Professional Documents
Culture Documents
افضل يوم هو يوم الخميس رأي اتفق عليه كل العالم ،هو بداية لعطلة األسبوع ،و
نهاية عمل شاق أو دراسات طويلة ،هو بداية للعطلة الشتوية والربيعية و الصيفية
،يوم لألفراح و المناسبات ،مساء الخميس هو من أروع األمسيات ،كالخروج لتناول
العشاء في المطعم او الذهاب للبحر أو قضاء ليلة في السهر و مشاهدة التلفاز أو
الذهاب عند بيت الجد و االستمتاع مع األهل بأمسية رائعة
بالنسبة لي يوم الخميس هو يوم حظي ،قليال ما كان يمر هذا اليوم مرورا عاديا قليل
جدا ،فإما نذهب لبيت جدتي أو عند خالتي أو نخرج لتناول العشاء في المطعم عائلي
،المهم ال نقضي أمسية ذلك اليوم في البيت أبدا
و قد كان من حسن حظي في ذلك اليوم ،أن قرر أبي إرسالي الى عمتي أنيسة
ألقضي العطلة الشتوية عندها ،بدعوة منها كي أساعدها في بعض األمور التي لم
تعد تقوى لفعلها ،فعمتي امرأة وحيدة و ظروف الزمان جعلتها ال تقوى على العيش
بمفردها لذلك أرسلت طلب استغاثة ألبي من أجل أن يرسل ابنته الوحيدة لتنقذ أخته
الوحيدة ،لكن ال يعلمون أنهم أنقذوني بدورهم بدال من أن أقضي العطلة الطويلة في
بيت جدتي مع أوالد خالتي المزعجون فسأقضيها عند عمتي في ذلك البستان المفعم
بالحيوية يااااه كم أنا محظوظة ،سأذهب حيث الهدوء ،الطبيعة ،,الهواء المنعش
و بسرعة جهزت أغراضي ،لم يكن عليا أخذ الكثير فعمتي لديها ما يكفيني هناك من
مالبس و أحذية و أغراض اخرى ،فقد أخذت ما ينبغي عليا أخذه فقط كالشاحن و و
كتبي و هاتفي و القليل من المالبس فقط
امي من النوع الحريص ،لقد رأتني أخرج من الغرفة بيدي محفظتي التي تبدو خفيفة
جدا ثم قالت مشيرة الى المحفظة بذهول و كأنها رأت شيء عجيب
_شهد ما هذا !!
أجبتها وانا أمعن النظر الى المحفظة بتعجب
استدار ذلك الشيخ اليا و نظر باستغراب شديد ثم زمجر قائال :
_ال يوجد في هذه المدينة إال المجانين
رمى بالسجارة في األرض و رحل تاركا اياني في حيرة من كالمه ،نظرت من
حولي فإذا بأشخاص كثيرون ينظرون لي تلك النظرة ،لم أفهم حقا لماذا يبغضون
هذا الشاب و لما لم يحاولوا مساعدته ،تجاهلتهم ،و عدت أنظر الى الشاب الملقى
امامي على الكرسي أستفسر منه أمره ،كان يقول (انها اللعنة ،،انها اللعنة
،،ستحل اللعنة ) ،وضعت يدي على جبينه أتحسس حرارته ورحت أقرا عليه
بعضا من آيات القرآن التي أحفظها ،نزعت يدي بسرعة ،ثم رفعت رأسي أبحث
عن من يساعدني فرأيت تلك المرأة التي كانت تجلس هنا
ناديتها لعدة مرات لكنها كانت مشغولة مع طفلها الذي صار يبكي بال توقف و ابنتها
التي كانت تشدها من طرفها و هي تشير لها لمكان ما ،بدت المرأة منشغلة عني
تماما لدرجة لم تسمعني و لم تراني .
مزال هذا الشاب يرتجف ويردد تلك الكلمات الغريبة و التي لم افهم ماذا يقصد
بها ،لم أعرف ماذا افعل حياله ،كيف اوقف نوبته هذه ،كنت أتسأل لما ال ينتبه لنا
الناس هل لهذه الدرجة أصبحوا بال ضمير كيف لهم أن يروا هذا المسكين يصارع
الموت و ال أحد يقترب لكي يساعده ،زاد ارتجافه و أصبح يتصبب عرقا ،امسكته
من كتفه و شرعت أصب عليه وابال من األسئلة :
_ تمالك نفسك ،اهدأ و افتح عينيك أرجوك ،،عن أي لعنة تتحدث؟ مما تعاني
سيدي؟ هل أطلب لك اإلسعاااف؟
توقف الشاب عن ترديده لتلك الكلمات ثم فتح عينيه و قال في ذهول وتلعثم :
_ كيف رأيتني؟
قلت له بتعجب :
_مابك يا رجل أظن أن الحمى أثرت على عقلك !! كيف ال أراك هل أنا عمياء
،أظن أن الناس هنا هم الذين ال يبصرون لقد طلبت االغاثة و ال أحد أعارني
اهتماما ،تبا لهم عديموا الضمير
فجاة قام من مكانه و قد حول بصره في كل االتجاهات كأنه يفتش عن شيء ،ما ثم
عاد لينظر إلي ،وقفت أنا من مكاني و ذهبت ألحمل حقيبتي و كلي حيرة من هذا
الشاب الغامض ،صدحت صافرة القطار من بعيد معلنة عن وصوله ،استدرت
ألخبر الشاب أنني سأسافر وانه يجب أن يذهب الى المستشفى لكنني لم أجده و كأنه
تبخر ،جلت بنظري باحثة عنه لكنني لم أعثر حتى على خياله ،يبدو أنه رحل
،فعال كان شخصا غريبا
صعدت الى القطار و اخترت مقعدا بجانب النافذة
لو كنا في النهار إلستمتعت أثناء الرحلة بالمناظر التي تخطف العقل ،و أنا اسمح
بعقلي أن يحملني في هواء الخيال ألهيم بنفسي داخل تلك المروج ،لكنني بالليل
،لكن على األقل سأستم تع بسواده و سمائه و نجومه وذلك القمر النصف مكتمل
يترآ ى لي من بعيد وحيدا تدور حوله تلك النجوم و كأنها حراسه ،تناسيت فعال ما
حدث قبل قليل و نسيت أمر ذلك الشاب الذي تبخر في الهواء ،هو لم يتبخر هكذا
أنا أحسست فقط ،لم أحس بالوقت و لم أنتبه لمن يجلس بجانبي ،،فجأة شعرت
بأنفاس ساخنة بقربي و صوت يشبه الوشوشة يقول :
إعتدلت في جلستي،،و أخذت نفسا عميقا أحاول تمالك أعصابي لمنع حدوث شجار
يفسد عليا رحلتي :
غضن حاجبيه و صوب نظراته الى عيني ،كنت أحس بقطرات العرق تتساقط على
ظهري من شدة الخوف ،ارتجفت أطرافي و أصبح دخول األكسجين صعبا قليال
الى رئتي مما زاد دقات قلبي سرعة ،ثم سمعته يقول :
_أين شردتي يا مجنونة ،أنا أكلمك منذ لحظات ،أعرف انك لست هنا للتعرف على
الناس لكن من يصنع معروفا يكمله أليس كذلك ؟
قال كالمه و قد ارتسم شبح ابتسامة على ثغره و إرتخت مالمحه و إكتست وجهه
بشاشة غريبة
نظرت إليه قائلة بحدة :
_ أوال انا لست مجنونة ،ثانيا ال أعرفك و ال يحق لك مناداتي هكذا ثالثا الحمد هلل
على تعافيك أراك بصحة جيدة وال تحتاج لمن يساعدك
أطلق ضحكة عالية عمت المكان ضجيجا و المدهش ان الركاب لم يعيرونا اي
اهتمام ولم تظهر عليهم اي ردة فعل بسبب ضحكته العالية المبالغ فيها ،قاطع
شرودي صوته :
_اخبريني ما إسمك ؟
أجبته بغضب :
_لطالما بحثت كثيرا لكنني يأست من إيجاد شخص ينقذني مما أنا فيه ،الى أن
عثرت عليك ،انت الشخص المناسب و انت الشخص المنشود الذي أبحث عنه
بطريقة تلقائية سألته بهمس و كأنني أقلد طريقة كالمه :
_لكن كيف ؟ و لماذا أنا !؟
أجابني وقد ارتفعت نبرة صوته قليال :
_بال سيد هذه و قولي وسيم فقط تكفي ،لست سيدا ألحد
بدا عليه االنزعاج ثم أردف قائال :
اذن هل أنت مستعدة لمعرفة شيئ ما اوال ،،
زادت حدة انتباهي و قلت:
_مالذي يجب ان أعرفه
أغمض عينيه و أخذ نفسا عميقا ثم فتح عينيه مرة اخرى و قال:
كان سؤاله غريبا و ليس في محله تفاجأت حقا بسؤاله ،ماعالقة الجن بحديثا!!
،ظنن ت انه مجنون او أنه يريد ان يشتت تفكيري ،لم يتركني استمتع بالمناظر و ال
أن أسرح بخيالي ،انه شاب غريب األطوار أفسد عليا رحلتي ،أجبته بعد تفكير :
في تلك اللحظة أدركت انني بجانب شخص مختل عقليا ،او ربما هو مشعوذ أو
دجال ،وقفت مبتعدة عن مقعدي بفزع و انا أرمقه بنظرات ممتزجة بخوف و
غضب ،و لذذت بالفرار من أمامه ،كانت تلك القطرة التي أفاضت الكأس
طلبت من إمرأة عجوز أن نتبادل المقاعد و أخبرتها أن الشاب الذي كان يجلس
بجانبي قد أزعجني فنظرت لي بتعجب و قالت :
أدرت رأسي للمقعد فوجدت السيد وسيم ،ينظر لي نظرات حادة ،،فكرت في أن
العجوز ال ترى جيدا نعم ربما لديها ضعف في النظر
فطلبت من الشاب الذي يجلس بجانبها أن نتبادل األماكن و قد كان يسمع ما دار
بيني و بين المرأة العجوز فقال لي متعجبا :
_ ما الذي يحصل؟؟ ،أقسم انهم لم يروك ،تلك العجوز و ذلك الشاب !!،
ابتسم ثم قال :
_ ال تخافي ،ان هللا معنا و أنا معك ،قلت لك أنك انت حبل نجاة لي لذلك عليك
مساعدتي يا شهد بغض النظر عن الحقائق المفزعة التي ستعرفينها الحقا
تجاهلت كالمه و كأنني ال اريد أن أعرف شيئ سوى أن أتأكد من أن الذي بجانبي
هو انسان ،و إال سأكون في ورطة حقيقية ،سألته و كلي خوفا من اإلجابة :
_ انا وسيم
_ هذا ليس وقت المزاح يا وسيم ،أجبني من تكون أنت ؟ الناس في المحطة لم
يعيروك اهتمامهم برغم مرضك و توجعك أمامهم ناهيك عن استغراب بعض
الموجودين بالقرب مني عندما كنت أساعدك و لم افهم ذلك أبدا ،و اآلن هذه
العجوز ،،و ذ لك الشاب لم يرياك و ال يعلما بوجودك رغم انني أراك و متأكدة
انك حقيقة لست في خيالي ،،أخبرني ما األمر !؟
أطال بنظراته لي حتى كادت عيناه تشع من نور كأن عينيه أصبحتا مشتعلتين ،ذلك
المنظر الذي تكرر مرتين الى اآلن ،فأغمض عينيه لوهلة و فتحهما ثم قاال ؛
_لما أنت فقط من تريني من بين كل هؤالء البشر !؟ قلت له و الخوف يعتلي
مالمحي :
_ال أعلم شيئ ،كل ماأعرفه أنني أراك اآلن أمامي ،انا لست أحلم و ال أتخيل ،أنا
في الواقع و متأكدة من ذلك ،لكن كيف حصل هذا فأنا ليس لدي اي أفكار ،أنا خائفة
و مرتبكة لقد تشوش رأسي ،أظن انني في كابوس مخيف سأستيقظ بالتأكيد سأستيقظ
!!!
نظر اليا بنظرة توحي باإلطمئنان و قال:
_إهدئي يا شهد ،ال تخافي لطالما انت معي فإنك في أمان أعدك بذلك،لكن عليك فعل
شيئ واحد فقط يا شهد هو أن تثق بي و تذهبين معي
قلت له في تعجب :
_ و الى اين سأذهب معك ؟
_ :الى قريتي
_ثقي بي لن يحدث لك شيئ يجب أن تساعديني ،،األمر خطير جدا ،األمر اخطر
مما تظنين أعدك بأن أحميك من كل شيئ ،ستكونين بأمان .
قلت له و قد بدا عليا عدم االرتياح :
_ال لن أذهب ،،سأصل الى بستان عمتي قريبا ،إنها تنتظرني هناك
اجابني بعزم:
_اذن سأذهب معك
قلت له بغضب:
_ماذا الالاا لن تذهب معي !! ماذا سأقول لعمتي حينها
_ لن تراني عمتك ،،أنت الوحيدة التي يمكنك رؤيتي و قد تأكدت من ذلك اآلن
قلت له بخوف و قد تجمعت الدموع في عيناي
_أنا انا ،،من الجن يا شهد ،لم أكن أريدك أن تعرفي بهذه الطريقة لكن أنت لم
تسمعي كالمي أوال ،أنا آسف
أصابني الدوار حين قال هذا ،،أنا أجلس بجانب جني الال هذا غير معقول كانت
اإلجابة كفيلة بأن تفقدني الوعي لخمس دقائق ،حين إستفقت وجدت تلك العجوز و
هي تحمل قار ورة ماء و تنثر منها ماتبقى من المياه على وجهي ،فتحت عينياي و
رحت أقول بصوت خافت
_،أين أنا ،أمي أمي
،فقالت العجوز:
_بنيتي لقد كنت تتحدثين لوحدك طوال الوقت ثم دخلت في نوبة صرع و اغمي
عليك
،كأن ذاكرتي غابت ثم رجعت فجأة ،ظننت أنني في حلم و تمنيت أن أكون في حلم
حقا ،ما حدث معي كان مرعبا حقا ،عندما استفقت لم يكن وسيم بجانبي جلت
بنظري أبحث عنه لكنه تبخر مرة اخرى تمنيت أن يختفي لألبد و اكمل رحلتي
بسالام لكن األمور تريد أن تتعقد
،توقف القطار في احدى المحطات ،خرجت لكي أشتري بعض الماء فما عدت
أقوى على متابعة ما يحصل لي فأنا بحاجة للقوة و ان كانت قوة الجسد عليا أن امده
بالطاقة ،،رن هاتفي فجأة فقفز قلبي بين أضلعي ،أصبحت أرتعب من كل حركة ،
استغفرت هللا و أجبت على اإلتصال :
_مرحبا يا امي
_كيف حالك يا شهد
_انا بخير ،لقد توقف بنا القطار في المحطة قبل االخيرة مزال هناك اربع ساعات و
سأصل فجرا عند عمتي
_هل تناولت عشائك عزيزتي
_نعم يا امي ال تقلقي
_بنيتي ارتدي معطفك الجو بارد في الليل
_حسنا يا أمي سأرتديه ،تصبحين على خير
_رافقتك السالمة و انتي من أهل الخير
اغلقت الخط و توجهت لمحل اشتريت قارورة مياه معدنية ،ثم رأيته و هو يتجه
نحو ممر فارغ مظلم ،أشار لي بيده أن أتبعه ،قررت لحاقه بدون أن افكر في اي
عواقب ،تناسيت كونه جني او باألحرى لم أكن أصدق ذلك و رحت أركض خلفه،
استقرينا في مكان شبه مظلم و ال يوجد به أحد ،طلبت منه أن يخبرني الحقيقة فقط
فقلت:
_ربما يا شهد ربما ،لكن هذا ليس وقت الخوف و الدهشة ،أنصتي لي
تقدم قليال الى األمام و اردف قائال:
_ لقد حدثت أمور كبيرة يعجز العقل عن تصديقها ربما ستفهمين الحقا ما حصل لي
،لكن اآلن هل انت مستعدة كي تساعديني أم ال ؟
كأنني في حلم غريب يا إالهي كيف سأخرج من هذا المأزق ،نظرت الى وسيم
ألجده ينتظر ردي بشغف و أمل واضحان جدا على تعابير وجهه لذلك قلت له في
عزم :
_لكن عليا أن أصل الى بستان عمتي أوال ،ثم سنجد حال ان شاء هللا
بانت ابتسامة عريضة على وجهه و اعتلت الفرحة مالمحه و قال بفرح :
_ان شاء هللا ،ان شاء هللا ،أسعدني قولك هذا يا شهدتي
بعد قوله إسمي بتلك الطريقة رانا علينا صمت قصير تالقت فيه أعيننا في ذلك
الظالم و كأن عيوننا تشع نورا أضاء المكان المظلم و عاد المشهد يتكرر مرة
اخرى ،إلتقت العيون ببعضها و أحسست أنني غصت داخلها ثم خرجت ،اغمضت
عيناي و عدت الى الواقع ،ثم تداركت األمر بأني أمام كيان مختلف ،وفسرت
ذلك النور الذي يشع من عينيه بين الفينة واألخرى بكونه ليس من البشر ،خرق
وسيم دائرة الصمت قائال :
_انت الوحيدة التي تستطيعين مساعدتي لقد أرسلك هللا لي كي ينجيني مما أنا فيه
سألته قائلة:
_ هل تفسر لي ماحدث معك في المحطة السابقة عندما وجدت ترتجف ؟
أجابني هو قائال:
_كان أعداء من الجن الكافر يالحقونني و يحاولون الظفر بي ،رمى أحدهم سهم
نار ناحيتي لكنه لم يصبني ،ثم انطلق اآلخر و دفعني أرضا فسقطت على رأسي و
تأذت جمجمتي ،استطعت بعدها أن افلت منهم بصعوبة و ذهبت أمشي حتى اقتربت
من المحطة كنت أتألم من الضربة ،،لما اقتربت من مكان تواجدك أحسست براحة
غريبة ،لم أكن أعلم انك السبب ،فاستلقيت على الكرسي من شدة اإلرهاق من
جراء تلك المعركة ،و عندما كنت اردد (انها اللعنة ) بسبب أنني رأيتهم
يتقدمون نحوي و يحملون السهام الملتهبة و يصوبونها عليا ظننت حينها أن نهايتي
قد اوشكت ،لكن الغريب في األمر انهم صارو يهربون و يحترقون ،فتحت
عيناي فوجدتك بجانبي ،كنت انت فقط من ترينني ،تفاجأت عندما وجدتك
تنظرين إليا فظننت أن الكل يراني و أخذت أنظر شماال يمينا ألتأكد لكن وجدت
انك أنت فقط من ترينني من بين كل البشر و أيقنت أيضا أنك أنقذتني بفضل هللا من
األعداء حين قرأت عليا اآليات ،لهذا السبب طلبت منك المساعدة ،لقد بحثت عن
من يساع دني و تملكني اليأس و عشت أياما كالجحيم و مررت بأوقات صعبة جدا
و ها أنا اآلن قد وجدتك أخيرا و سأرجع كما كنت ،و ان رفضت مساعدتي تأكدي
بأنك أعلنت عن موتي أو بمعنى أدق عن تدميري ،فكري باألمر سأمنحك بعض
الوقت لتفكري فيه ثم قرري
أدهشتني قصة هذا الجني العجيب و اخبرته أنني سأفعل ما بوسعي و سأثق به رغم
انه كيان مختلف عني
هاهي صافرة القطار تنطلق معلنة عن بداية الرحلة مجددا ،توجهت للقطار مع وسيم
و جلسنا في مقاعدنا ،أتت اليا تلك العجوز و أعطتني مصحفا و أخبرتني أن ابقيه
معي كي يحميني ،فقد ظنت أن بي مس من الجن ،و لو عرفت الحقيقة لماتت من
هول الصدمة ،نظر إليا وسيم ثم قال :
قال هو :
ال أعرف كيف غفوت وال كيف زارني النوم و انا قرب كيان مختلف عني تمام
االختالف ،امام جني ،صحيح أن الجن حولنا في كل مكان لكننا ال نراهم ،ماذا لو
كنت ترا واحد منهم و تعلم انه يعلم انك تراه ،كيف لبالك أن يهنأ ،كيف للنوم أن
يتسلل الى عينيك ،لكنني نمت لثالث ساعات ،استفقت على صوت صافرة القطار
عرفت أنني وصلت أخيرا الى آخر محطة لي نظرت بجانبي فوجدت وسيم ينظر
اليا و يبتسم
قلت له بنبرة يتخللها النعاس:
_ماذا !؟ لماذا كل هذا االبتسام اآلن !؟
أجابني بإبتسامة رقيقة :
_لقد نمت كاألطفال و كأن الخوف تالشى فجأة من قلبك
حاولت أن أبدو قوية أمامه فقلت :
_و لما عليا الخوف ،لقد قرأت أذكار النوم و اذكار المساء و استعذت باهلل من كل
سوء ال شيئ سيؤذيني انا في أمان هللا
_،انت فعال قوية
تجاهلت رده ألردف قائلة:
_اآلن يجب أن استقل سيارة اجرى و اتوجه الى بيت عمتي .
كانت خيوط الفجر وقتها قد انتشرت في انحاء القرية و قد ظهرت معالمها الجميلة
لألنظار و بزغت الشمس كقبلة طفل في ثغر امه الباسم ،فكشف النور عن سحاب
كغزل البنات األبيض متراص كعقد جواهر براق يزين تلك السماء المكسوة بلونها
الالزردي الفاتن ،و إنفجرت زقزقات العصافير الشجية بين األغصان توزع ألحانها
في الجو و تألألت قطرات الندا على الحشائش ،و ظهر من بعيد رداء أخضر
مخملي يكسو األرض و كم زادها روعة و سحرا
وسيم يتبعني الى حيث اتجه و قد ركب معي في السيارة ،كنت أفترس الوجوه كي
أرى رداة أفعالهم عندما يمر وسيم بجابهم او يجلس بقربهم لكن ال ردة فعل ،هو حقا
غير مرئي ، ،قرأت الكثير من القرآن في سري و دعوت هللا أن ينجيني مما أنا فيه
ان كان شرا أستعذت باهلل من كل المخلوقات الشريرة و فوضت أمري اليه ماهي إال
دقائق ووصلت الى بستان عمتي أو باألحرى الى جنة عمتي ،إستقبلتني هي األخيرة
بكل حب و إشتياق ،عانقنا بعضنا البعض لدقائق ،فسالت دمعة شوق على خدينا ،ها
قد إلتقيت من جديد تلك المرأة التي أعتبرها أمي الثانية بل هي أقرب إليا من أمي،
مشينا متوجهتين الى البيت ،كانت األشجار تتمايل بتاثير الرياح كانها مسرورة
لقدومي و هي ترحب بي قائلة إشتق نا لك يا شهد ،،فقلت لها في نفسي وانا أيضا
إشتقت لك أيتها األشجار ،،الحشائش تعانق رجليا برحاب و الورود تبتسم لي بود
،،وصلنا أمام باب البيت واذا بالجرو الصغير الذي سميته بوبي أصبح كلبا جميال
،،أتاني ينبح ترحيبا بقدومي يهز ذيله يمينا شماال و يدور حولي ،،ثم جاءت القطط
تموء ودارت حولي مسرورة ،،كنت سعيدة جدا بهذه الكائنات الحية التي تتواصل
معي بهذه الحركات التي تشعرني و كأنني ملكة في هذا العالم ،ملكة الطبيعة بالطبع
توضأت و صليت الفجر مع عمتي ،ذهبت هي األخيرة لتعد لي فطور الصباح أما
أنا ،فأخذت حماما خفيفا .
