You are on page 1of 92

‫الجزء األول عرض تجريبي لروايتي األولى لعنة الفضول‬

‫مقدمة (تجريبية فقط)‬


‫عادة ما تكون المقدمات مملة جدا ‪،‬لذلك لن أطيل عليكم و لن تملوا‬
‫تمهيد‬
‫رغم محاوالت الليل الكثيرة في اخماد تلك الروح إال أن الصباح يجعلها تنتفض و‬
‫تنهض من جديد ‪،‬ال تيأس هذه النفس عن التقدم الى األمام طالما هناك شمس تسقط‬
‫في آخر اليوم ثم يولد نهار جديد في ‪ ،‬و رغم اليأس الذي يحتل القلب بين الفينة و‬
‫األخرى إال أن هناك وميض أمل يترآى في األفق ‪،‬نحن ال نيأس بل ننطوي داخل‬
‫ذلك اليأس لنبحث فيه عن ذرة أمل ثم نخرج بها و نحن بكامل قوانا‬
‫قبل خمس سنوات كان يجلس قرب مكتبه حامال ورقة وقلما و يخط بأنامله كلمات قد‬
‫حفظها عن ظهر قلب ‪:‬‬
‫""الفؤاد يتكلم و العقل يتكلم وكل منهما يريد فرض سطوته على ذاتي‪ ،‬وانا بذاتي ال‬
‫أريد أن أسمع لقلبي كثيرا فأكون ليّنا لين الفتيات ورقيقا مرهف األحاسيس ‪،‬و من‬
‫جهة أخرى ال أصغي لكلمات عقلي ‪ ،‬و أتجاهل بهذا قلبي ويصبح مستحوذا على‬
‫كُلّي ‪،‬لؤمسي بحال عسكري ٍ محنّك ‪ ،‬إني أعمل جاهدا ّ‬
‫لؤوفق بين اإلثنين ‪،‬ولتعلمي‬
‫أنه ليس بهيّن ‪،‬سأعقد بين اإلثنين ‪ ،‬سيبقى حب من القلب الى األبد و يشتغل العقل‬
‫الى األبد‪ ،‬االول ألني أحبك و الثاني ألنالك فلتعلمي علم اليقين ‪،‬انت هي غايتي و‬
‫وسيلة اسعادي و سيبقى معدّل حبي لك في منحنى متزايد من األزل الى األبد ‪"".‬‬
‫أكمل الكتابة و استلقى بظهره على سريره و تنهد و أغمض عينيه ‪...‬‬
‫الفصل األول‬

‫افضل يوم هو يوم الخميس رأي اتفق عليه كل العالم ‪،‬هو بداية لعطلة األسبوع ‪،‬و‬
‫نهاية عمل شاق أو دراسات طويلة ‪،‬هو بداية للعطلة الشتوية والربيعية و الصيفية‬
‫‪،‬يوم لألفراح و المناسبات ‪،‬مساء الخميس هو من أروع األمسيات ‪،‬كالخروج لتناول‬
‫العشاء في المطعم او الذهاب للبحر أو قضاء ليلة في السهر و مشاهدة التلفاز أو‬
‫الذهاب عند بيت الجد و االستمتاع مع األهل بأمسية رائعة‬
‫بالنسبة لي يوم الخميس هو يوم حظي ‪،‬قليال ما كان يمر هذا اليوم مرورا عاديا قليل‬
‫جدا ‪،‬فإما نذهب لبيت جدتي أو عند خالتي أو نخرج لتناول العشاء في المطعم عائلي‬
‫‪،‬المهم ال نقضي أمسية ذلك اليوم في البيت أبدا‬
‫و قد كان من حسن حظي في ذلك اليوم‪ ،‬أن قرر أبي إرسالي الى عمتي أنيسة‬
‫ألقضي العطلة الشتوية عندها ‪،‬بدعوة منها كي أساعدها في بعض األمور التي لم‬
‫تعد تقوى لفعلها ‪،‬فعمتي امرأة وحيدة و ظروف الزمان جعلتها ال تقوى على العيش‬
‫بمفردها لذلك أرسلت طلب استغاثة ألبي من أجل أن يرسل ابنته الوحيدة لتنقذ أخته‬
‫الوحيدة ‪،‬لكن ال يعلمون أنهم أنقذوني بدورهم بدال من أن أقضي العطلة الطويلة في‬
‫بيت جدتي مع أوالد خالتي المزعجون فسأقضيها عند عمتي في ذلك البستان المفعم‬
‫بالحيوية يااااه كم أنا محظوظة ‪،‬سأذهب حيث الهدوء ‪،‬الطبيعة ‪،,‬الهواء المنعش‬
‫و بسرعة جهزت أغراضي ‪،‬لم يكن عليا أخذ الكثير فعمتي لديها ما يكفيني هناك من‬
‫مالبس و أحذية و أغراض اخرى ‪،‬فقد أخذت ما ينبغي عليا أخذه فقط كالشاحن و و‬
‫كتبي و هاتفي و القليل من المالبس فقط‬
‫امي من النوع الحريص ‪،‬لقد رأتني أخرج من الغرفة بيدي محفظتي التي تبدو خفيفة‬
‫جدا ثم قالت مشيرة الى المحفظة بذهول و كأنها رأت شيء عجيب‬
‫_شهد ما هذا !!‬
‫أجبتها وانا أمعن النظر الى المحفظة بتعجب‬

