Professional Documents
Culture Documents
مشروع
مشروع
ﻧﺷﺄ ﻓﻘﯾراً ،ﻟم ﯾﺟد ﻓﺿﻠﺔ ﻣن ﻣﺎل ﺗﻣﻛﻧﮫ ﻣن أﺧذ اﻟﻌﻠم ﺧﺎرج ﻣدﯾﻧﺗﮫ ﺟرﺟﺎن ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ظﮭور وﻟﻌﮫ
اﻟﻣﺑﻛر ﺑﺎﻟﻌﻠم واﻟﻧﺣو واﻷدب .وﻗد ﻋوﺿﮫ ﷲ ﻋن ذﻟك ﺑﻌﺎﻟﻣﯾن ﻛﺑﯾرﯾن ﻛﺎﻧﺎ ﯾﻌﯾﺷﺎن ﻓﻲ ﺟرﺟﺎن ھﻣﺎ :أﺑو
اﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺣﺳن ﺑن ﻋﺑد اﻟوارث اﻟﻔﺎرﺳﻲ اﻟﻧﺣوي ،ﻧزﯾل ﺟرﺟﺎن ،واﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑو اﻟﺣﺳن ﻋﻠﻲ ﺑن ﻋﺑد
اﻟﻌزﯾز اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ،ﻗﺎﺿﻲ ﺟرﺟﺎن ﻣن ﻗﺑل اﻟﺻﺎﺣب ﺑن ﻋﺑّﺎد.
02
أﻋﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر
اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ
ﻟﮫ ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﺎت ﻛﺗﺎب »اﻟﻣﻐﻧﻲ« وﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﯾن ﻣﺟﻠداً ،وھو ﺷرح ﻣﺑﺳوط ﻟﻛﺗﺎب »اﻹﯾﺿﺎح«
ﻓﻲ اﻟﻧﺣو ﻷﺑﻲ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﺎرﺳﻲ ) 377ھـ( ،وﻛﺗﺎب »اﻟﻣﻘﺗﺻد« وھو ﻣﻠﺧص ﻟﻠﻛﺗﺎب اﻟﺳﺎﺑق ،وﯾﻘﻊ
ﻓﻲ ﻣﺟﻠد واﺣد» ،اﻟﺗﻛﻣﻠﺔ« وﻓﯾﮫ إﺿﺎﻓﺎت ھﺎﻣﺔ ﻟم ﯾذﻛرھﺎ ﺻﺎﺣب »اﻹﯾﺿﺎح«» ،اﻹﯾﺟﺎز«
وھو اﺧﺗﺻﺎر ﻟﻺﯾﺿﺎح ،ﻛﺗﺎب »اﻟﺟﻣل ﻓﻲ اﻟﻧﺣو« وھو ﻛﺗﺎب ﻟﻘﻲ ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻣن اﻟدارﺳﯾن ﻗدﯾﻣﺎ ً
وﺣدﯾﺛﺎ ً ،ﻛﺗﺎب »اﻟﺗﻠﺧﯾص« وھو ﺷرح ﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟﻣل ،ﻛﺗﺎب »اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺋﺔ« وھو ﻛﺗﺎب ﻓﻲ
اﻟﻧﺣو ،ﻛﺗﺎب »اﻟﻌﻣدة« ﻓﻲ اﻟﺗﺻرﯾف ،وﻛﺗﺎب »دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز« وھو ﻣن أھم ﻛﺗﺑﮫ ،وأﻛﺛرھﺎ
ﻗﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ واﻟﺑﻼﻏﺔ ،ﻋرض ﻓﯾﮫ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧظم ،اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ
اﻷدب واﻟﻧﻘد ،وﺗﻣﺧض ﻋﻧﮭﺎ ﻣﻧﮭﺟﮫ اﻟﻠﻐوي اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ اﻟﻣوﺿﻌﻲ ،أﻗرب اﻟﻣﻧﺎھﺞ إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ أدﺑﻧﺎ
اﻟﻌرﺑﻲ .ﺗﻧﺎول ﻓﻲ »اﻟدﻻﺋل« ﻣﺑﺎﺣث اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ واﻟﻣﺟﺎز واﻻﺳﺗﻌﺎرة واﻟﺗﺷﺑﯾﮫ اﻟﺑﻠﯾﻎ واﻹﯾﺟﺎز
واﻟﻧظم ،أھم ﻣﺑﺎﺣث ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎول ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وأﺣوال اﻟﻣﺳﻧد واﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﮫ.