دخلت غرفة اإلستقبال ،وهاهو وسيم يدخل للغرفة بدون استأذان
صحت بصوت عالي :
،،توجهت لغرفة االستقبال فرأيت وسيم يجلس على كرسي هناك ،،جلست أنا مقابلة
له على األريكة ثم قلت له ،،
_كان عليك أن تستأذن قبل الدخول
إحمرت وجنتيه خجال ثم تنحنح و قال :
_:آسف جدا ،لم أنتبه لقدومك
ثم أردف قائال :
_هل فكرت في الموضوع ؟
_ امنحني وقتا حتى أستوعب بما فيه الكفاية بكل ما يحصل معي اآلن
فجأة دخلت عمتي و هي تحمل صينية مملوءة بالطعام الشهي ،وضعت عمتي انيسة
الصي نية على الطاولة و بإستغراب شديد جلست بجانبي و هي تسألني :
_مع من تتكلمين يا شهد ؟ هل مازلت على عادتك تكلمين الجماد و الحيوانات ؛!؟
ضحكت و انا أنظر نحو وسيم فضحك هو اآلخر والول مرة أتمعن في مالمحه
الرجولية ،وألول مرة أدقق النظر الى أحدهم هكذا ،كان شاب في أواخر العشرين
من عمره على األرجح ،وسيم المالمح اسم على مسمى ذو شعر أسود مثل سواد
الليل و جماله ،لون بشرته أبيض ،له حاجبان كثيفان .مرسومان بدقة متناسقة مع
مالمح وجهه ،و عينان عسليتين و كأن العسل يقطر منهما ،يميز ذلك الوجه
البريئ لحية سوداء أبرزت معالم الجمال فيه ،له شفتان صغيرتان متناسبتان جدا مع
ابتسامته الواسعة التي تشرق خلفها أسنان بيضاء كالثلج مما زادت ابتسامته
روعة و سحرا ،يتوسط وجهه ذلك األنف الصغير الحاد ،لم يكن مفتول العضالت
و لكن لم يؤثر هذا األمر على تفاصيل جسمه و لم يكن واضحا ،لقد كان طويال
لدرجة انني ال أستطيع النظر في وجهه اذا كنا واقفين هههههه فطوله متناسقا مع
جسده بشكل رائع ،،غبت في تفاصيله التي لم أالحظها من اول مارأيته و تناسيت
فكرة انه جني و قد ال يكون هذا شكله الحقيقي ،،قاطعتني يد عمتي و هي تربت
على كتفي و تقول
_شهد !! اين شردتي يا إبنتي !! اتكلم معك وال تجيبين
استفقت من غيبوبتي ثم قلت :
_ هااا نعم يا عمتي ،أنا مرهقة فقط ،سكتت قليال و نظرت نحو وسيم و أكملت
قائلة :
_،تعرفينني يا عمتي منذ صغري احب الحديث مع نفسي
_بنيتي ،لما وجهك أحمر بهذه الطريقة هل أنت مريضة حبيبتي ؟؟
قلت لها و انا اتحاشى النظر الى وسيم
_أنا بخير عمتي ،لكنني مرهقة قليال تعرفين السفر في الليل مجهد جدا
وضعت عمتي المشرب بين يدي و ربتت على راسي قائلة :
_لما تكثرين الحديث مع األشياء؟ من يراك يظن أنك تكلمين الجن
! نظرت الى وسيم فرأيته يبتسم ثم وجهت كالمي الى عمتي :
_الجن !!! و هل يوجد جن هنا ؟
_ال يا شهد ،ان هللا جعل بيننا غشاء اي ستار و لو كشف ذلك الستار فسنموت من
هول مانراه ،ربما من أشكالهم أو عددهم أو شيئ آخر يعلمه إال هللا
ابتلعت ريقي من هول ما سمعت و رحت أتسأل بيني و بين نفسي ،اذا كنا ال نراهم
كيف لي أن أرى وسيم بكل هذه البساطة أظن أن هناك شيئ ما في هذا األمر
انتبهت ألمر ما ثم سألت عمتي:
_نحن ال نراهم بأشكالهم الحقيقية لكن ان أخذوا شكل انسان نستطيع أن نراهم أليس
كذلك يا عمتي ؟
_ربما يا شهد و لكن يجب أن نستعيذ باهلل منهم هم مخلوقات ال نعلم كيف هي
نواياها ،علينا أن نذكر هللا لكي يحمينا منهم
_ل كن قلت لي أن هناك منهم المسلم الصالح و ال أظن أنهم يؤذوننا
_نعم ،لكننا ان لم نذكر هللا نؤذيهم و هم بدورهم ينتقمون منا ان آذيناهم حتى لو
كانوا مسلمين
_أراك تفقهين كثيرا في أمر الجن يا عمتي
ضحكت عمتي و قالت :
_لقد قرأت كتبا كثيرة عنهم
_حقا !! هذا مدهش ،هل مازلت تملكين هاته الكتب
_في الحقيقة الكتب ليست لي بل كنت أقرأ من المكتبة و اعيدها لم يبقى معي إال
كتابا واحدا
_هل هو معك اآلن
_نعم انه في مكان ما ،عندما أجده سأعطيك اياه ان كنت تريدين اكتشاف العالم
اآلخر
فرحت كثيرا لهذا و نظرت الى وسيم الذي كان في سكون تام و قد تغيرت مالمح
وجهه و قد بدى عليه الحزن لسبب ال أعرفه
قالت عمتي مستطردة :
_أظن أن عليك أخذ قسط من الراحة عزيزتي ،،لقد جهزت غرفتك لتنامي
_ال لن أنام أريد أن أخرج إشتقت لألشجار سأذهب للتنزه في األراضي و سأرجع
قبل الغذاء
_كما تريدين بابنتي ! لكني لم أعتد عليك هكذا كأنك أصبحت غريبة األطوار يا
شهد!!
،ضحكت وقلت لها بمزاح :
،،فتعالت ضحكاتنا في أرجاء ذلك البيت الدافئ ،بعد لحظات استأذنت عمتي في
الخروج و أخبرتني أن ال أتأخر عن الغذاء أومأت لها برأسي موافقة و هممت
بالخروج ،مشى بجانبي وسيم و كان ساكنا تماما و كأنه غير موجود ،توجهت الى
شجرة عمالقة كانت تلك هي شجرتي المفضلة و مكاني المثالي ،جلست تحتها و
جلس وسيم بجابنبي تنحنح قليال ثم قال :
_هناك أمور في الحياة نجهلها تماما و ما إن عرفناها يدخل فينا ذلك الفضول و
يجرنا نحوها ،فنسقط في مآزق أكبر منا و ال نجد بعدها مخرجا ،حتى و ان وجدنا
بصيص أمل فسرعان ما يتالشى ،ثم ننطوي داخل اليأس ،أحيانا نلوم أنفسنا ألن
الفضول جرنا الى الهاوية و أحيانا نقول إنها أقدار يجب أن نتمسك باهلل و إال
سنضيع لألبد ،األمل يا شهد ،األمل هو الشيئ الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة
،يجب أن ال نكون أحياء فقط ،األمر يتطلب منا أن نكون على قيد األمل على قيد
التفاؤل على ق يد حسن الظن باهلل ،لنستطيع المضي قدما ،لو أحاطنا اليأس سنمووت
،سنموت ونحن مازلنا على وجه األرض ..
_ نعم الجن لديهم قدرات تفوق قدرات اإلنسان ،لكن هذا ال يعني أنهم ال يقعون في
مشكالت و مآزق هم مثل اإلنس مخلوقات ضعيفة و هللا هو األقوى أ لم يقل هللا في
كتابه الكريم هذه اآلية ( يامعشر الجن واإلنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار
السموات واألرض فانفذوا ،التنفذون إال بسلطان *)
(صدق هللا العلي العظيم) –
/الرحمن-٣٣ -
_صدق هللا العظيم ،وقفت من مكان و توجهت بنظري اليه و قلت :
_سأساعدك ،لكن عليك أن تخبرني بمشكلتك لكي افهم كل شيئ
قام هو من مكانه ثم قال :
_سأخبرك في الوقت المناسب ،لكن كل ما عليك فعله هو أن ترافقيني الى قريتي يا
شهد
_حسنا سنذهب الليلة اذا ،سأنتظر عمتى حتى تنام و ألتقيك هنا قرب هذه الشجرة
_حسنا ،لكن عليك المجيئ بعد صالة العشاء ،ستظهر قبيلتي في ذلك الوقت
,أومأت برأسي موافقة و اخبرته ان ال يتأخر عن الموعد
،،ابتسم وسيم ابتساامة عريضة توحي بسروره لقبولي المجيئ معه ،،رجعت الى
عمتي فوجدتها تعد الغذاء
بعد ساعات تناولت غذائي و دخلت غرفتي ،،إستلقيت على سريري ،وش كنت
افكر واكلم نفسي ،كيف سأذهب مع جني الى قبيلة من الجن ،ماذا لو احتبسني الجن
هناك ،كيف لي أن أثق في جني ،ماذا لو لن أعود أبدا و اختفي هناك ،،ماذا لو كان
غير مسلم و كان سيؤذيني ،،يا إالهي هذه مخاطرة كبيرة ،كان هناك شيئ ما
يدفعني لخوض هذه المغامرة ال أعلم ما هو شيئ يتكرر كلما نظرت الى عيني وسيم
،كأنه صادق حقا في طلب المساعدة ،ما مشكلته ياترى و لما استعان بي أنا كإنسان
عادي لم لم يستعن بالجن فقوتهم تفوق قوتي أكيد مالذي رآه فيا و لم يراه فيهم ،،يا
إالهي سأجن حقا ،طردت بسرعة تلك األفكار ،إستعنت باهلل و توكلت عليه و قرأت
ما تيسر من القرآن ،اخذت قيلولة خفيفة و استيقضت ،قضيت األمسية كاملة مع
عمتي نتبادل أطراف الحديث و ساعدتها ببعض األعمال ،ثم تناولنا العشاء معا و
شاهدنا األخبار و اتصل بي أبي يسألني عن حالي و تكلمت مع أمي و اخبرتني أن
أخي الكبير قد رجع من السفر فتكلمت معه أيضا و كنت مسرورة جدا اخبرني أنه
سيأتي الى بستان عمتي بعد ان ينهي بعض االعمال هناك ،لم تكن فكرته جيدة لقد
فكرت في وسيم و كيف سألتقي به ان كان اخي رامي سيأتي الى هنا ،ال علينا
(رامي ،االخ األكبر لشهد يبلغ من العمر ثالثون سنة ،ال يشبه شهد إال في لون
البشرة بكنه يشبه أباه كثيرا ،طويل القامة ذو عضالات بارزة يبدو أنه يهتم كثيىرا
بلياقته ،له شعر بني و بشرة تميل الى االسمرار ،له لحية خفيفة تزين وجهه وتبرز
جماله ،يتميز بعيون سوداء حادة كعيون صقر ،مما زاده جاذبية و وسامة يعمل
مهندس معماري في شركة خاصة )
جاء الليل و أسدل عباءته السوداء يدثر بها كل بقعة في المكان و خرجت نجومه
تتألأل من بعيد و قد ظهر البدر بحلته البهية يلمع و ينير األرض ،و خرجت
مخلوقات الليل مبتهجة تغني بأعلى حناجرها بأصوات مختلفة معلنة عن ليلة مقمرة
،رغم تلك االصوات اال ان المكان كان هادئا من اي صوت بشري
رتديت ثيابي و تسللت الى الخارج ،كنت أمشي بخطوات بطيئة كي ال تسمعني
عمتي و تمنعني من الخروج ،،ما إن ابتعدت عن المنزل حتى شرعت في الجري
،،كنت أجري بسرعة متوجهة الى الشجرة لم أنتبه لألغصان المرمية في األرض
بسبب الظالم ،،فتعثرت في إحداها و سقطت ،،أصيبت ركبتي بجرح و دخلت
األشواك في يدي ،صرت أتألم من شدة السقوط ،،فجأة أحسست بشيئ يمر أمامي
،شيئ كالخيال ،،دب الخوف في قلبي ،،فبدأت أتمتم بآيات أحفظها و استغفر هللا و
أتعوذ به من كل شر ،،ثم سكنت قليال و ناديت بصوت خاافت :وسييييم ،وسيييم
أهذا أنت !!! ال تخفني أرجوك ،و بدأت أضحك بداخلي كيف لي ان اطلب من
جن ي أال يخيفني ،ثم أحسست بخطوات على العشب تتقدم نحوي فإلتفت ورائي و
صرخت صرخة مدوية ،،كان الظالم يمأل المكان لم أستطع رؤية شيئ ،،لكن
استطعت سماع صوت األقدام على العشب ،ناديت وسيم بصووت خائف ممزوج
بالبكاء لكنه لم يرد ،،بقيت أنظر للظالم و أسمع لصوت األقدام حتى ظهر أمامي
فجأة ،،كان وسيم فقلت له بغضب :
_ أهذا أنت يا وسيم ،لقد أفزعتني حقا ،ظننتك ....فقاطعني و هو يضحك
_ال تخافي لطالما انا بجانبك ،سأحميك من كل شيئ و حتى من نفسي ،ولن أدع اي
مكروه يصيبك
كلماته تلك كانت مصدر أمان و قوة لي شعرت براحة تجتاح جسدي و ذكرت هللا
كثيرا و توكلت عليه و سرت مع وسيم بين األشجار الكثيفة الى أن وصلنا لقرية
كبيرة تعج بالناس ،يا إالهي قرية كبيرة هنا و قد مشينا إال لمسافة قصيرة ،من أين
جاءت هذه القرية و في بستان عمتي أيضا هذا غريب جدا و ماذا يفعل كل هؤالء
الناس هنا ،ان كانو بشريين حقا ،،بقيت أسير وراء وسيم متمسكة بطرف القماش
بقوة آملة أال يتركني وسط هذا الكم الهائل من الغرباء ،،كان وسيم يسير بسرعة و
قد بدا وجهه جديا أكثر و بدا أكثر صرامة من قبل و بين الحين و اآلخر يحس أنني
تعبت فيخفض من سرعته ،توقف فجأة و قال بجدية لم أعهدها في وجهه و بصوت
رجولي فخم و الظالم يغزو مالمحه فأصبح أكثر جاذبية :
_شهد،ال تخافي كل هذا الذي ترينه من عمل الجن كل هؤالء من الجن المسلم ولكي
ال ترعبك صورهم و أشكالهم الحقيقية فإنهم تحولوا على شكل بشر و ألنه محرم
عليهم الظهور بأشكالهم الحقيقة سكت قليلل ثم أردف قائال
_وقد تجدين هنا بعض الجن الذين لم يستطيعوا التحول بشكل كامل فال تفزعي وال
تخافي هل فهمتي
ان أحسست بالخوف أغمضي عينيك
_ال يا شهد ،تحول جزئيا فقط هيا اسرعي لنذهب الى زعيم القرية
كنا نسرع و نتخطى كل من يمر بنا ،حتى إصتطدمت بشيئ ما ،و لم افهم ما هو
رأس مدبب و وجه مثقوب له يد واحدة و باقي جسمه على هيئتها المألوفة ،ارتعبت
من هول المنظر فأمسك وسيم بطرف القماش و جذبني إليه ثم أخبرني ان نسرع
الوقت يمضي و يجب ان يتحدث الى الزعيم ،لم أكن أعرف مالشيئ الذي سأساعده
فيه فقط كنت أتبعه متجاهلة كل المخاطر
وصلنا أخيرا الى قصر جميل يتوسط ردهة واسعة بجانبه بيوت صغيرة متالصقة
فيما بينها ،خرج من القصر الكبير رجل عجوز ذو لحية بيضاء يبدو عليه الوقار
والحكمة لكنه لم يكن يمشي بل كان يطير يحمل في يده عصى ال أعلم فيما يحتاجها
و هو يطير هكذا ،،اقترب من وسيم و حياه و رحب به هو اآلخر و هنئه بسالمته و
نجاته و حمد هللا كثيرا ،ثم نظر اليا وسيم و أخبرني ان أبقى في مكاني و سيعود اليا
في الحال ،كنت خائفة جدا رأى وسيم الخوف في عيوني فإقترب مني و قال
يطمئنني :
_شهد إطمئني انت في أمان اآلن ،سأتكلم مع الزعيم في أمرا ما ثم أعود إليك
_حسنا ،لكن ال تبتعد أرجوك كل جسمي يرتعد خوفا أنا ال أشعر باإلرتياح إال
بقربك
نظر في عينيا فتالقت أعيننا و كأننا ألول مرة نرى فيها بعضنا أحسست ذلك
اإلحساس مرة اخرى كأنني غصت داخل عينيه العسليتين و خرجت في لمح
البصر فقال وسيم :
_انا معك ،وهللا معنا و لن يصيبنا شيئ
_ان شاء هللا
_ستعرفين كل شيئ في الوقت المناسب يا شهد لكن عديني انك ستساعديني رغم كل
شيئ
_حسنا ،بما انني وثقت بك و جئت الى هنا فأنا أعدك بأن أساعدك
_شكرا لن أنسى هذا المعروف أبدا ،،سآتي يا شهد ال تتحركي من مكانك
أومئت له برأسي موافقة بأني لن أتحرك من مكاني ،اما هو فذهب الى ذلك الشيخ
العجوز و دخال الى بيت من تلك البيوت و بقيا مدة طويلة هناك ،كنت في الخارج
وحدي أشاهد الجن وهم على شاكلة إنسان لم يكن هناك مسخ مثلما رأيته قبل ،كانوا
كلهم مكتملي الصورة في هيئة بشر عاديين ،إقتربت مني فتاة تبدو في العاشرة من
عمرها و سألتني قائلة:
_من أنت ؟
_انا شهد و أنت؟
_انا جويرية
_اسمك جميل و انت جميلة جدا
فتاة بيضاء بشعر ناري طويل ومقسوم لقسمين بظفائر كأنها مروج و عيون عسلية
المعة و رموش مثل لون شعرها ووجه طفولي مستدير مرسوم بطريقة بديعة
سبحان هللا
قالت الفتاة بتعجرف :
_لقد أتيت مع وسيم اذا
_نعم ،هل هو أخوك ؟؟
_ال ليس أخي ،لكن هل تعرفين انت وسيم من قبل؟
_ لم اتعرف اليه اال قبل ساعات فقط
_لقد عاش معنا وسيم فترة وجيزة و لقد إعتدنا عليه
_ماذا؟ أتقصدين انه من قبيلة أخرى !؟
_ال ،ألم يخبرك وسيم ،؟؟
_بماذا يخبرني ؟
كانت ستقول شيئ ما لوال خروج وسيم و معه ذلك الشيخ الطائر متوجهان نحوي
،استدارت هي و ذهبت تجري و هي تقول أبي أبي ،وقف الشيخ على رجليه و
حطهم أرضا ثم وضع يده على رأسها و بدأ يداعبها بحنان ،اقتربت منهم و وقفت
أمام وسيم نظر إليا الشيخ ثم قال وسيم :
_ ألعرفكم ،هذه شهد صديقتي ،،شهد هذا زعيم القبيلة وكبيرهم و شيخهم ،و هذه
ابنته جويرية
تكلمت انا موجهة كالمي للشيخ :
_اهال أيها الزعيم سررت بلقائك ،جويرية لقد تعرفنا على بعض يسعدني لقائك
ايضا
تكلم الزعيم مشيرا كالمه لي
_اذا ،لقد أنقذتي وسيم من خطر وشيك ،و أنقذتنا أيضا يا شهد ،شكرا لك على
صنيعك
قلت له:
_لم أنقذه بل هللا من أنقذه
أجابني وسيم قائال :
_لكنك لك دور في هذا و كما أنك مميزة جدا ألنك ترينني من دون كل البشر
_نعم هذا غريب جدا
_لقد حصنتني بتلك اآليات التي قرأتها عليا في المحطة
_الحمد هلل ،
ثم واصل وسيم قائال
_كما أنك قرأت دعاء السفر،فأنا لم اجد مكان آمن إال بقربك و كأنك جسر منيع
،منعهم من التقدم و كلما اقتربوا امامك صار بيننا و بينهم حائال
_عجييب ،لكن الفضل يرجع الى هللا فهو الذي سخرني لكي أحميك ،هو عليم بكل
األمور
تكلم الشيخ موجها كالمه لي :
_نعم بنيتي ،لقد صدقت القول ،لكن السر الكبير يكمن فيك أنت و رؤيتك لوسيم و
قدومك الى القرية و رؤيتك لنا كلنا تأكد ذلك
بانت عالمات التعجب على وجهي و سألته قائلة :
_ماهو هذا السر ؟ هل تعرفه،؟
_في الحقيقة نعم أعرف ،سأخبرك يا بنيتي
تحرك العجوز قليال ثم امسك عصاه و بدأ يخط بها في التراب يرسم خطوطا ثم
وجه كالمه لي :
_انت من النوع الزهري
سكت هو عن الكالم ثم بادلته الحديثة قائلة بتعجب:
_الزهري؟؟ لم افهمك يا سيدي
اجابني قائال بجدية :
_انت انسان زهري لديك في عالمات تدل على هذا ،عالمات جسدية و االخرى
روحانية
اشار الى عيناي و قال :
_االولى عيناك ،يوجد بهما حول بسيط ال يظهر اال اذا دققنا ،الثانية في خط يدك
اليسرى فهو كامال
نظرت انا ليدي فوجدت حقا ان الخط مكتمال
اكمل هو حديثه
_ و الروحانية هي انك استطعت رؤية وسيم ،و اخفت الجن الكافر ،كما انهم عرفوا
انك انسان زهري و هم يطالبون بك ،و في الحقيقة يا ابنتي وسيم هو من سيحميك
من الجن الكافر مقابل ان تساعديه
إستدرت نحو وسيم و قلت له :
نظر وسيم الى الزعيم بحزن ثم احنى رأسه لألمام فقال :
_األمر معقد جدا و ال أعرف كيف أقول .
بدا األمر مخيفا جدا ،لم أكن أفهم شيئ قاطع تفكيري صووت الزعيم و هو يقول :
ونجلس هناك لعلنا نوضح األمور أكثر لشهد كي _حسنا يا أوالد لنذهب للقصر
تفهم ما عليها فعله
قبل خمس سنوات
يرن الهاتف محدثا ضجيجا عاليا في غرفته ،دفع يده في تأفف الى الهاتف و نظر
اليه ليرى من الذي يزعجه في هذا الوقت المتأخر من الليل ،فوجد انه صديقه أمير
رد عليه
_ألم تجد إال هذا الوقت للتتصل فيه ،انها الساعة الواحدة لليال
أجابه أمير في عجلة من أمره :
_األمر مهم جدا و لوال أهميته لما اتصلت و أزعجتك
نهض من فراشه و اعتدل في جلسته ثم قال:
_ما هذا األمر المهم ؟
_ التطبيق الذي اعمل عليه لقد أصبح جاهزا يمكنك أن تجربه بنفسك
أجابه بذهول غير مصدق
_هل تقصد لعنة الفضول
ضحك اآلخر ضحكة تدل على النصر و الفرح ثم قال:
_نعم لقد برمجته كما طلبت مني و كل المراحل أصبحت جاهزة ،لم تبقى اال خطوة
واحدة وهي نشره ليلعب الجميع لعبة الفضول و تحل عليهم اللعنة ثم اكمل كالمه
مقهقها
اجابه وسيم بحذر :
_ايها الغبي اي لعنة تتحدث عنها ،انها مجردة لعبة فقط ال تؤذيهم ،إياك ان تكون
فعلت شيئ مريبا سأقتلع عيونك يا أمير
يجيبه أمير بضحكة عالية قائال:
_ال تخف يا شريك لم ابرمج التطبيق بأي من السحر او الطالسم اعرف تماما ما
كنت افعله
رد عليه وسيم :
_ال تنشره قبل ان اجربه انا بنفسي ،وان حدث لي شيئ يجب أن تتصرف
ابتسم اآلخر بخبث و بانت على وجهه عالمات االنتصار ،هو يعرف وسيم ال يمكنه
نشر اي شيئ للناس قبل ان يجربه على نفسه ،و تلك كانت الخطة لالنتقام منه ،جاء
صوت وسيم في السماعة ينادي له
_اين انت لما انت صامت
أجابه
_انا هنا فقط كنت افكر بالتطبيق هل نجربه معا ام تجربه وحدك
_سأجربه لوحدي ارسله لي اآلن و غدا ليال سأجربه
اقفل كل منها الخط ،و شرع امير في ارسال التطبيق الملعون الى وسيم ،هذا الحقير
أدخل للتطبيق طالسم سحر أسود وال يعلم عنها شيئ اال شيئ واحد هو ان من
يستخدم هذا التطبيق سيتسلط عليه الجن و هذا كان انتقاما شريرا
قهقه أمير و عيناه تقطران شرا ثم اخذ يقوول
_وداعا يا وسيم ايها الوسيم ،سأكون انا في المرتبة األولى في كل شئ لن أدعك
تعرقل طريق نجاحي بعد اآلن ،لطالما كنت عقبة في حياتي وواآلن سأزيحك ،تمتع
بعالم الجن لألبد هاهاهاها
( أمير ،صديق وسيم من الطور المتوسط ،شخص متعجرف يعمل مبرمج ألعاب و
يساعده وسيم في نشر تلك األلعاب على منصات التواصل االجتماعي ،عمره ثمان
وعشرون سنة ،له عينان حادتان بلون البحر الصافي ،ووجه طفولي يخفي خلفه شر
عظيم ،طويل القامة ومفتول العضالت بشعر ذهبي يتدلى على مقدمة رأسه )
في غرفته الشبه مظلمة يطل منها ضوء الحاسوب ،جلس وسيم منهمكا يحمل تطبيق
اللعبة التي أرسلها له أمير ،ملصقا وجهه و عينيه صوب الحاسوب و كأنه غائب
تماما عن العالم الخارجي صرخ فرحا و هو يقول _و أخيرا حملت اللعبة لنبدأ اآلن
،كانت اللعبة عبارة عن مواقع و رموز و شفرات غريبة ،يدخل في موقع ثم يخرج
من موقع آخر ،يتبع تعاليم غريبة و يقرأ رموزا غير مفهومة ظن انها قوانين اللعبة
و ظل يتبعها كي يدخل الى اللعبة الحقيقة ،ثم فجأة توهجت أضواء زرقاء داخل
الغرفة لم تكن تخرج من الحاسوب ،بل كانت تخرج من الحائط ،ظل يمعن النظر
فيها ثم قام من مكانه مذعورا ،عندما أحس بشيئ ثقيل يدفعه أرضا فسقط على
ظهره و هو يتألم و يرتعش و يستغفر ،أخذ ينظر الى الحاسوب وشاشته التي
أصبحت سوداء ثم ظهرت كتابة بلون األبيض (لعنة الفضول ) ،اخرج ضحكة
خفيقة وقال وهو يحدث نفسه _سأقتلك يا أمير ماهذا الذي وضعته في اللعبة انها
تبدو حقيقة ،كيف لي أن اتخيل هذا كله اذ لم يكن قد حدث حقا !! حاول النهوض من
مكانه ليذهب الى حاسوبه لكنه أحس أن هناك شيئ ما خلفه ،توقف لحظة ثم استجمع
قواه ونظر خلفه و لم يجد .إال الظالم ،ثم ظهرت أمامه اطياف حمراء متوهجة و
دارت حوله بشكل سريع ،أطلق صرخة عالية و و استند على الحائط و جلس و
أدخل رأسه بين ركبتيه و هو يتمتم ،لكن تلك األطياف لم تتوقف عن الدوران و
صار يرتعش بشدة ويهتز و ينتفض كأنه يحتضر حتى أغمي عليه في نهاية المطاف
بعد لحظات تالشى جسده و أصبح ضبابا أبيضا ،كأنه جسد أثيري ،عم السكون
في الغرفة و عاد الظالم يفترس كل مكان بها .