‫_انها محفظة يا أمي ‪،‬هل تبدو لك بطيخة !!‬


‫ضحكت أمي لطريقة كالمي ثم قالت ‪:‬‬
‫_هل ستذهبين عند الجيران يا ابنتي ‪،‬انك ستسافرين يا شهد الطريق طويل‬
‫تحتاجين الى معطف و أكل و شراب و ‪...‬‬
‫لم تكمل كالمها فقاطعتها قائلة بهدوء ‪:‬‬
‫_تعرفينني يا أمي‪ ،‬انني ال أحب المالبس الثقيلة ‪،‬أنا مرتاحة هكذا ‪،‬بالنسبة لألكل‬
‫سأشتري في الطريق ال تقلقي ‪،‬‬
‫وضعت أمي يدها على رأسي و قالت بحنان ‪:‬‬
‫_على األقل خذي معطفك و ضعيه في الحقيبة‪ ،‬السفر في الليل متعب و قد يسوء‬
‫الجو فجأة ‪.‬‬
‫(شهد بطلة الرواية ‪،‬فتاة في منتصف العشرينات ‪،‬قصيرة القامة ‪،‬ذات بشرة بيضاء‬
‫كالثلج ‪،‬وعيون بلون العسل تدور حولها رموش كثيفة تزيد من جمال هذه العيون‬
‫وحاجبان مرسومان بدقة رائعة مما زاد في جمال ذلك الوجه المستدير ‪،‬تعمل شهد‬
‫أستاذة فلسفة في الطور الثانوي النهائي )*‬
‫بعد محاوالت كثيرة في اقناع امي بأنني مرتاحة على أي حال‪ ،‬لكنني فشلت‪ ،‬فقد‬
‫دست المعطف رغما عني في محفظتي و أمدتني ببعض األكل و المياه ‪،‬ااااه يا نبع‬
‫الحنان سأشتاق لك‬
‫(السيدة صفية والدة شهد امرأة في األربعينات من عمرها ‪،‬تعمل مدرسة في الطور‬
‫االبتدائية )‬
‫ذهبت مع أبي ليوصلني الى محطة القطار‪ ،‬لست من النوع الذي يحب المرتفعات‬
‫فأنا أكره الطائرة بالرغم من أنها كانت ستوفر عليا وقت كبير فعوض أن أصل غدا‬
‫صباحا فسأصل بعد ساعة و نصف لكنني ! اخاااف‪.‬‬
‫عمتي أنيسة امرأة في العقد السادس من عمرها وحيدة و ليس لها أوالد ‪،‬مات‬
‫زوجها منذ سنة تقريبا ‪،،‬ترك لها أرضا كبيرة (بستان)‪،‬و بيتا جميل له طابقين‬
‫‪،‬صمم البيت بطريقة هندسية رائعة جدا كيف ال و قد صممه أشهر مصمم في‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬انه زوجها رحمه هللا ‪،‬كان للبيت موقعا جغرافيا ممتازا بعيدا عن‬
‫ضجيج البشر ‪،‬و على بعد ‪ 7‬كيلومترات من القرية ‪ ،‬و بالقرب من جبل‬
‫شاهق يكتسي حلة بيضاء في كل شتاء ‪،‬مما يزيد المكان بهاء و روعة ‪،،‬يدور‬
‫حول ذلك المكان عدة أشجار و مساحات خضراء تشرح الصدر ‪ ،‬بجانب البيت‬
‫توجد حديقة زرعت فيها كل أنواع الزهور و بجانبها أشجار الجوز و التفاح و‬
‫بالجانب اآلخر للحديقة غرست شجيرات الفراولة و شجرة العنب التي امتدت‬
‫لتغطي نصف الحديقة و كأنها سقف ‪ ،،‬و من وراء المنزل اصطفت شجرات‬
‫الزيتون هناك الشتهار تلك المنطقة بإنتاج الزيتون و الزيوت ‪،،‬ياااه كم اشتقت لذلك‬
‫المكان‬
‫وصلت الى المحطة ‪،‬اشترى لي أبي الشكوال و أعطاني علبة أخبرني أنها تخص‬
‫عمتي فهي تحب هذا النوع من الشكوال ‪،‬أبي ليس مثل أمي لم يكن حريصا و خويفا‬
‫مثلها بل كان يعتمد عليا و كأنني ولده و ليس ابنته كل كالمه يبث في داخلي القوة و‬
‫الثبات‬
‫(السيد وائل ‪،‬والد شهد رجل في الخمسينات من عمره ‪،‬يعمل مديرا ماليا في مشفى‬
‫خاص )‬
‫_اعتني بحالك يا شهد انت فتاة قوية ‪،‬اعتني بعمتك جيدا فهي اختي الوحيدة ‪،‬أنا‬
‫أعرف انك ستكونين في امان يابنتي لطالما قرأت دعاء السفر و توكلت على هللا‬
‫_شكرا لك أبي ‪،‬سأكون عند حسن ظنك ان شاء هللا‬
‫تكلم أبي واضعا يده على كتفي ‪:‬‬
‫_هل تحبين أن أنتظر معك‬
‫_ال يا أبي القطار على وشك الوصول ‪،‬اذهب أنت لقد بقيت امي لوحدها في البيت‬
‫وهي امرأة ضعيفة و تخاف و قد يخرج لها صرصور صغير فال تجد منقذا ههههه‬
‫أطلق أبي ضحكة طويلة ثم قال ‪:‬‬
‫_أنت ال تكفين على التفوه باألقاويل المضحكة التي تشبهك ههههه‬
‫_حسنا يا أبي ستشتاقون يوما ألقوالي المضحكة هههه‬
‫_سأشتاق حقا الى شهد المزعجة‬
‫قالها وهو يضع يده على رأسي‬
‫_سأبكي يا أبي ان لم تذهب حاال‬
‫قلتها و انا انزل يده على رأسي و ابعده كي يرحل‬
‫عانقني أبي و ذهب أما أنا فالحظت كرسيا فذهبت ألجلس عليه ‪.‬‬
‫على المقعد الذي بجانبي ‪ ،،‬تجلس امرأة تبدو في الثالثينات من عمرها بين‬
‫ذراعيها طفل رضيع وبجانبها بنت صغيرة على األرجح بين أربع أو خمسة‬
‫سنوات ‪ ،‬كنت أراقب المكان و األشخاص من حين آلخر ‪،‬كانت تلك عادتي أحب‬
‫التعرف على وجوه البشر الذ ين أراهم أول مرة و بذلك أستطيع معرفة القليل من‬
‫شخصياتهم عن طريق تعابير وجوههم‪،،‬كأنني أمارس علم الفراسة لكنني لست‬
‫محترفة قد أخطأ في تقييم أحدهم أو إحداهن‬
‫فجأة قامت المرأة و أخذت معها طفليها ‪ ،‬كنت على وشك أن أقوم من مكاني لوال‬
‫رؤيتي له و هو يهرول هاربا من شيء ما‪ ،،‬ثم جلس على المقعد الذي بجانبي و‬
‫كان يبدو عليه اإلرهاق الشديد ‪،،‬اتكئ على الكرسي ثم استلقى بكامل جسده الذي‬
‫يتصبب عرقا ‪ ،‬و صار يرتجف ‪ ،‬أصابتني الحيرة مما رأيت ‪، ،‬لم أعرف ما أفعله‬
‫هل أذهب اليه و أسأله أو أتركه لينشغل به أحد ما غيري ‪،‬حالته تزيد و تزيد جسده‬
‫يعلو و ينخفض و كأنه يصارع الموت ‪،‬خفت أن يكون الموت قد دخل جسده و انه‬
‫يلفظ أنفاسه األخيرة تملكني رعب كبير و دهشة لما يحدث ‪،‬فالكل منشغل بنفسه و ال‬
‫ينتبهون لما يحدث مع هذا الشاب المسكين ‪،‬على مقربة منه يقف شيخ كان يدخن و‬
‫يفكر و ينظر أحيانا الى السماء ‪،‬هناك أيضا زوجان يبدوان في حالة خصام و‬
‫أصواتهما عالية جدا فكان يبدو ان الزوجة تعاتب زوجها و خلفنا كانت تلك المرأة‬
‫و طفليها و العديد من الناس يصلون الى المحطة و ينتقلون هنا وهناك وال أحد كان‬
‫قد رق لحاله ‪،،‬بدون تفكير زائد ذهبت مسرعة اليه ‪،‬انحنيت بجسمي أمامه و‬
‫سألته عن حاله‪:‬‬
‫_ *سيدي مابك هل تعاني من شييئ*‬
‫نظر لي بطرف عينه ثم أغمضهما وراح يتمتم بكلمات غير مفهمومة‬
‫_مابك سيدي ؟؟ أجبني‬
‫‪،،،‬كان يتكلم بين شفتيه كالم غريبا غير مفهوم ‪،‬أعدت سؤالي له و قد زدت من‬
‫حدة صوتي‬

