You are on page 1of 225

‫"الفصل األول"‬

‫الحـب و الحـرب ‪ ،‬الفرق بينهما حرف و الحـرف قليل ‪ ،‬قد يُخلق من الحـرب أروع قصص للحـب ‪ ،‬و قد تشتعل داخلك حرب من أجل الحب‬
‫‪ ،‬أما عن ذاك الحـب الذي يسري فـي دماء المناضل أثناء الحـرب فهـو قس ًما أعظم حـب قد نراه ‪ ،‬حب يدفع إلى كل جميل ‪ ،‬حب يجعل منـك‬
‫شيئًا ذا قيمة ‪ ،‬حب يزرع فيك كـل طيب ‪ ،‬حب تبتسم له ابتسامة عشق و أنت تودع تلك الحياة ‪.‬‬
‫‪............. ............... ............. .............‬‬

‫ليلة النصف من شعبان ذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت هللا الحرام ‪ ،‬هناك في بيت كبير على الطراز الحديث بإحدى المناطق‬
‫السكنية بالمنصورة‬
‫‪-‬آآآآه الحقني يا أحمد أنا بولد ‪ ،‬وديني للدكتور بسرعة ‪ ،‬آآآآآه‬
‫أحمد وقد بلغ به القلق مبلغة ‪:‬‬
‫حاضر حاضر يا حبيبتي ‪ ،‬ها أنادي ماما ناهد و ننزل ً‬
‫حال‬
‫‪-‬أحمد و هو يطرق باب غرفة والدته ‪:‬‬
‫ماما منى بتولد ‪ ،‬تعالي بسرعة عشان ننزل للدكتور ‪ ،‬أنا مش عارف أعمل إيه و هي بتتألم على آخرها فوق‬
‫ناهد وقد هبت واقفة من على سجادة الصالة ‪:‬‬
‫طب انزل إنت يا ابني شغل العربية و أنا ها أطلعلها‬
‫‪............. ............. ........... ............ ...........‬‬
‫‪-‬ما شاء هللا ‪ ،‬تبارك هللا ‪ ،‬ربنا رزقك بنت زي القمر يا أحمد‬
‫أحمد وقت تهللت أساريره و أدمعت عيناه‪:‬‬
‫بجد يا ماما ‪ ،‬طب أنا عايز أدخل أشوفها و أشوف منى‬
‫‪-‬ادخل يا حبيبي ‪ ،‬منى شايالها جوه‬
‫أحمد و هو يقبل جبهة زوجته‪:‬‬
‫حمد هللا على سالمتك يا حبيبتي‬
‫منى وهى تعطي له الصغيرة ‪:‬‬
‫ربنا يسلمك يا حبيبي ‪ ،‬ها نسميها إيه‬
‫‪-‬جهاد إن شاء هللا ‪ ،‬و نربيها على شرع ربنا عشان حياتها تبقى كلها جهاد و ربنا ينفع بيها األمة‬
‫ثم أخذ يؤذن في أذن الصغيرة و هو ممسك بيدها بين أصابعه‬
‫‪............. ............ ............. ............. ............‬‬
‫أحمد ‪ ...‬مهندس معماري يبلغ من العمر ثالثين عا ًما تزوج من منى التي تخرجت من كلية العلوم لكنها آثرت التفرغ لبيت الزوجية على العمل‬
‫‪ ،‬يعيشان معًا في بيت كبير حيث والده الحاج مصطفى و والدته السيدة ناهد بالطابق األول و هو و زوجته بالطابق الثاني ‪ ،‬يمتلك أحمد أخ و‬
‫أخت ‪ ...‬محمود و هو متزوج من سالي و يسكنان في بيت بالجوار و فاطمة و هي األخت الكبرى متزوجة في قاهرة المعز ‪.‬‬
‫‪............... ............ ............ ............. ..........‬‬
‫‪-‬جهاد وهي تهبط الدرج باندفاع ثم تدخل إلى الطابق الذي به جدها‪:‬‬
‫جدو ‪ ،‬تيتا ! أنا نجحت ‪ ،‬أنا جبت ‪٪ ٩٩,٨‬‬
‫‪-‬الجد و قد قام من مجلسه و احتضن جهاد ‪:‬‬
‫هللا أكبر هللا أكبر ‪ ،‬ما شاء هللا ‪ ،‬أنا كنت عارف إن ربنا ها يكرمك يا حبيبتي‬
‫‪-‬ناهد و هي تحتضن جهاد هي األخرى ‪:‬‬
‫ألف مبروك يا قلب تيتا ‪ ،‬دا إحنا النهارده عندنا فرح ‪ ،‬ربنا يكتبك من الناجحين داي ًما يا بنتي‬
‫‪-‬أحمد و هو يدخل إلى المجلس ‪:‬‬
‫طبعًا طب من غير ول كلمة يا دكتورة جهاد‬
‫‪-‬جهاد و هي تنظر لوالدها‪:‬‬
‫في الحقيقة ل يا بابا مش ها أدخل طب ‪ ،‬أنا عايزه أدخل تربية‬
‫‪-‬الجميع وقد أصابتهم الدهشة ‪:‬‬
‫تربية!!!!!!‬
‫‪-‬تربية إزاي يعني يا جهاد ‪ ،‬تبقي جايبة ‪ ٪٩٩,٨‬و تدخلي تربية ‪ ،‬ل طبعًا‬
‫‪-‬جهاد و هي تنظر بعيدًا كأنها ترى صورة للمستقبل‪:‬‬
‫عايزة أدخل تربية و ربنا ها يوفقني إن شاء هللا و أطلع األولى كل سنة و أتعين معيدة و بعدين دكتورة في الجامعة ‪ ،‬عايزة أدرس للطلبه اللي‬
‫هايبقوا مدرسين في المستقبل ‪ ،‬نفسي أبني جيل صح ‪ ،‬ها أدخل وها أحاول أدرس كتير عن التاريخ اإلسالمي و أزرع فـ عقول الطلبه التاريخ‬
‫دا كله ‪ ،‬و أخليهم يفخروا بأمة اإلسالم ‪ ،‬و يقتدوا بالصحابة العظماء ‪ ،‬بحلم أشوف جيل إسالمي ‪ ،‬و بدعي ربنا إني أشارك في بناء الجيل دا ‪،‬‬
‫عايزة أغير فكرة إن كل الدكاترة بيخوفوا الطالب وبس ‪ ،‬ل أنا عايزة أصاحبهم ‪ ،‬عايزة أزرع فيهم التربية و األخالق قبل التعليم ‪ ،‬لو دخلت‬
‫طب ممكن آه أبقي دكتورة في الجامعة لكني هاأدرس لدكاترة مش لمدرسين ‪ ،‬و أنا عايزة التأثير يبقى كبير ودا هايكون من خالل المدرسين‬
‫ألنهم هايطلعوا األجيال الجديدة ‪ ،‬يمكن نقدر نبني جيل يرجع لينا العزة و يحرر األقصى ‪ ،‬فهمتوني يا جماعة !‬

‫صمت الجميع ‪ ،‬فكلهم قد تأثروا بكالمها ‪ ،‬و اشتاقوا هم أيضًا لرؤية هذا الجيل اإلسالمي‪.‬‬
‫أحمد و هو ينظر إلى فتاته بإعجاب ‪:‬‬
‫تعرفي يا جهاد ! إحنا صحيح ربنا ما أردش إننا نخلف غيرك ‪ ،‬لكنه الحمد هلل كافئنا بيكي يا بنتي ‪ ،‬فيكي كل حاجة أنا اتمنيتها تكون في ولدي‬
‫‪ ،‬رقة البنت و شهامة الولد ‪ ،‬حنان األنثى ‪ ،‬و كفاح الشاب ‪ ،‬الطموح و اإلجتهاد ‪ ،‬التفوق و التواضع ‪ ،‬ربنا يحفظك لينا يا بنتي ‪ ،‬إنت و هللا‬
‫بكل العيال اللي كنت بتمناهم ‪ ،‬ربنا يبارك لينا فيكي ‪ ،‬ادخلى تربية و كوني زي ما إنت رسمه يا جهاد ‪ ،‬ربنا يوفقك ‪ .....‬ثم قام و احتضن ابنته‬
‫و عيناه تتألأل بهما دمعات الفخر و الحب و الحمد هلل ‪ ،‬و كذلك أعينهم جمي ًعا ‪.‬‬
‫‪.......... ............. ........... ........... ..........‬‬
‫‪-‬نضال ‪ ،‬يا نضال ! اصحى بقى أل و هللا أروح أنادي ماما و هي تصحيك بطريقتها ‪.‬‬
‫‪ -‬نضال و قد فتح عينيه فجأة‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬كله إل ماما هللا يكرمك دي ماعندهاش غير الميه الساقعة‬
‫‪-‬هههههههه ناس مابتجيش غير بالعين السخنة ‪ ،‬مغلبني بقالك ساعة و أول ما قولت ماما فوقت على طول‬
‫نضال و هو يقفز من على الفراش‪:‬‬
‫بتتريقي عليا يا هناء ‪ ،‬طب تعاليلي بقى‬
‫‪-‬هناء و هي تفر هاربه من غرفته ‪:‬‬
‫لاااااااا ‪ ،‬الحقيني يا ماما ابنك بقى دكتور و برده مش راضي يعقل‬
‫و ظل نضال يجري خلفها حتى أمسكها من خصرها و حملها على كتفه ‪:‬‬
‫بتخوفيني بماما يا بت و بتقولي عليا مش عاقل يا بتاعة أولى ثانوي‪ ....‬يابت دا أنا لو كنت اتجوزت كان زماني جبت عيال أكبر منك‬
‫‪-‬هناء وهي تضرب فيه بقدميها و تضحك بشدة ‪:‬‬
‫و أنا مالي يا عم ‪ ،‬حد قالك ماتتجوزش ‪ ،‬واحد مخلص طب و اتعين معيد فـ كلية و مش راضي يتجوز ‪ ،‬دا عيب فـ حقك يا أخي ‪ ،‬دا البنات‬
‫بيجوا يخطبوك يا جدع ‪ ،‬وانت حجر ول بتتأثر ‪ ،‬ههههههههههه‬
‫‪-‬نضال و قد أخذ يدغدغ أخته بشده حتى تكف عن الحديث‪:‬‬
‫إنت مالك و مال الحوارات دي يا بت ‪ ،‬دا أنا لسه شاريلك مصاصة إمبارح بتتكلمي في الجواز النهارده ‪ ،‬ل دا إنت حسابك تقل ‪ ،‬أنا ها أفتح‬
‫باب البلكونة و أرميكي في الشارع و نرتاح منك ومن لماضتك ‪ ......‬و أخذ نضال يتجه إلى باب البلكونه فعليا‬
‫‪-‬اعقل يا نضال ‪ ،‬الحقووووووني ‪ ...‬يا ابني أنا بالبيجامة والناس زمانهم زي الرز في الشارع ‪ ،‬ربنا يهديك‬
‫نضال و قد ترك باب البلكونه و أنزلها أرضًا ‪:‬‬
‫يوووه ‪ ،‬مش ها ينفع أرميكي بقى و إنت كده ‪ ،‬ابقي غلسي عليا المرة الجاية و إنت لبسه عباية علشان أرميكي فـ الشارع على طول‬
‫‪-‬هناء و قد أخذت تهندم مالبسها ‪:‬‬
‫يا نهاري ع الرخامة يا ابني ‪ ،‬ايه دا !! هللا يكون في عونها وهللا‬
‫‪-‬بت ! إنتي مش ناوية تتلمي طب خد‪.........‬‬
‫‪ -‬يا عيال صوتكوا ها يوقع البيت علينا ‪ ،‬انتم مش هاتبطلوا مناقره فـ بعض أبدًا ‪ ،‬يا ابني إنت كبرت بطل شغل العيال دا‬
‫‪-‬نضال و قد اتجه إلى والدته و انحني يقبل رأسها‪:‬‬
‫إيه ياست الكل ‪ ،‬ما إنت عارفه ابنك عمره ما هيعقل أبدًا ‪ ،‬ههههههه‬

‫‪-‬يا أخي اللي يشوفك و إنت أهبل كدا ما يشوفكش و إنت واقف ع المنبر بتخطب ‪ ،‬سبحان هللا بتتحول !‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر إلى مصدر الصوت ‪ ،‬و هو أخيه األوسط بينه و بين هناء ‪:‬‬
‫يا مرحب ‪ ،‬البيه بتاع هندسه شرف هو كمان ‪ ،‬ايه اللي قومك من النوم يا عباس‬

‫‪-‬فارس ‪ ،‬وقد تصنع الغضب‪:‬‬


‫عباس في عينك يا سيادة الشيخ ‪ ،‬اسمي بشمهندس فارس يا بابا‬

‫‪-‬نضال و هو يكور قبضته و يتصنع أنه يوجهها في وجه فارس‪:‬‬


‫أنا مش شيخ يااض ‪ ،‬سامع ول أعورك‬
‫‪-‬بس دوشه بقى يا عيال ‪ ،‬روحوا طلعوا الفطار من المطبخ ع السفرة على ما أنادي على باباكم‬

‫‪-‬الجميع في صوت واحد ‪:‬‬


‫حاضر يا ست الكل‬
‫‪............ ........... ......... .......... .........‬‬
‫و مرت أربع سنوات ‪ ،‬تقلبت فيهم األقدار ؛ هناك من اقترب و هناك من ابتعد ‪ ،‬من فاز و من خسر ‪ ،‬من غادر و من أتى ‪ ،‬هي األيام تمضي‬
‫كالبرق تؤثر بنا دون أن نشعر ‪ ،‬تمضي األعمار سريعًا ‪ ،‬باألمس كانوا يهندمون ثيابنا ألنه اليوم األول لنا في المدرسة ‪ ،‬واليوم نهدم نحن ثيابنا‬
‫ألنه اليوم األخير لنا بالجامعة و ما بين هذا اليوم و ذاك مئات األيام التي سطرت داخلنا شيئًا من األمل و األلم ‪ ،‬شيئًا من المنحة و المحنة ‪،‬‬
‫شيئًا من الخير و الشر ‪ .....‬إنها األيام تُفنينا و نفنيها‬
‫‪...‬‬
‫‪.............. ............ ............. ............. ...........‬‬
‫أخيرا بقى‬
‫ً‬ ‫‪-‬أنا مش مصدقة نفسي يا بت يا وسام ‪ ،‬أنا خالص حفلة تخرجي النهاردة ‪ ،‬يااااااااااه‬
‫‪-‬أيوا يا أختي أربع سنين عدوا هوا ‪ ،‬يابختك بقى هاتتخرجي وأنا لسه قاعدة‬
‫‪-‬جهاد و هي تتصنع السخط‪:‬‬
‫أيوا القر هايشتغل بقى ‪ ،‬هانروح نالقى الكلية والعة و الدفعة متفحمة‬

‫‪-‬وسام و قد أخذت تضحك من طريقة جهاد ‪:‬‬


‫ل يا أختي أنا مش بقر ول حاجة ‪ ،‬أقر على إيه يعني ‪ ،‬على إنك هاتتخرجي ول على إنك هاتتكرمي بصفتك األولى أربع سنين ‪ ،‬ول إن‬
‫التعيين في الكلية هايجيلك كمان شهر‬

‫‪-‬جهاد و قد تظاهرت أنها تخنق وسام ‪:‬‬


‫دا كله ومش بتقري يا بومة ‪ ،‬هللا يسامحك هايجيلي كساح مش هاأعرف أطلع من البيت ‪ ،‬حد قالك تتدبسي فـ صيدلة ياأختي ‪ ،‬مطحونة‬
‫وبتطلعي بجيد جدًا بالعافية يا عيني‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬كان يوم أبيض يوم ما دخلتها ‪ ،‬أنا بكفر فيها عن ذنوبي ذنب ذنب أقسم باهلل‬

‫‪-‬جهاد و هي تضع اللمسات األخيرة على حجابها ‪:‬‬


‫بت يا وسام بصي كدا ‪ ،‬إيه رأيك ‪ ،‬اللبس حلو !‬

‫‪-‬وسام و قد قامت من مجلسها على سرير جهاد ثم اتجهت إليها ‪:‬‬


‫ما شاء هللا ‪ ،‬تبارك هللا ‪ ،‬زي القمر يا جهاد ‪ ..‬اللهم بارك ‪ ،‬ربنا يحميكي يا حبيبتي يارب و يرفعك داي ًما‬
‫ثم احتضنت كل منهما األخرى بقوة ‪ ،‬فكان هذا العناق أبلغ من كلمات اللغة كلها ‪ .....‬عناق بين فتاتين لم تنفصال أبدًا منذ الطفولة ‪ ،‬اختلفتا في‬
‫الدراسة الجامعية لكنهما لم يبتعدتا أبدًا ‪ ،‬فكانا خير عون لبعضهما‬
‫‪............ .......... ........... .......... ..........‬‬
‫شطرا في هذه الحياة ‪ ،‬هو اليد‬
‫ً‬ ‫الصديق ‪ ......‬هو روحك في جسد آخر ‪ ،‬هو أنت ‪ ،‬إنعكاس لصورتك ‪ ،‬شخص أهداه لك الرحمن ليكون لك‬
‫التي تمتد إليك عندما تتعثر ‪ ،‬هو بسمتك عند األلم ‪ ،‬هو دمعة فرحتك ‪ ،‬هو أملك عندما يحيط بك اليأس ‪ ،‬هو الختالف الذي تعشقه و ل تنفر‬
‫منه ‪ ،‬هو من تحلو معه الحياة ‪ ،‬يؤثرك على نفسه و تؤثره على نفسك ‪ ،‬شخص تتجرد أمامه من كامل زينتك المعنوية و المادية دون أن تخجل‬
‫‪ ،‬شخص رأى أسوأ ما بك ول زال يحبك ‪ ،‬يصون غيبتك ‪ ،‬ل ينساك و إن باعدت بينكم سنوات ضوئية فأنت محفور في جدار قلبه ‪.‬‬
‫و هكذا كانت العالقة بين جهاد و وسام ‪ ،‬كانتا رو ًحا واحدة في جسدين‬
‫‪............ .......... ........... .......... ..........‬‬
‫خمارا من اللون األوف وايت ‪ ،‬كانت أشبه بأميرة متوجة ‪ ،‬فجهاد على درجة كبيرة من الجمال ‪،‬‬
‫ً‬ ‫كانت جهاد ترتدي فستانًا من اللون الوردي و‬
‫متوسطة الطول و الوزن ‪ ،‬شديدة البياض تسري الحمرة في و جنتيها ‪ ،‬تمتلك عينين واسعتين شديدتا السواد ‪ ،‬يلمعان من شدة سوادهما ‪ ،‬و‬
‫ً‬
‫جمال فوق جمالها‪.‬‬ ‫لديها غمازتان ترقص عليهما الفراشات ‪ ،‬إنها أية في الجمال حقًا و زادها الحجاب‬

‫"الفصل الثاني"‬

‫بُـعد الحبيـب عن الحبيـب مميـت ‪ ،‬هنـاك أرواح ُخلقـت حتى تجتمع ‪ ،‬و إذا انفصلـت تلك األرواح تعبـت األجساد من شدة الشوق ‪ ،‬قـد تحول‬
‫األقدار دون اللقاء و لكـن القلوب المؤمنة تظل واثقة أن الودود قادر على جمعهم و اتصالهم ‪.‬‬
‫‪...... ... ......... .......... ........... ............‬‬
‫األم تجلس في الصالون و إذا بنضال يخرج من غرفته إليها‪:‬‬
‫‪-‬بقولك إيه يا أم نضال ‪ ،‬ادعي لنضال عشان النهارده أول محاضرة ليه كـدكتور مش معيد ‪ ،‬ادعيله أل يتلخبط و هو بيشرح للعيال و يشرحلهم‬
‫كيفية عمل المكرونة بالباشمل بدل الطب‬
‫‪-‬هههههههههه ‪ ،‬بقى إنت دكتور في الجامعة إنت ‪ ،‬مش عارفه يا ابني إنت بتدرس للعيال إزاي بس‬

‫‪-‬نضال و قد أخذ يحرك جفنيه بطريقة مضحكه‪:‬‬


‫بالحب يا حجه وفاء ‪ ،‬بالحب‬

‫‪-‬طب و الحب دا مش راضي يميل على واحده كدا ول كدا و تريحني بقى ‪ ،‬نفسي أفرح بيك يا نضال‬

‫‪-‬طب بزمتك يا أمي فيه واحدة عاقلة ترتبط بدكتور جراح ‪ ،‬دا ممكن تصحى الصبح تالقية فاتحلها بطنها و شايلها المعده ول حاجة‬
‫‪-‬األم و قد ظهرت نبرة الحزن في صوتها ‪:‬‬
‫بطل هزار بقى يا نضال ‪ ،‬إنت مليون واحدة تتمناك و أنا زهقت من كتر رفضك للبنات اللي بقولك عليهم و كلهم بنات مايتعابوش ‪ ،‬بقى‬
‫مانفسكش تبني بيت اسالمي يا نضال و تحب و تتحب‬

‫‪-‬نضال و قد ظهرت على وجهة معالم الجدية ‪:‬‬


‫أكيد نفسي يا ماما ‪ ،‬و علشان نفسي فـ بيت اسالمي حقيقي الموضوع بيتأخر ‪ ،‬أنا ماينفعش أرتبط بأي بنت كويسه و خالص يا ماما الموضوع‬
‫أكبر من كدا ‪ ،‬بالش الموضوع دا بقى يتفتح تاني عشان خاطري ‪ ،‬و إنت إن شاء هللا ها تفرحي بيا يا ستي ما تقلقيش‬
‫‪-‬األم و هي تخرج تنهيده طويلة‪:‬‬
‫يارب قريب يارب‬
‫‪-‬نضال و هو يهب واقفًا ‪:‬‬
‫شوف أنا كنت جي أقولها إيه و هي كلمتني فـ إيه ‪ ،‬كدا كنت ها أتأخر على العيال من أول يوم و يقولوا عليا دكتور بطيخ ‪ .....‬بقولك إيه يا‬
‫ماما ‪ ،‬إيه رأيك فـ الطقم الجديد دا زي القمر صح‬

‫‪-‬ههههههه أيوا يا سيدي زي القمر و يال امشي من هنا ‪ ،‬ربنا يوفقك و يفتحها فـ وشك يا ابني و يكرمك‬
‫‪......... ......... ........... ...........‬‬
‫ً‬
‫طويال بعض الشيء ‪،‬‬ ‫نضال شاب طويل القامة قوي البنية يتمتع بجسد رياضي ‪ ،‬خمري البشرة ‪ ،‬شعره شديد السواد و النعومة ‪ ،‬ويتركه‬
‫ويتمتع بدرجة كبيرة من األناقة ‪ ،‬يعيش في األسكندرية مع أسرته ‪.‬‬
‫‪........ .......... .......... ......... ........‬‬
‫‪-‬نضال وهو يتحدث في الهاتف إلى صديقة بمزاح‪:‬‬
‫ألو ‪ ...‬أيوا يا سي محمد هو إنت يا ابني اتجوزت و خلفت و نسيتنا ول إيه ‪ ،‬كان ليك صاحب اسمه نضال يا عمنا‬

‫‪-‬حبيبي يا ابو الدكاترة وحشني وهللا يا ابني إنت فين و أنا أجيلك‬

‫‪-‬أنا في الجامعة لسة مخلص آخر محاضرة دلوقتي‬

‫‪-‬طب تمام و أنا خلصت في المستشفى أهو ‪ ،‬مسافة السكة و أكون عندك‬
‫‪.......... ......... ........... .......... ........‬‬
‫‪-‬نضال وهو يحتضن صديقة‪:‬‬
‫ً‬
‫أهال بالباشا ‪ ،‬إيه يا ابني هو إنت بيحبسوك في البيت ول إيه ‪ ،‬فين محمد الشقي اللي ما كانش بيبطل لف‬

‫‪-‬يا ابني أنا ما بصدق أخلص في المستشفى و أروح جري علشان أقعد مع العيال شوية ‪ ،‬قبل ما أنزل العيادة بالليل‬

‫‪-‬نضال بتفهم ‪:‬‬


‫ربنا يقويك يارب ‪ ،‬بس إنت بتوحشني و هللا يا جدع ‪ ،‬ما إنت عارف أنا مابستريحش في الحكي غير معاك‬

‫‪-‬محمد بمكر‪:‬‬
‫ما إنت لو اتجوزت مش ها تحتاجني يا حلو ‪ ،‬ها تالقي اللي تحكيلها كل حاجة‬

‫‪-‬نضال بملل‪:‬‬
‫ماتسيبك من السيرة دي يا محمد ‪ ،‬هللا‪ ...‬مش هاتبقى إنت و أمي بقى‬

‫‪-‬محمد بجدية ‪:‬‬


‫أنا مش بغلس وهللا يا نضال ‪ ،‬اتجوز يا صاحبي ‪ ،‬الجواز حلو‪ ،‬مسؤوليات لكن فيه مليون حاجة تانية حلوه ‪ ،‬بيت دافئ مش هاتالقي نفسك غير‬
‫فيه ‪ ،‬زوجة صالحه ها تهون عليك كل اللي يقابلك و تبقى مخزن أسرارك و المحفز بتاعك ‪ ،‬والذرية الصالحة اللي كنا طول عمرنا بنخطط‬
‫نربيهم تربية إسالمية يا نضال ‪ ،‬فاكر أحالمك عن مراتك و عيالك ‪ ،‬أنا عايز أعرف إيه خالك تغير رأيك كدا‬

‫‪-‬نضال و قد ظهر الحزن في صوته ‪:‬‬


‫إنت مفكر يعني إني مانفسيش أتجوز يا محمد ‪ ،‬و هللا أنا بحلم باليوم اللي ها ألقي فيه سكني ‪ ،‬يا ابني أنا لسه بكتبلها في مذكراتي كل يوم ‪ ،‬و‬
‫برسم في دماغي حاجات نعملها سوا ‪ ،‬بحبها ‪ ..‬بحبها أوي يا محمد و أنا حتى ماأعرفش هي مين ‪ ،‬مشتاق أوي إني أشيل ابني أو بنتي في ايديا‬
‫‪ ،‬تعرف يا محمد أنا عيال المنطقة اللي فيها بيتنا كلهم متعلقين بيا و بيحبوني أوي و أنا كمان بموت فيهم ‪ ،‬كل يوم بقول لنفسي أكيد لو كان‬
‫عندي عيال كانوا هايحبوني كدا ‪ ،‬بشوف عيالي فـ كل طفل متعلق بيا ‪ ،‬و لما بقعد أحفظ األطفال قرآن في المسجد و يبقى فيهم واحد لسه جي‬
‫جديد و أنا أحفظه الفاتحة اللي هايصلي بيها طول حياته ‪ ،‬ببقى متخيلني أنا و زوجتي و إحنا بنحفظها ألولدنا سوا ‪ ،‬يا محمد وهللا سعات بتيجي‬
‫عليا أوقات ببقى متضايق أوي و ببقى محتاجها جنبي ‪ ،‬أنا حاسس بنفسي و عارف إن سني بيكبر بس غصب عني ‪ ،‬مش كل شوية حد‬
‫يوجعني بالموضوع دا‬

‫‪-‬محمد و قد بدت عليه الحيرة ‪:‬‬


‫طب ما تنهي كل دا و تتجوز يا نضال‬

‫‪-‬نضال و قد أغمض عينيه و أسند رأسه على الكرسي من خلفه ‪:‬‬


‫الحوار مش أي جوازه و السالم ‪ ،‬ول أي بنت محترمه و خالص ‪ ،‬أنا يا محمد ماينفعنيش غير واحدة مش عاديه ‪ ،‬واحدة تكون نفس دماغي يا‬
‫إما حياتنا ها تفشل ‪ ،‬إنت الوحيد اللي عارف أنا مخطط إليه ‪ ،‬ومش أي واحدة هاترضى باللي أنا عايزه و أنا عمري ماهاأخدع واحده و‬
‫أتجوزها من غير ماأقولها ول عمري هاأتنازل عن خططي و أحالمي‬

‫محمد و قد بدأ يغضب‪:‬‬


‫إنت مجنون ياابني ! أنا فكرت إنك خالص نسيت الكالم دا ‪ .....‬و بطريقتك دي انسى إنك تالقي واحدة تتجوزها ‪ ،‬هاتالقيها فين اللي هاترضى‬
‫بخططك المجنونة دي‬

‫‪-‬نضال و قد بدت الثقة في نبرته‪:‬‬


‫هاألقيها يا محمد ‪ ،‬متأكد إني هالقيها ‪ ،‬و عمري ماهاتقدم لواحدة غير ليها‬

‫‪-‬محمد وقد أخذ يسخر من صديقة‪:‬‬


‫و دي حضرتك هاتعرفها منين إن شاء هللا ‪ ،‬هاتقدم عليها طلب في الجرنال‬

‫‪-‬ل يا خفيف ‪ ،‬ها أحلم بيها‬

‫‪-‬محمد وقد أصابته الدهشة‪:‬‬


‫تحلم بيها إزاي يعني ‪ ،‬إنت كويس يا نضال!!‬

‫‪-‬نضال بثقة‪:‬‬
‫بدعي ربنا كل يوم إنه يخليني أحلم بيها ‪ ،‬عشان أعرفها و أروح أتقدملها ‪ ،‬دي الطريقة الوحيدة اللي هاأضمن بيها إني اخترت صح ‪ ،‬ومتأكد‬
‫إن ربنا استجابلي ‪ ،‬و هاأحلم بيها في يوم من األيام ‪ ،‬ممكن إنت تكون شايف الموضوع هبل بس أنا اتعودت طول حياتي أدعي ربنا بكل حاجة‬
‫أنا عايزها سواء صغيرة أو كبيرة و متعود على كرمه في كل دعوة فأكيد هايستجيبلي الدعوة دي أكيد ‪.‬‬
‫‪-‬محمد و قد تأكد أن صديقة سيظل عنيد كما هو و لن يتخلى عن أحالمه أبدًا‪:‬‬
‫ربنا يرزقك بيها يا نضال ‪ ،‬مع إني مش موافق على اللي إنت ناوي تعمله‬
‫‪........... ......... ........ .......... ........‬‬
‫‪-‬جهاد و هي تقبل يد جدها و جدتها‪:‬‬
‫صباح الخير يا حبايب‬

‫‪-‬الجد و الجدة معًا ‪:‬‬


‫صباح الهنا عليكي يا جهاد‬

‫‪-‬الجده بإعجاب‪:‬‬
‫بس إيه الجمال و الشياكه دي يا ست الدكتوره‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫أول يوم الطلبه هيشوفوني فيه ‪ ،‬لزم نبقى حلوين بقى ‪ ..‬يمكن أطلع بعريس بدل العيشة الناشفة دي‬

‫‪-‬الجد مبتس ًما‪:‬‬


‫ما إنت بيجيلك عرسان كتير يا لمضه و إنت اللي مش راضية تقابلي ول واحد منهم‬

‫‪-‬يا عم الحج ‪ ،‬هما دول عرسان دول ‪ ......‬وبعدين بقولكوا إيه سيبكم من الحوار دا ‪ ،‬أنا عايزه دعوتين كدا ع الصبح يفتحوا الدنيا ف وشي‬

‫‪-‬ربنا يكرمك يا بنتي يارب ‪ ،‬و يسعد أيامك و يجعلك من الناجحين الفالحين‬

‫‪-‬يارب يا جدو يارب‬

‫‪-‬الجده بجدية‪:‬‬
‫جهاد بالراحه و إنت سايقه العربية ‪ ،‬خدي بالك من الطريق ‪ ..‬أنا عارفه عربيات إيه اللي إنت هاتركبيها و إنت لسه عيله كدا‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫عيلة مين بس يا تيتا ‪ ....‬دا أنا ست البنات ‪ ،‬وبعدين دا أنا أجدع من أجدع سواق ‪ ......‬يال بقى أنا هاأنزل ‪ ..‬السالم عليكم‪.‬‬
‫‪............ .......... ......... ......... .........‬‬
‫‪-‬السالم عليكم و رحمة هللا و بركاتة ‪ ...‬إزيكم يا شباب ‪ ...‬أنا الدكتورة جهاد أحمد ‪ ...‬في البداية كدا أنا مكتبي في الدور التالت ‪ ،‬تاني مكتب‬
‫جنب السلم ‪ ...‬أي حد فيكم يحتاج حاجة يجيلي ‪ ،‬واللي مش هايقدر يشتري الكتاب يجيلي بردة ‪ ....‬أنا هنا أختكم قبل ما أكون دكتورة ‪.....‬‬
‫والعالقة بينا قايمة على اإلحترام و التفاهم ‪ ،‬مش على العنف أو المكانة العلمية خالص ‪ .......‬كفاية رغي و نبدأ محاضرتنا بقى ‪.............‬‬
‫‪........... ........... ........... ........... ..........‬‬
‫‪-‬جهااااااد ‪ ،‬يا جهااااااااد‬
‫‪-‬بسم هللا الرحمن الرحيم ‪ ...‬مين‬
‫‪-‬بقالي ساعة بصحي فيكي يا بنتي ‪،‬غلبتيني‬
‫‪-‬تعرفي يا ماما ‪ ،‬لو الطلبة في الكلية يعرفوا عمايلكم دهي فيا ‪ ..‬مش هايحترموني خالص ‪ ،‬يا حجة دا أنا قولت بيحرروا األقصى من ورايا و‬
‫أمي مقوماني أتفرج ‪ ...‬وبعدين النهارده الجمعة و الساعة لسه سته عاااااااا‬
‫‪-‬هههههههههههه بس دوشه يا بت و قومي ‪ ،‬عندنا عزومة النهارده‬

‫‪-‬جهاد بإهتمام‪:‬‬
‫إيه دا ‪ ،‬بجد !‪ ...‬طب مين‬

‫‪-‬جدك و باباكي عازمين عمك محمود و أولده و عمتك فاطمة و أولدها‬

‫‪-‬جهاد و قد قفزت من على السرير ‪:‬‬


‫هيييييه ‪ ،‬ها أشوف سارة بنت عمو محمود ‪ ..‬دا الواد أمجد ابنها دا واحشني بشكل‬

‫‪-‬األم بنبرة ذات مغزى‪:‬‬


‫أيوا ساره اللي أصغر منك بسنتين اتجوزت و خلفت و إنت قاعده ترفضي كل العرسان‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫إيه يا منمن شغل الحموات اللي ع الصبح دا ‪ ...‬و بعدين عايزاني أتجوز عشان أسيبلك الجو فاضي إنت و البشمهندس أحمد بس دا على جثتي‬
‫‪ ..‬أنا قاعدلكوا أهو مش متجوزه‬

‫‪-‬األم و هي تلقي بالوسادة على ابنتها في مزاح‪:‬‬


‫بس يا قليلة األدب … انجري يا بت قدامي خلينا نخلص الشغل اللي ورانا ‪ ،‬أنا عارفه إني مش واخده منك ل حق ول باطل آدام فتحت فـ سيرة‬
‫الجواز‬
‫‪.......... ........ ....... ........ ........‬‬
‫‪-‬جهاد و هي تحمل أمجد الصغير ‪:‬‬
‫عامله إيه يابت يا سارة وحشاني وهللا ‪ ،‬و أخبارك مع حضرة الظابط ‪ ،‬أكيد مربيكي‬

‫‪-‬ههههههههه ‪ ،‬أيوا ياأختي ‪ ....‬دا أنا بخاف أقوله ل على حاجة يطخني‬

‫‪-‬هههههههههه ‪ ...‬يا خوافة ‪ ،‬ماتجمدي يابت شوية ‪ ،‬الراجل يقول علينا ستات أي كالم ‪ ...‬المفروض إنت‪ .‬اللي تخوفيه‬
‫‪-‬سارة بمزاح ‪:‬‬
‫أخوف مين يا أختي ‪ ..‬دا هشام و أمجد لما بيتفقوا عليا بيجنوني‬

‫‪-‬جهاد بمرح‪:‬‬
‫ربنا يخليكم لبعض و يباركلك في أمجد و ينفع بيه يارب‬

‫‪-‬اللهم آمين ‪ ..‬و يخليكي ليا يارب يا جهاد ‪ ......‬لسه بتنزلي المقرئة ؟‬

‫‪-‬أيوا ‪ ،‬كنت هناك إمبارح ‪ ...‬بتمم على آخر قراءة من القراءات عشان آخد إجازة التحفيظ بتاعتها الشهر الجي‬

‫‪-‬سارة بحب و إعجاب ‪:‬‬


‫تبارك هللا يا جهاد ‪ ..‬كدا يبقى معاكي إيجازات بكل القرائات أنا فخورة بيكي وهللا ‪ ...‬من ساعة ما ولدت أمجد و أنا مابقتش عارفة أنزل‬

‫‪-‬طب ليه يا ساره ‪ ..‬إنت ممكن تروحي فـ أيام غير اللي أنا بروح فيها و تبقي تسيبيهولي هنا في البيت على ما تروحي و ترجعي‬

‫‪-‬هو إنت فاضيه يا جهاد دا إنت من محاضرات الكلية لدار التحفيظ بتاعتك للمقرئة و كمان بتحضري أبحاث عشان الدكتوراه وجدو اللي مش‬
‫بياكل إل من عمايل ايديكي دا كوم لواحده‬

‫‪-‬جهاد بجدية‪:‬‬
‫أهو بعمل كل دا و حاجات تانية كتير كمان و عندي وقت فراغ برده‪ ...‬ربك بيبارك في الوقت يا ساره وهللا ‪ ...‬إحنا بننزل المقرئة العصر و أنا‬
‫ً‬
‫أصال روحي فـ أمجد و هللا‬ ‫بكون جيت من الكلية و الدار ‪ .....‬ابقي هاتيهولي و انزلي ‪ ،‬أنا‬

‫‪-‬ساره بإمتنان ‪:‬‬


‫ربنا يكرمك يا جهاد ‪ ،‬داي ًما هاتفضلي تساعدي الكل و تعملي الخير كدهو حتى لو مشغولة ‪ ...‬ربنا يجازيكي الجنة‬

‫‪-‬أنا و إنت يارب يا ساره ‪ ....‬و بعدين يا أختي دا أنا هاأستنفع من ورا ابنك ‪ ...‬أتعلم فيه تربية العيال علشان لما أخلف ماأتعبش‬

‫‪-‬دا يوم المنى ‪ ،‬يوم ما أشوف عيالك يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫منى دي تبقى أمي يا بنتي‬
‫‪-‬رخمة آخر حاجة ‪ ،‬هاتفضلي كدا طول عمرك نص عاقل أوي و نص مجنون جدًا‬
‫‪............ ........... .......... .......... ..........‬‬
‫‪-‬أتدري أنني أستاقك جدًا ‪ ...‬أكثر مما قد تتصور ‪ ،‬أشتاق لكل شيء معك ‪ .....‬لقد أحببتك جدًا ‪ ..‬أتدري ماذا يعني هذا ‪ ....‬أنني أكتب إليك كل‬
‫يوم و ما رأيتك قط ‪ ،‬أنني أدعوا لك بما أبخل به على روحي ‪ ..‬أنني أختصك بأحاديثي الهامة دون سواك ممن معي ‪ ....‬أرسم صورتك في‬
‫مخيلتي ‪ ..‬أذوب في سحر عينيك العاشقتين ‪ ...‬ل أشتاق لألطفال إل عند تذكري أنهم سيكونون من صلبك و يشبهون هيئتك المحببة إلى‬
‫روحي ‪ ...‬كلما تخيلت الجنة أراك هناك بصحبتي ‪ ...‬أتدري ستكون الجنة جنان عدة برفقتك ‪ ...‬هال التقينا يا رفيقي ‪ ..‬أما آن للغياب أن يغيب‬
‫فـنلتقي ‪....‬‬

‫كتبت جهاد تلك الكلمات في كتيب صغير اختصته لزوجها المستقبلي تسطر فيه بعض الجمل كل يوم‬
‫‪........ ........ ....... ...... ...... ......‬‬
‫منى و هي تطرق باب غرفة جهاد‪:‬‬
‫تعالي كلمي بابا تحت عند جدو يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد و قد توقفت عن الكتابة و نهضت ‪:‬‬


‫حاضر يا ماما ‪ ..‬أنا نازله معاكي أهو ‪ ،‬بس هو فيه حاجة ول إيه‬

‫‪-‬األم بإهتمام ‪:‬‬


‫أيوا فيه ‪ ،‬أما ننزل هاتعرفي كل حاجة‬

‫"""الفصل الثالث""‬

‫صك و إن كان تاف ًها في أعينهـم ‪ ،‬دافع عن األشياء‬


‫نجد العظماء دو ًما يدافعون عما يؤمنون به ‪ ،‬فـ احرص أن تكون مثلهـم ‪ ،‬دافع عن كل ما يخ ُ‬
‫التي تحبهـا ‪ ،‬عن األشخاص الذين تعشقهم ‪ ،‬عن عاداتـك و معتقداتـك ‪ ،‬عن أهدافك و أحالمـك ‪ ،‬دافع عن كيانـك و كيـان من ينبـض قلبك بحبهم‪.‬‬
‫‪. ........ ....... ...... ...... ......‬‬

‫عندما دخلت جهاد المجلس مع والدتها قال الجد‪:‬‬


‫‪-‬إيه يا ست جهاد ‪ ،‬هم الضيوف يمشوا و إنت تطلعي تعتكفي فوق‬

‫‪-‬معلش يا سي جدو حقك علينا ‪ ..‬و يا سيدي علشان أصالحك هنام في أوضتي اللي تحت هنا معاكم النهارده‬

‫‪-‬الجد و هو يمازح حفيدته‪:‬‬


‫و هللا ماعارف يا بت يا جهاد أما تتجوزي مين هايملى عليا الدنيا فرح و هنا كده‬
‫‪-‬ماتقلقش يا حج ‪ ....‬شكلي كدا هاأفضل عايشه معاك هنا أغلس عليك‬

‫‪-‬أحمد بجدية ‪:‬‬


‫بما إن الكالم جاب بعضه و إنتم فتحتوا الموضوع دا ‪ ....‬فيه عريس متقدم ليكي يا جهاد ‪ .....‬أكرم ابن عمتك فاطمة فاتحني في الموضوع‬
‫النهارده و هم عندنا‬

‫‪-‬جهاد بسخريه‪:‬‬
‫كنت قوله ماعندناش بنات للجواز يا ابني ‪ ..‬لسه بناتنا عيال‬

‫منى بتعصب‪:‬‬
‫بطلي بقى هزار يا جهاد ‪ ..‬أكرم شاب مؤدب و محترم و عارفين أصله و فصله و كمان دا طيار ‪ ..‬يعني ما شاء هللا مليون واحده يتمنوه‬

‫‪ -‬مليون واحدة بس أنا مش منهم ‪ ،‬معلش يا جماعة أنا مش موافقه‬

‫‪-‬الجده و قد ظهرت عليها معالم اإلنزعاج‪:‬‬


‫دا العريس رقم عشرين اللي ترفضيه ‪ ....‬بطلي دلع يا جهاد ‪ ،‬إنت بترفضي ناس مافيهاش وال عيب جالك دكاتره و مهندسين و ناس معاكي في‬
‫الكلية و غيرهم و كلهم ناس متدينين و محترمين ‪ ..‬إنت عايزه إيه يا بنتي‬

‫‪-‬جهاد بجدية و بعض اإلرتباك‪:‬‬


‫يا جماعة مش كل ما يجي عريس نقعد نقول نفس الكالم ده ‪ ...‬كل الناس دول ماينفعوش معايا أنا قولتلكم إن اللي هاأتجوزه الزم يكون شبهي‬
‫علشان أنا عمري ما هتنازل عن أكبر هدف في الحياة بالنسبالي ‪ ...‬أنا الزم هسافر فلسطين و أحارب معاهم و استشهد ‪ ،‬مش هااسمح أتجوز‬
‫واحد يتريق على أحالمي اللي أنا عايشه عليها‬

‫‪-‬الجده ناهد بعصبية‪:‬‬


‫يا بنتي حرام عليكي ‪ ..‬هو إنت لسه بتفكري في الموضوع دا ‪ ،‬أنا فكرتك عقلتي ‪ ،‬هو إنت الزم تحرقي قلبنا عليكي ‪ ،‬إنت كنتي بطلتي كالم عن‬
‫الموضوع دا‬

‫‪-‬جهاد و قد ظهرت بحة الحزن في صوتها و اغرورقت عيناها بالدموع‪:‬‬


‫أنا مش عارفه إنتم مش عايزين تفهموني ليه ‪ ...‬الجهاد دا فرض علينا كلنا ‪ ،‬و أنا ماأقدرش أقصر فـ فروض ربنا ‪ ،‬أنا عمري ما اتخيلت حياتي‬
‫غير وهي منتهيه باستشهادي ‪ ،‬أكيد عايزه أتجوز لكن أنا ممكن أضحي بالحب و الجواز اللي هايعطلني عن اللي أنا عايزاه ‪ ،‬كل اللي اتقدمولي‬
‫ناس مش مناسبه ألهدافي و للحياة اللي أنا عايزه أعيشها ‪ ،‬أنا طول حياتي بتعب و بنجح علشان أتوج النجاح دا بالشهادة في سبيل هللا ‪ ،‬و عمري‬
‫ماهوافق غير على كدا‬

‫‪-‬أحمد بعصبيه‪:‬‬
‫أنا قايم ماشي أصل أنا زهقت من الكالم معاكي في الموضوع ده و ماعدش عندي طولة بال و إنتي زي ما إنت اللي في دماغك ثابت‬
‫‪........... .......... .......... ......... .........‬‬
‫وسام و هي تجلس مع جهاد في النادي‪:‬‬
‫‪-‬ما إنت بتستهبلي برضه يا جهاد و من حق البيت كله يزعل منك‪ ...‬إنت كدا ها تعنسي يا مضروبه‬

‫‪-‬مش مهم ‪ ..‬أحسن برضه‪ ....‬أهو الواحد يفضل منطلق كدا في الحياة بدل ما يجي واحد غريب يغلس عليا يا وسام‬

‫‪-‬وسام بجدية‪:‬‬
‫جهاد بزمتك إنت عمرك ما حبيتي وال حسيتي بإنجزاب لحد وال إعجاب بأي واحد‬

‫‪-‬جهاد بتنهيده حارة‪:‬‬


‫تعرفي يا وسام إني عشت سنين حياتي دي كلها بقفل على قلبي ‪ ،‬من زمان أوي ‪ ..‬تقريبًا من تالتة إعدادي وأنا حاطه لنفسي حاجات تردعني و‬
‫تخليني أبعد عن أي حب ‪ ،‬رسمت صورة و انطبعت جوايا لرفيق الجنان و عمري ما هااتخلى عن حرف منها ‪ ،‬رسماه بصورة مثالية أوي و‬
‫عشقت الصورة دي و ماعشقتش غيرها و دا خالني كل ما أالقي نفسي هاأنجذب لحد أقول ال مش هو دا ‪ ،‬مش دا اللي إنت بتحبيه ‪ ،‬و علشان‬
‫صورته جوايا مثالية و عظيمة ماقابلنيش حد شبهها خالص ‪ ،‬وكمان كنت داي ًما بخاف من المشاعر الحرام فكنت بقفل على قلبي أوي ‪ ،‬داي ًما بقول‬
‫عايزه مشاعري تفضل بكر زي ما هي كدا ‪ ،‬كل نظرة و كل دقة قلب من الحب عايزاها تبقى ليه وبس ‪ ،‬أنا بحبه أوي يا وسام ‪ ،‬ممكن تقولي‬
‫عليا هبله إني بحب حد ماأعرفوش ‪ ،‬أو بحب مجرد صورة رسمتها بخيالي ‪ ،‬بس حقيقي صورته مطبوعة جوايا ‪ ،‬بكلمه كتير و بكتبله أكتر ‪ ،‬فيه‬
‫أوقات بحتاجه فيها أوي ‪ ،‬بإذن هللا هاأقابله و أالقيه زي ما حبيته تما ًما ‪ ...‬و إن ماكنش موجود في الدنيا و عمرى ما هاأقابله ‪ ،‬بيني و بينك أنا‬
‫مخططة إني أتجوز سيدنا عمر بن الخطاب في الجنة ‪ ..‬و أنا أصبر لحد الجنة من غير حب لكن ماأستهلكش قلبي فـ حب مش شبهي‬

‫‪-‬وسام وهي تحرك جفنيها بحركات بهلوانية‪:‬‬


‫و إيه كمان ‪ ...‬ما إحنا رومانسيين أهو ‪ ،‬بس إيه حكاية سيدنا عمر دي ‪ ،‬إنت الصراحة يا جهاد عليكي شوية أفكار مش عارفة بيجولك منين‬

‫‪-‬من قلبي يا روحي‬

‫‪-‬وسام وهي تغمز لجهاد‪:‬‬


‫بس تعرفي يا جهاد إنت لو وقعتي في الحب و ربنا ما حد هايعرف يطلعك منه ‪ ،‬و ممكن ساعتها ترتبطي باللي إنت حبتيه حتى لو مختلف عن‬
‫اللي نفسك فيه ‪ ،‬إنت حارمة نفسك جامد و قافلة على قلبك أوي و المحروم لما بتتفتح عليه ماحدش بيقدره‬

‫‪-‬المشكله إني متأكده من دا ‪ ،‬علشان كدا داي ًما بدعي ربنا إنه مايعلقني بواحد وال يوقعني في حب حد غير اللي هايكون جوزي لما يدخل بيتنا و‬
‫يكون شبه ما أنا بطلبه من ربنا ‪ ..‬و كمان يا أختي أنا عايزاه دكتور جراح و مافيش وال واحد من اللي اتقدموا كان جراح‬

‫‪-‬هههههههههه هو إنت برضه لسه مصممة على جراح عشان يولدك ‪ ،‬يا بنتي مش هايرضى ‪ ،‬هو مش بتاع نسا‬

‫‪-‬وربنا ألخليه يولدني غصب عنه ما أنا استحاله أروح أكشف عند دكتور راجل وال أخليه يولدني أبدًا ‪ ،‬والدكاتره البنات تفضلي متابعة معاهم‬
‫طول الحمل و ساعة الوالده تالقيهم محولينك على دكتور راجل ‪ ،‬و أنا استحالة أقبل بدا ‪ ،‬الزم أدبسه فيها ‪ ..‬وقبل معاد والدتي هاأخليه يحضر‬
‫كذا عملية والده علشان يتدرب ‪.‬‬
‫‪-‬إنت ها تطلعي عينه و هللا ‪ ،‬إنت مالكيش تتجوزي أصال‬

‫‪-‬جهاد بسخرية‪:‬‬
‫شوف مين بيتكلم ‪ ..‬اللي يسمعك كدا يقول البت متجوزة و مخلفة ‪ ..‬الحال من بعضه يا سمسمه‬

‫‪-‬وسام ببعض الحزن‪:‬‬


‫طب أنا أبويا معقدني من صنف الرجالة كلهم ‪ ،‬و مخليني أكرههم من عمايله ‪ ،‬أنا عندي عقدة كبيره يا ست جهاد إنما إنت بتدلعي و مسيرك‬
‫تقعي على شوشتك يا جميل‬
‫‪........ .......... ........ ....... ........‬‬
‫نضال و قد استيقظ من نومه مبكرا ‪:‬‬
‫‪-‬ألو ‪ ...‬محمد أنا حلمت بيها ‪ ..‬أنا مش مصدق نفسي ‪ ،‬أنا من ساعة ما صحيت من النوم و أنا عمال أتنطط زي العيال ‪ ،‬و أحمد ربنا‬

‫‪-‬يا أخي منك هلل روح ‪ ،‬مقومني الساعة سته الصبح ‪ ،‬عشان تقولي إنك حلمت بفتاة أوهامك ‪ ...‬يا أخي اللي يشوفك و إنت ولهان كدا مايشوفكش‬
‫و إنت مركب الوش الخشب لزمايلك البنات ‪ ،‬وال و إنت بتحرج اللي بتدلع فيهم ‪ ،‬يجوا يشوفوك دلوقتي و هم هايبطلوا يقولوا عليك الخنيق كاره‬
‫الجنس الناعم‬
‫‪-‬ما إنت عارف يا عمنا إني بكره البنات و مش بطيقهم في أي حته و ال بحب التعامل معاهم خالص ‪ ،‬إال أمي و أختي و هي طبعًا ‪ ...‬دول التالتة‬
‫ملكات في حياتي يا ابني‬

‫‪-‬محمد باستهزاء ‪:‬‬


‫يا واد يا حنين‬

‫‪-‬نضال بجدية ‪:‬‬


‫بطل سفاهه يا سفيه ‪ .....‬أنا دلوقتي عرفت شكلها لكن مش عارف أالقيها فين‬

‫مستمرا في السخرية‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬محمد‬
‫طب ما يمكن مش هي و تكون حلمت بأي واحدة إنت قابلتها قبل كدا و عجبتك‬

‫ً‬
‫وأصال أنا ماببصش على بنات و ببقى غاضض بصري‬ ‫‪-‬ال طبعًا يا خفة أنا متأكد إنها هي ‪ ،‬و عمري ما شوفتها قبل كدا ‪..‬‬

‫‪-‬أال صحيح قولي إنت حلمت بيها إزاي ‪ ،‬كنتم فين في الحلم و كنتم بتعمولوا إيه إوعى تكون حاجة كدا وال كدا‪....‬ها اعترف‬

‫‪-‬تصدق إنك قليل األدب و أنا غلطان إني كلمتك ‪ ...‬غور يا جدع غور ‪ ،‬هاتضيع فرحتي‬
‫‪......... ....... ...... ........ ........‬‬
‫بعد عدة أيام ‪....‬جهاد و هي تجلس مع أفراد أسرتها‪:‬‬
‫جماعة ! أنا عايزه أسافر‬

‫‪-‬أحمد و هو ينظر إليها‪:‬‬


‫تسافري فين يا جهاد ‪ ....‬مش إحنا اتفقنا مرة إنك هاترفضي المنح و السفريات علشان ماينفعش تسافري لواحدك‬

‫‪-‬جهاد و هي تعلم أنها ستفجر أمر عظيم‪:‬‬


‫ال يا بابا هي مش سفرية علمية ‪ ....‬أنا عايزة أسافر سوريا‬

‫‪-‬الجميع بفزع‪:‬‬
‫إيه !!!! سوريا!!‬

‫‪-‬منى بخوف‪:‬‬
‫إنت مش عارفه سوريا فيها إيه ‪ ،‬دا الضرب اللي فيها اشتد أكتر األسبوع اللي فات ‪ ،‬إنت اتجننتي يا جهاد ‪ ،‬تروحي سوريا و هي بالشكل دا‬

‫‪-‬جهاد بألم‪:‬‬
‫ما أنا رايحة علشان كدا ‪ ..‬علشان الحرب اشتدت عليهم و محتاجين مساعدات ‪ ،‬محتاجين مدرسين و جنود و أكل و لبس و كل حاجة ‪ ،‬والدهم يا‬
‫جماعة مش القين حد يهتم بيهم وال يعلمهم أي حاجة و أنا أقدر أساعدهم ‪ ،‬وقررت دا‬

‫‪-‬األب بحزم ‪:‬‬


‫طب ما تساعديهم و إنت هنا ‪ ،‬استحالة ها تسافري يا جهاد ‪ ،‬مستحيل نسيبك ‪ ،‬و لو مصممة روحي و ساعتها إنسي إن ليكي عيلة ‪ ،‬بطلي يا جهاد‬
‫بقى أفكارك دي ‪ ،‬إحنا مانستحملش عمايلك دي يا بنتي‬

‫‪-‬جهاد و قد أخذت معالم األلم تظهر أكثر فأكثر على وجهها‪:‬‬


‫و أنا مش مستحمله أشوف إخواتنا بيحصل فيهم كدا و أسكت ‪ ،‬بتقطع كل يوم بسبب المناظر اللي بشوفها و أنا واقفة مكاني ‪ ،‬حرام علينا نقف كدا‬
‫ماننصرهمش و هم محتاجين لينا و مساعدتنا ليهم و احنا هنا مش كفاية و ياعالم بتوصل ليهم وال ال أصال‪.‬‬
‫‪-‬األم بعصبية‪:‬‬
‫يا بنتي طب ادخلي دنيا األول و بعدين روحي حاربي ‪ ،‬ماحدش من جيلك بيفكر تفكيرك دا ‪ ،‬تفكيرهم في تكوين بيت مستقر و أسرة ‪ ،‬دا إنت كل‬
‫اللي قدك و اللي أكبر منك إتجوزوا ‪،‬نفسنا نفرح بيكي بقى ‪ ،‬إنت ما بتغيريش يا شيخة‬

‫‪-‬جهاد و قد أخذت تبكي بحرقة‪:‬‬


‫أيوا بغير‬
‫بغير من اللي استشهد و أنا هنا هأموت من الشوق ليها‬
‫بغير من اللي شاف مقعده في الجنة و أنا مش عارفة أنا هاأروح لجنة وال لنار‬
‫بغير من اللي لبى النداء و راح لساحة الجهاد و أنا عاجزة عن نصرة المظلومين‬
‫بغير من اللي سالت دماؤهم في سبيل هللا و اشتموا ريحة الجنة عند موتهم و أنا لسه عايشه في الدنيا القذرة دي‬
‫بغير من اللي سبقني في الطريق لربنا و أنا لسه بتعثر على الطريق‬
‫بغير من الخنساء اللي وهبت كل أوالدها هلل‬
‫بغير من سمية اللي خدت لقب أول شهيدة في اإلسالم‬
‫بغير قس ًما بغير ‪ ،‬والغيرة دي بتموتني ‪ ،‬كل ليلة بعيط من الشوق لكل الحاجات دي ‪ ،‬باهلل عليكم كفايا ‪ ..‬كفايا عليا األفكار و القضايا اللي‬
‫شاغالني ‪......‬‬
‫ثم قامت مسرعة و دخلت إلى غرفتها و أغلقت الباب و أخذت تبكي و تبكي ‪ ،‬فبكاؤها أمامهم قد أحزنها هو اآلخر ألنها تكره أن تبكي أمام أي‬
‫شخص أيًا يكن ‪.‬‬
‫أما أفراد أسرتها فظلوا صامتين كأن على رؤوسهم الطير ‪ ،‬و لكن الجد كان خائفًا جدًا على حفيدته فهو أقربهم لها ‪ ،‬و هو الوحيد الذي يعلم كيف‬
‫خطرا عن السفر‬‫ً‬ ‫تفكر ‪ ،‬فهو متأكد أنها لن تسافر لرفضهم و لكنها ستفعل شيئًا آخر ال يقل‬

‫""الفصل الرابع""‬

‫بربـك صـف لي ذرةً من شعورك عندمـا تتحقـق دعوة لـم يكف لسانـك عن طلبـها لسنوات ‪ ،‬بربـك صف لي حالك لحظتهـا ‪ ،‬سيكون جوابُـك‬
‫يـا هذا إنها لحظـات ل تُوصف ‪ ....‬فقـط تشعرهـا ‪ ،‬ينبض بها قلبك ‪ ،‬تحياهـا و تُحيك لكنـها ل تُقال‪.‬‬
‫‪.......... ........ ......... ..........‬‬
‫‪-‬محمد و هو يمشي بجوار نضال على شاطئ البحر ً‬
‫ليال ‪:‬‬
‫مالك يا نضال متضايق ليه‬

‫‪-‬زهقان و تعبان و محتار جدًا ‪ ،‬بقالي حوالي شهر بحلم بيها كل يوم ‪ ،‬بأحالم مختلفة ‪ ،‬مرة نبقوا قاعدين في مطعم و مرة نبقوا ماشين في‬
‫طريق و مرة في بيتنا مع ماما و إخواتي و مرة في البيت اللي أنا هاأتجوز فيه و بحلم بيها كأنها مراتي حقيقي ‪ ،‬و الموضوع تاعبني ما كنتش‬
‫أعرف إني ها أتعذب أكتر لما أحلم بيها ‪ ،‬أنا بحلم بأحالم ما كنتش بحلم بيها أيام المراهقة يا محمد ‪ ،‬أنا اتعلقت بيها أكتر و أكتر و مش عارف‬
‫ها ألقيها فين ‪ ،‬مش بقدر أدور عليها ‪ ،‬عمري ما ها أبطل أغض بصري و أقعد أبص على البنات عشان يمكن ألقيها فيهم ‪ ،‬مستحيل أغضب‬
‫ربنا فيها ‪ ،‬أنا حتى رغم قربنا أوي في األحالم ‪ ،‬عمري ما عرفت اسمها و ل حتى أي معلومات عنها ‪ ،‬أنا محتار أوي يا محمد ‪ ،‬حاسس‬
‫حياتي كلها بقت عبارة عن حلم معاها مش عايز أفوق منه‬
‫‪-‬محمد بحيرة‪:‬‬
‫إنت أمرك غريب أوي يا نضال ‪ ،‬إنت يا ابني لو حد سمعك عمره ما هيصدقك ‪ ،‬زي ما فضلت سنين تدعي تحلم بيها و حصل‪ ،‬ادعي يا نضال‬
‫ربنا يرشدك لمكانها ‪ .......‬أل قولي إنت لو فرضًا لقيتها بس طلعت واحدة متجوزة هاتعمل إيه‬
‫‪-‬نضال بخوف‪:‬‬
‫إيه متجوزة!! دا أنا ممكن أموت فيها ‪ ..‬أنا بعشق واحدة ماشوفتهاش يا محمد ‪ ،‬فما بالك لما أشوفها ‪ ،‬مش متخيل إني ممكن ألقيها متجوزة‬
‫‪ .....‬ل ل و بعدين أنا واثق في اختيار ربنا ‪ ،‬هي هاتكون ليا و ليا أنا وبس ‪ ،‬أنا متأكد ‪ ،‬بس ألقيها‬
‫‪......... ........ ...... ...... .........‬‬
‫وفاء و هي تمسح على يد ابنها الذي انحنى يقبل رأسها ‪:‬‬
‫‪-‬نضال إنت بقالك فترة مش عاجبني ‪ ،‬فيك إيه يا ابني ‪ ،‬إنت طول عمرك ضحكة بيتنا ‪ ،‬حاسه إن بالك مشغول و إنك مستني حاجة‬

‫‪-‬نضال و هو يحاول أن يخفي حزنه‪:‬‬


‫ادعيلي يا ماما ‪ ،‬ادعيلي القي اللي أنا بدور عليه ‪ ،‬و ماتقلقيش خير بإذن هللا‬

‫‪-‬طيب يا نضال ‪ ،‬مش هاأضغط عليك ‪ ،‬و هاأدعيلك ‪ ...‬بس قولي إنت نازل بدري ليه النهارده‬

‫‪-‬أصلي مسافر المنصورة عندي شفوي هناك‬

‫‪-‬طيب اسأل الطلبة أسئلة سهله ‪ ،‬وخليك حنين عليهم و ما تكسرش خاطر حد فيهم‬

‫‪-‬نضال و هو يتجه للباب‪:‬‬


‫و هللا بكرمهم في األسئلة و الدرجات يا ماما و عمري ما رخمت عليهم ‪ ،‬بس برده لزم أميز بين اللي تعب و اللي اتدلع‬

‫‪-‬ربنا يكرمك ياابني و يجبر خاطرك‬


‫‪......... ....... ..... ......... ......... .........‬‬
‫‪-‬جهاد في نفسها و هي تنظر إلى سقف الغرفة أثناء نومها على السرير صبا ًحا ‪:‬‬
‫بما إنهم مش موافقين على السفر ‪ ،‬كدا ما فيش قدامي غير حل واحد عشان أقدر أسافر ‪ ،‬و هو إني أتجوز و أسافر أنا و هو ‪ ....‬بس أنا‬
‫مالقتش ول واحد ينفعني من الناس اللي اتقدموا ‪ .......‬كدا بقى أنا هوافق أقعد مع أول واحد يتقدم تاني و أحاول أزرع الجهاد في سبيل هللا‬
‫جواه و اللتزام الصح ‪ ،‬وإنه يعيش علشان اإلسالم و رفعته و أستحمله لحد ما يتغير ‪ ..‬بس ربنا يستر و يستحملني هو ‪ ،‬و هللا صعبان عليا ها‬
‫يشوف أيام زي الفل دا أمه ها تبقى داعية عليه ليلة القدر‪ ........‬أما أقوم ألبس و أنزل الجامعة بقى‬
‫‪......... .......... ......... ......... ........‬‬
‫‪-‬نضال لنفسه و هو يقود السيارة في أحد الشوارع الرئيسية بالمنصورة عائدًا إلى األسكندرية‪:‬‬
‫هي مالها المنصورة زحمة كدا ليه ‪ ....‬يا جدعان طلعوني أنا لسه مسافر اسكندرية و ها أموت من الجوع ‪ .........‬اوبااااااااا أديني كنت ها‬
‫ألبس في عربية تانية ‪ ،‬ل وكمان ما شاء هللا واحدة اللي سايقاها ‪ ،‬يعني كنت هاأتهزق أما أشبع ‪ .......‬ينظر ل إراديًا إلى صاحبة السيارة التي‬
‫كان سيصطدم بها ‪...‬‬

‫‪-‬إيه دا ‪ .....‬دا هي ‪ ،‬هي و هللا ‪ ...‬اللهم لك الحمد ‪ ،‬أنا مش مصدق نفسي ‪ ،‬طب أعمل إيه ‪ ..‬أعمل إيه ‪ ،‬صحصح لنفسك كدا يا نضال ‪ ،‬أطلع‬
‫وراها ول أروح فين ‪ ....‬أيوا هاأمشي وراها منا مش ها أعرف أروح أكلمها بمنظري ده‬
‫‪......... ......... ......... .......... .........‬‬
‫بعد قليل من السير خلف سيارة فتاته التي كان يبحث عنها وجدها تهبط من السيارة أمام مبنى كُتب عليه دار اإلسالم لتحفيظ القرآن ‪ ،‬هبط من‬
‫سيارته ثم توجه للبواب‬
‫نضال و هو يمد يده ليصافح الرجل‪:‬‬
‫ازيك يا عم الحج ‪ ،‬أخبار صحتك‬
‫‪-‬البواب و قد تيقظت حواسه ليتحدث إلى ذلك الشاب الذي يبدو عليه الوقار ‪:‬‬
‫الحمد هلل يا بيه كويس ‪ ،‬أي خدمة‬

‫‪-‬نضال و هو يضع يده على كتف الرجل بود ‪:‬‬


‫كنت بس يا والدي عايز أسأل عن دار التحفيظ دي هو مين اللي فاتحها و اللي شغالين فيها ناس كويسه ول إيه‬

‫‪-‬الدار دي اللي فاتحها الدكتورة جهاد هللا يكرمها و يرزقها يارب ‪ ،‬و الناس اللي شغالين فيها كلهم محترمين ‪ ،‬بس دي يا ابني مش بتقبل غير‬
‫األطفال و الحريم بس‪ ،‬ما فيش رجاله بيدخلوا جوه خالص‬

‫‪-‬نضال و قد شعر أن الفتاة التي شاهدها هي جهاد و لكنه أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد‪:‬‬
‫و هي مدام جهاد دي موجوده جوه‬

‫‪-‬مدام مين يا ابني دي لسه مش متجوزة ‪ ،‬دي ست البنات كلهم ‪ ،‬ربنا يارب يرزقها بابن الحالل اللي يقدرها ‪ ،‬هي لسه داخلة الدار قبل إنت‬
‫ماتيجي على طول ‪ ،‬لو عايزها أنا ممكن أقولها‬

‫نضال و قد تهللت أساريرة و شعر بسعادة غامرة‪:‬‬


‫‪-‬ل ل يا والدي مش مهم ‪ ،‬سؤال أخير بس هي الدكتورة جهاد دي من المنطقة هنا‬

‫‪-‬أيوا ‪ ،‬بيتها اللي قصادك هناك ‪ ،‬الكبير دهو ‪ ،‬بس صحيح ماقولتليش إنت عايز إيه‬

‫‪-‬كل خير و هللا يا عم الحج ‪ ،‬إن شاء ها نتقابل تاني قريب‬


‫‪........... ......... ........ ....... ........‬‬
‫‪-‬جهاد و هي تدخل الصالون حيث تجلس والدتها‪:‬‬
‫ماما أنا عايزة عصير مانجة اعمليلي‬

‫‪-‬األم بمزاح ‪:‬‬


‫ما تقومي تعملي لنفسك دا إنت تتجوزي و تخلفي عيال من الصبح‬

‫‪-‬جهاد و هي تجلس بجوار والدتها على األريكة ‪:‬‬


‫طب بزمتك لو عندك عيل عايز عروسة تجوزيهولي ؟‬

‫‪-‬األم و هي تقوم من مكانها‪:‬‬


‫ليه يا أختي هو أنا هبله ‪ ،‬أحسر ابني على زهرة شبابة دا إنت عايزة واحد أمه مستغنيه عنه عشان يروح يستشهد قال معاكي ‪ ،‬مش مكفيكي إن‬
‫الراجل ها يستحمل جنانك كمان عايزه تموتيه ‪ ،‬أنا مش عارفة مين اللي هايطيق تقوليله تعالى نروح سوريا و نروح فلسطين دا إنت ها تقهري‬
‫الراجل على عمره‬
‫‪-‬جهاد و قد انفجرت في الضحك‪:‬‬
‫ههههههههههه ‪ ،‬حتى اللي بتشهد للعروسة اتخلت عني ‪ ،‬و هللا يا ابني إنت وقعتك فل الفل‬

‫‪-‬أحمد و هو يدخل الصالون ‪:‬‬


‫دا مين دا اللي وقعته فل‬

‫جهاد بتلعثم و حرج ‪:‬‬


‫ها ‪ ،‬ل ما فيش يا أبتي دا أنا بهبل مع نفسي‬

‫‪-‬أحمد بجدية ‪:‬‬


‫طب أنا لسه فيه واحد مكلمني دلوقت ‪ ،‬بيقول عايز معاد علشان يجي يتقدملك ‪ ،‬أرفض أنا ول أجيبلك التليفون ترفضي إنت ‪ ،‬أنا لول مستحرم‬
‫إني أرفض من غير ما أقولك كنت رفضت ‪ ،‬عشان أنا قفلت من موضوع جوازك دا من يوم أكرم ابن عمتك‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬أنا لسه كنت بقول امبارح اللي هايجي ها أوافق أقعد معاه ‪،‬يجي بالسرعة دي ‪ ،‬وبعدين ماله البشمهندس متعصب كدا ليه ‪....‬‬
‫ثم قالت ‪:‬‬
‫اهدى بس يا حج احمد ما تزعلش كدا‬

‫‪-‬أحمد بنفاذ صبر‪:‬‬


‫ها ‪ .......‬أقول للراجل إيه‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬


‫خليه يجي يا بابا بكرا قبل المغرب بساعة‬

‫‪-‬أحمد بسخرية‪:‬‬
‫ناوية تتعشي بيه و تذليه ول إيه ‪ ،‬ربنا يهديكي يا بنتي ‪ ،‬بيني و بينك أنا مش مرتاح لموافقتك دي ربنا يسترها ع الراجل و يرجع ألهله سليم ‪.‬‬

‫‪-‬ههههههههه ليه يا بابا دا أنا طيبة و هللا ‪.‬‬


‫‪........... ......... ......... ......... .........‬‬
‫و جاء يوم غد ‪ ،‬يوم التالق ‪ ،‬اليوم الذي ستبدأ فيه قصة من أصدق ما قد تسمعون ‪ ،‬اليوم الذي سيظل التاريخ يفخر به و يقف له وقفة إجالل ‪،‬‬
‫سيبدأ به الحب و التضحية ‪ ،‬الود و السكينة ‪ ،‬الرأفة و الرحمة ‪ ،‬الرفعة والكفاح ‪ ،‬المجد و النبل سيجتمع فيه النضال مع الجهاد‬
‫‪-‬جهاد و هي تجلس بجوار وسام في غرفتها بعد أن أتمت ارتداء مالبسها‪:‬‬
‫بت يا وسام أنا مكسوفة أوي و قلقانة ‪ ،‬أنا العرسان اللي قبل كدا كنت بخلي بابا يجمع عنهم معلومات من قبل ما أقعد معاهم و كانوا بيطلعوا‬
‫أصال إني ها أعرف أكلمه ‪ ،‬أنا محضرة أسئلة أعصره بيها بس شكلي مش ها‬ ‫ً‬ ‫مش مناسبين ‪ ،‬أول مره ها أقعد مع واحد ‪ ...‬أنا مش متخيلة‬
‫أنطق‬

‫‪-‬وسام و قد أخذت تضحك‪:‬‬


‫عشت و شوفتك مكسوفه كدا يا جوجو ‪ ،‬بقى دي جهاد اللي محضرة مش عارف كام دكتوراه و بتقف تجادل الدكاترة الكبار ‪ ،‬بقيتي عامله زي‬
‫الكتكوت المبلول ‪ ،‬هههههههههه أنا فرحانه فيكي‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب وسام بالوسادة ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال‬ ‫يا رخمة ‪ ،‬امشي من هنا يا به إنت إيه اللي جابك‬

‫‪-‬منى و هي تدخل الغرفة ‪:‬‬


‫خلصتي يا جهاد ‪ ،‬العريس بره …… ثم نظرت لبنتها بإعجاب ‪:‬‬
‫بسم هللا ما شاء هللا ‪ ،‬اللهم بارك زي القمر يا بنتي‬

‫‪-‬وسام و هي تحتضن منى ‪:‬‬


‫إيه يا طنط إنت بتعيطي ليه دا إحنا هانستريح منها‬

‫‪-‬األم و هي تربط على ظهر وسام ‪:‬‬


‫عقبال ما أفرح بيكي إنت كمان يا سمسمة ‪ ......‬يال يا جيجي العريس من بدري بره مع جدك و بابا ‪ ،‬خدي العصير و اطلعي ‪ ...‬ثم قامت‬
‫باحتضان ابنتها الوحيدة و دموع الفرح تهطل من عينيها و تدعو هللا بقلبها أن يكتب السعادة إلبنتها مع ذاك الفتى الذي رأت فيه نعم الرجل منذ‬
‫دخل البيت‬
‫‪........... .......... ......... ....... ..........‬‬
‫جهـاد في نفسها و هي تأخذ العصير من المطبخ قبل الخروج ‪:‬‬
‫هو أنا مالي مش على بعضي كدا ليه ‪ ،‬دا أنا العصير اللي في إيدي هايسخن من كتر منا بشع حرارة ‪ ،‬ل اهدي يا جهاد كدا ‪ ،‬إمال هاتعملي‬
‫البالوي اللي إنت ناوية عليها دي إزاي ‪ .. ..‬ربنا يستر‪ ......‬ثم توجهت للصالون‬

‫""الفصل الخامس"‬

‫نظرة قاتلة ‪ ،‬و نظرة سبب في الحياة ‪ ،‬نظرة آثمة ‪ ،‬و نظرة سبب في النجاة ‪ ،‬نظرة ُممرضة ‪ ،‬و نظرة سبب في المداواة ‪ ،‬و الحبُ نظرة ‪،‬‬
‫نظرة تأسر األلباب ‪ ،‬نظرة تُذهب العقول ‪ ،‬يكفيك نظرة واحدة إلى عين حبيبك لتذوب عشقًا ‪ ،‬دو ًما يأتي الحب من نظرة شئت أو لم تشء ‪،‬‬
‫يو ًما ما ستأسرك نظرة إلى أحدهم و عسى أن يكون ذلك قريبًا‪.‬‬

‫‪........... .......... ......... ....... ..........‬‬


‫في الصالون يجلس نضال بجوار الجد مصطفى على األريكة ‪ ،‬و أحمد على الكرسي المجاور لوالده ‪ ،‬دخلت جهاد تحمل أكواب العصير و هي‬
‫تنظر أرضًا و تعلو وجهها حمرة الخجل ‪ ،‬رفع نضال ناظريه ليراها عن قرب ‪ ،‬فصدم من جمالها و رقتها و حسن طلعتها و الخجل الذي‬
‫يظهر على وجهها ‪ ،‬كان يراها كمالك وديع ‪ ،‬تاه نضال في عالم آخر ‪ ،‬ذهب إلى أحالمه التي كانت تنير بذاك المالك و لكنها في الحقيقة أجمل‬
‫خمارا من اللون السيمون كانت في غاية األنوثة و الوقار و البهاء ‪ ،‬لم يستطع نضال أن‬
‫ً‬ ‫كثيرا ‪ ،‬كانت جهاد ترتدي فستانًا من اللون الزيتوني و‬
‫ً‬
‫أخيرا ‪ ،‬نسي كل القواعد ‪ ،‬كان كل ما‬
‫ً‬ ‫يخفض بصره بل لم يكن يشعر بما حوله كأن الزمن قد توقف عندما نظر إليها ‪ ،‬فهو قد وجد شطره‬
‫أخيرا فغض بصره عنها و آثر أل يستعجل‬ ‫ً‬ ‫يشغله اآلن هو أن ينظر لعينيها مباشرة و لكنها لما ترفع عيناها من األرض ‪ ،‬و انتبه هو لنفسه‬
‫شيئًا قبل أوانه ‪ ،‬أشار لها والدها أن تجلس على الكرسي المجاور لنضال فجلست دون أن تنظر إليه و بعد كلمات بين نضال و األب و الجد‬
‫أشار والدها لهما ليذهبا و يجلسان بمفردهما في ركن بعيد بعض الشيء من أركان الصالون حتى يستطيعا التحدث معًا ‪ ،‬و لكن أمام مشاهدة‬
‫األب و الجد كما أمر الشرع ‪.‬‬
‫‪........... ................ .............‬‬
‫نضال و جهاد يجلس ً‬
‫كال منهما أمام اآلخر ‪ ،‬جهاد تنظر أرضًا و لم تنظر إلى نضال قط حتى اآلن ‪ ،‬و نضال يبتعد بعينيه عنها ألنه يعلم أنه‬
‫يجب أن يغض بصره عنها طالما ارتضاها زوجة و هو يرتضيها قبل أن يلقاها على أرض الواقع من األساس‬
‫‪-‬جهاد في نفسها و هي تكاد تبكي‪:‬‬
‫فين لسانك يا جهاد ‪ ،‬عامله نفسك سوبر ومن ‪ ،‬أديكي قاعدة زي الكرسي بالظبط ‪ ،‬دا أنا حتى ماشوفتوش لسه ما يمكن مناخيره كبيرة أو بقه‬
‫واسع أو أبيض بتناحة ‪ ...‬يوووه هو دا وقت هزار يا عقلي دلوقت ‪ ،‬ما تنطق إنت كمان يا عم العريس أصل أسيبك و أقوم ‪ ،‬أنا فاضلي ثانية‬
‫و أعيط و هللا ‪ ،‬ما أنا طلعت بتكسف أهو ‪ ،‬دا أنا طلعت خيبة يا جدعان ‪ .....‬و ظلت تحدث نفسها تنتظر حديثة ‪ ..‬أما نضال فقد ألقى عليها‬
‫نظرة خاطفة فشعر بأنها ستكاد تفقد الوعي من شدة الخجل فرق لحالها و قرر الحديث ‪....‬‬
‫‪-‬أزيك يا أنسة جهاد‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬‬


‫أخيرا نطقت يا أخي ‪ ،‬ثم قالت الحمد هلل بخير‬
‫ً‬

‫‪-‬تنحنح نضال ثم قال ‪:‬‬


‫أنا اسمي نضال بدر ‪ ،‬دكتور جراح ‪ ،‬و أستاذ في كلية الطب جامعة األسكندرية‬

‫صدمت جهاد مما سمعت فـ للوهلة األولى اسمه كان محببًا إليها و قريب من أحالمها و كونه جرا ًحا أذهلها فطالما دعت هللا أن يكون كذلك ‪،‬‬
‫ُ‬
‫فال إراديًا من تأثير ما سمعت رفعت عيناها لتصطدم بنظراته فشعرت بارتباك غريب كانت تلك هي المرة األولى في حياتها التي تشعر فيها‬
‫بذاك الشيء ‪ ،‬شعور مربك لكنه مميز ‪ ،‬محرج لكنه رائع ‪ ،‬شعور يأسرك للوهلة األولى ‪ ،‬كأن تلك النظرة كانت بمثابة اتصال صامت ‪،‬‬
‫فسكت نضال عن الكالم و ظل ينظر إلى عينيها الذي رأي بها آثار الدهشة و لكنه دون أن يشعر نظر إليه نظرات كلها شوق فأخفضت بصرها‬
‫سريعًا عندما رأت في عينيه ذلك الشيء الغريب فـ استكمل هو حديثه‬
‫‪-‬أنا من إسكندرية ‪ ٣٣ ،‬سنة ‪ ،‬إخواتي فارس بشمهندس ديكور و هناء في صيدلة ‪ ،‬والدي مدير مدرسة و والدتي ربة منزل‬

‫سا عميقًا ثم قالت‪:‬‬


‫‪-‬أخذت جهاد نف ً‬
‫أنا جهاد أحمد ‪٢٥ ،‬سنة ‪ ،‬دكتورة في كلية تربية جامعة المنصورة ‪ ،‬أنا وحيدة ماعنديش اخوات ‪ ،‬والدي مهندس معماري ‪ ،‬و ماما مش‬
‫بتشتغل‬

‫‪-‬نضال و قد شعر بالفخر بمكانتها العلمية ‪:‬‬


‫طيب يا أنسة جهاد اتفضلي اسألي لو عندك أسئلة‬
‫‪-‬جهاد في نفسها ‪ ....‬أسأل ؟ آه هسأل عندي أسئلة كتير بس هي راحت مني فين أنا مش فاكرة حاجة ! مسحت على جبينها و هي تستجمع‬
‫قواها و تحاول التركيز لتتذكر األسئلة التي أعدتها فلم تتذكر إل ذاك السؤال‪:‬‬
‫ممكن حضرتك تكلمني عن اهتماماتك و وقت فراغك بتعمل فيه إيه‬

‫‪-‬نضال بتلقائية ‪:‬‬


‫بدايةً أنا ماعنديش وقت فراغ ‪ ،‬كل يومي مشغول أو بمعنى تاني الحاجات اللي الناس بتملى بيها وقت فراغها أنا مخصص ليها وقت معين في‬
‫جدولي اليومي ‪ ،‬مش سايب وقت خالص غير و فيه حاجة بتماله حتى الوقت اللي بقعده مع أهلي دا من ضمن الجدول ‪ ،‬و الحاجات بقى اللي فـ‬
‫يومي غير الشغل ‪ ،‬القراءة و دي حاجة أساسية جدًا ‪ ،‬و طب ًعا لعب الكورة و بنزل المسجد أحفظ األطفال قرآن و ألعب معاهم شوية عشان‬
‫بحبهم جدًا و بروح لشيخي أتلوا عليه ما تيسر من القرآن ‪ ،‬بركب خيل ‪ ،‬و بذاكر شوية عشان بعمل دكتوراه في مجال جديد و شوية حاجات‬
‫كمان كدا ‪ ......‬ثم صمت نضال فجاهدت جهاد من أجل إخراج السؤال التاني فقالت بحذر‪:‬‬
‫و حضرتك بقى أهالوي ول زملكاوي بما إنك ذكرت الكورة‬

‫فهم نضال الغرض من سؤالها وقال في نفسه دا إنت وقعت وقعة فل يا سي نضال ثم قال لها‪:‬‬
‫أنا ل أهالوي ول زملكاوي ول بسمع ماتشات ول بشجع نوادي ‪ ،‬أنا الكورة بالنسبالي مش أكتر من رياضة بمارسها عشان أخرج فيها طاقتي‬
‫‪ ،‬مش فاضي الصراحة عشان أضيع وقتي فـ سماع ماتشات ول بحرق في دمي علشان حاجة مش هاتفيدني ل دنيا ول آخرة مش بعيب الناس‬
‫اللي بتتابع كورة بس هي خارج اهتماماتي الصراحة‬

‫جهاد و قد أعجبها رده و أحست الصدق في كالمه ‪:‬‬


‫حافظ حاجة من القرآن‬

‫‪-‬نضال في نفسه وربنا البنت دي دبلوماسية بشكل‪ ......‬ثم قال ‪:‬‬


‫الحمد هلل خاتمة بالقراءات العشر‬

‫جهاد و قد أحست بسرور عظيم جدًا ثم رفعت عينيها للمرة الثانية لتنظر إليه لتبصر ذاك الذي جذب انتباهها بشدة فرأت مالمح وجهة بوضوح‬
‫للمرة األولى فأعجبتها أناقته و وسامته جدًا و رأت فيه نعم الرجل حقًا فارتسمت على وجهها بسمة دون أن تشعر ثم أفاقت من شرودها عندما‬
‫كثيرا و أحب حياءها جدًا‬
‫ً‬ ‫تبسم هو لبسمتها فأخفضت عينيها و احمر و جهها بشدة و ارتبكت كل حركاتها فأشفق عليها نضال‬

‫جهاد و هي تنظر في ساعة يدها ‪:‬‬


‫بص يا دكتور فاضل على المغرب تقريبًا عشر دقايق ‪ ،‬فيه مسجد جنب بيتنا بشوية كدا انزل دلوقتي روحه و استأذن من المؤذن اللي فيه و من‬
‫اإلمام و أذن إنت المغرب و صلي بالناس بس ماتنساش تشغل المايك في الصالة و بعد الصالة نكمل ‪.‬‬

‫نضال و قد انتابته حالة من الضحك ‪:‬‬


‫على فكرة و هللا صوتي حلو ماتقلقيش ممكن أسمعهولك هنا لو تحبي مش لزم في المسجد يعني‬

‫‪-‬جهاد بتصميم‪:‬‬
‫معلش يا دكتور في المسجد أحلى ‪ ،‬والموضوع يفرق معايا جدًا‬

‫مستمرا في الضحك‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬نضال‬
‫حاضر يا فندم أي أوامر تانية‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬


‫شكرا ‪ ،‬ها أنادي بابا و جدوا عشان ينزلوا معاك ‪ ...‬ثم قامت جهاد و اتجهت إلى مكان والدها‬
‫ً‬ ‫ل‬

‫أخيرا يا نضال لقيت اللي شبهك ‪ ،‬بس دي بتعصر الواحد بأسئلتها و طلباتها و شكلها دماغها جبارة أوي ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪-‬نضال في نفسه ‪:‬اللهم لك الحمد ‪،‬‬
‫ربنا يستر بقى و أنجح في امتحان اآلذان و الصالة دا ‪ ،‬علشان أنا ها أكلمها فـ المهم بعد الصالة ‪.‬‬

‫خرج الرجال للصالة و دخلت جهاد إلى وسام و والدتها‬


‫‪-‬عملتي إيه فـ الراجل يا جهاد ‪ ،‬هاتطفشيه ول هايطلع من هنا على نقاله‬

‫‪-‬بس يا رخمة هوأنا لسه عملت فيه حاجة يا أختي ‪ ،‬لسه التقيل بعد الختبار يا سمسم‬

‫‪-‬األم بخضة ‪:‬‬


‫اختبار إيه هللا يسامحك ‪ ،‬إنت اتجنيتي يا به‬

‫‪-‬اهدي يا مامتي دا هيأذن و يصلي بالناس بس ‪ .......‬المايك صوته حد بيشغله أهو أنا طالعه أقف في البلكونه علشان أسمع كويس ‪ ،‬و بعد‬
‫خروجها إذا باآلذان يصدع في األجواء ‪ ،‬يا هللا ! يا لجمال صوت المؤذن ‪ ،‬عجزت جهاد عن التفوه بكلمة عندما سمعته يرفع اآلذان و إذا‬
‫بعيناها تذرفان الدموع ‪ ،‬لطالما حلمت أن تسمع مثل هذا اآلذان ‪ ،‬كان صوت نضال نقيًا و خاشعًا جدًا ‪ ،‬يجذبك إلى المسجد جذبًا إن كنت‬
‫متكاسال ‪ ،‬ظلت جهاد تستمع إلى ذاك الصوت المحبب إلى النفس و في الحقيقة لم تكن جهاد وحدها من تأثر بصوت نضال الرائع بل كل من‬ ‫ً‬
‫يسكن في حيها السكني فالرجال قد هبطوا مسرعين لتلبية النداء رغم أن من بينهم من اعتاد الصالة في البيت ‪ ،‬أما النساء فقد أثنين جميعًا على‬
‫المؤذن ‪ ،‬و ذهبت جهاد في عالم آخر‪ ،‬ذهبت إلى تلك الصفات التي قد كتبتها عن رفيق الجنان و دعت هللا بها و إذا بها ترى تلك الصفات حية‬
‫في شخص هذا النضال الذي بدأ يتسلل إلى أعماقها ‪ .......‬ثم إذا به يقيم الصالة و يبدأ في قراءة الفاتحة ‪ ،‬فكان جمال صوته في القرآن ل يقل‬
‫جمال عن صوته في اآلذان ‪ ،‬كان أجمل ما يميز صوته الخشوع التام و الصدق ‪ ،‬سقطت دموع جهاد للمرة الثانية رغ ًما عنها ‪ ،‬و إذا بها تنظر‬ ‫ً‬
‫للسماء و تقول اللهم لك الحمد ‪ ،‬صدقتني وعدك يا إلهي فلك المنة و ماذا بعد الصبر إل كل فرج و خير و أحست بمشاعر متضاربة في‬
‫داخلها‪.‬‬

‫بعد وقت ليس بقليل جاء المصلون من المسجد ‪ ،‬جلس نضال حيث كان يجلس هو و جهاد و جلس والدها و جدها بعيدًا عنهم بعض الشيء‬
‫بعدما استدعى الوالد جهاد ‪ ،‬فجاءت على استحياء و جلست مكانها و هي صامته ‪.‬‬

‫‪-‬نضال في نفسه ‪ :‬اتكلم يا نضال ‪ ،‬ما تسكتش زي المرة اللي فاتت ‪ ،‬يا ترى نجحت في الختبار ول إيه ‪ ،‬يا نهاري عليا هو أنا مالي خايف‬
‫كدا ليه ‪ ،‬ل أنا هااتكلم بقى‪.‬‬

‫‪-‬إحم‪ .......‬إيه يا آنسة جهاد نقول مبروك ول أقوم أروح عند أمي‬
‫‪-‬ابتسمت جهاد من طريقته الفكاهية فازداد جمالها و تاه هو في تفاصيل ابتسامتها و نسي كل الكالم ‪ ،‬ثم أفاق لنفسة و تحدث في داخلة‪ :‬يادي‬
‫الوقعة ‪ ،‬مش ها ينفع كدا أقسم باهلل هي مالها قمر كدا ليه أنا كدا مش ها أقدر يا جدعان ‪ ،‬دا أنا من أول قاعدة مش قادر أرفع عيني من عليها ‪،‬‬
‫إحنا نفكس للشبكة والحوارات دي و نتجوز على طول بدل ما نضال العاقل دا يعمل مصيبة ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بصوت منخفض و إعجاب‪:‬‬


‫ما شاء هللا صوتك جميل ‪ ،‬ما سمعتش زيه قبل كدا خالص ‪ ،‬ليك نبرتك المميزة تبارك هللا‬

‫‪-‬نضال دون أن يشعر‪:‬‬


‫ابسط يا عم نضال ‪ ،‬الزهر لعب معاك‬

‫‪-‬جهاد بجدية و خجل ‪:‬‬


‫نعم !!‬

‫‪-‬ها ‪ ...‬ل مافيش حاجة يا فندم ‪ ،‬ممكن أسألك أنا شوية بقى‬

‫‪-‬اتفضل‬

‫‪-‬كلميني عن زوجك المستقبلي شايفاه إزاي و عايزاه إزاي و هو إيه بالنسبالك‬

‫‪-‬جهاد و قد شعرت بأنها تشع حرارة من فرط الخجل ‪:‬‬


‫بالش السؤال دا ‪ ....‬خليه بعدين لو حصل نصيب‬

‫‪-‬نضال بإصرار ‪:‬‬


‫معلش ‪ ،‬قوليه دلوقتي ‪ ،‬أصله مهم بالنسبالي أوي‬

‫‪-‬جهاد و قد علمت أنه ل مفر فنظرت إلى السماء من النافذة الموجودة خلف نضال و هدأت مالمحها و بدت كأنها تسترجع شيئًا مدفونًا في‬
‫أعماقها ‪:‬‬
‫داي ًما بسمية رفيق الجنان مش بحب أتكلم عنه غير باللقب دا ‪ ،‬و هو بالنسبالي حاجة عظيمة أوي ‪ ،‬عشان خاطرة فضلت طول سنين حياتي‬
‫ببعد عن أي حاجة فيها اختالط ‪ ،‬بغض بصري عن كل الشباب عشان مش عايزة عيني تشوف غيرة و عشان ربنا يكافئني بيه زي ما أنا حباه‬
‫‪ ،‬في فترة المراهقة كنت بقفل على نفسي أوي عشان ما أقعش في الغلط ‪ ،‬بعدت عن أي أفالم و مسلسالت عشان أفضل أعف نفسي و‬
‫ماتفرجتش عليهم بحجة إن دي الرومانسية‬
‫هو هايبقى كل حاجة ليا ‪ ،‬سكني و قوتي ‪ ،‬سري و أماني ‪ ،‬ثقتي ‪ ،‬سندي و نجاحي ‪ ،‬ها أكشف قدامه كل عيوبي و الحاجات اللي بخاف منها‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫من غير ما أتكسف ‪ ،‬عمر عيني ما هتشوف غيره أبدًا ‪ ،‬بكتبله من يجي عشر سنين ‪ ،‬بكتبله كل حاجة ‪ ،‬معيشاه كل تفاصيل حياتي ‪،‬‬
‫صورتة العظيمة مطبوعة في جدار قلبي ‪ ،‬حد بيحبني أوي زي ما أنا بحبه ‪ ،‬حد أبقى ليه بنته المدللة قبل ما أكون زوجته و حبيبته ‪ ،‬حد أكون‬
‫أنا أول دقة لقلبه زي ما هو أول دقة لقلبي ‪ ،‬عمرنا ما هنزعل من بعض أبدًا ‪ ،‬أكيد ها تقابلنا مشاكل بس ساعتها ها يعاملني بالرأفة و الرحمة‬
‫و الرفق ‪ ،‬قدوتة النبي في كل حاجة ‪ ،‬عايزاة مثال للشاب المسلم بحق ‪ ،‬يبقى قدوة لغيرة ‪ ،‬دا اللي ها أوصل معاه للجنة ‪ ،‬ها أروح لربنا ماسكة‬
‫في إيدة ‪ ،‬و أبقى أنا و هو تحت ظل عرش الرحمن عشان بنحب بعض في هللا ‪ ،‬أيوا منا بحبه في هللا و هلل من زمان أوي ‪ ،‬عايزاه يزعل مني‬
‫لما أقصر في حق ربنا ‪ ،‬يخاصمني لو قصرت في السنن في يوم ‪،‬عايزة نكون سوا فردين بأمة ‪ ،‬نقابل ربنا بناس كتير كنا سبب في قربهم من‬
‫طريق ربنا ‪- ،‬ولم تشعر بنفسها وهي تكمل هذه الكلمات‪ -‬عايزاة يحقق معايا أعظم أهدافي في الحياة و يكون هدفة هو كمان ‪،‬عايزاة تكون‬
‫غايتة العظمى إنه يموت شهيد ‪ ،‬يكون مؤمن بقضية الجهاد ‪ ،‬بحلم بينا و إحنا مستشهدين سوا عند األقصى و ايدينا في ايدين بعض و دمنا احنا‬
‫اإلتنين يختلط ببعضه ‪ ،‬عايزة آخر لحظات حياتي تكون جنبه و معاه عايزه و أنا بقدم روحي لربنا فداء لدينه يكون جنبي ‪ ،‬عايزه نكون حاجة‬
‫واحدة ‪ ،‬لزم يكون إنسان مش عادي عشان يتناسب معايا ‪ ،‬زي ما أنا طول عمري بحاول أكون مش عادية عشان أناسبه ‪ ...‬و أكملت و هي‬
‫ل تشعر بشيء مما حولها ‪ ...‬ياااااااه أنا بحبه أوي أوي ‪ ،‬ماأقدرش أوصف أنا بحبه قد إيه ‪ ...‬ثم استفاقت من شرودها على هذه الكلمات و‬
‫تيقظت إلى الدمعات التي هربت من مقلتيها لشدة صدق حديثها ‪ ،‬و تيقظت أيضًا إلى ذاك الرجل الجالس أمامها و الذي لمعت عيناه بالدموع‬
‫تأثرا بصدقها في الحديث ‪ ،‬ثم أغمض عينيه و هو يتمتم كلمات الحمد بلسانه ‪.‬‬
‫ً‬

‫‪-‬نضال و هو يمسح على شعره و أراد أن يضفي بعد المرح ألنه شعر بشدة حرجها ‪:‬‬
‫ما كنتش أعرف أن الرؤيا صادقة أوي كدا ‪ ،‬ربنا يباركلك يا جهاد ‪ ...‬احم قصدي يا دكتورة ‪ ،‬ثم نظر إلى عينيها مباشرة اسمحيلي أكون ليكي‬
‫رفيق الجنان دا‬

‫‪-‬جهاد بتلعثم و حرج ‪:‬‬


‫هو إيه موضوع الرؤيا دا‬

‫‪-‬نضال بإبتسامة واسعة ‪:‬‬


‫ل دا موضوع كدا هاابقى احكيلك عليه بعد كتب الكتاب إن شاء هللا ‪ ،‬مش ها ينفع دلوقت ‪ .......‬بس ماقولتيش تسمحيلي ول ل‬

‫‪-‬جهاد ببعض الصدمة ‪:‬‬


‫هو إنت إزاي مش معترض على موضوع الشهادة و الجهاد دا‬

‫‪-‬نضال بصدق ‪:‬‬


‫ألن دا حلمي ‪ ....‬إنت حلمي يا جهاد ‪ ،‬بكل تفاصيله إنت دعوة مافارقتنيش عشر سنين ‪ ،‬إنت كل حاجة و أحلى حاجة ‪ ........‬أستغفر هللا‬
‫العظيم ما توافقي بقى وخلينا نكتب الكتاب عشان الواحد مش قادر يمسك لسانه‬

‫‪-‬جهاد و قد كادت تموت حر ًجا و أرادت الهروب من هذا الموضوع‪:‬‬


‫بس صحيح ‪ ،‬موضة اللحية دي خالص راحت يعني ‪ ،‬مش ها تحلقها بقى‬

‫‪-‬نضال في نفسة ‪ :‬دي بتحور عليا ‪ ،‬وبتهرب من الكالم ‪ ،‬عليكي دماغ ماحصلتش ‪ ،‬مش ها اضغط عليكي بس صبرك عليا أما نتجوز و يبقى‬
‫لينا كالم تاني‪ ......... .‬ثم قال ‪:‬‬
‫أنا ماليش دعوة بالموضة و الكالم دا ‪ ،‬أنا مربيها سنة و تشب ًها بالحبيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬هو ماله عمال ينجح في كل األسئلة كدا ليه أنا كدا شكلي ها ألغي نص األسئلة هو الجواب باين من عنوانه و شكلك وقعتي و‬
‫ماحدش سمى عليكي يا جهاد يا بت أم جهاد ‪.‬‬
‫‪-‬طيب أنا خالص مش ها أسأل تاني ‪ ،‬اتفضل لو ها تسأل إنت‬

‫""الفصل السادس""‬

‫شباك الحب ل نهاية لها ‪ ،‬إذا لمست طرفًا صغير منها ستجذبك جذبًا و تلتف حولك ‪ ،‬و حينهـا ستصبح عاشقًا رغ ًما عنك ‪.‬‬
‫‪........... ............ ..............‬‬

‫‪-‬نضال بحذر و هو يمسح على جبهتة ‪:‬‬


‫هو أنا الصراحة فيه موضوع مقلقني كدا في الجوازه دي و هو إنك إنت شكلك هادي أوي باين دا من تصرفاتك وكالمك و دي حاجة مش‬
‫كويسة جدًا‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬هادية هعهعهعهعه دا إنت اللي هادي و هللا وشكلك هتاخد صدمة عمرك ثم قالت ‪:‬‬
‫ودا يفرق معاك في إيه يعني‬

‫‪-‬يفرق في حاجات كتير طبعًا ‪ ،‬المفروض اإلنسان لما بيجي يرتبط بيرتبط بحد شبهة علشان عرفوا يعيشوا سوا من غير صدامات ‪ ،‬يعني أنا‬
‫مثال مش هادي خالص و واحد بتاع مقالب و مابحبش الحياة اللي بتبقى عقالنية جامد دي ألنها غالبا بتبقى مليانة بالمشاكل و الخناقات و كان‬
‫نفسي زوجتي تبقى كدا عشان ما يجيش يوم تقول عليا هايف أو ما شابه لما أهزر معاها‪ ،‬و عشان أعرف أتعامل بطبيعتي ‪ ،‬لكن بما إنك هادية‬
‫بقى فأنا ها أحاول أعقل قصدي أهدي اللعب شوية عشان مايبقاش فيه أي خالفات بينا ‪ ،‬مع إني رغم إنك يبدو عليكي إنك هادية و رزينة إل‬
‫إني شايف في عنيكي التمرد و الشقاوة مش عارف إزاي ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪ :‬شكلك هاتتصدم لو حصل نصيب ‪ ،‬بس صدقني منا قاياللك ‪ ،‬هااسيبك كدا تتصدم لواحدك ‪ ......‬ثم قالت ‪:‬‬
‫آه ماعلش بقى يا دكتور هتحتاج تهدى شويه‬

‫‪-‬طيب آخر سؤال بقى ‪ ...‬قوليلي ليه عايزة تستشهدي اشمعنا الموضوع دا يعني ‪ ،‬ما فيه آلف العبادات التانية اللي ممكن تعمليها اشمعنا‬
‫الموضوع دا هو اللي فارق معاكي أوي كدا‬

‫‪-‬طيب ما تسأل نفسك ما إنت كدا إنت كمان‬

‫‪-‬ل ماعلش عايز أسمع منك‬

‫‪-‬جهاد بتنهيدة حارة‪:‬‬


‫تعرف أما تكون بتحب حد أوي ‪ ،‬ونفسك تديله حاجة هدية أو تتقرب منه بحاجة ‪ ،‬فبتقعد تدور على أغلى حاجة و أجمل حاجة علشان تقدمها‬
‫لحبيبك دا ‪ ،‬أهو الموضوع كدا بالظبط ‪ ......‬إحنا أغلى حاجة بنملكها في حياتنا روحنا و أنا عايزة أضحي بيها لربنا و أقوله روحي يا ربي‬
‫أهي ‪ ،‬أغلى حاجة عندي شايالها على كفي و جاية بيها ليك فاقبلني و اقبلها يارب ‪ ،‬و كمان الشهيد ما بيتفتنش في القبر و القبر دا أول منازل‬
‫األخرة و فتنتة شديدة و أنا عايزة أنجو منها ‪ ،‬نفسي أكون مع شهداء بدر في الجنة ‪ ،‬عايزة أشم ريحة الجنة و أنا بموت و دمي بيسيل مني في‬
‫سبيل هللا ‪ ،‬الناس بتبقى مستغربه إحنا إزاي بنتمنى نموت كدا ‪ ،‬بس هم ما يعرفوش إن الموت في سبيل الحبيب حياة و لذة تانية ‪ ،‬لذة‬
‫مايعرفهاش غير اللي بيتمناها بقلبه أوي ‪ ،‬الناس مابيبقوش متخيلين يعني إيه لما ربنا بيأمن الشهداء من فتنة القبر زي الرسول ما قال "كفى‬
‫ببارقة السيوف على رؤوسهم فتنة" ‪ ،‬عارف أما حد يقول عليك ل ماتختبرش دا بقى المرة دي ‪،‬دا أنا أضمنلك إنه ناجح من غير ما يدخل‬
‫امتحانات كفاية عليه الختبارات اللي قبل كدا و هلل المثل األعلى أما ربنا يدافع عن الشهداء و يقول ل دول مش هايتفتنوا كفاية اللي شافوه ‪.....‬‬
‫و كمان آراضينا محتلة ‪ ،‬نفسي أروح القدس و أصلي هناك متخيل إني هاأصلي في المكان اللي حبيبنا النبي صلى فيه باألنبياء كلهم ‪ ،‬دا أنا‬
‫حظي هايبقى عامل إزاي لو مكان سجودي كان نفس مكان سجود سيدنا محمد أو سيدنا موسى أو عيسى أو ابراهيم ‪....‬يااااه فيه مليون حاجة‬
‫يخلوك تتمنى الشهادة ‪ ،‬سوريا اللي المفروض كلنا نكون فيها دلوقت و ننصر أهلها المظلومين و نساندهم في حربهم ‪ ،‬بورما و المسلمين اللي‬
‫فيها ‪ ،‬كل دي جروح جوا قلوبنا مش هايداويها غير وقفتنا وقفة صح معاهم و تضحيتنا بحياتنا علشان الحق ‪ ،‬أي نعم طول حياتي بطلب شهادة‬
‫عند األقصى بس دا مش هايمنعني إني أقدم كل ما أملك لكل مسلم محتاجني في أي مكان‪.‬‬

‫‪-‬نضال و قد أحس بقشعريرة في كامل جسدة من شدة تأثرة ‪:‬‬


‫هللا يا جهاد و هللا ‪ ......‬ربنا يثبتك و يزيدك و يكافئني بيكي ‪ ،‬أنا لسه عارفك من كام ساعة بس مع كل كلمة بتقوليها بتمسك بيكي أكتر إنت‬
‫شبهي أوي و زي ما اتمنيت أوي ‪ .....‬ثم قال بمكر ‪ :‬وحياة عيالك يا شيخة نكتب الكتاب دلوقتي و ننجز بقى‬
‫‪-‬جهاد وهي تكتم ضحكاتها و تظهر الجدية ‪:‬‬
‫حضرتك بتقول إيه يا فندم‬

‫‪-‬ل مافيش ‪ ،‬بقول كفاية كدا بقى علشان أنا ممكن لو طولت أكتر من كدا هنا أعمل أي حاجة و الجوازة تبوظ‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬مجنون و ربنا مجنون‬

‫‪-‬أنا ها أقوم أسلم على البشمهندس أحمد ‪ ،‬و هااستنى ردكم إن شاء هللا ‪ ...‬طبعا هانصلي استخارة كل يوم‬

‫‪-‬إن شاء هللا‬


‫‪......... ....... ........ .........‬‬
‫بعد أن غادر نضال و دخلت جهاد إلى أمها و صديقتها‬

‫‪-‬إيه يا جهاد ‪ ..‬إيه األخبار‬

‫‪-‬عادي يا ماما يعني‪ ،‬ها أصلي استخارة و بابا يسأل عليه و أفكر و نرد‬

‫‪-‬وسام بمكر ‪:‬‬


‫ل يا شيخة ‪ ،‬يا بت قومي بصي في المراية كدا ‪ ،‬دا إنت من ساعة ما هو مشى و إنت منشكحة على اآلخر ‪ ....‬شكلك اتثبت يا كبير‬
‫‪-‬ليه يعني يا بنتي ‪ ،‬على فكره دا عادي جدا يعني‬

‫‪-‬وسام و هي تغمز لمنى بمكر ‪:‬‬


‫آه صحيح ‪ ،‬دا حتى شكله مش حلو ول لبسه شيك و صوته في القرآن كمان وحش‬

‫‪-‬جهاد بصوت مرتفع و تعصب‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال ‪ ....‬و كمان صوتة في القرآن روعة جدًا و خاشع كمان‬ ‫مين دا !!! دا قمر و شيك جدا إنت اللي مابتشوفيش و زوقك زبالة‬

‫‪-‬وسام و قد انفجرت ضح ًكا ‪:‬‬


‫طب إنت إيه اللي معصبك دلوقتي ‪ ،‬كل دا و بتقولي عادي ‪ ......‬دا إنت سايحة على نفسك يا روحي‬

‫‪-‬جهاد و قد شعرت بالحرج الشديد بسبب ما قالته ‪:‬‬


‫وهللا إنت رخمة جدًا يا وسام ‪ ،‬و قومي يال من هنا يابه عشان عايزة أقعد لواحدي شوية‬

‫‪-‬وسام و هي تخرج من الغرفة مع منى‪:‬‬


‫من أول يوم و عايزة تقعدي لواحدك ‪ ......‬ها يا أختي و إيه كمان ‪ ،‬طب استني كمان شوية و قولي كدا‬

‫‪-‬جهاد و هي تلقي أحد الكتب على وسام ‪:‬‬


‫يا قليلة األدب ‪ ...‬وهللا ألربيكي يا وسام‬

‫نظرت جهاد لنفسها في المرآه و هي تبتسم ‪ ،‬و أخذت تنظر إلى حجابها و مالبسها لتتأكد أنهم بكامل جمالهم و أناقتهم و كانت تلك هي المرة‬
‫األولى في حياتها التي تهتم ألمر أحدهم كيف كان يراها ‪ ،‬و كيفية هيئتها أمامه ‪ ،‬فابتسمت مرة أخرى و أخذت حمرة الخجل تزحف إلى‬
‫وجنتيها‪.‬‬

‫‪.......... .......... ........ .......... ........‬‬


‫في الصالون يجلس نضال مع إخوتة و والدة و والدته و إذا بهناء تبدأ الحوار ‪:‬‬
‫‪-‬إحكيلنا بقى يا نضال العروسة حلوة‬
‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫أيوا أحلى منك يا مفعوصة إنت‬
‫‪-‬األم ببهجة ‪:‬‬
‫سبحان هللا ‪ ،‬يعني مشوار المنصورة دا ماكنش عارف يجيلك من زمان ‪ ،‬كان زمان عندك عيلين‬

‫‪ -‬هههههههههه عيلين إيه بس يا ماما ‪ ،‬ربنا ليه حكمة في كل حاجة‬


‫‪-‬األب بجدية ‪:‬‬
‫بس شكلهم ناس محترمين جدا ‪ ،‬أنا سألت عليهم ناس زمايلي من هناك ‪ ،‬قالوا في حقهم كالم زي الفل و إنهم ناس عارفين ربنا جدا ‪ ،‬دا حتى‬
‫البنت ذات نفسها معروفة خالص هناك و الكل بيشهد بعلمها و أدبها و أخالقها العالية ‪ ....‬عرفت تختار يا ابني و هللا‬
‫‪-‬نضال مصدقًا على كالم أبيه ‪:‬‬
‫آه و هللا يا بابا فعال ‪ ،‬دا حتى لما كنا قاعدين أنا و هي سوا نتكلم ما دخلوناش أوضة و قفلوا علينا زي الناس ما بتعمل بحجة إننا نعرف نتكلم و‬
‫ناخد راحتنا ‪ ،،‬ل قعدونا في ركن من الصالون قصادهم ‪ ...‬و ناس جميلة في تعاملهم كدا ‪ ،‬ربنا يجعلنا من نصيب بعض يارب‬
‫‪-‬فارس بمزاح ‪:‬‬
‫و إنت يعني يا باشا مش مكفيك بنات إسكندرية رايح تبصلي على بنات المنصورة‬
‫‪-‬نضال و هو يتصنع أنه ينظر ألخية نظرة إحتقار‪:‬‬
‫أبص !!!! إيه ياض األلفاظ البيئة دي ‪ ،‬و بعدين هو أنا زيك بتاع بص يا فاشل‬
‫‪-‬و ربنا يا أخويا أنا بغض بصري ‪ ،‬بس أنا خالص على آخري ‪ ،‬جوزني معاه يا بابا و احفظني من الفتنة هههههههه‬
‫‪-‬األب و هو يضحك من طريقة ابنة ‪:‬‬
‫شوفلك عروسة إنت كمان و اتجوز ياعم ‪ ،‬أديك مهندس قد الدنيا أهو‬
‫‪-‬فارس بمزاح‪: .‬‬
‫وربنا مع أول فرصة لتالقيني ناطط و متجوز على طول‬
‫‪-‬األم بفرح ‪:‬‬
‫و إحنا هانروح إمتى بقى علشان نشوفها و نتفق‬

‫‪-‬مش أما يتصلوا بينا و يوافقوا األول يا ماما‬

‫‪-‬طبعا هايوافقوا ‪ ،‬هم يطولوا حد زيك كدا‬

‫‪-‬يا ماما دا أنا اللي أطول حد زي بنتهم ‪ ،‬يا ماما جهاد دي آية في كل حاجة ‪ ...‬تخطف العقل و القلب بمجرد طلتها بس ‪ ،‬من قبل ما تتكلمي‬
‫معاها ها تحبيها و بعد ما تتكلمي معاها هاتعشقيها و تحترميها و تحسي إنها مالك ‪ ،‬أو حاجة كدا نادرة مابتحصلش كتير أنا لو ربنا كتبهالي‬
‫هاأعيش طول حياتي أحمده عليها‬
‫‪-‬هناء و هي تغمز لوالدها ‪:‬‬
‫شايف يا أستاذ بدر ابنك وقع و ماحدش سمى عليه ‪ ،‬اللي كان عاملي فيها مقاطعة أهو طب أهو‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر ألختة نظرة وعيد ‪:‬‬


‫ماشي يا هناء ‪ ،‬اتريقي كمان ياحبيبتي اتريقي ‪ ،‬بس خليكي فاكرة إنك بتروحي معايا كليتك كل يوم و بنبقى لواحدنا في العربية يعني ماحدش‬
‫هايحوش عنك ‪......‬‬
‫‪.......... ........... ......... ......... .........‬‬
‫أجمل ما يميز تلك األسرة الترابط الشديد بين أفرادها ‪ ،‬لقد حرص األستاذ بدر و السيدة وفاء منذ نعومة أظافر أبنائهم أن يزرعوا بداخلهم‬
‫تقديس الجلسات األسرية و مصلحة الجماعة ‪ ،‬فالبد للجميع أن يجتمع على مائدة الطعام ثالث مرات يوميا ‪ ،‬و كذلك لبد لهم من التجمع في‬
‫الجلسة الليلية ليتناقشوا معا ‪ ،‬و كان ذلك سببا في ألفتهم و تعلقهم الشديد ببعضهم ‪ ،‬و كذلك كان نضال البن األكبر بمثابة مستشار ألخية و أخته‬
‫في كافة أمورهم و مخزن ألسرارهم و محفز لهم أيضا ‪ ،‬و قد حرص األب و األم على تربية أبنائهم تربية إسالمية فحفظوا جميعا كتاب هللا و‬
‫كانوا مثال للشباب و الفتيات الصالحين‬

‫""الفصل السابع""‬

‫كم هو عظيم أن يصطفيك هللا من بين كل تلك الجموع و يختصك بالهداية ‪ ،‬قس ًما إنها نعمة عظيمة عليك اغتنامها ‪ ،‬هي لحظة إن تركتها فستبك‬
‫بقية حياتك حسرةً عليها‪.‬‬

‫‪.............. .............. .............‬‬


‫في ملهى من المالهي الليلة الصاخبة التي تعج بما يغضب الرحمن ‪ ،‬يجلس مجموعة من الشباب الذين ابتعد عنهم أهلهم أو تركوهم بال رقابة ‪.‬‬

‫في وسط هذا الصخب تجلس فتاة مالصقة ألحد الشباب و تستند برأسها على كتفة و يضع يده على كتفها العاري ‪ ،‬حيث تردي الفتاة فستانًا‬
‫يكشف أكثر مما يستر ‪ ،‬ولكن الفتاة يبدو عليها النزعاج و الحزن و إذا بها تتحدث إلى ذاك الشاب المالصق لها ‪:‬‬
‫‪-‬ميدو ! أنا زهقانة أوي و مش طايقة نفسي‬

‫‪-‬من إيه بس يا حبيبتي ‪ ،‬بقى ينفع تزعلي و أنا جنبك يا مي‬

‫‪-‬أنا مابهزرش يا ميدو ‪ ،‬أنا بجد مخنوقة أوي و قرفانة من القعدة دي‬

‫‪-‬ما إحنا بنقعد القعدة دي كل يوم إيه الجديد يعني ‪ ،‬تعالي نرقص و إنت مزاجك يظبط إنت بقالك أسبوع بتيجي تقعدي تشربي و خالص ‪...‬‬
‫تعالي خرجي الطاقة اللي جواكي‪.‬‬

‫ثم قام و أخذ يسحب يديها لتنهض معه ‪ ،‬فاستسلمت له و قامت ‪ ......‬و بينما هم يتراقصون وسط الجموع على األنغام الصاخبة قالت مي‪:‬‬
‫‪-‬مش عارفة أنا ما عدتش طايقة الشلة كلها كدا ليه و حاسه بحاجة كاتمة على روحي بقالي فترة مع إني بعمل كل اللي نفسي فيه‬

‫‪-‬إنسي يا حبيبتي أي حاجة و كبري دماغك كدا و ماتبوظيش الدماغ اللي إحنا لسه عاملينها ‪.‬‬

