،اليت هي انتصار هلل .أقول
صالحه و ّاحتاده ابهلل.
لكم كذلك إ ّن الطريقة اليت يتقبّل فيها اإلنسان توبة خاطئ تُشري إىل مقدار َ
السالم معكم».
1945 / 08 / 03
هرع بعض العاطلني عن العمل الذين يتن ّـزهون قرب طرباي الصغري ،فَـيَ َ
يتوقّف املركب يف مرفأ ّ
كل اجلنسيّات .كذلك الثياب الطويلة ،واليهود ِ
الرصيف الصغري .هناك أانس من كافّة الطبقات ،ومن ّ
وحلاهم ال َـمهيبة ُتتَلِط ابألثواب الصوفيّة البيضاء األقصر ِمن كل األلوان .شعر اإلسرائيليني األشعث ِ
ّ َ ّ
اليت للرومان ِ
األش ّداء ،وأيضاً الثياب األكثر اختزاالً اليت تُغطّي أجساد اليواننيّني الرشيقة وال ُـمخنَّثة.
حّت يف وضعيّاهتم ،فيبدون كتماثيل آهلة َهبَطَت على بفن موطنهم البعيدّ ، كأّنم يتشبّهون ّ
وهم يَبدون و ّ
ومعطَّر ،وسواعد كالسيكيّة حتت شعر َُم ّعد ُ
األرض يف أجساد بَ َشر ،متدثّرة قمصاانً انعمةُ ،وجوه ّ
تزيّنها أساور تتألأل يف حركات مدروسة.
للحم َامات العموميّة أَرِوقتها اخلارجيّة املزدمحة بتلك اجلماعة األنيقة والعاطلة عن العمل ،اليت
َّ
ايضي األكثر
تضيّع وقتها هكذا يف مناقشة مسائل قليلة األِهيّة ،كاحلديث عن رامي ال ُقرص ،أو الر ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 125 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
رشاقة واألكثر انسجاماً يف املباراة اليواننيّة والرومانيّة؛ أو ّإّنم يتح ّدثون عن املوضة والوالئم ،ويَضربون
املواعيد لنـزهات فَرفَشة ،مع دعوة أَجل العاهرات أو السيّدات اللوايت َخي ُرجن ِمن احلَ َّمامات أو ِمن
كل ما فيه َم َرمر ،واملزيَّن بشكل
طرباي ذاك ،حيث ّويتفرقن يف مركز ّوَم َّعدات الشعرّ ، ال ُقصور ُمعطَّرات ُ
فين مثل صالون.ّّ
يتعرف أحدهمعادي ،عندما ّّ الرسوليّة فُضوالً ابلغاً يُصبِح غري
طبيعي أن يُثري مرور اجلماعة َّ
ّ
تعرف آخر على مرمي اجملدليّة .وهي مع ذلك تَسري على يسوع ،إذ قد رآه يف القيصريّة ،أو حينما ي ّ
وخدَّيها ،بشكل ّأّنا ،هبذا الوشاح وابحنناءة ِ ِ
ُملتَحفة مبعطفهاُ ،متَّشحة بوشاح أبيض يُغطّي جبينها َ
رأسها ،ال يعود يُرى وجهها جيّداً.
كأين به فيلسوف عظيم .هل نطلب منه أن يتح ّدث؟» يَسأَل أحد
أود لو أَمسَعه يتح ّدثّ .
«أان ُّ
اليواننيّني.
ك اي اريستوبول .يبدو وكأنّه يَهبط ِمن الغيوم وميضي على األرض الصلبة .أَتَرى أ ّن له
«ال علي َ
الشاابت واجلميالتَ ».ميَزح أحد الرومانيّني. ِ
حراساً من النساء ّ
ّ
لكن هذه هي مرمي اجملدليّة!» يَهتف روماينّ آخرُ ،ثّ ينادي« :لوشيوس! كورنيليوس! تيطس!
«و ّ
انظروا! ّإّنا مرمي!»
أنت سكران؟»
ظهر! هل َ
«ولكنّها ليست هي! مرمي يف هذا ال َـم َ
ويقول أحد الرومان بِلَهجة هت ّكمية ،وهو يَرمقها« :تعايل معي .فأان أكثر َجاالً وَمَرحاً ِمن ذاك
أجَريَن ،الذي يُ ِذ ّل احلياة وُيعلها َ
كاملأمت (كاجلنازة) .فاحلياة حلوة! انتصار! الكئيب ذي الشا ِربََني ال ُـمستَ َ
ِ
إسعادك ».يقوهلا رجل مائل إىل ال ُّسمرة .ذو وجه التفوق عليهم َجيعاً يف
حفلة فرح! تعايل .إبمكاين ّ
هم بلمسها.
رفيع ،وهو مع ذلك ُُمبَّب ،ويَ ّ
قلت إ ّن احلياة َحفلة ،وهي األكثر خزايً ،وتُسبِّب يل الغَثَيان».
«ارجع! ال تلمسين .حسناً َ
حّت وقت قريبُُ ».ييب أحد اليواننيّني. ِ
«آه! آه! ولقد كانت ،مع ذلك ،حياتك ّ
يتهكم أحد اهلِريوديّني.
العذراءَّ ».
«واآلن هي تَ َلعب دور َ
معك .تعايل معنا ».يُلِ ّح أحد الرومان.
الق ِّديسني! وسوف يفقد الناصري هالتَه ِ
ّ ُ َ
دمرين ِ
ِ ِ
«أنت تُ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 127 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
األقل ِمن البشر». ِ ِ
«تعالوا أنتم معي لنَتبَعهُ .ك ّفوا عن كونكم حيواانت ،وصريوا على ّ
(جوقَة) ِمن انفجارات الضحك والسخرية.
ويَ ّرد عليها كورس َ
فعل ما تشاء .أان أُدافِع عنها». فقط روماين عجوز يقولَِ « :
احرتموا املرأةّ .إّنا ُحّرة يف أن تَ َ ّ
األمس؟» يَسأَل أحد الشبّان. «الدمياغوجي! امسعوه! هل أتذّ ِ
يت من َمخّرة ليلة ّ
َ ّ
ابلوهم .ظَهره يؤملهُُ ».ييبه آخر.
«ال ،بل هو مريض َ
لك».
الناصري فيح ّكه َ
ّ «اذهب إىل
جراء اتّصايل بكمُُ ».ييب العجوز. ن «أان ذاهب إليه لِيكشط عين الوحل العالق يب ِ
م
ّ ّ َ
وهم ُييطون به كدائرة. يتفكه َّ
(يتهكم) عدد كبري ُ «آه! إن كريسبوس قد فَس َق يف الستّني!» َّ
َ
لحق ابملعلّم ُّ
ابلتهكمات ،ويسري خلف مرمي اجملدليّة اليت تَ َ املدعو كريسبوس ال يُبايل
لكن الرجل ّ
و ّ
يب الساحة. الذي تَفيَّأَ يف ظل بيت َجيل ممت ّد على شكل قاعة ُماداثت على جانِ
ّ ّ
طرباي ومع تلك الصحبة. ِ
ُّهم لكونه يف ّ
يسوع اآلن يف صراع مع أحد ال َكتَـبَة الذي يُكيل له التـ َ
طرباي كذلك ،بل هنا أكثر
حّت يف ّ
لك إنّه ّ
طرباي؟ أقول َ
أنت ملاذا هنا؟ ملاذا تتّهمين لكوين يف ّ
«و َ
ِمن أماكن أخرى ،توجد نُفوس ينبغي ُتليصهاُ ».ييبه يسوع.
وخطَأة». ِ
«ال ميكنها أن َُتلص ،أل ّن الناس هنا َوثنيّونُ ،ملحدونَ ،
وألجلك أيضاً ،أان احلق .ألجل اجلميع، ِ
َ أتيت .ألجعلهم يَعرفون هللا ّ
«وأان من أجل اخلَطَأَة ُ
أتيت».
ُ
وم َّثقف». ِ
لست يف حاجة إىل معلّم ،وال إىل الفادي .فأان طاهر ُ
« ُ
لدي».
«ال أخطاء َّ
ب». احل نمخال ِ
ك ٍ لديك أعظَ َمها .إنّ َ
« َ
ُّ
فيقول ذاك الذي ِمن ال َكتَـبَة« :راكا» (كلمة سراينيّة وهي َكلِ َمة احتقار) ويُدير له ظهره.
« ّإّنا غلطيت اي معلّم ».تقول مرمي اجملدليّة ،وحني ترى شحوب مرمي العذراء ُهتَم ِهم« :ساُميين،
أنس ِحب». ِ
فأان أُسبّب اإلهاانت البنك .سوف َ
ِ
يمن مع سطوع يف عينيه، «ال ،ابقي حيث أنت .هذا ما أريده أان ».يقول يسوع بصوت مه ِ
َُ َ
ِ
مكانك .وإذا َمل وسيطرة يف شخصه كلّه ،تكاد َمتنَع النَّظَر إليهُ .ث يقول أبكثر ِرقّةِ « :
أنت ،ابقي ّ
ك ،فليذهب ،هو فقط». َُيتَ ِمل أحد قُرب ِ
َ
الغريب ِمن املدينة. اجلزء إىل ا
ً ه ويتابِع يسوع املسري ِ
متوج
ّ ّ ُ
«اي معلّم!» يَهتِف الروماينّ البدين وال ُـم ِس ّن الذي دافَ َع عن مرمي اجملدليّة.
فن
تنفس ،إّّنا ال يعر َّ كل عملية ُّ اخزة تُغلِّفهَ ،
وّتَرحين لدى ّ
«اس ُكيت .إ ّن قليب ،وكأ ّن أشواكاً و ِ
هو ذلك! إنّين أتظاهر ابلصفاء ِألُسانِده به .فإذا مل تُش ِّدد أ ُّمه من عزميته ،فأين ميكن ليسوعي أن َُِيد
ي عليه ألنّه فَـ َع َل ذلك؟ العزاء؟ على أي صدر ميكنه إسناد رأسه ،دون أن َُِيد نفسه وقد ُجرِح ،أو ُِ
افرت َ َ ّ َ
َجرعها يف أثناء ساعات أ اليت الدموع
و قليب، قز مت
ُ اليت اكو األش عن َّظر نال بغض إذن، اب والص ن فَ ِ
م
َ ّ ّ
الوحدة ،أن أضع معطفاً ِ
ف ذلك ،ألجعله أكثر احلب الناعم ،أن أمنحه ابتسامة ،مهما َكلَّ َ ّ ن م
أي شيء، حّت اللحظة اليت يَبلُغ فيها سيل احلقد ح ّداً ال يعود يَن َفع معه ّ اطمئناانً ،أكثر َسكينةّ ...
ب األ ُّم »...وتَ َنه ِمر دمعتان كبرياتن على وجه مرمي الشاحب.حّت ُح ّ
وال ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 131 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
تَنظُر إليها األختان ،وقد أتثـََّرات كثرياً« :ولكنّنا ِملك له ،وحنن حنبّه؛ و ُّ
الر ُسل »...تقول مرات
لتواسيها.
«لِنَتناول الطعام أثناء اسرتاحتنا ».يقول يسوع« .هناك بئر ،وابلقرب منه فَ َّالح .امضوا واطلبوا
منه ماء».
لك».
تك وُمصو َ
صح َ
ليكافئك هللا يف ّ
َ «
أأنت ظمآن؟»
« َ
«والروح؟»
احلق».
«الروح يستعيد ّقوته يف ّ
حّت
ووجدت الفساد؛ يف املذاهبّ ،
ُ احلق يف العِلم،
حبثت عن ّك .لقد ُ «ألجل ذلك تَبِعتُ َ
أصبحت رجالً
ُ حّت أصابين الغثيان ،و
احندرت ّ
ُ الصالح .ولقد
َفضلها ،وهناك دائماً افتقار ما إىل َّ
أ َ
ِّ
مقززاً ،ال مستقبل يل سوى الساعة اليت أعيشها».
احلق ،طوال حياهتم ،فال َُِيدونه .يَبدون كمجانني ،يريدون «كثريون ُهم الذين يبحثون عن ّ
ويتلمسون بتشنّج ،بشكل يَبتَعِدون معه كل شيء ،وهم يضعون صفيحة برونزيّة على عيوّنمَّ ، رؤية ّ
ابحلري ُخيفونه مبا يك ّدسونه فوقه من األشياء اليت يزحزحها حبثهم اجملنون ويَقلِبها.
ّ احلق ،أو
ابطّراد عن ّ
احلق حيث ال ميكن أن يوجد.ال ميكن أن ُيصل معهم غري ذلك ،أل ّّنم يبحثون عن ّ
احلب .والنَّظَر إىل األشياء ،ليس فقط بعينني حكيمتني ،بلض ّم الذكاء إىل ّ احلقُ ،يب َإلُياد ّ
يتوصل ،على ِ ِ
ُيبّ ، الصالح أكثر قيمة وجدارة من احلكمة .فإ ّن الذي ّ إّّنا بعيين صالح كذلك ،أل ّن َّ
احلب ال يعين أبداً التمتّع ابجلسد وبواسطة اجلسد؛ فهذا احلقّ .
املؤدي إىل ّ الدوام ،إىل إدراك الدرب ّ
احلب هو عاطفة نـَ ْفس ّتاه نـَ ْفس ،عاطفة جزء أمسى ّتاه جزء أمسى. ليس حبّاً ،بل هو شهوانيّةّ .
هبذه العاطفة نرى يف شريكة احلياة ،يف رفيقة العمر ،ليس َعبدة ،بل اليت تُعطي النور لألوالد ،فقط
الكل القادر على َخلق حياة ،بل حيوات عديدة؛ أي الرجل، مع ل، ذلك ،أي النصف الذي يش ِّ
ك
ّ ُ
الرفيقة اليت هي أُمّ وأُخت وابنة للرجل ،اليت هي أضعف ِمن طفل وليد أو أقوى ِمن َسبع َغضن َفر،
كل ما هو خالف ِ
ب ابحرتام مطمئن وحافظ .و ّ حسب احلاالت ،واليت ،كأ ُّم وأُخت وابنةُ ،يب أن ُحتَ َّ
حبب ،بل هو رذيلة .وهو ال يقود إىل أعلى ،بل إىل أسفل ،ليس إىل النور ،بل إىل ملا أقول فهو ليس ّ
حب القريب يب. ر الق حب معرفة أجل ن الظُّلُمات ،ليس إىل النجوم ،بل إىل الوحل .حب املرأة ِ
م
ّ ّ ّ
احلق هو هللا، ِ
احلق هنا ،اي َمن تبحثون عنهّ .
احلقّ .حب هللا .وهكذا يَعثُر على طريق ّ ّ فة
ر مع أجل ن م
وهنا مفتاح إدراك العِلم.
ّأما أان ،فكما أنّين ال أرفُض التَّائِبني ِمن أبناء إسرائيل ،كذلك ال أستَبعِد الوثنيّني الذين يؤمنون
احلق!"
وهم يَئنّون" :أعطُوان ّ
مبا أُعطي هلم ليؤمنوا به ،والذين يقولون يف أعماقهم ُ
وهبذا اُّني كالمي ،واآلن لِنَ َِ
سرتح يف هذه اخلُضرة ،إذا َمسَ َح لنا الرجل بذلك .ويف املساء سوف
ّنضي إىل قاان».
كك .ولكن مبا أنّين ال أريد تَدنيس العِلم الذي َمنَحتَنيه ،فسأمضي هذا املساء إىل «سيّدي ،أَتر َ
فلدي هناك بيت .لقد َمنَحتَين الكثري. خادمي إىل ليقونيةَّ ، ُغادر هذه األرض .سأمضي مع ِ طرباي .أ ِ
ّ
لدي ما أُعيد به بناء فِكري. أُد ِرك أنّه ال ميكن إعطاء املزيد لعجوز شهواينّ .إّّنا ،مبا َمنَحتَين ،أصبَ َح َّ
صل لكيطربايِّ .
لك يف ّ إهلك ِمن أجل العجوز كريسبوس ،ال ُـمستمع الوحيد َ ص ِّل إىل َ أنت َ
وَ ...
علي ليبيتينا ( Libitinaآهلة اجلنازات والدفن مرة أخرى .قبل أن تَستَح ِوذ َّ إليك ّ
أستطيع االستماع َ
خد َمت هنا كِناية َعن املوت) ،حبيث ،وابلوسائل اليت أعتَ ِقد إمكانيّة خل َقها َّ
يف ِمن عند الرومان ،وقد استُ ِ
ّ
احلق بشكل أفضل .سالماً أيّها املعلّم». أفهمك بشكل أفضل ،وأفهم ّ َ كالمك ،قد
َ خالل
مير جبانب النساء اجلالسات على حدة،وُييّي على الطريقة الرومانيّة .إّّنا ،بعد ذلك ،وبينما ّ
ُ
ِ
مآدبك ِ
منحت رفيق ينحين أمام مرمي اجملدلية ويقول هلا« :شكراً اي مرمي ،فمعرفيت ِ
بك كانت خرياً .فلقد ّ
بفضلك ِ
أنت. ِ توصلت أان إىل ما ِ
أنت عليه اآلن ،فيكون ِ
القدمي الكنـز الذي كان يُفتّش عنه .وإذا ما َّ ُ
وداعاً».
وميضي.
1945 / 08 / 04
العجائيب، العرس يف جرى الذي ذاك ن يف بيت قاان احتفال بقدوم يسوع ،هو أقل قليالً ِ
م
ّ ّ
السعوف اخلضراء ،وليست هناك طاوالت املدعوون؛ والبيت ال تُزيِّنه الزهور و ُّ
يَغيب عنه املوسيقيّون ،و ّ
لكن ذلك كلّه قد َمتَّ ِ ِ
للضيوف الكثريين ،وال القهرمان ( َكبري اخلَ َدم) جبانب حامل اجلّرار املليئة مخراً ،و ّ
ومقداره السليم ،أي ليس هو للضَّيف الذي قد َّتاوزه ابحلب الذي يوهب اآلن بشكله الصحيح ِ
َُ ّ ُ
التعرف على و رفته مع تتم الذي م ل
ّ املع َّيف
للض هو ا ّن
ّ إ بل ر، ش
َ ب وىسيكون أحد األقرابء ،ولكنّه ليس ِ
ّ ّ َ
الصديق ب بِ ُكلِّيَّتها َّ
ّ حت
ُ قاان قلوب كذلك و . إهلي
ّ كشيء ابإلجالل تهمَ
طبيعته احلقيقية ،والذي َحتظَى َكلِ
ّ
ومحرة الغَ َسق ،البساً ثوبه الكتّاينَُ ،م ِّمالً ضَر إىل مدخل احلديقة ،وسط ُخضرة األرض ُ العظيم الذي َح َ
حّت إىل األشياء. ِ ِ
وجه سالمه إليها ،بل ّ سالمه ،ليس فقط إىل النُّفوس اليت يُ ّ كل شيء حبضورهُ ،موصالً َ ّ
يف احلقيقة ،يبدو أ ّن السالم ينتَ ِشر حيث يُدير عينه الزرقاء ،وهو وشاح ِمن السالم املهيب مع
ب قلبه. ِ ِ
وح ّ
ذاك الفرح .فالنقاء والسالم يتدفّقان من عينه مثل ع ْلم فَمه ُ
قد يبدو ،لِ َمن يقرأ هذه الصفحات ،أ ّن ما أقوله مستحيل .ومع ذلك فاملكان ذاته الذي كان ،قبل
ابحلري مكاانً ،حركته الدؤوبة تُقصي السالم الذي يُعتَ َّب غريباً على هياج
ّ عادايً ،أو
وصول يسوع ،مكاانً ّ
لست أدري ماذا منحت يصبح ذلك املكان راقياً ،ويتَّخذ العمل نفسه ُ ظهر يسوعّ ، العمل ،وما أن يَ َ
كنت
لست أدري إذا ما ُ اليدويُ .
ّ التنسيق الذي ال يُشري إىل وجود فكرة فائقة الطبيعة يقوم عليها العمل
حت يف ساعات ال ُمضايَقة العُظمىِ ،ألمر ما َحيصل له ،ولكنّه
أُجيد التعبري .فيسوع ال يبدو عابِساً ،وال ّ
يتحرك ضمنهَ .م َرح يسوع ليس ابهراً على اإلطالق، قاره فائق الطبيعة يف اإلطار الذي ّ
بث َو ََوقور ِمبَهابة ،ويَ ّ
األعظمي أو ال ُقنوط حت يف أوقات الفرح سوداويّ ،
ّ شوه وجهه الضحك ،وال هو وال هو بُ ّكاء ،ال يُ ِّ
ّ
األعظمي.
ّ
وكذلك ال ميكنين القول إنّين رأيتُه يَستَسلم لِ َمرح ُمبالَغ فيه .ال َيلو األمر ِمن ضحكة عالية إذا ما
تطلَّبَت الظروف ذلك ،ولكنّه يعود مباشرة بعدها إىل صفائه ال ُم َ
فعم َمهابة َوَوقاراًّ .إال أنّه حينما يضحك
عجائيب ،لدرجة أ ّن وجهه يبدو كوجه ابن العشرين ،والعامل كذلك يبدو وكأنّه يَستَعيد بشكل باهصيستعيد ِ
ّ
الرَّاننة وال ُم ِّ
عّبة. شبابه حتت أتثري ضحكته اجلميلة الصافيةَّ ،
عما يقوله والصوت؟ ها قد مضى ما يُقا ِرب العامني وأان أَسَعه يتح ّدث ،ورغم ذلك فأان أ ُ
َشرد أحياانً ّ
كرر بِ ُك ّل صّب ما قاله ،انظراً َّ
إيل وهو يبتسم والصاحل يُ ِّ
يل ،لش ّدة غَوصي يف دراسة صوته .ويسوع الطيب َّ
اجلين لدى َساعي صوته ،أثناء الصاحل ،لتحاشي حصول انقطاعات انمجة عن الغبطة اليت َُّت ِ ابتسامة املعلّم َّ
لست أعرف القول بدقّة ما تصنيف ذوقي له ،ودراسيت لِطَابعه ومجاله .ولكنّين ،بعد عامنيُ ،إمالءاته ،وتَ ُّ
صوته :أَستَ ِبعد القرار Basseبشكل ُمطلَق ،كما أَستَ ِبعد كذلك َّ
الصادح اخلفيف ،Tenorولكنّين ما
أحياانً أَلبُث أَستَ ِمع ،والقلم يف يديُ ،ثّ أتنبَّه إىل أ ّن الت ُّ
َّوسع يف الفكرة قد قَطَ َع شوطاً كبرياً ،ح ّت
قاطعونَين ،لِيُعلِّمين
كرر يسوع ،كما يفعل عندما ي ِ
ُ ََ حت يُ ِّ
وأظل حيث أان ّ ُّ أصبَ َح اللّحاق به مستحيالً...
َترك لكم تقدير مدى إزعاجهم ،عندما يَنتَ ِزعون ِم ّين صّب ،األشياء واألشخاص املزعجني ،الذين أ ُ َّحمل بِ َ
الت ُّ
الفرح الكامل لدى استِماعي إىل يسوع…
اآلن ،يف قاان ،يَش ُكر يسوع سوسنة الستضافتها حجاليّ .إّنما على انفراد ،حتت العريشة
احململة ابلعناقيد اليت بَ َدأَت تَنضج ،بينما يسرتيح اآلخرون َجيعهم يف املطبخ الواسع.
الكثيفة َّ
«لقد كانت املرأة طيّبة ج ّداً اي معلّمَ .مل تكن لِتُش ِّكل ِعبئاً على اإلطالق .كانت تريد مساعديت
يف أعمال املطبخ كلّها ،ويف تنظيف البيتِ ،من أجل الفصحِ ،مثل خادمة ،وقد َع ِملَت ،أؤّكد َ
لك،
تنس ِحب ِحبَ َذر حال وفود أحدهم ،وكانت كانت لقدو الفصح. ثياب إكمال يف ساعدين تِمثل أَمة ،لِ
َ ُ َ
حّت مع زوجي .وكانت ،يف وجود العائلة ،قليلة الكالم ،وكذلك أكلها قليل. ُحتا ِول عدم املكوث ّ
كنت أ َِجد البيت نظيفاً على الدوام ،والنار مشتعلة. ِ
وكانت تَغتَسل ابكراً ج ّداً قبل استيقاظ الرجال ،و ُ
مين أن أُعلِّمها مزامري ديننا .كانت
عنك ،وكانت تَطلُب ّإّّنا ،عندما نكون مبفردان ،فكانت تسألين َ
سمع أصوات النساء التلميذات الثالث ،أثناء هتيئة الطاوالت .سوسنة تَروي ِ
من الغرفة العلويّة تُ َ
قوي ،أَّما حتويل امرأة املعجزة اليت ُِ
وّتيب مرمي اجملدليّة« :حتويل املاء مخراً ،أمر ّ
اجرت َحت يوم عرسهاُ ،
خاطئة إىل تلميذة فهو لَ َعمري أمر أقوى .فليشأ هللا أن أكون مثل ذاك اخلمر ،أن أُصبِح أفضل».
كل شيء بشكل ممتاز .كانت هنا امرأة ،ابلرغم ِمن ِ
شك .فإنّه ُُي ّول ّ
«ال يكن ِ
لديك أدىن ّ
أبال ُيصل ذلك ِ
لك ،اي َمن الشك ّ
ميكنك ِّ داها ،يف مشاعرها ويف إمياّنا .فهل
َكوّنا وثنيّة ،فقد َه َ
تنتمني إىل إسرائيل؟»
«امرأة؟ شابّة؟»
كفارهتا هي يف الوحدةّ ،أما أان عاشت يف الوحدة ،وكانت غريبة .أان هنا ،وأان معروفة .فَ َّ
«ولقد َ
أحسدها على مصريها ،ألنّين أان مع املعلّم .ولكنّين لست ُ َّ
فكفاريت يف العيش وسط العامل الذي يعرفينُ .
أي شيء يُلهيين عنه». آمل أن أستطيع االقتداء هبا يوماً لكي ال يكون هناك ُّ
«أترتكينه؟»
«ال .ولكنّه يقول إنّه َميضي .حينذاك ،سوف يَتبَعه روحي .معه ميكنين حت ّدي العاملّ .أما بدونه
فإنّين أخاف ِمن العامل .وستكون الصحراء بني العامل وبيين».
«كما فَـ َعلتُما يف َزَمن األمل .سوف حتبّان بعضكما وحتبّانين .وبدون َخ َجل .ألنّكما سوف
الرب سوف أحبّكما». الرب .وأان يف ّ
تكوانن آنذاك مبفردكما ،ولكنّكما مع ّ
اضحة يف ُحلوهلا ».يقول بطرس الذي َِمسع احلديث.
«إ ّن مرمي لَقوية هي ،وو ِ
ّ
قهر».
صل مستقيم ،مثل أبيها .هلا قَ َسمات أ ُّمها ،إّّنا روح أبيها الذي ال يُ َ
وُييب الغيورّ « :إّنا نَ ْ
ُ
السفرة جاهزة.
قهر تَنـزل اآلن مسرعة لتقول للرفاق إ ّن ُّ
واملرأة ذات الروح الذي ال يُ َ
« ّإّنا حيواانت بَ َلهاء حتماً .بعضها كالبعض اآلخر ».يقول توما« .األوىل تَعتَِربان ذُابابً واألخرى
حّت وال ِظ ّل َعقل». تَعتَِرب اللَّهب مشساًَ ،
وحت َِرتق به .فليس لديها ّ
يوطي. « ّإّنا حيواانت ،وتريدها أن َّ
تتعقل؟» يقول االسخر ّ
األقل». على طرة، أود لو تكون هلا ِ
الف «الُّ .
ّ
«ليس لديها الوقت لبلوغها .أتكلَّم عن الفراشات ،إذ لدى احملاولة األوىل متوت .و ِ
الفطرة
تستفيق وتنمو بعد أوىل املفاجآت املؤملة ».يَروي يعقوب بن حلفا.
فرتض ّأّنا تتمتّع هبا ،فهي تعيش لسنواتّ .إّنا بلهاءُُ ».ييب توما.
«والوطاويط؟ يُ ََ
فحّت البشر يبدون أحياانً وطاويط بلهاء .يَطريون ،أو ِ
«ال اي توما ،ليس أكثر من البشرّ .
ابحلري يُرف ِرفون ،كما لو كانوا سكارى ،حول أشياء ال تَن َفع لغري األمل .ها ُكم :إ ّن أخي قضى على
أَحدها وهو ُُيِّرك معطفه .أعطونيه ».يقول يسوع.
لدي لذلك».
«ال اعتبار َّ
أتخذك رمحة ِمبَن يَع ِرف هللا والشريعة ،ومع ذلك يَ َِ
قرتف اخلطيئة». َ «بشكل أََّال
أيك؟»
«أيّة خطااي ،حسب ر َ
«الشهوانيّة منها ،كبداية .إ ّن ذلك َال ِحنطاط ال عالج لهَُ »...ت ِفض مرمي اجملدليّة رأسها...
التخمرات يَنبَعِث ِمن جسد املدنَّسنيَُ ،ي َعل
حّت لآلخرين ،أل ّن نوعاً ِمن ُّيُتابِع يهوذا« :إنّه إفساد ّ
وُيذون َحذوه»...األكثر طُهراً يَضطَ ِربون َ
وبينما تَزيد مرمي اجملدليّة َخفض رأسها ،يقول بطرس« :أوه! ال! ال! ال تكن قاسياً إىل هذا
خمر َدنَس أخالك تريد القول ّإّنا أ ِ
ُفس َدت بِتَ ُّ حواء .وال
َ اقرتفَت هذا العار هي ّ احل ّد .إ ّن األُوىل اليت ََ
جلست حّت ولو منبعِث ِمن ِ
ُ أبي اضطرابّ ، ّ رُأشع ال ، إيل
َّ ابلنسبة ه،ّنأ مَل اع حال، كل
ّ على ر. فاج َُ
ُتصه»... ِ
جبانب فَاسقّ .إّنا مسألة ّ
«اجملاورة تُل ِطّخ دوماً .إن مل يكن اجلسد ،فالنَّـ ْفس ،وذلك أسوأ».
«تبدو يل ّفريسيّاً! ولكن اعذرين :ففي هذه احلال إذنُ ،يب على املرء أن يَ َنع ِزل يف برج ِمن
الكريستال ،ويُقيم فيه حتت األختَام».
«قيل كذلك إ ّن اإلنسان يتمتّع حبرية االختيار ،ما يعين أنّه ال ميكن للشيطان ممارسة اإلكراه
فعلها كذلك». حريّة البشر يف التفكري ويف اإلحساس .وال هللا يَ َ
على ّ
«هللا ،ال؛ ألنّه نظام ونَزاهة ،أ َّما الشيطان فَـنَـ َعم ،ألنّه فوضى وحقدُُ ».ييب الغيور.
افقك».
«ال أو َ
ك تتعنَّت ».يهتف يوضاس ت ّداوس.
املستحوذ عليهم إذن؟ إنّ َ
َ لكن
«و ّ
«املستحوذ عليهم صم أو بكم أو َمانني ،ولكنّهم ليسوا ِ
فاجرين». ُّ ُ َ
الرذيلة؟» يقول توما ِ
ساخراً. «أال تُف ِّكر يف غري هذه َّ
ألّنا األكثر انتشاراً واألكثر احنطاطاً».
« ّ
كنت أظُ ُّن ّأّنا اليت تَع ِرفها ابألكثر ».يقول توما ضاحكاً.
«آه! ُ
السلّم لِيَبتَعِد َع ْرب
ُ هبطوي
َ نفسه كَليتما ُث
ُّ .ًا موقف ذ َّخَ
ولكن يهوذا ي ِ
قفز على قدميه ،وكأنّه يـت ِ
َ ّ
احلقول.
فرتة صمتُُ ...ث يقول اندراوس« :فكرته ليست خاطئة متاماً .فإ ّن الشيطانِ ،
ابلفعل ،ال ُميا ِرس ّ
استحواذه ّإال على احلواس :العينني واألذنني والنُّطق وال ُـم ّخ .إّّنا ،اي معلّم ،كيف ميكن حينئذ تفسري
بعض االحنرافات؟ أميكن ّأال تكون استحواذاً؟ َك ِمثل دوراس مثالً؟»...
يكافئك هللا ،أو أي كان ،وعلى ذلك ّتاه ة احملب إىل ر « َك ِمثل دوراس ،كما تقول كيال تَفت ِ
ق
َ ّ ّ َ
َك ِمثل مرمي ،كما نُف ِّكر َجيعنا ،ولنبدأ هبا ،فَـبَعد التلميحات الصرُية وال ُـمفتَ ِقرة إىل احملبّة ِمن يهوذا،
األكمل ،وهو الذي يَبسط سلطانه على قُدرات ِ
املستحوذ عليهم من الشيطان ،ابلشكل َ َ فإ ّن أمثاهلا ُهم
يتحرر منها فقط ِ
اإلنسان الثالث العظمى ،واالستحواذات األكثر جوراً واألكثر ح ّدة ،هي تلك اليت ّ
األقل احنطاطاً يف روحهم كي ُُييدوا إدراك َدعوة النور .بينما دوراس َملْ أولئك الذين ُهم على الدوام ّ
1945 / 08 / 05
كأّنا
نحدرات روايب اجلليل تبدو و ّ يسريون َجيعاً إىل الناصرة ،عرب طريق ُُمتَصرة ِ
ومنعشةُ .م َ َ ُ َْ َ
وهبَّت قد َغ َسلَتهاّ ،أما الندى ،فيُحافِظ ِ ِ
ُخل َقت ل ّتوها يف تلك الصبيحة ،ذلك أ ّن العاصفة اليت َسبَ َق َ
كل ِ
اجلو صاف لدرجة تَربُز معها ّ كل شيء يَربُق مع أشعّة الشمس األوىل .و ّ عليها ُمشرقة ورطبةّ .
تفاصيل اجلبال اجملا ِورة.
قمة إحدى الروايبَ ،منظَر أحد أركان البحرية الرائعة اجلمال ،حتت ذلك النور عندما يَبلُغون ّ
لكن مرمي اجملدليّة تشيحفعل يسوع .و ّ الصباحي ،يَ َبعث على النَّشوة .يَنظُر اجلميع إبعجاب ،كما يَ َ
َّظر يف ِ
القمم بوجهها عن ذلك املشهد بسرعة ،وهي تبحث عن شيء آخر يف ِّاّتاه آخرُ .متعِن الن ِ
َ
كأّنا َمل َِّتد ُمبتَغاها.
اجلبليّة إىل الشمال الغريب ِمن املوضع الذي هو فيه ،وتبدو و ّ
التقيت املعلّم».
ُ أود معرفة اجلبل الذي فيه
« ُّ
«اسأليه».
يوطي».
«ال داعي إلزعاجه فهو يتح ّدث إىل يهوذا االسخر ّ
«اي لَه ِمن َر ُجل ،هذا اليهوذا!» ُهتم ِهم سوسنة ،ليس أكثر ،إّّنا ميكن ُتمني الباقي.
آخذك إليه اي مرات .كان فجر كهذا وزهور«ذاك اجلبل ،حتماً هو ليس على طريقنا .إّّنا سوف ِ
َت أان على الظُّهور أمام اجلميع ،بذاك الوضع ال ُـمستَن َكر،
ّترأ ُ
كثرية ...وأانس كثريون ...آه! مرات! وقد َّ
كل حال ،العامل ِمن هنا َجيل .ها هو ذا طابور وحرمون ،وإىل الشمال جبال أربيال، «على ّ
وهناك يف العمق ،حرمون الكبري .لألسف ،ال يُرى البحر كما يُرى ِمن طابور ».يقول يوحنّا.
كنت على الدوام أابً ألبناء تيوفيلس». عين ويُ ِّ ِ
فأنت َ
عزيينَ . تشجيعك ُخي ّفف ّ
َ «
أنت ،فَـبَلى .حا ِول ،إلرضاء األخوات وإرضائي ،أان الذي أُحبّ َ
ك كثرياً». صيب ،ال .أ َّما َ
« ّ
شرع يف َسرد ِخطبة يسوع.
يَعلو يوحنّا امحرار شديد ،عندما يَ َ
الصفحة اليت بغري حدود ،واليت َكتَـبت عليها التيارات كلمة ‘‘أٌ ِ
ؤمن’’. «هو قال" :هي ذي َّ
ّ َ
ومنح البشر األرض ِ
فَ ّكروا يف َخ َواء الكون قبل أن يَشاء اخلالق ترتيب العناصر وتنظيمها بشكل رائعَ ،
كل ذلك كان يف السابق معدوماً ،مثل َخ َواء عدمي الشكل، وما عليها ،والسماء النجوم والكواكبّ .
وكشيء ُم ٍّ
تعض.
ض َّارة.
حّت ولو بَ َدت أحياانً َ
صنع العناصر ،فهي ضروريّة ّ كل شيء .وإذن ،قد بَ َدأَ بِ ُ صنَ َع هللا ّ
َ
قوي لوجودها .وال رمرب هلا ليس أصغرها، حّت ندى، نقطة توجد ال ام:والد على بذلك ا
و ر إّّنا فَ ِّ
ك
ّ ّ ّ
قوي لكينونتها .وليس هناك كذلك جبال عمالقة مربر ّ
حشرة ،مهما كانت صغرية ومزعجة ،ليس هلا ّ
وابلتحول
ّ مربر.
قوي لوجودها .وليست هناك زوبعة بال ّ مربر ّاملتوهجة ،ليس هلا ّ تتقيّأ النار واحلجارة ّ
ِمن األشياء إىل األشخاص ،فال َح َدث وال دموع وال فَـَرح وال والدة وال موت ،وال عُ ْقم أو كثرة أوالد،
صحة وال توفيق ِ
ترمل سريع ،وال مصائب متأتّية من بؤس أو مرض ،كما ال ّ وال حياة مشرتكة طويلة أو ُّ
البشري الذي يَنظُر صر النَّظَر أو الكربايء ِ
ّ ظهر ذلك بسبب ق َ حّت ولو َمل يَ َ قوي لوجودهّ ، مربر ّليس له ّ
اخلاصة ابألشياء املنقوصة .بينما َعني هللا ،وبينما فِكر هللا غريّ ب ح
ُ الس
ُّ و ط ويدين كل أنواع الـمساقِ
َ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 153 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
عزل عن الشكوك العقيمة اليت تُ ِرهق األعصاب احملدود ،يَرى ويَع ِرف .و ّ
السر الكامن كي يعيش املرء يف َم َ
ذكي رمبرب شيء كل عَصني هللا ن
ّ أ معرفة يف ن كم ي السر األرض، على م األاي م وتُن ِهك القوى ،وتُ ِ
سم
ّ ّ ّ َ ُ َ ّ ّ ّ
حبب ،وليس بنيّة بلهاء أبن يُسبّب األمل ِمن أجل األمل.
وصاحل ،أ ّن هللا يَصنَع ما يَصنَع ّ
ض َعهم هللا فيه كان جيّداً،
َخلَ َق هللا املالئكة .وَمل يَ َشأ بعضهم اإلميان أب ّن مستوى اجملد الذي َو َ
وحاولوا اغتصاب عرش هللا الذي ال يُدىن منه .واملالئكة املؤمنون، و َّ ِ
متردوا بنَـ ْفس َحترقها قلّة اإلميان برّهبمَ ،
قاوموا نِزاعهم وفكرهم الظامل واملتشائم ،حيث التشاؤم الذي هو قلّة إميان، فعمة تناغماًَ ، بعقوهلم ال ُـم َ
وهم الذين كانوا أرواح النور. َج َعلَهم أرواح الظُّلُماتُ ،
ِِ
ضعوا ،كأساسليَعش إىل األبد أولئك الذين ،يف السماء كما على األرض ،يَع ِرفون أن يَ َ
ِ
فعماً نوراً! فهؤالء لَن ُخيطئوا ُمطلَقاً َخطَأً كامالًّ ،
حّت ولو َخيَّـبَت األحداث آماهلم، لتفكريهم ،تفاؤالً ُم َ
كل شيء، حب هللا والقريب ،فوق ّ يستمر يف اإلميان ،ويف الرجاء ويف ّ ّ خيص روحهم الذي أقلّه فيما ّ
ماكِثني ،ابلنتيجة ،يف هللا إىل دهر الدهور!
كل شيء .وكما يف ومن النور ِ ومن أجلهما جعِل النورِ ،يف البدء كانت السماء واألرضِ ،
صنع ّ ُ ُ َ
صل النور عن الظالم، السماوات العليا ان َفصلَت أرواح النور عن أرواح الظُّلُمات ،كذلك يف اخلَلق فُ ِ
َ
ومساؤه ،ظهريته ومنتصف ليله .وعندما عادت ِ
صبحه ُوجع َل النهار والليلّ .أول يوم يف اخلليقة كان له ُُ
ابتسامة هللا :النور ،بعد الليل ،امت ّدت يده ،إرادته ذات السلطان ،على األرض الفارغة وغري املتش ِّكلة،
امت ّدت إىل السماء اليت ّتري فيها املياه ،أحد عناصر اخلَواء ،وشاء أن تكون ال ُقبّة الزرقاء ح ّداً فاصالً
جلراين املياه غري املنتظم بني السماء واألرض ،لتكون وشاحاً لألنوار الفردوسيّة ،وحدوداً للمياه العليا،
الذرات ،بغية َّتويف وتفكيك ما كان هللا قد ََجَ َعه ِ
لتمنع الطوفاانت من النـزول إىل غليان املعادن و ّ
ووحده.ّ
استتب .والنظام ُوِجد على األرض أبمر هللا الذي أصدره إىل املياه َّ كان النظام يف السماء قد
ب عليه ،كما على القبّة الزرقاء" :هللا موجود" .ومهما ِ املنتشرة على وجه األرضِ .
وجعل البحر ،وقد ُكت َ ُ
يكن ذكاء اإلنسان وإميانه أو عدم إميانه ،فقد أقام تلك الصفحة اليت تَسطَع فيها شرارة ِمن الالّناية،
كل إنسان َُمرب على اإلميان ،أل ّن ال قدرة اإلنسان وال ف سلطانه، على د اليت هي هللا ،واليت هي ِ
شاه
ّ
حّت يف ح ّدها األدىن .اإلميان ،ليس فقط ِ التنظيم الطبيعي للعناصر ميكنه أن ي ِ ِ
كرر ُمعجزة ُمشاهبة ،وال ّ ُ ّ
السبُل ،وأمالحاً
الرب ،بل بصالحه كذلك ،الذي ،بواسطة ذلك البحرَ ،مينَح اإلنسان الغذاء و ُّ بسلطان ّ
حرة ،وهو يعطي البذور لألراضي ،البعيدة ِ ِ ِ
مفيدة ،كما ُخي ّفف من ح ّدة الشمس ،وَمينَح الرايح َماالت ّ
سمع صوت العواصف ليذ ّكِر النملة اليت هي اإلنسان ابلالمتناهي، بعضها عن البعض اآلخر ،يُ َ
علواً. أكثر االت َم بصو ،ًا
مسو أكثر د فالالمتناهي الذي هو أبوه ،ي ِهب وسيلة لالرتقاء ،بتأمل م ِ
شاه
ّ ّ ّ َ َ
أشياء ثالثة حت ّدثنا أكثر ِمن غريها عن هللا يف عمليّة اخلَلق ،اليت هي مبجملها شهادة له :النور
حده هللا
اإلهلي؛ النور الذي َو َ
وال ُقبَّة الزرقاء والبحر .نظام الكواكب وتَعاقُب ال ُفصول ،انعكاس للنظام ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 155 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ضعهُ ِضمن أُطُر ِ كان ُمي ِكنه إُياده ،البحر ،السلطان ،الذيَ ،و َ
حده هللا ،بعد َخلقه ،كان إبمكانه َو َ
يتحرك بغري انتظام ،بضرر وأذيّة
َّدة ،ماحناً ّإايه احلركة والصوت ،دون أن يتسبّب بذلك ،كعنصر ّ ُمد َ
األرض اليت حتمله على سطحها.
سر النور الذي ال يَنضب أبداً .ارفعوا عيونكم إىل ال ُقبَّة الزرقاء ،حيث تضحك ان ُفذوا إىل ّ
شاهدوه على حقيقته ،ليس َكحائِل ،بل إّّنا َخفضوها صوب البحر .انظروا إليه لِت ِ النجوم والكواكب ،أ ِ
ُ
كجسر بني الشعوب الذين على الضفاف األخرى غري املرئيّة ،واليت ما تزال َمهولة ،إّّنا اليت ُيب
اإلميان بوجودها ،فَِألجل ذلك ُوِجد البحر .إ ّن هللا ال يَصنَع شيئاً بغري جدوىَ .مل يكن إذاً ليصنع هذا
اض أخرى ،يَس ُكنها املدى الالّنائي لو مل يكن له حدود ،هناكَ ،خلف األفق الذي َُيجب عنّا أر ٍ
ّ
أُانس آخرون ،ومصدر اجلميع إله واحد ،وقد اقتِيدوا إىل هناك إبرادة هللا ،بواسطة العواصف والتيّارات،
القارات واملناطق مأهولة .وهذا البحرُ ،يمل مع أمواجه ،ويف أصوات مياهه ،ويف َم ّده وجزره، جلعل ّ
حترك عواطف يوحنّا تتأتّى ِمن نِداءات فرقاً .وهذه اللهفة العذبة اليت ّ نداءات بعيدة .إنّه وسيط وليس ُم ّ
ِ
اإلخوة البعيدين .وكلَّما سيطََر الروح على اجلسد ،كلّما أصبَ َح قادراً على مساع أصوات األرواح املتّحدة،
حّت ولو مل يكن غُصن ِ ِ ِ
حّت ولو كانت متباع َدة ،كما األغصان املنبثقة من َجذر واحد هي متّحدةّ ، ّ
بعيين نُور ،وسرتون الكثري الكثري ِمن األراضي، وض َع بينهما .انظروا إىل البحر ّ يرى اآلخر ،أل ّن عائقاً تَ َّ
ُعطيَت لكم. صل هتاف" :تعالوا! امحلوا لنا النور الذي متتلكون .امحلوا لنا احلياة اليت أ ِ ومنها َجيعها ي ِ
َ
احلبَ .علِّموان قراءة الكلمة اليت نراها
قولوا لقلبنا الكلمة اليت َجن َهل ،إّّنا اليت نَعلَم أ ّّنا أساس الكونّ :
ِ
حقيقي نور بوجود س حن ناّنأل أنريوان، هللا. البحر:و الزرقاء ة بقُ ال ن مكتوبة على الصفحات الالمتناهية ِ
م
ّ ّ ّ
وُيول البحر إىل جواهر متأللئة .امنَ ُحوا ظُلماتنا النور أكثر من ذاك الذي ُيعل السماوات محراءِّ ،
الذي َمنَ َحكم ّإايه هللا ،فبعد أن أجنَبَه حببّه ،أعطا ُكم ّإايه ،ولكن ِمن أجل اجلميع ،كما أعطاه للنجوم،
إّّنا لكي تُعطيه لألرض .أنتم النجوم وحنن الرتاب .إّّنا َش ِّكلوان ابلطريقة ذاهتا اليت َخلَ َق هبا اخلالق
ِ
حّت أتيت الساعة اليت ال يعود فيها األرض ابلرتاب ،ليَس ُكنها البشر ،عابِدين ّإايه اآلن وعلى الدوامّ ،
احلي أ ْن سيكون؛احلب والسالم ،كما قال لكم هللا ّ أرض ،إّّنا اليت أييت فيها امللكوت ،ملكوت النور و ّ
ألنّنا ،حنن كذلك ،أبناء هذا هللا ونَطلُب أن نَع ِرف ‘أابان’".
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 156 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ضي على طُُرقات الالّناية ،دون خوف ،ودوّنا احتقار ألحد ،لدى لقائكم أولئك واعرفوا ال ُـم ّ
ألّنم ُُِي ّسون بوجود هللا ،ولكنّهم ال
الذين يُنادون ويَبكون ،وأولئك الذين يُسبِّبون لكم األمل كذلك ّ
يَعرفون عبادة هللا؛ إّّنا الذين ،مع ذلك ،سوف يُوفِّرون لكم اجملد ،ألنّكم َستُصبِحون أعظم ،بَِقدر ما
احلق". ِ
ب الذي متتلكون ،جالبني األُمم اليت تنتظر ،إىل ّ
َستعرفون َمنح احلُ ّ
األقل ،تلك هي فكرته». هكذا تَكلَّم يسوع ،بشكل أفضل كثرياً مما ُ
فعلت ،إّّنا ،على ّ
تك على إدراك هللاأِهلت فقط ما قاله عن قدر َ
رت ابلضبط ما قاله املعلّمَ . «اي يوحنّا ،لقد َكَّر َ
أفضلنا! لقد قَطَعنا الطريق كلّها دون
ك َ ك طيّب وصاحل اي يوحنّا .إنّ َ ذاتك .إنّ َ
ك يف بَذل َ بَِفضل َكَرَم َ
دخل البلدة ِ
التنبّه لذلك .تلك هي الناصرة على روابيها .املعلّم يَنظُر إلينا ويبتسم .فلنلحق به بسرعة لنَ ُ
َجاعة».
«إنّين مسرور أل ّن أ ُّمي َِمس َعتها ،وهي اليت حتمل امساً ليس غريباً عن البحر ،واليت متتَلِك ُمبّة
واسعة مثل حبر».
1945 / 08 / 06
ّأول ُمطّة يتوقّف فيها يسوع يف الناصرة هي بيت حلفا .إنّه على وشك الولوج إىل احلديقة،
جراتن حناسيّتان متضي هبما إىل النبع.
حينما يلتقي مرمي اليت حللفا اخلارجة ومعها ّ
لك اي مرمي!» يقول يسوع ُمعانِقاً قريبته اليت تُعانِقه ُمطلِ َقةً ،كالعادة ،صيحة فرح ،فهي
«السالم ِ
تكشف عن شعورها على الدوام.
« ّأمي ،نذهب حنن ».يقول االبنان وِها يَستَح ِوذان على اجلِّرار.
فرق... ِ
يوحد ويُ ِّ
وتتنهد« :ابلنَّـ ْفس ،نعم ،أيضاً .أن يكون املرء تلميذاًّ ،
َحت َمّر مرمي اليت حللفا ّ
أنت اي مرمي ،فَـ ُهم أيضاً َسيأتون ».وَمت َسح دمعة .تَنظُر إىل يسوع الذي يُراقِبها
أتيت ِ
ك ِ ولكن مبا أنّ ِ
وّت َهد يف االبتسام لِتَسأَلهّ « :إّنا أمور تتطلَّب وقتاً ،أليس كذلك؟»
إبشفاقَ ،
«نعم ،اي مرمي ،ولكنّ ِ
ك سوف تَرينَهم».
آملِ ...من بَعد أن مسعان ...إّّنا بعد ذلك َع ِرف أموراً ...أخرى ،وعاد إىل َحريته .مع
كنت ُ
« ُ
ذلك ،أَحبِبه اي يسوع!»
الشك بذلك؟»
كنك ّ«هل مي ِ
ابق طوال يوم الغد .سنكون إذن معاًّ .أما اآلن ،فإنّين ٍ
ماض إىل لقاء أصدقائي .السالم «إنّين ٍ
لكن أيّتها النساء .وداعاً أ ُّمي».
ّ
يتعجل اجمليء إىل بيت مرمي اليت الناصرة يف هياج لوصول يسوع تَتبَعه مرمي اجملدليّة .البعض ّ
شاهدوا .وإذ َُِيدون بيت يسوع ُمغلَقاً ،يَرتَدُّون َجيعاً صوب يسوع حللفا ،وآخرون إىل بيت يسوع ،لِي ِ
ُ
ساخرِ ،
وجزء الذي ُيتاز الناصرة يف ّاّتاه مركز البلدة اليت ما زالت عصية على املعلّمِ .جزء منها ِ
ّ
عربة عن مشاعرها ِمن خالل بعض اجلُّ َمل اجلَّا ِرحة ،والبلدة الشرُ ،م ِّ
ّ ر ك ،وبعض اجملموعات تُظ ِ
ه متش ِّك ِ
ُ
طرح عليه خالية ِمن وحّت األسئلة اليت تُ َ
فهمهُّ . ب ،ابنها العظيم الذي ال تَ َ ِ
تَتبَع بفضول ،إّّنا بغري ُح ّ
الحظ ذلك عليهم ،وُييب الذين شك َكاً وسخرية .أَما هو فال يظ ِهر أنّه ي ِ فعمة تَ ُّ
ُ ُ ّ ُ احلب ،ال بل هي ُم َ َّ
بكل لُطف. ِ
ُُي ّدثونه ّ
ك ال تُعطيه شيئاً». ك ابن ال تربطه ِمب ِ
وطنه أيّة رابِطة ،ألنّ َ ك تُعطي اجلميع ،إّّنا يبدو أنّ َ
«إنّ َ
«أان هنا ألعطيكم ما تَطلُبون».
الالوي». «إنين ٍ
آت على الفور ،أيّها ّ
ذمت نساء غريبات لِتَزيدوا يف إُث إسرائيل" .وواحد «لقد قيل يف ِسفر عزرا" :إنّكم قد تعدَّيتُم و َّاُت ُ
من أسباب وثنيّة سليمان يُعزى ابلضبط إىل تلك الزُيات ِمن نِساء أجنبيّات .وكان هللا قد قاهلا:
حّت ُيعلنكم تَعبُدون آهلة أجنبيّة" .والنتائج نَع ِرفها». ِ
"ه َّن ،األجنبيّات ،سوف يُفسدن قلوبكم ُّ
توصل إىل أن يُ ِّ
قرر حبكمة َّ هّنأل فرعون، ابنة ن ف بزواجه ِ
م «ولكنّه ،مع ذلك ،مل يكن قد احنََر َ
َ
أب ّن عليها عدم املكوث يف البيت املقدَّس».
فأنت تقول إنّه ُيب أن نُعري األمور املقدَّسة أعظم االنتباه وأعظم االحرتام؟»
«إذن َ
شك».
أي ّ
«بدون ّ
َخ َذ هذا الرجل ،يفَبع َده الناس عن َمتمعهم ،وأ َ ابلربص نتيجة آاثمه الكثرية ،وأ َ
رجل أُصيب ََ
ضت سنوات ِ
وم َ
وحدته املوحشة املخيفة ،يُف ّكر يف حاله ويف اخلطيئة اليت أ ََّدت به إىل ذاك املصريَ .
الرب الرمحة
استخد َم معه ّ
َ كثرية على ذلك احلال ،ويف حلظة َمل يَ ُكن يتوقَّعهاُ ،ش ِف َي األبرص؛ فلقد
فعل الرجل؟ هل ميكنه العودة إىل بيته والرأفة بسبب صلواته الكثرية ودموعه الغزيرة .حينئذ ،ماذا تُراه يَ َ
استخد َم معه الرمحة؟ ال .بل ينبغي له أن يَعرض نفسه على الكاهن ،وهذا األخري ،بعد أن َ أل ّن هللا
يتطهر ،بعد ذبيحة زوج اليَمام األوىل .وبعد َغسل ثيابه ،ليس يتفحصه ابنتباه لبعض الوقتَُ ،ي َعله َّ
َّ
َمَّرة واحدة ،بل َمَّرتني ،يعود الرجل الذي ُش ِف َي إىل الكاهن مع احلُ ُموالت بِغَري َعيب ،احلَ َمل والطحني
والزيت ،األشياء احملدَّدة ،فيقوده الكاهن إىل ابب اخلباء (ابب خيمة االجتماع :انظر سفر الالويني-
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 164 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أصحاح .)14وهكذا يُقبَل الرجل ،دينيّاًِ ،من جديد ،وسط شعب إسرائيلّ .أما أنتم فقولوا يل :عندما
ذهب إليه؟»
مرة ،ملاذا يَ َ
ألول ّ
ذهب الرجل إىل الكاهن ّ يَ َ
احلق يف الدخول طهر َمَّرة أوىل ،بشكل َّ
يتمكن معه إمتام التطهري األعظم الذي يُعيد إليه ّ «ليت َّ
يف الشعب املقدَّس!»
«أل ّن الكاهن هو الوسيط الالزم ليتم ّكن ِمن إعادة قبوله وسط األحياء».
«واخلباء؟»
«أل ّن هللا وحده ُمي ِكنه ُمو اخلطااي ،واإلميان هو االعتقاد أ ّن وراء احلِجاب املقدَّس يُقيم هللا يف
وزعاً غفرانه ِمن هناك». ََم ِده ُم ِّ
بكل أتكيد!»
«الّ .
الفكر ال ُـمرا ِوغ والقلب ال ُـمفتَ ِقر إىل الصفاء ،ملاذا تتّهمونين إذاً ،أان الكاهن
«أيها الناسَ ،ذوي ِ
ّ
مين؟ ملاذا تَكيلون ِمبكيالَني؟ نعم ،فاملرأة اليت
جعلت أولئك اجملذومني روحيّاً يقرتبون ّ ُ وال ِـمظلّة ،إذا
الوي العشار ،واليت هي اآلن هنا بِنَـ ْفسها اجلديدة ورسالتها اجلديدة ،ومعهما رجال ِ
كانت ضالّة مثل ّ
ونساء آخرون أتوا قبلهماُ ،هم اآلن إىل جانيب .وميكنهم ذلك ألنّه قد أُعيد اآلن قبوهلم يف ِعداد شعب
1945 / 08 / 07
يروي يسوع سرية أبيمالك ،Abimelechوخيتم هبذه العبارات" :فلتخرج منه انر ولِتلتَ ِهم
أرز لبنان" (انظر ِسفر القضاة-أصحاح ُ .)14ثّ يُعيد اللُّفافة إىل رئيس اجملمع.
أصبحتُم تَعلَمونِ ،من خالل تَعليم رئيس َممعكم ،تطبيقات حكاية أبيمالك .ابلفعل ،فلقد
مر العصور ،ودائماً ابألسلوب
ف يف زمانه على يد رايب ،وذاك على يد آخر ،وهكذا دواليك على ّ تَ َّثق َ
ذاته ،والنتائج ذاهتا.
سمعون تطبيقاً آخر .وابلتايل ،أرجوكم أن ُّتيدوا حتكيم عقلكم وفكركم ،و ّأال ِ
ّأما م ّين أان ،فَ َستَ َ
تكونوا ِمثل احلِبال املوضوعة على بَ َكرة البئر ،واليت طاملا هي غري ابليةَ ،متضي ِمن البَ َكرة إىل املاء ،ومن
متكنها ِمن التبدُّل أبداً .واإلنسان ليس حبالً مربوطاً ،وال أداة ميكانيكيّة .بل إ ّناملاء إىل البَ َكرة ،دون ُّ
ذكي ،وعليه استخدامه بذاته حسب احلاجات والظروف. اإلنسان يتمتّع بعقل ّ
وإذا كانت رسالة الكلمة أزليّة ،فإ ّن الظروف متب ِّدلة .وبِئس املعِلّمني الذين ال يَعرفون تقبُّل عناء
أي الروح الكامن على الدوام يف الكالم القدمي واحلكيم. ِ ِ
مرةّ ،كل ّاستخراج عربة جديدةُ ،مرضية ،يف ّ
ُحكم التاريخ رهيب .وعبثاً ُحتا ِول مصاحل الشعوب تغيريه ،ذلك أ ّن األحداث والشعوب
لكن ُحكم هللا أكثر قَسوة ،وال ُمت َارس عليه أيّة
املستقبليّة َستُعيده إىل حقيقته األوىل .رهيب هو ،و ّ
ضغوط ،وهو ليس موضوع تب ّدالت مزاج أو ُحكم ،كما ُهم الناس يف األغلب ،وهو أيضاً غري قابل
يتصرفوا
للخطأ يف احلُكم .فيجب إذاً على املختارين ،لكي يكونوا زعماء الشعوب وصانعي التاريخ أن ّ
لحق هبم العار يف العصور املقبلة ،ويعاقبهم هللا يف دهر
اخلاص ابلق ّديسني ،كي ال يَ َ
ّ البطويل
ّ ابلعدل
الدهور.
كل الذين خيتارهم هللا لرسالة مقدَّسة ،أَقلَّه هم ،أقول أَقلَّه؟ ألنّه ،يف ِ َّ
ملاذا َمل يتعلمها وُميارسها ّ
كل إنسان هو َملِك الرد على اقرتاحات الشيطان ،ابعتبار أ ّن ّ كل إنسان لدى ّ احلقيقةُ ،يب أن يقوهلا ّ
دعواً إىل مصري فائق الطبيعة .له نفس هي هيكل م ة،بنو ابل ا وإهلي ا
ً كيَل م ّتعله ا
ً نفس ح وابن هلل ،وقد منِ
ّ َ ّ ّ ّ َ ُ َ
احلب واإلجالل ِممَّن ُهم ابن ومرؤوس. ِ
ومقام .اهليكل هلل ،واملقام هو حيث ينـزل أب السماوات لتَقبُّل ّ
كل نـَ ْفس ،كوّنا هيكالًّ ،تعل ِمن اإلنسان الذي ُيويها كاهناً ،حارساً للهيكل. لكل إنسان نـَ ْفس ،و ّّ
فسد". ِ
"أما الكاهن فال يَ َ وقد قيل يف سفر األحبارّ :
على اإلنسان إذاً أن يـَُرَّد على ّتربة الشيطان والعامل واجلسد" :هل ميكنين اإلحجام عن كوين
املاديّة اليت حتمل على ارتكاب اخلطيئة؟" روحيّاً لالهتمام ابألمور ّ
لكن شجرة التنيو عليها. يادة حينئذ ذَهبت األشجار تطلب شجرة التني ،داعية إايها ِ
للس
ّ ّ ّ ََ
أجابت" :كيف ميكنين التخلّي عن نعوميت وفاكهيت اللذيذة ألصبح َملِ َك ُكم؟"
يتوجهون إىل الوديع ِجلَعله َملِكاً ،ليس إعجاابً وتقديراً لوداعته ،بَِقدر ما
كثريون ُهم الذين ّ
كل ِرضى ،وميكن معه للمرء أن ُُييز منه رَظ نتي اة له م كأيملون أنّه ،لوداعتهَ ،خيلُص إىل أن يصبِح ملِ
ّ َ ُ َ َ َ ُ ََ
احلرّايت.
كل ّلنفسه ّ
الصالحّ .إّنا ذكيّة وحازمة .ال َُتلُطوا أبداً بني الوداعة
ضعفاً ،بل هي َّلكن الوداعة ليست ُ و ّ
والضَّعف .األوىل فضيلة واألُخرى َعيب .وأل ّّنا فضيلة ،فهي تَبلُغ ابلذي ميتلكها إىل استقامة ضمري
ِ
تؤهله ملقاومة اإلاثرة والغِواية البشريّة ،الدَّائِبة على حتويله إىل مصاحلها اليت ال تتماشى ومصاحل هللا.
ّ
أبي مثن. ِ
فهي تَظَ ّل أمينة وفيّة ل َق َدرها ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 169 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لن يكون الوديع أبداً َخ ِشناً يف رفض أتنيب اآلخرين له .لن يكون أبداً قاسياً يف إقصاء الذي
يك يطلبه .بل بتساُمه وابتسامته يقول على الدوام" :أخي ،دعين إىل مصريي الوديع .فأان هنا ِ
ُعز َ
ّ أل َ
أساعدك ،إّّنا ال ميكنين أن أُصبِح َملِكاً ابلشكل الذي تتطلَّع إليه ،أل ّن َِهّي واهتمامي مبلكوت
َ و
ونفسك".
َ وحيد ،ملكوت الروحُِ ،ها ِمن أجل نفسي
السلطة ليست سوى ّقوة مربوطة أبلف حبل إىل ألف مصلحة هائجة حول َملِك. وأيضاًُّ :
يكرسهم الزيت" :أان قسمون ،بينما ِّ مصاحل احللَفاء ،املصاحل الشخصية ومصاحل األهلَ .كم ِمن امللوك ي ِ
ُ ّ ُ
متجرداً" ،وبعد ذلك ،ال يَعرفون أن يكونوا كذلك؟ ِمثلهم ِمثل شجرة ضخمة ،ال تثور لدى سأكون ِّ
"إّنا ضعيفة لدرجة ال تستطيع معها إيذائي"، َّأول ِعناق ِمن نبتة لبالب ليّنة وانعمة ،قائلة لنفسهاّ :
ّنوها ،وغالباً ،ميكنين القول :إ ّن ال َـملِك
طوقها وتكون هي دعامتها اليت تَسنُدها يف ّ حّت ّإّنا تُسّر أبن تُ ِّ
َ ّ
يتوجه إليه ،ويُ َسّر أبن يكون ِ ِ
ألول عناق َمصلَحة حلاشية أو حلليف أو لشخصه أو أهله ّ يُذعن دائماً ّ
"احرتس"ُُ .ييبه" :هذا أضعف اإلميان!" ويعتقد أ ّن ذلك ال له حافظاً كرمياً .وعندما يَصرخ الضمريَِ :
ُ
ظن كذلك .ولكن أييت يوم ينمو فيه ت
َ الشجرةو عته. مس
ُ يف وال سلطانه يف ال األذى ق ميكنه أن ي ِ
لح
ّ ُ
الغصن بعد الغصنّ ،قوة وطوالً ،ينمو بِنَـ َهمه يف امتصاص النَّسغ ِمن األرض ،والصعود إىل غزو النور
والشمس ،وحتيط نبتة اللبالب بكامل الشجرة الضخمة ،تُ ِرهقهاَُ ،تنُقها ،تَقتُلها ،وهي اليت كانت
ضعيفة ج ّداً! وكانت الشجرة قويّة ج ّداً!
فأطرح عليكم َمثَالً آخر .ليس بعيداً وال أحداثه بعيدة ،بل هو قريب ،حاضر.
ّأما أان َ
فَ َّكَرت احليواانت يف اختيار َملِك هلا ،ومبا ّأّنا كانت ُُم ِادعة ،فَ َّكَرت يف اختيار حيوان ال ُخييفها
متوحشاً.
قوايً أو ّ
بكونه ّ
ستبع َدت األسد وَجيع السنّورايت .أَعلَنَت َعدم رغبتها ابلنُّسور ،بسبب مناقريها ،وال لذلك ا َ
ِ
فعل.أبي من اجلَّوارحَّ .تنـَّبَت احلصان الذي كان ابستطاعته ،بَِفضل سرعته ،اللَّحاق هبا ورؤية ما تَ َ ّ
فاجئ واحلوافِر الصلبةالصرب ،إّّنا كذلك اهلِياج الـم ِ
ُ وّتنـَّبَت كذلك احلمار الذي كانت تعرف عنه َّ
(منتَ ِقم) .وحبجة ِ
حاد الذكاء ومئثار ُ
ِ ِ
القويّة .وارتَـ َع َدت من فكرة كون النسناس (القرد) هو ال َـملك ،ألنّه ّ
تضامنَت مع الشيطان يف إفساد اإلنسان ،فأعلَنَت عدم القبول هبا َملِكاً ،رغم ألواّنا أ ّن احليّة قد َ
الرائعة ورشاقة حركاهتا .يف احلقيقة ،مل تَ ُكن تَر َغب هبا ملعرفتها ودرايتها مبشيتها غري املسموعة ،وقُدرة
ُف! "فالشيطان حادة؟ أ ّ ِ ِ
َعضالهتا اهلائلة ،وأتثري ُمسَّها ال ُـمرعب .اختيار الثَّور َملكاً ،أي حيوان له قرون ّ
له قرون كذلك ".ولكنّها كانت تُف ِّكر هكذا" :إذا ما ثُران يوماً ،فسيقضي علينا بقرونه".
ِ ٍ
ضعبعد َحبث غري َُمدَ ،رأَت َمحَالً صغرياً ربيالً أبيض اللون ،كان يَقفز بَِفَرح يف حقل أخضر ،ويَر َ
ِمن ِضرع ّأمه املنتفخ .مل تكن لديه قرون ،إّّنا له عينان َعذبَتان مثل مساء نيسان (أبريل) .كان َوديعاً
غمس فيه فمه وبسيطاً .كان مسروراً ِمن كل شيءِ :من ماء جدول صغري ،كان يشرب منه وهو ي ِ
َ َ َ َ َ ّ َ َ
الوردي؛ ِمن زهور هلا نكهات ُمتلفة ،كانت تَ ِسّر عينه وذَوقه؛ وعُشب كثيف كان يَطيب له النوم فيه
كأّنا ِمحالن أُخرى َمتَرح يف األعلى ،فوق احلقولعندما يكون قد َشبِع؛ وغيمات كانت تبدو و ّ
داعبات
وخاصة ُم َ
ّ الالزورديّة ،واليت كانت تدعوه إىل اللعب والركض يف احلقل ،كما هي يف السماء،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 172 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الوردي؛
ّ األ ُّم اليت كانت ما تزال تَسمح له بِرضاعة حليبها الدافئ ،بينما هي تَ َلعق ّ
اجلزة البيضاء بلساّنا
واحلظرية احملميّة جيّداً واآلمنة ِمن الرايح؛ واملهاد الناعم واملعطَّر ،حيث كان يطيب له النوم قرب ّأمه.
جعله َملِكاً".
َ َفلن بسيط. هّنإ . م
ُّس وال لديه الحس"سهل إرضاؤه .ال ِ
َ
وج َعلَته ال َـملِك .وكانت تتفاخر به كونه َجيالً وطيّباً ،تُق ِّدره َّ
الرعاايَُ ،مبوب ِمن َمرؤوسيه بسبب َ
الصابرة.
وداعته َّ
حت اآلن
احلقيقي .لقد أصبَ ُ ّ َمَّر الوقت ،وأصبَ َح احلَ َمل َخروفاً ،وقال" :حان اآلن وقت احلُكم
ومهميت .وإرادة هللا هي اليت َمسَ َحت أبن أُنتَ َخب َملِكاً ،وقد أ ََّهلَتين هلذه الرسالة
أعي متاماً رساليت َّ
حّت ِمن أجل عدم ِ ماحنة إايي الـم ِ
قدرة على ِ
السيادة .فَ ِ املهمةِ ،
اتمّ ، ّ بشكل سهار ُماأ أن ا
ً إذ العدل نم ّ ّ َ َ ّ
إِهال ِهبات هللا ونِ َعمه".
السلوك ،أو للمحبّة أو الوداعة أو ولدى رؤيته أفراداً كانت تقوم أبمور ُُمالِفة للنَّـزاهة يف ُّ
اإلخالص ،للقناعة أو الطاعة أو االحرتام أو احلَ َذر ،وهكذا دواليكَ ،رفَع صوته لِيُؤنِّبها.
َس ِخَر األفراد ِمن ثُغائِه احلكيم والوديع ،الذي مل يكن لِيُسبِّب اخلوف مثل زَمرة السنّورايت ،وال
حّت كنباح الكلّب الذي يوحي تنقض على فريستها ،وال كفحيح األفعى ،وال ّ كصياح اجلوارح عندما ّ
ابلرهبة.
َّ
ف احلَ َمل الذي أصبَ َح َخروفاً ابلثُّغاء ،ولكنّه َمضى إىل ال ُـمذنِبني يعيدهم إىل ممارسة مل يكتَ ِ
َ
لكن احليّة َز َح َفت بني قوائمه ،وارتَـ َفع النسر يف األجواء اتركاً ّإايه على األرض ،والسنّورايت،
واجبهم .و ّ
اليت اكتفت اآلن ِ ِ
دحر َجته ُمه ّددة ّإايه" :هل تَرى ما يف قوائمنا امللبَّدة ّ
وبضربة من قوائمها امللبَّ َدةَ ،
َخ َذت َّتري َخبَباً َحوله، بدحرجتك؟ فيها املخالب" .واجلِ
كل احليواانت اليت ّتري بشكل عام ،أ َ ّ و ياد، ّ َ
ِ
وصفي َقات (مسيكات) اجللد األُخرىَ ،رَمت به هنا وهناك بِ َ
ضربة كالسفيه .والفيَلة َ
جاعلة ّإايه يدور َّ
ِمن خرطومها أو فمها ،بينما كانت النَّسانيس ترميه ابملقاذيف ِمن فوق األشجار.
خد َم قرونه بشكل خفيف ،ألنّه كان استمر يف مضايقة جريانه ،استَ َ
ملعاقبة َسفيه عنيد ،كان قد َّ
وبقوة عُنقهَ ،حطَّم ابب كوخ ،كان خنـزير َّنِم وأانينّ قد َخَّزن فيه املؤونة على حساب
طيّباًُُ ،ثّّ ،
عرشات اختاره قِردان ِ
فاسقان ملمارسة عالقاهتما غري املشروعة. وحطَّم كذلك َدغل ُم ِّ
اآلخرينَ ،
«لقد أَصبَ َح هذا ال َـملِك ذا سطوة كبرية .وهو يريد أن يَسود ح ّقاً .يريد أن يَف ِرض علينا أن
عقل) .وهذا ال ي ِ
رضيناُ .يب َخلعه عن العرش" .و َّاُتَ َذت احليواانت قرارها.ُ نَعيش ابتِّزان (تَ ُّ
وسبب ِ
نفعلن ذلك ّإال ابالستناد إىل َذريعة ُم َّربرة َ
ص َحها" :ولكن ال ّ لكن قرداً صغرياً ماكراً نَ َ
و ّ
للح َمل الذي أَصبَ َح
رتصد َ وإال فَ َسنَبدو أمام الرعااي ُدون ال ُـمستوى ،ونكون َممقوتني ِمن هللا .فلنَ َّ
َوجيهّ .
ِ خروفاً يف كل أعماله حّت َّ ِ
العدل".نتمكن منه ،فَنتَّ ِهمه حتت أحد َمظاهر َ ّ ّ َ
صد له ".تقول األفعى.
أتر َّ
"أان سوف َ
"وأان كذلك ".يقول النسناس.
َخرِ ،من أعلى األشجار ،يُ ِبقيان نَظََرِها على احلَ َمل
زحف بني العشب ،واأل َواألُوىل ،وهي تَ َ
املهمة ،ويُف ِّكر ابملقاييس
ّ مشاق
ّ ن الذي أصبح خروفاً .ويف كل مساء ،عندما كان أيوي لرياتح ِ
م ّ ََ َ
الواجب تطبيقها ،والكلّمات الواجب استخدامها لتهدئة اهلَيجان والتغلُّب على خطااي مرؤوسيه ،كان
وسني واخلونة. ِ
اجلاس َ
أولئك ،عدا بعض النَّـزيهني األوفياء القليلنيَُ ،يتَمعون لالستماع إىل تقرير ُ
أود لو أستطيع
يهاَجكُّ ،
َ أيت َمن
ر وإذا ، ك
َ أحب ينّنأل "أتبعك
َ ها:كفاألفعى كانت تقول لِملِ ِ
ُ ّ َ
عنك".
الدفاع َ
مساعدتك .انظر :أرى ِمن هنا أ ّن وراء احلقل َمن
َ أود
رك! ُّوكان النسناس يقول لهَ " :كم أُق ِّد َ
شارَك اليوم كذلك يف وليمة بَعض اخلَطَأَة. "لقد رفاقه:يرتكب خطيئة .اركض!" وكان يقول بعد ذلك لِ
َ
(خطأهم)". ِ ِ ِ
ظاهَر أبنّه مضى من أجل هدايتهم ،إّّنا بعدئذ ،كان يف احلقيقة شريكاً هلم يف قُصوفهم َ تَ َ
وجاءت إفادة األفعى" :لقد مضى خارج حدود شعبه ،م ِ
عاشراً الفراشات و ُّ
الذابابت والبَـَّزاقات ُ
اللَّ ِزجة .إنّه كافِر .يُقيم عالقات مع َِجنسني غرابء".
"فليُقتَل! لِ َّ
نتحرر ِمن استبداده".
َخ َذت األفعى على عاتِقها أن تقتله ،أل ّن األفعى هي رمز اخليانة على الدوام…
وأ َ
احلب الذي يربطين
فهموه! ّأما أان ،فبسبب ّ هذا هو ال َـمثَل الثاين .ولكم اي أهل الناصرة أن تَ َ
حب األرضإن ّ العداء فقط ،و ّأال تذهبوا إىل أبعد ِمن ذلكَّ .
احلب ،أو أقلَّه يف َ
أمتىن لو تَبقون يف ّبكمّ ،
حببُ ،يعلين أقول لكم" :ال تكونوا ِ
احلب ّت عليها ،وأان أابدلكم ّ اليت جئتُها طفالً صغرياً ،واليت َك ُرب ُ
ويسوع ،وسط صمت مض ٍن ،يَقطَعه فقط صواتن أو ثالثة يُِقّرون ذلكَ ،خي ُرج حزيناً ،خافِضاً
رأسهِ ،من َممع الناصرة ،يتبعه ُّ
الر ُسل.
واجلَّمع الذي بَِق َي مذهوالً يُهم ِهم« :ما هذه احلكمة اليت أوتِيها؟»
كل فلسطنب تتح ّدث عنها». عليها؟ القدرة له أين نم«واملعجزات اليت ّتري على يديهِ ،
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 176 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«أليس هو ابن يوسف النجار؟ وقد رأيناه َجيعنا يف مشغله يف الناصرة يصنع الطاوالت واأل ِ
َسَّرة، َ ُ
ط ،فأ ُّمه وحدها كانت معلّمته».
ذهب إىل املدرسة ق ّ ي مل
َو اليج.
ز امل
و العجالت حويصلِ
َ َ ُ
«وهذا أيضاً فضيحة ،وقد انتَـ َق َده أيب ».يقول يوسف بن حلفا.
«أَفَأَخو َ
أبيك كذلك ،إذن؟»
«كذلك».
«أال تراه؟»
صدر عن جنّار».
حوذاً عليه ،ذلك أ ّن ما يقوله ال يَ ُ
«إذاً فقد أصبَ َح َمنوانً أو ُمستَ َ
«ُيب عدم اإلنصات إليه .فَ َمذهبه املزعوم َه َذاين أو استحواذ».
1945 / 08 / 08
«أين ستكون ُمطّتنا اي سيّد؟» يَسأَل يعقوب بن زبدى ،بينما هم يَسريون يف فَ ّج بني رابيتني
القمة. ِ
حّت ّ
جملهما ،ويكسوِها االخضرار من األسفل ّ مزروعتني مبُ َ
«يف بيت حلم ،يف أثناء ال َقيظ ،سنتوقّف على اجلبل املشرف على مرياال .Meralaوهكذا
مرة اثنية ».يبتسم يسوع ويُضيف« :كان إبمكاننا ،حنن الرجال ،قطع مسافة أخوك برؤية البحر ّ
سعد َ يَ َ
ط ،إّّنا علينا ّأال نُتعِبه َّن أكثر».
أطول ،إّّنا معنا النساء التلميذات اللوايت ال يشتكني قَ ّ
احلب ،يفعلن ذلك عن ِطيب خاطر .ثِق متاماً أ ّن أ ُّمي وكذلك َرَّابت «ال اي توما ،بل بسبب ّ
بيوهتن بدافع اللَّهو ،ليأتني َع ْرب ِ
البيوت األُخرايت ،مثل مرمي اليت حللفا وصالومي وسوسنة ،ال يرتكن ّ
فإّنماتتعودا على التعبّ ، ُخراين ،اللَّتان مل َّ
طُُرق العامل ووسط الناس .ومرات وحنّة ،عندما أتتيان ُِها األ َ
عهما .أ َّما خبصوص مرمي اجملدليّة، ِ
احلب هو الذي يَدفَ ُ
ال تفعالن ذلك عن طيب خاطر ،لو َمل يَ ُكن ّ
حمل ذلك العذاب ».يقول يسوع. القوة لِتَ ُّ
نحها ّ
احلب اجلبّار ميكنه َم َ
فوحده ّ
يوطي« .فهذا ليس
كنت تَعلَم أنّه عذاب؟» يَسأَل االسخر ّ
ضت عليها ذلك إذن ،إن َ «ملاذا فَـَر َ
ابألمر احلَ َسن ابلنسبة هلا وال ابلنسبة لنا».
وّتَ َاوزوا َّت ُّمع جافيا Jafiaدون أن يُبدي أحد ِمن الس ّكان الرغبة يف اتِّباع
اجتازوا َ
صلواُ ،
َو َ
وُيا ِول يسوعالر ُسل قَلِقون ِمن الالمباالة يف هذا الشأنُ ،
التمسك به .يُتابِعون السريُّ ،املعلّم ،أو ّ
هتدئتهم.
ميت ّد الوادي غرابً ،وتُـَرى ،عند طََرفه ،بلدة أخرى متت ّد عند أسفل جبل آخر.
عهم يُطلِقون عليها اسم مريااب ،ال مبالية .أطفال فقط يَدنُون ِمن تلك البلدة كذلك ،اليت أَمسَ ُ
الرسل ،بينما هم أيخذون املاء ِمن نبع صاف جبانب أحد البيوت .ي ِ
الطفهم يسوع سائالً ّإايهم عن ُ ُ َُ ُّ ُ
تسول ِشبه
عمل .يدنو كذلك ُم ِّ ومن يكون ،وأين َميضي وماذا يَ َ أمسائهم ،ويَسأَل األوالد عن امسه َ
صل عليها ابلفعل. وُي َ أعمى ،عجوز ،حاين الظَّهر ،ومي ّد يده طالباً َ
ص َدقَةَ ،
حتولَتتصب فيه مياه جداوهلا الصغرية ،اليت َّ يُعا ِودون املسري صاعدين رابية تس ّد الوادي الذي ّ
لكن الطريق جيّدة ،يف البداية هي مفتوحة وسط أحرقَتها الشمس ،و ّ
اآلن إىل خيط ماء ،أو حجارة َ
القمة غونُل بي يق.
ر الط فوق ا
ر
ً ضوض ُم
ُ ًا اق
و ِ
ر لةكغابة زيتونُُ ،ث أشجار أُخرى تتشابك أغصاّنا مش ِّ
ّ َ ُ ّ
وُيلسون هناك لالسرتاحة وتناول سمع حفيف أوراقها ،غابة دردار ،إذا مل أكن ُمطئةَ . املكلَّلة بغابة يُ َ
الطعام .ومع االسرتاحة والطعام يتمتّعون مبنظَر َخالّب ،فالبانوراما رائعة مع سلسلة جبال الكرمل إىل
تدرجات اللون ِ
كل ّاليسار ،عند النَّظَر إىل الغربّ .إّنا سلسلة كثرية االخضرار ،حيث يكتَشف املرء ّ
حتركه أمواج
األخضر األكثر َجاالً .وتنتهي هناك عند البحر الذي يتألأل ممت ّداً بال حدود ،متدثّراً حلافاً ّ
تستحم به الشواطئ اليت ِمن طََرف الرأس املتش ِّكل ِمن سلسلة جبال سانِ َدة ّ خفيفة ،صوب الشمال.
ابّتاه بطوملايس واملدن األخرى ،لِتَضيع أخرياً يف الضَّبابِ ،جهة فينيقية-سورية. صعد ّ للكرمل ،تَ َ
ابملقابل ،ال يُرى البحر إىل اجلنوب ِمن رأس الكرمل ،ذلك أ ّن السلسلة األعلى ِمن الروايب ،يف ذلك
االّتاهَ ،حتجبه.
ّ
مرمي اجملدليّة ،اليت َحلَّت شعرها ،أصبَ َحت غري قادرة على َحت ُّمل ثِقلهَّ ،ت َمعه ِمن جديد وتقول:
انضم إليه مسعانِ ،ألَنظُر إىل البحر معهما».
«أمضي إىل يوحنّا ،اآلن وقد ّ
«أمضي أان كذلك ِ
معكّ ».تيب مرمي ال ُكلّيّة القداسة.
أظن أنّه ال ب ّد له ِمن اخللوة للحفاظ على سيادته الرائعة اليت يَضعها العامل
ُّتيبها مرمي اجملدليّةّ « :
كل ليلة زمناً ،يطول أو ِ
عملت حبسب قولك يل ،أَختَلي ّ ُ صعب .هل تَعلَمني اي أ ُّماه؟ لقد ُمك َ
على ّ
ب بسبب أمور كثرية .وبعد ذلك أَشعُر بنفسي أقوى كثرياً». ِ
يَقصر ،ألُعيد إىل ذايت اهلدوء الذي اضطََر َ
«اآلن أقوىّ ،أما فيما بعد فستشعرين ابلسعادة .ثِقي بذلك أيضاً اي مرمي :يف الفرح كما يف
التأمل لِيُعيد بناء ما َحطَّ َمه
األمل ،يف السالم كما يف املعركةُ ،يتاج روحنا ألن يَغوص أبكمله يف ُميط ّ
وخللق قُوى جديدة لالرتقاء والسمو ابستمرار .يف إسرائيل نَست ِ
خدم ،ونُف ِرط يف ِ
َ ّ العامل وتقلُّبات احلياةَ ،
الصالة الشفويّة .ال أريد القول ّإّنا بِال جدوى وغري مقبولة لدى هللا .ولكنّين ،مع ذلك،
استعمالَّ ،
«ألنّين ،وأان أُق ِّدم قليب ،يبدو يل أنّين أُق ِّدم قرابانً مدنَّساً»...
ويناديك" :أخيت احلبيبة" .بقلبه أكثر منه بشفتيه .لقد ّنا يف هللا إىل ِ لك ذراعيه«سوف يفتَح ِ
َ
لك َكلِ َمة واحدة عن املاضي. درجة َمل يـعد معها ميكنه التصرف ّإال هبذه الطريقة .ال ُتايف .لَن يقول ِ
ّ َُ
ك إىل ِ
ينتظرك ليضم ِ متر عليه طويلة ج ّداً .إنّه
ّ وهو ،وكأنّين أراه ،هو هناك يف بيت عنيا ،و ّأايم االنتظار ّ
لتتذوقي ل ّذة كونكما ُخلِقتُما
ك هوَّ ، عليك سوى أن حتبيه كما ُيب ِ
ّ ّ
قلبه ،لِيشبِع حبه األخوي .وليس ِ
ّ ّ ُ
ِمن األحشاء ذاهتا».
االهتامات .فأان ِ
أستح ُّقها». حّت ولو كال يل ّ ِ
«أُحبُّه ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 184 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«ولكنّه سوف ُيب ِ
ك ،بدون أيّة إضافات». ّ
لحقان بيوحنّا ومسعان اللذين يتح ّداثن عن الرحالت ال ُـمقبِلة ،واللذين يَِقفان احرتاماً أل ُّم السيّدتَ َ
لدى وصوهلا.
1945 / 08 / 09
وصلوا إىل بيت حلم اجلليل مساء .قَ َدر الـم ُدن اليت َحت ِمل هذا االسم أن متت ّد على رو ٍ
اب ُ ََ
متما ِوجةُُ ،ماطَة ابخلضرة ،ابلغاابت واحلقول واملراعي اليت تَرعى فيها ِ
القطعان النَّا ِزلة إىل حظائرها ليالً. ُ ُ
السماء محراء ،بقية َغسق يتالشى .اجلو مليء ابملوسيقى الرعائية ِمن أجراس وثُغاءات م َِ
رّتفة، ُ ّ ّ ّ ّ َ
تنضم إليها أصوات فَ ِر َحة ألطفال يَلعبون ،وأصوات ّأمهاهتم تناديهم.
ّ
«اذهب اي يهوذا بن مسعان ،مع مسعان ،للبحث عن مأوى لنا وللنساء .النَّـزل يف مركز البلدة،
وسوف نوافيكم هناك».
املرة كما يف بيت ههذ تكون لن« ويقول: هُم أ إىل يسوع ت بينما ين ِّفذ يهوذا والغيور األمر ،يلت ِ
ف
ّ ّ ََ ُ
حلم األخرى تلكَ .ستَ ِجدين مكاانً تسرتُيني فيه ،اي أ ُّمي .فال َكثرة يف عدد املسافرين ،يف هذا املوسم،
كما ليس هناك اكتتاب».
«يف هذا الفصل ،يَطيب النوم يف املروج ،أو وسط هذه املراعي ،بني احلِمالن ».وتبتسم مرمي
البنها ،وتَبتَ ِسم لُِرعاة صغار فضوليّنيُ ،ميعِنون يف النَّظَر إليها .تبتسم بطريقة َج َعلَت أحدهم يقول
لرفيقه ،بعد أن يُنبِّهه مبِِرفَقه« :قد تكون هي وال أحد ِسواها ».ويتقدَّم واثِقاً ِمن نفسه وقائالً« :السالم
عليك اي مرمي ،اي ممتلئة نِعمة ،هل السيد ِ
معك؟» ِ
ّ
ت ليتح ّدث
وّتيب مرمي اببتسامة أكثر عذوبة« :هو ذا السيّد ».وتُشري إىل يسوع الذي التَـ َف َ ُ
قرتبون سائِلني انئِحني .وتَلمس
الص َدقات على املساكني الذين يَ َِإىل ابين عمهُ ،مكلِّفاً ّإايِها بتوزيع َّ
لست أدري كيف»... إيلُ ،
عرفوا َّ
يطلبونك ،وقد تَ َّ
َ الرعاة
بين ،هؤالء ُّ « له: قائلة طف ل
ُاألم ابنها بِ
ّ
ّ
الرعاة إىل يسوع وكأنّه هللا يف ََم ِده .األصغر ِسنّاً منهم ،يف احلقيقةُ ،هم ُسعداء ،ويَبدون
يَنظُر ُّ
اعب ِمحالانً أتت
كأّنم يريدون أن يطبعوا يف نفوسهم كل التفاصيل عن يسوع ومرمي اليت احننَت تُد ِ
َ ّ ََ و ّ ُ
تَفرك أفواهها بركبتيها.
كنت ِ
مرة كان يَراين فيهاُ .
كل ّ«كان واحد يف بيت أليصاابت قريبيت ،وكان يَ َلعق َجدائليّ ،
إيل كلّما استطاع إىل ذلك سبيالً.
هرع َّأُمسّيه :صديقي .ألنّه ،ابحلقيقة ،كان يل صديقاً كطفل ،وكان يَ َ
وهذا يُذ ّكِرين به متاماً ،بعينيه ذات اللونني .ال تَقتُلوه! لقد تُِرَك اآلخر كذلك يعيش بسبب حبّه يل».
« ّإّنا نَعجة أُنثى ،وُكنّا نريد بيعها أل ّن هلا عينني بِلَونني ،وأَظنُّها ال ترى جيّداً بِ َعني واحدةّ .أما
ادتك ،فسوف َحنتَ ِفظ هبا».إذا كانت هذه إر ِ
أود لو مل يُقتَل َمحَل أبداً ...فاحلِمالن بريئة ج ّداً ،وصوهتا صوت طفل ينادي ّأمه.
«آه! نعم! ّ
إيل أن طفالً يُقتَل».َحدهاُ ،خيَيَّل َّ
ولدى قَتل أ َ
«أَعلَم .ولكنّين أُف ِّكر أبملها وأمل النِّعاجّ ،أمهاهتا .فهي تبكي كثرياً عندما تُن َـزع منها صغارها.
بتمزق ِمن
س ُّ ِ
كأّنا ّأمهات حقيقيّات ،مثلنا .وأان ،ال ميكنين رؤية أحد يتأ ّمل ،ولكنّين أُح ُّ وهي تبدو و ّ
يتمزق القلب والعقل أجل أُم ُممَّزقة هكذا .إنّه أمل ُُمتلِ
كل اآلالم ،ذلك أ ّن ،ابلنسبة لنا ،ال ّ ّ عن ف َ ّ
نظل ُمرتَبِطات بَِولَدان على هات، األم فنحن ا.ّنمفقط ،بِِفعل صدمة موت ابن ،بل إّّنا حّت األحشاء ِ
ّ ّ ّ
الدوام .وانتزاعه منّا هو متزيقنا ابلكاملَ ».مل تَـعُد مرمي تبتسم ،بل تتألأل دمعة يف عينها الزرقاء ،وتَنظُر
ضع يدها على ذراعه ،كما لو ّأّنا كانت ُتشى أن يكون سمعها ويَنظُر إليها ،وتَ َ إىل يسوع الذي يَ َ
نتزع ِمن أمامها. على وشك أن يُ َ
صل َمموعة ِمن الناس املسلَّحني :ستّة رجال يصحبهم أانس يَصيحون. على الطريق الرتابية ،تَ ِ
الرعاة ويتح ّدثون فيما بينهم بصوت خافتُُ .ثّ يَنظُرون إىل يسوع ومرمي .يتكلّم األكرب سنّاً: يَنظُر ُّ
دخلي بيت حلم هذا املساء». ِ ِ
«حلُسن احلظ أنّك لَن تَ ُ
«ملاذا؟»
«لِيَقتُلوه».
أنت؟» ِ
«أال تُص ّدق ذلك َ
املعشر .عاش مع«يبدو يل األمر ُمستحيالً .فالشاب ابلكاد َّت َاوَز ِس ّن املر َاه َقة ،وهو طَيِّب َ
ّأمه ابستمرار ،ألنّه وحيدها وهي أرملة ،أرملة قِ ّديسة .ليس يف حاجة إىل املال وال هو يُف ِّكر ابلنساء.
كما ليس مشاغباً وال َمنوانً .فلماذا يَقتُل إذاً؟»
َّهم».
«ال ُـمتـ َ
«آه! ال أدري ...ولكن ...ال أدري».
«سيّدي ،إنّه أمر أُف ِّكر فيه .وقد قال لنا اسحق ّأال نُف ِّكر َشّراً ابلقريب».
إن أ ُّم هابيل َجيلة وشابّة وحكيمة .فاملدعو آسر ليس عاقِالً ،وال يعقوب كذلك. «سيّديَّ ،
فاألول يَشتهي األرملة ،والثاين ...البلدة كلّها تَع ِرف أ ّن الثاين هو َو َقواق يف بيت يوئيل (ُميا ِرس ّ
الزىن ّ
مع زوجة يوئيل) .أظُ ّن أ ّن»...
ضبع ،ولكنّها امرأة ُمقابِل رجال مسلَّحني». ِ ِ ِ ِ
«ابن ينتَـَزع من أ ُّمه عنوة ليُقتَل .إ ّّنا تُدافع عنه مثل َ
يُضيف مسعان الغيور.
يوطي.
كل ُركن يف جسمها ».يقول االسخر ّ
«لقد سالَت دماؤها من ّ
«لقد حطَّموا ابهبا بينما كانت معتَ ِ
صمة يف البيتَ ».خيلَص إىل القول يعقوب بن زبدى. ُ َ
«سأمضي إليها».
حديدايًِ ،حبُطام
ّ أضحت َُملَباً
تتمسك بيدَ ، احلراس ِمن أجل ابنها .فهي َّ ما زالت األ ُّم تُقا ِرع ّ
إبعادها تَـعُضَّه بوحشيّة، الباب احملطَّم ،وابألُخرى ما زالت م ِ ِِ
حاو َل أحدهم َ تمسكة حبزام ابنها .وإذا ما َ ُ ّ
وحشي بشكل ونه د
ّ ش
ُ ي الذي عرها ش
َ ن غري آهبة ابلضرابت اليت تتل ّقاها ،وال إىل األمل الذي يلم هبا ِ
م
ّ َ َّ
اتركوه! قَـتَـلَة! إنّه بريء! ليلة مقتل يوئيل كان
عض تصيحُ « : حّت يَرجع رأسها إىل اخللف .وعندما ال تَ ّ ّ
يف السرير إىل جانيب! قَـتَـلَة! َس َّفاحني! قَ ِذرين! ُشهود ُزور!»
ك به ُمنتَ ِزعوه ِمن كتفيه ،وهم َُيُّرونه ِمن ذراعيه ،فيلتَ ِفت بوجهه ال ُـمضطَ ِرب
َمس َ
َّأما الشاب ،وقد أ َ
َفعل شيئاً؟» ويصيح« :ماما! ماما! ملاذا ينبغي يل أن أموت وأان َمل أ َ
إنه مر ِاهق وسيم ،كبري ،ممت ِشق القامة ،عيناه سوداوان وعذبتان ،شعره أسود ِ
قامتَُ ،معَّد قليالً، َ َ َ َُ ّ ُ
الفيت ،يكاد يكون جسد طفل. ِ
ثوبه ُممَّزق ويُظهر جسده الناعم و ّ
للش َفقة،
صل إىل اجملموعة املثرية َّ ساعده مرافِقوه ،يشق له طريقاً وسط اجلَّمع الـمرتاص ،لِي ِ يسوع ،ي ِ
ُ ّ َ ََ َ ّ ُ ُ
وجَّرت مثل كيس مربوط جبسد ابنها الباب، ن ممتاماً يف الوقت الذي اّنارت فيه قُوى املرأة ،فأُفلِتَت ِ
ُ
لكن ذلك َمل يَ ُدم أكثر ِمن بضعة أمتار .ضربة عنيفة تَن َـزع يَد األ ُّم ِمن ِحزام على حجارة الدرب .و ّ
صب حاالً على ابنها .وتَـ َقع األُم ،ويرتَ ِطم وجهها ابألرض بقسوة ،ليزداد سيالن الدم منه .ولكنّها تَنتَ ِ
ّ َ
يتباعد ركبتيهاِ َّ ،
سمح به احلَشد الذي َ ؤخذ بسرعة ،ابل َقدر الذي يَ َ مادة ذراعيها ،بينما االبن الذي يُ َ
«وأان يسوع».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 193 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أنت الغريب». ِ
لست شيئاًَ .
أنت َ
لست كاهناً وال قاضياًَ .
لست من هناَ .
أنت َ
« َ
«نعم ،أان الغريب ،أل ّن األرض ليست مملكيت .ولكنّين قاض وكاهن .ليس فقط هلذا اجلزء
لكل العامل».
الصغري من إسرائيل ،بل إلسرائيل كلّها و ّ
اآلخر وهو يَدفَع يسوع لِيُبعِده. ِ
فعله مع َمنون ».يقول الشَّاهد َ
«هيّا بنا ،هيّا بنا! ليس لنا ما نَ َ
شل، ِ
قهر وتَ ّظرة ُمعجزة تَ َ دوي صوت يسوع وهو يَنظُر إليه نَ َ «ال تتق ّدم وال خطوة واحدة ».يُ ّ
حّت خطوة واحدة .أال تَثِق مبا أقول؟ حسناً كما تُعيد احلياة وتُفرِح عندما يريد ذلك« .ال تتق ّدم وال ّ
جعل املاء الذي ِ ِ
إذن انظر .هنا ال وجود ل ُرتاب اهليكل وال ملائه ،وليست هنا كلّمات مكتوبة ابحلرب لتَ َ
هو احلُكم على احلَ َسد والزىن ُمّراً (انظر ِسفر العدد أصحاح 5اآلايت .)31-11إّّنا هنا أان .وأان َمن
يُن ِّفذ احلُكم ».صوت يسوع كرنني بوق بَِقدر ما هو انفِذ.
يتدافَع الناس لَِريوا .مرمي ال ُكلّيّة القداسة فقط ،ومعها مرمي اليت حللفا ،بَِقيَتا إلسعاف األ ُّم املغمى
عليها.
ُقسم على ذلك ابهليكل .فَليَنـ ِزل َهلَب ِمن السماء لِيَح ِرقين
لدي ِألَكذب .أ ِ
«أُقسم .ال داعي َّ
إن َمل أكن أقول احلقيقة».
ك تَقول احلقيقة؟»
أنت أيّها اخلادم ،هل ميكنك ال َق َسم أبنّ َ
«و َ
«أُقسم على ذلك ألف َمَّرة لو لَ ِزم األمر! معلّمي! معلّمي املسكني!» يبكي وهو ُخيفي وجهه
مبعطفه.
صدره ويَنظُر إليهم .واجلَّمع يَنظُر كذلك ،وبعد بُ َرهة يطلق ِ
بعد ذلك ،يُصالب ذراعيه على َ
اجلَّمع صيحة ويرمتي أرضاً والوجه إىل األرضِ .حينذاك يَنظُر األربعة الذين كانوا على نَ َسق واحد إىل
الرعب ،إذ يرى كل بعضهم ،ويَصيحون بِ َدورهم .يَصيح الشاب أوالً ِمن الدَّهشةُُ ،ثّ اآلخرون ِمن ُّ
الربص املفاجئ ،بينما الشاب سليم منه. ِ
واحد من الثالثة وجوه اآلخرين وقد غطاها ََ
اخلادم عند قدمي يسوع الذي يبتَعِد ِمثل اآلخرينِ ،مبا فيهم اجلنود ،يبتَعِد ِ
آخذاً هابيل يرَمتي ِ
َ َ َ َ
َبرص! ُهم الذين ِ ِ ِ ِ
الربص .ويَصيح اخلادم« :ال! ال! ال َـمغفرة! أان أ َ
بيده ل َكيال تُصيبه العدوى من الثالثة ُ
أنزع نَعل البَغل َعن ِ ِ
حّت املساء ،ليَضربوه على الطريق الصحراويّة .لقد َج َعلوين َ َدفَعوا يل لتأخري املعلّم ّ
ِ
كنت معهم ساعة قَتله ،وأقول كذلك إين َسبَقتُهُ .على العكسُ ،وعلَّموين ال َكذب ،أن أقول ّ قصدَ ،
ُيب زوجته الشابّة ،وأل ّن آسر يعقوب نّ أ ظ
َ الح قد كان (املقتول) يوئيل ن
ّ أل علتهم:ملاذا ارتَ َكبوا فِ
ّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 195 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
كان يريد أ ُّم هابيل ،وهي تَرفضه .فاتَّف َقا على التَّخلُّص ِمن يوئيل وهابيل معاً والتمتّع ابملرأتني .ها قد
ِ ِ ِ
ص ِّل ألجلي!»
أنت صاحلَ ،الربصَ ،خلّصين منه! هابيلَ ، مت فَ َخلّصين من ََتَكلَّ ُ
وجهك وتعود إىل حياة هادئة. َ حّت إذا ما أفاقت ِمن غيبوبتها تَرى
ك؛ ّ أنت إىل أ ُّم َ
«اذهب َ
وأنتم ...كان ينبغي يل أن أقول لكم" :فليُفعل بكم ما ُكنتم تَبغُون فِعله" .ولكان هذا عادالً بَشرايً.
ولكنّين أُكلِّفكم ب َك َّفارة إهلية رحيمة .فهذا اجلُذام الذي ابتالكم سوف يَقي ُكم ِمن ُحكم املوت كما
ضون إىل حياهتم ِ ِ ِ
تَستح ّقون .اي أهل بيت حلم ،ابتعدوا ،أَفسحوا الطريق مثل مياه البحر ،لتَ َدعوهم َمي ُ
الفجائي .وهذهَ ،رمحَة ِهي ِمن هللا،
ّ املوت ن الشاقّة الطويلة .احلياة الشاقّة الرهيبة! األكثر فظاعة ِ
م
امضوا!» ِ
حهم إمكانيّة التوبة ،إذا أرادوا ذلكُ . ليَمنَ ُ
صوب اجلبل ،وقد غطّاهم الثالثة ميضي و ا
ًر ح يقر الط صف نتم عد
َ يصق احلشد ابجلدار لِ
يلتَ ِ
َ ُّ َ َ ُ َ
صمت الغَ َسق الذي يَهبط ،والذي َج َع َل اجلُذام و َّ
كأّنم ُمصابُون به منذ أعوام ،الواحد تلو اآلخر ،يف َ
سمع سوى َحنيبهم. أصوات العصافري كلّها تصمت ،وكذلك ذوات األربع ،ومل يـَعُد يُ َ
ِط ِّهروا الطريق بكمية ِمن املاء بعد إضرام النار .وأنتم أيّها اجلنود ،اذهبوا وقولوا إ ّن العدالة قد
حتق َقت ،وطُبِّقت حسب أكثر الشرائع املوسويّة َكماالً».
َّ
هم يسوع ابلذهاب إىل حيث أ ُّمه ومرمي اليت حللفا تُـتَابِعان إسعاف املرأة اليت يَعود إليها َوعيها يَ ّ
لكن أهايل بيت حلم ،ابحرتام َممزوج ابخلَشية، ِ ِ
ببطء ،بينما يُالطف ابنها يديها الباردتني ويُقبّلهما .و ّ
أنت هو ابلتأكيد الذي َح َّدثَنا عنه الرجل الذي ِ
أنت يف احلقيقة ذو سلطانَ . رجونهَ « :ح ّدثنا اي سيّدَ .
يَ ُ
بَشَّر مباسيّا لدى مروره هنا».
الرعاة .أما اآلن فَسأ ِ
ُساعد األ ُّم على استعادة وعيها «سوف أحت ّدث ليالً قُرب َحظرية ُّ
ّ
وطبيعتها».
ضع يسوع يده اليسرى على رأسها قائالً هلا« :كوين سعيدة ويف سالم ،وكوين صاحلة على
يَ َ
أنت كذلك اي هابيل».
الدوام .و َ
ينضم إىل التالميذ،
ذهتُما .فامسح له أبن ّ ك أن َق َ
لك ،ألنّ َ
«ال اي سيّدي .إ ّن حيايت وحياة ابين َ
أخدم
َخدمه و ُسمح أبن أتبَعهُ أل ُ
أرجوك أن تَ َ
أعطيك ّإايه بفرح كبري ،و َ
َ كما كان يَشتَهي ُمذ أتوا إىل هنا.
ُخ ّدام هللا».
« ِ
وبيتك؟»
«آه! اي سيّدي! إ ّن َمن عاد إىل احلياة ،هل ميكن أن تكون له املشاعر ذاهتا اليت كانت له قبل
أتوصل إىل ُكره الذين َع َّذبوين وبفضلك َجنت مريات ِمن املوت ِ
ومن اجلحيم .يف هذا البلد ،قد َّ املوت؟
َ َ
الرعاة ومرمي ومرمي وبينما تَدخل املرأة إىل البيت ،يسنِدها ابنها وبعض ِ
األتقياءَ ،خي ُرج يسوع و ُّ َ ُ
تاخم للحقول… اليت حللفا ِمن البلدة للمضي إىل احلظرية الواقعة يف طرف شارع م ِ
ُ ّ
...أُض ِرمت انر كبرية إلانرة االجتماعََ .جع َغفري يَنتَ ِظرون أن يتح ّدث يسوع ،جالِسني على
شكل نصف دائرة يف احلقول .ويف انتظار ذلك يتح ّدثون عن أحداث النهار .هابيل كذلك هنا ،مع
أانس كثريين ُمبتَ ِهجني ،قائلني إ ّّنم كانوا َجيعهم مؤمنني برباءته.
أنت ،اي َمن َحيَّيتَين على ابب بييت ساعة قتل يوئيل». ِ
حّت َ
«ولكنّكم كنتم ُمستع ّدين لقتلي! ّ
فأساُمك ابسم يسوع».
َ حّت تل ِّقي اإلجابة ،فيضيفّ « :أما أان ِ
ومل يَستَطع الشاب متالك نفسه ّ
الرعاة
الر ُسل ،يتبَعهُ ُّ
ابّتاههم ،عظيماً ،مرتدايً األبيضُُ ،ييط به ُّ هو ذا يسوع ِ
قادم ِمن احلظرية ّ
والنساء.
يتم التقيّد هبا يف إسرائيلّ ،أما يف احلقيقة فال .الشريعة هنا ُُملَّلَة ِ
نظرايً ،الشريعة املعطاة من هللا ّ
كأّنا جثّة ُمنَّطة ،بال حياة ،بالشرحة إىل درجة َج َعلَتها متوت بشكل ُمريعّ .إّنا هنا ،و ّ وم َّ
ومفصلة ُ
َّ
قعد ،على املومياء ميكن تن ّفس وال دم يف قلوب كثرية كثرية .فعلى املومياء ميكن اجللوس كما على َم َ
ضالت ،لو أراد املرء ذلك ،وهي ال تَثور ،أل ّن ال حياة هلا .فهكذا َُي َعل حّت فَ َ
وضع أشياء ،ثيابّ ،
قعداًَ ،مسنَداًَ ،مقلَباً لفضالهتم .ابلنسبة إىل البعض ،هي ال تَثور يف ضمائرهم ِ
الكثريون من الشريعة َم َ
ألّنا ميتة.
ّ
ف وحسب ،كما َُي ُدث مع أشجار أخرى ،رغم ُُثّ ،ولسبب َمهول ،كأمور ملعونة مثالًَ ،مل َّت ّ
خدم يف إضرام النار يف َمواقِد الناس ،أو َجذوات إلانرة الليل ،إلبعاد احليواانتموهتا ،ما زالت تُستَ َ
الصهباء ،والتخلّص ِمن رطوبة الليل ابلنسبة إىل املسافرين البعيدين عن أوطاّنم .إّّنا تلك األشجار مل
ص َع َد ِمن ِ
ص ّوان األرض ،بفعل سحر ماَ ،
تُستخدم َك َحطَب ،فقد أصبَ َحت حجارة ،حجارة .يبدو أن َ
اجلذور إىل اجلذوع وإىل األوراقُ .ثّ أتت الرايح ،وَك َسَرت األغصان األكثر هشاشة ،وقد أصبَ َحت
أشبَه ابملرمر الذي هو يف ح ّد ذاته قاس ورخوّ .إال أ ّن األشجار األكثر ضخامة ما زالت على جذوعها
حتولت إىل حجر يف نـَ ْفس أصبَ َحت هي أيضاً عما تَكونه شريعة ّ
لقد كان لكم اليوم مثال ّ
كل أنواع اخلطااي والشقاء .فليفدكم ذلك يف معرفة العيش ومعرفة إحياء الشريعة فيكم،
حجراً .إ ّّنا نبع ّ
بنـزاهتها اليت أُضيئها أان أبنوار الرمحة.
الليل ُمد َهلِ ّم .النجوم تَنظُر إلينا ،وكذلك هللا .ارفعوا نَظَركم إىل السماء َّ
املرصعة ابلنجوم ،وارفعوا
أرواحكم صوب هللا .دوّنا انتقاد للبؤساء الذين عاقَـبَـ ُهم هللا ،دوّنا كربايء لعدم ارتكاهبم خلطيئتهم،
ِع ُدوا هللا وأنفسكم بعدم الوقوع يف َجدب النبااتت امللعونة لصحارى ووداين مصر.
السالم لكم».
صبيحة هادئة ومشمسة ،مؤاتية لصعود الروايب املتّجهة صوب الغرب ،أي صوب البحر.
َ
«حسناً فَـ َعلنا بوصولنا إىل الروايب يف ساعات الصبيحة األوىل .مل نكن لنستطيع البقاء يف السهل
حتت هذه الشمس .بينما هنا ِظل ورطوبة .أ ِ
ُشفق على الذين يَسلكون الطريق الرومانيّة ،فهي صاحلة ّ
مّت.
