You are on page 1of 132

‫مي‬ ‫ل‬

‫فتاة من عا ن‬
‫دار خيال للنشر والترجمة‬
‫تجزئة ‪ 53‬قطعة‪ .‬رقم ‪ .27‬بليمور‬
‫برج بوعريريج – الجزائر‪-‬‬
‫‪0668779826‬‬
‫‪Khayaleditions@gmail.com‬‬
‫ردمك ‪978-9931-06-317-9:‬‬
‫اإليداع القانوني ‪ :‬السداس ي األول ‪.2021‬‬
‫دنيا مخانشة‬

‫فتاة من عاملين‬

‫قصة‬
‫دائما ما أقول أن الحياة عبارة عن رحلة طويلة‬
‫جدا مجهولة وغير معروفة أو متوقعة‪ ،‬حيث أنها‬
‫تحيط بالناس من كل الجوانب‪ ..‬ولكل شخص حياة‬
‫مختلفة تماما عن اآلخر‪ ،‬لكن ال ننكر أبدا أن األمل‬
‫والحب من أساسيات الحياة‪ ...‬حسنا ال تفكر كثيرا‬
‫عزيزي القارئ فهذه املرة األمل يمأل األرجاء ما عليك‬
‫سوى الصعود معي على متن قارب الخيال ألبحر بك‬
‫بعيدا إلى هناك‪.‬‬
‫طفولة أمل‬
‫توفيت والدة أمل بعد والدتها ببضع دقائق‪ ،‬كما‬
‫حكى لها والدها بأنهما كانا في إجازة بعيدا عن املدينة‬
‫وملا ولدتها أمها كانت قد نزفت كثيرا لهذا السبب‬
‫ماتت بعد والدتها ولم يحك لها الكثير عن تلك‬
‫الذكرى الحزينة‪ ،‬فقط كان يصف دائما ابنته بأنها‬
‫صورة طبق األصل عن أمها وشقية مثل أبيها‪ ،‬حيث‬
‫أن والدتها كانت شديدة الجمال تمتلك عيونا زرقاء‬
‫وشعرا أحمرا داكن اللون كما أنها حسنة األخالق‬
‫وكثيرة الفضول…‬
‫لكنها لم تكن تحمل أية ذكرى عن والدتها سوى‬
‫عقدا كان من الكريستال على شكل نجمة مكتوب‬
‫عليها من الخلف "ابنتي أمل حافظي على القالدة يوما‬
‫ما ستفهمين هذا" لذا قامت باالحتفاظ بها داخل‬
‫مالبسها على الدوام‪.‬‬
‫كان أبوها آخر ما تبقى لها من العائلة ولم تكن‬
‫تعرف أحدا سواه هو وخادمة املنزل اللطيفة وعمتها‬
‫التي لم ترها إال في الصور فقط‪ ،‬ألنها كانت قد‬
‫سافرت إلى بلد آخر للعمل ولم تتسن لها الفرصة‬
‫للتعرف عليها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫عاشت أمل طفولتها سعيدة جدا مع والدها الذي‬
‫يحبها كثيرا‪ ،‬لكنها كانت دائما ما تحتفظ بسر لم‬
‫تشاركه أحدا وهو رؤيتها لألطياف وأشياء مخيفة لم‬
‫تفهمها حيث أصرت أن تتكتم على األمر ألنه لن‬
‫يصدقها أيا كان أبدا‪ ..‬حتى هي أيضا تعتبر كل ما تراه‬
‫هلوسة فقط‪.‬‬
‫بقيت على تلك الحالة إلى أن توفي والدها بسكتة‬
‫قلبية مفاجئة كما قال األطباء وهي بعمر التاسعة‬
‫فقط‪ ،‬مما جعل حياتها تنقلب رأسا على عقب‬
‫وتحولت أمل املليئة بالنشاط إلى أخرى يمألها الحزن‬
‫والخوف‪ ...‬ولم يكن لديها من يواسيها أو يبقى بجانبها‬
‫عدا خادمة املنزل التي تكفلت برعايتها‪.‬‬
‫تـركت أمل بيتها وذهبت للعيش مع الخادمة‬
‫وأطفالها الثالثة الذين هم بمثل عمرها‪ ،‬حيث كانت‬
‫تتعرض للمضايقة والتنمر الشديد من قبلهم ألنها‬
‫لم تستطع أن تتصرف على طبيعتها أمامهم جراء‬
‫أطياف شريرة دائما ما تحوم حولها وتتسبب لها‬
‫بالفزع والرهبة مما يجعلها تقوم بتصرفات ال إرادية‬
‫ومزعجة بالنسبة لهم لهذا ينعتونها بغريبة األطوار‬
‫ويشتمونها على الدوام‪ ،‬لذا كانت تغلق على نفسها في‬
‫غرفتها طوال الوقت محاولة االختباء من كل األشياء‬
‫الغريبة التي تالحقها‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أطياف في كل مكان‬

‫اعتادت على البقاء وحيدة تظن نفسها تتخيل‬


‫أشياء عديدة مخيفة حيث أنها كانت ترى رجال عجوزا‬
‫مخيف الوجه يالحقها أينما ذهبت‪ ،‬وملجأها الوحيد‬
‫هو إغالق عينيها قائلة‪" :‬أنها ليست حقيقة لن أصدق‬
‫كل ما يحدث لي‪ ...‬أنا فقط أهلوس وأخلط بين الواقع‬
‫والخيال… أجل إنها هلوسة"‪.‬‬
‫بقيت على ذلك الحال حتى عمر السابعة عشر‪،‬‬
‫لكنها كلما كانت تكبر كلما كبر شعورها بالوحدة‬
‫والخوف حيث لم تتقرب من أحد ولم يكن لديها أي‬
‫شخص مقرب أو صديق عدا تلك الخادمة التي‬
‫سمحت لها بالعيش في بيتها‪ ،‬فهي كانت لطيفة معها‬
‫بالرغم من أنها تعمل ليال ونهارا وال تعود إلى املنزل إال‬
‫أوقاتا قليلة جدا‪ ،‬لكن أمل لم تشأ أن تتقرب منها‬
‫خشية من أن تقوم بطردها أو تنعتها بغريبة األطوار‬
‫كما يفعل أوالدها وزمالؤها في الصف‪ ،‬لهذا كانت‬
‫تحب البقاء منفردة على الدوام متجنبة املتاعب‬
‫وإبقاء سرها بعيدا عن األنظار‪.‬‬
‫في أحد األيام امتأل قلبها حزنا وقهرا لذا قررت أن‬
‫تواجه تلك الهلوسات وأن تعيش فقط الواقع‪،‬‬
‫حاولت جاهدة مدة سنة كاملة أن تتجاهل كل‬
‫‪7‬‬
‫األوهام وال ترى أو تتخيل أي ش يء غريب أو مخيف‪،‬‬
‫بذلت قصارى جهدها لتتخلص من عذابها ذاك حتى‬
‫أنها كانت تقوم بشراء أدوية كثيرة لتتمكن من النوم‪،‬‬
‫لكنها لم تفلح أبدا‪.‬‬
‫عندما صارت أمل بعمر الثامنة عشر‪ ،‬انتقلت إلى‬
‫بيت والديها بعد عشر سنوات من رحيلها… حيث‬
‫شرعت في تنظيف الغرف ولم تغير شيئا في ديكور‬
‫املنزل ألنه كان آخر عمل قامت به مع أبيها‪ ،‬كما‬
‫تتذكر كل تفاصيل أيامها الجميلة معه فأبقت على‬
‫األثاث وباقي األغراض كما هي ولم تشأ أن تغير في‬
‫ش يء ألجل إحياء ذكرى والدها املتوفى‪ ،‬وبينما كانت‬
‫تفرغ حقائبها وجدت عقد النجمة فقامت بارتدائه‬
‫وواصلت عملها في البيت لكن لوهلة بدأ العقد يتوهج‬
‫جدا وأصبحت النجمة تلمع كالكريستال‬ ‫بنور قوي ً‬
‫الحقيقي‪ ..‬في تلك اللحظة من شدة اندهاش أمل‬
‫باملنظر العجيب قامت بنزع العقد فورا ورمته على‬
‫السرير عاجزة عن استيعاب األمر‪ ،‬وفور خلعها له‬
‫توقف من التوهج مما زاد استغرابها لألمر ‪.‬‬
‫جلست على األريكة تفكر وتنظر إلى العقد‬
‫مندهشة تماما وفجأة تذكرت رسالة أمها لها التي على‬
‫العقد فأصابها الشك والحيرة لذا قامت بحمله‬
‫مجددا وإذ به بدأ يتوهج أكثر‪ ..‬بقيت تتمعن فيه‬
‫‪8‬‬
‫واستدارت نحو املرآة فتفاجأت مرة أخرى بوجود‬
‫خطوط غريبة على جسمها وأصبح شعرها وعيناها‬
‫مشعان إلى لون كاألزرق الكريستالي مع ملعان قوي‬
‫جدا حيث انصدمت تماما وقالت في نفسها‪" :‬أظن‬
‫أنني أهلوس كالسابق لكنني في حال أسوء بكثير"‪،‬‬
‫استاءت أمل كثيرا‪ ،‬لكنها اعتادت على األمر لذا قامت‬
‫ً‬
‫وخبأت العقد في حقيبتها وشربت كأسا من املاء ثم‬
‫خلدت إلى النوم عس ى أن تستيقظ بحالة أحسن عن‬
‫تلك الهلوسة الغريبة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫أحالم اليقظة‬

‫جدا بعد يوم مليء‬ ‫احت أمل في نوم عميق ً‬


‫ر‬
‫باملفاجآت حيث راودها حلم رأت فيه نفسها تتجول‬
‫في عالم يشع باألضواء املتأللئة‪ ،‬سحرها ذلك املنظر‬
‫الخالب وأصبحت تركض بفرح شديد وتالمس تلك‬
‫األضواء الجميلة التي كانت كالكائنات الصغيرة‬
‫ظريفة الشكل حيث أنها العبتها بيدها واحتفظت‬
‫بواحدة في يدها ألنها أحبتها كثيرا وأكملت سيرها‬
‫لتكتشف املزيد من املفاجآت التي يخبئها ذلك العالم‬
‫الغريب‪.‬‬
‫مشت نحو شاطئ البحر تالمس األمواج اللطيفة‬
‫برجليها تبتسم وتتأمل روعة املنظر‪ ،‬حتى رأت من‬
‫بعيد صدفة عمالقة مبحرة كالقارب تتجه نحوها‬
‫بسرعة إلى أن توقفت أمامها‪ ،‬استغربت أمل كثيرا من‬
‫الصدفة وأعجبها شكلها في نفس الوقت‪ ،‬اقتربت منها‬
‫لتنظر ما بداخلها فوجدت فراشا غاية في الجمال‬
‫صعدت على متنها واستلقت عليه كان مريحا جدا…‪.‬‬
‫فجأة أبحرت بها الصدفة أخذتها في رحلة وسط‬
‫عرض البحر الشاسع بقيت مستلقية تتمتع برؤية‬
‫السماء البراقة بكل رواق وهدوء إلى أن بدأ املطر‬
‫بالهطول‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫تبللت أمل بالكامل لكنها بقيت هادئة‪ ،‬حتى أصدر‬
‫الرعد صوتا قويا جدا مما جعلها تفزع وتستفيق من‬
‫ذلك الحلم لتجد نفسها على سريرها‪ ،‬بقيت تتأمل‬
‫لوقت محدد وقالت في نفسها‪" :‬يا له من حلم غريب‬
‫وجميل لكنه كان هادئا وليس مخيفا‪ "...‬قامت برفع‬
‫الغطاء وبيدها األخرى كانت تحمل شيئا ما‪ ..‬فتحت‬
‫يدها وكانت الصدمة‪ !!...‬الكائن الظريف الشكل‬
‫الذي يض يء‪ ،‬نظرت إليه بفزع شديد وقامت من على‬
‫السرير فوجدت كامل ثيابها مبللة…‪ .‬لم تستطع‬
‫استيعاب األمر بقيت تصرخ وتركض في الغرفة ذهابا‬
‫وإيابا تحاول عدم تصديق ما تراه أمامها‪.‬‬
‫تذكرت أمل كل املتاعب التي قد مرت بها بسبب‬
‫أوهامها لكنها قررت أن ال تصدق ما يحدث لها وبقيت‬
‫مصرة على أن تتجاهل كل الغرائب التي تحصل لها‬
‫إلى أن تشفى تماما‪ ،‬خرجت من غرفتها وأغلقت الباب‬
‫لكي ال ترى ذلك الكائن أو أي ش يء يحبطها… ذهبت‬
‫إلى املطبخ لتعد فطورها وجلست قرب النافذة التي‬
‫تطل على الحديقة التي كانت ألمها مثل ما حكى لها‬
‫أبوها عنها وحرص عليها بعد وفاتها‪ ..‬كان كل يوم‬
‫ينظفها؛ يسقي الورود واألشجار هناك بينما كانت‬
‫أمل تتمرجح على األرجوحة تشاهده وتمرح معه‪،‬‬
‫أكملت فطورها بسرعة وخرجت فورا إلى الحديقة‬
‫‪11‬‬
‫وبقيت تتأمل كل شبر منها وتتذكر أفضل أيام‬
‫طفولتها التي قضتها مع أبيها‪ ،‬ابتسمت وبكت في نفس‬
‫الوقت ثم قالت‪" :‬أبي اشتقت إليك كثيرا لقد رحلت‬
‫دون توديعي حتى‪ ...‬الزلت أتذكر كل تفاصيل وجهك‬
‫وأروع ابتسامة في الكون لقد حافظت عليها داخل‬
‫قلبي وذاكرتي كي ال أنساك أبدا وسأحرص على‬
‫تنظيف الحديقة ألجلك وألجل أمي سأعتني بها كما‬
‫لو أنني أعتني بكما‪ "..‬مسحت دموعها وقامت تسقي‬
‫النباتات والورود‪ ،‬حيث قضت كامل يومها في‬
‫التنظيف هناك ونست تماما أمر القالدة والضوء‬
‫الغريب‪.‬‬
‫عادت إلى املنزل وكان قد حل الظالم وهي متعبة‬
‫بالكامل أخذت حماما وتعشت ثم استلقت على‬
‫سرير أبيها ونامت كما لو أنها في حضنه‪ ،‬بعد لحظات‬
‫استيقظت وجدت نفسها داخل الصدفة فوق رمال‬
‫الصحراء أو باألحرى شبه صحراء ألنها مليئة‬
‫باملرجان ونجوم البحر العمالقة حيث حبيبات رملها‬
‫تشع باللون األزرق الكريستالي‪ ،‬أحست أمل وكأنها‬
‫عادت إلى نفس العالم الغريب في أحالمها مجددا‬
‫وأرادت أن تستيقظ في الحال لكنها لم تفلح في ذلك‬
‫لذا جلست قرب الصدفة ولم ترد أن تتحرك من‬
‫مكانها على اإلطالق‪ ،‬انتظرت لبرهة عس ى أن تستيقظ‬
‫‪12‬‬
‫لكنها أحست بالعطش الشديد وقامت لتبحث عن‬
‫املاء‪ ،‬مشت قليال في األرجاء تفكر وتبحث إلى أن‬
‫وجدت ذاك الرجل العجوز املخيف يرتدي مالبس‬
‫سوداء رثة ويحمل في يده كأسا زجاجيا كبيرا‪ ،‬صدمت‬
‫أمل وخافت كثيرا منه ألنه يالحقها منذ طفولتها لكنها‬
‫كانت شديدة العطش والبد لها من متابعة السير‪ ،‬لذا‬
‫اقتربت بهدوء تبحث عن املياه وفجأة استدار لها‬
‫وابتسم قائال‪" :‬هل أنت عطشانة؟"‪ ،‬أجابته في حيرة‬
‫ورهبة شديدة‪" :‬ما أدراك بحالي أنت؟"‪ ،‬رد عليها‬
‫مبتسما وأعطاها ذلك الكأس الذي كان مليئا باملاء‬
‫وقال‪" :‬اشربي فهذا أعذب ماء قد ترينه في حياتك"‪،‬‬
‫لم ترفض أمل أن تشرب ألنها كانت ستموت من‬
‫العطش حين ذاك أخذت الكاس الزجاجي وهربت‬
‫بعيدا‪ ،‬ثم بدأت بالشرب وعند إكمالها آلخر قطرة‬
‫استيقظت من حلمها الغريب واألغرب من ذلك‬
‫وجدت أنها تحمل في يدها الكأس الزجاجي!!!!‪.‬‬
‫أغمضت عينيها وقامت بسرعة تحاول عدم تصديق‬
‫كل ما يحصل حولها مجددا‪ ،‬خرجت فورا من املنزل‬
‫خائفة مستاءة من وضعها لكنها بقيت تشجع نفسها‬
‫لتنس ى وفجأة سمعت صوتا مألوفا يناديها استدارت‬
‫لتعرف من يكون هذا؟ وكان أكبر صدمة لها! وقفت‬

‫‪13‬‬
‫دون حركة تنظر إليه! إنه نفس الرجل العجوز البشع‬
‫واملخيف‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫السرالذي وراء العقد‬

‫لم تحرك ساكنا من الصدمة وبقيت تنظر‬


‫باستغراب مع الشيخ وهو يتقدم نحوها إلى أن وصل‬
‫إليها وقال‪" :‬أمل ال تخافي سأشرح لك كل ما يدور‬
‫ببالك فقط تعالي معي وستفهمين"‪ ،‬فأجابته وهي‬
‫علي تصديقك أنا أصال أهلوس‬ ‫تصرخ بخوف‪" :‬ملا ّ‬
‫فقط أنت لست حقيقة دعني وشأني…"‪ ،‬رد عليها‬
‫قائال‪" :‬ال تفزعي أنا لست هلوسة بل حقيقة وألبرهن‬
‫لكي هذا فأنا صديق "عهد" منذ زمن بعيد…"‬
‫استغربت أمل ثم صرخت في وجهه‪" :‬من تكون أنت‬
‫وملا تتبعني وكيف لك أن تعرف اسم أمي؟؟…" اقترب‬
‫منها الشيخ وأمسكها من كتفيها قائال لها‪" :‬اهدئي‬
‫أرجوك سأشرح لك كل ش يء عني وعنك وعن والدتك‬
‫تعالي معي فقط ثقي بي أعدك بأنني لن أؤذيك أبدا"‬
‫زاد خوف أمل كثيرا وبقيت متحجرة في مكانها لبرهة‬
‫تفكر بهدوء وتنظر إليه إذ به يمد يده إليها منتظرا‬
‫منها جوابا حاولت أمل أن ال تخاف سحبت أنفاسها‬
‫علي أن أعرف ما صلته بأمي‬‫ببطء وقالت في نفسها‪ّ :‬‬
‫ومن يكون يا ترى علي أن أواجه مخاوفي حسنا!‬
‫سأجازف وأذهب معه تقدمت إليه ونظرت في يده إذ‬
‫بها رسمة مألوفة مشابهة لعقد أمها تماما‪ ،‬كانت‬
‫‪15‬‬
‫ستمسك بيده لكنها اندهشت من تلك الرسمة‬
‫وتراجعت قليال إلى الخلف لكن الشيخ كان أسرع منها‬
‫فتح يده التي أصبحت تشع بضوء قوي وأمسك‬
‫بيدها فورا‪ ...‬وانتقل بها إلى بيت غريب في بضع‬
‫ثواني‪ ...‬كانت مندهشة ومصدومة بما حدث حيث‬
‫قال لها الشيخ‪" :‬هل ترين هذا املنزل إنه ألمك هي من‬
‫بنته بنفسها انظري إلى الحائط" لقد كان به العديد‬
‫من صور أمها وحتى أبوها كانت صوره معلقة‬
‫ركضت أمل نحو الصور تتأملها وتبكي قالت‪" :‬إنهما‬
‫حقا والداي‪ ..‬يا إلهي سأجن أنت حقا حقيقة ولست‬
‫كاذبا‪ ،‬لكن كيف أتيت بي إلى هنا وما هي صلتك‬
‫بأمي؟؟؟"‪ ،‬ابتسم الشيخ وربت على رأسها قائال‪" :‬ال‬
‫تفزعي سأشرح لك كل ش يء وما عالقة العقد الذي‬
‫تملكينه والرسمة التي بيدي… حسنا أنت بعمر‬
‫الثامنة عشر صح؟‪ ،‬أجابت‪ :‬أجل‪" ،‬هل رأيت توهج‬
‫العقد وتغير شكلك عند ارتدائه؟"‪ ،‬أجابت‪ :‬نعم؟؟‬
‫لكن هل كانت حقيقة؟‪ ..‬كنت أظن أنها هلوسة؟؟‪،‬‬
‫قال لها‪" :‬كل ما كان يحدث لك ليس كما تظنينه‬
‫هلوسات إنها حقيقة وأمر طبيعي جدا أتذكرين‬
‫رسالة عهد التي بالعقد لقد كانت أمك تعني بأنك‬
‫عندما تكبرين وتصلين لعمر الثامنة عشر ستظهر‬
‫قواك الكاملة وستفهمين سر العقد‪ ..‬أجابته أمل‪:‬‬
‫‪16‬‬
‫"ماذا تقصد بقوى؟"‪ ،‬قال لها الشيخ‪" :‬أنت تعرفين‬
‫تماما ماذا أقصد‪ ،‬هل تظنين أن كل ما ترينه ليس‬
‫حقيقيا؟؟" تلك طبيعتك وجزء فقط من قواك فأنت‬
‫ترثين قدرات والدتك‪ ..‬هممم حسنا اتبعيني"‪ ،‬أخذها‬
‫إلى غرفة فتحها بواسطة تلك الرسمة التي على يده‪،‬‬
‫دخلت تنظر مندهشة من الرسومات الغريبة على‬
‫الجدران ثم قام الشيخ برفع يده إلى الفوق فسطع‬
‫ضوء قوي جدا أنار الغرفة وتبينت الرسوم التي على‬
‫الجدران أنها نجمة عمالقة مزخرفة ومضيئة وفي‬
‫الوسط يوجد مكان مطبوع مطابق للقالدة التي‬
‫تملكها ‪ ،‬في تلك اللحظة كانت أمل منبهرة إلى أن سألها‬
‫الشيخ‪" :‬هل القالدة معك؟"‪ ،‬أجابته‪ :‬إنها داخل‬
‫حقيبتي ثم قامت بإخراجها وفي لحظة إمساكها بها‬
‫بدأت بالتوهج تماما كاملرة السابقة أخبرها الشيخ أن‬
‫ال تخاف وتضعها في وسط املكان املطبوع للقالدة‬
‫فتقدمت أمل ووضعت العقد هناك حيث بدأ يتوهج‬
‫وخرجت أضواء شكلت نجمة مكتوب بداخلها‬
‫{ذكريات}‪..‬‬

