Professional Documents
Culture Documents
الحـب و الحـرب ،الفرق بينهما حرف و الحـرف قليل ،قد يُخلق من الحـرب أروع قصص للحـب ،و قد تشتعل داخلك حرب من أجل الحب
،أما عن ذاك الحـب الذي يسري فـي دماء المناضل أثناء الحـرب فهـو قس ًما أعظم حـب قد نراه ،حب يدفع إلى كل جميل ،حب يجعل منـك
شيئًا ذا قيمة ،حب يزرع فيك كـل طيب ،حب تبتسم له ابتسامة عشق و أنت تودع تلك الحياة .
............. ............... ............. .............
ليلة النصف من شعبان ذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت هللا الحرام ،هناك في بيت كبير على الطراز الحديث بإحدى المناطق
السكنية بالمنصورة
-آآآآه الحقني يا أحمد أنا بولد ،وديني للدكتور بسرعة ،آآآآآه
أحمد وقد بلغ به القلق مبلغة :
حاضر حاضر يا حبيبتي ،ها أنادي ماما ناهد و ننزل ً
حال
-أحمد و هو يطرق باب غرفة والدته :
ماما منى بتولد ،تعالي بسرعة عشان ننزل للدكتور ،أنا مش عارف أعمل إيه و هي بتتألم على آخرها فوق
ناهد وقد هبت واقفة من على سجادة الصالة :
طب انزل إنت يا ابني شغل العربية و أنا ها أطلعلها
............. ............. ........... ............ ...........
-ما شاء هللا ،تبارك هللا ،ربنا رزقك بنت زي القمر يا أحمد
أحمد وقت تهللت أساريره و أدمعت عيناه:
بجد يا ماما ،طب أنا عايز أدخل أشوفها و أشوف منى
-ادخل يا حبيبي ،منى شايالها جوه
أحمد و هو يقبل جبهة زوجته:
حمد هللا على سالمتك يا حبيبتي
منى وهى تعطي له الصغيرة :
ربنا يسلمك يا حبيبي ،ها نسميها إيه
-جهاد إن شاء هللا ،و نربيها على شرع ربنا عشان حياتها تبقى كلها جهاد و ربنا ينفع بيها األمة
ثم أخذ يؤذن في أذن الصغيرة و هو ممسك بيدها بين أصابعه
............. ............ ............. ............. ............
أحمد ...مهندس معماري يبلغ من العمر ثالثين عا ًما تزوج من منى التي تخرجت من كلية العلوم لكنها آثرت التفرغ لبيت الزوجية على العمل
،يعيشان معًا في بيت كبير حيث والده الحاج مصطفى و والدته السيدة ناهد بالطابق األول و هو و زوجته بالطابق الثاني ،يمتلك أحمد أخ و
أخت ...محمود و هو متزوج من سالي و يسكنان في بيت بالجوار و فاطمة و هي األخت الكبرى متزوجة في قاهرة المعز .
............... ............ ............ ............. ..........
-جهاد وهي تهبط الدرج باندفاع ثم تدخل إلى الطابق الذي به جدها:
جدو ،تيتا ! أنا نجحت ،أنا جبت ٪ ٩٩,٨
-الجد و قد قام من مجلسه و احتضن جهاد :
هللا أكبر هللا أكبر ،ما شاء هللا ،أنا كنت عارف إن ربنا ها يكرمك يا حبيبتي
-ناهد و هي تحتضن جهاد هي األخرى :
ألف مبروك يا قلب تيتا ،دا إحنا النهارده عندنا فرح ،ربنا يكتبك من الناجحين داي ًما يا بنتي
-أحمد و هو يدخل إلى المجلس :
طبعًا طب من غير ول كلمة يا دكتورة جهاد
-جهاد و هي تنظر لوالدها:
في الحقيقة ل يا بابا مش ها أدخل طب ،أنا عايزه أدخل تربية
-الجميع وقد أصابتهم الدهشة :
تربية!!!!!!
-تربية إزاي يعني يا جهاد ،تبقي جايبة ٪٩٩,٨و تدخلي تربية ،ل طبعًا
-جهاد و هي تنظر بعيدًا كأنها ترى صورة للمستقبل:
عايزة أدخل تربية و ربنا ها يوفقني إن شاء هللا و أطلع األولى كل سنة و أتعين معيدة و بعدين دكتورة في الجامعة ،عايزة أدرس للطلبه اللي
هايبقوا مدرسين في المستقبل ،نفسي أبني جيل صح ،ها أدخل وها أحاول أدرس كتير عن التاريخ اإلسالمي و أزرع فـ عقول الطلبه التاريخ
دا كله ،و أخليهم يفخروا بأمة اإلسالم ،و يقتدوا بالصحابة العظماء ،بحلم أشوف جيل إسالمي ،و بدعي ربنا إني أشارك في بناء الجيل دا ،
عايزة أغير فكرة إن كل الدكاترة بيخوفوا الطالب وبس ،ل أنا عايزة أصاحبهم ،عايزة أزرع فيهم التربية و األخالق قبل التعليم ،لو دخلت
طب ممكن آه أبقي دكتورة في الجامعة لكني هاأدرس لدكاترة مش لمدرسين ،و أنا عايزة التأثير يبقى كبير ودا هايكون من خالل المدرسين
ألنهم هايطلعوا األجيال الجديدة ،يمكن نقدر نبني جيل يرجع لينا العزة و يحرر األقصى ،فهمتوني يا جماعة !
صمت الجميع ،فكلهم قد تأثروا بكالمها ،و اشتاقوا هم أيضًا لرؤية هذا الجيل اإلسالمي.
أحمد و هو ينظر إلى فتاته بإعجاب :
تعرفي يا جهاد ! إحنا صحيح ربنا ما أردش إننا نخلف غيرك ،لكنه الحمد هلل كافئنا بيكي يا بنتي ،فيكي كل حاجة أنا اتمنيتها تكون في ولدي
،رقة البنت و شهامة الولد ،حنان األنثى ،و كفاح الشاب ،الطموح و اإلجتهاد ،التفوق و التواضع ،ربنا يحفظك لينا يا بنتي ،إنت و هللا
بكل العيال اللي كنت بتمناهم ،ربنا يبارك لينا فيكي ،ادخلى تربية و كوني زي ما إنت رسمه يا جهاد ،ربنا يوفقك .....ثم قام و احتضن ابنته
و عيناه تتألأل بهما دمعات الفخر و الحب و الحمد هلل ،و كذلك أعينهم جمي ًعا .
.......... ............. ........... ........... ..........
-نضال ،يا نضال ! اصحى بقى أل و هللا أروح أنادي ماما و هي تصحيك بطريقتها .
-نضال و قد فتح عينيه فجأة:
ل ،كله إل ماما هللا يكرمك دي ماعندهاش غير الميه الساقعة
-هههههههه ناس مابتجيش غير بالعين السخنة ،مغلبني بقالك ساعة و أول ما قولت ماما فوقت على طول
نضال و هو يقفز من على الفراش:
بتتريقي عليا يا هناء ،طب تعاليلي بقى
-هناء و هي تفر هاربه من غرفته :
لاااااااا ،الحقيني يا ماما ابنك بقى دكتور و برده مش راضي يعقل
و ظل نضال يجري خلفها حتى أمسكها من خصرها و حملها على كتفه :
بتخوفيني بماما يا بت و بتقولي عليا مش عاقل يا بتاعة أولى ثانوي ....يابت دا أنا لو كنت اتجوزت كان زماني جبت عيال أكبر منك
-هناء وهي تضرب فيه بقدميها و تضحك بشدة :
و أنا مالي يا عم ،حد قالك ماتتجوزش ،واحد مخلص طب و اتعين معيد فـ كلية و مش راضي يتجوز ،دا عيب فـ حقك يا أخي ،دا البنات
بيجوا يخطبوك يا جدع ،وانت حجر ول بتتأثر ،ههههههههههه
-نضال و قد أخذ يدغدغ أخته بشده حتى تكف عن الحديث:
إنت مالك و مال الحوارات دي يا بت ،دا أنا لسه شاريلك مصاصة إمبارح بتتكلمي في الجواز النهارده ،ل دا إنت حسابك تقل ،أنا ها أفتح
باب البلكونة و أرميكي في الشارع و نرتاح منك ومن لماضتك ......و أخذ نضال يتجه إلى باب البلكونه فعليا
-اعقل يا نضال ،الحقووووووني ...يا ابني أنا بالبيجامة والناس زمانهم زي الرز في الشارع ،ربنا يهديك
نضال و قد ترك باب البلكونه و أنزلها أرضًا :
يوووه ،مش ها ينفع أرميكي بقى و إنت كده ،ابقي غلسي عليا المرة الجاية و إنت لبسه عباية علشان أرميكي فـ الشارع على طول
-هناء و قد أخذت تهندم مالبسها :
يا نهاري ع الرخامة يا ابني ،ايه دا !! هللا يكون في عونها وهللا
-بت ! إنتي مش ناوية تتلمي طب خد.........
-يا عيال صوتكوا ها يوقع البيت علينا ،انتم مش هاتبطلوا مناقره فـ بعض أبدًا ،يا ابني إنت كبرت بطل شغل العيال دا
-نضال و قد اتجه إلى والدته و انحني يقبل رأسها:
إيه ياست الكل ،ما إنت عارفه ابنك عمره ما هيعقل أبدًا ،ههههههه
-يا أخي اللي يشوفك و إنت أهبل كدا ما يشوفكش و إنت واقف ع المنبر بتخطب ،سبحان هللا بتتحول !
-نضال و هو ينظر إلى مصدر الصوت ،و هو أخيه األوسط بينه و بين هناء :
يا مرحب ،البيه بتاع هندسه شرف هو كمان ،ايه اللي قومك من النوم يا عباس
-هههههههه ،كان يوم أبيض يوم ما دخلتها ،أنا بكفر فيها عن ذنوبي ذنب ذنب أقسم باهلل
"الفصل الثاني"
بُـعد الحبيـب عن الحبيـب مميـت ،هنـاك أرواح ُخلقـت حتى تجتمع ،و إذا انفصلـت تلك األرواح تعبـت األجساد من شدة الشوق ،قـد تحول
األقدار دون اللقاء و لكـن القلوب المؤمنة تظل واثقة أن الودود قادر على جمعهم و اتصالهم .
...... ... ......... .......... ........... ............
األم تجلس في الصالون و إذا بنضال يخرج من غرفته إليها:
-بقولك إيه يا أم نضال ،ادعي لنضال عشان النهارده أول محاضرة ليه كـدكتور مش معيد ،ادعيله أل يتلخبط و هو بيشرح للعيال و يشرحلهم
كيفية عمل المكرونة بالباشمل بدل الطب
-هههههههههه ،بقى إنت دكتور في الجامعة إنت ،مش عارفه يا ابني إنت بتدرس للعيال إزاي بس
-طب و الحب دا مش راضي يميل على واحده كدا ول كدا و تريحني بقى ،نفسي أفرح بيك يا نضال
-طب بزمتك يا أمي فيه واحدة عاقلة ترتبط بدكتور جراح ،دا ممكن تصحى الصبح تالقية فاتحلها بطنها و شايلها المعده ول حاجة
-األم و قد ظهرت نبرة الحزن في صوتها :
بطل هزار بقى يا نضال ،إنت مليون واحدة تتمناك و أنا زهقت من كتر رفضك للبنات اللي بقولك عليهم و كلهم بنات مايتعابوش ،بقى
مانفسكش تبني بيت اسالمي يا نضال و تحب و تتحب
-ههههههه أيوا يا سيدي زي القمر و يال امشي من هنا ،ربنا يوفقك و يفتحها فـ وشك يا ابني و يكرمك
......... ......... ........... ...........
ً
طويال بعض الشيء ، نضال شاب طويل القامة قوي البنية يتمتع بجسد رياضي ،خمري البشرة ،شعره شديد السواد و النعومة ،ويتركه
ويتمتع بدرجة كبيرة من األناقة ،يعيش في األسكندرية مع أسرته .
........ .......... .......... ......... ........
-نضال وهو يتحدث في الهاتف إلى صديقة بمزاح:
ألو ...أيوا يا سي محمد هو إنت يا ابني اتجوزت و خلفت و نسيتنا ول إيه ،كان ليك صاحب اسمه نضال يا عمنا
-حبيبي يا ابو الدكاترة وحشني وهللا يا ابني إنت فين و أنا أجيلك
-طب تمام و أنا خلصت في المستشفى أهو ،مسافة السكة و أكون عندك
.......... ......... ........... .......... ........
-نضال وهو يحتضن صديقة:
ً
أهال بالباشا ،إيه يا ابني هو إنت بيحبسوك في البيت ول إيه ،فين محمد الشقي اللي ما كانش بيبطل لف
-يا ابني أنا ما بصدق أخلص في المستشفى و أروح جري علشان أقعد مع العيال شوية ،قبل ما أنزل العيادة بالليل
-محمد بمكر:
ما إنت لو اتجوزت مش ها تحتاجني يا حلو ،ها تالقي اللي تحكيلها كل حاجة
-نضال بملل:
ماتسيبك من السيرة دي يا محمد ،هللا ...مش هاتبقى إنت و أمي بقى
-نضال بثقة:
بدعي ربنا كل يوم إنه يخليني أحلم بيها ،عشان أعرفها و أروح أتقدملها ،دي الطريقة الوحيدة اللي هاأضمن بيها إني اخترت صح ،ومتأكد
إن ربنا استجابلي ،و هاأحلم بيها في يوم من األيام ،ممكن إنت تكون شايف الموضوع هبل بس أنا اتعودت طول حياتي أدعي ربنا بكل حاجة
أنا عايزها سواء صغيرة أو كبيرة و متعود على كرمه في كل دعوة فأكيد هايستجيبلي الدعوة دي أكيد .
-محمد و قد تأكد أن صديقة سيظل عنيد كما هو و لن يتخلى عن أحالمه أبدًا:
ربنا يرزقك بيها يا نضال ،مع إني مش موافق على اللي إنت ناوي تعمله
........... ......... ........ .......... ........
-جهاد و هي تقبل يد جدها و جدتها:
صباح الخير يا حبايب
-الجده بإعجاب:
بس إيه الجمال و الشياكه دي يا ست الدكتوره
-جهاد بمزاح:
أول يوم الطلبه هيشوفوني فيه ،لزم نبقى حلوين بقى ..يمكن أطلع بعريس بدل العيشة الناشفة دي
-يا عم الحج ،هما دول عرسان دول ......وبعدين بقولكوا إيه سيبكم من الحوار دا ،أنا عايزه دعوتين كدا ع الصبح يفتحوا الدنيا ف وشي
-ربنا يكرمك يا بنتي يارب ،و يسعد أيامك و يجعلك من الناجحين الفالحين
-الجده بجدية:
جهاد بالراحه و إنت سايقه العربية ،خدي بالك من الطريق ..أنا عارفه عربيات إيه اللي إنت هاتركبيها و إنت لسه عيله كدا
-جهاد بمزاح:
عيلة مين بس يا تيتا ....دا أنا ست البنات ،وبعدين دا أنا أجدع من أجدع سواق ......يال بقى أنا هاأنزل ..السالم عليكم.
............ .......... ......... ......... .........
-السالم عليكم و رحمة هللا و بركاتة ...إزيكم يا شباب ...أنا الدكتورة جهاد أحمد ...في البداية كدا أنا مكتبي في الدور التالت ،تاني مكتب
جنب السلم ...أي حد فيكم يحتاج حاجة يجيلي ،واللي مش هايقدر يشتري الكتاب يجيلي بردة ....أنا هنا أختكم قبل ما أكون دكتورة .....
والعالقة بينا قايمة على اإلحترام و التفاهم ،مش على العنف أو المكانة العلمية خالص .......كفاية رغي و نبدأ محاضرتنا بقى .............
........... ........... ........... ........... ..........
-جهااااااد ،يا جهااااااااد
-بسم هللا الرحمن الرحيم ...مين
-بقالي ساعة بصحي فيكي يا بنتي ،غلبتيني
-تعرفي يا ماما ،لو الطلبة في الكلية يعرفوا عمايلكم دهي فيا ..مش هايحترموني خالص ،يا حجة دا أنا قولت بيحرروا األقصى من ورايا و
أمي مقوماني أتفرج ...وبعدين النهارده الجمعة و الساعة لسه سته عاااااااا
-هههههههههههه بس دوشه يا بت و قومي ،عندنا عزومة النهارده
-جهاد بإهتمام:
إيه دا ،بجد ! ...طب مين
-ههههههههه ،أيوا ياأختي ....دا أنا بخاف أقوله ل على حاجة يطخني
-هههههههههه ...يا خوافة ،ماتجمدي يابت شوية ،الراجل يقول علينا ستات أي كالم ...المفروض إنت .اللي تخوفيه
-سارة بمزاح :
أخوف مين يا أختي ..دا هشام و أمجد لما بيتفقوا عليا بيجنوني
-جهاد بمرح:
ربنا يخليكم لبعض و يباركلك في أمجد و ينفع بيه يارب
-اللهم آمين ..و يخليكي ليا يارب يا جهاد ......لسه بتنزلي المقرئة ؟
-أيوا ،كنت هناك إمبارح ...بتمم على آخر قراءة من القراءات عشان آخد إجازة التحفيظ بتاعتها الشهر الجي
-طب ليه يا ساره ..إنت ممكن تروحي فـ أيام غير اللي أنا بروح فيها و تبقي تسيبيهولي هنا في البيت على ما تروحي و ترجعي
-هو إنت فاضيه يا جهاد دا إنت من محاضرات الكلية لدار التحفيظ بتاعتك للمقرئة و كمان بتحضري أبحاث عشان الدكتوراه وجدو اللي مش
بياكل إل من عمايل ايديكي دا كوم لواحده
-جهاد بجدية:
أهو بعمل كل دا و حاجات تانية كتير كمان و عندي وقت فراغ برده ...ربك بيبارك في الوقت يا ساره وهللا ...إحنا بننزل المقرئة العصر و أنا
ً
أصال روحي فـ أمجد و هللا بكون جيت من الكلية و الدار .....ابقي هاتيهولي و انزلي ،أنا
-أنا و إنت يارب يا ساره ....و بعدين يا أختي دا أنا هاأستنفع من ورا ابنك ...أتعلم فيه تربية العيال علشان لما أخلف ماأتعبش
كتبت جهاد تلك الكلمات في كتيب صغير اختصته لزوجها المستقبلي تسطر فيه بعض الجمل كل يوم
........ ........ ....... ...... ...... ......
منى و هي تطرق باب غرفة جهاد:
تعالي كلمي بابا تحت عند جدو يا جهاد
"""الفصل الثالث""
-معلش يا سي جدو حقك علينا ..و يا سيدي علشان أصالحك هنام في أوضتي اللي تحت هنا معاكم النهارده
-جهاد بسخريه:
كنت قوله ماعندناش بنات للجواز يا ابني ..لسه بناتنا عيال
منى بتعصب:
بطلي بقى هزار يا جهاد ..أكرم شاب مؤدب و محترم و عارفين أصله و فصله و كمان دا طيار ..يعني ما شاء هللا مليون واحده يتمنوه
-أحمد بعصبيه:
أنا قايم ماشي أصل أنا زهقت من الكالم معاكي في الموضوع ده و ماعدش عندي طولة بال و إنتي زي ما إنت اللي في دماغك ثابت
........... .......... .......... ......... .........
وسام و هي تجلس مع جهاد في النادي:
-ما إنت بتستهبلي برضه يا جهاد و من حق البيت كله يزعل منك ...إنت كدا ها تعنسي يا مضروبه
-مش مهم ..أحسن برضه ....أهو الواحد يفضل منطلق كدا في الحياة بدل ما يجي واحد غريب يغلس عليا يا وسام
-وسام بجدية:
جهاد بزمتك إنت عمرك ما حبيتي وال حسيتي بإنجزاب لحد وال إعجاب بأي واحد
-المشكله إني متأكده من دا ،علشان كدا داي ًما بدعي ربنا إنه مايعلقني بواحد وال يوقعني في حب حد غير اللي هايكون جوزي لما يدخل بيتنا و
يكون شبه ما أنا بطلبه من ربنا ..و كمان يا أختي أنا عايزاه دكتور جراح و مافيش وال واحد من اللي اتقدموا كان جراح
-هههههههههه هو إنت برضه لسه مصممة على جراح عشان يولدك ،يا بنتي مش هايرضى ،هو مش بتاع نسا
-وربنا ألخليه يولدني غصب عنه ما أنا استحاله أروح أكشف عند دكتور راجل وال أخليه يولدني أبدًا ،والدكاتره البنات تفضلي متابعة معاهم
طول الحمل و ساعة الوالده تالقيهم محولينك على دكتور راجل ،و أنا استحالة أقبل بدا ،الزم أدبسه فيها ..وقبل معاد والدتي هاأخليه يحضر
كذا عملية والده علشان يتدرب .
-إنت ها تطلعي عينه و هللا ،إنت مالكيش تتجوزي أصال
-جهاد بسخرية:
شوف مين بيتكلم ..اللي يسمعك كدا يقول البت متجوزة و مخلفة ..الحال من بعضه يا سمسمه
-يا أخي منك هلل روح ،مقومني الساعة سته الصبح ،عشان تقولي إنك حلمت بفتاة أوهامك ...يا أخي اللي يشوفك و إنت ولهان كدا مايشوفكش
و إنت مركب الوش الخشب لزمايلك البنات ،وال و إنت بتحرج اللي بتدلع فيهم ،يجوا يشوفوك دلوقتي و هم هايبطلوا يقولوا عليك الخنيق كاره
الجنس الناعم
-ما إنت عارف يا عمنا إني بكره البنات و مش بطيقهم في أي حته و ال بحب التعامل معاهم خالص ،إال أمي و أختي و هي طبعًا ...دول التالتة
ملكات في حياتي يا ابني
مستمرا في السخرية:
ً -محمد
طب ما يمكن مش هي و تكون حلمت بأي واحدة إنت قابلتها قبل كدا و عجبتك
ً
وأصال أنا ماببصش على بنات و ببقى غاضض بصري -ال طبعًا يا خفة أنا متأكد إنها هي ،و عمري ما شوفتها قبل كدا ..
-أال صحيح قولي إنت حلمت بيها إزاي ،كنتم فين في الحلم و كنتم بتعمولوا إيه إوعى تكون حاجة كدا وال كدا....ها اعترف
-تصدق إنك قليل األدب و أنا غلطان إني كلمتك ...غور يا جدع غور ،هاتضيع فرحتي
......... ....... ...... ........ ........
بعد عدة أيام ....جهاد و هي تجلس مع أفراد أسرتها:
جماعة ! أنا عايزه أسافر
-الجميع بفزع:
إيه !!!! سوريا!!
-منى بخوف:
إنت مش عارفه سوريا فيها إيه ،دا الضرب اللي فيها اشتد أكتر األسبوع اللي فات ،إنت اتجننتي يا جهاد ،تروحي سوريا و هي بالشكل دا
-جهاد بألم:
ما أنا رايحة علشان كدا ..علشان الحرب اشتدت عليهم و محتاجين مساعدات ،محتاجين مدرسين و جنود و أكل و لبس و كل حاجة ،والدهم يا
جماعة مش القين حد يهتم بيهم وال يعلمهم أي حاجة و أنا أقدر أساعدهم ،وقررت دا
""الفصل الرابع""
بربـك صـف لي ذرةً من شعورك عندمـا تتحقـق دعوة لـم يكف لسانـك عن طلبـها لسنوات ،بربـك صف لي حالك لحظتهـا ،سيكون جوابُـك
يـا هذا إنها لحظـات ل تُوصف ....فقـط تشعرهـا ،ينبض بها قلبك ،تحياهـا و تُحيك لكنـها ل تُقال.
.......... ........ ......... ..........
-محمد و هو يمشي بجوار نضال على شاطئ البحر ً
ليال :
مالك يا نضال متضايق ليه
-زهقان و تعبان و محتار جدًا ،بقالي حوالي شهر بحلم بيها كل يوم ،بأحالم مختلفة ،مرة نبقوا قاعدين في مطعم و مرة نبقوا ماشين في
طريق و مرة في بيتنا مع ماما و إخواتي و مرة في البيت اللي أنا هاأتجوز فيه و بحلم بيها كأنها مراتي حقيقي ،و الموضوع تاعبني ما كنتش
أعرف إني ها أتعذب أكتر لما أحلم بيها ،أنا بحلم بأحالم ما كنتش بحلم بيها أيام المراهقة يا محمد ،أنا اتعلقت بيها أكتر و أكتر و مش عارف
ها ألقيها فين ،مش بقدر أدور عليها ،عمري ما ها أبطل أغض بصري و أقعد أبص على البنات عشان يمكن ألقيها فيهم ،مستحيل أغضب
ربنا فيها ،أنا حتى رغم قربنا أوي في األحالم ،عمري ما عرفت اسمها و ل حتى أي معلومات عنها ،أنا محتار أوي يا محمد ،حاسس
حياتي كلها بقت عبارة عن حلم معاها مش عايز أفوق منه
-محمد بحيرة:
إنت أمرك غريب أوي يا نضال ،إنت يا ابني لو حد سمعك عمره ما هيصدقك ،زي ما فضلت سنين تدعي تحلم بيها و حصل ،ادعي يا نضال
ربنا يرشدك لمكانها .......أل قولي إنت لو فرضًا لقيتها بس طلعت واحدة متجوزة هاتعمل إيه
-نضال بخوف:
إيه متجوزة!! دا أنا ممكن أموت فيها ..أنا بعشق واحدة ماشوفتهاش يا محمد ،فما بالك لما أشوفها ،مش متخيل إني ممكن ألقيها متجوزة
.....ل ل و بعدين أنا واثق في اختيار ربنا ،هي هاتكون ليا و ليا أنا وبس ،أنا متأكد ،بس ألقيها
......... ........ ...... ...... .........
وفاء و هي تمسح على يد ابنها الذي انحنى يقبل رأسها :
-نضال إنت بقالك فترة مش عاجبني ،فيك إيه يا ابني ،إنت طول عمرك ضحكة بيتنا ،حاسه إن بالك مشغول و إنك مستني حاجة
-طيب يا نضال ،مش هاأضغط عليك ،و هاأدعيلك ...بس قولي إنت نازل بدري ليه النهارده
-طيب اسأل الطلبة أسئلة سهله ،وخليك حنين عليهم و ما تكسرش خاطر حد فيهم
-إيه دا .....دا هي ،هي و هللا ...اللهم لك الحمد ،أنا مش مصدق نفسي ،طب أعمل إيه ..أعمل إيه ،صحصح لنفسك كدا يا نضال ،أطلع
وراها ول أروح فين ....أيوا هاأمشي وراها منا مش ها أعرف أروح أكلمها بمنظري ده
......... ......... ......... .......... .........
بعد قليل من السير خلف سيارة فتاته التي كان يبحث عنها وجدها تهبط من السيارة أمام مبنى كُتب عليه دار اإلسالم لتحفيظ القرآن ،هبط من
سيارته ثم توجه للبواب
نضال و هو يمد يده ليصافح الرجل:
ازيك يا عم الحج ،أخبار صحتك
-البواب و قد تيقظت حواسه ليتحدث إلى ذلك الشاب الذي يبدو عليه الوقار :
الحمد هلل يا بيه كويس ،أي خدمة
-الدار دي اللي فاتحها الدكتورة جهاد هللا يكرمها و يرزقها يارب ،و الناس اللي شغالين فيها كلهم محترمين ،بس دي يا ابني مش بتقبل غير
األطفال و الحريم بس ،ما فيش رجاله بيدخلوا جوه خالص
-نضال و قد شعر أن الفتاة التي شاهدها هي جهاد و لكنه أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد:
و هي مدام جهاد دي موجوده جوه
-مدام مين يا ابني دي لسه مش متجوزة ،دي ست البنات كلهم ،ربنا يارب يرزقها بابن الحالل اللي يقدرها ،هي لسه داخلة الدار قبل إنت
ماتيجي على طول ،لو عايزها أنا ممكن أقولها
-أيوا ،بيتها اللي قصادك هناك ،الكبير دهو ،بس صحيح ماقولتليش إنت عايز إيه
-جهاد في نفسها :أنا لسه كنت بقول امبارح اللي هايجي ها أوافق أقعد معاه ،يجي بالسرعة دي ،وبعدين ماله البشمهندس متعصب كدا ليه ....
ثم قالت :
اهدى بس يا حج احمد ما تزعلش كدا
-أحمد بسخرية:
ناوية تتعشي بيه و تذليه ول إيه ،ربنا يهديكي يا بنتي ،بيني و بينك أنا مش مرتاح لموافقتك دي ربنا يسترها ع الراجل و يرجع ألهله سليم .
""الفصل الخامس"
نظرة قاتلة ،و نظرة سبب في الحياة ،نظرة آثمة ،و نظرة سبب في النجاة ،نظرة ُممرضة ،و نظرة سبب في المداواة ،و الحبُ نظرة ،
نظرة تأسر األلباب ،نظرة تُذهب العقول ،يكفيك نظرة واحدة إلى عين حبيبك لتذوب عشقًا ،دو ًما يأتي الحب من نظرة شئت أو لم تشء ،
يو ًما ما ستأسرك نظرة إلى أحدهم و عسى أن يكون ذلك قريبًا.
صدمت جهاد مما سمعت فـ للوهلة األولى اسمه كان محببًا إليها و قريب من أحالمها و كونه جرا ًحا أذهلها فطالما دعت هللا أن يكون كذلك ،
ُ
فال إراديًا من تأثير ما سمعت رفعت عيناها لتصطدم بنظراته فشعرت بارتباك غريب كانت تلك هي المرة األولى في حياتها التي تشعر فيها
بذاك الشيء ،شعور مربك لكنه مميز ،محرج لكنه رائع ،شعور يأسرك للوهلة األولى ،كأن تلك النظرة كانت بمثابة اتصال صامت ،
فسكت نضال عن الكالم و ظل ينظر إلى عينيها الذي رأي بها آثار الدهشة و لكنه دون أن يشعر نظر إليه نظرات كلها شوق فأخفضت بصرها
سريعًا عندما رأت في عينيه ذلك الشيء الغريب فـ استكمل هو حديثه
-أنا من إسكندرية ٣٣ ،سنة ،إخواتي فارس بشمهندس ديكور و هناء في صيدلة ،والدي مدير مدرسة و والدتي ربة منزل
فهم نضال الغرض من سؤالها وقال في نفسه دا إنت وقعت وقعة فل يا سي نضال ثم قال لها:
أنا ل أهالوي ول زملكاوي ول بسمع ماتشات ول بشجع نوادي ،أنا الكورة بالنسبالي مش أكتر من رياضة بمارسها عشان أخرج فيها طاقتي
،مش فاضي الصراحة عشان أضيع وقتي فـ سماع ماتشات ول بحرق في دمي علشان حاجة مش هاتفيدني ل دنيا ول آخرة مش بعيب الناس
اللي بتتابع كورة بس هي خارج اهتماماتي الصراحة
جهاد و قد أحست بسرور عظيم جدًا ثم رفعت عينيها للمرة الثانية لتنظر إليه لتبصر ذاك الذي جذب انتباهها بشدة فرأت مالمح وجهة بوضوح
للمرة األولى فأعجبتها أناقته و وسامته جدًا و رأت فيه نعم الرجل حقًا فارتسمت على وجهها بسمة دون أن تشعر ثم أفاقت من شرودها عندما
كثيرا و أحب حياءها جدًا
ً تبسم هو لبسمتها فأخفضت عينيها و احمر و جهها بشدة و ارتبكت كل حركاتها فأشفق عليها نضال
-جهاد بتصميم:
معلش يا دكتور في المسجد أحلى ،والموضوع يفرق معايا جدًا
مستمرا في الضحك:
ً -نضال
حاضر يا فندم أي أوامر تانية
أخيرا يا نضال لقيت اللي شبهك ،بس دي بتعصر الواحد بأسئلتها و طلباتها و شكلها دماغها جبارة أوي ، ً -نضال في نفسه :اللهم لك الحمد ،
ربنا يستر بقى و أنجح في امتحان اآلذان و الصالة دا ،علشان أنا ها أكلمها فـ المهم بعد الصالة .
-بس يا رخمة هوأنا لسه عملت فيه حاجة يا أختي ،لسه التقيل بعد الختبار يا سمسم
-اهدي يا مامتي دا هيأذن و يصلي بالناس بس .......المايك صوته حد بيشغله أهو أنا طالعه أقف في البلكونه علشان أسمع كويس ،و بعد
خروجها إذا باآلذان يصدع في األجواء ،يا هللا ! يا لجمال صوت المؤذن ،عجزت جهاد عن التفوه بكلمة عندما سمعته يرفع اآلذان و إذا
بعيناها تذرفان الدموع ،لطالما حلمت أن تسمع مثل هذا اآلذان ،كان صوت نضال نقيًا و خاشعًا جدًا ،يجذبك إلى المسجد جذبًا إن كنت
متكاسال ،ظلت جهاد تستمع إلى ذاك الصوت المحبب إلى النفس و في الحقيقة لم تكن جهاد وحدها من تأثر بصوت نضال الرائع بل كل من ً
يسكن في حيها السكني فالرجال قد هبطوا مسرعين لتلبية النداء رغم أن من بينهم من اعتاد الصالة في البيت ،أما النساء فقد أثنين جميعًا على
المؤذن ،و ذهبت جهاد في عالم آخر ،ذهبت إلى تلك الصفات التي قد كتبتها عن رفيق الجنان و دعت هللا بها و إذا بها ترى تلك الصفات حية
في شخص هذا النضال الذي بدأ يتسلل إلى أعماقها .......ثم إذا به يقيم الصالة و يبدأ في قراءة الفاتحة ،فكان جمال صوته في القرآن ل يقل
جمال عن صوته في اآلذان ،كان أجمل ما يميز صوته الخشوع التام و الصدق ،سقطت دموع جهاد للمرة الثانية رغ ًما عنها ،و إذا بها تنظر ً
للسماء و تقول اللهم لك الحمد ،صدقتني وعدك يا إلهي فلك المنة و ماذا بعد الصبر إل كل فرج و خير و أحست بمشاعر متضاربة في
داخلها.
بعد وقت ليس بقليل جاء المصلون من المسجد ،جلس نضال حيث كان يجلس هو و جهاد و جلس والدها و جدها بعيدًا عنهم بعض الشيء
بعدما استدعى الوالد جهاد ،فجاءت على استحياء و جلست مكانها و هي صامته .
-نضال في نفسه :اتكلم يا نضال ،ما تسكتش زي المرة اللي فاتت ،يا ترى نجحت في الختبار ول إيه ،يا نهاري عليا هو أنا مالي خايف
كدا ليه ،ل أنا هااتكلم بقى.
-إحم .......إيه يا آنسة جهاد نقول مبروك ول أقوم أروح عند أمي
-ابتسمت جهاد من طريقته الفكاهية فازداد جمالها و تاه هو في تفاصيل ابتسامتها و نسي كل الكالم ،ثم أفاق لنفسة و تحدث في داخلة :يادي
الوقعة ،مش ها ينفع كدا أقسم باهلل هي مالها قمر كدا ليه أنا كدا مش ها أقدر يا جدعان ،دا أنا من أول قاعدة مش قادر أرفع عيني من عليها ،
إحنا نفكس للشبكة والحوارات دي و نتجوز على طول بدل ما نضال العاقل دا يعمل مصيبة .
-ها ...ل مافيش حاجة يا فندم ،ممكن أسألك أنا شوية بقى
-اتفضل
-جهاد و قد علمت أنه ل مفر فنظرت إلى السماء من النافذة الموجودة خلف نضال و هدأت مالمحها و بدت كأنها تسترجع شيئًا مدفونًا في
أعماقها :
داي ًما بسمية رفيق الجنان مش بحب أتكلم عنه غير باللقب دا ،و هو بالنسبالي حاجة عظيمة أوي ،عشان خاطرة فضلت طول سنين حياتي
ببعد عن أي حاجة فيها اختالط ،بغض بصري عن كل الشباب عشان مش عايزة عيني تشوف غيرة و عشان ربنا يكافئني بيه زي ما أنا حباه
،في فترة المراهقة كنت بقفل على نفسي أوي عشان ما أقعش في الغلط ،بعدت عن أي أفالم و مسلسالت عشان أفضل أعف نفسي و
ماتفرجتش عليهم بحجة إن دي الرومانسية
هو هايبقى كل حاجة ليا ،سكني و قوتي ،سري و أماني ،ثقتي ،سندي و نجاحي ،ها أكشف قدامه كل عيوبي و الحاجات اللي بخاف منها
ً
أصال من غير ما أتكسف ،عمر عيني ما هتشوف غيره أبدًا ،بكتبله من يجي عشر سنين ،بكتبله كل حاجة ،معيشاه كل تفاصيل حياتي ،
صورتة العظيمة مطبوعة في جدار قلبي ،حد بيحبني أوي زي ما أنا بحبه ،حد أبقى ليه بنته المدللة قبل ما أكون زوجته و حبيبته ،حد أكون
أنا أول دقة لقلبه زي ما هو أول دقة لقلبي ،عمرنا ما هنزعل من بعض أبدًا ،أكيد ها تقابلنا مشاكل بس ساعتها ها يعاملني بالرأفة و الرحمة
و الرفق ،قدوتة النبي في كل حاجة ،عايزاة مثال للشاب المسلم بحق ،يبقى قدوة لغيرة ،دا اللي ها أوصل معاه للجنة ،ها أروح لربنا ماسكة
في إيدة ،و أبقى أنا و هو تحت ظل عرش الرحمن عشان بنحب بعض في هللا ،أيوا منا بحبه في هللا و هلل من زمان أوي ،عايزاه يزعل مني
لما أقصر في حق ربنا ،يخاصمني لو قصرت في السنن في يوم ،عايزة نكون سوا فردين بأمة ،نقابل ربنا بناس كتير كنا سبب في قربهم من
طريق ربنا - ،ولم تشعر بنفسها وهي تكمل هذه الكلمات -عايزاة يحقق معايا أعظم أهدافي في الحياة و يكون هدفة هو كمان ،عايزاة تكون
غايتة العظمى إنه يموت شهيد ،يكون مؤمن بقضية الجهاد ،بحلم بينا و إحنا مستشهدين سوا عند األقصى و ايدينا في ايدين بعض و دمنا احنا
اإلتنين يختلط ببعضه ،عايزة آخر لحظات حياتي تكون جنبه و معاه عايزه و أنا بقدم روحي لربنا فداء لدينه يكون جنبي ،عايزه نكون حاجة
واحدة ،لزم يكون إنسان مش عادي عشان يتناسب معايا ،زي ما أنا طول عمري بحاول أكون مش عادية عشان أناسبه ...و أكملت و هي
ل تشعر بشيء مما حولها ...ياااااااه أنا بحبه أوي أوي ،ماأقدرش أوصف أنا بحبه قد إيه ...ثم استفاقت من شرودها على هذه الكلمات و
تيقظت إلى الدمعات التي هربت من مقلتيها لشدة صدق حديثها ،و تيقظت أيضًا إلى ذاك الرجل الجالس أمامها و الذي لمعت عيناه بالدموع
تأثرا بصدقها في الحديث ،ثم أغمض عينيه و هو يتمتم كلمات الحمد بلسانه .
ً
-نضال و هو يمسح على شعره و أراد أن يضفي بعد المرح ألنه شعر بشدة حرجها :
ما كنتش أعرف أن الرؤيا صادقة أوي كدا ،ربنا يباركلك يا جهاد ...احم قصدي يا دكتورة ،ثم نظر إلى عينيها مباشرة اسمحيلي أكون ليكي
رفيق الجنان دا
-نضال في نفسة :دي بتحور عليا ،وبتهرب من الكالم ،عليكي دماغ ماحصلتش ،مش ها اضغط عليكي بس صبرك عليا أما نتجوز و يبقى
لينا كالم تاني ......... .ثم قال :
أنا ماليش دعوة بالموضة و الكالم دا ،أنا مربيها سنة و تشب ًها بالحبيب صلى هللا عليه وسلم
-جهاد في نفسها :هو ماله عمال ينجح في كل األسئلة كدا ليه أنا كدا شكلي ها ألغي نص األسئلة هو الجواب باين من عنوانه و شكلك وقعتي و
ماحدش سمى عليكي يا جهاد يا بت أم جهاد .
-طيب أنا خالص مش ها أسأل تاني ،اتفضل لو ها تسأل إنت
""الفصل السادس""
شباك الحب ل نهاية لها ،إذا لمست طرفًا صغير منها ستجذبك جذبًا و تلتف حولك ،و حينهـا ستصبح عاشقًا رغ ًما عنك .
........... ............ ..............
-جهاد في نفسها :هادية هعهعهعهعه دا إنت اللي هادي و هللا وشكلك هتاخد صدمة عمرك ثم قالت :
ودا يفرق معاك في إيه يعني
-يفرق في حاجات كتير طبعًا ،المفروض اإلنسان لما بيجي يرتبط بيرتبط بحد شبهة علشان عرفوا يعيشوا سوا من غير صدامات ،يعني أنا
مثال مش هادي خالص و واحد بتاع مقالب و مابحبش الحياة اللي بتبقى عقالنية جامد دي ألنها غالبا بتبقى مليانة بالمشاكل و الخناقات و كان
نفسي زوجتي تبقى كدا عشان ما يجيش يوم تقول عليا هايف أو ما شابه لما أهزر معاها ،و عشان أعرف أتعامل بطبيعتي ،لكن بما إنك هادية
بقى فأنا ها أحاول أعقل قصدي أهدي اللعب شوية عشان مايبقاش فيه أي خالفات بينا ،مع إني رغم إنك يبدو عليكي إنك هادية و رزينة إل
إني شايف في عنيكي التمرد و الشقاوة مش عارف إزاي .
-جهاد في نفسها :شكلك هاتتصدم لو حصل نصيب ،بس صدقني منا قاياللك ،هااسيبك كدا تتصدم لواحدك ......ثم قالت :
آه ماعلش بقى يا دكتور هتحتاج تهدى شويه
-طيب آخر سؤال بقى ...قوليلي ليه عايزة تستشهدي اشمعنا الموضوع دا يعني ،ما فيه آلف العبادات التانية اللي ممكن تعمليها اشمعنا
الموضوع دا هو اللي فارق معاكي أوي كدا
-ل مافيش ،بقول كفاية كدا بقى علشان أنا ممكن لو طولت أكتر من كدا هنا أعمل أي حاجة و الجوازة تبوظ
-أنا ها أقوم أسلم على البشمهندس أحمد ،و هااستنى ردكم إن شاء هللا ...طبعا هانصلي استخارة كل يوم
-عادي يا ماما يعني ،ها أصلي استخارة و بابا يسأل عليه و أفكر و نرد
نظرت جهاد لنفسها في المرآه و هي تبتسم ،و أخذت تنظر إلى حجابها و مالبسها لتتأكد أنهم بكامل جمالهم و أناقتهم و كانت تلك هي المرة
األولى في حياتها التي تهتم ألمر أحدهم كيف كان يراها ،و كيفية هيئتها أمامه ،فابتسمت مرة أخرى و أخذت حمرة الخجل تزحف إلى
وجنتيها.
-يا ماما دا أنا اللي أطول حد زي بنتهم ،يا ماما جهاد دي آية في كل حاجة ...تخطف العقل و القلب بمجرد طلتها بس ،من قبل ما تتكلمي
معاها ها تحبيها و بعد ما تتكلمي معاها هاتعشقيها و تحترميها و تحسي إنها مالك ،أو حاجة كدا نادرة مابتحصلش كتير أنا لو ربنا كتبهالي
هاأعيش طول حياتي أحمده عليها
-هناء و هي تغمز لوالدها :
شايف يا أستاذ بدر ابنك وقع و ماحدش سمى عليه ،اللي كان عاملي فيها مقاطعة أهو طب أهو
""الفصل السابع""
كم هو عظيم أن يصطفيك هللا من بين كل تلك الجموع و يختصك بالهداية ،قس ًما إنها نعمة عظيمة عليك اغتنامها ،هي لحظة إن تركتها فستبك
بقية حياتك حسرةً عليها.
في وسط هذا الصخب تجلس فتاة مالصقة ألحد الشباب و تستند برأسها على كتفة و يضع يده على كتفها العاري ،حيث تردي الفتاة فستانًا
يكشف أكثر مما يستر ،ولكن الفتاة يبدو عليها النزعاج و الحزن و إذا بها تتحدث إلى ذاك الشاب المالصق لها :
-ميدو ! أنا زهقانة أوي و مش طايقة نفسي
-أنا مابهزرش يا ميدو ،أنا بجد مخنوقة أوي و قرفانة من القعدة دي
-ما إحنا بنقعد القعدة دي كل يوم إيه الجديد يعني ،تعالي نرقص و إنت مزاجك يظبط إنت بقالك أسبوع بتيجي تقعدي تشربي و خالص ...
تعالي خرجي الطاقة اللي جواكي.
ثم قام و أخذ يسحب يديها لتنهض معه ،فاستسلمت له و قامت ......و بينما هم يتراقصون وسط الجموع على األنغام الصاخبة قالت مي:
-مش عارفة أنا ما عدتش طايقة الشلة كلها كدا ليه و حاسه بحاجة كاتمة على روحي بقالي فترة مع إني بعمل كل اللي نفسي فيه
-إنسي يا حبيبتي أي حاجة و كبري دماغك كدا و ماتبوظيش الدماغ اللي إحنا لسه عاملينها .
-ربنا يخليك ليا يا ميدو ،بس أنا خايفة يعملك حاجة عشان ضربتة
-ول يقدر يعمل أي حاجة دا عيل تيت ...المهم إنت تبقى مبسوطة و كويسة ......ثم أخذ يقترب منها و يلمس جسدها بجرأة
-الشاب الذي حاول التحرش بها و قد جاء إلى ميدو بعد أن رأى ما فعلته مي :
إيه يا باشا عملتها معاك إنت كمان ،سيبك منها بقى يا عم ،هي آه صاروخ بس بنت مقفلة و نكدية كدا
-ميدو بتوعد:
على نفسها يا عم سعيد ...إن ما خليتها تبوس رجلي عشان أتجوزها و أنا مش راضي ماابقاش ميدو الصيرفي ...بقى أنا مستحمل قرفها و
عاملها دور الحنين بقالي سنة و بحاول معاها بكل الطرق و هي برضه عاماللي نفسها الخضرة الشريفة و في اآلخر انضرب بالقلم ...
هاأعلمك األدب يا مي و هااخد منك اللي أنا عايزة و أرميكي لكالب السكك
انبعث من المدرج بأكمله أصوات تدل على الحماس و السرور فقالت جهاد :
النهاردة يوم المواهب بتاع الولد ،يال يا شباب اللي عنده أي موهبه يطلع هنا عشان بعد العرض و التصويت فيه جايزة قيمة للفايز ،بس يال
بينا ع السريع عشان وقت الترفيه ربع ساعة بس .
بعد إنهاء شرح المحاضرة بأكملها نظرت جهاد للطالب و قالت :
زي ما احنا متعودين ها نذاكر المحاضرة دي النهاردة و نراجع على واحدة من القدام ،و زي ما بنقول كل مرة اللي محتاج أي حاجة أو عنده
أي مشكلة يجيلي يا جماعة و هانحلها سوا بإذن هللا ،السالم عليكم و رحمة هللا و بركاته
............ ............ .......... ............ ..........
ذهبت جهاد للمكتب بعد انتهاء المحاضرة ،و أمسكت سجادة الصالة في يديها لتأدية صالة الظهر الذي أذن بالكاد و إذا بأحدهم يطرق الباب
.....فقالت جهاد:
ً
بنطال من الجينز ضيق جدًا و تيشرت بال أكمام ضيق أيضًا و تركت لشعرها العنان فتراه اتفضل .......ينفتح الباب و إذا بفتاة تدخل ترتدي
منسدل على ظهرها ،كانت فتاة جميلة و لكنها في قمة التبرج وكان يظهر في عينيها حزن دفين ،قالت و هي ممسكة بقبضة الباب :ً
-بصي لو حد خبط اسألي مين لو طلع راجل ماتخليهوش يدخل و قوليله الدكتوره بتصلي و لو بنت دخليها هااتعبك معلش
-أيوه
-تسلمي يا دكتورة ....أنا عندي مشكلة أو مشاكل و مش عارفة أحكي لمين ول أثق في مين ،و إنت قريبة من كل الدفعة و أنا بحبك فقولت
أجيلك
-أنا أهلي أغنيا جدا والدي رجل أعمال ،لكننا في البيت منفصلين عن بعض تماما ،أخويا مسافر بره ،كل اللي بيربطني بأهلي إني آخد منهم
فلوس و خالص ،و هم أصال مش بيسألوا عليا ول مهتمين بأمري ،مش فاضينلي يعني ،بعمل كل اللي نفسي فيه بالفلوس الكتير اللي باخدها
عمري ما اتحرمت من حاجة لكني رغم كدا عمري ما حسيت بالسعاده ،أصحابي بحسهم مصاحبيني علشان وضعنا الجتماعي و بس ،حتى
الولد اللي حبيته طلع مابيحبنيش و بيتسلى بيا و قليل األدب ،أنا ماعدتش قادره أستحمل حاسه إني بموت ،الخنقة هاتقتلني ....ثم أخذت في
البكاء
-جهاد و قد قامت من مكانها و احتضنت مي و أخذت تمسح على شعرها برفق حتى هدأت :
مي أنا عايزة أسألك سؤال مهم ... .إنت بتصلي ؟
-جهاد و قد قامت بتحريك الكرسي الذي كانت تجلس عليه لتقترب من مي أكثر ثم مدت يدها و مسحت آثار الدموع الموجودة على وجهها و
أمسكت بيد الفتاة ببن كفيها ثم قالت بحنان :
بصي يا مي السمك بيموت لما بيسيب الميه و إحنا كمان بنموت نفسيًا لو بعدنا عن ربنا ،إنت بعيدة أوي عن طريقه ،و دا اللي محسسك
ضن ًكا َونَحش ُُرهُ َيو َم الق َيا َمة أَع َمى)
شةً َ
عن ذكري فَإن لَهُ َمعي َ بالخنقة الرهيبة دي فيه آية في سورة طه بتقول ( َو َمن أَع َر َ
ض َ
و اللي إنت حاسه بيه دا هو الضنك ،إنت شوفي عيشتي كام سنة بتعصي فيها ربنا و تغضبيه بكل األلوان خروجات و سهر و أصدقاء سوء و
ولد و لبس مش مظبوط و هو صابر عليكي و ماعذبكيش ول ابتالكي إبتالء يرجعك غصب عنك ،ل دا بس حسسك بخنقه و زهق علشان
تلجأي ليه ،و دي من عالمات حب ربنا ليكي إنه لسه باقي عليكي ،لسه عايزك ترجعيلة بيقولك الباب مفتوح قدامك ،المفروض اللي إنت فيه
دا يخليكي ترجعيله و إنت هاتحسي بالسعادة الحقيقية بقربه هاتعرفي لذة عمرك ماعرفتي في حالوتها و هي لذة األنس باهلل ،إنت محتاجة
تتوبي يا مي ،تتوبي من كل حاجة ،تمسحي كل حياتك القديمة دي و تبدأي حياة جديدة حياة في طاعة ربنا و بس ،إوعي تضيعي الفرصة
دي أل ربنا يختم على قلبك و ساعتها هللا أعلم ها يحصل إيه.