للشتاء ».يقول ّ
اجلو على الدوام ».يقول يسوع. فط
ّعد هذه الروايب ،سوف نُو ِاجه هواء البحر .وهو يل ِ
«بَ َ
ّ ُ
«سوف أنكل يف األعلى .ذاك اليوم كان ممتعاً للغاية ،وينبغي أن يكون هذا املكان أكثر ُمتعة،
أقرب ،وكذلك البحر ».يضيف يعقوب بن حلفا. أل ّن الكرمل َ
«على ذلكَّ ،
فإن وطننا َجيل!» يقول اندراوس.
كل شيء :جبال تكسوها الثلوج ،ومرتفعات منحدراهتا لطيفة ،حبريات وأّنار ،أشجار «فيه من ّ
غىن به ُمؤلِّفو املزامري وأنبياؤان ُ
وُما ِربوان كل نوع ،دون أن ينقصه البحر .إنّه ح ّقاً البلد الرائع الذي تَ ّ
من ّ
ِ
وشعراؤان ».يقول ت ّداوس.
العظماء ُ
أنت اي َمن تَع ِرف الكثري ».يَطلُب إبحلاح يعقوب بن زبدى.
«قُل لنا منها بعض املقاطعَ ،
«"ببهاء الفردوس أنشأَ أرض يهوذا؛ اببتسامة مالئكته َزيَّ َن أرض نفتايل؛ وأبّنار َع َسل السماء
َج َع َل طَعم فواكه أرضه.
فيك اي جوهرة هللا املمنوحة ِمن اإلله إىل شعبه املق ّدس.
كل اخلليقة تتمرى ِ
ّ ّ
ثوبك األخضر ِحزاماً وقالئد. هبطَت السماء لِتُش ِّكل ّنراً ُيمع جوهرتني ،لِيجعل ِ
لك على ِ
ََ َ َ ََ
اآلخر يُذ ّكِر أ ّن هللا رهيب ،بينما تبدو الروايب و ّ
كأّنا تَرقُص َمساء يغين ،البحر يبتسمَ ،
ّنر األردن ّ
مثل بنيّات (فَـتَيات) َم ِرحات يف مرج ،واجلبال تصلّي يف ساعات الفجر املالئكيّة أو تُرتِّل هللواي حتت
العلي.
تك ،أيّها اإلله ّ نريان الشمس ،أو كذلك تُسبِّح مع النجوم قدر َ
كت لنا البحر مفتوحاً لتقول إ ّن العامل لنا"». ِ
َمل َحتصران ضمن حدود ضيّقة ،ولكنّك تر َ
«َجيل! آه! إنّه ح ّقاً َجيل! أان مل أَُزر ِسوى البحرية وأورشليم؛ خالل سنوات وسنواتَ ،مل أ ََر
أتعرف على فلسطني ،ولكنّين على يقني أبن ليس يف العامل ما هو أَجل ».يؤّكد غري ذلك .اآلن فقط َّ
بطرس وكلّه اعتزاز بوطنه.
«كانت مرمي تقول يل كذلك إ ّن وادي النيل َجيل ج ّداً ».يقول يوحنّا.
لكن أرضنا!»...
«آه! نعم ،و ّ
يوطي وتوما اللَّ َذين يتقدَّمان اآلخرين قليالً
الر ُسل يف مديح َجال فلسطني ،عدا االسخر ّ
مر ُّ
يَستَ ّ
مع يسوع.
دائقهن أو
ّ اهتن ِمن قطف بذور الزهور لزراعتها يف ح ِ
خلفهم النساء اللوايت َمل يَستَطعن منع ذو ّ
ألّنا َجيلة وستكون مبثابة التذكار للرحلة.
بساتينهن ّ
ّ
« َسل املعلّم».
«هل ينبغي يل إذن ،لِتَحاشي تلك املتاعب ،التواطُؤ مع اخلَطَأَة ،وأن أكون هلم شريكاً؟»
ميكنك فِعل ذلك .إّّنا أن تَصمت لِ ّئال تؤلِّب ِ
الكبار ض ّد َك»... لست أقول هذا ،ال
ُ َ « ُ
لست ُموافِقاً على اخلطااي ،ال الصغرية منها وال العظيمة».
«الصمت يعين املوافقة .وأان ُ
ص َل للمعمدان؟»
«ولكن أمل تَـَر ما َح َ
« ََم َدهُ».
«االضطهاد واملوت يف سبيل الوفاء للواجب ََمد لإلنسان .فالشهيد ُمم َّجد دائماً».
لكن املوت َمينَعه ِمن أن يكون معلّماً ،ويُسبِّب األمل لتالميذه وأفراد أسرته .هو يُفلِت ِمن ُك ّل
«و ّ
صاعب أعظَم .املعمدان ال أهل له ،صحيح .إّّنا عليه واجبات ،على الدوام، عناء ،ويرتك لآلخرين م ِ
َ َُ
ّتاه تالميذه».
ص هللا».
«أتيت بعد اليت َُت ّ
أيت ابألمس كم كانت تلك األ ُّم تتأ ّمل بسبب ابنها»...
«ر ُ
«أ ُّمي! تعايل هنا ».يقول يسوع.
بين؟»
َهتَرع مرمي إىل يسوع وتسأله« :ماذا تريد اي ّ
«يُريدين أن أكون َح ِذراً إىل أبعد احلدود ،كي ال أُقتَل ِمثل قريبنا ،املعمدان .ويقول يل بوجوب
لك؟ أان أترك الكالم ِ
لك لتعليم هن ،إذ هذا ما تَتطَلَّبه الوصية الرابعة .ما قو ِ
الرأفة ابأل ُّمهاتُ ،مراعياً ّإاي َّ
ّ
يهوذا بِلطف».
«ملاذا؟»
«ال .ابلنسبة للوثنيّني ،األمر ال يتع ّدى كونه خطيئة ّتاه إنسان يُشبِ ُ
ههم .بينما اإلسرائيليّون
يَعلَمون َمن يكون يسوع».
القمة ،يَربُز وكأنّه يَبغي اجلَّري صوب األفقُ ،مستخ ّفاً ابلبحر
ابحلري نتوءاً يف ّّ القمة ،أو
يَبلُغون ّ
الزمرد الصايف ،وتتّسم بِنُـتَف مشس ِ ِ ِ
الذي بغري حدود .غابة كثيفة من السنداين األخضر تُضفي نوراً من ّ
هواة ،واملفتوحة على الشاطئ القريب ،يف مواجهة سلسلة جبال القمة اجلبليّة احملبّبة ،ال ُـم ّ
ممتعة على تلك ّ
نح ِدرة
الكرمل العظيمة .يف أسفل اجلبل ،الذي يبدو بُروزه وكأنّه يَبغي الطريان ،بعد حقول صغرية ُم َ
حتول اآلنبقوة جراينه يف زمن الفيضان ،وقد َّ َّار
د ه ًا حتم هو عميق، سيل مع ق ضي قليالً ،هناك و ٍ
اد
ّ َ ّ
ضي وسط َمراه .والسيل ُيري صوب البحر م ِ
المساً قاعدة الكرمل .وطريق تُسايِر َمرى إىل زبد فِ
ُ ّ ّ ََ
سامرة، ِ
السيل ،أعلى منه قليالً ،إىل ميينه ،تَربط مدينة وسط الشرم ،ابملدن الداخليّة ،قد تكون ُمدن ال ّ
إذا كانت وجهيت صحيحة.
1945 / 08 / 11
بني أولئك املعروفني ،هناك رئيس َممع منطقة املياه احللوة :تيمون؛ يوسف الذي من عماوس
والذي ُّاهتِم بِ ِسفاح ذوي ال ُقرىب؛ الشاب الذي تَـَرَك دفن أبيه لِيَتبع يسوع؛ إيتيان؛ هابيل األبرص الذي
نص ِرم قُرب كورازين مع صديقه صموئيل؛ وكذلك صاحب زورق نقل الناس يف أرُيا: تطهَر العام ال ُـم َ
َّ
سليمان؛ وآخرون ،وآخرون أع ِرفهم ،ولكنّين ُ
لست أتذ ّكر أبداً املكان الذي رأيتُـ ُهم فيه وال أمساءهم.
وجوه معروفة ،الكثري منها ،وكلّهم َمعروفون كالتالميذُُ .ثّ آخرون استماهلم اسحق أو التالميذ ّإايهم
الذين ذَ َكرُهتم ،الذين يَتبَعون اجملموعة األساسيّة ،أَمالً بلقاء يسوع.
ميي .يَ ُش ّع اسحق فَـَرحاً لرؤية املعلّم كي يُريه رعيَّته اجلديدة ،وكمكافأة
اللقاء َودود وفَرِح وتكر ّ
للجمع الذي معه. يَطلُب ِمن يسوع حديثاً َّ
ألّنا غري
«عند طََرف اخلليج ،هناك شاطئ قَفر ،فيه أكواخ صيادين ،فارغة يف هذا املوسمّ ،
صحيّة ،وأل ّن موسم صيد األمساك وَمتليحها قد انتهى ،والصيّادون قد َمضوا إىل فينيقية السوريّة الصطياد
ّ
ألّنم َِمس َ
عوك تتح ّدث يف بك ّ ستخرج منها األرجوان) .كثريون منهم يؤمنون َ الفرفورة (أصداف حبرية يُ َ
ألّنم التقوا التالميذ ،ولقد تَـَركوا أكواخهم لنسرتيح فيها ،وحنن عائدون بعد أداء
املدن الساحليّة ،أو ّ
حّت إىل فينيقية ِ
أود لو أَصل ّ فسد متاماً أبمور كثريةُّ .
رسالة .فعلى هذا الشاطئ َع َمل كثري .إنّه ُم َ
أييت الصيّادون األربعة فوراً ،ويسأل يسوع« :هل أنتم ،يف نَظَر أنفسكم ،أهل لقيادة املركب يف
البحر؟»
يَنظُر األربعة إىل بعضهم ِحبَرية .وُميِّرر بطرس يده يف شعره ،وهو يُف ِّكرُ ،ثّ يَسأل« :ولكن إىل
أين؟ أإىل عرض البحر؟ فنحن أمساك مياه حلوة».
«ومع ذلك ،فَ ِمن األفضل اصطحاب أحد ِمن البلدة .فنحن ال نعرف هذا البحر ،وال أعماقه».
يبدي يعقوب مالحظته.
حالك؟
املهم هو سقف وُمبّة متبادلة .آه! ولكن انظر أين احلبيب يوحنّا! كيف َ
«طبعاً ،طبعاً! ّ
كنت؟»
أين َ
هرع لتكرمي يسوع الذي ُُييّيه بكلّمات رائعة ج ّداً.األندوري ،وهو يبتسم لبطرس ،يَ َ
ّ لكن يوحنّا
و ّ
التصرف مع أهل املدينة ،ومع ُفضل بقاءه هنا .هو ُييد ّ « َمل أدعه أييت ،ألنّه مل يكن على ما يرام ...أ ِّ
وري أحنَف كثرياً ِممّا كان عليه
الذين يَطلبون االستعالم عن ماسيّا »...يقول اسحق .ابلفعل ،فإ ّن األند ّ
لكن وجهه صاف ،واهلُزال يُضفي على قَ َسماته نُبالً ويدعو إىل التفكري ابمرئ ُمصاب سابقاً ،و ّ
ابستشهاد مضاعف :اجلسد والروح.
إنّه لَ َمشهد َجيل ،بينما يَهبِط الليل ،والبحر يُتمتِم صلوات املساء بصوت ارتداد املوج اخلفيف
الر ُسل ،جالِسني إىل طاولة كبريةّ ،أما
يتعشى مع النساء و ُّ
احملصى ،أن يُرى يسوع ّ على الشاطئ ّ
اآلخرون ،فَـ ُهم َُيلسون أرضاً ،أو على مقاعد ،أو على ِسالل َمقلوبة ،ويُش ِّكلون دائرة حول الطاولة
الرئيسيّة .ينتهي العشاء بسرعة ،وأبسرع منه تُرفَع السفرة ،ذلك أ ّن األطباق كانت قليلة ،وهي للضيوف
الرب. ِ
مرمي اجملدليّة ،خاطئة إسرائيل الكبرية ،تلك اليت مل يكن هلا عُذر يف خطيئتها ،ارتَدَّت إىل ّ
وخ ّدام هللا؟ إسرائيل كلّها ،ومع إسرائيل الغَُرابء الذين هللا نموِممَّن ستَنتَ ِظر الوفاء والرمحة ،إن مل يكن ِ
ُ َ
صرامة اآلن ،حينما َمل تَـعُد شريكتهم يف فُجورهم،ُهم فيما بيننا ،أولئك الذين يَعرفوّنا جيّداً ،ويُدينوّنا بِ َ
يَنتَ ِقدون ويَستَ ِخ ّفون بتلك القيامة.
املطهر للهيكلالذابئح على املذبح ّ عندما أعاد َملِك الفرس حنميا إىل أورشليم ،تَ َّ
قرَر أن تُقدَّم َّ
وتذكَر حنميا كيف أنّه ،يف اللحظة اليت كان الفرس َسيَأسروّنم ،صلّى ال َك َهنَة ال ُـمكلَّفونال ُـمعاد بناؤهَّ .
السريّةَ ،مل َُِيد األحفاد انراً ،بل ماء ارتفع َمنسوبهَ ،محأة متع ِّفنة
ولكنّهم ،حينما نـََزلوا إىل البئر ّ
كل اجملارير املمتلئة يف أورشليم ال ُـمهدَّمة .وقالوا ذلك لنحميا ،ولكنّه قال هلم ِ
ُمقرفة ،ثقيلة ،فضالت ّ
الكل ،وبَِوفرة، ِ
ورش ّ ضع احلطب على املذبح ،وعلى احلطب الذابئحَّ ، أن َُيلبوا له من ذلك املاءَ .وَو َ
الشك يَنظُرون،
الكل مبلّالً ابملاء املوحل .كان الشعب املذهول وال َك َهنَة الذين مألهم ّ بشكل أصبَ َح فيه ّ
أي حزن مأل قلوهبم وأيّة ريبة! وكانت وفَـ َعلوا ذلك ابحرتام ،فقط أل ّن حنميا هو الذي أ ََمَر بذلك .ولكن ّ
الشك كان يف القلوب لِيُصبح الناس ُمكتَئِبني.
غيوم يف السماء ّتعل اليوم ُمك َف ِهّراً ،كذلك ّ
وحل يَضطَ ِرم ولكن الشمس بدَّدت الغيوم ،وبـلَغَت أشعتها اهليكل ،واحلطَب الـمبلّل ابملاء الـم ِ
ُ ُ َ ّ َ َ َ ّ
متأججاً انراً عظيمة أتت على الذبيحة دفعة واحدة ،بينما كان ال َك َهنَة يَتلون الصلوات اليت ألََّفها ّ
حّت احرتقت الذبيحة أبكملها .وإلقناع اجلَّمع أب ّن هللا ميكنه اجرتاح حنميا ،وأَجل تراتيل إسرائيلّ ،
خدمة بِنيّة مستقيمة ،فَ َس َف َح حنميا ما بقي من املاء على ناسبة ،إّّنا ال ُـمستَ َ
األقل ُم َ
املعجزات ابملواد ّ
صخور كبرية .واحرتقَت الصخور وأُفنِيَت يف النور العظيم الذي كان آتياً ِمن اهليكل.
وبينما ال حاجة ،إلقناع العامل ،سوى إىل َمحأة واحدة اتبت فأصبَ َحت أكثر حرارة ِمن انر
حّت ولو كانت انراً مق ّدسة ،تلك النار العاديّة ،إذ ال تفيد سوى يف إشعال احلطب والضحااي،
عاديّةّ ،
حّت على إشعال وإحراق الصخور وهذه مو ّاد مؤاتية لالحرتاق ،بينما تلك احلَمأة التائبة تُصبِح قادرة ّ
ذاهتا غري القابلة لالحرتاق.
وشعلة
صعد ُ أان أقول لكم :ذلك أ ّّنا ،يف حرارة التوبة ،تَذوب يف هللاُ ،شعلة يف ُشعلةُ ،شعلة تَ َ
يتحاابن ،يتالقيان ،يـت ِ
َّحدان ِ وشعلة تَبذل نفسها حب ِ َهتبِط ،شعلة َهتِ
َ ب ،عناق كائنَني َّ َ ّ ُ ، حبب
ّ ذاهتا ب
وشعلة
متتصُ ، مؤلَِّفني كائناً واحداً .ومبا أ ّن الشُّعلة األكرب هي ُشعلة هللاّ ،
فإّنا تَطغى ،تَط َفح ،تَن ُفذّ ،
احلَمأة التائبة َمل تَـعُد ُشعلة نسبيّة لشيء ُملوق ،بل هي الشُّعلة الالّنائيّة للشيء غري املخلوق :له
تعاىل ،للكلّ ّي القدرة ،لالُّمدود ،هلل.
هكذا ُهم اخلَطَأَة التائبون ح ّقاً ،التائبون بكلّيّتهم ،الذين َوَهبوا ذاهتم بِ َسخاء إىل التوبة ،دون
اإلبقاء على شيء من املاضيُُ ،م ِرقني ذواهتم ّأوالً يف اجلزء األكثر ثِقالً ،ابلشُّعلة اليت تَلتَ ِهب ِمن
َمحأهتم ،الذين َمضوا إىل لقاء النعمة ،وقد أتثَّروا هبا.
احلق أقول لكم ،إ ّن حجارة كثرية يف إسرائيل سوف تَلِج بنار هللا إىل تلك األفران ال ُـمستَعِرة احلق ّ ّ
الرتددَ ،حياءات وتستمر يف إحراق احلجارة ،ال ُفتور و ّ
ّ حّت إفناء الطبيعة البشريّة، تتأجج ابستمرار ّ اليت ّ
األرض وعروش السماء ،املرآة احلقيقيّة ،ال ُـمستَعِرة ،فائقة الطبيعة ،اليت ّتمع األنوار الواحدة والثالوثيّة
لتجعلها تَلتَئِم يف البشريّة وتُض ِرمها يف هللا.
يف احلقيقة ،أان ،القاطن يف هذا اجلَّ َسد ،ميكنين بَعث حيايت يف األجزاء األكثر بُعداً ،اتركاً جانباً
اخلزاانت والقنوات املسدودة واليت ال نَفع منها ،اليت أتىب القيام خبدماهتا .ابلفعل إ ّن املطر ينهمر حيث َّ
يشاء ،واألجزاء الصغرية الصاحلة ،القادرة بذاهتا على إرادة احلياة ،تعيش حيايت .ولكن ما عساها
وخزاانتصلة بقنوات َّ تكون املسيحية آنذاك؟ َماورةُ نُفوس لِنُفوس ،هي متجاورة ،ولكنّها مع ذلك من َف ِ
ُ ََ ّ
كل جزء .ولكنّها تُصبِح جدراانً وهاوية إىل احدو كزمر نميوحد ،بتوزيع الدم احلي القادم ِ
َمل تَـعد رابطاً ِ
ّ ّ ّ ُ
بشري ،يف أسى فائق الطبيعة ،قائلة لذواهتا داء ع
َ فَصل تَنظُر األجزاء الصغرية إىل بعضها ِمن خالهلا ،بِ
ّ ُ
حّت ولو َو َجدان أنفسنا ُمن َق ِسمني!" َُم َاورة،
يف الروح" :مع ذلك ُكنّا إخوة ،وما زلنا نشعر أبنّنا كذلكّ ،
ليس اندماجاً ،ليس جسماً .وعلى تلك األنقاض يتألأل ُح ّيب ِأبََمل…
األندوري اّيوحن ض نهي إليه. سيأوي الذي الكوخ إىل كل هني جيتفرق الناس على مهل ،متوِ
ّ ََ ّ َُّ ّ
كذلك .وهو الذي مل يتوقّف عن التَّدوين ،بينما كان يسوع يتح ّدث ،شا ِوايً نفسه ابلنار للتم ّكن ِمن
يثما َميضي ِ
مك ».ويُبقيه إىل جانبه ر ّ ابق قليالً مع معلّ َ
لكن يسوع يوقفه قائالً لهَ « :
رؤية الذي يَكتُبه .و ّ
اجلميع.
ئي».
«لنذهب إىل تلك الصخرة على حافّة املاء .القمر عال والدرب مر ّ
وُيلِسان على صخرة ضخمة. يُوافِق يوحنّا دون أيّة كلمة .يَبتَعِدان عن َّ
السكن حوايل املائيت مرتَ ،
حبري غائِص يف البحر ،أو أنقاض كوخ ّ صخر امتداد هي أو رصيف، بقااي ن لست أدري إذا كانت ِ
م ُ
ِشبه ُمبتَـلَعة يف املياه ،وقد تكون مق ّدمة شاطئ نَ َشأ على مدى عصورُ .ج ّل ما أع ِرفه هو إنّه ميكن
األرجل يف َّتاويف وعلى نتوءات تُش ِّكل ُسلّماً ،ومن جهة ِ ِ
الصعود إليها من الشاطئ الصغري ب َوضع ُ
حاد لِيَغوص يف املاء األزرق الضارب إىل اخلُضرة ،وقد أحاط بِه امل ّد مبوجة البحر يَنـ ِزل اجلدار بشكل ّ
صمت بُرهة، تُبلِّل وتَضرب هذا احلاجز بشكل خفيف ،وي ِ
صوت شهيق عظيمُ ،ثّ يَ ُ نسحب ُُمداثً َ ََ
موسيقي َمذهول.
ّ صمت ،مثل شهق ويَ ُليعود أيضاً حبركة وصوت َرتيب ،يَص َفع ويَ َ
فضيّة،
قمة تلك الكتلة اليت يَضرهبا البحر .يَرسم القمر على املياه طريقاً ّ
َُيلسان ابلضبط على ّ
ويُ ِّ
لون ابألزرق القامت البحر الذي مل يكن قبل ارتفاعه سوى موجة سوداء ممت ّدة يف ظُلمة الليل.
جسدك؟»
َ مك السبب الذي ألجله يتأ ّمل
«اي يوحنّا ،أال تقول ملعلّ َ
1945 / 08 / 12
صل يسوع ،يف ساعات الصباح األوىل ،أمام مدينة ساحليّة .أربعة مراكب تتبع َمركبه .متت ّد يِ
َ
املدينة بشكل غريب داخل البحر ،كما لو ّأّنا بُنِيَت على بَ َرزخ (أرض ضيّقة ُمصورة بني حبرين) أو
صل اجلزء الذي يطفو على البحر بذاك الذي ميت ّد على الشاطئ. ابحلري كأ ّن ب َرزخاً ضيقاً كان ي ِ
َ ّ َ ّ
شهد البحر وكأنّه قطعة فِطر ضخمة ،ميت ّد رأسها على األمواج ،وتغوص جذورها على َم َ
غص الشاطئ .الربزخ ساقها .مرفأ على كل ِمن جانِ
أقل انغالقاً ،ويَ ّ
الربَزخ .الذي يف اجلهة الشماليّة ّ
يب َّ ّ ََ
مي بشكل أفضل ،وفيه سفن كبرية ّتيء وتروح. اآلخر الذي يف اجلهة اجلنوبيّةَُ ،م ّ
ابلزوارق الصغرية؛ َ
«ُيب الذهاب إىل هناك ».يقول اسحق ،وهو يُشري إبصبعه إىل مرفأ الزوارق الصغرية« .هناك
هم الصيادون».
«إىل مكان هادئ .لن يَنـ ِزل املعلّم يف صور ،وال يف املدينة اليت على الساحل .سيتح ّدث ِمن
وُمميّاً». املركب .اختاروا مكاانً ظَليالً َ
حّت النـزول». ِ
«تعالوا صوب الصخور اليت خلفنا .فهناك خلجان هادئة وظَليلة .وميكنكم ّ
صخري ،إىل الشمال أكثر .الض ّفة مقطوعة عمودايً ،تقي ِمن الشمس .املكانّ ضون إىل ركنَمي ُ
ُم َنع ِزل .فقط النوارس والورشاانت تَقطُنهَُ .ت ُرج يف َغَزوات على البحر وتعود إىل أعشاشها يف الصخور،
ُمطلِ َقة صيحات عالية.
تنض ّم زوارق أخرى إىل تلكُ ،مش ِّكلة أسطوالً صغرياً .يف عمق اخلليج الصغري ،هناك ساحل
َ
ضيّق ،بل هو ِشبه ساحل :ساحة ضيّقة مزروعة حصى .إّّنا تتّسع حلوايل املائة شخص.
خدمني رصيفاً حبرّايً عريضاً ومسطّحاً يطفو على وجه املياه مثل حاجز لألمواج يهبطون مست ِ
َُ ُ َ
وي الصغري املتأللئ بفعل امللحّ .إّنم رجال ُمسرَ ،هزيلون، ِ
ص ّطبيعي ،ويتَّخذون أماكنهم على الساحل احلَ َ
أحرقَ ُتهم الشمس والبحر .ثياب داخليّة قصرية تكشف عن ُهزال أعضائهم ورشاقتها .فَرق األصول َ
واضح ج ّداً بينهم وبني اليهود احلاضرين ،ولكنّه غري واضح مع اجلليليّني .أقول إ ّن فينيقيّي سورية هؤالء
يُشبِهون ابألحرى الفلسطينيّني البعيدين ،أكثر ِمن الشعوب ال ُـمجا ِورة هلم .أقلَّه أولئك الذين أراهم.
الرب إيليا أن ميضي إىل صرفت اليت لصيدون ( Zarephath«نقرأ يف سفر امللوك كيف أ ََمَر ّ
،)of Sidoniansأثناء اجلَّفاف وال َقحط ال ُـم ِرهق لألرض أكثر ِمن ثالث سنوات.
سأترككم اآلن ،وسوف تقولون" :ولكن ماذا نكون؟ َحفنة ِمن رجال .ماذا َّنلِك؟ نقطة ِمن
الفداء" .أترككم ُم ِّ
كرراً كلّمات حكمة ".ومع ذلك أقول لكم" :أترككم مع مهمة اإلعالن عن زمن ِ
َ ّ ُ
وزعها بسخاء أكرب". "جَّرة الطحني ال تَفرغ وقارورة الزيت ال تَن ُقص ،إىل يوم أييت َمن يُ ِّ
النيب إيليّاَ :
َ ّ
ولقد فَـ َعلتُم ذلك ،إذ يوجد بينكم هنا فينيقيّون قد أتوا ِمن وراء الكرمل .وهذا يعين أبنَّكم قد
حتدَّثتم هلم مبثل ما قيل لكم .وهذا يُثبِت لكم أ ّن قَبضة الدقيق ونقطة الزيت َمل يَن َفذا ،بل على العكس،
َمل يتوقّفا عن االزدايد .وإذا بَدا لكم األمر غريباً أن خيتاركم هللا هلذا العمل ،بينما أنتم تَشعُرون أنّكم
بكلمتك"».
َ َفعل ما تقول ،واثِقاً
غري أهل إلجنازه ،فقولوا كلمة الثقة العظيمة" :أ َ
نشأ نفسه؟ فلقد َخلَ َق هللا «تقول :العمل نفسه َُي َمعنا .وإذن أَفَال يُ ََ
فرتض أن ُيمعكم ال َـم َ
اإلسرائيليّني كما َخلَ َق الفينيقيّني .وأولئك الذين يف سهل شارون أو اليهوديّة العليا ،ال َخيتَلِفون عن
كل لب الذين يف هذا الساحل .الفردوس لكل أبناء البشر هو ،على السواء .وابن اإلنسان أتى ِ
جل
ّ َ ّ
فرح اآلب .فلتَ ِجدوا أنفسكم إذن على الدرب ذاته، ِ
الناس إىل الفردوس .اهلدف هو بلوغ السماء ليَ َ
َحبّوا بعضكم روحيّاً ،كما ُِحتبّون بعضكم بدافع العمل.وأ ِ
عاودة اللقاء مع التالميذ .ويف انتظار ذلك اثبِروا». م ن «حينذاك ،سوف تتم ّكنون ِ
م
ُ َ
ابمسك».
َ «هناك شخص على مَت مركيبَ ،مل أكن راغباً به ،وقد أتى
« َمن هو؟»
مك».
«رؤية معلّ َ
ينتظرك.
َ «أمل يُصبِح معلّمك كذلك؟ ملاذا اي صديقي ُمو َ
اصلة املماطلة؟ َهلُ َّم إىل النور الذي
إليك ويبتسم».
انظر كيف يرنو َ
«كيف سيستقبلين؟»
«َمموعة ِمن عُ َّمال املناجم نَزلوا إىل منجم حيث كانوا يَعلَمون بوجود كنوز ُمبّأة جيّداً يف
لكن األرض صلبة والعمل ُم ِرهق.
أعماق األرض .وبدأوا ابحلَفر .و ّ
ِ ِ
فعاملوه
سخرون من رئيس الفريقَ ، َخذوا يَ َ
آخرون أ َ
ومضواَ .تَعب عدد كبري منهم ،فَـَرموا َمعا ِوهلم َ
ِ ِ
ضب، وضَربوا ابطن األرض بِغَ ََكشبه أبله .آخرون َعتبوا على مصريهم والعمل واألرض واملعدنَ ،
صلوا إىل ُُم ِطّمني ِعرق املعدن إىل أجزاء غري صاحلة لالستعمالُ ،ث ،وبعد أن خَّربوا كل شيء وَمل ي ِ
َ ّ َ ّ
عام َل طبقات األرض ال ُـمقا ِومة بِلِني
يبق سوى واحد ،األكثر مثابرةَ . نتيجةَ ،مضوا ُهم كذلك .مل َ
وح َفَر أعمق ،وانتهى إىل اكتشاف ِعرق معدن ِ
أي شيء ،قام مبحاوالت كثريةَ ، ليَث ُقبها دون ُتريب ّ
عامل املنجم؛ وبواسطة املعدن الفائق النقاء الذي اكتَ َش َفه ،استطاع الشروع مثّني رائع وكوفِئت مثابرة ِ
َ
أبعمال عديدة ،وحتصيل أَماد كثرية ،واحلصول على زابئن عديدين ،أل ّن اجلميع كانوا يَر َغبون هبذا
الغاضبون ،على شيء. املعدن الذي مل يكتَ َشف بِغَري املثابرة ،وحيث مل َُيصل اآلخرون ،الكساىل و ِ
َ ُ
لكن الذهب ال ُـمكتَ َشف ،كي يكون َجيالً ابلدرجة املطلوبة لالستخدام يف الصياغة ،ينبغي له
و ّ
بدوره املثابرة على اإلرادة يف إمتام الشُّغل عليه .فإذا كان الذهب ،بعد ّأول عملية اكتشاف ،ال يريد
دائي ال يكفي للنجاح، ِ
يظل َخاماً ،وال ميكن صياغته .تَـَرون إذن أ ّن احلماس الب ّ
َحت ُّمل املصاعب ،فإنّه ّ
ال َكرسول وال كتلميذ وال كمؤمنُ .يب املثابرة.
1945 / 08 / 13
ِمن ذلك أُد ِرك أ ّن غياب يسوع آنذاك دام أكثر ِمن يوم ،ويف أثنائها كان على مرمي اجملدليّة،
ِ
ف ثوهبا. اليت ليس لديها سوى ثوب وحيد ،البقاء ُُمتَبِئة ّ
حّت َُي ّ
الصالح».
ظ ّأّنا ال تتش ّكى أبداً! َمل أ ُكن أظنُّها أصبَ َحت هبذا َّ
ُّتيب سوسنة« :حلسن احل ّ
اضع واحلِشمة .اي هلا ِمن فتاة مسكينة! ابحلقيقة لقد كان الشيطان «بل ِ
عليك القول :وهبذا التَّو ُ
حّت عادت إىل طبيعتها ،فبالتأكيد هكذا كانت حينما كانت صغرية». ِ
يُع ّذهبا! وما أن َحَّرَرها يسوعي ّ
تتحاداثن ،إىل البيت َحت ِمالن الثياب املغسولة.
وعاد َات ،وِها َ
َ
ويف تلك األثناء ،كانت مرات ُم َنه ِمكة يف املطبخ يف إعداد الطعام ،بينما العذراء تَغسل اخلضار
حناسيُ ،ثّ تقوم بطهيها ِمن أجل العشاء.ّ يف وعاء
بعد قليل .تعود األُختان معاً« .شكراً لكما ،أنتما االثنتني .فإ ّن تضحية ارتداء ذات الثّوب
لع ّدة أايم كانت األكثر عناء ».تقول مرمي اجملدليّة ُمبتَ ِسمة« .اآلن تبدو يل مرُية».
أنت يف حاجة إىل ذلك ،بعد ح ِ
بسك الطويل». «اجلسي يف اخلارج ،فهناك نَسيم عليل .حتماً ِ
َ َ
َضعف ِمن أُختها ،استطاعت ارتداء واحد ِمن ثياب
تُبدي مرات رأيها ،وهي اليت ،ابعتبارها أَصغَر وأ َ
غسل.
سوسنة أو مرمي اليت حللفا ،بينما كان ثوهبا يُ َ
املرة تدبَّران أنفسنا هكذا .إّّنا مستقبالً ،فسوف نُرتِّب حقيبة صغرية لنا ِمثل األُخَرايت،
«هذه ّ
نتعرض هلذا العناء ».تقول مرمي اجملدليّة.
ولن ّ
«كيف؟ هل تَنويِن أن تتبعيه ِمثلنا؟»
«ابلتأكيدّ .إال إذا أ ََمَرين عكس ذلك .أان ماضية اآلن إىل الشاطئ ألراه إذا ما كان قد عاد.
هل يعودون هذا املساء؟»
آمل ذلكُّ ».تيب مرمي ال ُكلّيّة القداسة« .إنّين قَلِ َقة لذهابه إىل فينيقية ،ولكنّين أُف ِّكر أنَّه مع «ُ
أود لو يَعود ِمن الر ُسل ،وأُف ِّكر كذلك أ ّن الفينيقيّني ،قد يكونون أفضل ِمن كثريين آخرين .ولكنّين ُّ ُّ
اجلليلي، م ل
ّ عامل مع أجل الناس الذين ينتظرونه .فعندما َذهبت إىل النبع أوقَـ َفتين أُم قائلة يل" :هل ِ
أنت
ّ ّ َ ُ
لت بيتاً ِ
ود َخ ُ الذي يُدعى املسيح؟ تعايل إذن وانظري إىل َولَدي .ها قد مضى عام واحلُ ّمى تُرهقه"َ .
كأين به وردة صغرية تَذبُل! سوف أقول ذلك ليسوع». ِ
صغرياً .واي ل َلولَد املسكني! و ّ
تقول مرات« :هناك آخرون يَسأَلون الشفاء .والشفاء أكثر أِهيّة ِمن التعلُّم».
« ِمن الصعوبة مبكان أن يكون املرء روحيّاً ابلكامل .فإنّه دائم االستماع إىل نداء اجلسد
وحاجاتهُّ ».تيب العذراء.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 230 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«حينئذ ،وبعد املعجزة ،يُولَد الكثريون حلياة الروح».
«نعم ،اي مرات .ولذلك َُي َِرتح ابين معجزات كثرية .رأفة ابإلنسان ،إّّنا كذلك كي يَش ّده ،هبذه
الوسيلة ،إىل طريقه اليت ،بغري ذلك ،الكثريون ال يتبعوّنا».
ب مع يسوع ،وكذلك العديد ِمن األندوري إىل البيت .ذلك أنّه مل يكن قد ذَ َه َ
ّ يعود يوحنّا
صل مرمي التالميذ الذين كانوا قد َذهبوا إىل البيوت الصغرية اليت يقطنوّنا .ويف الوقت نفسه تقريباً تَ ِ
َ َ
فت عليها جيّداً». تعر ُ
صلواّ .إّنا املراكب اخلمسة اليت أحبََرت فَجر أمس .لقد َّ
اجملدليّة قائلة« :لقد َو َ
آخذ هلم املاء ،فالنبع ابرد ج ّداً ».تقول مرمي اليت حللفا، ِ
«سيكونون تَعبني وظمآنني .سوف ُ
وُت ُرج حاملة اجلِّرار.
َ
«انظري إىل مسعان واآلخرين كيف يُدبِّرون أمورهم .إ ّّنم يَتبَعون مركب القبطان بشكل رائع .ها
القوي يف ذاك املوضع. ِ
ويتوجهون اآلن إىل عرض البحر ،ليَدوروا حول اجملرى ّ ُهم يتجاوزون الرصيف؛ ّ
األندوري.
ّ كل شيء اآلن على ما يرامَّ .إّنم على وشك أن يكونوا هنا ».يقول يوحنّا هو ذاّ ...
ابلفعل ،تَ َِ
قرتب املراكب أكثر ،ويتميّز الذين فيها.
أخ َفته
حّت ْ
قامته بكامل َعظَ َمتهاّ ،
ض وبَ َدت َ األول ،ومعه اسحق .لقد َّنَ َ يسوع يف املركب ّ
ماراً أمام النساء ِ األشرعة للحظات .ابلفعل ،يَ َنع ِطف املركب ،يَدور
ليستقر يف محَى الرصيف الصغريّ ،
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 231 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
اللوايت هن فوق الرصيف متاماً .يبتسم يسوع يف حتية هلن ،بينما يس ِرعن يف املشي لِي ِ
صلن ،يف نفس َ ُ َ ّ ّ ُّ
الوقت ،مع املركب ،إىل املوضع الذي يَرسو فيه.
صلناو ـ
َف عنه، بحث ن اّكن الذي تنال
ّ ضا د كنت قَلِقة؟ يف صيدون َمل َِ
جن كك هللا اي أُمي .هل ِ
«ابر ِ
ََ ّ َ
َعهد به ِ
يود لو نُث ّقفه .وأان أ َ
تعال اي هرمست ...اي يوحنّا ،هذا الشاب ّ إىل صور ،وهناك َو َجدانهَ .
إليك».
َ
ينتظرونك ».يقول يوحنّا
َ كلمتك .شكراً اي معلّم! هناك الكثريون
َ أخذلك بتثقيفه حسب
َ «لن
األندوري.
ّ
حلضورك».
َ بين ،وأ ُّمه ِّ
متلهفة «وأيضاً هناك مريض صغري مسكني ،اي ّ
«سأمضي إىل هناك يف احلال».
ابدأ مبعرفة
أنت كذلك اي هرمست .و َ «أع ِرف َمن يكون اي معلّم .أر َ
افقك إىل هناك .تعال َ
األندوري.
ّ صالح سيّدان الالمتناهي ».يقول
ومن الرابع اندراوسِ ،
ومن اخلامس يوحنّا، ومن الثالث يعقوبِ ،
ويهبِط ِمن املركب الثاين بطرسِ ،
َ
يتجمعون حول يسوع الراببِنة األربعة ،يتبعهم ُّ
الر ُسل اآلخرون ،والتالميذ الذين كانوا معهم والذين َّ َّ
ومرمي.
«اذهبوا إىل البيت .سآيت أان أيضاً يف احلال .ويف هذه األثناءَ ،هيِّئوا ما يَ َلزم للطعام ،وقولوا
للذين ينتظرون إنّين سأحت ّدث يف املساء».
الرسم ،فقد َر َمسَته أُّمنا على الثوب الذي لَبِسه لعازر ،عندما سافَـَر
تقول مرات« :نَظَراً جلمال هذا َّ
ُرسلهإىل األراضي السورية ،لالستمالك فيها .ولقد احتَـ َفظت به ،ألنّه كان آخر ُشغل بيد أُمنا .سوف أ ِ
ّ ُ ّ
ِ
لك».
«سوف أشتَغِله وأان أُصلّي ِمن أجل أم ِ
ك». ّ
خاصة املرضى منهم… فرق التالميذ لِ
جمعوا الذين يُريدون املعلّمّ ،
َ َي بـَلَغوا البيوت ،وتَ َّ
األندوري وهرمست ،وَميّر ُُميّياً وسط الذين يَتدافَعون أمام البيوت الصغرية.
ّ يَعود يسوع مع يوحنّا
ابتسامته بـََركة.
يَدفَعون إليه مريض العيون الذي ال ُمي ِكن حتاشيه ،فهو ِشبه أعمى ،على إثر التهاب عينني
صيين، ثلمقرحي ،ويشفيه .بعده جاء دور ذاك الذي قد أُصيب ابملالراي حتماً ،فهو هزيل وأصفر ِ تَ ُّ
ّ َ َ ُ
ف ،وتُشري إىل طفل مل عجزة خاصة :تَطلُب حليباً لِ
ويشفيهُُ .ث تَطلُب منه امرأة م ِ
صدرها الذي َج ّ َ ّ ُ ّ ُ
عرض لعمليّة تسخنيّ .إّنا تبكي. امحر وكأنّه ُم َّ
يتجاوز عمره بضعة ّأايمُ ،مصاب بسوء تغذية وقد َّ
«تَرى أ ّن لدينا وصيّة طاعة الرجل واإلجناب ،ولكن ماذا يُفيد ذلك ،إذا ُكنّا نَرى بعدئذ أوالدان ُس َقماء؟
الصدر العقيم .وهذا اآلنلت اثنني منهم إىل القرب ،بسبب هذا َّ ِ
أوص ُ
الولَد الثالث الذي أُجنبه ،وقد َ
إنّه َ
«ابلطبع سيتدفَّق».
«أان أقول إ ّن الصيب سيعيش ،إّّنا لن يتدفَّق احلليب ،وهكذا تكون معجزة يف ذلك ،إذا عاش.
فهو اآلن مائِت ِمن احلرمان».
«ال».
تناول طعامه .وعندما َخي ُرجيوُتتلِف اآلراء حسب األشخاص .ويف أثناء ذلك ينس ِحب يسوع لِ
َ َ ََ ََ
للوعظ ِمن جديد ،يكون عدد الناس قد ازداد .ابلفعل َّ
إن َخ َرب معجزة الطفل املصاب ابحلُ ّمى اليت َ
اجرت َحها يسوع منذ نزوله من املركب ،قد انتَ َشر يف املدينة.
ََ
الرب الوصول أثناء هبوب
إيل .فال ميكن لصوت ّ «سالمي أُعطيكم ،لتهيئة نفوسكم لالستماع ّ
ألّنا آتية ِمن هللا .و ّ
الضيقات كل اضطراب يُسيء إىل احلكمة ،ذلك ّأّنا َسالميّةّ ، العاصفة .فإ ّن ّ
والشكوك هي ِمن أعمال الشيطانِ ،جلَعل أبناء البشر يَضطَ ِربون ويَبتَعِدون عن هللا.
"ُيب قَلع هذا اجلذع .فهو الذي َُي َعل ال َكرمة َعقيمة".
كل شيء كان يف مصلحة حياهتا :األرض ،الوضعيّة ،النور، "على العكس ،فقد قَـتَـلَهاَ ،خنَـ َقهاّ .
لكن هذه الشجرة قتلتها .فقد أصبحت قويّة ج ّداً ،وتشابَ َكت الشمس والعناية اليت َمنَحتَها ّإايها .و ّ
وسدَّت عليها ال َـمنافِس لِتَمنَعها ِمنَ األرض، ن اجلذور حّت خنَـ َقتها ،ذلك ّأّنا أَخ َذت النَّسغ كلّه ِ
م َ ّ َ
التنفس واالستفادة من النور .اقطع هذه الشجرة القويّة يف احلال ،فهي ال تُفيد يف شيء ،وستعيش
عري جذور الدردار تكرمتك ِمن جديد .وسوف تعيش بشكل أفضل إذا ما ح َفرت األرض بتأ ٍّن لِ
ّ ُ َ َ َ َ
شعباهتا متوت يف األرض ،وبَ َدل أن تُسبِّب املوت ،تعطي وتَقطَعها ،لتتأ ّكد ّأّنا لَن ُُتلِّف ،بل أ ّن تَ ُّ
ألّنا ستُصبِح مساداً ،وذاك هو العِقاب ال ُـموائِم ألاننيّتهاّ .أما اجلَّذع فَـتَحرقه ،لتستفيد منه. احلياةّ ،
كل ما هوفالشجرة اليت ال نفع منها واملؤذية ال تصلح لغري النار ،وُيب قَ َلعها ،وذلك كي يَذ َهب ّ
صاحل إىل الشجرة الصاحلة واملفيدةِ .آمن مبا أقول وستكون مسروراً".
"واآلن ما قولكم؟ هل كانت الشجرة هي اليت ُمتيت َك َرميت ،نعم أم ال؟ هل كان احلكيم ُُييد
كنت ُُِم ّقاً يف كتابة كلمة ‘اإلميان’ على اللوحة ،نعم أم ال؟" يقول الرجل
الكالم ،نعم أم ال؟ هل ُ
ألصدقائه ال ُـمتش ِّككني.
ذاك هو احلال ابلنسبة إىل ال َـمثَل .وهي ذي اإلجابة ابلنسبة إىل املرأة جافّة الثَّديَني .انظروا
صوب املدينة».
الرب معكم».
امضوا بسالم ،وليكن ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
ِ
والسندان") ( -116يسوع يقول ملرمي اجملدلية" :سأُح ّ ِ
ضرك ابلنار ّ ّ
1945 / 08 / 14
املرة ،النساء يف الطليعة ،مع يوحنّا والغيور ويوضاس ت ّداوس ويعقوب بن حلفا ،الذين هذه ّ
ماحلة َوزلِقة .الغيور
ساعدون النساء يف اجتياز األرصفة الصغرية الـمنت ِشرة هنا وهناك ،الرطبة رطوبة ِ
َ ُ َ ُ
ي ِ
ُ
يهتم أب ُّمه وسوسنة ،وت ّداوس ال يَدع ألحد
مع مرمي اجملدليّة ،يوحنّا مع مرات ،بينما يعقوب بن حلفا ّ
ِ
املمرات
ساعدهتا يف ّ شرف أن َأي ُخذ بيده القويّة الطويلة اليت تُشبِه يَد يسوع ،يَد مرمي الصغرية ،ل ُم َ
كل منهم يتح ّدث ،مع اليت يُرافِقها ،بصوت خافِت .اجلميع يُريدون ،على ما يبدو ،احرتام الصعبة .و ّ
َّ
َغفوة األرض.
لدي منها ابلفعلّ .أما إذا أراد يسوع أخذي إىل األعلى لِيُح ِّدثين على انفراد ،فإ ّن يف
«ليس ّ
أنت اي أُميِ ،
أنت أ ُّمي احلبيبة ،اليت ذلك إشارة إىل إنّه ال يريد ألحد أن يع ِرف ما يبغي قوله يل .و ِ
ّ َ
ك ،وكذلك األمر ابلنسبة ملشيئتهّ .إال أنّين سوف أسأله، أ ُِحبُّها كثرياً ،ولكن حيب ليسوع يفوق حب ِ
ّ ُّ
أنت مسرورة؟» لك .هل ِ عندما ُيني الوقت ،إذا كان إبمكاين البوح بكالمه ِ
ود القول إنّه ،ومبا أ ّن املعمدان قد أُلقي القبض عليه ،فهو وحده الذي بَقي نبيّاً يف
«رّمبا كان يَ ّ
يتعني على هللا أن َُي َفظه طويالً لتثقيف الشعب ».تقول سوسنة. إسرائيل ،وإنّه َّ
علي تصديق أ ّن يسوع يَطلُب البقاء طويالً .فبالنسبة إليه ،هو ال ِ
«هوم! ( ُهتَمهم) يَصعُب ّ
ك!» يَطلب شيئاً ...هيّا اي يعقويب احلبيب ،قُل أل ُّم َ
« َعيب هو الفضول اي أ ُّمي .إنّه أمر ال نَفع منهَ ،خ ِطر ،وأحياانً مؤمل .قُومي بِِفعل إماتة َجيل»...
سجن ،أو قد يُقتَل؟» تَسأل مرمي اليت حللفا ُمضطَ ِربة. «أواه! أكا َن ي ِ
قصد َّ
أخاك سوف يُ َ
أبن َ َ
إن يوضاس ليس "كل األنبياء" ،اي أمي ،حّت ولو كانت احملبة ال َقلِ َقة اليت يف داخل ِ
ك ّتاه « َّ
ّ ّ ّ ّ
كل واحد ِمنهم هو العامل أبسره»...
ّ ن
ّ أ العتبار ِ
تدفعك ، ِ
أبنائك
«أُف ِّكر كذلك ابآلخرين ،ألنّه ...ألنّكم تُ َش ِّكلون ،ابلتأكيد ِجزءاً ِمن أنبياء املستقبل .إذن...
بقيت وحيداً ،فهي إشارة إىل أ ّن اآلخرين ،إىل أ ّن يوضاسي... أنت َ بقيت وحيداً ...إذا َ
إذن ،إن َ
أي
آه! »...مرمي اليت حللفا ترتك يعقوب وسوسنة ،وكصبيّة ،تَعود بنشاط إىل اخللف ،دون إعارة ّ
صل إىل َمموعة يسوع ،وكأ ّن أحداً ي ِ
الحقها. اهتمام للسؤال الذي يطرحه عليها ت ّداوس .تَ ِ
ُ َ َ
كل شيء يُغ َفر لقلب أ ُّم .تعايل هنا اي ِ ِ
لكن ّ«آه! َكم من الدموع تُذرف من غري ما فائدة! و ّ
ك حينذاك كذلك أ ّن األمل العظيم الذي ِ
كنت ُتتَِربينه، ميتك مرة ،ووعدتُ ِ
ِ
َّدت عز َ ّ مرمي .ال تبكي .لقد َشد ُ
وألوالدك »...ويضع يسوع يده على كتف امرأة ِ لك ِ
وحلَلفاك ك تنالني ،لدى هللا ،نِعماً عظيمةِ ، جعلَ ِ
ََ
ِ
عمه ليَسحبها إىل قُربِهَ ...
وأي ُمر الذين كانوا معه« :أنتم اذهبوا إىل األمام»... ّ
مات وهو يَذ ُكرين .وهلذا
لكالواب« :وَمل أكذب .فحلفا َ
ّ ُُثّ يُعا ِود احلديث ،وحيداً ،مع مرمي اليت
درك ،إىل املسيح الذي مل يكن ـملا غري يب ر الق إىل االهتداء هذا هللا. لدى هال
ّ ك ديونه ت ي السبب أُلغِ
ُ َ َ
يريد التعرف إليه سابقاً ،يعود ال َفضل فيه إىل أ ِ
ملك ،اي مرمي .وهذا األمل الذي ُتتَِربينه اآلن سوف ّ
يؤدي ّ
ِ
حبلفاك». رتدد ويوسف العنيد إىل االقتداء ِ
بسمعان ال ُـم ّ
«نعم ،ولكن ...ماذا ستفعل بيوضاس ،ابين يوضاس؟»
«ال ،ال .ففي هذا الكالم َخطَر ُمبطَّن .آه! اي يسوع! آه! اي يسوع!»...
تَعود مرمي العذراء كذلك إىل اخللف ملؤاساة ِسل َفتها يف األمل الذي َمل تَع ِرف بعد طبيعته ،وعندما
تَع ِرفه ،أل ّن ِسل َفتها ما أن رأهتا إىل جانبها ،حّت اشت ّد بكاؤها وهي تُشا ِركها ،حينئذ تُصبِح ِ
شاحبة ُ ّ
أنت .ال ،ليس املوت البين يوضاس»... أكثر ِمن القمر نفسه .فَـتُـهم ِهم مرمي اليت حللفا« :قويل لهِ ،
َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 244 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
هرب الدم ِمن وجه مرمي العذراء أكثر ِمن تلك ،وتقول هلا« :وهل ميكنين طَلَب هذا ِمن فَـيَ ُ
أجلك ،يف حني أنَّين غري قادرة على طَلَب اخلَالص ِمن املوت البين بِذاته؟ مرمي قويل معي" :لِتَكن ِ
مشيئتك ،أيّها اآلب ،يف السماء وعلى األرض ويف قلوب األ ُّمهات" .فإ ّن إمتام مشيئة هللا َع ْرب َمصري َ
ومن جهة أخرىَ ...مل يـَ ُقل أحد إ ّن على الفداء ابلنسبة إلينا ،حنن األمهاتِ ... األوالد هو استشهاد ِ
ّ
صل إىل عُمر متق ِّدمَ ،كم التك له اآلن كي ي ِ
َ
موتك .وص ِ
َ
يوضاس أن يقتَل أو ميوت ،أو أن يقتَل قَبل ِ
ُ ُ
وع ْرب أنوار هللا، ِ
احلقَ ،
احلب و ّكل األشياء ،من خالل ملكوت ّ ستكون ثقيلة الوطأة ،حينما َس ََرتين ّ
ك َكمغبوطة ،وكأ ُّم ،سوف تَر َغبني أبن يكون أمومتك الروحية .حينئذ سأكون أان متأ ّكدة ،أبنَّ ِ ِ وع ْرب
َ
ّ
جانبكِ ،من جديد ،وعلى ِ وستتأججني كي يكون إىل َّ يوضاس َشبيهاً بيسوع يف مصريه كفادي،
ب ،على ما أَظُ ّن، الدوام .فإ ّن االبتعاد عن األوالد هو َعذاب لأل ُّمهات ،إنَّه أََمل عظيم ،يَدوم َك َقلَق ُح ّ
حّت يف السماء اليت تَستَقبِلنا». ّ
عودون إىل اخللف ملعرفة ما
الوليدَ ،ج َعلَت اجلميع يَ ُ
القوي يف صمت الفجر َ ُدموع مرمي وبكاؤها ّ
سمع كلمات مرمي العذراء ،فَـيَسري التأثُّر على اجلميع.
الذي َجرى .وهكذا تُ َ
حّت هنا ِ
بت هذا التربيح (العذاب الشديد) أل ُّمي ّ
تبكي مرمي اجملدليّة وهي تُـتَمتم« :وأان قد سبَّ ُ
على هذه األرض».
النُّور ،أثناء االنتقال ِمن الليل إىل النهار ،كان قد َخبا ،ذلك أ ّن القمر قد غاب ،والنهار مل يَبزغ
فقي قصري .بعد ذلك مباشرة يكون النورّ ،أوالً بلون الرصاصُ ،ثّ مييل إىل بَعد .ولكنّه فاصل َش ّ
احللييب مع آاثر زرقاء ،يف النهاية يُصبِح واضحاً ،يكاد يكون ِمثل
ّ الرماديُ ،ثّ إىل األخضر وُثّ إىل
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 246 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الرملي الرطب الذي احنَ َسَرت عنه
سهالً الدرب على الشاطئ ّ الالماديّة ،ويتأ ّكد ابستمرارُ ،م ّ
ّ الفضة
ّ
وشك أن يُناراملوجة ،بينما تستمتع العني برؤية البحر ،الذي أصبح لونه األزرق فاحتاً أكثر ،والذي ي ِ
ُ ََ
حّت يُصبِح ِ
وردايً أكثر نقاءّ ،
الفض ّي لوانً ّ
بسطوع متأللئة كاجلواهرُ .ثّ اهلواء أييت ليُضفي على لونه ّ
وردايً مييل إىل األمحر ،على البحر ،على الوجوه ،على ذهب للفجر ،غيثاً ّ الوردي ال ُـم َّ
ّ هذا اللون
إيل ،األَجل ِ ِ
األرايف ،مع تبايُن ألوان أكثر حيويّة ،تَصل إىل ملء كماهلا يف اللحظة اليت هي ،ابلنسبة ّ
أشعة هلا على اجلبال ل أو ة، الشرقي حدودها ج خار ز يف اليوم كلّه ،عندما تَنشر الشمس ،اليت تَ ِ
قف
ّ ّ ّ ُ
كل األلوان ،إن ِ
واملنحدرات ،على الغاابت واحلقول ،وعلى املساحات الواسعة للبحر والسماءُ ،مظهرة ّ
الفض ّي
يتحول إىل أخضر اليشب ،أو يكن بياض السماء ّ تكن بياض ثلج أو ْنيل اجلبال البعيدة الذي ّ
املعرق للزبرجد ،واملخطَّط لآللئ البحر.
الوردي ،أو يكن الياقويتّ َّ
ّ خيف ليتل ّقى اللون
الذي ّ
واليوم ،البحر هو معجزة َجال حقيقيّة .فهو ليس ميتاً بسكون ثقيل ،وال مضطرابً مبعركة رايح،
ِ ظهر عليه حياة عظيمة أكثر حيويّة ،أبمواج خفيفة ج ّداًُْ ،حت ِدثها ُّ
متوجات مكلَّلَة بِعُرف من َ
الزبَد. إّّنا تَ َ
صل إىل دورا قبل أن تصبح الشمس ُملتَ ِهبة ،ونُعا ِود الرحيل عند الغَ َسق .وغداً ،ستكون«سنَ ِ
َ
كن ،ابلتأكيد .وهناك
بتكن تنتظر ّ
تعبكن ،اي أخوايت .وحنن كذلك سوف نسرتيح .عر ّ ّ يف القيصريّة خامتة
كل املرميات يبكني؟» يقول يسوع اليوم د فرتق ...ملاذا تبكني اي مرمي؟ هل ينبغي يل أن أ ِ
ُشاه سوف نَ َِ
ّ
ملرمي اجملدليّة.
توشك على املغيب .واملسافرون يسريون ابّتاه القيصريّة. لست أرى مدينة دورا .الشمس ِ
ُ
ص َل ذلك يف َع َجلَة ،وليس فيه ما يُشار إليهّ .أما البحر ولكنّين مل َأر التوقّف يف دورا .وقد يكون َح َ
فيبدو متوهجاً يف سكونه ،ويعكس لون السماء األمحر ،األمحر الذي يكاد يكون وِهيّاً ،لش ّدتهَ .حت َسبه
َدماً مراقاً على قبّة السماء.
وجد حيواانت مائية ميكنها أن تُسبِّب«صحيح أنَّه ليس النيل ،إّّنا يف مياهه ،وعلى شواطئه ،تُ َ
وح َذر ،وال َخالِعاً النَّعل ،لتفادي اجلِّراح».
األذى .فيجب ّأال َميّر أحد دون حيطة َ
«آه! ما تَراها تكون؟ متاسيح؟»
ويتوجهون صوب الداخل ،إىل أن يَبلغوا طريقاً رئيسيّة يف منتصف الدرب، ِ
يُغادرون الشاطئّ ،
التقوس ،على ّنر صغريَ ،مراه عريض ،إّّنا حيث ُيري، ِ
بني الروايب والبحر .يَصلون إىل جسر شديد ّ
حر ِ
صب ،شبه جاف ،بسبب ّ شاهد اخليزران وال َق َ
ضحلَة ،وسط اجملرى ،وحيث ال ماء ،يُ َفمياهه َ
الصيف .ويف فصول أخرى ،تُش ِّكل ُج ُزراً صغرية وسط املاء .على الشواطئ ،من جهة أخرى ،أدغال
وأشجار كثيفة.
ولكن مرات تبقى يف اخللف ِحبَ َذر .وكذلك سوسنة ،فال مزاح يف ذلك ...مرمي اليت حللفا أكثر
الر ُسل غري خائفني ،يف احلقيقة،شجاعة ،وابحملافظة على احلَ َذر ،تبقى قرب َولَ َديها ،تتق ّدم وتَنظُرُّ .
تكرَمت وأدارت رأسها ببطءُ ،لرتى املستحبَّة ،اليت َّ
َ ويَنظُرون ،ويُبدون تعليقاهتم على هذه الدابّة غري
صرخة يضايقوّنا. الذين لئك وأ صوب التوجه يد
ر ت ا كأّن
ّ وتبدو كة،
ابحلر تتظاهر ُث األمام. ن كذلك ِ
م
َ ّ
لكالواب .ولكن مرمي
ّ أُخرى ِمن مرات اليت ترتاجع ،اثنية ،إىل اخللف ،وتقتدي هبا اآلن سوسنة ومرمي اليت
(خاصرهتا)َ ،هتبط ِمن
ِ تلقت الضربة يف كشحها لم حصاة وترميها على الدابة .وتلك ،وقد َّ اجملدليّة تَ ّ
الشاطئ وتغوص يف املاء.
«تق ّدمي أيّتها اخلَّوافةَ ،مل تَـعُد هنا ».تقول ألختها ،وتقرتب النساء ِمن بعضهن.
يوطي.
«هل صحيح ،اي معلّم ،أ ّن أضاحي بشريّة كانت تُـ َقدَّم هلا يف وقت ما؟» يَسأَل االسخر ّ
ِ
تمم حنن األضاحي املقدَّمة إلهلنا،
«كان التمساح يُعتََرب حيواانً مق ّدساً .كان مبثابة آهلة ،وكما نُ ّ
فعلون ذلك ،ابملمارسات واألخطاء اليت كان يَفرضها ظَرفُهم». فَـ ُهم ،الوثنيّون املساكني ،كانوا يَ َ
«ولكن ،هل انتهى ذلك اآلن؟» تَسأَل سوسنة.
األندوري.
ّ أظن أ ّن ممارسة ذلك يف األصقاع الوثنيّة ِمن األمور املستحيلة ».يقول يوحنّا
لست ُّ
« ُ
قل؟» ِ
«اي إهلي! ولكن هل يُق ّدموّنم أموااتً على األ ّ
حّت اآلن ،يقول« :ال ُتافوا أبداً ،يَكفي إحداث أصوات كثرية
هرمست ،الذي ظَ َّل صامتاً ّ
البحري.
ّ كنت ،و ّملرات عديدة ،يف مصر ،الوجه
الكل .أان عارف بذلك ،فلقد ُ حّت يهرب ّ
ّ
املمر اخلَ ِطر. اجتياز مت
َّ لقد األشجار. جذوع بون ر ضوي أبيديهم قون يعا ِودون املسري وهم يص ِّ
ف
ّ َ ُ ُ
و َّاُتَ َذت مرات مكاانً هلا قرب يسوع ،وهي تَسأَل كثرياً« :أصحيح أنّه َمل يـَعُد هلا وجود اآلن؟»
ويهز رأسه مبتسماً ،ولكنّه يُطمئِنهاَ « :سهل شارون ما هو ّإال َجال ،وها حنن
يَنظُر إليها يسوع ّ
قد أدركناه .إّّنا اليوم ،يف احلقيقة ،النساء التلميذات قد فاجأنَين! ح ّقاً لست أدري ملاذا ِ
أنت َهلوعة ُ
إىل هذا احل ّد».
تتوسل املسكينة.
«آه! الرمحة! الرمحة! ال تشي يب إليهَّ ».
لست بضاعة( ...تتجاسر املرأة عندما ترى أ ّّنا َو َج َدت أُانساً يتعاطفون
«أل ّن يل نـَ ْفساً .فأان ُ
لست بضاعة .هو اشرتاين ،صحيح .إّّنا ميكنه ِشراء شخصي لتزيني بيتهِ ،ألُهبِج أوقاته معها) أان ُ
حّت األرض.
وحتين جبهتها ّ
أنت؟ اي إله األكروبول اجملهول ،سالماً!» َ
« َ
ٍ
فماض إىل القيصريّة». ِ
ميكنك البقاء هنا .و ّأما أان «ال
«اي معلّم ،ابلتأكيد ،عربتنا يف املكان املتّفق عليه تنتَ ِظر .أ ِ
َرسل َمن ُخي ِطرهم .يف العربة ستكون َ ََ
نصح مرمي اجملدليّة.
أبمان كما يف بيتنا ».تَ َ
بتعاليمك .وسوف تُنتَ َشل
َ «آه! نعم اي سيّدي .عندان ،مكان امساعيل العجوز .وسوف نُث ِّقفها
تتوسل مرات. ِ
من الوثنيّةّ ».
«هل تريدين اجمليء معنا؟» يَسأل يسوع.
أتباعك ،على ّأال أكون مع ذلك الرجل .ولكن ...ولكن هنا امرأة قالت يل ّإّناَ أي ِمن
«مع ّ
كانت تعرفه .أفلن َُتونَين؟ ألن أييت رومانيّون إىل بيتها؟ أال»...
ندخل املدينة».
«مسعان ومسعان بطرس ...اذهبا وأتيا ابلعربة .سننتظركما هنا .وبعد ذلك سوف ُ
َأي ُمر يسوع.
العَربة الثقيلة املغطّاة عن وصوهلا ،بصوت احلوافر واإلطارات ،وابلقنديل املعلَّق يف ِ
عندما تُعلن َ
األعلى ،يَ َنهض الذين كانوا يَنتَ ِظرون على قارعة الطريق ،حيث تَ ّ
عشوا ابلتأكيد ،ويتق ّدمون إىل الطريق.
«اذهيب ابطمئنان اي سينتيكا .غداً ،سنأيت حنن كذلك .وداعاً ».يقول يسوع ُميّياً إ ّايها .ويُتابع
الطريق إىل القيصريّة…
تعج ابلناس الذين يتن ّـزهون على ضوء املصابيح أو الفوانيس اليت َُيملها العبيد الطريق البحرية ّ
حر الصيف اخلانِق .وهؤالء املتن ِّـزهونّ من نيَتـَبويتنشقون اهلواء البحري الذي ينعِش كثرياً الرئتني التَّعِ
ُ ّ ّ
ينتمون إىل أغنياء الرومانيّني .فاليهود يف بيوهتم ،ويتل ّقون االنتعاش ِمن على ُشرفاهتم .والطريق البحرية
تُشبِه صالة َرحبَة ج ّداً يف وقت الزايرات .التن ّـزه هناك يَنطَوي على مالحظة تَفاصيل الفرد كلّها .ومع
سخر. ِ ِ ِ
ذلك فإ ّن يسوع َميّر من هناك ...وعلى مدى املتَـنَـَّزه كلّه ،دون االكرتاث مبَن يَنظُر إليه ،ويُعلّق ،ويَ َ
أأنت هنا؟ يف هذه الساعة؟» تَسأل ليداي اجلالسة على أريكة َمحَلَها الصبيّة إىل حافة
«اي معلّمَ ،
الطريق ،وتَ َنهض.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 257 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
رت .أَحبَث عن مأوى». آت ِمن دورا ،وقد َّ
أتخ ُ
«أان ٍ
حق ،فليست ليداي هيعينا مرمي تُنبِئان عن عذاب غزالة يف موقف ال ُحت َسد عليه .وهي على ّ
الوحيدة اليت عليها مواجهتها ،بل هناك أشخاص عديدون يَنظُرون إليها ...بينما هي تَنظُر إىل يسوع
وتستم ّد منه الشجاعة.
«صحيح».
«إذن ،فلقد خسر ِ
انك».
صداقة فُضلى ،على الدرب الذي وجدُّته األقل ،آمل أن ألقاكم يوماً ،وبِ َ ُّ
«ال بل وجدمتوين .على ّ
الشر الذي رأيتِين أفعله ،أَطلُب
ّ ّ كل انسي ليداي. ا
ً وداع . ِ
أرجوك لكل الذين أعرفهم،
أخرياً .قويل ذلك ّ
الصفح»... ِ
منك َّ
«ولكن اي مرمي! ملاذا َحتطّني ِمن ِ
قدرك؟ فلقد عشنا حياة الثراء ذاهتا ،والبطالة ،وليس هناك»...
1945 / 08 / 17
ِ
يُعا ِودون املسريّ ،
متوجهني صوب الريف.
لكالواب وسوسنة ،على بُعد أمتار ِمن يسوع الذي يسري ّ الر ُسل والتلميذات مع مرمي اليت
اآلن ُّ
الر ُسل فعلى العكس ،ال يتكلّمون .يَبدون مع أمه وأخيت لعازر .يتح ّدث يسوع بشكل متو ِ
اصلّ ،أما ُّ ُ ّ
ِ
بتموجاته اليت يَشلَحها على السهل حّت َجال الريف الرائع ح ّقاً ّ اهلمة .فلم يستَه ِوهم ّ
ُم َرهقني أو فاتري ّ
ك ِوسادات خضراء حتت قدمي َملِك عمالق ،بروابيه اليت ترتفع بضعة أمتار ،هنا وهناك ،متهيداً
السامرة .وكما يف السهل الذي يهيمن على تلك النواحي ،كذلك على الروايب لسالسل جبال الكرمل و ّ
التموجات ،هناك نبااتت ُم ِزهرة ورائحة مثار أينَـ َعت .فذلك مكان جيّد اإلرواء ،رغم َوضعه الصغرية و ّ
والفصل ِمن السنة ،ذلك أ ّن هناك الكثري ِمن الزهورُ ،رغم كون املياه ليست كثرية .اآلن أُد ِرك ملاذا ذُكِر
الر ُسل ال يُشاركون أبداً هبذا احلماس.سهل الشارون يف الكتاب املقدس َمَّرات كثرية وحبماسّ .إال أ ّن ُّ
وهم الكئيبون الوحيدون يف ذلك اليوم الصايف ،ويف تلك البقعة ِّ
متجهمني قليالًُ ، ّإّنم يَسريون
الضاحكة.
الطريق القنصليّة ،يف حالتها اجليّدة ج ّداً ،تقطع بشريطتها البيضاء ،تلك القرية اخلصيبة؛ ويف
فالحون كثريون مع ُمحوالت من احملاصيل ،أو ُمسافِرون
صادف ّ تلك الساعة اليت ما تزال صباحيّة ،يُ َ
ُمملة ابألكياس ،فريغِمهم على
ابلر ُسل أحدهم ،مع قافلة محري َّ َّجهون صوب القيصريّة .يلتقي ُّ مت ِ
فسحوا اجملال لقافلته ،ويَسأل بغطرسة« :هل هنا كيسان؟» ِ
التفرق ،ليَ َ
ّ
لك ِمن َجلِف!»
«إىل اخللفُُ ».ييب توما ِجبفاء ،ويُتمتِم بني أسنانه« :اي َ
سامري .ليس أكثر!» ُُييب فليبّس.
ّ «إنّه
«يف احلقيقة ،إ ّن اليت أتلَّ َمت يف تلك الظروف هي مرمي بنت تيوفيلس ».يقول الغيور هبدوء.
«مرمي! مرمي! هل أصبَ َحت مركز الكون ،مرمي؟ أما ِمن أحد يتأ ّمل غريها ،وليس بَطالً غريها ،وما
لصاً أو قاتالً لِيُصبح بعد ذلك موضع اهتمام كثري». َمن يُ َّثقف غريها؟ فإ ّن املرء لََري َغب يف أن يكون ّ
يقول االسخريوطي ِ
ساخطاً. ّ
اجرت َح معجزة وَكَرَزَ ،ك َّدرانه حنن
املرة السابقة ،و ََ
احلق يُقال ،عندما أتينا إىل القيصريّة يف ّ
« ّ
اجرت َحها ».يُبدي ابن عم السيّد مالحظته.
ابستيائنا ألنّه ََ
يتصرفو م، «الواقع» يقول يوحنّا بِصرامة «هو أنّنا ال نعرف ما نريد ...يتصرف بطريقة فَـن ِ
دمد
ّ ُ ّ
بعكسها ،فَـن ِ
دمدم .إ ّن العيوب متألان».ُ
لكن
لكن هابيل ،و ّ
لكن هرمست ،و ّ
لكن تلك اليواننيّة ،و ّ
أي شي مفيد اي يهوذا؟ و ّ
«مل نفعل ّ
لكن»...
مرمي ،و ّ
تفرق .يف
مّت «إنّنا كلّما طال أمد عيشنا مع بعضنا ،بَ َدل أن نَتالحم ،نَ َّ
«ح ّقاً!» يقول ّ
سيكامينون أوصاان بوجوب ّاحتادان مع الرعيّة ،فكيف سنتم ّكن من ذلك إذا مل نكن حنن أساساً
متَّحدين مع بعضنا؟»
أتيت ألجله وأقوم مبا هو الئق ».يقول «ولكن ،إذا كنت أُسبِب األذية ،فأان ِ
أنسحب .لقد ُ
َ ّ ُ ّ
هرمست َمروحاً.
يَف ُقد بطرس صربه« :لقد َو َعدتُه ،عندما َمنَ َحين مرغزايم ،أن أُصبِح ّ
أبوايً مع اجلميع ،ويسوءُين
لك؟
رغمين .هرمست موجود هنا ليبقى .هل تعلم ما ينبغي يل أن أقول َ ك تُ ِ ِ
ُقصر يف وعدي .ولكنّ َ
أن أ ّ
ك سبب التفريق والفوضى .هذا هو أنت َمن ُيعل إرادة اآلخرين تَضطَ ِرب ،وّتعلها غري اثبتة .إنّ َ
ك َ إنّ َ
وعليك أن ُتجل ِمن ذلك». َ أنت.
َ
أنت َمن تكون؟ حامي الـ»...
«و َ
األندوري ،حامي
ّ احملجبة ،حامي يوحنّا
تود قوله .حامي املرأة ّ قلت .فأان ما ّ
«ابلضبط! حسناً َ
كل الذين َو َج َدهم يسوع ،والذين ال يُش ِّكلون مثاالً رائعاً لطواويس
هرمست ،حامي هذه العبدة ،حامي ّ
وحَزم أضواء اهليكل كريهة الرائحة، ِ
اهليكل ،املصنوعني من ال ُقبّعة املق ّدسة ونسيج عناكب اهليكلُ ،
يتم استخدامها هكذا ،اي امرأة .بل ُيب حتويلها إىل َمسحوقُ ،ثّ تُستَخدم كأيّة «هذه ال ّ
هشة ،اآلن وقد َج َّفت؟ ُحت ِّولينها إىل مسحوق انعم ،تَنخلينها ،كي الصبغة أُخرى .أَتَـَرين َكم هي َّ
يتلون بشكل
ظهر كالبُـ َقع على اخليط أو القماش .واخليط ،على شكل شلّةّ ، يبقى فيها ألياف طويلة ،تَ َ
صل ابلزعفران والقرمز ،أو
حتولت كلّها إىل مسحوق ،كما َُي َ أفضل .وعندما تُصبِحني على يقني ّ
أبّنا ّ
خل كثيفمبسحوق النيل ،أو بقشور أخرى أو جذور أو مثار ،ي ّتم استخدامها .ويـُثَـبَّت اللون بواسطة ّ
يف املرحلة األخرية ِمن الغَسل».
ك متضني اآلن سعيدة ،وسوف تبقني يف هذه السعادة الفائقة الطبيعة .إذن وداعاً اي مرات .إنّ ِ
فأنت ال حتتاجني إىل غري التق ّدم يف العدل وسط السالم الذي لن ُيعله شيء يضطَ ِرب ِ
فيك بعد ِ
اتماً. ِ ِ
ب تلك اليت أحببتها حبّاً ّ
اآلن .افعلي ذلك حبّاً بيسوع الذي أحبّك إىل درجة ُح ّ
ِ
حليبك، كنت تغ ّذينها ِمن
ـزك الذي وجدتِه ِمن جديد .وكما ِ
َ
وداعاً اي نعيمي .اذهيب مع كن ِ
وتوصلي إىل أن تَري يف ابين أكثر كثرياً ِمن
لك ،هي ومراتَّ ،أنت اآلن ِمن الكالم الذي ستقوله ِ تَغ ّذي ِ
الشر. ن املع ِزم (طارد الشياطني ،املقسم) الذي ُُي ِرر القلوب ِ
م
ّ ّ ّ َّ
أهم هو ما هناك ن
ّ أ ريَت أن ِ
نفسك تلقاء نمتِ
وداعاً اي سينتيكا ،اي زهرة اليوانن ،اي من ع ِرفْ ِ
ّ َ َ
ِمن اجلسد .أ ِ
َزهري هلل يف هللا ،وُكوين أوىل زهرات اليوانن اجلديدة للمسيح.
حبب». ِ
ككن ّ
كن ُمتَّحدات هكذا .أابر ّ
إنّين مسرورة ج ّداً َلرتكي ّإاي ّ
َوقع اخلطوات أضحى قريباً .يرفَعن الغطاء ويَرين يسوع الذي أصبَ َح على بُعد أمتار قليلة ِمن
العربة ،فيهبطن حتت الشمس احلارقة اليت تَغمر الطريق.
يوطي.
«على ّأال َخيلق ذلك هلا املتاعب »...يقول االسخر ّ
حاب؟»
«متاعب ،التّ ّ
ومنابِت أخرى». ِ ِ
جراء أن يكون هلا أانس من جنسيّات أخرى َ
«ال .بل متاعب من ّ
«أتقصد سينتيكا؟»
«نعم اي معلّم .يف النهاية ،هي كانت مملوكة ِمن قِبل الروماينِ ،
ومن السيئ االستيالء عليها. ّ َ
البنطي مع فظاظاته».
ّ صرف معنا ،وسوف نُعادي بيالطس هذا َُي َعله يُسيء التّ ّ
«ولكن هل تتوقّع أن يؤثّر على بيالطس أن يَفقد أحد ال َـمنوطني به عبدة؟ سوف يَعلَم ما
األقل ،فسوف يقول على العائلة يف عنه، يقال كما الشرف، ن يساوي ذلك! وإذا كان لديه القليل ِ
م
ّ ُ
أحسنَت فعالً هبرهباُُ .ثّ إذا كان قليل النـزاهة ،فيقول" :إ ّن ذلك جيّد! فهكذا قد أ َِجدها
إ ّن تلك املرأة َ
كل املتاعبأان" .ذلك أ ّن الناس قَليلي النـزاهة ال يتأثّرون آبالم اآلخرُ .ثّ! آه! اي للوايل املسكني! مع ّ
فعله بَ َدل ضياع الوقت يف تَش ّكيات شخص يَ َدع َعبدة َهت ُرب!» اليت نُسبّبها له ،فلديه شيء آخر يَ َ
يقول بطرس الذي يؤيّده الكثريون ساخرين ِمن الروماينّ اخلليع.
«ابلضبط هكذا».
ابحلري هي الكمال الذي متّ بلوغه بشجرة اإلميان .إّّناّ مثرة للقدمية .أو
«الشريعة اجلديدة هي ّ
هملها ،حسب علمي ،ألنّين ّأول َمن َُي َِرتمها وَمينَع اآلخرين من إِهاهلا ».كان يسوع ّ
حاداً ال أحد منّا ي ِ
ُ
حّت عندما ينتصر ملكويت ،ومع سّ . ج ّداً لدى قوله ذلك الكالم .ويتابع« :سفر تثنية االشرتاع ال ُميَ ّ
َملكويت الشريعة اجلديدة ببنودها التّسعة وفقراهتا ،فسوف تُطَبَّق دائماً ابلوصااي اجلديدة ،كما أ ّن احلجارة
ألّنا حجارة عظيمة تُش ّكل أسواراً صلبة .إّّنا خدم يف اجلديدةّ ، الكبرية املنحوتة لألبنية القدمية تُستَ َ
املوسوي .إنَّه القاعدة اآلنَ ،مل يـ ُقم ملكويت بعد ،وأان ،كإسرائيلي مؤمن ،ال أُسيء وال أ ِ
ُِهل الكتاب
ّ ّ َ
يؤسس البناء ِ
تصرفايت وتعاليمي .على أساس اإلنسان واملعلّم ،ابن اآلب الذي ّ أوسس عليها ُّ اليت ّ
السماوي لطبيعته وحكمته.
ّ
إليك ِمن مواله ،بل ليُ ِقم عند َك ،يف املوضع ِ ِ
ولقد قيل يف ِسفر تثنية االشرتاع" :ال تُسلّم عبداً َجلَأَ َ
ضطر عبد إىل ي حال يف ق ب
ََّط ي وهذا مه".الذي ُتتاره ،يف إحدى مدنك ،حيث يطيب له .ال تَظلِ
ُ ّ ُ َ َ
الرجاء)
( -119يسوع يتح ّدث عن ّ
1945 / 08 / 18
«آه! اي هلا من طريق طويلة يف مثل هذا الفصل! ولكن ملاذا ال أتتون إىل بيتنا؟ إنّه هناك ،هل
يفي ،إّّنا اللذيذ .تعالوا ،هيّا بنا
ر ال الطعام وبعض أنفسكم، ا
و شتَـرونَه؟ فنق ّدم لكم املاء البارد كي تُنعِ
ّ َ
اآلن».
كل خري».
كل حال جزاكم هللا ّ
«إنّنا على وشك الذهاب .على ّ
جاد. «لن يهرب الكرمل على عربة ِمن انر مثل نبيه ».يقول ّ ِ
فالح شبه ّ ّ َُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 270 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
« َمل تَـعُد أتيت عرابت من السماء لِتَن ُقل األنبياءَ .مل يـَعُد أنبياء يف إسرائيل .يُقال إن يوحنّا قد
فالح آخر.
مات ».يقول ّ
« ُكنّا تالميذه».
«ملاذا تركتموه؟»
«لِنَتبَع َمحَل هللا ،املسيح الذي بَشَّر به هو .فهو الباقي يف إسرائيل ،اي رجال .وُيب أن أييت ما
هو أفضل ِمن عربة ِمن انر لنقله إىل السماء إبجالل! ألستم تؤمنون ابملسيح؟»
«بلى ،إنّنا نؤمن به! ولقد ّقرران أن َّنضي بعد اجلّين للبحث عنه .يُقال إنّه حريص على طاعة
املظال،
املقررة .سنذهب عما قريب إىل عيد ّ الشريعة ،وإنّه يذهب إىل اهليكل يف ّأايم االحتفاالت َّ
حّت َِجنده. ِ ِ
جادين يف البحث عنه ّ
وسنكون يف اهليكل طوال الوقت ل ُرؤيته .وإذا مل َجنده فسنمضي ّ
ِ
وأنتم ،اي َمن تَع ِرفونه ،قولوا لنا :هل صحيح أنّه ُميضي معظم وقته يف كفرانحوم؟ هل صحيح أنّه ّ
شاب
سمعه احليواانت ت
َو القلوب، س مي
َ الناس، كل صوت عن ا
ً فطويل ،شاحب ،أشقر وأ ّن له صواتً ُُمتلِ
َ ّ ّ َ
والنبااتت؟»
إن َمن تبحثون عنه موجود هنا .وهو أيخذ قسطاً ِمن الراحة يف بستانكم ،ويف هذه اآلونة هو « َّ
يتح ّدث إىل ذاك العجوز وذاك الشاب ،وإىل جانبه أ ُّمه وأُخت أ ُّمه».
نتصرف؟»
يتوجب علينا أن ّ
«ذاك! ...آه! ...إّّنا كيف َّ
«إنّه بسيط ألنّه ق ّديس .حسناً ،دعوان نفعل هكذا ...اي معلّم! ِمن بَعد َ
إذنك ،تعال هنا
عنك ،ورؤيتهم ّإاي َك َمسَّرهتم يف مكاّنم .فتعال لِتُعيد إليهم احلركة لِتَ َِ
جرتح معجزة .فهنا أانس يبحثون َ
والنّطق.
«السالم لكم .هل كنتم تَطلبونين؟ ها أنذا ».ويقوم حبركته املعهودة اليت هي فتح ذراعيه وم ّدِها
إىل األمام قليالً ،كما لِيَ ِهب ذاته .وُيثو ال َكّرامون ويَبقون صامتني.
دون أن يَنبسوا ببنت َشفةَ ،مي ّدون سالالً مليئة عنباً .وَميتَ ِدح يسوع الثّمار الرائعة قائالً« :شكراً».
ومي ّد يده ويتناول عنقوداً ويبدأ أبكل حبّاته.
شهق. ِ
املدعو َجال وهو يَ َ
«اي هللا تعاىل! إنّه أيكل مثلنا!» يقول ّ
فحّت يسوع تَرتَ ِسم على شفاهه ابتسامة ِمن غري املمكن عدم الضحك على هكذا َّ ِ
ردة فعلّ .
أكثر تعبرياً .وكأنّه كان يَعتَ ِذر ،ويقول« :أان ابن اإلنسان».
حّت
دخل إىل بيتنا ،أقلّه ّ لكن َحَرَكته قد تغلَّبَت على َخ َدرهم االنتشائي .ويقول َجال« :أال تَ ُ
و ّ
املساء؟ فنحن كثريوا العدد ،حنن سبعة إخوة مع نسائنا وأوالدان ،وفوق ذلك ،أهلنا ال ُـم ِسنّون الذين
ينتظرون املوت بسكون».
«هيا بنا .وأنتم اندوا رفاقكم واحلقوا بنا .أُماه ،تعايل ِ
أنت ومرمي». ّ َ ّ
وهم يَسريون ابحنراف قليل لََِريوه يسري .الدرب
الفالحني الذين َّنَضواُ ،
لف ّ ويَسري يسوع َخ َ
ضيّق بني جذوع األشجار املرتابطة ،الواحدة ابألخرى ،بواسطة ال ُكروم.
َ
صلوا إىل البيت ،الذي هو ابحلري بيوت ِع ّدة تُش ِّكل مربّعاً صغرياً ،يف وسطه دار ُسرعان ما َو َ
مشرتكة فيها بئر ،ميكن الوصول إليها َع ْرب دهليز طويل ،يُغلَق ليالً ابلتأكيد إبقفال بواابت ثقيلة.
خطرهم. «إنّه داود ،ابن أخي الصغري ».يشرح َجال ،بينما يدخل َكرام آخر إىل أقرب بيت لِي ِ
ُ َ ُ ّ َ َ
نس ِحب، ُث َخيرج منه لِيدخل إىل آخر ،وهكذا كل البيوت ،جاعالً وجوهاً ِ
ضر ُثّ تَ َ
كل األعمار َحت ُ
ّ ن م ّ َ ُ ّ ُ
ظل إفريز ابرز ،تَقيه تينة عمالقة ،هناك عجوز ،ع ّكازه يف يده ،ال يَرفَع لِ
ئي .ويف ّّ ز ج ن ي
ّز ت بعد عودَت
يهمه.
رأسه ،كما لو أ ّن شيئاً مل يكن ّ
شرح َجال« ،أحد عجائز البيت .ذلك أ ّن زوجة يعقوب كذلك َجلَبَت أابها «هو والدان» يَ َ
الذي أصبَح وحيداً إىل هناُ .ثّ هناك ج ّدة ليا ،الزوجة األصغر سنّاً .ووالِدان أعمى .لقد تَ َّ
شكلَت َوَدقةٌ َ
( ُكتلة) على حدقتيهَ .كم ِمن الشمس على احلقول! وَكم ِمن احلَّر على األرض! ووالدان املسكني حزين
ج ّداً ،ولكنّه طيّب ج ّداً .وهو يف هذه اآلونة ينتظر أحفاده ،أل ّّنم فَـَرحه الوحيد».
علي
لت اخلري من هللاّ ،
« ّإّنا مشيئة هللا ،بَعد َخري كثري أعطانيه يف حيايت الطويلة .ف َكما تقبَّ ُ
أبدايً ،فسينتهي على صدر ابراهيم».كذلك تَقبُّل ُمصيبة نَظَري .وهو ،يف النهاية ،ليس ّ
نفسك عمياء».
َ ومصريك كان أسوأ لو َّ
أن َ ك ُّتيد التَّحدُّث.
«إنّ َ
لت أُحا ِول احملافظة على بَصرية نفسي فاعلة».
لت ،وما ز ُ
«لقد حاو ُ
الرب تعاىل! ولكنّين أرى! أرىَ ...من تكون اي ذا الوجه اجملهول ،إّّنا املألوف ،كما
«آه! أيّها ّ
فأنت ماسيّا ِ لو أنّين ر َ ِ
أعدت يل نَظَريَ ، َ أنت َمن
أيتك من قبل؟ ...ولكن! ...آه! اي يل من أبله! َ
ثماً ودموعاً .وقد ِ
ك هبماُ ،مفعماً ّإايِها لَ َأمس َ
املبارك! آه! آه!» ويبكي العجوز على يدي يسوع اللذين َ
بدا التأثُّر على َذويه كلّهم.
وعدت تالميذي ابحلديث عن الرجاء ،وشرح َمثَل .وال َـمثَل هو هذا العجوز ُ كنت قد
« ُ
يلي ،الذي َج َعلَين اآلب السماوي أستَخلِص منه املوضوع ،لتعليمكم َجيعاً الفضيلة العُظمى اإلسرائ ّ
السجني).
سغي َّ ر أو لي اليت تُثبِت اإلميان واحملبة ،كذراعي نري (احللَقتان احلديديتان اللّتان تقيِدان ِ
كاح
ّ ُ ّ ّ َ ّ َ ّ ّ ّ
فعم لُطفاً ولِيناًِ .مشبك اإلنسانيّةَ ،ك ِذراع الصليب املعرتضَ ،عرش اجملدَ ،ك َدعامة ِ
إّّنا هو نري ُم َ
حراً، النور يف حتليقها ُيعل الذي سفْ ـَّ
ن ال سرجاملنتصبة يف الربيةِ .مشبك اإلنسانيةِ .
احلية السالمية ِ
ّ ّ ّّ ّ ّ
التامة للغاية ،إذ ال ميكن أن يكون لإلميان وجود وهي يف الوسط ،بني اإلميان الذي ال ب ّد منه ،واحملبّة ّ
دون الرجاء ،وبدون الرجاء متوت احملبّة.
فعماً يقيناً .كيف الوصول إىل هللا ابإلميان إذا مل نكن أنمل ونرجو فرتض ُمسبقاً رجاء ُم َاإلميان يَ َِ
صالحه؟ كيف ميكن إُياد نقطة استناد يف احلياة ،إذا مل يكن رجاء أببديّة؟ كيف ميكن املثابرة يف
كل عمل ِمن أعمالنا الصاحلة يراه هللا ويُكافئنا عليه؟ الرجاء أب ّن ّ
االستقامة إذا مل يكن ما ُُيّرك املرء هو ّ
وابلطريقة ذاهتا ،كيف ميكن للمرء أن يعيش احملبّة إذا مل يكن فيه الرجاء؟ فالرجاء يَسبق احملبّة ويهيّئها.
السلّم املصنوع ِ ِ
عودون ُيبّون .ذاك هو ُ احلب .فاليائسون ال يَ ُ
الرجاء ليتم ّكن من ّ واإلنسان ُيتاج إىل ّ
يتم الصعود إليها اليت ة احملب بعرت ت ة القم ويف ائم،
و الق الرجاء
و َّرجات، الد هو اإلميان جات. ر ود ائموق ن ِ
م
ّ ّ ّ ّ َ َ
بواسطة اإلثنني اآلخرين .فاإلنسان يرجو كي يؤمن ،ويؤمن كي ّ
حيب.
كل اآلخرينّ .نا مع التعاليم ف أن يرجو .منذ والدته ،كان طفالً إلسرائيل مثل ّ هذا الرجل َعَر َ
كل اآلخرين .وقد أصبَ َح رجالً ُثّ زوجاً فأابً فعجوزاً،
ذاهتا اليت رافَـ َقت اآلخرين .أصبَ َح ابناً للشريعة مثل ّ
ورد َدها األنبياء .ويف شيخوخته َهبَطَت الظّالل على راجياً على الدوام الوعود اليت قَطَ َعها األحبار َّ
متأججاً فيه .الرجاء برؤية هللا ،رؤية هللا يف احلياة األُخرى .ويف
وظل الرجاء ّ قرنيّتيه ،إّّنا ليس يف قلبهّ .
ودي أكثر ،وعزيز على قلبه أكثر" :رؤية ماسيّا" .وقد قال يل ،دون رجاء تلك الرؤية األبديّة ،رجاء ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 276 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ِ
معرفته الشاب الذي كان ُُي ّدثه" :إذا ُتلَّ َ
يت عن الشريعة ،فستكون أعمى على األرض ويف السماء.
تتعرف على ماسيّا". فلن تَرى هللا ولن ّ
التمرد على
الرجاء ،أل ّن ّ َّث حبكمة .فكثريون يف إسرائيل ُهم اآلن عميان .ليس لديهم ّ لقد حتد َ
ُتفى حتت ِزينات قدسيّة ،إذا مل يكن قبوالً ّ
اتماً حّت لو َّ
مترداً دائماًّ ،
التمرد يبقى ّ
الشريعة قَـتَـلَه فيهم .و ّ
لست أتكلّم عن البُنيات الفوقيّة (الشرائع واألحكام َّ
املعقدة) اليت لكلمة هللا ، ،أقول كلمة هللا ،فأان ُ
حّت ِمن قِبَل أولئك الذين َنسنة ،هي مهملة ّ هي من صنع اإلنسان ،واليت لكثرهتا ،وإغراقها يف األ َ
ِ
ابلقوة وإبّناك وبشكل َعقيم ِمن قِبَل اآلخرينَ .مل يـَعُد لديهم رجاء ،بَل
آيلّ ،ضعوها ،ومتّبعة بشكل ّ َو َ
اإلهلي ال ُـملقى على عاتق ريهم يسخرون من احلقائق األزلية ،فلم يـعد لديهم إذن إميان وال ُمبة .النِ
ّ
ّ ّ َُ ّ ُ َ
الشر، ثعابني ن اإلنسان لِيطيع ويكافأ ،الصليب السماوي الذي وهبه هللا لإلنسان حلمايته ِ
م
ّ َ ََ ُ ُ
واستخالص اجملد منه ،قد فَـ َق َد ذراعه العرضيّة ،اليت كانت َحتمل الشُّعلة البيضاء والشُّعلة احلمراء:
وخيَّ َمت الظلمات يف قلوهبم.
اإلميان واحملبّةَ .
"إّنا لَ ُمصيبة عظيمة عدم اإلميان وعدم القيام مبا أوصى به هللا".
قال يل العجوزّ :
1945 / 08 / 19
«بَ ِّشروا يف مرج بن عامر ريثما أعود إليكم» يُوصي يسوع ُر ُسله ،يف أثناء صبيحة صافية،
الزادِ :من خبز وفاكهة. ِ
على مشارف كيسان ،بينما ُهم يتناولون بعضاً من ّ
يشجعهم ويَرسم هلم خطّاً يَتبعونه يف طريقة الرسل ليسوا ِ
لكن يسوع ّ ّ و ،ًا
ري كث سني متحم
ّ يبدو أ ّن ُّ ُ
فالحي اصح النَّصوح .أمضوا إىل ّ وخيتم قوله« :ومع ذلك فإ ّن أُمي معكم .ستكون لكم النّ ِ تصرفهمَ ،
ّ ّ
فالحي دوراس أثناء السبت .ق ِّدموا هلم العون ،وش ِّددوا عزمية َج ّد اعملوا على أن تتح ّدثوا إىل ّ
جيوقاانَ ،
كل
املظال .أعطوا كثرياًّ ،
الولَد ،وقولوا له إنّنا سوف َجنلبه إليه يف عيد ّ مارغزايم بنقلكم إليه آخر أخبار َ
كل ما لدينا ِمن كل العطف الذي يف داخلكمّ ، كل ما تَعرفونّ ، لكل أولئك املساكنيّ ، ما لديكمّ ،
حّت ولو مل أنكل سوى اخلبز والفاكهة .وإذا مال .ال ُتافوا .فكما َخي ُرج يعود .لن ّنوت جوعاً أبداًّ ،
وابألخص إذا ما رأيتم
ّ حّت ثيايب ،بل ثيايب يف الطّليعة .لن نعرى أبداً.
ما رأيتم عُراة فأعطوهم الثيابّ ،
ُيق لكم ذلك .وداعاً أ ُّمي .وليبارككم هللا َجيعاً بفمي .أمضوا عين ،فال حتتقروهم .ال ّ ويالت تبحث ّ
بكل أمان .تعال اي يعقوب». ّ
هم ابلسري دون أخذها.
حقيبتك؟» يَسأل توما وهو يرى املعلّم يَ ّ
َ حّت
«أال أتخذ ّ
حريّة يف املسري».
«ال حاجة إىل ذلك .هكذا أكون أكثر ّ
وكذلك يعقوب يرتك حقيبته ،رغم استعجال أ ُّمه يف َملئها ابخلبز واجلنب والفاكهةَ .ميضيان
املؤدية إىل الكرمل،
صالن إىل مشارف املنحدرات ّ متتبِعني مرتَفع كيسان ،لبعض الوقتُ ،ث حني ي ِ
َ ّ ّ ُ
يَغيبَان عن أنظار الباقني.
عمه يعقوب وال يتكلّم ،وكذلك اآلخر ال يتكلّم .يرّكز يسوع تفكريه؛ ّأما صعد يسوع مع ابن ّ يَ َ
ب جليل ،خشية روحيّة ،وينظر ّتل ،وقد استوىل عليه ُح ّ يعقوب الذي يَشعُر بنفسه أنّه على عتبة ٍّ
بني احلني واحلني إىل يسوع الذي ترتسم ابتسامة ّنرية على ُميّاه ال َـمهيب .ينظر إليه كما إىل هللا غري
بكل عظمته ،ووجهه الذي يشبه إىل ح ّد بعيد وجه الق ّديس يوسف ،واألمسر املتجسد ،وال ُـمشرق ّ
ّ
مرة على خ ّديه ،والذي يَشحب ِمن ش ّدة أتثّره .ولكنّه ما يزال ُيرتم صمت ّ احل
ُ ن بشكل ال خيلو ِ
م
يسوع.
وك
يقول يسوع« :يعقوب ،اي أخي ،سنمكث هذه الليلة هنا ،ورغم تعب اجلسد املضين ،أرج َ
حّت مثل هذه الساعة .فيوم كامل ليس كثرياً مقابل
أن ُمتضي الليل ابلصالة ،الليل وطوال يوم غد ّ
إعطاءك ّإايه».
َ تَل ّقي ما أبغي
شحب
أنت على الدوامُُ ».ييب يعقوب الذي يَ َ
ريب ومعلّمي ،إنّين أعمل ما تريده َ
«اي يسوعّ ،
شرع يسوع ابلكالم.
أكثر عندما يَ َ
«أعلَم .هيّا بنا اآلن نقطف التوت واآلس ِمن أجل َمعِدتنا ،ونقصد نبعاً َِمسعتُهُ يف األسفل .دع
معطفك يف الكهف ،فلن أيخذه أحد». َ إذن
عمه إليه ،وهذا أيخذ وضعيّة يوحنّا االعتياديّة ،رأسه ُمستَنِد إىل أعلى صدرُُثّ يش ّد يسوع ابن ّ
ويظالن هكذا بينما يَهبط املساء وسط زقزقةعمهّ ، يسوع ،يد مرتوكة على ركبتيه واألخرى يف يد ابن ّ
هائلة من العصافري العائدة إىل األوراق ،ورنني أجراس تبتعد وتصبح غري مميّزة ،وصوت نسيم عليل
ِ ِ
يداعب القمم ويُنعشها ابعثاً فيها احلياة بعد حرارة النهار اجلهنّميّةِّ ،
ممهداً للندى.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 281 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أي وقت من أكثر الن يظالّن هكذا طويالً ،وأظنّه ليس سوى صمت ِشفاه ،بينما الروحان ِ
فاع
ّ َ
آخر ،وتتبادالن حوارات فائقة الطبيعة.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 08 / 20
المسيعقوب الذي َمل يـزل يف خلوته على منحدر اجلبل ،وهو متق ِّفص ورأسه منح ٍن حّت يكاد ي ِ
ُ ُ َ ّ ُ ََ
لست علىأتمل عميق ،أو إنَّه ينامُ . غرق يف ُّ ركبتيه املرتفعتَني اللتني يُبقي عليهما هكذا بذراعيه ،يَ َ
انشبة بني طائَِرين كبريينُ ،
وِها يقني .أما ما هو أكيد فهو أنّه ال ُيس مبا ُيري حوله ،أي مبعركة ِ
ّ ّ
ضراوة يف املرج الصغري .أظنُّهما دي َك ّي َجبَل أو دي َك ّي اخللنج أوخاص هبما يتعاركان بِ َ
ّ لسبب ما
كل األلوان ،إّّنا ليس هلما عُرف ،بل فيت ،ويف ريشهما ّ تدرجني Faisansإذ ّإّنما يف ضخامة ديك ّ
قمة الرأس وعلى اخل ّدين ،وأؤّكد لكم أنّه وإن يكن الرأس ِ
َمرد قبّعة من اجلّلد األمحر كاملرجان على ّ ّ
ص َخب الفوالذي .الريش يتطاير يف اهلواء والدم يسيل على األرض يف َ ّ صغرياً ،فإ ّن املنقار كاملسمار
الصافرات ورجرجات األصوات على أغصان األشجار .فقد يكون العصافري ِ
الزقزقات و ّعنيف يُسكت ّ
املبارزة الوحشيّة… ِ
يُراقبون َ
القمة حيث كان قد ِ
سمع ويَنـزل من ّ سمع شيئاً ،بينما يسوع ،على العكس ،يَ َ يعقوب ال يَ َ
يفران والدماء تسيل منهما ،الواحد صوب املنحدر، ِ ِ ِ
ومص ّفقاً بيديه ،يُبعد املتقاتلَني اللذين ّ
صعدُ ،َ
حّت ِ ِ
قمة شجرة بلّوط ،وهناك يُعيد ترتيب ريشه املنتفش واملختلط .ال يرفع يعقوب رأسهّ ، واآلخر إىل ّ
للصوت الذي ُُْي ِدثُه ،يسوع الذي ،وهو يبتسم ،يسري بضعة خطوات أخرى ،ويتوقّف وسط املرج
حّت ِ
تلون ابألمحر من اجلهة اليت يبدو فيها الغَ َسق غارقاً يف ُمحّرة شديدةّ ،
الصغري .ويبدو وكأ ّن ثوبه قد َّ
لَتَحسب السماء تشتعل .ومع ذلك فيعقوب حتماً ال ينام ،إذ ما أن يَهمس يسوع ،ابلضبط يَهمس:
ويفك تشابُك ذراعيه ،ويَ َنهض وَميضي إىلحّت يرفَع رأسه املستَنِد إىل ركبتيه ّ«يعقوب تعال هنا»ّ ،
يسوع.
«ليست َمالمة ،بل تَعليماً ،نعمِ ،من أجل الزمن الذي ال أعود فيه معكم .خالل األشهر
وعدتك ابجمليء
َ لك يوماً ،يف أسفل هذا اجلبل .وعندما قلبك كثرياً مبا قُلتُهُ َ
رت يف َ كنت قد َّ
فك َ األخرية َ
معك ،مل يكن فقط للحديث عن ايليّا النيب ،وال ِمن أجل النَّظَر ِمن هنا إىل البحر الذي يتألأل هنا َ
وخؤون أكثر ِمن هذا ِ ِ
ثك عن َحبر آخر ،أكرب من هذا ،حبر متب ّدل َ يف الالّناية ،إّّنا ِمن أجل أن أُح ّد َ
البحر ،الذي يبدو اليوم أكثر سكوانً ِمن بِركة ،والذي ميكن ،ويف غضون ساعات ،أن يبدأ اببتالع
لك آنذاك ،فِكرة أ ّن اجمليء إىل هنا له ِ
تبارحك الفكرة اليت قلتُها َ
َ املراكب والناس يف جوعه النَّ ِهم .ومل
فعم مبسؤوليّة
رؤيتك أنّه مصري ثقيل ،إرث ُم َ
املستقبلي .وإن تَ ُكن تزداد اآلن شحوابً لدى َ ّ مبصريك
َ عالقة
بكل القداسة املمكنة يف إنسان لكيال ُخييّب أمل ؤها أدا ُيب ورسالة ة لي و مسؤ ف، ّتعل البطَل َِ
يرّت
ّ ّ َ
ك أان هلذا ،فإ ّن يف ذلك إشارة أب ّن مادمارك ،وإذا ما اخرتتُ َ
إرادة هللا .ال َُتَف اي يعقوب .ال أبغي َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 284 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
داخلك بفعل استسالم لك فيه ،بَل ََمد فائق الطبيعة .امسعين اي يعقوب .إجعل السالم يف
ضرر َ ِ
َ من َ
َجيل يل ،لتتم ّكن ِمن مساع ُّ
وتذكر كالمي.
ككل
لن تتاح لنا فرصة أن نكون هكذا وحدان بعد اآلن ،وابلروح املهيّأ هكذا لسماع بعضنا .و ّ
يمون زماانً على األرض ،سوف أمضي .سوف تنتهي إقاميت ،ولكن بطريقة ُمتلفة عن الناس الذين ي ِ
ق
ُ ُ
بقيّة الناس ،إّّنا ينبغي أن تنتهي ،ولن أكون إىل جانبكم بعد ّإال بروحي الذي ،أؤّكد لكم ،أنّه لن
يرتككم مطلقاً.
الرب إىل مسائه .سوف تبقى يف دعوك ّحّت ي َ اي يعقوب ،سوف يتشتّت اجلميع ّإال َك ،وهذا ّ
أنت سليل امللوك ،يف املدينة امللكيّة ،لرتفَع صوجلاين
إخوتكَ ،
َ الرب إليه بَِفم
اختارك ّ
َ احلقل الذي
احلقيقيَ .ملِك إسرائيل والعامل حبسب ُم ْلك فائق ال يُد ِركه أحدِ ،سوى الذين
ّ ك وتتح ّدث عن الـملِ
َ
القوة والثبات والصرب واحلكمة اليت بال حدود. إىل فيه حتتاج زمن سيكون هلم. ف ُك ِ
ش
ّ َ
أنت سـوف تكون قائداً ابلنسبة للذين سيكونون يف أورشليم اليت ذاك هو مصري القادة .و َ
ك كامالً للتم ّكن ِمن أن تكون قائداً عليك معرفة أن يكون حبّ َبيسوعك .سيكون ََ أصبَ َحت مسيحيّة
عليك استخدامه يفقلبك هو ما سيكون َ بقداسة .لن تكون اللّعنات هي السالح املستخدم ،بل َ
ابلفريسيّني يف اعتبار الوثنيّني ِّ
كالزبل. مواجهة أسلحة ولعنات اليهود .ال تسمح لنفسك أبداً ابالقتداء ّ
أتيت ،ألنّه ،يف احلقيقة ،لو كان َميئي ِمن أجل إسرائيل فقط ،لكان تالشي فَمن أجلهم كذلك أان ُ
ِ
حّت بَِفَرح، ٍ
أّتسـدّ ،
حيب َج َعلَين َّ
هللا يف جسد قابل للموت غري مستحق (غري َمد) .وإذا كان ح ّقاً أ ّن ّ
فرض أن يتالشى ِ ِ
من أجل خالص ولو نـَ ْفس واحدة ،فإ ّن العدل ،الذي هو من صفات هللا ،يَ ُ
البشري كلّه.
ّ الالمتناهي ِمن أجل ال تناهِ :اجلنس
فلتتذ ّكر دائماً ّأّنم ال يَع ِرفون ،بينما إسرائيل يَع ِرف .ومع ذلك ،يف احلقيقة ،كثريون يف إسرائيل
ُهم اآلن ،وسوف يكونون ،أكثر وثنيّة ،وأكثر وحشيّة ِمن الوثنيّة األكثر بربريّة يف العامل ،صحيح َّأّنم
ال يق ّدمون األضحيات البشريّة هلذا أو ذاك من األصنامّ ،إال َّأّنم يُق ّدموّنا لذواهتم ،لكربايئهم ،وهم
حّت انقضاء الدهور.يتأجج يف داخلهم َعطَش ال يُ َروى ،والذي سوف يدوم ّ املتعطّشون للدم بعد أن ّ
أضرَم ذلك العطش .ولكن حينئذ سوف تكون وال يطفئه سوى إعادة الشرب من جديد ،وإبميان ،ممّا َ
وحّت
الرب ،وأطفال الروح القدس السامينيّ ، لك أن تتقبّل كالم احلكماء يف ّ وأان أقول َ
اإلهلي ،فإنّكم ،أنتم ُر ُسلي، الصوت لي مساعدهتم يف إدراك عمق الكالم اإلهلي ،أل ّّنم ،وإن كانوا ِ
حام
ّ ُ
تَبقون على الدوام معلِّمي كنيسـيت ،وعليكم أن َهتبُّوا ملساعدة ومؤازرة الذين ُهم ُم َنهكون بشكل فائق
ض َعه هللا فيهم لِيَحملوه إىل اإلخوة ،وابلطريقة ذاهتا أقول :ارفض
الطبيعة ،ابلغىن الثقيل والفتّان الذي َو َ
ذهيب .فالقداسة والوداعة والطهارة واحملبّة
الكالم الكاذب لألنبياء ال َك َذبَة الذين ال تتطابق حياهتم مع َم َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 289 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
والتواضع لن تَن ُقص أبداً لدى احلكماء ولدى أولئك البُسطاء الذين يتكلم هللا أبصواهتم .يف حني
ستكون دائماً انقصة لدى اآلخرين.
اسهر وتي ّقظ كيال يكون هناك حسد وّنيمة ِضمن َجاعة املؤمنني ،وال ضغينة وال روح انتقام.
يتفوق اجلسد على الروح .فال ميكن لِ َمن ال يسيطر الروح لديه على اجلسد أن
اسهر وتي ّقظ لكيال ّ
يتحمل االضطهادات.
ّ
ك وحتبّه»...
«مسعان بن يوان ُيبّ َ
«مسعان بن يوان ليس يعقوب بن داوود».
«ال .ال ميكنين .فال مسعان وال يوحنّا ميتلكان ذلك الال شيء ،الذي هو مع ذلك بغاية األِهية
القسم األفضل ِمن إسرائيل التنكر يل ،فإ ّن ِ
عد ُّ عد ...بَ َ
فأنت قرييب .وبَ َ ِ
لدى الناس :صلَة ال ُقرىبَ .
ِ ِ
الرب الذي كان (ال ُـمضلَّلني) سوف ُُيا ِول نيل الغفران من هللا ومن ذاته ،وذلك مبحاولته ّ
التعرف إىل ّ
قد لَ َعنَه يف ساعة شيطانيّة ،وفيما إذا كان أحد ِمن أقاريب ِمن األسرة ذاهتا يف مكاين ،فسوف يبدو
هلم ّأّنم انلوا الغفران ،وابلتايل القدرة على وضع أنفسهم على طريقي .اي يعقوب ،على هذا اجلبل
َّ
حتق َقت أمور عظيمة ج ّداً .فهنا ،انر هللا التَـ َه َمت :ليس فقط احملرقة واحلطب واحلجارة ،بل إّّنا ح ّّت
تظن أ ّن هللا َمل يـَعُد يستطيع فِعل ِمثل تلك األشياء
الغبار واملاء الذي كان يف احلفرة .اي يعقوب ،هل ّ
«بل أكثر بكثري ِمن هذا االضطرام ،أل ّّنا كانت مصنوعة ِمن انر مساويّة».
«إذن ف ِّكر كيف سيكون عليه حال هباء قلب ،حينما يَضطَ ِرم بنار هللا الذي َح َّل فيه ،لتخليد
كلمته يف ِ
الكرازة ببشرى اخلالص».
«قُله يل اي سيّدي».
مربحاً».