‫و إذا فجأة أحد الشباب يحاول مضايقة مي‬

‫‪-‬ما تلم نفسك يا زفت إنت‬

‫‪-‬الشاب بوقاحة و قبح ‪:‬‬


‫إيه يا حلوة هو أنا عملت حاجة‬

‫‪-‬مي و هي تمسك يد ميدو لتجذب انتباهه ‪:‬‬


‫ميدو الواد دا بيلزق فيا و بيضايقني و بيقل أدبه‬

‫‪-‬ميدو و هو يغمز للشاب‪:‬‬


‫إيه يا بابا إنت مش لقي حد يلمك ول إي ‪ ،‬ول مش شايف رجاله معاها ‪ ....‬ثم كور قبضته و لكم الشاب في و جهة ‪ ،‬فتجمع الشباب حولهم ثم‬
‫أخذ مي من يدها و ابتعد بها عن مكان الرقص‬

‫‪-‬ما عاش ول كان اللي يضايقك يا حياتي‬

‫‪-‬ربنا يخليك ليا يا ميدو ‪ ،‬بس أنا خايفة يعملك حاجة عشان ضربتة‬

‫‪-‬ول يقدر يعمل أي حاجة دا عيل تيت ‪ ...‬المهم إنت تبقى مبسوطة و كويسة ‪ ......‬ثم أخذ يقترب منها و يلمس جسدها بجرأة‬

‫‪-‬مي بصدمة و هي تضرب ميدو على وجهة‪:‬‬


‫تصدق إنك سافل و ما عندكش دم إنت كمان ‪ ،‬كلكم زبالة شبه بعض و أنا غبية إني حبيت واحد زيك ‪ ....‬ثم تركته و أخذت حقيبتها و خرجت‬
‫من هذا المستنقع و هي تبكي بشدة ‪ ،‬تبكي لحالها و لضيقها‬

‫صدم من ردة فعلها‪:‬‬


‫أما داخل الملهى الليلي ‪ ..‬ميدو و قد ُ‬
‫بقى أنا أنضرب بالقلم يا بت الرفاعي باشا و هللا ألعرفك ‪.‬‬

‫‪-‬الشاب الذي حاول التحرش بها و قد جاء إلى ميدو بعد أن رأى ما فعلته مي ‪:‬‬
‫إيه يا باشا عملتها معاك إنت كمان ‪ ،‬سيبك منها بقى يا عم ‪ ،‬هي آه صاروخ بس بنت مقفلة و نكدية كدا‬

‫‪-‬ميدو بتوعد‪:‬‬
‫على نفسها يا عم سعيد ‪ ...‬إن ما خليتها تبوس رجلي عشان أتجوزها و أنا مش راضي ماابقاش ميدو الصيرفي ‪ ...‬بقى أنا مستحمل قرفها و‬
‫عاملها دور الحنين بقالي سنة و بحاول معاها بكل الطرق و هي برضه عاماللي نفسها الخضرة الشريفة و في اآلخر انضرب بالقلم ‪...‬‬
‫هاأعلمك األدب يا مي و هااخد منك اللي أنا عايزة و أرميكي لكالب السكك‬

‫‪-‬سعيد بإستهزاء ‪:‬‬


‫أما إنت جامد كدا ياعم ‪ ،‬دخلتني أنا في الحوار دا ليه ‪ ،‬كان مالي و مالكم عشان آخد البونية دي في وشي ‪ ...‬قعدت تقولي هااضربك بالراحة و‬
‫أنت إيدك تقيلة‬
‫‪-‬أنا قولت ها يبقى عندها دم و تيجي تترمي في حضني و تقول ماليش غيرك و أعمل اللي أنا عايزة بقى‪ .....‬تقوم تقلب عليا ‪ ،‬صدقني ألخليها‬
‫تعيط بدل الدموع دم و أجيبك تشهد على فضيحتها يا سعيد ‪.‬‬
‫‪.......... ............ .......... .......... .........‬‬
‫مي ‪ ......‬في الفرقة الثالثة من كلية التربية ‪ ،‬فتاة من أسرة فاحشة الثراء والدها رجل أعمال كبير في المنصورة و والدتها من سيدات المجتمع‬
‫المشهورين لديها أخ أكبر ‪ ،‬مسافر إلى إحدى الدول األوروبية ‪ ،‬لتوجد أي رقابة على مي فوالدها مشغول بعمله طوال النهار و والدتها‬
‫مشغولة بآخر صيحات الموضة و الخروج مع صديقاتها ‪ ،‬ول أحد منهم يتذكر ابنته و تركوها ألصدقاء السوء ‪ ،‬ظنًا منهم أن كل دورهم في‬
‫حياتها هو توفير األموال الطائلة فقط ‪ .........‬عادت مي إلى البيت وهي تبكي فوجدت والدتها مجتمعة مع صديقاتها في حديقة الفيال فنظرت‬
‫لهم من بعيد باحتقار ثم ذهبت لتدخل من الباب الخلفي حتى ل تمر بهم‬
‫‪........... ......... .......... .......... .........‬‬
‫في قاعة المحاضرات جهاد و هي تبتسم للطلبة‪:‬‬
‫إيه زهقتوا ! ‪ .......‬إحنا خالص كدا خلصنا نص الوقت ‪ ،‬دلوقتي معاد الترفيه‬

‫انبعث من المدرج بأكمله أصوات تدل على الحماس و السرور فقالت جهاد ‪:‬‬
‫النهاردة يوم المواهب بتاع الولد ‪ ،‬يال يا شباب اللي عنده أي موهبه يطلع هنا عشان بعد العرض و التصويت فيه جايزة قيمة للفايز ‪ ،‬بس يال‬
‫بينا ع السريع عشان وقت الترفيه ربع ساعة بس ‪.‬‬

‫بعد إنهاء شرح المحاضرة بأكملها نظرت جهاد للطالب و قالت ‪:‬‬
‫زي ما احنا متعودين ها نذاكر المحاضرة دي النهاردة و نراجع على واحدة من القدام ‪ ،‬و زي ما بنقول كل مرة اللي محتاج أي حاجة أو عنده‬
‫أي مشكلة يجيلي يا جماعة و هانحلها سوا بإذن هللا ‪ ،‬السالم عليكم و رحمة هللا و بركاته‬
‫‪............ ............ .......... ............ ..........‬‬
‫ذهبت جهاد للمكتب بعد انتهاء المحاضرة ‪ ،‬و أمسكت سجادة الصالة في يديها لتأدية صالة الظهر الذي أذن بالكاد و إذا بأحدهم يطرق الباب‬
‫‪ .....‬فقالت جهاد‪:‬‬
‫ً‬
‫بنطال من الجينز ضيق جدًا و تيشرت بال أكمام ضيق أيضًا و تركت لشعرها العنان فتراه‬ ‫اتفضل ‪ .......‬ينفتح الباب و إذا بفتاة تدخل ترتدي‬
‫منسدل على ظهرها‪ ،‬كانت فتاة جميلة و لكنها في قمة التبرج وكان يظهر في عينيها حزن دفين ‪ ،‬قالت و هي ممسكة بقبضة الباب ‪:‬‬‫ً‬

‫ممكن أدخل يا دكتورة‬

‫‪-‬جهاد بحب و ترحيب ‪:‬‬


‫طب ًعا اتفضلي يا حبيبتي ‪ ،‬تعالي اقعدي هنا و هااستأذنك خمس دقايق بس أصلي الظهر جنبك هنا‬

‫‪-‬ماشي يا دكتورة اتفضلي‬

‫‪-‬بصي لو حد خبط اسألي مين لو طلع راجل ماتخليهوش يدخل و قوليله الدكتوره بتصلي و لو بنت دخليها هااتعبك معلش‬

‫‪-‬تتعبيني إيه بس يا دكتوره ‪ ،‬صلي إنت و ماتقلقيش‬


‫و بعد أن أنهت جهاد صالتها جلست أمام الفتاة و لم تجلس مكانها خلف المكتب ثم قالت ‪:‬‬
‫ازيك بقى عامله إيه‬

‫‪-‬الفتاه بحرج و بعض الحزن ‪:‬‬


‫الحمد هلل‬

‫‪-‬اسمك إيه يا جميل‬

‫‪-‬مي ‪ ...‬مي الرفاعي‬

‫‪-‬أهال يا مي ‪ ،‬إنت فـ سنة تالتة ‪ ،‬أنا لسه شايفاكي في المدرج صح؟‬

‫‪-‬أيوه‬

‫‪-‬طب إيه يا مي ‪ ،‬عنيا ليكي‬

‫‪-‬تسلمي يا دكتورة ‪ ....‬أنا عندي مشكلة أو مشاكل و مش عارفة أحكي لمين ول أثق في مين ‪ ،‬و إنت قريبة من كل الدفعة و أنا بحبك فقولت‬
‫أجيلك‬

‫‪-‬حبيبتي ‪ ...‬أنا تحت أمرك و هللا قوليلي إيه مزعلك‬

‫‪-‬مي بحزن ‪:‬‬


‫بصي يا دكتوره أنا حياتي كلها شوية عقد فوق بعض كدا ‪ ،‬أنا حتى مش عارفه أحكي إيه ول إيه ‪ ،‬بس أكتر حاجة مزهقاني إني بقالي حوالي‬
‫أسبوعين حاسه بخنقة رهيبة ‪ ،‬على طول عايزة أعيط بسبب و من غير سبب ‪ ،‬ماليش نفس أعمل حاجة ‪ ،‬ول طايقة أي حد ‪ ....‬ثم صمتت‬

‫‪-‬مي احكيلي عن حياتك عامله ازاي وفيها مين‬

‫‪-‬أنا أهلي أغنيا جدا والدي رجل أعمال ‪ ،‬لكننا في البيت منفصلين عن بعض تماما ‪ ،‬أخويا مسافر بره ‪ ،‬كل اللي بيربطني بأهلي إني آخد منهم‬
‫فلوس و خالص ‪ ،‬و هم أصال مش بيسألوا عليا ول مهتمين بأمري ‪ ،‬مش فاضينلي يعني ‪ ،‬بعمل كل اللي نفسي فيه بالفلوس الكتير اللي باخدها‬
‫عمري ما اتحرمت من حاجة لكني رغم كدا عمري ما حسيت بالسعاده ‪ ،‬أصحابي بحسهم مصاحبيني علشان وضعنا الجتماعي و بس ‪ ،‬حتى‬
‫الولد اللي حبيته طلع مابيحبنيش و بيتسلى بيا و قليل األدب ‪ ،‬أنا ماعدتش قادره أستحمل حاسه إني بموت ‪ ،‬الخنقة هاتقتلني ‪ ....‬ثم أخذت في‬
‫البكاء‬

‫‪-‬جهاد و قد قامت من مكانها و احتضنت مي و أخذت تمسح على شعرها برفق حتى هدأت ‪:‬‬
‫مي أنا عايزة أسألك سؤال مهم‪ ... .‬إنت بتصلي ؟‬

‫‪-‬مي و قد هدأت بعض الشئ‪:‬‬


‫أصلي؟ ! ‪ .......‬ل في الحقيقة مابصليش بس إيه العالقة ‪ ،‬إيه اللي دخل الصالة دلوقتي‬

‫‪-‬جهاد و قد قامت بتحريك الكرسي الذي كانت تجلس عليه لتقترب من مي أكثر ثم مدت يدها و مسحت آثار الدموع الموجودة على وجهها و‬
‫أمسكت بيد الفتاة ببن كفيها ثم قالت بحنان ‪:‬‬
‫بصي يا مي السمك بيموت لما بيسيب الميه و إحنا كمان بنموت نفسيًا لو بعدنا عن ربنا ‪ ،‬إنت بعيدة أوي عن طريقه ‪ ،‬و دا اللي محسسك‬
‫ضن ًكا َونَحش ُُرهُ َيو َم الق َيا َمة أَع َمى)‬
‫شةً َ‬
‫عن ذكري فَإن لَهُ َمعي َ‬ ‫بالخنقة الرهيبة دي فيه آية في سورة طه بتقول ( َو َمن أَع َر َ‬
‫ض َ‬
‫و اللي إنت حاسه بيه دا هو الضنك ‪ ،‬إنت شوفي عيشتي كام سنة بتعصي فيها ربنا و تغضبيه بكل األلوان خروجات و سهر و أصدقاء سوء و‬
‫ولد و لبس مش مظبوط و هو صابر عليكي و ماعذبكيش ول ابتالكي إبتالء يرجعك غصب عنك ‪ ،‬ل دا بس حسسك بخنقه و زهق علشان‬
‫تلجأي ليه ‪ ،‬و دي من عالمات حب ربنا ليكي إنه لسه باقي عليكي ‪ ،‬لسه عايزك ترجعيلة بيقولك الباب مفتوح قدامك ‪ ،‬المفروض اللي إنت فيه‬
‫دا يخليكي ترجعيله و إنت هاتحسي بالسعادة الحقيقية بقربه هاتعرفي لذة عمرك ماعرفتي في حالوتها و هي لذة األنس باهلل ‪ ،‬إنت محتاجة‬
‫تتوبي يا مي ‪ ،‬تتوبي من كل حاجة ‪ ،‬تمسحي كل حياتك القديمة دي و تبدأي حياة جديدة حياة في طاعة ربنا و بس ‪ ،‬إوعي تضيعي الفرصة‬
‫دي أل ربنا يختم على قلبك و ساعتها هللا أعلم ها يحصل إيه‪.‬‬

‫‪-‬مي و قد بدأت تتأثر‪:‬‬


‫أيوا بس أنا ماأعرفش أعيش حياة تانية ‪ ،‬أي نعم حياتي مش عاجباني لكن ماأعرفش أغيرها و أبقى شيخة مثال ‪ ،‬الحياة التانية دي أنا بخاف‬
‫ً‬
‫أصال ‪.‬‬ ‫منها و بحس إن كل الملتزمين دول ناس خنيقة و مكتئبين ‪ ،‬ماأعرفش أكون زيهم أنا بخاف منهم‬
‫‪-‬جهاد بتفهم ‪:‬‬
‫طيب يا مي أنا فـ نظرك من الملتزمين دول ول ل‬

‫‪-‬إنت مش شبههم يا دكتورة ‪ ،‬إنت آه بتلبسي واسع و بتصلي و بتكلمينا في الدين ‪ ،‬بس إنت مبهجة و بتهزري معانا و بتضحكي و عايشة‬
‫حياتك مش زيهم ‪.‬‬

‫‪-‬ل يا مي كل الناس اللي عارفة ربنا بجد شبهي كدا و أجمل بكتير ‪ ،‬يا حبيبتي الدين مش خنقة و حزن شبه ما اإلعالم بيشبهه لينا ول شبه‬
‫النماذج الغلط اللي بيعرضهالنا ‪ ،‬اإلنسان المؤمن بيعرف يهزر و يضحك زي ما بيصلي و يذكر ربنا ‪ ،‬بيتفسح و بيلعب كورة زي مابيحفظ‬
‫قرآن و يتعلم شرعي ‪ ،‬المسلم الصح هو اللي تالقيه داي ًما مبتسم و وشه منور أصل قلبه منور بحب ربه ‪ ،‬إحنا بنعرف نفرح و نعمل كل اللي‬
‫نفسنا فيه لكن في الحالل زي ما ربنا أمرنا ‪ ،‬ربنا بيحبنا يا مي و عمره مايضيقها على عباده ‪ ،‬كل حاجة هو حرمها علينا لمصلحتنا ‪ ،‬صدقيني‬
‫إنت فاهمة الموضوع عكس خالص ‪ ،‬جربي بنفسك يا مي ‪ ،‬جربي تقربي من ربنا و إنت ها تعرفي معاني عمرك ما سمعتي عنها ‪.‬‬

‫‪-‬طب يا دكتورة أنا برده محتاره مش عارفه أبدأ منين و ل أعمل إيه‬

‫‪-‬بصي إحنا لزم نصلح المظهر و الجوهر التنين ‪ ،‬يعني لبسك يا مي محتاج يتغير كله ‪ ،‬ربنا أمرنا بالستر و الحجاب و اللبس الفضفاض ‪،‬‬
‫لزم تحسي إنك حفيدة عائشة و خديجة في لبسك و أخالقك ‪ ،‬و تبدأي تصلي كل الفروض في ميعادها من النهارده حتى الفجر لزم تقومي‬
‫تصليه ‪ ،‬الصالة دي اتصال دايم بينا و بين ربنا ماينفعش نقطعة ‪ ،‬مع كل سجدة هاتحسي إن قلبك بينور و بتدخله السعادة ‪ ،‬و كمان لزم حياتك‬
‫يبقى فيها قرآن ‪ ،‬تحددي جزء معين يبقى وردك اليومي ‪ ،‬و كمان تبدأي تحفظي ‪ ،‬وكمان ابعدي عن صحبة السوء اللي حواليكي ‪ ،‬و دوري‬
‫على صحبة صالحة ‪ ،‬انزلي مسجد الكلية هاتالقي فيه صحبه بجد يا مي ‪ ،‬نبدأ بالحاجات دي و أنا معاكي خطوة بخطوة جنبك ومش ها أسيبك‬
‫أبدا لحد ما ندخل الجنة سوا يا مي‬
‫‪-‬مي بتأثر شديد ‪:‬‬
‫أنا مجرد كالمك ريحني أوي ‪ ،‬من قبل ما أعمل أي حاجة ‪ ،‬بس أنا ماأعرفش المفروض اشتري لبس منين و كمان أنا عمري ما صليت ما‬
‫أعرفش أصلي ‪.‬‬

‫‪-‬أنا هاأنزل معاكي دلوقتي نشتري اللبس ‪ ،‬و القرآن هاأخدك معايا دار التحفيظ بتاعتي فيها ناس هايساعدوكي أوي و لو عايزاني أنا أحفظك‬
‫بنفسي أنا مستعده ‪ ،‬و ها أعلمك الصالة دلوقتي حال يا ستي ‪ ،‬ماتشليش هم أي حاجة ‪ ،‬بس أهم حاجة أول ما تروحي تصلي ركعتين توبة هلل ‪،‬‬
‫ادعي فيهم كتير و عيطي و طلعي كل اللي جواكي و إنت ساجده قوليله أنا مش ها ابعد تاني أبدا يارب ‪ ،‬توبي من قلبك أوي يا مي و عيطي‬
‫من قلبك برضه‪.‬‬

‫تعبيرا عن حبها ‪ ،‬فاحتضنتها‬


‫ً‬ ‫‪-‬دكتورة جهاد أنا بحبك أوي مش عارفة من غيرك كنت ها أعمل إيه ‪ ........‬ثم قامت مي و احتضنت جهاد‬
‫جهاد بشدة هي األخرى و أخذت تدعو لها بقلبها ‪.‬‬

‫بعد أن علمت جهاد مي كيفية الصالة ‪ ،‬نزلتا سويًا لشراء المالبس ‪ ،‬و أصرت جهاد على أن تشتري لمي فستانًا و حجابًا من أموالها الخاصة و‬
‫طلبت منها أن ترتديه و تعود به إلى منزلها ‪ ،‬ثم افترقتا لتعود كال منهما إلى بيتها‪.‬‬
‫‪............... .............. ............ ............‬‬
‫جهاد و هي تقود سيارتها في الطريق إلى المنزل ‪:‬‬
‫ربنا يهديك يا مي و يثبتك و يبعد عنك أي سوء و يرزقك بزوج صالحك يعينك على الطاعة ‪ .......‬و عند تلك الدعوة شردت جهاد بتفكيريها‬
‫بعيدًا ‪ ،‬إلى نضال و ما دار بينهما من حديث‪ .......‬ثم قالت في نفسها‪:‬‬
‫ل مش ها ينفع كدا أنا ها أكلم وسام و أرغي معاها بدل ما اتهبل و أقولها أنا قررت إيه في الحوار دا و ربنا يسترها بقى‬

‫""الفصل الثامن""‬

‫سر أبيها و بسمته ‪ ،‬هي نقطة ضعفه و قوته ‪ ،‬هي‬


‫سيظل األب أول حبيب في حياة ابنته ‪ ،‬و دو ًما ستجد أن البنة هي أميرة أبيها ‪ ،‬الفتاة هي ُ‬
‫أمله و لها كل مودته ‪ ،‬هي الروح التي تنبض بها حياته ‪ ،‬و هو في عينيها أكمل رجل على وجه األرض ‪.‬‬

‫‪............. ............. ............. .............‬‬


‫‪-‬السالم عليكم ‪ ،‬إزيك يا سمسمة‬

‫‪-‬و عليكم السالم ‪ ،‬ازيك يا عروسة‬

‫‪-‬يا بت اتلمي ‪ .......‬إنت فين ؟‬

‫‪-‬لسه مخلصه شغل في الصيدليه أهو و خارجه‬


‫‪-‬طب حلو جدًا هاأعدي عليكي و نتمشى شوية علشان عايزاكي‬

‫‪-‬ماشي يا باشا مستنياكي ‪.‬‬


‫‪.........................‬‬
‫‪-‬وسام وهي تقبل جهاد ‪:‬‬
‫وحشتيني يابت ماشوفتكيش من يوم العريس ‪.‬‬

‫‪-‬و إنت و هللا ياسرنجة وحشتيني‬

‫‪-‬سرنجة فـ عينك ‪ ،‬دا أنا دكتورة صيدلنية قد الدنيا‬

‫‪-‬طب بالراحة يا أختي مناخيرك و السما ‪ ،‬أنا ها أسيب العربية مركونة هنا ‪ ،‬نتمشى شوية و نبقى نرجع‬

‫‪-‬ماشي يال بينا ‪ .......‬و احكيلي بقى بقالك تقريبا أسبوع أهو بتصلي استخارة و بتفكري ‪ ،‬قررتي إيه‬

‫‪-‬جهاد بتنهيده ‪:‬‬


‫أفكر !!! أفكر فـ إيه يا بنتي ‪ ،‬دا الموضوع طلع كبير ‪ ،‬أنا مش عارفاني يا وسام فجأة حاسة إني بكتشف فيا حاجات ألول مرة ‪ ،‬مش عارفة أنا‬
‫إزاي اتعلقت بحد بالسرعة دي ‪ ،‬تعرفي أنا من أول ما اتكلمت معاه و أنا حسيت باتصال غريب كدا بينا ‪ ،‬أنا طلعت غلطانة لما كنت مفكرة إني‬
‫باألسئلة اللي هسألهاله كدا ها أعرف أحدد هو مناسب ول ل ‪ ،‬اكتشفت إن األسئلة دي ول ليها لزمة ‪ ،‬هي حالة كدا حصلتلي خلتني أحس إنه‬
‫هو دا ‪ ،‬كنت مكسوفة جدا و أنا بتكلم معاه لكني كنت مبسوطة و حاسه إني بكلم حد عارفاه و حفظاه ‪ ،‬حالة مربكة غريبة حصلتلي أما عنيا‬
‫جات في عنيه ‪ ،‬أنا ماكنتش أتخيل إن فيه شخصية ممكن تأسرني كدا ‪ ،‬لكن في الحقيقة نضال كل حاجة فيه علقت و ظبطت معايا ‪ ،‬إنت متخيلة‬
‫إن شخصيته زي ما أنا رسمتها و أحلى كمان ‪ ،‬تدينه ‪ ،‬صوته الجميل في القرآن ‪ ،‬إيمانه بالجهاد ‪ ،‬روحه المرحة ‪ ،‬حاسه إن لسه فيه حاجات‬
‫كتير أوي في شخصيته جميلة محتاجة أكتشفها‪ ،‬أنا و ألول مرة في حياتي أجرب مشاعر حلوه زي دي ‪ ،‬أنا حبيت يا وسام ‪.‬‬

‫أخيرا يا أختي ‪ ،‬و هللا الواد دا برنس إنه عمل فيكي كدا‬
‫ً‬ ‫‪-‬يا صالة العيد يا ولد ‪ ،‬و ربنا لول احنا في الشارع لكنت مزرغطة ‪،،‬‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب صديقتها على يديها بمزاح ‪:‬‬


‫اسمه دكتور نضال يا بت إنت ‪ ،‬أنا بس اللي أقول عليه واد‬

‫‪-‬وسام و هي تغمز لصديقتها‪:‬‬


‫هللا‪ .‬هللا و بنغير كمان ‪ ،‬اتغيرنا في أسبوع يا جدعان‬
‫‪-‬أنا قولتلك يا بنتي أنا مستغربه نفسي و هللا ‪ ،‬بفكر بطريقة جديدة عمري ما فكرت بيها قبل كدا ‪ ،‬و مسيطر عليا إحساس إني خالص ً‬
‫فعال لقيت‬
‫نص روحي التاني‪ ، .‬و بعدين دا بيحب القراية يا وسام و شكله مكون مكتبة عظيمة و إنت عارفاني كلبة كتب ‪ ،‬يعني الموضوع ظابط معايا‬
‫تمام ‪ ،‬بس المشكلة إنه بيقول عليا هادية و زعالن هههههههههه طلع طيب‬

‫‪-‬هادية !!!! يا خرابي طب مش تعرفي الراجل إنك مجنونة أل يتصدم‬

‫‪-‬ل أنا عايزاه يكتشف لواحده ‪ ،‬عايزه يا وسام أشوف رد فعله التلقائي لما يعرف إني مش شبه ماهو فاكر‪.‬‬

‫‪-‬فاكره زمايلك في الكلية كانوا بيتصدموا فيكي إزاي أما يقربوا منك‬

‫‪-‬يا بنتي هم اللي كانوا بيفهموا غلط ‪ ،‬عشان بمشي عنيا في األرض و فـ حالي و مش بعلي صوتي في األماكن اللي فيها تجمعات بيفكروا بقى‬
‫إني خنيقة و من الجماعة اللي هم هطل ‪ ،‬لكن لما بيصاحبوني ‪ ،‬بيكتشفوا الجانب المرح من شخصيتي و مش بيبقوا مصدقين إني بعرف أهزر‬
‫و أضحك ‪ ،‬شخصيتي فيها الجانبين ‪ ،‬لكني عارفه إمتى أكون كدا و إمتى أكون كدا يعني ماينفعش أبقى ماشيه على الطريق أهزر و أعلي‬
‫صوتي و ل قدام الولد ‪ ،‬ول أطلع رخامتي على حد لسه مااتصاحبناش أوي ‪ ،‬لكن أما نبقى كلنا بنات أو حد من صحابي ‪ ،‬ل دا أنا أعيش‬
‫حياتي بقى و تشوفوا الجانب المجنون المرح و األخ لسه غريب بقى فمش ها يشوف الجانب دا غير بعد كتب الكتاب ‪.‬‬

‫‪-‬يا سالم ع الكالم يا ولد ‪ ،‬بس تعرفي هو هايموت في الجانب المرح دا أوي ‪ .............‬و بعدين أنا بقى ماعدش ليا سكة معاكي أنا واحده‬
‫بكره الرومانسية و إنت حالتك بقت صعبه‬
‫‪-‬جهاد بغمزه ‪:‬‬
‫عقبالك يا روحي أما تطبي إنت كمان‬

‫‪-‬وسام بمسحة حزن ‪:‬‬


‫مستحيل ‪ ......‬ثم قامت بتغيير الموضوع و قالت‪:‬‬
‫طب إنتم هاتردم عليهم إمتى‬

‫‪-‬بابا لسه ما كلمنيش في الموضوع سايبني براحتي ‪ ،‬بس المفروض نضال هايتصل بكرا فأكيد بقى الحج هيسألني و مش عارفه أقولهاله إزاي‬
‫‪ ،‬مكسوفه جدا‬

‫‪-‬هههههههههه ‪ ،‬مكسوفه من أبوكي و هللا دا عمو أحمد دا زي العسل‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫خفي يا به الراجل متجوز و بيموت في منى‬

‫‪-‬هههههههه ربنا يخليهوملك يا جيجي ‪.‬‬


‫‪............ ........... ........... .......... .........‬‬
‫‪-‬نضال و قد استيقظ ًتوا من نومه ‪:‬‬
‫طب أنا شوفتها و اتقدمتلها بحلم بيها تاني ليه ‪ ،‬ل و كمان بحلم بيها الساعة تالتة العصر ‪ ،‬ل أنا كدا عقلي استحلى الموضوع و هايشتغلني بقى‬
‫‪ ،‬صدقيني يا جهاد لنكتب الكتاب األسبوع الجاي ‪ ،‬مش ها ينفع كدا ياخونا‬
‫‪............. ............ ........... ..........‬‬
‫بعد تناول وجبة العشاء تجلس جهاد بجوار والدها أمام إحدى البرامج السياسية‬
‫‪-‬جهاد ! افصلي التليفزيون كدا عشان نتكلم في هدوء‬

‫‪-‬جهاد و قد قامت بإغالقه‪:‬‬


‫حاضر يا بابا‬

‫‪-‬أحمد بتفهم و حنان‪:‬‬


‫ها يا بنتي ‪ ،‬نضال ها يتصل بكرا أقوله إيه‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر لوالدها ‪:‬‬


‫إنت إيه رأيك إنت يا بابا‬

‫‪-‬أحمد و قد وضع يده على كتف ابنته‪:‬‬


‫بصي يا جهاد ‪ ،‬إنت وردة أنا فضلت طول عمري أروي فيها و أرعاها يا بنتي ‪ ،‬و الحمد هلل ربنا كافئني بيكي و أنبتك نبات حسن فبقيتي فخر‬
‫لينا كلنا ‪ ،‬إن كان عليا فأنا عايز أحطك في قلبي و أقفل عليكي و ماأطلعكيش منه أبدا ول أسمح لحد ياخدك مني ‪ ،‬أنا كنت بتضايق قبل كدا لما‬
‫كنتي بترفضي العرسان علشان يا بنتي غصب عني دي سنة الحياة و إنت ما شاء هللا مخلصة كليه و شغاله يعني المفروض تتجوزي فدا اللي‬
‫بيخلينا كلنا زعالنين من رفضك ‪ ،‬لكن لو علينا كلنا و هللا ماعايزينك تسيبينا لحظة واحده ‪ ،‬دا إنت بسمتنا يا جهاد ‪ .......‬بس تعرفي أنا بعد ما‬
‫عرفت نضال و سألت عليه حمدت ربنا من كل قلبي إن جوازك اتأخر و ماوفقتيش على حد قبل كدا ‪ ،‬أنا سمعت في حق نضال دا كالم يخليني‬
‫أبقى مطمن أوي و أنا بسلمك ليه و هاأبقى متأكد إنه هايرعاكي أكتر مننا كمان ‪ ،‬الشباب اللي زي نضال دول ماعدوش موجودين كتير ‪ ،‬بقوا‬
‫حاجة نادرة أنا مش مستغرب ألني شايفك زيه يا جهاد ‪ ،‬إنت مش أي بنت محترمة وخالص إنت شعلة نور يا بنتي و هو كمان شبهك ‪ ،‬أنا عن‬
‫نفسي موافق عليه جدًا و متأكد إنك هاتوافقي إنت كمان ‪ ،‬أنا مع كل عريس كان بيتقدملك كنت بتخيل نفسي يوم فرحك لما تروحي على بيت‬
‫جوزك أنا هاأقدر أنام على مخدتي و أنا مرتاح و مطمن للراجل اللي إنت بقيتي فـ بيته ول ل ‪ ،‬و أول مرة أحس من قلبي إني هاأكون مرتاح‬
‫حقيقي ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و قد قامت من مكانها و قبلت رأس والدها فاحتضنها هو بشده و عينا كال منهما تتألأل بهما الدمعات ‪ ،‬ثم قالت جهاد وهي تحتمي في‬
‫حضن والدها ‪:‬‬
‫أنا صليت استخارة و مرتاحة يا بابا ‪ ،‬بلغه إننا موافقين و على بركة هللا ‪.‬‬
‫‪........... ............ ........... ...........‬‬
‫توضأت مي كما علمتها جهاد و دخلت غرفتها و ماء الوضوع يتقاطر من وجهها فزادها بهائًا ‪ ،‬ارتدت مالبس الصالة و وقفت على السجادة و‬
‫رفعت يديها بتكبيرة اإلحرام و نطق لسانها هللا أكبر فصاح قلبها هللا أكبر من كل شيء ‪ ،‬من ذنوبي و أخطائي ‪ ،‬من كل ما كان يشغلني ‪ ،‬من‬
‫أصدقائي و أحبابي ‪ ،‬من حياتي القديمة كلها ‪ ،‬ثم بدأت في القراءة ومن ثَم الركوع ‪ ،‬و عندما هبطت ساجدة و بمجرد أن لمست جبهتها األرض‬
‫‪ ،‬انفجرت في بكاء حار ‪ ،‬أخذت تبكي بشدة و جسدها كله يرتجف و لسانها ل ينطق بشيء سوى "اقبلني يارب" و كانت تلك أول سجدة في‬
‫حياتها منذ ُولدت ‪ ،‬بعدما أنهت صالتها أحست براحة غريبة غير معهوده ‪ ،‬شعرت بأن شيئًا قد أضاء ‪ ،‬بأن ثمة شيء يستحق الحياة ‪ ،‬ظلت‬
‫تدعو و تناجي ربها ‪ ،‬و في هذه الليلة كُتبت لها شهادة ميالد جديدة و هنئتها المالئكة و فرح بها الرحمن ‪.‬‬
‫‪........... ........... .......... ..........‬‬
‫‪-‬نضال و هو يمسك بهاتفة في قلق‪:‬‬
‫أنا هاأتصل بقى ‪ ...‬إلهي ل تخزني‬

‫على الجانب اآلخر أحمد و هو ينظر إلى الهاتف ‪:‬‬


‫نضال بيتصل يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بمكر‪:‬‬
‫غلس عليه األول يا بابا ‪ ،‬قبل ما توافق‬

‫‪-‬يابت هاتموتي و إنت بترخمي على الناس كدهو ‪ .....‬ثم رد على نضال‬
‫‪-‬السالم عليكم ‪ ،‬إزيك يا عمي‬

‫‪ -‬وعليكم السالم ‪ ،‬الحمد هلل ‪ ،‬إزيك إنت يا دكتور‬


‫‪-‬بخير و هللا الحمد هلل ‪ ،‬ها يا عمي نقول مبروك‬

‫‪-‬بص يا نضال يا ابني أنا وهللا حبيتك من أول ما شوفتك و ارتحتلك جدا ‪ ،‬و لو فيه غصب في الجواز أنا ‪......‬‬

‫‪-‬نضال و قد شعر بالضياع ‪:‬‬


‫أنا آسف إني قطعت كالمك يا بشمهندس ‪ ،‬بس أنا مش مستوعب إن جهاد رفضت ‪ ،‬طب ليه إيه السبب ‪ ،‬لو فيه حاجة مش عاجباها تقولي و‬
‫نغيرها سوا ‪ ،‬طب نقعد رؤية شرعية تاني ‪ ،‬أي حاجة بس ماترفضش ‪.‬‬

‫‪-‬أحمد و قد شعر بالذنب مما فعل‪:‬‬


‫طب اهدى يا ابني بس أكمل كالمي ‪ ،‬أنا غلطانلك إني سمعت كالمها المجنون ‪ ،‬أنا كان قصدي أقولك إن لو فيه غصب في الجواز كنت خليتها‬
‫وافقت من غير ما تقعد معاك ‪ ،‬لكنها قعدت و وافقت يا سيدي ‪ ،‬مستنينك إنت و الجماعة بكرا‬

‫‪-‬نضال و هو ل يكاد يصدق ‪:‬‬


‫بجد يا عمي ‪ .......‬اللهم لك الحمد ‪ ،‬بإذن هللا بكرا المغرب هانكون عندكم ‪.‬‬

‫و بعد أن أغلق نضال الهاتف سجد هلل سجدة شكر فهذه عادته مع كل نعم هللا عليه‬
‫أما أحمد فقد توجه إلى جهاد و ضربها برفق على جبهتها ‪:‬‬
‫الواد كان هايموت فيها بسبب هزارنا البايخ ‪ ،‬إنت عملتي إيه في الراجل خلتيه متعلق أوي كدا‬
‫‪-‬جهاد بحرج‪:‬‬
‫إيه يا بشمهندس ‪ ،‬ماتكسفناش بقى‬
‫‪............ ........... .......... ......... ...........‬‬
‫في اليوم التالي في قاعة المحاضرات‬
‫‪-‬نص الوقت خلص يا شباب يال فترة اإلستراحه ‪ .......‬النهارده حاجة مختلفة شويه ها أسأل سؤال و اللي حابب يجاوب يرفع إيده و نسمع‬
‫بعض ‪ ،‬تمام؟‬
‫‪-‬الطالب جمعيا‪:‬‬
‫تمام‬
‫‪-‬السؤال هو ‪ .......‬احكيلنا إيه الحاجة اللي نفسك فيها و هاتطلبها من ربنا في الجنة ؟‬

‫‪-‬هدأ المدرج بضعة ثواني ‪ ،‬ثم بدأت األيدي المرتفعة تظهر‬


‫‪-‬طيب بالدور كدا ‪ ،‬نبدأ من هنا يال اتفضلي‬

‫‪-‬قاالت الفتاة و هي مبتسمة‪:‬‬


‫أنا بحب الشيكولته أوي ها أطلب من ربنا نهر شيكولته جوا قصري‬

‫‪-‬و قال آخر ‪:‬‬


‫و أنا هاأطلب من ربنا إنه يخليني أطير‬

‫‪-‬و قال أخر‪:‬‬


‫و أنا هاأطلب شجر مانجه كتير في أوضة نومي‬

‫‪-‬و قالت أخرى ‪:‬‬


‫و أنا هاأطلب مدينة مالهي عظيمة خاصه بيا‬

‫‪-‬قال آخر‪:‬‬
‫و أنا هاأطلب قصر مبني بالشاورما علشان آكل من الجدران و السقف براحتي‬
‫ظلوا يذكرون طلباتهم حتى انتهوا فقالت جهاد‪:‬‬
‫ما شاء هللا معظم الطلبات أكل إيه يا عيال إنتم جعانين ‪،‬كدا خالص كله قال؟ ‪ ..........‬و إذا بفتاة ترفع يدها فأذنت لها جهاد فقامت الفتاة و‬
‫قالت ‪:‬‬
‫أنا ها أطلب من ربنا يجعل بيتي في الجنة جنب بيتك يا دكتورة عشان أنا بحبك أوي و بحب أشوفك كل يوم ‪ ،‬و عمري ما ها أنسى إني كنت‬
‫داخلة الكلية كارهاها و لول وقفتك جنبنا كان زمانا لسه بنكرهها و بنسقط ربنا يجازيكي عننا خير يا دكتورة جهاد‪.‬‬
‫بعد أن أنهت الفتاة تلك الكلمات انفجر المدرج بالتصفيق الحار ‪ ،‬و بكت جهاد من شدة التأثر و الفرح ثم ذهبت إلى تلك الفتاة و قبلتها على‬
‫تعبيرا عن امتنانها لها و لهم جميعًا و شدة حبها لهم ‪.‬‬
‫ً‬ ‫رأسها و احتضنتها‬
‫‪........... ........... ........... ..........‬‬
‫عظيم جدًا أن تكون محبوبًا في محيطك الذي تعيش و تعمل به ‪ ،‬احرص دو ًما أن تكون يدك هي التي تطبب اآللم و تبعث األمان ‪ ،‬كن مضيئًا‬
‫دو ًما ‪ ،‬راع حزنهم و سرورهم ‪ ،‬شاركهم نجاحهم و فشلهم ‪ ،‬كن معهم و لهم و بهم ‪ ،‬كن بلس ًما ‪.‬‬

‫""الفصل التاسع "‬

‫تلك الدقائق التي نجلسها مع من نحب ل تُقدر بثمن ‪ ،‬يستحيل لعاقـل أن يُضحي بجلسة مع حبيبـة و إن عُرضت عليه كنوز العالم ‪ ،‬فتلـك‬
‫الجلسـات القصيـرة تُحيي فـي أعماقنـا أشيائًا قد تندثر تما ًمـا إذا غابـت تلك الدقائـق مـن عالمنـا‪.‬‬

‫‪........... ............. .............. ............‬‬


‫جهاد و هي تتحدث إلى وسام في الهاتف‪:‬‬
‫‪-‬ألو‪ .....‬بت يا وسام نضال جي النهارده هو و أهله‬

‫‪-‬وسام بصوت به بحة بكاء‪:‬‬


‫بجد ! ألف مبروك يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بقلق ‪:‬‬


‫مالك يا وسام‬

‫‪-‬ماليش يا حبيبتي أنا كويسة‬

‫‪-‬ماتكذبيش يا وسام فيه إيه‬

‫‪-‬وسام و قد أخذت تبكي ‪:‬‬


‫أبويا يا جهاد هللا يسامحه ‪ ،‬مش مكفيه قعدته في البيت من غير شغل و أنا و ماما اللي بنشتغل و فاتحين البيت ‪ ،‬ل إتخانق النهارده مع ماما و‬
‫ضربها هي و سندس أختي و أنا أما جيت من بره و لقيتهم كدا روحت أقوله ليه بيعمل كدا كان ها يضربني أنا كمان و قعد يشتم فيا ‪ ،‬أنا‬
‫بكرهه ‪ ،‬بكرهه أوي يا جهاد ‪ ،‬ماأعرفش هو عامل كدا ليه ‪ ،‬ماعدتش قادرة أستحمله ‪ ،‬أنا خالص حاسه إني عايزه أدعي عليه من قلبي ‪ ،‬أنا‬
‫كرهت كل الرجاله بسببه ‪ ،‬أنا سعات بتعامل مع الرجاله بعنف في الصيدليه من كتر ما أنا اتعقدت بسبب عمايله ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و قد أصابها الحزن الشديد بسبب حال رفيقة عمرها‪:‬‬


‫وسام ماتضعفيش كدا ‪ ،‬و ماتعيطيش ‪ ،‬إنت سند مامتك و أختك الصغيرة ‪ ،‬و بدل ما تدعي عليه ادعيله ‪ ،‬ادعيله ربنا يهديه ‪ ،‬و عشان خاطري‬
‫حاولي تستحملي ‪ ،‬هو باباكي يا وسام و لزم ستحمليه ‪ ،‬أنا عارفه إن عمايله ل تُطاق لكن مافيش حل تاني ‪.‬‬

‫‪-‬ادعيلي يا جيجي ‪ ،‬ادعيلي أوي‬

‫‪-‬حاضر يا سمسمة ‪.‬‬


‫‪........... .......... .......... ...........‬‬
‫محمد و هو يجلس بجوار نضال في سيارته‪:‬‬
‫بالراحة علينا يا عريس إحنا لسه الساعة ماجاتش اتنين‬

‫‪-‬يا ابني منا لسه هاأروح أجهز و ورانا سفر للمنصورة يعني موال‪.‬‬
‫‪-‬هاتلحق إن شاء هللا يا كبير ‪ ...........‬ناوي على الشبكة إمتى ؟‬

‫‪-‬لسه أما نشوف رأيهم ‪ ،‬بيني و بينك أنا عايز نكتب الكتاب و نتجوز على طول ‪ ،‬كفاية اللي راح من حياتي و هي مش جنبي ‪ ،‬نلحق نعيش‬
‫يومين بقى ‪.‬‬

‫‪-‬يا ابني اتقل شوية مش كدا ‪ ،‬ماتفضحناش مع الناس ‪.‬‬

‫‪-‬أتقل ‪ .....‬أكتر من كدا ‪ ،‬اسكت يا محمد اسكت هللا يكرمك‪.‬‬


‫‪............ ......... .......... .........‬‬
‫‪-‬شوفي مين بيخبط يا جهاد‬

‫‪-‬حاضر يا ماما‬

‫جهاد و قد فتحت الباب و وجدت أنها وسام‬


‫‪-‬سمسمة ! أنا قولت إنك مش هاتيجي النهارده ‪ ،‬عشان اللي حصل ‪.‬‬

‫‪-‬ماأقدرش ماأكونش جنبك في يوم زي دا يا جهاد ‪ ،‬و بعدين أنا بقيت كويسه أهو‬

‫‪-‬جهاد و هي تحتضن وسام ‪:‬‬


‫ربنا ما يحرمني منك أبدًا يا وسام‬

‫‪-‬وسام و هي تحاول تصنع البهجة‪:‬‬


‫إنت ما لبستيش ليه لحد دلوقتي‬

‫‪-‬إحنا لسه العصر و هما هايجوا المغرب ‪ .......‬لسه ها أعمل كمان ماسك غير اللي عملته و ألبس بقى‬

‫‪-‬وسام بمزاح‪:‬‬
‫بقينا بنعمل ماسكات و نهتم بقى‬

‫‪-‬طول عمري يا روحي بعمل ماسكات طبيعية و محافظه على بشرتي ‪ ،‬تنكري ! ‪ .....‬هو الصراحة النهارده زودت شوية بس يجوز يعني‪.‬‬

‫‪-‬طيب يال ياأختي ها أسلم على منمن و جايالك‪.‬‬


‫‪............ .......... .......... ..........‬‬
‫هذا هو من يستحق لقب صديق ‪ ،‬من ينسى آلمه و أحزانه ليشاطرك أفراحك و نجاحك ‪ ،‬من ينسى نفسه من أجلك ‪ ،‬تقسو عليه الحياة فتراه‬
‫رغم ذلك يحنو عليك ‪ ،‬يبتسم وسط بكائه فقط ألنه نظر إليك ‪ ،‬هل تمتلك ذاك الصديق ‪ ،‬أتدري ! إنني أمتلكه ‪ ،‬و لكنني أذكر أنني أحزنته يو ًما‬
‫بحماقاتي ‪ ،‬لذا فأنا أقدم له إعتذاراتي أمامكم جميعًا عله يسامحني‪.‬‬
‫‪............ ........... ........... ......... .........‬‬
‫تجلس األسرتان سويًا في جو يسوده الود و السكينة و إذا بجهاد تدخل إلى الصالون و هي تحمل أكواب العصير ‪ ،‬كانت ترتدي فستانًا من اللون‬
‫خمارا من اللون الرصاصي ‪ ،‬كالمعتاد كانت في غاية الجمال ‪ ،‬انبهرت بها عائلة نضال بأكملهم و أثنوا في داخلهم على اختياره‪، .‬‬
‫ً‬ ‫الموڤ و‬
‫عندما رفعت عيناها عن األرض لحسن أو لسوء الحظ ل أعلم وقعت عيناها على عيني نضال مباشرة ‪ ،‬فشعرت بالربكة ذاتها التي تحدث مع‬
‫كل نظره إليه ‪ ،‬صرفت عيناها سريعًا عنه حتى ل يختل توازنها و تُسقط العصير ‪ ،‬وضعت العصير ثم سلمت على هناء و وفاء ثم رحبت‬
‫بوالد نضال و أخيه بال سالم ‪ ،‬وفاء و هي تشير لجهاد بإبتسامه صافية ‪:‬‬
‫تعالي يا عروستنا اقعدي جنبي هنا‬

‫جلست جهاد بجوارها و أخذوا يتحدثون سويًا ‪ ،‬أحبت وفاء جهاد جدًا من بداية الحديث فجهاد تتحدث بتلقائية و حب و أحبت وفاء منها هذا‬
‫‪ ........‬تحدث األستاذ بدر ‪:‬‬
‫طبعًا يا جماعة الفاتحة دي بدعة فـ احنا مش هانقراها و الكالم دا ‪ ،‬عايزين نتفق بقى ها نجيب الدهب إمتى و الشبكة و كدا‬
‫‪-‬الحاج مصطفى بجدية‪:‬‬
‫مش ها نختلف يا أستاذ بدر ‪ ،‬اللي تشوفوه مناسب‬

‫‪-‬خالص يبقى نجيب الدهب بعد بكرا ول إيه رأيك يا عروستنا‬


‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬
‫في الحقيقة يا عمو أنا مش عايزة أجيب دهب‬

‫‪-‬بس دا حقك يا بنتي في اإلسالم و إحنا نقدر نجيب أحلى شبكة الحمد هلل‬

‫‪-‬أنا مش بحب الدهب يا عمو و مش بلبسه و هللا كفاية عليا الدبله بس‬
‫‪-‬بس يا بنتي ماحدش بيتجوز من غير دهب ‪ ،‬طب نجيبلك أي حاجة عشان صحابك حتى‬

‫‪-‬يا طنط أنا ماليش دعوة بحد ‪ ،‬هم بيحبوه فهيلبسوه ‪ ،‬لكن إحنا نشتري حاجة غالية و مش هانستفاد منها ليه‬

‫‪-‬وفاء بإعجاب ‪:‬‬


‫ربنا يزيدك عقل و حكمة كمان و كمان يا بنتي ‪.‬‬

‫كثيرا من هذا األمر ألنه كان يريد أن يحضر لها أغلى ما هو موجود ‪ ،‬فتنحنح و قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫أما نضال فقد تضايق‬
‫بعد إذنك يا بشمهندس أحمد ممكن أقعد أنا و الدكتورة جهاد لواحدنا شوية‬

‫‪-‬ماشي يا ابني اتفضل ‪ ،‬قومي يا جهاد و اقعدوا قصادنا في آخر الصالون هناك ‪..‬‬

‫غادر نضال و جهاد تلك الجلسة فقال والد نضال ‪:‬‬


‫الظاهر كدا إنهم هايتفقوا سوا على ميعاد الشبكة‬

‫‪-‬أحمد برضا‪:‬‬
‫هم عاقلين و هي حياتهم ‪ ،‬ربنا ييسر ليهم األمور‬
‫‪........... ......... .........‬‬
‫نضال بعدما جلس في مواجهة جهاد ‪:‬‬
‫إزيك يا جهاد ‪ ،‬عامله إيه‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬


‫الحمد هلل ‪ ،‬إزي حضرتك إنت‬

‫‪-‬أنا كويس الحمد هلل ‪ ،‬بس بالش بقى حضرتك دي‬

‫‪-‬حاضر يا دكتور‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫ول دي كمان ‪ ،‬أنا اسمي حلو و هللا ‪ ،‬ناديني بيه ‪ ......‬ثم قال بمكر ‪:‬‬
‫ول هو مش عاجبك نغيره؟‬
‫‪-‬جهاد باندفاع ‪:‬‬
‫ل ل و هللا أبدًا دا حتى جميل و عريق كدا و معناه كمان حلو‬

‫‪-‬ل دا أنا ها أحبه بقى‬

‫خجلت جهاد جدًا بسبب اندفاعها في الحديث و علمت أنه تعمد ذلك فشعرت بالضيق ‪ ....‬نظر إليها نضال فشعر بشدة خجلها فقرر الحديث عن‬
‫رفضها للمهر ‪:‬‬
‫إنت ليه مش عايزة تشتري دهب يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد و قد رفعت عيناها من األرض‪:‬‬


‫زي ما قولت هناك مش بحبه و هللا يا دكتور‬

‫‪-‬دكتور تاني ‪ ،‬إنت مصممة بقى‬

‫‪-‬معلش مش هاأعرف أناديك باسمك كدا على طول‬

‫‪-‬ماشي يا ستي براحتك ‪ ،‬شكلك هاتوريني أيام زي الفل ‪ ،‬المهم بقى يعني إيه مش بتحبيه دي ‪ ،‬إنت لزم يجيلك مهر يا جهاد و مش أي مهر ‪،‬‬
‫دا إنت يجيلك أغلى مهر ‪ ،‬إنت مش حاسه بقيمتك ول إيه يا بنتي و بعدين أنا مش ها أوافق أبدًا إنك ماتجيبيش دهب ‪.‬‬

‫‪-‬طب هو فيه حاجة تانيه ممكن نحل بيها الموضوع دا ‪ ،‬أنا نفسي أشتري كاميرا ديجيتال و أتعلم التصوير ممكن إنت تشتريهالي و تبقى هي‬
‫مهري‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫إنت بتهزري ول بتتكلمي بجد‬

‫‪-‬ل و هللا مش بهزر ‪ ،‬أهو إنت هاتشتريلي مهر عشان ماتزعلش ‪ ،‬و كمان هاتبقى حاجة بحبها و مفيدة ول إيه رأيك‬

‫‪-‬نضال بإعجاب‪:‬‬
‫هو أنا ليا رأي بعد اللي قولتيه ‪ ،‬دا كفايه كلمة عشان ماتزعلش دي‬

‫‪-‬جهاد بعصبيه مكتومه‪:‬‬


‫هو إنت بتدور على الكالم اللي يكسفني و تقوله‬
‫‪-‬نضال و قد بدأ يستمتع باستفزازه لها‪:‬‬
‫مراتي بقى و أنا حر‬

‫‪-‬ل يا دكتور احنا على البر و أنا لسه مش مرات حد و ممكن كل واحد يروح لحاله‬

‫‪-‬نضال و هو يشير على رقبته‪:‬‬


‫دا أنا كنت أدبحك ‪ ،‬إوعي تفكري مجرد تفكير إننا ممكن نفترق ‪ ،‬بس صحيح قوليلي اشمعنا التصوير يعني اللي عايزه تتعلميه؟‬

‫‪-‬الموضوع في بالي من زمان بس ماكنتش بتيجي فرصة ‪ ،‬التصوير من الحاجات اللي بتسحرني جدًا ‪ ،‬ها أدور بقى على مكان أتعلم فيه من‬
‫النهارده‪.‬‬

‫‪-‬و تدوري ليه ‪ ،‬أنا بعرف أصور كويس جدًا ‪ ،‬و حاضر دورات تصوير قبل كدا ‪.‬‬

‫‪-‬هللا بجد ‪ ،‬خالص تعلمني بقى بعد كتب الكتاب ‪ ،‬بإذن هللا‬

‫‪ -‬صحيح بالمناسبة بقى عايزين نكتب الكتاب‬

‫‪-‬إزاي يعني مش أما نتخطب األول‬

‫‪-‬خطوبة إيه ‪ ،‬دا كالم فاضي ‪ ،‬إحنا نكتب الكتاب آخر األسبوع دا و نتجوز على آخر الشهر‬

‫‪-‬جهاد بصدمة‪:‬‬
‫نعم !!!‬

‫‪-‬نضال بجدية مصطنعة‪:‬‬


‫تصدقي كتير برده و شكلك مستعجله إنت كمان ‪ ،‬خالص يبقى كتب الكتاب بعد بكرا و الفرح آخر األسبوع‬

‫‪-‬إيه يا دكتور ! و ليه كل دا طب مانكتب الكتاب و نتجوز النهارده و خالص‬

‫‪-‬طب أقسم باهلل أنا مستعد يال بينا‬

‫‪-‬جهاد و هي لتكاد تصدق ما يحدث ‪:‬‬


‫يا دكتور بطل هزار إحنا على أقل تقدير لزم نقعد مخطوبين ست شهور‬

‫‪-‬نضال برفض‪:‬‬
‫إيه ! ل طب ًعا ‪ ،‬ماينفعش و هللا ‪ ،‬وبعدين يا جهاد أنا عندي ‪33‬سنه ها أضيع عليهم كمان لسه كل الوقت دا‬

‫‪-‬جهاد بنفاذ صبر‪:‬‬


‫أما إنت مستعجل كدا ‪ ،‬مااتجوزتش ليه من زمان‬

‫‪-‬نضال بنبرة ذات مغزى‪:‬‬


‫كنت بدور عليكي يا ستي السنين اللي فاتت دي كلها ‪ ،‬و ماكنتش لقي حضرتك و أول مالقيتك هاأتجوزك على طول أهو ‪ ،‬تيجي تقولي كتب‬
‫الكتاب بعد ست شهور ‪ ،‬ثم قال بمزاح ‪:‬‬
‫ماتجيبي صباره وتدفينيني يا جهاد أحسن‬

‫‪-‬جهاد و قد فشلت في كتم ضحكاتها ‪:‬‬


‫و هللا منا عارفه أقولك إيه هاتموتني من الضحك‬

‫‪-‬بعد الشر عنك ‪ ........‬المهم كتب الكتاب كمان شهر أنا كدا كارمك أهو‬

‫‪ -‬جهاد بجدية ‪:‬‬


‫مش ها ينفع و هللا ‪ ،‬طب نتعرف على بعض األول حتى‬

‫‪-‬يا ستي أنا عايزك زي ما إنت كدا مش عايز أتعرف عليكي ‪ ،‬ها نبقى نتعرف بعد كتب الكتاب‬

‫‪ -‬بس أنا عايزه أعرفك األول ‪ ،‬أنا لسه ماأعرفش عنك حاجات كتير‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫أنا قدامك أهو إسأليني في اللي إنت عايزاه ‪ ،‬أنا تحت أمرك ‪ ،‬اتعرفي عليا براحتك النهارده ‪ ،‬ها أقعد معاكي لحد ما تزهقي ‪ ،‬و أبات عندكم لو‬
‫عايزه‬

‫‪-‬بطل هزار بقى يا دكتور ‪ ،‬بص ها أقرب المدة شوية و نخليها بعد خمس شهور‪.‬‬

‫‪-‬بصي أنا ها أتنازل و أوافق على ‪ 3‬شهور ‪ ،‬أكتر من كدا أقسم باهلل ما ينفع ‪ ،‬وربنا يصبرني بقى‬
‫‪-‬جهاد باستسالم‪:‬‬
‫طيب يا دكتور اللي تشوفه ‪ ،‬هلل األمر‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫أيوا خليكي هادية زي ما إنت ‪ ،‬و افضلي مطيعة كدا على طول‬

‫‪-‬جهاد و قد ضحكت من طريقته بشده‪:‬‬


‫على فكرة إنت بتضحكني كتير أوي كدا‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫علشان بحب أشوف ضحكتك و بتبقي زي القمر بالغمازات دي ‪ ،‬الشمس بتطلع و إنت بتضحكي كدا‬

‫‪-‬خجلت جهاد جدًا مما قاله فنظرت أرضًا و لم تتحدث‬

‫‪-‬نضال و قد انتبه لما قاله‪:‬‬


‫أنا آسف و هللا ‪ ،‬الكالم طلع غصب عني ‪ ،‬مش قولتلك نكتب الكتاب و نخلص عشان نقول اللي احنا عايزينه براحتنا‪. ....‬‬

‫""الفصل العاشر""‬

‫ُخلقت األنثى من ضلع رجـل ‪ ،‬و لكنـك قد تجـد أنثى أفضـل من مليـار رجل ‪ ،‬قد تصنـع المرأة مـا يعجز الرجال عن فعله ‪ ،‬و قـد تنجح بـال‬
‫مساعدة من رجل ‪ ،‬فقـط عندما تقررين ذلـك يا فتاتـي ستفعلينه ‪ ،‬بإمكانك بناء العالم بأكمله إن أردت أنت ذلك‪.‬‬
‫‪............ ............... ................‬‬
‫‪ -‬أراد نضال أن يغير الموضوع و يضفي المرح ‪:‬‬
‫يال بقى اتعرفي عليا من النهارده علشان الـ ‪ 3‬شهور يكفوا ‪.‬‬

‫‪ -‬طيب مش هانتفق على ميعاد الشبكة؟‬

‫‪-‬نضال بجدية‪:‬‬
‫احنا ننزل نشتري الدبل كمان يومين و نعمل شبكة عائلية كدا يوم الجمعة الجاية ‪ ،‬تمام؟‬
‫‪-‬ماشي تمام‪.‬‬

‫‪-‬صحيح ما قولتليش يا جهاد عايزة تعيشي فين ‪ ،‬يعني تحبي بيتنا يبقى فين؟‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬


‫المكان اللي إنت عايزه ‪ ،‬زي ما تحب ‪ ،‬دا بيتك إنت‬

‫‪-‬ل دا بيتك قبل ما يكون بيتي ‪ ،‬و هايكون في المكان اللي تحبيه‬

‫ً‬
‫أصال بحب إسكندرية جدًا‬ ‫‪-‬أكيد هايبقى عندكم في اسكندريه يعني ‪ ،‬و أنا‬

‫‪-‬نضال بااستفزاز ‪:‬‬


‫يا بختها و هللا‬

‫‪-‬هي مين‬

‫‪-‬إسكندريه اللي إنت بتحبيها دي‬

‫‪-‬جهاد و هي تكاد تبكي من الخجل‪:‬‬


‫و هللا لو ما بطلت بقى ألكون قايمه‬

‫‪-‬نضال و هو يكتم ضحكاته ‪:‬‬


‫خالص و هللا ‪ ،‬هاأسكت أهو ‪ ،‬اسألي يال لو عايزه تعرفي حاجة‬

‫‪-‬جهاد بـ ارتباك ‪:‬‬


‫احكيلي عن عالقتك بمامتك و أختك هناء عامله إزاي‪.‬‬

‫‪-‬نضال بحب ‪:‬‬


‫أصال ‪ ،‬طول عمري بعاملها كـ صاحبتي و حبيبتي ‪ ،‬و هي حنينه و طيبة جدًا هاتحبيها‬ ‫ً‬ ‫أمي دي أول ملكة في حياتي ‪ ،‬هي النور اللي فـ دنيتي‬
‫أوي ‪ ،‬أما هناء فدي بنتي المدللة زي ما إنت شايفة الفرق في السن بينا كبير ‪ ،‬فهناء دي تربيتي أنا ‪ ،‬من يوم ما اتولدت و هي مسؤله مني ‪،‬‬
‫مش بتعامل معاها غير كأنها طفلتي اللي محتاجاني في كل تفاصيل حياتها ‪ ،‬و بينا صداقة رهيبة ‪ ،‬متأكد إنكم هاتحبوا بعض أوي إنتم التالته ‪.‬‬

‫ً‬
‫أصال‪.‬‬ ‫‪-‬ربنا يخليهوملك يارب ‪ ،‬أنا حبيتهم‬
‫‪-‬يا بختهم برضه ‪.‬‬

‫‪-‬تاني يا دكتور ‪ ،‬طب قوم بقى نرجع نقعد معاهم و كفاية كدا‬

‫‪-‬طب بجد خالص وهللا ‪ ،‬بس خلينا قاعدين كمان شويه ‪ ،‬و كلميني عن عيلتك و عالقتك بيهم و قرايبك ألن أنا ماأعرفش حاجة عنهم‬

‫‪-‬أنا زي ما أنت شايف عايشه مع جدو و تيتا و ماما و بابا ‪ ،‬وهم كل حياتي و كل اللي ليا في الدنيا دي ‪ ،‬عمرنا ما بعدنا عن بعض أبدًا ‪ ،‬كلنا‬
‫مرتبطين ببعض أوي ‪ ،‬أقرب حد لقلبي في عيلتي أو في الدنيا كلها جدي ‪ ،‬جدي دا ضحكتي و سعادتي و أماني ‪ ،‬كل حاجة و أحلى حاجة في‬
‫الدنيا متمثلة فيه ‪ ،‬كل رغيي و أسراري معاه ‪ ،‬خططي و أفكاري برده معاه ‪ ،‬و أنا بالنسباله الهوا اللي بيتنفسه ‪ ،‬أنا متهايقلي مهما أعرف و‬
‫أصاحب ناس عمر ما حد ها يوصل لدرجة حبي لجدي ‪.‬‬

‫‪-‬نضال ببعض الغيرة‪:‬‬


‫خالص خالص ‪ ،‬مفيش أمل يعني تحبي حد حتى زي حبك لجدك كدا ‪ ،‬ول حتى الراجل اللي هاتتجوزيه ‪ ،‬دا ها يبقى جوزك حبيبك حني عليه‬
‫و حبيه زيه ‪ ،‬دا غلبان و هللا‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بضحك‪:‬‬
‫ل مايحلمش ‪ ،‬جدي مفيش حد زيه‬

‫‪-‬نضال بإحباط مصطنع‪:‬‬


‫طيب األرزاق على هللا ‪ ،‬كملي‬

‫‪-‬عندي عم اسمه محمود بيته جنبنا بشوية كان هايجي النهارده بس جاتله سفرية شغل مفاجأة ‪ ،‬عنده ساره متجوزة الظابط هشام و ساره دي‬
‫بالنسبالي أختي و أكتر ‪ ،‬و محمد لسه بيدرس في رابعه أسنان ‪ ،،،‬أما عمتي فاطمة فدي متجوزه في القاهرة و ولدها أكرم طيار ‪ ،‬و كريم‬
‫مدرس و متجوز ‪ ،‬بس كدا هي دي عيلتي الصغيرة ‪.‬‬

‫‪-‬ربنا يباركلك فيهم ‪ ،‬طب و صحابك بقى ‪.‬‬

‫‪-‬ليا صديقة واحدة اسمها وسام كانت هنا معايا النهارده روحت قبل ما تيجوا على طول ‪ ،‬أكيد هاتشوفها قدام ‪ ،‬دي بقى صاحبتي من أيام‬
‫الحضانة طول عمرنا مع بعض ‪ ،‬هي دخلت صيدله و أنا تربية لكننا برضه فضلنا توأم زي ما احنا ‪ ،‬وسام دي من الصحاب اللي بقى نادر‬
‫تالقي شبههم ‪ ،‬عالقتنا ببعض قريبة لدرجة التعقيد ‪ ،‬صعب على حد غيرنا يفهمها ‪ ،‬ليا بقى أصحاب تانيين كتير من كل المراحل لكن مفيش‬
‫حد عندي زي وسام ‪.‬‬

‫‪-‬يا سيدي على الحب يا ولد ‪ ،‬ربنا يخليهالك يارب يا جهاد ‪.‬‬
‫‪-‬اللهم آمين ‪ ......‬يال بينا بقى نقوم نقعد معاهم‬

‫‪-‬إنت مستعجله كدا ليه ‪ ،‬ماتسيبينا قاعدين شوية ‪ ،‬ثم قال بمكر ول إنت زهقتي مني‪.‬‬

‫فهمت جهاد أنه يريد احراجها كما فعل من قبل فقالت باستفزاز ‪:‬‬
‫أيوا زهقت ‪ ،‬يال بقى‬

‫صدم من ردها الغير متوقع‪:‬‬


‫‪-‬نضال و قد ُ‬
‫في وشي كدا ‪ ،‬هللا يسامحك ‪ .....‬يال بينا نرجع ليهم بدل ماتضربيني ‪.‬‬

‫استمرت تلك الجلسة التي تمهد لبداية ترابط عظيم إلى وقت متأخر ثم رحلت عائلة نضال و بعد يومان جاء نضال و أخته هناء و ذهب معهم‬
‫أحمد و جهاد لشراء الدبل ‪ ،‬ثم اتفقوا على اللقاء يوم الجمعة في حفل الخطبة‪.‬‬
‫‪........... ........... ........... ..........‬‬
‫مي و هي تصعد الدرج لتدخل من باب الكلية سمعت أحدهم ينادي عليها التفتت لتجده ميدو ‪ ،‬اقترب منها و مد يده ليصافحها و قال بسخرية‪:‬‬
‫إزيك يا مي‬

‫‪-‬مي لم تمد له يدهها و قالت‪:‬‬


‫الحمد هلل ‪ ،‬آسفه مابسلمش‬

‫‪-‬ميدو و قد سحب يده ‪:‬‬


‫طيب و ماله مش عيب ‪ ،‬بس إيه الدور الجديد دا ‪ ،‬لبسه حجاب و لبس واسع و عاماللي نفسك شيخة ‪ ،‬إيه نسيتي أيام زمان‬

‫‪-‬مي بعصبية لتنهي الحوار‪:‬‬


‫ميدو مالكش دعوة بيا ‪ ،‬أنا توبت لربنا و نسيت كل القديم ‪ ،‬ياريت تبعد عني بقى ألني مش عايزة أشوفك تاني ‪ ،‬ثم استدارت للمغادره ‪ ،‬فقام‬
‫بإمساكها من ذراعها و أدار وجهها إليه بعنف ثم قال‪:‬‬
‫إوعي تكوني مفكرة إني ها أسيبك ‪ ،‬أو إني ها أنسى القلم اللي إنت ضربتيهولي ‪ ،‬ل دا أنا ها أخد حقي منك غصب عنك و هاأبوظلك دور‬
‫الشريفة اللي إنت عاماله دا ‪.‬‬

‫‪-‬مي و قد غضبت لتعديه حدوده فرفعت يدها و هوت بها على وجهه و قالت‪:‬‬
‫و أدي كمان قلم عشان تلم نفسك و تعرف تتكلم باحترام ‪ ،‬ثم تركته و أسرعت للداخل ‪.‬‬

‫أما ميدو فقد احمر و جهة من شدة الغضب و نظر إليها نظرة و عيد و كره ثم قال في نفسه‪:‬‬
‫و ربنا يا مي ألعرفك ‪ ،‬و أندمك على كل اللي عملتيه ‪.‬‬
‫‪.......... .......... ......... ........‬‬
‫مي و هي تطرق باب مكتب جهاد فسمحت لها جهاد بالدخول‬

‫مي و يبدو على وجهها القلق و الخوف‪:‬‬


‫إزيك يا دكتورة‬

‫‪-‬جهاد بفزع من هيئة مي‪:‬‬


‫الحمد هلل ‪ ،‬مالك يا مي إيه اللي حصل‬

‫قصت عليها مي الحوار فقالت جهاد‪:‬‬


‫ماتخافيش يا مي عمره ماهايقدر يأذيكي ‪ ،‬وكلي أمرك هلل "إن هللا يدافع عن الذين آمنوا "‬
‫ولو هو مااتلمش و ضايقك تاني عرفيني و أنا عندي اللي يلمه و يربيه ‪.‬‬

‫‪-‬مي بطمأنينة‪:‬‬
‫ربنا يخليكي ليا يا دكتورة و يطمن قلبك زي ما طمنتيني‬

‫‪........... ....... ......... .........‬‬


‫مساء يوم الجمعة ‪ ،‬المنزل ممتلئ بالمهنئين ‪ ،‬فكل من علم بأمر الخطبة جاء للتهنئة ‪ ،‬فجهاد محبوبة جدًا في حيها السكني و كذلك في العائلة ‪،‬‬
‫كان الجميع سعيد بهذا الخبر السار ‪ ،‬اجتمع الرجال في الطابق السفلي الخاص بالجد مصطفى و النساء في الطابق العلوي ‪ ،‬و قامت هناء‬
‫بوضع الدبله في اصبع جهاد و باألسفل وضعها أحمد في يد نضال ‪ ،‬حيث ل يحل لنضال أن يلمس يد جهاد كما يحدث عادة عند العامة في‬
‫حفالت الخطبة ‪ ،‬ألنه لزال غريبًا عنها ‪ ........‬كان يسود الجو الحب و الفرح و المرح الذي أضفاه نضال باألسفل هو و أصدقائه و جهاد و‬
‫احتفال ممتعًا بال أي شيء مما يُغضب الرحمن ‪ ،‬عندما ُرفع النداء لصالة العشاء ذهب الرجال إلى المسجد و أصر‬‫ً‬ ‫صديقاتها باألعلى ‪ ،‬كان‬
‫أهل المنطقة أن يصلي بهم نضال ألنهم جميعًا أحبوا صوته منذ المرة التي صلى بهم فيها ‪ ،‬و عند النساء في األعلى صلت بهم جهاد ‪.........‬‬
‫أنكرت بعض الفتيات على جهاد أنها لم تشتري ذهب و لكنها أقنعتهم برأيها في نهاية األمر ‪ ،‬و بعد انتهاء الحفل و عندما بدأ الضيوف في‬
‫الرحيل ‪ ،‬أخذ الجد مصطفى نضال إلى الشرفة ليتحدث معه ‪:‬‬
‫‪-‬مبارك يا نضال يا ابني‬

‫‪-‬ربنا يبارك فيك يا جدو‬

‫‪-‬الجد و هو يضع يده على كتف نضال ليجذب انتباهه‪:‬‬


‫بص يا ابني أنا عايز أقولك على حاجة مهمة عشان تعرف تتعامل مع جهاد كويس ‪ ........‬جهاد يا ابني غير أي بنت ممكن تكون قابلتها في‬
‫حياتك ‪ ،‬أنا عن نفسي عمري ما شوفت حد شبهها و لسه لحد النهارده يوم بعد يوم بكتشف فيها حاجات جديدة ‪ ،‬جهاد طموحة جدًا يا نضال و‬
‫عايزة جوزها يتماشى مع طموحها دا ‪ ،‬ماينفعش إنت تكون واحد عادي بيرضى باللي بيوصله و خالص ‪ ،‬ل لزم تكون بتدور على األفضل‬
‫داي ًما في كل حاجة ‪ ،‬جهاد مش ضعيفة خالص يا نضال ‪ ،‬ل هي قوية و قوية جدًا كمان لزم إنت تاخد بالك من الموضوع دا عشان إنت كمان‬
‫تظهر قوتك ‪ ،‬ألنها أكيد مش ها تبقى مبسوطة لو إنت إنسان ضعيف ‪ ،‬دا مش معناه إنك تبقى عنيف و غليظ ‪ ،‬ل ياابني ‪ ،‬أنا أقصد إنك يبقى‬
‫ليك رد فعلك القوي في كل األمور ‪ ،‬يعني ً‬
‫مثال مايبقاش فيه مشكلة و تقوم إنت سايبها لواحدها و تقولها حليها إنت ‪ ،‬في الوقت دا هي ها تحلها‬
‫بحرفية لكنك ها تسقط من نظرها ‪ ،‬لما يبقى فيه مشكلة اقعد و اتناقش معاه بينلها وجهة نظرك و اسألها عن وجهة نظرها و في األخر قرر ‪،‬‬
‫القوة مش قوة جسم ول صوت عالي يا ابني ‪ ،‬القوة قوة عقل ‪ ،‬أما تيجي تقنعها بحاجة هي رافضاها بين قوتك في أساليب اإلقناع و كدا بقى ‪،‬‬
‫ماينفعش أبدًا الست تحس إنها أقوى من جوزها في أي حاجة‪ ،‬أنا عارف إنك قوي و إنسان يُعتمد عليه أكتر منها كمان بس لزم أنبهك للحاجات‬
‫دي ‪ ،‬ماتفكرش إن قوتها دي مخلياها واحدة قاسية ومش كويسة ل إطالقًا ‪ ،‬جهاد عندها حنية تكفي الدنيا كلها ‪ ،‬هي بتعرف تستخدم مكانتها و‬
‫قوتها صح ‪ ،‬يعني لما تقع بتقوم بسرعة ‪ ،‬مابتمدش ايديها لحد و تستنى مساعدته غير ربنا بس ‪ ،‬طول عمرها بتعتمد على نفسها في كل حاجة‬
‫‪ ،‬و بتاخد قرارتها بنفسها من و هي لسه صغيرة ‪ ،‬لكن رغم كدا أنا متأكد إنها هاتميل عليك أوي يا ابني و ها تدخلك في كل تفاصيلها و ها‬
‫تعتمد عليك في حاجات كتير و ترضى بقراراتك حتى لو مخالفه لرأيها ‪ ،‬دي بنتي و أنا اللي مربيها و حافظها و بفهمها من عنيها و حركاتها و‬
‫أنا شوفت في عنيها دا من يوم ما قعدت معاك ‪ ،‬حسيتها بتقول لنفسها كفاية قوة كدا ‪ ،‬اديله كل قوتك و استمدي القوة منه ‪ ،‬و دا عمر جهاد ما‬
‫فكرت فيه قبل كدا ‪ ،‬فالزم تاخد بالك أوي ‪ ،‬إوعى تخذلها أو تكسرها في يوم أو تحسسها إنها ضعيفة ألنها مش ضعيفة ‪ ،‬هي هاتضعفلك إنت‬
‫بس ‪ ،‬جهاد دي لو إنت كسرتها و هللا ياابني عمرك ماهتقدر تخليها تثق فيك تاني أبدًا ‪ ،‬تأكد إنها هاتكون ليك سند و سكن و ضهر و كل حاجة‬
‫أصال بتكره الستقرار و الحياة‬‫ً‬ ‫‪ ،‬و إنت كون ليها كل حاجة برضه‪ ،‬جهاد دماغها مش في الجواز و الستقرار و البيت و خالص كدا ‪ ،‬ل جهاد‬
‫الروتينية داي ًما بتحب الكفاح و المطاردة في سبيل هللا ‪ ،‬عندها أحالم عظيمة وشايله هم األمة و هم صالح األحوال ‪ ،‬و تحرير األوطان ‪،‬‬
‫عمرها ما ها تقصر في حقك ول في حق بيتك لكنها برده عمرها ما ها تقصر في حق أحالمها و أهدافها و أمتها ‪ ،،‬أنا ياابني شايف في عيون‬
‫بنتي حب عظيم ليك لزم إنت تقدره و تقدرها كويس و تفهم كالمي دا عشان تبقى فاهم ها تتعامل معاها إزاي ‪ ،‬جهاد عاقلة أوي و طفلة أوي ‪،‬‬
‫عمرها هاتخذلك ول تخيب ظنك أبدًا ‪ ،‬لكنها برده عندها عزة نفس و كبرياء ‪ ،‬ما بتحترمش اللي بيجي عليها ول اللي يدوس لها على طرف ‪،‬‬
‫حليمة أوي و صبورة لكن وقت ما حد يجي على كرامتها أو يهين إسالمها و إيمانها ها تتحول لحد تاني ‪ ،‬حد إنت ماتعرفهوش ‪ ،‬لحد ما تاخد‬
‫حقها و ها ترجع جهاد الطيبة الوديعة تاني ‪ ،‬ها تعاملك و تعامل كل اللي حواليك بما يرضي هللا و بحب و هاتستحملك وقت ما تبقى إنت مش‬
‫مستحمل نفسك ‪ ،‬و مهما تعمل معاها عمرها أبدًا أبدًا ما هتشتكي منك لحد ‪ ،‬أنا واثق فيك أوي يا نضال و عارف برضه إنك عندك نفس‬
‫األهداف و إنك بتحبها أوي و قاري دا برضه في عنيك ‪ ،‬و لول كدا ماكنتش قولتلك الكالم دا ‪ ،‬ربنا يسعدكم ياابني و يقر عنينا بيكم ‪.‬‬

‫‪-‬نضال و قد انتابته حاله غريبة بسبب ما سمعه‪:‬‬


‫أنا مش عارف أقولك إيه و هللا يا جدو ‪ ،‬لكني قس ًما ها أكون عند حسن ظنكم و هاأراعي جهاد زي عنيا ‪ ،‬أنا عارف إنها مش عادية و مش أي‬
‫بنت و السالم و إنها محتاجة معاملة خاصة ‪ ،‬و مش عايزك تقلق خالص ‪ ،‬أنا يا جدو واحد جراح يعني المللي بيفرق في شغلي و دا اللي‬
‫اتعلمته إن كل حاجة في الدنيا محتاجة دقة و تركيز و محتاجة تاخد قيميتها ‪ ،‬و جهاد نعمة عظيمة أنا مقدرها ‪ ،‬دي دعوة و حلم مافارقنيش‬
‫طول حياتي ‪ ،‬حاجة جاتلي بعد صبر يعني حاجة أعز عليا من نفسي ‪ ،‬أنا بشكرك أوي إنك قولتلي الكالم دا عشان آخد بالي ‪ ،‬ربنا ما يحرمني‬
‫منك و يسعدك بينا ‪ .......‬ثم قام و قبل رأس الجد‪.‬‬

‫بعدما انتهى الحوار كان الجميع قد رحل حتى عائلة نضال ‪ ،‬أخذه أحمد و صعد به إلى أعلى ليجلس مع جهاد بعض الوقت ‪ ،‬أجلسه أحمد في‬
‫الصالون و توجه إلى غرفة جهاد لينادي عليها‪.‬‬

‫‪-‬نضال في نفسه و هو يجلس وحيدًا ‪:‬‬


‫ياااااه يا جهاد كنت متأكد إنك كدا و أعظم من كدا كمان ‪ ،‬عهد و أنا في بيتكم أهو بأخده على نفسي قدام ربنا إني أحافظ عليكي ‪ ،‬و أرعاكي و‬
‫أتقي ربنا فيكي ‪ .......‬باركلنا في حياتنا يارب ‪ ،‬وحشتني أوي و هللا ماشوفتهاش من يوم الدهب ‪ ،‬وكمان كالم جدو عليها خالها توحشني أكتر‬
‫‪ ،‬ربنا يقويني و أقدر أغض بصري و ماأبصلهاش أما تيجي‪.‬‬

‫‪-‬أحمد و هو يدخل الصالون بمفرده‪:‬‬


‫أنا آسف يا نضال يا ابني ‪ ،‬دخلتلها األوضه لقيتها نايمة و مش راضية تصحي دي حتى نايمة بفستان الخطوبة ‪ ،‬اإلرهاق طول اليوم غلب‬
‫عليها و نامت‪.‬‬

‫‪-‬نضال في نفسه ‪:‬‬


‫يا دي الحظ األعمى ‪ ،‬عليكي حركات يا جهاد ‪ ،‬نيله أقسم باهلل ‪ ،‬يال أديني هاأروح من غير ماأشوفها و لسه قدامي أسبوع على ما أجي هنا تاني‬
‫‪ ،‬أعيط أنا ول أعمل إيه ‪ ..........‬ثم قال‪:‬‬
‫طيب يا عمي ‪ ،‬أنا هستأذن بقى و أسافر اسكندرية و أبقى أجي الجمعة الجاية إن شاء هللا‪.‬‬
‫‪............. .......... ........... ............‬‬
‫جهاد في غرفتها تقرأ في كتاب ما تنتظر آذان العشاء و إذا بهاتفها الجوال يعلن عن وصول اتصال ‪ ،‬نظرت فوجدته رقم بال اسم فلم تجب ‪ ،‬و‬
‫لكن التصال تكرر ‪ ،‬فقررت الرد‬

‫‪-‬السالم عليكم‬

‫‪-‬و عليكم السالم ‪ ،‬إزيك يا دكتورة جهاد‬

‫‪-‬جهاد و قد أصابتها الحيرة ألن المتحدث إليها رجل و هي لم تستطع تحديد صوته ‪:‬‬
‫الحمد هلل ‪ ،‬حضرتك مين يا فندم‬

‫‪-‬أنا الظابط هشام يا دكتورة‬

‫‪ً -‬‬
‫أهال يا فندم ‪ ،‬بس مين برضه‬

‫‪-‬هشام ساري يا دكتورة‬

‫‪-‬أنا ما أعرفش حضرتك و هللا يا فندم‬

‫‪-‬هشام بنفاذ صبر‪:‬‬


‫يا دكتورة أنا هشام جوز ساره بنت عمك ‪ ،‬إيه إنت نستينا ول إيه‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب بيدها على جبهتها و قد شعرت بغبائها‪:‬‬


‫حضرة الظابط ‪ ،‬أنا آسفه و هللا ‪ ،‬شكلي مش مركزه‬

‫‪-‬ل و ل يهمك ‪ .............‬دكتورة !أنا كنت عايز أقابلك ضروري‬

‫‪-‬جهاد بفزع ‪:‬‬


‫ساره و أمجد كويسين ول فيه إيه باهلل عليك‬

‫‪-‬ماتقلقيش و هللا هم كويسين جدًا ‪ ،‬أنا محتاجك في حاجة تانية‬


‫‪-‬حاجة إيه يعني‬

‫‪-‬مش ها ينفع في الموبايل ‪ ،‬لزم أقابلك‬

‫‪-‬بس مش ها ينفع نتقابل لواحدنا هات ساره معاك‬

‫‪-‬ل مش ها ينفع ‪ ،‬الموضوع سري للغاية ‪ ،‬لزم نبقى لواحدنا و ماتقلقيش هنبقى في مكان عام وسط الناس ‪ ،‬أنا عارف إني مش من حقي‬
‫أطلب طلب زي دا بس زي ما قولتلك دا شيء مهم جدًا‬

‫‪-‬طيب عايزنا نتقابل إمتى؟‬

‫‪-‬ياريت بكرا ‪ ،‬في النادي الساعة أربعه العصر ‪ ،‬بس باهلل عليكي بالش أي حد يعرف نهائي‬

‫‪-‬يا حضرة الظابط إنت كدا بتقلقني جدًا‬

‫‪-‬ل ماتقلقيش بكرا هاأفهمك كل حاجة‪.‬‬

‫‪-‬طيب إن شاء هللا بكرا في الميعاد ها أكون هناك‬

‫""الفصل الحادي عشر""‬

‫مؤثرا ‪ ،‬كـن شيئًا ‪ ،‬أي‬


‫ً‬ ‫كاشف حق ‪ ،‬كـن‬
‫َ‬ ‫كـن عونًا للنـاس دو ًما ‪ ،‬كـن بذرة خير ‪ ،‬كـن بسمةً للحزيـن ‪ ،‬و راحةً للمتألـم ‪ ،‬كـن داف َع ظلم و‬
‫شيء‪.‬‬

‫‪....................................‬‬
‫في قاعة المحاضرات‬

‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬محاضرة النهارده كانت‬ ‫‪-‬يا شباب و يا فتيات كدا عدى ساعة من الوقت لكن مفيش وقت ترفيه النهارده ‪ ،‬ألن المحاضرة خلصت‬
‫قصيرة ‪ ،‬ها نكمل الوقت في حاجة تانية ‪ ،‬ها أقعد أرغي معاكم شوية ‪ ،‬إيه رأيكم؟‬

‫‪-‬هتف الجميع بمزاح‪:‬‬


‫نرغي يا دكتورة طبعًا‬

‫‪-‬جهاد ببسمة و هي تنظر إليهم‪:‬‬


‫طيب نرغي يا رغايين ‪............‬‬
‫بصوا يا جماعة إنتم كلكم هنا إخواتي الصغيرين و أنا بحبكم كلكم بال استثناء و هللا ‪ ،‬و الموضوع اللي ها أكلمكم فيه دا كنت بأجله لحد ما‬
‫ناخد على بعض شوية لكنه حاجة في غاية األهمية ‪.‬‬
‫بدايةً أنا عندي اقتراح عايزه أعرضه عليكم ‪ ،‬إنتم قاعدين في المدرج شوية بنات قدام و وراهم شوية شباب و بعدين بنات تاني أو العكس و دا‬
‫صراحة ماينفعش و كمان مش حلو ‪ ،‬احنا عايزين من بكرا نغير النظام ‪ ،‬نخلي الولد قدام و البنات ورا دا فـ الصف اللي في النص ‪ ،‬إنما في‬
‫األطراف هانعمل واحد للبنات عشان اللي مش بيشوفوا من ورا و صف تاني للولد ‪ ،‬بصوا دي مش رخامة مني و تحكم و هللا ‪ ،‬بس مش حلو‬
‫إن الولد يبقوا قاعدين ورا البنات و يبقوا شايفين كل حركاتهم و يقعدوا يبصوا عليهم دا مجرد اقتراح بيه هنساعد بعض ‪ ،‬نساعد الولد يغضوا‬
‫بصرهم و كمان البنات يقعدوا ورا براحتهم ‪.‬‬
‫و من هنا ندخل في موضوع تاني أهم و هو العالقة بين الولد و البنت ألن فيه ناس كتير منكم بيسألوا في الموضوع دا ‪ ،‬تعرفوا إن في اإلسالم‬
‫أصال ‪ ،‬آه و هللا مفيش حاجة اسمها زميلي مش أكتر ول إحنا صحاب و بنتعامل بحدود و كل واحد‬ ‫ً‬ ‫األصل في العالقة بينهم إن مفيش عالقة‬
‫عارف حدوده كويس ‪ ،‬كل دا كالم فكسان بنضحك بيه على نفسنا و تبريرات من الشيطان ‪ ،‬إنت مفيش أي مبرر يخليكي تتكلمي مجرد كالم‬
‫مع ولد و إنت كمان زيها ‪ ،‬ها تقولوا بناخد من بعض المحاضرات و بنساعد بعض ‪ ،‬طب مالبنات ياخدوا من بعضهم و الولد كذلك ‪ ،‬محلوله‬
‫يعني‪.‬‬
‫و العالقات بقى ‪...........‬‬
‫دا أنا بحبها و أنا بحبه و ها نتجوز و الحوارات دي ‪ ،‬تعرف إنت لو بتحبها بجد ها تخاف عليها من نفسك ها تخاف عليها من النار اللي ها‬
‫تتعذب فيها بسببك ربنا قال في القرآن "ول متخذات أخدان " يعني ماتصاحبيش رجاله ‪ ،‬و إنت كدا بتخليها تعصي ربنا و تعمل حاجة هو نهاها‬
‫عنها ‪ ،‬و إنت إزاي موافقة حد يكلمك عادي كدا و يقولك كالم حب يكسف ‪ ،‬إنت لو اتجوزتي الشخص دا حياتك ها تبقى مش مظبوطه علشان‬
‫بدأت بذنب ‪ ،‬ولو مااتجوزتيهوش و دا الحتمال األكبر هاتبقي خونتي الراجل اللي جي بيتكم يتقدملك و مفكرك محترمه و متدينة ‪ ،‬ليه نستهلك‬
‫قلوبنا و مشاعرنا في حاجات حرام و غلط ‪.‬‬
‫لزم ننهي أي عالقة مع الجنس اآلخر حتى لو شايفينها في حدود الدراسة و الزمالة و الحترام ‪ ،‬لزم نقفل أبواب الفتن عشان مانقعش في‬
‫مصايب ‪ ،‬لزم الشباب و البنات يغضوا بصرهم ‪.‬‬
‫بطلي تدخلي على صفحته و تكراشي عليه و بطلي تتكلمي على الولد و تقولي دا أمور و دا مربي دقن و دا واو ‪ ،‬كل دي ذنوب في عدادتنا ‪،‬‬
‫كل دي حاجات ها نتحاسب عليها ‪ ،‬بقى إنت تستحمل ربنا يوقفك قدامه يوم القيامة و يقولك ‪ ،‬كنت بتكلمها ليه ‪ ،‬ماسمعتش كالمي ليه ‪ ،‬كنت‬
‫بتخليها تخون ثقة أهلها فيها ليه ‪ ،‬و إنت هاتستحملي ربنا يقولك كنتي بتتكلمي عن الولد ليه ‪ ،‬و بتبصي عليهم ليه ‪ ،‬و إزاي تسمحي لواحد‬
‫منهم يقولك إزيك حتى ‪ ،‬شوفتي حتى إزيك هو مايحقلوش يقولهالك فما بالنا باللي بتقال و بيتعمل ‪ ،‬ماحدش مننا يستحمل الكالم دا وهللا ‪ ،‬ها‬
‫تبقى واقف بتدور على حسنه تدخل بيها الجنة و تالقي ربنا بيسألك عن كل دا ‪ ،‬لو ها تقدروا تجابوا على األسئلة دي ‪ ،‬و محضرين ليها‬
‫إجابات يبقى خالص قشطه اعملوا اللي إنتم عايزينه بقى ‪.‬‬
‫خدها قاعده في حياتك ‪ ،‬قبل أي ذنب ها تعمله افتكر لما ربنا يوقفك يوم القيامة و يعاتبك و يقولك ليه يا عبدي عملت كدا ‪ ،‬حضر إيجابه بقى‬
‫للموقف العظيم دا ‪.‬‬
‫عايزين نتتوب ونبطل عشان المناظر اللي بنشوفها في الجنينة و على الساللم دي ماتنفعش ‪ ،‬إنت من أمة النبي ‪ ،‬إنت خليفة ربنا ‪،‬خاف ‪،‬‬
‫اتكسف أي حاجة المهم نبطل ذنوب بقى ‪.‬‬

‫كل حاجة في الحالل طعمها أحلى ‪ ،‬المشاعر ‪ ،‬الكلمات ‪ ،‬النظرات كل دي ليها طعم أروع في الحالل ‪ ،‬عفي نفسك لحد مايجي اللي هايكون‬
‫زوجك و يدخل بيتك ‪ ،‬و إنت كمان عف نفسك عشان تاخد واحده عفيفة تستاهلها و تستاهلك ‪ ،‬لو بتحبها بجد سيبها عشان خاطر ربنا و هو ها‬
‫يعوضك ‪.‬‬

‫إنتم عارفين إحنا بنلجأ للعالقات الحرام دي ليه ‪ ،‬عشان فاضيين ‪ ،‬آه وهللا ‪ ،‬عشان إحنا من جوا فاضيين ‪ ،‬إنت لو عندك حاجة عايش علشانها‬
‫عمرك ماهتفكر في العالقات دي ‪.‬‬
‫فيه أقصى عايز يتحرر ‪ ،‬و أمة محتاجه اللي ينصرها ‪ ،‬و قرآن عايز يتحفظ ‪ ،‬و مجد لزم يتبني ‪ ،‬و احنا لسه بنتكلم عن حرمة عالقة الشاب‬
‫بالفتاة ‪ ،‬إنت فين من أمتك ‪ ،‬إنت فين من دراستك ‪ ،‬ليه مش كلكم بتجيبوا امتياز ‪ ،‬ليه إنت مقصر في حياتك ‪ ،‬ليه مش بتثقف نفسك و مش‬
‫بتقرا ‪ ،‬ليه إحنا لسه مصممين على التفاهات و مش شايلين هم اإلسالم ‪ ،‬ليه مش شايل هم الناس اللي مايعرفوش حاجة عن اإلسالم و ممكن‬
‫يدخلوا النار ‪ ،‬و إنت تقدر تساعدهم و توصله ليهم ‪.‬‬
‫إحنا أولويتنا محتاجة تتظبط يا شباب ‪ ،‬لزم ربنا يبقى رقم واحد في حياتنا ‪ ،‬لزم تعرف أمور دينك ‪ ،‬لزم تقرا عن النبي و تبقى حافظ اسمه‬
‫بالكامل و تحبه بجد ‪،‬حاول تروح لربنا ماسك حد في ايدك إنت كنت سبب في هدايته و قربه من الطريق المستقيم ‪ ،‬خليك فرد بأمة كاملة ‪،‬‬
‫خليك حاجة تكون سبب في عزة اإلسالم ‪ ،‬لو زرعت في قلبك كل المعاني دي ‪ ،‬صدقوني عمر ما حد فيكم ها يبص لعالقة حرام ول عمره‬
‫هايكلم بنات خالص‪ ،‬هايبقى هدفه يالقي زوجة صالحه تعينه على أهدافه وبس ‪ ،‬مش هايدور بقى على متعة لحظية ول حاجات تزعل حبيبة و‬
‫خالقه منه ‪ ،‬وإنت هايبقى همك زوج صالح يدخل معاكي الجنة و يربي ذرية تنصر اإلسالم مش واحد عمال يستهلك مشاعرك و بيشدك للنار ‪،‬‬
‫ركزوا في كالمي أوي ‪ ،‬وفكروا فيه ‪ ،‬اعرضوه على قلوبكم و عقولكم ‪ ...........‬يارب أكون عرفت أفيدكم بحاجة يا سنة تالته ‪ ،‬السالم عليكم‬
‫‪ ......‬ثم خرجت من المدرج و تركت الطالب في حالة صمت تام ‪ ،‬تعمدت هي ذلك ‪ ،‬أرادت أن تتركهم ليختلوا بأنفسهم بعض الشيء علهم‬
‫يستجيبون ‪ ،‬ظل المدرج صامت جدًا بال أي حركة إلى ما يقرب من النصف ساعة ‪ ،‬فالجميع يفكر فيما سمع ‪ ،‬ثم بدأوا يصحون من تفكيرهم و‬
‫صا ذا قيمة‬
‫قد قرر معظمهم تطبيق ذاك الكالم الرائع وأن يصبح شخ ً‬

‫‪............ ........... .......... ........‬‬


‫عصرا تدخل جهاد إلى النادي و تجلس ثم يأتي هشام بعدها مباشرة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫تمام الرابعة‬

‫هشام و هو يجلس أمامها على الطاولة‪:‬‬


‫إزيك يا دكتورة عامله إيه‬

‫‪-‬جهاد ببعض القلق و الحرج ‪:‬‬


‫الحمد هلل كويسة ‪ ،‬إزي حضرتك إنت يا حضرة الظابط‬

‫‪-‬الحمد هلل بخير‬


‫‪-‬خير يا حضرة الظابط ‪ ،‬فيه إيه؟‬

‫‪-‬هشام بجدية‪:‬‬
‫خير بإذن هللا ‪ ،‬بصي يا دكتورة هي خدمة و مهمة وطنية محتاجك فيها ‪ ،‬و إنت الوحيدة اللي أقدر أثق فيها و متأكد إنك قد الموضوع دا‬
‫‪ .........‬فيه عزبه صغيرة جنب المنصوره بشوية ‪ ،‬الناس اللي فيها بيشتكوا كتير من غياب أطفالهم ‪ ،‬و كلهم بيقولوا األولد بيرحوا المدرسة‬
‫الصبح مابيرجعوش ‪ ،‬حوالي عشر حالت إختفاء لحد دلوقتي ‪ ،‬و لما شوفنا سجالت الغياب في المدرسة بنالقي اسمهم متاخد غياب و‬
‫المدرسين بيقولوا انهم ماشافوهمش ‪ ،‬لكننا قدرنا نعرف إن األطفال دي بيختفوا داخل المدرسة ‪ ،‬و إن فيه عصابه جوه المدرسة بتاخد األطفال‬
‫و بيتاجروا بـ أعضائهم‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و قد أصابها الفزع و الذعر مما سمعت‪:‬‬


‫معقولة الكالم دا !!! ‪ ،‬أنا مش قادرة أستوعب إن فيه ناس ممكن تعمل كدا بجد ‪ ،‬حسبي و هللا و نعم الوكيل ‪ ،‬إيه البشاعة اللي في الدنيا دي ‪.‬‬
‫بس أنا ها أقدر أعمل إيه ليهم يا حضرة الظابط؟‬
‫‪-‬إحنا محتاجين حد يدرس هناك في المدرسة و يراقبلنا الناس دي ‪ ،‬هم مش بيقبلوا مدرسين و عندهم اكتفاء ‪ ،‬بس احنا ها نتصرف و نخليكي‬
‫تبقي مدرسة فيها بطريقتنا ‪ ،‬هانظبطلك ورقك كأنك لسه متخرجة من الجامعة و احنا عارفين إنك عندك التالت أجازة من محاضرات الكلية فـ‬
‫هاتروحية المدرسة ‪ ،‬و هيبقى ليكي فصلين بس‪.‬‬

‫‪-‬دا إنتم جامعين عني معلومات بقى و عرفتوا جدولي كمان ‪.‬‬

‫‪-‬بصي يا دكتورة دي قضية مهمه فيها أرواح أطفال ‪ ،‬و محتاجة حد حذر و فاهم و مركز و إنت اللي جيتي في بالي لما اتعرض علينا الحل دا‬
‫‪ ،‬فقولتلهم عليكي ‪ ،‬جمعنا المعلومات طلعتي مناسبة جدًا و هاتساعدينا ً‬
‫فعال ‪ ،‬دا برغبتك طبعًا يا دكتورة ‪ ،‬أنا جي أطلب منك مش أكتر‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بعزيمة ‪:‬‬


‫و أنا مش ها أتأخر عن دفع الظلم و إظهار المجرمين ‪ ،‬موافقة يا حضرة الظابط و مستعده للموضوع من التالت الجاي‪.‬‬

‫‪-‬هشام بسرور‪:‬‬
‫كنت متأكد إنك هاتوافقي ‪ ،‬ساره حكيها عنك كان مأكدلي دا ‪ ........‬طيب بداية بقى كدا فيه شوية تدريبات و معلومات ناس متخصصة‬
‫هايقولولك عليها و هايجهزوكي تمام للموضوع دا من بكرا ليوم التالت ‪ ،‬في الوقت اللي حضرتك تحبية ‪ ،‬ثانيًا الكالم دا لبد يفضل سر‬
‫ماينفعش البشمهندس أحمد أو جدو أو حتى دكتور نضال يعرفوا بيه ‪ ،‬دي أسرار شغل مهمة جدا ‪ ،‬و ماتقلقيش بإذن هللا مش هايبقى فيه خطر و‬
‫احنا هانبقى جنبك على طول و إنت زي أختي و عمري ما هاأقبل إن حد يأذيكي ‪.‬‬

‫‪-‬تمام يا فندم ‪ ،‬على بركة هللا ‪ ،‬أنا جاهزة للتدريبات دي كل يوم بعد العصر و بإذن هللا ها يفضل سر لحد مالموضوع يخلص على خير‪.‬‬

‫‪-‬ربنا يجازيكي خير يا دكتورة ‪ ،‬التواصل معاكي هايكون من خالل الرقم اللي كلمتك منه ‪ ،‬هايتبعتلك منه العنوان اللي هاتاخدي منه المعلومات‬
‫و التدريبات ‪ ،‬و ربنا ييسر األمر ‪.‬‬
‫‪............. .......... ......... ..........‬‬
‫وفاء و هي تجلس مع أسرتها في الصالون ‪:‬‬
‫ها تروح لجهاد يوم الجمعة يا نضال‬

‫‪-‬أيوا يا ماما إن شاء هللا‬

‫‪-‬هناء بحب‪:‬‬
‫سلملي عليها أوي يا نضال‬

‫‪-‬نضال بإستفزاز ‪:‬‬


‫ل مش قايلها‬

‫‪-‬بطل رخامة بقى يا نضال و قولها ‪ ،‬أنا حبيتها أوي و هللا‬


‫مستمرا في اإلستفزاز‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬نضال‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫منا عارف إنها تتحب‬

‫‪-‬هناء بسخرية‪:‬‬
‫يا أخي أنا مش عارفة واحدة مالك زي جهاد ‪ ،‬إيه يخليها توافق على واحد رخم شبهك كدا‬

‫‪-‬إيه يا بت إنت هاتعاكسي خطيبتي و أنا قاعد ‪ ،‬و بعدين أنا مابرخمش عليها ‪ ،‬أنا برخم على الرخمين اللي زيك بس ‪.‬‬

‫‪-‬هناء بمشاكسة‪:‬‬
‫طيب يا نضال ‪ ،‬إن مافضحتك عندها ‪ ،‬صدقني ألقولها على كل بالويك و عمايلك السوده‬

‫‪-‬وربنا أدبحك يا هناء ‪ ،‬اتلمي أحسنلك‬

‫‪-‬ههههههههه طيب هاأتلم ‪.‬‬

‫‪-‬وفاء و هي تكتم ضحكاتها‪:‬‬


‫أيوا يا هناء قوليلها على المقالب بتاعته و شغل العيال الصغيرين اللي هو بيعمله‬

‫‪-‬نضال بحزن مصطنع‪:‬‬


‫حتى إنت يا ماما ‪ ،‬هللا يسامحكم‬

‫‪-‬وفاء بجدية‪:‬‬
‫تعرف يا نضال وهللا يا ابني أنا حبيت خطيبتك دي بشكل ‪ ،‬تلقائية و بتتعامل بحب و حنان كدا ‪ ،‬مش من البنات بتوع اليومين دول ‪ ،‬ل دي بنت‬
‫عاقلة و دماغها كبيرة ‪ ،‬و روحها مرحة كدا ‪ ،‬و محبوبه من كل اللي حواليها ‪ ،‬كل الناس اللي جم يباركولها شوفت في عنيهم حب كبير ليها ‪،‬‬
‫و هي كمان بتحب كل اللي حواليها ‪ ،‬و بتعرف تقدر الناس كل ما واحده تيجي ‪ ،‬تقوملها و تاخدها بالحضن و تقعد تسألها على أحوالها و‬
‫صحتها ‪ ،‬طول الشبكة و هي ناشرة البهجة في الجو و مفرحه كل اللي موجود ‪.‬‬

‫‪-‬ثم استكملت هناء الحديث ‪:‬‬


‫كله كوم و ساعة العشاء ما أذنت كوم تاني ‪ ،‬أول ما سمعت اآلذان نطت من مكانها و وقفت في نص الصاله و قامت مسقفة و قايله يال منك‬
‫ليها إنت و هي علشان نصلي العشاء اللي مش متوضية تدخل تجري تلحق الحمام قبل الباقي و هم خمس دقايق و ألقي الكل جاهز و قعدت‬
‫تضحك و كلنا نضحك على عمايلها ‪ ،‬و كلنا فعال اتوضينا و فرشت لنا سجاجيد الصالة و صلت بينا هي ‪ ،‬و يا سالم على صوتها في القرآن‬
‫أجمل من صوتك إنت شخصيًا ‪ ،‬رقيق و نقي و حساس أوي‪.‬‬
‫‪-‬نضال بدهشة‪:‬‬
‫بجد يا هناء صوتها حلو في القرآن ؟‬

‫‪-‬آه و هللا يا ابني بقولك أحلى من صوتك ‪ ،‬إنت إزاي ماتعرفش إن صوتها حلو‪.‬‬

‫‪-‬هو أنا هاأروح أقولها سمعيني صوتك يعني و أنا لسه ما كتبتش الكتاب يا خفة ‪ ،‬وبعدين إنتم ماقولتوليش الكالم دا ليه من يوم الشبكه ‪.‬‬

‫‪-‬عادي يعني ما إنت عارف عنها كل حاجة‬

‫‪-‬نضال بإعجاب‪:‬‬
‫أنا طلعت ماأعرفش عنها حاجة يا بنتي وهللا ‪ ،‬أنا كل يوم بعرف عنها حاجات جديدة تبهر الواحد ‪ ،‬كل اللي بيقعد معاها بيقول في حقها كالم‬
‫يطير العقل ‪ ،‬ربنا يباركلها و يزيدها ‪.‬‬

‫‪-‬األب و قد تدخل في الحوار‪:‬‬


‫يا ابني ماتستغربش إنها باألدب و األخالق دي ‪ ،‬أهلها كلهم شبهها كدا ‪ ،‬أبوها و جدها ناس ما شاء هللا ‪ ،‬عارفين ربنا و مثقفين و ناس بتوع‬
‫واجب ‪ ،‬أنا وهللا وأنا قاعد معاهم بحس إني قاعد مع ناس أعرفها من عشرين سنة ‪ ،‬دول ناس يتعاشروا بجد ‪ ،‬إنت صبرت و ربنا عوضك‬
‫بناس شبهك يا نضال ياابني ‪ ،‬أنا فخور بيك و بإختيارك و هللا ‪ ،‬ربنا يباركلكم في حياتكم و يجمع بينكم على خير‪.‬‬

‫‪-‬اللهم آمين ‪ ،‬ربنا يخليك لينا يا بابا ‪.‬‬

‫""الفصل الثاني عشر""‬

‫أعلـم أنك تُحبينني كمـا أحبـك ‪ ،‬أعلم أنك جميلـة أكثـر ممـا ينبغـي ‪ ،‬أعلم أنك أروع مما يظنون ‪ ،‬و أن كـل من يراك يهيم بك و هذا ما يثير‬
‫غيرتي ‪ ،‬أعلم يا عزيزتي أعلم ‪.‬‬

‫‪........... ........... ............‬‬

‫جهاد و هي تدخل المدرج في اليوم التالي تفاجأت بأن الطلبة قد فعلوا ما اقترحته عليهم و إذا بالشباب يجلسون في األمام و البنات في الخلف و‬
‫قفت تنظر إليهم وتعلوا وجهها بسمة أمل و رضا و فخر و حب ثم قالت ‪:‬‬
‫تبارك هللا ‪ ،‬أنا عاجزة عن الكالم و هللا يا سنة تالتة ‪ ،‬مش عارفة أقولكم إيه ‪ ،‬جوايا خليط من المشاعر ما بين الفخر و المتنان و التقدير و‬
‫الحب ‪ ،‬ما كنتش متخيلة إنكم هاتستجيبوا بسرعة كدا ‪ ،‬تعرفوا إنتم بالنسبالي نبتتي اللي برعاها بكل الطرق ‪ ،‬نفسي أشوفكم و إنتم خير قدوة‬
‫لغيركم ‪ ،‬ربنا يراضيكم و يرضى عنكم و يحبكم و يحبب فيكم الصالحين ‪ ،‬أنا حقيقي بحبكم أوي يا عيال ‪.‬‬

‫‪-‬قام طالب من الصفوف األمامية و قال‪:‬‬


‫و إحنا و هللا يا دكتورة كلنا بال استثناء بنقدرك أوي و بنعزك أوي و بندعيلك من قلوبنا ‪ ،‬إنت يا دكتورة غيرتي حاجات كتير جوانا ‪ ،‬خلتينا من‬
‫شباب فاشل مالوش هدف ‪ ،‬لناس تانية ماشية على طريق مليان أهداف ‪ ،‬حببتينا في الكلية و الدراسة ‪ ،‬إنت قدوة و مثل أعلى لينا كلنا ‪ ،‬إحنا‬
‫سعات بنذاكر عشان خاطرك إنت مش عشان نجيب درجات عالية ‪ ،‬زمايلنا في األقسام التانية بيجوا يحضروا محاضرتك و بيحسدونا عليكي ‪،‬‬
‫أنا عن نفسي كنت داخل تربية دي عشان التنسيق جابهالي ‪ ،‬دلوقتي بحمد ربنا إن مجموعي ماكنش أحلى من كدا و إني دخلت تربية ‪ ،‬إنت يا‬
‫دكتورة دعوة أمهاتنا كلنا لما بيدعولنا ربنا يوقفلكم ولد الحالل ‪ ،‬إحنا و هللا دفعة و قسم محظوظ إنك بتدرسيلة ‪ ،‬ربنا يجازيكي عننا خير ‪،‬‬
‫ويقر عينك بينا و يقدرنا نفرحك و تشوفي فينا ثمرة تعبك ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و قد سقطت دمعاتها ل إراديًا‪:‬‬


‫ربنا يكرمك و يعزك و هللا ‪ ،‬أنا و هللا مابعمل غير واجبي ‪ ،‬و إنتم بتشجعوني و تستاهلوا كل خير ‪ ،‬أنا لو فضلت أوصف فخري بيكم من هنا‬
‫لبكرا مش ها أقدر ‪ ،‬أنا ممتنه ليكم ممتنه أوي يا سنة تالته‪.‬‬
‫‪.............. ............ ........... ...........‬‬

‫‪-‬جهاد و هي تدخل المطبخ ‪:‬‬


‫صباح الحلويات يا منمن‬

‫‪-‬منى و هي تبتسم‪:‬‬
‫صباح الفل يا جيجي ‪ ،‬النهارده الجمعة إيه اللي مصحيكي بدري‬

‫‪-‬منا صاحية بدري عشان النهارده الجمعة ‪ ،‬نضال جي بقى يا ماما و كدا‬

‫‪-‬األم بمزاح‪:‬‬
‫أيوا يا سيدي ‪ ،‬أهل الحب بقى‬

‫‪-‬هللا ‪ ،‬ما بس بقى يا منمن ‪ ،‬لزم تكسيفيني يعني ‪ .........‬بقولك إيه إنت تطلعي بره المطبخ النهارده ‪ ،‬أنا اللي ها أعمل كل األكل‬

‫‪-‬يا سيدي يا سيدي ‪ ،‬يا بختك يا عم نضال ‪ .........‬طب هاتطبخي إيه‬

‫‪-‬ها أعمل حاجات كتير ‪ ،‬هافاجئكم‬

‫‪-‬طيب يا ستي مستنين المفاجأة ‪ ،‬بس اعملي مكرونة بالبشاميل مع األكل‬

‫‪-‬ل طبعًا ‪ ،‬إنت عارفه إني ما بحبهاش ‪ ،‬و يارب هو كمان يكون كدا‬

‫‪-‬يا بنتي إنت عاهه ‪ ،‬مافيش حد مابيحبهاش ‪ ،‬هو إنت بقى عشان مابتحبيهاش ها تحريميه منها‬
‫‪-‬بقولك إيه يا منمن هو بإذن هللا هايكون مابيحبهاش هي و الفراخ و الرومي و األرانب و الفاصوليا و اللبيا و السبانخ طبعًا و الكوارع و شوية‬
‫حاجات كمان كدا ‪ ،‬ألني مش ها أطبخ اللي أنا مابحبهوش‪.‬‬

‫‪-‬أنا لو منه أخلع من الجوازة دي ‪ ،‬دا إنت هاتجوعية بقى ‪.‬‬

‫‪-‬ل ها أعمله بط و حمام و بسلة و بط تاني و سمك و ملوخية و بط تالت و بايمة و بط كمان مرة ‪.‬‬

‫‪-‬ههههههههههه ‪ ،‬إحنا ها نصبح مره نالقيكي بتكاكي من كتر حبك للبط و أكلك ليه ‪.........‬‬
‫‪...... .... ..... ....... ......‬‬

‫قبل أذان المغرب بساعة حضر نضال ‪ ،‬جلس في الصالون هو و أحمد ثم جاءت منى و حيته ‪ ،‬و دخلت إلى غرفة جهاد لتستدعيها فوجدتها لم‬
‫تكمل ارتداء حجابها بعد‬

‫‪-‬إنت لسه مالبستيش الخمار يا بيضة ‪ ،‬نضال هنا من بدري ‪ ،‬أنا هاأقدمله العصير أنا بقى و خالص ‪.‬‬

‫‪-‬ل باهلل خليه يا ماما ‪ ،‬طب إنت هاتطلعية و أنا أما أجي طالعه أطلع بحجة إيه‬

‫‪-‬بحجة تقعدي مع خطيبك يا هطله ‪ ،‬و بعدين عيب هو هنا بقاله شوية و ماقدمناش ليه أي حاجة و إنت بتاخدي عشر دقايق على ما تعملي‬
‫الخمار ‪.......‬‬
‫ثم خرجت من الغرفة متوجهة إلى المطبخ و خرجت بالعصير ‪ ،‬تعجب نضال و قال في نفسه ‪:‬‬
‫هي جهاد نايمة برده ول إيه ‪ ،‬ل دا أنا أدخل أقومها بميه من التالجه و هللا ‪ ،‬دا كدا داخل في أسبوعين ماشوفتهاش ‪ ،‬تحس بيا بقى ‪ ،‬ماينفعش‬
‫كدا ‪.‬‬

‫أنهت جهاد إرتداء حجابها ثم قررت الخروج دخلت إلى الصالون و لكن نضال لم ينتبه حيث كان مندم ًجا في الحديث مع والدها ‪ ،‬استغلت جهاد‬
‫تلك الفرصة و نظرت إليه ألول مرة نظرة مطولة فهي قد اشتاقت إليه حقًا ‪ ،‬ظلت واقفة عند مدخل الصالون تنظر إليه دون أن يالحظها ‪ ،‬ثم‬
‫شعر هو بوجودها فـ التفت إليها فجأة و نظر إليها ثم ابتسم بعشق ‪ ،‬ارتبكت هي جدًا ألنه أمسكها متلبسه على حد تعبيرها ‪ ،‬نظرت لألرض و‬
‫احمر وجهها كالعادة ‪ ،‬نادى عليها والدها فتقدمت حتى اقتربت منهم ثم قالت‪:‬‬
‫السالم عليكم ‪ ،‬إزي حضرتك يا دكتور نضال‬

‫‪-‬ردا السالم معًا ثم قال أحمد بمزاح‪:‬‬


‫دكتور و حضرتك اإلتنين ‪ ،‬هو إنت بتكلمي المدرس و خايفاه يضربك ول إيه ‪ ،‬معلش يا نضال يا ابني هههههههه‬

‫‪-‬لم يستطع نضال كتمان ضحكاته فشارك أحمد في المزاح و لكنه نظر إليها فوجد عالمات الضيق و الخجل على وجهها فقال‪:‬‬
‫براحتها يا عمي تقول اللي هي عايزاه وقت ما تحب‬
‫‪-‬أحمد بمزاح‪:‬‬
‫أوبا أنا كدا شكلي بقى وحش جدًا الصراحة ‪ ........‬ثم ضحكوا جميعًا ‪ ،‬أما جهاد فقد أحست بإعجاب و فخر من داخلها بتصرف نضال ‪ ،‬أنه‬
‫دافع عنها حتى و هم يمزحون ‪.‬‬

‫جاءت منى هي األخرى و ظلوا يتحدثون جميعًا ‪ ،‬حتى حان موعد آذان المغرب ‪ ،‬هبط أحمد و نضال للصالة ‪ ،‬و قامت جهاد بإعداد سفرة‬
‫الطعام و أصرت على تنظيمها بنفسها ‪ ،‬أعدتها و أدت صالتها ثم جاء الرجال من المسجد ‪ ،،،،،،،،‬في البداية رفض نضال الجلوس على‬
‫الطعام ألنه كان يشعر بالحرج و لكن أحمد أصر ثم اقترب من أذنه و قال ‪:‬‬
‫دي جهاد هي اللي طابخة األكل كله ‪ ،‬حتى تنظيم السفرة دا مش بتاع منى يعني جهاد اللي عامله كل حاجة ماتكسفهاش بقى‪ ،‬بس إوعى تقولها‬
‫إني قولتلك حاجة‬

‫‪-‬ابتسم نضال و استجاب ألحمد و جلس لتناول الطعام ‪،،،،‬‬


‫كثيرا‬
‫ً‬ ‫في الحقيقة كان الطعام شهيًا جدًا ‪ ،‬فجهاد ماهرة في الطبخ جدًا ‪ ،‬و أعجب نضال به‬

‫بعد النتهاء من الطعام جلس نضال مع جهاد بمفردهم و جلس أحمد و منى أمام التلفاز بجوارهم بعض الشيء ‪ ،‬بدأ نضال الحديث‪:‬‬
‫عامله إيه يا جهاد؟‬

‫‪-‬الحمد هلل بخير‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫بقى يا مفترية تنامي يوم الخطوبة قبل ما أشوفك ‪ ،‬بقى فيه حد في الدنيا مايشوفش خطيبته يوم الشبكه‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها‪:‬‬


‫و هللا غصب عني ‪ ،‬ماحستش بنفسي خالص ‪ ،‬ماأعرفش نمت إزاي ‪ ،‬أنا لقيتني بصحى على أذان الفجر و أنا نايمة بالفستان‬