بعد لحظات فتح عينيه ليجد نفسه غارقا في الظالم ،يحاول أن يتحرك لكن جسمه
كان ثقيال جدا ،شعر بشيئ ما في معصمه جعل يتحسس بيديه و قد اكتشف أنها
أغالل حديدية غليظة ،ماذا تفعل هذه األغالل في معصمه هل هو في سجن أم انه
يحلم ،هكذا حدث نفسه ثم مال برأسه على الجدار و هو يحاول أن يتنفس بشكل
طبيعي لكنه كلما أخذ نفسا كلما زاد اختناقه بسبب تلك الرائحة النتنة ،كان يسأل
نفسه هل ال يزال في غرفته ام انه داخل حلم غريب ،فجأة أتاه صوت خشن من
مكان ما فتح عينيه بذعر لكنه لم يكن يرى شيئ إال الظالم ،هدئ الصوت ثم عاد
يزمجر مرة اخرى
اقترب الصوت و الخطوات معا و قد تسلل ضوء خافت الى المكان فتوضحت
الرؤية له ،المكان أشبه بسجن لكن اي سجن كأنه من عصر قديم جدا و كانت يداه
مقيدتان بأغالل من حديد ضخمة و ثقيلة و رجاله مكبالتان بإحكام ، ،األرض
مفروشة بالقش و الحشيش األصفر رائحة المكان مقززة و عفنة تصيبك بالغثيان
،اقترب منه صاحب الصوت و قد فاحت منه رائحة غريبة و قال:
_أيها اللعين ،لقد تم وسمك و ستظل عالق في عالم الجن و لن تظهر في عالم البشر
ابدا
لم يكن وسيم يستوعب ما قاله له هذا المسخ ،فقد مازال يظن نفسه يحلم و ان كل
هذا كابوس و سيفيق منه قطع حبل أفكاره بزمجرته قائال:
_هل تظن انك تحلم يا لسذاجتك ،تذكر هيا تذكر ما كنت تفعل قبل أن نحملك الى
هنا
في هذه النقطة بذات تذكر وسيم كل ما فعله قبل أن يستيقظ و يجد نفسه في هذا
المكان الغريب تنهد برعب ثم قال:
_رباااه ،ماذا فعلت بي يا أمير ايها الحقير
ضحك ذلك المسخ فبانت أسنانه الصفراء المعوجة و بانت مالمحه المخيفة و شكل
عينيه الحمراوتان اللتان تقطران شرا فقال موجها كالمه الى وسيم :
_لتدفع اذا ثمن ذلك ،لن ينقذك أحد ،لقد متت أبالنسبة لكل من تعرفهم ،ووفي الحقيقة
أقاموا لك جنازة
أطلق ضحكة شريرة ثم أكمل :
_يظن أهلك أنك متت بصعقة كهربائية ،و بفعل بسيط منوعمل الجن و السحر
اوهمناهم بجثتك و خيل لهم انك أنت ،لقد أصبحت اآلن منا لن يراك أحد ،قهقه
طويال و أردف قائال:
_أصبحت مسخ ،أنت نصف بشر و نصف جن ،و هذا جزاء فضولك اللعين
،فضولك الذي كاد يدمرني أنا
ثم صفعه صفعة قوية أفقدته الوعي ،بعد ساعات استعاد وعيه من جديد ،أخذ
يتحسس المكان و تبين أنه نفس المكان حقا ،هذا يعني أنه ليس في حلم ،ظل يفكر
في حل لموصيبته ،تحسس األغالل الموصدة و أراد فتحها لكنه لم ينجح ،اغمض
عينيه و استند على الحائط و قد كان حلقه جاف جدا ،يريد فقط القليل من الماء لكن
من سيحضره له وهو في عالم غير عالمه ،ثم عادت به الذاكرة لما حدث و تذكر
صديقه أمير و اخذ يلعنه فهو الذي وضع طالسم سحر أسود جعلته أسيرا عند الجن
،لقد خدعه صديقه ،تمتم وسيم بحزن و هو يردد الدعاء قائال:
_يارب أنك من تراني فقط يارب أنقذني ،اني استغفرك و أتوب إليك ،يا من أنجيت
يونس من بطن الحوت ،فأنت قادر على أن تنجيني من هذه المصيبة التي حلت على
رأسي و كنت أنا سببها ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
ظل يدعوا هللا طوال تلك المدة هو ال يعلم ان كان في الليل او النهار فالمكان مظلم
طوال الوقت ،
مرت عليه األيام و الشهور حيث أصبح حرا يتجول في تلك المملكة الغريبة بين
الجن لكنه ال يخرج عن نطاق تلك المملكة أبدا و لو أراد الخروج يترصدونه و
يعذبونه حتى الموت لكنهم ال يدعونه يموت لكي يذوق في كل مرة العذاب و الويل
،لهذا كان قد استسلم ألمره و بقي معهم في تلك المملكة ،شاهد الكثير من األمور
المرعبة تحدث هناك ،من سحر و استراق السمع و قد تعلم أخطر انواع السحر و
هو السحر األسود ،حيث الحظ انهم يمتلكون مخطوطات و كتب يدعون انها تعود
لسيدنا سليمان عليه السالم و لكن شييئ ما في داخله ال يريد تصديق ذلك ،حاول
الجن الكافر مرات و مرات في أن يعتمدوا عليه و يشاركوه في اعمالهم الشريرة
لكنه كان يرفض و جزاء ذلك الرفض العذاب ،وقد كان يتحمل العذاب ،المسكين لقد
عانى كثيرا ،مر عامين و هو بينهم ،يأكل ما يأكلون و يتصرف كما يتصرفون و
كأنه نسي طبيعته االنسية و صار مثل الجن الى أن جاء ذلك اليوم ،اليوم الذي
تحرر فيه من تلك المملكة
و خرج الى العالم بشكله الغريب نصف جن و نصف بشر
وقتها نشبت حرب كبرى بين الجن المسلم و الجن الكافر و بفضل هللا استطاع الجن
المسلم أن يفرض سيطرته على الكفار وحرروا األسرى و كان من بينهم ذلك وسيم
فذهب مع الجن المسلم الى قبيلتهم و هناك عرفوا قصته العجيبة فحاول البعض ان
يبطل تلك التعويذة ل كن دون جدوى ،لم يفد فيه شيئ ،تملكه اليأس و في بعض
األحيان يمتثل الى االمر الواقع و يستسلم ألمره و هو يقول :
_سأعيش هكذا الى أن اموت ،سأتأقلم ال تتعبوا أنفسكم
في كل مرة يتسلل األمل اليه ،لكنه سرعان ما يختفي
أصبح منطويا جدا على نفسه ،بعد محاوالته الفاشلة في ايجاد حل ،اقترح عليه زعيم
الجن المسلم أن يذهب الى بيته و يحظر ذلك الحاسوب و يعيد كل مافعله لعله يجد
حال هناك او لعله يبطل هذا السحر او يبحث عن أمير و يحاول التواصل معه فهو
من أسس كل هذا
كانت فكرة جيدة لكنها فاشلة ،ذهب لبيته بعد أن مر عامين و أهله يعتقدون أنه ميت
،حتى لو ذهب إليهم فهم لن يروه ،أخذ يتأملهم و هم بقربه ،هاهي أمه تطبخ العذاء
،يا إالهي لقد أصبحت نحيلة جدا ،وهاهي أخته شيماء لقد كبرت و أصبحت جميلة
جدا ،انها تعد الصحون على المائدة ،مهال مهال لماذا يعدون خمسة صحون من
الخامس ؟
رأى دموع اخته تنهمر و هي تحمل الصحن الخامس في يدها وهي تقول ألخيها
سامر :
_لقد مر عامين و مازلت أظن أن وسيم بيننا
ثم أخذت تبكي بحرقة و ظل سامر يواسيها بينما الدموع تنزل على خده ،جاء األب
و احتضن ولديه و أقبلت األم تحتضنهم بشدة و في موقف عائلي حزين جدا كان
وسيم يراقبهم و الدموع تنزل كالشالل ،رجع الى قرية الجن و هو في قمة الحزن
أتى اليه الزعيم و هو يقول :
_ماذا هناك يا بني لما كل هذه الدموع
فأجابه :
_لم استطع ،انني ال استطيع فعل شيئ ،لن أذهب للبيت مرة اخرى ،انهم في دوامة
حزن بسببي أنا من جعلتهم يحزنون ،يظنون انني ميت ،كم هذا فظيع ،أما أمير .فال
أثر له كأنه تبخر
وضع الشيخ يده على رأس وسيم و صار يربت عليه بحنان و قال :
_ال تحزن ان هللا معك و سيخرجك من هذا المأزق ،ان كانوا ال يرونك فاهلل يراك و
نحن معك و اعتبرنا عائلتك ان تقطعت بك السبل يمكنك العيش معنا هنا ،و لكن ال
تيأس ستجد من يراك و انت في قمة عتمتك هذه ،ستجد من ينتشلك من قوقعة حزنك
،ال تحزن يا وسيم
كان كالم الشيخ ،مرهم أمان لقلب مجروح ،أكمل وسيم عامين معهم و تعلم أشياء
كثيرة ،فترة طويلة قضاها مع الجن المسلم و لكنه تأقلم معهم على األقل لم يكونو
يعذبونه مثل ما فعل الجن الكافر ،فهنا الجو مختلف كانوا يتعلمون القرآن و
يحفظونه و قد تعلم معهم و حفظ معهم و سرعان ما تعلم كل عاداتهم ،كان قليال ما
يذهب بين البشر خشية أن يالحظ أحد من أهله فيحزن قلبه ،لكن هناك شيئ ما في
قلبه يبحث عنه ،قلبه الذي كان متعلقا بها و يبحث عنها ال يدري لما يشعر انها
ستراه و ستنقذه لكنه لم يجدها و هي ال تعرفه فكيف سيحدث االمر ان االمر صعب
جدا ،كان يتجول بين البشر عله يجد شخصا يراه فيساعده لكن بدون جدوى كل
المحاوالت باءت بالفشل ،الى أن جاء ذلك اليوم و التقى بشهد ،تلك المميزة التي
رأته من بين كل البشر
كانت شهد تستمع الى كل ما قاله الزعيم و هي في دهشة مما تسمعه اذناها تردد في
ذهنها "يا إالهي وسيم بشر مثلي ،لقد أحسست بذلك حقا "
شيء من الفرح دخل في قلبها و قد ارتاحت لمعرفة هذا السر العجيب أو ربما كان
هذا األمر إرضاء لقلبها الذي أحبه بدون سابق انذار و لم تعد تضع حدودا لهذا
الحب ،انه بشري مثلها فلن تخاف ان أحبته ،سكت الجميع و عم الهدوء في القصر
،الكل يفكر بحل ما ،و بما يمكن لشهد المساعدة و كيف ستساعد وسيم ،الزعيم يريد
أن يقترح حلوال ربما لشه د القدرة على فعلها تنحنح ثم قال موجها كالمه لشهد :
_اسمعي يا بنيتي ،هناك حالن
استدار له الكل بإهتمام شديد فأكمل قائال:
_ االول "عليك الذهاب الى بيت وسيم و تحضري لنا الحاسوب" و الثاني عليك
بالبحث عن أمير هو من صمم ذلك التطبيق وربما لديه ما يقوله حول هذا األمر
أجابته شهد بإهتمام قائلة:
_لكن ماذا سأقول ألهله و هل سيوافقون على أن آخذ أغراضه
تكلم وسيم في هذه اللحظة قائال:
_هنا تكمن المشكلة ،فأهلي لن يسلموا أغراضي للغرباء
نطقت جويرية قائلة :
_وسيم ألم تذكر أن لك أخت ؟
أجابها وسيم بتعجب :
_نعم و لكن ماعالقتها باألمر
قالت
_ستتعرف عليها شهد و تصبح صديقتها بطريقة ما و يجب أن تكون مقربة جدا
،وقتها تستطيع شهد أن تدخل بيتكم و تتسلل الى غرفتك و تأخذ أغراضك بدون أن
ينتبه لها شخص
قاطعتها شهد بنبرة شديدة :
_هل تريدين مني أن أسرق الال هذا لن يحدث
أجابتها بثقة :
_اذا كنت تريدين مس اعدة وسيم فعليك أن تتنازلي عن بعض مبادئك ،هي ليست
سرقة انها اغراضه و ان رجع وسيم الى طبيعته سيبرر ذلك ألهله
قالت شهد :
_هذا ليس حال ،ماذا لو أمسكوا بي و أنا أسرق ستكون العواقب وخيمة ،لن يثقوا
بي مرة اخرى
تكلم وسيم موجها كالمه الى جويرية التي اكتسى وجهها حمرة من الغضب :
_شهد معها حق ،السرقة ليست حال يا جويرية
اجابته جويرية بغضب :
_وماذا نفعل هاا هل لديك حل آخر هل ستذهب شهد و تحكي لهم الحقيقة ،هل
سيصدقونها ،بالطبع ال ،سيقولون أنها فتاة مجنونة و ربما يظطرون الى طردها
خارجا
هنا فقط الحظت شهد أن عقل جوير ية اكبر من سنها بكثير كيف لتلك الفتاة صاحبة
العشر سنوات أن تتحدث بكل هذه المنطقية ،تجاهلت شهد هذه الفكرة و أجابت
جويرية قائلة:
_معك حق ،يجب أن نفكر في حل مناسب
نطق وسيم قائال
_علينا إيجاد أمير اللعين أما الحاسوب سنجد له حال
تكلم الزعيم قائال:
_آذان الف جر على وشك أن ينطلق يجب عليك العودة الى بيت عمتك ،ستختفي
القرية مع بزوغ الفجر
نظرت شهد الى وسيم الذي كان يقف و يبدو حزين جدا ثم قالت :
_و ماذا عنك يا وسيم هل ستأتي معي ام ستظل هنا؟
انزل وسيم رأسه بحزن ثم قال بصوت هادئ
_ان لم يكن هناك مانع ،فأنا اريد مرافقتك،
يريد هو اتباع قلبه ،فقلبه متعلقا بها كيف يبقى مع الجن و يترك حبيبته التي احبها
سرا لمدة طويلة
نعم لقد كان وسيم يعرف شهد منذ عدة أعوام و لكنه لم يقابلها ابدا ،فقد كان يراقبها
سرا و يختلس النظر لها و يكتب عنها عندما يكون بغرفته المظلمة ،كانت هي
كنجمة وحيدة في قلبه لم يستطع ابدا ان يدخل نجمة اخرى غيرها الى ذلك القلب ،و
قبل تلك الحادثة التي اودت بحياته الى الهالك و اصبح نصف جن و نصف بشر
،كان سيعترف لها بحبه و يظهر نفسه و يحكي كل ما بقلبه و يتقدم لخطبتها لتكون
حالله لألبد ،لكن القدر لم يرد ان يتقابال بشكل عادي فتقابال بشكل غريب جدا و في
موقف ال يكاد العقل تصديقه أكمل وسيم كالمه لشهد :
،بما أنك فقط من ترينني اريد أن اكون معك لكي نتوصل الى حل ،فوجودي هنا لن
يضفي شيئ جديدا ،كما انني اريد التواجد بين البشر كي ال أنسى حقيقتي ،هكذا اقنع
شهد كي ال تكتشف حقيقة مشاعره و انه يريد ان ال يفارقها أبدا بعدما وجدها
أجابه الزعيم قائال:
_حسنا يا وسيم يمكنك الذهاب مع شهد ،نحن سنصلي الفجر و نذهب و بإمكانكما أن
تطلبا المساعدة منا ان احتجتم ألي شيئ بالتوفيق لكما
قالت شهد :
_هيا لنذهب ،ستالحظ عمتي غيابي
انطلق وسيم و شهد بين األشجار و هما في الطريق حيث دار بينهما هذا الحوار
_هل تظنين اننا سنجد حال ؟
_بإذن هللا ،هللا معنا ولن يضيعنا
_أرى أن الخوف اختفى يا شهد ،لم تعودي خائفة مثل اول مرة
_النني عرفت أنك بشري و لست جن
_لكنني جني
_الال لست كذلك ،سنبطل تلك التعويذة سترجع كما كنت
_الحمد هلل انني وجدتك يا شهد ،لقد فقدت األمل حقا ثم ظهرت انت
_الحمد هلل ،لم أكن اعلم بقصتك من البداية و إال كنت لن أصدق شيئ
_لهذا لم ارد اخبارك من البداية كي تالحظي بعينيك الحقيقة
الى هنا جاء على مسامعهما صوت اآلذان و قد كانت شهد قرب الباب ،فتحته بخفة
و تسللت الى غرفتها أما وسيم فدخل الى غرفة االستقبال و استلقى هناك لحظات و
جاءت اليه شهد قائلة بهمس:
_ألن تصلي ؟
نهض وسيم من مكانه و طلب منها أن تدله على الحمام (اكرمكم هللا ) كي يتوضأ
صلى كالهما و معهما عمتها ،اكملوا الصالة و جلست عمتها على األرض ثم
وجهت نظرها الى شهد و هي تقول :
_كيف كانت ليلتك يا عزيزتي
دق قلب شهد بسرعة و كأن عمتها تسألها عن الليلة و عن غيابها لكنها فهمت ما
ترمي اليه فهي اول ليلة لها هنا فقالت :
_مريحة جدا ،كيف لي أن ال ارتاح وانا في بيت كله امان مثل بيتك يا أحلى عمة
في العالم
ضحكت العمة انيسة و عانقت شهد بحرارة ،اخبرتها شهد بأنها ستنام قليال و تستيقظ
لتناو ل الفطور ،بينما وسيم كان يشاهد تلك الحميمية التي بين شهد وعمتها و كان
يتمنى أن يراه أهله في يوم ما .
لحظات من الهدوء في تلك الغرفة التي تسبح في الظالم ،كان شارد الذهن يفكر في
تلك الحسناء ذات العيون الخضراء التي أسرت قلبه ،جعل يتذكر ذلك اليوم الذي
إصدمت به في المحطة و هي تحمل تلك الكتب فسقطت كلها في األرض ظن للحظة
أنها ستكون هذه لقطة اسطورية مثل األفالم ،فأنحنى بجسده ليلتقط الكتب ،ثم
أعطاها إياها ،كانت منزلة رأسها بحياء شديد لألسفل بينما تمد يديها اللتان ترتعشان
من شدة الخجل ،انتبه هو لتوترها فقال :
_ال عليك يا آنسة لقد كان خطئي
امسكت الكتب و قالت بصوت غير مسموع لكنه سمعه :
_أنا آسفة ،آسفة جدا
أسره خجلها يا لها من فاتنة ،كتلة من الخجل تمشي على األرض على شكل فتاة
،ماهذا انها كائن مالئكي حقا .ظل ينظر إليها ووهي تنتظر رده طالت تلك اللحظة
ثم انتبه فقال :
_لما األسف ،ربما أنا اآلسف لم انتبه انك في طريقي المهم الحمد هلل أنك لم تسقطي
أنت بل أسقطت قلبي .ااه اقصد كتبتك ،بالمناسبة أنا رامي و انت؟
ارتبكت الفتاة و زاد وجهها توهجا باللون األحمر استأذنت منه و ذهبت مهرولة
اقصد هاربة الى القطار الذي بدوره وصل للتو ،كانت تدعوا أال يلحق بها
،عالقتها بالجنس اآلخر شبه معدومة لم تتعامل كثيرا مع الشبان ،لطبيعة تربيتها و
خوفها من أبيها و اخوتها و أوال وقبل كل شيئ خوفها من هللا
ظل يحدق في الظالم و يبتسم بين الفينة و األخرى دق الباب فجأة و قطع عنه
أفكاره
_رامي بني ،الغداء جاهز
_انا قادم يا أمي
بعد لحظات األم تجمع الصحون لتقوم بغسلها األب يتكلم مع ابنه
_هل ستذهب اليوم الى عمتك ؟
_نعم يا أبي ،هما وحيدتان هناك يحتاجان الى رجل لكي يحميهما
_نعم معك حق ،ولكنني أثق في شهد هي رجل في غيابنا ال تقلق
_و لكنها تظل فتاة و مزالت صغيرة وطائشة
_كن معها يا بني وال تكن عليها ،إياك أن تتشاجر معها هناك لن اسمح لك في أذيتي
ابنتي الوحيدة
_عيب عليك يا أبي ،أال تثق في ابنك هل لست ابنك الوحيد أيضا
تدخلت األم و هي تربت على ظهر ابنها
_انت إبني الوحيد و كالكما لكما مكانة ال تحزن يا بني و ماهذه الغيرة المفاجأة
هههههه
ضحك األب و رامي ثم قال األب :
_حسنا متى ستذهب ؟
_سأسافر في الليل لقد حجزت في الطائرة لكي أصل سريعا
_رافقتك السالمة يا بني
_هللا يسلمك و يديمك فوق رؤوسنا يا أغلى أب
.....................................................................
دخلت شيماء مسرعة الى غرفتها و هي تحمل كتبا بيدييها أغلقت الباب و راحت
تبحث في تلك الكتب عن شيئ ما ،كانت منهمكة في البحث و بعد لحظات اغلقت
الكتب و مالت برأسها الى الخلف ،الدموع تنهمر على وجنتيها و عالمات الحيرة و
التعب في وجهها دق الباب فأسرعت تمسح دموعها كي ال يالحظون و يمطرونها
باألسئلة ،نهضت بسرعة و فتحت الباب ،كان هذا أخوها سامر
_أروع شيماء في العالم سأقدم لك السيدة شكوالطة الذيذة الطرية المحشوة بالبندق
أطلقت شيماء ضحكة رقيقة انثوية و اخذت علبة الشكوالطة و عانقت أخاها ثم قالت
:
_شكرا ألفضل أخ بالعالم ،االخ الذي يعرف ان اخته تحتاج للدعم الشكوالطي
ههههه ثم ضحكا سويا.
_بالمناسبة سنذهب عند جدتي اليوم لقد حجز لنا أبي بالطائرة الليلة سنقلع
_خيرا يا سامر هل جدتي حصل معها أمر
قالتها و هي تضع علبة الشكوالطة فوق الطاولة و تضع يدها على قلبها
امسك سامر يدها و قال مطمئنا :
_ال سنقضي العطلة هناك ،تعرفين جدتي تحب أن نجتمع حولها في الشتاء
انطلق الجميع يجهز أغراضه بينما شيماء دخلت الى غرفة وسيم تنهدت بحزن و
اطالت النظر الى الغرفة نزلت دموع رقيقة على خديها ثم أغلقت الباب بهدوء و
امسكت حقيبتها و انظمت الى عائلتها التي كانت بالخارج ينتظرونها أمام السيارة
متوجهين الى المطار
(شيماء االخت الصغرى لوسيم تبلع تسعة عشر عاما تدرس سنتها االولى في
الجامعة تخصص أدب عربي ،وهي بصدد اصدار خامس رواية لها فهي كاتبة
روائية ناجحة رغم صغر سنها ،أما سامر فيبلغ من العمر ثالثين عاما خريج كلية
الهندسة المعمارية و يعمل في فرع تابع لشركة ما ،يشبه سامر وسيم بكل تفاصيله )
.....................................................................
ودع رامي أبوه و أمه و ركب سيارة اجرة التي ستقله الى المطار ،بعد لحظات
وصل لم يشأ أن يتصل بأخته ليخبرها مجيئه فقد ترك ذلك كمفاجأة لعمته و ألخته
على السادة المسافرين التوجه للصالة الرئيسية ،الرحلة ,56البوابة رقم 1والمتجهة
للعاصمة
،كان هذا صوت احدى العامالت في المطار ،سمع رامي النداء فحمل حقيبته
وتوجه الى الطائرة ،لحظات و رآها تمر أمامه كالحورية بفستانها األخضر مثل
عينيها وطرحة رأسها البيضاء التي جعلت وجهها يشع من نور ،لم يصدق ما تراه
عيناه انها هي ،الفتاة التي اصطدم بها في محطة القطار ،مرت بجانبه و كان معها
رجل يبدو انه والدها و شاب يشبهها يبدو اخوها و امرأة على األرجح والدتها ،لكن
مالذي يفعلونه في المطار هل س تسافر ،هل هي معه في نفس الرحلة ،افكار تضرب
برأسه و استفاق منها اال بعدما تكلم معه رجل االمن هناك و اخبره ان يذهب الى
الطائرة ،توجه رامي و اخذ يبحث عن مقعد مريح جلس وهو يفكر في تلك الفتاة ،ثم
جلس بجانبه شاب انه نفس الشاب الذي كان برفقتها كان يتمنى لو كانت هي بدال
منه .
ساعتان فقط و نزلت الطائرة وصل المسافرين الى وجهتهم ،استقل رامي سيارة
اجرة لتوصله الى بيت عمته كانت الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل بعد
دقائق وصل الى وجهته المنشودة ،كان يمشي بحذر لكي يفاجأهما لكن الصدمة
اعتلت وجهه عندما أطل من نافذة الصالون خارجا و رأى ذلك الغريب يجلس مع
عمته و اخته من هذا يا إالهي من يكون،
دخل رامي الى ردهة المنزل و لحسن الحظ كان .الباب مفتوح ،وضع حقيبته امام
الباب و نزع حذاءه و بقي خلف باب غرفة االستقبال يسترق السمع ،كانت شهد
تتكلم مع العمة انيسة يبدو ان الحديث نسوي يتكلمان عن ارتفاع اسعار الذهب و عن
النساء اللواتي يشترينه رغم غالئه و كان ذلك الغريب يجلس معهما لكنه لم ينطق
بشيئ و كانه غير موجود معهما ،طرق رامي طرقات خفيفة على الباب استدارت
العمة اوال و الحظته قامت من مكانها و عالمات الفرحة و الحيرة بادية على وجهها
قائلة:
_حبيبي يارامي متى جئت ،ماهذه المفاجأة الرائعة
انتبهت شهد بانه اخوها فأسرعت تعانقه و تقبله ،لحظات و انتهى االستقبال الحار
بينما رامي ينظر الى وسيم و وسيم ينظر الى رامي لكن ال أحد ينطق بكلمة ،
أكملت العمة ترحيبها بإبن أخيها بفرحة إجتاحت قلبها النقي ثم ذهبت كعادتها لتعد
لرامي بعض األكل ،كانت شهد تنظر الى اخيها بصدمة هل يعقل؟؟ هل رامي يرى
وسيم !!!،قطعت شهد الصمت قائلة :
_ما األمر ؟ لما أنت غاضب هكذا يا أخي
قال رامي والغضب يتطاير من عينيه :
_من هذا؟ .
مشيرا الى وسيم الذي نهض فورا عندما علم بأن رامي ينظر له
ابتلعت شهد ريقها
قالت شهد:
_هل تراه يا أخي؟؟
أجابها رامي بإستغراب وعدم استيعاب لسؤالها :
_هل أنا اعمى ،اني .ارى شابا غريبا هنا معك لما هذه األسئلة اجيبي ياشهد من هذا
الشاب و اال سأكسر لك راسك ؟
مسكته شهد من يده و جرته الى الداخل و هي تهمس و تحاول ان ال تثير ضجة كي
ال تكشف امرها امام عمتها فقالت:
_اششششت تكلم بصوت خافت اهدا يا رامي ،سنحكي لك كل شيئ
اجابها رامي بغضب شديد
_مالذي ستحكيه لي ياشهد ،ماهذ الذي يحصل هنا ؟
تكلمت شهد وهي تمسك ذراع اخاها كي ال يفتعل اي مشكلة قد تخرب كل شيئ :
_اهدأ ارجوك ليس الموضوع كما تتخيل
فقال رامي و قد بدا عليه االنزعاج اكثر .