‫_سيدي مابك هل تريد مساعدة !؟؟؟‬

‫استدار ذلك الشيخ اليا و نظر باستغراب شديد ثم زمجر قائال ‪:‬‬
‫_ال يوجد في هذه المدينة إال المجانين‬
‫رمى بالسجارة في األرض و رحل تاركا اياني في حيرة من كالمه ‪،‬نظرت من‬
‫حولي فإذا بأشخاص كثيرون ينظرون لي تلك النظرة ‪،‬لم أفهم حقا لماذا يبغضون‬
‫هذا الشاب و لما لم يحاولوا مساعدته ‪،‬تجاهلتهم ‪،‬و عدت أنظر الى الشاب الملقى‬
‫امامي على الكرسي أستفسر منه أمره‪ ،‬كان يقول (انها اللعنة ‪،،‬انها اللعنة‬
‫‪،،‬ستحل اللعنة ) ‪ ،‬وضعت يدي على جبينه أتحسس حرارته ورحت أقرا عليه‬
‫بعضا من آيات القرآن التي أحفظها ‪،‬نزعت يدي بسرعة ‪،‬ثم رفعت رأسي أبحث‬
‫عن من يساعدني فرأيت تلك المرأة التي كانت تجلس هنا‬
‫ناديتها لعدة مرات لكنها كانت مشغولة مع طفلها الذي صار يبكي بال توقف و ابنتها‬
‫التي كانت تشدها من طرفها و هي تشير لها لمكان ما ‪،‬بدت المرأة منشغلة عني‬
‫تماما لدرجة لم تسمعني و لم تراني ‪.‬‬
‫مزال هذا الشاب يرتجف ويردد تلك الكلمات الغريبة و التي لم افهم ماذا يقصد‬
‫بها ‪،‬لم أعرف ماذا افعل حياله ‪،‬كيف اوقف نوبته هذه ‪،‬كنت أتسأل لما ال ينتبه لنا‬
‫الناس هل لهذه الدرجة أصبحوا بال ضمير كيف لهم أن يروا هذا المسكين يصارع‬
‫الموت و ال أحد يقترب لكي يساعده ‪،‬زاد ارتجافه و أصبح يتصبب عرقا ‪،‬امسكته‬
‫من كتفه و شرعت أصب عليه وابال من األسئلة ‪:‬‬

‫_ تمالك نفسك ‪،‬اهدأ و افتح عينيك أرجوك ‪،،‬عن أي لعنة تتحدث؟ مما تعاني‬
‫سيدي؟ هل أطلب لك اإلسعاااف؟‬
‫توقف الشاب عن ترديده لتلك الكلمات ثم فتح عينيه و قال في ذهول وتلعثم ‪:‬‬

‫_لكن ككيف حصل ذلك‪ .‬؟‬


‫فقلت له بخوف و ريبة ‪:‬‬

‫_ ما بك ؟ ما الذي يؤلمك ؟ حرارتك مرتفعة جدا يجب ان تذهب الى المستشفى‬


‫لم يجبني على أي سؤال ظل ينظر الى وجهي بدون أن يرمش عينيه و العرق‬
‫يتصبب على وجهه كالشالل تسارعت أنفاسه حتى ظننت انه سيغمى عليه ‪،‬امسكته‬
‫على ذراعه و سحبته كي يجلس ثم قلت ‪:‬‬
‫_هل تريد أن تشرب؟هل أحضر لك الماء ؟‬

‫نظر حوله ومال بنظره يمينا شماال ثم قال‬

‫_ كيف رأيتني؟‬
‫قلت له بتعجب ‪:‬‬
‫_مابك يا رجل أظن أن الحمى أثرت على عقلك !! كيف ال أراك هل أنا عمياء‬
‫‪،‬أظن أن الناس هنا هم الذين ال يبصرون لقد طلبت االغاثة و ال أحد أعارني‬
‫اهتماما ‪،‬تبا لهم عديموا الضمير‬
‫فجاة قام من مكانه و قد حول بصره في كل االتجاهات كأنه يفتش عن شيء ‪ ،‬ما ثم‬
‫عاد لينظر إلي ‪،‬وقفت أنا من مكاني و ذهبت ألحمل حقيبتي و كلي حيرة من هذا‬
‫الشاب الغامض ‪،‬صدحت صافرة القطار من بعيد معلنة عن وصوله ‪،‬استدرت‬
‫ألخبر الشاب أنني سأسافر وانه يجب أن يذهب الى المستشفى لكنني لم أجده و كأنه‬
‫تبخر ‪،‬جلت بنظري باحثة عنه لكنني لم أعثر حتى على خياله ‪،‬يبدو أنه رحل‬
‫‪،‬فعال كان شخصا غريبا‬
‫صعدت الى القطار و اخترت مقعدا بجانب النافذة‬
‫لو كنا في النهار إلستمتعت أثناء الرحلة بالمناظر التي تخطف العقل‪ ،‬و أنا اسمح‬
‫بعقلي أن يحملني في هواء الخيال ألهيم بنفسي داخل تلك المروج ‪ ،‬لكنني بالليل‬
‫‪،‬لكن على األقل سأستم تع بسواده و سمائه و نجومه وذلك القمر النصف مكتمل‬
‫يترآ ى لي من بعيد وحيدا تدور حوله تلك النجوم و كأنها حراسه ‪ ،‬تناسيت فعال ما‬
‫حدث قبل قليل و نسيت أمر ذلك الشاب الذي تبخر في الهواء ‪،‬هو لم يتبخر هكذا‬
‫أنا أحسست فقط ‪،‬لم أحس بالوقت و لم أنتبه لمن يجلس بجانبي ‪،،‬فجأة شعرت‬
‫بأنفاس ساخنة بقربي و صوت يشبه الوشوشة يقول ‪:‬‬

‫_لم أتبخر أنا هنا بجانبك يا ذات العيون العسلية‬


‫إلتفت الى المقعد الذي بجانبي فإذا بي أراه ينظر لي بإبتسامة واسعة ‪،‬ابتلعت ريقي‬
‫بصعوبة ثم قلت له ‪:‬‬
‫_هل قرأت أفكاري يا هذا!؟‬
‫أجابني‪:‬‬
‫_لكنك تفكرين بصوت عال يا انسة‬
‫تجاهلت رده و قلت ‪:‬‬
‫_كيف وصلت الى هنا ؟ لم أالحظ وجودك‬
‫أجابني بثقة ‪:‬‬
‫_لقد كنت بجانبك طوال الوقت ‪،‬ثم واصل حديثه‬
‫بنبرة تعجب قائال‪ :‬بالمناسبة من أنت؟‬

‫إعتدلت في جلستي‪،،‬و أخذت نفسا عميقا أحاول تمالك أعصابي لمنع حدوث شجار‬
‫يفسد عليا رحلتي ‪:‬‬

‫_عفوا ايها الرجل ‪،‬لست هنا لكي أتعرف على الناس‬

‫غضن حاجبيه و صوب نظراته الى عيني ‪،‬كنت أحس بقطرات العرق تتساقط على‬
‫ظهري من شدة الخوف ‪ ،‬ارتجفت أطرافي و أصبح دخول األكسجين صعبا قليال‬
‫الى رئتي مما زاد دقات قلبي سرعة ‪،‬ثم سمعته يقول ‪:‬‬
‫_أين شردتي يا مجنونة ‪،‬أنا أكلمك منذ لحظات ‪،‬أعرف انك لست هنا للتعرف على‬
‫الناس لكن من يصنع معروفا يكمله أليس كذلك ؟‬
‫قال كالمه و قد ارتسم شبح ابتسامة على ثغره و إرتخت مالمحه و إكتست وجهه‬
‫بشاشة غريبة‬
‫نظرت إليه قائلة بحدة ‪:‬‬
‫_ أوال انا لست مجنونة ‪،‬ثانيا ال أعرفك و ال يحق لك مناداتي هكذا ثالثا الحمد هلل‬
‫على تعافيك أراك بصحة جيدة وال تحتاج لمن يساعدك‬
‫أطلق ضحكة عالية عمت المكان ضجيجا و المدهش ان الركاب لم يعيرونا اي‬
‫اهتمام ولم تظهر عليهم اي ردة فعل بسبب ضحكته العالية المبالغ فيها ‪،‬قاطع‬
‫شرودي صوته ‪:‬‬