وﻗد أﺛﺑت ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ھذا أن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻣﻌﺟز ﺑﺑﻼﻏﺗﮫ وﻓﺻﺎﺣﺗﮫ ،أي ﺑﻧظﻣﮫ .وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺻّل
اﻟﻘول ﻓﻲ أﺳرار ﺟﻣﺎل اﻟﻧظم ،ﻣﺗﺧذاً ﻣن اﻟﺷﻌر واﻟﻘرآن ﻣﺻدراً ﯾﺳﺗﻧﺑط ﻣﻧﮫ ﻓﻧون اﻟﺑﻼﻏﺔ
ﻋﺎﻣﺔ ،وﻣﺑﺎﺣث ﻋﻠم اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺧﺎﺻﺔ .وﯾﻣﺛل ھذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣرﺣﻠﺔ اﻻﻛﺗﻣﺎل ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر.
وﻟﮫ أﯾﺿﺎ ً »أﺳرار اﻟﺑﻼﻏﺔ« وھو ﯾﻣﺎﺛل »اﻟدﻻﺋل« ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﻗد أﻟﻔﮫ ﺑﻌده،
وﻓﯾﮫ
ﻋﻧﻲ ﺑدراﺳﺔ اﻷﻧواع اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻟﻠﺻورة اﻷدﺑﯾﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ :أﻧواﻋﮭﺎ ،أﻗﺳﺎﻣﮭﺎ ،وظﺎﺋﻔﮭﺎ ،ﺗﺷﻛﯾﻠﮭﺎ
اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ ،أﺛرھﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ وروﻋﺗﮭﺎ ،ﻓﺎھﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻻﺳﺗﻌﺎرة وأﻧواﻋﮭﺎ ،واﻟﺗﺷﺑﯾﮫ وأﻗﺳﺎﻣﮫ
واﻟﺗﻣﺛﯾل وﺗﺄﺛﯾره ،ﺑطرﯾﻘﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ راﺋﻌﺔ ،و ﺑﻣﻧﮭﺞ ﯾﺑﺣث ﻋن اﻟدﻗﺎﺋق واﻷﺳرار واﻟﻔروق ﺑﯾن
ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻓﻧﯾﺔ وأﺧرى .وﻗد ﻛﺎﻧت آراؤه ﻓﻲ »اﻷﺳرار« أوﺳﻊ وأدق ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ »اﻟدﻻﺋل« ،إذ أطﺎل
اﻟﺷرح واﻟﻌرض واﻟﺗﺣﻠﯾل واﻟﺗﻌﻠﯾل ،ﻛﻲ ﯾﺳﺗﺧﻠص اﻟﻘﺎﻋدة ،ﻣﺗوﺧﯾﺎ ً ﻣن ذﻟك -وﻗد اﺳﺗطﺎع -أن ﯾﺿﻊ
ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑﯾﺎن اﻟﻌرﺑﻲ .وﺑذﻟك أﻛد ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر أﻧﮫ ﻧﺎﻗد ﺟﻣﺎﻟﻲ ﻋﻘﻼﻧﻲ ،ﯾﺑﺣث ﻋن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺻورة
اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻﺢ ﻋن دﻗﺎﺋق اﻟﻧظم وأﺳرار ﺗﺷﻛﯾل اﻟﺳﯾﺎق .وھﻛذا
ﻛﺎﻧت ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧظم اﻟﻣﺣور اﻟذي ﺗدور ﺣوﻟﮫ ﻓﻛرة اﻟﻛﺗﺎﺑﯾن ﻣﻌﺎ ً.
