You are on page 1of 105

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث و العلمي‬

‫كلية اآلداب و اللغات و العلوم االجتماعية و اإلنسانية‬ ‫جامعة العربي بن مهيدي‬


‫قسم اللغة العربية وآدابها‬ ‫‪-‬أم البواقي‬

‫رباعيـــات عبد الرحمـــان المجــــذوب‬


‫مقاربـــات نفســية‬

‫مذكرة مكملة مقدمة لنيل شهادة ماستر في مسار أدب حديث‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‪:‬‬


‫رزيقة طاوطاو‬ ‫هاجر بن مدور‬

‫السنة الدراسية‪2102 :‬م‪2102-‬م‬


‫‪0422‬هـ‪0424 -‬هـ‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫كثيرا ما يقف اإلنسان أمام نفسه حائرا‪ ،‬متسمرً ا في مكانه إذا ال يستطيع أن يعرف الدافع الحقيقي الذي دفعه‬

‫الى عمل "ما" و هذا الشعور حاولت قدر اإلمكان التخلص منه‪ ،‬و لكنه بقي يراودني فترة بحثي ‪ ،‬و بخاصة‬

‫حينما تصادفني العراقيل و تتعلق أمامي األبواب ‪ ،‬و تنسحب خيوط األمل‪،‬تاركه صرا ًعا عني ًفا بين رغبتي‬

‫بعض الناس الذين ال يرون في رباعيات المجذوب إال التفاهة و الحماقة و في دارسية إضاعة للوقت‪.‬‬

‫قلت لم أعرف السبب الحقيقي الذي دفع بي إلى مثل هذا البحث‪ ،‬و إنما أعرف أسبابا قد تكون هامة و يمكن‬

‫إجمالها في التالي‪:‬‬

‫أن رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب ظلت بعيدة عن األضواء‪ ،‬مما أفقد األدب العامي حلقة من‬ ‫‪-1‬‬

‫حلقاته‪ ،‬و ذلك لالن أصحابه تغاضوا عنه‪ ،‬أو سحقتهم الحياة اليومية بمشاغلها‪.‬‬

‫و لعل هذا ما دفع بعضهم إلى رفض رباعيات المجذوب‪ ،‬و ما دفع بي إلى البحث في أغوار هذه الرباعيات‪.‬‬

‫و من جانب ثان كان النقاش بيني و بين بعض المثقفين الذين كانوا يرددون على ألسنتهم رباعيات‬ ‫‪-2‬‬

‫المجذوب داف ًعا هامًا دفعني إلى المغامرة في هذا البحث ألقف بأيا ٍد محتشمة على عدة تساؤالت‪:‬‬

‫أتكون لهذه الرباعيات حكم تحمل دالالت حضارية تمتد إلى وقتنا الراهن؟ و هل في هذه الرباعيات أبعا ًدا‬

‫نفسية أثرت في الشاعر و في المجتمع الذي ينتمي إليه؟ و هل يمكن أن تحمل في طياتها الموجب و السالب‬

‫في الوقت نفسه ؟‬

‫‪-‬أ‪-‬‬

‫‪2‬‬
‫و لإلجابة على هذه التساؤالت‪ ،‬قمت بتقسيم بحثي المتواضع إلى فصلين ‪ ،‬ففي الفصل األول و ضعت القارئ‬

‫في صلب الموضوع بإعطاء بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬وتطرقت إلى ماهية الرباعيات و‬

‫أنواعها حتى أخص بالذكر رباعيات المجذوب و مضامينها ‪،‬ألنتقل بعدها إلى التعريف بالمنهج النفسي و‬

‫الحديث عن العالقة بين األدب و علم النفس ‪،‬ألحدد بعد ذلك أهم مبادئ المنهج النفسي ثم أنتقل بعدها إلى‬

‫المواقف المنهجية حول المنهج النفسي‪ ،‬ألختم الفصل األول بعيوب التطبيقات النفسية‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فقد خصصته ‪ ،‬للناحية التطبيقية فحاولت فيه دراسة الخصائص الفنية لهذه الرباعيات من‬

‫حيث اللغة ‪،‬و الصورة ‪،‬و الموسيقى‪ ،‬و قبل كل هذا تعرضت إلى ما تخفيه مضامين رباعيات المجذوب‪.‬‬

‫و على العموم فتلكم هي فصول هذا البحث‪ ،‬الذي ختمته بخاتمة أجملت فيها ما توصلت إليه من نتائج حسب‬

‫اعتقادي ‪،‬و تصوري للموضوع ‪.‬‬

‫وقد انتهجت في هذا البحث‪ ،‬المنهج"النفسي" الذي من خالله ولجت إلى ما يعانيه الشاعر من اضطراب‬

‫داخلي ‪.‬‬

‫وقد كانت مراجعي ‪،‬بين أدبية بحتة ‪،‬و أدبية نفسية ‪،‬و عروضية ‪،‬و بالغية‪،‬و لغوية‪ ،‬ودينية‪،‬و ذلك حسب ما‬

‫تتطلبه الضرورة و يستلزمه الموقف‪ ،‬وتقتضيه عناصر البحث‪.‬‬

‫وكعادة كل عمل إنساني و بحث جامعي ال يخلو من النقص و الصعاب التي اعترضتني في إنجاز هذه‬

‫المذكرة‪،‬من أهمها قلة المراجع و المصادر و الدراسات التي تطرقت إلى هذا الموضوع‪ ،‬إال النادر منها التي‬

‫ال تشفي غليل الطالب المتعطش إلى االغتراف من ينبوع العلم و المعرفة‪.‬‬

‫‪-‬ب‪-‬‬
‫‪3‬‬
4
‫الفصل األول‪ :‬فصل تمهيدي‬
‫بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب‬ ‫‪-1‬‬
‫ماهية الرباعيات‬ ‫‪-2‬‬
‫أنواع الرباعيات‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ : 1-3‬الرباعية المدورة‬
‫‪: 2-3‬الرباعية ذات الشطرين‬
‫‪: 3-3‬الرباعية ذات المقاطع المكررة‬
‫رباعيات عبد الرحمان المجذوب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ :1-4‬مضامينها‬
‫‪:1-1-4‬الصبر‬
‫‪ :2-1-4‬في الدنيا و تقلبات الدهر و الزمان والسعادة و الشقاء‬
‫‪ :3-1-4‬الفقر و الغناء‬
‫‪ :4-1-4‬الكالم و الصمت‬
‫‪ :5-1-4‬ما تعلق بالنساء و أحوالهن‪.‬‬
‫‪ :6-1-4‬أقوال متفرقة‪.‬‬
‫المنهج النفسي‬ ‫‪-5‬‬
‫‪:1-5‬العالقة بين األدب و علم النفس‬
‫‪:2-5‬مبادئ المنهج النفسي‬
‫‪ :3-5‬مواقف منهجية‬
‫‪ :1-3-5‬موقف األنصار‬
‫‪:2-3-5‬موقف المعارضين‬
‫‪:3-3-5‬مواقف وسطية‬
‫‪ :4-5‬عيوب التطبيقات النفسانية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫كانت ومازالت منطقة المغرب العربي والدة لشعراء فحول ‪ ،‬وكانت المواضيع التي يتناولها شعرهم‬
‫تالمس مباشرة الحياة اإلجتماعية‪ ،‬واإلقتصادية‪ ،‬والعاطفية إلى غير ذلك من المجاالت‪ ،‬لذا استطاعت‬
‫قصائدهم أن تعبر الحدود الجغرافية لبالدهم‪.‬‬

‫‪ -0‬بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب‪:‬‬


‫"ولد أبو زيد سيدي عبد الرحمان بن عياذ بن يعقوب بن سالمة الصنهاجي الدكالي الملقب بالمجذوب بقرية‬

‫تيط (طيط)غير بعيدة عن ساحل المحيط األطلسي بالمملكة المغربية‪ ،‬سنة ‪919‬ه (‪0014‬م) في شهر‬

‫رمضان المبارك ونشأ وترعرع وتعلم فيها‪ ،‬وكان أول شيوخه بها سيدي أبو حسن علي ابن أحمد الصنهاجي‬

‫المعرف بلقب الدوار ‪ ،‬ويروي محمد المهدي بن أحمد القاسي حفيد أبي المحاسن يوسف القاسي و هو أول‬

‫من ترجم للمجذوب في كتابه "الممتع" أن شيخه هدا زوده بأسرار روحية وكرامات جمة ثم وجهه إلى مدينة‬

‫مكناس "(‪)0‬وهي "إحدى كبرى مدن المغرب األقصى‪.‬وهي واقعة على مسافة ستين كيلومتر من فاس‬

‫‪...‬ويقولون إن الشيخ المجذوب بعد أن حضر الدروس ب"فاس" تغيرت أحواله وترك االعتناء بشؤون الدنيا‬

‫حقيرة‪)2( ".‬‬ ‫وساح في األرض وهو البس ثيابا‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬توفيق و مان ‪:‬من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬الرابطة الوطنية لألدب‬
‫الشعبي ‪،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬سنة ‪2002‬م‪،‬صفحة‪.04‬‬
‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬المطبعة الثعالبية‪،‬الجزائر‪،‬د‪.‬ط‪،‬د‪.‬س‪،‬صفحة‬
‫‪.02‬‬

‫‪6‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫"فالشيخ عبد الرحمان المجذوب كان محظوظا ألنه أخذ العلم من أفواه شيوخ مكناس اإلعالم‪ " ،‬كالسيد أبي‬

‫عثمان التلمساني وأبي حفص وعمر الزرهوني و إبراهيم الزاوي وغيرهم ويقال أيضا أن الشيخ الزرهوني‬

‫الذي كان مرشدا له هو الذي لقبه بالمجذوب‪ ،‬وبعد ذالك عاش عبد الرحمان المجذوب بالقصر الكبير‬

‫"وقد عاش الشيخ‬ ‫هناك"(‪)1‬‬ ‫عاصمة الهبط‪ ،‬ويروى انه رحل إليها بإشارة من شيخه عمر الزرهوني ولبث‬

‫ا لمجذوب غير مبال بالمال والجاه متنقال من مكان إلى مكان ليس له مأوى يستقر به على الدوام" (‪ .)2‬سيدي‬

‫عبد الرحمان المجذوب أحد شعراء الدين خلدت قصائدهم إلى يومنا هدا‪ ،‬فهو" يقول الشعر بجمالية حكمه‬

‫كما أنه يعض العباد بقوله المفعوم بالحكم البليغة إلى أحسن باقتراب األجل فأمر أن ينتقل إلى مكناس إلى أنه‬

‫توفي في طريقه أليها وفن خارج أسوار المدينة قرب باب عيسى وكانت وفاته سنة ‪979‬ه (‪0070‬م) ليلة‬

‫"‪)2(.‬‬ ‫الجمعة العاشر من محرم أي ليلة عيد األضحى‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬توفيق و مان‪ :‬من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.04‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.01‬‬
‫(‪ :)3‬توفيق ومان‪ :‬من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.04‬‬

‫‪7‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫ماهية الرباعيات‪:‬‬ ‫‪.0‬‬

‫" الرباعي هو فن من الفنون الشعرية الفارسية النشأة فلم يعرف هدا الفن الشعري إبان العصر الجاهلي‪ ،‬كما‬

‫لم يؤثر عن الشعراء العرب أنهم أنتجوا شعرا في هدا الفن خالل صدر اإلسالم والمداولة األموية‪ ،‬وكذلك‬

‫إبان العصر العباسي األول‪ ،‬ويقال إن أول شاعر عربي ورد هدا الفن في شعره كان عمر الفارض المتوفى‬

‫فالباحث في األدب العربي لن يجد لهدا النوع من الشعر اهتماما من قبل الشعراء الفحول‪،‬‬ ‫"(‪)0‬‬ ‫عام ‪920‬ه‬

‫فهو لم يكن في فترة من الفترات ضربا له رواده وشعراءه الدين تخصصوا في نظمه ‪.‬‬

‫وليس هدا فحسب " بل أصبح من المتعارف عليه في اآلداب المقارنة أن لقب شعراء الرباعيات يطلق على‬

‫الشعراء الفرس الدين اهتموا بهذا الضرب من النظم‪ ،‬وجاءت معظم أشعارهم أوكلها في هذا الفن‪ .‬ويأتي‬

‫على رأس هؤالء الشعراء جميعا "عمر الخيام" و إن لم يكن أولهم من الناحية الزمنية‪...‬ابتداء من "الرودكي"‬

‫الذي عاش في ظل الدولة الساسانية (توفي عام ‪209‬ه) إلى ملك الشعراء "محمد تقي بهار" المتوفي عام‬

‫(‪0271‬ه‪0901‬ه) وإنما اختص هؤالء بلقب شعراء الرباعيات ألنهم أولو هذا الضرب من النظم عناية أكبر‬

‫(‪)2‬‬ ‫من غيره " ‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬بديع محمد جمعة‪:‬من روائع األدب الفارسي ‪،‬دار النهضة العربية‪،‬بيروت لبنان‪،‬د‪.‬ط‪،‬سنة ‪1890‬م‪ ،‬صفحة ‪.215‬‬
‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة ‪.21‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫" الكالم الرباعي وهو المقسوم على أربعة أقسام وبعبارة أخرى فيه أربعة أقسام وبعبارة أخره فيه أربعة‬

‫أشطر يعني بيتين‪ )1(" .‬والى ذلك يشير عبد الرحمان المجذوب قائال‪:‬‬

‫"كسبت في الدهر معزة‬

‫وجيت كالم رباعي‬

‫ماذا من اعطاه ربي‬

‫ويقول أعطاني ذراعي ‪.‬‬

‫" ويعرف هدا الفن بالرباعي أو (دوبيت)‪،‬وذلك ألن الوحدة الفنية لهدا الضرب تتكون من أربع مصا ريع ‪،‬‬

‫فإذا نظرنا إلى كل مصرع على أنه وحدة جزئية داخل إطار الوحدة الكلية‪ ،‬كان مكونا من أربعة مصا ريع ‪،‬‬

‫ولدا استحق أن يسمى (الرباعي)‪ ،‬إما إذا نظرنا إلى كل مصراعين على إنهما شطر بيت واحد‪ ،‬أي إن‬

‫األربعة مصاريع تكون بيتين‪،‬فيستحق في هده الحالة أن يسمى (ذو بيت) أي (البيتان) "(‪ ،)2‬فالرباعي إذا‬

‫هو "ما ركب من أربعة" (‪ )2‬وإذا ما يمعن النظر في المصاريع األربعة للرباعيات نجد أنه " تتوالى قوافيها‬

‫مثل ما نجده في رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪ ،‬وهذا ما جعل‬ ‫"(‪)4‬‬ ‫على نحو‪ :‬أ‪ -‬ب – د – ب‬

‫للرباعيات‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثورمن كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.02‬‬
‫(‪:)2‬بديع محمد جمعة ‪:‬من روائع األدب الفارسي‪،‬صفحة‪.216‬‬
‫(‪:)3‬فؤاد افرام البستاني‪:‬منجد الطالب دار المشرق ‪،‬بيروت ‪،‬لبنان‪،‬الطبعة‪،19‬سنة ‪1824‬م‪ ،‬صفحة‪.229‬‬
‫(‪:)4‬العربي دحو‪:‬الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة األوراس ‪،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‬
‫الجزائر‪،‬د‪.‬ط‪،‬الجزء ‪،01‬سنة ‪1898‬م‪.85،‬‬

‫‪9‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫" القالب المصطلح عليه‪ ،‬أنسب ما يكون لالرتجال و أقرب ما يكون إلى االستعمال الدارج"(‪ )10‬فالرباعيات‬

‫هي " أنشودة تغني و تردد في كل المناسبات على اختالف أنواعها‪ ،‬و في كل الحفالت الرسمية و غير‬

‫(‪)12‬‬ ‫الرسمية"‪.‬‬

‫" و قوة هذا الفن الشعري تتمثل في أن الشاعر مطالب بأن يعبر في هذه المصاريع األربعة عن فكرة كاملة‬

‫(‪)12‬‬ ‫كان بوسعه أن يعبر عنها في قصيدة كاملة "‪.‬‬

‫معنى هذا أن كل رباعية هي وحدة عضوية مستقلة عن الرباعيات التي سبقتها أو التي جاءت بعدها‪،‬‬

‫فالرباعيات لم تكن تقال متتالية و متشابكة المعنى‪ ،‬حتى و إن وجدناها في بعض الكتب على شكل قصيدة‬

‫فهي مجرد " محاولة المترجمين جمع الرباعيات المتحدة المعاني و ترتيبها ترتيبا خاصا‪ ،‬حتى تبدو و كأنها‬

‫تكمل الواحدة منها األخرى‪ ،‬و تتحدث كل المجموعة عن فكرة كبيرة مقسمة إلى أفكار جزئية‪ ،‬كما هو الحال‬

‫(‪)4‬‬ ‫في الفنون الشعرية األخرى "‪.‬‬

‫و لعل من أسرار نجاح الرباعيات كونها تقدم فكرة متتالية في مصاريع أربعة فقط‪" ،‬إذ أن قصرها و تنوع‬

‫(‪)0‬‬ ‫أغراضها و رقة ألفاظها قد ساعدت على سهولة حفظها و ترديد العامة لها "‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.85‬‬
‫(‪ :)2‬العربي دحو‪ :‬الشعر الشعبي و دوره في الثورة التحريرية‪ ،‬صفحة ‪.121‬‬
‫(‪ :)3‬بديع محمد جمعة‪ :‬من روائع األدب الفارسي‪ ،‬صفحة ‪.216‬‬
‫(‪ :)4‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.216‬‬
‫(‪ :)5‬بديع محمد جمعة‪ :‬من روائع األدب الفارسي‪ ،‬صفحة ‪.212‬‬

‫‪10‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫أنواع الرباعيات‪:‬‬ ‫‪.2‬‬


‫‪0.2‬الرباعية المدورة‪:‬‬
‫و هي الرباعية " ذات الالزمة الموسيقية المشتركة‪ ،‬و هذا النوع يتكرر فيه البت الرابع في كل رباعية‬

‫بالوزن‪ ،‬والقافية‪ ،‬واحدة خالل الرباعية الواحدة‪ ،‬ثم تأخذ في االختالف من حيث الروي‪ ،‬و القافية خالل‬

‫و من ذلك قول‬ ‫(‪)0‬‬ ‫الرباعيات األخرى مما يجعلها شبيهة بالموشح األقرع و بالشعر المهجري بخاصة"‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫الشاعر أحمد سحنون ‪:‬‬

‫يا لنسر في السماء المجد حلق‬


‫و بأهداب المعالي قد تعلق‬
‫قد غدا كالنجم في األفق تألق‬
‫عشقته كل أبصا البرايا‬
‫ذو إباء يتحدى الحد ثانا‬
‫ال يبالي حتفه ال يتواني‬
‫كلما حورب أو سيم هوانا‬
‫المنايا عنده دون الدنيا‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬محمد زغينة‪ :‬األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‬
‫(‪ ،)1862-1854‬نوميديا للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪2008‬م‪ ،‬صفحة ‪.281‬‬
‫(‪ :)2‬أحمد سحنون‪ :‬الديوان‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪ ،1822‬صفحة ‪.82‬‬

‫‪11‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪2.2‬الرباعيات ذات الشطرين ‪:‬‬


‫" و هي عبارة مشاهد يتكون كل مشهد منها من أربعة أبيات‪ ،‬يختلف كل مشهد منها على اآلخر‪ ،‬رويا و‬
‫البحر"‪)0(.‬‬ ‫قافية‪ ،‬و تتفق المشاهد كلها في‬

‫(‪) 2‬‬ ‫يقول أحمد سحنون‪:‬‬

‫و الهول يدنو من حماه خطاه‬ ‫أنت أمان األنفس الخائفة‬

‫ما بين إقبال و عزجـــــــــــاه‬ ‫أنت خياالت رؤى سالفــــة‬

‫من أمل حلو لذيذ جنـــــــــاه‬ ‫أنت وميض اللمحة الخاطفة‬

‫آوي إليه من هجير الحيـــــاة‬ ‫أنت ظالل الواحة الوارفة‬

‫لوالك لم أبصر جمال الوجود‬ ‫أنت جمال الكون في ناظري‬

‫لوالك لم أعرف معاني الخلود‬ ‫أنت أريح الخلد في خاطري‬

‫ينهل منها كل معنى شـــــرود‬ ‫أنت سماء الوحي للشاعر‬

‫قد ذاد عنه الهم طعم الهجود‬ ‫أنت لذيذ النوم للساهر‬

‫و الملحوظ في هذه القصيدة هو ذلك التنوع في قوافيها‪ ،‬واتفاقها في الصوت الموسيقي األخير من كل شطر‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬محمد زغينة‪ :‬األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‬
‫(‪ ،)1862-1854‬صفحة ‪.282‬‬
‫(‪ :)2‬أحمد سحنون‪ :‬الديوان‪ ،‬صفحة ‪.21‬‬

‫‪12‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪2.2‬الرباعية ذات المقاطع المكررة‪:‬‬


‫" ففي هذه الرباعيات ال يلزم الشاعر ما إلتزمه في الرباعيات األولى‪ ،‬و لكنه يردد المقطع الموسيقي األول‬
‫"(‪)1‬‬ ‫في كل رباعية على شكل الزمة في البداية كل رباعية لتكون ركيزة له‪،‬ورابطة بين الرباعيات األخرى‬
‫(‪) 2‬‬ ‫و مثال ذلك قول أحمد سحنون‪:‬‬
‫أيها المعبد هل تنسى صـــــغارا؟‬
‫تركو بعدك في الكوخ حــــيارى !‬

‫دارهم قد أصبحت للحــزن دارا !‬

‫و تالشى البشر منها و توارى !‬

‫أيها المعبد هل تنسى حمـــاكا ؟‬

‫و به قضيت أيام صبــــــــــاكا !‬

‫و األولى قلبك بهواهم هناكــا !‬

‫أم‪ -‬ترى‪-‬أنساك من تهوى أساكا ؟‬

‫ويمضي الشاعر في القصيدة على هذا الشكل الموسيقي منوعا القافية‪ ،‬و الروي ملتزما بالبحر‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬محمد زغينة‪ :‬األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‬
‫(‪ ،)1862-1845‬صفحة ‪.283‬‬
‫(‪ :)2‬أحمد سحنون‪ :‬الديوان‪ ،‬صفحة ‪.155‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬

‫رباعيات عبد الرحمان المجذوب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫رباعيات عبد الرحمان المجذوب عبارة عن مجموعة من الحكم المنظومة بلسان عامي " وهي ناتجة عن‬
‫(‪) 0‬‬ ‫تجارب دنيوية كثيرة و معامالت مع خلق هللا صرح فيها الشيخ التضحية "‪.‬‬

‫إن هذه الرباعيات تصب في إطار األدب الشعبي و الدليل على هدا هو أن " األدب الشعبي يتمتع بخاصيته‬
‫وهي مجهولية المؤلف فكل ما هو معلوم مؤلفه ال يدخل في هدا الباب ‪ ،‬وقد يدخل في األدب العامي وهو‬
‫وهناك أيضا خاصية يختلف فيها األدب الشعبي عن األدب العامي ‪،‬‬ ‫"(‪)2‬‬ ‫مختلف كليا عن األدب الشعبي‬
‫"فاألدب الشعبي ال يعبر عن وجدان فردي واحد‪ ،‬بل هو ال يكترث بالوجدان الفردي ‪...‬واألدب الشعبي يحمل‬
‫(‪) 2‬‬ ‫تراث أمة بأكملها‪ ،‬ال تراث فرد واحد "‪.‬‬

‫والمطلع على رباعيات عبد الرحمان المجذوب سرعان ما يلحظ دلك الوجدان الفردي الذي تنطبع به هده‬
‫قوله‪)4(:‬‬ ‫الرباعيات‪ ،‬مثل ما نجده في‬

‫شافوني أكحل مغلف‬

‫يحسبوا ما في ذخيرة‬

‫و أنا كالكتاب المؤلف‬

‫فيه منافع كثيرة‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪)1‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪،‬صفحة‪.1‬‬
‫(‪)2‬حلمي بدير‪:‬أثر األدب الشعبي في األدب الحديث ‪،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪،‬اإلسكندرية‪،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫سنة‪،2002‬صفحة‪.16‬‬
‫(‪)3‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.12‬‬
‫(‪ )4‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب صفحة ‪.02‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬
‫و في قوله أيضا (‪:)0‬‬

‫أعطاتها الكــف و الـــــــدف‬

‫و دارتها مـــــثل الرهــــيفة‬

‫تقول دقيقــــــــــها مـــسلف‬

‫و اآل تسال للمجذوب حسيفه‬

‫" أعطاتها الكف و الدف ‪ :‬الظاهر أن الشيخ المجذوب يقصد بهذا التعبير الخبز فإن المرأة تعجن بيدها‬

‫لتجعل الخبز كما تريد و تشاء فقال إنها ضربت العجين و صيرته رقيقا مثل النصل أي حديده السيف‬

‫الرهيفة القاطعة الحد‪ .‬و في صنعها هذا كأنها أعارت الدقيق و إال كأن لها ضغينة و حقدا علي لالن رغيفها‬

‫(‪) 2‬‬ ‫رقيق ليس فيه ما ينفع بأكله "‪.‬‬

‫‪)2(:‬‬ ‫و في قوله أيضا‬

‫أنا الي كنت ثقيل و رزين‬

‫و خفيت بعد الرزانـــــــة‬

‫مشيت للرماد عامــــــين‬

‫ندور فيه السخـــــــــانة‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.90‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬الكالم المأثور من كال الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.90‬‬
‫(‪ :)3‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.08‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬

‫يقصد بقوله (كنت ثقيل و رزين) هو بعد ما كنت صاحب رزانة و هدوء ورويه و نظر في أمور الدنيا‬

‫صرت في حالة الطيش‪ ،‬و(الكانون) هو الموقد إذا "يشير إلى التغير حاله فشبه نفسه باإلنسان الذي يذهب‬

‫"‪) 0 ( .‬‬ ‫إلى الرماد يطلب منه الحر و الدفء فال يجد مرغوبه‬

‫(‪) 2‬‬ ‫"و الحاصل هو أن هذه الحكم المنظومة ثروة من جملة تراثنا األدبي العالمي اإلفريقي "‪.‬‬

‫إن هذا المورث الذي تركه لنا الشيخ عبد الرحمن المجذوب متنوع بتنوع مضامينها‪.‬‬

‫‪ 0 -4‬مضامينها‪:‬‬

‫‪ 0 .0 .4‬ا لصبر‪:‬‬

‫" الصبر خلق من أخالق القرآن‪ ،‬و صفه من صفات األنبياء‪ ،‬و الرسل عليهم أفضل الصالة و السالم‪ ،‬و‬

‫درع واق تدر عبه الرجال األشداء في األزمات و الملمات الجسام‪ ،‬و العروة التي تشد عضد المنكوبين و‬

‫الخيط الموصل إلى اليقين‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.08‬‬
‫(‪ :)2‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.80‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬

‫(‪.)0‬‬ ‫وهو المحك الذي تصهر عليه الطاقات و تظهر به معادن الرجال في جالئل األمور"‬

‫(‪) 2‬‬ ‫و نحن نتصفح رباعيات الشيخ عبد الرحمن المجذوب ترى تشبث الشاعر بالصبر حيث يقول‪:‬‬

‫نرقد على الشوك عريان‬

‫أو نضحك للي جفاني‬

‫نصبر لتعوس األيام‬

‫حتى يأتي زماني‬

‫(جفاني) بمعنى و جفا الرجل يجفوه أي بعد عنه و ترك مخالطته‬

‫(تعوس األيام) بمعنى قساوتها و شدتها‬

‫(يطلع نهارك) بمعنى يأتي زماني و المقصود هو تقلب الحال إلى الخير و اإلتساع فبعد العسر‬
‫و الضيق يكون اليسر و الراحة‬

‫(‪) 2‬‬ ‫فالشيخ عبد الرحمن المجذوب يشبه الهموم و التعاسة بالشوك و الجفاء و نجده يقول أيضا‪:‬‬

‫مكتوب ربي نوديه‬


‫و الصبر واجب علينا‬
‫والي نحبه نخـــــــــليه‬
‫ياناس ما اعتاها غبينة‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬محمد زغينة‪ :‬األبعاد ‪.‬الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‬
‫(‪ ،)1862-1854‬صفحة ‪.55‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.4‬‬
‫(‪ :)3‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.52‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬

‫(مكتوب ربي نوديه) بمعنى ما قدره هللا يقع ال محالة ‪.‬‬

‫(والي نحبه نخليه) بمعنى أترك من أحب‪.‬‬

‫(ما اعتاها غبينة) بمعنى ما أكبر همي‪.‬‬

‫يبد لي أن الشيخ عبد الرحمن المجذوب يؤكد في هذه الرباعية بأن الصبر هو الطريق الوحيد الذي يسلكه‬

‫اإلنسان عند العسر‪.‬‬

‫(‪) 0‬‬ ‫و قوله أيضا‪:‬‬

‫يا صاحب كن صبــــــار‬

‫أصبر على ما جرى لك‬

‫أرقد على الشوك عريان‬

‫حتي يطلع نهــــــــــارك‪.‬‬

‫(يا صَاحب)‪ :‬بمعنى يا صديقي‪.‬‬

‫(ما جرى لك) بمعنى ما وقع لك من نوائب الزمان‪.‬‬

‫وهنا أيضا يحث صديقه أن يتحلى بالصبر‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.4‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪........................................................‬‬

‫و كتب بعضهم إلى صديقه يعزيه و يحثه على الصبر‪ ".‬إن لم تلذ بالصبر‪ ،‬فقد اعترضت على مالك األمر‪ ،‬و‬

‫أنت تعلم أن نوائب الدهر ال تدفع إال بعزائم الصبر‪ ،‬فاجعل بين هذه اللوعة غالبة‪ ،‬و الدمعة الساكبة حاجبا‬

‫من فضلك‪ ،‬و حاجزا من عقلك‪ ،‬و دافعا من دينك‪ ،‬و دافعا مكن يقينك‪ ،‬فإن المحن إذا لم تعالج بالصبر كانت‬

‫كالملح إذا لم تقابل بالشكر‪ ،‬فصبر صبرا ففحول الرجال ال تستقرها األيام بخطوبها كما أن متون الحال ال‬

‫(‪) 0‬‬ ‫تهزها العواصف بهبوبها‪".....‬‬

‫و يقول بن المقفع في الصبر‪":‬و أعلم أن الصبر صبران‪ :‬صبر المرء على ما يكره‪ ،‬و صبره على ما يحب‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫و الصبر على المكروه أكبرهما‪ ،‬و أشبههما أن يكون صاحبه مضطرا‪".‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬رفاعة رافع الطهطاوي‪ :‬المرشد األمين للبنات و البنين‪،‬تقديم‪:‬محمد علي حسن‪،‬احمد علي حسن ‪،‬مكتبة اآلداب‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة ‪ ،02‬سنة ‪2009‬م‪ ،‬صفحة ‪.220‬‬
‫(‪ :)2‬عبد هللا بن المقفع‪ :‬األدب الكبير و األدب الصغير‪،‬بتحقيق‪:‬احمد زكي باشا‪،‬دار بن حزم للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان ‪،‬الطبعة ‪ ،01‬سنة ‪2003‬م‪ ،‬صفحة ‪.56‬‬

‫‪19‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪ 2-0-4‬في الدنيا و تقلبات الدهر و الزمان و السعادة و الشقاء‪:‬‬


‫و من المواضيع التي تعرض لها الشيخ المجذوب هي أحوال الدنيا و تقلباتها‪ ،‬ففي رباعيته يؤكد على تغير‬
‫األحوال‪ ،‬من السعادة إلى الشقاء‪ ،‬و من الشقاء إلى السعادة‪ ،‬و منها قوله‪)0( :‬‬

‫ال تخمم ال تدبـــــر‬


‫ال ترفد الهم ديمـه‬
‫الفلك ما هو مسمر‬
‫و ال الدنيا مقيمــة‬
‫(ديمه) و هي من الديمومة أي طوال الوقت‬
‫(مسمر‪ ،‬مقيمة) بمنى الثبات‬
‫فيتضح من القول هو أن األحوال ال تدوم‪ ،‬يزول الهم و الغم و التعب و يأتي الخير و السرور‪ ،‬فأحوال الدنيا‬
‫ثلبتة مثلها مثل الفلك و قوله أيضا‪)2( :‬‬

‫ال تخمم في ضيق الحال‬


‫شف عند هللا ما وسعها‬

‫الشدة تهـــــتزم األرذال‬

‫أما الرجــــال ال تقطعها‬


‫(ما وسعها) بمعنى األتساع عكس الضيق‪.‬‬
‫المقصود منه إن هللا هو من يسير األمور و لكن بالشجاعة و المروءة تتغلب على نوائب الزمان‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.04‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.09‬‬

‫‪20‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪)0‬‬ ‫و قوله في تقلب األحوال من السعادة إلى الشقاء‪:‬‬

‫يا ذا الزمان يا الغدار‬

‫يا كاسرني من ذراعي‬

‫طيحت من كان سلطان‬

‫و ركبت من كان راعي‪.‬‬

‫شبه المجذوب في البيت الثاني من كان سلطانا و في مرتبة عالية و منزلة سامية بالراكب على الجواد‪ ،‬و‬

‫أراد به أن األحوال تتغير‪ ،‬و الزمان ينزل من كان في المقام الرفيع ليضع مكانه من هو أدنى‪ ،‬و في هذا‬

‫(‪) 2‬‬ ‫يقول بن الرومي‪:‬‬

‫و ترى الشريف يحطه شرفه‬ ‫دهر عال قدره الوضيع به‬

‫سفال ‪ ،‬و تعلو فوقه جيفه‬ ‫كالبحر يرسب فيه لؤلؤة‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.19‬‬
‫(‪ :)2‬حسن نمر دندشي‪ :‬معجم األبيات الشهيرة‪ ،‬منشورات جروس برس‪ ،‬طرابلس – لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1896‬م‪ ،‬صفحة‬
‫‪.153‬‬

‫‪21‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫الدنيا‪)0( :‬‬ ‫و من أقوال المجذوب في أحوال‬

‫الدنيا مثلتها دالعة‬

‫تتقرقب ما بين الدالع‬

‫ماذا تحقوها من طماعة‬

‫و رمتم في بير ماله قاع‬

‫(دالعة) باللهجة العامية أما بالعربية فهو البطيخ‬

‫(تتقرقب) الطاعون فيها الراغبون في لذتها‪ ،‬حتى كان هذا سبب في خسارتهم و هالكهم‪ ،‬و في هذا المعنى‬
‫يقول إبن المقفع‪:‬‬

‫(‪) 2‬‬ ‫"الدنيا دول‪ ،‬فما كان لك منها أتاك على ضعفك‪ ،‬و ما كان عليك لم تدفعه بقوتك"‬

‫(‪)2‬‬ ‫و من رباعيته أيضا‪ ،‬قوله‪:‬‬

‫الكاتبة تنادي و معاها الخير‬

‫و لو كان بعيد تجيبها‬

‫و الخاطي عليك من يدك يطير‬

‫رزقك من قبل ما هو فيها‬

‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.30‬‬
‫(‪ :)2‬عبد هللا المقفع‪:‬األدب الكبير واألدب الصغير‪ ،‬صفحة ‪.88‬‬
‫(‪ :)3‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.32‬‬

‫‪22‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫"(‪)1‬‬ ‫و قوله في البحث عن السعادة‬

‫اذا كان السعد يتنجر من عود‬

‫نجر ستين عود غير من عودي‬

‫واذا كان السعد منك يا مسعود‬

‫ياسقام السعود سقم لي سعدس‬

‫(السعد) يقصد بها المجذوب السعادة و( سقام السعود )هو هللا تعالى‪.‬‬

‫و هنا الشيخ يبحث عن السعادة هذه الكلمة التي دندنت حولها الفلسفة على اختالف اتجاهاتها فتصورها‬

‫البعض حرية بال حدود‪ ،‬أو الشهوات بال ضابط‪ ..‬أو دنيا بال آخرة‪،‬أو آخرة بال دنيا‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫" أما اإلسالم فأعتبر السعادة هي مرضاة هللا‪ ،‬ونهي النفس عن الهوى و ابتعاد الدار اآلخرة "‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.81‬‬

‫(‪:)2‬مصطفى محمد الطحان ‪:‬التربية و دورها في تشكيل السلوك‪،‬دار‬


‫المعرفة‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬الطبعة‪،01‬سنة‪2006‬م‪،‬صفحة‪.56‬‬

‫‪23‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪:2-0-4‬الفقر والغناء‪:‬‬
‫"وليس من خل ٍة هي للغنٍيٍّ مدح إال هٍي للفقير عيب‪،‬فأن كان شجاع سمٍّي أهوج ؛‬

‫و إن كان جوادا‪،‬سمي مفسدا؛‬

‫و إن كان حليما‪،‬سمي ضعيفا؛‬

‫وان كان وقورا‪،‬سمي بليدا؛‬

‫و إن كان لسنا ‪،‬سمي مهذارا؛‬

‫عييا‪)1(".‬‬ ‫وان كان صموتا‪،‬سمي‬

‫إن ثنائية الفقر و الغنى من الثنائيات التي كثر الحديث عنها في األدب العربي ‪،‬وهي من الثنائيات المتناقضة‬

‫(‪)2‬‬ ‫والتي سلط عليها الضوء في رباعيات عبد الرحمان المجذوب ومنها قوله‪:‬‬

‫ضربت ك ٍّفي لك ٍّفي‬

‫و خممت في األرض ساعة‬

‫صبت قلة ال ٍّشي تر ٍّشي‬

‫وتنوض من الجماعة‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬عبد هللا بن المقفع‪:‬األدب الكبير و األدب الصغير ‪،‬صفحة ‪.118‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.12‬‬

‫‪24‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫(خممت)يقال في العربية خمن أي تأمل في األمر و استنتج‬

‫(الشىء)يقصد به المال وقلته بمعنى الفقر‬

‫(ترشى)بمعنى تجعل الشيء باليا‪.‬‬

‫" تبين لي من قول المجذوب أنه من ال مال له ال مكان له بين الناس ‪،‬و نجد ابن المقفع يؤكد على كالم‬
‫(‪.)1‬‬ ‫المجذوب بقوله‪... ":‬و من ال مال له‪،‬فال شيء له"‬

‫(‪)2‬‬ ‫ومن كالم المجذوب أيضا قوله‪:‬‬

‫الشاشية تطبع الراس‬

‫الوجه تضويه الحسانة‬

‫المكسي يقعد مع الناس‬

‫العريان نوضوه من حذانة‬

‫(تطبع الراس) يعني تالئمه وتزيده جماال‬

‫تضويه الحسانة) تضويه أي تنيره‪ ،‬الحسانة ربما يقصد بها حسن الثياب ‪،‬و يعني بها المجذوب هو مقت‬
‫( ٍّ‬
‫الناس للفقير‪.‬‬

‫الناس" (‪)3‬‬ ‫لقول عبد هللا بن المقفع‪ ":‬و الفقر داعية إلى صاحبه مقت‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬عبد هللا بن المقفع‪ :‬األدب الكبير و األدب الصغير‪ ،‬صفحة ‪.119‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.12‬‬

‫(‪:)3‬عبد هللا بن المقفع‪:‬األدب الكبير و األدب الصغير‪ ،‬صفحة ‪.119‬‬

‫‪25‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫و نجد عبد الرحمان المجذوب يؤكد على مكانة المال عند اإلنسان في قوله‪:‬‬

‫حوست شعاب وعرقوب‬

‫وحوست عرب الزناقي‬

‫المال قطعة من القــلب‬

‫جربتــها من عنــــاقي‪.‬‬

‫(حوٍّ ست شعاب و عرقوب) بمعنى تجولت و بحثت في كل مكان‬

‫(حوٍّ ست عرب ٌّ‬


‫الزناقٍي)أي بحثت عند سكان المدن‬

‫(عناقٍي) جاءت من كلمة عنق أي بعنى جربتها بنفسي‪.‬‬

‫و يقصد المجذوب في هذه الرباعية أنه ال يوجد إنسان ال يحب المال و هذا يذكرنا في قوله تعالى‪ " :‬المال‬

‫"(‪)2‬‬ ‫والبنون ٍزينة الحيا ِة ال ُّدنيا والباقيات الصالِحات خبرً عند ربك ثوابا وخير أمال‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.32‬‬

‫(‪:)2‬سورة الكهف‪:‬اآلية ‪.46‬‬

‫‪26‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪4-0-4‬الكالم و الصمت‪:‬‬

‫‪ ،‬بمعنى أن الصمت هو سكون اللسان ‪،‬ووقوفه عن الحركة أما‬ ‫يقظته"(‪)1‬‬ ‫" قيل الصمت منام اللسان والكالم‬

‫الكالم فهو حركة اللسان‪،‬وكثيرَ منهم من استحسن الصمت عن الكالم‪،‬إال في مواضيع لقول علي ابن أبي‬

‫طالب –رضي هللا تعالى عنه في وصيته لالبن الحسين –رضي هللا عنه "‪..‬الكالم ثالث مراتب مستحب‬

‫كالتسبيح والتحميد والتكبير و التهليل والصالة على النبي –صلى هللا عليه وسلم‪")2("-‬فكلمة واحدة قد تكون‬

‫سببا في إشعال فتنة‪،‬أو ضياع أمة‪ ،‬أو فقدان صديق ‪،‬أو فراق حبيب ‪،‬أو خسران دين أو وقوع في أكبر‬

‫الكبائر"(‪ ،)3‬و لذلك نجد العديد من الكتاب يستحسنون الصمت من بينهم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬و من‬

‫(‪) 4‬‬ ‫بين ما يقول‪:‬‬

‫المسجر‬
‫ِّ‬ ‫الصمت الذهب‬

‫و الكالم يفسد المسالة‬

‫اذا شــــــفت التخــــبر‬

‫و اذا سالوك قول ال ال ‪.‬‬

‫المسجر) ما نسج بالذهب و الحرير أو ما طرز بالذهب‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫(الذهب‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬رفاعة رافع الطهطاوي‪:‬المرشد األمين للبيان والبنين‪،‬صفحة‪.250‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.250‬‬

‫(‪:)3‬حسن أيوب‪:‬السلوك اإلجتماعي في اإلسالم ‪ ،‬دار السالم للطباعةوالنشروالتوزيع والترجمة ‪،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة‪،04‬‬
‫سنة‪2002‬م‪ ،‬صفحة‪.148‬‬

‫(‪:)4‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.2‬‬

‫‪27‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫اتضح لي من خالل هذه الرباعية‪،‬أن المجذوب يؤكد على أن كثرة الكالم ال يسبب إال الضرر‪ ،‬والمقصود‬

‫هو التحذير ألنها تفسد األمور وتغير القلوب‪.‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫ويقول أيضا في الصمت‪:‬‬

‫نوصيك يا واكل الراس‬

‫في البير أرم عظامـــه‬

‫أضحك وألعبمع الناس‬

‫فمك متن لـه لجامــــه‬

‫(واكل الراس) يقصد بها المجذوب باإلنسان الذي يحمل سر أخيه‬

‫(لجامه) اللجام ما يجعل في فم الفرس من الحديد كي يتصرف اإلنسان في سيره أو وقفه‪ ،‬ومعنى البيتين هي‬

‫النصيحة في كـتمان أسرار الناس وعدم إفشائها‬

‫(‪) 2‬‬ ‫وقوله أيضا‪:‬‬

‫ال تسرج حتى تلجم‬

‫واعقد عقدة صحيحة‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪:‬صفحة‪.09‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.12‬‬

‫‪28‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫التتكلم حتى تخمم‬

‫ال تعودلك فضيحة‬

‫و يقصد الشيخ‪ ،‬ال تتكلم في مسألة ما قبل أن تتأمل فيها جي ًدا و إال رجع عليك قولك بالفضيحة والعار‪.‬‬

‫لذا قال بعض الحكماء‪":‬دبر كالمك‪،‬كما تدبر سهامك‪،‬وقيل أن اللسان سهم يخطئ ويصيب‪ ،‬وقيل ال تفتح بابًا‬