‫‪17‬‬
‫املاض ي املخبأ‬

‫أصبحت النجمة كالشاشة العمالقة استرجعت‬


‫فيها أمل جميع ذكريات والديها حيث رأت فيها أبوها‬
‫عندما كان شابا جالسا على الكرس ي املتحرك وينظر‬
‫إلى البحر مستاء جدا ثم تقدم إلى الحافة محاوال أن‬
‫يلقي بنفسه من هناك لكنه ملح شيئا يلمع على‬
‫األرض‪ ،‬فانحنى لحمله وكانت تلك نفسها قالدة‬
‫والدتها التي تملكها أمل‪ ،‬بقي يتأملها إلى أن بدأ يحس‬
‫بقدميه استغرب وقام بتحريكهما في تلك اللحظة‬
‫انصدم من الفرحة وكأنه حلم مستحيل لكنه تحقق‬
‫أحس بأنه نشيط جدا ال يعاني من أي مرض أعاد‬
‫النظر إلى القالدة وقال‪" :‬ما هذا الش يء الذي أعطتني‬
‫إياه الحياة؟؟؟" خبأها بجيبه وذهب راكضا من شدة‬
‫فرحه إلى بيته حيث كان هناك ضوء غريب يالحقه‬
‫لكنه لم ينتبه له‪.‬‬
‫أمض ى يومه بالكامل فرحا يركض في األرجاء‪ ،‬بعد‬
‫ذلك استلقى على العشب قرب منزله وأغلق عينيه‬
‫مأله السرور‪ ،‬لكن عند فتحه لهما تفاجأ برؤية شابة‬
‫فائقة الجمال بشعر أحمر طويل وعينين زرقاوتبن‬
‫تلمعان‪ ..‬بقي منغمسا في التمعن معها حتى أن كلمته‬
‫وقالت‪" :‬أنت تحمل شيئا يخصني أعده لي" في تلك‬
‫‪18‬‬
‫اللحظة استفاق وقال لها آسف لم أفهم ماذا‬
‫تقصدين ومن تكونين؟" ردت عليه‪" :‬أنا أقصد‬
‫قالدتي التي أخذتها عندما وقعت مني عن طريق‬
‫الخطأ قرب البحر" وال يهمك من أكون فقط أعدها‬
‫فورا‪ ...‬بقي املسكين منكسر الخاطر ينظر‬‫لي وسأرحل ً‬
‫ويفكر ماذا سيفعل ألنه أراد االحتفاظ بالقالدة طيلة‬
‫حياته وال يريد أن يعود لسابق حالته مشلوال ومريض‬
‫القلب‪ ..‬فقام إليها وقال‪" :‬أنا لن أعطيك إياها أعتذر‬
‫حقا" وذهب مسرعا إلى بيته ثم أغلق الباب بإحكام‪،‬‬
‫بعد ساعات حل الليل ونام في فراشه‪ ،‬حيث دخلت‬
‫صاحبة القالدة "والدة أمل" اقتربت لتأخذ قالدتها ثم‬
‫ترحل وفور حملها لها أشع ضوء قوي جعله يستفيق‬
‫من نومه ليراها تحاول الهرب فأصبح يصرخ ويبكي‬
‫أرجوك ال تأخذيها أرجوك ال تذهبي‪ ...‬ثم قام من‬
‫السرير محاوال الوقوف لكنه وقع أرضا مما جعلها‬
‫تعود إليه ألنها استاءت من وضعه‪ ،‬حملته إلى مكانه‬
‫وقالت له‪" :‬آسفة على هذا‪ ..‬اآلن فهمت ملا أصريت‬
‫على أخذها إني أرى املرض في كامل جسمك وقلبك‬
‫ضعيف جدا‪ ..‬لن تتحمل مطوال آه آسفة حقا" {هي‬
‫تقصد بكالمها أنه سيموت قريبا كونها لديها القدرة‬
‫على رؤية املرض بكل وضوح في جسده} ومنذ ذلك‬
‫الحين بقيت عهد تحس بعذاب الضمير بعد رحيلها‬
‫‪19‬‬
‫لكنها عادت إليه في بضع أيام وجدته على الكرس ي‬
‫املتحرك جالسا قرب النافذة‪ ،‬تمعنت فيه وتنهدت ثم‬
‫قالت‪" :‬مرحبا؟"‪ ..‬استدار متفاجئا‪ ...‬اندهش لرؤيتها‬
‫مجددا وكيف دخلت‪ ..‬قالت له‪" :‬أنا أدعى عهد ملكة‬
‫من عالم ليس من البشر" وابتسمت له حيث أحس‬
‫باستغراب ورد‪" :‬أنا مناف" أجابته‪" :‬ال تخف مني وال‬
‫تستغرب أنا جئت إليك ألساعدك على الشفاء"‪ ،‬ثم‬
‫قامت بإخراج قالدتها وأصبحت تمررها حوله‪ ،‬بعد‬
‫ذلك توقفت حزينة قائلة‪" :‬ال جدوى من قالدتي أنا‬
‫الوحيدة التي تستطيع استعمال قواها لقد حاولت‬
‫أن أشفيك بطريقة أخرى لكن مستحيل فقط‬
‫قالدتي التي تشفيك نظرت إلى عينيه الحزينتين ولم‬
‫تتحمل رؤيته يموت لهذا منذ ذلك اليوم لم تتركه‬
‫وبقيت معه لكي ال يموت لكن شاءت األقدار أن يحبا‬
‫بعضهما كثيرا ويتزوجا…‬
‫رأت أمل كل القصة وماض ي والديها حتى لحظة‬
‫وفاة أمها‪ ،‬هي لم تمت من شدة النزيف كما حكى لها‬
‫والدها سابقا بل ماتت ألنها حملت بأمل وأصرت على‬
‫إنجابها فهي كانت من عالم آخر وقواها أقوى من أن‬
‫يتحملها جسد بشري لذا ضحت بنفسها وحافظت‬
‫على مولودها بواسطة قوتها إلى آخر لحظة في حياتها‬
‫وتالشت بعد ذلك كالنور في تلك اللحظة أغلقت‬
‫‪20‬‬
‫الشاشة وتوقف التوهج حيث سقطت أمل على‬
‫ركبتيها تبكي بحرقة على ما جرى وقالت "أنا السبب في‬
‫موتك يا أمي سامحيني أرجوك آه وأبي أيضا مات‬
‫ألنني كنت أحمل القالدة بدال عنه‪ "..‬اقترب منها‬
‫الشيخ ومسح لها دموعها قائال‪" :‬هذا ليس ذنبك أبدا‬
‫فأمك أحبتك كثيرا ولم تندم على إنجابك أنت كنت‬
‫آخر أمل لها ال تبكي فعهد كانت تعرف جيدا ماذا‬
‫تفعل لقد حاولت إيقافها لكنها لم تستمع لي‪ ،‬كوني‬
‫أليفها املخلص ال يمكنني الوقوف في طريقها وألبي لها‬
‫كامل طلباتها حيث آخر وصية منها لي كانت عنك‬
‫طلبت مني حمايتك طيلة حياتك لهذا أنا بقيت معك‬
‫منذ والدتك"‪ ،‬توقفت أمل عن البكاء وقالت له‪" :‬من‬
‫أكون أنا ومن تكون أنت؟" حتى أغمي عليها ووقعت‬
‫أرضا‪ ،‬قام بحملها ذلك الشيخ إلى بيتها ووضعها على‬
‫السرير وبقي معها إلى أن استفاقت فور رؤيتها له‬
‫صرخت ثم قالت‪ :‬يا إلهي لم أكن أحلم صح؟ أجابها‪:‬‬
‫أجل‪ ،‬قالت‪ :‬أنت لم تخبرني من تكون؟ ومن أكون‪...‬؟‪،‬‬
‫قام الشيخ أحضر لها كأسا من املاء وقال لها "هل‬
‫تريدين معرفة كل ش يء من البداية؟"‪ ،‬أجابته‪" :‬نعم‬
‫عليك بإخباري اآلن"‪ ،‬تنهد الشيخ وقال‪" :‬حسنا‪"...‬‬

‫‪21‬‬
‫الوريثة األخيرة‬

‫سابقا منذ قرون عديدة كان "البينوتريوليون"‬


‫حماة العالم املسؤولون عن توازن الكون حيث‬
‫قواهم تتحكم بكامل الطبيعة‪ ،‬كل ثالثمئة عام يأتي‬
‫حاكم واحد وكنا نحن سبعة خدام للملوك ندعى‬
‫بالرهبان حيث كلفنا بحماية البشر والحيوانات إلى‬
‫أن وصل عهد والدتك فهي كانت أقوى ملكة تمتلك‬
‫قوى البينو العظمى لكنها كانت فضولية جدا وكنت‬
‫أنا أليفها أي خادمها األبدي لقد اتخذتني صديقا‬
‫وفيا لها أكثر من خادم حتى أنها كانت تأتي معي إلى‬
‫األرض عندما أقوم بمهامي وهو حماية األطفال‪،‬‬
‫اعتادت عهد على القدوم إلى األرض كثيرا إلى أن‬
‫ضيعت قالدتها ذلك اليوم ومنذ أن وقعت في حب‬
‫مناف وتزوجا خالفت قوانين البينو وأصيب عاملنا‬
‫بلعنة حيث دمر كل ش يء ومات أربعة من الرهبان لم‬
‫يبق سوى اثنين منا وأنا ثالثهم لكنني أصبت بلعنة‬
‫وبقيت داخل هذا الجسد الهرم املخيف ألنني كنت‬
‫أليف عهد وشاركتها ذنبها فبقيت على عهدي بآخر‬
‫وصاية لها أن أحميك‪ ،‬لكن من كان يعلم أنك سترثين‬
‫قوى البينو وأنت نصف بشرية لكنك الوحيدة‬

‫‪22‬‬
‫واألخيرة التي تستطيع كسر اللعنة وإعادة عاملنا من‬
‫جديد…‪.‬‬
‫مع كل هذا هناك مشكلة كبيرة‪ ،‬عند حدوث‬
‫اللعنة قام الرهبان الباقيين بالذهاب إلى ممالك‬
‫الغابات والشالالت وهم ال يعلمون بأنك ابنة عهد‬
‫وتملكين قواها بالرغم من أنك بشرية‪ ،‬لقد كنت‬
‫أحميك كل هذا الوقت لكن يجب أن نخاطر وسوف‬
‫أعلمك كيف تتحكمين بقوتك وكيف تحررينها عليك‬
‫أن تثبتي بأنك الوريثة األخيرة وأنت نصف بشرية‬
‫وحدك القادرة على ذلك أمل‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أصعب قرار‬

‫بقيت أمل خائفة ومحتارة‪ ،‬لم تستطع استيعاب‬


‫األمر شعرت بخوف شديد وقالت ألثير أنها ال‬
‫تستطيع القيام بأي ش يء يساعده وهي حقا آسفة‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أرجوك أثير أنا ال أعتبر نفس ي مثل والدتي حتى‬
‫لو امتلكت قواها… ال أزال بشرية ضعيفة وحيدة‬
‫ومنكسرة تخاف األطياف ومكروهة‪ ..‬ال تتعب نفسك‬
‫معي فلن أفيدك بش يء… لم يرد أثير أن يضغط عليها‬
‫أكثر تركها لفترة حتى ترتاح ثم ليرى ماذا ستفعل‬
‫بعدها؟‪.‬‬
‫بعد مرور أسبوعين بقي معها باملنزل يعتني بالبيت‬
‫ويراقبها من بعيد‪ ،‬حتى هي كانت تفعل باملثل‪ ..‬بالرغم‬
‫من أنها لم تخاطبه وكانت تتجاهله معظم األوقات إلى‬
‫أن أمطرت في إحدى الليالي وكانت عاصفة قوية‬
‫انقطع فيها الكهرباء واضطرت أن تنادي له خوفا من‬
‫رؤية أشياء مخيفة‪ ،‬أتى أثير مسرعا إليها في بضع ثوان‬
‫قام باحتضانها وقال لها‪" :‬ال تخافي أمل أنا لن أتركك‬
‫أبدا" مما جعلها تتأثر بكلماته وقام باستعمال قواه‬
‫إلضاءة الغرفة وكان منظرا ساحرا ملؤه النجوم‬
‫املتأللئة‪ ...‬انبهرت كثيرا وأحبت املنظر راحت تبتسم‬
‫وتالمس تلك النجوم وتفكر محتارة استدارت نحو‬
‫‪24‬‬
‫أثير وسألته‪" :‬هل أنا أيضا يمكنني القيام بهذا؟"‬
‫مشيرة بيدها إلى النجوم… ابتسم لها ابتسامة لطيفة‬
‫وأجابها‪" :‬أنت ملكتي وقواك تفوق قواي بأضعاف‬
‫ههه أجل يمكنك فعل أشياء أروع من هذا…" بقيت‬
‫أمل تنظر إليه مندهشة بكالمه وبعينيه الرماديتين‬
‫الالمعتين شعرت بش يء غريب حيث أصابها خجل‬
‫وقالت بصوت خافت‪.." :‬هل هاتان عيناك في‬
‫الحقيقة؟…"‪ ،‬ابتسم لها مرة ثانية وقال‪" :‬أجل عندما‬
‫أستعمل قواي تظهر أعيني الحقيقية‪ ...‬هل‬
‫أعجبتك‪ ...‬عينا هذا القبيح…؟"‪ ،‬احمرت أمل خجال‬
‫وأحست بغرابة وأجابته بانفعال‪" :‬ال تقل هذا أنت‬
‫لست قبيحا أبدا" وذهبت مسرعة‪ ..‬جلست أمام‬
‫املدفأة ماسكة قلبها وتحاول أن تهدأ‪ ،‬تاركة خلفها‬
‫أثير مندهشا من جوابها وردة فعلها مما جعلته يذرف‬
‫أول دمعة‪ ..‬قائال‪" :‬هي حقا تراني لست قبيحا‪ ...‬كيف‬
‫بكيت من أين لي هذه املشاعر البشرية؟؟؟؟؟"‬
‫مرت ليلة غريبة لكليهما حيث بقيا يفكران طول‬
‫الليل ولم يناما إال في وقت متأخر جدا‪.‬‬
‫في الصباح قامت أمل وجدت نفسها على سريرها‬
‫وقالت‪" :‬لقد حملني إلى سريري‪ ."..‬بقيت تفكر‬
‫بتصرفاتها معه…‪ ".‬آه كم كنت فضة معه ومع ذلك‬
‫فهو يساعدني‪ ..‬قامت إلى املطبخ وكالعادة وجدت‬
‫‪25‬‬
‫الفطور جاهزا وكل ش يء مرتب أحست وكأنها اعتادت‬
‫على وجود أثير معها‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬صباح الخير أمل هل نمت جيدا؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬آه أجل همم شكرا لك على حملي لسريري‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال تشكريني فمن واجبي االعتناء بملكتي‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أشعر بغرابة كلما قلت لي ملكتي‪ ..‬أرجوك نادني‬
‫باسمي فقط‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ولكن ملكتي؟؟ أنا؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬قلت لك نادني باسمي فقط هذا أمر…‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حسنا ملك‪ ...‬آآه أقصد أمل‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا هذا مريح‪ ...‬ثم ضحكت معه ألول مرة‪...‬‬
‫كم هذا غريب لكنه مضحك‪..‬‬
‫أكمال فطورهما بصمت إلى أن تكلمت أمل وقالت‪:‬‬
‫"أثير لقد فكرت البارحة كثيرا وقررت أن أبذل جهدي‬
‫ألجل أمي ولكي أحب وأتقبل نفس ي كما أنا‪ ...‬ال أريد‬
‫أن أبقى ضعيفة وغريبة األطوار التي تختبئ من كل‬
‫الناس وتخاف من األشباح‪ ...‬أريد أن أعيش حرة وال‬
‫أخاف شيئا‪ ...‬مع أنني ال أعرف كيف أبدأ لكنني أريد‬
‫هذا بشدة‪ ..‬هل ستساعدني؟"‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أجل بالطبع هذا قرار حكيم أكيد أنا هنا‬
‫ألجلك وألجل مساعدتك دائما ملكت‪ ...‬أقصد أمل‪..‬‬

‫‪26‬‬
‫ابتسمت وقامت متحمسة‪" :‬متى تبدأ في تعليمي؟"‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬متى تريدين أنت؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬منذ اآلن إذن‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫رحلة الشالالت‬

‫أراد أثير أن يعلم أمل من كل قلبه لذا فكر‬


‫بأخذها ألحد معارفه ملساعدته في ذلك ثم أخبرها إذ‬
‫ال تمانع أن تذهب معه‪ ،‬وهي لم ترفض أبدا وقالت‬
‫له‪ :‬افعل ما تراه صائبا أنا أثق بك‪ ،‬فرح أثير بجوابها‬
‫وقال لها أن تحضر نفسها في صباح يوم الغد لرحلة‬
‫طويلة‪.‬‬
‫أمضت ليلتها وهي تستعد وتفكر مطوال فيما‬
‫يخبئه لها مستقبلها املجهول لكنها ومع ذلك أصرت‬
‫على التقدم نحوه‪..‬‬
‫في صباح يوم الغد أخذت أمل كل ما تحتاج في‬
‫رحلتها وذهبت مع أثير سيرا إلى أن وصلوا قرب شالل‬
‫فاستغربت قليال… وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ملاذا ال ننتقل بقواك بدال من السير على ما‬
‫أظن فأنت يمكنك التنقل بين األبعاد والذهاب ألي‬
‫مكان تريد في لحظات… شحب وجه أثير قليال وأجابها‬
‫قائال‪" :‬لألسف أنا ملعون وقواي محدودة جدا ال‬
‫يمكنني استعمالها في املمالك لكننا لن نذهب سيرا‪..‬‬
‫ولم يكمل حديثه بسطوع ضوء قوي في الشالل‬
‫وثارت املياه فظهرت امرأة فاتنة بفستان طويل لونه‬
‫أزرق فاتح يلمع وشعرها أسود طويل جدا مع عينين‬
‫‪28‬‬
‫تلمعان كإشراق الشمس‪ ..‬اندهشت أمل كثيرا وبقيت‬
‫تنظر إليها مصدومة‪ ،‬تقدمت إليهما وقالت‪ :‬مرحبا‬
‫أثير لم أرك منذ أعوام أين كنت‪ ..‬ها هذه إذن ابنة‬
‫عهد إنها تشبه والدتها وتفوقها جماال ههه ثم قامت‬
‫بمالعبة شعرها وهي تبتسم معها‪ ...‬ال تقلقي أنا أكون‬
‫ملكة ممالك الشالالت "توانا" وينادوني بحورية‬
‫الشالالت…‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل لقد طلبت من توانا املساعدة فهي كانت‬
‫تعرف والدتك منذ قرون وعهد هي من قامت‬
‫بإعطائها القوى لتكون ملكة الشالالت ‪..‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أجل أنا ممتنة لعهد بالرغم من كل ش يء فال‬
‫زلت أحبها وأكن لها كل االحترام ههه حبيبتي الصغيرة‬
‫لقد أتيت إلى هنا ملساعدتك بطلب من أثير وال‬
‫يمكنني رفض الطلب طبعا… آسفة ال يمكنني أخذكم‬
‫إلى اململكة ألن أحد الرهبان من عاملكم مقيم عندي‬
‫وال أريد أن تتأذي‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنت حقا لطيفة جدا‪ ،‬شكرا لك‪..‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬ال تشكريني هههه أنت مالكة قوى البينو‬
‫وملكتنا‪ ...‬لن يكون هذا ش يء مقارنة بك‪ ...‬أثير‪ ،‬أمل‬
‫تعالوا معي سآخذكم إلى مكان آمن جدا…‬

‫‪29‬‬
‫وقامت توانا باستعمال قواها حيث شكلت موجة‬
‫مياه عمالقة وانتقلت بهم إلى مكان محيطة به الكثير‬
‫من الشالالت‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هذا هو املكان الذي قامت فيه "عهد"‬
‫بإعطائي القوى ولقب ملكة ممالك الشالالت ألهتم‬
‫بكل ما يتعلق بالشالالت والغابات‪ ...‬لن أكثر الحديث‬
‫ههه ارتاحي قليال صغيرتي وبعد الظهيرة سنبدأ‬
‫التدريب‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل ارتاحي قليال تناولي بعضا من الطعام‬
‫وعندما تكونين مستعدة سنبدأ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪.… :‬حسنا لكن أين سأجلس‪..‬‬
‫قامت توانا باستعمال قواها حيث بنت قصرا‬
‫كبيرا من ماء الشالالت الذي أصبح كالزجاج الصلب‬
‫مع أغصان األشجار واألوراق العمالقة‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬حسنا يمكنك البقاء هنا ههه هل أعجبك‬
‫البيت؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وااااو هذا رائع جدا…‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هااي هذا مفرح ههه حسنا صغيرتي خذي‬
‫وقتك في الراحة‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل سأنتظرك هنا‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا سآتي‪..‬‬

‫‪30‬‬
‫بقيت أمل تتجول داخل القصر منبهرة به إلى أن‬
‫جلست أمام بالكون يطل على الشالالت بالخارج‪،‬‬
‫رأت أثير وامللكة توانا يتحدثان‪ ،‬راحت تفكر وتتأمل‬
‫معهما مبتسمة ثم تنهدت وقالت‪ :‬أمي لقد كنت‬
‫محبوبة وحنونة جدا…‪ .‬سأفعل ما بوسعي ألجلك‪.‬‬
‫بينما كانت منغمسة تفكر نادت توانا وأثير أمل‬
‫لتأتي إليهما‪ ،‬حيث تنهدت أمل وذهبت‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هل أنت بخير؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬نعم أنا بخير شكرا على سؤالك‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هااا كم أنت لطيفة ههه تعالي سأريك شيئا‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬قام باإلمساك بيدها ال تخافي من ش يء ال تنس ي‬
‫أنا معك دائما‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا…‬
‫أخذتها توانا إلى الغابة وتوقفوا أمام شجرة كبيرة‬
‫ذابلة‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أمل هل ترين هذه الشجرة امليتة؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل‪ ..‬انتبهت أمل من وجود أطياف مخيفة‬
‫تخرج من أسفل الشجرة وتقوم بقتل جذورها حيث‬
‫فزعت وقامت باحتضان أثير من شدة خوفها‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال تخافي أمل انظري إلي‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هل رأيت الشر؟‪ ،‬أمل فقط حاملي قوى‬
‫البينو من يمكنهم رؤية ما ندعوهم بشياطين الشر‬
‫‪31‬‬
‫واألطياف‪ ..‬وبصفتك تملكينها لقد رأيتهم بوضوح‪،‬‬
‫كنت متأكدة بوجودهم فهم املسؤولون عن قتل كل‬
‫ما هو حي ولألسف ال يمكنني فعل ش يء‪ ،‬سوى‬
‫معالجة القليل فقط…‪ .‬سابقا البينوتيوليون كانوا‬
‫يسيطرون على توازن الكون ويقضون على كل‬
‫الشر‪ ...‬لكن عند زوالهم حدث اختالل كبير وحتى‬
‫ملوك الطبيعة مثلي ال يمكنهم فعل ش يء حيال ذلك‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫اكتشاف القوى‬