‫‪-‬يال حصل خير ‪ ،‬المهم إني شوفتك النهارده أهو ‪ ،‬و لقيتك صاحية‬

‫‪-‬تبسمت جهاد و لم ترد فتابع هو ‪:‬‬


‫بس صحيح األكل كان حلو أوي ثم قال بمكر تسلم إيد طنط منى‬

‫‪-‬قالت جهاد بارتباك و سعادة ألن الطعام أعجبه ‪:‬‬


‫آه ً‬
‫فعال ماما طبخها حلو جدًا ما شاء هللا‬

‫‪-‬استمتع نضال بارتباكها هذا و هو يعلم أنها تتعمد إخفاء األمر فقال ‪:‬‬
‫و إنت بقى بتعرفي تطبخي حلو شبهها كدا‬

‫‪-‬ها ‪ .....‬أنا ‪ ،‬آه تقريبًا ‪ ،‬إن شاء هللا‬

‫‪-‬ههههههههه طب بالراحة بالراحة جمعي الكالم ‪ ،‬ثم قال باستفزاز ماتقلقيش ها استحملك لو مابتعرفيش تطبخي أمري هلل ‪.‬‬

‫‪-‬فقالت هي بضيق و سخرية‪:‬‬


‫شكرا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫و هللا ! طيب ‪،‬‬

‫‪-‬هههههههههه ل ماتزعليش كدا عشان أنا بخاف‬

‫‪-‬جهاد و هي تضحك من طريقته ‪:‬‬


‫أل صحيح قولي ‪ ،‬هو إنت بتحب المكرونة اللي بالبشاميل ؟‬

‫‪-‬آه عادي يعني باكلها ‪ ،‬بس اشمعنا‬

‫‪-‬ل حدد ‪ ،‬بتحبها أوي و عايزها كل يوم بقى ‪ ،‬ول بتاكلها و خالص لما تتحط قدامك‬

‫‪-‬ل الحقيقة أنا مش من الناس المغرمة بيها ‪ ،‬باكلها لو اتعملت لكن مابطلبهاش‬

‫‪-‬جهاد ببسمة كبيرة‪:‬‬


‫عظيم عظيم جدًا و هللا ‪ ،‬أنا كدا اتطمنت‬

‫‪-‬ههههههههه طب ما تفهميني يا بنتي إيه الحوار‬

‫‪-‬أصل أنا مابحبهاش و مابحبش أعملها و كنت ها أزعل أوي لو إنت كنت من الناس اللي مش عايزين ياكلوا غيرها دول‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫اممممممممممم ‪ ،‬طب و كنتي هاتعمليهالي بقى لو طلبتها ول ل‬

‫‪-‬جهاد بتلقائية‪:‬‬
‫أكيد كنت هاأعملهالك طبعًا يعني‬
‫‪-‬نضال باستفزاز ‪:‬‬
‫يا سيدي يا ولد و هللا‬

‫‪-‬جهاد في نفسها‪:‬‬
‫رخم قس ًما باهلل ‪ ،‬بس بحبه جاتك القرف ههههههههه ‪،،،،،،،،،،، ،‬عند تلك اللحظة تماما رن هاتف جهاد الموضوع على الطاولة أمامهم نظرت‬
‫فوجدته رقم هشام ‪ ،‬ارتبكت و كانت ستمد يدها و تضعه على الوضع الصامت و لكن جاءت لها فكرة فلمعت عيناها بمكر ‪ ،‬فالرقم مسجل على‬
‫الهاتف بحرف "ه" و هي تعلم أن نضال نظر إليه و رأي ذلك فقررت إخضاعه لختبار ‪ ،‬مدت يدها و أخذت الهاتف ثم نظرت لنضال و قالت‪:‬‬
‫دكتور بعد إذنك ‪ ،‬هاأرد و أرجع عشان مكالمة مهمة‬

‫‪-‬طيب اتفضلي يا جهاد بس ماتطوليش ها‪.‬‬

‫بعد أن قامت جهاد قال نضال‪:‬‬


‫مش عارف إيه الناس الرخمة دي ‪ ،‬بقى دا وقت اتصالت دا يعني‬

‫جاءت جهاد سري ًعا و جلست مكانها فقال نضال‪:‬‬


‫فيه حاجة ول إيه‬

‫‪-‬ل ‪ ،‬دي مكالمة عادية‬

‫‪-‬قال نضال ببسمة ‪:‬‬


‫طيب الحمد هلل‬

‫سسعدت جهاد جدًا بذلك ‪ ،‬ألن نضال لم يتدخل في أمورها و اكتفى بما ذكرته ‪ ،‬و لم يسأل عن تفاصيل ‪ ،‬زاد احترامها له ‪ ،‬و تأكدت أنه أهل‬
‫ً‬
‫متطفال ‪ ،‬بل يحترم مساحة‬ ‫لثقتها كما يثق هو بها ‪ ،‬حمدت هللا أنه ليس من هؤلء الرجال الذين يشكون في كل شيء حولهم و أنه ليس‬
‫الخصوصية لدى األفراد ‪ ........‬استفاقت على صوته المحبب لها و هو يقول‪:‬‬

‫‪-‬صحيح يا جهاد إنت ماقولتليش إنت حافظة قرآن قد إيه؟‬

‫‪-‬الحمد هلل ‪ ،‬شبهك خاتماه بالقراءات بس آخر قراءة ما أخدتش إيجازة التحفيظ بتاعتها لسه ‪ ،‬كان فاضلي أسمع على المعلمة آخر جزء لكنها‬
‫تعبت و لسه مارجعتش المقرئة تاني ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بإعجاب‪:‬‬
‫تبارك هللا ‪ ،‬ثم قال بمكر‪:‬‬
‫وصوتك حلو بقى في القرآن‪.‬‬

‫‪-‬عادي يعني ‪ ،‬مش حلو زي صوتك‬

‫‪-‬قال بضيق مصطنع‪:‬‬


‫عادي ؟ إزاي كدا ‪ ،‬أنا عايز زوجتي يبقى صوتها حلو في القرآن مش ها ينفع كدا‬

‫‪-‬جهاد بسخرية‪:‬‬
‫معلش بقى ‪ ،‬و بعدين إنت اللي هاتقرالها مش هي اللي هاتقرالك‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫مين قالك كدا ‪ ،‬دا أنا هنام كل يوم على القرآن بصوتها و بعدين هااسمعلها كل يوم و لزم صوتها يعجبني و أنا بسمعلها‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بحرج إلنهاء ذاك الحوار‪:‬‬


‫نبقى نتصرف في الصوت دا ‪ ،‬على مانيجي نتجوز يحلها ربنا‬

‫‪-‬نضال في نفسه‪:‬‬
‫شكلك عسل و إنت بتهربي بالكالم كدا ‪ ،‬مفكراني مش عارف أن صوتها أحلى من صوتي ‪ ،‬ربنا يخليكي ليا يا هناء يا أختي ههههههههههه ‪،‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫‪-‬جهاد إديني رقمك‬

‫‪-‬ليه هو إحنا هانتكلم في الموبايل‬

‫‪-‬ل طبعًا مش قبل كتب الكتاب ‪ ،‬أنا هاأخده احتياطي بس ‪ ،‬و بعدين يا ستي عشان الواحد يحس إنه خاطب بقى و كدا ‪ ،‬و يقعد يطلع الرقم و‬
‫يبص عليه و يغنيله و يطلع قلوب من عنيه‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت في الضحك ‪:‬‬


‫و هللا منا قادره أرد عليك من كتر الضحك ربنا يهديك ‪ ،‬خد الرقم أهو‬

‫‪-‬نضال بلهجة آمره مصطنعة‪:‬‬


‫إياكي تضحكي كدا تاني قدامي لحد ما نكتب الكتاب يا إما هانكتبه الجمعة الجاية غصب عنك ‪ ،‬منك هلل إنت و غمازاتك دي ‪ ،‬بتخلي الواحد‬
‫يروح بكيس سيئات عشان اطالق البصر دا‬
‫‪-‬جهاد و قد فشلت أيضًا أن تكتم ضحكاتها رغم أنها أحست بالحرج مما قال ‪:‬‬
‫طيب حاضر‬

‫‪-‬برضه بتضحكي ‪ ،‬ل بقولك إيه إحنا نقوم نقعد مع عمي و طنط أحسن ‪ ،‬إحنا لسه قدامنا تلت شهور‬

‫ظلوا يجلسون سويًا بعض الوقت ثم انضموا ألى أحمد و منى ثم استأذن نضال للمغادرة و عندما ذهبت خلفه جهاد حتى الباب اقترب منها ثم‬
‫نزل برأسه إليها ألنها أقصر منه و قال و هو ينظر لعينيها ‪:‬‬
‫أنا عارف إنك إنت اللي طبختي كل األكل و إنت اللي ظبطتي السفرة و طبخك عجبني جدًا و كمان عارف إن صوتك في القرآن حلو أووي ‪،‬‬
‫ثم غمز بعينه‬

‫‪-‬احمر وجه جهاد جدًا ثم فرت هاربه من أمامه إلى غرفتها ‪ ،‬فابتسم هو بحب و قال في نفسه‪:‬‬
‫ها تفضل طول عمرها خجولة كدا و أنا هاأفضل طول عمري أعشق خجلها دا و أتعمد أكسفها ‪ ،‬ثم جاء أحمد و نزل معه ليوصله إلى أسفل‪.‬‬
‫‪............ ........... .......... ..........‬‬
‫‪-‬جهاد و هي تمشي بجوار وسام في النادي‪:‬‬
‫قوليلي بقى إنتم اتخانقتم إمبارح ليه تاني في البيت‬

‫‪-‬وسام بتنهيده‪:‬‬
‫أبويا يا ستي يوم مانزل م البيت و ياريته ماعملها ‪ ،‬واحد قابله و قاله إنه عايز يجي يتقدملي و هو رحب و وافق و قاله يجي ‪ ،‬و لما رجع‬
‫البيت بيقولي رفضت قعد يعلي صوته و يعملي فيها أب بجد بقى ‪ ،‬و يقولي هو إنت هاتفضلي قاعدالنا هنا طول العمر إنت لزم تقابليه و مش‬
‫عارف إيه ‪ ،‬حتى ماما قعدت تقولي إنت خلصتي كليه و بتشتغلي قابليه يا وسام يمكن يكون كويس ‪ ،‬مايعرفوش إني مابطقش أبص في وش‬
‫راجل فأنا ريحت دماغي و قولتلهم ماشي‬

‫‪-‬و هو هايجي إمتى‬

‫‪ -‬بكرا‬

‫‪-‬قابليه يا وسام يمكن يفكلك العقدة ‪ ،‬و تحبي ‪ ،‬الحب حلو يابت‬

‫‪-‬أحب مين يا روحي ‪ ،‬ابعدي عني بسهوكتك دي هللا يكرمك ‪ ،‬أنت مفكرة إني ها أقعد معاه و أتعرف عليه بقى و كدا ‪ ،‬دا أنا هاأكرهه في‬
‫عيشته ‪ ،‬هاأخليه يندم إنه جه‬

‫‪-‬به بطلي هبل ‪ ،‬إنت ناوية على إيه‬

‫‪-‬هاتشوفي بكرا يا حبيبتي ‪ ،‬هاتشوفي‬


‫""الفصل الثالث عشر""‬

‫ذُقتُ الهوى ُم ًرا و لم أذُق الهوى يارب ُح ًلوا قبل أن أهواكَ‬

‫‪........... ......... ..........‬‬


‫مي وهي تدخل الغرفة الخاصة بجهاد بعد أن طرقت الباب و أذنت لها جهاد ‪:‬‬
‫دكتورة جهاد ! عامله إيه‬

‫‪-‬جهاد و قد قامت من مكانها و اتجهت إلى مي‪:‬‬


‫مي ! وحشتيني أوي يا حبيبتي ‪ ،‬فينك يا بنتي‬

‫‪-‬مي بحب‪:‬‬
‫موجوده أهو يا دكتورة‬

‫‪-‬و إنت عامله إيه يا حبيبتي‬

‫‪-‬أنا الحمد هلل ‪ ،‬الحمد هلل جدًا كمان ‪ ،‬ياااااااااه يا دكتورة ‪ ،‬أنا حساني لسه مولودة ‪ ،‬أنا و هللا عمري ما شوفت سعادة كدا ‪ ،‬أنا حتى مش عارفه‬
‫أحكيلك إيه ول إيه ‪ ،‬فاكره مي اللي جاتلك و كانت خالص ها تموت من الخنقة ‪ ،‬مي دي بقت بتنشر بهجة في الجو ‪ ،‬أنا اللي كنت بسهر طول‬
‫الليل لحد الفجر بره في أماكن مش كويسة و أشرب أو أكلم ميدو في التليفون لو مش معايا ‪ ،‬دلوقتي بسهر أصلي قيام و أقرأ قرآن و أدعي‬
‫الكريم ‪ ،‬عيني اللي كانت بتعيط من الخنقة بقت بتعيط حب و شوق لربنا ‪ ،‬تعرفي أنا بقيت حاسه بربنا في كل حاجة حواليا ‪ ،‬آه وهللا ‪ ،‬بقيت‬
‫بكلمه في كل حته و أنا ماشية على الطريق و أنا في المحاضرة و أنا بعمل أي حاجة بالقيني بكلمة في نفسي ‪ ،‬برفع عيني للسماء و أقوله‬
‫بحبك يارب و عيني تدمع ‪ ،‬حاسه بأحاسيس جميلة أوي ‪ ،‬بحسه جنبي في كل لحظه ‪ ،‬بحسه بيطبطب على قلبي ‪ ،‬أي حاجة بدعي بيها بيدهالي‬
‫‪ ،‬أنا يادكتوره صحابي كل يوم في الكلية بيقولولي إنتي وشك منور أوي النهارده و طالعة زي القمر ‪ ،‬بقيت بحلو في عين الناس رغم إني‬
‫بطلت أحط أي ميك أب ‪ ،‬و بيقولولي شكلك أميرة بلبسك دا ‪ ،‬رغم إنه بقى واسع و هم مابيحبهوش لكنه عليا في عنيهم جميل ‪ ،‬بقى فيه ناس‬
‫جميلة ماأعرفهاش بتكلمني و تصاحبني بعد ما كان بيتلم عليا الذباب من الناس بقت الفراشات هي اللي بتيجي عليا ‪ ،‬حياتي بقى ليها طعم ‪ ،‬بقى‬
‫اسمها حياه ‪ ،‬بقيت بدور على أي حاجة ترضي ربنا حبيبي و أعملها و بعدها سعادتي بتزيد مع كل عمل ‪ ،‬صالة السنن ‪ ،‬صيام اإلتنين و‬
‫الخميس ‪ ،‬الصدقة ‪ ،‬زيارة األيتام ‪ ،‬زرع شجرة في الجنينة ‪ ،‬أعمال عمري ما كنت بسمع عنها ‪ ،‬بقيت بعملها و بتسعدني و تقربني جدًا ‪،‬‬
‫موبايلي اللي كان كله أغاني بقى كله قرآن ‪ ،‬أنا اتبدلت يا دكتورة ‪ ،‬أنا بقيت واحدة في عداد األحياء بعد ما كنت في عداد الموتى ‪ ،‬أنا سعات‬
‫من كتر السعادة و الحاجات الحلوه اللي حاسه بيها ‪ ،‬ببقى بكلم ربنا و أقوله إنت إزاي جميل أوي كدا يارب ‪ ،‬أنا حقيقي بحبه ‪ ،‬بحبه أوي و‬
‫حبه أحياني ‪ ،‬أنا دلوقت بس عرفت يعني إيه حب بجد ‪ ،‬يعني تضحي بكل حاجة إنت بتحبها عشان تعمل الحاجات اللي حبيبك بيحبها و فجأة‬
‫هاتالقي إنها بقت من أحب الحاجات ليك ‪ ،‬أنا بدعيلك أوي يا دكتورة و بحمد ربنا من قلبي إنه وقفك في طريقي ‪ ،‬طريقة كالمك معايا و حنيتك‬
‫جذبتني للطريق دا ‪ ،‬و كمان إنت و تصرفات أجمل قدوة لإلنسان المؤمن بجد ‪ ،‬أنا كل عمل بعمله في ميزان حسناتك و دا مفرحني جدًا ألن‬
‫دي الطريقة الوحيدة اللي ممكن أشكرك بيها ‪ ،‬ربنا يجازيكي الفردوس يا دكتورة جهاد و مايحرمني أبدًا من حنيتك ول ضحكتك الحلوة ول‬
‫روحك الجميلة ‪ ......‬بعد أن أنهت مي الحديث كانتا الثنتان قد بكيتا بحراره لصدق الكالم وألنهما يشعران به حقًا ‪ ،‬احتضنت جهاد مي بقوة ‪،‬‬
‫و مسحت على رأسها بحنان و هي تردد بداخلها (إنكَ َل تَهدي َمن أَحبَبتَ َولَكن اّللَ يَهدي َمن يَشَا ُء ۚ َوه َُو أَعلَ ُم بال ُمهتَدينَ )‬
‫ثم قبلتها بين عينيها و قالت بحنان و هي تمسك بيديها ‪:‬‬
‫هو دا ربنا يا مي ‪ ،‬هو دا ربنا اللي أنا بكلمكم عنه كل يوم في المحاضرة ‪ ،‬هو دا ربنا اللي ناس كتير خسرانه عشان بعيد عنه ‪ ،‬هو دا ربنا‬
‫حبيبنا هو دا قس ًما هو ‪.‬‬

‫‪-‬مي بنبرة حزينة بعض الشيء‪:‬‬


‫نفسي كل الناس تدوق جمال و حالوة القرب منه زي أنا مادوقتها ‪ ،‬نفسي كلهم يشوفوا النور ‪ ،‬ماما و بابا يادكتورة نفسي ربنا يهديهم ‪ ،‬ماما لما‬
‫لبست الحجاب قالتلي إيه اللي إنت عاماله في نفسك دا ‪ ،‬شكلك بقى أكبر من سنك ‪ ،‬و بعدين قالتلي إنت حره و كل ما أجي أكلمها عن ربنا‬
‫تتخانق معايا ‪ ،‬و بابا قالي حلو عليكي بس كان بيقولها عادي اللي هو عشان مايزعلنيش و خالص ‪ ،‬نفسي أخليهم يقربوا من ربنا و نبقى أسرة‬
‫بجد بس مش عارفة ‪.‬‬

‫‪-‬ادعيلهم كتير أووي يا مي ‪ ،‬اختاري أوقات اإلجابة وادعيلهم ‪ ،‬في التلت األخير من الليل ربنا بيبقى في السماء الدنيا قومي ادعيلهم و عيطي‬
‫بين ايديه و ماتزهقيش من الكالم معاهم ‪ ،‬كلميهم بالراحه واحده واحده و هتتفاجيء يا مي بيهم ‪ ،‬ربنا هايستجيبلك و يهديهم ‪.‬‬

‫‪-‬حاضر يا دكتورة ‪ ،‬و إنت كمان ادعيلهم و ادعيلي ربنا مايبعدنيش عنه تاني أبدًا‪.‬‬
‫‪.............. ............ ............ .............‬‬
‫صدمت من هيئتها‬
‫في منزل وسام جاء العريس و دخلت إليها والدتها لتخبرها بذلك ف ُ‬
‫‪-‬إيه اللي إنت لبساه دا يا وسام ‪ ،‬إنت اتجنيتي يا بت‬

‫‪-‬إيه يا ماما قمر صح ؟ مالها العباية السودا و الطرحه السودا ‪ ،‬دا لون برنس في نفسه كدا‬

‫‪-‬األم بنفاذ صبر‪:‬‬


‫أصوت و ألم الناس ‪ ،‬امشي يا آخرة صبري اطلعي للعريس ‪ ،‬هايغمى عليه أول ما يشوف خلقتك‬

‫خرجت وسام ‪ ،‬اندهش العريس مما ترتديه و لكنه أعجب بها رغم ذلك فهي حقًا جميلة جدًا ‪ ،‬تمتلك عيون زرقاء و بشرة شديدة البياض و‬
‫مالمح هادئة و رقيقة ‪ ..........‬جلست أمامه صامته و يظهر على وجهها مالمح الالمبالة ‪ ،‬قرر هو بدأ الحديث‬

‫‪-‬إزيك يا آنسه وسام‬

‫‪-‬وسام بغلظة لم يالحظها هو‪:‬‬


‫كويسه‬

‫‪-‬أنا اسمي آسر ‪ .....‬وقبل أن يكمل قالت هي بسخرية دون أن تنظر إليه ‪:‬‬
‫آسر قلوب العذارى يا ضنايا‬

‫‪-‬تفاجأ مما قالت و ظن أنها تمزح ‪:‬‬


‫هههههههههه ‪ ،‬أول مره أسمعها دي ثم استكمل الحديث ‪:‬‬
‫عندي ‪ 27‬سنة فقالت هي بالسخرية ذاتها‪:‬‬

‫مع إن اللي يشوفك يقول عنده ‪57‬‬

‫‪-‬تحير آسر فيما تقول فهو كان يراها منذ فتره و لم يكن يبدو عليها هذا التمرد فقال‪:‬‬
‫‪ 57‬إيه بس حرام عليكي ‪ ،‬دا أنا لسه شباب ههههههههه‬

‫‪-‬وسام في نفسها ‪:‬‬


‫إنت طور يا ابني ا!! يخرب بيت برادتك يا أخي‬
‫‪-‬استكمل هو الحديث ‪:‬‬
‫أنا شغال محاسب‬

‫‪-‬قالت وسام باستنكار ‪:‬‬


‫محاسب في بنك ‪ ....‬آه شغال في مكان فيه ربا يعني‬

‫‪-‬قال هو بتعجب‪:‬‬
‫مالك يا وسام فيه إيه ‪ ،‬إنت مش عايزاني أتكلم ول إيه؟‬

‫‪-‬وسام بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫ل إزاي ‪ ،‬اتكلم براحتك اتكلم‬

‫‪-‬تابع هو بحذر‪:‬‬
‫عندي أختين و أخ بس أنا الكبير‬

‫‪-‬وسام و هي تلوي شفتيها بسخرية‪:‬‬


‫الكبير !! ابن مامتك يعني‬

‫‪-‬آسر و قد بدأ يتعصب‪:‬‬


‫عيب يا وسام الكالم دا‬

‫‪-‬وسام بضيق ‪:‬‬


‫مش عاجبك ‪ ،‬اتفضل مع السالمة‬
‫‪-‬آسر باستهزاء‪:‬‬
‫ً‬
‫فعال هااتفضل ‪ ،‬شكلي جيت مكان غلط ‪ ،‬ثم قام من مجلسه و توجه للباب مباشرة‬

‫األم و قد جاءت على صوت الباب ‪:‬‬


‫العريس راح فين يا وسام‬

‫‪-‬وسام و هي تكتم ضحكاتها‪:‬‬


‫نفد بجلده‬

‫‪-‬األم بخضه‪:‬‬
‫عملتي في الراجل إيه يا موكوسه‬

‫‪-‬وسام وقد انفجرت ضح ًكا ‪:‬‬


‫مااستحملنيش من أول خمس دقايق هو الخسران ‪ ،‬يارب البالوي دي تبطل تتحدف عليا بقى‬

‫‪-‬يا بت حرام عليكي ‪ ،‬إنت كبرتي ‪ ،‬هاتعنسي جنبي ‪ ،‬ليه كدا يا وسام‬

‫‪-‬وسام بنبرة حزينة و هي تغادر المكان‪:‬‬


‫كفاية عليا عقدة واحدة في حياتي ‪ ،‬أنا مش حمل عقدة كمان ‪ ،‬أنا بكرههم كلهم ‪.‬‬
‫‪.......... ......... ......... ..........‬‬
‫جهاد و هي تتحدث مع هشام في الهاتف‪:‬‬
‫أيوا يا حضرة الظابط ‪ ،‬أخدت كل المعلومات‬

‫‪-‬طيب يا دكتورة فيه حاجة مهمه ‪ ،‬إنت طبعًا عرفتي مكان المدرسة ‪ ،‬مش ها ينفع تروحي بعربيتك ‪ ،‬هاتروحي مواصالت ‪ ،‬و كمان بعد ما‬
‫تطلعي منها ماتروحيش على طول روحي أي مكان اقعدي فيه شوية ‪ ،‬بصي العصابة دي مش سهله ‪ ،‬هو إن شاء هللا مفيش خطر عليكي بس‬
‫خدي احتياطاتك ‪ ،‬و حاولي تركزي أوي في التفاصيل و التصرفات الغريبة ألي حد في المدرسة و أول ما تخرجي بكرا هانكلمك‬

‫‪-‬جهاد بقلق ‪:‬‬


‫تمام يا حضرة الظابط ‪ ،‬خير إن شاء هللا‬
‫‪........ .......... ........ ........‬‬
‫ذهبت جهاد إلى المدرسة صبا ًحا ‪ ،‬كانت المسافة بعيده بعض الشيء و مرهقة جدًا ألن الطريق غير ممهد ‪ ،‬عندما وصلت تفاجأت جدًا من‬
‫الترحيب الشديد الذي لقته من المدير و بعض المعلمين و هذا أثار لديها الشكوك ‪ ،‬و مما لفت انتباهها أن مستويات األطفال في المدرسة متدنية‬
‫جدًا ‪ ،‬كأنهم ل يدرسون أي شيء بها ‪ ،‬و كذلك مستواهم المادي منخفض تما ًما ‪ ،‬بينما المدير يمتلك سيارة باهظة الثمن ‪ ،‬عندما خرجت قصت‬
‫على هشام كل شيء ‪ ،‬ثم في عودتها ذهبت إلى مكتبة لشراء بعض الكتب ‪ ،‬ثم إلى أحد المتاجر ثم توجهت إلى دار التحفيظ الخاصة بها ‪.‬‬
‫‪........ ........ ........ .......‬‬
‫جهاد و هي تجلس بجوار والدها ‪:‬‬
‫بابا أنا عايزة أقولك على حاجة‬

‫‪-‬قولي يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪:‬‬


‫بص يا بابا بكرا الجمعة ‪ ،‬و نضال جي ‪ ،‬أنا عايزاك تقوله ماعدش يجي كل جمعة ‪ ،‬يجي كل جمعتين‬

‫‪-‬األب بدهشة ‪:‬‬


‫إنت مالك يا جهاد !! بزمتك أنا أقوله كدا إزاي ‪ ،‬دا الراجل بيجي مره واحده في األسبوع و مابيقعدش غير ساعتين و نصهم بنبقي قاعدين كلنا‬
‫سوا ‪ ،‬مش عايزاه يجي ليه بقى‪.‬‬

‫‪-‬عادي يا بابا يعني‬

‫ً‬
‫أصال عداه العيب و هللا‬ ‫‪-‬ل مش عادي ‪ ،‬إنت لو مش عاجبك الجوازة دي ننهيها ‪ ،‬لكن الراجل محترم و أنا ماأقدرش أقوله حاجة زي دي و هو‬
‫‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و هي تترك المكان‪:‬‬


‫طيب يا بابا خالص ول كأني قولت حاجة‬

‫كثيرا رغم أنها تشتاقه جدًا ألنها تعلقت به لدرجة كبيرة ‪ ،‬و أحبته جدًا و تعلم‬
‫ً‬ ‫دخلت غرفتها و هي تشعر بالضيق الشديد ‪ ،‬هي ل تريد أن تراه‬
‫أنه يحبها جدًا هو اآلخر ‪ ،‬و تخاف أن يقول أحدهم بال قصد كلمة تُغضب هللا ‪ ،‬ل يحل أن تُقال اآلن ‪ ،‬فهما الثنان يغلب عليهم الشوق أحيانًا ‪،‬‬
‫فكرت في تقديم موعد كتب الكتاب لكنها تشعر أنها غير مستعده بعد لتلك الخطوة ‪ ،‬فقررت في داخلها أنها ستخبر نضال غدا بذلك و تعلم أنه‬
‫سيتفهم األمر‪.‬‬

‫""الفصل الرابع عشر""‬

‫‪-‬وقعت في الحب يا شيخنا ‪ ،‬ماذا أفعل؟‬


‫=ل تدنسه بقول أو فعل ل يحل‪.‬‬

‫‪......... ......... ........ ........‬‬


‫جهاد و هي تجلس مع نضال ‪:‬‬
‫هناء و طنط وفاء عاملين إيه ‪ ،‬يادكتور‬

‫‪-‬كويسين و هللا ‪ ،‬كل مره بيقولولي سلملنا عليها و أنا بشوفك فأنسى نفسي و أنساهم‬

‫‪-‬جهاد بحرج ‪ ،‬دون أن تهتم لما قاله‪:‬‬


‫و هللا دول وحشوني جدًا‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫يابختهم بيوحشوكي ‪ ،‬مش زي ناس غالبه ول بيجوا على بالك‬

‫‪-‬دكتور ‪ ،‬بطل ها بطل‬

‫‪-‬نضال ببسمة ‪:‬‬


‫حاضر ها أبطل‬

‫ً‬
‫مستقبال‪.‬‬ ‫‪-‬بقولك إيه ماتحكيلي إنت مخطط ألية‬

‫‪-‬أتجوزك‬

‫‪-‬جهاد بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫و بعد ما نتجوز‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫طب بس نتجوز يا ستي ‪ ،‬دا أنا ممكن يغمى عليا من الفرحة‬

‫‪-‬اتكلم بجد بقى ‪ ،‬بطل هزار‬

‫‪-‬نضال بجدية‪:‬‬
‫بصي يا ستي ‪ ،‬إن شاء هللا نتجوز ‪ ،‬و أعيشك ملكة طول عمرنا ‪ ،‬و نبقى داي ًما مبسوطين و عايشين في طاعة ربنا و نخلف شوية عيال قمرات‬
‫زيك كدا ‪ ،‬و عندي بقى شوية أهداف كدا ‪ ،‬عايز إن شاء هللا أبني مستشفي خيرية كبيره بدأت في المشروع بس لسه هاياخد وقت ‪ ،‬و فيه‬
‫مجالت جديدة عايز أحضر فيها دكتوراه ‪ ،‬و عايز أقوي مهاراتي في مجال مقارنة األديان علشان أتوسع في الرد على شبهات الملحدين ألنها‬
‫زادت أوي و أنا سعات علمي بيقف في الرد عنها و هانطلع الحج أنا و إنت و نسافر كذا دولة كدا ‪ ،‬و أجوز فارس و هناء و أشوفهم عايشين‬
‫في سعاده ‪ ،‬ونركز على سوريا و األقصى بقى ‪ ،‬بخطط هاننشر في الناس فكرة الجهاد و التحرير إزاي ‪ ،‬علشان نشوف صالح الدين من تاني‬
‫‪ ،‬و في األخر أستشهد و أنا إيدي في إيدك ‪ ،‬كفاية عليكي دول بقى دلوقتي‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بأعجاب ‪:‬‬


‫هللا ‪ ،‬هللا بجد ‪ ...........‬بس قولي هانسمي أولدنا القمرات دول إيه‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫يا أختي نتجوز بس هللا يكرمك ‪ ،‬و إبقي سميهم إنت‬

‫‪-‬تعرف أن زمان كنت بقول أنا عايزة أخلف تمانية أسميهم على أسماء الصحابة زي عمر و علي و حمزة و كدا يعني و كل واحد أربيه على‬
‫أخالق الصحابي اللي هو واخد اسمه ‪ ،‬نربي عمر على القوة و العزة في الحق ‪ ،‬و علي نربية على التضحية و كل أخالق سيدنا علي فيبقى‬
‫شبهه و هكذا بقى و البنات برضه على أسامي الصحابيات ‪ ،‬لكن في الحقيقة تراجعت عن الموضوع دا و لقيتني بعمل تعارض في أحالمي ‪،‬‬
‫يعني أنا مثال مخططة أهداف لحد سن معين و عقلي بيرفض تخطيط لوقت أطول من كدا ‪ ،‬رافضة تماما فكرة إني ممكن مااستشهدش ‪ ،‬دا‬
‫الحلم األعظم اللي ها يتوج كل حاجة و أنا عايزة استشهد في الشباب قبل ما أكبر أوي ‪ ،‬ودا مش مناسب لفكرة األولد الكتير ‪ ،‬ألن احنا وقت‬
‫ما نقرر نخرج في سبيل هللا بال عوده لزم نسيب أولدنا كبار إلى حد ما عشان مايحتاجوش حد من بعدنا و منبقاش ظلمناهم ‪ ،‬أو إننا بعد ما‬
‫نتجوز نعلنها خالصة هلل و نخرج للجهاد بقى على طول و دي فكرة محببة لنفسي أوي و هاتقربنا من هدفنا و تروي شوقنا للشهادة و الجنة و‬
‫رؤية الرحمن ‪ ،‬لكن برجع أفكر إننا سوا قادرين نخرج أبطال لألمة ‪ ،‬قادرين نربي أولد صح يبقوا عزة لإلسالم ‪ ،‬فدا ها يأخر الشهادة شوية‬
‫لكنه أنفع لألمة فشايفة إننا نلجأ ليه أفضل ‪ ،‬ثم قالت بمزاح و نقتصد بقى في العدد نخلف تالتة بس مثال ‪ ،‬و نربيهم بقى على أخالق الصحابة‬
‫كلها مجتمعة ‪ ،‬مش كل واحد شبه اسم واحد من الصحابة ‪ ،‬ألني غيرت رأيي و عايزة أسمي األولد "أنس " و "زين " بحب السمين دول‬
‫أوي بجد ‪ ،‬و ابقى سمي البنات بقى إنت ‪ ،‬إيه رأيك بقى‬

‫‪-‬نضال بإعجاب‪:‬‬
‫يا بنتي إنت مابتسيبيليش فرصة أقول رأي ‪ ،‬إنت بتقولي كل حاجة و أجمل حاجة ‪ ،‬بقى فيه حد عاقل يعترض على حرف من كالمك ‪ ،‬ربنا‬
‫يباركلي فيكي ‪ ،‬أنا ها اسمي بنتنا بقى جهاد على اسمك برضة ‪ ،‬أنا عايز كل حياتي تبقى باسمك و شبهك يا جهاد ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بحب و اندفاع ‪:‬‬


‫هللا ‪ ،‬ها تسمي جهاد على اسمي ‪ ،‬ربنا ما يحرمني منك‬

‫‪-‬ول منك يا جهاد أبدًا ‪ .......‬ثم قال بجدية ‪:‬‬


‫جهاد ! أنا فيه سؤال كنت عايز أسئلهولك من زمان بس كنت بنسى‬

‫‪-‬اتفضل يا دكتور اسأل‬

‫‪-‬إحنا الفرق بينا تقريبًا تسع سنين ‪ ،‬و دا فرق كبير ‪ ،‬ماحستش إنك اتأثرتي بالموضوع دا خالص ‪ ،‬رغم إن البنات دلوقتي أغلبهم إن لم يكن‬
‫كلهم ‪ ،‬بيبقوا حابين يرتبطوا بحد قدهم أو يفرق سنة سنتين بالكتير ‪ ،‬عشان يبقى نفس الجيل و يفهم دماغهم زي ما بيقولوا يعني ‪ ،‬إنت ليه‬
‫الموضوع عدى عادي بالنسبالك‪.‬‬
‫‪-‬ألن ببساطة أنا مابفكرش زيهم ‪ ،‬داي ًما كان نفسي أرتبط بحد أكبر مني ‪ 10‬أو ‪ 15‬سنة كمان ‪ ،‬كل ما كنت إنت أكبر مني هاتبقى حياتنا أنجح‬
‫أكتر عكس تفكيرهم خالص ‪ ،‬إنت لما تبقى أكبر هاتبقى بتعاملني كبنتك قبل زوجتك ‪ ،‬و دا أجمل بكتير ‪ ،‬إحنا البنات مزاجيين جدًا و ممكن‬
‫نقلب في ثانية و نقول أي كالم أهبل ‪ ،‬إنت عشان بتعاملني كبنتك هاتتفهم دا عمرك ماهتشوفه عيب ‪ ،‬بمعني تاني هاتبقى بتعاملني على قد عقلي‬
‫و دا مميز جدًا ‪ ،‬كدا في أي حاجة أنا أعملها غلط أو ماتعجبكش ‪ ،‬هاتطبطب عليا و تفهمني بالراحة ‪ ،‬عشان إنت عارف إنك أكبر و فاهم أكتر‬
‫‪ ،‬لكن لو قدي هاتقول ماهي عندها نفس عقليتي إزاي تعمل حاجة زي دي و تقعد تقارن بين أفعالي المزاجية و أفعالك الموزونة ً‬
‫مثال ‪ ،‬لكن لما‬
‫تبقى كبير عمرك ما هتقارن دا إنت هاتبقى مبسوط إني بلجألك و إني بتحامى فيك ‪ ،‬و كمان تبقى أحن و أنضج و أرسى و أعقل ‪ ،‬هاكون داي ًما‬
‫في عينك بنتك المدللة اللي تعمل اللي هي عايزاه براحتها طول منا عايش ‪ ،‬مش بس مجرد زوجة أو حبيبة ‪ ،‬ل هايبقى منضاف عليهم إني‬
‫بنتك و دا بالنسبالي أعظم ‪ ،‬و كمان أنا ما قلقتش من إنك ممكن ماتفهمش دماغي و الكالم دا ‪ ،‬ألنك من أول كالمك معايا بان النضج و التطور‬
‫و التفهم بس كدا ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال اللي أنا ناوي عليه‬ ‫هاتبقى أجمل بنت و زوجة و كل حاجة ليا يا جهاد ‪ ،‬بوعدك إني هاكونلك كدا ‪ ،‬و دا‬

‫‪-‬جهاد و قد شعرت أنها لبد أن تقول ما تود إخباره به ‪ ،‬ألن وقت مغادرته قد اقترب ‪ ،‬فنظرت إلى عينية مباشرة و شعرت بالربكة ذاتها و‬
‫لكنها تلك المرة لم تحرك عينيها بل تركتهما مسلطتان على عينية و قالت بنبرة بها شيء من الرجاء و الخوف و الحب ‪:‬‬
‫نضال ‪ ،‬عايزة أقولك حاجة مهمة ‪ ،‬بس باهلل عليك تفهمني و ماتزعل‬

‫‪-‬نضال و قد شعر بسعادة غامرة ألنها و ألول مرة تناديه باسمه هكذا ‪ ،‬كان محببًا إلى نفسه جدًا نطقها لها ‪ ،‬و لكنه شعر أنها ستقول شيء يثير‬
‫ربكتها و تفكيرها فقال ‪:‬‬
‫عمري ما هاأزعل منك يا جهاد قولي‬

‫‪-‬جهاد و هي لزالت تنظر إليه و لكن وجهها قد احمر بشدة من شدة الخجل‪:‬‬
‫إحنا بقالنا شهر تقريبا مخطوبين و دي خامس مرة نقعد مع بعض فيها من بعد الشبكة ‪ ،‬و احنا بنتعلق ببعض جامد يا نضال و ممكن نقول أي‬
‫كالم يعبر عن مشاعرنا في نص الكالم بالغلط و دا حرام فأنا بطلب منك نقلل المرات اللي بنقعد فيها و نخليها كل جمعتين لحد كتب الكتاب ‪،‬‬
‫أنا فكرت في تقديم كتب الكتاب لكني مش عارفه ليه حاسه إني لسه مش مستعدة ‪ ،‬فالحل الوحيد عشان نحفظ نفسنا ما نتقابلش كتير ‪ ،‬فهمتني يا‬
‫نضال‪.‬‬

‫‪-‬فهم نضال كل حرف مما قالته ألن هذا األمر كان يشغله هو اآلخر و لكنه كان يأمل أن توافق على تقديم موعد كتب الكتاب و لكن هي أغلقت‬
‫ذلك الباب فقال في نفسه أنا ها أدعي ربنا و هو قادر يلين دماغك الناشفة دي و نكتبه بدري ثم قال لها‪:‬‬
‫فاهمك يا جهاد و مش معترض نهائي‬

‫‪-‬جهاد بسرور و عفوية‪:‬‬


‫ربنا يحفظك ليا يارب ‪ ،‬و هللا إنت جميل جدًا‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫اهدي اهدي ‪ ،‬واصحي للكالم اللي بتقوليه‬
‫جلسا سويًا بعض الوقت ‪ ،‬و عند الباب كما يحدث عادة ‪ ،‬قال لها نضال ‪:‬‬
‫مش قادر أمشي من غير ما أقولك إنك هاتوحشيني جدًا جدًا يعني‬

‫‪-‬جهاد بحرج‪:‬‬
‫معلش كدا أحسن ‪ ،‬نصبر شوية ‪ ،‬يال أستودعك هللا‬
‫‪.......... .......... ........ .........‬‬
‫جهاد و قد دخلت المدرج و ألقت السالم على الطالب و همت بأن تبدأ في شرح المحاضرة ‪ ،‬فإذا بالباب يُفتح بقوة و إذا بمي تقف أمامه و هي‬
‫تبكي بشدة و تنظر لجهاد ‪ ،‬أصيبت جهاد بصدمة منعتها من الحركة أو النطق من هيئة الدموع على وجه مي ‪ ،‬و عجزت حتى أن تتوقع ما‬
‫حدث ‪ ،‬و كذلك الطالب كانوا كأن على رؤوسهم الطير ‪ ،‬ل يفهمون شيئًا ‪ ،‬و إذا فجأة مي تبتسم بشدة بين بكائها ثم تجري مسرعة إلى جهاد و‬
‫تحتضنها بشدة و هي تهتف من بين ضحكاتها و دمعاتها ‪:‬‬
‫ماما و بابا تابوا يا دكتورة ‪ ،‬قوموني من النوم الصبح علشان عايزين يصلوا و ماما عايزة تتحجب ‪ ،‬ربنا استجاب يا دكتورة ‪ ،‬الكريم رضى‬
‫عنهم و قربهم ‪ ،‬اشكريهولي ‪ ،‬أنا مش عارفه أشكره إزاي ‪ ،‬قوليله إني بحبه أوي أوي‪ ....‬و أخذ جسدها يرتعش من شدة النفعال و ل تكف‬
‫عن البكاء و الحديث ‪ ،‬شددت جهاد القبضة عليها و أخذت تمسح على ظهرها بحنان لتهدأ و تهمس في أذنها بكلمات السعادة و الحمد هلل ‪ ،‬ظلت‬
‫مي تحتضن جهاد على حالتها تلك إلى بضع دقائق و الطلبه كلهم متأثرين بما يحدث رغم أنهم ل يفهمون شيئًا ‪ ،‬و لكن أشد ما أثار إعجابهم ‪،‬‬
‫هي أخالق أستاذتهم ‪ ،‬كيف لدكتور في الجامعة أن يكون بكل هذا التفهم و الحنان و األخالق ‪ ،‬هم لم يسمعوا عمن يفعل مثلها على اإلطالق ‪،‬‬
‫فلو كان أحد األساتذة األخرين و فتحت مي الباب أمامه بتلك الطريقة لكان حكم عليها بالرسوب في الجامعة إلى األبد ‪ ،‬و لكنها الدكتورة جهاد‬
‫و من كمثلها !!‬
‫‪............. ........... ............. ..............‬‬
‫جهاد و هي تبكي أثناء حديثها في الهاتف مع هشام‪:‬‬
‫يا حضرة الظابط ‪ ،‬أنا مش عارفة أعمل إيه ‪ ،‬بقالي أربع أسابيع بروح و مش عارفة أكتشف حاجة و شاكة في ناس كتير بس مش لقية دليل‬
‫إلدانتهم ‪ ،‬لكن طفل جديد كمان يختفي ‪ ،‬حضرتك ماشوفتش شكل األهالي عامل إزاي ‪ ،‬الناس ها تموت ورا عيالها ‪ ،‬أنا تعبت من شكلهم و‬
‫مش قادره أروح تاني ‪.‬‬

‫‪-‬هشام بهدوء‪:‬‬
‫عارف إن إحنا بنرهقك يا دكتورة ‪ ،‬بس إنت أفدتينا كتير ‪ ،‬كل اللي إنت بتشكي في تصرفاتهم دول من أعضاء العصابة حقيقي ‪ ،‬إحنا فاضلنا‬
‫بس تساعدينا في معرفة المكان اللي بيخبوا فيه العيال جوا المدرسة ‪ ،‬ألننا متأكدين إنه جواها ‪ ،‬ركزي في األماكن اللي بيروحها أعضاء‬
‫العصابة و إنت هاتوصلينا ‪ ،‬أرجوكي يا دكتورة ما تسيبيش الموضوع في نص الطريق و تضيعي كل الشغل دا ‪ ،‬و التدريبات اللي أخدتيها دي‬
‫‪ ،‬إنت اللي ها تساعدي الناس دي ‪ ،‬كملي يا دكتورة‪.‬‬

‫‪-‬جهاد باستسالم‪:‬‬
‫حاضر يا حضرة الظابط ‪.‬‬

‫‪........ ......... ......... .........‬‬


‫في يوم الثالثاء التالي ذهبت جهاد إلى المدرسة ‪ ،‬على أمل أن تكتشف شيئًا و لكن األجراس قد أعلنت انتهاء اليوم دون أن تعرف شيئًا ‪ ،‬و بعد‬
‫أن أذنت لألطفال بالخروج ‪ ،‬نظرت من الشباك بالمبالة ‪ ،‬فإذا بها ترى عامل النظافة يدور حول المدرسة و يتجه خلفها و هو ينظر حوله في‬
‫حركة مثيرة للريبة ‪ ،‬أخذت حقيبتها و ذهبت خلفة مسرعة و هي تتحرك بحذر ‪ ،‬و وقفت خلف حائط تنظر ماذا سيفعل ‪ ،‬فإذا به يخرج مفتا ًحا‬
‫من جيبة و يضعه في الحائط تعجبت جدًا و ظنت أنه مختل عقليًا و إذا بها ترى بابًا يُفتح و الرجل يدخل ‪ ،‬أخذت تتقدم بحذر إلى أن وصلت‬
‫إلى ذاك المكان و إذا بها تُصدم مما رأت ‪ ،‬باب خشبي في منتصف الحائط لكن يستحيل أن تعلم أن ذلك بابًا عندما تراه و هو مغلق ‪ ،‬يظهر‬
‫كأنه جزء من الحائط بنفس لونه ‪ ،‬لحسن الحظ تركه العامل مفتو ًحا بعض الشيء ‪ ،‬يبدوا أنه على عجلة من أمره ‪ ،‬أدخلت جهاد رأسها بحذر‬
‫فوجدت سلم يأخذ إلى أسفل ‪ ،‬نظرت في الخارج فلم تجد أحدًا ‪ ،‬فقررت الدخول ‪ ،‬دخلت و هي تشعر أن قلبها يكاد يتوقف من الخوف ‪ ،‬هبطت‬
‫السلم سريعًا ‪ ،‬حتى وصلت إلى غرفة مضاءة ‪ ،‬نظرت من خلف الحائط فرأت العامل يضع الماء في أواني غريبة الهيئة ‪ ،‬تجولت بعينيها في‬
‫صدمت مما رأت و وضعت يدها على فمها حتى ل ينفضح أمرها ‪ ،‬فقد وجدت في أركان المكان طاولت عليها بقايا جثث لألطفال ‪،‬‬ ‫الغرفة ف ُ‬
‫ملقاة بشكل يميت القلب ‪ ،‬يبدو أنها محفوظة أو ما شابه ‪ ،‬و رأت أدوات تقطيع الجثث ‪ ،‬و أشياء أسوأ و أسوأ ‪ ،‬تخيلت ما قد يحدث لها إن‬
‫شاهدها أحدهم هنا ‪ ،‬ستكون تحت تلك األدوات و السكاكين ‪ ،‬عند تلك النقطة سحبت نفسها ببطء ثم صعدت السلم و خرجت و بمجرد أن‬
‫خرجت انطلقت تجري بسرعة شديدة و جسدها يرتعد و عيانها تبكي و تكاد تفقد الوعي ‪ ،‬و لم تكن تدري شيئًا بأمر ذلك الذي شاهدها منذ‬
‫البداية و نظر إليها بشراسة و كره ‪.‬‬
‫‪........... .......... ......... ..........‬‬
‫تحدثت جهاد إلى هشام و هي ل تكاد تستطيع أن تخرج الكلمات ‪:‬‬
‫حضرة الظابط ‪ ،‬أنا عرفت المكان ‪...‬ثم انهارت باكية‬

‫‪-‬اهدي يا جهاد ‪ ،‬روحي على النادي ماتروحيش و أنا هستناكي هناك‬

‫وصلت جهاد إلى النادي و أصاب هشام الفزع من هيئتها ‪ ،‬جلست و طلب لها هشام عصير ‪ ،‬و قصت عليه ما رأت و هي تنتفض من الخوف‬
‫‪ ،‬ثم قالت ‪:‬‬
‫أنا المفروض أروح يوم الخميس تاني ‪ ،‬المتحانات قربت و العيال متأخرين في المنهج و المدير اللي ربنا ينتقم منه صمم إني أجي أدي العيال‬
‫حصص ‪ ،‬أنا مش رايحه تاني أبدًا ‪ ،‬استحالة أدخلها ‪.‬‬

‫‪-‬هشام بترجي‪:‬‬
‫دا آخر طلب هانطلبه منك يا دكتورة ‪ ،‬روحي يوم الخميس ‪.‬‬

‫‪-‬يا حضرة الظابط ‪ ،‬حرام عليكم ‪ ،‬أنا ها اخد سنين أتعالج من المناظر اللي شوفتها النهارده و اقتنع إن فيه ناس بشعه بتعمل العمايل دي ‪.‬‬

‫‪-‬معلش ‪ ،‬آخر يوم هاتروحيه بس ركزي على أي تفاصيل تانية ‪ ،‬و خليكي حذرة‬

‫‪-‬ها أروح ‪ ،‬علشان الموضوع دا يتقفل بقى لألبد‬


‫‪........... .......... .......... ..........‬‬

‫جاء يوم الخميس و ذهبت جهاد إلى تلك المدرسة المشؤمة ‪ ،‬و في تمام العاشرة صبا ًحا تقريبًا ‪ ،‬هاتف نضال أحمد ‪:‬‬
‫‪-‬إزيك يا عمي ‪ ،‬عامل إيه‬

‫‪-‬الحمد هلل‪ ،‬إزيك إنت يا نضال وحشني وهللا‬

‫‪-‬ربنا يكرمك يارب يا عمي ‪ ،‬كان فيه طلب كدا ‪ ،‬رخم شوية بس الظروف حكمت عليا بيه‬

‫‪-‬عنيا ليك يا نضال ‪ ،‬قول ياابني‬


‫‪-‬تسلم يارب ‪ ......‬أنا هنا في المنصورة دلوقتي كان عندي مشوار و لسه مخلصه ‪ ،‬كنت عايز أعدي عليكم النهارده بعد حضرتك ما ترجع من‬
‫الشغل ‪ ،‬عشان بكرا طلعتلي عملية مهمة و مش ها أعرف أنزل المنصورة تاني ‪.‬‬

‫‪-‬ابن حالل و هللا ‪ ،‬تعالى دلوقتي على طول ‪ ،‬أنا مانزلتش الشغل النهارده ‪ ،‬جهاد خرجت من الصبح ‪ ،‬تعالى اقعد معايا أنا و جدك مصطفى‬
‫على ما ترجع و نتغدى سوا ‪.‬‬

‫‪-‬ماشي يا عمي ‪ ،‬ساعة بالكتير و أوصل البيت‪.‬‬

‫‪............ ............ ...........‬‬


‫في تلك األثناء هاتفت جهاد هشام و كان هو قد عاد لمنزله ليأخذ أحد الملفات التي نسيها‪:‬‬
‫حضرة الظابط أنا مرعوبة ‪ ،‬أول ما وصلت المدير طلبني و قعد يسألني أسئلة غريبة ‪ ،‬وبصته مش مطمناني ‪ ،‬حاسه إنهم عرفوا حاجة ‪ ،‬أنا‬
‫خايفة أوي ‪.‬‬

‫‪-‬ماتخافيش يا دكتورة ‪ ،‬القوات هاتنزل حال ‪ ،‬كفاية كدا أوي ‪ ،‬خدي بالك لحد ما نوصل ‪.‬‬

‫ثم تحدث في السلكي إلى الضباط األخرين و تهيئت القوات للخروج ‪ ،‬و بعدما أنهى الحديث تفاجأ بسارة زوجته تقف خلفة‪:‬‬
‫هشام ! جهاد أختي مالها يا هشام ‪ ،‬إيه اللي دخلها في شغلكم ثم رفعت صوتها قولي عملت إيه في جهاد‪.‬‬

‫‪-‬هشام و هو يقبل رأسها ‪:‬‬


‫اهدي يا سارة ‪ ،‬أنا زي ما دخلتها في الموضوع ها أخرجها منه ‪ ،‬ادعيلنا يا سارة ‪ .....‬ثم تركها و خرج قبل أن ترد ‪.‬‬

‫‪-‬انهارت ساره في البكاء خوفًا على ابنة عمها و رفيقتها ‪ ،‬ثم قررت أن تهاتف عمها ‪:‬‬

‫‪-‬ألو أيوا يا عمو أحمد‬

‫‪-‬مالك يا ساره بتعيطي ليه ‪ ،‬فيه إيه يا بنتي‬

‫‪-‬إنت إزاي وافقت جهاد على اللي هي عملته دا ‪ ،‬إزاي تسيبها تخاطر بحايتها ‪ ،‬أنا لسه عارفة دلوقتي ‪ ،‬لو كنت أعرف و هللا ماكنت خلتها‬
‫تعتب المدرسة دي‬

‫‪-‬يا بنتي جهاد إيه و مدرسة إية ‪ ،‬أنا مش فاهم حاجة‬


‫‪-‬يا عمي جهاد مشتركة تقريبا مع الشرطة في كشف عصابه في مدرسة اسمها‪ ........‬في عزبة ‪ ..........‬اللي جنب المنصورة ‪ ،‬أنا لسه سامعه‬
‫هشام دلوقتي و هو بيقول للقوات تجهز و جهاد في خطر ‪ ،‬أنا خايفة أوي يا عمو‬

‫‪-‬اقفلي يا ساره اقفلي ‪ ،‬أنا رايحلها ‪ ،‬إزاي دا يحصل من ورايا‬

‫أغلق معها و هاتف نضال‪:‬‬


‫إنت فين يا ابني‬

‫‪-‬أنا تحت البيت أهو ‪ ،‬مال صوتك يا عمي‬

‫‪-‬جهاد هاتروح مننا يا نضال ‪،‬أنا نازلك نروحلها‬

‫‪-‬نضال و قد أصيب بصدمة ‪ ،‬و لم يستوعب ما قاله أحمد ‪ ،‬حتى نزل إليه و قص عليه ما قالته ساره ‪ ،‬فانطلق نضال مسرعًا بالسيارة و هو‬
‫يرتعد من الخوف و يضرب بشده على المقود و يهتف في داخله ‪:‬‬
‫ليه يا جهاد ليه ‪ ،‬ماأقدرش أعيش من غيرها يارب ‪ ،‬احفظها و احميها يارب ‪ ،‬غبيه إزاي ماتقوليش ‪ ،‬إزاي‪.‬‬

‫""الفصل الخامس عشر""‬

‫أتدرين يا أنا !‬
‫إننـي أمتلـك مـن القـوة ما يُمكنني من تحمـل أي شـيء إل أن يؤذينـي أحدهـم فيك ‪ ،‬فليطعنوني بكل خناجـرهم لكـن ل ينظروا إليـك ‪ ،‬فليفصلـوا‬
‫رأسي عن جسـدي لكـن ل يتحدثـوا عنك ‪ ،‬فليفعلـوا بي ما يشاؤون لـن أمنعهـم و لن أتأثـر ‪ ،‬و لكـن قس ًما ألُخرجن عيونهـم و ألُقطعـن آذانهم و‬
‫ألنزعن أظافرهم إن اقتربـوا فقـط من صومعتك يا حبيبتـي‪.‬‬
‫‪............... ............... ...............‬‬
‫اقترب موعد النصراف من المدرسة ‪ ،‬جهاد تجلس في الفصل بعد أن أنهت شرح الحصة ‪ ،‬قلبها يكاد ينخلع من شدة الرعب ‪ ،‬أحدهم يطرق‬
‫الباب ‪ ،‬فُزعت جهاد جدًا ‪ ،‬و لكن هدأت مالمحها عندما رأت الطارق ‪ ،‬إنها أم أحمد العاملة ‪ ،‬تحدثت إلى جهاد بنبرة طيبة هادئه‪:‬‬
‫هللا يكرمك يا جهاد يا بنتي ‪ ،‬المدير طلب مني أجيبله ملف باسم‪......‬من األوضة اللي في آخر الطرقة و أنا مابعرفش أقرأ ‪ ،‬و إنت أطيب‬
‫واحدة في المدرسين اللي هنا ‪ ،‬فتعالي هاتيهولي أل إنت عارفة المدير شديد إزاي ‪ ،‬ثم ضرب جرس نهاية اليوم ‪ .....‬فقالت جهاد بحنان ‪:‬‬
‫طيب ثواني ها أخرج األولد و ألم حاجتي و أجي معاكي يا أم أحمد‬

‫مر خمس دقائق حتى أنجزت جهاد ذلك و خرج األطفال من المدرسة كلهم و كذلك بعض المدرسين ‪ ،‬و بينما تمشي بجوار أم أحمد ‪ ،‬أخذت‬
‫تتساءل في نفسها لماذا لم تأتي الشرطة ‪ ،‬أيُعقل أن يمر اليوم بسالم هكذا ؟! و شعرت ببعض الطمأنينة ‪ .....‬وصلت إلى الغرفة المنشودة مع أم‬
‫أحمد ‪ ،‬فتحت السيدة الباب و أشارت لجهاد بالدخول ً‬
‫أول ‪ ،‬دخلت جهاد و لكنها عندما نظرت إلى أم أحمد وجدتها تغلق الباب و في عينيها‬
‫نظرة أقلقتها ‪ ،‬كانت الغرفة خالية إل من خزانتان بهما العديد من الملفات ‪ ،‬توجهت جهاد إلى المرأة بحذر و قالت‪:‬‬
‫سيبي الباب مفتوح يا أم أحمد ‪ ......‬و همت جهاد بفتحه‬
‫فقامت المرأة بإمساك يديها الثنتين و دفعتها دفعة قوية بعيدًا عن الباب أوقعتها على األرض و قالت بغلظة‪:‬‬
‫إنت مفكرة نفسك ها تخرجي من هنا ول إيه يا شاطرة ‪ ،‬عايزة تفضحينا يا بت ‪ ،‬دا المدير هايربيكي أحلى تربية ‪ ،‬بتشتغلي مع البوليس ‪،‬‬
‫مفكرة إننا نايمين على ودانا ‪ ..............‬ثم أخذت تقترب من جهاد الملقاة على األرض و هي ممسكة في يدها زجاجة يبدو أن بها منوم‪..‬‬

‫‪-‬جهاد بنبرة مرعوبة‪:‬‬


‫حرام عليكم اللي بتعملوه في األطفال ‪ ،‬إنت ماعندكيش أولد‬

‫المرأة بغلظة‪:‬‬
‫عندي و مش لقية أوكلهم ‪ ،‬كان لزم أوافق و نعمل كدا ‪ ،‬مش مهم عيل يندبح كل شهر ‪ ،‬المهم الباقي يالقي ياكل‬

‫صدمت جهاد من رد المرأة ‪ ،‬و عندما اقتربت منها و همت بأن ترش السائل على وجهها ‪ ،‬مدت جهاد قدمها و بركلة قوية أوقعتها على‬
‫‪ُ -‬‬
‫ظهرها و قفذت مسرعة من على األرض ‪.‬‬

‫‪-‬المرأة بألم ‪:‬‬


‫آه يابت ‪ .........‬و قبل أن تصل جهاد إلى الباب جذبتها المرأة من رأسها ‪ ،‬و بدأت تضربها ‪ ،‬كان حجم المرأة كبير جدًا بالنسبة لجهاد ‪ ،‬و لكن‬
‫جهاد بدأت في تطبيق تدريبات الدفاع عن النفس التي تعلمتها ‪ ،‬و لكن المرأة كانت قوية جدًا و أخذت جهاد تصرخ ‪ ،‬و عندما تذكرت أن‬
‫المدير قد يأتي إلى الغرفة اآلن كما خطط مع المرأة ازداد رعبها ‪ ،‬و قامت بصدم رأس المرأة في الحائط بقوة ثم انحنت و أخذت زجاجة المنوم‬
‫و رشت على وجهها فسقطت بجسدها الضخم جثة هامدة على األرض ‪ ،‬أسرعت جهاد نحو الباب و هي تبكي و تتعثر من شدة الخوف ‪،‬‬
‫خرجت من الغرفة الموجودة بالدور الثالث و نظرت إلى أسفل فوجدت المدير يهم بالصعود مسرعًا ‪ ،‬و الشرطة لم تدخل المكان بعد‪.‬‬
‫دخلت أحد الفصول الفارغة من الطالب و أغلقت الباب و وقفت خلفة و هاتفت هشام و همست ببكاء مرير‪:‬‬
‫إنتم فين يا حضرة الظابط ‪ ،‬الحقني دول ها يموتوني ‪ ،‬حرام عليكم‬

‫‪-‬هشام بفزع ‪:‬‬


‫إحنا هانهجم حال ‪ ،‬إنت فين‬

‫‪-‬أنا مستخبية في فصل في الدور التالت ‪ ،‬العاملة حاولت تخدرني و المدير طالعلي الحقني‬

‫‪-‬خليكي مكانك ‪ ،‬ثم أعطى األمر بالهجوم و أغلق الهاتف‬

‫وقفت جهاد ترتعد خلف الباب و تدعو هللا بقلبها أن يحفظها من كل سوء ‪ ،‬و إذا هاتفها يعلن عن اتصال ‪ ،‬كان رقم بال اسم ظنت أنه أحد رجال‬
‫الشرطة و أنهم قد دخلوا إليها ‪ ،‬أجابت على الهاتف بصوت يكاد يموت رعبًا ‪:‬‬
‫ألو‬

‫‪-‬كان المتصل نضال ‪ ،‬و قد أصابه الجنون من صوتها ‪:‬‬


‫جهاد ! إنت كويسة يا جهاد ‪ ،،‬إنت فين ‪ ،‬أنا جايلك أنا قربت من المدرسة أهو‬
‫‪-‬جهاد ببكاء ‪:‬‬
‫الحقني ‪ ،‬الحقني بسرعة يا نضال ‪ ........‬ثم فجأة يدفع أحدهم الباب بقوة من الخارج فتسقط جهاد على األرض و يسقط الهاتف من يدها و‬
‫تصرخ بشدة عندما تجد أنه المدير‬

‫‪-‬نضال و قد أصابه الرعب عندما سمع صراخها ‪:‬‬


‫جهااااااااد ‪ ،‬ردي يا جهاد ‪ ،‬جهاااااد ثم بكى و انقطع اإلتصال ‪ ،‬و أحمد بجوارة عجز عن النطق‬

‫المدير و هو يجذبها بقسوة من على األرض‪:‬‬


‫و هللا منا سايبك يا بت ‪ ، ........‬حتة بت عايزة تدخلني السجن ‪ ،‬ثم وضع يده على فمها بقوة حتى ل يخرج صوتها ‪ ،‬ثم جذبها بقوة خارج‬
‫الفصل ‪ ،‬و أخذها في اتجاه غرفة ما ‪ ،‬حاولت الفرار منه و لكنها لم تستطع ‪ ،‬فهو كان ضخم و أمسكها بشراسة ‪ ،‬كان يسحبها سحبًا ‪ ،‬و فجأة‬
‫ارتفع صوت الشرطة في األسفل ‪ ،‬فتشجعت جهاد و ضربته بقوة ‪ ،‬ضربة أفقدته توازنه فتركها ‪ ،‬اندفعت تجري نحو السلم ‪ ،‬و إذا به يجري‬
‫خلفها ثم جذبها من شعرها فصرخت بشدة ‪ ،‬أوقعها على األرض و أخذ يضربها و يقول بشراسة‪:‬‬
‫جيبتي الشرطة ‪ ،‬و هللا ألشرب من دمك قبل ما يطلعوا ‪ ،‬ثم دفعها نحو زاوية في الحائط و شل حركتها بقدميه ‪ ،‬و أخرج من جيبة مسدس ‪،‬‬
‫حاولت جهاد الهرب منه لكنها لم تستطع التحرك و فقدت السيطرة على أعصابها ‪ ،‬أخفضت رأسها لألسفل و رددت الشهادة و وضع هو‬
‫المسدس على رأسها‬

‫في تلك األثناء وصل نضال إلى المدرسة نزل من السيارة مسرعًا ‪ ،‬و أخذ يجري ليدخل إلى المدرسة و لكن قوات األمن منعته من الدخول‬
‫فأخذ يتجادل معهم بعنف‬

‫جهاد أحست بالمسدس يالمس رأسها ‪ ،‬أخذت تكرر الشهادة و تبتهل إلى هللا و فجأة إذا بهشام من الخلف ‪:‬‬
‫إرمي المسدس يا حضرة المدير ‪ ،‬و سلم نفسك‬

‫التفت المدير للخلف فوجد أنه محاط برجال الشرطة ‪ ،‬و رفعت جهاد رأسها أيضًا ‪ ،‬نظرت إليهم ثم نظرت إلى المدير فعلمت من نظرته أنه لن‬
‫يلقي المسدس قبل أن يضربها ‪ ،،،،‬و في حركة سريعة دفعته بقدمها فارتد للخلف فنظر إليها نظرة شرسة ثم رفع المسدس و أخرج طلقة ‪،‬‬
‫تحركت جهاد من مكانها و هو يضغط على المسدس فمرت الرصاصة بجوار رأسها بماشرة و قبل أن تدرك ما يحدث سقطت جثة المدير‬
‫أمامها بعد أن تلقى الرصاص في ظهرة من الشرطة ‪.‬‬

‫ظلت جهاد مكانها على األرض تضم قدميها إلى صدرها و توحي هيئتها بالصدمة و الرعب ‪ ،‬جرى إليها هشام و أخذ يتأكد أنها بخير ‪ ،‬ثم‬
‫ساعدها على النهوض و أخذها إلى أسفل ‪.‬‬

‫سيطرت القوات على المدرسة بأكملها و قبضت على أفراد العصابة و دخلت إلى المجزرة الخاصة بهم ‪ ،‬و تجمهر األهالي بالخارج‪ ،‬كان‬
‫نضال في ذلك الوقت بدأ في الشتباك باليد مع قوات األمن ليتركوه يدخل ‪ ،‬و إذا به ينظر للداخل فرأي جهاد و هي تخرج من المدرسة ‪،‬‬
‫بجوارها هشام و خلفها اثنان آخران من رجال الشرطة ‪ ،‬فترك الشتباك و نظر إليها فاتسعت عيناه و امتألت بالدموع ثم أغلقهما فهربت‬
‫الدمعات من مقلتيه ورسمت خطان على وجنتيه‪.‬‬

‫عجز نضال عن الحركة من هيأة جهاد ‪ ،‬فقد كانت عيناها هائمتان في الفراغ ‪ ،‬يبدو على كل مالمحها آثار الصدمة و الرعب ‪ ،‬ل تبكي و لكن‬
‫عيناها مليئة بالدموع ‪ ،‬مالبسها غير منظمة تما ًما ‪ ،‬كانت كمن خرج لتوه من القبر حيًا ‪ ،‬أخذها هشام للخارج حيث نضال و أحمد ‪ ،‬تقدم إليها‬
‫نضال أما أحمد فظل كما هو عاجز عن الحركة و الكالم ‪ ،‬وقف نضال أمامها فرفعت عيناها إليه دون أن تتغير مالمحها ‪ ،‬أما هو فقد تبدلت‬
‫معالم وجهة من الصدمة إلى الغضب ‪ ،‬الغضب الشديد ‪ ،‬فمد يديه و أمسك وجهها بقوة و ضغط عليه حتى آلمها و صرخ بها‪:‬‬
‫ليه ‪ ،‬ليه يا جهاد ‪ ،‬ليه تعملي كدا ‪ ......‬و هي تنظر إليه دون أن تنطق و معالم األلم تظهر على وجهها ‪ ،،‬كانا يقفان يفصلهما مساحة ليست‬
‫بالكبيرة أو الصغيرة ‪ ،‬جذب هو رأسها ليصطدم بصدره و ضغط عليه بشده كأنه يريد أن يدفنه داخل أضلعه ‪ ،‬ثم صرخ بها ‪:‬‬
‫عايزة تسيبيني يا جهاد لواحدي ‪ .....‬ثم بكى بشده ‪ ،،‬حاول إبعاد رأسها عنه ألنه يعلم أن ذلك ل يحل ‪ ،‬و لكنه لم يستطع ‪ ،‬كان يموت رعبًا من‬
‫الداخل ‪ ،‬ول يقدر على إبعادها عنه‪ ،‬و هي أيضًا جاهدت لرفع رأسها بعيدًا عنه فلم تقوى على ذلك ‪ ،‬و شعرت ببعض األمان لـوجودها بقربه ‪،‬‬
‫فانفجرت باكية و جسدها يرتعد بشدة ‪ ،‬ثم أحس نضال بجسدها يتهاوى فرفع رأسها عن صدرة ‪ ،‬فوجدها ستفقد الوعي ‪ ،‬و أخذت تفقد توازنها‬
‫و قبل أن تسقط على األرض حملها بين يديه و انطلق بها نحو السيارة و أحمد من خلفة‬

‫‪.......... ........... ......... ..........‬‬


‫في المستشفى يجلس أحمد أمام الغرفة التي تنام بها جهاد ‪ ،‬نضال و قد جلس بجواره بعدما جاء من عند الطبيب ‪:‬‬
‫جهاد هاتفوق دلوقتي يا عمي‬

‫‪-‬أنا قلقان عليها أوي يا ابني ‪ ،‬بقالها كدا حوالي ‪ 24‬ساعة مافاقتش‬

‫‪-‬ماتقلقش يا عمي دا بس من الصدمة و اإلرهاق و الخوف ‪ ،‬لكنها هاتقوم كويسة ‪ ،‬إن شاء هللا ‪ ........‬أنا ها أنزل أسافر إسكندرية بقى‬

‫‪-‬إزاي دا بس يا نضال ‪ ،‬يعني تقعد كل دا و تفضل صاحي طول الليل و هاتروح من غير ما تدخلها‬

‫‪-‬نضال بأسى‪:‬‬
‫عمري ما ها أقدر أدخلها أبدًا يا عمي ‪ ،‬سامحني‬
‫‪............. .......... ..........‬‬
‫استفاقت جهاد فوجدت كل أسرتها حولها و كذلك وسام ‪ ،‬بحثت بعينيها عن وجهه المحبب لها بين وجوههم فلم تجده ‪ ،‬فأحست بمرارة قاتلة و‬
‫علمت أنها سيعاقبها بغيابه و هذا مال تستطيع تحمله‬
‫‪....... ........ ........‬‬
‫كثيرا لوالدها ليسامحه ‪ ،‬و أخبره أن أهل القرية سيقيمون حفلة لتكريميها و‬
‫ً‬ ‫عندما عادت إلى المنزل ‪ ،‬زارتها سارة و هشام ‪ ،‬و اعتذر هشام‬
‫كذلك سيتم تكريمها من وزارة الداخلية‬
‫كثيرا‬
‫ً‬ ‫جاءت أسرة نضال كلها أيضًا إليها لكنه لم يأت معهم ‪ ،‬و هذا آلمها‬
‫‪........ ........ ........‬‬
‫جهاد و هي تطرق غرفة المكتب الخاصة بوالدها فأذن لها ثم دخلت‪:‬‬
‫بابا ! عايزاك شوية‬

‫‪-‬نعم‬

‫‪-‬جهاد بحزن‪:‬‬
‫إنت هاتفضل زعالن مني كتير كدا ‪ ،‬عدى على الموضوع تلت أيام و إنت برضه مابتكلمنيش‬

‫‪-‬و اللي إنت عملتيه دا ينفع ‪ ،‬فيه حد عاقل يعمل كدا ‪ ،‬أنا مش قادر أنسى شكلك و إنت خارجة من المدرسة يا جهاد ‪ ،‬كان حالنا هايبقى عامل‬
‫إزاي لو حصلك حاجة ‪ ،‬مافكرتيش فينا‬

‫‪-‬جهاد و قد انهمرت عبراتها‪:‬‬


‫يا بابا إنت علمتني من و أنا صغيرة إني أساعد كل اللي محتاجني ‪ ،‬و إني ما أسكتش على الظلم ‪ ،‬و إني أعمل الخير و أرميه في البحر ‪ ،‬و‬
‫فعال ‪ ،‬الناس دي أطفالهم كانوا بيندبحوا يا بابا ‪ ،‬ماقدرتش أرفض مساعدتهم ‪ ،‬ماأقدرش أشوف حد بيتعذب و أسيبه‬‫الناس دول كانوا محتاجيني ً‬
‫‪ ،‬عارفه إني غلطت و كان المفروض أقول ‪ ،‬بس دي كانت قضية شرطة و أنا ماجاش في بالي إن الموضوع بالخطورة دي ‪ ،‬سامحني باهلل‬
‫عليك يا بابا ‪ ،‬أنا ما أقدرش على زعلك و هللا ‪ ،‬ثم قامت و اتجهت إلى والدها و قبلت رأسه ‪ ،‬فاحتضنها هو بشده حتى يُطمئن قلبه أن فتاته‬
‫لزالت بجواره و بخير‬
‫‪........ ........ .......‬‬
‫وسام و هي تجلس بجوار جهاد في غرفتها ‪:‬‬
‫إنت مش ها تخرجي من الكآبة دي بقى ‪ ،‬مالك يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بحسرة‪:‬‬
‫نضال يا وسام ‪ ،‬نضال وحشني أوي ‪ ،‬مر على الحادثة دي أسبوع و هو ماجاش ‪ ،‬ماعدتش قادره أستحمل غيابه ‪ ،‬ول عارفه أعمل إيه ‪ ،‬ول‬
‫أصالحه إزاي ‪ ،‬عارفة إني زعلته جامد بس أنا مش حمل العقاب دا ‪ ،‬تعرفي يا وسام أنا كنت خارجة من المدرسة دي حاسة إني قلبي هايموت‬
‫من الرعب ‪ ،‬كانت كل خلية فيا بتترعش ‪ ،‬هشام وداني عند نضال أول ما رفعت عيني في عينه اتقهرت يا وسام ألني شوفت في عينه انكسار‬
‫و رعب و خوف ‪ ،‬أنا خليته يحس بحاجات وحشه أوي ‪ ،‬أنا مش قادره أسامح نفسي ‪ ،‬بس تعرفي أول ما شد راسي و ركنها عليه ‪ ،‬حسيت إن‬
‫خوفي راح ‪ ،‬إني ليا سند و سكن ‪ ،‬حسيت بآمان كبير أوي ‪ ،‬حاولت أبعد راسي عنه عشان حرام علينا ‪ ،‬بس ماكنتش قادره ‪ ،‬كنت بموت من‬
‫الخوف و قربه هو اللي طمني ‪ ،‬كنت سامعه صوت دقات قلبة بسرعة جدًا ‪ ،‬انا ماكنتش مستوعبه حاجة من ساعة ماشوفت الدم و الرصاص ‪،‬‬
‫لكني أول ما حسيت باآلمان و ايده بضغط على راسي ‪ ،‬أعصابي كانت خالص جابت آخرها و حسيت إن الخطر راح طالما هو جنبي ‪،‬‬
‫أخيرا بأمان ‪ .........‬ثم أخذت تبكي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ففقدت الوعي لما عقلي حس‬
‫‪.......... ......... ..........‬‬
‫وفاء و هي تجلس بجوار نضال‪:‬‬
‫نضال إنت مش هاتروح لجهاد بقى‪.‬‬

‫‪-‬نضال بضيق‪:‬‬
‫ل‬

‫‪-‬حرام عليك يا ابني اللي إنت عامله في نفسك و فيها دا ‪ ،‬إنت من يومها و إنت حالتك صعبة يا ابني ‪ ،‬دا إحنا ماعدناش بنشوف ضحكتك اللي‬
‫ماكنتش بتغيب ‪ ،‬و جهاد هاتموت عليك و هللا يا نضال ‪ ،‬دا إحنا يوم ما رحنالها بعد ما دخلنا فضلت كل شوية تبص على الباب مستنياك تدخل‬
‫و بعدين سألت أختك عليك قالتلها إنك ماجتش ‪ ،‬البنت يا عيني وشها قلب و عنيها اتملت دموع و سابتنا و قامت ‪ ،‬جهاد بتحبك أوي يا نضال و‬
‫بتتعذب من عمايلك دي ‪ ،‬وإنت كمان بتتعذب ‪ ،‬روحلها يا ابني ‪ ،‬و اعمل حساب لزعلها‬

‫‪-‬نضال بعصبية و قد قام من مكانة و ضرب على الحائط بقوة بقبضته ‪:‬‬
‫وهي ماعمتلش ليا حساب ليها قبل ما تعمل اللي هي عملته ‪ ،‬أنا مش قادر أنسى شكلها و بهدلتها أول ما خرجت ‪ ،‬صوت صرختها لما‬
‫الرصاص انضرب لسه بترن في وداني ‪ ،‬كل ما أتخيل إن كان فيه راجل ماسكها و ضربها بحس إني بغلي من جوا ‪ ،‬مش متخيل أنا كان‬
‫هايحصلي إيه لو هي اتأذت ‪ ،‬أنا كنت ها أموت يا ماما ‪ ،‬أنا لقيتها بعد صبر كام سنة عشان تضيع مني ‪ ،‬أنا بحبها أكتر ما بحب نفسي ‪ ،‬أنا‬
‫عمري ما حسيت بالعجز في حياتي غير يومها ‪ ،‬قلبي كان بيتنفض من الخوف ‪ ،‬هي غبية ‪ ،‬غبية جدًا ‪ ،‬إزاي تعمل كدا ‪ ،‬إزاي‬

‫‪-‬اهدى يا ابني هللا يكرمك ‪ ،‬هي غلطت إنها ماقالتش لحد ‪ ،‬بس دي كانت بتنقذ أرواح ناس يا نضال ‪ ،‬المفروض تبقى فخور بيها و تحمد ربنا‬
‫إنها ما حصلهاش حاجة ‪.‬‬

‫‪-‬بحمده و هللا من كل قلبي يا ماما ‪ ،‬بس برضة مش قادر أنسى ‪ ،‬يا ماما صعب أشرحلك إحساسي ساعتها ‪ ،‬أنا سعات بعيط لما أفتكر اللي‬
‫حصل ‪ ،‬أنا لو روحتلها دلوقتي ‪ ،‬ممكن أضربها من كتر اللي أنا حاسس بيه أو أعمل أي حاجة تانية ماتنفعش ‪ ،‬أما أهدى شوية ها أروح ‪،‬‬
‫عشان كمان فيه موضوع تاني لزم يخلص بقى لما أروحلها ‪.‬‬

‫""الفصل السادس عشر""‬

‫هال التحقنـا بركب الصالحيـن يا رفاق ‪ ،‬لقـد كانوا يخشعـون و يمرحـون ‪ ،‬يُصلون و ينامون ‪ ،‬يصومون و يتضايفون ‪ ،‬يستعفون حتى‬
‫يتزوجون ‪ ،‬لقد كانوا و ما كُنا ‪ ،‬و فازوا و ما فُزنا‪.‬‬

‫‪.......... .......... ...........‬‬


‫في المدرج تقف جهاد أمام الطالب تشرح المحاضرة ‪ ،‬من يراها يظن أنها بخير كما هي دائ ًما بطلتها المرحة المؤثرة لكن هناك في أعماق‬
‫عينيها يوجد حزن دفين ‪:‬‬

‫يال البريك ‪ ......‬النهاردة عندنا سؤال نجاوب عليه ‪ ،‬و السؤال بيقول إيه أكبر نعمة في حياتك ؟ فكروا دقيقة و بعدين جابوا‬

‫صمت الجميع دقيقتان أو أكثر ثم بدأت األيدي ترتفع و كانت اإلجابات كما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬إن ربنا خلقني مسلم ‪.‬‬
‫‪-‬إن ربنا هداني ‪.‬‬
‫‪-‬أمي‪.‬‬
‫‪-‬عيلتي‪.‬‬
‫‪-‬صوتي الحلو‪.‬‬
‫‪-‬حب الناس‪.‬‬
‫‪-‬زيارتي لمكة‪.‬‬
‫‪-‬النقاب‪.‬‬
‫‪-‬التفوق و النجاح ‪.‬‬
‫‪-‬ما شاء هللا جميل أوي يا سنة تالتة ربنا يديم عليكم النعم دي ‪.‬‬
‫و إذا بفتاة ترفع يدها و تقول‪:‬‬
‫و إنت يا دكتورة إيه أكبر نعمة في حياتك ؟‬

‫‪-‬تبسمت جهاد ثم قالت بحب‪:‬‬


‫تعرفوا داي ًما لما أفكر في النعم الكتير اللي ربنا أنعم عليا بيها ‪ ،‬أخرج داي ًما إن أكبر نعمة هي " إن ربنا هو ربنا "‪ ،‬دي أعظم نعمة في حياتي و‬
‫في حياتنا كلنا لو تركزوا ‪ ،‬ممكن ماتكونوش فاهمينها أوي ألن أنا مش عارفه أعبر عنها كويس ‪ ،‬عارفين يعني إيه نعمة إن ربنا هو ربنا ‪،‬‬
‫يعني بحمده على وجوده ‪ ،‬بحمده على نفسه ‪ ،‬إني اتولدت لقيت إن ربنا دا هو ربنا ‪ ،‬اتولدت بعبده هو مش غيره ‪ ،‬بحمده إنه هو ربنا بجماله و‬
‫رحمته و كرمه و فضله و حنانه و قربه و ستره و عفوة ‪ ،‬حد متخيل لو إلهنا حد تاني غير ربنا ‪ ،‬كان هايبقى حالنا عامل إزاي ‪ ،‬أنا مع كل‬
‫شكرا إنك‬
‫ً‬ ‫شكرا إننا مالناش غيرك و مابنسألش غيرك ‪،‬‬‫ً‬ ‫شكرا ياربنا إنك ربنا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫موقف ربنا بيكرمني أو يسترني فيه برفع عيني ليه و أقوله‬
‫شكرا يارب‪ ،‬عارفة إن فيكم ناس مستغربة و ناس مش فاهمة بس أنا حساها ‪ ،‬و متأكدة إن اللي فهم فيكم هايوافقني إنها ً‬
‫فعال أعظم‬ ‫ً‬ ‫بتحبنا ‪،‬‬
‫نعمة ‪.‬‬

‫‪........... ......... .........‬‬


‫بعد آذان العصر تجلس جهاد في غرفتها و تنظر إلى السماء من النافذة‪:‬‬
‫يارب خليه يجي بقى ‪ ،‬أنا تعبت أوي ‪ ،‬ماتخليهوش يفضل زعالن و صالحه يارب ‪ ،،،‬ثم قامت و جلست على المكتب و قررت أن تكتب له‬
‫رسالة في الكتيب الذي اعتادت الكتابة فيه لزوجها فكتبت‪.......‬‬

‫إنني ل أعرفني يا هذا ! ‪ ،‬باألمس القريب كنت أبعد ما يكون عن هذا الذي يدعونه بالحب ‪ ،‬و اآلن أراني أحيا به ل بشيء سواه ‪ ،‬أصابتني‬
‫لعنته و أرهقتني حالوته ‪ ،‬و أنت المسؤول عن ذلك ‪ ،‬أنت الذي بدلتني من فتاة يستحيل لها أن يمر بأفكارها رجل ‪ ،‬إلى أخري ل تجد سعادتها‬
‫فتى لعاشقة تشتاق لتذوب في سحر عينيك ‪ ،‬أيُعقل أن تغيب عني بعد أن أصبحتُ أتنفسك ‪،‬‬ ‫إل في التفكير بك ‪ ،‬تحولت من راهبة ل تنظر ألي ً‬
‫أ من العدل بربك أن تمنع عني الماء و أنا تائهة في صحراء العشق ؟ ! ‪ ،‬بربك عُد لي و كن لي ‪ ،‬بربك لقد أتعبني البُعد ف ُجد على عيناي بلقاء يا‬
‫سكني‪.‬‬

‫ثم أغلقت الكتيب و عيناها تذرفان دموع الشوق و الحنين و الندم ‪ ،،‬و إذا بالباب يطرق ثم دخلت أمها‬

‫‪-‬جهاد ‪ .......‬إيه دا إنت بتعيطي ليه؟‬

‫‪-‬جهاد و هي تمسح دموعها و تبتسم بحزن ‪:‬‬


‫ل دا أنا اندمجت شوية و أنا بكتب يا ماما ‪ ،‬إنت عارفاني إحساسي عالي بقى و كدا‬

‫‪-‬األم باهتمام ‪:‬‬


‫طيب يا ست يا أم إحساس ‪ ،‬األخ اللي رافع إحساسك مستنيكي بره‬

‫‪-‬جهاد بدهشة و عدم فهم و هي تمسك يد والدتها ‪:‬‬


‫قصدك إيه يا ماما ‪ ،‬مين اللي بره‬
‫‪-‬األم بغمزه ‪:‬‬
‫الحج اللي كان زعالن منك شكله رضى عليكي ‪ ،‬خلصي يا بت نضال قاعد بره‬

‫‪-‬جهاد و هي تقفز في الهواء و تحتضن والدتها‪:‬‬


‫بجد يا ماما نضال بره ‪ ،‬أنا مش مصدقة ‪ ،‬دا أنا كنت لسه بدعي ربنا إنه يجي ‪ ،‬هيييييييه‬

‫‪-‬ل حول ول قوة إل باهلل ‪ ،‬هللا يسامحك يا نضال ‪ ،‬البنت كانت عاقلة و اتجننت ‪ ،‬خلصي يا بت بدل ما يسيبك و يمشي‬

‫‪-‬نحلة يا ماما ‪ ،‬نحلة و أكون بره‬

‫‪.......... .......... ..........‬‬


‫نضال و هو يجلس مع أحمد في الصالون ‪:‬‬
‫عمي ! أنا عايز أكتب الكتاب ‪ ،‬إيه رأيك‬

‫‪-‬و هللا يا نضال أنا ماعنديش أي اعتراض ‪ ،‬بس مش عارف جهاد إيه رأيها‬

‫‪-‬طب يا عمي أول ما تيجي دلوقتي ‪ ،‬ابقى اسألها و إحنا قاعدين سوا‬

‫‪-‬أحمد و هو يبتسم ‪:‬‬


‫حاضر يا سيدي ‪ ،‬أما أشوف أخرتها معاكم إنتم اإلتنين ‪ ،‬عاملين شبه المراهقين بحركاتكم دي‬

‫بعد دقائق قليلة جاءت جهاد ‪ ،‬دخلت إلى الصالون ‪ ،‬نظر إليها نضال فظلت واقفة مكانها بعيدًا عنهم بعض الشيء ‪ ،‬و امتلئت عيناها بالدموع ‪،‬‬
‫كانت تنظر إلى نضال و في داخلها العديد من المشاعر المتضاربة ما بين الشوق و األسف و الحزن و الخوف لكن أعظم ما يسيطر عليها هو‬
‫أخيرا جاء إليها ‪ ،‬شعر نضال بأن الدموع تكاد تسقط من عينيها و هذا ما ل يستطيع تحمله ‪ ،‬فابتسم لها و أشار لها‬
‫ً‬ ‫الحنين الشديد و السعادة أنه‬
‫لتتقدم و تجلس ‪ ،‬بعدما جلست و سألها نضال عن حالها ‪ ،‬تنحنح والدها و قال ‪:‬‬
‫جهاد ! نضال عايز يكتب الكتاب‬

‫عندما سمعت ذلك ‪ ،‬رفعت عيناها لتتالقي نظراتها مع نظرات نضال ‪ ،‬ظال ينظران إلى بعضهما ‪ ،‬كأن هناك اتصال بصري تنبعث خالله ما‬
‫يعجز اللسان عن البوح به ‪ ،‬نظر إليهما أحمد و ابتسم ألنهما يكادان ل يشعران بوجوده ثم قال‪:‬‬
‫بعد اللي أنا شايفة قدامي دا ‪ ،‬أنا مش محتاج إيجابه ‪ ،‬كتب الكتاب كمان يومين ‪ ،‬يوم الجمعة ‪ ،‬إنتم ماكنش لكم تتخطبوا أصال المفروض كنا‬
‫جوزناكم على طول ‪ ،‬متنحين لبعض ما شاء هللا و ناسيني خالص ‪ ،‬طب اعملوا حساب لوجودي يا أهل الحب ‪.‬‬
‫انفجر نضال في الضحك و احمر وجه جهاد جدًا من الخجل ‪ ،‬و لكن والدها أخذ يضحك هو اآلخر فشاركتهم في الضحك ‪ ،‬ثم قام أحمد و انتقل‬
‫بعيدًا عنهم بعض الشيء ‪ ،‬فقال نضال‪:‬‬
‫أنا كدا خلصت المهمة ‪ ،‬ها أقوم أروح بقى‬

‫‪ -‬جهاد و قد أصابتها الدهشة‪:‬‬


‫إيه ! هو إنت لحقت تقعد حاجة‬

‫‪-‬ل ما هو الصراحة مش ها ينفع أقعد‬


‫‪-‬طب هاتمشي من غير حتى ما نتكلم في الموضوع اللي حصل دا عشان ما تفضلش زعالن كدا‬

‫‪-‬أنا مش زعالن و مش عايز أتكلم في حاجة ‪ ،‬هي حاجة واحدة بس اللي عايز أعملها من يومها و ها أقوم أروح ً‬
‫حال عشان مش ها ينفع كدا ‪،‬‬
‫و ممكن أتهور‬

‫‪-‬جهاد بحيرة‪:‬‬
‫طب حاجة إيه طيب‬

‫‪-‬نضال بمكر ‪:‬‬


‫يوم الجمعة ها أقولك ‪ ،‬يال في أمان هللا‬
‫‪.......... ........ ........‬‬
‫نضال و هو يتحدث إلى محمد في الهاتف‪:‬‬
‫إنت واثق يا ابني في الناس دي ‪ ،‬أنا مش عايز بكرا ول غلطه‬

‫‪-‬ماتقلقش يا عريس ‪ ،‬كله ها يبقى تمام زي ما إنت عايز و أجمل ‪ ،‬بس إيه ياض الرومانسية الجبارة دي ‪ ،‬كنت مخبي كل دا إزاي‬

‫‪-‬كنت مخبيها عشان تطلع في الوقت المناسب و للشخص المناسب يا ابني‬


‫‪........... .......... ..........‬‬
‫‪-‬جهاد حرام عليكي أنا تعبت من اللف ‪ ،‬كفاية كدا ‪ ،‬إحنا من العصر و إحنا بنلف على المحالت و دلوقتي الساعة عشرة‬

‫‪-‬خالص يا سمسمة خلصنا أهو ‪ ،‬دا آخر محل ها ندخله‬

‫‪-‬طيب ‪ ،‬بس قس ًما باهلل ما احنا داخلين غيره‬

‫‪-‬طيب يا بومة حاضر ‪ ........‬أنا ها يغمى عليا من الفرحة يا بت‬


‫‪-‬بالراحة يا روحي بالراحة ‪ ،‬الجواز دا بطيخة ‪ ،‬هللا أعلم عامله إيه من جوا هههههههه‬

‫‪-‬يخرب بيت البؤس بتاعك دا يا شيخة ‪ ،‬ابعدي عني إنت و عقدك يا وسام‬

‫‪........ ......... .........‬‬


‫صباح يوم الجمعة في بيت نضال‬

‫‪-‬هناء ! ادخلي صحي نضال ‪ ،‬اتأخر في النوم النهارده ‪ ،‬و المفروض بيقوم بدري يوم الجمعة عشان يراجع الخطبة اللي بيخطبها في المسجد‬
‫قبل ما ينزل المسجد ‪ ،‬و كمان زمانه ماخلصش ترتيبات كتب الكتاب ‪ ،‬ادخلي قوميه بالعافية‬

‫‪-‬حاضر يا ماما ‪ ،‬مع إنه بيغلبني ‪ ،‬بس يال ها أتنازل عشان هو عريس النهارده‬

‫طرقت هناء الغرفة بهدوء ثم دخلت و إذا بها تتفاجأ به يتحدث و يبتسم و هو نائم ‪ ،‬كتمت ضحكاتها ثم أخذت تقترب منه لتسمع ماذا يقول‬
‫بالتحديد و لكنها عندما اقتربت و سمعت ما يقول تالشت ضحكاتها و ظهر على مالمحها التأثر الشديد ‪ ،‬فلقد كان نضال ينطق بتلك الكلمات‬
‫كأنه يرد على أحدهم ‪ ،‬كان يتكلم ثم يصمت كأنه يسمع رد الطرف اآلخر ثم يتحدث من جديد ‪:‬‬

‫علي ‪ ،‬أنا بخير الحمد هلل ‪ ،‬كيف حال الحسن و الحسين‬


‫‪-‬نعم يا َ‬
‫=‪...........‬‬
‫‪-‬أشتاقهم جدًا و هللا ‪ ،‬لم أراهم منذ فترة‬
‫=‪...........‬‬
‫‪-‬باألمس كنت بصحبة عمر و عثمان و الزبير ‪ ،‬سألتهم عنك فقالوا أنك في نزهة مع السيدة فاطمة‬
‫=‪...........‬‬
‫‪-‬أبلغها أن زوجتي تحبها جدًا ‪ ،‬هي قالت لي ذلك‬
‫=‪........‬‬
‫‪-‬يا إلهي ‪ ،‬ألم أخبرك؟ نعم سنعقد القران اليوم ‪ ،‬و يسكن كل منا إلى اآلخر‬
‫=‪.........‬‬
‫‪-‬أرجوك يا أبا الحسن ‪ ،‬أبلغ رسول هللا مني السالم ‪ ،‬فإنني لم ألقاه منذ شهر أو أكثر ‪ ،‬و هذا يبكيني جدًا ‪ ......‬ثم شاهدت هناء الدموع تسيل من‬
‫عين أخيها و هو نائم‬
‫=‪.............‬‬
‫‪-‬حقًا ! ستأخذني إليه اآلن ‪ ،‬أثلجت فؤادي يا علي ‪ ،‬كرم هللا وجهك أكثر و أكثر ‪ ......‬ثم ابتسم و هو نائم أيضًا‬
‫=‪............‬‬
‫‪-‬لن أنسى لك هذا أبدًا ‪ ،‬سأخبر رسولي و حبيبي بأمر زواجي اليوم حتى يدعو هللا لنا فيكون زوا ًجا مبار ًكا‬
‫=‪...........‬‬
‫‪-‬بربك أحقًا ما تقول ‪ ،‬أسماني لك الرسول و قال أنه يحبني ‪ ......‬ثم سالت الدموع من عينيه بغزارة تلك المرة و تأثرت مالمحة ‪ ،‬كانت هناء‬
‫تأثرا بما سمعته من أخيها ‪ ،‬و شعرت أنها ستفقد السيطرة على نفسها و تُصدر صوتًا قد يُخرج نضال من هذا العالم‬
‫قد غرقت في دمعاتها ً‬
‫العظيم ‪ ،‬فأسرعت للخارج و هي تبكي بشدة ‪ ،‬و عندما رأتها والدتها أصابها الفزع‪:‬‬

‫هناء ! مالك يا بنتي‪ ،‬أخوكي كويس و همت بالدخول إلى غرفة نضال ‪ ،‬فمنعتها هناء برفق و قالت من بين دموعها ‪:‬‬
‫ل يا ماما سيبيه ما تدخليش تصحيه ‪ ،‬نضال بيحلم بالصحابة يا ماما ‪ ،‬كان بيتكلم مع سيدنا علي بن أبي طالب دلوقتي و كان بيقول إنه رايح‬
‫يقابل النبي ‪ ،‬ما شاء هللا ‪ ،‬إيه الكرامات العظيمة دي ‪ ،‬هللا أكبر ‪ ،‬أنا مش مصدقة نفسي ‪.‬‬

‫‪-‬األم و هي تمسح على رأس هناء لتهدأ‪:‬‬


‫أيوا يا بنتي ‪ ،‬نضال بيحلم بالصحابة كلهم و بالنبي من زمان أوي ‪ ،‬من أيام مراهقته و هو كدا و كان قايلي ‪ ،‬و أنا ما استغربتش من الموضوع‬
‫دا ‪ ،‬أخوكي يا بنتي في الوقت اللي صحابه كانوا بيعيشوا شبابهم و مراهقتهم و بيعملوا ذنوب ‪ ،‬هو كان مصاحب مصحفه و كتبه ‪ ،‬كان بيقرا‬
‫كتير عن سيرة النبي و عن الصحابة طول عمره ‪ ،‬و كنا دايما نقوم الفجر نالقيه كان صاحي بيقيم الليل من بدري شوفي من أيام ما كان في‬
‫تالتة إعدادي لحد دلوقتي ‪ ،‬عمري ما سمعته بيتكلم عن بنت ول بص لبنت أبدًا عشان كدا ربنا كافئة بواحده شبهه تستاهله ‪ ،‬تعرفي عمره أبدا‬
‫مازعلني أو زعل بابا و لو حصل و صوته اترفع علينا شوية تالقيه في لحظتها معيط و موطي بايس راسنا و يقعد يقول سامحوني ‪ ،‬يمكن إنت‬
‫ماخدتيش بالك من كل دا ألنك أصغر منه بكتير ‪ ،‬أنا طول عمري بحمد ربنا على نعمة وجوده في حياتنا و هللا ‪ ،‬عمرك ماتشوفيه في أي حته‬
‫إل و تالقي البسمة على وشه ‪ ،‬لحد ما تحسي إنه عمره ما يعيط أبدًا ‪ ،‬و لما تسمعي صوت بكاه بالليل و هو بيصلي بين إيدين ربنا و بيعيط‬
‫على أخره تقولي إنه ما بيعرفش يضحك ‪ ،‬عمري ما شوفته بيشتكي مره أبدًا ‪ ،‬أخوكي عرف يوفق بين إنه يكون دكتور شاطر جدًا و مشهور‬
‫و أستاذ في الجامعة و إنه يكون إمام و خطيب في المسجد و إنسان قارئ و مثقف و بيقدر يفتي الناس في أمور دينهم ‪ ،‬اللي بيحفظ حق ربنا ‪،‬‬
‫ربنا بيحفظة أوي يا بنتي ‪ ،‬دا حتى معاملته ليكي و ألخوكي قمة في الحب و الحنان ‪ ،‬عمره ما زعل حد فيكم أبدًا ‪ ،‬داي ًما قريب ليكم ‪ ،‬شال من‬
‫على كتافي أنا و أبوكي كتير في تربيتكم ‪ ،‬كل الناس و األطفال بيحبوه من أول مره يشوفوه فيها ‪ ،‬و عمره ما أتأخر عن مساعدة حد أبدًا ‪ ،‬أي‬
‫مكان بيروحه لزم يسيب فيه بصمة ‪ ،‬روحه الحلوة بتغطي على كل اللي موجودين ‪ ،‬وجوده بيفرق في كل مكان ‪ ،‬نضال أنا داي ًما بحسه جي‬
‫من زمان الصحابة اللي هو عايش معاهم في أحالمه ‪ ،‬روحه مش شبه روحنا كدا ‪ ،‬ل دي روح طاهره أوي ‪ ،‬روح حفظت نفسها من كل‬
‫حاجة تغضب ربنا ‪ ،‬فربنا حفظها من كل أمراض القلوب ‪ ،‬أنا عارفه إنه نفسه يستشهد ‪ ،‬و أنا من خوفي عليه بحاول أبعد تفكيره عن‬
‫الموضوع دا ‪ ،‬لكني متأكدة إنه هاينولها و يستشهد ‪ ،‬ألن روحه روح شهيد و طلته طلة شهيد و حياته حياة شهيد ‪ ......‬ثم مسحت دمعاتها و‬
‫أكملت سيبيه يا بنتي مع الناس العظيمة اللي شبهه ‪ ،‬سيبيه عايش مع أصحابه ‪.‬‬

‫""الفصل السابع عشر""‬

‫سـأكون لك ُمنذ اليـوم ‪ ،‬لك أنت وحدك ‪ ،‬انتمائي و انتسابي لك ‪ ،‬عشقـي و هُيامـي لك ‪ ،‬بسمتـي و دمعتـي لك ‪ ،‬دعائـي و ابتهالي إلى هللا لك ‪،‬‬
‫كـل ذاك برغبتـي و رضائـي ‪ ،‬ألنني قرأت اليوم في عينيك " كلي لك يا سكني " و ما جزاء اإلحسان إل اإلحسانُ يا رفيقَ جناني‪.‬‬

‫‪.......... ........... ............‬‬


‫تعبيرا عن حبهم‬
‫ً‬ ‫كـان يو ًمـا ظـل حيًا في الذاكرة ‪ ،‬لقـد أصـر أهل المنطقـة التي تسكـن بهـا جهـاد على تعليق األنوار و الزينة في كل مكان‬
‫الشديد لها ‪ ،‬فعُلقت األنوار بكثرة و بطريقة مبهجة و راقية على بيت جهاد و في الشوارع المجاورة ‪ ،‬حضر كثير من الرجال و النساء إلى‬
‫المنزل ‪ ،‬و كما حدث في الخطبة كان الرجال باألسفل و النساء باألعلى ‪.‬‬

‫وسام و هي تصعد الدرج و تتحدث في الهاتف إلى جهاد‪:‬‬


‫يا بنتي أنا جبت كل اللي إنت عايزاة و طالعة أهو ‪ ،‬أنا عند شقة جدك ً‬
‫حال أهو ‪ ،‬أنا مش عارفة إنت مستعجلة كدا ليه يا جهاد ‪ .......‬و فجأة و‬
‫هي تمر أمام باب شقة الجد مصطفي و تنظر إلى الهاتف إذا بها تصتدم بقوة بفارس الذي خرج لتوه من الباب ليهبط إلى أسفل ‪ ،‬و ألن كالً‬
‫منهما كان يسير بسرعة كان الصتطدام قويًا و مؤل ًما ‪ ،‬رفعت وسام وجهها لترى ذلك األحمق و كان يبدو على معالمها أنها في قمة الغضب‪:‬‬
‫إنت حيوان يا بني آدم إنت ‪ ،‬مش تفتح عينك و إنت ماشي ‪ ،‬ول هي بالوي بتتحدف علينا و خالص‬

‫عجز فارس عن التفوه بكلمة واحدة فبمجرد أن رفعت وسام عيناها و نظرت إليه بغضب ‪ ،‬تاه هو في تلك األعين الزرقاء و هذه المعالم‬
‫الرقيقة ‪ ،‬التي تتفوه بكلمات غليظة ل تليق بها ‪ ،‬ازداد غضب وسام ألنه لم يرد عليها و ظل واقفًا بالقرب منها يحدق بها و يمنع عنها المرور‬
‫للصعود إلى أعلى فقالت ‪:‬‬
‫هو أنا خبطت في صنم ‪ ،‬ماتخلي عندم دم و توسع ياابني إنت ‪ ،‬لم يتحرك أيضًا فدفعته بيديها بقوة ثم صعدت و هي تقول‪:‬‬
‫أنا عمري ما شوفت في البيت دا حد بالتناحة دي ‪ ،‬أكيد إنت مش قريبهم ‪ ،‬صبرني يارب ‪ ،‬ثم اختفت لتدخل شقة أحمد‬

‫أما فارس فظل واقفًا مكانه يحدث نفسه ‪:‬‬


‫بقى أول مره أرفع عيني في عين بنت تطلع عينيها زرقاء و يحصلي كدا ‪ ،‬أنا اتفتنت بنظرة عين ‪ ،‬استغفر هللا العظيم ‪ ،‬و هللا ما كان قصدي‬
‫أبص يارب ‪ ،‬هي لول خبطت فيا ماكنت باصصلها ‪ ،‬بس أنا حاسس بحاجات غريبة و مش على بعضي خالص ‪ ،‬شكلها غمزت يا فارس و‬
‫لقيت نصك ول إيه ‪ ،‬بس دي لسانها طولها أربع مرات ‪ ،‬و حتى أنا ماأعرفهاش ‪ ،‬لكن مادام بصتلها يبقى ها أكفر عن ذنبي و أتجوزها ‪ ،‬و‬
‫ً‬
‫أصال زي القمر يعني ‪ ،‬منك هلل يا اسمك إيه ‪ ،‬وقعتي الواحد في ذنوب ‪ ،‬ها أكمل بقية اليوم استغفار بقى‪.‬‬ ‫هي‬

‫بعدما دخلت وسام إلى غرفة جهاد‪:‬‬


‫بسبب رغيك معايا في التليفون لبست في كائن بارد و أنا طالعة قصاد جدو‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها‪:‬‬


‫زمانك نزلتي عليه بوابل من الشتائم لحد ما خرجتي الراجل عن شعورة‬

‫‪-‬دا أنا اللي خرجت عن شعوري يا أختي ‪ ،‬دا تنحلي و مانطقش ول كلمة ول رضى يوسعلى أطلع قومت زقاه ‪ ،‬أنا مش عارفه إيه الكائنات دي‬
‫بس‬

‫‪-‬ههههههههه يا بنتي حرام عليكي ‪ ،‬زمانه اتصدم من جمالك بس ‪ ،‬و بعدين إنت قمر كدا ليه النهارده‬

‫‪-‬طول عمري يا روحي ‪ ،‬منه هلل اللي عكر مزاجي‬

‫‪-‬دا إنت اللي زمانك سودتي عيشته يا بنتي حرام عليكي ‪ ،‬خلصي خلصي شيلي معايا المصاحف دي و تعالي نطلع للبنات بره ‪.‬‬
‫بعدما خرجت جهاد للصالون و سلمت على الموجودين و جلست عدة دقائق ‪ ،‬قامت و قالت بصوت مرتفع يا بنات اللي حافظة القرآن أو اللي‬
‫مش حافظاه كامل بس بتقرأ بتجويد تجمع هنا ‪ ،‬عايزين نعمل مجموعة من تالتين بنت ‪ ،‬عشان ها نقعد نختم القرآن دلوقتي ‪ ،‬ثم قالت بمزاح ها‬
‫أستغلكم بقى عشان ربنا يبارك في الجوازة ‪ ،‬يال يال بسرعة‪.‬‬

‫تجمعت الفتيات الحامالت لكتاب هللا حولها منهم وسام و هناء و سارة و أخريات من أقربائها و أقرباء نضال و صديقاتها ‪ ،‬أعطت كل واحدة‬
‫منهن مصحفًا ثم قالت ‪:‬‬
‫بالترتيب كدا كل واحدة هاتاخد جزء و أنا هاأخد آخر جزء عشان بعده أقول دعاء ختم القرآن و تأمنوا ورايا ‪ ،‬المهم خلوا النية إن البركة تحل‬
‫علينا و يكون زواج مبارك و ربنا يعفو عننا كلنا ‪ ،‬يال بينا ‪.‬‬
‫بدأت الفتيات في القراءة ‪ ،‬كان كل من يمر بهن يُعجب بهن و يسعد باجتماعهن على الطاعة ‪ ،‬بعدما أنهت كل واحدة منهن الجزء الخاص بها‬
‫أخذت جهاد تدعو و كل من في المكان يؤمن خلفها ‪ ،‬ثم جمعت المصاحف منهن و بدأن في المرح و المزاح و القيام بالفقرات المسلية التي تم‬
‫تجهيزها بواسطة جهاد و وسام فكان يو ًما ممت ًعا و لم يفعلوا شيئًا واحدًا يُغضب الرحمن ‪.‬‬

‫جاء المأذون عند الرجال في األسفل ثم صعد أحمد بالعقد حتى تقوم جهاد باإلمضاء و بمجرد أن هبط ‪ ،‬ردد الجميع في األعلى و األسفل بارك‬
‫هللا لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير ‪ ،‬و ارتفعت األلعاب النارية في الجو بكثرة و بهجة ‪ ،‬و ارتفعت أصوات النساء يُزغردن من‬
‫البهجة ‪ ،‬حيث عم السرور كل أرجاء الحي السكني و ملء قلوب جميع الناس كبيرهم و صغيرهم فجهاد هي زهرة تلك المنطقة و الجميع يُحبها‬
‫تعبيرا عن امتنانهم و حبهم لها ‪ ،‬في األسفل أخذ الحج مصطفى نضال و خرج إلى الشرفة كما فعل من قبل ‪:‬‬
‫ً‬ ‫فجاءوا جمي ًعا للتهنئة‬
‫بص يا نضال يا ابني أنا قعدتك نفس القعدة دي مرة قبل كدا عشان أكلمك إزاي تتعامل مع جهاد إنما المرادي أنا مقعدك لحاجة أهم ‪ ،‬لميثاق و‬
‫عهد هاأخده عليك قدام ربنا ‪ ......‬ثم تألألت الدمعات في عينيه و هو يكمل ‪:‬‬
‫النهاردة جهاد بقت على زمتك ‪ ،‬بقت مراتك رسمي ‪ ،‬إنت قطفت زهرة حياتنا ‪ ،‬إن أخدت وردة فضلت مفتحة لمدة ‪ ٢٥‬سنه ‪ ،‬شمعه عمر‬
‫نورها ماانطفى أبدًا ‪ ،‬عمر الضحكة ما غابت من على وشها يوم ‪ ،‬إحنا كلنا فرحانين إنها بتبني حياتها لكن قلوبنا مش قادرة تصدق إن هايجي‬
‫يوم مانالقيهاش داخلة تضحكلنا الصبح و تفرح قلوبنا ‪ ،‬ثم قال بجدية و حزم ‪:‬‬
‫اعرف المسؤولية اللي إنت هاتشيلها و اعرف إنت واخد مين ‪ ،‬لو مش هاتقدر تسعدها زي ما كانت عايشة ابعد عنها من دلوقتي و سيبلنا بنتنا ‪،‬‬
‫الشمعة دي لو انطفت في بيتك يا نضال و بسمتها غابت اعرف إني أنا و أبوها هانبقى ماسكين في رقبتك يوم القيامة و هانطلب من ربنا يقتص‬
‫منك ‪ ،‬عمر ماحد فينا زعل جهاد أبدًا فماتجيش إنت بعد عزتها دي كلها تزعلها و تبكيها و هللا يا نضال لو بنتنا اتظلمت في بيتك لنشتكي منك‬
‫لربنا من قلوبنا لحد ماناخد منك حقنا ‪ ،‬إنت واخد اللي أغلى من عنيا أنا شخصيًا ‪ ،‬أنا حاسس إني كبرت عشرين سنة مرة واحدة ‪ ،‬إنت هاتقسم‬
‫قدامي دلوقتي يمين ربنا شاهد عليه إنك تحافظ عليها و ماتزعلها أبدًا و تتقي ربنا فيها و لو خلفت يمينك فأنا هاأرضى بعقاب ربنا ليك ‪ ،‬أنا‬
‫بوصيك النهارده ألني مش ضامن ها أعيش ليوم الفرح ول إيه ‪ ،‬و عشان قلبي يطمن‬

‫نضال و هو يخرج الكلمات من أعماقه‪:‬‬


‫قس ًما باهلل العظيم ‪ ،‬و دي تاني مرة أخد عهد على نفسي قدام ربنا بالموضوع دا ‪ ،‬ألحافظ عليها و تكون بنتي قبل ما تكون زوجتي و ما‬
‫أحسسها أبدًا ببعدها عنكم و أكون سبب سعادتها داي ًما ‪ ،‬يا جدو ما تقلقش على جهاد معايا ول و هي في بيتي ‪ ،‬أنا عارف أنا اتجوزت مين ‪ ،‬و‬
‫أنا واحد بيخاف ربنا و عارف قيمة الست في الحياة ‪ ،‬دي أمانة في رقبتي ‪ ،‬وعد مني لبهجتها و سعادتها تزيد معايا ‪ ،‬اطمن يا جدو‬

‫‪-‬أنا و هللا يا ابني واثق فيك و في أخالقك ‪ ،‬بس جهاد دي بنتي ‪ ،‬قلبي مش مصدق إنها هاتنتمي لحد تاني ‪ ،‬بكرا أما تخلف بنات و تيجي‬
‫تجوزهم هاتحس اإلحساس دا ‪ ،‬هاتبقى مش عارف تفرح ول تزعل ‪ ،‬تثق ول تخاف ‪ ،‬هاتبقى محتار ‪ ،‬محتار جدًا يا ابني ‪ ،‬زرعتك و نبتتك‬
‫هاتالقي غيرك بيقطفها و إنت مش عارف هو هايحافظ عليها ول إيه ‪ ،‬روحك بعد ما كانت عايشة وسطيكم هاتروح تعيش في حته تانية بعيد‬
‫عنكم لواحدها مع راجل هي ما تعرفش عنه حاجة ‪ ،‬أنا جوزت فاطمة بنتي من زمان أوي ‪ ،‬لكن ساعتها ماحستش بكل اللي أنا حاسه دا ‪ ،‬ألن‬
‫ً‬
‫أصال زي جهاد ثم تساقطت العَبرات من عينيه ‪ ،‬فقام نضال و احتضنه و قد اختلطت المشاعر في قلبه و قال‬ ‫فاطمة مش زي جهاد ‪ ،‬و هو فيه‬
‫‪:‬‬
‫و هللا ما تقلق عليها يا جدو ‪ ،‬دي في عنيا و ربنا شاهد عليا‬

‫‪............ .......... ...........‬‬


‫أما في األعلى دخلت منى على جهاد و الفتيات و قالت ‪:‬‬
‫يال يا بنات قوموا البسوا حجابكم بقى عشان العريس ها يطلع دلوقتي ‪ ،‬أسرعت الفتيات في القيام ‪ ،‬و إذا بجهاد تقوم معهم فقالوا جميعًا‪:‬‬
‫إنت رايحة فين ‪ ،‬إحنا هانلبس لكن إنت هاتفضلي بفستانك كدا ‪ ،‬دا جوزك يا بنتي‬

‫‪-‬نظرت إليهم جهاد بصدمة‪:‬‬


‫يا قليلة األدب منك ليها ‪ ،‬بقى يطلع و يشوفني و أنا كدا ‪ ،‬و هللا أبدًا‬

‫‪-‬ضحكت الفتيات و قالت هناء‪:‬‬


‫يا عيني عليك يا أخويا ها تشوف أيام زي الفل‬

‫‪-‬قالت جهاد بدهشة‪:‬‬


‫حتى إنت يا هناء ‪ ،‬أنا مش مصدقة‬

‫‪-‬هناء بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫و فيها إيه يا بنتي ‪ ،‬دا بقى جوزك‬

‫‪-‬جهاد و هي تتجه لغرفتها مسرعة‪:‬‬


‫ل دا انتم اتجننتوا رسمي‬

‫كانت جهاد ترتدي فستانًا بال أكمام و كانت تزين شعرها بطوق من الورود و تضع بعض مساحيق التجميل الرقيقة ‪ ،‬كانت رائعة ‪ ،‬تسلب‬
‫العقول بجمالها و رقتها ‪ ،‬و عندما دخلت غرفتها بدلت الفستان بآخر و ارتدت خمار و مسحت آثار مساحيق التجميل ‪ ،‬و هذا في الحقيقة لم‬
‫ينقص من جمالها شيئًا ‪ ،‬فوجهها دو ًما مضيء و بسمتها طاغية ‪ ،‬قبل أن تخرج إلى الفتيات ذهبت لوالدتها ‪ ،‬فقالت األم بنفاذ صبر بعدما رأتها‪:‬‬
‫برضه عملتي اللي في دماغك ‪ ،‬هاتقابليه شبه عبدو البواب برضه‬
‫‪-‬جهاد و قد انفجرت ضح ًكا ‪:‬‬
‫ههههههههه و هللا دا أنا قمر أهو ‪ ،‬بقى عايزاني أطلعله بشعري يا منمن ‪ ،‬يا شيخة دا أنا ببقى ها أموت من الكسوف و أنا قاعدة معاه كدا‬
‫‪ ........‬قولي صحيح هو ها يطلع دلوقتي على طول‬

‫‪-‬ل أبوكي قالي كمان شوية ‪ ،‬بس أنا استعجلت البنات عشان يلبسوا على طول بدل ما يطلع فجأة و نوقفة بره‬