‫_اخبريني ما إسمك ؟‬
‫أجبته بغضب ‪:‬‬

‫_و ما شأنك بإسمي !!‬


‫اجابني بضحكة أبرزت من خاللها جميع أسنانه التي كانت كالجوهر األبيض ‪:‬‬
‫_ألني ال أحب الرسميات ‪،‬آنسة مجنونة ‪،‬تشعرني بالغرابة وانا لست غريبا‬
‫‪،‬بالمناسبة معك وسيم‬
‫ثم مد يده ليصافحني‬
‫بقيت أنظر الى يده المبسوطة أمامي بإشمئزاز و غضب ثم قلت ‪:‬‬
‫_إسمي شهد ‪ ،‬وأرجو ان تتوقف عن التفوه بتلك الكلمة ‪،‬لكن لن أصافحك‪.‬‬
‫أدرت وجهي الى النافذة متجاهلة اياه‬
‫دخل في هستيريا من ضحك لثوان ثم قال ‪:‬‬

‫_حسنا يا شهد يا مجنو‪، ...‬‬


‫نظرت اليه قبل ان يكمل و الشر يتطاير من عيناي ‪،‬فعض على شفتيه محاوال كتم‬
‫ضحكاته ثم اردف قائال وقد تحولت مالمحه الى الجدية بسرعة ‪:‬‬
‫_ هل تعلمين شيئ ! إنك بالنسبة لي كورقة يناصيب يا فتاه‬
‫لم افهم شيئ مما قاله‪ ،‬نظرت له بتعجب واضح فأدرك هو أنني لم افهمه فإستطرد‬
‫قائال‪:‬‬
‫_أظن أنك لم تفهمي بعد ‪ ،‬لن تفهميني اآلن ‪،‬لكنن سأوضح لك أمرا مهما‬
‫نظر الى النافذة و ابتسم ابتسامة خفيفة ثم اغمض عينيه و قال ‪:‬‬

‫_عليك أن تقدمي لي معروفا لن أنساه لك في حياتي‬

‫نظرت اليه بإستغراب شديد ثم قلت بغضب ‪:‬‬


‫_ماذا تريد مني !! حتى لو أخبرتني فأنا لن أوافق ‪،‬اذهب و ابحث عن شخص آخر‬
‫لست انا الشخص المناسب ألي شيء ‪،‬انا مجرد فتاة عادية ال أنفعك في شيء يا سيد‬
‫وسيم ‪.‬‬
‫كانت في داخلي رغبة قوية في البكاء او الصراخ ااو حتى الهروب ‪،‬كنت خائفة جدا‬
‫من هذا الشخص الغريب الذي ال يتركني و شأني و كأنه لعنة حلت عليا ‪ ،‬لكنني‬
‫تذكرت كالم أبي و أخذت كلماته تتردد في داخل _أنت قوية يا شهد_انت قوية _‬
‫‪،‬اخذت نفسا عميقا و حاولت أن أبدو بكامل قواي و لن أظهر ضعفي له سيحاول‬
‫استغاللي بأي طريقة لكنني لن أتركه يفعل هذا‬
‫عندما نظرت له كان يغلق عينيه بشدة و يضغط بأصابعه على مقدمة رأسه و كأنه‬
‫يفكر في أمر ما ‪،‬‬
‫فتح عينيه و قد بدتا متوهجتين وكأن هناك نورا يشع منهما ‪ ،‬ثم حول نظره الى‬
‫عيناي ‪،‬و عندما تالقت عيناه بعيناي أحسست كأنني غصت داخلهما ثم خرجت‬
‫‪،‬فصارت دقات قلبي متسارعة من شدة الخوف ممتزجا ببعض الشعور الغريب‬
‫الذي أجهل منبعه ‪،‬الخوف من هذا المجهول الذي اقحمت نفسي في مساعدته ‪،‬يا‬
‫إالهي لو كنت أعلم ان هذا سيحصل لما تدخلت أبدا ‪،‬استفقت على صوته و هو‬
‫يقول هامسا ‪:‬‬

‫_لطالما بحثت كثيرا لكنني يأست من إيجاد شخص ينقذني مما أنا فيه ‪،‬الى أن‬
‫عثرت عليك ‪،‬انت الشخص المناسب و انت الشخص المنشود الذي أبحث عنه‬
‫بطريقة تلقائية سألته بهمس و كأنني أقلد طريقة كالمه ‪:‬‬
‫_لكن كيف ؟ و لماذا أنا !؟‬
‫أجابني وقد ارتفعت نبرة صوته قليال ‪:‬‬

‫_ األمر معقد جدا‬


‫توقف لحظة عن الكالم ثم أردف قائال‪:‬‬
‫_هل تعديني بأنك ستبقين معي آلخر لحظة (قالها وهو ينظر لي بشغف)‬
‫إستدرت اليه بكامل جسدي و قد بدا على وجهي االهتمام بأمره ثم قلت له ‪:‬‬

‫_أسئلتك غريبة يا هذا ‪ ،‬اخبرني ألعرف لب الموضوع ‪،‬ثم سأخبرك عن رأيي‬


‫‪،‬الوعد ال يأتي قبل أن أعرف ما الحكاية يا سيد وسيم‬
‫تنهد و أرجع ظهره الى الوراء ثم زفر زفرة طويلة ثم قال‪:‬‬

‫_بال سيد هذه و قولي وسيم فقط تكفي‪ ،‬لست سيدا ألحد‬
‫بدا عليه االنزعاج ثم أردف قائال ‪:‬‬
‫اذن هل أنت مستعدة لمعرفة شيئ ما اوال ‪،،‬‬
‫زادت حدة انتباهي و قلت‪:‬‬
‫_مالذي يجب ان أعرفه‬
‫أغمض عينيه و أخذ نفسا عميقا ثم فتح عينيه مرة اخرى و قال‪:‬‬

‫_ماذا تعرفين عن عالم الجن ؟‬

‫كان سؤاله غريبا و ليس في محله تفاجأت حقا بسؤاله ‪،‬ماعالقة الجن بحديثا!!‬
‫‪،‬ظنن ت انه مجنون او أنه يريد ان يشتت تفكيري ‪،‬لم يتركني استمتع بالمناظر و ال‬
‫أن أسرح بخيالي ‪،‬انه شاب غريب األطوار أفسد عليا رحلتي ‪،‬أجبته بعد تفكير ‪:‬‬

‫_الجن! وما عالقة الجن بحديثنا ؟‬


‫زادت صرامته و قال‪:‬‬
‫_أجيبيني أوال ‪،‬ستعرفين ذلك الحقا‬
‫بعد تفكير قصير أجبته قائلة ‪:‬‬
‫_أعرف انهم مخلوقات من نار ‪،‬و بيننا و بينهم حجاب يرونا وال نراهم ‪،‬فيهم‬
‫المسلم و فيهم الكافر‬
‫هذا ما أعرفه و هو المتداول بين كل الناس‪.‬‬