-إنت مش شبههم يا دكتورة ،إنت آه بتلبسي واسع و بتصلي و بتكلمينا في الدين ،بس إنت مبهجة و بتهزري معانا و بتضحكي و عايشة
حياتك مش زيهم .
-ل يا مي كل الناس اللي عارفة ربنا بجد شبهي كدا و أجمل بكتير ،يا حبيبتي الدين مش خنقة و حزن شبه ما اإلعالم بيشبهه لينا ول شبه
النماذج الغلط اللي بيعرضهالنا ،اإلنسان المؤمن بيعرف يهزر و يضحك زي ما بيصلي و يذكر ربنا ،بيتفسح و بيلعب كورة زي مابيحفظ
قرآن و يتعلم شرعي ،المسلم الصح هو اللي تالقيه داي ًما مبتسم و وشه منور أصل قلبه منور بحب ربه ،إحنا بنعرف نفرح و نعمل كل اللي
نفسنا فيه لكن في الحالل زي ما ربنا أمرنا ،ربنا بيحبنا يا مي و عمره مايضيقها على عباده ،كل حاجة هو حرمها علينا لمصلحتنا ،صدقيني
إنت فاهمة الموضوع عكس خالص ،جربي بنفسك يا مي ،جربي تقربي من ربنا و إنت ها تعرفي معاني عمرك ما سمعتي عنها .
-طب يا دكتورة أنا برده محتاره مش عارفه أبدأ منين و ل أعمل إيه
-بصي إحنا لزم نصلح المظهر و الجوهر التنين ،يعني لبسك يا مي محتاج يتغير كله ،ربنا أمرنا بالستر و الحجاب و اللبس الفضفاض ،
لزم تحسي إنك حفيدة عائشة و خديجة في لبسك و أخالقك ،و تبدأي تصلي كل الفروض في ميعادها من النهارده حتى الفجر لزم تقومي
تصليه ،الصالة دي اتصال دايم بينا و بين ربنا ماينفعش نقطعة ،مع كل سجدة هاتحسي إن قلبك بينور و بتدخله السعادة ،و كمان لزم حياتك
يبقى فيها قرآن ،تحددي جزء معين يبقى وردك اليومي ،و كمان تبدأي تحفظي ،وكمان ابعدي عن صحبة السوء اللي حواليكي ،و دوري
على صحبة صالحة ،انزلي مسجد الكلية هاتالقي فيه صحبه بجد يا مي ،نبدأ بالحاجات دي و أنا معاكي خطوة بخطوة جنبك ومش ها أسيبك
أبدا لحد ما ندخل الجنة سوا يا مي
-مي بتأثر شديد :
أنا مجرد كالمك ريحني أوي ،من قبل ما أعمل أي حاجة ،بس أنا ماأعرفش المفروض اشتري لبس منين و كمان أنا عمري ما صليت ما
أعرفش أصلي .
-أنا هاأنزل معاكي دلوقتي نشتري اللبس ،و القرآن هاأخدك معايا دار التحفيظ بتاعتي فيها ناس هايساعدوكي أوي و لو عايزاني أنا أحفظك
بنفسي أنا مستعده ،و ها أعلمك الصالة دلوقتي حال يا ستي ،ماتشليش هم أي حاجة ،بس أهم حاجة أول ما تروحي تصلي ركعتين توبة هلل ،
ادعي فيهم كتير و عيطي و طلعي كل اللي جواكي و إنت ساجده قوليله أنا مش ها ابعد تاني أبدا يارب ،توبي من قلبك أوي يا مي و عيطي
من قلبك برضه.
بعد أن علمت جهاد مي كيفية الصالة ،نزلتا سويًا لشراء المالبس ،و أصرت جهاد على أن تشتري لمي فستانًا و حجابًا من أموالها الخاصة و
طلبت منها أن ترتديه و تعود به إلى منزلها ،ثم افترقتا لتعود كال منهما إلى بيتها.
............... .............. ............ ............
جهاد و هي تقود سيارتها في الطريق إلى المنزل :
ربنا يهديك يا مي و يثبتك و يبعد عنك أي سوء و يرزقك بزوج صالحك يعينك على الطاعة .......و عند تلك الدعوة شردت جهاد بتفكيريها
بعيدًا ،إلى نضال و ما دار بينهما من حديث .......ثم قالت في نفسها:
ل مش ها ينفع كدا أنا ها أكلم وسام و أرغي معاها بدل ما اتهبل و أقولها أنا قررت إيه في الحوار دا و ربنا يسترها بقى
""الفصل الثامن""
-طب بالراحة يا أختي مناخيرك و السما ،أنا ها أسيب العربية مركونة هنا ،نتمشى شوية و نبقى نرجع
-ماشي يال بينا .......و احكيلي بقى بقالك تقريبا أسبوع أهو بتصلي استخارة و بتفكري ،قررتي إيه
أخيرا يا أختي ،و هللا الواد دا برنس إنه عمل فيكي كدا
ً -يا صالة العيد يا ولد ،و ربنا لول احنا في الشارع لكنت مزرغطة ،،
-ل أنا عايزاه يكتشف لواحده ،عايزه يا وسام أشوف رد فعله التلقائي لما يعرف إني مش شبه ماهو فاكر.
-فاكره زمايلك في الكلية كانوا بيتصدموا فيكي إزاي أما يقربوا منك
-يا بنتي هم اللي كانوا بيفهموا غلط ،عشان بمشي عنيا في األرض و فـ حالي و مش بعلي صوتي في األماكن اللي فيها تجمعات بيفكروا بقى
إني خنيقة و من الجماعة اللي هم هطل ،لكن لما بيصاحبوني ،بيكتشفوا الجانب المرح من شخصيتي و مش بيبقوا مصدقين إني بعرف أهزر
و أضحك ،شخصيتي فيها الجانبين ،لكني عارفه إمتى أكون كدا و إمتى أكون كدا يعني ماينفعش أبقى ماشيه على الطريق أهزر و أعلي
صوتي و ل قدام الولد ،ول أطلع رخامتي على حد لسه مااتصاحبناش أوي ،لكن أما نبقى كلنا بنات أو حد من صحابي ،ل دا أنا أعيش
حياتي بقى و تشوفوا الجانب المجنون المرح و األخ لسه غريب بقى فمش ها يشوف الجانب دا غير بعد كتب الكتاب .
-يا سالم ع الكالم يا ولد ،بس تعرفي هو هايموت في الجانب المرح دا أوي .............و بعدين أنا بقى ماعدش ليا سكة معاكي أنا واحده
بكره الرومانسية و إنت حالتك بقت صعبه
-جهاد بغمزه :
عقبالك يا روحي أما تطبي إنت كمان
-بابا لسه ما كلمنيش في الموضوع سايبني براحتي ،بس المفروض نضال هايتصل بكرا فأكيد بقى الحج هيسألني و مش عارفه أقولهاله إزاي
،مكسوفه جدا
-جهاد بمزاح:
خفي يا به الراجل متجوز و بيموت في منى
-جهاد و قد قامت من مكانها و قبلت رأس والدها فاحتضنها هو بشده و عينا كال منهما تتألأل بهما الدمعات ،ثم قالت جهاد وهي تحتمي في
حضن والدها :
أنا صليت استخارة و مرتاحة يا بابا ،بلغه إننا موافقين و على بركة هللا .
........... ............ ........... ...........
توضأت مي كما علمتها جهاد و دخلت غرفتها و ماء الوضوع يتقاطر من وجهها فزادها بهائًا ،ارتدت مالبس الصالة و وقفت على السجادة و
رفعت يديها بتكبيرة اإلحرام و نطق لسانها هللا أكبر فصاح قلبها هللا أكبر من كل شيء ،من ذنوبي و أخطائي ،من كل ما كان يشغلني ،من
أصدقائي و أحبابي ،من حياتي القديمة كلها ،ثم بدأت في القراءة ومن ثَم الركوع ،و عندما هبطت ساجدة و بمجرد أن لمست جبهتها األرض
،انفجرت في بكاء حار ،أخذت تبكي بشدة و جسدها كله يرتجف و لسانها ل ينطق بشيء سوى "اقبلني يارب" و كانت تلك أول سجدة في
حياتها منذ ُولدت ،بعدما أنهت صالتها أحست براحة غريبة غير معهوده ،شعرت بأن شيئًا قد أضاء ،بأن ثمة شيء يستحق الحياة ،ظلت
تدعو و تناجي ربها ،و في هذه الليلة كُتبت لها شهادة ميالد جديدة و هنئتها المالئكة و فرح بها الرحمن .
........... ........... .......... ..........
-نضال و هو يمسك بهاتفة في قلق:
أنا هاأتصل بقى ...إلهي ل تخزني
-جهاد بمكر:
غلس عليه األول يا بابا ،قبل ما توافق
-يابت هاتموتي و إنت بترخمي على الناس كدهو .....ثم رد على نضال
-السالم عليكم ،إزيك يا عمي
-بص يا نضال يا ابني أنا وهللا حبيتك من أول ما شوفتك و ارتحتلك جدا ،و لو فيه غصب في الجواز أنا ......
و بعد أن أغلق نضال الهاتف سجد هلل سجدة شكر فهذه عادته مع كل نعم هللا عليه
أما أحمد فقد توجه إلى جهاد و ضربها برفق على جبهتها :
الواد كان هايموت فيها بسبب هزارنا البايخ ،إنت عملتي إيه في الراجل خلتيه متعلق أوي كدا
-جهاد بحرج:
إيه يا بشمهندس ،ماتكسفناش بقى
............ ........... .......... ......... ...........
في اليوم التالي في قاعة المحاضرات
-نص الوقت خلص يا شباب يال فترة اإلستراحه .......النهارده حاجة مختلفة شويه ها أسأل سؤال و اللي حابب يجاوب يرفع إيده و نسمع
بعض ،تمام؟
-الطالب جمعيا:
تمام
-السؤال هو .......احكيلنا إيه الحاجة اللي نفسك فيها و هاتطلبها من ربنا في الجنة ؟
-قال آخر:
و أنا هاأطلب قصر مبني بالشاورما علشان آكل من الجدران و السقف براحتي
ظلوا يذكرون طلباتهم حتى انتهوا فقالت جهاد:
ما شاء هللا معظم الطلبات أكل إيه يا عيال إنتم جعانين ،كدا خالص كله قال؟ ..........و إذا بفتاة ترفع يدها فأذنت لها جهاد فقامت الفتاة و
قالت :
أنا ها أطلب من ربنا يجعل بيتي في الجنة جنب بيتك يا دكتورة عشان أنا بحبك أوي و بحب أشوفك كل يوم ،و عمري ما ها أنسى إني كنت
داخلة الكلية كارهاها و لول وقفتك جنبنا كان زمانا لسه بنكرهها و بنسقط ربنا يجازيكي عننا خير يا دكتورة جهاد.
بعد أن أنهت الفتاة تلك الكلمات انفجر المدرج بالتصفيق الحار ،و بكت جهاد من شدة التأثر و الفرح ثم ذهبت إلى تلك الفتاة و قبلتها على
تعبيرا عن امتنانها لها و لهم جميعًا و شدة حبها لهم .
ً رأسها و احتضنتها
........... ........... ........... ..........
عظيم جدًا أن تكون محبوبًا في محيطك الذي تعيش و تعمل به ،احرص دو ًما أن تكون يدك هي التي تطبب اآللم و تبعث األمان ،كن مضيئًا
دو ًما ،راع حزنهم و سرورهم ،شاركهم نجاحهم و فشلهم ،كن معهم و لهم و بهم ،كن بلس ًما .
تلك الدقائق التي نجلسها مع من نحب ل تُقدر بثمن ،يستحيل لعاقـل أن يُضحي بجلسة مع حبيبـة و إن عُرضت عليه كنوز العالم ،فتلـك
الجلسـات القصيـرة تُحيي فـي أعماقنـا أشيائًا قد تندثر تما ًمـا إذا غابـت تلك الدقائـق مـن عالمنـا.
-يا ابني منا لسه هاأروح أجهز و ورانا سفر للمنصورة يعني موال.
-هاتلحق إن شاء هللا يا كبير ...........ناوي على الشبكة إمتى ؟
-لسه أما نشوف رأيهم ،بيني و بينك أنا عايز نكتب الكتاب و نتجوز على طول ،كفاية اللي راح من حياتي و هي مش جنبي ،نلحق نعيش
يومين بقى .
-حاضر يا ماما
-ماأقدرش ماأكونش جنبك في يوم زي دا يا جهاد ،و بعدين أنا بقيت كويسه أهو
-إحنا لسه العصر و هما هايجوا المغرب .......لسه ها أعمل كمان ماسك غير اللي عملته و ألبس بقى
-وسام بمزاح:
بقينا بنعمل ماسكات و نهتم بقى
-طول عمري يا روحي بعمل ماسكات طبيعية و محافظه على بشرتي ،تنكري ! .....هو الصراحة النهارده زودت شوية بس يجوز يعني.
جلست جهاد بجوارها و أخذوا يتحدثون سويًا ،أحبت وفاء جهاد جدًا من بداية الحديث فجهاد تتحدث بتلقائية و حب و أحبت وفاء منها هذا
........تحدث األستاذ بدر :
طبعًا يا جماعة الفاتحة دي بدعة فـ احنا مش هانقراها و الكالم دا ،عايزين نتفق بقى ها نجيب الدهب إمتى و الشبكة و كدا
-الحاج مصطفى بجدية:
مش ها نختلف يا أستاذ بدر ،اللي تشوفوه مناسب
-بس دا حقك يا بنتي في اإلسالم و إحنا نقدر نجيب أحلى شبكة الحمد هلل
-أنا مش بحب الدهب يا عمو و مش بلبسه و هللا كفاية عليا الدبله بس
-بس يا بنتي ماحدش بيتجوز من غير دهب ،طب نجيبلك أي حاجة عشان صحابك حتى
-يا طنط أنا ماليش دعوة بحد ،هم بيحبوه فهيلبسوه ،لكن إحنا نشتري حاجة غالية و مش هانستفاد منها ليه
كثيرا من هذا األمر ألنه كان يريد أن يحضر لها أغلى ما هو موجود ،فتنحنح و قال:
ً أما نضال فقد تضايق
بعد إذنك يا بشمهندس أحمد ممكن أقعد أنا و الدكتورة جهاد لواحدنا شوية
-ماشي يا ابني اتفضل ،قومي يا جهاد و اقعدوا قصادنا في آخر الصالون هناك ..
-أحمد برضا:
هم عاقلين و هي حياتهم ،ربنا ييسر ليهم األمور
........... ......... .........
نضال بعدما جلس في مواجهة جهاد :
إزيك يا جهاد ،عامله إيه
-حاضر يا دكتور
-نضال بمزاح:
ول دي كمان ،أنا اسمي حلو و هللا ،ناديني بيه ......ثم قال بمكر :
ول هو مش عاجبك نغيره؟
-جهاد باندفاع :
ل ل و هللا أبدًا دا حتى جميل و عريق كدا و معناه كمان حلو
خجلت جهاد جدًا بسبب اندفاعها في الحديث و علمت أنه تعمد ذلك فشعرت بالضيق ....نظر إليها نضال فشعر بشدة خجلها فقرر الحديث عن
رفضها للمهر :
إنت ليه مش عايزة تشتري دهب يا جهاد
-ماشي يا ستي براحتك ،شكلك هاتوريني أيام زي الفل ،المهم بقى يعني إيه مش بتحبيه دي ،إنت لزم يجيلك مهر يا جهاد و مش أي مهر ،
دا إنت يجيلك أغلى مهر ،إنت مش حاسه بقيمتك ول إيه يا بنتي و بعدين أنا مش ها أوافق أبدًا إنك ماتجيبيش دهب .
-طب هو فيه حاجة تانيه ممكن نحل بيها الموضوع دا ،أنا نفسي أشتري كاميرا ديجيتال و أتعلم التصوير ممكن إنت تشتريهالي و تبقى هي
مهري
-ل و هللا مش بهزر ،أهو إنت هاتشتريلي مهر عشان ماتزعلش ،و كمان هاتبقى حاجة بحبها و مفيدة ول إيه رأيك
-نضال بإعجاب:
هو أنا ليا رأي بعد اللي قولتيه ،دا كفايه كلمة عشان ماتزعلش دي
-ل يا دكتور احنا على البر و أنا لسه مش مرات حد و ممكن كل واحد يروح لحاله
-الموضوع في بالي من زمان بس ماكنتش بتيجي فرصة ،التصوير من الحاجات اللي بتسحرني جدًا ،ها أدور بقى على مكان أتعلم فيه من
النهارده.
-و تدوري ليه ،أنا بعرف أصور كويس جدًا ،و حاضر دورات تصوير قبل كدا .
-هللا بجد ،خالص تعلمني بقى بعد كتب الكتاب ،بإذن هللا
-خطوبة إيه ،دا كالم فاضي ،إحنا نكتب الكتاب آخر األسبوع دا و نتجوز على آخر الشهر
-جهاد بصدمة:
نعم !!!
-نضال برفض:
إيه ! ل طب ًعا ،ماينفعش و هللا ،وبعدين يا جهاد أنا عندي 33سنه ها أضيع عليهم كمان لسه كل الوقت دا
-بعد الشر عنك ........المهم كتب الكتاب كمان شهر أنا كدا كارمك أهو
-يا ستي أنا عايزك زي ما إنت كدا مش عايز أتعرف عليكي ،ها نبقى نتعرف بعد كتب الكتاب
-بس أنا عايزه أعرفك األول ،أنا لسه ماأعرفش عنك حاجات كتير
-نضال بمزاح:
أنا قدامك أهو إسأليني في اللي إنت عايزاه ،أنا تحت أمرك ،اتعرفي عليا براحتك النهارده ،ها أقعد معاكي لحد ما تزهقي ،و أبات عندكم لو
عايزه
-بطل هزار بقى يا دكتور ،بص ها أقرب المدة شوية و نخليها بعد خمس شهور.
-بصي أنا ها أتنازل و أوافق على 3شهور ،أكتر من كدا أقسم باهلل ما ينفع ،وربنا يصبرني بقى
-جهاد باستسالم:
طيب يا دكتور اللي تشوفه ،هلل األمر
-نضال بمزاح:
أيوا خليكي هادية زي ما إنت ،و افضلي مطيعة كدا على طول
-نضال بحب:
علشان بحب أشوف ضحكتك و بتبقي زي القمر بالغمازات دي ،الشمس بتطلع و إنت بتضحكي كدا
""الفصل العاشر""
ُخلقت األنثى من ضلع رجـل ،و لكنـك قد تجـد أنثى أفضـل من مليـار رجل ،قد تصنـع المرأة مـا يعجز الرجال عن فعله ،و قـد تنجح بـال
مساعدة من رجل ،فقـط عندما تقررين ذلـك يا فتاتـي ستفعلينه ،بإمكانك بناء العالم بأكمله إن أردت أنت ذلك.
............ ............... ................
-أراد نضال أن يغير الموضوع و يضفي المرح :
يال بقى اتعرفي عليا من النهارده علشان الـ 3شهور يكفوا .
-نضال بجدية:
احنا ننزل نشتري الدبل كمان يومين و نعمل شبكة عائلية كدا يوم الجمعة الجاية ،تمام؟
-ماشي تمام.
-صحيح ما قولتليش يا جهاد عايزة تعيشي فين ،يعني تحبي بيتنا يبقى فين؟
-ل دا بيتك قبل ما يكون بيتي ،و هايكون في المكان اللي تحبيه
ً
أصال بحب إسكندرية جدًا -أكيد هايبقى عندكم في اسكندريه يعني ،و أنا
-هي مين
ً
أصال. -ربنا يخليهوملك يارب ،أنا حبيتهم
-يا بختهم برضه .
-تاني يا دكتور ،طب قوم بقى نرجع نقعد معاهم و كفاية كدا
-طب بجد خالص وهللا ،بس خلينا قاعدين كمان شويه ،و كلميني عن عيلتك و عالقتك بيهم و قرايبك ألن أنا ماأعرفش حاجة عنهم
-أنا زي ما أنت شايف عايشه مع جدو و تيتا و ماما و بابا ،وهم كل حياتي و كل اللي ليا في الدنيا دي ،عمرنا ما بعدنا عن بعض أبدًا ،كلنا
مرتبطين ببعض أوي ،أقرب حد لقلبي في عيلتي أو في الدنيا كلها جدي ،جدي دا ضحكتي و سعادتي و أماني ،كل حاجة و أحلى حاجة في
الدنيا متمثلة فيه ،كل رغيي و أسراري معاه ،خططي و أفكاري برده معاه ،و أنا بالنسباله الهوا اللي بيتنفسه ،أنا متهايقلي مهما أعرف و
أصاحب ناس عمر ما حد ها يوصل لدرجة حبي لجدي .
-جهاد بضحك:
ل مايحلمش ،جدي مفيش حد زيه
-عندي عم اسمه محمود بيته جنبنا بشوية كان هايجي النهارده بس جاتله سفرية شغل مفاجأة ،عنده ساره متجوزة الظابط هشام و ساره دي
بالنسبالي أختي و أكتر ،و محمد لسه بيدرس في رابعه أسنان ،،،أما عمتي فاطمة فدي متجوزه في القاهرة و ولدها أكرم طيار ،و كريم
مدرس و متجوز ،بس كدا هي دي عيلتي الصغيرة .
-ليا صديقة واحدة اسمها وسام كانت هنا معايا النهارده روحت قبل ما تيجوا على طول ،أكيد هاتشوفها قدام ،دي بقى صاحبتي من أيام
الحضانة طول عمرنا مع بعض ،هي دخلت صيدله و أنا تربية لكننا برضه فضلنا توأم زي ما احنا ،وسام دي من الصحاب اللي بقى نادر
تالقي شبههم ،عالقتنا ببعض قريبة لدرجة التعقيد ،صعب على حد غيرنا يفهمها ،ليا بقى أصحاب تانيين كتير من كل المراحل لكن مفيش
حد عندي زي وسام .
-يا سيدي على الحب يا ولد ،ربنا يخليهالك يارب يا جهاد .
-اللهم آمين ......يال بينا بقى نقوم نقعد معاهم
-إنت مستعجله كدا ليه ،ماتسيبينا قاعدين شوية ،ثم قال بمكر ول إنت زهقتي مني.
فهمت جهاد أنه يريد احراجها كما فعل من قبل فقالت باستفزاز :
أيوا زهقت ،يال بقى
استمرت تلك الجلسة التي تمهد لبداية ترابط عظيم إلى وقت متأخر ثم رحلت عائلة نضال و بعد يومان جاء نضال و أخته هناء و ذهب معهم
أحمد و جهاد لشراء الدبل ،ثم اتفقوا على اللقاء يوم الجمعة في حفل الخطبة.
........... ........... ........... ..........
مي و هي تصعد الدرج لتدخل من باب الكلية سمعت أحدهم ينادي عليها التفتت لتجده ميدو ،اقترب منها و مد يده ليصافحها و قال بسخرية:
إزيك يا مي
-مي و قد غضبت لتعديه حدوده فرفعت يدها و هوت بها على وجهه و قالت:
و أدي كمان قلم عشان تلم نفسك و تعرف تتكلم باحترام ،ثم تركته و أسرعت للداخل .
أما ميدو فقد احمر و جهة من شدة الغضب و نظر إليها نظرة و عيد و كره ثم قال في نفسه:
و ربنا يا مي ألعرفك ،و أندمك على كل اللي عملتيه .
.......... .......... ......... ........
مي و هي تطرق باب مكتب جهاد فسمحت لها جهاد بالدخول
-مي بطمأنينة:
ربنا يخليكي ليا يا دكتورة و يطمن قلبك زي ما طمنتيني
بعدما انتهى الحوار كان الجميع قد رحل حتى عائلة نضال ،أخذه أحمد و صعد به إلى أعلى ليجلس مع جهاد بعض الوقت ،أجلسه أحمد في
الصالون و توجه إلى غرفة جهاد لينادي عليها.
-السالم عليكم
-جهاد و قد أصابتها الحيرة ألن المتحدث إليها رجل و هي لم تستطع تحديد صوته :
الحمد هلل ،حضرتك مين يا فندم
ً -
أهال يا فندم ،بس مين برضه
-ل مش ها ينفع ،الموضوع سري للغاية ،لزم نبقى لواحدنا و ماتقلقيش هنبقى في مكان عام وسط الناس ،أنا عارف إني مش من حقي
أطلب طلب زي دا بس زي ما قولتلك دا شيء مهم جدًا
-ياريت بكرا ،في النادي الساعة أربعه العصر ،بس باهلل عليكي بالش أي حد يعرف نهائي
....................................
في قاعة المحاضرات
ً
أصال ،محاضرة النهارده كانت -يا شباب و يا فتيات كدا عدى ساعة من الوقت لكن مفيش وقت ترفيه النهارده ،ألن المحاضرة خلصت
قصيرة ،ها نكمل الوقت في حاجة تانية ،ها أقعد أرغي معاكم شوية ،إيه رأيكم؟
كل حاجة في الحالل طعمها أحلى ،المشاعر ،الكلمات ،النظرات كل دي ليها طعم أروع في الحالل ،عفي نفسك لحد مايجي اللي هايكون
زوجك و يدخل بيتك ،و إنت كمان عف نفسك عشان تاخد واحده عفيفة تستاهلها و تستاهلك ،لو بتحبها بجد سيبها عشان خاطر ربنا و هو ها
يعوضك .
إنتم عارفين إحنا بنلجأ للعالقات الحرام دي ليه ،عشان فاضيين ،آه وهللا ،عشان إحنا من جوا فاضيين ،إنت لو عندك حاجة عايش علشانها
عمرك ماهتفكر في العالقات دي .
فيه أقصى عايز يتحرر ،و أمة محتاجه اللي ينصرها ،و قرآن عايز يتحفظ ،و مجد لزم يتبني ،و احنا لسه بنتكلم عن حرمة عالقة الشاب
بالفتاة ،إنت فين من أمتك ،إنت فين من دراستك ،ليه مش كلكم بتجيبوا امتياز ،ليه إنت مقصر في حياتك ،ليه مش بتثقف نفسك و مش
بتقرا ،ليه إحنا لسه مصممين على التفاهات و مش شايلين هم اإلسالم ،ليه مش شايل هم الناس اللي مايعرفوش حاجة عن اإلسالم و ممكن
يدخلوا النار ،و إنت تقدر تساعدهم و توصله ليهم .
إحنا أولويتنا محتاجة تتظبط يا شباب ،لزم ربنا يبقى رقم واحد في حياتنا ،لزم تعرف أمور دينك ،لزم تقرا عن النبي و تبقى حافظ اسمه
بالكامل و تحبه بجد ،حاول تروح لربنا ماسك حد في ايدك إنت كنت سبب في هدايته و قربه من الطريق المستقيم ،خليك فرد بأمة كاملة ،
خليك حاجة تكون سبب في عزة اإلسالم ،لو زرعت في قلبك كل المعاني دي ،صدقوني عمر ما حد فيكم ها يبص لعالقة حرام ول عمره
هايكلم بنات خالص ،هايبقى هدفه يالقي زوجة صالحه تعينه على أهدافه وبس ،مش هايدور بقى على متعة لحظية ول حاجات تزعل حبيبة و
خالقه منه ،وإنت هايبقى همك زوج صالح يدخل معاكي الجنة و يربي ذرية تنصر اإلسالم مش واحد عمال يستهلك مشاعرك و بيشدك للنار ،
ركزوا في كالمي أوي ،وفكروا فيه ،اعرضوه على قلوبكم و عقولكم ...........يارب أكون عرفت أفيدكم بحاجة يا سنة تالته ،السالم عليكم
......ثم خرجت من المدرج و تركت الطالب في حالة صمت تام ،تعمدت هي ذلك ،أرادت أن تتركهم ليختلوا بأنفسهم بعض الشيء علهم
يستجيبون ،ظل المدرج صامت جدًا بال أي حركة إلى ما يقرب من النصف ساعة ،فالجميع يفكر فيما سمع ،ثم بدأوا يصحون من تفكيرهم و
صا ذا قيمة
قد قرر معظمهم تطبيق ذاك الكالم الرائع وأن يصبح شخ ً
-هشام بجدية:
خير بإذن هللا ،بصي يا دكتورة هي خدمة و مهمة وطنية محتاجك فيها ،و إنت الوحيدة اللي أقدر أثق فيها و متأكد إنك قد الموضوع دا
.........فيه عزبه صغيرة جنب المنصوره بشوية ،الناس اللي فيها بيشتكوا كتير من غياب أطفالهم ،و كلهم بيقولوا األولد بيرحوا المدرسة
الصبح مابيرجعوش ،حوالي عشر حالت إختفاء لحد دلوقتي ،و لما شوفنا سجالت الغياب في المدرسة بنالقي اسمهم متاخد غياب و
المدرسين بيقولوا انهم ماشافوهمش ،لكننا قدرنا نعرف إن األطفال دي بيختفوا داخل المدرسة ،و إن فيه عصابه جوه المدرسة بتاخد األطفال
و بيتاجروا بـ أعضائهم.
-دا إنتم جامعين عني معلومات بقى و عرفتوا جدولي كمان .
-بصي يا دكتورة دي قضية مهمه فيها أرواح أطفال ،و محتاجة حد حذر و فاهم و مركز و إنت اللي جيتي في بالي لما اتعرض علينا الحل دا
،فقولتلهم عليكي ،جمعنا المعلومات طلعتي مناسبة جدًا و هاتساعدينا ً
فعال ،دا برغبتك طبعًا يا دكتورة ،أنا جي أطلب منك مش أكتر.
-هشام بسرور:
كنت متأكد إنك هاتوافقي ،ساره حكيها عنك كان مأكدلي دا ........طيب بداية بقى كدا فيه شوية تدريبات و معلومات ناس متخصصة
هايقولولك عليها و هايجهزوكي تمام للموضوع دا من بكرا ليوم التالت ،في الوقت اللي حضرتك تحبية ،ثانيًا الكالم دا لبد يفضل سر
ماينفعش البشمهندس أحمد أو جدو أو حتى دكتور نضال يعرفوا بيه ،دي أسرار شغل مهمة جدا ،و ماتقلقيش بإذن هللا مش هايبقى فيه خطر و
احنا هانبقى جنبك على طول و إنت زي أختي و عمري ما هاأقبل إن حد يأذيكي .
-تمام يا فندم ،على بركة هللا ،أنا جاهزة للتدريبات دي كل يوم بعد العصر و بإذن هللا ها يفضل سر لحد مالموضوع يخلص على خير.
-ربنا يجازيكي خير يا دكتورة ،التواصل معاكي هايكون من خالل الرقم اللي كلمتك منه ،هايتبعتلك منه العنوان اللي هاتاخدي منه المعلومات
و التدريبات ،و ربنا ييسر األمر .
............. .......... ......... ..........
وفاء و هي تجلس مع أسرتها في الصالون :
ها تروح لجهاد يوم الجمعة يا نضال
-هناء بحب:
سلملي عليها أوي يا نضال
-هناء بسخرية:
يا أخي أنا مش عارفة واحدة مالك زي جهاد ،إيه يخليها توافق على واحد رخم شبهك كدا
-إيه يا بت إنت هاتعاكسي خطيبتي و أنا قاعد ،و بعدين أنا مابرخمش عليها ،أنا برخم على الرخمين اللي زيك بس .
-هناء بمشاكسة:
طيب يا نضال ،إن مافضحتك عندها ،صدقني ألقولها على كل بالويك و عمايلك السوده
-وفاء بجدية:
تعرف يا نضال وهللا يا ابني أنا حبيت خطيبتك دي بشكل ،تلقائية و بتتعامل بحب و حنان كدا ،مش من البنات بتوع اليومين دول ،ل دي بنت
عاقلة و دماغها كبيرة ،و روحها مرحة كدا ،و محبوبه من كل اللي حواليها ،كل الناس اللي جم يباركولها شوفت في عنيهم حب كبير ليها ،
و هي كمان بتحب كل اللي حواليها ،و بتعرف تقدر الناس كل ما واحده تيجي ،تقوملها و تاخدها بالحضن و تقعد تسألها على أحوالها و
صحتها ،طول الشبكة و هي ناشرة البهجة في الجو و مفرحه كل اللي موجود .
-آه و هللا يا ابني بقولك أحلى من صوتك ،إنت إزاي ماتعرفش إن صوتها حلو.
-هو أنا هاأروح أقولها سمعيني صوتك يعني و أنا لسه ما كتبتش الكتاب يا خفة ،وبعدين إنتم ماقولتوليش الكالم دا ليه من يوم الشبكه .
-نضال بإعجاب:
أنا طلعت ماأعرفش عنها حاجة يا بنتي وهللا ،أنا كل يوم بعرف عنها حاجات جديدة تبهر الواحد ،كل اللي بيقعد معاها بيقول في حقها كالم
يطير العقل ،ربنا يباركلها و يزيدها .
أعلـم أنك تُحبينني كمـا أحبـك ،أعلم أنك جميلـة أكثـر ممـا ينبغـي ،أعلم أنك أروع مما يظنون ،و أن كـل من يراك يهيم بك و هذا ما يثير
غيرتي ،أعلم يا عزيزتي أعلم .
جهاد و هي تدخل المدرج في اليوم التالي تفاجأت بأن الطلبة قد فعلوا ما اقترحته عليهم و إذا بالشباب يجلسون في األمام و البنات في الخلف و
قفت تنظر إليهم وتعلوا وجهها بسمة أمل و رضا و فخر و حب ثم قالت :
تبارك هللا ،أنا عاجزة عن الكالم و هللا يا سنة تالتة ،مش عارفة أقولكم إيه ،جوايا خليط من المشاعر ما بين الفخر و المتنان و التقدير و
الحب ،ما كنتش متخيلة إنكم هاتستجيبوا بسرعة كدا ،تعرفوا إنتم بالنسبالي نبتتي اللي برعاها بكل الطرق ،نفسي أشوفكم و إنتم خير قدوة
لغيركم ،ربنا يراضيكم و يرضى عنكم و يحبكم و يحبب فيكم الصالحين ،أنا حقيقي بحبكم أوي يا عيال .
-منى و هي تبتسم:
صباح الفل يا جيجي ،النهارده الجمعة إيه اللي مصحيكي بدري
-منا صاحية بدري عشان النهارده الجمعة ،نضال جي بقى يا ماما و كدا
-األم بمزاح:
أيوا يا سيدي ،أهل الحب بقى
-هللا ،ما بس بقى يا منمن ،لزم تكسيفيني يعني .........بقولك إيه إنت تطلعي بره المطبخ النهارده ،أنا اللي ها أعمل كل األكل
-ل طبعًا ،إنت عارفه إني ما بحبهاش ،و يارب هو كمان يكون كدا
-يا بنتي إنت عاهه ،مافيش حد مابيحبهاش ،هو إنت بقى عشان مابتحبيهاش ها تحريميه منها
-بقولك إيه يا منمن هو بإذن هللا هايكون مابيحبهاش هي و الفراخ و الرومي و األرانب و الفاصوليا و اللبيا و السبانخ طبعًا و الكوارع و شوية
حاجات كمان كدا ،ألني مش ها أطبخ اللي أنا مابحبهوش.
-ل ها أعمله بط و حمام و بسلة و بط تاني و سمك و ملوخية و بط تالت و بايمة و بط كمان مرة .
-ههههههههههه ،إحنا ها نصبح مره نالقيكي بتكاكي من كتر حبك للبط و أكلك ليه .........
...... .... ..... ....... ......
قبل أذان المغرب بساعة حضر نضال ،جلس في الصالون هو و أحمد ثم جاءت منى و حيته ،و دخلت إلى غرفة جهاد لتستدعيها فوجدتها لم
تكمل ارتداء حجابها بعد
-إنت لسه مالبستيش الخمار يا بيضة ،نضال هنا من بدري ،أنا هاأقدمله العصير أنا بقى و خالص .
-ل باهلل خليه يا ماما ،طب إنت هاتطلعية و أنا أما أجي طالعه أطلع بحجة إيه
-بحجة تقعدي مع خطيبك يا هطله ،و بعدين عيب هو هنا بقاله شوية و ماقدمناش ليه أي حاجة و إنت بتاخدي عشر دقايق على ما تعملي
الخمار .......
ثم خرجت من الغرفة متوجهة إلى المطبخ و خرجت بالعصير ،تعجب نضال و قال في نفسه :
هي جهاد نايمة برده ول إيه ،ل دا أنا أدخل أقومها بميه من التالجه و هللا ،دا كدا داخل في أسبوعين ماشوفتهاش ،تحس بيا بقى ،ماينفعش
كدا .
أنهت جهاد إرتداء حجابها ثم قررت الخروج دخلت إلى الصالون و لكن نضال لم ينتبه حيث كان مندم ًجا في الحديث مع والدها ،استغلت جهاد
تلك الفرصة و نظرت إليه ألول مرة نظرة مطولة فهي قد اشتاقت إليه حقًا ،ظلت واقفة عند مدخل الصالون تنظر إليه دون أن يالحظها ،ثم
شعر هو بوجودها فـ التفت إليها فجأة و نظر إليها ثم ابتسم بعشق ،ارتبكت هي جدًا ألنه أمسكها متلبسه على حد تعبيرها ،نظرت لألرض و
احمر وجهها كالعادة ،نادى عليها والدها فتقدمت حتى اقتربت منهم ثم قالت:
السالم عليكم ،إزي حضرتك يا دكتور نضال
-لم يستطع نضال كتمان ضحكاته فشارك أحمد في المزاح و لكنه نظر إليها فوجد عالمات الضيق و الخجل على وجهها فقال:
براحتها يا عمي تقول اللي هي عايزاه وقت ما تحب
-أحمد بمزاح:
أوبا أنا كدا شكلي بقى وحش جدًا الصراحة ........ثم ضحكوا جميعًا ،أما جهاد فقد أحست بإعجاب و فخر من داخلها بتصرف نضال ،أنه
دافع عنها حتى و هم يمزحون .
جاءت منى هي األخرى و ظلوا يتحدثون جميعًا ،حتى حان موعد آذان المغرب ،هبط أحمد و نضال للصالة ،و قامت جهاد بإعداد سفرة
الطعام و أصرت على تنظيمها بنفسها ،أعدتها و أدت صالتها ثم جاء الرجال من المسجد ،،،،،،،،في البداية رفض نضال الجلوس على
الطعام ألنه كان يشعر بالحرج و لكن أحمد أصر ثم اقترب من أذنه و قال :
دي جهاد هي اللي طابخة األكل كله ،حتى تنظيم السفرة دا مش بتاع منى يعني جهاد اللي عامله كل حاجة ماتكسفهاش بقى ،بس إوعى تقولها
إني قولتلك حاجة
بعد النتهاء من الطعام جلس نضال مع جهاد بمفردهم و جلس أحمد و منى أمام التلفاز بجوارهم بعض الشيء ،بدأ نضال الحديث:
عامله إيه يا جهاد؟
-يال حصل خير ،المهم إني شوفتك النهارده أهو ،و لقيتك صاحية
-استمتع نضال بارتباكها هذا و هو يعلم أنها تتعمد إخفاء األمر فقال :
و إنت بقى بتعرفي تطبخي حلو شبهها كدا
-ههههههههه طب بالراحة بالراحة جمعي الكالم ،ثم قال باستفزاز ماتقلقيش ها استحملك لو مابتعرفيش تطبخي أمري هلل .
-ل حدد ،بتحبها أوي و عايزها كل يوم بقى ،ول بتاكلها و خالص لما تتحط قدامك
-ل الحقيقة أنا مش من الناس المغرمة بيها ،باكلها لو اتعملت لكن مابطلبهاش
-أصل أنا مابحبهاش و مابحبش أعملها و كنت ها أزعل أوي لو إنت كنت من الناس اللي مش عايزين ياكلوا غيرها دول
-نضال بمكر:
اممممممممممم ،طب و كنتي هاتعمليهالي بقى لو طلبتها ول ل
-جهاد بتلقائية:
أكيد كنت هاأعملهالك طبعًا يعني
-نضال باستفزاز :
يا سيدي يا ولد و هللا
-جهاد في نفسها:
رخم قس ًما باهلل ،بس بحبه جاتك القرف ههههههههه ،،،،،،،،،،، ،عند تلك اللحظة تماما رن هاتف جهاد الموضوع على الطاولة أمامهم نظرت
فوجدته رقم هشام ،ارتبكت و كانت ستمد يدها و تضعه على الوضع الصامت و لكن جاءت لها فكرة فلمعت عيناها بمكر ،فالرقم مسجل على
الهاتف بحرف "ه" و هي تعلم أن نضال نظر إليه و رأي ذلك فقررت إخضاعه لختبار ،مدت يدها و أخذت الهاتف ثم نظرت لنضال و قالت:
دكتور بعد إذنك ،هاأرد و أرجع عشان مكالمة مهمة
سسعدت جهاد جدًا بذلك ،ألن نضال لم يتدخل في أمورها و اكتفى بما ذكرته ،و لم يسأل عن تفاصيل ،زاد احترامها له ،و تأكدت أنه أهل
ً
متطفال ،بل يحترم مساحة لثقتها كما يثق هو بها ،حمدت هللا أنه ليس من هؤلء الرجال الذين يشكون في كل شيء حولهم و أنه ليس
الخصوصية لدى األفراد ........استفاقت على صوته المحبب لها و هو يقول:
-الحمد هلل ،شبهك خاتماه بالقراءات بس آخر قراءة ما أخدتش إيجازة التحفيظ بتاعتها لسه ،كان فاضلي أسمع على المعلمة آخر جزء لكنها
تعبت و لسه مارجعتش المقرئة تاني .
-نضال بإعجاب:
تبارك هللا ،ثم قال بمكر:
وصوتك حلو بقى في القرآن.
-جهاد بسخرية:
معلش بقى ،و بعدين إنت اللي هاتقرالها مش هي اللي هاتقرالك
-نضال بمكر:
مين قالك كدا ،دا أنا هنام كل يوم على القرآن بصوتها و بعدين هااسمعلها كل يوم و لزم صوتها يعجبني و أنا بسمعلها.
-نضال في نفسه:
شكلك عسل و إنت بتهربي بالكالم كدا ،مفكراني مش عارف أن صوتها أحلى من صوتي ،ربنا يخليكي ليا يا هناء يا أختي ههههههههههه ،
ثم قال:
-جهاد إديني رقمك
-ل طبعًا مش قبل كتب الكتاب ،أنا هاأخده احتياطي بس ،و بعدين يا ستي عشان الواحد يحس إنه خاطب بقى و كدا ،و يقعد يطلع الرقم و
يبص عليه و يغنيله و يطلع قلوب من عنيه
-برضه بتضحكي ،ل بقولك إيه إحنا نقوم نقعد مع عمي و طنط أحسن ،إحنا لسه قدامنا تلت شهور
ظلوا يجلسون سويًا بعض الوقت ثم انضموا ألى أحمد و منى ثم استأذن نضال للمغادرة و عندما ذهبت خلفه جهاد حتى الباب اقترب منها ثم
نزل برأسه إليها ألنها أقصر منه و قال و هو ينظر لعينيها :
أنا عارف إنك إنت اللي طبختي كل األكل و إنت اللي ظبطتي السفرة و طبخك عجبني جدًا و كمان عارف إن صوتك في القرآن حلو أووي ،
ثم غمز بعينه
-احمر وجه جهاد جدًا ثم فرت هاربه من أمامه إلى غرفتها ،فابتسم هو بحب و قال في نفسه:
ها تفضل طول عمرها خجولة كدا و أنا هاأفضل طول عمري أعشق خجلها دا و أتعمد أكسفها ،ثم جاء أحمد و نزل معه ليوصله إلى أسفل.
............ ........... .......... ..........
-جهاد و هي تمشي بجوار وسام في النادي:
قوليلي بقى إنتم اتخانقتم إمبارح ليه تاني في البيت
-وسام بتنهيده:
أبويا يا ستي يوم مانزل م البيت و ياريته ماعملها ،واحد قابله و قاله إنه عايز يجي يتقدملي و هو رحب و وافق و قاله يجي ،و لما رجع
البيت بيقولي رفضت قعد يعلي صوته و يعملي فيها أب بجد بقى ،و يقولي هو إنت هاتفضلي قاعدالنا هنا طول العمر إنت لزم تقابليه و مش
عارف إيه ،حتى ماما قعدت تقولي إنت خلصتي كليه و بتشتغلي قابليه يا وسام يمكن يكون كويس ،مايعرفوش إني مابطقش أبص في وش
راجل فأنا ريحت دماغي و قولتلهم ماشي
-بكرا
-قابليه يا وسام يمكن يفكلك العقدة ،و تحبي ،الحب حلو يابت
-أحب مين يا روحي ،ابعدي عني بسهوكتك دي هللا يكرمك ،أنت مفكرة إني ها أقعد معاه و أتعرف عليه بقى و كدا ،دا أنا هاأكرهه في
عيشته ،هاأخليه يندم إنه جه
-مي بحب:
موجوده أهو يا دكتورة
-أنا الحمد هلل ،الحمد هلل جدًا كمان ،ياااااااااه يا دكتورة ،أنا حساني لسه مولودة ،أنا و هللا عمري ما شوفت سعادة كدا ،أنا حتى مش عارفه
أحكيلك إيه ول إيه ،فاكره مي اللي جاتلك و كانت خالص ها تموت من الخنقة ،مي دي بقت بتنشر بهجة في الجو ،أنا اللي كنت بسهر طول
الليل لحد الفجر بره في أماكن مش كويسة و أشرب أو أكلم ميدو في التليفون لو مش معايا ،دلوقتي بسهر أصلي قيام و أقرأ قرآن و أدعي
الكريم ،عيني اللي كانت بتعيط من الخنقة بقت بتعيط حب و شوق لربنا ،تعرفي أنا بقيت حاسه بربنا في كل حاجة حواليا ،آه وهللا ،بقيت
بكلمه في كل حته و أنا ماشية على الطريق و أنا في المحاضرة و أنا بعمل أي حاجة بالقيني بكلمة في نفسي ،برفع عيني للسماء و أقوله
بحبك يارب و عيني تدمع ،حاسه بأحاسيس جميلة أوي ،بحسه جنبي في كل لحظه ،بحسه بيطبطب على قلبي ،أي حاجة بدعي بيها بيدهالي
،أنا يادكتوره صحابي كل يوم في الكلية بيقولولي إنتي وشك منور أوي النهارده و طالعة زي القمر ،بقيت بحلو في عين الناس رغم إني
بطلت أحط أي ميك أب ،و بيقولولي شكلك أميرة بلبسك دا ،رغم إنه بقى واسع و هم مابيحبهوش لكنه عليا في عنيهم جميل ،بقى فيه ناس
جميلة ماأعرفهاش بتكلمني و تصاحبني بعد ما كان بيتلم عليا الذباب من الناس بقت الفراشات هي اللي بتيجي عليا ،حياتي بقى ليها طعم ،بقى
اسمها حياه ،بقيت بدور على أي حاجة ترضي ربنا حبيبي و أعملها و بعدها سعادتي بتزيد مع كل عمل ،صالة السنن ،صيام اإلتنين و
الخميس ،الصدقة ،زيارة األيتام ،زرع شجرة في الجنينة ،أعمال عمري ما كنت بسمع عنها ،بقيت بعملها و بتسعدني و تقربني جدًا ،
موبايلي اللي كان كله أغاني بقى كله قرآن ،أنا اتبدلت يا دكتورة ،أنا بقيت واحدة في عداد األحياء بعد ما كنت في عداد الموتى ،أنا سعات
من كتر السعادة و الحاجات الحلوه اللي حاسه بيها ،ببقى بكلم ربنا و أقوله إنت إزاي جميل أوي كدا يارب ،أنا حقيقي بحبه ،بحبه أوي و
حبه أحياني ،أنا دلوقت بس عرفت يعني إيه حب بجد ،يعني تضحي بكل حاجة إنت بتحبها عشان تعمل الحاجات اللي حبيبك بيحبها و فجأة
هاتالقي إنها بقت من أحب الحاجات ليك ،أنا بدعيلك أوي يا دكتورة و بحمد ربنا من قلبي إنه وقفك في طريقي ،طريقة كالمك معايا و حنيتك
جذبتني للطريق دا ،و كمان إنت و تصرفات أجمل قدوة لإلنسان المؤمن بجد ،أنا كل عمل بعمله في ميزان حسناتك و دا مفرحني جدًا ألن
دي الطريقة الوحيدة اللي ممكن أشكرك بيها ،ربنا يجازيكي الفردوس يا دكتورة جهاد و مايحرمني أبدًا من حنيتك ول ضحكتك الحلوة ول
روحك الجميلة ......بعد أن أنهت مي الحديث كانتا الثنتان قد بكيتا بحراره لصدق الكالم وألنهما يشعران به حقًا ،احتضنت جهاد مي بقوة ،
و مسحت على رأسها بحنان و هي تردد بداخلها (إنكَ َل تَهدي َمن أَحبَبتَ َولَكن اّللَ يَهدي َمن يَشَا ُء ۚ َوه َُو أَعلَ ُم بال ُمهتَدينَ )
ثم قبلتها بين عينيها و قالت بحنان و هي تمسك بيديها :
هو دا ربنا يا مي ،هو دا ربنا اللي أنا بكلمكم عنه كل يوم في المحاضرة ،هو دا ربنا اللي ناس كتير خسرانه عشان بعيد عنه ،هو دا ربنا
حبيبنا هو دا قس ًما هو .