‫‪-‬طيب قشطه ‪ ،‬أنا رايحه أقعد معاهم بقى على ما يجي‬


‫‪............ ........... ..........‬‬
‫بعـد قليل صعـد نضال ‪ ،‬تأكدت منى أن جميع الفتيات بحجابهن و أنهم في أماكنهم و قالت في الصالة أنها ستُدخل العريس لكن جهـاد لم تسمع‬
‫لنشغالها في المزاح مع الفتيات ‪ ،‬كانت جهاد تجلس في المنتصف بين وسام و هناء ‪ ،‬دخل نضال إلى المكان بصحبة منى لكن جهاد لم تالحظ‬
‫‪ ،‬همت منى بأن تنادي عليها لكن نضال منعها برفق ‪ ،‬وقف عند مدخل الحجرة يتأملها و هي تمزح مع هناء بتلقائيتها المؤثرة ‪ ،‬كانت تلك هي‬
‫المرة األولى التي يطيل النظر إليها و يراقبها فيها ‪ ،‬نظرت إليه كل الفتيات و جهاد مازالت ل تالحظ ‪ ،‬كانت تضحك بشدة إثر حديثها مع هناء‬
‫‪ ،‬أما نضال فقد ذاب في تفاصيل تلك البسمة التي يحل له اآلن أن ينظر لها كما يشاء ‪ ،‬أخذت وسام تضغط على يد جهاد لتكف عن الضحك و‬
‫أخيرا نظرت جهاد لوسام فوجدتها تغمز لها ناحية الباب‬‫ً‬ ‫تنظر إلى الباب و جميع الفتيات الجالسات يكتمن الضحك و يستمتعن بما يحدث و‬
‫فنظرت إلى الباب فإذا بها ترى نضال يبتسم لها ابتسامة عاشق ‪ ،‬شعرت بالحرج الشديد و لم تدري ماذا تفعل فدفعتها هناء و وسام للقيام ‪،‬‬
‫فقامت و ذهبت حيث يقف زوجها ثم رفعت عيناها و نظرت إليه ‪ ،‬و بمجرد أن رفعت عياناها إلى عينيه ‪ ،‬اقترب منها نضال ثم جذبها إليه و‬
‫صدمت جهاد مما فعل ‪ ،‬ثم بدأت تستفيق فحاولت‬ ‫احتضنها بشدة ‪ ،‬احتضنها كأنها غابت عنه لعشرات السنين ثم التقاها فجأة ‪ ،‬في البداية ُ‬
‫البتعاد عنه فشدد هو عليها القبضة ثم همس في أذنها ‪:‬‬
‫ماتحاوليش مش ها أسيبك ‪ ،‬سيبيني أحس إنك كويسة و إنك جنبي ‪ ،‬سيبي قلبي يطمن خوفه عليكي من يوم الحادثة ‪ ،‬دي الحاجة اللي قولتلك‬
‫إني عايز أعملها ‪ ،‬كان نفسي يومها أحضنك و أدخلك جوايا عشان أتأكد إنك كويسة ‪ ،‬سيبيني بقى أحضنك النهارده براحتي و أطمن ثم قال‬
‫بنبرة ماكرة ماشي يا مراتي ‪ .........‬صمتت جهاد تما ًما و استكانت بين ذراعيه و أخفت وجهها في كتفة من الخجل ‪ ،‬تأثر كل من في المكان‬
‫بما يحدث و شعرت هناء أن جهاد و نضال ل يشعران بمن حولهم فقامت بالتصفيق فصفقت خلفها الفتيات ‪ ،‬فشعر نضال بما حوله و أنه قد‬
‫أطال العناق ‪ ،‬فك يديه ثم أبعد جهاد عنها و أمسكها من وجنتيها ثم قبلها بين عينيها و قال و هو ينظر إلى عينيها و يستمتع بتلك الربكة التي‬
‫تظهر على وجهها ‪:‬‬
‫بارك هللا لنا و بارك علينا و جمع بيننا في خير ‪ ،‬مبارك يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد على استحياء‪:‬‬


‫‪-‬مبارك يا نضال‪.‬‬

‫ثم سحبها نضال من يدها فجأة ‪:‬‬


‫يال بينا بسرعة ورانا مشاوير و سفر‬

‫‪-‬جهاد و هي ل تفهم ما يقول‪:‬‬


‫بالراحة بس ‪ ،‬أنا مش فاهمة حاجة ‪ ،‬طب قول لبابا األول‬

‫‪-‬أنا قولتله و هو تحت هو و جدو مستنين عشان يسلموا عليكي‬

‫عندما هبطا معًا كان الجد و أحمد في انتظارهما ‪ ،‬احتضنها والدها و الدموع تتألأل في عينيه و كذلك جدها ثم قال والدها‪:‬‬
‫مبارك عليكم يا ولد ‪ ،‬افرحوا و اتبسطوا و احمدوا ربنا ‪ ،‬خلي بالك منها يا نضال و متتأخروش‬

‫‪-‬حاضر يا عمي ما تقلقش‬

‫عندما وصلوا إلى سيارة نضال تفاجأت جهاد من جمال الورود و الزينة الموضوعة عليها‪:‬‬
‫واو ! إيه الجمال دا ‪ ،‬إمال يوم الفرح ها تعمل في العربية إيه‬

‫‪-‬ل يوم الفرح هاأخدك بطيارة عشان ننجز‬

‫ركبا معًا في السيارة ثم قالت جهاد‪:‬‬


‫طب فهمني إحنا رايحين فين بس‬

‫‪-‬نضال بعناد‪:‬‬
‫إنت مالك ‪ ،‬أنا خاطفك يا ستي‬
‫‪-‬جهاد بقسوة مصطنعة‪:‬‬
‫إنت مفكر نفسك مين ‪ ،‬دا أنا أصوت و ألم الناس‬

‫‪-‬نضال و هو يضحك من طريقتها‪:‬‬


‫إنت مراتي يا مجنونة ‪ ،‬هاتقوليلهم جوزي خاطفني ‪ ،‬على العموم يا ستي إحنا رايحين اسكندرية‬

‫‪-‬جهاد بدهشة‪:‬‬
‫اسكندرية ‪ ،‬احنا كتبنا الكتاب مااتجوزناش لسه ‪ ،‬ول أنا مضحوك عليا ول إيه‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬ل ماتخافيش إحنا هانروح نقعد ع البحر شوية و نرجع‬

‫‪-‬هللا ‪ ،‬البحر بالليل ‪ ،‬بس هانضيع وقت كتير كنا خليناها يوم تاني‬

‫‪-‬نضال بإصرار ‪:‬‬


‫ل ‪ ،‬لزم البحر يشهد على أسعد لحظات حياتي ‪ ،‬شبه ما أنا بحكيلة كل حاجة‬
‫‪............ .......... ...........‬‬
‫ظال يتحدثان طوال الطريق حتى وصال إلى اإلسكندرية ‪ ،‬أوقف نضال السيارة بعيدًا عن الرمال ‪ ،‬ترجل هو و جهاد من السيارة و أمسك يدها‬
‫في يده ‪:‬‬
‫تعالي بقى ها أغمي عنيكي لحد ما نوصل المكان المحدد‬

‫‪-‬جهاد بمرح‪:‬‬
‫مابالش الرومانسية القديمة دي يا عم بدل ما أقع منك و إحنا ماشيين و يبقى شكلنا زباله‬

‫‪-‬نضال و قد تعجب من ردها ‪:‬‬


‫منك هلل بوظتي اللحظة الرومانسية ‪ ،‬امشي يا بنتي امشي ‪ ،‬دا أنا ها أغمي عنيا أنا‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫معلش يا دكتور معلش‬

‫اقترب منها نضال و انحنى إلى مستواها ثم قال بتهديد‪:‬‬


‫لو قولتي دكتور دي تاني ها أدبحك ‪ ،‬أنا كنت سايبك براحتك و احنا مخطوبين ‪ ،‬ثم قال بمزاح و هو يبتعد عنها‪:‬‬
‫لكن تبقي مراتي و تقوليلي دكتور ‪ ،‬دي بقى اللي مش ها أستحملها ‪ ،‬بدل ما تدلعيني تحسسيني إني بعامل طالبه ‪ ،‬إيه يا بنتي مش كدا‬
‫‪-‬جهاد بطاعة‪:‬‬
‫حاضر يا نضال حاضر‬

‫‪-‬أيوا كدا ‪ ،‬دا حتى لها نغمة مختلفة كدا منك‬

‫ظال يمشيان حتى اقتربا من البحر فتساءلت جهاد‪:‬‬


‫هانقعد على األرض ول نشوف صخرة قريبة ول إيه ‪ ،‬الشط فاضي تقريبًا خالص ‪ ،‬و ضلمة كمان و أنا ممكن أخاف‬

‫‪-‬أخرج نضال من جيبة ريموت كونترول و ضغط على حد األزرار به ‪ ،‬فإذا بالنور ينبعث من مكان أمامهم ‪ ،‬أريكة خشبية صغيرة ُمزينة‬
‫بالمصابيح الصغيرة ‪ ،‬ذات ألوان مبهجة ‪ ،‬بالقرب من الماء تما ًما ‪ ،‬جهاد ببهجة‪:‬‬
‫شكرا جدًا‬
‫ً‬ ‫يا هللا ‪ ،‬إيه الجمال دا ‪ ،‬تُحفة أوي يا نضال بجد ‪،‬‬

‫‪-‬نضال بغمزة ‪:‬‬


‫شكرا بس ‪ ،‬مفيش حاجة تانية‬
‫ً‬

‫‪-‬جهاد بمكر و قد فهمت ما يقصده ‪:‬‬


‫شكرا بس يا خفيف‬
‫ً‬ ‫شكرا جدًا مش‬
‫ً‬ ‫ل فيه ‪.....‬‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬مش قولتلك مصممة تبوظي اللحظات الرومانسية‬

‫تقدما إلى األريكة و عندما وصال إليها كان عليها صندوق هدايا كبير‬

‫‪-‬إيه دا يا نضال‬

‫‪-‬افتحي و شوفي‬

‫فتحت جهاد الصندوق ‪ ،‬إذا بها تجد الكاميرا التي طلبتها منه سابقًا داخله ‪ ،‬قفزت جهاد في الهواء كاألطفال ثم أمسكت يد نضال ‪:‬‬
‫مش عارفة أقولك إيه و هللا ‪ ،‬ربنا يخليك ليا و يباركلي فيك ‪ ،‬و هللا أنا ها أطير من الفرحة‬

‫اقترب منها نضال و طبع قبلة على رأسها ‪:‬‬


‫و يخليكي ليا يارب يا جهاد ‪ ،‬ربنا يديم عليكي الفرحة ‪ ،‬استعدي بقى عشان هاأعلمك التصوير من األسبوع الجاي‬
‫جلسا معًا على األريكة ثم نظرا إلى السماء معًا و تشابكت أيديهما ثم قال ‪:‬‬
‫اللهم لك الحمد حمدًا طيبًا مبار ًكا ملء السموات و األرض و من فيهن ‪.‬‬

‫وضعت جهاد رأسها على كتفه و وضع هو يده على كتفها و همس في أذنها ‪:‬‬
‫أنا بحبك ‪ ،‬بحبك أوي يا جهاد ‪ ،‬من قبل ما أشوفك على أرض الواقع حتى ‪ ،‬إنت دعوة و حلم و أمل و هدف و غاية و وسيلة ‪ ،‬إنت كل حاجة‬
‫و أجمل حاجة‪.‬‬

‫‪-‬و أنا كمان و هللا يا نضال بحبك أوي ‪ ،‬كلمة أول مرة تطلع من قلبي و يقولها لساني ‪ ،‬كلمة طول عمري بكتبهالك إنت و بس ‪ ،‬بكتبهالك من‬
‫قبل ما أعرف شكلك أو اسمك ‪ ،‬لكني النهاردة بقولهالك و هي طالعة من كل خلية فيا ‪ ،‬أنا حقيقي بحبك جدًا‬

‫‪-‬جهاد اوعديني إنك هاتساعديني ندخل الفردوس األعلى‪ ،‬إنك هاتدفعيني في الطريق لربنا ‪ ،‬إنك تستحمليني و تكوني سكني ‪ ،‬إننا نستشهد سوا ‪،‬‬
‫أنا بوعدك وعد حق إني هاأكونلك كدا فااوعديني‪.‬‬

‫‪-‬قالت و هي تنظر إلى عينيه ‪:‬‬


‫بوعدك بدا و أكتر يا نضال ‪ ،‬بوعدك أننا عمرنا ما هنأخر طاعة أبدًا ‪ ،‬إننا ها نتسابق في الخير داي ًما ‪ ،‬إننا هانكون سر بعض ‪ ،‬إننا هاندخل‬
‫الجنة إيدينا في إيدين بعض‪.‬‬

‫و ظال يتحدثان ‪ ،‬فكان الكون بأكمله شاهدًا على حبهم و ميثاقهم الغليظ ‪ ،‬باركتهم المالئكة ‪ ،‬و هنئتهم النجوم ‪ ،‬و سعدت بهم نسمات الهواء ‪،‬‬
‫أخيرا و كُتبا زوجين و كُتبت لهم البركة ألنهما حفظا حق هللا طوال حياتهما‪.‬‬
‫ً‬ ‫فقد التقيا‬

‫و قبل أن يعودا إلى المنصورة ‪ ،‬ذهبا م ًعا إلى أحد المتاجر و قاموا بشراء أطعمة و بعض الحلويات و وزعوها على الفقراء الموجودين في‬
‫الشارع كنوع من شكر نعم هللا عليهم أن جمع بينهم على خير‪.‬‬

‫""الفصـل الثامـن عشـر""‬

‫عندمـا أراوغك في الحديـث إذا اعترفـتَ لي بحبـك وسـط حديثنـا ‪ ،‬فـ اعلم أننـي لست فقط أحبك بل أهيم بك و أهواك وكلماتي تعجز عن البوح‬
‫بذلك ‪.‬‬

‫‪............ ........... ..........‬‬


‫مبكـرا كعادتهـا حتـى تأخذ بركة اليوم كمـا قال النبي‪-‬صلى هللا عليه و سلم‪": -‬إن في البكور‬
‫ً‬ ‫صبـاح يوم السبـت استيقظت جهـاد من النوم‬
‫لبـركة" ‪ ،‬كانـت ترتسم على وجههـا بسمة كلمـا تذكرت أحداث أمس ‪ ،‬استعـدت و غادرت إلى الجامعـة ‪ ،‬و عنـد وصولها حيت رجل األمن‬
‫كثيرا باألمر ‪ ،‬و لكنها وجدت نفس‬
‫ً‬ ‫الموجود على باب الكليـة كما تفعل كل صباح و لكنهـا اليوم شاهدت على وجهه نظرة غريبة ‪ ،‬لم تهتم‬
‫النظرة و البسمة المتخفية على وجوه العامالت التي حيتهم أيضًا ‪ ،‬تعجبت جدًا من ذلك و لكنهـا ل تملك وقتًا لتتوقف و تسألهم عن األمر‬
‫فموعد المحاضرة اآلن ‪ ،‬وصلـت إلى المدرج و لكنها تفاجأت بأن الباب مغلق ‪ ،‬و لكن هناك صوت بالداخـل ‪ ،‬طرقت الباب فسأل أحدهم عن‬
‫هوية الطارق و عندما أجابت سمعت بحركات غريبة في الداخل ‪ ،‬كانت في قمة الحيرة و الدهشة مما يحدث اليوم ‪ ،‬و إذا فجأة يفتح أحد‬
‫الطالب لها الباب و بمجرد أن دخلت من الباب قام كل من في المدرج و بدأوا في التصفيق الحار ‪ ،‬وضعت جهاد يدها على فمها من الدهشة و‬
‫وقفت مكانها من المفاجأة ‪ ،‬فالمكان كله ُمزين بالبالين المنسقة بطريقة رائعة و في نهاية المدرج يوجد لوحة كبيرة كُتب عليها " ُمبارك يا‬
‫دكتورة جهاد" و إذا بزمالئها و زميالتها األساتذة يدخلون من باب المدرج و كذلك العاملين في الكلية ‪ ،‬ثم خرجت مي من آخر المدرج و هي‬
‫تحمل باقة من الورود و صندوق هدايا ثم قدمتهم لجهاد التي لم تستفيق من دهشتها بعد ثم قالت مي‪:‬‬

‫مبارك يا دكتورة جهاد ‪ ،‬إحنا عرفنا إنك كتبتي الكتاب فحبينا نعمل حاجة تعبر عن فرحتنا ليكي ‪ ،‬و كان شرف عظيم ليا إن الدفعة تخليني أنا‬
‫أقدملك الهدية البسيطة دي ‪ ،‬إحنا عرفنا إنك بتحبي ورود التيوليب الصفراء فجيبناها ليكي ‪ ،‬و فيه في الصندوق ساعة حائط كلنا بنطلب منك‬
‫تبقي تعليقها فـ بيت حضرتك اللي هاتتجوزي فيه ‪ ،‬عشان تفتكرينا بيها داي ًما ‪ ،‬شبه الساعات اللي زرعتيها في قلوب و عقول كل واحد فينا ‪،‬‬
‫عشان يشتغل و يذاكر و يطور نفسه و يكون حاجة ‪ ،‬إحنا عرضنا الفكرة في الكلية و حقيقي ماحدش اعترض تما ًما ‪ ،‬من أول العميد و الدكاترة‬
‫لحد األمن ‪ ،‬كلهم رحبوا بالفكرة و شاركونا فيها ‪ ،‬وعبروا عن مدى حبهم و فرحتهم ‪ ،‬ربنا يسعدك في حياتك يا دكتورة و يجازيكي عننا كل‬
‫خير‪.‬‬

‫تأثرت جهاد جدًا و تساقطت عبراتها و احتضنت مي ثم نظرت للجميع نظرة امتنان وشكر و قالت ‪:‬‬
‫أنا عاجزة إني أقول أي حاجة ‪ ،‬شكر إيه دا اللي يوفيكم حقكم ‪ ،‬و كالم إيه اللي يعبر عن فرحتي ‪ ،‬كل يوم بتثبتولي قد إيه إن ربنا كان بيحبني‬
‫لما أرشدني إني أدخل تربية ‪ ،‬كان بيأهلني عشان أقابل ناس بالجمال و العظمة دي ‪ ،‬أنا و هللا ممتنة لكل يوم جمعني بيكم و كل موقف كان بينا‬
‫‪ ،‬ممتنة لزمايلي الدكاترة و ألخواتي الطلبة ‪ ،‬لألمن و للي بيساعدونا نحافظ على جمال المكان ‪ ،‬لكل فرد في الكلية دي ‪ ،‬ربنا يديم نعمة‬
‫وجودكم في حياتي ‪.‬‬

‫بعد أن أنهت كالمها ‪ ،‬قال كل الموجودين في المكان "بارك هللا لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير"‬

‫‪........... .......... ..........‬‬


‫جهاد و هي تجلس في المكتب بعد انتهاء المحاضرة ‪ ،‬رن هاتفها برقم غير مسجل ‪ ،‬أجابت ‪:‬‬
‫السالم عليكم و رحمة هللا و بركاته‬
‫‪-‬و عليكم السالم و رحمة هللا و بركاته‬
‫‪-‬جهـاد باندفاع و بهجة‪:‬‬
‫نضال!!!‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫يا خسارة عرفتني ‪ ،‬مش ها أعرف أعاكس بقى‬

‫‪-‬هههههههههه عيب في حقي حتى ماأعرفكش‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫آه و هللا عيب ‪ ،‬مش كفاية ماسألتيش عليا النهارده‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز ‪:‬‬


‫هو أنا أعرفلك أرقام ول أي حاجة يا ابني‬

‫‪-‬و هللا لو حد سمع الكالم دا ماهيصدق ‪ ،‬واحده ماعهاش رقم جوزها ‪ ،‬دي المفروض تنضرب‬

‫‪-‬جهاد مستمرة في الستفزاز‪:‬‬


‫أصال لو معايا يعني ‪ ،‬ها أعمل بيه إيه ‪ ،‬مفكرني ها أكلمك ً‬
‫مثال ‪ ،‬ل يا بابا إحنا ناس محترمة و مابنكلمش شباب‬ ‫ً‬ ‫و‬

‫‪-‬نضال بصدمة‪:‬‬
‫يا بنتي إيه الرخامة دي ‪ ،‬من إمبارح و إنت اتغيرتي ‪ ،‬و أنا اللي كنت بقول هادية و مابتعرفش ترد ‪ ،‬شكلي انضحك عليا ‪ ،‬ل إنتم تاخدوا‬
‫بضاعتكم و تدوني فلوسي هههههههه‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها ‪:‬‬


‫ل ‪ ،‬إنت خالص اتدبست يا باشا و مفيش رجوع ‪ ،‬و هللا يا ابني ربنا يصبرك و تستحمل كمية الرخامة و البراده دي‬

‫‪-‬ههههههههه ‪ ،‬دي هاتبقى أحلى حياة و هللا رخامة على رخامة ماترلش ‪ .....‬وحشتيني على فكرة‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫هانكدب أهو ‪ ،‬و هاندخل في رومانسية موروثة ‪ ،‬دا إنت سايبني الساعة ‪ 12‬بالليل ‪ ،‬لحقنا يعني ‪ ،‬طب قول كلمة غيرها‬

‫‪-‬أعوذ باهلل يا جدعان ‪ ،‬هو إنت يا روحي ما بتعرفيش تقولي كالم حلو ‪،‬لزم أي لحظة تبوظيها كدا‬

‫‪-‬مهمتي في الحياة يا دكتور‬

‫‪-‬طيب يا ستي ‪ ،‬هي شكلها بطيخة ً‬


‫فعال ‪ ،‬المهم بقى إنت عامله إيه و روحتي ول لسه‬

‫‪-‬أنا الحمد هلل بخير ‪ ،‬و لسه ماروحتش ‪ ،‬شوية كدا و أنزل ‪ ....‬ثم قالت ببهجة ‪:‬‬
‫صحيح مش النهارده لقيت الطلبه و الدكاترة زمايلي عاملين ليا مفاجأة و ماليين المدرج باللين و جابولي تيوليب أصفر من اللي أنا بعشقة و‬
‫كمان ساعة ‪ ،‬و كانوا عاملين جو مبهج جدًا بمناسبة كتب الكتاب ‪ ،‬أنا و هللا عيطت من المفاجأة‬

‫‪-‬هللا بجد ‪ ،‬إيه الجمال دا ‪ ،‬شكلك محبوبة أوي من الطلبة و من الكلية كلها و حقيقي عندهم حق و هللا‬

‫‪-‬و أنا و هللا بحبهم كلهم جدًا و داي ًما بعامل الطلبه إنهم إخواتي و أصدقائي و مرتبطة بدفعة سنة تالتة دي جدًا‬
‫‪-‬نضال بنبرة ذات مغزي ‪:‬‬
‫و أصدقائك الطلبه دول بنات ول ولد بقى إن شاء هللا‬

‫‪-‬جهاد بمكر ‪:‬‬


‫التنين طبعًا ‪ ،‬أكيد مش ها أتعامل مع الولد و أخاصم البنات يعني‬

‫‪-‬نعم يا أختي !!!! ل و هللا‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها‪:‬‬


‫إيه بس مالك ههههههه ‪ ،‬يا ابني إنت وراك رجاله ‪ ،‬أنا عارفة حدودي في التعامل مع الولد ‪ ،‬مش سايبه هي‬

‫ً‬
‫أصال يا فتاتي ‪ ،‬أنا عارف مراتي مين ‪ ،‬إنت فخر ليا و هللا يا جهاد ‪ ،‬و بتعجبني جدًا عالقتك بالطلبة كل ما تحكيلي عليها ‪ ،‬ربنا‬ ‫‪-‬أنا متأكد‬
‫يباركلك يارب‬

‫‪-‬و يباركلك إنت كمان يارب ‪ ،‬و بعدين هي فولة واتقسمت نصين ‪ ،‬هي نفس عالقتك مع طالبك يعني ‪ ،‬الفرق بس إنك خنيق مع البنات حبتين‬
‫‪ ،‬ثم قالت بمكر ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال جنتل كدا ‪ ،‬و حاجة ملفتة بقى‬ ‫ً‬
‫أصال البنات سعات بيبقوا فاضيين و بيقعدوا يتدلعوا بقى ‪ ،‬و إنت‬ ‫ودا أحسن الحمد هلل ‪،‬‬

‫أخيرا بليتي ريقي بكلمة حلوة ‪ .......‬و قبل أن يكمل قالت بمزاح‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪-‬هللا هللا ‪ ،‬ابسط يا عم نضال ‪،‬‬

‫اهدى اهدى ماتصدقنيش دا أنا متعوده أجبر بخواطر الناس بس‬

‫‪-‬نضال بنفاذ صبر‪:‬‬


‫هو إنت لو كملتي حلو لآلخر ها يحصلك حاجة ‪ ،‬يا بنتي ارحميني مش كدا‬

‫و إذا فجأة يدخل فارس عند نضال و هو يتحدث في الهاتف و يسأل ‪:‬‬
‫دي دكتورة جهاد صح‬

‫‪-‬نضال و قد أبعد الهاتف عن أذنه ‪:‬‬


‫عايز إيه يا ابني إنت ‪ ،‬هو إنت بتطلعلي منين ‪ ،‬سيبني أتهنى بالمكالمة‬

‫‪-‬فارس بترجي‪:‬‬
‫هاأسيبك بس باهلل عليك ‪ ،‬خليني أسئلها على البنت اللي أنا حكيتلك عليها إمبارح‬
‫‪-‬طيب يا حنين استنى ‪ ،‬ثم تحدث الى جهاد التي كانت تستمع للحوار و تكتم ضحكاتها‪:‬‬
‫جهاد ‪ ،‬البيه خبط في واحده على السلم إمبارح ‪ ،‬و من ساعتها عامل زي المجنون ‪ ،‬عايز يوصفهالك و تقوليله عليها ‪ ،‬من إمبارح و هو بيقول‬
‫سندريال شتمتني و هربت ‪ ،‬كلميه معلش أل الواد هايتجنن‬

‫‪-‬جهاد و هي تضحك‪:‬‬
‫بقى هو اللي خبط في وسام ‪ ،‬يا حظه األسود ‪ ،‬خليه يكلمني ماشي‬

‫‪-‬فارس و هو يضع الهاتف على أذنه ‪:‬‬


‫إزيك يا دكتورة‬

‫‪-‬الحمد هلل يا بشمهندس‬

‫‪-‬بصي يا دكتورة هي بنت عنيها زرقاء و هي زي القمر كدا‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها ‪:‬‬


‫إيه يا بشمهندس فين غض البصر‬

‫‪-‬ما هو عشان كدا أنا بدور عليها عشان أتقدملها أهو‬

‫‪-‬على العموم يا بشمهندس ‪ ،‬دي وسام صاحبتي األنتيم ‪ ،‬و هي حكتلي إمبارح على الموقف‬

‫‪-‬شتمتني صح؟‬

‫‪-‬الصراحة آه‬

‫‪-‬عندها حق و هللا منا كنت متنح زي األهطل ‪ ،‬طب اديني عنوانها و عرفيني أقابل مين و هي في سنة إيه عشان أنا عايز أتقدملها على طول‬

‫ً‬
‫أصال عشان كدا اتعاملت‬ ‫‪-‬هي قدي ‪ ،‬متخرجة من صيدلة ‪ ،‬بس يا بشمهندس وسام رافضة موضوع الرتباط خالص و عندها عقدة من الرجاله‬
‫معاك بغلظة شوية ‪ ،‬و عندها ظروف لزم تاخد عنها فكرة األول‬

‫‪-‬أنا عايزها بمشاكلها بكل اللي عندها بعقدتها زي ما هي كدا ‪ ،‬ماتقلقيش و هللا أنا ها أعرف أتعامل معاها ‪ ،‬أنا متمسك بيها جدًا ‪ ،‬قوليلي‬
‫عنوانها باهلل عليكي‬
‫‪-‬أنا مش عارفة أقولك إيه و هللا ‪ ،‬بس أنا واثقة فيك و في أخالقك و يارب تقدر تساعدها عنوانها ‪........‬‬

‫‪-‬ربنا يكرمك يا دكتورة ‪ ،‬طلب أخير بس ‪ ،‬ماتقوليلهاش حاجة ول تعرفيها إني أخو نضال ‪ ،‬عايزها تتفاجيء‬

‫ثم أخذ منه نضال الهاتف و قال‪:‬‬


‫كل دا رغي ‪ ،‬امشي بقى ياض من هنا‬

‫‪-‬فارس و هو يقبل رأس نضال من البهجة‪:‬‬


‫عنيا أنا ماشي أهو ‪ ،‬اشكرلي الدكتورة على العنوان جدًا‬

‫‪-‬نضال بتعجب ‪:‬‬


‫الواد اتجنن و الحمد هلل ‪ ،‬بقى عنين زرقا تعمل فيه كدا‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت ضح ًكا ألنها سمعت ما قاله‪:‬‬


‫ههههههه ياريت يبقى ليهم نصيب في بعض و هللا وسام ما فيه زيها ‪ ،‬هي بس العقدة اللي عندها دي‬

‫‪-‬مش صاحبتك لزم تبقى معقدة‬

‫‪-‬تصدق إني غلطانة إني معطله نفسي و برغي معاك ‪ ،‬و إنت في اآلخر بتتريق‬

‫‪-‬هههههههه حاجة من عمايلك يا جهاد‬

‫‪-‬طب يال بقى عشان أنا ها أقوم أروح كفاية رغي كدا‬

‫‪-‬منك هلل يا فارس ضيعت المكالمة ‪ ،‬ماشي يا حبيبتي توصلي بالسالمة ‪ ،‬في أمان هللا‬

‫‪-‬السالم عليكم‬
‫‪-‬و عليكم السالم‬

‫‪........... ............ ...........‬‬


‫بعد مرور عدة أيام جاءت مي إلى جهاد و بعدما جلست قالت جهاد‪:‬‬
‫إيه أخبارك يا مي ‪ ،‬بقالك يومين مش عاجباني‬

‫‪-‬مي بتنهيده ‪:‬‬


‫مش عارفه أنا إيه اللي جرالي فجأة كدا ‪ ،‬ماما و بابا ما شاء هللا ‪ ،‬مش عارفة أوصفلك بقوا عاملين إزاي ‪ ،‬ماما لبست الحجاب و بطلت‬
‫خروجات و سهر و بقيت بحفظها قرآن و بابا بيصلي في المسجد و بقينا أسرة حقيقية بنقعد سوا و مبسوطين ‪ ،‬لكني أنا بعد كل الوقت دا من‬
‫توبتي لربنا و معرفتي لمعنى الحياة الحقيقية ‪ ،‬لقيتني فجأة بقالي كام يوم مش حاسه بطعم العبادات ‪ ،‬الحاجات اللي كنت بعملها بشغف و حب‬
‫ما بقتش حساها و ماعدتش بخشع في الصالة ‪ ،‬مش عارفة إيه دا‬

‫‪-‬بصي يا حبيبتي ‪ ،‬دي فترة فتور ‪ ،‬نفسنا البشرية ليها وقت بيبقى نشاط و شغف و وقت تفتر فيه و رسولنا الكريم علمنا إننا في وقت الفتور دا‬
‫لو مش قادرين نعمل السنن مش مهم لكن نلتزم بالفروض و مانقصرش فيها أبدًا ‪ ،‬حتى لو مش حاسه بطعم الصالة صلي برضه ‪ ،‬لو فقدتي‬
‫روح العبادة ماتفقديش العبادة أبدًا ‪ ،‬خليكي مكملة لحد الروح ما ترجع تاني ‪ ،‬دي مشكلة بتواجه كل اللي بيتوب ‪ ،‬ممكن يجي عليه يومين‬
‫مايحسش فيهم بالسعادة زي ما كان أول ما تاب ‪ ،‬فتالقيه يرجع أسوأ من األول تاني و دا عين الغلط ‪ ،‬طب ما يمكن ربنا بيختبر صدق‬
‫دايما قدام باب الكريم لحد الباب ما يتفتحلك تاني ‪ ،‬إوعي تزهقي و ل تملي اثبتي و‬ ‫رجوعك ليه ‪ ،‬خليكي يا مي ع الطريق زي ما إنت ‪ ،‬خليكي ً‬
‫ادعي و قوليله ببابك لن أغادره و لن أسعى إلى غيرك ‪ ،‬إحنا كلنا قدام باب ربنا ثابتين لحد الباب ما يتفتح لينا و ندخل ‪ ،‬مالناش حته تانيه‬
‫نروحها و ل حاجه غير كدا نعملها ‪ ،‬إوعي تيأسي و تقولي أنا كدا ربنا مش قابلني ول قابل توبتي ‪ ،‬ل طبعًا ‪ ،‬إحنا نفضل ماشيين على الطريق‬
‫لحد ما نرجع نحس بالونس تاني ‪ ،‬وصدقيني لو صدقتي في رجوعك و ثباتك ربنا هايفتحلك الباب و يدخلك و ماتحسيش باإلنقطاع دا تاني أبدًا‬
‫‪ ،‬الكريم بيختبر صدقك ‪ ،‬عشان تدخلي في كنفه و ماتخرجيش أبدًا ‪ ،‬فـ اثبتي‪.‬‬

‫""الفصل التاسع عشر""‬

‫عندمـا تساعدنـي علـى الخير و تدلنـي عليه و تُذكرني بالرحمن و تدفعنـي إلى الجنـة ‪ ،‬سأُوقن عندهـا أنك حقًا تُحبُني‪.‬‬

‫‪......... ........... ..........‬‬


‫ذهب فارس إلى عنوان وسام و سأل في المنطقة عن والدها أو والدتها فأخبره أحدهم بمكان المدرسة التي تعمل فيها والدتها ‪ ،‬ذهب إليها و‬
‫انتظرها حتى انتهت من الحصة ثم جلس معها في مكتب المدرسات الذي كان خاليًا ذاك الوقت ‪ ،‬عرفها بنفسه و قص عليها كيف التقى بابنتها‬
‫وسام و وضح لها رغبته في التقدم لها فقالت‪:‬‬
‫في البداية ً‬
‫أهال بيك يا بشمهندس فارس ‪ ،‬بس اسمحلي بسؤال يعني‬

‫‪-‬اتفضلي يا فندم طبعًا‬

‫‪-‬إنت حكتلي إنك خبطت فيها على السلم و خالص ‪ ،‬يعني موقف لحظي ‪ ،‬إيه اللي خالك تتعب نفسك كدا و تدور و تسأل عليها و تيجي من‬
‫إسكندرية لهنا و تقابلني ‪ ،‬ما فيه بنات كتير يعني‬

‫‪-‬أنا عارف إن الموضوع غريب ‪ ،‬و إنك قلقانة ‪ ،‬بس كل الموضوع إنها و هللا كانت أول مرة أرفع عيني في عين بنت ‪ ،‬و الصراحة أنا حبيتها‬
‫من أول نظرة ‪ ،‬ماتسألينيش إمتى و إزاي ألن أنا ذات نفسي مش عارف ‪ ،‬كل اللي أعرفه إني متمسك بيها جدًا ‪ ،‬و محتاجك باهلل عليكي‬
‫تساعديني‬
‫‪-‬األم بحيرة‪:‬‬
‫إنت أمرك غريب و هللا يا ابني ‪ ،‬بس أدام إنت ناوي أوي كدا ‪ ،‬فيه حاجة لزم تعرفها عشان تفهم أفعال وسام ‪ ،‬وسام عندها عقدة كبيرة جدًا‬
‫من الرجالة و من الجواز ‪ ،‬ثم قالت بحرج ‪ :‬و دا بسبب خالفاتنا الكبيرة أنا و أبوها ‪ ،‬و سوء معاملته لينا ‪ ،‬فلو إنت شايف نفسك هاتستحملها و‬
‫تقدر تساعدها تتخطى مشكلتها دي فتشرف يا ابني في أي وقت ‪ ،‬شايف نفسك مش هاتستحمل يبقى بالش من األول‪.‬‬

‫‪-‬فارس بجدية‪:‬‬
‫ماتقلقيش خالص ‪ ،‬أنا مستعد جدًا و ها أفضل معاها لحد ما تبقى كويسة ‪ ،‬بس إنت وافقي و ساعديني‬

‫‪-‬أنا موافقة يابشمهندس و ها أساعدك و أحاول أعقلها ‪ ،‬دي بنتي و أنا مش عايزة غير سعادتها في اآلخر‬

‫‪-‬فارس ببهجة ‪:‬‬


‫ربنا يكرمك يارب ‪ ،‬خالص إن شاء هللا هاأجيلكم بعد بكرا ‪ ،‬مناسب كدا ؟‬

‫‪-‬ماشي تمام ‪ ،‬أنا مش ها أعرفها حاجة ‪ ،‬ها أقولها عريس و خالص‬

‫ً‬
‫أصال‬ ‫‪-‬أيوا تمام ‪ ،‬أنا عايزها تتفاجيء‬

‫‪-‬األم ببسمة‪:‬‬
‫و خلي بالك ‪ ،‬وسام عنيفة شوية في كالمها‬

‫‪-‬فارس بضحك‪:‬‬
‫ل منا جربت مرة الحمد هلل ‪ ،‬بس طلب أخير لما أجي ‪ ،‬قعدونا في مكان مفتوح براحتكم بس خلينا لواحدنا ‪ ،‬عشان أعرف أتعامل معاها ‪ ،‬و‬
‫ماتقلقيش ‪ ،‬ثقي فيا‬

‫‪-‬ماشي يا بشمهندس ربنا يقدم الخير‬


‫‪.......... ......... ......‬‬
‫وسام و هي تمشي بجوار جهاد ‪:‬‬
‫أمي بتقولي إن فيه عريس جي بكرا‬

‫‪-‬جهاد و هي تتصنع الجهل‪:‬‬


‫عريس مين‬

‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬أنا اشتريت‬ ‫‪-‬ما أعرفش و هللا ‪ ،‬أنا ماسألتش عن أي تفاصيل ‪ ،‬ول أعرف هو مين ول قال لمين ول فين و إزاي ‪ ،‬ول عايزة أعرف‬
‫دماغي و قولت ألمي طيب يا ماما و خالص ‪ ،‬بدل ما أدخل في حوارات و مش ها أخلص‬
‫‪-‬طب ما تسلكي نيتك كدا يا سمسمة و تقعدي معاه بنفس راضية يمكن يكون كويس و ترتاحي‬

‫‪-‬كويس على نفسه يا ستي ‪ ،‬هو ها يحصل فيه زي اللي حصل مع اللي قبله ‪ ،‬و هو الجاني على نفسه بقى‬

‫‪-‬جهاد في نفسها ‪:‬‬


‫يا وقعتك الطويلة يا فارس ‪ ،‬ربنا يطلعك سليم من تحت ايديها ‪ .....‬ثم قالت‪:‬‬
‫على فكرة مش صح عمايلك دي ‪ ،‬طب هي الناس دي إيه ذنبها إنك تعملي فيها كدا‬

‫‪-‬وسام و هي تتثاءب ‪:‬‬


‫و أنا إيه ذنبي أتغصب أقعد مع الكائنات دي آآآه‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب وسام على يدها ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال المفروض تكتميها و ماتطلعيهاش‬ ‫حطي إيدك على بوقك و إنت بتتاوبي يا عيله ‪ ،‬دا أنا شوفت اللوز بتاعتك ‪ ،‬و‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬ما أطلعهاش إزاي يعني ‪ ،‬أكتمها و أموت ‪ ،‬إيه يا جيجي‬

‫‪-‬جهاد بجدية‪:‬‬
‫أنا ما بهظرش و هللا يا بنتي ‪ ،‬فيه حديث بيقول ‪ ":‬إن هللا تعالى يحب العطاس و يكره التثاؤب" ‪ ،‬الحديث دا حديث صحيح ‪ ،‬رواه البخاري و‬
‫أبو داود و الترمزي عن أبي هريرة ‪ ،‬و السر إن ربنا بيحب العطس و بيكره التثاؤب ‪ ،‬إن التثاؤب مضاف للشيطان ألنه دليل على الكسل و‬
‫ثقل البدن و هو سالح من أسلحة الشيطان و جند من جنده ‪ ،‬على عكس العطاس اللي بيدل على النشاط و الحيوية ‪،‬حتى إن بعض العلماء‬
‫بيقولوا إنه مكروه إنك تتاوبي قدام الناس لو إنت قادرة تخفيها و تكتميها و ما تعمليهاش ‪ ،‬و لو مش قادرة ولزم تتاوبي بيقولوا إنك تتأخري‬
‫عن الناس اللي ماشيين معاكي أو تقومي من مع اللي إنت قاعده معاهم و تتاوبي و بعدين ترجعي ‪ ،‬شوفتي بقى يا ستي ‪.‬‬

‫‪-‬وسام بدهشة‪:‬‬
‫إيه دا ‪ ،‬دا الموضوع طلع كبير ‪ ،‬أنا أول مرة أسمع الحديث دا ‪ ،‬و أعرف الكالم دا و هللا ‪ ،‬ل أنا بعد كدا ها أحاول ما أتاوبش خالص ‪ ،‬بجد‬
‫تسلميلي يا جهاد ‪ ،‬ربنا يزيد علمك‬

‫‪-‬حبيبة قلبي يا سمسمة ‪ ،‬المهم خليكي حنينة على العريس ‪ ،‬اقصفي جبهته بالراحة ‪ ،‬دا ابن ناس برضه‬

‫‪............. ............ ..........‬‬


‫‪-‬بابا ‪ ،‬نضال هايجي النهاردة بعد العصر ‪ ،‬و نخرج عشان يعلمني التصوير‬

‫‪-‬ماشي يا حبيبتي ‪ ،‬هو قالي ‪ ،‬لسه قافل معايا دلوقتي ‪ ،‬بس ها تصوروا إيه آخر النهار كدا ‪ ،‬مش كنتم لحقتوا اليوم من أوله‬
‫‪-‬ها نصور الغروب يا بابا ‪ ،‬و بعدين على ما كل واحد فينا خلص شغله‬

‫‪-‬ربنا يسعدكم يا بنتي يارب‬


‫‪........... .......... .........‬‬
‫‪-‬نضال و هو يقود السيارة و جهاد بجواره‪:‬‬
‫ها تتعلمي بسرعة بقى ول هاتغليبيني يا اسمك إيه‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫هاأغلبك طبعًا يعني ‪ ،‬مش عايزة كالم دي‬

‫‪-‬نضال و هو يمسك جهاد من أنفها‪:‬‬


‫بلسانين يا أختي ما شاء هللا‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب نضال على يده برفق‪:‬‬


‫شيل إيدك و ركز في السواقة ‪ ،‬أنا عايزة أموت عند األقصى مش أموت في حادثه بسبب واحد مهمل‬

‫‪-‬نضال و هو يرفع حاجبيه‪:‬‬


‫واحد مهمل!!!! يا بنتي خافي مني ‪ ،‬إحنا لواحدنا و أنا ممكن أتهور‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز ‪:‬‬


‫تتهور!! ها تعمل إيه يعني ‪ ،‬إحنا مابنخافش يا بابا‬

‫‪-‬قام نضال بجزب رأسها إليه فجأة و وضعها بين صدره و ذراعه كأنه يخنقها ‪ ،‬صرخت جهاد من الخضة فتركها ‪ ،‬ثم نظر إليها بـ استهزاء‪:‬‬
‫إيه ‪ ،‬مابتخافيش برضة ‪ ،‬كنتي بتفرفري من أول قلم أهو‬

‫‪-‬ضربته جهاد بقوة بكلتا يديها على كتفة و قالت بحنق‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬تصدق بقى ‪ ،‬خضتني و بتخنقني و إنت سايق و مش عايزني أخاف ‪ ،‬بطل تهور يا نضال هللا‬ ‫إنت رخم‬

‫‪-‬إيه ما تجمدي يا بنتي مش كدا ‪ ،‬بطلي جبن ‪ ،‬و يال استعدي وصلنا للمكان المحدد‬

‫بعدما هبطا من السيارة ‪ ،‬استدارت جهاد إلى نضال ‪:‬‬


‫واو ‪ ،‬إيه المكان التحفة دا يا نضال ‪ ،‬الغروب هنا ها يبقى حاجة تاخد العقل ‪ ،‬إنت عرفت المكان دا إزاي‬

‫‪-‬سألت لحد ما وصلتله ‪ ،‬منا كان لزم أجيبك في مكان يليق و رومانتيكي بقى و كدا‬

‫‪-‬صراحة هو رومانتيكي جدًا و كمان مفيش حد هنا غيرنا عشان أتعلم براحتي بقى‬

‫‪-‬نضال بغمزة ‪:‬‬


‫آه ‪ ،‬هو حقيقي أحلى حاجة فيه ‪ ،‬إننا لواحدنا بقى و كدا ‪ ....‬ثم نظر إليها بمكر و هو يقترب منها و أكمل‪:‬‬
‫عشان أستفرد بيكي بقى‬

‫‪-‬جهاد بخوف من نظرته و هي تبتعد عنه ‪:‬‬


‫ها ‪ ،‬إنت عايز تعمل إيه يا نضال‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال خوافة‬ ‫تعالي يا مجنونة تعالي ‪ ،‬و بتقولي مابخافش و كالم كبار بقى و إنت‬

‫‪-‬و هللا لو ما بطلت يا نضال بقى ألكون ضارباك‬

‫‪-‬تعالي يا آخرة صبري ‪ ،‬أما أقولك الكلمتين اللي أنا عارفهم في التصوير ‪ ،‬تعالي‬

‫بعد أن أنهوا التصوير اليوم ‪ ،‬ذهبوا للجلوس في إحدى الحدائق العامة ‪ ،‬كما اقترحت جهاد‬

‫‪-‬يا جهاد هنا حوالينا ناس كتير و زحمة ‪ ،‬كنا روحنا كافيه هادي ول حاجة‬

‫‪-‬أنا بحب أقعد في األماكن اللي فيها ناس و دوشة ‪ ،‬ببقى مبسوطة و واخدة راحتي أكتر‬

‫‪-‬سبحان هللا ‪ ،‬عكس الناس في كل حاجة ‪ ،‬إنتي عاهة يا بنتي‬

‫‪-‬أكبر عاهة ممكن تقابلها ‪ ،‬هو إنت أول مرة تعرف ول إيه ‪ ،......‬المهم أنا اتبسطت أوي إني اتعلمت شوية حاجات في التصوير النهاردة ‪،‬‬
‫ربنا يخليك ليا يا نضال‬

‫‪-‬و يخليكي ليا يا سكني‬


‫‪-‬جهاد بحب ‪:‬‬
‫تعرف يانضال ‪ ،‬أنا الحب و الرتباط و الجواز و كل الحاجات الحلوة و العالقات دي ‪ ،‬بتتمثل عندي في كلمة "سكن" اللي إنت بتقولهالي دي ‪،‬‬
‫طول عمري بحس الكلمة دي كافية إنها تعبر عن كل المشاعر و كل التضحية ‪ ،‬لفظ قرآني بليغ جدًا لما ربنا قال "لتسكنوا إليها" ‪ ،‬عارف يعني‬
‫إيه سكن ‪ ......‬يعني أبقى بحتمي فيك من أي حد حتى من نفسي ‪ ،‬أبقى مسلمالك كل أموري و أنا واثقة فيك تمام الثقة ‪ ،‬أبقى مطمنة حتى لو‬
‫نايمة في وسط حرب لمجرد إنك نايم جنبي ‪ ،‬ألقي عندك مهدئ لكل الدوشة اللي جوايا ‪ ،‬سكن يعني الكالم اللي مانعرفش نعبر عنه ‪ ،‬يعني‬
‫مسكة إيد مايفهمهاش غيرنا ‪،‬يعني نظرة فيها كل المعاني اللي في الدنيا ‪ ،‬يعني السر اللي محصور ما بينا إحنا التنين بس ‪ ،‬أسكن إليك يعني‬
‫إنت اللي تقويني وقت ما الكل يقول عليا ضعيفة ‪ ،‬إنت اللي تحبني وقت ما أكره نفسي ‪ ،‬إنت اللي تستحملني وقت ما أتعصب و أقول كالم مش‬
‫فاهمة معناه ‪ ،‬راحة و هدوء ‪ ،‬استقرار و أمان ‪ ،‬بهجة و إيمان ‪ ،‬نور و حياة ‪ ،‬كلمة واحدة فيها كل المعاني الجميلة اللي في الدنيا دي ‪،‬‬
‫فاهمني!‬

‫‪-‬نضال و قد أمسك يديها بين يديه‪:‬‬


‫بحب تعبيراتك أوي يا جهاد ‪ ،‬كالمك داي ًما طالع من قلبك ‪ ،‬بتقولي أروع المعاني و أبلغ الكلمات و بتوصلي مشاعرك لكل اللي حواليكي ‪ ،‬إنت‬
‫سكني و مراتي و كل حاجة حلوة ممكن تحصل ‪ ،‬و أنا سكنك اللي اتكلمتي عنه دا بكل تفاصيله يا جهاد ‪ ،‬بكل تفاصيله ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بجدية ‪:‬‬


‫طيب يا سكني ‪ ،‬فيه حاجة مهمة عايزة أقترحها عليك و نعملها‬

‫‪-‬عنيا ‪ ،‬قولي إيه هي‬

‫‪-‬بص يا سيدي ‪ ،‬طبعًا فيه أماكن مايعرفوش أي حاجة عن اإلسالم ‪ ،‬شبه مناطق شمال أوروبا و كدا ‪ ،‬إحنا عايزين نوصل للناس دي اإلسالم ‪،‬‬
‫و ربنا يجعلنا سبب في دخولهم الجنة ‪ ،‬بس أنا مش عارفة نعمل دا إزاي ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بتفكير‪:‬‬
‫إحنا نقدر نوصلهم على اإلنترنت و نكلمهم و نبعت ليهم قرآن يسمعوه ‪ ،‬أنا سجلت قبل كدا قرآن بصوتي و بعته ألشخاص مش مسلمين و مش‬
‫عرب ول يعرفوا عن العربي حاجة ‪ ،‬و أثر فيهم جدًا و منهم ناس قرأت عن اإلسالم و أسلمت بسبب اآليات اللي سمعوها من القرآن ‪ ،‬فإحنا‬
‫بقى نسجل آيات و نبعتهالهم و لو لقينا استجابة نكلمهم عن اإلسالم و نساعدهم على فهمه و نجاوب على أسئلتهم لحد ما يسلموا بأمر هللا‬

‫‪-‬جهاد بسرور ‪:‬‬


‫تمام جدًا ‪ ،‬بس عايزين نكلم ناس عايشين في منطقة واحدة ‪ ،‬و ناخد االدول اللي مايعرفوش حاجة عن اإلسالم مناطق مناطق كدا ‪ ،‬عشان أهل‬
‫المنطقة الواحدة يساعدوا بعض و مانخرجش من منطقة غير أما تسلم كلها ‪.‬‬

‫‪-‬خالص اتفقنا ‪ ،‬نبدأ من بكرا بعد صالة العشاء ‪ ،‬أنا ها أبحث عن منطقة مناسبة نبدأ بيها و ندخل بقى نتعرف على الناس و نتكلم معاهم إنت‬
‫تكلمي النساء و أنا هاأكلم الرجال ‪ ،‬و ها أسجل المقاطع بكرا بالنهار و أبعتهالك على صفحتك ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر له بحب‪:‬‬


‫و بكدا نبقى بدأنا أول خطوة في مشوارنا لربنا سوا ‪ ،‬ربنا يديمها علينا نعمة‬
‫""الفصـل العشرون""‬

‫عندمـا يعشق رجـل أسوأ جوانب امرأة فـاعلم أنـه يحبهـا ‪. . . . .‬‬

‫‪............... ............. ...............‬‬


‫وسام و هي تنادي على والدتها‪:‬‬
‫فين العباية السودا يا ماما‬

‫‪-‬شلتها يا وسام ‪ ،‬عشان ماتتهبليش و تلبسيها تاني ‪ ،‬إلبسي طقم حلو يا وسام ماتكسيفيناش قدام الناس‬

‫‪-‬وسام بحنق‪:‬‬
‫كدا يعني ‪ ،‬حاضر يا ماما ‪ ،‬ثم قالت في نفسها‪:‬‬
‫نستخدم الخطة البديلة ها ألبس فستان و أظبط الدنيا ‪ ،‬ينبهر بالشكل ‪ ،‬و يتفاجيء بالحمم البركانية اللي ها تتفجر في وشه‬

‫ارتدت وسام فستانًا من اللون السماوي فأظهر زرقة عينيها بشدة ‪ ،‬و بدت في قمة الجمال ‪ ،‬خرجت و على وجهها معالم الالمبالة ‪ ،‬و بمجرد‬
‫أن نظرت إلى العريس انفجر البركان‪:‬‬
‫‪-‬هو إنت ؟!!!!!!! ‪ ،‬إيه اللي جابك هنا يا بني آدم إنت ‪ ،‬قوم امشي من هنا ً‬
‫حال‬

‫‪-‬فارس و قد قام من مكانه و وقف أمامها ‪ ،‬ثم قال بنبرة جدية ‪ ،‬رجولية‪:‬‬
‫إيه مالك ‪ ،‬هو إنت على طول كدا ‪ ،‬مابتهديش خالص يا بنتي ‪ ،‬أنا مش ماشي و إنت هاتقعدي و هانتكلم‬

‫‪-‬وسام و قد شعرت بالخوف من نبرته ‪ ،‬ولكنها أخفت خوفها و قالت بإصرار‪:‬‬


‫مش قاعدة‬

‫‪-‬فارس بتهديد ‪:‬‬


‫هاتقعدي ول أشيلك و أقعدك بطريقتي بقى‪ .........‬ثم نظر إليها بمكر و أخذ يقترب منها أكثر‬

‫‪-‬أسرعت هي في الجلوس و قالت بحنق‪:‬‬


‫أديني قعدت أهو أما أشوف أخرتها مع رخامتك دي‬
‫‪-‬فارس و هو يحرك يده أمام وجهها ليخيفها‪:‬‬
‫لسانك دا لو طول تاني هاأقطعهولك ‪ ،‬سامعة‬

‫‪-‬صمتت وسام على مضض ‪ ،‬فاستكمل هو باستهزاء‪:‬‬


‫أنا مش عارف واحدة زي القمر كدا ‪ ،‬المفروض لسانها ينقط سكر مش يرمي طوب‬

‫‪-‬وسام بعصبية‪:‬‬
‫ما تحترم نفسك هللا ‪ ،‬إنت جي تعاكسني في بيتي ‪ ،‬وبعدين لساني مش عاجبك قوم روح‬

‫‪-‬فارس بعصبية مصطنعة‪:‬‬


‫بتطولي لسانك تاني ‪ ،‬يا بنتي عيب تغلطي في جوزك‬

‫‪-‬نعم!!! جوزي ‪ ،‬دا بعدك ‪ ،‬بقى أنا يوم ما أتنازل و أتجوز ‪ ،‬أتجوز كائن بالتناحة دي‬

‫‪-‬فارس و قد قام من مكانه و اتجه إلى الكرسي الذي تجلس عليه ‪ ،‬ثم وضع كلتا يديه على جانبي الكرسي و انحني إليها ثم نظر إلى عينيها ‪،‬‬
‫فانكمشت هي للخلف و ظهر الخوف على معالمها ‪ ،‬فقال بنبرة شديدة‪:‬‬
‫حال ‪ ،‬و ها أجيب المأذون و أتجوزك غصب‬ ‫قس ًما باهلل ما تغلطي تاني يا وسام ألكون منادي على طنط من جوه و أقولها إحنا هانكتب الكتاب ً‬
‫عنك و ماهاأخليكي تقدري تنطقي ول كلمة قدامهم ‪ ،‬سامعه‪ ،‬اهدي كدا إنت و عفاريتك عشان نعرف نتكلم ‪ ......‬ثم اعتدل في وقفته و جلس في‬
‫مكانه كأن شيئًا لم يكن ‪ ،‬أما هي فقد أصابها الخوف و آثرت الهدوء‬

‫‪-‬فارس بنبرة آمرة‪:‬‬


‫عرفيني بنفسك و إياكي تعترضي ‪ ،‬إياكي‬

‫‪-‬وسام بضيق شديد ‪:‬‬


‫وسام وليد ‪25 ،‬سنة ثم صمتت فقال بنفس اللهجة اآلمرة ‪:‬‬

‫كملي ‪....‬فقالت‪:‬‬
‫خريجة صيدلة و صمتت أيضًا ‪ ،‬فنظر إليها نظرة أرعبتها ثم قال ‪:‬‬
‫أنا مش بشحت منك الكالم يا وسام ‪ ،‬خلصي اتكلمي‬

‫‪-‬قالت وسام بعصبية‪:‬‬


‫إنت عايز مني إيه ‪ ،‬حرام عليك ‪ ،‬ثم أكملت و هي تبكي بشدة ‪:‬‬
‫صدم فارس من‬
‫مش كفاية اللي أنا فيه ‪ ،‬إنت جي تزودها عليا ‪ ،‬حرام عليكم كلكم ‪ ،‬ثم وضعت يدها على وجهها و استمرت في بكاء مرير ‪ُ ،‬‬
‫بكائها ‪ ،‬قام من مكانه و جلس على الكرسي المجاور لها و أخرج لها منديل من جيبة ‪:‬‬
‫خدي امسحي دموعك ‪ ،‬و ماتعيطيش باهلل عليكي يا وسام ‪ ،‬أنا آسف جدًا و هللا‬
‫‪-‬وسام و قد أخذت المنديل و بدأت تجفف دموعها‪:‬‬
‫إنت عايز مني إيه ‪ ،‬لو إنت بتدور على واحده تحبها و تحبك فتأكد إني مابعرفش أحب ‪ ،‬و لو عايز واحدة تكون زوجة و تخلف أولد و تربيهم‬
‫فأنا عنيفة و مابحبش األطفال ‪ ،‬أنا مش ها أنفعك يا ابني صدقني ‪ ،‬ريح نفسك و ريحني و قوم دور على واحدة تانية تستاهلك ‪ ،‬لكن أنا واحدة‬
‫مريضة ‪ ،‬ثم أخذت تبكي مجددًا‬

‫‪-‬رق فارس جدًا لحالها ‪ ،‬و ود لو يستطيع أن يمسح دمعاتها بيده و يخبرها أنه لن يتركها أبدًا ‪ ،‬أخذ ينادي عليها لتهدأ و تكف عن البكاء و لكنها‬
‫لم تفعل ‪ ،‬فقام و جلس أمامها أرضًا على ركبتيه ‪ ،‬ليجبرها على رفع وجهها فرفعته ‪:‬‬
‫ممكن تهدي يا وسام و تديني فرصة أتكلم ‪ ،‬ثم قال بمزاح ‪:‬‬
‫عاجبك يعني المرمطة اللي أنا فيها دي ‪ ،‬طنط لو جات دلوقتي هاتقول عليا إيه بالقعده اللي أنا قاعدها دي‬

‫ابتسمت وسام من طريقته فقام و جلس مكانه ثم قال بعصبيه مصطنعة‪:‬‬


‫بس إيه دا ‪ ،‬ينفع كدا يعني‬

‫‪-‬حملقت فيه وسام ألنها ل تفهم ماذا يقصد ‪ ،‬فابتسم بمكر و قال‪:‬‬
‫حتى و إنت بتعيطي ‪ ،‬زي القمر ‪ ،‬دا مش عدل دا ‪ ،‬إنت حلوة أكتر من الالزم‬

‫‪-‬كادت وسام أن ترفع صوتها و ترد عليه ‪ ،‬فبادرها قبل أن تنطق بمزاح‪:‬‬
‫أنا بهزر و هللا ‪ ،‬ماتشتميش هللا يسترك ‪ ،‬عشان أنا بخاف‬

‫ابتسمت وسام من طريقتها و أخذت تمسح آثار الدموع عن وجهها و لكن المنديل ابتل جدًا و لم يعد يصلح نظرت إليه و قالت بخجل‪:‬‬
‫أنا عايزة منديل تاني‬

‫‪-‬ابتسم و ناولها عبوة المناديل و قال بمزاح‪:‬‬


‫استغليني بقى و خلصي المناديل و بعدين انقلي على هدومي‬

‫‪-‬ضحكت وسام فقال برضا‪:‬‬


‫أيوا كدا ‪ ،‬خلي الشمس تطلع ‪ ،‬ممكن تسمعيني بهدوء بقى عشان خاطري‬

‫‪-‬أومئت وسام بهدوء فقال فارس ‪:‬‬


‫بصي يا وسام ‪ ،‬أنا اسمي فارس بدر ‪ ،‬أنا أخو نضال ‪ ،‬و عند تلك الكلمة نظرت إليه وسام بذهول فاستكمل ‪:‬‬

‫آه أخوه ما تستغربيش من الصدفة الجميلة دي ‪ ،‬المهم بقى ‪ ،‬أنا مهندس ‪ ،‬عندي ‪ 26‬سنه ‪ ،‬أنا يا وسام مش زي ما إنت فاكره واحد رخم و كل‬
‫همه يغلس عليكي و خالص ‪ ،‬بصي أنا هاأكون صريح معاكي و يمكن ها أقول كالم دا مش وقته بس هاأقولك كل حاجة عشان تقتنعي ‪ ،‬أنا و‬
‫هللا لما خبطت فيكي هناك كان غصب عني ‪ ،‬و لما وقفت متنح و مش عارف أنطق ماكنتش عارف إيه اللي حصلي و هللا ‪ ،‬أنا أول ما بصيت‬
‫في عنيكي كأني اتكهربت ‪ ،‬اتصدمت حاجة كدا ‪ ،‬أنا ً‬
‫فعال اتفتنت بيكي ‪ ،‬و قررت من لحظتها إني لزم هاتقدملك ‪ ،‬أنا من يوم ما شوفتك لحد‬
‫النهارده ماببطلش تفكير فيكي ‪ ،‬ماأعرفش ليه و إزاي بس اللي متأكد منه إني حبيتك من أول نظرة ‪ ،‬أنا عمري ما كنت أتخيل إني ها أتجوز‬
‫مثال كنت عايز أرتبط بمهندسه شبهي و تكوني‬‫بالطريقة دي و حتى المواصفات اللي كنت حاططها في دماغي كانت بعيدة عنك ‪ ،‬يعني أنا ً‬
‫أصغر مني في السن بكتير ‪ ،‬لكني فجأة لقيتني بتنازل عن كل حاجة و بتمسك بيكي إنت و بس ‪ ،‬أنا مستغرب نفسي و هللا ‪ ،‬أنا عمري ماكنت‬
‫ضعيف قدام حاجة ‪ ،‬ول عمري في حياتي بصيت ول كلمت ول اتعلقت ببنت ‪ ،‬لكن بسببك أنا كل قوانين حياتي اتشقلبت ‪ ،‬أنا وصفتك للدكتورة‬
‫جهاد و سألتها عليكي عشان أجيلك و طلبت منها ماتقولكيش عشان أفاجئك و جيت هنا المنصورة أول إمبارح و كلمت مامتك و برضه طلبت‬
‫منها ماتقولكيش ‪ ،‬أنا عارف كل ظروفك و مشاكلك يا وسام ‪ ،‬و راضي بيها ‪ ،‬و عاجباني زي ما إنت كده ‪ ،‬مش فارق معايا أي حاجة ‪،‬‬
‫أرجوكي إدي نفسك فرصة تكسري الحاجز اللي إنت عاماله دا ‪ ،‬اسمحيلي اثبتلك إن أفكارك دي مش صح ‪ ،‬ماترفضيش باهلل عليكي يا وسام ‪،‬‬
‫على األقل نتخطب و جربي هاترتاحي ول ل ‪.‬‬

‫‪-‬وسام بحيرة ‪:‬‬


‫أنا مش مصدقة حاجة ‪ ،‬يعني كلهم عارفين و أنا نايمة ‪ ،‬و إنت أخو الدكتور نضال ‪ ،‬أنا مش عارفة أقولك إيه و هللا ول حتى عارفة أفكر‬

‫‪-‬ماتقوليش حاجة ‪ ،‬إنت صلي استخارة و أنا ها أرضى بقضاء ربنا ‪ ،‬بس أرجوكي خليكي منصفة و بالش تفكير متشائم يا وسام ‪ .......‬أنا ها‬
‫أقوم أمشي دلوقتي ‪ ،‬و ها أتصل كمان أسبوع علشان أسمع موافقتك المبدئية حتى ‪.‬‬

‫ثم قام فارس و توجه إلى الباب و خرج و وسام جالسه مكانها ل تتحرك‪ .........‬كانت والدتها تتابع الحوار من بدايته من الداخل ‪ ،‬و كان قلبها‬
‫يتآكل أل ًما على ابنتها عندما بكت ‪ ،‬و لكنها احترمت فارس جدًا و قدرته عندما سمعت حديثة و رأت تصرفاته ‪ ،‬و أخذت تدعو هللا أن يهدي‬
‫ابنتها للخير و يجمع بينهما على خير‬
‫‪............. .......... ...........‬‬
‫جهاد و هي تتحدث في الهاتف مع نضال‪:‬‬
‫أنا مش مصدقة و هللا ‪ ،‬ما شاء هللا في أسبوع أسلم عشرة ‪ ،‬اللهم لك الحمد ‪ ،‬أنا و هللا من كتر الفرحة مش عارفة ‪ ،‬مش عارفة أقول إيه ول‬
‫أعمل إي‪ ...........‬ثم بكت‬

‫‪-‬نضال بسعادة‪:‬‬
‫الحمد هلل يا جهاد ‪ ،‬أنا و هللا كمان منبهر ‪ ،‬الناس ما شاء هللا ربنا شرح صدرها لإلسالم بسرعة جدًا‬

‫‪-‬جهاد من بين دموعها ‪:‬‬


‫الحمد هلل إن ربنا استخدمنا في حاجة زي دي ‪ ،‬طول عمري نفسي أروح لربنا بناس كتير معايا ‪ ،‬داي ًما نفسي أحس إني عملت أي حاجة تخلي‬
‫النبي فخور بيا ‪ ،‬اللهم لك الحمد يارب ‪ ،‬الناس دي يا نضال قلوبها حلوة أوي ‪ ،‬أنا من كالمي معاهم كنت حاسة إن أخالقهم أخالق مسلمة‬
‫أصال ‪ ،‬فطرتهم سليمة ‪ ،‬خسارة أوي ناس حلوة زي دي كانوا يفضلوا بعيد عن النور ‪ ،‬لزم نجتهد الفترة الجاية عشان نوصل ألكبر عدد‬‫ً‬
‫ممكن من الناس ‪.‬‬

‫‪-‬بإذن هللا هايحصل ‪ ،‬هانكمل سوا لحد ما نوصل كل المناطق المحيطة‬

‫‪-‬ربنا يديمك سند ليا و رفيق للجنة يا نضال‬


‫‪............ ........... ..........‬‬
‫‪-‬نضال و هو يطرق باب غرفة هناء ‪:‬‬
‫هناء ! إنت صاحية‬

‫‪-‬أيوا يا نضال تعالى ‪ ،‬دخل نضال فوجدها تجلس على السرير و تمسك بهاتفها في يدها فسألها‪:‬‬
‫بتعملي إيه يا بنوتي‬

‫‪-‬هناء ببسمة مصطنعة‪:‬‬


‫كنت فاتحة فيس ‪ ،‬ثم نظرت لألرض‬

‫‪-‬استدار نضال إليها بجسده و أدار وجهها إليه و قال بحنان‪:‬‬


‫هناء ! من إمبارح و إنت مش عاجباني ‪ ،‬و استنيتك تيجي تحكيلي شبه ما احنا متعودين ماجتيش ‪ ،‬قولت أجيلك أنا ‪ ،‬مالك يا حبيبتي ‪ ،‬إيه‬
‫مزعلك‬

‫‪-‬أدمعت عيناها ‪ ،‬ثم انفجرت في بكاء حاد و احتمت في أحضان أخيها ‪ ،‬احتضنها نضال و أخذ يمسح على ظهرها برفق و يتلو آيات من القرآن‬
‫لتهدأ ‪ ،‬ظلت تبكي لعدة دقائق ‪ ،‬ثم بدأت تهدأ ‪ ،‬أبعدها نضال عنه برفق و مسح أثار الدموع ن وجهها بيده ‪ ،‬ثم سألها ‪:‬‬
‫أنا قلقت يا هناء عليكي ‪ ،‬احكيلي مالك يا بنوتي‬

‫‪-‬هناء باختناق ‪:‬‬


‫مش عارفة يا نضال ‪ ،‬و هللا ما أعرف أنا مالي ‪ ،‬من أول إمبارح و أنا زهقانة مخنوقة بطريقة رهيبة ‪ ،‬المشكلة إني مش عارفة السبب ‪ ،‬فجأة‬
‫لقيتني مخنوقة و عايزه أعيط على طول و مش طايقة حد يكلمني ‪ ،‬اتخانقت مع صحابي في الجامعة النهاردة من غير سبب ‪ ،‬و مش عارفة‬
‫أذاكر و المتحانات قربت و أنا عايزة أجيب تقدير ‪ ،‬أنا حاسة إن كل حاجة متلخبطة يا نضال ‪ ،‬استغفرت و قريت قرآن ‪ ،‬برتاح شوية و أرجع‬
‫تاني ‪ ،‬و ماليش نفس أعمل أي حاجة ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بحب و هو يمسح على شعرها برفق‪:‬‬


‫اهدي بس يا حبيبتي كدا ‪ ،‬دا عشان إنت لسه أول ترم ليكي في الكلية ‪ ،‬و مش واخده على نظامها ول على مذاكرتها ‪ ،‬وحاسه إنك داخله حياة‬
‫جديدة ‪ ،‬و أنا عارف إن مذاكرة صيدلة مش خفيفة ‪ ،‬و إنك حاسة إن كل حاجة داخلة في بعضها و ضاغطه على نفسك ‪ ،‬بس الموضوع أبسط‬
‫من كدا ‪ ،‬بالراحة و واحده واحده هاتاخدي على النظام و كله يظبط ‪ ،‬ثم قال ببهجة ‪:‬‬
‫بقولك إيه قومي البسي‬

‫‪-‬هناء بدهشة‪:‬‬
‫ألبس إيه و ليه‬

‫‪-‬نضال بتفكير‪:‬‬
‫البسي الفستان البني و الخمار الكافية اللي أنا بحبهم ‪ ،‬و ها ننزل أفسحك فسحة رهيبة ‪ ،‬هاأوديكي مالهي ‪ ،‬و نتمشى على البحر و نروح عند‬
‫القلعة و أكلك في أحلى المطاعم و نروح كذا حته كمان و مش راجعيين غير نص الليل ‪ ،‬اتوضي بقى قبل ما نخرج عشان هانصلي المغرب و‬
‫العشاء بره‪.‬‬

‫‪-‬هناء ببهجة و هي تحتضن أخيها‪:‬‬


‫هيييييييه ‪ ،‬ربنا يخليك ليا يا أحلى أخ في الدنيا ‪ ،‬أنا بموت فيك و هللا‬

‫‪-‬نضال و هو يقبل رأسها‪:‬‬


‫إنتي روحي يا هناء ‪ ،‬ربنا يسعدك‬

‫‪-‬هناء بتفكير‪:‬‬
‫طب بقولك إيه ‪ ،‬هو أنا لو وضوئي اتنقد قبل العشاء ً‬
‫مثال و مش ها أعرف أفك الخمار بره البيت أعمل إيه‬

‫‪-‬بصي يا حبيبتي ‪ ،‬إنت تتوضي دلوقتي قبل ما تلبسي ‪ ،‬و لو وضوئك اتنقد و عايزة تتوضي بتمسحي على الخمار من فوق من غير ماتفكية و‬
‫كذلك على الشراب من فوق ‪ ،‬بس لزم تكوني لبساهم على وضوء و دا بيبقى مدته يوم بليلة للمقيم و ثالثة أيام بلياليهم للمسافر لمكان بعيد ‪،‬‬
‫دي رخصة من رخص ربنا لينا ‪ ،‬يعني إنت و إنت هنا في البيت أيام الشتا بتبقي لبسه شراب ‪ ،‬عادي تمسحي عليه من غير ما تقلعية يوم بليلة‬
‫بس لو لبساه على وضوء ‪ ،‬و حاولي تعملي كدا كل فترة حتى ‪ ،‬و مش على طول تقلعي الشراب و تغسلي رجلك ‪ ،‬ألن فيه حديث بيقول ‪":‬إن‬
‫هللا يحب أن تؤتى رخصة كما تؤتى عزائمه" يعني ربنا بيحبنا نعمل بالرخص اللي هو رخصهالنا شبه ما إحنا بنعمل بـ أصول الفروض ‪.‬‬

‫""الفصـل الحادي و العشرون""‬

‫أستمتــع جــدًا عنـدما أجلـس أفكـر و أضـع خططـي المستقبليــة ‪ ،‬و لكـن عندمـا نجلـس سويًا و نخـطط لمستقبلنـا م ًعا فهذه متعة تفوق كـل متع‬
‫الحياة ‪ ،‬ل يهمني إن حققنـا ما خططناه سويًا أم ل ‪ ،‬تكفينـي سعادة تلك اللحظات التـي تشاركنـا فيها التفكيـر فـي نفس األمـر معًا‪.‬‬

‫‪........... ......... ........‬‬


‫جهـاد في قاعة المحاضرات ‪:‬‬

‫النهاردة المحاضرة خفيفة ‪ ،‬فـهنطول وقت الترفيه بقى ‪ ،‬و نعمل حاجة جديدة ‪ ،‬أي حد عايز يسأل عن أي حاجة هايكتب السؤال في ورقة من‬
‫غير اسم طبعًا ‪ ،‬و بعدين نلم الورق و نجاوب على األسئلة ‪ ،‬يال انطلقوا اسألوا في أي مجال إنتم عايزينة ‪ .........‬كتب الطلبة أسئلتهم و تم‬
‫جمع الورق و بدأت جهاد تجيب‪:‬‬
‫أول سؤال بيقول " أنا مش عارف أحدد موهبتي إيه؟ ‪ ،‬مفيش مجال معين متميز فيه ‪ ،‬بيقولوا كل واحد المفروض ليه موهبه لزم يكتشفها بس‬
‫أنا مش عارف أكتشفها إزاي ‪ ""....‬أنا بحيي اللي كاتب السؤال دا حقيقي ‪ ،‬ألن أغلبنا بيعاني من الموضوع دا ‪ ......‬بصوا يا شباب ‪ ،‬موهبتك‬
‫هي الحاجة اللي إنت بتحس بالغيرة لما تشوف حد بيعملها و متفوق فيها ‪ ،‬يعني ً‬
‫مثال ‪ ،‬أنا كجهاد لما بشوف ناس بترسم حلو بنبهر بيهم حقيقي‬
‫لكن عمري ماحسيت بغيرة إنهم بيرسموا و أنا ل ‪ ،‬ول حسيت إني عايزة أتعلم الرسم نهائي ‪ ،‬بينما لما كنت بشوف حد بيصور بحرفية و إتقان‬
‫ببقى حقيقي غيرانه جدًا ‪ ،‬طبعًا مش غيرانه من الشخص نفسه ‪ ،‬ل غيرانه إني مابعرفش أصور بالجمال دا ‪ ،‬و الموضوع دا خالني أبدأ أتعلم‬
‫تصوير و جوايا يقين إني بعد ما أتعلم ها أبدع في المجال دا ألني حبيته ‪ ،‬قيسوا على كدا بقى ‪ ،‬الحاجة اللي تشوف غيرك بارع فيها و تحس‬
‫إنك غيران اعرف إن دي الحاجة اللي إنت بتحبها بس مش واخد بالك و ابدأ نميها و اشتغل عليها بقى ألنك حقيقي ها تبدع فيها ‪ ،‬أو جرب كذا‬
‫نشاط و الحاجة اللي تعملها بحب اعرف إنها موهبتك ‪ ،‬بس كدا ‪.‬‬
‫نشوف السؤال التاني ‪ ،‬حد بيقول "مابحبش القراية ‪ ،‬بس حاسه إني ماعنديش معلومات عن أي حاجة و مش عارفة أحبها إزاي و أبدأ منين "‬
‫بصي ياستي ‪ ،‬أو بصوا كلكوا ‪ ،‬القراية لزم تبقى جزء من روتين يومك ‪ ،‬القراية هاتنقل عقلك من شخص في العشرينات لشخص عنده حكمة‬
‫خمسين سنة ‪ ،‬نظرتك لألمور ها تبقى عقالنية أكتر ‪ ،‬ها تعرف تاخد قرار و ها يبقى عندك خبرات كتيرة ‪ ،‬فالزم كلنا يبقى داي ًما عندنا كتاب‬
‫محتاج يخلص ‪ ،‬أما أبدأ منين و أبدأ بإيه فأنا داي ًما بنصح الناس اللي ها تبدأ قراية تبدأ بكتاب""استمتع بحياتك"" لدكتور محمد العريفي ‪ ،‬مفيد‬
‫جدًا ‪ ،‬خالصة مواقف و تجارب ‪ ،‬ها تطلع من الكتاب دا شخص جديد بس اقراه بتمعن و فهم و بعدين ممكن تقرأ عن سيرة الحبيب "الرحيق‬
‫المختوم " أو "هذا الحبيب" و كمان مؤلفات الدكتور خالد أبو شادي كلها جميلة جدًا جدًا و من أروعها كتاب "سباق نحو الجنان " "أول مرة‬
‫أصلي " و"حرب على الكسل" ‪ ،‬و كمان كتاب "رجال حول الرسول " لخالد محمد خالد ‪" ،‬ليلة في بيت النبي" لمحمود المصري و غيرهم‬
‫كتير ‪ ،‬و بعدين ممكن تنوع بقى في المجالت المختلفة ‪ ،‬بس الكتب دي بداية حلوة جدًا ‪.......‬‬

‫السؤال التالت بيقول " نفسي أحفظ القرآن بس مش عارف" ‪ ،‬فـ البداية ادعي كتير ربنا يمن عليك بحفظة ‪ ،‬و بعدين ابدأ بنص صحفة كل يوم‬
‫‪ ،‬نص صفحة بس ‪ ،‬لكن تداوم عليها ‪ ،‬أنا قولت نص صفحة ألنها جزء صغير و ها تقدر تحفظة كل يوم و دا ها يشجعك ‪ ،‬هاتالقي نفسك بعد‬
‫شهر حافظ ‪ 15‬صفحة ‪ ،‬بدون مجهود يُذكر ‪ ،‬إنما لو بدأت ً‬
‫مثال بربع كل يوم في البداية هاتحفظ لكن بعد كدا هاتستتقل الموضوع و مش‬
‫هاتكمل ‪ ،‬فابدأ بالراحة ‪ ،‬و استمر "خير األعمال أدومها و إن قل " ‪ ،‬و حاول تنقي قلبك من األغاني و الموسيقى ألن الموسيقى بتأثر في‬
‫النفس في نفس مكان تأثير الوحي ‪-‬القرآن‪ -‬فالتنين مابيجتمعوش مع بعض ‪ . . . . . .‬أكملت اإلجابات ‪ ،‬ثم قالت‪:‬‬

‫بالمرة كدا يا شباب و أنا فاكره ‪ ،‬إحنا طبعًا داخلين على امتحانات نص السنة و شفوي بقى و هيصة و أيام زي الفل ‪ ،‬عايزة أقولكم حاجة مهمة‬
‫عشان خوفكم من الشفوي دا ‪ .......‬و إنت جي اللجنة الصبح و قبل ما تدخلنا إفضل قول الدعائين دول كتير "اللهم اكفينيهم بما شئت و كيف‬
‫شئت " و "اللهم إني أجعلك في نُحورهم و أعوذ بك من شرورهم" بص قولهم و تأكد يقينًا إنك بإذن هللا ها تدخل تجاوب ‪ ،‬اتعودوا تقولوا‬
‫الدعائين دول داي ًما ‪ ،‬لو دكتور دخل و عمل امتحان مفاجئ قولهم و شوف النتيجة بنفسك ‪ ،‬لو خايف من أي حد قولهم و ربنا ها يكفيك شره ‪،‬‬
‫حقيقي عن تجربة و هللا بالدعائين دول هاتخرج من مآزق كتيرة ‪ ،‬و فيه كمان حاجة واحدة صاحبتي من أجمل الناس اللي قابلتهم و أقربهم‬
‫لقلبي ‪ ،‬و من الناس اللي بتحمد ربنا على نعمة وجودهم في حياتك ‪ ،‬قالتلي من أيام ما كنت في أولى كليه لسه ‪ ،‬و كنت داخلة أول لجنة شفوي‬
‫و حقيقي كنت مرعوبه قالتلي أول ما تدخلي على الدكتور شاوري عليه بالسبابة من غير ما ياخد باله طب ًعا و قولي " يا جبار " تلت مرات ‪،‬‬
‫كأنك بتستعين بجبار السموات و األرض يعينك على أي حاجة و يكفيك أي حاجة ‪ ،‬حبيت أذكر الحتة دي عشان لما حد فيكم يقولها تبقى في‬
‫ميزان حسنات صاحبتي ‪ ،‬ألن أنا ممتنة ليها جدًا في الحقيقة ‪ ،‬يمكن أقدر أردلها جزء من وقفتها جنبي في لحظات كانت صعبه في حياتي ‪،‬‬
‫ً‬
‫أصال أنا متأكدة إنها حاجة يستحيل تتكرر ‪ ،‬ربنا يزيدها و يسعدها و يحبها ‪ ،‬بس هللا يكرمكم إوعوا حد يبقى جي من على السرير ع اللجنة‬
‫على طول و لسه نايم على نفسه و يدخل بقى و يقوم رافع إيده في وش الدكتور و يقول يا جبار ‪ ،‬إن شاء هللا كدا يتأكد إنه مش طالع من الكلية‬
‫نهائي هههههههه‪.‬‬
‫‪............ ............. .............‬‬
‫جهـاد و هـي تدخل إلى جدهـا ‪:‬‬
‫جـدو يا جـدو يا أجمـل جـد ‪ ،‬بنحبـك و اللـه بـجد لااالاااالاااااااا‬

‫الجد و هو يضحـك من طريقتها‪:‬‬


‫إيه يا أروبه بتغنيلي‬

‫‪-‬جهـاد و هي تقبل رأسه‪:‬‬


‫و أنا عندي أعز منـك في الدنيا دي علشـان أغنيله ‪ ،‬دا إنت اللي ليا يا حج مصطفى‬

‫‪-‬الجـد بمزاح‪:‬‬
‫يا بكاشـة ما إنت خالص اتجوزتـي بقى و حبيتي علينا‬

‫‪-‬جهـاد بحب و هي تجلـس بجوار جدهـا‪:‬‬


‫ل ل إنت كدا ماتعرفش بنتك بقى يا حج مصطفـى ‪ ،‬مفيش عالقة بيـن المواضيع دي ‪ ،‬نضال طب ًعا جوزي و رفيق الكفاح و حاجة عظيمة‬
‫بالنسبالي لكنـه فرد من عيلتي شبهكم بالظبط ‪ ،‬مفيش حاجة اسمها إني ألغي بوجوده أهلي و أصحابي و حبايبـي ‪ ،‬ل هو فرد من مجتمعي‬
‫الصغير ‪ ،‬لكنه طبعًا فرد مهم جدًا و قريب ليا جدًا ‪ ،‬لكن ل وجوده يغنـي عنكم ول وجودكم يغني عنـه ‪ ،‬و بعديـن يا جدو دا إنت أول حب في‬
‫حياتي ‪ ،‬هو أنا ليا غيرك ‪ ،‬دا أنا قايله لنضال يوم ما جه مع أهله عشان نتفق على الشبكة إني مابحبش حد قدك و مهما أحبـه برضه مش ها‬
‫يبقى زيك ‪ ،‬ياااااه يا جدو دا إنت المحفز و السند بتاعي ‪ ،‬فاكر لما أنا كنت لسه في أولى كليه و إنت قولتلي نفسي أشوفك في مكان كبير أوي يا‬
‫ً‬
‫أصال قبل إنت ما تقولـي ‪ ،‬لكنـي كنت‬ ‫جهاد بعد ما تخلصي و تحضري الدكتوراة و أشوفك بتدرسي للعيال في الكلية ‪ ،‬تعرف إن دا كان هدفـي‬
‫ساعات أيام الدراسة بتعب و بزهق جدًا و بحس إني خالص ها أضحي بأحالمي لكني كنت برجع و أكمل عشان إنت بس تشوفني زي ما‬
‫دايما ربنا بيكرمني و‬
‫فعال كان ً‬‫بتتمنى ‪ ،‬داي ًما مساندني و مقويني ‪ ،‬كل ما كنت أقلق من نتيجة ‪ ،‬تقولي أنا متأكد إن ربنا هايكرمك ماتقلقيش و ً‬
‫تقولي مش قولتلك أنا متأكد إن دعايا ربنا استجابه ‪ ،‬يا جدو إنت بالنسبالي حاجة عظيمة و هللا يستحيل حد يبقى مكانـك ‪.‬‬

‫‪-‬الجـد بدموع ‪:‬‬


‫ربنـا ما يحرمني منك أبدًا يا وردة سنينـي ‪ ،‬و داي ًما يحطك في المكان اللي يقـر عيني ‪ ،‬و هللا يا جهاد إنت عندي أعز من أبوكي و عمك و‬
‫عمتك و عيالهم ‪ ،‬أعز عليا مـن نفسي أنا شخصيًا ‪ ،‬يا بنتي دا إنت كبرتي قدام عيني يوم بيوم ‪ ،‬ربنا يحلي أيامك زي ما إنت محلية أيامنا‪.‬‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫‪-‬جهاد و هـي تتحدث في الهاتف إلـى نضال‪:‬‬
‫السالم عليكم‬

‫‪-‬و عليكم السالم‬

‫‪-‬نضال!!‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫عـيون نضال‬

‫‪-‬على فكرة أنا زعالنه منـك جدًا‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫يا خبر ! بقى أنا أزعل القمر دا ‪ ،‬يقطعني ههههههه‬

‫‪-‬بتهزر طيب ماشي ‪ ،‬ما أنا اللي غلطانه ‪ ،‬أنا اللي خليتك تاخد عليا‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫أيوا استحملي بقى ‪ ،‬إيه اللي مزعلك يا بنوتي‬

‫‪-‬جهاد بحنق‪:‬‬
‫بقالي أسبوعين ماشوفتكش يا نضال ‪ ،‬من يوم التصوير و إنت ماجتش هنا‬

‫‪-‬إيه وحشتك يعني‬

‫‪-‬جهاد بحرج و تلعثم‪:‬‬


‫ل طب ًعا ‪ ،‬أنا بس عايزة أشوفك عادي‬

‫‪-‬نضال باستفزاز‪:‬‬
‫اللي بيكذب بيروح فين يا بطة ‪ ،‬هاتفضلي طول عمرك تتكسفي كدا و أنا ها أفضل قافشك على طول‬

‫‪-‬جهاد بضيق‪:‬‬
‫يوووه بقى ‪ ،‬أيوا وحشتني يا نضال و وحشتني جدًا كمان ‪ ،‬و امشي بقى من هنا ‪ ،‬أنا ها أقفل‬

‫‪-‬نضال و هو يضحك من حرجها‪:‬‬


‫طب اهدي بس ‪ ،‬مالك ها تموتي كدا ليه ‪ ،‬كان نفسي أبقى قدامك دلوقتي و أشوف شكلك و إنت متعصبة و مكسوفة كدا ‪ ،‬فيها إيه يا بنتي يعني‬
‫ً‬
‫أصال بقى إنت و هللا وحشتيني جدًا جدًا يعني ‪ ،‬و أنا في الطريق جي المنصورة‬ ‫أما أوحشك و تقوليلي هي جريمة يعني ‪ ،‬و‬

‫‪-‬جهـاد ببهجة ‪:‬‬


‫بجد ! احلف‬

‫‪-‬و هللا طلعت من اسكندرية قبل ما تكلميني على طول ‪ ،‬كنت عاملهالك مفاجأة بس يال أدينا بوظنا المفاجأة ‪ ،‬المهم بقى بقولك إيه أنا جعان ‪،‬‬
‫اطبخيلي أكل حلو‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫حاضر من عنيا ‪ ،‬هاأعملك بط‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫كل مره بط ‪ ،‬أنا كنت بحبه كدا هاتكرهيني فيه‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز‪:‬‬
‫مش مهم اكرهه براحتك ‪ ،‬هاأكله أنا ‪ ،‬يال بقى ها أقفل عشان ألحق أجهز األكل على ما تيجي‬

‫أعدت جهاد الطعـام و ساعدتها والدتها ‪ ،‬ثم ارتدت ثيابها و بمجرد أن انتهت إذا بالجرس يعلن عن وصول نضال ‪ ،‬خرجت مسرعة من غرفتها‬
‫و منعت والدها من فتح الباب و اتجهت هي إليه ‪ ،‬أمسكت المقبض بيدها و هـي تشعر بشوق شديد إلى زوجها و لكن بمجرد أن فتحت و‬
‫نظرت إليه ‪ ،‬قالت بدهشة‪:‬‬
‫إيه دا ‪ ،‬إنت مين ‪ ،‬أنا عايزة نضال الحقيقي ‪ ،‬فين دقنك يا ابني ‪ ،‬أعوذ باهلل ليه كدا يا نضال‬

‫‪-‬نضال بحزن مصطنع ‪:‬‬


‫ل حول ول قوة إل باهلل ‪ ،‬بقى دي مقابلة تقابلي بيها حبيبك اللي واحشك ‪ ،‬ثم قال بغمزة‪:‬‬
‫أنا عايز حضن مطارات‬

‫‪-‬جهاد و هي تكور قبضتها‪:‬‬


‫دا إنت عايز بونية فـ وشك على اللي إنت عامله دا ‪ ،‬مش حضن ‪ ،‬فين لحيتك يا نضال ‪ ،‬حلقتها كدا ليه‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫إيه كان بيبقى شكلي قمر أكتر بيها ‪ ،‬منا كدا حلو برضه أهو‬

‫‪-‬قمر إيه بس يا عمنا ‪ ،‬قمر بالستر يا حبيبي ‪ ،‬أنا زعالنه عشان هي سنة عن الحبيب بس ‪ ،‬مش قمر و بتاع ‪ ،‬قمر منين إنت ها‬

‫‪-‬نضال بضيق مصطنع ‪:‬‬


‫عليه الصالة و السالم ‪ ،‬بس معلش يعني هو إنت شغالة قصف جبهات كدا على طول يا بنتي مش كدا‬

‫‪-‬هو إنت لسه شوفت حاجة دا أنا ها أعذبك على اللي إنت عملته ‪ ،‬ثم قالت بحزن ‪:‬‬
‫ليه بجد كدا ‪ ،‬بتحلقها ليه‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫عندي حساسية في دقني و طالع حبوب فيها ‪ ،‬حلقتها غصب عني و هللا ‪ ،‬عشان أعالج الحساسية دي و هاسيبها تاني ‪ ،‬ماتزعليش هانطبق سنن‬
‫الحبيب كلها بإذن هللا ‪ ،‬اضحكي بقى هللا‬

‫‪-‬جهـاد ببسمة ‪:‬‬


‫عليه أفضل الصالة و السالم ‪ ،‬طيب ألف سالمة عليك ‪ ،‬خير إن شاء هللا ‪ ،‬ثم ضربت بيدها على جبهتها ‪:‬‬
‫إيه دا إحنا لسه واقفين على الباب ‪ ،‬ادخل ادخل بابا زمانه بيقول العيال دول بيعملوا إيه ‪ ،‬ثم أخذت تستدير لتدخل ‪ ،‬فأمسكها نضال من ذراعها‬
‫و أدارها إليه ثم قال بهدوء‪:‬‬
‫إيه هاتدخلي كدا على طول ‪ ،‬طب سلمي عليا حتى طب حضن طب ‪ ، ....‬أي حاجة يعني ‪ ،‬دا إنت دخلتي فيا داخلة شمال أول ما جيت ما‬
‫يصحش كدا حتى‬

‫‪-‬جهاد بخجل و هي تحاول فك ذراعها منه‪:‬‬


‫سيب دراعي يا نضال بقى و ادخل و بطل هزار مافيش سالم ‪ ،‬يال ندخل‬

‫‪-‬نظر إليها نضال بتحدي و بحركة غير متوقعة انحني و طبع قبلة على وجنتها ‪ ،‬احمر وجهها جدًا من شدة الخجل ‪ ،‬فترك هو ذراعها و نظر‬
‫إليها بحب ‪ ،‬فنظرت إليه بخجل و دهشة و قالت‪:‬‬
‫إنت قليل األدب جدًا على فكرة‬

‫‪-‬فقال باستفزاز ‪:‬‬


‫أنا عارف ‪ ،‬و بعدين مراتي و أنا حر‬

‫‪-‬استدارت و ضربت بقدميها في األرض كاألطفال و قالت ‪:‬‬


‫يا ربي !!! و كمان بارد ‪ ،‬امشي ادخل يا نضال ‪ ،‬اقعد مع بابا في الصالون ‪ ،‬امشي ‪ ،‬ثم تركته و دخلت إلى المطبخ إلعداد السفرة و هي تكاد‬
‫ً‬
‫خجال‪.‬‬ ‫تموت‬
‫‪.......... .......... .........‬‬
‫بعد النتهاء من الطعام جلسوا معًا جميعًا ‪ ،‬فسألهم أحمد ‪:‬‬
‫ها تخرجوا النهارده ول ها تفضلوا هنا ‪ ،‬فنظر نضال إلى جهاد و سألها ‪:‬‬
‫إيه رأيك يا جهاد‬

‫‪-‬خلينا هنا و خالص ‪ ،‬تعالى نقعد في البلكونة‬

‫قاما و جلسا معًا بمفردهما في الشرفة‬


‫‪-‬نضال باستفزاز‪:‬‬
‫إيه ! لسه مكسوفة يا بطة‬

‫‪-‬بطل بقى يا نضال ‪ ،‬وابقى اعملها تاني كدا و شوف اللي ها يحصلك‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫دا أنا ها أعملها تاني و تالت و عاشر ‪ ،‬ها تعملي إيه يعني‬

‫‪-‬جهاد بحنق‪:‬‬
‫هاأقول لبابا‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا ‪:‬‬


‫هاتقوليلة إيه بس يا جهاد ‪ ،‬هاتقوليلة جوزي قليل األدب دهو باسني على خدي ‪ ،‬إنت طفلة ‪ ،‬هههههه طفلة و هللا و بعدين دا إنت بتموتي من‬
‫الكسوف هاتروحي تقولي لبابا‬

‫‪-‬جهاد حنق‪:‬‬
‫كدا يعني ‪ ،‬طيب ‪ ،‬صدقني لو عملتها ألكون ضرباك بالقلم بقى‬

‫‪-‬نضال بإستفزاز و هو يشير إلى يدها‪:‬‬


‫علشان أقطعهالك ‪ ،‬و بعدين هو أنا واحد من الشارع علشان تضربيه ‪ ،‬و ربنا أنا جوزك ‪ ،‬جوزك و هللا ‪ ،‬يا بنتي فيه شهود على كتب الكتاب‬
‫لو إنت مش مصدقة‬

‫‪-‬جهاد بنفاذ صبر‪:‬‬


‫أرد أقول إيه أنا بس ‪ ،‬أنا هاأسكت أحسن‬

‫‪-‬أيوا إحنا نتكلم في المهم بقى ‪ ،‬عايز أبدأ شغل في الشقة بقى إيه رأيك‬

‫‪-‬جهاد بجدية‪:‬‬
‫طب اوصفهالي و قولي هي في الدور الكام و كدا ‪ ،‬عشان أنا ماعنديش أي فكرة‬

‫‪-‬إن شاء هللا فـ أجازة نص السنة ها أخدكم معايا كلكم و تشوفوها ‪ ،‬عمو ًما هي مش شقة بالظبط ‪ ،‬هو بيت على بعضة و ليه جنينة بس مش‬
‫كبيرة أوي و عليه سور ‪ ،‬هو ما شاء هللا كبير خالص ‪ ،‬و أهم حاجة إن بلكوناته على البحر بقى‬

‫‪-‬جهاد ببهجة‪:‬‬
‫ما شاء هللا ‪ ،‬شوقتني إني أشوفه ‪ ،‬و حلو أوي إنه ع البحر كدا ‪ ،‬الوقفة في البلكونة اللي ع البحر دي الصبح و بالليل حياة تانية ‪ ،‬المهم بقى‬
‫ناوي على إيه‬

‫‪-‬هو أنا ناوي على شوية حاجات غريبة كدا ‪ ،‬مش عارف هاتعجبك ول إيه‬

‫‪-‬أكيد هاتعجبني ‪ ،‬ألني برضة بفكر في حاجات مش تقليدية ‪ ،‬بس قول إنت األول‬

‫‪-‬بصي يا سيدتي ها أعمل أوضة مكتبة و تتقفل كلها لحد السقف ارفف و ها أمالها كتب في كل المجالت اللي هانحتاجها إحنا التنين‬
‫‪-‬جهاد ببهجة ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال يا ابني أنا وافقت أرتبط بيك عشان إنت بتحب القراية‬ ‫كنت متأكده إنك ها تعمل الفكرة العظيمة دي ‪،‬‬

‫‪-‬ياسالم يا أختي‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫‪-‬آه طبعًا ‪ ،‬أنا ماشية بمبدأ " أنت تقرأ إذًا أنا أحبك" ‪ ،‬المهم بقى و نحط ف األوضة دي مكتبين و كراسي بالستك ألوانهم مبهجة كدا و المكتبة‬
‫كلها تبقى ألوانها حلوة ‪ ،‬عشان يبقى جو يفتح النفس على القراية كدا‬

‫‪-‬طيب تمام ‪ ،‬قولي بقى اقتراح تاني انت‬

‫‪-‬عايزين نخصص أوضة تبقى بمثابة مسجد كدا ‪ ،‬ندخلها بس ساعة الصالة و قيام الليل و ساعة ما نيجي نسمع لبعض قرآن عشان األوضة دي‬
‫تشهدلنا عند ربنا يوم القيامة ‪ ،‬و ها أخلي جوها روحاني جدًا ‪ ،‬داي ًما هاتبقى متعطرة بعطر جميل ‪ ،‬و اإلضاءة فيها تبقى خفيفة جدًا ‪ ،‬إل ساعة‬
‫ما نيجي نسمع قرآن نبقى نعلي اإلضاءة ‪ ،‬نفرشها سجاد جميل و كمان نزين جدرانها بإبداع كدا ‪ ،‬و مش هانحط فيها حاجة غير اسدال الصالة‬
‫بتاعي و المصاحف بتاعتنا و بس ‪ ،‬ندخلها وقت الصالة و القرآن و الذكر و بس ‪ ،‬عشان نحافظ داي ًما عليها نضيفة و جاهزة‬

‫‪-‬نضال بحب و إعجاب‪:‬‬


‫هللا !! صدقت يا رسول هللا "فـ اظفر بذات الدين تربت يداك" ‪ ،‬إيه الجمال دا ‪ ،‬ربنا يباركلي فيكي‬

‫‪-‬و يباركلي فيك يارب ‪ ،‬كمل إنت بقى‬

‫‪-‬فيـه أوضة ها أخصصها لألجهزة اإللكترونية و الطابعة و الحاجات دي عشان إحنا بنحتاجها في شغلنا كتير و حتى موبايالتنا ها نسيبها في‬
‫األوضة دي ألننا مش ها نستخدمها إل في أوقات محدده و بس ‪ ،‬مش طول النهار قاعدين عليها ‪ ،‬و أعمل في جنب منها شاشة عرض بسيطة‬
‫كدا عشان عارفك عيلة و بتحبي تسمعي كارتون و أنا في الحقيقة أعيل منك و مابسمعش غيرة و أكيد أولدنا طبعًا ها يبقوا بيحبوه شبهنا و‬
‫كمان عشان لو فيه حاجة وثائقية أو فيديوهات علمية طويلة نضلم األوضة تما ًما و نعيش بقى كأننا فـ سينما ‪ ،‬و طبعًا هايبقى فيها كنب و كام‬
‫كرسي كدا و جهاز بالي استاشن أهم حاجة ‪ ،‬عشان دا شيء مهم بالنسبالي و إنت هاتلعبي معايا بدل فارس و هناء اللي أنا كنت مزهقهم‬

‫‪-‬بس أنا عمري ما لعبت بيه ول أعرفه ‪ ،‬ها تعلمني األول بقى علشان أغلبك ماشي‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫أنا هاأعلمك ‪ ،‬و هاأغلبك أنا و كل مرة أغلبك فيها تديني بوسه ماشي‬

‫‪-‬إنت فصيل جدًا على فكرة ‪ ،‬إيه دا !!!!! ‪ ،‬طب أنا موافقة بقى بس كل مرة أغلبك فيها بقفا ‪ ،‬ماشي ؟‬

‫‪-‬إيه!! قفا ‪ ،‬فيه واحدة محترمة تضرب جوزها على قفاه‬


‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬
‫و هو فيه واحد محترم يبوس مراته‬

‫‪-‬نضال باستهزاء‪:‬‬
‫صحيح عندك حق ‪ ،‬دا المفروض يعدموه في مكان عام ‪ ،‬إزاي يعمل كدا ‪ ،‬صبرني يارب ‪ ،‬إيه رأيك أنا موافق يا ستي على اللي إنت عايزاه و‬
‫ابقي وريني هاتغلبيني إزاي‬

‫‪-‬جهاد بالمبالة مصطنعة ‪:‬‬


‫ماشي ‪ ،‬بس ماتبقاش ترجع في كالمك ساعتها ‪ ،‬أنا إيديا تقيلة فـ الضرب على فكرة‬

‫‪-‬ماشي يا ستي براحتك ‪ ،‬بس أنا برضة أما أغلبك ها أنفذ التفاق‬

‫‪-‬طيب ‪ ،‬المهم بقى أنا مش عايزة نيش في الشقة ‪ ،‬هم األطباق اللي هانطبخ و ناكل فيها هاتبقى في المطبخ و تشوفلنا بقى ناس بتعرف ترسم‬
‫جرافيتي ‪ ،‬تجيبهم يُبدعوا على جدران األوض ‪ ،‬عشان البيت يبقى مبهج و متداخل كدا‬

‫‪-‬طيب أوكشن ‪ ،‬فيه بقى أوضه ها‪ ....‬و قبل أن يكمل قالت جهاد‪:‬‬
‫بالراحة بالراحة ‪ ،‬هما كام أوضة يا نضال ‪ ،‬هو لسه فاضل ؟‬

‫‪-‬أيوا يا بنتي ‪ ،‬البيت كبير و على دورين كمان ‪ ،‬المهم بقى األوضة دي ها أجيب فيها أجهزة رياضية بدل ما أنزل الجيم‬

‫‪-‬طب فكرة و هللا ‪ ،‬دا أنا كنت خايفة ماألقيش جيم للنساء جنبنا هناك‬

‫‪-‬نضال بدهشة‪:‬‬
‫ليه هو حضرتك كنت ناوية تنزلي جيم‬

‫‪-‬طب ما أنا بنزل هنا عندنا من زمان‬

‫‪-‬نضال باستفزاز‪:‬‬
‫و دا ليه إن شاء هللا‬

‫‪-‬جهاد بمرح‪:‬‬
‫علشان أحافظ على لياقتي البدنية و أعرف أدافع عن نفسي‪ ،‬هللا !‬
‫‪-‬نضال بسخرية ومزاح‪:‬‬
‫امممممم ‪ ،‬عشان كدا حضرتك عاملة شبه خلة السنان‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫لحظ إن كالمك جارح يا فندم ‪ ،‬الرفع دا شبحنة يا ابني إيه عرفك إنت !‬

‫‪-‬شبحنه !! يا وقعتك البيضة يا نضال ‪ ،‬هو أنا متجوز دكتورة جامعية ول واحدة بتسوق عربية ميكروباص فـ الدقي ‪ ،‬إيه يا جهاد !!‬

‫‪-‬إيه يا اسطا مالك هللا ‪ ،‬أنا قولت حاجة يا أخو‬

‫‪-‬كمان اسطا و أخو ‪ ،‬ل ل كدا كتير ‪ ،‬نقلب من على المحطة دي أزميلي‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬ما إنت معايا على الخط أهو‬

‫‪-‬طب ًعا يا برنسيسة ‪ ،‬المهم بقى نكمل الشقة ‪ ،‬أمري هلل ها نعمل صالون مع إننا مش هانحتاجة ‪ ،‬بس نعمل عشان خاطر الضيوف و ها نعمل‬
‫سفرة طبعًا و أوضة مكتب لينا إحنا اإلتنين عشان األبحاث و الدراسات و كدا و الجنينة دي بقى ها تبقى مفاجأة و أوضة النوم و أوض أولدنا‬
‫بس كدا‬

‫‪-‬طب ابقى خلي لون أوضة النوم رصاصي ‪ ،‬عشان بحبه أوي‬

‫‪-‬رصاصي!! أعوذ باهلل ‪ ،‬طب ما نعملها سودا أحسن يا أختي ‪ ،‬زوقك نيلة يا روحي ‪ ،‬سيبك إنت أنا هاأظبطها على مزاجي األوضة دي‬

‫‪-‬هههههه طيب يا عم إنت حر ‪ ،‬بس كدا بالحاجات دي الشقة هاتتكلف كتير ‪ ،‬و كمان إنت بتقول إنها واسعة يعني هاتعمل أثاث و حاجات‬
‫عشان تمالها‬

‫‪-‬ل أثاث مين ‪ ،‬إحنا ها نعمل الحاجات دي و بس ‪ ،‬بقية البيت ها نظبط حيطانه و نسيبه فاضي ‪ ،‬أنا عايزة يبقى براح ‪ ،‬يبقى فيه مساحات‬
‫فاضية كدا ‪ ،‬نلعب فيها كورة ‪ ،‬نجري ‪ ،‬نعمل اللي إحنا عايزينه إنشاهلل نركب عجل في الشقة ‪ ،‬أنا ما بحبش األماكن الضيقة ول اللي مليانة‬
‫أنتيكات ملهاش لزمة ‪ ،‬إحنا ها نعمل بس الحاجات اللي إحنا عايزينها و اللي مش ها نستفيد منه مش ها نعمله ‪ ،‬قشطة كدا ؟‬

‫‪-‬قشطة يا باشا‬
‫"" الفصـل الثاني و العشـرون""‬

‫يـا هذا ! اتـرك ما تهـوى ألجـل مـن تخشى ‪. . . . . . .‬‬

‫‪.............. .............. ..............‬‬


‫‪-‬جهـاد و هـي تمشي بجوار وسام‪:‬‬
‫ماخالص بقى يا وسـام هللا ‪ ،‬بقالـي ساعة بصالـح فيكـي يا أختـي‬

‫صحبة ‪ 25‬سنة يا جهـاد و يجـي واحد يخليـكي تخبي عني‬


‫‪ُ -‬‬

‫‪-‬يا بنتـي إنت ماشوفتيش فارس كان عامل إزاي و هللا ‪ ،‬و بعديـن أنا كمان كنت عايزاكـي تتفاجيء ‪ ،‬حقيقـي فارس بيحبك جدًا يا وسام‬

‫‪-‬وسام بحزن ‪:‬‬


‫منا عارفة يا جهاد و دا تاعبنـي ‪ ،‬متضايقـة إن حـد اتعلق بيـا و أنا مفيش فـ ايدي حاجة أعملهاله‬

‫‪-‬جهـاد بحيرة‪:‬‬
‫طب ما توفقي يا وسام ‪ ،‬إنت بتصلي استخارة؟‬

‫‪-‬وسام بتنهيـدة‪:‬‬
‫أيوا بصلي يا جهـاد ‪ ،‬و الصراحـة بقى مرتاحة ‪ ،‬مـش عارفة ليه و إزاي ‪ ،‬خايفة أرفض فيبقى حرام عليا ألن أنا بستخير و حاسة إن‬
‫الموضوع ماشي و أمـي عمالة تقنع فيـا ليل و نهـار ‪ ،‬و خايفة أوافق أظلمة معايا ‪ ،‬أنـا جوايـا متشوه يا جهـاد ‪ ،‬مابعرفش أتكلم مع الرجالة‬
‫بهدوء من غيـر خناق ‪ ،‬و سعات برمي دبـش فـ كالمي ‪ ،‬و فارس واحـد محتـرم جدًا و نضيف مـن جوه جدًا ‪ ،‬ميعرفـش حاجة عن العقد و‬
‫القـرف دا ‪ ،‬خايفة أتخانـق مع أبويـا مرة ‪ ،‬فأرجع تانـي زي ما كنت و أقول لفارس كلمة توجعة ‪ ،‬أنـا بقيت محتارة جدًا ‪.‬‬

‫‪-‬جهـاد بحنان و هـي تُمسك يد صديقتها ‪:‬‬


‫يا وسـام إنت محملة نفسـك فوق طاقتها ‪ ،‬يا حبيبتي الموضوع أبسط مـن كدا ‪ ،‬إنت مـش عنيفة ول أي حاجـة ‪ ،‬و هللا إنت حنينة جدًا على فكرة‬
‫‪ ،‬بـس إنت اللي بتتعمدي تظهـري عنف و قسوة مـش فيكـي ‪ ،‬عشان تنتقمي من تصرفات شخـص ‪ ،‬فارس متعلق بيكي جدًا و عمره ماهيسيبك‬
‫أبدًا ‪ ،‬أنا متأكدة إنه ها يستحمل أي حاجة عشان يبقى معاكـي ‪ ،‬إنت لزم تخوضي تجربة ناجحـة عشان تبقي كويسـة ‪ ،‬و فارس هـو الشخص‬
‫المناسـب ‪ ،‬وافقي يا وسام و ادي نفسـك فرصة ‪ ،‬افضلي صلـي استخارة لحـد آخر األسبوع و لما يتصل وافقي ‪.‬‬

‫‪-‬وسـام باستسالم ‪:‬‬


‫حاضـر يا جهاد ‪ ،‬ربنـا ييسر األمر‬

‫‪-‬جهـاد بمزاح ‪:‬‬


‫و بعديـن يا بت ‪ ،‬حبـي الحـب حلو ‪ ،‬هييييييح‬

‫‪-‬وسام و هـي تضحك من طريقـة جهـاد ‪:‬‬


‫ل هللا يستـرك ماتتسهوكيش عليا ‪ ،‬خفي يا فتاة‬

‫‪-‬ياااااااه ‪ ،‬كلمة فتاة دي ما اتقالتليش من زمان أوي يا وسام ‪ ،‬من أيام البت سارة‬

‫‪-‬سارة مين ؟‬

‫‪-‬سارة دي كانـت صاحبتي في الكليـة ‪ ،‬كانـت بتحب الورد أوي ‪ ،‬و أنـا كنـت داي ًما بحـب أقول عليهـا إنسانـة من ورد ألنهـا كدا ً‬
‫فعال ‪ ،‬علـى‬
‫طول تحسيهـا وردة مفتحـة كدا ‪ ،‬ليهـا طلة حلـوة و تأثير طاغي و بتأثر جدًا فـ المكان اللي بتبقـى موجوده فيـه ‪ ،‬أنا حقيقي كنت بحبها جدًا جدًا‬
‫ولزلت طبعًا بعزهـا جدًا‬

‫‪-‬هـي راحت فين ‪ ،‬بتتكلمي عنها بصيغة الماضي كدا ليه‬

‫‪-‬جهـاد بمزاح ‪:‬‬


‫ل دي عقبال حضرتك يعنـي ‪ ،‬كانـت واحدة زي القمـر و شخصيتهـا جميلة ‪ ،‬اتخطبت و احنا فـ الكلية و اتجوزت بعد ما اتخرجنـا على طول ‪،‬‬
‫و ما شـاء هللا جوزهـا جالـه شغل فـ تركيا فخدها و سافر و عندهـا دلوقتي بتـول و صبا يا ستي ‪ ،‬و حضرتك لسه بتفكري توافقي تتخطبي ول‬
‫ل ‪ ،‬يا بنتي إحنا بطريقتنا دي هاندخل دنيا و الناس خارجين منهـا ‪ ،‬مش ها تنفع عمايلنـا دي ‪ ،‬عايزين نتجوز إحنا كمان بقى و نجيبلنـا عيلين‬
‫كدا‪.‬‬

‫‪-‬وسام و هـي تضحك من طريقة جهـاد‪:‬‬


‫مين اللي بتتكلـم دي ‪ ،‬بقى نضـال بيشوفك لما بتتحولي كـدا ‪ ،‬المفروض مع أول تحويـله ينفد بجلده‬

‫‪-‬عاجبـاه كدا مالكيش فيـه يا روحي‪.‬‬


‫‪....... ......... ........‬‬
‫‪-‬نضال و هو يجلـس مع فارس في غرفته‪:‬‬
‫بـص يا فارس أنا واثق إن وسام بنـت مؤدبة و مثالية ‪ ،‬بس ظروف والدها زي ما حكيتلك كدا ‪ ،‬بابا لما سأل الكالم دا اللي اتقاله ‪ ،‬دا‬
‫مايعيبهاش أبدًا يا فارس ول يقلل منهـا ‪ ،‬دا بالعكـس يخليهـا تزيد في نظرك ألنهـا قدرت تستحمـل و تنجح و تفتح بيتهم مع والدتهـا ‪ ،‬أنا بقولك‬
‫بـس عشان تبقى كـل ظروفها قدام عينك‬

‫‪-‬أنا عارف يا نضال ‪ ،‬ما هو دا سبب عقدتها و مشكلتها ‪ ،‬أنا متمسك بيهـا جدًا و بإذن هللا ها أفضل داي ًما جنبها لحد ما تبقى كويسة ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫خالص يا حبيبي يبقى على بركة هللا ‪ ،‬خليك صلي استخارة برضة كل يوم ‪ ،‬و ربنا يهديهالك و توافق و يسعدك بيها و يسعدها بيك‬
‫‪.......... ......... .........‬‬
‫جهـاد فـي المدرج ‪:‬‬
‫خلصنـا أول ساعـة ‪ ..........‬عيال أنا عطشانـه جدًا حد معـاه مايه ؟‬

‫‪-‬إذا بفتـاه تخـرج و تمسـك بيدهـا عبـوة ميـاه غازيـة ‪:‬‬


‫ماعييش مايه يا دكتوره ‪ ،‬بـس الكـول دي سـاقعة ‪ ،‬هاتروي عطشـك‬

‫‪-‬جهـاد ببسمة‪:‬‬
‫بـس النوع دا مقاطعة يا حبيبتـي‬

‫‪-‬الفتـاة بتعجب و كذلك تعجب كـل من سمـعها‪:‬‬


‫يعنـي إيـه مقاطعة دي يا دكتورة‬

‫‪-‬أمسكت جهاد العبـوة بيـدها و رفعتهـا أمام الطالب و قالت‪:‬‬


‫دي منتجات إسرائيلية يا شبـاب ‪ ،‬كوكاكول و بيبسي و سڤن و سبرايت و فانتا و ميراندا كـل دول و كمـان حاجات تانية شبه شركة شيبسي و‬
‫لبان تشكلتس و حاجـات غيـرها بقى ‪ ،‬اللي مهـتم يبحث ع النـت و يشوفهـا ‪ ،‬و مقاطعة بقى يعنـي أنـا مابشتريـش الحاجات دي ول بشربهـا أو‬
‫أكلهـا ‪ ،‬تضامنًا مـع خواتنـا الفلسطينيـن و المسجـد األقصى ‪ ،‬بمعنـى إننـا كفايـة إننـا مابنقدمش ليهـم مساعدات ‪ ،‬مانروحـش كمان بقـى نشتري‬
‫منتجات العدو اليـهودية ‪ ،‬اللي فلوسهـا بيجبوا بيهـا أسلحـة يقتلـوا بيهـا خواتنـا ‪ ،‬و يعتـدوا على مسجدنـا ‪ ،‬عرفتـوا بقى ؟!ياريت كلنا نحاول‬
‫نعمل كدا و نقدم حاجة و لو بسيطة لدينا و خواتنا‪.‬‬
‫إيـه مش ها ألقي مايه برضة‬