03
إﻧﺟﺎزات ﻋﺑد
اﻟﻘﺎھر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ
ھو ﯾﻌﺗﺑر ﻣؤﺳس ﻋﻠم اﻟﺑﻼﻏﺔ ،أو أﺣد اﻟﻣؤﺳﺳﯾن ﻟﮭذا اﻟﻌﻠم ،وﯾﻌد ﻛﺗﺎﺑﺎه :دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز وأﺳرار
اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻣن أھم اﻟﻛﺗب اﻟﺗﻲ أ ُﻟﻔت ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ،وﻗد أﻟﻔﮭﻣﺎ اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ﻟﺑﯾﺎن إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم
وﻓﺿﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺻوص اﻷﺧرى ﻣن ﺷﻌر وﻧﺛر ،وﻗد ﻗﯾل ﻋﻧﮫ :ﻛﺎن ورﻋًﺎ ﻗﺎﻧﻌًﺎ ،ﻋﺎﻟﻣًﺎ ،ذا ﻧﺳك ودﯾن،
ﻛﻣﺎ أﻟف اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻛﺗب ،وﻟﮫ رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن ﺑﻌﻧوان "اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺷﺎﻓﯾﺔ ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن"
ﺣﻘﻘﮭﺎ ﻣﻊ رﺳﺎﻟﺗﯾن أﺧرﯾﯾن ﻟﻠﺧطﺎﺑﻲ واﻟرﻣﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻛﺗﺎب ﻛل ﻣن ﻣﺣﻣد ﺧﻠف ﷲ وﻣﺣﻣد زﻏﻠول
ﺳﻼم ،وھﻲ ﻣن أﻓﺿل ﻣﺎ ُﻛﺗِب ﻓﻲ اﻹﻋﺟﺎز ﻧﻔﻰ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ اﻟﻘول ﺑﺎﻟﺻرﻓﺔ ،ﻣؤﯾداً ﻛﻼﻣﮫ ﺑﺎﻷدﻟﺔ
اﻟﻘﺎطﻌﺔ ،واﻟﺣﺟﺞ اﻟداﻣﻐﺔ .ﺗوﻓﻲ ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ﺳﻧﺔ 471ھـ.
ﺗﻔرد ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر ﺑﻧظرﺗﮫ اﻟﺟدﯾدة اﻟﺻﺎﺋﺑﺔ ﻟﻠﻐﺔ ،إذ أﺛﺑت أن اﻟﻠﻐﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ و
اﻟﻣﺗﺂزرة داﺧل اﻟﺳﯾﺎق ،وأن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧظم أﻣور ﺧﻔﯾﺔ ﻻ ﺗدرك إﻻ ﺑﺎﻟذوق وﻻ ﺗﻛﺗﺷف إﻻ ﺑﺎﻟﺗﺣﻠﯾل
واﻟﻣوازﻧﺔ ،ﻓﻛﺎن ﻣﻧﮭﺟﮫ اﻟﻠﻐوي ﻧﺗﯾﺟﺔ طﯾﺑﺔ ﻧظرﯾﺗﮫ ،وﻓﯾﮫ ﯾﺷﺗرط وﺟوب اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺧطﺄ
واﻟﺻواب ،واﻟﻣﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﺳن واﻟﻘﺑﯾﺢ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐزﯾرة واﻟدﻗﺔ ،واﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،واﻟذوق
اﻟﺻﺎﻓﻲ ،واﻟﺑﻌد ﻋن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳطﺣﯾﺔ أو اﻟﺟﺎھزة
وﺑذﻟك اﺳﺗطﺎع ﻋﺑد اﻟﻘﺎھر أن ﯾوﺣﱢ د ﺑﯾن رﻛﻧﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻔﻧﻲ ،اﻟﻠﻔظ
واﻟﻣﻌﻧﻰ ،وأن ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺳﻣﺔ اﻟﺟﺎﺋرة ﺑﯾن اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻌﺎري
واﻟﻣزﺧرف ،ﻓوﺣد ﺑﯾن اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺷﻌر ،وﺑﯾن اﻟﻧﺣو واﻟﺑﻼﻏﺔ ،ووﺿﺢ
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﻠق اﻟﻔﻧﻲ .ﻓﺑدا ﻧﺎﻗداً ﻣﺗﻣﯾزاً ،أﻋﺎد ﻟﻠدرس اﻟﺑﻼﻏﻲ ﺣﯾوﯾﺗﮫ،
وﺣدد ﺧطوات ﻣﻧﮭﺞ ﻧﻘدي اﺳﺗﻣد أﺻوﻟﮫ وﺧﺻﺎﺋﺻﮫ ﻣن ﻣﺎدة درﺳﮫ وھﻲ
اﻷدب ،ﻓﻛﺎن أﻗرب اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻧﻘدﯾﺔ واﻟﺑﻼﻏﯾﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺗراﺛﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻧﻘد
اﻷدﺑﻲ اﻟﺣدﯾث .وﻗد اﺳﺗﺣق أن ﯾﻛون ﻣن ﻛﺑﺎر أﺋﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﺑﯾﺎن ،ﻛﻣﺎ
».ﯾﻘول اﻟﺳﯾوطﻲ ﻓﻲ »ﺑﻐﯾﺔ اﻟوﻋﺎة