‫حك رأسه ثم نظر لألعلى و كأنه يفكر ثم قال ‪:‬‬

‫_هال رافقتني الى ذلك العالم ؟‬

‫في تلك اللحظة أدركت انني بجانب شخص مختل عقليا ‪ ،‬او ربما هو مشعوذ أو‬
‫دجال ‪ ،‬وقفت مبتعدة عن مقعدي بفزع و انا أرمقه بنظرات ممتزجة بخوف و‬
‫غضب ‪،‬و لذذت بالفرار من أمامه ‪،‬كانت تلك القطرة التي أفاضت الكأس‬
‫طلبت من إمرأة عجوز أن نتبادل المقاعد و أخبرتها أن الشاب الذي كان يجلس‬
‫بجانبي قد أزعجني فنظرت لي بتعجب و قالت ‪:‬‬

‫_‪:‬اي شاب بنيتي؟ ‪،،‬ال يجلس بجانبك أحدا !!‬

‫أدرت رأسي للمقعد فوجدت السيد وسيم ‪ ،‬ينظر لي نظرات حادة ‪ ،،‬فكرت في أن‬
‫العجوز ال ترى جيدا نعم ربما لديها ضعف في النظر‬
‫فطلبت من الشاب الذي يجلس بجانبها أن نتبادل األماكن و قد كان يسمع ما دار‬
‫بيني و بين المرأة العجوز فقال لي متعجبا ‪:‬‬

‫_عفوا يا آنسة أنتي تجلسين وحدك و ال يجلس بجانبك اي شاب !‬


‫هنا إعتلت الدهشة وجهي ‪،‬وجهت نظري له فوجدته مزال ينظر لي بتلك النظرة‬
‫الحادة مما زادت في قلبي رعبا ‪ ،‬و ما كان عليا إال أن أرجع الى مكاني ‪ ،‬أسندت‬
‫رأسي على الكرسي و أغمضت عيناي ثم سألته بتلعثم ‪:‬‬

‫_ ما الذي يحصل؟؟ ‪،‬أقسم انهم لم يروك ‪ ،‬تلك العجوز و ذلك الشاب ‪!!،‬‬
‫ابتسم ثم قال ‪:‬‬

‫_ ال تخافي ‪،‬ان هللا معنا و أنا معك ‪،‬قلت لك أنك انت حبل نجاة لي لذلك عليك‬
‫مساعدتي يا شهد بغض النظر عن الحقائق المفزعة التي ستعرفينها الحقا‬

‫تجاهلت كالمه و كأنني ال اريد أن أعرف شيئ سوى أن أتأكد من أن الذي بجانبي‬
‫هو انسان‪ ،‬و إال سأكون في ورطة حقيقية ‪،‬سألته و كلي خوفا من اإلجابة ‪:‬‬

‫_من تكون أنت ؟‬

‫‪،‬أجابني ممازحا ‪:‬‬

‫_ انا وسيم‬

‫_ هذا ليس وقت المزاح يا وسيم ‪،‬أجبني من تكون أنت ؟ الناس في المحطة لم‬
‫يعيروك اهتمامهم برغم مرضك و توجعك أمامهم ناهيك عن استغراب بعض‬
‫الموجودين بالقرب مني عندما كنت أساعدك و لم افهم ذلك أبدا ‪،‬و اآلن هذه‬
‫العجوز ‪،،‬و ذ لك الشاب لم يرياك و ال يعلما بوجودك رغم انني أراك و متأكدة‬
‫انك حقيقة لست في خيالي ‪،،‬أخبرني ما األمر !؟‬
‫أطال بنظراته لي حتى كادت عيناه تشع من نور كأن عينيه أصبحتا مشتعلتين ‪،‬ذلك‬
‫المنظر الذي تكرر مرتين الى اآلن ‪ ،‬فأغمض عينيه لوهلة و فتحهما ثم قاال ؛‬

‫_لكن السر يكمن فيك انت‬

‫_أنا السر و كيف ذلك ؟‬

‫_لما أنت فقط من تريني من بين كل هؤالء البشر !؟ قلت له و الخوف يعتلي‬
‫مالمحي ‪:‬‬
‫_ال أعلم شيئ ‪،‬كل ماأعرفه أنني أراك اآلن أمامي ‪،‬انا لست أحلم و ال أتخيل ‪،‬أنا‬
‫في الواقع و متأكدة من ذلك ‪،‬لكن كيف حصل هذا فأنا ليس لدي اي أفكار ‪،‬أنا خائفة‬
‫و مرتبكة لقد تشوش رأسي ‪،‬أظن انني في كابوس مخيف سأستيقظ بالتأكيد سأستيقظ‬
‫!!!‬
‫نظر اليا بنظرة توحي باإلطمئنان و قال‪:‬‬
‫_إهدئي يا شهد ‪،‬ال تخافي لطالما انت معي فإنك في أمان أعدك بذلك‪،‬لكن عليك فعل‬
‫شيئ واحد فقط يا شهد هو أن تثق بي و تذهبين معي‬
‫قلت له في تعجب ‪:‬‬
‫_ و الى اين سأذهب معك ؟‬

‫_ ‪:‬الى قريتي‬

‫_كيف سأذهب الى قريتك و انا ساذهب عند عمتي‬


‫و زيادة عن ذلك فأنا ال أعرف بااضبط اي كيان هو انت (قلتها بخوف واضح )‬
‫‪،‬بادلني هو الحديث قائال‪:‬‬

‫_ثقي بي لن يحدث لك شيئ يجب أن تساعديني ‪،،‬األمر خطير جدا ‪،‬األمر اخطر‬
‫مما تظنين أعدك بأن أحميك من كل شيئ ‪،‬ستكونين بأمان ‪.‬‬
‫قلت له و قد بدا عليا عدم االرتياح ‪:‬‬
‫_ال لن أذهب ‪،،‬سأصل الى بستان عمتي قريبا ‪،‬إنها تنتظرني هناك‬
‫اجابني بعزم‪:‬‬
‫_اذن سأذهب معك‬
‫قلت له بغضب‪:‬‬
‫_ماذا الالاا لن تذهب معي !! ماذا سأقول لعمتي حينها‬

‫_ لن تراني عمتك ‪،،‬أنت الوحيدة التي يمكنك رؤيتي و قد تأكدت من ذلك اآلن‬
‫قلت له بخوف و قد تجمعت الدموع في عيناي‬

‫_أخبرني يا وسيم من تكون ‪،‬أرجوك من تكون !؟‬

‫أغمض عينيه و تنفس بعمق ثم قال بحزن ‪:‬‬

‫_أنا انا ‪،،‬من الجن يا شهد ‪،‬لم أكن أريدك أن تعرفي بهذه الطريقة لكن أنت لم‬
‫تسمعي كالمي أوال ‪،‬أنا آسف‬

‫أصابني الدوار حين قال هذا ‪،،‬أنا أجلس بجانب جني الال هذا غير معقول كانت‬
‫اإلجابة كفيلة بأن تفقدني الوعي لخمس دقائق‪ ،‬حين إستفقت وجدت تلك العجوز و‬
‫هي تحمل قار ورة ماء و تنثر منها ماتبقى من المياه على وجهي ‪،‬فتحت عينياي و‬
‫رحت أقول بصوت خافت‬
‫_‪،‬أين أنا ‪،‬أمي أمي‬
‫‪،‬فقالت العجوز‪:‬‬
‫_بنيتي لقد كنت تتحدثين لوحدك طوال الوقت ثم دخلت في نوبة صرع و اغمي‬
‫عليك‬