‫خرجـت فتاة أخرى من نهايـة المدرج تحمـل زجاجة ميـاه ‪ ،‬شربـت جهـاد و شـكرت الفتاتان ثـم قالت‪:‬‬
‫فيـه سؤال جالي على األسك عايزة أتناقش معاكم فيه ‪ ،‬السؤال بيقول "إزاي لبسك واسـع و محترم و الكل بيشوفه شيك ؟" ‪ ،‬السؤال دا محتاج‬
‫وقفة و تركيز ‪ ،‬مين قال إن الحجاب الشرعي و اللبس اللي يرضي ربنا مش شيك و جميل ‪ ،‬و مـن هنـا عايزة أدردش شويـة مع البنات ‪،‬‬
‫بصـي يا بنتـي ‪ ،‬إنت حاجـة غاليـة أوي و عظيمة أوي و حاجة ليها قيمتها ‪ ،‬إنت األخت و األم و الزوجة و الحبيبة و البنت ‪ ،‬إنت وردة الحياة‬
‫‪ ،‬بسمة والدك و نبض جوزك و سر أخوكي ‪ ،‬ربـنا أنعم عليكي بالنعمة دي و خالكي غالية أوي ‪ ،‬و الحاجة الغالية ماينفعش أي حد يشوفها و‬
‫يبصلها ‪ ،‬ربنا لما أمرنا إحنا النساء بالحجاب دا مش تضيق علينا و خنقة شبه ما بنسمع ‪ ،‬ل إطالقًا ‪ ،‬إعرفوا إن كل حاجة اتفرضت علينا‬
‫لمصلحتنا ‪ ،‬بس أحيانًا إحنا مابنركزش و مابنحاولش نفهم ‪ ،‬ربنا أمرنا بالستر و اللبس الواسع الشرعي ‪ ،‬ألن إنت جميلة ‪ ،‬جميلة جدًا ‪ ،‬كل‬
‫حاجة فيكي حلوة ‪ ،‬و ماينفعش أي واحد كدا يشوف جمالك ‪ ،‬اللبس الضيق اللي بنشوفة دا بمثابة لعنه ‪ ،‬آه و هللا ‪ ،‬إنت إزاي موافقة إن أي حد‬
‫يشوف أي حاجة كدا باللبس الضيق اللي بيبين كل حاجة دا ‪ ،‬بصـي بعيدًا عن إنه فرض علينا من غير نقاش إننا نلبس زي شرعي ‪ ،‬خدي‬
‫الخطوة دي بينك و بين ربنـا و قوليلة أنا البناطيل الضيقة و التيشرتات القصيرة الضيقة بحبها يارب و بتبقى حلوة عليا و مخلياني جميلة بس‬
‫أنا هاأضحي باللي أنا بحبه دا و هاألبس اللي إنت بتحبه علشان خاطرك إنت يارب ‪ ،‬علشان أنا بحبك و عايزاك ترضى عني ‪ ،‬خدي القرار من‬
‫قلبك و جربي تلبسي جيبات واسعة و فساتين واسعة برضة و خمار أو طرحة طويلة ‪ ،‬و هللا هاتحسي بسعادة ‪ ،‬أصلها قاعدة من ترك شيئًا هلل‬
‫خيرا منه ‪ ،‬و إنت سيبتي اللبس اللي مايرضيش ربنا علشان خاطره فهو هايعوضك ‪ ،‬هاتتفاجيء بصحابك جايين يقولولك إيه‬ ‫عوضه هللا ً‬
‫الجمال دا ‪ ،‬ربنا هايحليكي في عيون الناس بحجابك و زيك الشرعي ‪ ،‬هايشوفيكي أميرة و مش أي حد هايبصلك ‪ ،‬ل اللي شايف نفسه أمير‬
‫بس هو اللي ها يدور عليكي و يدخل بيتك ‪ ،‬مش هايتقدملك غير اللي عارف ربنا فـ هيصونك و يتقي ربنا فيكي ‪ ،‬كفاية يا بنات فتنة للشباب ‪،‬‬
‫إنت بتشيلي ذنب التبرج و ذنب فتنة شاب مسلم بص عليكي غصب عنه و إنت ماكنتيش بالزي المناسب ‪ ،‬و إنتم يا شباب ‪ ،‬إنت دلوقتي أخ و‬
‫بكره هاتبقى زوج و أب ‪ ،‬خليك غيور على اللي يخصك ‪ ،‬ماتسمحش لواحدة من اللي إنت مسؤل عنهم تخرج بلبس مش مناسب ‪ ،‬مش بالعنف‬
‫ل ‪ ،‬اقعد معاها و فهمها بالراحة ‪ ،‬قولها أنا ماأستحملش حد يبصلك نص بصة ول يقول عليكي نص كلمة ‪ ،‬قولها أنا عايز أشوفك في الجنة مع‬
‫أمهات المؤمنين فخليكي شبههم ‪ ،‬قولها إنت من كتر ما إنت جميلة ماينفعش الغريب يشوف جمالك ‪ ،‬علمها مواصفات الزي الشرعي إنه يبقى‬
‫فضفاض ول يصف ول يشف و مايبقاش متعطر و ميباق زينة في نفسه ول ملفت ‪ ،‬علموهم و فهموهم بالراحة ‪ ،‬البنت كائن عاطفي جدًا لو‬
‫إنت كلمتها بالراحة كدا و حسستها بقيمتها ها تسمع منك و تنفذ و هاتديك عنيها ‪ ،‬و إنتم ذات نفسكم ‪ ،‬فيه ناس منكم بتلبس لبس يكسف و هللا ‪،‬‬
‫ماينفعش نجري ورا أي موضة و نلبس حاجات مش مناسبة ‪ ،‬بناطيل مقطعة و تيشرتات شبه بتاعة البنات و حاجات غربية ‪ ،‬دا إنت خليفة‬
‫ربنا في األرض يا أخي ‪ ،‬بقى بزمتك دا لبس يدل على كدا ‪ ،‬دا إحنا مستنينك تحرر األقصى رايح تلبس شبه البنات ‪ ،‬مالها القمصان و‬
‫التيشرتات المحترمة الواسعة و البناطيل العدلة ‪ ،‬نركز على مظهرنا يا شباب ‪ ،‬أنا عارفة إن الجوهر أهم و إن ممكن ناس تكون جميلة جدًا من‬
‫جوه و بتخاف ربنا لكنها مابتلبسش كويس و العكس صحيح ‪ ،‬طب إحنا ليه ما نظبتش مظهرنا و جوهرنا ‪ ،‬ليه مانكنش قدوة و مثال و صورة‬
‫لإلسالم في كل حاجة ‪ ،‬ليه ماتكونش واحد محترم حافظ القرآن و عارف ربنا و تبقى بتذاكر و تطلع األول و إنت ليه ماتكونيش فتاة مسلمة بجد‬
‫و لبسة شرعي و مجتهدة و بتطلعي األولى برضة ‪ ،‬عايزين نلتزم يا شباب في كل حاجة ‪،‬عايزين النبي يبقى فخور بينا ‪ ،‬خلينا مسلمين بجد يا‬
‫أمة النبي أرجوكم‪.‬‬
‫‪............... .............. ...............‬‬
‫‪-‬وسام و هـي تجلس بجوار والدتها ‪:‬‬
‫أنا محتارة جدًا و متلخبطه يا ماما ‪ ،‬مش قادرة أديكي كلمة معينة تقوليهاله دلوقتي أما يتصل‬

‫‪-‬األم بحنان‪:‬‬
‫فارس راجل يا وسام ‪ ،‬ماتضيعيهوش من إيدك يا بنتي ‪ ،‬إنت صليتي استخارة و ارتاحتي‬

‫‪-‬وسام بألم‪:‬‬
‫خايفة ‪ ،‬خايفة جدًا يا ماما ‪ ،‬طب ما بابا كان كويس أول ما اتجوزتوا ‪ ،‬فجأة قلب ‪ ،‬بقى واحد تاني ‪ ،‬شخص قاسي مابيشتغلش ‪ ،‬مش شايل أي‬
‫مسؤولية ‪ ،‬ما بناخدش منه غير ضرب و تهزيق و خوف ‪ ،‬مطالبين إحنا نصرف عليه و على القهوة اللي هو قاعد عليها طول النهار ‪ ،‬فارس‬
‫لو جه في يوم و قلب كدا ‪ ،‬مش ها أستحمل يا ماما ‪ ،‬ممكن أقتله أو أقتل نفسي ساعتها‬

‫‪-‬األم بحزن ‪:‬‬


‫يا بنتي ماتعمميش أبوكي على كل الناس ‪ ،‬و هللا يا بنتي أنا حاولت معاه كتير ‪ ،‬سوقت عليه طوب األرض يكلموه عشان يفوق من اللي هو فيه‬
‫‪ ،‬ماكنتش باخد منه آخر النهار غير اإلهانة و الضرب ‪ ،‬فسيبته بقى لحاله ‪ ،‬ماعدش في إيدي أعمله حاجة غير إني ادعيله ‪ ،‬و بدعيلة كتير و‬
‫هللا ‪ ،‬أنا لسه بحب أبوكي زي ما أنا يا بنتي رغم كل اللي هو بيعمله ‪ ،‬صدمة في شغلة و في زمايلة عملت فيه كدا من ‪ 15‬سنة ‪ ،‬أبوكي إيمانه‬
‫ضعيف عشان كدا مافاقش يا وسام ‪ ،‬لكن يا بنتي فارس واحد عارف ربنا كويس لو قابلته صدمة فـ حياته ها يعرف إن دا ابتالء من ربنا فـ‬
‫هايقوم و يكمل ‪ ،‬و يحمد ربنا ‪ ،‬مش هايتحول لحد عنيف يطلع الغضب اللي جواه على اللي حواليه ‪ ،‬ابدأي حياة هادية و متزنه معاه يا بنتي ‪،‬‬
‫كفاية عليكي تعب نفسي لحد كدا ‪ ،‬إنت إتبهدلتي كتير يا وسام و أنا نفسي ترتاحي ‪ ،‬أنا وافقت على فارس مش عشان هو بيحبك ل ‪ ،‬عشان أنا‬
‫واثقة من دينة و لما سألت على عيلته عرفت إنهم ناس مؤمنين بجد و بيخافوا ربنا‪ ،‬دا اللي خالني متمسكة بيه ‪ ،‬مش عايزة أغلط في جوازك‬
‫إنت و أختك زي ما غلطت في جوازي ‪ ،‬كنت بحب أبوكي و كنت عارفه إنه مش متدين و سعات بيقصر في الصالة و برضة صممت عليه و‬
‫اتجوزته و قولت بالحب ها أقدر أغيره و هو بيحبني زي ما بحبه ‪ ،‬كنت مفكره إن الحب هو اللي هايمشي البيت و هو اللي مش هايخليه‬
‫يتخانق معايا ول يزعلني أبدًا ‪ ،‬بس أنا كنت غلطانه جدًا ‪ ،‬أهو الحب أبوكي نساه من أول صدمة في حياته و اتحول لحد تاني ماأعرفوش ‪ ،‬و‬
‫أنا برضة لسه زي منا بحبه زي ما كنت بحبه طول عمري ‪ ،‬ماقدرتش أكرهه رغم كل اللي عمله فيا و فيكم ‪ ،‬عشان إحنا قلوبنا غير قلوبهم ‪،‬‬
‫آدام حبينا بجد مرة يبقى خالص مش ها نطلعه من قلبنا ‪ ،‬إنما هما ممكن ينسوا و يحبوا غيرنا ‪ ،‬أنا يا بنتي مش ساخطة أبدًا و هللا ‪ ،‬ل ‪ ،‬أنا‬
‫راضية جدًا و محتسبة أجر صبري عند ربنا ‪ ،‬و بحمد ربنا إني اتعلمت الدرس علشان ماأغلطش في جوازكم ‪ ،‬ألن سعادتي أنا مش مهم ‪،‬‬
‫األهم عندي سعادتك إنت و أختك و نجاح حياتكم لو حتى كان على حساب فشلي أنا بس مش مهم أنا المهم إنت و سندس يا وسام ‪ ،‬توكلي على‬
‫هللا و وافقي يا بنتي‪.‬‬

‫‪-‬وسام و قد أدمعت عيناها و أحست بالحزن الشديد من أجل والدتها ‪ ،‬تلك المرأة التي ذاقت كل مرارات الحياة و ما اشتكت قط ‪ ،‬دو ًما ترى‬
‫على وجهها عالمات الرضا و تراها تصبر من حولها رغم أنها في أشد الحاجة لمن يخفف عنها ‪ ،‬قررت وسام الموافقة من أجل والدتها إن لم‬
‫يكن من أجلها هي‪:‬‬
‫مـاشي يا ماما قوليله إننا موافقين ‪ ،‬و خليهم يجوا‬
‫‪.......... ......... ..........‬‬
‫اتصل فارس و أبلغته األم بالموافقة فكان في غاية السعادة و جاء هو و أسرته بعد يومين و تم التفاق على حفل الخطبة بعد أسبوعين و الجميع‬
‫يدعوا هللا أن يتم تلك الزيجة‬

‫""الفصـل الثالث و العشـرون""‬

‫ُشعرني بالخجـل ‪ ،‬لكـن أن أراها بأم عيني فهذا يُرعبُنـي و يفصلُنـي عن الواقع و‬
‫أن أسمـع عن الكبائــر التي يفعلهـا اآلخـرون فهـذا يُخيفُني و ي ُ‬
‫يُميتُني و أنا على قيد الحياة ‪. . . . . .‬‬

‫‪............ ........... ............‬‬


‫فـي ذاك الملهـى الليلي الذي هجرته مي منذ أشهـر‬

‫‪-‬إنت لسـه الموضوع دا في دماغك يا سـي ميدو‬

‫‪-‬ميـدو بشراسة‪:‬‬
‫إمال أنا جايبك ليه النهـارده ‪ ،‬إنت مفكرنـي ممكن أنسى اللي هي عملته ‪ ،‬و بعدين مش ميدو اللي يقول كالم و ماينفذوش‬

‫‪-‬سعيـد بالمبالة ‪:‬‬


‫طب و أنا إيه دوري فـ الحوار دا يا باشا‬

‫‪-‬ميـدو بفحيح‪:‬‬
‫أنا عرفت إنها هاتكون في النادي بكرا بالليل ‪ ،‬و أنا مستني الفرصة دي من زمان ‪ ،‬أول ما تطلع إحنا ها ندخلها في العربية ‪ ،‬إنت هاتبقى‬
‫سايق و أنا ها أتصرف معاها أنا‬

‫‪-‬إنت ناوي تعمل فيها إيه‬

‫‪-‬ميدو بضحكة خبيثة‪:‬‬


‫ها أنيمها و ها أخدها الشقة بتاعتي اللي إنت عارفها ‪ ،‬الهانم مفكرة نفسهـا بقت محترمة ‪ ،‬و طب ًعا مستنية واحد شيخ بقى يتجوزها ‪ ،‬بس دا على‬
‫جثتي ‪ ،‬هي بتاعتي أنا بس ‪ ،‬من زمان أوي ‪ ،‬بمزاجها أو غصب عنها ‪ ،‬و كمان عشان تتعلم األدب و ماترفعش ايديها على أسيادها‬

‫‪-‬سعيد بقلق‪:‬‬
‫يا ابني إنت مركز إنت عايز تخطف مين ‪ ،‬دا أبوها يوديك فـ داهية‬
‫‪-‬ميدو بالمبالة‪:‬‬
‫دا أنا ها أذلها و أكسر عينها و بعد ما أخد اللي أنا عايـزه ‪ ،‬ها أصورها عشان أذلها بالصور دي و أهددها بيها وقت ما أحب ‪ ،‬و لو جدعة‬
‫تبقى تقول ألبوها و هي ها تالقي صورها في كل حتة و فضيحتها على كل لسان‬

‫‪-‬سعيد بخبث‪:‬‬
‫إيه الدماغ دي ‪ ،‬يخرب بيت شيطانك‬

‫‪-‬ههههههه دا أنا بقالي شهور مستني اللحظة دي و أهي جات‬


‫‪............ ............ ..........‬‬
‫‪-‬نضال و هو يجلس مع جهاد في النادي‪:‬‬
‫عاملة إيه يا جميل‬

‫‪-‬عاملة كويسة‬

‫‪-‬نصال بمزاح‪:‬‬
‫حلوة عاملة كويسة دي ‪ ،‬ماطولتش المرادي و جيت بعد أسبوع أهو‬

‫‪-‬دا أنا و هللا حسيته شهر ‪ ،‬أنا ببقى عايزة أقعد أتكلم معاك كل يوم‬

‫‪-‬و أنا و هللا يا جهاد ‪ ،‬طب ما نقدم الفرح و نتجوز‬

‫‪-‬إيه نتجوز!!! ل كدا حلو ‪ ،‬أنا لسه مش مستعده‬

‫‪-‬نضال بهدوء‪:‬‬
‫هو إنت لسة مش واثقة فيا يا جهاد ‪ ،‬و خايفة مني‬

‫‪-‬جهاد بانفعال‪:‬‬
‫إيه الكالم دا بس يا نضال خايفة منك إيه و مش واثقة فيك إزاي بس ‪ ،‬بص يا نضال أنا ها أقولك كالم مهم عشان تبقى الصورة واضحة قدامك‬
‫‪ ،‬أنا الجواز بالنسبالي حاجة عظيمة ‪ ،‬ميثاق غليظ ‪ ،‬داي ًما كنت بفكر لما حد يتقدملي ‪ ،‬هل هو دا يا جهاد إللي إنت هاتعجزي جنبه ‪ ،‬الجواز‬
‫مش بس حب و عيال بقى و خالص ‪ ،‬ل دا عايز حسابات كتير ‪ ،‬دا واحد هايعيش معايا لواحدنا تحت سقف واحد ‪ ،‬يعني ها يشوفني في أسوأ‬
‫حالتي ‪ ،‬يا ترى أنا اخترت صح فهيستحملني ول ل ‪ ،‬واحد ها يشوف عاداتي الوحشة كلها ‪ ،‬لزم يبقى قابلها مش متضايق و قرفان منها ‪،‬‬
‫واحد ها يشوفني و أنا قايمة من النوم منعكشة و متبهدلة و هايبصلي بحب برضة مش يقعد يتريق ‪ ،‬أنا ماشي مش عايزة أعجز في الدنيا و‬
‫عايزة أستشهد لكني ها أعيش في بيتك كتير برضة ‪ ،‬ها أخلف و ها أكبر و شكلي ها يتغير و جسمي ها يتغير و جمالي هايقل كل ما أكبر ‪،‬‬
‫كان لزم أبقى واثقة إن الشخص اللي هاتجوزه ها أفضل داي ًما أميرة في عينة مهما حصل ‪ ،‬هايجي وقت وأكبر و أشتكي إني مش قادرة أطلع‬
‫السلم و إن ضهري على طول بيوجعني و كعبي مش قادرة أدوس علية و عنيا على طول مزغلله و ودني بقت بتوجعني لزم أتأكد إنك ها‬
‫تستحملني ساعتها ‪ ،‬و أنا واحدة بحب التنطيط و الحركة و الهزار و الجري و البساطة كنت بردة بسأل نفسي ها يقبلني ول هايقولي بطلي‬
‫شغل عيال ‪ ،‬و كنت بسأل نفسي أنا كمان هل إنت قادرة تتقبلي الشخص دا بكل عاداته و أفعاله ‪ ،‬ها تفضلي تحبيه برضة كدا لما يشيخ قدامك و‬
‫الزمن يسيب خطوط على وشة و شكله يتغير ‪ ،‬عمري يا نضال ما حسيت باآلمان لكل الحاجات دي غير معاك ‪ ،‬من أول قاعدة و أنا قولت آه‬
‫هو دا ‪ ،‬دا اللي أنا ها أقدر أثق فيه ‪ ،‬دا اللي أنا ها أعرف أختلف معاه من غير خناق ‪ ،‬دا اللي ها يفضل في عيني أحلى واحد مهما يعمل و‬
‫مهما يحصل ‪ ،‬و متأكدة إني داي ًما ها أفضل في عينك كدا ‪ ،‬و ها تستحمل مني أي حاجة ‪ ،‬اللي مخليني مش عايزة أتجوز دلوقتي حاجات تانية‬
‫مثال لسه دماغي مش راضي يقبل إني أعيش مع راجل غير بابا و جدو ‪ ،‬مش خوف منك ل ‪ ،‬ممكن حرج و قلة تعود ‪ ،‬مش عارفة‬ ‫‪ ،‬يعني ً‬
‫أصدق إنك دلوقتي عادي تشوفني بشعري و بلبس البيت ‪ ،‬الموضوع لسه مربك و مخجل جدًا بالنسبالي ‪ ،‬محتاجة وقت لسه ‪ ،‬و كمان مش‬
‫متخيلة إني ها أعرف أعيش بعيد عن أهلي ‪ ،‬دول هم كل حياتي ‪ ،‬بيت أهلك دا البيت الوحيد اللي تبقى قاعد فيه مش حاسس إن عليك‬
‫مسؤوليات ‪ ،‬بتعمل أي حاجة من غير ما تفكر أو تعمل حساب لنظرة حد ليك ‪ ،‬بمعنى إنك عايش مأنتخ تما ًما ‪ ،‬و كمان يا نضال أنا داي ًما بحلم‬
‫بولدنا إنهم هايبقوا قادة جيوش األمة ‪ ،‬إنهم ها يكملوا على نهجنا من بعدنا ‪ ،‬مش عارفة هل أنا دلوقتي عندي القدرة إني أربي عيال كدا ول ل‬

‫‪-‬نضال بتفهم و حب ‪:‬‬


‫ياه يا جهاد ‪ ،‬داي ًما تفكيرك ناضج و بتركزي على كل الجوانب ‪ ،‬و بتشوفي اإليجابي و السلبي و توازني بينهم ‪ ،‬لكني عايز أوعدك إن اآلمان‬
‫اللي إنت حستيه معايا دا ها يفضل داي ًما ‪ ،‬أنا مش واحد سطحي حبيت شكلك الحلو و مكانتك في المجتمع و خالص ‪ ،‬أنا واحد حبيت روحك‬
‫الحلوة و طموحاتك و أحالمك المتداخلة مع أحالمي و طموحاتي ‪ ،‬إحنا فينا شبه كتير أوي من بعض ‪ ،‬أنا قبل ماألقيكي كنت سعات بحس‬
‫باليأس إني ألقي حد بيفكر شبهي ‪ ،‬لكن اتفاجأت إن ربنا كان بيعدك كدا ليا و بيعدني ليكي ‪ ،‬إحنا حتى لو ركزتي في أسمائنا ها تالقيها مشتقة‬
‫من بعضها و لها نفس المعنى الجهاد و النضال ‪ ،‬حتى األسماء اللي إحنا مش بنختارها ربنا كتبلنا التشابه فيها ‪ ،‬أنا متأكد إن أرواحنا التقت و‬
‫تآلفت من زمان ‪ ،‬وعد ربنا حق يا جهاد ‪ ،‬كل اللي كان حواليا كان بيقولولي عمرك ماهاتالقي واحده شبهك توافقك على اللي إنت عايزة ول‬
‫واحدة تجاري مكانتك ‪ ،‬كانوا بيتعللوا داي ًما إن البنات تافهين و لو لقيت واحدة دماغها حلوه و هاتفهمك ها تالقيها مش متدينة و لو متدينة ها‬
‫تالقيها فاشلة في حياتها ‪ ،‬كنت بعذرهم و أنا واثق إن ربنا هايكافئني بواحدة تتماشى مع كل حاجة فيا ‪ ،‬و سبحان هللا حلمت بيكي و لقيتك و‬
‫كنتي أعظم من تصوراتي و من توقعتهم ‪ ،‬إنت بنت لكن شخصيتك مختلفة عن كل البنات اللي حواليكي ‪ ،‬رقيقة و خجولة جدًا و حنينة آه ‪ ،‬لكن‬
‫دماغك مش متعلقة بتفاهات البنات ‪ ،‬مش اللبس و الموضة و األفالم و الفسح هي اللي شاغلة بالك ‪ ،‬ل اللي شاغلك األمة و مشاكلها ‪،‬و اللي‬
‫مايعرفوش حاجة عن اإلسالم ‪ ،‬واألقصى و قضيته ‪ ،‬بتحلمي بالشهادة في الوقت اللي زمايلك بيحلموا فيه بالفستان الفالني و المكان العالني ‪،‬‬
‫أنا كل حاجة زرعتها فيا لقيتها فيكي سبحان هللا ‪ ،‬ماتخافيش من موضوع أولدنا دا أنا واثق بإذن هللا إنهم هايكونوا زي ما إحنا طول عمرنا‬
‫أصال ‪ ،‬إحنا ها نعيش سوا روح واحدة و نفضل‬ ‫ً‬ ‫بندعي ‪ ،‬مش عايزك تقلقي من بعدك عن أهلك أبدًا ‪ ،‬عمري ماهاأحسسك إنك بعدتي عنهم‬
‫على طريق ربنا لحد ما نقابله شهداء و احنا ناصرين اإلسالم بإذن هللا ‪.‬‬

‫‪-‬استكملت جهاد ‪:‬‬


‫تعرف يا نضال أنا مولودة ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬ذكرى تحويل القبلة ‪ ،‬الموضوع دا كان داي ًما قدام عيني ‪ ،‬داي ًما بقول أكيد ربنا خالني اتولد‬
‫فـ يوم زي دا لسبب ‪ ،‬ربنا بيخلق كل حاجة لحكمة ‪ ،‬على طول كنت بقول لنفسي زي ما انت اتولدتي في يوم كان نقطة تحول في حياة األمة‬
‫زمان ‪ ،‬لزم إنت كمان تكوني نقطة تحول ‪ ،‬لزم يبقالك دور و تأثير في حياة الناس ‪ ،‬لزم تعملي حاجة للدين دا ‪ ،‬و دا اللي دفعني لفتح دار‬
‫التحفيظ ‪ ،‬و فكرة دعوة الناس اللي برة ‪ ،‬و لما كنت بفكر فـ معنى اسمي ‪ ،‬و أقول يعني إيه جهاد و ليه جهاد ‪ ،‬دا فتح عنيا على الجهاد في‬
‫سبيل هللا و الشهادة ‪ ،‬لو كل حد فينا ركز في كل حاجة و تدبر في حكمة ربنا ها يخرج بأهداف يعيش بيها و ليها ‪.‬‬

‫‪-‬الحمد هلل على نعمة وجودة و الحمد هلل على نعمة الهداية و الحمد هلل على نعمتك ‪ ،‬ربنا ما يفرق بينا أبدًا و نفضل سوا و نعجز سوا و نصلي‬
‫في األقصى سوا ‪ ،‬ثم قال بمزاح ‪:‬‬
‫بس برضة عايزين نتجوز ‪ ،‬و إن كان على شعرك يا ستي ‪ ،‬ابقي البسي طرحة و اقعدي معايا بإسدال الصالة و ماتتكسفيش أنا محترم و ها‬
‫أغض بصري ههههههه‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫شوف الفصالن بقى ‪ ،‬كنت بتتكلم فـ إيه و هوبا قلبت ‪ ،‬تصدق يا ابني إنت مالكش في الكالم العاقل ‪ ،‬إنت ها تموت بجرعة رخامة زايدة مش‬
‫شهيد ‪ ،‬يا ستار يارب ‪ ،‬إيه دا‬
‫‪-‬نضال باستفزاز ‪:‬‬
‫أهو رغم الرخامة دي بتحبيني و بتموتي فيا‬

‫‪-‬مين دي ‪ ،‬أنا !! إطالقًا ‪ ،‬دا أنا مش بقبلك‬

‫‪-‬آه صح ‪ ،‬و كالم العشاق اللي إنت لسه قاياله دا يشهد و نعجز سوا و آمان و تستحملني ‪ ،‬ها‬

‫‪-‬احمر وجه جهاد من الخجل و صمتت ‪ ،‬فأكمل هو باستفزاز‪:‬‬


‫طاب إيه اللي يكسف دلوقتي ‪ ،‬يا بنتي إنت بتحمري فـ ثانية ‪ً ،‬‬
‫فعال مش ها ينفع جواز دلوقتي أما تكبري شوية بقى‬

‫‪-‬جهاد بحرج‪:‬‬
‫اسكت بقى يا نضال هللا ‪ ،‬بقولك إيه قوم نروح بقى بقينا بالليل و اتأخرنا‬

‫نضال و قد أمسك يدها ثم قاما معًا و توجها للخارج و قبل أن يصعدا للسيارة نظرت جهاد للجهة المقابلة من الطريق و قالت بقلق‪:‬‬
‫استنى يا نضال ‪ ،‬دي مي طالبة عندي ‪ ،‬ثواني أشوفها مالها شكلها متعصب و هي بتتكلم في الموبايل ‪ .....‬و قبل أن تتجه إليها إذا فجأة تتوقف‬
‫سيارة أمام مي و في لمح البصر هبط أحد الشباب ثم جذبها إلى داخل السيارة بعنف و أغلق فمها بيدة ثم انطلقت السيارة بسرعة قبل أن يالحظ‬
‫صدمت جهاد مما رأت فصعدت للسيارة و صرخت في نضال‪:‬‬ ‫أحد أي شيء ‪ُ ،‬‬
‫اطلع ورا العربية السودا دي بسرعة‬

‫‪-‬نضال و هو ل يفهم ماذا حدث لزوجته فجأة ألنه لم يكن ينظر إلى مي‪:‬‬
‫أطلع ورا مين يا بنتي ‪ ،‬إيه حصل‬

‫‪-‬جهاد بانفعال و صوت مرعوب‪:‬‬


‫اطلع يا نضال بسرعة ورا العربية دي قبل ماتتوه مننا ‪ ،‬اللي فيها خطفوا مي‬

‫عند تلك الكلمة ‪ ،‬انطلق نضال بسيارته مسرعًا خلف السيارة المطلوبة و ظل على بعد مسافة منها ألنها كانت تجري بسرعة جدًا‬

‫‪-‬جهاد و قد بدأت تبكي ‪:‬‬


‫أنا خايفة يعملوا فيها حاجة ‪ ،‬دا أكيد ميدو‬

‫‪-‬نضال بعد فهم و هو يتجاوز سيارة كانت تسد عليه الطريق ‪:‬‬
‫أنا مش فاهم مي مين و ميدو مين‬
‫قصت عليه جهاد األمر سريعًا فأصابه القلق هو اآلخر ‪ ،‬ظلت السيارة التي أمامهم تدخل في شوارع عدة و نضال ل يستطيع اللحاق بها من‬
‫زحمة الطريق لكنه يراها من بعيد ‪ ،‬ثم دخلت السيارة شارع هادئ ثم توقفت أمام إحدى العمارات السكنية ‪ ،‬و قبل أن يصل نضال إلي السيارة‬
‫‪ ،‬شاهد أحدهم يهبط منها و يتجه للداخل مسرعًا و اآلخر يتبعه و هو يحمل مي بين يدية فاقدة للوعي ‪ ،‬عندما شاهدت جهاد ذلك ‪ ،‬أخذت تبكي‬
‫بشدة ‪ ،‬و صال إلى المكان ثم هبطا سري ًعا ‪ ،‬لم يكن هناك بواب على باب العمارة ول يظهر أي أحد ‪ ،‬قالت جهاد من بين دموعها ‪:‬‬
‫ها نعمل إيه دلوقتي ‪ ،‬الحق مي يا نضال‬

‫‪-‬نضال بقلق ‪:‬‬


‫طب اهدي بس و امسحي دموعك دي و ماتعيطيش كدا و تعالي ورايا ‪ ،‬ثم سحبها و صعد على السلم ‪ ،‬و لحسن الحظ و هما يصعدان عند‬
‫الدور الثالث ‪ ،‬إذا بسعيد يخرج من إحدى الشقق و هو يبتسم بخبث‪:‬‬
‫آه ياض يا ميدو يا ابن اإليه ‪ ،‬هاتاكل البطة لواحدك ‪ ،‬ثم نظر بتعجب إلى جهاد و نضال اللذان قاباله على السلم أمام الشقة و قال ‪:‬‬
‫هي األشكال المحترمة دي إيه دخلها العمارة السافلة دي ههههههه ‪ ،‬ثم تركهم و هبط‬

‫أمسكت جهاد ذراع نضال بيديها الثنتين و نظرت إليه برعب و الدموع تتألأل في عينيها ‪:‬‬
‫الحقها يا نضال‬

‫‪-‬ربط نضال على ظهرها و قال بهدوء يخفي كثير من القلق‪:‬‬


‫أنا ها أخبط و هاأضربة ‪ ،‬و إنت تدخلي تشوفيها عشان أنا مش ها ينفع أدخل ‪ ،‬تفوقيها و تاخديها و تنزلي جري و مالكيش دعوة بيا أنا و هو‬
‫لو بنموت بعض ماتقفيش ‪ ،‬سامعة يا جهاد ‪ ،‬مفتاح العربية أهو تاخديها و تنزلي على طول ‪ ،‬من غير ول كلمة‬
‫ناولها المفتاح فأخذته بصمت ‪ ،‬ثم توجه هو للباب و طرق بهدوء فلم يُفتح الباب ‪ ،‬فأخذ يطرق بشدة حتى فتح شاب الباب و عالمات الضيق‬
‫على وجهة و قال بعنف‪:‬‬
‫إيه !! مش بالراحة ‪ ،‬عايز إيه‬

‫‪-‬نضال ليتأكد أنه الشخص المطلوب‪:‬‬


‫إنت ميدو؟‬

‫‪-‬ميدو بقبح‪:‬‬
‫هو إنت جي تتعرف ‪ ،‬أيوا أنا زفت و بص أنا مش فاضي ‪ ،‬و قبل أن يكمل كور نضال قبضته ثم هوى بها على وجهة ‪ ،‬ثم دفعة للداخل و‬
‫إنهال عليه بالضرب ‪ ،‬كان ميدو ضعيفًا جدًا مقارنةً بجسد نضال الرياضي ‪ ،‬فكانت الغلبة لنضال ‪ ،‬فأسقطه على األرض و منع حركته ‪ ،‬ثم‬
‫أشار لجهاد فدخلت و هي تتعثر من الرعب و أخذت تبحث عن مي في أرجاء الشقة فوجدتها موضوعة على أحد األرائك تغط في نوم عميق ‪،‬‬
‫نُزع حجابها ‪ ،‬لكنها لزالت بكامل ثيابها ‪ ،‬اتجهت إليها جهاد و هي تبكي ‪ ،‬أخذت تهزها لتستيقظ لكنها لم تستجيب ‪ ،‬وجدت كوب ماء على‬
‫إحدى الطاولت فأخذته ثم أفرغته على وجه مي ‪ ،‬فأخذت تستيقظ ببطء و تمسك رأسها من األلم و هي ل تدرك شيئًا بعد ‪ ،‬ثم فجأة صرخت ثم‬
‫نهضت و هي تنظر حولها برعب ‪ ،‬قامت جهاد إليها و أمسكتها و تحدثت إليها من بين دموعها‪:‬‬
‫اهدي يا مي أنا جنبك‬

‫‪-‬مي برعب و أعين زائغة‪:‬‬


‫عملوا فيا إيه ؟ فين حجابي ‪ ،‬ثم انفجرت في البكاء‬
‫‪-‬جهاد و هي تناولها حجابها‪:‬‬
‫لفي طرحتك يا مي بسرعة ‪ ،‬هم ماعملوش فيكي حاجة ‪ ،‬أنا و جوزي شوفناهم و هم بيخطفوكي و لحقناكي قبل ما يحصل حاجة ‪ ،‬يال بسرعة‬
‫عشان ميدو بره و نضال ضربه ‪ ،‬خلينا نطلع من هنا ‪ ،‬مي ل تستوعب شيء ول تستطيع السيطرة على أعصابها ‪ ،‬فقامت جهاد بوضع‬
‫الحجاب على رأسها و أمسكتها من يدها ثم سحبتها للخارج ‪ ،‬عندما شاهدت ميدو الساقط على األرض و يأن من األلم ‪ ،‬نظرت إلى جهاد‬
‫برعب ثم بكت و جسدها يرتعد ‪ ،‬سحبتها جهاد لخارج الشقة ثم نظرت إلى نضال فقام نضال بضرب ميدو بقوة فأخذ اآلخر يتلوى من األلم في‬
‫األرض ‪ ،‬ثم لحق نضال بزوجته التي كانت تهبط على الدرج هي و مي ‪ ،‬ركبت مي و جهاد في الخلف و سأل نضال جهاد عن بيت مي ‪،‬‬
‫فسألتها جهاد فأجابت مي من بين دموعها و هي ل تكاد تستوعب ‪ ،‬فانطلق نضال إلى منزلها ‪ ،‬احتضنت جهاد مي و أخذت تقول بحنان‪:‬‬
‫اهدي يا مي ‪ ،‬و احمدي ربنا إن ماحصلش حاجة ‪ ،‬ربنا أنقذك من إيده يا حبيبتي‬

‫‪-‬مي برعب‪:‬‬
‫ليه يعمل كدا ‪ ،‬عايز مني إيه ‪ ،‬أنا ما صدقت بعدت عن القرف دا ‪ ،‬عايز يطعني فـ شرفي ليه ‪ ،‬ليه ‪ ،‬ثم أخذت تبكي من جديد‬

‫‪-‬جهاد و قد عجزت عن التحكم في دموعها هي األخرى‪:‬‬


‫يا مي دي أنفس مريضة ‪ ،‬و بعدين المؤمن مبتَلى يا حبيبتي ‪ ،‬احمدي ربنا إنه نجاكي ‪ ،‬و هو هاياخد جزاته ‪ ،‬إحنا هانوديكي بيتكم و نحكي‬
‫لوالدك و نقوله على مكانه و هو يبلغ البوليس و يروحله و أنا و جوزي هانشهد معاكي ‪ ،‬و عمره ماهايقدر يقربلك تاني أبدًا ‪.‬‬

‫كـانت جهاد تطمئن مي ‪ ،‬لكنهـا ترتعد من داخلها مما شاهدت و مما كاد يحدث و هي ل تكاد تستوعب أن هناك بشر بذاك السوء ‪ ،‬أما نضال‬
‫فقد كان في قمة الغضب ‪ ،‬كان يضرب بيده على المقود بعنف مما يشتعل داخله من غضب ‪ ،‬كان يود لو أنه قتل ذاك الشاب األحمق الذي كان‬
‫سيقع في كبيرة من الكبائر و يأخذ ما ل يحل له ‪ ،‬كان لسانه ل يكف عن الستغفار هلل ‪ ،‬و الدعاء بالستر و العفو ‪.‬‬

‫شهرا يستغفر هللا و يطلب منه العفو عن ذلك الذنب العظيم ‪،‬‬
‫ً‬ ‫فأُناس مثل جهاد و نضال ‪ ،‬إذا فات أحدهم صالة الفجر في موعدها يوم ‪ ،‬يظل‬
‫فقلوبهم ل تعرف شيئًا عن تلك الكبائر التي يقع بها الناس ‪ ،‬و مشاهدتهم هذه الحادثة عن قرب كان بمثابة صدمة لكليهما و طعنة بخنجر مسموم‬
‫‪ ،‬كانا يتظاهران بالقوة أمام مي و أسرتها حتى يخففوا عنهم و لكن بمجرد أن عاد ً‬
‫كال منهما إلى غرفته في منزلة ‪ ،‬و خال بنفسه و خالقة ‪،‬‬
‫انفجرا في بكاء مرير و ظال يدعوان هللا أل يُنزل غضبه على أهل األرض بما يفعله السفهاء منهم ‪ ،‬و كانا يشعران بالثورة و الغضب من أجل‬
‫حقوق هللا و محارمه التي ينتهكها الناس ‪ ،‬ظال يستغفران هللا و يطلبان عفوة ألهل األرض على ذنوب لم يفعال هما منها شيئًا قط ‪.‬‬
‫إنهـا قلوب المؤمنين ‪ ،‬ل تغضب إل إذا أُنتُهكت محارم هللا ‪ ،‬هي قلوب طاهرة ل تعرف إل الطاعة ‪ ،‬هي قلوب ل يسكنها إل الخير ‪ ،‬قلوب و‬
‫أرواح صنعها هللا على عينة ‪.‬‬

‫""الفصـل الرابـع و العشـرون""‬

‫ل تلومينـي علـى كلمـات عشقي ‪ ،‬لومـي جمالـك يا فتاتـي ‪. . . . . .‬‬

‫‪............... .............. .............‬‬


‫ظلـت جهـاد في البيـت و لم تذهب إلى عملها لمدة يومين ‪ ،‬و لم تكن تتحدث إلى أحد سوى مي فقط ‪ ،‬كانت تهاتفها كل يوم لتطمئن عليها ‪ ،‬و‬
‫تقضي بقية اليوم في الستغفار و الصالة و قراءة القرآن ‪ ،‬قلقت عليها أسرتها لكنها لم تخبر أحدًا بما حدث ‪ ،‬آثرت أن تتستر على تلك الحادثة‬
‫و أبت أن تخوض في الحديث عن تلك األمور ‪ ،‬حتى أنها لم تكن تستطيع التحدث إلى نضال ‪ ،‬و هو أيضًا لم يتحدث إليها ‪ ،‬فقد كان يعاني‬
‫صراعات هو اآلخر ‪ ،‬أما مي فكانت حالتها سيئة للغاية ‪ ،‬كانت تستيقظ من النوم تصلي فتبكي في صالتها ثم تنام مرة أخرى ‪ ،‬كأنها ل تصدق‬
‫ول تستوعب ما حدث ‪ ،‬تحمد هللا بكل جوارحها لكنها ل تستطيع نسيان ما حدث ‪ ....‬قررت جهاد الخروج من تلك الحالة و العودة لعملها‬
‫فنزلت إلى الجامعة و لكن جزء من بريق شخصيتها ظل منطفئًا لعدة أيام ‪ ،‬تحدثت إلى مي و طلبت منها أن تأتي إلى الجامعة و لكن مي‬
‫رفضت فأصرت جهاد حتى استسلمت مي و وافقت و اتفقا على اللقاء غدًا في مكتب جهاد‪.‬‬
‫‪............. ............... ............‬‬
‫جهـاد و هـي تجلس أمام مـي‪:‬‬
‫عاملة إيه يا مي دلوقتي‬

‫‪-‬مـي برضا‪:‬‬
‫الحمد هلل يا دكتورة ‪ ،‬كويسـة أهو‬

‫‪-‬الموضوع خلص علـى إيه ؟‬

‫‪-‬مـي بألم‪:‬‬
‫محبوس لحد ما يتحكم عليه تقريبًا ‪ ،‬أنا ماسألتش و هللا يا دكتورة ‪ ،‬ماأعرفش حاجة من بعد ما روحت قولت أقوالي و إنتم شهدتوا‬

‫‪-‬ماتقلقيش يا مي ‪ ،‬هاياخد جزاته ‪ ،‬وربنا هاياخدلك حقك‬

‫‪-‬مـي بامتنان ‪:‬‬


‫أنا عايزة أشكرك أوي يا دكتورة إنت و جوز حضرتك ‪ ،‬إنتم ربنا بعتكم ليا من السما و هللا ‪ ،‬أنا مش عارفة أشكرك على إيه ول إيه و هللا ‪ ،‬أنا‬
‫بحسك كتلة خير متحركة كدا ‪ ،‬مش بشر شبهنا ل ‪ ،‬إنت ماعندكيش الجوانب الشريرة اللي عندنا ‪ ،‬وقفتي جنبي من يوم ما جيتلك و أنا أبعد ما‬
‫يكون عن ربنا ‪ ،‬دلتيني على طريق الفالح و كنتي بتعامليني كأني أختك مش مجرد طالبة عندك ‪ ،‬و سبحان هللا إنت اللي شوفتيني وقت ما‬
‫كنت بتخطف و عرفتي تتصرفي صح بحكمتك يا عالم كان هايحصلي إيه لو ماكنتيش شوفتيني ‪ ...‬ثم بكت‬

‫‪-‬قامت إليها جهاد و أخذت تتحدث إليها بحنان لتهدأ‪:‬‬


‫يا مي و هللا أنا بحسك أختي الصغيرة ً‬
‫فعال ‪ ،‬و بعدين دا إنت ربنا بيحبك عشان كدا وقفني في طريقك ‪ ،‬إنسي الموضوع دا بقى و احمدي ربنا‬
‫إنه عدى على خير ‪ ،‬و ركزي فـ مذاكرتك ‪ ،‬المتحانات خالص قربت‬

‫ً‬
‫أصال‬ ‫‪-‬و هللا بحمد ربنا من كل قلبي يا دكتورة ‪ ،‬لكني على طول حاسه برعب و مش قادرة أنسى ‪ ،‬إحنا خالص قررنا إننا ها نسافر‬

‫‪-‬جهاد بدهشة ‪:‬‬


‫تسافري فين يا مي و دراستك و امتحاناتك‬
‫ً‬
‫أصال بيقولنا نسافرله و بيقول إن المنطقة اللي هو فيها بقت كويسة جدًا ‪ ،‬و مصمم إننا نروح و‬ ‫‪-‬ها نسافر عند أخويا فـ ايطاليا ‪ ،‬هو بقاله فترة‬
‫إحنا كنا بنأجل عشان دراستي ‪ ،‬لكن بابا لما لقاني كدا قرر يصفي شغلة هنا و نسافر بعد امتحانات الترم دا ‪ ،‬و ها أبقى أنزل على المتحانات‬
‫بقى آخر السنة و السنة الجاية‬

‫‪-‬جهاد بحزن ‪:‬‬


‫هاتسيبينا يا مي ‪ ،‬و تحريميني من طلتك و الكالم معاكي‬

‫‪-‬هاتوحشيني أوي و هللا يا دكتورة ‪ ،‬إنت الحاجة الوحيدة اللي لسه مخلياني أتمسك بالقعدة هنا لكني حقيقي بتعذب ‪ ،‬ها أسافر بس وعد مني لزم‬
‫ها أكلمك على طول‬

‫‪.............. ............ ............‬‬


‫جهـاد و هـي تتحدث في الهاتف إلى نضال‪:‬‬
‫السالم عليكم‪.‬‬

‫‪-‬و عليكم السالم ‪ ،‬صباح الخير يا جهاد‬

‫‪-‬جهـاد بحب‪:‬‬
‫صباح النور ‪ ،‬عامل إيه‬

‫‪-‬الحمد هلل بخير ‪ ،‬صوتك مبسوط كدا و حاجات حلوة‬

‫‪-‬جهاد بسعادة ‪:‬‬


‫أخيرا المعلمة ها ترجع و كلموني إمبارح ‪ ،‬عشان أروح النهاردة أسمع عليها آخر جزء و أخد بقى إيجازه القراءة العاشرة للقرآن ‪ ،‬كانت‬
‫ً‬ ‫أصل‬
‫مابتجيش من زمان أوي و أنا كان نفسي أخد اإليجازة دي بقى‬

‫‪-‬نضال بسعادة و فخر‪:‬‬


‫مبـارك يا حبيبتي ‪ ،‬على خير يارب ‪ ،‬ربنا ينفع بيكي ‪ ،‬بإذن هللا ها أجيلك بكرا علشان أباركلك‬

‫‪-‬جهاد ببهجة‪:‬‬
‫بجد هاتيجي‬

‫‪-‬بقالي عشر أيام ماشوفتكيش أهو ‪ ،‬من يوم النادي ‪ ،‬كفاية كدا أوي‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫آه كفاية جدًا ‪ ،‬ها أستناك بإذن هللا‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫بعد أن أنهى نضال المكالمة جلس يفكر و يتحدث إلى نفسه‪:‬‬
‫عايز أجيبلها هدية ‪ ،‬عشان أباركلها و كمان عشان تفرح و تنسى الموضوع اللي عدى دا ‪ ،‬بس المشكلة إن زوقها غير البنات كلهم ‪ ،‬لو جيبتلها‬
‫حاجات من اللي بتفرح البنات مش ها تبقى على هواها ‪ ،‬مابتحبش الدهب ول األنتيكات ول العرايس و مابتحبش غير ورد التيوليب و لسه‬
‫جايلها قريب ول بتحب اإلكسسوارات ‪ ،‬ياربي عليها دماغ غريبه ‪ .......‬أجيب إيه ‪ ،‬أجيب إيه ‪ ......‬أوبا لقيتها ‪ ،‬بس يارب الهدية دي تلحق‬
‫تخلص على بكرا ‪ ،‬متأكد إنها ها تعجبها و ها تطير بيها‪.‬‬
‫‪........... ........... ...........‬‬
‫‪-‬فـارس و هو يجلس مع وسام في صالون منزلها‪:‬‬
‫مش مصدق إن بقالنا شهر مخطوبين و إنت ماطولتيش لسانك عليا‬

‫‪-‬وسام بمرح‪:‬‬
‫ههههههههه ‪ ،‬هو ل كدا عاجب ول كدا عاجب يعني ‪ ،‬أقوم أتخانق معاك‬

‫‪-‬فارس و هو يتصنع الخوف‪:‬‬


‫ل هلل يسترك ‪ ،‬دا إنت كدا زي الفل أقسم باهلل ‪ ،‬دا أنا ما صدقت إنك قبلتي تبصي فـ خلقتي يا شيخة‬

‫‪-‬ههههههه ‪ ،‬يا عيني للدرجادي ‪ ،‬دا أنا بخوف بجد بقى ‪ ،‬بس حقيقي و هللا أنا عايزة أعتذرلك من يوم الخطوبة على اللي أنا عملته أول مرتين‬
‫اتقابلنا فيهم بس كنت بتكسف‬

‫‪-‬فارس بحب‪:‬‬
‫تعتذري على إيه بس يا وسام ‪ ،‬احنا مفيش بينا الكالم دا و إنت تعملي اللي إنت عايزاة في الوقت اللي إنت عايزاه برضة ‪ ،‬و بعدين يا ستي دا‬
‫عصبيتك دي على قلبي زي العسل و هللا هههههههه‬

‫‪-‬وسام بهدوء‪:‬‬
‫ربنا يكرمك يا فارس ‪ ،‬تعرف أنا بحمد ربنا إني وافقت نتخطب و هللا ‪ ،‬إحنا يمكن آه مابنتكلمش ول بنتقابل كتير ‪ ،‬لكن أنا حاسة إني بتغير ‪،‬‬
‫إني ها أبقى طبيعية ‪ ،‬العقدة بدأت تقل أو تروح تما ًما ‪ ،‬إتأكدت إني كنت غلط ‪ ،‬و إني مكبرة الموضوع ‪ ،‬و إنها مش قاعدة عامة و ماينفعش‬
‫آخد حد بذنب حد ‪ ،‬إنت بشخصيتك و تعاملك خالني أفكر في كل حاجة بمنذور آخر‬

‫‪-‬فارس بمزاح‪:‬‬
‫يااااه يا أبو جبل ‪ ،‬أنا مش مصدق نفسي يا جدعان ‪ ،‬دي بتشكر فيا و بتقول كالم حلو ‪ ......‬عايز أقولك إني ها أفضل معاكي لحد ما تبقي تمام‬
‫و هانتجوز و نخلف و نعيش سعداء بإذن الرحمن‬

‫‪-‬بإذن هللا‬
‫‪-‬فارس بجدية ‪:‬‬
‫وسام كان فيه حاجة كدا ‪ ،‬دا مش تدخل مني في حياتك و هللا ‪ ،‬لكن أي حاجة تخصك تهمني ‪ ،‬أنا مالحظ من كالمك عن سندس أختك ‪ ،‬إنك‬
‫مش قريبة ليها أوي صح؟‬

‫‪-‬في الحقيقة آه ‪ ،‬أنا مش قريبة ليها ول حاولت أصاحبها ‪ ،‬هي أصغر مني و مش ها تفهمني ‪ ،‬وأنا كمان مش حاساني فاضية خالص إني‬
‫أصاحبها‬

‫‪-‬فارس بتفهم و حنان‪:‬‬


‫بس دا مش صح خالص يا وسام ‪ ،‬إنت الكبيرة وليكي صحابك ‪ ،‬لكن فيه حاجة مهمة جدًا ‪ ،‬الكبير مش بيحتاج الصغير ‪ ،‬لكن الصغير في أمس‬
‫الحاجة للكبير‪ ،‬قربي منها يا وسام و ماتخليهاش تحتاج تحكي لحد غيرك ‪ ،‬بدل ما تقع في حد مش كويس ‪ ،‬و هي لسه صغيرة وفي بداية‬
‫حياتها ‪ ،‬تعرفي أنا نضال أخويا مصاحبني أنا و هناء لدرجة إننا عمرنا ماحسينا إننا محتاجين صحاب غيرة ول سعينا ورا حد علشان يسمعنا‬
‫داي ًما بنالقيه ياخدنا في حضنة و يسيب أي حاجة وراه و يقعد معانا ‪ ،‬و دا حمانا من مشاكل كتير ‪ ،‬أصل ماحدش هايحبلك الخير زي اخوكي‬
‫أو أختك ‪ ،‬إحنا دلوقتي نضال لو طلب عنينا نديهالة من غير تردد ألننا متعلقين بيه جدًا و هو ضحى كتير عشانا ‪ ،‬أنا كبرت و ها أتجوز أهو و‬
‫لسه بحس إني ابن نضال الصغير اللي محتاجة في كل حاجة ‪ ،‬خليكي كدا يا وسام و اكسبيها‬

‫‪-‬وسام باقتناع‪:‬‬
‫شكرا إنك فتحت عيني على حاجة أنا كنت مهمالها ‪ ،‬ربنا يخليك ليا‬
‫ً‬ ‫حاضر يا فارس ‪ ،‬أوعدك بدا ‪،‬‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫جاء نضال إلى منزل جهاد ‪ ،‬طرق الباب فتوجه والدها ليفتح له ألنها كانت لزالت ترتدي الحجاب ‪ ،‬و لكنها أنهته سريعًا ‪ ،‬فكان نضال بالكاد‬
‫دخل مع والدها و يتوجهان إلى الصالون و لكنه توقف عن الحركة عندما نظر إليها ‪ ،‬كان يحمل مغلف كبير بين يديها ‪ ،‬حيته بلسانها فرد‬
‫عليها التحية و مد يده لها بالهدية و قال بمرح‪:‬‬
‫اتفضلي يا حرمي ال َمصون ‪ ،‬دي هديتك‬

‫‪-‬جهاد ببهجة و امتنان‪:‬‬


‫ليه كدا يا نضال تتعب نفسك ‪ ،‬كفاية إنك جيت‬

‫‪-‬نضال بحب ‪:‬‬


‫ل كان لزم ‪ ،‬بس يارب تعجبك تعالي افتحيها كدا و شوفيها‬

‫كان والدها قد تركهم و جلس في الصالون فوضعت جهاد الهدية على مكتب في نهاية الصالون بعيدًا عن والدها و بدأت في فتح المغلف و‬
‫نضال يقف خلفها على وجهة ابتسامة عاشقة ‪ ،‬أنهت جهاد فك الغالف و أخذت ترفعه و إذا بها تتفاجيء بروعة ما بداخلة ‪ ،‬مجسم رائع للمسجد‬
‫األقصى بأكمله حيث السور و مسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية و المسجد القبلي ذو القبة البرونزية ‪ ،‬كان المجسم غاية في الفن و الروعة و‬
‫الجمال ‪ ،‬صرخت جهاد من المفاجأة و السعادة ‪:‬‬
‫هللا !! إيه الجمال دا ‪ ،‬ثم وضعت يدها تلمسه بأناملها فأدمعت عينها ‪ ،‬ثم فجأة استدارت لنضال الواقف خلفها و وقفت بأطراف أصابعها على‬
‫قدمية لتصل إلى رقبته ثم احتضنته و تعلقت برقبته بشدة و هي تبكي من السعادة و الشوق للذهاب لهذا المسجد العظيم ‪ ،‬تفاجأ نضال في البداية‬
‫من رد فعلها الغير متوقع ‪ ،‬ثم أدرك ما يحدث و أن زوجته بين يديه فضمها إليه بقوة هو اآلخر ‪ ،‬فهو قد اشتاقها جدًا ‪ ،‬و لم يقترب منها هكذا‬
‫منذ يوم عقد القران ‪ ،‬تحدثت إليه جهاد من بين دموعها ‪:‬‬
‫دي أجمل هدية جاتلي و هاتجيلي ‪ ،‬ربنا مايحرمني منك ‪ ،‬أنا مش عارفة أعبر عن سعادتي الكبيرة و هللا ‪ ،‬إنت جيبتلي أغلى حاجة على قلبي ‪،‬‬
‫ثم صمتت ‪ ،‬و نضال صامت تما ًما ‪ ،‬هو فقط يحمد هللا بقلبة أنه وفقه إلى هذه الخاطرة و استطاع إسعادها و أنها اآلن تقف و قلبها بجوار قلبه‬

‫كان والدها يشاهد ما يحدث من بعيد بحب و يعلم أن جهاد عندما تستفيق من تأثير المفاجأة و تستوعب ما فعلت ستصاب بنوبة عارمة من‬
‫الخجل‬

‫بدأت جهاد تدرك ما فعلت ‪ ،‬فأبعدت يدها عن عنق نضال ثم ابتعدت عنه بهدوء و بطء و هي تنظر أرضًا و تكاد تبكي حر ًجا ثم استدارت و‬
‫توجهت للداخل مسرعة و هي تتمتم بصوت مسموع ‪:‬‬
‫إيه اللي أنا نيلته دا ‪ ،‬إنت اتجنيتي يا جهاد ‪ ،‬ثم اختفت في الداخل ‪ ،‬فانفجر نضال في الضحك من هيئتها ثم نظر عن يمينة فوجد أحمد يكاد‬
‫يموت ضح ًكا هو اآلخر ‪ ،‬فأُصيب بالحرج ألنه لم يكن يعلم أن أحمد يتابع ما يحدث منذ البداية ‪ ،‬تحدث إليه أحمد من بين ضحكاته ‪:‬‬
‫تعالى اقعد يا نضال تعالى ‪ ،‬معلش ‪ ....‬هي بنتي ها تفضل طول عمرها كدا ‪ ،‬أروبه و بلسانين ‪ ،‬لكنها بتتكسف من كل حاجة و أقل حاجة و‬
‫من كل الناس ‪ ،‬مابتعرفش تفرق بين األشخاص هي في الموضوع دا ‪ ،‬استحمل بقى دي هاتوريك أيام زي الفل بسبب الكسوف دا ههههههههه‬

‫‪-‬نضال و هو يضحك من طريقة و كالم أحمد‪:‬‬


‫ل منا خالص جربت يا عمي ‪ ،‬و بعدين جمال البنت في حيائها ‪ ،‬بس عند جهاد زايد حبتين تالته كدا‬
‫‪........... ........... ..........‬‬
‫‪-‬نضـال و هو يمشي بجوار جهاد ‪:‬‬
‫ما خالص بقى ياست جهاد ‪ ،‬فكيها هللا يسترك‬

‫‪-‬جهاد بمزاح لتتناسى حرجها‪:‬‬


‫فكيتها يا أخ نضال‬

‫‪-‬أل صحيح إيه الحكمة فـ إننا نتمشى كدا ‪ ،‬ما نقعد فـ حته‬

‫‪-‬بحب أوي المشي على الطرق الهادية دي بالليل ‪ ،‬كنت سعات باخد جدو و أخليه يتمشى معايا أو وسام ‪ ،‬بحس بمتعة كدا و أنا ماشية أتسكع و‬
‫معلقة في إيد حد كدا زي ما إحنا ماشين سوا‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫عاماللي فيها رومانسية يا أختي و بتتمشيلي بالليل‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫إمال إيه يا ابني ‪ ،‬أنا رومانسية جدًا على فكرة‬

‫‪-‬نضال باستفزاز‪:‬‬
‫يا شيخة اقعدي ‪ ،‬رومانسية مين بس ‪ ،‬دا إنت معيشاني في صحراء ‪ ،‬دا إنت ياعيني حضنتيني بالغلط ‪ ،‬فضلتي طول ما إحنا قاعدين على‬
‫األكل وشك أحمر و عينك ما بتترفعش من الطبق ‪ ،‬دا أنا لما بقولك وحشتيني بتغيري الموضوع ‪ ،‬و بتقولي رومانسية قال‬

‫‪-‬جهاد بتذمر‪:‬‬
‫بتكسف غصب عني هللا ‪ ،‬أعمل إيه يعني ‪ ،‬و بعدين محسسني إنك بتراعي يعني ‪ ،‬ما إنت بتقول اللي إنت عايزة من يوم ما كتبنا الكتاب ‪ ...‬ثم‬
‫قالت بمرح‪:‬‬
‫و أنا أسمع و أسكت هههههههه ‪ ،‬دا أخري ‪ ،‬أما نتجوز ها أبقى رومانسية من غير ما أتكسف يا سيدي‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫طيب حلو جدًا ‪ ،‬يال بينا نتجوز بقى ‪ ،‬امتحانات الترم قربت تخلص أهي ‪ ،‬نتجوز إحنا بقى في أجازة نص السنة‬

‫‪-‬اهدى اهدى يا حبيبي ‪ ،‬إن شاء هللا كمان سنة‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر إليها بتحدي‪:‬‬


‫قس ًما باهلل آخرك معايا السنادي ‪ ،‬ها أسيبك الترم التاني على الشقة ما تخلص بس ‪ ،‬لكن أول ما ناخد أجازة من الجامعة ها نتجوز وش ‪ ،‬حتى‬
‫لو إنت مش موافقة و قعدتي تتحججي ‪ ،‬ها أتفق مع عمي أحمد و ها أعمل الفرح غصب عنك ‪ ،‬هي فوضى ول إيه‬

‫‪-‬جهاد بخوف مصطنع‪:‬‬


‫يا ماما طاه بالراحة طيب ‪ ،‬مش كدا يا أبو الدكاترة ‪ ،‬دا أنا زي مراتك برضة ‪ ،‬خليك حنين‬

‫‪-‬هههههههه ‪ ،‬ما إنت مابتجيش غير بالعين الحمرا ‪ ،‬المهم بقى ها تيجوا كلكم إسكندرية األسبوع الجاي ‪ ،‬عشان تشوفوا الشقة و تقضوا كام يوم‬
‫هناك ‪ ،‬أنا كلمت عمي النهاردة و هو وافق ‪ ،‬و إحنا اإلتنين أجازتنا ها تبدأ األسبوع دا ‪ ،‬ماشي؟‬

‫‪-‬ماشي تمام ‪ ،‬بس تفسحني عندكم فسحة حلوة بقى و تدخلني المكتبة بتاعتك عشان آخد شوية كتب حلوة كدا من عندك‬

‫‪-‬من عنيا التنين ‪ ،‬هاأظبطك ل تقلقي‬

‫‪-‬جهاد بنبرة حزينة‪:‬‬


‫بس تعرف أنا كل ما أفتكر إن المتحانات ها تخلص و األجازة هاتبدأ ‪ ،‬أفتكر إن مي ها تسافر أتضايق ‪ ،‬قلقانة عليها جدًا‬

‫‪-‬ل ماتقلقيش ‪ ،‬على فكرة السفر أحسن ليها من القعدة هنا ‪ ،‬ثم قام بتغيير ذاك الموضوع الحزين ‪:‬‬
‫قوليلي صحيح إنت كلمتي حد إمبارح من الناس اللي بره‬

‫‪-‬جهاد بفرح ‪:‬‬


‫آه كلمت واحدة إمبارح و تقبلت الموضوع و بدأت تسأل و تتحاور معايا و سألتني على أسامي كتب تقراها ‪ ،‬فقولتلها ‪ ،‬قالتلي ها تقرأ و تكلمني‬
‫‪ ،‬بإذن هللا هاتقتنع و ربنا يشرح صدرها و تسلم ‪ ،‬الناس ما شاء هللا عليهم و هللا ‪ ،‬دي تاني منطقة و أغلبها أسلم و مبسوطين ‪ ،‬أنا حاسة إننا‬
‫غلطانين إننا مابدأناش من زمان ‪ ،‬المفروض أي حد يقدر يقنع الناس و يتكلم معاهم ‪ ،‬يدور على الناس اللي ماتعرفش اإلسالم و يكلمهم عنه ‪،‬‬
‫الناس بتستجيب و عندها قابلية‬

‫‪-‬تعرفي إني اكتشفت إن المناطق دي كان فيها شباب مسلمين من زمان لكنهم عاشوا معاهم من غير مايكلموهم عن اإلسالم ‪ ،‬بل هم قربوا‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬و كانوا بيشربوا بقى و منغمسين في كل عادات المجتمع اللي مش مسلم و إن الناس اللي حواليهم لما بدأوا يسلموا‬ ‫ينسوا إنهم مسلمين‬
‫بدأوا يتكلموا معاهم و يخلوهم مسلمين بجد ‪ ،‬سبحان هللا ‪ ،‬إحنا العرب المسلمين ‪ ،‬اإلسالم بقى هين علينا أوي ‪ ،‬و الناس اللي بتدخله جديده‬
‫بتنبهر بيه و بتندم إنها كانت بعيد عنه‬

‫‪-‬حاجة تحزن و هللا ربنا يهدينا و يهدي الجميع ‪ .......‬ظال يتحدثان و هما يتجولن تارة و يجلسان تارة أخرى ‪ ،‬ثم ركبا السيارة ليُقل نضال‬
‫جهاد إلى منزلها ثم يغادر ‪ ،‬و عندما وصال إلى منزل جهاد ‪ ،‬أعطى نضال لجهاد حقيبة كانت موضوعة على الكرسي الخلفي و قال بحب‪:‬‬
‫الشنطة دي فيها اسكتشات مذكراتي اللي كنت بكتبلك فيها كل يوم هما كتير معلش ألني بكتبلك من و أنا فـ تانية ثانوي تقريبًا ‪ ،‬ابقي اتسلي‬
‫عليهم طول األجازة بقى ‪ ،‬هاتالاقيني حاكيلك فيهم تفاصيل التفاصيل ‪ ،‬حتى كل مرة حلمت بيكي فيها مكتوبه فيهم بوصف دقيق ‪ ،‬هاتحسي و‬
‫إنت بتقري إنك كنتي عايشة معايا لحظة بلحظة و هاتالقيني كمان واصف شكلك من قبل ماأشوفك في الواقع من أحالمي ‪ ،‬كنت ناوي‬
‫أجيبهوملك من يوم كتب الكتاب ‪ ،‬بس كل مرة من كتر ما أنا ببقى مستعجل عشان أجيلك بنساهم ‪ ،‬النهاردة بقى الهدية فكرتني بيهم‬

‫‪-‬جهاد بإعجاب ‪:‬‬


‫هللا !! على فكرة و أنا كمان كنت بكتبلك بس أنا من أول أولى كلية ‪ ،‬و كنت برضة بقول أما أكتب كتابي هاأديهم لجوزي ‪ ،‬بس حقيقي أنا‬
‫اتكسفت جدًا فمش هاأديهوملك بقى ‪ ،‬ابقى اقراهم أما نتجوز‬

‫‪-‬نضال بتصميم‪:‬‬
‫ل ماليش دعوة إنت ها تطلعي تجيبيهم كلهم ً‬
‫حال دلوقتي‬

‫‪-‬جهاد بحرج‪:‬‬
‫ل إنسى ‪ ،‬دا أنا كاتبة فيهم كالم ماينفعش خالص أقسم باهلل ‪ ،‬دا أنا أتكسف أقراهم أنا تاني ‪ ،‬أنا ماكنتش بكتب كل يوم ‪ ،‬بس لما كنت بكتب كنت‬
‫بقول كالم من قلبي أوي ‪ ،‬و آدام من قلبي فتأكد إنه كالم يكسف ‪ ،‬دا أنا مذكراتي كلها مشاعر و أحاسيس انسى إنك تقراها دلوقتي‬

‫‪-‬نضال و هو يمد يدة و يأخذ الحقيبة ‪:‬‬


‫خالص يبقى مفيش مذكرات إنت كمان لحد ما تديني بتاعتك ‪ ........‬ظلت جهاد تساومه و لكنه أصر فاستسلمت في النهاية و قررت إحضار‬
‫مذكراتها له ‪ ،‬فصعدت و جمعتها في حقيبة ثم هبطت بها إليه و دخلت إلى السيارة ثم قالت بحنق ‪:‬‬
‫أهم يا سي نضال ‪ ،‬يارب ترتاح بقى ‪ ،‬هللا يسامحك و هللا ‪ ،‬خد ها تالقي آخر حاجة كاتباها من يومين‬

‫‪-‬نضال بدهشة‪:‬‬
‫نعم !!! من يومين ‪ ،‬طب إحنا المفروض بنكتب فيهم قبل ما نقابل بعض عشان مانطلعش مشاعرنا فـ حاجة حرام ‪ ،‬لكن دا إنت حضرتك واحدة‬
‫متجوزة مش مخطوبة حتى يعني ‪ ،‬دا أنا بطلت أكتب من يوم ما قابلتك ‪ ،‬و إنت لسه بتكتبيلي فـ ورق ‪ ،‬طب ما تقوليلي على طول الكالم دا‬
‫‪-‬جهـاد بانفعال‪:‬‬
‫إنت هاتهزر يا ابني ‪ ،‬أقولك إيه بس ‪ ،‬أقولك وحشتني و عايزة أشوفك و بحبك قد إيه و كالم من دا ‪ ،‬دا أنا يغمى عليا‬

‫‪-‬دا أنا اللي هاتشل منك يا شيخة ‪ ،‬ها أقعد عليهم أقراهم و أكلمك عشان أكسفك بالكالم اللي إنت كتباه‬

‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬ثم أمسكت حقيبة مذكراته في يدها و قالت‪:‬‬ ‫‪-‬رخم و تعملها ‪ ،‬أنا مش ها أكلمك لمدة شهر قدام‬
‫يال بقى أنا ها أطلع‬

‫‪-‬طب سلمي عليا حتى يا بنتي ‪ .....‬فمدت يدها و صافحته ثم سحبت يدها بسرعة و فتحت الباب و قالت‪:‬‬
‫سلمت أهو ‪ ،‬يال بقى في أمان هللا‬

‫‪-‬ضال بنفاذ صبر‪:‬‬


‫ماشي يا جهاد ‪ ،‬صبرك عليا ‪ ،‬يال أستودعك هللا ‪ ......‬ثم غادر و صعدت هي إلى بيتها ‪ ،‬و أخذت تتحدث لنفسها و هي تصعد الدرج ‪:‬‬
‫أعمل إيه يا ربي بس ‪ ،‬منا بحبه و بموت فيه لكني شبه الهطلة بالظبط ‪ ،‬ماأقدرش أقوله حاجة في وشة أبدًا ‪ ،‬دا أنا لسه لحد دلوقتي بتحصلي‬
‫نفس الربكة كل ما أبص فـ عنيه ‪ ،‬عارفة إني ها أعمله جفاف في المشاعر ‪ ،‬بس أعمل إيه فـ خيبتي دي ‪ ،‬ربنا يستر عليه من اللي هايقراه ‪ ،‬ها‬
‫يكتشف واحدة تانية ‪ ،‬منا كمان كنت بكتب بالوي ‪ ،‬يال أهو الكتابة تعوض قلة كالمي‪.‬‬

‫""الفصـل الخامـس و العشـرون""‬

‫مبررات حبــي لك كثيـرة ‪ .....‬کـلهـا أنت لكـن بصيـغ مختلفـة ‪. . . . . . .‬‬


‫‪........... ........... ............‬‬
‫مـرت األيام و انتهت المتحانات و بدأت إيجازة منتصف العـام ‪ ،‬أخذت جهـاد تستعد مع أسرتها للسفـر إلى األسكنـدرية ‪ ،‬جاء نضال إليهم‬
‫ليأخذهم ألنها المرة األولى التي يقومون فيها بتلك الزيارة ‪ ،‬ركبت جهاد بجواره و ركبت بقية أسرتها في سيارة أحمد ‪ ،‬وصلوا إلى منزل‬
‫نضال و بعـد تبادل السالم و التحية ‪ ،‬جلسوا للغداء ‪ ،‬ثم تفرقوا بعد الغداء ‪ ،‬جلست منى مع وفاء و ناهد و نضال مع والدة و أخية و أحمد و‬
‫الحج مصطفى و جلست جهـاد مع هناء في الشرفة يتحدثون و يتمازحون ‪ ،‬فهناء تحب جهاد جدًا و كذلك جهاد تحبها ‪......‬‬
‫‪-‬قالت هناء بمزاح ‪:‬‬
‫و هللا نضال أخويا دا قمة في الرخامة ‪ ،‬ربنا يصبرك علية‬

‫‪-‬جهاد و هي تضحك من طريقة هناء‪:‬‬


‫ل منا شوفت بنفسي ‪ ،‬بس و هللا بيني و بينك يا هناء الحياة ماتبقاش حياة من غير الضحك و الهزار و التنطيط و المقالب‬

‫‪-‬هناء بمزاح‪:‬‬
‫آه ما إنت نفس الدماغ ‪ ،‬فولة و اتقسمت نصين إنتم اإلتنين ‪ ،‬بحسكم شبه بعض جدًا و هللا ‪ ،‬حتى من كتر تقارب شخصيتكم بحس إنكم شبه‬
‫بعض في الشكل‬

‫‪-‬هللا بقى ‪ ،‬و ليه اإلحراج دا هههههههه‬

‫‪-‬هناء بجـدية‪:‬‬
‫أخيرا و مبسوطة أكتر إن مراتة واحدة شبهك كدا ‪ ،‬لكني كل ما أفتكر إنه شوية و هايسيبنا و يروح‬ ‫ً‬ ‫تعرفي أنا مبسوطة أوي إن نضال ارتبط‬
‫يعيش فـ بيته بعيد عننا ‪ ،‬أحس إنـي مخنوقة و عايزة أعيط ‪ ،‬أنـا من يوم ما اتولدت و هـو بالنسبالي كـل حاجة و أهم حاجة ‪ ،‬أغلـى عندي من‬
‫ماما و بابا نفسهـم ‪ ،‬تعرفـي يا جهاد نضال دا عمرك ماهاتقابلي فـ حياتك زيه أبدًا ‪ ،‬هـو بسمة أي مكان يبقى موجود فيه ‪ ،‬عمره مازعلني أبدًا‬
‫‪ ،‬حتى لو غلطانة و عامله مصيبة ‪ ،‬يقعدني جنبه و يقعد يتكلم معايا بالراحة و يفهمني كل حاجة ‪ ،‬أنا عمري مابتكسف منه أبدًا ‪ ،‬ممكن أحكيله‬
‫الحاجات اللي ماأعرفش أحكيها لماما ‪ ،‬عنده كمية حنية رهيبة و هللا ‪ ،‬مش عندنا حتى إحنا البنات ‪ ،‬لو جه من الكلية لقى ماما واقفة فـ المطبخ‬
‫لواحدها تالقيه غاسل ايديه و يقف يساعدها و يهزر معاها من غير ما يغير هدومه حتى ‪ ،‬ولزم كل يوم و هو جي من برا يجيب ليا حاجة‬
‫حلوة أنا و ماما ‪ ،‬تتكلمي معاه تحسي إنه بحر من العلم و المعرفة ‪ ،‬تهزري معاه ماتقدريش تمسكي نفسك من الضحك ‪ ،‬لما بركز في تفاصيل‬
‫حياته ‪ ،‬شغلة في الجامعة و العيادة و عالقته بينا و إنه بيخطب في المسجد و بيحفظ األطفال قرآن و بيلعب كورة و بيخرج مع صحابه و بيقعد‬
‫بعد العشاء بالشباب في المسجد يتكلم معاهم و يساعد اللي محتاجة ‪ ،‬بحسه صعبان عليا و إنه أكيد حاسس بالضغط من كتر الحاجات اللي‬
‫بيعملها ‪ ،‬لكني عمري أبدًا ماشوفت الضغط على وشه ول سمعته بيقول مش فاضي ول حسيت إنه زهقان من كتر اللي بيعمله ‪ ،‬أخويا دا بينه و‬
‫بين ربنا حاجة عظيمة ‪ ،‬حاجة كدا مش أي حد يعرفها ‪ ،‬و هللا العظيم ماببالغ فـ الكالم بس حقيقي ‪ ،‬أنا كل ما أبص لنضال بفتكر ربنا على‬
‫طول و كذا حد من قرايبنا كدا ‪ ،‬داي ًما يقولوا طلة نضال علينا أو حتى ذكر اسمه في الكالم بتفكرنا بربنا و تخلينا نذكرة ‪ ،‬سبحان هللا دا فضل‬
‫ربنا بيمن بيه على من يشاء ‪ ........‬نضال بيحبك أوي يا جهاد ‪ ،‬بيحبك بطريقة غريبة سعات بيقعد يتكلم معايا عنك بحسه من كتر النفعال‬
‫بيتكلم بكل جوارحه ‪ ،‬بقعد أقول في نفسي سبحان هللا ‪ ،‬بقى دا نضال اللي قرايبنا البنات كلهم بيخافوا يتكلموا معاه أو حتى يبصوله بسبب صده‬
‫ليهم و بعده عن الكالم مع أي بنت رغم إنهم هايموتوا عليه‪ ،‬أمي جابتله بنات الدنيا قبل ما يخطبك ‪ ،‬و دا ول حتى كان بيبص على واحده فيهم‬
‫‪ ،‬عمري ما كنت أتوقع إن عنده المشاعر دي كلها و إن هايحب بالطريقة دي ‪ ،‬كنت سعات بستغرب منه ‪ ،‬و أقول أما هو بيكره البنات أوي‬
‫كدا ‪ ،‬إزاي بيحبني و بيعاملني بالجمال و الحنان دا ‪ ،‬لكني فهمت بعدين إنه كان بيبعد عن البنات لحد ما يالقي اللي شبهه ‪ ،‬فهمت إنه كان لجم‬
‫مشاعرة بلجام من حديد عشان يفضل كاس الحب مليان للوقت المناسب ‪ ،‬إنه عارف إن النساء فتنة فكان بيبعد عنهم عشان خاطر ربنا لحد ربنا‬
‫ما رزقه بيكي ‪ ،‬حقيقي إنتم أغرب و أبهى شخصيتين مروا عليا‬

‫‪-‬جهـاد و قلبها ينبض بالعشق لزوجها‪:‬‬


‫و هللا و أنا بحبه أوي يا هناء ‪ ،‬هو أول حاجة فـ كل حاجة ‪ ،‬أول كلمة حب و أول نظرة و أول مسكة إيد و أول دقة قلب ‪ ،‬و أول حد يوحشني‬
‫لما يبعد عني ‪ ،‬مشاعرنا إحنا التنين متبادلة يا هناء و دي نعمة الحب الحالل ‪ ،‬إن زوجك يبقى هو أول بصمة على قلبك ‪ ،‬إن حبكم يبقى فـ‬
‫النور ‪ ،‬كل الخالئق شاهدة عليها ‪ ،‬إنك تبقي بتخزني مشاعر طول حياتك و تطلعيها مرة واحدة للشخص المناسب ‪ ،‬إن ماحدش يستهلك قلبك‬
‫في حاجة حرام ‪ ،‬داي ًما أول كلمة حب و أول العالقات بتبقى أجملها ‪ ،‬أنا و نضال بقالنا شهور كاتبين الكتاب أهو ‪ ،‬المشاعر بينا عمرها ما قلت‬
‫ول هاتقل أبدًا بإذن هللا ‪ ،‬كل مرة بيقولي فيها إنه بيحبني ‪ ،‬بحسها بتتقالي ألول مرة ‪ ،‬بحس بحالوة البدايات داي ًما ‪ ،‬ممكن كالم كتير يتكرر‬
‫لكنه كل مره ليه نفس التأثير و الجمال ‪ ،‬دا علشان إحنا حفظنا حق ربنا طول عمرنا ‪ ،‬فربنا باركلنا ‪ ،‬هو كان بيبعد نفسه عن أي بنت و أنا‬
‫كنت برفض أي حاجة ممكن تدخلني في سكة الحرام ‪ ،‬حتى من أيام مراهقتي و أنا داي ًما أصد أي حد من زمايلي يحاول يعبرلي عن أي حاجة‬
‫أو يتجاوز حدوده معايا ‪ ،‬داي ًما كنت برفض اتعلق بحد ‪ ،‬علشان قلبي يفضل بنقائة لحد ما أتجوز ‪ ،‬و الحمد هلل على كرمه ‪ ،‬ربنا رزقني‬
‫بأخوكي اللي فاق آمالي ‪ ،‬أنا و هللا من يوم ما اتخطبنا لحد النهاردة و أنا كل يوم فـ قيام الليل أقعد أحمد ربنا إنه رزقني بزوج زيه كدا ‪ ،‬أنا‬
‫يمكن مابعرفش أعبرله عن مشاعري و بتكسف لكني متأكده إن قلبه حاسس بكل حاجة من غير ما أقولها ‪ ،‬و ماتفكريش يا هناء إننا لما نتجوز‬
‫نضال بقى هاينفصل عنكم هنا و كدا ‪ ،‬ل طب ًعا ‪ ،‬إنتم أهله و أهلي أنا كمان ‪ ،‬عمرنا مانقدر نبعد عنكم أبدًا داي ًما هانبقى معاكم هنا‪.‬‬

‫كان نضال قد غادر جلسة الرجال منذ دقائق و قام يبحث عن زوجته ‪ ،‬علم من والدته أنها في الشرفة ‪ ،‬توجه إليها ‪ ،‬و عندما وصل وجدها‬
‫تتحدث إلى هناء فوقف على الباب ينظر إليها و يراقب تعابيرها و انفعالتها أثناء الحديث ‪ ،‬فـهو دو ًما يحب أن ينظر لها و هي تتحدث ‪ ،‬و‬
‫يتأمل تلقائيتها الرائعة ‪ ،‬استمع إلى تلك الكلمات التي قالتها ‪ ،‬فازداد حبه له فوق حب المحبين حبًا ‪ ،‬عندما انتهت من الحديث ‪ ،‬صفق بيدية‬
‫ليجذب انتباهها هي و هناء ‪ ،‬فنظرتا إليه و قالت جهاد بقلق‪:‬‬
‫إنت هنا من إمتى يا نضال‬
‫‪-‬نضال ببسمة ماكرة‪:‬‬
‫إنت مالك‬

‫‪-‬باهلل عليك بجد ‪ ،‬إوعى تكون سمعت حاجة‬

‫‪-‬نضال و هو يقترب منها و يغمز بعينه ‪:‬‬


‫أنا سمعت كل حاجة يا روحي‬

‫‪-‬جهـاد و قد تغير لونها و ارتبكت كل حركاتها‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال كنت بضحك على هناء و بهزر إوعى تصدق أي حاجة‬ ‫دا أنا‬

‫‪-‬هنـاء و هي تضحك من هيئة جهاد و كالمها‪:‬‬


‫اهدي يا بنتي مالك كدا ‪ ،‬و بعدين تضحكي عليا إيه ‪ ،‬دا إنت كان فاضل شوية و تطلعي قلوب من عنيكي ‪ ،‬أنا قايمة بقى علشان ماأبقاش عزول‬
‫‪ ،‬ثم نهضت‬

‫‪-‬جهاد و هي تحملق في هناء التي قامت و نضال الذي جلس مكانها ‪:‬‬
‫كدا يا هناء ‪ ،‬طب اقعدي ماتمشيش عشان خاطري ‪ ،‬و لكن هناء غادرت و هي تكاد تموت ضح ًكا ‪ ،‬همت جهاد باللحاق بها فأمسكها نضال من‬
‫يدها و جعلها تجلس مرة أخرى و قال بمزاح‪:‬‬
‫أصال عرفت كل حاجة من اللي إنت كتباه في المذكرات من غير ما أسمع‬ ‫ً‬ ‫يا بنتي اقعدي و بطلي شغل عيال بقى هللا ‪ ،‬و بعدين يا أختي أنا‬
‫يعني ‪......‬تعرفي عجبتني أوي طريقة كتابتك يا جهاد ‪ ،‬بتعبري بالفصحى و بألفاظ روعة ‪ ،‬كتابات أدبية حلوة أوي ‪ ،‬و جميلة الخطط اللي إنت‬
‫رسماها دي بإذن هللا هاأحققهالك كلها و كل األماكن اللي عايزة تروحيها و الناس اللي كاتبة عنهم و عايزانا نساعدهم سوا هانساعدهم بإذن‬
‫الرحمن ‪ ،‬و يا سالم بقى لما كنت بتكتبي إنك محتاجاني جنبك في وقت معين و إنك حاسة بالوحدة من غيري ‪ ،‬و فيه صفحة كان عليها آثار‬
‫دموعك من صدق كلماتك عيطتي ‪ ،‬و أنا بقرا كنت حاسس إني نفسي أشوفك دلوقتي و أمسك إيديكي و أطمنك و أقولك إني ها أفضل جنبك‬
‫داي ًما ‪ ،‬و مش ها أتكلم بقى عن كلمات الحب العظيمة و المشاعر المذهلة اللي أنا قريتها دي ‪ ،‬و الكالم اللي إنت كتبتية يوم كتب كتابنا دا كوم‬
‫تاني لواحدة ‪ ،‬أنا من كتر ما عجبني كل شوية أقراه لحد ما حفظته ‪ ،‬قعدت عليهم من يوم ما أخدتهم منك مابعملش حاجة غير إني أقراهم ‪،‬‬
‫ماكنتش متخيل إن يطلع منك كل دا هههههههه‬

‫‪-‬وضعت جهاد يدها على وجهها و قالت‪:‬‬


‫يادي الوقعة‬

‫‪-‬نضال و هو يضحك من تصرفها ‪:‬‬


‫قومي يا جهاد هللا يهديكي ‪ ،‬تعالي ها أفرجك على المكتبة بتاعتي عشان تختاري الكتب اللي إنت عايزاها قبل ما ننزل نروح نشوف الشقة ‪،‬‬
‫بدل ما يغمى عليكي و إنت قاعده‬
‫قامت معه جهاد و ذهبا إلى غرفة مكتبة التي تحوي مكتبة كبيرة زاخرة بأروع الكتب ‪ ،‬أخذت جهاد تتنقل بعينيها بين أسماء الكتب ‪ ،‬ثم قالت‬
‫بإعجاب‪:‬‬
‫هللا !! إنت عندك كل الكتب اللي أنا بحلم باقتنائها ‪ ،‬أنا حاسه إني عايزة أخدهم كلهم‬

‫‪-‬خدي اللي إنت عايزاة أنا تقريبًا قاري كل اللي هنا فمش ها أحتاج منهم حاجة ‪ ،‬خدي شوية من اللي عجبوكي ‪ ،‬و طلعي الباقي و أنا كل مرة‬
‫هاأجيبلك منهم شوية و أنا جايلك‬
‫‪.......... ........... ............‬‬
‫ذهبا معًا لرؤية بيتهم ‪ ،‬أعجبت به جهاد جدًا و بالتجهيزات التي بدأها نضال به ‪ ،‬و لكن أشد ما أسعدها أنها وجدت نضال قد زرع أجزاء كبيرة‬
‫من الحديقة بالتيوليب األحمر و األصفر و األرجواني الذي تعشقه ‪ ،‬شكرته جدًا على ذلك ‪ ،‬جاءت بقية األسرة أيضًا لرؤية المنزل ‪ ،‬و في‬
‫المساء قال أحمد أنه سيأخذ عائلته و يذهب إلى شقتهم الموجودة باألسكندرية ‪ ،‬لكنها بعيدة عن المنطقة التي يسكن بها نضال بعض الشيء ‪،‬‬
‫حاول والد نضال إقناعهم بالمكوث معهم في منزله و أن يصعدوا إلى شقة في الدور العلوي ‪ ،‬لكن أحمد رفض برفق ‪ ،‬و أصر على الرحيل ‪،‬‬
‫رحلوا على وعد باللقاء غدًا ‪ ،‬و في األيام التالية التي قضوها في األسكندرية ‪ ،‬كان نضال يخرج هو و جهاد منذ الصباح و يعودان ً‬
‫ليال ‪ ،‬ذهبا‬
‫ليال كما تحب جهاد ‪ ،‬و جلسوا ً‬
‫ليال على البحر كما فعلوا‬ ‫إلى البحر و إلى مدينة المالهي و إلى مكتبة األسكندرية و تجولوا في الطرقات الهادئة ً‬
‫من قبل ‪ ،‬كانوا يتحدثون تارة و يتناقشون في خططهم المستقبلية تارة و قد يتلوا نضال على مسامع جهاد ورده اليومي من القرآن و قد يتناقشان‬
‫في كتاب ما قرئاه معًا ‪ ،‬دخال مساجد كثيرة للصالة ألنهم ذهبوا ألماكن متفرقة ‪ ،‬و أحيانًا كانت جهاد تصر أن يؤذن نضال بنفسه لتسمع صوته‬
‫عن قرب ‪ ،‬قضيا أيا ًما ممتعة م ًعا جملتها طاعة الرحمن و تعاونهم على ذكره ‪ ،‬و كانت أحاديثهما ل تخلو من المزاح و الضحك و بوح نضال‬
‫بحبه أحيانًا و حرج جهاد و حيائها الممتع بالنسبة له ‪ ،‬انتهت تلك األيام التي تركت في نفوسهم أثر ل يُنسى و زادت من تآلفهم و تقاربهم‪.‬‬
‫‪............ ............ ..........‬‬
‫‪-‬جهـاد و هـي تتحدث إلـى مـي في الهاتف‪:‬‬
‫حبيبتـي طمنينـي عليكـي وحشتيني جدًا ‪ ،‬إيـه أخبـارك‬

‫‪-‬مـي بسعادة‪:‬‬
‫الحـمد للـه يا دكتورة ‪ ،‬كويسـة و هللا ‪ ،‬الحـمد هلل إني سافرت ‪ ،‬الناس هنا جميلة أوي ‪ ،‬تخيلي أوروبين بشرتهم شقرا و مابيتكلموش عربي ‪،‬‬
‫لكنهم مسلمين بمعنى الكلمة ‪ ،‬و هللا أخالق و أفعـال أنا ما سمعت عنها حتى فـي مجتمعنا الشرقي ‪ ،‬هنا تالقيهم مايعرفوش كلمة عربي لكنهم‬
‫بيجتهدوا علشان يقروا القرآن ‪ ،‬و يا جمال القرآن بقى من لسانهم ‪ ،‬بيواجهوا صعوبة علشان ينطقوا صح لكن الفروق البسيطة اللي بتطلع منهم‬
‫في القراية عشان لهجتهم المختلفة بتبقى جميلة جدًا ‪ ،‬و إحنا العرب مش حاسين بنعمة إن لغتنا لغة القرآن ول بنحاول نتدبر ول حتى نقرأ‬
‫‪........‬أخويا يا دكتورة كان مسافر واحد تاني غير ما هو دلوقتي ‪ ،‬سبحان هللا هما أثروا عليه و بعد ما كان شاب ضايع بقى بيعلمهم القرآن‬
‫دلوقتي ‪ ،‬حقيقي هنا اإلسالم بيتطبق بكل حذافيره ‪ ،‬أنا ماأعرفش هم أسسوا المجتمع الراقي دا من إمتى ول أعرف هم عرفوا اإلسالم منين ألن‬
‫أنا لسه ماكونتش عالقات كتير هنا ‪ ،‬و أخويا مابيتكلمش كتير في الموضوع دا ‪ ،‬أنا نفسي تيجي يا دكتورة تعيشي هنا ‪ ،‬هم أخالقهم شبهك كدا‬
‫‪ ،‬و نفس جمال روحك ‪ ،‬متأكدة إنك هاتتبسطي أوي لو شوفتيهم‪.‬‬

‫‪-‬جهـاد ببهجة‪:‬‬
‫حبيبتي يا مـي ‪ ،‬ما شاء هللا ‪ ،‬إيه الجمال دا ‪ ،‬إنت ربنا بيحبك و زرعك فـ نص ناس جميلة شبهك ‪ ،‬أنا كنت قلقانه عليكي بس إنت طمنتيني‬
‫الحمد للـه ‪ ،‬علمي البنات العربي يا مـي إنت كمـان عشان تاخدي ثواب قرائتهم للقرآن‬

‫‪-‬حاضـر يا دكتورة ‪ ،‬بس أما أحفظ األماكن هنا و أصاحب ناس و أنا بإذن هللا ها أعمل كدا‬
‫‪............ .......... ...........‬‬
‫جهـاد و هـي تتحدث إلى وسـام‪:‬‬
‫عاملة إيـة يا رفيقتي البائسة‬
‫‪-‬وسام بمزاح‪:‬‬
‫هـو إنت ماتعرفيش ! مش البائسة بطلت بؤس و شكلهـا وقعت شبه صاحبتها‬

‫‪-‬جهـاد بمزاح‪:‬‬
‫آه ‪ ،‬هللا يسامحهم آل بدر ‪ ،‬كنـا قاعدين فـ حالنا ‪ ،‬جالنا الواد و أخوه و دوبونا دوب‬

‫‪-‬وسـام و هـي تضحك مـن طريقة جهاد‪:‬‬


‫هههههههه ‪ ،‬عليكي تعبيرات فظيعة أقسـم باهلل‬

‫‪-‬جهـاد بغمزة ‪:‬‬


‫احكيلـي بقى يا برنس ‪ ،‬إيـه أخبار العقدة‬

‫‪-‬وسـام بتنهيدة ‪:‬‬


‫عقدة ! عقدة مين بقى ‪ ،‬دا كان زمان يا بنتي ‪ ،‬أنا دلوقتي زي الفل ‪ ،‬أنا بقيت بعامل الرجاله من غير خناق و بزوق سبحان هللا ‪ ،‬كنت بتريق‬
‫فعال الحب بيبدلنا خالص ‪ ،‬بس الحب البناء ‪ ،‬الحب الحالل المنور ‪ ،‬تخيلي‬ ‫على كالمك أما تقولي الحب بيغيرنا ‪ ،‬لكني دلوقتي اقتنعت جدًا ‪ً ،‬‬
‫فارس عمره ما جاب سيرة أبويا ول سيرة عقدتي ول عمرنا اتكلمنا فـ مشاكل خالص ‪ ،‬لكنها الحمد هلل راحت كدا لواحدها ‪ ،‬أنا فعال كنت‬
‫محتاجة نموذج كويس عشان يقضي على مخاوفي و يثبتلي إن تفكيري متشائم و غلط ‪ ،‬و الحمد هلل أبويا ربنا هادية الفترة دي و مابيعملش‬
‫مشاكل ول بيتخانق فالحكاية فله يعني ‪ ........‬فـارس بقاله فترة بيقولي نكتب الكتاب و أنا حقيقي بستخير و مرتاحة و مش شايفة سبب لتأجيله‬
‫أصال ‪ ،‬أما يجي المرة الجاية ها أقوله إني موافقة ‪ ،‬ثم قالت بمزاح‪:‬‬
‫و نبقى مدامات إحنا التنين يا أوختشي‬

‫‪-‬جهاد و هي تصفق بيدها ‪:‬‬


‫أيوا بقى ‪ ،‬هو دا الكالم ‪ ،‬تعرفي يا بت يا وسام ‪ ،‬أنا مبسوطة جدًا إننا هانتجوز اتنين اخوات و هانبقى سوا فـ نفس المكان ‪ ،‬إحنا طول عمرنا‬
‫أصال مفيش يوم بيعدي علينا إل لما نرغي سوا‬ ‫ً‬ ‫مع بعض من أيام الحضانة كان هايعز عليا أوي إننا نبعد عن بعض و مانتقابلش كل يوم ‪ ،‬إحنا‬
‫‪ ،‬مفيش حاجة مهمة بس اليوم مايظبطش من غير بؤسك عليا و رخامتي عليكي ‪ ،‬الحمد هلل يارب إننا ها نفضل سوا داي ًما كدا ‪ ،‬كان فيه ناس‬
‫تقعد تقولك أما تحبي و تتجوزي مش هاتحتاجي لصحابك و هاتنسيهم بقى و هاتالقي حد غيرهم تحكيلة و كدا ‪ ،‬حقيقي و جهة النظر دي غلط‬
‫أصال بين التنين ‪ ،‬إيه الربط ما بين السكن و الصحبة ‪ ،‬ماشي هو ها يبقى أول حاجة و كل حاجة ‪ ،‬لكن الحياة ماتستقيمش‬ ‫ً‬ ‫جدًا ‪ ،‬مفيش عالقة‬
‫من غير صديق ‪ ،‬يبقى داي ّما فـ ضهرك ‪ ،‬لزم هانحتاج نرغي سوا رغي جوازنا مايعرفوش يفهموه ‪ ،‬فيه حاجات كدا بينا صعب إننا نعرف‬
‫نعملها من غير بعض ‪ ،‬ثم قالت بمزاح‪:‬‬
‫يا بنتي دا أنا ماأقدرش أعدي يوم من غير ما آخد منك جرعة الكآبة‬

‫‪-‬وسام بحنق ‪:‬‬


‫يا شيخة روحي هللا يقرفك ‪ ،‬يعني لزم تختمي الكالم الحلو دا بكالم زبالة‬

‫‪-‬جهـاد و هي تضرب وسام على جبهتها برفق ‪:‬‬


‫للمرة المليون ها أقولك بطلي كلمة هللا يقرفك بتاعتك دي ‪ ،‬ربنا مابيقرفش حد يا بني آدمة ‪ ،‬ارتق فـ كالمك يا بنتي‬

‫‪-‬وسام بتنهيده‪:‬‬
‫و هللا بتطلع سعات غصب عني ‪ ،‬بحاول و هللا أبطل هللا يقرفك و هللا يخيبك بتوعي دول ألن فعال ربنا لبيقرف حد ول بيخيب حد ‪ ،‬لكن إنت‬
‫بتستفذيني و بقولهم من غير ما آخد بالي‪.‬‬
‫‪............ .......... ............‬‬
‫أخيرا ‪ ،‬سعد الجميع بذلك و‬
‫ً‬ ‫أخبـرت وسام فارس أنها موافقة على عقد القران ‪ ،‬فكان في غاية السعادة ‪ ،‬و تم العقد و أصبحت وسام زوجته‬
‫خيرا ‪ ،‬و لكنها الرياح تأتي دو ًما بما ل تشتهي السفن‪.‬‬
‫استبشروا ً‬

‫""الفصـل السادس و العشرون""‬

‫ُخلقت لي ‪ ،‬لي أنا فقط ‪ ،‬ل يحق لهم سلبُك مني‬


‫ول يحق لك الرحيل أبدًا ‪. . . .‬‬

‫‪............. ............. .............‬‬


‫هـي الدنيـا تفاجئنا أحيانًا بأشياء تشيب لهـا رؤوسنا ‪ ،‬و تنكسـر بهـا قلوبنـا ‪ ،‬و تتشـوه من تأثيرهـا أرواحنـا النقية ‪ ،‬كـأن ترى اليـد التي من‬
‫المفترض أنهـا تحنو عليك و تضمـك إليهـا تهوي على جسـدك فتؤلـم قلبك قبل بدنك ‪ ،‬أن ترى من يجب عليهـم إسعادك هم سبب تعاستك ‪ ،‬أن‬
‫تمرض فيغيب عنك من واجبه و دوره أن يكـون بجوارك لحظة ألمك ‪ ،‬أن يشفـق عليـك اآلخرون بسبب قبح أفعال من دورهـم في الحياة أن‬
‫يزرعوا داخلك كل جميل ‪ ،‬أن يصير راسم البسمة سببًا في الحزن ‪ ،‬أن ترى اليد التي يجب عليها أن تدفعك لألمام تجذبك للخلف بكل قوتها ‪،‬‬
‫كـل ذلك من أسوأ مرارات الحياة ‪ ،‬شعور بالحسرة ل ينقطع ‪ ،‬خناجر مسمومة تُطعن بها في مقتل ‪ ،‬موت كـل دقيقة و أنت على قيد الحياة ‪. .‬‬
‫‪.....‬‬
‫‪............. ............. ............‬‬
‫‪-‬والدة وسام و هي تتحدث إلى فارس و تبكي بشدة‪:‬‬
‫الحقني يا ابني بنتي هاتروح مني ‪ ،‬وسام هاتموت نفسها يا فارس‬

‫‪-‬فارس و قد شعر بأن سيارة قد صدمته بقوة من تأثير الفزع ‪ ،‬فقال برعب‪:‬‬
‫إنت بتقولي إيه يا طنط ‪ ،‬وسام مالها ‪ ،‬أنا مكلمها إمبارح قبل ما أنام و كانت كويسة‬

‫‪-‬األم بألم ‪:‬‬


‫أبوها منه هلل ‪ ،‬ها يضيع مني بنتي ‪ ،‬أنا مش قادرة أهديها يا ابني و هي عمالة تعيط و تكسر فـ اللي يقابلها كله و تزعق ‪ ،‬أول مرة أشوفها‬
‫بالشكل دا ‪ ،‬تعالى بسرعة يا ابني ‪ ،‬إنت اللي ها تقدر تهديها‬

‫‪-‬فارس بنبرة تحمل كل آلم الكون‪:‬‬


‫أنا ركبت العربية و جي ً‬
‫حال ‪ ،‬خلي بالك عليها لحد ما أوصل‬
‫‪.............. ........... ...........‬‬
‫انطلق فارس بسيارته بسرعة كبيرة ‪ ،‬كادت سرعته الجنونية أن تتسبب له في حادث ‪ ،‬و رغم ذلك لم يُبطء و ظل طوال الطريق يدعو هللا أن‬
‫أخيرا إلى منزل وسام ‪ ،‬صعد الدرج قفزا حتى وصل إلى الباب و طرقه ‪ ،‬فتحت له األم الباب و‬
‫ً‬ ‫يحفظ زوجته من أي سوء ‪ .......‬وصل‬
‫ُ‬
‫عيناها قد انتفختا من البكاء ‪ ،‬و عندما دخل أصيب بصدمة مما رأي ‪ ،‬البيت في حالة فوضى عارمة ‪ ،‬كل شيء ُملقى على األرض ‪ ،‬سأل‬
‫برعب‪:‬‬
‫إيه اللي حصل يا طنط ‪ ،‬و مين اللي قلب البيت كدا؟‬

‫‪-‬األم بألم‪:‬‬
‫وسام كانت نايمة ‪ ،‬صحت على صوت أبوها العالي و هو بيتخانق معايا ‪ ،‬خرجت لقاته بيضربني ‪ ،‬جرت تبعدني عنه ‪ ،‬قام ماسكها من شعرها‬
‫و وقعها في األرض و نزل فيها ضرب و أنا أصوت و أبعد فيه يقوم ضاربني أنا كمان ‪ ،‬فضل يضرب فينا و يتخانق لحد ما تعب ‪ ،‬ماأعرفش‬
‫هو كان شارب إيه كان عامل زي المجنون اللي جواه عنف و طلعه كله على وسام لحد ما عورها فـ جبهتها و قام مرة واحدة سايبها من إيده و‬
‫نازل من البيت ‪ ،‬و أول ما سابها قامت تعيط و تزعق على أخرها و تكسر في كل اللي يقابلها ‪ ،‬و أنا عماله أحوش فيها و أهديها مش قادرة و‬
‫بعدين دخلت أوضتها و قفلتها عليها و قعدت تكسر اللي فيها برضة و فجأة بقالها شوية سكتت خالص و مش سامعه ليها صوت ‪ ،‬و أنا واقفة‬
‫على باب أوضتها أتحايل عليها تفتحلي و هي مابتردش خالص ‪ ،‬تعالى اكسر الباب و طلعلي بنتي يا ابني ثم بكت‬

‫توجه فارس نحو غرفتها و هو يكاد يفقد عقله مما سمع ‪ ،‬أخذ يطرق الباب و لكنها ل تستجيب ‪ ،‬فأخذ يحاول كسر الباب حتى فتحه ‪ ،‬كانت‬
‫الغرفة مشوهة المالمح ‪ ،‬كل شيء ملقى على األرض ‪ ،‬أخذ يتجول بعينيه بحثًا عن زوجته فوجدها جالسه القرفصاء في أحد أركان الغرفة و‬
‫تخفي وجهها بين قدميها و جسدها يهتز من شدة البكاء ‪ ،‬جرى إليها ثم جلس أمامها على األرض و أخذ يرفع وجهها عن قدميها و بمجرد أن‬
‫نظر إلى وجهها الذي تشوه بالدماء و الدموع تساقطت الدموع من عينيه بكثرة و قبل أن ينطق بكلمة ‪ ،‬إذا بوسام تنفجر في وجهه ‪ ،‬أخذت‬
‫تضرب فيه بكلتا يديها و تصرخ ‪:‬‬
‫إبعد عني ‪ ،‬اطلع بره من هنا ‪ ،‬أنا بكرهك ‪ ،‬بكرهكم كلكم ‪ ،‬إنتم شبه بعض ‪ ،‬كلكم مفيش فـ قلوبكم رحمة ‪ ....‬و انهالت عليه ضربًا بيديها و‬
‫قدميها ‪ ،‬حاول أن يمسك يديها لتكف عما تفعل ألنها ل تشعر بما تقول أو تفعل و لكنه لم يستطع ‪ ،‬فقام بجذبها إليه ‪ ،‬واحتضنها بقوة و أحكم‬
‫قبضته عليها حتى ل تتحرك ‪ ،‬ظلت تصرخ و تحاول الفكاك منه و لكنه لم يتركها و ظل يشدد يده عليها أكثر فأكثر ‪ ،‬أخذت تكف عن الحركة‬
‫و الصراخ و انفجرت في بكاء مرير ‪ ،‬كان فارس يعجز عن التفوه بكلمة هو فقط يضمها إليه بقوة ‪ ،‬كان يشعر بدمعاتها الساخنة التي بللت‬
‫قميصه و وصلت إلى صدره ثم إلى قلبه الذي احترق بنار األلم ‪ ،‬لم يستطع الصمود فأخفى وجهه في شعرها و انفجر في بكاء مرير ‪ ،‬ظال‬
‫يبكيان هما الثنان و امها من خلفهما تبكي د ًما بدل الدموع ‪ ،‬أخذت وسام تهدأ و صوت بكائها يذهب شيئًا فشيئًا حتى اختفى تما ًما ‪ ،‬رفع فارس‬
‫رأسه من على رأسها ثم أبعد وجهها عنه لينظر إليها ‪ ،‬فوجد أنها أغمضت عيناها و فقدت الوعي ‪ ،‬انتابته حالة من الرعب فاستدار إلى والدتها‬
‫و صرخ‪:‬‬
‫هاتيلي عبايه و حجابها بسرعة عشان أوديها المستشفى ‪ ،‬أحضرت األم الثياب فألبسها لها و وضع الحجاب على رأسها يخفي شعرها الذي‬
‫غرق بدمعاته ‪ ،‬ثم حملها بين يديه ‪ ،‬و هي مستسلمة تما ًما كأنها قد فارقت الحياة ‪ ،‬هبط بها و وضعها في سيارته و انطلق بها إلى المشفى و‬
‫عندما وصل حملها بين يديه و دخل المشفى و هو يجري و عيناه ل تكفان عن البكاء ‪ ،‬فُزع كل من في الستقبال عندما شاهدوا هيأته ‪،‬‬
‫أدخلوها إلى غرفة و جاء الطبيب يجري و على وجهه عالمات الذعر بسبب ما قالته الممرضة له و وصفها لحالة الفتاة ‪.‬‬

‫جلس فارس بالخارج حيث لم يُسمح له بالدخول ‪ ،‬و بعد دقائق مرت كأنها دهور خرج الطبيب و قال بنبرة حزينة‪:‬‬
‫انهيار عصبي حاد ‪ ،‬يبدوا إنها اتعرضت لصدمة قوية ‪ ،‬رافضة تستجيب و تفوق ‪ ،‬فلألسف هاتفضل فترة في حالة شبه غيبوبة لحد ما تهدا‬
‫شوية و تستجيب ‪ ،‬إحنا هاننقلها و نحطها تحت األجهزة ‪ ،‬و إنت ادعيلها ربنا يهون عليها و تقوم بالسالمة‬

‫‪-‬أصيب فارس بصدمة مما سمع فهوى على الكرسي و أخفض رأسه ألسفل و أمسكها بكلتا يديه و انفجر في البكاء‪.‬‬
‫‪........... ........... ..........‬‬
‫مـرت ثالثة أيام و وسام تحيا في عالم آخر ل يعلمه إل هللا ‪ ،‬كان الجميع يبكي لحالها ول يكفون عن الدعاء و البتهال إلى هللا حتى تعود إليهم‬
‫سالمة ‪ ،‬كانت جهاد ل تتركها أبدًا تجلس بجوارها طول النهار تقرأ آيات من القرآن بصوتها العذب و عيناها لم تتوقفا عن البكاء على حال‬
‫ليال لتبيت به و تعود إليها في الصباح الباكر ‪ ،‬أما فارس فرفض أن يبيت أحد مع زوجته سواه ‪ ،‬كان‬ ‫رفيقة عمرها ‪ ،‬كانت تذهب إلى منزلها ً‬
‫ظا بجوارها طوال الليل ‪ ،‬كان جسد وسام يرتعد أحيانًا أثناء نومها و يتصبب جبينها عرقًا و ينكمش وجهها كأنها تصارع أحدهم‬ ‫يظل مستيق ً‬
‫نهارا و‬
‫أثناء نومها ‪ ،‬كان فارس يبكي بشدة و يتمزق قلبه أل ًما على زوجته و حبيبته كلما حدث لها هذا و هو بجانبها ‪ ،‬كان يترك الغرفة لجهاد ً‬
‫يجلس هو في الخارج مع والدتها و اآلخرين ‪ ،‬جاءت أسرة فارس و أسرة جهاد إلى المشفى ‪ ،‬و كان نضال يأتي يوميًا ليكون بجوار أخيه و‬
‫زوجته في هذه الظروف الشديدة التي كادت تُميتهم أل ًما ‪.‬‬
‫‪............. ............ ...........‬‬
‫في اليوم الرابع أخذت وسام تفتح عينيها ببطء ‪ ،‬لحظت جهاد ذلك ففتحت الباب و أخبرت فارس و من بالخارج أن وسام تستفيق ‪ ،‬أسرعوا‬
‫إليها جميعًا فكانت لزالت تحاول استيعاب ما حدث ‪ ،‬أخذت تنظر إلى الجميع بأعين مليئة بالدموع ‪ ،‬أخذوا جمعيًا يشكرون هللا و أعينهم تفيض‬
‫من الدمع ‪ ،‬تحدثت إليهم بكلمات قليلة ثم طلبت من الجميع الخروج و أن يبقى فارس معها ألنها تريد التحدث إليه وحيدًا ‪ ،‬خرجوا و ظل هو‬
‫معها ‪ ،‬اقترب منها ثم انحنى ليقبلها على جبينها فلم يستطع أن يتمالك نفسه فبكي بشدة و أخذت دمعاته تتساقط على وجهها ‪ ،‬فبكت هي األخرى‬
‫‪ ،‬ظلوا هكذا على وضعهم يبكيان معًا ثم رفع فارس رأسه عنها و أخذ يمسح دمعاته ثم أخذ يدها و قبلها و قال بحنان‪:‬‬
‫حمدهللا على سالمتك يا حبيبتي‬
‫لم تُجبه وسام و لكنها سحبت يدها من يديه ثم نزعت دبلتها و وضعتها في يده و أدارت وجهها إلى الجهة األخرى و أغمضت عيناها و أخذت‬
‫الدموع تسيل من عيناها المغلقتان و قالت بألم‪:‬‬
‫طلقني يا فارس ‪ ،‬إحنا مش ها ينفع نكمل سوا ‪ ،‬أنا خالص ماعدش عندي قابلية للحياة ‪ ،‬أنا بقيت شبه الورقة المحروقة من جوه ‪ ،‬إنت مش‬
‫مجبر تتحملني كدا ثم قالت بصوت مختنق‪:‬‬
‫طلقني و اتجوز واحدة تانية ‪ ،‬واحدة سليمة و روحها حيه شبه روحك ‪ ،‬ابعد عني و عن مشاكلي و انساني يا فارس ‪.‬‬

‫‪-‬فارس و قد أصابته الدهشة و األلم مما قالت ‪ ،‬فقام بإدارة رأسها بقوة حتى تنظر إليه ‪ ،‬ثم أمسك يدها و أدخل بها الدبلة مرة أخرى و قال‬
‫بصوت كأنه زئير من شدة الغضب ‪:‬‬
‫الدبلة دي لو اتقلعت من ايدك تاني ‪ ،‬أنا هاأقطعلك اإليد اللي قلعتيها بيها ‪ ،‬و إياك أسمعك بتجيبي سيرة الطالق دا تاني ‪ ،‬ثم أمسك يدها‬
‫الصغيرة بين يدية و ضغط عليها بقوة و قال بألم‪:‬‬
‫إنت غبية؟ إزاي تفكري فـ حاجة شبه كدا ‪ ،‬إنت ليه مصممة تدبحيني ‪ ،‬أنا ماأقدرش أكمل حياتي من غيرك ‪ ،‬إنت مراتي و بنتي و حبيبتي ‪،‬‬
‫أصال مش هايهمني رأيك و‬ ‫ً‬ ‫إنت ليا و ليا أنا بس ‪ ،‬و أنا ليكي و مش لحد تاني ‪ ،‬أنا قس ًما باهلل مامتجوز غيرك ‪ ،‬بمزاجك أو غصب عنك ‪ ،‬أنا‬
‫كالمك األهبل دا ‪ ،‬مش ها أسمح ألي حد يبعدني عنك ول حتى إنت ‪ ،‬بطلي بقى ‪ ،‬بطلي تقولي كالم يوجع ‪ ،‬إنت هاتفضلي مراتي حتى لو‬
‫حصلتلك مليون أزمة ‪ ،‬لو إتشقلبتي و اتغيرتي و كرهتي نفسك و كرهتي كل حاجة ها تفضلي تحبيني غصب عنك مهما يحصل و هاتفضلي‬
‫البنت الوحيدة الكاملة فـ عنيا في الدنيا دي ‪ ،‬أنا ماأعرفش أحب غيرك يا وسام ول أعرف أعيش بعيد عنك و ماأستحملش الكالم بتاعك دا ‪،‬‬
‫ماينفعش تبقي ضعيفة كدا ‪ ،‬دا ابتالء من ربنا ‪ ،‬و ربنا بيبتلي اللي بيحبهم ‪ ،‬لزم تصبري يا وسام و تبقي أقوى من كدا ‪ ،‬ارضي بقلبك بكل‬
‫أقدار ربنا و هو هايعوضك خير ‪ ،‬ماتسمحيش لحاجة فـ الدنيا دي تكئبك مهما بلغت قوتها ‪ ،‬دي دنيا يعني دار ابتالء ‪ ،‬الراحة و السعادة األبدية‬
‫مش هنا ‪ ،‬دي هناك في الجنة فـ بالد األفراح ‪ ،‬احمدي ربنا و قومي كملي حياتك معايا يا وسام ‪ ،‬و ماتسيبينيش لواحدي‪.‬‬

‫‪-‬أمسكت وسام بيدها األخرى في ذراعه بقوة و قالت و هي تبكي‪:‬‬


‫خالص يا فارس ‪ ،‬ماعدتش قادرة أستحمل حاجة ‪ 25،‬سنة عايشة فـ عذاب و غم ‪ ،‬و بقاوم و بصبر ‪ ،‬لكني و هللا حاسه إني خالص مستسلمة‬
‫و مش قادرة أقوم تاني ‪ ،‬مش هاأقدر أبص فـ وشه تاني ‪ ،‬أنا ممكن أقتله‪.‬‬

‫‪-‬فـارس بحنـان و حـزن ‪:‬‬


‫ماتقوليش كدا يا وسام ‪ ،‬أنا مش ها أسيبك يحصلك كدا ‪ ،‬إنت هاتقومي و تبقي كويسة ‪ ،‬و والدك أنا لقيتله حل ‪ ،‬ماتشليش هم حاجة ‪ ،‬بس‬
‫قوميلي بالسالمة عشان خاطري ‪ ،‬قومي و ارجعي غلسي عليا و اتخانقي معايا و هزري و اغلطي فيا و اضربيني لو عايزة ‪ ،‬قومي و اعملي‬
‫أي حاجة بس ماتستسلميش كدا ‪ ...‬صمت ثم قام واحتضنها فبكت بين ذراعيه و أمسكت به كمن وجد طوق نجاة في وسط األمواج العاتية التي‬
‫كادت تودي بحياته‬
‫‪............ ........... ...........‬‬
‫أصر األطباء على أن تبقى وسام في المشفى عدة أيام حتى تتحسن حالتها و تستقر أكثر ‪ ،‬ذهب فارس و بحث عن والدها حتى وجده و جلس‬
‫يتحدث معه و أقنعه بما يريد ‪ ،‬أن يعد له فارس األوراق و يسافر إلى مكة آلداء عمرة ‪ ،‬كان فارس يأمل أن تصلح تلك الزيارة ما أفسدته األيام‬
‫داخل هذا الرجل ‪ ،‬شعر من حديثه معه أنه نادم على كل ما فعل و أنه يكره نفسه و يكره الحياة بتلك الصورة لكنه ل يستطيع أن يكون غير ذلك‬
‫‪ ،‬فرجا من هللا أن تؤثر تلك العبادة في نفسة و ينصلح حاله من أجل عائلته التي دمرها‬
‫‪............. ........... ..........‬‬
‫مصرا على أن يبيت هو معها ‪ ،‬و ذات ليلة أراد أن يضفي بعض المرح ليخفف عن زوجته ما بها‬
‫ً‬ ‫أخذت وسام تتحسن شيئًا فشيئًا و ظل فارس‬
‫فقال بمكر و هو يجلس على طرف الفراش الذي ترقد عليه وسام‪:‬‬
‫إحنا اإلتنين هنا لواحدنا و بالليل و األوضة مقفولة و الشيطان زمانه جي في السكة‬

‫‪-‬وسام بقلق من نبرته‪:‬‬


‫يعني إيه يعني ‪ ،‬عايز إيه‬

‫‪-‬فارس بنفس النبرة الماكرة‪:‬‬


‫إحنا اتنين مكتوب كتابنا من فترة و أنا واحد بحبك و إنت زي القمر كدا حتى و إنت تعبانه ‪ ،‬فعادي يعني نتجوز النهارده بحق و حقيقي بقى و‬
‫نبقى نفاجئهم الصبح بالخبر السعيد دا‬

‫‪-‬وسام و قد أصابها الخوف و الحرج‪:‬‬


‫يا نهار اسود ‪ ،‬اعقل يا فارس هللا يهديك ‪ ،‬قوم يا فارس نام على سريرك و ابعد عني باهلل عليك أل أنا هبله و ممكن أصوت و ألم المستشفى‬
‫عليك و هللا‬

‫‪-‬فارس و قد انفجر ضح ًكا ‪:‬‬


‫طب اهدي يا هبله اهدي ‪ ،‬مالك انكمشتي كدا ليه ‪ ،‬هاتلمي المستشفى و تقوليلهم جوزي هايتجوزني يا ناس ‪ ،‬نامي يا أختي نامي و أنا قايم أنام‬
‫أنا كمان ‪ ،‬خليكي نبقى نتجوز بكرا تكوني كبرتي شوية ‪ ،‬ثم قام بتغطيتها جيدًا و قبل جبينها ثم اتجه إلى السرير المجاور لها و استسلم للنوم‬
‫فكان آخر ما أغلق عينيه عليه هو وجه زوجته الباسم‪.‬‬
‫‪........... ........... ...........‬‬
‫في الصباح جاءت جهاد إلى وسام و جلست تتحدث معها ‪ ،‬فقالت و هي تغمز بعينيها‪:‬‬
‫بس إنت ماحدش قدك يا كبير ‪ ،‬بتسهر طول الليل إنت و حبيب القلب بقى‬