‫بقيت أمل خائفة لكن خوفها زال بعدما قام أثير‬


‫بتشجيعها‪" :‬أمل يمكنك فعلها أنا أؤمن بك أنت‬
‫تعلمين هذا‪"..‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬صغيرتي هل تحملين قالدة والدتك؟ أظن أنها‬
‫ستستجيب معك أعلم أن عهد كانت تملكها وهي من‬
‫صنعها حيث أن قواها غير محدودة وتستجيب مع‬
‫مالكها هي ليست مخزن ذكريات فقط‪..‬‬
‫أخرجت أمل قالدتها وقامت بارتدائها كالعادة‬
‫سطع نور قوي عليها وتغير شكلها ثم قالت لها توانا‬
‫ركزي على الشر وال تخافي‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حاولي أن تتحكمي بالقالدة وركزي على قواك‪.‬‬
‫ترددت أمل قليال لكنها شعرت بالغضب كون تلك‬
‫الشياطين كانت مصدر خوفها الدائم قامت برفع‬
‫يدها نحوهم ودمرتهم بقواها التي أصدرت ريحا ثارت‬
‫فيه الشالالت وضوء قويا أنار الغابة بأكملها لكن‬
‫فور قضائها عليهم سقطت على األرض مغمى عليها‪،‬‬
‫ركض أثير فورا وقام بحملها إلى القصر وضعها على‬
‫السرير وهو خائف جدا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫استيقظت أمل متعبة جدا بعد ما حدث لها وعند‬
‫فتح عينيها الحظت رجال أخضر الشعر بني العينين‬
‫وجسمه مغطى بالكامل بأوراق األشجار‪ ،‬لم تتكلم‬
‫بقيت مستغربة ثم رأت أثير وتوانا أمامها فرحين جدا‬
‫الستيقاظها… سألت أثير ماذا حدث لي؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬لقد قمت بقتل كل الشر بالغابة وكانت القوى‬
‫تفوق طاقة تحمل جسمك البشري لهذا فقدت‬
‫الوعي ملدة شهرين‪ ..‬آه لن تصدقي كم قلقت عليك‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أجل لقد قلقنا عليك كثيرا‪ ،‬لوال مساعدة‬
‫"روح الغابة" لنا لكنت في خطر‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يا إلهي شهران؟؟؟ ماذا تقصدين بروح‬
‫الغابة؟؟؟؟ أجابها الرجل الغريب ذو الشعر األخضر‬
‫إنه أنا اسمي "هارالن" لقد أيقظتني بقواك بعد قرون‬
‫عديدة حيث الشر قض ى علي وعلى كامل األشجار‬
‫تقريبا لكن بفضلك لقد أعدت إيقاظي وإحياء كامل‬
‫الغابة‪ ،‬األشجار والحيوانات تشكرك كثيرا على‬
‫كرمك هذا أميرتي‪ ...‬قاطعه أثير الحديث قائال‪:‬‬
‫"أرجوك أمل ال تستعملي قواك فوق طاقتك‬
‫فجسمك لن يتحمل وال أريدك أن تصابي بأي مكروه‬
‫كان…‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬سأقوم بإعطائك هذا حيث أمسك بيدها‬
‫وأدخل إلى جسمها قوى‪ ،‬هذه القوى ستجعلك‬
‫‪34‬‬
‫تتحكمين بقواك كيفما تشائين مثل ما أعطتني إياها‬
‫عهد سابقا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هل تعرف أمي أنت أيضا؟؟؟‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬ومن ال يعرفها إنها أفضل ملوك‬
‫البينوترييوليون على اإلطالق وألطفهم‪.‬‬
‫أحست أمل بالراحة النفسية والفخر ألنها ابنة‬
‫ملكة عظيمة وحكيمة مما جعلها أقوى بكثير‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬حبيبتي أمل أنت أملنا إلعادة الكون كما كان‬
‫سابقا‪ ...‬حسنا تعبيرا على شكري لك سأعطيك هذا‬
‫أنا أيضا وقامت بإمساك يدها أعطتها قوى لتحميها‪،‬‬
‫هذه القوى أعطتني إياها عهد أيضا هههه أعلم أنها ال‬
‫تساوي شيئا بالنسبة لك لكنها ستحميك ولو قليال‪،‬‬
‫قامت أمل باحتضان توانا وهارالن وأثير قائلة لهم‪:‬‬
‫"لقد وهبتموني جزءا من أمي ومحبة منكم أنا فرحة‬
‫بوجودكم معي وباهتمامكم بي كما لو أن أمي تريني‬
‫محبتها لي فيكم"… احتضنوها هم أيضا وأحبوا روحها‬
‫البريئة والطيبة كثيرا‪ ...‬بفضلهم تخلصت أمل من‬
‫خوفها وشعورها بالوحدة وأصبحت قوية ومفعمة‬
‫بالحياة…‬
‫أمضت معهم الكثير من األوقات واللحظات‬
‫الجميلة استعادت فيها صحتها وتمكنت بفضلهم من‬
‫استكشاف قواها وكيف تتحكم فيها جيدا‪ ،‬وتعلمت‬
‫‪35‬‬
‫منهم الكثير من الحكمة كما تعلموا منها هم أيضا‬
‫املحبة واألمل والشغف ولقد أحبوها كثيرا اعتادوا‬
‫على وجودها اللطيف معهم‪.‬‬
‫في صباح أحد األيام قررت أمل العودة إلى املنزل‬
‫وقامت بإخبار أثير أنها تريد الرجوع للبيت‪ ،‬أجابها‬
‫بالتأكيد سنرحل لقد كنت أنتظرك أن تقولي لي وقتما‬
‫تريدين‪ ،‬لم أرد أن أخبرك ألنني الحظت تعلقك‬
‫باملكان هنا وبامللكة توانا وروح الغابة هارالن‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬معك حق لقد تعودت عليهم كثيرا لكن مع‬
‫ذلك علينا العودة‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حسنا سنرحل صباح الغد قومي بتحضير‬
‫نفسك وارتاحي قليال أنت تفرطين في التدريب‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه حسنا سأسمع كالمك هذه املرة‪..‬‬
‫أخبرتهم أنها سترحل صباح الغد فشعروا بحزن‬
‫لكنهم تفهموا واحترموا قرارها بالذهاب وقالوا لها أن‬
‫تزورهم في أقرب وقت ممكن أو تتصل بهم متى شاءت‬
‫بواسطة قواها‪..‬‬
‫ودعوا أمل وأثير توانا وهارالن ثم عادوا إلى املنزل‬
‫بعد مدة طويلة وكان من الصعب عليهم املفارقة‬
‫لكنهم وعدوا بأنهم سيلتقون من جديد وهذا مؤكد‬
‫طبعا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫لعنة أثير‬

‫بعد مرور أيام عديدة من عودتهما إلى املنزل‬


‫تغيرت أمل كثيرا في تلك الفترة أصبحت قوية وهادئة‬
‫جدا‪ ،‬في بادئ األيام ألنها كانت بشرية وجسمها‬
‫ضعيف‪ ،‬لم تتحمل قواها لذا كانت تنام كثيرا بعد‬
‫تمرنها عليها‪ ،‬لكنها غدت تتحكم بكل ش يء‪ :‬تشفي كل‬
‫ما هو مريض‪ ،‬ترى الشر واملرض أيضا بإمكانها‬
‫التنقل بين األبعاد وأكثر من ذلك بكثير …‬
‫حتى أنها اعتادت على وجود أثير معها بالرغم من‬
‫شكله املخيف لكن مع ذلك أحبته كثيرا‪ ..‬وكانت‬
‫تراقبه بصمت على الدوام حيث استطاعت أن ترى‬
‫الشر بداخله عند نومه بوضوح والذي كان هو‬
‫مصدر لعنته… بالرغم من هذا فهي لم تخبره عنهم‬
‫من خوفها عليه‪.‬‬
‫أمضت كل أيامها في حديقة والديها تعتني باألزهار‬
‫معه وباقي الوقت تتدرب على قواها… تحاول أن تجد‬
‫وقتا مناسبا لتخبر فيه أثير عن لعنته‪.‬‬
‫في أحد األيام كانت معه في الحديقة كعادتها‪،‬‬
‫بينما تقوم بسقي األزهار سألها أثير‪" :‬أمل هذه الفترة‬
‫أحس بأنك مرتبكة نوعا ما هل هناك ما يشغل‬

‫‪37‬‬
‫بالك؟؟ بقيت تنظر إليه بتردد لكنها أخبرته بما تخفيه‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أثير أنا حقا أخفي عنك أمرا اكتشفته منذ فترة‬
‫عنك‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬عني؟ ماذا هناك؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا إنه يخص لعنتك‪ ...‬لقد الحظت عند‬
‫نومك ظهور الشياطين بداخل جسمك وهي خطيرة‬
‫جدا‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬هل هناك شياطين بداخلي؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل والغريب في ذلك أنها ال تظهر إال عند‬
‫نومك‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬إنها حقا لعنة قوية‪...‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬نعم هي كذلك لكنه بإمكاني شفاؤك منها‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل هذا حقا مفرح لكنني أخش ى عليك أن‬
‫تتأذي… ال ال يمكنني أن أخاطر بك ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ثق بي أرجوك سأحاول مساعدتك بصفتي‬
‫ملكتك وكونك تساعدني دائما سأحميك من أي‬
‫خطر كان…‪.‬‬
‫لم تخبره متى تخلصه من اللعنة ألنه كان مترددا‬
‫ومصرا على أن ال تجازف‪ ،‬لكن بالطبع عناد أمل‬
‫وإصرارها ال أحد يمكنه إيقافه لذا قامت بإغفاله‬
‫لعدة أيام وتركته حتى ينام ثم قامت بقتل شياطين‬
‫‪38‬‬
‫اللعنة باستعمال قواها ثم سقطت منهكة مما جعلت‬
‫أثير يستفيق من نومه مفزوعا‪ ،‬نظرت إليه وهو يتغير‬
‫حيث أصبح شعره طويال وأبيضا ناصعا مع ظهور‬
‫عينيه الرماديتين تغيرت مالمح وجهه لكن ليس‬
‫كثيرا… قام بحملها إلى السرير وهو خائف جدا عليها‪،‬‬
‫قالت له لقد تخلصت من الشر بداخلك لكن هناك‬
‫ش يء غريب لم يكن شرا لقد كان لعنة ما لم أعرف‬
‫مصدرها بعد!‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال تأذي نفسك ألجلي مرة ثانية أرجوك‪ ،‬وقام‬
‫باحتضانها بقوة‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلق علي لن يحدث لي ش يء وأنت معي ثم‬
‫احتضنته هي أيضا‪ ،‬لقد تغير شكلك قليال وظهرت‬
‫عيناك الجميلتان‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حقا! قام إلى املرآة بقي يتأمل نفسه… لقد‬
‫استعدت بعضا من مالمحي التي كنت قد نسيتها…‬
‫شكرا لك أمل‪ ..‬هذا يكفيني حقا أرجوك ال تأذي‬
‫نفسك مرة ثانية‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلق أنا أقوى اآلن هه‪...‬‬
‫مرت األيام بسرعة بحلول فصل الربيع‪ ،‬كبرت‬
‫أمل وشاء القدر أن تحب أثير مما بقيت تبحث دائما‬
‫عن حل ما لتخلصه من اللعنة لكنها لم تخبره بحبها‬
‫له‪ ،‬هو أيضا أصبح يبادلها نفس الشعور لكنهما كتما‬
‫‪39‬‬
‫حبهما لبعضهما طوال تلك الفترة ولم يتجرآ على‬
‫البوح بمشاعرهما املتبادلة‪ ..‬مع ذلك كانوا يقضون‬
‫معظم وقتهم مع بعضهم ويستمتعون بزراعة الورود‬
‫الجميلة حيث يقومون بتسميتهم كلما تتفتح وردة‬
‫جديدة‪...‬‬
‫في مساء أحد األيام بينما كانت أمل تجلس قرب‬
‫نافذة املطبخ تتأمل روعة الحديقة وتشرب فنجانا‬
‫من القهوة الذي أعدها أثير لها‪ ،‬الحظت تفتح إحدى‬
‫الورود‪ ،‬نادت أثير وخرجا إلى الحديقة معا لرؤية‬
‫الوردة‪ ..‬انبهرا بلونها األحمر الداكن الرائع وجمالها‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ما أجملها وأجمل لونها إنه مثل لون شعرك‬
‫بالضبط هه‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ههه حقا هو كذلك لكنها جميلة جدا إنها‬
‫أفضل وردة في الحديقة‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬بما أنها هكذا ما رأيك أن نبقيها حية إلى األبد؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬فكرة رائعة‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬وسأجعلها تلمع كل سنة في مثل هذا اليوم‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬مدهش حقا سأنتظر هذا اليوم في العام‬
‫املقبل بفارغ الصبر ‪ ..‬ما هو تاريخ اليوم؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬إنه الثاني والعشرين من أفريل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سأحفظ هذا التاريخ جيدا ولن أنساه أبدا‪..‬‬
‫حتى أنني سأدونه في مذكرتي‪ ..‬ماذا سنسميها إذا؟‬
‫‪40‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬دعيني أفكر قليال…‪ ..‬بقي ينظر إلى عينيها‬
‫لوهلة ثم قال ال تنسيني‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ماذا؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أقصد لنسميها "ال تنسيني"‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه إنه اسم غريب لكن ملاذا اخترت هذا‬
‫االسم بالذات؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال أعلم‪ ...‬أعني أنه عندما نظرت إليك أتاني‬
‫هذا االسم فجأة‪...‬‬
‫بقي مرتبكا بعض الش يء من نظراتها له فهي لم‬
‫تتفوه بكلمة واحدة وبقيت تفكر للحظات بعد ذلك‬
‫قالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لن أنساك!! وهي تنظر له بحزن‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أنا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لن أنساك مادام أنك معي‪ ..‬لقد وعدتني‬
‫بالبقاء معي دائما‪ ..‬بما أنك بجواري لن أنساك أبدا…‪.‬‬
‫أحست أمل ألول مرة بخوفها الشديد من فقدانه مما‬
‫جعلها تنفعل وتبكي‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬لن أتركك ال تبكي أرجوك أنا آسف على جعلك‬
‫تحزنين بسببي‪ ...‬سامحيني هل ارتكبت خطئا ما؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬الاا أنت لم تحزني يوما ملاذا ال تفهم‪ ...‬أنت‬
‫مصدر سعادتي وكل عائلتي اآلن‪ ..‬أنا أحبك أثير‪ ..‬أنا‬
‫حقا أحبك وال يمكنني تحمل فكرة ذهابك أو‬
‫‪41‬‬
‫نسيانك‪ ،‬انصدم من ردة فعلها تلك وقال بمهمهة‪:‬‬
‫هل تحبينني وأنا ملعون وقبيح‪ ...‬أجابته وهي تصرخ‪:‬‬
‫أنت لست قبيحا أبدا أجل أنا أحبك كما أنت‪ ،‬في تلك‬
‫اللحظة بقي ينظر إليها وعيناه مليئتان بالدموع ولم‬
‫يحسا بنفسيهما وهما يرتفعان في الهواء‪ ،‬حيث هب‬
‫ريح قوي جدا وسطع ضوء داخل قلبه وداخل قلب‬
‫أمل وقالدتها أيضا‪ ،‬تغير شكل أثير وانكسرت لعنته‬
‫األخيرة حيث أن قواها دمجت روحهما ليصبحا‬
‫متصالن إلى األبد‪ .‬وتبين أن اللعنة األخيرة ألثير هي‬
‫"الحب النقي الصادق" ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫شياطين اإلنس‬

‫بعد سنوات عديدة من معاناة أثير مع لعنته أخيرا‬


‫لقد عاد إلى طبيعته مشرقا بابتسامته الرائعة وعينيه‬
‫الرماديتين الالمعتين مع شعره األبيض الناعم‬
‫الطويل وردائه الناصع‪ ،‬ليس هذا فقط بل لقد عاد‬
‫إلى تنفيذ مهامه السابقة في إنقاذ األطفال من شر‬
‫أنفسهم إلعطائهم أخالقا فضيلة وروحا نقية‪ ...‬فهو‬
‫مسؤول على القضاء عن شياطين اإلنس التي تولد‬
‫من مشاعر اإلنسان الحقودة والعدوانية‪ ...‬لكنه لم‬
‫يستطع فعل الكثير جراء السنوات املاضية التي‬
‫فاتت وهو ملعون‪ ،‬لقد انتشر الشر والشياطين‬
‫استحوذت على األطفال منذ الصغر إلى الكبر حيث‬
‫صار العالم في خطر كبير وال يوجد غير أمل وحدها‬
‫القادرة على إنقاذ العاملين‪ ...‬رغم استطاعتها تلك‬
‫أثير لم يسمح لها خوفا عليها كونها نصف بشرية‪..‬‬
‫كل يوم يمر كانت الشياطين تستحوذ أكثر وتقتل‬
‫أكثر مما جعلت البشريين يرتكبون الجرائم‬
‫ويفسدون في األرض عمدا‪..‬‬
‫ظلت أمل خائفة جدا ومترددة أصبحت تفكر‬
‫كثيرا تحاول إيجاد حل ما ثم خرجت من املنزل‬
‫وذهبت إلى الغابة لتستدعي روح الغابة عس ى أن‬
‫‪43‬‬
‫يساعدها في ش يء فهو حكيم وبارع في الشفاء‪ ،‬نادته‬
‫بواسطة قواها الروحية وفي بضع لحظات أتى إليها ‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬أميرتي سعيد برؤيتك ملاذا استدعيتني؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سعيدة برؤيتك أنا أيضا‪ ،‬كيف هي أحوالك‬
‫وأحوال املمالك األخرى؟‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬أنا آسف على هذه األخبار السيئة لكن‬
‫العالم ينهار حتى نحن امللوك املسؤولون عن حماية‬
‫الطبيعة عجزنا عن ذلك وأصبنا بالتلوث "يقصد‬
‫بالتلوث عندما تستحوذ الشياطين على الروح"‬
‫وامللكة توانا أصيبت بذلك وهي في خطر كبير…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يا إلهي ماذا سأفعل؟ هذا كله بسببي هارالن‬
‫أرجوك خذني إلى توانا علي أن أنقذها‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬لكن سيدتي أنت تعلمين أن أحد رهبان‬
‫البينو هناك إنه خطر عليك الذهاب إن رآك ستكون‬
‫مصيبة أكبر‪ ..‬فكري جيدا أرجوك أمل ال تتهوري‪.‬‬
‫كانت أمل شديدة الخوف والحيرة حين ذاك‬
‫فأحس بها أثير فورا وأتى إليها‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل أنا قلق عليك ماذا ستفعلين؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬كنت أعلم أنك ستأتي عندما تسمع أفكاري‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬يا إلهي أثير لقد عدت إلى طبيعتك‪ ،‬كيف‬
‫تخلصت من اللعنة…‪ .‬وملاذا تسمع أفكار أمل؟؟؟؟‬
‫هل أنتما مرتبطا الروح؟؟‬
‫‪44‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أجل وهذا بفضل غاليتي أمل لقد اكتشفت‬
‫مصدر لعنتي وخلصتني منها عدا اللعنة األخيرة كانت‬
‫لعنة الحب و بما أنها اعترفت بحبها الصادق لي‬
‫كسرت لعنتي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل أحببنا بعضنا وصرنا مترابطان بالروح إلى‬
‫األبد…‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬هذا رائع أمل أنت دائما ما تدهشينني كونك‬
‫نصف بشرية لكنك أقوى بكثير‪ ،‬أرى أن حبكما هذا‬
‫سيكون قويا جدا مستقبال…‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أجل سيكون كذلك…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا لنعد إلى موضوعنا أنا مصرة على‬
‫الذهاب ململكة الشالالت ولست خائفة من مواجهة‬
‫الرهبان حتى لو اعتبروني مسخا علي أن أنقذ توانا‬
‫والعالم هذا واجبي وسأقوم به مهما كلفني األمر‪..‬‬
‫أرجوكما ال تتعبا نفسيكما في إقناعي لقد صمدت‬
‫واختبأت كثيرا حتى اآلن سأذهب إنه قراري األخير‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال يمكنني معارضتك وال يمكنني تركك تذهبين‬
‫وحدك أنا معك في كل الظروف…‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬حسنا أميرتي أنا أيضا سأظل بجانبك على‬
‫الدوام‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬شكرا لكما هذا يعني لي الكثير‪ ،‬لنذهب إذا‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫قام هارالن بفتح البوابات وانتقلوا عبر األبعاد إلى‬
‫مملكة الشالالت في بضع لحظات هرعت أمل مسرعة‬
‫إلى توانا غير مكترثة بما سيحدث بعدها لقد كانت‬
‫تحبها كثيرا وال تريدها أن تتأذى على اإلطالق دخلت‬
‫القصر واتجهت نحو الغرفة امللكية وجدت توانا‬
‫مستلقية على السرير فاقدة الوعي وملوثة بالكامل‪،‬‬
‫فزعت أمل قليال من رؤية الشياطين لكنها تقدمت‬
‫بكل ثقة وعزيمة ثم استعملت قواها التي انتشرت في‬
‫كامل اململكة وقضت على كل الشياطين املستحوذة‬
‫حيث أنقذت توانا واستفاقت في الحال‪ ،‬في تلك‬
‫اللحظة شعرت أمل بدوخة خفيفة لكنها بقيت متزنة‬
‫ومتماسكة‪ ،‬وشعر بها أثير أيضا وذهب هو وهارالن‬
‫إليها فوجدوا امللكة واقفة على رجليها تحتضن أمل‬
‫وكل اململكة عادت منيرة خالية من التلوث‪.‬‬
‫رحبت امللكة توانا بأمل كثيرا وشكرتها على إنقاذها‬
‫لها‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬حبيبتي أمل أنا حقا أدين لك بحياتي شكرا‬
‫جزيال على إنقاذي وإنقاذ اململكة لقد خاطرت‬
‫بحياتك ألجلي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا سعيدة جدا لرؤيتك في صحة جيدة‬
‫تبتسمين لي ال يهمني ماذا سيحدث لي املهم أنك بخير‬
‫وهذا واجبي كوني حاملة قوى البينو الوحيدة…‬
‫‪46‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬آه صغيرتي أمل أرى أنك كبرت وأصبحت‬
‫ناضجة أنا حقا ممنونة لك‪..‬‬