-ادعيلهم كتير أووي يا مي ،اختاري أوقات اإلجابة وادعيلهم ،في التلت األخير من الليل ربنا بيبقى في السماء الدنيا قومي ادعيلهم و عيطي
بين ايديه و ماتزهقيش من الكالم معاهم ،كلميهم بالراحه واحده واحده و هتتفاجيء يا مي بيهم ،ربنا هايستجيبلك و يهديهم .
-حاضر يا دكتورة ،و إنت كمان ادعيلهم و ادعيلي ربنا مايبعدنيش عنه تاني أبدًا.
.............. ............ ............ .............
صدمت من هيئتها
في منزل وسام جاء العريس و دخلت إليها والدتها لتخبرها بذلك ف ُ
-إيه اللي إنت لبساه دا يا وسام ،إنت اتجنيتي يا بت
-إيه يا ماما قمر صح ؟ مالها العباية السودا و الطرحه السودا ،دا لون برنس في نفسه كدا
خرجت وسام ،اندهش العريس مما ترتديه و لكنه أعجب بها رغم ذلك فهي حقًا جميلة جدًا ،تمتلك عيون زرقاء و بشرة شديدة البياض و
مالمح هادئة و رقيقة ..........جلست أمامه صامته و يظهر على وجهها مالمح الالمبالة ،قرر هو بدأ الحديث
-أنا اسمي آسر .....وقبل أن يكمل قالت هي بسخرية دون أن تنظر إليه :
آسر قلوب العذارى يا ضنايا
-تحير آسر فيما تقول فهو كان يراها منذ فتره و لم يكن يبدو عليها هذا التمرد فقال:
57إيه بس حرام عليكي ،دا أنا لسه شباب ههههههههه
-قال هو بتعجب:
مالك يا وسام فيه إيه ،إنت مش عايزاني أتكلم ول إيه؟
-تابع هو بحذر:
عندي أختين و أخ بس أنا الكبير
-األم بخضه:
عملتي في الراجل إيه يا موكوسه
-يا بت حرام عليكي ،إنت كبرتي ،هاتعنسي جنبي ،ليه كدا يا وسام
-طيب يا دكتورة فيه حاجة مهمه ،إنت طبعًا عرفتي مكان المدرسة ،مش ها ينفع تروحي بعربيتك ،هاتروحي مواصالت ،و كمان بعد ما
تطلعي منها ماتروحيش على طول روحي أي مكان اقعدي فيه شوية ،بصي العصابة دي مش سهله ،هو إن شاء هللا مفيش خطر عليكي بس
خدي احتياطاتك ،و حاولي تركزي أوي في التفاصيل و التصرفات الغريبة ألي حد في المدرسة و أول ما تخرجي بكرا هانكلمك
-قولي يا جهاد
ً
أصال عداه العيب و هللا -ل مش عادي ،إنت لو مش عاجبك الجوازة دي ننهيها ،لكن الراجل محترم و أنا ماأقدرش أقوله حاجة زي دي و هو
.
كثيرا رغم أنها تشتاقه جدًا ألنها تعلقت به لدرجة كبيرة ،و أحبته جدًا و تعلم
ً دخلت غرفتها و هي تشعر بالضيق الشديد ،هي ل تريد أن تراه
أنه يحبها جدًا هو اآلخر ،و تخاف أن يقول أحدهم بال قصد كلمة تُغضب هللا ،ل يحل أن تُقال اآلن ،فهما الثنان يغلب عليهم الشوق أحيانًا ،
فكرت في تقديم موعد كتب الكتاب لكنها تشعر أنها غير مستعده بعد لتلك الخطوة ،فقررت في داخلها أنها ستخبر نضال غدا بذلك و تعلم أنه
سيتفهم األمر.
-كويسين و هللا ،كل مره بيقولولي سلملنا عليها و أنا بشوفك فأنسى نفسي و أنساهم
-نضال بمكر:
يابختهم بيوحشوكي ،مش زي ناس غالبه ول بيجوا على بالك
ً
مستقبال. -بقولك إيه ماتحكيلي إنت مخطط ألية
-أتجوزك
-نضال بجدية:
بصي يا ستي ،إن شاء هللا نتجوز ،و أعيشك ملكة طول عمرنا ،و نبقى داي ًما مبسوطين و عايشين في طاعة ربنا و نخلف شوية عيال قمرات
زيك كدا ،و عندي بقى شوية أهداف كدا ،عايز إن شاء هللا أبني مستشفي خيرية كبيره بدأت في المشروع بس لسه هاياخد وقت ،و فيه
مجالت جديدة عايز أحضر فيها دكتوراه ،و عايز أقوي مهاراتي في مجال مقارنة األديان علشان أتوسع في الرد على شبهات الملحدين ألنها
زادت أوي و أنا سعات علمي بيقف في الرد عنها و هانطلع الحج أنا و إنت و نسافر كذا دولة كدا ،و أجوز فارس و هناء و أشوفهم عايشين
في سعاده ،ونركز على سوريا و األقصى بقى ،بخطط هاننشر في الناس فكرة الجهاد و التحرير إزاي ،علشان نشوف صالح الدين من تاني
،و في األخر أستشهد و أنا إيدي في إيدك ،كفاية عليكي دول بقى دلوقتي.
-نضال بمزاح:
يا أختي نتجوز بس هللا يكرمك ،و إبقي سميهم إنت
-تعرف أن زمان كنت بقول أنا عايزة أخلف تمانية أسميهم على أسماء الصحابة زي عمر و علي و حمزة و كدا يعني و كل واحد أربيه على
أخالق الصحابي اللي هو واخد اسمه ،نربي عمر على القوة و العزة في الحق ،و علي نربية على التضحية و كل أخالق سيدنا علي فيبقى
شبهه و هكذا بقى و البنات برضه على أسامي الصحابيات ،لكن في الحقيقة تراجعت عن الموضوع دا و لقيتني بعمل تعارض في أحالمي ،
يعني أنا مثال مخططة أهداف لحد سن معين و عقلي بيرفض تخطيط لوقت أطول من كدا ،رافضة تماما فكرة إني ممكن مااستشهدش ،دا
الحلم األعظم اللي ها يتوج كل حاجة و أنا عايزة استشهد في الشباب قبل ما أكبر أوي ،ودا مش مناسب لفكرة األولد الكتير ،ألن احنا وقت
ما نقرر نخرج في سبيل هللا بال عوده لزم نسيب أولدنا كبار إلى حد ما عشان مايحتاجوش حد من بعدنا و منبقاش ظلمناهم ،أو إننا بعد ما
نتجوز نعلنها خالصة هلل و نخرج للجهاد بقى على طول و دي فكرة محببة لنفسي أوي و هاتقربنا من هدفنا و تروي شوقنا للشهادة و الجنة و
رؤية الرحمن ،لكن برجع أفكر إننا سوا قادرين نخرج أبطال لألمة ،قادرين نربي أولد صح يبقوا عزة لإلسالم ،فدا ها يأخر الشهادة شوية
لكنه أنفع لألمة فشايفة إننا نلجأ ليه أفضل ،ثم قالت بمزاح و نقتصد بقى في العدد نخلف تالتة بس مثال ،و نربيهم بقى على أخالق الصحابة
كلها مجتمعة ،مش كل واحد شبه اسم واحد من الصحابة ،ألني غيرت رأيي و عايزة أسمي األولد "أنس " و "زين " بحب السمين دول
أوي بجد ،و ابقى سمي البنات بقى إنت ،إيه رأيك بقى
-نضال بإعجاب:
يا بنتي إنت مابتسيبيليش فرصة أقول رأي ،إنت بتقولي كل حاجة و أجمل حاجة ،بقى فيه حد عاقل يعترض على حرف من كالمك ،ربنا
يباركلي فيكي ،أنا ها اسمي بنتنا بقى جهاد على اسمك برضة ،أنا عايز كل حياتي تبقى باسمك و شبهك يا جهاد .
-إحنا الفرق بينا تقريبًا تسع سنين ،و دا فرق كبير ،ماحستش إنك اتأثرتي بالموضوع دا خالص ،رغم إن البنات دلوقتي أغلبهم إن لم يكن
كلهم ،بيبقوا حابين يرتبطوا بحد قدهم أو يفرق سنة سنتين بالكتير ،عشان يبقى نفس الجيل و يفهم دماغهم زي ما بيقولوا يعني ،إنت ليه
الموضوع عدى عادي بالنسبالك.
-ألن ببساطة أنا مابفكرش زيهم ،داي ًما كان نفسي أرتبط بحد أكبر مني 10أو 15سنة كمان ،كل ما كنت إنت أكبر مني هاتبقى حياتنا أنجح
أكتر عكس تفكيرهم خالص ،إنت لما تبقى أكبر هاتبقى بتعاملني كبنتك قبل زوجتك ،و دا أجمل بكتير ،إحنا البنات مزاجيين جدًا و ممكن
نقلب في ثانية و نقول أي كالم أهبل ،إنت عشان بتعاملني كبنتك هاتتفهم دا عمرك ماهتشوفه عيب ،بمعني تاني هاتبقى بتعاملني على قد عقلي
و دا مميز جدًا ،كدا في أي حاجة أنا أعملها غلط أو ماتعجبكش ،هاتطبطب عليا و تفهمني بالراحة ،عشان إنت عارف إنك أكبر و فاهم أكتر
،لكن لو قدي هاتقول ماهي عندها نفس عقليتي إزاي تعمل حاجة زي دي و تقعد تقارن بين أفعالي المزاجية و أفعالك الموزونة ً
مثال ،لكن لما
تبقى كبير عمرك ما هتقارن دا إنت هاتبقى مبسوط إني بلجألك و إني بتحامى فيك ،و كمان تبقى أحن و أنضج و أرسى و أعقل ،هاكون داي ًما
في عينك بنتك المدللة اللي تعمل اللي هي عايزاه براحتها طول منا عايش ،مش بس مجرد زوجة أو حبيبة ،ل هايبقى منضاف عليهم إني
بنتك و دا بالنسبالي أعظم ،و كمان أنا ما قلقتش من إنك ممكن ماتفهمش دماغي و الكالم دا ،ألنك من أول كالمك معايا بان النضج و التطور
و التفهم بس كدا .
-نضال بحب:
ً
أصال اللي أنا ناوي عليه هاتبقى أجمل بنت و زوجة و كل حاجة ليا يا جهاد ،بوعدك إني هاكونلك كدا ،و دا
-جهاد و قد شعرت أنها لبد أن تقول ما تود إخباره به ،ألن وقت مغادرته قد اقترب ،فنظرت إلى عينية مباشرة و شعرت بالربكة ذاتها و
لكنها تلك المرة لم تحرك عينيها بل تركتهما مسلطتان على عينية و قالت بنبرة بها شيء من الرجاء و الخوف و الحب :
نضال ،عايزة أقولك حاجة مهمة ،بس باهلل عليك تفهمني و ماتزعل
-نضال و قد شعر بسعادة غامرة ألنها و ألول مرة تناديه باسمه هكذا ،كان محببًا إلى نفسه جدًا نطقها لها ،و لكنه شعر أنها ستقول شيء يثير
ربكتها و تفكيرها فقال :
عمري ما هاأزعل منك يا جهاد قولي
-جهاد و هي لزالت تنظر إليه و لكن وجهها قد احمر بشدة من شدة الخجل:
إحنا بقالنا شهر تقريبا مخطوبين و دي خامس مرة نقعد مع بعض فيها من بعد الشبكة ،و احنا بنتعلق ببعض جامد يا نضال و ممكن نقول أي
كالم يعبر عن مشاعرنا في نص الكالم بالغلط و دا حرام فأنا بطلب منك نقلل المرات اللي بنقعد فيها و نخليها كل جمعتين لحد كتب الكتاب ،
أنا فكرت في تقديم كتب الكتاب لكني مش عارفه ليه حاسه إني لسه مش مستعدة ،فالحل الوحيد عشان نحفظ نفسنا ما نتقابلش كتير ،فهمتني يا
نضال.
-فهم نضال كل حرف مما قالته ألن هذا األمر كان يشغله هو اآلخر و لكنه كان يأمل أن توافق على تقديم موعد كتب الكتاب و لكن هي أغلقت
ذلك الباب فقال في نفسه أنا ها أدعي ربنا و هو قادر يلين دماغك الناشفة دي و نكتبه بدري ثم قال لها:
فاهمك يا جهاد و مش معترض نهائي
-جهاد بحرج:
معلش كدا أحسن ،نصبر شوية ،يال أستودعك هللا
.......... .......... ........ .........
جهاد و قد دخلت المدرج و ألقت السالم على الطالب و همت بأن تبدأ في شرح المحاضرة ،فإذا بالباب يُفتح بقوة و إذا بمي تقف أمامه و هي
تبكي بشدة و تنظر لجهاد ،أصيبت جهاد بصدمة منعتها من الحركة أو النطق من هيئة الدموع على وجه مي ،و عجزت حتى أن تتوقع ما
حدث ،و كذلك الطالب كانوا كأن على رؤوسهم الطير ،ل يفهمون شيئًا ،و إذا فجأة مي تبتسم بشدة بين بكائها ثم تجري مسرعة إلى جهاد و
تحتضنها بشدة و هي تهتف من بين ضحكاتها و دمعاتها :
ماما و بابا تابوا يا دكتورة ،قوموني من النوم الصبح علشان عايزين يصلوا و ماما عايزة تتحجب ،ربنا استجاب يا دكتورة ،الكريم رضى
عنهم و قربهم ،اشكريهولي ،أنا مش عارفه أشكره إزاي ،قوليله إني بحبه أوي أوي ....و أخذ جسدها يرتعش من شدة النفعال و ل تكف
عن البكاء و الحديث ،شددت جهاد القبضة عليها و أخذت تمسح على ظهرها بحنان لتهدأ و تهمس في أذنها بكلمات السعادة و الحمد هلل ،ظلت
مي تحتضن جهاد على حالتها تلك إلى بضع دقائق و الطلبه كلهم متأثرين بما يحدث رغم أنهم ل يفهمون شيئًا ،و لكن أشد ما أثار إعجابهم ،
هي أخالق أستاذتهم ،كيف لدكتور في الجامعة أن يكون بكل هذا التفهم و الحنان و األخالق ،هم لم يسمعوا عمن يفعل مثلها على اإلطالق ،
فلو كان أحد األساتذة األخرين و فتحت مي الباب أمامه بتلك الطريقة لكان حكم عليها بالرسوب في الجامعة إلى األبد ،و لكنها الدكتورة جهاد
و من كمثلها !!
............. ........... ............. ..............
جهاد و هي تبكي أثناء حديثها في الهاتف مع هشام:
يا حضرة الظابط ،أنا مش عارفة أعمل إيه ،بقالي أربع أسابيع بروح و مش عارفة أكتشف حاجة و شاكة في ناس كتير بس مش لقية دليل
إلدانتهم ،لكن طفل جديد كمان يختفي ،حضرتك ماشوفتش شكل األهالي عامل إزاي ،الناس ها تموت ورا عيالها ،أنا تعبت من شكلهم و
مش قادره أروح تاني .
-هشام بهدوء:
عارف إن إحنا بنرهقك يا دكتورة ،بس إنت أفدتينا كتير ،كل اللي إنت بتشكي في تصرفاتهم دول من أعضاء العصابة حقيقي ،إحنا فاضلنا
بس تساعدينا في معرفة المكان اللي بيخبوا فيه العيال جوا المدرسة ،ألننا متأكدين إنه جواها ،ركزي في األماكن اللي بيروحها أعضاء
العصابة و إنت هاتوصلينا ،أرجوكي يا دكتورة ما تسيبيش الموضوع في نص الطريق و تضيعي كل الشغل دا ،و التدريبات اللي أخدتيها دي
،إنت اللي ها تساعدي الناس دي ،كملي يا دكتورة.
-جهاد باستسالم:
حاضر يا حضرة الظابط .
وصلت جهاد إلى النادي و أصاب هشام الفزع من هيئتها ،جلست و طلب لها هشام عصير ،و قصت عليه ما رأت و هي تنتفض من الخوف
،ثم قالت :
أنا المفروض أروح يوم الخميس تاني ،المتحانات قربت و العيال متأخرين في المنهج و المدير اللي ربنا ينتقم منه صمم إني أجي أدي العيال
حصص ،أنا مش رايحه تاني أبدًا ،استحالة أدخلها .
-هشام بترجي:
دا آخر طلب هانطلبه منك يا دكتورة ،روحي يوم الخميس .
-يا حضرة الظابط ،حرام عليكم ،أنا ها اخد سنين أتعالج من المناظر اللي شوفتها النهارده و اقتنع إن فيه ناس بشعه بتعمل العمايل دي .
-معلش ،آخر يوم هاتروحيه بس ركزي على أي تفاصيل تانية ،و خليكي حذرة
جاء يوم الخميس و ذهبت جهاد إلى تلك المدرسة المشؤمة ،و في تمام العاشرة صبا ًحا تقريبًا ،هاتف نضال أحمد :
-إزيك يا عمي ،عامل إيه
-ربنا يكرمك يارب يا عمي ،كان فيه طلب كدا ،رخم شوية بس الظروف حكمت عليا بيه
-ابن حالل و هللا ،تعالى دلوقتي على طول ،أنا مانزلتش الشغل النهارده ،جهاد خرجت من الصبح ،تعالى اقعد معايا أنا و جدك مصطفى
على ما ترجع و نتغدى سوا .
-ماتخافيش يا دكتورة ،القوات هاتنزل حال ،كفاية كدا أوي ،خدي بالك لحد ما نوصل .
ثم تحدث في السلكي إلى الضباط األخرين و تهيئت القوات للخروج ،و بعدما أنهى الحديث تفاجأ بسارة زوجته تقف خلفة:
هشام ! جهاد أختي مالها يا هشام ،إيه اللي دخلها في شغلكم ثم رفعت صوتها قولي عملت إيه في جهاد.
-انهارت ساره في البكاء خوفًا على ابنة عمها و رفيقتها ،ثم قررت أن تهاتف عمها :
-إنت إزاي وافقت جهاد على اللي هي عملته دا ،إزاي تسيبها تخاطر بحايتها ،أنا لسه عارفة دلوقتي ،لو كنت أعرف و هللا ماكنت خلتها
تعتب المدرسة دي
-نضال و قد أصيب بصدمة ،و لم يستوعب ما قاله أحمد ،حتى نزل إليه و قص عليه ما قالته ساره ،فانطلق نضال مسرعًا بالسيارة و هو
يرتعد من الخوف و يضرب بشده على المقود و يهتف في داخله :
ليه يا جهاد ليه ،ماأقدرش أعيش من غيرها يارب ،احفظها و احميها يارب ،غبيه إزاي ماتقوليش ،إزاي.
أتدرين يا أنا !
إننـي أمتلـك مـن القـوة ما يُمكنني من تحمـل أي شـيء إل أن يؤذينـي أحدهـم فيك ،فليطعنوني بكل خناجـرهم لكـن ل ينظروا إليـك ،فليفصلـوا
رأسي عن جسـدي لكـن ل يتحدثـوا عنك ،فليفعلـوا بي ما يشاؤون لـن أمنعهـم و لن أتأثـر ،و لكـن قس ًما ألُخرجن عيونهـم و ألُقطعـن آذانهم و
ألنزعن أظافرهم إن اقتربـوا فقـط من صومعتك يا حبيبتـي.
............... ............... ...............
اقترب موعد النصراف من المدرسة ،جهاد تجلس في الفصل بعد أن أنهت شرح الحصة ،قلبها يكاد ينخلع من شدة الرعب ،أحدهم يطرق
الباب ،فُزعت جهاد جدًا ،و لكن هدأت مالمحها عندما رأت الطارق ،إنها أم أحمد العاملة ،تحدثت إلى جهاد بنبرة طيبة هادئه:
هللا يكرمك يا جهاد يا بنتي ،المدير طلب مني أجيبله ملف باسم......من األوضة اللي في آخر الطرقة و أنا مابعرفش أقرأ ،و إنت أطيب
واحدة في المدرسين اللي هنا ،فتعالي هاتيهولي أل إنت عارفة المدير شديد إزاي ،ثم ضرب جرس نهاية اليوم .....فقالت جهاد بحنان :
طيب ثواني ها أخرج األولد و ألم حاجتي و أجي معاكي يا أم أحمد
مر خمس دقائق حتى أنجزت جهاد ذلك و خرج األطفال من المدرسة كلهم و كذلك بعض المدرسين ،و بينما تمشي بجوار أم أحمد ،أخذت
تتساءل في نفسها لماذا لم تأتي الشرطة ،أيُعقل أن يمر اليوم بسالم هكذا ؟! و شعرت ببعض الطمأنينة .....وصلت إلى الغرفة المنشودة مع أم
أحمد ،فتحت السيدة الباب و أشارت لجهاد بالدخول ً
أول ،دخلت جهاد و لكنها عندما نظرت إلى أم أحمد وجدتها تغلق الباب و في عينيها
نظرة أقلقتها ،كانت الغرفة خالية إل من خزانتان بهما العديد من الملفات ،توجهت جهاد إلى المرأة بحذر و قالت:
سيبي الباب مفتوح يا أم أحمد ......و همت جهاد بفتحه
فقامت المرأة بإمساك يديها الثنتين و دفعتها دفعة قوية بعيدًا عن الباب أوقعتها على األرض و قالت بغلظة:
إنت مفكرة نفسك ها تخرجي من هنا ول إيه يا شاطرة ،عايزة تفضحينا يا بت ،دا المدير هايربيكي أحلى تربية ،بتشتغلي مع البوليس ،
مفكرة إننا نايمين على ودانا ..............ثم أخذت تقترب من جهاد الملقاة على األرض و هي ممسكة في يدها زجاجة يبدو أن بها منوم..
المرأة بغلظة:
عندي و مش لقية أوكلهم ،كان لزم أوافق و نعمل كدا ،مش مهم عيل يندبح كل شهر ،المهم الباقي يالقي ياكل
صدمت جهاد من رد المرأة ،و عندما اقتربت منها و همت بأن ترش السائل على وجهها ،مدت جهاد قدمها و بركلة قوية أوقعتها على
ُ -
ظهرها و قفذت مسرعة من على األرض .
-أنا مستخبية في فصل في الدور التالت ،العاملة حاولت تخدرني و المدير طالعلي الحقني
وقفت جهاد ترتعد خلف الباب و تدعو هللا بقلبها أن يحفظها من كل سوء ،و إذا هاتفها يعلن عن اتصال ،كان رقم بال اسم ظنت أنه أحد رجال
الشرطة و أنهم قد دخلوا إليها ،أجابت على الهاتف بصوت يكاد يموت رعبًا :
ألو
في تلك األثناء وصل نضال إلى المدرسة نزل من السيارة مسرعًا ،و أخذ يجري ليدخل إلى المدرسة و لكن قوات األمن منعته من الدخول
فأخذ يتجادل معهم بعنف
جهاد أحست بالمسدس يالمس رأسها ،أخذت تكرر الشهادة و تبتهل إلى هللا و فجأة إذا بهشام من الخلف :
إرمي المسدس يا حضرة المدير ،و سلم نفسك
التفت المدير للخلف فوجد أنه محاط برجال الشرطة ،و رفعت جهاد رأسها أيضًا ،نظرت إليهم ثم نظرت إلى المدير فعلمت من نظرته أنه لن
يلقي المسدس قبل أن يضربها ،،،،و في حركة سريعة دفعته بقدمها فارتد للخلف فنظر إليها نظرة شرسة ثم رفع المسدس و أخرج طلقة ،
تحركت جهاد من مكانها و هو يضغط على المسدس فمرت الرصاصة بجوار رأسها بماشرة و قبل أن تدرك ما يحدث سقطت جثة المدير
أمامها بعد أن تلقى الرصاص في ظهرة من الشرطة .
ظلت جهاد مكانها على األرض تضم قدميها إلى صدرها و توحي هيئتها بالصدمة و الرعب ،جرى إليها هشام و أخذ يتأكد أنها بخير ،ثم
ساعدها على النهوض و أخذها إلى أسفل .
سيطرت القوات على المدرسة بأكملها و قبضت على أفراد العصابة و دخلت إلى المجزرة الخاصة بهم ،و تجمهر األهالي بالخارج ،كان
نضال في ذلك الوقت بدأ في الشتباك باليد مع قوات األمن ليتركوه يدخل ،و إذا به ينظر للداخل فرأي جهاد و هي تخرج من المدرسة ،
بجوارها هشام و خلفها اثنان آخران من رجال الشرطة ،فترك الشتباك و نظر إليها فاتسعت عيناه و امتألت بالدموع ثم أغلقهما فهربت
الدمعات من مقلتيه ورسمت خطان على وجنتيه.
عجز نضال عن الحركة من هيأة جهاد ،فقد كانت عيناها هائمتان في الفراغ ،يبدو على كل مالمحها آثار الصدمة و الرعب ،ل تبكي و لكن
عيناها مليئة بالدموع ،مالبسها غير منظمة تما ًما ،كانت كمن خرج لتوه من القبر حيًا ،أخذها هشام للخارج حيث نضال و أحمد ،تقدم إليها
نضال أما أحمد فظل كما هو عاجز عن الحركة و الكالم ،وقف نضال أمامها فرفعت عيناها إليه دون أن تتغير مالمحها ،أما هو فقد تبدلت
معالم وجهة من الصدمة إلى الغضب ،الغضب الشديد ،فمد يديه و أمسك وجهها بقوة و ضغط عليه حتى آلمها و صرخ بها:
ليه ،ليه يا جهاد ،ليه تعملي كدا ......و هي تنظر إليه دون أن تنطق و معالم األلم تظهر على وجهها ،،كانا يقفان يفصلهما مساحة ليست
بالكبيرة أو الصغيرة ،جذب هو رأسها ليصطدم بصدره و ضغط عليه بشده كأنه يريد أن يدفنه داخل أضلعه ،ثم صرخ بها :
عايزة تسيبيني يا جهاد لواحدي .....ثم بكى بشده ،،حاول إبعاد رأسها عنه ألنه يعلم أن ذلك ل يحل ،و لكنه لم يستطع ،كان يموت رعبًا من
الداخل ،ول يقدر على إبعادها عنه ،و هي أيضًا جاهدت لرفع رأسها بعيدًا عنه فلم تقوى على ذلك ،و شعرت ببعض األمان لـوجودها بقربه ،
فانفجرت باكية و جسدها يرتعد بشدة ،ثم أحس نضال بجسدها يتهاوى فرفع رأسها عن صدرة ،فوجدها ستفقد الوعي ،و أخذت تفقد توازنها
و قبل أن تسقط على األرض حملها بين يديه و انطلق بها نحو السيارة و أحمد من خلفة
-أنا قلقان عليها أوي يا ابني ،بقالها كدا حوالي 24ساعة مافاقتش
-ماتقلقش يا عمي دا بس من الصدمة و اإلرهاق و الخوف ،لكنها هاتقوم كويسة ،إن شاء هللا ........أنا ها أنزل أسافر إسكندرية بقى
-إزاي دا بس يا نضال ،يعني تقعد كل دا و تفضل صاحي طول الليل و هاتروح من غير ما تدخلها
-نضال بأسى:
عمري ما ها أقدر أدخلها أبدًا يا عمي ،سامحني
............. .......... ..........
استفاقت جهاد فوجدت كل أسرتها حولها و كذلك وسام ،بحثت بعينيها عن وجهه المحبب لها بين وجوههم فلم تجده ،فأحست بمرارة قاتلة و
علمت أنها سيعاقبها بغيابه و هذا مال تستطيع تحمله
....... ........ ........
كثيرا لوالدها ليسامحه ،و أخبره أن أهل القرية سيقيمون حفلة لتكريميها و
ً عندما عادت إلى المنزل ،زارتها سارة و هشام ،و اعتذر هشام
كذلك سيتم تكريمها من وزارة الداخلية
كثيرا
ً جاءت أسرة نضال كلها أيضًا إليها لكنه لم يأت معهم ،و هذا آلمها
........ ........ ........
جهاد و هي تطرق غرفة المكتب الخاصة بوالدها فأذن لها ثم دخلت:
بابا ! عايزاك شوية
-نعم
-جهاد بحزن:
إنت هاتفضل زعالن مني كتير كدا ،عدى على الموضوع تلت أيام و إنت برضه مابتكلمنيش
-و اللي إنت عملتيه دا ينفع ،فيه حد عاقل يعمل كدا ،أنا مش قادر أنسى شكلك و إنت خارجة من المدرسة يا جهاد ،كان حالنا هايبقى عامل
إزاي لو حصلك حاجة ،مافكرتيش فينا
-جهاد بحسرة:
نضال يا وسام ،نضال وحشني أوي ،مر على الحادثة دي أسبوع و هو ماجاش ،ماعدتش قادره أستحمل غيابه ،ول عارفه أعمل إيه ،ول
أصالحه إزاي ،عارفة إني زعلته جامد بس أنا مش حمل العقاب دا ،تعرفي يا وسام أنا كنت خارجة من المدرسة دي حاسة إني قلبي هايموت
من الرعب ،كانت كل خلية فيا بتترعش ،هشام وداني عند نضال أول ما رفعت عيني في عينه اتقهرت يا وسام ألني شوفت في عينه انكسار
و رعب و خوف ،أنا خليته يحس بحاجات وحشه أوي ،أنا مش قادره أسامح نفسي ،بس تعرفي أول ما شد راسي و ركنها عليه ،حسيت إن
خوفي راح ،إني ليا سند و سكن ،حسيت بآمان كبير أوي ،حاولت أبعد راسي عنه عشان حرام علينا ،بس ماكنتش قادره ،كنت بموت من
الخوف و قربه هو اللي طمني ،كنت سامعه صوت دقات قلبة بسرعة جدًا ،انا ماكنتش مستوعبه حاجة من ساعة ماشوفت الدم و الرصاص ،
لكني أول ما حسيت باآلمان و ايده بضغط على راسي ،أعصابي كانت خالص جابت آخرها و حسيت إن الخطر راح طالما هو جنبي ،
أخيرا بأمان .........ثم أخذت تبكي.
ً ففقدت الوعي لما عقلي حس
.......... ......... ..........
وفاء و هي تجلس بجوار نضال:
نضال إنت مش هاتروح لجهاد بقى.
-نضال بضيق:
ل
-حرام عليك يا ابني اللي إنت عامله في نفسك و فيها دا ،إنت من يومها و إنت حالتك صعبة يا ابني ،دا إحنا ماعدناش بنشوف ضحكتك اللي
ماكنتش بتغيب ،و جهاد هاتموت عليك و هللا يا نضال ،دا إحنا يوم ما رحنالها بعد ما دخلنا فضلت كل شوية تبص على الباب مستنياك تدخل
و بعدين سألت أختك عليك قالتلها إنك ماجتش ،البنت يا عيني وشها قلب و عنيها اتملت دموع و سابتنا و قامت ،جهاد بتحبك أوي يا نضال و
بتتعذب من عمايلك دي ،وإنت كمان بتتعذب ،روحلها يا ابني ،و اعمل حساب لزعلها
-نضال بعصبية و قد قام من مكانة و ضرب على الحائط بقوة بقبضته :
وهي ماعمتلش ليا حساب ليها قبل ما تعمل اللي هي عملته ،أنا مش قادر أنسى شكلها و بهدلتها أول ما خرجت ،صوت صرختها لما
الرصاص انضرب لسه بترن في وداني ،كل ما أتخيل إن كان فيه راجل ماسكها و ضربها بحس إني بغلي من جوا ،مش متخيل أنا كان
هايحصلي إيه لو هي اتأذت ،أنا كنت ها أموت يا ماما ،أنا لقيتها بعد صبر كام سنة عشان تضيع مني ،أنا بحبها أكتر ما بحب نفسي ،أنا
عمري ما حسيت بالعجز في حياتي غير يومها ،قلبي كان بيتنفض من الخوف ،هي غبية ،غبية جدًا ،إزاي تعمل كدا ،إزاي
-اهدى يا ابني هللا يكرمك ،هي غلطت إنها ماقالتش لحد ،بس دي كانت بتنقذ أرواح ناس يا نضال ،المفروض تبقى فخور بيها و تحمد ربنا
إنها ما حصلهاش حاجة .
-بحمده و هللا من كل قلبي يا ماما ،بس برضة مش قادر أنسى ،يا ماما صعب أشرحلك إحساسي ساعتها ،أنا سعات بعيط لما أفتكر اللي
حصل ،أنا لو روحتلها دلوقتي ،ممكن أضربها من كتر اللي أنا حاسس بيه أو أعمل أي حاجة تانية ماتنفعش ،أما أهدى شوية ها أروح ،
عشان كمان فيه موضوع تاني لزم يخلص بقى لما أروحلها .
هال التحقنـا بركب الصالحيـن يا رفاق ،لقـد كانوا يخشعـون و يمرحـون ،يُصلون و ينامون ،يصومون و يتضايفون ،يستعفون حتى
يتزوجون ،لقد كانوا و ما كُنا ،و فازوا و ما فُزنا.
يال البريك ......النهاردة عندنا سؤال نجاوب عليه ،و السؤال بيقول إيه أكبر نعمة في حياتك ؟ فكروا دقيقة و بعدين جابوا
صمت الجميع دقيقتان أو أكثر ثم بدأت األيدي ترتفع و كانت اإلجابات كما يلي :
-إن ربنا خلقني مسلم .
-إن ربنا هداني .
-أمي.
-عيلتي.
-صوتي الحلو.
-حب الناس.
-زيارتي لمكة.
-النقاب.
-التفوق و النجاح .
-ما شاء هللا جميل أوي يا سنة تالتة ربنا يديم عليكم النعم دي .
و إذا بفتاة ترفع يدها و تقول:
و إنت يا دكتورة إيه أكبر نعمة في حياتك ؟
إنني ل أعرفني يا هذا ! ،باألمس القريب كنت أبعد ما يكون عن هذا الذي يدعونه بالحب ،و اآلن أراني أحيا به ل بشيء سواه ،أصابتني
لعنته و أرهقتني حالوته ،و أنت المسؤول عن ذلك ،أنت الذي بدلتني من فتاة يستحيل لها أن يمر بأفكارها رجل ،إلى أخري ل تجد سعادتها
فتى لعاشقة تشتاق لتذوب في سحر عينيك ،أيُعقل أن تغيب عني بعد أن أصبحتُ أتنفسك ، إل في التفكير بك ،تحولت من راهبة ل تنظر ألي ً
أ من العدل بربك أن تمنع عني الماء و أنا تائهة في صحراء العشق ؟ ! ،بربك عُد لي و كن لي ،بربك لقد أتعبني البُعد ف ُجد على عيناي بلقاء يا
سكني.
ثم أغلقت الكتيب و عيناها تذرفان دموع الشوق و الحنين و الندم ،،و إذا بالباب يطرق ثم دخلت أمها
-ل حول ول قوة إل باهلل ،هللا يسامحك يا نضال ،البنت كانت عاقلة و اتجننت ،خلصي يا بت بدل ما يسيبك و يمشي
-و هللا يا نضال أنا ماعنديش أي اعتراض ،بس مش عارف جهاد إيه رأيها
-طب يا عمي أول ما تيجي دلوقتي ،ابقى اسألها و إحنا قاعدين سوا
بعد دقائق قليلة جاءت جهاد ،دخلت إلى الصالون ،نظر إليها نضال فظلت واقفة مكانها بعيدًا عنهم بعض الشيء ،و امتلئت عيناها بالدموع ،
كانت تنظر إلى نضال و في داخلها العديد من المشاعر المتضاربة ما بين الشوق و األسف و الحزن و الخوف لكن أعظم ما يسيطر عليها هو
أخيرا جاء إليها ،شعر نضال بأن الدموع تكاد تسقط من عينيها و هذا ما ل يستطيع تحمله ،فابتسم لها و أشار لها
ً الحنين الشديد و السعادة أنه
لتتقدم و تجلس ،بعدما جلست و سألها نضال عن حالها ،تنحنح والدها و قال :
جهاد ! نضال عايز يكتب الكتاب
عندما سمعت ذلك ،رفعت عيناها لتتالقي نظراتها مع نظرات نضال ،ظال ينظران إلى بعضهما ،كأن هناك اتصال بصري تنبعث خالله ما
يعجز اللسان عن البوح به ،نظر إليهما أحمد و ابتسم ألنهما يكادان ل يشعران بوجوده ثم قال:
بعد اللي أنا شايفة قدامي دا ،أنا مش محتاج إيجابه ،كتب الكتاب كمان يومين ،يوم الجمعة ،إنتم ماكنش لكم تتخطبوا أصال المفروض كنا
جوزناكم على طول ،متنحين لبعض ما شاء هللا و ناسيني خالص ،طب اعملوا حساب لوجودي يا أهل الحب .
انفجر نضال في الضحك و احمر وجه جهاد جدًا من الخجل ،و لكن والدها أخذ يضحك هو اآلخر فشاركتهم في الضحك ،ثم قام أحمد و انتقل
بعيدًا عنهم بعض الشيء ،فقال نضال:
أنا كدا خلصت المهمة ،ها أقوم أروح بقى
-أنا مش زعالن و مش عايز أتكلم في حاجة ،هي حاجة واحدة بس اللي عايز أعملها من يومها و ها أقوم أروح ً
حال عشان مش ها ينفع كدا ،
و ممكن أتهور
-جهاد بحيرة:
طب حاجة إيه طيب
-ماتقلقش يا عريس ،كله ها يبقى تمام زي ما إنت عايز و أجمل ،بس إيه ياض الرومانسية الجبارة دي ،كنت مخبي كل دا إزاي
-يخرب بيت البؤس بتاعك دا يا شيخة ،ابعدي عني إنت و عقدك يا وسام
-هناء ! ادخلي صحي نضال ،اتأخر في النوم النهارده ،و المفروض بيقوم بدري يوم الجمعة عشان يراجع الخطبة اللي بيخطبها في المسجد
قبل ما ينزل المسجد ،و كمان زمانه ماخلصش ترتيبات كتب الكتاب ،ادخلي قوميه بالعافية
-حاضر يا ماما ،مع إنه بيغلبني ،بس يال ها أتنازل عشان هو عريس النهارده
طرقت هناء الغرفة بهدوء ثم دخلت و إذا بها تتفاجأ به يتحدث و يبتسم و هو نائم ،كتمت ضحكاتها ثم أخذت تقترب منه لتسمع ماذا يقول
بالتحديد و لكنها عندما اقتربت و سمعت ما يقول تالشت ضحكاتها و ظهر على مالمحها التأثر الشديد ،فلقد كان نضال ينطق بتلك الكلمات
كأنه يرد على أحدهم ،كان يتكلم ثم يصمت كأنه يسمع رد الطرف اآلخر ثم يتحدث من جديد :
هناء ! مالك يا بنتي ،أخوكي كويس و همت بالدخول إلى غرفة نضال ،فمنعتها هناء برفق و قالت من بين دموعها :
ل يا ماما سيبيه ما تدخليش تصحيه ،نضال بيحلم بالصحابة يا ماما ،كان بيتكلم مع سيدنا علي بن أبي طالب دلوقتي و كان بيقول إنه رايح
يقابل النبي ،ما شاء هللا ،إيه الكرامات العظيمة دي ،هللا أكبر ،أنا مش مصدقة نفسي .
سـأكون لك ُمنذ اليـوم ،لك أنت وحدك ،انتمائي و انتسابي لك ،عشقـي و هُيامـي لك ،بسمتـي و دمعتـي لك ،دعائـي و ابتهالي إلى هللا لك ،
كـل ذاك برغبتـي و رضائـي ،ألنني قرأت اليوم في عينيك " كلي لك يا سكني " و ما جزاء اإلحسان إل اإلحسانُ يا رفيقَ جناني.
عجز فارس عن التفوه بكلمة واحدة فبمجرد أن رفعت وسام عيناها و نظرت إليه بغضب ،تاه هو في تلك األعين الزرقاء و هذه المعالم
الرقيقة ،التي تتفوه بكلمات غليظة ل تليق بها ،ازداد غضب وسام ألنه لم يرد عليها و ظل واقفًا بالقرب منها يحدق بها و يمنع عنها المرور
للصعود إلى أعلى فقالت :
هو أنا خبطت في صنم ،ماتخلي عندم دم و توسع ياابني إنت ،لم يتحرك أيضًا فدفعته بيديها بقوة ثم صعدت و هي تقول:
أنا عمري ما شوفت في البيت دا حد بالتناحة دي ،أكيد إنت مش قريبهم ،صبرني يارب ،ثم اختفت لتدخل شقة أحمد
-دا أنا اللي خرجت عن شعوري يا أختي ،دا تنحلي و مانطقش ول كلمة ول رضى يوسعلى أطلع قومت زقاه ،أنا مش عارفه إيه الكائنات دي
بس
-ههههههههه يا بنتي حرام عليكي ،زمانه اتصدم من جمالك بس ،و بعدين إنت قمر كدا ليه النهارده
-دا إنت اللي زمانك سودتي عيشته يا بنتي حرام عليكي ،خلصي خلصي شيلي معايا المصاحف دي و تعالي نطلع للبنات بره .
بعدما خرجت جهاد للصالون و سلمت على الموجودين و جلست عدة دقائق ،قامت و قالت بصوت مرتفع يا بنات اللي حافظة القرآن أو اللي
مش حافظاه كامل بس بتقرأ بتجويد تجمع هنا ،عايزين نعمل مجموعة من تالتين بنت ،عشان ها نقعد نختم القرآن دلوقتي ،ثم قالت بمزاح ها
أستغلكم بقى عشان ربنا يبارك في الجوازة ،يال يال بسرعة.
تجمعت الفتيات الحامالت لكتاب هللا حولها منهم وسام و هناء و سارة و أخريات من أقربائها و أقرباء نضال و صديقاتها ،أعطت كل واحدة
منهن مصحفًا ثم قالت :
بالترتيب كدا كل واحدة هاتاخد جزء و أنا هاأخد آخر جزء عشان بعده أقول دعاء ختم القرآن و تأمنوا ورايا ،المهم خلوا النية إن البركة تحل
علينا و يكون زواج مبارك و ربنا يعفو عننا كلنا ،يال بينا .
بدأت الفتيات في القراءة ،كان كل من يمر بهن يُعجب بهن و يسعد باجتماعهن على الطاعة ،بعدما أنهت كل واحدة منهن الجزء الخاص بها
أخذت جهاد تدعو و كل من في المكان يؤمن خلفها ،ثم جمعت المصاحف منهن و بدأن في المرح و المزاح و القيام بالفقرات المسلية التي تم
تجهيزها بواسطة جهاد و وسام فكان يو ًما ممت ًعا و لم يفعلوا شيئًا واحدًا يُغضب الرحمن .
جاء المأذون عند الرجال في األسفل ثم صعد أحمد بالعقد حتى تقوم جهاد باإلمضاء و بمجرد أن هبط ،ردد الجميع في األعلى و األسفل بارك
هللا لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير ،و ارتفعت األلعاب النارية في الجو بكثرة و بهجة ،و ارتفعت أصوات النساء يُزغردن من
البهجة ،حيث عم السرور كل أرجاء الحي السكني و ملء قلوب جميع الناس كبيرهم و صغيرهم فجهاد هي زهرة تلك المنطقة و الجميع يُحبها
تعبيرا عن امتنانهم و حبهم لها ،في األسفل أخذ الحج مصطفى نضال و خرج إلى الشرفة كما فعل من قبل :
ً فجاءوا جمي ًعا للتهنئة
بص يا نضال يا ابني أنا قعدتك نفس القعدة دي مرة قبل كدا عشان أكلمك إزاي تتعامل مع جهاد إنما المرادي أنا مقعدك لحاجة أهم ،لميثاق و
عهد هاأخده عليك قدام ربنا ......ثم تألألت الدمعات في عينيه و هو يكمل :
النهاردة جهاد بقت على زمتك ،بقت مراتك رسمي ،إنت قطفت زهرة حياتنا ،إن أخدت وردة فضلت مفتحة لمدة ٢٥سنه ،شمعه عمر
نورها ماانطفى أبدًا ،عمر الضحكة ما غابت من على وشها يوم ،إحنا كلنا فرحانين إنها بتبني حياتها لكن قلوبنا مش قادرة تصدق إن هايجي
يوم مانالقيهاش داخلة تضحكلنا الصبح و تفرح قلوبنا ،ثم قال بجدية و حزم :
اعرف المسؤولية اللي إنت هاتشيلها و اعرف إنت واخد مين ،لو مش هاتقدر تسعدها زي ما كانت عايشة ابعد عنها من دلوقتي و سيبلنا بنتنا ،
الشمعة دي لو انطفت في بيتك يا نضال و بسمتها غابت اعرف إني أنا و أبوها هانبقى ماسكين في رقبتك يوم القيامة و هانطلب من ربنا يقتص
منك ،عمر ماحد فينا زعل جهاد أبدًا فماتجيش إنت بعد عزتها دي كلها تزعلها و تبكيها و هللا يا نضال لو بنتنا اتظلمت في بيتك لنشتكي منك
لربنا من قلوبنا لحد ماناخد منك حقنا ،إنت واخد اللي أغلى من عنيا أنا شخصيًا ،أنا حاسس إني كبرت عشرين سنة مرة واحدة ،إنت هاتقسم
قدامي دلوقتي يمين ربنا شاهد عليه إنك تحافظ عليها و ماتزعلها أبدًا و تتقي ربنا فيها و لو خلفت يمينك فأنا هاأرضى بعقاب ربنا ليك ،أنا
بوصيك النهارده ألني مش ضامن ها أعيش ليوم الفرح ول إيه ،و عشان قلبي يطمن
-أنا و هللا يا ابني واثق فيك و في أخالقك ،بس جهاد دي بنتي ،قلبي مش مصدق إنها هاتنتمي لحد تاني ،بكرا أما تخلف بنات و تيجي
تجوزهم هاتحس اإلحساس دا ،هاتبقى مش عارف تفرح ول تزعل ،تثق ول تخاف ،هاتبقى محتار ،محتار جدًا يا ابني ،زرعتك و نبتتك
هاتالقي غيرك بيقطفها و إنت مش عارف هو هايحافظ عليها ول إيه ،روحك بعد ما كانت عايشة وسطيكم هاتروح تعيش في حته تانية بعيد
عنكم لواحدها مع راجل هي ما تعرفش عنه حاجة ،أنا جوزت فاطمة بنتي من زمان أوي ،لكن ساعتها ماحستش بكل اللي أنا حاسه دا ،ألن
ً
أصال زي جهاد ثم تساقطت العَبرات من عينيه ،فقام نضال و احتضنه و قد اختلطت المشاعر في قلبه و قال فاطمة مش زي جهاد ،و هو فيه
:
و هللا ما تقلق عليها يا جدو ،دي في عنيا و ربنا شاهد عليا
كانت جهاد ترتدي فستانًا بال أكمام و كانت تزين شعرها بطوق من الورود و تضع بعض مساحيق التجميل الرقيقة ،كانت رائعة ،تسلب
العقول بجمالها و رقتها ،و عندما دخلت غرفتها بدلت الفستان بآخر و ارتدت خمار و مسحت آثار مساحيق التجميل ،و هذا في الحقيقة لم
ينقص من جمالها شيئًا ،فوجهها دو ًما مضيء و بسمتها طاغية ،قبل أن تخرج إلى الفتيات ذهبت لوالدتها ،فقالت األم بنفاذ صبر بعدما رأتها:
برضه عملتي اللي في دماغك ،هاتقابليه شبه عبدو البواب برضه
-جهاد و قد انفجرت ضح ًكا :
ههههههههه و هللا دا أنا قمر أهو ،بقى عايزاني أطلعله بشعري يا منمن ،يا شيخة دا أنا ببقى ها أموت من الكسوف و أنا قاعدة معاه كدا
........قولي صحيح هو ها يطلع دلوقتي على طول
-ل أبوكي قالي كمان شوية ،بس أنا استعجلت البنات عشان يلبسوا على طول بدل ما يطلع فجأة و نوقفة بره
عندما هبطا معًا كان الجد و أحمد في انتظارهما ،احتضنها والدها و الدموع تتألأل في عينيه و كذلك جدها ثم قال والدها:
مبارك عليكم يا ولد ،افرحوا و اتبسطوا و احمدوا ربنا ،خلي بالك منها يا نضال و متتأخروش
عندما وصلوا إلى سيارة نضال تفاجأت جهاد من جمال الورود و الزينة الموضوعة عليها:
واو ! إيه الجمال دا ،إمال يوم الفرح ها تعمل في العربية إيه
-نضال بعناد:
إنت مالك ،أنا خاطفك يا ستي
-جهاد بقسوة مصطنعة:
إنت مفكر نفسك مين ،دا أنا أصوت و ألم الناس
-جهاد بدهشة:
اسكندرية ،احنا كتبنا الكتاب مااتجوزناش لسه ،ول أنا مضحوك عليا ول إيه
-هللا ،البحر بالليل ،بس هانضيع وقت كتير كنا خليناها يوم تاني
-جهاد بمرح:
مابالش الرومانسية القديمة دي يا عم بدل ما أقع منك و إحنا ماشيين و يبقى شكلنا زباله
-أخرج نضال من جيبة ريموت كونترول و ضغط على حد األزرار به ،فإذا بالنور ينبعث من مكان أمامهم ،أريكة خشبية صغيرة ُمزينة
بالمصابيح الصغيرة ،ذات ألوان مبهجة ،بالقرب من الماء تما ًما ،جهاد ببهجة:
شكرا جدًا
ً يا هللا ،إيه الجمال دا ،تُحفة أوي يا نضال بجد ،
تقدما إلى األريكة و عندما وصال إليها كان عليها صندوق هدايا كبير
-إيه دا يا نضال
-افتحي و شوفي
فتحت جهاد الصندوق ،إذا بها تجد الكاميرا التي طلبتها منه سابقًا داخله ،قفزت جهاد في الهواء كاألطفال ثم أمسكت يد نضال :
مش عارفة أقولك إيه و هللا ،ربنا يخليك ليا و يباركلي فيك ،و هللا أنا ها أطير من الفرحة
وضعت جهاد رأسها على كتفه و وضع هو يده على كتفها و همس في أذنها :
أنا بحبك ،بحبك أوي يا جهاد ،من قبل ما أشوفك على أرض الواقع حتى ،إنت دعوة و حلم و أمل و هدف و غاية و وسيلة ،إنت كل حاجة
و أجمل حاجة.