_ لم يكن على والداي السماح لك بالمجيئ لوحدك ،،كاد ان يخرج من غرفة
الضيوف فأوقفه وسيم قائال:
_أنا جني ،ال أحد يراني اال شهد و ها أنت ايضا تراني
صدم رامي من سماعه لهذه النكة السخيفة و ظن انها لعبة لكي تغطي بها عن أفعال
سيئة طرأت في رأسه رغم انه يثق في اخته و عمته
قالت شهد محاولة تهدأت رامي:
_ال تخف ،سنحكي لك كل شيئ يارامي هو ليس كما تظن
هنا دخلت العمة و ضعت الصينية المليئة بالطعام امام رامي و كادت أن تجلس فوق
وسيم لوال انه قام فجأة من مكانه ،كانت الصدمة واضحة على وجه رامي الذي ال
يزال اليصدق انه جني ،وانه يراه ،شيئ من الحقيقة اتضح امامه هو ان عمته
بالفعل تجهل تواجده معهم ،تناول رامي طعامه و الدهشة ال تفارق مالمحه ،كانت
شهد تنظر الى اخيها و الى وسيم ،األسئلة تدور في رأسها كيف يراه مثلي؟ هل هو
انسان زهري مثلما أخبرني الزعيم بأنني انسانة زهرية ؟ هل يعقل ان يكون أخي
ايضا كذلك !! ثم ترائ لها أمل كبير ،بما أن رامي يراه سيساعدنا
قطع تفكيرها صوت عمتها التي بدورها وجهت حديثها الى رامي الذي كان يبدو
شارد الذهن :
_رامي ،انت لم تأكل كثيرا مابك يا بني منذ وصولك و انت لست على مايرام
_ال ياعمتي انا متعب فقط
_بالمناسبة انت و اختك غريبوا األطوار ،اختك تكلم نفسها طوال الوقت و انت
شارد و تنظر الى الالشيئ حقا مالذي يحصل لكما
نظر االثنان الى بعضهما و انفجرا ضحكا ثم قالت شهد
_انها الجينات ياعمتي ،وراثة
ضحك الجميع و قامت العمة لتنام اما البقية ففضلوا ان يسهروا قليال
تكلم رامي مخترقا دائرة الصمت :
_و اآلن يا آنسة شهد هال عرفتني بجنيّك الذي يجلس بيننا ! من يكون و كيف لنا ان
نراه ؟ ولما عمتي تتجاهله ؟.ولما هو موجود معك ؟ حتى لو كان جني لن أقبل بهذا
األمر
اخذت شهد نفسا عميقا و حاولت ان تجمع كل قواها لتحكي عن كل ما عاشته و
بالفعل بدأت بسرد كل الحقائق ألخيها و أكمل له وسيم باقي القصة ،كان رامي
مندهشا ،نصف منه يريد ان يصدق و نصف آخر الذي احتله المنطق و الواقعية
فهو يكذب كل ما يقوالنه لكن فضل ان يتمسك بالنصف الذي يصدق ألنه يثق في
أخته فال يمكنها ان تكذب عليه خاصة في امور كهذه
طلبت شهد من رامي ان يريها يده اليسرى،تعجب هو من طلبها الغريب ولكنه
رضخ لألمر ،أطلقت شهد شهقة قوية وهي تقول لوسيم ممسكت بيد أخوها :
_ وسيم انظر حتى رامي انسان زهري
أومأ وسيم برأسه داللة على انه يعرف من اول وهلة فقال :
_نعم لكن ياشهد ليس كل انسان زهري يمكنه رؤيتي و لو كان االمر كذلك ،فهناك
العديد من االشخاص زهريين لكنهم لم يرونني ،لكن انتما فيكما شيئ مميز عن
باقي الزهريين و لهذا ترونني من بين كل البشر
تكلم رامي موجها كالمه لوسيم
_هل فكرت في حل !؟ هل توصلتم لنتيجة ما ؟
اجابه وسيم بحزن
_ يجب ان نحصل على أغراضي التي في غرفتي ،لكننا نجهل كيفية الوصول الى
هناك كما اننا يجب ان نعرف اين اختفى ذلك الحقير أمير لقد كان سببا في كل ما
حصل ،ل قد أكد لي انه لم يدخل شيئ خطيرا داخل اللعبة و لكنه فعل والعجيب انه لم
ينشرها بعدما رحلت انا و كأنه اراد أن يستهدفني أنا فقط
رد عليه رامي :
_الحاسوب سيكون مهمة شهد ،اما أنا فسأبحث عن ذلك الحقير
رد عليه وسيم بإمتنان :
_اشكرك كثيرا و سأكون معك ايضا
نظر له رامي مستذكرا مستنكرا وقال
_وجهك مؤلوف لي هل تعرفنا من قبل ؟
ضحك وسيم و قال :
_لقد كنا ندرس في نفس الجامعة ،وتقابلنا مرات عدة ،انت تعرف أخي سامر هو
بنفس تخصصك و قد تقابلنا بسببه
هنا عادت لرامي الذاكرة و تذكر سامر ال ذي جلس معه في الطائرة انه اخ تلك الفتاه
اااه و هذا يعني ان وسيم اخوها ايضا ،لكنه تعجب من عدم معرفته لسامر فلقد مرت
خمس سنوات فقط كيف لألشخاص ان يتغيروا بهذا الشكل
تكلم رامي محدثا وسيم :
_لقد قابلت سامر في المطار اليوم و كان معه افراد عائلته
اندهش وسيم و قال:
_الى اين يذهبون ؟؟
_لقد ذهبوا الى القرية المجاورة هكذا سمعت من حديثهم
تكلمت شهد بعد صمت طويل
_هل تحدثت الى سامر ؟
احابها رامي بحزن .:
_لم نتعرف على بعض لقد مر وقت طويل ولم نلتقي و لم نكن أصحاب كفاية بفترة
الجامعة
قالت شهد محدثة وسيم :
_بما انك كنت تعرف أخي ،هل كنت تعرفني ايضا ؟
تلعثم وسيم و همهم بكالمه ثم قال كاذبا وتحاشيا النظر إليها :
_ال لم أراك من قبل
زمت شهد شفتيها و سكتت ثم رجعت تقول :
_الحمد هلل انك تعرف سامر اخو وسيم يا رامي ،سيسهل عليك ان تجد امير و حتى
الحاسوب ستكون مهمته سهلة ،يجب ان تخبر سامر بكل شيئ
قال رامي محدثا شهد:
_ عليك ان تتصلي بسلمى أنت تحتاجين لفتاة لتكون معك في هذه المهمة و سلمى
فقط من ستساعدك
اومأت شهد برأسها موافقة و ذهبت لغرفتها لتتصل بإبنة عمها
اما وسيم ورامي ظال يفكران كيف يبدآ غدا رحلتهما في انقاذ حياة وسيم
،تختبئ األرانب من خطر موشك تجري خوفا على صغاره لتختبئ في جحرها
،تطيى العصافير في السماء هربا من ذلك الصوت المدوي ،تجري القطط هنا
وهناك و يتنبح الكالم ،فيتساقط المطر محدثا ضبابا كثيف يغزو كل بقعة باألرض
،يهرول ذلك الطفل الصغير مخترقا رذاذ األمطار الغزيرة وقد تبللت مالبسه حتما
ستوبخه أمه و يضربه أبوه و سبمرض باالنفلونزا ،هذا البقال يغلق دكانته الصغيرة
و ذل ك صاحب المقهى يدخل الكراسي الى الداخل كي ال يبللها المطر صوت الشيوخ
في داخل يلعبون الشطرنج يتململون و يقهقهون و يصرخون تارة اخرى ،نحن قي
قرية صغيرة يملؤها الضباب من كل جهة و كأنها مملكة تسبح في الفضاء بين
الغيوم ،ووبين تلك البيوت يوجد بيت متواضع وواسع تجلس فيه تلك الفتاة
السمراء في الصالون تشاهد التلفاز بفم مفتوح مليئ بالفوشار ويدها موضوعة على
الكيس وتتحرك بتلقائية الى فمها وهي تحمل حبات الفوشار ووتتساقط البعض منها
،تأتيها ضربة مباغتة على رأسها فتفيق من توهانها الغريب
_اميييي ،لقد أفزعتني ،افسدت عليا اللقطة المهمة في الفيلم
قالت لها امها معاتبة بغضب:
_اربع ساعات ،أربع ساعات و انت تجلسين قبالة هذا التلفاز الملعون ،هيا قومي
معي يجب أن ننهي أعمال البيت لقد تعبت لوحدي ،لو كنت ولدا لما فعلت ما فعلته
به
تقوم الفتاة متذمرة و هي تحمل كيس الفوشار في يدها و تقوم برميه فوق الطاولة
فيتوزع مابقي فيه على األرض ،تنظر لها أمها والشر يتناطر من عينيها فتمسك
بالشبشب و هي تتوعدها ببعض األلفاظ الغير مفهومة فتجري البنت داخل البيت و
هي تضحك بشدة على ردة فعل امها ،بعد محاوالت في الركض خلف بعضهما
تمسك األم ابنتها على شعرها الطويل قائلة:
_الحمد هلل ان لك شعر طويل واال لما أمسكت
تجر األم ابنتها الى المطبخ تحت صيحاتها و توسالتها ثم تقول:
_أمامك عشر دقائق فقط هل سمعتي عشر دقائق و يرجع المطبخ يضيئ مثل القمر
تتأوه الفتاة طالبة من امها أن تفلت شعرها
_حسنا حسنا يا امي ارجوك اتركي شعري انني أتألم
تترك األم شعر ابنتها و تعيد لها الكالم بنبرة شديدة
_عشر دقائق مفهووم
تسرع البنت في التنظيف خوفا من امها و من أن تفعل بها شيئ آخر
لحظات و انتهت من التنظيف جلست على كرسي في المطبخ ووضعت رأسها على
الطاولة محاولة إلتقاط انفاسها المتسارعة ،في حين رن هاتفها برنته المزعجة
،تأففت الفتاة ووقالت :
_من هذا المزعج الذي يتصل بي في هذا الوقت و في موقف محرج كهذا
حملت هاتفها و الحظت أنها ابنة عمها التي لم تتصل بها منذ مدة استغربت من
اتصالها فهي ليست من عاداتها ردت عليها قائلة :
_أهال بإبنة عمي التي نسيتني و تركتني أتخبط في هذه الحياة كسمكة اخرجوها
عنوة من البحر
ضحكت ابنة عمها و هي تقول :
_لم انساك يا مجنونة لقد اشتقت اليك كثيرا ،
_و انا ايضا ،كيف حالك يا دودة القز
_هههههه دودة القز من اين لك هذا
_من ناشيونال جيوغرافيك يا بطريقتي
_هههههه لم تتغيري كثيرا يا سلمى مازلت مضحكة و ترسمين البسمة على وجوه
الناس
_حقا !! هذا ألنني اشبه مستر بين ،لدينا جينات مشتركة
_هههههههههه ايتها القردة ،نحن في بستان عمتي انيسة ندعوك لتقضي معنا عطلة
الشتاء
سكتت سلمى دقائق ثم قالت :
_أود ذلك حقا لكن المشكلة تكمن في أمي تعرفينها ياشهد انها صعبة المراس
_ال تقلقي خالتي سناء طيبة القلب سأتكلم معها و اقنعها ،اعطيها الهاتف وال تهتمي
اخذت سلمى الهاتف ألمها و هي تخبرها أن شهد المتصل اخذت االم الهاتف و قالت
_حبيبتي شهد كيف حالك و كيف حال العائلة
_بخير يا خالة و انت كيف حالك
_اعاني القليل من األمراض و لكن الحمد هلل تعرفين كل األشغال تقع على عاتقي
لوحدي و هذه الباندا (قالتها وهس تنظر بغضب الى سلمى ) تأكل و تشرب و تنام و
ال تأبه ألمها التي بالكاد تتحرك
أطلقت شهد ضحكة طويلة ثم قالت
_ال عليك يا خالة ،ارسليها الى بستان عمتي انيسة و سأقوم بإعادة المصنع لها
هههههههه
_حقا ! هل انتم هناك
_نعم انا و رامي فقط ،
_بالتأكيد سأرسلها ،احرصي على تعليمها العمل المنزلي لقد تعلمت الكسل انها مثل
الباندا يا بنيتي
ضحك الجميع و اغلقت االم الخط بعدما ودعت شهد ثم اشارت الى ابنتها كي تجلس
فقالت:
_ال تظني أنني سمحت لك للذهاب بدون سبب ،اوال لكي أرتاح منك ثانيا ألن شهد
فتاة عاقلة و رزينة يجب أن تبقي معها فترة ربما تكتسبين بعض مهاراتها ثالثا ألن
األعمال هناك في البستان ال تنتهي وهم ال يتصلون من أجلك بل من أجل أن تعملي
معهم و رابعا وأخيرا عليك تحمل مسؤولياتك هناك هل هذا مفهوووم
ابتلعت سلمى ريقها و قامت كي تجهز حقيبتها ،لم تكن القرية بعيدة عن بستان العمة
فقط مسافة ربع ساعة و تصل استقلت سيارة اجرى و توجهت و هناك بدأت
مغامراتها التي لم تعشها من قبل ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في بعد آخر و عالم يحكمه الشر و الظالم ،كان مكبال على قائم حديدي رأسا على
عقب و الدماء تنزل من أنفه و جبهته ،نصف جسده العلوي عاري و تظهر جروح
بليغة على بطنه و صدره و ظهره و كأنه خرج لتو من معركة مع الوحوش الكاسره
،كان يتأوه و يتألم و يتمتم بكلمات غير مفهومة ،أتاه صوت مفزع و قد اخترق
مسامعه ليقول :
ذق شر ما صنعت ايها الفااشل لن تخرج من هنا ابدا ثم قهقه بشكل مقزز
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مع وصول أول شعاع شمس الى األرض مالمسا النباتات بحب و دفئ ،سمعت شهد
طرقا على الباب أسرعت لتفتحه لتجد سلمى قد وصلت ،تعانقتا في حب و اشتياقا و
دخلتا الى الداخل فقابلت العمة أنيسة و رحب بها برامي ،ثم نظرت الى المقعد الذي
يجلس عليه وسيم و صوبت نحوها كل من عيون رامي و شهد و هم يشاهدونها
تنظر اتجاه وسيم ،تسمرت سلمى مكانها ثم همت بالكالم لكن شهد امسكت بيدها
وجرتها الى غرفتها وهي تقول :
_سلسومتي تعالي وضعي حقيبتك هنا و خذي حماما خفيفا اذا اردتي
ابتعدت عنها سلمى بإستغراب قائلة :
_من ذلك الشاب يادودة القز ؟
ضحكت شهد و قالت:
_من ؟ هل تقصدين رامي ؟
اجابتها سلمى بغضب و سخرية :
_انت مجنونة حقا ،انا اعرف رامي لما سأسالك عنه يا فأرة
تكلمت شهد بحذر
_اتقصدين انك رأيت شابا غريبا يجلس على الكرسي
هتفت سلمى بصوت عالي
_,حمد هلل انك فهمت ،نعم لقد شاهدته يجلس بينكم وكأنه واحد من العائلة ،من من
هل هو صديق رامي؟؟ولما هذا الدب هنا ،؟
اجابتها شهد بغضب
_انه ليس دبا انتبهي لكالمك
ضحكت سلمى وقالت :
انا امزح فقط ،هل اغضبك كالمي عنه ،ما األمر هل هو _انت دودة وهو دب
يعجبك يا قردتي؟
قالت شهد :
_انها قصة طويلة ولم نتوقع ان تريه انت ايضا
استغربت سلمى وطلبت من شهد ان تحكي لها كل شيئ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
.1في بيت واسع و جميل يعمه الهدوء والسكينة و الدفئ ،كانت شيماء حاملة
كتابا بيدها اليسري و كوب القهوة بيدها اليمنى و تجلس على أريكة في
الشرفة المطلة على ذلك المنظر البديع ،تحت زقزقات العصافير و خرير
المياه العذب ،وزخات المطر الخفيف ،تتوقف عن القراءة فتأخذها ذاكرتها
الى ذلك اللقاء الغريب ،وكيف ان خجلها سيطر عليها ولم ترى حتى مالمح
وجهه بدقة اكثر فكل ما لمحت هو عيناه البندقيتان و ضحكته الجميلة ،تنهدت
بحنق و ابعدت عن بالها هذه األفكار ،فهي تعرف انها لن تتعامل مع اي
شاب و .لن تسمح ألي منهم ان يلعب بها او بمشاعرها ،اوقف شرودها
دخول سامر للشرفة قائال:
_صباح الخير ايتها الوردة الحمراء
ضحكت شيماء واجابته :
_صباح النور يا سامر كيف حالك؟
_من يرى منظر كهذا وال يكون بخير
اجابته هي :
_معك حق انها مناظر تشرح الصدر سبحان هللا
بالمناسبة سنذهب للقرية كي نتجول قليال وهناك سأخذك الى تلك المكتبة التي
تحبينها و تستطعين اقتناء الكتب كما شئت
اتسعت عيناها فرحا و قالت :
_تعرف كيف تدخل الى قلب اختك ايها المحتال
ضحكا كالهما و دخال الى الصالون حيث يجتمع األهل هناك
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقفت سلمى مصدومة مما قلته لها فهي لم تصدق حتى كالمي ،حتى رأت بعينها ان
عمتى أنيسة ال ترى وسيم ،ظلت سلمى شاردة طوال الوقت على غير عادتها فهي
كانت أكثرنا كالما و خاصة المزاح فهي ال تتوقف عن التفوه بعبارات مضحكة
طوال الوقت ،لكنها اآلن في حالة من الصدمة ،أحضرت لها عصير الليمون الذي
سيحسن من نفسيتها قليال و تركتها ترتاح في الغرفة و ذهبت حيث رامي و وسيم
،اما عمتىي ميسان فهي مشغولة في الحديقة ،استأذنت الدخول الى الصالون حيث
وجدتهما يتبادالن الحديث ،قال رامي محدثا وسيم :
_علينا الذهاب الى القرية فمكوثنا هنا بدون جدوى يجب ان نتحرك ،فكما قلت لي
ان الجن الكافر يترصد شهد و يحاولون أذيتها يجب ان نعثر على أمير
أجابه وسيم قائال:
_صدقت القول يا صديقي،لنذهب اذا
صحت انا فيهما محاولة ايقافهما
_مهال مهال الى اين تذه بان بدوننا ،سنذهب انا و سلمى معكما
تكلم رامي :
_ حسنا نحن نتظركما خارجا ،استعدا و لنذهب ليس لدينا وقت
ذهبت بسرعة الى الغرفة التى تتواجد فيها سلمى ،و اخبرتها ان تستعد للذهاب معنا
لرحلة انقاذ وسيم ،أومأت سلمى لي بإيجاب و شرعت تلبس حجابها
ماهي لحظات و اصبحنا جاهزتين ،توجهنا أربعتنا للقرية المجاورة ،و قد اختلطت
علينا األمور من أين نبدأ بالبحث ،هل نذهب لبيت وسيم او نبحث عن أمير
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في نفس القرية كان سامر و شيماء يتجوالن وسط شوارع القرية و يتحدثان بلطافة
وهدوء ،في الجهة المقابلة توقف وسيم متسمرا مكانه و قد اجتمع الدمع في عينيه
نظرت له شهد متسائلة:
_مابك يا وسيم هل هناك خطب ما ؟
توقف رامي ينظر بفرح وقد اهتز قلبه وتسارعت نبضاته هاهو يلتقيها للمرة الثالثة
و كأن القدر مصر على اجتماعهما صدفة دائما
أجاب وسيم شهد قائال:
_,انهما سامر و شيماء اخوتي
نظرت هي الى حيث ينظر لترى فتاة بنفس طولها ترتدي فستان عريض بطرحة
دائرية و و بشكل ما و رغم عيونها الخضراء فهي تشبه وسيم قليال أما سامر فكان
صورة طبق األصل عن وسيم الفرق الوحيد هو اللحية فكان سامر بدون لحية مما
جعل االختالف واضح
توقف سامر ينظر الى رامي الذي كانت عيناه متسمرة في شيماء ،ركز سامر نظره
ثم صاح قائال:
_رامي ؟؟ هل هذا انت يا صاح !! انه وقت طويل لم ارك فيه لقد تغيرت كثيرا
تفطن رامي لكالم سامر و افاق من هيامه و اخذ يسلم على سامر و يعانقه ،ثم عرفه
بأخته شهد و ابنت عمه سلمى و االخر بدوره عرفه على شيماء
اما وسيم فقد كان يقف وراءهم ،بالتأكيد اخوته لم يكونوا يرونه ،كان هذا الموقف
صعبا جدا على نفسية وسيم ،حيث ابتعد عنهم ليذهب الى مكان فارغ و جلس هناك
وهو يمسك بدموعه التي أوشكت على االنهيار لكنه منعها بصعوبة ،قطع خلوته
صوت شهد تقول :
_انه امر صعب ،انا أحس بك
استدار ليرى شهد بدموعها المنهمرة فقد قررت البكاء عنه ،تتساقط دموعها لرؤيته
يتألم ،بدال من تساقط دموعه هو ،لم ينطق بأي كلمة فقد ظل ينظر الى عينيها و هي
تنظر الى عينيه ليعاد ذلك المشهد الغريب التي تقفز فيه شهد داخل تلك العيون
العسلية المتوهجة و تخرج بلمح البصر ،انه احساس غريب جدا أحست به شهد في
تلك اللحظة .
اقترب وسيم منها قليال و قال هامسا :
_اريد اخبارك بشيئ مهم
انتبهت شهد له و نظرت له ليكمل كالمه
_في الماضي...