‫يعجزك سده وال ترم سهم يعجزك رده‪،‬و اغتنم السكوت فان أدنى نفعه السالمة وأن أشقى الناس من ابتلى‬

‫يسكت"‪)1(.‬‬ ‫بلسان مطلق وقلب مطبق ‪،‬فال يحسن أينطق وال يقدر أن‬

‫المجذوب‪)2( :‬‬ ‫و يقول عبد الرحمان‬

‫ِّ‬
‫الزيت يخرج من الزيتونة‬

‫والفاهم يفهم لغات الطيــر‬

‫الي ماتخرج كلمته ميزونة‬

‫يجحرها في ضميره خـــير‪.‬‬

‫ربما يقصد المجذوب بقوله (الزيت يخرج من الزيتونة) هو أن الكالم الرزين يخرج من اللسان الرزين‪ ،‬و‬
‫( يحجرها) جاءت من كلمة جحر بمعنى يخفيها في ضميره أي في قلبه‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬رفاعة رافع الطهطاوي ‪:‬المرشد األمين للبيان والبنين‪،‬صفحة ‪.251‬‬

‫(‪)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور في كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪،‬صفحة‪.22‬‬

‫‪29‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫شئت"(‪)1‬‬ ‫وفي هذا " قال األصمعي ‪:‬سمعت أعرابيا يقول‪ :‬دع من الكالم ما تعتذر منه وتكلم بما‬

‫ويقول المجذوب ‪)2( :‬‬

‫السابق من الخيل تعـثر‬

‫وربي يدبر علـــــــــيها‬

‫و إذا يكلخ الــــــفـــــم‬

‫ربي ال يحاسبني عليها‬

‫والمراد بها هو أن الجواد يكبو‪ ،‬وهللا هو الذي يسيرها و يحفظها ‪ (،‬يكلخ الفـم) إذ تصدر من لساني كالم غير‬

‫محبب بدون قصد‪ (،‬ربي ال يحاسبني عليها) رجاءه من هللا تعالى الرحمة والغفران‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬رفاعة رافع‪:‬المرشد األمين للبيان والبنين ‪،‬صفحة ‪.250‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور في كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.64‬‬

‫‪30‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪:0-0-4‬ماتعلق بالنساء وأحوالهن‪:‬‬


‫كان لموضوع المرأة الحظ األوفر في رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب فقد تعرض إلى أسرار‬
‫(‪)1‬‬ ‫عالقاتها اإلجتماعية ‪،‬ومن رباعياته في هذا الصدد قوله‪:‬‬

‫مزين النسا بضحكات‬

‫لو كان فيها يدوموا‬

‫الحوت يعوم في الماء‬

‫و هما بال ماء يعوموا‬

‫(مزين) أي ما أحسن و ما أجمل ‪(،‬النسا)بالعربية النساء في البيت األول يقصد المجذوب بتقلب أحوال النساء‬

‫‪،‬أما في البيت الثاني فيشير إلى حسن تصرفهن في شؤون الحياة ومعرفتهن لطرق التخلص من المشاكل و‬

‫(‪)2‬‬ ‫الصعوبات ‪،‬ويقول أيضا‪:‬‬

‫اللي طارت من سعود ايامــــها‬

‫تتخبل فـــي ريشــها و تعـــيش‬

‫و اللي قعدت من تعوس ايامها‬

‫ماهي بالصــــحة وال بالريــش‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة‪.12‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.24‬‬

‫‪31‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫فالمجذوب يقصد بالطير البنات ‪ ،‬ففي البيت الثاني يعني بكالمه‪ ،‬البنت العانس التي لم تتزوج‪ ،‬ومن الصفات‬

‫(‪)1‬‬ ‫التي وجدها المجذوب في المرأة هي قلة الوفاء و يتضح هذا في قوله‪:‬‬

‫ال في الجيل واد معلـــوم‬

‫وال في الشتاء ريــح دافي‬

‫ال في العدو قلب مرحـــوم‬

‫و ال في الشتاء عهد وافي‬

‫وقال أيضا‪:‬‬

‫الطير الطير ما ظنية يطير‬

‫من بعد ماوالف‬

‫خلى قفصي وعمر قفص الغير‬

‫رماني في بحور خالني تالف‬

‫التكرار في لفضة (طير) فيه تفخيم لشأنه و تعظيم لهو أراد به الحبيبة ال الحيوان‪ ،‬هذه الحبيبة التي تركته بعد‬
‫األلفة‪ ،‬وطول العشرة فبدلته بغيره ‪ ،‬وبقي هو تالف العقل ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.62‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.25‬‬

‫‪32‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫و يقول أيضا‪:‬‬

‫حبيبي أن غضب ما صبت له طب‬

‫بعـــــد المحـــــــبة جفــــانــــــــــي‬

‫نجـــــــيب القــــــهوة و نصــــــب‬

‫و نحدثـــــــــــــه بـالمـــــعانـــــــي‬

‫(أن غضب) يقصد بها المجذوب تقلب الحال من المحبة الى الجفاء ‪.‬‬

‫(نجيب القهوة و نصب) بمعنى أحضر القهوة و أصب والشيخ المجذوب في هذه الرباعية التي جاء منها‬

‫األشرار‪،‬و‬
‫ِ‬ ‫الجفاء بعد المودة‪ ،‬ولذلك قيل أنه من األشياء التي" ليس لها ثبات وال بقاء ‪:‬ظٍ ُّل الغمام ‪،‬وخلِّة‬

‫‪)2("...،‬‬ ‫عشق الشتاء‬

‫قائال‪)3( :‬‬ ‫ويعبر المجذوب بمعاناته في الحب‬

‫يا قلب نكويك بالنار‬

‫و إذا بريت نزيدك‬

‫يا قلب خلفت لي العار‬

‫‪.‬‬

‫(‪)1‬كالمرجع السابق ‪:‬صفحة ‪44‬‬


‫(‪:)2‬عبد هللا بن المقفع‪:‬األدب الكبير واألدب الصغير ‪،‬صفحة‪120‬‬
‫(‪)3‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪59‬‬

‫‪33‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫وتريد من ال يريدك‪.‬‬

‫‪) 1( :‬‬ ‫و يقول أيضا‬

‫يا قلبي يا حامل الماء للعقبة‬

‫ويا طراد الشمس ما كاال مهبول‬

‫التبغي من ال يحبك بمحبة‬

‫وإذا حبك القلب غير خل ِّ الناس تقول‬

‫و يقصد المجذوب في البيت األول أنه يعمل المستحيل من أجل حبه فالماء ال يصعد في العقبة و أي ً‬
‫ضا‬
‫الشمس ال‬

‫تستطيع طردها ‪،‬ويقرب في هذين البيتين هذا المثل العامي ‪:‬اذا حبك القمر بكمالو ‪،‬واش عليك بالنجوم إذا‬
‫مالو‪.‬‬

‫(‪) 2‬‬ ‫وقوله أيضا‪:‬‬

‫شيــــــبني مـــــــرو يخــــمم‬

‫من علـــق الصقــين في لهاته‬

‫هذاك بـــه هــــــــم المــــــراة‬

‫ع ُّزوه يانــــــــــاس في حياته‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪:‬صفحة ‪.58‬‬
‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.3‬‬

‫‪34‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(شيَّبني) و هي من الشيب بمعنى صيرني شايب ‪ ،‬و يريدها بها أتأسف لحالة (مروه) وهوفي العربية‬

‫الفصحى تعني امر ًؤ أو المرء ً أي الرجل ‪(،‬الصقين في لهاته) أي أن العلق لصق في لهاته ‪ ،‬وهي اللحمة‬

‫المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم‪ ،‬فهو مهموم مما أصابه ‪،‬أما في البيت الثاني يتضح على أن‬

‫المجذوب يقصد بالعلق وألحقته بالرجل من متاعب وهموم ‪،‬غيري أنه من األجدر تعزيته في حياته ال في‬

‫مماته‪ ،‬فيقول عبد هللا بن المقفع أنه " من أوقع األمور في الدين و أنهكها للجسد و أتلفها للمال و أقتلها للعقل‬

‫(‪)1‬‬ ‫وآزراها للمرؤة‪ ،‬و أسرعها في ذهاب الجاللة و الوقار ‪:‬الغرام بالنساء "‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫و يقول الشيخ المجذوب عنه دهاء المرأة‪:‬‬

‫بهت النساء بهـــــتين‬

‫من بهتهم جيت هارب‬

‫يتحــــزموا باللفـــــاع‬

‫ويتخللوا بالعـــــقارب‬

‫(البهت)وهي الحيلة‪(،‬يتحزموا) بمعنى يجعلن من األفاعي حٍزامًا‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬عبد هللا بن المقفع‪:‬األدب الكبير و األدب الصغير‪،‬صفحة ‪.61‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.29‬‬

‫‪35‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(يتخللوا) أي يجعلن من العقارب خاليل جمع خاللة؛ وهي ما يش ُّد به الحايك وهو لباس تقليدي ‪ ،‬و بهذا يعبر‬

‫على مدى دهاء‬

‫قوله‪)1( :‬‬ ‫النساء ‪،‬و من أقوله في هذا‬

‫سوق النساء سوق مطيار‬

‫يا داخـــــــل رد بــــــــالك‬

‫يوريــولك من الريح قنطار‬

‫و الـــــــدرك راس مـــالك‪.‬‬

‫(سوق مطيار) أي ال فائدة فيه وال ربح ولهذا تراه يحذر الداخل إليه ليكون على بصيرة من أمره ‪،‬ثم انه بين‬

‫هذا الغرض‪ ،‬بأنهن يرين و يظهرن األرباح الغزيرة و لكن النتيجة الملموسة هو خسران رأس المال و‬

‫(الدرك) هو الثقل و تحمل المشاق و األتعاب ‪ ،‬و خسارة ما كان يملكه اإلنسان ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫و يقول أي ً‬
‫ض ا‪:‬‬

‫يالي تعيط قدام الباب‬

‫عيط و كن فــــاهــــم‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.13‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.13‬‬

‫‪36‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫ما يفسد بين االحباب‬

‫غير النساء والدراهم ‪.‬‬

‫(ما يفسد بين االحباب ) أي تنادي أمام الباب ‪ ،‬والمعلوم أن النساء بكالمهن و النزاعات التي تحدث بينهن ‪،‬‬

‫يفسدن من األصحاب ‪ ،‬ألن أزواجهن ينصتون في أخر األمر الى أقوالهن فيكون ذلك سببا لإليقاع بين‬

‫األحباب ‪ ،‬والعداوة بين األقارب و األصدقاء ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫و يقول أي ً‬
‫ضا ‪:‬‬

‫نوصــــيك ياحارث القــــديم‬

‫بالــــك من دخانها ال يعــميك‬

‫ال تدي شي المراة المعفونة‬

‫تتعاون هي و الزمان عليك ‪.‬‬

‫(القديم) هي الحلفاء ‪( ،‬ال تدي شي المرأة المعفونة) بمعنى ال تأخذ و ال تمس أغراض المرأة غير حسنة‬

‫الخلق فهي تأذيك ال محال ‪ ،‬فالمجذوب يوصي كل من يتعامل مع المرأة غير العفيفة بالحيطة و الحذر‪،‬ألنها‬

‫من أكثر أنواع النساء خطرً ا‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.38‬‬

‫‪37‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫وينصح الرجال بعدم االفتتان بجمالهن قائالً‪:‬‬

‫ال يعجبك نوار الدفلى‬

‫في الواد داير ظاليل‬

‫ال يعجبك زين الطفلة‬

‫حتى تشوف الفعايل ‪.‬‬

‫(الدفلى) هي شجرة ‪(،‬داير ظاليل)أي له ظالل كثيرة ‪(،‬تشوف الفعايل) حتى ترى األفعال و األخالق‪،‬‬

‫والمجذوب يوصي بعدم اإلنخداع بالمظاهر ألنها قد تكون عكس الباطن‪.‬‬

‫" رجل شاور حكيما في التزوج فقال له‪:‬افعل ‪،‬و إياك و الجمال الفائق ‪،‬فإنه مرعى أنيق ‪،‬فقال مانهيتني إال‬

‫عما أطلب ‪ ،‬فقال ‪ :‬أما سمعت قول قائل‪:‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫إال وجدت به أثار منتجع " ‪.‬‬ ‫ولن تصادف مرعى ممرعا أب ًدا‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬المرجع السابق ‪:‬صفحة ‪.18‬‬

‫(‪:)2‬عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري ‪:‬عيون األخبار ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬سنة‪2005‬م‬
‫‪ ،‬صفحة‪.634‬‬

‫‪38‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫‪:9-0-4‬أقوال متفرقة ‪:‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫كانت حكم الشيخ عبد الرحمان المجذوب متنوعة من بينها قوله‪:‬‬

‫سافر تعرف الــــناس‬

‫و كبير القوم طــــيعه‬

‫كبير الكرش و الراس‬

‫بنص فلس بـــــــــيعه‬

‫وهنا في هذه الرباعية يبرز فائدة األسفار ‪،‬فبطاعة أولي األمر تكون راحة العقول و يرتفع ال ِّشقاق ‪ ،‬كبير‬
‫الكرش يحتمل أنه يريد به الطماع والذي ال قناعة له ‪،‬أما كبير الراس من له إعجاب بنفسه أما (نص) معناه‬
‫نصف ‪ ،‬و التشديد عالمة و دليل على إدغام الفاء ‪ ،‬و الفلس يكون دائمًا مصنوع من النحاس فليس له قيمة‬
‫كبيرة ‪.‬‬

‫ومما يجب التنبيه عليه في هذه الرباعية ‪،‬أن الشيخ المجذوب استعمل االقتضاب ‪ ،‬و هو االنتقال من معنى‬

‫إلى معنى أخر ال عالقة بينهما ‪ ،‬فاألول يريد به طاعة ولي األمر ‪،‬أما الثاني فيقصد به حسن اختيار الصديق‬

‫‪،‬فنجد المجذوب هنا ينتقل من موضوع لألخر ‪ ،‬بسالسة كبيرة‪،‬و هذه الميزة نجدها تغلب على جميع رباعيات‬

‫إن صح القول‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.11‬‬

‫‪39‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫و من أقوال المجذوب عن اختيار الصديق و المرافق قوله‪:‬‬

‫من خالط األجواد جاد بجودهم‬

‫و من خالط األرذال زاد غناه‬

‫و من جاور برمة انطلى بحمومها‬

‫و من جاور صابون جاب نقاه‪.‬‬

‫(عناه) بمعنى عناؤه‪(،‬برمة) و هي القدر الذي يحضر فيه األكل ‪،‬أما كلمة (انطلى) فيقصد بها‪ ،‬اتسخ من‬

‫سواد القدر الذي يوضع فوق النار ن(نقاه) وهو النقاء و النظافة ‪ ،‬أما الصنف الثاني من أصناف األصدقاء و‬

‫هو األرذال هم من الطبقة التي قال عنها " المأمون ‪ :‬طبقة كالداء ال يحتاج اليه أب ًدا"(‪ ، )2‬لذلك قال عبد هللا‬

‫بن المقفع ‪:‬أنه" على العاقل أن ال يخادن و ال يصاحب و ال يجاوز من الناس –مااستطاع‪ -‬إال ذا فضل في‬

‫العلم و الدين و األخالق ‪،‬فيأخد عنه ؛ أوموا ِف ًقا له على إصالح ذلك ؛ فيؤيد ما عنده ‪ ،‬و إن لم يكن له عليه‬

‫فضل ‪.‬‬

‫فإن الخصال الصالحة من البر ال تحيا و ال تنمى إال بالمرافقين و المؤيدين ‪.‬‬

‫وليس لذي الفضل قريب وال حميم أقرب اليه ممن وافقه على صالح الخصال فزاده و ثبته‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬المرحع السابق ‪ :‬صفحة ‪.34‬‬

‫(‪:)2‬عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري ‪:‬عيون األخبار ‪ ،‬صفحة‪.456‬‬

‫‪40‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫و لذلك زعم بعض األولين أن صحبة بليد نشأ مع العلماء أحبُّ إليهم من صحبة لبيب نشأ مع الجهال‪" .‬‬

‫(‪) 2‬‬ ‫و يقول المجذوب ‪:‬‬

‫الي يركــــب يركــــب أزرق‬

‫شـــــعرة بشــــعرة سبـــيبه‬

‫و الي يصحب يصحب العيد‬

‫في كل حــــــزة يصــــــيبه‬

‫(ألي) بمعنى من ‪(،‬أزرق) ال يقصد به اللون بل يقصد به الحصان‪ ،‬و (سبيبه) هو شعر رقبة الفرس أو شعر‬

‫ذنبه أو مقدم رأسه ‪ ،‬و العبد في هذه الرباعية يقصد بها الصديق ‪ ،‬أما كلمة (الحرة) فهي األوقات الصعبة‬

‫التي‬

‫يمرُّ بها اإلنسان في حياته‪،‬فأشار المجذوب في هذه الرباعية على أن يختار اإلنسان صديقه كما يختار الفارس‬

‫فرسه الجواد الذي يعتمد عليه في الحروب و السفاري ‪،‬وهذا يذكرنا في قول بن قتيبة الدينوري حيث قال‪":‬‬

‫حدثني أبو حاتم عن األصمعي عن أبيه قال ‪:‬كان يقال ‪ :‬الصاحب رقعة في قميص الرجل ‪،‬فلينظر أحدكم بم‬

‫‪)2(".‬‬ ‫يرقع قميصه‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬عبد هللا بن المقفع‪ :‬األدب الكبير و األدب الصغير‪ ،‬صفحة‪.85‬‬
‫(‪)2‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.38‬‬
‫(‪:)3‬عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪:‬عيون األخبار ‪،‬صفحة‪.456‬‬
‫‪41‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫و يقول الشيخ المجذوب عن الكذب‪:‬‬

‫األجـواد ما يقــولوا ال ال‬

‫و حديثهم خطأ و صواب‬

‫اذا قال اك رح و تعالــى‬

‫هديك مـارة الكـــــــداب ‪.‬‬

‫األجواد هم كرام الناس الذين ال يحرمون المحتاج اإلعانة إذ كانوا قادرين عليها ‪،‬وهم أي ً‬
‫ضا ال يتعمدون‬

‫الخطأ في قولهم إال إذا وقع لهم على سبيل السهو و الغلط من دون عمد وال قصد ‪ ،‬إما الكاذب فإنه يكثر من‬

‫المواعيد فيصير الموعود مترد ًدا عليهم ذهابًا و إيابا بال جدوى و ال فائدة فالحكمة هنا تبيان مميزات الكاذب‬

‫و المخادع‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫و يقول عن حسن انتهاز الفرص في أوقاتها‪:‬‬

‫حطيــــها تـــــــــــــبرد‬

‫جاء من لقفها سخونة‬

‫هـــذا دوا ن يــــــــبرد‬

‫خير المواكل سخونــة ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.50‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة‪.31‬‬

‫‪42‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫و ينوع حكمه في رباعية واحدة ‪:‬‬

‫ماكان كالحرث تجارة‬

‫ماكان كاالم حبــــــيب‬

‫ماكان كالشر خسـارة‬

‫ماكان كالدين طــليب‪.‬‬

‫(طليب) أراد بها ثقل التدين على اإلنسان‪.‬‬

‫(‪) 2‬‬ ‫و يقول في الذرية ‪:‬‬

‫جبت أوالدي يقلعوا تنـــكادي‬

‫زادوني تنـــكاد على تنـــــكاد‬

‫إذا كانوا األوالد كيف أوالدي‬

‫ال يعــــطي للضانــيين أوالد‪.‬‬

‫(الضانين) بمعنى األزواج الذين باستطاعتهم اإلنجاب ‪ ،‬فالواضح أن المجذوب خاب ظنه في ذريته ‪ ،‬لذلك‬
‫"(‪.)3‬‬ ‫يقول ابن المقفع ‪ ":‬احذر خصومة األهل و الولد و الصديق و الضعيف ‪ ،‬و احتج عليهم بالحجج‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر ‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪،‬صفحة ‪.52‬‬
‫(‪:)2‬المرحع نفسه‪:‬صفحة ‪.42‬‬
‫(‪:)3‬عبد هللا بن المقفع ‪ :‬األدب الكبير و األدب الصغير ‪ ،‬صفحة ‪.109‬‬

‫‪43‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫( ‪)1‬‬ ‫و يزيدنا الشيخ عبد الرحمان المجذوب من التوصيات قائالً‪:‬‬

‫نوصيك يا حارث الشيخ‬

‫و الشيخ فبه المرورة‬

‫الي نظن و تقطع عليه‬

‫تاتيك منه الضروة‪.‬‬

‫(الشيخ) هو من نباتات البادية ينفع الغنم التي ترعاه و يصلح لحمها ‪.‬‬

‫و(تقطع عليه) أي تحكم عليه بالخير ‪ ،‬و تعتمد عليه ‪،‬و (الضرورة) أي المضرة‬

‫( ‪)2‬‬ ‫‪،‬وجاء في المثل اتق شر من أحسنت إليه ‪ ،‬و يقول أيضا ً في هذا المعنى ‪:‬‬

‫مهبول من يحرث الفول‬


‫في شط مالح يلوحه‬
‫مهبول من ياخد القول‬
‫في صاحب غوض روحه‪.‬‬
‫(الشط)‪:‬أرض واسعة ماؤها مالح ‪ ،‬و نسميه أيضا ً بالسبخة‪(،‬يلوحه)بمعنى رماه‬

‫و هنا نجد سخافة العقل و قلته حين يغرس الفول في مثل هذا الموضع ألنه من المستحيل أن ينبت فيه ‪ ،‬و‬
‫ذلك‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.6‬‬
‫(‪:)2‬المرجع نفسه ‪:‬صفحة ‪.25‬‬

‫‪44‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫يطبق أيضا على اإلنسان الذي يأخذ الرأي ويستمع إلى القول السيئ من صديق السوء ‪،‬فهذا هو الغباء بعينه‬
‫‪.‬‬