لك أملاً ّ
«معرفة ذلك ابلتحديد سيسبّب َ
احلب الذي ََجَ َعنا»...
يهم .ابسم ّ
«ال ّ
« َّإّنا ُيب ّأال يَعلَم أحد بذلك».
«قُله يل ،وبعد ذلك اجعلين ال أتذ ّكره حّت ساعة يتم .حينذاك أ ِ
َعدهُ إىل ذاكريت كما الساعة. ّ ّ
لك يف أعماق قليب».عدواً َ ِ
ك ،ولن أُصبح ّ أش ُّ
أي شيء ُ
هكذا لن ُيعلين ّ
للزوبَعة».
أنت كذلك سوف تستسلم َّ
ك َ «ذلك لن ينفع يف شيء ،إذ إنّ َ
«قُله يل اي سيّدي!»
عض ذاته كما لو كان هو َمن سيُح َكم عليه ابملوت« .ال!» صرخ يعقوب ويَ ّ «آه! ال ،ال!» يَ ُ
عملك؟ ال ميكنين ،ال َ بك ذلك ،فما الذي سيفعلونه بنا حنن؟ وكيف ميكننا متابعة يُ ِّ
كرر« :إذا فَـ َعلوا َ
أنت فسأموت أان َُمَّرداً ِمن
مت َ املهمة اليت َحت َفظها يل ...ال ميكنين! ...ال ميكنين! إذا َّ
ميكنين قبول ّ
األقل!» على بذلك ين د
ْ بدونك .عِ ْدينِ ،
ع َ كل ّقوة .اي يسوع ،اي يسوع! امسعين .ال ترتكين
ّ ّ
وعندما يُعا ِود رفع رأسه ،يعود يعقوب بن حلفى ،اهلادئ والطيّب ،الذي يُشبِه كثرياً يوسف
عروس مرمي .يبتسم يسوع ابتسامة أكثر إشراقاً ،حزينة قليالً ،إّّنا ابتسـامة كثرية العذوبة.
فلنتناول طعامنا ،اي يعقوب ،ولِنَـنَم بعدئذ حتت النجوم .وسوف ننـزل إىل الوادي عند تباشري
ويتنهد يسوع ...ولكنّه ينتهي إىل االبتسام ...« :وإىل
الصباح األوىل ...لنمضي وسط الناسّ »...
جانب مرمي».
عوين ِمن غري أسئلة»... «وماذا عساي أقول أل ُّمي اي يسوع؟ و ِّ
للرفاق؟ فَـلَن يَ َد َ
رد هبا
النيب اليت ّ
تتأمل يف إجاابت ايليّا ّ
ك ّ لك عندما جعلتُ َكل ما قُلتُه َ
ميكنك أن تقول هلم ّ
« َ
درة احملبوب ِمن هللا يف احلصول على ما يريد ِمن
على آشاب ،وعلى الشعب على اجلبل ،وعلى قُ َ
ي ِ
غادر يسوع ُمسطَّح الكرمل ،ويَنـزل سالكاً الدروب اليت رطَّبَها الندىَ ،ع ْرب الغاابت اليت تَبعثُ
الشرقي يف شروقها .وعندما اجلبل سفح ب فيها األصوات املختلفة احلياة ،حتت أشعة الشمس اليت تُ ِ
ذه
ّ ّ ّ
بكل هبائه وَجال بساتينه ظهر مرج بن عامر ّ تتب ّدد السحابة اخلفيفة اليت سبّبتها حرارة الشمس ،يَ َ
كسجادة خضراء بشكل عام ،مع واحات صفراء قليلة نُثَِرت عليها وكرومه احمليطة ابلبيوت ،ويبدو ّ
سجادة َُيزمها خامت اجلبال لوحات محراء هي احلقول حيث ح ِ
وُيَرق اآلن اخلشخاشّ ، ص َد القمح ُ ُ
املثلّث :الكرمل وطابور وحرمون الصغري ،وكذلك اجلبال األبعد اليت ال أعرف امسها ،وهي ُُتفي ّنر
السامرة.
ّ الغريب ،جببل
األردن وتلتقي ،يف اجلنوب ّ
كل هذا اجلزء من فلسطني ،ويَنظُر إليه يعقوب ويقول له« :هل
متأمالً ّ
يتوقّف يسوع ويَنظُر ّ
تَنظُر إىل َجال هذه املنطقة؟»
لكن اإلنسان َخطَّاء كذلك بذاته ...واخلطااي األخرى فَ َمن ذا الذي يزيلها؟»
«حسناً .و ّ
«الكاهن هو من سوف يزيلها دائماً ،اي يعقوب .فإذا كان اإلنَّسان ال ُـم َّ
عمد ابلغاً فستختفي يف
عمد ارتكاب خطيئة، عاوَد اإلنسان ال ُـم ّ
الوقت ذاته اخلطيئـة األصليّة واخلطااي األخرىّ .أما فيما إذا َ
املتجسد ،كما
ّ فإ ّن الكاهن سوف ُيلّه منها ابسم هللا الواحد والثالوث ،وبفضل استحقاقات االبن
أفعل أان ِمن أجل اخلَطَأة».
مرات ،مثل يوحنّا الذي يُغ ِطّس املرء ابملاء كلّما أاته؟» ِ
عمد الشخص ذاته ع ّدة ّ
«إذاً فسوف نُ ّ
ِ
لك ذلك آنفاًّ ،أما أنتم فال لت َاضع الذي يَعتَمد .وقد قُ ُ «يوحنّا ،مبعموديته ،ال يُ ِّ
طهر ّإال بتو ُ
عمدون َمن اعتَ َمد سابقاًِ ،سوى يف حالة واحدة :وهي أ ّن املعمودية كانت قد َمتت سابقاً بصيغة ِ
تُ ّ
مرة اثنية ،بعد سؤال ُمدَّد لِ َمن يبغي العِماد،
نشقة ،يف هذه احلالة ُميكن تعميده ّ ليست رسوليّة ،بل ُم َّ
إذا كان ابلِغاً ،أن يكون األمر إبرادته ،وبعد إجابة صرُية وواضحة إنّه يريد أن يكون عضواً يف الكنيسة
خدمون احلقيقية .أما يف املرات التالية ،فَِإلعادة الصداقة مع هللا ،وإلرساء السالم معه ،سوف تَست ِ
َ ّ ّ ّ
قرتنة ابستحقاقات املسيح ،والنَّـ ْفس القادمة إليكم بندامة حقيقيّة وإقرار متواضع يُغ َفر كلمة املغفرة ُم َِ
هلا».
«وإذا كان أحدهم مريضاً لدرجة عدم مت ّكنه ِمن الت ُّ
َّنقل؟ فهل َميوت وهو يف اخلطيئة؟ وهل
َسيُضاف أمل اخلوف ِمن دينونة هللا إىل أمل النّـِزاع؟»
حّت بسـبب أتنيب الضمري الذي يُع ِّكر سالمه ،وعمل غالباً ما ال يُبدي اجلسم أتثّراً ابملرض ّ
وحّت َمحل األحياء على اليأس .فاملريض الشيطان الذي ،بتلك امليتة ،أيمل َك ْسب نـَ ْفس ململكتهّ ،
الداخلي للسالم ،بواسطة اليقني ِمن غفران هللا له الذي اب ر االضط و الشيطاين الكابوس ن ينتَ ِقل ِ
م
ّ ّ
ُيعله ُيظى كذلك اببتعاد الشيطان عنه .وكما اقرتنت النعمة املمنوحة لآلابء األوائل بنعمة املناعة ض ّد
حّت من تلك اليت ملولود جديد األمراض واآلالم جبميع أشكاهلا ،واملريض املعاد إىل النعمة األعظم ّ
عمد مبعموديّيت ،ميكنه كذلك أن ُيظى ابلغَلَبَة على املرض ،تساعده يف ذلك صلوات إخوته يف تَ َّ
األخص روحيّاً، على بل ،ًجسداي فقط ليس ا
ً عطف يض، ر امل على العطف عليهم ب اإلميانِ ،
املتوج
ّ ّ ّ
أضحت شكالً ِمن املعجزات، َ قد فالصالة . الروحي
ّ و اجلسدي
ّ األخ ـالمس على احلصول إىل ني س ِ
ـاع
أيت لدى ايليّا ،متتلك الكثري ِمن القدرة». البار ،كما ر َ
اي يعقوب .صالة ّ
أجدت الفهم
ُ لك قليل ،ولكن ما فَ ِهمتُه ميألين احرتاماً لسمة ال َك َهنَة الكهنوتيّة .إذا ما
«فهمي َ
فستكون لنا معك نقاط مشرتكة كثرية :التبشري ،املغفرة أو احللّة ِمن اخلطااي ،واملعجزة ،ثالثة أسرار
إذن».
«ال اي يعقوب .فالتبشري واملعجزة ليسا ِمن األسرار .بل ستكون هناك أسرار عديدة .سبعة كما
توهب ليضطَ ِرم
احلب .ويف احلقيقة إ ّن األسرار مواهب وشعالتَ ، مشعدان اهليكل املق ّدس ومواهب روح ّ
سر زواج اإلنسان .املمثّل برمز الزواج الرب إىل أبد الدهور .وسيكون كذلك هناك ّ اإلنسان أمام ّ
كل املعوانت من أجل حياة مشرتكة اج واألز ب وسيوه الشيطان. ن احملررة ِ
م املق ّدس لسارة ولراكيل َّ
ّ َ
مق ّدسة حسب شرائع ورغبات هللا .فالعروس والعروسة يُصبِحان كذلك أدوات طقس :املشاركة يف
يكرساعمليّة اخللق .الزوج وزوجته يُصبِحان كذلك َك َهنَة كنيسة صغرية :العائلة .وابلتايل فينبغي هلما أن َّ
بارك به اسم هللا الكلّ ّي القداسة». ِ
ليُشاركا يف عمليّة اخللق مع بركة هللا ولرتبية نَسل يَ َ
«وحنن ،ال َك َهنَةَ ،من الذي ِّ
سيكرسنا؟»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 299 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
تضموّنم إليكم «أان ،قبل أن أترككم .أنتم ،بعد ذلك ،تُ ِّ
كرسون الذين أيتون بعدكم ،والذين ّ
املسيحي».
ّ لنشر اإلميان
حّت تتثبّت الكنيسة جيّداً ،وإذا كان هناك الضروري ّأال َهتلَك ّ
ّ كزك .فَ ِمن
«سوف تبقى يف مر َ
وإِهالك كنيسة أورشليم.
َ رك
يربر فرا َ
الر ُسل َجيعهم تقريباً ،فال شيء ّ وحّت ُّ
يربر تشتّت تالميذ ُكثُر ّ ما ّ
إليك وهياألحب َ
ّ ابنتك
الس َهر كما لو ّأّنا َ عليك َّ
توجب َ ابلعكس ،كلّما اشت ّد عليها اخلطر ،كلّما َّ
لك سوف يش ّد ِمن عزمية املؤمنني .سيكونون يف حاجة إليه لتجاوز التجربة. مه ّددة ابملوت .إ ّن َمثَ َ
قوايً ،فال تكن بغري رمحة
كنت ّ
عليك مساندهتم ،برمحة وحكمة .وإذا َ وكلّما رأيتَهم يَضعفونَ ،و َجبَت َ
القوة اليت ِ ّتاه الضعفاء ،بل إّّنا سانِ
للتوصل إىل هذه ّ
كل شيء من هللا ّ ّ لدي
ّ "أان ر: ك
ّ تف أنت
َ و دهم
أقل حظّاً مبواهب هللا".
أتصرف مبحبّة ّتاه الذين ُهم ّ ُقر بذلك بتواضع ،وأن ّ هي ّقويت .ينبغي يل أن أ ّ
تك مع الكلمة و مع العون ،ابلسكون وابل َـمثَل». وأن َمتنَحَ ،متنَح ّقو َ
علي أن أفعل؟»
شك وخطر على اآلخرين ،فماذا َّ
«وإذا كان بني املؤمنني َمن ُهم سيّئون ،سبب ّ
لك ّإايهم ،إذ ِمن األفضل أن يكون عددهم قليالً ،ولكن صاحلني، توخي احلذر عند قبو َ
عليك ّ
« َ
ِ
من أن يكونوا كثريين وغري صاحلني .تَع ِرف احلكاية القدمية للت ّفاحات السـليمة و ّ
التفاحات الفاسدة.
ردهم
خائنيك ،فاعمل على ّ
َ أنت كذلك
وجدت ََ ـتك .ولكن إذا ما
فاعمل على ّأال يكون هذا يف كنيس َ
ابلصرامة كآخر وسيلة .إّّنا إذا كان األمر يتعلق أبخطاء صغرية ،شخصيّة ،فال
بكل الوسائلُ ،متفظاً َّ
ّ
احلب تؤثّر أكثر ِمن احلزم ِ ِ ِ
تكن ذا صرامة تُرعب .سامح ،سامح ...فاملساُمة املقرونة ابلدموع وكلّمات ّ
مثرة هجوم ِمن الشيطان غري متوقّع ،عظيمة لدرجةيف افتداء قلب .وإذا كانت اخلطيئة عظيمة ،ولكنّها ّ
أنت ِ ِ أ ّن ال ُـمذنِب يَشعُر ابحلاجة إىل حتاشي حض َ
فامض ابحثاً عن ال ُـمذنب ألنّه َمحَل اتئه ،و َ ورك،
ويسود صمت طويل أثناء اجتياز املراعي حيث ترعى النِّعاج هنا وهناك.
ك بذلك؟»
كنت أمرتُ َ
«وإذا ُ
أنت َمن يريد
ك َ أي اضطراب بَعد ،ألنّين أكون على ِعلم أبنّ َ
لدي ّ
لك وال يكون ّ «أفعله طاعة َ
ك تُعطيينأرسلتَين ،فإنّ َ
كنت قد َبكل أتكيد ،إذا ما َ ذلك ،فال أخشى عدم معرفيت القيام به .ألنّهّ ،
القوة ألفعل ما تريد»...
ّ
وحت ِسن القول .فََرتى أنّين ،أان ،بطاعيت لآلب ،أكون بسالم على الدوام».
«تقول ذلك ُ
حبق؟»
«هل تريد أن تنسى ّ
«كما تريد اي سيّدي»...
السبب يف وفاة والدته .واآلن ،وقد ماتت ّأمي كذلك،«نعم .لقد ُولِ َد على هذه احلال ،وكان َّ
فإنّين أصطحبه معي إىل عملي ألسهر عليه .أان َحطّاب .أُم ِّدده على العُشب ،على ِمعطفي ،وبينما
انشر األشجارَ ،ميَرح هو ابألزهار ،طفلي البائِس!»
معك».
«وداعاً أيها الرجل .السالم َ
«وداعاً .السالم لكم كذلك».
لحق ابلرجل ويناديه« :قِف أيّها الرجل وامسع! الذي كان معي هو
َميضي يعقوب وهو َُيري .يَ َ
لك».
أردت ،لرتى إذا ما كان املعلّم سيشفيه َ
أنت أيضاً إذا َ
طفلك ألمحله إليه .تعال َ
َ ماسيّا .اعطين
برغبتك يف جعلي ُمبوابً ِمن هذا الربيء وذاك الرجل الذي كان يؤمنَ «ابلرمحة اي يعقوب.
احلب شافياً إنساانً يف حالة
صنَ َع معجزة بفضل ّويشك يف الوقت ذاته .فيوحنّا ،قُرب جبنيا َ Jabnia
ّ
وبثقتك ابمسي .أترى َكم خدمة اقك،
بدموعك وإشف َ أنت ِ
َ َ فيت َنزاع مبسـح الزيت وابلصالة .وهنا شـَ َ
ومن غريالرب وادعة عندما تكون نية التلميذ مستقيمة؟ اآلن فلنمش بسرعة أل ّن هذا الرجل يتبعناِ .
ََ ّ ّ
تنهدا عميقاً) كما ِ
(يتنهد يسوع ّ
رفاقك بذلك ،ليس اآلن .قريباً أُرسل ُكم ابمسيّ ...
املستحسن أن يَعلَم َ
َ
(ويتنهد يسوع َم ّدداً) .وسوف تفعلون ذلك ...ولكن ذلك لن يعود يتحرق يهوذا بن مسعان ليفعل ّ ّ
1945 / 08 / 22
«ماذا تفعلون أيّها األصدقاء قرب هذه النار؟» يَسأل يسوع حني يرى تالميذه حول انر
متأججة تتألّق يف عتمات الليل األوىل عند مفرتق طرق يف مرج بن عامر.
ّ
أخاك ال
ولكن! ...تقريباً كلّنـا ...هكذا ،دون كلفة .ال ميكننا أكثر ،ذلك أ ّن يوحنّا والغيور و َ
حّت إنّنا تشاجران
حّت يهوذا بن مسعان ،وكذلك برتلماوس ُُياول ّأال يتكلّمّ ...
يريدون احلديث ،وال ّ
ِمن أجل ذلك »...يقول بطرس.
أنت ،اي
قطعيَ .
وحكمي ّ «أسباب كثرية .وهناك سبب مل يذكره أحد .واآلن أان الذي أح ُكم ُ
أنت ،اي يهوذا بن مسعان سوف
مسعان بن يوان سوف تتح ّدث كما قال ت ّداوس ،وقد قاهلا حبكمة .و َ
أنت ِ
تتح ّدث كذلك .وبذلك ،واحد من تلك األسباب العديدة ،وهو السبب الذي يَعلمه هللا و َ
كذلك ،ال يعود له وجود».
«اي معلّم ،ثِق أنّه ال يوجد سبب آخرُُ »...ياول يهوذا أن ُُييب.
علي أن أقول؟»
حق .ولكن ...ماذا َّ
ك لَ َعلى ّ
«إنّ َ
فكل شيء يفيد ذلك. يف ركأخيك ،الـمقبِل مع احلملني .ساعده ،وأثناء الطهي ،فَ ِّ
ّ ََ «انظر إىل َ ُ
يف إُياد املواضيع».
حّت احلَ َمل الذي على النار؟» يَسأل بطرس متش ّككاً.
« ّ
«نعمِ .
أطع».
«نثنائيل يفعل ذلك خلشيته من عدم إرضاء رغبيت ،أي إانرة القلوب وتعزيتها .هو أيضاً يُسيء
دافعك يف ذلك ليس َ ابلتصرف ،ذلك أ ّن
ّ ابلرب .ولكنّك أكثر إساءة التصرف ،ابفتقاره إىل الثقة ّ
ّ
كل شيء يف جاهلني مساكني حني، فال
ّ عل جبفهمك ،إّّنا االستخفاف ِ
َ ن اخلوف ِمن عدم التم ّكن ِ
م
ّ َ
يفهمونك .فَـ ُهم ،يف هذا املوضوع ،يتجاوزون الكثريين منكمَ .مل تَفهم شيئاً
َ ما عدا موضوع الفضيلة،
بعد ،اي يهوذا .اإلجنيل هو ابلضبط البُشرى احلَ َسنة احملمـولة إىل املساكني واملرضى والعبيد واحلَزاىن،
صل ذَوي البؤس على العون والسلوى ِ
وبعد ذلك تكون لآلخرين ،ولكنّها ابلتحديد من أجل أن َُي َ
واملؤاساة املمنوحة منها».
لكالواب وسوسنة.
ّ وتَنفذ ِمن غابة صغرية مرمي ومرمي اليت
األندوري حامالً ِجرار ماء ،يُساعده يف ذلك هرمستّ « .إّنا ِمن جيوقاان ،هو
ّ لحق به يوحنّا
يَ َ
شرح بعد التعبري عن إجالله ليسوع.
الذي أعطاان ّإايها ».يَ َ
َّسم .يُتابِع بطرس فَتل ِسيخ
يعود اجلميع إىل حيث يشوى احلمالن وسط غيوم ِمن الدخان الد ِ
ُ َ ََ
الشي ،ويف تلك األثناء يُر ِاجع أفكارهِ .من جهته ،يوضاس ت ّداوس ،ممسكاً أبخيه ِمن َخصره ،يقطع
ّ
املكان طوالً وعرضاً وهو يتكلّم دون توقفّ .أما اآلخرون ،فمنهم َمن َُيلب احلطب ،ومنهم َمن
لست أدري. ِ
يُهيّئ ...الطـاولة ،جالبني صخوراًكبرية السـتخدامها كمقاعد أو طاوالتُ ،
فالحو دوراس ،أحنف ممّا كانوا عليه ،وبثياب ابلية أكثر .ولكنّهم يف سعادة كبرية! إ ّّنم يِ
صل َّ
حوايل العشرين ،وليس فيهم طفل وال امرأة .فقط رجال مساكني…
الرب معاً ملنحه ّإايكم معلّماً أفضل .فلنباركه وحنن نصلّي ِمن أجل
«السالم لكم َجيعاً ،ولنبارك ّ
أنت سعيد أيّها اجل ّد؟ أان كذلك .سوف أمت ّكن ِ
هداية َمن َج َعلَكم تتألّمون كثرياً .أليس كذلك؟ هل َ
ك تبكي ِمن الفرح ،أليس كذلك؟ تعال ،تعال دون ثوك عنه؟ إنّ َ
الصيب .هل ح ّد َ
من اجمليء غالباً مع ّ
ِ
الرب،
نت دائماً اجلَّراد واخلُلد والنمل .ولكن ،مع ذلك ستبدو يل ُر ُسل ّيقول أحدهم« :لقد لَ َع ُ
إذ بسببها َخَرجنا ِمن اجلحيم ».رغم أ ّن مقارنة اجلماعة املالئكيّة ابجلَّراد والنمل قاسية ،مل يضحك
س ابملأساة املختبئة خلف تلك الكلّمات. أحد ،أل ّن اجلميع ُُي ّ
لكن الوجوه ال تتّجه صوب النار ،وقليل منهم َمن يَنظُر إىل ما
اللّهب يُنري َجاعة الناس تلك ،و ّ
كل العيون ُحت ِّدق يف وجه يسوع ،ومل َِحتد سوى للحظة ،عندما عادت مرمي اليتهو موضوع أمامهمّ .
بلف
الفالحني اجلائعني ،وتُنهي عملها ّ هتتم ابحلصص ،لِتُضيف قطعة أخرى على فطائر ّ حللفى ،اليت ّ
كل منكم لقمة أخرى غداً .ويف هذه األثناء سوف مشويني قائلة جل ّد مارغزايمُ « :خذ .سينال ّ
َّ فَخ َذين
يتدبّر ُمراقِب جيوقاان األمر».
«ولكنّكم»...
َمردة واستمرار رائحة دهن ذائب ما زال يشتعل على احلطب مل َّ ِ
يتبق من احلَ َملني سوى عظام ّ
حل ضوء القمر ُملّه لإلانرة.
الذي ينطفئ ،وقد ّ
األقل».
علي أسئلة على ّ
لست أدري ما أقول ...اطرح َّ
«اي معلّمُ ...
لست أان َمن لديه أسئلة ،بل ُهم .أيّها الرجال :ماذا ترغبون أن تسمعوا ،أو هل لديكم
« ُ
الفالحني بعدئذ.
استفسارات معيّنة؟» يَسأل ّ
فكل ما فيكم وما ُييط بكم عليها. دون س حت ُ ال ظروف يف كمّنأ د ك
ّاملؤ ن ُُييب يهوذاِ « :
م
ّ َ
احلريّة اليت تَفتَ ِقدون إليها للمجيء إىل املعلّم عندما يبدو لكم ذلك يتحالف إلبعادكم عن امللكوتّ .
ضبعاً مثل دوراس ،ومهما يكن ،فهو مثل كلب احلراسة، ِ
حسناً ،كونكم ُخ ّداماً ل ُمعلّم ،إن مل يكن َ
املتدين الذي أنتم فيه ،وهي كلّها ظروف غري مؤاتية الختياركم يبقي خ ّدامه يف األسر ،اآلالم والوضع ّ
التأزم واالنتقام ممّن يعاملكم
للملكوت .ذلك أنّه سيكون من الصعب ّأال تَستاءوا و ّأال تَشعروا ابحلقد و ّ
وحب القريب .فبدون ذلك ال خالص .عليكم السهر حب هللا ّ بقسوةَّ .إّنا األولوية القصوى هي ّ
حتمل على إبقاء قلوبكم يف خضوع واستسالم إلرادة هللا اليت تَ ِ
ظهر من خالل مصريكم ،وعليكم ّ َ
بكل أتكيد لن تكون حلريّة تفكريكم ابإلدانة ،اليت ّ حّت بدون إفساح اجملال ّ بكل صربّ ، معلّمكم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 313 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
كورة لـ ...لـَّ ...إّنا ابلنتيجة ،ينبغي عليكم ّأال تَثوروا ،أل ّن هذه
متساُمة خبصوص معلّمكم ،وال َش َ
احلب ال ينال اخلالص ،ألنّه ُمالف للوصيّة األوىل .وإنّين لَ َعلى يقني
ومن ليس لديه ّ احلبَ .
الثورة تَقتُل ّ
أ ّن إبمكانكم اخلالص ،ألنّين أرى فيكم اإلرادة احلسنة ،مقرونة بوداعة النَّـ ْفس اليت متنح األمل إبمكانيّة
إقصاء احلقد وروح االنتقام عنكمّ .أما الباقي فتتك ّفل به رمحة هللا الواسعة اليت تَغفر لكم ما ينقصكم
لكمالكم».
ص ْمت .يُبقي يسـوع رأسه كثري االحنناء ،مما يُعيق رؤية تعبري وجهه .إّّنا ميكن رؤية الوجوه َ
الفالحون أكثر إذالالً ِمن السابق ،و ُّ
الر ُسل والنساء األخرى ،وهي ليست ابحلقيقة وجوهاً سعيدة .ف ّ
َمشدوهون ،بل أكاد أقول ّإّنم َمذعُورون.
ظهر ِمنّا أيّة فكرة غري الصرب واملساُمةُُ ».ييب العجوز بتواضع.
«إنّنا نعمل جاهدين كيال تَ َ
احلب.
التوصل إىل كمال ّيتنهد« :حتماً سيكون من الصعب علينا ّ فالح آخر وهو ّ ويقول ّ
ابلنسبة لنا يـُ َع ّد كثرياًكوننا َمل نُصبِح قَـتَـلَة الذين يع ّذبوننا! فالروح يتأ ّمل و يتأ ّمل ويتأ ّملّ ،
وحّت وإن مل َُيقد،
ُيب ،مثل أولئك األطفال اهلزيلني ،الذين يَصعب عليهم أن يَنموا ِ
فلقد أصبَ َح من الصعب عليه أن ّ
ويَكربوا»...
صنِ َع اللّهب؟ مم ُكل شيء أنظُر إىل اللّهب ،وأتتين هذه الفكرة" :ها ُكمّ : كنت قبل ّ إذاً فقد ُ
ِمن احلطب .ولكن احلطب ال يشتعل بذاته .وإذا مل يكن جافّاً متاماً ،فإنّه ال يشتعل أبداً ،أل ّن املاء
يُ ِثقله ومينع الصوفان (شيء َخي ُرج ِمن قلب الشجرة ،رخو ايبس تقدح فيه النار) ِمن إشعاله .احلطب
ويتحول إىل غبار بفعل الديدان ،ولكنّه ال يشتعل بذاتهَّ .إّنا حني يرتّب املرء ّ عندما ميوت يَفسد
احلطب بشـكل مالئم ،ويدين الصوفان والوالعةِ ُ ،
سهل اإلشعال بنفخه على العيدان وُيدث الشرارة ،ويُ ِّ
كل تاح وّت
َ يدة ومف َجيلة حوحت ُدث الشُّعلة وتُصبِ
َ نعومة، كثر األ ابلعيدان ائ
ً دالنحيلـة ليؤجج النار ،مبت ِ
ّ َُ ّ
كنت أقول لنفسي" :احلطب هو حنن .وال نَضطَ ِرم بذواتنا .ومع ذلك حّت األغصان الضخمة" .و ُ شيء ّ
لئال نتبلّل كثرياً مبياه اللحم والدم الثقيلة ج ّداً لنسمح للصوفان إبضرامنا .وعلينا توخي احلذر ُّيب ّ
ِ ِ
اجلو والديدان ،أي اإلنسـانيّة والشيطان. دمران تقلّبـات ّالرغبة أبن نَضطَ ِرم ،ألنّنا إن بقينا خاملني ،فقد تُ ّ
إيل فإن تلك فإّنا تَب َـدأ إبحراق العيدان النَّحيلة وإفنائها -وابلنسبة َّ احلبّ ،
بينما لو استسلمنا لنار ّ
العيدان هي النقائصُ -ثّ تنمو وتطال األغصان األكثر ضخامة أي امليول األقوى .وحنن ،احلطب،
ي والرشيق املاد ّ
املاديّة ،القاسية ،الكثيفة ،الفظّة كذلك ،سـوف نصبح ذلك الشيء اجلميل غري ّ األمور ّ
الوالعة والصوفـان اللَّذين ُيعالن ِمن للحب الذي هو ّ ّ كل ذلك ألنّنا استسـلمنا الذي هو اللّهب ،و ّ
كياننا البائس كأانس خاطئني مالك الزمن اآليت ،مواطن ملكوت السموات".
ب طاعة")
( -124يسوع لفالّحي جيوقاان" :احلُ ّ
1945 / 08 / 23
احلب .ورغم اختالف األساليب ،فقد َِمسعتُم أمس مساء ِمن ُّ
الر ُسل أ ّن اخلالص يف هذا هو ّ
احلب الطبيعة الثقيلة ِ
احلب .مسعان بطرس ،بكلمته البسيطة والطيّبةَ ،ج َعلَكم تُالحظـون كيف يُب ّدل ّ ّ
فسداً كحيوان ميّت مل أبخرى فائقة الطبيعة .كيف أ ّن املرء بدون احلب ميكنه أن يصبِح فاسداً وم ِ
ُ ُ ّ
الع َفن يف املاء دون أن
األقل يكون بغري ذي فائدة كاحلطب الذي يُصيبه َ يَنضج على النار ،أو على ّ
للحب أن َُي َعل ِمن هذا الشخص إنساانً ُييا يف أجواء هللا،ّ يكون صاحلاً إلضرام انر ،كيف ميكن
وابلنتيجة كائناً يُفلِت ِمن الفساد ويصبح مفيداً لقريبه.
أان ال أنتَ ِقم أبداً ِمن أجل اإلهاانت اليت َحلِقت يب أان نفسي ،ولكنّين أترك لآلب أمر أولئك
ـخرون من الوصيّة بطريقة تَنتَ ِهكخيص القريب ،ويَس َ الذين يَبقون بعناد يف خطيئتهم األاننيّة فيما ّ
للحب ،أصبَحوا أكثر سبهمكَ على ا
ر
ً د قا ا
ً كالم
و إقناعهم ل ِ
و ا ُي
ُ ا
ً كالم ا
و ع احلرمات ،والذين كلّما َِ
مس
ّ ُُ
خطيئتك،
َ ك ِمن
إجراماً .إنّين دائما على أهبة االستعداد ألرفع يدي كي أقول للذي يتوب" :أحلّ َ
التغري .وليكن ذلك حاضراً يف أذهانكم احلب بقبويل قَساوات أتىب ُّ امض بسـالم" .ولكنّين ال أُهني ّ
على الدوام ،لَِرتوا األمور يف نور يُالئِم العدل ،ولتكذيب اإلشاعات اليت هي ُمالفة دائماً للحقيقة
بسبب التبجيل أو بِدافع ِمن َخشية َغضوبة.
غادرون هذه األرض .واليت يف احلالة اليت هي إنَّكم تَنت ِقلون إىل تَبعية معلّم آخر ،ولكنّكم ال تُ ِ
ّ َ
عليها ،يبدو االهتمام هبا ضرابً من اجلنون .ومع ذلك أقول لكم :اجعلوا منها واجبكم .لقد فعلتُم
عاملوا كما ِ
حّت اآلن خوفاً من العقوابت الالإنسانيّة .افعلوا ذلك اآلن أيضاً ،عاملني أنّكم لَن تُ َ ذلك ّ
توجب عليكم العمل حبميّة سعيدة ماّل ك ة، إبنساني لتم كنتم تُعاملون .بل حّت أقول لكم :كلّما ع ِ
وم
ّ ّ ُ ّ َ
حقيقي أ ّن على املعلّمني مثلها. ة إبنساني ة اإلنساني مينحكم الذي ذاك لوندلكي ،بواسطة العمل ،تُبا ِ
ّ ّ ّ
أن يكونوا إنسانيّني ّتاه الذين هم حتت إمرهتم -متذ ّكرين أ ّن اجلميع يتح ّدرون ِمن أصل واحد ،وأ ّن
الناس كلّهم يُولَدون عراة ابلطريقة ذاهتا ،ويصبحون نتانة بعد املوت ابلطريقة ذاهتا ،الفقراء كاألغنياء
«نعم اي معلّم».
على سلسـلة من الروايب ،حيث متت ّد الطريق الواصلة إىل الناصرةُ ،مستفيداً ِمن بساتني الزيتون
يتوجه يسوع صوب ِ
والبسـاتني األخرى اليت تغطّي القسم األكرب من تلك املنطقة اخلَصيبة وال ُـمعتىن هباّ ،
الناصرة.
صل إىل تقاطع طُُرق ،حيث تَقطَعه الطريق إىل بطوملايس (عكا) يتوقّفومع ذلك ،حينما ي ِ
َ
مرة ،ولنتناول طعامنا ،وبينما تتابع الشمس ويقول« :فلنتوقّف قرب ذاك البيت حيث توقَّ ُ
فت ذات ّ
طرباي ،ستَمضي أ ُّمي ومرمي إىل مسريهتا ،فلنَبق َُمتَ ِمعني قبل أن نَ ِ ِ
نتوجه إىل ّ
فرتق من جديد .فبينما حنن َّ َ
الناصرة ،ويوحنّا وهرمست إىل سيكامينون».
ومطوق
لفالحني واسع ومنخفضُ ،مزيَّن بشجرة تني َّيتوجهون َع ْرب بستان للزيتون صوب بيت ّ َّ
أبغصان كرمة تتسلّق السلّم الصغري لتمت ّد أغصاّنا بعدئذ على الشُّرفة.
وّتيب املرأة بعد حتيّة مرمي ومرمي« :دينا َولَ َدت أمس ابنتها الثالثة .إنّنا حزينون قليالً ألنّه مل
ُ
يُكتَب لنا أن نُ َرزق حبفيد ،ولكنّنا مع ذلك فَ ِرحون ،أليس كذلك اي متاتياس؟»
األرضي َر ِطب وظليل ،وواسع ،وهو مفتوح أمام البيت وخلفه ،ببابني ُمظلَّلني ،الواحد ّ الطابق
بشجرة تني ضخمة واآلخر بسياج زهور جنميّة ،أنواع ِمن َد ّوار القمر شكالً ولكنّها أصغر منها حجماً.
الزمرد يَلِج هكذا إىل القاعة الكبريةُ ،خي ِّفف عن العيون ال ُـم َتعبة ِمن نور الشمس الباهر.
نور عظيم بلون ّ
يف القاعة الكبرية مقاعد وطاوالت ،قد تكون املكان الذي تَغزل فيه النساء ويَنسجن ،ويُصلح الرجال
الرافدات املنتَ ِفشـات
أدوات الزراعة ،أو َُيفظون فيه مؤونة الطحني والفاكهة ،ذاك ما يوحي به وجود ّ
للخطّافات والطاوالت الصغرية املوضوعة على ركائز ،ابإلضافة إىل صناديق خشبيّة طويلة على طول
اجلدران .مشاقات كتّان أو قنّب نديفة ،تبدو كاجلدائل احمللولة على طول اجلدار املبيّض ابلكلس،
اجلو كلّه بلونه الضاحك ذي ِ
ونسيج أمحر كالنار ،ممدود على نول ما زال مكشوفاً ،يبدو وكأنّه يُبهج ّ
األهبة.
ّ
ودون رؤية املولودة اجلديدة. ِ
تعود ربّة البيت بعد انتهائهـا من اخلَبز وتَسـأل الضيوف إذا ما كانوا يَ ّ
بكل أتكيد ،سوف أُاب ِركها».
ُُييب يسوعّ « :
مرميِ ،من جهتها ،تقولُّ « :
أود أن أُسلّم على األ ُّم».
أنت؟»
«و َ
«أان سـوف أبقى يف كفرانحوم طوال الوقت ،مع بعض اإلقامـات يف بيت صيدا .وسوف أُ ِّ
بشـر
الذين يَلحقون يب إىل هناكُ .ثّ يف ّأول قمر تشرين (نوفمرب-ديسمرب) .سنُعا ِود رحالتنا .ويف هذه
األثناء سأاتبع تثقيفكم مساءً»...
غاضب أل ّن َجيع أوالده بنات .صحيح أنّه ِمن أجل «يف الواقع هي ليست كذلك ...فالزوج ِ
للتو وهي
صلَت ّ احلقول ،يُ ِّ
فضل الذكور ،ولكن الغلطة ليسـت غلطة ابنتنا »...تقول ربّة البيت اليت َو َ
تتنهد.
ّ
الرب بثقة.
وُيبّان بعضهما ،وسوف يُ َرزقان ابلصبيان ».يقول ّ
شاابنُ ،
« ّإّنما ّ
سيتجهم اآلن »...تقول املرأة مضطربة .وتقول بصوت أعلى« :فليبّس ،رايب
َّ «هو ذا فليبّس...
الناصرة هنا».
لك اي معلّم».
برؤيتك .السالم َ
َ سعدت ج ّداً
ُ «
ألّنا تستأهل
لت أنظر إليها ّ
ابنتك الصغرية اجلميلة .إنّين ما ز ُ
أيت َ لك السالم اي فليبّس .لقد ر ُ«و َ
عليك االعرتاف جبميله ...أفال
أصحاء وطيّبنيَ . لك أطفاالً َجيلنيّ ،كك مبنحه َقصائد مديح .هللا يبار َ
غاضب»...ك ِ ُّتيب؟ يبدو أنّ َ
آمل احلصول على ابن ،أان!»
كنت ُ
« ُ
الك عن
تشكرك وتَطلُب سؤ َ
َ فعلت ،اي سيّد .زوجيت
يعود الرجل لينـزل بعد دقائق ويقول« :لقد ُ
اخرتت هلا امساً ُمن ِّفراً»...
ُ كنت قد
اسم هلذه الصغرية ...ألنّين يف كراهيّيت الظاملة ُ
قسوتك ،ميكن
َ « َِمسّها مرمي .فلقد َش ِربَت دموعاً ُمّرة مع ّأول نقطة حليبُ ،مّرة كذلك بسبب
تسميتها مرمي .ومرمي سوف ُحتبّها .أليس كذلك اي أ ُّمي؟»
«نعم ،الصغرية املسكينةّ .إّنا ظريفة ج ّداً ،وابلتأكيد ستكون صاحلة ،وسوف تُصبِح جنمة
صغرية يف السماء».
لك».
ين .السالم َ
«نعم اي بُ ّ
َخي ُرج يسوع .تنحين مرمي وسوسنة لَِرتاي قطعة القماش على النولَّ .تلس مرمي ،يديها على
ركبتيهـا .قد تكون هي أيضاً تصلّي .مرمي اليت حللفى تتعب سريعاً ِمن النَّظر إىل العمل .فتجلس يف
ِ
مستيقظَني. ظالً وتنام بسرعة .تُف ِّكر سوسنة ج ّد ّايً ابالقتداء هبا .وتبقى مرمي ويهوذا
الزاوية األكثر ّ
األوىل ُمستَغ ِرقة يف ُّ
التأمل والثاين يَنظُر إليها ،بعينني مفتوحتني جيّداً ،وال يشيح نَظَره عنها أبداً.
لست أدري ملاذا ،إّّنا رغم َجاله و ة.ضج ث أخرياً ينهض ويدنو منها على مهل ،دون أن ُُي ِ
د
ُ ّ ََ
يزي ر الغ فوري ن
ُ يكون قد يستها.
ر ف ن الذي ال ميكن إنكارهَُ ،يعلين أُف ِّكر بسنّوري أو أفعى تقرتب ِ
م
ّ َ
حّت يف خطواته ...ينادي بصوت منخفض« :مرمي!» وش ِرساً ّ
منه هو الذي ُيعلين أراه ماكراً َ
مين اي يهوذا؟» تَسأل مرمي بلطف ،وتَنظُر إليه بِ َعني و ِادعة ج ّداً.
«ماذا تريد ّ
ك».
«تكلّم .أان أمسعُ َ
ِ
ميكنك اخلروج قليالً؟ ففي اخلارج كذلك يوجد سمعين أحد .أال
«ليس هنا ...فال أريد أن يَ َ
ظل»...
ّ
إبمكانك التح ّدث هنا كذلك» تقول
َ «هيا بنا إذنَّ ...إّنا انظر .إ ّن اجلميع نيام ...وقد كان
وُت ُرج ّأوالً ،متّكئة على سياج الزهر العايل.
العذراء .ومع ذلك تَ َنهض َ
ابلرسول الذي يَضطَ ِرب مين اي يهوذا؟» تَسأله اثنية بينما ُحت ِّدق بنظرها الثَّاقب َّ «ماذا تريد ّ
بت أبمل وال تَع ِرف كيف ك تسبَّ َ قليالً ،ويبدو أنّه َُِيد صعوبة يف إُياد الكلّمات« .هل تَشعُر أبمل؟ أو إنّ َ
بين .وكما اي م ل
ّ تك بة؟ر ّت يف كَ ن
ّ أب افرت االع عليك شق
ّ وي خطأ، ف التصر وشك على كَ ن
ّ إ َم
أ ؟ تُ ِ
عرب
ّ
ّ َ ّ
كأعدت ل َ
ُ استطعت،
ُ صفوك ،وإذاَ نفسك .قُل يل ما الذي يُع ِّكر
َ جسدك سوف أُعالِجَ عاجلت
ُ
لك إذا ما أخطأت كثرياً ،هو يَغفر َ َ كنت
حّت ولو َ الصفاء .وإن مل أستطع وحدي ،أقول ليسوعّ .
التوجه إليه ،هو املعلّم. ِ
لك مباشرة ...ولكن قد َُت َجل من ّ الصفح .ح ّقاً ،إ ّن يسوع يَغفر َ
لك َّ طلبت َُ
إيل»... ه التوج ن أان أُم ...وال َُتجل ِ
م
ّ ّ َ ّ
حبق السالم بيننا .أان ...أان أشعُر ِ ِ
إين ال أشعر ابخلجل ،ألنّك أ ُّم وأ ُّم صاحلة للغاية .إنّك ّ
«نعمّ .
لست أدري ماذا يف دمي ،وماذا يف قليبِ ...من وقت ابضطراب شديد .مزاجي مع ّكر ج ّداً ،اي مرميُ .
أسوئها».
ابلعجز عن السيطرة عليهما ...وحينئذ أقوم أبغرب األمور ...و َ آلخر أشعُر َ
«سأطلب ِمن األبرار وأجعلهم يُصلّون دون أن أقول هلم ِمن أجل َمن هي الصالة».
إيل ،يف حديقيت ،كالعصافري اليت «سوف أجعل األطفال يُصلّون .فهناك الكثري منهم أيتون َّ
حهم ّإايها .إنّين أحت ّدث عن هللا...
تبحث عن حبوب .واحلبوب هي املالطفات والكلّمات اليت أمنَ ُ
الرب».
وصالة األطفال مقبولة لدى ّ فضلون ذلك على األلعاب والقصصَ . وهم األبرايء يُ ِّ
ِ
صالتك أبداً ،ولكن ذلك ما زال ال يكفي». «ليست أكثر ِمن
ولكنّها مع ذلك ُتطو خطوة إىل األمام ،أل ّّنا كانت ِشبه غارقة يف السياج لتبتعد عن يهوذا
يسمعك.
َ البين« .اصمت! وال تدع أحداً يوطي ّ
اقرتب كثرياً ،وتضع يدها يف شعر االسخر ّ
الذي كان قد ََ
يهمين ما يقوله الناس ،ألنّه ال ُيرح
سأحت ّدث إىل يسوع ،وإذا ما أراد ذلك هو ...ستأيت إىل بييت .ال ّ
نفسي ،فأمر واحد فقط قد ُيرح نفسي ،وهو أن أكون ُمذنِبة ّتاه هللا ابرتكايب اخلطأ .فأان ال أابيل
شك ملدينتها.
ابلنميمة .ولكنّين لن أكون هدفاً للنميمة ،أل ّن الناصرة تَعلَم أ ّن ابنتها لن تكون سبب ّ
روحك .سأحبث عن يسوع .ابق يف سالم». َ يهمين هو أن َُتلص
ُثَّ ،هب أ ّن ذلك سيحصل ،فإ ّن ما ّ
املؤدي إىل منحدر صغري تغطّيه أشجار وتلتحف بوشاحها األبيض كثوهبا ،ومتضي مسرعة َع ْرب الدرب ّ
الزيتون.
ك!»
ألم َ ِ
أنت تَعب روحيّاً؟ حزين؟ قُل ذلك ّ
بين؟ هل َ
« ماذا اي ّ
ثك عنه»...
أتيت ألح ّد َ
كنت قد ُ
ينُ ،
«بُ ّ
«هل أساء التصرف؟ هل سبب ِ
لك األمل؟» ّ ّ
س به لرؤييت أحدهم وقد فَ َسد ...اي لالبن املسكني! «ال .ولكنّه جعلَين أ ُِحس ابألمل الذي أ ِ
ُح
ّ ّ ََ
كم روحه مريض!»
أشفقت عليه؟ أمل تعودي ُتافني منه؟ ففي السابق ِ
كنت ُتافني منه»... ِ «وهل
أنت
أنت وإيّـاه ،خلالص روحهَ .ـاعدتكَ ،
َ أود مس
بين ،إ ّن شـفـقيت أعظم كثرياً من خويف .و ُّ
« ّ
ك تقول إ ّن على اجلميع املساِهة مع املسيح يف
إيل .ولكنّ َ
لست يف حاجة َّكل شيء ،و َ قادر على ّ
الفداء ...وهذا االبن يف أمس احلاجة إىل ِ
الفداء!» ِ
ّ
علي أن أفعل أكثر مما أفعله ِمن أجله؟»
«ماذا َّ
إبمكانك تركي أفعل .لقد رجاين السـماح له ابإلقامة يف بيتنا ،فإنّه
َ ميكنك فِعل أكثر ،إّّنا
َ «ال
أسك؟ أال تريد؟ سوف أقول له هتز ر َ ِ يبدو له إنّه سيتم ّكن هناك ِ
التحرر من َوحشه ...هل ّ
ّ ن م
ذلك»...
«ال اي أ ُّمي .القضيّة ليست قضيّة أنّين ال أريدُ .أهُّز رأسي ألنّين أعرف أ ّن ذلك بال جدوى.
غرق ،يرفض بكربايء احلَبل الذي يُ َرمى إليه جللبه إىل الشاطئ.غرق ،ورغم إحساسه أبنّه يَ َ فيهوذا َك َمن يَ َ
ويتمسـكُ ...ثّ يُعا ِوده الكربايء فيرتك احلبل ويستنجد، يبحث ق، ر الغ
َ ن وأحياانً إذ أيخذه اهللَع ِ
م
ّ َ َ
ويرفضـه ،ويريد أن يتخلّص ِمن الورطة مبفرده ...ويزيد غرقه ابستمرار يف املياه املوحلة اليت تغمره .ولكن
أود لو أعرف إن كان األمر «ماذا دهاان! ِمن جهة النّجاسة! ...فنحن لسنا مالئكة .هاكمُّ ،
سيستمر على ما هو عليه بعد الفداء ،ابلنسبة للنساء .إنّنا نتعلّم إجالل األ ُّم ،وأن نُ ِك َّن أعظم االحرتام
ّ
وحرم ِمنُ هنا، ن ملألخوات والبنات واخلاالت والعمات وللكنّات وألخوات األزواج ،وُث ...حرم ِ
ّ ُ ّ
حواء اليت أخطَأَت؟ ال أبس .إّّنا آدم ُمالطتهن غالباً ،ال ...أهي ّ
ّ هناك! يف اهليكل هذا غري وارد.
حبواء قصاصاً هلا ،أال يكفي هذا؟» أنزَل هللا ّ
كذلك .وقد َ
كأّنا َِجن َسة».
حّت موسى نَظََر إىل املرأة و ّ
«ولكن اي توما! ّ
«وهو ،لوال النساء ،لكان سيموت َغَرقاً ...ومع ذلك امسع اي برتلماوس ،أُذ ّكِ َ
رك ،رغم أ ّن ثقافيت
ثقافتك ،إّّنا فقط خربة ،أب ّن موسى يتح ّدث عن جناسة املرأة اجلسديّة ،لكي َ ال ترقى إىل مستوى
َحن َِرتمها ،ال لِنَرمي عليها احلُرم».
يوطي، ر االسخ ويهوذا اّنويوح النساء مع مباشرة مهم د
ّ يتق كان الذي ويسوع، النقاش. م وُيت ِ
د
ّ َ
مؤهل خلقيّاً وروحيّاً ،وقد أفسدته احتكاكاتهويتدخل« :لقد كان أمام هللا شعب غري ّّ يتوقّف ،يلتفت
جسدايً وروحيّاً .فأعطاهم الوصااي كمبادىء انفعةّ قوايً،
ابلوثنيّني .وهو كان يريد أن ُيعل منه شعباً ّ
الشهوات
للصالبة اجلسـديّة ،وانفعـة كذلك للنـزاهة األخالقيّة .فلم يكن ابإلمكان غري ذلك لكبح َجاح ّ
تتكرر اخلطااي اليت بسببها غرقت األرض واحرتقت صادوم وعامورة .إّّنا يف املستقبل، اإلنسانية ،لكيال ّ
لكن
اجلسدي ،و ّ
ّ اخلاص ابالحرتاز
ّ مضطهدة كما هي اآلن .سيبقى التحرمي َ لن تكون املرأة املفتداة
هبن اآلن لتهيئة كاهنات املستقبل األوائل». الرب ستزول .وأان أرتقي ّ
العوائق اليت متنع القدوم إىل ّ
«آه! هل سيكون هناك كاهنات؟!» يَسأل فليبّس مندهشاً.
مّت.
«هل سيقمن برحالت رسوليّة؟» يَسأل ّ
«نعم ،حامالت اإلميان إىل البعيد ،وينبغي يل أن أقول ذلك ،وأبكثر بطولة ِمن الرجال».
يوطي ضاحكاً.
«هل سيجرتحن املعجزات؟» يَسأل االسخر ّ
وه ّن ،النساء
أساسيُ .
ّ بعضهن يصنعن كذلك املعجزات .ولكن ال تعتمدوا على املعجزة كأمر
ّ «
الق ّديسات ،سوف يصنعن الكثري ِمن معجزات اهلِداية ابلصالة».
أيك؟»
«ال تَ ُكن ُمدوداًكال َكتَـبَة ،اي برتلماوس .ما هي الصالة حسب ر َ
«التوجه إىل هللا بِ ِ
صيَغ حنن نعرفها». ّ
«هذا وأكثر منه أيضاً .فالصالة ،هي حوار القلب مع هللا ،وهي ما ينبغي أن تكون عليه احلالة
االعتياديّة لإلنسانّ .أما املرأة ،فبسبب حياهتا األكثر عزلة منّا ،وبقدراهتا اهلائلة اليت تفوق قدراتنا ،فهي
مهيّأة أكثر منّا هلذا احلوار مع هللا .ففي الصالة ّتد العزاء آلالمها ،والعالج ألتعاهبا اليت هي ليست
فإّنا ّتيد التح ّدث
ـزيل والوالداتّ ،إّنا ّتد ما ميسح الدموع ويعيد البسمة إىل القلبّ . فقط التدبري املن ّ
إىل هللا ،وستجيد ذلك أكثر يف املسـتقبل .سيكون الرجال عمالقة التعليم ،وستكون النساء على الدوام
وحّت العامل ،ويالت كثرية وعقوابت َجّة سوف تُدرأ بفضل اهتن العمالقةّ ،
اللوايت يدعمن بصلو ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 335 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لكن هللا وحده عامل هبا ،إّّنا ليست
اهتن .سوف يَصنعن املعجزات إذاً ،وهي غالباً غري ظاهرة ،و ّ
صلو ّ
وِهيّة».
صنعت اليوم معجزة غري ظاهرة ،ومع ذلك هي حقيقيّة ،أليس كذلك اي معلّم؟»
َ أنت كذلك
« َ
يَسأل ت ّداوس.
«نعم اي أخي».
«كان ِمن األفضل أن تكون ِ
ظاهرة ».يُبدي فليبّس مالحظته.
صيب؟ فاملعجزة ،يف احلقيقة ،هي تب ّدل األشياء الثابتة، كنت تريدين أن أ ِّ
ُحول الطفلة إىل ّ «هل َ
وابلنتيجة هي اختالل للنظام فيه مصلحة ،مينحه هللا استجابة لصالة اإلنسان ،ليُظ ِهر له أنّه ُيبّه أو
لِيُقنعه أبنّه الكائن .ولكن مبا أ ّن هللا نظام هو ،فإنّه ال يَنتَ ِهك ُحرمة النظام بشكل مبالغ فيه .الطفلة
ُولِ َدت أنثى وتبقى أنثى».
تتنهد العذراء.
كنت حزينة للغاية هذا الصباح!» ّ
«لقد ُ
ِ
طفلتك ».تقول سوسنة وتضيف« :أان ،عندما أرى مصيبة «ملاذا؟ فالطفلة غري املعتربة مل تكن
لدي مثلها!"»
لدى طفل أقول" :حلسن حظّي أ ّن ليس ّ
«ال تقويل هذا اي سوسنة! فهذا ليس فيه ُمبّة .فأان كذلك ميكنين أن أقول هذا أل ّن أموميت
الوحيدة كانت قد ّتاوزت قوانني الطبيعة .ولكنّين ال أقوله ،ألنّين أفكر دائماً" :لو مل يردين هللا عذراء
ُشفق على اجلميع ...ألنّين أقول: يف ،وأكون أان أُم هذا الشقي" وهكذا أ ِ لكان ممكناً أن يقع هذا الزرع َّ
ّ ّ
أصحـاء ،سليمنيُ ،مبوبني وظرفاء ،فتلك هي "كان ابإلمكان أن يكون ابين" ،وكأ ُّم ،أريدهم َجيعـاً ّ
ألبنائهنٌّ ».تيب مرمي بلطف .ويبدو يسوع وكأنّه يعود ليكسوها نوراً لش ّدة ما كان ّ األمهات
رغبة ّ
شع فرحاً وهو يَنظُر إليها.
يَ ّ
علي »...يقول يهوذا بصوت منخفض. ِ
«أألجل هذا تُشفقني َّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 336 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
خيص قاتل ابين ،إذ إنّين أُف ّكر أبنّه سيكون األكثر حاجة
حّت ولو كان األمر ّ «على اجلميعّ .
احلب .فإنّه ِمن املؤّكد أ ّن اجلميع سيبغضونه».
إىل الغفران ...و ّ
حتمل الكثري يف الدفاع عنه كي متنحيه الوقت للهدايةّ ...أما أان فإنّين أبدأ ِ
«اي امرأة ،عليك ّ
ابلتخلّص منه حاالً »...يقول بطرس.
1945 / 08 / 26
دخل يسوع إىل معبد كفرانحوم الذي ميتلئ ابملؤمنني على مهل ،إذ إ ّن اليوم سبت .الدهشة يَ ُ
عظيمة لرؤيته .يُشري إليه اجلميع ابلبَنان وهم يتهامسون ،وهناك َمن يش ّد ثوب هذا أو ذاك ِمن ا ُّلر ُسل
ليسأله مّت عادوا ،أل ّن أحداً مل يكن على عِلم بعودهتم.
قادمني ِمن بيت صيدا ،لكيال ُنطو خطوة واحدة أكثر مما هو «لقد نَزلنا للتو يف "بئر التني" ِ
ّ
يسي ،وذاكَ ،مروحاً ِمن مساعه صيّاد مسك يناديه
الفر ّ
مسـموح به ،اي صديقي ».بطرس ُُييب اوراي ّ
الصف األول.
ّ لينضم إىل رفاقه يف
صديقيَ ،ميضي مستخ ّفاً ّ
«ال تُثِرهم اي مسعان!» ي ِ
نذره اندراوس.ُ
«أُثريُهم؟ لقد َسأَلَين فأجبتُه قائالً إنّنا حتاشينا املشي احرتاماً للسبت».
صمت.
يتحمل اندراوس التبكيت ويَ ُ
ّ
بَعد الصلوات االفتتاحيّة ،أييت وقت قراءة فصل وشـرحه .يَطلُب رئيس املعبـد ِمن يسـوع أن
الفريسيّني قائالً« :فليفعلوا ذلك ُهم ».ولكن مبا ّأّنم َأيبون
لكن يسوع يشري إىل ّيفعل هو ذلك ،و ّ
القيام بذلك ،فعليه هو أن يتكلّم.
األولونُ ،جبناء ويف نيّتهم سلوك الزيفيني كان ُمادعاً .وسلوك شاوول مل يكن ِ
أقل من ذلكّ .ّ ّ
الرب .فاألاننيّة، ِ
استمالة األقوى بغية االستفادة منه .الثاين ،جبان ويف نيّته التخلّص من املمسوح من ّ
ابلنتيجة ،كانت ّتمعهم .ويتجاسر ملك إسرائيل املزيّف واخلاطئ ،لدى االقرتاح ال ُـمعيب ،أن يُعطي
الرب". ِ
الرب" :فلتكن مباركاً من ّ
جواابً حيث يَذ ُكر اسم ّ
اعتيادي! واإلنسان بشروره ،غالباً ج ّداً ما يَستَنِد إىل اسم هللا وبركته
ّ ازدراء بعدل هللا! ازدراء
ابعتبارِها مكافأة أو ضمانة .قيل" :ال تَذ ُكر اسم هللا ابلباطل" .وهل ميكن أن يوجد ما هو ابطل
أكثر ،ما هو أسوأ ِمن ذكر امسه ومناداته يف سياق تنفيذ جرمية ض ّد القريب؟ ومع ذلك هي خطيئة
ِ ِ ِ
الرب،
حّت من قبَل الذين ُهم يف طليعة َجاعات ّ أكثر شيوعاً من أيّة خطيئة أُخرى ،تُ َّنفذ بال مباالة ّ
كل ما ميكنه التسبّب ابألذى للقريب خطيئة. يف الشعائر ويف التعليم .تذ ّكروا أ ّن البحث وتدوين وهتيئة ّ
كل ما ميكنه التسبّب ابألذى للقريب .إنّه بحثون ويُ ِّ
دونون ويُهيّئون ّ وخطيئة كذلك جعل اآلخرين يَ َ
ابلقصاص (اجلزاء).جلب اآلخرين إىل اخلطيئة إبغرائهم ابملكافآت أو هتديدهم وتوعدهم ِ
ّ َ
أُنبِّهكم أب ّن ذلك خطيئة .أُنبِّهكم أب ّن سلوكاًكهذا هو أاننيّة وكراهية .وأنتم تَعلَمون أ ّن الكراهية
هتم بنفوسكم .ألنّين أحبّكم .ألنّين ال أريدكم دوا احلب .أَل ُفت انتباهكم إىل ذلك ألنّين ُم ّ
واألاننيّة ُِها َع ّ
خطَأَة .ألنّين ال أريد أن ُُيازيكم هللا ،كما حصل لشاوول الذي ،بينما كان ي ِ
الحق داوود ليقتلهَ ،د َّمر ُ َ َ َ
لحق األذى ابلقريب .إ ّن الفلسطينيون مدينته .يف احلقيقة إ ّن ذلك سوف َُيصل على الدوام لِمن ي ِ
َ ُ ّ
ُيف كذلك سريعاً ويُداس أبرجل انتصاره سيدوم كما العشب يف احلقل .سوف يَنبت سريعاً ،ولكنّه ّ
املارة الالمبالني .بينما السلوك احلَ َسن ،حياة النّـزاهة ،املعاانة منذ الوالدة والثّبات ،إّّنا ما أن تَثبت تلك
ّ
حّت تصبح كالشجرة الضخمة كثرية األوراق ،اليت ال ميكن لألعاصري نفسها احلياة وتصبح اعتياديّةّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 339 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
حبق ،يُصبِح شجرة هائلة ال تَثنيه
الويف ّ
الويف للشريعةّ ،
أن تنتزعها ،وال للقيظ أن ُيرقها .يف احلقيقةّ ،
األهواء ،وال حترقه انر الشيطان.
ابلفريسيّني؟ أنتم أربعة .واجلمع ُيوي املئات ِمن الناس .والكالم للجميع».
«هل املعبد مليء ّ
«ومع ذلك فالتلميح كان جليّاً».
لتوي ِمن التح ّدث وعندما يصبِح أمامه ،يلتَ ِفت إىل الفريسيني ويقول هلم« :ملاذا ُّت ِربونين؟ أمل ِ
أنته
ّ ّ ّ ّ َ ُ
الفخاخ والكراهية؟ وأنتم أمل تقولوا حاالً" :ليست لدينا هذه اخلطيئة"؟ أال ُّتيبون؟ فقط أجيبوا ض ّد ِ
الشر يوم السبت؟ أُيوز إنقاذ احلياة أم انتزاعها؟ أال ُّتيبون؟ أُجيبُكم أان
على هذا :أُيوز فعل اخلري أَم ّ
كل الشعب الذي َُي ُكم أفضل منكم ،ألنّه بسيط وليست لديه كراهية وال كربايء .ال َُيوز قَضاء أمام ّ
َع َمل يف السبت .ولكن كما الصالة مسموح هبا ،كذلك فِعل اخلري مسموح به ،أل ّن فِعل اخلري أعظم
األايم ِ ِ
الشر غري مسموح به ال يف السبت وال يف ّ الرتاتيل واملزامري اليت َرتَّلناها .بينما فعل ّ
حّت من ّ ّ
حّت ِمن كفرانحوم، ِ
شراً بتآمركم كي ُحتضروا هذا الرجل إىل هنـا ،الذي هـو ليس ّ األخرى .وأنتم فعلتم ّ
كنت يف بيت صيدا ،ولتخمينكم أبنّين سوف آيت بعدها ِِ
والذي استقدمتموه منذ يومني ،لعلمكم أنّين ُ
إىل بلديت .ولقد فعلتُم ذلك لتجعلوين يف موضع ّاهتام .وهكذا فإنّكم تَرتَ ِكبون خطيئة قَتل نفسـكم
خيصين فأان أساُمكم ،ولن أخيّب إميان هذا الرجل الذي أتيتم به إىل هنا بـدل َخالصها .إّّنا فيما ّ
فخاً .هو ال ذنب متظاهرين أبنَّكم ُمهتَ ّمني أبن أُشفيه ،بينما أنتم مل تكونوا تنوون سوى تَنصبون يل ّ
يدك وامض بسالم». له ،ألنّه مل أيت ويف نيّته غري الشفاء .وليكن له ذلك .أيّها الرجل ُم ّد َ
يطيع الرجل وتعود يده سليمة كاألخرى .ويستخدمها مباشرة لِيُمسك طََرف معطف يسوع
لكنت
أتيت ،و ُ
كنت أعلَم هبا ملا ُ
أنت تَعلَم أنّين مل أكن أعلَم حقيقة نواايهم .لو ُ
ليقبّله قائالً لهَ « :
لت موت يدي على استخدامها ض ّد َك .فال تؤاخذين إذن». فض ُّ
ّتاهك غري العطف».
َ «امض بسالم أيّها الرجل .أان أعرف احلقيقة ،وليس يل
1945 / 08 / 27
بيت الناصرة هو األكثر مواءَمة الرتقاء الروح .هناك السالم والصمت والنظام .تبدو القداسة
كأّنا تنبعث ِمن حجارته ،تفوح ِمن نبااتت حديقتهُ ،مت ِطر ِمن السماء الصافية اليت تغطّيه كقبّة مساويّة. و ّ
يف احلقيقة هي تَنبَثِق ِمن اليت تس ُكنه وتتنقل فيه ،خب ّفة وصمت ،حبركات فتيّة ،سليمة ،بَِق َدم خفيفة
العذبَة ذاهتا املطمئنّة واحلنونة.
كاليت كانت هلا يوم َد َخلَته عروساً ،وابالبتسامة َ
أشعة الشمس ،يف تلك الساعة الصباحيّة ،تغطّي البيت ِمن جهته اليمىن ،تلك اجلهة األكثر إ ّن ّ
أشعة الشمس الصباحية تلك، ِ ِ
متوج للروايب ،ووحدها ق َمم األشجار هي اليت تستفيد من ّ ألول ّ
قرابً ّ
و ّأوهلا أشجار الزيتون اليت ُزِر َعت عند بداية املنحدر لتُحافِظ على متاسك تربته جبذورهاَّ ،إّنا أشجار
تضرع طلباً كأّنا ت ّ
معوجة ،قويّة ،واليت ترتفع أغصاّنا األضخم حنو السماء و ّ ص َم َدت ّالزيتون اليت َ
كأّنا هي كذلك تصلّي ِمن موقع السالم هذاَّ ،إّنا أشجار الزيتون تلك اليت بقيت صامدة لربكتها ،أو ّ
ِمن بستان الزيتون الذي ليواكيم ،تلك األشجار اليت كانت يف ذلك احلني كثرية ،واليت كانت َمتتَ ّد َكما
للرعي، ِ ِ
حّت احلقول البعيدة حيث بستان الزيتون واحلقول كانت مرتَعاً ّ حجاج طويل ،لتَصل ّ
موكب ّ
صَرت اليوم على بضع شجرات ابقية على حدود ملكيّة يواكيم اجملتَـَزئة.
وقد اقتَ َ
بعدئِذ تستفيد منها شجرة اللوز وأشجار الت ّفاح ،الكبرية والقويّة ،واليت تَفتَح على احلديقة مظلّة
ِ
أشعتها ،وأخرياً شجرة التني املالصقة للبيتُُ ،ثّالرمان اليت تَ َنهل من ّ
أغصاّنا ،ويف املرتبة الثالثة شجرة ّ
داعب الورود واخلضار املعتىن هبا جيّداً يف املساكِب املستطيلة ،وعلى ها هي الشمس وقد بدأت تُ ِ
يطن ،نقاط ِمن ذَ َهب تَطري على
احململة ابلعناقيد .النحل ّ املتوضعة حتت غطاء التعريشة ّ
طول األسيجة ّ
تنقض عليها ،وزهور كل ما ميكن أن َمينَحها عصارات لذيذة ِ
وعطرة .هناك نبتة زهر عسل صغرية ّ َ ُ ّ
أجهل امسها ،على شكل ُجريسات ،تُش ِّكل طاقات ،وهي يف طريقها إىل االنغالق اثنية -بدون ّ
شك
ذهب مرمي خب ّفة ِمن أعشاش احلمام إىل النبعة الصغرية اليت تسيل قرب املغارة الصغرية ،ومنها
تَ َ
لتتأمل أثناء عملها ،ابلزهور أو احلَمامات ِ
إىل البيت لالهتمام بشؤونه ،ومع ذلك فهي َّتد وسيلةّ ،
اليت تقفز يف الدروب أو تدور فوق البيت واحلديقة.
يعود يهوذا االسخريوطي وهو َُي ِمل نبااتت وفسالت ِ
(غراس)« .أحي ِ
يك أيّتها األ ُّم .لقد أعطوينّ ّ
ضرب جذوراً مثل زهر العسل .ويف العام أمتىن أن تَ ُ
حّت ال تتأثّر ،ولكنّين ّ
أسرعت ّ
يده .و ُ
كنت أر ُ
كل ما ُ
ّ
لك حديقة تُشبِه سلّة زهور ،وهكذا تتذ ّكرين يهوذا املسكني وإقامته هنا ».يقولاملقبِل سوف تكون ِ
ومن كيس هذا وهو ُخيرِج ِمن أحد الكيسني وبعناية نبااتت مع جذورها ُُماطة بِرتاب وأوراق نديةِ ،
ّ ُ ُ
آخر فسالت.
ميكنك معرفة مدى سعاديت بوجود زهور العسل هذه جبانب املغارة َ حبق اي يهوذا .ال
أشكرك ّ
« َ
كنت ما أزال صغرية ،هناك ،عند طََرف احلقول تلك ،اليت كانت ما تزال لنا ،كانت الصغرية .فعندما ُ
هناك مغارة أكثر َجاالً ِمن هذه .وكانت زهور اللبالب وزهـر العسـل تغطّيها أبغصاّنا وزهورها مش ّكلة
حّت داخلها ،واليت كانت شعريات نبتة كزبرة البئر قدستاراً وملجأً للزانبق الصغرية اليت كانت تنمو ّ
كنت أف ّكر دائماً بتلك املغارة،
َج َعلتها خضراء ابلكامل .إذ إ ّن نَبعاً كان هناك ابلضبط ...يف اهليكلُ ،
كنت أصلّي أمام سـتار قدس األقداس ،أان ،عذراء اهليكل ،فلم أكن حّت عندما ُ لك ،أبنَّين ّ
وأقول َ
كنت أَحلُم أبحاديث ِ
ألَشعُر أكثر بوجود هللا .بل وأكثـر من ذلك ،ينبغي يل االعرتاف أنّين ،هناكُ ،
أوص َل إليها ِسلسال ماء ،ال هبدفضين عنها هبذه ،و َ عو َ
الرب ...ويوسف كان قد َّ روحي العذبة مع ّ
االستفادة منه ،وإّّنا كي مينحين فرح احلصول على مغارة كانت نسخة عن األخرى ...لقد كان صاحلاً،
ع عندها زهر العسل ،وشجرة اللبالب اليت ما تزال إىل اآلن ،بينما حّت يف أدق األمورَ ...وزَر َ يوسفّ ،
عت ِ
أنت َزَر َ
ع أخرى ،ولكنّها ماتت منذ ثالث سنوات .اآلنَ ، ين املنفىُُ ...ثّ َزَر َاألوىل ماتت أثناء س ّ
ك بستاينّ رائع».
َخ َذت تنمو ،أترى؟ إنّ َ مكاّنا .وها قد أ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 343 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ب النبااتت بشكل هائل ،وكانت ّأمي تُعلِّمين كيفيّة العناية ُ ّ
«نعم ،فعندما كنت طفالً ،كنت أ ِ
ُح ُ
ِ
إلرضائك. ِ
جانبك ،أيّتها األ ُّم ،وأستعيد مهارايت اليت كانت يل آنذاك. هبا ...واآلن أستعيد طفوليت إىل
ك عطوفة علي للغاية!ُُ »...ييب يهوذا وهو يعمل بِيد خبرية يف زرع النبااتت يف أمكنتها ِ
املناسبة. ََ َ َّ إنّ ِ َ
ويذهب كي يَ َزرع قُرب سياج زهور الليل ُكتَالً ِمن اجلذور اليت ال أعلَم إذا ما كانت زنبق الوادي أو
زهوراً أخرى« .هنا ستكون على ما يرام» يقول وهو يَضرب طبقة رقيقة من الرتبة فوق اجلذور املغروسة
خادم أليعازر يريد إعطائي ّإايها ،ولكنّينبواسطة ِمعزقةُ« .يب ّأال تتعرض كثرياً للشمس .مل يكن ِ
ّ َ
تنازَل يل عنها».
حّت َ
أحلحت كثرياً ّ
ُ
حّت يؤمنّها
«اليامسني اهلندي هذا كذلك مل يكن يريد إعطاءه ليوسف .ولكنّه اشتَـغَ َل هلم ابجملّان ّ
ف عن النمو».يل .ومل تَ ُك َّ
هتتم بشؤونه.
َخيفض يهوذا رأسه مستغرقاً يف التفكري .ترتكه مرمي ألفكاره وتعود إىل البيت ّ
يتمشى طوالً وعرضاً حتت التعريشة .ذراعاه متصالبتان ورأسه يبقى يهوذا بُرهة بِال َحراكُ ،ثّ ّ
لكن
شرع يف مناجاة نفسه ويقوم حبركات ،لوحده ...مناجاة غري مفهومة .و ّ منخفض .يف ّكر ويف ّكر ويَ َ
ابحلري يتش ّكى ،أو
ّ احلركات هي حركات رجل تتصادم أفكاره بعنف .يبدو وكأنّه يَبتَ ِهل ويَدفَع ،أو
ظهر أبسوأ حاالته، ِ ِ
حّت يَ َ
ومهمومّ ، إنّه يَ َلعن شيئاً ما ،منتَقالً من تعبري َمن يتساءل ،إىل تعبري رجل فَ ِزع َ
ضع يديه على حقيقيُ ...ثّ يَ َ
ّ ويتوقّف فجأة هكذا يف منتصف الدرب ،ويبقى بُرهة بوجه شيطان
حّت يهدأ ويبقى
نح َدر الزيتون ،بعيداً عن نَظَر مرمي .يبكي وهو ُخيبّئ وجهه بيديهّ ، ويفر إىل ُم َ
وجهه ّ
جالساً ،وظهره ُمستَنِد إىل شجرة زيتونَ ،مذهوالً…
املوصدة طوال
َ ...ملْ يـَعُد الوقت صباحاً ،بل هو ّناية َغ َسق مؤثّر .تفتح الناصرة أبواب بيوهتا َ
النهار بسـبب حرارة النهار الصيفيّة ،وأكثر ِمن ذلك ّناراً شرقيّاً .النساء والرجال واألطفال َخي ُرجون إىل
حارة ،إّّنا ال مشس تَسطَع فيها ،حبثاً عن النسيم ،أو النبع ،أو األلعاب
احلدائق أو الشوارع اليت ما تزال ّ
أو ُماداثهتم ...يف انتظار العشاء .حتيّات عظيمة ،ثرثرات ،صرخات وضحكات ،بشكل ُُيافِظ على
االحرتام بني الرجال والنساء واألطفال.
ويتوجه إىل النبع حامالً ِجرار النحاس .يَراه الناصريّون ويُشريون إليه بلقبه
َخي ُرج يهوذا كذلك ّ
بتحفظ ،إن مل يكن ما"تلميذ اهليكل" ،الذي يَر ّن كاملوسيقى يف أُذُينّ يهوذاَ .ميّر ُُميّياً بلطف ،إّّنا ُّ
يزال ببعض ِمن الكربايء املتعايل ،فهو قريب منه ج ّداً.
ويف طريق عودته ،يوقِفه رئيس معبد الناصرة وآخرون ،يَدعُونه للتح ّدث السبت ال ُـمقبِل.
أي تعليم غري َكياسة عظيمة لنا َجيعاً ».يقول رئيس م «لقد مضى أسبوعان وأنت معنا ،ومل تُق ِّ
د
ّ َ
املعبد وهو يتش ّكى ،ومعه آخرون ِمن كِبار البلدة.
«ولكن إذا مل يكن مقبوالً لديكم االستماع إىل كلمة ابنكم األعظم ،فهل ميكن لكلمة تلميذه
يهودايً؟» ُُييب يهوذا.
خاصة إذا كان ّ
أن تكون مقبولة لديكم أبداًّ ،
ك ِمن اهليكل. ِ «ش ّكك ِ
ويهودي ،صحيح .ولكنّ َ
ّ تلميذ أنت
َ صادقة. دعوتنا ن
ّ فإ ننا.
ز وُي
ُ ظامل َ
ميكنك إذن التح ّدث ،ففي اهليكل هناك العقيدة .وما ابن يوسف ِسوى جنّار»...
َ
«ولكنّه ماسيّا!»
«عُد بعدها .على ُشرفَيت ،الطقس رطب .وستكون جلسة أصدقاء وسنتح ّدث»...
«هذا وذاك .أان ال أريد التح ّدث إىل أحد وال مع أحد ،ألنّين أعلَم أ ّّنم ض ّد يسوع ،وأل ّن
للحرمات .ولكنّهم أَحلّوا احلق أبن يكون املعلّم يبدو يل انتهاكاً ُ
التح ّدث حيث هو الوحيد صاحب ّ
كنت تظنّني أنّين أستطيع ،بكالمي ،انتزاع كثرياً! يريدون لقائي بعد العشاء ...وأان تقريباً وعدت .وإذا ِ
ََ ُ
علي ،فسأذهب وأحت ّدث .حسب ِ
املهمة عسرية ،فأان ،رغم كون العبء ثقيالً َّ
روح مقاومة املعلّم منهمّ ،
كت جيّداً أ ّن ال جدوى ِمن أن ِ
إمكانيايتُُ ،ما ِوالً فقط أن أكون صبوراً ج ّداً أمام عنادهم .فلقد أدر ُ
يكون املرء قاسياً .آه! لن أقع يف اخلطأ الذي ارتكبتُهُ يف مرج ابن عامر! لقد َح ِزن املعلّم! َمل يـَ ُقل يل
فهمت .لن أفعل ذلك .ولكنّين أريد مغادرة الناصرة بعد إقناعها أ ّن املعلّم هو ماسيّا، ُ شيئاً ،ولكنّين
وُيب اإلميان به وحبّه».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 347 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يتكلّم يهوذا بينما هو جالس إىل الطاولة مكان يسوع ،وأيكل ما َحضََّرته مرمي .وقد آملين رؤية
وُت ِدمه كأ ُّم.
يهوذا جالساً يف ذاك املكانُ ،مقابل مرمي اليت تَستَ ِمع إليه َ
أمنعك .هيّا.
َ اآلن ُّتيب« :يكون حسناً ابلفعل أن يُد ِرك الناصريّون احلقيقة ويتقبّلوها .أان ال
ك هو ويُظ ِهر هذامنك .فَ ِّكر كم ُيبّ َ
احلب أفضل َما من إنسان يستطيع القول إ ّن يسوع يستح ّق ّ
ِ
التصرف
لتمنحك هذه الفكرة الكالم و ّ َ رضيك كلّما استطاع ذلك ...و يعذرك دائماً ويُ َ
َ احلب أبن
ّ
املق ّد َسني».
يَنتَهي العشاء بسرعة .ويذهب يهوذا يَسقي زهور احلديقة قبل غياب الشمس متاماًُ ،ثّ َخي ُرج،
طي الغسيل الذي َّ
جف َفته. اتركاً مرمي على الشُّرفة ،م َ ِ
نشغلة يف ّ ُ
لكالواب اللذين يتبـادالن احلديث أمام ابب بيت األخرية،
ّ ويهوذا ،بعد حتيّة حلفـا ومرمي اليت
ميضي مباشرة إىل بيت رئيس املعبد .فيجد هناك كذلك ابين عم السيّد .ابإلضافة إىل ستّة آخرين ِمن
ِ
الكبار.
نكه ُ
ِ
ويسرتطبون ابلشراب الـم َّ فخمةَُ ،يلس اجلميع بوقار يف مقاعد ذات َمسانِد، بعد حتيّات ُم َّ
فرتض أن يكون الشراب ابرداً ج ّداً نظراً لكون اإلبريق املعدين ُم ِّ
تعرقاً بسبب ابليانسون أو النعناع .ويُ ََ
حاراً ،رغم النسيم الذي ُُيِّرك قِمم األشجار قادماً
فارق احلرارة بني السائل البارد واهلواء الذي ما يزال ّ
مشايل الناصرة. ايب
و الر ن ِ
م
ّ
أنت شـاب .وبعض التسلية مفيد ».يقول رئيس املعبد الذي
لك اجمليءَ .
«إنّين مسرور لقبو َ
يُراعي يهوذا كثرياً.
كنت أخشـى أن أكون ثَقيـل الظ ّـل مبجيئي قَبالً .أان أعرفكم ُُمتَ ِقرين ليسوع وأتباعه»...
« ُ
« ُُمتَ ِقرون؟ ال .بل غري مؤمنني ...وَمروحون بـ ...فلنُسلِّم بذلك ،حبقائقه اجملردة ج ّداً .كنّا
ندعوك بسبب ذلك».
َ ك َحتتَ ِقران ،ومل نكن
نظنّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 348 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أظن أ ّن األمر
أفهمكم جيّداً ج ّداً ...هيه! نعم! ولكنّين ّ «أحتقركم ،أان؟ ولكن ابلعكس! ُ
سـينتهي أبن َُي ّل السالم بينكم وبينـه .ابلنسبة إليه هذا يناسبه دائماً ،وكذلك أنتم .ابلنسبة إليه ،ألنّه
حباجة إىل اجلميعّ ،أما ابلنسبة إليكم ،فألنّه ال يناسبكم أن يُطلَق عليكم اسم أعداء ماسيّا».
كيامللو جه الو ن «أوتظن األمر حقيقة هكذا؟» يسـأل يوسف بن حلفا« .فليس فيه شيء ِ
م
ّ َ َ ّ
كمن فيه ال َـملِك الذي متّ التنبّؤ لنا به .قد يكون ذلك بسبب تَ ُّ
ذكران أبنّه كان جنّاراً ...ولكن أين يَ ُ
حرر؟» ال ُـم ِّ
أيت َملِك أعظَم ِمن داوود. «كذلك داوود مل ي ُكن يبدو ِسوى راع صغري .إّّنا أنتم تَـرون أنّه مل ِ
َ َ
كل َمده ،مل يكن لِيساويه .إذ يف النهاية مل يكن سليمان سوى استمرار لداوود، وسليمان نفسه ،يف ّ
ومل يكن أبداً ملهماً مثله .بينما داوود! ولكن أتملوا وجه داوود! إنّه ِعمالق ،ذو ملك أضحى ي ِ
المس ُ ُ ّ َُ
ِ ِ ِ ِ
السماء .فال ترتَكزوا إذن على أصول املسيح لتَش ّكوا مبُلكه .فداوود َملك َور ٍاع ،أو ابألحرى َر ٍاع ُثّ
ابحلري جنّار ُثّ َملِك».
ّ َملِك .ويسوع َملِك وجنّار أو
منك رائحة َمن تل ّقى التعليم من اهليكل ».يقول رئيس املعبد« .وهل
نشتم َ
«تتكلّم مثل رايبّ .
خاص؟»
إبمكانك إعالم اجملمع أنّين ،أان ،رئيس املعبد ،أحتاج إىل َعون اهليكل ألمر ّ
َ
الغين الذي ِ
صور! ُثّ يوسف الذي من األعيان ،هل تعرفه؟ ّ
بكل أتكيد! مع أليعازر! ت ّ
«طبعاً! ّ
لك ِسوى أن تتح ّدث!»
ِمن الرامةُ .ثّ صادوق ،أحد ال َكتَـبَة ...وبعد ذلك ...ليس َ
«إذاً غداً ُكن ضيفي .سوف نتح ّدث».
حق .فال يتم احلديث عنها ّإال بصوت منخفض وابلسر ،وال يباح هبا ّإال إىل قَ ٍ
لب ك على ّ «إنّ َ
ّ ّ
صديق .وهذا ينطبق أيضاً على الكثري ِمن املشاكل! أان كذلك يل مشاكلي كتلميذ ...ولكن ِمن
األفضل عدم التح ّدث عنها!»
«ابلعكس ،فلنتح ّدث عنها! ماذا هناك؟ أهي مشاكل تواجه يسوع؟ صحيح أنّنا غري موافِقني
ومؤهبني للتضامن معه ض ّد أعدائه .تكلّم!» يقول أيضاً يوسف.
على سلوكه ،ولكنّنا مع ذلك أهلَّ .
«ال تُف ِّكر هكذا أيّها الرجل .يكون األمر نفسه عندما تسيطر علينا بعض ...األفكار!» يقول
يهوذا.
كل ملعان رغم قمر، بال فالليل لة،والطا على ويضعها املصابيح ن َُيلب أحد اخل ّدام بعضاً ِ
م
ّ ُ
النجوم .ومع النور ُّتلَب مشروابت أخرى يُريد رئيس املعبد تقدميها مباشرة إىل يهوذا.
لدي واجبات ّتاه مرمي ».يقول يهوذا وهو يَ َنهض .ويَ َنهض ابنا
«شكراً .فلن أم ُكث طويالًّ .
معك ،فطريقنا واحدة »...وبعد حتيّات عظيمة يفرتق اجلمع ،ويبقى رئيس
حلفا كذلك قائلني« :أنيت َ
املعبد مع الستّة الكبار.
صل أصوات َِهَسات البالِغني قفرة وصامتةِ .من ُشرفات البيوت تَ ِ لقد أضحت الطُّرقات م ِ
ُ َ
سمع رجرجات أصواهتم كالعصافري أسرهتم الصغرية ،وكذلك مل تَـعُد تُ َ
اخلافتة .األطفال انئمون يف ّ
ِ
ضات مصابيح الزيت. ال َف ِرحة .ومن ُشرفات البيوت األكثر ثراء أتيت مع األصوات َوَم َ
يَسري ابنا حلفا ويهوذا بضعة أمتار صامتنيُُ ،ثّ يَِقف يوسف وُمي ِسك يهوذا ِمن ذراعه قائالً له:
ك تَعلَم شيئاً ولكنّك مل تُِرد الكالم أمام الغرابء .إّّنا اآلن ،معي أانَ ،
عليك أن أحسست أبنّ َ
ُ «امسع.
كل شيء». معرفة اجب و وعلي احلق
ّ ويل البيت، كرتقول .إنّين بِ
ّ ّ
أتيت إىل هنا ويف نيّيت أن أقول لكم ،وأمحي املعلّم ومرمي وأخويكم ومسعتكم .إنّه أمر مؤمل«وأان ُ
فهماين .األمر ليس ِ ِ
قوله ومساعه ،مؤمل كثرياً فعله ،ألنّه يبدو ضرابً من اجلاسوسيّة .ولكنّين أرجوكما أن تَ َ
ِ
لت عليها
ص ُ ب وحكمة .أع ِرف أموراً كثرية أنتم كذلك لستم ّتهلوّناَ .ح َ كذلك .هو ليس سوى ُح ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 351 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ِ
من أصدقائي يف اهليكل .أع ِرف ّأّنا خطرية على يسوع ،وكذلك على ُمسعة العائلة الطيّبة .حاو ُ
لت
َجعل املعلّم يُد ِركها ،ولكنّين مل أُفلِح .بل على العكس! كلّما نصحتُهُ ازداد سوء سلوكه ،جالِباً لنفسه
املزيد ِمن االنتقادات والكراهية .وذلك ألنّه ق ّديس لِدرجة ال ميكنه معها إدراك ماهيّة العامل .ولكن يف
ِ
مؤسسه وقلّة فطنته».
هتور ّالنهايةُُ ،م ِزن ج ّداً رؤية شيء مق ّدس َميوت بسبب ّ
لديك .وحنن سوف نتدبّر األمر .أليس كذلك اي
كل ما َ
«ولكن ،يف النهاية ،ماذا هناك؟ قُل ّ
مسعان؟»
التدخل ومنعه .األ ُّم أ ُّم ،وهي طيّبة للغاية .ينبغي لكم ّأال ترتكوه هكذا.
فمهمتكم ّ
«ومع ذلك ّ
ِمن أجل مصلحته ومصلحة اجلميع .وُثّ هذا اإلصرار يف طرد الشياطني ...فإ ّن شائعات تدور اآلن
فأي َملِك
وابحملصلة! ّ
ّ أب ّن بعلزبول هو الذي يساعده .فَـ َقيِّموا إذا ما كان ذلك يعود عليه ابلفائدة.
ميكنه أن يصبح عليه ،إذا كانت اجلموع منذ اآلن ّإما يسخرون منه وإما َمصدومون ِمن تصرفاته؟»
رحل؟»
أقسمنا على ذلك .مّت تَ َ
«لقد َ
مت بواجيب». ِ
«بعد السبت .فلم يـَعُد من سبب للبقاء هنا .لقد قُ ُ
أنت ،اي أخي ،مل تكن تريد أن تُص ِّدقين...
تغري! و َ
كنت أقول إنّه ّ
نشكرك لذلك .هيه! ُ
َ «وحنن
حق؟» يقول يوسف بن حلفا.
أترى أنّين على ّ
مرتدداً يف تصديق ذلك .يف النهاية يوضاس ويعقوب ليسا َغبيّني .فلماذا مل
لت ّ «أان ...أان ما ز ُ
يتحسبان لألمر إذا كانت هذه األمور َحت ُدث فعالً؟» يقول مسعان بن حلفا.
يقوال لنا شيئاً؟ ملاذا ال ّ
تصديقك كالمي؟!» ُُييب يهوذا غاضباً.
َ «أيّها الرجل ،لن ُهتينَين بعدم
معك اي يهوذا».
«السالم َ
«السالم ِ
معك اي مرمي».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
«ستكون هذه حرارة ».يقول بطرس أبسـلوب احلِ َكم ُمشرياً إىل الغمامة الكبرية اليت تغطّي الغرب
بتلك األلوان« .حرارة وليس ماء .إنّه ضباب وليس َغيماً .وأان يف هذه الليلة ،سأانم يف املركب ألكون
جو أكثر انتعاشاً».
يف ّ
أود أن أُكلِّمكم .ها قد عاد يهوذا اآلن.
«ال .بل هذه الليلة سنمضي وسط بستان الزيتونّ .
هوى .سنكون على ما يرام .اّنضوا وهيّا بنا».
وآن أوان احلديث .أعرف مكاانً ُم ّ
وهم أيخذون معاطفهم.
«هل املكان بعيد؟» يَسأَلون ُ
عد رمية حجر ِمن آخر بيت .ميكنكم ترك ِ
املعاطف .يف هذه «ال ،بل هو قريب ج ّداً .على ب ِ
ُ َ
األثناءُ ،خذوا الصوفان والق ّداحة لَِرتوا الطريق أثناء العودة».
يَنظُر يسوع إىل االثين عشر ،الواحد تلو اآلخر ،وكأنّه كان يَنظُر إىل الصفحة ذاهتا اثنيت عشرة
مرة العبارة املكتوبة فيهاَ :ع َدم فَهم .يبتسم ويُتابِع.
مرة ،ويقرأ اثنيت عشرة ّ
ّ
دخلوا ُم ُدن السامريّني ،بل بشروا يب وسط الوثنيّني ،ولن تَ ُ وكذلك يف جوالتكم ،لن َمتضوا لِتُ ّ
سوف تَنطَلِقون إىل اخلِراف الضالّة ِمن بيت إسرائيل .ما زال هناك عمل كثري ُيب القيام به بينها،
فاحلق أقول لكم إ ّن اجلُّموع اليت تبدو لكم كثرية ج ّداً حويل ،تُش ّكل جزءاً ِمن مائة ِمن الذين يَنتَ ِظرون ّ
حي .امحلوا هلم اإلميان ومعرفة َشخصي .بَ ِّشروا يف ِ ِ
ماسيّا يف إسرائيل ،وال يَعرفونه ،وال يَعرفون أنّه ّ
طريقكم قائلني" :إ ّن ملكوت السماوات قريب" .وليكن هذا أساس ما تُعلِنون .وارتَ ِكزوا عليه يف
تبشـريكم .لقد َِمسعتُموين كثرياً أحت ّدث عن امللكوت! وليس عليكم سوى ترديد ما قُلتُه لكم .ولكن
درس ي ال أزيل طفل هّنأ لو كما ة، يماد ات و حال إىل ُيتاج ة، الروحي ابحلقائق علكي ي َش َّد اإلنسان ويقتَنِ
ّ َُ ّ ّ ّ ُ
فَصالً وال يتعلّم مهنة ،إن مل تُـ ْغ ِره ُّأمه بقطعة حلوى ،أو يَعِده معلّم املدرسة أو معلّم الكار (املهنة)
مبكافأة .وأان ،لكي تكون لديكم الوسيلة ،كي يُص ِّدقوكم ويبحثوا عنكم ،فسوف أَمنَح ُكم ِهبة اجرتاح
املعجزات»...
كل حسب لني،الرسل واقِفني ،عدا يعقوب بن حلفى ويوحنّا ،صا ِرِخنيُُ ،متجني ،من َفعِ
ّ ّ ُ هب ُّ ُ
يَ ّ
مزاجه.
يوطي ،الذي -ابندفاع ر االسخ هو املعجزة نعصيف احلقيقة ،الوحيد الذي كان منتشياً بفكرة ِ
ّ
أرعن يكشف عن دوافع أاننية شخصية -يصيح« :أخرياً آن األوان لنصنع ذلك كي يكون لنا احل ّد
األدىن ِمن ُّ
السلطة على اجلموع!»
أيمر يسوع ،ويُتابِع« :هناك ما هو أكثر ِمن املعجزة ،ويُقنِع اجلموع أكثر ،وأبكثر
«صمتاً!» ُ
أنت اي يهوذا ،أبعد ِمن اآلخرين.
عمقاً وأكثر دميومة :حياة قَداسة .ولكنّكم ما زلتم بعيدين عنها ،و َ
إّّنا دعوين أتكلّم ،فالتوجيهات طويلة.
الربصُ ،مقيمني موتى اجلسد والروح ،إذ طهرون ُ امضوا ،إذن ،وأنتم تُش ُفون َذوي العاهات وتُ ِّ
الربص أو األموات .وأنتم ِ ِ
ميكن للجسد والروح على السواء أن يكوان من َذوي العاهات ،أو من ُ
حارة ،ورغبة صادقة يفتتصرفوا لتَصنعوا املعجزة :حبياة تَوبة ،وصالة ّ كذلك ،اعلَموا كيف عليكم أن ّ
متأجج ،ورجاء ال تُزع ِزعه الصعوابت ِ
فعمة حيويّة ،إميان ّ اضع عميقُ ،مبّة ُم َ
َجعل قُدرة هللا تتألّق ،تو ُ
حّت الشياطني ِ ِ
كل شيء ُمستطاع ل َمن ميلك هذه العناصر يف ذاتهّ . أي شكل .احل ّق أقول لكم إ ّن ّ من ّ
مين ِ
الرب الذي تتل ّفظون به أنتم ،إذا كان فيكم ما أقول .هذا السلطان قد أُعط َي لكم ّ ستهرب ابسم ّ
ومن أبينا .وهو ال ميكن شراؤه ابملال .إرادتنا َوحدها َمتنَحه ،وحياة االستقامة َوحدها هي اليت ُحتافِظ ِ
فمجاانً أعطوا اآلخرين ،أولئك الذين يف حاجة .الويل لكم إذا ما َهبطتم عليه .ولكن َمّاانً أخذمت ّ
مبوهبة هللا بتسخريها مللء كيس نقودكم .فالسلطان ليس سلطانكم ،إنّه سلطان هللا .استخدموه ،إّّنا
ع منكم .قبل حلظات ِ ِ ِ
خيصين" .فكما أُعط َي لكم ُميكن أن يُن َـز َال ّتعلوه من ممتلكاتكم بقولكم" :إنّه ّ
لديك رغبة لوسيفوروس عينها؟" لقد أعطى تعريفاً دقيقاً. قال مسعان بن يوان ليهوذا بن مسعان" :هل َ
َفعل ما يفعله هللا ألنّين مثل هللا" هو اقتداء بلوسيفوروس .وعقابه معروف .كما هو معروف فالقول" :أ َ
احملرمة ،بتحريض ِمن احلَسود الذي كان ِ
ص َل للّذين كاان يف الفردوس األرضي وأَ َكال من ّ
الثمرة ّ ما َح َ
املتمردين الذين كانوا فيه آنذاك ،ولكن ِِ
يريد وضع ابئسني آخرين يف جحيمه ،ابإلضافة إىل املالئكة ّ
فضة وال دراهم يف زاننريكم ،وال حقائب سفر امضوا دون ثروات .ال َحتملوا معكم ذهباً وال ّ
بثوبني أو أكثر ،وال أحذية إضافيّة للتبديل ،وال عصا سفر وال أسلحة .إذ إ ّن زايراتكم الرسوليّة يف
كل ليلة سبت سوف نلتقي ،وستتم ّكنون ِمن تبديل ثيابكم اليت الوقت الراهن ستكون قصرية ،ويف ّ
العَرق ،دون احلاجة إىل َمحل ثياب إضافيّة .ال حاجة بكم إىل العصا أل ّن الطريق سهل ،فما ينفع بلَّلَها َ
عما ينفع يف الصحارى ويف اجلبال العالية .ال حاجة لألسلحة .فهي يف الروايب والسـهول ُمتلف متـاماً ّ
اإلهلي ،فأنتم ال ثروات لكم صاحلة للناس الذين ال يَعلَمون ما معىن الفقر املق ّدس وُيهلون الغفران ّ
حتفظوّنا وتُدافِعون عنها ِمن اللصوص .اللص الوحيد الذي عليكم أن َُت َشونه هو الشيطان .وميكن
االنتصار عليه ابلثبات والصالة ،وليس ابلسيوف واخلناجر .وإذا أساؤوا إليكم فس ِـاُموا .وإذا انتَـَزعوا
وبتجرد عن الثروات ،ولن ُُت ِجلوا حّت عُراة بوداعة ّ منكم معطفكم ،فأعطوهم كذلك ِرداءكم .وابقوا ّ
الرب ،وال عفاف هللا الالمتناهي كذلك ،أل ّن احملبّة سوف تكسو جسمكم العاري بذلك مالئكة ّ
وتساُمُكم ّتاه السارق سوف مينحكم معطفاً وكذلك اتجاً ملكيّاً. ُ ابلذهب ،والوداعة ستمنطقكم،
وستكونون بِ ِرداء أفضل ِمن ِرداء ال َـملِك .بِ ِرداء ليس ِمن أقمشة قابلة للفساد ،إّّنا ِمن مواد غري قابلة
للفساد.
تَستَعلِمون إذن عن العائلة األكثر استقامة ،حيث تَعرف النسـاء البقاء جانباً ،وحيث األخالق
فعلوا كاليعسوب الذي بعد حّت رحيلكم عن املنطقة .ال تَ َ
دخلون هناك وتُقيمون ّ ال غبار عليها .تَ ُ
امتصاصه رحيق زهرة ينتقل إىل أخرىّ .أما أنتم فكونوا حتت رعاية أانس يُق ِّدمون لكم املأوى والغذاء
الالئَِقني ،أو عائلة ليست غنيّة ّإال ابلفضائل وامكثوا حيث أنتم .ال تبحثوا أبداً عن األفضل للجسد
الذي يَفىن ،بل على العكس ،أعطوه دائماً األسوأُُ ،مافِظني على حقوق الروح كلّها .وأقول لكم هذا
ألنّه ِمن اخلري لكم أن تفعلوه ،حينمـا تستطيعون إىل ذلك سـبيالً ،فلتكن األفضليّة للفقراء يف اختياركم
مكان إقامتكم ،لكيال ُُي َّقروا ،إكراماً لذكري ،أان الفقري وسأبقى فقرياً ،ويل الفخر أن أكون فقرياً،
وكذلك أل ّن الفقراء ُهم يف الغالب أفضل ِمن األغنياء .سوف َِّتدون على الدوام فقراء مستقيمني،
والبيت الذي تَدخلونه ،أَلقوا عليه السالم ،سالمي الذي هو أعذب ما يقال .قولوا " :السالم
رسلي يسوع والبُشرى "فليحل السالم على هذا البيت" .ابلفعل ،أنتم ُم َ
ّ لكم ،السالم هلذا البيت" .أو:
احلَ َسنةَ ،حت ِملون معكم السالم ،وَميئكم إىل مكان ما هو جللب السالم إليه .وإذا كان ذاك البيت
ُمستَ ِح ّقاً له ،أييت السالم ويُقيم فيه؛ وإذا مل يكن كذلك فسالمكم يعود إليكم .حينئذ اجتَ ِهدوا يف أن
تكونوا ُُمبّني للسالم ليكون هللا لكم أابً .واألب يُعني على الدوام .وأنتم ،إذا ما أعانكم هللا ،فإنّكم
كل شيء بشكل جيّد. تَفعلون وتفعلون ّ
بكل أتكيدّ ،أال تَستَقبِلكم مدينة أو بيت ،حيث ال يريد وقد ُيصل كذلك ،بل سيحصل ّ
وهم يرمونكم ابحلجارة كأنبياءحّت يَتبَعونكم ُالناس مساع كالمكم ،ويَطردونكم ،يَسخرون منكم أو ّ
أي وقت آخر ،يف حاجة إىل أن تكونوا ُُِمبّني للسالم، ّ ن زعجني .وحينئذ ستكونون ،أكثر ِ
م مِ
ُ
شك للذينبشرون وأنتم سـبب ّ وإال فإ ّن الغضب يطفو ،فتُ ِّاضعنيُ ،وَدعاء يف أسـلوب حيـاتكمّ . متو ِ
ُ
الح َقتكم
وم َالسخرية منكمُ ،عليكم هدايتهم ،وتزيدون قلّة إمياّنم .بينما لو تقبّلتم بسالم إهانة طَ ِردكم و ُّ
فإنّكم َهتدون أبفضل ما يكون التَّبشري :التَّبشري الصامت ابلفضيلة احلقيقيّة .وسوف َِّتدون يوماً أعداء
اليوم على طريقكم ،وسوف يقولون لكم" :لقد حبثنا عنكم ،أل ّن طريقة ُسلوككم قد أقنعتنا ابحلقيقة
بشرون هبا .س ِـاُموان ِمن فضلكم ،واقبَلونـا تالميذ لكم .فإنّنـا مل نكن نعرفكم ،واآلن عرفنـاكم اليت تُ ِّ
ق ّديسني ،ونؤمن اآلن به" .ولكن لدى خروجكم ِمن املدينة أو البيت حيث مل يسـتقبلوكم ،فانفضوا
احلق أقول لكم" :إ ّن مصري صادوم ِ
حّت يف نعالكمّ . غُبار نعالكم لكيال يَعلَق كربايء وقسوة ذلك املكان ّ
أخف َوطأة ِمن مصري تلك املدينة".وعامورة يوم الدينونة سيكون ّ
ُرسلكم كالنِّعاج بني الذائب .فكونوا إذن ُح َكماء كاحليّات وودعاء كاحلمام .فإنّكم
ها أان ذا أ ِ
يتصرف معي أان املسيح .أان ،أستطيع عاجه،تَعلَمون كيف العامل ،الذي يف احلقيقة ذائبه أكثر ِمن نِ
ّ
الزمين يف العاملّ .أما أنتم،
حّت حتني ساعة االنتصار ّ الدفاع عن نفسي بسلطاين ،وسوف أفعل ذلك ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 362 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أمس احلاجة إىل أقصى درجات احلكمة والوداعة .إذن املزيد السلطان ،كما أنّكم يف ّ فليس لكم ذاك ُّ
السجون واجلَّلد يف الوقت احلاضر .ففي احلقيقة أنتم ،حاليّاً ،رغم احتجاجاتكم ِمن احلِكمة لِتَحاشي ُّ
ضب .بعدئذ أييت الزمن حّت نَظرة ُسخرية أو َغ َ ِ
ودون بَ ْذل دمكم من أجلي ،فإنّكم ال َحتتَملون ّ أبنّكم تَ ُّ
كل االضطهادات ،بل أكثر ِش ّدة ِمن األبطال ،بطولة ِ
الذي تُصبحون فيه أشـ ّداء كاألبطال يف مواجهة ّ
صفها "ابجلنون" .ال لن يكون هذا جنوانً! بل ستكون ال يفهمهـا العامل ،وال ميكنه تفسريها ،واليت ي ِ
َ
احلب ،وسـوف تَع ِرفون فِعل ما فعلتُه أان .إلدراك هذه البطولة ُيب
بقوة ّ مماثَلة اإلنسان لإلنسان-اإلله ّ
رؤيتها ،ودراستها واحلكم عليها من وجهة نظر فوق-أرضيّة .ذلك أ ّن ذاك األمر هو فائق للطبيعة
كل حدود الطبيعة البشريّة .أبطايل يُصبِحون ملوكاً ،ملوك الروح ،ملوكاً وأبطاالً إىل األبد… ويتجاوز ّ
ويف ذاك الوقت ،سوف يَقبضون عليكم ،وسيقودونكم إىل احملافل ،أمام الرؤساء وامللوك ليدينوكم
وُيكموا عليكم لِما هو يف عيون العامل خطيئة عظيمة ،كونكم ُخ ّدام هللا ،أدوات اخلري واألوصياء عليه،
حّت املوت .وسوف تشهدون يل ُمعلّمي الفضيلة .وبسبب ذلك سوف ُّتلَدون وتعاقبون أبلف طريقة ّ
احلقيقي.
ّ احلقيقي هلل
ّ أمام امللوك ورؤساء احملافل واألممَ ،ماهرين بدمائكم أنّكم حتبّون املسيح ،االبن
هتتموا حينئذ
هتتموا مبا عليكم اإلجابة به ،أو ما عليكم قوله .ال ّ
عندما َمتثلون بني أيديهم ،ال ّ
ِ
إال ابل َكرب الذي لدى احلكام واملتَّ ِهمني الذين يُضلّلهم الشيطان ّ
حّت إنّه يعميهم عن احلقيقة .والكالم
التفوه به سوف يُعطى لكم يف حينه .وأبوكم سوف يضعه لكم على الشفاه ،ألنّه حينئذ الذي عليكم ّ
ابحلق ،إّّنا روح أبيكم هو الذي سيتكلّم
لن تكونوا أنتم الذين تتكلّمون لتهدوا إىل اإلميان وّتاهروا ّ
فيكم.
حينئذ يَقتُل األخ أخـاه واألب ابنه ،ويتص ّدى األبناء آلابئهم وُيعلوّنم ميوتون .ال ،ال يغمى
عليكم وال تَ ُش ّكوا! أجيبوين .ابلنسبة إليكم ،أيّة جرمية هي األعظم :قتل أب أو ابن أو أخ أم قتل هللا
نفسه؟»
يوطي جبفاء.
«هللا ،ال ميكن قتله ».يقول يهوذا االسخر ّ
يوطي.
بقتلكُُ ».ييب االسخر ّ
«ال أحد يف ّكر َ
«أرجوكم ،أجيبوا على سؤايل».
بديهي!»
ّ «ولكن قتل هللا أكثر جسامة! هذا أمر
«حسناً :البشر سيَقتُلون هللا-اجلسد ،وقَـتَـلَة اإلله املتجسد سيقتلون معه نفوسهم ذاهتا .إذن،
سيتوصل املرء إىل ارتكاب مثل هذه اجلرمية ِمن دون أن أن يُ ّروع مرتكبها ِمن َمدى فظاعتهـا، ّ فكما
يتوصل اآلابء واإلخوة واألبناء ابملقابل ،إىل ارتكاب اجلرائم ضد أبنائهم وأخوهتم وآابئهم. فسوف ّ
لكن الذي يَثبُت إىل النهاية فذاك الذي َخيلص .وعندما سوف يكرهكم اجلميع ،بسبب امسي ،و ّ
يضطهدونكم يف مدينة اهربوا إىل أخرى ،ليس بدافع اجلُّنب ،إّّنا لكي َمتنَحوا كنيسة املسيح الفتيّة
سن البلوغ، ا ّن
ّ إ لب العاجز، الضعيف الرضيع سن ليس ، السن بلغ تاملولودة حديثاً متسعاً ِمن الوقت ،لِ
ّ ّ ّ َ ّ
حهم الروح حيث تُصبِح قادرة على مواجهة احليـاة واملوت دون خـوف من املوت .وأولئك الذين يَ َ
نص ُ
كنت مـا أزال صغرياً ج ّداً .يف احلقيقة ،يف حياة كنيسيت سوف بت أان عندما ُ ابهلرب فليهربوا .كما هر ُ
كل تقلّبات حيايت كإنسان .كلّها .ابتداء بسـ ّـر تَ َش ُّكلها ،مروراً حبقارة األزمنة األوىل ،وصوالً إىل تتكرر ّ
ّ
وحّت ضرورة اهلرب الستمرار الوجود؛ ِمن الفقر االضطراابت واملكائد اليت تَنصبها وحشيّة البشرّ ،
حّت أمور أخرى كثرية أحياها حاليّاً ،وأُعاين منها بعدئذ ،قبل الوصول إىل النصر والعمل الدؤوبّ ،
نصحهم الروح ابلبقاء ،فليَبقوا ،إذ ّإّنم ،إذا ما سقطوا أموااتً ،فسـوف األبديّ .أما الذين ،على العكس يَ َ
ّ
نصح به روح هللا هو خري دائماً. كل ما يَ َ ِ
َُييَـون ويُصبحون أكثر نفعاً للكنيسة .ذلك أ ّن ّ
حّت أييت ابن ِ
احلق أقول لكم ،لن تنتهوا ،أنتم وخلفاؤكم ،من اجتياز طرقات ومدن إسرائيل ّّ
كل
اإلنسان ،إذ إ ّن إسرائيل ،بسبب خطيئته الرهيبة ،سوف يتشتّت كال ُكرة وسط الزوبعة ،وينتشر يف ّ
يتأخر حلوهلا.
لكن ذلك هو املستقبل .فلنتح ّدث عن األزمنة اليت لن ّ
و ّ
ب ِ ِ ِ تذ ّكروا َّ ِ
أن ما من تلميذ أفضل من معلّمه ،وال خادم أفضل من سيّده اآلمر .ويف النتيجة َح ْس ُ
أيمره،
مستحق ،وأن يكون اخلادم َك َمن ُ
ّ التلميذ أن يكون مثل معلّمه ،وسيكون ذلك شرفاً له غري
وسيكون صالحاً فائق الطبيعة أن ُمتنحوا أن يكون األمر هكذا.
ال ُتافوا ممّن يقتل اجلسـد ولكنّه ال يستطيع قتل النَّـ ْفس ،بل خافوا فقط ممّن يستطيع إرسال
نفسكم إىل اهلالك ،ويف الدينونة األخرية يُعيدها إىل اجلسد القائم لريمي هبما يف نريان جهنّم .ال ُتافوا.
كل فخاخ اإلنسان بدون أفال يباع عصفوران بدرهم؟ ومع ذلك فال ميكن لواحد منها أن يقع رغم ّ
إذن اآلب .ال ُتافوا إذن .فأيب يعرفكم .ويعرف عدد الشعر الذي على رؤوسكم .وأنتم أغلى ِمن
عصافري كثرية!
وأقول لكم إ ّن َمن يعرتف يب ق ّدام الناس أعرتف به أان ق ّدام أيب الذي يف السماواتّ .أما الذي
ي ِ
نكرين ق ّدام الناس ،فسأنكره أان كذلك قُ ّدام أيب .االعرتاف هنا يعين االتّباع والتطبيق العملي؛ واإلنكارُ
يعين التخلّي عن دريب ِجبُنب ،ابلشهوة الثالثيّة ،أو حبساب حقري ،بعاطفة بشريّة ّتاه واحد منكم ،وهو
مناهض يل .أل ّن ذلك سوف َُي ُدث.