-و أنا كمان و هللا يا نضال بحبك أوي ،كلمة أول مرة تطلع من قلبي و يقولها لساني ،كلمة طول عمري بكتبهالك إنت و بس ،بكتبهالك من
قبل ما أعرف شكلك أو اسمك ،لكني النهاردة بقولهالك و هي طالعة من كل خلية فيا ،أنا حقيقي بحبك جدًا
-جهاد اوعديني إنك هاتساعديني ندخل الفردوس األعلى ،إنك هاتدفعيني في الطريق لربنا ،إنك تستحمليني و تكوني سكني ،إننا نستشهد سوا ،
أنا بوعدك وعد حق إني هاأكونلك كدا فااوعديني.
و ظال يتحدثان ،فكان الكون بأكمله شاهدًا على حبهم و ميثاقهم الغليظ ،باركتهم المالئكة ،و هنئتهم النجوم ،و سعدت بهم نسمات الهواء ،
أخيرا و كُتبا زوجين و كُتبت لهم البركة ألنهما حفظا حق هللا طوال حياتهما.
ً فقد التقيا
و قبل أن يعودا إلى المنصورة ،ذهبا م ًعا إلى أحد المتاجر و قاموا بشراء أطعمة و بعض الحلويات و وزعوها على الفقراء الموجودين في
الشارع كنوع من شكر نعم هللا عليهم أن جمع بينهم على خير.
عندمـا أراوغك في الحديـث إذا اعترفـتَ لي بحبـك وسـط حديثنـا ،فـ اعلم أننـي لست فقط أحبك بل أهيم بك و أهواك وكلماتي تعجز عن البوح
بذلك .
مبارك يا دكتورة جهاد ،إحنا عرفنا إنك كتبتي الكتاب فحبينا نعمل حاجة تعبر عن فرحتنا ليكي ،و كان شرف عظيم ليا إن الدفعة تخليني أنا
أقدملك الهدية البسيطة دي ،إحنا عرفنا إنك بتحبي ورود التيوليب الصفراء فجيبناها ليكي ،و فيه في الصندوق ساعة حائط كلنا بنطلب منك
تبقي تعليقها فـ بيت حضرتك اللي هاتتجوزي فيه ،عشان تفتكرينا بيها داي ًما ،شبه الساعات اللي زرعتيها في قلوب و عقول كل واحد فينا ،
عشان يشتغل و يذاكر و يطور نفسه و يكون حاجة ،إحنا عرضنا الفكرة في الكلية و حقيقي ماحدش اعترض تما ًما ،من أول العميد و الدكاترة
لحد األمن ،كلهم رحبوا بالفكرة و شاركونا فيها ،وعبروا عن مدى حبهم و فرحتهم ،ربنا يسعدك في حياتك يا دكتورة و يجازيكي عننا كل
خير.
تأثرت جهاد جدًا و تساقطت عبراتها و احتضنت مي ثم نظرت للجميع نظرة امتنان وشكر و قالت :
أنا عاجزة إني أقول أي حاجة ،شكر إيه دا اللي يوفيكم حقكم ،و كالم إيه اللي يعبر عن فرحتي ،كل يوم بتثبتولي قد إيه إن ربنا كان بيحبني
لما أرشدني إني أدخل تربية ،كان بيأهلني عشان أقابل ناس بالجمال و العظمة دي ،أنا و هللا ممتنة لكل يوم جمعني بيكم و كل موقف كان بينا
،ممتنة لزمايلي الدكاترة و ألخواتي الطلبة ،لألمن و للي بيساعدونا نحافظ على جمال المكان ،لكل فرد في الكلية دي ،ربنا يديم نعمة
وجودكم في حياتي .
بعد أن أنهت كالمها ،قال كل الموجودين في المكان "بارك هللا لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير"
-و هللا لو حد سمع الكالم دا ماهيصدق ،واحده ماعهاش رقم جوزها ،دي المفروض تنضرب
-نضال بصدمة:
يا بنتي إيه الرخامة دي ،من إمبارح و إنت اتغيرتي ،و أنا اللي كنت بقول هادية و مابتعرفش ترد ،شكلي انضحك عليا ،ل إنتم تاخدوا
بضاعتكم و تدوني فلوسي هههههههه
-ههههههههه ،دي هاتبقى أحلى حياة و هللا رخامة على رخامة ماترلش .....وحشتيني على فكرة
-جهاد بمزاح:
هانكدب أهو ،و هاندخل في رومانسية موروثة ،دا إنت سايبني الساعة 12بالليل ،لحقنا يعني ،طب قول كلمة غيرها
-أعوذ باهلل يا جدعان ،هو إنت يا روحي ما بتعرفيش تقولي كالم حلو ،لزم أي لحظة تبوظيها كدا
-أنا الحمد هلل بخير ،و لسه ماروحتش ،شوية كدا و أنزل ....ثم قالت ببهجة :
صحيح مش النهارده لقيت الطلبه و الدكاترة زمايلي عاملين ليا مفاجأة و ماليين المدرج باللين و جابولي تيوليب أصفر من اللي أنا بعشقة و
كمان ساعة ،و كانوا عاملين جو مبهج جدًا بمناسبة كتب الكتاب ،أنا و هللا عيطت من المفاجأة
-هللا بجد ،إيه الجمال دا ،شكلك محبوبة أوي من الطلبة و من الكلية كلها و حقيقي عندهم حق و هللا
-و أنا و هللا بحبهم كلهم جدًا و داي ًما بعامل الطلبه إنهم إخواتي و أصدقائي و مرتبطة بدفعة سنة تالتة دي جدًا
-نضال بنبرة ذات مغزي :
و أصدقائك الطلبه دول بنات ول ولد بقى إن شاء هللا
ً
أصال يا فتاتي ،أنا عارف مراتي مين ،إنت فخر ليا و هللا يا جهاد ،و بتعجبني جدًا عالقتك بالطلبة كل ما تحكيلي عليها ،ربنا -أنا متأكد
يباركلك يارب
-و يباركلك إنت كمان يارب ،و بعدين هي فولة واتقسمت نصين ،هي نفس عالقتك مع طالبك يعني ،الفرق بس إنك خنيق مع البنات حبتين
،ثم قالت بمكر :
ً
أصال جنتل كدا ،و حاجة ملفتة بقى ً
أصال البنات سعات بيبقوا فاضيين و بيقعدوا يتدلعوا بقى ،و إنت ودا أحسن الحمد هلل ،
أخيرا بليتي ريقي بكلمة حلوة .......و قبل أن يكمل قالت بمزاح:
ً -هللا هللا ،ابسط يا عم نضال ،
و إذا فجأة يدخل فارس عند نضال و هو يتحدث في الهاتف و يسأل :
دي دكتورة جهاد صح
-فارس بترجي:
هاأسيبك بس باهلل عليك ،خليني أسئلها على البنت اللي أنا حكيتلك عليها إمبارح
-طيب يا حنين استنى ،ثم تحدث الى جهاد التي كانت تستمع للحوار و تكتم ضحكاتها:
جهاد ،البيه خبط في واحده على السلم إمبارح ،و من ساعتها عامل زي المجنون ،عايز يوصفهالك و تقوليله عليها ،من إمبارح و هو بيقول
سندريال شتمتني و هربت ،كلميه معلش أل الواد هايتجنن
-جهاد و هي تضحك:
بقى هو اللي خبط في وسام ،يا حظه األسود ،خليه يكلمني ماشي
-على العموم يا بشمهندس ،دي وسام صاحبتي األنتيم ،و هي حكتلي إمبارح على الموقف
-شتمتني صح؟
-الصراحة آه
-عندها حق و هللا منا كنت متنح زي األهطل ،طب اديني عنوانها و عرفيني أقابل مين و هي في سنة إيه عشان أنا عايز أتقدملها على طول
ً
أصال عشان كدا اتعاملت -هي قدي ،متخرجة من صيدلة ،بس يا بشمهندس وسام رافضة موضوع الرتباط خالص و عندها عقدة من الرجاله
معاك بغلظة شوية ،و عندها ظروف لزم تاخد عنها فكرة األول
-أنا عايزها بمشاكلها بكل اللي عندها بعقدتها زي ما هي كدا ،ماتقلقيش و هللا أنا ها أعرف أتعامل معاها ،أنا متمسك بيها جدًا ،قوليلي
عنوانها باهلل عليكي
-أنا مش عارفة أقولك إيه و هللا ،بس أنا واثقة فيك و في أخالقك و يارب تقدر تساعدها عنوانها ........
-ربنا يكرمك يا دكتورة ،طلب أخير بس ،ماتقوليلهاش حاجة ول تعرفيها إني أخو نضال ،عايزها تتفاجيء
-تصدق إني غلطانة إني معطله نفسي و برغي معاك ،و إنت في اآلخر بتتريق
-طب يال بقى عشان أنا ها أقوم أروح كفاية رغي كدا
-منك هلل يا فارس ضيعت المكالمة ،ماشي يا حبيبتي توصلي بالسالمة ،في أمان هللا
-السالم عليكم
-و عليكم السالم
-بصي يا حبيبتي ،دي فترة فتور ،نفسنا البشرية ليها وقت بيبقى نشاط و شغف و وقت تفتر فيه و رسولنا الكريم علمنا إننا في وقت الفتور دا
لو مش قادرين نعمل السنن مش مهم لكن نلتزم بالفروض و مانقصرش فيها أبدًا ،حتى لو مش حاسه بطعم الصالة صلي برضه ،لو فقدتي
روح العبادة ماتفقديش العبادة أبدًا ،خليكي مكملة لحد الروح ما ترجع تاني ،دي مشكلة بتواجه كل اللي بيتوب ،ممكن يجي عليه يومين
مايحسش فيهم بالسعادة زي ما كان أول ما تاب ،فتالقيه يرجع أسوأ من األول تاني و دا عين الغلط ،طب ما يمكن ربنا بيختبر صدق
دايما قدام باب الكريم لحد الباب ما يتفتحلك تاني ،إوعي تزهقي و ل تملي اثبتي و رجوعك ليه ،خليكي يا مي ع الطريق زي ما إنت ،خليكي ً
ادعي و قوليله ببابك لن أغادره و لن أسعى إلى غيرك ،إحنا كلنا قدام باب ربنا ثابتين لحد الباب ما يتفتح لينا و ندخل ،مالناش حته تانيه
نروحها و ل حاجه غير كدا نعملها ،إوعي تيأسي و تقولي أنا كدا ربنا مش قابلني ول قابل توبتي ،ل طبعًا ،إحنا نفضل ماشيين على الطريق
لحد ما نرجع نحس بالونس تاني ،وصدقيني لو صدقتي في رجوعك و ثباتك ربنا هايفتحلك الباب و يدخلك و ماتحسيش باإلنقطاع دا تاني أبدًا
،الكريم بيختبر صدقك ،عشان تدخلي في كنفه و ماتخرجيش أبدًا ،فـ اثبتي.
عندمـا تساعدنـي علـى الخير و تدلنـي عليه و تُذكرني بالرحمن و تدفعنـي إلى الجنـة ،سأُوقن عندهـا أنك حقًا تُحبُني.
-إنت حكتلي إنك خبطت فيها على السلم و خالص ،يعني موقف لحظي ،إيه اللي خالك تتعب نفسك كدا و تدور و تسأل عليها و تيجي من
إسكندرية لهنا و تقابلني ،ما فيه بنات كتير يعني
-أنا عارف إن الموضوع غريب ،و إنك قلقانة ،بس كل الموضوع إنها و هللا كانت أول مرة أرفع عيني في عين بنت ،و الصراحة أنا حبيتها
من أول نظرة ،ماتسألينيش إمتى و إزاي ألن أنا ذات نفسي مش عارف ،كل اللي أعرفه إني متمسك بيها جدًا ،و محتاجك باهلل عليكي
تساعديني
-األم بحيرة:
إنت أمرك غريب و هللا يا ابني ،بس أدام إنت ناوي أوي كدا ،فيه حاجة لزم تعرفها عشان تفهم أفعال وسام ،وسام عندها عقدة كبيرة جدًا
من الرجالة و من الجواز ،ثم قالت بحرج :و دا بسبب خالفاتنا الكبيرة أنا و أبوها ،و سوء معاملته لينا ،فلو إنت شايف نفسك هاتستحملها و
تقدر تساعدها تتخطى مشكلتها دي فتشرف يا ابني في أي وقت ،شايف نفسك مش هاتستحمل يبقى بالش من األول.
-فارس بجدية:
ماتقلقيش خالص ،أنا مستعد جدًا و ها أفضل معاها لحد ما تبقى كويسة ،بس إنت وافقي و ساعديني
-أنا موافقة يابشمهندس و ها أساعدك و أحاول أعقلها ،دي بنتي و أنا مش عايزة غير سعادتها في اآلخر
ً
أصال -أيوا تمام ،أنا عايزها تتفاجيء
-األم ببسمة:
و خلي بالك ،وسام عنيفة شوية في كالمها
-فارس بضحك:
ل منا جربت مرة الحمد هلل ،بس طلب أخير لما أجي ،قعدونا في مكان مفتوح براحتكم بس خلينا لواحدنا ،عشان أعرف أتعامل معاها ،و
ماتقلقيش ،ثقي فيا
ً
أصال ،أنا اشتريت -ما أعرفش و هللا ،أنا ماسألتش عن أي تفاصيل ،ول أعرف هو مين ول قال لمين ول فين و إزاي ،ول عايزة أعرف
دماغي و قولت ألمي طيب يا ماما و خالص ،بدل ما أدخل في حوارات و مش ها أخلص
-طب ما تسلكي نيتك كدا يا سمسمة و تقعدي معاه بنفس راضية يمكن يكون كويس و ترتاحي
-كويس على نفسه يا ستي ،هو ها يحصل فيه زي اللي حصل مع اللي قبله ،و هو الجاني على نفسه بقى
-جهاد بجدية:
أنا ما بهظرش و هللا يا بنتي ،فيه حديث بيقول ":إن هللا تعالى يحب العطاس و يكره التثاؤب" ،الحديث دا حديث صحيح ،رواه البخاري و
أبو داود و الترمزي عن أبي هريرة ،و السر إن ربنا بيحب العطس و بيكره التثاؤب ،إن التثاؤب مضاف للشيطان ألنه دليل على الكسل و
ثقل البدن و هو سالح من أسلحة الشيطان و جند من جنده ،على عكس العطاس اللي بيدل على النشاط و الحيوية ،حتى إن بعض العلماء
بيقولوا إنه مكروه إنك تتاوبي قدام الناس لو إنت قادرة تخفيها و تكتميها و ما تعمليهاش ،و لو مش قادرة ولزم تتاوبي بيقولوا إنك تتأخري
عن الناس اللي ماشيين معاكي أو تقومي من مع اللي إنت قاعده معاهم و تتاوبي و بعدين ترجعي ،شوفتي بقى يا ستي .
-وسام بدهشة:
إيه دا ،دا الموضوع طلع كبير ،أنا أول مرة أسمع الحديث دا ،و أعرف الكالم دا و هللا ،ل أنا بعد كدا ها أحاول ما أتاوبش خالص ،بجد
تسلميلي يا جهاد ،ربنا يزيد علمك
-حبيبة قلبي يا سمسمة ،المهم خليكي حنينة على العريس ،اقصفي جبهته بالراحة ،دا ابن ناس برضه
-ماشي يا حبيبتي ،هو قالي ،لسه قافل معايا دلوقتي ،بس ها تصوروا إيه آخر النهار كدا ،مش كنتم لحقتوا اليوم من أوله
-ها نصور الغروب يا بابا ،و بعدين على ما كل واحد فينا خلص شغله
-قام نضال بجزب رأسها إليه فجأة و وضعها بين صدره و ذراعه كأنه يخنقها ،صرخت جهاد من الخضة فتركها ،ثم نظر إليها بـ استهزاء:
إيه ،مابتخافيش برضة ،كنتي بتفرفري من أول قلم أهو
-إيه ما تجمدي يا بنتي مش كدا ،بطلي جبن ،و يال استعدي وصلنا للمكان المحدد
-سألت لحد ما وصلتله ،منا كان لزم أجيبك في مكان يليق و رومانتيكي بقى و كدا
-صراحة هو رومانتيكي جدًا و كمان مفيش حد هنا غيرنا عشان أتعلم براحتي بقى
-تعالي يا آخرة صبري ،أما أقولك الكلمتين اللي أنا عارفهم في التصوير ،تعالي
بعد أن أنهوا التصوير اليوم ،ذهبوا للجلوس في إحدى الحدائق العامة ،كما اقترحت جهاد
-يا جهاد هنا حوالينا ناس كتير و زحمة ،كنا روحنا كافيه هادي ول حاجة
-أنا بحب أقعد في األماكن اللي فيها ناس و دوشة ،ببقى مبسوطة و واخدة راحتي أكتر
-أكبر عاهة ممكن تقابلها ،هو إنت أول مرة تعرف ول إيه ،......المهم أنا اتبسطت أوي إني اتعلمت شوية حاجات في التصوير النهاردة ،
ربنا يخليك ليا يا نضال
-بص يا سيدي ،طبعًا فيه أماكن مايعرفوش أي حاجة عن اإلسالم ،شبه مناطق شمال أوروبا و كدا ،إحنا عايزين نوصل للناس دي اإلسالم ،
و ربنا يجعلنا سبب في دخولهم الجنة ،بس أنا مش عارفة نعمل دا إزاي .
-نضال بتفكير:
إحنا نقدر نوصلهم على اإلنترنت و نكلمهم و نبعت ليهم قرآن يسمعوه ،أنا سجلت قبل كدا قرآن بصوتي و بعته ألشخاص مش مسلمين و مش
عرب ول يعرفوا عن العربي حاجة ،و أثر فيهم جدًا و منهم ناس قرأت عن اإلسالم و أسلمت بسبب اآليات اللي سمعوها من القرآن ،فإحنا
بقى نسجل آيات و نبعتهالهم و لو لقينا استجابة نكلمهم عن اإلسالم و نساعدهم على فهمه و نجاوب على أسئلتهم لحد ما يسلموا بأمر هللا
-خالص اتفقنا ،نبدأ من بكرا بعد صالة العشاء ،أنا ها أبحث عن منطقة مناسبة نبدأ بيها و ندخل بقى نتعرف على الناس و نتكلم معاهم إنت
تكلمي النساء و أنا هاأكلم الرجال ،و ها أسجل المقاطع بكرا بالنهار و أبعتهالك على صفحتك .
عندمـا يعشق رجـل أسوأ جوانب امرأة فـاعلم أنـه يحبهـا . . . . .
-شلتها يا وسام ،عشان ماتتهبليش و تلبسيها تاني ،إلبسي طقم حلو يا وسام ماتكسيفيناش قدام الناس
-وسام بحنق:
كدا يعني ،حاضر يا ماما ،ثم قالت في نفسها:
نستخدم الخطة البديلة ها ألبس فستان و أظبط الدنيا ،ينبهر بالشكل ،و يتفاجيء بالحمم البركانية اللي ها تتفجر في وشه
ارتدت وسام فستانًا من اللون السماوي فأظهر زرقة عينيها بشدة ،و بدت في قمة الجمال ،خرجت و على وجهها معالم الالمبالة ،و بمجرد
أن نظرت إلى العريس انفجر البركان:
-هو إنت ؟!!!!!!! ،إيه اللي جابك هنا يا بني آدم إنت ،قوم امشي من هنا ً
حال
-فارس و قد قام من مكانه و وقف أمامها ،ثم قال بنبرة جدية ،رجولية:
إيه مالك ،هو إنت على طول كدا ،مابتهديش خالص يا بنتي ،أنا مش ماشي و إنت هاتقعدي و هانتكلم
-وسام بعصبية:
ما تحترم نفسك هللا ،إنت جي تعاكسني في بيتي ،وبعدين لساني مش عاجبك قوم روح
-نعم!!! جوزي ،دا بعدك ،بقى أنا يوم ما أتنازل و أتجوز ،أتجوز كائن بالتناحة دي
-فارس و قد قام من مكانه و اتجه إلى الكرسي الذي تجلس عليه ،ثم وضع كلتا يديه على جانبي الكرسي و انحني إليها ثم نظر إلى عينيها ،
فانكمشت هي للخلف و ظهر الخوف على معالمها ،فقال بنبرة شديدة:
حال ،و ها أجيب المأذون و أتجوزك غصب قس ًما باهلل ما تغلطي تاني يا وسام ألكون منادي على طنط من جوه و أقولها إحنا هانكتب الكتاب ً
عنك و ماهاأخليكي تقدري تنطقي ول كلمة قدامهم ،سامعه ،اهدي كدا إنت و عفاريتك عشان نعرف نتكلم ......ثم اعتدل في وقفته و جلس في
مكانه كأن شيئًا لم يكن ،أما هي فقد أصابها الخوف و آثرت الهدوء
كملي ....فقالت:
خريجة صيدلة و صمتت أيضًا ،فنظر إليها نظرة أرعبتها ثم قال :
أنا مش بشحت منك الكالم يا وسام ،خلصي اتكلمي
-رق فارس جدًا لحالها ،و ود لو يستطيع أن يمسح دمعاتها بيده و يخبرها أنه لن يتركها أبدًا ،أخذ ينادي عليها لتهدأ و تكف عن البكاء و لكنها
لم تفعل ،فقام و جلس أمامها أرضًا على ركبتيه ،ليجبرها على رفع وجهها فرفعته :
ممكن تهدي يا وسام و تديني فرصة أتكلم ،ثم قال بمزاح :
عاجبك يعني المرمطة اللي أنا فيها دي ،طنط لو جات دلوقتي هاتقول عليا إيه بالقعده اللي أنا قاعدها دي
-حملقت فيه وسام ألنها ل تفهم ماذا يقصد ،فابتسم بمكر و قال:
حتى و إنت بتعيطي ،زي القمر ،دا مش عدل دا ،إنت حلوة أكتر من الالزم
-كادت وسام أن ترفع صوتها و ترد عليه ،فبادرها قبل أن تنطق بمزاح:
أنا بهزر و هللا ،ماتشتميش هللا يسترك ،عشان أنا بخاف
ابتسمت وسام من طريقتها و أخذت تمسح آثار الدموع عن وجهها و لكن المنديل ابتل جدًا و لم يعد يصلح نظرت إليه و قالت بخجل:
أنا عايزة منديل تاني
آه أخوه ما تستغربيش من الصدفة الجميلة دي ،المهم بقى ،أنا مهندس ،عندي 26سنه ،أنا يا وسام مش زي ما إنت فاكره واحد رخم و كل
همه يغلس عليكي و خالص ،بصي أنا هاأكون صريح معاكي و يمكن ها أقول كالم دا مش وقته بس هاأقولك كل حاجة عشان تقتنعي ،أنا و
هللا لما خبطت فيكي هناك كان غصب عني ،و لما وقفت متنح و مش عارف أنطق ماكنتش عارف إيه اللي حصلي و هللا ،أنا أول ما بصيت
في عنيكي كأني اتكهربت ،اتصدمت حاجة كدا ،أنا ً
فعال اتفتنت بيكي ،و قررت من لحظتها إني لزم هاتقدملك ،أنا من يوم ما شوفتك لحد
النهارده ماببطلش تفكير فيكي ،ماأعرفش ليه و إزاي بس اللي متأكد منه إني حبيتك من أول نظرة ،أنا عمري ما كنت أتخيل إني ها أتجوز
مثال كنت عايز أرتبط بمهندسه شبهي و تكونيبالطريقة دي و حتى المواصفات اللي كنت حاططها في دماغي كانت بعيدة عنك ،يعني أنا ً
أصغر مني في السن بكتير ،لكني فجأة لقيتني بتنازل عن كل حاجة و بتمسك بيكي إنت و بس ،أنا مستغرب نفسي و هللا ،أنا عمري ماكنت
ضعيف قدام حاجة ،ول عمري في حياتي بصيت ول كلمت ول اتعلقت ببنت ،لكن بسببك أنا كل قوانين حياتي اتشقلبت ،أنا وصفتك للدكتورة
جهاد و سألتها عليكي عشان أجيلك و طلبت منها ماتقولكيش عشان أفاجئك و جيت هنا المنصورة أول إمبارح و كلمت مامتك و برضه طلبت
منها ماتقولكيش ،أنا عارف كل ظروفك و مشاكلك يا وسام ،و راضي بيها ،و عاجباني زي ما إنت كده ،مش فارق معايا أي حاجة ،
أرجوكي إدي نفسك فرصة تكسري الحاجز اللي إنت عاماله دا ،اسمحيلي اثبتلك إن أفكارك دي مش صح ،ماترفضيش باهلل عليكي يا وسام ،
على األقل نتخطب و جربي هاترتاحي ول ل .
-ماتقوليش حاجة ،إنت صلي استخارة و أنا ها أرضى بقضاء ربنا ،بس أرجوكي خليكي منصفة و بالش تفكير متشائم يا وسام .......أنا ها
أقوم أمشي دلوقتي ،و ها أتصل كمان أسبوع علشان أسمع موافقتك المبدئية حتى .
ثم قام فارس و توجه إلى الباب و خرج و وسام جالسه مكانها ل تتحرك .........كانت والدتها تتابع الحوار من بدايته من الداخل ،و كان قلبها
يتآكل أل ًما على ابنتها عندما بكت ،و لكنها احترمت فارس جدًا و قدرته عندما سمعت حديثة و رأت تصرفاته ،و أخذت تدعو هللا أن يهدي
ابنتها للخير و يجمع بينهما على خير
............. .......... ...........
جهاد و هي تتحدث في الهاتف مع نضال:
أنا مش مصدقة و هللا ،ما شاء هللا في أسبوع أسلم عشرة ،اللهم لك الحمد ،أنا و هللا من كتر الفرحة مش عارفة ،مش عارفة أقول إيه ول
أعمل إي ...........ثم بكت
-نضال بسعادة:
الحمد هلل يا جهاد ،أنا و هللا كمان منبهر ،الناس ما شاء هللا ربنا شرح صدرها لإلسالم بسرعة جدًا
-أيوا يا نضال تعالى ،دخل نضال فوجدها تجلس على السرير و تمسك بهاتفها في يدها فسألها:
بتعملي إيه يا بنوتي
-أدمعت عيناها ،ثم انفجرت في بكاء حاد و احتمت في أحضان أخيها ،احتضنها نضال و أخذ يمسح على ظهرها برفق و يتلو آيات من القرآن
لتهدأ ،ظلت تبكي لعدة دقائق ،ثم بدأت تهدأ ،أبعدها نضال عنه برفق و مسح أثار الدموع ن وجهها بيده ،ثم سألها :
أنا قلقت يا هناء عليكي ،احكيلي مالك يا بنوتي
-هناء بدهشة:
ألبس إيه و ليه
-نضال بتفكير:
البسي الفستان البني و الخمار الكافية اللي أنا بحبهم ،و ها ننزل أفسحك فسحة رهيبة ،هاأوديكي مالهي ،و نتمشى على البحر و نروح عند
القلعة و أكلك في أحلى المطاعم و نروح كذا حته كمان و مش راجعيين غير نص الليل ،اتوضي بقى قبل ما نخرج عشان هانصلي المغرب و
العشاء بره.
-هناء بتفكير:
طب بقولك إيه ،هو أنا لو وضوئي اتنقد قبل العشاء ً
مثال و مش ها أعرف أفك الخمار بره البيت أعمل إيه
-بصي يا حبيبتي ،إنت تتوضي دلوقتي قبل ما تلبسي ،و لو وضوئك اتنقد و عايزة تتوضي بتمسحي على الخمار من فوق من غير ماتفكية و
كذلك على الشراب من فوق ،بس لزم تكوني لبساهم على وضوء و دا بيبقى مدته يوم بليلة للمقيم و ثالثة أيام بلياليهم للمسافر لمكان بعيد ،
دي رخصة من رخص ربنا لينا ،يعني إنت و إنت هنا في البيت أيام الشتا بتبقي لبسه شراب ،عادي تمسحي عليه من غير ما تقلعية يوم بليلة
بس لو لبساه على وضوء ،و حاولي تعملي كدا كل فترة حتى ،و مش على طول تقلعي الشراب و تغسلي رجلك ،ألن فيه حديث بيقول ":إن
هللا يحب أن تؤتى رخصة كما تؤتى عزائمه" يعني ربنا بيحبنا نعمل بالرخص اللي هو رخصهالنا شبه ما إحنا بنعمل بـ أصول الفروض .
أستمتــع جــدًا عنـدما أجلـس أفكـر و أضـع خططـي المستقبليــة ،و لكـن عندمـا نجلـس سويًا و نخـطط لمستقبلنـا م ًعا فهذه متعة تفوق كـل متع
الحياة ،ل يهمني إن حققنـا ما خططناه سويًا أم ل ،تكفينـي سعادة تلك اللحظات التـي تشاركنـا فيها التفكيـر فـي نفس األمـر معًا.
النهاردة المحاضرة خفيفة ،فـهنطول وقت الترفيه بقى ،و نعمل حاجة جديدة ،أي حد عايز يسأل عن أي حاجة هايكتب السؤال في ورقة من
غير اسم طبعًا ،و بعدين نلم الورق و نجاوب على األسئلة ،يال انطلقوا اسألوا في أي مجال إنتم عايزينة .........كتب الطلبة أسئلتهم و تم
جمع الورق و بدأت جهاد تجيب:
أول سؤال بيقول " أنا مش عارف أحدد موهبتي إيه؟ ،مفيش مجال معين متميز فيه ،بيقولوا كل واحد المفروض ليه موهبه لزم يكتشفها بس
أنا مش عارف أكتشفها إزاي ""....أنا بحيي اللي كاتب السؤال دا حقيقي ،ألن أغلبنا بيعاني من الموضوع دا ......بصوا يا شباب ،موهبتك
هي الحاجة اللي إنت بتحس بالغيرة لما تشوف حد بيعملها و متفوق فيها ،يعني ً
مثال ،أنا كجهاد لما بشوف ناس بترسم حلو بنبهر بيهم حقيقي
لكن عمري ماحسيت بغيرة إنهم بيرسموا و أنا ل ،ول حسيت إني عايزة أتعلم الرسم نهائي ،بينما لما كنت بشوف حد بيصور بحرفية و إتقان
ببقى حقيقي غيرانه جدًا ،طبعًا مش غيرانه من الشخص نفسه ،ل غيرانه إني مابعرفش أصور بالجمال دا ،و الموضوع دا خالني أبدأ أتعلم
تصوير و جوايا يقين إني بعد ما أتعلم ها أبدع في المجال دا ألني حبيته ،قيسوا على كدا بقى ،الحاجة اللي تشوف غيرك بارع فيها و تحس
إنك غيران اعرف إن دي الحاجة اللي إنت بتحبها بس مش واخد بالك و ابدأ نميها و اشتغل عليها بقى ألنك حقيقي ها تبدع فيها ،أو جرب كذا
نشاط و الحاجة اللي تعملها بحب اعرف إنها موهبتك ،بس كدا .
نشوف السؤال التاني ،حد بيقول "مابحبش القراية ،بس حاسه إني ماعنديش معلومات عن أي حاجة و مش عارفة أحبها إزاي و أبدأ منين "
بصي ياستي ،أو بصوا كلكوا ،القراية لزم تبقى جزء من روتين يومك ،القراية هاتنقل عقلك من شخص في العشرينات لشخص عنده حكمة
خمسين سنة ،نظرتك لألمور ها تبقى عقالنية أكتر ،ها تعرف تاخد قرار و ها يبقى عندك خبرات كتيرة ،فالزم كلنا يبقى داي ًما عندنا كتاب
محتاج يخلص ،أما أبدأ منين و أبدأ بإيه فأنا داي ًما بنصح الناس اللي ها تبدأ قراية تبدأ بكتاب""استمتع بحياتك"" لدكتور محمد العريفي ،مفيد
جدًا ،خالصة مواقف و تجارب ،ها تطلع من الكتاب دا شخص جديد بس اقراه بتمعن و فهم و بعدين ممكن تقرأ عن سيرة الحبيب "الرحيق
المختوم " أو "هذا الحبيب" و كمان مؤلفات الدكتور خالد أبو شادي كلها جميلة جدًا جدًا و من أروعها كتاب "سباق نحو الجنان " "أول مرة
أصلي " و"حرب على الكسل" ،و كمان كتاب "رجال حول الرسول " لخالد محمد خالد " ،ليلة في بيت النبي" لمحمود المصري و غيرهم
كتير ،و بعدين ممكن تنوع بقى في المجالت المختلفة ،بس الكتب دي بداية حلوة جدًا .......
السؤال التالت بيقول " نفسي أحفظ القرآن بس مش عارف" ،فـ البداية ادعي كتير ربنا يمن عليك بحفظة ،و بعدين ابدأ بنص صحفة كل يوم
،نص صفحة بس ،لكن تداوم عليها ،أنا قولت نص صفحة ألنها جزء صغير و ها تقدر تحفظة كل يوم و دا ها يشجعك ،هاتالقي نفسك بعد
شهر حافظ 15صفحة ،بدون مجهود يُذكر ،إنما لو بدأت ً
مثال بربع كل يوم في البداية هاتحفظ لكن بعد كدا هاتستتقل الموضوع و مش
هاتكمل ،فابدأ بالراحة ،و استمر "خير األعمال أدومها و إن قل " ،و حاول تنقي قلبك من األغاني و الموسيقى ألن الموسيقى بتأثر في
النفس في نفس مكان تأثير الوحي -القرآن -فالتنين مابيجتمعوش مع بعض . . . . . .أكملت اإلجابات ،ثم قالت:
بالمرة كدا يا شباب و أنا فاكره ،إحنا طبعًا داخلين على امتحانات نص السنة و شفوي بقى و هيصة و أيام زي الفل ،عايزة أقولكم حاجة مهمة
عشان خوفكم من الشفوي دا .......و إنت جي اللجنة الصبح و قبل ما تدخلنا إفضل قول الدعائين دول كتير "اللهم اكفينيهم بما شئت و كيف
شئت " و "اللهم إني أجعلك في نُحورهم و أعوذ بك من شرورهم" بص قولهم و تأكد يقينًا إنك بإذن هللا ها تدخل تجاوب ،اتعودوا تقولوا
الدعائين دول داي ًما ،لو دكتور دخل و عمل امتحان مفاجئ قولهم و شوف النتيجة بنفسك ،لو خايف من أي حد قولهم و ربنا ها يكفيك شره ،
حقيقي عن تجربة و هللا بالدعائين دول هاتخرج من مآزق كتيرة ،و فيه كمان حاجة واحدة صاحبتي من أجمل الناس اللي قابلتهم و أقربهم
لقلبي ،و من الناس اللي بتحمد ربنا على نعمة وجودهم في حياتك ،قالتلي من أيام ما كنت في أولى كليه لسه ،و كنت داخلة أول لجنة شفوي
و حقيقي كنت مرعوبه قالتلي أول ما تدخلي على الدكتور شاوري عليه بالسبابة من غير ما ياخد باله طب ًعا و قولي " يا جبار " تلت مرات ،
كأنك بتستعين بجبار السموات و األرض يعينك على أي حاجة و يكفيك أي حاجة ،حبيت أذكر الحتة دي عشان لما حد فيكم يقولها تبقى في
ميزان حسنات صاحبتي ،ألن أنا ممتنة ليها جدًا في الحقيقة ،يمكن أقدر أردلها جزء من وقفتها جنبي في لحظات كانت صعبه في حياتي ،
ً
أصال أنا متأكدة إنها حاجة يستحيل تتكرر ،ربنا يزيدها و يسعدها و يحبها ،بس هللا يكرمكم إوعوا حد يبقى جي من على السرير ع اللجنة
على طول و لسه نايم على نفسه و يدخل بقى و يقوم رافع إيده في وش الدكتور و يقول يا جبار ،إن شاء هللا كدا يتأكد إنه مش طالع من الكلية
نهائي هههههههه.
............ ............. .............
جهـاد و هـي تدخل إلى جدهـا :
جـدو يا جـدو يا أجمـل جـد ،بنحبـك و اللـه بـجد لااالاااالاااااااا
-الجـد بمزاح:
يا بكاشـة ما إنت خالص اتجوزتـي بقى و حبيتي علينا
-نضال!!
-نضال بحب:
عـيون نضال
-بتهزر طيب ماشي ،ما أنا اللي غلطانه ،أنا اللي خليتك تاخد عليا
-نضال بمزاح:
أيوا استحملي بقى ،إيه اللي مزعلك يا بنوتي
-جهاد بحنق:
بقالي أسبوعين ماشوفتكش يا نضال ،من يوم التصوير و إنت ماجتش هنا
-نضال باستفزاز:
اللي بيكذب بيروح فين يا بطة ،هاتفضلي طول عمرك تتكسفي كدا و أنا ها أفضل قافشك على طول
-جهاد بضيق:
يوووه بقى ،أيوا وحشتني يا نضال و وحشتني جدًا كمان ،و امشي بقى من هنا ،أنا ها أقفل
-و هللا طلعت من اسكندرية قبل ما تكلميني على طول ،كنت عاملهالك مفاجأة بس يال أدينا بوظنا المفاجأة ،المهم بقى بقولك إيه أنا جعان ،
اطبخيلي أكل حلو
-جهاد بحب:
حاضر من عنيا ،هاأعملك بط
-جهاد باستفزاز:
مش مهم اكرهه براحتك ،هاأكله أنا ،يال بقى ها أقفل عشان ألحق أجهز األكل على ما تيجي
أعدت جهاد الطعـام و ساعدتها والدتها ،ثم ارتدت ثيابها و بمجرد أن انتهت إذا بالجرس يعلن عن وصول نضال ،خرجت مسرعة من غرفتها
و منعت والدها من فتح الباب و اتجهت هي إليه ،أمسكت المقبض بيدها و هـي تشعر بشوق شديد إلى زوجها و لكن بمجرد أن فتحت و
نظرت إليه ،قالت بدهشة:
إيه دا ،إنت مين ،أنا عايزة نضال الحقيقي ،فين دقنك يا ابني ،أعوذ باهلل ليه كدا يا نضال
-قمر إيه بس يا عمنا ،قمر بالستر يا حبيبي ،أنا زعالنه عشان هي سنة عن الحبيب بس ،مش قمر و بتاع ،قمر منين إنت ها
-هو إنت لسه شوفت حاجة دا أنا ها أعذبك على اللي إنت عملته ،ثم قالت بحزن :
ليه بجد كدا ،بتحلقها ليه
-نضال بحب:
عندي حساسية في دقني و طالع حبوب فيها ،حلقتها غصب عني و هللا ،عشان أعالج الحساسية دي و هاسيبها تاني ،ماتزعليش هانطبق سنن
الحبيب كلها بإذن هللا ،اضحكي بقى هللا
-نظر إليها نضال بتحدي و بحركة غير متوقعة انحني و طبع قبلة على وجنتها ،احمر وجهها جدًا من شدة الخجل ،فترك هو ذراعها و نظر
إليها بحب ،فنظرت إليه بخجل و دهشة و قالت:
إنت قليل األدب جدًا على فكرة
-بطل بقى يا نضال ،وابقى اعملها تاني كدا و شوف اللي ها يحصلك
-نضال بمزاح:
دا أنا ها أعملها تاني و تالت و عاشر ،ها تعملي إيه يعني
-جهاد بحنق:
هاأقول لبابا
-جهاد حنق:
كدا يعني ،طيب ،صدقني لو عملتها ألكون ضرباك بالقلم بقى
-أيوا إحنا نتكلم في المهم بقى ،عايز أبدأ شغل في الشقة بقى إيه رأيك
-جهاد بجدية:
طب اوصفهالي و قولي هي في الدور الكام و كدا ،عشان أنا ماعنديش أي فكرة
-إن شاء هللا فـ أجازة نص السنة ها أخدكم معايا كلكم و تشوفوها ،عمو ًما هي مش شقة بالظبط ،هو بيت على بعضة و ليه جنينة بس مش
كبيرة أوي و عليه سور ،هو ما شاء هللا كبير خالص ،و أهم حاجة إن بلكوناته على البحر بقى
-جهاد ببهجة:
ما شاء هللا ،شوقتني إني أشوفه ،و حلو أوي إنه ع البحر كدا ،الوقفة في البلكونة اللي ع البحر دي الصبح و بالليل حياة تانية ،المهم بقى
ناوي على إيه
-هو أنا ناوي على شوية حاجات غريبة كدا ،مش عارف هاتعجبك ول إيه
-أكيد هاتعجبني ،ألني برضة بفكر في حاجات مش تقليدية ،بس قول إنت األول
-بصي يا سيدتي ها أعمل أوضة مكتبة و تتقفل كلها لحد السقف ارفف و ها أمالها كتب في كل المجالت اللي هانحتاجها إحنا التنين
-جهاد ببهجة :
ً
أصال يا ابني أنا وافقت أرتبط بيك عشان إنت بتحب القراية كنت متأكده إنك ها تعمل الفكرة العظيمة دي ،
-ياسالم يا أختي
-جهاد بمزاح:
-آه طبعًا ،أنا ماشية بمبدأ " أنت تقرأ إذًا أنا أحبك" ،المهم بقى و نحط ف األوضة دي مكتبين و كراسي بالستك ألوانهم مبهجة كدا و المكتبة
كلها تبقى ألوانها حلوة ،عشان يبقى جو يفتح النفس على القراية كدا
-عايزين نخصص أوضة تبقى بمثابة مسجد كدا ،ندخلها بس ساعة الصالة و قيام الليل و ساعة ما نيجي نسمع لبعض قرآن عشان األوضة دي
تشهدلنا عند ربنا يوم القيامة ،و ها أخلي جوها روحاني جدًا ،داي ًما هاتبقى متعطرة بعطر جميل ،و اإلضاءة فيها تبقى خفيفة جدًا ،إل ساعة
ما نيجي نسمع قرآن نبقى نعلي اإلضاءة ،نفرشها سجاد جميل و كمان نزين جدرانها بإبداع كدا ،و مش هانحط فيها حاجة غير اسدال الصالة
بتاعي و المصاحف بتاعتنا و بس ،ندخلها وقت الصالة و القرآن و الذكر و بس ،عشان نحافظ داي ًما عليها نضيفة و جاهزة
-فيـه أوضة ها أخصصها لألجهزة اإللكترونية و الطابعة و الحاجات دي عشان إحنا بنحتاجها في شغلنا كتير و حتى موبايالتنا ها نسيبها في
األوضة دي ألننا مش ها نستخدمها إل في أوقات محدده و بس ،مش طول النهار قاعدين عليها ،و أعمل في جنب منها شاشة عرض بسيطة
كدا عشان عارفك عيلة و بتحبي تسمعي كارتون و أنا في الحقيقة أعيل منك و مابسمعش غيرة و أكيد أولدنا طبعًا ها يبقوا بيحبوه شبهنا و
كمان عشان لو فيه حاجة وثائقية أو فيديوهات علمية طويلة نضلم األوضة تما ًما و نعيش بقى كأننا فـ سينما ،و طبعًا هايبقى فيها كنب و كام
كرسي كدا و جهاز بالي استاشن أهم حاجة ،عشان دا شيء مهم بالنسبالي و إنت هاتلعبي معايا بدل فارس و هناء اللي أنا كنت مزهقهم
-بس أنا عمري ما لعبت بيه ول أعرفه ،ها تعلمني األول بقى علشان أغلبك ماشي
-نضال بمزاح:
أنا هاأعلمك ،و هاأغلبك أنا و كل مرة أغلبك فيها تديني بوسه ماشي
-إنت فصيل جدًا على فكرة ،إيه دا !!!!! ،طب أنا موافقة بقى بس كل مرة أغلبك فيها بقفا ،ماشي ؟
-نضال باستهزاء:
صحيح عندك حق ،دا المفروض يعدموه في مكان عام ،إزاي يعمل كدا ،صبرني يارب ،إيه رأيك أنا موافق يا ستي على اللي إنت عايزاه و
ابقي وريني هاتغلبيني إزاي
-ماشي يا ستي براحتك ،بس أنا برضة أما أغلبك ها أنفذ التفاق
-طيب ،المهم بقى أنا مش عايزة نيش في الشقة ،هم األطباق اللي هانطبخ و ناكل فيها هاتبقى في المطبخ و تشوفلنا بقى ناس بتعرف ترسم
جرافيتي ،تجيبهم يُبدعوا على جدران األوض ،عشان البيت يبقى مبهج و متداخل كدا
-طيب أوكشن ،فيه بقى أوضه ها ....و قبل أن يكمل قالت جهاد:
بالراحة بالراحة ،هما كام أوضة يا نضال ،هو لسه فاضل ؟
-أيوا يا بنتي ،البيت كبير و على دورين كمان ،المهم بقى األوضة دي ها أجيب فيها أجهزة رياضية بدل ما أنزل الجيم
-طب فكرة و هللا ،دا أنا كنت خايفة ماألقيش جيم للنساء جنبنا هناك
-نضال بدهشة:
ليه هو حضرتك كنت ناوية تنزلي جيم
-نضال باستفزاز:
و دا ليه إن شاء هللا
-جهاد بمرح:
علشان أحافظ على لياقتي البدنية و أعرف أدافع عن نفسي ،هللا !
-نضال بسخرية ومزاح:
امممممم ،عشان كدا حضرتك عاملة شبه خلة السنان
-شبحنه !! يا وقعتك البيضة يا نضال ،هو أنا متجوز دكتورة جامعية ول واحدة بتسوق عربية ميكروباص فـ الدقي ،إيه يا جهاد !!
-كمان اسطا و أخو ،ل ل كدا كتير ،نقلب من على المحطة دي أزميلي
-طب ًعا يا برنسيسة ،المهم بقى نكمل الشقة ،أمري هلل ها نعمل صالون مع إننا مش هانحتاجة ،بس نعمل عشان خاطر الضيوف و ها نعمل
سفرة طبعًا و أوضة مكتب لينا إحنا اإلتنين عشان األبحاث و الدراسات و كدا و الجنينة دي بقى ها تبقى مفاجأة و أوضة النوم و أوض أولدنا
بس كدا
-طب ابقى خلي لون أوضة النوم رصاصي ،عشان بحبه أوي
-رصاصي!! أعوذ باهلل ،طب ما نعملها سودا أحسن يا أختي ،زوقك نيلة يا روحي ،سيبك إنت أنا هاأظبطها على مزاجي األوضة دي
-هههههه طيب يا عم إنت حر ،بس كدا بالحاجات دي الشقة هاتتكلف كتير ،و كمان إنت بتقول إنها واسعة يعني هاتعمل أثاث و حاجات
عشان تمالها
-ل أثاث مين ،إحنا ها نعمل الحاجات دي و بس ،بقية البيت ها نظبط حيطانه و نسيبه فاضي ،أنا عايزة يبقى براح ،يبقى فيه مساحات
فاضية كدا ،نلعب فيها كورة ،نجري ،نعمل اللي إحنا عايزينه إنشاهلل نركب عجل في الشقة ،أنا ما بحبش األماكن الضيقة ول اللي مليانة
أنتيكات ملهاش لزمة ،إحنا ها نعمل بس الحاجات اللي إحنا عايزينها و اللي مش ها نستفيد منه مش ها نعمله ،قشطة كدا ؟
-قشطة يا باشا
"" الفصـل الثاني و العشـرون""
-يا بنتـي إنت ماشوفتيش فارس كان عامل إزاي و هللا ،و بعديـن أنا كمان كنت عايزاكـي تتفاجيء ،حقيقـي فارس بيحبك جدًا يا وسام
-جهـاد بحيرة:
طب ما توفقي يا وسام ،إنت بتصلي استخارة؟
-وسام بتنهيـدة:
أيوا بصلي يا جهـاد ،و الصراحـة بقى مرتاحة ،مـش عارفة ليه و إزاي ،خايفة أرفض فيبقى حرام عليا ألن أنا بستخير و حاسة إن
الموضوع ماشي و أمـي عمالة تقنع فيـا ليل و نهـار ،و خايفة أوافق أظلمة معايا ،أنـا جوايـا متشوه يا جهـاد ،مابعرفش أتكلم مع الرجالة
بهدوء من غيـر خناق ،و سعات برمي دبـش فـ كالمي ،و فارس واحـد محتـرم جدًا و نضيف مـن جوه جدًا ،ميعرفـش حاجة عن العقد و
القـرف دا ،خايفة أتخانـق مع أبويـا مرة ،فأرجع تانـي زي ما كنت و أقول لفارس كلمة توجعة ،أنـا بقيت محتارة جدًا .