‫( ‪)1‬‬ ‫و من أقواله أيضا‪:‬‬

‫حيط الرمل ال تعليه‬

‫يعلى يرجع لساسـه‬

‫ابن الغير ال تربــيه‬

‫يكبر ويرجع لناسه‬

‫من المعلوم أن البناء على رمل ليس بشئ يذكر ‪،‬أما المقصود بالبيت الثاني أنه من المستحيل جعل أبناء الغير‬
‫أبناءنا ألنه الشك في رجوعهم ألصلهم ‪.‬‬

‫(‪) 2‬‬ ‫ويقول في األخذ بالنصيحة ‪:‬‬

‫عيــــط عيـطة حنـــينة‬

‫فيـــقت من كان نايـــم‬

‫ناحنوا قلوب المحـــنة‬

‫و رقدوا قلوب البهايم‬

‫(عيطت) جاءت هنا بمعنى نصحت الناس ‪ ،‬فستفاقت القلوب المحبة للخير و الصواب أما (قلوب البهايم) فهم‬
‫من ال صواب و ال خير فيهم‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة ‪.20‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.8‬‬

‫‪45‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫لعله من الصعوبة بمكان أن يتشكل أدب دون أن يكون هذا األدب جزءاً أو بعضا ً من نفس صاحبه أو من‬

‫إحساسه بما حوله على أقل تقدير ‪ ،‬و هذا يعني ببساطة أن اإلنتاج األدبي هو أوال و قبل كل شيء إنتاج نفس‬

‫البشرية لها نوازعها و رغبتها ووعيها والوعيها و طرائقها في التفكير و المعالجة ‪.‬‬

‫‪-0‬المنهج النفسي‪:‬‬

‫"يستمد المنهج النفسي آلياته النفسية من نظرية التحليل النفسي ‪،‬أو (التحلسفي ) على حد نحت عبد الملك‬

‫مرتاض ‪ ،‬والتي أسسها سييغموند فرويد(‪)1838-1956‬في مطلع القرن العشرين ‪ ،‬فسر على ضوئها السلوك‬

‫(الالشعور)‪)1(".‬‬ ‫اإلنساني يرده إلى منطقة الالوعي‬

‫"ففكرة التحليل النفسي تقوم على أساس التسليم بنظرية العقل الباطن أو الشعور ‪ ،‬والعقل الباطن أو‬

‫الالشعور‪.‬وتنطلق هده النظرية على أساس أن تفكيرنا الظاهر و تصرفاتنا الشعورية ما هي إال نتيجة عمليات‬

‫نفسية الشعورية تجري في العقل الباطن مستقلة على إرادتنا " (‪ ، )2‬فالتحليل النفسي عبارة عن " فكرة‬

‫المعارضة بين الوعي و الالوعي ‪،‬والعقلي و الالعقلي ‪،‬والمنطقي وما قبل المنطقي ‪ ،‬وكذلك فكرة الدال التي‬

‫تجس أرقى أشكال الوجود التي يتخذها العقلي ‪ ،‬ويمكن أن نجد هذا الدال تخوم العواطف بحيث أن‬

‫الممارسات التي تبدو أبعد ما تكون عن العقل ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬يوسف وغليسي ‪:‬مناهج النقد األدبي ‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع ‪،‬الجزائر ‪،‬الطبعة ‪ ،01‬سنة ‪2002‬م ‪،‬صفحة ‪.22‬‬

‫(‪:)2‬بسام قطوس ‪:‬المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ‪،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬مصر ‪،‬الطبعة‪،01‬‬

‫سنة‪2006‬م‪ ،‬صفحة ‪.50‬‬

‫‪46‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫هي األبلغ في داللتها‪-‬فالعبرة بما هو مستضمر و بما خلف المظاهر ‪".‬‬

‫" و خالصة هذا التصور أن في أعماق كل كائن بشري رغبات مكبوتة ‪ ،‬تبحث دو ًما عن اإلشباع في مجتمع‬

‫قد ال يتيح لها ذلك ‪ ،‬ولما كان صعبا إخماد هذه الحرائق المشتعلة في ال شعوره‪ ،‬فانه مضطر إلى تصعيدها ؛‬

‫أي إشباعها بكيفيات مختلفة (أحالم النوم ‪،‬أحالم اليقظة ‪ ،‬هذيان العصابيين ‪،‬األعمال الفنية ) ‪،‬كأن الفن –‬

‫إذن‪ -‬تصعيد و تعويض لما لم يستطيع الفنان تحقيقه في واقعه االجتماعي ‪ ،‬واستجابة تلقائية لتلك المثيرات‬

‫النائمة في األعماق النفسية السحيقة ‪ ،‬والتي قد تكون رغبات جنسية (بحسب فرويد) ‪ ،‬أشعورا بالنقص‬

‫يقتضي التعويض (بحسب ادلر)‪،‬أو مجموعة من التجارب و األفكار الموروثة المخزنة في الالشعور الجمعي‬

‫(بحسب يونغ) ‪ )2(".‬فعلم النفس إذا يدخل في نطاق النقد " بطريقتين ‪ :‬أوالً في البحث عن عملية الخلق و‬

‫اإلبداع ‪،‬وثانيا في الدراسة النفسية لألدباء بأعيانهم لتبيان العالقة بين مواقفهم و أحوالهم الذهنية وبين‬

‫خصائص نتاجهم األدبي ‪.‬‬

‫أما الطريقة األولى فهي أعم الطريقتين و أقدمهما و أشيعهما‪،‬و قلما ذهب نقاد يبحثون األدب من حيث هو‬

‫(‪)3‬‬ ‫فعالية دون أن يعالجوا العوامل النفسية ‪".‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬عبد الحميد بورايو‪:‬البعد االجتماعي و النفسي في األدب الشعبي الجزائري‪ ،‬نشر مؤسسة بونة للبحوث و الدراسات‬
‫بالتعاون مع وزارة الثقافة ‪،‬عنابة‪،‬الجزائر ‪،‬الطبعة‪،01‬سنة‪2009‬م ‪،‬صفحة‪.20‬‬

‫(‪:)2‬يوسف وغليسي‪:‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة‪.22‬‬

‫(‪:)3‬ديفيد ديتشس‪:‬مناهج النقد األدبي بين النظرية و التطبيق ‪،‬ترجمة محمد يوسف نجيم‪ ،‬دار صادر‪،‬بيروت ‪،‬لبنان‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‬
‫‪1862‬م‪ ،‬صفحة‪.523‬‬

‫‪47‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪ : 0-0‬العالقة بين األدب وعلم النفس‪:‬‬


‫" األدب وعلم النفس يتواكبان في مسيرة واحدة‪ ،‬فالحديث عن أي ركن من أركان األدب (األديب –العمل‬
‫القارئ"(‪)1‬‬ ‫األدبي‪-‬القارئ ) يفضي بالضرورة إلى الحديث عن الحاالت النفسية و الوجدانية لدى المبدع و‬

‫‪،‬فيؤكد على هذا القول سيد قطب‪:‬أن" العنصر النفسي أميل بارز " العمل األدبي" ‪ .‬و إذا نحن عدنا إلى‬

‫التعريف الذي اخترناه مند البدء للعمل األدبي ‪ ،‬هو‪ ":‬التعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية" وجدنا‬

‫العنصر النفسي بارز ا في كل خطوة من خطواته ‪ ".‬فالتجربة الشعورية" ناطقة بألفاظها عن أصالة العنصر‬

‫النفسي في مرحلة التأثر‪ .‬الداعية إلى التعبير‪ ،‬و"الصورة الموحية" ناطقة بألفاظها كذلك عن أصالة هذا‬

‫العنصر في مرحلة التأثير الذي يوحي به التعبير ‪ " )2( ".‬فالعالقة بين األدب و النفس ال تحتاج إلى إثبات ‪...‬‬

‫فالنفس تصنع األدب ‪،‬و كذلك يصنع األدب النفس ‪.‬‬

‫النفس تجمع أطراف الحياة لكي تصنع منها األدب ‪ ،‬و األدب يرتاد حقائق الحياة لكي يضئ جوانب النفس ‪.‬‬

‫و النفس التي تتلقى الحياة لتصنع األدب هي النفس التي تتلقى األدب لتصنع الحياة‪.‬إنها دائرة ال يفترق طرفان‬

‫إال لكي يلتقيا‪ .‬وهما حين يلتقيان يضعان حول الحياة إطارا فيصنعان لها لذلك معنى و اإلنسان ال يعرف‬

‫(‪) 3‬‬ ‫نفسه إال حين يعرف للحياة معنى"‪.‬‬

‫(‪:)1‬شكري عزيز ماضي ‪ :‬نظرية األدب ‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات و النشر ‪،‬بيروت‪،‬لبنان ‪،‬الطبعة‪ ،01‬سنة‪2005‬م‪،‬صفحة‪.111‬‬

‫(‪:)2‬سيد قطب‪:‬النقد األدبي أصوله منهاجه ‪ ،‬دار الشروق ‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬الطبعة‪،05‬سنة‪2003‬م‪،‬صفحة‪.202‬‬

‫(‪:)3‬عز الدين إسماعيل ‪:‬التفسير النفسي لألدب‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،‬طبعة‪،04‬د‪.‬س‪،‬صفحة‪.05‬‬

‫‪48‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪:2-0‬مبادئ المنهج النفسي‪:‬‬

‫و على تعدد االتجاهات النفسانية التي نهلت منها الدراسات األدبية ‪ ،‬فان النقد النفساني ظل يتحرك ضمن‬
‫جملة‬

‫من المبادئ و الثوابت منها‪:‬‬

‫"‪-‬ربط النص بال شعور صاحبه ‪.‬‬

‫‪-‬افتراض و جود بنية نفسية تحتية متجذرة في الوعي المبدع تنعكس بصورة رمزية على سطح النص ‪،‬ال‬
‫معنى‬

‫"‪)1(.‬‬ ‫لهذا السطح دون استحضار تلك البنية الباطنية‬

‫فالواضح أن المنهج النفسي يجعل من النص مرآة عاكسة عن الشعور المؤلف ‪ ،‬و أنه ال معنى للنص دون‬
‫استحضار للبنية الباطنية (الالشعور )‬

‫"‪ -‬النظر إلى الشخصيات (الورقية ) في النصوص على أنهم شخوص حقيقيون بدوافعهم و رغباتهم " (‪، )2‬‬
‫أي يجعل من شخصيات النص شخصيات حقيقية‪.‬‬

‫‪-‬النظر الى المبدع صاحب النص على أنه شخص عصابي ‪،‬و أن نصه اإلبداعي هو عرض عصابي ‪،‬‬
‫يتسامى‬

‫بالرغبة المكبوتة في شكل رمزي مقبول اجتماعيا "(‪" .)3‬و قد شاعت الفكرة التي تقول إن الفنان مريض‬
‫مصاب‬

‫بأعصاب مختل االتزان‪ ،‬و إن الفن نتاج جانبي لهذا المرض و االختالل‪.‬وراجت تلك الفكرة كثيرً ا خالل‬
‫المائة‬

‫بالمسوغات"(‪)4‬‬ ‫و الخمسين سنة الماضية‪ ،‬و يبدو أن علم النفس الحديث قد مدها‬

‫(‪:)1‬يوسف وغليسي‪:‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة‪.23‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة‪.23‬‬

‫(‪:)3‬يوسف وغليسي‪:‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة ‪.23‬‬

‫(‪:)4‬ديفيد ديتشس‪:‬مناهج النقد األدبي بين النظرية و التطبيق ‪،‬صفحة ‪.522‬‬

‫‪49‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫"و تجمع عامة البحوث و الدراسات على أن الناقد الفرنسي شارل مورون (‪)1966-1988‬الذي إليه يعزي‬

‫مصطلح النقد النفساني ‪،‬قد حقق للنقد األدبي عن علم النفس ‪ ،‬و جعل من األول أكبر من أن يبقى مجرد‬

‫شارح و موضوع للثاني ‪،‬مقترحً ا منهجً ا ال يجعل من التحليل النفسي غاية في ذاته ‪ ،‬بل يستعين به وسيلة‬

‫األدبية"(‪)1‬‬ ‫منهجية في دراسة النصوص‬

‫و ال ننسى أن الدراسات األدبية قد استغلت حقائق علم النفس و مفاهيمه النفسية بكيفيات شتى ‪ ،‬وعبر‬

‫مجاالت مختلفة نذكر منها ‪:‬‬

‫‪"-1‬دراسة العملية اإلبداعية في ذاتها (سيكولوجيا اإلبداع ) ؛ أي ما أهميتها النفسية و عناصرها و طقوسها‬

‫"( ‪)2‬‬ ‫الخاصة‬

‫فعلم النفس يركز اهتمامه على العملية اإلبداعية في حد ذاتها ‪.‬‬

‫‪"-2‬دراسة شخصية المبدع (االتجاه البيوغرافي أو سيكولوجية المبدع ) ؛بمعنى البحث في داللة العمل‬

‫صاحب ِه"(‪)3‬‬ ‫اإلبداعي على نفسية‬

‫و هنا نجد أن علم النفس ال يركز اهتمامه على العملية اإلبداعية فحسب‪ ،‬بل يهتم أي ً‬
‫ضا بمنتج النص اإلبداعي‬
‫أي المبدع ‪ ،‬فعلم النفس يركز في هذا الشأن على الحالة النفسية التي كان المبدع وقت إنتاجه للعمل الفني‪.‬‬

‫(‪:)1‬يوسف وغليسي‪ :‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة‪.23‬‬


‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة ‪.23‬‬
‫(‪:)3‬يوسف وغليسي ‪:‬مناهج النقد األدبي‪،‬صفحة‪.24‬‬

‫‪50‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫الجمهور)"(‪)1‬‬ ‫‪"-3‬دراسة العالقة النفسية بين العمل اإلبداعي و الملتقي (سيكولوجية التلقي أو‬

‫ففي هذه الحالة يركز علم النفس على العمل (اإلبداع (النص) و الملتقي فيقوم بدراسة صلة التواصل بينهما‬

‫من حيث النفسية‪.‬‬

‫‪"-4‬دراسة العمل اإلبداعي من زاوية سيكولوجية (التحليل النفسي لألدب )؛ و هذا هو المجال الحقيقي‬

‫للممارسات النقدية النفسانية التي يمكن أن نذكر من رواده‪ :‬أمين الخولي محمد خلف هللا أحمد و عز الدين‬

‫نجم‪)2("....‬‬ ‫إسماعيل و يوسف سامي اليوسف وجورج طرابلسي و خريستو‬

‫(‪:)1‬المرجع السابق ‪:‬صفحة‪.24‬‬

‫(‪)2‬يوسف وغليسي‪:‬مناهج النقد األدبي‪،‬صفحة‪.24‬‬

‫‪51‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪:2-0‬مواقف منهجية‪:‬‬
‫يعد المنهج النفساني من أكثر المناهج النقدية إثارة للمواقف وسطية‪:‬‬

‫‪:0-2-0‬موقف األنصار‪:‬‬

‫" استهوى المنهج النفسي عد ًدا من النقاد العرب فقدموا عد ًدا من الدراسات النقدية النفسية مستفيدين من‬

‫طروحات علم النفس ‪،‬و من هؤالء النقاد عباس محمود العقاد والمازني ‪ ،‬و محمد النويهي‪ ،‬و محمد خلف هللا‬

‫أحمد ‪،‬وعز الدين إسماعيل ‪،‬و مصطفى سويف و غيرهم "(‪)1‬و يجيب العقاد عن هذا االختيار الخاص بأن‬

‫الناقد النفسي ‪ ":‬يعطينا كل شئ إذا أعطانا بواعث ‪،‬النفس المؤثرة في شعر الشاعر و كتابه الكاتب ‪ ،‬و ال بد‬

‫أن تحيط هذه البواعث ‪،‬إجماال أو تفضيالً بالمؤثرة في شعر الشاعر و كتابة الكاتب ‪ ،‬و ال بد أن تحيط هذه‬

‫البواعث ‪،‬إجماال أو تفصيال بالمؤثرات التي جاءته من معيشته في مجتمعه وفي زمنه " (‪ ")2‬فقد درس العقاد‬

‫شخصية أبي نواس في ضوء ما أسماه عقدة " النرجسية" (‪ )3‬فلم يكثف بالممارسة النقدية النفسانية‬

‫فحسب‪،‬بل" راح يؤازر ذلك مؤازرة نظرية ‪ ،‬أكد عنها في (مقالة النقد السيكولوجية ) الذي نشره عام‬

‫‪ ،1861‬منتهيا فيه إلى قوله ‪ " :‬إذا لم يكن بد من تفضيل إحدى مدارس النقد على سائر مدارسه الجامعة‬

‫فمدرسة (النقد السيكولوجي)‬

‫(‪)1‬بسام قطوس‪:‬المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ‪،‬صفحة ‪.52‬‬

‫(‪:)2‬مصطفى دراوش‪ :‬تشكل الذات و اللغة في مفاهيم النقد المنهجي ‪،‬دار األمل ‪ ،‬تيزي وزو ‪،‬الجزائر ‪،‬د‪.‬ط‪،‬سنة‪2009‬م‪،‬صفحة‪.110‬‬

‫(‪)3‬بسام قطوس ‪:‬المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ‪،‬صفحة‪52.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫أو النفساني أحقها جمي ًعا بالتفضيل‪ ،‬في رأيي و في ذوقي م ًعا ‪ ،‬ألنهما المدرسة التي نستغني بها عن غيرها‬

‫و ال نفقد شيئا من جوهر الفن أو الفنان المنقود " (‪ ،)1‬كما قدم المازني أي ً‬
‫ضا " دراسة عن بشار بن برد تمثل‬

‫نموذجا واضحً ا لمفهوم ادلر عن " عقدة النقص ‪،‬حيث يرد إبداع بشار وولوعه بهجاء الناس و شتمهم إلى‬

‫"(‪)2‬‬ ‫عقدة نقص يعاني منها بسبب كونه أحد شعراء الموالي أوال ‪،‬وكونه شاعرا كفيف ثانيا‬

‫‪-‬أما بالنسبة "لجورج طرابلسي الذي مارس النقد النفساني في كثير من كتبه (أنثى ضد األنوثة ‪،‬الرجولة‬

‫وإيديولوجيا الرجولة في األدب العربي ‪،‬عقدة أوديب في الرواية العربية ‪،‬رمزية المرأة في الرواية العربية ‪،‬‬

‫العربية‪)3(".)...،‬‬ ‫الروائي و بطله –مقاربة الالشعور في الرواية‬

‫‪:2-2-0‬موقف المعارضين‪:‬‬

‫يأتي في طليعة النقاد الداعين إلى فصل األدب ودراسته عن العلوم المختلفة (و منها علم النفس) محمد مندور‬

‫فيري حسب قوله أن" األدب ال يمكن أن نجدده و نوجهه و نحييه إال بعناصره الداخلية ‪،‬العناصر األدبية‬

‫ونجد أيضا من بين اآلراء التي كانت معارضة و معادية للمنهج النفسي هو‪:‬‬ ‫" (‪)4‬‬ ‫البحتة‬

‫(‪:)1‬يوسف وغليسي ‪:‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة ‪.52‬‬

‫(‪:)2‬بسام قطوس ‪:‬المدخل الى مناهج النقد المعاصر ‪.52،‬‬

‫(‪:)3‬يوسف و غليسي‪ :‬مناهج النقد األدبي صفحة‪.25‬‬

‫(‪:)4‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.22‬‬

‫‪53‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫"المرحوم محي الدين صبحي(‪)2003-1835‬الذي أبدى ازوراره من هذا المنهج ‪ ،‬على أقل كما طبقه‬

‫خريستو نجم في دراسته (الطبيعة و الرغبات المكبوتة في شعر األخطل الصغير ) ‪،‬حيث امتعض من‬

‫التركيز على الطفولة األولى للمبدع و إلغاء السنوات الالحقة من عمره ‪،‬ألن في ذلك حي ًفا على إنسانية‬

‫الوعي"(‪)1‬‬ ‫اإلنسان و مصادرة لعمر كامل من التجارب و الثقافة و‬

‫و من بين المعارضين أيضا" الدكتور عبد المالك مرتاض فهو من ألد أعداء القراء النفسانية التي وصفها‬

‫ب‪ ":‬المريضة المتسلطة" ‪ ،‬ثم راح في دراسته القراءة بين القيود النظرية و حرية التلقي يصب جام غضبه‬

‫على المنهج النفسي القائم على افتراض مسبق يتجسد في مرضيته األديب‪ ،‬واذن مرضية األدب ‪،‬بل أدبية‬

‫"‪)2(.‬‬ ‫امرض ‪ ،‬فكأن هذا التيار ال يبحث إال عن األمراض‬

‫‪:3-3-5‬موافق وسطية ‪:‬‬

‫من جملة ألراء التي وقفت مع هذا المنهج موق ًفا وسطيًا ‪،‬ال ينكر فعالية المنهج النفسي في ذاته و لكنه يسجل‬

‫عليه بعض االعتراضات الجزئية ‪،‬نذكر موقف الناقد المرحوم سيد قطب الذي أعرب عن ذلك بوضوح عند‬

‫قوله‪ ":‬ولعلم النفس عامة أنصار يتحمسون له في أوروبا و مصر ‪ ،‬ال يعتدلون هذا االعتدال ‪.‬‬

‫(‪:)1‬يوسف وغليسي ‪:‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة‪.29‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه ‪ :‬صفحة‪.29‬‬

‫‪54‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫فأما نحن فأميل إلى الحذر في استخدامه في " المنهج النفسي " ليبقى في حدوده المأمونة ‪ ،‬فيساعد مجرد‬

‫مساعدة على توسيع اآلفاق في النظر إلى العمل الفني "(‪ .)1‬بمعنى أنه ال يمانع من االستفادة من هذا المنهج‬

‫ولكنه يريد له أن يلتزم حدوده ‪ ،‬وأن يظل مجرد عنصر من مجموعة منهجية ‪.‬‬

‫‪-‬و قد كان موقف الدكتور الناقد عزالدين اسماعيل من بين اآلراء التي كانت تناصر هذا المنهج باعتدال و‬

‫يتضح هذا جليًا في قوله‪ ":‬و أن األدب و علم النفس منهجان متوازيان في ارتياد هذه الحقائق و ليس متدخلين‬