رسلو املعمدان)
"( -129هل أنت ماسيّا؟" يَسأل ُم َ
1945 / 08 / 29
مّت الذي ،بسـبب جرح يف قدمه ،مل يستطع الذهاب مع اآلخرين للتبشري. يسوع َوحده مع ّ
ولكن يف هذه األثناء ،املرضى والراغبون يف مساع البُشرى احلَ َسنة يَشغَلون الشُّرفة وال َفسحة احلُّرة ِمن
احلديقة ليَسمعوه واحلصول على مساعدته.
أتملنا معاً َجلة سليمان العظيمة" :يف وفرة العدالة تَك ُمن
يُنهي يسوع حديثه بقوله« :بعد أن ّ
ألّنا هي املال الالزم لدخول ملكوت السماوات. أحثّكم على امتالك هذه الوفـرةّ ،
فإين ُ
القوة العظمى" ّ
ّ
فلتُقيموا مع سالمي وليكن هللا معكم».
بكل طيب ع ُث يلتفت إىل الفقراء واملرضى -ويف أغلب احلاالت هم ِمن االثنني معاً -ويستَ ِ
م
ّ َ ُ ّ
ومّت إىل ِ
نصح ابلكالم ،يُشفي بوضع األيدي وابلكالمّ . خاطر إىل شـكاواهم ،مينح معونة ماليّة ،يَ َ
يوزع املال.
جانبهّ ،
النجار ِ
يُنصت يسوع ابنتباه إىل أرملة مسكينة ،تتح ّدث إليه ابكية عن املوت املفاجىء لزوجها ّ
عنك هنا ،وقد ّاهتمين األهل كلّهم هرعت للبحث َ
ُ وهو يف مشغله ،الذي َوقَ َع قبل بضعة ّأايم« :لقد
ك تقيم املوتى، أتيت ألنّين أعلَم أنّ َ
فكنت قد ُ
ُ بعدم اللياقة وقَسوة القلب ،وهم يَ َلعنونين اآلنّ .أما أان،
وجدتك لكان زوجي قد قام ِمن املوت .مل تكن هنا ...اآلن هو يَس ُكن القرب منذ َ كنت
وأعلم أنّين لو ُ
لدي أشجار زيتون وَك َرمة. أسبوعني ...وأان ابقية مع مخسة أطفال ...األهل يكرهونين وال يساعدونينّ .
حّت القطاف .إّّنا ِ
ليس كثرياً ،ولكنّها كانت لتوفّر يل خبز الشتاء لو كنت أستطيع احلفاظ عليها ّ
صحة جيّدة .كان يعمل قليالً ،ولكي لست أملك ماالً ،أل ّن الرجل ،منذ بعض الوقت ،مل يكن يف ّ ُ
ِ
اخلمرة تفيده ...ولكنّها على العكس، يَقف على رجليه ،كان أيكل ويُفـ ِرط يف الشراب .كان يقول إ ّن ّ
فقد تسبَّـبَت أبذى مضاعف ،قَتله وتبديد امل ّدخرات اليت كانت قد تناقصت لقلّة شـغله .كان على
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 369 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وخزائن وطاوالت .إّّنا اآلن ...فلم ينته
ع يف صنع سريرينَ ، وشـك إّناء عربة وصندوق ،وكان قد َشَر َ
علي آنذاك أن أبيع الع ّدة واخلشب.شيء ،وابين مل يبلغ الثامنة بعد .سوف أفقد املال ...وسيكون َّ
وعلي بيعها
حّت ولو كاان على وشك االنتهاءَّ ، العربة والصندوق ال ميكنين بيعهما على هذه احلالّ ،
كحطب للتدفئة .ولن يكفينا املال ،فأان و ّأمي العجوز واملريضة وأوالدي اخلمسة ،سبعة أشخاص...
سأبيع ال َك َرمة وأشجار الزيتون ...ولكنّك تَعلَم كيف هو العامل ...إنّه يذبح الذين يف َع َوز .قُل يل،
أود االحتفاظ ابملشغل والع ّدة من أجل ابين الذي أصبَ َح يَعرف القليل عن كنت ّ
علي أن أفعل؟ ُ ماذا َّ
أؤمن َمهر البنات»...
أود االحتفاظ ابألرض لكي أعيش ولكي ّ كنت ّ
اخلشبُ ...
كل ذلك ،عندما تَنبَّهَِ ،من خالل اضطراب بني الناس ،إىل حدوث ِ
كان ما يزال يَسـتَمع إىل ّ
أمر ما جديد .يَلتَ ِفت لِيَنظُر فريى ثالثة رجال يَش ّقون هلم طريقاً َع ْرب اجلمع .يستدير من جديد ليتح ّدث
إىل األرملة« :أين تقطنني؟»
املؤدي إىل النبع الدافئ .يف بيت منخفض بني شجريت تني».
«يف قورازين ،قريباً من الدرب ّ
العَربَة والصندوق ،وسوف تبيعينهما لِ َمن طَلَبَهما .انتظريين غداً عند
«حسناً .سوف آيت ألُّني َ
الفجر».
«آه! نعم! بال قلب! لو كان اسحق العجوز ما يزال حيّاً! ملا كان تركين أموت ِمن اجلوع ،ولكنّه
عاد إىل إبراهيم»...
«أيّها املعلّم املثلّث القداسة ،هل ميكنين إلقاء التحيّة؟» يَسأل أحد الرجال الثالثة الذين قَ ِدموا
عد يسوع .والرجل الذي ووقفوا ابحرتام خلف يسوع ،يف انتظار أن يَصـرف املرأة ،والذين َِمسعوا إذن َو َ
ُُييّي هو مناحني.
اجلادين.
تبادل التحيّات مع الشخصني َّ
«ما الذي كنتم تريدون سؤايل عنه؟» يَسأل يسوع ،بعد ُ
بك أكثر ».يقول أحدِها.
كل شيء ،واألمر متعلّق َ
فأنت تعرف ّ
«تكلّم اي مناحنيَ ،
صلون إىل حد عليك أن تكون متساُماً إذا كان التالميذ ،وبكثري ِمن احلب ،ي ِ هاك اي معلّمَ .
« َ
ّ َ
أتباعك وكذلك ُيل ُملّه .هذا ما يفعلـه ِ
َ االرتياب من الذي يعتقدون أنّه ض ّد معلّمهم ،أو راغباً يف أن ّ
إيل ...فإنّين غري ِ ِ
حب التالميذ كلّه حنو معلّمهمّ .أما ابلنسبة ّ
أتباع يوحنّاّ .إّنا غرية مفهومة تُظهر ّ
سمعون؟ وميكنكم أن تسألوا رئيس هيكل هذه املدينة عن قيامة ابنته ِمن املوت ،ويف «هل تَ َ
طريقكم إىل أرُيا ُمّروا بنائني .استعلِموا عن الشاب الذي أُقيم ِمن املوت ،حبضور البلدة كلّها ،بينما
يوضع يف القرب .وهكذا ميكنكم أن تنقلوا إليه أ ّن املوتى يَقومون .وأ ّن بُرصاًكثريين
كان على وشـك أن َ
قد بَِرئوا ،وميكنكم معرفة ذلك من أماكن كثرية يف إسرائيل ،إّّنا لو أردمت الذهاب إىل سيكامينون،
الربص يَربؤون .وقولـوا ،مبا أنّكم
فاحبثوا وسط التالميذ وستجدون منهم كثريين .فقولوا إذن ليوحنّا إن ُ
حّت املساء .سوف تَعيشون ،على مدى احلر .كونوا إذاً يف ضيافيت ّ«ال ميكنكم الذهاب يف هذا ّ
يوم ،حياة هذا املعلّم الذي ليس هو يوحنّا ،ولكن يوحنّا ُيبّه ألنّه يَع ِرف َمن يكون .تعالوا إىل املنـزل.
صرف إيل .السالم معكم ».وبعد َ فهناك رطوبة وانتعاش وأُق ّدم لكم الطعام .وداعاً أيّها املستمعون ّ
اجلموع يعود إىل البيت مع الضيوف الثالثة…
احلر اخلانق تلك .ما أراه اآلن هو استعدادات ...لست أدري ما يقولون خالل ساعات ّ ُ
يؤت حبصانه مع احلمارين القويّني أمام فتحة
التلميذين للسفر إىل أرُيا .يبدو أ ّن مناحني ابق ،فلم َ
رسال يوحنّا ،بعد احنناءات ع ّدة للمعلّم ومناحني ،ميتطيان احلمري ،وما زاال يلتفتان
وم َ
جدار احلوشُ .
حّت َح َجبَهما ُم َنعطَف الطريق عن األنظار.
وُييّيان ّ
ّتمع الكثري ِمن سكان كفرانحوم لَِريوا هذا الرحيل ،ذلك أ ّن نبأ قدوم تلميذي يوحنّا ،وإجابة ّ
أظن يف البلدات اجملاورة .أرى أانساً ِمن بيت صيدا وقورازين ،وقد يسوع هلما قد شاعا يف البلدة ،و ّ
رسلني حتيّاهتم له -قد يكونون تالميذ قدامى تعرفوا أبنفسهم إىل مرسلي يوحنّا سائِلني عن أخباره وم ِ َّ
ُ ُ َ ّ
ويهم يسوع ومعه مناحني
ليوحنّا -وقد َم َكثوا اآلن مع َمموعة من أهايل كفرانحوم لتبادل احلديثّ .
لكن الناس َُيتَ ِشدون حوله ،ميألهم الفضول لرؤية أخي هريودس ابلدخول إىل البيت وهو يتكلّم .و ّ
ابلرضاعة وأساليبه املفعمة احرتاماً ليسوع ويَر َغبون ابحلديث إىل املعلّم.
كذلك ايئريوس رئيس املعبد موجود ،إّّنا ،احلمد هلل ليس هناك ّفريسيّون .إنّه ايئريوس ابلذات
ائك ّإايهم،
رسل له فقط إجابة شاملة وافية ،إّّنا كذلك إببق َ ك مل تُ ِ
الذي يقول« :سوف يُ َسّر يوحنّا! فإنّ َ
نت ِمن أن تُعلِّمهم وتُريهم معجزة». قد مت ّك َ
«ُثّ ،أيّة معجزة!» يقول أحد الرجال.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 374 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
حّت يَروها .فلم يَسبُق أن كانت يف حال جيّدة كحاهلا اليوم، متعمداً ّ
جلبت ابنيت اليوم ّ
ُ «لقد
"لست أذكر شيئاً عنُ وابلنسبة هلاِ ،من دواعي سرورها أن أتيت ملالقاة املعلّم .هل َِمسعتم إجابتها؟
أعرب ِمن خالل نور يزداد أتلّقاً ابستمرار، ماهية املوت .ولكنّين أذكر أ ّن مالكاً انداين ،جاعالً ّإايي ُ
إيل .أنتم وأان اآلن
وقد كان يسوع يف ّنايته .مل أعد أراه اآلن كما رأيتُهُ آنذاك بروحي اليت كانت تعود ّ
لكن روحي رأت اإلله احملتَـبَس يف اإلنسان" .وكم أصبَ َحت وديعة منذئذ! هي كانت نرى اإلنسان ،و ّ
حبق مالك .آه! ابلنسبة يل ،فليقل اجلميع ما يشاؤون ،فما ِمن ق ّديس سو َاك فإّنا ّ
وديعةّ ،أما اآلن ّ
أنت!»
َ
لكن يوحنّا كذلك ق ّديس ».يقول أحد أهايل بيت صيدا.
«و ّ
«نعم ،ولكنّه صارم ج ّداً».
يَرفَع يسوع يده وَمي ّدها ابحلركة املعتادة اليت يقوم هبا لِيَفرض الصمت واالنتباه عندما يريد
التح ّدث .فيخيّم الصمت يف احلال.
احلق
يقول يسوع« :يوحنّا ق ّديس وعظيم .ال تَنظُروا إىل طريقة عمله وإىل غياب املعجزاتّ .
كل عظمته.
أقول لكم" :إنّه عظيم يف ملكوت هللا" .وهنا يبدو يف ّ
احلق أقول لكم إنّه َعمل ِ
َميتَعض الكثريون ملا كان عليه وهو صارم لدرجة يبدو معها قاسـياًّ .
ومن يعمل هكذا ال وقت لديه يضيّعه يف امليوعة .أفلم يكن هو يقول، ِِ
الربَ .
عمالً جبّاراً ليُع ّد طُُرق ّ
كل
"كل واد ميتلئ ،و ّ
عندما كان على مدى ّنر األردن ،الكالم الذي أَعلَن فيه أشعيا ،عنه وماسيّاّ :
النبوي .إذاً ،أقول لكمَ " :مل يُولَد أعظم من يوحنّا بني مواليد
ّ لقد ُمسّي يوحنّا "مالكاً" ابلتعبري
النساء أبداً" .ومع ذلك ،فإ ّن األصغر يف ملكوت السـماوات سـيكون أعظم منه كإنسان .أل ّن َمن
كان ِمن ملكوت السماوات فهو ابن هللا وليس ابن امرأة .فاعملوا إذن َجيعكم على أن تكونوا ِمن
أبناء امللكوت.
«هو ،بروحه ،ابن للملكوت منذ اآلن ،وسيُصبح هناك بعد موته كأحد مشوس أورشليم األبديّة
اخلاصة .فهو كان وما زال
األكثر سطوعاً .وذلك بسبب النعمة اليت فيه ،بال خطيئة ،وبسبب إرادته ّ
حّت مع ذاتهِ ،من أجل ّناية مقدَّسة.
صارماً ّ
الشر، ة ع قار م ةبقو عليه يستويل أن عرف ي ن موابتداء ِمن املعمدان سيكون ملكوت السماوات لِ
ّ َ ّ ُ َ َ َ
كل ما
والعنيفون ُهم َمن يستولون عليه .ذلك أنّه قد أصبَ َح اآلن معلوماً ما ُيب فعله ،وقد متّ منح ّ
وىل الزمن الذي مل يكن الكالم فيه ّإال للشريعة واألنبياء .فهم قد يلزم من أجل هذا االستيالء .لقد ّ
حّت يوحنّاّ .أما اآلن فكلمة هللا هي اليت تتح ّدث ،وال ُُتفي نقطة وال حرفاً صغرياً ممّا ُيب تكلّموا ّ
معرفته من أجل هذا االستيالء .إذا كنتم تؤمنون يب ،فعليكم إذن النَّظَر إىل يوحنّا كأنّه ايليا املزمع أن
أييت .ومن له أذانن للسماع فليسمع.
صفه أولئك األطفال اجلالسني يف الساحة ولكن أبي شيء أُشبِه هذا اجليل؟ إنّه يشبه ما ي ِ
َ ُ ّ ّ
يَصيحون إىل رفاقهم قائلني" :عزفنا لكم فلم ترقصوا؛ ونَدبنا لكم فلم تبكوا" .ابلفعل ،أتى يوحنّا الذي
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 377 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ال أيكل وال يشرب ،ويقول هذا اجليل" :ميكنه فِعل هذا أل ّن به شيطاانً يساعده" .وابن اإلنسان أتى،
للعشارين واخلطأة" .هكذا تَرى احلكمة أبناءها
وهو أيكل ويشـرب ،ويقولون" :أكول ،سـ ّكري ،وصديق ّ
ألّنم ال ُخبث فيهم».
التعرف على احلقيقة ّ ِ
احلق أقول لكم ،وحدهم األطفال ُُييدون ّيُنصفوّنا! ّ
أصبت أيّها املعلّم ».يقول رئيس املعبد .لذلك فابنيت اليت ال ُخبث فيها بعد ،تَر َاك كما مل« َ
سلطانك يطغى عليها ،وكذلك َ نتوصل بعد حنن أن نر َاك .ومع ذلك فهذه املدينة واملدن اجملاورة تَرى
ّ
ّتاهك .إ ّّنم ال يتوبون ،واخلري الذي
َ وعلي أن أعلَم ّأّنا ال تتق ّدم ّإال ابخلُبث
وصالحكّ ،
َ حكمتك
َ
ّتاهك». يتخمر حقداً ِ
َ تُق ّدمه هلمّ ،
ك تفرتي علينا! إنّنا هنا ألنّنا مؤمنون ابملسيح وأوفياء له».
«كيف تقول هذا اي ايئريوس؟ إنّ َ
يقول أحدهم وهو من بيت صيدا.
أقل ِمن مائة ِمن ُمدن ثالث ينبغي هلا أن تكون عند «نعم .حنن .ولكن كم يبلغ عددان حنن؟ ّ
أقدام يسوعِ .
الربع ال ُمبالونّ ،أما الباقون فَبِ ّ
ودي ومن بني الغائبني ،أتكلّم عن الرجال ،نصفهم أعداء ،و ُّ
كل هذا احلقد وهذا ِ
عيين هللا؟ ألن يُعاقب ّ
أن أظُ ّن ّأّنم ال يستطيعون اجمليء .أليست هذه خطيئة يف ّ
صالحك ،إّّنا ليس بقيت صامتاً فبسبب ِ
َ الشر؟ ح ّدثين اي معلّم ،اي َمن تُعلّم ،واي َمن إذا ما َ
العناد يف ّ
مك
ليهز كال َ
رتجم هذا على أنّه َجهل وضعف .حتدَّث إذن ،و ّ سخي كرمي ،ويُ َ
ّ كك َّت َهل .إنّ َ
ألنّ َ
الشر ابستمرار». ِ
األقل ،مبا أ ّن األشرار ال يهتدون ،بل ُميعنون يف ّ
الالمبالني على ّ
«نعم ،هي خطيئة ،وبسببها سوف يَنـزل القصاص .ألنّه ينبغي ّأال ُحتتـَقَر موهبة هللا وال تُستَعمَل
لك اي بيت صيدا ،اي َمن تُسيئان استخدام عطااي هللا! لو لك اي قورازين ،والويل ِ
يف فعل الشر .الويل ِ
ّ
ص َنعت فيما بينكم منذ زمن بعيد ،يف صور وصيدون ،لكان األهايل ُمستع ّدين اليت العجائب ت عصنِ
ُ َُ
إيل بتوبة ،البسني املسوح ويغطّيهم الرماد .كذلك أقول لكم إنّه ابلنسبة لصور وصيدون، ألن أيتوا ّ
ك جملردأنت اي كفرانحوم ،هل تظنني أنّ ِ فإّنما ستُعامالن أبكثر رأفة ِ
وحلماً منكم يوم احلساب .و ِ
ّ َ َ
جائب ك سـوف هتبطني حّت اجلحيم .ألنّه لو ِ
لك استضافيت ستُبعثني حّت السماء؟ بل إنّ ِ
قبو ِ
صن َعت الع ُ ُ ّ ّ َ
ألّنا كانت ستؤمن يب وهتتدي .وكذلك عامرةّ ، ِ
صنَعتُها فيك يف صادوم ،لكانت ما تزال مزدهرة ّ اليت َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 378 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أقل خطيئتها ن
ّ فإ وابلتايل كلمته،
و ص ل
ّ املخ عرف َت مل ا ّن
ّ أل أفة،
ر و ا
ً لم صادوم فسوف تُعامل أبكثر ِ
ح
ّ َ
عت كلمته ومل هتتدي .آنئذ ،مبا أ ّن هللا عادل، عرفت ماسيا َِ
ومس ِ أنت ،اي من ِ خطيئتك ِ
ِ فداحة ِمن
ّ َ
ضحون أبنفسهم طاعة لكلميت ،هؤالء فبالنسبة ألهايل كفرانحوم وبيت صيدا وقورازين الذين آمنوا ويُ ّ
خيص
عاملون برمحة عظيمة .ألنّه ليس من العدل أن يَشمل هالك اخلَطَأَة األبرارّ .أما فيما ّ سوف يُ َ
شاهدون هللاأوالدك اي بنيامني ،أقول لكم إ ّّنم ي ِ
ابنك اي زكرّاي و َ
ُ ابنتك اي مسعان ،و َابنتك اي ايئريوس و َ
َ
عمل فيهمُ ،متّحداً ابحلكمة السماويّة ورغبة احملبّة، نقي ويَ َألّنم بغري ُخبث .وتَـَرون كم إمياّنم ّ اآلن ّ
وهذا ما ال ميتلكه الكبار».
رب
رك أيّها اآلبّ ، ويرفع يسوع عينيه صوب السماء ،اليت تُظلِم هببوط املساء ،ويَهتف« :أشك َ
لديك
ك أخفيتَها عن احلُكماء والعُلماء ،وَك َشفتَها لألطفال .ألنّه هكذا َح َسن َ السماء واألرض ،ألنّ َ
ومن يريد االبن أن يَكشف هلم. االبن، سوى يعرفه أحد وال أيب، ن ُعطي يل ِ
م أيها اآلب .فكل هذا أ ِ
َ َ ّ ّ
كالزرع يف
احلق يَنـزل َّ وأان قد كشفت ذلك لألطفال ،للمتواضعني ،لألطهارِ ّ ،
ألّنم يـَتَّحدون ابهلل ،و ّ ُ
األراضي احلُّرة ،وعليها ُمي ِطر اآلب أنواره لكي يتج ّذر وينبت .يف احلقيقة إ ّن هللا يُعِ ُّد تلك األرواح اليت
للصغار سنّاً أو إرادة ،لكي يَعرفوا احلقيقة ،وأحظى أان بفرح إمياّنم.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
الصيب اببتسامات وكلّمات طيّبة ،وهو يعلّمه ما ُيب فعله من أجل وضع احلَلَ َقة يسوع ع ي ِ
شج
ّ ّ ُ
اف الصندوق.
يف مكاّنا الصحيح ،وتلميع حو ّ
ميرر إصبعه على نقوش الصندوق
«لقد أّنيتَه بسرعة اي معلّم ».يقول مناحني وهو يَ َنهض و ّ
الصيب بسائل. عه لم وي صنعه ن مالذي انتهى ِ
ّ ّ ُ
«هو كان ِشبه ُمنته!»...
حّت ينتهي اخلشب .فأان عامل ُمتفان يف عملي ».يقول وهو يبتسم ابتسامة عريضة.
« ّ
أنت تصنعه؟ آه! اي للذخرية! ولكن ماذا سأضع فيه؟»
«صندوق َ
كل ما تريد ،اي مناحني ،فإنّه َمرد صندوق».
« ّ
صنَـ َعه!»
أنت َمن َ
«إّّنا ستكون َ
كل الناس .ومع ذلك ماذا وضع اإلنسان يف
صنَ َع اإلنسان ،لقد َخلَ َق ّ
«وإذن؟ فاآلب كذلك َ
شاداً
عمل ،ابحثاً هنا وهناك عن العُدد اليت ُيتاجهاّ ،
ذاته؟ وماذا يضع الناس؟» يتكلّم يسوع وهو يَ َ
امللزمة ،اثقباً ،ساحجاًُ ،مديراً حسب احلاجة.
ت، ِ
مربر لبَطاليت ،بينما أن َ
األقل سوف يكون يل ّ
أعطيك .على ّ
َ مين ما تشاء ،وسوف
«أطلب ّ
عمل».
ابن هللا ،تَ َ
جبينك"».
َ املروي بعرق
خبزك ّ «قيل" :ستأكل َ
أنت!»
لك َ«إّّنا قيل ذلك لإلنسان اخلاطئ .وليس َ
ُعترب يوماً أان املذنب ،وسأمحل خطااي العامل كلّها .سوف آخذها معي يف ّأول رحيل
«آه! سأ َ
يل».
ملّت؟» «ِ
لك و ّ
ومن أجل الطعام َ
ك أعطيتَنا لنأكل».
«ولكنّ َ
«صحيح».
فعلت ذلك؟»
«كيف َ
«أسأل سيَّد البيت».
تبق وحيداً».
يهم .ال َ
«ال ّ
إيل العديد من التالميذ .أ ُِعدُّهم ِأل ِ
ُرسلهم ُهم أيضاً للتبشري .ولن ينضم َّ
«خالل أسبوعني سوف ّ
أكون وحيداً .كن مطمئناً».
أثناء حديثهما هذا ،أييت العديد ِمن فضوليّي قورازين يُلقون نَظرة وَميضون دون كالم.
شئت البقاء»...
«إذا َ
وهم ُر ُسل!»
«ولكنّين تلميذ ُ
الر ُسل يفيد التالميذ كذلك».
«ما يفيد ُّ
«سوف يَشعُرون ابإلحراج لدى تقوميهم حبضوري».
ك تَعمل كثرياً»...
ضر األرملة وتقول« :الطعام جاهز اي معلّم ،ولكنّ َ
َحت ُ
أكسب قُويت أيّتها املرأة .وُثّ ...هوذا زبون آخر .وهو يريد صندوقاً كذلكُ .ثّ هو يدفع «إنّين َ
وخيرج ِمن الغرفة
ائتزَر بهَ ، ِ
جيّداً .مكان اخلَ َشب سيظل فارغاً ».يقول يسوع وهو يَن َـزع مئزراً كان قد َ
ليغتسل يف وعاء (لَ َكن) َجلَبَته له املرأة إىل احلديقة.
وهي ،اببتسامة مبهمة ،تبدو بعد فرتة طويلة ِمن البكاء ،تقول« :الفراغ هو يف م ِ
وضع اخلشب، َ ُ ََ
أنت ِ
وجودك ،والقلب ميلؤه السالم .مل أعُد أخشى من الغد ،اي معلّم ،كما ال ُتشى َ
َ بينما البيت ميلؤه
ِمن إمكانيّة أن َ
ننساك».
السماوي)
ّ سر ووصيّة اجملد
(احلب هو ّ
ّ -131
1945 / 09 / 01
ِ
وألوالدك .سوف َخيرج يسوع ،بصحبة مناحنيِ ،من بيت األرملة وهو يقول« :السالم ِ
لك ُ
نلتقي َم ّدداً بعد السبت .وداعاً اي يوسف الصغري ،غداً اسرتح والعب ،وبعد ذلك سوف تُ ِ
ساعدين.
ملاذا تبكي؟»
معك».
«آه! بل أكون على ما يرام ألنّين سأكون َ
وهم األفضل .ال يريد أن يرتكين .هل تثقني يب ِ ِ
فهمت .اي امرأة! ابنك يَفعل مثل كثريينُ ،
« ُ
حّت بعد غد؟» فترتكينه معي ّ
الصيب
فمعك يكونون يف أمان كما يف السماء ...وهذا ّ أمنحك ّإايهم َجيعاً! َ َ «آه! سيّدي! بل
الذي كان األكثر مكواثً مع أبيه ،قد أت ّملَ كثرياً .واآلن َو َج َد نفسه ...أترى؟ ...إنّه ال يفعل غري البكاء
لدي صيب آخر دون أب ودون ّأم .كان حنيالً وحزيناً .وهو اآلن لدى امرأة طيّبة ِمن بيت «الّ .
صل عن أهله ،وقد عاد لينتعش جسـداً وروحاً .هكذا سيكون األمر ابلنسبة صيدا ،مطمئنّاً إنّه لن ين َف ِ
َ
الزمن طبيب عظيم ،وكذلك هو سيكون مطمئنّاً ألنّه َس َري ِاك لدك ،وبسبب ما سوف أقوله له ،وأل ّن َّ لو ِ
وعلي الذهاب. ًا سطوع أكثر تصبح الشمس أة. ر ام اي ا
ً وداع . اليومي القوت جهة ن مأكثر اطمئناانً ِ
ّ ّ
وإخوتك واجل ّدة واحلق يب راكضاً».
َ ك تعال اي يوسف .أ ِ
َلق التحيّة على ّأم َ
وَميضي يسوع.
للر ُسل؟»
«واآلن ماذا ستقول ُّ
لدي تلميذ عتيق وتلميذ جديد».
« ّ
كالمك؟»
َ نستحق مساع
ّ «دون كلمة طوال األسبوع .أفال
بشّت ِ
كنت أَكرز بوجوب ُمبّة القريب ومساعدته ّ «للجميع .من َمشغل النّجارة .طوال ّأايم ُ
خاصة عندما يكون ضعيفاً ،كما هي حال األرامل واأليتام .وداعاً اي أهايل قورازين .أت ّملوا السبلّ ،
خالل السبت ابلعِربة اليت ق ّدمتُها لكم ».ويُعا ِود يسوع السري ،اتركاً األهايل منذهلني.
الصيب الذي حلق بيسوع وهو يركض يوقِظ فضوهلم ،فيقولون ليسوع الذي يستوقِفونه
ّ لكن
و ّ
َم ّدداً« :أأتخذ ابن األرملة؟ ملاذا؟»
«ألعلّمه أ ّن هللا أب ،أنّه َسيَ ِجد يف هللا األب املفقود .وكذلك أنّه يوجد هنا َمن يؤمن بدل
اسحق العجوز».
ابلصيب جاعالً ّإايه بينه وبني ك «مع تالميذي ،وليس هنا .هذا سيكون هنا .وداعاً ».وُمي ِ
س
ّ
مناحني.
وهم يُشريون
الر ُسل« :وهو؟» ُ
ولكن ،بعد التحيّات املتبادلة واجللوس إىل جانب يسوع ،يَسأل ُّ
إىل الطفل.
«إنّه َمغنَمي األخري :يوسف الصغري ،جنّار مثل يوسف الكبري الذي كان يل مبثابة األب .فهو
ك على أصدقائي ألعرف َ
الصيب؟ تعال هناّ ،
علي ج ّداً ،كما أان عزيز عليه ج ّداً .أليس كذلك أيّها ّ
عزيز َّ
عت عنهم كالماً كثرياً .هذا هو مسعان بطرس :أفضل رجل ابلنسبة لألطفال املوجودين .وهذا ِ
الذين َمس َ
ِ
جاد وصاحلحّت وهو يَلعب .وهذا اآلخر هو يعقوب أخوهّ ، ثك عن هللا ّهو يوحنّاِ :طفل كبري ُُي ّد َ
كأنّه أَخ بِكر .وذاك هو اندراوس أخو مسعان بطرس :سوف تتفاهم معه على الفور ألنّه وديع
كاحلَ َمل .وُثّ ها هو مسعان الغيور :إنّه ُيب األطفال فاقدي األب لدرجة أنّين أخاله يَدور حول العامل
حبثاً عنهم ،لو مل يكن معيُ .ثّ ها هوذا يهوذا بن مسعان ومعه فليبّس من بيت صيدا ونثنائيل .أترى
َخواي ،يعقوب وُيبّون األوالد .وهذان االثنان ِها أ َ
إليك؟ لديهم أوالدُ ،هم كذلكُ ،
كيف يَنظُرون َ
مّت الذي يتأ ّمل
انكّ .أما اآلن فهيّا بنا نذهب إىل ّ
أحب ،وابلتايل فسيحبّ َ
كل ما ّويوضاسّ :إّنما ُيبّان ّ
ِمن قدمه ومع ذلك فهو ال ُيقد وال يكره الذين ،بِلعبهم األرعن ،أصابوه ِحبصاة ذات رأس .أليس
مّت؟»
كذلك اي ّ
«آه! ال ،اي معلّم .أهو ابن األرملة؟»
عملي ،يُتِ ّمه أبن يُق ِّدم للصغري عنقود عنب يقطفه ِمن ِ
يُنهي يسوع التعارف بتوما الذي ،كرجل ّ
التعريشة.
«وإذن؟»
مّت؟»
لك ّ
«أما قال َ
كنت يف قورازين منذ اليوم التايل لرحيلنا».
ك َ «ال .بل قال فقط إنّ َ
لك».
منك .إنّه يعرف أن يصمت ،وأنت ال تعرف كبح فضو َ
مّت أقدر َ
«ّ
«ليس فضويل أان ،بل هو فضول اجلميع».
ُبشر ابحملبة ِ
ابلفعل». ِ
ذهبت إىل قورازين أل ّ ّ
«لقد ُ
«احملبة ِ
ابلفعل؟ ما الذي ترمي إليه؟» يَسأل البعض. ّ
اللب :النَّفس، على ق آه! اي أصدقائي .إ ّن جسدان هو النواة القاسية .هذه النواة القاسية تَنغلِ
ّ َ
األساسي :احملبّة .فهي اليت العنصر ا ّن
ّ إ دة، د
ّ متع عناصر ن وفيها توجد البذيرة الوديعة ،وهي مؤلّفة ِ
م
ّ ُ
ابالحتاد ابهلل الذي هو ُمبّة .واحملبّة ال تَقوم املادة ّ ِ
وحتّرر الروح من قيود ّ تفعل فِعل العتلة لِتَفتح النواة ُ
(الص َدقة) .احملبّة تقوم على احملبّة وال شيء سواها .وال يكن ذلك مما يبدو لكم الفضة َّ
على الكالم أو ّ
فضة وال مال ،والكالم مل يكن ليكفي يف تلك احلالة .كان هنا لدي ّأنّه تالعب ألفاظ .فأان مل يكن ّ
نشـب ُمالبه السوداء لالستيالء عليهم وإغراقهم. الضيق .واليأس ي ِ
سبعة أشخاص على حافّة اجلوع و ّ
ُ
العامل كان يبتعد أمام ذلك البؤس بقسوة وأاننيّة .كان يبدو يل أ ّن العامل مل يكن يُد ِرك كالم املعلّم .فَـبَشَّر
احلبِ ،من أجل اجلميع، علي واجب ّ وحريّة الفعل .وكان َّ لدي إمكانيّة ّ املعلّم بواسطة األفعال .كانت ّ
حب .هذا كلّه فَعلتُه .هل ميكنكم االستمرار يف من أجل أولئك الصغار الذين تَـَرَكهم العامل بغري ّ
يشك ،وقد جاء وسط النشارة وشظااي اخلشب انتقادي؟ أو ابألحرى ،هل ينبغي يل -بوجود تلميذ مل ّ
لكي ال يرتك املعلّم ،وهو ،وأان متي ّقن من ذلك ،سوف يتعلّق يب ،لدى رؤيته ّإايي منكبّاً على اخلشب،
صيب َع ِرفَين على ما أان عليه ،رغم َجهله ،واألسى الذي يُن ِهكه، أكثر مما لو رآين على عرش؛ وبوجود ّ
ومعرفته البدائيّة ج ّداً ملاسيّا ،كما هو يف حقيقته ،هل ينبغي يل أان أن أنتقدكم؟
ت لكم إ ّن الرجاء كالذراع املع ِرتضة للنّري اللطيف الذي يدعم اإلميان واحملبّة، َهل تَذ ُكرون يوم قُل ُ
ِ
مين شرحاً وعرش اخلالص؟ نعم؟ ولكنّكم مل تُد ِركوا معىن كالمي .وملاذا مل تَطلبوا ّ وإنّه مشنقة اإلنسانية َ
له؟ أان أُق ِّدم لكم هذا الشرح .إنّه نِري ،ألنّه يُك ِره اإلنسان على خفض كربايئه األمحق حتت ثِقل احلقائق
األزليّة ،وهو ِمشنقة الكربايء .فاإلنسان الذي يرجو هللا ربّه ،يَضع ابلضرورة كربايءه الذي يُريد إعالن
كل
كل شيء ،وأنّه ال يستطيع َع َمل شيء ،وأ ّن هللا يستطيع ّ ذاته "إهلاً" ،ويَعلَم أنّه ال شيء ،وأ ّن هللا ّ
شيء ،وأنّه ،هو اإلنسان ،غُبار عابر ،وأ ّن هللا خلود يرفع الغبار إىل درجة أمسى ،مبنحه ّإايه األبديّة
سمراً بِ ُشعالت اإلميان واحملبّة،
يتسمر اإلنسان على صليبه املق ّدس ليلقى احلياة وُيد نفسه ُم َّ
كمكافأةّ .
ولكنّه يسمو إىل السـماء ابلرجاء الذي بينهما .إّّنا احفظوا هذه العِربة :إذا احملبّة ارتَ َكبَت خطيئة،
يُصبِح العرش بغري نور ،واجلسد ،وقد أُفلِت املسمار من جهة ،مييل صوب احلمأة ،ألنّه ال يعود يرى
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 393 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
السماء .إنّه يلغي بذلك أتثريات الرجاء اخلالصيّة ،وينتهي أبن ُيعل اإلميان عقيماً بذاته ،ألنّه إذ
يُفلِت ِمن اثنتني ِمن الفضائل الالهوتيّة الثالث ،يَقع يف الفتور ويف برودة مميتة.
َمذهيب نِري يَلوي اإلنسانيّة اخلاطئة ،وهو مطرقة ُحت ِطّم القشرة الصلبة لِتُ ِّ
حرر الروح منها .إنّه نِري
كل و األخرى ة اإلنساني املذاهب عن الناجم ابإلعياء ر شع ي ال له قب ي فمن ذلك ومع نعم. طرقة، ِ
وم
ّ ّ َ ُ ََ
األمور اإلنسانيّة األخرى .ولكن مع ذلك فَ َمن يَ َدع نفسه يتل ّقى ضرابته ،ال يشعر أبمل حتطّم األان
بكل ما هو ِ
عملون على االنعتاق منه الستبداله ّ التحرر .فلماذا تَ َ
البشـريّة فيه ،ولكنّه َخيتَرب إحسـاس ّ
رصاص وأمل؟ كلّكم لديكم آالمكم ومتاعبكم .لدى البشريّة كلّها آالم ومتاعب تفوق أحياانً ال ُقدرات
البشريّةِ .من الطفولةِ ،مثل هذا الذي ابت َُي ِمل على كاهليه الصغريين محالً عظيماً ُيعله ينوء حتته،
ويَن َـزع ِمن َش َفتيه االبتسامة الطفوليّة والالمسؤوليّة ِمن روحه اليتِ ،من ِوجهة نظر بشريّة ،ال تعود طفوليّة
بكل خيبات األمل ومتاعب وأثقال وجراحات حياته حّت العجوز الذي ينحين صوب القرب ّ أبداًّ ،
سمى "البُشرى الطويلة .إّّنا يف مذهيب ويف اإلميان يب هناك عالج هلذه األثقال الساحقة .ألجل ذلك يُ ّ
ِ
صل على هللا لعالجه، ومن يَقبَله ويُطعه يُصبِح مغبوطاً منذ حيـاته على األرض ،ألنّه َُي َ احلَ َسنة"َ .
ومنرياً ،كما لو أ ّن له أخوات َعطوفات ،إذ ميسكنه بيده ،مع مصابيح ِ
والفضائل لتَجعل له الدرب سهالً ُ
حّت اللحظة اليت ،إذ يَرتك فيها اجلسد املتعب ِ
مضيئة تنري طريقه وحياته ،ويُنشدن له وعود هللا األزليّة ّ
يسقط على األرض بسالم ،يستيقظ يف اجلنّة.
شم ّئزين ،ايئسـني ،عندما ملاذا تريدون ،أيّها الناس ،أن تكونوا ُم َتعبنيَ ،معزولنيُ ،م َنهكنيُ ،م َ
اسني؟ وملاذا أنتم أيضاً ،أاي ُر ُسـلي ،تريدون اإلحساس إبعياء عزين ومؤ َ
يكون إبمكانكم أن تكونوا ُم َّ
الرسـالة وصعوبتها وصرامتها ،بينما ،لو كانت لديكم ثقة طفل ،لكان إبمكانكم ّأال يكون لديكم
سوى اندفاع ُمفرِح ،وسهولة ُمش ِرقة لتطبيقه ،وإدراك وإحساس أنّه ليس صارماً ّإال لغري التائبني الذين
الر ُسل،
إيل أيّها املتعبون واملنهكون ،أنتم أيها ُّ
إّّنا يف انتظار ذلك ،من أجل الصـمود ،تعالوا ّ
املرهقني يف ِ
كل الناس الباحثني عن هللا ،الباكني بسبب األمل الذي يواجهون على األرضَ ، ومعكم ّ
ذهيب كما لو أنّه ِ ِ ِ
الوحدة ،وأان أنعش قواكم .امحلوا نريي .فهو ليس عبئاً .إنّه َعون حافظ .عانقوا َم َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 395 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
مين أان عروس ُمبوبة .اقتدوا مبعلّمكم الذي ال ي ِ
عمل على تعليمه .تعلّموا ّ َ ي
َ بل كته،مبار د
ّ ح عند ف ق َ
الوديع واملتواضع القلب ،فتجدوا راحة نفوسـكم ،أل ّن الوداعة والتواضع َُيلبان امللكوت على األرض
لت لكم سابقاً إ ّن الظافرين احلقيقيّني بني الناس هم أولئك الذين يفوزون به ويف السماوات .لقد قُ ُ
احلب على الدوام وديع ومتواضع .أبداً لن أكلفكم مبا يتجـاوز قدراتكم ،ألنّين أحبّكم وأريدكم ابحلب ،و ّ
ّ
معي يف مملكيتّ .اُتذوا إذن شعاري وزيّي ،وحاولوا أن تكونوا شبيهني يب وكما تعلّمتم ِمن مذهيب .ال
ومحلي خفيف ،بينما اجملد الذي ستتمتّعون به ،إذا كنتم أوفياءُ ،مقتَ ِدر إىل ما ال ُتافوا ،فإ ّن نِريي لَني ِ
ّ
أزيل… ّناية .المتناه و ّ
الصيب قُرب البحريةَ .سيَ ِجد أصدقاء له ...بعدئذ سوف
ّ سوف أترككم للحظة .أذهب مع
تتعرف إىل الصغار الذين ُيبّونين».
سأجعلك ّ
َ نَكسر اخلبز معاً .تعال اي يوسف.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 02
ودع األرملة وهو ميسك بيد يوسف الصغري ويقول للمرأة: ِ
شهد الرؤاي السابقة ذاته .يسوع يُ ّ
َم َ
حّت بعد غد قائلة له
«لن أييت أحد قبل عوديتّ ،إال إذا كان أحد الوثنيّني .إّّنا لو أتى أحد فاستبقيه ّ
إنّين سوف آيت حتماً».
«سوف أقول ذلك ،اي معلّم .وإذا كان هناك مرضى فسوف أستضيفهم كما علّمتين».
بتلك اإلشارة املختصرة أُد ِرك أ ّن َمرضى وبؤساء قد أتوا إليه يف قورازين ،وأ ّن يسوع قد َ
ض َّم
درس العمل إىل درس املعجزة .وإذا ما بَِقيَت قورازين غري مبالية على الدوام ،فتلك إشارة إىل أ ّّنا أرض
جدابء ،ال ميكن استغالهلاَُ .يتازها يسوع يف تلك األثناء ُميّياً الذين ُييّونه وكأ ّن شيئاً مل يكن ،ويُعا ِود
احلديث مع مناحني الذي يتساءل إذا ما كان سيَمضي َم ّدداً إىل مكرونة أو يبقى أسبوعا آخر…
«ممكن ،ممكن »...يقول فليبّس الذي يَذ َهب عن طيب خاطر لوجود أهل له يف بيت صيدا.
وأكثر من ذلك ...انظروا ،انظروا! اليوم احلراسة مش ّددة ابل َكتَـبَة .هيّا بنا ،دون إضاعة الوقت.
وع ْرب الطريق خلف البيت .أان أجلب لكم املركب إىل "بئر التني" ِ
أنتم مع املريض ،اعربوا من احلديقـةَ ،
ويعقوب كذلك .مسعان الغيور وإخوة يسوع ميضون للقاء املعلّم».
يوطي.
ر االسخ ن«أان ال أذهب مع الـمستحوذ عليه ».يعلِ
ّ ُ ُ َ َ
يهاَجك الشيطان؟»
َ «ملاذا؟ أُتشى أن
«ال».
«إذن ال أحد ،أل ّن املعلّم هنا ،ها هو آت ».يقول جب ّد الغيور الذي يقفز إىل الطريق.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 398 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يتربم بلحيتهَ .ميضي إىل لقاء يسوع مع اآلخرين .بعد التحيّات األوىلُ ،ي ّدثونه
بطرس غري راضّ ،
حوذ عليه أعمى وأخرس ،وهو ينتظر قدومه مع أهله منذ بضع ساعات. عن ُمستَ َ
كل رجاء أهله
يتحركّ .
مّت« :إنّه كاجلثة اهلامدة .لقد ارمتى على أكياس فارغة ومل يـَ ُعد ّ
يَشرح ّ
فيك .تعال لتأكل وتراتح وبعدئذ تغيثهم».
َ
«ال .بل سأذهب مباشرة إليه .أين هو؟»
«إنّه يف الغرفة اليت يف األسفل قرب الفرن .جعلتُهُ هناك مع أهله ،إذ إ ّن هناك الكثري من
الفريسيّني وال َكتَـبَة يَبدون ابملرصاد»...
ّ
«نعمِ ،
ومن األفضل ّأال َجن َعلهم يَنالون ُمرادهم ».يُهم ِهم بطرس.
«لقد بَِق َي يف البيتُ .يب أن يقوم على الدوام بشيء ُمالف ملا يفعله اآلخرون ».يُهم ِهم أيضاً
بطرس.
تَبدأ املعجزة هبدير َغيظ ِمن الشيطان ،وتنتهي بصيحة فَـَرح ِمن الذي َّ
حترَر ،والذي يَصيح« :اي
ابن داوود! اي ابن هللا! أيّها الق ّديس وال َـملِك!»
الفريسيّني وهو
ض هؤالء الناس مثن قيامهم بذلك!» يقول أحد ّ
«إّّنا هذا كلّه َهتريج! لقد قَـبَ َ
يرفع كتفيه.
منك».
حّت َ
« ّ
وألي هدف؟»
« ّ
«لِتَجعل كفرانحوم مشهورة».
وِها
أنت رئيس معبد وحتبّه .مناحني أيضاً ُيبه ،ويف بيت عنيا هناك لعازر بن تيوفيلسُ .
«ها َ
عامة الشعب». ِ
ليسا من ّ
وخاصة يف األمور اإلميانيّة.
ّ نصب على أحد يف شيء. «ولكنّهما نزيهني ،وأان كذلك ،وال نَ ُ
فإنّنا ال نسمح بذلك ،ألنّنا ُناف هللا ،وألنَّنا أدركنا أ ّن ما يرضي هللا هي النـزاهة».
ب منكم اجمليء ل ط ن م « :يفوُيا ِورون أهل الرجل الذي ش ِ
الفريسيّون ظهورهم ليائريوس ُ
َ ََ ُ َ َ يدير ّ
إىل هنا؟»
كل هذا كان ُُماتَلة؟ اذهبوا إىل جدرة ،وإذا كنتم ال
«آه! اي للنفوس املاكرة! هل تظنّون أ ّن ّ
تُص ِّدقون ،فاسألوا َعن بؤس عائلة حنّة اليت إلمساعيل».
البشري للرتابط البارع وفَ ِّكروا :إذا كان أوالد العصر هؤالء ُهم
ّ انظروا إىل هذا ال َـمثَل
لكن ِسـمتهم تلك ،وهم الوثنيّون ،ال هكذا ،فكيف ال يكون إبليس؟ ُهم ،ابلنسـبة لنا ،أابلسة ،و ّ
تُقارن بشيطانيّة إبليس الكاملة وشياطينه .هناك ،يف تلك اململكة األبديّة اليت ال دهور هلا وال ّناية،
كمن يف اإلساءة هلل والبشر ،وحيث تن ّفسهم هو املسرة تَ ُ
الشر ،هناك حيث ّ وال حدود للمكر فيها و ّ
َحدثَت اندماج األرواح املتّحدة ابإلرادة
ومسرهتم األليمة ،الوحيدة والفظيعة ابللعنة الكاملة ،أ َ
اإلساءةّ ،
الواحدة" :اإلساءة".
اآلن ،وكما تَدعون إىل التشكيك بقدريت ،إذا كان إبليس هو الذي ي ِ
ساعدين ألنّين ،أان ،بعلزبول ُ
استحو َذ هو
َ أدىن ،أفال يكون إبليس على غري وفاق مع نفسه ومع شياطينه ،إذا ما طََرَدهم ِمن الذين
كل ِ
عليهم؟ وإذا كان هناك َع َدم وفاق ،فهل ميكن ململكته أن تدوم؟ ال ،هذا ال يكون .فإبليس هو ّ
ما ميكن أن يكون األكثر ُمادعة ،وال يُسيء إىل ذاته .إنّه يطمح إىل امتداد مملكته يف القلوب وليس
إىل احل ّد منها .إ ّن حيـاته هي" :االختالس ،واإلسـاءة ،والكذب ،والتسبّب ابجلِّراح واالضطراب".
لست تَعلَم إذن أنّه سوف يكون دهر له بداية ولن تكون له ِ
أأنت من ال َكتَـبَة وتَسألين؟ َأو َ
« َ
وهم ِ
خاصيت؟ وفيه سوف أنتَصر ،جامعاً حويل الذين سيكونون أبناءهُ ،
ّناية ،وأنّه سوف يكون ّ
مرات عديدة أنّين الكلمة «هل أنتم ُمتنبّهون أ ّن فيكم اخلطيئة ض ّد الروح القدس الذي أشار ّ
املعني ،واملسبوق واملتبوع بعالمات نبويّة ،فاعالً ما قاله
الزَمن َّ
املتجسد؟ الكلمة واملخلّص ،اآليت يف َّ
ّ
الروح».
تحرروا ِمن الشيطان أل ّّنم«هل لدى إسرائيل اإلرادة؟ الّ .أما هؤالء املساكني الذين أيتون لِيَ َّ
يَشعرون به فيهم َك ِحمل ثقيل وعار ،فلديهم اإلرادة .أنتم ال تَشعرون بذلكَ .
وحتُّرركم لن يفيد ،ألنّكم
طاملا ال متلكون اإلرادة يف ذلك ،فسوف يَستَح ِوذ عليكم من جديد وبصورة أقوى .عندما َخي ُرج روح
َِجنس ِمن إنسان ،فإنّه يهيم يف أمكنة َُم ِدبة حبثاً عن راحة وال َُِيدهاَّ .ت ُدر اإلشارة إىل أ ّن األمر ال
بادله العداء بعدم استقباله ،كما أ ّن األرض اجلدابء ُمعادية ماد ّايًّ .إّنا َُم ِدبة ّ
ألّنا تُ ِ ِ
يتعلّق أبماكن َُمدبة ّ
ابلقوة وض ّد إراديت .وأان متأ ّكد أنّه سيستقبلين
دت منه ّ للبذار .حينئذ يقول" :أعود إىل بييت الذي طُِر ُ
احلق أقول لكم،وَمينَحين الراحة" .ابلفعل ،يَعود صوب الذي كان له ،وغالباً ما َُِيده مهيّأ الستقبالهّ ،
إ ّن ذلك يكون ،أل ّن اإلنسان َُي ّن إىل الشيطان أكثر ِمن حنينه إىل هللا ،وإذا مل يَستَح ِوذ الشيطان على
عناصره ِمن خالل ملكيّة أخرى ،فإنّه ينوح وينتحبَ .ميضي إذن فيجد البيت خالياً ،نظيفاً ،مزيّناً
ومعطّراً ابلطُّهر .حينئذ سيأخذ معه سبعة شياطني ألنّه ال يريد أن َخي َسره بعد ،ومع تلك األرواح السبعة
دخله ويُقيمون َجيعهم فيه .واحلالة الثانية هذه اليت هي لِ َمن اتب ّأوالً ُثّ عاد إىل الفساد. األسوأ منه يَ ُ
تعاطفوهي أكثر سوءاً ِمن احلالة األوىل .ذلك أ ّن الشيطان ميكنه تقدير إىل أية درجة هذا اإلنسان م ِ
ُ ّ
مع الشـيطان وانكر للجميل ّتاه هللا ،وأل ّن هللا كذلك ال يَعود إىل حيث تُداس نِ َعمه ،وأولئك الذين
قد اختََربوا االستحواذ يَفتَحون ذراعيهم الستحواذ أقوى .السقوط ِمن جديد يف عبادة الشيطان أسوأ
ض ّجة ،غري انَجة عن استحسان أو احتجاج ،تَسري بني اجلمع الذي احتَ َش َد اآلن بكثافة، َ
ص الشارع هبم وكذا احلديقة والشُّرفة .هناك أُانس على اجلدار الصغري وكأ ّّنم على حصان، حبيث َغ َّ
آخرون على شجرة التني اليت يف احلديقة وعلى أشجار احلدائق اجملاورة ،ذلك أ ّن اجلميع يَر َغبون يف
كأّنا موجة آتية ِمن البحر إىل الشاطئ ،تنتقل ِمن فَم إىل
الضجة ،و ّ
وخصومهّ .
ِ
مساع احلوار بني يسوع ُ
الر ُسل األقرب إىل يسوع ،أي بطرس ،يوحنّا ،الغيور وابين حلفا .اآلخرون ُهم ابلفعل ،بعضهم
حّت ُّ فمّ ،
يوطي الذي هو على الطريق وسط اجلمع. على الشُّرفة واآلخرون يف املطبخ ،ما عدا يهوذا االسخر ّ
وبطرس ويوحنّا والغيور وابنا حلفا يَغتَنِمون الفرصة يف هذه الضوضاء ،ويقولون ليسـوع« :يـا
إليكُ .م ْر
عنك يريدون التح ّدث َ وإخوتك هناّ .إّنم يف اخلـارج ،يف الطريق ،ويبحثون َ
َ ك
معلّمّ ،أم َ
هم». نك أَمر ُم ّ اجلمع أن يفسـح اجملال ليتم ّكنوا ِمن الوصول َ
إليك ،فحتماً ما أتى هبم إىل هنا للبحث ع َ
يَرفَع يسوع رأسه ويَرىَ ،خلف الناس ،وجه أ ُّمه ال َقلِق الذي يُقا ِوم البكاء بينما يتح ّدث إليها
يوسف بن حلفا ُمن َفعِالً ،ويَرى عالمات الرفض ِمن أ ُّمهُ ،م ِّ
تكررة ،حا ِزمة ،رغم إصرار يوسف .ويـََرى
لكن يسوع ال يبتسم والومشمئز ...و ّ
ّ كذلك وجه مسعان املضطرب ،الذي يبدو جليّاً وهو حزين
ي ِ
صدر األمر .يرتك احلزينة أبملها وابين عمه حيث ِها.ُ
وُييب كذلك أولئك البعيدين الذين َخيفض عينيه لِيَنظُر إىل اجلمع ،وَميباً ُّ
الر ُسل القريبني منهُ ،
ُياولون إعطاء الدم قيمة أكرب ِمن تلك اليت للو ِاجبَ « .من هي أ ُّمي؟ َمن ُهم إخويت؟» ويُدير نَظَره
الصارم ،بوجهه الذي يَشحب بسبب اجلهد العنيف الذي ُميا ِرسه على ذاته ليجعل الواجب فوق َّ
أبمه ،يف سبيل خدمة اآلب ويقولُ ،مشرياً حبركة واسعة العاطفة والدم ،ولِي َّ ِ
تنصل من الرابط الذي يربطه ّ َ
الفض ّي« :هذه أ ُّمي ،وهؤالء
إىل اجلمع الذي يتزاحم حوله ،حتت نور املصابيح األمحر ونور القمر البدر ّ
وهم أ ُّمي .وليس يل سواهم .والذين يل سيكونون عملون مشيئة هللا ُهم إخويت وأخوايتُ ، إخويت .الذين يَ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 408 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
حّت التضحية الكاملة كما لو ّأّنم األوائل ،وبكمال أعظم ِ
عملون مشيئة هللا ّ
َ َي سوف ين
ر اآلخ كل
ّ ن م
بكل مشيئة سواها ،أو بنداء الدم والعواطف».ّ
سمع ِمن اجلمع َِه َهمة أقوى ،وكما لو أ ّن البحر ارتَـ َف َع فجأة بفعل الريح.
وتُ َ
حّت دمه!» ِ
شرع ال َكتَـبَة ابهلروب قائلني« :يَسكنه الشيطان! إنّه يُنكر ّ
يَ َ
حّت أ ُّمه!» ِ
يتق ّدم األهل قائلني« :إنّه َمنون! إنّه يُع ّذب ّ
الر ُسل« :يف احلقيقة إ ّن يف كالمه البطولة كلّها!»
يقول ُّ
يقول اجلمعَ « :كم ُيبّنا!»
بصعوبة كبرية َُت َِرتق مرمي مع يوسف ومسعان اجلمع .مرمي ليسـت ِسـوى وداعة ،يوسف غاضب
حتماً ،ومسعان ُمضطَ ِرب .يدنون ِمن يسوع.
يلتَ ِفت يسوع ،وأيخذ يوسف الصغري بيده ،ويدنيه منه ،ويرفعه ممسكاً ّإايه ِمن حتت إبطيه
ويقولَ « :ع َملي كان تقدمي القوت هلذا الربيء وألهله وإقناعهم أب ّن هللا صاحل .كان للتبشري يف قورازين
لك
لك أيضاً اي يوسف ،األخ الظامل .ولكنّين أان أَغفر َ ابلتواضع واحملبّة .وليس فقط لقورازين ،إّّنا َ
أساُمك اي مسعان املتقلّب .ما ِمن
َ لك وتك .وأَغفر َ
عض َأساُمك ،ألنّين أعلم أ ّن أنياب احليّة قد ّ
َ و
ألّنا َحت ُكم بعدل .فليفعل العامل ما يشاء.
شيء أَغفره أل ُّمي ،وال شيء أطلُب منها ألجله أن تساُمينّ ،
1945 / 09 / 04
يسوع يُشفي املرضى ،وال يوجد ِسوى مناحنيّ .إّنم يف بيت كفرانحوم ،يف احلديقة الظليلة يف
تلك الساعة الصباحيّة .ولقد ُتلّى مناحني عن ِحزامه الثمني وصفيحة الذهب اليت على َجبينه .وقد
س ثوبه حبزام صويف ،وقلنسوته بشريطة رفيعة من الكتان .يسوع عاري الرأس كما هو دائماً عندماَحبَ َ
يكون يف البيت.
« ُهم كذلك لديهم ُمالب الثروات التافهة اليت ُمت ِسك هبم .فالغىن ليس فقط ابملال .هناك كذلك
األابطيل،كل شيء ابطل"،
ّ يتوصلون إىل أن يَعلَموا مثل سـليمان" :ابطل غىن املعرفة .قليلون ُهم الذين ّ
هنك؟حاضرة يف ذ َمادايً ،بل إّّنا يف العمق .هل هذه الفكرة ِ
ومضخمة ،ليس فقط ّ ّ َّ مأخوذة ِمن جديد
يطور العِلم
ّ لذي او للروح، يح ربَتو ب ع
َ ـ
َت "هي فقط ةّي
ر البش املعرفة ايدة
ز نّ إ إذ لة، العلوم البشرية ِ
ابط ّ
لك إ ّن األمر هو كذلك .وأقول أيضاً إ ّن األمر ال يكون كذلك إذا احلق أقول َ طور كذلك املتاعب"ّ . يُ ِّ
ب هللا املق ّدس .اللّذة ابطلة أل ّّناوح ّرسخة على احلكمة فائقة الطبيعة ُ وم َّ
كانت العلوم البشريّة ُمدعَّمة ُ
َّسة ِمن مصانع ال تَدوم ،ولكنّها تتب ّدد بسرعة بعد أن َحت ِرق اتركة وراءها رماداً وفراغاً .اخلريات املكد َ
ُمتلفة ،ابطلة هي ابلنسبة إىل اإلنسان الذي ميوت ويرتكها آلخرين ،والذي ال يتم ّكن خبرياته دفع
املوت؛ املرأة ،كامرأة حب ّد ذاهتا ،واملشتهاة كما هي ،ابطلة .وابلنتيجة فإ ّن الشيء الوحيد الذي ليس
ابطالً ،هي ُمافة هللا املق ّدسة والطاعة لوصاايه ،أي حكمة اإلنسان الذي ليس جسداً فقط ،ولكنّه
كل املخالب ِ ِ
ميتلك الطبيعة الثانية :الروحيّة .الذي يَعرف أن يستنتج هكذا ويريد ،يَعرف التخلّص من ّ
حراً للقاء الشمس». اليت للتملّك املسكني ،وميضي ّ
املضي إىل بشاعات القصر «أريد تَ ُّ
األايم! اآلن ميكنين ّ
ذكر هذه الكلّمات .كم َمنَ َحتين هذه ّ
الذي ال يبدو ُمش ِرقاً ّإال للحمقى ،الذي يبدو ذا سلطان ّ
وحرية ،وهو ليس سوى بؤس وسجن وظلمة،
املضي إىل هناك مع كنـز سيسمح يل أن أحيا فيه بشكل أفضل ،يف انتظار ما هو أفضل .ولكن هل و ّ
سأتوصل إىل هذا األفضل املتمثّل يف أن أكون بكلّييت ِملكاً َ
لك؟»
تتوصل».
«سوف ّ
«مّت؟ يف العام القادم؟ أو فيما بعد؟ عندما ّتعلين الشيخوخة حكيماً؟»
الناصري».
ّ «ال ،تالميذ ليوحنّا ونريد يسوع
يُقبِل يسوع إىل النافذة قائالً« :السالم لكم ...آه! هذا أنتم؟ تعالوا! تعالوا!»
ظهر ِ
وهم يَرفَعون رؤوسهم لتَ َ
الرعاة الثالثة :يوحنّا ومتيّا ومشعون« .آه! اي معلّم!» يقولون ُ
ّإّنم ُّ
حّت رؤية يسوع مل تُعِد هلم الطمأنينة.
وجوههم احلزينةّ .
َخيرج يسوع ِمن الغرفة وميضي للقائهم على الشُّرفة .يتبعه مناحني .يلتقون عند حافة السلّم على
الشُّرفة املضاءة بنور الشمس.
ُيثو الثالثة ُمقبِّلني األرضُ .ثّ يقول يوحنّا ،ابسم اجلميع« :لقد آن األوان لتستقبلنا ،اي سيّد.
ثك ».وتنهمر الدموع على خ ّد التلميذ ورفاقه. ألنّنا إر َ
يُطلِق يسوع ومناحني صرخة واحدة« :يوحنّا!؟»
كل ضجيج العـامل .ومع ّأّنا قيلت ببالغ اهلدوء. ص َخباً يَربو على ّ
تقع الكلمة كما لو كانت َ
جامدين كاحلجر .يبدو أ ّن األرض ،بعد أن َِمس َعتها وارتَـ َع َدت،
ولكنّها ّتعل الذي قاهلا والذين يسمعوّنا ِ
َ َ
كل ضجيج ،فقد كانت حلظة صمت عميق وَجود كامل لدى احليواانت ويف األوراق ويف قد أوقَـ َفت ّ
ِ
ت زيز احلصاد فجأة وص َم َ
وخرست جوقة الدوريَ ، اهلواء .توقَّ َ
ف هديل احلمام ،وان َقطَ َع مزمار شحرورَ ،
كما لو كان جهازه قد حتطَّم ،بينما يتوقّف اهلواء الذي كان يداعب أغصان الكرمة وأوراقها ،م ِ
صدراً ُ َ
صادم احلرير وصرير األواتد.
صواتً يُشبه تَ ُ
تتوسع عيناه وِها تغرورقان ابلدموع .يفتح ذراعيه وهويُصبِح يسوع شاحباً بلون العاج ،بينما ّ
يتكلّم ،وصوته عميق ،للجهد الذي يبذله ليجعله اثبتاً« :السالم لشهيد العدالة وسابِقيُ ».ثّ يُصالِب
ذراعيه ويستجمع أفكاره وابلتأكيد يصلّي ،متّحداً بروح هللا وروح املعمدان.
ضب.
ال َُيرؤ مناحني على اإلتيان حبركة .على عكس يسوع ،فقد عاله امحرار شديد وفورة َغ َ
ب ،وقد تب ّدى اضطرابه كلّه ابحلركة اآلليّة ليده اليمىن اليت تسحب ِحزام ثوبه ،ويده اليسرى
ُثّ تصلَّ َ
ويهز مناحني رأسه وهو يشتكي ِمن ضعف روحه الذي اليت ،حبركة ال واعية ،تبحث عن اخلنجرّ ...
ينسى أنّه ُتلّى عن السالح لِيُصبح « :تلميذ َمن هو وديع ،إىل جانب َمن ُهم ُودعاء».
ويقودهم إىل الغرفة ،حيث يُغلِق الباب اتركاً الستائر نصف منسدلة ،ليخ ِّفف النورَ ،
وخيلق ج ّو
ُخلوة حول أملهم ،وهباء ِميتة املعمدان ،لِيُ ِّ
فرق بني كمال احلياة هذا ،والعامل الفاسـد« .تكلّموا» أيمرهم.
يبدو مناحني َُم َّمداً .إنّه قُرب اجملموعة ولكنّه ال ينبس ببنت شفة.
أرسلَه هريودس
امللكي الذي َ
ّ كانت قد َم َكثَت يف جناحهـا ُُمتَـ َقـرة .وكانت قد أعـادت الطعـام
أرسلَت إىل هريودس
يف أواين نفيسة .واحتَـ َفظَت فقط بطبق مثني مليء ابلفواكه ،وابملقابل كانت قد َ
جرة َمخر ممزوج ابملخ ِّدر ...ممزوج ابملخ ِّدر ...آه! حالـة ُّ
السكر اليت كان فيها ،كانت تكفي معها َّ
طبيعته الفاسقة لدفعه إىل ارتكاب اجلرمية!
َعلِمنا ِمن أولئك الذين كانوا َخيدمون على املائدة ،إنّه بعد رقص املقلِّدين الذين يف القصر ،أو
املدعوين ،وكان املقلِّدون
ابألحرى يف الوسط ،كانت صالومي قد َد َخلَت فجأة وهي تَرقُص يف قاعة ّ
ومت َقناً .يليق ِ
تسمروا أمام األمرية ُملتَصقني ابجلدران .الرقص كان ُمت َقناً ،هكذا قيل لناَ ،خليعاً ُ
قد ّ
ابلضيوف ...وهريودس ...آه! قد تكون رغبة جديدة ابلزىن ِمن ذوي ال ُقرىب َُتتَ ِمر يف داخله! ...ويف
ك تستح ّقني ُمكافأة. "أجدت يف الرقص! أ ِ
ُقسم أنّ ِ ِ متحمساً:
ّناية الرقصة قال هريودس لصالومي ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 415 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ميكنك أن تطلبيه مين .أ ِ
ُقسم أمام اجلميع. ِ كل ما ِ
أعطيك سوف ينّنأ م أمنحك إايها .أ ِ
ُقس ِ أقسم أنّين
ّ ّ ّ
حّت بدون قَ َسم .اطليب إذن ما تشائني".وكلمة امللك كلمة شرف ّ
حيي ،بعد الكثري بوس وملتَ ِحفة بوشاحها ،وب ُِ
ع ُ اضع، والت
و اءة
رب ال تباك،
ر اال لةوصالومي ،مفتَعِ
ُ
ّ
ك قدأنس ِحب ُثّ أعود ،ألن منـَّتَ َ
َ سوف حلظة. ر من اخلالعة ،تقول" :امسح يل أيها العظيم أن أُف ِّ
ك ّ
انس َحبَت لتمضي فتلتقي ّأمها. ِ
َج َعلَتين أضطَرب" ...و َ
وهريوداي، ق". بَّ
ط ال ين قالت يل سلمى ّإّنا دخلَت وهي تضحك وتقول" :أمي ،لقد رِحبتِ .
أعط
ّ َ َ ُ ّ ََ
مع صرخة انتصار أ ََمَرت العبدة بتسليم ابنتها الطَّبَق الذي كانت قد احتَـ َفظَت به سـابقاً ،قائلة" :اذهيب،
بسك اجلواهر والذهب" .وتطيع سلمى مروعة… وعودي ابلرأس البغيض ،وأان سـوف أل ِ
دخل إىل القاعة وهي تَرقُص ،وهي تَرقُص َمتضي لتجثو عند قدمي امللك. ِ
تَعود صالومي لتَ ُ
ِ
ك هلا ويل ،أريد رأس يوحنّاُ .ثّ سوف عرب عن حبّ َثت به أل ُّمي لتُ ِّ
تقول" :على هذا الطبق الذي بـَ َع َ
غلبتك أيّها امللك!
َ انتصرت!
ُ يرضيك كثرياً .سوف أرقص رقصة النَّصر ألنّين َ أرقُص أيضاً ،أل ّن ذلك
السقاة وهو صديق لنا.
رد َده لنا أحد ُّ
غلبت احلياة ،وأان سعيدة! "هذا ما قالَته وما َّلقد ُ
واضطََرب هريودس ،إذ أَصبَ َح بني املطرقة والسندان :أن يكون عند كلمته ،أو أن يكون عادالً.
اجلالد الذي كان خلف العرش امللكي ،وهذا ولكنّه مل يَع ِرف أن يكون عادالً ،فهو ظامل .وأشار إىل ّ
َخ َذ ِمن يدي صالومي الطَّبَق الذي كانت قد أحضرته ،يَهبط ِمن قاعة الوليمة إىل الغَُرف األخري إذ أ َ
رخة َمشعون" :قَـتَـلَة!" وُثّ رأيناه ِ
ص َاليت يف األسفل .يوحنّا وأان رأيناه َُيتَاز البالط ...وبعد قليل َمسعنا َ
سابقك كان قد مات»... مر والرأس على الطَّبَق ...يوحنّا، ِ
َ يعود ليَ ّ
«مشعون ،هل ميكنك أن تقول يل كيف مات؟» يَطلب يسوع بعد برهة.
يتغري».
حّت ولو َخَّربته الكالب ،فإ ّن َمده لن ّ
«هذا صحيحّ .
ممزقتني ،ما تزاالن تقوالن" :هذا غري
تتغري ،اي معلّم .فعيناه رغم كوّنما َمروحتنيَّ ،
«وكلمته مل ّ
لك" .ولكنّنا فقدانه ».يقول متّيا.
جائز َ
ك على ِعلم بذلك».
لك ،أل ّن هذا ما قاله هو ،وقد قال كذلك إنّ َ
«واآلن حنن َ
«نعم .منذ شهور وأنتم يل .كيف أتيتم؟»
«بلى .يف البدء كان قَلِقاًُ ،ثّ غاضباً ،إّّنا بعد زوال َغضبه قال" :هكذا ينقص الذين يدينوين
واحداً" .هذا ما نـَ َقلَه لنا الساقي صديقنا».
يُرافِقهم مناحني وُثّ يعود .يبقى يسوع مع مناحنيَُ .يلِس ُمستَغ ِرقاً يف التفكري ،حزيناً بشكل
يتحرك. ال لةوالطا ربُق مناحني لس ُي
َ ليسنده. كبة
الر إىل دجلي ،رأسه منحن على يده ،وال ِـمرفق مستَنِ
ّ ُ ّ
مكفهر .وجهه عاصفة.
ّ ولكنّه
أود كذلك لو أنزع رأس تلك املرأة .فهي ليست أهالً ألن حتمله»...
« ُّ
يتطلّع يسوع اببتسامة شاحبة ويقول بصراحةُ« :ثّ ...مل َمتُت بعد عن املكتَ َسبات البشريّة ،ومع
انتظرت .أَع ِرف أن أنتظر»...
ُ حّت ولو
أفقدكّ ،
أين لن َ فأنت عزيز على قليب .أَعلَم ّ
ذلك َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 418 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ك تتأ ّمل .أان أرى ذلك».
اسيك ...ألنّ َ
أمنحك أرُيييت ألو َ
َ أود لو
«اي معلّمُّ ،
شري يَرتَعِد هلذه «ألن موت يوحنّا يسبق النهار الذي سأكون فيه الفادي .وكل ما َّ ِ
يف من بُ ّ ّ َ
صلوا .ابق
أنت الستقبال القادمني ،وإلعانة الذين قد َو َ
إين ذاهب إىل الرابية .ابق َ
الفكرة ...مناحنيّ ،
حّت عوديتُ .ثّ ...افعل ما تريد .وداعاً».
ّ
وي ِ
غادر يسوع الغرفة .يَهبط السلّم هبدوءُ ،يتاز احلديقة ،ومن اخللف يَسلك درابً وسط احلدائقُ
الـمهملة وبساتني الزيتون والت ّفاح والكرمة والتني .ويصعد سفح رابية صغرية يغيب فيها عن ِ
انظري. َ َ َ َ ُ َ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 05
صلويسوع ،وهو ال ُُي ِدث ضجة أكثر من ظل ،يصعد السـلّم ،األبيض يف بياض القمر ،وي ِ
َ ّ َ َ ّ
يتحرك دون صوتَ ،شبَحاً نورانياً .يف أتلُّق نور القمر ،يبدو
إىل الشُّرفةُ .يتازها .يبدو وكأنّه شبح ّ
وكأنّه أضحى أكثر صفاء ،وأكثر َعظَ َمة أيضاً .يرفع بيده الستار الذي على ابب الغرفة العلويّة .وكان
نس ِدالً ُمذ َد َخ َل تالميذ يوحنّا مع يسوع .يف الداخل ،جالِسني هنا وهناكَ ،جاعات أو قد ظَ َّل ُم َ
الر ُسل مع تالميذ يوحنّا ومناحني ،وكان مرغزايم انئماً ورأسه على ركبيت بطرس .وقد أخذفرادى ،كان ُّ
مهمة إانرة الغرفة بدخوله أبمواجه الفسفوريّة ِمن النوافذ املفتوحة .ال أحد يتكلّم.
القمر على عاتقه ّ
وال أحد ينام ِسوى الولد وهو جالس أرضاً على حصرية.
يدخل يسوع على مهل ،وأول من يراه توما« .آه! اي معلّم!» يقوهلا وهو ي ِ
قفز.َ ّ َ َ ُ
ك على النهوض فجأة ،ولكنّه يتذ ّكر الولد فَـيَفعلها أوش َ
بتسرعهَ ،هتز اآلخرون َجيعاً .وبطرسُّ ، يَ ّ
ص َل آخرهم أمام يسوع ،بينما على مهل ،جاعالً رأس مرغزايم األمسر يتّكئ على مقعده ،حبيث َو َ
املعلّم ،ابلصوت التَّعِب الذي المرئ عاىن الكثريُُ ،ييب يوحنّا ويعقوب واندراوس الذين يَ ُروون له
َفهم ذلك .إّّنا الـذي ال يؤمن هو فقط الذي يَشعُر ابألسى بسبب املوت .وليس حنن الذين أملهم« :أ َ
وإما
حّتّ .إما معي ّ فرقنا ّ نعرف ونؤمن .مل يـَعُد يوحنّا منفصالً عنّا .كان كذلك قبالً .يف السابق كان يُ ِّ
معه .اآلن انتهى .فحيث يكون هو أكون أان .إنّه إىل جانيب».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 420 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
بكيت
أأنت كذلك َ بطرس َُي ُشر رأسه الذي مأله الشيب وسط رؤوس الشباب ويراه يسوعَ « :
كنت يوماً ِ
ش أكثر من املعتاد« :نعم ،اي سـيّد ،فأان كذلك ُ َج ّ
اي مسعان بن يوان؟» وبطرس ،بصوت أ َ
تلميذاً ليوحنّا ...وأيضاً ...وأيضاً ألنَّين ال أزال متك ّدراً منذ عشية السبت املاضي ،أل ّن وجود ّ
الفريسيّني
حصل على ِ
جلبت الولد ...لنَ َ
ُ كنت قد
كان قد مأل لنا السبت مرارة! لقد كان حقاً سبت مرارة! ُ
سبت أكثر هبجةَّ ...إّنا على العكس»...
«دعه ينام ».يقول يسوع وهو ينحين على الرأس الصغري األمسر الذي ينام مطمئناًُ .ثّ يَسأل
ِمن جديد« :هل ّ
تعشيتم؟»
نك ...كان
رك ،غري عاملني أين نبحث ع َ
لتأخ َ
ننتظرك ،وكنّا منشغلني اآلن ّ
َ «ال اي معلّم .كنّا
أنت كذلك».فقدانك َ
َ يتهيّأ لنا أنّنا
«ما زال لدينا الوقت لنمكث معاً .هيّا ،هيّئوا العشـاء ،ألنّنا سنذهب بعد ذلك إىل مكان
آخر .إنّين يف حاجة ألن أختلي وسط أصدقاء ،وغداً ،إذا ما بقينا هنا ،فحتماً سوف ُييط بنا
الناس».
للفريسيّني .وإذا ما اليت تلك األفاعي كات حر ةخاص أحتملهم، لن ينن
ّ أب لك
َ م «وأان ،أ ِ
ُقس
ّ ّ
أفلَتَت منهم ولو ابتسامة موجهة إلينا يف اجملمع ،فستحصل هلم أمور مؤسفة للغاية!»
شرح مسعان.
«لقد أكل لولد ».يَ َ
«إذن فمن األفضل أن ندعه انئماً ».يقول يسوع.
ووسط أتباعهَ ،مينَح ويوزع القليل من الطعام الذي أيكلونه بال شهيّة .وينتهي العشاء بسرعة.
ليشجعهم.
«قولوا يل اآلن ماذا فعلتم »...يقول يسوع ّ
وشفينا ولداً مريضاً ».يقول بطرس.
ذهبت مع فليبّس إىل قرى بيت صيدا .لقد بَ َّشران َ
«أان قد ُ
«يف احلقيقة هو مسعان الذي شفاه ».يقول فليبّس الذي ال يريد نَسب مفخرة لنفسه وهي
ليست من ح ّقه.
«آه! اي سيدي! لست أدري كيف فعلت .صلَّيت كثرياًِ ،من كل قليب ،ألنّين كنت أ ِ
ُشفق على ُ ّ ُ َ ُ ُ ّ
أيت وجهه يستعيد ذلك الصيبُ .ث مسحته ابلزيت الذي فركته بيدي الغليظتنيِ ...
وشف َي .وعندما ر ُُ ُُ ّ ّ َ َ ُُ
خفت».
لونه ،وعينيه تَفتَحان ،ابلنتيجة يَستَعيد احلياة ،تقريباً ُ
يضع يسوع يده على رأس مسعان دون أن يتكلّم.
« ِمن ِجهته ،مسعان الغيور َشفى أحد الربص .آه! مل َخيَف ِمن ملسه! ولكنّه قال يل فيما بعد:
جسدي" ».يقول برتلماوس.
ّ أي أذى
"ال ُتف .إبذن هللا لن يصيبنا ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 422 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يوطي،
أحسنت القول ،اي مسعان .وأنتما االثنان؟» يَسأل يسوع يعقوب بن زبدى واالسخر ّ َ «
ألول يتح ّدث إىل تالميذ يوحنّا الثالث ،والثاين يبقى وحيداً وعابساً. ِ
املتواج َدين بعيداً قليالً ،ا ّ
صنَ َع ثالث معجزات رائعة :أعمى وكسيح
لكن يهوذا َ
«آه! أان مل أفعل شيئاً ».يقول يعقوب .و ّ
سمونه هكذا»... ي ا
و كان الناس لكنو باع،ط
ّومستَحوذ عليه ،كان يبدو يل شاذَّ ال ِ
ّ ُ ّ ُ َ
ساعدك كثرياً؟» يقول بطرس.
َ أنت تَعبس أمامنا هكذا ،بينما هللا قد
«و َ
يوطي.
«أان كذلك أعرف أن أكون متواضعاًُُ ».ييب االسخر ّ
التصرف أكثر،
لكن يهوذا ُُييد ّ
الفريسيّني .أان مل أكن على ما يرام .و ّ
«وبعد ذلك استَقبَـلَنا أحد ّ
األول كان َح ِذراً ،إّّنا بعدئذ ...أليس كذلك اي يهوذا؟»
حبق .يف اليوم ّ وقد طََّو َعه ّ
يُوافِق يهوذا دون كالم.
وسـتَفعلون أفضل على الدوام .سنبقى معاً يف األسبوع ال ُـمقبِل .يف هذه األثناء...
«حسناً ج ّداًَ .
أنت كذلك اي يعقوب». ِ
مسعان سيهيّئ املراكب ،و َ
« ِمن أجل اجلميع ،اي معلّم؟ لن نتّسع َجيعنا فيها».
الر ُسل وتالميذ يوحنّا .يف النهاية أييت الصيّادون« :لقد متّ،
دخل اآلخرون ويتبادلون التحيّةُّ ،
يَ ُ
املضي».
اي معلّم .ميكننا ّ
حّت َغ َسق الغد .اَجعوا القوت وخذوا ماء ولنرحل .قَـلِّلوا
«حسناًَ .حيّوا مناحني الذي يبقى هنا ّ
ما استطعتم ِمن الضجة».
ئن قليالً،
اعي ».يقول يسوع ويَرفَع برفق الولد الذي ي ّ
«ال .دعه ،فقد يبكي .أان سأمحله بني ذر ّ
عفوي أيخذ راحته بني ذراعي يسوع.
ولكنّه بشكل ّ
َميخر بطرس عباب البحرية ،ويسري اآلخرون مبراكبهم خلفه ،على خط سري الذي يَسبق .ال
كل ِ
أحد يتكلّم .عندما يُصبحون يف عرض البحرية ،وتتالشى كفرانحوم يف ضوء القمر الذي ُيعل ّ
األشياء متماثلة بغباره الفضي ،حينئذ بطرس ،وكأنّه كان يتح ّدث إىل الدفّة ،يقول« :هذا يعجبين.
وبفضلك لن ُيدوان».
َ غداً سوف يبحثون عنّا،
إليك»...
علي أن أحتدَّث َ
«نعم .امسع اي مسعان .تعال إىل هناَّ .
الصيب ،وَميضي إىل يسوع.
يَدفَع بطرس ابلدفّة إىل ّ
ميكنك إُياد
َ حّت بعد السبت لتحيّة مناحني ِمن جديد .أال
قلت تريشة ،إّّنا سنبقى ّ
«لقد ُ
مكان لنا قريب ِمن هناك نكون فيه بسالم؟»
حق».
ك على ّ
أتفضل السمك والبعوض؟ إنّ َ
أنت كذلك؟ ّ
ازكَ ،
«أيثري العامل امشئز َ
«معلّمي! »...ويُقبِّله بطرس من جبهته ويبتعد وهو ميسح دمعة كبرية كانت حقيقة على وشك
أن تسيل من عينه لتنـزل إىل حليته .يعود إىل دفّته وأيخذ ِوجهة اجلنوب بدقّة ،بينما يتنامى نور القمر
انظري البشر ،إّّنا اتركاً
ّ عند رقاد الكوكب الذي يهبط فيما وراء هضبة ،خافياً وجهه العظيم عن
النيلي الداكن
الشرقي للبحريةّ .أما الباقي فباللون ّ
ّ فضيّاً على الشاطئ
ض بنوره ،وملعاانً ّالسماء أيضاً تبيَ ّ
الذي ابلكاد يتميّز بنور فوانيس املق ّدمة.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 06
ضع يسوع ِرجله على الض ّفة اليمىن لنهر األردن ،على بعد ميل أو رّمبا أكثرِ ،من ِشبه جزيرة يَ َ
الرطبة يف العمقُ ،حتافِظ علىتريشـة الصغرية .ريف أخضر متاماً ،ذلك أ ّن األرض اجلافّة اآلن ،ولكن ّ
حياة النبااتت األكثر ضعفاً .حينئذ َُِيد يسوع َجعاً ِمن الناس ينتظرونه.
يُقبِل ابنا عمه للقائه مع مسعان الغيور« :اي معلّم ،لقد فضحت أمران املراكب ...وقد يكون
مناحني أعطاهم إشارة»...
رحلت يف الليل لكي ال يراين أحد ،ومل أحت ّدث إىل أحد .ثِق
ُ «اي معلّم »،يَعتَ ِذر مناحني« ،لقد
أظن أن األمر انجم
لكين ّ قلت للجميع فقط" :لقد َر َحل" .و ّكنت .ولكنّين ُ
بذلك .كثريون سألوين أين َ
أعطاك َمركبه»...
َ عن صيّاد مسك قال أبنّه
ب
إنك َهترب .ولكن دون جدوى .احلقد واحل ّ يتوجه ذاك الكاتب إىل يسوع ابلقول« :أترى؟ َ
ُُثّ ّ
ك ابلنسبة ألانس كثريين مثل عروس وجدك كما يقول النشيد .فإنّ َ
َ احلب
إُيادك .هناّ ،
َ اب ِرعان يف
عميناداب
حراس ّ النشيد ،ويـُ ْقبِل املرء َ
إليك كما َمتضي السلميّة sulamiteإىل عروسها متح ّدية ّ
وعرابته!»
والكاتب ،لدى هذا اللوم اللطيفَ ،خيفض رأسه ،وهو ُمضطَ ِرب ويعرتف« :أرى أنّ َ
ك ابحلقيقة
أتيت بينما كانت مخرية
كنت قد ُك ابحلقيقة ق ّديس .ساُمين .نعمُ ،
ترى قلوب البشر .ساُمين .أرى أنّ َ
يف آخرون تتفاعل»...وضعها ّ
فيك احلرارة املناسبة لِتَ ُّ
خمرها». «وكانت قد َو َج َدت َ
«نعم ،هذا صحيح ...ولكنّين اآلن أمضي بدون مخرية ،أو ابألحرى ِخبَمرية جديدة».
«أعلَم ذلك وال أبطن (أمحل) غالًّ .كثريون خيطئون إبرادهتم ،وكثريون إبرادة غريهم .وُمتلفة هي
أنت ،أيّها الكاتبُ ،كن مستقيماً ،ويف املستقبل ال
املعايري اليت سيستخدمها هللا العادل لدينونتهمَ .
لكي». م ذاء«لقد تَـرَكت فينا اهللّينية كذلك معتقداهتا .والعلماء يتعلّلون ويتباهون هبا كما بِغِ
ّ َ َ
«تناقض غري معقول ،فالذين يتبنوّنا ،هم ذاهتم الذين يطلقون اللّعنات فيما إذا أ ِ
ُِهلت واحدة ُ ُ ّ
من الشرائع الصغرى الستّمائة والثالث عشرة».
حّت ما يكرهون».
«صحيح .ولكن ...هذا هو الواقع .فالناس ُيبون تقليد ّ
«إذن قلّدوين ،مبا أنّكم تكرهونين .هذا سيكون أفضل ابلنسبة إليكم».
ابلتقمص؟»
أيك ُّ أنت ،والكالم بيننا ،ما ر َ
«ولكن َ
قلت ذلك».
«خطأ .لقد ُ
«هناك َمن يتبنّون فكرة أ ّن األحياء أيتون ِمن األموات واألموات ِمن األحياء ،أل ّن ما يوجد ال
ميكنه أن يَفىن».
«علينا ّأال نف ّكر بذلك ،ومع ذلك فهناك َمن يف ّكر بذلك».
يتم يف إسرائيل .ففكرة خلود الروح تلك ،اليت هي عظيمة حب ّد «واألسوأ هو أن التفكري بذلك ّ
وثين خبطأ يف تَقييم غري صحيح حول كيفيّة حصول هذا اخللود ،ينبغي حّت ولو اقرتنت لدى ّ ذاهتاّ ،
احلجة الوثنيّة،
أن تكون كاملة يف إسرائيل .على العكس ،لدى أولئك الذين يتقبّلوّنا مبوجب تعابري ّ
جملرد مالمستها ِ
ظهر أهالً لإلعجاب ّ تصبح فكرة ُمنتَـ َقصةُ ،منحطّةُُ ،مطئة .فهي ليست َعظَ َمة فكرة ما تَ َ
الداخلي حبياة
ّ حسه
الوثين بسبب ّ
احلقيقة ،وابلنتيجة تشهد لطبيعة اإلنسان املع ّقدة ،كما هي لدى ّ
الربية .ولكنّها احنطاط لِِفكر ،إذ
يسمى النفس ،وهي اليت متيّزان عن احليواانت ّ خالدة لشيء ُم َبهم ّ
روحي هبذا العمق .فليس هناك
حّت يف أمر ّ ماد ّايًّ ،
احلق ،يُصبح ّ
لطاملا يَعرف احلكمة اإلهليّة واإلله ّ
ومن الكائن للخالق ،الـذي َّنثُل لديه بعد احلياة لتل ّقي حكم انتقال للروح ِسوى ِمن اخلالق للكائنِ ،
رسل الروح يبقى إىل األبد». حياة أو موت .تلك هي احلقيقة .وحيث يُ َ
طهر؟»
«أال تعتقد ابل َـم َ
«نعم .ملاذا تسأل عن هذا؟»
األبدي ،ال؟»
«و ّ
أبدي .األبديّة تعين عدم وجود بداية وال ّناية .وهذا هو هللا .اخللود هو استمرار احلياة
«هللا ّ
منذ اللحظة اليت تبدأ منها احلياة .وذلك هو حال روح اإلنسان .هاك هو الفرق».
«نعم .منذ اللحظة اليت ُخيلَق فيها املرء ليعيش ،ميكنه ،بواسطة الروح والنّعمة وإرادته ،الوصول
إىل احلياة األبديّة وليس إىل األبديّة .احلياة تَ َِ
فرتض بداية .فال يقال "حياة هللا" أل ّن هللا ال بداية له».
أنت؟»
«و َ
اإلهلي يف جسد إنسان». ِ
«أان ،سأحيا ألنّين جسـد كذلك ،ولقد ُو ّح َدت نفس املسيح ابلروح ّ
"احلي"».
«يقال عن هللا ّ
«ابلفعل إنّه ال يعرف املوت .هو احلياة .احلياة اليت ال تَفىن .ال ليس حياة هللا ،بل احلياة .هذا
احلق».
فقطّ .إّنا فروق طفيفة ،أيّها الكاتب ،ولكنّها فروق تَلبَسها احلكمة و ّ
«هل تتح ّدث هكذا إىل الوثنيّني؟»
حّت ذلكلصيب هو ّ رها «ليس هكذا .فلن يُد ِركوا ،ولكنّين أُظ ِهر هلم الشمس .إّّنا كأنّين أُظ ِ
ه
ّ
ص َل مبعجزة إىل الرؤيـة والذكاء .هكـذا ككوَكب ،دون الوصول إىل شرح احلني أعمى وأبله ،وقد َو َ
بع هللا لكم
ت إص ُتركيبه .إّّنا أنتم أيّها اإلسرائيليّون ،فإنّكم لستم عمياانً وال بـُلَهاء .منذ دهور ،فتَ َح ْ
عيونَكم وأانرت لكم الروح»...
«اي معلّم»...
ما يزال املكان ذاته .فقط الشمس مل تَـعُد أتيت ِمن الشرق ُمتسلّلة ِمن خالل الدغل الذي ُي ّد
ّنر األردن ،يف هذا املكان املوحش قرب املكان الذي تصـب فيه مياه البحرية يف َمرى النهر ،ولكنّها
صل ،مائِلة كذلكِ ،من املغـرب ،يف الوقت الذي َهتبط فيه ابمحرار َمهيب ُم ِطّطة السماء آبخر أشعتها. تَ ِ
وحتت اإليراق الكثيف ،النور ُُم ّفف كثرياً ومييل إىل صبغة املساء الوادعة .الطيور املنتشية ِمن الشمس
صلَت عليه من األرايف اجملاورة ،تستسلم إىل حفلة ِ
اليت كانت هلا طيلة اليوم ،من الغذاء الوفري الذي َح َ
صاخبة ِمن رجرجة األصوات والغناء على قمم األشجار .يَهبط الليل مع فخامات النهار األخرية.
ابألمثال اليت تو ِاجهه. ِ
الر ُسل بذلك إىل يسوع الذي ما زال يُعلّم ّ يُشري ُّ
«اي معلّم ،املساء الظَّليل والرطب يقرتب ،واملكان قَفر ،بعيد عن البيوت والقرى .بعد قليل ،لن
يتأخر ابلظهور .اصرف اجلموع لِيَذهبوا إىل القرية كي
يعود ممكناً هنا رؤية بعضنا وال السري .القمر ّ
يبتاعون هلم طعاماً ويبحثون عن مأوى».
«ال ضرورة ألن يذهبوا .أعطوهم أنتم ليأكلوا .إبمكاّنم النوم هنا كما انموا أثناء انتظارهم يل».
يطلبك!»
َ «تعال اي مرغزايم ،املعلّم
لكن اآلخرين حّت دون نَزع ...تزييناته الورديّة ،و ّيُبقي مرغزايم رفاقه يف مكاّنم وميضي مسرعاًّ ،
الطفهم بينما ُخيرِج منيتبعونه كذلك ،ويصبِح يسوع بسرعة ُماطاً هبالة من األوالد املزيَّنني ابلورود .ي ِ
ُ ُ
صرة خبز ،ووسط اخلبزات توجد مسكتان كبرياتن ُمغلَّفتان :كيلوا مسك أو أكثر قليالًّ .إّنا ال احلقيبة ّ
حّت للسـبعة عشر أو ابألحرى للثمانية عشر مع مناحنيَ ،جاعة يسوع .ويَدفَعون هبا للمعلّم. تكفي ّ
لكل فرد .مرغزايم سوف يُق ِّدم ِ ِ
«حسناً .اآلن أَحضروا يل سالالً .سبعة عشر َسلّة ،واحدة ّ
ِ
نت كذلك، الطعام لألوالدُُ »...ي ّدق يسوع ابلكاتب الذي ما لَبِث إىل جانبه ويَسأله« :أتريد ،أ َ
ِ
للجياع؟»
تقدمي الطعام ّ
لدي منه شيء».
يسرين هذا ،ولكنّين أان كذلك ليس ّ
« ّ
لك بذلك».
حصيت .أَمسَح َ ِ
«أعط ّ
«ولكن ...هل تنوي إشباع حوايل مخسة آالف رجل ابإلضافة إىل النساء واألوالد هبذه اخلُبزات
اخلمس والسمكتني؟»
أي شك .ال تكن َش َّكاكاً .فَ َمن يؤمن َير املعجزة تتح ّقق».
«بدون ّ
«آه! إذن فإنّين أر َغب يف توزيع الطعام أان كذلك َعن ِطيب خاطر!»
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 435 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الر ُسل ومعهم قفف وسالل قليلة العمق وعريضة ،أو عميقة وضيّقة .ويعود الكاتب بق ّفة يعود ُّ
كأّنا أكرب ما ُميكن.
صغرية نوعاً ما .ما يلفت االنتباه هو أ ّن إميانه أو َع َوزه لإلميان جعله خيتارها و ّ
«حسناً .ضعوا هذا كلّه هنا يف األمام واجعلوا اجلموع ّتلس برتتيب ،يف صفوف منتَظَمة قدر
اإلمكان».
وأثناء تلك العملية ،يَرفَع يسوع اخلبزات وعليها السمكتان ،يُق ِّدمها هلل ويصلّي ويُبا ِرك .والكاتب
ال يشيح عنه النَّظر حلظة واحدةُ .ثّ يَكسر يسوع اخلبزات اخلمس إىل مثاين عشرة قِطعة وكذلك
كل سلة ،ويقسم قِطع اخلبز إىل ِ ِ ِ
السمكتني إىل مثاين عشرة قطعة ،يضع قطعة مسك ،قطعة صغرية يف ّ
كل قِطعة ،بعد ّتزئتها ،يف واحدة كل قطعة إىل حوايل العشرين لُقمة ليس أكثر .ويضع ّ لَُقم صغريةّ ،
السالل مع قِطعة السمك. ّ
من ِ
لرفاقك».
َ كالً كفايته .امضوا .اذهب اي مرغزايم وأعط هذا
«واآلن ُخذوا وأعطوا ّ
الر ُسل والتالميذ ومناحني والكاتب وهو يذهب ،غري عاملني مباذا يُف ّكرونُ ...ثّ يَنظُر إليه ُّ
الصيب َميَزح! فهي ليست أثقل ِمن ّ « سهم: رؤو ونهز
ّ ي
َ وهم لبعض بعضهم ويقول الل أيخذون ِ
الس
ّ
ضع يده لِيُن ِّقب يف أعماقها ،ألنّه مل يـَعُد هناك الكثري
السابق ».وكذلك يَنظُر الكاتب داخل السلّة ويَ َ
ِمن الضوء ،حتت الظُلّة حيث يسوع موجود ،بينما يف مكان أبعد قليالً ،يف الفسحة ،ما زال املكان
مضيئاً إىل ح ّد ما .ولكن مع ذلكُ ،رغم التح ّققَ ،ميضون صوب الناس ويبدؤون التوزيع .ويُعطون،
ند ِهشني ِمن مواقع أبعد وأبعد ،صوب يسوع الذي إذ ومن وقت إىل آخر يَعودون ُم َيعطون ،يعطونِ .
ُ ُ
يَسند ظهره إىل شجرة ويُصالِب ذراعيه ،يبتسم بنعومة لذهوهلم.
أعطيت بسخاء
ُ أحسست أ ّن السلة كانت تُصبِح ثقيلة بينما ُ
كنت أتق ّدم ،ومباشرة ُ «أان كذلك
صنعت معجزة ».يقول يوحنّا.
َ ك
كت أنّ َ
ألنّين أدر ُ
شاهدت
ُ فت وجلست ِألَسكب احلِمل على ثويب وأأت ّكد ...حينئذ
«أان ،على العكس ،توقَّ ُ
ومضيت ».يقول مناحني.
ُ خبزاً وخبزاً،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 437 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
قلت
«أان ،قد أحصيتُهم كي ال أبدو دون املستوى .كانت هناك مخسون قطعة خبز صغريةُ .
وصلت إىل أحصيت .ولكنّين حينما لنفسي" :سوف أُعطيها خلمسـني شخصاً ِ
ومن ُثّ أعود" .و
ُ ُ
أعطيت
فتابعت و ُ
ُ نظرت إىل داخل السلة .كان ما يزال فيها الكثري.
اخلمسني ،كان ال يزال الوزن ذاتهُ .
ابملئات .ولكن مع هذا مل ينقص أبداً ».يقول برتلماوس.
يدي لقمات اخلبز وتلك القطعة الصغرية من السمك أخذت بني ُّ «أان أَعلَم أنّين مل أكن أؤمن.
كنت أنظُر إليها ،أنظُر إليهاُُ ،متبئاً
كنت أنظُر إليها قائالً" :ماذا تنفع هذه؟ أراد يسوع أن ميزح! "...و ُ
و ُ
كنت ُم ِزمعاً أن أعود ِ
متأمالً وايئساً من رؤيتها تنمو وتزداد .ولكنّها ما تزال كما هيُ .خلف شجرةّ ،
قلت له" .ولكن اخلبز والسمكات!."... مّت وقال يل" :أترى كم هي َجيلة؟"" .ماذا؟" ُ مر ّ عندما َّ
رميت يف
ووزعها إبميان وسوف تَـَرى"ُ . لت أرى قِطَعاً ِمن اخلبز"" .اذهب ِّ
أنت َمنون؟ إنّين ما ز ُ"هل َ
وذهبت بتكتّم ...وُثّ ...ساُمين اي يسوع ،فأان خاطئ!» يقول توما.ُ السلة بضع اللقمات تلك
أنت روح ِمن العامل .وتُف ِّكر ِمثل الناس الذين ِمن العامل».
«ال بل َ
رت إبعطاء قطعة نقود مع «أان كذلك ،اي سيّد ،إذن ».يقول االسخريوطي« .لدرجة أنّين َّ
فك ُ ّ
ظهر أبفضل وجه. ِ ِ
مساعدتك لتَ َ
َ أأتمل يف
كنت ّ
كل قطعة خبز وأان أُف ّكر" :سيأكلون يف مكان آخر"ُ .ّ
ماذا أكون إذن؟ أ َِمثل توما أم أكثر؟»
«أكثر كثرياً ِمن توما ،فأنت ِ
"عامل"». َ
لكربايئك خطيئة
َ لكربايئك وليس هلل .هذا األخري ال حاجة له به ،واإلحسان
َ لذاتك و
«إحسان َ
وال أجر له».
« ّإّنا ...تذكار».
«حسناً .اذهبوا».
1944 / 03 / 04
ُيل ،إذ ابلكاد تُرى الدروب الصاعدة على منحدر تُرى فيه، ك الليل أن ّ أوش َ
َّم املساء .و َ
تَقد َ
هنا وهناك ،أشجار ،تبدو يل ّأّنا أشجار زيتون ،إّّنا بسبب قلّة الضوء ال ميكنين التأكيد على ذلك.
ابلنتيجةّ ،إّنا أشجار ِمن احلجم املتوسط ،إيراقها كثيف ،وهي ملتوية كما هي عادة أشجار الزيتون.
صعد ويتغلغل بني األشجار .يسري يسوع وحده ،يرتدي األبيض مع معطفه األزرق الداكن .يَ َ
خبطى واسعة ومطمئنّة ،بدون عجلة ،ولكن بسبب طُول خطواته فإنّه ،بغري استعجال ،يقطع مسافات
صل إىل ُشـرفة طبيعيّة نوعاً ما ،حيث ميت ّد النَّظر على البحرية الساكنة متاماً حتتطويلة .يسري حّت ي ِ
ّ َ
يلف الصمت يسوع بعناقه املريح .ينتزعهضوء النجوم ،واليت تتألأل فيها اآلن عيون النور يف السماءّ .
كأّنا تنـزل لعبادة كلمة هللا ِ
موحداً ّإايه ابلسماء ،اليت تبدو و ّ ِ ِ
من اجلموع ومن األرض ،ويُنسيه ّإايهاّ ،
ومالطفته بنور جنومها.
يسوع يصلّي بوضعيته االعتياديّة :واقفاً ،وذراعاه على شكل صليب .خلفه شجرة زيتون ،ويبدو
بدل الكتابة اليت على وكأنّه مصلوب على ذاك اجلذع القامت .اإليراق يتجاوزه قليالً ،لضخامته ،ويست ِ
َ َ
ِ
الصليب بكلمة تُناسب املسـيح .فهناك" :ملك اليهود"ّ .أما هنا" :فأمري السالم" .زيتون السالم يُ ِّ
عرب
مطوالًُ ،ثّ َُيلس على الشُّرفة اليت هي مبثابة ِ
عن نفسه جيّداً ل َمن يَعرف اإلنصات .يصلّي يسوع ّ
القاعدة لشجرة الزيتون ،على جذر ضخم ،وأيخذ وضعيّته االعتياديّة :اليدان مضمومتان واملرفقان
إهلي يتبادل مع اآلب والروح يف هذه اللحظة اليت هو أي حوار ّ يتأملَ .من يدري ّ على الركبتني .إنّه ّ
فيها وحيد ،وقد يكون بِ ُكلّيته هلل .هللا مع هللا!
مرت على هذه احلال ،إذ إنّين أرى النجوم وقد َّ
تبدلَت أمكنتها، يبدو يل أ ّن ساعات كثرية ّ
وكثرية منها تكاد تغيب.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 441 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
متاماً عندما يبدأ ،يف األفق البعيد من الشرق ،ارتسام ما يُشبه النور ،أو ابألحرى اإلشراق ،ألنّه
ال ميكن تسمية هذا نوراً بَعد ،نسمة هواء ُحتِّرك شجرة الزيتون .بعد ذلكُ ،خييّم اهلدوءُ .ثّ يُعا ِود اهلواء
أبكثر ش ّدة .ومع وقفات ُُمتزلة يصبح أكثر فأكثر ش ّدة .نور الفجر الذي كان ابلكاد قد بدأ ،توقَّف
تزايده بسبب كتلة ِمن الغيوم السوداء اليت أتيت لتغطّي السماء ،مدفوعة بنفحات ِمن اهلواء الذي يشت ّد
ابستمرار .والبحرية كذلك فَـ َق َدت سكوّنا .يبدو يل أ ّن زوبعة سـتهب عليها مثل تلك اليت رأيتُها يف
وص َخب األمواجُ ،ثّ ُُتيّم حلظة سكون اتم. رؤاي العـاصفة .ميأل املكان اآلن حفيف األوراق َ
أتمله .يَ َنهض .يَنظُر إىل البحرية .يبحث فيها ،على ضوء النجوم الباقية ِمن الفجر
يَقطَع يسوع ّ
صل .يتدثّر يسوع املريض ،ويرى مركب بطرس الذي يتق ّدم بصعوبة صوب الشاطئ املقابل ،ولكنّه ال ي ِ
َ َ
مبعطفه رافعاً طََرفه الذي ُُيّر ،والذي يضايقه أثناء النـزول ،ليضعه على رأسه وكأنّه قلنسوة ،وينـزل
صل مباشرة إىل البحرية .إنّه مسرعاً ،ليس عرب الطريق اليت كان قد سلَ َكها ،بل عرب مسلك سريع ي ِ
َ َْ َ َ َْ ُ
َميضي بسرعة لدرجة أنّه يبدو وكأنّه يطري.
وبطرس ،على ما هو عليه ،نصف عار بقميص قصري دون أكمام ،يَقفز ِمن فوق حافة املركب
وميضي صوب يسوع.
1944 / 03 / 04
يقول يسوع:
َهرع
ومرات كثرية أ َ
مرات كثرية ،ال أنتظر أن يناديين أحد ،عندما أرى أحد أبنائي يف خطرّ .
«ّ
كذلك من أجل ابن جاحد ّتاهي.
أسهر وأصلّي ِمن أجلكم. إنّكم نيام ،أو إ ّن مشـاغل احلياة وِهومها أتخذكمّ .أما أان ،فإنّين َ
التدخل كاملالك احلارس لكل الناس احنين عليكم ،وما ِمن شـيء أكثر إيالماً يل ِمن عدم ُّ ِ
متكين من ّ ّ
الشريرِ .مثل أب ن فضلني التصرف مبفردكم ،أو ما هو أسوأ ،طالِبني العون ِ
م ّألنّكم تَرفضون معونيت ،م ِ
ّ ّ ُ
ومستكيناً ،كما ِ
منك .اخرج من بييت" .فأبقى حزيناً ُ ك وال أبغي شيئاً َ يَسمع ابنه يقول له" :أان ال أحبّ َ
نشـغِلني أبمور
ال أكون بِسبب اجلراح .ولكن إذا كنتم فقط ال أتمرونين" :اذهب عنّا" ،وإذا كنتم فقط ُم َ
انتظرت إىل أن تقولوا
ُ حّت قبل أن يناديين أحد .وإذا ما
األبدي ،اجلاهز للمجيءّ ،
ّ احلياة ،فأان السـاهر
يل كلمة ،وأحياانً أنتظرها ،فذلك كي أَمسَع ِمن يُناديين .أيّة مالطفة هي ،وأيّة نعومة أن أَمسَع الناس
ينادونين! أن أشعر َّ
أبّنم يتذ ّكرون أنّين "املخلّص".
الّنائي يَلِج قليب ،ويُثريين ،عندما ُيبّين أحدهم ويناديين دون انتظار
ّ حـرف أي
ّ
وال أقول ِ
لك
أي شيء يف العامل ،ويَشعر أبنّه ميتلئ فرحاً شبيهاً بفرحي ِ
ساعة احلاجة .يناديين ألنّه ُيبّين أكثر من ّ
جملرد مناداته يل" :يسوع ،يسوع" ،كما األطفال عندما ينادون" :ماما ،ماما" ويبدو هلم أ ّن العسل ّ
يسيل على شفاههم ،أل ّن "ماما" هي الكلمة الوحيدة اليت حتمل معها طعم قُبالت األمومة.
الر ُسل ُُي ِّذفونُ ،مطيعني أمري يف الذهاب إىل كفرانحوم وانتظاري هناك .وأان ،بعد معجزة
كان ُّ
لدي
لت نفسي عن اجلموع ،ليس احتقاراً هلم ،وال بسبب التعب .مل يكن ّ كنت قد عز ُ تكثري اخلبزُ ،
غرق بطرس بعد سريه بضعة أمتار؟ لقد قُلتُها :أل ّن الطبيعة البشريّة تُسيطر على روحه.
ملاذا يَ َ
لقد كان بطرس ُمغالياً يف الطبيعة البشريّة .لو كان يوحنّا ،ملا كان متتَّع ِمبثل تلك اجلسارةَّ ،إّنا
لكن بطرس كان "بشراً"، و الثبات. و الفطنة مينح النقاء ). (الشك الثبات عدم بسبب غرق يملا كان لِ
ّ ّ َ
ُيب املعلّم أحد ال ن
ّ أ يهم ر ي أن ين،ر اآلخ عن ز يتمي أن يف يرغب كان معىن. ن بكل ما للكلمة ِ
م
ّ ُ ّ ّ
يظن نفسـه أرفَع ِمن أوهان اجلسد .على ِ
مثله .كان يريد فَرض نفسه ،وفقط ألنّه كان من أتباعي ،كان ّ
سام .إّّنا
العكس ،فسمعان املسكني ،يف االختبارات ،كان يعطي نتيجة سلبية ،مل يكن فيها شيء ّ
ظل يف املستقبل الذي يدعو إىل دوام رمحة املعلّم يف الكنيسة الناشئة. ِ
ذلك كان ال بد منه ليَ ّ
بطرس مل يستسلم فقط للخوف على حياته اليت يف خطر ،ولكنّه يُصبِح فقط ،كما ُ
قلت،
إيل.
"جسداً يرتعد" .مل يـَعُد يُف ّكر ،ومل يـَعُد يَنظُر َّ
التصرف مبفردكم.كما لوتتصرفون ابملثل .وكلّما كان اخلطر وشيكاً ،كلّما شئتم ّ
وأنتم كذلك ّ
يف ،تَبتَعِدون وتَعصرون
كنتم تسـتطيعون فعل شيء! ففي السـاعات اليت ينبغي فيها أن يكون رجاؤكم َّ
وحّت تلعنونين.
قليب ّ
إيل :ألرفع له العينني صوب
وعلي حترير ّقوة اإلرادة ألدعو روحه َّبطرس ال يَ َلعن ،ولكنّه ينساينّ ،
معلّمه وُملّصه .أَحلّه مسبقاً ِمن خطيئة ّ
الشك ،ألنّين أُحبّه ،هذا النَّـ ِزق الذي ما أن يَثبت يف النعمة،
حّت
حّت الشهادة ،وهو يرمي ،بغري تعبّ ، حّت يعرف كيف يسري يف املق ّدمة دون اضطراب أو تعبّ ، ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 447 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
املوت ،شبكته السريّة ليجلب النُّفوس إىل معلّمه .وعندما يناديين ،فال أمشي ،بل أطري إىل مساعدته
إيل ألقوده إىل مكان أمني.أضمه َّ
و ّ
داين أفضل و عإن لومي له مفعم ِرقّة ،ألنّين أُد ِرك كل ما ُخي ّفف أوهان بطرس .إنّين أَفضل مدافِ
ّ َ ُ ّ ُ َ
هت إليكم كلمة لوم ،فإ ّن ِ ِ
وج ُوحّت لو َّ
َفهم ُكم ،اي أبنائي املساكني! ّوسيوجد .من أجل اجلميع .أ َ ُوج َد َ
كل شيء. وهذا كم. ُحبأ فها.ّابتساميت تُل ِ
ط
ّ ّ
أريدكم أن تُؤمنوا .ولكن لو وقعتم يف خطر ،فإنّين آيت وأجنّيكم منه .آه! لو كانت األرض تعرف
حّت يَسـ ُقط يف ِ
صـرخة واحدة ،ولكن من األرض كلّهاّ ، رب ،خلّصين!" تكفي َ أن تقول" :اي معلّم ،اي ّ
تؤمنوا .إين ماض ،مكثِّراً الوسائل ِ
املوصلة احلال الشـيطان وأعوانه مقهورين .ولكنّكم ال تعرفون أن ِ
ُ ّ َ
ّإايكم إىل اإلميان .ولكنّها تَـ َقع يف أعماقكم كما تَـ َقع َحصاة يف قاع احمليط وتَبقى مدفونة هناك.
