Professional Documents
Culture Documents
1
مقدمة:
كثيرا ما يقف اإلنسان أمام نفسه حائرا ،متسمرً ا في مكانه إذا ال يستطيع أن يعرف الدافع الحقيقي الذي دفعه
الى عمل "ما" و هذا الشعور حاولت قدر اإلمكان التخلص منه ،و لكنه بقي يراودني فترة بحثي ،و بخاصة
حينما تصادفني العراقيل و تتعلق أمامي األبواب ،و تنسحب خيوط األمل،تاركه صرا ًعا عني ًفا بين رغبتي
بعض الناس الذين ال يرون في رباعيات المجذوب إال التفاهة و الحماقة و في دارسية إضاعة للوقت.
قلت لم أعرف السبب الحقيقي الذي دفع بي إلى مثل هذا البحث ،و إنما أعرف أسبابا قد تكون هامة و يمكن
إجمالها في التالي:
أن رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب ظلت بعيدة عن األضواء ،مما أفقد األدب العامي حلقة من -1
حلقاته ،و ذلك لالن أصحابه تغاضوا عنه ،أو سحقتهم الحياة اليومية بمشاغلها.
و لعل هذا ما دفع بعضهم إلى رفض رباعيات المجذوب ،و ما دفع بي إلى البحث في أغوار هذه الرباعيات.
و من جانب ثان كان النقاش بيني و بين بعض المثقفين الذين كانوا يرددون على ألسنتهم رباعيات -2
المجذوب داف ًعا هامًا دفعني إلى المغامرة في هذا البحث ألقف بأيا ٍد محتشمة على عدة تساؤالت:
أتكون لهذه الرباعيات حكم تحمل دالالت حضارية تمتد إلى وقتنا الراهن؟ و هل في هذه الرباعيات أبعا ًدا
نفسية أثرت في الشاعر و في المجتمع الذي ينتمي إليه؟ و هل يمكن أن تحمل في طياتها الموجب و السالب
-أ-
2
و لإلجابة على هذه التساؤالت ،قمت بتقسيم بحثي المتواضع إلى فصلين ،ففي الفصل األول و ضعت القارئ
في صلب الموضوع بإعطاء بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب ،وتطرقت إلى ماهية الرباعيات و
أنواعها حتى أخص بالذكر رباعيات المجذوب و مضامينها ،ألنتقل بعدها إلى التعريف بالمنهج النفسي و
الحديث عن العالقة بين األدب و علم النفس ،ألحدد بعد ذلك أهم مبادئ المنهج النفسي ثم أنتقل بعدها إلى
المواقف المنهجية حول المنهج النفسي ،ألختم الفصل األول بعيوب التطبيقات النفسية.
أما الفصل الثاني فقد خصصته ،للناحية التطبيقية فحاولت فيه دراسة الخصائص الفنية لهذه الرباعيات من
حيث اللغة ،و الصورة ،و الموسيقى ،و قبل كل هذا تعرضت إلى ما تخفيه مضامين رباعيات المجذوب.
و على العموم فتلكم هي فصول هذا البحث ،الذي ختمته بخاتمة أجملت فيها ما توصلت إليه من نتائج حسب
وقد انتهجت في هذا البحث ،المنهج"النفسي" الذي من خالله ولجت إلى ما يعانيه الشاعر من اضطراب
داخلي .
وقد كانت مراجعي ،بين أدبية بحتة ،و أدبية نفسية ،و عروضية ،و بالغية،و لغوية ،ودينية،و ذلك حسب ما
وكعادة كل عمل إنساني و بحث جامعي ال يخلو من النقص و الصعاب التي اعترضتني في إنجاز هذه
المذكرة،من أهمها قلة المراجع و المصادر و الدراسات التي تطرقت إلى هذا الموضوع ،إال النادر منها التي
ال تشفي غليل الطالب المتعطش إلى االغتراف من ينبوع العلم و المعرفة.
-ب-
3
4
الفصل األول :فصل تمهيدي
بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب -1
ماهية الرباعيات -2
أنواع الرباعيات -3
: 1-3الرباعية المدورة
: 2-3الرباعية ذات الشطرين
: 3-3الرباعية ذات المقاطع المكررة
رباعيات عبد الرحمان المجذوب. -4
:1-4مضامينها
:1-1-4الصبر
:2-1-4في الدنيا و تقلبات الدهر و الزمان والسعادة و الشقاء
:3-1-4الفقر و الغناء
:4-1-4الكالم و الصمت
:5-1-4ما تعلق بالنساء و أحوالهن.
:6-1-4أقوال متفرقة.
المنهج النفسي -5
:1-5العالقة بين األدب و علم النفس
:2-5مبادئ المنهج النفسي
:3-5مواقف منهجية
:1-3-5موقف األنصار
:2-3-5موقف المعارضين
:3-3-5مواقف وسطية
:4-5عيوب التطبيقات النفسانية.
5
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
كانت ومازالت منطقة المغرب العربي والدة لشعراء فحول ،وكانت المواضيع التي يتناولها شعرهم
تالمس مباشرة الحياة اإلجتماعية ،واإلقتصادية ،والعاطفية إلى غير ذلك من المجاالت ،لذا استطاعت
قصائدهم أن تعبر الحدود الجغرافية لبالدهم.
تيط (طيط)غير بعيدة عن ساحل المحيط األطلسي بالمملكة المغربية ،سنة 919ه (0014م) في شهر
رمضان المبارك ونشأ وترعرع وتعلم فيها ،وكان أول شيوخه بها سيدي أبو حسن علي ابن أحمد الصنهاجي
المعرف بلقب الدوار ،ويروي محمد المهدي بن أحمد القاسي حفيد أبي المحاسن يوسف القاسي و هو أول
من ترجم للمجذوب في كتابه "الممتع" أن شيخه هدا زوده بأسرار روحية وكرامات جمة ثم وجهه إلى مدينة
مكناس "()0وهي "إحدى كبرى مدن المغرب األقصى.وهي واقعة على مسافة ستين كيلومتر من فاس
...ويقولون إن الشيخ المجذوب بعد أن حضر الدروس ب"فاس" تغيرت أحواله وترك االعتناء بشؤون الدنيا
.
(:)1توفيق و مان :من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،الرابطة الوطنية لألدب
الشعبي ،الجزائر ،د.ط،سنة 2002م،صفحة.04
(:)2نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،المطبعة الثعالبية،الجزائر،د.ط،د.س،صفحة
.02
6
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
"فالشيخ عبد الرحمان المجذوب كان محظوظا ألنه أخذ العلم من أفواه شيوخ مكناس اإلعالم " ،كالسيد أبي
عثمان التلمساني وأبي حفص وعمر الزرهوني و إبراهيم الزاوي وغيرهم ويقال أيضا أن الشيخ الزرهوني
الذي كان مرشدا له هو الذي لقبه بالمجذوب ،وبعد ذالك عاش عبد الرحمان المجذوب بالقصر الكبير
"وقد عاش الشيخ هناك"()1 عاصمة الهبط ،ويروى انه رحل إليها بإشارة من شيخه عمر الزرهوني ولبث
ا لمجذوب غير مبال بالمال والجاه متنقال من مكان إلى مكان ليس له مأوى يستقر به على الدوام" ( .)2سيدي
عبد الرحمان المجذوب أحد شعراء الدين خلدت قصائدهم إلى يومنا هدا ،فهو" يقول الشعر بجمالية حكمه
كما أنه يعض العباد بقوله المفعوم بالحكم البليغة إلى أحسن باقتراب األجل فأمر أن ينتقل إلى مكناس إلى أنه
توفي في طريقه أليها وفن خارج أسوار المدينة قرب باب عيسى وكانت وفاته سنة 979ه (0070م) ليلة
.
( :)1توفيق و مان :من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .04
( :)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .01
( :)3توفيق ومان :من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .04
7
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
" الرباعي هو فن من الفنون الشعرية الفارسية النشأة فلم يعرف هدا الفن الشعري إبان العصر الجاهلي ،كما
لم يؤثر عن الشعراء العرب أنهم أنتجوا شعرا في هدا الفن خالل صدر اإلسالم والمداولة األموية ،وكذلك
إبان العصر العباسي األول ،ويقال إن أول شاعر عربي ورد هدا الفن في شعره كان عمر الفارض المتوفى
فالباحث في األدب العربي لن يجد لهدا النوع من الشعر اهتماما من قبل الشعراء الفحول، "()0 عام 920ه
فهو لم يكن في فترة من الفترات ضربا له رواده وشعراءه الدين تخصصوا في نظمه .
وليس هدا فحسب " بل أصبح من المتعارف عليه في اآلداب المقارنة أن لقب شعراء الرباعيات يطلق على
الشعراء الفرس الدين اهتموا بهذا الضرب من النظم ،وجاءت معظم أشعارهم أوكلها في هذا الفن .ويأتي
على رأس هؤالء الشعراء جميعا "عمر الخيام" و إن لم يكن أولهم من الناحية الزمنية...ابتداء من "الرودكي"
الذي عاش في ظل الدولة الساسانية (توفي عام 209ه) إلى ملك الشعراء "محمد تقي بهار" المتوفي عام
(0271ه0901ه) وإنما اختص هؤالء بلقب شعراء الرباعيات ألنهم أولو هذا الضرب من النظم عناية أكبر
.
(:)1بديع محمد جمعة:من روائع األدب الفارسي ،دار النهضة العربية،بيروت لبنان،د.ط،سنة 1890م ،صفحة .215
(:)2المرجع نفسه:صفحة .21
8
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
" الكالم الرباعي وهو المقسوم على أربعة أقسام وبعبارة أخرى فيه أربعة أقسام وبعبارة أخره فيه أربعة
أشطر يعني بيتين )1(" .والى ذلك يشير عبد الرحمان المجذوب قائال:
" ويعرف هدا الفن بالرباعي أو (دوبيت)،وذلك ألن الوحدة الفنية لهدا الضرب تتكون من أربع مصا ريع ،
فإذا نظرنا إلى كل مصرع على أنه وحدة جزئية داخل إطار الوحدة الكلية ،كان مكونا من أربعة مصا ريع ،
ولدا استحق أن يسمى (الرباعي) ،إما إذا نظرنا إلى كل مصراعين على إنهما شطر بيت واحد ،أي إن
األربعة مصاريع تكون بيتين،فيستحق في هده الحالة أن يسمى (ذو بيت) أي (البيتان) "( ،)2فالرباعي إذا
هو "ما ركب من أربعة" ( )2وإذا ما يمعن النظر في المصاريع األربعة للرباعيات نجد أنه " تتوالى قوافيها
مثل ما نجده في رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،وهذا ما جعل "()4 على نحو :أ -ب – د – ب
للرباعيات.
.
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثورمن كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .02
(:)2بديع محمد جمعة :من روائع األدب الفارسي،صفحة.216
(:)3فؤاد افرام البستاني:منجد الطالب دار المشرق ،بيروت ،لبنان،الطبعة،19سنة 1824م ،صفحة.229
(:)4العربي دحو:الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة األوراس ،المؤسسة الوطنية للكتاب
الجزائر،د.ط،الجزء ،01سنة 1898م.85،
9
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
" القالب المصطلح عليه ،أنسب ما يكون لالرتجال و أقرب ما يكون إلى االستعمال الدارج"( )10فالرباعيات
هي " أنشودة تغني و تردد في كل المناسبات على اختالف أنواعها ،و في كل الحفالت الرسمية و غير
()12 الرسمية".
" و قوة هذا الفن الشعري تتمثل في أن الشاعر مطالب بأن يعبر في هذه المصاريع األربعة عن فكرة كاملة
معنى هذا أن كل رباعية هي وحدة عضوية مستقلة عن الرباعيات التي سبقتها أو التي جاءت بعدها،
فالرباعيات لم تكن تقال متتالية و متشابكة المعنى ،حتى و إن وجدناها في بعض الكتب على شكل قصيدة
فهي مجرد " محاولة المترجمين جمع الرباعيات المتحدة المعاني و ترتيبها ترتيبا خاصا ،حتى تبدو و كأنها
تكمل الواحدة منها األخرى ،و تتحدث كل المجموعة عن فكرة كبيرة مقسمة إلى أفكار جزئية ،كما هو الحال
و لعل من أسرار نجاح الرباعيات كونها تقدم فكرة متتالية في مصاريع أربعة فقط" ،إذ أن قصرها و تنوع
()0 أغراضها و رقة ألفاظها قد ساعدت على سهولة حفظها و ترديد العامة لها ".
. .
( :)1المرجع السابق :صفحة .85
( :)2العربي دحو :الشعر الشعبي و دوره في الثورة التحريرية ،صفحة .121
( :)3بديع محمد جمعة :من روائع األدب الفارسي ،صفحة .216
( :)4المرجع نفسه :صفحة .216
( :)5بديع محمد جمعة :من روائع األدب الفارسي ،صفحة .212
10
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
بالوزن ،والقافية ،واحدة خالل الرباعية الواحدة ،ثم تأخذ في االختالف من حيث الروي ،و القافية خالل
و من ذلك قول ()0 الرباعيات األخرى مما يجعلها شبيهة بالموشح األقرع و بالشعر المهجري بخاصة".
. .
( :)1محمد زغينة :األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
( ،)1862-1854نوميديا للطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر ،د.ط ،سنة 2008م ،صفحة .281
( :)2أحمد سحنون :الديوان ،الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ،الجزائر ،د.ط ،سنة ،1822صفحة .82
11
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
قد ذاد عنه الهم طعم الهجود أنت لذيذ النوم للساهر
و الملحوظ في هذه القصيدة هو ذلك التنوع في قوافيها ،واتفاقها في الصوت الموسيقي األخير من كل شطر.