‫؛ فنحن إما أن نشئ أدبًا أو نكتب علمًا‪ .‬وأن الميدان الصحيح الذي يمكن أن يستغل فيه نتائج الدراسات‬

‫النفسية هو ميدان النقد األدبي ‪،‬مع تحفظ في تقدير مدى هذه الفائدة تب ًعا لنوع الدراسة التي تقدم في هذا‬

‫الميدان و لطبيعة القائم بها و استعداده "(‪ "،)2‬وراح يصدر عن هذا التصور المنهجي في كثر من ممارساته‬

‫النقدية التطبيقية ‪،‬خاصة في كتابه (التفسير النفسي لألدب )‪ ،‬وكذا تفسيره الجديد للنسيب في مقدمة القصيدة‬

‫(‪)3‬‬ ‫الجاهلية ضمن كتابه(روح العصر) ‪ ...‬لكنه يعي جي ًدا حدود المنهج النفسي في دراسة األدب‪" .‬‬

‫(‪:)1‬سيد قطب ‪:‬النقد األدبي أصوله منهاجه ‪،‬صفحة‪.215‬‬

‫(‪:)2‬عزا لدين إسماعيل‪ :‬التفسير النفسي لألدب‪ ،‬صفحة ‪.19‬‬

‫(‪:)3‬يوسف وغليسي‪ :‬مناهج النقد األدبي ‪،‬صفحة‪.30‬‬

‫‪55‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫‪:0-4‬عيوب التطبيقات النفسانية‪:‬‬


‫إن المنهج النفسي كبقية المناهج األخرى لها ايجابياتها كما لها سلبياتها ‪ ،‬و مما سبق ‪،‬يمكننا أن نسجل على‬

‫التطبيقات النقدية النفسانية جملة من العيوب نذكرمنها‪:‬‬

‫" االهتمام بصاحب النص على حساب ذاته (الموضوع الحقيق للفعل النقدي ) ‪.‬‬

‫‪-‬الربط بين النص و نفسية صاحبه ‪،‬مع االهتمام المبالغ فيه بمنطقة" الالوعي" التي مثلها الدكتور عبد القادر‬

‫اإلبداعي "‪)1(.‬‬ ‫فيدوح ب‪:‬العلبة السوداء التي يجد فيها الباحث النفساني كل تفسير لألسرار العمل‬

‫‪-‬التسوية بين النصوص الرديئة و الجيدة‪ ،‬وهنا نجد سيد قطب يقول‪ " :‬هناك خطر نلمحه من التوسع في‬

‫استخدام ذلك العلم‪.‬وهو أن يستحيل النقد األدبي تحليال نفسيا وأن يختنق األدب في هذا الجو ‪،‬فمن الواضح أن‬

‫العمل الفني الردئ كالعمل الجيد من ناحية الداللة النفسية ‪.‬كالهما يصلح شاه ًدا ‪ ...‬وذلك خطر غير مباشر‬

‫‪،‬و قد ال يلتفت إليه في أول األمر ‪،‬و لكنه يؤدي إلى توارى القيم الفنية و انغمارها في لجنة التحليالت النفسية‬

‫"(‪)2‬‬

‫نجد سيد قطب يحذر من أن ننسى وظيفة النقد األدبي فيقول‪:‬‬

‫(‪:)1‬المرجع السابق‪:‬صفحة‪.32‬‬

‫(‪)2‬سيد قطب‪:‬النقض األدبي أصوله مناهجه‪ ،‬صفحة ‪.215‬‬

‫‪56‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل األول‪:‬الفصــل التمهيــــدي‪.......................................................‬‬

‫نخشى أن ننسى وظيفة النقد األدبي‪ -‬و هي تقويم العمل األدبي و صاحبه من الناحية الفنية – و نندفع في‬

‫"(‪)1‬‬ ‫تطبيقات و تحليالت تستوي فيها داللة النص الجيد و داللة النص الردئ‬

‫‪-‬و من بين العيوب هو اإلفراط في التفسير الجنسي للرموز الفنية‬

‫‪ -‬التعسف في فرض بعض التأويالت النفسانية على النصوص (و إذا كانت تأباها) بغية تأكيد فرضية ما‬
‫!مسبقة‬

‫‪ -‬االهتمام بالمضمون النفسي للنص (السلوكيات والعقد) على حساب الشكل الفني ‪ ،‬و العيب نفسه وسم‬

‫الدراسات النقدية النفسية العربية ‪ ":‬فأبو نواس ‪ ،‬و ابن الرومي عند العقاد كما هو عند محمد النويهي ‪،‬‬

‫وبشار عند المزني ‪ ،‬و أبو العالء عند طه حسين ‪،‬يشكلون صورة نمطية واحدة لحاالت نفسية متعددة ‪ ،‬و ال‬

‫"(‪)2‬‬ ‫يختلفون في تناولهم االختالف أسمائهم أو مؤلفهم‬

‫وقد إقترح سيد قطب حل لهذه المشاكل بقوله‪ ":‬هناك مجال أخر لإلنتفاع بالدراسات النفسية‪ .‬ذلك هو مجال‬

‫الخلق األدبي ذاته‪ .‬فالكشف عن كثير من الحقائق النفسية –وخاصة في الناحية المرضية حيث أكبر حقول‬

‫التحليل النفسي – قد يفتح أمام األدباء عوالم كانت محجً وبة –إلى حد ما‪ -‬عن أذهانهم ‪،‬ويزيدهم بصرً ا‬

‫بالطبائع و النماذج اإلنسانية و يعينهم على صحة وصف الخلجات و البواعث ‪،‬و بخاصة في القصة و‬

‫"(‪)3‬‬ ‫التمثيلية و التراجم‬

‫(‪:)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة‪.216‬‬

‫(‪:)2‬بسام قطوس‪ :‬المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ‪،‬صفحة ‪.59‬‬

‫(‪:)3‬سيد قطب‪:‬النقد األدبي أصوله منهاجه‪،‬صفحة ‪.216‬‬

‫‪57‬‬
58
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‬

‫مضامين رباعيات المجذوب‬ ‫‪-0‬‬

‫اللغة‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ :0-2‬المستوى المعجمي و الداللي‬

‫‪ :2-2‬اللهجة العامية‬

‫‪ :0-2-2‬الوضوح‬

‫‪ :2-2-2‬الخطابية و المباشرة‬

‫‪ :2-2-2‬التكرار‬

‫الصورة الفنية‬ ‫‪-2‬‬

‫الموسيقى‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ :0-4‬القوافي‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫مضامين رباعيات المجذوب‪:‬‬ ‫‪-0‬‬


‫إن المتأمل في رباعيات عبد الرحمان المجذوب يجدها في الشعر الوجداني تغلب عليها الشكوى‪ ،‬أما في‬

‫التأملي تحمل أفكاره ‪ ،‬و فلسفاته العميقة كما تجلب في الشعر االجتماعي أفكاره عامة بثها من خالل على‬

‫إصالح مجتمعه و أفراده‪ ،‬و نقد مظاهر الزيف ‪ .‬فكانت الدنيا في رباعياته مجرد وهم من األوهام ‪ ،‬وأثرت‬

‫على نظرته لكل ما فيها من متع ‪ ،‬حيث يشبهها بالناقة حينما تعطف بحليبها أن يتدفق و لو كان في متناول‬

‫(‪)1‬‬ ‫اليد‪:‬‬

‫الدنيا يكنوها ناقة‬

‫اذا عطفت بحليبها ترويك‬

‫واذا ما عطفت ماتشد فيها لباقة‬

‫تتكفح ولو كان في يديك‬

‫وقد كان لونه األسود مدعاة لتعرضه لمجموعة من المضايقات تكشف من خالل رباعياته ‪،‬انتقد فيها يشكل‬

‫الذع النظرة المادية للمجتمع ألمغاربي ‪ ،‬والمرطبة باألشكال و المال و عنصرية اللون و ازدرائه على‬

‫(‪) 2‬‬ ‫حساب اللون األبيض فقال ‪:‬‬

‫شافوني أكحل مغلف‬

‫يحسبوا مافي ذخيرة‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.62‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.02‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫و أنا كالكتاب المؤلف‬


‫فيه منـــــافع كثـــيرة‬

‫فال اللون و ال الشكل و ال المال في منظومة عبد الرحمان المجذوب هي من صنع الشخصية الحكيمة ‪ ،‬بل‬

‫الحكمة مرتبطة بشروطها الموضوعية و هي معانية الواقع و التجربة الفعلية‪ ،‬عبر االحتكاك بالناس لحد‬

‫الخبرة بأحوالهم ‪ ،‬فمن الواضح أن كالم و نظرة الناس للمجذوب كان له أثر كبير في نفسيته ‪،‬لهذا كان يشبه‬

‫نفسه‬

‫(‪) 1‬‬ ‫بالحمام الذي يبنى على النار ‪،‬حيث ال يرى دخانها من فوق ‪،‬في حين أن في داخله جمرً ا يلتهب ‪،‬فيقول ‪:‬‬

‫مثلت روحي لحمـــــــــام‬

‫مبني على صـــــهد ناره‬

‫من فوق مابان دخـــــان‬

‫و من تحت طابوا حجاره‬

‫و قد احتلت المرأة مجاالً مهمًا في رباعيات المجذوب ‪ ،‬فكانت ج ُّل رباعياته عن غرائب النساء و مكرهن‪ ،‬ة‬

‫التصق هذا الجانب المهم في تشكيل رؤية الفرد ألمغاربي لنصفه األخر في الكثير من األحيان ‪ ،‬حيث ال‬

‫يمكن أن ترى فر ًدا إال و في ذهنه من رباعيات المجذوب ما يواجه به خصمه من الجنس اللطيف ‪،‬و يغرس‬

‫في هذه القاعدة االجتماعية الذكرية ما يمكن أن نسميه صرا ًعا خفيًا له تداعياته الخطيرة على البنية األسرية‬

‫و العالقات‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور للشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.49‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫االجتماعية وعلى نفسية الرجل تجاه المرأة بشكل عام‪.‬‬
‫فعبد الرحمان المجذوب يوجه كل قارئ لرباعياته للحذر من هذا الكائن المسمى بالمرأة ألنها حسب رأيه‬

‫األحباب‪)1( :‬‬ ‫سبب الفساد بين‬

‫ياالي تعيط قدام الباب‬

‫عــــــيط و كن فـــــاهم‬

‫ما يفسد بين االحــباب‬

‫غير النساء و الدراهم‬

‫هذا الحذرلم يأت من فراغ كما يريد أن يصور لنا المجذوب بل كل تكوينه مبنيً على تجربة طويلة تعرف‬

‫(‪)2‬‬ ‫فيها هذا األخيرعلى غرائب الجنس اللطيف‪ ،‬مما كون له عقدة نفسية الزمته طوال حياته ‪،‬بحيث يقول ‪:‬‬

‫بهت النساء بهتـــــين‬

‫من بهتهم جيت هارب‬

‫يتحزمــــــوا بالقــــاح‬

‫و يتخللوا بالعقـــارب‬

‫(‪)3‬‬ ‫و يقول أيضا ً‪:‬‬

‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة‪.13‬‬


‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.29‬‬
‫(‪:)3‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.28‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫كيد النــــــساء كــــــيدين‬
‫ومن كيدهم يا حزونــــي‬
‫ركبة على ظهر السبــــع‬
‫و تقول الحديات ياكلوني ‪.‬‬
‫إن قضية المرأة و صورتها في هذه الرباعيات تطرح الكثير من عالمات االستفهام حول العالقة المكهربة‬
‫المجذوب و المرأة ‪ ،‬فقد صور لنا نفسية األنثى المغربية بأسلوب ال يحتاج الكثير من العناء ليعرف بين‬
‫صدقه من بطالنه‪ ،‬و كأنه قراءات نفسية عميقة استطاعت أن تتجاوز حدود زمانها و مكانها ‪،‬لتصبح من‬
‫السنين المتحكمة في عالقة الرجل بالمرأة ‪،‬فهذه العقدة التي نلمسها في نفسية المجذوب أدت به للتحذير حتى‬
‫من االستئناس بحديثها و رقتها ‪ ،‬فورً ا كل هذه المظاهر غدر و خداع ‪ ،‬الذي شبهته بحالقة الوجه دون ماء‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫حديث النساء يونــــــس‬


‫و يعـــــــلم الفهامــــــــة‬
‫يديروا شركة من الريح‬
‫و يحسنولك بال مــــــــا‬
‫أما ضحكتها و ابتساماتها فهي ليست إال ضحكات خداعة سرعان ما تنقضي بانقضاء الحاجة و المصلحة‪،‬‬
‫في‬
‫( ‪)2‬‬ ‫قو له‪:‬‬
‫مزين النساء بضحكات‬
‫لو كان فيها يدومـــــوا‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪ ،‬صفحة ‪.28‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه ‪:‬صفحة ‪.13‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫الحوت يعوم في الماء‬


‫و هما بال ماء يعوموا‪.‬‬
‫صورة عميقة يضعها المجذوب أمام كل فرد مغاربي بحكم التجربة فال زالت تتحكم في زمام العالقات‬

‫( ‪)1‬‬ ‫االجتماعية‪،‬فالبحث عن المستحيل في عالم المتناقضات عبر بهذه الرباعية‪:‬‬

‫ال في الجبل واد معلوم‬

‫و ال في الشتاء ريح دافي‬

‫ال في العدو قلب مرحوم‬

‫و ال في النساء عهد وافي‬

‫إن صورة المرأة أو ما يجب أن نسميها عقدة األنثى في فكر عبد الرحمان المجذوب ‪،‬هذه العقدة التي لم تأتي‬

‫من‬

‫فراغ ‪،‬و لكن كانت تستمد قوتها من الواقع المعاش ‪ ،‬هذا الواقع الذي فرض على كالهما عقلية منغلقة فال‬

‫يستطيع األول فهم الثاني و ال الثاني فهم األول‪.‬‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪62‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫‪ -2‬اللغة‪:‬‬

‫‪: 0 -2‬المستوى المعجمي و الداللي ‪:‬‬

‫إن التأمل في شعر عبد الرحمان المجذوب يجد معظم ألفاظه و تراكيبه‪ ،‬مستمدة من القران الكريم‪ ،‬لألن كان‬

‫ً‬
‫مرتكزا أساسيًا لهذا الشاعر و مصدرً ا رئيسيًا لثقافتهم لألنه من حافظيه ‪ ،‬و متعلميه في يفاعة صباه ي‬

‫الكتاتيب‬

‫‪ ،‬و هذا ما تشير اليه سيرته‪ ،‬و ما يجد توننا به ‪ ،‬و مانراه مهيم ًنا على اثاره ‪.‬‬

‫و من ناحية أخرى ال ننسى الناحية الثقافية السائدة انذاك ‪ ،‬و هي الثقافة العربية االسالمية ‪-،‬و بخاصة‪ -‬في‬

‫األرياف ‪ ،‬و في الزوايا و المساجد مما جعل أثر ذلك باديًا للعيان ‪.‬‬

‫و لعل ذلك رسخ لغة القرأن في ذهن شاعرنا ‪ :‬مفردة ‪ ،‬و تركيبًا‪ ،‬و مصطلحً ا‪ ،‬و من ذلك إستعمال هذه‬

‫المفردات بكثرة ‪ (:‬الصبر‪ ،‬الخير ‪ ،‬الشر‪ ،‬سبحانك ‪ ،‬خالق‪ ،‬الموت ‪ ،‬الخاتمة‪ ،‬الشهادة‪ ،‬الصالت‪ ،‬الصوم‪،‬‬

‫ديني‬

‫‪ ،‬الدين‪ ،‬التوبة ‪ ،‬حجيب‪ ،‬النبي‪ ،‬كلمة الحق‪ ،‬الدنيا‪ ،‬الخلق‪ ،‬عزريل‪ )...‬وهذا يقودنا الى أن الشاعر كان يلتجئ‬

‫الى الذاكرة ً‬
‫لفظا و تركيبًا ‪ ،‬مستم ًدا جل ألفاظه من القران الكريم ‪ ،‬مما أدى به الى النظم على معاني القران‬

‫( ‪)1‬‬ ‫الكريم ‪ ،‬كما نجد في قوله ‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪،‬صفحة‪.4‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫يا صاحـــب كن صـــــبار‬

‫أصبر على ما جرى لــك‬

‫أرقد على الشوك عريان‬

‫حتى يـطلـــــــع نهـــارك‪.‬‬

‫اصب ْر إن ا ْلعاقبة ل ْلمتقين " (اآلية ‪)48‬‬


‫و هذا يدل على قوله تعالى في سورة هود‪ " :‬ف ْ‬

‫( ‪)1‬‬ ‫و نجد المجذوب يقول ‪:‬‬

‫ال تخــــمم ال تدبر‬

‫ال ترقد الهم ديـمة‬

‫الفلك ماهو مـسمر‬

‫و ال الدنيا مقتـيمة‬

‫س ًرا" ( اآلية ‪)0‬‬


‫ي ْ‬ ‫"إن مع ا ْلع ْسر‬ ‫و هذا القول يتطابق في المعنى مع قوله عز وجل في سورة الشرح‬

‫حتى نلحظ أن رباعياته قد تحولت إلى النظم التعليمي أقرب منها إلى لغة الشعر التي يضفي عليها شاعرنا‬
‫من‬

‫روحه‪،‬و نفسه ‪،‬و خياله الخالق المبتكر ‪.‬‬

‫إذ أن الشاعر استل المعنى و اللفظ‪ ،‬و لكنه يعبر عنها مباشرة ‪ ،‬هذا من جانب ‪،‬و من جانب ثاني أدى حفظه‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪:‬صفحة‪.04‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫للقران الكريم إلى إستعمال بعض المفردات إستعماالً قرآنيًا بح ًتا ‪،‬و من ذلك لفظ‪ ":‬الريح" التي ال تستعمل إال‬

‫في حاالت الفزع ‪،‬و الهلع‪ ،‬إذ أنها رمز الفناء ‪ ،‬يقول المجذوب‪)1( :‬‬

‫الريــح و السحــــاب رشـات‬

‫و الغيـــم اضـــالم علــــــــي‬

‫األحباب قاع قاع العمد علي‪.‬‬

‫و ذلك أن الريح إستعملت في القران الكريم للعذاب ‪،‬من مثل قوله تعالى‪ " :‬وأما عاد فأهْ لكوا بريح ص ْرصر‬

‫عاتية ”سورة الحافة ( االية‪.)06‬‬

‫و من ناحية ثانية نجد بأن البيئة بنوعها‪ ،‬الخاص و العام لها األثر الفعال في القاموس الشعري لعبد الرحمان‬

‫المجذوب ‪ ،‬إذ أمدته بالمفردات ‪ ،‬و التعابير الشعبية و الواقعية‪ ،‬والتي تدل على أحوال عصره‪ ،‬و من بين‬

‫هذه‬

‫المفردات‪( :‬الشوك ‪،‬الشيح‪ ،‬الدوم) فهذه نباتات مقاومة للجفاف مما يدل على المنطقة التي كان يعيش فيها‬

‫‪،‬فالشاعر ابن بيئته يتأثر باألجواء التي يعيش فيها‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.60‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫و قد استعان الشاعر في نظمه لرباعياته باألفعال التالية‪:‬‬
‫(شافوا‪،‬يحسبوا‪،‬كسبت‪،‬جبت‪،‬يقول‪ ،‬أعطانِي تخمم‪ ،‬ال تدير‪،‬ال ترفد‪ ،‬اصبر‪،‬جر‪،‬أرقد‪،‬يطلع‪ ،‬رد‪،‬تولي‪ ،‬نوصيك‬
‫رم‪،‬أضحك ‪ ،‬ألعب ‪،‬م َّتن‪ ،‬تهزم‬‫‪،‬تضمن‪ ،‬تقطع‪،‬تأتيك‪،‬خانة‪ ،‬ينفع‪،‬نطق‪،‬يفسد‪،‬شفت‪،‬التخبر‪،‬سألوك‪،‬قل‪،‬كل‪،‬أ ٍ‬
‫‪،‬كنت‪،‬خفيت‪،‬مشيت‪،‬ندور‪،‬عيطت‪،‬فيقت‪،‬ناضوا‪،‬رقدوا‪،‬والت‪،‬بقت‪،‬يأن‪،‬يضحك‪،‬سافر‪،‬طيعه‪،‬بيعه‪،‬طاقوا‪،‬تعاونوا‬
‫‪ ،‬نقوه‪ ،‬التسرج‪ ،‬تلجم‪،‬أعتقد‪ ،‬ال تتكلم‪ ،‬ال تعود‪،‬كان‪،‬يعوم‪ ،‬رد‪،‬يو ٍريو‪،‬تعيط‪ ،‬يفسد‪ ،‬هني‪ ،‬خلي‪ ،‬يرجع‪،‬يجيب‪،‬‬
‫ضربوا‪،‬يوسع‪،‬يضيق‪،‬يوصل‪،‬نخدم‪ ،‬نطيح‪ ،‬يظلم‪،‬جبده‪،‬يقول ‪،‬يغلب‪ ،‬ضربت‪،‬خممت‪ ،‬صبت‪،‬ترشي‪،‬تضوي‬
‫‪،‬يقعد‪،‬نوضوه‪،‬طيحت‪،‬ركبت‪ ،‬درت ‪ ،‬م ٍّتن‪ ،‬اليعجبك‪ ،‬داير‪،‬شوف‪ ،‬ال نغليه‪،‬ال تغمق ‪،‬ال توصيه‪ ،‬يولي‪ ،‬ذريه‪،‬‬
‫يمشي‪ ،‬يعطي‪،‬أعمل ‪ ،‬جاك‪،‬يرفد‪،‬يركب‪ ،‬يدور‪ ،‬أطلب‪ٍ ،‬جيتن يتحزموا‪ ،‬يتخللوا‪ ،‬تقول‪ ،‬يأكلوا‪ ،‬يعلم‪،‬يديروا‪،‬‬
‫يحسنوا‪،‬لحقوها‪،‬رماتهم ‪ ،‬حطيتها‪ ،‬جاء لقفها‪ ،‬يبرد‪،‬تخلط‪ ،‬لعت‪،‬حوست‪،‬جربت‪ ،‬جاد‪،‬ناسب‪،‬خاب‪،‬‬
‫خالط‪،‬زادن‪،‬جاور‪ ،‬انطلىنجاب‪،‬شيبني‪ ،‬يخمم‪ ،‬عزوه‪ ،‬تنادي‪،‬تجيها‪،‬يطير‪ ،‬تجيبن تطرده‪ ،‬ال تدي‪ ،‬نتعاون‪،‬‬
‫يركب‪ ،‬يصحب‪ ،‬يصيب‪ ،‬يقولوا‪،‬نقال‪ ،‬اليطعمك‪ ،‬اليحضر‪ ،‬التحسب‪ ،‬تلوم‪،‬عران‪،‬‬
‫غغضب‪،‬جفاني‪،‬نصب‪،‬نحدث‪،‬يحمِل‪،‬رفد‪،‬سيب‪،‬ضرنا‪،‬زادو‪،‬تقطع‪،‬للوحه‪،‬يصير‪،‬العدت‪،‬تتفكر‪،‬مثلث‪،‬طابو‪،‬بان‬
‫‪ ،‬عملت‪،‬غطيت‪،‬ونست‪،‬يشفق‪،‬يردف‪،‬نرد‪،‬يحمل‪،‬يغسل‪،‬يقلب‪،‬يقطع‪،‬حطيت‪،‬ترك‪،‬التسأل‪،‬التالعب‪،‬التقمت‪،‬باع‪،‬‬
‫التشري‪،‬خمست‪،‬زعكوني‪،‬خل‪،‬أستن‪ ،‬نكويك‪،‬نزيدك‪،‬خلفت‪،‬التبغي‪،‬حبَّ ‪،‬بقيت‪ ،‬طاح‪ ،‬صاب‪،‬يبكي‪ ،‬ينادي‪،‬‬
‫راح‪ ،‬يتكلم‪ ،‬كسروا‪،‬يدبر‪،‬اليحاسبني ‪ ،‬عطفت‪،‬يشوف‪،‬أحرث‪،‬التجري‪،‬تتبخل‪،‬تعيش‪،‬قعدت‪،‬ولف‪ ،‬عمر‬
‫‪،‬رماني‪،‬خالني‪،‬شاف‪ ،‬غايب‪ ،‬تشتكي‪،‬عاش‪،‬يفرح‪،‬يفهم‪،‬فنياه‪،‬صفبت‪،‬حجيب‪،‬‬
‫تبت‪،‬رجيت‪،‬مات‪،‬شفني‪،‬أدهن‪،‬نجر‪،‬نغرس)‪.‬‬