كمخلِّص
ُ اجيب وب أقوم ينّنإ . يهم
ّ ال فاسدة. أةمح
َ ا
و تكون أن ونب
ّ
ال تُريدون تطهري مياه روحكمُِ ،
حت
وحّت لو مل أستطع خالص العامل أل ّن العامل ال يريد أن َخيلص ،فسأُخلِّص من العامل أولئك الذين أزيلّ .
ّ
ب.
ُح ّ
ألّنم ُيبّونين كما ينبغي يل أن أ َ
ال يَعودون يَنتَمون إىل العامل ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 08
يسوع يف سـهول قورازين ،على َمدى وادي األردن األعلى ،بني حبرية جنّيسارت وحبرية مريون.
فرتض أنّه هنـا منذ بضعة ّأايم ،أل ّن التالميذ الذين كانوا
قرية مليئة ابلكروم وقد حان موعد قطافها .يُ ََ
يف سـيكامينون ،هم معه هذا الصباح ،وبينهم َمن هو جديد مثل إيتيان وهريمس .يَعتَ ِذر اسحق لعدم
مت ّكنه من التواجد هنا قبل ذلك الوقت ،وذلك ،حسب قوله ،ألنّه كان يتساءل ما إذا كان من
َخرته.
املستحسن جلب القادمني اجلُّدد معه أم ال ،وتلك األفكار أ َّ
لكل ذوي اإلرادة احلسنة ،ويبدو يل إنَّه يقولَّ « :إّنا… لقد ف ّك ُ
رت أن طريق السماء مفتوحة ّ
فإّنم كذلك».
أ ّن هؤالء ،رغم كوّنم تالميذ َجالئيلّ ،
إيل هنا».
أحسنت قوالً وفعالً .هاهتم َّ
َ «
الر ُسل الذين احتَشدوا حول يسوع بدافع الفضول ،ينظرون بعضهم إىل بعض ويتساءلون و ُّ
بصوت منخفض« :ماذا يقصد بذلك؟ ماذا يريد؟ النسيان ِمن أجل التذ ّكر؟»
سمع يسوع هذا اهلمس فيشرح« :يُريد نسيان حكمته ليأخذ اليت يل .يريد نسيان أنّه الرايب يَ َ
َجالئيل ،ليتذ ّكر أنّه ابن إلسرائيل ينتظر املسيح .يريد أن ينسى ذاته ليتذ ّكر احلقيقة».
«اي معلّم ،إ ّن قباحات العائلة يعرفها الذي يعيش يف العائلة ،وينبغي ّأال تُقال ّإال لذوي الروح
لك،
أنتُ ،ر ُس َ
ك تَعلَم .وأان ال أقول ذلك لآلخرين .هنا يوجد َ ك هو ،وفضالً عن ذلك فإنّ َ املستقيم .إنّ َ
ِ
واثنان ممّن ُهم على عِلمَ ،
مثلك ومثلي .ابلتايل»...
ُماصيلك؟»
َ «هل ضاعت
«آه! ال .مل تكن يف يوم أَجل منها اآلن .ولكن ،اي معلّمي ،إنّين أحبث عن خبز آخرُ ،مصول
أرضي .لقد عاد إىل معلّمه .إّّنا هو وأان ،لدينا
ُماصيلك .ومعي األبرص الذي ّبرأتَه على َّ
َ آخرِ :من
أنت».
اآلن معلّم نتبعه وُندمهَ :
«تعالوا .واحد ،اثنان ،ثالثة ،أربعةُ ...مصول جيّد! ولكن هل ف ّكرمت بوضعكم ّتاه اهليكل؟
لست أقول غري هذا»...
أنتم تعلمون ،وأان أعلَم ...و ُ
حر ،وأذهب مع َمن أشاء ».يقول الكاهن يوحنّا.
«إنّين رجل ّ
َّم الطعام يوم السبت
«وأان كذلك ».يقول القادم اجلديد ،الكاتب يوحنّا ،وهو الرجل الذي قَد َ
أسفل جبل التطويبات.
كل األسئلة.
األندوري؟» يَسأل يسوع جواابً على ّ
ّ «أين هو يوحنّا
خاصة ،ويقول له« :هاكم، األندوري .ويضع يسوع يده على كتفه وهو ُُييّيه حتية ّ
ّ هرع يوحنّا
يَ َ
أنت أيّها
أنتَ ،رسويل؛ و َ فإنّين سوف أحت ّدث اآلن .أريدكم أمامي ،أنتم اي َمن َحتملون االسم املق ّدسَ .
أنت ،أخرياً ،إلقفال اتج النِّ َعم املمنوحة
أنت ،يوحنّا تلميذ املعمدان؛ و َ
أنت أيّها الكاتب؛ و َ
الكاهن؛ و َ
وعدتك يوماً هبذا. لست األخري يف قليب .لقد ِ ِ
َ فأنت تعلَم أنّك َ
ذكرت امسك يف اآلخرَ ، من هللا .وإذا ُ
لك».
وسوف يكون َ
الصف
ّ صعد على حافة صغرية ليتم ّكن اجلميع من رؤيته .أمامه ،يف فعل عادة ،يَ َ
ويسوع ،كما يَ َ
كل أحناء
ط هبم الذين َهَرعوا من ّ
األول ،اخلمسة الذين َُيملون اسـم يوحنّا .خلفهم التالميذ ،وقد اختَـلَ َ
ّ
صحتهم أو من أجل االستماع إىل الكلمة. فلسطني من أجل ّ
«السالم لكم َجيعاً ،واحلكمة.
امسعواَ .سأَلَين أحدهم ذات يوم إذا ما كان هللا رحيماً ابخلَطَأَة ،وإىل أيّة درجة هو كذلك.
يتوصل إىل االقتناع بعفو هللا ال ُـمطلَق .وقد ِ
والذي كان يَسأل ،كان خاطئاً غُفَرت له خطاايه ،ومل يكن ّ
جعلتُهُ يهدأ أبمثال ،طمأنتُهُ ووعدتُهُ أنّينِ ،من أجله ،سأتكلّم دائماً عن الرمحة ،لكي يشعر قلبه التائب،
السماوي.
ّ الذي يشبه طفالً اتئهاً كان يبكي يف داخله ،ابلطمأنينة واألمان أبنّه أصبَ َح ألبيه
هللا رمحة أل ّن هللا ُمبّة .وعلى خادم هللا أن يكون رحيماً ليقتدي ابهلل ،فاهلل يستخدم الرمحة ليش ّد
إن وصيّةإليه أبناءه الضالّني ،وعلى خادم هللا استخدام الرمحة كوسيلة جللب األبناء الضالّني إىل هللاَّ .
مرات أكثر. احلب مفروضة على اجلميع ،ولكنّها ابلنسبة خل ّدام هللا ،ينبغي أن تكون ثالث ّ ّ
ُيب .إّّنا هذا يكفي قوله للمؤمننيّ .أما لـِ ُخ ّدام هللا ،فأان
ال ُيصل أحد على السماء إذا مل ّ
احلب كامالً" .وأنتمَ ،من تكونون ،اي َمن أقول" :ال ميكن جعل املؤمنني ينالون السماء إذا مل يكن ّ
املباركة ،احلياة الشاقّة احلياة احلياة، كمال إىل تسعى ُملوقات منكم، األكرب القسم حويل؟ دون َحتتَ ِ
ش
َ
حب كامل ِ ِ
أي الواجبات عليكم يف حياة اخلُ ّدام أو املمثّلني تلك؟ ّ واملنرية خلادم هللا ،ل ُممثّل املسيح .و ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 453 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وحب كامل للقريب .هدفكم :اخلدمة .كيف؟ أبن تُعيدوا هلل ما أخذه العامل واجلسد والشيطانهللّ ،
ُيب. ِ
احلب الذي له ألف طريقة ُمي َارس هبا وّناية واحدة :أن َّت َعل اآلخر ّ
من هللا .أبيّة طريقة؟ ّ
فلنف ّكر ِأبُردننا ،النهر اجلميل .كم هو َمهيب يف أرُيا! ولكن هل كان هكذا عند منبعه؟ ال،
بل كان خيط ماء ،وكان سيبقى كذلك لو أنّه بَِق َي وحيداً دائماً .إّّنا على العكس ،فها ألف ألف
رافد َهتبط ِمن ِجبال وروايب عديدة ِمن على ض ّفيت واديه ،منها الوحيد ومنها املتش ِّكل ِمن مئات
حّت يُصبح ِ
تصب يف َمراه الذي ينمو وينمو وينمو من اجلدول اخلفيف الذي كانّ ، اجلداول ،وَجيعها ّ
الزوردايً يضحك ويلهو يف طفولته كنهر ،النهر الواسع ،ال َـمهيب ،والساكن الذي
ّ فضيّاً
َمرى مائيّاً ّ
الزمرد.
الالزوردي وسـط ض ّفتيه اخلصيبتني بلون ّ
ّ يَسيل شريطه
يل لدى أولئك األطفال على درب احلياة، احلب .فهو بداية خيط ّأو ّ
هكذا هو احلال ابلنسبة إىل ّ
الذين ابلكاد يعرفون حفظ أنفسهم ِمن اخلطيئة الثقيلة خوفاً ِمن العقاب وُثّ ،إذ يتق ّدمون على طريق
ب جداول ِ الكمال ،فَـت ِ ِ
وُت ُرج إبرادة احل ّ
املتكربة ،والقاسيةَ ،
ظهر من جبال اإلنسانيّة الغليظة ،ال ُـمجدبةّ ، َ َ
كل شيء يفيد يف جعلها تنبثق وتتدفّق :اآلالم واألفراح ،كما ِ
كثرية من تلك الفضيلة األسـاسيّة ،و ّ
شق الطريق هلا:
كل شيء يفيد يف ّ الشمس اليت تذيب الثلج املتجلّد على اجلبال وّتعله جداولّ .
يل ،إذ إ ّن النَّـ ْفس ،مدفوعة علىاألو النهر صوب توجيهها يف يفيد شيء كل التوبة. ثله التواضع ِ
وم
ّ ّ ّ
حتب النـزول يف تالشي األان ،وهي تتوق إىل الصعود ِمن جديد ،تش ّدها الشمس-هللا، تلك الطريقّ ،
وخِّرياً.
بعد أن تُصبح ّنراً جبّاراً ،رائعاً َ
اجلنيين ذاك ،هي ،إضـافة إىل الفضائل ،األعمال اليت تُعلِّم
ّ احلب
السواقي اليت تغ ّذي جدول ّ
فلنتطرق
ّ حب ،هي أفعال رمحة.الفضائل القيام هبا ،الفضائل اليت هي ابلضبط ،لكي تكون سواقي ّ
إليها معاً .فالكثري منها معروفة اآلن يف إسرائيلّ ،أما األخرى ،فأان الذي أ ِّ
ُعرفكم عليها ،أل ّن شريعيت
احلب.
هي كمال ّ
أعطوا اجلياع ليأكلوا.
وهذا ،أمل يكن معجزة ِمن رمحته تعليم أبنائه اخلطأة ،بنور فائق الطبيعة ،أ ّن تلك األعشاب
الذهيب حتت أشعّة الشمس ال ُـمح ِرقة ،ال ُـمنغَلِقة يف غالف
ّ ب ِ
الطويلة والناعمة اليت تنتهي بسنبلة من احلَ ّ
وخبزها؟ هللا ِ
وعجنها َ قاس من القشور الشائكة ،هي غذاء ينبغي جنيه ،نَزع حباته وحتويلها إىل طحني َ
ض َع احلجارة قرب السنابل واملاء قرب وخيبَز .لقد َو َ
عجن ُطحن ويُ َفرز ويُ َ َّ
كل هذا .وكيف ُُيىن ويُ َ َعل َم ّ
ب على َشع َل بفعل انعكاس الشمس على املاء ّأول انر على األرض ،والرايح َجلَبَت احلَ ّ احلجارة ،وأ َ
النار حيث متّ طهيها ،انشرًة رائحة زكية لتجعل اإلنسان يدرك ّأّنا هكذا أفضل ِمن حلظة خروجها من
طحن ُمش ِّكلة عجينة لَ ِز َجة تُطهى على النار. ِ
السنبلة كما تَستَهلكها الطيور ،أو َمعجونة بعد أن تُ َ
العائليِ ،من أيّة رمحة
ّ الفرن يف املخبوز اللذيذ اخلبز اآلن أتكلون ن م
َ اي أنتم بذلك رون إنّكم ال تُف ِّ
ك
أي َدرب ُجعِلَت املعرفة اإلنسانيّة هو هذا الربهان ،هذا احلَ َدث أبنّكم وصلتم إىل كمال الطهي ذاكّ ،
احلايل؟ ولِ َمن كان الفضل؟
ضغها اإلنسان كما احلصان ،وصوالً إىل الرغيف ّ تَسلكه منذ ّأول سنبلة َم َ
ألِبسوا العُراة.
وهنا كذلك ،كما ابلنسبة إىل املاء وال ُقوت ،فَ ِّكروا أ ّن الصوف والكتّان اللذين ترتدوّنما قد
لكل الناس. ِ ِ ِ
أُخذا من احليواانت والنبااتت اليت َخلَ َقها هللا ،مل َخيلقها لألغنياء من الناس فقط ،بل إّّنا ّ
الصحة والفهم والذكاء ،إّّنا ليست الثروة امللطَّخة
ب ثروة واحدة لإلنسان :ثروة نعمته و ّ فإ ّن هللا قد َوَه َ
مصاف املعدن الذي ال يتجاوز َجاله َجال معدن آخر ،وهو أقل ّ الذ َهب .لقد رفعتموه ِمن اليت هي َّ
فائدة كثرياً ِمن احلديد الذي تُصنَع منه ال َـمعا ِول والعرابت ،األمشاط واملناجل ،األزاميل واملطارق،
مصاف معدن نبيل ،ذي نُبل أجوف، ِّ املنشار واملسحاج ،واألدوات املق ّدسة للعمل املق ّدس ،إىل
الربية .وثروة ما هو ِ ِ
كاذب ،بتحريض من الشيطان الذي َح َّولَكم من أبناء هلل ،إىل وحوش كاحليواانت ّ
مق ّدس قد وهبَـْتكم ما ُيعلكم ترتقون يف ُسلّم القداسة على الدوام! ليست تلك الثروة القاتلة اليت تُريق
الرب ،دون خشية أن تبقوا عُراة .فأفضل ِ
الكثري من الدماء والدموع .وأعطوا مثلما أُعطيتم .أعطوا ابسم ّ
حّت حتت ِ ِ
مرة أن ميوت املرء من الربد ،انزعاً ثيابه لصاحل فقري يَستعطي ،من أن يَ َدع قلبه يتجلّدّ ، ألف ّ
الثياب الوثرية وهو يَفتَ ِقد للمحبّة.
آه! يف احلقيقة ،كما أ ّن الناس ُمسافِرون ،كذلك ُهم َجيعاً مرضى .واألمراض األكثر خطورة
هي أمراض الروح ،األمراض اخلفيّة واألكثر فتكاً ،ومع ذلك فهي ال تُثري االمشئزاز .اجلرح الوجداينّ ال
روحي ال
يوحي ابلنُّفور .نتانة الرذيلة ال تُسبّب الغثيان .اجلنون الشيطاينّ ال ُخييف .غنغرينا أبرص ّ
وتفسخت ال ُيعل املرء يهرب .فاالقرتاب ِمن إحدى تُنفر .القرب املمتلئ ابألقذار إلنسان ماتت نفسه ّ
تلك القذارات ليس لعنة .اي لِفكر اإلنسان املسكني والضيّق! إّّنا قولوا :هل القيمة األكرب للروح هي
ي بفعل اجملاورة؟ ال .أقولالماد ّ
ي القدرة على إفساد ما هو ّ ماد ّ
أم للّحم والدم؟ وهل ميتلك ما هو ّ
لكم ال .فقيمة الروح ال ُمتناهية مقارنة ابللّحم والدم ،هذا نعم؛ إّّنا اجلسد ال قدرة له تفوق قدرة
هل تظنّون أنّه ال يوجد يف القوادس (هي سفن حربية كان يعمل احملكومون ابألشغال الشاقة
يف التجذيف فيها) سوى َُم ِرمني؟ أن العدالة البشريّة لديها عني عمياء واألخرى الرؤية فيها ُمضطَ ِربة.
وُتطئ أكثر أل ّن املتص ِّدر َخيلق
ترى َجاالً حيث تكون الغيوم ،وتعتَِرب احليّة غُصناً ُم ِزهراًُُ .تطئ احلُكمُ .
حّت ولو كان املساجني َجيعهم لصوصاً ِ
إبرادته غيوماً من الدخان كي تُرى بشكل أسوأ .ولكن ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 460 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الرجاء ابلغفران ،ابحتقاران
وَمرمني ،فليس من العدل أن جنعل أنفسنا سارقني وقاتلني ابنتزاعنا منهم ّ
ّإايهم.
اي للمساجني املساكني! إ ّّنم ال َُي ُرؤون على أن يَرفَعوا ،صوب هللا ،عُيوّنم ال ُـمث َقلة كما هي
فالسالسل ،يف احلقيقة ،تَربط أرواحهم أكثر ِمن أقدامهم .ولكن الويل لو ِ حاهلم بسبب خطاايهم.
يَئِسوا ِمن رمحة هللا! إ ّّنم يُضيفون إىل اجلرمية ّتاه ال َقريب ُجرم اليأس ِمن الغُفران .فالقادس تَكفري كما
البشري ِمن أجل اجلرمية املقرتفة.
ّ هو املوت على ال ِـمشنقة .إّّنا ال يكفي َدفع ما هو مفروض إىل اجملتمع
احلصة املرتتّبة هلل ِمن أجل التكفري ،للحصول على احلياة األبديّة .والذي يثور ابألخص دفع ّ ّ بل َُِيب
ب األخوة صوب احملكومني ِ
فليتوجه ُح ّ
ّ ي.وييأس ال يُك ّفر ّإال فيما يرتتب عليه ّتاه اجملتمع البشر ّ
واملساجني .وسيكون نُوراً يف الظُّلُمات ،سيكون صواتً ،سيكون يداً تشري إىل األعايل بينما الصـوت
ّتاهك ،أيّها األخ
َ بض َع يف قليب هذا احلُ ّ
ك .فإنّه هو الذي َو َ لك ُح ّيب إ ّن هللا أيضاً ُيبّ َ
يقول" :فليقل َ
فعم رمحة.سمح ابستشفاف هللا ،األب ال ُـم َ َمنكود احلظ" ،والنور يَ َ
لئك الذين ُهم ليسوا البشري .سواء أو َ
ّ فلتَمض ُمبتكم ،أبكثر عقالنيّة ،ملواساة ُشهداء الظُّلم
ُمذنِبني أبداً ،أو أولئك الذين َدفَـ َعتهم ّقوة قاهرة للقتل .ال تُدينـوا أنتم كذلك حيث متّت اإلدانة .أنتم
ال تعرفون ملاذا ميكن إلنسان أن يَقتُل .أنتم ال تَعلَمون أ ّن الذي يَقتُل هو يف أغلب األحيان ليس
ومسلوب التفكري ألنّه ،وحّت ِمن دون إراقة َدم ،كان أحد ال َقتَلة ِسوى شخص ميت ،شخص ُم َّ
سري َ
ع منه تفكريه ِخب ّسة خيانة مريرة .هللا يَعلَم .وهذا يكفي .يف احلياة األُخرى ،سوف يَرى املرء يف قد انتَـَز َ
السماء (الفردوس) الكثريين ِمن احملكومني ابألشغال الشاقّة ،والكثريين ممّن َسرقوا وقَتلوا ،وسوف يَرى
السا ِرقني يف جهنّم الكثريين ممّن كان يَبدو عليهم ّأّنم ُس ِرقوا وقُتِلواّ ،
ألّنم يف احلقيقة ُهم الذين كانوا َّ
ضحااي زائفني .وقد اعتُربوا ضحااي احلقيقيّني لسـالم اآلخـر ،للنـزاهة ،للثقة ،ال َقتَـلَة احلقيقيّني لِقلبُ :هم َّ
صمت وعلى مدى سنوات .القتل ضَربوا هم أنفسهم بِ َ ألّنم يف النهاية تَل ّقوا ضربة ،إّّنا بعد أن َ
فقط ّ
وسَر َق أل ّن آخرين َمحَلوه على ذلك ُثّ نَ ِدم ،والذي َمحَ َل ِ
والسرقة ُِها من اخلَطااي ،ولكن بني الذي قَـتَ َل َ
فعمني رمحة ّتاه املساجني دون إدانتهم أبداً .فَ ِّكروا على الدوام أنّه لو ابلنتيجة ،فلتكونوا ُم َ
عوقِبَت جرائم القتل والسرقات كلّها ،ملا بَِق َي ِسوى القليل ِمن النساء والرجال مل َميوتوا يف ال َقو ِادس أو
األمهات اللوايت َُي ِملن وال يُِردن أن تَرى َمثَرات أحشـائهن النور ،ماذا ميكن ِ
على املشانق .تلك ّ
"س َّفاحات" .أولئك الرجال بكل صراحةَ : ـميتهن ّ
هلن تس ّ نتالعنب ابأللفاظ! فلنقل ّ
ّ تسميتهن؟ آه! ال
ّ
بكل بساطة ما يكونون" :لصوص". الذين يَسلبون األعراض واملراكز ،فبماذا ميكن تسميتهم؟ ولكن ّ
أولئك الرجال والنساء الفاسقني الفاجرين أو الذين إذ يُع ِّذبون أزواجهم ،يَدفَعوّنم للقتل أو االنتحار،
وكذلك األمر ابلنسبة للذينَ ،كوّنم عُظماء األرض ،يَدفَعون الذين حتت سلطتهم إىل اليأس ،وابليأس
إىل العُنف ،ماذا يكون امسهم؟ هوذا" :قَـتَـلَة" .وإذن؟ ال أحد يُفلِت؟ تَـَرون أنّنا نعيش وسط أولئك
وهم ِملء البيوت واملدن ،وُيت ّكون بنا ِ
املستح ّقني لألحكام الشديدة ،والذين قد أفلَتوا من العدالةُ ،
على الطرقات ،وينامون معنا يف الفنادق ،ويقامسوننا الطعام ،وال نف ّكر يف ذلك .فإذنَ ،من ذا الذي
بِغَري خطيئة؟ لو كانت يد هللا تَكتُب على جدران الغرفة حيث تلتئم أفكار اإلنسان :على اجلبني،
عما كنتم عليه ،وما أنت اآلن ،وما سوف تكونون ،لكانت اجلِّباه اليت َحتمل عبارة: االهتام ّ
عبارات ّ
إّنا َحتمل حبروف خضراء كالشهوة ،أو محراء "بريء" أبحرف ِمن نُور قليلةّ .أما اجلِّباه األخرى ف ّ
"س ّفاحني" "لصوص" "قَـتَـلَة". ين"
ر كاجلرمية ،أو سوداء كاخليانة ،كلماتِ :
"فاج
َ
األقل سعادة بشرّايً ،والذين يف القوادسُ ،مك ِّفرين
كونوا إذن بغري كربايءُ ،ر َمحاء ّتاه إخوتكم ّ
مبا مل تُك ِّفروا أنتم به ِمن أجل اخلطيئة ذاهتا .وسوف تستفيدون من ذلك من أجل تواضعكم.
ادفنوا املوتى.
أود التم ّكن ِمن َمحلكم َجيعاً إىل مواجهة املوت ،والقول
التأمل يف املوت هو مدرسـة احلياةُّ .ّ
لكم" :اعرفوا أن تعيشوا كق ّديسـني كيال تكون لكم سوى هذه امليتة :االنفصال املؤقّت بني اجلسد
َّحدين ومغبوطني".والروح ،للقيامة فيما بعد مظ ّفرين لألبدية ،مت ِ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 462 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
للتفسخُ .ملوكاً كنّا أَم صعاليكّ ،نوت كما أنيت
َجيعنا نولد عُراةَ .جيعنا سنموت جثثاً آيلة ُّ
التفسخ هو على
إىل هذه احلياة .وإذا كانت فخامة امللوك تسـمح ابالحتفاظ ابجلثث مل ّدة أطول ،فإ ّن ُّ
متحجرة بفعل
ّ مادة
حّت املومياء ذاهتا ،ماذا تكون؟ جسداً؟ ال .بل ّ الدوام مصري اجلسد امليتّ .
فرغة وُمروقة ابخلُالصات ،ولكنّها فريسةألّنا ُم َّ الريزينات (الراتنج)ُ ،م ِّ
تخشبة .ليست فريسة الديدان ّ
ديدان قارضة مثل اخلشب العتيق.
ألّنم ال يعرفـون اخلري .فكم من الناس ال يعرفون ،أو إ ّن معرفتهم هناك َج َهلَة يصنعون الش ّـر ّ
وحّت ابلشـرائع اخلُلقيّة! ّإّنم يَذوون كاجلياع أل ّن ال أحد مينحهم الغذاء ،ويـَ َقعون يف
سيّئة أبمور هللا ّ
ُرسلكم .امنحوا الوهن لقلة احلقائق اليت تغ ّذيهم .امضوا إليهم وعلِّمـوهم ،إذ إنّين ألجل ذلك أَجعكم وأ ِ
َ ََ
الروحي ،إشباع اجلّياع ،وإذا كان هناك أجر خبز الروح جلوع األرواح .تَعليم اجلَّهلة ي ِ
عادل ،يف النظام
ّ َ ُ ُ
فأي أجر سيُمنَح لِ َمن يُشبِع
ّ اليوم، ذلك يف ميوت ال لكي يذوي جلسد ي
َ
ُمينَح ِمن أجل رغيف أ ِ
ُعط
اإلساءة فِعل ُمناف للمحبّة .والفعل املنايف للمحبّة يَسلَخ عن هللا .كذلك َمن يرتكب اإلساءة
ري ّإال غفران الذي أساء إليه ،ألنّه يُعيد هللا إليه .هللا ،لكي يَغفر ،ينتظر يتعرى ،وال يُعيد إلباس هذا العُ ّ
ّ
ال ُـمساء إليه أن يَغفر .يَغفر لإلنسان الذي أُسيء إليه ،مثلما يَغفر للذي أساء لإلنسان وهللا .ألنّه ما
لكن هللا يَغفر لنا حنن إذا ما َغ َفران حنن للقريب ،ويَغفر للقريب إذا ما و ه. ب
ر إىل ئ ِمن إنسان مل ي ِ
س
ّ ّ ُ
فعل بكم (ابلكيل الذي تُكيلون يُكال لكم) .ابلنتيجة اغفروا َغ َفر الذي أُسيء إليه .كما فعلتم سوف يُ َ
سعدون يف السماء بسـبب احملبّة اليت َمنَحتُموها ،كما لو كان إذا ما أردمت أن يُغ َفر لكم ،وسوف تَ َ
َّسني. ِ ِ
وضع معطف من النجوم على من َكبي ُكم املقد َ يُ َ
كونوا ُر َمحاء ّتاه الباكنيّ .إّنم أولئك الذين أدمتهم احلياة ،أولئك الذين قد حتطَّم قلبهم يف
مشاعره.
ال تُغلِقوا على أنفسكم يف سكينتكم كما يف قلعة .بل اعرفوا أن تَبكوا مع الباكني ،أن تُواسوا
احملزونني ،وأن متألوا فراغ َمن ُح ِرَم ِمن أحد أبويه ابملوت .آابء مع اليتامى ،أبناء مع اآلابء ،إخوة
بعضكم لبعض.
حتملوا الـ ُمضايِقني .أيتون فَـيَزعجون بيت األان الصغري ،كاملسافرين أيتون فيزعجون البيت الذي
َّ
نَقطُن .ولكن كما أوصيتكم أن تستقبلوا هؤالء ،أوصيكم أن تستقبلوا أولئك.
فإّنمُ ،هم،
زعجون؟ ولكن إذا كنتم أنتم ال حتبّوّنم بسبب املضايقة اليت يسبّبوّنا لكمّ ، هل هم م ِ
ُ ُ
حّت ولو كانوا قد أتوا ليطرحوا عليكم أسئلة ال احلبّ .
ُيبّونكم قليالً أو كثرياً .استقبلوهم بسبب هذا ّ
فصحوا لكم عن حقدهم ويشتموكم ،ما ِرسوا الصرب واحملبّة .إبمكانكم جعلهم يُصبِحون رزانة فيها ،لِي ِ
ُ
شك ابفتقاركم إىل احملبّة .تتألّمون لرؤيتهم يَ َِ
قرتفون اخلطااي أفضل بصربكم ،وإبمكانكم أن تكونوا سبب ّ
ِمن تلقاء أنفسهم؛ ولكنّكم تتألّمون أكثر جبعلهم ُخي ِطئون ،وأبن ُُت ِطئوا أنتم أنفسكم .اقبلوهم ابمسي
أخرياً اجتهدوا يف أن تَغمـروا اخلَطَأة لتهيّئوا عودهتم إىل حياة النّعمة .هل تَعلَمون مّت تفعلون
صبور وعطوف .فكأنّكم تُك ِّفنون رويداً رويداً قَباحات اجلسد قبل أبويَ ،
ذلك؟ عندما تؤنّبوّنم إبحلاح ّ
إيل".
إيداعها القرب يف انتظار أمر هللا" :اّنض وتعال ّ
طهر اجلسد ،حنن العربانيّني ،احرتاماً للجسد الذي ينبغي له أن يقوم؟ توبيخ اخلَطَأة، ألسنا نُ ِّ
الرب هي اليت تفعله .طَ ِّهروهم ابحملبّة
يُشبه تطهري أعضائهم قبل التكفنيّ .أما ما تب ّقى ،فإ ّن نعمة ّ
والدموع والتضحيات .كونوا أبطاالً لتنتشلوا روحاً ِمن الفساد .كونوا أبطاالً.
يوزع إرث أيب الذي مات ومر أخي أن ِّ «إذن ،اي معلّم ،تعال إىل بيلمان على طريق دمشقُ ،
والحظ أنّنا توأم ِمن َّأول ِوالدة ،بل ال ِوالدة
دون ترك وصية بيين وبينه .لقد استأثر بكل شيء لنفسهِ ،
ّ ّ
الوحيدة .إذن فَلِي احلقوق ذاهتا اليت له».
قرن دائماً بتهديدَ .ه ِّدده أبن تضربه بشخصه ،إذا مل يعطين ما َّ
«الطلَب ليس التبشري .فاألمر يُ َ
ميكنك أن تَبلي ابملرض».
َ ميكنك فِعل ذلك .فكما َهتِب الصحة،
َ خيصين.
ّ
أتيت للهداية وليس للضرب .ولكن إن تؤمن بكالمي َِّتد السالم».
«أيّها الرجل ،لقد ُ
أي كالم؟»
« ّ
حّت َوجهه قد أصبَ َح رهيباً بفعل جشعه .هل الحظتم ذلك؟» يتساءل التالميذ،
حقيقيّ .
« ّ
والذين كانوا قريبني من الرجل اجلَّ ِشع فيما بينهم.
صَرفَه املعلّم كان على وشـك أن يَضربه وهو يلعنه ،وقد أصبَ َح وجهـه وجه
«نعم .عندما َ
شيطان».
شوهاً ،بفعل َجال فائق حّت ولو كان ُم ّ َوجه املستقيم ،على العكسََ ،جيل هو على الدوام ّ
نضح ِمن الداخل إىل اخلارج .وليس أسلوب الكالم ،بل إّّنا األفعال هي اليت تُظ ِهره ،فنالحظ الطبيعة يَ َ
ابلذات .فالنَّفس قاطنة يف داخلنا وتَستَح ِوذ علينا ابلكامل. لدى الطَّاهر ِمن كل رذيلة نَضارة اجلسد َّ
ّ
اهرة ُحتافِظ عليه .النَّـ ْفس الن ِ
َّجسة تدفع فسد حّت اجلسد ،بينما ِعطر النَّـ ْفس الطَّ ِ
ونتانة النفس الفاسدة تُ ِ
ّ
ويتشوهّ .أما النَّـ ْفس الطاهرة فتجعل اجلسد يعيش اجلسد إىل خطااي فاحشة ،وهذه َّت َعل اجلسـد يَـذوي ّ
العظَمة. حياة طاهرة ،وهذا ما ُيافظ على النَّضارة ويشيع َ
يستقر فيكم شباب الروح ،أو أن يستعيد حياته إذا كان قد فُِقد ،واسهروا علىاعملوا على أن ّ
ابلسلطة .فحياة اإلنسان ليست رهناً كل َج َشع ،إن يكن ابألحاسيس أو ُّ ِ
أن حتافظوا على ذواتكم من ّ
بوفرة اخلريات اليت ميلك ،ال هذه احلياة وال احلياة األخرى :تلك األبديّة ،بل إّّنا بطريقة عيشها .ومع
احلياة ،سعادة هذه األرض وسعادة السماء .ذلك أ ّن الفاسق ال يكون سعيداً أبداً ،سعادة حقيقيّة.
حّت املوت ال يُثريه ،ألنّه ال
حّت ولو كان فقرياً ووحيداًّ .
مساويّ ،
ّ بينما العفيف مغبوط دائماً اببتهاج
ُيمل خطيئة وال تبكيت ضمري ُيعله خيشى اللقاء ابهلل ،وال أيسف على ما يرتكه على األرض .فهو
خيصه ،اإلرث املق ّدس ،ميضي مبتهجاً، يَعلَم أن كنـزه يف السماء هو ،وَك َمن ميضي الستالم إرثه الذي ّ
مستعجالً لقاء املوت الذي يَفتَح له أبواب امللكوت حيث هو كنـزه.
اكنـزوا لكم هناك كنـزاً يف احلال .ابدأوا بذلك منذ صباكم ،أنتم أيّها الشـباب؛ واعملوا بدون
َجل
كلل اي َمن أنتم أكرب سناً ،اي َمن بسبب سنّكم ،أنتم أقرب إىل املوت .ولكن مبا أ ّن املوت أ َ
َمهول ،وقد يقع الصغري أحياانً قبل الكبري ،فال تُ ِرجئوا للغد العمـل الذي يَكنـز لكم كنـز فضيلة،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 472 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وأعماالً صاحلة للحياة األخرى ،خوفاً ِمن أن يفاجئكم املوت دون أن تَد ِ
َّخروا لكم كنـزاً للسماء.
وقوي! الساعة أستمتع على األرض ،وفيما بعد سوف شاب ّ كثريون هم الذين يقولون" :آه! إنّين ّ
أهتَدي" .خطأ عظيم!
غين وأنتَ َجت غالالً وفرية .كانت ابحلقيقة تفوق َخصبَت أرض رجل ّ امسعوا هذا املثل" :أ َ َ
كل تلك الثروة اليت تتك ّدس يف حقوله وعلى بيدره ،واليت مل يكن هلا ُمتَّسـع يتأمل بفرح ّع ّ الوصف .فَ َشَر َ
لت ِ
وحّت يف بعض غرف املنـزل ،ويقول" :لقد َعم ُ يف األهراء (املخازن) ،وكانت ُحت َفظ يف عنابر مؤقّتةّ ،
لت لعشـرة مواسم واآلن أريد أن أسرتيح زمناً مماثالً. ِ
لكن األرض مل ُتيّب أملي .لقد َعم ُ كالعبد ،و ّ
كل تلك احملاصيل؟ ال أنوي بيعها أل ّن ذلك يرغمين على العمل ألحظى مبحصول كيف العمل ألحفظ ّ
كل ُماصيلي أهدم أهرائي وأبين أكرب منها إليواء ّجديد العام القادم .هذا ما سوف أفعله :سوف ُ
تكفيك لسنوات كثرية .فاسرتُيي إذن وُكلي ِ لديك اآلن أرزاق وأرزاقيُ .ثّ أقول لنفسي :اي نفسي! ِ
وتنعمي ".هذا الرجل ِمثل كثريين ،كان َخيلط بني اجلسد والروح ،وميزج املقدَّس ابملدنَّس ،أل ّن واشريب ّ
املسرات والبطالة ،بل َُتمل ،وهذا كذلك ِمثل كثريين ،بعد ّأول ُمصـول جيّد يف النَّـ ْفس ال تستمتع يف ّ
كل شيء.
احلقول واألرزاق ،يتوقّف ألنّه كان يبدو له أنّه فَـ َع َل ّ
لكن أال تَعلمون أ ّن َمن يَضع يده على احملراث عليه أن يثابر سنة ،عشراً ،مائة ،ما دامت
حبق الذات ،بسبب رفض ََمد أعظَم ،وهو تَقه ُقر ،أل ّن َمن يتوقّف، احلياة ،ذلك أ ّن التوقّف جرمية هو ّ
عادة ،ليس فقط ال يعود يتق ّدم .بل إّّنا يرتاجع إىل الوراء؟ كنـز السماء ُيب أن ينمو سنة بعد سنة
حّت مع الذين أمضوا سنوات قليلة ليكون صاحلاً ،ألنّه ،إذا كان على الرمحة اإلهليّة أن تكون عطوفةّ ،
فعلوا ّإال القليل.
فإّنا لن تكون متواطئة مع الكساىل الذين ،إذ كانت حياهتم طويلة ،مل يَ َ يف تشكيلهّ ،
خامل ،وهذا َُيصل وإال فهو ليس ابلكنـز الذي يطرح مثّاراً ،ولكنّه كنـز ِ
على الكنـز أن ينمو ابستمرارّ .
على حساب السالم املوعود يف السماء .يقول هللا لإلنسان األمحق" :أيّها األمحق ،اي َمن َُتلط بني
إليك رغم كونه نِعمة ِمن هللا ،اعلَم أ ّن يف هذه الليلة
اجلسد وخريات األرض مع ما هو روح ،وقد أساء َ
نفسك ،وعندما ستمضي ،سيبقى اجلسد بال حياة ،وما هيّأتَه لِ َمن سيؤول؟ هل َ منك
ابلذات تُطلَب َ
يقول« :ثِقوا أبنّه ُيب االهتمام فقط بِغِىن الفضيلة هذا .واسـهروا على ّأال يكـون اهتمامكم
ِ
عدو اهلُموم واملخاوف واملبادرات اليت تتأثّر أكثر ابحلسد واجلَّشع وسوء أبداً ُمضطَ ِرابً وقَلقاًّ .
فالرزق هو ّ
الظُّنون البشريّة.
فاجئة .إذ هكذا فاجئة وال توقُّفات م ِ فليكن عملكم دؤوابً ،واثِقاً ،و ِادعاً ،دون اندفاعات م ِ
ُ ُ َ
خدمها ّإال إذا كان َمنوانً ،وذلك من أجل السالمة. تَفعل أنواع ِمن اخليول املتوحشة ،إّّنا ال أحد يست ِ
َ َ ّ َ
حّت احلزن الذي يسبّبه خطأ ارتُكب وهو ُيعلكم فكونوا ودعاء يف انتصاراتكم وودعاء يف اّنزاماتكمّ .
عزى ابلتواضع والثقة. ِ
تُعانون ،ألنّكم هبذا اخلطأ تَنفرون من هللا ،على هذا احلزن أن يكون وادعاً ُم ّ
اإلّناك ،احلقد على الذات هو على الدوام دليل الكربايء وكذلك االرتيابَ .من يكن متواضعاً يَعرف
أنّه إنسان مسكني عُرضة هلموم اجلسد الذي ينتصر أحياانًَ .من يكن متواضعاً يَكن واثقاً ليس بنفسه
ك ترمحين. حّت يف االّنزامات ،قائالً :اغفر يل أيّها اآلب .أؤمن أبنّ َ
بقدر ما يثق ابهلل ويظل يف سكونّ ،
أرضيك ّإال قليالً ج ّداً ".
َ ك ستساعدين مستقبالً أكثر ِمن ذي قبل ،رغم أنّين ال لدي ثِقة اثبتة أنّ َ
َّ
هللا يَعلَم ما أنتم يف حاجة إليه .ال َُتشوا على غدكمُ .تلّصوا من ُماوفكم اليت هي أث َقل ِمن
َسالسل احملكومني ابألشغال الشاقّة .ال تَ َدعوا أنفسكم تُعانون ِمن أجل حياتكمِ ،من أجل طعام أو
أهم ِمن اللباس ،إذ ابجلسد وليس ابللباس أهم من اجلسد ،واجلسـد ّ
شراب أو كِساء .فإ ّن حياة الروح ِ
ّ
ـاعدون الروح على احلصول على احلياة األبديّة .هللا يَعلَم ح ّّت مّت تَبقى َحتيون ،وإبماتة اجلسد تُس ِ
ضروري لكم .إنّه يَ ِهبه للغرابن
ّ نفسكم يف جسدكم ،وإىل أن حتني تلك اللحظة ،هو يَ ِهبكم ما هو
مربر وجودها متاماً هلذه الغاية ،اليت هي وظيفتها أن هلا اليت
و ف، ي اجل أتكل اليت سة واحليواانت الن ِ
َّج
ّ َّ
املتفسخة ،أفال يَهبه لكم؟ تلك ال مكان لديها خلزن ما تقتات به ،وال أهراء، األجسام من صنا ُُتلِ
ّ
ّ
ومع ذلك هللا يرزقها قوهتاّ .أما أنتم فإنّكم بَ َشر ولستم غرابانً .وُثّ ،حاليّاً ،أنتم زهرة الناس ألنّكم تالميذ
نميها ِ
املبشرون للعاملُ ،خ ّدام هللا .وهل ميكنكم أن تُف ّكروا أ ّن هللا الذي يعتين بزانبق الوداين ويُ ّاملعلّمّ ،
ويُلبِسها لِباساً أَجل ِمن لِباس سليمان ،دون أتدية عمل غري التعطري أثناء التسبيح ،أو تظنّون أ ّن
حّت ِمن جهة اللّباس؟ إبمكانه أن ينساكم ّ
سن واحدة على فمكم األجرد ِمن تلقاء ذواتكم ،وال إطالة أنتم اي َمن ال تستطيعون إضافة ّ
غشى ِح ّدته .وإذا كنتم ال تستطيعون فعل هذهالساق القصرية قيد أّنلة ،وال أن تُعيدوا إىل بَصر ُم ّ
األمور ،فهل ميكنكم التفكري إبمكانيّة إبعادكم البؤس واملرض عنكم ،وإخراجكم الغذاء ِمن الرتاب؟
ضروري لكم .ال تُسبّبوا
ّ ال ميكنكم ذلك .ولكن ال تكونوا قليلي اإلميان .ستنالون على الدوام ما هو
ابلشر ليحصلوا على املل ّذات .لديكم
ألنفسكم العقاب كالناس يف العامل ،الذين يتسبّبون ألنفسهم ّ
وبره ّأول اهتمامكم ،والباقي
أبوكم الذي يعرف احتياجاتكم .عليكم فقط احملاولة ،وليكن ملكوت هللا ّ
كلّه يُزاد لكم.
ولكن هذه األموال ال تتلف ،هذا الكنـز ال يَنقص أبداً .ال يدخل اللصوص إىل السماء .والدود
نخر ما ُو ِضع فيها .ولتكن السماء يف قلبكم ،وقلبكم يف السماء إىل جانب كنـزكم .ذلك أ ّن قلب
ال يَ َ
شريراً ،هو حيث ما يبدو له أنّه كنـزه الثمني .إذ كما يكون القلب حيث اإلنسان ،صاحلاً كان أو ّ
يوجد الكنـز (يف السماء) ،كذلك يكون الكنـز حيث يوجد القلب (أي يف داخلكم) ،والكنـز ذاته
يكون يف القلب ،ومع كنـز الق ّديسني تكون يف القلب مساء الق ّديسني.
كونوا دائماً على أهبة االستعداد َك َمن هو على وشك السفر ،أو َك َمن يَنتَ ِظر معلّمه .أنتم ُخ ّدام
هللا املعلّم .فقد يدعوكم يف أيَّة حلظة كي تذهبوا إىل حيث هو ،أو قد أييت هو إىل حيث أنتم .إذن
كونوا دائماً مستع ّدين للذهاب إليه أو استقباله مبا يَليق ،متمنطقني نِطاق السفر أو العمل ويف يدكم
السراج ُمتّقداً .كخا ِرجني من حفلة عرس مع أحدهم وقد سبقكم إىل السماء أو إىل تكريس ذاته هلل
على األرض ،حبيث ميكن هلل أن يتذ ّكركم أنتم اي من تنتظرون ،وميكنه القول" :هيّا بنا إىل إيتيان أو إىل
يوحنّا أو إىل يعقوب أو إىل بطرس" .وهللا سريع يف َميئه ،أو يف قوله" :تعال" .كونوا إذن مستع ّدين
ألن تفتحوا له الباب عندما ي ِ
صل ،أو ألن متضوا إذا ما انداكم. َ َ
«إنّه لكم وللجميع ،ولكنّه لكم أنتم أكثر ،إذ إنّكم مبثابة ال َقيِّمني املكلَّفني ِمن قِبَل املعلّم على
كمجرد ِ
رأس اخلُ ّدام ،وأنتم َُم َربون بشكل مضاعف على أن تكونوا مستع ّدين كقيّمني ،ويف الوقت ذاته ّ
مؤمنني.
ب يل يقول إنّه سيتأخر يف ولكن لو قال هذا اخلادم" :آه! حسناً! املعلّم بعيد ج ّداً وقد َكتَ َ
العودة .إذن فبإمكاين فِعل ما يطيب يل وُثّ ،حني أرى أ ّن عودته أصبَ َحت وشيكة ،أتدبّر األمر".
صدر أوامر سـ ّكري .وحني يَرفُض اخلُ ّدام الصاحلون التابعون له ويشرع ابألكل والشرب حّت الثّمالة ،وي ِ
ُ ّ َ َ
الس َقم .يَظن
حّت اإلعياء و َّ
االنصياع ألوامره كيال يُسـيئوا إىل معلّمهم ،يقوم بضـرب اخلُ ّدام واخلادمات ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 477 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أتذوق طعم ما معىن أن يكون املرء معلّماً َخيشاه اجلميع" .ولكن ما الذي نفسه سعيداً ويقول" :أخرياً ّ
صل يف وقت ال يتوقّعه ،م ِ
فاجئاً ّإايه وهو يضع املال يف جيبه سيحصل له؟ ما سيحصل هو أن املعلّم ي ِ
ُ َ
ِ ِ
سمح أو يُفسد خادماً ضعيفاً .حينئذ أقول لكم ،يُقيله املعلّم من وظيفته كقيِّم ّ
وحّت كخادم ،إذ ال يَ َ
إببقاء عدميي الوفاء واخلونة وسط اخلُ ّدام النـزيهني .وسيكون عقابه على قَدر ما كان املعلّم قد أحبَّه
و َعلَّمه.
ذلك أ ّن املرء ،كلّما َعرف أكثر مشيئة املعلّم وفِكره ،كلّما التَـَزَم أكثر إبجنازِها بدقة .وإذا مل
ضَرابت كثرية ،بينما الذي هو، ألي آخر ،تل ّقى َ فعل ّ يتصرف كما قال له املعلّم وابلتفصيل ،كما مل يَ َ
ّ
يظن أنّه يُصيب ،فإ ّن قصاصه يكون حبكم كونه ِ
خادماً ِمن الدرجة الثانية ،يَعلَم القليل ُ
وخيطئ وهو ّ
يؤدي الكثري ،ذلك أ ّن ِ
أخف .فَ َمن أُعطي كثرياً طُلب منه الكثري ،وينبغي للذي أُقيم على الكثري أن ّ ّ
حّت عن النَّـ ْفس اليت ال يتجاوز عمرها ساعة واحدة. ُقيمهم ينبغي هلم أتدية احلسـاب ّ
الذين أ ُ
أتيت أمحل النار إىل األرض ،وماذا ِ ِ
إ ّن اختيار املرء يل ليس اسرتاحة ُمنعشة يف غابة ُمزهرة .لقد ُ
ِ
تتأجج؟ كذلك أان أُّنك نفسـي وأريدكم أن تُن ِهـكوا أنفسكم ّ
حّت املوت، ميكنين أن أر َغب يف غري أن َّ
وحّت تصبح األرض كلّها ََجرة انر مساويّة.
ّ
تتم! أال تتساءلون ملاذا؟ ألنّين،
حّت ّ
أي َك ْرب أعانيه ّ
فعلي أن أَقبَل معموديّة أخرى .و ّ
ّأما أان ّ
كل طبقات بتلك املعمودية ،سأمت ّكن ِمن جعلكم ِ
حاملي النارِّ ،
تتحركون وسط ويف مواجهة ّ وُمرضني ّ ّ
اجملتمع لتجعلوا منها شيئاً واحداً وحيداً :قطيع املسيح.
أتيت ِألُلقي سالماً على األرض؟ ِوحبَسب ِوجهة نَظَر األرض؟ ال ،بل على العكس، هل تظنّونين ُ
وحّت تصبح األرض كلّها قطيعاً واحداًِ ،من َمخسـة يف البيت الواحد ،سيقوم ِ
شقاقاً ونزاعاً .فمنذ اآلنّ ،
ِ
إضايف لعدم سبب وسيكون ها،أم البنت
و ابنتها األمو أابه االبن
و ابنه األب ف اثنان على ثالثة ،فيخالِ
ّ ّ ّ ُ
التفاهم بني الكنّة ومحاهتا .ذلك أ ّن لُغة جديدة ستكون على ِشفاه كثرية ،وسيحصل ما يُشبه الذي
ص َل يف اببل ،أل ّن انتفاضة عميقة اجلذور سوف تُزع ِزع مملكة العواطف ،البشريّة منها وفوق البشريّة.َح َ
لناصري قد
ّ كل الذين سيكون ا تتوحد فيها اللغة اجلديدة اليت يتكلّمها ّ
إّّنا بعدئذ ستأيت الساعة اليت ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 478 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ويتطهر نَقيع األحاسيس ،بينما تَس ُقط الشوائب إىل القاع ،وتلمع على السطح مياه البحريات
صهمَّ ، خلَّ َ
السماويّة الصافية.
يف احلقيقة ،إ ّن خدميت ليست راحة حبسب املعىن الذي يُطلِقه اإلنسان على هذه الكلمةُ .يب
توافر بطولة ال تعرف التعب .إّّنا أقول لكم :سيكون يسوع يف ّناية املطاف ،دائماً وأبداً يسوع الذي
كل تعب وأمل. ِ
سيأتَزر ليخدمكمُ ،ثّ ُيلس معكم إىل الوليمة األبديّة ويُنسى ّ
واآلن ،مبا أ ّن أحداً مل يَطلبنا ،فلنمض إىل البحرية .سوف ننال قسطاً ِمن الراحة يف َمدلة .يف
تصرف ال ُـمسـافِر وأصدقائه.ض َعت البيت حتت ّ حدائق مرمي أخت لعازر يوجد متّسع للجميع ،وقد َو َ
وإّنا ،بتوبتها ،قد ُولِ َدت ِمن جديد، وال حاجة ألن أقول لكم إ ّن مرمي اجملدليّة ماتت مع خطيئتهاّ ،
الناصري .تَعلَمون ذلك ،فاخلرب قد انتَ َشَر كما ينتشر صوت الريح يف
ّ مرمي أخت لعازر ،تلميذة يسوع
غابة .إّّنا أان أقول لكم ما ال تَعرفون :إ ّن أرزاق مرمي أخت لعازر قد ُوِهبَت كلّها خلُ ّدام هللا وفقراء
املسيح .هيّا بنا»...
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 16
َمل يـَعُد يسوع يف املوضع ذاته الذي رأيتُهُ فيه يف الرؤاي األخرية ،ولكنّه موجود يف حديقة واسعة
حّت البحرية .ويف وسط احلديقة يَقبَع املنـزل ،تَسبقه احلديقة وحتيط به ،وهي متت ّد خلفه ثالثةمتت ّد ّ
أضعاف امتدادها على اجلانبني ِ
ومن األمام.
فيها زهور ،إّّنا بشكل خاص أشجار ومخائل وأركان خضراء سـاكنة ،حتيـط بفسقيّات ِمن َمرمر
فرتض أ ّن متاثيـل كانت موضوعة هنا وهناك على مثني ،كاملضارب حول طاوالت ومقاعد حجريّة .ويُ ََ
طول املسالك ووسط الفسقيّات ،مل يـَعُد منها اآلن ِسوى قواعد هلا تُذ ّكِر هبا إىل جانب أشجار الغار
تتأمل ذاهتا يف الفسقيّات املمتلئة ماء صافياً .وجود يسوع مع أتباعه وس ّكان َمدلة، والشمشاد ،أو ّ
أبّنا حدائق بيت
شريرُ ،يعلين أُف ّكر ّ
يوطي إنّه ّ
ّترأ وقال لالسخر ّ وبينهم بنيامني الصغري الذي كان قد ّ
كل منها يلت زأ وقد اجلديدة، وظيفتها تخدم مرمي اجملدلية ...وقد أُج ِريت عليها بعض التعديالت لِ
ّ َ ّ
للشك ،واليت تذ ّكر ابملاضي.
املظاهر املسبّبة ّ
رمادي مييل إىل األزرق الذي يعكس السماء اليت ترتاكض فيها ّ يري
البحرية كلّها وشاح حر ّ
احململة بطالئع أمطار اخلريف .ومع ذلك فهي رائعة حتت ذاك النور الساكن الو ِادع لِيَوم ،إذ هو الغيوم ّ
ليس صافياً ،فهو ليس ابملاطر متاماًَ .مل يـَعُد على شواطئها الكثري ِمن الزهور ،إّّنا ابملقابل قد َّلوَّنا ذاك
املنهك ألوراق ظهر ضرابت ريشة أرجوانية ومحراء ،والشحوب َ الرسام العظيم الذي هو اخلريف ،وتَ َ َّ
احلي على األرض.األشجار والكروم امليتة اليت تتغري ألواّنا قبل استكانة ثوهبا ّ
من حديقة املنزل تُرى البحرية كما لو َّأّنا حيّز قد اطبَ َغ ابألمحر ،كما لو أ ّن دماً يفيض يف املياه،
متوهجة ،بينما ترّتف أوراق بفعل وجود سياج ذي أغصان مرنة أضفى عليها اخلريف صبغة حناسيّة ّ
ال يَنظر يسوع إىل ما أنظر إليه .إنّه يَنظُر إىل َمرضى مساكني يُنعِم عليهم ابلشفاء .يَنظُر إىل
ُمستَ ْج ِدين ُمسنّني ويعطيهم ماالً .يَنظُر إىل أطفال تُق ّدمهم ّأمهاهتم له ليبـاركهم .يَنظُر إبشفاق إىل
أخيهن الوحيد الذي َج َع َل ّأمهم متوت كمداً وقد
ّ تصرف
َمموعة من األخوات اللوايت ُي ّدثنه عن ّ
أجلهن.
ّ هلن النصيحة ويُصلّي ِمن
يتوسلن إليه أن يسدي ّ وهن ّ رهنّ . دم ّ ّ
إليكن
كنُ ،معيداً ّ ويتذكر ّ
ّ كن
يهبكن السالم ويهتدي أخو ّّ «ابلطبع سأصلّي .سأصلّي إىل هللا كي
أنَت هل حتببنه
كل الباقي .إّّنا ّ
فيحبكن .إذ إنّه ،إذا ما فَـ َع َل هذا ،فسيفعل ّ
ّ وخاصة كي يعود
نصيبكنّ ،
ّ
(حرقتكن) احتقار هو؟ فإنّه هو كذلك
َّ كمدكن
ّ قلوبكن أم إ ّن
ّ أم حتقدن عليه؟ هل تساُمنه ِمن أعماق
منكن ،ولذلك ُيب اإلشفاق عليه .مل يـَعُد يتمتّع
منكن .ورغم ثرواته ،فهو أكثر فقراً ّ تعيس ،أكثر ّ
أنَت ،ابتداء ،سوف تُنهني ابلفرح احلياة احلزينة
كم هو ابئس؟ ّ أتريْ َن َ
حب هللاَ .
ابحلب ،وهو يفتقر إىل ّ
ّ
كن ،إّّنا هو فال .على العكس ،إنّه ينتَ ِقل ِمن متعة ساعة جعلكن تعشنها هكذا منذ موت ّأم ّّ اليت
أتوجه إىل اجلميع ِمن خالل حديثي أبدي فظيع .تعالني إىل قريب .سوف ّ كاذبة وِهيّة إىل عذاب ّ
إليكن».
ّ
فرتض أنّه كان يف وسطها متثال. ِ
ويتو ّجه يسوع إىل وسط خضرية مو ّشاة أبدغال من الزهور ،يُ ََ
ما زالت قاعدته هناكُُ ،ماطة بسياج منخفض ِمن الورود الصغرية واآلس .يدير يسوع ظهره هلذا
ويتجمعون حوله.
ّ السياج ويبدأ احلديث .يصمت اجلميع
البشري ابإلَجال.
ّ كل اجلنس
املعين هبذه التسمية؟ ّ
كنفسك" ،ولكن َمن هو ّ َ يبك
قيل" :أحبب قر َ
خاص أكثر أبناء البلد الواحد؛ ُثّ،
ّ األمة الواحدة؛ وبشكل كل الناس يف ّأخصّ ،
ّ بعدئذ ،بشكل
احلب ،املنحصر َكبَتالت تاجبتضييق الدائرة أيضاً ،كل األهل واألقارب؛ أخرياً ،بتضييق الدائرة أكثر لِ
ّ ّ
ب األخ؟ هل حنبّه فقط ألنّنا ِمن اللحم والدم ذاهتما؟ هذا مـا تَعرف
ولكن كيف ُيب أن ُحن ّ
شرتك ِسوى ِ
العش عينه .هي ،ابلفعل ،ليس هلا من أمر ُم ََ
أن تفعله كذلك العصافري الصغرية القابعة يف ّ
األبوي واألموم ّي ذاتهَ .حنن اللعاب طعم وتذوق ذاهتا، التفقيس بيض وجبة ن هذاّ :إّنا خلِ َقت ِ
م
ّ ُ
البشر ،أكثر ِمن العصافري ،لدينا ما يفوق اللحم والدم .لدينا اآلب ،ابإلضافة إىل أب وأ ُّم .لدينا
األم اللذين أجنباان،
حب األخ كأخ ،بسبب األب و ّ النَّفس ولدينا هللا أب اجلميع .وها إنّه ُيب معرفة ّ
وكأخ بسبب هللا الذي هو األب الشامل.
ب اتفه للغاية ،ذلك الذي ح هّنإ جسده. ن ِمن أجل ذلك ُيب االهتمام بروح األخ أكثر ِ
م
ُ ّ
األبدي. حالفر ضيع ي أن ميكنه ل، همالً الذي ال يفىن ،والذي ،إذا ما أ ِ
ُِه ينصب فقط على ما يفىن ،م ِ
ّ ُ َ ُ َ َ ّ
كثريون ج ّداً ُهم أولئك الذين يُتعِبون أنفسهم ِمن أجل أشياء ال طائل منها ،الذين يُن ِهكون أنفسهم
ضروري حقاً .األخوات احلقيقيّات ،اإلخوة ّ ِمن أجل منفعة نِسبية فقط ،وقد غاب عن انظريهم ما هو
الصاحلون ينبغي ّأال يَصبّوا اهتمامهم على احملافظة على ترتيب الثياب فقط ،وّتهيز الطعام ،أو مساعدة
اإلخوة يف عملهم .بل عليهم أن ينكبّوا على أرواحهم ،سـماع أصواهتا ،مالحظة أخطائها ،وبصرب
الصحة والقداسة ،إذا ما رأوا يف هذه األصوات وهذه ّ حنون ،املعاانة من أجل أتمني روح يتن ّفس
األخطاء ما يُش ّكل خطراً على حياهتم األبديّة .وعليهم ،إذا ما أخطأوا ّتاههم ،العمل على املساُمة
احلب الذي ال يَغفر هللا بدونه. إىل ابلعودة وذلك أجلهم، نمواحلصول على مغفرة هللا ِ
ّ
أخيك ،بل َوِّجه له اللوم علناً ّ
لئال ترتَ ِكب األخطاء بسببه". قلبك ّتاه َ
قيل" :ال يكن بُغض يف َ
هوة .قد يبدو لكم أ ّن النُّفور وغياب العالقات احلب ،ما تزال هناك ّ
ولكن ما بني غياب البُغض و ّ
احلب وابلضرورة
أتيت أُعطيكم أنواراً جديدة على ّألّنا ليست بُغضاً .ال .لقد ُوالالمباالة ليست خطااي ّ
بكل الثاين على اء
و األض ط على البغض ،أل ّن من يسلّط األضواء على األول بكل تفاصيله ،يسلِ
ّ
ّ ُ ّ ّ َ ُ ُ
األول ،احندر
يؤدي إىل انفصال كبري عن اآلخر ،إذ كلّما َمسا ّ ابألول إىل األعايل ّ
السمو ّ
حّت ّ
تفاصيلهّ .
اهلوة.
اآلخر إىل درجات أعمق يف ّ
ذهيب هو الكمال .إنّه دقّة املشاعر واحلُكمّ .إّنا احلقيقة دون استعارات وال كناايت .وأقول َم َ
احلب هو ِ
جملرد عدم كوّنا حبّاً .وعكس ّ لكم إ ّن النُّفور ،انعدام العالقات والالمباالة تُصبح بُغضاًّ ،
طبيعي
ّ البُغض .هل ميكنكم إعطاء اسم آخر للنُّفور؟ للرتفُّع عن كائن؟ لالمباالة؟ فَ َمن ّ
ُيب لديه ميل
حّت ولو احلياة أبعدته عن احملبوبُيبّ ، ّتاه الذي ُيبّه .إذن فَ َمن لديه نُفور ّتاهه ال ُيبّهَ .من ّ
افرت َق أحدهم عن آخر ابلروح ،فإنّه ال يعود ُيبّه.
ابجلسد ،فإنّه يستمر قريباً منه ابلروح .إذن إذا ما ََ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 483 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
بكل ما له عالقة به .إذن إذا ما يهتم ُّيب ال يَشـعُر ُمطلقاً ابلالمباالة ّتاه احملبوب ،بل ابلعكس ّ
َمن ّ
كان لدى أحدهم الشعور ابلالمباالة ّتاه آخر ،فإّّنا هي إشارة إىل أنّه مل يـَعُد ُيبّه .تَـَرون إذن أ ّن
هذه األمور الثالثة إّّنا هي فروع ثالثة لنبتة واحدة :نبتة البُغض .إذ ماذا َُيصل حينما يسيء إلينا
مرة ِمن أصل مائة ،إذا مل ُيصل بُغض فَـنُفور ،أو البعاد أو الالمباالة. أحد الذين حنبّهم؟ يف تسعني ّ
تتصرفوا هكذا .ال ُّت ِّمدوا قلوبكم أبشكال البُغض الثالثة تلك .أحبّوا.
ال .ال ّ
حّت الذيب ّ ولكنّكم تتساءلون" :كيف نستطيع ذلك؟" أُجيبُكم" :كما يستطيعه هللا الذي ُي ّ
يُسيء إليهُ .حبّاً أليماً ،ولكنّه صاحل على الدوام" .تقولون" :وكيف سنفعل؟" فأُعطي الشريعة اجلديدة
بتأنيبك ّإايه أمام
َ أخوك فال حت ّقره على املأل
إليك َللعالقات مع اإلخوة املذنبني ،وأقول" :إذا أساء َ
يين هللا،
أخيك عن عيون العامل ".وهبذا تنال أجراً عظيماً يف ع ّ
ك ُخيفي خطيئة َ اجلميع ،بل اجعل حبّ َ
لكربايئك.
َ كل إرضاء ابحلب ا
ً ع ِ
قاط
ّ ّ
ٍ
كمستجد َمنون، وأتملَ ِمن ذلك! إنّه َميضي
آه! كم َُيلو لإلنسان اإلعالن عن أنّه أُسيء إليه َّ
وصعاليك مثله يَطلُب قُبضات ِمن
َ ص َدقَة ذهباً ِمن َملِك ،بل َميضي إىل بـُلَهاء آخرين
ال ليَستَعطي َ
ويلح يف ى ك
ّ ليتش ضي مي
َو إليه، ُسيءأ ن م ومساد وجرعات ِمن سم حارق .هذا ما يهبه العامل لِ رماد َ
ّ َ ّ
طلب املؤاساة .هللا ال َـملِك يَ ِهب الذهب الصايف لِ َمن إذا ما أُسـيء إليه ،ال يذهب يبكي أمله ّإال عند
وعربة الحتمال وقوع قدميه ،ولكن بدون حقد ،ويطلب منه هوِ ،من احلب واحلكمة ،مؤاساة حب ِ
ّ ّ
حبب. ما هو مض ٍن .إذا كنتم تريدون مؤاساة إذن ،فاذهبوا إىل هللا ّ
وتصرفوا ّ
حّت مع قريبكم حلب .إذّ ، ُخوة اب ّافعلوا هذا َمع َمن ُهم أخوتكم ابلدم ،أو َمن تربطكم هبم أ ُّ
التصرف بقداسة ودون َج َشع ،دون قَسوة ودون ِحقد .وعندما تكون َ
هناك األكثر بُعداً ،عليكم ّ
نفسك،
َ وخصمك ،اي أيّها اإلنسان الذي غالباً ما َِّتد
َ أنت
نزاعات تستدعي أن تذهب إىل القضاء َ
ِ
ت على ِ
لك أن ّتتهد أثناء الطريق يف أن تُصاحله ،أكن َ منك ،يف أسوأ وضع ،فأان أقول َ بسبب خطأ َ
خطأ أم على صواب .ذلك أ ّن العدالة البشريّة هي دائماً غري كاملة ،وعادة يُ َسِّري الدهاء العدالة ،وقد
حقك،
لك ليس فقط عدم اسرتداد َ أنت الربيء إىل ُمذنِب .وقد ُيصل َ يتحول املذنب إىل بريء ،و َ
ّ
لك القاضيرس َ ك بريء ،فقد تُعتَرب مذنباً ابلقدح والذم والتشهري ،وي ِ ن أ ن تك ،وابلرغم ِ
م حج َ
ُ َ َ ّ إّّنا فقدان ّ
حّت تفي آخر فلس. يدعك تذهب ّ َ السجان ،الذي ال
إىل ّ
ُكن متساهالً .هل يتأ ّمل كربايؤك ِمن ذلك؟ حسناً .هل ينقص َ
مالك؟ إنّه ألفضل أيضاً .يكفي
اعملوا على أن
للذ َهب .ال يكن لديكم َّنَم للمديحَ . حب حنيين َّ لديك ّ قداستك .ال يكن ََ أن تنمو
ّ
صلّوا ِمن أجل الذين يُسيئون
يثين هللا عليكم .اعملوا على أن تَكنـزوا لكم كنـزاً عظيماً يف السـماءَ .و َ
ميجدونكم ويعيدون إليكم خرياتكم .وإذا مل ص َـل هذا ،فأولئك أنفسـهم ّ إليكم كي يتوبوا .إذا ما َح َ
يَفعلوا ُهم ،فاهلل يُف ِّكر يف ذلك.
الر ُسل. امضوا اآلن ،فقد حان وقت الطعام .فليبق فقط الـم ِ
ستج ّدون ،وليَجلسوا إىل طاولة ُّ ُ
ليكن السالم معكم».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
بطرس غارق يف التفكري .يراه يسوع ويَسأله عن السبب .فيشرح بطرس« :أُف ّكر ّ
ألي واجب
عظيم اخرتتَنا ،وأخاف لذلك ،أخاف ِمن أن ال أُجيد القيام به».
لكن
«ابلفعل ،فإ ّن مسعان بن يوان أو يعقوب بن حلفى أو فليبّس أو آخرين لن ُُييدوا الفعل ،و ّ
عملون جنباً إىل ِ
الكاهن بطرس والكاهن يعقوب والكاهن فليبّس أو توما سوف ُُييدون فعله أل ّّنم َسيَ َ
جنب مع احلكمة اإلهليّة».
ما قُلتُه للشعب ّأوالً ،ينبغي لكم أن تُ ِتقنوه أنتم ،اي َمن متّ اختياركم ِمن بينهم .لقد َسأَلَين مسعان
ُكرر إجابيت على َمسمع علي أن أغفر؟ لِ َمن؟ ملاذا؟" وأجبتُهُ على ِحدة ،واآلن ،أ ِّ مرة َّ
بن يوان" :كم ّ
صح أن تعرفوا.اجلميع ألنّه يَ ّ
مرة ،وكيف ،وملاذا ُيب أن تساُمواُ .يب أن تساُموا كما يُسامح هللا ،وهو الذي امسعوا َكم ّ
مرة ،طاملـا هو يَرى أ ّن إرادة ارتكاب اخلطيئة ،السعي إىل ِ ِ
مرة ونَدم ،يَغفر ألف ّإذا ما أخطأ املرء ألف ّ
ضعف اإلنسان. أسباب اخلطيئة ،غري موجود لدى اخلاطئ ،إّّنا على العكس ،ليست اخلطيئة سوى َمثَرة ُ
يف حال املثابرة على ارتكاب اخلطيئة مبلء اإلرادة ،ال ُميكن أن يكون هناك غُفران لإلساءات ض ّد
الشريعة .ولكن رغم أ ّن تلك األخطاء تؤملكم شخصياًِ ،
ساُموا .اغفروا دائماً لفاعلي الش ّـر لكم .اغفروا ّ
لكي يُغ َفر لكم ،فأنتم كذلك ترتكبون األخطاء ض ّد هللا وض ّد إخوتكم .املساُمة تَفتَح ملكوت
ِ ِ ِ
وخدَّامه.
ص َل بني َملك ُالسماوات ،ل َمن َغ َفر وملن غُفر له .وهذا يُشبِه ما َح َ
أراد َملِك أن ُُياسب عبيده .فناداهم الواحد تلو اآلخر ،بِدءاً ِمن املراتب العُلياِ .جيء إليه
بواحد منهم عليه عشرة آالف بدرة (عملة قدمية) ،وَمل يَكن عنده ما يفي به دينه للملك الذي أقرضه
كل نوع .يف احلقيقة ،ألسباب قد تكون أو ال تكون مشروعةَ ،مل ِ
ليبين له بيواتً ويقوم أبعمال من ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 488 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يست ِ
خدم املبالغ اليت تل ّقاها ملشاريعه بعناية فائقة .فأ ََمَر امللك السيَّد ،الذي أاثر سخطَه َك َس ُل ذاك َ َ
وعدم التزامه ،ببيعه وبيع امرأته وأوالده وَجيع ما َميلِك ليقضى (يُسدَّد) دينه .فجثا له العبد ساجداً ُ
حّت آخـر وأَخ َذ يرجوه بدموع وتوسالت ويقول" :دعين أذهب .أم ِهلين وسوف أ ِ
علي ّ ّ ما لك ُؤد
ّ ّ َ َ
دينار" .وامللك الذي أتثـََّر ابألمل الكبري -فقد كان َملِكاً صاحلاً -مل يَستَ ِجب فقط لطلبه ،ولكنّه إذ
َعلِ َم أ ّن ِمن أسباب عنايته القليلة وعدم انتباهه لالستحقاقات ،كانت األمراض كذلك ،فأطلَ َقه وأعفاه
ِمن الدين.
خاص ،ابتداء
هت إليهم هذا الصباح حبديث ّ توج ُ
املظال قريب .والذين َّانتهت اإلقامة .عيد ّ
احتفظت ابلبعض منهم على
ُ ِمن الغد سوف يَسبقونين ليُبشـّروا الناس يب .فال َُتُّر عزمية الباقني .لقد
سبيل احليطة واحلذر ،وليس انتقاصاً أو احتقاراً هلم .سوف يبقون معي ،وقريباً سوف أ ِ
ُرسلهم كما
ُرسل االثنني والسبعني األوائل .احلصاد كثري وال َف َعلة قليلون دائماً نسبة إىل العمل الواجب إجنازه.أِ
رب احلصادصلّوا إىل ّ
فهناك إذن عمل للجميع .ولن يكون عددهم كافياً .إذن ،بغري حسد أو غريةَ ،
رسل على الدوام فَـ َعلَة ُجدداً ِمن أجل حصاده.كي ي ِ
ُ
الر ُسل وأان ،أثناء ّأايم االسرتاحة هذه ،قد أكملنا أتهيلكم ِمن أجل العمل الذي اآلن امضواُّ .
عليكم القيام به ،بتكرار ما قُلتُه قبل إرسال االثين عشر .لقد سألين أحدكم" :ولكن كيف أشفي
ابمسك؟" اشفوا الروح ّأوالًِ .ع ْدوا ذوي العاهات مبلكـوت هللا إذا َع ِرفوا أن يؤمنوا يب ،وبعد أن تَروا
َ
كل شيء .وبكلمة واثقة بـُثّوا الرجاء .سآيت ِ
اإلميان فيهمُ ،مروا املرض أن يذهب .أَضرموا اإلميان قبل ّ
بدوري ألضع فيهم احملبّة اإلهليّة ،كما وضعتُها يف قلوبكم بعد أن آمنتم يب وأضحى لكم الرجاء برمحيت.
الرعاة يف
اذهبوا إذن ،واسبقوين على طرقات األردن .ولدى وصولكم إىل أورشليم ،اذهبوا للقاء ُّ
وادي بيت حلم ،وتعالوا لتجدوين يف املكان الذي تعرفونه (حقل اجلليليّني) .وسوف حنتفل معاً ابلعيد
أي وقت إىل َع َملنا. ِ
املق ّدس ،لنعود بعدئذ أكثر ثبااتً من ّ
1945 / 09 / 18
حقل اجلليليّني الشهري -أظنّه معىن العبارة اليت استخ َد َمها يس وع (يف الرؤاي السابقة) لتحديد مكان
اللقاء عند عودة االثنني والسبعني املرسلني سابقاً -ليس ِسوى جزء ِمن جبل الزيتون ،وهو أقرب إىل الطريق
أيت فيه ،يف رؤاي قدمية ،يواكيم وحنّة
َتر به .وهو كذلك ،بدقّة ،املكان الذي ر ُ
املؤ ّدية إىل بيت عنيا ،بل هي ّ
َُييِّمان مع حلفى ،الذي كان آنذاك صغرياً ،إىل جانب أكواخ أخرى ِمن األغصان ،يف عيد املظال الذي
َسبَ َق احلَبَل ابلسيدة العذراء.
العامة
كل شيء على هذا اجلبل لطيف :ال َـمسالك الصاعدة واملناظر ّ مدورةّ . قمة ّ
جلبل الزيتون ّ
يتنشق السـالم ،فالزيتون يُغلّفه والصمت يَل ّفهَّ .إّنا ليس يف هذا الوقت ،فهناك القمة .يف احلقيقة إنّه ّ
و ّ
أانس اّنَمكوا يف صنع األكواخ .إّّنا يف العادة هو حبق مكان راحة وأتمل .إىل يساره ،ابلنسبة للن ِ
َّاظر ّ ّ َ
نح َدر بستان م ن املتَّجه صوب الشمال ،يوجد منخ َفض خفيفُ ،ث قمة أخرى مبنحدر أقل ح ّدة ِ
م
ُ َ ّ ّ ّ ُ َ
لست أدري ما إذا كان هذا عرفاً دينيّاً وقد أصبَ َح الزيتون .هنا ،على هذا املسطّحُ ،خييّم اجلليليّونُ .
تقليداً ،أم هو نتيجة أوامر رومانيّة هبدف حتاشي سوء التفاهم القائم مع اليهود ،أو مع ُس ّكان مناطق
أخرى ال يتعاملون بِظُرف مع اجلليليّني .هذا ما ال أعرفهُ ،ج ّل ما أعرفه هو أنّين أرى الكثري ِمن اجلليليّني
وبينهم حلفى بِن سارة الذي ِمن الناصرة؛ يوضاس املالك العجوز الذي ِمن قرب حبرية مريون؛ ايئريوس
رئيس اجملمع؛ وآخرون ِمن بيت صيدا وكفرانحوم ومدن أُخرى ِمن اجلليل ،ال أعرف أمساءها.
يشري يسوع إىل ِ
املوضع الذي سيُقيمون فيه أكواخهم ،ابلضبط هو عند احلدود الشرقيّة حلقل ُ
الرسل مع بعض التالميذ ِ
ومن بينهم الكاهن يوحنّا والكاتب يوحنّا وتيمون رئيس اجملمع، اجلليليّنيُ ُّ .
عماوس ،وهابيل الذي ِمن بيت حلم اجلليلُ ،م َنه ِمكون ِ
ومعهم إيتيان وهرمست ويوسف الذي من ّ
ببناء األكواخّ .إّنم ُم َنه ِمكون ويسوع يتح ّدث إىل أطفال ِمن كفرانحوم يتزامحون حوله طالبني منه
لت تبكي؟ »...يَسأله يسوع وهو يُقبِّله ِمن صدغيه ،وهو األطول «وملاذا ،اي صديقي؟ أما ز َ
ِمن لعازر أبكثر ِمن طول الرأس ،والذي يبدو أكرب أيضاً ،أل ّن لعازر املمتلئ ُحبّاً وإجالالً ،ينحين أثناء
العِناق.
لك :إ ّن مرمي قد َح َّولَت صوب اخلري «وليس ضرورّايً أن تفهم .يكفي أن أفهم أان .إّّنا أقول َ
كل طاقات كياّنا القويّة .ولقد َو َّج َهت طَْبعها صوب الكمال .ومبا أ ّن طَْبعها يتمتّع بِ ُقدرة ُمطلَ َقة،
ّ
شر لتكون قديرة يف اخلري كما كانت ال يف بتها
ر ّت ف حتفظّ .إّنا تُو ِ
ظ
ّ فإّنا تندفع يف هذا الدرب دون ُّ
ّ
ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 493 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ض َعت موضع العمل األسلوب ذاته يف إعطاء ذاهتا ابلكامل كما كانت تفعل يف الشر ،وإذ َو َ
يف ّ
بكل إهلك
َ الرب
ّ بفإّنا َهتِب ذاهتا ابلكامل إىل هللا .لقد أدرَكت معىن الشريعة القائلة" :أحبِ
اخلطيئةّ ،
ّ َ
كل َمن يف العامل
كل َمن يف إسرائيل مرمي ،لو كان ّ
تك" .لو كان ّوبكل ّقو َ
بنفسكّ ،
َ جبسدك،
َ كيانك،
َ
مرمي ،ألصبَ َح لنا على األرض ملكوت هللا ،كما هو يف أعايل السماء».
«آه! اي معلّم ،اي معلّم! هي مرمي اجملدليّة اليت تستحق هذا الكالم!»...
ت هنا، ِ
مت أنّين كن ُ
ّإّنا مرمي أُخت لعازر .صديقيت العظيمة ،أُخت صديقي العظيم .كيف َعل َ
وأُمي مل تَ ِ
صل بعد إىل بيت عنيا؟» ّ
ك آت .وأان كنت أ ِ
ُرسل أحث اخلطى ،أتى وكيل منطقة املياه احللوة ليقول يل أبنّ َ
«بينما أان ُّ
ُ
فمشيت على الفور»...
ُ لتوه يقول يل" :لقد جاء ،وهو يف حقل اجلليليّني".
خادماً يوميّاً .وقد أتى ّ
ك تتأ ّمل»...
«ولكنّ َ
«كثرياً ،اي معلّم! هذان الساقان»...
األول (أكتوبر) الصافية ،يَعود االثنان والسـبعون مع إيلي أثناء َغ َسق طويل ألحد ّأايم تشرين ّ
الرعاة الثالثة ُسعداء لكوّنم قد أصبَحوا ويوسف وليفي ،تَعِبني ،يكسوهم الغبار ،إّّنا ُسعداء للغاية! و ُّ
أحراراً خلدمة املعلّم .سعداء كذلك لكوّنم ،بعد انفصال دام سنوات كثرية ،عادوا لالنضمام إىل ِرفاق
مهمة رسوليّة هلم .الوجوه تُ ِش ّع أكثر من املصابيح
ّأايم زمان .االثنان والسبعون ُسعداء الختبارهم ّأول ّ
احلجاج. ِ
الصغرية اليت تُنري األكواخ املبنيّة هلذا العدد من َجوع ّ
ساعدها يف إعداد العشاء .وحوهلما كوخ يسوع يف الوسط ،وأدىن منه كوخ مرمي ومرغزايم الذي ي ِ
ُ
الر ُسل .مرمي اليت حللفا يف كوخ يعقوب ويوضاس؛ مرمي صالومي وزوجها يف كوخ يوحنّا ويعقوب؛ أكواخ ُّ
فعلي ...بل إّّنا ال ب ّد
ويف الكوخ اجملاور سوسن مع زوجها الذي ال هو رسوالً وال تلميذاً ...بشكل ّ
ض بقائه هناك ،وذلك ألنّه َمسَ َح المرأته أبن تكون ب ُكلِّيتها ليسوعُ .ثّ َحوَهلا أكواخ التالميذ،أنَّه قد فَـَر َ
نضموا إىل
ومن ليس لديهم .والذين مبفردهم ،وهؤالء ُهم األكثر عدداً ،كانوا قد ا ّ َمن لديهـم عائالت َ
األندوري مع هرمست املنعزل ،الذي كان قد َسعى كي يكون أقرب ما ميكن ِمن ّ رفيق أو أكثر .يوحنّا
كوخ يسوع ،بشكل أن مارغزايم يَذهب إليه غالباً ،حامالً له هذا الغرض أو ذاك ،أو ُمف ِرحاً ّإايه
ذكي ،والسعيد لكونه مع يسوع ومرمي وبطرس ،ويف ِعيد. آبرائه ،آراء طفل ّ
يتوجه يسوع إىل منحدرات بستان الزيتون يتبعه التالميذ َجاعات .يف َمعزل عن
بعد العشاءّ ،
قصون على يسوع بتفصيل أكثر ممّا كانوا صلّوا بشكل َجاعيَّ ،
فإّنم يَ ّ الضوضاء واجلموع ،وبعد أن َ
ّ
وَميئهم.
قد فَـ َعلوا سابقاً ،وسط َرواح اجلموع َ
ّإّنم مندهشون وفَ ِرحون حينما يقولون« :هل تَعلَم ،اي معلّم ،أ ّن ليست األمراض فقط ،بل
أنت ِ
ك َ جملرد أنّ َ
امسك؟ اي له من أمر ،اي معلّم! حنن ،حنن املساكنيّ ،
بقوة َ
ض َعت لنا ّالشياطني أيضاً َخ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 496 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
َرسلتَنا ،كنا نتم ّكن ِمن حترير اإلنسان ِمن ُسـلطان الشـيطان املريع! »...ويَ ُروون األحداث الكثرية اليت
أ َ
صلَت هنا وهناكَ .ح َدث واحد فقط قالوا عنه« :األهل ،أو ابألحرى أ ُّمه واألقاربَ ،جلَبوه لنا َح َ
دت هنا إبرادته ،بعد أن طََرَدين يسـوع الناصري ،ولن ِ
لكن الشيطان َسخر منّا قائالً" :لقد عُ ُ
ُمر َغماً ،و ّ
ع الرجل ممّن كانعين" ،وفجأة ،وبقوة هائلة ،انتَـَز َ
ث ّأتركه أبداً ألنّه ُيبّين أكثر ِمن معلّمكم ،وقد َحبَ َ
هوة .ركضنا لنرى إذا ما كان قد ُك ِسَر له شيء ما .ولكن ال! كان َُيري ِمثل ُميسك به ورماه أسفل ّ
ِ
ظَبية فتيّة ُمطلِقاً الشتائم والسخرايت ،وهي ابلتأكيد ليست ِمن هذه األرض ...لقد أش َفقنَا على
يتصرف هكذا؟»
األ ُّم ...إّّنا هو! إّّنا هو! آه! هل ميكن للشيطان أن ّ
حّت أكثر ».يقول يسوع وهو حزين. ِ
«إبمكانه فعل ذلك ،بل ّ
كنت هناك»...
ك لو َ
« ُُيتَ َمل أنّ َ
الشر وأراد ذلك.لت له" :اذهب وال تَـعُد ُُتطئ" .وهو أراد ذلك .كان يَعلَم أنّه يريد ّ «لقد قُ ُ
املبدئي ،والذي يستسـلم لالستحواذ ،عالِماًّ حوذ عليه بسبب جهله لقد ضاع .هناك فرق بني َمن يُستَ َ
أنّه بِِفعله هذا يبيع نفسه للشيطان ِمن جديد .ولكن ال تتح ّدثوا عنه .إنّه عُضو َمبتور ،دون رجاء .إنّه
الرب لالنتصارات اليت َم َّن هبا علينا .إنّين أعرف اسم اخلاطئللشر مبشيئته .فلنُسبِّح ابألحرى ّ ُمريد ّ
أيت الشيطان يسقط كالصاعقة بفضل جدارتكم اليت َّاحتَ َدت مع امسي. وأعرف أمساء املخلَّصني .وقد ر ُ
ألنّين رأيت تضحياتكم وصلواتكم واحلب الذي م َأل قلوبكم بينما أنتم ماضون إىل البؤساء لِت ِ
نجزوا ما ُ َ ّ ُ
فعلون ،ولكنّهم ت
َ ما آخرون ل فع ي سوف هللا. م ككابر وقد ، حبب فتمتصر لقد عله. طلبت منكم فِ
َ ََ ّ ّ ُ
فرحوا إبخضاع األرواح ،ولكن ب .ولن يهتدي أحد على أيديهم ...حينئذ ،ال تَ َ سيفعلونه بدون ُح ّ
افرحوا أل ّن أمساءكم َمكتوبة يف السماء .فال َّت َعلوها ُمتحى ِمن هناك»...
كل وقت».
«ال ،اي أغابّو ،يف ّ
احلب َجيعكم».
«هدوء! هدوء! ابقوا هادئني ،واجتهدوا على أن متتلكوا ّ
ُيب أكثر ِمن اجلميع؟» ِ
«ولكن َمن منّا يَعرف أن ّ
ُُييل يسوع نَظََره يف اجلميع ابلتَّتابُعُ :مالطَفة ابمسةُ ...ثّ َخيفض نَظََره على مرغزايم الذي ما
ومديراً وجه الطفل صوب اجلمع الصغري ،يقول« :ها هو الذي يعرف زال ُمصوراً بينه وبني بطرسُ ،
عينُ .ثّ ...آه! اجلموع العظيمة ،ليس ابلعدد ،بل بِنِعمة الذين عون «بعد ذلك سوف تُدافِ
ّ
سمعون ،ما تَـَرونه اآلن وتعرفونه وتسمعونه! آه! اجلموع العظيمة ،اجلموع سوف يـََرون ،يَع ِرفون ويَ َ
احملبوبةَ ،جوعي "الصغار-الكبار! عيون أزليّة ،أرواح أزليّة ،وآذان أزليّة! كيف أشرح لكم ،اي َمن
ُحتيطون يب ،ماذا يعين أن َُي ََي املرء بطريقة أزليّة ،بل أكثر ِمن أزليّة ،بال قياس ،أولئك الذين سيحبّونين
حّت ولو ُهم يعيشون يف زمن ال تعود حّت إبطال الزمن ،وسـوف يكونون "سـ ّكان إسرائيل" ّ وسأحبّهم ّ
فيه إسرائيل ِسوى ِذكرى أ ُّمة ،وسيكونون معاصري يسوع الذي يعيش يف إسرائيل .وسوف يكونون
أي اسم سـوف أُطلِق عليهم؟ أنتم ُر ُسـل وأنتم حّت معرفة ما ُماه الزمن وما بَلبَـلَه الكربايءّ .ويفّ ،معي َّ
سمون "مسيحيّني" .وهؤالء؟ ماذا سـيكون امسهم؟ سـيكون امساً غري معروف تالميذّ ،أما املؤمنون فسيُ ّ
كل شيء، جسدي. ارة
ر ح يت، م ّإال يف السماء .أية مكافأة سيجزون هبا منذ هذه األرض؟ قُبلَيتَ ،كلِ
ّ َ َُ ّ
االحتاد الكامل…وهم أانّ . كل شيء ،كلّي أان ذايت .فأان ُهمُ ، ّ
اذهبوا .أما أان فسـأبقى أُمتِّع نفسـي بتأمل الذين سـوف يَعرفونين يف املسـتقبل وُيبونين بدون
َحت ُّفظ .السالم معكم».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
املظال)
ّ ( -145يف اهليكل ،من أجل عيد
1945 / 09 / 20
يتوجه يسـوع إىل اهليكل .يَسبقه التالميذ َجاعات ،وتتبعه النسـوة التلميذات َجاعة :أ ُّمه ،مرمي
ّ
لكالواب ،مرمي صالومي ،سوسن ،حنّة قوزى ،إليز Eliseبيت ساحور ،أانليا أورشليم ،مرات ّ اليت
الر ُسل االثين عشر ومرغزايم ُُييطون بيسوع.
ومرسيل .مرمي اجملدليّة ليست هناكُّ .
كل املناطق .تراتيل، ن أورشليم يف بذخ أايم عيدها االحتفايل .أُانس على الطرقات َجيعهاِ ،
وم
ّ ّ َ ّ
كل هذا ،مساء ُمشـ ِرقة ِ ِ
صلوات َمهموسة ،لَعنات للحمري ،بعض من بكاء األطفال ،وفوق ّ عظاتَ ،
ظهر بني البيوت ،ومشس َهتبط فَ ِرحة لتجعل ألوان الثياب أكثر نُضرة ،لتُثري األلوان امليتة للتعريشات
تَ َ
واألشجار اليت تُرى هنا وهناك خلف جدران احلدائق املغلقة أو الش ُُّرفات.
المسوا
حّت َ
فالحو جيوقاان ،وقد أتى هبم القائم على األمالك ،فكان سالمهم أن َجثوا ّ ّأما ّ
قدمي يسوع .يتوقّف اجلمع لريى بدهشـة َمموعة الرجال هذه الذين، ِ
تراب الطريق بينما ُهم يُقبّلون ّ
وهم يَهتفون عند أقدام شاب ليس ّفريسيّاً وال كاتباً مشهوراً ،وال رجل
فرتق طُرق ،يتدافعون ُ
عند ُم ََ
بالط ذا سلطان ،ويَسأل أحدهم َمن يكون .وينتشر اهلمس« :إنّه رايب الناصرة ،الذي يُقال عنه إنّه
ماسيا».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 501 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ُمهتدون ُج ُدد ووثنيّون ُُييطون به آنذاك بفضول ،دافعني اجملموعة إىل اجلِّدار ،وقد َخلَقوا
لكن اجلمع يعود ِ
حّت َّفرقَهم َرهط من احلمري وهم يَلعنون اإلعاقة .و ّ ازدحاماً يف الساحة الصغريةّ ،
فرقني النسـاء عن الرجالُ ،ملِ ّحني ،فَظّني يف بوادر إمياّنم .اجلميع للتجمع ِمن جديد دون أتخريُ ،م ِّ
ّ
يريدون أن يَلمسوا ثياب يسوع ،أن يقولوا له كلمة ،أن يَسألوه .إنّه جلهد ضائع ،أل ّن َع َجلَتهم ذاهتا،
أي واحد يؤدي إىل عدم جناح ّ كل هذا ّ وهم يتدافعونّ ، قَـلَقهم ،حركاهتم لالنتقال إىل الصفوف األوىلُ ،
وحّت األسئلة واألجوبة تذوب يف ضوضاء ُم َبه َمة.
يف ذلكّ ،
الوحيد الذي يَنتَ ِزع نفسـه من هذا املشهد هو ج ّد مرغزايم الذي ُُييب بصيحة على صيحة
الصيب إىل قلبه ،وإذ هو على تلك احلال مرتكزاًّ يضم
حفيده ،وحاالً ،بعد أن ُُييّي املعلّم إبجاللّ ،
يتأمله ويداعبه بدموع وقُبالت فَ ِرحة ،يَسأله ويَسمعه. ِ
على عقبيه وركبتاه إىل األرضُُ ،يلسه يف حضنهّ ،
لقد أصبَ َح العجوز وكأنّه يف اجلنّة ،لش ّدة سعادته.
هرع اجلنود الرومان لظنّهم أ ّن هناك مشكلة قائمة ،ويَش ّقون هلم طريقاً .ولكنّهم حينما يـََرون يَ َ
فرتق الطُّرق ّ
اهلام ُحّراً. يسوع ،يبتسمون وينسـحبون هبدوءُ ،مكتَفني بنصيحة الذين ُهم هناك برتك ُم ََ
احلرة اليت َخلَّفها جنود الرومان ،الذين يَسبقونه بضعة ِ
ويُطيع يسوع عقب ذلك ،مستفيداً من املساحة ّ
خطوات ،كما لو كانوا يَفتحون له الطريق ،لِيَعودوا يف احلقيقة إىل نوبة حراستهم ،إذ إ ّن احلامية الرومانيّة
ُمكثَّفة ج ّداً ،كما لو أ ّن بيالطس كان يَعلَم أ ّن هناك استياء بني اجلموع ،وكما لو أنّه كان َخيشـى
كل األصقاع. ن انتفاضة يف تلك األايم اليت تعج فيها أورشليم ابليهود القادمني ِ
م
ّ ّ ّ
َجيل أن يُرى وهو يذهب ،تسبقه املفرزة الرومانيّةَ ،ك َملِك ُخيلون له الطريق ،بينما هو يزور
رجالك.
َ أرجوك أن ترتك يل
للصيب والعجوز أثناء تن ّقله« :ابقيا معاً واتبعاين ».وللوكيلَ « :
ممتلكاته .قال ّ
حّت املساء».
سيكونون يف ضيافيت ّ
كل شيء ».وَميضي وحيداً بعد حتية بليغة.
ُُييب الوكيل ابحرتام « :فليكن ما تشاء يف ّ
الفالحون الكالم ،يقول أحدهم« :إنّه دوراس ،اي معلّم ،ذاك الذي
عندما متّ اجتيازهم واستطاع ّ
لعنك».
َ
لدي أنتم تباركونين ».يقول يسوع هبدوء.
«دعه يفعل ،فأان ّ
حّت يرفع
مناحني موجود مع آخرين ،وهو يتّكئ على واجهة قنطرة مزخرفة ،وما أن يَرى يسوع ّ
التقيتك!» ويُقبِل إىل يسوع ،يتبعه ُمرافِقوهُ .ييّيه
َ ذراعيه عالمة على فَـَرحه« :إنّه لَيوم ممتع ،ألنّين
إبجالل حتت القنطرة املزخرفة الظليلة ،حيث تر ّن األصوات كما لو أ ّّنا حتت قُـبّة.
لكن بكاء مرمي اليت حللفا ،احملزونة ،يَر ّن أقوى ِمن إجـابة يوضاس بن حلفا .األنني الطويل
و ّ
إلنسانة َمهيضة اجلَّناح…
روحي».
«ألنكم َجيعكم حاضرون حويل بشكل منظور أو ّ
الرسول بشدة ويُ ّردد
«ولكنّنا سـنكون كذلك على الدوام! ومعنا آخرون كثريون ».يؤّكد يوحنّا َّ
اجلميع ذلك.
حّت التقوا بنيقودميوس الذي ّأدى حتيّة عميقة ،ولكنّه مل يقرتب ِمن يسوع.دخلون ّما كادوا يَ ُ
تباد َل مع يسوع ابتسامة طويلة وو ِادعة.
ومع ذلك فقد َ
الصالة
هلن الوقوف فيهَ ،ميضي يسوع مع الرجال إىل َّ بينما توقّفت النساء يف املكان املسموح ّ
كل الطقوس لِيُالقي الذين ينتظرونه يف رواق الوثنيّني.
وُثّ يعود بعد أتدية ّ
املخصص لليهودُ ،
ّ يف املكان
حب ِ
حيب أانّ . حب وحيدّ : احلب من أجل ّ كل أنواع ّالتجرد عن ّ
إيل كتلميذ ،هذا يعين ّ اجمليء ّ
لألم س د املق احلب للزوجة، يه
ز ـنال احلب لطة، للس أو اتوللشه ات، وللثر الذات األانين ،احلب ِ
اآلُث
ّ ّ ّ ّ ُّ ّ ّ
احلق ِ
حليب ،إذا ما أراد أحد أن يتبعينّ . كل هذا أن يُذعن ّ احلب الودود لألبناء واإلخوة ،على ّ
واألبّ ،
حرية من أكثر السماء، يف قة أقول لكم إ ّن على تالميذي أن يكونوا أكثر حرية ِمن الطيور الـمحلِ
ّ
ّ ُ ّ
هتب يف الفضاء ،وال يستطيع أحد أن يضبطها ،ال أحد وال شيء .أحراراً دون قيود ثقيلة، الرايح اليت ّ
حّت خيوط العنكبوت الدقيقة للعوائق األكثر خ ّفة .الروح كفراشة ي ،دون ّ ماد ّ
حب ّ دون أحابيل ّ
انعمة ُمغلَقة ضمن شرنقة اجلسد الثقيلة ،وقد يُ ِثقل طرياّنا أو يتوقّف متاماً ،بفعل نسيج عنكبوت
كل شيء وبدون ُّ
حتفظ. دقيق ج ّداً ،نسيج عنكبوت الشهوة ،االفتقار إىل اجلُّود يف التضحية .أان أريد ّ
الروح ُيتاج إىل هذا اجلُّود يف العطاء ،ليتم ّكن ِمن التأ ّكد ِمن عدم البقاء سجني نسيج عنكبوت
الوحشي الذي هوّ العواطف ،العادات واألفكار واملخـاوف املمت ّدة مثل خيـوط ذلك العنكبوت
الشيطان ،سارق النُّفوس.
وحّت
إيل وال َمي ُقت بقداسة أابه و ّأمه وزوجته وأوالده وإخوته وأخواتهّ ، إذا أراد أحد أن أييت ّ
"حسب تعليمهحياته ،فال ميكنه أن يكون تلميذي .قلت "َمي ُقت بقداسة" .أنتم تقولون يف نفسكمَ :
هو ،فال ُـمقت ال يكون أبداً مق ّدساً .فهو يُناقِض نفسه إذن" .ال .فأان ال أُانقِض نفسي .أقول أن
األم والزوجة واألوالد واإلخوة واألخوات واحلياة َمتقتوا ثِ
للحب ّتاه األب و ّّ اجلسدي
ّ امليل ، احلب
ّ قل
ذاهتا ،ولكنِ ،من ِجهة أخرى ،آمر مبحبة األهل واحلياة بتحرر رهيف كما الذي لألرواحِ .
أحبّوهم يف ّ ُ
تمني يف أن تقودوهم إىل حيث هللا ومن أجل هللا ،غري جاعلني هللا يف املرتبة الثانية بعدهم مطلقاً ،مه ّ
فَ ِّكروا يف ذلك كثرياً ،كثرياً ،أنتم اي َمن تقولون" :لقد أتينا ألنّنا نريد االنضمـام إىل تالميذك".
"لست
ُ فليس ِمن العار ،بل هو ِمن احلكمة أن يَِزن املرء نفسه وُياكم ذاته ويعلن لنفسه ولآلخرين:
أهالً ألن أكون تلميذاً" .وماذا؟ فلدى الوثنيّني ،يف أساس أحد تعاليمهم ،ضرورة "معرفة الذات"،
وأنتم ،أيّها اإلسرائيليّون ،أال تعرفون فِعل ذلك ِمن أجل غزو السماء؟
تتصرفوا قبل شروعكم يف احلياة اجلديدة ومواجهة العامل .أل ّن هذا ما ينطوي
هكذا عليكم أن ّ
دوامة وعنف إغراء العامل واجلسد والشيطان .وإذا مل تشعروا يف
املضي عكس ّ عليه كونكم تالميذيّ :
إيل ،ألنّكم ال تستطيعون أن تكونوا تالميذي».كل شـيء حبّـاً يب ،فال أتتوا ّ
أنفسكم ابلشجاعة لنبذ ّ
ط ابجملموعة« ،ولكن إذا ُتلّينا عن َحد ال َكتَـبَة الذي اختَـلَ َ ِ
«حسناً ،ما تقوله صحيح ».يؤّكد أ َ
ُندمك فيما بعد؟ الشريعة لديها الوصااي اليت تُشبِه املال الذي يَ ِهبه هللا لإلنسان َ فبأي شيء
كل شيءّ ، ّ
وحت ِّدد األب واأل ّم
كل شيء"ُ ، "ُتلّوا عن ّ يؤمن لنفسه احلياة األبديّة .تقولَ : لكي ،ابستخدامهّ ،
خدمها والثروات واألمتيازات .ومع أ ّن هللا هو الذي منح هذه األشياء وقال لنا ،على فم موسى ،أن نَست ِ
َ ََ َ
كل شيء ،فماذا تعطينا؟» امن
ّ عت ز ـ
َن إذا هللا. عيين يف ا
ر
ً ا
ر أب ر ظه نبقداسة لِ
ّ َ َ َ َ
« ّإّنا لدى َجيعنا ،حسب الشريعة املوسويّة .وليس اجلميع حبسب الشريعة اليت َج َعلتُها أان
حّت
لكن اجلميع ال يَبلغون ،يف هذه الشريعة ،إىل َك ّم االستحقاقات ذاتهّ .احلب .و ّ
كاملة حبسب ّ
كمية االسـتحقاقات ذاهتا ،وكثريون منهم ،ليس فقط يتوصل َجيعهم إىل احلصـول على ّ
تالميذي ،فلن ّ
الكم ،ولكنّهم سوف َخي َسرون ماهلم الوحيد كذلك :نفسهم».
لن ُيصلوا على ذلك ّ
رسالتك،
َ ونك يف
وتالميذك ،أو ابألحرى ُر ُسلك ،يتبع َ
َ «كيف؟ فَمن أ ِ
ُعطي كثرياً يبقى له الكثري. َ
صلوا على الكثري،
وتالميذك الفعليّون َح َ
َ عملك ،لقد انلوا الكثري الكثري،
وهم على اطّالع على أسلوب َ
تالميذك ابالسـم فقط ،ومل َُيصلوا على شيء ،أولئك الذينِ ،مثلي ،ال َ أقل منهم أولئك الذين ُهمو ّ
الر ُسل يف السماء على الكثري الكثري ،والتالميذ الفعليّون علىهي أن ُيصل ُّ يسمعونك ّإال اندراً .فبدي ّ
َ
تالميذك ابالسم فقط ،وال شيء ألولئك الذين مياثلونين».َ أقل منهم أولئك الذين هم الكثري ،و ّ
بديهي ،وسيّئ كذلك بشرّايً .فليس اجلميع بَِقادرين على جعل اخلريات اليت انلوها
ّ «بشرّايً هذا
أتوسع هنا يف تعليمي .إّّنا أان السـنونو املهاجر وال أقيم
كنت َّ ِ
تُثمر .امسع هذا املثل ،وساُمين إذا ما ُ
أتيت ِمن أجل العامل كلّه ،وعامل هيكل بيت حلم الصغري هذا ،الّإال قليالً يف بيت اآلب ،ذلك أنّين ُ
يريدين أن أتوقّف عن الطريان ،وأن أبقى حيث يناديين َمد اآلب».
ألّنا احلقيقة».
« ّ
يَنظُر الكاتب حولهُ ،ثّ َخيفض رأسه .إنّه يُدرك َّ
أبّنا احلقيقة فعالً ،فإنّه يرى ذلك مكتوابً (ابدايً)
الفريسيّني ،الذين َج َعلوا اجملموعة اليت حتيط بيسوع ِ
على كثري من وجوه أعضاء اجملمع واحلاخامني و ّ
يَعود يسوع هبدوء لِيَعرض فكرته عن طريق ال َـمثَل« :كان رجل على وشك القيام برحلة طويلة،
فضة،
كل ما ميلك .أعطى الواحد مخس وزانت ّ ع لديهم ّ أود َ
والغياب مل ّدة طويلةََ ،جَ َع ُخ ّدامه َجيعهم و َ
ومهارتهُ .ثّ َمضى.
كالً حسب َمواهبه َ
وأعطى آخر وزنتني ،وأعطى اثلثاً وزنة واحدة ذهباًّ .
األقل، له ي هذا هو الـمثل .وكما تَرى أيها احلاخام ،فالذي كان قد حصل على األكثر قد ب ِ
ق
ّ َ َ َ ََ ّ ََ
لك َّ
أبن يستحق احملافظة على عطيّة هللا .فليس ابلضرورة أن يكون صحيحاً قو َ ّ ذلك أنّه مل يَع ِرف أن
اعتربت ّأّنم ليسوا تالميذ ِسوى ابالسم ،كونه ليس لديهم ّإال القليل لِيُتاجروا
َ ال أحد ِمن أو َ
لئك الذين
أبن ال أحد ِمن أولئك الذين ال يَسمعوين ّإال اندراً ،والذين ليس لديهم كرأمسال لك َّحّت قو َبه ،وال ّ
ألّنا قد تُ َنزع ِمن واحد كان قد
سـوى أن ُفسهم ،سوف ينجح ابحلصول على وزنة الذهب وفوائدهاّ ،
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 511 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الرب ال ّنائيّة ،أل ّن ردود فِعل اإلنسان ال َحصر هلا .وسوف تَـَرون
ُمن َح الكثري وتُعطى هلم .فمفاجآت ّ
ِ
غش فيهم ِ
وثنيّني يَصلون إىل احلياة األبديّة ،وسامريّني ميتلكون السماء ،وسوف تَـَرون إسرائيليّني ال ّ
ويتبعونين ،يفقدون السماء واحلياة األبديّة».
لكن أحد و اهليكل. سور إىل ت فيصمت يسوع ،وكأنّه كان يريد وضع ح ّد لكل ِحوار ،يلت ِ
ّ ََ ّ َ ُ
جاد حتت الرواق ،يَ َنهض ويتق ّدم وهو يَسأل« :اي س ليسمع بشكل ّ علماء الشريعة ،وكان قد َجلَ َ
معلّم ،ماذا علي أن أفعل ألحصل على احلياة األبدية؟ لقد أجبت الكثريينِ ،
فأجبين أان كذلك». َ ّ َّ
شوه الشريعة ،أألنّين ت
ُ أشياء أقول أن يف أتمل هل ب؟ «ملاذا تريد أن ُّتربين؟ ملاذا تريد أن تَ ِ
كذ
ّ ّ
ب يف الشريعة؟ أ َِجب! ما الوصيّة الرئيسيّة
َ
أُضيف إليها أفكاراً أكثر نورانية وأكثر كماالً؟ ماذا ُكتِ
ّ
فيها؟»
«كان رجل ذاهباً ِمن أورشليم إىل أرُيا َع ْرب الدروب اجلبليّة ،فَـ َوقَع يف أيدي اللصوص .وهؤالء،
حي وميت.وحّت ثيابه ،وألقوه على قارعة الطريق بني ّ
كل ما ميلكّ ، أثخنوه جراحاً ،انتَـَزعوا منه ّ
بعد أن َ
ومَّر ِمن تلك الطريق كاهن كان قد أّنى خدمته يف اهليكل .آه! كان ما يزال ُمعطَّراً ببخور َ
حلب ،مبا أنّهقُدس األقداس! واملفروض واحلالة هذه أن تكون نفسه ُمعطَّرة ابلصالح فائق الطبيعة وا ّ
كان يف بيت هللا ،يف اتصال معه تعاىل .كان الكاهن على َع َجلَة ِمن أمره للعودة إىل بيته .فَـنَظََر إىل
اجلريح ،ولكنّه مل يتوقّف .بل جاز ُمس ِرعاً اتركاً البائِس على قارعة الطريق.
اي عامل الشـريعة ِأجبينَ .من ِمن هؤالء الثالثة كان قريب الرجل الذي َوقَ َع يف أيدي اللصوص؟
السامري؟ الذي مل يكن يتساءل َمن
ّ الالوي؟ أو ليس هو ابألحرى
ّ هل يكون الكاهن؟ أو قد يكون
ويتحمل
ّ التصرف إبسعافه وهو يَهدر الوقت واملال،
يكون اجلريح ،ملاذا هو جريح ،أم هل كان يُسيء ّ
خطر ّاهتامه أبنّه هو َمن َجَر َحه؟»
«أَعلَم اي أ ُّمي ،وأعرف السبب .إّّنا عليها ّأال تبكي ،بل أن تصلّي فقط».
«آه! ّإّنا تصلّي كثرياً! يف هذه الليايل ،يف كوخها ،بني َولَديها النائِ َمني ،كانت تصلّي وتبكي.
كنت أمسعها تبكي َع ْرب احلاجز الرقيق ِمن األوراق الذي يفصل بيننا .وذلك من جراء رؤيتها يوسف ُ
صلَني هكذا! ...وليست الوحيدة اليت تبكي .كانت معي تبكي حنّة ومسعان على بعد خطوات ومن َف ِ
ُ ُ ُ
لك ساكنة صافية»... اليت تبدو َ
«ملاذا اي أ ُّمي؟»
ب ض ّد َك».
«أل ّن خطيبها قد ان َقلَ َ
تبكني .قويل هلا ذلك .هذا َح ّل (عالج) .صالح من هللا .فإ ّن تضحيتها تُعيد صموئيل
«فال َ َّ
جادة اخلري .وستكون كذلك ُحّرة ِمن أيّة ضغوط من أجل الـزواج .لقد وعد ُهتا أبن آخذها معي.
إىل ّ
وهي سوف متوت قبلي»...