-ياااااااه ،كلمة فتاة دي ما اتقالتليش من زمان أوي يا وسام ،من أيام البت سارة
-سارة مين ؟
-سارة دي كانـت صاحبتي في الكليـة ،كانـت بتحب الورد أوي ،و أنـا كنـت داي ًما بحـب أقول عليهـا إنسانـة من ورد ألنهـا كدا ً
فعال ،علـى
طول تحسيهـا وردة مفتحـة كدا ،ليهـا طلة حلـوة و تأثير طاغي و بتأثر جدًا فـ المكان اللي بتبقـى موجوده فيـه ،أنا حقيقي كنت بحبها جدًا جدًا
ولزلت طبعًا بعزهـا جدًا
-أنا عارف يا نضال ،ما هو دا سبب عقدتها و مشكلتها ،أنا متمسك بيهـا جدًا و بإذن هللا ها أفضل داي ًما جنبها لحد ما تبقى كويسة .
-نضال بحب:
خالص يا حبيبي يبقى على بركة هللا ،خليك صلي استخارة برضة كل يوم ،و ربنا يهديهالك و توافق و يسعدك بيها و يسعدها بيك
.......... ......... .........
جهـاد فـي المدرج :
خلصنـا أول ساعـة ..........عيال أنا عطشانـه جدًا حد معـاه مايه ؟
-جهـاد ببسمة:
بـس النوع دا مقاطعة يا حبيبتـي
خرجـت فتاة أخرى من نهايـة المدرج تحمـل زجاجة ميـاه ،شربـت جهـاد و شـكرت الفتاتان ثـم قالت:
فيـه سؤال جالي على األسك عايزة أتناقش معاكم فيه ،السؤال بيقول "إزاي لبسك واسـع و محترم و الكل بيشوفه شيك ؟" ،السؤال دا محتاج
وقفة و تركيز ،مين قال إن الحجاب الشرعي و اللبس اللي يرضي ربنا مش شيك و جميل ،و مـن هنـا عايزة أدردش شويـة مع البنات ،
بصـي يا بنتـي ،إنت حاجـة غاليـة أوي و عظيمة أوي و حاجة ليها قيمتها ،إنت األخت و األم و الزوجة و الحبيبة و البنت ،إنت وردة الحياة
،بسمة والدك و نبض جوزك و سر أخوكي ،ربـنا أنعم عليكي بالنعمة دي و خالكي غالية أوي ،و الحاجة الغالية ماينفعش أي حد يشوفها و
يبصلها ،ربنا لما أمرنا إحنا النساء بالحجاب دا مش تضيق علينا و خنقة شبه ما بنسمع ،ل إطالقًا ،إعرفوا إن كل حاجة اتفرضت علينا
لمصلحتنا ،بس أحيانًا إحنا مابنركزش و مابنحاولش نفهم ،ربنا أمرنا بالستر و اللبس الواسع الشرعي ،ألن إنت جميلة ،جميلة جدًا ،كل
حاجة فيكي حلوة ،و ماينفعش أي واحد كدا يشوف جمالك ،اللبس الضيق اللي بنشوفة دا بمثابة لعنه ،آه و هللا ،إنت إزاي موافقة إن أي حد
يشوف أي حاجة كدا باللبس الضيق اللي بيبين كل حاجة دا ،بصـي بعيدًا عن إنه فرض علينا من غير نقاش إننا نلبس زي شرعي ،خدي
الخطوة دي بينك و بين ربنـا و قوليلة أنا البناطيل الضيقة و التيشرتات القصيرة الضيقة بحبها يارب و بتبقى حلوة عليا و مخلياني جميلة بس
أنا هاأضحي باللي أنا بحبه دا و هاألبس اللي إنت بتحبه علشان خاطرك إنت يارب ،علشان أنا بحبك و عايزاك ترضى عني ،خدي القرار من
قلبك و جربي تلبسي جيبات واسعة و فساتين واسعة برضة و خمار أو طرحة طويلة ،و هللا هاتحسي بسعادة ،أصلها قاعدة من ترك شيئًا هلل
خيرا منه ،و إنت سيبتي اللبس اللي مايرضيش ربنا علشان خاطره فهو هايعوضك ،هاتتفاجيء بصحابك جايين يقولولك إيه عوضه هللا ً
الجمال دا ،ربنا هايحليكي في عيون الناس بحجابك و زيك الشرعي ،هايشوفيكي أميرة و مش أي حد هايبصلك ،ل اللي شايف نفسه أمير
بس هو اللي ها يدور عليكي و يدخل بيتك ،مش هايتقدملك غير اللي عارف ربنا فـ هيصونك و يتقي ربنا فيكي ،كفاية يا بنات فتنة للشباب ،
إنت بتشيلي ذنب التبرج و ذنب فتنة شاب مسلم بص عليكي غصب عنه و إنت ماكنتيش بالزي المناسب ،و إنتم يا شباب ،إنت دلوقتي أخ و
بكره هاتبقى زوج و أب ،خليك غيور على اللي يخصك ،ماتسمحش لواحدة من اللي إنت مسؤل عنهم تخرج بلبس مش مناسب ،مش بالعنف
ل ،اقعد معاها و فهمها بالراحة ،قولها أنا ماأستحملش حد يبصلك نص بصة ول يقول عليكي نص كلمة ،قولها أنا عايز أشوفك في الجنة مع
أمهات المؤمنين فخليكي شبههم ،قولها إنت من كتر ما إنت جميلة ماينفعش الغريب يشوف جمالك ،علمها مواصفات الزي الشرعي إنه يبقى
فضفاض ول يصف ول يشف و مايبقاش متعطر و ميباق زينة في نفسه ول ملفت ،علموهم و فهموهم بالراحة ،البنت كائن عاطفي جدًا لو
إنت كلمتها بالراحة كدا و حسستها بقيمتها ها تسمع منك و تنفذ و هاتديك عنيها ،و إنتم ذات نفسكم ،فيه ناس منكم بتلبس لبس يكسف و هللا ،
ماينفعش نجري ورا أي موضة و نلبس حاجات مش مناسبة ،بناطيل مقطعة و تيشرتات شبه بتاعة البنات و حاجات غربية ،دا إنت خليفة
ربنا في األرض يا أخي ،بقى بزمتك دا لبس يدل على كدا ،دا إحنا مستنينك تحرر األقصى رايح تلبس شبه البنات ،مالها القمصان و
التيشرتات المحترمة الواسعة و البناطيل العدلة ،نركز على مظهرنا يا شباب ،أنا عارفة إن الجوهر أهم و إن ممكن ناس تكون جميلة جدًا من
جوه و بتخاف ربنا لكنها مابتلبسش كويس و العكس صحيح ،طب إحنا ليه ما نظبتش مظهرنا و جوهرنا ،ليه مانكنش قدوة و مثال و صورة
لإلسالم في كل حاجة ،ليه ماتكونش واحد محترم حافظ القرآن و عارف ربنا و تبقى بتذاكر و تطلع األول و إنت ليه ماتكونيش فتاة مسلمة بجد
و لبسة شرعي و مجتهدة و بتطلعي األولى برضة ،عايزين نلتزم يا شباب في كل حاجة ،عايزين النبي يبقى فخور بينا ،خلينا مسلمين بجد يا
أمة النبي أرجوكم.
............... .............. ...............
-وسام و هـي تجلس بجوار والدتها :
أنا محتارة جدًا و متلخبطه يا ماما ،مش قادرة أديكي كلمة معينة تقوليهاله دلوقتي أما يتصل
-األم بحنان:
فارس راجل يا وسام ،ماتضيعيهوش من إيدك يا بنتي ،إنت صليتي استخارة و ارتاحتي
-وسام بألم:
خايفة ،خايفة جدًا يا ماما ،طب ما بابا كان كويس أول ما اتجوزتوا ،فجأة قلب ،بقى واحد تاني ،شخص قاسي مابيشتغلش ،مش شايل أي
مسؤولية ،ما بناخدش منه غير ضرب و تهزيق و خوف ،مطالبين إحنا نصرف عليه و على القهوة اللي هو قاعد عليها طول النهار ،فارس
لو جه في يوم و قلب كدا ،مش ها أستحمل يا ماما ،ممكن أقتله أو أقتل نفسي ساعتها
-وسام و قد أدمعت عيناها و أحست بالحزن الشديد من أجل والدتها ،تلك المرأة التي ذاقت كل مرارات الحياة و ما اشتكت قط ،دو ًما ترى
على وجهها عالمات الرضا و تراها تصبر من حولها رغم أنها في أشد الحاجة لمن يخفف عنها ،قررت وسام الموافقة من أجل والدتها إن لم
يكن من أجلها هي:
مـاشي يا ماما قوليله إننا موافقين ،و خليهم يجوا
.......... ......... ..........
اتصل فارس و أبلغته األم بالموافقة فكان في غاية السعادة و جاء هو و أسرته بعد يومين و تم التفاق على حفل الخطبة بعد أسبوعين و الجميع
يدعوا هللا أن يتم تلك الزيجة
ُشعرني بالخجـل ،لكـن أن أراها بأم عيني فهذا يُرعبُنـي و يفصلُنـي عن الواقع و
أن أسمـع عن الكبائــر التي يفعلهـا اآلخـرون فهـذا يُخيفُني و ي ُ
يُميتُني و أنا على قيد الحياة . . . . . .
-ميـدو بشراسة:
إمال أنا جايبك ليه النهـارده ،إنت مفكرنـي ممكن أنسى اللي هي عملته ،و بعدين مش ميدو اللي يقول كالم و ماينفذوش
-ميـدو بفحيح:
أنا عرفت إنها هاتكون في النادي بكرا بالليل ،و أنا مستني الفرصة دي من زمان ،أول ما تطلع إحنا ها ندخلها في العربية ،إنت هاتبقى
سايق و أنا ها أتصرف معاها أنا
-سعيد بقلق:
يا ابني إنت مركز إنت عايز تخطف مين ،دا أبوها يوديك فـ داهية
-ميدو بالمبالة:
دا أنا ها أذلها و أكسر عينها و بعد ما أخد اللي أنا عايـزه ،ها أصورها عشان أذلها بالصور دي و أهددها بيها وقت ما أحب ،و لو جدعة
تبقى تقول ألبوها و هي ها تالقي صورها في كل حتة و فضيحتها على كل لسان
-سعيد بخبث:
إيه الدماغ دي ،يخرب بيت شيطانك
-عاملة كويسة
-نصال بمزاح:
حلوة عاملة كويسة دي ،ماطولتش المرادي و جيت بعد أسبوع أهو
-دا أنا و هللا حسيته شهر ،أنا ببقى عايزة أقعد أتكلم معاك كل يوم
-نضال بهدوء:
هو إنت لسة مش واثقة فيا يا جهاد ،و خايفة مني
-جهاد بانفعال:
إيه الكالم دا بس يا نضال خايفة منك إيه و مش واثقة فيك إزاي بس ،بص يا نضال أنا ها أقولك كالم مهم عشان تبقى الصورة واضحة قدامك
،أنا الجواز بالنسبالي حاجة عظيمة ،ميثاق غليظ ،داي ًما كنت بفكر لما حد يتقدملي ،هل هو دا يا جهاد إللي إنت هاتعجزي جنبه ،الجواز
مش بس حب و عيال بقى و خالص ،ل دا عايز حسابات كتير ،دا واحد هايعيش معايا لواحدنا تحت سقف واحد ،يعني ها يشوفني في أسوأ
حالتي ،يا ترى أنا اخترت صح فهيستحملني ول ل ،واحد ها يشوف عاداتي الوحشة كلها ،لزم يبقى قابلها مش متضايق و قرفان منها ،
واحد ها يشوفني و أنا قايمة من النوم منعكشة و متبهدلة و هايبصلي بحب برضة مش يقعد يتريق ،أنا ماشي مش عايزة أعجز في الدنيا و
عايزة أستشهد لكني ها أعيش في بيتك كتير برضة ،ها أخلف و ها أكبر و شكلي ها يتغير و جسمي ها يتغير و جمالي هايقل كل ما أكبر ،
كان لزم أبقى واثقة إن الشخص اللي هاتجوزه ها أفضل داي ًما أميرة في عينة مهما حصل ،هايجي وقت وأكبر و أشتكي إني مش قادرة أطلع
السلم و إن ضهري على طول بيوجعني و كعبي مش قادرة أدوس علية و عنيا على طول مزغلله و ودني بقت بتوجعني لزم أتأكد إنك ها
تستحملني ساعتها ،و أنا واحدة بحب التنطيط و الحركة و الهزار و الجري و البساطة كنت بردة بسأل نفسي ها يقبلني ول هايقولي بطلي
شغل عيال ،و كنت بسأل نفسي أنا كمان هل إنت قادرة تتقبلي الشخص دا بكل عاداته و أفعاله ،ها تفضلي تحبيه برضة كدا لما يشيخ قدامك و
الزمن يسيب خطوط على وشة و شكله يتغير ،عمري يا نضال ما حسيت باآلمان لكل الحاجات دي غير معاك ،من أول قاعدة و أنا قولت آه
هو دا ،دا اللي أنا ها أقدر أثق فيه ،دا اللي أنا ها أعرف أختلف معاه من غير خناق ،دا اللي ها يفضل في عيني أحلى واحد مهما يعمل و
مهما يحصل ،و متأكدة إني داي ًما ها أفضل في عينك كدا ،و ها تستحمل مني أي حاجة ،اللي مخليني مش عايزة أتجوز دلوقتي حاجات تانية
مثال لسه دماغي مش راضي يقبل إني أعيش مع راجل غير بابا و جدو ،مش خوف منك ل ،ممكن حرج و قلة تعود ،مش عارفة ،يعني ً
أصدق إنك دلوقتي عادي تشوفني بشعري و بلبس البيت ،الموضوع لسه مربك و مخجل جدًا بالنسبالي ،محتاجة وقت لسه ،و كمان مش
متخيلة إني ها أعرف أعيش بعيد عن أهلي ،دول هم كل حياتي ،بيت أهلك دا البيت الوحيد اللي تبقى قاعد فيه مش حاسس إن عليك
مسؤوليات ،بتعمل أي حاجة من غير ما تفكر أو تعمل حساب لنظرة حد ليك ،بمعنى إنك عايش مأنتخ تما ًما ،و كمان يا نضال أنا داي ًما بحلم
بولدنا إنهم هايبقوا قادة جيوش األمة ،إنهم ها يكملوا على نهجنا من بعدنا ،مش عارفة هل أنا دلوقتي عندي القدرة إني أربي عيال كدا ول ل
-الحمد هلل على نعمة وجودة و الحمد هلل على نعمة الهداية و الحمد هلل على نعمتك ،ربنا ما يفرق بينا أبدًا و نفضل سوا و نعجز سوا و نصلي
في األقصى سوا ،ثم قال بمزاح :
بس برضة عايزين نتجوز ،و إن كان على شعرك يا ستي ،ابقي البسي طرحة و اقعدي معايا بإسدال الصالة و ماتتكسفيش أنا محترم و ها
أغض بصري ههههههه
-جهاد بمزاح:
شوف الفصالن بقى ،كنت بتتكلم فـ إيه و هوبا قلبت ،تصدق يا ابني إنت مالكش في الكالم العاقل ،إنت ها تموت بجرعة رخامة زايدة مش
شهيد ،يا ستار يارب ،إيه دا
-نضال باستفزاز :
أهو رغم الرخامة دي بتحبيني و بتموتي فيا
-آه صح ،و كالم العشاق اللي إنت لسه قاياله دا يشهد و نعجز سوا و آمان و تستحملني ،ها
-جهاد بحرج:
اسكت بقى يا نضال هللا ،بقولك إيه قوم نروح بقى بقينا بالليل و اتأخرنا
نضال و قد أمسك يدها ثم قاما معًا و توجها للخارج و قبل أن يصعدا للسيارة نظرت جهاد للجهة المقابلة من الطريق و قالت بقلق:
استنى يا نضال ،دي مي طالبة عندي ،ثواني أشوفها مالها شكلها متعصب و هي بتتكلم في الموبايل .....و قبل أن تتجه إليها إذا فجأة تتوقف
سيارة أمام مي و في لمح البصر هبط أحد الشباب ثم جذبها إلى داخل السيارة بعنف و أغلق فمها بيدة ثم انطلقت السيارة بسرعة قبل أن يالحظ
صدمت جهاد مما رأت فصعدت للسيارة و صرخت في نضال: أحد أي شيء ُ ،
اطلع ورا العربية السودا دي بسرعة
-نضال و هو ل يفهم ماذا حدث لزوجته فجأة ألنه لم يكن ينظر إلى مي:
أطلع ورا مين يا بنتي ،إيه حصل
عند تلك الكلمة ،انطلق نضال بسيارته مسرعًا خلف السيارة المطلوبة و ظل على بعد مسافة منها ألنها كانت تجري بسرعة جدًا
-نضال بعد فهم و هو يتجاوز سيارة كانت تسد عليه الطريق :
أنا مش فاهم مي مين و ميدو مين
قصت عليه جهاد األمر سريعًا فأصابه القلق هو اآلخر ،ظلت السيارة التي أمامهم تدخل في شوارع عدة و نضال ل يستطيع اللحاق بها من
زحمة الطريق لكنه يراها من بعيد ،ثم دخلت السيارة شارع هادئ ثم توقفت أمام إحدى العمارات السكنية ،و قبل أن يصل نضال إلي السيارة
،شاهد أحدهم يهبط منها و يتجه للداخل مسرعًا و اآلخر يتبعه و هو يحمل مي بين يدية فاقدة للوعي ،عندما شاهدت جهاد ذلك ،أخذت تبكي
بشدة ،و صال إلى المكان ثم هبطا سري ًعا ،لم يكن هناك بواب على باب العمارة ول يظهر أي أحد ،قالت جهاد من بين دموعها :
ها نعمل إيه دلوقتي ،الحق مي يا نضال
أمسكت جهاد ذراع نضال بيديها الثنتين و نظرت إليه برعب و الدموع تتألأل في عينيها :
الحقها يا نضال
-ميدو بقبح:
هو إنت جي تتعرف ،أيوا أنا زفت و بص أنا مش فاضي ،و قبل أن يكمل كور نضال قبضته ثم هوى بها على وجهة ،ثم دفعة للداخل و
إنهال عليه بالضرب ،كان ميدو ضعيفًا جدًا مقارنةً بجسد نضال الرياضي ،فكانت الغلبة لنضال ،فأسقطه على األرض و منع حركته ،ثم
أشار لجهاد فدخلت و هي تتعثر من الرعب و أخذت تبحث عن مي في أرجاء الشقة فوجدتها موضوعة على أحد األرائك تغط في نوم عميق ،
نُزع حجابها ،لكنها لزالت بكامل ثيابها ،اتجهت إليها جهاد و هي تبكي ،أخذت تهزها لتستيقظ لكنها لم تستجيب ،وجدت كوب ماء على
إحدى الطاولت فأخذته ثم أفرغته على وجه مي ،فأخذت تستيقظ ببطء و تمسك رأسها من األلم و هي ل تدرك شيئًا بعد ،ثم فجأة صرخت ثم
نهضت و هي تنظر حولها برعب ،قامت جهاد إليها و أمسكتها و تحدثت إليها من بين دموعها:
اهدي يا مي أنا جنبك
-مي برعب:
ليه يعمل كدا ،عايز مني إيه ،أنا ما صدقت بعدت عن القرف دا ،عايز يطعني فـ شرفي ليه ،ليه ،ثم أخذت تبكي من جديد
كـانت جهاد تطمئن مي ،لكنهـا ترتعد من داخلها مما شاهدت و مما كاد يحدث و هي ل تكاد تستوعب أن هناك بشر بذاك السوء ،أما نضال
فقد كان في قمة الغضب ،كان يضرب بيده على المقود بعنف مما يشتعل داخله من غضب ،كان يود لو أنه قتل ذاك الشاب األحمق الذي كان
سيقع في كبيرة من الكبائر و يأخذ ما ل يحل له ،كان لسانه ل يكف عن الستغفار هلل ،و الدعاء بالستر و العفو .
شهرا يستغفر هللا و يطلب منه العفو عن ذلك الذنب العظيم ،
ً فأُناس مثل جهاد و نضال ،إذا فات أحدهم صالة الفجر في موعدها يوم ،يظل
فقلوبهم ل تعرف شيئًا عن تلك الكبائر التي يقع بها الناس ،و مشاهدتهم هذه الحادثة عن قرب كان بمثابة صدمة لكليهما و طعنة بخنجر مسموم
،كانا يتظاهران بالقوة أمام مي و أسرتها حتى يخففوا عنهم و لكن بمجرد أن عاد ً
كال منهما إلى غرفته في منزلة ،و خال بنفسه و خالقة ،
انفجرا في بكاء مرير و ظال يدعوان هللا أل يُنزل غضبه على أهل األرض بما يفعله السفهاء منهم ،و كانا يشعران بالثورة و الغضب من أجل
حقوق هللا و محارمه التي ينتهكها الناس ،ظال يستغفران هللا و يطلبان عفوة ألهل األرض على ذنوب لم يفعال هما منها شيئًا قط .
إنهـا قلوب المؤمنين ،ل تغضب إل إذا أُنتُهكت محارم هللا ،هي قلوب طاهرة ل تعرف إل الطاعة ،هي قلوب ل يسكنها إل الخير ،قلوب و
أرواح صنعها هللا على عينة .
-مـي برضا:
الحمد هلل يا دكتورة ،كويسـة أهو
-مـي بألم:
محبوس لحد ما يتحكم عليه تقريبًا ،أنا ماسألتش و هللا يا دكتورة ،ماأعرفش حاجة من بعد ما روحت قولت أقوالي و إنتم شهدتوا
ً
أصال -و هللا بحمد ربنا من كل قلبي يا دكتورة ،لكني على طول حاسه برعب و مش قادرة أنسى ،إحنا خالص قررنا إننا ها نسافر
-هاتوحشيني أوي و هللا يا دكتورة ،إنت الحاجة الوحيدة اللي لسه مخلياني أتمسك بالقعدة هنا لكني حقيقي بتعذب ،ها أسافر بس وعد مني لزم
ها أكلمك على طول
-جهـاد بحب:
صباح النور ،عامل إيه
-جهاد ببهجة:
بجد هاتيجي
-بقالي عشر أيام ماشوفتكيش أهو ،من يوم النادي ،كفاية كدا أوي
-جهاد بحب:
آه كفاية جدًا ،ها أستناك بإذن هللا
........... .......... ..........
بعد أن أنهى نضال المكالمة جلس يفكر و يتحدث إلى نفسه:
عايز أجيبلها هدية ،عشان أباركلها و كمان عشان تفرح و تنسى الموضوع اللي عدى دا ،بس المشكلة إن زوقها غير البنات كلهم ،لو جيبتلها
حاجات من اللي بتفرح البنات مش ها تبقى على هواها ،مابتحبش الدهب ول األنتيكات ول العرايس و مابتحبش غير ورد التيوليب و لسه
جايلها قريب ول بتحب اإلكسسوارات ،ياربي عليها دماغ غريبه .......أجيب إيه ،أجيب إيه ......أوبا لقيتها ،بس يارب الهدية دي تلحق
تخلص على بكرا ،متأكد إنها ها تعجبها و ها تطير بيها.
........... ........... ...........
-فـارس و هو يجلس مع وسام في صالون منزلها:
مش مصدق إن بقالنا شهر مخطوبين و إنت ماطولتيش لسانك عليا
-وسام بمرح:
ههههههههه ،هو ل كدا عاجب ول كدا عاجب يعني ،أقوم أتخانق معاك
-ههههههه ،يا عيني للدرجادي ،دا أنا بخوف بجد بقى ،بس حقيقي و هللا أنا عايزة أعتذرلك من يوم الخطوبة على اللي أنا عملته أول مرتين
اتقابلنا فيهم بس كنت بتكسف
-فارس بحب:
تعتذري على إيه بس يا وسام ،احنا مفيش بينا الكالم دا و إنت تعملي اللي إنت عايزاة في الوقت اللي إنت عايزاه برضة ،و بعدين يا ستي دا
عصبيتك دي على قلبي زي العسل و هللا هههههههه
-وسام بهدوء:
ربنا يكرمك يا فارس ،تعرف أنا بحمد ربنا إني وافقت نتخطب و هللا ،إحنا يمكن آه مابنتكلمش ول بنتقابل كتير ،لكن أنا حاسة إني بتغير ،
إني ها أبقى طبيعية ،العقدة بدأت تقل أو تروح تما ًما ،إتأكدت إني كنت غلط ،و إني مكبرة الموضوع ،و إنها مش قاعدة عامة و ماينفعش
آخد حد بذنب حد ،إنت بشخصيتك و تعاملك خالني أفكر في كل حاجة بمنذور آخر
-فارس بمزاح:
يااااه يا أبو جبل ،أنا مش مصدق نفسي يا جدعان ،دي بتشكر فيا و بتقول كالم حلو ......عايز أقولك إني ها أفضل معاكي لحد ما تبقي تمام
و هانتجوز و نخلف و نعيش سعداء بإذن الرحمن
-بإذن هللا
-فارس بجدية :
وسام كان فيه حاجة كدا ،دا مش تدخل مني في حياتك و هللا ،لكن أي حاجة تخصك تهمني ،أنا مالحظ من كالمك عن سندس أختك ،إنك
مش قريبة ليها أوي صح؟
-في الحقيقة آه ،أنا مش قريبة ليها ول حاولت أصاحبها ،هي أصغر مني و مش ها تفهمني ،وأنا كمان مش حاساني فاضية خالص إني
أصاحبها
-وسام باقتناع:
شكرا إنك فتحت عيني على حاجة أنا كنت مهمالها ،ربنا يخليك ليا
ً حاضر يا فارس ،أوعدك بدا ،
........... .......... ..........
جاء نضال إلى منزل جهاد ،طرق الباب فتوجه والدها ليفتح له ألنها كانت لزالت ترتدي الحجاب ،و لكنها أنهته سريعًا ،فكان نضال بالكاد
دخل مع والدها و يتوجهان إلى الصالون و لكنه توقف عن الحركة عندما نظر إليها ،كان يحمل مغلف كبير بين يديها ،حيته بلسانها فرد
عليها التحية و مد يده لها بالهدية و قال بمرح:
اتفضلي يا حرمي ال َمصون ،دي هديتك
كان والدها قد تركهم و جلس في الصالون فوضعت جهاد الهدية على مكتب في نهاية الصالون بعيدًا عن والدها و بدأت في فتح المغلف و
نضال يقف خلفها على وجهة ابتسامة عاشقة ،أنهت جهاد فك الغالف و أخذت ترفعه و إذا بها تتفاجيء بروعة ما بداخلة ،مجسم رائع للمسجد
األقصى بأكمله حيث السور و مسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية و المسجد القبلي ذو القبة البرونزية ،كان المجسم غاية في الفن و الروعة و
الجمال ،صرخت جهاد من المفاجأة و السعادة :
هللا !! إيه الجمال دا ،ثم وضعت يدها تلمسه بأناملها فأدمعت عينها ،ثم فجأة استدارت لنضال الواقف خلفها و وقفت بأطراف أصابعها على
قدمية لتصل إلى رقبته ثم احتضنته و تعلقت برقبته بشدة و هي تبكي من السعادة و الشوق للذهاب لهذا المسجد العظيم ،تفاجأ نضال في البداية
من رد فعلها الغير متوقع ،ثم أدرك ما يحدث و أن زوجته بين يديه فضمها إليه بقوة هو اآلخر ،فهو قد اشتاقها جدًا ،و لم يقترب منها هكذا
منذ يوم عقد القران ،تحدثت إليه جهاد من بين دموعها :
دي أجمل هدية جاتلي و هاتجيلي ،ربنا مايحرمني منك ،أنا مش عارفة أعبر عن سعادتي الكبيرة و هللا ،إنت جيبتلي أغلى حاجة على قلبي ،
ثم صمتت ،و نضال صامت تما ًما ،هو فقط يحمد هللا بقلبة أنه وفقه إلى هذه الخاطرة و استطاع إسعادها و أنها اآلن تقف و قلبها بجوار قلبه
كان والدها يشاهد ما يحدث من بعيد بحب و يعلم أن جهاد عندما تستفيق من تأثير المفاجأة و تستوعب ما فعلت ستصاب بنوبة عارمة من
الخجل
بدأت جهاد تدرك ما فعلت ،فأبعدت يدها عن عنق نضال ثم ابتعدت عنه بهدوء و بطء و هي تنظر أرضًا و تكاد تبكي حر ًجا ثم استدارت و
توجهت للداخل مسرعة و هي تتمتم بصوت مسموع :
إيه اللي أنا نيلته دا ،إنت اتجنيتي يا جهاد ،ثم اختفت في الداخل ،فانفجر نضال في الضحك من هيئتها ثم نظر عن يمينة فوجد أحمد يكاد
يموت ضح ًكا هو اآلخر ،فأُصيب بالحرج ألنه لم يكن يعلم أن أحمد يتابع ما يحدث منذ البداية ،تحدث إليه أحمد من بين ضحكاته :
تعالى اقعد يا نضال تعالى ،معلش ....هي بنتي ها تفضل طول عمرها كدا ،أروبه و بلسانين ،لكنها بتتكسف من كل حاجة و أقل حاجة و
من كل الناس ،مابتعرفش تفرق بين األشخاص هي في الموضوع دا ،استحمل بقى دي هاتوريك أيام زي الفل بسبب الكسوف دا ههههههههه
-أل صحيح إيه الحكمة فـ إننا نتمشى كدا ،ما نقعد فـ حته
-بحب أوي المشي على الطرق الهادية دي بالليل ،كنت سعات باخد جدو و أخليه يتمشى معايا أو وسام ،بحس بمتعة كدا و أنا ماشية أتسكع و
معلقة في إيد حد كدا زي ما إحنا ماشين سوا
-نضال بمزاح:
عاماللي فيها رومانسية يا أختي و بتتمشيلي بالليل
-نضال باستفزاز:
يا شيخة اقعدي ،رومانسية مين بس ،دا إنت معيشاني في صحراء ،دا إنت ياعيني حضنتيني بالغلط ،فضلتي طول ما إحنا قاعدين على
األكل وشك أحمر و عينك ما بتترفعش من الطبق ،دا أنا لما بقولك وحشتيني بتغيري الموضوع ،و بتقولي رومانسية قال
-جهاد بتذمر:
بتكسف غصب عني هللا ،أعمل إيه يعني ،و بعدين محسسني إنك بتراعي يعني ،ما إنت بتقول اللي إنت عايزة من يوم ما كتبنا الكتاب ...ثم
قالت بمرح:
و أنا أسمع و أسكت هههههههه ،دا أخري ،أما نتجوز ها أبقى رومانسية من غير ما أتكسف يا سيدي
-نضال بمزاح:
طيب حلو جدًا ،يال بينا نتجوز بقى ،امتحانات الترم قربت تخلص أهي ،نتجوز إحنا بقى في أجازة نص السنة
-هههههههه ،ما إنت مابتجيش غير بالعين الحمرا ،المهم بقى ها تيجوا كلكم إسكندرية األسبوع الجاي ،عشان تشوفوا الشقة و تقضوا كام يوم
هناك ،أنا كلمت عمي النهاردة و هو وافق ،و إحنا اإلتنين أجازتنا ها تبدأ األسبوع دا ،ماشي؟
-ماشي تمام ،بس تفسحني عندكم فسحة حلوة بقى و تدخلني المكتبة بتاعتك عشان آخد شوية كتب حلوة كدا من عندك
-ل ماتقلقيش ،على فكرة السفر أحسن ليها من القعدة هنا ،ثم قام بتغيير ذاك الموضوع الحزين :
قوليلي صحيح إنت كلمتي حد إمبارح من الناس اللي بره
-تعرفي إني اكتشفت إن المناطق دي كان فيها شباب مسلمين من زمان لكنهم عاشوا معاهم من غير مايكلموهم عن اإلسالم ،بل هم قربوا
ً
أصال ،و كانوا بيشربوا بقى و منغمسين في كل عادات المجتمع اللي مش مسلم و إن الناس اللي حواليهم لما بدأوا يسلموا ينسوا إنهم مسلمين
بدأوا يتكلموا معاهم و يخلوهم مسلمين بجد ،سبحان هللا ،إحنا العرب المسلمين ،اإلسالم بقى هين علينا أوي ،و الناس اللي بتدخله جديده
بتنبهر بيه و بتندم إنها كانت بعيد عنه
-حاجة تحزن و هللا ربنا يهدينا و يهدي الجميع .......ظال يتحدثان و هما يتجولن تارة و يجلسان تارة أخرى ،ثم ركبا السيارة ليُقل نضال
جهاد إلى منزلها ثم يغادر ،و عندما وصال إلى منزل جهاد ،أعطى نضال لجهاد حقيبة كانت موضوعة على الكرسي الخلفي و قال بحب:
الشنطة دي فيها اسكتشات مذكراتي اللي كنت بكتبلك فيها كل يوم هما كتير معلش ألني بكتبلك من و أنا فـ تانية ثانوي تقريبًا ،ابقي اتسلي
عليهم طول األجازة بقى ،هاتالاقيني حاكيلك فيهم تفاصيل التفاصيل ،حتى كل مرة حلمت بيكي فيها مكتوبه فيهم بوصف دقيق ،هاتحسي و
إنت بتقري إنك كنتي عايشة معايا لحظة بلحظة و هاتالقيني كمان واصف شكلك من قبل ماأشوفك في الواقع من أحالمي ،كنت ناوي
أجيبهوملك من يوم كتب الكتاب ،بس كل مرة من كتر ما أنا ببقى مستعجل عشان أجيلك بنساهم ،النهاردة بقى الهدية فكرتني بيهم
-نضال بتصميم:
ل ماليش دعوة إنت ها تطلعي تجيبيهم كلهم ً
حال دلوقتي
-جهاد بحرج:
ل إنسى ،دا أنا كاتبة فيهم كالم ماينفعش خالص أقسم باهلل ،دا أنا أتكسف أقراهم أنا تاني ،أنا ماكنتش بكتب كل يوم ،بس لما كنت بكتب كنت
بقول كالم من قلبي أوي ،و آدام من قلبي فتأكد إنه كالم يكسف ،دا أنا مذكراتي كلها مشاعر و أحاسيس انسى إنك تقراها دلوقتي
-نضال بدهشة:
نعم !!! من يومين ،طب إحنا المفروض بنكتب فيهم قبل ما نقابل بعض عشان مانطلعش مشاعرنا فـ حاجة حرام ،لكن دا إنت حضرتك واحدة
متجوزة مش مخطوبة حتى يعني ،دا أنا بطلت أكتب من يوم ما قابلتك ،و إنت لسه بتكتبيلي فـ ورق ،طب ما تقوليلي على طول الكالم دا
-جهـاد بانفعال:
إنت هاتهزر يا ابني ،أقولك إيه بس ،أقولك وحشتني و عايزة أشوفك و بحبك قد إيه و كالم من دا ،دا أنا يغمى عليا
-دا أنا اللي هاتشل منك يا شيخة ،ها أقعد عليهم أقراهم و أكلمك عشان أكسفك بالكالم اللي إنت كتباه
ً
أصال ،ثم أمسكت حقيبة مذكراته في يدها و قالت: -رخم و تعملها ،أنا مش ها أكلمك لمدة شهر قدام
يال بقى أنا ها أطلع
-طب سلمي عليا حتى يا بنتي .....فمدت يدها و صافحته ثم سحبت يدها بسرعة و فتحت الباب و قالت:
سلمت أهو ،يال بقى في أمان هللا
-هناء بمزاح:
آه ما إنت نفس الدماغ ،فولة و اتقسمت نصين إنتم اإلتنين ،بحسكم شبه بعض جدًا و هللا ،حتى من كتر تقارب شخصيتكم بحس إنكم شبه
بعض في الشكل
-هناء بجـدية:
أخيرا و مبسوطة أكتر إن مراتة واحدة شبهك كدا ،لكني كل ما أفتكر إنه شوية و هايسيبنا و يروح ً تعرفي أنا مبسوطة أوي إن نضال ارتبط
يعيش فـ بيته بعيد عننا ،أحس إنـي مخنوقة و عايزة أعيط ،أنـا من يوم ما اتولدت و هـو بالنسبالي كـل حاجة و أهم حاجة ،أغلـى عندي من
ماما و بابا نفسهـم ،تعرفـي يا جهاد نضال دا عمرك ماهاتقابلي فـ حياتك زيه أبدًا ،هـو بسمة أي مكان يبقى موجود فيه ،عمره مازعلني أبدًا
،حتى لو غلطانة و عامله مصيبة ،يقعدني جنبه و يقعد يتكلم معايا بالراحة و يفهمني كل حاجة ،أنا عمري مابتكسف منه أبدًا ،ممكن أحكيله
الحاجات اللي ماأعرفش أحكيها لماما ،عنده كمية حنية رهيبة و هللا ،مش عندنا حتى إحنا البنات ،لو جه من الكلية لقى ماما واقفة فـ المطبخ
لواحدها تالقيه غاسل ايديه و يقف يساعدها و يهزر معاها من غير ما يغير هدومه حتى ،ولزم كل يوم و هو جي من برا يجيب ليا حاجة
حلوة أنا و ماما ،تتكلمي معاه تحسي إنه بحر من العلم و المعرفة ،تهزري معاه ماتقدريش تمسكي نفسك من الضحك ،لما بركز في تفاصيل
حياته ،شغلة في الجامعة و العيادة و عالقته بينا و إنه بيخطب في المسجد و بيحفظ األطفال قرآن و بيلعب كورة و بيخرج مع صحابه و بيقعد
بعد العشاء بالشباب في المسجد يتكلم معاهم و يساعد اللي محتاجة ،بحسه صعبان عليا و إنه أكيد حاسس بالضغط من كتر الحاجات اللي
بيعملها ،لكني عمري أبدًا ماشوفت الضغط على وشه ول سمعته بيقول مش فاضي ول حسيت إنه زهقان من كتر اللي بيعمله ،أخويا دا بينه و
بين ربنا حاجة عظيمة ،حاجة كدا مش أي حد يعرفها ،و هللا العظيم ماببالغ فـ الكالم بس حقيقي ،أنا كل ما أبص لنضال بفتكر ربنا على
طول و كذا حد من قرايبنا كدا ،داي ًما يقولوا طلة نضال علينا أو حتى ذكر اسمه في الكالم بتفكرنا بربنا و تخلينا نذكرة ،سبحان هللا دا فضل
ربنا بيمن بيه على من يشاء ........نضال بيحبك أوي يا جهاد ،بيحبك بطريقة غريبة سعات بيقعد يتكلم معايا عنك بحسه من كتر النفعال
بيتكلم بكل جوارحه ،بقعد أقول في نفسي سبحان هللا ،بقى دا نضال اللي قرايبنا البنات كلهم بيخافوا يتكلموا معاه أو حتى يبصوله بسبب صده
ليهم و بعده عن الكالم مع أي بنت رغم إنهم هايموتوا عليه ،أمي جابتله بنات الدنيا قبل ما يخطبك ،و دا ول حتى كان بيبص على واحده فيهم
،عمري ما كنت أتوقع إن عنده المشاعر دي كلها و إن هايحب بالطريقة دي ،كنت سعات بستغرب منه ،و أقول أما هو بيكره البنات أوي
كدا ،إزاي بيحبني و بيعاملني بالجمال و الحنان دا ،لكني فهمت بعدين إنه كان بيبعد عن البنات لحد ما يالقي اللي شبهه ،فهمت إنه كان لجم
مشاعرة بلجام من حديد عشان يفضل كاس الحب مليان للوقت المناسب ،إنه عارف إن النساء فتنة فكان بيبعد عنهم عشان خاطر ربنا لحد ربنا
ما رزقه بيكي ،حقيقي إنتم أغرب و أبهى شخصيتين مروا عليا
كان نضال قد غادر جلسة الرجال منذ دقائق و قام يبحث عن زوجته ،علم من والدته أنها في الشرفة ،توجه إليها ،و عندما وصل وجدها
تتحدث إلى هناء فوقف على الباب ينظر إليها و يراقب تعابيرها و انفعالتها أثناء الحديث ،فـهو دو ًما يحب أن ينظر لها و هي تتحدث ،و
يتأمل تلقائيتها الرائعة ،استمع إلى تلك الكلمات التي قالتها ،فازداد حبه له فوق حب المحبين حبًا ،عندما انتهت من الحديث ،صفق بيدية
ليجذب انتباهها هي و هناء ،فنظرتا إليه و قالت جهاد بقلق:
إنت هنا من إمتى يا نضال
-نضال ببسمة ماكرة:
إنت مالك
-جهاد و هي تحملق في هناء التي قامت و نضال الذي جلس مكانها :
كدا يا هناء ،طب اقعدي ماتمشيش عشان خاطري ،و لكن هناء غادرت و هي تكاد تموت ضح ًكا ،همت جهاد باللحاق بها فأمسكها نضال من
يدها و جعلها تجلس مرة أخرى و قال بمزاح:
أصال عرفت كل حاجة من اللي إنت كتباه في المذكرات من غير ما أسمع ً يا بنتي اقعدي و بطلي شغل عيال بقى هللا ،و بعدين يا أختي أنا
يعني ......تعرفي عجبتني أوي طريقة كتابتك يا جهاد ،بتعبري بالفصحى و بألفاظ روعة ،كتابات أدبية حلوة أوي ،و جميلة الخطط اللي إنت
رسماها دي بإذن هللا هاأحققهالك كلها و كل األماكن اللي عايزة تروحيها و الناس اللي كاتبة عنهم و عايزانا نساعدهم سوا هانساعدهم بإذن
الرحمن ،و يا سالم بقى لما كنت بتكتبي إنك محتاجاني جنبك في وقت معين و إنك حاسة بالوحدة من غيري ،و فيه صفحة كان عليها آثار
دموعك من صدق كلماتك عيطتي ،و أنا بقرا كنت حاسس إني نفسي أشوفك دلوقتي و أمسك إيديكي و أطمنك و أقولك إني ها أفضل جنبك
داي ًما ،و مش ها أتكلم بقى عن كلمات الحب العظيمة و المشاعر المذهلة اللي أنا قريتها دي ،و الكالم اللي إنت كتبتية يوم كتب كتابنا دا كوم
تاني لواحدة ،أنا من كتر ما عجبني كل شوية أقراه لحد ما حفظته ،قعدت عليهم من يوم ما أخدتهم منك مابعملش حاجة غير إني أقراهم ،
ماكنتش متخيل إن يطلع منك كل دا هههههههه
-خدي اللي إنت عايزاة أنا تقريبًا قاري كل اللي هنا فمش ها أحتاج منهم حاجة ،خدي شوية من اللي عجبوكي ،و طلعي الباقي و أنا كل مرة
هاأجيبلك منهم شوية و أنا جايلك
.......... ........... ............
ذهبا معًا لرؤية بيتهم ،أعجبت به جهاد جدًا و بالتجهيزات التي بدأها نضال به ،و لكن أشد ما أسعدها أنها وجدت نضال قد زرع أجزاء كبيرة
من الحديقة بالتيوليب األحمر و األصفر و األرجواني الذي تعشقه ،شكرته جدًا على ذلك ،جاءت بقية األسرة أيضًا لرؤية المنزل ،و في
المساء قال أحمد أنه سيأخذ عائلته و يذهب إلى شقتهم الموجودة باألسكندرية ،لكنها بعيدة عن المنطقة التي يسكن بها نضال بعض الشيء ،
حاول والد نضال إقناعهم بالمكوث معهم في منزله و أن يصعدوا إلى شقة في الدور العلوي ،لكن أحمد رفض برفق ،و أصر على الرحيل ،
رحلوا على وعد باللقاء غدًا ،و في األيام التالية التي قضوها في األسكندرية ،كان نضال يخرج هو و جهاد منذ الصباح و يعودان ً
ليال ،ذهبا
ليال كما تحب جهاد ،و جلسوا ً
ليال على البحر كما فعلوا إلى البحر و إلى مدينة المالهي و إلى مكتبة األسكندرية و تجولوا في الطرقات الهادئة ً
من قبل ،كانوا يتحدثون تارة و يتناقشون في خططهم المستقبلية تارة و قد يتلوا نضال على مسامع جهاد ورده اليومي من القرآن و قد يتناقشان
في كتاب ما قرئاه معًا ،دخال مساجد كثيرة للصالة ألنهم ذهبوا ألماكن متفرقة ،و أحيانًا كانت جهاد تصر أن يؤذن نضال بنفسه لتسمع صوته
عن قرب ،قضيا أيا ًما ممتعة م ًعا جملتها طاعة الرحمن و تعاونهم على ذكره ،و كانت أحاديثهما ل تخلو من المزاح و الضحك و بوح نضال
بحبه أحيانًا و حرج جهاد و حيائها الممتع بالنسبة له ،انتهت تلك األيام التي تركت في نفوسهم أثر ل يُنسى و زادت من تآلفهم و تقاربهم.
............ ............ ..........
-جهـاد و هـي تتحدث إلـى مـي في الهاتف:
حبيبتـي طمنينـي عليكـي وحشتيني جدًا ،إيـه أخبـارك
-مـي بسعادة:
الحـمد للـه يا دكتورة ،كويسـة و هللا ،الحـمد هلل إني سافرت ،الناس هنا جميلة أوي ،تخيلي أوروبين بشرتهم شقرا و مابيتكلموش عربي ،
لكنهم مسلمين بمعنى الكلمة ،و هللا أخالق و أفعـال أنا ما سمعت عنها حتى فـي مجتمعنا الشرقي ،هنا تالقيهم مايعرفوش كلمة عربي لكنهم
بيجتهدوا علشان يقروا القرآن ،و يا جمال القرآن بقى من لسانهم ،بيواجهوا صعوبة علشان ينطقوا صح لكن الفروق البسيطة اللي بتطلع منهم
في القراية عشان لهجتهم المختلفة بتبقى جميلة جدًا ،و إحنا العرب مش حاسين بنعمة إن لغتنا لغة القرآن ول بنحاول نتدبر ول حتى نقرأ
........أخويا يا دكتورة كان مسافر واحد تاني غير ما هو دلوقتي ،سبحان هللا هما أثروا عليه و بعد ما كان شاب ضايع بقى بيعلمهم القرآن
دلوقتي ،حقيقي هنا اإلسالم بيتطبق بكل حذافيره ،أنا ماأعرفش هم أسسوا المجتمع الراقي دا من إمتى ول أعرف هم عرفوا اإلسالم منين ألن
أنا لسه ماكونتش عالقات كتير هنا ،و أخويا مابيتكلمش كتير في الموضوع دا ،أنا نفسي تيجي يا دكتورة تعيشي هنا ،هم أخالقهم شبهك كدا
،و نفس جمال روحك ،متأكدة إنك هاتتبسطي أوي لو شوفتيهم.
-جهـاد ببهجة:
حبيبتي يا مـي ،ما شاء هللا ،إيه الجمال دا ،إنت ربنا بيحبك و زرعك فـ نص ناس جميلة شبهك ،أنا كنت قلقانه عليكي بس إنت طمنتيني
الحمد للـه ،علمي البنات العربي يا مـي إنت كمـان عشان تاخدي ثواب قرائتهم للقرآن
-حاضـر يا دكتورة ،بس أما أحفظ األماكن هنا و أصاحب ناس و أنا بإذن هللا ها أعمل كدا
............ .......... ...........
جهـاد و هـي تتحدث إلى وسـام:
عاملة إيـة يا رفيقتي البائسة
-وسام بمزاح:
هـو إنت ماتعرفيش ! مش البائسة بطلت بؤس و شكلهـا وقعت شبه صاحبتها
-جهـاد بمزاح:
آه ،هللا يسامحهم آل بدر ،كنـا قاعدين فـ حالنا ،جالنا الواد و أخوه و دوبونا دوب
-وسام بتنهيده:
و هللا بتطلع سعات غصب عني ،بحاول و هللا أبطل هللا يقرفك و هللا يخيبك بتوعي دول ألن فعال ربنا لبيقرف حد ول بيخيب حد ،لكن إنت
بتستفذيني و بقولهم من غير ما آخد بالي.
............ .......... ............
أخيرا ،سعد الجميع بذلك و
ً أخبـرت وسام فارس أنها موافقة على عقد القران ،فكان في غاية السعادة ،و تم العقد و أصبحت وسام زوجته
خيرا ،و لكنها الرياح تأتي دو ًما بما ل تشتهي السفن.