يقطع كالمه صوت سلمى تنادي على شهد
فيهم وسيم في المغادرة لتوقفه شهد وتقول :
_ماذا كنت ستقول ؟
_ال شيئ ،ليس اآلن سأخبرك به في وقته المناسب
تنهدت شهد و رفعت كتفيها لألعلى متعجبة و متسائلة عما كان سيقوله وسيم
اجتمع الكل عدا وسيم الذي اختار ان يكون بعيد ألنه ال يستطيع ان يرا اخوته دون
معانقتهم او التحدث لهم
تكلم رامي موجها كالمه الى سامر
_لقد سمعت بحادثة اخوك وسيم
نطقت شيماء و سامرا معا في نفس الوقت
_رحمه هللا واسكنه فسيح جناته
تألم قلب شهد لسماع هذا الرد ف وسيم بينهم و هم ال يرونهم و يظنان انه ميت يا
لغرابة األمر
أردف رامي يقول :
_سامر عليا ان اخبرك بشيئ مهم
استغرب سامر من كالم رامي وطلب منه التوضيح فقال رامي :
_هل تثق بي؟
تعجب سامر وابتسم ابتسامة توحي بأن األمر عجيب فقال :
_ لم أرى منك اال الخير خاصة في االيام الصعبة في الجامعة فقد ساعدتني كثيرا و
انا أثق بك بكل تأكيد
ابتسم رامي و شكر سامر
تكلمت شهد مقاطعة هذا المشهد الدرامي
_سامر الموضوع الذي سنتحدث به يخص ..هو يخص
قاطعها سامر
_يخص من تكلمي ؟
تابعت هي بتوتر
_يخص ااا
قاطعتها سلمى في ضجر ووجهت كالمها الى سامر الذي انتبه لوجودها للتو
_يخص اخوك وسيم
تعالت الدهشة وجه كل من سامر و شيماء ،شيماء تلك الخجولة قليلة الكالم رهيف
األحاسيس انهمرت دموعها بشدة وكأنها كانت تحبسها منذ مدة و قالت بحزن
_عن ماذا تتحدثون ،ان أخي توفي منذ خمسة سنوات فما الموضوع الذي يخصه و
هو بين يدي مواله اآلن
وجه رامي لها الكالم فأطرقت رأسها خجال منه ولكنها كانت تسمع كل مايقول :
_الموضوع خطير ،ويصعب تصديقه و لكن يجب ان تتعاونا معنا لننقذ حياة وسيم
هنا صرخا مع بعض
_ماذا تنقذوا حياة وسيم
تكلم سامر بسخرية
_كيف هذا و اخي ميت من زمان
قالت سلمى بحدة
_ايها السنجاب اخوك حي يرزق و لقد قابلناه و هو في مأزق كبير و يجب علينا
انقاذه
غضب سامر من كالم سلمى و خاصة نعتها له بالسنجاب ،فهو ال يعرف طبيعتها
هي تطلق األلقاب هكذا عشوائيا
قال سامر موجها كالمه لسلمى :
_لم اكن اعلم ان االحمرة .تتكلم
ردت عليه سلمى بغضب
_ ال يوجد حمار هنا سواك حتى ارى ان هناك آذان طويلة قد نمت فوق راسك ايها
المسخ
كز سامر على اسنانه و كور قيضته و كاد ان يلكمها في وجهها ثم قال موجها
كالمه ألخته :
_شيماء هيا بنا لنرحل من هنا لم اعد اطيق هؤالء المختلين عقليا
صرخ رامي في وجهه قائال:
_نحن لسنا مختلين يا سامر ارجو ان تتفهم األمر وسيم يجلس هناك و يشاهدكما
تتخليان عنه بسهولة و هو في موقف حرج جدا نحن ثالثتنا نراه اما انتما ال ترياه
مثل باقي البشر ،انكما الحل الوحيد له
*كل الذين اعتادوا على البصر سينكشفون في الظالم*
وقف سامر مشدوها يحدق في المكان الذي اشار اليه رامي ،هل يعقل هل صحيح
مايقوله ،كيف لميت ان يرجع و ان لم يمت كيف لنا أال نراه ،هنا تكلمت شيماء
متحدية خجلها فقالت:
_اذا كان ماتقوله صحيح ،مالذي علينا فعله ؟
اغمض رامي عينيه و تنفس ثم قال :
_احضرا لنا حاسوبه ،لكن اذا اردتما ان تسمعا الحكاية من اولها سأعطيكما عنوان
بستان عمتي و تعاال في اي وقت ويمكنكما االقامة ايضا فبيت عمتي كبير كالفندق
يسع للكل
وافقت شيماء و اخبرته انهما سيأتيان ،جذبها سامر في حدة و قال :
_هل انت مجنونة لتصدقي مايقولونه ،ازه ضرب من الخيال كيف لميت ان يرجع
للحياة
قالت شيماء وهي ممسكة بذراع سامر تبعده عنهم
_اخي انا اعرف ما أفعل علينا أن نصدق ،ليس هذا وقت التكذيب ،ان كان شخص
فقط من قال هذا سأكذبه لكنهم ثالثة و يبدو عليهم الصدق
تنفس سامر بحنق و نظر لسلمى بغضب و كأنه يتوعد لها الشر و نظرة له هي
بنظرة تحدي و قوة مما جعله يخرج من المقهى متوجها لبيت جده
اعطى رامي العنوان لشيماء و ابتسم لها ابتسامة توحي على سروره بقبولها ابتسمت
له هي االخرى وقالت بحياء:
_سأزوركم بإذن هللا ،لكن ستوضح لي كل شيئ
اهتز قلب رامي فرحا و قال :
_يشرفنا زيارتك في اي وقت ،شكرا لك
_العفو
انطلقت شيماء خلف اخيها ،بينما ظل البقية في ذلك المطعم وقد انظم لهم وسيم الذي
كان شاردا طوال الوقت
قطع شروده رامي
_وسيم مابك ،ال تحزن يا صديقي األمور بدأت بالتحسن ،اذا لم يصدق سامر
فشيماء أحست بك و لهذا قبلت هي تصدقنا و اال لما كانت تقبل
قال وسيم :
_عليا ان ارجع الى قبيلة الجن المسلم ،ثم اكملو انتم ما بدأتم به
نطقت شهد بحزن
_ما الداعي لذهابك ابقى معنى ،يجب ان تكون معنا
اجابها وسيم
_ال يا شهد ما زلت نصف جني و نصف بشري و الجن الكافر يترصدك و يتبعني
و ان بقيت معكم سأكون خطر عليكم وخاصة انت ال اريد ان يؤذوك
ابتسمت شهد داخلها وقد اسعدها اهتمامه بها ،فرغم كل ما يعيشه فإنه يفكر بها و
بمصلحتها ويخاف عليها ،ازدادت دقات قلبها و قد شعرت بشعور قوي يحملها الى
السماء
اردف وسيم قائال :
_سأذهب الليلة و سأعود كل صباح ألرى تطور األمور ،ان جلبت لكم شيماء
الحاسوب يجب ان تنتظروني حتى احضر بنفسي ال تلمسوه وال تدخلوا الى تلك
اللعبة اللعينة فربما يقع احدكم فريسة لها
أومأ الكل ايجابا و نهضوا ليرجعوا الى بستان العمة أنيسة
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في بيت الجد محمد يجتمع األهل حول الموقد في غرفة المعيشة و يتبادلون أطراف
الحديث ،كانت بينهم شيماء جالسة ترقب اللهب المناثر من المدفئة وهي تقول في
نفسها "،اذا ما كنت أحاول اكتشافه كان صحيحا أخي وسيم على قيد الحياة كما
توقعت "تنهدت و قامت من مكانها و استأذنت الجميع وذهبت لغرفتها لتنام ،لحقها
سامر الى الغرفة و طلب منها ان يتحدثا
قال سامر متأسفا
_انا آسف ألنني رفعت صوتي عليك صباحا
نظرت له بحنان و ابتسمت وقالت
_عادي ،لما تتأسف ،فأنا أعرف انك كنت مصدوما
سألها مستغربا
_هل تصدقينهم ؟
جلست هي على السرير و اخرجت ورقة من محفظتها و اعطتها اياه
قال متعجبا
_ماذا يوجد في هذا ؟
طابت منه ان يقرأها وكان كاآلتي
""""""اخي سامر اختي شيماء ابي امي انا وسيم لم امت مثلما تعتقدون انا على قيد
الحياة انا فقط في عالم بعيد جدا ،انا محبوس بين عالمين ،ال اعرف كيف اخرج ال
احد يراني برغم انني ارا الكل ،ال تحزنوا سأكون بجانبكم دائما ،أحبكم ال تنسوني و
تذكروا انني حي أرزق و لكن في مكان ما ادعوا لي هللا كي ينجيني مما أنا فيه
""""
وقف سامرا مصدوما مما قرأ فقال بلهفة :
_اين وجدت هذه الورقة
قالت شيماء منذ عامين وجدت هذه الورقة بين شقوق الجدار الخارجي لبيتنا
،صدمت وقتها وكنت ال اصدق و ظننت ان احد ما يلعب معنا لعبة قذرة لذلك
فضلت ربط االمور لوحدي وخبئت الورقة الى ان تظهر الحقيقة
نظر سامر و قد اعتلت الدهشة وجهه
_اذا كالم رامي والبقية كان صحيحا ،و هذا يعني ان وسيم كان هناك ايضا وكان
..
قطعته شيماء نعم لقد كان هناك و شاهدنا و اكيد شاهدك وانت تغادر و هللا عليم كم
آلمه هذا الموقف لكنني عرفت الحقيقة وقتها و وافقت على طلب رامي كي يشعر
وسيم بالفرح واألمل
وقف سامر وقال بعزم
_سنذهب غدا ونقيم عندهم الى ان ننقذ أخي ،لكن هذا سيبقى سرنا ال نخبر احدا ال
ابي وال امي وال جدي وال جدتي ،سنخبرهم اننا سنقضي بعض الوقت عند اصدقائنا
و اعرف انهم لن يعارضوننا
أومأت شيماء براسها موافقة ثم قالت له
_أخي عليك االعتذار لتلك الفتاة
انتبه سامر لما تقوله اخته و قد عرف فورا من تقصد فقال بغضب
_لن اعتذر ،وان تطلب االمر فهي من يجب عليها االعتذار ،من هي حتى تنعتني
بتلك االفاظ
كتمت شيماء ضحكة خفيفة ثم قالت
_اذا سنشهد صراعات كثيرة في بيت العمة أنيسة هههههه
نظر لها سامر بغيظ و قال
_ سأكسر لها راسها ان تكلمت معي بتلك الطريقة ،هي ال تعرف من أنا ،سأربيها ان
لم تجد من يربيها
سكتت شيماء و استغربت من غضبه بتلك الطريقة ثم ذهب كل منها للنوم
ال يعرف سامر شخصية سلمى فهي فتاة مشاكسة حتى في اكثر المواضيع جدية
،تطلق األلقاب على كل من هب و دب ،تسخر من كل شخص راته حتى لو اول
مرة ،ليس لقلة تربيتها بل تلك هي طبيعتها لكن قلبها ابسض ناصع مثل الثلج تحب
فعل الخير ،صحيح انها ال تبدي مافي قلبها للجميع و كتومة خاصة عن مشاكلها
الخاصة وهذا ماجعلها تتصرف تلك الطريقة كي تخفي كل تلك االحزان في قلبها
ليظن كل من رآها انها فتاة قوية ال تحزن ابدا ،تبلغ سلمى من العمر اثنان
وعشرون سنة و تدرس في كلية الحقوق ،شخصيتها تمكنها من امتهان المحاماة
بشكل ممتاز ،لم تكن يوما سهلة الخداع او غبية او ساذجة ،لم يكن لها صديقة و بل
كانت كل الفتيات يحبنها و يفضلنها لكونها مرحة و تمزح بإستمرار ،هذه هي سلمى
ذات العيون الخضراء و البشرة السمراء مما زاد جمالها سحرا و جاذبية
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
رجع وسيم الى قبيلة الجن فأقبلوا عليه يحيونه و يسألونه اخبرهم بكل جديد فعبست
وجوههم و طمئنه زعيم القبيلة ان ال يحزن فإن هللا معه
رغم اليأس الذي يتغلل داخل القلب اال أننا نتمسك بأي خيط أمل مهما كل رفيعا
أسدل الليل شعره األسود و غطى به كل بقعة في األرض ومع غياب القمر و اختفاء
النجوم كانت ليلة حالكة ،ظل وسيم يتذكر مشهد أخيه وهو يرحل غير مصدق لما
يقولون ،و كم أسعده موقف اخته التي صدقت ،تذكر انه دس تلك الورقة في الجدار
ثم رجع ليجد انها اختفت و قد اعتقد انها سقطت وضاعت ،احس بضيق في صدره
و ظل يتقلب و لم يزره النوم ،كل األفكار مختلطة في رأسه من جهة الحاسوب
خطير على الكل و من جهة أمير مفقود و من جهة اخرى شهد التي يترصدها الجن
،عليه حمايتها ،فجأة سمع خشخشة على الحشائش ثم بالكاد حتى رأى شيئ ما
يتحرك في الظالم بسرعة ،وقف متأهبا و أخذ يرجع للوراء ثم صاح قائال :
_موراي ،انا عرفتك ايها الشقي اخرج
( معنى االسم موراي
اسم أيرلندي يطلق على الذكور ويعني البحّار أو االستيطان في البحر ،وهو من
أسماء األوالد المنتشرة في بعض الدول الغربية).
قهقه هذا االخيربصوته الرقيق الممزوج ببحة و خرج من بين الحشائش مسخ
صغير كانه قزم من فيلم فلة و األقزام السبع ،له اذنان طويلتان و يدان بطوله
وضخمتان وانف كبير مقوس كأنف صقر و عينين براقتين كعيون النسر نظر الى
وسيم و اقترب منه و قال :
_اهال اهال بوسيم اشتقنا لك يا صديقي
ابتسم وسيم وقال :
_و انا اشتقت لك ايها المسخ ،واطلق ضحكت طويلة
اردف موراي قائال بحزن :
_لم ترجع الى طبيعتك كنت اتمنى ان ترجع كما كنت
(موراي هو جني من قبيلة الجن الكافر لكنه ليس كافر ،فهو مسلم و يعيش بينهم
يخفي اسالمه كانه يعمل جاسوس للجن المسلم ،التقى به وسيم خالل فترة وجوده
عند قبيلة الجن الكافر ،واصبح صديقه وكان له يد في تحريره من سجنه )
سأله وسيم بحيرة:
_كيف جئت الى هنا ؟ و لماذا جئت ،انه خطر عليك
قال موراي
_انا احمل لك خبرا مهما واال لما خاطرت
سكت قليال ثم قال :
_ذلك اللعين انه محبوس عندهم
استغرب وسيم طلب منه ان يوضح اكثر فأكمل موراي قائال :
_أمير من غيره لقد احتجزه الجن الكافر
تفاجا وسيم مما سمعه و لم يعرف ماعليه فعله قاطع شروده موراي مودعا اياه قائال
:
_ الوداع يا صديقي ربما هذه اخر مرة نرى فيها بعضنا فانت سترجع الى طبيعتك و
انا سابقى جاسوسا
نظر وسيم له بذهول و صدمة و ودعه و ذهب يجري الى زعيم و اخبره بهذا الخبر
الزعيم :و ما العمل اآلن ،االنسان الوحيد الذي يعرف السر محتجز
نظر وسيم له في عزم و قال :سنحرره كما حررتموني
...................................................................
انتشر الظالم في ذلك البستان االخضر ووقد سكنت كل كائنات النهار و خرجت
حشرات اللليل في مهرجان تطرب أحلى األلحان لتترقص على نغمها أغصان
الشجر الخفيفة التي تحملها نسمات الرياح فتتمايل في ترنم وها قد غاب القمر في
تلك الليلة مما عكس بهجة السماء و قد بانت كئيبة منطفئة و رحلت النجوم حدادا
على غياب القمر و غرقت األرض في سواد تظنه لوهلة انه ال ينتهي ،
خلد الجميع للنوم ،فمنهم من حارب أفكاره حتى تعب و استسلم للنعاس و منهم من
كان يحلم و منهم بقي مستيقظ يصارع حقائق الدهر ،ومنهم من ظل يعاتب نفسه و
يقاتل فضوله و يأنبه ضميره و منهم من كان يقيم الليل بصالته و ذكر هللا و ما
أروع األخي ر الذي عرف قيمة الليل و عرف سر الليل و عرف كيف يجد مخرجا
من كل تلك المآزق فلجأ الى هللا
""“لم يكن األمر عاديًا كما تظن ..إنه أصبح عاديًا بعد ألف معركة في عقلي وألف
كسر في قلبي ،وكنت دو ًما أردد ال بأس ،بينما ك ّل البأس هنا في قلبي”.
ٍ
كانت شهد تتقلب في فراشها تحاول النوم لكنها لم تحصل عليه ،قامت من فراشها و
قررت أن تصلي قيام اللليل و تدعوا هللا ان يخرج وسيم من هذا المأزق الصعب
،بعد لحظات كانت قد أكملت صالتها اخذت تقرأ بعض األيات و تدعوا ،فجاة
سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتها ،كان الهدوء يسيطر على البيت لذلك كان
الطرق الخفيف مسموعا لها ،نهضت بفزغ و هي تقترب الى الباب ،وضعت يدها
على المفتاح و هي تحاول ان تسمع اي حركة ،فأتاها صوت وسيم على الجهة
االخرى قائال :
_شهد انا وسيم افتحب الباب
تنهدت شهد بإرتياح و فتحت الباب برفق فظهر لها وسيم بإبتسامته الرائعة التي
توحي بالحب و اآلمان ،ابتسمت له شهد فور ان رأته و دعته للدخول للغرفة ،جلسا
على اريكة و قد بدا في جعبة وسيم الكثير من الكالم سألته شهد قائلة :
_ارى ان لديك ما تقوله ،مالذي اكتشفته ؟
فأجابها
_نعم ،أتاني خبر عن أمير انه محبوس عند الجن الكافر
شهقت شهد ووضعت يديها على فمها ثم قالت بحزن
_انه األمل الوحيد في ارجاعك بشرا ،ان قتله الجن سيكون االمر صعبا
رد وسبما بإحباط
_ .بل سيكون األمر مستحيال
تكلمت شهد قائلة
_,ال شيئ مستحيل مع هللا ،انا قلت صعبا فقط و لكن ال يوجد شيئ اسمه مستحيل
،تمسك باهلل يا وسيم و هللا لن تضيع تنهدت شهد واردفت قائلة:
ي ليالي كنت أشهق فيها من كثرة البكاء ،راودتني أفكار ُمفزعة ،هجرني مرت عل َّ
" َّ
النوم ،أكل ال ُحزن قلبي في صمت ،ضاقت األيام بي ذرعًا ومن ثقلها ظننت أنها
ستودي بي؛ لكن ثمة شيء بداخلي كان ُمطمئن ،كان يثق أنها ست ُم ّر دون ضرر أو
الحطام ..اليوم؛ وبيقين ناسك ُمتع ِبدضرار ،يثق أن رحمة هللا أوسع من كل هذا ِ
حزن
ٍ تعلّق باهلل" ..فالحمد هلل على
أقول "وهللا لن تخذلك الدنيا وبين ضلوعك قلب ُم ِ
يؤلم القلب لكنه يوقظُه ،الحمد هلل الذي يُعاملنا برحمته وليس بذنوبنا ،يغفر لنا وإن
كنا ال نستحق ،يرحمنا ونحن من ظلمنا أنفسنا ..الحمد هلل الذي يخشى علينا من ظُلم
أنفسنا؛ فيؤ ّدِبنا باإلبتالء.
اطمئن وسيم لكالمها و قد أطال النظر الى عينيها وكانت هي األخرى تنظر الى
عينيه المتوهجتين وقبل ان يتكرر ذلك المشهد سألت شهد وسيم وهي تحدق داخل
عينيه بتواهان
_لماذا أرى أنني اسقط داخل عينيك كلما نظرت لهما ؟ ثم تابعت بهيام:
_انهما أروع عيون أراها و اغربها كأنهما بحر من عسل
ابتسم وسيم و كان ينظر لها بحب و فرح لما قالته فقال :
_هل اعتبر كالمك هذا غزال
افاقت شهد من توهانه و قد احمرت وجنتيها خجال ،ثم قامت من مكانها و وجهت
حديثها لوسبم
_ال ليس كما تظن ،لكنني عندما انظر لك يتكرر ذلك المشهد وال اعرف لما
ضحك وسيم على خجلها ووقد اعجبه ذلك رد عليها قائال
_انا ايضا يحدث معي ذلك لكنني ال أعرف كيف يحدث
استدارت شهد له بتعجب و قالت
_هل ترى نفسك تغوص في عيناي
فرد قائال
_بل ارى انني اعانقهما من شدة جمالهما
انفجر االحمر يمتأل وجنتا شهد خحال ،ارتعشت يديها و اصابها التوتر فقالت
_عليك ان تخرج من الغرفة سيراك رامي و قد يسيئ الفهم
تنحنح وسيم و قام من مكانه و قد هم بالخروج لكن شهد اوقفته قائلة
_وسيم مهال لحظة
استدار وسيم فأردفت :
_كنت تريد اخباري شيئ صباحا ،مالموضوع؟
تسارعت دقات قلب وسيم و قد اضطرب تنفسه ثم قال بحزن
_ال شيئ مهم يا شهد
اطرقت شهد رأسها وقد شعرت انها أحزنته عندما طلبت منه الخروج من الغرفة
فربما هو كان يحتاج الن يحكي همه او يشتكي حزنه او انه كان وحيدا و يحتاج
انيسا وماذا فعلت هي طردته !
خرج وسيم و توجه الى الخارج ،كان الليل في وسطه ال يزال الظالم يغزو األرجاء
توجه وسيم الى شجرة و جلس تحتها و اتكأ على الحشائش ،ثم سمع خشخشت
مجهولة المصدر وقف متأهبا يبحث عن مصدر الصوت ،ظل يلتفت يمينا شماال
بينما الصوت ينتقل من مكان آلخر ،احس ان هناك شيئ ماء يجري او ربما يقفز ثم
بووووووو ههههههه كانت تلك شهد تحاول اخافت وسيم ،كانت تحاول كتم
ضحكاتها في في الليل و قد يسمعها من فى البيت أما وسيم فكان مذعورا وألول
مرة يخاف فيها
جلس على العشب و هو يضحك و يعاتب شهد على هذا الفعل فقالت له بسخرية
غير مقصودة :
_نصف جن و تخاف يا إالهي كان منظرك مضحكا جدا ،هل انت جبان يا وسيم لم
اتوقع ذلك ههههههه
اكتسى وجه وسيم بحمرة الخجل و سرعان ما غاب ذلك االحمر ليتحول الى أسود و
قد توجهت عيناه و بلون براق وونظر الى شهد التي توقفت عن الضحك فور ان
رات وجه وسيم وهو يتحول الى وجها مخيف لم تعهده من قبل ،تسمرت في مكانها
و تسارعت دقات قلبها ،امسك وسيم وجهها بيده و اعتصره بقبصته بقوة آالمتها
كثيرا ثم قال :
_ال تستغلي طيبتي يا فتاة ،ال اريد التحول الى وحش ،ان كررتي فعلتك هذه سأقتلع
عيونك
اصابت شهد .هستيريا بكاء و لم تستطع الصراغ ،اما وسيم فأفلت يده من وجهها و
راح يستغفر عن ما فعله فقد تغلب عليه الغضب لدرجة ان يؤذي قطعة من روحه
ظل يستغفر و قد ابتعد عن تلك الشجرة لحظات ثم عاد ليجدها قد اغمي عليها
،انخلع قلبه لما رآها بتلك الحالة ،ندم كثيرا لما فعله
انه ليس هو ليس هو من آلمها ،انه الغضب ،يجب ان يسيطر على غضبه .وكيف له
ان يسيطر عليه وهو غضب جني و ليس بشري و ان عضب الجن سيفتك بمن
غضب عليه ،لديه صفات الجن و هي خطيرة جدا ،قرر وسبم االبتعاد عن شهد
،فهو ان كان يحبها فلن يقبل ان يحبها بطريقة الجن ،فالجن العاشق يعذب معشوقه
ويتلذذ بتعذيبه وألمه و ال يريد وسيم ان يحب بهذه الطريقة سيجد حال و يخرج من
مأزقه سيعود بشرا و سبحبها فوق الحب حبا ،فقد قرر اآلن اإلبتعاد عنها ،افاقت
شهد لتجد وسبم
يقف امامها ،هبت واقفة وفزعة منه ،اثر هذا على قلبه فقال لها :
_ال تخافي انا معك
تكلمت هي بخوف و فزع الول مرة منه
_أنت ،،اننننت،انت شرير
وانفحرت في البكاء ،كان بود وسيم ان يحتضنها و يضمها الى صدره و يمسح
دموعها فقط ليشعرها باألمان لكنه ال يستطيع ال تحل له و هو يريد الحالل ابتعد
وسيم خطوتين و قال :
_شهد سأغيب فترة عنكم ،يجب ان ابتعد ،سأذهب لقبيلة الجن الكافر ألحرر أمير
عله يساعدني
سكت قليال ثم قال بحزن :
_ سامحيني على ما فعلته قبل قليل ،اقسم انه لم اكن أنا ،لدي صفات من الجن ،لم
اكن يوما قاسي على من أحب
دق قلب شهد بشدة كاد قلبها ان يخرج من أضلعها ،ثم تابع وسيم قائال :
_اخبري رامي اال يعبث بالحاسوب حتى اعود مع أمير ،ان لم أعد ،اخبريه ان
يبحث عن ملف اسمه لعنة الفضول يجب ان يمسحه و يكسر الحاسوب ،لكني لن
اعود لألبد حينها
وضعت شهد يدها على قلبها و هي تسمع لما يقوله وسيم وكانت الدموع تنهمر
كالغيث ،بعث ضوء الفجر و تنفس الصبح معلنا عن نهار طويل ،حلقت الطيور
باحثتة عن رزقها و غردت العصافير بتحبة الص باح ،بانت معالم البستان و توضح
وجه وسيم وشهد لكالهما اردف وسيم قائال :
_ ال تخافي يا شهد فأنا معك ،حتى لو لم أعد فأنا معك بقلبي .لن أنسى مساعدتك لي
،لقد كنت حقا حلقة نجاة لي ،قد ينتهي دورك في المساعدة وقد يكون لك دورا آخر
لكنني سأبتعد عنك لسبب واحد
هنا خرج صوت شهد مبحوحا بسبب البكاء فقالت:
_ماهو السبب؟
اغمض عينيه و فتحهما ثم استندد على الشجرة .وقال :
_أنا ،أحبك
* اقتباس
**"اكتشفت أنني حين أُحب أحد؛ أعطيه كل شيء حرفيًا ،كل مجهودي وكل طاقتي
أحب بطريقة مختلفة نوعًا ما ،طريقة تتميز بالعطاء ،أنا أُحبك! إذًا
ُ وكل وقتي ،فأنا
سأعطيك حب واهتمام ومجهود وطاقة وكل شيء ،سأسهر معك يو ًما كا ًمال فقط لكي
يوم تحتاج فيه إلى األمان،أُخبرك كم أنك شخص مميز ورائع ،أو لكي أُطمئنك في ٍ
مشوار مهم لك حتى وإن كنت مريضًا فقط لكي أكون معك في أهم
ٍ سأذهب معك في
ت حياتك ،وفي المقابل ال أريد شيء سوى أنني ال أندم على إختياري لك**
لحظا ِ
في صيف عام 2019قررت عائلتي اإلنتقال الى بيت جديد يكون واسعا و به غرف
كثيرة نظرا لكثرة أفراد عائلتي التي تتكون من األب و األم و توأمين بنات في
السادس عشر من عمرهما تدعى االولى بيان و االخرى ميسان و ولد في الحادي
عشر من عمره يدعى يوسف و ولد آخر في السابعة من عمره يدعى نضال و االبنة
الصغيرة التي لم تتجاوز سبعة أشهر من والدتها التي تدعى ميار و طبعا أنا هي
البنت البكر لوالداي ابلغ من العمر اثنان وعشرون سنة و إسمي سندس ،انها عائلة
كبيرة أليس كذلك !؟ نعم هي كذلك ،المهم و األهم إشترى والدي قطعة أرض في
قرية صغيرة و بنى لنا ذلك البيت الكبير الرائع الذي يسع لنا جميعا حيث أصبح
لكل منا غرفة مستقلة
الكثير من الفضول يساوي الكثير من المخاطر
في إحدى ليالي الشتاء الباردة ،قرر أبي و أمي الذهاب الى بيت جدي و قضاء
عطلة نهاية االسبوع هناك و بما أن الوضع ال يستوجب ان نذهب كلنا فقد طلبت
مني أمي المكوث بالبيت واالعتناء بإخوتي حتى ترجع فتركتهم لي إال انها أخذت
ميار معها ألنها ال تزال رضيعة ،رحل والداي مساء ذلك اليوم و بقيت انا و يوسف
و نضال و ميسان و بيان في البيت ،و كغالبية ااالخوة تكلمنا عن أحاديث عشوائية
في الرياضة و السياسة والموضى و األزياء و الحب و الرقص و الرسم و غيرها
الى أن تطرقنا الى موضوع مخيف و هو الماورائيات و األمور الروحانية المخيفة
،فراح بعضنا يكذب بعض األقاويل و ال يصدقها والبعض االخر يقر بوجودها
وحدوثها أما أنا فقد أشعلت فيهم نار الفضول و أخبرتهم عن لعبة قديمة تستحضر
بها الجن كنت طبعا أمزح واعرف انها لن تجدي نفعا .وال تصلح لكن اخوتي صدقو
كالمي و أصروا ان نلعبها ،كان فضولهم يفوق فضولي بدرجات فما كان عليا اال
ان اقبل
أخذت أعلمهم طريقتها ،حيث أحضرت بيان لوحة خشبية و كتبت ميسان عليها
الحروف واألرقام و كلمة نعم وال ،أطفأ يوسف األضواء وحرس على أن تكون
االنارة خافتة أحضر نضال شمعتان ووضعهما فوق الطاولة ،امسكت فنجان صغير
ووضعته فوق اللوحة ،استدرنا حول اللوحة بشكل دائري طلبت منهم ان يضعوا
أيديهم فوق سطح الفنجان المقلوب و طلبت منهم ان يكرروا ما أقول أومؤو لي
بالموافقة و جعلت أقول ( ايتها الروح ،أيتها الروح ،تحرري و اخرجي هل انت هنا
؟ هل تسمعيني ايتها الروح ايتها الروح إظهري في الهواء لكي نراك هل أنت هنا
؟؟) كررنا هذا الكالم خمسة مرات الى عشرة الى عشرون لكن دون جدوى ضحك
يوسف بشدة واخبرنا ان هذه اللعبة غبية و ال يوجد فائدة منها ،لكن نضال أصر
علىأن نعيد ونجرب ربما تحدث امور تسلينا أكثر فالمزيد .من الفضل يعني المزيد
من المغامرات ،ميسان و بيان كانتا تودان ايضا ان نلعب بشكل جديا اكثر وان ال
نضحك و نسخر ،فأعدنا األمر و هذه المرة بكل ثقة و ثبات و أطلقنا العنان للخيال
والطاقة لتتسرب من األعماق ،اغمضنا أعيننا و بدأنا بتكرار الكلمات ثم ساد
الصمت ،اي صمت انه صمت رهيب .لما فتحنا أعيننا كان هناك دخان كثيف في
كل مكان ظننت انني اتخيل لكن نضال أثبت انه حقيقة لما بدأ بفرك عينيه وهو يقول
انه يرى ضباب ارتعبنا من هذا المنظر اخبرتنا بيان انه ربما يأتي من المطبخ ربما
شيئ ما يحترق رد عليها يوسف بأنه ال توجد رائحة حريق نهضت من مكاني
بسرعة و اشعلت الضوء لكن لم تشتغل األضواء هل قطعت الكهرباء !؟؟؟ التصق
نضال بميسان خائفا و صارت بيان تبكي من خوفها فهي حساسة جدا ،طمأنها
يوسف بانه ال داعي للخوف أما انا وقفت مصدومة بالا حراك ال اصدق ما كنت
أراه كان هناك في زاوية الصالون ذلك الشيئ الغريب بعيونه الحمراء التي تظهر
تحت مالبسه السوداء وكان يحمل في يده كتاب أحمر كان يقف أمام الباب ثم بدأ
بالتقدم نحونا لم استطع التفوه بالكالم لم يكن اخوتي ينظرون الى الجهة التي انظر
اليها فقط انا من كنت أالحظه و عجز لساني عن الكالم الحظ يوسف توقف عيني
عن الرمش امسكني من يدي فوجدها باردة تكاد تتجمد ،أصبحت أطرافي ترتجف
فبدأ يوسف يسألني عن حالي و اخيرا تحرك لساني كنت اقول بإرتجاف اننننهه
ييتتقدددمم نننننحونا بقي يوسف يشد على يدي ثم نظر لحيث أنظر فصرخ صرخة
مدوية حتى اغمي عليه ثم قام البقيةةمفزوعين وتعالت أصوات صراخهم ثم اغمي
عليهم بقيت انا اتنفس بصعوبة و ذلك الدخان يخنقني تقدم مني ذلك الشيئ وكانت
رائحته كريهة جدا وقف امامي حتى خارت قوتي سقطت على ركبتي فانحنى
بجانبي و قال بصوت مخيف يشبه الفحيح :أنت من بدأت بهذا و سأحول حياتك الى
جحيم
كان هذا آخر ما سمعته وظله آخر ما رأيت حيث استيقظت فوجدت نفسي ملقاة على
األريكة و اخوتي و امي و ابي حولي
هممت بالنهوض و اذا بأمي تقول :أخير استيقضت ! ماذا فعلت بإخوتك ياسندس
ألم أوصيك عليهم ،،كنت أغمض عيناي ثم افتحهما ألحاول التركيز ،نظرت الى
يوسف و كان وجهه شاحبا و عينيه تمتآلن بالدموع ،اما بيان و ميسان ينظران لي
بحزن و خوف إال نضال الذي كان شاردا و خال من تعابير الوجه وكأنه تمثال
،أخبرتني أمي أن نضال من اتصل بها و كان خائفا جدا يقول ان الجميع أغمي
عليهم لذلك جاءا بسرعة فوجدوا الكل قد أفاق من اغمائه اال أنا ،لكن نضال لم يخبر
أمي الحقيقة فقد اخبرها انه حدث تسرب غاز و فقدنا الوعي بسببه ،ففهمت لما كانت
امي تلومني ،هي حقا تقصد انني لم انتبه لتسرب الغاز ،اخذت نفسا عميقا ثم عانقت
أمي و بكيت بشدة وفي داخلي كنت خائفة جدا من أن يحدث أي أمر مرعب
لم أنم تلك الليلة وال الليلة التي بعدها ،،لم أنم لمدة اسبوع إال قليال و كأنها اصابتني
لعنة األرق ،تورمت جفوني و ظهر سواد تحت عيناي و ازددت نحافة مما كنت
عليه و فقدت شهيتي و لم أعد أقوى على النهوض من فراشي الشيئ الذي جعلني
مطمئنة هو أن إخوتي لم يحدث لهم ما حدث لي و كنت أنا فقط من أدفع ثمن غلطتي
و كنت أستحق هذا العذاب ،أبي و أمي يظنان انني مريضة بمرض خطير أخذني
أبي الى أطباء كثييرين لكن كل شيئ على ما يرام أكثر شيئ كان يكرر ألبي هو (
إبنتك تعاني من مرض نفسي يجب أخذها الى مختص ) وقد أخذني أبي فورا
في اول يوم لي مع الطبيب لم أشأ أن اخبره شيئ لم أكن أقوى على شيئ ولم أكن
متأكدة من حالتي بسبب ما فعلته تلك الليلة و بدأت هواجس األمراض الخطيرة
تسيطر على دماغي ،بعد أيام من المحاوالت أخبرته بكل ما حدث تلك الليلة و
طلبت منه أال يخبر والداي بذلك ،فتفهمني و قال لي بأنه يحافظ على أسرار مرضاه
،نصحني عدة نصائح و أكد لي على قراءة سورة البقرة يوميا و المداومة على
األذكار بعد عدة أسابيع بدأت أتحسن ورجعت لي صحتي شيئ فشيئ و كما أنني لم
أهمل أي نصيحة من نصائحه حتى إخوتي فعلوا ما أفعله خوفا من أن يصيبهم ما
أصابني ألنهم كانوا جزءا منه بعد عامين من مجيئنا لبيتنا الجديد إستقرت حياتنا و
عشنا أوقات رائعة كما أنني نسيت ما حدث لي و جعلته ذكرى مؤلمة و أخذت عبرة
منها ،لكن فضولي هو سبب هالكي ....