. .
( :)1محمد زغينة :األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
( ،)1862-1854صفحة .282
( :)2أحمد سحنون :الديوان ،صفحة .21
12
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
ويمضي الشاعر في القصيدة على هذا الشكل الموسيقي منوعا القافية ،و الروي ملتزما بالبحر.
.
( :)1محمد زغينة :األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
( ،)1862-1845صفحة .283
( :)2أحمد سحنون :الديوان ،صفحة .155
13
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
رباعيات عبد الرحمان المجذوب عبارة عن مجموعة من الحكم المنظومة بلسان عامي " وهي ناتجة عن
() 0 تجارب دنيوية كثيرة و معامالت مع خلق هللا صرح فيها الشيخ التضحية ".
إن هذه الرباعيات تصب في إطار األدب الشعبي و الدليل على هدا هو أن " األدب الشعبي يتمتع بخاصيته
وهي مجهولية المؤلف فكل ما هو معلوم مؤلفه ال يدخل في هدا الباب ،وقد يدخل في األدب العامي وهو
وهناك أيضا خاصية يختلف فيها األدب الشعبي عن األدب العامي ، "()2 مختلف كليا عن األدب الشعبي
"فاألدب الشعبي ال يعبر عن وجدان فردي واحد ،بل هو ال يكترث بالوجدان الفردي ...واألدب الشعبي يحمل
() 2 تراث أمة بأكملها ،ال تراث فرد واحد ".
والمطلع على رباعيات عبد الرحمان المجذوب سرعان ما يلحظ دلك الوجدان الفردي الذي تنطبع به هده
قوله)4(: الرباعيات ،مثل ما نجده في
يحسبوا ما في ذخيرة
. .
()1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب،صفحة.1
()2حلمي بدير:أثر األدب الشعبي في األدب الحديث ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر،اإلسكندرية،مصر،د.ط،
سنة،2002صفحة.16
()3المرجع نفسه:صفحة.12
( )4نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب صفحة .02
14
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
و في قوله أيضا (:)0
" أعطاتها الكف و الدف :الظاهر أن الشيخ المجذوب يقصد بهذا التعبير الخبز فإن المرأة تعجن بيدها
لتجعل الخبز كما تريد و تشاء فقال إنها ضربت العجين و صيرته رقيقا مثل النصل أي حديده السيف
الرهيفة القاطعة الحد .و في صنعها هذا كأنها أعارت الدقيق و إال كأن لها ضغينة و حقدا علي لالن رغيفها
. .
( :)1المرجع السابق :صفحة .90
( :)2نور الدين عبد القادر :الكالم المأثور من كال الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .90
( :)3المرجع نفسه :صفحة .08
15
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
يقصد بقوله (كنت ثقيل و رزين) هو بعد ما كنت صاحب رزانة و هدوء ورويه و نظر في أمور الدنيا
صرت في حالة الطيش ،و(الكانون) هو الموقد إذا "يشير إلى التغير حاله فشبه نفسه باإلنسان الذي يذهب
") 0 ( . إلى الرماد يطلب منه الحر و الدفء فال يجد مرغوبه
() 2 "و الحاصل هو أن هذه الحكم المنظومة ثروة من جملة تراثنا األدبي العالمي اإلفريقي ".
إن هذا المورث الذي تركه لنا الشيخ عبد الرحمن المجذوب متنوع بتنوع مضامينها.
0 -4مضامينها:
0 .0 .4ا لصبر:
" الصبر خلق من أخالق القرآن ،و صفه من صفات األنبياء ،و الرسل عليهم أفضل الصالة و السالم ،و
درع واق تدر عبه الرجال األشداء في األزمات و الملمات الجسام ،و العروة التي تشد عضد المنكوبين و
. .
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .08
( :)2المرجع نفسه :صفحة .80
16
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
(.)0 وهو المحك الذي تصهر عليه الطاقات و تظهر به معادن الرجال في جالئل األمور"
() 2 و نحن نتصفح رباعيات الشيخ عبد الرحمن المجذوب ترى تشبث الشاعر بالصبر حيث يقول:
(يطلع نهارك) بمعنى يأتي زماني و المقصود هو تقلب الحال إلى الخير و اإلتساع فبعد العسر
و الضيق يكون اليسر و الراحة
() 2 فالشيخ عبد الرحمن المجذوب يشبه الهموم و التعاسة بالشوك و الجفاء و نجده يقول أيضا:
. .
( :)1محمد زغينة :األبعاد .الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
( ،)1862-1854صفحة .55
( :)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .4
( :)3المرجع نفسه :صفحة .52
17
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
يبد لي أن الشيخ عبد الرحمن المجذوب يؤكد في هذه الرباعية بأن الصبر هو الطريق الوحيد الذي يسلكه
. .
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .4
18
الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي........................................................
و كتب بعضهم إلى صديقه يعزيه و يحثه على الصبر ".إن لم تلذ بالصبر ،فقد اعترضت على مالك األمر ،و
أنت تعلم أن نوائب الدهر ال تدفع إال بعزائم الصبر ،فاجعل بين هذه اللوعة غالبة ،و الدمعة الساكبة حاجبا
من فضلك ،و حاجزا من عقلك ،و دافعا من دينك ،و دافعا مكن يقينك ،فإن المحن إذا لم تعالج بالصبر كانت
كالملح إذا لم تقابل بالشكر ،فصبر صبرا ففحول الرجال ال تستقرها األيام بخطوبها كما أن متون الحال ال
و يقول بن المقفع في الصبر":و أعلم أن الصبر صبران :صبر المرء على ما يكره ،و صبره على ما يحب.
()2 و الصبر على المكروه أكبرهما ،و أشبههما أن يكون صاحبه مضطرا".
. .
( :)1رفاعة رافع الطهطاوي :المرشد األمين للبنات و البنين،تقديم:محمد علي حسن،احمد علي حسن ،مكتبة اآلداب،
القاهرة ،مصر ،الطبعة ،02سنة 2009م ،صفحة .220
( :)2عبد هللا بن المقفع :األدب الكبير و األدب الصغير،بتحقيق:احمد زكي باشا،دار بن حزم للطباعة و النشر و التوزيع،
بيروت ،لبنان ،الطبعة ،01سنة 2003م ،صفحة .56
19
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
. .
( :)1المرجع السابق :صفحة .04
( :)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .09
20
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
شبه المجذوب في البيت الثاني من كان سلطانا و في مرتبة عالية و منزلة سامية بالراكب على الجواد ،و
أراد به أن األحوال تتغير ،و الزمان ينزل من كان في المقام الرفيع ليضع مكانه من هو أدنى ،و في هذا
. .
( :)1المرجع السابق :صفحة .19
( :)2حسن نمر دندشي :معجم األبيات الشهيرة ،منشورات جروس برس ،طرابلس – لبنان ،د.ط ،سنة 1896م ،صفحة
.153
21
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(تتقرقب) الطاعون فيها الراغبون في لذتها ،حتى كان هذا سبب في خسارتهم و هالكهم ،و في هذا المعنى
يقول إبن المقفع:
() 2 "الدنيا دول ،فما كان لك منها أتاك على ضعفك ،و ما كان عليك لم تدفعه بقوتك"
. .
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .30
( :)2عبد هللا المقفع:األدب الكبير واألدب الصغير ،صفحة .88
( :)3نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمن المجذوب ،صفحة .32
22
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(السعد) يقصد بها المجذوب السعادة و( سقام السعود )هو هللا تعالى.
و هنا الشيخ يبحث عن السعادة هذه الكلمة التي دندنت حولها الفلسفة على اختالف اتجاهاتها فتصورها
البعض حرية بال حدود ،أو الشهوات بال ضابط ..أو دنيا بال آخرة،أو آخرة بال دنيا.
()2 " أما اإلسالم فأعتبر السعادة هي مرضاة هللا ،ونهي النفس عن الهوى و ابتعاد الدار اآلخرة ".
.
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.81
23
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
:2-0-4الفقر والغناء:
"وليس من خل ٍة هي للغنٍيٍّ مدح إال هٍي للفقير عيب،فأن كان شجاع سمٍّي أهوج ؛
إن ثنائية الفقر و الغنى من الثنائيات التي كثر الحديث عنها في األدب العربي ،وهي من الثنائيات المتناقضة
()2 والتي سلط عليها الضوء في رباعيات عبد الرحمان المجذوب ومنها قوله:
وتنوض من الجماعة
.
(:)1عبد هللا بن المقفع:األدب الكبير و األدب الصغير ،صفحة .118
(:)2نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.12
24
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(خممت)يقال في العربية خمن أي تأمل في األمر و استنتج
" تبين لي من قول المجذوب أنه من ال مال له ال مكان له بين الناس ،و نجد ابن المقفع يؤكد على كالم
(.)1 المجذوب بقوله... ":و من ال مال له،فال شيء له"
تضويه الحسانة) تضويه أي تنيره ،الحسانة ربما يقصد بها حسن الثياب ،و يعني بها المجذوب هو مقت
( ٍّ
الناس للفقير.
الناس" ()3 لقول عبد هللا بن المقفع ":و الفقر داعية إلى صاحبه مقت
.
(:)1عبد هللا بن المقفع :األدب الكبير و األدب الصغير ،صفحة .119
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.12
25
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
()1 و نجد عبد الرحمان المجذوب يؤكد على مكانة المال عند اإلنسان في قوله:
جربتــها من عنــــاقي.
و يقصد المجذوب في هذه الرباعية أنه ال يوجد إنسان ال يحب المال و هذا يذكرنا في قوله تعالى " :المال
"()2 والبنون ٍزينة الحيا ِة ال ُّدنيا والباقيات الصالِحات خبرً عند ربك ثوابا وخير أمال
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .32
26
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
4-0-4الكالم و الصمت:
،بمعنى أن الصمت هو سكون اللسان ،ووقوفه عن الحركة أما يقظته"()1 " قيل الصمت منام اللسان والكالم
الكالم فهو حركة اللسان،وكثيرَ منهم من استحسن الصمت عن الكالم،إال في مواضيع لقول علي ابن أبي
طالب –رضي هللا تعالى عنه في وصيته لالبن الحسين –رضي هللا عنه "..الكالم ثالث مراتب مستحب
كالتسبيح والتحميد والتكبير و التهليل والصالة على النبي –صلى هللا عليه وسلم")2("-فكلمة واحدة قد تكون
سببا في إشعال فتنة،أو ضياع أمة ،أو فقدان صديق ،أو فراق حبيب ،أو خسران دين أو وقوع في أكبر
الكبائر"( ،)3و لذلك نجد العديد من الكتاب يستحسنون الصمت من بينهم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،و من
المسجر
ِّ الصمت الذهب
.
(:)1رفاعة رافع الطهطاوي:المرشد األمين للبيان والبنين،صفحة.250
(:)2المرجع نفسه:صفحة.250
(:)3حسن أيوب:السلوك اإلجتماعي في اإلسالم ،دار السالم للطباعةوالنشروالتوزيع والترجمة ،القاهرة ،مصر ،الطبعة،04
سنة2002م ،صفحة.148
(:)4نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.2
27
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
اتضح لي من خالل هذه الرباعية،أن المجذوب يؤكد على أن كثرة الكالم ال يسبب إال الضرر ،والمقصود
(لجامه) اللجام ما يجعل في فم الفرس من الحديد كي يتصرف اإلنسان في سيره أو وقفه ،ومعنى البيتين هي
.
(:)1المرجع السابق:صفحة.09
(:)2نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.12
28
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
التتكلم حتى تخمم
و يقصد الشيخ ،ال تتكلم في مسألة ما قبل أن تتأمل فيها جي ًدا و إال رجع عليك قولك بالفضيحة والعار.
لذا قال بعض الحكماء":دبر كالمك،كما تدبر سهامك،وقيل أن اللسان سهم يخطئ ويصيب ،وقيل ال تفتح بابًا
يعجزك سده وال ترم سهم يعجزك رده،و اغتنم السكوت فان أدنى نفعه السالمة وأن أشقى الناس من ابتلى
يسكت")1(. بلسان مطلق وقلب مطبق ،فال يحسن أينطق وال يقدر أن
ِّ
الزيت يخرج من الزيتونة
ربما يقصد المجذوب بقوله (الزيت يخرج من الزيتونة) هو أن الكالم الرزين يخرج من اللسان الرزين ،و
( يحجرها) جاءت من كلمة جحر بمعنى يخفيها في ضميره أي في قلبه
.
(:)1رفاعة رافع الطهطاوي :المرشد األمين للبيان والبنين،صفحة .251
()2نور الدين عبد القادر:القول المأثور في كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب،صفحة.22
29
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
شئت"()1 وفي هذا " قال األصمعي :سمعت أعرابيا يقول :دع من الكالم ما تعتذر منه وتكلم بما
والمراد بها هو أن الجواد يكبو ،وهللا هو الذي يسيرها و يحفظها (،يكلخ الفـم) إذ تصدر من لساني كالم غير
محبب بدون قصد (،ربي ال يحاسبني عليها) رجاءه من هللا تعالى الرحمة والغفران.
.