‫ففي هذا الجدول إحص ائية بعدد األفعال الماضية و المضارعة التي استخدمها المجذوب ‪ ،‬ونسبها المئوية ‪:‬‬

‫النســب المئويـــة‬ ‫عــــدد األفعـــال‬


‫‪%00.19‬‬ ‫‪029‬‬ ‫األفعـال المضارعـة‬
‫‪%44.93‬‬ ‫‪111‬‬ ‫األفعــال الماضيــة‬

‫لقد كانت األفعال المضارعة متواجدة بكثرة في رباعيات المجذوب‪،‬ألنه يوجه رسائل ملغمة بالحكم و‬
‫النصائح‪،‬‬
‫فهو يخاطب الفرد المغربي خطابا مباشرا‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألفعال الماضية فقد استعان بها عبد الرحمان المجذوب لتذكر ماضيه األليم الذي عاشه ومازال‬
‫يعيشه بتدوينه في رباعياته‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫‪ :2-2‬اللهجة العامية ‪:‬‬

‫لقد استخدم المجذوب في رباعياته‪ ،‬التراكيب و األلفاظ العامية ‪،‬نزوال عند الواقعية الفكرية‪،‬و اللغوية ‪ ،‬و‬

‫المالحظ أن الشاعر في استخدامه للهجة العامية لم يكن في نيته المساس باللغة الفصحي أو الحط منها‪ ،‬بل‬
‫كانت‬

‫نيته البحث عن التعابير التي لها و قعها الشعري ووقعها في النفس لآلن ارتباط الكلمة بروح األداء الشعبي‬
‫للغة‬

‫أكسبتها داللة معنوية و شعورية تتجاوز الداللة المباشرة ‪،‬إضافة إلى أن الملتقي ذو ثقافة محدودة ‪،‬فربما‬
‫كان‬

‫الشاعر يحاول النزول إلى مستواهم الفكري و اللغوي من ناحية أخرى‬

‫و الشاعر بطبعه يتصيد الكلمات القوية‪ ،‬و المثيرة في الوقت ذاته هذا من ناحية ‪ ،‬ومن ناحية ثانية فإن هذا‬
‫يدل‬

‫على مقدرة الشاعر على تطويع الكلمات العامية إلى الصرف و العروض العربيين مما جعل الكلمات متآلفة ‪،‬‬
‫و‬

‫ال تبتعد كثيرً ا عن الكلمات الفصيحة مثل في قول المجذوب ‪)1( :‬‬

‫األرض فــــدان ربـــي‬

‫و الخلق مجموع فيـها‬

‫عزريل حصـــاد فريــد‬

‫مطامـره في كل جهــة‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.14‬‬

‫‪69‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.......................‬‬

‫و من سمات اللهجة العامية الوضوح‪ ،‬و الخطابية المباشر و التكرار‪:‬‬

‫‪ :0-2-2‬الوضوح‪:‬‬

‫من أهم مميزات رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب السهولة و الوضوح عمومًا‪ ،‬فقد نظمت هذه‬
‫الرباعيات‬

‫تحت تأثير الحالة النفسية التي عاشها الشاعر‪ ،‬من عذاب و معاناة ‪ ،‬و لعل هذا ما جعلها سهلة واضحة‪ ،‬لألن‬

‫المجذوب صاحب رسالة ‪،‬و همه الوحيد التعبير عن معاناته و من أجل إسماع صوته للناس ‪ ،‬و للمجتمع‬

‫ثان فان الشاعر كان أقرب إلى البداوة منها إلى الحضارة؛ و البدوي كما‬
‫عموما هذا من جانب ‪ ،‬و من جانب ٍ‬

‫هو معروف يميل إلى الوضوح و التفسير عكس اإلنسان الحضاري الذي يميل إلى التعقيد‪،‬و الغموض‪ ،‬و‬

‫الزخرفة‪ ،‬و من جهة أخرى فالشاعر عاش في مجتمع شبه أمي‪ ،‬يستلزم منه إيصال صوته إليه عن طريق‬

‫التبسيط و التوضيح لألن الفرد بمجتمعه‪ ،‬إضافة إلى ثقافة الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬و التي كانت أقل‬
‫ما‬

‫يقال عنها أنها ثقافة عصامية شعبية‪ ،‬متوسطة‪ ،‬ضيقة تعود به في كثير من األحيان إلى الوضوح ‪.‬فهذه‬

‫مجتمعة‪،‬جعلت من رباعيات الشيخ المجذوب واضحة‪ ،‬توحي لغتها بمدلولها دون عناء أو تعب ‪،‬و تبرز جلية‬
‫ال‬

‫تعقيد فيها و ال غموض تشف عن نفوس صاحابها و تكشف لنا عن معاناته بكل يسر ‪ ،‬و سهولة و من ذلك‬

‫( ‪)1‬‬ ‫قوله‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪:‬صفحة‪.49‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫يـــــــــا قايـــــل العــــار‬

‫كيفـــاه يحلـــى كالمــــك‬

‫تمــرض و ال عـدت تزار‬

‫و تتفــكر النـاس عــارك‬

‫نالحظ أن الشاعر في هذه األبيات التجأ إلى الوضوح التام و ذلك باستعماله ألفاظا يعرفها الخاص و العام‬

‫بالضرورة من مثل (‪ ،‬قايل العار ‪ ،‬يحلى‪ ،‬كالم‪،‬تمرض‪ ،‬عدت‪ ،‬تزار‪ ،‬تتفكر‪ ،‬الناس) و هي كلمات تتردد‬
‫على‬

‫ألسنة الناس في حياتهم اليومية‪.‬‬

‫فهذا الوضوح كان ضرورة رسالية ‪ ،‬و لذا الشاعر يلتجئ إليه ‪،‬فهذه األبيات ال تمثل إال فلسفة اإلنسان‬

‫العادي من جهة ‪ ،‬ومن جهة ثانية فلغتها ال تمثل إال لغة التخاطب اليومي‪.‬‬

‫و لعل اشتغال الشاعر بالوعظ‪،‬و استعماله اللغة المتداولة كان له أثره في و ضوح لغته ‪،‬و سهولتها‪ ،‬و من‬
‫ذلك‬

‫قوله‪)1( :‬‬

‫يا ويح من طاح في بـير‬

‫و صعب عنه طلوعـــــه‬

‫فرفر ماصاب جنحيــن‬

‫يبكي و سالوا دموعـــه‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪ ،‬صفحة‪.61‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫نقرأ النص فنجد معانية ساذجة‪ ،‬وفكرته ثابتة مكررة‪.‬‬

‫‪:2-2-2‬الخطابية و المباشرة‪:‬‬
‫إن أكثر من ثلثي هذه الرباعيات تخضع لغتها للعقل‪،‬و المنطق أكثر من خضوعها للخيال ‪ ،‬و العاطفة لذا‬
‫كانت‬
‫لغتها مباشرة ‪،‬وخطابية‪.‬‬
‫فلغته توجه‪ :‬إلى الدعوة الصارخة‪،‬الوخز‪ ،‬صورة المنذر بالخطر فتعتمد الرباعيات على االستفهام‪ ،‬التعجب و‬
‫النداء‪،‬األمر و النهي ‪ ،‬و األلفاظ الرنانة‪.‬‬
‫ألن عبد الرحمان المجذوب يعتقد أنه صاحب رسالة توعوية ‪،‬فعلية أن يقوم بواجبه فالتجأ الى الخطابية ‪،‬و‬
‫المباشرة لتوعية الفرد‪،‬و إيقاظ ضميره‪)1( :‬‬

‫اذا نــــاض ريحــــــك‬


‫لوح التبن طول قامـة‬
‫و اذا ماناض ال تدوي‬
‫و أطلب غير السالمة ‪.‬‬
‫فالشاعر في هذه الرباعية ركز على أسلوب األمر و النهي ‪( :‬لوح‪،‬أًطلب‪،‬ال تدوي) و ذلك من أجل النصح و‬
‫اإلرشاد‪.‬‬
‫فالمباشرة و التقريرية الخطابية لها أسبابها الثقافية و النفسية ‪،‬و هذا ال ينفي أنها تحمل معاني مكثفة و عميقة؛‬
‫إذ‬
‫جاءت بعد تأمله الطويل لتجاربه المختلفة في الحياة‪ ،‬و بخاصة بعد أن رآى بأم عينه خفايا المشيب و قد‬
‫كانت ال‬
‫تخطر له في بال أيام صباه‪ ،‬و هذه الرؤية الناضجة نفت عن معاينة السطحية‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة ‪.22‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫و عند ما تلِ ُّج به الشكوى‪ ،‬و يطرد عنه نزف صباه‪،‬فانه يتأمل واقعة بعين المجرب الخبير‪،‬لتجيء معانيه‬

‫(‪)1‬‬ ‫نابضة بالحكمة ‪ ،‬من ذلك قوله‪:‬‬

‫قلبي تقطع باالمواس‬

‫ما جاع برا نلوحــــه‬

‫من كان كواي للناس‬

‫يصبر الكيات زوجــه‬

‫فهنا نجد المعاني مكثفة تنأى عن اإلطالة و التفصيل ‪،‬لآلن" كثرة التفصيالت ال تترك عمالً" (‪ ، )2‬وهذا‬

‫تنطبع‬

‫به الرباعيات ككل‪.‬‬

‫‪:2-2-2‬التكرار‪:‬‬

‫التكرار إحدى سمات الشعر العربي قديمة ‪ ،‬وحديثه و ذلك لألن له" دالالت فنية و نفسية‪،‬يدل على االهتمام‬

‫بموضوع ما‪،‬يشغل البال سلبا ما أم ايجابيا ‪،‬خيرً ا أم شرً ا‪ ،‬جميالً أم قبيحً ا‪،‬و يستحوذ هذا االهتمام على حواس‬

‫اإلنسان و ملكاته" (‪ )3‬كما يدل على تسلط المكرر على الشاعر إذ أن اللفظ‪ ،‬أو العبارة‪ ،‬تنثال عليه إنثياالً‪ ،‬أو‬

‫يلجأ إليها التجاء لألسباب نفسية و بالغية و موسيقية‪ ،‬أو لعجز منه‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪ ،‬صفحة‪.42‬‬

‫(‪:)2‬عز الدين إسماعيل‪:‬األسس الجمالية في النقد العربي عرض و تفسيره و مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي ‪،‬‬
‫القاهرة‪،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪ 1412‬ه‪ ،‬صفحة‪.229‬‬

‫(‪:)3‬عبد الحميد جيدة‪:‬االتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪ ،01‬سنة‪1890‬م‪،‬‬
‫صفحة‪.62‬‬

‫‪73‬‬
‫المجذوب‪. ........................‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان‬

‫وينبغي على األلفاظ المكرر أيكون وثيق االرتباط بالمعنى العام‪،‬و إال كان لفظية متكلفة ال سبيل إلى قبولها‪.‬‬

‫و من هنا يمكن أن ندرس التكرار في رباعيات المجذوب كظاهرة من أقوى ظواهره اللغوية ‪،‬إذ ال نجد‬
‫رباعية‬

‫تخلو منه إال نادرً ا تأثر الشاعر بأسلوب و لغة القران الكريم و بخاصة التكرار الموسيقي في السور‬

‫القصار ‪ ،‬كسورة "الناس" و سورة"الفلق" ‪،‬أو تكرار حرف من الحروف‪،‬كسورة"ق"أو تكرار أداة من‬
‫أدوات‬

‫االستفهام كما هو الشأن في سورة"الطور"‪.‬‬

‫كما أن التكرار يعود إلى الحالة النفسية التي عاشها الشاعر‪ ،‬من نقص في المال و في تقدير الناس له حتى‬
‫من‬

‫قبل المرأة التي أحبها‪.‬‬

‫و ربما عاد هذا التكرار إلى الفقر الثقافي عند الشاعر الذي اقتضت منه تلك المرحلة أن يكون شاعرً ا‪ ،‬و لكنه‬
‫ال‬

‫ً‬
‫مرتكزا له‪،‬و من بينها قوله‪)1( :‬‬ ‫يملك القدرة اللغوية الكافية لإلبراز عواطفهم‪،‬و أفكاره‪،‬فكان التكرار‬

‫فاعل الشر مقبوض‬


‫فاعل الخير ســـالك‬
‫بـــــــالك بـــــــــالك‬
‫بدراهمك جبتهــالك‬
‫إن الشاعر كرر كلمة (فاعل و بالك)لكن كلمة بالك‪ ،‬دالة أكثر لألنه يقصد توخي الحذر ‪،‬وتكرارها يدل‬
‫التوكيد‬
‫لصعوبة المشكلة‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪،‬صفحة‪.35‬‬
‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫وكثيرً ا ما يلجأ إلى مثل هدا التكرار اإللحاحي‪ ،‬الذي يوحي بالمأساة و يفسر بعضه بع ً‬
‫ضا ‪ ،‬ويؤكده‪ ،‬من ذلك‬
‫قوله‪)1( :‬‬

‫ال يعجبك نوار دفلــى‬


‫في الواد داير ضاليل‬
‫ال يعجبك زين طفلــة‬
‫حتى تشوف لفعايـــل‬

‫فهذا التكرار لم يضف شي ًئا جديد إلى المعنى‪ ،‬و إنما هو تأكيد لسابقه‪ ،‬و نجد التكرار أي ً‬
‫ضا في قوله‪)2( :‬‬

‫نخدم على المال و نطيح‬


‫و المال بيت الطنـــــاجة‬
‫رجــل بال مال كاريـــــح‬
‫مشــرار و حب الشياحة‬

‫فهنا الشاعر كرر لفظة (المال) و هذا ال يدل على شئ إال على نفسية الشاعر و هو أثر الفقر في حياة‬
‫المجذوب ‪.‬‬
‫و نجد أي ً‬
‫ضا في قول المجذوب ‪)3( :‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق ‪:‬صفحة‪.18‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة ‪.16‬‬

‫(‪ :)3‬المرجع نفسه ‪ :‬صفحة ‪26‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫الطير الطير ماظنيته يطـــير‬

‫من بعــــــد مــــــا والــــــف‬

‫و عمــــر قفــــص الغـــــتير‬

‫رماني في بحور خالني تالف‬

‫فتكرار كلمة (الطير ) رفع مستوى في الرباعية‪ ،‬فقد أعطى دف ًعا شعوريا‪ ،‬و فكريًا لنمو الرباعية بل أعطاها‬

‫أبعاد و ضالالً رومانسية‪ ،‬فاللقطة ذاتها لها وقع موسيقي و سرعة و حركة ‪ ،‬فتكرار لفظة (طير) فيه تفخيم‬

‫لشأنه و تعظيم له‪ ،‬و نجد التكرار في قوله‪)1( :‬‬

‫ما كان كالحرث تجارة‬

‫ماكان كاألم حبـــــيب‬

‫ماكان كاشر خســـارة‬

‫ماكان كالدين طليـــب‬

‫كان المكرر هنا للتمييز و التفريق‪ ،‬لكنه أضفى على الرباعية نوع من الملل و الركاكة في التعبير‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.52‬‬

‫‪76‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫‪-2‬الصورة الفنية‪:‬‬
‫و بهذه التسمية مصطلح نقدي حديث لم يغلب مفهومه العام عن النقاد األوائل (‪ )1‬فقد أشاروا إليه إشارات‬
‫متفاوتة ال يتجاوز في كل األحوال مفهوم الصورة البيانية‪.‬‬
‫فمؤلف طبقات الشعراء يرى أن النظم في الشعر ليس كافيًا لإلبداع شعر جيد‪ ،‬و من خالل وضعه الشعراء‬
‫في‬
‫طبقات يتضح من مقاييسه في تصنيفهم أن الشعر عنده فن لغوي يقوم على التصوير (‪.)2‬‬
‫فأبو هالل العسكري فقد ألمح إليها أثناء تعريفه للبالغة بأنها " كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في‬
‫نفسه‬
‫(‪) 3‬‬ ‫كتمكنه في نفسك‪ ،‬مع الصورة مقبولة‪ ،‬و معرض حسن‪".‬‬
‫و قد عرف النقاد المعارضون الصورة بتعاريف عدة تؤكد المفهوم القديم‪ ،‬و مضيفة إليه تجارب جديدة‬
‫‪ ،‬و أبعا ًدا أخرى‪ ،‬فهي في المفاهيم الحديثة " تشكيل اغوي يكونها خيال الفنان من معطيات متعددة يقف‬
‫العالم‬
‫(‪) 4‬‬ ‫المحسوس في مقدمتها‪ ...‬إلى جانب ما ال يمكن إغفاله من الصور النفسية و العقلية"‬
‫و هي أي ً‬
‫ضا" التركيبة اللغوية المحققة من امتزاج الشكل بالمضمون في سياق بياني خاص أو حقيقي موح ٍ‬
‫كاشف و معبر عن الجانب من جوانب التجربة الشعرية" (‪.)5‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬بنظر‪ :‬علي عشري زايد‪ :‬بناء القصيدة العربية الحديثة‪ ،‬مكتبة دار العروبة ‪ ،‬الكويت‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1891‬م‪ ،‬صفحة‪.68‬‬
‫(‪:)2‬بنظر‪:‬عبد الفتاح عثمان‪ :‬نظرية الشعر في النقد العربي القديم‪ ،‬مكتبة الشباب ‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1890‬م‪،‬‬
‫صفحة ‪.13‬‬
‫(‪:)3‬أبو هالل العسكري ‪ :‬الصناعتين‪ ،‬تحقيق على البجاوي ‪ ،‬أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬الطبعة‪ ،2‬سنة‬
‫‪1821‬م‪ ،‬صفحة‪.16‬‬
‫(‪:)4‬علي البطل ‪ :‬الصورة في الشعر العربي ‪ ،‬دار األندلس‪،‬د‪.‬ب‪ ،‬الطبعة‪ ،2‬سنة ‪1401‬ه‪ ،‬صفحة‪.30‬‬
‫(‪ :)5‬بشرى موسى صالح‪ :‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ‪،‬المركز الثقافي العربي ‪ ،‬بيروت لبنان ‪ ،‬الطبعة‪،1‬‬
‫سنة‪،1814‬صفحة‪.20‬‬

‫‪77‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.......................‬‬

‫و لم يكن اهتمام النقاد المعاصرين بدراسة الصورة سوى امتداد حتمي للمكانة الحقيقية الموالة للصورة في‬

‫أشعار المعاصرين‪ ،‬ففي ظل تقهقر الفكر السائد قديمًا حول قوة الشعر المتمثلة في قعقعة األلفاظ أو هدوئها‬

‫بتناسقها مع طبيعة المعاني أصبحت " قوة الشعر تتمثل في اإليحاء باألفكار عن طريق الصور ‪ ،‬ال في‬

‫التصريح باألفكار مجردة‪ ،‬و ال في المبالغة في وصفها " (‪ )1‬بتأثير أولي من تراكيب األلفاظ التقريرية‪ ،‬لألن‬

‫"‬

‫الشعر إذا كان تقريريًا أو عقليًا صٍ ر ًفا كان مدعاة للملل " (‪.)2‬‬

‫و في معمعة ذلك التقدم السريع في محاوالت فهم طبيعة الصور الفنية و خلفياتها تداخلت رؤى مختلفة تحاول‬

‫جاهدة إفساح المجال لكل تجربة ‪" ،‬فلم تعد الصورة البالغية هي وحدها المقصودة بالمصطلح بل قد تخلو‬

‫الصورة بالمعنى الحديث من المجاز أصال ‪ ،‬فتكون عبارات حقيقية االستعمال ‪ ،‬و مع ذلك فهي صورة دالة‬

‫على خيال خصب " (‪ )3‬و في بعض تلك المحاوالت أصبحت الصورة القديمة تمثل تصورا ذهنيا معينا له‬