أصبح لنا جيرانا لم تمضي على مجيئهم سوى بضعة أشهر و لحسن الحظ كان لهم
أوالد و بنات في سني او أقل ،وكان األكثر تقربا منا هو أسامة بنفس سني اي أربع
و عشرون سنة ذلك الشاب الذكي اللطيف ،يستطيع أن يجعلك تضحك طوال
الوقت ،تعجبني أفكاره الغريبة و نظرته للعالم المختلفة ،كان متميزا جدا عن باقي
أقرانه ،أو بمعنى آخر كان رجال منقرضا جدا في ذلك الوقت ،نظرا لشخصيته
القوية ،و تعامله الراقي ،و كالمه الذي يسحرك ،و كم المعلومات التي بحوزته،
كأنه موسوعة ،و فوق كل هذا كان وسيما ،من النادر جدا أن تجتمع الوسامة مع
الذكاء و األخالق و الثقافة و البراءة لكن أسامة إجتعمت فيه كل هذه الخصال
،تعرفت عليه عندما انتقل لقريتنا ،و كان بيتهم قريبا من بيتنا أكثر من البيوت
االخرى
توارت األيام و اصبح أسامة صديقا مقربا لي،كما تقرب يوسف من أسامة و نشأت
بينهما صداقة لطيفة .
لبيتنا حديقة واسعة و كنت أنا واخوتي دائما ما نجلس تحت شجرة من أشجار
الحديقة و نتبادل األحاديث أو نروي الحكايات ،بعد تكوين تلك الصداقة مع أسامة
فقد إنظم هو أيضا إلى فريقنا و أصبحت الحكايات لها ذوق خاص مع وجوده ،
أحاديثنا كانت ال تخلو من قصص الخيال و الرعب و األشباح ،ثم نادرا ما نغير
مجرى الحديث عن الدراسة أو العمل أو الحياة المستقبلية و في يوم ما كان الحديث
عن الحب ،الكل يصدق بوجوده إال أنا فكانت لي نظرة مخالفة تماما ،أخبرتهم ان
االنسان يتغير كثيرا بتغير الظروف و األماكن و أموره المعنوية ،فمن السهل أن
يقع في الحب و لكن من المستحيل أن يظل على عهده ،كل ما في األمر أن تلك
اللهفة و الشغف و تضارب دقات القلب و التوهان ليست إال البدايات فقط ثم يمحيها
اإلعتياد و يدمرها الفتور و يفسدها اإلهمال و تختفي المشاعر و يختفي معها كل
شيئ و تصيب نفسك باالكتئاب ،كانت وجهة نظر أسامة مخالفة جدا لما قلته أخبرنا
أن الحب هو الحياة من الرائع أن تجد إنسان يفعل المستحيل من أجلك يتغير ألجلك
و تعيش من أجله ،و أخبرنا أيضا أن اإلهتمام سيزيد من الحب ،ان كان الحب
متبادال سيكون األمر مدهشا ،الحب أخذ وعطاء ليس مصلحة ،توقف أسامة عن
الكالم عندما الحظ توتري فغير نضال مجرى الحديث لنرجع للرعب مجددا .
في مساء يوم الخميس وكالعادة ذهب والداي الى بيت جدي ،لكن هذه المرة ستطول
مدة بقائهما هناك ،نظرا لمرض جدتي ،كانت االمتحانات على األبواب لذا كان يجب
علينا البقاء في المنزل للمذاكرة و لكي اهتم بأخوتي .واذاكر لهم ،لكن كل شيئ
انقلب رأسا على عقب و سارت الرياح بما ال تشتهي السفن ،بعد ذهاب والداي
،سمعنا الباب يدق بسرعة كبيرة ذهب يوسف لفتحه فوجده أسامة كان يحمل في يده
كتبا كثيرة تبدو غريبة و قديمة ،تقدم خطوتين لتسقط من بين يده كل تلك الكتب ،
وتناثرت على األرضية ،نهضت بسرعة و حملت الكتب و وضعتها فوق
الطاولة ،لم يكن أسامة على ما يرام كان يرتجف بشدة ،و لم يكن سبب
ارتجافه من البرد ،نظرت لوجهه ألراه شاحبا و عينيه ترمشان كثيرا يبدو ان االمر
خطير ،أمسك يوسف بيد أسامة و أجلسه على األريكة و اجتمعنا حوله و لنعرف ما
أصابه ،أخذ أسامة نفسا عميقا و بدأ يخبرنا بما حدث
( البارحة قمت بدعوة صديق لي للغداء في بيتي كان كل شي على ما يرام ضحكنا
و استمتعنا كثيرا تحدثنا عن أمور كثيرة ،عن أحالمنا طموحاتنا ،عن الحياة و عن
الموت ،و قد جرنا الحديث الى الكتب فأخبرني انه يحب الكتب القديمة التي تتحدث
عن األمور الغامضة التي حدثت في أزمان بعيدة ،لم أبالي لما يقول ألنني كنت ال
أصدق هذه التراهات فجأة أخرج هذه الكتب من حقيبته وقال لي بأنها قديمة جدا و
تحتوي على أمور و معلومات غريبة طلبت منه أن يعيدها و أن ال يتورط في
قراءتها فربما تحتوي على سحر أو ما شابه ،لكنه أصر على أن نقرأها ،فأخذنا
نقرأ منها ،كانت عبارة عن معلومات تخص الحضارات القديمة ،اغلبها عن
الفراعنة او الكهنة او السحر و ماشابه ،لم ننتبه للوقت الذي مر جمع صديقي كتبه و
قرر المغادرة ،بعد مغادرته بساعة كنت أصعد الى غرفتي ألتفاجأ بتلك الكتب فوق
سريري ،كنت متأكدا أنه جمعها و أخذها لكن مالذي تفعل هذه الكتب هنا ،فجأة هبت
رياح قوية فُتحت النافذة و انغلق باب الغرفة بشدة ،أفزعني االمر في البداية ثم
هدأت ،أقنعت نفسي بأن صديقي نسي كتبه و إال من أين ستأتي ،حملتها و وضعتها
على مكتبي و قررت ان أرسلها غدا لصديقي ،جاء الليل وعم السكون ،إنقطعت
الكهرباء و لسوء الحظ لم يكن أحد في البيت ،فجأة رأيت ضوء احمر ينبع من ناحية
مكتبي ،بعد التحديق بشكل مستمر عرفت انه يخرج من تلك الكتب نهضت مفزوعا
ألرى ،فرأيت كتابا أحمرا يتوهج ثم خرج منه دخان كثيف فتشكل على شكل كائن
غريب ،كان األمر مرعبا لدرجة أنني لم أستطع التنفس بشكل منتظم ،نظر اليا و
قال لي بصوت خشن ومقزز *خذ هذه الكتب الى البيت الذي بجاوركم *ثم سكت
قليال وواردف يقول * ،خذ الكتب ،حررني ،و إال ستنال عقابك سأحول حياتك الى
جحيم *،لم استطع النطق بأي كلمة بقيت انظر اليه و لست أصدق ما أراه اختفى
الضوء شيي فشيئ و اختفى معه ذلك الكائن ،وعاد الظالم الى الغرفة ،ظننت لوهلة
انني كنت أحلم أو أتخيل فقط ،لكن كل شيئ كان حقيقي ،بقيت كلماته تتردد في
ذهني و قلت في نفسي ( المنزل الذي بجوارنا هو منزلكم لماذا طلب مني احضار
الكتب اليكم )لذلك حملت الكتب توجهت الى بيتكم لعلكم توضحون لي مالذي
يحصل )
أكمل أسامة حديثه و أطبق علينا صمت رهيب ،تذكرت تلك الليلة لكن ما عالقتها
بالكتب و صديق أسامة ،ما عالقة ما حدث قبل عامين بما يحدث اآلن !؟ كنت أرتب
أفكاري و أعيد تذكر األحداث ،استرجعت شيئ مشابها لما حصل ،انه نفس الكالم
الذي وجهه لي ذلك الكائن (سأحول حياتك الى جحيم ) و الكائن الذي ظهر من
الكتب قال نفس الكالم ألسامة ،قطع يوسف دائرة الصمت و وجه كالمه الى أسامة
،و سأله ان كان قد اتصل بصديقه أم ال ،فأخبره أسامة انه لم ينتبه لذلك ،فمن هول
ما رآه حمل الكتب وجاء فورا الى بيتنا ،كانت الساعة الحادية عشر قبل منتصف
الليل ،طلبت من أسامة أن يتصل بصديقه و يسأله عن الكتب ،ان كان أخذها معه ام
خيل لك بأنه أخذها ،وافق فورا و أخذ هاتفه و قام باالتصال ،
بعد لحظات انتهى االتصال و الدهشة تسيطر على وجوهنا حيث اخبره صديقه أنه
لم يأتي من األساس الى بيت أسامة ،و لم يعرض عليه فكرة الغذاء ،و لم يلتقي به
منذ األسبوع الماضي ،كما أنه اندهش من أمر الكتب ألنه ال يملك كتبا كتلك ،إذا
لمن هذه الكتب و مالذي تفعله في غرفتك و من أحضرها و كيف حصل ذلك و من
يكون ذلك الشخص الذي يشبه صديقك ،كل هذه األسئلة كانت تدور في رأس كل
واحد منا ،هنا تكلم نضال موجها كالمه لي و قال لي متذكرا تلك الليلة *علينا أن
نخبر أسامة عن تلك الليلة ربما األمر متعلقا بها * لم أرد عليه لكن أسامة تسائل عن
تلك الليلة وما حدث فيها ،أخبرته ميسان بالقصة كلها و بدأ الكل يربط األحداث (،
جحيم ،،حررني ،كتب ،كتاب أحمر ،انتقام ).....أفقت من التفكير و قد عزمت على
شيئ ،أخبرتهم انه يجب أن نعيد ما فعلناه و نحرره مرة اخرى لنرى مالذي يريده
،نظر الجميع بذهول و كأن األمر لم يعجبهم و لن يوافقوا عليه أخبرتهم انها الطريقة
الوحيدة للتخلص من هذا األمر ،لكنهم رفضوا رفضا قاطعا ،فجأة نظرنا الى نضال
الذي كان يرتجف بشدة و يضع يديه على وجهه و قد تعالت شهقاته ثم أجهش
بالبكاء ،اقتربت منه و إحتضنته ثم طلبت منه أن يهدأ ليس هناك داع للخوف نحن
مع بعض و لن ندع مكروها يصيبنا لكن نضال كان في جعبته الكثير من الكالم
،كان يريد أن يخبرنا بشيئ و طلب منا أن ننصت له بإهتمام ،تبادلنا جميعا نظرات
الحيرة و قد واقفنا على تحدثه فأخذ نضال يروي لنا احداثا قد أخفاها عنا لمدة عامين
فقال :
( أذكر جيدا تلك الليلة المشؤومة حين لعبنا تلك اللعبة الغبية التي غيرت حياتي
،أعرف انكم لم تنتبهوا ألنني كنت حريصا جدا على هذا األمر ،عندما أغمي علينا
،كنت أنا أول من استيقظ وجدت ذلك الضباب يغزو المكان و قد كان كثيفا جدا
،أخذت اوقظكم واحد واحدا لكن كنتم كاألموات ،مما زاد في قلبي الرعب و الرهبة
،أردت أن أشعل االنوار لكنها لم تشتغل بحثت عن هاتف من هواتفنا فوجدت هاتف
بيان لكنه كان مطفيا حاولت تشغيله لكنه لم يشتغل أبدا ،نظرت الى ساعة الحائط
فكانت متوقفة عن العمل و توقفت على منتصف الليل ، 00:00فجأة و انا امشي
لمحة كتابا ملقى على األرض و كان لونه أحمرا حملته و هممت بفتح صفحاته لكنه
طار في الهواء انصدمت لما يحصل و سقطت أرضا على ظهري و بقيت مستلقيا
على األرض و أنا أنظر لذلك الكتاب الطائر ،أغمضت عيناي و ظننت أنني أحلم و
ياليتني كنت أحلم لما فتحت عيناي ظهر لي كائن غريب مثل ما ظهر ألسامة ،و
كان على وشك أن يقترب مني لم أعرف كيف فعلتها و كأن قوة عظيمة دخلت الى
جسدي حملت هاتف بيان و بكل قوة رميته على الكتاب سقط الكتاب في األرض
مفتوحا و بالخطأ مزقت منه ورقة فصار ذلك الكائن كالدخان ثم دخل في وسط
الكتاب وكأنه غرق فيه ،لما رأيت ذلك أسرعت و أغلقته ،فإختفى الضباب األبيض
و عادت الساعة للعمل و رأيت الوقت حينها الرابعة صباحا ،وعادت األنوار تشتغل
حملت ذلك الكتاب و لففت حوله شريط الصقا و احكمت اغالقه بحبل كنت قد بحثت
عنه في المطبخ أما الورقة الممزقة اغرقتها في حوض الماء و تركتها تتسرب الى
المجاري و أخذت الكتاب الى القبو و خبأته في صندوق لن يستطيع احد ان يجده
،،ثم رجعت الى حيث أنتم فوجدت بيان و ميسان قد استيقظتا و يوسف يحرك رأسه
أما انت يا سندس فلم تستيقظي الى أن اتصلت بوالداي و حضرا على الفور و
أخبرتهم ان الغاز من خنقنا ولكن سترنا هللا )
توقف نضال عن الكالم و قد توضحت لنا أمور كثيرة ،أخبرنا أسامة أننا بتلك
اللعبة استدعينا روحا لكن خطأ نضال جعله يعلق في ذلك الكتاب حيث مزق ورقة
كان يجب أن ال تتلف ،لكن السؤال المطروح كيف أُحضرت تلك الكتب الى بيتي و
من بينها الكتاب األحمر ؟؟!! ،األمر يحتاج الى تفكير عميق ان حررناه مرة اخرى
لن نكون واثقين من انه سيؤذينا و إن لم نحرره سيتسلط علينا الجن انتقام له
،تململت بيان من تعبت من التفكير ربط االحداث فصعدت الى غرفتها و لحقتها
ميسان هي االخرى كيفا ال وهما توأمتان ،اتكأ نضال على األريكة و نام فورا أما
يوسف فقد ذهب الى المطبخ يقول بأنه قد جاع ،بقيت مع أسامة نفكر في حل
يخرجنا من هذا الوضع ،حيث سألني عن مكان القبو ،عرفت ما يفكر به فأخبرته انه
يجب أن نعيد اللعبة و ليس الكتاب ألنه من الخطير ان نفتحه ،ان أعدنا .اللعبة
وحررناه منها سيكون األمر سهال وقد ال يؤدي الى االنتقام ،
*_أظن أننا أتعبناك معنا و انت ال دخل لك بما حدث و تسببنا لك بالمشاكل *
وجهت هذا الكالم ألسامة فقال لي
_*ال تخافي أنا معك و سنجد حال لهذا المأزق لن أدع شيئ يصيبنا *
كان لكالمه وقع خاص على قلبي ارتحت جدا و قد سار في داخلي شعور جميل
،أظن انه الحب ههههه الال فأنا ال أؤمن به ،كيف للحب أن يأتي في مثل هذه
الظروف المرعبة ،كان هو ينظر الى عينيا كأنه أحس بمثل ما أحس طالت نظراتنا
و كانت لحظات مليئة بالمشاعر التي أجهل مصدرها ،فجأة قطع يوسف تلك
اللحظات عندما دخل الى الصالون بفزع و خوف وصراخ ،نهضنا مسرعين نمسكه
من ذراعيه و نطلب منه التوضيح ،في نفس الوقت نزلت ميسان من غرفتها ووهي
تصرخ و تبكي و تخبرنا ان نصعد و هي تقول
*_ماتت مااتت ماتت لقد قتلت نفسها لقد اغرقت نفسها *
تركت كل شيئ وصعدت الى غرفة ميسان كنت أركض كالمجنونة و انا أنادي لبيان
و أصرخ و أبكي وال أعلم ماهية المنظر الذي سأجدها فيه ما إن فتحت باب الحمام
حتى وجدتها غارقة في حوض الماء و وجهها قد أصبح لونه أزرق لم تكن تتنفس
أصبت بنوبة من الصراخ ،اخرجتها من الماء ووضعتها على األرض واجتمع البقية
حولي والصراخ والبكاء يدوي المكان أخذت أضغط على صدرها كي يصعد الماء
من الرأتين و يخرج لكن لم تستجب ،فعلت كل االسعافات األولية للغرق لكن دون
جدوى قد غادرت الروح الى خالقها ،كان يوما مشؤوما جدا ال يمكنني وصفه إال أن
الحزن قد دخل لحياتنا منذ تلك اللحظة
حزن والداي لفقدهما فلذة أكبادهما ،أما ميسان دخلت في حالة من الصدمة لم تتكلم و
لم تتفوه بأي كلمة منذ أن ماتت توأمها لقد مر شهران عن الحادثة لم نستطع أن
ننساها ،غاب عنا أسامة لمدة تلك الشهرين ال أعرف أين هو اتصلت به و وجدت
هاتفه مغلق كما انه ليس في البيت ،رغم كل ما أصابنا اال أنني كنت أشتاق له كثيرا
و كأني فقدت جزأ من روحي ال أملك اي وسيلة للوصول له ،تحول الشوق الى
خوف ،خوف من أن يكون أصابه مكروه ما ،بعد ما استقر حالنا و تجاوزنا تلك
الصدمة و تقبلنا قضاء هللا و قدره ،ظهر لنا مرض ميسان هي الوحيدة التي لم
تتجاوز صدمتها ،بالطبع لن تتجاوز انها قطعة من روحها و فقدتها ثم شاء القدر أن
نفقدها بعد ان ادخلناها الى المستشفى و بقيت فيه مدة شهرين ،لم تكن تأكل و ال تنام
كانت معظم الوقت تشاهد ذكريات توأمها وتبكي الى ان خارت قواها ولم تعد
تستطيع الصمود أصابها فقر دم حاد أدى الى موتها و إلتحقت ببيان ،لم أصدق ما
يحدث معي ،كأنني أحلم انه صعب جدا أن تفقد أختين في فترة قصيرة جدا ،بكيت
كثيرا و لمت نفسي ألنني السبب الرئيسي في كل هذا كل هذا يحدث بسببي الجن
ينتقم منا ألجل تلك الروح التي استحظرتها و أسرت داخل الكتاب ،كل يوم انتظر
دور أحد آخر منا أصبحت مهوسة اهتمام ،كنت حريصة على نضال و يوسف و
كنت اوصي امي أن تنتبه اكثر الى ميار اختي الصغرى وكنت احذر أبي من كل
شيئ ،طبعا والداي ليس لهم علما بأي شيئ ولم اشأ اخبارهما الن األمر سيكون
ثقيال عليهما فيكفيهما فقدان بنتين على ان يعرفا السبب سيصدمان وقد ينهارا ،ما
زادني ألما وحزنا هو غياب أسامة ،لم يظهر له أثرا ،حتى عائلته لم تعرف عنه
شيئ
في نهار يوم األربعااء كان لي امتحان ولم أكن أركز كثيرا نظرا لكثرة االحداث
التي مررت بها ،عند االنتهاء من االمتحان توجهت للبيت ،كنت أراه ينزل من
سيارة و يتوجه نحوي ،انه هو حقا انه أسامة الحمد هلل لقد كان بخير ذهب اليه
بسرعة أحسست برغبة في معانقته لقد اشتقت له حقا لكنني تمالكت نفسي كانت
عيناي تقوالن ما ال أقوله بلساني ،وقفت امامه و قبل ان انطق أخبرني انه يعرف
كل شيئ ،استغربت من حديثه و طلبت إخباري مالذي يعرف ،فقال
( اوال أعرف أن ميسان لحقت بأختها هللا يرحمها و عظم هللا أجركم )،
ثم سكت قليال وقد الحظ الحزن في عيوني ثم قال
_ ال تخافي انا معك
فقلت له
_ماذا تعرف ايضا فقال
_ أعلم انك إشتقت اليا كما اشتقت لك
تسارعت دقات قلبي حينها و أصابني التوتر و أخذت اغير الحديث فطلبت منه أن
يخبرني اين كان كل هذه المدة ،ضحك أسامة لردة فعلي هذه ثم اخبرني انه انتقل
الى مدينة اخرى بحثا عن شخص معين يمكنه أن يخرجنا من هذه الورطة وكان
البحث عنه صعبا جدا لكن لألسف عندما وجد خيطا يؤدي له تفاجأ بخبر وفاته تلك
الليلة ،لقد كان هذا الشخص األمل الوحيد في إنقاذنا ،أخبرت أسامة أننا يجب أن نجد
حال و إال سنهلك جميعا ،ربما نعيد اللعبة او نخرج الكتاب من القبو نستحضر تلك
الروح ،قاطعني أسامة بنبرة غضب و أخبرني انه من الخاطئ ان نستعدي تلك
الروح مجددا ،اخبرني ان الجن لديه روح انتقامية شريرة و ال يمكننا مساعدتهم
،كما قال لي بأننا يجب أن نجد طريقة اخرى أكثر أمانا ،كشخص متمكن يستطيع أن
يهزمهم ،لكن األمر صعب جدا ،طال بنا الوقت و نحن نفكر في حل ،فجأة رن
هاتفي أصبت بالذعر عندما وجدت المتصل أبي ،أخذت أدعوا هللا أن يكون الجميع
بخير ،كان أبي يلهث كثيرا وكأنه يختنق كان يخبرني بأن ارجع للبيت بسرعة ،لم
أفهم منه شيئ فقط اغلقت الخط و طلبت من أسامة أن نذهب للبيت أظن ان مكروها
قد حل على عائلتي .