(:)1رفاعة رافع:المرشد األمين للبيان والبنين ،صفحة .250
(:)2نور الدين عبد القادر:القول المأثور في كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.64
30
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(مزين) أي ما أحسن و ما أجمل (،النسا)بالعربية النساء في البيت األول يقصد المجذوب بتقلب أحوال النساء
،أما في البيت الثاني فيشير إلى حسن تصرفهن في شؤون الحياة ومعرفتهن لطرق التخلص من المشاكل و
.
(:)1المرجع السابق :صفحة.12
(:)2نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.24
31
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
فالمجذوب يقصد بالطير البنات ،ففي البيت الثاني يعني بكالمه ،البنت العانس التي لم تتزوج ،ومن الصفات
()1 التي وجدها المجذوب في المرأة هي قلة الوفاء و يتضح هذا في قوله:
وقال أيضا:
التكرار في لفضة (طير) فيه تفخيم لشأنه و تعظيم لهو أراد به الحبيبة ال الحيوان ،هذه الحبيبة التي تركته بعد
األلفة ،وطول العشرة فبدلته بغيره ،وبقي هو تالف العقل .
.
( :)1المرجع السابق :صفحة .62
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.25
32
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
و نحدثـــــــــــــه بـالمـــــعانـــــــي
(أن غضب) يقصد بها المجذوب تقلب الحال من المحبة الى الجفاء .
(نجيب القهوة و نصب) بمعنى أحضر القهوة و أصب والشيخ المجذوب في هذه الرباعية التي جاء منها
األشرار،و
ِ الجفاء بعد المودة ،ولذلك قيل أنه من األشياء التي" ليس لها ثبات وال بقاء :ظٍ ُّل الغمام ،وخلِّة
.
33
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
وتريد من ال يريدك.
و يقصد المجذوب في البيت األول أنه يعمل المستحيل من أجل حبه فالماء ال يصعد في العقبة و أي ً
ضا
الشمس ال
تستطيع طردها ،ويقرب في هذين البيتين هذا المثل العامي :اذا حبك القمر بكمالو ،واش عليك بالنجوم إذا
مالو.
.
(:)1المرجع السابق:صفحة .58
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.3
34
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(شيَّبني) و هي من الشيب بمعنى صيرني شايب ،و يريدها بها أتأسف لحالة (مروه) وهوفي العربية
الفصحى تعني امر ًؤ أو المرء ً أي الرجل (،الصقين في لهاته) أي أن العلق لصق في لهاته ،وهي اللحمة
المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم ،فهو مهموم مما أصابه ،أما في البيت الثاني يتضح على أن
المجذوب يقصد بالعلق وألحقته بالرجل من متاعب وهموم ،غيري أنه من األجدر تعزيته في حياته ال في
مماته ،فيقول عبد هللا بن المقفع أنه " من أوقع األمور في الدين و أنهكها للجسد و أتلفها للمال و أقتلها للعقل
()1 وآزراها للمرؤة ،و أسرعها في ذهاب الجاللة و الوقار :الغرام بالنساء ".
يتحــــزموا باللفـــــاع
ويتخللوا بالعـــــقارب
.
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.29
35
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(يتخللوا) أي يجعلن من العقارب خاليل جمع خاللة؛ وهي ما يش ُّد به الحايك وهو لباس تقليدي ،و بهذا يعبر
(سوق مطيار) أي ال فائدة فيه وال ربح ولهذا تراه يحذر الداخل إليه ليكون على بصيرة من أمره ،ثم انه بين
هذا الغرض ،بأنهن يرين و يظهرن األرباح الغزيرة و لكن النتيجة الملموسة هو خسران رأس المال و
(الدرك) هو الثقل و تحمل المشاق و األتعاب ،و خسارة ما كان يملكه اإلنسان .
()2 و يقول أي ً
ض ا:
عيط و كن فــــاهــــم
.
(:)1المرجع نفسه:صفحة.13
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.13
36
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
ما يفسد بين االحباب
(ما يفسد بين االحباب ) أي تنادي أمام الباب ،والمعلوم أن النساء بكالمهن و النزاعات التي تحدث بينهن ،
يفسدن من األصحاب ،ألن أزواجهن ينصتون في أخر األمر الى أقوالهن فيكون ذلك سببا لإليقاع بين
()1 و يقول أي ً
ضا :
(القديم) هي الحلفاء ( ،ال تدي شي المرأة المعفونة) بمعنى ال تأخذ و ال تمس أغراض المرأة غير حسنة
الخلق فهي تأذيك ال محال ،فالمجذوب يوصي كل من يتعامل مع المرأة غير العفيفة بالحيطة و الحذر،ألنها
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.38
37
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(الدفلى) هي شجرة (،داير ظاليل)أي له ظالل كثيرة (،تشوف الفعايل) حتى ترى األفعال و األخالق،
" رجل شاور حكيما في التزوج فقال له:افعل ،و إياك و الجمال الفائق ،فإنه مرعى أنيق ،فقال مانهيتني إال
()2 إال وجدت به أثار منتجع " . ولن تصادف مرعى ممرعا أب ًدا
.
(:)2عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري :عيون األخبار ،دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع ،بيروت ،لبنان ،سنة2005م
،صفحة.634
38
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
:9-0-4أقوال متفرقة :
() 1 كانت حكم الشيخ عبد الرحمان المجذوب متنوعة من بينها قوله:
وهنا في هذه الرباعية يبرز فائدة األسفار ،فبطاعة أولي األمر تكون راحة العقول و يرتفع ال ِّشقاق ،كبير
الكرش يحتمل أنه يريد به الطماع والذي ال قناعة له ،أما كبير الراس من له إعجاب بنفسه أما (نص) معناه
نصف ،و التشديد عالمة و دليل على إدغام الفاء ،و الفلس يكون دائمًا مصنوع من النحاس فليس له قيمة
كبيرة .
ومما يجب التنبيه عليه في هذه الرباعية ،أن الشيخ المجذوب استعمل االقتضاب ،و هو االنتقال من معنى
إلى معنى أخر ال عالقة بينهما ،فاألول يريد به طاعة ولي األمر ،أما الثاني فيقصد به حسن اختيار الصديق
،فنجد المجذوب هنا ينتقل من موضوع لألخر ،بسالسة كبيرة،و هذه الميزة نجدها تغلب على جميع رباعيات
إن صح القول.
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.11
39
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
()1 و من أقوال المجذوب عن اختيار الصديق و المرافق قوله:
(عناه) بمعنى عناؤه(،برمة) و هي القدر الذي يحضر فيه األكل ،أما كلمة (انطلى) فيقصد بها ،اتسخ من
سواد القدر الذي يوضع فوق النار ن(نقاه) وهو النقاء و النظافة ،أما الصنف الثاني من أصناف األصدقاء و
هو األرذال هم من الطبقة التي قال عنها " المأمون :طبقة كالداء ال يحتاج اليه أب ًدا"( ، )2لذلك قال عبد هللا
بن المقفع :أنه" على العاقل أن ال يخادن و ال يصاحب و ال يجاوز من الناس –مااستطاع -إال ذا فضل في
العلم و الدين و األخالق ،فيأخد عنه ؛ أوموا ِف ًقا له على إصالح ذلك ؛ فيؤيد ما عنده ،و إن لم يكن له عليه
فضل .
فإن الخصال الصالحة من البر ال تحيا و ال تنمى إال بالمرافقين و المؤيدين .
وليس لذي الفضل قريب وال حميم أقرب اليه ممن وافقه على صالح الخصال فزاده و ثبته.
.
40
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(.)1 و لذلك زعم بعض األولين أن صحبة بليد نشأ مع العلماء أحبُّ إليهم من صحبة لبيب نشأ مع الجهال" .
(ألي) بمعنى من (،أزرق) ال يقصد به اللون بل يقصد به الحصان ،و (سبيبه) هو شعر رقبة الفرس أو شعر
ذنبه أو مقدم رأسه ،و العبد في هذه الرباعية يقصد بها الصديق ،أما كلمة (الحرة) فهي األوقات الصعبة
التي
يمرُّ بها اإلنسان في حياته،فأشار المجذوب في هذه الرباعية على أن يختار اإلنسان صديقه كما يختار الفارس
فرسه الجواد الذي يعتمد عليه في الحروب و السفاري ،وهذا يذكرنا في قول بن قتيبة الدينوري حيث قال":
حدثني أبو حاتم عن األصمعي عن أبيه قال :كان يقال :الصاحب رقعة في قميص الرجل ،فلينظر أحدكم بم
.
(:)1عبد هللا بن المقفع :األدب الكبير و األدب الصغير ،صفحة.85
()2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.38
(:)3عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري:عيون األخبار ،صفحة.456
41
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
األجواد هم كرام الناس الذين ال يحرمون المحتاج اإلعانة إذ كانوا قادرين عليها ،وهم أي ً
ضا ال يتعمدون
الخطأ في قولهم إال إذا وقع لهم على سبيل السهو و الغلط من دون عمد وال قصد ،إما الكاذب فإنه يكثر من
المواعيد فيصير الموعود مترد ًدا عليهم ذهابًا و إيابا بال جدوى و ال فائدة فالحكمة هنا تبيان مميزات الكاذب
و المخادع.
حطيــــها تـــــــــــــبرد
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .50
42
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(الضانين) بمعنى األزواج الذين باستطاعتهم اإلنجاب ،فالواضح أن المجذوب خاب ظنه في ذريته ،لذلك
"(.)3 يقول ابن المقفع ":احذر خصومة األهل و الولد و الصديق و الضعيف ،و احتج عليهم بالحجج
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب،صفحة .52
(:)2المرحع نفسه:صفحة .42
(:)3عبد هللا بن المقفع :األدب الكبير و األدب الصغير ،صفحة .109
43
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
(الشيخ) هو من نباتات البادية ينفع الغنم التي ترعاه و يصلح لحمها .
و(تقطع عليه) أي تحكم عليه بالخير ،و تعتمد عليه ،و (الضرورة) أي المضرة
( )2 ،وجاء في المثل اتق شر من أحسنت إليه ،و يقول أيضا ً في هذا المعنى :
و هنا نجد سخافة العقل و قلته حين يغرس الفول في مثل هذا الموضع ألنه من المستحيل أن ينبت فيه ،و
ذلك
.
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.6
(:)2المرجع نفسه :صفحة .25
44
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
يطبق أيضا على اإلنسان الذي يأخذ الرأي ويستمع إلى القول السيئ من صديق السوء ،فهذا هو الغباء بعينه
.
من المعلوم أن البناء على رمل ليس بشئ يذكر ،أما المقصود بالبيت الثاني أنه من المستحيل جعل أبناء الغير
أبناءنا ألنه الشك في رجوعهم ألصلهم .
(عيطت) جاءت هنا بمعنى نصحت الناس ،فستفاقت القلوب المحبة للخير و الصواب أما (قلوب البهايم) فهم
من ال صواب و ال خير فيهم.
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .20
(:)2المرجع نفسه:صفحة.8
45
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
لعله من الصعوبة بمكان أن يتشكل أدب دون أن يكون هذا األدب جزءاً أو بعضا ً من نفس صاحبه أو من
إحساسه بما حوله على أقل تقدير ،و هذا يعني ببساطة أن اإلنتاج األدبي هو أوال و قبل كل شيء إنتاج نفس
البشرية لها نوازعها و رغبتها ووعيها والوعيها و طرائقها في التفكير و المعالجة .
-0المنهج النفسي:
"يستمد المنهج النفسي آلياته النفسية من نظرية التحليل النفسي ،أو (التحلسفي ) على حد نحت عبد الملك
مرتاض ،والتي أسسها سييغموند فرويد()1838-1956في مطلع القرن العشرين ،فسر على ضوئها السلوك
"ففكرة التحليل النفسي تقوم على أساس التسليم بنظرية العقل الباطن أو الشعور ،والعقل الباطن أو
الالشعور.وتنطلق هده النظرية على أساس أن تفكيرنا الظاهر و تصرفاتنا الشعورية ما هي إال نتيجة عمليات
نفسية الشعورية تجري في العقل الباطن مستقلة على إرادتنا " ( ، )2فالتحليل النفسي عبارة عن " فكرة
المعارضة بين الوعي و الالوعي ،والعقلي و الالعقلي ،والمنطقي وما قبل المنطقي ،وكذلك فكرة الدال التي
تجس أرقى أشكال الوجود التي يتخذها العقلي ،ويمكن أن نجد هذا الدال تخوم العواطف بحيث أن
.
(:)1يوسف وغليسي :مناهج النقد األدبي ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،الطبعة ،01سنة 2002م ،صفحة .22
(:)2بسام قطوس :المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ،اإلسكندرية ،مصر ،الطبعة،01
46
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
()1 هي األبلغ في داللتها-فالعبرة بما هو مستضمر و بما خلف المظاهر ".
" و خالصة هذا التصور أن في أعماق كل كائن بشري رغبات مكبوتة ،تبحث دو ًما عن اإلشباع في مجتمع
قد ال يتيح لها ذلك ،ولما كان صعبا إخماد هذه الحرائق المشتعلة في ال شعوره ،فانه مضطر إلى تصعيدها ؛
أي إشباعها بكيفيات مختلفة (أحالم النوم ،أحالم اليقظة ،هذيان العصابيين ،األعمال الفنية ) ،كأن الفن –
إذن -تصعيد و تعويض لما لم يستطيع الفنان تحقيقه في واقعه االجتماعي ،واستجابة تلقائية لتلك المثيرات
النائمة في األعماق النفسية السحيقة ،والتي قد تكون رغبات جنسية (بحسب فرويد) ،أشعورا بالنقص
يقتضي التعويض (بحسب ادلر)،أو مجموعة من التجارب و األفكار الموروثة المخزنة في الالشعور الجمعي
(بحسب يونغ) )2(".فعلم النفس إذا يدخل في نطاق النقد " بطريقتين :أوالً في البحث عن عملية الخلق و
اإلبداع ،وثانيا في الدراسة النفسية لألدباء بأعيانهم لتبيان العالقة بين مواقفهم و أحوالهم الذهنية وبين
أما الطريقة األولى فهي أعم الطريقتين و أقدمهما و أشيعهما،و قلما ذهب نقاد يبحثون األدب من حيث هو
.