‫‪-‬وسام و هي تضرب جهاد على يدها‪:‬‬


‫ما تتلمي يا بت إنت هللا ‪ ،‬ثم قالت بحب‪:‬‬
‫تعرفي إني يوم ما فوقت و قولتلكم تسيبونا أنا و فارس لواحدنا ماكنتش عايزه أحب فيه و أدروش زي ما إنت بتسفي عليا ‪ ،‬أنا قولتله يومها‬
‫يطلقني و يبعد عني بس هو رفض و كان شوية و يضربني إني قولتله كدا‬
‫‪-‬جهاد بدهشة‪:‬‬
‫يا مجنونة !!! إنت مش هاتبطلي عبط يا بت ‪ ،‬و هللا إنت دوقتي فارس دهو المرارات ‪ ،‬اعقلي يا وسام‬

‫‪-‬كان صعبان عليا يتعذب معايا يا جهاد ‪ ،‬ماكنتش متحمله أشوف دموعه و خوفه عليا ‪ ،‬أول ما فوقت و بصيت عليه و شوفت مالمحه المتبهدله‬
‫و الكسرة فـ عنيه حسيت إني سبب تعبه و ألمه و دا اللي ماقدرتش أتحمله ‪ ،‬لكنه أثبتلي للمرة المليون إني حبيت راجل بجد و إن أمي كان‬
‫عندها حق أما قالتلي اتجوزي اللي بيخاف ربنا و إنت عمرك ماهتندمي أبدًا ‪ ،‬أنا لو كنت بحبه قبل الموضوع دا قد الدنيا دي كلها ‪ ،‬فأنا دلوقتي‬
‫بحبه حب ماأعرفش أعبر عنه أو أوصفه ‪ ،‬لو هو نصيبي من السعادة في الدنيا دي فـ أنا حاسه إنه أكبر مما أستحق ‪ ،‬لما فكرت في الموضوع‬
‫لقيتني بقول أنا لو عشت طول عمري بستحمل بهدلة أبويا عشان ربنا يكافئني بفارس ‪ ،‬فأنا ها أنسى كل ألم و كل سوء و ها أفضل أحمد ربنا‬
‫على نعمة وجوده في حياتي ‪ ،‬دا واحد اتمسك بيا و أنا مفيش فيا ول جانب مضيء و كلي مضلمة و حزينة ‪ ،‬أنا دلوقتي فهمت قول الرسول‬
‫فعال الحب الحالل رزق و أعظم رزق كمان‪.‬‬ ‫اللي قال عن السيدة خديجة " إني ُرزقت حبها" ‪ً ،‬‬

‫‪............. ............ .............‬‬


‫الحـب هو اثنان يضحكان لألشياء ذاتها ‪ ،‬و يحزنان في اللحظة نفسها ‪ ،‬يشتعالن معًا بعود كبريت واحد ‪ ،‬دون تنسيق أو ترتيب ‪ ،‬الحب هو أن‬
‫جمال ‪ ،‬أن تعشق عيوبي كما أحببت جوانبي المضيئة ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تظل متمس ًكا بي و إن رأيت مني أسوأ ما يكون ‪ ،‬أن ترى من ضعفي قوة و من قبحي‬
‫ُ‬
‫أن ينير وجهك ببسمة صافية عندما يمر طيفي بخيالك ‪ ،‬الحب أن يحدق بي الماليين لكني ل أرى سواك ‪ ،‬أن ألقي بهمومي على عاتقك و‬
‫أمضي في راحة ألنني متيقنة أن تلك الهموم ستتبدل بسعادة ل تُوصف ‪ ،‬أل أحلم بالجنة إل و أنا أراك تتنزه معي بها ‪ ،‬أن أدعو لك و أنساني ‪،‬‬
‫فسالما‬
‫ً‬ ‫أن أرى الحياة كلما أنظر إلى عينيك ‪ ،‬أن يبدأ ُحبنا بزواجنا ول ينتهي أبدًا حتى و إن فارق أحدنا الحياة ‪ ،‬أن تسكن إل ّي و أسكن إليك ‪،‬‬
‫على المحبين و حبهم‪.‬‬

‫""الفصـل السابع و العشـرون""‬

‫قـد أكرهك من شدة حبي لك ‪ ،‬و قد أقتلك ُرغم أنني أهواك ألنني فقط سمعتك تتحدثين عن رجل سواي ‪ ،‬أنا متحضر دو ًما إل عندمـا يقترب‬
‫أحدهم من ممتلكاتي فإنني أتحول إلى شخص آخر ل يتفاهم ول يتناظر فقط يقضي على من تعدى على ممتلكاته و أنت ملكي ‪ ،‬و ملكي أنا فقط‬
‫‪ ،‬ل يحق ألحد النظر إليك ول يحق لك النظر إلى سواي ‪ ،‬و إل فقئتُ عينيك بيدي و مضيت دون أن أشعر باألسف و أبقيتك جواري ُرغ ًما‬
‫عنك‪.‬‬
‫‪............. .............. ...........‬‬
‫خرجت وسام من المشفى و بدأت تستعيد عافيتها ‪ ،‬أخبرها فارس بأمر سفر والدها فلم تهتم و آثرت أل تفكر في األمر‬
‫‪.............. ........... ..........‬‬
‫انتهت أجازة منتصف العام و بدأ الفصل الدراسي الثاني‬
‫جهاد و هي تقف أمام الطالب‪:‬‬
‫خلصنا الجزء األول من المحاضرة ‪ ،‬زي ما إنتم شايفين إن وقت المحاضرة بقى من الساعة ‪ 11‬لـ ‪ 1‬بدل من ‪ 10‬لـ ‪ 12‬و كدا صالة الضهر‬
‫بقت في نص المحاضرة ‪ ،‬فأنا عندي خطه ننفذها سوا ‪ ،‬أنا ها أخلص شرح الجزء األول من المحاضرة الساعة ‪ 12‬إل ربع و ناخد وقت‬
‫الترفيه لحد الساعة ‪ 12‬و بعدين الضهر هايكون أذن ننزل كلنا نصلي فـ مسجد الكلية تحت ‪ ،‬الولد هايطلعوا األول بنظام و رقي كدا و بعدين‬
‫أنا و البنات بعدهم ‪ ،‬نصلي الضهر في ميعاده و نطلع نكمل شرح محاضرتنا بنفوس نقية مطمئنة كدا ‪ ،‬و إنتم ماعندكوش محاضرات بعدي‬
‫ممكن ناخد ربع ساعة كمان عشان وقت المحاضرة يبقى كامل ‪ ،‬إيه رأيكم ‪ ....‬عبر الجميع عن موافقتهم و إعجابهم بذلك و بدأوا تنفيذه من أول‬
‫يوم ‪.‬‬
‫‪............. .......... .........‬‬
‫نضال و هو يتحدث إلى جهاد ف الهاتف ‪:‬‬
‫عامله إيه يا حرمي المصون‬

‫‪-‬جهاد ببهجة ‪:‬‬


‫الحمد هلل بخير يا زوجي العزيز‬

‫‪-‬بقولك إيه ‪ ،‬أنا جنب جامعة المنصورة فـ مشوار ‪ ،‬لو إنت لسه فـ الكلية ‪ ،‬أعدي عليكي‬

‫‪-‬جهاد بسعادة بالغة‪:‬‬


‫هللا بجد !! أنا هنا أهو تعالى تعالى مستنياك‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫إيه يا بنتي بالراحة مش كدا ‪ ....‬بس أنا ها أسلم عليكي و أمشي على طول عشان ميعاد وجودي فـ العيادة‬

‫‪-‬جهاد بحزن ‪:‬‬


‫ليه كدا ‪ ،‬إحنا على فكرة ماقعدناش سوا من زمان‬

‫‪-‬أنا آسف يا حبيبتي و هللا ‪ ،‬غصب عني أنا الفترة دي مشغول جدًا ‪ ،‬لكن وعد مني ها أجيلك يوم من أوله و نقضي اليوم كله سوا‬

‫‪-‬ماشي بإذن هللا ‪ ،‬إنت جي على طول ول إيه‬

‫‪-‬أيوا ربعاية و أوصل ‪ ،‬عايز استقبال حافل بقى ‪ ،‬دي أول مرة أدخل كلية تربية و أشوف مكتبك ‪ ،‬شوفي بقى هاتستقبليني إزاي‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫انجز إنت بس يا عمنا و تعالى‬
‫‪........... ........... ..........‬‬
‫بعدما أنهت حوارها مع نضال ‪ ،‬طرق أحدهم الباب ‪ ،‬أذنت للطارق بالدخول فدخل رجل كبير‪ ،‬قالت ‪:‬‬
‫اتفضل يا عم أحمد‬

‫‪-‬قال الرجل بطيبة‪:‬‬


‫يزيد فضلك يا دكتورة ‪ ،‬األستاذ مسعود العميد عايزك في مكتبة‬
‫‪-‬حاضر يا عم أحمد ‪ ،‬هاأطلعله ً‬
‫حال ‪ ،،‬ثم قالت في نفسها‪:‬‬
‫خيرا ‪ ،‬أما أقوم أروح على نضال ما يجي‬
‫يا ترى فيه إيه ‪ ،‬اللهم اجعله ً‬
‫‪............ .......... ...........‬‬
‫صعدت جهاد و طرقت باب العميد فأذن لها بالدخول ‪ ،‬دخلت و تركت الباب مفتوح فلم يعلق على ذلك ألنه يعلم أخالقها و أنها سترفض‬
‫الجلوس معه في المكتب و الباب مغلق ‪ ،‬تقدمت و أشار لها لتجلس فجلست ‪ ،‬ثم قال بوقار‪:‬‬
‫إزيك يا دكتورة جهاد‬

‫‪-‬جهاد برسمية‪:‬‬
‫الحمد هلل تمام ‪ ،‬خير يا دكتور مسعود‬

‫‪-‬خير طب ًعا يا دكتورة ‪ ،‬آدام حاجة تخصك أكيد ها تبقى خير ‪ ،‬إحنا بإذن هللا يا دكتورة هانكرمك الدكتورة المثالية ‪ ،‬أنا حقيقي جايبك النهارده‬
‫عشان أحييكي على شغلك ‪ ،‬قسمك دا زمان كان بيبقى أقل قسم فـ عدد الطالب ‪ ،‬من يوم ما إنت درستي فيه و هو بقى أكتر قسم عليه إقبال ‪،‬‬
‫الطلبه بيدخلوه من حبهم فـ حضرتك بسبب الكالم اللي بيسمعوه عنك من الدفعات األكبر ‪ ،‬قسمك يا دكتورة أعلى قسم في التقديرات على‬
‫مستوى جميع األقسام ‪ ،‬الطلبه بقوا بيذاكروا و يجتهدوا مش في مادتك بس ل في كل المواد بسبب كالمك ليهم و تأثيرك فيهم ‪ ،‬طالبك‬
‫مشهورين في الجامعة كلها بأخالقهم العالية و احترامهم ‪ ،‬إنت قدرتي تبني و تخرجي جيل صح يا دكتورة ‪ ،‬زرعتي في نفوس الطلبة أسمى‬
‫المعاني و أثرتي في نفوسهم بشخصيتك ‪ ،‬إنت حقيقي حققتي اللي أنا ماقدرتش أحققه طول حياتي رغم إنك أصغر دكتورة هنا معانا ‪ ،‬و لسه‬
‫سامع عن موضوع الصالة اللي إنت اتفقتي عليه مع الطلبه ‪ ،‬أنا بشكرك على كل حاجة قدمتيها و عايز أقولك استمري كدا ‪ ،‬افضلي داي ًما قدوة‬
‫للي أصغر و اللي أكبر منك ‪ ،‬أنا حقيقي فخور إنك معانا في الكلية هنا‬

‫‪-‬جهاد بامتنان ‪:‬‬


‫ربنا يكرمك يا دكتور مسعود ‪ ،‬ربنا يجعلني عند حسن ظن حضرتك ‪ ،‬أنا و هللا ما بعمل غير واجبي و دوري في المهنة اللي أنا بحبها ‪ ،‬دا‬
‫شرف عظيم ليا إني أسمع من حضرتك الكالم دا‬

‫‪............. .......... ............‬‬


‫خرجت جهاد من مكتب العميد و هي تحمد هللا على فضلة و كانت في غاية السرور ‪ ،‬هبطت إلى مكتبها فوجدت نضال ينتظرها أمام الباب ‪،‬‬
‫أسرعت ال ُخطى إليه ‪ ،‬ثم صافحته و قالت بسعادة‪:‬‬
‫إنت هنا من بدري ول إيه‬

‫‪-‬أيوا يا بنتي بقالي شوية ‪ ،‬إنت كنتي فين و مالك جاية منشكحة كدا ليه‬

‫‪-‬جهاد بتنهيده و سعاده و هي تضم كلتا يديها و تضعهم أسفل وجهها ‪:‬‬
‫هيييه كنت فين ‪ ..‬كنت عند دكتور مسعود العميد ‪ ،‬و منشكحه ليه عشان كان بيقولي كالم حلو‬

‫‪-‬نضال و هو يرفع صوته ‪:‬‬


‫نعم يا أختي!! دكتور مسعود ‪ ،‬و كالم حلو ‪ ،‬ل دا إحنا ندخل جوه كدا عشان أقتلك بزمه‬
‫فتح الباب و أدخلها ثم دخل خلفها و أغلق الباب ثم قال بعصبية ‪:‬‬
‫أنا عايز أفهم ً‬
‫حال ‪ ،‬مين مسعود دا و كالم إيه اللي كان بيقولهولك بدل ماأقتلك و أقتله‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز و قد علمت أنها أثارت غيرته ‪:‬‬


‫تقتلني أنا ليه أنا مالي ‪ ،‬هو اللي قال مش أنا و بعدين دكتور مسعود دا محترم جدًا‬

‫‪-‬نضال بعصبية حاده‪:‬‬


‫إنت عارفه لو مانطقتيش ً‬
‫حال ها أقتلكم إنتم اإلتنين و لما أجي أدفنكم هاابني بينكم حيطه عشان بغير ‪ ،‬اتلمي يا جهاد بدل ما ألمك بطريقتي‬

‫‪-‬جهاد بنفس الستفزاز ‪:‬‬


‫يا ابني ‪ ،‬إنت إيه اللي معصبك بس دلوقتي ‪ ،‬دا واحد قد بابا‬

‫‪-‬نضال و قد أمسكها من معصمها بقوة ‪:‬‬


‫ل قد بابا ول قد جدو ‪ ،‬أنا الكالم دا ماياكلش معايا‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت في الضحك ‪:‬‬


‫طب خالص خالص اهدى ‪ ،‬هو كان عايزني يا سيدي عشان يقولي إنهم هايكرموني الدكتورة المثالية ‪ ،‬و الكالم الحلو كان بيشكر فـ شغلي بس‬
‫مش أكتر‬

‫‪-‬نضال و هو على نفس عصبيته‪:‬‬


‫و إنت بتروحيله ليه ‪ ،‬و يشكر في شغلك بتاع إيه دا‬

‫‪-‬و هللا دكتور مسعود دا محترم جدًا ‪ ،‬إنت لو اتعاملت معاه هاتحبه‬

‫‪-‬نضال و قد أخذ يضغط على معصمها بقوة أكبر حتى تأوهت من األلم‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬أنا ل طايقة ول طايق سيرته‬ ‫إنت مالك بيه محترم ول قليل األدب ‪ ،‬إنت تتكلمي عن راجل ليه‬

‫‪-‬جهاد من بين ضحكاتها‪:‬‬


‫طب سيب إيدي عشان وجعتني ‪ ،‬و بالش يا عم سيرة دكتور مسعود المحترم اللي بتضايقك دي‬

‫‪-‬ترك نضال يدها ثم قال بضيق‪:‬‬


‫برضه يا جهاد ‪ ،‬بصي أنا ماشي ‪ ،‬سالم ‪ ،‬ثم توجه للباب ‪ ،‬أسرعت خلفة و أمسكت يده و قالت بأسف‪:‬‬
‫أنا آسفه يا نضال ‪ ،‬أنا كنت بهزر و هللا ‪ ،‬ماتمشيش زعالن كدا و بعدين المفروض إنك واثق فيا ‪ ،‬أنا كنت قاعده معاه في المكتب و الباب‬
‫مفتوح و هو وهللا ما قال حاجة ‪ ،‬أنا بغلس عليك عادي‬
‫‪-‬نضال و قد جذب يده من يدها ثم استدار لها و جذبها ناحية الباب حتى جعل ظهرها مالصق للباب و وضع ذراعه فوق رأسها و أمسك عنقها‬
‫بيده األخرى ليرفع وجهها و تنظر إليه ‪ ،‬ثم نظر إليها من أعلى بنظرات عاشقة لكنها مرعبه و قال بصوت أشبه بالهمس‪:‬‬
‫إياكي يا جهاد تستفزي غيرتي تاني ‪ ،‬أنا لما بغير بتحول و مابشوفش قدامي و ممكن لو عملتيها تاني تالقيني نازل بالقلم على وشك أغيرلك‬
‫ً‬
‫أصال و إنك هبلة و بتحاولي تستفزيني ‪ ،‬بس أنا ماعنديش هزار فـ‬ ‫معالمه ‪ ،‬أنا بثق فيكي أكتر من نفسي و كنت متأكد إن مفيش حاجة حصلت‬
‫الموضوع دا ‪ ،‬هزري براحتك في أي حاجة تانية ‪ ،‬أنا بغير على كل حاجة تخصني و إنت بتاعتي أنا بس ‪ ،‬لسانك دا لو سمعته بيشكر في‬
‫تماما عن أي حاجة بتثير غيرتي ‪ ،‬عشان أنا صعيدي‬‫راجل ول بيتكلم عن راجل و لو بحسن نيه هاأسحبك منه ‪ ،‬تتلمي أحسنلك كدا ‪ ،‬و تبعدي ً‬
‫فـ الموضوع دا ‪ ،‬أنا ممكن أتفاهم معاكي في أي حاجة إل دا ساعتها مابتفاهمش نهائي ‪ ،‬أنا واحد بيحب و الحب دا من عظمته خلقلي غيرة‬
‫عاميه ‪ ،‬فنبعد تما ًما عن الستفزاز ‪ ،‬ثم اقترب بوجهه منها حتى لمس جبهتها و نظر في عينيها بقوة و قال بمكر‪:‬‬
‫سامعة يا مراتي ‪ ،،‬ثم أبعد يده من فوق رأسها و ترك عنقها و ابتعد عنها و تبسم لها بتحدي ‪ ،‬تحركت هي من مكانها و توجهت إليه ‪ ،‬ثم‬
‫كورت قبضتها و ضربته على صدره و قالت بحنق ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫و هللا إنت ماعندك دم و رخم جدًا ‪ ،‬رعبتني و وقفتني وقفة ماتصحش ع الفاضي و مفيش حاجة حصلت‬

‫نضال و قد جذب رأسها و وضعها بين ذراعه و جانبه األيسر كأنه يخنقها ثم ضربها برفق على جبهتها و قال بمزاح ‪:‬‬
‫علشان إنت هبله و هاطله و بتلعبي فـ عداد عمرك يا شاطرة ‪ ،‬ثم تركها و قال باستفزاز‪:‬‬
‫ورايا عيانين فـ العيادة ‪ ،‬و إنتي عطلتيني على فكره‬

‫‪-‬جهاد بحنق‪:‬‬
‫أحسن تستاهل هه‬

‫‪-‬نضال بغمزة و لهجة ماكره‪:‬‬


‫بس حلو األكشن دا ‪ ،‬جديد عليكي يا عيني معلش ‪ ،‬عشان تبقي تهزري حلو تاني ‪ ،‬و تغلسي فـ اللي مالكيش فيه‬

‫‪-‬رخم ‪ ،‬رخم ‪ ،‬رخم ‪ ،‬عشرة رخم‬

‫‪-‬مش أرخم منك يا روحي ‪ ،‬ثم اقترب و قبلها بين عينيها و قال بحب‪:‬‬
‫يال يا فتاتي أنا ماشي بقى ‪ ،‬هاتوحشيني أوي على فكرة ‪ ،‬و اعقلي هاه‬

‫‪-‬جهاد ببسمة ‪:‬‬


‫و إنت كمان على فكرة هاتوحشني يا أرخم شخصية قابلتها فـ حياتي‪.‬‬
‫‪............ .......... ..........‬‬
‫مرت األيام بال جديد يُذكر ‪ ،‬مضى شهران تقريبًا على سفر والد وسام و لكنه لم يعد و هم ليعرفون عنه أي شيء ‪ ،‬أخذ فارس يحاول‬
‫الوصول إليه بأي طريقة لكنه فشل فأصابه القلق‬
‫‪.......... .......... .........‬‬
‫جهـاد و هي تجلس في مكتبهـا ذات يوم ‪ ،‬طُرق الباب ‪ ،‬فأذنت للطارق بالدخول ‪ ،‬فدخـل شاب يبدو أنه طالب ‪ ،‬قالت جهاد‪:‬‬
‫تعالـى يا ابراهيم اتفضل و سيب الباب مفتوح‬

‫‪-‬جلس ابراهيم فقالت جهاد بقلق‪:‬‬


‫فينك يا ابراهيم من زمان ‪ ،‬ماعدتش بتيجي تسألني و تقولي مش فاهم كذا يا دكتورة ‪ ،‬و مالك كدا شكلك حزين أو تعبان‬

‫‪-‬ابراهيم بحزن و هو ينظر أرضًا ‪:‬‬


‫ما هو دا اللي أنا جاي علشانه ‪ ،‬أنا آسف يا دكتورة لو هاأعطلك أو هاأحكي فـ حاجة خارج الدراسة لكني تايه و هللا و مش عارف ألقي حل‬

‫‪-‬جهاد بقلق‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬و عشان أساعدكم‬ ‫قول يا ابراهيم على طول ‪ ،‬تعطلني عن إيه بس ‪ ،‬أنا هنا لخدمتكم‬

‫‪-‬ابراهيم بألم‪:‬‬
‫بصي يا دكتورة والدي كان إنسان أنا ماشوفتش زيه ‪ ،‬راجل عارف ربنا و مؤمن ‪ ،‬مربينا أحلى تربية و معلمنا الحالل و الحرام من صغرنا ‪،‬‬
‫داي ًما يقف جنب اللي عنده أزمة ‪ ،‬روحه روح شاب ‪ ،‬و عنده نشاط الشباب ‪ ،‬عمري ماسمعته بيتخانق مع أمي أبدًا ‪ ،‬داي ًما كان بيعاملها كأنها‬
‫بنته ‪ ،‬عمره مازعلني فـ يوم داي ًما كان يتكلم معايا بهدوء و مصاحبني أنا و إخواتي ‪ ،‬و بالنسبالنا هو كان معنى كل الحلو اللي فـ الدنيا ‪ ،‬فجأة‬
‫بدأت تظهر عليه أعراض مرض ‪ ،‬كشف و عمل تحاليل طلع عنده سرطان ‪ ،‬أما عرف ماسمعتش منه غير كلمة الحمد هلل ‪ ،‬بدأ يتعالج بس‬
‫المرض كان وصل لمرحلة خطيرة و قُبضت روحه إلى بارئها ‪ ،‬أكمل ابراهيم و قد امتألت عيناه بالدموع و بدأت تتساقط على وجنتيه و قال‬
‫بألم ‪:‬‬
‫و من يومها و أنا تايه يا دكتورة ‪ ،‬مش مستوعب حاجة ‪ ،‬حاسس إني ضهري اتكسر ‪ ،‬أنا و هللا مامعترض على أقدار ربنا و راضي لكني‬
‫حقيقي مش قادر أصدق إنه مات و سابني ‪ ،‬مش مصدق إني خالص ماعدش ليا صاحب ول سند ‪ ،‬مش مصدق إني بقيت المفروض آخد‬
‫قراراتي بنفسي من غير ما أرجعله و أتناقش معاه ‪ ،‬أنا عندي اختين أصغر مني المفروض إني أكون ليهم أب دلوقتي لكني برضه مش عارف‬
‫ألني أنا ذات نفسي محتاج أبويا ‪ ،‬والدي اتوفى فـ أجازة نص السنة يعني بقاله تقريبًا شهرين و نص و أنا على نفس الحال ل بذاكر ول بعمل‬
‫حاجة ول عارف أفوق لنفسي‬

‫‪-‬جهاد و قد أخذت تمسح دمعاتها التي هطلت في صمت‪:‬‬


‫بص يا ابراهيم الموت علينا حق و والدك دا طبيعي إنه يسيب الدنيا دي ‪،‬الناس الصالحين اللي شبه والدك دول ‪ ،‬مكانهم مش هنا ‪ ،‬مكانهم هناك‬
‫في الجنة ‪ ،‬دول ناس الجنة بتشتاقلهم شبه ما هما بيشتاقولها ‪ ،‬الدنيا اللي مليانه فتن دي مش مكانهم ‪ ،‬دول هناك في نعيم الجنان ‪ ،‬إحنا الوحشين‬
‫اللي بنطول هنا فـ الدنيا ‪ ،‬المفروض ماتزعلش خالص يا ابراهيم و تبقى فرحان بيه و ليه إنه خالص روح لبلدنا الحقيقية ‪ ،‬هو مستنيك هناك‬
‫على باب الجنة ‪ ،‬إنت بتقول أنا راضي بقضاء هللا و قدره ‪ ،‬الرضا دا مش كالم و شعور بس ‪ ،‬ل الرضا دا لزم يبان فـ أفعالك ‪ ،‬والدك رباك‬
‫و علمك عشان تبقى مؤمن صح ‪ ،‬ماينفعش تضعف و تحزن و تكتئب و تفضل مكانك ‪ ،‬إنت كدا ماتبقاش راضي ‪ ،‬خليك الولد الصالح اللي‬
‫بيدعي لوالده بعد وفاته و بيبعتله حسنات كتير ‪ ،‬قوم و اسعى و طبق كل حاجة هو علمهالك ‪ ،‬خليك سند لخواتك و لوالدتك ‪ ،‬إخواتك البنات‬
‫دول فـ رقبتك دلوقت ‪ ،‬لزم تاخد بالك منهم و تعلمهم كل حاجة و تكون نعم األب و األخ و الصاحب ليهم و ماتخليهومش يحتاجوا لحد غيرك‬
‫أبدًا ‪ ،‬و خليك فـ ضهر والدتك ماتحسسهاش إنها انكسرت من بعد والدك ‪ ،‬ل اعملها كل اللي هو كان بيعمله ‪ ،‬زور كل صحابه و قرايبه و بره‬
‫و هو ميت فيهم ‪ ،‬أي عمل خير هو كان بيعمله حاول تكمل عليه و ماتقطعهوش ‪ ،‬لو عملت كدا يبقى إنت حقيقي بتحب والدك و هو يبقى أدى‬
‫رسالته في الحياه و ربى فتى مسلم بجد ‪ ،‬إنت ما شاء هللا شاب متدين طول عمرك و عارف ربنا و مشهور باحترامك و إحنا نحسبك على ذلك‬
‫علَم في الدفعة‬
‫ول نزكي على هللا أحدًا ‪ ،‬أنا مش عايزاك تفضل مجرد شاب محترم و متدين وبس ‪ ،‬ل أنا عايزاك تذاكر و تجتهد و تكون َ‬
‫عايزاك شبه ما بيقولوا ما شاء هللا على أدبه يقولوا ما شاء هللا على علمه و تفوقه ‪ ،‬إنت اتناقشت معايا فـ موضوع قبل كدا و قولتلي ساعتها‬
‫إنك بتحفظ قرآن تقريبًا ‪ ،‬عايزاك تكمل حفظ و تطلع األول على دفعتك و تكون داي ًما مميز في المكان اللي تبقى موجود فيه ‪ ،‬لزم تخلي‬
‫وجودك بيفرق فـ أي مكان ‪ ،‬لما تغيب الكل يحس بغيابك ألنك فرد حضوره مؤثر ‪ ،‬فوق و اتعلم و ذاكر و اشتغل و اضحك ‪ ،‬اثبت للكل إني‬
‫أصال عشان أنا مؤمن بحق و فاهم ديني صح ‪ ،‬تعبنا من األمثلة السيئة اللي بنشوفها للي بيدّعي التقوى و هو‬‫ً‬ ‫متدين و متفوق ‪ ،‬بل أنا متفوق‬
‫إنسان ضعيف و فاشل ‪ ،‬عمر المؤمن ما كان ضعيف أبدًا و ماشي جنب الحيط ‪،‬المؤمن الحقيقي عنده عزة و كرامه ‪ ،‬إنسان ناجح قادر إنه‬
‫يغير في المجتمع اللي حواليه ‪ ،‬أصل مستحيل أبقى واحد فاشل ضعيف و أحاول أغير حاجة فـ الناس ‪ ،‬أقل كلمة ممكن تتقال ما تبص لنفسك‬
‫األول ‪ ،‬أنا مش عايزاك تسيب نفسك يا ابراهيم و تبقى النموذج الضعيف اللي بيسيء للناس المؤمنة المتدينة ‪ ،‬ل عايزه إيمانك فـ المظهر يشهد‬
‫عليه نجاحك و فالحك ‪ ،‬أكيد لزم حاجة تيجي توقعك و توقفك شوية ‪ ،‬مش مهم اقع عادي بس قوم على طول ‪ ،‬ماتطولش في الوقوع و‬
‫ماتستسلمش أبدًا ألي ألم ‪ ،‬ماتسمحش ألي هم يكسرك و يوقفك ‪ ،‬إنت خليفة ربنا فـ األرض ‪ ،‬لزم تحس بدا و تركز في كل تصرفاتك و تكون‬
‫عبد رباني صالح و ُمصلح ‪ ،‬الدنيا لزم تفاجئنا بحاجات تشيب ‪ ،‬لكن إحنا مؤمنين ‪ ،‬لزم نصبر و نكمل لحد ما نروح عند ربنا و نرتاح في‬
‫الجنة ‪ ،‬فهمتني يا ابراهيم‬

‫‪-‬ابراهيم و قد بدا األمل في نبرته‪:‬‬


‫بصي يا دكتورة هو أنا مش عارف أرد أقولك إيه و هللا ‪ ،‬أنا كل اللي أقدر أقدمهولك إني هاأدعيلك من قلبي فـ كل صالة ‪ ،‬حضرتك فوقتيني و‬
‫فعال ماينفعش أفضل كدا ‪ ،‬أنا بوعدك وعد حر إني ها‬‫هللا ‪ ،‬يمكن نص الكالم دا أنا عارفه لكن لما سمعته منك كأنه بيتقالي ألول مره ‪ ،‬أنا ً‬
‫أطبق كل الكالم اللي إنت قولتيه دا ‪ ،‬و هاأكون فـ يوم ناجح كدا ‪ ،‬و هاأجي أشكرك تاني ساعتها و أقولك إن كل حسنة أنا بعملها و كل نجاح أنا‬
‫وصلتله في ميزان حسناتك ‪ ،‬أنا ممتن ليكي جدًا يا دكتورة و من النهارده هاأكون سبب لفخر والدي بين أهل الجنة‬

‫""الفصـل الثامن و العشـرون""‬

‫َرفَ َعــت شعرهـا عن وجههـا فأكتمل القمــر ‪....‬‬

‫‪............ ........... ..........‬‬


‫جهاد و هـي تدخل إلـى الصالون حيث يجلس جدهـا ‪:‬‬
‫صباح الجمال يا حج درش‬

‫‪-‬الجد و هو يضحك من كالم حفيدته‪:‬‬


‫يا بنتي إحترميني شوية مش كدا ‪ ،‬و بعدين نازله و إنت منعكشة شعرك كدا ليه‬

‫‪-‬جهاد و هي تضع يدها في خصرها‪:‬‬


‫منعكشه !! دا أنا عليا شعر كيلوباترا ذات نفسها ما كانش عندها شعر شبهه‬

‫‪-‬ياسالم ع الناس الواثقة من نفسها‬

‫‪-‬جهاد و هي تجلس على الكرسي المجاور له‪:‬‬


‫إيه أخبارك يا عجوز‬

‫‪-‬الجد بتحدي‪:‬‬
‫عجوز مين يا أروبه ‪ ،‬دا أنا أجمد منك‬
‫‪-‬جهاد بتحدي مماثل‪:‬‬
‫تيجي نجرب مين األقوى ‪ ،‬أنا ها أقوم أشدك أقومك من ع الكرسي و نشوف مين اللي ها يغلب‬

‫‪-‬ماشي أنا موافق ‪ ،‬و أما أغلبك أنا اللي ها أقولك يا عجوزة‬

‫قامت جهاد و أرجعت شعرها للخلف ثم أمسكت بيد جدها و بدأت تجذبه ليقوم و لكنها لم تستطع ثم فجأة يجذبها الجد بقوة فتسقط عليه و هي‬
‫تكاد تموت ضح ًكا و هو أيضًا ل يكف عن الضحك ‪ ،‬و قبل أن تعتدل من سقوطها ‪ ،‬إذا بوالدها يمزح و هو يهم بدخول الصالون ‪:‬‬
‫صوت ضحككوا سمع مصر كلها ‪ ،‬و لكنه بمجرد أنا رأى هيأتها صمت متوق ًعا النفجار الذي سيحدث بعد قليل ألنه لم يكن وحيدًا بل كان معه‬
‫صدم نضال مما رأى هو اآلخر ‪ ،‬فجهاد كانت ترتدي زي منزلي عبارة عن بنطال من الجينز و لكنه قصير يُظهر جزء‬ ‫نضال الذي جاء ًتوا ‪ُ ،‬‬
‫من ساقيها ‪ ،‬و تيشرت بال أكمام من اللون الوردي ‪ ،‬و تركت لشعرها العنان فغطى ظهرها و وجها بخصالته الطويلة جدًا ‪ ،‬شديدة السواد و‬
‫النعومة ‪ ،‬كانت جهاد لم تنظر إلى والدها بعد ول تستطيع القيام من كثرة الضحك ‪ ،‬بدأت تبتعد عن جدها و تستدير إلى والدها و لكن شعرها‬
‫حجب عنها الرؤية حيث كان يغطي وجهها بأكمله نتيجة سقوطها ‪ ،‬بدأت تحاول إرجاع شعرها للخلف و بمجرد أن رفعت شعرها عن وجهها و‬
‫منبهرا بها‪:‬‬
‫ً‬ ‫هي تنظر جهة والدها ‪ ،‬قال نضال في نفسه‬
‫اآلن اكتمل القمر ‪.....‬‬

‫‪ .‬و ظل واقفًا مكانه يحدق بها ‪ ،‬أُصيبت جهاد بصدمة كأن أحدهم سكب عليها ً‬
‫دلوا من الماء البارد عندما رأت نضال الواقف خلف والدها و‬
‫ينظر إلها ‪ .........‬اآلن كـل من في الصالون في حالة صمت تام و ينظرون إلى بعضهم البعض ‪ ،‬أحمد و الجد يعلمون أن جهاد لن تدع هذا‬
‫الموقف يمر بسالم ‪ ،‬أما نضال فكانت عيناه ل تتحركان من على زوجته و قد فتنه جمالها ‪ ،‬أما جهاد فقد كانت ل تستوعب ما ترى ‪ ،‬و إذا بها‬
‫تصرخ بعصبيه‪:‬‬
‫دا جه هنا إمته ‪ ،‬و دخل منين و إزاي‬

‫‪-‬أحمد بهدوء‪:‬‬
‫دخل معايا دلوقتي يا جهاد‬

‫‪-‬نظرت جهاد إلى نضال فوجدته يحدق بها ‪ ،‬فصرخت بغضب‪:‬‬


‫إنت بتبصلي كدا ليه ‪ ،‬اتلم و غض بصرك ‪ ،‬دير وشك الناحيه التانيه على ما أطلع من هنا ‪ ،‬لم يستوعب نضال ما قالته فظل واقفًا كما هو ‪،‬‬
‫فصرخت فيه مره أخرى و قد احمر ووجهها من الغضب و الحرج و المفاجأة ‪:‬‬
‫إنت مابتسمعش ول مابتفهمش ‪ ،‬مش بقولك بطل تبصلي و دير وشك ‪ .........‬فاستدار نضال تلك المرة و نظر للخارج ‪ ،‬فنظرت لوالدها و‬
‫قالت‪:‬‬
‫إنت إزاي تدخل حد كدا يا بابا‬

‫‪-‬يا بنتي أنا مش مدخل حد غريب عشان أستأذن األول دا جوزك ‪ ،‬أنا كنت في الجنينة بروي الزرع و هو جي و عاملك مفاجأة عشان يقضي‬
‫اليوم معاكي ‪ ،‬قال يسلم على جدو قبل ما يطلع ‪ ،‬و إحنا داخلين سمعنا صوتك ‪ ،‬و إنت ماكنتيش بتنزلي تحت كدا فأنا قولت ندخل عادي يعني‬

‫‪-‬جهاد و هي تخرج من المكان و تضرب بأقدامها فـ األرض بقوة‪:‬‬


‫جوزي إيه و بتاع إيه بس ‪ ،‬هلل األمر ‪ ،‬هلل األمر‬
‫صعدت جهاد و دخلت غرفتها و أغلقتها ‪ ،‬أما في األسفل جلس نضال مع الجد و أحمد الذي قال باعتذار‪:‬‬
‫ماتتزعلش منها يا ابني ‪ ،‬إنت عارفها بتتكسف قد إيه ‪ ،‬و اتفاجئت بدخولك‬

‫‪-‬أنا مش زعالن و هللا يا عمي ول أي حاجة ‪ ،‬بس هي ها تفضل كدا طول النهار و مش ها أعرف أقعد معاها ول إيه!‬

‫‪-‬أحمد ببسمة‪:‬‬
‫هو إحنا لو طلعنا فوق دلوقتي ممكن ترمينا واحد ورا التاني من البلكونه ‪ ،‬أنا كمان شويه ها أقول لمنى تناديلها و تنزل ‪ ،‬تكون هديت‬

‫بعد ساعة تقريبًا طرقت منى باب الغرفة فأذنت لها جهاد بالدخول ‪ ،‬منى و هي تدخل‪:‬‬
‫إيه دا يا جهاد ‪ ،‬إنت لسه لبسه زي ما إنت ‪ ،‬يال غيري عشان تنزلي‬

‫‪-‬جهاد بحنق‪:‬‬
‫أنا ل مغيره ول نازله ول طالعه من األوضة‬

‫‪-‬يا بنتي هللا يهديكي ‪ ،‬يعني الراجل سايب كل شغله و جي يقضي معاكي اليوم تسيبيه كدا ‪ ،‬و بعدين ماتكبريش الموضوع دا جوزك ‪ ،‬فيها إيه‬
‫أما يشوفك بشعرك و بلبس البيت‬

‫‪-‬جهاد بغضب مكتوم‪:‬‬


‫ماحدش يقولي جوزك و مش جوزك ‪ ،‬بصي يا ماما إنت تقفلي عليا الباب و تنزلي تقوليله إني مش نازله ول خارجة من األوضه‬

‫خرجت األم بعدما يأست من المحاولة و هبطت إليهم ‪ ،‬ثم قالت‪:‬‬


‫مش راضية تخرج بره ‪ ،‬و أول مره أشوفها متعصبة كدا ‪ ،‬معلش يا نضال يا ابني‬

‫‪-‬نضال باحترام و هو يوجه كالمه ألحمد‪:‬‬


‫هو أنا ينفع أطلعلها يا عمي‬

‫‪-‬أنا ماعنديش مانع يا ابني ‪ ،‬بس خايف عليك من جنونها‬

‫‪-‬ل ماتقلقش ‪ ،‬ها أعرف أتعامل معاها‬

‫صعد نضال مع منى إليها ‪ ،‬أرشدته منى إلى غرفتها ثم تركته و توجهت للمطبخ ‪ ،‬طرق الباب بهدوء ‪ ،‬فسمع صراخها من الداخل‪:‬‬
‫أنا قولتلك مش خارجه يا ماما ‪ ،‬و قوليله إني مش طايقه أبصله فخليه يقوم يروح بالزوق بدل ما أنزل أتخانق معاه‬
‫ابتسم نضال بشدة مما سمع ‪ ،‬ثم لف مقبض الباب و قرر الدخول ‪ ،‬دخل فوجدها تجلس على السرير وظهرها للباب و بنفس المالبس التي‬
‫شاهدها بها ‪ ،‬أغلق الباب خلفه ‪ ،‬فقالت دون أن تستدير‪:‬‬
‫إنت مصممة يعني يا ماما ‪ ،‬أنزل أطلعهم عليه دلوقتي علشان ترتاحوا ‪ .......‬ظل نضال صامتًا و توجه إليها حتى وقف أمامها ‪ ،‬كانت تمسك‬
‫بيدها قلم و بعض األوراق و تخط بالقلم خطوط عنيفة متفرقة من شدة الغضب ‪ ،‬و بمجرد أن وقف أمامها و نظرت إلى قدمه ‪ ،‬رفعت عيناها‬
‫بسرعة فاصطدمت بنظراته العاشقة و بسمته الجذابة ‪ ،‬صرخت بغضب و هي تقف ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال تدخل ‪ ،‬و قبل أن تُكمل وضع يده على فمها لتصمت و يده األخرى خلف رأسها ‪ ،‬ثم أجلسها رغ ًما‬ ‫إنت دخلت هنا إزاي ‪ ،‬و مين سمحلك‬
‫عنها و جلس بجوارها ‪ ،‬ثم رفع يديه عنها و هو ينظر لها بقوة و تهديد أل تنطق بحرف ‪ ،‬ثم قال بنبرة مازحة‪:‬‬
‫إيه يا ست هانم ‪ ،‬متعصبة علينا م الصبح ليه و ماحدش قادرك ‪ ،‬مش كدا ‪ ،‬عيب حتى ‪ ،‬إيه اللي حصل لدا كله ‪ ،‬منا كدا كدا كنت ها أشوفك‬
‫بشعرك ‪ ،‬يا طور إنت مراتي ‪ ،‬مش عايزة تفهمي ليه‬

‫‪-‬جهاد بعصبيه و هي تنظر أرضًا ‪:‬‬

‫أنا مش مراتك على فكره ‪ ،‬إحنا لسه ماإتجوزناش و ياريت حضرتك تطلع بره عشان عيب كدا‬

‫‪-‬نضال باستفزاز‪.:‬‬
‫أول أنا مش طالع ‪ ،‬ثانيًا قعدتي هنا ل عيب ول حرام ‪ ،‬ثالثًا بقى و دا األهم إنت مراتي غصب عنك و لو مش ها تصدقي دا غير أما نتجوز‬
‫ً‬
‫بجد ‪ ،‬فماشي نتجوز دلوقتي ‪ ،‬ثم مد يده و مسح على شعرها‬

‫‪-‬جهاد و هي تقفز من مكانها و تبعد يده عن شعرها ثم توجهت للباب‪:‬‬


‫إنت مجنون و قليل األدب ‪ ،‬و أنا هاأسيبلك األوضه و أمشي أنا‬

‫‪-‬نضال و قد أسرع خلفها ثم حملها من خصرها و وضع يده األخرى على فمها ليمنعها من الحديث ‪ ،‬أخذت تضرب فيه بقدميها و يديها لينزلها‬
‫أرضًا و لكنه لم يفعل ثم توجه إلى السرير ‪ ،‬فنظرت إليه برعب فنظر لها بمكر و على وجهه شبح ابتسامه ثم قال‪:‬‬
‫عاماللي فيها مش عارف إيه و بتطولي لسانك ‪ ،‬ماشي يا جهاد وريني بقى ها تعملي إيه ‪ ،‬كان حينها يحملها بين يديه كالطفلة الصغيرة و‬
‫لزال مغلقًا لفمها و يقف أمام الفراش مباشرة ‪ ،‬شعرت جهاد بالخوف الشديد ول تستطيع أن تصرخ أو تبتعد عنه بسبب قبضته القوية فبدأت‬
‫تبكي بصمت ‪ ،‬و بمجرد أن رأى دموعها جلس على حافة الفراش و هو لزال يحملها على قدميه ‪ ،‬أبعد يده عن فمها و أخرج يده األخرى‬
‫بعدما عدّل وضعها لتجلس باستقامة على قدميه ‪ ،‬و أخذ يمسح دمعاتها بيده و هي مغلقة عينيها تما ًما و يظهر على وجهها الخوف و جسدها‬
‫يهتز رعبًا ‪ ،‬قال بحنان و هو يمسح على شعرها‪:‬‬
‫اهدي يا جهاد ‪ ،‬اهدي يا حبيبتي ‪ ،‬أنا بهزر و هللا ‪ ،‬افتحي عنيكي يا جهاد و بصيلي‬
‫فتحت عيناها ببطء و هي تنظر لوجهه القريب منها بخوف ‪ ،‬فقال بنبره متألمة‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬أنا بهزر معاكي بس ‪ ،‬علشان‬ ‫ماتبصيليش بخوف كدا يا جهاد ‪ ،‬إنت إزاي خايفة مني ‪ ،‬أنا عمري ماأعمل كدا ‪ ،‬و بعدين مايجوزش‬
‫إنت مكسوفه جامد و ناسية إني عادي أشوفك كدا و أكتر من كدا ‪ ،‬أنا عارف إنك بتتكسفي أوي بطريقة زايده و علشان كدا راعيتك و مطلبتش‬
‫منك تخرجيلي بشعرك من يوم كتب الكتاب رغم إني كنت عايز أشوفه ‪ ،‬لكن علشان عارف حيائك و بحبه جدًا ماطلبتش منك دا ‪ ،‬يشاء ربنا‬
‫بقى إني أجي و أشوفك و إنت زي القمر كدا ‪ ،‬لبمزاجك ول بمزاجي ‪ ،‬فماكنش فيه داعي لعصبيتك الزايده دي ‪ ،‬ثم قال بمزاح و هو يغمز‬
‫لها‪:‬‬
‫ياستي كأنه تمرين علشان إحنا هانتجوز قريب و ماتهبلينيش بكسوفك‬

‫لم تنطق جهاد بأي كلمة و لم تُظهر أي ردة فعل ‪ ،‬فقال بنفس النبرة الحانية‪:‬‬
‫خالص بقى يا جهاد علشان خاطري ‪ ،‬و إوعي تخافي مني فـ لحظة ألي سبب من األسباب ‪ ،‬أنا مش واحد حيوان ول أنا واحد مش مقدر‬
‫قيمتك ‪ ،‬أنا إنسان بيحب و عنده مشاعر لكن كل حاجة بتحكمها أخالق و آداب ‪ ،‬اضحكي بقى عشان خاطري ‪ ،‬ثم قبلها على رأسها و قال‬
‫بمزاح ‪:‬‬
‫بس ما شاء هللا شعرك حلو أوي الصراحة و شكلك باللبس دا زي القمر كدا ‪ ،‬الطقم دا تبقي تاخديه معاكي بيتنا أما نتجوز عشان عجبني ‪ ،‬و‬
‫قومي بقى من على رجلي عشان إنت تقيله و أنا مش قادر ‪ ،‬كدا هايجيلي كساح‬

‫‪-‬جهاد بحنق و هي تضربه على صدره‪:‬‬


‫تقيلة في عينك‬

‫‪-‬نضال بحب و هو يقبل يدها ‪:‬‬


‫ل تقيله في قلبي‬

‫‪-‬جهاد ببسمة‪:‬‬
‫و هللا أنا محتاره فـ أمرك مش عارفه أحدد إنت رخم ول رومانسي ‪،‬عاقل ول مجنون ‪ ،‬جد ول بتهزر ‪ ،‬كل اللي أنا أعرفه إني بحبك بكل‬
‫بالويك دهي‬

‫‪-‬نضال و هو يضربها على رأسها برفق‪:‬‬


‫بالوي إيه بس يا بت إنت ‪ ،‬ماتتلمي دا إنت كنتي لسه بتعيطي و مرعوبة‬

‫‪-‬جهاد بحنق ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬كنت بموت م الكسوف عشان شافني باللبس دا ‪ ،‬و حضرته جي‬ ‫ما إنت اللي رخم و هزارك أرخم ‪ ،‬أنا ماكنتش عارفه أستوعب حاجة‬
‫يقولي ها نتجوز دلوقتي ‪ ،‬كائن فظيع‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر لها بمكر‪:‬‬


‫ماتسمعي الكالم و تقومي تغيري و نطلع بره عشان لو فضلتي كدا أنا ممكن أقنعك و أعملها‬

‫‪-‬جهاد و هي تقفز من على قدميه و تقول بمزاح‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال‬ ‫قليل األدب جدًا يعني ‪ ،‬إنت مين سمحلك تشيلني‬

‫‪-‬أنا عارف يا أختي أنا إيه اللي خالني أعمل كدا ‪ ،‬دا إنت حتى تقيلة و رخمة كدا‬

‫‪-‬جهاد بحنق و هي تشير للباب‪:‬‬


‫قوم يا نضال اطلع بره بدل ما أقتلك دلوقتي ‪ ،‬قال تقيلة قال‬
‫‪-‬نضال و قد قام من مكانه و وقف أمامها و أخذ يُعدّل من وضع شعرها و يبعده عن و جهها ثم قال بحب‪:‬‬
‫عايز كل ما أشوفك بشعرك يكون مفرود كدا ‪ ،‬ما تجمعيهوش خالص ‪ ،‬الجمال دا لزم يفضل بحريته كدا ‪ ،‬يال أنا هاأستناكي بره ماتغيبيش‪.‬‬

‫خرج نضال و جلس في الصالون و بدلت هي ثيابها ثم خرجت له ‪ ،‬جلسا م ًعا في البيت لعدة ساعات ثم خرجوا لستكمال اليوم في التنزه ‪ ،‬كانا‬
‫يمزحان و يختلفان ثم يتفقان ‪ ،‬يتناقشان و يتناظران ‪ ،‬أعظم ما يميز عالقتهما قدرة نضال على احتواء ردة فعلها في كافة المواقف بعقلة و‬
‫حكمته و أخالقة و عشقه لها ‪ ،‬و استجابتها الدائمة له و الرضا بأفعاله ‪ ،‬فكانا يخرجان من أي موقف و حبهما قد ازداد فوق الحب حبًا‬

‫جلسا معًا في إحدى الحدائق العامة كما تحب جهاد ‪ ،‬فقال نضال بمزاح و هو ينظر لها‪:‬‬
‫فيه شعرايه طالعه من تحت الخمار هناك أهي‬

‫‪-‬جهاد بحنق ‪:‬‬


‫منا مالحقتش ألم شعري كويس علشان أخلص و أطلعلك بسرعة و همت برفع يدها لتُدخلها ‪ ،‬فمنعها ثم مد يده هو و قام بجذب تلك الشعرة بقوة‬
‫حتى اقتلعها من جذورها‬

‫‪-‬جهاد بدهشه‪:‬‬
‫آه ‪ ،‬إيه اللي إنت عملته دا‬

‫نضال و قد أخرج هاتفه من جيبة ثم فصله عن الجراب و وضع الشعرة في الجراب ثم وضع الهاتف فوقها في الجراب مرة أخرى و قال‪:‬‬
‫دي ها تفضل معايا لحد ما نتجوز كمان شهر و تجيلي إنت و شعرك‬

‫‪-‬جهاد من بين ضحكاتها‪:‬‬


‫مجنون ‪ ،‬مجنون رسمي ‪ ،‬عليك شوية حركات ‪ ،‬رومانسية فقيعة الصراحة ‪ ،‬و بعدين شهر مين اللي هانتجوز بعده لسه ع األقل تلت شهور‬
‫أربعه كدا‬

‫‪-‬نضال بجدية ‪:‬‬


‫ل ‪ ،‬علشان تعملي حسابك ‪ ،‬الترم فـ أواخره أهو ‪ ،‬بعد شهر المتحانات هاتكون خلصت و إحنا ها نتجوز بعد المتحانات على طول ‪ ،‬الشقة‬
‫خلصت و كمان موضوع إنك تنقلي معايا جامعة إسكندرية ماشي تمام ‪ ،‬يعني كل حاجة زي الفل ‪ ،‬هو شهر و نتجوز أقسم باهلل ‪ ،‬ثم قال‬
‫بمزاح‪:‬‬
‫بس ربنا يستر و أقدر أصبر الشهر دا بعد اللي أنا شوفته النهارده‬

‫‪.......... .......... .........‬‬


‫أكمال اليوم معًا ‪ ،‬ثم صعدا السيارة حتى يعودان ‪ ،‬عندما وصلوا بالسيارة أسفل بيت جهاد ‪ ،‬قال نضال بمزاح‪:‬‬
‫مش ها أسيبك المرادي غير أما تديني حضن قبل ما تطلعي‬
‫‪-‬جهاد و هي تنظر له بمكر ‪:‬‬
‫حضن بس !‬
‫ثم أخذت تقترب منه ببطء و عيناها مركزتان على أسفل وجهه ‪ ،‬نضال في نفسه ‪:‬‬
‫هي هاتحن عليا و ربنا هايهديها و تعملها ول إيه ‪ ،‬يعني هي يوم ما تحن ‪ ،‬تحن عليا في العربيه ما إحنا كنا فـ أوضتك يا بنتي ‪ ،‬بس الحمد هلل‬
‫تحت بيتهم هادي و الدنيا ضلمه و مفيش حد ‪ ،‬كان نضال يفكر في ذلك و عيناه مسلطتان على وجهها الذي يقترب من وجهه ‪ ،‬كانت جهاد‬
‫تضيق عينيها بتركيز كلما اقتربت منه ‪ ،‬أغمض هو عينيه استعدادا لما ظنه سيحدث ‪ ،‬و لكنه يتفاجأ بها ‪ ،‬تجذب شعره من لحيته و تصيح‬
‫بمرح ‪:‬‬
‫أهي لقيتها ‪ ،‬شعره بيضه طلعت في لحيتك ‪ ،‬إنت خالص عجزت يا كبير‬

‫‪-‬نضال بخيبة أمل‪:‬‬


‫هو إنت كنتي بتقربي مني عشان كدا‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم ضحكاتها ‪:‬‬


‫أيوه ‪ ،‬أصل اإلضاءة ضعيفة ف العربية و أنا ماكنتش شايفاها من بعيد ‪ ،‬لمحتها و إحنا في الجنينه بس اتكسفت اشدها قدام الناس ‪ ،‬ثم ضربته‬
‫على جبهته و قد انفجرت ضح ًكا‪:‬‬
‫إمال إنت مفكرني ها أعمل إيه يعني ‪ ،‬شكل دماغك راحت لبعيد‬

‫‪-‬نضال بحنق‪:‬‬
‫بتتسلي بيا يا جهاد طب تعالي ‪ ،‬ثم اقترب و قبلها على وجنتها و قال باستفزاز‪:‬‬
‫عشان تبقي تمدي إيدك على دقني تاني‬

‫‪-‬جهاد و قد تورد وجهها ‪:‬‬


‫للمرة األلف النهارده ها أقولك إنك قليل األدب ‪ ،‬أنا نازله ثم فتحت الباب و خرجت ‪ ،‬فنظر لها بغمزة‪:‬‬
‫بتحلوي أكتر على فكرة و إنت حمرا و مكسوفه كدا‬

‫جهاد بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫رخم‬

‫‪-‬نضال بحب ‪:‬‬


‫عارف ‪ ،‬يال أستودعك هللا يا حرمي المصون‬

‫‪-‬أستودعك هللا يا زوجي الحبيب‬


‫""الفصـل التاسع و العشـرون""‬

‫إنهـم تهادوا الحب غيبًا بالدعاء ‪. . . . . . .‬‬

‫‪......... ........ ..........‬‬


‫جهاد و هي تقف أمام الطلبة ‪:‬‬
‫النهاردة مافيش وقت ترفية يا شباب ‪ ،‬فيه حاجة تانية عايزة أقولهالكم ‪ ،‬المحاضرة الجاية آخر محاضرة لينا فـ المنهج و آخر محاضرة ليا فـ‬
‫جامعة المنصورة ‪ ،‬أنا خالص تقريبًا كدا اتنقلت لجامعة إسكندرية ‪ ،‬فالمحاضرة الجاية محاضرة وداع لألسف‪.‬‬

‫‪-‬بدأ الجميع يصيحون و يعبرون عن رفضهم لذاك األمر و يترجونها أن تظل معهم هنا‬

‫‪-‬جهاد بنبرة حزينة لكنها فخورة‪:‬‬


‫بصوا يا سنة تالتة و هللا غصب عني ‪ ،‬أنا ها أتجوز و ها أعيش في إسكندرية فـ مش ها أعرف أجي الجامعة هنا كل يوم و أسافر ‪ ،‬لكني‬
‫عايزة أقولكم إني يستحيل أنساكم أبدًا ‪ ،‬إنتم كلكم بالنسبالي إخواتي الصغيرين و يعز عليا أوي أبعد عنكم ‪ ،‬لكن إحنا حتى لو بطلنا نتقابل فإحنا‬
‫مش هانبطل ندعي لبعض ‪ ،‬أنا تقريبًا كل واحد و واحده منكم كان ليه موقف معايا ‪ ،‬يعني عارفكم كلكم بال استثناء و ها أفضل داي ًما أدعيلكم و‬
‫إنتم كمان إدعولي و لو أي حد احتاج حاجة يكلمني و أنا عيني ليه ‪ ،‬اثبتوا يا شباب على كل حاجة اتعلمناها سوا و اثبتوا على عهد التغيير اللي‬
‫أخدتوه ع نفسكم قدامي ‪ ،‬إنتم قدوة لغيركم فحافظوا على مكانتكم دي ‪ ،‬إنتم شجعتوني لحاجات كتير عشان كنتم داي ًما بتستجيبوا لألفكار البناءة ‪،‬‬
‫إنتم فخر ليا و هللا ‪ ،‬ربنا يرضى عنكم و يسمعني عنكم كل خير داي ًما‬
‫‪........... ............ ..........‬‬
‫في يوم المحاضرة التالي تفاجأت جهاد بأن كل من بالكلية علم بأمر انتقالها من الجامعة ‪ ،‬فمنذ دخولها من الباب حتى وصولها المدرج و كل‬
‫من يقابلها كان يتوقف أمامها ليودعها و الدمعات تتألأل في عينيه ‪ ،‬وصلت المدرج كان الباب شبه مغلق ‪ ،‬دفعته برفق و دخلت فتفاجأت من‬
‫عدم وجود الطالب ‪ ،‬المدرج بأكمله فارغ أمامها ‪ ،‬وقفت مذهولة تحاول تخمين مكانهم ‪ ،‬ثم إذا بها تسمع نقر على الخشب يأتي من نهاية‬
‫المدرج بطريقة موسيقية ُمتقَنة ‪ ،‬و إذا بالطالب قد بدأوا يظهرون حيث كانوا يختبئون في األسفل ‪ ،‬تتابعت األصوات الموسيقية التي يفعلونها‬
‫بأفواههم أو بالطرق على الخشب و أخذوا يظهرون صف تلو اآلخر من الخلف لألمام ‪ ،‬و إذا بالعميد يدخل مصفقًا و من خلفه كل أساتذة الكلية‬
‫ثم كل العاملين بها ‪ ،‬وقفوا جمعيًا ولزال الطالب يفعلون الحركات الموسيقية بأيديهم و أرجلهم ثم خرج طالب أعطى لها كتيب كبير ‪ ،‬فتحت‬
‫أول صفحة به فوجدت صورة للدفعة بأكملها و في بقية الصفحات كتب كل طالب كلمة شكر و تقدير لها و كذلك العميد و األساتذة ‪ ،‬نظرت إلى‬
‫الجميع بامتنان و قالت بأعين مليئة بالدموع‪:‬‬
‫هاتوحشوني جدًا كلكم ‪ ،‬أنا عمري ماهنسى تقديركم ليا ول المرات الكتير اللي فرحتوني فيها ‪ ،‬ثم بكت و بكى جميع الطلبه ألنهم حقًا سيشتاقون‬
‫لها جدًا ‪ ،‬قالت طالبة بقوة من بين دمعاتها‪:‬‬
‫يا دكتورة جهاد ‪ ،‬إنت مش مجرد دكتورة ممتازة مرت علينا ‪ ،‬إنت نموذج خاص ‪ ،‬نموذج نادر بنشوفه ألول مره ‪ ،‬إحنا بسببك اتحولنا من‬
‫ناس فاضية بتقعد على الساللم لناس مدركة قيمة الوقت و بتستغله ‪ ،‬إحنا عرفنا طريق ربنا بسببك ‪ ،‬كل حاجة حلوة حصلتلنا في الكلية كانت‬
‫بمشاركتك‪ ،‬إحنا الوحيدين اللي ينطبق عليهم إن المرحلة الجامعية هي أسعد مراحل حياتهم ‪ ،‬دا عشان إنت كنتي معانا فيها ‪ ،‬إحنا عمرنا أبدًا ما‬
‫هننساكي ‪ ،‬أو ننسى كلمة علمتيهالنا ‪ ،‬و هانستغل كل الفرص عشان نجيلك و نشوفك ‪ ،‬كلنا بندعيلك بالسعادة في حياتك يا دكتورة ‪ ،‬زي ما إنت‬
‫علمتينا معنى السعادة الحقيقية ‪.‬‬
‫‪......... ........... ..........‬‬
‫جهـاد و هـي تمشـي بجوار نضال ً‬
‫ليال‪:‬‬
‫كـده كل الترتيبـات بقت تمام صح؟‬
‫‪-‬نضال ببهجة‪:‬‬
‫أيوا الحمـد للـه ‪ ،‬الشقة بكل تجهيزاتها خلصت ‪ ،‬الفرح و المعازيم تمام كدا ‪ ،‬و فستانك و بدلتي جيبناهم إمبارح ‪ ،‬مافضلش غير إن حضرتك‬
‫تشرفي و تنوري بيتنا بقى يافندم‬

‫‪-‬يا سيدي كلها أسبوع ‪ ،‬شبه النهارده هانكون بنتجوز ‪ ،‬أنا مش مصدق نفسي يا أبو جبل ‪ ،‬دا أنا بلعب مع األطفال اللي في دار التحفيظ و‬
‫بجري وراهم ‪ ،‬جواز إيه اللي إنا دبست نفسي فيه دا‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫أنا عايزك بنفس جنونك و تنطيطك دا ‪ ،‬إوعي عشان ها نتجوز تعقلي بقى و تبطلي لعب ‪ ،‬ل الحياة ها تبقى مملة و رخمة ‪ ،‬أنا عايزك مهما‬
‫ً‬
‫أصال شبهك فهانتفاهم هانتفاهم ل تقلقي ‪.‬‬ ‫تكبري تفضل روحك المرحة دي موجودة ‪ ،‬و أنا‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫مش قلقانة يا زوجي العزيز ‪ ،‬أنا عارفاك مجنون و هاتحتوي شغل الهبل بتاعي ‪ ،‬بقولك إيه جاتلي فكرة حلوة أوي عايزة أقولك عليها‬

‫‪-‬قولي يا فتاتي‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر إليه ببسمة‪:‬‬


‫إنت تحجزلنا تذكرتين سفر للسعودية ‪ ،‬و نسافر أول ما الفرح يخلص على طول ‪ ،‬نروح نعمل عمره و نرجع ‪ ،‬و نبقى بدأنا حياتنا بطاعة ‪ ،‬أنا‬
‫حقيقي نفسي أسافر مكة‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر لها و يبتسم بسمة خبيثة‪:‬‬


‫لزم يعني نسافر من يوم الفرح‬

‫‪-‬جهاد بتلقائية‪:‬‬
‫أيوا ‪ ،‬نبدأ حياتنا سوا بطاعة عظيمة‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫ل حضرتك أنا آسف ‪ ،‬فيه طاعات تانية كتير ممكن نعملها غير العمرة‬

‫‪-‬جهاد بحزن‪:‬‬
‫طب و ليه مانسافرش‬

‫‪-‬نضال بخبث‪:‬‬
‫حرام عليكي ‪ ،‬مش ها أصبر ‪ ،‬أنا ما صدقت نتجوز ‪ ،‬عايزانا نسافر ليلة الفرح و شوفي ها نقعد هناك كمان قد إيه ‪ ،‬ل ياستي إحنا نتجوز‬
‫براحتنا و ها نطلع مكة سوا حج مش عمرة بس بإذن هللا ‪ ،‬إنما سفر يوم الفرح أنا آسف‪ ،‬مستحيل‬

‫‪-‬جهاد بحنق‪:‬‬
‫ماشي يا أخويا ‪ ،‬أنا و هللا مافاهمة حاجة بس مش مهم ‪ .......‬قولي صحيح إنت متأكد إن فكرة الفرح دي هاتنجح ‪ ،‬أصلها غريبة شوية‬

‫‪-‬هاتنجح بإذن هللا ‪ ،‬الصراحة العيال صحابي موجبيين معايا أوي و هايساعدوني فـ كل حاجة‬

‫‪-‬جهاد بنبرة حزينة‪:‬‬


‫نضال أنا فرحانه إننا خالص هانبقى سوا داي ًما ‪ ،‬بس كل الفرح ما يقرب أحس إن قلبي بينقبض أكتر لمجرد إني بفكر إني هنام في أوضة غير‬
‫أوضتي‪ ،‬إني مش ها أشوف ماما و بابا و تيتا كل يوم ‪ ،‬جدو يا نضال ماأقدرش يعدي عليا يوم من غير ما أقعد معاه ‪ ،‬و يهزر معايا و يقولي‬
‫يا أروبه ‪ ،‬مش عارفة الحياة ها تستقيم من غيرهم إزاي‬

‫‪-‬نضال و قد جلس على إحدى األرائك الموجودة على الطريق و أجلسها بجواره ثم أمسك يدها و قال بحب و هو ينظر لها‪:‬‬
‫أنا عارف يا جهاد إن أهلك هم كل حياتك ‪ ،‬و إنك أغلى حاجة عندهم ‪ ،‬أنا لو قولتلك ها أبقى ليكي شبههم كلهم و أعوضك عنهم هاأبقى بكدب‬
‫عليكي ‪ ،‬ألني حقيقي بشوف في عيون والدك و جدك حاجات عظيمة أنا بتعلم منها ‪ ،‬و معاملتهم ليكي و جمال شخصيتهم أنا ماأجيش ربعها ‪،‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬فبحس بقيمتك و‬ ‫أنا كل ما أبص في عين حد فيهم كل الفرح ما يقرب أحس إنهم بيقولولي إنت واخد حته مننا أو إنت واخدنا كلنا‬
‫غالوتك أكتر و أكتر ‪ ،‬أنا اللي أقدر أوعدك بيه إني هاأعاملك بما يرضي ربنا في كل حاجة ‪ ،‬إني هاأبذل كل جهدي علشان أملى عليكي حياتك‬
‫فماتحسيش أوي ببعدك عنهم ‪ ،‬أنا هاأحاول داي ًما أخلي بسمتك منورة وشك يا جهاد ‪ ،‬أنا عن نفسي و هللا لما بفكر في الموضوع ‪ ،‬بقول ياه دي‬
‫وافقت تسيب كل حياتها و تيجي تعيش في بيتي أنا ‪ ،‬دي لزم تعيش ملكة ‪ ،‬دي هي اللي هاتبقى صاحبة البيت و لو في يوم زعلتها تطردني‬
‫هي بره ‪ ،‬مش عايزك تقلقي يا جهاد أنا غير إني بحبك كما لم يعشق رجل امرأة قط ‪ ،‬أنا كمان بخاف ربنا أوي ‪ ،‬و عارف النبي كان بيعامل‬
‫زوجاته إزاي و إحنا متفقين إنه قدوتنا فـ كل حاجة ‪ ،‬فأنا مش هاأقولك ترضي بيا أب و أخ و جد و حبيب ل أنا هاأقولك ترضي بيا و أنا ها‬
‫أعاملك شبه النبي ما كان بيعامل زوجاته و ربنا يشهد عليا ‪ ..‬ترضي يا جهاد؟؟‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر في عينيه مباشرة و تقول بكل كيانها‪:‬‬


‫أرضى يا نضال‬
‫‪........... ............ .........‬‬
‫جهـاد و هـي تتحدث إلى مي في الهاتف‪:‬‬
‫إيه أخبارك يا حبيبتي ‪ ،‬وحشتيني جدًا‬

‫‪-‬مي بسرور‪:‬‬
‫الحمد هلل بخير ‪ ،‬و هللا و إنت وحشتيني أوي يا دكتورة ‪ ،‬ثم قالت بمرح‪:‬‬
‫أنا كتبت كتابي يا دكتورة‬

‫‪-‬جهاد بدهشة و سرور ‪:‬‬


‫بجد !! بارك هللا لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير ‪ ،‬مبارك يا حبيبتي ‪ ،‬و أنا فرحي كمان يومين شوفتي ههههههههه‬
‫‪-‬مي بفرح‪:‬‬
‫هللا ! هاتتجوزي يا دكتورة ‪ ،‬ألف مبروك ‪ ،‬تخيلي يا دكتورة أنا إتجوزت مين‬

‫‪-‬جهاد بتفكير ‪:‬‬


‫مين يا مي‬

‫‪-‬اتقدملي إمام المسجد اللي في المنطقة ‪ ،‬و وافقت و لما كتبنا الكتاب سألته عن تدينة و التزامه المظبوط أوي دا ‪ ،‬قالي كالم مفيش عقل يصدقة‬
‫أصال و إن هو كان في األول بياع خمور ‪ ،‬و فجأة لقى أصحابه بيكلموه عن اإلسالم و إن‬ ‫ً‬ ‫يا دكتورة ‪ ،‬قالي إن المنطقة كلها ماكانتش مسلمة‬
‫فيه واحد بيتواصل معاهم على النت و بيكلمهم عن اإلسالم و إنهم بدأوا يقتنعوا بكالمه فسألهم عن الشخص اللي بيكلمهم دا و كلمه و اقتنع و‬
‫أسلم و صحابه أسلموا و بيقولي اللي كلمهم دا فضل يكلم كل أهل المنطقة و تقريبًا مراته كانت برضه بتكلم النساء لحد الكل ما أسلم هنا ‪ ،‬لو‬
‫تعرفي يا دكتورة الناس هنا بيحبوا الراجل دا و زوجته قد إيه ‪ ،‬دول بنوا مساجد و عملوا مشاريع خيرية كتير و وهبوا ثوابها ليهم رغم إنهم‬
‫مايعرفوش شكلهم ول يعرفوا عنهم حاجة ‪ ،‬و لزم األئمة في المساجد كل جمعة يفكروا الناس و يقولولهم إدعوا لعبد هللا و أمة هللا اللي‬
‫أرشدوكم لطريق الجنة ‪ ،‬و العجيب إن زوجي قالي إنهم مصريين ‪ ،‬أنا ماكنتش متخيله إن فـ مصر أو فـ العرب كلهم حد لسه همه اإلسالم و‬
‫إزاي يوصله للناس ‪ ،‬سبحان هللا هنا اإلسالم بيتطبق بالحرف و كل دا في ميزان حسنات الفردين دول يا بختهم و هللا‬

‫‪-‬جهاد و قد أخذ قلبها يدق بسرعة ‪:‬‬


‫هي المنطقة اللي إنت فيها اسمها إيه بالظبط يا مي‪.‬‬

‫‪-‬أجابت مي فدُهشت جهاد ألنها نفس المنطقة التي بدأوا الدعوة إلى هللا بها ‪ ،‬إذًا من تتحدث مي عنهما هي و نضال ‪ ،‬عندما أدركت ذلك لم‬
‫تتمالك نفسها فأغلقت الخط ثم هبطت ساجدة هلل ‪ ،‬كانت تنتحب بشده و جسدها يهتز من التأثر ول يكف لسانها عن ترديد الحمد هلل أن وفقها هي‬
‫و زوجها إلى ذلك و سخر لهم من يدعو لهم ‪ ،‬بعدما هدأت هاتفت نضال و أخبرته بما قالته مي ‪ ،‬فكان رد فعله السجود و البكاء هو اآلخر‬
‫‪............ .......... ..........‬‬
‫کـم يساوي برأيك أن تمتلك أحـدًا ي ُحثك على طاعة الرحمـن ؟ کـم يساوي برأيك أن يُوضع إيمان أحدهم في ميزانك أنت ؟ کـم يساوي برأيك أن‬
‫يسخر هللا لك من يدعو لك ليل نهـار و يردد اسمك دو ًما في دعائه؟‬
‫و هلل إنها أشياء ل تُقدر بثمن ‪ ،‬إنها كرامات عظام يمن هللا بها على من يشاء ‪.‬‬
‫فلنكن دعاة إلى هللا بأخالقنا ‪ ،‬بعلمنا ‪ ،‬ببسمتنا ‪ ،‬بإيماننا ‪ ،‬فلنكن شيئًا يُستضاء به في ظلمات الفتن‬

‫""الفصـل الثالثــون ""‬

‫و مــن اليـوم سأُغلــق أجفانـي على وجهـك الباسـم و أستيقـظ علـى صوتك الحـاني ‪ ،‬فمـن على وجه األرض سعيـد كـسعادتي !‬

‫‪........... .......... ..........‬‬


‫إنــه يوم الزفاف ‪ ،‬وسـام و هـي تقف أمام المرآه بجـوار جهـاد و تقـول بغيـظ‪:‬‬
‫يا بنتي إسمعي الكالم و حطي أي حاجة على وشك دا ‪ ،‬مـش كفاية مارضتيش تروحي كوافير‬

‫‪-‬جهـاد بمـرح‪:‬‬
‫أحط حاجة على وشي إيه يا بت إنت ‪ ،‬منا بقالي أسبوع بعمل ماسكات و زي الفل أهو ‪ ،‬عايزاني أحط أحمر و أسود و أغير شكلي و آخدلي‬
‫ذنبين فـ يوم مفترج زي دا ‪ ،‬و كوافير إيه اللي عايزاني أروحه ‪ ،‬دا بيبقى فيه ستات و رجاله و حاجة آخر فسق ‪ ،‬أنا مش محتاجاهم أصال ‪،‬‬
‫الفستان و الحمد هلل لبسته ‪ ،‬فاضل الطرحة و ها أعرف أظبطها بإذن هللا ‪ ،‬بقالي خمس أيام بتدرب على لفها‬

‫‪-‬وسام بغيظ‪:‬‬
‫إنت عروسة إنت ‪ ،‬دا إنت هاتصدمي الناس‬

‫‪-‬جهاد بهدوء‪:‬‬
‫يا سمسمة إنت عارفة الفرح هايبقى عامل إزاي ‪ ،‬يعني وارد جدًا إن راجل يشوفني ‪ ،‬لكن لو كان بنات بس و متأكده إن مفيش رجاله ما أنا‬
‫كنت خربتها و عملت وشي كراسة رسم و حطيت كل حاجة ‪ ،‬لكن لكل مقام مقال ‪ ،‬ثم قالت بمزاح‪:‬‬
‫و وسعي كدا بقى عشان العصر بيأذن أهو ‪ ،‬أروح أصلي قبل ما نلف الطرحة‬

‫أنهت صالتها و أتمت ارتداء الطرحة و الحذاء ‪ ،‬الساعة تقترب من الرابعة و النصف ‪ ،‬حضر نضال في األسفل ألخذ العروس ‪ ،‬صعد إليها و‬
‫طرق باب غرفتها ‪ ،‬أذنت له بالدخول و كانت تجلس على حافة الفراش وحيدة في الغرفة ‪ ،‬دخل نضال و أغلق الباب خلفه ‪ ،‬وقفت جهاد و تقدم‬
‫هو جهتها ‪ ،‬ثم قبل جبينها و قال بإعجاب‪:‬‬
‫قمر كالعادة يا فتاتي ‪ ،‬مبارك يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫ربنا يباركلي فيك ‪ ،‬بس إيه األناقة و الوسامة دي ‪ ،‬البدلة دي جميلة أوي عليك و مظبوطه تمام‬

‫‪-‬نضال و هو يمسك ياقة قميصه و يقول بكبرياء‪:‬‬


‫طول عمري كدا يا حبيبتي ‪ ،‬بس إنت اللي مابتاخديش بالك‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز ‪:‬‬


‫أيوا صح بأمارة التيشرت الرصاصي اللي كنت بتجيلي بيه كل مره و مابتغيرهوش‬

‫‪-‬نضال بحنق‪:‬‬
‫مش دا كان طلب حضرتك يا هانم ‪ ،‬قعدتي تقولي أنا بحب اللون الرصاصي يا نضال و التيشرت دا حلو يا نضال و تعالى بيه كل مره يا‬
‫نضال ‪ ،‬و دلوقتي بتتريقي يا أختي‬

‫‪-‬جهاد من بين ضحكاتها‪:‬‬


‫يال بينا نطلع يا عم ‪ ،‬الناس مستنين برا و إحنا عمالين بنهزر هنا‬

‫‪-‬نضال بغمزة ‪:‬‬


‫ما تيجي نفكس للناس اللي بره دي و نفضل هنا‬

‫‪-‬جهاد بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫انجر يا نضال قدامي أحسنلك‬

‫‪-‬نضال بحنق‪:‬‬
‫بقى بزمتك فيه واحدة زي القمر كدا تقول انجر ! و بتقولها لمين ‪ ،‬لعريسها حبيبها ‪ ،‬أمري هلل بقى ما هو أنا اتدبست في الجوازة دي‬

‫‪-‬أدخل ذراعها في ذراعه و خرجا معًا فأخذ من بالخارج يُلقون عليهم الورود و يزغردن ‪ ،‬هبطا معًا إلى أسفل و تفاجأت جهاد بالجموع‬
‫الموجودة في جميع الشرفات بالشارع ‪ ،‬أخذت جميع النساء يزغردن و يلوحن لها ‪ ،‬لوحت لهن ثم ركبت في السيارة و ركب نضال مكان‬
‫السائق و انطلقت السيارة و خلفها سيارات أصدقاء نضال الذين جاءوا معه و أقارب جهاد الذين سيحضرون الحفل ‪ ،‬أخذت النساء تلقي الورود‬
‫على سيارة العروس و السيارات من خلفها و أعينهم مليئة بدمعات الفرح و الشوق الشديد لتلك الزهرة التي غادرت حيهم فبدا بال روح بمجرد‬
‫خروجها ‪ ،‬فهي تركت بصمة في كل بيت ‪ ،‬في قلب الجميع ‪ ،‬الصغير و الكبير ‪.‬‬

‫تم تجهيز حفل الزفاف على شاطئ البحر ‪ ،‬كـان التنظيم رائعًا ‪ ،‬تم وضع الكراسي و الطاولت في جانبين ‪ ،‬على اليمين للرجال و على اليسار‬
‫للنساء و بينهما طرقة كبيرة ‪ ،‬و تم تجهيز منصة أمام الجميع جهة البحر ‪ ،‬وصل العروسان قبل غروب الشمس بساعة تقريبًا ‪ ،‬هبطا من‬
‫السيارة بعيدًا بعض الشيء ‪ ،‬و تقدما يمشيان معًا حتى يصال إلى الكراسي و خلفهم وعلى جانبيهم الجميع ‪ ،‬اقتربت جهاد من أذن نضال و‬
‫قالت‪:‬‬
‫نضال رباط الكونفرس اتفك‬

‫‪-‬نضال بدهشة‪:‬‬
‫هو فيه عروسه بتلبس كوتشي على الفستان‬

‫‪-‬جهاد بحنق ‪:‬‬


‫مابعرفش أمشي غير بيهم ‪ ،‬أنا هاأوطي أربطه‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر إليها بتهديد‪:‬‬


‫عشان أدبحك دلوقتي ‪ ،‬أنا ها أنزل أربطهولك أنا ‪ ،‬استني‬

‫‪-‬جهاد بدهشة ‪:‬‬


‫ل ل تنزل تربط إيه ‪ ،‬هاتربطلي الجزمة قدام الناس عيب ‪ ،‬مش مهم خليه مفكوك لحد ما نوصل للكراسي ‪ ،‬أنا مش عارفة إحنا نزلنا بعيد كدا‬
‫ليه‬
‫‪-‬نضال بتصميم‪:‬‬
‫و فيها إيه أما أربطهولك قدام الناس ‪ ،‬إنت مراتي ‪ ،‬بدل ما تسيبيه و تتكعبلي فيه و تقعي و يبقى شكلنا مسخرة ‪ ،‬ثم أوقفها و هبط إلى قدمها و‬
‫قام بربط الحذاء بإحكام ثم استقام مرة أخرى و الجميع ينظر له بإعجاب ‪ ،‬أما جهاد فكانت تنظر إليه نظرات عاشقة مقدرة‪.‬‬

‫جلست جهاد بين النساء و نضال بين الرجال ‪ ،‬كان الحفل يحتوي على فقرات عديدة أعدها نضال مع أصدقائه ‪ ،‬فقرات فكاهية أسعدت الجميع‬
‫‪ ،‬ثم خرج أصدقاء نضال واحدًا تلو اآلخر يوجه له كلمة أو يسخر أمام الجميع من أحد أفعاله ‪ ،‬حان وقت صالة المغرب ‪ ،‬كانوا قد أعدوا مكانًا‬
‫للصالة ‪ ،‬وقف الرجال في األمام و النساء في الخلف و نضال هو اإلمام ‪ ،‬كـانت صالةً ظل الجميـع يتذكـر حالوتها و خشوعها بقية حياته ‪،‬‬
‫كانت الشمس قد غربت و أخذت ثيابهم ترفرف من هواء البحر العليل و صوت نضال العذب يقرأ القرآن ‪ ،‬ساعد ذلك الجو الجميع على‬
‫شكرا هلل ‪،‬‬
‫ً‬ ‫تأثرا و حبًا و‬
‫الخشوع و بكى نضال أثناء قراءة القرآن فبكى الجميع من خلفة ‪ ،‬و بكـت جهاد كما لم تبك من قبل ‪ ،‬بكت خشوعًا و ً‬
‫كانت تلك المرة األولى التي تصلي فيها خلف زوجها و شاركها الجميع في تلك الصالة حتى يكونوا شهودًا على ذاك الزواج المبارك ‪.‬‬
‫كثيرا ‪،‬‬
‫ً‬ ‫بعد انتهاء الصالة صعد نضال على المنصة و أنشد بصوته الرائع أنشودة "أحبك حقًا بحجم السماء " تفاجأت جهاد بذلك و سعدت‬
‫توالت الفقرات و األناشيد التي تخلو من الموسيقى ‪ ،‬كان الجميع يشعر بالسعادة ‪ ،‬حتى هؤلء الذين يفضلون األفراح الصاخبة المليئة بالمعازف‬
‫‪ ،‬أعجبهم هذا الحفل و مكانه و تنظيمه و استمتعوا به ‪ ،‬انتهى الحفل و توجه العروسان للسيارة و الجميع يدعو هللا أن يمنحهم السعادة ‪ ،‬ذهب‬
‫أهل نضال و أهل جهاد خلفهم حتى بيتهم و عند البوابة الخارجية ودعوهم ثم رحلوا ‪ ،‬دخل نضال بسيارته ثم قام بركنها في المكان المخصص‬
‫‪ ،‬هبط من السيارة و ساعد جهاد على النزول ‪ ،‬و همت هي بالتقدم لتمر بالحديقة و تصل إلى باب البيت و لكن نضال قال بمزاح ‪:‬‬
‫استني استني ‪ ،‬إنت رايحة فين ‪ ،‬مايصحش كدا ‪ ،‬تعالى ها أشيلك‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫مابالش هللا يسترك الحركات الموروثة دي ‪ ،‬بدل ما يجيلك انزلق غضروفي ول أي حاجة و نبات في المستشفيات النهاردة و تقولي إنت‬
‫السبب‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا‪:‬‬


‫منك هلل كالعادة بوظتي اللحظة الرومانسية ‪ ،‬و بعدين دا إنت شبه خلة السنان ‪ ،‬تعالي يا آخرة صبري تعالي ‪ ،‬حملها حتى الداخل ثم أنزلها في‬
‫الصالون و قال بحب‪:‬‬
‫نورتي بيتي و دنيتي يا جهاد‬

‫‪-‬لم تُجبه جهاد و لكنها توجهت إلى األريكة و جلست عليها و وضعت يدها على وجهها كأنها تبكي ‪ ،‬دُهش نضال مما فعلت فجلس بجوارها و‬
‫قال بهدوء‪:‬‬
‫إيه يا جهاد حصل ‪ ،‬ماتقوليش أهلي وحشوني و مش عارف إيه‬

‫‪-‬جهاد و قد رفعت يدها من على وجهها و قالت باستنكار‪:‬‬


‫وحشوني إيه ‪ ،‬هما لحقوا ‪ ،‬أنا مش أوڤر أوي كدا ‪ ،‬أنا زعالنه إنهم روحوا المنصورة و نسوني هنا ‪ ،‬نسوا بنتهم يا نضال متخيل ‪ ،‬ماخدونيش‬
‫معاهم ‪ ،‬أنا مش هاأكلمهم تاني‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا‪:‬‬


‫حرام عليكي يا جهاد ها تموتيني ‪ ،‬إنت مجنونة يا روحي ‪ ،‬هو إنتم كنتم جايين تحضروا حفلة عيد ميالد و تروحوا ‪ ،‬إنت اتجوزتي يا بنتي‬
‫خالص‬
‫‪-‬جهاد و هي تتصنع المفاجأة‪:‬‬
‫إيه دا ! هو أنا اتجوزت بجد ‪ ،‬تصدق اتفاجئت‪ ،‬كويس إنك عرفتني‬

‫‪-‬نضال بنفاذ صبر ‪:‬‬


‫بقولك إيه يا جهاد ‪ ،‬قومي كدا و وحدي هللا و بالش استعباط النهاردة ‪ ،‬يال عشان نغير‬

‫‪-‬جهاد باهتمام‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬امشي قدامي خد هدومك من األوضة و اطلع غير في حته تانية يال‬ ‫آه تصدق عندك حق ‪ ،‬الفستان دا تقيل و زهقني‬

‫‪-‬نضال بغيظ‪:‬‬
‫أنا ها أفضل معاكي على قد عقلك أما نشوف آخرتها‬

‫أخذ نضال ثيابه و خرج من الغرفة فدخلت هي و أغلقتها من الداخل ‪ ،‬اغتسل نضال و بدل ثيابه و جلس ينتظرها و لكنها لم تخرج ‪ ،‬طرق‬
‫الباب فقالت أنها أوشكت على النتهاء و ستخرج‬

‫جلس نضال في الصالون و قال في نفسه ‪:‬‬


‫حاسس إنها هاتطلعلي بـ بيجامة دلوقتي ‪ ،‬و لكنها خالفت توقعاته و خرجت بـ إسدال الصالة ‪ ،‬قال نضال بحنق ‪:‬‬
‫إنت مين ؟‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫أنا عملك األسود‬

‫‪-‬نضال من بين ضحكاته ‪:‬‬


‫إيه اللي إنت لبساه دا‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر لنفسها بإعجاب‪:‬‬


‫اإلسدال حلو عليا صح ؟ ! أنا عارفة ‪ .......‬إيه مش ها نصلي العشاء اللي أذنت و إحنا جايين دي‬

‫‪-‬نضال و هو يقوم من مكانة ‪:‬‬


‫ل إزاي ‪ ،‬ها نصلي طبعًا ‪ ،‬توجها م ًعا إلى الغرفة المخصصة للصالة ‪ ،‬كانت ُمعطرة و بها جو روحاني ‪ ،‬أمها نضال في صالة العشاء ‪ ،‬ثم‬
‫صلى بها ركعتان كما هو منقول عن السلف الصالح ليلة البناء ‪ ،‬و للمرة الثانية اليوم بكت جهاد خشوعًا و هي تصلي خلف إمامها و زوجها ‪،‬‬
‫بعد أن أنهى الصالة أخذ يدعو بصدق و هي تؤمن خلفة ‪ ،‬سأل هللا أن يجمعهما دو ًما على خير و أن يكونا م ًعا في الجنة كما اجتمعا في الدنيا ‪،‬‬
‫و أل يفرق بينهما أبدًا ‪ ،‬و أن يقبضهما إليه معًا شهداء صالحين ‪ ،‬بكيا معًا بين يدي الرحمن من الصدق و الخشوع ‪ ،‬بعد أن أنهى نضال الدعاء‬
‫‪ ،‬استدار لها و وضع يده على جبهتها و قال "اللهم إني أسألك من خيرها و من خير ما جبلتها عليه و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها و شر‬
‫ما جبلتها عليه"‬
‫ثم قبلها بين عينيها و أمسك يدها و قاما معًا للخارج ‪ ،‬جهاد و هي تنظر جهة المطبخ‪:‬‬
‫إيه مش هناكل‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫ل طبعًا هاناكل ‪ ،‬بس إنت مش ها تغيري؟ اإلسدال ممكن يوقعك عشان واسع‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز و هي تسحبه نحو المطبخ‪:‬‬


‫ل مالكش دعوة إنت ‪ ،‬دا مريحني و زي الفل‬

‫نقال الطعام إلى السفرة و جلس متجاورين ‪ ،‬قال نضال بحنق‪:‬‬


‫فين الرومي يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بابتسامة خبيثة ‪:‬‬


‫مافيش رومي يا نضال‬

‫‪-‬نضال و هو يتصنع الحزن‪:‬‬


‫ليه يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد باستفزاز‪:‬‬
‫أنا مش بحب الرومي ‪ ،‬و صممت إن ماما ماتعملش ‪ ،‬إنت تاكل رومي و أنا أتفرج يعني ! ماله البط و الحمام زي الفل أهو ‪ ،‬و ناكل سوا‬

‫‪-‬نضال بحنق‪:‬‬
‫دا أنا شكلي ها أشوف أيام طويلة ‪ ،‬أنا عايز أرجع عند أمي‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت ضح ًكا‪:‬‬


‫ماعلش يا حبيبي ‪ ،‬لزم تستحمل بقى‬

‫‪-‬نضال و قد نظر لها بغيظ ثم أخذ جزء من البطة الموضوعة أمامه ثم بدأ يفصل اللحم عن العظم و الجلد و يضعه في طبق أمام جهاد‬

‫‪-‬قالت جهاد بدهشة‪:‬‬


‫إنت عرفت منين إني مابعرفش أفصص اللحمة لنفسي‬
‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫و أنا باكل عندكم أخدت بالي إن طنط منى بتعملهالك كل مرة ‪ ،‬و مفيش طنط منى بقى هنا بس فيه أنا‬

‫‪-‬جهـاد و هي تنظر له‪:‬‬


‫ربنا ما يحرمني منك ‪ ،‬أنا كنت لسه ها أخوض تجربة ألول مرة و أحاول أعملها لنفسي رغم إني لو فصصتها أنا مابكلش ‪ ،‬لكني قولت أجرب‬
‫عشان ماما بقى خالص مش ها تبقى معايا ‪ ،‬بس إنت مصمم تثبتلي في كل حاجة إني ً‬
‫فعال إتجوزت راجل‬

‫‪-‬أخذا يأكالن ‪ ،‬هم نضال أن يُطعمها بيده و هو ينظر لها بحب ‪ ،‬و لكنها نظرت له بغيظ و قالت و هي تضيق عينيها‪:‬‬
‫عايز توكلني بإيدك تشب ًها بسنة الحبيب و تلم حسنات على قفايا يا نضال‬

‫‪-‬نضال و قد صدمه ردها‪:‬‬


‫بت إنت إيه!! بطلي فصالن بقى ‪ ،‬خربتي كل اللحظات الرومانسية ‪ ،‬جاتك القرف ‪ ،‬ثم وضع الطعام في فمها بقوة و انفجرا ضح ًكا م ًعا‬
‫أنهيا تناول الطعام و حمال األطباق إلى المطبخ ‪ ،‬ثم خرجا معًا و سحبته جهاد نحو الصالون ‪ ،‬فقال بدهشة‪:‬‬
‫إنت رايحة فين ‪ ،‬هو إحنا مش هننام ول إيه‬

‫‪-‬تعالى بس عايزاك في حاجة مهمه ‪ ،‬جلست و جذبته ليجلس ‪ ،‬ثم قالت ببراءة ‪:‬‬
‫بص يا نضال إحنا ربنا أنعم علينا نعمة عظيمة و جمعنا سوا الحمد هلل ‪ ،‬فـ إحنا لزم نشكر النعمة دي بطاعة عظيمة ‪ ،‬إحنا ها نقعد دلوقتي‬
‫نختم القرآن‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا ‪:‬‬


‫آه دا إحنا هانهزر بقى ‪ ،‬بصي يا روحي فيه طاعة تانية أهم ُمقدمة على القرآن النهاردة ‪ ،‬قومي يا جهاد ‪ ،‬ثم قام من مكانه فنظرت له بترجي و‬
‫قالت‪:‬‬
‫طب بالش نختم القرآن ‪ ،‬إنت مستعجل ع النوم ليه ‪ ،‬لسه بدري ‪ ،‬أنا عندي فكرة أحلى ‪ ،‬تعالى اقعد احكيلي عن خططك للمستقبل و ها نستشهد‬
‫إزاي و كدا‬

‫نضال و هو يحملها فجأة و يتجه بها للداخل و يقول بمكر‪:‬‬


‫تصدقي فكرة ‪ ،‬تعالي هاأحكيلك ها نحرر األقصى إزاي‬
‫‪........... ........... ...........‬‬
‫في الثلث األخير من الليل ‪ ،‬استيقظ نضال قبل الفجـر بساعة تقريبًا ‪ ،‬نظر عن يمينه فوجد زوجته تسبح في نوم عميق كالمالك الجميل ‪ ،‬أزال‬
‫بأطراف أصابعه خصالتها عن عينيها ثم قبلها على جبينها المتعرق ‪ ،‬و أخذ ينادي عليها بهدوء لتستيقظ ‪ ،‬أخذت تفتح عينيها ببطء ‪ ،‬و إذا بها‬
‫فجأة تحملق به بفزع ‪ ،‬قال هو بسرعة‪:‬‬
‫اهدي هللا يسترك إوعي تصوتي ‪ ،‬أنا نضال جوزك ‪ ،‬فرحنا كان إمبارح ‪ ،‬أصل أنا عارفك بتفقدي الذاكرة أول ما تقومي من النوم‬
‫‪-‬هدأت مالمح جهاد وأخذت حمرة الخجل تظهر عليها ‪ ،‬قال نضال بحب‪:‬‬
‫فاضل تقريبًا ع الفجر ساعة ‪ ،‬يال يادوب نلحق نصلي القيام ‪ ،‬ثم مسح على شعرها برفق‬

‫ً‬
‫خجال ‪ ،‬فانفجر نضال ضح ًكا ‪:‬‬ ‫‪-‬جذبت جهاد الغطاء و أخفت وجهها‬
‫مش ها تبطلي تتكسفي مهما حصل ‪ ،‬أنا قايم يا ستي بدل ما اتشل منك‬

‫صلى نضال بها القيام إما ًما ‪ ،‬و بمجرد أن انتهيا أذن الفجر ‪ ،‬تركها نضال و هبط إلى المسجد المجاور ليؤدي الصالة في جماعة و أدت هي‬
‫صالتها في المنزل ‪ ،‬عاد نضال من المسجد فوجدها لزالت في غرفة الصالة ‪ ،‬تقرأ أذكار الصباح فجلس يقرأها بجوارها ‪ ،‬بعدما انتهيا منها ‪،‬‬
‫نظرت له جهاد بخجل و قالت‪:‬‬
‫نضال فيه حاجة كنت عايزة أقولك عليها‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫قولي يا حبيبتي‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر أرضًا‪:‬‬


‫بص أنا لما بغسل شعري بالميه مابعرفش أسرحه و ماما هي اللي كانت بتسرحهولي ‪ ،‬حاولت أتعلم أسرحه لنفسي لكن عشان هو طويل و تقيل‬
‫مابعرفش ‪ ،‬ماما كانت قاياللي أعرفك من زمان بس أنا كنت بتكسف ‪ ،‬تعرف تسرحهولي؟‬

‫‪-‬نضال و هو يرفع وجهها بيديه و يقول بحب‪:‬‬


‫طب إنت مالك بس بتتكلمي و إنت ها يغمى عليكي كدا ليه ‪ ،‬هو أنا أطول أسرحلك يا بنتي ‪ ،‬قومي قومي يال بينا ‪ ،‬تعالي أسرحهولك ‪ ،‬ثم‬
‫أمسكها من يدها و قاما معًا و قال بمزاح ‪:‬‬
‫بطلي كسوف بقى يا بت إنت ‪ ،‬ها تجنيني بكسوفك دا ‪ ،‬و بعدين بتبقي محترمة أوي و إنت مكسوفة كدا و الحترام مش ليق عليكي‬

‫‪-‬جهاد و هي تضربه على كتفة بقوة‪:‬‬


‫محترمة و ليق عليا غصب عنك يا أخويا‬

‫‪-‬نضال و هو يتظاهر باأللم‪:‬‬


‫آه ‪ ،‬بقى إنت عروسه إنت ‪ ،‬فيه عروسه في الدنيا تضرب جوزها يوم الصباحية ‪ ،‬إنت عندك تداخل في المفاهيم رهيب محتاج تعديل‬

‫وصال إلى غرفة النوم ‪ ،‬أجلسها نضال على كرسي مرتفع أمام المرآة و وقف خلفها يهندم لها خصالتها الفاتنة بحب‪.‬‬

‫""الفصـل الحادي و الثالثـون""‬


‫ستجمعنـا طاعته هنا لتجمعنـا جنته هناك‪......‬‬

‫‪........... ........... ..........‬‬


‫مبكرا ‪ ،‬و كما فعلت عندما أيقظها نضال لصالة القيام ‪ ،‬استغرقت دقيقة حتى تستوعب المكان الذي تنام فيه ‪ ،‬تذكرت‬ ‫ً‬ ‫استيقظـت جهـاد من النوم‬
‫أنها في بيتها الجديد و أن زوجها نائم على يسارها ‪ ،‬استدارت إليه و أخذت تنظر إليه و هو نائم و تتأمل تلك المالمح التي تعشقها ‪ ،‬أطالت‬
‫النظر إليه و على وجهها بسمة عاشقة لذاك النضال الذي أسر فؤادها و عقلها ‪ ،‬نظرت إلى الساعة فوجدتها تقترب من العاشرة صبا ًحا ‪ ،‬هبطت‬
‫من على الفراش بهدوء حتى ل تُوقظ زوجها ‪ ،‬توضأت و صلت الضحى ثم دخلت المطبخ تعد طعام اإلفطار ‪ ،‬بعدما انتهت و وضعت األطباق‬
‫على السفرة ‪ ،‬توجهت إلى نضال فوجدته لزال نائ ًما ‪ ،‬وقفت أمام الفراش و أخذت تنادي عليه برقة و هدوء و لكنه لم يستيقظ ‪ ،‬أخذت تلمس‬
‫يده برفق فبدأ يستيقظ ‪ ،‬نظر إليها مبتس ًما و قال ‪:‬‬
‫صباح الجمال بقى ‪ ،‬ماقالوليش من زمان ليه إن الجواز حلو كدا ‪ ،‬و إني ها أصحى على صوت الناس الجميلة دي‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫صباح الناس اللي نايمة للضهر ‪ ،‬و ماتخدش على كدا كل يوم ‪ ،‬بعد كدا هاتالقي اقتحام شبه بتوع أمن الدولة‬

‫‪-‬نضال و هو يجلس‪:‬‬
‫ههههههههه ربنا يسامحك يا شيخة ‪ ،‬إنت إيه اللي مصحيكي بدري كدا يا بنتي ‪ ،‬أنا موصيهم ماحدش يجيلنا يوم الصباحية ماتقلقيش‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫أنا مش قلقانه يا سيدي ‪ ،‬أنا بس جهزت الفطار و مستنية حضرتك تقوم تفطر معايا‬

‫‪-‬نضال و هو يقبل رأسها ‪:‬‬


‫ثواني ها أصلي الضحى يا فتاتي و نفطر ‪ ،‬عشان لو أجلته مش ها أصليه‬

‫صلى نضال و جلسا معًا لتناول الطعام و بعد النتهاء حمال األطباق معًا للمطبخ ‪ ،‬نضال و هو يتجه إلى الحوض ‪:‬‬
‫أنا ها أغسل المواعين دلوقتي عشان إنت اللي جهزتي األكل و طلعتيه لواحدك ‪ ،‬لكن دا مش ها يحصل تاني ‪ ،‬أنا ها أساعدك في الطبخ و ها‬
‫أخرج األكل أنا ‪ ،‬لكن إنت اللي تغسلي المواعيين عشان أنا بكرههم ‪ ،‬اتفقنا‬

‫‪-‬جهاد ببسمة‪:‬‬
‫تسلم يا باشا هللا يكرمك ‪ ،‬إنت مالكش دعوة بالحوارات دي كلها ‪ ،‬أنا ها أطبخ و ها أخرج األكل و ها أغسل المواعين كمان‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر لها‪:‬‬


‫ل طبعًا ‪ ،‬إحنا لزم نتشارك في كل حاجة ‪ ،‬لو إحنا التنين هنا في البيت هانطبخ سوا ‪ ،‬لكن لو مش سوا ‪ ،‬اللي يجي األول من الشغل هو اللي‬
‫أصال طباخ شاطر و كنت بساعد أمي على طول ماتقلقيش‬ ‫ً‬ ‫يظبط الطبخ ‪ ،‬و أنا‬

‫‪-‬جهاد مزاح‪:‬‬
‫و هللا يا ابني إنت محترم جدًا يعني ‪ ،‬بس يارب الكالم دا مايتغيرش بعد أسبوع واحد‬

‫‪-‬ل بإذن هللا ها يفضل كدا داي ًما ‪ ،‬حتى بعد ما نخلف و نعجز ‪ ،‬و وسعي بقى خليني أغسل الطبقين دول ‪ ،‬قبل ما أغير رأيي ‪ ،‬أنا بكرههم‬
‫بكرههم‬

‫‪-‬جهاد بضحك‪:‬‬
‫تعرف بقى إني بحب غسيلهم جدًا ‪ ،‬و بتضايق لو ماغسلتش كل يوم ‪ ،‬شبه ما يكون كيف كدا‬

‫‪-‬نضال بدهشة‪:‬‬
‫و دا من إيه إن شاء هللا ‪ ،‬دي أكتر حاجة الستات بتكرهها يا بنتي‬

‫‪-‬جهاد بحيوية‪:‬‬
‫ها أقولك سر المهنة يا عم و عد الجمايل ‪ ،‬أمي كانت بتدبسني فيهم و كنت بتضايق منهم برضة و كدا ‪ ،‬و يا سالم على يوم ما كان بيبقى عندنا‬
‫عزومة كنت بتنفخ فيهم ‪ ،‬قعدت أفكر في حاجة تخليني أحبهم ‪ ،‬فبقيت كل ما أجي أغسلهم أخصص لكل نوع ذكر ‪ ،‬يعني ً‬
‫مثال األطباق و أنا‬
‫بغسلها أقول سبحان هللا ‪ ،‬المعالق أقول الحمد هلل ‪ ،‬الكوبيات ل إله إل هللا و لما أجي أشطفهم بقول أستغفر هللا ‪ ،‬لما عملت كدا بقيت بحب‬
‫غسيلهم جدًا ‪ ،‬و بحس إن فيه بيني و بينهم اتصال روحي كدا دلوقتي ‪ ،‬و بستمتع جدًا و أنا واقفة أغسلهم و كمان دول هايشهدولي يوم القيامة ‪،‬‬
‫يعني مكسب دنيا و آخرة ‪ ،‬بس يا سيدي و من يومها و أنا و المواعين صحاب‬

‫‪-‬نضال بإعجاب شديد‪:‬‬


‫هللا عليكي ! يا بنتي إنت دماغك دي إيه ‪ ،‬ما شاء هللا ‪ ،‬إخترعتي حاجة تاخدي منها حسنات و كمان حبيتي حاجة كل الستات بيكرهوها‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫طب تعالى بقى نغسلهم سوا و نتشارك الحسنات ‪ ...........‬أل قولي صحيح إنت إمبارح صليت بيا قيام بآيات من كذا سورة ‪ ،‬هو إحنا ها نعمل‬
‫كدا على طول ول إيه‬

‫‪-‬ل طب ًعا ‪ ،‬بس إحنا إمبارح قومنا متأخر و ماكانش قدامنا وقت كتير قبل الفجر ‪ ،‬أنا بصليه بجزئيين كل يوم‬

‫‪-‬جهاد بدهشة‪:‬‬
‫جزئيين ‪ ،‬ما شاء هللا ‪ ،‬أنا بصلي بجزء واحد‬

‫‪-‬نضال بحنان‪:‬‬
‫خالص صلي معايا بجزء و ادخلي نامي و أنا أكمل و أبقى أصحيكي الفجر‬

‫‪-‬جهاد تقترب من وجهه و تحدق في عينيه بمزاح‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال مالوش وصف يا نضال و هللا ‪ ،‬بتجبر‬ ‫تصلي إنت بجزئيين و تاخد ثواب أكتر مني ‪ ،‬ل إحنا نصلي سوا بجزئيين و بعدين إنت صوتك‬
‫اللي بيصلي وراك على الخشوع‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫خالص يا ستي نصلي سوا ‪ ،‬صحيح إنت ماسمعتنيش صوتك في القرآن ‪ ،‬سمعت كدا إنه حلو و أحلى من صوتي أنا شخصيًا‬

‫‪-‬جهاد بمرح‪:‬‬
‫و ليه اإلحراج دا بقى ‪ ،‬مين قالك الكالم دا‬

‫‪-‬البت هناء أختي من يوم خطوبتنا لما صليتي بيهم‬

‫‪-‬آه ‪ ،‬ماشي إحنا خلصنا المواعين أهو تعالى أسمعهولك‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫ل ها أبقى أسمعه بعدين ‪ ،‬إنت اللي ها تسمعي دلوقتي‬

‫‪-‬جهاد بعدم فهم ‪:‬‬


‫ها أسمع إيه‬

‫‪-‬نضال و هو يحملها و يقول بغمزة‪:‬‬


‫هاأكملك حكي إزاي نحرر األقصى بقى‬

‫‪-‬جهاد ببسمة و هي تضع يدها لتخفي وجهها‪:‬‬


‫قليل األدب‬

‫ً‬
‫أصال عارف‬ ‫شكرا ‪ ،‬أنا‬
‫‪ً -‬‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫مرت األيام سعيدة على الجميع و ذات يوم ‪ ،‬جهاد تجلس أمام المرآه على الكرسي و نضال يقف خلفها يُمشط خصالتها ‪ ،‬قال بمكر‪:‬‬
‫هاأعلمك تسريحة ماشي؟‬

‫‪-‬تسريحة إيه ‪ ،‬إنت بتحبه مفرود‬

‫‪-‬نضال بخبث‪:‬‬
‫ل عايز أعمله تسريحة بقى المرادي ‪ ،‬بس محتاج شوية حاجات من اللي بتربطوا بيهم شعركم دول و شوية دبابيس و قومي اقعدي على‬
‫السرير عشان أقعد أنا كمان ألننا ها نطول‬

‫‪-‬أنا مش مطمنة ‪ ،‬بس ماشي‬

‫بدأ نضال ينفذ ما خطط له ‪ ،‬استغرق ربع ساعة تقريبا و جهاد تحاول فهم ما يفعل و لكنه ل يقول شيئًا ‪ ،‬ثم قام و وقف أمامها و قال بضحك‪:‬‬
‫خلصت قومي شوفي فـ المراية كدا‬

‫‪-‬نظرت في المرآه ‪ ،‬فصرخت من الدهشة‪:‬‬


‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪ ،‬مين دي ‪ ،‬إنت عملت فـ شعري إيه ‪ ،‬دا شكله بقى مقرف ‪ ،‬منك هلل‬

‫‪-‬نضال و هو ل يستطيع التوقف عن الضحك‪:‬‬


‫ليه بس يا حبيبتي ‪ ،‬دا شكله جميل حتى و عاملك شبه اللي طالعة من خناقة أو طالعة من تحت عربية ‪ ،‬حاجة كدا يعني‬

‫‪-‬جهاد و هي تتجه إليه و تقول بتهديد‪:‬‬


‫قوم حل اللي إنت منيلة دا يا نضال أحسنلك‬

‫‪-‬نضال باستفزاز ‪:‬‬


‫عاجبني كدا ‪ ،‬حتى كل ما أبصلك أضحك‬

‫‪-‬جهاد بغيظ ‪:‬‬


‫أنا ها أفكه أنا ‪ ،‬و بعدين هاأخد حقي ‪ ،،،،‬أخذت تحاول فك ما فعل و لكنها ل تستطيع ول تفهم كيف فعل بخصالتها هذا و جعلها تبدو قبيحة‬
‫رارا فلم تستطع فاستدارت إليه و أخذت تضربه بقوة و هو ل يكف عن الضحك ‪ ،‬ثم قالت بغيظ ‪ ،‬قوم فك شعري يا‬‫الهيئة هكذا ‪ ،‬حاولت م ً‬
‫نضال‬

‫‪-‬و هللا منا فككهولك دلوقتي خالص يا روحي ‪ ،‬لزم أعذبك بيه كدا شوية‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر له بوعيد ‪:‬‬


‫أنا يتعمل فيا مقلب زي دا ‪ ،‬طيب صبرك عليا يا نضال و هللا ألعرفك‬
‫‪......... ......... .........‬‬
‫كانت وسام تجلس مع فارس في صالون منزلها ‪ ،‬و إذا أحدهم يطرق الباب ‪ ،‬قامت و توجهت إلى الباب ظنًا منها أنها سندس قد عادت من‬
‫صا آخر ‪ ،‬كـان يرتدي ثيابًا‬ ‫صدمت عندما فتحت الباب ‪ ،‬لقد عاد والدها بعد غياب أكثر من ستة أشهر ‪ ،‬و لكنه عاد شخ ً‬‫الخارج ‪ ،‬و لكنها ُ‬
‫مهندمة و تظهر على مالمحة عالمات التقوى و التوبة ‪ ،‬كان ينظر لوسام بشوق و أسف و حزن ‪ ،‬كانت عيناه ممتلئتان بالدموع ‪ ،‬فتح يديه إلى‬
‫وسام ليحتضنها و لكنها نظرت له و الدموع تتساقط من عينيها ‪ ،‬ثم تركته على الباب و دخلت ‪ ،‬تفاجأ فارس بعودتها باكية ‪ ،‬فقال بقلق‪:‬‬
‫مين بره يا وسام ‪ ،‬فيه ‪ ......‬و قبل أن يُكمل تفاجأ بدخول والدها ‪ ،‬فرح فارس جدًا من هيئته ثم قام إليه و صافحة و قال بسرور‪:‬‬
‫حمد هللا على سالمتك يا عمي ‪ ،‬نورت البيت ‪ ،‬ثم نظر إلى وسام و قال باستنكار‪:‬‬
‫إنت ماسلمتيش على والدك يا وسام؟‬

‫‪-‬وسام بعصبية و هي تبكي‪:‬‬


‫ماسلمتش و مش مسلمة و ياريت يرجع من مكان ما جه ‪ ،‬إحنا مرتاحين جدًا من غيرة ‪ ،‬هو جي عايز إيه مننا ‪ ،‬ثم قالت و هي تنظر إلى‬
‫والدها بقوة و الدموع تتساقط كالشالل من عينيها ‪:‬‬
‫عايز تضربنا تاني ول حضرتك محتاج فلوس و جي تاخد ‪ ،‬إحنا و هللا مبسوطين جدًا من غيرك ‪ ،‬دا أنا فكرتك مت يا أخي و ربنا ريحنا منك‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬هو أنا من إمتى كان ليا أب ‪ ،‬تعرف أنا معرفتش معنى السند غير أما قابلت فارس ‪ ،‬لول وجوده‬ ‫‪ ،‬بص هو إنت ميت جوايا من زمان‬
‫جنبي كان زماني مرمية فـ مصحة نفسية من عمايلك ‪ ،‬أنا بكرهك ‪ ،‬بكرهك جدًا ‪ ،‬ثم قامت من مكانها و أشارت للباب ‪:‬‬
‫إمشي إطلع بره من هنا‬

‫‪-‬فارس بعصبية مماثلة‪:‬‬


‫عيب يا وسام الكالم دا ‪ ،‬و قبل أن يُكمل إذا بوالدها يقول بألم‪:‬‬
‫سيبها يا ابني ‪ ،‬هي عندها حق فـ كل كلمة قالتها ‪ ،‬ثم نظر إلى ابنته الباكية و قال بصوت نادم و أعين دامعة‪:‬‬
‫أنا و هللا ما أقدر ألومك ول ألوم أختك و أمك على أي كلمة ممكن تقولوها أو أي حاجة ها تعملوها ‪ ،‬ألن أنا عملت فيكم اللي ماحدش يستحمله‬
‫‪ ،‬لكني يا بنتي النهاردة ل جي أضرب ول آخد فلوس زي ما بتقولي ‪ ،‬أنا جي أتأسفلكم كلكم ‪ ،‬جي أقولكم سامحوني على كل اللي حصل ‪ ،‬ثم‬
‫نظر إلى فارس و قال‪:‬‬
‫و جي أشكرك إنت كمان يا ابني ‪ ،‬أشكرك على وقفتك جنب بنتي وقت أنا ما ضربتها و كنت ها أموتها ‪ ،‬و بشكرك إنك خلتني بني آدم تاني‬
‫من جديد بسفري لمكة دا ‪ ،‬أنا كنت مسافر ميت رديت حي ‪ ،‬أنا تبت لربنا ‪ ،‬توبة هو شاهد على صدقها ‪ ،‬أنا اتغيرت يا ولد و هللا ‪ ،‬و ربنا‬
‫رزقني بواحد ابن حالل هناك شغلني معاه كمان ‪ ،‬أنا نفسي أصلح غلطاتي يا بنتي ‪ ،‬نفسي أحسسكم إن ليكم أب ‪ ،‬نفسي أخدكم فـ حضني يا‬
‫وسام ‪ ،‬ربنا بيسامح يا بنتي ‪ ،‬سامحيني يا وسام ‪ ،‬ثم فتح يديه لها مرة أخرى ليحتضنها ‪ ،‬فتقدمت إليه و ألقت بنفسها بين ذراعيه و أخذت تبكي‬
‫بقوة و والدها يحتضنها و يبكي هو اآلخر ‪ ،‬كان فارس يقف بجوارهما يحمد هللا من أعماقه ‪ ،‬و كذلك والدة وسام التي كانت بالداخل و خرجت‬
‫على صوت وسام و هي تصرخ في والدها و لكنها ظلت تتابع من بعيد ل تستطيع التقدم أو التحدث و كانت غارقة في دمعاتها ‪.‬‬
‫‪............ ............ ...........‬‬
‫كان نضال يغتسل في الحمام الداخلي ال ُملحق بغرفة النوم ‪ ،‬و إذا بجهاد تقوم بإزالة السجاد الموجود على أرض الغرفة ‪ ،‬ثم أحضرت (شبشب)‬
‫و انحنت على األرض أمام باب الحمام و أخذت تُثبته في األرض بمادة لصقة ‪ ،‬انتهت ثم ابتسمت بخبث و قامت و جلست على حافة الفراش‬
‫‪ ،‬بعد عدة دقائق سمعت صوت باب الحمام يُفتح ‪ ،‬فنظرت إلى نضال و قالت باهتمام ‪:‬‬
‫البس الشبشب دا يا حبيبي عشان ماتبلش األرض ‪ ،‬أصل أنا شلت السجاد عشان أكنس‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫حاضر يا فتاتي ‪ ،‬بس ماكانش ليه لزمة تتعبي نفسك و تشيلي السجاد‬

‫‪-‬جهاد بخبث ‪:‬‬


‫ل تعب ول حاجة يا حبيبي ‪ ،،،،،،،،،،،‬خرج نضال و فعل ما قالته زوجته ‪ ،‬و إذا به يُحاول التحرك فيقع على وجهه على األرض بسبب ما‬
‫فعلت ‪ ،‬بمجرد أن سقط قفزت جهاد و فتحت باب الغرفة و انفجرت في الضحك و قالت بتشفي ‪:‬‬
‫الوقعة دي قصاد التسريحة الجميلة اللي عملتهالي يا روحي ‪ ،‬فاكر ! ‪ ،‬علشان تبقى تعمل مقالب فيا تاني هههههههههه‬
‫‪-‬نضال بتألم و تعجب من عقل زوجته ‪:‬‬
‫بتوقعيني و تضحكي عليا يا جهاد ‪ ،‬طب و ربنا منا سايبك النهارده ‪ ،‬ولزم أربيكي ‪ ،‬ثم قام إليها ‪ ،‬فصرخت و اندفعت تجري في أرجاء‬
‫البيت هربًا منه ‪.‬‬
‫كـانت تـلك هـي حيـاتهم تقـوم علـى طاعـة الرحمـن و التشـارك فـي كـل شيء و المـزاح ‪ ،‬و ستبقى هكـذا دو ًما ‪ ،‬فأرواحهـم ستظـل بها شيئًا‬
‫من جمال الطفولة مهمـا تقدم بهم العُمر ‪.‬‬