بعد لحظات وصلنا للبيت ذهبت مسرعة فتحت الباب ألجد الجميع يبكي و بينهم
يوسف ممدا على األرض غارقا في دمه ،هذا غير معقول ،ال أصدق ،مالذي يحدث
ماهذه اللعنة ،أحسست بدوار في رأسي و غبت عن الدنيا ساعات ،استيقضت ألرى
أسامة بجانبي ،ناولني كوب الماء شربته ،كنت اظن انني أحلم ،لكن وجه أسامة كان
يخبرني انها الحقيقة ،نهضت مفزوعة من مكاني و نزلت الى الصالون وتبعني
أسامة يحاول تهدأتي ،وجدت الشرطة و األطباء في البيت حيث وضعوا جثة يوسف
في كيس الجثث ،كانت على وجه أبي نظرة اإلنكسار ،انه يفقد أوالده واحدا تلو
اآلخر ،و من السبب ،أنا هي السبب ،بكيت كثيرا و صرخت بأعلى صوتي ،لم
أستطع بعدها النظر في وجه امي و أبي ،نضال كان في حالة ال يرثى لها ،كان
يضع اللوم عليه أيضا و يقول أنا من أسرت ذلك المسخ ،كل يوم كنت أرى عائلتي
تنهار ،كيف مات يوسف ،لما قتل نفسه ،لماذا أغرقت بيان نفسها في الحوض ،هل
ميسان ماتت بسبب فقر الدم ،كل هذه األسئلة تدور في رأسي كل ليلة قبل أن أنام ،
اتصل بي أسامة و أخبرني أنه سيأتي لننزل الى القبو و نخرج ذلك الكتاب .بعد
ساعتان كنا في القبو و معنا نضال ليخبرنا عن مكانه اخرجنا الكتاب و امسكه أسامة
،اخبرنا انه نفس الكتاب األحمر المتواجد معنا ،بدأ ينزع عنه شريط الالصق ثم
فتحه ليهتز ذلك الكتاب من يده و يطير في الهواء ،ثم خرج منه دخان كثيف لونه
أحمرا ،وتشكل ليصير كائن غريبا ،كانت أعيوننا تنظر بذهول للكائن ،لم نكن
خائفين بل كنا ننتظره بكل قوة ،تكلم الكيان الغريب و قال (ألم أخبركم أن حياتكم
ستصبح جحيما ،ها أنتم في الجحيم تمتعوا به اذا ) أخذت نفسا عميقا و سألته ( ماذا
تريد منا ،أرجوك اوقف هذا اإلنتقام ) أطلق ضحكة دوت المكان ثم قال بصوت
خشن رهيب
_إستدعيتموني الى الموت ايها الجبناء ،ثم بسببكم حبست في الكتاب ،سيقتلون
كل عائلتك ،ستبقي وحيدة و لن تموتي بتلك السهولة ،ستتمنين الموت لكنها لن تأتي
لك ،هذا جزاء فضولك ايتها اللعينة ،بسببك لن أتحرر أبدا و لن ترتاحي انت ابدا
ستعلقين بين عالمين
كانت كلماته كالنار تحرق قلبي ولم اكن افهم ماذا يقصد انني سأعلق بين عالمين
،سقط الكتاب على األرض و دخل في وسطه الدخان واغلق من تلقاء نفسه ،إنهرت
باكية ،أمسك أسامة بيدي واخبرني انه لن يتركني أبدا ،طلبت منه أن يرحل و يبتعد
عني كي ال يصيبه اي مكروه بسببي لكنه لم يسمع لكالمي و أصر على أن يكون
معي في كل خطوة ،كان يوما حزينا و كنت أنظر الى أفراد عائلتي المتبقين و
انتظر دور من ياترى ،انه امر مفزع ،ان تعرف حقيقة ما سيحدث ،استنجدنا براقي
،و قد رقى لنا البيت كله ،و خرج مفزوعا مذعورا من هول ما رآه ،قرر أبي أن
يهدم البيت و يشتري بيتا صغيرا يسعنا ،كانت فكرة حسنة اوال لننسى الذكريات
المؤلمة التي عشناها في ذلك البيت و ثانيا ألتخلص من هول هذا الشيئ اال انني
كنت مخطئة ،فهو يتبعني حتى لو غصت في أعماق المحيط ،انتقلنا الى شقة صغيرة
،األمور كانت متحسنة قليال ،بقيت على اتصال بأسامة الذي لم يفارقني للحظة كان
نعم الصديق ،و لم يكف يوما عن اقتراح الحلول التي تخرجني من ورطتي حيث
اطلع على جميع كتب السحر واألرواح و تحريرها لكنه لم يصل الى نتيجة تنهي ما
حدث ،خاصة بعد كالم ذلك الكيان بانه لن يتحرر لألبد ،
مرت األيام و الشهور و جاء الصيف مجددا ،توفيت جدتي ،و مرض أبي مرضا
شديدا أقعده الفراش لشهور عدة ،تفاقمت علينا الديون ،أصبح من الصعب أن نكسب
قوت يومنا ،قررت أن ابحث عن عمل لكن دون جدوى ،حالتنا المادية أصبحت
مزرية ،كان عمي يرسل لنا بعض من المال ليساعد بعالج أبي كل شهر لكنه توقف
نظرا لحالته المادية ايضا عائلة أمي كلهم فقراء و ال يستطيعون مساعدتنا اال
بالدعاء ،أما أسامة فقد كان يفعل كل ما بوسعه ليساعدني ،لم يكن ليتركني ،كنت
أحبه كثيرا ال أعلم كيف احببته و لكنني عشقته لدرجة أنه عندما يغيب عني أصاب
بالمرض ،لم يكن هو مختلفا عني فقد أحبني هو اآلخر و في يوم إعترف لي بهذا
الحب الذي جاء وسط هذا الكم من البؤس لكنه كان قوة بالنسبة لي ،لو لم يكن لكنت
قد انهرت و فقدت قوتي ،لكن أسامة كان كل قوتي كان سندي كان ذلك األمل الذي
يأتي حين يسيطر عليا اليأس من كل الجهات .
توفي أبي بعد معاناة صعبة للمرض ،كانت أمي تعمل بالتطريز و بالكاد تأتي لنا
بقوت يومنا ،بقيت انا بالمنزل أعتني بميار اما نضال كان يدرس صباحا و يعمل في
مطعم مساءا ،كنت اعتني بمن تبقى من عائلتي و كلي خوفا من فقدانهم ،حتى جاء
ذاك اليوم المشؤوم حيث شب حريق داخل الشقة ،احترقت الصغيرة ميار بحروق
بالغة أدت الى موتها بعد خمسة عشر يوما ،امي لم تكن بالمنزل و نضال ايضا
،كنت انا و ميار فقط ،قمت بإنقاذ ميار من الحريق الذي أجهل حدوثه ،لكنني
تأخرت فقد تمكنت منها النيران ،أصيبت أمي بنوبة قلبيىة ودخلت في غيبوبة ،لم يعد
لنا مكان نأوي اليه ،أصر أسامة أن يأخذنا انا و نضال الى بيت أهله لكنني رفضت
،و بعد اصراره قررت الذهاب ،نضال كان في حالة مزرية ،ال يأكل وال يشرب و
شاردا طوال الوقت وجهه شاحبا و كنت كل يوم انتظر موته ألني كنت اعرف انه
سيموت الى أن فارق الحياة في نفس اليوم فارقت امي الحياة و بقيت وحدي ال
منزل ال عائلة ال أحد انه حقا الجحيم ،جحيم فضولي الذي دمر حياتي و دمرني
،بقيت فترة طويلة في بيت أسامة ،أصابني إكتئاب حاد ،لم يكن أسامة مقصر ابدا
،أخبرني انه سينقذني من هذا الجحيم ،كنت اطلب منه ان يبتعد عني حتى ال يصيبه
مثلما أصاب عائلتي ،لكن من شدة حبه لي اخبرني انه مستعد للموت من أجلي ان
كلفه ذلك ،لم أكن اقوى على فراقه ،انه و بالرغم من فقدان لكل عائلتي كان رحمة
على قلبي و قوة كنت استطيع التنفس فقط بوجوده معي ،ان حدث له شيئ سأموت
سأقتل نفسي ،هكذا كنت افكر انني سأشنق نفسي ان حدث شيئ له،، .فعل أسامة كل
ما بوسعه ليخرجني من تلك الحالة ،بعد عدة شهور أستطعت التأقلم قليال حيث وجد
اسامة لي عمال و أصبحت أعمل من الصباح الى المساء لعلي أنسى قليال ما حدث
معي ،تحسنت حالي و كنت سعيدة معه ،لقد كان هو كل ما أملك ،كنا سنتزوج
ونعيش معا لألبد و ننسى كل ماحصل و نكمل ما تبقى من الحياة في الفرح ،تقدم
أسامة نحوي و هو ينظر في عيني نظرة حب ثم قال أنا أحبك و سأبقى معك لألبد
،كانت األرض ال تسعني من الفرح أحسست بأنني أطير أغمضت عيناي ،ثم عم
سكون رهيب في المكان ،أحسست أنني ممددة على فراش هناك صوت ما ينادي
بإسمي صوت أكاد اعرفه جيدا ثم يا للهول انها أمي انه صوتها ألفتح عيناي و
أجدني في غرفتي يا إالهي مالذي يحصل ليدخل أخي يوسف و بعده نضال
يخبرانني بأن أنزل الى األسفل الى قاعة الجلوس ألن أبي يريدني ثم تخبرني امي
بأنني نمت كثيرا ،نمت من الواحدة الى الساسة مساء ،لم أكن افهم ما بقولون ،اقسم
انهم ماتو لقد عشت شهورا بدونهم و مرت عليا اوقات صعبة ،اقسم بأنني تألمت و
تأذيت ،لقد عشت حياة حقيقية كيف لها أن تكون حلما ،نهضت من فراشي و خرجت
من غرفتي الح لي التقويم معلقا رحت اقرا مزالنا في االيام التي انتقلنا فيها الى هذا
البيت ،مزلنا في ، 2019لكنني كنت أجهل حقا مايحدث ،نزلت لالسفل ألجد بيان و
ميسان انها على قيد الحياة ،كنت مصدومة جدا ال أعرف هل كنت افرح ألن عائلتي
التزال على قيد الحيا ام اتفاجأ به ألنه حلم غريب ،غريب جدا ،كنت أحس بمرور
األيام هناك الليل والنهار األشخاص االحداث فجأة تذكرت أسامة يا إالهي كيف
أحب شخصا في حلمي وال وجود له بالواقع ،مازلت أشعر بحبه ،هل يعقل أن يكون
واقعا ؟اين هو ياترى ،كيف لي أن احلم بشخص لم أراه في حياتي و احبه لتلك
الدرجة ثم أجد بأنه حلم ،ال أصدق هذا يجب أن ارجع لذلك الحلم بأي طريقة
نزلت الى الصالون حيث أبي و كل العائلة تنتظرني هناك ،دخلت بهدوء و جلست
قرب أبي ،ربت أبي على كتفي و سألني عن حالي فأخبرته أنني بخير ،لكن داخلي
كان مندهشا لما يحصل ،كانت في رأسي أسئلة كثيرة و أهمها عن أسامة لماذا أشعر
أنني إلتقيته حقا و أنه حقيقة لم يكن حلما ،بقيت شاردة طوال الوقت بينما اخوتي
يتبادلون الحكايات و يضحكون ،جهزت أمي العشاء و نادتنا لتناوله ،ذهب الجميع و
بقيت انا مكاني ،في قلبي غصة تمنعني من الحديث ،جاء نضال ونظر اليا طويل ثم
أخبرني عن سبب شرودي هكذا فقلت له انني أشعر بالمرض ،ذهب يجري ليخبر
امي بذلك على الفور ،جاءت امي مسرعة قلقة وهي تضع يدها على قلبها دليال على
خوفها عليا ،طمئنتها بأنني سأكون بخير و اخبرتها انني سأصعد لغرفتي كي ارتاح
،أومأت امي راسها موافقة و ذهبت
في صباح يوم غد ،بينما كنت اصعد لغرفتي امسك يوسف بيدي و سألني ما اذ
كنت اعاني من شيئ ما ثم اخبرني انه استمتع بتلك اللعبة كثيرا سألته بتعجب .عن
اي لعبة يتحدث فقال انها لعبة استحضار األرواح ،اندهشت بما قاله ألن هذا ماحدث
في الحلم ولم يحدث في الحقيقة طلبت من يوسف ان يتبعني الى الغرفة وما ان
وصلنا امطرته بوابل من األسئلة (ماذا حصل يا يوسف عندما لعبنا اللعبة ومتى
لعبناها ) تفاجأ يوسف بسؤالي لكنه أجاب ( لعبناها البارحة عندما نام ابي وامي و
بقينا نحن في غرفتك و انت من اخترعت هذه اللعبة ) فأخبرته ان يحكي لي كل
شيئ بالتفصيل ألنني لم اتذكر شيئ ،اصابت الدهشة وجه يوسف و لكنه واصل
قائال( تجمعنا في غرفتك كلنا بيان و ميسان و نضال و انا و انت و كنا نتكلم عن
امور كثيرة حتى تطرقنا الى الرعب ثم طلبت منا ان نحضر لعبة جميل تستدعي
األرواح جلبنا كل ما طلبتي وبدأنا اللعب لكن لم يحدث شيئ فقد كنا نستمتع فحسب
بعدها جلسنا نكمل األحاديث و حكت لنا بيان قصة جميلة كنت انت مستلقية على
فراشك ووقد الحظنا انك قد غصت في نوم عميق حملت ميسان غطاء و دثرتك به
و توجه الجميع الى غرفهم و في الصباح كنا مشغولين بإحضار بعض االثاث الى
المنزل خرجت بيسان و ميسان مع امي ومعهما ميار و انا خرجت مع أبي و نضال
و ذهبت كل مجموعة الى وجهة معينة ذهبت انا مع ابي و نضال الى محالت
األثاث و اما امي و اختاي فذهبا الى محالت االفرشة ووقد طال مشوارنا ،عندما
رجعنا البيت على الساعة الرابعة كنت انت ال تزالين نائمة ،ظننا انك اخذت قيلولة
لكن امي اخبرتنا انك لم تتناولي حتى غذائك ،ثم اخبرتنا اال نوقظك حتى استيقظين
لوحدك ولما وصلت الساعة السادسة قلقت امي بشأنك وذهب لتناديك و اجتمعنا
حول ابي ليخبرنا عن اشغال المنزل لهذا اليوم فهو يريد ان يعمل حديقة قرب
المنزل ثم ايقضتك أمي و ونزلت معنا ) هنا تأكدت بأنني كنت أحلم و ان .أسامة ال
وجود له ،تنهدت و اخبرت يوسف انني مرهقة جدا وان هذا المنزل لم يناسبني قليال
و لكن سأعتاد عليه ،ابتسم يوسف و غادر غرفتي ،جلست على اريكتي و كنت
ادعوا هللا ان ارجع لذلك الحلم لو مرة واحدة فقط لكي أرى اسامة ،اخذت كراسا
فارغا و شرعت ادون كل تلك االحداث التي حدثت في الحلم وكأنني أكتب في
رواية او قصة ما شخصياتها هم افراد عائلتي و البطل فيها اسامة ،انهيت كل ما
حلمت به وكتبت كل شاردة و واردة حدثت بالتفصيل وبالترتيب حتى ال انسى
األحداث وخبئت الكراس في درج و اغلقته بالمفتاح كي ال يضيع او يعثر عليه
اخوتي ،شعرت بالجوع فنزلت الى المطبخ وجدت امي تغسل األطباق و اختي بيان
تغير حفظات ميار ،استئذنت بالدخول ،سألتني امي عن عدم تناول الغذاء معهم فقلت
لها بأنني اشعر بالتعب قليال و اآلن فأنا جائعة حضرت لي امي االكل بسرعة
وتناولته في عجل ،سالتني بيان عن القصة التي حكتها ليلة امس فاخبرتها انني لم
اسمعها وانني قد نمت قبل ان تحكي فقالت انني لم انم اال بعد ان تناقشنا عن اسم
البطل فقلت انه احب ان يكون اسمه اسامة لكن ميسان قالت خالد و انا قلت أيمن
،استغربت لما قالته بيان و اخبرتها انني مشوشة قليال لذلك لم اتذكر ،لماذا يوسف
قال انني نمت مباشرة و بيان قالت اانني تناقشنا حول بطل القصة وهل اسامة له
عالقة ببطل القصة ربما علق هذا االسم في راسي و دخل الى حلمي و ربما حلمت
بأحداث قصة بيان كل هذه األسئلة طرأت في راسي ،يجب ان تحكي لي بيان القصة
مرة اخرى ،طلبت من بيان ان تعيد لي القصة من جديد فأخبرتني انها ستأتي بعد
قليل لغرفتي و تحكي بعدد ان تنام ميار ،اكملت غذائي وغسلت الطبق و صعدت
لغرفتي و جلست على اريكتي انتظر مجيئ بيان كي تحكي لي تلك القصة لعلها
توضح لي ما جرى لو قليال
بعد لحظات جاءت بيان و معها ميسان و بدأتا تقصان عليا قصة ظننت لوهلة انها
تتعلق بذلك الحلم لكنها تبدو قصة عادية جدا مثل التي نحكيها دائما كقصة سندريال
و فلة و قصص افالم ديزني كلها ،بدوت سخيفة جدا وانا انصت لما تحكيه اختاي و
هما بدتا سعيدتان إلستماعي واهتمامي بما يقصانه رغم انني كنت أتذمر في السابق
من حكاياتهما المملة ،اكملت بيان القصة واخبرتني انها اخترعتها من خيالها وانها
استعملت اسم اسامة كما طلبت منها في تلك الليلة ،لكن لماذا خطر في بالي هذا
االسم و انا ال أعرف اي شخص به و كما انه لم يخطر ببالي اسم كهذا من قبل
،اخذت نفسا عميقا و شكرت اختاي على تسليتي و طلبت منهما المغادرة كي ابقى
لوحدي قليال افكر في ما يجري لي ،استلقيت على سريري ثم أحسست بخذر في
جسدي و كأن جسمي أصبح ثقيال لم أستطع الصراخ و ال النهوض وال حتى الحركة
،شلت أطرافي و ثقل لساني و بقيت عيناي مفتوحتان و لم اكن أسمع شيئ ثم
أظلمت الغرفة فجأة وكأن الليل جاء مسرعا في وقت باكر من النهار ،او باألحرى
كانت غرفتي فقط من تغرق في ذلك الظالم ،لم يخطر ببالي شيئ سوى الموت
فظننت انني سأموت ،قرأت في سري الشهادتان و حمدت هللا انني تذكرتها في آخر
لحظات عمري ،أحسست ببرودة المكان و كأن هناك من أشعل مكيف في الغرفة و
بما اننا في الصيف فالمكان كان حارا و المكيف كان مطفيا في الغرفة ولكن الغرفة
أصبحت أشبه بثالجة ،انعدمت الرؤية لدي بسبب الظالم الدامس ،كنت ممدت
بطريقة نجمة البحر ،يداي مشرعتان و رجليا كذلك و يتوسط كامل جسدي السرير
،كان الهواء يدخل بصعوبة في رئتاي ووفجأة أحسست بتيار قوي يهب على جسدي
و هواء كثيف بارد يدخل الى رئتاي و ظننت نفسي أطير في هواء كأن قوة
مغناطيسية تجذبني بسرعة لكنني ال أعلم ان كنت ال ازال في غرفتي ام في السماء
،اليزال الظالم وال تزال الرؤية محجوبة عني ،توقف التيار و هدأ كل شيئ
احسست بالدم يتدفق الى أطرافي من جديد و تحركت أقدامي و يداي فكت عقدة
لساني و شهقت من أثر نقص االكسجين و كنت اتنفس بصعوبة و بدأ الظالم يتالشى
و اتضحت معالم المكان الذي انا فيه ،اغمضت عينايا وفتحتهما وكان الظالم قد
اختفى تماما ،ماااذا ،انني ،انني يا إالهي لقد عدت ،لقد عدت الى بيت اسامة الذي
كنت معه فيه في آخر الحلم ،حلم ! هل كنت احلم هل انا احلم ،ام هذا العالم حقيقة
وكنت احلم بعائلتي انها عادت الى الحياة يا إالهي ،ارتعدت اوصالي و كنت خائفة
تكورت على نفسي و اجهشت بالبكاء لقد كنت في الغرفة التي سكنت بها عندما
احظرني اسامة اليها بعد وفاة امي و نضال بنفس اليوم ،انتظرت ما سيحصل و
ذكرت نفسي بأن هذا حلم و ما كنت فيه هو الحقيقة عائلتي بخير وهم على قيد
الحياة و انا اعرف ذلك جيدا لقد رايتهم واحسست بهم ،ان هذا هو الحلم اقنعت
نفسي بهذه الكلمات كي ال افقد أعصابي ،فجأة فتح باب الغرفة ،ارتعبت ووقفت من
مكاني مذعورة فظهر خلف الباب أسامة بإبتسامته الجميلة التي توحي باإلطمئنان و
الحب ،توردت الدنيا في قلبي و شعرت بأمان و راحة كبيرة اسرعت اليه وعانقته
وكنت ابكي بشدة اخبرني اسامة انه اغمي عليا و قد خرج ليحظر الطبيب لكن
الطبيب كان مشغول وقد ظل ساعات لكي يجد طبيب آخر و لكن علقا في زحمة
الطريق و بالكاد وصل مما استغرقهم االمر الى ثالث ساعات ،واآلن الطبيب
ينتظر في االسفل لكي يفحصني ،لم أكن في وضع يسمح لي ان احكي ألسامة مالذي
حدث ،أطبقت الصمت و طلبت منه ان يأتي بالطبيب للغرفة ،لحظات و فحصني
الطبيب اخبرني ان لدي نقص في التغذية و قد اصاب بفقر الدم تذكرت ميسان التي
ماتت بفقر الدم و تذكرتها وهي تحكي لي تلك القصة مع بيان غريب مايحدث ايهما
هو الحلم ياترى ،كتب لي الطبيب وصفة دواء اخذها اسامة على عجل و خرج معه
و اشترى لي الدواء و عاد الى المنزل ،اخبرني ان الليلة هي حفلة خطوبتنا وبعد
اسبوع سنتزوج ،كنت اومأ له برأسي ،وضع يده على جبيني يتحسس حرارتي و
سألني ان ما كنت أشعر بمرض او ما شابه ،فأخبرته انني اريد ان اتحدث معه بأمر
مهم ،اعتدل اسامة و طلب مني ان احكي
اخبرت اسامة بكل ماحدث و كيف التقيت عائلتي و ما قاله لي يوسف و بيان و
ميسان و اخبرته انني كنت افتقده جدا و ظننت انني لن اراك ثانية كما اخبرته
ماحدث لي قبل ان اجد نفسي في هذه الغرفة ،ظهرت معالم الدهشة على وجه اسامة
ثم انفجر ضاحكا ،استغربت من ردة فعله وقد بدا وجهي حزين و كنت على وشك
البكاء فهاهو اسامة ال يصدقني ،وال أعرف ان كنت احلم ام انني في الحقيقة ،رأسي
يكاد ينفجر ،احتضنني أسامة بكلتا يديه و قبل رأسي و أسنده على صدره و قال لي
( ال عليك حبيبتي انه حلم ،لقد اشتقت الى عائلتك ان هذا األمر صعب ،صعب جدا
و أنا آسف ألنني ضحكت ،ربما عندما اخبرتني بأنك ذهبت حيث هم و لكن لو
ذهبت لهم كنت مت انهم في الجنة يا سندس ،عائلتك ماتت ،يجب ان تتقبلي هذا
،وانا معك فال تخافي) أجهشت في البكاء و كنت احتضنه بشدة وبخوف شديد لما
يجري ،ظننت أنني جننت و كرهت النوم خوفا من حلم آخر ،اخبرني اسامه ان
اجهز نفسي مساءا سنذهب الى بيت عائلته لكي نقيم الحفل ونعلن خطوبتنا ،تنهدت
بصوت حزين و أومأت براسي موافقة ،خرج اسامة بعد ان اخبرني بأن لديه بعض
االعمال ،أما أنا استلقيت افكر في ما حدث ال تزال تلك االحداث في راسي ،اخذت
كراسا و قلما و شرعت أكتب ما حدث معي في الحلم الذي ظننته حقيقة ،اكملت
الكتابة و وضعت الكراس في درج و اغلقت عليه ،
جاء المساء و تجهزت لحفل خطوبتي ،كنت حزينة جدا
افتقد أمي و اخوتي و أبي ،لو كانوا معي لكانت فرحتي مكتملة ،لكنني متأكدة انه لم
يكن حلما ،كما أن هذا الذي يحدث اآلن ليس حلما أيضا ،أمر غريب ،غرييب جدا
جدا
انتهى الحفل وغادر الكل الى بيوتهم رجعت مع اسامه الى بيته وودعنا أهله
و يوم غدا بدأنا بتجهيز لحفل الزفاف ،اشترينا أثاثا جديدا للبيت و اعدنا له صباغة و
عدلنا به بعض التعديالت و أنشأنا حديقة جميلة ،كان أسامة سعيدا جدا و كان
يخبرني انه سيعوضني عن كل ما فات و انه لن يتركني مهما حدث ،كان يسألني