(:)1عبد الحميد بورايو:البعد االجتماعي و النفسي في األدب الشعبي الجزائري ،نشر مؤسسة بونة للبحوث و الدراسات
بالتعاون مع وزارة الثقافة ،عنابة،الجزائر ،الطبعة،01سنة2009م ،صفحة.20
(:)3ديفيد ديتشس:مناهج النقد األدبي بين النظرية و التطبيق ،ترجمة محمد يوسف نجيم ،دار صادر،بيروت ،لبنان،د.ط ،سنة
1862م ،صفحة.523
47
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
،فيؤكد على هذا القول سيد قطب:أن" العنصر النفسي أميل بارز " العمل األدبي" .و إذا نحن عدنا إلى
التعريف الذي اخترناه مند البدء للعمل األدبي ،هو ":التعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية" وجدنا
العنصر النفسي بارز ا في كل خطوة من خطواته ".فالتجربة الشعورية" ناطقة بألفاظها عن أصالة العنصر
النفسي في مرحلة التأثر .الداعية إلى التعبير ،و"الصورة الموحية" ناطقة بألفاظها كذلك عن أصالة هذا
العنصر في مرحلة التأثير الذي يوحي به التعبير " )2( ".فالعالقة بين األدب و النفس ال تحتاج إلى إثبات ...
النفس تجمع أطراف الحياة لكي تصنع منها األدب ،و األدب يرتاد حقائق الحياة لكي يضئ جوانب النفس .
و النفس التي تتلقى الحياة لتصنع األدب هي النفس التي تتلقى األدب لتصنع الحياة.إنها دائرة ال يفترق طرفان
إال لكي يلتقيا .وهما حين يلتقيان يضعان حول الحياة إطارا فيصنعان لها لذلك معنى و اإلنسان ال يعرف
(:)1شكري عزيز ماضي :نظرية األدب ،المؤسسة العربية للدراسات و النشر ،بيروت،لبنان ،الطبعة ،01سنة2005م،صفحة.111
(:)3عز الدين إسماعيل :التفسير النفسي لألدب ،مكتبة غريب ،القاهرة ،مصر ،طبعة،04د.س،صفحة.05
48
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
و على تعدد االتجاهات النفسانية التي نهلت منها الدراسات األدبية ،فان النقد النفساني ظل يتحرك ضمن
جملة
-افتراض و جود بنية نفسية تحتية متجذرة في الوعي المبدع تنعكس بصورة رمزية على سطح النص ،ال
معنى
فالواضح أن المنهج النفسي يجعل من النص مرآة عاكسة عن الشعور المؤلف ،و أنه ال معنى للنص دون
استحضار للبنية الباطنية (الالشعور )
" -النظر إلى الشخصيات (الورقية ) في النصوص على أنهم شخوص حقيقيون بدوافعهم و رغباتهم " (، )2
أي يجعل من شخصيات النص شخصيات حقيقية.
-النظر الى المبدع صاحب النص على أنه شخص عصابي ،و أن نصه اإلبداعي هو عرض عصابي ،
يتسامى
بالرغبة المكبوتة في شكل رمزي مقبول اجتماعيا "(" .)3و قد شاعت الفكرة التي تقول إن الفنان مريض
مصاب
بأعصاب مختل االتزان ،و إن الفن نتاج جانبي لهذا المرض و االختالل.وراجت تلك الفكرة كثيرً ا خالل
المائة
بالمسوغات"()4 و الخمسين سنة الماضية ،و يبدو أن علم النفس الحديث قد مدها
49
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
"و تجمع عامة البحوث و الدراسات على أن الناقد الفرنسي شارل مورون ()1966-1988الذي إليه يعزي
مصطلح النقد النفساني ،قد حقق للنقد األدبي عن علم النفس ،و جعل من األول أكبر من أن يبقى مجرد
شارح و موضوع للثاني ،مقترحً ا منهجً ا ال يجعل من التحليل النفسي غاية في ذاته ،بل يستعين به وسيلة
و ال ننسى أن الدراسات األدبية قد استغلت حقائق علم النفس و مفاهيمه النفسية بكيفيات شتى ،وعبر
"-1دراسة العملية اإلبداعية في ذاتها (سيكولوجيا اإلبداع ) ؛ أي ما أهميتها النفسية و عناصرها و طقوسها
"-2دراسة شخصية المبدع (االتجاه البيوغرافي أو سيكولوجية المبدع ) ؛بمعنى البحث في داللة العمل
و هنا نجد أن علم النفس ال يركز اهتمامه على العملية اإلبداعية فحسب ،بل يهتم أي ً
ضا بمنتج النص اإلبداعي
أي المبدع ،فعلم النفس يركز في هذا الشأن على الحالة النفسية التي كان المبدع وقت إنتاجه للعمل الفني.
50
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
الجمهور)"()1 "-3دراسة العالقة النفسية بين العمل اإلبداعي و الملتقي (سيكولوجية التلقي أو
ففي هذه الحالة يركز علم النفس على العمل (اإلبداع (النص) و الملتقي فيقوم بدراسة صلة التواصل بينهما
"-4دراسة العمل اإلبداعي من زاوية سيكولوجية (التحليل النفسي لألدب )؛ و هذا هو المجال الحقيقي
للممارسات النقدية النفسانية التي يمكن أن نذكر من رواده :أمين الخولي محمد خلف هللا أحمد و عز الدين
51
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
:2-0مواقف منهجية:
يعد المنهج النفساني من أكثر المناهج النقدية إثارة للمواقف وسطية:
:0-2-0موقف األنصار:
" استهوى المنهج النفسي عد ًدا من النقاد العرب فقدموا عد ًدا من الدراسات النقدية النفسية مستفيدين من
طروحات علم النفس ،و من هؤالء النقاد عباس محمود العقاد والمازني ،و محمد النويهي ،و محمد خلف هللا
أحمد ،وعز الدين إسماعيل ،و مصطفى سويف و غيرهم "()1و يجيب العقاد عن هذا االختيار الخاص بأن
الناقد النفسي ":يعطينا كل شئ إذا أعطانا بواعث ،النفس المؤثرة في شعر الشاعر و كتابه الكاتب ،و ال بد
أن تحيط هذه البواعث ،إجماال أو تفضيالً بالمؤثرة في شعر الشاعر و كتابة الكاتب ،و ال بد أن تحيط هذه
البواعث ،إجماال أو تفصيال بالمؤثرات التي جاءته من معيشته في مجتمعه وفي زمنه " ( ")2فقد درس العقاد
شخصية أبي نواس في ضوء ما أسماه عقدة " النرجسية" ( )3فلم يكثف بالممارسة النقدية النفسانية
فحسب،بل" راح يؤازر ذلك مؤازرة نظرية ،أكد عنها في (مقالة النقد السيكولوجية ) الذي نشره عام
،1861منتهيا فيه إلى قوله " :إذا لم يكن بد من تفضيل إحدى مدارس النقد على سائر مدارسه الجامعة
(:)2مصطفى دراوش :تشكل الذات و اللغة في مفاهيم النقد المنهجي ،دار األمل ،تيزي وزو ،الجزائر ،د.ط،سنة2009م،صفحة.110
52
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
أو النفساني أحقها جمي ًعا بالتفضيل ،في رأيي و في ذوقي م ًعا ،ألنهما المدرسة التي نستغني بها عن غيرها
و ال نفقد شيئا من جوهر الفن أو الفنان المنقود " ( ،)1كما قدم المازني أي ً
ضا " دراسة عن بشار بن برد تمثل
نموذجا واضحً ا لمفهوم ادلر عن " عقدة النقص ،حيث يرد إبداع بشار وولوعه بهجاء الناس و شتمهم إلى
"()2 عقدة نقص يعاني منها بسبب كونه أحد شعراء الموالي أوال ،وكونه شاعرا كفيف ثانيا
-أما بالنسبة "لجورج طرابلسي الذي مارس النقد النفساني في كثير من كتبه (أنثى ضد األنوثة ،الرجولة
وإيديولوجيا الرجولة في األدب العربي ،عقدة أوديب في الرواية العربية ،رمزية المرأة في الرواية العربية ،
:2-2-0موقف المعارضين:
يأتي في طليعة النقاد الداعين إلى فصل األدب ودراسته عن العلوم المختلفة (و منها علم النفس) محمد مندور
فيري حسب قوله أن" األدب ال يمكن أن نجدده و نوجهه و نحييه إال بعناصره الداخلية ،العناصر األدبية
ونجد أيضا من بين اآلراء التي كانت معارضة و معادية للمنهج النفسي هو: " ()4 البحتة
53
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
"المرحوم محي الدين صبحي()2003-1835الذي أبدى ازوراره من هذا المنهج ،على أقل كما طبقه
خريستو نجم في دراسته (الطبيعة و الرغبات المكبوتة في شعر األخطل الصغير ) ،حيث امتعض من
التركيز على الطفولة األولى للمبدع و إلغاء السنوات الالحقة من عمره ،ألن في ذلك حي ًفا على إنسانية
و من بين المعارضين أيضا" الدكتور عبد المالك مرتاض فهو من ألد أعداء القراء النفسانية التي وصفها
ب ":المريضة المتسلطة" ،ثم راح في دراسته القراءة بين القيود النظرية و حرية التلقي يصب جام غضبه
على المنهج النفسي القائم على افتراض مسبق يتجسد في مرضيته األديب ،واذن مرضية األدب ،بل أدبية
من جملة ألراء التي وقفت مع هذا المنهج موق ًفا وسطيًا ،ال ينكر فعالية المنهج النفسي في ذاته و لكنه يسجل
عليه بعض االعتراضات الجزئية ،نذكر موقف الناقد المرحوم سيد قطب الذي أعرب عن ذلك بوضوح عند
قوله ":ولعلم النفس عامة أنصار يتحمسون له في أوروبا و مصر ،ال يعتدلون هذا االعتدال .
54
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
فأما نحن فأميل إلى الحذر في استخدامه في " المنهج النفسي " ليبقى في حدوده المأمونة ،فيساعد مجرد
مساعدة على توسيع اآلفاق في النظر إلى العمل الفني "( .)1بمعنى أنه ال يمانع من االستفادة من هذا المنهج
ولكنه يريد له أن يلتزم حدوده ،وأن يظل مجرد عنصر من مجموعة منهجية .
-و قد كان موقف الدكتور الناقد عزالدين اسماعيل من بين اآلراء التي كانت تناصر هذا المنهج باعتدال و
يتضح هذا جليًا في قوله ":و أن األدب و علم النفس منهجان متوازيان في ارتياد هذه الحقائق و ليس متدخلين
؛ فنحن إما أن نشئ أدبًا أو نكتب علمًا .وأن الميدان الصحيح الذي يمكن أن يستغل فيه نتائج الدراسات
النفسية هو ميدان النقد األدبي ،مع تحفظ في تقدير مدى هذه الفائدة تب ًعا لنوع الدراسة التي تقدم في هذا
الميدان و لطبيعة القائم بها و استعداده "( "،)2وراح يصدر عن هذا التصور المنهجي في كثر من ممارساته
النقدية التطبيقية ،خاصة في كتابه (التفسير النفسي لألدب ) ،وكذا تفسيره الجديد للنسيب في مقدمة القصيدة
()3 الجاهلية ضمن كتابه(روح العصر) ...لكنه يعي جي ًدا حدود المنهج النفسي في دراسة األدب" .
55
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
" االهتمام بصاحب النص على حساب ذاته (الموضوع الحقيق للفعل النقدي ) .
-الربط بين النص و نفسية صاحبه ،مع االهتمام المبالغ فيه بمنطقة" الالوعي" التي مثلها الدكتور عبد القادر
اإلبداعي ")1(. فيدوح ب:العلبة السوداء التي يجد فيها الباحث النفساني كل تفسير لألسرار العمل
-التسوية بين النصوص الرديئة و الجيدة ،وهنا نجد سيد قطب يقول " :هناك خطر نلمحه من التوسع في
استخدام ذلك العلم.وهو أن يستحيل النقد األدبي تحليال نفسيا وأن يختنق األدب في هذا الجو ،فمن الواضح أن
العمل الفني الردئ كالعمل الجيد من ناحية الداللة النفسية .كالهما يصلح شاه ًدا ...وذلك خطر غير مباشر
،و قد ال يلتفت إليه في أول األمر ،و لكنه يؤدي إلى توارى القيم الفنية و انغمارها في لجنة التحليالت النفسية
"()2
(:)1المرجع السابق:صفحة.32
56
. الفصل األول:الفصــل التمهيــــدي.......................................................