‫دالالته و قيمه الشعورية‪.‬‬

‫و مع تعدد محاوالت فهم الصورة ‪ ،‬إختلفت تقسيمات النقاد لها باختالف محاوالتهم و اتجاهاتهم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬محمد غينيمي هالل‪:‬دراسات و نماذج في مذاهب الشعر و نقده‪ ،‬دار نهضة ‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪،‬د‪.‬س‪،‬صفحة‪.60‬‬
‫(‪:)2‬عزالدين اسماعيل‪:‬التفسير النفسي لألدب‪،‬صفحة‪.66‬‬
‫(‪:)3‬علي البطل‪:‬الصورة في الشعر العربي ‪،‬الصفحة ‪.205‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.........................‬‬

‫‪.‬‬

‫و لعل األسباب التي أدت إلى كثرة التقسيمات طبيعة الصورة المراوغة‪ ،‬و تراكيبها العصبية على تحديد‬

‫ماهيتها و عناصرها ‪ ،‬و ستبقى كذلك مادامت تشكيالً جماليًا متفر ًدا‪.‬‬

‫و يبقى لدارس الصورة من ذلك كله ما بين يديه من نماذج يقيم عليها تقسيماته‪ ،‬من خالل ذلك و صلت إلى‬

‫أن الصورة في رباعيات عبد الرحمان المجذوب تضم الصورة التشبيهية‪ ،‬و الصورة اإلستعارية ‪ ،‬و ً‬
‫ثالثا‬

‫الكناية ‪ .‬و الصورة التشبيهية في رباعيات المجذوب يخلو معظمها –على كثرتها – من االبتكار ‪ ،‬فهي جملة‬

‫إم ا نماذج مكررة أثر فيها الشكل ألتشبيهي الموروث بمعظم أبعاده ‪،‬أو نماذج قليلة مبتكرة تحمل في بعض‬

‫جوانبها إبداعا و ً‬
‫سموا ‪.‬‬

‫و هو بتوظيفه للتشبيه يخدم فكرته لتبدو أكثر إشراقا‪ ،‬إضافة إلى ما تقدمه تلك الصور من خلفيات نفسية تمنح‬

‫الفكرة أشكاالً مختلفة من التحليل‪.‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫فمن تشبيهاته التي ال نجد فيها جدي ًدا بعض ما قاله في تصويره للحالة النفسية التي مر بها ‪،‬كقوله‪:‬‬

‫مثلث روحـــــي للحمـــام‬

‫مبنـــي على صهد نـــاره‬

‫من فوق مابان الدخـــان‬

‫و من تحت طابو حجاره‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.49‬‬

‫‪79‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.......................‬‬
‫فهي صورة جميلة من حيث تصويرها للحالة النفسية في أطر حسية ‪ ،‬و لكن هذه الصورة تكشف عن‬

‫المفهوم المتقارب للهموم لدى معظم الشعراء‪ ،‬فقد شبه نفسه بالحمام المبني على الجمر‪ ،‬فهذه الصورة تفتقد‬

‫فيها الجانب أالبتكاري األخاذ‪.‬‬

‫و حينها يشبه أحد الشعراء نفسه بطائر فالجامع ال يتجاوز عادة الشدو و الغناء ‪،‬او االضطراب و سرعة‬

‫( ‪)1‬‬ ‫الحركة ‪ ،‬و قد أعاد المجذوب صياغتها في قوله‪:‬‬

‫مثلت روحي لتبـــــيب‬

‫في كل شجرة ينـــادي‬

‫يعيط يا قلت الحبـــيب‬

‫يا خروجي من بالدي‪.‬‬

‫فهذه الصورة تعرض حالة الشاعر ‪ ،‬فهو شبه نفسه بهذا النوع من الطيور و هو المسمى في العربية الفصحى‬

‫بطائر الهدهد و هو من الطيور الرحالة التي تسكن في فصل الشتاء بإفريقيا و في الربيع و الصيف بأوروبا ‪،‬‬

‫فيقول أنه يعيش في وسط ال يالئمه و هذا الوسط ال يفهمه فهو فيه غريب ‪ ،‬و الظاهر أن المجذوب اختار‬

‫لفظة(تبيب) بدل الهدهد ألنها توافق كلمة (حبيب)في الوزن‪ ،‬و هذه الجرأة التي جاء بها التشبيه التمثيلي لم‬

‫تمنح‬

‫البيت غير القافية‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬المرجع السابق‪،‬صفحة‪.61‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫( ‪)1‬‬ ‫و لشكل التشبيه التقليدي اثر واضح في اختيار مفردات التشبيه في كثير من صوره‪ ،‬من ذلك قوله‪:‬‬

‫الدنـــــيا يكنـــــوهــــا نــــــاقة‬

‫اذا عطفت بحليبــــها ترويــــك‬

‫و اذا عطفت ماتشد فيها لباقة‬

‫تتكفح و لو كان في يديـــــــك‪.‬‬

‫فالمجذوب في هذه الصورة استعمل لفظة الناقة و هي من الصور المستعملة في الشعر القديم ‪ ،‬فشبه الدنيا‬
‫بناقة‬

‫حلوب تروي صاحبها أي مالكها إذا كانت لينة الطبع ‪،‬وإذا لم تعطف عليه و لم تقبل إليه فال تنفع معها‬
‫اللطافة و‬

‫(‪) 2‬‬ ‫حسن المعاملة‪ ،‬و نجد في قوله‪:‬‬

‫االرض فــــــدان ربـي‬

‫و الخلق مجموع فيها‬

‫عزريل حصاد فريــــد‬

‫مطامره في كل جهــة‬

‫هذه من التشبيهات التي أظن إن المجذوب جدد في صورها فتنحوا منحنى أخر‪ ،‬ذلك أن صوره السابقة لم‬
‫تخرج‬

‫عن موضوع الشكوى‪ ،‬فذهب بنا إلى موضوع أخر و هو موضوع الموت و هي الرهبة من ذلك القدر‬
‫المحتوم‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نورالدين عبدالقادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبدالرحمن المجذوب‪،‬صفحة‪.62‬‬

‫(‪:)2‬المرجع نفسه‪:‬صفحة‪.14‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫ففي الصورة نجذ تشبيهين فقد شبه المجذوب األمن و هي المشبه بالفدان و هي المشبه به و أي ً‬
‫ضا شبه‬

‫عزريل و هو المشبه بالحصاد و هو المشبه به‪ ،‬لكنه حذف أداة التشبيه على سبيل التشبيه المرسل‪.‬‬

‫ومن الصور التي نجدها في رباعيات عبد الرحمان المجذوب و هي الصور اإلستعارية التي بها تخلص‬

‫المجذوب من بدائية التشبيه لينطلق في رحاب الخيال إلى عالم جديد يشكله كيفما شاء ‪.‬‬

‫فجاءت الصور اإلستعارية في رباعية المجذوب اقل من سواها‪ ،‬هذه األخيرة التي كانت لها القدرة في نقل‬

‫( ‪)1‬‬ ‫الحالة الشعورية التي يحيياها المجذوب‪ ،‬ومن بينها قوله‪:‬‬

‫قلبي تقطع باال مواس‬

‫برا نلوحـــه‬
‫ماجـــــاء ً‬

‫من كان كواي للنــاس‬

‫يصــبر لكيات روحـــه‪.‬‬

‫و هنا شبه المجذوب القلب و هو المشبه بالقماش و هو المشبه به فحذف هذا األخير ليبقي على شئ يدل‬

‫عليه‬

‫(تقطع) أي تمزق فجاءت على سبيل االستعارة المكنية‪.‬‬

‫و هذا ما يبدو للدارس في هذه الصورة من بعد نفسي تكشفه التجربة الشعورية الخاصة بالشاعر‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور للشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.42‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬
‫( ‪)1‬‬ ‫و من بين هذا النوع من االستعارات نجد في قوله‪:‬‬

‫يا قلب نكويك بالنــــار‬

‫و اذا بريــت نزيــــدك‬

‫يا قلب خلفت لي العـار‬

‫وتريــد من ال يريــدك‬

‫و هنا المجذوب شبه القلب باإلنسان فحذف هذا األخير ليترك الزمة من لوازمه و هي (تخليف العار ‪،‬و صفة‬

‫الكالم) فجاء هذا على سبيل االستعارة المكنية‪ ،‬فقد جاءت معظم الصور اإلستعارية في رباعيات المجذوب‬

‫على‬

‫(‪)2‬‬ ‫هذا النحو‪ ،‬نذكر من بينها أي ً‬


‫ضا قوله‪:‬‬
‫األمان يابني االمـــان‬
‫و األمان يقطع الرقبة‬
‫حطيت يابني االحسان‬
‫جبت البال بــال سبـــة‬
‫فهنا أي ً‬
‫ضا شبه األمان بالسكين و هو المشبه به الذي حذفه و ترك الزمة من لوازمه و هي (القطع) على‬
‫سبيل‬
‫االستعارة المكنية‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق ‪:‬صفحة ‪.59‬‬

‫(‪:)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة ‪.55‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫أما بالنسبة للصور التي غلبت على رباعيات المجذوب فهي الكناية فمنها ما نجده في قوله ‪:‬‬
‫الطــير الطـــير ما ظنيتـه يطير‬
‫مـــــــن بعـــــد مــــــا والــــف‬
‫خلى قفصي و عمر قفص الغير‬
‫رماني في بحور خالني تالــف‬
‫( ‪)2‬‬ ‫و هي كناية عن هجران المجذوب له‪ ،‬و نجذ أيضً ا الكناية في قوله‪:‬‬
‫ياناس من شاف دمـي‬
‫غابـــت عنـــي السمية‬
‫للبحـر نشكي بهمــــي‬
‫ينشــق يولي ثنيــــــة‪.‬‬
‫فالكناية التي وجدناها في هذه الرباعية تدل على كثرة األحزان و الهموم‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬ ‫و نجد أي ً‬
‫ضا في قوله‪:‬‬
‫خفيف األقدام ينمــــل‬
‫لو كان وجهه مرايـة‬
‫قليل األكتــاف ينـــذل‬
‫لوكان جهده عتاية‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة‪.25‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪،‬صفحة‪.26‬‬
‫(‪:)3‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة‪.54‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫و مما يجب اإلشارة إليه أن الشيخ المجذوب كثيرً ا ما يجمع معنيين فأكثر في الرباعية الواحدة على قدما‬

‫يسمح‬

‫به التعبير و تركيب الكالم ‪ ،‬ففي هذه الرباعية يقع القتضاب و هو االنتقال من معنى إلى أخر ال عالقة‬

‫بينهما‬

‫‪.‬فالكناية األولى عن عدم االستعفاف أما الثانية فهي كناية عن احتقار الناس لمن ال مال له‪ ،‬و نجدها أي ً‬
‫ضا في‬

‫( ‪)1‬‬ ‫قوله ‪:‬‬

‫من خالط األجــــواد جاد بجــودهم‬

‫و مـــن خالـــط االرذال زاد عنـــاه‬

‫ومن جاور برمة انطلي بحمومها‬

‫ومن جاور صـــــابون جاب نقـــاه‬

‫و هي كناية عن حسن اختيار األصحاب ‪.‬‬

‫فالمالحظ أن كل الكنايات التي جاءت بسيطة و سهلة حتى تسهل للملتقي فهم المقصود منها ‪،‬لكن في الوقت‬

‫نفسه ال ينفي تشبع الرباعيات بالطابع الحكمي‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪:)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة‪.34‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫‪ -4‬الموسيقى‪:‬‬
‫و هي عنصر أساس من عناصر الشعر قديمة و حديثة ‪ ،‬و أداة من أبرز األدوات التي يستخدمها الشعراء في‬

‫بناء قصائدهم‪.‬‬

‫و ألهميتها في الشعر و قيامه بها لم يغفل النقاد و المتذوقون دراستها و استعراض جمالياتها على مر‬

‫(‪) 1‬‬ ‫العصور األدبية ‪ ،‬فقد " أكدت تجربة اإلنسانية في كل العصور و كل اللغات أنه ال شعر بال موسيقى"‬

‫و بقيت الموسيقي جوهر الشعر الظاهر و الخفي ‪ ،‬و الفارق بينه و بين سائر الفنون النثرية‪ ،‬و ستبقي كذلك‬

‫( ‪)2‬‬ ‫ما بقي الذوق الشعري فطريا‪ ،‬فهي و الشعر" صنوان ال يفترقان مهما تقدم الزمان و ارتقى اإلنسان ‪".‬‬

‫و في العصر الحديث أكسبها النقاد أهميات أخرى‪ ،‬فرآها " العماد الذي تستند عليه و تتغذى به كل العناصر‬

‫الفنية المشكلة للتجربة الشعرية‪ ،‬و بدون هذا العنصر يتحول البناء الشعري إلى أنقاض نثرية خالية من‬

‫الروح و العاطفة" (‪ )3‬فتفتقد الصورة بافتقادها ألوانها‪ ،‬و تتسطح ألفاظها التي ولدت شعرية معها لتبدو‬

‫عاجزة عن " تعدي عالم الوعي و الوصول إلى عالم الذي يتجاوز حدود الوعي التي تقف دونها األلفاظ‬

‫(‪) 4‬‬ ‫المنثورة "‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬محمد حسن عبد هللا‪ :‬الصورة و البناء الشعري ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1899‬م‪ ،‬صفحة‪.08‬‬
‫(‪:)2‬شوقي ضيف‪ :‬النقد األدبي ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة‪ ،2‬سنة‪1899‬م ‪ ،‬صفحة‪.101‬‬
‫(‪ :)3‬يسرى العزب‪ :‬القصيدة الرومانسية في مصر(‪1838‬م‪1852-‬م) ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪1896‬م‪،‬‬
‫صفحة ‪.140‬‬
‫(‪ :)4‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة‪.140‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.......................‬‬

‫و لدراسة موسيقى رباعيات المجذوب ‪،‬وجب علينا أن نتناول القافية و نترك األوزان لألن رباعياته تعتمد‬

‫اعتما ًدا كليًا على القافية ‪ ،‬فالمجذوب لم يعتمد في رباعياته أي وزن فكان اعتماد ه الوحيد في تشكيل موسيقا‬

‫لرباعياته القافية و أي ً‬
‫ضا بعض األساليب التي تترك أثرها الموسيقى مثل ‪:‬‬

‫الجناس الطباق و التكرار‪.‬‬

‫‪ : 0-4‬القوافي‪:‬‬

‫و هي مجموعة "أصوات تتكرر في أواخر األشطر أو األبيات من القصيدة" (‪)1‬لتمنحها ترانيم " إيقاعية‬
‫خارجية‬

‫(‪.)2‬‬ ‫تضيف إلى الرصيد الوزني طاقة جديدة‪ ،‬و تعطيه نبرً ا و قوة جرس"‬

‫و انتظامها مختص بالقصائد العمودية التي تكون القوافي فيها " بمثابة الفواصل الموسيقية التي يتوقع السامع‬

‫(‪) 3‬‬ ‫ترددها ‪ ،‬و يستمتع بمثل هذا التردد الذي يطرق اآلذان في فترات زمنية منتظمة"‬

‫و على هذا فالقافية و فق ذلك التصور الشائع عمليًا" حرف الروي الذي يتكرر في آخر كل بيت من أبيات‬

‫( ‪)4‬‬ ‫القصيدة"‬

‫و لم يكن االهتمام بالقافية من شأن النقاد ة األدباء فحسب ‪ ،‬فقد فصل فيها العروضيون؛ فنظموا وظائفها‪،‬‬

‫‪.‬‬

‫(‪ :)1‬ابراهيم انيس ‪ :‬موسيقا الشعر مكتبة األنجلو مصرية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،‬الطبعة‪ ،5‬سنة‪1829‬م‪ ،‬صفحة‪.246‬‬
‫(‪ :)2‬عبد الرحمان الوجي‪ :‬االيقاع في الشعر العربي ‪ ،‬دار الحصاد ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا ‪ ،‬الطبعة‪،1‬سنة‪1898‬م‪،‬صفحة‪.21‬‬
‫(‪)3‬ابراهيم أنيس‪ :‬موسيقا الشعر‪ ،‬صفحة ‪.246‬‬
‫(‪:)4‬شكري محمد عياد ‪ :‬موسيقا الشعر العربي ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬الطبعة‪ ،01‬سنة‪1869‬م‪،‬صفحة‪.98‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫و حددوا أجزاءها‪ ،‬و ذكروا أنها" أخر ساكن في البيت إلى أقرب ساكن يليه مع المتحرك الذي قلبه " (‪ ،)1‬و‬

‫أطلقوا على كل حرف منها لقبًا حسب موقعه و مكانته في القافية‪ ،‬كما أطلقوا على حركاتها ألقابًا أخرى و‬

‫أجمعوا على ضرورة التزام الشاعر بحروفها و حركاتها في نسق واحد ال يخرج عنه إذا بدأ به في قصيدته ‪.‬‬

‫و بالنظر إلى القافية فالشيخ المجذوب قد اعتمد قافية واحدة في كل رباعياته ‪ ،‬فهو لم يكتفي بتوحد‬

‫القافية في الرباعية الواحدة‪ ،‬بل جعل منها نظامًا تسير على دربه كل رباعياته‪ ،‬لكن المطلع على حروف و‬

‫حركات القافية يجد أنه اعتمد نظام خاص به بحيث رتب و جعل كل من حروف و حركات القافية على‬
‫منوال‪:‬‬

‫(أ‪-‬ب‪-‬أ‪-‬ب)‪ ،‬و يتضح هذا في المثال التالي ‪:‬‬

‫(أ) ياصاحــــب كن صبـــار‬

‫(ب) أصبر على ما جـــر لك‬

‫(أ) أرقد على الشوك عريان‬

‫(ب) حتى يطلــــع نهـــارك‬

‫فالقافية (أ) كانت في (صبَّار و عريان) فكالهما يتكون من (‪)0/0/‬‬

‫أي سبب خفيف زائد سبب خفيف‪ ،‬و نجد القافيتين الردف ‪ :‬و هو حرف المد الذي يكون قبل الروي ‪ ،‬و لهما‬

‫نفس الحذو ‪ :‬و هو حركة ما قبل الردف‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬أحمد الهاشمي ‪:‬ميزان الذهب في صناعة الشعر‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1406‬ه ‪ ،‬صفحة‬
‫‪.112‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫أما بالنسبة للقافية (ب) وهي (رى لك و هارك) فكالمها أي ً‬


‫ضا يتكون من (‪ ،)2x0/‬أما عن حروف و حركات‬

‫القافية فلهما ‪ :‬التأسيس و هو األلف الذي يكون بينه و بين الروي حرف‪ ،‬الدخيل ‪ :‬و هو الحرف المتحرك‬

‫الذي يقع بين التأسيس و الروي (ر‪-‬ل) ‪ ،‬الرس و هي حركة ما قبل التأسيس (ر‪-‬هـ) التوجيه و هي حركة‬

‫الحرف ما قبل الروي المقيد ‪ ،‬في (لك‪-‬رك) ‪.‬‬

‫(‪) 1‬‬ ‫و في قوله‪:‬‬

‫ال تخمم في ضيق الحال‬

‫شق عند هللا ماوسعــها‬

‫الشــــدة تهـــزم االرذال‬

‫أما الرجال ال تقطعــــها‬

‫فالقافية (أ) هي كلمة (ألحال و لرذال) ونجد فيهما‪ :‬الردف ‪ ،‬الحذو في (حا و ذا)‪.‬‬

‫و في القافية (ب) و هي (سعها و طعها) نجد ‪ :‬خروج و هو حرف المد الذي ينشأ من إشباع حركة الوصل‬

‫(ه ِا و ه ِا)‬

‫و هذا يؤكد أن المجذوب ال يتقيد بالقافية فحسب ‪،‬بل يتقيد بحروفها و حركاتها ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة ‪.9‬‬

‫‪89‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪.......................‬‬

‫أما بالنسبة للروي فالمجذوب ال يتقيد به معظم رباعياته‪ ،‬فقليل ما نجد الروي على شكل‪ (:‬أ‪-‬أ‪-‬أ‪-‬أ) في قوله ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫من الثلج عملت مطــرح‬

‫بالهواء غطيت روحــــي‬

‫من القمر عملت مصباح‬

‫و بالنجوم ونست روحي‬

‫( ‪)2‬‬ ‫و قليل مانجده أي ً‬


‫ضا على شكل‪( :‬أ‪-‬ب‪-‬ب‪-‬ب) ‪:‬‬

‫فاعل الشر مقبوض‬

‫فاعل الخير ســالك‬

‫بالــــــك بالـــــــك‬

‫بدراهمك جبتهالك‬

‫( ‪)3‬‬ ‫و نجده على شكل ‪ ( :‬أ‪-‬ب‪-‬ج‪-‬ب) في قوله ‪:‬‬

‫الصاحب ال تالعبه‬

‫و الناعر ال تفت عليه‬

‫ألي حبك حبه أكثر‬

‫والي باعك ال تشريه‬


‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬المرجع السابق‪ :‬صفحة‪.48‬‬
‫(‪ :)2‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة ‪.35‬‬
‫(‪ :)3‬المرجع نفسه‪ :‬صفحة ‪.56‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫و أما أغلب ما يكون عليه ترتيب الروي في رباعيات المجذوب هي على شكل (أ‪-‬ب‪-‬أ‪-‬ب) مثل في قوله ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬

‫نوصيك يا واكل الخوخ‬

‫من عشرة رد بالــــــك‬

‫في النهار تظل منفوخ‬

‫وفي الليل تبات هالـك‬

‫فتنوع حروف الروي في الرباعية الواحدة عند المجذوب هذا ال يؤكد إال على الحالة النفسية المتوترة و‬

‫المضطربة‪ ،‬لذا يستطيع االستقرار في روي واحد ‪.‬‬

‫و من أكثر الحروف ورو ًدا في رباعيات المجذوب‪ ،‬و هي بالترتيب ‪ ( :‬الميم‪ ،‬الراء‪ ،‬الباء‪ ،‬الهاء) و من ثم‬

‫الحروف بنسبة أقل و هي ( النون ‪ ،‬العين ‪ ،‬السين‪ ،‬الفاء‪ ،‬الحاء‪ ،‬االم‪ ،‬الكاف ‪ ،‬الدال‪ ،‬الياء) أما الحروف‬