‫""الفصـل الثاني و الثالثــون""‬

‫أتيتُك بهـا يا هللا‬

‫‪............ .......... ...........‬‬


‫جهـاد و هـي تـجلس بجـوار نضـال على األريكـة في الشرفـة التـى تطل على البحـر وقت غروب الشمس و تستنـد بـرأسـها علـى كتفـه و‬
‫يضمهـا هـو بيـده ‪ ،‬قالـت بعشـق و هـي تنظـر لألمام‪:‬‬
‫تـعرف يا نضال إني طول عمري بحـلم بقعدة زي دي مع جوزي كدا ‪ ،‬الحمد هلل إنها اتحققت ‪ ،‬لزم نقعد كدا كل يوم في نفس الوقت دا ‪ ،‬من‬
‫غير ما نتكلم خالص ‪ ،‬نبقى قاعدين قريبين أوي من بعض كدا و قلوبنا هي بس اللي تتكلم ‪ ،‬دي تبقى بمثابة جلسة الراحة بتاعتنا يوميًا ‪ ،‬حتى‬
‫لما الدراسة تبدأ و ننزل شغلنا تاني ‪ ،‬مهما نكون مشغولين ‪ ،‬نقعد برضة النص ساعة دي ‪.‬‬

‫‪-‬نضال و هو يضمها أكثر ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬المفروض كل الناس تعملها ‪ ،‬اقعد جنب حبيبك و امسك‬ ‫حاضر يا فتاتي ‪ ،‬أنا حاسس بسالم داخلي و هللا و أنا قاعـد كدا ‪ ،‬فكرة عظيمة‬
‫فيه و استرخي و هاتحس إنك مالك الدنيا و اللي عليها ‪.‬‬

‫‪-‬حـاجة بس بسيطة قبل ما نسكت ‪ ،‬إحنا بعد ما نصلي المغرب ها نقعد نسمع لبعض الورد عشان إحنا ماسمعناش لبعض لسه خالص ‪ ،‬عايزين‬
‫بدل ما أنا أسمعلك نفس الجزء و إنت تسمعهولي ‪ ،‬ناخد الجزء مع بعض كل واحد يقول فينا أيه‬

‫‪-‬إزاي مش فاهم؟‬

‫‪-‬يعني أنا ً‬
‫مثال أقول ""ألم " و إنت تقول ""ذلك الكتاب لريب فيه هدى للمتقين" و بكدا ها نخلص الجزء أسرع و نبقى مركزين أكتر ‪ ،‬كنت‬
‫بعمل كدا أنا و وسام‪.‬‬

‫‪-‬ماشي يا حبيبتي اتفقنا ‪ ،‬يال نسكت بقى‬


‫‪............ ........... ..........‬‬
‫مـرت األيام ‪ ،‬عـاد نضال إلى عمله في العيادة و كانت جهاد تقضي وقت غيابه عنها في القراءة أو المذاكرة للدراسات الخاصة بعملها أو تذهب‬
‫إلى المقرئة التي وجدتها بـ بمنطقة قريبة من المنزل ‪ ،‬جاءت أسرتها لزيارتها عدة مرات و كذلك أسرة نضال و ذهبت هي و نضال إليهم أيضًا‬
‫‪......‬‬
‫موعـد عودة نضـال من العمـل و صـوت سيارته بالخارج ‪ ،‬توجهـت جهـاد إلى الباب و فتحت له و استقبلته ببسمتهـا الساحرة و عانقتـه كما‬
‫تفعـل كل يوم ‪ ،‬هـمس فـي أُذنهـا بحـب و هـو يحتضنهـا ‪:‬‬
‫فيـه مفاجأة عظيمـة‬

‫‪-‬جهـاد و هـي تتركـه و تنظـر له بحب و تفكيـر ‪:‬‬


‫إيـه هي يا ترى !!‬

‫‪-‬قـال نضال و هو يُغلق الباب ‪:‬‬


‫جمدي قلبـك ‪ ،‬ثـم أمسـك حقيبة العمل و أخرج منـها ورقتـان ثـم وضعهم في يدهـا ‪ ،‬ظهـرت معالـم الدهشة على وجه جهـاد فـي البدايـة و لكن‬
‫بمجـرد أن قرأت محتوى األوراق ‪ ،‬صاحت ببكـاء ‪:‬‬
‫تأشيرة حج ‪ ،‬هللا أكبر ‪ ،‬ثم هبطت ساجدة في مكانها ‪ ،‬و بعدها قامت و قفزت على أقدام نضال لتصل إلى عنقه كما تفعل دو ًما و احتضنته بشدة‬
‫و هي تبكي فر ًحا و أخذ هو يمسح على ظهرها بحنان و دمعات شوقة تتساقط هو األخر ‪ ،‬قالت جهاد بصوت به بحة بكاء‪:‬‬
‫أنا مش مصدقة نفسي ‪ ،‬أنا ها أشوف الكعبة و ألمسها و أصلي في الحرم ورا الشيخ ماهر المعيقلي ‪ ،‬و ها أزور مسجد الحبيب ‪ ،‬و أقف على‬
‫عرفة ‪ ،‬اللهم لك الحمد و ازدادت دمعات شوقها و شددت القبضة على زوجها ‪ ،‬ظال هكذا عدة دقائق ‪ ،‬ثم جلسا متجاورين على إحدى األرائك‬
‫‪ ،‬قالت جهاد بامتنان عظيم ‪:‬‬
‫أنا مش عارفة أقولك إيه يا نضال و هللا ‪ ،‬ربنا يباركلي فيك و مايحرمني منك ‪ ،‬إنت حققتلي أمنية بدعي بيها طول عمري ومشتاقه ليها أوي‬

‫‪-‬نضال و هو يقبل يدها‪:‬‬


‫أنا وعدتك بالموضوع دا من قبل ما نتجوز و كنت بجهز ليه من زمان ألن أنا كمان مشتاق لحبيبي أوي ‪ ،‬إحنا ها نسافر إن شاء هللا كمان عشر‬
‫أيام قبل ميعاد الحج بفترة عشان نعمل عمره و نلحق الحرم شوية قبل الزحمة ‪ ،‬و ها نرجع بعد العيد بأسبوع ها يبقى فاضل على بداية الدراسة‬
‫تلت أسابيع تقريبًا‪.‬‬

‫‪-‬جهاد ببهجة‪:‬‬
‫أنا مش مصدقة نفسي ‪ ،‬أنا ها أجهز الشنط من النهارده‬

‫‪-‬و أنا ها أكلم الجماعة و أعرفهم كلهم ألن ماحدش يعرف لسه‬
‫‪......... ......... ..........‬‬
‫كال منهما ‪ ،‬مشاعر مختلطة ‪ ،‬عظيمة ‪ ،‬مشتاقة ‪ ،‬يشعران بعظمة ما سيقومون‬ ‫مرت األيام العشـر ‪ ،‬و ركبا الزوجان الطائرة م ًعا ‪ ،‬كان داخل ً‬
‫به و تُدمع أعينهم شوقًا و تقشعر أبدانهم كلما رأى أحدهم صورة الكعبة في مخيلته و تذكر أنه سيراها بأم عينيه بعد ساعات ‪ ،‬هبطت الطائرة‬
‫أخيرا و ركبا الزوجان سيارة لتنقلهم إلى الحرم ‪ ،‬وضعوا الحقائب في الفندق ثم نزلوا سريعًا ‪ ،‬و لم يفكروا في الراحة من عناء السفر قط ‪،‬‬‫ً‬
‫فهناك شيء آخر سيريحهم ‪ ،‬نزل إلى الحرم و بمجرد أن شاهدا الكعبة عن بعد رددا معًا تلك الدعوة التي اتفقا عليها ""اللهم شهادة في سبيلك‬
‫معًا بعد عمر في سبيلك معًا و جنة مع النبي معًا " فدعوة المؤمن عند نظره للكعبة أول مرة مجابة ‪ ،‬ثم أمسك نضال يدها و نظر إلى السماء و‬
‫قال بصوت مرتفع و الدمعات تتألأل في مقلتيه‪:‬‬
‫"" ها أنا قد أتيتُك بها يا هللا كما عاهدتك ""‬
‫أخيرا وصل ‪ ،‬و تحقق اللقاء‬
‫ً‬ ‫كال منهما ل يكاد يرى من حوله ول يشعر بأي شيء مما يحيط به ول يدرك سوى أنه‬ ‫أخذا يقتربان من الكعبة و ً‬
‫‪ ،‬بمجرد أن وصال إلى الكعبة و لمساها بأيديهما ‪ ،‬تبدل كل شيء ‪ ،‬خرت جهـاد على ركبتيهـا و لم تستطع تمالك نفسها ‪ ،‬أخذت تبكي بشدة ل‬
‫تستطيع التوقف ‪ ،‬ول تسطيع وصف ذرة واحدة من جمال ما تشعر بـه ‪ ،‬كان أجمل بكثير مما تخيلت ‪ ،‬كان أبهى مما صوره لها قلبها و عقلها‬
‫كال منهما في عالم منفصل ‪ ،‬عالم ليس به سوى روحه الساجدة‬ ‫أخيرا يدها موضوعة على الكعبة و عيناها تنظر إلى السماء ‪ ،‬ظل ً‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬إنها هنا‬
‫تحت عرش الرحمن ‪ ،‬يستحيل لي أن أصف شعور أحد حينها و يستحيل لهم أن يستطيعوا وصفه ‪ ،‬هي حياة أخرى ‪ ،‬ميالد جديد ‪ ،‬اتفاقية‬
‫تصالح مع الرحمن ‪ ،‬توبة عن كل ما سبق و غفران له ‪ ،‬تبديل لكـل لحظة حزن مرت بسعادة أخرى ‪ ،‬كل شرخ حدث في الروح يلتأم ‪ ،‬ظال‬
‫على حالهما مدة ل يعلمها إل هللا ل يشعران بأي شيء حولهما ‪ ،‬هما فقط يبكيان بقوة و يناجيان هللا و يطلبان عفوة و صفحة عن أخطائهما و‬
‫قبوله لهما ‪.‬‬

‫كانت تلك األيام أسعد أيام مرت في حياتهما ‪ ،‬كانا ل يعودان إلى الفندق إلى ساعات قليلة جدًا ‪ ،‬و كانا يقضيان معظم الليل و النهار في العبادة ‪،‬‬
‫ربمـا تعبت أجسادهما و تأثرت من فرط الجهد و قلة الراحة ‪ ،‬لكنهما في الحقيقة لم يشعرا بذلك ‪ ،‬كانا يستغالن كل دقيقة ‪ ،‬فتلك األيام بمثابة‬
‫أعمار أخرى ‪.‬‬
‫انقضى يوم عرفه و كان نضال و جهاد من بين الحجيج ‪ ،‬كانوا من بين الذين نالوا الكرامات ‪ ،‬زاروا المسجد النبوي و سلموا على رسول هللا‬
‫كثيرا ما قابله في أحالمه ‪ ،‬صلوا خلف األئمة التي يعشقون أصواتهم ‪ ،‬شعروا بجمال‬‫ً‬ ‫و بكيا هناك شوقًا و حبًا ‪ ،‬زار نضال مسجد الحبيب الذي‬
‫و قرب لم يشعروا به من قبل ‪ ،‬هانت الدنيا في أعينهم ‪ ،‬شعروا بكل أية من القرآن ‪ ،‬بكل تسبيحة و ذكر ‪ ،‬هتفوا بقلوبهم و بكل كيانهم "لبيك‬
‫اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك "" سجدت أرواحهم بين يدي الرحمن قبل أن تسجد أجسادهم ‪ ،‬شعر كل منهما أنه قد ُولدَ من جديد و ُمحيت‬
‫كل آثامه ‪.‬‬
‫انقضت تلك األيام سريعًا ‪ ،‬و سيغادران معًا تلك األراضي الطاهرة ظُهر هذا اليوم ‪ ،‬و سيصليان بعد قليل الفجر و ستكون آخر صالة في‬
‫الحرم ‪ ،‬قالت جهاد و هي تخرج من الفندق بجوار نضال‪:‬‬
‫دي آخر صالة ها نصليها في الحرم ‪ ،‬نفسي أوي الشيخ ماهر هو اللي يصلي بينا بسورة يوسف ‪ ،‬نفسي أسمعها منه قبل ما نروح‬
‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫و أنا نفسي يصلي بينا هو بس بسورة مريم‬

‫وصال إلى الحرم و ُرفع األذان ثم أُقيمت الصالة ‪ ،‬و تتوالى الكرامات و استجابة الدعوات لهذان العبدان الصالحان ‪ ،‬صلى بهم إما ًما الشيخ‬
‫ماهر المعيقلي بصوته العذب و قرأ في الركعة األولى سورة يوسف و أطال و صلى في الركعة الثانية بمريم و أطال أيضًا ‪ ،‬تخيـل اآلن أنت‬
‫تصلي أمام الكعبة خلف اإلمام ماهر و هلت نسمات الفجر فأخذت الثياب تتطاير برفق ‪ ،‬بكت األعين من الخشوع ‪ ،‬بكت جهاد بمجرد أن‬
‫سمعت الشيخ يبدأ في قراءة سورة يوسف و أخذت نسمات الهواء تُداعب دمعاتها ‪ ،‬عظيم جدًا أن تشعر بقرب هللا منك و أن يستجيب لدعواتك و‬
‫يحقق أمانيك سريعًا هكذا ‪.‬‬

‫نورا على‬
‫عادا إلى بيتهما بعدما عاشا أيا ًما ستظل مضيئة في عقولهم ‪ ،‬جاء الجميع لرؤيتهم و أجمع كل من زارهم أن وجوههم قد ازدادت ً‬
‫نورها السابق ‪ ،‬فهناك من العباد من يقذف هللا من نوره في وجوههم فيدلون عليه ‪.‬‬
‫‪........... ........... ...........‬‬
‫حـلت السعادة الحقيقية على بيت وسام منذ عودة والدها بهذه الصورة الحسنة ‪ ،‬قضى مع أسرته شهران يُحاول فيهما إصالح شيئًا مما أفسده‬
‫على مدار السنوات الماضية ‪ ،‬ثم عاد إلى السعودية مرة أخرى من أجل العمل و كسب الرزق ‪ ،‬كان يهاتف أسرته يوميًا ‪ ،‬أخذت وسام تبتسم‬
‫للحياة من قلبها و تحمد هللا على كل نعمة و ازداد عشقها لزوجها الذي كان سببًا في تلك السعادة ‪ ،‬كانت وسام قد حاولت التقرب إلى أختها‬
‫الصغرى أكثر كما نصحها فارس ‪ ،‬و نجحت في ذلك و صارتا صديقتان حميمتان ‪ ،‬أثناء جلوسهما م ًعا ذات ليلة قالت وسام بحب‪:‬‬
‫إنت خالص يا سندس بدأتي في دروس الثانوية أهو ‪ ،‬عايزاكي تركزي جدًا بقى ‪ ،‬السنة دي سنة فاصله في حياتك ما بين مرحلتين مختلفتين‬
‫تما ًما ‪ ،‬إجتهدي فيها عشان تحققي نجاح يشرفك قدام نفسك و قدام كل اللي حواليكي ‪ ،‬مش عايزاكي تحسي بتوتر خالص ‪ ،‬ل خليكي هادية‬
‫طول السنة ‪ ،‬ذاكري بنفس و حب كدا ‪ ،‬و أهم حاجة حافظي على عبادتك كلها و إدعي كتيير أووي ‪ ،‬خلي أملك كبير و علقيه بربنا ‪ ،‬إوعي فـ‬
‫يوم تاخدي حاجة مش حقق يا يسندس ‪ ،‬لو سؤال واقف معاكي و هو اللي ها ينجحك و ها تسقطي من غيرة إوعي تغشيه ‪ ،‬إسقطي لكن ما‬
‫تغشيش أبدًا يا سندس ‪ ،‬إوعي تاخدي درجة مش حقك ‪ ،‬احفظي حق ربنا و ربنا ها يكرمك فوق ما تتخيلي ‪ ،‬مهما حسيتي إنك تايهة و ضايعة‬
‫و مابتذاكريش و مش جايبة حاجة إوعي رغم دا كله تبطلي تدعي ‪ ،‬ل ادعي بيقين أوي ‪ ،‬إطلبي من ربنا إنك تطلعي األولى على الجمهورية‬
‫حتى لو شايفة نفسك ماتستحقيهاش ‪ ،‬لو وقعتي و مش عارفة تقومي إدعي ربنا و قوليلة أنا نفسي أقوم و أذاكر و أكمل قويني يارب و إنصرني‬
‫على نفسي و شيطاني ‪ ،‬المذاكرة دي هي مهنتك في الحياة دلوقتي ماتقصريش فيها ‪ ،‬خلي في نيتك إن الدروس و المذاكرة دي جهاد في سبيل‬
‫هللا و حصلي حسنات جنب العلم و التفوق ‪ ،‬عالقتك بزمايلك خليها داي ًما كويسة و قايمة على الحب في هللا لكن ماتسمحيش لواحدة تعطلك عن‬
‫حلمك ‪ ،‬اللي تقعد تشتكي و تسود الدنيا و تبوظ أعصابك دي انصحيها مره و حاولي تشديها معاكي و تخليها تذاكر ماسمعتش الكالم حاولي‬
‫معاه كمان مرة ماسمعتش بقى سيبيها و ماتبصيش عليها تاني و ركزي على أهدافك إنت ‪ ،‬نظمي وقتك صح علشان ماتزهقيش و خلي في‬
‫جدولك حاجة جنب المذاكرة ‪ ،‬احفظي قرآن لو حتى سطر كل يوم ‪ ،‬و استغفري كتير أوي ‪ ،‬خليكي طول ما إنت ماشية بين الدروس لسانك‬
‫مش بيبطل استغفار ألنه بيفتح األبواب المقفلة ‪ ،‬و ماتسأليش حد على درجاته ول تقولي لحد على درجاتك ‪ ،‬ركزي على نفسك و بس ‪ ،‬نافسي‬
‫نفسك و حاولي تنتصري عليها و ماتبصيش على حد من اللي حواليكي ‪ ،‬خليكي داي ًما مستبشرة و قولي الحمد هلل على طول ‪ ،‬و لو فيه مادة‬
‫حاسه نفسك ضعيفة فيها و محتاجة درسين مش درس واحد ‪ ،‬خدي درسين المهم تكوني حقيقي محتاجاهم ‪ ،‬ماتمشيش ورا التيار و خالص‬
‫يعني الناس كلها بتاخد درسين في مادة كذا فأنا أخد شبههم وخالص ‪ ،‬ل دا غلط ‪ ،‬إنت تحددي المادة اللي إنت ضعيفة فيها و تعالجيها ‪ ،‬و داي ًما‬
‫إطلبي من ماما و بابا و كل اللي بتحبيهم يدعولك ‪ ،‬و أنا بدعيلك و ها أفضل داي ًما أدعيلك ‪ ،‬و ها أفضل جنبك طول السنة ‪ ،‬أنا عارفاكي‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫شاطرة و واثقة فيكي‬

‫‪-‬سندس و هي تحتضن أختها‪:‬‬


‫ربنا مايحرمني منك أبدًا يا وسام ‪ ،‬أنا عمري ما هنسى حرف من كالمك و ها أنفذه كله و أوعدك إني هاتفوق و أفرحكم كلكم ‪.‬‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫مبكرا ‪ ،‬أديا صالة الضحى و أعدا اإلفطار معًا ‪ ،‬ثم ارتديا ثيابهما و‬
‫ً‬ ‫بـدأت الدراسـة مـن جديـد بعـد انتهاء األجازة الصيفيـة ‪ ،‬استيقظ الزوجان‬
‫ذهبـا إلى الجامعة معًا بسيارة نضال ‪ ،‬أوصلها نضال إلى كلية التربية ‪ ،‬و لحسن الحظ تشابها معًا في وقت انتهاء محاضرات هذا اليوم لكل‬
‫منهما ‪ ،‬اتفقا على أن يأتي نضال إليها بعـد انتهائه ليعودا معًا ‪.‬‬
‫أنهت جهاد محاضراتها لليوم األول في تلك الجامعة و انتظرت نضال و لكنه لم يأتي ‪ ،‬هاتفته فلم يجب ‪ ،‬فقررت الذهاب إلى كلية الطب ‪،‬‬
‫لتبحث عنه ‪ ،‬وصلت إلى مبنى الكلية و سألت على مكان مكتبه و أثناء توجهها إليه رأته على بعد يقف مع فتاة تبدو أنها طالبة و كان يشرح لها‬
‫شيئًا ما ‪ ،‬و لكن على وجهه عالمات الضيق ‪ ،‬يقف مستقي ًما لكن عيناه ل تنظر إلى الفتاه بل تنظر إلى األرض ‪ ،‬قلقت جهاد من اختفاء بسمته و‬
‫ظهور عالمات الضيق على جبهته ‪ ،‬أخذت تقترب منه و لكنه ل يراها ألن عيناه لم تُرفع ‪ ،‬و إذا به فجأة يرفع ناظريه كأنه أحس بطيفها في‬
‫المكان ‪ ،‬التقت نظراتهما ‪ ،‬و تبادل البسمات ‪ ،‬توقف نضال عن الشرح ثم ترك الطالبة و خطى لألمام متوج ًها إلى زوجته دون أن يشعر بدهشة‬
‫تلك الفتاة التي للمرة األولى ترى هذا الدكتور البارع المهذب يبتسم إلى امرأة ‪ ،‬وقف نضال أمام جهاد و اتسعت بسمته و قال بمرح‪:‬‬
‫كلية طب نورت يا دكتورة‬

‫‪-‬جهاد بمزاح‪:‬‬
‫منوره بأهلها يا باشا ‪ ،‬اتأخرت كدا ليه يا نضال ‪ ،‬أنا قلقت‬

‫‪-‬معلش و هللا ‪ ،‬العيال شقطوني أسئلة من أول محاضرة و كل ما أجي أمشي حد يوقفني‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر خلف زوجها‪:‬‬


‫طب و بالنسبة للبنت اللي إنت سبتها واقفة و جيتلي دي‬

‫‪-‬نضال و هو يضرب على جبينه‪:‬‬


‫دا أنا نسيتها خالص ‪ ،‬أنا ماحستش بنفسي و أنا بمشي من قدمها و هللا ‪ ،‬منك هلل بتضيعي عقلي بطلتك ‪ ،‬ثم أمسكها من يدها و أخذها معه و عاد‬
‫للفتاة ‪ ،‬قال بوقار و هو ينظر إلى زوجته‪:‬‬
‫بعتذر يا دكتورة إني سيبتك و مشيت من غير ما أستأذن ‪ ،‬تكملة الشرح بتاع النقطة اللي إنت كنتي بتسألي فيها كاآلتي ‪ ،،،،،،،،،‬أكمل الشرح‬
‫للفتاه ‪ ،‬فشكرته و رحلت و قد أصابتها دهشة شديدة ‪ ،‬أمسك نضال بيد جهاد ‪ ،‬ثم اصطحبها إلى مكتبة ليأخذ بعض األوراق قبل المغادرة ‪،‬‬
‫أصابت الدهشة كل من رأى نضال و هو يبتسم و يتحدث بحب إلى جهاد ‪ ،‬فالجميع في الكلية كان يعتقد أنه ل يستطيع البتسام في وجه فتاه ول‬
‫التحدث إليهن بود هكذا ‪.‬‬
‫قالت جهاد و هي تجلس بجوار زوجها في السيارة‪:‬‬
‫هو إنت ليه كان باين على وشك الضيق و إنت واقف مع البنت اللي كانت بتسألك يا نضال‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫ل أنا ماكنتش متضايق ‪ ،‬دي حالتي المعهودة مع البنات‬

‫‪-‬جهاد بعد فهم ‪:‬‬


‫مش فاهماك‬

‫‪-‬نضال بهدوء‪:‬‬
‫بصي يا ستي ‪ ،‬أنا داي ًما كدا بقشعر وشي و ببين إني خنيق في تعاملي مع البنات في الكلية من أول ما إتعينت معيد هنا و أنا كدا ‪ ،‬و دا مش‬
‫كره ليهم أو حاجة وحشة ‪ ،‬دا من خوفي على بنات الناس و رغبتي في الحفاظ عليهم ‪ ،‬إنت عارفة إن مرحلة الجامعة بتبقى حرجة في حياة‬
‫الشباب و البنات ‪ ،‬أنا ممكن أضحك في وش واحدة و أتعامل عادي شوية ‪ ،‬تبني في دماغها أفكار عني و إني مهتم بيها أو أي حاجة شبه كدا و‬
‫دي حاجات ملهاش أساس من الصحة ‪ ،‬و ممكن أفتن واحدة بضحكي أو تساهلي في التعامل ‪ ،‬فأنا بقى قفلت الباب دا خالص ‪ ،‬البنات كلهم حتى‬
‫زمايلي الدكاترة بيقولوا عليا خنيق و بكره البنات فدا خالهم يتعاملوا معايا بحساب و مفيش واحدة بتدلع أو بتتعدى حدودها ‪ ،‬رغم إني بحترمهم‬
‫كلهم و هللا ومش بكرههم أبدًا ‪ ،‬لكني حبيت أحميهم كلهم من نظرة إعجاب ليا و أحمي نفسي أنا كمان ‪ ،‬لكن تعاملي مع الشباب بقى زي الفل ‪،‬‬
‫أصال ‪ ،‬و دايسين مع بعض في كل حاجة ‪ ،‬سعات يجوا المكتب يسألوا على حاجة و بعدها‬ ‫ً‬ ‫العيال الولد بيتعاملوا معايا كأني واحد صاحبهم‬
‫نقعد نهزر و نضحك على آخرنا و بينزلوا يصلوا معايا في المسجد و سعات بيبقى عندهم دورات كورة و يقولولي و أروح معاهم ‪ ،‬خاربها أنا‬
‫و الولد الحقيقة ‪ ،‬إنما البنات خط أحمر ‪ ،‬بتقي ربنا فيهم و كمان أنا عندي أخت و زوجة و أم فبحافظ على بنات الناس عشان يتردلي فيكم يا‬
‫جهاد ‪ ،‬إحنا الختالط حوالينا في كل حتة بس كل واحد يقدر يحافظ على نفسه و على اللي حواليه و يبعد عن الفتن ‪ ،‬بس يا ستي ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد و هي تمسك بيده‪:‬‬


‫إنت فخر ليا و هللا ‪ ،‬ياه لو كل الشباب و الرجالة شبهك كدا ‪ ،‬ربنا يزيدك يا حبيبي و يثبتك و يديم عليك طاعته‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫اللهم آمين ‪ ،‬طب سيبي إيديا يا روحي عشان أعرف أسوق كويس بدل ما نلبس في حاجة ‪ ،‬ثم قال بجدية ‪:‬‬
‫أل قوليلي صحيح ‪ ،‬عملتي إيه مع الطلبه في أول يوم ليكي هنا‬

‫‪-‬جهاد بتنهيده و هي تستند برأسها للخلف‪:‬‬


‫عملت إيه !! عملت عمايل مش حلوة الحقيقة ‪ ،‬العيال هنا يا نضال مختلفين تما ًما عن الطلبة بتوعي اللي في جامعة المنصورة ‪ ،‬اللي هناك‬
‫كانوا تربيتي و كانوا حاجة عظيمة ‪ ،‬هنا العيال عندهم تدني أخالقي بشع و بجاحة رهيبة ‪ ،‬و كمان مستواهم العلمي مش أوي ‪ ،‬مش بيذاكروا‬
‫خالص ‪ ،‬فيه ناس كتير في الدفعة ساقطين ‪ ،‬هم شكلهم هايتعبوني أوي ‪ ،‬بس ها أفضل وراهم لحد ما يرتقوا و يكونوا قدوة و يبقوا مشهورين‬
‫بعلمهم و أخالقهم في الجامعة كلها‪.‬‬

‫‪-‬نضال و هو ينظر إليها‪:‬‬


‫أنا واثق من دا ‪ ،‬واثق إنك ها تقدري تأثري فيهم و تغيريهم لألفضل‬
‫‪-‬بإذن الرحمن ‪ ،‬ربنا ييسر األمر‬

‫‪-‬نضال بمزاح و هو يغمز لها‪:‬‬


‫أل صحيح ‪ ،‬مش ها نحرر األقصى ول إيه‬

‫‪-‬جهاد بصوت مرتفع و يبدو عليه الحياء‪:‬‬


‫نضاااااااال‬

‫‪-‬نضال بضحك‪:‬‬
‫عيونه‬

‫‪-‬جهاد بنفاذ صبر‪:‬‬


‫إتلم‬

‫‪-‬نضال بمكر‪:‬‬
‫حاضر ها أتلم غصب عني لحد ما نوصل بيتنا‬

‫""الفصـل الثالث و الثالثــون""‬

‫إتجـوز اللي تقولهـا بيـنك و بيـن نفسـك ‪. . .‬‬


‫يــسلم اللي رباكــي‬

‫‪.......... .......... ..........‬‬


‫ليال ‪ ،‬كانت ترتب المنزل عندما سمعت صوت سيارته بالخارج ‪،‬أصابتها الدهشة و‬ ‫كـانت جهاد في المنـزل ‪ ،‬نضال في عيادته اليوم و سيعود ً‬
‫مبكرا ‪ ،‬توجهـت إلى الباب لتستقبله ‪ ،‬دخل فـ ابتسمت له و عانقته كما اعتادت و لكنها لم تجد أي رد فعل‬
‫ً‬ ‫لكنها على كل حال سعدت بعودته‬
‫منه ‪ ،‬تحرر منها ثم دخل و ألقى حقيبته على إحدى الكراسي ثم جلس على األريكة بثقل و وجهه متغير ‪ ،‬ليس هذا بنضال المرح البشوش ‪ ،‬بدا‬
‫عليه الضيق و اإلرهاق و التعصب ‪ ،‬تقدمت إليه جهاد و قالت بقلق و هي تلتقط يده في يدها‪:‬‬
‫مالك يا نضال‬

‫‪-‬نضال بعصبية و هو يسحب يده ‪:‬‬


‫كويس أهو ‪ ،‬األكل جاهز؟‬

‫‪-‬جهاد بقلق أكبر بسبب طريقته‪:‬‬


‫ل لسه مش جاهز ‪ ،‬إنت جيت بدري و إحنا مش بناكل دلوقتي ‪ ،‬يال بينا نجهزه سوا زي كل يوم و ناكل بدري النهارده‬

‫‪-‬نضال بصوت مرتفع و عصبية‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال واحدة مهملة ‪ ،‬و خالص أنا ماعدتش فاضي أعمل أكل مع حد ‪ ،‬إنسي بقى ‪ ،‬و بعد كدا‬ ‫إزاي لحد دلوقتي ماجهزتيش أي حاجة ‪ ،‬إنت‬
‫األكل يكون جاهز من بدري‬

‫‪-‬جهاد و هي تجلس بجواره و تدير وجهه إليها بيدها‪:‬‬


‫نضال بصلي و قولي فيك إيه ‪ ،‬أنا أول مرة أشوفك كدا ‪ ،‬أنا مش فاهمة حاجة‬

‫‪-‬نضال و هو يُبعد يدها عن وجهه بقوة‪:‬‬


‫إنت مابتفهميش ‪ ،‬قولتلك أنا كويس ‪ ،‬إمشي خلصي حضري األكل ً‬
‫حال عشان جعان‬

‫‪-‬جهاد بتصميم‪:‬‬
‫أنا مش قايمة من مكاني غير أما تفهمني و تتكلم معايا‬

‫‪-‬نضال بصوت مرتفع جدًا‪:‬‬


‫بصي يا جهاد أنا لطايق نفسي ول طايق اللي حواليا ‪ ،‬قومي من جنبي كدا بدل ما أعمل حاجة نندم عليها‬

‫‪-‬جهاد و قد تألألت الدمعات في عينيها و قالت و هي تُمسك يده من جديد‪:‬‬


‫يا نضال باهلل عليك قولي إيه اللي حصل ‪ ،‬إنت كنت خارج كويس ‪ ،‬إيه اللي زعلك أوي كدا‬

‫‪-‬نضال و هو ينزع يده و يقول بحده‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال إنسانه زنانه ‪ ،‬و أنا مش فايقلك ‪ ،‬آدام مش عايزة تقومي ‪ ،‬أنا قايم أنا أحسن ‪ ،‬ثم قام من مكانه و توجه للداخل ‪ ،‬سقطت دموع جهاد‬ ‫إنت‬
‫رغ ًما عنها ‪ ،‬ألنها ل تفهم ماذا حدث لزوجها ‪ ،‬أخذت تستغفر و تستعيذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪ ،‬ألنها تعلم يقينًا أن هذه وساوس شيطان يريد‬
‫أن ينشئ خالفات بينها و بين زوجها و لكنها لن تسمح بذلك ‪ ،‬إذا جرس الباب يرن ‪ ،‬أسرعت جهاد إليه و نظرت من العين السحرية فوجدته‬
‫والدها ‪ ،‬مسحت دموعها بسرعة و جاهدت لترسم البسمة على وجهها ‪ ،‬فتحت الباب و عانقت والدها بشوق ‪ ،‬ثم قالت بمرح مصطنع‪:‬‬
‫بابا حبيبي ‪ ،‬نورت إسكندرية ‪ ،‬وحشتني أوي ‪ ،‬تعالى يا بابا إتفضل‬

‫‪-‬األب و هو يتوجه إلى الصالون معها ‪:‬‬


‫و إنت و هللا يا حبيبتي وحشتيني أوي ‪ ،‬و وحشتينا كلنا ‪ ،‬عامله إيه‬
‫‪-‬جهاد و هي تنظر بعيدًا عن والدها و قالت بسرعة لتخفي حزنها‪:‬‬
‫أنا كويسة جدًا ‪ ،‬الحمد هلل ‪ ،‬أخباركم إنتم إيه‬

‫‪-‬األب و هو ينظر في أعين ابنته بقوة‪:‬‬


‫جهاد إنت معيطه ‪ ،‬مالك فيه إيه‬

‫‪-‬جهاد ببسمة مرتبكة‪:‬‬


‫معيطة إيه بس يا حج ‪ ،‬منا زي الفل أهو‬

‫‪-‬األب بقلق‪:‬‬
‫نضال هنا؟‬

‫‪-‬جهاد و هي تهم بالقيام من مكانها ‪:‬‬


‫آه هنا ‪ ،‬ثواني ها أناديه ‪ ،‬ها يتبسط أوي إنك هنا‬

‫‪-‬األب و هو يمسك يدها ليمنعها من الحركة ‪:‬‬


‫إنتم متخانقين يا جهاد؟ نضال مزعلك ؟ أنا متأكد إن فيه حاجة‬

‫‪-‬جهاد و هي تجاهد أل تبكي‪:‬‬


‫يا بابا متخانقين إيه بس ‪ ،‬و بعدين نضال يزعلني إزاي ‪ ،‬إنت عارفه و عارف حنيته و حبه ليا و إني هنا بنته قبل ما أكون مراته ‪ ،‬صدقني أنا‬
‫كويسة و مفيش أي حاجة ‪ ،‬ثم قالت بمزاح مصطنع‪:‬‬
‫هو أنا بس عشان هادية شوية ها تفكرني زعالنه ‪ ،‬ها أروح أناديلك نضال و أجي أطنطط يا عم ‪ ،‬عشان تتأكد إني كويسة ‪ ،‬استدارت و همت‬
‫بالدخول فوجدت نضال في وجهها و يبدو أنه استمع لمعظم الحوار ‪ ،‬ارتبكت و قالت و هي تنظر لوالدها ‪:‬‬
‫أهو جه لواحده يا بابا ‪ ،‬ها أدخل المطبخ ثواني و راجعة ‪ ،‬توجهت إلى الداخل ‪ ،‬و تقدم نضال و سلم على والدها و هو يحاول أن يبدو طبعيًا ‪،‬‬
‫أحضرت جهاد العصير و جلست تحاول المزاح مع والدها حتى يطمئن أنها بخير ‪ ،‬كان أحمد متأكدًا أنها ليست على ما يُرام ‪ ،‬فهو يعلم ابنته ‪،‬‬
‫و لكنه احترم رغبتها بعدم اإلفصاح ‪ ،‬لم يُكمل نصف الساعة ‪ ،‬ثم قال و هو يقف‪:‬‬
‫أنا ها أستأذن بقى يا ولد‬

‫‪-‬جهاد برجاء‪:‬‬
‫مستعجل ليه يا بابا ‪ ،‬خليك اتعشى معانا‬

‫‪-‬أحمد بهدوء ‪:‬‬


‫أنا مش فاضي و هللا يا حبيبتي ‪ ،‬أنا كان عندي شغل جنبكم هنا و قولت أعدي أشوفك عشان وحشاني ‪ ،‬ولزم أروح على طول قبل المغرب‬
‫عشان إنت عارفة أنا ما بحبش السواقة بالليل‬
‫ودعاه على الباب م ًعا حتى رحل بسيارته ‪ ،‬ثم أغلق نضال الباب ‪ ،‬فاستدارت جهاد و همت بالتقدم للداخل و لكن نضال أمسك ذراعها و‬
‫أجبرها على الدوران إليه مرة أخرى ‪ ،‬ثم قال بوجه خال من التعبير و هو ينظر إلى عينيها بقوة‪:‬‬
‫إنت ليه ماقولتيش لعمي إني مزعلك‬

‫‪-‬جهاد و هي تحدق في عينيه ‪ ،‬متناسية تلك الربكة التي تصيبها‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال ول عمري ها أزعل مهما يحصل و ماينفعش أقول لحد مهما كان مين على أي حاجة تحصل بينا‬ ‫عشان أنا مش زعالنه منك‬

‫‪-‬نضال و هو يمسك وجهها بكفيه‪:‬‬


‫بس أنا عليت صوتي و قولت كالم وحش ‪ ،‬إزاي مازعلتيش‬

‫‪-‬جهاد بصدق‪:‬‬
‫عشان إنت أنا و أنا إنت و مافيش فرق بينا ‪ ،‬و إنت تقول و تعمل اللي إنت عايزة ‪ ،‬ثم قالت و الدمعات تسقط من عينيها‪:‬‬
‫بس قولي مالك باهلل عليك ‪ ،‬أنا قلقانة عليك أوي و مش عارفة إيه حصلك يا نضال‬

‫‪-‬نضال و هو لزال يحتضن وجهها بيديه و يقول بإرهاق‪:‬‬


‫مشاكل ‪ ،‬مشاكل رهيبة يا جهاد في الشغل ‪ ،‬و في المركز الطبي اللي أنا ببنيه ‪ ،‬و مش عارف ألقي ليها حل و لو ماإتحلتش ها تزيد ‪ ،‬و أنا‬
‫مش عارف أفكر ول أركز ‪ ،‬سيبت العيادة و جيت عشان دماغي مش فيا و متعصب على أخري قولت أروح بدل ما أتعصب على حد بره و‬
‫أعمل مشاكل تانيه ‪ ،‬ثم قال بأسف‪:‬‬
‫و العصبية و الهم اللي فيا كله طلع عليكي في شكل كالم غبي مالوش لزمة ‪ ،‬بس أنا و هللا كنت جي ماشايف قدامي ‪ ،‬أنا آسف يا حبيبتي‬

‫‪-‬جهاد و هي تضم زوجها ‪:‬‬


‫يا نضال بتتأسف على إيه بس ‪ ،‬أنا و هللا مازعلت حقيقي ‪ ،‬أنا بس عقلي كان هايتجن من كالمك ‪ ،‬أول مره أشوفك كدا و ماكنتش فاهمة مالك ‪،‬‬
‫تعالى نقعد يا نضال و احكيلي المشاكل دي و هانحلها و نفكر فيها سوا ‪ ،‬ماتفضلش شايل كدا لواحدك كل دا‬

‫جلسا معًا و قص عليها نضال األمر ‪ ،‬دُهشت من عظم معاناته و كيف كان يكتم عن الجميع كل ذلك و يحاول أن يبدو طبيعيًا حتى ل يتأثر من‬
‫حوله بمشاكل عمله ‪ ،‬تألمت جهاد من إرهاقه لنفسه و أخذت تفكر معه في حلول و تشاركه األمر ‪ ،‬أرشدهما هللا لـ بعض األفكار و لكن نضال‬
‫طا لفترة ‪ ،‬كانت جهاد ل تكف عن الدعاء له ‪ ،‬و لم تسأم قط من تبدل حالته بعض الشيء ‪ ،‬كانت تسانده و تهون عليه األمر ‪ ،‬حتى‬ ‫ظل مضغو ً‬
‫بدأت المشاكل تُحل شيئًا فشيئًا ‪.‬‬
‫‪............ ........... ..........‬‬
‫أثنـاء عودتها من الجامعة ذات يـوم ‪ ،‬رن هاتفها ‪ ،‬فوجدت المتصل والدة نضال ‪ ،‬ابتسمت و أجابت بحب‪:‬‬
‫السالم عليكم ‪ ،‬إزيك يا ماما وفاء‬

‫‪-‬وفاء بلهجة متغيرة‪:‬‬


‫و عليكم السالم ‪ ،‬إزيك يا جهاد ‪ ،‬ثم قالت بنبرة ذات مغزى ‪:‬‬
‫فين نضال ابني يا جهاد‬
‫‪-‬جهاد بقلق و عدم فهم‪:‬‬
‫فين إزاي يا ماما‬

‫‪-‬وفاء بنبرة غير طبيعية‪:‬‬


‫بقالي فترة برن على موبايله و على طول مقفول و مش عارفه أكلمه ‪ ،‬و بقالكم شهر ماجتوش عندنا ‪ ،‬ابني عمره ماغاب عني كدا يا جهاد ‪،‬‬
‫إنت هاتبعدي ابننا عننا ‪ ،‬حرام عليكي نضال وحشنا‬

‫‪-‬جهاد و الدموع في عينيها‪:‬‬


‫و هللا أبدًا يا ماما ‪ ،‬نضال بس عنده ضغط في شغله رهيب ‪ ،‬و سعات بيرجع متأخر جدًا ‪ ،‬و مزاجه متغير ‪ ،‬و هللا أنا قولتله كذا مره نجيلكم و‬
‫يغير جو بس هو على طول مش فاضي ‪ ،‬و كان بيقفل تليفونه عشان مفيش حاجة تعطله ‪ ،‬حتى أنا ماكنتش بعرف أكلمه ‪ ،‬أنا عمري ما أبعده‬
‫عنكم و هللا يا ماما‬

‫‪-‬وفاء بنفس اللهجة ‪:‬‬


‫نضال طول عمره شغال نفس الشغل في العيادة و الجامعة و عمرنا ماسمعنا إنه مضغوط أو عنده مشاكل ‪ ،‬جاتله منين المشاكل دي دلوقتي ‪،‬‬
‫أنا عايزة أشوف ابني يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بألم و قد بدأت دموعها تتساقط‪:‬‬


‫حاضر يا ماما هانجيلكم ‪ ،‬و أنا أسفالك و هللا‬

‫أغلقت جهاد الهاتف و هي تبكي ‪ ،‬فهي تعلم أنه كان يواجه مثل تلك الظروف من قبل و لكنه كان يخفيها عن أسرته ول يظهرها أمامهم حتى ل‬
‫مبكرا اليوم و يذهبا إلى أسرته و يمر األمر بسالم ‪ ،‬كفكفت دمعاتها و أخذت تستغفر طوال الطريق‬
‫ً‬ ‫يحزنون ‪ ،‬أخذت تدعو هللا أن يأتي نضال‬
‫مبكرا ‪ ،‬توجهت إلى باب المنزل و‬
‫ً‬ ‫حتى وصلت إلى البيت ‪ ،‬دخلت و بدلت ثيابها و بدأت تؤدي األعمال المنزلية ‪ ،‬و لحسن الحظ جاء نضال‬
‫استقبلته و هي تحاول أن تبدو طبيعية تما ًما ‪ ،‬عانقها نضال بحب و كانت السعادة تبدو على مالمحة ‪ ،‬همس في أذنها‪:‬‬
‫الحمد هلل كل حاجة بقت تمام يا جهاد ‪ ،‬إحنا هانقضي بقية اليوم كله سوا و نعوض األيام اللي فاتت دي‬

‫جهاد و هي تنظر إليه ببسمة‪:‬‬


‫الحمد هلل يا حبيبي ‪ ،‬بقولك إيه تعالى نروح عند بابا بدر و ماما وفاء عشان ماروحناش من زمان و كنت كل ما أقولك تقولي أما أفضى ها‬
‫نروح و هم وحشوني أوي و عايزة أقعد مع هناء كمان‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫و وحشوني جدًا أنا كمان و هللا ‪ ،‬بس نبقى نروحلهم بكرا ‪ ،‬إحنا ها نقعد سوا مع بعض النهارده عشان القعدة معاكي وحشتني أكتر‬

‫‪-‬جهاد بتصميم‪:‬‬
‫باهلل عليك عشان خاطري نروحلهم النهارده و ياعم نبقى نيجي بدري و نسهر سوا طول الليل و نقعد نرغي في كل حاجة‬
‫‪-‬نضال باستسالم‪:‬‬
‫طيب يا ستي نروحلهم ‪ ،‬يال البسي بسرعة‬

‫ذهبا معًا إلى أسرته ‪ ،‬سلمت جهاد على وفاء بحب و شوق كأن شيئًا لم يكن ‪ ،‬لكن وفاء سلمت عليها بجفاء ‪ ،‬جلسوا معًا ‪ ،‬فقالت وفاء بعد فترة‬
‫من الحديث ‪:‬‬
‫كدا يا نضال تبعد عننا كل دا ‪ ،‬شهر كامل مش عارفين نشوفك فيه‬

‫‪-‬نضال بأسف‪:‬‬
‫غصب عني و هللا يا ماما ‪ ،‬كان عندي حاجات ما يعلم بيها إل ربنا ‪ ،‬جهاد كانت بتتحايل عليا كتير نيجي لكني حقيقي ماكنتش فاضي خالص ‪،‬‬
‫و النهارده أول يوم أفوق و أجي بدري من الشغل ‪ ،‬صممت إننا نجيلكم النهارده عشان وحشتونا‬

‫‪-‬نظرت األم إلى جهاد بأسف فابتسمت لها بحب كأنها تقول لها‪:‬‬
‫أنا مش زعالنه و عاذراكي‬

‫‪-‬قالت و فاء ببعض الحرج‪:‬‬


‫بما إن الموضوع كدا بجد ‪ ،‬يبقى فيه اعتذار لزم يتقدم قدام الكل لجهاد‬

‫‪-‬قالت جهاد بسرعة‪:‬‬


‫ماما إنت بتقولي إيه ‪ ،‬مفيش حاجة و ماتحكيش حاجة باهلل عليكي‬

‫‪-‬نظر الجميع إليهما و هم ل يفهمون شيئًا ‪ ،‬فقالت وفاء‪:‬‬


‫ل يابنتي لزم أعتذرلك على اللي أنا قولته النهارده ‪ ،‬ثم قالت و هي تنظر لنضال‪:‬‬
‫أنا يا ابني كلمت مراتك النهارده و قولتلها كالم مالوش لزمة ‪ ،‬بس إنت كنت واحشني أوي و هللا و الشيطان لعب في دماغي و قعد يقولي‬
‫جهاد هي اللي مش بتخليه يجي ‪ ،‬أنا ظلمتها ‪ ،‬ثم قالت باعتذار لجهاد‪:‬‬
‫ماتزعليش مني يا جهاد ‪ ،‬أنا غلطت في حقك يا بنتي ‪ ،‬لكن غصب عني و هللا ‪ ،‬إنت و هللا معزتك عندي من معزة نضال ‪ ،‬دا كان شيطان‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫و هللا يا ماما أنا مازعلت ‪ ،‬و ماكنش ليه لزمة تقولي كدا قدامهم ‪ ،‬ماحدش كان يعرف حاجة ‪ ،‬و بعدين دا حقك إنت تقولي أي حاجة براحتك ‪،‬‬
‫و أنا عمري ما أزعل منك أبدًا‬

‫نظر الجميع لجهاد بإعجاب و حب ‪ ،‬أما نضال فلم ينطق بحرف واحد ‪ ،‬كان يشعر بمشاعر ل وصف لها ‪ ،‬أراد فقط أن يأخذ زوجته و يعودان‬
‫مبكرا ‪ ،‬ركبا السيارة و لم يتحدثا طوال‬
‫ً‬ ‫إلى بيتهما حتى يستطيع البوح بما يريد ‪ ،‬لما يُطيال المكوث هناك و أصر نضال على العودة إلى بيته‬
‫الطريق ‪ ،‬وصال إلى بيتهما ‪ ،‬قام نضال بركن السيارة ‪ ،‬ثم توجه للداخل و جهاد تسبقه بخطوات قليلة ‪ ،‬دخلت المنزل و دخل خلفها و قبل أن‬
‫تبتعد أمسك يدها بقوة ثم جذبها نحوه ‪ ،‬أغلق الباب ثم أسند ظهرها إلى الباب المغلق و وقف أمامها يحاصرها ‪ ،‬ثم قال و هو ينظر إلى عينيها ‪:‬‬
‫ليه‬

‫‪-‬جهاد و هي تهرب من نظراته‪:‬‬


‫ليه إيه يا نضال ‪ ،‬وسع عديني‬

‫‪-‬نضال و هو يمسك وجهها ليجبرها على النظر إليه‪:‬‬


‫ليه ماقولتليش إن ماما كلمتك و قالتلك كدا‬

‫‪-‬جهاد و هي تغمض عيناها‪:‬‬


‫عشان ماينفعش أقولك يا نضال ‪ ،‬مش كل حاجة لزم تتقال‬

‫‪-‬نضال و هو يقترب بوجهه منها ‪ ،‬ليرغمها على فتح عينيها‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال مالكيش ذنب ‪ ،‬و كمان أنا بقالي فترة مش كويس معاكي و إنت مستحمله و‬ ‫ليه برضة إيه يجبرك تستحملي كالم شبه دا و إنت‬
‫ً‬
‫أصال مزعلك إنت كمان عشان ماتشيلكيش الليلة و كان ممكن تقوليلي أول ما جيت إنها كلمتك‬ ‫مااشتكتيش ‪ ،‬كان ممكن تقوليلها إني‬

‫‪-‬جهاد بقوة‪:‬‬
‫يا ابني ماينفعش ليه مش عايز تفهم ‪ ،‬دي مامتك يا نضال حقها فيك قبل حقي ‪ ،‬و أنا بحبها شبه ماما ‪ ،‬و كنت عارفة إنها قالت كدا من قلقها‬
‫عليك ‪ ،‬يا نضال أنا لو ها أنسى إنها بتحبني شبهكم و بتعاملني كويس جدًا ‪ ،‬عمري ماهنسى إنها هي اللي مربياك ‪ ،‬هي اللي وصلتك و كبرتك‬
‫ليا و أنا جيت حبيتك و خادتك ع الجاهز ‪ ،‬أهلك دول أهلي يا نضال ‪ ،‬لو مش ها أكرمهم عشان إحسانهم ليا ‪ ،‬فأنا ها أكرمهم علشانك إنت ‪ ،‬هم‬
‫السبب في إنك تكون بالعظمة دي فـ عنيا ‪ ،‬ماينفعش حاجة تتقال بيني و بين ماما وفاء و أنا أقولهلك ماينفعش أكون سبب زعلك من والدتك ‪ ،‬أنا‬
‫مش لسه عيله مراهقة و ها أقعد أغير بقى من مامتك و أعمل عمايل هبله ل أنا ست عاقلة و عارفة ربنا و بحبهم و هم كمان بيحبوني و‬
‫عمري ما ها أسمح بحاجة تزعلنا كلنا من بعض ‪ ،‬و الحمد هلل إن الظروف الصعبة دي عدت و إنك رجعتلي تاني و رجعتلنا كلنا و ربنا يبعد‬
‫عننا أي حزن يارب و يخليك ليا يا حبيبي‪.‬‬

‫‪-‬نضال و هو ينحني و يقبلها بين عينيها ‪ ،‬ثم نظر إليها و قال بعشق‪:‬‬
‫بصي أنا عايز أقولك حاجة واحدة بس ‪ ،‬حاجة بقولها في نفسي كل يوم من يوم ماعرفتك ‪ ،‬بقولها مع كل موقف بيحصل بينا ‪ ،‬بقولها و أنا‬
‫حاسسها أوي ‪ ،‬و هي اللي بتتردد في دماغي دلوقتي مع كالمك دا‬

‫يــسلم اللي ربــاكـــي يا جهــاد‬

‫حقيقي يسلم أوي ‪ ،‬يسلم على كل حاجة ‪ ،‬يسلم إنه خرجك بنت صالحة و زوجه عاقلة ‪ ،‬يسلم إنه زرع فيكي الحنان و الشهامة ‪ ،‬يسلم اللي زرع‬
‫فيكي الحب و الحكمة ‪ ،‬يسلم اللي عملك تكوني أية في كل حاجة ‪ ،‬يسلم اللي علمك تكوني إمتى أنثى رقيقة و تحسسي جوزك بقوامته عليكي و‬
‫إمتى تبقى بنت بمليون راجل قادرة تسد في أي موقف و توقف كل واحد عند حده ‪ ،‬يسلم اللي خالكي تأثري في كل حد يتعامل معاكي و‬
‫تجبريه يحبك و يحترمك ‪ ،‬يسلم اللي علمك تواجهي كل المشاكل ببسمة و هدوء ‪ ،‬يسلم اللي زرع فيكي الجمال دا كله و خالني مستسلم لكل‬
‫كلمة بتقوليها و واثق إنها الصح ‪ ،‬يسلم اللي خالني أبقى بعمل أي حاجة و سايبك في أي حته و أنا مش قلقان من تصرفاتك حتى لو حواليكي‬
‫مليون راجل ألني عارفك و واثق في أخالقك ‪ ،‬حقيقي يسلم والدك و جدك و تسلم كل عيلتك على تربيتهم ليكي ‪ ،‬يسلموا عشان منحوني زهرة‬
‫قلوبهم و خلوها تعطر أيامي ‪ ،‬يسلم كل موقف خالني أشوف جمال أخالقك و أحس بقيمتك ‪ ،‬إنت أكبر نعمة في حياتي ‪ ،‬أكتر من اللي أستحقه‬
‫‪ ،‬أنا مش عارف حسنة إيه اللي عملتها في حياتي و ربنا كافئني عليها بيكي ‪ ،‬أنا لو ربنا رزقني ببنت منك و ربيتها شبهك و زرعت فيها نص‬
‫الخير اللي فيكي ها أروح لربنا و أنا راضي و مطمن إني أديت رسالتي في الحياة ‪ ،‬هللا ل يحرمني أبدًا من حبك اللي أسرني دا يا جهاد‪.‬‬
‫‪......... ......... ........‬‬
‫مضت األيام بحلوها و مرها ‪ ،‬لم تزدهم الصعوبات و الخالفات إلى حبًا و تعلقًا ‪ ،‬عاد نضال من عمله يو ًما فلم يجدها بانتظاره على الباب كما‬
‫إعتاد ‪ ،‬أغلق الباب و هم أن يناديها ‪ ،‬و إذا بها تخرج إليه و هي تجري ببهجة و تصرخ بفرح‪:‬‬
‫نضال ‪ ،‬نضال ‪ ،‬أنا حامل ‪ ،‬ثم قفذت و احتضنته و هي تبكي من فرط السعاده ‪ ،‬لم يستوعب نضال ما قالت ‪ ،‬فأنزلها و قال بقوة و هو يمسك‬
‫ذراعها‪:‬‬
‫قولي تاني كدا اللي قولتيه‬

‫‪-‬جهاد بدموع و فرح‪:‬‬


‫أنا حامل و هللا ‪ ،‬لسه متأكده ً‬
‫حال ‪ ،‬أنا حامل يا نضال‬

‫‪-‬حملها نضال و أخذ يتحرك في المكان بعشوائية من فرط السعاده و أخذت دمعاته تتساقط هو اآلخر ‪ ،‬كانا ينظران لبعضهما يضحكان بقوة ثم‬
‫شكرا‬
‫ً‬ ‫يبكيان و يتحدثان معًا بكالم غير مرتب ‪ ،‬ثم هبطا ساجدين هلل‬
‫‪......... ........ ........‬‬
‫أصابت السعادة قلوب الجميع عندما علموا بحمل جهاد ‪ ،‬استمرت جهاد في الذهاب إلى عملها ‪ ،‬بدأت تؤثر في الطلبة و تدفعهم إلى التغيير ‪ ،‬و‬
‫كثيرا و كانت‬
‫ً‬ ‫تعلقوا هم بها ‪ ،‬و صارت العالقة بينهم كما كانت بين طالبها في المنصورة ‪ ،‬كانت جهاد تستمع إلى القرآن الكريم أثناء حملها‬
‫تجعل نضال يرتل لها دو ًما أثناء جلوسهما معًا و كانت تستمع إلى البرامج الدينية و العلمية بكثرة ‪ ،‬ألن ذلك يؤثر على الجنين ‪ ،‬فكثرة سماعها‬
‫للقرآن و البرامج الدينية سيجعله متعلقًا بالقرآن و بالرحمن و البرامج العلمية ستوسع مداركه و ترفع نسبة ذكائه منذ طفولته ‪ ،‬كانت تقرأ كثيرا‬
‫عن تربية األطفال و التعامل معهم ‪ ،‬علمت أن جنينها ذكر فاتفقت هي و نضال على تسميته أنس كما أحبت هي ‪ ،‬أصرت أن يحضر نضال‬
‫بعض عمليات الولدة مع أحد أصدقائه األطباء حتى يتولى هو تلك المهمة أثناء وضعها ‪ ،‬ألنها لن تذهب لطبيب رجل أبدًا ‪ ،‬حاول إقناعها أن‬
‫زوجة صديقة محمد طبيبة ماهرة في ذاك المجال فوافقت أن تلد عنها بشرط أن يكون هو أيضًا معها بالداخل أثناء الوضع ‪.‬‬

‫""الفصـل الرابـع و الثالثــون""‬


‫أحبُك ‪. . . .‬‬
‫إذًا لبـد أن أعشق جنونـك ‪.‬‬

‫‪.......... .......... ..........‬‬


‫مرت ثمانية أشهر و جهاد اآلن في بداية الشهر التاسع لحملها ‪ ،‬كان ذلك في بداية أجازة نهاية العام ‪......‬‬
‫جهاد و هي تمشي خلف نضال الذي كان يهم بالخروج من المنزل ‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫خليك معايا باهلل عليك يا نضال ‪ ،‬النهارده أجازتك من العيادة‬

‫‪-‬نضال بضحك و هو يمسكها من وجنتيها‪:‬‬


‫ما إنت هاتشليني يا جهـاد ‪ ،‬دا أنا يا بنتي حاسس إني أنا اللي حامل و ها أولد مش إنت ‪ ،‬لو قعدت هاتوقفي حالي يا روحي ‪ ،‬أنا ها أروح أقعد‬
‫في عيادتي و أقفل على نفسي و أخلص أم البحث اللي مش راضي يخلص دا ‪ ،‬لكن أقعد معاكي اليوم كله تاني مستحيل ‪ ،‬دا أنا قربت أتجنن ‪،‬‬
‫آه ضهري يا نضال ‪ ،‬آه ابنك يا نضال ‪ ،‬آه منك هلل يا نضال دا الحال وصل بيكي إنك بتقوليلي إحمل إنت يا نضال ‪ ،‬إنت اتجننتي ياروحي‬
‫خالص‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت ضح ًكا و أخذت تقترب منه و في يدها زجاجة ماء صغيرة‪:‬‬
‫إيه يا نضال بقى مش مستحمل مراتك حبيبتك و عايز تسيبني قاعدة لواحدي‬

‫‪-‬نضال بدهشة مصطنعة‪:‬‬


‫أستحمل إيه ول إيه يا بنتي ‪ ،‬بقى بذمتك حد بيتوحم في الشهر التاسع يا جهاد ‪ ،‬و يوم ما تتوحمي تقوليلي ‪ ،‬أنا بتوحم على لمون مخلل يا نضال‬
‫‪ ،‬بتتوحمي على مخلل يا جهاد!! دا أنا فاضلي شعره و دماغي تلسع منك ‪ ،‬يا بنتي مش كدا ‪ ،‬أنا ها أنفد بجلدي يا ستي‬

‫جهاد و قد اقتربت منه تما ًما و أمسكت ياقة قميصه بيدها الفارغة‪:‬‬
‫طب اقعد معايا بالزوق يا نضال بدل ما تندم‬

‫‪-‬نضال بمزاح ‪:‬‬


‫ل بالزوق ول بالعافية يا ستي ‪ ،‬اعتقيني لوجه هللا إلهي يسترك ‪ ،‬و هم أن يفتح الباب‬

‫‪-‬قالت جهاد بمكر‪:‬‬


‫طب استنى أحضنك قبل ما تمشي عشان ها توحشني على ما ترجع ‪ ،‬قربها نضال إليه بحب و قال ‪:‬‬
‫أنا مش عارف أحضنك إزاي بس بالبطيخة دي ‪ ،‬يا بنتي الواد دا حاسس إن بقاله تمن سنين في بطنك مش تمن شهور ‪ ،‬لم تتحدث جهاد و‬
‫لكنها بحركة ماكرة مدت يدها و أمسكت جيب بنطاله ثم أفرغت زجاجة المياه التي كانت بيدها األخرى داخله ‪.‬‬

‫نضال بصدمه مما شعر به ‪:‬‬


‫أيوووه ‪ ،‬إيه دا ‪ ،‬أبعدها ليفهم ما حدث ‪ ،‬نظر إلى بنطاله و إلى زجاجة الماء الفارغة في يدها‪:‬‬
‫يا مجنونة ‪ ،‬يا هبله ‪ ،‬إيه اللي نيلتيه دا يا بت ‪ ،‬مايه ساقعة ‪ ،‬أعمل فيكي إيه بس‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت في الضحك‪:‬‬


‫قولتلك إقعد معايا بالزوق ماسمعتش الكالم ‪ ،‬يال ماإنتش خارج غصب عنك ‪ ،‬إبقى اسمع الكالم بقى‬

‫‪-‬نضال و هو يمسكها من شعرها بمزاح ‪:‬‬


‫أولع فيكي و أرتاح يا شيخه ‪ ،‬أنا حتى مش عارف أخد حقي و إنت عامله شبه الكورة كدا ‪ ،‬ماشي هاأقعد يا جهاد بس و ربنا ألعلمك األدب‬
‫على المايه المتلجة دي ‪ ،‬ولرايح مغرقك في البانيو دلوقتي ‪ ،‬ثم حملها على يديها و اتجه للداخل و هي تكاد تموت من الضحك‪.‬‬
‫مر هذا الشهـر و وضعت جهـاد طفلها األول ‪ ،‬كان أنس نسخة ُمصغرة من نضال ‪ ،‬عمت السعادة قلوب الجميع بهذا المولود المبارك ‪ ،‬أقام‬
‫نضال عقيقة كبيرة و حمد هللا على نعمة ‪ ،‬بعـد شهر تقريبًا من مجيء أنس ‪ ،‬تزوج فارس و وسام ‪ ،‬كان العُرس في قاعتان منفصلتان ‪،‬‬
‫خيرا ‪ ،‬ظهرت نتيجة الثانوية و بحمد هللا حصلت‬‫الرجال في إحداهم و النساء في األخرى ‪ ،‬كان والدها هو من أسلمها ليد فارس و أوصاه بهـا ً‬
‫سندس على مجموع مرتفع أ ّهلها لاللتحاق بكلية الطـب ‪ ،‬بدأت هناء عامها الثالث في كلية الصيدلة ‪ ،‬تقدم شاب لخطبتها و لكن األمر كان محير‬
‫بالنسبة لها ‪ ،‬فلجأت إلى حصنها و مستشارها الدائم ‪ ،‬نضال أخيها‪.‬‬

‫هناء و هي تجلس مع نضال في غرفتها‪:‬‬


‫نضال أنا اتصلت بيك و خليتك تيجيلي ‪ ،‬عشان أنا مش عارفة أخد قرار في موضوع العريس دا و محتارة جدًا و متلخبطه‬

‫‪-‬نضال بتفهم‪:‬‬
‫أنا مارضتش أتكلم معاكي في الموضوع لحد ما تفكري فيه مع نفسك ‪ ،‬و تسأليني عن رأيي‬

‫‪-‬هناء بحيرة‪:‬‬
‫عبدالرحمن إنسان كويس جدًا و متدين و محترم ‪ ،‬لكن فيه كذا حاجة مخلياني مش عارفة أخد قرار ‪ً ،‬‬
‫أول هو عايز يتجوز على آخر السنادي و‬
‫أنا لسه فاضلي سنتين في الكلية ‪ ،‬و كمان موضوع فرق الكليات دا هو خريج حقوق و أنا صيدلة و إنت عارف نظرة المجتمع و كالم الناس و‬
‫كمان ها يبقى جواز صالونات تقليدي و أنا كان نفسي أتجوز بطريقة مختلفة‬

‫‪-‬نضال بحنان‪:‬‬
‫بصي يا هناء الحديث بيقول "إذا جاءكم من ترضون دينه و ُخلقه فزوجوه " و عبد الرحمن أنا أعرفه من زمان و هو حقيقي صاحب دين و‬
‫ُخلق ‪ ،‬نحسبه على ذلك ول نزكي على هللا أحدًا ‪ ،‬هو دا الشخص اللي هاأديله عنيا و حتة مني و أنا مطمن إنه هايصونها ‪ ،‬حتة الجواز في‬
‫الدراسة دي ‪ ،‬أنا حقيقي مش شايف فيها أي مشكلة ‪ ،‬هو بس موضوع الخلفة و إنتم تتفقوا سوا على تأجيله لحد ما تخلصي دراستك ‪ ،‬إنما أي‬
‫حاجة تانيه فماتقلقيش منها ‪ ،‬ماتفكريش إن الجواز هايعطلك عن المذاكرة و يخلي مستواكي في الدراسة يقل ‪ ،‬ل إطالقًا ‪ ،‬هاتتفاجيء إنه بيزيد‬
‫و إنك بتذاكري بنفس و راحة أكتر ‪ ،‬هو هايبقى جنبك داي ًما يشجعك ‪ ،‬و هايساعدك في كل حاجة ‪ ،‬عبدالرحمن حكى معايا كتير يا هناء ‪ ،‬هو‬
‫عايز يسكن لزوجه و زوجه تسكن ليه فعمره أبدًا ماهيقف فـ طريق نجاحك ‪ ،‬ألن نجاحك هايبقى من نجاحه ‪ ،‬على فكرة إنت لو اتجوزتي على‬
‫آخر السنادي ‪ ،‬إنت هاتقولي بنفسك ياريتني اتجوزت من زمان ‪ ،‬هاتحسي إنك أخدتي كل حاجة ‪ ،‬إنت دلوقتي حابسه مشاعرك و قافله على‬
‫نفسك لكن أكيد سعات بتحسي إنك نفسك تطلعيها بقى و تقوليها لحد ‪ ،‬هو هايبقى السند و المحفز و الحبيب ‪ ،‬حقيقي هاتبقي سعيدة بإذن هللا ‪ ،‬و‬
‫هاتقدري بسهوله جدًا بحكمتك توازني ما بين واجباتك في البيت كزوجة و بين مذاكرتك ‪ ،‬ثم قال بمزاح ‪:‬‬
‫و كمان أنا عارف بنات الجامعة وقت المتحانات و ضغط المذاكرة بتالقي الرومانسية عندهم زادت يا عيني و البنت فيكم بتبقى لو اتقدملها‬
‫وقت المتحانات نجار حتى ها تنسى أحالمها و توافق عليه ‪ ،‬و بتبقوا خالص سايحين ع اآلخر ‪ ،‬إنما إنت لو اتجوزتي ‪ ،‬خالص بقى وقت ما‬
‫تطلب رومانسية ابقى حبي فـ جوزك يا ستي براحتك ‪.‬‬
‫اعتدل في جلسته ثم أكمل بجدية‪:‬‬
‫لكن موضوع فرق الكليات دا فأنا زعالن منك عشان فكرتي فـ حاجة زي دي ‪ ،‬حتى لو إنت مابتعترفيش بالفروق دي لكن بتقولي كدا عشان‬
‫كالم الناس فدا مش صح خالص ‪ ،‬بصي يا هناء مفيش عالقة ما بين الكلية اللي اإلنسان بيدرس فيها و عقليته و تفكيره و ثقافته ‪ ،‬اللي بيدخل‬
‫كلية عاليه فدا بسبب مجموعة في مرحله معينه ممكن بعدها يهبط و يبقى إنسان فاشل و مش بيثقف نفسه و عقليته لسه عقلية طالب ثانوي ‪،‬‬
‫بينما واحد تاني ربنا قدر ليه يدخل كلية عادية لكنه اشتغل على نفسه و قرأ و تفوق في مكانه و ثقف نفسه و بقى إنسان موزون و ليه عقليه‬
‫تُحترم ‪ ،‬و عبد الرحمن رغم إنه لسه يادوب بادئ شغل كمحامي إل إنه بقى مشهور ألنه شاطر و واعي و اكتسب سمعة طيبة ألنه مابيقبلش إل‬
‫القضايا اللي متأكد إن صاحبها على حق و مظلوم لكن أي قضية يشم فيها ريحة أي حاجة حرام بيبعد عنها دوغري ‪ ،‬و حتة بقى جواز‬
‫أصال بالنسبالي الطريقة الصحيحة في الجواز ‪ ،‬واحد ابن ناس‬‫ً‬ ‫الصالونات التقليدي و الحوارات دي فأنا حقيقي مش شايف أي عيب فيه ‪ ،‬دا‬
‫عايز يعف نفسه و يسكن إلى زوجة سمع عن أدبك و أخالقك و حس إنك نعم الرفيقة فقام جي و دخل البيت من بابه و قعد معاكي في النور‬
‫وسط أهلك ‪ ،‬و إتعرف عليكي فـ بيتك و إنت أميرة معززة مكرمة ‪ ،‬الحب الحقيقي يا هناء هايجي بالرأفة و الرحمة و العشرة بعد الجواز ‪ ،‬أما‬
‫تتقوا ربنا و تحافظوا على بعض لحد ربنا ما يجمع بينكم في الحالل ساعتها هايباركلكم في حياتكم أوي و يخلي الحب بينكم يكبر و يبقى فيه‬
‫تفاهم و اتصال بينكم و عمر الحب الحالل ما يقل ول يروح أبدًا ‪ ،‬أنا شايف عبد الرحمن نعم الزوج و كمان حاسه شبهك و متماشي مع‬
‫شخصيتك ‪ ،‬فكري كويس و قرري على مهلك و افضلي صلي استخاره برضه ‪.‬‬
‫‪-‬هناء براحه ‪:‬‬
‫ربنا يريح بالك و يخليك ليا يا نضال ‪ ،‬طمنتني أوي و هللا ‪ ،‬و رأيك فرق معايا جدًا ‪ ،‬ها أصلي استخارة كل يوم لحد ما نرد عليه و ربنا يقدر‬
‫الخير‬
‫‪........ ........ ........‬‬
‫طويال ‪ ،‬المركز الطبي ‪ ،‬كان من أكبر المراكز الخيرية في الوطن العربي ‪ ،‬يشمل كافة‬ ‫ً‬ ‫بتوفيق من هللا ‪ ،‬أتم نضال مشروعه الذي حلُ َم به‬
‫التخصصات الطبية و يعمل به أمهر األطباء و به أفضل األجهزة ‪ ،‬كان بنائًا ضخ ًما ‪ ،‬استغرق نضال في إعداده ليخرج على تلك الصورة‬
‫يقرب من سبع سنوات ‪ ،‬وضع به كل أمواله المدخرة ‪ ،‬شاركت معه جهاد أيضًا بأموالها التي اكتسبتها من سنوات عملها ‪ ،‬و‬ ‫الرائعة ما ُ‬
‫ساهمت كافة أسرة نضال و كذلك أصدقائه وغيرهم في ذاك المشروع‪ ،‬كـان هدف نضال من هذا المشروع مساعدة الفقراء و معالجتهم بطريقة‬
‫آدمية تليق باإلنسان مقابل مبلغ مادي ضئيل جدًا ‪ ،‬أو مجانًا تما ًما لمن ل يمتلك أي أموال ‪ ،‬لجأ إلى هذا المركز أُناس من كافة أنحاء الجمهورية‬
‫للحصول على الرعاية الطبية الفائقة و المعاملة الحسنة من أُناس ترى الجنة في وجوههم ‪ ،‬فقد حرص نضال على أن يكون كل األطباء في هذا‬
‫المركز على خلُق و دين ‪ ،‬فكانت ألسنة و قلوب كل من يدخل إلى هذا المكان تدعو إلى نضال و من شاركه في هذا العمل‪.‬‬
‫‪......... ........ .......‬‬
‫فجرا ‪ ،‬جلست على السرير ‪ ،‬ثم نظرت‬
‫مضت ثالث سنوات على مولد أنس و ها هي جهاد في بداية حملها الثاني ‪ ،‬استيقظت الساعة الثانية ً‬
‫إلى زوجها النائم و أخذت تناديه‪:‬‬
‫نضـال ‪ ،‬يا نضال ‪ ،‬اصحى يا نضال‬

‫‪-‬أخذ نضال يستفيق و هو ينظر لها ‪ ،‬قال بنبرة نائمة‪:‬‬


‫إيه يا جهاد ‪ ،‬مالك يا حبيبتي ‪ ،‬إيه مصحيكي دلوقتي‬

‫‪-‬جهاد و هي تنظر إليه و تقول ببراءة ‪:‬‬


‫أنا بتوحم يا نضال‬

‫‪-‬نضال و قد وضع يده على وجهه و أصدر صوتًا كأنه يبكي‪:‬‬


‫إلطف بيا يارب ‪ ،‬أنا راضي و صابر يارب بس معتش مستحملها ‪ ،‬هاتموتني مشلول بسبب عمايلها ‪ ،‬أنا طول عمري بخافك و بتقيك يارب ‪،‬‬
‫مش عارف ذنب إيه العظيم دا اللي بتعاقب بيها عليه ‪ ،‬ولو هي من باب إن هللا إذا أحب عبدًا ابتاله ‪ ،‬فأنا محتسب األجر و الثواب عندك يا‬
‫كريم بس صبرني عليها ‪ ،‬ثم نظر إليها و قال بغيظ‪:‬‬
‫أقوم أفتح الغاز في الشقة و نموت مخنوقين كلنا يا جهاد عشان أرتاح منك ‪ ،‬فيه واحدة عاقلة تصحي جوزها نص الليل عشان بتتوحم ‪ ،‬يا جهاد‬
‫إنت كرهتيني في العيال و خلفتهم‬

‫‪-‬جهاد و هي تكتم الضحك بصعوبة و تتظاهر بالحزن ‪:‬‬


‫ً‬
‫أصال دا ميعاد قيام الليل ‪ ،‬يعني كنت‬ ‫كدا يا نضال يهون عليك تسيب مراتك حبيبتك تتوحم لواحدها كان لزم أقومك تتوحم معايا ‪ ،‬و بعدين‬
‫هاتصحى كدا كدا‬

‫‪-‬نضال بنفاذ صبر‪:‬‬


‫فعال تصدقي لزم أتوحم معاكي برضة ‪ ،‬منا بشوف أيام حملك دا بالوي سودا و حرفيًا كأن أنا اللي ببقى حامل ‪ ،‬المهم قوليلي يا قدري‬ ‫ً‬
‫بتتوحمي على إيه ‪ ،‬و قس ًما باهلل لو على مخلالت شبه أيام أنس ألكون مانعه عنك لألبد عشان إنت قرفتيني بيه ‪.‬‬
‫‪-‬جهاد بضحك ‪:‬‬
‫ل أنا عاملة حسابي و جايبة كل أنواع الحوادق ‪ ،‬أنا بتوحم المرادي على موتوسيكل‬

‫‪-‬نضال بدهشة و صوت مرتفع‪:‬‬


‫نعم يا أختي !! موتوسيكل و دا الهانم عايزاة مشوي ول مقلي ‪ ،‬هو إنت لسعتي يا بنتي ‪ ،‬العيال دول بياخدوا من عقلك ول إيه‬

‫‪-‬جهاد بجدية مصطنعة‪:‬‬


‫أنا مابهزرش على فكرة ‪ ،‬أنا نفسي أركب موتوسيكل‬

‫‪-‬طب و دا أجيبهولك إزاي بس يا بنتي و تركبيه فين و إزاي‬

‫‪-‬إنت زي الشاطر كدا تأجرلنا موتوسيكل و إنت بتعرف تسوق ‪ ،‬و أنا أركب وراك بس عايزة أقعد وراك شبه ما إنت قاعد ‪ ،‬مش عايزة أقعد و‬
‫رجليا اإلتنين في جنب واحد‬

‫‪-‬نضال بعصبية‪:‬‬
‫إنت بستعبطي ول حاجة ‪ ،‬عايزة تركبي شبه الرجاله في الشارع‬

‫‪-‬بص أنا عندي فكرة حلوه ‪ ،‬إنت تأجره من بكرا بالنهار و تقول لصاحبة إنك هاتجيبهوله تاني يوم الصبح ‪ ،‬و نطلع إحنا بقى بيه بكرا الفجر ‪،‬‬
‫ً‬
‫أصال‬ ‫الشوارع بتبقى فاضية ‪ ،‬سوق بيا على الطريق اللي جنب البحر لو حتى نص ساعة بس ‪ ،‬و أنا و هللا ها أبقى لبسة واسع جدًا و‬
‫ً‬
‫أصال في الشتا و طريق البحر بيبقى فاضي‬ ‫مابيبقاش فيه حد في المكان دا الفجر خالص و إحنا‬

‫‪-‬يا سالم ع التخطيط يا أختي ‪ ،‬و بالنسبة حضرتك لبنك اللي عنده تلت سنين دا ‪ ،‬هانسيبه كدا لواحده ‪ ،‬بقولك إيه هللا يسترك إعقلي‬

‫‪-‬ماما و فاء بقالها كتير نفسها أنس يبات معاها يوم ‪ ،‬نوديهولها بكرا ‪ ،‬ثم قالت بحزن مصطنع ‪:‬‬
‫عشان خاطري وافق ‪ ،‬أل الوحمة تطلع في وش ابننا و يبقى مرسوم على جبهته موتوسيكل‬

‫‪-‬نضال باستسالم ‪:‬‬


‫بصي أنا ها أعملك اللي إنت عايزاه و أمري هلل ‪ ،‬منا بحبك جاتك القرف و كمان عشان أرتاح من زنك‬

‫‪-‬جهاد بسعادة و هي تقبله‪:‬‬


‫ربنا مايحرمني منك أبدًا ‪ ،‬أنا بموت فيك و هللا ‪ ،‬يال بينا بقى نصلي القيام‬

‫‪-‬نضال بمكر ‪:‬‬


‫أيوا طبعًا ها نصليه ‪ ،‬دا أنا هانفخك النهارده و ها نصلي بأربع أجزاء مش بس اتنين ‪ ،‬يال انجري قدامي‬

‫""الفصـل الخامس و الثالثـون ""‬

‫يا أهــل الجنة ‪. . .‬‬


‫هــل رضيتــم ؟‬
‫‪............ ........... ...........‬‬
‫استيقظت جهاد ذات ليلة بعد منتصف الليل ‪ ،‬كانت تشعر بانقباضات و آلم بسبب الحمل ‪ ،‬قررت القيام و الخروج من الغرفة حتى ل تُوقظ‬
‫مبكرا على موعدهم اليومي لقيام الليل ‪ ،‬خرجت بهدوء ثم أغلقت الباب ‪ ،‬و بمجرد أن خرجت سمعت صوتًا‬ ‫ً‬ ‫نضال بتأوهاتها ‪ ،‬و الوقت لزال‬
‫قاد ًما من غرفة أنس المجاورة ‪ ،‬دُهشت مما سمعت ‪ ،‬اقتربت من الباب بهدوء و فتحته و دخلت لتتفاجأ باإلعجاز ‪ ،‬أنس يتلو ما يحفظ من‬
‫القرآن و هو نائم ‪ ،‬كان طفلها نائ ًما على جانبه األيمن كما عودته و تعلو البراءة مالمحة و يردد القرآن بصوت به عذوبة األطفال و إتقان‬
‫الكبار ‪ ،‬رغم صغر سنه و أنه بالكاد تعلم الكالم ‪ ،‬إل أن جهاد و نضال حرصا منذ بدايات نطقه على تحفيظه للقرآن فساعده ذلك على البالغة ‪،‬‬
‫أتم اآلن حفظ ثلث القرآن و هو لزال في الثالثة و النصف من عمره و يحفظه بقراءة مجودة كما علمه والداه ‪ ،‬كان نجيبًا جدًا و يجد سهوله في‬
‫الحفظ و أيضًا حرص أبواه على تربيته تربية إسالمية فكان لذلك أثر كبير على كافة تصرفاته ‪ ،‬كان نضال يحاول التعامل معه كأنه رجل بالغ‬
‫حتى يزرع داخلة المسؤولية و النضج منذ الصغر ‪ ،‬اتبعا م ًعا أصح السبل في التعامل مع طفلهم فكان أية حقًا و مصدر إعجاب لكل من يراه ‪،‬‬
‫كان يلعب بطريقة طفولية لكنها وديعة و راقية ‪ ،‬تنير البسمة وجهه دو ًما ‪ ،‬يستحيل أن يصافح امرأة غير من يجوز له مصافحتهم عند البلوغ‬
‫كما علمته والدته ‪ ،‬كان يحفظ سير الصحابة التي يحكيها له والده ‪ ،‬كان نعم الذرية حقًا ‪ ،‬كان الجميع يشهد لجهاد و نضال أنهما يُحسنا تربيته و‬
‫تأثرا ‪ ،‬أخذت تشكر هللا بقلبها ‪ ،‬ثم خرجت بهدوء و‬
‫تهذيبه كما لم يفعل أحد مثلهم من قبل ‪ ......‬وقفت جهاد تنظر إلى صغيرها و هي تبكي ً‬
‫شكرا للرحمن ‪ ،‬ظل الطفل يتلو القرآن‬
‫ً‬ ‫أيقظت نضال ليرى معها جمال ما يحدث ‪ ،‬دخال معًا غرفة صغيرهما مجددًا و وقفا متالصقين يبكيان‬
‫ً‬
‫كامال ثم صمت و ابتسم و هو في نوم عميق ‪ ،‬خرجا أبواه م ًعا و كل جوارحهم تبوء بالحمد هلل ‪ ،‬و قررا أن يقضيان الليلة بأكملها‬ ‫حتى أتم جز ًء‬
‫شكرا على فضله و نَعمائه ‪.‬‬
‫ً‬ ‫قيا ًما بين يدي الرحمن‬
‫‪.......... ......... .........‬‬
‫استكملـت جهاد أشهر حملها الثاني و حان موعد الوضع ‪ ،‬ذهبت إلى الطبيبة التي وضعت أنس عندها و كان نضال معها في الداخل أثناء‬
‫الوضع و لم يتركها كما فعل يوم أنس ‪ ،‬وضعت جهاد تلك المرة مولوده رائعة تحمل الكثير من مالمحها ‪ ،‬حملها نضال بين يديه بسرور جم و‬
‫عيناه تفيضان بالدمع و راح يؤذن في أذن صغيرته بصوته العذب ‪ ،‬أصر نضال على تسميتها جهاد على اسم حبيبته و فتاته األولى ‪ ،‬كأنه أراد‬
‫لكل أنثى في حياته أن تحمل اسم زوجته و تصبح مثلها ‪.‬‬
‫‪........... .......... ..........‬‬
‫كانت جهاد تجلس و هي تحمل جهاد الصغيرة بين يديها و تضع رأسها على كتف زوجها الجالس بجوارها و يحمل أنس على قدمه ‪ ،‬جلستهم‬
‫يوما واحدًا منذ فعالها أول مرة بعد زواجهما حتى أنها صارت مقدسة عند‬
‫اليومية تلك في الشرفة وقت غروب الشمس ‪ ،‬لم يقطعا تلك العادة ً‬
‫أنس كما هي عند والديه ‪ ،‬أخذت السماء تمطر أثناء جلوسهم فكان المشهد رائعًا ‪ ،‬قالت جهاد بسرور مما ترى من تساقط األمطار في البحر‬
‫أثناء غروب الشمس‪:‬‬
‫يااااه ! هو فيه حاجة في الدنيا دي أجمل من المطر‬

‫‪-‬أجاب نضال سريعًا بنبرة متأكدة و عفوية و هو يشدد قبضته على كتف زوجته و يضمها إليه‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬مطر إيه دا اللي يبقى أجمل منك‬ ‫إنت يا جهاد ‪ ،‬إنت أجمل حاجة فـ الدنيا دي ‪ ،‬إنت الجمال الوحيد اللي فـ الدنيا‬

‫‪-‬جهاد بتأثر شديد و عشق‪:‬‬


‫نضااااال !! أنا بموت فيك ‪ ،‬إنت داي ًما بتعرف تبهجني بنفسي كأنثى ‪ ،‬بتلعب على أوتار قلبي بجمال كالمك دا ‪ ،‬داي ًما محسسني إن األرض‬
‫ماعلهاش غيري ‪ ،‬مع كل كلمة حلوه بتقولهالي بتكسف و وشي بيحمر بس كسوف ممتع و مبهج ‪ ،‬ربنا يباركلي فيك يارب ‪.‬‬

‫نضال بحب‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬يا جهاد إنت أنثى‬ ‫أنا مش ببالغ فـ كالمي ليكي يا جهاد و هللا ‪ ،‬إنت كدا ً‬
‫فعال ‪ ،‬و كسوفك اللي مش بيروح دا مهما طالت السنين بيدوبني‬
‫قاتلة أقسم باهلل ‪ ،‬إنت خلتيني أعشقك لدرجة ماتتخيلهاش ‪ ،‬كل تفصيله صغيرة فـ شخصيتك عايزة تتحب لواحدها ‪ ،‬ثم قال بمزاح و هو يهمس‬
‫في أذنها ‪:‬‬
‫و إتلمي بقى و ماتتكلميش دلوقتي خالص ‪ ،‬عشان مانبوظش أخالق الولد ‪ ،‬يا إما ها ألغي القعدة دي و ندخل نشوف أخبار األقصى و تحريره‬

‫‪-‬جهاد بهمس و حياء‪:‬‬


‫يا حبيبي ها أفضل طول حياتي أقولك إنك قليل األدب و مش ها تتغير و تتلم أبدًا‬

‫‪-‬نضال ببسمه ماكره‪:‬‬


‫و أنا ها أفضل أقولك عارف ‪ ،‬و بعدين أتلم إزاي بس و إنت جنبي و معايا‬
‫‪.......... ......... .........‬‬
‫جهاد و هي تجلس بتثاقل على األريكة بجوار نضال‪:‬‬
‫آآه ‪ ،‬بنتك دي حاجة فظيعة دوختني على ما نامت ‪ ،‬البت شقية و رغاية بشكل بشع دا أنس أهدى منها‬

‫‪-‬نضال و هو يمسكها من خديها‪:‬‬


‫جهاد شبهك تمام يا حبيبتي ‪ ،‬نفس شقاوتك و تنطيطك و عنادك ‪ ،‬و دي أكتر حاجة بسطاني‬

‫‪-‬جهاد بنفي‪:‬‬
‫شبه مين يا عم وحد هللا ‪ ،‬دا أنا حتى هادية جدًا‬

‫‪-‬نضال ضحك‪:‬‬
‫هاديه ! بقى مقالبك و جريك و تنطيطك دا كله و تقولي هادية ‪ ،‬يا شيخه مش كدا دا إنت جننتيني بعمايلك‬

‫‪-‬جهاد و قد انفجرت ضح ًكا‪:‬‬


‫ع أساس إنك مش كدا إنت كمان ‪ ،‬بص إحنا التنين أهبل من بعض و الحمد هلل إننا كدا ‪ ،‬تعرف لو حد مننا كان شريكة هادي ماكناش‬
‫هانستحمل بعض يا عم و هللا ‪ ،‬كنا هانلبس من أول حركة مجنونه‬

‫‪-‬ههههههه ‪ ،‬ربنا يديمها علينا نعمة و يحفظها من الزوال ‪ ،‬بيني و بينك الحياة ماتستقيمش أصال لو كلها جد و عقل كدا ‪ ،‬ها تبقى حاجة ل‬
‫تُطاق و كلها مشاكل‬
‫‪-‬جهاد باهتمام كأنها تذكرت أمر ما‪:‬‬
‫سيبك م الكالم دا دلوقتي و إحكيلي الحلم بتاع إمبارح يا باشا ‪ ،‬أنا صحيت و إنت بتتكلم معاهم كالعادة بس نمت تاني على طول و ماركزتش ‪،‬‬
‫إنت كنت مع مين المرادي‬

‫‪-‬نضال بحب‪:‬‬
‫الحبايب كلهم كانوا معايا إمبارح ‪ ،‬حبيبي رسول هللا و أبو بكر و عمر و بالل ‪ ،‬و أنا كنت في نصهم يا جهاد ‪ ،‬اتكلموا معايا في حاجات كتير‬
‫و حكينا سوا بفضل هللا‬

‫‪-‬جهاد بتأثر‪:‬‬
‫هللا يا نضال بقى ‪ ،‬أنا متغاظة يا نضال أنا ماحلمتش بالنبي غير تلت مرات بس و إنت بتحلم بيه كتير و بالصحابة‬

‫‪-‬نضال بمزاح‪:‬‬
‫صحبتي و أُنسي يا جهاد ‪ ،‬قلبي مايستحملش مايقابلهومش على طول و بعدين ما إنت حلمتي بسيدنا موسى يا‬
‫بطلي قر يا جهاد ‪ ،‬و بعدين دول ُ‬
‫أختي و أنا ل‬

‫‪-‬جهاد بعشق‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ‪ ،‬أنا بحبه ‪ ،‬بحبه أوي و متعلقة‬ ‫سيدنا موسى ! يا ابني الحمد هلل إن ربنا حققلي الدعوة دي و خالني حلمت بيه ‪ ،‬أنا كنت هاتجنن و أشوفه‬
‫جدًا بيه ‪ ،‬إنت مدرك جمال كالم ربنا ليه ‪ ،‬لما يقوله "" ولتصنع على عيني"" ‪"" ،‬واصطنعتك لنفسي""‬
‫‪"" ،‬إني اصطفيتك على الناس برسالتي و بكالمي"" ‪"" ،‬و أنا اخترتك فاستمع لما يوحي"" ‪ ،،‬شايف جمال الخطاب يا نضال ‪ ،‬كالم يشيب‬
‫من حالوته و هللا ‪ ،‬أنا جسمي بيقشعر و أنا بقرا كل األيات دي ‪ ،‬خطابات حنينه و تدخل القلب أوي ‪ ،‬األيات دي خلتني متعلقة بيه أوي لحد ما‬
‫حلمت بيه الحمد هلل ‪ ،‬ربنا بيقول لواحد أنا صانعك لنفسي و على عنيا ‪ ،‬إيه العظمة دي‬

‫‪-‬تعرفي بقى أنا نفسي أحلم بإيه كمان ‪ ،‬نفسي أوي أوي أحلم بالجنة ‪ ،‬نفسي ربنا يوريني منها أي حاجة عشان أشتاق ليها أكتر و أكتر ‪ ،‬نفسي‬
‫أشوف منها أي حاجة عشان دماغي تعبت من الجتهاد في تخيل جمالها ‪ ،‬نفسي أشوفها عشان أتعلق بيها أوي و تبقى قدام عيني قبل ما أعمل‬
‫أي حاجة ممكن تبعدني عنها ‪ ،‬و نفسي الجنة هي كمان تشتاقلي زي أنا ما بشتاقلها ‪ ،‬يااه يا جهاد لما بتخيل إننا دخلنا الجنة و خالص ال ُحجب‬
‫هاتُكشف و نرى ربنا ‪ ،‬موقف عظيم تخيلي كدا إحنا واقفين كلنا و ربنا بيكلمنا و يقولنا يا أهل الجنة هل رضيتم و إحنا نرد و نقوله و مالنا ل‬
‫نرضى و قد بيضت وجوهنا و أدخلتنا الجنة ‪ ،‬و لما نطلب بقى إننا ننظر لوجهه الكريم و يأذن لينا بذلك و تُكشف الحجب ‪ ،‬أحلى لذة إتخلقت‬
‫النظر لوجه الكريم ‪ ،‬و هللا دماغي بتقف عن التفكير عند الموقف دا مابتبقاش عارفة تستوعب جماله ‪ ،‬ببقى بقول لنفسى ‪ ،‬بقى أنا ها أشوفه ‪،‬‬
‫أنا ها أشوف حبيبي ‪ ،‬عيني دي هاتبصله ‪ ،‬ها أكلمه و يكلمني في الجنة ‪ ،‬يااااه ‪ ،‬يارب ماتحرمني منها يارب أبدًا ‪ ،‬لإرادي كل ما أتخيل‬
‫الموقف أو أقراه لزم أعيط و أحس إني ها أموت من الشوق يا جهاد ‪ ،‬ثم وضع يده على وجهه و بكى شوقًا و كذلك جهاد بكت منذ بداية حديثة‬
‫فهي تشعر بكل ما يشعر به و تعلم أن لذة النظر لوجه الكريم أعظم من لذة الجنة نفسها‪.‬‬
‫‪........... ......... .........‬‬
‫عصرا في أحد األيام ‪ ،‬دخل المنزل فتعجب لعدم خروج جهاد إليه لتعانقه عند الباب كما تفعل كل يوم ‪ ،‬توجه للداخل و‬ ‫ً‬ ‫عاد نضال من عمله‬
‫أخذ يبحث عنها فلم يجدها ‪ ،‬و أطفاله كذلك غير موجودين فهم اليوم عند والده و والدته منذ الصباح و لن يعودوا إل عند المغرب ‪ ،‬أخذ يتساءل‬
‫ظهرا تقريبًا ‪ ،‬هاتفها فلم تجب ‪ ،‬أحس باختناق شديد و بأن المنزل‬
‫ً‬ ‫مبكرا في الواحدة‬
‫ً‬ ‫أين تكون زوجته فهي تنتهي من محاضراتها في الجامعة‬
‫باتساعه أصبح ضيقًا جدًا لعدم وجودها فيه ‪ ،‬كان يشعر بالتوهان و بدأ يتعصب فهو ل يطيق البيت بدون طيفها ‪ ،‬جلس في الصالون ينتظر‬
‫عودتها و هو في حالة سيئة و يشعر بقلق شديد عليها ‪ ،‬و يشتاق لها و ل يستطيع فعل شيء ألنها غائبة ‪ ،‬لم يطل انتظاره و إذا بها تدخل و‬
‫السعادة تبدو على وجهها ‪ ،‬قام إليه و هو في حالة غاضبه نادر أن تراه عليها ‪ ،‬قال بغلظة‪:‬‬
‫إنت كنتي فين يا جهاد لحد دلوقتي‬
‫‪-‬جهاد ببسمة‪:‬‬
‫قابلت صاحبتي صدفة يا نضال ‪ ،‬ماكنتش شوفتها بقالي تقريبًا سبع سنين ‪ ،‬فرحانه جدًا إني شوفتها و هللا‬

‫‪-‬نضال بعصبية‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال ماإتربتيش على معرفة قيمة الراجل و تقديره ‪ ،‬أهلك نسوا يعلموكي إنك المفروض تستأذني جوزك األول و تعرفيه إنت رايحة فين‬ ‫إنت‬
‫و جايه منين ‪ ،‬ما هم لو عارفين قيمة الراجل كانوا فهموكي‬

‫‪-‬نظرت إليه جهاد بأعين دامعة نظرات معاتبة ثم نظرت في األرض و قالت‪:‬‬
‫أنا أبويا راجل بسيط يا نضال رباني على قد علمه و لما اتقدمتلي هو شاف فيك الخير و إنك هاتكمل التربية اللي هو بدأها ‪ ،‬أما أعمل حاجة‬
‫غلط ماتهينش اإلنسان العظيم اللي رباني و وثق فيك لكن علمني إنت الصح و أنا هانفذ‬

‫دلوا من الماء البارد فاقترب منها و مسح دمعاتها بيده و قال‪:‬‬


‫‪-‬نضال وكأن أحدهم قد سكب عليه ً‬
‫ل يا جهاد إنت أهلك ربوكي أحسن تربية و علموكي كل حاجة ‪ ،‬أنا اللي ما اتربتش يا جهاد ‪ ،‬ثم قبل رأسها و ضمها و هو يبكي‬

‫مر األمر بسالم و عادا الحبيبان كما هما دو ًما ‪ ،‬نضال و هو يجلس بجوار جهاد على الفراش ً‬
‫ليال‪:‬‬
‫ماقولتليش صحيح ‪ ،‬صاحبتك مين بقى اللي قابلتيها النهارده‬

‫‪-‬جهاد بسعادة ‪:‬‬


‫إسراء‬

‫‪-‬إسراء مين دي‬

‫‪-‬جهاد بحب‪:‬‬
‫دي يا سيدي صاحبتي من أولى ثانوي ‪ ،‬بحبها أوي و بنتكلم على التليفون أو ع الفيس على طول بس كان بقالنا كتير ماإتقابلناش و أنا لما‬
‫شوفتها النهارده صدفة ماكنتش مصدقة نفسي ‪ ،‬تعرف إسراء دي من الناس اللي قربت تختفي من الدنيا ‪ ،‬بنت أجدع من ميت راجل بجد ‪،‬‬
‫عمرها ماتخبي كلمة الحق أبدًا حتى لو هاتنضر بسببها ‪ ،‬و بتساعد طوب األرض ‪ ،‬محترمة جدًا و روحها حلوة و مرحه و ممكن تقصف جبهة‬
‫مصر كلها فـ خمس دقايق ‪ ،‬عليها دماغ جبارة ‪ ،‬و إنسانة يُعتمد عليها و تتصاحب بجد ‪ ،‬من كنوز حياتي هي و هللا‬

‫‪-‬نضال بخبث‪:‬‬
‫و على كدا هي حلوة بقى‬

‫‪-‬جهاد بعفوية‪:‬‬
‫دي قمر ما شاء هللا‬
‫‪-‬نضال بمكر ‪:‬‬
‫طاب أنا عايز أشوفها ‪ ،‬هي متجوزة؟‬

‫‪-‬جهاد بعدم تركيز ‪:‬‬


‫آه طبعًا ‪ ،‬دي متجوزة من زمان من قبلي بكتير ‪ ،‬ثم قالت بتركيز و صوت مرتفع ‪:‬‬
‫إيه ! عايز تشوفها ‪ ،‬ليه إن شاء هللا‬

‫‪-‬نضال و هو يكتم ضحكه بصعوبة‪:‬‬


‫متجوزة ! يا خسارة ‪ ،‬دا أنا حبيتها من كالمك و كنت هاأتقدملها‬

‫‪-‬جهاد بغيرة و قد أخذت تضرب نضال بيدها‪:‬‬


‫حبتك بومة يا بعيد ‪ ،‬تتعمي قبل ما تبص لواحده غيري يا نضال ‪ ،‬و تموت قبل ما تفكر تتجوز عليا ‪ ،‬دا أنا أشرب من دمك‬

‫‪-‬نضال و قد انفجر ضح ًكا ‪:‬‬


‫آآه بطلي ضرب يا مجنونة هاتموتيني ‪ ،‬أنا بهزر و هللا ‪ ،‬هو أنا مستحملك ياأختي عشان أبص لغيرك ‪ ،‬دا أنا لو يرجع بيا الزمن ها أعيش‬
‫سنجل طول حياتي ول أدبس نفسي التدبيسه دي تاني‬

‫‪-‬جهاد و هي لزالت تضربه بقوة‪:‬‬


‫بتشتغلني و بتشتكي مني يا نضال ‪ ،‬طيب صبرك عليا ‪ ،‬ثم قامت من مكانها و فتحت باب الغرفة و قالت بخبث‪:‬‬
‫عيالك لسه ماناموش ها أجيبهم يربوك ‪ ،‬أخذت تنادي على أنس و جهاد حتى أتيا‬

‫‪-‬قالت جهاد و هي تنظر للصغار بحزن مصطنع ‪:‬‬


‫يا حبايبي إحنا قولنا اللي بيبعد عن صراط ربنا المستقيم بنقوله إيه‬

‫‪-‬الطفالن م ًعا ‪:‬‬


‫نقوله اتق هللا‬

‫‪-‬و لو صمم و ماسمعش الكالم نقوله إيه‪:‬‬


‫اتق مولك إنه يراك ‪ ،‬و نحن نريدك معنا بالجنة‬

‫‪-‬شاطرين يا حبايب ‪ ،‬بصوا بقى باباكم بعد عن الصراط و مش راضي يسمع الكالم فإحنا هانقوله إيه‬
‫‪-‬األطفال و هم ينظرون إلى والدهم ‪:‬‬
‫اتق هللا يا أبتي‬

‫‪-‬جهاد بخبث‪:‬‬
‫اطلعوا جنبه على السرير و افضلوا فكروه و ماتسيبهوش غير أما يتوب عشان أنا تعبت منه و أنا ها أروح أنا أنام في أوضتكم عشان أنا مش‬
‫ها أصالحه غير أما يتقي هللا ‪ ،‬خرجت مسرعة و قفز الطفالن بجوار والدهما و أمسك كل واحد منهما بيده و أخذ يتحدث إليه بأن يتق هللا و‬
‫نضال ل يستطيع الرد عليهم و أخذ يتعجب من جنون زوجته و ندم على إثارة غيرتها ‪ ،‬حاول مع األطفال ليتركوه و لكنهم رفضوا و ظلوا‬
‫يرددون نريدك معنا بالجنة ‪ ،‬ظل األطفال يتحدثون إليه ول يسمحون له بالخروج ساعة كاملة حتى نعسوا و ناموا ‪ ،‬تركهم على فراشة و توجه‬
‫إلى غرفتهم فوجد جهاد نائمة على فراش أنس و تغط في نوم عميق ‪ ،‬ابتسم بخبث ثم خرج بهدوء و توجه إلى الثالجة و أحضر زجاجة ماء‬
‫بارده و توجه إليها مرة أخرى ليوقظها بها و ينتقم مما فعلت و ليضحكان معًا قبل أن يناما ‪ ،‬حتى يكون لليوم لذة‪.‬‬

‫""الفصل السادس و الثالثون""‬

‫تعاهدنـا علـى الجنـة ول غيرهـا نرضى ‪ ،‬من كـان مبتغاه الرحمـن و جنتـه لن يمنعـه شيء من لقاء أحبته ول حتى الموت ‪. . . .‬‬

‫‪.......... .......... ..........‬‬


‫جهـاد الصغيرة و هي تُقبل على والدهـا ‪:‬‬
‫أبتي ‪ ،‬أبتي‬

‫‪-‬نضال و هو يحملها بين يديه‪:‬‬


‫عيونه يا جهادي‬

‫‪-‬جهاد ببراءة و هو تضم حاجبيها‪:‬‬


‫أنا نسيت ماما كانت قاياللي نرفع إيدينا عند إيه و إحنا بنصلي ‪ ،‬قولي إنت تاني‬

‫‪-‬األب بحب ‪:‬‬


‫بصي يا حبيبتي إحنا بنرفع إيدينا قصاد ودانا كدا ‪ ،‬أول حاجة لما بنكبر فى أول الصالة خالص و بعدين لما نيجي نركع و نقول هللا أكبر‬
‫بنرفعها برضة و لما نتعدل من الركوع و نقول سمع هللا لمن حمده نرفعها إنما الباقي بنقول هللا أكبر بس من غير ما نرفع إيدينا ‪ ،‬و فاضل‬
‫مثال و خلصتي أول ركعتين و قعدتي تقولي نص التشهد أما تقومي تقفي تاني بقى عشان تصلي تالت ركعة‬ ‫حاجة كمان لو إنت بتصلي الضهر ً‬
‫بترفعي إيدك برضه بس كدا ‪ ،‬فهمتي؟‬

‫‪-‬أيوه ‪ ،‬شكرا يا أبتي‬


‫‪.......... .......... .........‬‬
‫تزوجت هناء من عبد الرحمن ‪ ،‬و أنجبت وسام حمزة ثم إيمان ‪ ،‬التحق أنس بالمدرسة و بدأ نضال يخطط لمشروع جديد مع جهاد ‪ ،‬عرضوا‬
‫الفكرة على فارس و وسام و هناء و عبد الرحمن ففرحوا بها جميعًا ‪ ،‬كان المشروع عباره عن افتتاح مركز ضخم إلفادة شباب األمة ‪ ،‬خططوا‬
‫لـ جعله قسمين منفصلين ‪ ،‬قسم للرجال يتم فيه تحفيظ القرآن و دراسة التجويد و الفقه و السيرة و التوحيد و كذلك تنمية المواهب و تعليم الرسم‬
‫و البرمجيات و الخط العربي و الخطابة و التصوير و إدارة األعمال و الكثير من المهارات األخرى التي يحتاجها الشباب و مكان للقراءة و‬
‫الطالع ‪ ،‬أما القسم اآلخر الخاص بالنساء فكان يضم األشياء الموجودة عند الرجال باإلضافة إلى تعليم أساسيات تربية األطفال و إدارة منزل‬
‫الزوجية ‪ ،‬و كيفية العتناء بجمالهن دون وضع أي مساحيق محرمة ‪ ،‬بدأوا في تنفيذ هذا المشروع الضخم و انتهوا منه خالص سبعة أشهر ‪،‬‬
‫ً‬
‫جاهزا لستقبال الجميع ‪ ،‬كان اإلقبال عليه كبير جدًا من الجنسين ‪ ،‬كل من يسمع عنه يأتي ‪ ،‬كانت إدارة األنشطة المختلفة في قسم‬ ‫و كان‬
‫النساء لجهاد و وسام و هناء و قسم الرجال لنضال و فارس و عبد الرحمن ‪ ،‬و ساعدهم أصدقائهم اآلخرون أيضًا ‪ ،‬بدأوا يزرعون األخالق‬
‫الحسنه بلطف في قلوب الشباب و الفتيات ‪ ،‬أثروا في الجميع و تغير حال الكثيرين إلى األفضل ‪ ،‬و اآلن أصبحت ترى الشباب يجلسون في‬
‫الشارع و في أيديهم المصاحف و يتلون القرآن على بعضهم ‪ ،‬و الفتيات يرتدين الزي الشرعي ‪ ،‬خرج من ذاك المركز كثير من الشباب‬
‫يخطبون في المساجد و يدعون إلى هللا بأخالقهم التي تعلموها و اكتسبوها هناك ‪ ،‬أخذ نضال يتحدث عن فكرة الجهاد في سبيل هللا و يوجه‬
‫العقول لتنظر إلى القضية السورية و الفلسطينية و كذلك فعلت جهاد ‪ ،‬قصوا عليهم التاريخ و دلوهم على ما يحدث هناك ‪ ،‬فأصبح الجميع يحمل‬
‫هم تلك األوطان بعد أن كان ل يتأثر بما يحدث ‪ ،‬بالرغم من الخير الذي يزرعونه في األمة كان هناك أعداء لهذا الخير ‪ ،‬تعرض نضال‬
‫زورا و بهتانًا لمجرد أنه يُحدثهم عن قضايا وطنهم العربي المسلم ‪ ،‬و لكن هللا نجى‬
‫ً‬ ‫للمسائلة لقانونية و التهام بتحريض الشباب على العنف‬
‫عباده الصالحين من تلك القضايا و أظهر براءتهم و شرفهم للجميع ‪.‬‬

‫و فـي فترة من الفترات بعد افتتاح هذا العمل العظيم بثالث سنوات ‪ ،‬تدهورت األحوال السورية أكثر فأكثر و أصبح األمر ل يُحتَمل و ازداد‬
‫قتل األبرياء المؤمنين بوحشية فكان لبد من انتفاضة و وقفة و مساندة و مساعدة من المؤمنين األشقاء ‪ ،‬حينها كان عمر أنس اثني عشر عا ًما‬
‫قرارا كان سببًا في تبديل كل‬
‫ً‬ ‫و جهاد البنة في سن التاسعة و كانت جهاد الزوجة في بداية الشهر السابع من حملها الثالث و حينها قرر نضال‬
‫شيء ‪.‬‬

‫في جلسة عائلية تضم نضال و أسرته و فارس و أسرته و هناء و أسرتها و والداهم ‪ ،‬قال نضال بهدوء في منتصف الحديث‪:‬‬
‫أنا مسافر األسبوع الجاي يا جماعة ‪ ،‬أصابت الدهشة جميع الحاضرين عدا جهاد التي تعلم ما سينوي فعله‬

‫قالت والدته بقلق‪:‬‬


‫مسافر فين يا نضال‬

‫‪-‬نضال بثقة و صوت أجش‪:‬‬


‫مسافر سوريا للجهاد في سبيل هللا ‪ ،‬شهقت و فاء و أُصيب الجميع بصدمة عدا جهاد أيضًا التي التزمت الصمت التام‬

‫‪-‬وفاء بنبرة خائفة‪:‬‬


‫ل يا نضال ‪ ،‬اقعد يا ابني هللا يهديك ‪ ،‬خليك وسطنا يا نضال ‪ ،‬إحنا مانقدرش على فراقك يا ابني ‪ ،‬عايز تموت و تسيبنا يا نضال‬

‫‪-‬نضال بتصميم‪:‬‬
‫الموضوع منتهي يا ماما خالص ‪ ،‬و كل حاجة جهزت ‪ ،‬أنا أعلنتها خالصة هلل خالص ماتحاوليش‬

‫‪-‬هناء و هي تنظر لجهاد‪:‬‬


‫ماتعقلي جوزك و تقعدية يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد بأعين دامعة‪:‬‬


‫ماأقدرش أقوله كلمة تقعده عن نصرة إخوتنا المسلمين ‪ ،‬هو هايأدي فرض ‪ ،‬أنا لول إني حامل و على وش ولده ماكنتش سيبته يروح لواحده‬
‫أبدًا و كنت روحت معاه ‪ ،،،،،،،،،،،‬أدمعت أعين الجميع ليأسهم من إقناعه بعدم الرحيل‪.‬‬

‫قال نضال ليطمئنهم‪:‬‬


‫أنا مش مسافر لواحدي يا جماعة أنا معايا ناس كتير من مصر و كمان فيه ناس كتير خارجة من كل الدول العربية و متفقين على اللقاء فـ‬
‫أرض سوريا األسبوع الجاي ‪ ،‬األعداد اللي خارجة للجهاد كتيرة ها ننتصر بإذن الرحمن و نرفع الظلم عن إخواتنا ‪.‬‬
‫‪......... ......... ........‬‬
‫جهـاد تجلس على الكرسي آمام المرآة تحاول تمشيط شعرها ‪ ،‬كانت تجد صعوبة بالغة باءت العديد من محاولتها بالفشل ‪ ،‬أصابها اليأس و‬
‫التعصب فألقت المشط على األرض بقوة و جلست تحملق لنفسها في المرآة دون أن يهتز لها جفن أو تنطق حرف ‪ ،‬انحنت و أخذت المشط و‬
‫بدأت من جديد المحاولة مرة أخرى ‪ ،‬دخل نضال الغرفة فجأة ‪ ،‬نظر لها بدهشة و قال و هو يقترب منها‪:‬‬
‫مبهدلة شعرك أوي كدا ليه يا حبيبتي ‪ ،‬مانادتيش عليا ليه و أنا أسرحهولك ‪ ،‬إنت مابتعرفيش تعملي فيه حاجة و هاتمليه عقد‬

‫‪-‬جهاد و قد أدمعت عيناها و نظرت لألرض ‪:‬‬


‫لزم أتعلم يا نضال ‪ ،‬إنت مسافر ‪ ،‬أنا لما جيت أتجوز ماكنتش شايله هم إني ها أبعد عن ماما ألني كنت متأكدة إنك هاتغنيني ‪ ،‬ثم قالت بصوت‬
‫مختنق و باكي ‪:‬‬
‫لكن إنت ماشي و ماحدش إيده هاتتحط في شعري بعد إيدك ول حتى ماما ‪ ،‬لزم أتعلم ‪ ،‬لزم أتعلم أبقى لواحدي ‪ ،‬لزم أتعلم أتنفس نص الهوا‬
‫بس و أشوف بعين واحدة و أحس بقلب واحد ‪ ،‬لزم أتعلم أسرح لنفسي و أسمع قرآن لنفسي و أشتري كل حاجة لواحدي و أنام لواحدي و أقوم‬
‫لواحدي ‪ ،‬لزم أحاول أستحمل لزم ‪ ،‬ثم وضعت يدها على وجهها و ارتفع صوت بكائها ‪ ،‬مد نضال ذراعة و أزال يديها عن وجهها و‬
‫أرغمها على القيام من على الكرسي ‪ ،‬وقفت و وجهها ينظر ألسفل ‪ ،‬رفعة بيده ليتحدث لها و لكنه بمجرد أن نظر إلى أعينها الباكية لم يتمالك‬
‫نفسه فسقطت دموعه ثم جذبها إليه بقوة حتى اصطدمت رأسها بصدره ‪ ،‬جعل أصابع يده تتخلل خصالتها حتى جذورها ثم أمسك شعرها بين‬
‫أصابعه بقوة قد تكون مؤلمة و ضغط على رأسها بشدة ثم أحنى رأسه و دفنها في شعرها و أخذت دموعه تروي تلك الخصالت شوقًا و أل ًما و‬
‫حزنًا و عشقًا ‪.‬‬
‫‪.......... ......... .........‬‬
‫قبل موعد السفر بيومان ‪ ،‬جلس نضال بين أسرته و أبنائه و قال موج ًها كالمه ألنس‪:‬‬
‫أنس ! أنا مسافـر و إنت هنا هاتبقى مكاني ‪ ،‬أنا عارف إني سايب ورايا راجل مش عيل لسه داخل أولى إعدادي ‪ ،‬ل أنا واثق فيك ‪ ،‬إنت‬
‫دلوقتي واحد بتحفظ الناس اللي أكبر منك القرآن اللي إنت خاتمة بأربع قراءات و بتخطب الجمعة في المسجد و بتصلي بالناس إمام و بتدير‬
‫المركز مظبوط وقت أنا ما ببقى مشغول ‪ ،‬إنت قاري حوالي سبعين كتاب لحد دلوقتي ‪ ،‬يعني مثقف و واعي و عقليتك تسبق سنك بعشرين سنه‬
‫‪ ،‬أنا سايب ورايا راجل عنده ‪ 30‬سنه مش ‪ 12‬سنة ‪ ،‬إنت سند ماما و أختك و راجلهم دلوقتي ‪ ،‬ماما حامل فـ أخوك خليك جنبها داي ًما و وقت‬
‫الولدة حسسها بوقوفك جنبها و أخوك أما يتولد خليه فـ عنيك و علمه كل اللي علمتهولك ‪ ،‬إنت هاتبقى أبوه هو وجهاد أختك و سند ماما من‬
‫بعدي يا أنس ‪ ،‬ماتخليهومش محتاجين ألي حاجة ول يحتاجوا ألي حد غيرك ‪ ،‬إوعي فـ يوم تزعل حد منهم دول أمانة مني فـ رقبتك ‪ ،‬و أنا‬
‫عارف إنك قد األمانة دي ‪.‬‬