نخشى أن ننسى وظيفة النقد األدبي -و هي تقويم العمل األدبي و صاحبه من الناحية الفنية – و نندفع في
"()1 تطبيقات و تحليالت تستوي فيها داللة النص الجيد و داللة النص الردئ
-التعسف في فرض بعض التأويالت النفسانية على النصوص (و إذا كانت تأباها) بغية تأكيد فرضية ما
!مسبقة
-االهتمام بالمضمون النفسي للنص (السلوكيات والعقد) على حساب الشكل الفني ،و العيب نفسه وسم
الدراسات النقدية النفسية العربية ":فأبو نواس ،و ابن الرومي عند العقاد كما هو عند محمد النويهي ،
وبشار عند المزني ،و أبو العالء عند طه حسين ،يشكلون صورة نمطية واحدة لحاالت نفسية متعددة ،و ال
وقد إقترح سيد قطب حل لهذه المشاكل بقوله ":هناك مجال أخر لإلنتفاع بالدراسات النفسية .ذلك هو مجال
الخلق األدبي ذاته .فالكشف عن كثير من الحقائق النفسية –وخاصة في الناحية المرضية حيث أكبر حقول
التحليل النفسي – قد يفتح أمام األدباء عوالم كانت محجً وبة –إلى حد ما -عن أذهانهم ،ويزيدهم بصرً ا
بالطبائع و النماذج اإلنسانية و يعينهم على صحة وصف الخلجات و البواعث ،و بخاصة في القصة و
57
58
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب
اللغة -2
:2-2اللهجة العامية
:0-2-2الوضوح
:2-2-2الخطابية و المباشرة
:2-2-2التكرار
الموسيقى -4
:0-4القوافي
59
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
التأملي تحمل أفكاره ،و فلسفاته العميقة كما تجلب في الشعر االجتماعي أفكاره عامة بثها من خالل على
إصالح مجتمعه و أفراده ،و نقد مظاهر الزيف .فكانت الدنيا في رباعياته مجرد وهم من األوهام ،وأثرت
على نظرته لكل ما فيها من متع ،حيث يشبهها بالناقة حينما تعطف بحليبها أن يتدفق و لو كان في متناول
()1 اليد:
وقد كان لونه األسود مدعاة لتعرضه لمجموعة من المضايقات تكشف من خالل رباعياته ،انتقد فيها يشكل
الذع النظرة المادية للمجتمع ألمغاربي ،والمرطبة باألشكال و المال و عنصرية اللون و ازدرائه على
.
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.62
(:)2المرجع نفسه:صفحة.02
60
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
فال اللون و ال الشكل و ال المال في منظومة عبد الرحمان المجذوب هي من صنع الشخصية الحكيمة ،بل
الحكمة مرتبطة بشروطها الموضوعية و هي معانية الواقع و التجربة الفعلية ،عبر االحتكاك بالناس لحد
الخبرة بأحوالهم ،فمن الواضح أن كالم و نظرة الناس للمجذوب كان له أثر كبير في نفسيته ،لهذا كان يشبه
نفسه
() 1 بالحمام الذي يبنى على النار ،حيث ال يرى دخانها من فوق ،في حين أن في داخله جمرً ا يلتهب ،فيقول :
و قد احتلت المرأة مجاالً مهمًا في رباعيات المجذوب ،فكانت ج ُّل رباعياته عن غرائب النساء و مكرهن ،ة
التصق هذا الجانب المهم في تشكيل رؤية الفرد ألمغاربي لنصفه األخر في الكثير من األحيان ،حيث ال
يمكن أن ترى فر ًدا إال و في ذهنه من رباعيات المجذوب ما يواجه به خصمه من الجنس اللطيف ،و يغرس
في هذه القاعدة االجتماعية الذكرية ما يمكن أن نسميه صرا ًعا خفيًا له تداعياته الخطيرة على البنية األسرية
و العالقات
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثور للشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .49
61
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
االجتماعية وعلى نفسية الرجل تجاه المرأة بشكل عام.
فعبد الرحمان المجذوب يوجه كل قارئ لرباعياته للحذر من هذا الكائن المسمى بالمرأة ألنها حسب رأيه
عــــــيط و كن فـــــاهم
هذا الحذرلم يأت من فراغ كما يريد أن يصور لنا المجذوب بل كل تكوينه مبنيً على تجربة طويلة تعرف
()2 فيها هذا األخيرعلى غرائب الجنس اللطيف ،مما كون له عقدة نفسية الزمته طوال حياته ،بحيث يقول :
يتحزمــــــوا بالقــــاح
و يتخللوا بالعقـــارب
62
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
كيد النــــــساء كــــــيدين
ومن كيدهم يا حزونــــي
ركبة على ظهر السبــــع
و تقول الحديات ياكلوني .
إن قضية المرأة و صورتها في هذه الرباعيات تطرح الكثير من عالمات االستفهام حول العالقة المكهربة
المجذوب و المرأة ،فقد صور لنا نفسية األنثى المغربية بأسلوب ال يحتاج الكثير من العناء ليعرف بين
صدقه من بطالنه ،و كأنه قراءات نفسية عميقة استطاعت أن تتجاوز حدود زمانها و مكانها ،لتصبح من
السنين المتحكمة في عالقة الرجل بالمرأة ،فهذه العقدة التي نلمسها في نفسية المجذوب أدت به للتحذير حتى
من االستئناس بحديثها و رقتها ،فورً ا كل هذه المظاهر غدر و خداع ،الذي شبهته بحالقة الوجه دون ماء:
( )1
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .28
63
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
إن صورة المرأة أو ما يجب أن نسميها عقدة األنثى في فكر عبد الرحمان المجذوب ،هذه العقدة التي لم تأتي
من
فراغ ،و لكن كانت تستمد قوتها من الواقع المعاش ،هذا الواقع الذي فرض على كالهما عقلية منغلقة فال
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة 62
64
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
-2اللغة:
إن التأمل في شعر عبد الرحمان المجذوب يجد معظم ألفاظه و تراكيبه ،مستمدة من القران الكريم ،لألن كان
ً
مرتكزا أساسيًا لهذا الشاعر و مصدرً ا رئيسيًا لثقافتهم لألنه من حافظيه ،و متعلميه في يفاعة صباه ي
الكتاتيب
،و هذا ما تشير اليه سيرته ،و ما يجد توننا به ،و مانراه مهيم ًنا على اثاره .
و من ناحية أخرى ال ننسى الناحية الثقافية السائدة انذاك ،و هي الثقافة العربية االسالمية -،و بخاصة -في
األرياف ،و في الزوايا و المساجد مما جعل أثر ذلك باديًا للعيان .
و لعل ذلك رسخ لغة القرأن في ذهن شاعرنا :مفردة ،و تركيبًا ،و مصطلحً ا ،و من ذلك إستعمال هذه
المفردات بكثرة (:الصبر ،الخير ،الشر ،سبحانك ،خالق ،الموت ،الخاتمة ،الشهادة ،الصالت ،الصوم،
ديني
،الدين ،التوبة ،حجيب ،النبي ،كلمة الحق ،الدنيا ،الخلق ،عزريل )...وهذا يقودنا الى أن الشاعر كان يلتجئ
الى الذاكرة ً
لفظا و تركيبًا ،مستم ًدا جل ألفاظه من القران الكريم ،مما أدى به الى النظم على معاني القران
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب،صفحة.4
65
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و ال الدنيا مقتـيمة
حتى نلحظ أن رباعياته قد تحولت إلى النظم التعليمي أقرب منها إلى لغة الشعر التي يضفي عليها شاعرنا
من
إذ أن الشاعر استل المعنى و اللفظ ،و لكنه يعبر عنها مباشرة ،هذا من جانب ،و من جانب ثاني أدى حفظه
.
(:)1المرجع السابق:صفحة.04
66
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
للقران الكريم إلى إستعمال بعض المفردات إستعماالً قرآنيًا بح ًتا ،و من ذلك لفظ ":الريح" التي ال تستعمل إال
في حاالت الفزع ،و الهلع ،إذ أنها رمز الفناء ،يقول المجذوب)1( :
و ذلك أن الريح إستعملت في القران الكريم للعذاب ،من مثل قوله تعالى " :وأما عاد فأهْ لكوا بريح ص ْرصر
و من ناحية ثانية نجد بأن البيئة بنوعها ،الخاص و العام لها األثر الفعال في القاموس الشعري لعبد الرحمان
المجذوب ،إذ أمدته بالمفردات ،و التعابير الشعبية و الواقعية ،والتي تدل على أحوال عصره ،و من بين
هذه
المفردات( :الشوك ،الشيح ،الدوم) فهذه نباتات مقاومة للجفاف مما يدل على المنطقة التي كان يعيش فيها
.
(:)1نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.60
67
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و قد استعان الشاعر في نظمه لرباعياته باألفعال التالية:
(شافوا،يحسبوا،كسبت،جبت،يقول ،أعطانِي تخمم ،ال تدير،ال ترفد ،اصبر،جر،أرقد،يطلع ،رد،تولي ،نوصيك
رم،أضحك ،ألعب ،م َّتن ،تهزم،تضمن ،تقطع،تأتيك،خانة ،ينفع،نطق،يفسد،شفت،التخبر،سألوك،قل،كل،أ ٍ
،كنت،خفيت،مشيت،ندور،عيطت،فيقت،ناضوا،رقدوا،والت،بقت،يأن،يضحك،سافر،طيعه،بيعه،طاقوا،تعاونوا
،نقوه ،التسرج ،تلجم،أعتقد ،ال تتكلم ،ال تعود،كان،يعوم ،رد،يو ٍريو،تعيط ،يفسد ،هني ،خلي ،يرجع،يجيب،
ضربوا،يوسع،يضيق،يوصل،نخدم ،نطيح ،يظلم،جبده،يقول ،يغلب ،ضربت،خممت ،صبت،ترشي،تضوي
،يقعد،نوضوه،طيحت،ركبت ،درت ،م ٍّتن ،اليعجبك ،داير،شوف ،ال نغليه،ال تغمق ،ال توصيه ،يولي ،ذريه،
يمشي ،يعطي،أعمل ،جاك،يرفد،يركب ،يدور ،أطلبٍ ،جيتن يتحزموا ،يتخللوا ،تقول ،يأكلوا ،يعلم،يديروا،
يحسنوا،لحقوها،رماتهم ،حطيتها ،جاء لقفها ،يبرد،تخلط ،لعت،حوست،جربت ،جاد،ناسب،خاب،
خالط،زادن،جاور ،انطلىنجاب،شيبني ،يخمم ،عزوه ،تنادي،تجيها،يطير ،تجيبن تطرده ،ال تدي ،نتعاون،
يركب ،يصحب ،يصيب ،يقولوا،نقال ،اليطعمك ،اليحضر ،التحسب ،تلوم،عران،
غغضب،جفاني،نصب،نحدث،يحمِل،رفد،سيب،ضرنا،زادو،تقطع،للوحه،يصير،العدت،تتفكر،مثلث،طابو،بان
،عملت،غطيت،ونست،يشفق،يردف،نرد،يحمل،يغسل،يقلب،يقطع،حطيت،ترك،التسأل،التالعب،التقمت،باع،
التشري،خمست،زعكوني،خل،أستن ،نكويك،نزيدك،خلفت،التبغي،حبَّ ،بقيت ،طاح ،صاب،يبكي ،ينادي،
راح ،يتكلم ،كسروا،يدبر،اليحاسبني ،عطفت،يشوف،أحرث،التجري،تتبخل،تعيش،قعدت،ولف ،عمر
،رماني،خالني،شاف ،غايب ،تشتكي،عاش،يفرح،يفهم،فنياه،صفبت،حجيب،
تبت،رجيت،مات،شفني،أدهن،نجر،نغرس).
ففي هذا الجدول إحص ائية بعدد األفعال الماضية و المضارعة التي استخدمها المجذوب ،ونسبها المئوية :
لقد كانت األفعال المضارعة متواجدة بكثرة في رباعيات المجذوب،ألنه يوجه رسائل ملغمة بالحكم و
النصائح،
فهو يخاطب الفرد المغربي خطابا مباشرا.
أما بالنسبة لألفعال الماضية فقد استعان بها عبد الرحمان المجذوب لتذكر ماضيه األليم الذي عاشه ومازال
يعيشه بتدوينه في رباعياته.
68
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
:2-2اللهجة العامية :
لقد استخدم المجذوب في رباعياته ،التراكيب و األلفاظ العامية ،نزوال عند الواقعية الفكرية،و اللغوية ،و
المالحظ أن الشاعر في استخدامه للهجة العامية لم يكن في نيته المساس باللغة الفصحي أو الحط منها ،بل
كانت
نيته البحث عن التعابير التي لها و قعها الشعري ووقعها في النفس لآلن ارتباط الكلمة بروح األداء الشعبي
للغة
أكسبتها داللة معنوية و شعورية تتجاوز الداللة المباشرة ،إضافة إلى أن الملتقي ذو ثقافة محدودة ،فربما
كان
و الشاعر بطبعه يتصيد الكلمات القوية ،و المثيرة في الوقت ذاته هذا من ناحية ،ومن ناحية ثانية فإن هذا
يدل
على مقدرة الشاعر على تطويع الكلمات العامية إلى الصرف و العروض العربيين مما جعل الكلمات متآلفة ،
و
ال تبتعد كثيرً ا عن الكلمات الفصيحة مثل في قول المجذوب )1( :
مطامـره في كل جهــة.
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .14
69
. الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.......................