‫التي جاءت بنسب قليلة هي ( القاف ‪ ،‬الزاي‪ ،‬الشين‪ ،‬التاء‪ ،‬الخاء)‪.‬‬

‫و لعل ورود حرف (الميم‪ ،‬الراء‪،‬الباء‪ ،‬الهاء) بكثرة يوحي بما لهم من أهمية صوتية ‪ ،‬و كثرة ورودهم في‬

‫أواخر الكلمات العربية ‪ ،‬زيادة على الحاالت النفسية في مثل هذه الظروف التي عاشها المجذوب ‪ ،‬إذ نالحظ‬

‫أن المجذوب ال يستعملهم إال في حاالت األلم ‪ ،‬و العذاب ‪ ،‬و قد التزم الشاعر بشروط الحروف التي ترد‬

‫رويًا‪،‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر ‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب‪ ،‬صفحة‪24‬‬
‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫ومن ذلك" الكاف" فان كان ضميرً ا متصالً فانه يلزم بحرف من قبله وكذلك (الميم والهاء والتاء) وهذا دليل‬

‫على وعي الشاعر وثقافته العروضية التقليدية المتماسكة‪.‬‬

‫وقد جاءت حروف الهمس في الرباعيات بكثرة منها حرف (الهاء‪ ،‬السين‪ ،‬الفاء‪ ،‬الكاف‪ ،‬القاف‪ ،‬الشين‪ ،‬التاء‪،‬‬

‫الخاء) فقد استعملها المجذوب ألنها تترك دالالت فنية ونفسية فحروف الهمس كان لها الدور الكبير في‬

‫إضفاء ذلك النغم الموسيقي الذي غلب علي رباعياته‪.‬‬

‫فالموسيقى الداخلية كانت معظم صورها إيقاعات خفية تنبع من اختيار الشاعر لكلماته‪ ،‬وما بينها من تالئم‬

‫في الحروف والحركات‪ ،‬لتستحيل في اإلذن وتتجاوز ذلك إلى تحقيق نوع أخر من االنسجام الصوتي الداخلي‬

‫الذي ينبع من التوافق الموسيقي بين الكلمات ودالالتها المرتبطة بالتأثيرات العاطفية الناشئة من التجربة‬

‫الشعرية ذات الصلة االنفعالية بمجال العمل الشعري‪.‬‬

‫فمما يطرب له السمع جملة في رباعيات المجذوب ما يطالعنا أحيانا في بعض رباعيات التي يروق إقاعها‬

‫في السمع ويحلو تكرارها علي اللسان دون أن تدلنا إليها معايير ثابتة وربما طال وقوفنا عليها عاجزين عن‬

‫تحديد مكامن اإلعجاب الموسيقية‪ ،‬وربما اجتهدنا في تحديد معايير لتلك المكامن الموسيقية لنجدها بعد ذلك‬

‫في رباعيات أخرى عاجز عن منحنا الشعور نفسه الذي تمنحنا إياه رباعياته تلك‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‪........................‬‬

‫ولعل أبرز ما يبدو للدارس من تلك المكامن هو ما يمكن إن يحمل ظواهر الحروف واأللفاظ والجمل‪ ،‬وما‬

‫ً‬
‫مجتمعة تجربة الشاعر الخاصة‬ ‫تمتلئ به من تناسق أصوات‪ ،‬وبعد عن التنافر‪،‬ووضوح في الداللة‪،‬مما تهيئها‬

‫( ‪)1‬‬ ‫ولنتأمل إيقاعات هذه الرباعيات من المجذوب‪:‬‬

‫أنا قلبي رهيف ما يحمل تكليف‬

‫وانتم يلطيـــف مافيكـــم رحمة‬

‫رفدتونا منين كان الحمل خفيف‬

‫سيبتونا منيـــن صرنا ضعــــفة‪.‬‬

‫إن أولى الدالالت اإلقاعية الظاهرة في هاته الرباعية تكمن في سهولة ألفاظها‪،‬وعذوبة جملها‪ ،‬ووضوح‬

‫معانيها‪،‬وتلك الصفات تظهر كثيرا في رباعيات المجذوب األخرى‪ ،‬دون أن تحمل كل تلك اإليقاعات‬

‫المتالحقة‪ً ،‬إذا فهناك ثمة دالالت أخرى تخفي في طياتها مكامن إيقاعية أسرة‪،‬قد تكون عاطفية ونفسية‬

‫الشاعر‪ ،‬وقد يكون االستعداد النفسي لدارس مبتدئ مثلي مهيئا لتهويل مثل تلك الجوانب الموسيقية التي‬

‫يستشعرها حسه الخاص‪. .‬‬

‫‪.‬‬
‫(‪ :)1‬نور الدين عبد القادر‪ :‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ‪ ،‬صفحة ‪45‬‬

‫‪93‬‬
94
‫الخاتمة‪:‬‬

‫نصل في ختام البحث إلى ذكر أهم النتائج ‪:‬‬

‫‪-‬جمع نصوص مبعثرة تتناقل عبر ألسنة الناس ‪،‬كونت لنا ديوانا جديدًا سمي برباعيات المجذوب‪.‬‬

‫‪ -‬كما أظهرت لنا هذه الدراسة أن سر نجاح الرباعيات يكمن في كثافة المعنى و تنوع األغراض رغم‬

‫قصرها ‪ ،‬هذا القصر الذي ساعد على سهولة حفظها و ترديد العامة لها‪.‬‬

‫‪-‬الكشف عن أنواع الرباعيات هذه األخير التي يعتقد البعض أن ال أنوع لها ‪.‬‬

‫‪ -‬الكشف على أن رباعيات المجذوب تصب في إطار األدب العامي ال في إطار األدب الشعبي اللذان يختلفان‬

‫عن بعضهما البعض إختال ًفا كل ًيا‪.‬‬

‫‪-‬الكشف عن الشعر الصادق الملتزم بقضايا األمة‪،‬الكاشف لألالمها و أحزانها‪ ،‬و الثائر على العنصرية و‬

‫التعصب ‪.‬‬

‫‪-‬إبراز التنوع في حكم عبد الرحمان المجذوب الذي أدى إلى لمس جميع جوانب الحياة االجتماعية ‪،‬الدينية‬
‫و‬

‫‪95‬‬
‫الدنيوية‪.‬‬

‫ضا الوسيطة للمنهج النفسي هذا المنهج الذي مثله مثل‬


‫‪ -‬الكشف عن اآلراء المؤيدة و المعارضة ‪ ،‬و أي ً‬

‫المناهج األخرى الذي ال يخلو من العيوب و النقائص‪.‬‬

‫‪ -‬إبراز المجال الذي له الحظ األوفر إلنتفاع بالدراسات النفسية أال و هو مجال الخلق األدبي‪ ،‬و خاصة في‬

‫القصة و التمثيلية والتراجم‪.‬‬

‫‪ -‬صورة المرأة في رباعيات المجذوب التي كشفت عن العقدة األنثوية للشيخ عبد الرحمان المجذوب‪.‬‬

‫‪ -‬تواجد أفعال األمر و النهي في الرباعيات بنسبة كبيرة عن غيرها من األفعال هذا الذي أدى إلى إبراز‬

‫الجانب العقلي و المنطقي للغة المجذوب‪.‬‬

‫‪ -‬و قد التزم الشاعر بالقافية التي كانت الركيزة األساسية في نظم رباعياته‪ ،‬لكنه لم يلتزم بالروي‪.‬‬

‫‪-‬و بدت الصورة في رباعياته محافظة‪،‬و وجدانية ‪،‬لصيقة ببيئة المجتمع المعبر عنه ‪.‬‬

‫‪-‬الكشف عن المصدر الرئيسي الذي كان له األثر البالغ في لغة المجذوب أال و هو القران الكريم ‪.‬‬

‫و ختاما فإن هذه الرباعيات تحمل قي ًما خلقية‪ ،‬و إنسانية يجب أن تكون غداء فكر ًيا ألبنائنا ‪ ،‬و نتمنى أن‬

‫نكون قد أزلنا ولو بالشىء البسيط من التعتيم الذي ضرب هذا النوع من الشعر‪،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫‪96‬‬
97
‫المصادر و المراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬القران الكريم‬
‫‪ -2‬ابراهيم أنيس ‪:‬موسيق الشعر ‪ ،‬مكتبة األنجلومصرية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬طبعة‪،5‬سنة‪1791‬م‬
‫‪ -3‬أبو هالل العسكري‪ :‬الصناعتين‪ ،‬تحقيق علي البجاوي ‪ ،‬محمد أبو الفصل ابراهيم ‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬د‪.‬ب‪ ،‬طبعة‪ ،2‬سنة‪1791‬م‬
‫‪ -4‬أحمد الهاشمي‪ :‬ميزان الذهب في صناعة شعر العرب‪ ،‬دارالكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪،‬لبنان‪،‬د‪.‬ط‪،‬سنة‪1441‬هـ‬
‫‪ -5‬أحمد سحنون ‪ :‬الديوان ‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪1799‬م‬
‫‪ -1‬بديع محمد جمعة‪،‬من روائع األدب الفارسي‪،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان ‪،‬د‪.‬ط‪،‬سنة‬
‫‪1714‬م‬
‫‪ -9‬بسام قطوس ‪:‬المدخل الى المناهج النقد المعاصر ‪،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ‪،‬اإلسكندرية‬
‫‪،‬مصر ‪،‬الطبعة‪ ،41‬سنة‪2441‬م‪،‬‬
‫‪ -1‬بشرى موسى صالح‪ :‬الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ‪،‬المركز الثقافي العربي ‪،‬‬
‫بيروت لبنان ‪ ،‬الطبعة‪1‬سنة‪1714‬‬
‫‪ -7‬توفيق و مان ‪:‬من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمان المجذوب‬
‫‪،‬الرابطة الوطنية لألدب الشعبي ‪،‬الجزائر *د‪.‬ط*سنة ‪2449‬‬
‫حسن أيوب‪:‬السلوك األجتماعي في االسالم ‪،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‬ ‫‪-14‬‬
‫والترجمة‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬الطبعة‪،44‬سنة‪2449‬م‬
‫حلمي ايدير ‪ :‬أثر األدب الشعبي في األدب الحديث‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫االسكندرية ‪،‬مصر ‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪2442‬م‬
‫حسن نمر دندشي‪ :‬معجم األبيات الشهيرة‪ ،‬منشورات جروس برس‪ ،‬طرابلس – لبنان‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1711‬‬
‫ديفيد ديتشس‪:‬مناهج النقد األدبي بين النظرية ة التطبيق ‪،‬ترجمة محمد يوسف نجيم‪ ،‬دار‬ ‫‪-13‬‬
‫صادر‪،‬بيروت ‪،‬لبنان‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1719‬م‬
‫‪ -14‬رفاعة رافع الطهطاوي‪:‬المرشد األمين للبيان والبنين‪،‬تقديم ‪:‬محمد علي حسن‬
‫‪،‬أحمد علي حسن ‪،‬مكتبة األداب ‪،‬القاهرة ‪،‬مصر‪،‬طبعة‪ ،2‬سنة‪2441‬م‬
‫سيد قطب‪:‬النقد األدبي أصوله منهاجه ‪ ،‬دار الشروق ‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬الطبعة‪،41‬سنة‪2443‬‬ ‫‪-15‬‬
‫‪ -11‬شكري عزيز ماضي ‪:‬نظرية األدب ‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات و النشر‬
‫‪،‬بيروت‪،‬لبنان ‪،‬الطبعة‪ ،41‬سنة‪2445‬م‬

‫‪98‬‬
‫شكري محمد عياد ‪ :‬موسيقا الشعر العربي ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬الطبعة‪،41‬‬ ‫‪-19‬‬
‫سنة‪1711‬م‬
‫شوقي ضيف‪ :‬النقد األدبي ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة‪ ،9‬سنة‪1711‬م‬ ‫‪-11‬‬
‫عبد الرحمان الوجي‪ :‬االيقاع في الشعر العربي ‪ ،‬دار الحصاد ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا ‪،‬‬ ‫‪-17‬‬
‫الطبعة‪،1‬سنة‪1717‬م‬
‫عبد الحميد بورايو‪:‬البعد االجتماعي و النفسي في األدب الشعبي الجزائري‪ ،‬نشر مؤسسة‬ ‫‪-24‬‬
‫بونة للبحوث و الدراسات بالتعاون مع وزارة الثقافة ‪،‬عنابة‪،‬الجزائر ‪،‬الطبعة‪،41‬سنة‪2441‬م‬
‫عبد الحميد جيدة‪:‬االتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪-21‬‬
‫نوفل‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪،41‬سنة‪.1714‬‬
‫عبد الفتاح عثمان‪ :‬نظرية الشعر في النقد العربي القديم‪ ،‬مكتبة الشباب ‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬‬ ‫‪-22‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬سنة ‪1714‬م‬
‫عبد هللا بن المقفع‪:‬األدب الكبير و األدب الصغير‪،‬تحقيق أحمد زكي باشا‪،‬دار ابن حزم‬ ‫‪-23‬‬
‫للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬بيروت ‪،‬لبنان‪،‬طبعة‪ ،1‬سنة‪2443‬م‬
‫عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري ‪:‬عيون األخبار ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع‪،‬‬ ‫‪-24‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬سنة‪2445‬م‬
‫العربي دحو‪:‬الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة االوراس‬ ‫‪-25‬‬
‫‪،‬المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر*د‪.‬ط*الجزء ‪،41‬سنة ‪1717‬م‬
‫عز الدين إسماعيل‪:‬األسس الجمالية في النقد العربي عرض و تفسيره و مقارنة‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪-21‬‬
‫العربي ‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪ 1412‬ه‬
‫عز الدين إسماعيل ‪:‬التفسير النفسي لألدب‪ ،‬مكتبة غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،‬طبعة‪،44‬د‪.‬س‬ ‫‪-29‬‬
‫علي البطل ‪ :‬الصورة في الشعر العربي ‪ ،‬دار األندلس‪،‬د‪.‬ب‪ ،‬الطبعة‪ ،2‬سنة ‪1441‬ه‬ ‫‪-21‬‬
‫علي عشري زايد‪ :‬بناء القصيدة العربية الحديثة‪ ،‬مكتبة دار العروبة ‪ ،‬الكويت‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‬ ‫‪-27‬‬
‫‪1711‬م‬
‫فؤاد افرام البستاني‪:‬منجد الطالب دالر المشرق ‪،‬بيروت لبنان‪،‬الطبعة‪،111‬سنة ‪1794‬م‬ ‫‪-34‬‬
‫محمد حسن عبد هللا‪ :‬الصورة و البناء الشعري ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‬ ‫‪-31‬‬
‫‪1711‬م‬
‫محمد زغينة‪ :‬األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء‬ ‫‪-32‬‬
‫المسلمين الجزائريين (‪ ،)1712-1754‬نوميديا للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‬
‫‪2447‬‬

‫‪99‬‬
‫محمد غينيمي هالل‪:‬دراسات و نماذج في مذاهب الشعر و نقده‪ ،‬دار نهضة‬ ‫‪-33‬‬
‫‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬د‪.‬ط‪،‬د‪.‬س‬
‫مصطفى دراوش‪ :‬تشكل الذات و اللغة في مفاهيم النقد المنهجي ‪،‬دار األمل ‪ ،‬تيزي وزو‬ ‫‪-34‬‬
‫‪،‬الجزائر ‪،‬د‪.‬ط‪،‬سنة‪2441‬م‬
‫مصطفى محمد الطحان ‪:‬التربية و دورها في تشكيل السلوك‪،‬دار‬ ‫‪-35‬‬
‫المعرفة‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬الطبعة‪،41‬سنة‪2441‬‬
‫نور الدين عبد القادر‪:‬القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب المطبعة‬ ‫‪-31‬‬
‫الثعالبية‪ ،‬الجزائر ‪،‬د‪.‬ط‪،‬د‪-‬سد‬
‫يسرى العزب‪ :‬القصيدة الرومنسية في مصر(‪1732‬م‪1752-‬م) ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬ ‫‪-39‬‬
‫للكتاب ‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬سنة‪1711‬م‬
‫يوسف وغليسي ‪:‬مناهج النقد األدبي ‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع ‪،‬الجزائر ‪،‬الطبعة ‪ ،41‬سنة‬ ‫‪-31‬‬
‫‪2449‬م‬

‫‪100‬‬
101
‫فهــرس الموضوعـــــــات‬
‫الصفحة‬
‫مقدمة‬
‫الفصل األول‪ :‬فصل تمهيدي‬
‫بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب‪4..............................................‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ماهية الرباعيات‪6..........................................................................‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أنواعها‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ : 1-3‬الرباعية المدورة‪8............................................................................‬‬
‫‪: 2-3‬الرباعية ذات الشطرين‪10......................................................................‬‬
‫‪: 3-3‬الرباعية ذات المقاطع المكررة‪11..............................................................‬‬
‫رباعيات عبد الرحمان المجذوب‪12........................................................‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ :1-4‬مضامينها‪:‬‬
‫‪:1-1-4‬الصبر‪14........................................................................................‬‬
‫‪ :2-1-4‬في الدنيا و تقلبات الدهر و الزمان والسعادة و الشقاء‪19....................................‬‬
‫‪ :3-1-4‬الفقر و الغنى‪22................................................................................‬‬
‫‪ :4-1-4‬الكالم و الصمت‪25............................................................................‬‬
‫‪ :5-1-4‬ما تعلق بالنساء و أحوالهن‪28.................................................................‬‬
‫‪ :6-1-4‬أقوال متفرقة‪32................................................................................‬‬
‫المنهج النفسي‪44..............................................................................‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪:1-5‬العالقة بين األدب و علم النفس‪46................................................................‬‬
‫‪:2-5‬مبادئ المنهج النفسي‪42...........................................................................‬‬
‫‪ :3-5‬مواقف منهجية ‪:‬‬
‫‪ :1-3-5‬موقف األنصار‪50 ............................................................................‬‬
‫‪:2-3-5‬موقف المعارضين‪51..........................................................................‬‬
‫‪:3-3-5‬مواقف وسطية‪52..............................................................................‬‬
‫‪ :4-5‬عيوب التطبيقات النفسانية‪54....................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب‬


‫مضامين رباعيات المجذوب‪57............................................................‬‬ ‫‪-5‬‬
‫اللغة‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪-2‬‬
‫‪ :1-2‬المستوى المعجمي و الداللي‪62...............................................................‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ :2-2‬اللهجة العامية‪66.............................................................................‬‬
‫‪ :1-2-2‬الوضوح‪67................................................................................‬‬
‫‪ :2-2-2‬الخطابية و المباشرة‪69...................................................................‬‬
‫‪ :3-2-2‬التكرار‪70.................................................................................‬‬
‫الصورة الفنية‪74.........................................................................‬‬ ‫‪-9‬‬
‫الموسيقى‪83...............................................................................‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ :1-4‬القوافي‪84.....................................................................................‬‬

‫الخاتمة‬
‫المصاددر و المراجع‬

‫‪103‬‬
104
‫كان الشعر وال يزال صورة المجتمع في كل بيئة و مرآة الحياة في كل عصر و من البديهي‬
‫أن يكون هذا الشعر نابع من خلجات نفس الشاعر‪.‬‬
‫هذا الذي لمسته في رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب من خالل بحثي الموسوم بعنوان‬
‫رباعيات عبد الرحمان المجذوب مقاربات نفسية‪.‬‬
‫فحين اطالعي ألول مرة على هذه الرباعيات راودني فضول قوي لمعرفة ما تخفيه‬
‫رباعياته من رموز نفسية ‪ ،‬فحاولت الكشف قدر المستطاع عن مدى تأثر المجذوب‬
‫بمحيطه ‪ ،‬و تأثيره فيه ‪ ،‬و كشف العوامل النفسية التي اشتركت في تكوين الرباعيات‪.‬‬
‫هذا البحث الذي وقفت فيه على عدة تساؤالت من بينها ‪:‬‬
‫هل يمكن لهذه الرباعيات أن تحمل دالالت حضارية تمتد إلى وقتنا الراهن ؟‬
‫و هل في هذه الرباعيات أبعادا نفسية أثرت في الشاعر ؟ وهل يمكن أن تحمل في طياتها‬
‫الفكر الموجب و الفكر السالب في الوقت نفسه ؟‬
‫أما بالنسبة لهيكل البحث فنقسم إلى فصلين ‪ :‬الفصل األول تطرقت فيه إلى إعطاء نبذة عن‬
‫حياة الشاعر ‪ ،‬و ماهية الرباعيات وأنواعها ‪ ،‬ألخص بالذكر رباعيات عبد الرحمان‬
‫المجذوب و مضامينها ‪ ،‬ألنتقل بعدها إلى الحديث عن المنهج النفسي مبادِئه وعيوبه و أهم‬
‫المواقف المنهجية حوله‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني فخصصته لدراسة الخصائص الفنية لهذه الرباعيات من حيث اللغة ‪،‬‬
‫الصورة ‪ ،‬الموسيقى ‪،‬و ما أخفته الرباعيات من مضامين أخرى‪.‬‬
‫الخاتمة هي مجموعة نتائج توصلت إليها بعد الدراسة من أهمها ‪:‬‬
‫_ العقدة األنثوية عند عبد الرحمان المجذوب التي كشفتها صورة المرأة في رباعياته ‪.‬‬
‫_ الكشف على أن رباعيات المجذوب تصب في إطار األدب العامي ال في إطار األدب‬
‫الشعبي‪.‬‬
‫_تواجد أفعال األمر والنهي في الرباعيات بنسبة كبيرة هذا الذي يبرز الجانب العقلي‬
‫و المنطقي في لغة المجذوب‪.‬‬
‫و قد انتهجت لهذا البحث المنهج النفسي ليساعدني في رفع الستار عن نفسية عبد الرحمان‬
‫المجذوب ‪ ،‬وقد كانت مراجعي بين أدبية ‪ ،‬وأدبية نفسية ‪ ،‬و عروضية ‪ ،‬و بالغية ‪،‬‬
‫و لغوية ‪،‬و دينية ‪ ،‬و ذالك حسب ما تطلبته الحاجة‪.‬‬
‫‪105‬‬

You might also like