‫‪،‬كأن ذاكرتي غابت ثم رجعت فجأة ‪،‬ظننت أنني في حلم و تمنيت أن أكون في حلم‬
‫حقا ‪ ،‬ما حدث معي كان مرعبا حقا ‪ ،‬عندما استفقت لم يكن وسيم بجانبي جلت‬
‫بنظري أبحث عنه لكنه تبخر مرة اخرى تمنيت أن يختفي لألبد و اكمل رحلتي‬
‫بسالام لكن األمور تريد أن تتعقد‬
‫‪ ،‬توقف القطار في احدى المحطات ‪،‬خرجت لكي أشتري بعض الماء فما عدت‬
‫أقوى على متابعة ما يحصل لي فأنا بحاجة للقوة و ان كانت قوة الجسد عليا أن امده‬
‫بالطاقة ‪،،‬رن هاتفي فجأة فقفز قلبي بين أضلعي ‪،‬أصبحت أرتعب من كل حركة ‪،‬‬
‫استغفرت هللا و أجبت على اإلتصال ‪:‬‬
‫_مرحبا يا امي‬
‫_كيف حالك يا شهد‬
‫_انا بخير ‪،‬لقد توقف بنا القطار في المحطة قبل االخيرة مزال هناك اربع ساعات و‬
‫سأصل فجرا عند عمتي‬
‫_هل تناولت عشائك عزيزتي‬
‫_نعم يا امي ال تقلقي‬
‫_بنيتي ارتدي معطفك الجو بارد في الليل‬
‫_حسنا يا أمي سأرتديه ‪،‬تصبحين على خير‬
‫_رافقتك السالمة و انتي من أهل الخير‬
‫اغلقت الخط و توجهت لمحل اشتريت قارورة مياه معدنية ‪ ،‬ثم رأيته و هو يتجه‬
‫نحو ممر فارغ مظلم ‪،‬أشار لي بيده أن أتبعه ‪ ،‬قررت لحاقه بدون أن افكر في اي‬
‫عواقب ‪،‬تناسيت كونه جني او باألحرى لم أكن أصدق ذلك و رحت أركض خلفه‪،‬‬
‫استقرينا في مكان شبه مظلم و ال يوجد به أحد ‪،‬طلبت منه أن يخبرني الحقيقة فقط‬
‫فقلت‪:‬‬

‫_ أرجوك أخبرني أنك تمزح معي‪،‬األمر ال يصدق لم سستطع عقلي إستواعبه‬


‫‪ ،‬ضحك ثم قال ‪:‬‬

‫_أخبرتك بالحقيقة يا شهد ‪،‬أنا جني مسلم ال تخافي مني‬


‫قلت له برعب شديد و استغراب‪:‬‬
‫_ كيف لي أن اراك هكذا و هل هذا شكلك الحقيقي ؛!؟؟‬
‫تغيرت مالمح وجهه الى الحزن ثم قال ‪:‬‬

‫_ربما يا شهد ربما ‪،‬لكن هذا ليس وقت الخوف و الدهشة ‪،‬أنصتي لي‬
‫تقدم قليال الى األمام و اردف قائال‪:‬‬
‫_ لقد حدثت أمور كبيرة يعجز العقل عن تصديقها ربما ستفهمين الحقا ما حصل لي‬
‫‪،‬لكن اآلن هل انت مستعدة كي تساعديني أم ال ؟‬
‫كأنني في حلم غريب يا إالهي كيف سأخرج من هذا المأزق ‪،‬نظرت الى وسيم‬
‫ألجده ينتظر ردي بشغف و أمل واضحان جدا على تعابير وجهه لذلك قلت له في‬
‫عزم ‪:‬‬

‫_لكن عليا أن أصل الى بستان عمتي أوال ‪،‬ثم سنجد حال ان شاء هللا‬
‫بانت ابتسامة عريضة على وجهه و اعتلت الفرحة مالمحه و قال بفرح ‪:‬‬

‫_ان شاء هللا ‪،‬ان شاء هللا ‪،‬أسعدني قولك هذا يا شهدتي‬

‫بعد قوله إسمي بتلك الطريقة رانا علينا صمت قصير تالقت فيه أعيننا في ذلك‬
‫الظالم و كأن عيوننا تشع نورا أضاء المكان المظلم و عاد المشهد يتكرر مرة‬
‫اخرى ‪،‬إلتقت العيون ببعضها و أحسست أنني غصت داخلها ثم خرجت ‪،‬اغمضت‬
‫عيناي و عدت الى الواقع ‪،‬ثم تداركت األمر بأني أمام كيان مختلف ‪ ،‬وفسرت‬
‫ذلك النور الذي يشع من عينيه بين الفينة واألخرى بكونه ليس من البشر ‪،‬خرق‬
‫وسيم دائرة الصمت قائال ‪:‬‬
‫_انت الوحيدة التي تستطيعين مساعدتي لقد أرسلك هللا لي كي ينجيني مما أنا فيه‬
‫سألته قائلة‪:‬‬
‫_ هل تفسر لي ماحدث معك في المحطة السابقة عندما وجدت ترتجف ؟‬
‫أجابني هو قائال‪:‬‬
‫_كان أعداء من الجن الكافر يالحقونني و يحاولون الظفر بي ‪،‬رمى أحدهم سهم‬
‫نار ناحيتي لكنه لم يصبني ‪،‬ثم انطلق اآلخر و دفعني أرضا فسقطت على رأسي و‬
‫تأذت جمجمتي ‪ ،‬استطعت بعدها أن افلت منهم بصعوبة و ذهبت أمشي حتى اقتربت‬
‫من المحطة كنت أتألم من الضربة ‪،،‬لما اقتربت من مكان تواجدك أحسست براحة‬
‫غريبة ‪ ،‬لم أكن أعلم انك السبب ‪،‬فاستلقيت على الكرسي من شدة اإلرهاق من‬
‫جراء تلك المعركة ‪ ،‬و عندما كنت اردد (انها اللعنة ) بسبب أنني رأيتهم‬
‫يتقدمون نحوي و يحملون السهام الملتهبة و يصوبونها عليا ظننت حينها أن نهايتي‬
‫قد اوشكت ‪،‬لكن الغريب في األمر انهم صارو يهربون و يحترقون ‪ ،‬فتحت‬
‫عيناي فوجدتك بجانبي ‪ ،‬كنت انت فقط من ترينني ‪،‬تفاجأت عندما وجدتك‬
‫تنظرين إليا فظننت أن الكل يراني و أخذت أنظر شماال يمينا ألتأكد لكن وجدت‬
‫انك أنت فقط من ترينني من بين كل البشر و أيقنت أيضا أنك أنقذتني بفضل هللا من‬
‫األعداء حين قرأت عليا اآليات ‪،‬لهذا السبب طلبت منك المساعدة‪ ،‬لقد بحثت عن‬
‫من يساع دني و تملكني اليأس و عشت أياما كالجحيم و مررت بأوقات صعبة جدا‬
‫و ها أنا اآلن قد وجدتك أخيرا و سأرجع كما كنت‪ ،‬و ان رفضت مساعدتي تأكدي‬
‫بأنك أعلنت عن موتي أو بمعنى أدق عن تدميري ‪،‬فكري باألمر سأمنحك بعض‬
‫الوقت لتفكري فيه ثم قرري‬
‫أدهشتني قصة هذا الجني العجيب و اخبرته أنني سأفعل ما بوسعي و سأثق به رغم‬
‫انه كيان مختلف عني‬
‫هاهي صافرة القطار تنطلق معلنة عن بداية الرحلة مجددا ‪،‬توجهت للقطار مع وسيم‬
‫و جلسنا في مقاعدنا ‪ ،‬أتت اليا تلك العجوز و أعطتني مصحفا و أخبرتني أن ابقيه‬
‫معي كي يحميني‪ ،‬فقد ظنت أن بي مس من الجن‪ ،‬و لو عرفت الحقيقة لماتت من‬
‫هول الصدمة ‪ ،‬نظر إليا وسيم ثم قال ‪:‬‬