:0-2-2الوضوح:
من أهم مميزات رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب السهولة و الوضوح عمومًا ،فقد نظمت هذه
الرباعيات
تحت تأثير الحالة النفسية التي عاشها الشاعر ،من عذاب و معاناة ،و لعل هذا ما جعلها سهلة واضحة ،لألن
المجذوب صاحب رسالة ،و همه الوحيد التعبير عن معاناته و من أجل إسماع صوته للناس ،و للمجتمع
ثان فان الشاعر كان أقرب إلى البداوة منها إلى الحضارة؛ و البدوي كما
عموما هذا من جانب ،و من جانب ٍ
هو معروف يميل إلى الوضوح و التفسير عكس اإلنسان الحضاري الذي يميل إلى التعقيد،و الغموض ،و
الزخرفة ،و من جهة أخرى فالشاعر عاش في مجتمع شبه أمي ،يستلزم منه إيصال صوته إليه عن طريق
التبسيط و التوضيح لألن الفرد بمجتمعه ،إضافة إلى ثقافة الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،و التي كانت أقل
ما
يقال عنها أنها ثقافة عصامية شعبية ،متوسطة ،ضيقة تعود به في كثير من األحيان إلى الوضوح .فهذه
مجتمعة،جعلت من رباعيات الشيخ المجذوب واضحة ،توحي لغتها بمدلولها دون عناء أو تعب ،و تبرز جلية
ال
تعقيد فيها و ال غموض تشف عن نفوس صاحابها و تكشف لنا عن معاناته بكل يسر ،و سهولة و من ذلك
( )1 قوله:
.
(:)1المرجع السابق:صفحة.49
70
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
يـــــــــا قايـــــل العــــار
نالحظ أن الشاعر في هذه األبيات التجأ إلى الوضوح التام و ذلك باستعماله ألفاظا يعرفها الخاص و العام
بالضرورة من مثل ( ،قايل العار ،يحلى ،كالم،تمرض ،عدت ،تزار ،تتفكر ،الناس) و هي كلمات تتردد
على
فهذا الوضوح كان ضرورة رسالية ،و لذا الشاعر يلتجئ إليه ،فهذه األبيات ال تمثل إال فلسفة اإلنسان
العادي من جهة ،ومن جهة ثانية فلغتها ال تمثل إال لغة التخاطب اليومي.
و لعل اشتغال الشاعر بالوعظ،و استعماله اللغة المتداولة كان له أثره في و ضوح لغته ،و سهولتها ،و من
ذلك
قوله)1( :
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.61
71
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
:2-2-2الخطابية و المباشرة:
إن أكثر من ثلثي هذه الرباعيات تخضع لغتها للعقل،و المنطق أكثر من خضوعها للخيال ،و العاطفة لذا
كانت
لغتها مباشرة ،وخطابية.
فلغته توجه :إلى الدعوة الصارخة،الوخز ،صورة المنذر بالخطر فتعتمد الرباعيات على االستفهام ،التعجب و
النداء،األمر و النهي ،و األلفاظ الرنانة.
ألن عبد الرحمان المجذوب يعتقد أنه صاحب رسالة توعوية ،فعلية أن يقوم بواجبه فالتجأ الى الخطابية ،و
المباشرة لتوعية الفرد،و إيقاظ ضميره)1( :
72
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و عند ما تلِ ُّج به الشكوى ،و يطرد عنه نزف صباه،فانه يتأمل واقعة بعين المجرب الخبير،لتجيء معانيه
فهنا نجد المعاني مكثفة تنأى عن اإلطالة و التفصيل ،لآلن" كثرة التفصيالت ال تترك عمالً" ( ، )2وهذا
تنطبع
:2-2-2التكرار:
التكرار إحدى سمات الشعر العربي قديمة ،وحديثه و ذلك لألن له" دالالت فنية و نفسية،يدل على االهتمام
بموضوع ما،يشغل البال سلبا ما أم ايجابيا ،خيرً ا أم شرً ا ،جميالً أم قبيحً ا،و يستحوذ هذا االهتمام على حواس
اإلنسان و ملكاته" ( )3كما يدل على تسلط المكرر على الشاعر إذ أن اللفظ ،أو العبارة ،تنثال عليه إنثياالً ،أو
يلجأ إليها التجاء لألسباب نفسية و بالغية و موسيقية ،أو لعجز منه.
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.42
(:)2عز الدين إسماعيل:األسس الجمالية في النقد العربي عرض و تفسيره و مقارنة ،دار الفكر العربي ،
القاهرة،مصر،د.ط ،سنة 1412ه ،صفحة.229
(:)3عبد الحميد جيدة:االتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر ،مؤسسة نوفل ،بيروت ،لبنان ،الطبعة ،01سنة1890م،
صفحة.62
73
المجذوب. ........................ الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان
وينبغي على األلفاظ المكرر أيكون وثيق االرتباط بالمعنى العام،و إال كان لفظية متكلفة ال سبيل إلى قبولها.
و من هنا يمكن أن ندرس التكرار في رباعيات المجذوب كظاهرة من أقوى ظواهره اللغوية ،إذ ال نجد
رباعية
تخلو منه إال نادرً ا تأثر الشاعر بأسلوب و لغة القران الكريم و بخاصة التكرار الموسيقي في السور
القصار ،كسورة "الناس" و سورة"الفلق" ،أو تكرار حرف من الحروف،كسورة"ق"أو تكرار أداة من
أدوات
كما أن التكرار يعود إلى الحالة النفسية التي عاشها الشاعر ،من نقص في المال و في تقدير الناس له حتى
من
و ربما عاد هذا التكرار إلى الفقر الثقافي عند الشاعر الذي اقتضت منه تلك المرحلة أن يكون شاعرً ا ،و لكنه
ال
ً
مرتكزا له،و من بينها قوله)1( : يملك القدرة اللغوية الكافية لإلبراز عواطفهم،و أفكاره،فكان التكرار
وكثيرً ا ما يلجأ إلى مثل هدا التكرار اإللحاحي ،الذي يوحي بالمأساة و يفسر بعضه بع ً
ضا ،ويؤكده ،من ذلك
قوله)1( :
فهذا التكرار لم يضف شي ًئا جديد إلى المعنى ،و إنما هو تأكيد لسابقه ،و نجد التكرار أي ً
ضا في قوله)2( :
فهنا الشاعر كرر لفظة (المال) و هذا ال يدل على شئ إال على نفسية الشاعر و هو أثر الفقر في حياة
المجذوب .
و نجد أي ً
ضا في قول المجذوب )3( :
.
(:)1المرجع السابق :صفحة.18
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .16
75
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
فتكرار كلمة (الطير ) رفع مستوى في الرباعية ،فقد أعطى دف ًعا شعوريا ،و فكريًا لنمو الرباعية بل أعطاها
أبعاد و ضالالً رومانسية ،فاللقطة ذاتها لها وقع موسيقي و سرعة و حركة ،فتكرار لفظة (طير) فيه تفخيم
كان المكرر هنا للتمييز و التفريق ،لكنه أضفى على الرباعية نوع من الملل و الركاكة في التعبير.
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.52
76
. الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
-2الصورة الفنية:
و بهذه التسمية مصطلح نقدي حديث لم يغلب مفهومه العام عن النقاد األوائل ( )1فقد أشاروا إليه إشارات
متفاوتة ال يتجاوز في كل األحوال مفهوم الصورة البيانية.
فمؤلف طبقات الشعراء يرى أن النظم في الشعر ليس كافيًا لإلبداع شعر جيد ،و من خالل وضعه الشعراء
في
طبقات يتضح من مقاييسه في تصنيفهم أن الشعر عنده فن لغوي يقوم على التصوير (.)2
فأبو هالل العسكري فقد ألمح إليها أثناء تعريفه للبالغة بأنها " كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في
نفسه
() 3 كتمكنه في نفسك ،مع الصورة مقبولة ،و معرض حسن".
و قد عرف النقاد المعارضون الصورة بتعاريف عدة تؤكد المفهوم القديم ،و مضيفة إليه تجارب جديدة
،و أبعا ًدا أخرى ،فهي في المفاهيم الحديثة " تشكيل اغوي يكونها خيال الفنان من معطيات متعددة يقف
العالم
() 4 المحسوس في مقدمتها ...إلى جانب ما ال يمكن إغفاله من الصور النفسية و العقلية"
و هي أي ً
ضا" التركيبة اللغوية المحققة من امتزاج الشكل بالمضمون في سياق بياني خاص أو حقيقي موح ٍ
كاشف و معبر عن الجانب من جوانب التجربة الشعرية" (.)5
.
(:)1بنظر :علي عشري زايد :بناء القصيدة العربية الحديثة ،مكتبة دار العروبة ،الكويت،د.ط ،سنة 1891م ،صفحة.68
(:)2بنظر:عبد الفتاح عثمان :نظرية الشعر في النقد العربي القديم ،مكتبة الشباب ،القاهرة،مصر ،د.ط ،سنة 1890م،
صفحة .13
(:)3أبو هالل العسكري :الصناعتين ،تحقيق على البجاوي ،أبو الفضل إبراهيم ،دار الفكر العربي ،الطبعة ،2سنة
1821م ،صفحة.16
(:)4علي البطل :الصورة في الشعر العربي ،دار األندلس،د.ب ،الطبعة ،2سنة 1401ه ،صفحة.30
( :)5بشرى موسى صالح :الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ،المركز الثقافي العربي ،بيروت لبنان ،الطبعة،1
سنة،1814صفحة.20
77
. الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.......................
و لم يكن اهتمام النقاد المعاصرين بدراسة الصورة سوى امتداد حتمي للمكانة الحقيقية الموالة للصورة في
أشعار المعاصرين ،ففي ظل تقهقر الفكر السائد قديمًا حول قوة الشعر المتمثلة في قعقعة األلفاظ أو هدوئها
بتناسقها مع طبيعة المعاني أصبحت " قوة الشعر تتمثل في اإليحاء باألفكار عن طريق الصور ،ال في
التصريح باألفكار مجردة ،و ال في المبالغة في وصفها " ( )1بتأثير أولي من تراكيب األلفاظ التقريرية ،لألن
"
الشعر إذا كان تقريريًا أو عقليًا صٍ ر ًفا كان مدعاة للملل " (.)2
و في معمعة ذلك التقدم السريع في محاوالت فهم طبيعة الصور الفنية و خلفياتها تداخلت رؤى مختلفة تحاول
جاهدة إفساح المجال لكل تجربة " ،فلم تعد الصورة البالغية هي وحدها المقصودة بالمصطلح بل قد تخلو
الصورة بالمعنى الحديث من المجاز أصال ،فتكون عبارات حقيقية االستعمال ،و مع ذلك فهي صورة دالة
على خيال خصب " ( )3و في بعض تلك المحاوالت أصبحت الصورة القديمة تمثل تصورا ذهنيا معينا له
و مع تعدد محاوالت فهم الصورة ،إختلفت تقسيمات النقاد لها باختالف محاوالتهم و اتجاهاتهم.
.
( :)1محمد غينيمي هالل:دراسات و نماذج في مذاهب الشعر و نقده ،دار نهضة ،القاهرة،مصر،د.ط،د.س،صفحة.60
(:)2عزالدين اسماعيل:التفسير النفسي لألدب،صفحة.66
(:)3علي البطل:الصورة في الشعر العربي ،الصفحة .205
78
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.........................
.
و لعل األسباب التي أدت إلى كثرة التقسيمات طبيعة الصورة المراوغة ،و تراكيبها العصبية على تحديد
ماهيتها و عناصرها ،و ستبقى كذلك مادامت تشكيالً جماليًا متفر ًدا.
و يبقى لدارس الصورة من ذلك كله ما بين يديه من نماذج يقيم عليها تقسيماته ،من خالل ذلك و صلت إلى
أن الصورة في رباعيات عبد الرحمان المجذوب تضم الصورة التشبيهية ،و الصورة اإلستعارية ،و ً
ثالثا
الكناية .و الصورة التشبيهية في رباعيات المجذوب يخلو معظمها –على كثرتها – من االبتكار ،فهي جملة
إم ا نماذج مكررة أثر فيها الشكل ألتشبيهي الموروث بمعظم أبعاده ،أو نماذج قليلة مبتكرة تحمل في بعض
جوانبها إبداعا و ً
سموا .
و هو بتوظيفه للتشبيه يخدم فكرته لتبدو أكثر إشراقا ،إضافة إلى ما تقدمه تلك الصور من خلفيات نفسية تمنح
()1 فمن تشبيهاته التي ال نجد فيها جدي ًدا بعض ما قاله في تصويره للحالة النفسية التي مر بها ،كقوله:
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.49
79
. الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.......................
فهي صورة جميلة من حيث تصويرها للحالة النفسية في أطر حسية ،و لكن هذه الصورة تكشف عن
المفهوم المتقارب للهموم لدى معظم الشعراء ،فقد شبه نفسه بالحمام المبني على الجمر ،فهذه الصورة تفتقد
و حينها يشبه أحد الشعراء نفسه بطائر فالجامع ال يتجاوز عادة الشدو و الغناء ،او االضطراب و سرعة
فهذه الصورة تعرض حالة الشاعر ،فهو شبه نفسه بهذا النوع من الطيور و هو المسمى في العربية الفصحى
بطائر الهدهد و هو من الطيور الرحالة التي تسكن في فصل الشتاء بإفريقيا و في الربيع و الصيف بأوروبا ،
فيقول أنه يعيش في وسط ال يالئمه و هذا الوسط ال يفهمه فهو فيه غريب ،و الظاهر أن المجذوب اختار
لفظة(تبيب) بدل الهدهد ألنها توافق كلمة (حبيب)في الوزن ،و هذه الجرأة التي جاء بها التشبيه التمثيلي لم
تمنح
.