عن شرودي المتكرر بين الفينة واالخرى و كنت اخبره انه بسبب ذلك الحلم و لكن
في قرارة نفسي كنت اعرف انه ليس حلم و سأنتقل الى هناك في يوما ما لكنني في
نفس الوقت خفت ان اخسر اسامة لألبد و ان ظهر ذلك حلما سأفقد عائلتي لألبد
،،انني أكاد أجن ،
مر االسبوع ببطئ ،اكملنا تجهيز البيت بأكمله و بقي لنا فقط الترتيب للحفل ،لكن
أهل أسامة أصروا على ان نقيم الحفل في بيتهم ،وافقنا على مضض و جاء ذلك
اليوم ،لو لم يحدث معي ماحدث لكان ذلك اليوم من أجمل واروع أيام حياتي لكنني
كنت خائفة نعم خائفة من ان يكون هذا حلما و اسيقظ منه ألجد انه ال وجود ألسامة
وخائفة ان يكون حقيقة و يكون ما رايته حلما و أفقد عائلتي لألبد
لم يكن عليا تصديق شيئ او الوثوق في اي شيئ ،تدهرت حالتي النفسية ،لم يكن
أسامة على ما يرام و كان يراني حزينة تائهة وشاردة فكان هو اآلخر قلقا بسبب
حالتي و كان يخبرني بين اللحظات انه معي دائما ولن يتركني كنت ابتسم ابتسامة
خفيفة ،مرت تلك الليلة بخير نسيت للحظات كل ماحدث و عشت اوقات جميلة مع
حبيب قلبي وكنا في قمة السعادة
مرت خمسة أشهر كنا سعداء و قد بدأت اتناسى ما حدث و قد اقتنعت بعض الشيئ
انه كان حلما و قد فسرت األمر انه بسبب اشتياق ألفراد عائلتي كنت قد حلمت بهم
ذلك الحلم الذي ظننته حقيقة الى ان جاء ذلك اليوم
ذهب اسامة الى العمل بعد ساعات عاد الى البيت فتحت له الباب كان يلهث و كان
هناك من يالحقه ،اغلق باب المنزل بسرعة و دخل الى غرفة مكتبه لحقت به وكنت
أسأله بلهفة وقلق عن ما يحدث معه فقال انه امر غريب ،غريب جدا ،جلبت له كأس
ماء و اخبرته ان يحدثني عن هذا األمر ،لم يكن اسامة يخفي عني شيئ فقد كان
يخبرني بكل صغيرة وكبيرة ،ثقتنا ببعضنا كانت قوية جدا بقدر ذلك الحب الذي بيننا
،شرب اسامة الماء و بدأ يحكي ( هل تذكرين ذاك الكتاب االحمر يا سندس ) أومأت
له براسي عدة مرات انتظر منه ان يكمل فأكمل قائال( لقد رأيت شخصا يحمله في
الشارع ذهبت له و سألته عنه فأخبرني انه وجده في مكان بيت قد تم تدميره
،فعرفت انه وجده في مكان بيتكم القديم و انه هو الكتاب نفسه ،الكتاب الملعون
االحمر الذي حبس به ذلك المسخ ) وضعت كلتا يداي على فمي و شهقت منصدمة
بعدها اكمل اسامة( لقد اخذت الكتاب من الرجل و اعطيته ثمنا مناسبا فوافق و
اعطاني اياه ،ذهبت الى سيارتي و جلست و فتحت الكتاب ،فجأة خرج منه دخان
احمر كثيف و تذكرت تلك الليلة التي خرج لي فيها ذلك المسخ عرفت على الفور
انه هو ،لكن هذه المرة اخذ شكل انسان و كان يشبه صديقي جلس بالمقعد الذي
بجانبي و اخبرني شيئ لم استطع تصديقه لوال انك اخبرتني به من قبل ) سألت
اسامة بلهفة عن ماهية الشيئ الذي اخبرك به ،تسارعت دقات قلبي و بدأ العرق
يتصبب على جبيني
اخبرت اسامة ان يكمل فأكمل قائال( انه شيئ ال يصدق و قد ال يخطر على بال أحد
،سندس عائلتك ال تزال على قيد الحياة وقد ذهبت حقا حيث هم متواجدين ) اتسعت
عيناي بدهشة و لم استطع تمالك نفسي فأجهشت بالبكاء و كنت اصرخ واقول اين
انا في اي موطن انا انني ال افهم شيئ ،جذبني اسامه لحضنه و هدأني ،عندما هدأت
اكمل كالمه ( الجن ،الجن هم من فعلوا كل هذا ،نحن لسنا في مكان ما بل نحن في
بعد آخر في عالم مواز يا سندس ،لقد حملنا الجن هناك ) استغربت من كلمة نحن
لكنني لم اتعرف على اسامة قبل ان يحدث كل ذلك وكذلك عائلتي ال تعرف اسامة
لما يقول نحن ،اكمل اسامة حديثه(لقد عبثت يوما بلعبة كلعبتك يا شهد لكن لم يحدث
لي ماحدث معك ،لكنني موجود بطريقة ما في عالم غير عالمي هذا ما اخبرني به
ذلك الجن و اخبرني انه في كل عالم مواز توجد لنا نسخة منا وكل نسخة قد حدث
معها احداث مختلفة عن ماحدث لنسخة االخرى في العالم المواز اآلخر ،لقد افزعني
كالمه ألنني كنت على دراية بهذا الكالم لقد قرأته في كتب كثيرة و شاهدت بعض
الفيديوهات على اليوتيوب تحكي عن العوالم الموازية وقرأت حديثا عن هذا
الموضوع وكما انه مذكور في القرآن ولكن ال احد يعرف تفسيره الى اآلن ) سألت
اسامه قائلة ( ان كانت هناك نسخ لنا في كل عالم فأين هي نسخنا في هذا العالم ،لما
وجدنا اهلنا كما عاهدناهم في عالمنا الحقيقي) تنهد اسامه و قال ( اخبرني الجني انه
تم قتل نسختك الموجودة بهذا العالم و قد تم نقل نسختي الى عالمي و اهلي الذين في
عالمي يظنون انني انا و اهل نسختي يظنون انني هو ،االمر معقد و محير وصعب
التصديق ،كيف سنرجع الى عالمنا و كيف سترجع نسختي الى هنا ) ساد الصمت
بيننا لحظات وكنا نفكر في هذه الحادثة الغريبة اردف اسامة قائال ( انه يريد ان
يتحرر من الكتاب ،و اال سيقتل الجن أهلك في عالمك و قد يقتلون أهلي ايضا و
نسختي او قد يعذبوهم او قد تحدث اشياء غريبة لهم ) سألت اسامة عن كيفية تحرير
فقال ( انه يريدون الزئبق األحمر هذا االشيئ سيحرره ) سألته عن ماهو الزئبق
االحمر فقال ( انه دم اإلنسان ) اندهشت لما قال و سألته من اين سنجد الدم هل
سنقتل هل نصبح قتلة قال اسامه وقد بدا الحزن عليه ( انهم يريدون ان ننجب طفال
ويأخذون دمه ) صرخت بشدة و وقفت من مكاني مذعورة و كنت اصرخ واقول
مستحيل مستحيل لن يكون لهم هذا هدأني اسامه وقال ( وال انا سأسمح بذلك ،لكن
ذلك الجني اخبرني انه كل مايحصل لنا هو ليس حقيقي و ما ان رجعنا لعالمنا
سيختفي كل شيئ و لن تتذكر اي شيئ ) صرخت بشدة وقلت( انه يكذب يكذب لقد
عدت لعالمي وتذكرتك و كنت اعرفك ) تنهد اسامه وقال ( سندس يجب ان نفعل ما
قاله و اال سنبقى عالقين هنا يجب ان نساعده حتى يساعدنا ) اخبرته و انا ابكي هل
يجب ان نقتل ابننا من اجلهم ال يمكنني ان اتخال عن فلذة كبدي قال اسامه ( لكن كل
مايحدث هنا فهو ليس حقيقيا ال يمكن لنسخة ان تعيش حقيقة في عالم مواز آخر
،ستعيش صحيح لكن كل شيئ خياال ) فقلت له بخوف ( هل هذا اننا ان عدنا الى
عالمنا سننسى كل شيئ ) فقال( نعم ،هذا اذا اردنا نحن اال نتذكر ) فقلت له ( كيف
لك ان تثق في مسخ يا اسامه ماذا لو كان يكذب و سيحبسنا في هذا العالم الغريب )
قال اسامه ( انه مسلم يا سندس لقد حبسنا جني مسلم لقد غضب منا و اراد االنتقام
لكنه ندم على مافعله و اراد تصحيح األمر يقول ان لنا هذه الفرصة فقط و ان لم
نفعل ما طلب منا سيموت هذا الجني لكن افراد قبيلته ليسوا مسلمين سينتقمون منا
سنعيش جحيما ) فقلت له ( ال استطيع ،لن استطيع قتل ابني و ال استطيع ان اعيش.
بدونك في عالمي انا أحبك ال يمكن ان ننسى هذا الحب)
ربت اسامة على راسي و اخبرني بان افكر باألمر قبل فوات االوان فلقد اختلت كل
موازين بسبب ما فعلناه وبسبب مافعله الجن و لقد عبثنا بأمور لم يكن علينا العبث
بها لكنن مجبرين على تطبيق ما يقوله لنا ذلك المسخ ،هنا اتضحت لي اشياء كثيرة
،لعب اسامه تلك اللعبة في نفس الوقت الذي لعبناها فيه و استحضرنا نفس الروح
،في بعد آخر و عالم مواز لعب نسخنا نفس اللعبة استحضرت تلك الروح ،عندما
نمت في تلك الليلة حدث انتقالي الى هذا العالم و نقلوا نسختي لعالمي و حدث ايضا
مع اسامة ن فس الحدث ،انتقلت انا لهذا العالم المواز ألكمل مافعلته نسختي حيث
اكملت اللعب مع اخوتي الذين يتواجدون في ذلك العالم و ظننت انني في عالمي و
كل ما حدث معي كان يحب ان يحدث مع نسختي اال انه حدث معي انا بسبب ذلك
الخطأ و في االخير افسدت نسخة اخي نضال كل شيئ بحبس ذلك الجني المسلم
داخل الكتاب مما أثار غضب الجن نظرا النه جني مهم بالنسبة له ويريدونه بشدة
،هذا ما أخبر به الجني ،اسامة وما فهمناه انا واسامة عندما ربطنا األحداث ،بالنسبة
للوقت واالعوام والشهور التي قضيناها هنا فهي ليست حقيقية بالنسبة لنا ألننا لسنا
من هذا العالم ،يا إالهي انه امر مفزع حقا !
،احضر اسامة معه الكتاب االحمر ووضعه في مكتبه و اخبرني اال اقوم بحمله ابدا
حتى ياذن لي هو بذلك لكنني لم اسمع كالمه ،و في يوم كان اسامة في العمل ،فتحت
مكتبه وفتحت ذلك الكتاب خرج دخان احمر كثيف ثم تشكل على شكل انسان و فجأة
كان يشبه اسامه لكن صوته مختلف وعيناه جاحظتان و بدأ يتحدث فقال ( لقد تم قتل
نسختك المتواجدة في عالمك ،أهلك يظنون انك مت ايتهاةاللعبنة ،يجب ان
تحررني من هنا يجب ان تنجبي طفال وتعطوني دمه وتسكباني ذلك الدم فوق
الكتاب و سأتحرر و ستعودان لعالمكما بعدما تقومان بهذا و الطفل سيموت النه ولد
في عالم مواز لن يستطيع العيش في عالمك ) قال كلماته هذه ثم اصبح دخان احمر
وتجمع ودخل في الكتاب يا إالهي أهلي انهم يظنون انني متت ،كنت ارتعش بشدة
و قد اختل توازني و شلت اطرافي وثقل لساني و اظلمت الغرفة فجأة و اصبحت
باردة كالثلج و لفحني تيااار كان ساخنا تلك المرة وقد احسست بالختناق ،لحظات و
انقشع الظالم ألجد نفسي متكورة قرب سرير غرفتي في عالمي و كنت ابكي بشدة
نهضت بسرعة و نزلت الى االسفل ألجد الجميع ينظرون لي بدهشة و استغراب
ونظرة لهم بعيون دامعة وخوف و ارتعاش ثم ركضت نحو امي وعانقتها واخبرتها
انني خائفة و خائفة جدا جدا لم تكن امي تفهم شيئ و ما اكتشفته هو انهم لم يجدوني
في الغرفة منذ خمسة ايام ،لم اسو جائهم اليوم خبر وفاتي و كانوا على وشك ان
يحظروا جثتي من المستشفى ،وعرفت بعدها ان نسختي تم دهسها بسيارة ،ذهل
الجميع عندما راوني بينهم و ذهب الي ليتحقق من ااجثة كنت خايفة من ان يجددها
تشبهني فتختلط االمور ،امطروني بوابل أسئلة عن سبب غيابي فاخترعت لهم قصة
ولكنهم .لم يصدقوا
أسامه
دخلت للمنزل بعدما رجعت من العمل بحثت عن سندس فلم اجدها ظننت انها في
الحديقة كالعادة لكنها لم تكن هناك ناديت عليها فلم اتلقى اجابة ،تذكرت الكتاب و
ذهبت اجري الى غرفة المكتب فوجدت الكتاب ملقى على األرض لكن سندس لم
تكن هناك ،حملت الكتاب وفتحت ليخرج الدخان االحمر مجددا لكن هذه المرة دار
حولي وقد تكاثف بحيث حجبت عني الرؤية بقيت متسمرا في مكاني و قد غابت
االصوات و شلت حركتي واحسست بشيئ يحملني ثم اسقطني في الظالم وكنت
أهوي و اسقط و اصرخ الى ان اغمي عليا ،بعد ساعات استيقظت ألجد نفسي في
مكان غريب ،كأنه سوق ،الناس متجمعون هنا وهناك نهضت من مكاني و شرعت
اتجول في ذلك المكان الذي بدى لي وكأنه قرية لكن الناس هناك غريبون جدا ،كنت
امشي متفحصا األشخاص و والمكان ،رايت فتاة صغير بظفائر حمراء و عيون
عسلية تبدو في العاشرة من عمرها جذبني جمالها و ناديت عليها فهربت ثم لحقتها
كانت تجري بخفة وكانها فراشة اما انا فكنت ألهث و اسقط وانهض وال اعلم لما
اجري خلف فتاة صغيرة وال ألحقها ،فقدت االمل في اللحاق بها جلست في االرض
اعد انفاسي و فجأة شعرت بيد دافئة على كتفي استدرت ألجد تلك الطفلة المشاكسة
نظرت لها بذهول فسألتني :
_ من انت ايها الشاب الوسيم
اخذت نفسا عميق ومددت لها يدي وقلت
_ انا أسامه و ما اسمك انت ايتها الطفلة الجميلة ؟
صافحتني و هي تضحك لتبرز أسنان صغيرة جميلة زينت ابتسامتها الجميلة
_انا جويرية لكنني لست طفلة
نزعت يدها من يدي و اردفت قائلة :
_ لماذا انت هنا ،انك من البشر ماذا تفعل وسط الجن هل انت صديق وسيم ؟
تعجبت من سؤالها و قلت بتعجب
_هل هؤالء جن!!؟)
احابتني وقد بانت على وجهها عالمات الذكاء
_ نعم ،نحن من الجن المسلم ،تعال معي سأعرفك بالزعيم أحمد انه أبي زعيم قبيلة
الجن المسلم و ملكها
نهضت بسرعة و قد قررت ان اتبعها ليس لي خيار آخر ،ان كنت في حلم
سأستيقظ منه و ان كنت في الحقيقة يجب أن أجد حال ،تبعت الطفلة الى حيث يتواجد
الزعيم ،فاخذتني الى قصر كبير يدور حوله بيوت صغيرة كانها غرف ،دخلنا
القصر وقد تهت في جماله و نقوشه و شساعته ،جاء من بعيد شيخ يبدو انه الزعيم
رككضت جويرية نحوه و اخبرته بوجودي قائلة :
_ هذا أسامة ،اسامة هذا أبي الزعيم أحمد ،اقترب مني و حياني ،رددت له التحية
و وابتسمت سألني الزعيم قائال
_ ماذا تفعل هنا يا بني هل أنت عالق في مشكلة مما
كنت متردد من اخباره ماحدث لي لكنني إلتمست فيه الحكمة و الوقار و قد بدا لي
حكيما و موثوقا فجلست أحكي له كل كا حدث معي و كل ماحدث مع زوجتي
سندس الى ان وصلت الى هنا،لم يتعجب الزعيم من قصتي و قد بدى انه سمع و
شهد أكثر القصص غرابة من قصتي ،تنهد الزعيم و قال :
_ في قصتك شيئ يشبه قصة وسيم ،كالكما وضعتما انفسكما في مأزق بسبب
فضولكما الزائد فلتعلم با بني ان الفضول قاتل ال تتبعه مرة اخرى
سألته في حيحيرة
_من هو وسيم؟ ،الكل يتكلم عنه هنا
اجابني الزعيم
_ شاب مثلك أثر عليه الفضول و أصيب بلعنة من السحر األسود جعلت الجن
الكافر يحدث فجوة و خطفوه و حولوه الى نصف جن بوسمه بوسام السحر األسود
وقد حبس هناك ثم حررناه ليعيش بيننا
حكى لي الزعيم كل ما حدث لوسيم في عالم الجن الكافر و ما حدث له بينهم و
كيف التقى بشهد و حتى اآلن ال يزال يبحث عن مخرج قد يرجعه بشر كما كان
،تعجبت النني لست الوحيد في هذا الكون الذي يأثر بي الفضول رحت أسأل الزعيم
عن وسيم واين أجده ال اعلم لما اردت لقائه ولكنني اردت ذلك بشدة ،اخبرني انه
سيأتي بعد قليل ،جلست انتظر وسيم مع الزعيم الذي امطرني بأسئلة كثيرة ،سكت
الزعيم ثم قال لي
_ذلك الجني الذي حبستموه انه ابني لقد ارسلك الي لكي اخبرك ان الجن الكافر
اجبره على ان يقول ما قاله لكما ،لقد خطفه الجن الكافر وابعدوه عني لسنوات في
تلك العوالم الموازية انهم يحتاجونه بشدة ،لقد تخاطر معي ابني واخبرني انه
سيرسلك الي علنا نجد حال ،لكن يابني لقد منحك يومان فقط علينا ان نجد حال في
هذان اليومان و كما منح زوجتك يومان وهي االن متواجدة بين اهلها وخائفة جدا لن
يراها الجن ألنه اخفاها عنهم كما انهم قتلو نسحتها المتواجدة في عالمنا و اوهموا
أهلها بأنها ماتت و ربما االن عادت لهم سيكشفون بأنها لم تمت لكنه سيدخلون في
دوامة ال متناهية ،سأجعل ابني يحمل جثة النسخة الى ذلك العالم
اعتلت الدهشة معالم وجهي وانا انصت لما كان يقوله الزعيم ،لقد تبين انه يعرف
كل شيئ وان الجني الذي أسره نسخة نضال في عالمه الموازي هو نفسه ابن هذا
الزعيم يا إالهي ان االحداث مختلطة حقا ،هذا يعني ان انجابنا لطفل وقتله كان
مخطط له من قبل الجن الكافر وكان خدعة وان طبقنا ما قالوه لكنا قد قتلنا ابننا ،يا
إالهي مالذي كنت سافعله ،قاطع الزعيم أحمد افكار بقوله
_ال ترهق نفسك بالتفكير يا أسامه سنجد حال ان شاء هللا
هنا دخل شاب عرفت فورا انه وسيم ،كان مستغربا وقد أحس بأنني بشري حتى انه
باغتني بالسؤال قائال:
_مهال ! هل انت من البشر؟ و انت تراني ايضا
فقلت :
ا_ظن انك وسيم ؟!
ابتسم ومد يده يصافحني قاائال:
_لقد أصبت ،انا وسيم وانت ؟
مددت له يدي أصافحه وقلت :
_ انا أسامه ،سررت بلقائك
فرد قائال:
_تشرفت بك
فك يده وثم قال
_ انك رابع شخص تراني في هذا العالم
تعجبت كثيرا وتذكرت قصته لكنني تعجبت من نفسي كيف لي ان اراه وانا لست
زهري مثل شهد تكلم الزعيم قايال
_ لنجلس قليال ونتكلم هناك اخبارك به يا وسيم ،حكايتكما مرتبطتان ببعضها و
ابني مرتبط بكالكما
تعجب وسيم ونظر لي بذهول ثم نظر للزعيم وقال
_هل لديك ابن ايها الزعيم
اجابه الزعيم :
_نعم هناك اخبار سارة لك يا وسيم اتبعاني
ذهبنا خلف أحمد وجلسنا على مقاعد من صوف كانت مريحة وجميلة و جاءت
جويرية وجلست بجانبي ابتسمت لي فابتسمت لها ،حكي أحمد لوسيم كل ما حصل
لي و اخبرته انا بكل التفاصيل ،لم تكن لنا اي افكار حول ما سيحصل ،لكن الزعيم
احمد كان يفكر كثيرا ،حيث طال صمته حتى ظنناه انه لن يتكلم و فجاة توهجت
عيناه فنظرنا له في تركيز فقال
_وجدت حاال يمكن ان يساعد وسيم و يمكن ان يساعد ابني ،لكنه خطير و ربما ال
ينجو واحد منكم اما ابني او وسيم او أنت يا اسامه
تكلم وسيم قايال
_علينا المجازفة و التضحية ،لقد فعلت من اجلي الكثير ايها الزعيم وقد جاء الوقت
ألرد لك جميلك حتى لو كلفني هذا حياتي
اغرورقت عينا أحمد بالدموع و قد بدا لي انه يحب وسيم كثيرا كما ان وسيم يقدره
و يحبه اعجبتني شجاعة وسيم انه شاب بطل تكلمت قايال
_سأضحي أنا ان لزم األمر ،ما أفسدته بفضولي يجب ان اصله هناك ابرياء راحوا
ضحية هذا الفضول ،اخبرنا ايها الزعيم مالذي علينا ان نفعله
أومأ أحمد برأسه و قال
_ سيذهب وسيم معك الى ذلك العالم المواز ،يمكن لوسيم بما انه لديه صفات الجن
ان يتخلل المكان الذي حبس فيه ابني سيحرره و بذلك يستطيع ابني ان يرجع وسيم
بشر بشرط ان يتم التحول في ذلك العالم ،لكن بعد هذا التحول و انقاذ ابني سيكون
عليكم ان تواجهو زعيم األرضيون نوع من الجن الكافر الذي يحرسون مكان تواجد
ابني ،ثم ستواجهون الناريون وهم اخطر انواع الجن هناك تعاويذ سأعطيها لوسيم
عليك معرفة وقتها ووقت القاءها يجب ان تركز يا وسبم ،اما انت يا اسامة فعليك
استحضاري الى ذلك العالم ولتعيد اللعبة انت وسندس وساخبرك بما تفعله وماتقوله
و سأحضر ان نجح استحضاري هناك سيكون االمر سهال وسنقضي على كل انواع
الجن و ان فشل استحضاري ستكونون في مأزق لذلك عليكم توخي الحذر
الكثير من الفضول سيؤدي بحياتك الى الهالك ستفقد أهلك ستبقى وحيدا شاردا تنتقل
بين العوالم و بين الجن بين الالشيئ في الظالم ،لكن هللا دائما موجود ،قد يرسل لك
شخصا من عالم مواز فقط لنقذك مما انت فيه بشرا كنت او جنا لن ينساك هللا
اخبرني وسيم انه سيذهب الى حيث شهد و أصدقائه و يخبرهم باالمر ،تذكرت
شيي عليا ان أساله للزعيم ذهبت مسرعا الى القصر و استدعيت احمد و سالته قايال
_ ايها الزعيم انا من هذا العالم و سندس زوجتي من هذا العالم ايضا لكننا تزوجنا
في عالم مواز هل هذا يعني ان زواجنا غير حقيقي ؟
ابتسم احمد و سألني
_هل تحبها ؟
فأجبته بشي من الخجل
_بالطبع إنني أعشقها
فقال لي
_اذا ال تخاف ،ستتذكرها ان كان هذا الحب حقيقيا ،لكن الزواج ليس حقيقي ،ما ان
عدتما الى هذا العالم نهائيا ستتذكرا كل شيئ صحيح لكن كل ماحدث هناك سيكون
باطال هنا ،لذلك يا بني ان وجدت سندس مرة اخرى عليك تجديد زواجك بها
بموافقة االهل الحقيقين
ارتحت قليال ولكنني ندمت ألنني تزوجتها في ذلك العالم وقد كنت اعرف ان ذلك
العالم ليس عالمي
قبل شهر
ودع كل من سامر و شيماء عائلتهما و توجها الى بستان العمة أنيسة حيث
ينتظرهما هناك شهد و رامي و سلمى ،اخذ سامر حاسوب وسيم و بعض الحاجيات
كما أخذت شيماء بعض الكتب التي يمكن ان تساعدهما في حل مشكلة أخيها