‫‪47‬‬
‫املواجهة األخيرة‬

‫ترك هارالن وأثير امللكة توانا وأمل يتحدثان ثم‬


‫ذهبا إلى البهو‪ ،‬في ذاك الحين صادف أثير الراهب‬
‫"داغر" املسؤول عن الطقس من مملكة البينو‪ ...‬ولم‬
‫يجد مفرا منه سوى املواجهة‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬أيها امللعون الخائن!! كيف تجرؤ على القدوم‬
‫إلى هنا وكيف تخلصت من اللعنة‪ ..‬سأنهيك هذه‬
‫املرة…‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أنا لست بخائن لطاملا كنت وفيا للملكة "عهد"‬
‫وسأبقى كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬ال تذكر اسم تلك الحقيرة هي من دمرتنا‬
‫ودمرت عاملنا أجل هي وأنت شاركتها ذنبها…‬
‫وقام داغر بمهاجمة أثير حيث أحاط اململكة‬
‫بعاصفة كبيرة واستدعى الراهب اآلخر راسان‬
‫املسؤول عن البحار القاتن في مملكة الغابات قرب‬
‫البحر‪ ،‬فتحت بوابات العوالم وقام الراهبان‬
‫باستعمال قواهما إلنهاء أثير إلى األبد وبسبب‬
‫غضبهما وحماقتهما عند فتح كل البوابات عم التلوث‬
‫في كامل األرض واختل توازن الطبيعة بالكامل وكان‬
‫سيحدث دمار شامل للعالم لوال تدخل أمل في‬
‫اللحظة األخيرة وأوقفتهما بقواها العظيمة‪ ،‬جردتهما‬
‫‪48‬‬
‫من قوى فتح بوابات العوالم وكانت ستدمرهما لوال‬
‫إمساك أثير بها لتعود إلى رشدها وتستفيق من‬
‫غضبها‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل ال ال تفعليها عودي إلى رشدك أنت لست‬
‫هكذا ولن تكوني‪ ...‬أفيقي أمل‪ ،‬في تلك اللحظة‬
‫توقفت أمل عند سماعها لصوت أثير‪ ،‬نظرت إليه ثم‬
‫وقعت أرضا بدوخة كبيرة لكنها تماسكت ثم قامت‬
‫على قدميها كامللكة الجبارة و قالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أمل ابنة امللكة عهد واآلن كما ترون أنني‬
‫الوحيدة التي تملك قوى البينو‪ ،‬سلبتكما القوى‬
‫ألنكما خربتما كل العالم‪ .‬أهذا هو واجبكم يا من‬
‫تدعون الحماية؟ ما هذه الحماقة التي ترتكبونها ال‬
‫يحق عليكم اإلفساد في األرض وتخطي حدودكم؟؟‪..‬‬
‫منذ هذه اللحظة شئتم أم أبيتم عليكم طاعتي‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬ماذا!!!!!؟؟؟‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬ماذا ؟!!!!!‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬كيف هذا ما هذا العار بشرية هجينة تملك‬
‫قوى البينو!!! أنت ال تصلحين أن تكوني ملكتنا‬
‫أعيدي إلينا مفاتيحنا أيتها الوقحة املغرورة‪ ...‬ماذا‬
‫تكونين يجب قتلك فورا‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬منذ متى كان البشر يحكموننا؟ كيف‬
‫خلقت؟ مستحيل هذا من املفروض أنك ميتة قبل‬
‫والدتك لست سوى مسخ‪...‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا لست مسخا أنا ابنة امللكة "عهد" وورثت‬
‫قواها‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬ال تذكري اسم تلك اللعينة يا لك من وضيعة‬
‫من املفروض أنك تدمرت مستحيل أن يتحمل جسم‬
‫بشري قوى البينو العظمى كيف بقيت كل هذا‬
‫الوقت ولم نعلم أنك موجودة‪...‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لقد خلقت نصف إنسانة‪ ..‬أمي ضحت بنفسها‬
‫ألجل أن أحيا‪ ،‬لقد ورثت قوى "البينو" من والدتي‬
‫وقالدة اإلحياء والذكريات الغير محدودة قواها‪...‬‬
‫تفاعلت معي حيث أصبحت أتحكم بقواي جيدا‪.‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬أنت تعنين تلك القالدة التي صنعتها "عهد"‬
‫املجهول قواها؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل هي بالضبط‪ ،‬لقد تعاهدت على أن أعيد‬
‫كل ش يء كما كان وأحيي عالم البينو من جديد مهما‬
‫كلفني األمر‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬لن نسمح لك بهذا‪ ..‬أبدا‪.‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬حتى لو ملكت القوى ستظلين بشرية ابنة‬
‫الخائنة…‬

‫‪50‬‬
‫تدخلت امللكة توانا وهارالن في تلك اللحظة‬
‫واجتمع سكان اململكة حولهم ملساندة أمل والوقوف‬
‫ضد الرهبان ألجلها‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬كلنا نعرف أن عهد من تسببت بدمار العالم‬
‫ذنبها الوحيد أنها أحبت بشريا أنقذته من املوت أنتم‬
‫تعرفون بهذا ومع ذلك أنكرتم وأصريتم على لعنها لقد‬
‫كانت ملكة عظيمة ومن منا لم تساعده؟؟؟‬
‫تكلم كل الحاضرون هناك عن فضل امللكة عهد‬
‫وطيبة قلبها‪ ،‬بأنها كانت تساعد الكل‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬أجل هي محقة كل ممالك األرض يحبونها‬
‫وكل املخلوقات تحترمها غيركم أيها الرهبان لقد‬
‫احترمناكم لقرون كونكم عادلون يجب عليكم أن ال‬
‫تخطئوا في حق أميرتنا أمل…‬
‫وقام كل الحاضرين يهتفون باسم "أمل" ويحيونها‬
‫محبة واحتراما‪..‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬لقد شهدنا أنا وهارالن عن نقاء وحسن‬
‫أخالق أمل منذ سنوات وكنا نحن من نعلمها وهي‬
‫باملقابل حمتنا وأنقذتنا في أي ظرف كان‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أمل محبوبتنا وأملنا الوحيد لقد خلصتني من‬
‫لعنتي وأنقذتني أنا أيضا‪ ..‬كانت تخاطر بنفسها ألجلنا‬
‫دون مقابل… وكلنا نحبها ونحترمها…‬

‫‪51‬‬
‫ظل الراهبان يفكران بصمت ويتبادالن النظرات‬
‫الغريبة لعدة دقائق ثم قال داغر…‪ .‬مع كل هذا ال‬
‫تزالين بشرية‪ ...‬لكن عليك إعادة عاملنا كما كان‪.‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬بما أنك تريدين إنقاذ عاملنا وقتل كل الشر‬
‫باألرض هذا أمر مستحيل ستموتين ال محالة‪...‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬يمكنها العيش لقرون هي أيضا لقد فحصتها‬
‫منذ سنوات فجسمها مختلط وقواها أكثر بكثير من‬
‫قوى امللوك السابقين أنا أؤمن بقدراتها ومتأكد من‬
‫أنها تنتمي إلى كال العاملين‪...‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬نعم هي فتاة من عاملين‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫عودة كل ش يء كما كان‬

‫‪ -‬أمل‪ :‬لقد كنتم مصدر قوتي وعائلتي الثانية وأثبتم‬


‫لي كم كانت أمي محبوبة ورائعة‪ ،‬ال يهمني إن أخطأت‬
‫سأعيد كل ش يء كما كان وأعلم أنكم تثقون بي أليس‬
‫كذلك؟‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أكيد نحن كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬يمكنك إخفاء مشاعرك عنهم جميعا لكن ليس‬
‫عني أنت خائفة من فقداننا أمل ال تفعلي هذا…‪..‬‬
‫أراد الرهبان منها أن تعيد عاملهم وال يهمهم أنها‬
‫ستموت أم ال لذا لم يكترثوا ألمر اللعنة التي‬
‫ستصيبها فهم يعلمون بكل األشياء التي تخص عالم‬
‫البينو وخصوصا إذا كان البشر لهم علم بوجودهم‬
‫ستصيبهم لعنة النسيان‪ ،‬لكنهم وافقوا على قرارها‬
‫عكس أثير والبقية الذين خافوا من فقدناها بشدة‬
‫أو أذيتها‪.‬‬
‫راح أثير يبكي بحرقة ويترجاها لكي ال تخاطر‬
‫بنفسها ألجلهم لكن أمل أصرت على قرارها الخطير‬
‫ذاك ‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حبيبتي أرجوك ال تفعليها لن أتحمل أذيتك أو‬
‫فقدانك‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سيكون هذا ألجلكم وألجل أمي العالم سيدمر‬
‫واألرض سيغزوها الشر ال يوجد حل آخر وليس‬
‫بيدي حيلة‪ ،‬علي بهذا ثق بي أرجوك‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬من املحتمل فقدانك لقواك أو ذاكرتك إذ‬
‫أن جسمك سيضعف كثيرا أمل فكري جيدا…‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬ممنوع على البشر أن يعلموا بوجودنا وأنت‬
‫خطر علينا لقد قام ملوك البينوتريولييون بجعل كل‬
‫بشري يرانا فاقدا لذكرياته التي تخصنا‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ماذا؟!!! ال تقومي بهذا أرجوك أمل توقفي‪.‬‬
‫قامت أمل وهي تبكي بحزن شديد‪ ،‬نظرت إلى أثير‬
‫وقالت "أحبك" ثم ارتفعت في السماء مستعملة كامل‬
‫قواها التي انتشرت في كامل األرض وقتلت كل‬
‫الشياطين والتلوث‪ ،‬أغلقت كل البوابات وخلصت‬
‫عالم البينو من الدمار أعادت الرهبان وأثير إلى‬
‫عاملهم مما أدى إلى استنزاف كامل قواها في إنقاذ‬
‫العاملين أكملت مهامها في آخر لحظة ثم وقعت أرضا‪.‬‬
‫وعاد كل ش يء كما كان من قبل‪ ،‬عم السالم في األرض‬
‫وأصبحت الغابات كثيفة والناس شفوا من‬
‫أمراضهم…‪ .‬كل هذا كان بفضل أمل وروحها النقية‪..‬‬
‫بعد مرور أسابيع وجد أحد الرجال أمل مغمى‬
‫عليها وسط الغابة قرب منزله فأخذها فورا إلى‬

‫‪54‬‬
‫املستشفى وبقيت في غيبوبة ملدة طويلة بقيت فيها مع‬
‫والديها رأت والدتها فخورة بها وأباها أيضا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أمي أبي أنتما معي أخيرا لقد اجتمعنا…‬
‫‪ -‬عهد‪ :‬أملي حبيبتي لم أتركك للحظة لقد كنت معك‬
‫على الدوام وسأظل هكذا‪.‬‬
‫‪ -‬مناف‪ :‬صغيرتي اشتقت لك أنا آسف لتركك لقد‬
‫تركتك وحيدة ورحلت باكرا‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هذا ليس ذنبك أبي أنت حميتني آلخر لحظة في‬
‫حياتك أنا آسفة كنت السبب في موتكما سامحاني‬
‫أرجوكما…‪.‬‬
‫‪ -‬عهد‪ :‬ليس لك أي ذنب صغيرتي نحن من قررنا هذا‬
‫ونحن من نتأسف‪ ...‬عليك بالعودة ونحن سنظل‬
‫بجانبك دائما‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬مناف‪ :‬ال تشكي في محبتنا لك لن نتركك أبدا…‬
‫واستيقظت أمل من تلك الغيبوبة فاقدة لكل‬
‫ذكرياتها التي ترتبط بعالم "البينو" وكل القوى لم‬
‫تتذكر شيئا سوى تاريخ كانت تردده عند استفاقتها‬
‫الذي هو الثاني والعشرين من أفريل لكنها لم تعرف‬
‫ما مناسبته‪..‬؟؟ وغير أنها يتيمة أمها ماتت بعد والدتها‬
‫بلحظات ووالدها توفى بسكتة قلبية وأنها تربت عند‬
‫الخادمة ولم يكن لها أقارب غير عمتها لوليا التي‬
‫وجدتها معها في املشفى عند استيقاظها…‬
‫‪55‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أنا أكون عمتك لقد عدت إلى هنا منذ فترة…‬
‫أعلم أننا لم نتقابل أبدا وبالصدفة تعرف عليك‬
‫زوجي فهو يعمل طبيبا هنا وألنك تحملين بطاقة‬
‫التعريف خاصتك علم أنك ابنة أخي مناف رحمه‬
‫هللا…‪ .‬واتصل بي فورا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنت عمتي حقا أنا أتذكرك في الصور… شكرا‬
‫عمتي أنا حقا ممتنة ملجيئك‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال يهمني أمرك فقط أتيت ألنه انتابني‬
‫الفضول لرؤية وجهك‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ماذا !!!!‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال تتغابي أنت السبب في موت أخي الحبيب لن‬
‫أسامحك أبدا…‬
‫بقيت أمل مصدومة من ردة فعل عمتها وحقدها‬
‫عليها لم تستطع الكالم وساء وضعها مما جعل عمتها‬
‫تفزع وتركض منادية للطبيب…‬
‫‪ -‬الطبيب‪ :‬املريضة متعبة جدا جسمها ضعيف‬
‫ونفسيتها أيضا منهارة من فضلك سيدتي ال تزعجيها‬
‫غدا ستكون جاهزة للخروج وكونك قريبتها الوحيدة‬
‫لديك الصالحية بأخذها معك‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ماذا!! أقصد حسنا سأفعل…‪..‬‬
‫في صباح اليوم املوالي خرجت أمل من املشفى‬
‫وذهبت مع عمتها لتقيم معها في بيتها مع زوجها وابنها‬
‫‪56‬‬
‫املصاب بالشلل في قدميه‪ ،‬لم يكن مرحبا بها في املنزل‬
‫وبالرغم من ذلك ظلت أمل تتصرف بلطف وتحاول‬
‫التقرب من عمتها وابنها غيث الذي ال يحب أحدا من‬
‫عائلته حتى والديه‪ ...‬مع أنها متعبة وضعيفة لكنها لم‬
‫ترد البقاء في السرير…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال تكوني غبية عودي إلى فراشك أنت ال تزالين‬
‫مريضة ولن أتحمل العواقب جراء تهاونك…‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬شكرا عمتي على اهتمامك بي‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ومن قال أنني أهتم…‪ .‬أنا ذاهبة‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي انتظري‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ماذا تريدين!؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أعلم بأنك حنونة ولطيفة جدا لقد أخبرني‬
‫أبي عنك كثيرا‪.‬‬
‫غرغرت عينا لوليا بالدموع وذهبت إلى غرفتها‬
‫مسرعة… تأثرت بكلمات أمل لها عن أخيها الوحيد‬
‫الذي أحبته كثيرا‪ ..‬وظلت تفكر إلى أن أتى زوجها‪..‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ملا تبكين؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أمل تلك أخبرتني بأن أخي كان يذكرني دائما‬
‫وهي ال تكترث لكالمي القاس ي وتظل تدعوني بعمتي‬
‫فقط…‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ال تكترثي لكالمها من منا يعرف من تكون في‬
‫األصل هل هي طيبة حقا! أم أنها مخادعة‪ ...‬علينا‬
‫‪57‬‬
‫الحذر منها‪ ،‬ال تكوني ضعيفة هكذا‪ ،‬لوليا لطاملا كنتي‬
‫تكرهينها بشدة…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل أنت محق‪ ،‬لن أثق بتلك املعتوهة‪..‬‬
‫بقيت لوليا تردد تلك الكلمات بداخلها مع‬
‫إصرارها على كره أمل والحقد عليها كونها هي من‬
‫كانت السبب في موت أخيها الوحيد في اعتقادها…‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫غيث الوقح‬

‫كان غيث أسير الفراش ووحيدا على الدوام‪ ،‬لم‬


‫يكن يحب املخالطة وال الخروج ألي مكان سوى‬
‫جلوسه بغرفته‪ ،‬بالرغم أن سبب إعاقته كانت جراء‬
‫حادث وقوعه باملزالج في منعرج خطير أعلى الجبل‬
‫منذ أربعة سنوات‪ ..‬لكنه شفي وبقي عاجزا عن‬
‫تحريك رجليه بسبب الصدمة مع أن احتمالية‬
‫شفائه كبيرة جدا لم يحاول قط! واستسلم ألمره‪.‬‬
‫في أحد األيام استيقظت أمل من النوم حزينة‬
‫وتبكي ككل مرة لكنها لم تفهم السبب وراء هذا‬
‫الشعور‪ ،‬بقيت تفكر فيما عليها أن تفعل بالبيت‬
‫الكبير لوحدها ألن عمتها وزوجها يذهبان للعمل‬
‫ويعودان في وقت متأخر كما أن غيث ال يخرج من‬
‫غرفته أبدا…‪ .‬غيرت مالبسها وألقت نظرة من شرفة‬
‫غرفتها التي تطل على حديقة بها أزهار ونافورة جميلة‬
‫جدا فأعجبها املنظر كثيرا من الفوق أرادت الخروج‬
‫والذهاب إليها بشدة فأسرعت في أكل فطورها‬
‫وخرجت فورا إلى الحديقة‪ ،‬أحبت النافورة كثيرا‬
‫وراحت تلعب باملياه وتركض هنا وهناك‪ ،‬استمتعت‬
‫كثيرا بوقتها ثم جلست على العشب تنظر إلى األزهار‬
‫الذابلة…‬
‫‪59‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬إن هذه الحديقة جميلة جدا لكن األزهار‬
‫ذابلة‪ ..‬يبدو أنهم لم يعتنوا بها منذ سنوات‪ ...‬ظلت‬
‫تفكر لوقت طويل وهي جالسة هناك ولم تنتبه لغيث‬
‫الذي يشاهدها من فوق‪ ...‬ثم عادت إلى البيت عند‬
‫رؤيتها لعمتها تركن السيارة‪ ...‬فور دخولها وجدت‬
‫غيث ينتظر قدومهم أمام الباب بغضب شديد‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬هل عدت أيتها املتسللة الوقحة؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ماذا؟؟ هل تخاطبني أنا؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ومن غيرك جالب املتاعب والنحس هنا؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪..... :‬؟؟؟؟؟؟؟؟؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ما الذي يحدث هنا ملا تصرخ غيث‪..‬؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬اسأليها هي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا لم أفعل شيئا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال تكذبي لقد رأيتك تتسللين إلى حديقتي‬
‫وملست كل شبر منها بيديك القذرتان…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ما هذه الوقاحة كيف تقومين بمثل هذا‬
‫الفعل من قال لك أن تذهبي إلى حديقة ابني الذي‬
‫ليس مسموحا ألحد غيره الذهاب إليها…‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ماذا؟؟؟؟…‪ ...‬أنا حقا آسفة لم أكن أعلم‬
‫بهذا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا لك من مزعجة…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بني ال تنزعج سأوبخها ألجلك‪..‬‬
‫‪60‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال تخاطبيني ب"بني" قلت لك هذا مرارا‬
‫وتكرارا ال تتدخلي بي وال ّتدعي محبتي أنت تصلحين في‬
‫عملك فقط وال تصلحي لتكوني أما لي أبدا…‪.‬‬
‫وفور سماع لوليا لكالم ابنها الجارح انفجرت‬
‫بالبكاء وركضت مسرعة إلى غرفتها‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬اصمت كيف تخاطب أمك بهذه الطريقة‬
‫الفظة…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال دخل لك أنت‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬كيف لي أن ال أتدخل من تخاطبها بكالمك‬
‫الوقح تكون عمتي الوحيدة أيها األحمق… أنت ال‬
‫تعرف قيمة العائلة ولن تعرفها‪...‬‬
‫وذهبت إلى عمتها تاركة خلفها غيث غاضبا جدا‬
‫ومندهشا من كلمات أمل له‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي ال تحزني أرجوك فهو غاضب مني فقط‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال تتدخلي أنت‪ ..‬فهو دائما ما يوجه لي‬
‫الكلمات الجارحة هذا ليس شيئا جديدا علي…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي؟؟ أنا حقا آسفة‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬اخرجي من غرفتي أريد أن أرتاح‪ ...‬اتركيني‬
‫وشأني‪..‬‬

‫‪61‬‬
‫الحظت أمل عمتها تحمل صورة أبيها وتبكي عند‬
‫خروجها من الغرفة‪ ،‬بقيت مستاءة ألجلها ثم عادت‬
‫إلى غرفتها تفكر في تصرف غيث الوقح مع أمه على‬
‫الدوام‪...‬‬

‫‪62‬‬
‫نوروسط عتمتي‬

‫وقفت أمل وهي غاضبة ثم ذهبت لغرفة غيث‬


‫دخلت وأغلقت الباب وراءها‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنت حقا وقحة وضيعة من سمح لك‬
‫بالدخول إلى غرفتي؟؟؟‪ ...‬أخرجي فورا‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لن أخرج أبدا حتى لو ظللت تصرخ طوال‬
‫الوقت جئت ألتكلم معك وأنا مصرة على هذا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أ ليس لديك مشاعر تسمعين شتمي ومع ذلك‬
‫ال تكترثين كم أنت رخيصة…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬اسأل نفسك أوال هذا السؤال‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬وقحة ماذا تقصدين؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أقصدك أنت‪ ،‬أنت تتصرف بوقاحة دائما مع‬
‫والدتك وال تهتم ملشاعرها‪ ..‬كيف عليك أن تكون بهذا‬
‫الجفاء تجاه أمك التي حملتك في بطنها تسعة أشهر‬
‫وأنجبتك هل أنا هي عديمة املشاعر أم أنت؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬اصمتي لن أسمح لك بإهانتي وأنت في غرفتي‬
‫ال شأن لك بي وبأمور عائلتي‪ ...‬اغربي عن وجهي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لي شأن بهذا ملا تخاطبني وكأنني غريبة عنكم‪...‬‬
‫أنا حقا لم أكن أعرفكم ألنكم لم تكونوا في البلد‬
‫ولقد عدتم مؤخرا لكنكم عائلتي الوحيدة هذا ليس‬
‫ذنبي‪...‬‬
‫‪63‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال يهمني‪ ...‬كل ما تقولينه عن هذه العائلة‬
‫الحقيرة‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أيها املدلل الفظ لو لم تكن لديك عائلة‬
‫لتذوقت طعم املرارة واليتم ولم تكن لتقول هذا‬
‫الكالم أبدا‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ما الفرق‪ ...‬هه لطاملا كنت وحيدا…‬
‫اندهشت أمل من كالم غيث ووجهه الحزين في‬
‫تلك اللحظة الحظت أملا كبيرا يخفيه غيث وراء‬
‫شخصيته الوقحة‪ ...‬تنهدت وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث انظر أنا حقا أحبك كما أحب عمتي أنتم‬
‫كل ما تبقى لدي وال أريد منك البقاء على هذا الحال‬
‫تعاتب نفسك وتقوم بإيذاء عمتي‪ ...‬مهما كانت‬
‫معاناتك ال تخلط بين األمور وتجعل قلبك مليئا‬
‫بالحقد والكراهية‪ ،‬لقد عشت وحيدة ويتيمة لم‬
‫أتعرف على أمي أبدا ولو تسنت لي الفرصة ألراها حتى‬
‫في منامي لكنت فرحة جدا للقائها‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا تقصدين كيف لم تتعرفي عليها؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يبدو أن عمتي لم تحك لك عني أبدا‪ ...‬حسنا‬
‫أمي ماتت بعد والدتي مباشرة تاركة لي عقدا على‬
‫شكل نجمة تلك هي فقط ذكرى أمي التي أملكها ولقد‬
‫تربيت مع أبي فقط حتى سن التاسعة وتوفي هو‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل لقد كنت صغيرة جدا ووحيدة أنت ال‬
‫تعلم مقدار األلم الذي قاسيته بعد رحيل والدي‬
‫أصبحت حياتي مظلمة ومخيفة جدا حتى أنني تبنيت‬
‫من قبل خادمة منزلنا وكبرت في منزلها مع أوالدها‬
‫الذين اعتادوا على ضربي ومضايقتي…‬
‫كنت أتمنى عودة أبي وأمي كل ليلة وكل لحظة…‪.‬‬
‫كبرت وأنا أشاهد في املدرسة األولياء عندما يوصلون‬
‫أبناءهم في الصباح واملساء بينما كنت أسير على‬
‫أقدامي أتخيل والدي وهو يحملني فوق ظهره‬
‫ويالعبني حتى أنه انتهى بي املطاف في املشفى فاقدة‬
‫لذاكرتي مهما حاولت أن أتذكر ماذا حصل لي وكيف‬
‫وصلت إلى املشفى لكنني لم أتذكر شيئا سوى تاريخ‬
‫أجهل مناسبته…‪ .‬ما أعرفه فقط هو أنكم عائلتي‬
‫الوحيدة ولن أخسركم أبدا حتى لو كنتم تكرهونني ال‬
‫يهمني هذا…‪ .‬ما يهمني هو سعادتكم فقط‪.‬‬
‫تأثر غيث بكالم أمل وقصة حياتها املؤملة وكل‬
‫معاناتها مع ذلك لم يفعل شيئا وظل صارما‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا متعب أريد أن أنام‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬تنهدت أمل وقالت له آسفة على مضايقتك‬
‫لكن أرجوك فكر فيما قلته لك أعلم أنك تحب عمتي‬
‫ال تعاملها بقسوة من فضلك…‪ .‬تصبح على خير‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫خرجت أمل من غرفته وذهبت لتنام تاركة إياه‬
‫محبطا ومستاء جدا حتى أنه لم ينم من تفكيره بها‬
‫وبكلماتها له أحس بالذنب واألسف الشديد لهذا قرر‬
‫أن يحدث والدته غدا‪..‬‬
‫في صباح يوم الغد استيقظ غيث جلس على‬
‫كرسيه املتحرك وذهب عند والدته كانت أمل قد‬
‫استيقظت هي أيضا ورأت غيث وهو يتكلم مع أمه‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمي‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بني؟؟ كيف استيقظت باكرا؟؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمي‪ ...‬أنا‪ ...‬عودي باكرا من العمل‪ ..‬ال‬
‫تتأخري‪..‬‬
‫اندهشت لوليا ملناداة غيث لها ب"أمي" ولكالمه‬
‫الذي أبدى فيه اهتمامه بطريقة غريبة‪ ..‬مما جعلها‬
‫تفرح بشدة ‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا بني سآتي باكرا ألجلك‪ ،‬ثم قبلته‬
‫وخرجت من املنزل تغمرها السعادة‪.‬‬
‫استدار غيث ذاهبا للمطبخ وجد أمل وراءه‬
‫تبتسم له‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنت‪..‬؟؟ هل تسترقين السمع؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أسترق السمع لقد كنت ذاهبة إلى املطبخ‬
‫وبالصدفة سمعتكما‪ ..‬ههه كنت أعلم أنك طيب‬
‫القلب‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬همم‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬باملناسبة اسمي أمل ليس أنت…‪ .‬ههه‪ ،‬ثم ذهبا‬
‫إلى املطبخ لإلفطار جلس غيث ينظر إليها كيف تقوم‬
‫بتحضير الفطور لها وله‪ ...‬عم الصمت للحظات ثم‬
‫قالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬باملناسبة هل تسمح لي بالذهاب إلى حديقتك‬
‫غيث؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أبدا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أرجوك اسمح لي‪..‬؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أال تسأمي؟؟ يا لك من عنيدة ملاذا أنت مصرة‬
‫ما الذي يعجبك بحديقتي‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أريد فقط أن أنظفها وأزرع بعض األشجار‬
‫والورود الجميلة‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬هاا ورود؟؟؟؟ وما علمك أنت بأمور الزراعة‬
‫والورود ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عندما كان أبي على قيد الحياة اعتاد على‬
‫أخذي معه إلى حديقة بيتنا التي كان يزرع فيها الورود‬
‫هو وأمي حيث أنني كنت أجلس بقربه في األرجوحة‬
‫أشاهده وهو يعتني بالورود وقبل سنوات من عودتي‬
‫إلى بيت والداي اعتدت على اعتنائي بالحديقة ألجل‬
‫والداي‪ ...‬أحست أمل بألم في قلبها واشتياق كبير عند‬