‫_سنكمل حديثنا الحقا ‪،‬ارتاحي قليال فأنت تبدين منهكة‬


‫تكلمت و أنا اخفي فمي كي ال يالحظ الناس أنني أتكلم لوحدي فقلت ‪:‬‬
‫_ستخبرني بكل شيئ يا وسيم كل شيئ‬

‫قال هو ‪:‬‬

‫_سأخبرك بكل شيئ في الوقت المناسب ‪.‬‬

‫ال أعرف كيف غفوت وال كيف زارني النوم و انا قرب كيان مختلف عني تمام‬
‫االختالف ‪،‬امام جني ‪،‬صحيح أن الجن حولنا في كل مكان لكننا ال نراهم ‪،‬ماذا لو‬
‫كنت ترا واحد منهم و تعلم انه يعلم انك تراه ‪،‬كيف لبالك أن يهنأ‪ ،‬كيف للنوم أن‬
‫يتسلل الى عينيك ‪،‬لكنني نمت لثالث ساعات ‪،‬استفقت على صوت صافرة القطار‬
‫عرفت أنني وصلت أخيرا الى آخر محطة لي نظرت بجانبي فوجدت وسيم ينظر‬
‫اليا و يبتسم‬
‫قلت له بنبرة يتخللها النعاس‪:‬‬
‫_ماذا !؟ لماذا كل هذا االبتسام اآلن !؟‬
‫أجابني بإبتسامة رقيقة ‪:‬‬
‫_لقد نمت كاألطفال و كأن الخوف تالشى فجأة من قلبك‬
‫حاولت أن أبدو قوية أمامه فقلت ‪:‬‬
‫_و لما عليا الخوف ‪،‬لقد قرأت أذكار النوم و اذكار المساء و استعذت باهلل من كل‬
‫سوء ال شيئ سيؤذيني انا في أمان هللا‬
‫_‪،‬انت فعال قوية‬
‫تجاهلت رده ألردف قائلة‪:‬‬
‫_اآلن يجب أن استقل سيارة اجرى و اتوجه الى بيت عمتي ‪.‬‬
‫كانت خيوط الفجر وقتها قد انتشرت في انحاء القرية و قد ظهرت معالمها الجميلة‬
‫لألنظار و بزغت الشمس كقبلة طفل في ثغر امه الباسم ‪،‬فكشف النور عن سحاب‬
‫كغزل البنات األبيض متراص كعقد جواهر براق يزين تلك السماء المكسوة بلونها‬
‫الالزردي الفاتن ‪،‬و إنفجرت زقزقات العصافير الشجية بين األغصان توزع ألحانها‬
‫في الجو و تألألت قطرات الندا على الحشائش ‪،‬و ظهر من بعيد رداء أخضر‬
‫مخملي يكسو األرض و كم زادها روعة و سحرا‬
‫وسيم يتبعني الى حيث اتجه و قد ركب معي في السيارة ‪،‬كنت أفترس الوجوه كي‬
‫أرى رداة أفعالهم عندما يمر وسيم بجابهم او يجلس بقربهم لكن ال ردة فعل ‪،‬هو حقا‬
‫غير مرئي ‪، ،‬قرأت الكثير من القرآن في سري و دعوت هللا أن ينجيني مما أنا فيه‬
‫ان كان شرا أستعذت باهلل من كل المخلوقات الشريرة و فوضت أمري اليه ماهي إال‬
‫دقائق ووصلت الى بستان عمتي أو باألحرى الى جنة عمتي ‪،‬إستقبلتني هي األخيرة‬
‫بكل حب و إشتياق ‪،‬عانقنا بعضنا البعض لدقائق ‪،‬فسالت دمعة شوق على خدينا ‪،‬ها‬
‫قد إلتقيت من جديد تلك المرأة التي أعتبرها أمي الثانية بل هي أقرب إليا من أمي‪،‬‬
‫مشينا متوجهتين الى البيت ‪،‬كانت األشجار تتمايل بتاثير الرياح كانها مسرورة‬
‫لقدومي و هي ترحب بي قائلة إشتق نا لك يا شهد ‪،،‬فقلت لها في نفسي وانا أيضا‬
‫إشتقت لك أيتها األشجار ‪،،‬الحشائش تعانق رجليا برحاب و الورود تبتسم لي بود‬
‫‪،،‬وصلنا أمام باب البيت واذا بالجرو الصغير الذي سميته بوبي أصبح كلبا جميال‬
‫‪،،‬أتاني ينبح ترحيبا بقدومي يهز ذيله يمينا شماال و يدور حولي ‪،،‬ثم جاءت القطط‬
‫تموء ودارت حولي مسرورة ‪،،‬كنت سعيدة جدا بهذه الكائنات الحية التي تتواصل‬
‫معي بهذه الحركات التي تشعرني و كأنني ملكة في هذا العالم ‪،‬ملكة الطبيعة بالطبع‬
‫توضأت و صليت الفجر مع عمتي ‪،‬ذهبت هي األخيرة لتعد لي فطور الصباح أما‬
‫أنا ‪ ،‬فأخذت حماما خفيفا ‪.‬‬
‫دخلت غرفة اإلستقبال ‪،‬وهاهو وسيم يدخل للغرفة بدون استأذان‬
‫صحت بصوت عالي ‪:‬‬

‫_‪،‬توقف توقف سأرتدي الحجاب‬

‫‪،،‬توقف هو متسمرا في مكانه ‪،،‬ذهبت لغرفة النوم لبست حجابي و توجهت‬


‫للصالون ‪،‬وجدت عمتي تنظر لي ياستغراب قائلة ‪:‬‬

‫_عزيزتي ما بك لماذا تصرخين ؟و لما لبست الحجاب‬

‫_ لقد كنت اصلي يا عمتي‬


‫_ تقبل هللا منا و منك صالح األعمال ‪،،‬انت تعرفين ان ال أحد غريب ياتي هنا‬
‫انزعي الحجاب و ارتاحي ‪،‬فأنت متعبة من السفر و سأعد لك الفطور‬

‫_‪،‬سأقرأ القرآن من المصحف أحب أن أرتدي الحجاب و أنا أقرأ ‪،‬‬

‫و كنت قد حملت المصحف الذي أعطته لي تلك العجوز‬


‫فقالت عمتي و هي تنظر لي بحنان و حب‬

‫_بارك هللا فيك يا بنيتي‬

‫‪،،‬توجهت لغرفة االستقبال فرأيت وسيم يجلس على كرسي هناك ‪،،‬جلست أنا مقابلة‬
‫له على األريكة ثم قلت له ‪،،‬‬
‫_كان عليك أن تستأذن قبل الدخول‬
‫إحمرت وجنتيه خجال ثم تنحنح و قال ‪:‬‬
‫‪_:‬آسف جدا ‪،‬لم أنتبه لقدومك‬
‫ثم أردف قائال ‪:‬‬
‫_هل فكرت في الموضوع ؟‬