يَرفَع مرغزايم وجهه ويقول ليسوع« :ملاذا تقول هذه األشياء القاسية اليت ُحت ِزن ّ
األم؟ أان لن
دافعت عن احلِمالن كذلك سأدافع َ
عنك». ُ أدعك متوت .فكماَ
نعجاتك؟
َ الصيب« :ماذا ستفعل اآلن سألي نيَناحملزو ت معنواي ن داعبه يسوع ،ولكي يرفع ِ
م ي ِ
ّ َ ّ ُ
أال تشتاق إليها؟»
وإين أتساءل على الدوام" :هل سـتأخذها بورفرييه إىل املرعى؟ وهل ستسهر معك! ّ
«آه! أان َ
على ّأال تذهب سبوما إىل البحرية؟ ّإّنا نشيطة ج ّداً سبوما ،هل تَعلَم؟ أ ُّمها تناديها ،تناديها ...إّّنا
حّت مترض! هل تَعلَم اي معلّم؟ أان أُد ِرك ماذا يعين أتكل ة،م الجدوى! ّإّنا تفعل ما تشاء .ونيفيَّ ،نِ
ّ َ
الر ُسل القادمني منابمسك .أُد ِرك ذلك أفضل ِمن اآلخرينُ .هم (ويُشري بيده إىل ُّ أن يكون املرء كاهناً َ
اخللف) ُهم يقولون الكثري ِمن الكالم اجلميل ،يبنون مشاريع كثرية ...للمستقبل .بينما أان أقول:
ك َرَوت يل أمس فقرة رائعة "سوف أكون راعياً للبشر كما أان للنّعاج .وهذا يكفي ".األ ُّم ،أ ُّمي وأ ُّم َ
قلت يف قليب" :وأان كذلك سوف ج ّداً عن األنبياء ...وقالت يل" :ابلضبط هكذا هو يسوعنا" .وأان ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 515 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
قلت أل ُّمنا" :حاليّاً أان َمحَل ،فيما بعد سأُصبِح راعياً .على العكس ،فيسوعأكون هكذا متاماًُ ".ثّ ُ
اآلن هو ر ٍاع وُث هو كذلك َمحل .أما ِ
أنت فإنّ ِ
ك َرخلَة (أنثى احلَ َمل) على الدوامَ ،رخلَتنا البيضاء فقط، َ ّ ّ
كالمك أعذب ِمن احلليب .لذلك يسوع هو َمحَل إىل هذه الدرجة :ألنّه ولِ َد ِ
منك ِ اجلميلة ،احملبوبة،
ُ
الرب"».
اي َرخلَة ّ
ينحين يسوع ويُعانقه حبرارةُ .ثّ يَسأل« :هل تريد ح ّقاً أن تكون كاهناً؟»
بكل أتكيد سيّدي! فَِألجل هذا أَجتَهد يف أن أُصبِح صـاحلاً وأن أعرف كثرياً .إنّين أذهب« ّ
عاملين دائماًكرجل ،وبكثري من الطيبة .أريد أن أكون راعياً ِ
للخراف الضالّة كثرياً إىل يوحنّا األندوري .ي ِ
ّ ُ
النيب .آه! كم هذا رائع!» ويَقفز
وغري الضالّة ،وراعياً طبيباً للمجروحة واملكسورة منها ،كما يقول ّ
الصيب وهو يُص ِّفق بيديه.
ّ
حّت يكون سعيداً هكذا؟» يَسأل بطرس وهو يَ َِ
قرتب. «ما هلذا الرأس األسود الصغري ّ
ُكرس هذه الرؤية اليت لديه بـ "نـَ َعم" ِم ّين».
حّت النهاية ...وأان ،أ ّ
«إنّه يرى طريقه .بشكل واضح ّ
لكن املكان أكثر
يتوقّفون أمام بيت عال وهو ،إن مل أكن ُمطئة ،إىل جانب ضاحية أوفيل ،و ّ
ثراء.
رب؟»
«ملاذا اي ّ
الزوار .عدد كبري من الطاوالت موضوعة بشكل متوا ٍز الغرفة مهيّأة الستقبال عدد كبري من ّ
وُتّر جاثية أمام يسوع. بكل ارتياحَ .هتَرع مرمي اجملدليّة .كانت يف مكان آخرَ ،
تكفي ملائة شخص ّ
دخل الضيوف رويداً رويداً ،يبدو ِ ِ
العليل (املريض) .يَ ُ
يَصل لعازر كذلك ،مع ابتسامة غبطَة على وجهه َ
لكن لطف النساء طمأّنم سريعاً.
على البعض االرتباك ،والبعض اآلخر بثقة أكرب .و ّ
الكاهن يوحنّا يُق ِّدم إىل يسوع الشخصني اللذين َجلَبَـ ُهما معه ِمن اهليكل« .اي معلّم ،هذا
صديقي الطيّب يواناثن ،وهذا صديقي الشاب زكرّايّ .إّنما إسرائيليّان حقيقيّان بال خبث وال حقد».
حّت بَِرهبَة.
الالوي الشاب يَنظُر هنا وهناك بفضول ودهشة ،بل ّ
ّ احلربي يتكلّم ،بينما
ّ يواناثن
ظهر مبظهر الطَّليق ،ولكنّه يف احلقيقة كالسمكة خارج املاء .حلسن احلظ أن أتى إتيان يود أن يَ َ
أظُنّه ُّ
الر ُسل والتالميذ الرئيسيّني الواحد تلو اآلخر.
ع َُيلب له ُّ
وشَر َ
لنجدتهَ ،
إيل أان ابلذات ،ابعتباري داعب حليته الثلجيّة« :عندما أتى يوحنّا َّيقول الكاهن العجوز وهو ي ِ
ُ
َخرج ِمن ِحصين. أ دَع أ مل مّلمع اي ينّلكنو . عليك فالتعر يف رغبت شفائه، بعد نفسه يينري معلّمه ،لِ
ُ ُ َ ّ ُ ُ
فليتمجد امسه! ولقد
ّ أأتمل أن أر َاك قبل أن أموت ،وقد استجاب يل يهوه. كنت آنذاك ّ فأان عجوزُ ...
أشك
حّت أن ّ ِ
ك أفضل من هيلليل ،العتيق ،احلكيم .ال أريد ،بل ال ميكنين ّ مسعتك اليوم يف اهليكل .إنّ َ
َ
يتشرب املرء َع ْرب مثانني عاماً إميان إسرائيل ابلشكلك َمن ينتظره قليب .ولكن هل تَعلَم ماذا يعين أن ّ أبنّ َ
آل إليه َع ْرب عصور ِمن ...التأويالت البشريّة؟ لقد أصبَ َح دمنا .وأان عجوز! ّأما االستماع َ
إليك الذي َ
فيُشبِه شرب املاء العذب املتدفّق ِمن النبع .آه! نعم! ماء ّنري (شديد النّقاء والعذوبة)! إّّنا أان ...أان
حّت ِ الذي قد تشبَّ ِ
عت من املياه البالية اآلتية من البعيد البعيد ...وقد ل َّوثَتها أمور كثرية .فما العمل ّ ُ
أنت؟»
قك َ أتذو َ
َّشرب وأن ّ أُتلّص من هذا الت ُّ
البار ال ُيتاج إىل شيء آخر».
«أن تؤمن يب وحتبّين .فيواناثن ّ
حّت إىل تتبُّع
أتوصل ّ
بكل ما تقول؟ لن ّ
«ولكنّين أموت قريباً! هل يتّسع يل الوقت ألؤمن ّ
التعرف إليه ِمن فَم اآلخرين .فإذن؟»
كالمك كلّه ،أو ّ
«سوف تتعلّمه يف السماء .فال ميوت عن احلِكمة ّإال ال ُـمدان ،بينما الذي ميوت يف نعمة هللا
أين هو؟» ِ
تظن ّ
يَصل إىل احلياة وُييا يف احلكمةَ .من ّ
ميكنك أن تكون ّإال ال ُـمنتَظَر الذي َسبَـ َقه ابن صديقي زكراي .هل َعرفتَه؟»
َ «ال
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 518 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«لقد كان قرييب».
«نعم ،إّّنا سوف أتيت أزمنة أكثر وحشيّة منها ،أيّها الكاهن».
األول».
«ليست روما وحدها .بل إ ّن إسرائيل اخلاطئة سوف تكون السبب ّ
مسعت عن
َ فحّت روما ...هل
نستحق ذلك .ولكن مع ذلك ّ ّ «صحيح .هللا يضربنا .وحنن
اجلليليّني الذين قتلهم بيالطس أثناء تقدميهم الذبيحة؟ لقد امتزج دمهم بدم األضاحي .أمام املذبح!
ابلضبط أمام املذبح!»
علمت بذلك».
ُ «لقد
يثور اجلليليّون َجيعاً هلذا الظلم .يهتفون« :صحيح إنّه كان ماسيّا كاذب .ولكن ملاذا قَتل
مؤيّديه بعد القضاء عليه هو؟ وملاذا يف هذا الوقت ابلذات؟ ُأُيتَ َمل ّأّنم كانوا أكثر اقرتافاً للخطااي؟»
يَفرض يسوع اهلدوءُ ،ثّ يقول« :تتساءلون إذا ما كانوا أكثر اقرتافاً للخطااي ِمن جليليّني آخرين
احلق أقول لكم إ ّّنم َدفَعوا ،وكثريون ِ
كثريين ،وإذا ما كانوا قد قُتلوا بسبب ذلك؟ الَ ،مل يكونوا كذلكّ .
الرب .إذا مل تتوبوا َجيعكم ،فَ َستَقضون َجيعاً
آخرون غريهم سوف يَدفَعون الثَّمن ،إن مل َهتتَدوا إىل ّ
بنفس الطريقة ،يف اجلليل وغريها .لقد َس َخط هللا على شعبه .أقوهلا لكمُ .يب ّأال يعتقد املرء أن
كنت ال ُتشى تقدمي القرابني أمام َمده تعاىل الكلّ ّي القداسة ،فلماذا تريد اخلوف«وإذن؟ إذا َ
أنت كذلك ،بركة هللا قبل أن يُد ِر َ
كك الليل؟ آه! ال تَعلَمون أمام الرمحة اليت لَبِست جسداً ،لِتَ ِ
لك َ حمل َ َ ََ
َّحت ألوهييت ِ ِ
أيّها اإلسرائيليّون ،أنّه ابلضبط من أجل أن يدنو اإلنسان من هللا دون أن ميوت ،قد وش ُ
كل الكهنة الق ّديسني ،منذ هارون ل
ُّ غري الـمدرَكة بوشاح اجلسد .تعال ،آمن ،وُكن سعيداً .فيك أ ِ
ُج
ّ َ ُ َ
أنت ،أل ّن القداسة الكهنوتيّة هي ح ّقاً تذوي فيما بيننا
ابر يف إسـرائيل ،وقد تكـون َ
وحّت آخر كاهن ّ ّ
هملة». ِ
رسة ُم َ
مثل َغ َ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
األندوري
ّ ( -146يوسف ونيقودميوس ينقالن خّب ِعلم اهليكل خبصوص هرمست ويوحنّا
وسينتيكا)
1945 / 09 / 21
الر ُسل والتالميذ ،وهو ابلتحديد يتح ّدث إىل التالميذ الذين يتوجه صوب بيت عنيا مع ُّ يسوع ّ
صدر إليهم األمر أبن يَ َِ
فرتقوا ،فيمضي اليهود َع ْرب اليهوديّة ،واجلليليّون يُعا ِودون الصعود إىل ما بعد ي ِ
ُ
ظهر بعض االعرتاضات .يبدو أ ّن ُمسعة ما وراء األردن مل األردن ليُ ِّ
بشروا مباسيّا .ونتيجة هلذا األمر تَ َ
كأّنا مناطق وثنيّة ،ولكن ذلك يُهني التالميذ الذين تَ ُكن َح َسنة وسط اإلسرائيليّني .يتح ّدثون عنها و ّ
ِمن مناطق ما وراء األردن ،ومن بينهم صاحب الصوت األكثر ُسلطة ِمن اجلميع ،رئيس َممع "عني
َجهل امسه ،اللَّذان يُدافِعان ِِحب ّدة عن مدّنما ومواطنيهما.
احللوة" تيمونُ ،ثّ شاب أ َ
علي أن أُسـدي َ
لك نصيحة ،اي معلّم. يبتَعِ
مرَّ « :
ّ ُي
َ وهو إتيان يقول أمتار. بضعة دان َ
ساُمين»...
كل شيء .أان ،ال أعرف كيف يستطيعون معرفة بعض األمور .كذلك ال أعرف إذا «قيلّ ...
لك حرفيّاً ما قاله يل َجالئيل" :قُل للمعلّم أن َخيَِت هرمست ،أو
ما كانت حقيقيّة ...ولكنّين أقول َ
فليُبعِده ّنائيّاً .الشيء آخر يُقال"».
أي شيء آخرّ ،أوالً ألنّين ابلضبط أان ماض إىل بيت عنيا ألجل هذا، «ابلفعلُ ،يب ّأال يقال ّ
أي تصحيح ال ميكنه إسقاط ِ ِ
حّت يتم ّكن هرمست من السفر من جديد .واثنياً أل ّن ّ وسأبقى هناك ّ
جسدايً. جملرد أ ّن أحد الذين معي غري َُمتون ِ
ّ التصورات ال ُـمسبَـ َقة ،و… حت ّفظات َجالئيل املتش ّكك ّ
ّ
آه! لو يَنظُر حوله وفيه! َكم يوجد يف إسرائيل ِمن غري ال َـمختونني!»
لكن َجالئيل»...
«و ّ
«إنّه املمثّل األمثل إلسرائيل العتيق .فهو ليس سيّئاً ،إّّنا ...انظر إىل هذه احلصاة .ميكنين
كسرها ،ولكن ال أن أجعلها مطواعة .هكذا هو األمر ابلنسبة إليه .ال بد ِمن حتطيمه إلعادة تشكيله،
وسوف أفعل ذلك».
«ُماربته؟ كما لو كان عدواً؟ ال .بَدالً ِمن ُماربته ،سوف أ ُِحبّهُ ،مشبِعاً إحدى رغباته ،بسبب
وسأنشر عليه بلسماً يُفتِّته لِيُعيد تركيبه بشكل ُمتلف».
ُ عقله احملنّط،
الر ُسل والتالميذ معاً ،يباركهم ويصرفهم َجيعاً عدا هرمست ويوحنّا
وإذ اجتَ َمعوا َمموعة كبريةُّ ،
األندوري وتيمون.
ّ
فصله عن بوابـة لعازر، ُث ،مع أولئك الذين م َكثوا معه ،يـ َقطع بسرعة اخلطوات القليلة اليت تَ ِ
َ َ ّ
دخل احلديقة رافعاً يده ليبارك البيت ال ُـمضيف ،يف ِ
وهي اآلن مفتوحة على مصراعيها الستقباله ،ويَ ُ
الوِرعات ،الذين يضحكون جلري مرغزايم احلديقة الواسعة حيث يوجد هنا وهناك أرابب البيت والنساء َ
صيحاهتن ،يَن َفذ
ّ َع ْرب الدروب املزيّنة ابلورود األخرية .ومع أرابب البيت والنساء اللوايت يَصحن ،ومع
ضيفا لِعازر ،ليتم ّكنا ِمن املكوث بسالم َحد ال َـمسالِك يوسف الرامي ونيقودميوسُ ،
وِها كذلك َ من أ َ
ِ
هرع اجلميع أمام يسوع ،مرمي اببتسامتها اللطيفة ،ومرمي اجملدليّة مع صيحة حبّها: مع املعلّم .ويَ َ
الوقوران ،ويف النهاية نساء أورشليم واجلليل الورعات، عرج ،وعضوا اجملمع َ «معلّمي!» ،ولعازر الذي يَ ُ
مر وهو ُييّي ذري ،الوديع كوجه املالك الذي َُي ّ
اجملعدة ،ووجوه الصبااي امللساء ،ووجه أانليا العُ ّ
ابلوجوه ّ
املعلّم.
األوليّة.
«أليست سينتيكا هنا؟» يَسأل يسوع بعد التحيّات ّ
غري أين ال ميكنين اعتباره َجاالً حقيقيّاً وأصيالً .ولكن مع ذلك ،فإ ّن عينيها بسوادِها اخلفيف
فع َمة نُبالً ،تُثريان االنتباه أكثر ِمن جسمها الذي م
ُ َ عالية جبهة حتت الغامق، النيلي
ّ ن مع مسحات ِ
م
متناسق ،م ِ
تناغم يف مشيته وحركاتهّ .إال أ ّن هو ابلتأكيد أَجل ِمن وجههاِ .جسم حنيف دون ُحنولِ ،
ُ
متتص العامل لِتُفرزه،
كأّنا ّ
َّظرة هي اليت تثري االنتباه :تلك النَّظرة الذكيّة واملت ّفتحة والعميقة ،اليت تبدو و ّ
الن َ
حّت
سمح أبن يُنبَش ّ فتُبقي منه الصاحل والنافع واملق ّدس ،وتَنبُذ ما هو سيّئ ،ذلك النَّظر النَّـزيه الذي يَ َ
ليتفحص ما ُييط به .وإذا كان صحيحاً أ ّن النَّظَر يسمح مبعرفة شخص ما، أعماقه ،والروح يتجلّى ّ
فإنّين أقول إ ّن سينتيكا امرأة ذات إدراك واثِق ،وأفكار اثبتة ونزيهةّ .تثو هي كذلك مع األخرايت
حّت تَ َنهض. ِ
وتَنتَظر أمر املعلّم ّ
الرواق الذي يَسبِق البيت ،ويدخل بعدئذ إىل غرفة، حّت ّ
يتق ّدم يسوعَ ،ع ْرب احلديقة اخلضراءّ ،
فيها ُخ ّدام جاهزون لتقدمي املرطّبات ومساعدة القادمني للقيام ابلتَّطهري السابق لتناول الطعام .وبينما
األندوري وهرمست إىل
ّ الر ُسل يف الغرفة ،يف حني ميضي يوحنّاكل النساء ،يبقى يسوع مع ُّ تنسحب ّ
بيت مسعان الغيور ليَضعوا احلقائب اليت كاان ُيمالّنا.
َجاعتك». خاصة إببعاد يوحنّا .فال خري يُرجى منه ضمن ِ
َ «نعمُ .حتسن عمالًّ ،
«ال ...ولكن»...
«وأان ،هل علي أن أَحتَ ِقر نفساً ّتدَّدت ،من أجل َحت ِرُج سخيف لفريسية ِ
فاس َدة؟ ال ،لن ّ ّ ُّ َ َّ
أحرص على سكينتها ،سكينتها هي ال أان .سوف أسهر على إعدادها كما أفعل ذلك! بل سوف ُ
تفوه بكالم الروحي! الواحد ي ّ
ّ أسهر على نـَ ْفس مرغزايم الربيء .ففي احلقيقة ،ال فرق بينهما يف اجلَّهل
يتفوه ِ
ب إليه اخلـاطئ .واآلخر ّ مرة أل ّن هللا قد َغ َفر له ،ألنّه ُولد اثنية يف هللا ،أل ّن هللا َج َذ َ
ألول ّ
احلكمة ّ
حب هللا ،فإ ّن ِ
حب اإلنسان ،إضافة إىل ّ هملة ،إىل مر َاه َقة يَسهر عليها ّ هبا ألنّه بعبوره من طفولة ُم َ
يوشك أن يقول نـَ ْفسه تتفتَّح كما تُويج زهرة للشمس ،والشمس تُنريها بذاهتا .مشسـه :هللا .واألول ِ
ّ
أود لو كالمه األخري ...أليس لكم عيون لِ
احلب؟ آه! يف احلقيقة ،إنّين ّ
ّ و التوبة يف يتالشى هّنأ ا
و رت
َ
أنت اي
أود لو يكون لكماَ ، األندوري يف إسرائيل ووسط ُخ ّداميُّ . ّ أحصل على كثريين أمثال يوحنّا
أنت اي نيقودميوس ،قلباً مثل قلبه ،ومعكما ذاك الذي َو َشى به ،األفعى الوضيعة املختبئة حتت يوسف و َ
ظهر صديق وهو جاسوس ،قبل أن يكون َمرماً س ّفاحاً .األفعى اليت َحتسد العصفور على جناحيه، َم َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 526 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
وحّت وتَنصب له ِ
يتحول العصفور إىل مالكّ .
ّ سوف ال! آه! السجن. يف وترميه منه لتنتزعهما خاخ الف ُ
يتحوالن -حاملا ِ
لو استطاعت تلك األفعى انتزاع جناحيه ،وهي لن تستطيع فعل ذلك ،فسوف ّ
اش هو شيطان».فكل و ٍ شيطان. جناحي إىل - قالدبِ
وضعان على جسدها َّيُ َ
ّ ّ
«ولكن أين هو هذا الشخص؟ قُل يل ألذهب حاالً وأنتزع لسانه ».يهتف بطرس.
َرسلَه إىل إيطاليا على ّأول سفينة ُمقلِ َعة ،لتحاشي املشاكل مع هريودس ومع
«إ ّن بيالطس قد أ َ
مير بظـروف صعبة ...وهذا يكفيه »...يقول نيقودميوس. ـام .فإ ّن بيالطس ّ
اليهود بشكل ع ّ
«هل اخلََرب أكيد؟»
تغري ابلنسبة لنا؟ وإذن؟ اي مسعاين! ولكن تعال هنا إىل جانيب ،ولنتح ّدث
«ال .ملاذا؟ أهناك ما ّ
عما هو صاحل»...
ّ
«جاء َمن ُخيِربان أ ّن الطعام جاهز اي معلّم ».يقول لعازر.
1945 / 09 / 22
تعج ابلتالميذ
يسوع جالس يف الدار ذات األروقة ،داخل البيت ،يف بيت عنيا ،الدار اليت رأيتُها ّ
مرمري تغطّيه وسادات ،وظهره ُمستَنِد إىل ِجدار البيتُُ ،ييط
صبيحة قيامة يسوع .جالس على مقعد ّ
الر ُسل والتالميذ ويوحنّا وتيمون ابإلضافة إىل يوسف ونيقودميوس ،ونساء َوِرعات، به معلّمو البيت و ُّ
مهتمون إىل ِ
وهو يَستَمع إىل سينتيكا اليت تبدو ّأّنا ُّتيب وهي واقفة على سؤال طََر َحه عليها .اجلميع ّ
وهم يَستَ ِمعون بوضعيّات ُمتلفة ،البعض َُيلسون على املقاعد وآخرون على األرض ،وآخرون ح ّد ماُ ،
يَِقفون ،وآخرون يَستَنِدون إىل العواميد أو اجلدار.
ُذعن ،أن أرفض اإلذعان «...تلك كانت ضرورة ،كيال أَشعر بِثِقل وضعي كلّه .كان ضرورايً ّأال أ ِ
ُ
كنت وحيدةَ ،عْبدة ُمنتَـَزعة ِمن وطين ،وأن أُف ِّكر أ ّن أيب و ّأمي وإخويت وإزمني (Ismene لفكرة أنّين ُ
حّت
هي ابنة أوديب ملك طيبة يف امليثولوجيا اإلغريقية) اللطيفة مل يَ ُكونوا قد ضاعوا إىل األبد .ولكنّ ،
الدواب ،حنن الذين وابعتنا ِمثل َّ ِ َّ
فرقنا ،كما كانت روما قد فَـَّرقتنا َ
ب علينا ليُ ّولو كان العامل كلّه قد أتل َ
مادة
مادةّ ،كنّا أحراراً ،كان سيجمعنا مكان ما ،فيما وراء هذه احلياة .التفكري أب ّن حياتنا ليست فقط ّ
ألي قيد أن َأي ِسرها ِسوى اإلرادة الطوعية إلهدار احلياة يف ِ
تُـ َقيّد ،بل إ ّن يف داخلها ّقوة ُحّرة ،ال ميكن ّ
جسدي .أنتم تُس ُّـمون ذلك" :خطيئة"ّ .أما الذي كان ،والذين كانوا أنواري ّ احنالل أخالقي وفُجور
سمرة ابجلسد فسرون ذلك بطريقة أخرى .ولكنّهم يوافقونكم يف أ ّن نفساً ُم َّ يف ظُلمة ليل عبودييت ،في ِ
ّ ُ ّ
سميه حنن احلياة املشـرتكة
تسمونه أنتم ملكوت هللا ،وما نُ ّ
تتوصل إىل ما ّابلشهوات الرديئة واجلسديّة ،ال ّ
املاديّة ،والعمل ِِجب ّد على بلوغ حريّة اجلسـد،
يف اهلادس مع اآلهلـة .ابلنتيجةُ ،يب حتاشي الوقوع يف ّ
ابحلصول على مرياث ِمن الفضائل ،لِنَيل خلود سعيد ،و ّ
االحتاد ابلذين أحببناهم.
أل ّن احلياة تُولَد ِمن املوت ...آه! مل أفهم ذلك ّإال نصف فهم ،طاملا مل أكن أعرف َكلِمة ِمن
كل أضحى و كري.كلماتك .بعد ذلك ...ما حصل بعد ذلك ،هو كأ ّن شعاع مشس ضرب ماس فِ
ّ ََ َ َ َ
توصلوا ،وكيف اتهوا فيما بعد ،أل ّن أحد أي ح ّد كان معلّمو اليوانن قد َّ
كت إىل ّ
شيء نوراً ،وأدر ُ
احلقيقي
ّ حلل نظريّة احلياة واملوت متاماً .ذلك ال ُـمعطى هو :هللا
املعطيات كان ينقصهم ،واحد فقط ّ
كل ما هو موجود!
رب وخالق ّ ّ
أتيت ِمثل اجلميع .فهو الذي
بشفيت الوثنيّتني؟ نعم ،أستطيع ،ألنّين منه ُ
َّ هل إبمكاين تسميته
كل الناس ،ولدى األكثر حكمة ،ذكاء فائقاً ُيعلهم يبـدون ،حقيقة ،كأنصاف ض َع ال ُقدرة يف روح ّ
َو َ
آهلة ،بقدرة تتجاوز حدود البشريّة .نعم ،ألنّه هو الذي َج َعلَهم يكتبون تلك احلقائق اليت هي اآلن
ومن قاهلا كان َك َمن ليس َمثِالً متاماً ،بل إّّنا َك َمن
كت معىن" :ابملوت تُولَد احلياة"َ . منذئذ أدر ُ
يتمتّع بذكاء هائل .لقد قال كالماً فائقاً ،ولكنّه مل يُد ِرك ُك َنهه متاماً .أان ،أيّها السيّد ،ساُمين لكربايئي،
فهمت أفضل منه ،ومنذ ذلك احلني وأان سعيدة». ُ
ِ
فهمت؟» «ماذا
قاومت الضغوط اخلارجيّة .كان إبمكاين أن أكون ُحّرة وسعيدة حبسب العامل. ُ بقوة واعتدال،
« ّ
ُابدل احلكمة ابلل ّذة ،إذ بدون احلكمة ال تنفع الفضائل كان يكفيين أن أريد ذلك .ولكنّين مل أشأ أن أ ِ
األخرى َجيعها يف شيء .هو ،الفيلسوف قاهلا" :العدل والقناعة (االعتدال) وال ُقدرة ،إذا مل تُرافِقها
كنت ِ ِ
حقيقي" .أانُ ، ّ أي شيء راسخ أوالصماء ،فضيلة تُناسب اجلَّاهلني ،بال ّ
احلكمة ،فهي كاللوحة ّ
ـك حبضوري .حينئذ أصبَ َحت اجلدران راغبة ابألشياء احلقيقيّة .معلّمي ،ذلك األمحق ،كان يتح ّدث عن َ
االحتاد ابحلقيقة .وهذا ما فعلتُهُ».
كفي اإلرادة لتمزيق الستار و ّكأّنا ستار .كانت تَ ِ
و ّ
يوطي. ِ
« َمل تكوين تَعلَمني أنّك ستجديننا ».يقول االسخر ّ
الذهب ،وال اجملد ،وال كنت أعرف أن أؤمن أ ّن اآلهلة تُكافِئ الفضيلة .أان ،مل أكن أطلُب َّ « ُ
كنت أطلُبها ِمن هللا،
كنت أطلُب احلقيقـة .هي اليت ُ حّت وال هذه األخرية .ولكنّين ُاحلرية اجلسديّةّ ،
ّ
الرضى أبن أصبح التدين ألصبح "شيئاً" ،وأكثر ِمن ذلك ِّ كنت أريد أن أّتَنَّب ّ
وإما أن أموتُ . ّإما هي ّ
رب ،أل ّن البحث ،حينما مير َع ْرب عنك ،اي ّ جسدي ،أثناء حبثي َّ بكل ما هو
زهد ّ كنت أُ َ
كذلكُ .
لظين أبن عيناي قد جملرد رؤييت ّإايك ّبت ّ الحظت كيف أنَّين قد هر ُ
َ األحاسيس فإنّه يبقى انقصاً -وقد
وجدتك أل ّن
َ خدعتين -حينئذ سلَّ ُ
مت نفسي هلل ،الذي يسمو عنّا وهو فينا ،ويُعلّم النَّـ ْفس عن ذاته .و
إليك».
نفسي قادتين َ
يوطي.
ر االسخ ا
ً أيض يقول »ة. وثني سفْ ـ
َن هي ِ
نفسك « َّإّنا
ّ ّ
خاصة عندما تبذل جهداً للمحافظة على
إهلي يف ذاهتاّ ،
لكن النَّـ ْفس فيها على الدوام شيء ّ
«و ّ
سعى ابلنتيجة إىل أمور ِمن ذات طبيعتها». ِ
ذاهتا من اخلطأ ...وتَ َ
نفسك ابهللِ ،
أنت؟» ِ «هل تُقا ِرنني
«ال».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 533 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«فإذن ملاذا تقولني هذا؟»
أنت ،تلميذ املعلّمَ ،من يسألين عن ذلك؟ أان اليواننيّة ،واحلُّرة منذ بعض الوقت؟ «كيف؟ أهو َ
أصم؟ وهو أ َْما
ك ّ ص َل ح ّداً َج َعلَ َفيك َو َ
أنت؟ أ َْم ابألحرى َُت ُّمر اجلسد َ
عندما يتكلّم هو ،أفال تسمع َ
كان يقول على الدوام إنّنا أبناء هللا؟ إنّنا إذن آهلة ،إذا كنّا أبناء اآلب ،األب الذي هو أبوه وأبوان،
أبين غري والذي يتح ّدث عنه على الدوام .قد تقول عين أبنّين لست متو ِ
ميكنك ّاهتامي ّ
َ اضعة ،إّّنا ال ُ ُ
مؤمنة وال مبالية».
ك؟ » ك تعلّ ِ
مت كل شيء يف ُكتُب يوانن ِ نفسك أفضل مين؟ أتظنّني أنّ ِ
ِ «لدرجة أنّ ِ
ك تظنّني
ّ ّ
«ال .ال هذا وال ذاك .بل إّّنا ُكتُب احلكماءِ ،من حيثما كانوا ،أعطتين احلـ ّد األدىن لتقودين .ال
مين .ولكنّين سعيدة يف مصريي الذي أاتين ِمن هللا .ماذا ميكنين ائيلي أفضل ّأشك يف أن يكون اإلسر ّ ّ
وجدت املعلّم .وأُف ِّكر أ ّن هذا قَ َدري ،إذ إنّين أرى يف
ُ كل شيء حينما وجدت ّ
ُ أن أشتهي أكثر؟ لقد
علي ،وقد خطَّت يل قَ َدراً عظيماً ،وأان مل أفعل شيئاً سوى االمتثال له ،ألنّين درة تسهر ّ احلقيقة أ ّن قُ َ
كت أبنّه كان قدراً صاحلاً».
كنت قد أدر ُ ُ
ِ
اسرتجعك ،فكيف ليظي القلب ...ولو كان األخري مثالً قد غ ألسياد بدةع «صاحلاً؟ لقد ِ
كنت
ّ َ
رك ،اي من ِ
أنت حكيمة إىل هذا احل ّد؟» كان سيكون عليه قَ َد ِ
َ
«امسك يهوذا ،أليس كذلك؟»
«نعم .وإذاً؟»
«اآلن لن أقتل نفسي أبداً .فاآلن أعرف أ ّن العنف ض ّد اجلسد ال َُيَرح الروح الـذي ال يُوافِق
حّت يقتلين العنف .فهذا كذلك أعتربه إشارة من هللا الذي على ذلك .اآلن أقاوم حّت ُحت ِ
القوةّ ،
ّ مين ّط ّ
يدعوين إليه ِمن خالل هذا العنف .واآلن أموت مطمئنّة ،عاملة أنّه مل يكن ّإال لفقدان ما هو فان».
ِ
أحسنت اإلجابة اي امرأة ».يقول لعازر ،ويؤّكد نيقودميوس كذلك.«
يوطي.
«االنتحار غري مسموح به مطلقاً ».يقول االسخر ّ
أنت اي سينتيكاِ ،
عليك التفكري أب ّن «كثرية هي األمور احملظورة ،واملرء ال َُي ِرتم احلظر .ولكن ِ
َ
لك لو صانك حّت ِمن العنف ض ّد ِ
ذاتك .اآلن اذهيب .وأكون ممتنّاً ِ ِ هللا ،كما ِ
قادك على الدوام ،فقد
ّ
الصيب وجلبتِ ِه يل ».يقول يسوع بلطف. ّ عن يل ِ
حبثت
تنحين املرأة حّت تُ ِ
المس األرض ومتضي .يتبعها اجلميع ابلنَّظَر. ّ
لست أفهم ملاذا األمور اليت كانت ابلنسـبة هلا "حياة"، ِ
يُتمتم لعازر« :األمر كان معها هكذا! أان ُ
كانت ابلنسبة لنا حنن اإلسرائيليّني "مواتً" .ولو أتيحت لكم الفرصة لالستماع إليها اثنية ،لرأيتم أ ّن
أفس َدتنا ،حنن ،رغم امتالكنا للحكمة ،قد َخلَّ َ
صتها ،هي ،ملاذا؟» اهللّينيّة اليت َ
الرب عجيبة ،وهو يفتحها للمستح ّقني .واآلن ،أيّها األصدقاء ،أَصرفكم أل ّن املساء «أل ّن طرق ّ
أفضل، ِ ِ ِ
يتق ّدم .يسعدين أنّكم َجيعاً قد َمسعتُم اليواننيّة تتكلّمُ .مالحظني كيف أ ّن هللا يتجلّى ل َمن ُهم َ
ائيلي عن قطيع هللا ُمهني وخطري .ولتكن تلك ر إس غري إنسان ألي إقصاء أي ن
ّ أ منها ا
و صواستخلِ
ّ ّ ّ َ
لديك َوسا ِوس
أنت اي يوسف ،ال تكن َ قاعدة لكم للمستقبل ...ال ُهتم ِهم اي يهوذا بن مسعان .و َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 535 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
أي منكم أبيّة عدوى القرتابه ِمن يواننيّة .اعملوا ،اعملوا ،اعملوا بشكل ال يدع
صب ّ متأرجحة .مل يُ َ
مرة أخرى
َماالً للشيطان يدنو ،وال تستضيفوه .وداعاً يوسف ،وداعاً نيقودميوس .هل ميكنين أن أراكم ّ
أثناء مكوثي هنا؟ ها هو مرغزايم ...تعال اي ولَدي ،أ ِ
َلق التحيّة على رؤساء اجملمع .ماذا ستقول هلم؟» َ
«السالم معكم و ...أقول أيضاً :أثناء تقدمي البخور صلّوا ِمن أجلي».
لست يف حاجة هلا ،اي صغريي .إّّنا ملاذا ابلتحديد يف تلك األثناء؟»
« َ
دخلت اهليكل مع يسوعَ ،ح َّدثَين عن صالة املساء ...آه! اي هلا ِمن صالة
ُ مرة
«ألنّين يف ّأول ّ
رائعة!»...
ومن نيقودميوس صديقني حقيقيّني ليسوع"، «سوف أقول" :أيها الرب تعاىل ،اجعل ِمن يوسف ِ
ّ ّ
ومن ال يُسبِّب األمل ليسوع
ألن َمن يكون صديقاً حقيقيّاً ال يُسبِّب األمل لصديقهَ .
وسيكون هذا كافياًَّ ،
فهو أكيد أنّه سيفوز ابلسماء».
فليحفظك هللا هكذا اي َولَدي!» يقول عضوا اجملمعُ .ثّ ُُييّيان املعلّمُ ،ثّ العذراء ولعازر بشكل
َ «
خاص ،والباقي َجيعاً َُجلة ،وَميضيان.
ّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
الر ُسل ِمن جولة رسوليّة يف ضواحي بيت عنيا .كانت اجلولة قصرية بال شك،يَعود يسوع مع ُّ
الزاد .يتح ّدثون فيما بينهم .يقولون« :فِكرة سليمان املع ّدي (صاحب
حّت حقائب َّ
إذ ّإّنم ال ُيملون ّ
زورق ينقل الناس ِمن ض ّفة إىل أخرى) كانت َح َسـنة ،أليس كذلك اي معلّم؟»
يوطي ليس مع رأي اآلخرين« :أان ال أرى ذلك الشيء العظيم احلَ َسن يف ما كالعادة االسخر ّ
فَـ َع َل .لقد قَدَّم لنا ما مل يـَعُد ذو نَفع ابلنسبة إليه كتلميذ .فال أرى مربّراً ملدحه»...
صح ّي».
بيتك .إّّنا ماذا تراه يكون هذا؟ إنّه كوخ غري ّ
«إذا كان مثل َ
كل ما ميلك سليمانُُ ».ييب الغيور.
«إنّه ّ
حّت أصبَ َح عجوزاً ،كذلك إبمكاننا أن نقيم فيه من وقت
«وكما عاش فيه دون أن يُصاب آبفة ّ
كل البيوت مثل بيت لعازر؟» يضيف بطرس. آلخر .ماذا تريد؟ أن تكون ّ
«أان ال أريد شيئاً .ال أرى ضرورة هلذه اهلديّة .عندما نكون يف هذا املوضع ،إبمكاننا أن نذهب
إىل أرُيا .إن هي ّإال ُمطّات قليلة بني االثنني .وابلنسبة للناس مثلنا حنن الذين نُشبِه املضطَ َهدين
املر َغمني على السري املتواصل ،ماذا تعين بضعة ُمطّات؟»
لكن يسوعو ه. ل ج وخ غضبه يف ع يصطَبِغ يهوذا بلون أكثر امحراراً ِمن اخلشخاش املنثور ،إنّه ب ِ
ش
ّ َ َ َ َ
حّت الفصح وما
رد ابلقول« :االبن هو دائماً ابلنسبة أل ُّمه َعون وتعزيةُ .ثّ ّإّنا لن تر َاك ّ
كل ّ يتدارك ّ
لك».
بعد الفصح .إذن فاذهب وافعل ما قُلتُه َ
يتحول يف استيائه إىل يسوع« :اي معلّم ،هل تَعلَم ماذا ينبغي يل يهوذا ال ُُييب بطرس ،ولكنّه ّ
ك تظلمينيف ،ألنّ َ
تشك ّك ّ مين ،أقلّه إبعادي ،ألنّ َك تريد التخلّص ّ لدي انطباع أبنّ َ
لك؟ ّ أن أقول َ
ِ
ك»... ابعتقادك أنّين ُمذنِب يف أمر ما ،ألنّ َ
ك تَفتَقر إىل احملبّة ّتاهي ،ألنّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 539 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لك فقط" :أ ِ
َطع" ».يسوع لك كالماً كثرياً .ولكنّين أقول َ
«يهوذا! هذا يكفي! ميكنين أن أقول َ
حّت يهـوذا يَرتَعِد .يَِقف خلف
تشع ووجهه صا ِرمُُ ...ميفّ .َمهيب أثناء قوله ذلك .عظيم هو ،عينه ّ
الر ُسل الذين صمتوا.اجلميع بينما يسوع يبقى وحيداً يف املق ّدمة .وبني الواحد واآلخرَ ،مموعة ُّ
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
( -149يسوع يغادر بيت عنيا إىل الض ّفة األخرى ِمن األردن)
1945 / 09 / 24
«حاالً اي معلّم .إىل أين ّنضي؟» يَسأل لعازر وهو يَ َنهض مباشرة.
معك».
«إىل الريف ،فأان يف حاجة إىل أن أكون مبفردي َ
سراً؟ أو أن...
لديك أخبار حزينة تريد أن ُتربين ّإايها ّ
يَنظُر إليه لعازر مضطرابً ،ويَسأل« :هل َ
ال ،ال أريد أن أُف ِّكر يف ذلك»...
وخي ُرج.
«سأذهب حاالً ،اي معلّم .وسأكون جاهزاً خالل حلظةَ ».
آيل وبشكل ر، َخيرج يسوع كذلك ،بعد بقائه قليالً مف ِّكراً وسط الغرفة الثرية .وبينما هو يف ِّ
ك
ّ ُ ّ ُ ُ
ضعها يف مكاّنا على َغ َّري أمكنة غرضني أو ثالثة ،ملّ اللفافة الواقعة على األرض ،وأخرياً ،وبينما هو يَ َ
قوي ج ّداً لدى يسوع ،يُبقي ذراعيه مرفوعتني وهو يَنظُر الفطري للرتتيب ،ال ّ
ّ أحد الرفوف ،بذلك امليل
عما هو شائع يف فلسطنيُ ،مرتبة ابلتدريج ِ
أقل ما يقال فيه غريب ،وهو َخيتَلف ّ إىل أدوات أحد الفنونّ ،
مطرق ،مزيّن برسوم تَن ُقل تفاصيل الرفّ .إّنا ِجرار وكؤوس قدمية ج ّداً ،كما يبدوِ ،من َمعدن َّعلى ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 541 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لست أدري ما الذي يراه هو فيما وراء األداةَ ...خي ُرج وميضي
وإجاانت مأمتيّةُ .
هياكل اليوانن القدميةّ ،
الر ُسل.
إىل الدار الداخليّة حيث يتواجد ُّ
«إىل أين حنن ماضون ،اي معلّم؟» يَسألون ،حينما يـََرون يسوع يرتدي معطفه.
أي مكان .أان خارج مع لعازر .وأنتم تبقون َجيعاً هنا تنتظرونين .سأعود
«لن ّنضي إىل ّ
بسرعة».
حدك؟
يَنظُر االثنا عشر إىل بعضهم ...ليسـوا مسـرورين ج ّداً ...يقول بطرس« :أمتضي و َ
احرتس»...
ش شيئاً .وأثناء انتظاري ،ال تكونوا عاطلني عن العمل .ثـَ ِّقفوا هرمسـت لكي يَع ِرف
«ال َُت َ
تصرفوا بلطف ووداعة
الشريعة أكثر ،وكونوا رفاقاً صاحلني .فال مشاجرات وال ُخروج عن األدبَّ .
وأ ِ
َحبّوا بعضكم بعضاً».
يتوجه إىل احلديقة ويتبعه اجلميع .ويف احلال تَ ِ
صل عربة خفيفة ومغطّاة ،يَرَكبها لعازر. ََ ّ
«هل متضي ابلعربة؟»
«نعم ،كي ال يُتعِب لعازر ساقيه .إىل اللقاء .مرغزايم كن عاقالً .السالم لكم َجيعاً».
تصر على حصى الدربَُ ،ت ُرج ِمن احلديقة إىل الطريق العموميّة.
صعد إىل العربة اليت إذ ّ
يَ َ
«هل متضي إىل عني احللوة ،اي معلّم؟» يهتف توما ِمن اخللف.
أنصحك!»
َ «اي معلّم ...أان ...ولكن أان
لدي أصدقاء .إىل قربص أو إىل سوراي .اخرت .يف أنصحك إبرساهلم إىل حيث ّ َ «أان ...نعم.
لدي هناك أيضا بيت صغري يُديره أحد القائمني ،وهو لدي أشخاص موثوقون .ويف سوراي!ّ ... قربص ّ
فإّنما،
مسحت يلّ ، كل ما أقول .وإذا ِ ِ ِ
َ فعل ّ
ُُملص أكثر من نَعجة .صاحبنا فليبّس! من أجلي سوف يَ َ
ضيفي منذ اآلن وأبمان وِها ال ُـمضطَ َهدان ِمن إسرائيل ،والعزيزان على َ
قلبك ،ميكنهما اعتبار نفسيهما َّ
يف بييت ...آه! هو ليس بقصر! إنّه بيت يقطنه فليبّس وحده مع حفيد يعتين حبدائق أنتيجونيو .احلدائق
فإّنا كانت قد َمحَلَت إليها نبااتت ِمن حدائقها اليت كانت ّأمي ُحتبّها .لقد احتفظنا هبا إحيـاء لذكراهاّ .
يف اليهوديّة ،وقد كانت اندرة ...أ ُّمي! ...كم كانت تصنع ِمن خالصاهتا خرياً للفقراء ...لقد كانت
ي ...أ ُّمي ...اي معلّم ،سأمضي بسرعة ألقول هلا" :افرحي أيّتها األ ُّم الصاحلة،سر ّ
حقل اختصاصهـا ال ّ
تنتظرك »...دمعتان ابديتان على وجه لعازر املتأ ّمل .يَنظُر إليه
َ ال ُـمخلِّص على األرض" .لقد كانت
لك املكان مالئماً؟»
أنت .هل يبدو َ
عنك َيسوع ويبتسم .فيعاود لعازر« :فلنتح ّدث َ
عين ِمحالً عظيماً»...
ك تزيح ّ
عين وعنهم .إنّ َ
أشكرك ّ
َ ومرة أخرى
«نعمّ .
«مّت سيذهبان؟ أَسأَل لكي أُهيّئ رسالة إىل فليبّس .سوف أقول فيها ّإّنما صديقان يل ِمن
هنا ،وِها يف حاجة إىل السالم .وهذا يكفي».
«شكراً اي لعازر».
ص َل عليها»...
«يسوع هو الذي َح َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 545 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«صحيح ،صحيح .مّت سأراك اثنية اي معلّم؟»
«يف الربّيع».
األقل إىل كفرانحوم .إنّنا على ما يرام ،اآلن وحنن مع بعضنا دون ِ
«ال متزح! دعنا نَصل على ّ
ضت َوعدي للمعلّم! ...اي معلّم! اي معلّم!»
ذاك ...اي للّسان اللعني! لقد نـَ َق ُ
مرة»...
مساُمتك ّ 489
َ احلق يف نيل «ما ِز ُ
لت أملك ّ
«ولكن ما الذي تقوله اي أخي؟» يَسأل اندراوس مندهشاً.
األندوري: اّيوحن حقيبة قلوبطرس ،إبشـراقة خبث على وجهه الطَّيب ،وقد لوى عنقه حتت ثِ
ّ ُ ُ
مرة سبع مرات؟ ابلنتيجة ،فأان ما زلت أملك احلق بنيل
«أال تَذ ُكر أنّه ،هو الذي قال ابملساُمة سبعني ّ
489مساُمة .إنّين حريص ج ّداً على دقّة احلساابت»...
بك أن َحترص
حّت يسوع ،تَراه ُمر َغماً على االبتسام .ولكنّه ُُييبَُ « :يدر َ
يضحك اجلميعّ ،
الولَد الكبري».
عليك أن تكون فيها صاحلاً ،اي أيّها َاملرات اليت َ
كل ّعلى حساب ّ
وُييط قامة يسوع بذراعه اليمىن وهو يقول« :اي معلّمي العزيز! كم أان سعيد قرتب بطرس ُيَ َِ
أنت كذلك ...وتُد ِرك ما أريد قوله .إنّنا معاً ،ومعنا ّأم َ
ك ك مسرور َ
معك بدون ...هيّا بنا! إنّ َ
لكوين َ
معك لَ ُممتع
الصيب ،وَّنضي إىل كفرانحوم ،والطقس بديع ...مخسة أسباب للسعادة .آه! إ ّن اجمليء َ و ّ
ح ّقاً! أين نتوقّف هذا املساء؟»
«يف أرُيا»
«يف العام املاضي رأينا هناك املرأة ذات احلِجـاب .ولكن َمن يدري ماذا َّ
حل هبا؟ ...ينتابُين
ضحك بطرس ضحكة ُمعدية لِش ّدة َدويّها. الفضول ملعرفة ذلكَ ...وَو َجدان إنسان ال ُكروم »...ويَ َ
يوطي. ر االسخ بيهوذا اللقاء مبشهد جديد ن ويضحك اجلميع مف ِّكرين ِ
م
ّ ُ
ك غري قابل لإلصالح اي مسعان!» يؤنّبه يسوع.
«ولكنّ َ
اقرتف
الصفع .هل ََ«فَ ِّكر فيه اآلن وال تَـعُد تفعله اثنية .كم ِمن ضحكة َّتَرح احملبّة أكثر ِمن َّ
وجعل ِ ِ
أحدهم خطيئة؟ هل ُمحل على ال َكذب أو على ارتكاب خطيئة أخرى؟ فإذاً؟ ملاذا التَّذكري هبا؟ َ
ِ ِ
اآلخرين يُف ّكرون فيها؟ فلنُ ِلق وشاحاً على أخطاء أخ لناُ ،مف ّكرين على الدوام" :لو ُ
كنت أان املذنب،
ب أن يَذ ُكر آخر تلك اخلطيئـة ،أو أن َُي َعل اآلخـرين يُف ّكِرون هبا؟ "هناك أمور تدعو إىل فهل أ ُِح ُّ
تود قوله ...ولكن املخطئني أسك .أع ِرف ما الذي ُّهتز ر َالداخلي ،أمور تُسبِّب أملاً كثرياً .ال ّ
ّ اخلَ َجل
وس َرتى لنفسي؟" ذلك ب كذلك يتألّمون .ثِق متاماً .فانطَلِق ،انطَلِق دائماً ِمن هذه الفكرة" :هل أ ِ
ُح
َ ّ
داخلك .انظر هناك إىل مرغزايم، َ لك سالم عظيم يف
ك لن تعود ُتطئ ض ّد احملبّة ،وسـوف يكون َ أنّ َ
غين .ذلك أنّه ال َُي ِمل أيّة فِكرة يف قلبه .ليس له أن يُف ِّكر خبطوط سري ،مبصاريف، ِ
أبي فَـَرح هو يَقفز ويُ ّ
ّ
أود لو أُتلّص منها أللبَس احلكمة وحدها .ال أريد الثياب«إّّنا ُممتَ ِزجة أبخطاء كثرية ،حبيث ُّ
املزركشة عدمية النَّفع .وليكن ثويب هو الثوب اخلشن والسميك للحكمة ،اليت تلبس ثوابً ال يبلى ،الذي
فيشع اثبتاً
ويهتزّ .أما نور احلكمة ّ
ليس ممّا هو قابل للفساد ،بل ممّا هو خالد .إ ّن نور املعرفة يرّتف ّ
يتغري وال يتب ّدلِ ،مثل اإلله الذي أ َ
َحدثَهُ». ال ّ
أتوسع
صل حكمة الفكرة اليت تعرفني ،وسوف َّ ك إىل أي ح ّد تَ ِ
«هذا ما أنوي فعله .وسوف أدلّ ِ
ّ
حّت ّناية الفكرة احلقيقيّة .ولِتَعلَمي .سيكون األمر جيّداًكذلك ابلنسبة ِ
هبا ،انطالقاً من ذلك احل ّدّ ،
للمع ّدين ألن يكون هلم ،يف املستقبل ،احتكاكات كثرية مع الوثنيّني».
1945 / 09 / 25
بعد سهل خصيب ميت ّد على مساحة واسعة وراء األردنَ ،جيل هو املسري أثناء فصل صاح
األول (أكتوبر) ،وبعد توقُّف يف قرية صغرية متت ّد عند أسفل
ولطيف ،كما هي احلال يف ّناية تشرين ّ
حبق جباالً -يُعا ِود
أُوىل منحدرات سلسلة جبليّة ذات نتوءات ابرزة -وبعض القمم ميكن تسميتها ّ
مدججون ِ
انضم إىل قافلة طويلة فيها العديد من ذوات األربع ورجال ّ
يسوع املسري من جديد ،وقد َّ
ابلسالح ،بينما كانوا يَس ُقون الدواب ِمن بِركة َّ
الساحة.
ّإّنم رجال طَُوال القامةُ ،مسر البَ َشَرة آسيويّو املظهر .رئيس القافلة ميتطي بغالً ضخماً ،وهو
حّت أسنانه ،وقد علَّ َق أسلحة كذلك على السرج .لقد كان كثري االحرتام ّتاه يسوع. مسلّح ّ
الر ُسل يسوعَ « :من هو؟»
يَسأل ُّ
مير ابملدن اليت أنوي
ثري ممّا وراء الفرات .سألتُهُ إىل أين كان ماضياً وقد كان مه ّذابً .إنّه ّ
«اتجر ّ
ض ٌد لنا على تلك اجلبال ،أل ّن معنا نساء». املضي إليها .إنّه َع ُ
ّ
«هل ُتشى شيئاً؟»
لست أخشى شيئاً ،ذلك أنّنا ال ّنلك شيئاً .إّّنا خوف النسـاء يكفي. ِ ِ
«من جهة السرقاتُ ،
القوة ،وقد يفيدان هذا يف معرفة أفضل املمرات وعبور هبذه قافلة ا
ً أبد هتاجم ال اللصوص ن وحفنة ِ
م
ّ
"كنت منذ ّأايم يف قصر للوثنيّني ،وقد
ُ َصعبها .سألين" :هل أنت ماسيّا؟" وعندما َِمس َع التأكيد قال:أ َ
لدي بضاعة ذات قيمة عالية"». أمحيك وستحميينَّ .
ك دون أن أراك ،ألنّين قصري .حسناً ،سوف َ َِمسعتُ َ
«هل هو أحد املهتدين؟»
األندوري
ّ يوافق يسوع وأيمر الرجل ابلتوقّف كي متتطي النساء الدوابَُ .ي َعل يسـوع يوحنّا
لتطمئن النساء
ّ ميتطي إحداها أيضاً .والذين يسريون على أقدامهم ،مبا فيهم يسـوعُ ،مي ِسكون ابألعنّة
أي منها، ِ
أكثر .يريد مرغزايم اعتبار نفسه رجالً ...ورغم أ ّن التعب يُنهكه ،فإنّه ال يريد امتطاء سرج ّ
بل على العكس ،فإنّه ميسك بِعنان البَغل الذي متتطيه مرمي الكلّيّة القداسة ،والذي هو بني يسوع
الصيب ،وهذا األخري يتق ّدم بشجاعة.
و ّ
لك!» ِ
«عائلة َجيلة »...تُعلّق مرمي ،وتُنهي« :فلتحفظها السماء َ
التذمر ِمن إعالتها ،عدا عن أنَّين حقاً ال أستح ّقها».
«يف احلقيقة إنّين ال أستطيع ّ
األقل؟» على يسأله يسوع« :هل أنت مهت ٍ
د
ّ َ َُ
« ِمن املفروض أن أكون كذلك ...فأجدادي كانوا إسرائيليّني حقيقيّنيُ .ثّ ...أتقلمنا هناك»...
«ليس هناك سوى َج ّو واحد تتأقلم فيه النَّـ ْفسَ :ج ّو السماء».
لست
أنت َ خلفك ألوف السنوات من اإلميانَ . َ لك
ئيلي األصل ،و َ
أنت إسرا ّ
«حسن ج ّداًَ .
خيص موضوع اإلميان ،بينما تَع ِرف كيفمتتص احتكاكك ابجلميع فيما ّ
أبلهاً وال أ ُّميّاً ،فلماذا إذاً ّ
البشري؟ َج ْعل
ّ حّت ابملعىن
شرف ّلك ذلك غري ُم ِّ
خيص املال أو أمان الطرقات؟ أال يبدو َ
ترفض فيما ّ
هللا يف املرتبة الثانية بعد املال والطريق»...
فقدت رؤيته»...
ُ «أان مل أجعله يف املرتبة الثانية ،ولكنّين
لك أيضاً
لكن هللا هو الذي يسمح َ ذت ِمن التجارة واملال واحلياة آهلة َ
لك .و ّ ك ّاُت َ
«ذلك أنّ َ
دخلت إىل اهليكل إذن؟»
َ ابحلصول على مثل تلك األشياء ...ملاذا
ِ ِ
كنت أُفا ِوض فيه على بضائع ،ر ُ
أيت «من ابب الفضول .يف الطريق ،أثناء خروجي من بيت ُ
كنت قد َِمسعتُهُ يف عسقالن ،عند امرأة تصنع ونك ،فتذ ّك ِ
رت حواراً ُ
ُ َمموعة من الناس ،وقد كانوا ُيلّ َ
بكونك ذلك الذي كانت املرأة قد َحدَّثتين عنه .وحني
َ كنت أشتبه
سألت َمن تكون ،ألنّين ُ
السجادُ . ّ
ِ
ك حلظة فقط.عدت فرأيتُ َ
أثرك .يف أرُيا ُ
فقدت َ
أّنيت عمل ذلك اليومُ ...ثّ ُ
كنت قد ُ كُ . مت تَبِعتُ َ
َعل ُ
هاك»...
فوجدتكَ ...
َ دت
واليوم عُ ُ
ألشكرك على
َ أمنحك ّإايه
َ لدي ما
وُي َعل طُرقنا تتالقى .أان ليس َّ
«ها إ ّن هللا إذن ُيمعنا َ
األقل». لطفك .ولكنّين آمل قبل مغادريت إايك أن َ ِ
أهبك نعمة ،على ّأال ترتكين قَبلها على ّ ّ ُ َ
هاك :خلف ذاك املنعطف تبدأ«ال لن أفعلها! اسكندر ميزاس عندما يُق ِّدم ذاته ال ينسحب! َ
البلدة .أان ماض إىل األمام .سنلتقي اثنية يف الفندق ».ويَهمز مطيّته وميضي َجرايً على حافة الطريق.
...أثناء أمسية تشرينيّة (أكتوبر) طويلة ،وإذ هم ُملتَئِمون َجيعهم يف غرفة واسعة يف الفندق،
ينتظر املسافرون ساعة النوم .ويف إحدى الزوااي ،التاجر مبفرده منشغل حبساابته .يف الزاوية املقابلة،
وصهيل وثُغاء. ِ
يسوع مع أتباعه كلّهم .ليس هناك نُزالء آخرون .من االصطبالت أتيت أصوات َّنيق َ
هذا ما يدعو إىل االفرتاض أب ّن نُزالء آخرين يف الفندق ،ولكن قد يكونون يف الفراش.
وجدت؟ يف البداية هناك خطيئة ُمرَّكبة حتيط حباالت ِ أت ِسفر التكوين ،أليس كذلك؟ ماذا « قر ِ
ـاعف ملوازاة عمل أخنوخ مادة وفكراً وروحاً .بعد ذلك قَـْتل األخ أخاهُ ،ثّ قَـْتل ُمض َ اإلنسان الثالثّ :
ابالحتاد الشهواين ألبناء هللا ببنات ِمن األسرة املالكة. يف حفظ النور يف القلوب ،بعدئذ يـأيت الفساد ّ
التطهر ابلطوفان وإعادة بناء األصل ابتداء ِمن بِـذار صاحلة ،وليس انطالقاً ِمن حجارة كما تقول ورغم ُّ
أساطريكم ،وليس بدءاً ِمن سرقة انر حيويّة ِمن قِبَل صنيعة إنسانيّة ،بل إّّنا ببث النار احليويّة يف صنيعة
بشري ،وهي ذي ِمن َّ
هللا ،وكانت احلياة قد دبّت يف ّأول صلصال شكلَه هللا على صورته وبشكل ّ
يفهمن بعضهم لغة
ّ جديد مخرية الكربايء ،إهانة هللا"« :إنّنا نبلغ السماء" واللعنة اإلهليّة" :فليتب ّددوا وال
«جزئياً .ولكنين اآلن سوف أُف ِّكر فيها .فالليل هو صديق الذي يُف ِّكر وخيتلي يف ذاته».
ِ -151
(من راموت إىل جرياسا)
1945 / 09 / 26
هتب عليها الريح قليالً ،تبدو يف َجاهلا البديع تلك البلدة القابعة علىيف النور الباهر لصبيحة ّ
القمم املتفاوتة االرتفاع .حتسبها لوحة ِمن هضبة صخرية بطابعها الفريد ،اليت تنتصب وسط حلقة ِمن ِ
ّ
توض َعت عليها البيوت ،الكبرية منها والصغرية ،واجلسور والينابيع ،واليت إّّنا ُوِج َدت هنا كما
الغرانيت َّ
للرتفيه عن طفل عمالق.
حرج واخلصيب ،مبنتوجاته املتنوعة اليت تبدو ِمن يتأمل املرء ريفها الصغري ال ُـم َّ
َحول هذه البلدةّ ،
نحرفات ومثلّثات ،البعض منها أرض بُنيّة نُ ِك َشت ابملعول سجادة ،تتميّز فيها مربّعات وأشباه ُم َ
األعلى ّ
منذ مدة قصرية ،والبعض اآلخر أرض خضراء فريوزيّة بسبب العشب الذي أنبَـتَته أمطار اخلريف،
وأُخرى محراء بسبب آخر أوراق ال َك َرمة والبساتني ،وأُخرى خضراء رماديّة بفضل أشجار احلور
مطلي ابملينا (مادة شفافة المعة) بفضل السنداين ّ والصفصاف ،وأُخرى ذات لون أخضر وكأنّه
برونزي بوجود السرو والصنوبرّ .إّنا َجيلةَ ،جيلة ج ّداً.
ّ اخلروب ،أو أخضر
و ّ
ُثّ هناك طُُرقات تَنطَلِق ممّا يُشبه عُقدة َشريطةِ ،من البلدة إىل السهل البعيد ،أو صوب اجلبال
ط داكن ،احلقول اخلضراء واألراضي البنيّة املفلوحة.
األعلى ،وهي تتوغّل يف الغاابت ،أو تَفصل ،خب ّ
« ّإّنا جلعاد» يقول التاجر الذي بقي إىل جانب يسوع ،وهو يشري إليها ابليد ،وما يزال يقود
أتيت يوماً إىل
البغل الذي متتطيه مرمي ابللّجام .ويُضيف« :بعد ذلك سيكون الطريق أفضل .هل َ
هنا؟»
لحق ،بساقيـه القصريتني،َُي َعل التاجر مرغزايم ميتطي سـرجاً ،ألنّه ابحلقيقة كان يُعاين وهـو يَ َ
اخلطوة السريعة للمطااي .وبطرس يَعلَم ّأّنا سـريعة! يتق ّدم ،وهو َُي َهد بصعوبة للّحاق ابلقافلة ،مقتدايً
متأخراً عنها دائماً .يتصبّب عرقاً ،ولكنّه مسرور لسماعه مرغزايم يضحك، يظل ّابآلخرين ،ولكنّه ّ
مّت وأخيه اندراوس اللذين ورؤيته السيّدة العذراء مراتحة والسيّد سعيداً .يتح ّدث وهو يلهث مع ّ
ضحكهم بقوله هلم إنّه كان سيسـعد يف هذه الصبيحة لو كان له جناحان يبقيان يف آخر القافلة مثله ،وي ِ
ُ
ُج ِّهزت الوجبة بسرعة واستُهلِكت بسرعة .وحتت مشس الظهرية ،يُعا ِودون املسري على طريق
قي ،يف منطقة رائعة اخلَصب ،جيّدة الزرع ،غنيّة بقطعان
للسيل يف ّاّتاه اجلنوب الشر ّ
أفضلُ ،ماذية ّ
املاعز واخلنازير اليت هترب أمام القافلة ُمفخفة (صوت اخلنزير).
«هذه املدينة احملاطة ابألسوار ،اي سيّد ،هي جرياسا .مدينة املستقبل العظيم .اآلن هي يف طَور
لت ّإّنا َستُجاري بسرعة جبعون وعسقالن وصور ومدانً أخرى كثرية ِ
التوسع ،وال أظنّين أُخطئ إذا ما قُ ُّ
وغناها .الرومان يـََرون أِهّيّتها ِمن خالل هذه الطريق اليت أتيت ِمن البحر األمحر ،ابلتايل
جبماهلا وّتارهتا ِ
صل إىل البحر البنطيّ .إّنم يساعدون اجلرياسيني يف البناءّ ...إّنم يتمتّعون ِمن مصر ،ومتر عرب دمشق لِتَ ِ
ّ َْ
صر والبَصرية .حاليّاً فيها فقط ّتارات عديدة ،إّّنا فيما بعد! ...آه! سوف تكون َجيلة جبودة البَ َ
وحلَبات ومحَّامات عموميّة .أان ،مل يكن يل هناك ِسوى متاجر. وغنيّة! روما ُمصغَّـرة مبعـابد وأحواضَ ،
وُمالت ّتاريّة ،ألبيعها أبسعار أعلى بعد حصلت على أراض كثرية أُقيم عليها ُمازن ّ ُ ّأما اآلن فقـد
أن أشرتيتها أبسعار متدنّية ،وقد أبين بيتاً فخماً أقضي فيه شيخوخيت ،عندما يتم ّكن أوالدي بلدصار
مصب
ّ وانبور وفليكس وسيدميا أن يُصبِحوا جديرين إبدارة متاجر صور وجبعون واالسكندريّة عند
النيل .يف أثناء ذلك يَكرب األوالد الثالثة اآلخرون ،وسـأعطيهم متـاجر جرياسـا وعسقالن ،وقد أُعطيهم
ويتزوجن زُيات ثريّة وينجنب يل يكن مطلوابت ّ وَجاهلن ،فسوف ّّ ائهن
ُمازن أورشليمّ .أما بنايت ،بثر ّ
أحفاداًكثريينَُ »...يلم التاجر بعينني مفتوحتني أبسـعد مستقبل.
كل شيء .وبعد ذلك أييت املوت... هذا ـد؟ع وب« يقول: ُث ا
ر
ً ـائح إليه رُظ نوي التاجر ضفينت ِ
ّ ّ َ َ
األمر ُُم ِزن ولكنّه هكذا».
«أَعلَم».
كل بُ ّد .فمعي النساء وأان هنا غري معروف». ن «ِ
م
ّ
لدي غَُرف واسعة ِمن أجل
«هوذا فندقي .إنّه فندقي أل ّن هنا اصطباليت ِمن سنة ألخرى .إّّنا َّ
كنت تر َغب فبإمكانكم الـ»...
البضائع .وإذا َ
«فليكافئك هللا على ذلك .هيّا بنا».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 27
يستحق
ّ ابحتادهم ،وحدة مرّكبة ،ومع ذلك ُهم وحدة ،وذاك هو ما األشخاص الذين يصبحونّ ،
اسم مدينة .اآلن امسعوا .إذا كان يف مدينة عشرة آالف ِمن س ّكاّنا صاحلني ،وألف فقط ليسوا كذلك،
فهل ميكن القول إ ّن هذه املدينة ش ّـريرة؟ ال ،ال ميكن قول ذلك .على النحو ذاته ،إذا كان يف مدينة،
كل فريق يريد تقدمي مصلحته ،فهل ميكن القول إ ّن هذه ِ ِ
تعداد س ّكاّنا عشرة آالف ،فَرق كثرية ،و ّ
املدينة متّحدة؟ ال ،ال ميكن قول ذلك .وهل تعتقدون أ ّن هذه املدينة ستكون ُم َزد ِهرة؟ ال ،لن تكون
كذلك.
أنتم ،اي س ّكان جرياسا ،إنّكم متّحدون اآلن يف فكرة َجعل مدينتكم عظيمة .وسوف تنجحون
ألنّكم َجيعكم تريدون الشيء ذاته ،وتتنافسـون فيما بينكم لبلوغ هذا اهلدف ،ولكن ،لو كانت قد
قامت بينكم فَِرق ُمتلفة ،وجاءكم فريق يقول" :الُ ،يدر بنا االمتداد حنو الشرق" ،وآخر" :أبداً،
نتجمع يف املركز إىل أن يدر ن ذاك، وال هذا "ال واثلث: السهل"، جانب ن سنمضي صوب الشمال ِ
م
ّ
ئ هبا تتوقّف ،والذين يُق ِرضونجانب اجلدول" ،فماذا ُيصـل؟ الذي ُيصل هـو أ ّن األعمال اليت بُ ِد َ
مؤسسة الذين ينتمون إىل املدينة ذاهتا ،أو إىل فيها، رون ولكن ال توجد فقط املؤسسة اليت تُف ِّ
ك
ّ ّ
أوسع وال ّنائيّة :تلك اليت لألرواح. مؤسسة َمؤسسة البيت الصغرية والعزيزة .هناك ّ الوطن ذاته ،أو إىل ّ
حنن َجيع األحياء لدينا نـَ ْفس .وهذه النَّـ ْفس ال متوت مع اجلسد ،ولكنّها َُتلد لألبد .لقد كان يف فِكر
ب اإلنسان النَّـ ْفس ،أن ّتتمع َجيع النُّفوس البشريّة يف مكان واحد :السماء، هللا اخلالق ،الذي َوَه َ
العاهل هو هللا واألشخاص املغبوطون ُهم الناس ،بعد حياة اليت تُش ِّكل ملكوت السماوات ،حيث ِ
وخيِّرب ،لكي ُُي ِطّم ُ
وُي ِزن هللا والنُّفوس .لقد فرق ُ عاشوها بقداسة ورقاد بِسكون .فالشـيطان قد أتى لِيُ ِّ
ُ
حّت األرواح .موت َمحَ َل اخلطيئة إىل القلوب ،ومعهـا الـموت لألجساد يف زمن الوجود ،راجياً إماتة ّ
األبدي،
ّ احلق والفرح
األرواح هو الدينونـة اليت هي وجود كذلك ،نعم ،ولكنّه وجود َُمَّرد ممّا هو احلياة ّ
األزيل .وان َق َس َمت البشـريّة يف إراداهتا النور يف األبدي امتالكه ن أي احلرمان ِمن الرؤاي الـمب ِهجة هللِ ،
وم
ّ ّ ُ
ضت إىل دمارها. وبتصرفها هكذا َم َ ّ متضادة.
ّ مؤسسة تنقسم إىل أحزاب مثل ّ
"كل مملكة تَن َق ِسم على نفسها َّ
قُلتُها سابقاً للذين اهتَموين أبنّين ببعلزبول أُخرِج الشياطنيّ :
َُترب" .ابلفعل إذا كان الشيطان يَطرد نفسـه ،فإنّه َميضي هو ومملكة الظَّالم اليت له إىل اخلراب .أان،
ت أُذ ّكِر أ ّن َملكواتً واحداً فقط هواحلب الذي لَ َدى هللا ّتاه البشريّة اليت َخلَ َقها هو ،جئ ُ
بسبب ّ
حّت األكثر املقدَّس :ملكوت السماوات .جئت أ ِّ ِ
أود لو اجلميعّ ،هرع إليه األخيار .آه! ُّ ُبشر به ليَ َ ُ
علين بشكل اء
و س دين،َستعب م
ُ م سوءاً ،أن أيتوا إليهُ ،مهتَدينُُ ،م ِررين أنفسهم ِمن الشيطان الذي يُبقي ِ
ه
ّ ّ
َمضي ِ ِ
من خالل االستحواذات اجلسديّة والروحيّة ،أو سّراً من خالل تلك اليت هي فقط روحيّة .هلذا أ َ
الربُ ،معلِّماً ِ ِ
شافياً املرضى ،طارداً الشياطني من األجساد املستحوذ عليها ،هادايً اخلطأة ،غافراً ابسم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 569 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
خيص امللكوت ،صانعاً املعجزات ألقنعكم بسلطاين ،وأ ّن هللا معي .إذ ال ميكن للمرء أن يصنع ما ّ
َطرد الشياطني إبصبع هللا ،وأُشفي املرضى،كنت أ ُ
املعجزات إن مل يكن هللا صديقاً له ،ألنّين إذا ما ُ
ُبشر ابمللكوت ،وأُعطي العِربة للوصول إليه ،وأدعو إليه
ُطهر الربص ،وأَهدي اخلَطَأَة إىل التوبة ،وأ ِّ
وأ ِّ
جلي وال َُيتَ ِمل اجلدل ،وال ميكن ّإال لألعداء املخادعني فقط القول
ابسم هللا ،وهللا يُؤيّدين بشكل ّ
حل فيما بينكم ،وينبغي له أن يُبىن أل ّن
كل هذا ما هو ّإال إشـارة إىل أ ّن امللكوت قد ّ
خالف ذلك ،و ّ
ساعة أتسيسه قد حانت.
يتأسس ملكوت هللا يف العامل ويف القلوب؟ ابلعودة إىل شـريعة موسى وابملعرفة الدقيقة كيف ّ
كل
كل عمل ويف ّ وابألخص يف التطبيق الكامل للشريعة على الذات ،يف ّ
ّ هلا ،إذا كان املرء ُيهلها،
حلظة ِمن احلياة .ما هي طبيعة هذه الشريعة؟ أهي صارمة لدرجة ال ميكن معها ممارستها؟ الّ .إّنا
حبق ،يُد ِرك أنّه ُيب
ضمريايً ،الصاحل ّ
ّ َمموعة ِمن عشرة وصااي مق ّدسة وسهلة ،حبيث اإلنسان الصاحل
حّت ولو كان ُمتبئاً حتت السقف النبايتّ الذي ال َُمَرج له يف ََماهل غاابت أفريقيا اليت الالتقيّد هبا ّ
ميكن الولوج إليها .وهي تقول:
أمك لتعيش طويالً وتنال اخلري على األرض ويف السماء. أَك ِرم َ
أابك و َ
ال تَقتُل.
ال تَسرق.
ال تَ ِ
زن.
توحشاً ،والذي إذا ما نَظََر حّت ولو كان ُم َّمن هو اإلنسان الذي ،إذا كانت له نـَ ْفس صاحلةّ ،
كل هذا ِمن ذاته .إذاً فهناك َمن هو أكثر يتوصل إىل القول" :ال ميكن أن يُصنع ّ كل ما حوله ،ال ّ إىل ّ
صنَـ َعه؟ ويَعبُد ذا السلطان هذا الذي يَعرف أو ال يعرف ِ ِ
سلطاانً من الطبيعة ومن اإلنسان ذاته قد َ
امسه الق ّدوس ،ولكنّه يشعر بوجوده .ويُ ِك ُّن له احرتاماً عندما يَذ ُكر امسه الذي مسّاه به أو الذي تَعلَّ َم
قوله لدى تسميته ،ويرتَعِد ِمن ش ّدة االحرتام ،ويُد ِرك أن يُصلّي له ،ال لشيء ّإال لِيَذ ُكر امسه ابحرتام.
ابلفعل ،إ ّن ذكر اسم هللا بُغية عبادته أو تعريف الناس الذين ُيهلونه عليه ،هو صالة.
كل إنسان أ ّن عليه أن َمينَح أعضاءه فرتة راحة لتتم ّكنجملرد احليطة الوجدانيّة ،يَشعُر ّوكذلكّ ،
ِمن الصمود طاملا هو على قيد احلياةِ .من ابب أوىل ،فإ ّن اإلنسان الذي ال َُي َهل إله إسرائيل ،اخلالق
للرب ،لكي ال يكون شبيهاً ابلبهيمة اليت، كرس هذه الراحة اجلسديّة ّ ورب الكون ،يُد ِرك أ ّن عليه أن يُ ِّ
ّ
ّترت الشوفان بني أسناّنا القويّة. ِ
إذا ما تَعبَت ،تسرتيح على املهاد وهي ّ
الدم ذاته يصيح حبّاً للذين أتى منهم ،ونالحظ ذلك يف ذلك احلمار الصغري الذي ُيري اآلن
حّت َّ
تذكر أنّه ِ
السوق .لقد كان يَ َلعب ضمن القطيع ،وما إن رآها ّ وهو يَ َنهق لِيُالقي أ ُّمه العائدة ِمن ُّ
وج َعلَته ينعم ابلـدفء ،وهل تَـَرون؟ إنّه يَفرك هلا رقبتها ِ
َرضع منها ،وقد لَ َع َقته ّأمه حبنان ودافَـ َعت عنه َ
ب األهل واجب الفيت ابل َكشح (البطن) الذي َمحَلهُ .ح ّمبنخره الناعم ،ويقفز فرحاً وهو يفرك َردفه ّ
ُيب الذي َأجنَبه .ومـاذا؟ هل يكون اإلنسان أدىن مستوى ِمن الدودة اليت ومتعة .وما من حيوان ال ّ
ِ
ُ
تعيش يف الوحل؟
وإذا كان وجدانه سـليماً ،فإنّه ال يشتهي امرأة غريه ،وال يَلِج ِِخب ّسـة يف سرير غريه لِيُلطّخه .بل
إنّه يرى يف زوجة الصديق أُختاً ،وال تكون نظراته وعواطفه ّتاهها ّإال ما تكون عليه نظرات وعواطف
أخ ّتاه أخته.
حّت طبيعيّاً فقط ،بدون أيّة معرفة عن اخلري سوى تلك اليت اإلنسان ذو النَّفس املستقيمةّ ،
متس احلقيقة بسوء ،إذ يبدو له
رضى ُمطلقاً اإلدالء بشهادة ّ فعم استقامة ،ال يَ َ
يعطيه ّإايها ضمريه ال ُـم َ
لكن شفتيه نزيهتان ِمثل قلبه ،وليست لديه نَظَرات يَشتهي ذلك شبيهاً ابلقتل والسرقة ،وهو كذلك .و ّ
هبا امرأة غريه .وليست لديه الرغبة يف ذلك ألنّه يَعلَم أ ّن الرغبة تَدفَع إىل اخلطيئة .وليس لديه َح َسد
ألنّه صاحل .والصاحل ال َُيسد أبداً .إنّه فَرِح مبصريه.
هذه الشريعة ،مبا فيها من متطلّبات ،هل تبدو لكم غري قابلة للتطبيق؟ ال تُغالِطوا أنفسكم! أان
تؤسسـون ملكوت هللا يف ذواتكم ويف مدينتكم ،وسوف واثق من أنّكم لن تفعلوا ،وإذا مل تفعلوا فإنّكم ّ
تعودون اثنية للّقاء يوماً ،وأنتم ُسـعداء ،مع الذين أحببتموهم والذين ،كما َستَفعلون أنتم ،قد بـَلَغوا
األبدي يف أفراح السماء اليت ال ّناية هلا.
ّ امللكوت
وجد امليول ،كما السكان القابعون ضمن أسوار مدينةُ .يب أن تُريد ولكن يف أعماقنا ذاهتا تُ َ
وإال فعبثاً مييل قِسم حنو السماء ،إذا ما تَـَرَك قِسم
كل ُميول اإلنسان أمراً واحداً :أن تعرف القداسةّ .
ّ
بطل ،بنقاشات وَك َسلَ ،ع َمل قِسم ِمن آخر بعدئذ الباب دون حراسة ،فيدع الشـيطان يدخل ،أو ي ِ
ُ َ ُ
السامة ،للعكرش ،لألفاعي، الس ّكان الروحيّني ،جبعله داخل املدينـة يَفىن وعُرضـة للق ّـراص ولألعشاب ّ
الشريرة وملالئكة الشيطانُ .يب السهر دون اإلِهال للعقارب ،للفئران وأبناء آوى وللبوم ،أي للميول ّ
فكل َمن يف داخله ُهم يف القوي َُيرس َمدخل بيته ابلسالحّ ، احلق أقول لكم :طاملا الرجل ّ ّ
وجَّرَده ِمن
َدرَكه األقوى َ أمان .ولكن لو أتى َمن هو أقوى منه ،أو لو تَـَرَك اببه دون حراسة ،إذاً َأل َ
وأي ِسره األقوى ويَسبيه. ِ
عول عليها ،فإنّه يتذلَّل ويُذعنَ ، سالحه وهو ،إذ ُُيَّرد ِمن األسـلحة اليت كان يُ ِّ
ولكن لو عاش اإلنسان يف هللا ،بواسطة األمانة للشريعة واالستقامة اليت ميارسها بقداسة ،فإ ّن هللا
قوي أن
ألي ّ االحتاد ابهلل هو السالح الذي ال ميكن ّ ميسه سوءّ . يكون معه ،وأان معه ،وال ميكن أن ّ
االحتاد يب ضمان للنصر ولغنيمة فضائل أبديّةِ ،من أجلها ُمينَح لألبد مكاانً يف ملكوت يتغلّب عليهّ .
ومن يت. م صل عين أو يصبِح عدواً يل ،فإنّه ابلنتيجة يرفُض األسلحة وأمان َكلِ هللا .ولكن الذي ين َف ِ
َ َ َ ّ ّ ُ َ ّ
كل ما كان ميلكه مّنكر هللا يدعو الشيطان .والذي يدعو الشيطان ُُي ِ
ط نكر هللا .ومن ي ِ نكر الكلمة ي ِ
ي ِ
ّ َ ُ ُ ُ
لِبُلوغ امللكوت.
لت هذا؟»
الر ُسل الذين يسألونه« :ملاذا قُ َ بعد ذلك ،يُبا ِرك يسوع ّ
ويتوجه صوب الريف ،يَتبَعه ُّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 573 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
احلق أقول لكم ،أل ّن مقاييس السماء َُتتَلِف عن مقاييس األرض .وأ ُّمي نفسها ستكون « ّ
َمغبوطة ،ليس بسبب نَـ ْفسها اليت بِال َدنَس ،بَِقدر ما هو بسبب مساعها كلمة هللا وممارستها بطاعة.
فإن "لِتَكن نـَ ْفس مرمي بال خطيئة" لَـ ِه َي معجزة ِمن اخلالق .إذن فله يكون املديحّ .أما "لِيَ ُكن يل حبسب َّ
لك" ،فهي معجزة أ ُّمي .فَ ِمن أجل هذا يكون ما تستح ّقه عظيماً .إنّه عظيم لدرجة أ ّن ُُملِّص العامل قو َ
ض َع كلمة هللا ِ
قد أتى بفضل هذه ال َـمقدرة على مساع كلمة هللا املتكلّم بفم جربائيل ،وبفضل إرادهتا َو َ
أي حساب ملقدار الصعوابت واآلالم املباشرة واملستقبلية اليت تتأتّى ِمن َموضع التطبيق واملمارسة دون ّ
ِ
ألّنا َِمس َعت
أرض َعتين ،ولكن ّألّنا َحبِلَت يب و َ موافقتها .تَـَرون إذاً أ ّن ّأمي لَمغبوطة هي ،ليس فقط ّ
خرجت لبعض الوقت ،وقد ُ ومار َستها بِطاعة .إّّنا اآلن فلنعد إىل البيت .كانت أ ُّمي تَعلَم أنّين
كلمة هللا َ
الوثَن .ولكن يف احلقيقةّ ،إّنا أفضل ِمن ِ
أتخرت .إنّنا يف بلدة نصفها من َُ ُتاف إذا ما رأت أنّين
فلنمض ،ولِنَ ُدر خلف اجلدران لِنُفلِت ِمن اجلموع اليت تريد إبقائي هنا .هيّا بنا ِ األُخرايت .وكذلك
بسـرعة خلف تلك اخلمائل الكثيفة»...
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 09 / 28
طويلة هي ساعات النهار عندما ال يعرف املرء ما يفعله .وأولئك الذين كانوا مع يسوع ،ال
فرقهم فيهيعرفون ابلفعل ماذا يفعلون خالل ذاك السبت ،يف بلدة ال معارف هلم فيها ،يف بيت يُ ِّ
صلني عن قادة اختالف اللغـات والعادات ،كما لو أ ّن االحنيازات العربية مل تكن تَكفي لِتُبقيهم من َف ِ
ُ ّ
وخ ّدام اسكندر ميزاس .كذلك البعض ظلّوا يف السرير ،أو ُهم يَغفون يف الشمس اليت تُدفّئ القافلة ُ
الدار الواسعة املربّعة .دار بُنِيَت ح ّقاً لتَستَقبِل القوافل ،فيها بَِرك ماء وحلقات مثبتة يف اجلدران وعلى
اجلاف ،على
يفي ميت ّد على اجلوانب األربعة ،وع ّدة اصطبالت مع ُمازن للتنب أو الكأل ّ أعمدة رواق ر ّ
منهن.
غرفتهن .ال أرى أحداً ّّ اجلوانب الثالثة .النساء يف
مرغزايم َُِيد كذلك تسلية يف الدار املغلقة .إنّه يُراقِب عمل السائِسني َُي ّسون البغال (ينظّفون)،
يُب ِّدلون املهاد ،يُراقِبون احلوافر ويُعيدون تسوية النّعال ،أو إنّه ،وهذا ممّا يثري اهتمامه أكثر ،مبا أنّه شيء
كل منها منذ اليوم، لةومح لتحضري اإلبل مع الني اجلم
َّ ف تصر
ُّ ة كيفي بنشوة ب جديد ابلنسبة له ،يراقِ
ّ ّ ُ
وجعلها ُمتوا ِزنة ،وكيف ُيعلونه ُيثـو ويَ َنهض ِمن أجل حتميله وتفريغ احلمولة ،مبكافأته بعد بتجزئتها َ
اخلروب (نوع من البقوليات) الذي ِ
ذلك حبفنة من اخلُضار اجلافّة اليت تبدو يل ّأّنا فـول ،انتهاءً بتوزيع ّ
أرى الرجال كذلك يَستَمتِعون مبَضغِه.
ِ مرغزايم م َ ِ
حبق ،ويَنظُر حوله ليَجد َمن يُشاط ِره دهشته .و ّ
لكن أمله خـاب أل ّن الكبار ال ندهش ّ ُ
يهتمون ابجلِّمالّ .إما أ ّّنم يتح ّدثون فيما بينهم ،أو ّأّنم يَغفون .فيمضي إىل بطرس الذي ينام هانئاً،
ّ
ويهزه ِمن ُك ّمه .يَفتَح بطرس عينيه نصف فتحة ويَسأل« :ماذا هناك؟ َمن
طريّ ، رأسه متّكئ على َك َأل ّ
يُريدين؟»
َخيبة أ ََمل أُخرى ...مرغزايم يَنظُر حوله ...ها ِها سـمعان الغيور ويوضـاس ت ّداوس يتح ّداثن...
يتوجه حنوِها قائالًَ « :كم هي َمليحة تلك اجلِّمال! وطيّبة! لقد َمحَّلوها وأفرغوا احلمولة ،وقد نـََزلَت إىل
ّ
اخلروب .كذلك الرجال أكلوا منه .أرغب أبن ...ولكنّين ال األرض كيال يَ َتعب الرجلُ .ثّ أَ َكلَت ّ
أنت »...وُمي ِسك بيد مسعان.
أَستَوعب .تعالَ ،
ِ
وهذا األخري ،إذ كان ُمستَغ ِرقاً يف حديث هادئ مع ت ّداوسُُ ،ييب بِ ُشرود« :نعم اي حبييب...
نفسك».
َ اذهب ،اذهب وانتبه لِ ّئال تؤذي
يَنظُر إليه مرغزايم مندهشاًَ ...مل ُُِيبه مسعان ابللهجة ذاهتا .يَكاد يبكي .يَبتَعِد خائباً ويَستَنِد
على عمود…
إيل»...
«ال أحد يَستَمع ّ
تود قوله لآلخرين؟»
كنت ّ
«ما الذي َ
ابنك؟»
« َ
لدي أوالد ،أان .فال زوجة يل».
«ليس َّ
القوي ،مل َِّتد امرأة؟»
أنت ،الوسيم و ّ
« َ
«مل أحبث عنها».
«ال .أبداً».
ينظُر إليه الرجل مذهوالًُ ،ث يقول« :أان لدي تسعة أوالد يف اشيلو ...أ ِ
َمضي إىل هناكَ :ولَد. ّ ّ َ
أ ِ
َمضي إىل هناكَ :ولَد .دائماً».
أوالدك كثرياً؟»
َ أحتب
« ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 577 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
قاس .أان هنا واألوالد هناك .يف البعيد ...ولكن ِمن أجل قُوهتم .أتُد ِرك؟»
لكن العمل ٍ
« َدمي! و ّ
اخلروب؟»
ميكنك فَـ ْهم الولد الذي يريد ركوب اجلَّمل وأكل ّ
َ «أُد ِرك .إذن
لدي ابن هكذا .أسود «نعم .تعال .أُتاف؟ ال؟ أحسنت .اي َ ِ
لك من َولَد َجيل! أان أيضاً ّ َ
اسك .اآلن آيت ِ
السرج« .مت َ
هكذا .امسك هنا .ش ّد جيّداً ».ويضع بني يديه مقبضاً غريباً يف مق ّدمة ّ
سينهض .ال ُتاف .أليس كذلك؟» أان .واجلَّ َمل َ
ليب ويَ َنهض وهـو يتمايل بش ّدة. السرج املرتَِفعِ َ ،
وُيلس وينادي اجلَّ َمل الذي يُ ّ ويتسلّق الرجل َّ
اخلروب اللذيذة يف فمهَُ .ي َعل
ضع الرجل له قطعة ّ يضحك مرغزايم ،سعيداً ،ويزداد سعادة حني يَ َ
صرخ
الرجل اجلَّمل يسري على مهل يف الدارُ ،ثّ َُي َعله يَرُكضُ .ثّ ،حني يـرى أ ّن مرغزايم مل َخيَف ،يَ ُ
وخيتَفي اجلمل ،مع محولته،
مؤخرة الدار َ
البوابة الكبرية اليت يف ّ بشيء ما إىل أحد رفاقه الذي يفتَح له ّ
يف ُخضرة الريف.
يعود يسوع إىل البيت ،إىل غرفة تتواجد فيها النساء .ابتسامته ُمش ِرقة لدرجة أ ّن مرمي تَسأله:
حّت تكون سعيداً هكذا؟» بينّ ،
بك اي ّ
«ما َ
اخرجن لرتينه عائداً».
يتجول اآلن على ََجَلُ .
لدي سرور مرغزايم الذي ّ
« ّ
الر ُسل ،غري النائمني منهم، ِ
الربك .و ُّ ِ
وُيلسون على جدار صغري قرب َ َخي ُرج اجلميع إىل الدارَ ،
العلوي ،يَنظُرون إىل أسفل ،يـََرون فَـيُقبِلون كذلك .أصوات
ّ يقرتبون .والذين كانوا على نوافذ الطابق
مّت .اآلن اكتَ َملوا ،ذلك جليّة وفتيّة ،أصوات يوحنّا وحاملَي اسم يعقوب ،تُوقِظ بطرس واندراوس َ
وهتّز ّ
األندوري أييت كذلك مع التلميذين.
ّ أ ّن يوحنّا
«إنّه يف نزهة على اجلَّمل .مل يكن أحد منكم ليستمع إليه ...رأيتُهُ حزينا وعاجلتُه».
وفهمت
ُ كنت تقول أبنّنا نلتقي يف السماء...
كل شيء كان َجيالًَ . لست أدريّ ...
«ولكنُ ،
نتحاب هناك بشكل ُمتلف ،إّّنا متسا ٍو .مثالً ،لن تعود لدينا ِهوم احلاضر ،ومع ذلك سوف
ّ أبنّنا
للكل ،كما لو أنّنا عائلة واحدة .هل أُسيء التعبري؟»
الكل للواحد والواحد ّ
نكون ّ
لكن يسوع يراها ويدعوها ألن َُت ُرج عن َحت ُّفظها ِ
تقوم سينتيكا حبركة ال إراديّة ،تُوقفها ُمباشرة .و ّ
الذي ُحتافِظ املرأة عليه على الدوام.
بكّ .أما أ ُّمي فال ميكنين أن أراها ّإال وثنيّة .لقد كانت صاحلة ...آه! كثرياً! «اآلن أان أؤمن َ
كن ِ
هن ّ وأخوايت أيضاً كثرياً! ايسمني الصغرية كانت أفضل ما َمحَلَت األرض من ُملوقات .ولكنّ ّ
كنت أقول" :سوف جنتمع" .اآلن ِ
كنت أُف ّكر ابهلاديس ،و ُ
مثلهنُ ،
كنت أان ّ وثنيّات ...ولذلك فطاملا ُ
احلقيقي بِ ّرب .وتلك
ّ فردوسك ،ملكوت السـماوات للذين َخ َد َموا اإلله َ مل يـَعُد هناك هاديس .يوجد
أي ِمن َك َهنَة إسرائيل ليقول لنا: إلينا النُّفوس املسكينة؟ فليس خطَأها ّأّنا ولِ َدت يواننية! ومل ِ
أيت
ّ ّ ُ َ
آالمهن ،ال شيء؟ وظُلُمات أبديّة ،وانفصال ّ فضائلهن ،ال شيء؟
ّ احلقيقي هو إهلنا" .وإذن؟
ّ "اإلله
إين أبكي»... ريبّ ...عفوكّ ،
اهن َمقصيّاتَ . مربح! يبدو يل أنّين أكاد أر ّ لك :أمل ّ عين؟ قُلتُها َ
أبدي ّ
ّ
وّتثو وهي تبكي ُمزونة.
«ولكن اخلطيئة األصليّة؟ ولكن العبادة املعيبة؟ ولكن »...كان اإلسرائيليّون سيقولون أشياء
ض الصمت حبركة منه. أُخرى تُضيِّق على نـَ ْفس سـينتيكا اليت أضحت ُمزونة ،لوال أ ّن يسـوع قد فَـَر َ
يقول« :اخلطيئة األصليّة تُصيب اجلميع ،إسرائيليّني كانوا أم ال .فهي ليست ِحكراً على الوثنيّني.
العبادة الوثنيّة تُصبِح خاطئة منذ اللحظة اليت تَنتَ ِشر فيها شريعة املسيح يف العامل .الفضيلة هي الفضيلة
الفكرة املقدَّسة إىل كالم ،إ ّن رتَجاً ِ
وابحتادي مع اآلب أقول ،أقول ابمسه ،م ِ عيين هللا ،على الدوامّ .
ُ يف ّ
الفاضلِني ،وإن العوائق سوف تُزال ِمن نـَ ْفس طُرق القدرة الرحيمة واسعة ج ّداً ،وترمي كلّها إىل إسعاد ِ
ُ
يستحق السالم .وليس هذا وحسب .بل وأقول إنّه يف املستقبل، ّ إىل أخرى ،وإ ّن السالم سيعطى لِ َمن
برب وقداسة ،لن يكونوا منبوذين ِمن احلقَ ،سيَتبعون داينة آابئهم ّ
أبّنم يف ّ فإن أولئك الذين ،لقناعتهم ّ َّ
احلق ومعاقَبِ قِ
للحق املعروف ،وخباصة ُماربة ّ املتعمد ّ ّ الرفض
و ة، الني
ّ وسوء بث اخل
ُ ا أم
ّ منه. ني ُ هللا ل ب
َ
املوحى به والنيل منه ،فتلك هي حياة الرذيلة اليت ستفصل ح ّقاً وإىل األبد نفوس األبرار عن نفوس
ضب ِ ِ
جمة جهنّميـّة متأتّية من الغَ َ
اخلَطَأَة .ارفعي روحك ال ُـمحبَط اي سينتيكا .إ ّن هذا االكتئاب هو َه َ
أنت الفريسة اليت فَـ َق َدها إىل األبد .ال يوجد هاديس .ما يوجد هـو فردوسي بك به الشيطانِ ، الذي ُُير ِ
ّ
شك،احلق ويكون سبب إحباط أو ّ ِ
أان .ال سبب لألمل فيه ،بل على العكس للفرح .ال شيء أييت من ّ
أنت ،فَـبُوحي يل دائماًبل على العكس قوة هو لالستمرار يف ازدايد اإلميان وأبمان وطمأنينة فَ ِرحة .إّّنا ِ
ّ
ومستَ ِقّراً ِمثل نور الشمس». ِ
أبفكارك .أريد فيك نوراً ساكناً ُ
ِ
1945 / 09 / 29
تَعود املرأة اجلرياسيّة ُمس ِرعة بصحبة زوجها املصاب يف عينيه .بشيء آخر غري الت ُّ
َّقرحات! إ ّّنما
ثُقبَان ُممتَلِئان نتانة يَن َفتِحان وسط وجهه .العني هنا يف الوسط ،تغشاها الدموع ،محراءِ ،شبه عمياء،
حّت تزداد شكواه ،أل ّن ِ
وخي ُرج منها سائل كريه .ال يكاد الرجل يَن َـزع الغطاء القامت الذي َُيجب النور ّ َ
النور يُهيِّج أمل العني املصابة.
غفرت»...
تئن وتبكي« :أان ُ
يَبكي الرجل ويُطأطئ رأسه دون أن يتكلّم .كذلك امرأته ّ
َقس َم يل هنا أنّه لن يعود إىل ارتكاب خطيئته».
«وأان أَغفر له إذا ما أ َ
أنت ِ ِ ِ ِ
«نعم ،نعم! اغفر يل .اآلن أَعلَم ما َّتلبه اخلطيئة معها .اغفر يل .مثل املرأة اغفر يلَ .
الصاحل».
تَنهار املرأة وهي تبكي ...لقد خاب أملها .يُشري يسوع إىل التاجر أ ّن إبمكانه املض ّي .والتاجر،
وخي ُرجون ِمن
وقد خاب أمله كذلك ،يَن ُقل األمر .تُعا ِود اجلِّمال السري حبركاهتا اليت تتماوج كاملراكِبَ ،
ابّتاه اجلنوب الغريب.األسوار .أيخذون طريق القوافل املاضية ،الرتابيّة العريضةّ ،
ِ
كت اي يسوع!»
آمنت وأان أرى .بور َ يُقبِّل الرجل ثوب يسوع وهو يُ ّردد« :لقد ُ
آمنت! لقد ُ
صداقة هللا؟»
«وهل ميكنين اجمليء دون َ
الرب يسمح للذي ما يزال دون توبة ،أن يسعى إليها، ميكنك اجمليء دون صالح هللاّ . َ «بل ال
س ِ ِ
ويتوصل إىل إُيادها .إذ إ ّن التوبة أتيت عادة عندما يكون اإلنسان ،عن قصد أو بقليل من ح ّ ّ
الضمري مبا تريده نفسه ،يَع ِرف هللا .يف السابق هو كاألبله ،تقوده غرائزه فقط .أمل ُتترب أبداً احلاجة إىل
اإلميان؟»
كنت قد أحزنت هللا، «نعم .ولو مل أكن ُمث َقالً حبقيقة أنَّين ُ
كنت خاطئاً ،ألنّين بتلك اخلطيئة ُ
ماضي هذا كان ماضياً حسناً .حبيث ميكنه أن يساعدين كثرياً يف محاية ّ لكان إبمكاين أن أقول إ ّن
النُّفوس ذوات اإلرادة الطيّبة ،إّّنا التائهة ،يف اللحظات األوىل إلمياّنا اجلديد».
حّت املساء».
للصيب ّأال يركض كثرياً ألنّه سيُنهك ّ
ّ «مسعان امض وقُل
يَنظُر مسعان إىل يسوع ،ولكنّه يُد ِرك حقيقة األمر .فيبتسم ابتسامة ذكيّة ويَرتُكهما وحدِها.
معك .لدرجة أنّين عازمك معلّم كثري الطّيبة! مرغزايم يتعلّم بسرعة وجيّداً َ « ِمن أجل سينتيكا .إنّ َ
على ترككما معاً لبضعة أشهر ،ألنّين أريد ملرغزايم امتالك معرفة أوسع ِمن معرفة عا َمل إسرائيل الصغري.
أفرح لرؤيتكما معاً ،أنت تُعلِّم وهو يتعلَّم؛
مينحك ال َفَرح .وأان كذلك سوف َ َ َّ
إن االهتمام به سوف
لك ِ
عليك كذلك االهتمام بسينتيكا .كأُخت َ نضج ابنشغاله .إّّنا َ شبابك ،وهو ليَ ُ
َ أنت الستعادة
َ
جوي .أتفعل هذا ألجلي؟» ِ ِ
اتئهة .لقد قُلتَها :إنّه تيه ...فساعدها على التأقلم مع ّ
ضروري. غري يل يبدو كان ذلك ن
ّ أل إليها، بأتقر
َّ أكن مل دي! سي اي أفعل، أن يل ةّنم«ولكنّها ِ
ّ ّ
قرأ لُفافايت؛ منها ما هو ُمقدَّس ومنها ما هو للثقافة فقط :الرومانيّةأنتّ .إّنا تَ َ
ئت َ ولكن إن ش َ
ِ
أنت ذلك»...شئت َأتدخل ملساعدهتا .إن َ واليواننيّة .أراها تُف ّكر وتَطَّلع عليها ،ولكنّين مل ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 588 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ومثلكَ ،ستَبقون بعض َ ص ِدي َقني .فهي كذلك ،مثل مرغزايم أود رؤيتكما َ «نعم ،أريد ذلكُّ ،
فسني تَن َفتِحان على هللا .أ ُّمي :املعلّمة نالوقت يف الناصرة .سيكون األمر رائعاً .أُمي وأنت معلِّمان لِ
َ َ َ ُ ّ
شرحها برباهني فائقة ت
َ أن مبقدورك
َ اليتو ة، ي
ر البش املعرفة يف اخلبري مّل املع : أنت
و هللا؛ لماملالئكية لِعِ
َ ّ َ ّ
ال ّدقة .سيكون األمر َجيالً ومفيداً».
«نعم ،اي سيّدي املبارك! َجيل ج ّداً ابلنسبة ليوحنّا املسكني! »...ويبتسم الرجل لفكرة ّأايم
السالم ال ُـمقبِلة إىل جانب مرمي ،يف بيت يسوع…
وينبَ ِسط الطريق يف دفء للشمس يتزايد اإلحساس به ابستمرار ،يف ريف فَـتَّان ُمنبَ ِسط ،بعد
عد جرياسا .الطريق معتىن هبا جيّداً ،والسـري عليها سهل .ويعاودون املسري ُماذاة مرتفعاته اخلفيفة اليت بَ َ
تضحك ِمن قلبها ،عندما َ مرة
ّ ّل ألو سينتيكا عت
ُ
بعد اسرتاحة الظهرية .كان قد اقرتب املساء عندما َِ
مس
الصيب وتَطبَع ف ضحك كل النساء .أرى اليواننية تنحين لِتُ ِ
الط يروي هلا مرغزايم لست أدري ماذا ،ممّا ي ِ
ّ ّ ّ ُ ُ
الصيب إىل القفز كما لو أنّه مل يكن يَشعُر ابلتعب.
قُبلة على جبهته ،يعود بعدها ّ
اجلمالة" .يقول "نبع يف الليلة قضاء ار
ر ق خرب ونقّ يتل حر ف
َ ِ
بو بون،ولكن اآلخرينَ ،جيعهم ،تَعِ
ّ َ
ومتعِب
إين دائماً أمضي الليل هناك .طويل ج ّداً هو الشـوط الفاصل بني جرياسا وبصرىُ ، التاجرّ « :
للرجال و َّ
الدواب».
اجلمالة" ليست ِسوى َح ْفنة ِمن البيوت حول آابر عديدةَ .شكل ِمن أشكال الواحة، "نبع ّ
الرحابة غري املأهولة للحقولليست يف الصحراء القاحلة ،أل ّن هنا ال يوجد جفاف ،ولكنّها واحة يف َّ
والبساتني املتتالية على مدى أميال وأميال ،واليت لدى حلول عشيّة تشرينيّة (أكتوبر) ،يَنبَعِث منها
وشم رائحة
الرضعّ ، ُحزن البحر عند الغَ َسق ذاته .وكذلك رؤية البيوت ،وسـماع َجلَبة األصوات وبُكاء ّ
كل ذلك شيء لطيف كوصول املرء إىل بيته اخلاص. ِ ِ ِ
دخن ،ورؤية املصابيح األوىل تَشتَعلّ ،
املواقد اليت تُ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 589 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
دخل مع التاجر ِ بينما يتوقّف َّ ِ
الرسل والنساء يسوع الذي يَ ُ
مرة ،يَتبَع ُّ
اجلمالة لتَشرب اجلّمال ّأول ّ
إىل ...الفندق الذي يعود إىل ما قبل التاريخ ،والذي سيأويهم أثناء الليل…
يتنهد بطرس.
«حسبنا ّأال يَهطل املطر» ّ
حّت أييت الطقس السيّئّ .أما ِ
حّت ّناية القمر هذاّ ،
يُطمئنه التاجر« :ما زال ُيب االنتظار ّ
كل مساء ،إّّنا غداً ستُش ِرق الشمس».
هذا الطقس فهو عادة هكذا ّ
لك
«هذا من أجل النساء ،هل تَعلَم؟ وليس من أجلي أان .إنّين صيّاد وأعيش يف املاء .أؤّكد َ
أنّين أ ِّ
ُفضل املاء على اجلَّبَل والغبار».
يتحرك. اتّاملسن النساء ن وابستثناء مارسيل وحنّة اليت لقوزى ،فال أحد ِ
م
ّ
حّت قبل اآلن ِ ِ ِ
مّت« :هل من أحد كان قد قال للنساء ،ولو ّ
بعد أن نلن الربكة وذهنب ،يُتمتم ّ
بيوهتن!»
القش بعيداً عن ّ
عليهن النوم على ّ
ّ بقليل ،أنَّه سيكون
ظل زاوية وتغفو ،بينما تستفيد مرات ِمن نور املوقِد ِمن أجل تثبيت حلقات
ّتلس سوسن يف ّ
على ثوب مرغزايم الصغري ،نشيطة هي كذلك رغم التعب وإحلاح اآلخرين.
ِ
مسعتك تضحكني». يقول يسوع لسينتيكا« :ولكن مل تكن فكرة مؤملة .لقد
الصيب الذي كان يَقطَع السؤال قائالً" :أان ال أريد العودة ّإال إذا عاد يسوع. ّ «نعم ،بسبب
كنت تتذ ّكرين"»... كنت تريدين معرفة كل شيء ،فابتعدي عن هنا ،وعودي لِتُ ِ
خربينا إذا ما ِ ولكن إذا ِ
ّ
عما مل تكن قد فَ ِه َمته جيّداً ِ ِ
َجيعهن من ذلك ويَقلن إ ّن سينتيكا كانت تَطلُب من مرمي شرحاً ّّ تضحك
ِ
فسر إمكانيّات كثرية لدى الوثنيّني ابمتالك ذكرايت ُم َبه َمة
حول الذكرى اليت حتتفظ هبا النُّفوس ،واليت تُ ّ
عن احلقيقة.
ك، «أان كنت أقول" :أميكن أن يؤّكد ذلك نظرية التقمص اليت ِ
يؤمن هبا وثنيّون كثريون؟" و ّأم َ ّ ّ ُ
فسر يل هذا أيضاً اي ِ
فسر يل أ ّن ما تقوله هو شيء آخر .واآلن ،أتسمح أبن تُ ّاي معلّم ،كانت تُ ّ
سيّدي؟»
أن النَّـ ْفس هي فكرة ،فهي كاملة ،وتلك الفكرة الكاملة تدوم جلزء ِمن أَلف
«نعم ،أي طاملا َّ
الفكرة تُرتجم إىل فِعل ،و ِ
الفعل يغدو خاضعاً لسطوة الشريعة ِمن اللَّحظةُ ،ث تُصبِح الفكرة ُملوقةُ .ثِ ،
َ ّ ّ
الناَجة عن اخلطيئة».
البشري ،حاملة معها تلك اجلوهرة ّ دت اإلجابة .إذن فالنَّـ ْفس تَلِج هكذا يف اجلسد «لقد أَج ِ
َ
احلقُ .ثَّ يُولَد الطفل .قد يكون طيّباً ،رائعاً ،كما ميكن أن ِ
الروحي ،ذكرى اخلالق ،أي ّ ّ السريّة لكياّنا
أي شيء ألنّه ُحّر يف إرادته .على هذه الذكرايت ينشر املالئكة أنوارهم، ِ
يكون خائناً .ميكنه أن يُصبح ّ
الشراك ظُلُماته .وطاملا اإلنسان يَتبَع األنوار ،وابلتايل فَضائِل تتنامى ابطّراد ،جاعالً النَّـ ْفس
ويُلقي زارع ِّ
سيّدة كيانه ،فستنمو فيها َملَ َكة التذ ّكر ،كما لو أ ّن الفضيلة كانت ّتعل احلاجز ِّ
املتوضع بني النَّفس
يرق ابستمرار .هذا ما ُيعل الناس الفاضلني ِمن كل البالد ُُِيسون ابحلق ،ليس بشكل ِ
كامل، وهللا ّ
ّ ّ ّ
احلقيقي وملعرفة يند«نعم .واخلالصة :إ ّن ِدين الفضائل اليت ُمتارس ببطولة يهدي النَّـ ْفس لل ِّ
ّ َ َ
هللا».
1945 / 09 / 30
حق .ما كان ميكن لتشرين (أكتوبر) أن مينح املسافرين يوماً أَجل ِمن هذا كان التاجر على ّ
َّدت الشمس الضباب الذي كان يُغلِّف الريف ،كما لو أن الطبيعة كانت قد نَ َشَرت اليوم .فما أن بد َ
ظهر الريف يف عظمة امتداد حقوله املزروعة ِوشاحاً فوق النبااتت اليت كانت تغفو أثناء الليل ،حّت يَ َ
ّتمع على قِ َم ِم ِجبال بَعيدة ،مغلِّفاً ّإايها بَِرذاذ َش ّفاف،
اليت تُدفِّئها الشمس .يبدو أ ّن الضباب قَد َّ
طام َساً معاملها أكثر فاكثر ،خالفاً ملا هي عليه السماء ِمن صفاء.
ِ
فسنظل يف السهل ،خلف هذه اجلبال .ويف العشيّة، ّ «ال ،الّ .إّنا جبال حورانّ .أما حنن
سنكون يف بصرى ،املدينة اجليّدة واجلميلة ،ففيها ّتارة كثرية ».يؤّكد التاجر ويُثين عليها ،وهو الذي
لوايت َجال مكان ما. يضع َجناح التجارة يف أساس أو ّ
مرة يريد االختالء .يَلتَ ِفت مرغزايم َمّرات ِع ّدة لِيَنظُر إليه.