‫‪67‬‬
‫ذكرها ألمر الحديقة لكنها تجاهلت األمر…‪ ..‬لهذا أنا‬
‫خبيرة في زراعة الورود ههه ما رأيك بهذا‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬هل أنت مشتاقة لبيتك؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أكثر مما تتصور؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬الورود جميلة جدا‪ ...‬لم أر في حياتي ورودا‪..‬‬
‫لكنني كنت أعرف أحدا يحب الورود كثيرا‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬شعرت أمل بحزن في كلمات غيث لذا ابتسمت‬
‫وقالت له سأزرع العديد من الورود في حديقتك‬
‫ألجلك ما رأيك؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬افعلي ما شئت ثم ذهب إلى غرفته…‬
‫مع أن كلماته قاسية لكن أمل كانت تعلم بأنه‬
‫لطيف وطيب القلب لذا خرجت لتشتري بعضا من‬
‫البذور ومستلزمات الزرع ثم عادت مسرعة إلى املنزل‬
‫وقامت بتغيير مالبسها وبدأت بزراعة الورود في‬
‫الحديقة بكل سرور‪ ،‬وبينما هي منغمسة بالزرع كان‬
‫غيث يشاهدها من فوق بتمعن‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬هذه الفتاة حقا مليئة بالحياة واألمل‪...‬‬
‫بالرغم من كل ما عايشته‪ ..‬أمر غريب لكنني ال أنكر‬
‫هذا لقد أنارت عتمتي املظلمة بين ليلة وضحاها؟‪..‬‬

‫‪68‬‬
‫نقطة ترابط مشتركة‬

‫بعد مرور أسبوع‪ ،‬كانت أمل تقض ي كل أيامها وهي‬


‫تزرع وتزين الحديقة‪ ،‬وفي مساء أحد األيام املشمسة‬
‫بينما كانت تقوم بسقي الورود رفعت رأسها للسماء‬
‫فالحظت غيث جالسا أمام شرفة غرفته وهو‬
‫يشاهدها…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬من املؤسف رؤيتك من هناك…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا تقصدين؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لو كنت مكانك ملا ضيعت فرصتي ولكنت أتيت‬
‫استمتعت بالطقس الجميل ورؤية الورود تكبر‪ ...‬لكن‬
‫لألسف أنت عاجز عن املجيء‪ ...‬أليس كذلك؟؟‬
‫استفزته بكالمها كثيرا فقام بالنزول فورا إلى‬
‫الحديقة ‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يا إلهي ال أصدق هههه وأخيرا لقد استطعت‬
‫أن أخرجك من املنزل‪ ،‬آسفة لم أقصد مضايقتك بل‬
‫أردت منك أن تأتي معي وتستمتع بالطقس الجميل‬
‫هنا بدال من الجلوس في البيت طوال الوقت…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا لك من…‪ ،‬قاطعت أمل كالمه بإمساكها‬
‫للكرس ي وتقدمت تتجول به في أرجاء الحديقة…‪ .‬لم‬
‫يتفوه بكلمة سوى أنه بقي مندهشا منها…‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬قل لي؟ ما رأيك في الحديقة اآلن‪ .‬لقد نظفتها‬
‫بالكامل وعدلت فيها…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬تبدو جيدة ونظيفة…‪ .‬لكن ال يوجد فيها‬
‫ورود‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عليك أن تصبر قليال… الحظت أمل حزن غيث‬
‫فهو متشوق جدا لرؤية الورود… بقيت تفكر ثم‬
‫قالت له‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أتتني فكرة رائعة! هل تسمح لي بأخذك في‬
‫نزهة؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إلى أين؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬إنها مفاجأة…‪ .‬هههه‬
‫أسرعت بالخروج جلبت سيارة أجرة ثم قالت له‬
‫اركب معي أرجوك‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا!!! مستحيل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أرجوك غيث أعدك بأننا لن نطيل فقط‬
‫سأريك شيئا رائعا… ثم قامت بمساعدته ليركب في‬
‫السيارة ووضعت الكرس ي املتحرك في الخلف‪ ،‬أما‬
‫عنه فبقي مندهشا من فعلتها…‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ها قد وصلنا توقف هنا أرجوك‪ ..‬أنزلت غيث‬
‫من السيارة وساعدته في الجلوس على كرسيه ثم‬
‫قالت‪ :‬مرحبا بك في منزل خالك…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا!! هل هذا منزلك؟‬
‫‪70‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل‪ ،‬هل أعجبك؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال أصدق أنني أتيت معك إلى هنا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬تعال سأريك شيئا…‪ ..‬بعدها قامت بأخذه إلى‬
‫الحديقة…‪ .‬وفور رؤيته للورود صدم من شدة جمالها‬
‫لكنه ليس الوحيد املصدوم‪ ..‬حتى أمل صدمت من‬
‫رؤيتها كانت الحديقة قد تغيرت جدا عن الحديقة‬
‫التي تتذكرها مع والدها واألغرب أنها أحست وكأنها‬
‫تعرف كل شبر وكل وردة في تلك الحديقة…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إنها أروع ورود رأيتها في حياتي لقد كنت أراها‬
‫في الصور ولكنها أجمل بكثير…‪ .‬وهو يبتسم فرحا‬
‫جدا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا فرحة جدا لرؤيتك تبتسم أنت أجمل بكثير‬
‫عندما تضحك هههه‪.‬‬
‫احمر وجه غيث خجال ولم يتفوه بكلمة مما جعل‬
‫أمل تضحك بصوت عال عليه حتى هو اآلخر صار‬
‫يضحك وعمت أصوات ضحكاتهم الحديقة‬
‫بأكملها…‬
‫جلست أمل تشاهد غيث وهو مستمتع برؤية‬
‫الورود وبقيت تتمعن مع كل وردة هناك تحاول تذكر‬
‫ش يء مفقود بذاكرتها ثم قامت دون إرادتها واتجهت‬
‫نحو أجمل وردة بالحديقة… استغربت كيف أتت‬

‫‪71‬‬
‫إليها وكأنها تعرف تلك الوردة جيدا… ظلت تتمعن‬
‫معها ثم بكت بحرقة دون فهم ملاذا تبكي…‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل!!! هل أنت بخير!؟ ماذا بك؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعلم أحس بشوق كبير ومؤلم في قلبي ال‬
‫أعرف سببه…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنت مشتاقة لوالدك كثيرا‪ ..‬لم يكن عليك‬
‫إحضاري إلى هنا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال بأس ال تكترث ألمري أردت أن أريك الورود‬
‫هل أعجبتك؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إنها رائعة!!‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أخيرا وجدت نقطة تشابه بيننا هههه كالنا‬
‫نحب الورود بطريقة مختلفة أنا تربيت عليها وأنت‬
‫كبرت تحلم برؤيتها…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أظن ذلك‪ ..‬أجل نوعا ما!‪ ..‬علينا العودة‬
‫للمنزل قبل رجوع والداي من العمل…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا انتظرني هنا سألقي نظرة على املنزل‬
‫لدقائق ثم أعود…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا ال تتأخري‪..‬‬
‫فتحت أمل الباب ودخلت بقيت تتأمل كل شبر‬
‫باملنزل واستغربت لكل ش يء فيه متغير أحست بفراغ‬
‫وألم شديد‪ ..‬ثم ذهبت إلى غرفتها جلست على السرير‬
‫محتارة وكأنها فقدت شيئا ما… شيئا غال عليها جدا‪..‬‬
‫‪72‬‬
‫لكنها لم تستطع أن تتذكر… قامت بفتح الدرج‬
‫وجدت مذكرتها وعند فتحها لها الحظت في الصفحة‬
‫األولى مكتوب عليها بخطها تاريخ الثاني والعشرون‬
‫من أفريل وردتي املفضلة… انصدمت أمل من رؤية‬
‫نفس التاريخ الذي تجهل مناسبته والوحيد الذي‬
‫تذكرته عند فقدانها لذاكرتها…‪ .‬أخذت املذكرة ثم‬
‫خرجت مسرعة‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لنعد إلى املنزل‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا…‬

‫‪73‬‬
‫حادث غيث‬

‫عاد االثنان قبل رجوع والدي غيث إلى البيت ثم‬


‫جلسا في الحديقة يتحدثان مطوال‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬شكرا لك ألنك أريتني الورود الرائعة في‬
‫حديقة منزلكم‪ ،‬أنا حقا آسف على معاملتي لك بسوء‬
‫كم كنت فظا…‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سعيدة جدا برؤيتك على حقيقتك‪ ..‬كنت أعلم‬
‫بأنك لطيف وطيب القلب فقط كنت تعاند وتخفي‬
‫شخصيتك الجميلة وراء وجهك العابس ذاك‪...‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لكنك تحملت كل تصرفاتي الوقحة…‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬انس ى األمر… أخبرني إذ ال تمانع عن الشخص‬
‫الذي تكلمت عنه سابقا… لقد قلت لي أنك تعرف‬
‫شخصا يحب الورود لهذا انتابني الفضول ملعرفته…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنت حقا فضولية…‪ ..‬حسنا منذ سنوات‬
‫عديدة كنت متزلجا ماهرا وكانت لدي صديقة أحبها‬
‫من كل قلبي… اسمها ألحان‪ ..‬لقد كانت لطيفة‬
‫وهادئة جدا… كنا نقض ي كامل األوقات معا… وكل‬
‫وقتي كنت أتمرن على التزلج بينما كانت ألحان‬
‫تشاهدني وتشجعني على الدوام أرادت أن تريني‬
‫حديقة منزلها املليئة بالورود بشدة لكنني لم أذهب‬
‫معها‪ ،‬وعدتها بالذهاب بعد انتهائي من التدريب على‬
‫‪74‬‬
‫التزلج في الجبل فورا… أتذكر أنها كانت معي يومها‬
‫وطلبت منها أن تتزلج معي‪ ..‬حضينا بوقت ممتع عند‬
‫التزلج لكنني فقدت السيطرة وقتها في منحدر خطير‬
‫جدا ووقعنا من فوق الجبل حيث اصطدمنا‬
‫باألشجار وآخر ما أتذكره هو أننا ارتطمنا بحائط‬
‫ثلجي‪ ...‬بعد فترة استيقظت بضلوعي املنكسرة‬
‫وجسمي املحطم تقريبا…‪ .‬كنت فقط أسأل عنها ولم‬
‫أهتم أبدا بنفس ي… لم أرها منذ ذلك الحين حيث‬
‫أخبروني أن حالتها حرجة ولقد أخذها والداها إلى‬
‫مشفى آخر… وبعد أشهر انتقلنا إلى هنا ولم تتسن لي‬
‫الفرصة ال لرؤيتها وال لرؤية الورود معها…‪ .‬لقد تأذت‬
‫بسببي…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يا إلهي… أنا حقا آسفة غيث لم أكن أعرف‬
‫شيئا عن حادثك املريع هذا…‪ .‬ألم تلتقي بها مطلقا‬
‫منذ ذلك اليوم؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أجل والداي لم يهتما ملشاعري ورغباتي أبدا‬
‫لقد أحضراني إلى هنا بحجة معالجتي… لكن كما ترين‬
‫لم أشفى…‪ ..‬لطاملا رفضوا طلباتي… أتعلمين‪ ..‬لقد‬
‫كنت مجبرا على العيش كما أرادوا هم بالضبط…‪ .‬أبي‬
‫طبيب مهووس بالنظافة ولديه حساسية ضد الورود‬
‫واألشجار وبسبب حساسيته كان دائما ما يبقينا‬
‫بعيدا عن كل ش يء…‪ ..‬أما عن أمي فهي تعمل ليال‬
‫‪75‬‬
‫نهارا في مجال اإلعالم وال تهتم ألمري… فقط ألحان‬
‫الوحيدة التي آمنت بي وبموهبتي في التزلج كانت‬
‫ترافقني على الدوام…‪ .‬وكانت كل يوم تحكي لي عن‬
‫الورود الجميلة في حديقتهم…‪ .‬لقد أرادت بشدة أن‬
‫تريني إياهم… لكن لم تتسن لي الفرصة أبدا وكما‬
‫ترين اآلن أنا عاجز حتى على الوقوف…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقل هذا والداك فعال كل هذا لحمايتك‬
‫وخوفا من خسارتك من املستحيل أن ال يحباك أنا‬
‫متأكدة من هذا لقد رأيت بعيني مقدار محبة عمتي‬
‫لك‪ ،‬أما بالنسبة إلعاقتك أظن أنه بإمكانك الشفاء‬
‫أنا أؤمن بك‪ ...‬غيث عليك أن ال تستسلم سامح‬
‫نفسك ووالديك ال أحد منكم يستحق كل هذا‬
‫األلم…‬
‫بقي االثنان يتحدثان ولم ينتبها لوجود لوليا‬
‫وطالل مندهشان من الذي يجري…‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬لوليا هل ترين ما أرى؟؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل أتصدق هذا‪ ...‬لم أر ابني يخرج من املنزل‬
‫منذ سنوات واألغرب في هذا كيف يتحدث مع‬
‫أمل؟؟‪...‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ال أصدق هذا عجيب…‬
‫حل الظالم وعادت أمل وغيث إلى املنزل بعد يوم‬
‫طويل حافل باملفاجآت‪ ،‬استلقت على سريرها تفكر‬
‫‪76‬‬
‫في كل ما حدث الحديقة والوردة واملنزل حتى الدفتر‬
‫والتاريخ املجهول…‪ .‬لكنها ظلت مركزة في مشكلة غيث‬
‫وأرادت أن تساعده بشدة‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬آه يا غيث املسكين كم أرهقت نفسك‪...‬‬
‫سأساعده في الشفاء‪ ..‬سأحاول تحسين عالقته مع‬
‫عمتي وزوجها‪ ...‬حتى أنني سأحاول جمع الكثير من‬
‫املعلومات عن ألحان وأبحث عنها‪ ...‬حسنا غدا في‬
‫الصباح سأحدث عمتي عنه…‬
‫بالنسبة لغيث بقي يبكي بحرقة طوال الليل‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا فرح جدا لرؤية الورود…‪ .‬ليتك كنت معي‬
‫يا ألحان‪ ...‬لدي قريبة تدعى أمل هي لطيفة مثلك‪...‬‬
‫لقد بقيت تبتسم لي وتساعدني بالرغم من معاملتي‬
‫الفضة لها‪ ...‬سأطلب منها غدا أن نجعل حديقتي‬
‫مليئة بالورود وسأساعدها في ذلك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫عاصفة غيرمتوقعة‬

‫في صباح يوم الغد استيقظت أمل باكرا ألجل أن‬


‫تحدث عمتها‪ ،‬حيث قامت بتحضير اإلفطار لها‬
‫وأخذته إلى غرفتها بكل سرور‪ ،‬وعندما كانت ستطلب‬
‫اإلذن بالدخول سمعت بالصدفة حوار طالل وعمتها‬
‫الذي كان عليها‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬عزيزتي ماذا سنفعل بشأن حالتنا املادية‬
‫سنفلس لو ظلينا على هذا الحال‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬يا إلهي ال يمكننا أن نفلس علينا إيجاد حل‬
‫بسرعة…‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬لقد فكرت في بيت أخيك الراحل ما رأيك أن‬
‫نبيعه سيجني لنا الكثير من املال فهو بيت كبير‬
‫جدا…‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بيت أخي؟؟ ال أعلم هل هذه فكرة جيدة‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ال خيار لدينا إنها أحسن فكرة‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا ولكن كيف سنسلبها إياه؟‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬سنزوجها بغيث وندعي بأننا نحبها وهي‬
‫بالتأكيد ستساعدنا وستعطينا املنزل كونها زوجة‬
‫ابننا فهي ساذجة وسهل خداعها…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬لكن كيف سيتزوجها غيث لست متأكدة من‬
‫ذلك…‬
‫‪78‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬أظن أن عالقتهم جيدة لقد رأيت البارحة‬
‫كيف كان يتحدث معها وهو مرتاح هذا يعني أنها‬
‫أعجبته أنت تعلمين أنه ال يحادث أحدا كان حتى‬
‫نحن ال يطيقنا‪ ...‬سأكلمه بعد قليل وسأجعله يوافق‬
‫على خطبتها‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا الزلت لست متأكدة من األمر لكن‬
‫افعل ما شئت…‬
‫انصدمت أمل مما سمعته وذهبت راكضة إلى‬
‫املطبخ وضعت الصينية وهي تبكي بخيبة كبيرة…‪ .‬ثم‬
‫مسحت دموعها وخرجت إلى الحديقة حتى أن ناداها‬
‫غيث من فوق…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل صباح الخير …‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬صباح الخير غيث سعيدة برؤيتك‪ ..‬كيف هي‬
‫حالك؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا بخير ‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬الحمد هلل‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬اسمعي لقد فكرت في ش يء …‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ما هو؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬سأنزل عندك انتظريني أنا قادم…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا‪ ،‬حاولت أمل أن تتمالك نفسها وال تظهر‬
‫شيئا لغيث عما سمعته…‬

‫‪79‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل أريد منك أن تزرعي لي ورودا كثيرة في‬
‫حديقتي حتى تصبح مليئة بالكامل‪ ...‬وأنا سأساعدك‬
‫في هذا… ما رأيك بهذه الفكرة؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حقا فكرة رائعة يسرني هذا بالطبع أقبل‬
‫طلبك…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬كنت أعلم أنك ستوافقين فورا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أرفض… لقد غيرت رأيي‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا‪ ،‬كيف؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههههه أمزح معك فقط ابن عمتي الشقي…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا لك من مشاكسة مزعجة…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لقد كنت للتو ذاهبة إلى بيتي هل آخذك معي؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ملاذا أنت ذاهبة؟‬
‫علي أن أتحقق من بعض‬ ‫‪ -‬أمل‪ :‬أريد فقط الذهاب ّ‬
‫األمور…‬
‫شعر غيث بارتباك أمل ولم يفهم ما بها لكنه‬
‫أحب فكرة ذهابهما إلى بيتها مرة أخرى فهو يعشق‬
‫حديقة الورود التي بمنزلها‪ ...‬لكن بعد لحظات قليلة‬
‫أتى طالل مستعجال…‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬غيث أريد أن أكلمك بموضوع مهم جدا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا تريد‪ ..‬أنا ذاهب مع أمل اآلن ال أريد‬
‫محادثتك بش يء‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال بأس غيث عليك أن تستمع ملا يقوله لك‬
‫والدك دعنا نؤجل ذهابنا إلى املرة القادمة‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا حسنا‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬تعال معي لنتكلم بالداخل‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا أراك فيما بعد…‬
‫عند ذهاب غيث مع والده كانت أمل تعرف سبب‬
‫مناداته له لكنها لم تقم بفعل ش يء سوى أنها ظلت‬
‫هادئة وبعد دقائق خرجت من املنزل متجهة إلى بيتها‬
‫وفور وصولها أحست بش يء غريب وكأن صوتا مألوفا‬
‫بداخلها يناديها حتى أنها شعرت بشوق شديد وفراغ‬
‫كبير ككل مرة لكنها لم تفهم سبب هذا اإلحساس‪،‬‬
‫ذهبت إلى الحديقة وبقيت هناك مطوال تتأمل تلك‬
‫الوردة الجميلة…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعلم ما الذي يحبطني؟؟ ملاذا أحس وكأنني‬
‫متعلقة بهذه الوردة كثيرا‪ ...‬أو أنها تهمني‪ ...‬آه ال‬
‫أستطيع مهما حاولت التفكير‪ ..‬أحس بالعجز‪ ...‬حتى‬
‫عمتي تريد أن تسلبني آخر ما تبقى لي من أبي وأمي‪...‬‬
‫ماذا سأفعل يا إلهي أنا حقا محتارة ملاذا يحدث معي‬
‫كل هذا؟؟؟‪ ...‬سأعود اآلن وسأخبرهم أنني عائدة‬
‫للعيش في بيت والداي‪ ..‬ال يمكنني البقاء معهم هناك‬
‫كثيرا ال أريد أن أكون ثقال عليهم في هذه األزمة‪...‬‬