(:)1المرجع السابق،صفحة.61
80
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
( )1 و لشكل التشبيه التقليدي اثر واضح في اختيار مفردات التشبيه في كثير من صوره ،من ذلك قوله:
فالمجذوب في هذه الصورة استعمل لفظة الناقة و هي من الصور المستعملة في الشعر القديم ،فشبه الدنيا
بناقة
حلوب تروي صاحبها أي مالكها إذا كانت لينة الطبع ،وإذا لم تعطف عليه و لم تقبل إليه فال تنفع معها
اللطافة و
مطامره في كل جهــة
هذه من التشبيهات التي أظن إن المجذوب جدد في صورها فتنحوا منحنى أخر ،ذلك أن صوره السابقة لم
تخرج
عن موضوع الشكوى ،فذهب بنا إلى موضوع أخر و هو موضوع الموت و هي الرهبة من ذلك القدر
المحتوم.
.
( :)1نورالدين عبدالقادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبدالرحمن المجذوب،صفحة.62
(:)2المرجع نفسه:صفحة.14
81
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
ففي الصورة نجذ تشبيهين فقد شبه المجذوب األمن و هي المشبه بالفدان و هي المشبه به و أي ً
ضا شبه
عزريل و هو المشبه بالحصاد و هو المشبه به ،لكنه حذف أداة التشبيه على سبيل التشبيه المرسل.
ومن الصور التي نجدها في رباعيات عبد الرحمان المجذوب و هي الصور اإلستعارية التي بها تخلص
المجذوب من بدائية التشبيه لينطلق في رحاب الخيال إلى عالم جديد يشكله كيفما شاء .
فجاءت الصور اإلستعارية في رباعية المجذوب اقل من سواها ،هذه األخيرة التي كانت لها القدرة في نقل
برا نلوحـــه
ماجـــــاء ً
و هنا شبه المجذوب القلب و هو المشبه بالقماش و هو المشبه به فحذف هذا األخير ليبقي على شئ يدل
عليه
و هذا ما يبدو للدارس في هذه الصورة من بعد نفسي تكشفه التجربة الشعورية الخاصة بالشاعر
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور للشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.42
82
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
( )1 و من بين هذا النوع من االستعارات نجد في قوله:
وتريــد من ال يريــدك
و هنا المجذوب شبه القلب باإلنسان فحذف هذا األخير ليترك الزمة من لوازمه و هي (تخليف العار ،و صفة
الكالم) فجاء هذا على سبيل االستعارة المكنية ،فقد جاءت معظم الصور اإلستعارية في رباعيات المجذوب
على
(:)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .55
83
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
() 1 أما بالنسبة للصور التي غلبت على رباعيات المجذوب فهي الكناية فمنها ما نجده في قوله :
الطــير الطـــير ما ظنيتـه يطير
مـــــــن بعـــــد مــــــا والــــف
خلى قفصي و عمر قفص الغير
رماني في بحور خالني تالــف
( )2 و هي كناية عن هجران المجذوب له ،و نجذ أيضً ا الكناية في قوله:
ياناس من شاف دمـي
غابـــت عنـــي السمية
للبحـر نشكي بهمــــي
ينشــق يولي ثنيــــــة.
فالكناية التي وجدناها في هذه الرباعية تدل على كثرة األحزان و الهموم.
( )3 و نجد أي ً
ضا في قوله:
خفيف األقدام ينمــــل
لو كان وجهه مرايـة
قليل األكتــاف ينـــذل
لوكان جهده عتاية.
.
( :)1المرجع السابق :صفحة.25
( :)2نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.26
(:)3المرجع نفسه :صفحة.54
84
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و مما يجب اإلشارة إليه أن الشيخ المجذوب كثيرً ا ما يجمع معنيين فأكثر في الرباعية الواحدة على قدما
يسمح
به التعبير و تركيب الكالم ،ففي هذه الرباعية يقع القتضاب و هو االنتقال من معنى إلى أخر ال عالقة
بينهما
.فالكناية األولى عن عدم االستعفاف أما الثانية فهي كناية عن احتقار الناس لمن ال مال له ،و نجدها أي ً
ضا في
فالمالحظ أن كل الكنايات التي جاءت بسيطة و سهلة حتى تسهل للملتقي فهم المقصود منها ،لكن في الوقت
.
(:)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة.34
85
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
-4الموسيقى:
و هي عنصر أساس من عناصر الشعر قديمة و حديثة ،و أداة من أبرز األدوات التي يستخدمها الشعراء في
بناء قصائدهم.
و ألهميتها في الشعر و قيامه بها لم يغفل النقاد و المتذوقون دراستها و استعراض جمالياتها على مر
() 1 العصور األدبية ،فقد " أكدت تجربة اإلنسانية في كل العصور و كل اللغات أنه ال شعر بال موسيقى"
و بقيت الموسيقي جوهر الشعر الظاهر و الخفي ،و الفارق بينه و بين سائر الفنون النثرية ،و ستبقي كذلك
( )2 ما بقي الذوق الشعري فطريا ،فهي و الشعر" صنوان ال يفترقان مهما تقدم الزمان و ارتقى اإلنسان ".
و في العصر الحديث أكسبها النقاد أهميات أخرى ،فرآها " العماد الذي تستند عليه و تتغذى به كل العناصر
الفنية المشكلة للتجربة الشعرية ،و بدون هذا العنصر يتحول البناء الشعري إلى أنقاض نثرية خالية من
الروح و العاطفة" ( )3فتفتقد الصورة بافتقادها ألوانها ،و تتسطح ألفاظها التي ولدت شعرية معها لتبدو
عاجزة عن " تعدي عالم الوعي و الوصول إلى عالم الذي يتجاوز حدود الوعي التي تقف دونها األلفاظ
.
( :)1محمد حسن عبد هللا :الصورة و البناء الشعري ،دار المعارف ،القاهرة ،مصر،د.ط ،سنة 1899م ،صفحة.08
(:)2شوقي ضيف :النقد األدبي ،دار المعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة ،2سنة1899م ،صفحة.101
( :)3يسرى العزب :القصيدة الرومانسية في مصر(1838م1852-م) ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،د.ط ،سنة1896م،
صفحة .140
( :)4المرجع نفسه :صفحة.140
86
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.......................
و لدراسة موسيقى رباعيات المجذوب ،وجب علينا أن نتناول القافية و نترك األوزان لألن رباعياته تعتمد
اعتما ًدا كليًا على القافية ،فالمجذوب لم يعتمد في رباعياته أي وزن فكان اعتماد ه الوحيد في تشكيل موسيقا
لرباعياته القافية و أي ً
ضا بعض األساليب التي تترك أثرها الموسيقى مثل :
: 0-4القوافي:
و هي مجموعة "أصوات تتكرر في أواخر األشطر أو األبيات من القصيدة" ()1لتمنحها ترانيم " إيقاعية
خارجية
(.)2 تضيف إلى الرصيد الوزني طاقة جديدة ،و تعطيه نبرً ا و قوة جرس"
و انتظامها مختص بالقصائد العمودية التي تكون القوافي فيها " بمثابة الفواصل الموسيقية التي يتوقع السامع
() 3 ترددها ،و يستمتع بمثل هذا التردد الذي يطرق اآلذان في فترات زمنية منتظمة"
و على هذا فالقافية و فق ذلك التصور الشائع عمليًا" حرف الروي الذي يتكرر في آخر كل بيت من أبيات
( )4 القصيدة"
و لم يكن االهتمام بالقافية من شأن النقاد ة األدباء فحسب ،فقد فصل فيها العروضيون؛ فنظموا وظائفها،
.
( :)1ابراهيم انيس :موسيقا الشعر مكتبة األنجلو مصرية ،القاهرة ،مصر ،الطبعة ،5سنة1829م ،صفحة.246
( :)2عبد الرحمان الوجي :االيقاع في الشعر العربي ،دار الحصاد ،دمشق ،سوريا ،الطبعة،1سنة1898م،صفحة.21
()3ابراهيم أنيس :موسيقا الشعر ،صفحة .246
(:)4شكري محمد عياد :موسيقا الشعر العربي ،دار المعرفة ،القاهرة ،مصر ،الطبعة ،01سنة1869م،صفحة.98
87
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و حددوا أجزاءها ،و ذكروا أنها" أخر ساكن في البيت إلى أقرب ساكن يليه مع المتحرك الذي قلبه " ( ،)1و
أطلقوا على كل حرف منها لقبًا حسب موقعه و مكانته في القافية ،كما أطلقوا على حركاتها ألقابًا أخرى و
أجمعوا على ضرورة التزام الشاعر بحروفها و حركاتها في نسق واحد ال يخرج عنه إذا بدأ به في قصيدته .
و بالنظر إلى القافية فالشيخ المجذوب قد اعتمد قافية واحدة في كل رباعياته ،فهو لم يكتفي بتوحد
القافية في الرباعية الواحدة ،بل جعل منها نظامًا تسير على دربه كل رباعياته ،لكن المطلع على حروف و
حركات القافية يجد أنه اعتمد نظام خاص به بحيث رتب و جعل كل من حروف و حركات القافية على
منوال:
أي سبب خفيف زائد سبب خفيف ،و نجد القافيتين الردف :و هو حرف المد الذي يكون قبل الروي ،و لهما
.
( :)1أحمد الهاشمي :ميزان الذهب في صناعة الشعر ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان ،د.ط ،سنة 1406ه ،صفحة
.112
88
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
القافية فلهما :التأسيس و هو األلف الذي يكون بينه و بين الروي حرف ،الدخيل :و هو الحرف المتحرك
الذي يقع بين التأسيس و الروي (ر-ل) ،الرس و هي حركة ما قبل التأسيس (ر-هـ) التوجيه و هي حركة
فالقافية (أ) هي كلمة (ألحال و لرذال) ونجد فيهما :الردف ،الحذو في (حا و ذا).
و في القافية (ب) و هي (سعها و طعها) نجد :خروج و هو حرف المد الذي ينشأ من إشباع حركة الوصل
(ه ِا و ه ِا)
و هذا يؤكد أن المجذوب ال يتقيد بالقافية فحسب ،بل يتقيد بحروفها و حركاتها .
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة .9
89
. الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب.......................
أما بالنسبة للروي فالمجذوب ال يتقيد به معظم رباعياته ،فقليل ما نجد الروي على شكل (:أ-أ-أ-أ) في قوله :
( )1
بالــــــك بالـــــــك
بدراهمك جبتهالك
الصاحب ال تالعبه
90
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
و أما أغلب ما يكون عليه ترتيب الروي في رباعيات المجذوب هي على شكل (أ-ب-أ-ب) مثل في قوله :
()1
فتنوع حروف الروي في الرباعية الواحدة عند المجذوب هذا ال يؤكد إال على الحالة النفسية المتوترة و
و من أكثر الحروف ورو ًدا في رباعيات المجذوب ،و هي بالترتيب ( :الميم ،الراء ،الباء ،الهاء) و من ثم
الحروف بنسبة أقل و هي ( النون ،العين ،السين ،الفاء ،الحاء ،االم ،الكاف ،الدال ،الياء) أما الحروف
و لعل ورود حرف (الميم ،الراء،الباء ،الهاء) بكثرة يوحي بما لهم من أهمية صوتية ،و كثرة ورودهم في
أواخر الكلمات العربية ،زيادة على الحاالت النفسية في مثل هذه الظروف التي عاشها المجذوب ،إذ نالحظ
أن المجذوب ال يستعملهم إال في حاالت األلم ،و العذاب ،و قد التزم الشاعر بشروط الحروف التي ترد
رويًا،
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة24
91
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
ومن ذلك" الكاف" فان كان ضميرً ا متصالً فانه يلزم بحرف من قبله وكذلك (الميم والهاء والتاء) وهذا دليل
وقد جاءت حروف الهمس في الرباعيات بكثرة منها حرف (الهاء ،السين ،الفاء ،الكاف ،القاف ،الشين ،التاء،
الخاء) فقد استعملها المجذوب ألنها تترك دالالت فنية ونفسية فحروف الهمس كان لها الدور الكبير في
فالموسيقى الداخلية كانت معظم صورها إيقاعات خفية تنبع من اختيار الشاعر لكلماته ،وما بينها من تالئم
في الحروف والحركات ،لتستحيل في اإلذن وتتجاوز ذلك إلى تحقيق نوع أخر من االنسجام الصوتي الداخلي
الذي ينبع من التوافق الموسيقي بين الكلمات ودالالتها المرتبطة بالتأثيرات العاطفية الناشئة من التجربة
فمما يطرب له السمع جملة في رباعيات المجذوب ما يطالعنا أحيانا في بعض رباعيات التي يروق إقاعها
في السمع ويحلو تكرارها علي اللسان دون أن تدلنا إليها معايير ثابتة وربما طال وقوفنا عليها عاجزين عن
تحديد مكامن اإلعجاب الموسيقية ،وربما اجتهدنا في تحديد معايير لتلك المكامن الموسيقية لنجدها بعد ذلك
في رباعيات أخرى عاجز عن منحنا الشعور نفسه الذي تمنحنا إياه رباعياته تلك.
92
الفصل الثاني :قراءات في نصوص عبد الرحمان المجذوب........................