استبشروا ً
-فارس و قد شعر بأن سيارة قد صدمته بقوة من تأثير الفزع ،فقال برعب:
إنت بتقولي إيه يا طنط ،وسام مالها ،أنا مكلمها إمبارح قبل ما أنام و كانت كويسة
-األم بألم:
وسام كانت نايمة ،صحت على صوت أبوها العالي و هو بيتخانق معايا ،خرجت لقاته بيضربني ،جرت تبعدني عنه ،قام ماسكها من شعرها
و وقعها في األرض و نزل فيها ضرب و أنا أصوت و أبعد فيه يقوم ضاربني أنا كمان ،فضل يضرب فينا و يتخانق لحد ما تعب ،ماأعرفش
هو كان شارب إيه كان عامل زي المجنون اللي جواه عنف و طلعه كله على وسام لحد ما عورها فـ جبهتها و قام مرة واحدة سايبها من إيده و
نازل من البيت ،و أول ما سابها قامت تعيط و تزعق على أخرها و تكسر في كل اللي يقابلها ،و أنا عماله أحوش فيها و أهديها مش قادرة و
بعدين دخلت أوضتها و قفلتها عليها و قعدت تكسر اللي فيها برضة و فجأة بقالها شوية سكتت خالص و مش سامعه ليها صوت ،و أنا واقفة
على باب أوضتها أتحايل عليها تفتحلي و هي مابتردش خالص ،تعالى اكسر الباب و طلعلي بنتي يا ابني ثم بكت
توجه فارس نحو غرفتها و هو يكاد يفقد عقله مما سمع ،أخذ يطرق الباب و لكنها ل تستجيب ،فأخذ يحاول كسر الباب حتى فتحه ،كانت
الغرفة مشوهة المالمح ،كل شيء ملقى على األرض ،أخذ يتجول بعينيه بحثًا عن زوجته فوجدها جالسه القرفصاء في أحد أركان الغرفة و
تخفي وجهها بين قدميها و جسدها يهتز من شدة البكاء ،جرى إليها ثم جلس أمامها على األرض و أخذ يرفع وجهها عن قدميها و بمجرد أن
نظر إلى وجهها الذي تشوه بالدماء و الدموع تساقطت الدموع من عينيه بكثرة و قبل أن ينطق بكلمة ،إذا بوسام تنفجر في وجهه ،أخذت
تضرب فيه بكلتا يديها و تصرخ :
إبعد عني ،اطلع بره من هنا ،أنا بكرهك ،بكرهكم كلكم ،إنتم شبه بعض ،كلكم مفيش فـ قلوبكم رحمة ....و انهالت عليه ضربًا بيديها و
قدميها ،حاول أن يمسك يديها لتكف عما تفعل ألنها ل تشعر بما تقول أو تفعل و لكنه لم يستطع ،فقام بجذبها إليه ،واحتضنها بقوة و أحكم
قبضته عليها حتى ل تتحرك ،ظلت تصرخ و تحاول الفكاك منه و لكنه لم يتركها و ظل يشدد يده عليها أكثر فأكثر ،أخذت تكف عن الحركة
و الصراخ و انفجرت في بكاء مرير ،كان فارس يعجز عن التفوه بكلمة هو فقط يضمها إليه بقوة ،كان يشعر بدمعاتها الساخنة التي بللت
قميصه و وصلت إلى صدره ثم إلى قلبه الذي احترق بنار األلم ،لم يستطع الصمود فأخفى وجهه في شعرها و انفجر في بكاء مرير ،ظال
يبكيان هما الثنان و امها من خلفهما تبكي د ًما بدل الدموع ،أخذت وسام تهدأ و صوت بكائها يذهب شيئًا فشيئًا حتى اختفى تما ًما ،رفع فارس
رأسه من على رأسها ثم أبعد وجهها عنه لينظر إليها ،فوجد أنها أغمضت عيناها و فقدت الوعي ،انتابته حالة من الرعب فاستدار إلى والدتها
و صرخ:
هاتيلي عبايه و حجابها بسرعة عشان أوديها المستشفى ،أحضرت األم الثياب فألبسها لها و وضع الحجاب على رأسها يخفي شعرها الذي
غرق بدمعاته ،ثم حملها بين يديه ،و هي مستسلمة تما ًما كأنها قد فارقت الحياة ،هبط بها و وضعها في سيارته و انطلق بها إلى المشفى و
عندما وصل حملها بين يديه و دخل المشفى و هو يجري و عيناه ل تكفان عن البكاء ،فُزع كل من في الستقبال عندما شاهدوا هيأته ،
أدخلوها إلى غرفة و جاء الطبيب يجري و على وجهه عالمات الذعر بسبب ما قالته الممرضة له و وصفها لحالة الفتاة .
جلس فارس بالخارج حيث لم يُسمح له بالدخول ،و بعد دقائق مرت كأنها دهور خرج الطبيب و قال بنبرة حزينة:
انهيار عصبي حاد ،يبدوا إنها اتعرضت لصدمة قوية ،رافضة تستجيب و تفوق ،فلألسف هاتفضل فترة في حالة شبه غيبوبة لحد ما تهدا
شوية و تستجيب ،إحنا هاننقلها و نحطها تحت األجهزة ،و إنت ادعيلها ربنا يهون عليها و تقوم بالسالمة
-أصيب فارس بصدمة مما سمع فهوى على الكرسي و أخفض رأسه ألسفل و أمسكها بكلتا يديه و انفجر في البكاء.
........... ........... ..........
مـرت ثالثة أيام و وسام تحيا في عالم آخر ل يعلمه إل هللا ،كان الجميع يبكي لحالها ول يكفون عن الدعاء و البتهال إلى هللا حتى تعود إليهم
سالمة ،كانت جهاد ل تتركها أبدًا تجلس بجوارها طول النهار تقرأ آيات من القرآن بصوتها العذب و عيناها لم تتوقفا عن البكاء على حال
ليال لتبيت به و تعود إليها في الصباح الباكر ،أما فارس فرفض أن يبيت أحد مع زوجته سواه ،كان رفيقة عمرها ،كانت تذهب إلى منزلها ً
ظا بجوارها طوال الليل ،كان جسد وسام يرتعد أحيانًا أثناء نومها و يتصبب جبينها عرقًا و ينكمش وجهها كأنها تصارع أحدهم يظل مستيق ً
نهارا و
أثناء نومها ،كان فارس يبكي بشدة و يتمزق قلبه أل ًما على زوجته و حبيبته كلما حدث لها هذا و هو بجانبها ،كان يترك الغرفة لجهاد ً
يجلس هو في الخارج مع والدتها و اآلخرين ،جاءت أسرة فارس و أسرة جهاد إلى المشفى ،و كان نضال يأتي يوميًا ليكون بجوار أخيه و
زوجته في هذه الظروف الشديدة التي كادت تُميتهم أل ًما .
............. ............ ...........
في اليوم الرابع أخذت وسام تفتح عينيها ببطء ،لحظت جهاد ذلك ففتحت الباب و أخبرت فارس و من بالخارج أن وسام تستفيق ،أسرعوا
إليها جميعًا فكانت لزالت تحاول استيعاب ما حدث ،أخذت تنظر إلى الجميع بأعين مليئة بالدموع ،أخذوا جمعيًا يشكرون هللا و أعينهم تفيض
من الدمع ،تحدثت إليهم بكلمات قليلة ثم طلبت من الجميع الخروج و أن يبقى فارس معها ألنها تريد التحدث إليه وحيدًا ،خرجوا و ظل هو
معها ،اقترب منها ثم انحنى ليقبلها على جبينها فلم يستطع أن يتمالك نفسه فبكي بشدة و أخذت دمعاته تتساقط على وجهها ،فبكت هي األخرى
،ظلوا هكذا على وضعهم يبكيان معًا ثم رفع فارس رأسه عنها و أخذ يمسح دمعاته ثم أخذ يدها و قبلها و قال بحنان:
حمدهللا على سالمتك يا حبيبتي
لم تُجبه وسام و لكنها سحبت يدها من يديه ثم نزعت دبلتها و وضعتها في يده و أدارت وجهها إلى الجهة األخرى و أغمضت عيناها و أخذت
الدموع تسيل من عيناها المغلقتان و قالت بألم:
طلقني يا فارس ،إحنا مش ها ينفع نكمل سوا ،أنا خالص ماعدش عندي قابلية للحياة ،أنا بقيت شبه الورقة المحروقة من جوه ،إنت مش
مجبر تتحملني كدا ثم قالت بصوت مختنق:
طلقني و اتجوز واحدة تانية ،واحدة سليمة و روحها حيه شبه روحك ،ابعد عني و عن مشاكلي و انساني يا فارس .
-فارس و قد أصابته الدهشة و األلم مما قالت ،فقام بإدارة رأسها بقوة حتى تنظر إليه ،ثم أمسك يدها و أدخل بها الدبلة مرة أخرى و قال
بصوت كأنه زئير من شدة الغضب :
الدبلة دي لو اتقلعت من ايدك تاني ،أنا هاأقطعلك اإليد اللي قلعتيها بيها ،و إياك أسمعك بتجيبي سيرة الطالق دا تاني ،ثم أمسك يدها
الصغيرة بين يدية و ضغط عليها بقوة و قال بألم:
إنت غبية؟ إزاي تفكري فـ حاجة شبه كدا ،إنت ليه مصممة تدبحيني ،أنا ماأقدرش أكمل حياتي من غيرك ،إنت مراتي و بنتي و حبيبتي ،
أصال مش هايهمني رأيك و ً إنت ليا و ليا أنا بس ،و أنا ليكي و مش لحد تاني ،أنا قس ًما باهلل مامتجوز غيرك ،بمزاجك أو غصب عنك ،أنا
كالمك األهبل دا ،مش ها أسمح ألي حد يبعدني عنك ول حتى إنت ،بطلي بقى ،بطلي تقولي كالم يوجع ،إنت هاتفضلي مراتي حتى لو
حصلتلك مليون أزمة ،لو إتشقلبتي و اتغيرتي و كرهتي نفسك و كرهتي كل حاجة ها تفضلي تحبيني غصب عنك مهما يحصل و هاتفضلي
البنت الوحيدة الكاملة فـ عنيا في الدنيا دي ،أنا ماأعرفش أحب غيرك يا وسام ول أعرف أعيش بعيد عنك و ماأستحملش الكالم بتاعك دا ،
ماينفعش تبقي ضعيفة كدا ،دا ابتالء من ربنا ،و ربنا بيبتلي اللي بيحبهم ،لزم تصبري يا وسام و تبقي أقوى من كدا ،ارضي بقلبك بكل
أقدار ربنا و هو هايعوضك خير ،ماتسمحيش لحاجة فـ الدنيا دي تكئبك مهما بلغت قوتها ،دي دنيا يعني دار ابتالء ،الراحة و السعادة األبدية
مش هنا ،دي هناك في الجنة فـ بالد األفراح ،احمدي ربنا و قومي كملي حياتك معايا يا وسام ،و ماتسيبينيش لواحدي.
-كان صعبان عليا يتعذب معايا يا جهاد ،ماكنتش متحمله أشوف دموعه و خوفه عليا ،أول ما فوقت و بصيت عليه و شوفت مالمحه المتبهدله
و الكسرة فـ عنيه حسيت إني سبب تعبه و ألمه و دا اللي ماقدرتش أتحمله ،لكنه أثبتلي للمرة المليون إني حبيت راجل بجد و إن أمي كان
عندها حق أما قالتلي اتجوزي اللي بيخاف ربنا و إنت عمرك ماهتندمي أبدًا ،أنا لو كنت بحبه قبل الموضوع دا قد الدنيا دي كلها ،فأنا دلوقتي
بحبه حب ماأعرفش أعبر عنه أو أوصفه ،لو هو نصيبي من السعادة في الدنيا دي فـ أنا حاسه إنه أكبر مما أستحق ،لما فكرت في الموضوع
لقيتني بقول أنا لو عشت طول عمري بستحمل بهدلة أبويا عشان ربنا يكافئني بفارس ،فأنا ها أنسى كل ألم و كل سوء و ها أفضل أحمد ربنا
على نعمة وجوده في حياتي ،دا واحد اتمسك بيا و أنا مفيش فيا ول جانب مضيء و كلي مضلمة و حزينة ،أنا دلوقتي فهمت قول الرسول
فعال الحب الحالل رزق و أعظم رزق كمان. اللي قال عن السيدة خديجة " إني ُرزقت حبها" ً ،
قـد أكرهك من شدة حبي لك ،و قد أقتلك ُرغم أنني أهواك ألنني فقط سمعتك تتحدثين عن رجل سواي ،أنا متحضر دو ًما إل عندمـا يقترب
أحدهم من ممتلكاتي فإنني أتحول إلى شخص آخر ل يتفاهم ول يتناظر فقط يقضي على من تعدى على ممتلكاته و أنت ملكي ،و ملكي أنا فقط
،ل يحق ألحد النظر إليك ول يحق لك النظر إلى سواي ،و إل فقئتُ عينيك بيدي و مضيت دون أن أشعر باألسف و أبقيتك جواري ُرغ ًما
عنك.
............. .............. ...........
خرجت وسام من المشفى و بدأت تستعيد عافيتها ،أخبرها فارس بأمر سفر والدها فلم تهتم و آثرت أل تفكر في األمر
.............. ........... ..........
انتهت أجازة منتصف العام و بدأ الفصل الدراسي الثاني
جهاد و هي تقف أمام الطالب:
خلصنا الجزء األول من المحاضرة ،زي ما إنتم شايفين إن وقت المحاضرة بقى من الساعة 11لـ 1بدل من 10لـ 12و كدا صالة الضهر
بقت في نص المحاضرة ،فأنا عندي خطه ننفذها سوا ،أنا ها أخلص شرح الجزء األول من المحاضرة الساعة 12إل ربع و ناخد وقت
الترفيه لحد الساعة 12و بعدين الضهر هايكون أذن ننزل كلنا نصلي فـ مسجد الكلية تحت ،الولد هايطلعوا األول بنظام و رقي كدا و بعدين
أنا و البنات بعدهم ،نصلي الضهر في ميعاده و نطلع نكمل شرح محاضرتنا بنفوس نقية مطمئنة كدا ،و إنتم ماعندكوش محاضرات بعدي
ممكن ناخد ربع ساعة كمان عشان وقت المحاضرة يبقى كامل ،إيه رأيكم ....عبر الجميع عن موافقتهم و إعجابهم بذلك و بدأوا تنفيذه من أول
يوم .
............. .......... .........
نضال و هو يتحدث إلى جهاد ف الهاتف :
عامله إيه يا حرمي المصون
-بقولك إيه ،أنا جنب جامعة المنصورة فـ مشوار ،لو إنت لسه فـ الكلية ،أعدي عليكي
-نضال بمزاح:
إيه يا بنتي بالراحة مش كدا ....بس أنا ها أسلم عليكي و أمشي على طول عشان ميعاد وجودي فـ العيادة
-أنا آسف يا حبيبتي و هللا ،غصب عني أنا الفترة دي مشغول جدًا ،لكن وعد مني ها أجيلك يوم من أوله و نقضي اليوم كله سوا
-أيوا ربعاية و أوصل ،عايز استقبال حافل بقى ،دي أول مرة أدخل كلية تربية و أشوف مكتبك ،شوفي بقى هاتستقبليني إزاي
-جهاد برسمية:
الحمد هلل تمام ،خير يا دكتور مسعود
-خير طب ًعا يا دكتورة ،آدام حاجة تخصك أكيد ها تبقى خير ،إحنا بإذن هللا يا دكتورة هانكرمك الدكتورة المثالية ،أنا حقيقي جايبك النهارده
عشان أحييكي على شغلك ،قسمك دا زمان كان بيبقى أقل قسم فـ عدد الطالب ،من يوم ما إنت درستي فيه و هو بقى أكتر قسم عليه إقبال ،
الطلبه بيدخلوه من حبهم فـ حضرتك بسبب الكالم اللي بيسمعوه عنك من الدفعات األكبر ،قسمك يا دكتورة أعلى قسم في التقديرات على
مستوى جميع األقسام ،الطلبه بقوا بيذاكروا و يجتهدوا مش في مادتك بس ل في كل المواد بسبب كالمك ليهم و تأثيرك فيهم ،طالبك
مشهورين في الجامعة كلها بأخالقهم العالية و احترامهم ،إنت قدرتي تبني و تخرجي جيل صح يا دكتورة ،زرعتي في نفوس الطلبة أسمى
المعاني و أثرتي في نفوسهم بشخصيتك ،إنت حقيقي حققتي اللي أنا ماقدرتش أحققه طول حياتي رغم إنك أصغر دكتورة هنا معانا ،و لسه
سامع عن موضوع الصالة اللي إنت اتفقتي عليه مع الطلبه ،أنا بشكرك على كل حاجة قدمتيها و عايز أقولك استمري كدا ،افضلي داي ًما قدوة
للي أصغر و اللي أكبر منك ،أنا حقيقي فخور إنك معانا في الكلية هنا
-أيوا يا بنتي بقالي شوية ،إنت كنتي فين و مالك جاية منشكحة كدا ليه
-جهاد بتنهيده و سعاده و هي تضم كلتا يديها و تضعهم أسفل وجهها :
هيييه كنت فين ..كنت عند دكتور مسعود العميد ،و منشكحه ليه عشان كان بيقولي كالم حلو
-و هللا دكتور مسعود دا محترم جدًا ،إنت لو اتعاملت معاه هاتحبه
-نضال و قد أخذ يضغط على معصمها بقوة أكبر حتى تأوهت من األلم:
ً
أصال ،أنا ل طايقة ول طايق سيرته إنت مالك بيه محترم ول قليل األدب ،إنت تتكلمي عن راجل ليه
نضال و قد جذب رأسها و وضعها بين ذراعه و جانبه األيسر كأنه يخنقها ثم ضربها برفق على جبهتها و قال بمزاح :
علشان إنت هبله و هاطله و بتلعبي فـ عداد عمرك يا شاطرة ،ثم تركها و قال باستفزاز:
ورايا عيانين فـ العيادة ،و إنتي عطلتيني على فكره
-جهاد بحنق:
أحسن تستاهل هه
-مش أرخم منك يا روحي ،ثم اقترب و قبلها بين عينيها و قال بحب:
يال يا فتاتي أنا ماشي بقى ،هاتوحشيني أوي على فكرة ،و اعقلي هاه
-جهاد بقلق:
ً
أصال ،و عشان أساعدكم قول يا ابراهيم على طول ،تعطلني عن إيه بس ،أنا هنا لخدمتكم
-ابراهيم بألم:
بصي يا دكتورة والدي كان إنسان أنا ماشوفتش زيه ،راجل عارف ربنا و مؤمن ،مربينا أحلى تربية و معلمنا الحالل و الحرام من صغرنا ،
داي ًما يقف جنب اللي عنده أزمة ،روحه روح شاب ،و عنده نشاط الشباب ،عمري ماسمعته بيتخانق مع أمي أبدًا ،داي ًما كان بيعاملها كأنها
بنته ،عمره مازعلني فـ يوم داي ًما كان يتكلم معايا بهدوء و مصاحبني أنا و إخواتي ،و بالنسبالنا هو كان معنى كل الحلو اللي فـ الدنيا ،فجأة
بدأت تظهر عليه أعراض مرض ،كشف و عمل تحاليل طلع عنده سرطان ،أما عرف ماسمعتش منه غير كلمة الحمد هلل ،بدأ يتعالج بس
المرض كان وصل لمرحلة خطيرة و قُبضت روحه إلى بارئها ،أكمل ابراهيم و قد امتألت عيناه بالدموع و بدأت تتساقط على وجنتيه و قال
بألم :
و من يومها و أنا تايه يا دكتورة ،مش مستوعب حاجة ،حاسس إني ضهري اتكسر ،أنا و هللا مامعترض على أقدار ربنا و راضي لكني
حقيقي مش قادر أصدق إنه مات و سابني ،مش مصدق إني خالص ماعدش ليا صاحب ول سند ،مش مصدق إني بقيت المفروض آخد
قراراتي بنفسي من غير ما أرجعله و أتناقش معاه ،أنا عندي اختين أصغر مني المفروض إني أكون ليهم أب دلوقتي لكني برضه مش عارف
ألني أنا ذات نفسي محتاج أبويا ،والدي اتوفى فـ أجازة نص السنة يعني بقاله تقريبًا شهرين و نص و أنا على نفس الحال ل بذاكر ول بعمل
حاجة ول عارف أفوق لنفسي
-الجد بتحدي:
عجوز مين يا أروبه ،دا أنا أجمد منك
-جهاد بتحدي مماثل:
تيجي نجرب مين األقوى ،أنا ها أقوم أشدك أقومك من ع الكرسي و نشوف مين اللي ها يغلب
-ماشي أنا موافق ،و أما أغلبك أنا اللي ها أقولك يا عجوزة
قامت جهاد و أرجعت شعرها للخلف ثم أمسكت بيد جدها و بدأت تجذبه ليقوم و لكنها لم تستطع ثم فجأة يجذبها الجد بقوة فتسقط عليه و هي
تكاد تموت ضح ًكا و هو أيضًا ل يكف عن الضحك ،و قبل أن تعتدل من سقوطها ،إذا بوالدها يمزح و هو يهم بدخول الصالون :
صوت ضحككوا سمع مصر كلها ،و لكنه بمجرد أنا رأى هيأتها صمت متوق ًعا النفجار الذي سيحدث بعد قليل ألنه لم يكن وحيدًا بل كان معه
صدم نضال مما رأى هو اآلخر ،فجهاد كانت ترتدي زي منزلي عبارة عن بنطال من الجينز و لكنه قصير يُظهر جزء نضال الذي جاء ًتوا ُ ،
من ساقيها ،و تيشرت بال أكمام من اللون الوردي ،و تركت لشعرها العنان فغطى ظهرها و وجها بخصالته الطويلة جدًا ،شديدة السواد و
النعومة ،كانت جهاد لم تنظر إلى والدها بعد ول تستطيع القيام من كثرة الضحك ،بدأت تبتعد عن جدها و تستدير إلى والدها و لكن شعرها
حجب عنها الرؤية حيث كان يغطي وجهها بأكمله نتيجة سقوطها ،بدأت تحاول إرجاع شعرها للخلف و بمجرد أن رفعت شعرها عن وجهها و
منبهرا بها:
ً هي تنظر جهة والدها ،قال نضال في نفسه
اآلن اكتمل القمر .....
.و ظل واقفًا مكانه يحدق بها ،أُصيبت جهاد بصدمة كأن أحدهم سكب عليها ً
دلوا من الماء البارد عندما رأت نضال الواقف خلف والدها و
ينظر إلها .........اآلن كـل من في الصالون في حالة صمت تام و ينظرون إلى بعضهم البعض ،أحمد و الجد يعلمون أن جهاد لن تدع هذا
الموقف يمر بسالم ،أما نضال فكانت عيناه ل تتحركان من على زوجته و قد فتنه جمالها ،أما جهاد فقد كانت ل تستوعب ما ترى ،و إذا بها
تصرخ بعصبيه:
دا جه هنا إمته ،و دخل منين و إزاي
-أحمد بهدوء:
دخل معايا دلوقتي يا جهاد
-يا بنتي أنا مش مدخل حد غريب عشان أستأذن األول دا جوزك ،أنا كنت في الجنينة بروي الزرع و هو جي و عاملك مفاجأة عشان يقضي
اليوم معاكي ،قال يسلم على جدو قبل ما يطلع ،و إحنا داخلين سمعنا صوتك ،و إنت ماكنتيش بتنزلي تحت كدا فأنا قولت ندخل عادي يعني
-أنا مش زعالن و هللا يا عمي ول أي حاجة ،بس هي ها تفضل كدا طول النهار و مش ها أعرف أقعد معاها ول إيه!
-أحمد ببسمة:
هو إحنا لو طلعنا فوق دلوقتي ممكن ترمينا واحد ورا التاني من البلكونه ،أنا كمان شويه ها أقول لمنى تناديلها و تنزل ،تكون هديت
بعد ساعة تقريبًا طرقت منى باب الغرفة فأذنت لها جهاد بالدخول ،منى و هي تدخل:
إيه دا يا جهاد ،إنت لسه لبسه زي ما إنت ،يال غيري عشان تنزلي
-جهاد بحنق:
أنا ل مغيره ول نازله ول طالعه من األوضة
-يا بنتي هللا يهديكي ،يعني الراجل سايب كل شغله و جي يقضي معاكي اليوم تسيبيه كدا ،و بعدين ماتكبريش الموضوع دا جوزك ،فيها إيه
أما يشوفك بشعرك و بلبس البيت
صعد نضال مع منى إليها ،أرشدته منى إلى غرفتها ثم تركته و توجهت للمطبخ ،طرق الباب بهدوء ،فسمع صراخها من الداخل:
أنا قولتلك مش خارجه يا ماما ،و قوليله إني مش طايقه أبصله فخليه يقوم يروح بالزوق بدل ما أنزل أتخانق معاه
ابتسم نضال بشدة مما سمع ،ثم لف مقبض الباب و قرر الدخول ،دخل فوجدها تجلس على السرير وظهرها للباب و بنفس المالبس التي
شاهدها بها ،أغلق الباب خلفه ،فقالت دون أن تستدير:
إنت مصممة يعني يا ماما ،أنزل أطلعهم عليه دلوقتي علشان ترتاحوا .......ظل نضال صامتًا و توجه إليها حتى وقف أمامها ،كانت تمسك
بيدها قلم و بعض األوراق و تخط بالقلم خطوط عنيفة متفرقة من شدة الغضب ،و بمجرد أن وقف أمامها و نظرت إلى قدمه ،رفعت عيناها
بسرعة فاصطدمت بنظراته العاشقة و بسمته الجذابة ،صرخت بغضب و هي تقف :
ً
أصال تدخل ،و قبل أن تُكمل وضع يده على فمها لتصمت و يده األخرى خلف رأسها ،ثم أجلسها رغ ًما إنت دخلت هنا إزاي ،و مين سمحلك
عنها و جلس بجوارها ،ثم رفع يديه عنها و هو ينظر لها بقوة و تهديد أل تنطق بحرف ،ثم قال بنبرة مازحة:
إيه يا ست هانم ،متعصبة علينا م الصبح ليه و ماحدش قادرك ،مش كدا ،عيب حتى ،إيه اللي حصل لدا كله ،منا كدا كدا كنت ها أشوفك
بشعرك ،يا طور إنت مراتي ،مش عايزة تفهمي ليه
أنا مش مراتك على فكره ،إحنا لسه ماإتجوزناش و ياريت حضرتك تطلع بره عشان عيب كدا
-نضال باستفزاز.:
أول أنا مش طالع ،ثانيًا قعدتي هنا ل عيب ول حرام ،ثالثًا بقى و دا األهم إنت مراتي غصب عنك و لو مش ها تصدقي دا غير أما نتجوز
ً
بجد ،فماشي نتجوز دلوقتي ،ثم مد يده و مسح على شعرها
-نضال و قد أسرع خلفها ثم حملها من خصرها و وضع يده األخرى على فمها ليمنعها من الحديث ،أخذت تضرب فيه بقدميها و يديها لينزلها
أرضًا و لكنه لم يفعل ثم توجه إلى السرير ،فنظرت إليه برعب فنظر لها بمكر و على وجهه شبح ابتسامه ثم قال:
عاماللي فيها مش عارف إيه و بتطولي لسانك ،ماشي يا جهاد وريني بقى ها تعملي إيه ،كان حينها يحملها بين يديه كالطفلة الصغيرة و
لزال مغلقًا لفمها و يقف أمام الفراش مباشرة ،شعرت جهاد بالخوف الشديد ول تستطيع أن تصرخ أو تبتعد عنه بسبب قبضته القوية فبدأت
تبكي بصمت ،و بمجرد أن رأى دموعها جلس على حافة الفراش و هو لزال يحملها على قدميه ،أبعد يده عن فمها و أخرج يده األخرى
بعدما عدّل وضعها لتجلس باستقامة على قدميه ،و أخذ يمسح دمعاتها بيده و هي مغلقة عينيها تما ًما و يظهر على وجهها الخوف و جسدها
يهتز رعبًا ،قال بحنان و هو يمسح على شعرها:
اهدي يا جهاد ،اهدي يا حبيبتي ،أنا بهزر و هللا ،افتحي عنيكي يا جهاد و بصيلي
فتحت عيناها ببطء و هي تنظر لوجهه القريب منها بخوف ،فقال بنبره متألمة:
ً
أصال ،أنا بهزر معاكي بس ،علشان ماتبصيليش بخوف كدا يا جهاد ،إنت إزاي خايفة مني ،أنا عمري ماأعمل كدا ،و بعدين مايجوزش
إنت مكسوفه جامد و ناسية إني عادي أشوفك كدا و أكتر من كدا ،أنا عارف إنك بتتكسفي أوي بطريقة زايده و علشان كدا راعيتك و مطلبتش
منك تخرجيلي بشعرك من يوم كتب الكتاب رغم إني كنت عايز أشوفه ،لكن علشان عارف حيائك و بحبه جدًا ماطلبتش منك دا ،يشاء ربنا
بقى إني أجي و أشوفك و إنت زي القمر كدا ،لبمزاجك ول بمزاجي ،فماكنش فيه داعي لعصبيتك الزايده دي ،ثم قال بمزاح و هو يغمز
لها:
ياستي كأنه تمرين علشان إحنا هانتجوز قريب و ماتهبلينيش بكسوفك
لم تنطق جهاد بأي كلمة و لم تُظهر أي ردة فعل ،فقال بنفس النبرة الحانية:
خالص بقى يا جهاد علشان خاطري ،و إوعي تخافي مني فـ لحظة ألي سبب من األسباب ،أنا مش واحد حيوان ول أنا واحد مش مقدر
قيمتك ،أنا إنسان بيحب و عنده مشاعر لكن كل حاجة بتحكمها أخالق و آداب ،اضحكي بقى عشان خاطري ،ثم قبلها على رأسها و قال
بمزاح :
بس ما شاء هللا شعرك حلو أوي الصراحة و شكلك باللبس دا زي القمر كدا ،الطقم دا تبقي تاخديه معاكي بيتنا أما نتجوز عشان عجبني ،و
قومي بقى من على رجلي عشان إنت تقيله و أنا مش قادر ،كدا هايجيلي كساح
-جهاد ببسمة:
و هللا أنا محتاره فـ أمرك مش عارفه أحدد إنت رخم ول رومانسي ،عاقل ول مجنون ،جد ول بتهزر ،كل اللي أنا أعرفه إني بحبك بكل
بالويك دهي
-أنا عارف يا أختي أنا إيه اللي خالني أعمل كدا ،دا إنت حتى تقيلة و رخمة كدا
خرج نضال و جلس في الصالون و بدلت هي ثيابها ثم خرجت له ،جلسا م ًعا في البيت لعدة ساعات ثم خرجوا لستكمال اليوم في التنزه ،كانا
يمزحان و يختلفان ثم يتفقان ،يتناقشان و يتناظران ،أعظم ما يميز عالقتهما قدرة نضال على احتواء ردة فعلها في كافة المواقف بعقلة و
حكمته و أخالقة و عشقه لها ،و استجابتها الدائمة له و الرضا بأفعاله ،فكانا يخرجان من أي موقف و حبهما قد ازداد فوق الحب حبًا
جلسا معًا في إحدى الحدائق العامة كما تحب جهاد ،فقال نضال بمزاح و هو ينظر لها:
فيه شعرايه طالعه من تحت الخمار هناك أهي
-جهاد بدهشه:
آه ،إيه اللي إنت عملته دا
نضال و قد أخرج هاتفه من جيبة ثم فصله عن الجراب و وضع الشعرة في الجراب ثم وضع الهاتف فوقها في الجراب مرة أخرى و قال:
دي ها تفضل معايا لحد ما نتجوز كمان شهر و تجيلي إنت و شعرك
-نضال بحنق:
بتتسلي بيا يا جهاد طب تعالي ،ثم اقترب و قبلها على وجنتها و قال باستفزاز:
عشان تبقي تمدي إيدك على دقني تاني
-بدأ الجميع يصيحون و يعبرون عن رفضهم لذاك األمر و يترجونها أن تظل معهم هنا
-يا سيدي كلها أسبوع ،شبه النهارده هانكون بنتجوز ،أنا مش مصدق نفسي يا أبو جبل ،دا أنا بلعب مع األطفال اللي في دار التحفيظ و
بجري وراهم ،جواز إيه اللي إنا دبست نفسي فيه دا
-نضال بحب:
أنا عايزك بنفس جنونك و تنطيطك دا ،إوعي عشان ها نتجوز تعقلي بقى و تبطلي لعب ،ل الحياة ها تبقى مملة و رخمة ،أنا عايزك مهما
ً
أصال شبهك فهانتفاهم هانتفاهم ل تقلقي . تكبري تفضل روحك المرحة دي موجودة ،و أنا
-جهاد بمزاح:
مش قلقانة يا زوجي العزيز ،أنا عارفاك مجنون و هاتحتوي شغل الهبل بتاعي ،بقولك إيه جاتلي فكرة حلوة أوي عايزة أقولك عليها
-قولي يا فتاتي
-جهاد بتلقائية:
أيوا ،نبدأ حياتنا سوا بطاعة عظيمة
-نضال بمكر:
ل حضرتك أنا آسف ،فيه طاعات تانية كتير ممكن نعملها غير العمرة
-جهاد بحزن:
طب و ليه مانسافرش
-نضال بخبث:
حرام عليكي ،مش ها أصبر ،أنا ما صدقت نتجوز ،عايزانا نسافر ليلة الفرح و شوفي ها نقعد هناك كمان قد إيه ،ل ياستي إحنا نتجوز
براحتنا و ها نطلع مكة سوا حج مش عمرة بس بإذن هللا ،إنما سفر يوم الفرح أنا آسف ،مستحيل
-جهاد بحنق:
ماشي يا أخويا ،أنا و هللا مافاهمة حاجة بس مش مهم .......قولي صحيح إنت متأكد إن فكرة الفرح دي هاتنجح ،أصلها غريبة شوية
-هاتنجح بإذن هللا ،الصراحة العيال صحابي موجبيين معايا أوي و هايساعدوني فـ كل حاجة
-نضال و قد جلس على إحدى األرائك الموجودة على الطريق و أجلسها بجواره ثم أمسك يدها و قال بحب و هو ينظر لها:
أنا عارف يا جهاد إن أهلك هم كل حياتك ،و إنك أغلى حاجة عندهم ،أنا لو قولتلك ها أبقى ليكي شبههم كلهم و أعوضك عنهم هاأبقى بكدب
عليكي ،ألني حقيقي بشوف في عيون والدك و جدك حاجات عظيمة أنا بتعلم منها ،و معاملتهم ليكي و جمال شخصيتهم أنا ماأجيش ربعها ،
ً
أصال ،فبحس بقيمتك و أنا كل ما أبص في عين حد فيهم كل الفرح ما يقرب أحس إنهم بيقولولي إنت واخد حته مننا أو إنت واخدنا كلنا
غالوتك أكتر و أكتر ،أنا اللي أقدر أوعدك بيه إني هاأعاملك بما يرضي ربنا في كل حاجة ،إني هاأبذل كل جهدي علشان أملى عليكي حياتك
فماتحسيش أوي ببعدك عنهم ،أنا هاأحاول داي ًما أخلي بسمتك منورة وشك يا جهاد ،أنا عن نفسي و هللا لما بفكر في الموضوع ،بقول ياه دي
وافقت تسيب كل حياتها و تيجي تعيش في بيتي أنا ،دي لزم تعيش ملكة ،دي هي اللي هاتبقى صاحبة البيت و لو في يوم زعلتها تطردني
هي بره ،مش عايزك تقلقي يا جهاد أنا غير إني بحبك كما لم يعشق رجل امرأة قط ،أنا كمان بخاف ربنا أوي ،و عارف النبي كان بيعامل
زوجاته إزاي و إحنا متفقين إنه قدوتنا فـ كل حاجة ،فأنا مش هاأقولك ترضي بيا أب و أخ و جد و حبيب ل أنا هاأقولك ترضي بيا و أنا ها
أعاملك شبه النبي ما كان بيعامل زوجاته و ربنا يشهد عليا ..ترضي يا جهاد؟؟
-مي بسرور:
الحمد هلل بخير ،و هللا و إنت وحشتيني أوي يا دكتورة ،ثم قالت بمرح:
أنا كتبت كتابي يا دكتورة
-اتقدملي إمام المسجد اللي في المنطقة ،و وافقت و لما كتبنا الكتاب سألته عن تدينة و التزامه المظبوط أوي دا ،قالي كالم مفيش عقل يصدقة
أصال و إن هو كان في األول بياع خمور ،و فجأة لقى أصحابه بيكلموه عن اإلسالم و إن ً يا دكتورة ،قالي إن المنطقة كلها ماكانتش مسلمة
فيه واحد بيتواصل معاهم على النت و بيكلمهم عن اإلسالم و إنهم بدأوا يقتنعوا بكالمه فسألهم عن الشخص اللي بيكلمهم دا و كلمه و اقتنع و
أسلم و صحابه أسلموا و بيقولي اللي كلمهم دا فضل يكلم كل أهل المنطقة و تقريبًا مراته كانت برضه بتكلم النساء لحد الكل ما أسلم هنا ،لو
تعرفي يا دكتورة الناس هنا بيحبوا الراجل دا و زوجته قد إيه ،دول بنوا مساجد و عملوا مشاريع خيرية كتير و وهبوا ثوابها ليهم رغم إنهم
مايعرفوش شكلهم ول يعرفوا عنهم حاجة ،و لزم األئمة في المساجد كل جمعة يفكروا الناس و يقولولهم إدعوا لعبد هللا و أمة هللا اللي
أرشدوكم لطريق الجنة ،و العجيب إن زوجي قالي إنهم مصريين ،أنا ماكنتش متخيله إن فـ مصر أو فـ العرب كلهم حد لسه همه اإلسالم و
إزاي يوصله للناس ،سبحان هللا هنا اإلسالم بيتطبق بالحرف و كل دا في ميزان حسنات الفردين دول يا بختهم و هللا
-أجابت مي فدُهشت جهاد ألنها نفس المنطقة التي بدأوا الدعوة إلى هللا بها ،إذًا من تتحدث مي عنهما هي و نضال ،عندما أدركت ذلك لم
تتمالك نفسها فأغلقت الخط ثم هبطت ساجدة هلل ،كانت تنتحب بشده و جسدها يهتز من التأثر ول يكف لسانها عن ترديد الحمد هلل أن وفقها هي
و زوجها إلى ذلك و سخر لهم من يدعو لهم ،بعدما هدأت هاتفت نضال و أخبرته بما قالته مي ،فكان رد فعله السجود و البكاء هو اآلخر
............ .......... ..........
کـم يساوي برأيك أن تمتلك أحـدًا ي ُحثك على طاعة الرحمـن ؟ کـم يساوي برأيك أن يُوضع إيمان أحدهم في ميزانك أنت ؟ کـم يساوي برأيك أن
يسخر هللا لك من يدعو لك ليل نهـار و يردد اسمك دو ًما في دعائه؟
و هلل إنها أشياء ل تُقدر بثمن ،إنها كرامات عظام يمن هللا بها على من يشاء .
فلنكن دعاة إلى هللا بأخالقنا ،بعلمنا ،ببسمتنا ،بإيماننا ،فلنكن شيئًا يُستضاء به في ظلمات الفتن
و مــن اليـوم سأُغلــق أجفانـي على وجهـك الباسـم و أستيقـظ علـى صوتك الحـاني ،فمـن على وجه األرض سعيـد كـسعادتي !
-جهـاد بمـرح:
أحط حاجة على وشي إيه يا بت إنت ،منا بقالي أسبوع بعمل ماسكات و زي الفل أهو ،عايزاني أحط أحمر و أسود و أغير شكلي و آخدلي
ذنبين فـ يوم مفترج زي دا ،و كوافير إيه اللي عايزاني أروحه ،دا بيبقى فيه ستات و رجاله و حاجة آخر فسق ،أنا مش محتاجاهم أصال ،
الفستان و الحمد هلل لبسته ،فاضل الطرحة و ها أعرف أظبطها بإذن هللا ،بقالي خمس أيام بتدرب على لفها
-وسام بغيظ:
إنت عروسة إنت ،دا إنت هاتصدمي الناس
-جهاد بهدوء:
يا سمسمة إنت عارفة الفرح هايبقى عامل إزاي ،يعني وارد جدًا إن راجل يشوفني ،لكن لو كان بنات بس و متأكده إن مفيش رجاله ما أنا
كنت خربتها و عملت وشي كراسة رسم و حطيت كل حاجة ،لكن لكل مقام مقال ،ثم قالت بمزاح:
و وسعي كدا بقى عشان العصر بيأذن أهو ،أروح أصلي قبل ما نلف الطرحة
أنهت صالتها و أتمت ارتداء الطرحة و الحذاء ،الساعة تقترب من الرابعة و النصف ،حضر نضال في األسفل ألخذ العروس ،صعد إليها و
طرق باب غرفتها ،أذنت له بالدخول و كانت تجلس على حافة الفراش وحيدة في الغرفة ،دخل نضال و أغلق الباب خلفه ،وقفت جهاد و تقدم
هو جهتها ،ثم قبل جبينها و قال بإعجاب:
قمر كالعادة يا فتاتي ،مبارك يا جهاد
-جهاد بحب:
ربنا يباركلي فيك ،بس إيه األناقة و الوسامة دي ،البدلة دي جميلة أوي عليك و مظبوطه تمام
-نضال بحنق:
مش دا كان طلب حضرتك يا هانم ،قعدتي تقولي أنا بحب اللون الرصاصي يا نضال و التيشرت دا حلو يا نضال و تعالى بيه كل مره يا
نضال ،و دلوقتي بتتريقي يا أختي
-نضال بحنق:
بقى بزمتك فيه واحدة زي القمر كدا تقول انجر ! و بتقولها لمين ،لعريسها حبيبها ،أمري هلل بقى ما هو أنا اتدبست في الجوازة دي
-أدخل ذراعها في ذراعه و خرجا معًا فأخذ من بالخارج يُلقون عليهم الورود و يزغردن ،هبطا معًا إلى أسفل و تفاجأت جهاد بالجموع
الموجودة في جميع الشرفات بالشارع ،أخذت جميع النساء يزغردن و يلوحن لها ،لوحت لهن ثم ركبت في السيارة و ركب نضال مكان
السائق و انطلقت السيارة و خلفها سيارات أصدقاء نضال الذين جاءوا معه و أقارب جهاد الذين سيحضرون الحفل ،أخذت النساء تلقي الورود
على سيارة العروس و السيارات من خلفها و أعينهم مليئة بدمعات الفرح و الشوق الشديد لتلك الزهرة التي غادرت حيهم فبدا بال روح بمجرد
خروجها ،فهي تركت بصمة في كل بيت ،في قلب الجميع ،الصغير و الكبير .
تم تجهيز حفل الزفاف على شاطئ البحر ،كـان التنظيم رائعًا ،تم وضع الكراسي و الطاولت في جانبين ،على اليمين للرجال و على اليسار
للنساء و بينهما طرقة كبيرة ،و تم تجهيز منصة أمام الجميع جهة البحر ،وصل العروسان قبل غروب الشمس بساعة تقريبًا ،هبطا من
السيارة بعيدًا بعض الشيء ،و تقدما يمشيان معًا حتى يصال إلى الكراسي و خلفهم وعلى جانبيهم الجميع ،اقتربت جهاد من أذن نضال و
قالت:
نضال رباط الكونفرس اتفك
-نضال بدهشة:
هو فيه عروسه بتلبس كوتشي على الفستان
جلست جهاد بين النساء و نضال بين الرجال ،كان الحفل يحتوي على فقرات عديدة أعدها نضال مع أصدقائه ،فقرات فكاهية أسعدت الجميع
،ثم خرج أصدقاء نضال واحدًا تلو اآلخر يوجه له كلمة أو يسخر أمام الجميع من أحد أفعاله ،حان وقت صالة المغرب ،كانوا قد أعدوا مكانًا
للصالة ،وقف الرجال في األمام و النساء في الخلف و نضال هو اإلمام ،كـانت صالةً ظل الجميـع يتذكـر حالوتها و خشوعها بقية حياته ،
كانت الشمس قد غربت و أخذت ثيابهم ترفرف من هواء البحر العليل و صوت نضال العذب يقرأ القرآن ،ساعد ذلك الجو الجميع على
شكرا هلل ،
ً تأثرا و حبًا و
الخشوع و بكى نضال أثناء قراءة القرآن فبكى الجميع من خلفة ،و بكـت جهاد كما لم تبك من قبل ،بكت خشوعًا و ً
كانت تلك المرة األولى التي تصلي فيها خلف زوجها و شاركها الجميع في تلك الصالة حتى يكونوا شهودًا على ذاك الزواج المبارك .
كثيرا ،
ً بعد انتهاء الصالة صعد نضال على المنصة و أنشد بصوته الرائع أنشودة "أحبك حقًا بحجم السماء " تفاجأت جهاد بذلك و سعدت
توالت الفقرات و األناشيد التي تخلو من الموسيقى ،كان الجميع يشعر بالسعادة ،حتى هؤلء الذين يفضلون األفراح الصاخبة المليئة بالمعازف
،أعجبهم هذا الحفل و مكانه و تنظيمه و استمتعوا به ،انتهى الحفل و توجه العروسان للسيارة و الجميع يدعو هللا أن يمنحهم السعادة ،ذهب
أهل نضال و أهل جهاد خلفهم حتى بيتهم و عند البوابة الخارجية ودعوهم ثم رحلوا ،دخل نضال بسيارته ثم قام بركنها في المكان المخصص
،هبط من السيارة و ساعد جهاد على النزول ،و همت هي بالتقدم لتمر بالحديقة و تصل إلى باب البيت و لكن نضال قال بمزاح :
استني استني ،إنت رايحة فين ،مايصحش كدا ،تعالى ها أشيلك
-جهاد بمزاح:
مابالش هللا يسترك الحركات الموروثة دي ،بدل ما يجيلك انزلق غضروفي ول أي حاجة و نبات في المستشفيات النهاردة و تقولي إنت
السبب
-لم تُجبه جهاد و لكنها توجهت إلى األريكة و جلست عليها و وضعت يدها على وجهها كأنها تبكي ،دُهش نضال مما فعلت فجلس بجوارها و
قال بهدوء:
إيه يا جهاد حصل ،ماتقوليش أهلي وحشوني و مش عارف إيه
-جهاد باهتمام:
ً
أصال ،امشي قدامي خد هدومك من األوضة و اطلع غير في حته تانية يال آه تصدق عندك حق ،الفستان دا تقيل و زهقني
-نضال بغيظ:
أنا ها أفضل معاكي على قد عقلك أما نشوف آخرتها
أخذ نضال ثيابه و خرج من الغرفة فدخلت هي و أغلقتها من الداخل ،اغتسل نضال و بدل ثيابه و جلس ينتظرها و لكنها لم تخرج ،طرق
الباب فقالت أنها أوشكت على النتهاء و ستخرج
-جهاد بمزاح:
أنا عملك األسود
-نضال بمكر:
ل طبعًا هاناكل ،بس إنت مش ها تغيري؟ اإلسدال ممكن يوقعك عشان واسع
-جهاد باستفزاز:
أنا مش بحب الرومي ،و صممت إن ماما ماتعملش ،إنت تاكل رومي و أنا أتفرج يعني ! ماله البط و الحمام زي الفل أهو ،و ناكل سوا
-نضال بحنق:
دا أنا شكلي ها أشوف أيام طويلة ،أنا عايز أرجع عند أمي
-نضال و قد نظر لها بغيظ ثم أخذ جزء من البطة الموضوعة أمامه ثم بدأ يفصل اللحم عن العظم و الجلد و يضعه في طبق أمام جهاد
-أخذا يأكالن ،هم نضال أن يُطعمها بيده و هو ينظر لها بحب ،و لكنها نظرت له بغيظ و قالت و هي تضيق عينيها:
عايز توكلني بإيدك تشب ًها بسنة الحبيب و تلم حسنات على قفايا يا نضال
-تعالى بس عايزاك في حاجة مهمه ،جلست و جذبته ليجلس ،ثم قالت ببراءة :
بص يا نضال إحنا ربنا أنعم علينا نعمة عظيمة و جمعنا سوا الحمد هلل ،فـ إحنا لزم نشكر النعمة دي بطاعة عظيمة ،إحنا ها نقعد دلوقتي
نختم القرآن
ً
خجال ،فانفجر نضال ضح ًكا : -جذبت جهاد الغطاء و أخفت وجهها
مش ها تبطلي تتكسفي مهما حصل ،أنا قايم يا ستي بدل ما اتشل منك
صلى نضال بها القيام إما ًما ،و بمجرد أن انتهيا أذن الفجر ،تركها نضال و هبط إلى المسجد المجاور ليؤدي الصالة في جماعة و أدت هي
صالتها في المنزل ،عاد نضال من المسجد فوجدها لزالت في غرفة الصالة ،تقرأ أذكار الصباح فجلس يقرأها بجوارها ،بعدما انتهيا منها ،
نظرت له جهاد بخجل و قالت:
نضال فيه حاجة كنت عايزة أقولك عليها
-نضال بحب:
قولي يا حبيبتي
وصال إلى غرفة النوم ،أجلسها نضال على كرسي مرتفع أمام المرآة و وقف خلفها يهندم لها خصالتها الفاتنة بحب.