‫‪81‬‬
‫الرجوع إلى البيت‬

‫عادت أمل إلى منزل عمتها وجدت غيث ينتظرها‬


‫أمام الباب‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل أنا أريد أن أكلمك بموضوع مهم جدا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أيضا جئت ألكلمكم جميعا آسفة غيث‬
‫لكنني سمعت عن طريق الخطأ صباح اليوم حديث‬
‫عمتي ووالدك عني وعن تزويجي بك لسلبي منزلي‪ ...‬أنا‬
‫أعلم بما ستخبرني به أليس هذا هو املوضوع‬
‫املستعجل؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا؟؟؟؟؟ أمل ال تسيئي فهمي‪ ...‬أنا ال أريد أن‬
‫أسلبك شيئا‪ ...‬حتى أنني لم أوافق ورفضت طلبهم…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال عليك لست مضطرا ألن تبرر لي شيئا أنا اآلن‬
‫جئت ألتحدث معكم جميعا‪ ...‬تعال‪.‬‬
‫دخلت أمل وذهبت عند عمتها وزوجها…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي أريد أن أحدثكم جميعا بموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ماذا تريدين؟‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬تكلمي‪ ..‬ماذا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أريد أن أشكركم على مساعدتي وتركي للعيش‬
‫معكم أنا حقا ممنونة لكم من كل قلبي لكنني أحس‬
‫وكأنني أثقلت عليكم وحان الوقت ألعود ملنزلي…‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫سأذهب صباح الغد لهذا أنا أتيت ألشكركم‬
‫وأودعكم‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ماذا؟؟؟‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ماذا؟؟؟ لن نوافق على ذهابك؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬آسفة يا زوج عمتي لكنني لم أطلب منك إذنا‪..‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬وقحة…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا راشدة ويمكنني اتخاذ قراراتي بنفس ي…‪.‬‬
‫عمتي لطاملا أحببتك منذ صغري مع أنني لم أتعرف‬
‫عليك أبدا لكن أبي كان يقول لي دائما بأنك حنونة‬
‫وطيبة جدا حتى أنه قال لي بأنه لو ضعت ستحميني‬
‫وتأويني‪ ،‬وفعال أنت حقا طيبة عمتي‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أخي‪ ..‬أنا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي بيتي مفتوح لكم متى ما أردتم املجيء‬
‫سأرحب بكم حتى لو أفلستم سأقبل بعيشكم معي‬
‫دون تردد فأنتم عائلتي الوحيدة وأنا لن أتخلى عنكم‬
‫مهما جرى لكن بيت والداي لن يباع وأنا على قيد‬
‫الحياة‪ ...‬أبي وأمي تعبا في بنائه وكان البيت هو آخر‬
‫ذكرى لي منهم…‪ .‬لو كنت تحبين حقا أبي مثل ما هو‬
‫يحبك ستفهمين ما أعنيه بكالمي… حسنا لقد قلت‬
‫كل ما عندي تصبحون على خير‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫صدمت لوليا من كلمات أمل لها‪ ،‬لم تحرك ساكنا‬
‫بقيت صامتة وعيناها مليئتان بالدموع والندم‬
‫الشديد حتى زوجها لم يتجرأ للقيام بأي حركة سوى‬
‫أنه محتار وعابس الوجه بتعابير الندم والذنب‪...‬‬
‫عكس غيث الذي ذهب مسرعا إلى أمل…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل هل ستتركين البيت حقا وماذا عني؟ ماذا‬
‫عن الحديقة التي قررنا أن نزرعها معا بالورود؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث أنا لست مسافرة‪ ...‬أنا فقط عائدة إلى‬
‫بيتي ولن أتخلى عنك وال عن عمتي سآتي كل يوم ألزرع‬
‫معك ال تقلق أنا ال أخلف وعودي…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا‪ ،‬آسف على كل ما جرى أنا حقا لم أرد‬
‫أن يحصل كل هذا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلق غيث لست منزعجة من ش يء أنا أقدر‬
‫لك كل هذا وفرحة بأنك تغيرت وأصبحت تثق بي…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لم أفعل شيئا سوى مضايقتك لكنني حقا‬
‫آسف عديني بأنك ستأتين‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا غيث أعدك…‬
‫ذهبت أمل إلى غرفتها وضبت كل أغراضها‬
‫وجلست على السرير حاملة بيدها مذكرتها القديمة‬
‫والغريب فيها أنها فارغة بالكامل‪ ،‬ليس مكتوب عليها‬
‫سوى تاريخ الثاني والعشرون من أفريل وبالقرب منه‬
‫مكتوب وردتي املفضلة‪ ..‬ثم تحققت من تاريخ اليوم‬
‫‪84‬‬
‫وجدت أنه تبقى شهران لوصول ذاك اليوم وقررت‬
‫أن تنتظر قدومه لتعرف مناسبته وماذا يخبئ هذا‬
‫التاريخ…‬
‫في تلك الليلة شعرت لوليا بندم كبير وراحت‬
‫تقول‪ :‬كم كنت مثيرة للشفقة وكرهي األحمق أعمى‬
‫قلبي عليها لقد علمت بماذا سنفعل ببيت أخي ومع‬
‫ذلك لم تفعل شيئا سوى أنها رحبت بي‪ ...‬حتى أنها‬
‫تريد منا العيش معها…‪ .‬يا إلهي لقد ظلمت فتاة بريئة‬
‫واألسوأ في ذلك هي ابنة أخي الوحيد الغالي على قلبي‪...‬‬
‫لم يكن عليا اإلساءة إليها أبدا كان من املفروض أن‬
‫أحميها وأحسن معاملتها‪ ،‬كم أنا حقيرة‪ ..‬ماذا‬
‫سأفعل؟‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬هل أخطأنا بحقها؟؟؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أال زلت تشك بها‪ ...‬أصال كل هذا بسببك‪ ..‬وأنا‬
‫غبية جدا ألنني صدقت كالمك ووثقت بك لقد كنت‬
‫تحرضني ومألت قلبي حقدا لها طوال هذه السنوات‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬لكنك وافقت…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬قلت لك اصمت‪ ،‬وراحت تبكي ثم ذهبت‬
‫لغرفتها وأغلقت الباب بإحكام‪ ،‬بقيت تعاتب نفسها‬
‫حتى الصباح ولم تنم مطلقا…‬

‫‪85‬‬
‫دفء العائلة‬

‫في صباح اليوم املوالي استيقظت أمل مستعدة‬


‫للعودة وفور نزولها وجدت غيث وعمتها ينتظرانها‬
‫بحزن شديد‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث‪ ..‬عمتي؟؟ ما بكما؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال تذهبي أرجوك أمل ال أريد البقاء معهما‪..‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أمل أنا أرجوك سامحيني لقد كنت قاسية‬
‫جدا معك وأعماني كرهي عنك أنا حقا نادمة على كل‬
‫كلمة قلتها لك وعلى كل فعل خاطئ ارتكبته في حقك‬
‫سامحيني صغيرتي سامحيني أنا أرجوك‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي؟؟؟؟ ال تبكي أنا حقا ال أحمل أية ضغينة‬
‫تجاهك ما أحمله في قلبي سوى حبي لك ال أكثر…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬لكنني قسوت عليك كثيرا بنيتي‪ ،‬أنا خجلة‬
‫جدا من النظر في عينيك…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي أرجوك توقفي عن البكاء تعالي لنجلس‬
‫ونتكلم بعدما تهدئين… جلسوا في الصالون ثم قامت‬
‫أمل بجلب منديل لعمتها وبقيت تهدئها حتى تحسنت‬
‫حالتها وتوقفت عن البكاء‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هل أنت بخير؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال أعلم ما علي أن أقوله لك سوى أنني نادمة‬
‫‪..‬‬
‫‪86‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي سأسألك‪ ...‬هل تحبين غيث؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل وكيف لي أن ال أحب فلذة كبدي وابني‬
‫الوحيد…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬كاذبة…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أنا ال أكذب‪ ،‬بني ملاذا تعاملني بهذه الطريقة؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬توقف غيث‪ ،‬عمتي غيث يحبك أيضا لكنك لم‬
‫تخصص ي وقتا ألجله منذ صغره لقد كان وحيدا جدا‬
‫ومحتاجا لك على الدوام أما أنت تعملين ليال ونهارا‬
‫غير مدركة لكمية املعاناة التي يعانيها غيث غير أنك‬
‫لم تستمعي إليه أبدا… وهذا الش يء ينطبق أيضا على‬
‫زوجك…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬لقد كنت أعمل ليال ونهارا لضمان حياة جيدة‬
‫البني وألوفر له كل مستلزمات الحياة‪ ...‬أجل كل ما‬
‫فعلته ألجلك بني…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال يهمني املال وال الرفاهية لقد كنت فقط‬
‫أريد أن أكون معك أمي أردتك أن تكوني قريبة مني‬
‫أنت وأبي لكنكما تركتماني ولم تكترثا ألمري‪ ...‬حتى ملا‬
‫طلبت البقاء هناك مع ألحان رفضتما ولم تستمعا لي‬
‫أبدا‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أنا حقا آسفة بني لم أكن أما جيدة لك‬
‫سامحني لقد كنت أفكر فقط بك وبحياة أفضل لك‬

‫‪87‬‬
‫لكنني أقسم لم أقصد أذيتك بأي طريقة كانت‪ ،‬اغفر‬
‫لي بني أتوسل إليك‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث عليك بمسامحة أمك ونسيان كل ما‬
‫حدث في املاض ي ال تقفل على قلبك أعلم أنك تريد أن‬
‫تتحسن عالقتك بوالديك…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لكن أمل…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬فقط انس ى وافتح صفحة جديدة أمك ال‬
‫تستحق كل هذا علينا بنسيان املاض ي وكل ما جرى‬
‫دعنا نكون عائلة ملؤها الدفء واملحبة‪ ،‬ثم قامت‬
‫لوليا باحتضان ابنها وأمل‪ ...‬وصار غيث يبكي بحرقة‬
‫محتضنا والدته ويقول أمي أمي‪ ...‬وهكذا تغيرت‬
‫األحوال وتحسنت عالقة غيث بوالديه حيث طلب‬
‫طالل السماح من الجميع وصار كل ش يء بأحسن‬
‫حال‪ ،‬عادت أمل إلى بيتها في املساء بعد توديعها لهم‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال تنس ي زيارتنا كل يوم حبيبتي وإذا أردت‬
‫البقاء سأكون سعيدة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أجل أمل ظلي معنا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلقوا أعدكم بأنني سآتي كل يوم‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬سنكون بانتظارك حتما صغيرتي…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬تعالوا أنتم أيضا‪ ،‬عمتي قومي بإحضار غيث‬
‫معك فهو يحب حديقة الورود التي ببيتي…‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا‪ ،‬لكن أخاف أن تكون لديه حساسية‬
‫مثل أبيه…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال تقلقي أمي ليس لدي حساسية…‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ال بأس سنأخذك متى شئت بني‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬شكرا لك أبي‪ ..‬وشكرا لك أمل‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل شكرا لك على كل ش يء حبيبتي أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تشكروني لم أفعل شيئا نحن عائلة أليس‬
‫كذلك؟ ههه‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بالطبع‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا إذا أنا أيضا أشكركم على حبكم لي‬
‫سأذهب أراكم غدا‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬دعيني أوصلك أنت تحملين أغراضا كثيرة‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا عمي شكرا لك‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬من دواعي سروري‪ ...‬هيا بنا‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال تنس ي موعدنا غدا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل لن أنس ى إلى اللقاء‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬انتبهي لنفسك صغيرتي‪...‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إلى اللقاء أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وداعا عمتي وغيث…‬
‫عادت أمل إلى بيتها فرحة جدا بكل ما حدث حيث‬
‫شعرت بدفء العائلة وأنها أخيرا تمتلك عائلة تحبها‬
‫وتهتم ألمرها‪ ..‬قام طالل بمساعدتها في تفريغ‬
‫‪89‬‬
‫الحقائب ثم ودعها وعاد إلى بيته‪ ،‬راحت تتجول في‬
‫املنزل محاولة فهم إحساسها الغريب الذي كل مرة‬
‫تأتي فيها هناك تشعر به ثم ذهبت إلى غرفة أبيها‬
‫ونامت على سريره كما كانت تفعل سابقا…‬

‫‪90‬‬
‫املفاجأة غير املتوقعة‬

‫بعد مرور عدة أسابيع من عودة أمل لبيتها ظلت‬


‫تذهب كل يوم عند بيت عمتها وتقض ي كل أوقاتها مع‬
‫غيث في الزراعة حتى في بعض األحيان تأخذه معها‬
‫لحديقة بيتها هي أيضا مما زادت رغبتها في مساعدته‬
‫للشفاء وبالنسبة لعمتها لقد أصبحت ال تذهب كثيرا‬
‫إلى العمل وتظل كل يوم مع ابنها حتى زوجها كان يعود‬
‫باكرا ويخصص معظم وقته ألجل العائلة‪.‬‬
‫في أحد األيام كانت جالسة مع عمتها باملطبخ‬
‫تساعدها في تحضير الغداء قامت بسؤالها عن ألحان‬
‫ومرض غيث‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي هل يمكن لغيث أن يمش ي مجددا؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل حبيبتي لكن األمر يعود إليه ألنه لم‬
‫يحاول قط لقد قال لنا األطباء بأنه ال يعاني من أي‬
‫مرض غير أن إعاقته نفسية وعليه أن يحاول مع‬
‫نفسه…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هذا خبر رائع وماذا عن صديقة طفولته ألحان‬
‫هل عندك أية معلومات عنها؟؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أتذكر آخر مرة عندما ذهبت إلى بيتنا السابق‬
‫رأيتها في الحي لكنني لم أرها منذ ذلك الحين‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هذا يعني أنها بخير‪ ...‬لقد كان غيث يظن أنه‬
‫قد أصابها مكروه وهو يلقي كل اللوم على نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حقا؟؟ ملاذا لم يخبرني بهذا؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعلم أظن بأنه موضوع حساس جدا ال‬
‫يمكنه اإلفصاح عنه بسهولة‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أظن ذلك أيضا‪ ،‬الحمد هلل أنه أخبرك أنت‬
‫فهو يثق بك كثيرا حبيبتي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أيضا أثق به‪ ،‬لكن عمتي أريد منك معروفا‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬تفضلي بنيتي ماذا تريدين؟‬
‫‪ -‬أريد منك أن تسافري إلى بيتكم أقصد إلى املكان‬
‫الذي كنتم تعيشون فيه سابقا وتبحثين عن ألحان‬
‫أخبريها عن غيث وقولي لها أن تأتي معك أرجوك‬
‫عمتي أظن أنه الحل الوحيد لشفائه‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬هذا يوجب علي أن آخذ إجازة حسنا سأفعل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ياي أنت األفضل عمتي شكرا‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ههههه شكرا حبيبتي غدا سآخذ إجازة‬
‫وسأسافر في املساء إن أمكن ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هذا حقا رائع‪ ،‬لكن عمتي ال تخبري غيث بش يء‬
‫أريدها أن تكون مفاجأة‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا أمرك هههه‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه شكرا عمتي…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬العفو صغيرتي‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫أكملوا تحضير الغداء ثم اجتمعت كل العائلة‬
‫على الطاولة وبدأوا باألكل والحوار‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا فرح جدا الورود تفتحت في حديقتي‬
‫وشكلها جميل جدا أليس كذلك أمل؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل إنها حقا رائعة لقد أحسنت صنعا‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنت من أحسن صنعا لم أقم بش يء سوى‬
‫مساعدتك…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لكنك فعلت هههه‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بني لقد أتاني عمل خارج البالد مدة أسبوع‬
‫تقريبا سأذهب صباح الغد أعدك أنني لن أطيل‬
‫عليك‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أمي بما أنك وعدتني سأوافق‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سأكون معك كل يوم ال تقلق‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لست قلقا أعلم أنك ستظلين معي ههه‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا أحبائي انتبها لنفسيكما ريثما أعود‬
‫سأتصل بكما كل يوم‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أمي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا عمتي سنكون في االنتظار…‬
‫في صباح يوم الغد سافرت لوليا في أول طائرة بعد‬
‫ما قامت بتوديع الجميع‪ ،‬بينما أمل ظلت متوترة‬
‫قليال حيال ماذا لو لم تجد ألحان أو ماذا لو لم تقبل‬

‫‪93‬‬
‫القدوم مع عمتها‪ ..‬لكنها بقيت هادئة كي ال يعلم غيث‬
‫باألمر أو يحس بش يء مطلقا…‬
‫وصلت لوليا إلى منزلهم القديم ارتاحت ليوم وفي‬
‫الغد بدأت بالبحث عن ألحان‪ ،‬لم تجدها في األيام‬
‫األولى لذا قررت أن تتصل بأحد معارفها الذين كانت‬
‫تعمل معهم في مجال اإلعالم‪ ،‬وقاموا بإعطائها بعضا‬
‫من املعلومات املفيدة التي ساعدتها في إيجادها‬
‫بسهولة‪ ،‬ذهبت إلى حيها وانتظرت خروجها من املنزل‬
‫ثم نادتها‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ألحان مرحبا هل تذكرتني؟‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬عفوا سيدتي من تكونين‪..‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أنا أكون والدة غيث صديق طفولتك…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬ماذا؟ لكن ملاذا أنت هنا ماذا تريدين مني؟‬
‫هل غيث بخير؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬لقد أتيت ألطلب منك مساعدتي أرجوك‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬ال أريد أن أقوم بأي ش يء معك لطاملا غيث‬
‫كان يشتكي منك…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال‪ ،‬لقد كان ذلك سابقا أقسم لك بأن‬
‫عالقتنا تحسنت جدا وأصبحت عائلتنا مليئة‬
‫بالتفاهم واملحبة…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬ماذا‪ ،‬هذا خبر صادم لكن ملاذا تريدين مني‬
‫مساعدتك؟‬
‫‪94‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أتذكرين الحادث الذي تأذيت فيه أنت وابني‬
‫لقد تعرض لكسور في ضلوعه وأرجله لهذا اضطررت‬
‫أن أسافر لكي أعالجه لكنه بقي غير قادر عن املش ي‬
‫ولحد اليوم هو عاجز عن املش ي تماما جراء تلك‬
‫الصدمة كما قال لي األطباء أنه تعافى تماما لكنه بقي‬
‫على الكرس ي املتحرك مدة أربعة سنوات غير قادر‬
‫عن تحريك قدميه ألنه ال يزال مصدوما من الحادث‬
‫ويظل يلوم نفسه على الدوام ألنه لم يحمك وألنه لم‬
‫يفي بوعوده لك حتى أنه لم يرك منذ ذلك اليوم‪،‬‬
‫لهذا أتيت أطلب مساعدتك بالقدوم معي أظن أنه‬
‫سيتعافى لو تأتين معي سيفرح كثيرا‪..‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬يا إلهي هل ظل يعاتب نفسه كل هذا‬
‫الوقت؟ لقد كان حادثا مروعا بالرغم من أنني تأذيت‬
‫كثيرا واألكثر من ذلك لقد حزنت لذهابه لكنني لم‬
‫أكن أعلم بأنه شل لقد اشتقت له حقا فهو لم‬
‫يذهب من بالي أبدا أنا أريد رؤيته في أقرب وقت‬
‫ممكن…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ستأتين معي؟؟؟‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬أجل سيدتي لكن علي أن أجهز نفس ي وأقول‬
‫لوالدي أيضا‪ ،‬امنحيني يومين وسأتصل بك‪..‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا بنيتي أنا حقا ممتنة لك من كل قلبي لن‬
‫تصدقي كم أسعدتني بقرارك هذا وأظن أن غيث‬
‫سيسعد أكثر مني‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬العفو لم أفعل شيئا أنا أيضا متشوقة لرؤية‬
‫أعز صديق على قلبي‪ ،‬حسنا أنا أطلب اإلذن‬
‫بالذهاب اآلن لدي ما أفعله اآلن سأتصل بك عندما‬
‫أكمل كل تجهيزاتي…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا سأكون منتظرة بفارغ الصبر ال تنس ي‬
‫االتصال بي…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬لن أنس ى ال تقلقي‪ ...‬إلى اللقاء‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬إلى اللقاء‪.‬‬
‫أخبرت لوليا أمل بكل ما حدث وبموافقة ألحان‬
‫بالقدوم معها بعد يومين مما أفرح هذا الخبر أمل‬
‫كثيرا وبقيت تنتظر عودتهما بفارغ الصبر‪..‬‬
‫بعد يومين اتصلت ألحان بلوليا وأخبرتها بأنها‬
‫جاهزة للسفر معها ثم قاموا بحجز بطاقات السفر‬
‫وسافروا في املساء‪ ،‬قبل وصولهما كانت أمل وغيث‬
‫ينتظران عودة لوليا الستقبالها‪ ،‬لكن أمل كانت‬
‫متحمسة جدا للقاء غيث بألحان‪ ،‬وبعد لحظات من‬
‫نزولهما من الطائرة بقي غيث يتمعن في تلك الفتاة‬
‫التي ترافق أمه لكنه تعرف عليها عند اقترابها‪ ،‬في تلك‬
‫اللحظة وقف على قدميه مناديا اسمها بأعلى صوته‬
‫‪96‬‬
‫وهو يبكي ثم سقط أرضا فأسرعوا لإلمساك به‪ ،‬كان‬
‫في حالة دهشة وسعادة غامرة لكن ليس أكثر دهشة‬
‫منهم لقد رأوه واقفا على قدميه ألول مرة منذ عدة‬
‫سنوات…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يا إلهي غيث لقد كنت واقفا للتو…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بني حبيبي…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬غيث‪ ...‬ال أصدق هذا أنت ؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ألحان إنها أنت‪ ...‬أمي إنها ألحان حقا كيف‬
‫أتت معك…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لنساعده على الوقوف لقد سقط بقوة على‬
‫األرض‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬دعونا نذهب إلى املنزل ثم نشرح كل ش يء له‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هيا بنا‪..‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬أجل لنذهب‪..‬‬
‫دخل الجميع املنزل وقاموا بتغيير مالبسهم ثم أفرغوا‬
‫في‬ ‫جلسوا‬ ‫بعدها‬ ‫حقائبهم‬
‫الصالون ليتحدثوا بدأت أمل بالحديث أوال رحبت‬
‫بألحان وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬مرحبا بك ألحان كنت متشوقة للقائك أنا‬
‫أيضا أنا اسمي أمل وأكون ابنة خال غيث الوحيدة‪...‬‬
‫لقد حكى لي عنك الكثير حتى اآلن…‬