ولعل أبرز ما يبدو للدارس من تلك المكامن هو ما يمكن إن يحمل ظواهر الحروف واأللفاظ والجمل ،وما
ً
مجتمعة تجربة الشاعر الخاصة تمتلئ به من تناسق أصوات ،وبعد عن التنافر،ووضوح في الداللة،مما تهيئها
إن أولى الدالالت اإلقاعية الظاهرة في هاته الرباعية تكمن في سهولة ألفاظها،وعذوبة جملها ،ووضوح
معانيها،وتلك الصفات تظهر كثيرا في رباعيات المجذوب األخرى ،دون أن تحمل كل تلك اإليقاعات
المتالحقةً ،إذا فهناك ثمة دالالت أخرى تخفي في طياتها مكامن إيقاعية أسرة،قد تكون عاطفية ونفسية
الشاعر ،وقد يكون االستعداد النفسي لدارس مبتدئ مثلي مهيئا لتهويل مثل تلك الجوانب الموسيقية التي
.
( :)1نور الدين عبد القادر :القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب ،صفحة 45
93
94
الخاتمة:
-جمع نصوص مبعثرة تتناقل عبر ألسنة الناس ،كونت لنا ديوانا جديدًا سمي برباعيات المجذوب.
-كما أظهرت لنا هذه الدراسة أن سر نجاح الرباعيات يكمن في كثافة المعنى و تنوع األغراض رغم
قصرها ،هذا القصر الذي ساعد على سهولة حفظها و ترديد العامة لها.
-الكشف عن أنواع الرباعيات هذه األخير التي يعتقد البعض أن ال أنوع لها .
-الكشف على أن رباعيات المجذوب تصب في إطار األدب العامي ال في إطار األدب الشعبي اللذان يختلفان
-الكشف عن الشعر الصادق الملتزم بقضايا األمة،الكاشف لألالمها و أحزانها ،و الثائر على العنصرية و
التعصب .
-إبراز التنوع في حكم عبد الرحمان المجذوب الذي أدى إلى لمس جميع جوانب الحياة االجتماعية ،الدينية
و
95
الدنيوية.
-إبراز المجال الذي له الحظ األوفر إلنتفاع بالدراسات النفسية أال و هو مجال الخلق األدبي ،و خاصة في
-صورة المرأة في رباعيات المجذوب التي كشفت عن العقدة األنثوية للشيخ عبد الرحمان المجذوب.
-تواجد أفعال األمر و النهي في الرباعيات بنسبة كبيرة عن غيرها من األفعال هذا الذي أدى إلى إبراز
-و قد التزم الشاعر بالقافية التي كانت الركيزة األساسية في نظم رباعياته ،لكنه لم يلتزم بالروي.
-و بدت الصورة في رباعياته محافظة،و وجدانية ،لصيقة ببيئة المجتمع المعبر عنه .
-الكشف عن المصدر الرئيسي الذي كان له األثر البالغ في لغة المجذوب أال و هو القران الكريم .
و ختاما فإن هذه الرباعيات تحمل قي ًما خلقية ،و إنسانية يجب أن تكون غداء فكر ًيا ألبنائنا ،و نتمنى أن
نكون قد أزلنا ولو بالشىء البسيط من التعتيم الذي ضرب هذا النوع من الشعر،والحمد هلل رب العالمين.
96
97
المصادر و المراجع:
-1القران الكريم
-2ابراهيم أنيس :موسيق الشعر ،مكتبة األنجلومصرية ،القاهرة ،مصر ،طبعة،5سنة1791م
-3أبو هالل العسكري :الصناعتين ،تحقيق علي البجاوي ،محمد أبو الفصل ابراهيم ،دار الفكر
العربي ،د.ب ،طبعة ،2سنة1791م
-4أحمد الهاشمي :ميزان الذهب في صناعة شعر العرب ،دارالكتب العلمية،
بيروت،لبنان،د.ط،سنة1441هـ
-5أحمد سحنون :الديوان ،الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ،الجزائر ،د.ط ،سنة1799م
-1بديع محمد جمعة،من روائع األدب الفارسي،دار النهضة العربية ،بيروت،لبنان ،د.ط،سنة
1714م
-9بسام قطوس :المدخل الى المناهج النقد المعاصر ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ،اإلسكندرية
،مصر ،الطبعة ،41سنة2441م،
-1بشرى موسى صالح :الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث ،المركز الثقافي العربي ،
بيروت لبنان ،الطبعة1سنة1714
-7توفيق و مان :من الرباعيات المنسوبة إلى الشاعر المغربي الشيخ عبد الرحمان المجذوب
،الرابطة الوطنية لألدب الشعبي ،الجزائر *د.ط*سنة 2449
حسن أيوب:السلوك األجتماعي في االسالم ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع -14
والترجمة،القاهرة،مصر،الطبعة،44سنة2449م
حلمي ايدير :أثر األدب الشعبي في األدب الحديث ،دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر ، -11
االسكندرية ،مصر ،د.ط ،سنة2442م
حسن نمر دندشي :معجم األبيات الشهيرة ،منشورات جروس برس ،طرابلس – لبنان، -12
د.ط ،سنة 1711
ديفيد ديتشس:مناهج النقد األدبي بين النظرية ة التطبيق ،ترجمة محمد يوسف نجيم ،دار -13
صادر،بيروت ،لبنان،د.ط ،سنة 1719م
-14رفاعة رافع الطهطاوي:المرشد األمين للبيان والبنين،تقديم :محمد علي حسن
،أحمد علي حسن ،مكتبة األداب ،القاهرة ،مصر،طبعة ،2سنة2441م
سيد قطب:النقد األدبي أصوله منهاجه ،دار الشروق ،القاهرة،مصر،الطبعة،41سنة2443 -15
-11شكري عزيز ماضي :نظرية األدب ،المؤسسة العربية للدراسات و النشر
،بيروت،لبنان ،الطبعة ،41سنة2445م
98
شكري محمد عياد :موسيقا الشعر العربي ،دار المعرفة ،القاهرة ،مصر ،الطبعة،41 -19
سنة1711م
شوقي ضيف :النقد األدبي ،دار المعارف ،القاهرة ،مصر ،الطبعة ،9سنة1711م -11
عبد الرحمان الوجي :االيقاع في الشعر العربي ،دار الحصاد ،دمشق ،سوريا ، -17
الطبعة،1سنة1717م
عبد الحميد بورايو:البعد االجتماعي و النفسي في األدب الشعبي الجزائري ،نشر مؤسسة -24
بونة للبحوث و الدراسات بالتعاون مع وزارة الثقافة ،عنابة،الجزائر ،الطبعة،41سنة2441م
عبد الحميد جيدة:االتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر ،مؤسسة -21
نوفل،بيروت،لبنان ،الطبعة،41سنة.1714
عبد الفتاح عثمان :نظرية الشعر في النقد العربي القديم ،مكتبة الشباب ،القاهرة،مصر، -22
د.ط ،سنة 1714م
عبد هللا بن المقفع:األدب الكبير و األدب الصغير،تحقيق أحمد زكي باشا،دار ابن حزم -23
للطباعة و النشر و التوزيع ،بيروت ،لبنان،طبعة ،1سنة2443م
عبد هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري :عيون األخبار ،دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع، -24
بيروت ،لبنان ،سنة2445م
العربي دحو:الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة االوراس -25
،المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر*د.ط*الجزء ،41سنة 1717م
عز الدين إسماعيل:األسس الجمالية في النقد العربي عرض و تفسيره و مقارنة ،دار الفكر -21
العربي ،القاهرة،مصر،د.ط ،سنة 1412ه
عز الدين إسماعيل :التفسير النفسي لألدب ،مكتبة غريب ،القاهرة ،مصر ،طبعة،44د.س -29
علي البطل :الصورة في الشعر العربي ،دار األندلس،د.ب ،الطبعة ،2سنة 1441ه -21
علي عشري زايد :بناء القصيدة العربية الحديثة ،مكتبة دار العروبة ،الكويت،د.ط ،سنة -27
1711م
فؤاد افرام البستاني:منجد الطالب دالر المشرق ،بيروت لبنان،الطبعة،111سنة 1794م -34
محمد حسن عبد هللا :الصورة و البناء الشعري ،دار المعارف ،القاهرة ،مصر،د.ط ،سنة -31
1711م
محمد زغينة :األبعاد الموضوعية و الخصائص الفنية في سجينات شعراء جمعية العلماء -32
المسلمين الجزائريين ( ،)1712-1754نوميديا للطباعة و النشر و التوزيع ،الجزائر ،د.ط ،سنة
2447
99
محمد غينيمي هالل:دراسات و نماذج في مذاهب الشعر و نقده ،دار نهضة -33
،القاهرة،مصر،د.ط،د.س
مصطفى دراوش :تشكل الذات و اللغة في مفاهيم النقد المنهجي ،دار األمل ،تيزي وزو -34
،الجزائر ،د.ط،سنة2441م
مصطفى محمد الطحان :التربية و دورها في تشكيل السلوك،دار -35
المعرفة،بيروت،لبنان،الطبعة،41سنة2441
نور الدين عبد القادر:القول المأثور من كالم الشيخ عبد الرحمان المجذوب المطبعة -31
الثعالبية ،الجزائر ،د.ط،د-سد
يسرى العزب :القصيدة الرومنسية في مصر(1732م1752-م) ،الهيئة المصرية العامة -39
للكتاب ،د.ط ،سنة1711م
يوسف وغليسي :مناهج النقد األدبي ،جسور للنشر والتوزيع ،الجزائر ،الطبعة ،41سنة -31
2449م
100
101
فهــرس الموضوعـــــــات
الصفحة
مقدمة
الفصل األول :فصل تمهيدي
بطاقة تعريف عن عبد الرحمان المجذوب4.............................................. -6
ماهية الرباعيات6.......................................................................... -2
أنواعها: -9
: 1-3الرباعية المدورة8............................................................................
: 2-3الرباعية ذات الشطرين10......................................................................
: 3-3الرباعية ذات المقاطع المكررة11..............................................................
رباعيات عبد الرحمان المجذوب12........................................................ -8
:1-4مضامينها:
:1-1-4الصبر14........................................................................................
:2-1-4في الدنيا و تقلبات الدهر و الزمان والسعادة و الشقاء19....................................
:3-1-4الفقر و الغنى22................................................................................
:4-1-4الكالم و الصمت25............................................................................
:5-1-4ما تعلق بالنساء و أحوالهن28.................................................................
:6-1-4أقوال متفرقة32................................................................................
المنهج النفسي44.............................................................................. -10
:1-5العالقة بين األدب و علم النفس46................................................................
:2-5مبادئ المنهج النفسي42...........................................................................
:3-5مواقف منهجية :
:1-3-5موقف األنصار50 ............................................................................
:2-3-5موقف المعارضين51..........................................................................
:3-3-5مواقف وسطية52..............................................................................
:4-5عيوب التطبيقات النفسانية54....................................................................
102
:2-2اللهجة العامية66.............................................................................
:1-2-2الوضوح67................................................................................
:2-2-2الخطابية و المباشرة69...................................................................
:3-2-2التكرار70.................................................................................
الصورة الفنية74......................................................................... -9
الموسيقى83............................................................................... -8
:1-4القوافي84.....................................................................................
الخاتمة
المصاددر و المراجع
103
104
كان الشعر وال يزال صورة المجتمع في كل بيئة و مرآة الحياة في كل عصر و من البديهي
أن يكون هذا الشعر نابع من خلجات نفس الشاعر.
هذا الذي لمسته في رباعيات الشيخ عبد الرحمان المجذوب من خالل بحثي الموسوم بعنوان
رباعيات عبد الرحمان المجذوب مقاربات نفسية.
فحين اطالعي ألول مرة على هذه الرباعيات راودني فضول قوي لمعرفة ما تخفيه
رباعياته من رموز نفسية ،فحاولت الكشف قدر المستطاع عن مدى تأثر المجذوب
بمحيطه ،و تأثيره فيه ،و كشف العوامل النفسية التي اشتركت في تكوين الرباعيات.
هذا البحث الذي وقفت فيه على عدة تساؤالت من بينها :
هل يمكن لهذه الرباعيات أن تحمل دالالت حضارية تمتد إلى وقتنا الراهن ؟
و هل في هذه الرباعيات أبعادا نفسية أثرت في الشاعر ؟ وهل يمكن أن تحمل في طياتها
الفكر الموجب و الفكر السالب في الوقت نفسه ؟
أما بالنسبة لهيكل البحث فنقسم إلى فصلين :الفصل األول تطرقت فيه إلى إعطاء نبذة عن
حياة الشاعر ،و ماهية الرباعيات وأنواعها ،ألخص بالذكر رباعيات عبد الرحمان
المجذوب و مضامينها ،ألنتقل بعدها إلى الحديث عن المنهج النفسي مبادِئه وعيوبه و أهم
المواقف المنهجية حوله.
أما الفصل الثاني فخصصته لدراسة الخصائص الفنية لهذه الرباعيات من حيث اللغة ،
الصورة ،الموسيقى ،و ما أخفته الرباعيات من مضامين أخرى.
الخاتمة هي مجموعة نتائج توصلت إليها بعد الدراسة من أهمها :
_ العقدة األنثوية عند عبد الرحمان المجذوب التي كشفتها صورة المرأة في رباعياته .
_ الكشف على أن رباعيات المجذوب تصب في إطار األدب العامي ال في إطار األدب
الشعبي.
_تواجد أفعال األمر والنهي في الرباعيات بنسبة كبيرة هذا الذي يبرز الجانب العقلي
و المنطقي في لغة المجذوب.
و قد انتهجت لهذا البحث المنهج النفسي ليساعدني في رفع الستار عن نفسية عبد الرحمان
المجذوب ،وقد كانت مراجعي بين أدبية ،وأدبية نفسية ،و عروضية ،و بالغية ،
و لغوية ،و دينية ،و ذالك حسب ما تطلبته الحاجة.
105