-جهاد بمزاح:
صباح الناس اللي نايمة للضهر ،و ماتخدش على كدا كل يوم ،بعد كدا هاتالقي اقتحام شبه بتوع أمن الدولة
-نضال و هو يجلس:
ههههههههه ربنا يسامحك يا شيخة ،إنت إيه اللي مصحيكي بدري كدا يا بنتي ،أنا موصيهم ماحدش يجيلنا يوم الصباحية ماتقلقيش
-جهاد بحب:
أنا مش قلقانه يا سيدي ،أنا بس جهزت الفطار و مستنية حضرتك تقوم تفطر معايا
صلى نضال و جلسا معًا لتناول الطعام و بعد النتهاء حمال األطباق معًا للمطبخ ،نضال و هو يتجه إلى الحوض :
أنا ها أغسل المواعين دلوقتي عشان إنت اللي جهزتي األكل و طلعتيه لواحدك ،لكن دا مش ها يحصل تاني ،أنا ها أساعدك في الطبخ و ها
أخرج األكل أنا ،لكن إنت اللي تغسلي المواعيين عشان أنا بكرههم ،اتفقنا
-جهاد ببسمة:
تسلم يا باشا هللا يكرمك ،إنت مالكش دعوة بالحوارات دي كلها ،أنا ها أطبخ و ها أخرج األكل و ها أغسل المواعين كمان
-جهاد مزاح:
و هللا يا ابني إنت محترم جدًا يعني ،بس يارب الكالم دا مايتغيرش بعد أسبوع واحد
-ل بإذن هللا ها يفضل كدا داي ًما ،حتى بعد ما نخلف و نعجز ،و وسعي بقى خليني أغسل الطبقين دول ،قبل ما أغير رأيي ،أنا بكرههم
بكرههم
-جهاد بضحك:
تعرف بقى إني بحب غسيلهم جدًا ،و بتضايق لو ماغسلتش كل يوم ،شبه ما يكون كيف كدا
-نضال بدهشة:
و دا من إيه إن شاء هللا ،دي أكتر حاجة الستات بتكرهها يا بنتي
-جهاد بحيوية:
ها أقولك سر المهنة يا عم و عد الجمايل ،أمي كانت بتدبسني فيهم و كنت بتضايق منهم برضة و كدا ،و يا سالم على يوم ما كان بيبقى عندنا
عزومة كنت بتنفخ فيهم ،قعدت أفكر في حاجة تخليني أحبهم ،فبقيت كل ما أجي أغسلهم أخصص لكل نوع ذكر ،يعني ً
مثال األطباق و أنا
بغسلها أقول سبحان هللا ،المعالق أقول الحمد هلل ،الكوبيات ل إله إل هللا و لما أجي أشطفهم بقول أستغفر هللا ،لما عملت كدا بقيت بحب
غسيلهم جدًا ،و بحس إن فيه بيني و بينهم اتصال روحي كدا دلوقتي ،و بستمتع جدًا و أنا واقفة أغسلهم و كمان دول هايشهدولي يوم القيامة ،
يعني مكسب دنيا و آخرة ،بس يا سيدي و من يومها و أنا و المواعين صحاب
-ل طب ًعا ،بس إحنا إمبارح قومنا متأخر و ماكانش قدامنا وقت كتير قبل الفجر ،أنا بصليه بجزئيين كل يوم
-جهاد بدهشة:
جزئيين ،ما شاء هللا ،أنا بصلي بجزء واحد
-نضال بحنان:
خالص صلي معايا بجزء و ادخلي نامي و أنا أكمل و أبقى أصحيكي الفجر
-نضال بحب:
خالص يا ستي نصلي سوا ،صحيح إنت ماسمعتنيش صوتك في القرآن ،سمعت كدا إنه حلو و أحلى من صوتي أنا شخصيًا
-جهاد بمرح:
و ليه اإلحراج دا بقى ،مين قالك الكالم دا
-نضال بمكر:
ل ها أبقى أسمعه بعدين ،إنت اللي ها تسمعي دلوقتي
ً
أصال عارف شكرا ،أنا
ً -
........... .......... ..........
مرت األيام سعيدة على الجميع و ذات يوم ،جهاد تجلس أمام المرآه على الكرسي و نضال يقف خلفها يُمشط خصالتها ،قال بمكر:
هاأعلمك تسريحة ماشي؟
-نضال بخبث:
ل عايز أعمله تسريحة بقى المرادي ،بس محتاج شوية حاجات من اللي بتربطوا بيهم شعركم دول و شوية دبابيس و قومي اقعدي على
السرير عشان أقعد أنا كمان ألننا ها نطول
بدأ نضال ينفذ ما خطط له ،استغرق ربع ساعة تقريبا و جهاد تحاول فهم ما يفعل و لكنه ل يقول شيئًا ،ثم قام و وقف أمامها و قال بضحك:
خلصت قومي شوفي فـ المراية كدا
-و هللا منا فككهولك دلوقتي خالص يا روحي ،لزم أعذبك بيه كدا شوية
-نضال بحب:
حاضر يا فتاتي ،بس ماكانش ليه لزمة تتعبي نفسك و تشيلي السجاد
-حـاجة بس بسيطة قبل ما نسكت ،إحنا بعد ما نصلي المغرب ها نقعد نسمع لبعض الورد عشان إحنا ماسمعناش لبعض لسه خالص ،عايزين
بدل ما أنا أسمعلك نفس الجزء و إنت تسمعهولي ،ناخد الجزء مع بعض كل واحد يقول فينا أيه
-إزاي مش فاهم؟
-يعني أنا ً
مثال أقول ""ألم " و إنت تقول ""ذلك الكتاب لريب فيه هدى للمتقين" و بكدا ها نخلص الجزء أسرع و نبقى مركزين أكتر ،كنت
بعمل كدا أنا و وسام.
-جهاد ببهجة:
أنا مش مصدقة نفسي ،أنا ها أجهز الشنط من النهارده
-و أنا ها أكلم الجماعة و أعرفهم كلهم ألن ماحدش يعرف لسه
......... ......... ..........
كال منهما ،مشاعر مختلطة ،عظيمة ،مشتاقة ،يشعران بعظمة ما سيقومون مرت األيام العشـر ،و ركبا الزوجان الطائرة م ًعا ،كان داخل ً
به و تُدمع أعينهم شوقًا و تقشعر أبدانهم كلما رأى أحدهم صورة الكعبة في مخيلته و تذكر أنه سيراها بأم عينيه بعد ساعات ،هبطت الطائرة
أخيرا و ركبا الزوجان سيارة لتنقلهم إلى الحرم ،وضعوا الحقائب في الفندق ثم نزلوا سريعًا ،و لم يفكروا في الراحة من عناء السفر قط ،ً
فهناك شيء آخر سيريحهم ،نزل إلى الحرم و بمجرد أن شاهدا الكعبة عن بعد رددا معًا تلك الدعوة التي اتفقا عليها ""اللهم شهادة في سبيلك
معًا بعد عمر في سبيلك معًا و جنة مع النبي معًا " فدعوة المؤمن عند نظره للكعبة أول مرة مجابة ،ثم أمسك نضال يدها و نظر إلى السماء و
قال بصوت مرتفع و الدمعات تتألأل في مقلتيه:
"" ها أنا قد أتيتُك بها يا هللا كما عاهدتك ""
أخيرا وصل ،و تحقق اللقاء
ً كال منهما ل يكاد يرى من حوله ول يشعر بأي شيء مما يحيط به ول يدرك سوى أنه أخذا يقتربان من الكعبة و ً
،بمجرد أن وصال إلى الكعبة و لمساها بأيديهما ،تبدل كل شيء ،خرت جهـاد على ركبتيهـا و لم تستطع تمالك نفسها ،أخذت تبكي بشدة ل
تستطيع التوقف ،ول تسطيع وصف ذرة واحدة من جمال ما تشعر بـه ،كان أجمل بكثير مما تخيلت ،كان أبهى مما صوره لها قلبها و عقلها
كال منهما في عالم منفصل ،عالم ليس به سوى روحه الساجدة أخيرا يدها موضوعة على الكعبة و عيناها تنظر إلى السماء ،ظل ً
ً ،إنها هنا
تحت عرش الرحمن ،يستحيل لي أن أصف شعور أحد حينها و يستحيل لهم أن يستطيعوا وصفه ،هي حياة أخرى ،ميالد جديد ،اتفاقية
تصالح مع الرحمن ،توبة عن كل ما سبق و غفران له ،تبديل لكـل لحظة حزن مرت بسعادة أخرى ،كل شرخ حدث في الروح يلتأم ،ظال
على حالهما مدة ل يعلمها إل هللا ل يشعران بأي شيء حولهما ،هما فقط يبكيان بقوة و يناجيان هللا و يطلبان عفوة و صفحة عن أخطائهما و
قبوله لهما .
كانت تلك األيام أسعد أيام مرت في حياتهما ،كانا ل يعودان إلى الفندق إلى ساعات قليلة جدًا ،و كانا يقضيان معظم الليل و النهار في العبادة ،
ربمـا تعبت أجسادهما و تأثرت من فرط الجهد و قلة الراحة ،لكنهما في الحقيقة لم يشعرا بذلك ،كانا يستغالن كل دقيقة ،فتلك األيام بمثابة
أعمار أخرى .
انقضى يوم عرفه و كان نضال و جهاد من بين الحجيج ،كانوا من بين الذين نالوا الكرامات ،زاروا المسجد النبوي و سلموا على رسول هللا
كثيرا ما قابله في أحالمه ،صلوا خلف األئمة التي يعشقون أصواتهم ،شعروا بجمالً و بكيا هناك شوقًا و حبًا ،زار نضال مسجد الحبيب الذي
و قرب لم يشعروا به من قبل ،هانت الدنيا في أعينهم ،شعروا بكل أية من القرآن ،بكل تسبيحة و ذكر ،هتفوا بقلوبهم و بكل كيانهم "لبيك
اللهم لبيك ،لبيك ل شريك لك لبيك "" سجدت أرواحهم بين يدي الرحمن قبل أن تسجد أجسادهم ،شعر كل منهما أنه قد ُولدَ من جديد و ُمحيت
كل آثامه .
انقضت تلك األيام سريعًا ،و سيغادران معًا تلك األراضي الطاهرة ظُهر هذا اليوم ،و سيصليان بعد قليل الفجر و ستكون آخر صالة في
الحرم ،قالت جهاد و هي تخرج من الفندق بجوار نضال:
دي آخر صالة ها نصليها في الحرم ،نفسي أوي الشيخ ماهر هو اللي يصلي بينا بسورة يوسف ،نفسي أسمعها منه قبل ما نروح
-نضال بحب:
و أنا نفسي يصلي بينا هو بس بسورة مريم
وصال إلى الحرم و ُرفع األذان ثم أُقيمت الصالة ،و تتوالى الكرامات و استجابة الدعوات لهذان العبدان الصالحان ،صلى بهم إما ًما الشيخ
ماهر المعيقلي بصوته العذب و قرأ في الركعة األولى سورة يوسف و أطال و صلى في الركعة الثانية بمريم و أطال أيضًا ،تخيـل اآلن أنت
تصلي أمام الكعبة خلف اإلمام ماهر و هلت نسمات الفجر فأخذت الثياب تتطاير برفق ،بكت األعين من الخشوع ،بكت جهاد بمجرد أن
سمعت الشيخ يبدأ في قراءة سورة يوسف و أخذت نسمات الهواء تُداعب دمعاتها ،عظيم جدًا أن تشعر بقرب هللا منك و أن يستجيب لدعواتك و
يحقق أمانيك سريعًا هكذا .
نورا على
عادا إلى بيتهما بعدما عاشا أيا ًما ستظل مضيئة في عقولهم ،جاء الجميع لرؤيتهم و أجمع كل من زارهم أن وجوههم قد ازدادت ً
نورها السابق ،فهناك من العباد من يقذف هللا من نوره في وجوههم فيدلون عليه .
........... ........... ...........
حـلت السعادة الحقيقية على بيت وسام منذ عودة والدها بهذه الصورة الحسنة ،قضى مع أسرته شهران يُحاول فيهما إصالح شيئًا مما أفسده
على مدار السنوات الماضية ،ثم عاد إلى السعودية مرة أخرى من أجل العمل و كسب الرزق ،كان يهاتف أسرته يوميًا ،أخذت وسام تبتسم
للحياة من قلبها و تحمد هللا على كل نعمة و ازداد عشقها لزوجها الذي كان سببًا في تلك السعادة ،كانت وسام قد حاولت التقرب إلى أختها
الصغرى أكثر كما نصحها فارس ،و نجحت في ذلك و صارتا صديقتان حميمتان ،أثناء جلوسهما م ًعا ذات ليلة قالت وسام بحب:
إنت خالص يا سندس بدأتي في دروس الثانوية أهو ،عايزاكي تركزي جدًا بقى ،السنة دي سنة فاصله في حياتك ما بين مرحلتين مختلفتين
تما ًما ،إجتهدي فيها عشان تحققي نجاح يشرفك قدام نفسك و قدام كل اللي حواليكي ،مش عايزاكي تحسي بتوتر خالص ،ل خليكي هادية
طول السنة ،ذاكري بنفس و حب كدا ،و أهم حاجة حافظي على عبادتك كلها و إدعي كتيير أووي ،خلي أملك كبير و علقيه بربنا ،إوعي فـ
يوم تاخدي حاجة مش حقق يا يسندس ،لو سؤال واقف معاكي و هو اللي ها ينجحك و ها تسقطي من غيرة إوعي تغشيه ،إسقطي لكن ما
تغشيش أبدًا يا سندس ،إوعي تاخدي درجة مش حقك ،احفظي حق ربنا و ربنا ها يكرمك فوق ما تتخيلي ،مهما حسيتي إنك تايهة و ضايعة
و مابتذاكريش و مش جايبة حاجة إوعي رغم دا كله تبطلي تدعي ،ل ادعي بيقين أوي ،إطلبي من ربنا إنك تطلعي األولى على الجمهورية
حتى لو شايفة نفسك ماتستحقيهاش ،لو وقعتي و مش عارفة تقومي إدعي ربنا و قوليلة أنا نفسي أقوم و أذاكر و أكمل قويني يارب و إنصرني
على نفسي و شيطاني ،المذاكرة دي هي مهنتك في الحياة دلوقتي ماتقصريش فيها ،خلي في نيتك إن الدروس و المذاكرة دي جهاد في سبيل
هللا و حصلي حسنات جنب العلم و التفوق ،عالقتك بزمايلك خليها داي ًما كويسة و قايمة على الحب في هللا لكن ماتسمحيش لواحدة تعطلك عن
حلمك ،اللي تقعد تشتكي و تسود الدنيا و تبوظ أعصابك دي انصحيها مره و حاولي تشديها معاكي و تخليها تذاكر ماسمعتش الكالم حاولي
معاه كمان مرة ماسمعتش بقى سيبيها و ماتبصيش عليها تاني و ركزي على أهدافك إنت ،نظمي وقتك صح علشان ماتزهقيش و خلي في
جدولك حاجة جنب المذاكرة ،احفظي قرآن لو حتى سطر كل يوم ،و استغفري كتير أوي ،خليكي طول ما إنت ماشية بين الدروس لسانك
مش بيبطل استغفار ألنه بيفتح األبواب المقفلة ،و ماتسأليش حد على درجاته ول تقولي لحد على درجاتك ،ركزي على نفسك و بس ،نافسي
نفسك و حاولي تنتصري عليها و ماتبصيش على حد من اللي حواليكي ،خليكي داي ًما مستبشرة و قولي الحمد هلل على طول ،و لو فيه مادة
حاسه نفسك ضعيفة فيها و محتاجة درسين مش درس واحد ،خدي درسين المهم تكوني حقيقي محتاجاهم ،ماتمشيش ورا التيار و خالص
يعني الناس كلها بتاخد درسين في مادة كذا فأنا أخد شبههم وخالص ،ل دا غلط ،إنت تحددي المادة اللي إنت ضعيفة فيها و تعالجيها ،و داي ًما
إطلبي من ماما و بابا و كل اللي بتحبيهم يدعولك ،و أنا بدعيلك و ها أفضل داي ًما أدعيلك ،و ها أفضل جنبك طول السنة ،أنا عارفاكي
ً
أصال شاطرة و واثقة فيكي
-جهاد بمزاح:
منوره بأهلها يا باشا ،اتأخرت كدا ليه يا نضال ،أنا قلقت
-معلش و هللا ،العيال شقطوني أسئلة من أول محاضرة و كل ما أجي أمشي حد يوقفني
-نضال بمزاح:
ل أنا ماكنتش متضايق ،دي حالتي المعهودة مع البنات
-نضال بهدوء:
بصي يا ستي ،أنا داي ًما كدا بقشعر وشي و ببين إني خنيق في تعاملي مع البنات في الكلية من أول ما إتعينت معيد هنا و أنا كدا ،و دا مش
كره ليهم أو حاجة وحشة ،دا من خوفي على بنات الناس و رغبتي في الحفاظ عليهم ،إنت عارفة إن مرحلة الجامعة بتبقى حرجة في حياة
الشباب و البنات ،أنا ممكن أضحك في وش واحدة و أتعامل عادي شوية ،تبني في دماغها أفكار عني و إني مهتم بيها أو أي حاجة شبه كدا و
دي حاجات ملهاش أساس من الصحة ،و ممكن أفتن واحدة بضحكي أو تساهلي في التعامل ،فأنا بقى قفلت الباب دا خالص ،البنات كلهم حتى
زمايلي الدكاترة بيقولوا عليا خنيق و بكره البنات فدا خالهم يتعاملوا معايا بحساب و مفيش واحدة بتدلع أو بتتعدى حدودها ،رغم إني بحترمهم
كلهم و هللا ومش بكرههم أبدًا ،لكني حبيت أحميهم كلهم من نظرة إعجاب ليا و أحمي نفسي أنا كمان ،لكن تعاملي مع الشباب بقى زي الفل ،
أصال ،و دايسين مع بعض في كل حاجة ،سعات يجوا المكتب يسألوا على حاجة و بعدها ً العيال الولد بيتعاملوا معايا كأني واحد صاحبهم
نقعد نهزر و نضحك على آخرنا و بينزلوا يصلوا معايا في المسجد و سعات بيبقى عندهم دورات كورة و يقولولي و أروح معاهم ،خاربها أنا
و الولد الحقيقة ،إنما البنات خط أحمر ،بتقي ربنا فيهم و كمان أنا عندي أخت و زوجة و أم فبحافظ على بنات الناس عشان يتردلي فيكم يا
جهاد ،إحنا الختالط حوالينا في كل حتة بس كل واحد يقدر يحافظ على نفسه و على اللي حواليه و يبعد عن الفتن ،بس يا ستي .
-نضال بضحك:
عيونه
-نضال بمكر:
حاضر ها أتلم غصب عني لحد ما نوصل بيتنا
-جهاد بتصميم:
أنا مش قايمة من مكاني غير أما تفهمني و تتكلم معايا
-األب بقلق:
نضال هنا؟
-جهاد برجاء:
مستعجل ليه يا بابا ،خليك اتعشى معانا
-جهاد بصدق:
عشان إنت أنا و أنا إنت و مافيش فرق بينا ،و إنت تقول و تعمل اللي إنت عايزة ،ثم قالت و الدمعات تسقط من عينيها:
بس قولي مالك باهلل عليك ،أنا قلقانة عليك أوي و مش عارفة إيه حصلك يا نضال
جلسا معًا و قص عليها نضال األمر ،دُهشت من عظم معاناته و كيف كان يكتم عن الجميع كل ذلك و يحاول أن يبدو طبيعيًا حتى ل يتأثر من
حوله بمشاكل عمله ،تألمت جهاد من إرهاقه لنفسه و أخذت تفكر معه في حلول و تشاركه األمر ،أرشدهما هللا لـ بعض األفكار و لكن نضال
طا لفترة ،كانت جهاد ل تكف عن الدعاء له ،و لم تسأم قط من تبدل حالته بعض الشيء ،كانت تسانده و تهون عليه األمر ،حتى ظل مضغو ً
بدأت المشاكل تُحل شيئًا فشيئًا .
............ ........... ..........
أثنـاء عودتها من الجامعة ذات يـوم ،رن هاتفها ،فوجدت المتصل والدة نضال ،ابتسمت و أجابت بحب:
السالم عليكم ،إزيك يا ماما وفاء
أغلقت جهاد الهاتف و هي تبكي ،فهي تعلم أنه كان يواجه مثل تلك الظروف من قبل و لكنه كان يخفيها عن أسرته ول يظهرها أمامهم حتى ل
مبكرا اليوم و يذهبا إلى أسرته و يمر األمر بسالم ،كفكفت دمعاتها و أخذت تستغفر طوال الطريق
ً يحزنون ،أخذت تدعو هللا أن يأتي نضال
مبكرا ،توجهت إلى باب المنزل و
ً حتى وصلت إلى البيت ،دخلت و بدلت ثيابها و بدأت تؤدي األعمال المنزلية ،و لحسن الحظ جاء نضال
استقبلته و هي تحاول أن تبدو طبيعية تما ًما ،عانقها نضال بحب و كانت السعادة تبدو على مالمحة ،همس في أذنها:
الحمد هلل كل حاجة بقت تمام يا جهاد ،إحنا هانقضي بقية اليوم كله سوا و نعوض األيام اللي فاتت دي
-نضال بحب:
و وحشوني جدًا أنا كمان و هللا ،بس نبقى نروحلهم بكرا ،إحنا ها نقعد سوا مع بعض النهارده عشان القعدة معاكي وحشتني أكتر
-جهاد بتصميم:
باهلل عليك عشان خاطري نروحلهم النهارده و ياعم نبقى نيجي بدري و نسهر سوا طول الليل و نقعد نرغي في كل حاجة
-نضال باستسالم:
طيب يا ستي نروحلهم ،يال البسي بسرعة
ذهبا معًا إلى أسرته ،سلمت جهاد على وفاء بحب و شوق كأن شيئًا لم يكن ،لكن وفاء سلمت عليها بجفاء ،جلسوا معًا ،فقالت وفاء بعد فترة
من الحديث :
كدا يا نضال تبعد عننا كل دا ،شهر كامل مش عارفين نشوفك فيه
-نضال بأسف:
غصب عني و هللا يا ماما ،كان عندي حاجات ما يعلم بيها إل ربنا ،جهاد كانت بتتحايل عليا كتير نيجي لكني حقيقي ماكنتش فاضي خالص ،
و النهارده أول يوم أفوق و أجي بدري من الشغل ،صممت إننا نجيلكم النهارده عشان وحشتونا
-نظرت األم إلى جهاد بأسف فابتسمت لها بحب كأنها تقول لها:
أنا مش زعالنه و عاذراكي
-جهاد بحب:
و هللا يا ماما أنا مازعلت ،و ماكنش ليه لزمة تقولي كدا قدامهم ،ماحدش كان يعرف حاجة ،و بعدين دا حقك إنت تقولي أي حاجة براحتك ،
و أنا عمري ما أزعل منك أبدًا
نظر الجميع لجهاد بإعجاب و حب ،أما نضال فلم ينطق بحرف واحد ،كان يشعر بمشاعر ل وصف لها ،أراد فقط أن يأخذ زوجته و يعودان
مبكرا ،ركبا السيارة و لم يتحدثا طوال
ً إلى بيتهما حتى يستطيع البوح بما يريد ،لما يُطيال المكوث هناك و أصر نضال على العودة إلى بيته
الطريق ،وصال إلى بيتهما ،قام نضال بركن السيارة ،ثم توجه للداخل و جهاد تسبقه بخطوات قليلة ،دخلت المنزل و دخل خلفها و قبل أن
تبتعد أمسك يدها بقوة ثم جذبها نحوه ،أغلق الباب ثم أسند ظهرها إلى الباب المغلق و وقف أمامها يحاصرها ،ثم قال و هو ينظر إلى عينيها :
ليه
-جهاد بقوة:
يا ابني ماينفعش ليه مش عايز تفهم ،دي مامتك يا نضال حقها فيك قبل حقي ،و أنا بحبها شبه ماما ،و كنت عارفة إنها قالت كدا من قلقها
عليك ،يا نضال أنا لو ها أنسى إنها بتحبني شبهكم و بتعاملني كويس جدًا ،عمري ماهنسى إنها هي اللي مربياك ،هي اللي وصلتك و كبرتك
ليا و أنا جيت حبيتك و خادتك ع الجاهز ،أهلك دول أهلي يا نضال ،لو مش ها أكرمهم عشان إحسانهم ليا ،فأنا ها أكرمهم علشانك إنت ،هم
السبب في إنك تكون بالعظمة دي فـ عنيا ،ماينفعش حاجة تتقال بيني و بين ماما وفاء و أنا أقولهلك ماينفعش أكون سبب زعلك من والدتك ،أنا
مش لسه عيله مراهقة و ها أقعد أغير بقى من مامتك و أعمل عمايل هبله ل أنا ست عاقلة و عارفة ربنا و بحبهم و هم كمان بيحبوني و
عمري ما ها أسمح بحاجة تزعلنا كلنا من بعض ،و الحمد هلل إن الظروف الصعبة دي عدت و إنك رجعتلي تاني و رجعتلنا كلنا و ربنا يبعد
عننا أي حزن يارب و يخليك ليا يا حبيبي.
-نضال و هو ينحني و يقبلها بين عينيها ،ثم نظر إليها و قال بعشق:
بصي أنا عايز أقولك حاجة واحدة بس ،حاجة بقولها في نفسي كل يوم من يوم ماعرفتك ،بقولها مع كل موقف بيحصل بينا ،بقولها و أنا
حاسسها أوي ،و هي اللي بتتردد في دماغي دلوقتي مع كالمك دا
حقيقي يسلم أوي ،يسلم على كل حاجة ،يسلم إنه خرجك بنت صالحة و زوجه عاقلة ،يسلم إنه زرع فيكي الحنان و الشهامة ،يسلم اللي زرع
فيكي الحب و الحكمة ،يسلم اللي عملك تكوني أية في كل حاجة ،يسلم اللي علمك تكوني إمتى أنثى رقيقة و تحسسي جوزك بقوامته عليكي و
إمتى تبقى بنت بمليون راجل قادرة تسد في أي موقف و توقف كل واحد عند حده ،يسلم اللي خالكي تأثري في كل حد يتعامل معاكي و
تجبريه يحبك و يحترمك ،يسلم اللي علمك تواجهي كل المشاكل ببسمة و هدوء ،يسلم اللي زرع فيكي الجمال دا كله و خالني مستسلم لكل
كلمة بتقوليها و واثق إنها الصح ،يسلم اللي خالني أبقى بعمل أي حاجة و سايبك في أي حته و أنا مش قلقان من تصرفاتك حتى لو حواليكي
مليون راجل ألني عارفك و واثق في أخالقك ،حقيقي يسلم والدك و جدك و تسلم كل عيلتك على تربيتهم ليكي ،يسلموا عشان منحوني زهرة
قلوبهم و خلوها تعطر أيامي ،يسلم كل موقف خالني أشوف جمال أخالقك و أحس بقيمتك ،إنت أكبر نعمة في حياتي ،أكتر من اللي أستحقه
،أنا مش عارف حسنة إيه اللي عملتها في حياتي و ربنا كافئني عليها بيكي ،أنا لو ربنا رزقني ببنت منك و ربيتها شبهك و زرعت فيها نص
الخير اللي فيكي ها أروح لربنا و أنا راضي و مطمن إني أديت رسالتي في الحياة ،هللا ل يحرمني أبدًا من حبك اللي أسرني دا يا جهاد.
......... ......... ........
مضت األيام بحلوها و مرها ،لم تزدهم الصعوبات و الخالفات إلى حبًا و تعلقًا ،عاد نضال من عمله يو ًما فلم يجدها بانتظاره على الباب كما
إعتاد ،أغلق الباب و هم أن يناديها ،و إذا بها تخرج إليه و هي تجري ببهجة و تصرخ بفرح:
نضال ،نضال ،أنا حامل ،ثم قفذت و احتضنته و هي تبكي من فرط السعاده ،لم يستوعب نضال ما قالت ،فأنزلها و قال بقوة و هو يمسك
ذراعها:
قولي تاني كدا اللي قولتيه
-حملها نضال و أخذ يتحرك في المكان بعشوائية من فرط السعاده و أخذت دمعاته تتساقط هو اآلخر ،كانا ينظران لبعضهما يضحكان بقوة ثم
شكرا
ً يبكيان و يتحدثان معًا بكالم غير مرتب ،ثم هبطا ساجدين هلل
......... ........ ........
أصابت السعادة قلوب الجميع عندما علموا بحمل جهاد ،استمرت جهاد في الذهاب إلى عملها ،بدأت تؤثر في الطلبة و تدفعهم إلى التغيير ،و
كثيرا و كانت
ً تعلقوا هم بها ،و صارت العالقة بينهم كما كانت بين طالبها في المنصورة ،كانت جهاد تستمع إلى القرآن الكريم أثناء حملها
تجعل نضال يرتل لها دو ًما أثناء جلوسهما معًا و كانت تستمع إلى البرامج الدينية و العلمية بكثرة ،ألن ذلك يؤثر على الجنين ،فكثرة سماعها
للقرآن و البرامج الدينية سيجعله متعلقًا بالقرآن و بالرحمن و البرامج العلمية ستوسع مداركه و ترفع نسبة ذكائه منذ طفولته ،كانت تقرأ كثيرا
عن تربية األطفال و التعامل معهم ،علمت أن جنينها ذكر فاتفقت هي و نضال على تسميته أنس كما أحبت هي ،أصرت أن يحضر نضال
بعض عمليات الولدة مع أحد أصدقائه األطباء حتى يتولى هو تلك المهمة أثناء وضعها ،ألنها لن تذهب لطبيب رجل أبدًا ،حاول إقناعها أن
زوجة صديقة محمد طبيبة ماهرة في ذاك المجال فوافقت أن تلد عنها بشرط أن يكون هو أيضًا معها بالداخل أثناء الوضع .
-جهاد و قد انفجرت ضح ًكا و أخذت تقترب منه و في يدها زجاجة ماء صغيرة:
إيه يا نضال بقى مش مستحمل مراتك حبيبتك و عايز تسيبني قاعدة لواحدي
جهاد و قد اقتربت منه تما ًما و أمسكت ياقة قميصه بيدها الفارغة:
طب اقعد معايا بالزوق يا نضال بدل ما تندم
-نضال بتفهم:
أنا مارضتش أتكلم معاكي في الموضوع لحد ما تفكري فيه مع نفسك ،و تسأليني عن رأيي
-هناء بحيرة:
عبدالرحمن إنسان كويس جدًا و متدين و محترم ،لكن فيه كذا حاجة مخلياني مش عارفة أخد قرار ً ،
أول هو عايز يتجوز على آخر السنادي و
أنا لسه فاضلي سنتين في الكلية ،و كمان موضوع فرق الكليات دا هو خريج حقوق و أنا صيدلة و إنت عارف نظرة المجتمع و كالم الناس و
كمان ها يبقى جواز صالونات تقليدي و أنا كان نفسي أتجوز بطريقة مختلفة
-نضال بحنان:
بصي يا هناء الحديث بيقول "إذا جاءكم من ترضون دينه و ُخلقه فزوجوه " و عبد الرحمن أنا أعرفه من زمان و هو حقيقي صاحب دين و
ُخلق ،نحسبه على ذلك ول نزكي على هللا أحدًا ،هو دا الشخص اللي هاأديله عنيا و حتة مني و أنا مطمن إنه هايصونها ،حتة الجواز في
الدراسة دي ،أنا حقيقي مش شايف فيها أي مشكلة ،هو بس موضوع الخلفة و إنتم تتفقوا سوا على تأجيله لحد ما تخلصي دراستك ،إنما أي
حاجة تانيه فماتقلقيش منها ،ماتفكريش إن الجواز هايعطلك عن المذاكرة و يخلي مستواكي في الدراسة يقل ،ل إطالقًا ،هاتتفاجيء إنه بيزيد
و إنك بتذاكري بنفس و راحة أكتر ،هو هايبقى جنبك داي ًما يشجعك ،و هايساعدك في كل حاجة ،عبدالرحمن حكى معايا كتير يا هناء ،هو
عايز يسكن لزوجه و زوجه تسكن ليه فعمره أبدًا ماهيقف فـ طريق نجاحك ،ألن نجاحك هايبقى من نجاحه ،على فكرة إنت لو اتجوزتي على
آخر السنادي ،إنت هاتقولي بنفسك ياريتني اتجوزت من زمان ،هاتحسي إنك أخدتي كل حاجة ،إنت دلوقتي حابسه مشاعرك و قافله على
نفسك لكن أكيد سعات بتحسي إنك نفسك تطلعيها بقى و تقوليها لحد ،هو هايبقى السند و المحفز و الحبيب ،حقيقي هاتبقي سعيدة بإذن هللا ،و
هاتقدري بسهوله جدًا بحكمتك توازني ما بين واجباتك في البيت كزوجة و بين مذاكرتك ،ثم قال بمزاح :
و كمان أنا عارف بنات الجامعة وقت المتحانات و ضغط المذاكرة بتالقي الرومانسية عندهم زادت يا عيني و البنت فيكم بتبقى لو اتقدملها
وقت المتحانات نجار حتى ها تنسى أحالمها و توافق عليه ،و بتبقوا خالص سايحين ع اآلخر ،إنما إنت لو اتجوزتي ،خالص بقى وقت ما
تطلب رومانسية ابقى حبي فـ جوزك يا ستي براحتك .
اعتدل في جلسته ثم أكمل بجدية:
لكن موضوع فرق الكليات دا فأنا زعالن منك عشان فكرتي فـ حاجة زي دي ،حتى لو إنت مابتعترفيش بالفروق دي لكن بتقولي كدا عشان
كالم الناس فدا مش صح خالص ،بصي يا هناء مفيش عالقة ما بين الكلية اللي اإلنسان بيدرس فيها و عقليته و تفكيره و ثقافته ،اللي بيدخل
كلية عاليه فدا بسبب مجموعة في مرحله معينه ممكن بعدها يهبط و يبقى إنسان فاشل و مش بيثقف نفسه و عقليته لسه عقلية طالب ثانوي ،
بينما واحد تاني ربنا قدر ليه يدخل كلية عادية لكنه اشتغل على نفسه و قرأ و تفوق في مكانه و ثقف نفسه و بقى إنسان موزون و ليه عقليه
تُحترم ،و عبد الرحمن رغم إنه لسه يادوب بادئ شغل كمحامي إل إنه بقى مشهور ألنه شاطر و واعي و اكتسب سمعة طيبة ألنه مابيقبلش إل
القضايا اللي متأكد إن صاحبها على حق و مظلوم لكن أي قضية يشم فيها ريحة أي حاجة حرام بيبعد عنها دوغري ،و حتة بقى جواز
أصال بالنسبالي الطريقة الصحيحة في الجواز ،واحد ابن ناسً الصالونات التقليدي و الحوارات دي فأنا حقيقي مش شايف أي عيب فيه ،دا
عايز يعف نفسه و يسكن إلى زوجة سمع عن أدبك و أخالقك و حس إنك نعم الرفيقة فقام جي و دخل البيت من بابه و قعد معاكي في النور
وسط أهلك ،و إتعرف عليكي فـ بيتك و إنت أميرة معززة مكرمة ،الحب الحقيقي يا هناء هايجي بالرأفة و الرحمة و العشرة بعد الجواز ،أما
تتقوا ربنا و تحافظوا على بعض لحد ربنا ما يجمع بينكم في الحالل ساعتها هايباركلكم في حياتكم أوي و يخلي الحب بينكم يكبر و يبقى فيه
تفاهم و اتصال بينكم و عمر الحب الحالل ما يقل ول يروح أبدًا ،أنا شايف عبد الرحمن نعم الزوج و كمان حاسه شبهك و متماشي مع
شخصيتك ،فكري كويس و قرري على مهلك و افضلي صلي استخاره برضه .
-هناء براحه :
ربنا يريح بالك و يخليك ليا يا نضال ،طمنتني أوي و هللا ،و رأيك فرق معايا جدًا ،ها أصلي استخارة كل يوم لحد ما نرد عليه و ربنا يقدر
الخير
........ ........ ........
طويال ،المركز الطبي ،كان من أكبر المراكز الخيرية في الوطن العربي ،يشمل كافة ً بتوفيق من هللا ،أتم نضال مشروعه الذي حلُ َم به
التخصصات الطبية و يعمل به أمهر األطباء و به أفضل األجهزة ،كان بنائًا ضخ ًما ،استغرق نضال في إعداده ليخرج على تلك الصورة
يقرب من سبع سنوات ،وضع به كل أمواله المدخرة ،شاركت معه جهاد أيضًا بأموالها التي اكتسبتها من سنوات عملها ،و الرائعة ما ُ
ساهمت كافة أسرة نضال و كذلك أصدقائه وغيرهم في ذاك المشروع ،كـان هدف نضال من هذا المشروع مساعدة الفقراء و معالجتهم بطريقة
آدمية تليق باإلنسان مقابل مبلغ مادي ضئيل جدًا ،أو مجانًا تما ًما لمن ل يمتلك أي أموال ،لجأ إلى هذا المركز أُناس من كافة أنحاء الجمهورية
للحصول على الرعاية الطبية الفائقة و المعاملة الحسنة من أُناس ترى الجنة في وجوههم ،فقد حرص نضال على أن يكون كل األطباء في هذا
المركز على خلُق و دين ،فكانت ألسنة و قلوب كل من يدخل إلى هذا المكان تدعو إلى نضال و من شاركه في هذا العمل.
......... ........ .......
فجرا ،جلست على السرير ،ثم نظرت
مضت ثالث سنوات على مولد أنس و ها هي جهاد في بداية حملها الثاني ،استيقظت الساعة الثانية ً
إلى زوجها النائم و أخذت تناديه:
نضـال ،يا نضال ،اصحى يا نضال
-إنت زي الشاطر كدا تأجرلنا موتوسيكل و إنت بتعرف تسوق ،و أنا أركب وراك بس عايزة أقعد وراك شبه ما إنت قاعد ،مش عايزة أقعد و
رجليا اإلتنين في جنب واحد
-نضال بعصبية:
إنت بستعبطي ول حاجة ،عايزة تركبي شبه الرجاله في الشارع
-بص أنا عندي فكرة حلوه ،إنت تأجره من بكرا بالنهار و تقول لصاحبة إنك هاتجيبهوله تاني يوم الصبح ،و نطلع إحنا بقى بيه بكرا الفجر ،
ً
أصال الشوارع بتبقى فاضية ،سوق بيا على الطريق اللي جنب البحر لو حتى نص ساعة بس ،و أنا و هللا ها أبقى لبسة واسع جدًا و
ً
أصال في الشتا و طريق البحر بيبقى فاضي مابيبقاش فيه حد في المكان دا الفجر خالص و إحنا
-يا سالم ع التخطيط يا أختي ،و بالنسبة حضرتك لبنك اللي عنده تلت سنين دا ،هانسيبه كدا لواحده ،بقولك إيه هللا يسترك إعقلي
-ماما و فاء بقالها كتير نفسها أنس يبات معاها يوم ،نوديهولها بكرا ،ثم قالت بحزن مصطنع :
عشان خاطري وافق ،أل الوحمة تطلع في وش ابننا و يبقى مرسوم على جبهته موتوسيكل
-أجاب نضال سريعًا بنبرة متأكدة و عفوية و هو يشدد قبضته على كتف زوجته و يضمها إليه:
ً
أصال ،مطر إيه دا اللي يبقى أجمل منك إنت يا جهاد ،إنت أجمل حاجة فـ الدنيا دي ،إنت الجمال الوحيد اللي فـ الدنيا
نضال بحب:
ً
أصال ،يا جهاد إنت أنثى أنا مش ببالغ فـ كالمي ليكي يا جهاد و هللا ،إنت كدا ً
فعال ،و كسوفك اللي مش بيروح دا مهما طالت السنين بيدوبني
قاتلة أقسم باهلل ،إنت خلتيني أعشقك لدرجة ماتتخيلهاش ،كل تفصيله صغيرة فـ شخصيتك عايزة تتحب لواحدها ،ثم قال بمزاح و هو يهمس
في أذنها :
و إتلمي بقى و ماتتكلميش دلوقتي خالص ،عشان مانبوظش أخالق الولد ،يا إما ها ألغي القعدة دي و ندخل نشوف أخبار األقصى و تحريره
-جهاد بنفي:
شبه مين يا عم وحد هللا ،دا أنا حتى هادية جدًا
-نضال ضحك:
هاديه ! بقى مقالبك و جريك و تنطيطك دا كله و تقولي هادية ،يا شيخه مش كدا دا إنت جننتيني بعمايلك
-ههههههه ،ربنا يديمها علينا نعمة و يحفظها من الزوال ،بيني و بينك الحياة ماتستقيمش أصال لو كلها جد و عقل كدا ،ها تبقى حاجة ل
تُطاق و كلها مشاكل
-جهاد باهتمام كأنها تذكرت أمر ما:
سيبك م الكالم دا دلوقتي و إحكيلي الحلم بتاع إمبارح يا باشا ،أنا صحيت و إنت بتتكلم معاهم كالعادة بس نمت تاني على طول و ماركزتش ،
إنت كنت مع مين المرادي
-نضال بحب:
الحبايب كلهم كانوا معايا إمبارح ،حبيبي رسول هللا و أبو بكر و عمر و بالل ،و أنا كنت في نصهم يا جهاد ،اتكلموا معايا في حاجات كتير
و حكينا سوا بفضل هللا
-جهاد بتأثر:
هللا يا نضال بقى ،أنا متغاظة يا نضال أنا ماحلمتش بالنبي غير تلت مرات بس و إنت بتحلم بيه كتير و بالصحابة
-نضال بمزاح:
صحبتي و أُنسي يا جهاد ،قلبي مايستحملش مايقابلهومش على طول و بعدين ما إنت حلمتي بسيدنا موسى يا
بطلي قر يا جهاد ،و بعدين دول ُ
أختي و أنا ل
-جهاد بعشق:
ً
أصال ،أنا بحبه ،بحبه أوي و متعلقة سيدنا موسى ! يا ابني الحمد هلل إن ربنا حققلي الدعوة دي و خالني حلمت بيه ،أنا كنت هاتجنن و أشوفه
جدًا بيه ،إنت مدرك جمال كالم ربنا ليه ،لما يقوله "" ولتصنع على عيني"" "" ،واصطنعتك لنفسي""
"" ،إني اصطفيتك على الناس برسالتي و بكالمي"" "" ،و أنا اخترتك فاستمع لما يوحي"" ،،شايف جمال الخطاب يا نضال ،كالم يشيب
من حالوته و هللا ،أنا جسمي بيقشعر و أنا بقرا كل األيات دي ،خطابات حنينه و تدخل القلب أوي ،األيات دي خلتني متعلقة بيه أوي لحد ما
حلمت بيه الحمد هلل ،ربنا بيقول لواحد أنا صانعك لنفسي و على عنيا ،إيه العظمة دي
-تعرفي بقى أنا نفسي أحلم بإيه كمان ،نفسي أوي أوي أحلم بالجنة ،نفسي ربنا يوريني منها أي حاجة عشان أشتاق ليها أكتر و أكتر ،نفسي
أشوف منها أي حاجة عشان دماغي تعبت من الجتهاد في تخيل جمالها ،نفسي أشوفها عشان أتعلق بيها أوي و تبقى قدام عيني قبل ما أعمل
أي حاجة ممكن تبعدني عنها ،و نفسي الجنة هي كمان تشتاقلي زي أنا ما بشتاقلها ،يااه يا جهاد لما بتخيل إننا دخلنا الجنة و خالص ال ُحجب
هاتُكشف و نرى ربنا ،موقف عظيم تخيلي كدا إحنا واقفين كلنا و ربنا بيكلمنا و يقولنا يا أهل الجنة هل رضيتم و إحنا نرد و نقوله و مالنا ل
نرضى و قد بيضت وجوهنا و أدخلتنا الجنة ،و لما نطلب بقى إننا ننظر لوجهه الكريم و يأذن لينا بذلك و تُكشف الحجب ،أحلى لذة إتخلقت
النظر لوجه الكريم ،و هللا دماغي بتقف عن التفكير عند الموقف دا مابتبقاش عارفة تستوعب جماله ،ببقى بقول لنفسى ،بقى أنا ها أشوفه ،
أنا ها أشوف حبيبي ،عيني دي هاتبصله ،ها أكلمه و يكلمني في الجنة ،يااااه ،يارب ماتحرمني منها يارب أبدًا ،لإرادي كل ما أتخيل
الموقف أو أقراه لزم أعيط و أحس إني ها أموت من الشوق يا جهاد ،ثم وضع يده على وجهه و بكى شوقًا و كذلك جهاد بكت منذ بداية حديثة
فهي تشعر بكل ما يشعر به و تعلم أن لذة النظر لوجه الكريم أعظم من لذة الجنة نفسها.
........... ......... .........
عصرا في أحد األيام ،دخل المنزل فتعجب لعدم خروج جهاد إليه لتعانقه عند الباب كما تفعل كل يوم ،توجه للداخل و ً عاد نضال من عمله
أخذ يبحث عنها فلم يجدها ،و أطفاله كذلك غير موجودين فهم اليوم عند والده و والدته منذ الصباح و لن يعودوا إل عند المغرب ،أخذ يتساءل
ظهرا تقريبًا ،هاتفها فلم تجب ،أحس باختناق شديد و بأن المنزل
ً مبكرا في الواحدة
ً أين تكون زوجته فهي تنتهي من محاضراتها في الجامعة
باتساعه أصبح ضيقًا جدًا لعدم وجودها فيه ،كان يشعر بالتوهان و بدأ يتعصب فهو ل يطيق البيت بدون طيفها ،جلس في الصالون ينتظر
عودتها و هو في حالة سيئة و يشعر بقلق شديد عليها ،و يشتاق لها و ل يستطيع فعل شيء ألنها غائبة ،لم يطل انتظاره و إذا بها تدخل و
السعادة تبدو على وجهها ،قام إليه و هو في حالة غاضبه نادر أن تراه عليها ،قال بغلظة:
إنت كنتي فين يا جهاد لحد دلوقتي
-جهاد ببسمة:
قابلت صاحبتي صدفة يا نضال ،ماكنتش شوفتها بقالي تقريبًا سبع سنين ،فرحانه جدًا إني شوفتها و هللا
-نضال بعصبية:
ً
أصال ماإتربتيش على معرفة قيمة الراجل و تقديره ،أهلك نسوا يعلموكي إنك المفروض تستأذني جوزك األول و تعرفيه إنت رايحة فين إنت
و جايه منين ،ما هم لو عارفين قيمة الراجل كانوا فهموكي
-نظرت إليه جهاد بأعين دامعة نظرات معاتبة ثم نظرت في األرض و قالت:
أنا أبويا راجل بسيط يا نضال رباني على قد علمه و لما اتقدمتلي هو شاف فيك الخير و إنك هاتكمل التربية اللي هو بدأها ،أما أعمل حاجة
غلط ماتهينش اإلنسان العظيم اللي رباني و وثق فيك لكن علمني إنت الصح و أنا هانفذ
مر األمر بسالم و عادا الحبيبان كما هما دو ًما ،نضال و هو يجلس بجوار جهاد على الفراش ً
ليال:
ماقولتليش صحيح ،صاحبتك مين بقى اللي قابلتيها النهارده
-جهاد بحب:
دي يا سيدي صاحبتي من أولى ثانوي ،بحبها أوي و بنتكلم على التليفون أو ع الفيس على طول بس كان بقالنا كتير ماإتقابلناش و أنا لما
شوفتها النهارده صدفة ماكنتش مصدقة نفسي ،تعرف إسراء دي من الناس اللي قربت تختفي من الدنيا ،بنت أجدع من ميت راجل بجد ،
عمرها ماتخبي كلمة الحق أبدًا حتى لو هاتنضر بسببها ،و بتساعد طوب األرض ،محترمة جدًا و روحها حلوة و مرحه و ممكن تقصف جبهة
مصر كلها فـ خمس دقايق ،عليها دماغ جبارة ،و إنسانة يُعتمد عليها و تتصاحب بجد ،من كنوز حياتي هي و هللا
-نضال بخبث:
و على كدا هي حلوة بقى
-جهاد بعفوية:
دي قمر ما شاء هللا
-نضال بمكر :
طاب أنا عايز أشوفها ،هي متجوزة؟
-شاطرين يا حبايب ،بصوا بقى باباكم بعد عن الصراط و مش راضي يسمع الكالم فإحنا هانقوله إيه
-األطفال و هم ينظرون إلى والدهم :
اتق هللا يا أبتي
-جهاد بخبث:
اطلعوا جنبه على السرير و افضلوا فكروه و ماتسيبهوش غير أما يتوب عشان أنا تعبت منه و أنا ها أروح أنا أنام في أوضتكم عشان أنا مش
ها أصالحه غير أما يتقي هللا ،خرجت مسرعة و قفز الطفالن بجوار والدهما و أمسك كل واحد منهما بيده و أخذ يتحدث إليه بأن يتق هللا و
نضال ل يستطيع الرد عليهم و أخذ يتعجب من جنون زوجته و ندم على إثارة غيرتها ،حاول مع األطفال ليتركوه و لكنهم رفضوا و ظلوا
يرددون نريدك معنا بالجنة ،ظل األطفال يتحدثون إليه ول يسمحون له بالخروج ساعة كاملة حتى نعسوا و ناموا ،تركهم على فراشة و توجه
إلى غرفتهم فوجد جهاد نائمة على فراش أنس و تغط في نوم عميق ،ابتسم بخبث ثم خرج بهدوء و توجه إلى الثالجة و أحضر زجاجة ماء
بارده و توجه إليها مرة أخرى ليوقظها بها و ينتقم مما فعلت و ليضحكان معًا قبل أن يناما ،حتى يكون لليوم لذة.
تعاهدنـا علـى الجنـة ول غيرهـا نرضى ،من كـان مبتغاه الرحمـن و جنتـه لن يمنعـه شيء من لقاء أحبته ول حتى الموت . . . .
و فـي فترة من الفترات بعد افتتاح هذا العمل العظيم بثالث سنوات ،تدهورت األحوال السورية أكثر فأكثر و أصبح األمر ل يُحتَمل و ازداد
قتل األبرياء المؤمنين بوحشية فكان لبد من انتفاضة و وقفة و مساندة و مساعدة من المؤمنين األشقاء ،حينها كان عمر أنس اثني عشر عا ًما
قرارا كان سببًا في تبديل كل
ً و جهاد البنة في سن التاسعة و كانت جهاد الزوجة في بداية الشهر السابع من حملها الثالث و حينها قرر نضال
شيء .