‫‪97‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل إن أمل هي من طلبت مني أن أساعدها‬
‫في إحضارك إلى هنا ألجل غيث فهما مقربان جدا من‬
‫بعضهما مؤخرا وأنا سعيدة وممتنة البنة أخي على كل‬
‫ش يء فعلته ألجلنا كل هذا الوقت‪ ،‬شعرت ألحان‬
‫ببعض الغيرة لكنها تجاهلت ذلك وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬هكذا إذا‪ ،‬أتشرف بمعرفتك أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وأنا أيضا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ألحان لقد اشتقت لك كثيرا‪ ...‬أنا آسف على‬
‫كل ما حدث في املاض ي وآسف أنني لم أذهب معك‬
‫لرؤية الورود‪ ...‬سامحيني أرجوك لم أكن أريد أن‬
‫يحصل كل هذا…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬لم أملك على ش يء مطلقا غيث حدث ما‬
‫حدث وانتهى عليك بنسيان املاض ي‪ ،‬انظر اآلن أنا‬
‫هنا بجوارك ولن أتخلى عنك مهما جرى‪ ،‬أعدك بأنني‬
‫سآخذك لرؤية الورود قريبا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا فرح جدا بوجودك معي أحس براحة كبيرة‬
‫وكأن ثقال أزيح عن كاهلي‪ ،‬لكن ال تقلقي لقد أرتني‬
‫أمل الورود في حديقة بيتها وكانت أروع ورود رأيتها في‬
‫حياتي‪ ...‬حتى أنها ساعدتني بزراعتها في حديقتي أنا‬
‫متحمس حتى أريك إياها‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬جيد جدا أرى أنك تغيرت كثيرا وأمل‬
‫تساعدك على الدوام‪ ،‬فرحة بهذا‪..‬‬
‫‪98‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل هي نور املنزل وسبب سعادتنا كلنا أليس‬
‫كذلك أمي؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بالطبع بني أمل هي مصدر الفرح حقا‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬آه ال تبالغوا لم أفعل شيئا أنا فقط أقوم‬
‫بواجبي تجاه عائلتي الوحيدة‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل‪ ،‬أمي شكرا لكما إلحضار ألحان إلى هنا‬
‫أنا حقا سعيد جدا وممتن لكما على ما فعلتماه‬
‫ألجلي‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬وكيف علي أن ال أفرح ابني حبيب قلبي‬
‫الوحيد هههه لكن الفضل كله يعود ألملي الصغيرة‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬شكرا لك أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬العفو ههه سعيدة جدا لرؤيتك فرحا ومرتاحا‬
‫غيث أنا متحمسة جدا عند عودة عمي طالل في‬
‫املساء سأخبره بكل ما حدث واألفضل من ذلك أنك‬
‫وقفت على رجليك بالرغم من وقوعك لكنك وقفت‬
‫حتى ولو للحظات باملناسبة كيف تحس بقدميك؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إنهما تؤملانني قليال لكن البأس…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬ال ال يمكن هذا علينا إحضار الطبيب فورا‬
‫هذا غير مطمئن‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬أجل يجب التأكد من سالمتك أوال‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال بأس ال تقلقوا ليس أملا كبيرا‪ ،‬ال يستحق‬
‫كل هذا القلق‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬علينا أن نطمئن عليك غيث حتى لو كان أملا‬
‫صغيرا…‬
‫ثم قامت والدته واتصلت بالطبيب على الفور وفي‬
‫بضع دقائق وصل وبدأ بفحصه جيدا‪ ،‬عند إكماله‬
‫للتشخيص أخبرهم بأن أعصاب رجليه تصلبت‬
‫وتوقفت عن العمل ألنه لم يحركهما ملدة طويلة وهذا‬
‫سيتسبب بإعاقة رجليه إن لم يبدأ بعالجهما في أقرب‬
‫وقت‪.‬‬
‫صدم الجميع من سماع ذلك الخبر املخيف لكن‬
‫أمل كعادتها قامت بتشجيعهم بأنه سيتحسن قريبا‬
‫وسيقومون بمعالجته على الفور…‬

‫‪100‬‬
‫الثاني والعشرون من أفريل‬

‫بقوا مجتمعين إلى وقت متأخر من الليل حيث‬


‫قرروا البدء بعالج غيث منذ صباح الغد‪ ،‬حضرت‬
‫لوليا غرفة ألجل مبات ألحان حيث ساعدتها أمل في‬
‫ذلك ثم ودعتهم وعادت إلى منزلها في منتصف الليل‪،‬‬
‫استلقت على سريرها متعبة تفكر في عالج غيث ثم‬
‫تفقدت هاتفها رأت أن تاريخ اليوم هو الثاني‬
‫والعشرون من أفريل نفسه تاريخ اليوم الذي‬
‫انتظرت قدومه بفارغ الصبر‪ ،‬راحت تفكر بصوت‬
‫مرتفع‪ ...‬أتذكر أنه كان مكتوب أمام التاريخ وردتي‬
‫املفضلة لكنني الزلت ال أعرف أي وردة أقصد‪ ...‬ثم‬
‫تذكرت الوردة التي كلما تنظر إليها تحس وكأنها‬
‫تعرفها لم تستطع النوم من التفكير قامت بسرعة‬
‫وخرجت إلى الحديقة‪ ،‬في تلك اللحظة كانت مصدومة‬
‫جدا مما تراه عيناها‪ ،‬تلك الوردة بالذات صارت تلمع‬
‫بنور قوي جدا أنارت الحديقة بالكامل ظلت أمل‬
‫تنظر إليها وعقلها مشوش جدا تذكرت اسم أثير ثم‬
‫أصبحت تبكي حاولت التذكر وراحت تصرخ بقوة‬
‫حيث قامت قالدتها باالشتعال وفتحت شاشة‬
‫مكتوب عليها ذكريات رأت فيها أمل كل ما قد نسته‬
‫وتذكرت من تكون وكيف فقدت ذكرياتها تحولت إلى‬
‫‪101‬‬
‫هيئتها امللكية ثم وقعت أرضا تبكي بحرقة على‬
‫نسيانها وعلى شوقها الكبير ألثير ‪ ،‬بقيت على األرض‬
‫هناك لساعات ثم قامت وذهبت مسرعة إلى الغابة‬
‫حاولت استعمال قواها ملناداة امللكة توانا بصعوبة‬
‫كبيرة وبعد لحظات أغمي عليها تماما‪ ...‬استيقظت‬
‫أمل وجدت نفسها في مملكة الشالالت الجميع‬
‫محيط بها والدهشة مرسومة على وجوههم…‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أمل حبيبتي كيف حصل هذا؟؟؟ كيف‬
‫تذكرتنا وكيف استعدت قواك هذا أمر مستحيل‬
‫لكننا سعداء جدا ألنك عدتي‪ ..‬يا إلهي لن تتصوري‬
‫كم كنا حزينين على فقدانك بعد كل هذا الوقت…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعرف ماذا أقول لكنني مندهشة كيف‬
‫فقدت ذاكرتي وكيف استرجعتها لقد كنت أحس‬
‫دائما بش يء ينقصني ومهما حاولت تذكره لم أستطع‪،‬‬
‫لقد تذكرت كل ش يء اآلن بفضل الوردة التي أسماها‬
‫أثير "ال تنسيني" وتعاهدنا على تركها أبدية تشع كل‬
‫عام في هذا اليوم وكأنه كان يعلم بكل ما سيحصل‪،‬‬
‫لقد اشتقت له ولكم كثيرا‪..‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬ونحن اشتقنا لك كثيرا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هارالن يا إلهي سعيدة برؤيتك لم تتغير أبدا‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬هههه بالطبع ال أتغير أنا لست بشريا هههه‬
‫لكنك كبرت وأصبحت أجمل بكثير‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أجل هي كذلك لكن أمل لقد أغلقت على‬
‫جميع بوابات العالم أتذكرين؟ ال يمكن ألحد من‬
‫البينو القدوم لألرض واألسوأ من ذلك شياطين‬
‫اإلنس عادت ألن أثير هو املسؤول عن األطفال لم‬
‫يصبح موجودا مما جعل الشياطين تخلق مجددا‪...‬‬
‫لكن بما أنك عدت أظن أنك ستعيدين فتحها؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لست متأكدة لكنني سأحاول أحس بأنني عدت‬
‫ال أجيد استخدام قوتي حتى أنها أفقدتني الوعي قبل‬
‫قدومي إلى هنا‪..‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬ال تقلقي هذا طبيعي فأنت لم تستعمليها‬
‫منذ مدة طويلة لهذا يجب عليك التمرن من جديد‬
‫ليتعود جسمك عليها…‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أجل حبيبتي نحن سنساعدك كالسابق آه كم‬
‫أنا سعيدة لرؤيتك معنا من جديد…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وأنا أيضا سعيدة جدا‪ ،‬أتعلمون يا رفاق لقد‬
‫صار عندي عائلة رائعة عمتي وزوج عمتي وابنهما أنا‬
‫أحبهم كثيرا لوالهم لكنت وحيدة مكسورة…‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬هذا خبر رائع ومريح‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬أجل أنا أعلم لقد كنت أشاهدك على‬
‫الدوام ألتأكد من أنك بخير‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حقا؟؟ شكرا لك هارالن على وفائك وحبك لي‬
‫شكرا لكم جميعا‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬العفو حبيبتي عليك بأخذ قسط من الراحة‬
‫وبعدها نبدأ بالتدريب‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬سننتظرك في الخارج ريثما تجهزين‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا…‬

‫‪104‬‬
‫شفاء غيث‬

‫بقيت أمل مستلقية تفكر مطوال في أثير وكل ما‬


‫نسته لكنها تذكرت غيث فجأة وقالت في نفسها‪:‬‬
‫يمكنني أن أشفيه ثم قامت وخرجت مستعدة‬
‫للتدريب‪ ،‬وجدت توانا وهارالن منتظرينها في الخارج‬
‫طلبت منهم البدء في الحال فبدأوا بالتدريبات حتى‬
‫املساء بعد ذلك ودعتهم وعادت مسرعة لتطمئن على‬
‫غيث‪ ،‬وجدته منزعجا قليال كونها لم تأت منذ البارحة‬
‫لكنها شرحت له األمر وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث أعتذر عن سبب غيابي لكنني لدي ما‬
‫أخبرك به أنت والجميع‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ما الذي يجري ملاذا أنت متوترة جدا؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعرف كيف سأخبركم ألنكم على األرجح لن‬
‫تصدقوا أية كلمة مما سأقوله‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬تكلمي أنا أصدقك على الدوام ال تقلقي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬حسنا سأنادي عمتي وعمي في الحال‪.‬‬
‫نادت أمل الجميع حتى ألحان ثم قامت بأخذ‬
‫نفس عميق وقالت لهم‪ :‬أرجوكم حاولوا التركيز معي‬
‫وصدقوني ألن ما سأقوله لكم ش يء يفوق الخيال…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬حسنا بنيتي اهدئي قليال وأخبرينا نحن‬
‫منصتون لك‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال أعلم من أين سأبدأ لكنني ملكة من عالم‬
‫آخر ونصف بشرية‪...‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬ما الذي تقولينه هل تمزحين معنا أمل؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أقسم بأنها الحقيقة أنا ملكة البينوترييوليون‬
‫األخيرة وأملك قوى البينوالتي قد ورثتها عن والدتي‬
‫ألن أمي كانت من البينو وأبي بشري لهذا فأنا نصف‬
‫بشرية‪ ..‬إنها قصة طويلة لكنني أقول الحقيقة‬
‫أرجوكم صدقوني‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬هل تقصدين أن عهد لم تكن بشرية ما الذي‬
‫تقولينه هذا غير منطقي أبدا‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬عمتي أنت تذكرين أن أبي كان على وشك املوت‬
‫قبل أن يتعرف على أمي صح؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أجل بالطبع فأخي عانى منذ صغره بضعف‬
‫قلبه الشديد‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل لهذا والدتي كانت السبب في شفائه عن‬
‫طريق هذه القالدة وعند وفاتها تركتها لي لهذا توفي أبي‬
‫أيضا ألن القالدة هي من أبقته حيا‪ ..‬انظروا فور ما‬
‫أرتديها سيتغير شكلي وستشع بنور قوي‪ ...‬ثم قامت‬
‫بارتدائها في تلك اللحظة صدم الجميع مما يرونه‪ ..‬هل‬
‫صدقتموني اآلن؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل أنت حقا تشعين لقد تغير لون عينيك‬
‫وشعرك أيضا؟!!!‬
‫‪106‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬يا إلهي…!!‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬ما الذي تراه عيناي هل أنا أحلم!!!‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬لألسف ليس حلما أبدا!!!‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هل صدقتموني اآلن؟‬
‫تكلم الجميع مع بعضهم قائلين وكيف علينا أن ال‬
‫نصدقك‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا آسفة ألنني أخبرتكم بهذا فجأة لكنني‬
‫مستعجلة من أمري لقد كنت فاقدة لذاكرتي وحدث‬
‫الكثير حتى اآلن أعدكم بأنني سأخبركم بكل ش يء‬
‫بالتفصيل لكن اآلن كل ما يهم هو أنت غيث‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أنا؟ ماذا؟ ملاذا‪..‬؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل بإمكاني شفائك بواسطة قوتي لكنني‬
‫الزلت ضعيفة ألنني استرجعتها البارحة فقط لهذا‬
‫فأنا أطلب منك املجيء معي إلى مملكة الشالالت‬
‫حيث سيساعدني هارالن وامللكة توانا‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ماذا مملكة شالالت ؟؟؟ من يكونون؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬فقط تعال معي وسأشرح لك في الطريق‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬ال أعلم ماذا سأقول‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أرجوك غيث ثق بي أسرع هيا‪ ..‬آسفة عمتي‬
‫عل ّي الذهاب سأعود قريبا ثم أخذت غيث وخرجت‬
‫مسرعة حيث لم يتكلم منهم أحد من الصدمة‪،‬‬

‫‪107‬‬
‫اتجهت به إلى الغابة واستدعت توانا وهارالن في نفس‬
‫الوقت شرحت له كل ش يء بالتفصيل وعرفته بهما‪..‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬مرحبا أيها الصغير إنها أول مرة نلتقي ببشري‬
‫كامل ههه أنا أكون توانا ملكة الشالالت‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬وأنا روح الغابة هارالن سعيد برؤيتك‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬مرحبا؟؟ أنا غيث‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث سأقوم بمعالجتك لكنني أحتاج إلى أن‬
‫أتدرب أكثر ‪ ..‬انتظرني هنا سأعود إليك بعد‬
‫التدريب‪ ..‬تركت أمل غيث في القصر يرتاح ثم ذهبت‬
‫لتتمرن على قواها لساعات عديدة حتى حل الظالم‬
‫وصارت متعبة‪ ،‬عادت إلى القصر جلست قليال مع‬
‫غيث ثم طلبت منه أن يستلقي مسكت برجليه ثم‬
‫قامت باستعمال قواها بحذر شديد حيث دهش من‬
‫املنظر الغريب ألن رجاله صارتا تلمعان وأحس‬
‫ببعض من البرودة في جسمه‪ ،‬توقفت أمل ووقعت‬
‫على األرض لكنها لم تفقد وعيها مما جعل غيث يفزع‬
‫ويسألها‪ :‬هل أنت بخير أمل؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلق إنها دوخة خفيفة فقط هذا أمر عادي‬
‫الستعمالي قواي‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا لكن ماذا كنت تفعلين؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬لقد شفيتك تماما غيث حاول الوقوف‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حقا؟؟ هل أنت متأكدة من هذا ؟‬
‫‪108‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل غيث هيا قم‪ ،‬ثم بدأ بتحريك رجليه‬
‫بسهولة وقام كما لو أنه لم يكن مشلوال على‬
‫اإلطالق‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا إلهي أمل لقد فعلتها حقا أنا أمش ي…‪ .‬وأخيرا‬
‫صرت أستطيع املش ي‪ ..‬ال أصدق هذا أشكرك من كل‬
‫قلبي أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أيضا سأطير من فرحتي ألجلك ما رأيك أن‬
‫أتركك تستريح وصباح يوم الغد نعود إلى املنزل؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أريد الذهاب راكضا للبيت أنا متحمس جدا‬
‫ال يمكنني الجلوس حتى…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ههههه يا لك من مضحك الوقت متأخر جدا‬
‫اآلن نم وخذ قسطا من الراحة وصباح الغد‬
‫سنذهب‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أيتها امللكة‪ ..‬ههه أحس بغرابة عند‬
‫قولها‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلها نادني فقط أمل‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أمل تصبحين على خير‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬تصبح على خير‪.‬‬
‫تركت أمل غيث وخرجت بقيت مستيقظة طوال‬
‫الليل تفكر في أثير ثم سمعت صوته بداخلها يقول‬
‫لها "حبيبتي اشتقت لك أنا أنتظرك بفارغ الصبر" مما‬
‫جعلها تبكي بفرح لسماعها صوته وأجابته‪" :‬أنا أيضا‬
‫‪109‬‬
‫اشتقت لك لقد تذكرتك أخيرا‪ ..‬سأحاول جهدي فتح‬
‫البوابات لنجتمع مرة ثانية…‬

‫‪110‬‬
‫لقاء األحبة‬

‫ظلت أمل تكلم أثير بداخلها حتى نامت‪ ،‬وفي‬


‫صباح يوم الغد ودعت الجميع هي وغيث ثم ذهبوا‬
‫إلى املنزل باستعمال قواها وفي لحظات وصلوا وجدوا‬
‫الجميع مندهشا من ظهورهم املفاجئ واألكثر مفاجأة‬
‫رؤية غيث واقفا على قدميه‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬يا إلهي بني لقد شفيت حتما‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬لكن كيف هذا؟‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬هل يمكنك املش ي حقا؟؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أجل أنا أستطيع املش ي والركض لقد شفيت‬
‫تماما بفضل أمل طبعا‪ ،‬البارحة استعملت قواها‬
‫لشفائي وانظروا ها أنا أمش ي…‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬أنا فرحة جدا ال أصدق أن ابني شفي‪ ..‬شكرا‬
‫لك أمل كيف سنرد جميلك هذا؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تشكروني أنا أسعد أكثر عند رؤيتكم سعداء‬
‫لكنني مستعجلة لهذا علي الذهاب فورا وسأعود‬
‫إليكم في أقرب وقت ممكن‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬خذيني معك…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬ال تذهب ابقى معي غيث أنا سأسافر‬
‫األسبوع املقبل ولم نجلس لنتحدث مع بعض حتى‬
‫اآلن‪..‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل عليك البقاء هنا أنا ذاهبة في مهمة وال‬
‫أعلم متى سأعود اعتنوا بأنفسكم وداعا‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ ،‬لوليا‪ ،‬طالل‪ ،‬ألحان‪ :‬إلى اللقاء كوني حذرة‪...‬‬
‫ثم قامت باستعمال قواها واختفت‪ ،‬عادت إلى‬
‫مملكة الشالالت وقامت بإخبار هارالن وتوانا أن‬
‫يستعدوا ألنها ستقوم بفتح البوابات فورا‪ ..‬بعدها‬
‫بدأت بالطيران واستعملت كامل قواها لفتح جميع‬
‫البوابات حيث سطع نور ورياح قوية جدا لكنها‬
‫نجحت في فتحها ثم سقطت من فوق‪ ،‬وعندما‬
‫أوشكت على ارتطامها باألرض أمسك بها أثير في‬
‫اللحظة األخيرة‪ ...‬نظرت إليه بعينين دامعتين وشوق‬
‫كبير ثم قاموا باحتضان بعض بقوة كما لو أنهم لن‬
‫يتركوا بعض أبدا‪ ،‬كان أروع لقاء لألحبة يشهده العالم‬
‫حيث مأل األرجاء‪ ،‬وكل من هناك شاركهم سعادتهم‬
‫وحبهم العظيم‪ ..‬بقوا محتضنين بعضهما لساعات ثم‬
‫قاموا وذهبوا إلى القصر حيث فوجئوا بالترحيب‬
‫الكبير لهم لقد حضر جميع امللوك حتى رهبان البينو‬
‫"داغر" و"راسان" كانا هناك فرحين جدا ألجلها‪.‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬مرحبا ملكتي سعيدين حقا برؤيتك نحن‬
‫نعتذر عن كل ما فعلناه لكننا ممتنون لك ونرجو‬
‫منك مسامحتنا‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬ملكتي لقد شهدنا عن مدى عظمتك‬
‫وأخالقك الكريمة نحن نفتخر بك وسعيدين‬
‫بعودتك لنا‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أملي وملكتي وحبيبة قلبي كل العالم يحبونك‬
‫ويحترمونك كونك أفضل وأقوى ملكة بينو عرفها‬
‫التاريخ والعالم‪ .‬فخور بك حبيبتي كنت أنتظر‬
‫عودتك لي كل لحظة وثانية‪ ،‬ولقد قمت ببناء قصر‬
‫لك خصيصا أنا والرهبان ساعدوني أيضا كنا نعلم‬
‫بعودتك يوما ما وها نحن مجتمعين أخيرا‪...‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا ممتنة لكم جميعا وأكثر فرحا لهذا اللقاء‬
‫كم كنت مشتاقة لك وضائعة بدونك أثير بالرغم من‬
‫أنني فاقدة لذاكرتي لكنني كنت أحس بفراغ وشوق‬
‫يكاد يقتلني‪...‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬لن يحدث هذا مرة ثانية ولن نفترق أبدا…‬
‫وستظلين ملكتي وأعظم ملكة بينو‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل سنظل معا إلى األبد وسأبذل قصار‬
‫جهدي لحمايتكم وحماية العالم كما يجب… بعدما‬
‫كنت أفكر فقط في حماية عائلتي الوحيدة لكنني‬
‫استعدت ذاكرتي وأصبحت أدرك أن العالم بأسره‬
‫وعلي الحرص على سالمة األرض من‬ ‫هو عائلتي اآلن ّ‬
‫كل شر والبينوترييوليون أيضا‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬من كان يعلم أنه سيأتي يوم تختلط فيه‬
‫أقوى األجناس بالبشر نفسها‪ ..‬لكن اآلن أصبحت‬
‫أعظم ملكة بينو نصف بشرية وتنتمي إلى عاملين…‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬أجل هي كذلك‪ ،‬منذ أول يوم رأيتك فيها‬
‫أحسست بطاقة كبيرة بداخلك وكنت أعلم أنك‬
‫ستصبحين في مقام كبير يوما ما وها أنت اليوم‬
‫أصبحت ملكتنا جميعا‪ ..‬أنا فخورة بك وفخورة كونك‬
‫ابنة عهد بالرغم من أنها رحلت لكنها تركت لنا أمال‬
‫كبيرا وهو أنت‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬شكرا لكم جميعا لوقوفكم معي ودعمكم لي‪،‬‬
‫لم أكن سأصبح أقوى من دونكم أنت وهارالن وأثير‬
‫بالطبع وفخورة كوني ابنة عهد أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬كلنا نفخر بهذا عزيزتي‪.‬‬
‫‪ -‬راسان‪ :‬واآلن سيدتي هل ستسمحين لنا بالعودة إلى‬
‫سابق عهدنا إلنجاز مهماتنا؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬بالطبع فهذا واجبكم أيضا وسأعيد لكم‬
‫املفاتيح الكونية لكن بشرط أن تعدوني بعدم ارتكاب‬
‫أية حماقات…‬
‫‪ -‬راسان وداغر‪ :‬نعم نعدك سيدتي‪.‬‬
‫أعادت أمل املفاتيح الكونية للرهبان وأعطتهم‬
‫األمر باالنطالق في أداء واجباتهم‪ ،‬ثم قال لها أثير أنه‬
‫سيعود إلنجاز مهامه كما في السابق كونه اآلن‬
‫‪114‬‬
‫الراهب األول واملسؤول عن شياطين اإلنس التي‬
‫تخلق مع األطفال فأجابته أمل بأنها توافق وتدعم‬
‫كل قراراته وأخبرت الجميع بأنها هي وأثير مرتبطان‬
‫الروح أي من ترتبط روحه بامللوك يصير يسمع كالمه‬
‫ويشاركه كل أحاسيسه وتصبح قواه أقوى بكثير‬
‫حيث يظالن مرتبطان إلى األبد‪ ...‬وهكذا هو حال‬
‫االثنان اآلن‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫توسع العائلة‬

‫بعد ليلة حافلة عادت أمل مع أثير إلى البيت كما‬


‫في السابق حيث بقيا جالسان بالحديقة يتحدثان‬
‫مطوال وقامت أمل بإخبار أثير عن كل ما حدث لها‬
‫وعن عائلتها اآلن عمتها وابن عمتها غيث وزوجها حتى‬
‫أنها سعيدة جدا بوجودهم معها وهم أيضا يشاركونها‬
‫نفس الشعور واملحبة… ثم تذكرت أنه عليها الذهاب‬
‫إليهم لتطمئنهم عنها وتخبرهم كامل قصتها وتعرفهم‬
‫بأثير أيضا لكنها كانت متعبة جدا لدرجة أنها نامت‬
‫وهي جالسة بالحديقة‪ ،‬قام أثير بحملها إلى البيت ثم‬
‫بقي جالسا قربها حتى نام هو اآلخر‪.‬‬
‫في اليوم التالي استيقظت أمل وجدت أثير‬
‫بالحديقة يناديها‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أملي هل استيقظت؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل صباح الخير ما الذي تفعله؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬تعالي وسترين‪ ،‬وجدت أنه وضع طاولة هناك‬
‫عليها فطور أمل املعتاد تحضيره لها كما في السابق‬
‫حتى أنه صنعها بنفسه من الزجاج حيث أعجبت أمل‬
‫بها كثيرا وأحبت الفطور‪ ،‬ثم جلسوا على الطاولة‪،‬‬
‫وبينما يقومان باإلفطار أخبرته بأنه عليهما الذهاب‬

‫‪116‬‬
‫إلى منزل عمتها فورا فأسرعوا في إفطارهم وجهزوا‬
‫أنفسهم ثم انتقلوا بقواهم إلى منزل عمتها‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬عزيزتي أمل أين كنت منذ البارحة لقد بقينا‬
‫مندهشين جميعا ننتظر عودتك لنا هل أنت بخير آه‬
‫ومن يكون هذا الوسيم؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬آسفة عمتي على ذهابي بسرعة لكنني أتيت‬
‫ألفسر لكم كل ما حدث وهذا يكون أثير …‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬مرحبا سعيد برؤيتك سيدة لوليا‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬مرحبا أثير أنا أيضا سعيدة برؤيتك لكن أمل‬
‫هل هذا شخص تعرفينه؟ لم أره من قبل أو هو أيضا‬
‫مثلك‪ ...‬تفهمين قصدي صح؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ههههه عمتي كم أنت فضولية جدا تعالي‬
‫لندخل وسأخبرك بكل ش يء‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل لقد أتيت أخيرا اشتقت لك أين كنت؟‬
‫من يكون هذا؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أيضا مشتاقة لكم جميعا‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬صغيرتي أمل سعيد بعودتك أين كنت؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا بخير عمي ال تقلق سأحكي لكم بعد قليل‬
‫لكن أين هي ألحان؟‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬إنها بالحديقة هل أناديها؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل أرجوك‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا سأعود في الحال‪..‬‬
‫‪117‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬يبدو أن ابن عمتك يحبك كثيرا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ههه أجل هو كذلك‪...‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬مرحبا أمل هل ناديتني؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬نعم ألحان كيف حالك ؟‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬أنا بخير وبأفضل حال كوني مع غيث‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سعيدة بسماع هذا‪ ،‬حسنا سأدخل باملوضوع‬
‫لقد أردت منكم جميعا أن تجتمعوا ألخبركم بكل ما‬
‫حدث لي وبكامل قصتي…‬
‫أعلمت الجميع بقصتها وبكامل التفاصيل حيث‬
‫اندهشوا كثيرا لكنهم صدقوا األمر باألخير‪ ،‬قاموا‬
‫بتشجيعها ووعدوها بكتم سرها حتى أنهم آمنوا بها‬
‫جميعا…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وأردت أن أعرفكم بأثير ألنه لن يفارقني منذ‬
‫اليوم‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬كيف هذا؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أنا وأمل مترابطين الروح نسمع أفكار بعضنا‬
‫ونشارك مشاعرنا أي كما عند البشر يكون الزواج‪..‬‬
‫تقريبا هكذا‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬تقصد أنكما متزوجان؟؟‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬نعم ش يء من هذا القبيل‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لكن متى أقمتما عرسكما؟؟‬

‫‪118‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬نحن لم نقم عرسا حتى اآلن الترابط الروحي‬
‫هو ش يء كالزواج عند البينو‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬لكن بما أنك نصف بشرية يحق لك القيام‬
‫بعرس سأقوم بطلب يدك اآلن وأمام جميع عائلتك‬
‫كما يفعل البشر‪ ..‬هل تقبلون إعطائي ابنتكم أمل‬
‫كزوجة لي؟‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬هههه كم هذا مفاجئ وغريب‪ ،‬ماذا سأقول‬
‫ههه أكيد أقبل وأنا مرتاحة البال ألجل ابنة أخي‬
‫وحبيبتي أمل‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يحق ألمل أن يكون لها عرس فخم وأن تكون‬
‫أجمل وأسعد فتاة في العالم كل ما يهمني هو‬
‫سعادتك أمل‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬أنا أيضا بنيتي سأقبل بهذا الزواج وأتمنى‬
‫لكما السعادة والهناء‪.‬‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬سأفرح ألجلك من كل قلبي‪ ...‬متى سيقام هذا‬
‫العرس أخش ى أن ال أستطيع حضوره ألنني سأعود‬
‫للبيت بعد يومين…‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلقي بشأن العودة ألنني سآخذك بنفس ي‬
‫في بضع لحظات…‬
‫‪ -‬ألحان‪ :‬حسنا هذا رائع‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أجل ستظلين معي هه لكن أمل أنت لم تقولي‬
‫بشأن جوابك هل تقبلين الزواج منه؟‬
‫‪119‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬سأفكر في األمر…‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ماذا؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههههه كم أنت مضحك أكيد أقبل بمن‬
‫يشاركني أفكاري ومشاعري ‪..‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬هذا مريح ههه يا لك من شقية‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬كم أنا سعيدة بهذا حقا دعونا نفكر بمكان‬
‫العرس‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا أعلم أين سأقيمه‪ ...‬سيكون عرس ي في‬
‫حديقة منزلنا‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬حديقة عهد ومناف التي اعتنينا بها أنا وأمل‬
‫وهي اآلن أروع مما تتصورون‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل هي كذلك فهي تحمل ذكرى محبة والداي‬
‫ومحبتنا نحن‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬اختيار رائع سنأتي بالتأكيد و سأحرص على‬
‫أن يكون أفضل عرس‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬وجودكم معي سيكون أفضل هدية بالكون‪ ،‬آه‬
‫لقد تذكرت عمي طالل ال تقلق بشأن حساسيتك من‬
‫الورود سأعالجها لك تعال…‪ .‬أمسكت بيده ثم‬
‫استعملت قواها بعالجه وفي بضع لحظات أخبرته أنه‬
‫شفي تماما وال داعي بأن يقلق تجاه حساسيته منذ‬
‫اآلن‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬يا إلهي أنا حقا ممنون لك من كل قلبي ابنتي‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬كلنا ممنونون لها‪.‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بالطبع حبيبتي شكرا لك على كل ما تفعلينه‬
‫ألجلنا‪...‬‬

‫‪121‬‬
‫أمل الجميع‬

‫قامت أمل باحتضان الجميع وأمضت كامل يومها‬


‫تقوم بالتجهيز ليوم عرسها الذي يكون بالغد وكونها‬
‫ملكة البينو ال يصعب عليها القيام بش يء أبدا حيث‬
‫دعت كل ملوك الطبيعة‪ ..‬امللكة توانا وهارالن هم أول‬
‫من في القائمة أيضا الرهبان وعائلتها بالطبع‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة ألثير كان قد ذهب لتجهيز الحديقة مع طالل‬
‫وغيث‪.‬‬
‫عند حلول الليل اجتمع الجميع في منزلها بعدما‬
‫تعشوا وتأكدوا من إكمال كل التحضيرات بأدق‬
‫التفاصيل ثم ذهب كل واحد منهم إلى النوم لكن‬
‫غيث طلب من أمل أن يتحدث معها في أمر مهم‬
‫وكالعادة لم ترفض طلبه وذهبت فورا إليه…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أمل أريد أن أكلمك بموضوع لكن ال أعرف‬
‫بماذا سأبدأ؟‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ابدأ من حيث تشاء أنا مستمعة إليك‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أمل أنا أريد ألحان أن تظل معي‪،‬‬
‫أقصد أنني أريدها أن تكون معي دائما‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬غيث أنا أعلم أنك تحبها‪..‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬لكن؟؟ كيف علمت بهذا؟؟‬

‫‪122‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يمكنني رؤية دقات قلبك بوضوح لقد كنت‬
‫أعلم منذ البداية أنك تحبها لكنني لم أرد أن أتدخل‬
‫فيما بينكما فقط…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا إلهي كل مرة تدهشيني أكثر لكن أمل أنا‬
‫أثق بك كثيرا لهذا أريد منك مساعدتي‪ ...‬ال أعلم ماذا‬
‫سأفعل أو ماذا سأقول لها أخش ى من ردة فعلها‪..‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال تقلق غيث فهي أيضا تحبك كثيرا حتى أنها‬
‫تغار مني أحيانا كوني مقربة منك كثيرا…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حقا؟؟؟ هذا رائع‪ ،‬أمل هل حقا هي تحبني؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أجل غيث أنا متأكدة من ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬يا إلهي كم أنا سعيد ومحظوظ أنت أفضل‬
‫أمل بالعالم‪ ..‬لكن كيف سأتقدم لها؟ هل لديك أية‬
‫فكرة؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه حسنا ما رأيك أن تقوم بخطبتها غدا‬
‫بعرس ي وأمام الجميع هذا سيسعدها كثيرا وسأفرح‬
‫ألجلك أنا أيضا قبل أن أرحل…‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬فكرة مذهلة‪ ،‬لكن إلى أين سترحلين؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أنا ذاهبة إلى عاملي اآلخر‪ ...‬لكن ال تقلق سآتي‬
‫إليكم متى تسنت لي الفرصة فأنا أنتمي للعاملين ههه‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬عديني بأنك ستأتي ال تحزنينا أمل ال يمكننا‬
‫العيش من دونك فأنت أملنا جميعا…‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أعدك غيث ال تيأس فغدا يوم مهم جدا لنا‬
‫وستقوم بخطبة ألحان عليك أن تبتهج‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬حسنا أمل معك حق‪ ،‬يا إلهي لقد تذكرت‬
‫يجب علي أن أشتري لها خاتم الخطوبة‪ ،‬لقد تأخر‬
‫الوقت ماذا سأفعل؟؟؟؟‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬يمكنني حل هذا األمر سأصنع لك خاتما رائعا‬
‫بقواي اآلن‪ ،‬انظر‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬وااااو‪ ..‬كم هو رائع إنه أجمل خاتم أراه‬
‫بحياتي شكرا لك من كل أعماق قلبي‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬ال داعي للشكر غيث هذا الخاتم مصنوع من‬
‫األملاس النادر وهو غير عادي سيكون هديتي لكما‪،‬‬
‫احتفظا به وليكون رمز محبتكما‪ ..‬ما أريده فقط أن‬
‫تكونا سعيدين معا دائما وتذكر بأنني معك دائما ولن‬
‫ينقصك ش يء…‬
‫عانق غيث أمل بقوة وشكرها على كل ما تفعله‬
‫ألجله وألجل الكل ثم عادت أمل إلى غرفتها وفي بضع‬
‫لحظات غطت في نوم عميق جدا بينما كان أثير‬
‫مشغوال بإنجاز مهامه لكنه يعلم بكل أحوال أمل وهي‬
‫كذلك…‬
‫في صباح يوم الغد استيقظ الجميع متحمسين‬
‫للعرس والفرحة تعم األرجاء كانت العمة لوليا بجانب‬
‫أمل طوال الوقت بينما طالل وغيث وألحان‬
‫‪124‬‬
‫يستعدون الستقبال الضيوف أما عن أثير كان‬
‫بالحديقة يضيف بعض اللمسات األخيرة وبينما هو‬
‫مشغول هناك رأى حضور الرهبان داغر وراسان‬
‫وكامل ملوك الطبيعة أولهم توانا وهارالن ‪.‬‬
‫‪ -‬توانا‪ :‬عريسنا األنيق أرى كم تزداد جماال كل يوم‬
‫ههه‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ههههه مرحبا توانا سعيد برؤيتكم جميعا شكرا‬
‫على حضوركم معنا هذا يعني لنا الكثير‪.‬‬
‫‪ -‬داغر‪ :‬هههه لم نفعل شيئا نحن فقط نتبع أوامر‬
‫ملكتنا العظيمة ويشرفنا الحضور في عرسها هي‬
‫وسيدنا الراهب األول وامللك الروحي‪.‬‬
‫‪ -‬هارالن‪ :‬هههه هذا أكيد‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬أشكركم من كل قلبي هههههه‪.‬‬
‫تعرف جميع امللوك على عائلة أمل وكان ذلك أول‬
‫لقاء لهم مع البشر وأروع شعور على اإلطالق‪ ...‬بقوا‬
‫هناك يتحدثون مطوال حتى أتى املساء وحضر جميع‬
‫املعازيم ثم قام غيث وطالل بالترحيب بهم وإرشادهم‬
‫للجلوس في الحديقة التي كانت شديدة الجمال‪ ،‬لقد‬
‫أعجب الجميع بها وبديكورها املذهل ألنه بالطبع من‬
‫صنع وتصميم أثير الذي جعلها تلمع بالكامل‪.‬‬
‫بينما كان الجميع متلهفا لرؤية العروس والعريس‪..‬‬
‫قامت أمل بارتداء ثوب زفاف صنعته بنفسها وكان‬
‫‪125‬‬
‫مظهرها مشرقا وشديد الروعة والجمال كامللكة‬
‫الفاتنة بالضبط‪ ،‬أما عن أثير أصبح أكثر جماال‬
‫ووسامة ببدلته الرسمية املذهلة وعينيه الرماديتين‬
‫مع شعره األبيض الطويل‪..‬‬
‫انبهر الجميع بجمالهما ومدى محبتهما‪ ،‬لقد كانا‬
‫أفضل ثنائي يراه الكل‪ ،‬وفي املساء بينما كانا جالسان‬
‫قرب بعضهما يتحدثان مطوال‪ ..‬قام غيث بخطبة‬
‫ألحان أمام جميع الحاضرين حيث اندهشت من تلك‬
‫املفاجأة السارة الغير متوقعة لكنها وافقت فورا كما‬
‫أصبح غيث أكثر سعادة هو أيضا‪ ،‬ثم ألبسها الخاتم‬
‫الرائع بعدما قال لها أنه هدية من أمل لكلينا‪ ..‬فرحت‬
‫كثيرا به وقامت بشكر أمل كثيرا من كل قلبها حتى‬
‫أمل فرحت ألجلهما وأحست بالطمأنينة والراحة‬
‫ألجل ابن عمتها الوحيد والغالي على قلبها كثيرا…‬
‫وهكذا عمت أجواء السعادة والسرور من جهة‬
‫أمل وأثير ومن جهة أخرى غيث وألحان‪ ...‬كانت لوليا‬
‫وطالل في شدة السعادة وملوك الطبيعة شاركوهم‬
‫فرحتهم حيث كان عرسا غير منس ي أبدا شهده الكل…‬
‫بعد انتهاء العرس ودعت أمل عائلتها وأخبرتهم بأنه‬
‫يجب عليها الذهاب إلى عالم البينو ألداء واجباتها‬
‫كملكة‪ ...‬وأنها ستقوم بزيارتهم في أقرب وقت ممكن‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬بنيتي ال تغيبي عنا كثيرا ال يمكننا البقاء من‬
‫دونك‪.‬‬
‫‪ -‬غيث‪ :‬أجل أمل زورينا على الدوام‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬أعدكم بأنني سآتي ال تقلقوا أنا أيضا ال يمكنني‬
‫العيش من دونكم‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬صغيرتي نحن نثق بك ونعتمد عليك فقط‬
‫كوني سعيدة وانتبهي على نفسك مهما كنت قوية‬
‫سنظل نعتبرك صغيرتنا وأملنا الغالية وابنتنا أيضا…‬
‫حركت كلمات طالل مشاعر أمل فبكت من شدة‬
‫فرحها وقامت بمعانقتهم جميعا ثم ودعتهم ورحلت…‬

‫‪127‬‬
‫البينو الجديد‬

‫بعد عدة أشهر ظلت أمل تزور عائلتها كل ما‬


‫تسنت لها الفرصة‪ ...‬بالرغم من أنها كانت مشغولة‬
‫جدا للحفاظ على العالم والقضاء على الشياطين هي‬
‫وأثير الذي كان معها على الدوام‪ ،‬زادت قوتها‬
‫وضاعفت مجهودها ألجل الكل لطاملا كانت وفية‬
‫للجميع…‬
‫توجت ملكة الشالالت توانا وأصبحت رفيقتها‬
‫أيضا حتى هارالن أصبح أقوى روح الغابات على‬
‫اإلطالق له شأن كبير‪ ...‬أما عن الرهبان لقد أحبوها‬
‫من كل قلبهم وكانوا وفيون جدا لها‪...‬‬
‫اكتشفت مؤخرا أنها حامل بصبي وحتى غيث تزوج‬
‫في تلك الفترة‪ ...‬لقد كانت أروع األحداث التي تأتي مع‬
‫بعضها وبعد أشهر حملت ألحان أيضا وكانت تنتظر‬
‫مولودا أخبرتها به أمل أنها بنت لهذا قررت أن تسمي‬
‫أمل ابنها "مناف" على اسم أبيها بينما اقترحت لوليا‬
‫اسم "عهد" كاسم والدة أمل لحفيدتها ووافقت‬
‫ألحان عليه فورا‪.‬‬
‫كانت أمل وأثير سعيدين جدا بقدوم مولودهما‬
‫وبأنهما سيصبحان والدين قريبا جدا…‬

‫‪128‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬ال أصدق أنني سأكون أبا بعد كل هذه القرون‬
‫التي عشتها‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه وال أنا لكنني متأكدة بأنك ستكون أروع‬
‫أب في العالم‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬وأنت أفضل وأجمل أم وملكة على الوجود…‬
‫بعد فترة أنجبت أمل مولودها األول حيث احتفل‬
‫الجميع بقدومه وكان يوم والدته يوما ال ينس ى أبدا‬
‫بمدى قوة النور الذي سطع في أنحاء عالم البينو‬
‫والقوة الكبيرة التي جعلت الرياح تهب بشدة‪ ،‬حملت‬
‫أمل ابنها "مناف" بين يديها بينما كان أثير ينظر إليه‬
‫بدهشة وفرح لقد ورث قوة والدته ووالده حتى أنه‬
‫نصف بشري أيضا وشديد الظرافة والجمال‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬مرحبا بك مناف الصغير كم أنت ظريف ههه‪.‬‬
‫‪ -‬أثير‪ :‬بني مناف ههه كم هو جميل يا إلهي لديه نفس‬
‫لون عينيك الزرقاوتين أمل‪.‬‬
‫‪ -‬أمل‪ :‬هههه ونفس لون شعرك أيضا‪.‬‬
‫كان الجميع متلهفا لرؤية البينو الجديد ابن‬
‫أعظم ملكة‪ ،‬حيث ذهبت أمل وأثير إلى األرض لتريه‬
‫إلى عائلتها وفور رؤيتهم له غمرتهم السعادة وأرادوا‬
‫حمله جميعهم من شدة جماله وظرافته‪ ...‬ظلوا‬
‫هناك مدة شهرين ثم ولدت ألحان أيضا وأنجبت‬
‫عهد الصغيرة…‬
‫‪129‬‬
‫‪ -‬لوليا‪ :‬كم أنا محظوظة أصبح لدينا أجمل حفيدين‬
‫بالعالم‪.‬‬
‫‪ -‬طالل‪ :‬أجل هما حقا كذلك عهد ومناف الجوهرتان‬
‫الثمينتان خاصتنا هههه‪.‬‬
‫أصبحت العائلة أكبر بوجود املولودين وكان‬
‫مناف يكبر بسرعة كبيرة حتى أنه طبق األصل عن‬
‫أمه شديد الفضول محبوب لدى الكل وأقوى بكثير‬
‫حيث كبر مع عائلته وكان يذهب إلى األرض على‬
‫الدوام ألجل البقاء مع عهد واكتشاف العالم أكثر‪،‬‬
‫كانت قواه غير محدودة مثل والدته وبإمكانه رؤية‬
‫الشياطين أيضا‪.‬‬
‫تعلقت أمل وأثير بابنهما كثيرا وكانوا يحرصون على‬
‫تربيته وتعليمه على الدوام بالرغم من أنه ذكي جدا‬
‫وشقي مثل والدته لكنه لطيف وقلبه من ذهب‪ ،‬تعود‬
‫على زيارة منزل لوليا وهم أيضا اعتادوا على مجيئه‬
‫وأحبوه بشدة‪.‬‬
‫وهكذا استقرت حياة أمل املليئة بالحزن‬
‫والتضحية لكن بفضل األمل الكبير الذي كانت‬
‫تحمله وقوة محبتها وإصرارها غدت أعظم ملكة بينو‬
‫وليس هذا فقط بل أصبحت لديها أصدقاء كثر‪،‬‬
‫وعائلة كبيرة تحبها كثيرا أيضا زوجها وابنها اللذين هما‬
‫كل ش يء بالنسبة لها‪ ،‬لهذا فهي أثبتت للعاملين مدى‬
‫‪130‬‬
‫قوتها كونها بشرية لكن األمل والحب سيظالن سر‬
‫الفوز والنجاح وأمل هي من آمنت بكالهما وبفضلها‬
‫عم السالم والحب في كال العاملين‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫النهاية‬

‫بعض من األحداث القادمة في الجزء الثاني من‬


‫القصة‪:‬‬
‫فضول مناف يقوده إلى اكتشاف عالم سفلي مليء‬
‫بالشياطين املختلفة والغريبة‪.‬‬
‫ظهور اثنين من ملوك الشياطين الذين خلقوا من‬
‫آالف السنين عند وقوع الحروب من أرواح شريرة ‪.‬‬
‫ظهور كاهن بينو ملقي اللعنات الذي كان الجميع‬
‫يظنون أنه مات عند وقوع حادث الخيانة لكنه نجا‬
‫وهرب إلى العالم السفلي وهو من قام باستحضار‬
‫ملوك الشياطين من جديد لينتقم من كل البينو‬
‫والعالم بأسره أي أنه تمرد وأصبح خائنا كبيرا‪.‬‬

‫‪132‬‬

You might also like