‫‪-‬أنس بأعين دامعة‪:‬‬


‫حضرتك األسد يا أبتي و أنا الشبل ‪ ،‬أنا إتعلمت منك كل حاجة ‪ ،‬علمتني إن النبي هو قدوتي فـ كل حاجة و كبرتني و أنا بتخلق بأخالقه ‪ ،‬أنا‬
‫هاأكون نعم الخليفة ليك ‪ ،‬إنت زرعت فيا فضل و قيمة الجهاد ‪ ،‬أنا مش معترض أبدًا على قرارك ول خايف عليك ‪ ،‬أنا عارف إنك أسد في‬
‫الحق و إنك قوي في سبيل هللا ‪ ،‬و إنك فـ شجاعة الصحابة ‪ ،‬لبي النداء يا أبتي و ماتقلقش علينا أبدًا ‪ ،‬روح و انصرهم و أنا كمان في يوم من‬
‫األيام هاأكون زيك و أخرج للجهاد ‪ ،‬أستودعك هللا يا أبتي ‪ ،‬ثم قام من مكانه و قبل رأس والده و يده و ألقى بنفسه بين أحضانه و بكى ‪ ،‬لم يكن‬
‫يبكي خوفًا و إنما بكى شوقًا ‪.‬‬
‫كـانت جهاد تجلس و تحتضن ابنتها و عيناها تذرفان بصمت بال توقف ‪.‬‬
‫‪....... ......... ........‬‬
‫سيسافر نضال فجر اليوم ‪ ،‬استيقظ من نومه قبل الفجر بنصف ساعة تقريبًا ‪ ،‬جلس على الفراش و نظر إلى زوجته النائمة بجواره ‪ ،‬كانت‬
‫عالمات اإلرهاق و األلم بادية على وجهها من الحمل ‪ ،‬أزال نضال بيده خصالتها عن عنقها المتعرق و جلس يتأملها كأنه يودعها و يريد أن‬
‫يحفر مالمحها في قلبه ‪ ،‬لم يتمالك نفسـه فأخذت دمعاته تتساقط بصمت ‪ ،‬و كأن بينهما اتصال بطريقة ما ‪ ،‬كأنهما يعيشان بقلب واحد و‬
‫يشعران ببعضهما بطريقة غريبة ‪ ،‬استيقظت جهاد و نظرت إلى زوجها مباشرة بمجرد أن فتحت عيناها ‪ ،‬رأت دمعاته على وجنتيه فشعرت‬
‫بانقباض قلبها ‪ ،‬قامت و جلست ثم مدت يدها و مسحت دمعاته بحنان و مررتها في لحيته ‪ ،‬ثم أمسكت بكفه بكلتا يديها بقوة ‪ ،‬كانت تحبس‬
‫دمعاتها بقوة و تضغط على أسنانها حتى ل تضعف و تبكي ألنها تعلم أن دموعها ستكون خناجر في قلبه ‪ ،‬استجمعت كل ما لديها من قوة ثم‬
‫قالت و هي تكاد تسحق كفه بيديها ‪:‬‬
‫نضـال ! أنا متعوده عليك شجاع في سبيل هللا ‪ ،‬بص إحنا جمعتنا طاعة ربنا و اتفقنا على الجهاد من أول مرة اتقابلنا فيها ‪ ،‬إنت خارج في سبيل‬
‫هللا ‪ ،‬محارب ثم منتصر بإذن الرحمن ‪ ،‬إنت هاتروح و ترجعلي يا نضال ‪ ،‬إحنا بقالنا ‪ 12‬سنة بنطلبها من ربنا ‪ ،‬إننا نستشهد سوا ‪ ،‬و أنا‬
‫عندي يقين إنه استجاب لينا ‪ ،‬هو عارف إني ماأقدرش أعيش من غيرك فهايرجعك ليا سالم غانم ‪ ،‬إحنا مش ها نموت غير و إيدينا في إيدين‬
‫بعض يا نضال ‪ ،‬أنا لول ابننا اللي جوايا و هللا ماكنت سايباك لوحدك أبدًا ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بدموع‪:‬‬
‫أنا خايف أروح ماأرجعش يا جهاد ‪ ،‬هاتوحشيني أوي‬

‫‪-‬جهاد و هي تضرب صدره بقوة و تقول بغضب‪:‬‬


‫هاترجعلي يا نضال ‪ ،‬هاترجعلي افهم بقى ‪ ،‬إنت هاتروح تحارب و تنتصر و ترد قبل ميعاد ولدتي ‪ ،‬لزم تكون جنبي ساعتها مش ها أولد‬
‫من غيرك ‪ ،‬ثم انفجرت باكية و قالت‪:‬‬
‫إوعدني ‪ ،‬شاور على قلبك و إوعدني إنك هاتبقى جنبي ‪ ،‬باهلل عليك يا نضال إوعى ماتجليش تاني ‪ ،‬ألقت بنفسها بين ذراعيه و احتضنته بشدة‬
‫حتى كادت تدخل بين أضلعه و بللت ثيابه بدمعاتها الملتهبة ‪ ،‬شدد قبضته عليها و دفن رأسه بها حتى أشبع أنفه من شذاها العطر ‪ ،‬ثم رفع‬
‫رأسه و أبعد وجهها عن صدره و احتضنه بين يديه و قال بقوة ‪:‬‬
‫يا مهجة الفؤاد ‪ ،‬إنت نعمتي في الحياة دي ‪ ،‬أنا لو كدا أخدت نصيبي من الدنيا و ربنا كتبلي الشهادة فأنا حقيقي إتمتعت في الدنيا بوجودك جنبي‬
‫أكتر من أي بشر تاني ‪ ،‬أنا لو ربنا كان بيكافئني بيكي على كل ذرة خير عملتها فهو قس ًما أكرمني أعظم كرم و إداني أكتر من حقي ‪ ،‬إمسحي‬
‫دموعك يا جهاد و ماتعيطيش خالص ‪ ،‬إثبتي على عهدنا يا جهاد ‪ ،‬لو رجعت هانكمل سوا لحد ما نستشهد و لو كُتبت ليا الشهادة فأنا هاأستناكي‬
‫‪ ،‬هاأستناكي في وطنا الحقيقي ‪ ،‬في الجنة ‪ ،‬إحنا بعنا حياتنا هلل ‪ ،‬و أنا خارج بيها على إيدي ليه ‪ُ ،‬رفع أذان الفجر ‪ ،‬فلثم نضال قبلة على جبينها‬
‫ثم ذهب فتوضأ و ارتدى ثيابه سري ًعا ‪ ،‬و هي تجلس مكانها على الفراش تنظر إليه دون أن يهتز لها جفن ‪ ،‬جاء إليها و انحنى يقبل جبينها‬
‫فهبت واقفة و توجهت إلى خزانتها و أخرجت شريط كُتبت عليه شهادة الحق ‪ ،‬فلفته حول معصمه بثبات و قالت ‪:‬‬
‫أستودعك هللا الذي ل تضيع ودائعه ‪ ،‬جاهد على بركة هللا ‪ ،‬ها أستناك و هاترجعلي ‪ ،‬يال عشان الصالة هاتُقام ‪ ،‬قبل رأسها بصمت ثم انحنى و‬
‫التقط حقيبة صغيره ‪ ،‬و ألقى عليها نظرة طويلة ثم خرج و أغلق الباب و مضى للصالة ثم إلى ساح الجهاد ‪.‬‬
‫انفجرت باكية و سقطت على األرض من شدة البكاء ‪ ،‬ثم توقفت فجأة و مسحت دمعاتها بقوة و قالت بصوت مسموع‪:‬‬
‫ل مش هاأبقى ضعيفة ‪ ،‬ها أفضل أستمد منه القوة حتى لو هو مش جنبي ‪ ،‬روحه ساكنه جوايا ‪ ،‬هاأستناك يا نضال حتى لو غبت سنين و دا‬
‫مش وداع ‪ ،‬إنت ها تفضل موجود معايا‪.‬‬
‫ً‬
‫أبطال كزوجها و تزرع في أبنائها كل صفاته‪.‬‬ ‫ثم قامت إلى الصالة و قد عزمت أن تصبر و تصمد حتى تُخرج لألمة‬

‫غابت عني بسمتُك و ضاع ال ُحلم يا أملي‬


‫ً‬
‫مشتعال بنار الحزن لألزل‬ ‫و يبقى القلب‬
‫""الفصـل السابـع و الثالثـون""‬

‫إن غاب عني فـالروح مسكنُهُ‬


‫مـن يسكن الروح كيف القلبُ ينساهُ!‬

‫‪.......... ........... ............‬‬


‫يوما مر على جهاد دون أن تبكي ‪ ،‬كانـت تبكي كـل ليلة حتى يغلب عليهـا اإلرهاق‬ ‫مضـى شهـر على خروج نضـال للجهـاد ‪ ،‬ل أذكـر أن ً‬
‫فتسقط نائمة ‪ ،‬كانت تستيقظ لقيام الليل و أحيانًا تقضي الليل كله في القيام ول تكف عن البكاء و التضرع إلى هللا بأن يحمي حبيبها و يردُه سال ًما‬
‫‪ ،‬لم تقصر في أي واجب من واجباتها ‪ ،‬كانت تعتني بأطفالها و تقوم بدور األب و األم ‪ ،‬ظلت تُدير المركز الشبابي و كذلك تولت إدارة مركز‬
‫نضال الطبي ‪ ،‬حافظت على كل شيء كانا يفعاله م ًعا ‪ ،‬لم تقطع عادة واحدة من عاداتهما ‪ ،‬ظلت تجلس جلسة الغروب مع أبنائها و لكن جلستها‬
‫تلك أصبحت للبكاء في صمت ‪ ،‬فكانت تلك الدموع الصامتة تحرق أطراف روحهـا قبل أن تُله َ‬
‫ب وجنتيهـا ‪ ،‬كانت تبتسم دو ًما كعادتها و لكن‬
‫اآلن بسمتها منكسرة ‪ ،‬تحمل طعم المـر الموجود في العـالم بأكمله ‪ ،‬جهـاد تلك الزهرة العطرة التي كانـت دو ًما متفتحة ‪ ،‬ها هي اآلن بدأت‬
‫ظاهرا على وجههـا دو ًما ‪ ،‬و ذبُلت عيناهـا ‪ ،‬فـهكذا الروح تـهلك إذا ابتعد عنها من كان سببًا في حياتها و بهجتهـا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫تذبل ‪ ،‬كـان اإلرهـاق‬

‫و يا لجمال القدر ! و يا لجمال النصر ! و يا لجمـال دموع الفرح بنصر المسلمين !‬


‫أورث هللا األرض لعباده الصالحين و كانت العاقبة للمتقين ‪ ،‬صدق وعـد هللا و نُصر‬ ‫انتصرت سوريا يا سادة ‪ ،‬انتصر الحق و سُحق الباطـل ‪َ ،‬‬
‫المؤمنون ‪ ،‬كـانت الحتفالت تعُم أرجاء الوطـن العربـي بأكملـه ‪ ،‬عندمـا أعلنت الشاشات أن سوريا أصبحت ألهلها و أن الطغاة قد هلكوا ‪،‬‬
‫شكرا ‪ ،‬و أقبل أهل كـ ُل مدينة على السوريين الموجودين بهـا يُهنئونهـم بالنصـر و‬‫ً‬ ‫بكـت أعين الجميـع فر ًحا ‪ ،‬سجـد الناس في الطرقات‬
‫باستعدادهم لعودتهم إلى وطنهـم الحبيـب ‪ ،‬ليعمروه مـن جديد و يُزيلوا آثار الحـرب و الخـراب ‪ ،‬بـدأ المجاهدون يعودون إلى أوطانهم ‪ ،‬بعـد‬
‫ثالثين يو ًما من األلم بدأت جهـاد تستعيد بهجتها ‪ ،‬استعدادا لـ لقاء زوجهـا المجاهـد المنتصـر ‪ ،‬فهـي قد ذابـت شوقًا لرفيقهـا ‪ ،‬فبعدُه عنهـا تلك‬
‫األيام مـر كأنه قد غاب لسنوات و سنوات ‪ ،‬فغيابه عنـها في الفترة الصباحية أثناء عملهما في الجامعة كان يُرهقهـا شوقًا و يُذهبُ عقلَه عشقًا ‪،‬‬
‫ً‬
‫كامال ‪.‬‬ ‫شهرا‬
‫ً‬ ‫فما بال غيابـه‬

‫عـاد الذاهبـون مع زوجهـا و لم يعـد هـو ‪ ،‬لم تفقد األمل و ظلـت تنتظ ُره ‪ ،‬بعـد أسبوع مـن النصـر جـاء رجل إلى منزل نضال ‪ ،‬فتحت جهاد‬
‫له الباب و سألته عن هويته فقال أنه يحمل رسالة لها من زوجها و أنه كان معه في سوريا ‪ ،‬ازدادت ضربات قلب جهاد ‪ ،‬أخرج الرجل من‬
‫جيبة مظروف صغير جدًا و ناولها إياه ‪ ،‬لم تمتلك الجرأة لفتحة ‪ ،‬سألته بحذر ‪:‬‬
‫هو كل اللي سافروا معاكم رجعوا‬

‫‪-‬الرجل بأدب و هو ينظر أرضًا ‪:‬‬


‫أيوا يا فندم كلنا رجعنا عدا عشرة ربنا أكرمهم بالشهادة‬

‫‪-‬جهاد بنبرة ميتة‪:‬‬


‫نضال منهم؟ ل ‪ ،‬صح؟‬

‫‪-‬الرجل بأعين دامعة ‪:‬‬


‫قبل النصر كان فيه هرج و مرج كتير ‪ ،‬توهنا من بعض ‪ ،‬و القتال كان شديد ‪ ،‬و بعد ما بدأنا ننتصر ‪ ،‬قعدنا ندور على الشهداء و نشوف‬
‫الجثث و نعرف مين معانا و مين مش معانا ‪ ،‬لقينا عددنا ناقص عشرة ‪ ،‬و في جثث الشهداء لقينا منهم سبعة و تالتة مالقناش جثثهم و منهم‬
‫دكتور نضال ‪.‬‬

‫كـادت جهاد تفقد الوعي ‪ ،‬أو ربما تفقد الحياة بأكملها ‪ ،‬لم تكن تشعر بشيء و عجزت عن استيعاب كل شيء ‪ ،‬كانت تقف كجماد ل يهتز لها‬
‫جفن ‪ ،‬أكمل هذا الزائر حديثة و دمعاته تتساقط بصدق‪:‬‬
‫بصي يا فندم جوز حضرتك دا إحنا احترنا فيه و هللا ‪ ،‬دا مش بشر شبهنا كدا ‪ ،‬ل خالص ‪ ،‬دا حاجة كدا من الناس اللي كانت مع النبي ‪ ،‬إنت‬
‫فعال واحد بايع نفسه هلل ‪ ،‬دا جي يستشهد أكتر ما هو جي ينتصر ‪ ،‬وقت ما كان القتال بيشتد و كلنا نرجع لورا دا‬‫كنتي تشوفي أفعاله تقولي دا ً‬
‫تالقيه ثابت مكانه ماهيتزلوش رمش ‪ ،‬داي ًما بيبقى في مقدمة الصفوف ‪ ،‬قوي جدًا و ذكي أوي ‪ ،‬كان بيخطط خطط هجومية محنكة بدماغ عالية‬
‫أوي ‪ ،‬و وقت ما حد يتصاب يجري عليه و يعالجة مهما كانت إصابته عامله إزاي ‪ ،‬و وقت ما حسينا إننا ضعاف و ها ننهزم دا قام خطب فينا‬
‫خالنا عايزين نجري ناكل أهل الباطل دول أكل ‪ ،‬عمر ما بسمته غابت عن وشه ‪ ،‬كان بيفضلنا كلنا على نفسه ‪ ،‬داي ًما و هو بيعمل أي حاجة‬
‫تالقيه بيقرا قرآن بصوته العذب دا ‪ ،‬كان يبقى طول النهار بيقاتل في المقدمة و وقت ما إحنا ننام يسيبنا و يفضل واقف يصلي طول الليل ‪،‬‬
‫حتى الساعتين اللي كان بينامهم كان نصهم بيعدي حوارات و هو نايم ‪ ،‬كنا بنصحى على صوته و هو بيكلم النبي و الصحابة و سعات يبقى‬
‫كأنه بيحلم إنه في غزوة معاهم و سعات كان بيكلمك و هو نايم ‪ ،‬كنا كل ما نتكلم عن زوجاتنا و أولدنا نشوف العشق في عينيه ‪ ،‬كنا بنستغرب‬
‫تركيبة البني آدم دا كدا إزاي ‪ ،‬وصل لكل الكرامات دي إزاي و الحب و المشاعر العظيمة دي عنده إزاي ‪ ،‬يا فندم جوز حضرتك دا مكتوب‬
‫أصال يفضل عايش بين البشر ‪ ،‬هو فيه بشر بالعظمة و الصفات دي ‪ ،‬أنا متأكد إن حضرتك أكيد بعظمته دي ‪ ،‬و‬ ‫ً‬ ‫على جبينة شهيد ‪ ،‬ماينفعش‬
‫إنك متعلقة بيه جامد شبه ما كنا بنشوف فـ عنيه ليكي ‪ ،‬إصبري على فراقه و إحتسبي ‪ ،‬و باهلل عليكي تربي ولده شبهه كدا ‪ ،‬اإلسالم و األمة‬
‫محتاجه أشبال شبه األسد دا و إدعي ألولدنا يكونوا شبهكم ‪ ،‬أنا كتبت رقم زوجتي على ضهر الظرف اللي اديتهولك دا ‪ ،‬يشرفني أوي لو هي‬
‫عرفتك و لو إحتاجتي أي حاجة كلميها و هاتالقينا عندك ‪ ،‬أنا ها أستأذن حضرتك يا فندم ‪ ،‬ربنا يرزقك الصبر ‪ ،‬السالم عليكم و رحمة هللا ‪.‬‬

‫انصرف الرجل و جهاد ظلت تقف على الباب على نفس حالتها ‪ ،‬يتردد داخل ذهنها كل ما قاله ‪ ،‬نظرت إلى المظروف الموجود في يدها ‪،‬‬
‫أغلقت الباب و استندت عليه بظهرها و فتحت الورقة بأيدي مرتعشة و أعين زائغة ‪ ،‬كانت ورقة صغيرة كتبت عليها تلك الكلمات‬

‫اصبري في غربتي‬
‫و استبشري بدمي السالم‬
‫يا حبيبة ها أنا ُرحتُ أبحث عن هَنا‬
‫قصرا لنا في جنان ل تبيد‬
‫ً‬ ‫أشتري‬

‫أنت معي هنا ‪ ...‬داخلي ‪ ،‬لـن نفترق أبدًا‬


‫يا حبيبتي و فتاتي ‪ ،‬يا صغيرتي و أميرتي ‪ ،‬يا سكني و نبضي ‪ ،‬يا عشقي و شوقي يا ألمي و راحتي يا وجعي و دوائي يا أنا يا كل الحياة ‪.‬‬

‫قرأت جهاد تلك الكلمات بعيناها و إذا بها تسقط في األرض باكية بصوت يؤلم القلوب ‪ ،‬أخذت تصرخ من بين بكائها‪:‬‬
‫نضااااال ‪ ،‬نضااااال ‪ ........‬إنّا هلل ‪ ،‬إنّا هلل ‪ ،‬قامت من مكانها و أخذت تتحرك في أرجاء المنزل بعشوائية و هي تُحدث نفسها‪:‬‬
‫ل أنا مش هاأعيط ‪ ،‬هو ما ماتش ل ‪ ،‬أنا متأكدة ‪ ،‬هو ها يرجع ‪ ،‬هايرجعلي ‪ ،‬صح يارب ! أنا عمري ماطلبت منك طلب ول دعيتك بدعوة إل‬
‫و استجابتها ‪ ،‬أكيد استجبت دُعايا إنه يرجعلي و إننا نستشهد سوا ‪ ،‬إنت بتختبر صبري صح ! أنا صابرة ‪ ،‬أنا صابرة جدًا و حمداك بس أقسم‬
‫بك عليك ترده ليا‪.‬‬

‫مضى أسبوع على تلك الزيارة ‪ ،‬لم تخبر جهاد أحدًا بما حدث لقتناعها أنه لم ي ُمت ‪ ،‬جاءت وسام مع فارس و كذلك وفاء و زوجها ليزوروا‬
‫أبناء نضال الغائب ‪ ،‬أثناء جلوس الجميع في الصالون قالت وفاء بأعين دامعة ‪:‬‬
‫ماعرفتيش أي أخبار عن نضال برضة يا جهاد‬

‫قصت جهاد كل ما قاله لها ذاك الرجل منذ أسبوع ‪ ،‬ثم قالت في النهاية‪:‬‬
‫بس أنا متأكدة إنه ما ماتش و إن صحابه هم اللي مادوروش عليه كويس ‪ ،‬هو ها يرجع يا جماعة ماتقلقوش ‪ ،‬بمجرد أن سمعوا ما قالت بكى‬
‫الجميع ‪ ،‬قالت وفاء دون أن تشعر ‪:‬‬
‫ما منعتيهوش ليه يا جهاد ‪ ،‬هو كان ها يسمع كالمك لو كنتي قولتيلة ماتسافرش ‪ ،‬إتبسطتي كدا ! أهو نضال خالص راح ‪ ،‬راح و حتى‬
‫ماودعناش ‪ ،‬راح من غير مانشوفه ‪ ،‬راح و ما دفناش جثته ‪ ،‬حياتنا بقت فاضية خالص ‪ ،‬ل حول ول قوة إل باهلل‬

‫‪-‬جهاد بتصميم و غضب و هي تقف ‪:‬‬


‫ما حدش يقول إنه مات ‪ ،‬هو ما ماتش ‪ ،‬افهموا بقى ‪ ،‬هو وعدني إنه هايرجعلي و ها يرجع ‪ ،‬صدقوني ها يرجع ‪.‬‬
‫أشفق عليها الجميع ظنًا منهم أن الصدمة قد أثرت عليها و أصبحت ترفُض الواقع ‪ ،‬أحست جهاد بدوار فجلست بألم و أمسكت رأسها بيديها ‪،‬‬
‫انتبهت وسام أنها ليست على ما يُرام ‪ ،‬و إذا بجهاد تفقد الوعي ‪ ،‬صرخت وسام و قامت إليها ‪:‬‬
‫جهااااد ‪ ،‬حاولوا إفاقتها فلم تستجب فحملوها إلى المشفى ‪ ،‬حضر والدها إليها في المشفى و بعدما استفاقت ‪ ،‬قالت الطبيبة لها‪:‬‬
‫إنت لزم تولدي ً‬
‫حال يا مدام‬

‫‪-‬جهاد باستنكار ‪:‬‬


‫ل ‪ ،‬أنا لسه في أول التاسع ‪ ،‬أولد إزاي ‪ ،‬لسه بدري‬

‫‪-‬الطبيبة هدوء‪:‬‬
‫هاتولدي قبل الميعاد ‪ ،‬فيه خطر على حياتك و حياة الجنين ‪ ،‬لزم ً‬
‫حال‬

‫‪-‬جهاد بتصميم‪:‬‬
‫ل مش ها أولد و مفيش خطر بإذن هللا‬

‫‪-‬كان معها في الغرفة حين ذاك والدها و وسام ‪ ،‬قالت وسام و هي تمسك يد جهاد‪:‬‬
‫ليه يا جهاد ‪ ،‬بتقولك فيه خطر ‪ ،‬يال يا حبيبتي‬

‫‪-‬جهاد بأعين دامعة و هي تنظر لوسام برجاء‪:‬‬


‫يا وسام نضال واعدني إنه ها يحضر معايا الولدة شبه كل مرة و هو ها يرجع على ميعاد الولدة ‪ ،‬أنا عارفة ‪ ،‬هو مايعرفش إني المفروض‬
‫أولد بدري ‪ ،‬لو يعرف كان جه ‪ ،‬أنا ها أستناه و هو هايجي في الميعاد ‪ ،‬ثم بدأت دموعها تتساقط ‪ ،‬و كذلك بكت وسام و عجزت عن الحديث‬
‫‪.‬‬

‫‪-‬قال أحمد بهدوء مصطنع‪:‬‬


‫طب إولدي يا حبيبتي و هو ها يرجع ‪ ،‬حياتك يا بنتي هللا يكرمك ‪ ،‬ما تحرقيش قلبنا عليكي إنت كمان‬
‫‪-‬جهاد بصوت مرتفع و بكاء‪:‬‬
‫مش ها أولد ‪ ،‬صدقوني منا والده من غيره‬

‫‪-‬األب بعصبية‪:‬‬
‫اعقلي بقى يا جهاد نضال مات ‪ ،‬مات خالص ‪ ،‬مش ها يرجع ‪ ،‬حرام عليكي حياة ابنك ‪ ،‬إنت هاتولدي غصب عنك‬

‫‪-‬جهاد بهيستريا‪:‬‬
‫ل ما ماتش ‪ ،‬ما حدش يقول إنه مات ‪ ،‬هو ها يرجع ‪.‬‬

‫يئسوا من إقناعها ‪ ،‬فأجبروها على الوضع ‪ ،‬ألن حياتها كانت في خطر حقًا ‪ ،‬أدخلوها الغرفة رغ ًما عنها و دخلت وسام معها و مع الطبيبة ‪،‬‬
‫كـانت جهاد تصرخ بألم‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬حرام عليكم ‪ ،‬مش ها أقدر أولد و هو مش معايا ‪ ،‬يا نضال ‪ ،‬تعالى دلوقتي يا نضال ‪ ،‬و أخذت تبكي بقوة ‪.‬‬
‫بدأت الطبيبة عملها ألن التأخير سيسبب أضرار هم في غنى عنها ‪ ،‬كانت عملية وضع متعسره جدًا ‪ ،‬لم تكف جهاد عن البكاء طوال الوقت ‪،‬‬
‫تألمت كما لم تتألم من قبل ‪ ،‬آلم الوضع لم تكن تساوي شيئًا جوار آلم روحها ‪ ،‬ألول مرة في حياتها تشعر بالعجز و الضعف ‪ ،‬كانت تشعر‬
‫أن روحها تفارق جسدها ‪ ،‬و أنها أصبحت جثة هامدة و أن كل أسباب الحياة قد انقطعت عنها ‪.‬‬
‫__________‬
‫مهـما بلغت آل ُم الجسـد من قوة فهـي شيء ضئيل ‪ ،‬ضئيل جدًا أمام آلم النفس ‪ ،‬جروح الجسد تلتأم أما شروخ الروح تظل تنزف لألبد ‪ ،‬قالوا‬
‫أن الحب لعنة ‪ ،‬و ما كذبوا في قولهـم ‪ ،‬فهـو و إن كـان أول أسباب السعادة و الحياة ‪ ،‬إل أنـه قاتل ‪ ،‬قـد يكـون الحب سببًا في تدميرك ‪ ،‬فغياب‬
‫الحبيب و فراقـة ‪ ،‬هـو الطامة الكُبـرى لل ُمحبين ‪ ،‬سـاعدكم هللا يا مساكين الحب و ضحاياه ‪ ،‬تذوقتم معـه كل لذة للحياة ثم سُقيتُم ك ُل أنواع‬
‫السموم و أصابتكم كل أصناف العلل بسببه أيضًا‬

‫""الفصـل الثامن و الثالثون""‬

‫نبض لقائنا ‪. . . . . .‬‬


‫ُ‬ ‫هل ضر هذا الكونَ‬

‫‪.......... ......... ..........‬‬


‫وضعـت جهـاد طفلهـا و أسمته " زيــن " كمـا اتفقت مـع زوجهـا سابقًا‪ ،‬عـادت إلى بيتهـا و أبنائهـا ‪ ،‬و كما هي القاعدة ثابتة لم تتغير "مهما‬
‫كان ُم ًرا سيمر " ‪ ،‬مرت األيام و لكنهـا كانت ت ُمر رمادية اللون ‪ ،‬كئيبة ‪ ،‬غابت عنها البسمة ‪ . . . . . . . .‬جهـاد لـن تنكسـر أبدًا مهمـا‬
‫تقصيـرا في واجباتهـا ‪ ،‬ظلت تحافظ‬
‫ً‬ ‫واجهـت ‪ ،‬قـد ترى الحزن في عينيهـا ‪ ،‬لكن يستحيل لك أن تشعـر بهزيمتها ‪ ،‬أو ترى منهـا ضعفًا ‪ ،‬أو‬
‫على كل شيء و لكن مسحة الحـزن و األلم لم يُفارقا عينيهـا ‪ ،‬ل تنحني أبدًا و لكنهـا قد تنكمش ‪.‬‬

‫دخـلت غرفة األجهزة اإللكترونية ذات ليلة بعـد نوم أبنائهـا لتقوم ببعـض األعمـال ‪ ،‬قامت بتشغيل الحاسوب و بدأت عملها ‪ ،‬وجدت عليه ملف‬
‫غريب يحوي تسجيل صوتي ‪ ،‬فتحته فوجدته تسجيل بصوت نضال العذب يُنشد تلك الكلمات‬
‫ض ُمني اآلهات تحضُنني الجراح‬
‫أهواك حين ت ُ‬
‫أهواك حين تناثر األشالء والدّ ُم مستباح‬
‫أهواك حين تطاير األرواح ترفعُها الرماح‬
‫أهواك يا شطري إذا لقيتني تنعى حياتي كل راح‬
‫هذا دمي الدفاق يرجوك السماح‬
‫***‬
‫شيعيني للخلود ‪ .....‬وافرحي فأنا الشهيد‬
‫ودعيني فالردى في سبيل هللا عيد‬
‫يافؤادي في الغرام‬
‫يا أحاسيس ال ُهيام‬
‫اصبري في غربتي‬
‫و استبشري بدمي السالم‬
‫***‬
‫ياحبيبة ها أنا ‪ُ . .‬رحت أبحث عن هَنا‬
‫قصرا لنا في جنان ل تبيد‬
‫ً‬ ‫أشتري‬
‫ذاك موطننا البعيـد‬
‫فالحياة بال حدود‬
‫عيش من فيها رغيد‬
‫و السرور بها أكيد‬
‫***‬
‫سيف الردى يبغي الغزاة‬
‫أنا قمتُ أثأر للحياة‬
‫أنا سرتُ في درب الثبات‬
‫ألدك أعناق الطغاة‬
‫في الثرى يحلو الرقاد‬
‫ثورة و ُ‬
‫العز زاد‬
‫و الدما ُء هي المداد‬
‫***‬
‫ُرشي من فوقي الزهور‬
‫في الحواصل ل القبور‬
‫سوف أمرح كـ الطيور‬
‫في رياض الخالدين‬
‫دربنا درب طويل‬
‫صبرنا فينا أصيل‬
‫إننا لن نستقيل‬
‫نصرنا أو فـ ال َمنون‬

‫كثيرا و لكنها لم تتوقع أبدًا أن‬


‫ً‬ ‫كانـت جهـاد تسمع تلك األنشودة بصوته العذب و الدموع تجري على وجنتيها أنهار ‪ ،‬كانت تحب تلك األنشودة‬
‫تُو َجه لها تلك الكلمات يو ًما ‪ ،‬أخذت تهزي كالمريضة و هي تبكي‪:‬‬
‫نضال ‪ ،‬ارجع بقى يا نضال ‪ ،‬كفاية غياب كدا ‪ ،‬ارجع باهلل عليك ‪. . . . .‬‬

‫‪........... ......... ...........‬‬


‫أنـس و هو يقبل رأس والدته و يجـلس بجوارها ‪:‬‬
‫مـامـا عايـزك تساعديني فـ حاجة‬

‫‪-‬جهاد بحنان و هي تمسح على رأسه‪:‬‬


‫قول يا حبيبي‬

‫‪-‬أنس بضيق و هو يضم حاجبيه ‪:‬‬


‫بقالي كام يوم يا ماما حاسس بكسل ‪ ،‬و بقصر في دوري فـ كل حاجة ‪ ،‬و بنام كتيـر ‪ ،‬و حاسس إني ماليش نفس أعمل حاجة‬

‫‪-‬جهاد بهدوء و حب ‪:‬‬


‫طيب اهدى يا حبيبي و ما تزعلش نفسك كدا ‪ ،‬دي حالة عادي بتحصل لناس كتير ‪ ،‬بسبب نفسك ‪ ،‬أو الشيطان ‪ ،‬ألي أسباب بتالقيك بقيت‬
‫خامل فجأة و مش عارف تكمل ‪ ،‬و حلها بإذن هللا الستغفار ‪ ،‬استغفر كتير ‪ ،‬كتير أوي يا أنس ‪ ،‬مش أقل من خمس تالف مرة فـ اليوم و زود‬
‫بقى ‪ ،‬و صدقني هاتتفاجيء إن كل حاجة بتتحل ‪ ،‬الستغفار بيفتح أبواب مقفلة كتير ‪ ،‬إحنا بنعمل ذنوب كتير من غير ما نحس و الذنوب دي‬
‫بتحجب عننا النور ‪ ،‬و الستغفار هايخلصنا منها إن شاء هللا ‪ ،‬و كمان فيه دعاء العلماء بيقولوا عليه دعاء المعجزات و إنك لما بتدعي بيـه‬
‫كتير ربنا بيكرمك باللي نفسك فيه و يستجيبلك و هو "حسبنا هللا سيؤتينا هللا من فضله إنّا إلى هللا راغبون "‬

‫‪-‬أنس براحة‪:‬‬
‫ماشي يا ماما ‪ ،‬ربنا مايحرمني منـك أبدًا ‪.‬‬

‫‪.......... ......... ........‬‬


‫جـهاد و هي تنادي على ابنتها‪:‬‬
‫جهاد ! جهاد !‬

‫‪-‬البنة و هي تتقدم‪:‬‬
‫نعـم يا مامتي‬

‫‪-‬جهاد بحنان‪:‬‬
‫تعالي يا حبيبتي شيلي زين على ما أصلي المغرب أل كل ما أسيبه يعيط‬

‫‪-‬البنة ببهجة‪:‬‬
‫حاضر ‪ ،‬تعالى يا زين العابدين ‪ ،‬تعالى ‪ ،‬حملته الفتاة من يد والدتها و لكن الصغيـر أخذ يبكي بقوة بمجرد أن ابتعد عن والدته ‪ ،‬حاولت أخته‬
‫تهدئته و لكنه لم يستجب ‪ ،‬فقالت و هي تقطب جبينها‪:‬‬
‫ماما ‪ ،‬مش راضي يسكت ‪ ،‬زين متعلق بيكي إنت أوي‬

‫‪-‬األم بحنان‪:‬‬
‫طب خالص هاتيه ها أصلي و أنا شاياله‬

‫‪-‬جهاد بتعجب‪:‬‬
‫إزاي يعني ‪ ،‬هو دا ينفع ؟ !‬

‫‪-‬األم ببسمة‪:‬‬
‫أيوا يا حبيبتي دي من األمور المباحة في الصالة ‪ ،‬إننا نصلي و إحنا شايلين الطفل الصغير و لما نيجي نسجد نحطه على األرض و نشيله تاني‬
‫أما نيجي نقوم ‪ ،‬الرسول صلى هللا عليه و سلم عمل كدا ‪ ،‬كان بيصلي و هو شايل أمامة بنت السيدة زينب ‪ ،‬حفيدته يعني ‪ ،‬و كان إذا سجد‬
‫وضعها و إذا قام حملها ‪.‬‬

‫‪-‬جهـاد بإعجاب‪:‬‬
‫أول مرة أعـرف المعلومة دي و هللا ‪ ،‬ابتسمت لها األم ‪ ،‬ثم حملت صغيرها و بدأت في صالتها‬

‫‪......... ...... .........‬‬


‫هنـاء وهـي تجلـس مـع جهـاد في منزلهـا ‪:‬‬
‫هو الواد زين دا ما بيسكتش خالص ‪ ،‬شقي و أروب أوي يا جهاد‬

‫‪-‬جهاد ببسمة تُخفي بها الدمعات‪:‬‬


‫زين واخد شخصية نضال بالظبط ‪ ،‬رغم إن في الشكل أنس هو اللي شبهه أكتر ‪ ،‬لكن في الطبع زين عنده نفس دماغ و حركات أبوه ‪ ،‬ثم قالت‬
‫بسرور مميت و أعين دامعة‪:‬‬
‫نضال أما يرجع ‪ ،‬ها يفرح بيه أوي‬

‫‪-‬هناء بألم‪:‬‬
‫إنت لسـه زي ما إنت يا جهاد ‪ ،‬يا بنتي فوقي باهلل عليكي ‪ ،‬يا جهاد مـر تلت سنين على غياب نضال و مفيش عنه أي أخبار ‪ ،‬نضال استشهد يا‬
‫جهاد ‪ ،‬إحنا كلنا قلقانين عليكي من كالمك دا ‪ ،‬ليه مش عايزة تصدقي الواقع ‪ ،‬كلنا أكيد مجروحين و كل ما بنفتكره بنعيط لكن عقولنا تجاوزت‬
‫الموضوع و صدقت و بتحاول تتأقلم و إنت زي ما إنت بقالك تلت سنين ‪ ،‬كل حاجة تعمليها تقولي يارب تعجب نضال أما يرجع ‪ ،‬يا جهاد باهلل‬
‫عليكي حرام عليكي نفسك ‪ ،‬اللي بيموت مابيرجعش ‪ ،‬بصي لنفسك في المراية بقيتي عامله إزاي من العياط و النتظار و التفكير ‪ ،‬عنيكي على‬
‫طول مليانه بالدموع و خسيتي أوي يا جهاد و صحتك بتتأثر ‪ ،‬فوقي يا جهاد و بطلي تعملي في نفسك كدا ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد ببكاء‪:‬‬
‫ليه يا هناء كدا ‪ ،‬ليه ‪ ،‬يا بنتي صدقيني أخوكي ها يرجع ‪ ،‬أنا خليته يوعدني قبل ما يسافر و هو لما بيوعد بيوفي ‪ ،‬أنا ها أفضل مستنياه ‪ ،‬أكيد‬
‫أنا وحشته و هايجي قريب ‪ ،‬مش مهم التلت سنين اللي مروا دول ‪ ،‬أنا برضه ها أفضل أستناه‬
‫‪......... ........ ........‬‬
‫عزيزا في ثنايا القلب منزلُه‬
‫ً‬ ‫أبلغ‬
‫أني و إن كنتُ ل ألقاه ألقاه‬

‫و إن طرفي موصول برؤيته‬


‫سكناه‬
‫سكناي ُ‬
‫و إن تباعد عن ُ‬

‫يا ليته يعل ُم أني لستُ أذكرهُ‬


‫أذكره إذ لستُ أنساهُ‬
‫ُ‬ ‫و كيف‬

‫يا من توهم أني لستُ أذكرهُ‬


‫و هللا يعل ُم أني لستُ أنساهُ‬

‫إن غاب عني فـ الروح مسكنُه‬


‫من يسكن الروح كيف القلبُ ينساهُ !‬

‫كثيرا ‪ ،‬نظرت إلى السماء‬


‫ً‬ ‫رددت جهـاد تلك األبيات و عيناها تفيضان بالدمع و هي تُشاهد صورهـا مع زوجهـا الغائب ‪ ،‬آلمها كالم هناء اليوم‬
‫من النافذة الموجودة فـي غرفة نومها و قالت بوجع ‪:‬‬
‫هـم مفكرين إني إتجننت ‪ ،‬أنا عاذراهم أصلهم ما يعرفوش حاجة ‪ ،‬و كمان مفكرين إني كدا ساخطة و مش راضية ‪ ،‬إنت عارف يارب إني‬
‫راضية تمام الرضا و صابرة ‪ ،‬هم إزاي عايزيني أعيش عادي و أضحك و أنسى ‪ ،‬أجيب روح منين أعمل بيها كدا ‪ ،‬يارب كل الموضوع‬
‫ً‬
‫أصال ببعده ‪ ،‬دا أنا لو نسيته حتى لو بعد عشرين سنة أبقى بئس السكن ‪،‬‬ ‫إني ما أقدرش أكمل طبيعي من غيره ‪ ،‬أنا كل حاجة جوايا اتشوهت‬
‫أتأقلم و أنسى إزاي ‪ ،‬و هو نضال دا يتنسى ‪ ،‬حد ينسى نفسه و يقدر يكمل من غيرها ‪ ،‬تلت سنين و هللا ما حسيت فيهم بطعم أي حاجة ‪ ،‬عامله‬
‫شبه لوح التلج ‪ ،‬بعمل اللي عليا آداء واجب بس ‪ ،‬و كمان عشان أشغل نفسي ‪ ،‬لكني من جوه والعه و ما حدش حاسس بحاجة ‪ ،‬إنت عارف‬
‫يارب ‪ ،‬عارف كل حاجة و إنت ألطف بيا من أي حد ‪ ،‬رجعهولي بقى يارب ‪ ،‬رجعهولي علشان أنا حاسه إن الوحدة هاتموتني ‪ ،‬أنا ما بحكيش‬
‫لحد أي حاجة ‪ ،‬جوايا صراعات و حروب و مفيش غيره هايفهمني ‪ ،‬و هو وحشني أوي يارب ‪ ،‬وحشني بطريقة تقتل ‪ ،‬نفسي أشوفه ‪ ،‬أحضنة‬
‫‪ ،‬أعيط بين ايديه ‪ ،‬أبص في عنيه ‪ ،‬ألمسه و أطمن إنه جنبي ‪ ،‬رجعلي سكني يارب ‪.‬‬

‫‪........ ......... .........‬‬


‫سـت سنـوات مضـت ‪ ،‬زيـن سيلتحـق بالمدرسة مـع بدايـة العـام الدراسـي الجديد و كإخوتـه أتم حفظ كتاب اللـه منذ الخامسـة ‪ ،‬جهـاد انتهت‬
‫لتوهـا من اختبارات الصف الثالـث اإلعدادي ‪ ،‬أمـا أنـس فهو في الصـف الثـالث الثانوي و ستبدأ امتحاناته غدًا ‪ ،‬أنهـى مراجعته عند المغرب ‪،‬‬
‫خرج من غرفته ليجلس مـع أسرته و يكون بجوار والدته ‪ ،‬خرج فوجد والدته تراجع القرآن لزين ‪ ،‬جلس حتى انتهت ‪ ،‬ثم أذنت لزين أن يذهب‬
‫و يلعب ‪ ،‬ابتسمت بحنان لفتاها البكر فقام أنس و قبل رأسها ثم جلس بجوارها ‪ ،‬قالت جهاد بحنان و هي تمسح على شعره ‪:‬‬
‫خلصت مراجعة يا أنس‬

‫‪-‬أيوا يا ماما الحمد هلل ‪ ،‬كدا تمام ‪ ،‬ربنا ييسر األمور و يسهلها علينا كلنا‬

‫‪-‬جهاد بهدوء‪:‬‬
‫بإذن هللا يا حبيبي ‪ ،‬أنا واثقة إن ربنا ها يكرمك ‪ ،‬إنت ما قصرتش طول السنة في مذاكرتك رغم إنك شايل مسؤولية حاجات كتير‬

‫‪-‬أنس و هو يقبل يد والدته‪:‬‬


‫كله ببركة دعواتك يا ماما ‪ ،‬ربنا يقدرني و أفرحك بنجاحي يارب‬

‫‪-‬أرادت جهاد أن تتحدث معه في أمور متفرقة ‪ ،‬حتى يهدأ ما بداخله من توتر فقالت ‪:‬‬
‫قولي صحيح بقى إنت عايز تدخل كلية إيه‬

‫‪-‬ربنا يكرمني بمجموع كويس بس و أنا بإذن هللا ها أقدم طب أسنان‬

‫‪-‬اشمعنا طب أسنان يعني‬

‫‪-‬أنا حابب إني أكون طبيب و أخفف عن الناس آلمهم بجانب إني بحب التدريس جدًا و عايز أكون دكتور جامعي ‪ ،‬عشان أكون جند من جنود‬
‫ربنا في الكلية ‪ ،‬و بابا كان في كلية طب و رغم غيابه إل إن أثرة باقي و األخالق اللي زرعها في الطالب موجودة و بيعلموها للدفعات اللي‬
‫بعدهم ‪ ،‬فأنا قررت إني أكون فـ كلية تانية و أزرع فيها نفس األخالق العظيمة اللي بابا علمهالي ‪ ،‬و نفسي يكون ليا تأثير في حياة الطالب‬
‫شبهكم و بكدا يبقى إحنا أثرنا في تلت كليات إنت فـ تربية و بابا فـ طب و أنا فـ أسنان ‪ ،‬علنا نقدر نصلح حال األجيال ‪.‬‬

‫‪-‬جهاد بفخر‪:‬‬
‫ما شاء هللا يا أنس ‪ ،‬داي ًما تفكيرك ناضج و عاقل ‪ ،‬ربنا ينفع بينا يا ابني و يرجع لينا بابا‬

‫‪-‬أنس بمسحة حزن‪:‬‬


‫تعرفي يا ماما أنا زين أخويا بيصعب عليا أوي ‪ ،‬ألنه كبر و ما شافش بابا ‪ ،‬و ما شافش اإلنسان العظيم دا ‪ ،‬أنا عشت مع بابا ‪ 12‬سنة ‪،‬‬
‫علمني فيهم اللي الناس مابتتعلموش طول عمرها ‪ ،‬بابا دا و هللا أعظم حد مر عليا و إنت كمان يا ماما ‪ ،‬إنتم شبه بعض أوي ‪ ،‬سبحان هللا ربنا‬
‫أصال كان لزم تكونوا لبعض عشان تخرجونا بالصورة المشرفة دي و ربنا يجعلكم سبب نصر األمة‬ ‫ً‬ ‫جمعكم رغم إنكم من أماكن مختلفة ‪ ،‬إنتم‬
‫‪ ،‬أنا بحاول داي ًما أكون لزين شبه ما بابا كان ليا لكني أكيد مقصر و أكيد مش عارف أكون شبهه ‪ ،‬أنا بقى عندي يقين إن بابا ها يرجع ‪،‬‬
‫استمديت اليقين دا منك ‪ ،‬من نظرتك و إنت كل شوية تقوليلنا بابا ها يرجع ‪ ،‬متأكد إن ربنا مش ها يخذلك أبدًا و هايرده ليكي و يعالج كل‬
‫آلمك ‪ ،‬ما تفكريش إننا مش حاسين بيكي و بعياطك كل ليلة ‪ ،‬بحس بيكي كل ليلة و أنا بصلي بيكم القيام و إنت بتفتكري أيام ما بابا كان هو‬
‫اإلمام ‪ ،‬إحنا حاسين بيكي أوي يا ماما رغم إنك بتحاولي ما تبينيش لينا ‪ ،‬و بندعي ربنا بابا يرجع في يوم من األيام علشانك إنت ‪ ،‬مش بس‬
‫علشانا ‪ ،‬ل إحنا مهما نكون مشتاقينله و بنتعذب في غيابه فإنتي اللي جواكي أضعاف كل اللي جوانا ‪ ،‬إنت علمتيني معنى الوفاء و الحب يا‬
‫ماما ‪ ،‬علمتني معنى التضحية و صدق الوعد ‪ ،‬علمتيني يعني إيه سكن و تعلق ‪ ،‬علمتيني كل حاجة ‪ ،‬بدأت دمعاته تتساقط فجذبته والدته إليها‬
‫بشدة تحتضنه و تبكي و تلتمس في شذاه رائحة أبيه الغائب و تروي شوقها إلى حبيبها بفتاه ‪ ،‬بقطعة منه ‪.‬‬
‫‪........... ......... .........‬‬
‫هـل سيعـود الغائـب أم سيغيـب الحاضـر‬
‫هـل سينتهـي األلم أم سيمـوت المتألـم‬
‫هـل ترانـا نلتقى‬

‫الفصـل التاسـع و الثالثـون""‬

‫قـد بقينـا هُنا ‪ . . . .‬و قـد زال األلــم‬


‫‪........... ......... .........‬‬

‫ليروحوا عن أنفسـهم بالتنـزه‬ ‫ً‬


‫احتفال بانتهاء تلـك المرحلـة و ّ‬ ‫عرضـت عليـه والدتـه أن يأخـذ إخوتـه و يخرجـون‬ ‫أنهـى أنـس اختباراته اليـوم ‪َ ،‬‬
‫ثم يذهبـون لزيـارة جدهـم بـدر و جدتـهم وفـاء و يبيتـون عندهـم تلـك الليـلة ألنـهم لـم يذهبـوا إليهم منذ فتـرة ‪ ،‬رفضـوا الخروج بدونهـا و‬
‫تركـها وحدهـا و لكـنها أقنعتهـم أنهـا تشعـر باإلعيـاء و ل ترغـب فـي التنزه و لـن تقـدر على الذهـاب معهـم عنـد جدهم ‪ ،‬و أنهـا ل تخـاف‬
‫من المبيـت وحدهـا ‪ ،‬استجاب أنس لهـا حتـى ل يُحزنهـا رغم أنه يعـلم أن رفضهـا ليـس بسبب شعورهـا بـ اإلعياء ‪ ،‬فجهـاد أصبحـت ل تُحـب‬
‫الخروج من المنـزل ول الجلسـات التـي تجمـع العائالت ‪ ،‬لـم تعد تُحب األحاديث المطولـة ‪ ،‬هـي تخـاف مـن المكوث وحدهـا ً‬
‫ليال ول تمتلـك‬
‫قـدر كبيـر من الشجاعـة و لكن لـم تعد الروح حيه حتى تخاف و لن يضر الشاة سل ُخهـا بعـد ذبحـها ‪.‬‬

‫حـاولت أن تشغـل نفسـها طوال اليـوم بالقراءة و أعمـال المنـزل ‪ ،‬وضعـت الطـعام و رفعتـه ثانيةً كمـا هـو دون أن تأكـل ‪ ،‬كـانت دمعاتهـا‬
‫تتسـاقط مـن وقـت آلخـر كلما تذكـرت شيئًا كانـت تفعـلُه مـع زوجهـا ‪ُ ،‬رفـع آذان العشـاء ‪ ،‬توضأت ثـم دخلـت إلى غرفـة الصالة ‪ ،‬رفعـت‬
‫كثيرا ‪ ،‬تضرعـت إليـه بكـل‬‫ً‬ ‫يديهـا بتكبيـرة اإلحرام و بدأت في الصالة و بدأت معهـا دمعاتهـا ‪ ،‬أطالـت السجود و أطالـت البكـاء ‪ ،‬ناجت ربهـا‬
‫ألوان الدعـاء ‪ ،‬كـان صوت نحيبهـا مرتفعًا ‪ ،‬لـم تبك بصمـت كعادتهـا عنـد وجود أبنائهـا فـي المنزل ‪ُ ،‬ربمـا قضت ساعة في الصالة ‪،‬‬
‫شعـرت بـ اإلرهاق فأنهـت صالتهـا و جلسـت تذكـر هللا ‪ ،‬سمعـت جـرس الباب ‪ ،‬فمسحـت دمعاتهـا سريعًا لتوقعهـا أن أبنائهـا قـد عادوا و‬
‫تعجبـت من عودتهـم ألنهـا أوصتهـم بـ ال َمبيـت عنـد َجدهـم ‪ ،‬خـرجت مـن الغرفة ‪ ،‬توجهـت إلى الباب و فتـحته و هي تقـول بـعتاب ‪:‬‬
‫جيتوا ليـه يا حبايبي مـ ‪ ، . . . . . .‬و فجأة توقفـت عن الكالم عنـدمـا رأت أن الطـارق ليس أبنائهـا ‪ ،‬تجمدت على وضعهـا ال ُمعاتب قبل أن‬
‫تقطع الحديث ‪ ،‬ظلـت واقفة تنظـر إلى الطـارق ‪ ،‬أهـذا نضـال ‪ ،‬ل ليـس هو ‪ ،‬ل يا أيهـا العقـل الغبي إنه هو ‪ ،‬أنا أعلم ‪ ،‬أشعـر به و إن تغيرت‬
‫كثيرا من حالتهـا سابقًا ‪ ،‬فقـد الكثيـر من وزنه ‪ ،‬تظهـر عالمات اإلعيـاء على وجهه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هيئته ‪ ،‬عـاد الحبيب الغائب ‪ ،‬كـانـت لحيته أطـول‬
‫يرتدي مالبس متواضعة جدًا ‪ ،‬ليس أنيق كـ عادته ‪ ،‬لكـن عيناه كما هي ‪ ،‬نعم نظـرات العـشق و الشوق التي تحفظهـا جهاد عن ظهـر قلـب ‪،‬‬
‫كـال منهما ينظـر مباشرة إلى أعين اآلخـر ‪ ،‬بدأت مالمـح جهاد تتبدل شيئًا فـ شيئًا ‪ ،‬تحـولت من العتاب إلى الدهشة إلى‬ ‫ظال يقفان بال حركة ‪ً ،‬‬
‫الحنين ثم إلـى الشـوق ‪ ،‬بدأت الدمـوع تتجمـع في عينيها ‪ ،‬ظال على هذا الوضـع عشـر دقائق ‪ ،‬بدأت جهـاد ترفـع يدهـا ببطء تريد أن تلمسه‬
‫حتى تتأكد أنهـا ل تتخيل ‪ ،‬لكـنهـا أوقفت يدهـا في الفراغ قبل أن تصـل إليه ‪ ،‬خوفًا أن يكـون حلُ ًما و تستفيق منـه ‪ ،‬بدأت الدموع التي ملئت‬
‫عيناهـا تتساقـط ‪ ،‬ثـم أكملت حركة يدهـا فجأة حتى وضعتهـا على صـدره أمام قلبه مباشرة و بمجرد أن فعلـت ذلـك كأن الكهرباء قد لسعتـه و‬
‫إذا بـ سكونه يتبدد فجأة ثـم يجذبـها إليـه بقوة و يرفعها حتى تصل إلى عنقه دون أن تقف على قدميه كما كانـت تفعـل دو ًما ‪ ،‬عانقهـا و شدد‬
‫عليهـا القبضة حتى كاد يسحقهـا مـن الشوق ‪ ،‬تمسكت هي به بقوة و دفنت وجهها في عنقه و أخذت تبكي بقوة ‪ ،‬أمال رأسـه على كتفها و‬
‫أخيرا ! هـل جاء الفرج بعد الصبر ! هـل‬ ‫ً‬ ‫أخيرا و أنهما يتعانقان اآلن ‪ ،‬هل انتهى األلم‬
‫ً‬ ‫انخرط في البكاء أيضًا ‪ ،‬كانا ل يُصدقان أنهما التقيا‬
‫نجح المؤمنون في الختبار و حان وقت مكافئتهم ! هل استجاب هللا الدعوات التي ظنهـا الجميـع مستحيلة ! نعـم لقـد حدث كــل ذلـك ‪ ،‬ظلـت‬
‫أرواحهـم تحتضن بعضهـا هكذا لوقت طويل ‪ ،‬بثوا كـل مشاعرهم دون حـرف واحد ‪ ،‬و كما أقـول دو ًما ُرب عناق أبل ُغ مـن كلمـات اللغة كلها‬
‫‪ ،‬أنزلها نضال أرضًا ببطء و ظل اتصال أعينهما ممتدًا ‪ ،‬و إذا فجأة دون أن يتفوها بكلمة يخران سُجدًا م ًعا دون ترتيب ‪ ،‬كأن أرواحهـم قد‬
‫اتفقتا على كل شيء و كأن الكلمات هي آخر ما يلجئون إليـه من أجل التواصل ‪ ،‬فالكلمات خاصة بـ هؤلء الذيـن ل يعلمـون معنى العـشق و لـ‬
‫شكرا علـى نعمة‬
‫ً‬ ‫هؤلء الذين لـم تتحـد أروا ُحهم ‪ ،‬أمـا هما فأبعد ما يكونا عن الجهـل بالعشق فهما من علما العالم معنى الحب و ال ُهيام ‪ ،‬سجدا‬
‫ظنهـا الجمـيع مستحيلة و لكنها قلوب المؤمنين و يقينُها و كرم الرحمن و حنانه و لطفه بأحبابـه ‪.‬‬

‫أمـسكها نضال من يدهـا و أغلـق البـاب ثم توجـه إلى الصالون فجلس على األريـكة و أجلسـها بجواره و عاد التصال البصـري بينهما دون‬
‫كالم ‪ ،‬تجمعـت الدموع في عين جهـاد فـ استدارت بجزعهـا إليه و دفنـت رأسهـا في صدره و أمسكت بكلتا يديهـا في قميصه ‪ ،‬فأحاطها‬
‫بذراعيه و تركهـا تُبلل جسده بـدمعاتها ‪ ،‬ظلت جهاد تخفي وجهها داخله هكذا كأنها تحتمي به ‪ ،‬تستعيد شحن كل قواها ‪ ،‬تستمد من قربه كل‬
‫أسباب الحياة ‪ ،‬تُعيد الحياة لقلبها ‪ ،‬أما هو فكان يضمها إليه أكثر بين الحين و اآلخر ‪ ،‬أذابه الشوق إلى فتاتـه فـود أن يشق فؤاده و يُدخلها ثـم‬
‫يُغلقه عليهـا ‪ ،‬هدأ صوت بكائها و يبدوا أنهما قد تواصال معًا بكل الطرق و لم يعد إل الكالم ‪ ،‬رفعت وجهها عنه ثم وضعت يدها على وجهه و‬
‫قالت بأعين دامعه و نبره راجية‪:‬‬
‫إنت رجعتلي يا نضال صح؟ أيوا إنت خالص معايا مش كدا ؟ و مش ها نسيب بعض تاني أبدًا‬

‫‪-‬نضال و هو يحتضن وجهها بكفيه و يمسح دمعاتها بإبهامه ‪:‬‬


‫أيوا يا جهاد أنا الحمد هلل رجعتلك و إنت رجعتيلي ‪ ،‬خالص ما فيش بعاد تاني يا جهاد ‪ ،‬فيه قرب بس‬

‫‪-‬جهاد و قد بدأت تشعر بالواقع أكثر ‪:‬‬


‫إنت كنت فين يا نضال و إيه مبهدلك كدا‬

‫‪-‬نضال بهدوء و قد عدّل جلستها لتجاوره من جديد و وضع ذراعه على كتفيها و قال‪:‬‬
‫كنت في السجن يا جهاد ‪ ،‬الست سنين دول كنت فيه ‪ ،‬من يوم النصر ‪ ،‬لما لقوا نفسهم بينهزموا يومها و نهايتهم قربت بقوا اللي يطولوه من‬
‫الصفوف األولى يمسكوه ‪ ،‬و أنا ربنا قدرلي إن أتاخد مع اللي اتاخدوا ‪ ،‬ربنا ينتقم منهم ‪ ،‬مش عارف المكان اللي أخدونا عليه دا فين ‪ ،‬تقريبا‬
‫أول سنة كلها عدت تعذيب ‪ ،‬سعق بالكهرباء ‪ ،‬ضرب ‪ ،‬أي حاجة ممكن تتخيليها حاولنا نهرب كذا مرة ما عرفناش ‪ ،‬كان معايا اتنين مصريين‬
‫و غيرنا كتير من دول تانية و سوريين ‪ ،‬التعذيب بدأ يقل ‪ ،‬لكن برضة مش راضيين يخرجونا ‪ ،‬كنا في مكان غريب أوي ما حدش يعرف عنه‬
‫حاجة ‪ ،‬كان ممنوع نسأل عن أي حاجة أو نحاول نفهم ‪ ،‬ناس مننا ماتت من التعذيب و ما استحملتش ‪ ،‬لحد من تلت أيام حصل هجوم على‬
‫المكان اللي كنا فيه و أهل سوريا األحرار خرجونا و رتبوا سفرية كل واحد فينا لبلده و أديني جيت بفضل هللا أهو‬

‫‪-‬جهاد بألم و بكاء ‪:‬‬


‫استحملت كل دا يا نضال ‪ ،‬ربنا ينتقم منهم‬

‫‪-‬نضال ببسمة و هو يمسح دمعاتها بيده ‪:‬‬


‫يا حبيبتي أنا كويس أهو ‪ ،‬و بعدين يا جهاد أهو تكفير عن الذنوب و كنت متفرغ طول النهار و الليل للعبادة و الصالة و ذكر ربنا ‪ ،‬و كان‬
‫معايا صحبة جنة حقيقية و هللا ‪ ،‬ثم قال بحب ليغير الموضوع‪:‬‬
‫فين العيال يا جهاد و حشني أنس و جهاد أوي و نفسي أشوف زين‬

‫‪-‬جهاد ببسمة‪:‬‬
‫النهارده أنس خلص امتحانات الثانوية و أخد خواته و راحوا يتفسحوا و هايباتوا عند ماما وفاء‬

‫‪-‬نضال بأعين دامعة ‪:‬‬


‫أنس خلص ثانوي ما شاء هللا ‪ ،‬لكن إزاي يسيبوكي لواحدك‬

‫ً‬
‫أصال و الحمد هلل إني فضلت هنا و إنك جيت ‪ ،‬أنا حاسة إني مش مصدقة و هللا ‪ ،‬استنى ها أكلمهم يجوا ‪،‬‬ ‫‪-‬أنا اللي صممت ‪ ،‬أنا بطلت أخرج‬
‫مش ها يصدقوا ‪ ،‬همت بالقيام ‪ ،‬فأمسك نضال يدها و قال بمكره المعهود‪:‬‬
‫ل سيبيهم يجوا بكرا براحتهم ‪ ،‬دا ترتيب ربنا بقى إني أرجع و إنت لواحدك‬

‫‪-‬جهاد ببراءة‪:‬‬
‫أكيد هم وحشوك يا حبيبي ‪ ،‬لسه بدري خليهم يجوا‬

‫ً‬
‫أصال ها أموت و أشوفهم ‪ ،‬ثم قال بغمزة‪:‬‬ ‫‪-‬و هللا وحشوني أوي ‪ ،‬أنا‬
‫بس فيه ناس وحشتني أكتر و عايزها على انفراد‬

‫‪-‬جهاد ببسمة و قد غزت حمرة الخجل وجنتيها‪:‬‬


‫عمرك ما ها تتغير مهما يحصلك ‪ ،‬حرب و سجن و تعذيب و عجزت و بقى عندك خمسين سنة و برضة غلس و قليل األدب يا حبيبي‬

‫‪-‬نضال بضحك‪:‬‬
‫طب بزمتك يعني أبقى محترم إزاي و إنت قمر زي ما إنت كدا و برضة بتتكسفي ‪ ،‬أنا فكرت إن السنين دي نسوكي الكسوف دا ‪ ،‬و إني ها‬
‫ألقي استقبال حافل بقى و كدا‬

‫‪-‬جهاد بمزاح ‪:‬‬


‫منا يا ابني استقبلتك بعياط أهو و كمان حضن مطارات ما حصلش في التاريخ ‪ ،‬يا أخي و هللا أنا من كتر الفرحة حساني بحلم‬

‫‪-‬نضال و هو يقوم من مكانه و يجذبها من يدها لتقوم خلفة ‪ ،‬نظر لها و قال بخبث‪:‬‬
‫ها تضيعي الليلة في أحالمك يا أختي ‪ ،‬ل ركزي دا واقع و تعالي بقى أحكيلك حررنا سوريا إزاي‬

‫‪-‬جهاد بضحك و هي تمشي بجواره‪:‬‬


‫هللا ! إنت غيرت ‪ ،‬مش كان األقصى‬

‫‪-‬ههههههه ل األقصى اتحرر كتير ‪ ،‬سوريا بقى ظلمناها يا ستي بقالنا ست سنين ‪.‬‬

‫و أذن هللا للمشتاقـين بـ اللقـاء ‪ ،‬و هدأت القلوب بعـد العنـاء ‪ ،‬و كـان الوصال جزاء من ُخلُقُه الوفـاء ‪ ،‬عاد رفيقُ الدرب لـ يُنير الليالي الظلمـاء‬
‫‪ ،‬و يَرسُم البسمة بعـد البكـاء ‪. . . . . . .‬‬
‫من كان أسير الحب يبقى في سجنه مهما طالت األيام ‪ ،‬من يعشق الروح ل تتبدل مشاعرة و إن فنت األجساد ‪ ،‬البعد يُزيدُ العاشقين حبًا و شوقا‬
‫‪ ،‬حتى يموتون في محراب العشق‬
‫كانت آثار التعذيب موجودة على أماكن متفرقة من جسد نضال ‪ ،‬آثار لجروح عميقة ‪ ،‬كان ظهره مشوهًا تما ًما و به أماكن لزالت تؤلمه ‪،‬‬
‫بكت جهاد عندما رأت ذلك ‪ ،‬فـ اقترب منها و قال بحنان و هو يمسح دمعاتها ‪:‬‬
‫يا حبيبتي ما تعيطيش ‪ ،‬كل البهدلة اللي فـ جسمي دي ها تروح في الجنة بإذن هللا ‪ ،‬إحنا كلنا هلل يا جهاد ‪ ،‬ما يهمش يعني لو اتعذبنا شوية في‬
‫سبيل نصرة المؤمنين ‪.‬‬

‫فـي الصباح كانت جهاد قد استعادت كامل بهجتها و روحها المرحة ‪ ،‬قبـل الظهـر بساعة تقريبًا ‪ ،‬طرق أبنائها الباب ‪ ،‬دخل نضال إلى إحدى‬
‫الغرف سريعًا و توجهـت هي للباب ‪ ،‬فتحت لهم و هي في قمة سعادتها‬
‫‪-‬أنس بمرح و هو يقبل رأسها قبل أن يدخل‪:‬‬
‫إيه الجمال دا كله يا ست ماما ‪ ،‬نسيبك يوم نرد نالقيقي مبسوطة و عنيكي بتضحك كدا ‪ ،‬و كأنك صغرتي عشر سنين ‪ ،‬إيه هو إحنا مزهقينك‬
‫ول إيه‬

‫‪-‬جهاد ببسمة بعد أن قبلتهم جميعًا و أغلقت الباب ‪:‬‬


‫فيه مفاجأة يا عيال ‪ ،‬ثم نظرت في اتجاه معين ‪ ،‬فنظروا خلفها فوجدوا أباهم يقف و يفتح ذراعيه لهم و عيناه ممتلئة بالدموع ‪ ،‬لقد كبرت‬
‫فتى بالغ مؤمن مهذب و فتاة كـ القمـر ليلة تمامة تلتزم بالحجاب الشرعي كوالدتها ‪ ،‬و صغيـره الذي لم يره‬
‫تجارته الرابحة مع هللا ‪ ،‬أصبح لديه ً‬
‫من قبل ‪ ،‬صرخ األبناء الثالثة م ًعا ‪:‬‬
‫أبتـًـي ! حتى زين الذي رأي والده في الصور فقط ‪ ،‬اندفعوا يهرولون نحو والدهم و احتضنوه معًا و هم يبكون ‪ ،‬أخذ نضال يضمهم إليه و هو‬
‫يبكي و يقبلهم بشوق ‪ ،‬لقد ُحر َم من فلذات أكباده لست سنوات ‪ ،‬بعـد هذا اللقاء الحـار انحنى نضال إلى زين الذي يحتضن قدمه ‪ ،‬حمله و أخذ‬
‫شكرا على نعمائه و فضلـه ‪ ،‬و تلك هي الذرية الصالحة التي‬
‫ً‬ ‫يقبله و هو يبكي ‪ ،‬بعدما أنزله أرضًا ‪ ،‬إذا بأبنائه الثالثة يسجدون هلل معًا ‪،‬‬
‫أخرجها األبوان للمجتمع ‪ ،‬كانت جهاد تتابع من بعيد و عيناها تفيضان بالدمع ‪ ،‬نظرت إلى نضال أثناء سجود أبنائها فوجدته ينظر لها بشكر و‬
‫تقدير و امتنان و فخر أنها استطاعت أن تُهذب أبنائها هكذا و تجعلهم بتلك الصورة المشرفة فنظرت له بحب و إعجاب كأنها تقول له أن‬
‫أخالقهم من أخالقك يا قدوتنا‪.‬‬

‫‪.............. .............. ............‬‬


‫فرح الجميع حد البكاء بعودة هذا المناضـل ‪ ،‬كانـت المفاجأة أعظم من أن يصدقهـا عقل بشري ‪ ،‬كـان الجميع ينظر لجهاد حينها بتقدير و إجالل‬
‫أن يقينها قد تحقق و صبرها قد جاء بثماره ‪ ،‬بدأ نضال يستعيد عافيته شيئًا فشيئًا و يمارس حياته كما كانت قبل الغياب ‪ ،‬ظهـرت نتيجة‬
‫الثانويـة و حصل أنس على المركـز األول على مستوى الجمهورية ‪ ،‬فرح به أبواه جدًا ‪ ،‬تم استضافة أنس و أسرته في البرامج التليفزيونية ‪ ،‬و‬
‫علم الكثيرون بشأن تلك األسرة العظيمة التي أجمعوا على أنهـا أسرة هبطت من جنات عدن ‪ ،‬التحق أنس بالكلية التي رغبهـا و تفوق بهـا ‪ ،‬بدأ‬
‫نضال يُدخـل أنشطة جديدة إلى مركز الشباب و قام بتوسيع مركزه الطبي و جلب له أجهزة أحدث ‪ ،‬بدأ يذهب إلى مناطق فقيرة مع جهاد و‬
‫يساعدان من بها ‪ ،‬أنشئوا المساجد و المدارس في القرى ‪ ،‬ساعدوا الشباب الذين يرغبون في الزواج ألنهم يريدون لكل الفتيات و الشباب أن‬
‫يتذوقوا جمال الحب الذي يعيشان به ‪ ،‬قرر نضال أن يأخذ أسرته في عطالت نهايات األعوام و يسافر للخارج ‪ ،‬ذهبوا إلى كندا و استرليا ‪ ،‬إلى‬
‫باريس و تركيا إلى قطر و لبنان ذهبوا إلى ايطاليا حيث تعيش مي و شاهدوا المنطقة التي أسلمت كلها بسببهم منذ سنوات مضت و صارت‬
‫كامال ‪ ،‬شاهدوا المساجـد التي بُنيت و ُوهب ثوابهـا لهم و األسبلة و غيرها من المؤسسات الخيرية ‪ ،‬سمعوا األئمة و هم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مركزا إسالميًا‬ ‫اآلن‬
‫لزالوا يدعون إلى من كانوا سببًا في إيمانهم و إيمان أباءهم رغم مرور ما يزيد عن العشرين عا ًما على ذلك األمر ‪ ،‬بكى نضال و زوجته‬
‫شكرا هلل أن استخدمهم لنصرة دينة و سخر لهم من عباده من يدعون لهم ‪ ،‬لم يخبرا أحدًا قط من أهل تلك المناطق التي زاروها بعد إسالمها‬ ‫ً‬
‫أنهم هما من كانا يتحدثان إليهم عبر الشاشات ‪ ،‬رغبا أن يبقى األمر بينهما و بين خالقهم ‪ ،‬في كل مدينة زاروها كانوا يدعون إلى هللا جميعًا ‪،‬‬
‫حتى صغيرهم شاركهم ‪ ،‬قضوا أسعد أيام حياتهم معًا في طاعة هللا ‪ ،‬جمعوا في سفرهم بين المتعة بالجمال و الدعوة إلى دين الحق ‪ ،‬تعلموا‬
‫الكثير و علموا الكثير ‪ ،‬ساعدوا الجميع فأسعدهم هللا ‪ ،‬حفظ هللا لعباده المؤمنين أبنائهم و أنبتهم نباتًا حسنًا ‪ ،‬حتى صاروا قدوةً ألبناء جيلهم في‬
‫كل شيء ‪ ،‬جمعوا بين التفوق و األدب بين التدين و الثقافة بين اإليمان و البهجة ‪ ،‬أنهت جهاد المرحلة الثانوية و قررت اللتحاق بكلية الصيدلة‬
‫لتكون الجندي الرابع من جنود هللا في الجامعة بعد أبيها و أمها و أخيها ‪ ،‬أما زين فبالرغم من أنه بالكاد في الصف الخامس إل أنه دو ًما يُفصح‬
‫عن رغبته بدراسة الهندسة عندما يكبر ‪.‬‬
‫‪............. .......... ..........‬‬
‫‪-‬أنس و هو يجلس على األريكة بجوار والده الذي كان يقرأ كتابًا ما ‪:‬‬
‫أبتي ! عايزك في حوار كدا‬

‫‪-‬نضال و هو يضع الكتاب على الطاولة‪:‬‬


‫عنيا يا حبيبي ‪ ،‬قول يا باشا ‪ ،‬توتر أنس و أخذ يمسح جبينة بعشوائية و لم يتحدث ‪ ،‬فخمن والدة األمر و قال بمزاح ‪:‬‬
‫اسمها إيه اللي مدوخاك دي يا ابني يا حبيبي‬

‫‪-‬أنس دون أن ينظر لوالده‪:‬‬


‫سما ‪ ،‬اسمها سما‬

‫‪-‬نضال و هو يضحك من هيئة ابنه‪:‬‬


‫و إنت عايز تروح تتقدملها بمنظرك دا ‪ ،‬هو أنا ها أدبحك ياض ‪ ،‬إنت ها تعمل نفسك عندك حياء بقى و كدا‬

‫‪-‬أنس و قد انفجر ضح ًكا‪:‬‬


‫طب سيبني أعيش اللحظة يا أبتي حتى ‪ ،‬على طول قافشني كدا ‪ ،‬أدي عيب إن أبوك يبقى صاحبك ‪ ،‬ها يبقى عارف كل بالويك هههههههه‬

‫‪-‬نضال و هو يحرك رموشه بطريقة مضحكة‪:‬‬


‫احكيلي يا حلو احكيلي ‪ ،‬مين دي اللي عملت فيك كدا‬

‫‪-‬أنس بجدية‪:‬‬
‫أنا ما أعرفش عنها كتير ‪ ،‬كل اللي أعرفه إن اسمها سما ‪ ،‬هي معايا في دفعتي ‪ ،‬منتقبة ‪ ،‬ما أعرفش ليه و إزاي لقيتني حاسس إني بحبها و‬
‫عايز أتقدملها رغم إني و هللا ما أعرف عنها حاجة ول عمري رفعت حتى عيني عليها ول على غيرها ‪ ،‬هي مرة واحده و أنا خارج من الكلية‬
‫و مش مركز حتى في اللي حواليا لقيت واحدة جاية بتنادي من ورايا عليها و هي كانت ماشية قدامي فوقفت من غير ما تدير فقومت باعد عنها‬
‫و مكمل مشي ‪ ،‬و بعدها شوفتها مرة صدفة و هي داخلة المدرج ‪ ،‬و ما تسألنيش عرفت إنها هي إزاي ألن أنا و هللا ما أعرف ‪ ،‬بس يا سيدي و‬
‫من وقتها و هي مش راضية تطلع من دماغي فقلت خير البر عاجله‪.‬‬

‫‪-‬األب و هو يصفق بمرح‪:‬‬


‫يا حالوة يا ولد و إيه كمان يا سي أنس ‪ ،‬بتحبلي من غير أي أسباب كدهو و من غير ما تعرف عنها أي حاجة ‪ ،‬شكلك طلعت رومانسي من‬
‫ورايا ياض‬

‫‪-‬أنس بمزاح‪:‬‬
‫شوف بيتريق برضة ‪ ،‬بقولك بحبها يا حج و الموضوع خطير و إنت بتهزر‬

‫‪-‬نضال بجدية‪:‬‬
‫بص يا أنس ‪ ،‬إنت إعرف اسمها بالكامل و نسأل عن أهلها و لو على ُخلُق و دين ‪ ،‬نتقدم يا باشا و تتجوز آخر السنادي‬

‫‪-‬أنس بدهشة‪:‬‬
‫آخر السنادي إيه يا بابا ‪ ،‬أنا لسه فاضلي سنة في الكلية و هي أكيد مش ها توافق تتجوز في الدراسة‬

‫‪-‬األب بجدية‪:‬‬
‫إنت مش صغير يا أنس ول مجرد شاب فـ خامسة جامعة ‪ ،‬إنت واحد عندك مشاريعك الخاصة بيك و عيادتك جاهزة من دلوقت و بتطلع األول‬
‫ً‬
‫أصال عايزك تتجوز‬ ‫على دفعتك و واحد طول عمره شايل المسؤولية و إنسان يُعتمد عليه و راجل بجد ‪ ،‬ما أظنش إنها ها ترفض بإذن هللا ‪ ،‬أنا‬
‫الصراحة و أطمن عليك ‪ ،‬ثم قال بمزاح ‪:‬‬
‫و بعدين دا إنت واقع و عمرك ما إنت مستني لحد ما تخلص‬

‫‪-‬أنس بمزاح‪:‬‬
‫هللا يسامحك بقى إنت و ماما ‪ ،‬إنتم اللي بوظتوا أخالقنا كدهو بحبكم دا ‪ ،‬ثم قال بجدية و هو ينظر لوالده‪:‬‬
‫فيه حاجة أنا بستغربها فيكم يا أبتي إنت و ماما ‪ ،‬يعني هي عندها ‪ 48‬سنة تقريبًا و إنت عندك ‪ 57‬سنة إل إن روحكم روح شباب في العشرين‬
‫‪ ،‬حبكم ‪ ،‬ضحككم ‪ ،‬نشاطكم ‪ ،‬كل حاجة ‪ ،‬حتى ما شاء هللا شكلكم و صحتكم مش باين عليها السن خالص ‪ ،‬كأنكم شباب ما كسرتوش التالتين‬
‫لسه ‪.‬‬

‫‪-‬نضال بحنان‪:‬‬
‫بص يا ابني أنا و ماما من صغرنا و إحنا بنتقي ربنا في كل حاجة ‪ ،‬عمرنا ما ضرينا جسمنا بحاجة حرام ول بذلنا مجهود غير في كل اللي‬
‫يخدم األمة ‪ ،‬حفظنا حق ربنا فربنا حفظنا يا أنس ‪ ،‬قدمنا صحتنا لخدمة اإلسالم و للعبادة فربنا باركلنا فيها و زادنا قوة ‪ ،‬عمرنا ما استخسرنا‬
‫وقتنا في مساعدة الناس فربنا وفقنا و ساعدنا ننجز حاجات كتير في وقت صغير ‪ ،‬عمرنا ما وجهنا مشاعرنا ناحية الحرام فربنا كافئنا ببعض و‬
‫خلى الحب بينا نقي و داي ًما بيزيد ‪ ،‬القاعدة اللي داي ًما بقولهالك إنت و إخواتك "احفظ هللا يحفظك" اللي هدفه ربنا من كل حاجة ربنا بيباركله في‬
‫كل حاجة يا ابني‬
‫‪.......... ........ ..........‬‬
‫تزوج أنس من سما بعدما أنهى عامه الجامعي الخامس ‪ ،‬و تم عقد قران جهاد على حمزة ابن فارس على أن يكون الزفاف بعد عام و مضت‬
‫األيام سعيدة على الجميع‪.‬‬

‫""الفصــل األربعــون""‬

‫نجــد وجـوه الشهـداء بيضـاء ‪ ،‬و يموتــون سعـداء ‪ ،‬رغـم أنهـم خسروا كـل حياتهـم ‪ ،‬و لكـن حياتهـم كلهــا فــي األصــل لــم تكــن هــي‬
‫هــدفهــم ‪. . .‬‬

‫‪........... ......... ..........‬‬


‫اللهـم ارزقني رو ًحا لم تزل تتأجج بعشق الجهـاد في سبيلك ‪ ،‬و تفنى في تبليغ رسالتك ‪ ،‬ول تألو جهدًا ول لحظة في العمل لدينـك و رفع رايته‬
‫عالية في كل ربوة و حين‪ " .‬كلمـات للشهيـد الحـي ‪ /‬أحمــد شقــير "‬
‫‪--------- ------------‬‬
‫تجلـس جهـاد بجـوار نضـال أمـام جهـاز الحاسـوب ‪ ،‬جـذب انتباههـما عنوان فيديو نُشـ َر لـتوه ‪ ،‬كـان مضمـون الحـديث ‪ ،‬أن حركة المقاومـة‬
‫مؤثرا حقًا ‪ ،‬بعـدمـا انتهى نظـر‬
‫ً‬ ‫الفلسطينيـة تُعلـن عن انتفاضـة قويـة و أنهـم يحتاجـون مشاركـة الجميـع بكـل الطُـرق ‪ ،‬كـان التسجيـل‬
‫الزوجـان إلـى بعضـهمـا بأعيـن دامعـة تفيـض بالشـوق ‪ ،‬قالـت جهـاد نبرة متأثرة تذوب شوقًا و قد أخذت دمعاتهـا تتساقـط‪:‬‬
‫ألــم يــأن لنـا ؟‬

‫‪-‬أجـاب نضـال و هـو يُغلق عيناه لتتساقـط دمعاتـه ‪:‬‬


‫بلـى و هللا قـد آن ‪ ،‬نعـم قـد آن‬

‫هـاتـف نضـال أصدقائـه مـن أهـل فلسطـين يـشد على أيديـهم و يُعـلن ثباته معهـم و مناصرتــه لهـم ‪ ،‬قـاما بجمـع أسرتـهما الكبيـرة فـي‬
‫منزلهـما ‪ ،‬أهـل جهـاد و أهـل نضال و إخوتـه و أبنائهـم ‪ ،‬فرح الجميـع بهـذا التجمـع و لـم يتوقعـوا أبدًا ما هـم علـى وشـك سماعه ‪ ،‬تنحنـح‬
‫نضـال ثـم قـال بصـوت مرتفـع موج ًهـا حديثه للجميـع ‪:‬‬
‫بإذن الرحمـن أنـا و جهـاد مسافريـن فلسطـين كمـان عشـر أيـام ‪ ،‬فيـه انتفاضة قويـة ها تبدأ و إحنـا قـررنـا نشارك فيهـا و علـى األرجـح مـش‬
‫ها نرجـع تانـي يا جماعـة ‪.‬‬

‫صـمت تام ‪ ،‬صمت مـن الصغيـر و الكبيـر ‪ ،‬بلغـت القلـوب الحناجـر مـن الخـوف و القلـق ‪ ،‬لـم يجرؤ أحـد علـى الحديـث سـوى أحمـد الذي‬
‫قال بصدمة‪:‬‬
‫إيه يا ابني اللي إنت بتقوله ده‬

‫‪-‬نضال بهدوء و حب و هو يقلب بصره فـي وجوه الجميع‪:‬‬


‫إنتـم كلكم عارفين من زمان إن الشهادة في سبيل هللا مبتغانا ‪ ،‬و إننا مشتاقين ليهـا أوي ‪ ،‬إحنا كنا بنسعى لكل خير في الحياة عشان نتوجه بـ‬
‫الشهادة ‪ ،‬إنتم كنتم متأكدين إننا مش ها نتنازل عن هدفنا مهما طالت السنين ‪ ،‬يمكن بس مستغربين عشان الموضوع جه فجأة ‪ ،‬لكن وقت‬
‫الجهاد حان و المنادي هتف حي على الجهـاد‬

‫‪-‬تحـدثت وفـاء بألم‪:‬‬


‫هـو إنت لحقت ترتاح يا ابني ‪ ،‬دا إنت يا دوب راجع من سوريا ما كملتش خمس سنين ‪ ،‬يا ابني ارتاح شوية و ما توجعش قلوبنا ‪ ،‬إنت ما‬
‫بتعرفش تعيش حياة مستقرة ‪ ،‬ريح روحك شويه يا نضال‬

‫‪-‬نضال بأعين دامعة و انفعـال ‪:‬‬


‫حياة هادية ‪ ،‬وظيفة رتيبة ‪ ،‬أيام بتكرر ‪ ،‬أولد نربيهم في سكينة ‪ ،‬دي حياة مش شبهنا ‪ ،‬ما تعجبناش ول نقدر نعيشها ‪ ،‬لو حياتنا ما كنتش‬
‫مغامرة و مخاطرة و تضحية في سبيل هللا ‪ ،‬فهـي حياة بائسة أو حياة ميتة ما لهاش طعم ‪ ،‬عمرنـا ل أنا ول جهاد ما عرفنا نعيش الحياة‬
‫الروتينية بتاعة كل الناس ‪ ،‬كنا بنرسم حياتنا بطريقة مختلفة و مبسوطين بيها كدا و هي غير ‪ ،‬إوعـى حـد منكم يزعـل يا جماعة علينا ‪ ،‬ل‬
‫افرحولنا ‪ ،‬إحنا خالص ها نسافر للجنة ‪ ،‬الشوق للشهادة وصل أخره عندنا و هللا ما عدناش قادرين نصبر و كمان مشتاقين للجنة أوي و أنا‬
‫بقيت ها أموت من شوقي إني أقابل حبيبي النبي و صحابته بقى و أقعد معاهم حقيقي ‪ ،‬بصوا إحنا مقررين إننا ما نرجعش و حاسين بدا جدًا ‪،‬‬
‫بقالنا خمس أيام من يوم ما عرفنا بـ النتفاضة و أخدنا العهد على نفسنا إننا نجاهد و إحنا بقينا حاسين بحاجات غريبة بنحسها ألول مرة ‪ ،‬الدنيا‬
‫هانت في عيونا جدًا و حاسين إننا شامين ريحة الجنة و إن أروحنا طايرة في عالم تاني ‪ ،‬باركولنا و هنونا يا جماعة‪.‬‬
‫أعـد المجاهدان كل شيء للسفر ‪ ،‬أسلم نضال إدارة كل أمالكه ألنس و لـ فارس و عبدالرحمن ‪ ،‬ودع كـل أصدقائه ‪ ،‬قدم استقالتـه من الجامعة‬
‫و كذلـك جهـاد ‪ ،‬كانت تلك النتفاضة في أجازة نصف العام ‪ ،‬كان هناك صندوق في خزانة مالبسهم ‪ ،‬يطلقان عليه مسمى صندوق األقصى ‪،‬‬
‫ُوضع في مكانه ذاك منذ ثالثة و عشرين عا ًما ‪ ،‬منذ زواجهم ‪ ،‬كانا يضعان فيه يوميًا مبلغ يسير من المال كـ صدقة ‪ ،‬و كان هذا الصندوق‬
‫سبل التي كانا ينصران بها األقصى طوال حياتهما و دليل على صدقهما في طلب الشهادة ‪ ،‬فغرضهما من جمع المال في هذا الصندوق‬ ‫إحدى ال ُ‬
‫طوال هذه السنوات ‪ ،‬أن يبتاعان األسلحة التي سيحاربون بهـا بهذا المال ‪ ،‬فتكون كل قطعة من هذه األسلحة شاهدةً لهم عند هللا يوم القيامة على‬
‫أيام حياتهما ‪ ،‬ابتاعت جهـاد أيضًا أحدث الكاميرات لتوثيق كل ما سيحدث و بثه للعـالم حتى يرى الجميع ما سيقع بعين الحقيقة‪.‬‬

‫سيسافران الليلة بعـد صالة العشـاء ‪ ،‬جمع نضال أبنائه ظُ ً‬


‫هرا ‪ ،‬أنس و زوجته ‪ ،‬جهاد و زوجها و زين ‪ ،‬قال موج ًها كالمه ألنس ‪:‬‬
‫بص يا أنس أنا عايز أطلب منك طلب إنت و سما ‪ ،‬عايزكم تسيبوا شقتكم و تيجوا تعيشوا فـ البيت هنا من النهارده عشان تبقى مع اخواتك‬

‫‪-‬أنس و سما م ًعا‪:‬‬


‫حاضر يا أبتي‬

‫‪-‬توجه نضال بحديثة تلك المرة إلى حمزة و قال‪:‬‬


‫حمزة ! إنت ابني و ابن ابني ‪ ،‬أبوك دا أنا اللي مربيه ‪ ،‬إنت يا ابني ها تاخد بسمة سنيني كمان سنة ‪ ،‬جهاد فوق إنها بنتي و حته مني إل إنها‬
‫واخدة اسم والدتها و صفاتها يعني مكانتها عندي أضعاف مضاعفة ‪ ،‬دي بنت عمك يا حمزة قبل ما تكون زوجتك و حبيبتك ‪ ،‬إوعى تأذيني فـي‬
‫بنتي فـ يوم من األيام ‪ ،‬جهاد هي ال ُمدللة عندي أنا و أخوها ‪ ،‬عمر ما حد زعلها بكلمة و هي عمرها ما قربت من حاجة غلط ‪ ،‬مراتك متربية‬
‫على كتاب ربنا يا ابني و متأدبه صح ‪ ،‬أنا فاكر يوم ما جد جهاد مراتي قعدني و وصاني على حفيدته ‪ ،‬و أنا فضلت حاطط كالمه دا قدام عيني‬
‫طول سنين حياتنا و اتقيت ربنا فيها و متأكد إن ربنا ها يردهولي فـ بنتي زي ما اتردلي فـ عمتك هناء من جوزها ‪ ،‬بنتي أمانة فـ رقبتك يا‬
‫حمزة ‪ ،‬ها أسئلك عليها يوم القيامة بين ايدين ربنا‬

‫‪-‬حمزة بأعين مليئة بالدموع‪:‬‬


‫يا عمي دا إنت اللي مرباني و موصلني لألخالق اللي أنا عليها دي ‪ ،‬أنا يوم ما طلبت منك إيد جهاد كان عشان أحسن ليك فيها و أجازيك على‬
‫كل اللي قدمتهولي فـ حياتي بإحساني لبنتك اللي هي جزء منك ‪ ،‬فوق إني بحبها جدًا و مقدر قيمتها أوي ‪ ،‬يا عمي دا كفاية إن بيتي ها يبقى فيه‬
‫حتة من قلبك و إن عيالي ها يبقى بيجري فيهم من دمك ‪ ،‬و هللا أنا ما عارف أقولك إيه غيـر إني حقيقي ها أكرمك فيها و أبرك بيها و داي ًما ها‬
‫تفضل إنت النجم اللي بينور كل حياتنا‬

‫‪-‬اآلن جاء دور الفتى الصغيـر ‪ ،‬حدثة نضال بحنان‪:‬‬


‫زيـن ! أنا قصرت فـ حقك يا ابني ‪ ،‬عشت ست سنين من غير ما تشوفني و دلوقتي بسيبك و إنت عندك ‪ 11‬سنة ‪ ،‬سامحني يا ابني بس أنا و‬
‫هللا ما ها أقدر أتأخر عن الجهاد و أنا واثق فيك و في تربيتك و عارف إنك راجل‬

‫‪-‬زين بحب و عقـل كـ الكبار‪:‬‬


‫قصرت إزاي بس يا أبتي ‪ ،‬دا أنا لو كان نصيبي من الحياة إن أكون ابنكم من غير ما أعيش معاكم يوم واحد فأنا كدا في نعمة عظيمة ‪ ،‬يا أبتي‬
‫إنتم فخري ‪ ،‬ربتوني على فضل الجهاد و عظمة الشهادة ‪ ،‬ما تقلقش عليا ‪ ،‬أنا إخواتي ها يفضلوا داي ًما جنبي ‪ ،‬ثم قال ببكاء ‪:‬‬
‫إنتم هاتوحشوني أوي بس‪ ،‬ها توحشوني جدًا ‪ ،‬اآلن كان الجميع يبكي ‪ ،‬قالت جهاد البنة بقوة من بين بكائها ‪:‬‬
‫أيوا ها توحشونا ‪ ،‬ها نشتاقلكم لدرجة تموت ‪ ،‬ها يوحشنا حضنكم و حنانكم و حبكم ‪ ،‬لكن ربنا ها يصبرنا ‪ ،‬ها نفرحلكم ألنكم وصلتم للي‬
‫وهبتوا حياتكم ليه ‪ ،‬بصوا إحنا عمرنا ما ها نحب حد ربع حبنا ليكم ‪ ،‬ها نفضل نحكي لكل العالم عنكم ‪ ،‬و ها نفضل نفخر إننا أولدكم ‪ ،‬و‬
‫ربنا يكرمنا و يرفع قدرنا و يحشرنا معاكم في الجنة ‪ ،‬ها توحشونا يا أعظم اتنين مروا في حياتنا ‪ ،‬ثم قامت من مكانها و ألقت بنفسها بين يدي‬
‫والداها و كذلك إخوانها ‪ ،‬بعدها تحدث نضال من بين دموعه إلى أبنائه الثالثة‪:‬‬
‫حافظوا ع البيت دا أوي يا ولد ‪ ،‬حافظوا على كل حاجة فيه ‪ ،‬البيت دا فـ كل ركن فيه كان لينا ذكرى ‪ ،‬ذكرنا ربنا في كل حتة فيه ‪ ،‬المكان دا‬
‫شهد قصة حبي أنا و أمكم ‪ ،‬و أول صالة قيام لينا مع بعض و أول ختمة قرآن لينا سوا ‪ ،‬أجمل أيام حياتنا كانت بين جدرانه ‪ ،‬بـ هللا عليكم‬
‫حافظوا عليه أوي و ما تفرطوش فـ أي حاجة فيه ‪ ،‬هنا كتب مش ها تالقوها فـ حتة تانية و أبحاث سهرنا عليها ليالي ‪ ،‬هنا كل حاجة و أجمل‬
‫حاجة‪.‬‬

‫بعد أداء صالة العشاء عانق اآلباء أبنائهم حتى أشبعوا أرواحهم من شذاهم ال َعطر ‪ ،‬ثـم انطلقـا معًا إلى تلبية نداء الرحمن و قد تشابكت أيديهـما‬
‫‪.‬‬

‫اآلن األبطال على أرض فلسطين ‪ ،‬توجها إلى القدس و بمجرد أن وصال م ًعا إلى ساحة المسجد األقصى خرا ساجدين يبكيان ‪ ،‬لقـد تحققت‬
‫أخيرا ‪ ،‬دمعات الشوق التي كانت تسقط من أعينهم كل ليلة في القيام و رجائهم الرحمـن‬ ‫ً‬ ‫دعوة ظلت ثابتة في كل سجدة منذ الصغـر ‪ ،‬هما هناك‬
‫أن يأخذهم إلى بيت المقدس قد منحتهم ثمارها ‪ ،‬يا هللا تحققت لهما تلك الدعوة التي تلهج بها ألسنتنا جمي ًعا " اللهم ارزقنا صالة في المسجد‬
‫األقصى قبل الممات " ها هما قد ُرزقا بذلك ‪ ،‬و بعد طول رجاء حان وقت تحقيق اآلمال و هدأت نيران الشوق ‪ ،‬بربهما بما يشعران اآلن ‪،‬‬
‫بربهما كيف حال الروح هناك ‪ ،‬بربكما يا من تنظران إلى قبته صفا لنا هواكما ‪ ،‬أبلغاه إذا أتيتم حماه أننا متنا في الغرام فداه ‪ ،‬يا بطالن هال‬
‫مننتُما على المشتاقين أمثالنا بوصفه لنا ‪ ،‬برسم بهائه و ثنائه في عقولنا ‪ ،‬بذكـر أسمائنا في رحابه‪.‬‬

‫بدأت النتفاضـة و كـانت حقًا قوية تلـك المرة ‪ ،‬و في المقابل ازدادت إعدادات اليهود قبحهم هللا ‪ ،‬كـ عادة األبطال ‪ ،‬كان نضال في بداية‬
‫صفوف الرجال و جهـاد في بداية صفوف النساء ‪ ،‬كـانت جهاد تصور كـل ما يحدث بحرفية عالية و ترفعه على المواقع الشهيرة بصورة‬
‫دورية ‪ ،‬كانت رغبتها القديمة في تعلم التصوير و إتقانه من أجل تلك الغاية و مثل هذا اليوم ‪ ،‬كانت نسبة مشاهدة تلك التسجيالت تزداد يو ًما‬
‫بعد يوم و كذلك كانت أعداد المرابطين تزداد بمؤمنين من شتى بقاع العالم ‪ ،‬بدأت المواجهـات تزداد قوة و بدأ الشهداء يتساقطـون و من‬
‫المحتمل أن يدب الخوف في قلوب البعض ‪ ،‬خشى نضال من ذلك فصعـد على المنصة ليلة الجمعة و أمسك مكبر الصوت بيده و نظر للجموع‬
‫أمامه ‪ ،‬و أخذ يردد تلك الكلمات بكل ذرة من كيانه ‪:‬‬
‫لبيك إسالم البطولة كلُنا نفدي الحما‬
‫لبيك و اجعل من جماجمنا لعزك سُلما‬
‫لبيك إن عطش اللواء سكب الشباب له الدماء‬
‫لبيك لبيك لبيك لبيك‬
‫فـ اهتزت األرض من صوت المؤمنين الذين رددوا خلفة بصدق ‪ ،‬كـان مشهد َمهيب ‪ ،‬قشعرت من عظمته األبدان ‪ ،‬نعم هذه أصوات الرجال‬
‫الذين صدقوا مع هللا و جاءوا بأرواحهم قربانًا إلى الرحمن‬

‫ثم أنشد نضال بصوته العذب تلك الكلمات ‪:‬‬


‫سـوف نبقى هنا كي يزول األلم‬
‫سوف نحيا هنا سوف يحلو النغم‬
‫موطني موطني موطني موطني‬
‫موطني ذا اإلباء‬
‫موطني موطني موطني موطني‬
‫موطني يا أنا‬
‫ُرغم كيد العدا ‪ُ ،‬رغم كل النقم‬
‫سوف نسعى إلى أن تعُم النعم‬
‫سوف نرنوا إلى رفع كل الهمم‬
‫بـ المسير للعُال و مناجاة القمم‬

‫فدبت العزيمة في قلوب كل المؤمنين و ألقى هللا الرعب في قلوب الكافرين ‪ ،‬هتف نضال بصوته الجهوري ‪:‬‬
‫عنان السـماء ‪ ،‬ردد معهـم الكـون بأكمله ‪ ،‬الطيور و الصخور ‪ ،‬البحار و األنهار ‪،‬‬
‫تكبيــر ‪ ،‬فهتف المؤمنون هللا أكبر حتى عانقت أصواتهم َ‬
‫كانت لحظات التحدث عنها شيء مبتذل ‪ ،‬ل كلمات تُعبر ول حروف تجتمع لتصفها ‪ ،‬هتف نضال مرة أخرى تلك الكلمات قبل أن يهبط‪:‬‬
‫هللا غايتنا و الرسول قدوتنا و الموت في سبيل هللا أسمى أمانينا‬

‫خيبر خيبر يا يهود ‪ . . .‬جيش محمد سوف يعود‬

‫ليال ‪ ،‬كان‬‫صباح الجمعة ‪ ،‬أصبح المؤمنون و كلهم يشتاقون النصر و الشهادة و كذلك أصبح اليهود و الرعب يملئ قلوبهم من هتاف المؤمنين ً‬
‫الصدام قويًا جدًا ذاك الصباح ‪ ،‬أظهـر الطرفان أقصى ما لديهم من قوة ‪ ،‬سقط الكثير من الجرحى ‪ ،‬كان نضال يسعف من يراه منهم سري ًعا ثم‬
‫يعود إلى مكانه في المقدمة و كانت جهاد تساعد في تطبيب المصابين باإلضافة إلى تصويـر كل ما يحدث عن قرب ‪ ،‬و كانت الغلبة للمؤمنين‬
‫في تلك المناوشة فـ استطاعوا طرد كل اليهود من ساحة المسجد األقصى و دخلوه مكبرين ‪ ،‬كان ذلك وقت صالة الجمعة ‪ ،‬امتلئ المسجد‬
‫بالمصلين و كذلك الحيز المحيط به و كافة الطرقات و المناطق المجاورة ‪ ،‬آلف المجاهدين المؤمنين ‪ ،‬حان وقت رفع األذان و لكن يبدو أن‬
‫مؤذن المسجد األقصى قد أصيب ‪ ،‬كان نضال في الصف األول فتقدم و رفع اآلذان ‪ ،‬كانت مكبرات الصوت قد ُوضعت في كل مكان ‪ ،‬صدع‬
‫باألذان بصوته الخاشع المحبب لكـل النفوس ‪ ،‬فبكت األعين لتأثرهم ببحة البكاء التي ظهرت في صوته أثناء رفع األذان ‪ ،‬دفعـه الجميع‬
‫لصعـود المنبر ‪ ،‬فصعد و خطب خطبة أخرج فيهـا كل ما تعلمه فـي سنوات حياته ‪ ،‬بكى و أبكى األفئدة قبل األعين ‪ ،‬بث الشجاعة و اإلقدام‬
‫في القلوب ‪ ،‬هانت الحياة في أعين الجميع و طلبت أفئدتهم الشهادة ثم جنات عدن ‪ ،‬أنهى الخطبة ثم هبط ليكون إمام تلك الجيوش ‪ ،‬كتب هللا له‬
‫كرامات لم يمنحها سواه ‪ ،‬لم يرزقه صالة في المسجد األقصى فقط ‪ ،‬لكن جعله إما ًما على صفوة الموجودين على وجه األرض ‪ ،‬هل جزاء‬
‫اإلحسان إل اإلحسان ! ‪ ،‬كبـر للصالة و كبر خلفه المؤمنون ‪ ،‬قرأ في الركعة األولى تلك اآليات‬
‫سبيل اّلل أَم َوات ۚ َبل َأح َياء َو َلكن َل تَشعُ ُرونَ * َولَنَبلُ َونكُم بشَيء منَ الخَوف َوال ُجوع َونَقص منَ األَم َوال َواألَنفُس‬
‫( َو َل تَقُولُوا ل َمن يُقتَ ُل في َ‬
‫ُ‬
‫صلَ َوات من َربّهم َو َرح َمة ۖ َوأولَئكَ هُ ُم‬
‫علَيهم َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صابَت ُهم ُمصيبَة قَالوا إنا ّلل َوإنا إلَيه َراجعُونَ * أولَئكَ َ‬ ‫َ‬
‫شر الصابرينَ * الذينَ إذَا أ َ‬ ‫َوالث َم َرات ۗ َوبَ ّ‬
‫ال ُمهتَدُونَ )‬
‫[سورة البقرة ‪]157 - 154‬‬

‫و في الركعة الثانية قرأ تلك اآليات‬


‫سبيل اّلل أَم َواتًا ۚ بَل أَحيَاء عندَ َربّهم يُرزَ قُونَ * فَرحينَ ب َما آتَاهُ ُم اّللُ من فَضله َويَستَبش ُرونَ بالذينَ لَم يَل َحقُوا بهم‬
‫سبَن الذينَ قُتلُوا في َ‬ ‫( َو َل تَح َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اّلل ل يُضي ُع أج َر ال ُمؤمنينَ * الذينَ است َجابُوا ّلل َوالرسُول من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عليهم َول هُم يَحزَ نونَ * يَستَبش ُرونَ بنع َمة منَ اّلل َوفَضل َوأن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من خَلفهم أَل خَوف َ‬
‫ُ‬
‫اس قَد َج َمعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَ ادَهُم إي َمانًا َوقَالوا َحسبُنَا‬ ‫عظيم * الذينَ قَا َل لَ ُه ُم الن ُ‬
‫اس إن الن َ‬ ‫َ‬
‫سنُوا من ُهم َواتقَوا أجر َ‬ ‫َ‬
‫صابَ ُه ُم القَر ُح ۚ للذينَ أح َ‬‫بَعد َما أَ َ‬
‫اّللُ َونع َم ال َوكي ُل )‬
‫[سورة آل عمران]‬

‫من هللا على زوجها بتلك‬‫مؤثرا ‪ ،‬أثلج أفئدة المؤمنين ‪ ،‬و أثلج فؤاد زوجته التي كادت تفقد الوعي من شدة بكائها أن ّ‬
‫ً‬ ‫كان صوتُه خاشعًا نقيًا باكيًا‬
‫من عليها بصالة خلفة في المسجد األقصـى ‪ ،‬صلت خلف رفيقهـا في المكان الذي صلى به النبي بـ إخوانه األنبياء ‪ ،‬فقـد يكون‬ ‫الفضائل و ّ‬
‫موضع سجود زوجها هو نفس موضع سجود النبي منذ مئات السنوات ‪ ،‬نُقلت الصالة و الخطبة عبر الشاشات ‪ ،‬فقد جاءت كافة وكالت األنباء‬
‫إلى هذا المكان المقدس لنقل ما يحدث ‪ ،‬شاهد هذا البث أبناء نضال و أقاربه و أصدقائه و جيرانه و بكى الجميع لعظمة ما سمعوا و رأوا‬
‫خـرج المصلون من المسجد و قد ُرف َعت أروا ُحهم المعنوية ‪ ،‬وقعت الشتباكات من جديد و وقع المزيد من القتلى في كال الطرفين لكن قتالنا في‬
‫الجنة و قتالهم في النـار ‪ ،‬كان األعداء يهابون مواجهة نضال ‪ ،‬فقد وصل ذكر هذا البطل إلى مسامعهم ‪ ،‬سقط أحـد المقاتلين بجوار نضال‬
‫فحمله و أسرع به نحو أماكن إسعاف المرضى و يال ترتيب القدر عندما وصل به وجد جهاد على باب المكان يبدو أنها كانت تُسعف إحدى‬
‫الحالت ‪ ،‬كان قد مر عليهما يومان دون لقاء ‪ ،‬دخل نضال و وضع المصاب في الداخل و خرج ‪ ،‬تقدم ناحية زوجته الواقفة بالخارج ‪ ،‬أمسك‬
‫رأسها بيديه ثم قبل جبينهـا قبلةً مطولة ‪ ،‬كأنها قبلة وداع ‪ ،‬ألقى عليها نظرة طويلة ثم استدار و مضى عائدًا إلى الصفوف األولى دون أن ينطق‬
‫‪ ،‬وجدت داخلها هات ًفا يدفعها للسير خلفه ‪ ،‬فتبعته ‪ ،‬و في منتصف المسافة بين معسكر الجرحى و الصفوف األولى و كانت جهاد قد كادت‬
‫تصل إليه لو بسطت ذراعها لـ لمست ظهره ‪ ،‬و إذا فجأة يهبط وابل من الرصاص من جهات متفرقة عليهما معًا ‪ ،‬اآلن هما الثنان يقفان‬
‫ينزفان ‪ ،‬لم يصل األمر لديهما إلى مرحلة اإلدراك بعـد ‪ ،‬ربما اآلن هما يشكران تلك الرصاصات التي منحتهم أعظم ما في الوجود ‪ ،‬و قبل أن‬
‫يسقطا متجاورين ‪ ،‬أُلقيت قنبلة بجوارهما ثم انفجرت فقُذفت جهاد بعيدًا جهة معسكر الجرحى نتيجة النفجار و سقط نضال في الجهة األخرى ‪،‬‬
‫اآلن أرواحهم تداعب أجسادهم التي تنزف بغزارة برفق قبل أن تفارقها ‪ ،‬حركت جهاد رأسها بصعوبة جهة نضال فوجدته هناك على مرمى‬
‫بصرها ينظر إليها ‪ ،‬سقطت دمعاتها و جاهدت لتمد يدها جهته كأنها تستجديه أن يقترب حتى يفارقان الحياة معًا ‪ ،‬و يأبى هللا إل أن يُلبي رغبة‬
‫عباده المؤمنين حتى و هم يفارقون الحياة ‪ ،‬فإذا بجنود مؤمنين يقتربون من نضال و يحملونه و يتوجهون به نحو معسكر الجرحى و هم يبكون‬
‫هذا البطل الذي يفارق الحياة ‪ ،‬بمجرد أن وصل إلى مكان زوجته نظر إلى من يحملونه ثم نظر إلى زوجته ففهم حاملوه رغبته فوضعوه‬
‫كثيرا بأعينهما ثم ارتسمت البسمة‬ ‫ً‬ ‫كثيرا حتى أمسك يدها بيده و شد عليها بوهن ‪ ،‬نظر كل منهمـا لألخر و قال كال ًما‬ ‫ً‬ ‫جوارها تما ًما ‪ ،‬عانى‬
‫على وجهيهما ‪ ،‬نعم إنها بسمة الشهداء ‪ ،‬البسمة الوحيدة الحقيقية في تلك الحياة ‪ ،‬ما الذي يجعلهم يبتسمون ! إنهم يرون اآلن مقعدهم من الجنة ‪،‬‬
‫لم تظهر أي عالمة لأللم على وجوههم ‪ ،‬و هذه من كرامات الشهداء أنهم ل يشعرون بآلم جروحهم و يغفر هللا لهـم مع أول قطرة دم ‪ ،‬و‬
‫يُؤمنون من الفزع األكبر و يشفعون في سبعين من أهلهم و يأتون يوم القيامة بجراحهم تنزف ‪ ،‬اللون لون دم و الريح ري ُح مسـك ‪ ،‬رددا معًا‬
‫س َالم َعلَيكُم‬ ‫صلَ َح من آبَائهم َوأَز َواجهم َوذُ ّرياتهم ۖ َوال َم َالئ َكةُ يَد ُخلُونَ َ‬
‫علَيهم من كُلّ بَاب * َ‬ ‫عدن يَد ُخلُونَ َها َو َمن َ‬
‫تلك اآليات و هما يبتسمان ( َجناتُ َ‬
‫صبَرتُم ۚ فَنع َم عُقبَى الدار)‬
‫ب َما َ‬

‫ثم رددا شهادة الحق و أغمضا أعينهما و لزالت البسمة تنير وجوههما و أيديهما متشابكة ‪ ،‬كأنهما اآلن يتنزهان م ًعا في مكـان آخر ‪ ،‬فـي عالم‬
‫جديد ‪ ،‬كأنهما يُحلقان اآلن في جنات عدن مع النبين و الصديقين ‪ ،‬ذهـبا إلى هللا معًا كما أطاعاه معًا ‪ ،‬منحهما هللا دعوتهما كما طلباها تما ًما ‪،‬‬
‫كال منهما ثالث رصاصات‬ ‫فكـم ضحيا بأغلى ما يملكان من أجل طاعته ‪ ،‬فكافئهما الجميل بالجـمال ‪ ،‬اختلطت دماؤهما معًا ‪ ،‬كان في جسد ً‬
‫بأماكن متفرقة و جروح أخرى كثيرة بالغة و غائرة من أثر النفجار ‪ ،‬هدأت وطأة القتال شيئًا ما ف ُحمال و دُفنا في األراضي المقدسة و قد‬
‫أن هذا الحدث قد‬ ‫أُلقيت عليهما الزهور و ظلـت بسمتهما تنير وجوههما ‪ ،‬في مشهد مهيب يليق بضيوف الرحمن ‪ ،‬و من فضل هللا على األمة ّ‬
‫مثال يُحتذى به لحياة المؤمن الملتزم ‪ ،‬تنافست‬ ‫التقطته الكاميرات منذ أن حضر نضال بالجريح إلى المعسكر حتى مراسم دفنهما حتى يكون ً‬
‫الفضائيات في بث هذا الحدث ‪ ،‬فال أذكـر أنه بقي أحد لم يشاهد هذه العظمة ‪ ،‬شاهده ك ُل من يعرفهما و من لم يعرفهما ‪ ،‬بكاهما الجميع ‪ ،‬تطوع‬
‫أحدهم و نشر على مواقع التواصل الجتماعي أن يصلوا على هاذان الشهيدان صالة الغائب ‪ ،‬تم التفاق على التجمع وقت صالة العشاء في‬
‫ميدان رابعة العدوية ظنًا منهم أن األعداد التي ستأتي ستكون قليلة على ميدان التحرير ‪ ،‬انتشر الخبر بسرعة رهيبة ‪ ،‬و بعد ثالث ساعات وقت‬
‫أذان العشاء كان الميدان قد امتلئ بالبشر ‪ ،‬و ملؤا الطرقات المحيطة بالميدان ‪ ،‬و كل المناطق المجاورة ‪ ،‬ل أدري كيف تجمع هؤلء بتلك‬
‫السرعة ‪ ،‬جاء الناس من كل المدن ‪ ،‬من المنصورة و األسكندرية من الصعيد و القرى ‪ ،‬كان مشهدًا عظي ًما ل أذكر أنه حدث من قبل ‪ ،‬صلى‬
‫بالجميع إما ًما أنس ‪ ،‬ابن الشهداء ‪.‬‬
‫كـان اليـوم التالي هـو أول يـوم في الفصـل الدراسي الثاني ‪ ،‬صلى فيه طالب جامعة األسكندرية كلهـم داخل الحرم الجامعي صالة الغائب‬
‫أيضًا على أرواح أساتذتهم و تم إعالن الحداد لمدة شهر في الجامعة بأكملها‪.‬‬

‫ظلت ذكراهم حيه في الذاكرة لألبد ‪ ،‬و خلدها التاريخ ‪ ،‬ظلت في قلوب طالب جهاد بالمنصورة و األسكندرية و طالب نضال ‪ ،‬في قلوب كل‬
‫الشباب الذين التحقوا بالمركز و كل المرضى الذين تعالجوا في مشفى نضال ‪ ،‬كل من تعامل معهم لمرة واحدة ظل يذكرهما و يدعو لهما‬
‫تأثرا‬
‫مستمرا ‪ ،‬األخالق التي بثوها في الجميع ‪ ،‬من تقرب إلى هللا بسببهما ‪ ،‬من أسلم ً‬
‫ً‬ ‫بالخير دو ًما ‪ ،‬ذهبا إلى هللا و ثواب أعمالهما لزال‬
‫بحديثهما ‪ ،‬صدقاتهم و أعمال الخير الكثيرة التي قضيا حياتهما من أجلها ‪ ،‬لم تكف األلسنة عن الدعاء لهما و الثناء عليهما ‪ ،‬و لم تجف‬
‫الدمعات عند ذكرهم ‪ ،‬و فعـل الخير و منح ثوابه لهما‪.‬‬

‫أقسم الجميع أن هاذان الشهيدان كانا لبد أن ينال كل تلك الفضائل ‪ ،‬فأخالقهما أخالق شهداء و طلتهما طلة شهداء و بسمتهما بسمة شهداء ‪،‬‬
‫معبرا عنهما ‪ ،‬جهـاد و نضـال ‪ ،‬اسمان مشتقان من بعضهما و وصفا حياة أصحابهما وصفًا‬ ‫ً‬ ‫سبحان تقدير العزيز العليم ‪ ،‬حتى اسمهما كان‬
‫عيني) ‪ ،‬كأن هللا قـد صنعهما على عينه حقًا منذ ولدتهما و حفظهما‬
‫علَى َ‬
‫دقيقًا ‪ ،‬أراهما بكل تلك المحاسن تنطبق عليهما تلك اآلية ( َولتُصنَ َع َ‬
‫بفضله حتى صارا ممن يدلون على هللا بطيفهم ‪.‬‬

‫ضى نَحبَهُ َومن ُهم َمن يَنتَظ ُر ۖ َو َما بَدلُوا تَبد ً‬


‫يال)‬ ‫علَيه ۖ فَمن ُهم َمن قَ َ‬
‫اّلل َ‬ ‫صدَقُوا َما َ‬
‫عا َهدُوا َ‬ ‫(منَ ال ُمؤمنينَ ر َجال َ‬
‫[سورة األحزاب ‪]23‬‬
‫آه لو أننـا بأخالق الشهـداء ‪........‬‬

‫تمـت بحمـد هللا ‪. . . .‬‬


‫____________________‬

‫و هكـذا أرجو من هللا لحيـاتي أن تكون ثم تنتهـي بالطريقة ذاتها‬

‫ً‬
‫ضئيال فهـو األحبُ إلى روحـي عما سواه‬ ‫ً‬
‫ضئيال مـن أحالمي بأدق تفاصيله ‪ ،‬لكنه و إن كان‬ ‫شاركتُكم جز ًءا‬

‫إن كان لبـد أن أقدم هذا العمل إهدائًا ألحدهـم فأنا أقدمه إليـه ‪ ،‬إلى رفيق الكفاح و الجنان ‪ ،‬إلى السكن و السكينة ‪ ،‬إلـى الشهيد زوج الشهيدة ‪،‬‬
‫إلى من ل أعلمه و لم أره و لكن هللا يعلمه و يراه و سيأتيني بـه ‪ ،‬ثـم إلى أفراد عائلتي كلهم ‪ ،‬صغيرهم و كبيرهم ‪ ،‬من علموني و أدبوني و‬
‫كانوا مصـدر اإللهام و التحفيز ‪ ،‬و فـي مقدمتـهم َجدي وأمي و شقيـقتـي ‪ ،‬ثم إلى صديقاتي مـن دفعوني نحو هذا الطريق ‪ ،‬إلى من اكتملت تلك‬
‫الرواية بتشجيعهـم و مساندتهم ‪ ،‬ثم إليكـم جميعًا ‪ ،‬إلى كل من أثلج فؤادي بكلمة طيبة ‪ ،‬إلى كـل من قرأها و أسعدني بمروره ‪.‬‬

‫دفعـني لكتابة هذه األسطر رجائي بـأن يبقى لي أثر بعد مماتي ‪ ،‬و وددت أن أزرع في فؤادي و أفئدتكـم قدوة ‪ ،‬أن أحكي لنفسي و لكـم عن‬
‫ً‬
‫مستحيال و خياليًا ‪ ،‬أقسـم لكـم أن مثل هؤلء موجودون ‪ ،‬و أننا جمي ًعا‬ ‫نموذج طيب افتقدناه في ظل هذا السوء الذي يحاصـرنا ‪ ،‬و لكنـه ليـس‬
‫نستطيـع أن نكون مثلهـم و أعظـم ‪ ،‬فقـط علينـا أن نقـرر و نعمل و سـنصل ‪.‬‬

‫مـن أفادتـه تلك الرواية و لو ً‬


‫قليال ‪ ،‬فـ ليكتب ما استفادة و ليجتهـد في تطبيقه ‪ ،‬ل تنبهروا باألشخاص و تغفلوا عن الدروس ‪.‬‬

‫مـن أثّرت بـروحه تلك العبارات و أراد أن يكافئني فـ ليذكرني فـي دعائه و ليسأل هللا لي القَبول ‪ ،‬فهذا و هللا أعظم إحسـان قد تقدمونه لي و‬
‫أحب األشياء إلـى نفسـي‪.‬‬

‫ً‬
‫مستقبال ‪ ،‬أن يترك لي أثر‬ ‫بقي لي عنـدكم حاجة ‪ ،‬و أرجوا أن تتفضلوا عل ّي بها ‪ ،‬أريد من كـل من أتم قراءة تلك الرواية اآلن أو مـن سيقرأها‬
‫‪ ،‬تشجيع ‪ ،‬نقـد ‪ ،‬دعاء ‪ ،‬درس ُمستفاد ‪ ،‬رؤية جديدة في الحياة بسبب تلك الرواية ‪ . . . .‬أي شيء ‪ ،‬فـ ليكتب كل منكم ما يحـلو لـه ول‬
‫تـحرموني بهجة مروركـم و آرائكم ‪.‬‬

‫طبتـم و طابـت أوقاتُكـم‬


‫علنا نلتقـي مـرة أخـرى مـع رواية جديده إن كـان في العُمـر بقيـة ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪2017/8/16‬‬

You might also like