في جلسة عائلية تضم نضال و أسرته و فارس و أسرته و هناء و أسرتها و والداهم ،قال نضال بهدوء في منتصف الحديث:
أنا مسافر األسبوع الجاي يا جماعة ،أصابت الدهشة جميع الحاضرين عدا جهاد التي تعلم ما سينوي فعله
-نضال بتصميم:
الموضوع منتهي يا ماما خالص ،و كل حاجة جهزت ،أنا أعلنتها خالصة هلل خالص ماتحاوليش
-نضال بدموع:
أنا خايف أروح ماأرجعش يا جهاد ،هاتوحشيني أوي
عـاد الذاهبـون مع زوجهـا و لم يعـد هـو ،لم تفقد األمل و ظلـت تنتظ ُره ،بعـد أسبوع مـن النصـر جـاء رجل إلى منزل نضال ،فتحت جهاد
له الباب و سألته عن هويته فقال أنه يحمل رسالة لها من زوجها و أنه كان معه في سوريا ،ازدادت ضربات قلب جهاد ،أخرج الرجل من
جيبة مظروف صغير جدًا و ناولها إياه ،لم تمتلك الجرأة لفتحة ،سألته بحذر :
هو كل اللي سافروا معاكم رجعوا
كـادت جهاد تفقد الوعي ،أو ربما تفقد الحياة بأكملها ،لم تكن تشعر بشيء و عجزت عن استيعاب كل شيء ،كانت تقف كجماد ل يهتز لها
جفن ،أكمل هذا الزائر حديثة و دمعاته تتساقط بصدق:
بصي يا فندم جوز حضرتك دا إحنا احترنا فيه و هللا ،دا مش بشر شبهنا كدا ،ل خالص ،دا حاجة كدا من الناس اللي كانت مع النبي ،إنت
فعال واحد بايع نفسه هلل ،دا جي يستشهد أكتر ما هو جي ينتصر ،وقت ما كان القتال بيشتد و كلنا نرجع لورا داكنتي تشوفي أفعاله تقولي دا ً
تالقيه ثابت مكانه ماهيتزلوش رمش ،داي ًما بيبقى في مقدمة الصفوف ،قوي جدًا و ذكي أوي ،كان بيخطط خطط هجومية محنكة بدماغ عالية
أوي ،و وقت ما حد يتصاب يجري عليه و يعالجة مهما كانت إصابته عامله إزاي ،و وقت ما حسينا إننا ضعاف و ها ننهزم دا قام خطب فينا
خالنا عايزين نجري ناكل أهل الباطل دول أكل ،عمر ما بسمته غابت عن وشه ،كان بيفضلنا كلنا على نفسه ،داي ًما و هو بيعمل أي حاجة
تالقيه بيقرا قرآن بصوته العذب دا ،كان يبقى طول النهار بيقاتل في المقدمة و وقت ما إحنا ننام يسيبنا و يفضل واقف يصلي طول الليل ،
حتى الساعتين اللي كان بينامهم كان نصهم بيعدي حوارات و هو نايم ،كنا بنصحى على صوته و هو بيكلم النبي و الصحابة و سعات يبقى
كأنه بيحلم إنه في غزوة معاهم و سعات كان بيكلمك و هو نايم ،كنا كل ما نتكلم عن زوجاتنا و أولدنا نشوف العشق في عينيه ،كنا بنستغرب
تركيبة البني آدم دا كدا إزاي ،وصل لكل الكرامات دي إزاي و الحب و المشاعر العظيمة دي عنده إزاي ،يا فندم جوز حضرتك دا مكتوب
أصال يفضل عايش بين البشر ،هو فيه بشر بالعظمة و الصفات دي ،أنا متأكد إن حضرتك أكيد بعظمته دي ،و ً على جبينة شهيد ،ماينفعش
إنك متعلقة بيه جامد شبه ما كنا بنشوف فـ عنيه ليكي ،إصبري على فراقه و إحتسبي ،و باهلل عليكي تربي ولده شبهه كدا ،اإلسالم و األمة
محتاجه أشبال شبه األسد دا و إدعي ألولدنا يكونوا شبهكم ،أنا كتبت رقم زوجتي على ضهر الظرف اللي اديتهولك دا ،يشرفني أوي لو هي
عرفتك و لو إحتاجتي أي حاجة كلميها و هاتالقينا عندك ،أنا ها أستأذن حضرتك يا فندم ،ربنا يرزقك الصبر ،السالم عليكم و رحمة هللا .
انصرف الرجل و جهاد ظلت تقف على الباب على نفس حالتها ،يتردد داخل ذهنها كل ما قاله ،نظرت إلى المظروف الموجود في يدها ،
أغلقت الباب و استندت عليه بظهرها و فتحت الورقة بأيدي مرتعشة و أعين زائغة ،كانت ورقة صغيرة كتبت عليها تلك الكلمات
اصبري في غربتي
و استبشري بدمي السالم
يا حبيبة ها أنا ُرحتُ أبحث عن هَنا
قصرا لنا في جنان ل تبيد
ً أشتري
قرأت جهاد تلك الكلمات بعيناها و إذا بها تسقط في األرض باكية بصوت يؤلم القلوب ،أخذت تصرخ من بين بكائها:
نضااااال ،نضااااال ........إنّا هلل ،إنّا هلل ،قامت من مكانها و أخذت تتحرك في أرجاء المنزل بعشوائية و هي تُحدث نفسها:
ل أنا مش هاأعيط ،هو ما ماتش ل ،أنا متأكدة ،هو ها يرجع ،هايرجعلي ،صح يارب ! أنا عمري ماطلبت منك طلب ول دعيتك بدعوة إل
و استجابتها ،أكيد استجبت دُعايا إنه يرجعلي و إننا نستشهد سوا ،إنت بتختبر صبري صح ! أنا صابرة ،أنا صابرة جدًا و حمداك بس أقسم
بك عليك ترده ليا.
مضى أسبوع على تلك الزيارة ،لم تخبر جهاد أحدًا بما حدث لقتناعها أنه لم ي ُمت ،جاءت وسام مع فارس و كذلك وفاء و زوجها ليزوروا
أبناء نضال الغائب ،أثناء جلوس الجميع في الصالون قالت وفاء بأعين دامعة :
ماعرفتيش أي أخبار عن نضال برضة يا جهاد
قصت جهاد كل ما قاله لها ذاك الرجل منذ أسبوع ،ثم قالت في النهاية:
بس أنا متأكدة إنه ما ماتش و إن صحابه هم اللي مادوروش عليه كويس ،هو ها يرجع يا جماعة ماتقلقوش ،بمجرد أن سمعوا ما قالت بكى
الجميع ،قالت وفاء دون أن تشعر :
ما منعتيهوش ليه يا جهاد ،هو كان ها يسمع كالمك لو كنتي قولتيلة ماتسافرش ،إتبسطتي كدا ! أهو نضال خالص راح ،راح و حتى
ماودعناش ،راح من غير مانشوفه ،راح و ما دفناش جثته ،حياتنا بقت فاضية خالص ،ل حول ول قوة إل باهلل
-الطبيبة هدوء:
هاتولدي قبل الميعاد ،فيه خطر على حياتك و حياة الجنين ،لزم ً
حال
-جهاد بتصميم:
ل مش ها أولد و مفيش خطر بإذن هللا
-كان معها في الغرفة حين ذاك والدها و وسام ،قالت وسام و هي تمسك يد جهاد:
ليه يا جهاد ،بتقولك فيه خطر ،يال يا حبيبتي
-األب بعصبية:
اعقلي بقى يا جهاد نضال مات ،مات خالص ،مش ها يرجع ،حرام عليكي حياة ابنك ،إنت هاتولدي غصب عنك
-جهاد بهيستريا:
ل ما ماتش ،ما حدش يقول إنه مات ،هو ها يرجع .
يئسوا من إقناعها ،فأجبروها على الوضع ،ألن حياتها كانت في خطر حقًا ،أدخلوها الغرفة رغ ًما عنها و دخلت وسام معها و مع الطبيبة ،
كـانت جهاد تصرخ بألم:
ل ،حرام عليكم ،مش ها أقدر أولد و هو مش معايا ،يا نضال ،تعالى دلوقتي يا نضال ،و أخذت تبكي بقوة .
بدأت الطبيبة عملها ألن التأخير سيسبب أضرار هم في غنى عنها ،كانت عملية وضع متعسره جدًا ،لم تكف جهاد عن البكاء طوال الوقت ،
تألمت كما لم تتألم من قبل ،آلم الوضع لم تكن تساوي شيئًا جوار آلم روحها ،ألول مرة في حياتها تشعر بالعجز و الضعف ،كانت تشعر
أن روحها تفارق جسدها ،و أنها أصبحت جثة هامدة و أن كل أسباب الحياة قد انقطعت عنها .
__________
مهـما بلغت آل ُم الجسـد من قوة فهـي شيء ضئيل ،ضئيل جدًا أمام آلم النفس ،جروح الجسد تلتأم أما شروخ الروح تظل تنزف لألبد ،قالوا
أن الحب لعنة ،و ما كذبوا في قولهـم ،فهـو و إن كـان أول أسباب السعادة و الحياة ،إل أنـه قاتل ،قـد يكـون الحب سببًا في تدميرك ،فغياب
الحبيب و فراقـة ،هـو الطامة الكُبـرى لل ُمحبين ،سـاعدكم هللا يا مساكين الحب و ضحاياه ،تذوقتم معـه كل لذة للحياة ثم سُقيتُم ك ُل أنواع
السموم و أصابتكم كل أصناف العلل بسببه أيضًا
دخـلت غرفة األجهزة اإللكترونية ذات ليلة بعـد نوم أبنائهـا لتقوم ببعـض األعمـال ،قامت بتشغيل الحاسوب و بدأت عملها ،وجدت عليه ملف
غريب يحوي تسجيل صوتي ،فتحته فوجدته تسجيل بصوت نضال العذب يُنشد تلك الكلمات
ض ُمني اآلهات تحضُنني الجراح
أهواك حين ت ُ
أهواك حين تناثر األشالء والدّ ُم مستباح
أهواك حين تطاير األرواح ترفعُها الرماح
أهواك يا شطري إذا لقيتني تنعى حياتي كل راح
هذا دمي الدفاق يرجوك السماح
***
شيعيني للخلود .....وافرحي فأنا الشهيد
ودعيني فالردى في سبيل هللا عيد
يافؤادي في الغرام
يا أحاسيس ال ُهيام
اصبري في غربتي
و استبشري بدمي السالم
***
ياحبيبة ها أنا ُ . .رحت أبحث عن هَنا
قصرا لنا في جنان ل تبيد
ً أشتري
ذاك موطننا البعيـد
فالحياة بال حدود
عيش من فيها رغيد
و السرور بها أكيد
***
سيف الردى يبغي الغزاة
أنا قمتُ أثأر للحياة
أنا سرتُ في درب الثبات
ألدك أعناق الطغاة
في الثرى يحلو الرقاد
ثورة و ُ
العز زاد
و الدما ُء هي المداد
***
ُرشي من فوقي الزهور
في الحواصل ل القبور
سوف أمرح كـ الطيور
في رياض الخالدين
دربنا درب طويل
صبرنا فينا أصيل
إننا لن نستقيل
نصرنا أو فـ ال َمنون
-أنس براحة:
ماشي يا ماما ،ربنا مايحرمني منـك أبدًا .
-البنة و هي تتقدم:
نعـم يا مامتي
-جهاد بحنان:
تعالي يا حبيبتي شيلي زين على ما أصلي المغرب أل كل ما أسيبه يعيط
-البنة ببهجة:
حاضر ،تعالى يا زين العابدين ،تعالى ،حملته الفتاة من يد والدتها و لكن الصغيـر أخذ يبكي بقوة بمجرد أن ابتعد عن والدته ،حاولت أخته
تهدئته و لكنه لم يستجب ،فقالت و هي تقطب جبينها:
ماما ،مش راضي يسكت ،زين متعلق بيكي إنت أوي
-األم بحنان:
طب خالص هاتيه ها أصلي و أنا شاياله
-جهاد بتعجب:
إزاي يعني ،هو دا ينفع ؟ !
-األم ببسمة:
أيوا يا حبيبتي دي من األمور المباحة في الصالة ،إننا نصلي و إحنا شايلين الطفل الصغير و لما نيجي نسجد نحطه على األرض و نشيله تاني
أما نيجي نقوم ،الرسول صلى هللا عليه و سلم عمل كدا ،كان بيصلي و هو شايل أمامة بنت السيدة زينب ،حفيدته يعني ،و كان إذا سجد
وضعها و إذا قام حملها .
-جهـاد بإعجاب:
أول مرة أعـرف المعلومة دي و هللا ،ابتسمت لها األم ،ثم حملت صغيرها و بدأت في صالتها
-هناء بألم:
إنت لسـه زي ما إنت يا جهاد ،يا بنتي فوقي باهلل عليكي ،يا جهاد مـر تلت سنين على غياب نضال و مفيش عنه أي أخبار ،نضال استشهد يا
جهاد ،إحنا كلنا قلقانين عليكي من كالمك دا ،ليه مش عايزة تصدقي الواقع ،كلنا أكيد مجروحين و كل ما بنفتكره بنعيط لكن عقولنا تجاوزت
الموضوع و صدقت و بتحاول تتأقلم و إنت زي ما إنت بقالك تلت سنين ،كل حاجة تعمليها تقولي يارب تعجب نضال أما يرجع ،يا جهاد باهلل
عليكي حرام عليكي نفسك ،اللي بيموت مابيرجعش ،بصي لنفسك في المراية بقيتي عامله إزاي من العياط و النتظار و التفكير ،عنيكي على
طول مليانه بالدموع و خسيتي أوي يا جهاد و صحتك بتتأثر ،فوقي يا جهاد و بطلي تعملي في نفسك كدا .
-جهاد ببكاء:
ليه يا هناء كدا ،ليه ،يا بنتي صدقيني أخوكي ها يرجع ،أنا خليته يوعدني قبل ما يسافر و هو لما بيوعد بيوفي ،أنا ها أفضل مستنياه ،أكيد
أنا وحشته و هايجي قريب ،مش مهم التلت سنين اللي مروا دول ،أنا برضه ها أفضل أستناه
......... ........ ........
عزيزا في ثنايا القلب منزلُه
ً أبلغ
أني و إن كنتُ ل ألقاه ألقاه
-أيوا يا ماما الحمد هلل ،كدا تمام ،ربنا ييسر األمور و يسهلها علينا كلنا
-جهاد بهدوء:
بإذن هللا يا حبيبي ،أنا واثقة إن ربنا ها يكرمك ،إنت ما قصرتش طول السنة في مذاكرتك رغم إنك شايل مسؤولية حاجات كتير
-أرادت جهاد أن تتحدث معه في أمور متفرقة ،حتى يهدأ ما بداخله من توتر فقالت :
قولي صحيح بقى إنت عايز تدخل كلية إيه
-أنا حابب إني أكون طبيب و أخفف عن الناس آلمهم بجانب إني بحب التدريس جدًا و عايز أكون دكتور جامعي ،عشان أكون جند من جنود
ربنا في الكلية ،و بابا كان في كلية طب و رغم غيابه إل إن أثرة باقي و األخالق اللي زرعها في الطالب موجودة و بيعلموها للدفعات اللي
بعدهم ،فأنا قررت إني أكون فـ كلية تانية و أزرع فيها نفس األخالق العظيمة اللي بابا علمهالي ،و نفسي يكون ليا تأثير في حياة الطالب
شبهكم و بكدا يبقى إحنا أثرنا في تلت كليات إنت فـ تربية و بابا فـ طب و أنا فـ أسنان ،علنا نقدر نصلح حال األجيال .
-جهاد بفخر:
ما شاء هللا يا أنس ،داي ًما تفكيرك ناضج و عاقل ،ربنا ينفع بينا يا ابني و يرجع لينا بابا
حـاولت أن تشغـل نفسـها طوال اليـوم بالقراءة و أعمـال المنـزل ،وضعـت الطـعام و رفعتـه ثانيةً كمـا هـو دون أن تأكـل ،كـانت دمعاتهـا
تتسـاقط مـن وقـت آلخـر كلما تذكـرت شيئًا كانـت تفعـلُه مـع زوجهـا ُ ،رفـع آذان العشـاء ،توضأت ثـم دخلـت إلى غرفـة الصالة ،رفعـت
كثيرا ،تضرعـت إليـه بكـلً يديهـا بتكبيـرة اإلحرام و بدأت في الصالة و بدأت معهـا دمعاتهـا ،أطالـت السجود و أطالـت البكـاء ،ناجت ربهـا
ألوان الدعـاء ،كـان صوت نحيبهـا مرتفعًا ،لـم تبك بصمـت كعادتهـا عنـد وجود أبنائهـا فـي المنزل ُ ،ربمـا قضت ساعة في الصالة ،
شعـرت بـ اإلرهاق فأنهـت صالتهـا و جلسـت تذكـر هللا ،سمعـت جـرس الباب ،فمسحـت دمعاتهـا سريعًا لتوقعهـا أن أبنائهـا قـد عادوا و
تعجبـت من عودتهـم ألنهـا أوصتهـم بـ ال َمبيـت عنـد َجدهـم ،خـرجت مـن الغرفة ،توجهـت إلى الباب و فتـحته و هي تقـول بـعتاب :
جيتوا ليـه يا حبايبي مـ ، . . . . . .و فجأة توقفـت عن الكالم عنـدمـا رأت أن الطـارق ليس أبنائهـا ،تجمدت على وضعهـا ال ُمعاتب قبل أن
تقطع الحديث ،ظلـت واقفة تنظـر إلى الطـارق ،أهـذا نضـال ،ل ليـس هو ،ل يا أيهـا العقـل الغبي إنه هو ،أنا أعلم ،أشعـر به و إن تغيرت
كثيرا من حالتهـا سابقًا ،فقـد الكثيـر من وزنه ،تظهـر عالمات اإلعيـاء على وجهه ، ً هيئته ،عـاد الحبيب الغائب ،كـانـت لحيته أطـول
يرتدي مالبس متواضعة جدًا ،ليس أنيق كـ عادته ،لكـن عيناه كما هي ،نعم نظـرات العـشق و الشوق التي تحفظهـا جهاد عن ظهـر قلـب ،
كـال منهما ينظـر مباشرة إلى أعين اآلخـر ،بدأت مالمـح جهاد تتبدل شيئًا فـ شيئًا ،تحـولت من العتاب إلى الدهشة إلى ظال يقفان بال حركة ً ،
الحنين ثم إلـى الشـوق ،بدأت الدمـوع تتجمـع في عينيها ،ظال على هذا الوضـع عشـر دقائق ،بدأت جهـاد ترفـع يدهـا ببطء تريد أن تلمسه
حتى تتأكد أنهـا ل تتخيل ،لكـنهـا أوقفت يدهـا في الفراغ قبل أن تصـل إليه ،خوفًا أن يكـون حلُ ًما و تستفيق منـه ،بدأت الدموع التي ملئت
عيناهـا تتساقـط ،ثـم أكملت حركة يدهـا فجأة حتى وضعتهـا على صـدره أمام قلبه مباشرة و بمجرد أن فعلـت ذلـك كأن الكهرباء قد لسعتـه و
إذا بـ سكونه يتبدد فجأة ثـم يجذبـها إليـه بقوة و يرفعها حتى تصل إلى عنقه دون أن تقف على قدميه كما كانـت تفعـل دو ًما ،عانقهـا و شدد
عليهـا القبضة حتى كاد يسحقهـا مـن الشوق ،تمسكت هي به بقوة و دفنت وجهها في عنقه و أخذت تبكي بقوة ،أمال رأسـه على كتفها و
أخيرا ! هـل جاء الفرج بعد الصبر ! هـل ً أخيرا و أنهما يتعانقان اآلن ،هل انتهى األلم
ً انخرط في البكاء أيضًا ،كانا ل يُصدقان أنهما التقيا
نجح المؤمنون في الختبار و حان وقت مكافئتهم ! هل استجاب هللا الدعوات التي ظنهـا الجميـع مستحيلة ! نعـم لقـد حدث كــل ذلـك ،ظلـت
أرواحهـم تحتضن بعضهـا هكذا لوقت طويل ،بثوا كـل مشاعرهم دون حـرف واحد ،و كما أقـول دو ًما ُرب عناق أبل ُغ مـن كلمـات اللغة كلها
،أنزلها نضال أرضًا ببطء و ظل اتصال أعينهما ممتدًا ،و إذا فجأة دون أن يتفوها بكلمة يخران سُجدًا م ًعا دون ترتيب ،كأن أرواحهـم قد
اتفقتا على كل شيء و كأن الكلمات هي آخر ما يلجئون إليـه من أجل التواصل ،فالكلمات خاصة بـ هؤلء الذيـن ل يعلمـون معنى العـشق و لـ
شكرا علـى نعمة
ً هؤلء الذين لـم تتحـد أروا ُحهم ،أمـا هما فأبعد ما يكونا عن الجهـل بالعشق فهما من علما العالم معنى الحب و ال ُهيام ،سجدا
ظنهـا الجمـيع مستحيلة و لكنها قلوب المؤمنين و يقينُها و كرم الرحمن و حنانه و لطفه بأحبابـه .
أمـسكها نضال من يدهـا و أغلـق البـاب ثم توجـه إلى الصالون فجلس على األريـكة و أجلسـها بجواره و عاد التصال البصـري بينهما دون
كالم ،تجمعـت الدموع في عين جهـاد فـ استدارت بجزعهـا إليه و دفنـت رأسهـا في صدره و أمسكت بكلتا يديهـا في قميصه ،فأحاطها
بذراعيه و تركهـا تُبلل جسده بـدمعاتها ،ظلت جهاد تخفي وجهها داخله هكذا كأنها تحتمي به ،تستعيد شحن كل قواها ،تستمد من قربه كل
أسباب الحياة ،تُعيد الحياة لقلبها ،أما هو فكان يضمها إليه أكثر بين الحين و اآلخر ،أذابه الشوق إلى فتاتـه فـود أن يشق فؤاده و يُدخلها ثـم
يُغلقه عليهـا ،هدأ صوت بكائها و يبدوا أنهما قد تواصال معًا بكل الطرق و لم يعد إل الكالم ،رفعت وجهها عنه ثم وضعت يدها على وجهه و
قالت بأعين دامعه و نبره راجية:
إنت رجعتلي يا نضال صح؟ أيوا إنت خالص معايا مش كدا ؟ و مش ها نسيب بعض تاني أبدًا
-نضال بهدوء و قد عدّل جلستها لتجاوره من جديد و وضع ذراعه على كتفيها و قال:
كنت في السجن يا جهاد ،الست سنين دول كنت فيه ،من يوم النصر ،لما لقوا نفسهم بينهزموا يومها و نهايتهم قربت بقوا اللي يطولوه من
الصفوف األولى يمسكوه ،و أنا ربنا قدرلي إن أتاخد مع اللي اتاخدوا ،ربنا ينتقم منهم ،مش عارف المكان اللي أخدونا عليه دا فين ،تقريبا
أول سنة كلها عدت تعذيب ،سعق بالكهرباء ،ضرب ،أي حاجة ممكن تتخيليها حاولنا نهرب كذا مرة ما عرفناش ،كان معايا اتنين مصريين
و غيرنا كتير من دول تانية و سوريين ،التعذيب بدأ يقل ،لكن برضة مش راضيين يخرجونا ،كنا في مكان غريب أوي ما حدش يعرف عنه
حاجة ،كان ممنوع نسأل عن أي حاجة أو نحاول نفهم ،ناس مننا ماتت من التعذيب و ما استحملتش ،لحد من تلت أيام حصل هجوم على
المكان اللي كنا فيه و أهل سوريا األحرار خرجونا و رتبوا سفرية كل واحد فينا لبلده و أديني جيت بفضل هللا أهو
-جهاد ببسمة:
النهارده أنس خلص امتحانات الثانوية و أخد خواته و راحوا يتفسحوا و هايباتوا عند ماما وفاء
ً
أصال و الحمد هلل إني فضلت هنا و إنك جيت ،أنا حاسة إني مش مصدقة و هللا ،استنى ها أكلمهم يجوا ، -أنا اللي صممت ،أنا بطلت أخرج
مش ها يصدقوا ،همت بالقيام ،فأمسك نضال يدها و قال بمكره المعهود:
ل سيبيهم يجوا بكرا براحتهم ،دا ترتيب ربنا بقى إني أرجع و إنت لواحدك
-جهاد ببراءة:
أكيد هم وحشوك يا حبيبي ،لسه بدري خليهم يجوا
ً
أصال ها أموت و أشوفهم ،ثم قال بغمزة: -و هللا وحشوني أوي ،أنا
بس فيه ناس وحشتني أكتر و عايزها على انفراد
-نضال بضحك:
طب بزمتك يعني أبقى محترم إزاي و إنت قمر زي ما إنت كدا و برضة بتتكسفي ،أنا فكرت إن السنين دي نسوكي الكسوف دا ،و إني ها
ألقي استقبال حافل بقى و كدا
-نضال و هو يقوم من مكانه و يجذبها من يدها لتقوم خلفة ،نظر لها و قال بخبث:
ها تضيعي الليلة في أحالمك يا أختي ،ل ركزي دا واقع و تعالي بقى أحكيلك حررنا سوريا إزاي
-ههههههه ل األقصى اتحرر كتير ،سوريا بقى ظلمناها يا ستي بقالنا ست سنين .
و أذن هللا للمشتاقـين بـ اللقـاء ،و هدأت القلوب بعـد العنـاء ،و كـان الوصال جزاء من ُخلُقُه الوفـاء ،عاد رفيقُ الدرب لـ يُنير الليالي الظلمـاء
،و يَرسُم البسمة بعـد البكـاء . . . . . . .
من كان أسير الحب يبقى في سجنه مهما طالت األيام ،من يعشق الروح ل تتبدل مشاعرة و إن فنت األجساد ،البعد يُزيدُ العاشقين حبًا و شوقا
،حتى يموتون في محراب العشق
كانت آثار التعذيب موجودة على أماكن متفرقة من جسد نضال ،آثار لجروح عميقة ،كان ظهره مشوهًا تما ًما و به أماكن لزالت تؤلمه ،
بكت جهاد عندما رأت ذلك ،فـ اقترب منها و قال بحنان و هو يمسح دمعاتها :
يا حبيبتي ما تعيطيش ،كل البهدلة اللي فـ جسمي دي ها تروح في الجنة بإذن هللا ،إحنا كلنا هلل يا جهاد ،ما يهمش يعني لو اتعذبنا شوية في
سبيل نصرة المؤمنين .
فـي الصباح كانت جهاد قد استعادت كامل بهجتها و روحها المرحة ،قبـل الظهـر بساعة تقريبًا ،طرق أبنائها الباب ،دخل نضال إلى إحدى
الغرف سريعًا و توجهـت هي للباب ،فتحت لهم و هي في قمة سعادتها
-أنس بمرح و هو يقبل رأسها قبل أن يدخل:
إيه الجمال دا كله يا ست ماما ،نسيبك يوم نرد نالقيقي مبسوطة و عنيكي بتضحك كدا ،و كأنك صغرتي عشر سنين ،إيه هو إحنا مزهقينك
ول إيه
-أنس بجدية:
أنا ما أعرفش عنها كتير ،كل اللي أعرفه إن اسمها سما ،هي معايا في دفعتي ،منتقبة ،ما أعرفش ليه و إزاي لقيتني حاسس إني بحبها و
عايز أتقدملها رغم إني و هللا ما أعرف عنها حاجة ول عمري رفعت حتى عيني عليها ول على غيرها ،هي مرة واحده و أنا خارج من الكلية
و مش مركز حتى في اللي حواليا لقيت واحدة جاية بتنادي من ورايا عليها و هي كانت ماشية قدامي فوقفت من غير ما تدير فقومت باعد عنها
و مكمل مشي ،و بعدها شوفتها مرة صدفة و هي داخلة المدرج ،و ما تسألنيش عرفت إنها هي إزاي ألن أنا و هللا ما أعرف ،بس يا سيدي و
من وقتها و هي مش راضية تطلع من دماغي فقلت خير البر عاجله.
-أنس بمزاح:
شوف بيتريق برضة ،بقولك بحبها يا حج و الموضوع خطير و إنت بتهزر
-نضال بجدية:
بص يا أنس ،إنت إعرف اسمها بالكامل و نسأل عن أهلها و لو على ُخلُق و دين ،نتقدم يا باشا و تتجوز آخر السنادي
-أنس بدهشة:
آخر السنادي إيه يا بابا ،أنا لسه فاضلي سنة في الكلية و هي أكيد مش ها توافق تتجوز في الدراسة
-األب بجدية:
إنت مش صغير يا أنس ول مجرد شاب فـ خامسة جامعة ،إنت واحد عندك مشاريعك الخاصة بيك و عيادتك جاهزة من دلوقت و بتطلع األول
ً
أصال عايزك تتجوز على دفعتك و واحد طول عمره شايل المسؤولية و إنسان يُعتمد عليه و راجل بجد ،ما أظنش إنها ها ترفض بإذن هللا ،أنا
الصراحة و أطمن عليك ،ثم قال بمزاح :
و بعدين دا إنت واقع و عمرك ما إنت مستني لحد ما تخلص
-أنس بمزاح:
هللا يسامحك بقى إنت و ماما ،إنتم اللي بوظتوا أخالقنا كدهو بحبكم دا ،ثم قال بجدية و هو ينظر لوالده:
فيه حاجة أنا بستغربها فيكم يا أبتي إنت و ماما ،يعني هي عندها 48سنة تقريبًا و إنت عندك 57سنة إل إن روحكم روح شباب في العشرين
،حبكم ،ضحككم ،نشاطكم ،كل حاجة ،حتى ما شاء هللا شكلكم و صحتكم مش باين عليها السن خالص ،كأنكم شباب ما كسرتوش التالتين
لسه .
-نضال بحنان:
بص يا ابني أنا و ماما من صغرنا و إحنا بنتقي ربنا في كل حاجة ،عمرنا ما ضرينا جسمنا بحاجة حرام ول بذلنا مجهود غير في كل اللي
يخدم األمة ،حفظنا حق ربنا فربنا حفظنا يا أنس ،قدمنا صحتنا لخدمة اإلسالم و للعبادة فربنا باركلنا فيها و زادنا قوة ،عمرنا ما استخسرنا
وقتنا في مساعدة الناس فربنا وفقنا و ساعدنا ننجز حاجات كتير في وقت صغير ،عمرنا ما وجهنا مشاعرنا ناحية الحرام فربنا كافئنا ببعض و
خلى الحب بينا نقي و داي ًما بيزيد ،القاعدة اللي داي ًما بقولهالك إنت و إخواتك "احفظ هللا يحفظك" اللي هدفه ربنا من كل حاجة ربنا بيباركله في
كل حاجة يا ابني
.......... ........ ..........
تزوج أنس من سما بعدما أنهى عامه الجامعي الخامس ،و تم عقد قران جهاد على حمزة ابن فارس على أن يكون الزفاف بعد عام و مضت
األيام سعيدة على الجميع.
""الفصــل األربعــون""
نجــد وجـوه الشهـداء بيضـاء ،و يموتــون سعـداء ،رغـم أنهـم خسروا كـل حياتهـم ،و لكـن حياتهـم كلهــا فــي األصــل لــم تكــن هــي
هــدفهــم . . .
هـاتـف نضـال أصدقائـه مـن أهـل فلسطـين يـشد على أيديـهم و يُعـلن ثباته معهـم و مناصرتــه لهـم ،قـاما بجمـع أسرتـهما الكبيـرة فـي
منزلهـما ،أهـل جهـاد و أهـل نضال و إخوتـه و أبنائهـم ،فرح الجميـع بهـذا التجمـع و لـم يتوقعـوا أبدًا ما هـم علـى وشـك سماعه ،تنحنـح
نضـال ثـم قـال بصـوت مرتفـع موج ًهـا حديثه للجميـع :
بإذن الرحمـن أنـا و جهـاد مسافريـن فلسطـين كمـان عشـر أيـام ،فيـه انتفاضة قويـة ها تبدأ و إحنـا قـررنـا نشارك فيهـا و علـى األرجـح مـش
ها نرجـع تانـي يا جماعـة .
صـمت تام ،صمت مـن الصغيـر و الكبيـر ،بلغـت القلـوب الحناجـر مـن الخـوف و القلـق ،لـم يجرؤ أحـد علـى الحديـث سـوى أحمـد الذي
قال بصدمة:
إيه يا ابني اللي إنت بتقوله ده
بعد أداء صالة العشاء عانق اآلباء أبنائهم حتى أشبعوا أرواحهم من شذاهم ال َعطر ،ثـم انطلقـا معًا إلى تلبية نداء الرحمن و قد تشابكت أيديهـما
.
اآلن األبطال على أرض فلسطين ،توجها إلى القدس و بمجرد أن وصال م ًعا إلى ساحة المسجد األقصى خرا ساجدين يبكيان ،لقـد تحققت
أخيرا ،دمعات الشوق التي كانت تسقط من أعينهم كل ليلة في القيام و رجائهم الرحمـن ً دعوة ظلت ثابتة في كل سجدة منذ الصغـر ،هما هناك
أن يأخذهم إلى بيت المقدس قد منحتهم ثمارها ،يا هللا تحققت لهما تلك الدعوة التي تلهج بها ألسنتنا جمي ًعا " اللهم ارزقنا صالة في المسجد
األقصى قبل الممات " ها هما قد ُرزقا بذلك ،و بعد طول رجاء حان وقت تحقيق اآلمال و هدأت نيران الشوق ،بربهما بما يشعران اآلن ،
بربهما كيف حال الروح هناك ،بربكما يا من تنظران إلى قبته صفا لنا هواكما ،أبلغاه إذا أتيتم حماه أننا متنا في الغرام فداه ،يا بطالن هال
مننتُما على المشتاقين أمثالنا بوصفه لنا ،برسم بهائه و ثنائه في عقولنا ،بذكـر أسمائنا في رحابه.
بدأت النتفاضـة و كـانت حقًا قوية تلـك المرة ،و في المقابل ازدادت إعدادات اليهود قبحهم هللا ،كـ عادة األبطال ،كان نضال في بداية
صفوف الرجال و جهـاد في بداية صفوف النساء ،كـانت جهاد تصور كـل ما يحدث بحرفية عالية و ترفعه على المواقع الشهيرة بصورة
دورية ،كانت رغبتها القديمة في تعلم التصوير و إتقانه من أجل تلك الغاية و مثل هذا اليوم ،كانت نسبة مشاهدة تلك التسجيالت تزداد يو ًما
بعد يوم و كذلك كانت أعداد المرابطين تزداد بمؤمنين من شتى بقاع العالم ،بدأت المواجهـات تزداد قوة و بدأ الشهداء يتساقطـون و من
المحتمل أن يدب الخوف في قلوب البعض ،خشى نضال من ذلك فصعـد على المنصة ليلة الجمعة و أمسك مكبر الصوت بيده و نظر للجموع
أمامه ،و أخذ يردد تلك الكلمات بكل ذرة من كيانه :
لبيك إسالم البطولة كلُنا نفدي الحما
لبيك و اجعل من جماجمنا لعزك سُلما
لبيك إن عطش اللواء سكب الشباب له الدماء
لبيك لبيك لبيك لبيك
فـ اهتزت األرض من صوت المؤمنين الذين رددوا خلفة بصدق ،كـان مشهد َمهيب ،قشعرت من عظمته األبدان ،نعم هذه أصوات الرجال
الذين صدقوا مع هللا و جاءوا بأرواحهم قربانًا إلى الرحمن
فدبت العزيمة في قلوب كل المؤمنين و ألقى هللا الرعب في قلوب الكافرين ،هتف نضال بصوته الجهوري :
عنان السـماء ،ردد معهـم الكـون بأكمله ،الطيور و الصخور ،البحار و األنهار ،
تكبيــر ،فهتف المؤمنون هللا أكبر حتى عانقت أصواتهم َ
كانت لحظات التحدث عنها شيء مبتذل ،ل كلمات تُعبر ول حروف تجتمع لتصفها ،هتف نضال مرة أخرى تلك الكلمات قبل أن يهبط:
هللا غايتنا و الرسول قدوتنا و الموت في سبيل هللا أسمى أمانينا
ليال ،كانصباح الجمعة ،أصبح المؤمنون و كلهم يشتاقون النصر و الشهادة و كذلك أصبح اليهود و الرعب يملئ قلوبهم من هتاف المؤمنين ً
الصدام قويًا جدًا ذاك الصباح ،أظهـر الطرفان أقصى ما لديهم من قوة ،سقط الكثير من الجرحى ،كان نضال يسعف من يراه منهم سري ًعا ثم
يعود إلى مكانه في المقدمة و كانت جهاد تساعد في تطبيب المصابين باإلضافة إلى تصويـر كل ما يحدث عن قرب ،و كانت الغلبة للمؤمنين
في تلك المناوشة فـ استطاعوا طرد كل اليهود من ساحة المسجد األقصى و دخلوه مكبرين ،كان ذلك وقت صالة الجمعة ،امتلئ المسجد
بالمصلين و كذلك الحيز المحيط به و كافة الطرقات و المناطق المجاورة ،آلف المجاهدين المؤمنين ،حان وقت رفع األذان و لكن يبدو أن
مؤذن المسجد األقصى قد أصيب ،كان نضال في الصف األول فتقدم و رفع اآلذان ،كانت مكبرات الصوت قد ُوضعت في كل مكان ،صدع
باألذان بصوته الخاشع المحبب لكـل النفوس ،فبكت األعين لتأثرهم ببحة البكاء التي ظهرت في صوته أثناء رفع األذان ،دفعـه الجميع
لصعـود المنبر ،فصعد و خطب خطبة أخرج فيهـا كل ما تعلمه فـي سنوات حياته ،بكى و أبكى األفئدة قبل األعين ،بث الشجاعة و اإلقدام
في القلوب ،هانت الحياة في أعين الجميع و طلبت أفئدتهم الشهادة ثم جنات عدن ،أنهى الخطبة ثم هبط ليكون إمام تلك الجيوش ،كتب هللا له
كرامات لم يمنحها سواه ،لم يرزقه صالة في المسجد األقصى فقط ،لكن جعله إما ًما على صفوة الموجودين على وجه األرض ،هل جزاء
اإلحسان إل اإلحسان ! ،كبـر للصالة و كبر خلفه المؤمنون ،قرأ في الركعة األولى تلك اآليات
سبيل اّلل أَم َوات ۚ َبل َأح َياء َو َلكن َل تَشعُ ُرونَ * َولَنَبلُ َونكُم بشَيء منَ الخَوف َوال ُجوع َونَقص منَ األَم َوال َواألَنفُس
( َو َل تَقُولُوا ل َمن يُقتَ ُل في َ
ُ
صلَ َوات من َربّهم َو َرح َمة ۖ َوأولَئكَ هُ ُم
علَيهم َ ُ ُ
صابَت ُهم ُمصيبَة قَالوا إنا ّلل َوإنا إلَيه َراجعُونَ * أولَئكَ َ َ
شر الصابرينَ * الذينَ إذَا أ َ َوالث َم َرات ۗ َوبَ ّ
ال ُمهتَدُونَ )
[سورة البقرة ]157 - 154
من هللا على زوجها بتلكمؤثرا ،أثلج أفئدة المؤمنين ،و أثلج فؤاد زوجته التي كادت تفقد الوعي من شدة بكائها أن ّ
ً كان صوتُه خاشعًا نقيًا باكيًا
من عليها بصالة خلفة في المسجد األقصـى ،صلت خلف رفيقهـا في المكان الذي صلى به النبي بـ إخوانه األنبياء ،فقـد يكون الفضائل و ّ
موضع سجود زوجها هو نفس موضع سجود النبي منذ مئات السنوات ،نُقلت الصالة و الخطبة عبر الشاشات ،فقد جاءت كافة وكالت األنباء
إلى هذا المكان المقدس لنقل ما يحدث ،شاهد هذا البث أبناء نضال و أقاربه و أصدقائه و جيرانه و بكى الجميع لعظمة ما سمعوا و رأوا
خـرج المصلون من المسجد و قد ُرف َعت أروا ُحهم المعنوية ،وقعت الشتباكات من جديد و وقع المزيد من القتلى في كال الطرفين لكن قتالنا في
الجنة و قتالهم في النـار ،كان األعداء يهابون مواجهة نضال ،فقد وصل ذكر هذا البطل إلى مسامعهم ،سقط أحـد المقاتلين بجوار نضال
فحمله و أسرع به نحو أماكن إسعاف المرضى و يال ترتيب القدر عندما وصل به وجد جهاد على باب المكان يبدو أنها كانت تُسعف إحدى
الحالت ،كان قد مر عليهما يومان دون لقاء ،دخل نضال و وضع المصاب في الداخل و خرج ،تقدم ناحية زوجته الواقفة بالخارج ،أمسك
رأسها بيديه ثم قبل جبينهـا قبلةً مطولة ،كأنها قبلة وداع ،ألقى عليها نظرة طويلة ثم استدار و مضى عائدًا إلى الصفوف األولى دون أن ينطق
،وجدت داخلها هات ًفا يدفعها للسير خلفه ،فتبعته ،و في منتصف المسافة بين معسكر الجرحى و الصفوف األولى و كانت جهاد قد كادت
تصل إليه لو بسطت ذراعها لـ لمست ظهره ،و إذا فجأة يهبط وابل من الرصاص من جهات متفرقة عليهما معًا ،اآلن هما الثنان يقفان
ينزفان ،لم يصل األمر لديهما إلى مرحلة اإلدراك بعـد ،ربما اآلن هما يشكران تلك الرصاصات التي منحتهم أعظم ما في الوجود ،و قبل أن
يسقطا متجاورين ،أُلقيت قنبلة بجوارهما ثم انفجرت فقُذفت جهاد بعيدًا جهة معسكر الجرحى نتيجة النفجار و سقط نضال في الجهة األخرى ،
اآلن أرواحهم تداعب أجسادهم التي تنزف بغزارة برفق قبل أن تفارقها ،حركت جهاد رأسها بصعوبة جهة نضال فوجدته هناك على مرمى
بصرها ينظر إليها ،سقطت دمعاتها و جاهدت لتمد يدها جهته كأنها تستجديه أن يقترب حتى يفارقان الحياة معًا ،و يأبى هللا إل أن يُلبي رغبة
عباده المؤمنين حتى و هم يفارقون الحياة ،فإذا بجنود مؤمنين يقتربون من نضال و يحملونه و يتوجهون به نحو معسكر الجرحى و هم يبكون
هذا البطل الذي يفارق الحياة ،بمجرد أن وصل إلى مكان زوجته نظر إلى من يحملونه ثم نظر إلى زوجته ففهم حاملوه رغبته فوضعوه
كثيرا بأعينهما ثم ارتسمت البسمة ً كثيرا حتى أمسك يدها بيده و شد عليها بوهن ،نظر كل منهمـا لألخر و قال كال ًما ً جوارها تما ًما ،عانى
على وجهيهما ،نعم إنها بسمة الشهداء ،البسمة الوحيدة الحقيقية في تلك الحياة ،ما الذي يجعلهم يبتسمون ! إنهم يرون اآلن مقعدهم من الجنة ،
لم تظهر أي عالمة لأللم على وجوههم ،و هذه من كرامات الشهداء أنهم ل يشعرون بآلم جروحهم و يغفر هللا لهـم مع أول قطرة دم ،و
يُؤمنون من الفزع األكبر و يشفعون في سبعين من أهلهم و يأتون يوم القيامة بجراحهم تنزف ،اللون لون دم و الريح ري ُح مسـك ،رددا معًا
س َالم َعلَيكُم صلَ َح من آبَائهم َوأَز َواجهم َوذُ ّرياتهم ۖ َوال َم َالئ َكةُ يَد ُخلُونَ َ
علَيهم من كُلّ بَاب * َ عدن يَد ُخلُونَ َها َو َمن َ
تلك اآليات و هما يبتسمان ( َجناتُ َ
صبَرتُم ۚ فَنع َم عُقبَى الدار)
ب َما َ
ثم رددا شهادة الحق و أغمضا أعينهما و لزالت البسمة تنير وجوههما و أيديهما متشابكة ،كأنهما اآلن يتنزهان م ًعا في مكـان آخر ،فـي عالم
جديد ،كأنهما يُحلقان اآلن في جنات عدن مع النبين و الصديقين ،ذهـبا إلى هللا معًا كما أطاعاه معًا ،منحهما هللا دعوتهما كما طلباها تما ًما ،
كال منهما ثالث رصاصات فكـم ضحيا بأغلى ما يملكان من أجل طاعته ،فكافئهما الجميل بالجـمال ،اختلطت دماؤهما معًا ،كان في جسد ً
بأماكن متفرقة و جروح أخرى كثيرة بالغة و غائرة من أثر النفجار ،هدأت وطأة القتال شيئًا ما ف ُحمال و دُفنا في األراضي المقدسة و قد
أن هذا الحدث قد أُلقيت عليهما الزهور و ظلـت بسمتهما تنير وجوههما ،في مشهد مهيب يليق بضيوف الرحمن ،و من فضل هللا على األمة ّ
مثال يُحتذى به لحياة المؤمن الملتزم ،تنافست التقطته الكاميرات منذ أن حضر نضال بالجريح إلى المعسكر حتى مراسم دفنهما حتى يكون ً
الفضائيات في بث هذا الحدث ،فال أذكـر أنه بقي أحد لم يشاهد هذه العظمة ،شاهده ك ُل من يعرفهما و من لم يعرفهما ،بكاهما الجميع ،تطوع
أحدهم و نشر على مواقع التواصل الجتماعي أن يصلوا على هاذان الشهيدان صالة الغائب ،تم التفاق على التجمع وقت صالة العشاء في
ميدان رابعة العدوية ظنًا منهم أن األعداد التي ستأتي ستكون قليلة على ميدان التحرير ،انتشر الخبر بسرعة رهيبة ،و بعد ثالث ساعات وقت
أذان العشاء كان الميدان قد امتلئ بالبشر ،و ملؤا الطرقات المحيطة بالميدان ،و كل المناطق المجاورة ،ل أدري كيف تجمع هؤلء بتلك
السرعة ،جاء الناس من كل المدن ،من المنصورة و األسكندرية من الصعيد و القرى ،كان مشهدًا عظي ًما ل أذكر أنه حدث من قبل ،صلى
بالجميع إما ًما أنس ،ابن الشهداء .
كـان اليـوم التالي هـو أول يـوم في الفصـل الدراسي الثاني ،صلى فيه طالب جامعة األسكندرية كلهـم داخل الحرم الجامعي صالة الغائب
أيضًا على أرواح أساتذتهم و تم إعالن الحداد لمدة شهر في الجامعة بأكملها.
ظلت ذكراهم حيه في الذاكرة لألبد ،و خلدها التاريخ ،ظلت في قلوب طالب جهاد بالمنصورة و األسكندرية و طالب نضال ،في قلوب كل
الشباب الذين التحقوا بالمركز و كل المرضى الذين تعالجوا في مشفى نضال ،كل من تعامل معهم لمرة واحدة ظل يذكرهما و يدعو لهما
تأثرا
مستمرا ،األخالق التي بثوها في الجميع ،من تقرب إلى هللا بسببهما ،من أسلم ً
ً بالخير دو ًما ،ذهبا إلى هللا و ثواب أعمالهما لزال
بحديثهما ،صدقاتهم و أعمال الخير الكثيرة التي قضيا حياتهما من أجلها ،لم تكف األلسنة عن الدعاء لهما و الثناء عليهما ،و لم تجف
الدمعات عند ذكرهم ،و فعـل الخير و منح ثوابه لهما.
أقسم الجميع أن هاذان الشهيدان كانا لبد أن ينال كل تلك الفضائل ،فأخالقهما أخالق شهداء و طلتهما طلة شهداء و بسمتهما بسمة شهداء ،
معبرا عنهما ،جهـاد و نضـال ،اسمان مشتقان من بعضهما و وصفا حياة أصحابهما وصفًا ً سبحان تقدير العزيز العليم ،حتى اسمهما كان
عيني) ،كأن هللا قـد صنعهما على عينه حقًا منذ ولدتهما و حفظهما
علَى َ
دقيقًا ،أراهما بكل تلك المحاسن تنطبق عليهما تلك اآلية ( َولتُصنَ َع َ
بفضله حتى صارا ممن يدلون على هللا بطيفهم .
ً
ضئيال فهـو األحبُ إلى روحـي عما سواه ً
ضئيال مـن أحالمي بأدق تفاصيله ،لكنه و إن كان شاركتُكم جز ًءا
إن كان لبـد أن أقدم هذا العمل إهدائًا ألحدهـم فأنا أقدمه إليـه ،إلى رفيق الكفاح و الجنان ،إلى السكن و السكينة ،إلـى الشهيد زوج الشهيدة ،
إلى من ل أعلمه و لم أره و لكن هللا يعلمه و يراه و سيأتيني بـه ،ثـم إلى أفراد عائلتي كلهم ،صغيرهم و كبيرهم ،من علموني و أدبوني و
كانوا مصـدر اإللهام و التحفيز ،و فـي مقدمتـهم َجدي وأمي و شقيـقتـي ،ثم إلى صديقاتي مـن دفعوني نحو هذا الطريق ،إلى من اكتملت تلك
الرواية بتشجيعهـم و مساندتهم ،ثم إليكـم جميعًا ،إلى كل من أثلج فؤادي بكلمة طيبة ،إلى كـل من قرأها و أسعدني بمروره .
دفعـني لكتابة هذه األسطر رجائي بـأن يبقى لي أثر بعد مماتي ،و وددت أن أزرع في فؤادي و أفئدتكـم قدوة ،أن أحكي لنفسي و لكـم عن
ً
مستحيال و خياليًا ،أقسـم لكـم أن مثل هؤلء موجودون ،و أننا جمي ًعا نموذج طيب افتقدناه في ظل هذا السوء الذي يحاصـرنا ،و لكنـه ليـس
نستطيـع أن نكون مثلهـم و أعظـم ،فقـط علينـا أن نقـرر و نعمل و سـنصل .
مـن أثّرت بـروحه تلك العبارات و أراد أن يكافئني فـ ليذكرني فـي دعائه و ليسأل هللا لي القَبول ،فهذا و هللا أعظم إحسـان قد تقدمونه لي و
أحب األشياء إلـى نفسـي.
ً
مستقبال ،أن يترك لي أثر بقي لي عنـدكم حاجة ،و أرجوا أن تتفضلوا عل ّي بها ،أريد من كـل من أتم قراءة تلك الرواية اآلن أو مـن سيقرأها
،تشجيع ،نقـد ،دعاء ،درس ُمستفاد ،رؤية جديدة في الحياة بسبب تلك الرواية . . . .أي شيء ،فـ ليكتب كل منكم ما يحـلو لـه ول
تـحرموني بهجة مروركـم و آرائكم .