املؤخرة ،كما يف ك ّل ّ
يسوع مبفرده ،يف ّ
ُثّ مل يعد قادراً على املقاومة ،فيرتك بطرس ويوحنّا بن زبدىَُ ،يلِس على قارعة الطريق ،على نُصبة،
الصيب ،ويذهب دون كالم ض نه ي يسوع، ل يفرتض ّأّنا إشارة عسكرية للرومان ،وينتظر .وعندما ي ِ
ص
ّ َ َ َ ّ ُ ََ
إىل جانب يسوعَّ ،إّنا يبقى خلفه بعض الشيء ،كيال يُضايقه ،ويُراقِب ،يُراقِب…
قع ُخطى َخفيف َخلفه. ِ يستمر يف املراقبة إىل أن َخي ُرج يسوع ِمن ُّ
سمع َو َ
أتمله ،ويلتَفت وهو يَ َ ّ
للصيب قائالً« :آه! مرغزايم! ماذا تفعل هنا وحيداً؟»
ّ يبتسم وهو مي ّد يده
لك .وهكذا سوف تصلّي معي .اليوم ،هللا هو الذي َمينَحه ،ما هو ُمنري بكل أتكيد سأقول َ « ّ
منه وما هو ُمظلِم :النهار والليل .فاحلياة واحلصول على النور هي ِهبات .وطريقة احلياة هي نوع ِمن
الذات يف القداسة، التَّقديس .أليس كذلك؟ إذاً فيجب تقديس أوقات اليوم كلّه للحفاظ على َّ
العلي وصالحه يف قلوبنا ،ويف الوقت نفسه إقصاء الشيطان بعيداً .انظر إىل العصافري: واالحتفاظ ابإلله ّ
ابلصداح ،وتُبا ِرك النور .حنن كذلك ،علينا أن نُبا ِرك النور،
شرع ُّ ت
َ الشمس، ن ّإّنا ،ولدى أول ُشعاع ِ
م
َ ّ
ألنّه عطيّة ِمن هللا ،وأن نُبا ِرك هللا الذي َمينَحنا ّإايه وهو نور .وأن نشتهيه ِمن طلوع الفجر ،كما لِنُثبِّت
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 596 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ِمسَة النور ،عالمة النور ،على اليوم كلّه ،الذي يتق ّدم ،كي يكون أبكمله ُمنرياً ومق ّدساً ،ونتّحد ابخلليقة
فإّنا َّت َعلنا نُد ِرك َمدى
مترّ ، هي وطاملا الساعات، متضي عندما ، ُث "أوشعنا". للخالق: ل كلّها لِنُرتِّ
ّ ّ
داوى األمل ،ويتب ّدد اجلَّهل ،وأن يكون ِ
الصالة أيضاً من أجل أن يُ َ األمل واجلَّهل يف العامل ،وابلتايل فعلينا ّ
ويتضرع إليه َجيع الناس الذين ،لو كانوا يعرفون هللا ،لكانوا ُم َعَّزين على ِ
هللا معروفاً وُمبوابً ،وأن يَلتَجئ ّ
الصالةحّت يف آالمهم .ويف الساعة السادسة (ما يعادل الساعة التاسعة صباحاً اليوم) علينا ّ الدوامّ ،
االحتاد ابلذين ُيبّوننا .فهذه أيضاً عطية من هللا .وعلينا نتذوق نعمة ّ
ب العائلي ،وأن َّ ِ
من أجل احلُ ّ
ويتحول إىل سبب للخطيئة .وعند الغَ َسق ،فإنَّنا كحاجة، طبيعته الطعام يتجاوز أال
ّ أجل ن مالصالة ِ
ّ ّ
يتم غروب يومنا أن أجل ن نصلي مف ّكرين ابملوت ،الذي هو الغروب الذي ينتظران َجيعاً .أن نصلّي ِ
م
ّ
وغروب حياتنا ،على الدوام ،ونـَ ْفسنا يف حال النّعمة .وعندما تُضاء املصابيح ،علينا الصالة ِمن أجل
الشُّكر على النهار الذي انتهى ،وطلب احلماية واملغفرة ،لِيُصار إىل االستسالم إىل النوم دون خوف
ِ
وه َجمات الشيطان .وأخرياً علينا الصالة أثناء الليل -ولكن هذه للذين من الدينونة غري املتوقَّعةَ ،
ندم اخلَطَأَة ويُف ِّكروا،
سن الطفولة -لالحرتاز ِمن َخطااي الليل ،إلبعاد شيطان الضُّعفاء ،وكي يَ َ ّتاوزوا ّ
البار طوال النهار». هاك ملاذا وكيف يُصلّي ّ ولكي تُصبِح احللول الصاحلة حقيقة ،عند طلوع النهارَ .
كل الذين يؤمنون خلص ي«ألنّين ...أقول" :ليأت ملكوتك إىل العامل بتضحية هذه الساعة ،ولِ
ّ َ
أنت كذلك»...
بكلمتك" .قُلها َ
َ
أن البخور يق ّدم يف الصباح واملساء .و َّ
أن الذابئح تق ّدم يف الوقت قلت َّ«أيّة تضحية تقصد؟ فقد َ
كل ساعة .إّّنا
كل وقت و ّأن ذابئح النذور والك ّفارات ،فتُـ َقدَّم يف ّكل يوم ،على هيكل املعبد .و َّ
ذاتهّ ،
ُمصصة للساعة التاسعة» كالمك أيّة إشارة لتضحية َّ
َ مل يتضمن
الصيب بني يديه ،ويرفعه إىل قُبالة وجهه ،وكما لو أنّه كان يُرتّل مزموراً،
ّ يتوقّف يسوع وُيمل
ووجهه مرتفع ،يقول"« :وبني الساعة السادسة والساعة التاسعةَّ ،
فإن الذي قد أتى ُملّصاً وفادايً ،ذاك
وينظر إليه مرغزايم هبلَع ،وقد شحب لونه ،وبرغبة عارمة ابلبكاء تبدو على شفتيه ويف عينيه
أنت َمن ميوت يف هذه ِ
أنت! وإذن ستكون َ لكن ال ُـمخلّص هو َ مرتدد« :و ّ
اخلائفتني .يقول بصوت ّ
الساعة؟» وتبدأ دموع منه ابالّنمار على خ ّديه ،فيشرهبا فمه شبه املفتوح ،بينما هو ينتظر تكذيباً.
لكن يسوع يقول« :سأكون أان ،أيّها التلميذ الصغري .وسيكون كذلك ِمن َ
أجلك ».ومبا أ ّن و ّ
يضمه إىل قلبه ويقول له« :أحتزن إذن ملويت؟» ِ
الصيب ينفجر يف بكاء متشنّجّ ،
ّ
عنك»...
«آه! اي فرحي الوحيد! أان ،ال أريد ذلك! أان ...اجعلين أموت بدالً َ
عليك أن تَكرز يب يف العامل كلّه .هذا األمر مفروغ منه .إّّنا امسع .سوف أموت مسروراً ألنّين
« َ
قصة يوان؟ لقد َخَر َج ِمن بطن احلوت
األموات ،أتتذ ّكر ّ
ِ
ك حتبّين .وبعدئذ سأقوم من بني ّ أعرف أنّ َ
لك" :اي مرغزايمإليك ،وأقول َ
وقوي .وأان كذلك ،وسوف آيت مباشرة َ بشكل أهبى ،وهو ُمراتح ّ
الصغري ،دموعك أزالت مين العطش .حبك رافَـ َقين يف القرب .واآلن آيت ألقول لكُ ” :كن ِ
كاهين‘‘ َ َّ ّ َ
يف».
لك ورائحة الفردوس ما تزال َّ وسأُقبِّ َ
سر عظيم .ذلك أ ّن هللا ُيب أن يتجلّى للصغار ...ال تَـعُد تبكي. وبينكّ ،
سر بيين َ «هذا ّ
ك.حب البشر كلّه ،بدءاً ِمن حبّ َ
أين ،بعد ذلك ،لن أأت ّمل أبداً ،وأنّين سأتذ ّكر فقط ّ
أنت تف ّكر ّ
ابتسم و َ
تعال ،تعال .انظر كم اآلخرون بعيدون .هيّا بنا نعدو لنلحق هبم ».ويُنـ ِزله يسوع أرضاً .ميسكه بيده،
حّت يلحقا ابجلماعة.
شرعان يَرُكضان ّ
ويَ َ
فعلت اي معلّم؟»
«ماذا َ
كنت أشرح ملرغزايم ساعات اليوم».
« ُ
لصالحك ».يقول بطرس.
َ الصيب؟ كان شقياًّ و َ
أنت َعذرتَه، «وهل بكى ّ
إيل وأان أصلّي .وأنتم مل تفعلوا ذلك .سألين عن السبب .وشرحتُه له. «ال اي مسعان .لقد نَظََر َّ
الصيب ِمن كالمي .اآلن دعوه يف سكون .اذهب إىل ّأمي ،اي مرغزايمّ .أما أنتم ،فامسعوين ولقد أتثّر ّ
َجيعكم .لن يضريكم أن تسمعوا األمثولة أنتم أيضاً».
شرح يسوع ِمن جديد فائدة الصالة يف ساعات النهار الرئيسيّة ،دون احلديث عن شرح ويَ َ
كل
االحتاد ابهلل هو احلصول عليه حاضراً يف ّ
الساعة التاسعة (اهلزيع الرابع) .ويقول ُمتتماً كالمهّ « :
التضرع إليه .افعلوا ذلك ،وستتق ّدمون يف حياة الروح».
وقت لتمجيده و ّ
لقد أضحت بصرى قريبة .ممت ّدة يف السهل ،تبدو كبرية وَجيلة أبسوارها وأبراجها .املساء الذي
الرمادي املليء
ّ يهبط يطبع أشكال جدران املنازل واألرايفُ ،مك ِسباً ّإايها لون الليلك املائل إىل
1945 / 10 / 01
إ ْن يكن بسبب الفصل ،أو يكن بسبب انغالقها ضمن دروهبا الصغرية ،فإ ّن بصرى تبدو يف
الر ُسل ،بعد عودهتم من السوق الذي اشرتوا منه بعض احلاجيّات، غشاة ابلضباب وقَ ِذرة ج ّداًُّ .
الصباح ُم ّ
يتح ّدثون فيما بينهم .ذلك أ ّن الصناعة الفندقيّة لتلك احلقبة ،ويف تلك البقاع ،ترجع إىل ما قبل
يهتم إبعاشة نفسه .يُفهم من ذلك أ ّن أصحاب الفنادق ال يريدون كل فرد أن ّ التاريخ ،لدرجة أ ّن على ّ
َضف إىل ذلك اخلسارة .يكتفون بطهي ما ُيلبه هلم الزابئن الذين أيملون ّأال أيخذوا منه حصتهم ،أ ِ
ّ
ّأّنم يشرتون لزابئنهم أو يبيعوّنم اإلعاشة اليت ُيفظوّنا كمؤونة ،مما ِرسني ،ابملناسبة ،مهنة ال ّ
قصابني
للشي. َّة
عد ـملا املسكينة مالن(اجلزارين) على احلِ
ّ ُ ّ
الرسول
مشادة كالميّة بني َّ
فتنشب ّ عمليّة الشراء هذه ِمن صاحب الفندق ال تروق لبطرسَ ،
الرسول،وصاحب الفندق :الذي تكاد تكون لوجهة مالمح قاطع طريق (َمرم) ،يصل إىل ح ّد شتم َّ
"ابجلليلي" ،بينما ُُييبه ذاكُ ،مشرياً إىل صغري خنـزير َذ َحبَه صاحب الفندق لصاحل زبون عابر:
ّ انعتاً ّإايه
لص و... فندقك النَّت ساعة واحدةّ .
َ بقيت يف
كنت املعلّم ملا ُ
فوثين خنـزير .لو ُأنت ّ جليليّ ،أما َ
ّ «أان
أدوّنا)».
(يستخدم عبارة أخرى ...مل ّ
من ذلك أستنتج أ ّن بني اجلليليّني وأهل بصرى سوء عالقة ،إقليميّة ودينيّة ،حسبما كان احلال
يف إسرائيل ،أو ابألحرى يف فلسطني.
«أتدعوان ابخلونة؟ حنن؟ آه! أيّتها السماء فلتمسكي يدي »...بطرس غاضب لدرجة أنّه على
ومّت.
ويتدخل مسعان الغيور ّ
ّ وشك استعمال يديه ،بينما أخوه ويعقوب ميسكان به،
جاداً وهادائً.
االهتام على التوايلّ .أما يسوع فيتق ّدم ّ
أان ،هو .هو وأان .يتبادالن ّ
احلب والغفران
ذهب ّ ك تَع ِرف َم َ
أنت ،اي مسعان ،أكثر منه .ذلك أنّ َ
«أنتما االثنان على خطأ .و َ
أنت،
امك كق ّديس .و َ
كجليلي ،عليك فرض احرت َ ّ ُخوة .ولكي ال تُساء معاملتك
والوداعة والصرب واأل ّ
نفسك أفضل ِمن اآلخرين ،فبا ِرك هللا على ذلك ،وُكن أهالً ألن تصبحَ كنت ترى
أيّها الرجل ،إذا َ
انصيب ِشراك».
ابهتامات ابطلة .رسلي ليسوا خونة وال ِ
ََ ُُ نفسك ّ
َ خاص ،ال تُلطّخ
دائماً أفضل .وبشكل ّ
أتيت،
ت قد َ
الناصري؟ فلماذا ،إذن ،أتى أولئك األربعة يسألونين إن كن َ
ّ أنت متأ ّكد ،أيّها
«هل َ
كنت ،وأشياء أُخرى كثرية؟»
ومع َمن َ
الرسل انسني ّأّنم يقرتبون ِمن رجل ملطّخ بدم خنـزير،
وُييط به ُّ
«ماذا؟ ماذا؟ َمن؟ أين ُهم؟» ُ
رعبهم وُيعلهم يَِقفون بعيدين عنه.
وهو الذي كان سابقاً ي ِ
ُ
فابق».
أنت ،اي ميزاسَ ،
«أنتم امضوا إىل أعمالكمّ .أما َ
عنك ،بل عن اآلخرين الذين مع يسوع .أان ال أعرف ،وال أريد أن
«ال ،أيّها التاجر ،ليس َ
نفسك مذنباً ،فعليك أن
َ كنت تعرف
لك :إذا َ أعرف .أان ال أرى ،وال أريد أن أرى .ومع ذلك أقول َ
فعليك االحرتاس».
َ خيونك،
َ كنت تَعلَم أ ّن هناك َمن
تعاّل األمر .وإذا َ
لست مذنباً ،أيّها الرجل ،وليس هناك من خيونين .فما ِمن أمر ِسوى َكون إسرائيل ال
«أان ُ
علي؟» ِ
تعرفت ّ تُدرك .ولكن كيف ّ
الناصري؟»
ّ يتنهد يسوعُ ،ثّ يقول« :هل تريد مساعدة
ّ
استطعت»...
ُ «إذا
ك تتكلّم .مّت؟»
«سوف أدعُ َ
«بني الساعة السادسة والساعة التاسعة».
يقول له اسكندر ميزاس« :اي معلّم ،ابتسم يل أيضاً هبذه الطريقة ...أان أيضاً سوف أقول
الصالح يتح ّدث .أعرف الكثريين .وداعاً».
للس ّكان أن أيتوا لسماع َّ
متوجهة صوب ابنها .ال دخل إىل الغرفة .النساء حول مرمي ،وجهها حزين ،وتنهض مباشرة ّ يَ ُ
حّت الساعة السادسة. كل ما فيها يَسأل .يبتسم يسوع ويقول للجميع« :أنتم أحرار ّ
تتكلّم ،ولكن ّ
حّت ذلك احلني امضوا ،عدا مسعان بطرس ويوحنّا وهرمست .بَ ِّشروا
فسوف أحت ّدث هنا إىل اجلموعّ .
يب وتَص ّدقوا كثرياً».
الر ُسل.
َميضي ُّ
يدنو بطرس ،على مهلِ ،من يسوع القريب ِمن النساء ،ويَسأل« :ملاذا أان ال؟»
حاد الطَّبع ،فإنّه يبقى يف البيت .مسعان ،مسعان! مّت إذن َستُما ِرس احملبّة
«عندما يكون املرء ّ
(ُمبتك) شعلة متّقدة ،إّّنا فقط من أجليّ ،إّنا شفرة مستقيمة وحادة ،إّّناَ ّتاه القريب؟ اآلن هي
فقط من أجليُ .كن وديعاً اي مسعان بن يوان».
ِ -157
(عظَة وعجائب يف بصرى)
1945 / 10 / 02
...والعامل قريب ج ّداً أبمواج حقده وخيانته وأمله وحاجته وفضوله .وأتيت أمواجه ،وكما متوت
أمواج البحر يف املرفأ ،فهي أيضاً متوت هنا ،يف ابحة فندق بصرى اليت نظّفها من بقااي األوساخ،
ظهره .هناك َجوع غفرية ،سواء ِمن
احرتام صاحب الفندق ،الذي ميلك قلباً أفضل كثرياً مما يوحي به َم َ
س ّكان املنطقة ذاهتا أو ِمن س ّكان مناطق أخرى ،إّّنا الذين ُهم ِمن نفس اإلقليم .وهناك أانس آخرون،
ُيعلين حوارهم أُد ِرك أ ّّنم أتوا من بعيدِ ،من شواطئ البحرية ،أو ممّا وراء البحرية .أمساء بلدات ،شهادات
يتم التعبري عنها يف احلوارات اليت َُتتَلِط ،أثناء انتظارهم ليسوع .جدرة ،جرجسةَ ،جال ،افقا، األمّ ،
ّ
انحيم وأندور وجزرائيل وَمدلة وقورازين ،أمساء تنتقل ِمن فم إىل فم ،ومعها شرح عن مربرات اجمليء
ِمن البعيد إىل هنا.
كنت عازماً
علمت أنّه جاء َع ْرب بلدات ما وراء األردن ،خارت عزمييت .ولكن ،بينما ُُ «عندما
على العودة إىل جزرائيل ،أتى تالميذ وقالوا لنا ،حنن الذين كنّا ننتظر يف كفرانحوم" :يف هذه الساعة،
ت معهم».ّتاوَز جرياسا .فال تضيّعوا الوقت واذهبوا إىل بصرى أو أربيال ".وأتي ُ
هو حتماً قد َ
مارين .وكانوا يسألون عن مكان وجود ِ ِ ِ
أيت ّفريسيّني ّ
كنت آتياً من جدرة ،ر ُ
«أان ،من ج َهيت ،إذ ُ
لدي امرأيت مريضة .فانضممت إليهم.
الناصري ،الذي يعرفون أبنّه ُيول يف هذه املناطق .وأان ّ
ّ يسوع
فأتيت إىل هنا». ِ
مت أنّه كان ينوي اجمليء ّأوالً إىل بصرىُ ،
ُثّ ،أمس ،يف أربيالَ ،عل ُ
ضَربَته بقرة هائجة .وبقي على هذه احلال»... آت ِ
«أان ٍ
الصيب .لقد َ
ّ هذا بسبب الََج
َ ن م
حّت عن حتريك ذراعيه ِحبُريّة.
ويريهم ابنه منكفئاً على نفسه ،عاجزاً ّ
«ال .إن مل يضع يديه فال شفاء .هذا ما يفعله كذلك تالميذه».
«مل يكن ابين ،بل كان زوجي الذي أصبَ َح َمنوانً »...وتُتابِع املرأاتن احلديث بصوت خافت.
حّت امرأة أربيال قد ُش ِف َي ابنها دون أن يراه املعلّم ».يقول أحد سكان أربيال ،ويتابع
«صحيحّ .
احلديث مع جريانه…
الفريسيّني
مصمماً ج ّداً على الفعل ،لدرجة أ ّن ّ
يبدو صاحب الفندق ،ذو العضالت املفتولةّ ،
ِ
تظن أنت؟
كرمه! ماذا ّابلسوط« .ولكنّنا كنّا نبحث عنه لن ّ
َّدين ّغريان اللهجة ،ويَتزلَّفان مثل كلبني مهد َ
يُ ّ
غلطتك .حنن نَعلَم َمن يكون .ماسيا الق ّديس
َ أغضبَنا هو فِكرة عدم مت ّكننا ِمن رؤيته بسبب
وما َ
واملبارك ،الذي حنن غري أهل ألن نرفع نظران إليه .حنن الرتاب وهو َمد إسرائيل .خذان إليه .قلبنا
يتحرق شوقاً لسماع كالمه».ّ
يُعيد صاحب الفندق هلما نقود غرفتهما وهو ُييب« :آه! هكذا إذاً! كيف أمكنين التفكري
بكل أتكيد، ِ
الفريسيّني من شهرهتم؟! إّّناّ ،
كنت أعرف استقامة ّ أبنّه مل يكن األمر هكذا ،وأان الذي ُ
حبق الشيطان! ال
تتحرقون رغبة بذلك! سأقول له ذلك .أان ماض إليه ...الّ ، أنتم أتيتم لتكرميه! وأنتم ّ
حّت أجعل أحدكماالسامةّ ،
وإال أصدم ُكما ،الواحد ابآلخر ،أيّها املومياء ّ
أنت كذلكّ ، تتبعين! وال َ
أنت هناك .آسف لعدم مت ّكين ِمن إدخالكما يفسأزرعك ،و َ
َ أنت حيث
دخل يف اآلخر .ابقيا هناَ . يَ ُ
علي ذحبها ».وإذ يَقرن القول ابلفعل،
حّت العنق ،الستخدامكما وتداً أربط به اخلنازير اليت ّ األرض ّ
يسي األضعف ِمن حتت إبطيه ،ويرفعهُ ،ثّ يغرسه يف األرض بعنف ،لدرجة أ ّن ّ ابلفر
ّ ال
ً أو
ّ ك سفإنّه ُمي ِ
لكن األرض قاسية، ٍ
حّت الكاحل .و ّ س فيها ،أقلّه ّ
األرض ،لو مل تكن قاسية إىل ح ّد كاف ،لكان انغََر َ
متحركةُ .ثّ يتدبّر صاحب الفندق أمر اآلخر ،ورغم كونه هزة عنيفة ،يبقى الرجل واقفاً كدمية ّ وبعد ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 610 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
بديناً ،فإنّه يَرفَعه ويُنـ ِزله ابلعنف ذاته ،ومبا أنّه كان يَن َفعِل ويتخبّط قبل أن يَ َزرعه واقفاً ،أَجلَ َسه على
يردد كلمة بذيئة تَضيع وسط أ ّانت االثنني ِ
صرة حقيقيّة من حلم وأقمشة ...وميضي وهو ّ األرضّ :
وانفجار ضحكات عدد كبري من الناس.
ميكنك االنصراف».
َ «سأذهب إىل هناك يف احلال .شكراً اي فرا.
لكن يسوع أيمر التالميذ ابلبقاء يف مكاّنم ،وكذلك النساء ،عدا أ ُّمه ومرمي
يَ َنهض اجلميع ،و ّ
لكالواب وسوسن وصالومي .وإذ يرى احلزن ابدايً على وجوه الذين استُبعِدوا ،يقول« :اذهبوا إىل
ّ اليت
الشُّرفة ،وستسمعون بشكل جيّد».
الر ُسل والنساء األربعة .يُعا ِود سلوك الدرب ذاته الذي َسلَ َكه صاحب الفندق ،ويَلِج
َخي ُرج مع ُّ
صعدون على كومة التّنب ،على العرابت
الباحة الكبرية .يرفع الناس رؤوسهم لريوا ،واألكثر دهاء منهم يَ َ
الربكة… اف ِ
الواقفة جانباً ،وعلى حو ّ
الفريسيّان للقائه مبجاملة ُمف ِرطةُ .ييّيهما يسوع حتيّته املعهودة ،كما لو كاان ِمن أخلَص
يذهب ّ
للرد على أسئلتهما اللطيفة« :هل أنتم قليلو العدد؟ وبدون تالميذ؟ أصدقائه .ومع ذلك ال يتوقّف ّ
كوك إذن؟»
هل تر َ
وُييب يسوع جب ّدية وهو يسري« :مل يَرتُك أحد .أنتما قادمان من اربيال حيث التقيتُما الذين ُ
َسبَقوين ،ويف اليهودية التقيتما يهوذا بن مسعان وتوما ونثنائيل وفليبّس».
«إجنازايت اجلديدة؟ ها هي!» ويشري يسوع ،على شكل نصف دائرة أمامه ،إىل اجلموع ،وقد
أتى أكثرهم ِمن ما وراء األردن ،أي ِمن تلك املناطق اليت بصرى منهاُ .ثِ ،
ومن غري أن يَرتُك َماالً ّ
يسي ليُجيب ،يبدأ ابلكالم:
للفر ّ
ّ
عين .أُانس َو َجدوين ،ومل يكونوا قبالً يبحثون عين ،ومل يكونوا قبالً قد استَعلَموا ّ
«أُانس َحبَثوا ّ
للرب الذي يضع احلقيقة على ِ
وقلت" :ها اان ذا ،ها اان ذا!" أل ُّمة مل تكن تلتمس امسي .اجملد ّ عينُ . ّ
الرب ،ألنّين أرى النبوءات اليت اص حويل ،أبتهج يف ّ فم األنبياء! ح ّقاً إنّين ،إذ أرى هذه اجلموع ترت ّ
َججتُها أان ،مع اآلب أرسلَين إىل العامل ،تتح ّقق .تلك النبوءات اليت أ َّ عين ،عندما َ األزيل ّ
ّ َج َعلها
وشج َعتين كي أّتسدَّ ، أن قبل رفوها ع الذين األنبياء لئكوأ األنبياء، وقلب وفم كر والباراقليط يف فِ
ّ َ
وشك وكذب .الذين مل كل حقد وضغينة ّ القوة .نعم ّإّنا تواسيين يف مقابل ّ
ألبس جسداً .واليت متنحين ّ
عين قد َو َجدوين .فلماذا ،ابملقابل ،نـَبَ َذين ِ
عين .والذين مل يكونوا يبحثون ّعين سابقاً قد حبثوا ّ
يستَعلموا ّ
يدي قائالً" :ها أان ذا"؟ مع أ ّن هؤالء كانوا يعرفونين ،بينما أولئك مل يكونوا يعرفونين.
مددت هلم ّ ُ الذين
وإذن؟
ولكن اإلنكار خطيئة .كثريون ِمن أولئك استَعلَموا السر .اجلهل ليس خطيئةّ ، هو ذا مفتاح ّ
ألّنم ،يف عين ،والذين مددت هلم يدي ،قد أن َكروين كما لو كنت ابن زىن أو لصاً ،شيطاانً م ِ
فسداًّ ، ُ ّ ُ ّ ُ ّ
كربايئهم ،قد أمخَدوا شعلة اإلميان ،واتهوا يف الدروب اليت مل تكن صاحلة ،بل ُملتوية خاطئة ،اتركني
َسّرةّ ،إّنا يف قلوب ونفوسالطريق اليت كان صويت يد ّهلم عليها .اخلطيئة يف القلب ،على املوائد ،يف األ ِ
يف،
اخلاصة ،فإنّه يراها ّ
ّ كل مكان انعكاس جناسته ذاك الشعب الذي ينبذين ،والذي ،إذ يَرى يف ّ
فأنت َِجنس".
ُيرضه أكثر ،حينئذ يقول يل" :ابتعدَ ، وحقده ما يزال ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 612 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
امللون ابألمحرَ ،هبيّا يف ثيابه ،والذي يَسري يف َعظَ َمة
وماذا سيقول حينئذ ذاك الذي أييت بثوبه ّ
سيتم ما قاله اشعيا ،فال يصمت ،بل يَسكب يف صدورهم ما يستح ّقون؟ الُ .يب ّأوالً أن قوته؟ هل ّ
البارين ليجعل ِ ِ
هرس يف معصرته ،وحيداً ،وقد تَـَرَكه اجلميع ،ليَصنَع َمخر اخلالص .اخلَمر الذي يُسكر ّ يُ َ
سكر مرتكيب اخلطيئة العظيمة ،ليجعل سلطاّنم املدنَّس حطاماً . .نعم. منهم مغبوطني ،اخلمر الذي ي ِ
ُ َ
وَمداً لكثريين ،كما األزيل ،سيُصبِح ُحطاماً َ
احلب ّ نضج ساعة إثر ساعة ،يف مشس ّ إ ّن مخري الذي يَ ُ
الصماء ،حيث نـَبَـتَت ال َكرمة
مود َعة يف الصخرة ّ قيل يف إحدى النبوءات اليت مل تُكتَب بعد ،ولكنّها َ
اليت َهتَب احلياة األبديّة.
يهم إن فهمتم .فستهبط عليكم هل تفهمون؟ ال ،إنّكم ال تفهمون اي علماء إسرائيل .ال ّ
سمعون" .إنّكم ،حبقدكم، الظُّلُمات اليت يتح ّدث عنها اشعيا" :هلم عيون وال يـََرون .وهلم آذان وال يَ َ
ضعون حاجزاً يف وجه النور ،ولذلك ميكن القول إ ّن النور قد أُقصي ِمن قِبَل الظُّلمات ،ومل يُِرد العاملتَ َ
أن يعرفه.
ّأما أنتم فإنّكم تبتهجون! أنتم ،اي َمن ،إذ كنتم يف الظلمة ،عرفتم أن تؤمنوا ابلنور الذي بُ ِّشرمت
قطعت
َ به ،أنتم اي َمن َرغبتموه ،اي َمن حبثتُم عنه ،واي َمن وجدمتوه .ابتهج ،أيّها الشعب املؤمن ،اي َمن
اجلبال والوداين واألّنار والبحريات لتأيت إىل اخلالص ،غري عابئ بتعب الدرب الطويل .سيكون األمر
سيقودك ،اي شعب بصرىِ ،من ظُلمة اجلهل َ الروحي ،الذي
ّ ذاته ابلنسبة إىل الدرب اآلخر ،الدرب
إىل نور احلكمة.
عنك وعن الشعوب اليت ابتهج ،اي شعب حورانيطس! ابتهج يف فرح املعرفة .يف احلقيقة ،قيل َ
النيب ،أ ّن َِجالكم ونوقكم سوف تتدافَع على دروب نفتايل وزبولون ،لِتَحمل َّل ّ
بك ،عندما َرت َ
حتيط َ
األبوة
احلق ،ولتكونوا ُخ ّدامه يف الشريعة املق ّدسة والوديعة ،اليت ال تفرض شيئاً آخر ،ملنح ّ
العبادة لإلله ّ
ب َ ِ ِ ِ
كيانك ،أح ّ بكل
احلق ّ ب هللا ّ
الرب العشر .أح ّ اإلهليّة والغبطة األزليّة ،سوى احملافظة على وصااي ّ
أمك ،ال تقتل ،ال تسرق ،ال ِ
تزن .ال كنفسك ،ال تنتَ ِهك ُحرمة ّأايم السبت ،أكرم َ
أابك و َ َ القريب
غريك .آه! إنّكم لَ َـمغبوطون ،ألنّكم ،إذ قَدمتم ِمن
يبك ،ال تشته مقتىن َ
تشهد ابلزور ،ال تشته امرأة قر َ
املرأة ،شابّة وَجيلة ،تبكي وهي تَ َنهض .يُريها يسوع للجمع الذي يقرتب قليالً ويَنظُر إىل املعجزة
إبعجابُ ،مع ِرابً عن إعجابه ابهلتاف.
كل مساء
«زوجها الذي كان ُيبّها حبّاً عظيماً ،كان قد بىن هلا ملجأ يف عمق أراضيه ،وكان يف ّ
يذهب إىل ُسورها ابكياً ،حامالً هلا الطعام»...
«على هذه احمل ّفة .إّّنا كيف مل نالحظ وجود ُخ ّدام يواكيم؟»
للرجم».
التعرض َّ
ّ « َّإّنم بذلك قد جازفوا خبطر
« ّإّنا معلّمتهم! وهم ُيبّوّنا ،وهي تعرف كيف ّتعل اآلخرين ُيبّوّنا ،أكثر ِمن حبّهم
لذواهتم»...
كنت متجلّياً»
«كم َ
«اي له ِمن صوت!»
منك».
«أان كذلك أرغب يف شيء َ
حّت ولو كان أمثن ما
وسأعطيك ّإايهّ ،
َ «ماذا ،اي رب؟ يكفي أن يكون ضمن إمكانيّايت،
أملك».
أمتىن
كنت ّلك ،يف بداية الرحلة ،إنّين ُ
قلت َ
إيل .لقد ُنفسك ،هي اليت أريد .تعال َّ
َ « ّإّنا األمثن.
بك نعمة يف النهاية .النعمة هي اإلميان .هل تؤمن يب ،اي ميزاس؟» ِ
أن أه َ
«أؤمن اي رب».
ضاراً».
إليك جامداً فقط ،بل ّ
نفسك ،كي ال يكون اإلميان ابلنسبة َ
َ «إذاً ،قَ ِّدس
لك أخباري ،وسوف تؤمن أكثر ألنّين لن «لن نلتقي اثنية على هذه األرض .إّّنا سوف تَ ِ
ص َ
كك دون تبشري .الوداع اي ميزاس .فغداً سيضيق بنا الوقت لذلك .لنفعل ذلك اآلن ،قبل أن نتناول
أتر َ
مرة».
طعامنا معاً ،آلخر ّ
مستمر .آه! إنّه خفيف ج ّداً لدرجة عدم االنتباه له .ولكنّه على مدى أميال
ّ «نعم ،ولكنّه نزول
وأميال!»...
الفريسيّني؟»
صادفت ّ
ُ «وإذا
بدون أدىن شك ،اي مرمي .ففي شهر إيتانيم (سبتمرب-أكتوبر) ،سأكون عند البحرية».
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 10 / 03
للهزات! ّإّنا
قدمي ،ابملقابل ،مراتحتان .إّّنا اي ّ
«اي له من رجل طيب! إنّين سقيم عليل ،ولكن ّ
حي مركيب! فلي النساء. مثل دُتتلف عن عاصفة مشال البحرية! أتضحكون؟ أان ،مل تكن لدي مسانِ
َ َ ّ
إنّه ما يزال الشيء األكثر نظافة واألكثر أماانً .واآلن ،فلنحمل حقائبنا على ظهوران ،وهيّا بنا».
مّت
لكن الفائزين ُهم الذين عليهم البقاء مع يسوع ،أي ّ إنّه تَسابُقَ ،من ُيمل األكثر ثقالً .و ّ
كل شيء لُِريُيوا الثالثة الذين عليهم الذهاب مع النساء،والغيور ويعقوب وهرمست وتيمونَُ .يملون ّ
األندوري ،ولكن ،مبا إنّه على غري ما يُرام ،فإ ّن
ّ أو ابألحرى األربعة ،إذا ما كان ُيب ع ّد يوحنّا
مساع َدته كانت ستبقى ،نسبيّاً ،ذاهتا.
َ
قمة اهلضبة ،اليت كانت مص ّداً للريح ِمن جهةهبمة عالية ،بضعة كيلومرتات .يبلغون ّ
ميشونّ ،
صادفوها ِ ِ
الغرب ،وهناك عاد للظهور َسهل َخصيب ُماط حبلقة من اهلضاب ،أعلى من تلك اليت َ
ّأوالً ،ويف وسطه هضبة طويلة ومنعزلة .يف السهل ،مدينة :أربيال.
صلون بسرعة إىل السهل .يسريون بعض الوقت ،بعدها يتوقّف يسوع قائالً« :هي ينحدرون ،وي ِ
َ
املؤدي إىل جدرة .ستسلكون
ذي ساعة الفراق .فلنتناول طعامنا معاً ،وبعد ذلك نفرتق .هذا هو املفرق ّ
هذه الطريق ،وقبل املساء تبلغون األرض اليت يُشرف عليها قوزى».
اجللدي الرفيع واملعقود ،والذي يُغلِق كيس النقود املصنوع ِمن جلد الغزال،ّ َُي ّل يسوع احلبل
أظن ،ألنّه يبدو يل أنّه ِمن الشاموا ،ويُف ِرغ احملتوى على ثوبه .تتدحرج بعض من قطع النقود.
على ما ّ
ظهر ظُروف كثرية ِمن البيسوس (نسيج كتّاين لكن ما يتدحرج هو جزء يسري من النقود الكثرية .وتَ َو ّ
تشف َع ْرب الكتان الناعم ج ّداً ،وتبدو الشمسانعم وشفاف) :ظروف مربوطة خبيوط .ألوان لطيفة ّ
تؤجج َجرات صغرية موجودة داخل تلك الظروف ،كما لو ّأّنا َجرات حتت طَبَـ َقة ِمن الرماد. كأّنا ّ
و ّ
لكن هذا الرجل كان غنيّاً ج ّداً!» ويثري بطرس الضحك عندما يقول« :لقد
الر ُسل« :و ّ يقول ُّ
َجرينا على عرش ِمن الآللئ .مل أكن أظنّين أكون على روعة وهباء كهذه .ولكن ليت هذا كان أكثر
أنت ُم ِزمع أن تفعل اآلن؟»
نعومة! ماذا َ
«سأبيعها ِمن أجل الفقراء ».يرفع نَظَره ويَنظُر إىل النساء وهو يبتسم.
الصفقة؟»
«وأين ستجد اتجر جواهر يشرتي هذه َّ
شرتين ثرويت؟»
«أين؟ هنا .حنّة ،مرات ،مرمي ،هل تَ َ
لكن مرات تضيف« :هنا
حّت بدون استشارة بعضهن ،يقلن« :نعم ».حبماس .و ّ
النساء الثالثّ ،
معنا دراهم قليلة فقط».
لك الكثري ».تقول مرمي اجملدليّة اليت أتخذ الكيس وتضعه يف صدرها.
«هاهتا إذن .سيكون َ
عمه وبطرس ويوحنّا ِ
عمه وابين ّ
يسوع ُيتفظ فقط بقطع النقود .يَ َنهض ،يُعانق أ ُّمه وزوجة ّ
حّت ُخيفيهم منعطف ِمن
األندوري ومرغزايم .يُبا ِرك النساء ،ويصرفهم .وميضون وهم يَدورون ويلت ّفون ّ
ّ
الطريق.
ويتوجه يسوع مع َمن بقي إىل أربيال .ثلّة صغرية ،مع مثانية اشخاص فقط .ميشون بسرعةّ
وصمت حنو املدينة اليت تقرتب ابستمرار.
1945 / 10 / 04
حّت يُدركوا حجم العمل يتوجهوا إىل ّأول شخص لسؤاله عن أخبار فليبّس بن يعقوبّ ، ما إ ْن ّ
جرة ممتلئة ماءُ ،حت ّدق ِ
متغضنةَ ،حتمل ب َعناء ّ
الذي قام به التلميذ الشاب .واليت يسألوّنا امرأة عجوز ّ
بعينيها الغائرتني بفعل الزمن يف وجه يوحنّا اجلميل .لقد طََر َح عليها السؤال وهو يبتسم ،وقد أَسبَ َق
أنت ماسيّا؟» ِ
سؤاله ابلقول« :السالم لك ».بشكل وديع ،لدرجة أنّه استمال العجوز ،فقالت« :هل َ
«ال بل رسوله .ها هو ذا ٍ
آت».
لدي حليب
أود لو أنّه كان ّ «نعم ،اي بين ،نعم .ويزعجين أنّين ال أملك سوى املاء أق ّدمه لكمُّ .
لكنت عل استعداد كي أُق ِّدم لكم أل ّذ ما ميكن أن ِ
كنت أُطعم ابين يوضاسُ ، يف صدري ،كما حني ُ
لكن ِ
أود لو كان معي مخر ،من أفضل األنواع ،ألمنحكم ّقوة .و ّ يوجد على وجه األرض :حليب أ ُّمُّ .
مراين اليت ألليشع عجوز وفقرية»...
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 625 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
اجلرة ِ ِ ِ « ِ
بُُ ».ييب يسوع وهو يشرب ّأوالً من ّ
إيل َمخر وحليب ،ألنّه أُعط َي حب ّ
ماؤك هو ابلنسبة َّ
شرب اآلخرون.
اليت َدفَـ َعها إليه يوحنّاُ .ثّ يَ َ
الحظ ّأّنم ،عندما فَرغوا ِمن كأّنا تنظر إىل اجلنّة .وتُ ِ
العجوز ،اليت ّنضت أخرياً ،تنظر إليهم و ّ
همون إبراقة ما بقي من املاء ،ليذهبوا إىل النبع اجلاري يف طرف الطريق ،عندئذ تعرتضهم الشرب ،يَ ّ
ابجلرة قائلة« :ال ،ال .إ ّن هذا املاء الذي َش ِرب منه هو هلو أقدس ِمن ماء التطهري. وهي متسك ّ
لدي غريها، البيت. إىل سآخذها « قائلة: ة
ابجلر ك طهروين به عند مويت »..وُمت ِ
س سأحتفظ به بعناية لِيُ ِ
ّ
ّ ّ
ك على بيت فليبّس ».وُهترول وهي منحنية ،واالبتسامة وسأمألها .إّّنا تعال ّأوالً أيّها الق ّديس ،ألدلّ َ
تتأججان فرحاًُ ،هترول وهي متسك أبحد أطراف معطف املتغضن ،ويف عينيها اللتني ّ ّ على وجهها
ابجلرةُ ،مقا ِومة إحلاح ُّ
الر ُسل الذين وتتمسك ّ ّ يسوع بني أصابعها ،كما لو كانت ُتشى أن يهرب منها،
كانوا يريدون أن ُخي ّففوا عنها هذا احلِملُ .هترول ُمغتَبِطة ،وهي تَنظُر إىل الطريق اخلالية اخلاوية ،وبيوت
ظرة فاتِ ٍح َسعيد بنصره.أربيال املغلقة عند بدء حلول املساء ،نَ َ
أخرياً يتم العُبور من ذلك الدرب الفرعي إىل درب آخر أكثر مركزيّة ،حيث أُانس يُس ِرعون يف
ّتمع
الحظها الناس بدهشة ،يُشريون إليها أبصابعهم ،وينادوّنا .وهي ،بعد انتظار ُّ العودة إىل بيوهتم .ي ِ
ُ
كل ِ
كل مكان ،وقبل ّ حلقة ال أبس هبا من الناس ،تصيح« :معي ماسيا فليبّس .اجروا وانشروا اخلََرب يف ّ
حّت ينقطع نـَ َفسهاّ .إّنا تعرف
شيء يف بيت يعقوب .وليكونوا جاهزين لتكرمي الق ّديس ».تَصيح ّ
كيف ّتعلهم يُطيعوّنا .إنّه أوان استالم العجوز صغرية الق ّد واملسكينة ،الوحيدة واملغمورة ،زمام قيادة
كل املدينة ألمرها.
هتتز ّ
الشعب .وها هي تَـَرى كيف ّ
ضع يده على
يسوع الذي يَفوقها طوالً كثرياً يبتسم هلا ،عندما تَنظُر إليه بني آونة وأخرى ،ويَ َ
رأسها اهلَِرمُ ،مالطفاً ّإايها كابن ،مما ُيعلها تطري ِمن الفرح.
بجله جاثية،ِ
يتوقّف يسوع ويَ ّرد بعظمة على حتيّة يعقوب العميقةُ ،ثّ ينحين على أ ُّم فليبّس اليت تُ ّ
ع مع ِ
إلميانكُ ».ثّ ُُييّي التلميذ الذي َهَر َ يُن ِهضها ويباركها ويقول هلا« :كوين سعيدة على الدوام
وحتافِظ علىكل شيء ،ال تُفلِت ذيل املعطفُ ، صديقه الذي ُُييّيه يسوع كذلك .مراين العجوز ،رغم ّ
ِ
تئن« :الربكة ألكون سعيدة! هموا بوضع ال ِرجل يف الفناء .حينئذ ّ مكاّنا ابلقرب من يسوع إىل أن يَ ّ
كل هذا الشيء اجلميل قد انتهى!» واي له ِمن أنت تبقى هنا ...وأان أمضي إىل بييت الفقري ...و ّ اآلن َ
َغ ّم يف صوهتا اهلَِرم.
يعقوب الذي ح َّدثَته زوجته بنعومة يقول« :ال ،اي مراين اليت ألليشع .ابقيِ ،
أنت كذلك ،يف َ
بييت كما لو ِ
كنت تلميذة .أقيمي ما أقام املعلّم ،وكوين سعيدة».
كالمك».
َ وتَراه اجلموع اليت يف اخلارج ،على الدرب ،وتَصيح« :وحنن؟ نريد مساع
«يُقرأ يف الفصل الثالث ِمن ِسفر عزرا ما أعيده عليكم اآلن هنا" :وملا كان الشهر السابع"...
(يقول يل يسوع :ال تضيفي شيئاً فأان أُردد كالم ِ
الس ْفر حبذافريه").
ّ ّ
آت ألعيدكم إىل أرض أبيكم وإىل مّت يعود شعب إىل وطنه؟ عندما يعود إىل أرض آابئه .أان ٍ
ٌ
آت إذن ألقودكم إىل ملكوت هللا، ُرسلت هلذا الغرض .أان ٍ ِ
ملكوت اآلب .وأستطيع ذلك ألنّين أ ُ
الرب ،وُيسن أن تصح مقارنتكم أبولئك الذين أُعيدوا مع زرّاببل إىل وطنهم أورشليم ،مدينة ّ وابلتايل ّ
أفعل معكم كما فَـ َع َل الكاتب عزرا مع الشعب ال ُـمجتَ ِمع ِمن جديد عند اجلدران املق ّدسة .ذلك أ ّن
للرب ،إّّنا بدون إعادة بناء النُّفوس اليت تُشبِه ُمدانً صغرية كثرية هلل ،إ ْن
إعادة بناء مدينة وتكريسها ّ
هي ّإال محاقة ال مثيل هلا.
كيف العمل إلعادة بناء تلك املدن الروحيّة الصغرية اليت ساِهت أسباب كثرية يف تدمريها؟ ما
هي املو ّاد الواجب استخدامها جلعلها متينةَ ،جيلة وتدوم؟
الرب ،هي الوصااي العشر ،وتعرفوّنا ،أل ّن فليبّس ،ابنكم وتلميذي ،قد ذَ َّكركم
املو ّاد ،يف تعاليم ّ
صر
كنفسك" .هذا هو ُُمتَ َ
َ كيانك .أحبِب قر َ
يبك َ بكل
الرب ّ َقدس وصيّتني فيها" :أحبِب ّ هبا .وأ َ
القوة على احلب تكمن ّ
الشريعة ،وهذا ما أَكرز به ،ألنّه هبذا يتأ ّكد اكتساب املرء مللكوت هللا .يف ّ
القوة على الصفح ،القدرة على البطولة يف الفضيلة. احملافظة على القداسة ،أي أن يصبح املرء ق ّديساًّ ،
احلب هو.
كل شيء يف ّ ّ
ليس اخلوف هو الذي ُخيلِّص .اخلوف ِمن دينونة هللا ،اخلوف ِمن العقوابت البشريّة ،واخلوف
ِمن األمراض .فاخلوف ليس بَـنّاء على اإلطالق .إنّه يُسبّب االّنيار ،والتف ّكك والتص ّدع والدمار.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 628 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
التصرفات السيّئة ،إنّه ُيمل فقط على اخلشية ،إّّنا إلخفاء داعاخلوف يقود إىل اليأس ،يقود إىل اخلِ
ّ
الشر يكون قد أصبَ َح فيناَ .من يُفكر ،عندما يكون يف
فقط عندما تصبح اخلشية عدمية اجلدوى ،أل ّن ّ
يتصرف حبذر رأفة جبسده؟ ال أحد .ولكن عندما تسري يف العروق ّأول رعشة ُمحّى، الصحة ،أن ّ
متام ّ
ُيل اخلوفَ ،ك َه ّم يُضاف إىل املرض ،وقدرة على التفتّت يف
أو توحي بقعة أبمراض خبيثة ،حينئذ ّ
جسد أصبح املرض يفتّته.
الرب .إنّه يناديكم ألنّه ُيبّكم .ال ُتافوا .كونوا أبناءه كما ُهم ِ ِ ِ
أي شيء من قبَل ّ ال ُتافوا من ّ
َوج َد ابراهيم وموسى ،وفَـتَ َح البحر ِ
كل الذين يف إسرائيل .فَمن أجلكم كذلك َج َع َل اخلليقة والسماء ،وأ َ ّ
ب ِ وخلَ َق الغيوم لتشري إىل الطريق ،ونـََزَل ِمن السماء ليعطي الشريعةَّ ،
أخص َ
املن ،و َ الس ُحب ليُمطر ّ
وشق ُّ َ
احلي ِمن السماء ليُشبع جوعكم، ّ اخلبز ل الصخر ليمنحكم املاء .واآلن ،آه! اآلن ِمن أجلكم أيضاً ي ِ
رسُ
الكرمة احلقيقيّة ونبع احلياة اخلالدة إلرواء عطشكم .وبفمي يقول لكم" :ادخلوا لتملكوا األرض اليت
عت عليها يدي ألعطيكم ّإايها" .أرضي الروحيّة :ملكوت السماوات». َرفَ ُ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 630 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يتبادل الناس كلمات محاسيةُ ...ثّ ها هم املرضى .كثريون ج ّداً .يرتّبهم يسوع على نَ َسقني،
شفهم؟» وبينما يتم هذا ،يتوجه ابلسؤال إىل فليبس الذي ِمن أربيال« :ملاذا مل تُ ِ
ّ ّ ّ
يديك».
حظيت به أان :الشفاء على َ
ُ «ليحظوا مبا
«لكم ،اي َمن أنتم ُمعلِّمون ،أقول" :تباحثوا فيما بينكم ابلفصل التايل :الفصل التاسع ِمن كِتاب
استعم َل هللا الرمحة معكم ،وقولوا وأنتم تقرعون صدوركم ،كما لو كانت
َ مرة
عزرا الثاين ،متذ ّكرين كم ّ
صالةُ ،خالصة الفصل».
ُُي ّدق فيهم يسوع ُُم َِرتقاً ّإايهم بِنَظَره .ال يتجاسرون على إضافة كلمة واحدة ،لبعض الوقت،
يظن أ ّن عليه دعوهتم للدخول واملشاركة يف الوليمة.
ولكنّهم يَتبَعون اجلمع العائد إىل بيت فليبّس الذي ّ
بكل طيب خاطر! سنمكث مع املعلّم م ّدة أطول ».يقولوّنا إبجالل عظيم.
« ّ
االّتاهات ،يطرحونكل ّ حّت بَدوا كالشرطة ...ينظرون يف ّ صلوا إىل البيتّ ، ولكن ،ما إن َو َ
حّت على العجوز اليت تبدو يل أ ّّنا منجذبة إىل يسوع كما قطعة احلديد األسئلة املاكرة على اخلُ ّدامّ ،
إىل املغناطيس .ولكنّها ُّتيب حبيوية« :أان ،أمس ،مل َأر غريهم .أنتم َحتلُمون .أان ،رافقتهم إىل هنا ،ومل
يكن بينهم ِسوى يوحنّا واحد :إنّه ذاك الصيب األشقر والطيّب كاملالك».
«ال ،بل هو يرتقي إىل السماء .اقتدوا به ،وستُالقونه يف احلياة األخرى».
لدي كذلك هذهالوقائع مجيلة؟ يف املاضي ،كانت ّ أنتم اي َمن تقرأون ،هل تبدو لكم هذه
شيئاً .عبثاً أِبث وأُفتّش أيضاً عن اجلُّ َمل اليت كانت، االنطباعات .واآلن ،عدا الناحية الفنّية ،ال أختَِّب
حينما قيلت يل ،ترفعين إىل درجة الغبطة .عبثاً أف ّكر وأعاود التفكري ابألوضاع اليت كانت عذوبتها تصعقين
كل شيء إىل رماد .الفردوس ،هو فردوس ،وقد فَ َق َد روعته، وحتو َل ّ
كل شيءَّ ، كنت أراها ...لقد َخبا ّعندما ُ
بكل أنواره ،وأانشيده ،وعذوبته ي إاي ا
ًر أو ابألحرى يفتح طاملا تدوم خدميت اليومية كناطقة ابسمِ ،
غام
ّ ّ ّ ََ
ِ
كل شيء إبحكام ،وأُغلَّف ،ألغرق يف ضباب الظُّلمة ،بدون ّ
أي وفرحهُ .ثّ ،حينما ينتهي العمل ،يُغلق ّ
صوت ،عدا صوت الشك والنَّفي الذي يلسعين ويهزأ يب .أليس هذا أملاً عظيماً؟ ومع ذلك ال ُّ
أود أن أقنط
وأرزح حتت عبء نه َكةَ ،خاصة اآلن ،وأان ُم َ
وأقول" :ال شأن يل هبذا ،إنّه عملي ".ال ،هذا ليس عمليّ ،
جاهلة أُخرى كثرية غريها ،لس إبمكاين فعل ذلك .فأان ،يف حالة الضُّعف اجلسماينّ الذي أان أمور كثريةِ ،
فيه ،واحلزن الوجداينّ ،ال ميكنين اختبار شيء غري الغَثَيان ِمن ذلك ،وال أكتُب شيئاً .فما ّد ّايً ،استحالة
ومعنوايً ،امشئزاز من التفكري.
ّ التفكري،
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 10 / 06
أربيال هي أيضاً قد أصبحت بعيدة جداً اآلن .بني اجملموعة اليت تُرافِق يسوع ،هناك فليبّس
بيلي والتلميذ اآلخر الذي أمسعهم يُنادونه مرقس.
األر ّ
املؤدية إىل ِ
الطريق ُموحلة ،كما لو ّأّنا أمطََرت كثرياً .السماء رماديةّ .نر صغري يقطع الطريق ّ
عرا .وإذ قد امتأل ِمن األمطار اليت َهطَلَت ابلتأكيد على املنطقة ،فهو حتماً ليس بلون زرقة السماء،
مرت على أرض حديديّة. يتلون ابألصفر الضارب إىل احلُمرة ،كما لو أنّه كان ُيمل مياهاً َّ
بل ّ
إليهن ،الوقت غري مالئم
أحسنت صنعاً بصرف النساء .ابلنسبة ّ َ كفهر.
اجلو اآلن ُم ّ
«إ ّن ّ
للسفر ».يقول يعقوب أبسلوب احلِ َكم .ومسعان الغيور الوادع أبداً يف تسليمه املطلَق للمعلّم ،يُ ِّ
صرح:
فعل .فهو ليس عدمي الذكاء مثلنا .إنّه يـََرى ويُق ِّدر ك ّل شيء ملا هوكل ما يَ َ
ِ
«املعلّم ُُيسن عمالً يف ّ
أفضل ،لنا حنن أكثر منه لنفسه».
أحب
أنت ُّ ِ
ويوحنّا ،السعيد لكونه إىل جانبه ،يَنظُر إليه من أسفل بوجهه الباسم ويقولَ « :
ك األقدس».
صلنا وحنصل وسنحصل عليه ،فضالً عن أنّ َ أفضل معلّم َح َ
و َ
ألندوري مل
ّ ساع َد يف إقناعهم أ ّن يوحنّا ا
وحّت سوء الطقس َ
الفريسيّون ...اي للخيبة! ّ
«أولئك ّ
األندوري.
ّ يتصرفون هكذا معه؟» يَسأل هرمست الذي يَعطف كثرياً على يوحنّا
يكن هنا .ولكن ملاذا ّ
َمرد أداة يستعملوّنا ض ّدي».
ُُييب يسوع« :حقدهم ليس عليه وال ألجله ،ولكنّه ّ
يقول فليبّس األربيلي« :حسناً ،فإ ّن املياه أكثر َمن أقنَـ َعْتهم أ ّن ال جدوى ِمن االنتظار واالرتياب
بقائك مخسة ّأايم يف بييت».ساه َم كذلك يف َ ِِ
األندوري .ليَعش املاء! فلقد َ
ّ بيوحنّا
مّت.
«ملالقاتنا؟ بل هو سيأيت بعدان ».يقول ّ
ب إىل البحرية ،ومنها ،ابملركب إىل بيت ِ
«ال .لقد اتـَّبَ َع طريق البحرية ،ذلك أنّه من جدرة َذ َه َ
صيدا لريى امرأته ،ويقول هلا إ ّن الصيب يف الناصرة ،وإنّه سيعود بسرعة .ومن بيت صيدا إىل مريون
سيسلك مقطع من طريق دمشقُ ،ثّ سيأخذ الطريق إىل عرا .فهو حتماً يف عرا».
رب!»
لكن تلك العجوز ،اي ّ
صمت قليلُ ،ثّ يقول يوحنّا مبتسماً« :و ّ
َ
يوطي ».يُعلّق
فعلت مع شاوول االسخر ّ
صدرك كما َ
َ ك َستَ ِهبها فرح املوت على
كنت أظنّ َ
« ُ
مسعان الغيور.
يل .لن
«ال ،بل أردت هلا خرياً أعظم ،ألنّين أنتظر أن يَفتح املسيح أبواب السماء ،ألدعوها إ َّ
أقل
أبيك اي فليبّس ،ستكون حياهتا ّ
األم .اآلن ،هي تعيش ال ّذكرى ،مبساعدة َ تنتظرين طويالً ،تلك ّ
أهلك».
أنت و َ كك أيضاً َ
حزانً .أابر َ
ألست ِ
فَـَرح يوحنّا يُغلّفه غيم كثيف ،أكثر من ذاك الذي يغطّي السماء .يراه يسوع ويقولَ « :
مسروراً أبن أتيت العجوز بسرعة إىل الفردوس؟»
رب؟»
ك متضي ...ملاذا املوت اي ّ
لست مسروراً أل ّن هذا يعين أنّ َ
«بلى ...ولكنّين ُ
كل َمن يُولَد ِمن امرأة ميوت».
« ّ
حل آخر ،اي رب؟» ن «أما ِ
م
ّ
«آه! ال! َّإّنا كم ستكون هبجة عظيمة ألولئك الذين ينتظرون ،الذين سوف أخلِّصهم كإله،
والذين قد أحببتهم كإنسان»...
«هنا ماء ،وهناك يف األعلى ثلجّ .إّنا سلسلة جبال حرمون .لقد اكتست قممها مبعطف هائل
ِ
القمة العليا َجيلة عندما ّتعلها
اجلو مشمساً يف عرا ،فسرتون كم ّ
ض لنا أن يكون ّ من الثلج .إذا قُـيِّ َ
حب وطنه إىل مديح َجاالت بلدته.
الشمس ابللون الوردي ».يقول تيمون الذي يدفعه ّ
مّت.
لكن الطقس ،يف هذه األثناء ،ماطر .هل ما تزال عرا بعيدة؟» يَسأل ّ
«و ّ
«نعم ،لن نصلها قبل ّناية الليل».
يسوع يف املق ّدمة ،غارق يف التفكري .اآلخرون يَقضمون اخلبز ،ويوحنّا ميزح قائالً« :ال حاجة
للبحث عن نبع إلرواء العطش .يكفي إبقاء الرأس إىل الوراء ،والفم مفتوحاً ،واملالئكة تعطينا املاء».
ويتنهد يعقوب.
أحتسر على ّأايم السالم هذهّ ».
«اي معلّم ...إنّين ّ
«ينبغي ّأال تقول هذا اي يعقوب».
أحسنت اي يعقوب».
َ «
«أ َِجب .ملاذا ال تكون النجوم كلّها مثل الشمس ،كبرية ،حارةَ ،جيلة وقادرة؟»
«ألنّه ال يعود لنا َحطَب نُشعِله ،وال خشب نبين به بيوتنا ،أو نصنع منه ِع َدد الشُّغل والعرابت
واملراكب واملفروشات».
مّت« :وهو ُُييد احلصول على املال للفقراء .يَطلُب ،يَع ِرف أن يَطلُب كما ال أعرف ِ
يُعلّق ّ
أمشئز».
أانُ ...يوز أن يكون ذلك أل ّن املال قد أصبَ َح اآلن َُي َعلين ّ
َخيفض مسعان الغيور وجهه الذي أصبَ َح قرمزّايً لش ّدة امحراره .يَراه اندراوس فيسأله« :هل تَشعُر
بِ ِ
ضيق؟»
لست أدري».
«ال ،ال ...التَّعبُ ...
ُُي ِّدق فيه يسوع ،ويزداد امحراراً .ولكن يسوع ال يقول شيئاً.
َُيري تيمون إىل األمام« :ها قد أصبَ َحت البلدة اليت تَسبق عرا مرئيّة .ميكننا التوقّف فيها وطلب
بعض احلمري».
«هيّا».
أنت تَعلَم! ملاذا َّت َعلين أبوح؟» يهتف الغيور الذي يتأ ّمل وكأن أحداً يُع ِّذبه.
«اي ربَ ،
أنت متأ ّكد؟»
«هل َ
أتصرف هكذا على سبيل احليطة .تفكريي سليم .فاملعلّم ينّن"إ قال: ذلك ومع ذلك. ر «مل ي ِ
نك
ّ ُ
ال يُف ِّكر يف الغد مطلقاً" .قد يكون ذلك حقيقيّاً .ولكن ،يف هذه احلال ...إنّه على الدوام ...على
أنت الكلمة الصحيحة».الدوام ...اي معلّم ،قُل َ
يظل على الدوام "إنساانً" .وهو ال يعرف أن يسمو ليكون روحاً «هذا دليل على أ ّن يهوذا ّ
فقط .ولكنّكمَ ،جيعكم ،متشاهبون إىل ح ّد ماَُ .تشون أشياء اتفهة .تَقلَقون ِمن تَ ُّ
بصرات ال طائل
ليبق هذا فيما بيننا .أليس كذلك؟»
منها .ال تعرفون أن تؤمنوا أ ّن العناية اإلهليّة قادرة وحاضرة .حسناً و َ
«نعم ،اي معلّم».
املستحسن االرتياح
َ ساد الصمت فرتةُ .ثّ قال يسوع« :سنعود قريباً إىل البحرية ...سيكون من
أنت وحيد...
قليالً بعد مسري طويل .سوف ّنضي حنن االثنني لبعض الوقت ،حوايل عيد األنوارَ .
أنت معي». ّأما اآلخرون فلديهم عائالهتم ،لذلك فستبقى َ
مّت وحيد».
وحّت ّ
رب ،يهوذا وحيد ،توما كذلكّ ،
«اي ّ
يتوقّفون حتت شجرة بلوط حتميهم قليالً ِمن املطر .وها هو بطرس قادم راكباً محاراً على رأس
قافلة ِمن املطااي ،وهو يُشبِه راهباً ،حتت الغطاء الذي خيفي رأسه وكتفيه داخله.
نت أبن تكون مبلّالً كمن َوقَ َع يف البحرية! هيّا بنا كنت قد مخّ ُ
كك هللا ،اي معلّم! ولكنّين ُ
«ليبار َ
لتجفيفك! بسرعة،
َ املضرَمة
متأججة منذ ثالثة ّأايم ،لكثرة املدافئ َ بسرعة ،ولريكب اجلميع .عرا ّ
أبي حال! ولكن انظروا! أمل تستطيعوا محايته؟ آه! عندما ال أكون معكم! انظروا إذن! إن بسرعةّ ...
للتهور! وأنتم؟ وأنتم؟ اي اي ل! ل
َ ـب ال هذا بفعل ا
ً د شعره يظ ِهره وكأنّه كان غارقاً .يفرتض أن تكون ِ
متجم
ّ َ ّ ُ ََ ُ
أنت ّأوهلم ،اي أخي األبله ،وُثّ اجلميع! ما أحالكم! إنّكم تشبهون أكياساً واقعة يف للمساكني! و َ
الروع (القلق)»... إين غارق يف َّ مستنقع .هيّا بنا بسرعة! آه! لن أثق ،بعد اآلن ،يف أن أعهد به إليكمّ .
خيب محاره إىل جانب محار بطرس مت كثرياً اي مسعان ».يقول يسوع هبدوء ،بينما ّ
«لقد تكلّ َ
ص َل اآلخرون... كرر يسوع« :كالم كثريَّ ،إّنا ال طائل منهَ .
فأنت مل تقل إذا ما َو َ يف مق ّدمة القافلة .يُ ِّ
أتك بصحة جيّدة .مل تقل يل شيئاً».
إذا ما كانت النساء قد مضني ،إذا ما كانت امر َ
ذهبت حتت هذا املطر؟»
كل شيء .ولكن ملاذا َ
لك ّ
«سوف أروي َ
أتيت؟»
أنت ملاذا َ
«و َ
« َمن؟»
ك طفل كبري مليء ابألخطاء اليت َغطَّت الكثري ِمن املميزات اجلميلة .إّّنا توجد واحدة غري
«إنّ َ
كل شيء .حسناًَ ،من يف عرا؟» ُمغطَّاةّ .إّنا نز َ
اهتك يف ّ
أخوك مع يعقوبُ ،ثّ يهوذا مع اآلخرين .يبدو أنّه فَـ َعل خرياً كثرياً ،يهوذا .اجلميع
«يوضاس َ
ميدحونه»...
عليك أسئلة؟»
«هل طََر َح َ
أي منها ،قائالً إنّين ال أعرف شيئاً .ابلفعل ،ماذا أعرف غري أنّين على ب «آه! كثرياً! مل أ ِ
ُج
ّ
عليك قول
معكَ .
األندوري .يظنّه َ
ّ أنت تَعلَم ...مل أقل له شيئاً عن يوحنّا
حّت جدرة؟ َ افقت النّساء ّ
ر ُ
ذلك لآلخرين».
«ال .فَـ ُهم كذلك ال يعرفون أين هو يوحنّا .ال يفيد يف شيء أن يقال أكثر يف ذلك .إّّنا هذه
احلمري! ...لثالثة ّأايم! ...اي هلا ِمن مصاريف! والفقراء؟»
متك َن ِمن الدخول إىل بيت تيمون ،واالسرتاحة قرب النار بثياب
ط متاماً عندما َّ
كان الليل قد َهبَ َ
جافة.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 10 / 07
قلت يف أمكنةأود أن أقول لكم ،كما ُ يسوع يتح ّدث يف ساحة عرا الرئيسيّة ...« :وأان ،ال ُّ
أخرى ،املبادئ األوليّة ملعرفتها والعمل هبا ِمن أجل اخلالص .فِإنّكم تعرفوّنا ،وبشكل جيّد ج ّداً،
والفضل يف ذلك يعود إىل تيمون ،حكيم الشريعة القدمية ،وقد َّنَت حكمته اآلن ألنّه ُُي ِّددها بنور
لحظوه وأنتم يف احلالة الروحيّة ِ ِ
الشريعة اجلديدة .ولكنّين أريد أن أُح ّذركم من َخطَر ال ميكنكم أن تَ َ
احلاليّة .خطر االحنراف نتيجة ضغوط وتلميحات ُحتا ِول إبعادكم عن اإلميان يب الذي أنتم عليه اآلن.
الكتاب على الضوء اآلن سأدع تيمون معكم بعض الوقت .وسوف يشرح لكم ،مع اآلخرين ،كلمات ِ
َ َ
تفحص قلوبكم ورؤيتها نزيهة يف لماً به .إّّنا قبل أن أترككم ،بعد ّ اجلديد حلقيقيت ،والذي أصبَ َح ُم ّ
اضعاً ،فإنّين أريد أن أُعلّق معكم على نقطة ِمن ِسفر امللوك الرابع فع َمة إرادة صاحلة وتَو ُ
وم َ
احلبُ ،
ّ
(الثاين).
قام سنحاريب مبهاَجة حزقيّا ملك يهوذا ،أقبَ َل ثالثة ِمن أعظَم الشخصيّات لدى امللك عندما َ
اصره .ولدى تَكلُّم العدو إليه لِريِهبوه .لِريِهبوه ِخبَشية قطع العالقات ،وابلقوات اليت كانت آنذاك ُحت ِ
ّ ُ ُ ّ
وشْبنا ويوآح قائلني هلم" :تَكلَّموا معنا بلغة ال يفهمها الشعب ِ
رد عليهم حل َقيَّا َ
املرسلنيَّ ،
املقتَدرين َ
لكن هذا ما كان يريده مبعوثو املروع السالم .و ّ(أي ابآلرامية)" ،وذلك هبدف ّأال يَطلُب الشعب َّ
سنحاريب ،وقالوا بصوت عظيم ابليهوديّة (ابللغة العربية)" :ال يُطْغكم حزقيّا ...ألنّه هكذا يقول
كل ِ ِ
كل واحد من جفنته ( َك ْرَمته) ومن تينته ،واشربوا ّ إيل ،وُكلوا ّ
َملكنا :اعقدوا معي صلحاً ،واخرجوا ّ
حّت آيت وآخذكم إىل أرض مثل أرضكم ،أرض حنطة ومخر ،أرض خبز وكروم ،أرض واحد ماء بئرهّ ،
زيت وعسل ،وعيشوا وال متوتوا "...وقيل" :فَ َس َكت الشعب ومل ُُييبوا ،أل ّن امللك أ ََمَرُهم قائالً :ال
(سفر امللوك الثاين أصحاح :18اآلايت .)36-17 ُّتيبوا" ِ
ألي ِمن الشعوذات اليت كونوا دؤوبني .ال أطلب منكم غري ذلك .وتذ ّكروا أ ّن هللا ال يستجيب ّ
ميارسها أعدائه .ادعوا مرضاكم الذين انلت نفوسهم التعزية والسالم ،كي يتح ّدثوا عنكم حبضورهم،
حيب ويف مذهيب ،وستنالون ملكوت السماوات". عن ذاك الذي أتى فيما بينكم ليقول لكم" :اثبروا يف ّ
ألي
فأعمايل تتكلّم أكثر من أقوايل ،وعلى الرغم من أن الغبطة الكاملة هي يف اإلميان دون احلاجة ّ
لتتقووا يف اإلميان .أجيبوا عقولكم اليت ُُيّرهبا أعداء النور،
مسحت أبن تَروا معجزات هللا ّ
ُ دليلّ ،إال أنَّين
مّت.
الفريسيّون ،أليس كذلك؟» يَسأل ّ
«دائماً ّ
« ُهم وغريهم».
األايم األخرية»...
كنت أكثر سعادة يف ّ
«ومع ذلك ،فقد َ
«إنّه احلزن لعدم تواجد التالميذ .ولكن ملاذا صرفتَهم؟ قد تكون تريد متابعة السفر؟» يقول
يوطي.
االسخر ّ
«ال ،بل هي املرحلة األخريةِ .من هنا سوف نعود إىل البيتّ .أما النساء فلم َّ
يكن قادرات على
هلن أن يعملن أكثر». املتابعة يف مثل هذا الطقس .لقد عملن كثرياً .وليس ّ
«ويوحنّا؟»
أنت».
كنت َ
«يوحنّا مريض .وهو يف بيت ُمضيف كما َ
يقول يسوع:
الرسوليّة ،الرحلة الكبرية الثانية .واآلن العودة إىل أرايف اجلليل املعروفة.
الرحلة ّ
«وانتهت ّ
لك بتجاوز وصف األمكنة .لقد أعطينانهكة أكثر من يوحنّا األندوري .أََسَح ِ ماراي املسكينةِ ،
أنت ُم َ
ّ ّ
الكثري للباحثني الفضوليني .والذين سيظلّون على الدوام "ابحثني فضوليني" ،ليس أكثر .اآلن يكفي .قو ِ
تك ّ ّ ّ
ِ
الحظت به عدم جدوى الكثري من أتعايب ،أرى تتالشى .احتفظي هبا ِمن أجل الكلمة .وبنفس الروح الذي
نفسك فقط ِمن أجل الكلمة".
ِ قلت ِ
لك" :حافظي على ِ
أتعابك .لذلك ُ عدم جدوى الكثري ِمن
1945 / 10 / 08
---------------------------------------------------
1944 / 08 / 20
الولَدين.
رؤاي أُخرى ممتعة ليسوع و َ
يفي الذي يف اجلدار احلجري الصغري احمليط ابلبيت، يسوع ،يتبعه أتباعه ،يَدفَع احلاجز الر ّ
دخل إىل الدار ،حيث يوجد بئر ،ويف زاوية منها الفرن .أفرتض ّأّنا غرفة املهمالت تلك ،ذات ويَ ُ
اجلدران األكثر قتامة بسبب الدخان املتصاعد منها اآلن ،والريح تدفعه إىل األرض.
منك
لك» ويُضيف« :الليل يهبط واملطر وشيك .أطلب َ
ويرّد يسوع بسالمه املعهود« :السالم َ
مأوى وزاداً يل ولتالميذي».
صوت صغري انئح ُُييب« :الرمحة ،اي سيّد .رغيف على األقل ألخي الصغري .إنّنا جائعان»...
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 650 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يسوع ،الذي كان قد َد َخ َل إىل املطبخ الواسع ،حيث ترتاقص انر عظيمة تقوم مقام املصباح،
حّت
غري مظهره ،يبدو صارماً وحزيناً ،ويَسأل ،ليس املضيف ،إّّنا بشكل عامّ ، العتَـبَة .لقد تَ َّ
أييت إىل َ
يبدو وكأنّه يَسأل الباحة الصامتة ،والتينة العارية ،والبئر املظلمَ « :من اجلائع؟»
أصبَ َح يسوع اآلن خارجاً .يف جو تزداد ظلمته بسبب الغسق الذي يتق ّدم واملطر الوشيك.
«تقدَّمي ».يقول هلا.
مين». ِ
«أقول لك تعايل ،وال ُتايف ّ
سمعهُُ .ي ِّدق ابلطفلة ذات الوجه الشاحب والشعر األشعث ،والضفريتني يبدو يسوع وكأنّه يَ َ
اللتني تتدلّيان على أذنيها ،وقد ُربِطَتا عند طرفيهما مبِِزقتني .ولكن وجه يسوع مل يـَعُد صارماً لدى نَظَره
كنت عازمة على السرقة؟ ك ِ إىل املسكينة الصغرية .إنّه حزين ،ولكنّه يبتسم ليشجعها« .هل صحيح أنّ ِ
ّ
قويل احلقيقة».
أيت
كنت جائعة .ومل يعطين أحد .ور ُ
طلبت قطعة خبز ،ألنّين ُ
كنت قد ُ
«ال ،اي سيّدي .بل ُ
وذهبت آلخذها .إنّين جائعة ،اي املعصرة، كِ
ُ غمسة ابلزيت ملقاة على األرض هناك ،قُرب َ
ّ م
ُ سرة
«ال تبكي ».يواسيها يسوع وهو ُيذهبا إليه« .أجيبيينِ :من أين ِ
أنت؟»
«و ِ
أتيت إىل هنا؟»
«لقد مات أيب نتيجة ضربة مشس أثناء احلصاد ،وأ ُّمي الشهر املاضي ...ماتت هي والطفل
الذي كان يُولَد »...وّتهش ابلبكاء.
«أليس ِ
لك أهل؟»
«أتينا ِمن البعيد البعيد! ُكنّا فقراءُ ...ثّ َع ِمل أيب أجرياً .واآلن مات هو ،وماتت أ ُّمي معه».
يسي امساعيل».
الفر ّ
« ّ
ِ
مضيت كرَر فيها يسوع ذاك االسم) .هل
يسي امساعيل!( ...يستحيل وصف الطريقة اليت َّ
الفر ّ
« ّ
ادتك أم إنّه هو الذي صر ِ
فك؟» مبحض إر ِ
ََ
ميكنك أن تقول ذلك ح ّقاً ،اي يعقوب؟ َ تنقصك األمكنة والطعام هلذيَن البائِ َسني؟ هل
َ «وهل
ممتلكاتك هذا العام
َ كميّات الزيت والفواكه الكثرية واملتع ّددة ،أمل ترفع ِمن شأن
ّ و مرَاخل
و اللووفرة الغِ
ََ
عليك الغ ّم
اتك ،وقد استوىل َ الربد خري َلت تتذ ّكر؟ يف السنة املاضية َخَّرب ََ
بسبب ما أنتجتَه؟ هل ما ز َ
وبقيت
َ كنت قد َِمسعتَين أحت ّدث يوماً،
منك رغيفاً ...و َوطلبت َ
ُ أتيت أان
معيشتكُ ...
َ اهلم ِمن أجل
و ّ
خرجت صباح
ُ ومنَحتَين ال ُقوت واملأوى .وحني وبيتكَ ،
قلبك َ فتحت يل َ َ معاانتك
َ وفيّاً يل ...ورغم
كت احلقيقةُ .كن رحيماً على الدوام ،وسوف تنال لك؟ "اي يعقوب ،لقد أدر َ قلت َ اليوم التايل ،ماذا ُ
لك ابلقمح كما ِرمال البحر عدداً، رمحةِ .من أجل اخلبز الذي قدَّمتَه البن اإلنسان ،سوف تفيض حقو َ
أنت
كل هذا ،و َ نلت ّ
وسوف تنوء أشجار الزيتون أبمحَاهلا ،وتنحين أشجار الت ّفاح لكثرة مثارها" .وقد َ
أغىن رجل يف املنطقة هذا العام .وترفض منح رغيف للطفلني!»...
الرايب»...
كنت ّ
أنت َ
«ولكنَ ،
كنت كذلك ،كان إبمكاين أن أجعل ِمن احلجارة خبزاًّ .أما ُِها فال .واآلن
«وابلضبط ألنّين ُ
لك معاانة ،معاانة كربى ...إّّنا حينذاك قُل،لك :سوف ترى معجزة أخرى ،وسوف تكون َ أقول َ
ويتوجه يسوع إىل الطفلني« :ال تبكيا .اذهبا إىل تلك"إين أستحق ذلك"ّ ». صدركّ :
َ أنت تقرع
و َ
الشجرة واقطُفا».
تذهب الفتاة وتعود وقد َم َألَت ثوهبا ،الذي َرفَـ َعت طرفه ،ابلت ّفاح األمحر اجلميل.
والرجل ،وقد ذُ ِه َل وقُ ِهرُُ ،يا ِول احلصول على العفو« :أقبَ َل الليل ،اي معلّم .قد يهطل املطر
وسأعطيك كذلك ألجلهما».
َ هتم إبنضاج اخلبز...أنت على الطريق .عُد إىل بييت .ها هي اخلادمة ّ و َ
أليست هذه إذن (ويشري إىل الت ّفاحات املقطوفة ِمن على الشجرة اليت كانت عارية ،واليت
« َ
أيكلها اجلائِعان بِنَـ َهم) أليست هذه إذن هي املعجزة؟»
رب!»
فهمت! تريد معاقبيت مبحاصيلي! الرمحة اي ّ
ُ «آه! اي سيّد ،اي سيّد ،ارمحين!
رب».
ك اي ّ
«أحبّ َ
حتب
ذاتك .عندما ّحتب ّإال َ
أنت ال ّ
ُيب قريبه ُيبّين ،هذا هو تعليمي .و َ«ليس صحيحاً .فَ َمن ّ
تتم كما َعلَّ ُ
مت أان ،عندئذ يعود السيّدّ .أما اآلن فإنّين أمضي .فإقاميت هي حيث ُمي َارس اخلري ،حيث ّ
مواساة احملزونني ،حيث ُمت َسح دمعة اليتامى .وكما تَبسط الدجاجة جناحيها على صغارها دون مقاومة،
َع َدم سرور الطفلة املتعبة ِمن املسريُ ،يعل اندراوس ُيملها ،فيأخذها بني ذراعيه ،ويَل ّفها
مبعطفه .وُيمل يسوع الطفل ،وميضونَ ،ع ْرب الدرب الضيّق الذي أصبَ َح مظلماً ،مع ِمحلهم املثري
للشفقة ،وقد توقّف البكاء.
«العدل .لن يعرف اجلوع ،أل ّن أهراءه مليئة ،وتكفيه لفرتة طويلة ،إّّنا سوف يعاين من ال َقحط،
حيث لن تطرح البذور حبوابً ،وأشجار الزيتون والت ّفاح لن حتمل سوى األوراق .وهذان الربيئان انال،
مين ،بل ِمن اآلب ،ال ُقوت واملأوى .أل ّن أيب هو كذلك أب لليتامى ،وهو الذي يَرزق عصافري ليس ّ
كل البؤساء الذين يعرفون أن يظلّوا "أبنائه
الغابة عُ ّشاً وما تقتات به .وإبمكاّنما القول ،ومعهما ّ
ض َع يف أيديهم الصغرية ال ُقوت ،وبعنايته األبويّة يقودهم إىل سقف األبرايء واحملبّني" ،إ ّن هللا قد َو َ
ُمضيف».
1944 / 08 / 20
يقول يسوع:
خاص ،أيّتها النَّفس اليت تبكي وهي تنظر إىل صلبان املاضي وغيوم املستقبل. ِ ِ
«هذا لك أنت بشكل ّ
وعش َُيوي ميامته الباكية. ِ
فاآلب لديه على الدوام خبز يضعه يف يدكّ ،
َمن يُغلِق قلبه يف وجه أخيه ،يُغلِق قلبه يف وجه هللا ،وهللا يُغلِق قلبه يف وجهه.
ُيب فهو يَكذب عندما احلب .والذي ال ّ احلب ُثّ ّهذه هي الوصيّة األوىل ،اي أيّها الناسّ .
يَعتَِرب نفسه مسيحيّاًَ .عبَثاً ُميا ِرس األسرار والطقوسَ ،عبَثاً يصلّي إذا ما غابت احملبّةّ .
وإال أصبَ َحت
األزيل وتَشبَعوا ،وقد رفضتم إعطاء ِ
تتقربوا من اخلبز ّ شكليّات وانتهاكاً للم َقدَّسات .كيف ميكنكم أن ّ
كل احلدود يف رغيف جلائع؟ هل خبزكم أمثن ِمن ُخبزي؟ هل هو َ
أقدس؟ اي أيّها املراؤون! إنّين أّتاوز ّ
منح ذايت لبؤسكم ،وأنتم ،أنتم البؤس ذاته ،ال رمحة لديكم ّتاه الشقاوات اليت ليست ممقوتة يف عيين
رب" ،لكيرب ،اي ّهللا كاليت لكم ،ذلك ّأّنا بالايّ ،أما اليت لكم فهي خطااي .غالباً ما تقولون" :اي ّ
الرب لصاحل
أرعى مصاحلكم .ولكنّكم ال تقولون ذلك حبّاً بقريبكم .إنّكم ال تعملون شيئاً ابسم ّ
القريب.
احلقيقي
ّ انظروا :لدى اجلماعات واألشخاص ،ما الذي سار بكم إىل دينكم الكاذب وعوزكم
الرب عندما تعرفون أن حتبّوا كما َعلَّ ُ
مت أانّ .أما أنتم ،أيّها القطيع إىل احملبّة؟ االبتعاد عن هللا .وسيعود ّ
هملني .فال ِ ِ
الصغري من املتألّمني ،مع كونكم صاحلني ،فأقول لكم" :أبداً لستم يتامى ،أبداً لستم ُم َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 656 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ب حبوجود هلل إذا ما أِهلَت العناية اإلهلية أبناءه .م ّدوا يدكم :اآلب مينحكم كل شيء ’كأب‘ ،أي ِ
ّ ُ ّ ُ ّ َ
آخذ ُكم وأمحل ُكم ألنّين أرحم ضناكم" .اإلنسان هو ِ
ط أبداً من قَ ْدر أحد .امسحوا دموعكمُ . ال ُي ّ
الويف؛ ِ
الويف؟ اإلنسان ّ الشك أب ّن هللا يرحم العصفور أكثر من اإلنسان ّ تودون ّ أحب املخلوقات .هل ّ ّ
حّت مع اخلاطئ الذي مينحه الوقت وإمكانيّة اجمليء إليه؟ آه! لو كان العامل يُد ِرك
وهو الطويل األانةّ ،
ما هو هللا!
ُثَّ يقول يسوع :عندما أكشف عن األحداث اجملهولة يف حيايت العامة ،فإنّين أَسع جوقة األحبار
أيت هذا؟"
"ولكن هذا احلَ َدث غري مذكور يف األانجيل .فكيف ميكنها القول :إنّين ر ُ
ّ املماحكني يقولون:
فهؤالء أُجيبُهم بكالم اإلجنيل:
ولوقا يقول" :وس َار بعد ذلك يف املدن والقرى ،يَِعظ ويُب ّ
شر مبلكوت هللا ،يصحبه االثنا عشر ،وبعض
النسوة اللوايت برئن ِمن األرواح اخلبيثة واألمراض".
أحببتهن ،واليت حتمل صلييب ِمن أجلكم -قد ّ إذا كان صالحي ،بقصد التخفيف عن إحدى اللوايت
فضلَت أن َتوت على أن تراين انتَ َزعتُهُ ِمن على كتفي ووضعتُهُ على ِمن َكبيهاّ ،
ألهنا أحبّتين ،إىل درجة ّأهنا َّ
صه، حزيناً -إذا كان صالحي ،بقصد إيقاظكم ِمن ُّ
السبات الذي َتوتون فيه ،يُ َع ِّرف على األحداث اليت َّت ّ
فهل تريدون ّاَتام هذا الصالح؟ يف احلقيقة ،أنتم ال تستح ّقون هذه النعمة والعناء الذي يُكابِده خملّصكم
إلخراجكم من األوحال اليت َّتنقكم .ولكن ،طاملا أمنحكم ذلك ،فاقبلوه واهنضواّ .إهنا أنغام جديدة يف
األقل يف إيقاظ انتباهكم الذي ما يزال ويبقى خامالً ،ال مبالياً، ِ
اجلوقة اليت تُرتّلها أانجيلي .ولتساهم على ّ
أمام أحداث معروفة يف األانجيل ،ومع ذلك تقرأوهنا بشكل سيّئ وبال روح.
أال تو ّدون ،مع ذلك ،التفكري يف أنّين مل أصنع خالل السنوات الثالث سوى القليل ِمن املعجزات
اليت ُر ِويَت؟ أال تريدون التفكري نأنّه مل تّبأ سوى النساء قليالت العدد اللوايت متّ ذكرهن؟ ولكن إذا كان
ِظ ّل بطرس يشفي ،فما ابلكم بِ ِظلّي أان؟ بتن ّفسي؟ بنظريت؟ هل تذكرون النازفة؟ "حسيب أن أملس رداءه
احلب
جئت ألقود إىل هللا وأفتح سدود ّ
تمرُ . قوة عجائبيّة بشكل مس ّ
مين ّ
فأبرأ" .وكان هلا ذلك .كانت ََّت ُرج ّ
حب هللا ِ ِ
كل ّاحلب تدفّقت كاألمواج على عا َمل فلسطني الصغريّ .
املغلقة ُمذ ارتُكبَت اخلطيئة .عهود من ّ
فعل ذلكابحلب ،قبل أن يَ َ
ّ لإلنسان ،الذي َت ّكن أخرياً ِمن التدفّق ،كما كان يسحب الناس إىل الفداء
ابلدم.
ولكن قد تقولون" :ملاذا هي ،تلك البائسة؟" سوف أجيبكم عندما تكون ،تلك اليت حتتَ ِقروهنا أنتم
أقل إهناكاً .إنّكم تستح ّقون الصمت الذي مارستُهُ يف حضرة هريودس .ولكنّين سوف أحاول
وأُحبّها أانّ ،
افتداءكم ،أنتم اي َمن َُي ِهلكم (يعميكم) الكّبايء األصعب إقناعاً».
----------------------------------------------------
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 658 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
1944 / 08 / 21
يقول يسوع:
«وسوف أجيبُ ُكم بكلمات بولس الرسول" :األعضاء اليت تبدو األكثر ضعفاً ،هي األكثر ضرورة،
تلك اليت نَعتِّبها األقل نُبالً يف اجلسد ،نكسوها نأكثر زينة ،واليت هي األقل لياقة ،نُ ِ
عاملها ابحرتام أكثر، ّ ّ َ
بينما األجزاء الشريفة ال حتتاج النتباه زائد .ولقد َج َع َل هللا اجلسد بشكل ُمينَح فيه التقدير األكّب لألعضاء
اليت مل يكن هلا ذلك".
هل تظنّون أ ّن تلك "الصوت اهلامس" تعتّب نفسها شيئاً عظيماً؟ إذا ما سألتُ ُموها ُجتيبكم" :إنّين
حقيقيّ .أما أنتم ،فإنّكم ال
ّ قل نبالً يف جسد املسيح" .هذا ما ُجتيبُكم به ،وبصدق العضو األضعف واأل ّ
واضع لديكم وال صدق كل إنسان يُطبِّق على اآلخرين مقاييسه .وأنتم ،اي َمن ال تُ ُ
تص ّدقوهنا ،ذلك أ ّن ّ
سمعوا َمن يقول لكم" :ولكن ال ،فأنتم صاحلون للغاية" ،وتف ّكرون يف ذلك ِ
وتقولون" :إنّين سيّئ" ،لتَ َ
نأنفسكم إىل أبعد احلدود؛ وإذا كان هناك أحد الصادقني ،وهو اليعزو إليكم ّإال القليل ِمن الصالح ،أو
صمت على سبيل احملبّة ،وال ميتدحكم على سبيل الصراحة ،فإنّكم تغضبون وتكرهونه ال يعزو أبداً ،بل يَ ُ
نأهنا صادقةّ .أما أان ،أان الذي أقرأ ما يف فِكرها ،وأرى ما
ألنّه مل ميتدحكم؛ ّإال أنّكم ال تستطيعون االعتقاد ّ
يف داخل قلبها ،أان أعرف إذا ما كانت لديها تلك الفكرة عن نفسها أم مل تكن .األحاديث بني تلك النَّفس
مرة رنَّت فيها كلمات إهلها املطَ ْمئِنةّ ، ِ
ألهنا تقول" :ولكن كيف ّاَّتذتَين أان ،اي ّ
رب ،أان اليت وإهلهاَ ،كم من ّ
يف أان ،ألنّه
تشك َّ
كأهنا ّ
إليك كثرياً؟" وتبدو و ّ
لت أفتقر َ
إليك كثرياً ،وما ز ُ
رت َ ال تساوي شيئاً ،واليت افتَ َق ُ
يبدو هلا مستحيالً أن أختارها هي هلذه الرسالة.
تظن نفسها ضعيفة ،ضعيفة للغاية .وإذا ما قوِرنَت ابلكمال ،فهي أضعف ِمن شعرة طفل وليد .تظن ّ
قوة وحيدة :حبّاً ِ ِ نفسها مرذولة .وإذا ما قوِرنَت ابهلل ،فهي ِ
أقل من دودة ُخل َقت من الرتاب .ولكنّها َتلك ّ ّ َ
فإهنا ال تُف ِّكر مطلقاً بذاَتا ،وال ابملنفعة اليت جتنيها ِمن اآلخرين .إهنّا
كامالً .عندما تُعطي أو َتنح ذاَتاّ ،
حت حينما تُصبِح ممقوتة ِمن العامل هلذا السبب .لقد أو َش َكت على بغض ذاَتا
تف ّكر يف إرضائي أان فقطّ ،
ِ
(حت كجسد ،ذلك البغض املق ّدس الذي علَّمتُه أان بقويلَ :
"من أراد أن َُيلّص حياته (األرضيّة) يَفقدها ّ
َدر َك فحوى الكلمة! األزليّة) ،ومن يَفقدها حبّاً يب َيدها" .احلِقد َّ
املقدس للذي أ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 659 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ذت يوماً طفالً ووضعتُه وسط ُر ُسلي
َخ ُ
احلب الذي يتجاوز األوهان اخرتَتُا .ولقد أ َ ِ
فَمن أجل هذا ّ
قوته ،وليست لديه أفكار كّبايء .الطفل الصغري ،الرضيع ،أل ّن بكل ّ
متّخذاً ّإايه مثالً .ذلك أ ّن الطفل حيب ّ
زهر عندما تبدأ ساقها ابخلروج ِمن األحشاء الوالديّة ،بعدئذ
بذور الشيطان تعطي ،كأول سنبلة ،الكّبايء ،وتُ ِ
ّ
ولكن
السلطة أو ُسلطان املالّ . السلطان ،إن تكن ُّ َّترج ساق السنبلة الثانية ِمن الشهوة ،والثالثة هي ساق ُّ
الساق األوىل هي دائماً الكّبايء ،وََّت ُرج ِمن الشفاه اليت مل تكد تنسى احلليب الوالدي.
ضع أريدهم ألمنحهم كالم احلياة .كم كان مجيالً أن ضع ،مثل الر ّ فأريد أن يكون تالميذي مثل الر ّ
"هاك" .ويَهربون وهم يضحكون ،ليعودوا ِمن إيل ،وأيديهم الصغرية مليئة أزهاراً ،قائلني يلَ : أراهم َيتون ّ
حب ،مطمئنّني ،صادقني ،وُمبّني ...أريد الصغار يف العامل لتقديس جديد حاملني زهريات أخرى يف لُعبَة ّ
َتر وحتيا فيما بينكم ليس هلا قدرة على تغيريكم لألفضل -وهو املفروض ،أل ّن العامل ،ومبا أ ّن الّباءة اليت ّ
صنَ َعه ،يَفرض ،دون َساوي ،كائن تفوح منه الطهارة والسالم ،يتكلّم بغري كالم عن هللا الذي َ ّ الّبيء كائن
لفتوته اليت ينبغي هلا ّأال تفسد ،لضعفه الذي َيب أن أن يتكلّم ،احرتام ما هو هلل ،ي ِ
واحلب ّ
ّ ناشد الرمحة ُ
األول ،ومحراء وبنفسجيّة مها الزهراتنُحيَب ،زهرة قريبكم كما املريض زهرة ،واملتأ ّمل زهرة طاهرة يف املقام ّ
كل قريب له احل ّق يف حبّنا -مبا أ ّن براءة األبرايء ِبسب
ُخراين اللتان عليكم أن حتبّومها حبّاً مميّزاً بني ّ األ َ
فطري ال َتلكونه أنتم ،وهمّ السن ال تكفي ،فإنّين ،إذاً ،أخلق األطفال ابلروح ،فهؤالء لديهم ِعلم ّ
وصادقون كاألطفال الذين ََيطّون ،مبتسمني ،خطواَتم األوىل ،ويَعلَمون ّأهنم ِ متواضعون ،بُسطاء ،واثِقون
ِ
لوال األ ُّم يَ َقعون ،فال يرتكوهنا مطلقاً.
كما ُهم ،كذلك هي ال ترتكين أبداً .لذلك ،هلا هي ،ولِ َمن ُهم مثلها ،أعضاء ضعيفون –هكذا يبدون
ط لكم.
لكم -أعضاء َمرذُولون -هكذا يبدون لكم -يُعطَون ما مل يُع َ
تقول مرمي:
ك يسوعي عن طفولة الروح ،املطلوبة بشكل الزم «اي ماراي ،األم هي اليت تتكلّم .ح َّدثَ ِ
َ ّ ّ
لك يف األمس صفحة ِمن حياته كمعلّم .ر ِ
أيت أطفاالً ،أطفاالً الكتساب امللكوت .لقد أظهر ِ
ََ
كأود أن أجعل يسوع ُيب ِ لكِ ،
أنت اليت ُّ مساكني .أمل يكن هناك ما يضاف؟ بلى ،وأان من تقوله ِ
ّ َ ُ
روحك ِمن أجل روح عدد كبري من الناس .ولكنّها ِمن
ِ أكثرّ .إّنا صبغة يف اللوحة اليت َّ
حتدثَت إىل
الرسام وحكمة املراقب.
الصبغات اليت تُضفي اجلمال على اللوحة ،إ ّّنا هي اليت تُوحي إببداعات ّ
اضع يسوع. ِ
جعلك تالحظني تو ُ أريد
املتحجر بشكل عامل اخلاطئ ذي القلبتلك الفتاة الصغرية املسكينة ،يف بساطة جهلها ،ال تُ ِ
ّ
متوحشة صغرية ،كوّنا ِ
أقل قليالً من ّ
الرايب وال عن ماسيّاّ .إّنا ُّمتلف عن ابينّ .إّنا ال تَعلَم شيئاً عن ّ
يسي كان َُيتَ ِقر يسوعي ،مل
ّ الفر
ّ امساعيل نّ أ ذلك م،ل
ّ املع ر قد عاشت يف الرباري ،يف بيت كان َُيت ِ
ق َ
سمع أحداً يتح ّدث عنه ومل تره قط.
تَ َ
األم ،وقد َحطَّ َم ُهما العمل املن ِهك الذي كان يتطلّبه منهما السيّد غليظ القلب ،مل يكن
األب و ّ
لديهما الوقت وال اإلمكانيّة لرفع الرأس عن األرض اليت كاان يَستَصلِحاّنا .قد يكوانن َِمسعا ،أثناء
حصاد الغالل ،أو أثناء قطاف الثمار والعناقيد ،أو أثناء سحق الزيتون حتت الرحى القاسية ،هتاف
لكن اخلوف والتعب كاان َخيفضان رأسيهما املتعبني .و ّ
هوشعنا ،وقد يَكوانن َرفَعا للحظة رأسيهما َ
مباشرة حتت النّري .وكاان قد ماات وِها يُف ِّكران أ ّن العامل ليس ِسوى حقد وأمل ،بينما العامل ،على العكس،
َجريين لسيّد بال رمحة،
كان حبّاً وخرياً ،منذ اللحظة اليت َوطَأه فيها يسوعي بقدميه املقدَّستني .كاان أ َ
األرضي .فاكهة ُوِج َدت الفردوس ار يف احلقيقة ،إ ّن تلك التفاحات كانت تعيد إىل األذهان ِ
مث
ّ ُ ّ
كل أنواع الشقاء ،بدءاً ِمن
ّ ن ومن أجل الشر ،وهي تُشري إىل الفداء ِ
م ّ
على الغصن ِمن أجل اخلري ِ
ف وكأنّه مل
صر َ
َجهل هللا ،ابلنسبة إىل اليتيمني ،وتُشري إىل العقاب للذي ،إذ أصبَ َح يعرف الكلمة ،ت َّ
يكن يعرفه .وسوف تَع ِرف فيما بعد ،بواسطة املرأة فاعلة اخلري اليت استقبَـلَتها ابسم يسوعَ ،من كان
يسوع .وقد كان ابلنسبة هلا املخلِّص ِمن أمور كثرية .املخلِّص ِمن اجلوعِ ،من رداءة اجلّوِ ،من أخطار
العامل ِ
ومن اخلطيئة األصليّة.
حّت عندما َعلِ َمت أنّه مات ُمع ّذابً علىيتالش حتت سيل الدموعّ ، َ وعذب ،ملأبوي َ
نور ّ
صليب ،وال عندما ،كمؤمنة يف الكنيسة األوىل ،رأت ما كان قد جرى لوجه "سيّدها" حتت أتثري
الضرابت والشَّوك ،وبعد التفكري كيف هو اآلن يف السماء على ميني اآلب .نور ابتسم هلا يف ساعتها
األخرية على األرض ،وهو يقودها بال خوف إىل ُُملّصها ،نور ابتَ َس َم هلا أيضاً ،بعذوبة ال توصف ،يف
أَلَق الفردوس.
ابحلب الذي يكنّه سعيدة كوين و البعيدة، إليك يسوع .فانظري إليه مثل شب ِ
يهتك كذلك ينظُر ِ
ّ َ
ِ ِ
صلَت،لك .كوين بسيطة ،متواضعة ،ومؤمنة مثل مرمي الصغرية املسكينة اليت َع ِرفتها .انظري إىل أين َو َ
لك ،وأصبَ َحترغم كوّنا جاهلة إسرائيل الصغرية املسكينة :إىل قلب هللا .لقد ّتلّى احلب هلا كما ّتلّى ِ
ّ
ضليعة يف احلكمة احلقيقيّة.
1945 / 10 / 11
«بسرعة!» يصيح بطرس ،وِمبُعانقة واحدة ُيمل الصغريين إىل املركب دون أن يبلّال أقدامهما
احلافية« .لستما خائفني ،أليس كذلك؟» يَسأل بينما هو خيوض يف املاء بساقيه القصريتني والقويّتني
حّت ما فوق الركبتني.
والعاريتني ّ
«ال اي سيّدي ».تقول الصغرية وهي تش ّد على عنق بطرس بتشنُّج ُمغلِقة عينيها ،بينما هو
صعد إليه بِ َدوره .الصغري ،أكثر جرأة أو أكثر ِ
يضعها يف املركب الذي يتأرجح حتت ثقل يسوع الذي يَ َ
ذهوالً ،فإنّه ال يَنبس ببنت شفةَُ .يلس يسوع ويش ّد إليه الصغريين ،مغطّياً ّإايِها مبعطفه الذي يبدو
وصني.
الص َ
كاجلناح املنبسط حلماية ُّ
ساعدة على الصعود ستّة يف مركب ،وستّة يف اآلخر ،اجلميع يف املركبني .يرفع بطرس الدفّة الـم ِ
ُ
إىل املركب .وبضربة قَ َدم قويّة يَدفَع املركب بعيداً عن الض ّفة ،ويقفز إليه ُمتجاوزاً الض ّفة .وُيذو يعقوب
تئن الصغرية قائلة« :ماما!» وُتفي وجهها يف صدر أرج َحت املركبّ ، حذوه يف مركبه .دفعة بطرس َ
صيب الو اوسراند
و بطرس إىل ابلنسبة ب يسوع ،متشبثة بركبتيه .إّّنا اإلحبار قد أصبح لطيفاً رغم أنّه متعِ
ّ ُ ََ ّ
اجلو الثقيل ِ َخ َذ موقع اجمل ّذف الرابعِّ .
مرتهل يف هذا ّ
الشراع ّ الذين عليهم أن ُُي ّذفوا مع فليبّس الذي أ َ
بقوة اجملاذيف.
والرطب ،وال يفيد يف شيء .عليهم التق ّدم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 666 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
يوطي هو اجمل ّذف الرابع،
«نزهة َجيلة!» يهتف بطرس للّذين يف املركب التوأم ،حيث االسخر ّ
والذي يهنّئه بطرس على ضربة َمذافه املمتازة.
قيمك رئيساً للمج ّذفني ».يؤّكد بطرس الذي ُُي ِّذف عن اثنني .ويضحك قائالً:«نعم ،سوف نُ َ
كنت يف العشرين وأان رئيس ِ
األول من مسعان بن يوانُ .مذ ُ «ومع ذلك ،ال ميكن ألحد أن ينتزع املكان ّ
للمج ّذفني يف املبارايت اليت كانت تقام بني ُمتلف البلدات ».وِمبَرح ،يَشرع ابإليعاز ابإليقاع للمج ّذفني
وترتدد األصوات يف صمت البحرية اخلالية يف تلك الذين معه« :أوه! ...هيس! أوه! ...هيس!» ّ
الساعة الصباحيّة .
يَكتَ ِسب الولدان جرأةّ .إّنما ما يزاالن حتت املعطفُ ،خي ِرجان وجهيهما النَّحيلني ِمن جانيب
املعلّم الذي يُعانِقهما ويبتسمان .يُبداين اهتماماً بِ َع َمل ال ُـمج ِّذفِني .يتبادالن التعليقات.
«ال ،بل على عربة فوق السحاب .انظر! َحت َسبنا نسري فوق السماء .ها إنّنا نصعد فوق
سحابة!» تقول مرمي ،وهي ترى مق ّدمة املركب َُت َِرتق مكاانً يوحي بسحابة قطنيّة .وتبتسم .و ّ
لكن
الشمس تُب ِّدد الضباب ،ورغم كوّنا مشساً ابهتة ،فإ ّن الغيوم تُصبِح َّ
مذهبة وتَعكس البحرية بريقها.
«آه! كم هذا َجيل! إنّنا نسري اآلن على النار .آه! كم هذا َجيل! كم هذا َجيل!» ويُص ِّفق
صمتُ ،ثّ تنفجر ابلبكاء .ويَسأهلا اجلميع عن سبب البكاء .وتَشرح هي لكن الطفلة تَ ُ
الولد بيديه .و ّ
وسط دموعها« :كانت أُمي تُ ِردد قصيدة أو مزموراً ،لست أدري ،كي َحت َفظنا ِ
صاحلَني ،لنتم ّكن من ُ ّ ّ
االستمرار يف الصالة رغم األحزان الكثرية ...وكانت تلك القصيدة تتح ّدث عن فردوس كبحرية ِمن
ولكن ها هو صوت يسوع العذب يعلو فوق متتمات األصوات املختلفة وفوق حنيب اليتيمني.
إيل ،وهي هنا معكما ،بينما أان آخذكما إىل أ ُّم ُمرومة ِمن األوالد.
«ال تبكيا ،فإ ّن ّأمكما قادت ُكما َّ
وستكون مسرورة للغاية حبصوهلا على ولدين طيّبني بدل ابنها الذي هو اآلن حيث أ ُّمكما .ذلك ّأّنا
بَ َكت هي كذلك ،هل تَعلَمان؟ فلقد مات ابنها كما ماتت أ ُّمكما»...
فالحة ،ولكن لديها حديقة مليئة ابلورود ،وهي طيّبة كمالك .زوجها صاحل .وهو«هي ليست ّ
أيضاً سوف ُيبّكما كثرياً».
مّت مش ّككاً.
تظن ذلك اي معلّم؟» يَسأل ّ
«هل ّ
«بل أان متأ ّكد ،وأنتم سوف تَقتَنِعون .منذ م ّدة كان قوزى يَطلب مرغزايم ليجعل منه فارساً».
للصيب .يُن َـزل الشراع بينما يرسو املركب يف املرفأ الصغريُ ،ثّ يَلِج
ّ امره وأ ر ينعطف بطرس ،وي ِ
صد ُ
ط تَعِبَني.
ليتوقّف يف الرصيف الصغري ،يتبعه املركب اآلخر .الواحد إىل جانب اآلخرِ ،مثل فرخي ب ّ
يهبط اجلميع ،ويهرع يوحنّا يف املق ّدمة ليُنبئ البُستانيّني.
ويسري يسوع مبفرده .ينظر إليه اآلخرون ميضي وهم يُعلّقون تعليقات متفاوتة حول ُماولة يسوع.
وهي ال ُتلو ِمن الشكوك واالنتقادات .ولكنّهم ِمن حيث هم ميكثون ال يـََرون سوى قوزى الذي يَهرع
البوابةُ ،ثّ يَلِج احلديقة إىل يسار يسوع .بعد ذلك ال يعودون يـََرون
حّت األرض ،عند َعتَـبَة ّ
لينحين ّ
شيئاً.
«حنّة سعيدة ،وأان سعيد لرؤييت ّإايها هكذا .كان من املمكن أن أفقدها منذ أشهر عديدة ،اي
سيّدي».
أردت ذلك».
أنت َنفسك ليست خادمة أحد غري هللا ،إن َ
َ لكن
«أعرف .و ّ
علي االعتبارات البشريّة»... ِ
«ح ّقاً ،اي سيّدي ،سأُصلح ذايت .فأحياانً تسيطر َّ
كنت تريد إنقاذ حنّة؟»
كنت كذلك العام املاضي ،عندما َ
«هل َ
كنت أظُنّه يستطيع ِ
هت إىل الذي ُ
وتوج ُ
كل اعتبارَّ ،
غامرت خبطر فقدان ّ
ُ «آه! ال .فلقد
إنقاذها».
صيب وبنت صغريين ...حافيني، دت َولَدين فقريين على طريق جرداءّ ... «أمس مساء َو َج ُ
ِ
وم ِهيض ّي اجلناح ...رأيتُـ ُهما ،وقد َ
طرد ُِها كالذائب َر ُجل قلبه مثل قلب الذائب. جائعني ،وحيدين َ
ض إعطاءمنحت ذاك الرجل خريات ََجّة يف العام املاضي .وهو َرفَ َُ كادا ميواتن ِمن اجلوع ...أان
املتوحش .سينال هذا الرجل
اليتيمني رغيف خبز .إذ ّإّنما يتيمانّ .إّنما يتيمان وعلى دروب العامل ّ
احلب ،لليتيمني اللذين بال مأوى ،بال
عقابه .هل تريدان أن تناال بركيت؟ أ َُم ّد لكما يدي ،مستجدايً ّ
والحب .هل تريدان مساعديت؟» ّ ثياب ،بال غذاء
لكن يديها مشدوداتن إىل قلبها ،والدمعة على رمشيها الطويلني ،وابتسامة وحنّة ال تتكلّم ،و ّ
رغبة على شفتيها احلمراوينّ ،إّنا تنتظر وتتكلّم أكثر مما لو كانت تنطق.
أود لو يكون هلذين الصغريين أ ُّم وأب وبيت .وأن يكون اسم األ ُّم
ينظر إليها يسوع ويبتسمُّ « :
حنّة»...
لك؟ هل تَقبَل ابمسي هذين الطفلني اللذين أ ُِحبُّهما ،آه! ّإّنما عزيزان
أنت اي قوزى ،ما قو َ
«و َ
ُّرر على قليب؟»الد ن على قليب .بل أغلى ِ
م
َ
الشاب الذي أُقيم ِمن املوت .وهناك أيضاً ُيتمع ُو َجهاء البلدة .أ ُّم
ّ استُقبل يسوع يف بيت
كالرذائل السبع الرئيسيّة ،تدعوهم ِخبَ َجل ،وهي
الفريسيّني :وقد كانوا سبعة َّ
دانيال ،إذ تَـَرى ال َكتَـبَة و ّ
تعتذر لعدم مت ّكنها ِمن توفري َمسكن يليق هبم أكثر.
«املعلّم موجود ،املعلّم موجود أيتها املرأة ،وهذا يضفي قيمة كبرية حّت على كهف ،ولكن ِ
بيتك ّ ّ ُ ّ
لك و ِ
لبيتك"». أفضل ِمن الكهف ،ونَدخله وحنن نقول" :السالم ِ
ُ
ابلفعل ،فإ ّن املرأة ،وهي ابلتأكيد ال تَ َنعم ابلغِىن ،قد َجثَت على األربعة لتبجيل يسوع .إ ّن
بكل ِ
ثروات انئني كلّها قد استُخدمت ابلتأكيد يف تزيني البيت والطاولة .وأصحاب البيت يُراقبون ّ
املؤدي إىل غرفتني هيَّأَت املرأة فيهما ِ
متر يف الدهليز ّ
كل النقاط املمكنة ،اجلماعة اليت ّ احرتام ،ومن ّ
الطاوالت .قد تكون النساء فَـ َعلن ذلك بقصد احملافظة على ال ُقربِ ،من أجل األواين والشراشف
واملقاعد فقط ،والعمل على الفرن :رؤية املعلّم عن قُرب والتن ّفس حيث يتن ّفس هو .واآلن يتواجدن
سعيدة ج ّداً كذلك هي اليت تُق ِّدم أواين التطهري للضيوف املتميّزين مع ربّة املنـزلّ .إّنا شابّة
الوردي ،عندما ُُتِرب ربّة البيت يسوع أب ّن
ّ وشعر كالليل ،وسحنة بلون الورد .ويزداد لوّنا ذات عينني َ
قدومك لالحتفال به ،لكي يتق ّدس البيت َ الشابّة هي عروس ابنها ،وأب ّن العرس وشيك« .لقد انتظران
بك .إّّنا اآلن فباركها هي أيضاً كي تكون زوجة صاحلة يف هذا البيت». كلّه َ
ينظُر إليها يسوع وتنحين العروس الشابة ،فيضع يديه على رأسها قائالً« :فلتُزهر ِ
فيك فضائل ّ َ
سارة ورفقة وراشيل ،وليولَد ِ
منك أبناء حقيقيّون هلل ،جملده ولفرح هذا البيت».
الر ُسل
الشاب ،بينما ُّ
ّ رب البيت
دخلون قاعة الوليمة مع ّ تطهر يسوع واألعيان ،فإ ّّنم يَ ُاآلن وقد َّ
دخلون القاعة املقابِلة .ويبدأ الطعام. ورجال آخرون ِ
أقل أِهيّة يَ ُ
ّ انئني ن م
ولك ّن ّفريسيّاً ينادي يسوع ليسأله إذا ما كان على ِعلم مبرض دانيال.
مربر لذلك».
لدي ّ
«مطلقاً! فلم يكن َّ
شرحت ،مع ذلك احلدث ،أشكاالً أُخرى ِمن السحر ،بُغية تلقني
َ «أقصد ...قد تكون
تالميذك»...
َ
قمة جبل حج .غرفة منفردة أو صحراء قاحلةّ ، «ماذا؟ لتلقني القداسة ،ال حاجة إىل رحالت ّ
ابلتقشف والقداسة ،وأن يتحلّى املتل ّقي
ّ أو بيت منعزل يكفي لذلك ،يكفي أن يتحلّى الذي يُعلِّم
إبرادة تقديس الذات .هذا ما أُعلِّمه ،وال شيء آخر».
«ولكن املعجزات اليت يصنعوّنا ُهم ،التالميذ ،ماذا تكون إن مل تكن عجائب و...؟»
«وإرادة هللا .ذاك فقط .وكلّما تقدَّموا يف القداسة ،كلَّما فَـ َعلوا ذلك أكثر .ابلصالة والتضحية
والطاعة هلل .وليس بشيء آخر».
أنت متأ ّكد؟» يَسأل أحد ال َكتَـبَة وهو ُميسك ذقنه بيده ويَنظُر إىل يسوع .وصوته فيه
«هل َ
حّت راثء.
خفي ،بل ّ ُّ
هتكم ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 675 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
تدىن أحدهم ،فيما بعد ،إىل املذهب .وعددهم كثري ،وإذا ما َّ
«أان أعطيتُهم هذه األسلحة وهذا َ
مين .ميكنينالتصرف بشكل غري الئق ،بسبب الكربايء أو لسبب آخر ،فال يكون قد تقبَّل النُّصح ّ ّ
خاص ِمن هللا ،أبنوار
أفرض على نفسي ك ّفارات قاسية لنيل عون ّ الصالة حملاولة افتداء اخلاطئ .قد ُ
حيب له كأخ ،وكمعلّم ،وكصديق كي يبتعد بكل ّ
حكمته ،كي يـََرى اخلطأ .قد أرمتي على قدميه أرجوهّ ،
يتحمل املرء اتضاعاً ِ
عن اخلطيئة .وال أظنّين أُقلّل من شأين بفعلي هذا ،ذلك أ ّن مثن نـَ ْفس جدير أبن ّ
كل
استمرت اخلطيئة رغم ّكهذا ،للحصول على تلك النَّـ ْفس .إّّنا ال ميكنين أن أفعل أكثر .وإذا ما ّ
أقد َم على خيانيت وعدم فهمي كمعلّم وصديق». عيين قليب ستفيضان دمعاً ودماً لوجود َمن َ
ذلك ،فإ ّن ّ
اي للنعومة واحلزن يف صوت وهيئة يسوع!
الفريسيّون وال َكتَـبَة النَّظَرات فيما بينهم .لُعبة نَظَرات ،ولكنّهم ال يضيفون شيئاً حول هذا
يتبادل ّ
وعما اختََربه يف عودته إىل
املوضوع .بل على العكس ،فإ ّّنم يَسألون الشاب دانيال عن ماهيّة املوتّ ،
شاه َده يف املسافة الفاصلة بني احلياة واملوت. وعما َ
احلياةّ ،
عانيت ِمن أمل النـزاع .آه! اي له ِمن
ُ كنت أُعاين ِمن مرض مميت ،وقد
« ُج ّل ما أعرفه هو أنّين ُ
أمر مريع! ال ّتعلوين أُف ِّكر فيه! ...ومع ذلك سوف أييت يوم ينبغي يل فيه أن أأتملّ األمل ذاته ِمن جديد!
آه! اي معلّم! »...ويَنظُر إليه مذعوراً ،وشاحباً لفكرة وجوب املوت ِمن جديد.
تتطهر متاماً
مرتني ،سوف َّ
مبوتك ّ
أنتَ ، يواسيه يسوع بلطف قائالً« :املوت حب ّد ذاته تَكفري .و َ
فلتجعلك هذه الفكرة تَعيش عيشة قداسة ،كي ال ترتكب
َ كل العيوب ،وستنعم مباشرة ابلسماء. ن ِ
م
ّ
وعَرضيّة».
سوى خطااي ال إراديّة َ
عودتك إىل احلياة؟»
َ اختربت لدى
َ الفريسيّني يعودون إىل اهلجوم« :إّّنا ماذا
لكن ّو ّ
استيقظت ِمن نوم طويل وثقيل».
ُ كنت
وجدت نفسي حيّاً وسليماً كما لو ُ
ُ «الشيء.
ت؟»
كنت قد ُم َّ
ك َ كنت تذ ُكر أنّ َ
«ولكن هل َ
«ال شيء .ال شيء .ثقب أسود ،فسحة خاوية يف حيايت ...ال شيء».
« َمن قال بعدم وجودها؟ ابلطبع هي موجودة .إّّنا أان ال أتذ ّكرها».
كنت مائتاً؟»
ك َ أنت ،فال تتذ ّكر أنّ َ
« ّأما َ
صربه ويُضيف« :ولكن ما الذي تريدون إثباته ِمن هذا احلديث لت لكم ال ».يَفقد الشاب َ «قُ ُ
كنت ميتاً ،مبا فيهم أ ُّمي ،مبا فيهم زوجيت اليت كانت تلزم
كل البلدة كانت تتظاهر أبنّين ُ الطويل؟ أ ّن ّ
القصة كلّها غري حقيقيّة؟ ما قولكم؟ ِ
السرير وتكاد متوت من احلزن ،مبا فيهم أان املقيَّد واحملنَّط ،بينما ّ
يودون املزاح؟ أ ُّمي غاب لوّنا لبضع ساعات .زوجيت أ ُك ّل أبناء انئني كانوا أوالداً أو بـُلَهاء ،وكانوا ُّ
احتاجت إىل عالج أل ّن احلزن والفرح كادا أن يُصيباها ابجلنون .وأنتم تَ ُش ّكون؟ وملاذا كان علينا أن
نفعل ذلك؟»
«ملاذا؟ ح ّقاً ،ملاذا كان علينا أن نفعل ذلك؟» يقول أهل انئني.
أنت هللا؟»
«هل َ
«أان هو الكائن .معجزايت ومذهيب تنبئ مبَن أكون».
تطهَرت بك ّفارة امليتة األوىل ،بينما َمن يتح ّدث على ِشفاه
«أل ّن هذه النَّفس تقول احلقيقة ،وقد َّ
مستحضري األرواح ال يقول احلقيقة».
لكن صموئيل»...
«و ّ
الس ِ
احرة ،ليقوم على الذي كان خائناً للشريعة لكن صموئيل جاء أبمر ِمن هللا ،وليس أبمر َّ «و ّ
الرب اليت ال ُيوز االستهزاء هبا يف وصاايه». ِ
املقررة من ّ
ّ
متكرب ،وقد ارتَـ َفع ِحب ّدة ،يرفع وترية النقاش،
يسي ِّ
تالميذك إذن؟» صوت ّفر ّ
َ فعل ذلك«وملاذا يَ َ
ممر بعرض مرت ،بدون أبواب وال الر ُسل الذين يف الغرفة املقابلة ،واليت يفصلها عن هذه ّ
ويلفت انتباه ُّ
أبّنم قد أصبَحوا موضع ّاهتام ،يَ َنهضون ويُقبِلون ،بدون َجلَبة ،إىل
ستائر ثقيلة تعزهلا .ولدى مساعهم ّ
نصتون.املمر حيث ي ِ
ُ ّ
تستحق املشاهدة وهي َجيلة وصاحلة .أمور تدعو إىل ّ «الحظتموهم ،نعم .وهناك أمور كثرية
تسبيح هللا ألنّه َوَهبَنا احلياة لنتم ّكن ِمن رؤيتها ،وألنّه َخلَ َق أو َمسَ َح بتلك األشياء .ومع ذلك فأنتم ال
تنظرون إليها ،ومعكم كثريون .ولكنّكم تضيعون وقتكم والسالم يف مالحقة ما هو غري صاحل.
شريرة، ِ
احلب وال اإلميان وال النـزاهة ،بل إّّنا بنيّة ّ
إّّنا أجيبوا ،أجيبوا ،اي َمن أتيتم ليس بدافع ّ
أهم ِمن الوصيّة؟ فعلىأبن التقليد ّأجيبوا :ملاذا تتع ّدون وصيّة هللا يف إحدى تقاليكم؟ هل َستُجيبوين َّ
ومن يَ َلعن أابه أو ّأمه يستوجب املوت"! َّإّنا أنتم ،فعلى أمكَ ،
أابك و َالرغم من أ ّن هللا قال" :أَك ِرم َ
علي أن أعطيه لك سوف أُق ِّدمه ك ُقرابن‘ فيصبح العكس من ذلك تقولون" :من قال ألبيه و ّأمه’ :ما َّ
غري ُم َلزم أبن يعطيه ألبيه و ّأمه" .فإذاً بتقليدكم قد ألغيتم وصية هللا.
لكن
كرمين بشفاهه ،و ّ
اي أيّها املراؤون! عنكم أنتم ابلذات قال اشعيا يف نبوءته" :هذا الشعب يُ ّ
قلبه بعيد عين ،ذلك أنّه عبثاً يكرمين وهو يعلِّم م ِ
ذاهب ووصااي بشريّة". ُ َ ََ ُ ّ ّ
فأنتم إذ تتع ّدون وصااي هللا ،تتقيّدون بتقاليد البشر ،بغسيل اجلِّرار والكؤوس واألطباق واأليدي
وخبل ابن ،أبن ُهتيّئوا له ذريعة تقدمة القرابن كيال يُق ِّدم رغيف ُخبز وما شابه ،بينما أنتم تُ ِّربرون اجلحود ُ
غسل يديه، ومن الواجب إكرامه ألنّه أب .تستنكرون ِمن امرئ أنّه مل ي ِ لِمن أجنبه ،وهو ُُمتاج للعونِ ،
َ َ ََ
زورون وتَنقضون كلمة هللا لتطيعوا كالماً أنتم صانعِوه ورافِعوه إىل درجة األحكام .وبذلك تُعلِنون وأنتم تُ ِّ
املشرع الوحيد يف هو هللا بينما عني، ِ
شر م ك
َ احلق ألنفسكم عون َّ
د ت
َو هللا، نمذواتكم أكثر استقامة وبراً ِ
ّ ُ ّ ّ ّ
ومن ل سالر
ُّ عني االهتامات ،دافِ ّ ن شعبه .أنتم »...ويتابع ،ولكن اجملموعة املعادية َخيرجون حتت وابل ِ
م
ُ َ ُ ّ
املمر ،وقد شدَّهم يف ا
و ع م
َّ ّت
َ قد ا
و كان الذينو البيت، ة ب
ر ل دين كانوا يف البيت ،ضيوفاً كانوا أو ِ
مساع
ّ ّ
انفجار صوت يسوع.
املمر .ولكنّه يرى النساء يف ويبتعد وصاحبته، البيت صاحب خاص بشكل ح ينهض ،يصافِ
ّ ّ ُ ََ
هلن« :السالمإليهن قائالً ّ
فيتوجه مباشرة ّ ّتمعن يف ركن ،يَنظُر َن إليه ُمغتَبِطاتّ ،الصديقات ،اللوايت إذ ّ
أحتسر على املائدة الوالديّة .لقد حبب َج َعلَين ال ّ
لكن أيضاً .فلتكافئكم السماء الستقبالكم ّإايي ّ ّ
كل َمرق أو ِشواء ،يف لذة العسل ويف اخلمر املنعش كل كسرة خبز ،يف ّ
شعرت حببكن الوالدي يف ِ
ّ ّ ّ ُ
تتحملن عناء كثرياً من ِ
مرة أخرى ،ال ّ واملعطّر .أحببنَين هكذا على الدوام اي نساء انئني الطيّبات .ويف ّ
تكن النـزيهة والصاحلة.
اببتسامتكن الوالديّة ،ونظر ّ
ّ أجلي .يكفيين رغيف وقبضة زيتون ُمبَـ َّهرة ،مصحوبة
كن».
ف عنه حبّ ّ بصنيعكن وهو ميضي ،وقد َخ َّف َ
ّ بيوتكن ،فاملضطَ َهد يَ َِ
عرتف ّ ُك َّن سعيدات يف
النساء سعيدات ،ومع ذلك تنهمر دموعهنَ ،جيعهن جاثيات ،وهو ،لدى مرورهُ ،ميِّرر يده
على شعرهن األبيض أو األسود ،واحدة فواحدة كما ليباركهنُ .ثّ َخي ُرج لِيُعاود السري…
1945 / 10 / 13
ال يعود يسوع ّإال إىل أندور .يتوقّف عند ّأول بيت يف البلدة ،وهو أقرب إىل احلَظرية منه إىل
اجلاف ،وميكنه أن أيوي
البيت .وهذا ابلضبط ألنّه هكذا ابصطبالته املنخفضة ،املغلقة ،املليئة ابل َك َأل ّ
املسافِ ِرين الثالثة عشر .صاحب البيت رجل خشن ،ولكنّه طيّب ،يُس ِرع يف َجلب مصباح ودلو حليب
ابرَكه يسوع الذي يَب َقى منفرداً ابالثين عشر. ِ
ُمزبد ،إضافة إىل أرغفة خبز أسودُ .ثّ ينسحب وقد َ
شرب منه يُ ِّ
كل رغي َفه يف الدلو ،ويَ َ
وزع يسوع اخلبز ،ولعدم توفر ال َقصعات أو الكؤوس ،يَغمس ّ
لريوي غليله .يُ َسُّر يسوع بشرب القليل ِمن احلليب .إنّه جاد وصامت ...لدرجة إ ّّنم ،حاملا ينتهي
الحظون صمته.الرسل الذين أيكلون بشهية ،ي ِ
ُ العشاء ،ويَشبَع ُّ ُ
بك اي معلّم؟ تبدو يل حزيناً أو ُم َتعباً»...
اندراوس هو ّأول َمن يَسأله« :ما َ
«ال أ ِ
ُنكر أنّين كذلك».
إليك
أنت حزين؟ قُل يل ،أيّها املعلّم الصاحل .أَم إ ّّنم محلوا َ ِ
«ولكن أَمن أجل هذا فقط َ
لك الدَّسائِس ،والشُّبهات ،ما أدراين؟ حولنا حنن الذين حنبّ َ
ك؟» يَسأل األكاذيب ،حاكوا َ
وَم ِامالً ،وقد َمَّرَر ذراعه حول يسوع اجلالس على ال َك َأل جبانبه. االسخريوطي م ِ
داعباً ُ ُّ
فوسفوري يف نور املصباح املرتاقص ،وقد ُو ِضع وميض قَلَ
أ عينيه ويف يهوذا، إىل يسوع ت فيلت ِ
ّ ََ
الر ُسل اجلالسني على ال َك َأل ،على شكل دائرةُُ .ي ّدق يسوع جيّداً يف يهوذا املصباح يف وسط ُّ
أي ِ
ميكنك اعتباري أبلهاً لدرجة تَـ َقبُّل الدَّسائس من ّ
َ يوطي ،وفيما هو يَنظُر إليه يَسأله« :وهلاالسخر ّ
وحّت أن أضطَ ِرب بسببها؟ ّإّنا احلقائق اي يهوذا ،هي اليت ّتعلين أضطَ ِرب ».وال يتوقّف نظره كانّ ،
عن الغوص يف َح َدقَة يهوذا البُـنّية بشكل مباشر كال ِـمسبار.
«تلك اليت أراها يف أعماق القلوب ،وأقرأها على جبهات أولئك املخلوعني عن عروشهم».
ويؤّكد يسوع كثرياً على هذه الكلمة.
ويتم البدء بِنَـزع التاج الذي عليه، ابلبقاء جدير غري ح« ُخيلَع الـملِك عن العرش عندما يُصبِ
ّ َ
كأّنا املكان األكثر نُبالً يف اإلنسان ،احليوان الوحيد الذي ترتفع جبهته صوب السماء، على جبهته ،و ّ
ماد ّايً حيوان ،ولكنّه كائن فائق الطبيعة ،ألنّه ميتلك نـَ ْفساً .إّّنا ال حاجة ألن يكون َملِكاً على
ألنّه ّ
فكل إنسان هو َملِك ابلنَّـ ْفس ،وعرشه يف السماء .ولكن أرضي ،كي يكون ُملوعاً عن العرشّ . عرش ّ
عندما َميتَ ِهن اإلنسان نفسه ،ويُصبِح َش ِرساًكالوحش ،ويُصبِح شيطاانً ،حينئذ يَس ُقط عن عرشه .العامل
رت لقول بعض األشياء. ُُييب يسوع« :ح ّقاً .وليست غلطيت ،بل غلطتهم هي إذا ما اضطُِر ُ
فكل نبتة مل يَ َزرعها أيب تُقلَع .والنبتة اليت مل يزرعها ِ ِ
وهي أيضاً من قبيل احملبّة من جهيت ،أن أقوهلا هلمّ .
هو ،هي خلنج نبااتت طفيليّة عدمية الفائدة ،خانقة ،شائكةَُ ،تنُق بذور احلقيقة املق ّدسة .فَ ِمن قبيل
شوهها ،وّتعلها جامد ًة ومستحيلةً احملبّة استئصال التقاليد واألحكام اليت َُتنق الوصااي العشر ،وتُ ِّ
يتم ذلك هو ُمبّة ّتاه النُّفوس النـزيهةّ .أما هؤالء املتغطرسون ،العنيدون رعايتُها واحلفا ُظ عليها .أن ّ
كل نصيحة ُمبّة ،فَ َدعوهم وشأ ّّنم ،ولِيَتبعهم أولئك الذين يُشاهبوّنم أي أتثري وعلى ّواملنغلقون على ّ
بروحهم وميوهلمّ .إّنم عميان يقودون عمياانً .وإذا كان أعمى يقود أعمى ،فال ميكنهما ّإال أن يـَ َق َعا،
نجسهم ِ
سموّنا "الطهارة" .فال ميكنها أن تُ ّ كالِها ،يف احلفرة .دعوهم يتغ ّذون على جناساهتم اليت يُ ّ
الرحم الذي تَـ َولَّ َدت منه».
أكثر ،إذ ال ميكنها ّإال أن تنسجم مع َّ
«إ ّن ما تقوله اآلن ينسجم مع ما قُلتَه يف بيت دانيال ،أليس كذلك؟ أي ليس ما يدخل إىل
ينجسه ،بل إّّنا الذي َخي ُرج منه ».يَسأل مسعان الغيور وهو مستغرق يف أفكاره.
جوف اإلنسان ّ
«نعم ».يقول يسوع ابختصار.
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 684 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
صر َامة يسوع ُّت ِّمد ال ِطّباع األكثر إفراطاً ابحليويّة ،فإ ّن بطرس يَسأل بعد حلظة صمت: مبا أ ّن َ
دخل
لست وحدي ،مل أفهم ال َـمثَل جيّداً .فاشرحه لنا قليالً .إذ كيف ميكن للذي يَ ُ «اي معلّم ،أان ،و ُ
ّأال ينجس ،وللّذي َخيرج أن ينجس؟ فأان لو أخذت جَّرة نقية وأفرغت فيها ماء َِجنساً أ ِ
ُجنّسها .وابلنتيجة ً ُ ُ َ ّ ّ ُ ّ
بت املاء على األرض ِمن َجَّرة مليئة ماء نقيّاً ،فال فإ ّن ما َد َخ َل إىل جوفها قد َجنَّ َسها .ولكن لو َس َك َ
نقي .وإذن؟» ماء هو ة
اجلر
َّ ن ُجنس اجلرة ،أل ّن ما َخيرج ِ
م أِ
ّ ُ ّ ّ
ُُييب يسوع« :لسنا َجَّرة ،اي مسعان .لسنا َجَّرة ،اي أصدقائي .وليس ُك ّل ما يف اإلنسان طاهراً!
الفريسيّون يتّهمونكم مبوجبها. ِ ِ
ولكن أما زلتم إىل اآلن تَفتَقرون إىل الذكاء؟ فَ ّكروا يف احلالة اليت كان ّ
غربة ،وقد سال منها العرق ،ابلنتيجة ٍ ِ ِ
نجسون ذواتكم ألنّكم َحتملون طعاماً إىل أفواهكم أبيد ُم ّ فأنتم تُ ّ
هي َِجنسة .ولكن إىل أين كان هذا الطعام ميضي؟ ِمن الفم إىل املعدة ،ومنها إىل األحشاء ،ومنها إىل
بكل ما ُيتويه ،إذا كان مير فقط يف
اجملارير .ولكن هل ميكن هلذا أن يَن ُقل النَّجاسة إىل اجلسد كلّهّ ،
قرر لذلك ،يف اجملارير؟
القناة ال ُـم َعدَّة ألداء وظيفة تغذية اجلسد وحسب ،واالنتهاء ،حسبما هو ُم َّ
نجس اإلنسان! ِ
فليس هذا ما يُ ّ
ِ -168
(من أندور إىل َمدال)
1945 / 10 / 14
َمل يـَعُد بطرس قادراً على املقاومة ،فيقرتب ِمن يسوع« :اي معلّم ،هل ميكنين السري م َ
عك؟»
يَسأل وهو مقهور قليالً.
إيل ،فإنّين سوف أعمل ك طيّب للغاية ،اي معلّمّ .أما ابلنسبة ّ بكل بساطة« :إنّ َ
يقول توما ّ
فرح والدي العجوزمير بسرعة ...وسيَ َلكن ذلك سوف ّ كك ...و ّ بشكل أفضل .ال يروق يل أن أتر َ
برؤييت أثناء العيد ...وكذلك أخوايت ...وأُخيت التوأم! ...قد تكون ُرِزقَت ،أو على وشك أن تُ َرزق
فأي اسم سأُطلِق عليه؟» ِ ِ
األول ...إذا كان صبياًّ ،وإذا ُول َد وأان هناّ ،
ب َولَد ...ابن أخيت ّ
«يوسف».
نزعت عبء هذا الكيسيهم .ال حاجة إىل املال يف بيت مرمي ،وإذن ...إنّين سعيد ألنَّين ُ
«ال ّ
ك بُذور َورد .سأجعل أ ُّمي تعطيين ّإايها .أريد جلب عن ِ
ألم َ
ّ أجلب سوف عوديت، لدى و لي... كاه
متحمس.
هديّة كذلك ملرغزايم »...إنّه ّ
يَنظُر إليه يسوع.
دخلون َجيعاًَ .هتَرع النساء ملالقاة املعلّم ّإّنم اآلن يف بيت مرمي اجملدليّة .يُ ِّ
عرفون عن أنفسهم ويَ ُ
بيتهن…
القادم للمبيت يف ّ
الر ُسل ،يَن ُقل يسوع إىل النساء التلميذات اجلالسات على شكل
بعد العشاء ،وبعد انصراف ُّ
حتتج واحدة
وسطهن ،رغبته يف أن ينصرفن يف أقرب وقت .مل ّ ّ دائرة يف إحدى القاعات ،وهو يف
كن
حقائبهن .ول ّ
ّ افقتهنُ ،ثّ خيرجن لتحضري
الر ُسلَُ .ينني رؤوسهن للتعبري عن مو ّ منهن ،على عكس ُّ ّ
العتَـبَة.
يسوع ينادي مرمي اجملدليّة اليت ما تزال عند َ
سراً"؟» ِ
إليك ّ
"علي التح ّدث َ
ّ وصويل: لدى يل، ِهست «حسناً ،اي مرمي ،ملاذا
َُت ُرج مرمي اجملدليّة ،لتعود اثنية ،ومعها كيس نقود ثقيل تعطيه ليسوع قائلة« :ها هو .لقد ُدفِع
مثنها بشكل جيّد».
مين؟»... ِ
مين هذه اخلدمة .هل من شيء آخر تطلبه ّ
طلبت ّ
ك َ لك ،اي سيّدي ،ألنّ َ
«الشكر َ
«ال ،اي مرمي .و ِ
أنت هل ِ
لديك شيء آخر تقولينه يل؟»
رب .ولكن»...
«نعم ،اي ّ
َكملي اي مرمي .ال ُتايف ِمن اإلفصاح يل عما َُيول يف فِ ِ
كرك». «أ ِ
ّ
يوطي بسمعان الغيور ،وهو صديق عظيم
استبدلت يهوذا االسخر ّ
َ «ولكنّين أعود برضى أكرب لو
لعائلتنا».
مهمة».
«إنّين أحتاجه يف رسالة ّ
رب،
«فليكن أحد إخوتك إذن ،أو يوحنّا صاحب قلب احلمامةّ .أايًكان منهم ،ما عداه ...اي ّ
صرامةَ ...من ذاق الفجور ُيس ابقرتابه ...أان ال أخشاه .وإبمكاين أن أكون مع َمن إيل بِ َ
ال تَنظُر َّ
يف ،وهذا هو الشيطان الذي األان هي فهذه املغفرة، أانل أال
ّ هو أخشاه ما ل ج يهوذا. ن هو أكثر ِ
م
ّ ُّ
تشمئز
ّ ُيوم حويل ،وهذا هو العامل ...ولكن إذا كانت مرمي تيوفيلس ال ُتشى أحداً ،فإ ّن مرمي يسوع
أمشئز ِمن الرجل الذي يستسلم للشهوات»...رب ...إنّين ّ من الرذيلة اليت كانت قد أذلَّتها ،والـ ...اي ّ
ِ
1945 / 10 / 15
وعاصفة .فيما عدا األوراق املتساقطة عنأمسية من كانون األول (ديسمرب) مظلمة ،ابردة ِ
ّ
حتف يف هزيز الريح ،ال صوت يف شوارع الناصرة ،املظلمة كشوارع مدينة ميّتة .البيوت
األشجار ،واليت ّ
مغلقة ،ال نور فيها وال صوت .أمسية ذائب حقيقيّة.
يتوجه َمحَل هللاَ ،ع ْ َرب طرقات الناصرة ،مباشرة إىل بيته .ويبدو ،بثوبه القامت ،وكأنّه
ويف املقابلّ ،
يَتيه يف ظلمات ليل بال جنوم .ابلكاد ميكن اإلحساس خبطواته ،عندما يطأ كومة من األوراق اجلافّة،
اجلو بفعل اهلواء ،وهي جاهزة لالنتقال ِمن جديد إىل مكان حطّت على األرض بعد أن دارت يف ّ
آخر.
مرتدداً ما بني الدخول إىل احلديقة ،والطرق علىلكالواب .يبقى برهة ّ صل أمام بيت مرمي اليتيِ
ّ َ
ابب املطبخ ،أَم متابعة السري ...إّّنا بعدئذ ،يُتابِع طريقه دون توقّف .ها هو اآلن يف احلارة اليت فيها
نصت ابنتباه.بيته .يرى اآلن االهتزاز اهلائج لشجر الزيتون على الـمنح َدر الذي يستَنِد عليه البيت .ي ِ
ُ َ ُ َ ُ
إنّه لَِفي غاية السهولة مساع ما ُيري يف هذا البيت الصغري! يكفي أن تُسنَد األذن على إطار الباب،
نصت والذي يتح ّدث... كيال يبقى سوى بضعة سنتيمرتات ِمن خشب الباب تفصل بني الذي ي ِ
ُ
أي صوت. سمع ُّ
ومع ذلك ال يُ َ
يهم
حّت أقرع ».ولكن ،يف اللحظة اليت ّ يتنهد« .سوف أنتظر الفجر ّ متأخرّ ».
«إ ّن الوقت ّ
ضتّ .إّنا تَنسج .ابلتأكيد
سمع صوت إيقاع نول النسيج .يبتسم ويقول« :لقد َّنَ َ فيها ابالبتعاد ،يُ َ
ّإّنا هي ...إنّه إيقاع أ ُّمي».
«أان اي أ ُّمي!»
إيل،
ك شاب ،وابلنسبة ّ
إليك ،اي قليب ،ما يزال بعيداً ...إنّ َ
السن ابلنسبة َ
«نعم .ولكن كمال ّ
هاك ،فاحلليب ساخن .هل تريد ُشربه هنا أو هناك؟» ك ما تزال صغرييَ .
فإنّ َ
«هناك اي أ ُّمي .إنّين أشعر ابحلر اآلن .سأشرب بينما تُغطّني النول».
وُيلس يسوع على املقعد قرب الطاولة ،ويَشرب احلليب .تنظر إليه
يَعودان إىل الغرفة الصغريةَ ،
مرمي وتبتسم .تبتسم عندما أتخذ حقيبته وتضعها على منضدة .تبتسم إىل درجة أ ّن يسوع يَسأل:
«مباذا تف ّكرين؟»
لت ابلضبط يف ذكرى رحيلنا إىل بيت حلم ...حينذاك كذلك كانت هناك ص َ
ك َو َ «أُف ّكر يف أنّ َ
حقائب وصناديق مفتوحة ومليئة -على األخص -ابلثياب واألقمطة الصغريةِ ...من أجل َوليد "قد"
كنت أقول بيين كنت أقول ليوسف؛ والذي "يتحتّم" أن يُولَد يف بيت حلم اليهوديّة ،كما ُ يُولَد ،كما ُ
كنت قد خبّأ ُهتا يف األسفل ،أل ّن يوسف كان خيشى ِمن ذلك ...مل يكن يَعلَم بعد وبني نفسي ...و ُ
أ ّن والدة ابن هللا مل تكن خاضعة ،سواء ابلنسبة للمولود نفسه أو أل ُّمه ،للهموم االعتياديّة للحمل
كنت واثقةوالوالدة .مل يكن يَعلَم ...وكان خياف أن أكون معه بعيدة عن الناصرة يف تلك احلال .أان ُ
أنت َج ِذالً (مبتهجاً) ج ّداً ،يف أحشائيِ ،من ش ّدة ال َفَرح
كنت َكنت سأصبح أ ُّماً هناك ...و َ
ِ
من أنّين ُ
حتملك ،اي حللول موعد والدتك ،وابلنتيجة موعد والدة ِ
الفداء .كان املالئكة َُيومون حول املرأة اليت
َ َ
إهلي ...مل يعد آنذاك رئيس املالئكة األعظم ،مل يعد املالك الفائق العذوبة هو الذي ُيرسين ،كما كان
األمر يف األشهر السابقة .فآنذاك كانت جوقات وجوقات ِمن املالئكة الذين كانوا َميضون من مساء
كنت أمسعهم يُرتِّلون ويتبادلون كلمات ِمن نور... كنت فيهاُ ...اإلله إىل مسائي الصغرية :األحشاء اليت َ
كنت أمسعهم أثناء تسلّلهم ِمن الفردوس ،بِِفعل املتجسدُ ...
ّ أنت ،اإلله
رؤيتكَ ،
َ متلهفة إىل
كلمات ّ
كنت أعمل»...
« ُ
كنت تتعبني ِمن أجلي .دعيين أرى»...
ك ِ «أعرف ذلك ،ولكن ما كان هذا العمل؟ أُر ِاهن أنّ ِ
تُصبِح مرمي أكثر امحراراً ِمن قطعة القماش اليت على النول ،واليت يَنظُر إليها يسوع الذي َّنَض.
ِ
أعطاك هذا؟» «أُرجوان؟ َمن
ص َل عليها ِمن صيّادين ِمن صيدون ،على ما أظن .يُريدين أن أصنع يوطيَ .ح َ
«يهوذا االسخر ّ
ك ال حتتاج إىل أرجوان لِتَكون َملِكاً».
لك ،ولكنّ َ
لك ثوابً ملوكيّاً ...الثوب ،أصنعهُ َ
َ
«يهوذا أكثر عناداً ِمن بغل َح ُرون ».كان هذا هو التعليق الوحيد حول األرجوانُ ،ثّ يلتَ ِفت
ِ
أعطاك؟» صنع ثوب مبا ِ
صوب أ ُّمه« :وهل ميكنك ُ
بين! هذا يكفي ألهداب الثوب واملعطف .ليس أكثر».
«آه! اي ّ
«لقد تث ّقفوا».
أنت ثقّ ِفتهم .ما ر ِ
أيك فيهم؟» «أو ابألحرىِ :
« ِمن املؤسف إبعادهاّ ،إّنا تساوي مائة تلميذ يف قداستها وأهليّتها إلدراك الفائق الطبيعة».
عين .وكذلك هي ال وجود هلا ح ّّت أنت بعيد ّبين .ال وجود للشمس و َ
أنت أَعلَم اي ّ
«أانَ ...
األقل سيكون السكون وهدوء البالِ ...ع َوضاً عن»...
ك ،إّّنا على ّ ولو كان العامل ُيبّ َ
«عن الدموعِ .مسكينة ِ
أنت اي أُمي! ...أمل تُطرح ِ
عليك األسئلة حول يوحنّا وسينتيكا؟» َ ّ
صمت .حلفا بن سارة رأى يوحنّا سابقاً ،وهو
فعل؟ مرمي اليت حللفا تَعلَم وتَ ُ
ومن تُريده أن يَ َ «َ
ليس فضوليّاً .إنّه يدعوه "التلميذ"».
«واآلخرون؟»
«ال أيتيين أحد سوى مرمي اليت حللفا .وبعض النساء ِمن أجل َع َمل أو نصيحةّ .أما رجال
الناصرة فلم يعد منهم َمن ُيتاز َعتَـبَة بييت».
الصيب يُعاين منها قليالً ،رغم أ ّن مرمي تصطحبه معها عندما متضي إىل السوق .إّّنا اآلن
«نعم .و ّ
فأنت هنا!»
لن نكون حزاىن ،اي يسوعيَ ،
كنت صغرياً».
«أان ،هنا ...هيّا بنا إىل النوم اآلن .ابركيين اي أ ُّمي ،كما حينما ُ
1945 / 10 / 16
عليك أن تعرف كيف تُطيع .البقاء يف السرير طاملا املرء انئم ليس طاعة
«حينذاك ابلضبط كان َ
عليك أن تَع ِرف كيف تفعل ذلك عندما يكون له استحقاق ،أل ّن ذلك كان وال استحقاق له .كان َ
يصيبك
َ لك ب ُكلّيّته ،ودون خوف ِمن أن لك يسوع .وكان سيُصبِح َكنت سأجلب َ
يتطلّب إرادةُ .
أذى».
يف تلك األثناء يتح ّدث يسوع إىل التلميذين .يَستَعلِم عن مدى تق ّدمهما يف احلكمة ،وإذ
كل شيء ينجلي هلما بكالم مرمي ،يقول« :أَعلَم .احلكمة املشرقة بشكل فائق الطبيعة ِمنيقوالن إ ّن ّ
حّت ِمن قِبَل أصحاب أقسى القلوب .ولكنّكما لستما هللا ،عندما تَنطق هي هبا ،تُصبِح نوراً مفهوماً ّ
قاسيَي القلب ،وهلذا السبب ،تستفيدان ِمن تعليمها ابلكامل».
دخلَ ،جاعةً ،مرمي اليت حللفا ويعقوب ويوضاس ،واألخريان َُي ِمالن ِجرار املاء قرع الباب ويَ ُ
يُ َ
ابين حلفا َجليّة، ةمود
ّ .ا
ً يب
ر ق ل واحلليب .فَرحة اللقاء متبادلة .وتزداد لدى معرفة أ ّن الغيور سوف ي ِ
ص
ّ َ َ
الحظَت تلك الفرحة« :أ ُّماه ،يف هذا حّت بدون اجلُّملة اليت أجاب هبا يوضاس على تعليق أ ُّمه اليت َّ
وح ِفظَها لنا .ال ميكننا نسياّنا. مودة أبَ ،
البيت ابلذات ،ويف ليلة حزينة ج ّداً ابلنسبة إليناَ ،منَ َحنا ّ
فرحون بِلِقاء أب صاحل؟» أي أبناء ال يَ َ
فبالنسبة إلينا هو "األب" .وحنن له "أبناء" .و ّ
حّت يف أحزاّنا ،تسأل« :وأين سينام؟ ليس ِ
وتتنهدُ ...ثّ ،وهي العمليّة ّ
تُف ّكر مرمي اليت حللفا ّ
لديكم مكان .أ ِ
َرسلوه إىل بييت».
«ال ،اي مرمي ،بل سيبقى حتت سقفي .وسوف نتدبّر األمر بسرعة .سينتيكا تنام مع ّأمي ،أان
وحّت ُيدر بنا هتيئة األمر يف احلال .هيّا بنا».
مع مرغزايم ،مسعان يف املشغلّ .
1945 / 10 / 17
دخالن يف مركز الناصرة ،بل ،على العكس، َخيرج يسوع ِمن البيت ُمم ِ
الصيب بيده .ال يَ ُ
ّ ا
ً ك س ُ
مرة ،مغادراً بيته إىل حياته العلنيّة،
ألول ّ
فإّنما يَسلُكان الطريق ذاهتا اليت َسلَ َكها يسوع عندما َخَر َج ّ
ّ
صالن إىل طالئع بساتني الزيتون ،يرتكان الطريق الرئيسية لِيسلُكا دروابً بني األشجارِ ،
ابحثَني وإذ ي ِ
ّ َ َ
لكن مرغزايم
الصيب إىل الركض والقفز .و ّ عن الشمس اخلفيفة اليت َع َقبَت ّأايم العاصفة .يسوع يدعو ّ
جانبك .فأان اآلن كبري ،وأان تلميذ».
َ ُُييب« :أ ِّ
ُفضل البقاء إىل
ابلسن واألهليّة .حقاً إنّه ابلغ صغري يسري إىل جانبه .ال
ّ اجلادة
يبتسم يسوع هلذه ...اجملاهرة ّ
خاصة
أحد ُخي ّمن أ ّن عمره يَزيد عن العشر سنوات ،ولكن ال ميكن ألحد القول إنّه ليس تلميذاًّ ،
ك معي أتيت ب َ
ببقائك صامتاً بينما أان أُصلّي .لقد ُ
َ يصيبك امللل
َ يسوع الذي يكتفي ابلقول« :سوف
لتتسلّى».
يتفهم ذلك األمل ،وتلك احلاجة إىل الكالم ،ويَ َدعهُ يتكلّم .فيسوع ليس ِمن أولئك
لكن يسوع ّ
و ّ
حقيقي.
ّ الذين يقولون" :اصمت فإنّك تثري سخطي ".للذين يهذون بسبب أمل
رب .ولكن كيف العمل ألكون صاحلاً؟ ج ّدي كان كذلك ،ولكنّه كان يقول" :قريباً «نعم ،اي ّ
علي االنتظار للتم ّكن من العمل
كل شيء .إنّين عجوز "...إّّنا أان ،فلم أكن عجوزاً! كم َسنة ّ
سينتهي ّ
أنت».
كنت سأصبح سارقاً ،لو مل أتت َ
متشرد؟ ُ واألكل كإنسان ،وليس ككلب ّ
ك؟ وهذا
أتيت وأخذتُ َ ك كانت تُصلّي ِمن َ
أجلك .أترى أنّين ُ «مل تكن لتصبح كذلك ،أل ّن ّأم َ
عليك».
سهر َ ك تَ َ
ك ،وكانت ّأم َ يربهن على أ ّن هللا كان ُيبّ َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 707 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
صيب ويُف ّكر .يبدو وكأنّه يَطلُب نوراً ِمن األرض اليت يدوسها ،لكثرة ما كان يَنظُر
يَصمت ال ّ
أصهب قليالً ،بسبب الريح الشماليّة اليتإليها وهو يسري إىل جانب يسوع على العشب الذي أصبَ َح َ
األايم السابقةُ .ثّ يرفع رأسه سائالً« :ولكن أمل يكن الربهان أَجل لو مل يَ َدع أ ُّمي متوت؟»
َهبَّت يف ّ
شرح ِجب ّديّة وطيبة« :اي مرغزايم،
البشري لذلك العقل الصغري .ولكنّه يَ َ
ّ يبتسم يسوع للمنطق
حتب العصافري ،أليس كذلك؟ اآلن امسعين ك ّ قلت يل إنّ َ
أجعلك تُدرك األمور بواسطة مقارنةَ .
َ سوف
وضع يف قفص؟» ِ ِ ِ
قليالً .هل ُجعلَت العصافري لتَطري أم لتُ َ
«لتطري».
«حببوب ،بذابب ،بيسروع ،بكسر خبز أو نـُتَف ِمن فاكهة َِّتدها هنا وهناك أثناء طرياّنا».
وجدت يف هذا الربّيع عشاً على األرض فيه فراخ وأ ُّمها ،فماذا
َ «حسناً ج ّداً .امسع اآلن .لو
تفعل؟»
آخذها».
« ُ
«َجيعها؟ مبا فيها األ ُّم؟»
كرسة
األم ُحّرة ،فهي ُم َّ
«يف احلقيقة ،قيل يف تثنية االشرتاع أن يؤخذ الصغار فقط وتُرتك ّ
للتكاثُر».
دك ،والذي
مت كحكيم .ستكون معلّماً عظيماً لسيّ َ
فوك ،اي مرغزايم! ح ّقاً لقد تكلّ َ
ض َ «ال فُ َّ
ك تتكلّم حبكمة!»يسمعك سيؤمن مبا تقول ألنّ َ
َ سوف
متجهماً بسبب
«ح ّقاً اي يسوع؟» والوجه الصغري الذي كان يف البدء مضطرابً وحزيناًُ ،ثّ أصبَ َح ّ
للحكم فيما كان األفضل ،تنفرج أساريره ،ويُش ِرق يف هبجة
التفكري ،غامضاً بسبب اجملهود املبذول ُ
ذلك املديح.
ك َولَد شاطرَ ،حت ُكم هكذا .فَ ِّكر كيف سيحكم هللا،
أنت ،فقط ألنّ َ
«ح ّقاً .اآلن انظر قليالً! َ
احلقيقي .النُّفوس هي كالعصافري اليت َأيسرها
ّ خيص النُّفوس وخريها
كل شيء ،يف ما ّ وهو الكمال يف ّ
احلريّة يف السماء؛
اجلسد يف قفصه .األرض هي املكان الذي أتت إليه يف القفص .ولكنّها تتوق إىل ّ
بشري، ِ
ب ّ التأمل يف هللا .ما من ُح ّ
صنَـ َعته هي ،والذي هو ّ إىل الشمس اليت هي هللا؛ إىل الغذاء الذي َ
ابلقوة اليت ّتعله قادراً على
ألمهم ،ميكنه أن يكون ّ ب األوالد ّ األم املق ّدس ألوالدها ،أو ُح ّ
ب ّ حّت ُح ّ
ّ
وتالميذك .أليس
َ أصدقائك
َ ميكنك ذلك ِمن أجل
َ وإخوتك ،ال .إّّنا
َ ك « ِمن أجل َ
أبيك و ّأم َ
كل ذلك؟»
َجيالً ّ
«نعم اي سيّدي».
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 710 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
«إذن ،هيّا بنا نعود إىل البيت ،مستعيدين الصفاء».
1945 / 10 / 18
األول (ديسمرب) يَهبط الظالم بسرعة ،وتُضاء القناديل ابكراً ،وّتتمع العائلة يف غرفةيف كانون ّ
واحدة .كذلك هو األمر يف بيت الناصرة الصغري ،وبينما املرأاتن تعمالن ،الواحدة تَنسج على النول
األندوري ،ويتح ّدث معه هبدوء ،بينما يُنهي
ّ واألخرى يف اخلياطةَُ ،يلِس يسوع إىل الطاولة مع يوحنّا
موضوعني على األرض.
َ صقل صندوقَني مرغزايم َ
لم َسه،
ض واحنىن على اخلشب وتَ َّ يست ِ
حّت إ ّن يسوع ،بعد أن َّنَ َ
كل قوتهّ ، الصيب يف ذلك ّ
ّ م خد َ َ
كل األدوات ِ
لمعه غداً .اآلن َرتّب ّ
صقله جيّداً ،وميكننا أن نُ ّ يقول له« :هذا يكفي اآلن .لقد أصبَ َح َ
الصقل :مسواط قاس وقد ثـُبِّت عليه جلد كي نعمل غداً أيضاً ».وبينما َخي ُرج مرغزايم ومعه أدوات َّ
َمسَك خشن ،يقوم مقام ورق الزجاج يف ّأايمنا ،وأدوات تُشبِه السكاكني ،إّّنا ابلتأكيد ليست ِمن
خدم يف العمل ذاته؛ َُي ِمل يسوع بني ذراعيه القويّتني أحد الصندوقني الفوالذ ،واليت هي أيضاً تُستَ َ
مارسوا العمل ابلتأكيد ،نظراً لوجود نشارة وشظااي خشبيّة قرب إحدى وأيخذه إىل ال َـمشغَل ،حيث َُ
الطاوالت املوضوعة يف منتصف الغرفة .يُعيد مرغزايم األدوات إىل أمكنتها على احلو ِامل ،وهو اآلن
األندوري فَضَّل أن يفعل ذلك لم النّشارة ،ولكن يوحنّا ِ
ّ يُلملم الشظااي لريميها يف النار ،وأراد أن يَ ّ
بنفسه.
ويهم
األولّ . ضعه جبانب ّ كل شيء كان يف مكانه ،حينما عاد يسوع ابلصندوق الثاين الذي يَ َ ّ
األجش ير ّن يف حتيّة
ّ سمع طَرق على ابب البيت ،يليه مباشرة صوت الغيور الثالثة ابخلروج ،حني يُ َ
ِ
طيبتك اليت تسمح يل ابإلقامة حتت باركة هي ِ
وم َريبُ ،
موجهة إىل مرمي« :السالم لك ،اي أُم ّ
عميقة َّ
ِ
سقفك».
كل ِ
كل شيء على ما يرام ،ممتاز .سنبدأ العمل حاالً ،وسننتهي قريباً من خياطة ّ
تقول مرميّ « :
شيء».
أنت ،حيث كان امسك أيوبُ ،ثّ أَصبَ َح مرغزايم». «هذا ِسّر حاليّاً ،إذ هلا امسانَ ،
مثلك َ
«أال ميكنين معرفتهما؟»
يديك؟»
لت إىل درجة إحداث دمامل يف َ ِ
«وإذن ،ملاذا َعم َ
الصيب أ ّن البطالة مؤملة هي على «لقد َح َدثَت ال ّدمامل ألنّين مل أَعُد أعمل بيدي .أترى أيّها ّ
ضاعف ،ألنّه يُصبِح ُم َرهفاً ج ّداً .فَ ِّكر! إذا
الدوام؟ عندما يعود املرء بعدئذ إىل العمل ،يتأ ّمل بشكل ُم َ
اضطررت
ُ فأي أذى يُسبِّبه للنَّفس؟ هل ترى؟ أان ،هذا املساء، كان هذا يؤذي اليدين هبذا الشكلّ ،
كنت أأت ّمل لدرجة مل أعد معها أستطيع اإلمساك ابل ِـمربد ،يف الوقت الذي ِ
لك" :ساعدين" ،ألنّين ُ للقول َ
حّت أربع عشرة ساعة يوميّاً دون إحساس أبمل .األمر ذاته ابلنسبة كنت فيه ،منذ سنتني فقط ،أعمل ّ ُ
إىل الذي يَفرت يف الصالة ويف إرادته .إنّه يُصبِح خامالً ويَضعف .يَ َتعب ِمن أبسط األمور .وأبسهل
نجز األعمال الصاحلة اليت ما ميكن ُترتقه مسوم األمراض الروحية .وابملقابل فإنّه ،بصعوبة مضاعفة ،ي ِ
َ ُ ّ
متمرساً .آه! ُيب عدم البقاء عاطالً عن العمل ،قائالً: ِ
مل يكن َُيد يف إجنازها أيّة صعوبة ،ألنّه كان ّ
متر هذه املرحلة ،أُعا ِود العمل أبكثر نشاطاً"! ال ينجح املرء يف ذلك أبداً ،أو ابألحرى سيكون "حاملا ّ
يف ذلك تَـ َعب هائل».
ك مل تتكاسل أبداً!»
«ولكنّ َ
احلب يشفي». يُقبِّلهما مرغزايم قائالً« :كانت ّأمي تفعل هذا عندما ُ
كنت أأت ّمل ،أل ّن ّ
1945 / 10 / 19
نول النسيج ُمتوقِّف عن العمل ،ذلك أ ّن مرمي وسينتيكا ُتيطان األقمشة اليت َجلَبَها الغيور.
ومن حني فصلة ،تُطوى وتُرتَّب فوق بعضها على الطاولة حبسب اللونِ ، قِطَع الثياب اليت أصبَ َحت ُم َّ
سرجها (ّتمعها معاً بِغَُرز مؤقتة) على الطاولة ،مما َدفَ َع الرجال
إىل حني ،أتخذ النسوة منها قطعة ،وتُ ِّ
كرتثوا يف ذلك لِ َع َمل النّسوة .وهناك
الركن ،حيث النول املتوقّف عن العمل ،إّّنا ِمن غري أن يَ َِ إىل ُّ
الرسوالن يوضاس ويعقوب ابنا حلفا ،اللذان يَنظُران ِمن جهتهما إىل العمل النسائي دون طرح كذلك َّ
ظين ،ليس دون فضول. أسئلة ،إّّنا ،حسب ّ
حّت البابُ ،ثّ قهما ّابنا العم يتح ّداثن عن أخويهما ،وبشكل خاص عن مسعان الذي رافَ ُ
وصرامة مضى« ،أل ّن له ولَداً يتأ ّمل» ،يقول يعقوب لِيل ِطّف اخلرب َِ
وُيد عذراً ألخيه .يوضاس أكثر ج ّديّة َ ُ َ َ
كل الناصريّني، مثل ابلغباء. ُصيب أ قد ا
ً أيض هو هّنأ يبدو ا ّن
ّ إ أتى، ابلتحديد هذا أجل ن ويقولِ « :
م
ّ
ومن يدري أين ُهم اآلن ،ميكن إدراك أ ّن ما ِمن كل حال ،لو وضعنا حلفا والتلميذين جانباًَ ، على ّ
قززاً يف مدينتنا»...الصالح أبكمله ،وكأن له طعماً ُم ّشيء آخر صاحل يف الناصرة .فلقد انتُ ِزع ّ
روحك ...اخلطأ ليس خطأهم»... ِ
سمم
َ «ال تتكلّم هكذا ».يرجوه يسوع« .ال تُ ّ
«خطأ َمن هو إذن؟»
دوة .فاألطفال»...
لكن الناصرة ليست كلّها َع ّ
«أمور كثرية ...ال َمال لبحثها .و ّ
ألّنم أطفال».
«هذا ّ
«والنّسوة»...
ك لَ َعلى خطأ .فأطفال اليوم ُهم ابلضبط َمن سيكونون تالميذ الغدُ ،هم
«ملاذا اي يوضاس؟ إنّ َ
ميكنهن فِعل ذلك؟»
ّ كل األرض .والنّسوة ،ملاذا ال
نشرون امللكوت على ّ َمن َسيَ ُ
ميكنهن القيام به هو أن يَ ُك َّن
ّ ميكنك أن ّتعل ِمن النساء رسوالتُ .ج ّل ما
َ «ابلطبع ال
قلت ،ملساعدة التالميذ».
تلميذات ،كما َ
علك
حّت أن أج َ أيك يف أمور كثرية ،يف املستقبل ،اي أخي .إّّنا أان ،فلن أُحاول ّ غري ر َ
«سوف تُ ّ
اصطدمت مبنطق َورثتَه عن أجيال ِمن األفكار واألحكام املسبقة واخلاطئة عن املرأة.
َ أيك .لقد
غري ر َتُ ّ
الحظ بنفسك االختالفات اليت تراها بني النساء التلميذات والتالميذ ،وأن أرجوك فقط أن تَنظُر وتُ ِ
َ
ِ
أردت ،اليت كانت أوىل ك ،لو َ تجرد كيف يَستَجنب لتعاليمي .وسوف ترى ،بدءاً ِمن أ ُّم َ الحظ ب ُّتُ ِ
وّتابِه بشجاعة بَلدة َهتَزأ منها ّ
ألّنا وفيّة النساء التلميذات يف ترتيب الزمن والبطولة ،وما زالت كذلكُ ،
حّت صوت دمها الذي ال يوفّر املالمات ألمانتها يل ،وسرتى أ ّن النّسوة أفضل منكم». يلُ ،مقا ِومة ّ
حّت النساء التلميذات ،أين ُه ّن؟ بنات حلفا ،أ ُّم
«أعرف ذلك ،حقيقة .إّّنا يف الناصرةّ ،
كل هذا».
أود ّأال أعود إىل الناصرة كي ال أرى ّ
امساعيل وأ ُّم آسر وأخواهتما .فقط .قليالت ج ّداًُّ .
«اي لأل ُّم املسكينة! قد تُسبِّب هلا أملاً كبرياً ».تقول مرمي يف مداخلة هلا يف احلوار.
تقصه العذراء شرائح لتصنع منها أردافاً. ص ْمت طويل ،يقطعه فقط صوت الكتّان الذي ّ َ
ينم الذي مظهرها على ا
ً دائم فظسينتيكا مل تَنبس ببنت شفة ،بينما هي متنبهة على الدوام .فهي ُحتاِ
ّ ّ َ
الصيب ،وهو جالس ّ عن احرتام عميق ،عن َحت ُّفظ ال يلني ّإال مع العذراء و ّ
الصيبّ .أما اآلن فقد انم
قدمي سينتيكا ،ورأسه -ال ُـمستَنِد إىل ذراعه الذي ثناه -على ركبتيهاّ .إّنا ال
ّ عند ا
ً متام د، قع
َ
على ِ
م
مرر هلا قِطَع القماش. ِ
تتحرك ،وتنتظر مرمي لتُ ّّ
«اي للنوم الربيء ...إنّه يبتسم »...تُعلِّق مرمي وهي تنحين على وجه النائم الصغري.
ذكي ج ّداً ».يقول يوحنّا« .يتعلّم بسرعة ويطلب تفسريات واضحة .يطرح أسئلة «إنّه ولد ّ
كنت أرتَبِك أحياانً يف اإلجابة اليت َّ
علي كل شيء .أَذ ُكر أنّين ُ
دقيقة ج ّداً ويريد إجاابت واضحة .على ّ
أن أُعطيهاّ .إّنا مفاهيم تَفوق سنّه ،وكذلك إمكانيّايت يف الشرح».
يبتسم يوحنّا بدوره ويقول« :نعمَ .ولَ َديكما ُمعلِّم فاشل ج ّداً ،الذي كان عليه استدعاء املعلّمة
أي ِمن ال ُكتُب الكثرية اليت قرأ ُهتا اإلجابة يف وجدت قد أكن مل ينّنأ ذلك املعونة... له م احلقيقية لِتق ِّ
د
ّ ُ ّ ُ
درس ما أزال جاهالً». درس األمحق الذي ُكنتُه .وهذا دليل على أنّين ُم ِّ اليت أُعطيها للصيب ،اي للم ِّ
ُ ّ
إن ما كان مؤهل ،بل َّ
درس هو الغري ّ البشري هو أيضاً ِمن اجلهل اي يوحنّا .فليس الـم ِّ ّ لم «العِ
ُ
البشري املسكني! آه! كم يبدو يل قاصراً! وهذا ُيعلين أُف ِّكر لمكاف .اي للعِقد أُعطي له هو الغري ٍ
ّ
ؤمن أنه مبقدور اليوانيني آبهلة أسطورية كانت ُمم َّجدة يف اليوانن .فاملادية الوثنية كان قد أمكنها أن تُ ِ
ّّ ّ ّ
ألّنا كانت بال أجنحة! وبذلك ،فتلك املادية الوثنية مل تقتصر فقط أن َُيتَ ِفظوا آبهلة النصر إىل األبدّ ،
حريتنا… فقد كان األمر ليكون أفضل لو كانت ِ ِ
وحَرَمتنا أيضاً من ّعلى ّتريد النصر من جناحيه ،بل َ
معتقداان قد أب َقت لتلك اآلهلة أجنحتها ،ألنّنا ُكنّا قد آمنّا أنه كان مبقدورها الطريان كي َُتطف
الصواعق السماويّة لتضرب هبا أعدائنا .ولكنّها ،يف احلالة اليت كانت عليها ،فهي مل تكن توحي ابألمل،
بل ابإلحباط واحلزن .ومل أكن أستطيع رؤيتها دون أمل ...كانت تبدو يل متألّمة ،وقد بَ َدت ذليلة
فعل ابلعلم بسبب ذلك البرت .وهي بذلك كانت رمز أمل وليس رمز فرح ...هكذا كانت .واإلنسان يَ َ
كما فَـ َعل اليوانن مع النَّصر ،إنّه يَبرت أجنحته ،اليت ُمت ِّكنه ِمن بلوغ املعرفة الفائقة الطبيعة ،واليت متنحه
املفاتيح لكشف أسرار اإلدراك واخلَلق .لقد اعتَـ َقدوا ويعتقدون أن إبمكاّنم إبقاء العلم أسرياً ببرت
جناحيه ...وهم بذلك مل يُفلِحوا ِسوى جبعله انقصاً وقاصراً ...فالعلم اجملنَّح يُصبح حكمةّ .أما ببقائه
على ما هو عليه ،فإنّه ليس سوى فَهم جزئي».
«وأُمي ،هل أجاب ِ
تك يف ذلك اليوم؟»َ ّ
صيب وابلِغان ُُمتَلِفا اجلنس دون اضطرار
ّ إليها ع «بوضوح كامل وكلمة عفيفة ،ميكن أن يستَ ِ
م َ
أحدهم إىل االمحرار».
الدتك ألتذ ّكره ».تقول سينتيكا ،ويقولبت شرح و َ «حول اخلطيئة األصليّة ،اي معلّم .ولقد َكتَ ُ
األندوري كذلك« :وأان مثلها .أظُنُّها ِمن األمور اليت سوف يَسألوننا عنها كثرياً ،إذا ما َمضينا
ّ يوحنّا
يوماً فيما بني الوثنيّني .إّّنا أان ال أُف ِّكر يف الذهاب إىل هناك اآلن»...
«ملاذا اي يوحنّا؟»
يَنظُر إليه يسوع وهو يبتسم ،ولكنّه ال يقول شيئاً هبذا اخلصوص .يَسأل« :أما من أسئلة أخرى
علي؟»
لديك لتطرحها ّ َ
الصيب.
ّ كنت تتح ّدث عن البطالة معلدي سؤال .لقد َخطََر ببايل ذات مساء ،عندما َ
«أان ّ
ألسألك عنه ،عندما تتوقَّف اليدين كنت أنتظر السبت ِ
َ لت أن أَجد له إجابة ،دون جدوى .و ُ
ولقد حاو ُ
يديك إىل هللا ».تقول سينتيكا.
عن العمل وترتفع نفسنا بني َ
«اطرحي اآلن سؤ ِ
الك ،بينما ننتظر ساعة االسرتاحة».
«نعم .وسوف تكون يف ِديين كذلك ،إّّنا حتت تَسميات ُمتلفة عن اليت تُطلِقني ،عالمات
لِِفدائي ُمت َارس على النُّفوس لتطهريها ،وتقويتها ،وإانرهتا ،ومحايتها ،وتغذيتها ومنحها الغفران».
لكن الروح
الروحي .سوف ُمتحى اخلطيئة األصليّة لدى الذين يؤمنون يب .و ّ
ّ األمر ذاته يف اجملال
سيحتفظ مبيل إىل اخلطيئة ،اليت مل تكن لتوجد لوال اخلطيئة األصليّة .فَ ِمن أجل هذا ُيب السهر
مستمر ،متاماً كما تفعل أ ُّم حريصة على طفلها الصغري الذي حتبّه بشكل متميّز
ّ والعناية ابلروح بشكل
طفويل .فإذن ُيب حتاشي البطالة ،وأن يكون املرء فاعالً ونشيطاً على الدوام يف متتني
ّ على أَثَر مرض
ط أحدهم يف هاوية الكسل أو الفتور ،فسيكون سهالً على الشيطان أن يغويه. الفضائل .وإذا ما َس َق َ
معرضاً دائماً لإلصاابت ابآلفات ومبوتألّنا تُشبِه نكسة جسيمة ،فهي ّتعله َّ
كل خطيئة جسيمةّ ، و ّ
ساعدة للنعمة بنشاط ودأب ،فإنّهالروح .بينما على العكس ،إذا ما أصبحت إرادة الذي انل الفداء م ِ
ُ ََ
حينذاك ُيفظ نفسه .وليس هذا وحسب ،بل إنّه ينمو مع الفضائل اليت اكتسبها هذا اإلنسان،
ِ
فهمت؟» القداسة والنعمة! اي هلا ِمن أجنحة آمنة للطريان صوب هللا! هل
أنت ،أعين الثالوث القدوسَ ،متنَح اإلنسان األساس الذي يَ َلزمه .وعلى
«نعم اي سيّديَ .
صحة ِ
دمر النعمة ،أي ّ كل خطيئة جسيمة تُ ّ
فهمتّ .
ُ اإلنسان ،بعمله وانتباهه ،أن يتفادى االّنيار.
لكن اخلاطئ العنيد الذي يرفض الصحة .صحيح ،و ّأنت لنا ستعيد ّ الروح .العالمات اليت سترتكها َ
مرةُ .يب إذن ِ
كل ّ
حّت ولو انل الغفران يف ّ
مرة ،أكثر ضعفاًّ ،كل ّ
الصراع ض ّد اخلطيئة ،يُصبح ،يف ّ
الصراع لتفادي الفناء .شكراً اي سيّدي ...مرغزايم يستيقظ .لقد أتخر الوقت»...
ِ
فلنمض إىل النوم». ِّ
فلنصل َجيعنا معاًُ ،ثّ «نعم،
1945 / 10 / 20
للرسول.
« ّإّنا إحدى قريبايت ،هي زوجة مسعان بن حلفا ».يقول يسوع َّ
كأّنا على األشواك ،فريسة ملشاعر متناقضة .يتب ّدل لوّنا ،ترفَع عينيها وُتفضهما. تبدو املرأة و ّ
وجهها كلّه يُ ِّ
عرب عن أ ّن سبباً ما يكبَح فيها رغبة يف التكلّم.
«السالم ِ
لك اي صالومي ».يقول هلا يسوع ُميّياً وقد أصبَ َح قريباً منها.
وّتيب ،وقد زاد امحرارها« :السالم لـ»... تنظر إليه املرأة مندهشة ِمن صوت قريبها احلنونُ ،
رغبتها يف البكاء متنعها ِمن إمتام اجلملة .تغطّي وجهها بثين ذراعها وتبكي قَلِ َقةُ ،مستَنِدة على إطار
الباب.
كل أان ر وسأتدب ميّل تك . ُمي ِسك هلا يسوع يديها قائالً« :ال ليس هكذا .أان هنا ملو ِ
اساتك
ّ ّ
األمور»...
صَر َخ ِمن املغص ،وبقي يهذي ع ّدة ّأايمّ .أما اآلن فلم يـَعُد يتكلّم .إنّه
«بطنه يؤمله كثرياً .لقد َ
حّت إنّه يُتمتِم .إنّه شاحب ممتَ ِقع.
َك َمن تل ّقى ضربة على رأسه .إنّه يتمتم ولكنّه ال ُُييب .ال يدري ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 727 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
عنك .ولكن ...آه! لقد أحببتُهوهو يَربُد اآلن .ومنذ ّأايم وأان أطلب ِمن مسعان أن ميضي ويبحث َ
غيبِ ،من أجل فكرة بلهاء َُي َعل ابين ميوت .ولكنّه لو مات
على الدوامّ ،أما اآلن فإنّين أكرهه ألنّه ّ
فسأمضي إىل بيت أهلي مع أوالدي اآلخرين .فليس مبقدوره أن يكون أابً عند اللزوم .وأان أدافع عن
أبنائي .سأمضي ،نعم .ولِيَـ ُقل الناس ما يشاؤون .سوف أمضي».
«ال تتكلّمي هكذا .اقتلعي فوراً فكرة االنتقام هذه ِمن ر ِ
أسك».
«ليس هذا ضرورّايً .هل تَعِدينين أن تساُمي مسعان؟ أن تكوين زوجته الصاحلة على الدوام؟ إذا
ِ
ميكنك اإلميان هبذا؟» لك" .هلابنك املعاىف سيبتسم ِ
بيتك ،و ِ
لك أان" :عودي إىل ِ وعدتِين بذلك أقول ِ
«آه! مرمي ،مرمي! لقد ُولِد حلفا حينما كانت هنا ...نعم اي يسوع ،سوف أسامح .لن أقول له
لك" .فهذا،
ابنك َ
فك :إبعادته َ
تصر َ
شيئاً ...أو ابألحرى سوف أقول له" :هكذا يَ ُّرد يسوع على ّ
ميكنين أن أقوله له!»
بنفسك ...أان مسرور لتخليصي الطفل .لقد رأيتُهُ عندما كان َ نفسك
َ ك ُّتيب على«ها إنّ َ
عمره مل يتجاوز بعد الساعات القليلة ،وقد أحبَّين كثرياً دائماً»...
1945 / 10 / 21
َُيُلّون ضيوفاً على بيت فقري ،حيث ُُييط بعجوز َمموعة ِمن األوالد ترتاوح أعمارهم بني الثانية
حتول بعضها إىل مروجوالعاشرة ،تقريباً .والبيت وسط حقول صغرية مل تَـنَل نصيباً وافراً ِمن العناية ،وقد َّ
تَظهر فيها أشجار م ِ
ثمرة ،ما تزال على قيد احلياة. ُ َ
ابلعون؟» ِ ِ
«السالم لك اي حنّة .هل ّتري األمور بشكل أفضل اليوم؟ هل أتوك َ
ِ
«نعم أيّها املعلّم يسوع .ولقد قالوا يل ّإّنم سيعودون من أجل البِذار .سيكون الوقت ّ
متأخراً،
ولكنّهم قالوا يل ّإّنا ستنبت أيضاً».
بكل أتكيد سوف تنبت .وما يكون معجزة األرض والزراعة يُصبِح معجزة هللا .وابلتايل معجزة
« ّ
بك ،ستكون هلا وفرة ِمن لك أَجل حقول املنطقة ،وهذه العصافري اليت حتيط ِ اتمة .ستكون حقو ِ
احلبوب متأل هبا مناقريها .ال تعودي تبكني .العام القادم ،سيكون األمر أفضل كثرياً .ولكنّين سوف
امسك ذاته ،وهي ال تَشبَع أبداً ِمن أن
عينك امرأة حتمل ِلك يد العون أيضاً .أو ابألحرى سوف تُ ِ
أمد ِ
ُّ
ِ ِ ِ
حّت موعد احلصاد». تكون صاحلة ابطّراد .انظري :هذا لك .وهبذا ميكنك أن تُدبِّري نفسك ّ
أتخذ املرأة اإلعانة ،ويف الوقت ذاته ُمت ِسك بيد يسوع وتُقبّلها وهي تبكيُ ،ثّ تَسأل« :قُل يل
الرب».
َمن تكون تلك املخلوقة الصاحلة اليت سوف أَذ ُكر امسها لدى ّ
«إحدى تلميذايت ،وهي أخت ِ
لك .وامسها أَع ِرفه أان ويعرفه أب السماوات».
أنت!»...
«آه! هذا َ
ص َد الشباب .وليس
متأخر! فقد كان املوت سريعاً يف حصاده هنا! وقد َح َ متأخر هو! نعمّ . « ّ
صلبني ِمن أجل العمل. كنت غري ذات نفع .وال هؤالء القاصرين .إّّنا أولئك الذين كانوا َ أان اليت ُ
الشريرة!»
حمل ابآلاثر َّملعون قمر أيلول (سبتمرب) ،ال ُـم َّ
«ال تلعين الكوكب .فال َدخل له ...هل هؤالء الصغار طيّبون؟ تعالوا هنا .أتَـَرون؟ هو كذلك
يتخل عنه .ولن يتخلّى عنه طاملا هو صاحل .أليس كذلك اي طفل بدون أب ،ومع ذلك فاهلل مل َّ
مرغزايم؟»
جاد. ِ
يكافئك هللا على ذلك ».يقول مرغزايم بشكل ّ «سوف
بفضلك .واآلن فلنمض .وداعاً اي حنّة .وقبل رحيلي َ «ح ّقاً .حسناً ،إ ّن راشيل سوف تُش َفى
أنت اي طوبيّاُ ،كن طيّباً دائماً .وداعاً لكم َجيعاً أيّها
عن املنطقة سوف أعود أيضاً .وداعاً اي راشيل .و َ
فلتحل عليكم بركيت وفيكم سالمي».
ّ الصغار.
مرغزايم ،بعد أن لَعِب دوره كـ "رسول وضحيّة" ،يبدأ ابلقفز َك َجدي ،وهو ُيري إىل األمام.
بشر ابخلري؟»
لك اي معلّم أ ّن هذا يُ ّ يعلِ
األول وتضحيته األوىل .أال يبدو َ
ّ حديثه « :ًا مبتسم مسعان قّ ُ
حّت على يهوذا بن مسعان»...
مرات كثريةّ .
«نعم ،ولكنّه َكَرَز ّ
نسألك عنه».
َ «لسنا
لكنو املذنب، أان يسوع! اي آه « م:يغطّي الرجل وجهه بيديه ،ويرمتي على ركبتيه وهو يتمتِ
ّ ُ ُ
العقاب الذي تل ّقيته ٍ
كاف»... ُ
«هيّا اّنض! إنّنا أهل .هيّا! ما الذي تريده؟»
العربات.
وُتنقه َ
« َولَدي! إنّهَ »...
دك؟ ما به؟»
« َولَ َ
ضاعف:
ب صالومي ...وأبقى أان مع تبكيت للضمري ُم َ «يف احلقيقة إنّه ُيتضر ،ومعه ميوت ُح ّ
صرخ يف وجهي:خسارة الولد والزوجة معاً ...هذه الليلة ظننتُه مات ،وبَ َدت يل هي كالضبع .كانت تَ ُ
حّت ولو اضطّر األمر
الولَدّ ،
إليك لو عاد َ
أقسمت أن آيت َ
ُ يت كي ال ُيصل هذا ،و ابنك!" فصلّ ُ
"قاتل َ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 736 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
عين .وعند أنت الوحيد القادر على حجب البؤس ّ ك َ ُعلمك أبنّ َ
أستحق هذا -أل َ ّ إىل طردي –ابلنتيجة
ُصادفالفجر ،بدأ الولَد يصحو قليالً ...وهربت ِمن بييت قاصداً بيتك ِمن خلف املدينة ،كي ال أ ِ
َ ُ َ
ند ِهشة .كان إبمكاّنا أن تُسيء استقبايل .ولكنّها قالت ك ُم َ قرعت الباب .فَـتَ َحت يل ّأم َ
عوائقُ ...
كنت ما أزال طفالً ...وهذا ما َج َعلَين بك اي مسعان املسكني؟" ولقد الطََفتين كما لو ُ يل فقط" :ما َ
لك يهوذا .مل الرتدد .وال ميكن أن يكون صحيحاً ما قاله لنا رسو َ َّد الكربايء و ّ أبكي كثرياً .وبذلك تبد َ
كل النُّعوت ،منذ ذلك احلني. نفسي على قأقل هذا ملرمي ،ولكنّين أقوله لنفسي وأان أقرع صدري وأُطلِ
ّ
لت" :هل يسوع هنا؟ ِمن أجل حلفا .إنّه ُمش ِرف على املوت "...وقالت يل مرمي: ّأما هلا فقد قُ ُ
املؤدية إىل قاان .إّّنا أَس ِرع .لقد
الر ُسل .إنّه على الطريق ّ الصيب وأحد ُّ"اركض! إنّه يتّجه صوب قاان مع ّ
َخَر َج منذ الفجر ،وهو على وشك العودة .سأصلّي كي َِّتده" .بدون أيّة كلمة لوم ،وال كلمة ،يل أان
أستحق منها الكثري!»
ّ الذي
اعي كي»...
لك ذر ّ
ألومك .ولكنّين أفتح َ
َ «وأان كذلك لن
ك كثرياً».
لك إنّين أحبّ َ
«ال ،بل ألقول َ
«تعال إذن! بسرعة! بسرعة!»...
حّت ولو كان كذلك ،اي يسوع ،اي إن حلفا قد مات؟ ولكن ّ «أال أتيت؟ آه! أال تساُمين؟ أ َْم َّ
َعد يل ابين! آه! اي يسوع الصاحل! ...آه! اي يسوع يسوع ،اي يسوع ،أنت الذي تُقيم املوتى ،أ ِ
َ
الق ّديس! ...آه! اي يسوع الذي هجرتُهُ! ...آه! اي يسوع ،اي يسوع ،اي يسوع »...ودموع الَّر ُجل متأل
الطريق املنعزلة ،بينما هو ،إذ ُيثو ِمن جديدُ ،يمع ثوب يسوع بشكل تشنّجي ،ويُقبِّل قدميه ،وقد
األبوي…
ّ احلب
َس َح َقه األمل ،وتبكيت الضمري ،و ّ
ابّتاه بيته.
يَسلك الدرب الضيّق ذاته الذي َسلَ َكه الغيور ،خلف حدود املدينةّ ،
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
1945 / 10 / 22
ص َل بطرس وحده ،وبشكل غري منتَظَر ،إىل بيت الناصرة .إنّه ِ
متأخر من الصبيحةَ ،و َ
يف وقت ّ
كالعتّال ُيمل سالالً وأكياساً ،ولكنّه سعيد للغاية ،لدرجة أنّه ال يشعر ابلثقل والتعب.
« ّإّنما على املنحدر ،فوق املغارة ،إّّنا ِمن جهة بيت حلفاُّ .
أظن أ ّن مرغزايم يقطف الزيتون،
يتأمل .سأانديهما».
ويسوع ابلتأكيد ّ
«أان سأفعل».
الرَزم».
كل هذه ُّ ِ َّ
األقل من ّ
«ُتلص على ّ
ب أن أراه ُُيملق ويُفتّش بقلقّ ...إّنا فرحتهَ ،ولَدي ِ
للصيب .أُح ّ
ّ «ال ،الّ ،إّنا مفاجآت
املسكني».
َخي ُرج إىل احلديقة ،يذهب حتت املنحدر ،خيتبئ جيّداً داخل املغارةُ ،ثّ ينادي ُم ِّ
غرياً صوته قليالً:
لك اي معلّمُ ».ثّ بصوت طبيعي« :مرغزايم!»...
«السالم َ
صمت ...حلظة سكونُ ،ثّ يَسألصوت مرغزايم الناعم الذي كان ميأل اجلو الساكن تعجباً ،يَ ُ
الصوت الناعم الشبيه بصوت طفلة« :اي معلّم ،أمل يكن أيب هو الذي انداين؟»
بكل بساطة.
ويتعرف عليهّ ،
سمع شيئاًّ ،
قد يكون يسوع آنذاك غارقاً يف تفكريه إىل درجة أنّه مل يَ َ
أنت؟»
«آه! إنّه ح ّقاً هو! أيب! أيب! أين َ
وينحين لِيَنظُر إىل احلديقة ،ولكنّه ال يَرى شيئاً ...يتق ّدم يسوع كذلك ويَنظُر ...فريى مرمي
وِها يف الغرفة اليت يف عُمق احلديقة ،قرب الفرن.
فعالن مثلهاُ ،
تبتسم عند الباب ،ويوحنّا وسينتيكا يَ َ
صمم ويرمي بنفسه ِمن أعلى املنحدر قرب احلديقة ،ويتل ّقاه بطرس سريعاً قبل
ِ
ولكن مرغزايم يُ ّ
مالمسته األرض .سالم االثنني مؤثّر .يسوع ومرمي واالثنان اللذان يف عمق احلديقة يراقبوّنما وهم
الصيب ،لينحين أمام ِ ِ
يتحرر بطرس من معانقة ّ يبتسمونُ ،ثّ يقرتبون من اجملموعة الصغرية الودودةّ .
ابلرسول ،والذي يَسأل« :أين الصيب املتشبّث َّ ِ
يسوع وُييّيه من جديد .ويعانقه يسوع ،معانقاً كذلك ّ
أ ُّمي؟»
رت يف القدوم؟» ّأما بطرس فإنّه ُُييب يسوع الذي يَسأله« :ملاذا َّ
بك َ
رؤيتك؟ ُثّ ...هه! بورفرييه ،ما كانت لترتكين
لك أنّين أستطيع البقاء طويالً دون َ
«هل كان يبدو َ
تظن مرغزايم بني لصوصيف سالم" :اذهب لرتى مرغزايمُ .خذ له هذا ،امحل له ذاك" .يبدو ّأّنا كانت ّ
حّت
تعمدة لصنع فطائر العسل ،وما كادت تنضج ّ أو هو يف صحراءُ .ثّ ،الليلة املاضية ،قامت ُم ّ
َج َعلَتين أمضي»...
صمت.
«آه! فطائر العسل! »...يَهتف مرغزايم ،ولكنّه بعدئذ يَ ُ
«نعمّ ،إّنا هنا ،يف الداخل ،مع التني اجمل ّفف على الفرن والزيتون والت ّفاح األمحرُ .ثّ ،لقد
نعجاتك.
َ صنَـ َعتها ِمن حليب
لك أقراص اجلُّنب الصغريةَ ،لك رغيفاً ابلزيت ،ولقد بـَ َعثَت َ
صنَـ َعت َ
َ
متلهفاً؟ أتبكي؟ آه!
وهناك ثوب ال ينفذ منه املاءُ .ثُّ ،ثّ ...ال أدري ماذا هناك أيضاً .كيف؟ أمل تَـعُد ّ
ملاذا؟»
الصرر الكبرية
لت نفسك عناء اي مسعان ».تقول مرمي وهي ترى ُّكل هذا؟ لقد َمحَّ َ
«ولكن ملاذا ّ
والصغرية واألواين وال ُقدور اليت غطّت الطاولة.
«ولكن ملاذا؟»
أظن
كنت ُّ
«آه! حسناً! سوف تتناوله فيما بعد ...ومع ذلك ُخذ الوعاء ...ولكن انظر! ما ُ
أنّه ...أنّه»...
ابلرَزم.
َخي ُرجان ،بينما مرمي وسينتيكا تُرتّبان الغرفة املليئة ُّ
«إىل أنطاكية».
ِ ِ
يُطلق بطرس صافرة ُم ِّ
عربةُ ،ثّ يَسأل« :وإىل بيت َمن؟ وكيف يذهبان؟»
«إىل أحد بيوت لعازر .آخر ممتلكات لعازر ،حيث كان ُيكم أبوه ابسم روما .وسيمضيان إىل
هناك حبراً»...
«سأكون الفتاً لالنتباه كثرياً .وأان أريد َمنح السالم لروح يوحنّا».
ط عن هنا؟»
«وكيف سأعمل ،أان الذي مل أبتعد ق ّ
بك.
إين أثق َ ِ
عليك املضي إىل أبعد من أنطاكية كثرياًّ .
لست َولَداً ...وقريباً سيكون لزاماً َ
«أنت َ
ترى أنّين أُق ِّد َ
رك»...
«وفليبّس وبرتلماوس؟»
«سنأخذ محاراً».
ومن سيقودها؟»
«َ
«وسيكون حسناً .إّّنا هذان املسكينان! يؤسفين ّأال يعود يوحنّا فيما بيننا .وقد كان لنا لبعض
لكن املسكني! كان إبمكانه أن ميوت هنا مثل يوان»... الوقت ...و ّ
كره الذي يُفتدى».
«غري مسموح له .فالعامل يَ َ
«سوف يؤمله هذا»...
«أتقول يل هذا؟ ال ميكنين إخفاء احلقيقة ،عندما أحت ّدث ،ولكنّين أعرف أن أصمت متاماً عندما
حّت أنطاكية! إىل آخر العامل! آه!
عاهدت نفسي على ذلك .أان أذهب ّ ُ أريد .وأان أريد ذلك .لقد
كل شيء»... يتم ّ
لست أرى مّت أعود! ولن أانم طاملا مل ّ
ُ
َخي ُرجان وال أعود أرى شيئاً.
( ---------------عودة إىل الفهرس) ---------------
www.sites.google.com/site/valtortamaria
valtorta.maria@gmail.com
للحب الكوين)
ّ ( -177ال شيء يضيع يف التدبري املق ّدس
1945 / 10 / 23
لست أدري إذا ما كان اليوم ذاته ،ولكنّين أتوقّع ذلك ،بسبب وجود بطرس على طاولة عائلة ُ
الناصرة .تُشا ِرف وجبة الطعام على االنتهاء ،وتَ َنهض سينتيكا لتضع على الطاولة الت ّفاح واجلوز واللوز
والعنب .فقد انتهوا ِمن العشاء ،فالوقت مساء واملصابيح أُضيئَت.
وعلى ضوء املصابيح يدور احلوار ،بينما ّتلب سينتيكا الفاكهة .يقول بطرس« :هذا العام،
بين .ذلك أنّنا نريد أن نضيئه اي أجلك
َ ن سوف نُضيء واحداً إضافياً ،وسيظل ،بعد ذلك ،دائماًِ ،
م
ّ ّ
املرة األوىل اليت نضيئه فيها ِمن أجل َولَد »...ويتأثّر مسعان
كنت هناّ .إّنا ّ
حّت ولو َ حنن ِمن َ
أجلك ّ
أنت هناك ،كان سيبدو ذلك أهبى»... كنت َ قليالً وهو ينهي كالمه بقوله« :ابلتأكيد ...لو َ
تتنهد ِمن أجل االبن البعيد ج ّداً ،ومعي مرمي اليت
كنت أان ،اي مسعان ،اليت ّ«العام املاضيُ ،
حللفا وصالومي ،وكذلك مرمي اليت لسمعان ،يف بيتها يف إسخريوط ،وأ ُّم توما»...
لست أظنُّها أكثر سعادة ...فال«آه! أ ُّم يهوذا! سيكون ابنها معها هذه السنة ...ولكنّين ُ
أّنا مساء ِمن الذهب والنار .هذا نف ّكر ّن هبذا ...كنّا عند لعازرَ .كم ِمن األنوار! ...كانت تبدو وك ّ
لست هناك .ويف العام ِ
ك َ جملرد تفكريهم أنّ َ
يتنهدون ّ
العام ،لعازر لديه أخته ...ولكنّين متأ ّكد من ّأّنم ّ
القادم ،أين سنكون؟»
لك إ ّن املوت سيكون ُجوداً فائقاً ابلنسبة إىل كثريين ،ممّن سيعرفون هبذه الطريقة
احلق أقول َ
« ّ
مساً شيطانيّاً ،للوصول إىل درجة يواسيهم فيها السالم بتلك ِ
إىل أيّة درجة يُصبح اإلنسان وكأ ّن به ّ
التحرر ِمن اليمبس».
ألّنا سوف تتّحد ابلفرح الذي ال يوصف ،الناجم عن ّ املعرفة ،ويُب ّدلوّنا أبوشعناّ ،
األزيل .هل تريد أن تعرف ُمسبقاً األزمنة املتق ّدمة ج ّداً ،عندما ال نكون أكيدين
«حيث يشاء ّ
ِمن اللحظة اليت نعيشها ،وإذا ما سيُـ َقدَّر لنا أن نُكملها؟ عدا ذلك ،مهما يكن املكان الذي ستقام
فيه أعياد األنوار القادمة ،فإنّه سيكون مق ّدساً دائماً ،إذا كنتم فيه إلمتام مشيئة هللا».
لكن عينيها مل تتوقّفا حلظة عن التحديق يف وجه االبن ...تلتفت لدى مل تتكلّم مرمي أبداً ،و ّ
ضعي فطائر العسل على الطاولة؟ يسوع ُُيبّها ،وهيمالحظة مرغزايم الذي يقول« :أ ُّماه ،ملاذا مل تَ َ
مفيدة ليوحنّا ِمن أجل بلعومهُ .ثّ أيب كذلك ُيبّها»...
«وكذلك أنت ».ي ِ
كمل بطرس.َ ُ
دت»...
كأّنا مل تَ ُكن .لقد َو َع ُ
إيل ...هي ّ
«ابلنسبة َّ
«وهلذا ،اي حبييب مل أضعها »...تقول مرمي وهي تالطفه ،فمرغزايم بينها هي وسينتيكا يف طرف
الطاولة ،بينما الرجال األربعة يف اجلهة املقابلة.
أتخذ سينتيكا مصباحاًَُ ،ت ُرج وتعود حاملة الفطائر .أيخذ مرغزايم الوعاء ،ويبدأ ابلتوزيع.
اتمة ِ ِ
صنَـ َعها ،هذه يُق ّدمها ليسوع .أُخرىّ ، ذهبةُ ،منتَفخة ،وكأ ّن معلّم حلوايت قد َ
الفطرية األَجلُ ،م َّ
الصنع كذلك ،يُق ِّدمها إىل مرميُ .ثّ أييت دور بطرس ،مسعان ،وسينتيكاّ .أما كي يُق ِّدمها إىل يوحنّا،
وحصيت ،وفوقها
تك ّ حص َ
لك ّ املريب العجوز واملريض ،ويقول لهَ « :
الصيب يَ َنهض وميضي إىل جانب ّفإ ّن ّ
كل ما تُعلِّمينُ ».ثّ يعود إىل مكانه واضعاً الوعاء يف منتصف الطاولة ،ويتكتّف. ِ
قُبلة من أجل ّ
حبق عن
ص يف بَلع هذه الفطائر املمتعة ».يقول بطرس وهو يَرى مرغزايم ميتنع ّ
ك ّتعلين أغُ ّ
«إنّ َ
حصيت ،فقط كي ال متوت ِمن االشتهاء .إنّ َ
ك تُعاين ِ
تناوهلا .ويُضيف« :أقلّه قطعة صغريةُ .خذ ،من ّ
لك بذلك». سمح َ كثرياً ...يسوع يَ َ
ك كثرياً!»
حّت بدون هذه التضحية .إنّه ُيبّ َ
سريضيكّ ،
َ «كان املعلّم
مين ِمن أجل راشيل الصغرية، كنت تطلب ّ أهبك ما َ«بل إنّك حبكمة تتكلّم .كان إبمكاين أن َ
ِ
كتضحيتك ،أل ّن ذلك فعل َح َسن هو ،وكان قليب يريده .ولكنّين فعلتُهُ مبزيد ِمن الفرح ،ألنّ َ
َ حّت بدون
ّ
حب إخوتنا ال يقف عند ح ّد الوسائل واحلدود البشريّة ،ولكنّه يَرقى ويَسمو أكثر بكثري. ساعدتَينّ .
المس عرش هللا ،ويَذوب يف ُمبّته الالمتناهية وصالحه .ا ّحتاد الق ّديسني وعندما يكون كامالً ،فإنّه ي ِ
ُ
عمل هللا ،لِيَمنَح العون
شّت ،هكذا يَ َ هو ابلضبط هذا العمل املتواصل ،وكما هو متواصل ،وبطرق ّ
املاديّة ،أو الروحيّة ،أو لالثنني معاً ،كما هو احلال ابلنسبة إىل مرغزايم الذي،
لإلخوة ،إ ْن الحتياجاهتم ّ
ويؤجج
حبصوله على شفاء راشيل ،يُداوي مرضها ،ويف الوقت ذاته يُداوي روح العجوز حنّة املنهارّ ،
ثقة ابلرب يف قلبيهما تتعاظم ابستمرار .فحّت ملعقة عسل نضحي هبا ،ميكنها أن تُ ِ
ساعد يف إعادة ّ ّ
يؤمن
احلب ،ميكنه أن ّ السالم والرجاء حملزون ،كالفطرية أو طعام آخرَُ ،ي ُرم املرء نفسه منه هبدف ّ
حّت
رغيفاً ،ممنوحاً بصورة معجزة ،جلائع بعيد ،سيبقى على الدوام َمهوالً ابلنسبة إلينا؛ وكلمة غضبّ ،
ضبِطَت بروح التضحية ،ميكنها أن َمتنَع جرمية بعيدة ،واالمتناع عن ولو كان الغضب عادالً ،إذا ما ُ
1945 / 10 / 24
ّإّنا صبيحة شتاء ماطرة .يسوع قد َّنَض ،وهو اآلن يعمل يف مشغله .إنّه يصنع أشياء صغرية.
ويف إحدى الزوااي هناك نول نسيج جديد ،ليس كبرياً ج ّداً ،ولكنّه حسن التكوين.
دخل مرمي وبيدها كأس حليب ساخن« .اشرب اي يسوع .لقد مضى وقت طويل على
تَ ُ
ّنوضك .الطقس َرطب وابرد»...
َ
كل شيءّ ...أايم العيد الثمانية كانت قَد َشلَّت «نعم .إّّنا ،على األقل ،فقد مت ّك ِ
نت من إّناء ُّ ّ
تتأمل مرمي بينما احلليب، ب شر وي بة،
ر ا
و امل ن وُيلِس يسوع على طاولة النّجارة ،بقليل ِ
م العملَ »...
ّ َ َ
وتتلمسه بيدها.
النول ّ
«هل تباركيه اي ّأمي؟» يَسأل يسوع مبتسماً.
مسعت سعاله .قد يكون يف املطبخ يشرب احلليب .اي ليوحنّا املسكني! »...وتسيل
«نعم ،فلقد ُ
دمعة على خ ّد مرمي.
علي أن أقول له ذلك .مع سينتيكا سيكون األمر أسهل... يَ َنهض يسوع« :أان ماض إليهَّ ...
ّأما ابلنسبة إليه ...أ ُّماه ،اذهيب إىل مرغزايم وأيقظيه ،وصلّي ،بينما أحت ّدث إىل هذا الرجل ...فاألمر
يشبِه النَّبش يف أحشائه .ميكن قَتله أو شلّه يف حياته الروحية ...اي له ِمن أمل ،اي ِ
أبت! ...أان ماض ّ ُ
وخي ُرج وهو ُم َنهك ح ّقاً.
إليهَ »...
يسري اخلطوات القليلة اليت تفصل املشغل عن غرفة يوحنّا ،وهي الغرفة ذاهتا اليت مات فيها
صادف سينتيكا اليت تعود ومعها ُحزمة حطب أتخذها إىل الفرن ،وحتيّيه، يوانن ،أي غرفة يوسف .ي ِ
ُ
وُييب على حتيّة اليواننيّة وهو شارد الذهنُ ،ثّ يقف اثبتاً يَنظُر إىل جنينة زنبق ال ِعلم هلا بشيءُ .
طرق ابب يوحنّا الذي يَفتَح فيُش ِرق وي ت ب َدأَت أزرارها ابلبزوغ .ولكنّين ال أخاله يراهاُ ...ث يقرر .يلت ِ
ف
ُ َ ُّّ َ َ
وجهه لدى رؤيته يسوع آتياً إليه.
أحسنت ترديدها».
َ الرق ويقرأ« .جيّد ج ّداً ،لقد
ينحين يسوع على ّ
أسأت التعبري يف هذه اجلملة :تقول على الدوام بوجوب عدم ُ أين
«كما ترى ،كان يبدو يل ّ
حّت يف األمور املتعلّقة ابلغد ،هي
خيص جسد املرء ،واآلن القول أب ّن الفطنةّ ،
محل ِهوم الغد فيما ّ
مين طبعاً».
فضيلة .وقد كان يبدو يل ذلك خطأ واقعاً ّ
املتخوف ،خيتلف عن االهتمام هم األانين املبالَغ فيه و ِّ «ال .مل ُتطئ .هو ابلضبط ما قلتُهُ .فإ ّن ّ
ّ
البار .البُخل ِمن أجل غد ،قد ال نعيشه ،خطيئة ،بينما التقتري بقصد أتمني القوت ّ لدى ن ال َف ِ
ط
كل احمليطنيواحلماية لألهل ،يف فرتة الفاقة ،ليس خطيئة .خطيئة هي عناية األانينّ جبسده ،ومطالبته ّ
كل تضحية ،خوفاً على اجلسد ِمن أن يتأ ّمل ،إّّنا ال كل عمل و ّ به أبن يهتموا ابحتياجاته ،ويتجنّب ّ
تُعتََرب خطيئة احملافظة على هذا اجلسد ِمن األمراض اليت ال طائل منها ،واليت نُصاب هبا بعدم احرتاسنا،
ب احلياة .وهي عطيّة منه .وعلينا ِ
واليت تُش ّكل عبئاً على العائلة ،وخسارة العمل املثمر لنا .فاهلل َوَه َ
تصرفات قد تبدو للبُـلَهاء ُجبناً
هتور وال أاننية .أترى؟ تقتضي الفطنة أحياانً ّ استخدامها بقداسة ،دون ّ
ضتها أحداث جديدة كانت قد طرأت. أو عدم ثبات ،بينما هي يف حقيقتها نتاج فطنة مق ّدسة ،فَـَر َ
بك األذى ...أهل زوجتك مثالً ،أو ُحّراس لحقوا َ ك اآلن وسط أانس ميكن أن ي ِ كنت أرسلتُ َ
ُ مثالً :لو ُ
صنعاً أم أسأتُه؟»
أحسنت ُ
ُ عملت ،هل أكون
َ املناجم حيث
عليك ،إّّنا أقول إ ّن ِمن األفضل إرسايل إىل مكان آخر ،حيث ال خطر
أود احلُكم َ
«أان ال ُّ
يتعرض الختبار قاس ج ّداً». ِ
لدي أن ّ على القليل من الفضيلة الذي ّ
كنت يف
أرسلك أبداً إىل بثينيا أو ميسيا ،حيث َ
َ أنت َحت ُكم حبكمة وفطنة .ألجل ذلك ال«ها َ
روحك حتت ضغط
َ تتمىن الذهاب إىل هناك .قد َِّتد
ك ،روحيّاًّ ،
حّت إىل سينتيوم ،رغم أنّ َ
السابق ،وال ّ
إرسالك إىل حيث اجعك روحيّاً .إذن فالفطنة تقتضي عدم
يؤدي إىل تر َ ِ
َ كبري من القسوة البشريّة الذي ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 755 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
ونفسك.
َ إرسالك إىل مكان آخر فيه مصلحة يل ولِنَفس القريب
َ ال تكون ذا فائدة ،بينما أستطيع
أليس كذلك؟»
مهمة خارج فلسطني. يوحنّا ،اجلاهل مصريه ،ال يُد ِرك تلميحات يسوع إىل إمكانيّة إرساله يف ّ
بكل أتكيد اي معلّم ،إنّين يَدرس يسوع وجهه ويراه ساكناًُ ،مغتَبِطاً ابالستماع إليه ،حاضراً ّ
للردّ « :
"أود لو أذهب وسط الوثنيّني،لتُّ :
أكون أكثر فائدة يف موضع آخر .أان نفسي ،منذ بضعة ّأايم قُ ُ
مت نفسي على ذلك قائالً" :وسط الوثنيّني ،نعم، ِ
كنت مثاالً سيّئاً"َ .ولُ ُ
ألكون مثاالً صاحلاً حيث ُ
حّت على اجلبال ِ
لك هناك من اإلسرائيليّني اآلخرين .بينما يف سينتيوم ،ال ،وال ّ أل ّن ال حت ّفظات َ
عشت مثل ُمكوم عليه ابألشغال الشاقّة وذئب ،يف مناجم الرصاص ،ويف مقالع قفرة ،حيث الـم ِ
ُ ُ
حّت على سبيل التعطّش إىل التضحية املطلقة. ميكنك الذهاب إىل هناك ،وال ّ َ الرخام النَّفيس .ال
ُّ
ِ
فحّت ولو مل يُلقوا أبنفسهم
عليكّ ،
ف الناس َ تعر َ
جراء الذكرايت الرهيبة ،وإذا ما َّ فقلبك يَضطَ ِرب من ّ
َ
عليك ،فسيقولون" :اصمت اي َُم ِرم .ال ميكننا االستماع َ
إليك ،وعبثاً يكون ذهايب إىل هناك" .هذا َ
ما قُلتُه لنفسي .وهي فكرة صائبة».
«آه! نعم! اي له ِمن سالم! ليتين أعيش مائة عام هنا ،سيكون هو هو على الدوام .إنّه سالم
هتز
حّت إىل احلياة األخرى أمحله ...ما زالت الذكرايت ّ مضيت فسأمحله معيّ ، ُ فائق الطبيعة .ولو
مشاعري ،واإلساءات تؤملين ،فأان إنسان .ولكنّين مل أعد قادراً على ال ُكره ،إذ قد أصبَ َحت الكراهية
كنت أنظُر ِ
لدي نفور من املرأة ،أان الذي ُ حّت يف آاثرها السحيقة .مل يعد ّ عقيمة هنا ،وإىل األبدّ ،
علي احرتامها
ضت َّ ك خارج املوضوع .فهي قد فَـَر َ كأّنا أكثر حيواانت األرض جناسة وحقارة .أ ُّم َإليها و ّ
ُيب ال ن مو يسة. د
ّ الق أة
ر امل ا ّن
ّ إ أة،
ر امل طر مذ رأيتُها ،ذلك أنّين رأيتُها ُمتلفة عن كل النساءّ .إّنا عِ
ّ َ ّ ُ
عطر الزهور األكثر طُهراً؟ ولكن كذلك النساء األخرايت ،التلميذات الصاحلات ،العطوفات،
لكالواب ،وأليز ،الكرميات كمرمي اجملدليّة ،تلك اليت كان هن الثقيل ،كمرمي اليت ِ
ّ الصابرات حتت محل ِهّ ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 756 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
الر ِاجح والثقة
تَبدُّل حياهتا ُمطلَقاً؛ اللطيفات والطاهرات مثل مرات وحنّة؛ الوقورات والذكيّات ،ابلفكر َّ
أفضل.
لك أ ّن سينتيكا هي اليت ّ َعد َن الوفاق بيين وبني املرأة .أعرتف َ ابلنفس مثل سينتيكا ،قد أ َ
كل هذا يتيح يل شفافية روحها ّتعلها عزيزة على قليب ،وتَشابُه الظروف :هي خادمة وأان ُمكومّ ،
ست
عين .فسينتيكا هي راحيت .ل ُ اختالفهن ّ
ّ علي ّتاه األخرايت نتيجة حرم َّاالطمئنان إليها ،وهو ال ُـم َّ
إيل ،وكيف أراها .أان العجوز ابملقارنة هبا ،أراها لك ابلتحديد ما تكون ابلنسبة َّ أدري كيف أقول َ
يت أن تكون يل ...أان ،املريض الذي تداويه حبنان كثري، كنت قد متنّ ُ
كابنة ،ابنة حكيمة وَمتهدةُ ،
كل
األم يف ّ
وحبثت عن املرأةّ - ُ بكيت أ ُّمي وافتقد ُهتا طوال حيايت، ُ أان ،الرجل احلزين واملنعزل الذي
حلمت به ،وعلى رأسي املتعب ونفسي املاضية ُ النساء ،دون أن أجدها ،وها أان أرى فيها احللم الذي
األمومي ...فََرتى أنّين إبحساسي يف سينتيكا بِنَـ ْفس اإلبنة احلنان ندى حبلول س إىل مالقاة املوت ،أ ِ
ُح
ّ ُّ
صلَت يل ِمن املرأة .وإذا ما كل اإلساءات اليت َح َ س فيها كمال املرأة ،وبسببها ،أَص َفح عن ّ
ِ
األم ،أُح ُّ
و ّ
ت ِ
س أنّين أصفح عنها ،فلقد أصبَح ُ صلَت الصدفة املستحيلة ،وقامت زوجيت البائسة اليت قَـتَلتُها ،أُح ُّ َح َ
احلارة عندما َهتِب ذاهتا ...إن يكن ذلك يف اخلري أَم يف العطفّ ، اآلن أفهم النَّفس األنثويّة ،سهلة َ
الشر».
ّ
لك يف ما بقي ِمن
كل هذا يف سينتيكا .ستكون رفيقة صاحلة َوجدت ّ َ ك
يسرين كثرياً أنّ َ
« ّ
حياتك ،وستفعالن معاً خرياًكثرياً .ألنَّين سوف أجعلكما تعمالن معاً»...
َ
ُميعن يسوع النَّظَر َم ّدداً يف يوحنّا .إّّنا ال إشارة إىل استفاقة انتباه التلميذ الذي هو ،مع ذلك،
لست أدريُ .ج َّل ما أعرفه هو أ ّن
حّت اللحظة احمل ّددة؟ ُ
ليس سطحيّاً .أيّة رمحة إهليّة تغشى حكمته ّ
خدمتك أبفضل ممّا نستطيع».
َ يوحنّا يبتسم قائالً« :سوف نَعمل على
أسأت يتحرر بِ ِ
إين ُ ريب! أإىل أنطاكية؟ قُل يل ّ قوة من عناق يسوعّ « . ريب!» يَهتف يوحنّا وهو َّ ّ «ّ
التوسل ،كذلك وجهه الذي ال َفهم! قُل يل ذلك رأفة يب! »...إنّه واقف ...ويف عينه الوحيدة ُك ّل ُّ
الرماد ،ويف شفتيه اللتني ترّتفان ،ويف يديه املرّتفتني واملمت ّدتني إىل األمام ،ورأسه املنحين
أصبَ َح بلون َّ
إىل األرض ،كما لو أ ّن اخلرب قد أّنكهُ.
ُحزن يوحنّا مؤثّر ج ّداً يف احلقيقة .يُفلِت قليالً ِمن العِناق ،ويَهتف يف وجه يسوع ،ووجهه تُبلّله
ك م ّين ،ايأغضبَ َ
جانبك!! ما الذي َ َ الدموع اليت تسيل على خ ّديه النحيلني« :آه! مل تَـعُد تريدين إىل
عذابً ،تنتابه نوابت يهزه بكاء مؤثّر ج ّداًُ ،م َّ لة،والطا على بنفسه ي سيدي؟» ُث يفلِت متاماً ،وي ِ
لق
ّ ُ ُّ ّ
ومتمتِماً« :تطردين ،تطردين ،ولن أر َاك بَ ُ
عد أبداً»... بكل مالطفات يسوعُ ،
ٍ
ُسعال ،غري ُمبال ّ
جلي ويُصلّيُ ...ثّ َخي ُرج على مهل ،ويَرى عند َعتَـبَة ابب املطبخ مرمي مع
يتأ ّمل يسوع بشكل ّ
مرغزايم ،الذي فَ ِزع ِمن ذلك البكاء ...ابإلضافة إليهما ،هناك سينتيكا ِ ،
املتفاجئة هي كذلك« .اي
أ ُّمي ،تعايل هنا حلظة».
يَرفَع يوحنّا وجهه املضطَ ِرب ويَهتف« :إنّه يُبعِدين! ...سوف أموت وحيداً يف البعيد ...آه!
اقرتفت؟
ُ كان إبمكانه االنتظار بضعة أشهر ،ويَ َدعين أموت هنا .ملاذا هذا العقاب؟ ما اخلطيئة اليت
حّت بعد ذلك »...ويعود لريمتي
حّت بعد ذلكّ ... نحي هذا السالمّ ، لك املتاعب؟ ملاذا َم َ
بت َ
هل سبّ ُ
على الطاولة ،وهو يبكي بشكل أش ّد ،وينهج (يلهث)…
لك إىل البعيد ،هو لك أ ّن أحد األسباب اليت ِمن أجلها أ ِ
ُرس َ سراً ،ألشرح َ لك ذلك ّ لت َ«قُ ُ
كل الذين ال أريد هلم أن يَضطَ ِربوا بشكل يفوق املصري. هذا ثلهذا .ولن تكون الوحيد الذي َُيظَى مبِِ
ّ
احلب؟»...
لك ذلك تقصرياً يف ّ قدراهتم ،سوف أُبعِدهم َسلَفاً .وهل يبدو َ
مشيئتك».
َ فأفقدك متاماً .أقول يف صاليت الرّابنية (أابان) :لتكن
َ «أثور؟ أبداً!
«حبراً .هل ِ
أنت خائفة؟»
ك أنت من ي ِ
رسلنا ،وهذا سوف ُيمينا».«ال اي سيّدي .إنّ َ َ َ ُ
وحّت ِ
ومّت ،من هنا ّ
وي وابين زبدى واندراوس َّخ َّ
«سوف تذهبان مع مسعان ومسعان اآلخر وأ َ
ستوضع الصناديق ونول صنَعتُه ِ
لك اي سينتيكا ،وبعض األغراض َ بطوملايس (عكا) على عربة ،حيث
َ
املفيدة ليوحنّا»...
أت نفسي للفراق .العيشرت شيئاً ما لدى رؤييت الصناديق والثياب ،وهيّ ُ
تصو ُ
كنت قد ّ «أانُ ،
دعم شجاعة يوحنّا. ِ
تماسك لتَ َ
هنا كان َجيالً ج ّداً! »...وبكاء َحبَ َسه َكسر صوت سينتيكا .ولكنّها تَ َ
وتَسأل بصوت استعاد ثباته« :مّت سنمضي؟»
عين»... ِ
« ُخذ اي يوحنّا .ستأكله عوضاً ّ
«ولكن ال ،اي َولَدي! ملاذا؟»
أنت
«أل ّن يسوع قال إ ّن مقدار ملعقة عسل ُمقدَّس ميكنه أن مينح السالم واألمل حملزونَ .
كل املواساة».
لك ّ
كل العسل لتكون َ أعطيك ّ
َ حزين ...وأان
ابلفعل ،إ ّن اليواننيّة تبكي اآلن بدون صوت ،بينما هي َّت َمع ُكتُب يوحنّا اليت يالمسها مرغزايم،
لكن سينتيكا َُت ُرج حاملة لفائف كثرية ،وتتبعها و كذلك. هو البكاء، يف كبرية برغبة اآلخر، لوالواحد تِ
ّ
مرمي ومعها وعاء العسل.
ت
الصيب ،إ ّن هذا كالم املعلّم .قاله عندما كن َ
ّ هاك أيّها
لدي نُسخة أخرىَ ...
«نعم ...فأان ّ
ومن
أمامكَ ...
َ أجلك ،أل ّن احلياة
َ كنت أريد االستمرار يف كتابته ِمن
غائباً ،وكالم آخر كذلكُ ...
بشرّ ...أما أان فلم يـَعُد إبمكاين فِعل ذلك ...اآلن أان َمن سيبقى بدون كالمه»...
يدري كم ستُ ِّ
ويَشرع ابلبكاء بش ّدة.
ورجويل يف مظهره اجلديد .يتعلّق بِعُنق يوحنّا ويقول« :اآلن أان َمن سيكتبه ِمن
ّ مرغزايم لطيف
لك ...أليس كذلك اي معلّم؟ هذا ممكن ،أليس كذلك؟» أجلك ،وسأ ِ
ُرسله َ َ
بكل أتكيد ،هذا ممكن .وسيكون فِعل ذلك ِمن قَبيل احملبّة العظيمة».
« ّ
ك كثرياً،
«سأفعلها .وعندما أكون غائباً سأجعل مسعان الغيور يفعلها .إنّه ُيبّين كثرياً ،وهو ُيبّ َ
وسيفعلها لِيُظ ِهر لنا احملبّة .ال تعد تبكي إذن .بعد ذلك سآيت ألر َاك ،أان ...فحتماً لن تذهب إىل
البعيد البعيد»...
الصيب وثـَبَطت عزميته .ولكنّه يعود ليتمالك نفسه بصفاء الطفل اجلميل الذي يبدوخاب أ ََمل ّ
أنت إىل هناك ،سوف أمت ّكن أان ِمن الذهاب مع أيبُ .ثّ ...سوف كل شيء سهالً« .كما تذهب َ له ّ
نتكاتب .وعندما يقرأ املرء الصفحات املق ّدسة ،فكأنّه يكون مع هللا ،أليس كذلك؟ إذن ،فعندما يقرأ
ومن َكتَـبَها .هيّا بنا ،تعال معي جانباً»...
بَ ،
املرء رسالة ما فكأنّه يكون مع َمن ُُي ّ
أرسلت يف طلبهم».
ُ عما قريب سيصل إخويت مع الغيور .فلقد
«نعم ،هيّا بنا اي يوحنّاّ .
«هل يَعلَمون ذلك؟»
يقول يسوع:
نت مكان إقامة يوحنّا ابألَساء املستخدمة حالياً .هناك َمن «لكي أُح ِّدد لل ُقراء مكاانًُ ،
كنت قد عيَّ ُ
اعرتض على ذلك .وها إنّين اآلن أُح ِّدد" :بيثينيا أو ميسيا Bithynieأو ِ "Mysieمن أجل الذين ََ
ولكن هذا اإلجنيل هو ِمن أجل البسطاء والصغار ،وليس ِمن أجل األحبار الذين، يَبغُون التسميات القدميةّ .
لدى الغالبيّة منهم ،هذا األمر غري مقبول وال طائل منه .البُسطاء والصغار َسيُد ِركون تسمية "األانضول"
ِ" "Anatolieأكثر ِمن "بيثينيا وميسيا" .أليس كذلك اي يوحنّاي الصغري ،اي َمن تبكني ألمل يوحنّا
كاألندوري؟ إ ّّنا هناك كثريون على شاكلة يوحنّا األندوري يف العا َمل! إهنّم اإلخوة احملزونون الذين جعلتُ ِ
ّ ّ
رسلي بعيداً عن املعلّم، ِ
تتألّمني من أجلهم العام املاضي ..اراتحي اآلن ،اي يوحنّاي الصغري ،اي َمن ال ولن تُ َ
بل على العكس ،ستكونني على الدوام أكثر قرابً.
وبذلك تنتهي السنة الثانية من التبشري واحلياة العلنيّةَ :سنَة الرمحة ...وال ميكنين ّإال أن أُرِّدد الشكوى
تستمر يف عملها.
ّ كل العوائق
اليت كانت لدى انتهاء السنة األوىل .ولكنّها ال تعين الناطقة ابَسي ،اليت ،رغم ّ
يف احلقيقة لن يكون "العظماء" بل "الصغار" هم الذين سيتَّبِعون دروب البطولةِ ،
غامرين ّإايها بتضحياَتم، ُ ّ ُ
"الصغار".
الو َدعاء ،أنقياء القلوب والعقولّ .
سطاءُ ،"الصغار" أعين البُ َ
حت ال ُمث َقلني منهم نأمور كثريةّ .
ّ
كل الذين يُشبِهونَكما" :تعالوا َّ
إيل ماراي ومعكما ّ
الصغار ،أقول لكم ،اي روموالدو واي ّ
وأقول لكم ،أيّها ّ
قصيدة اإلنسان -اإلله /ماريا فالتورتا (الجزء الرابع)
Page 766 of 767 آخر تحديث 06.06.17 :
لتسمعوا أيضاً وعلى الدوام ال َكلِ َمة الذي يُكلِّمكم ألنّه ُحيبّكم ،والذي يُكلِّم ُكم ليبارككم .ليكن سالمي
معكم"».