‫_ امنحني وقتا حتى أستوعب بما فيه الكفاية بكل ما يحصل معي اآلن‬

‫_لن أخيب ظنك يا شهد ‪،‬أنا‪ .‬أحتاجك بشدة ثقي بي !‬

‫فجأة دخلت عمتي و هي تحمل صينية مملوءة بالطعام الشهي ‪،‬وضعت عمتي انيسة‬
‫الصي نية على الطاولة و بإستغراب شديد جلست بجانبي و هي تسألني ‪:‬‬

‫_مع من تتكلمين يا شهد ؟ هل مازلت على عادتك تكلمين الجماد و الحيوانات ؛!؟‬
‫ضحكت و انا أنظر نحو وسيم فضحك هو اآلخر والول مرة أتمعن في مالمحه‬
‫الرجولية ‪،‬وألول مرة أدقق النظر الى أحدهم هكذا ‪ ،‬كان شاب في أواخر العشرين‬
‫من عمره على األرجح ‪ ،‬وسيم المالمح اسم على مسمى ذو شعر أسود مثل سواد‬
‫الليل و جماله ‪ ،‬لون بشرته أبيض ‪ ،‬له حاجبان كثيفان‪ .‬مرسومان بدقة متناسقة مع‬
‫مالمح وجهه ‪ ،‬و عينان عسليتين و كأن العسل يقطر منهما ‪ ،‬يميز ذلك الوجه‬
‫البريئ لحية سوداء أبرزت معالم الجمال فيه ‪،‬له شفتان صغيرتان متناسبتان جدا مع‬
‫ابتسامته الواسعة التي تشرق خلفها أسنان بيضاء كالثلج مما زادت ابتسامته‬
‫روعة و سحرا ‪،‬يتوسط وجهه ذلك األنف الصغير الحاد ‪،‬لم يكن مفتول العضالت‬
‫و لكن لم يؤثر هذا األمر على تفاصيل جسمه و لم يكن واضحا ‪،‬لقد كان طويال‬
‫لدرجة انني ال أستطيع النظر في وجهه اذا كنا واقفين هههههه فطوله متناسقا مع‬
‫جسده بشكل رائع ‪،،‬غبت في تفاصيله التي لم أالحظها من اول مارأيته و تناسيت‬
‫فكرة انه جني و قد ال يكون هذا شكله الحقيقي ‪،،‬قاطعتني يد عمتي و هي تربت‬
‫على كتفي و تقول‬
‫_شهد !! اين شردتي يا إبنتي !! اتكلم معك وال تجيبين‬
‫استفقت من غيبوبتي ثم قلت ‪:‬‬
‫_ هااا نعم يا عمتي ‪،‬أنا مرهقة فقط ‪ ،‬سكتت قليال و نظرت نحو وسيم و أكملت‬
‫قائلة ‪:‬‬
‫_‪،‬تعرفينني يا عمتي منذ صغري احب الحديث مع نفسي‬

‫ضحكت عمتي و جلست بجانبي ثم قالت‬

‫_هيا يا شهد تناولي فطورك قبل أن يبرد‬

‫قامت عمتي و هي تقول بمرح و حب انها ستحضر مشروبا يمدني بالطاقة‬


‫تناولت فطوري الذي يتكون من قطع جبن و بيضة و عصير التفاح و كوب حليب و‬
‫خبز و مربى الفرولة‬
‫لقد كان فطورا رائعا شهيا و طبيعيا ‪،‬أما وسيم فقد اكتفى بالنظر إليا فقط أخبرته أن‬
‫يأكل لكنه قال أنه لن يناسبه هذا الطعام لذلك لم أسأله أكثر‪ ،‬لم أشأ ان تنقطع شهيتي‬
‫لو عرفت مالذي يأكلونه‬
‫باغته بسؤالي الذي افاقه من شروده فقلت‪:‬‬

‫_اخبرني يا وسيم مالمشكلة التي سأساعدك فيها ؟‬


‫ظل صامت للحظات ثم قال و هو ينظر اليا بهيام و بنبرة أشبه بالهمس ‪:‬‬
‫_ ستعرفين الكثير أيتها الجميلة‬
‫شعرت بحرارة تصعد من أسفل بطني الى رأسي و إكتسى وجهي بلون أحمر ‪،‬في‬
‫حين دخلت عمتي أنيسة تحمل عصير البرتقال و هي تتعجب مني ثم سألتني ‪:‬‬

‫_بنيتي ‪،‬لما وجهك أحمر بهذه الطريقة هل أنت مريضة حبيبتي ؟؟‬
‫قلت لها و انا اتحاشى النظر الى وسيم‬

‫_أنا بخير عمتي ‪،‬لكنني مرهقة قليال تعرفين السفر في الليل مجهد جدا‬
‫وضعت عمتي المشرب بين يدي و ربتت على راسي قائلة ‪:‬‬
‫_لما تكثرين الحديث مع األشياء؟ من يراك يظن أنك تكلمين الجن‬

‫! نظرت الى وسيم فرأيته يبتسم ثم وجهت كالمي الى عمتي ‪:‬‬
‫_الجن !!! و هل يوجد جن هنا ؟‬

‫فجلست بجانبي و وضعت يدها على كتفي وقالت و هي تبستم‬


‫_نعم يوجد ‪،‬انهم في كل مكان يابنيتي لكننا ال نراهم‪،‬‬

‫ثم أكملت قائلة‪:‬‬


‫_ هم مثلنا يا عزيزتي ‪،‬فيهم الصالح و فيهم الطالح ‪،‬لكنهم من مارج من نار و نحن‬
‫من طين الزب ‪،‬و هم يروننا من حيث ال نراهم‬

‫نظرت إلى وسيم بطرف عين ثم سألت عمتي ‪:‬‬


‫_هل نستطيع أن نراهم ؟‬

‫_ال يا شهد ‪،‬ان هللا جعل بيننا غشاء اي ستار و لو كشف ذلك الستار فسنموت من‬
‫هول مانراه ‪،‬ربما من أشكالهم أو عددهم أو شيئ آخر يعلمه إال هللا‬

‫ابتلعت ريقي من هول ما سمعت و رحت أتسأل بيني و بين نفسي ‪،‬اذا كنا ال نراهم‬
‫كيف لي أن أرى وسيم بكل هذه البساطة أظن أن هناك شيئ ما في هذا األمر‬
‫انتبهت ألمر ما ثم سألت عمتي‪:‬‬
‫_نحن ال نراهم بأشكالهم الحقيقية لكن ان أخذوا شكل انسان نستطيع أن نراهم أليس‬
‫كذلك يا عمتي ؟‬
‫_ربما يا شهد و لكن يجب أن نستعيذ باهلل منهم هم مخلوقات ال نعلم كيف هي‬
‫نواياها ‪،‬علينا أن نذكر هللا لكي يحمينا منهم‬
‫_ل كن قلت لي أن هناك منهم المسلم الصالح و ال أظن أنهم يؤذوننا‬
‫_نعم ‪،‬لكننا ان لم نذكر هللا نؤذيهم و هم بدورهم ينتقمون منا ان آذيناهم حتى لو‬
‫كانوا مسلمين‬
‫_أراك تفقهين كثيرا في أمر الجن يا عمتي‬
‫ضحكت عمتي و قالت ‪:‬‬
‫_لقد قرأت كتبا كثيرة عنهم‬
‫_حقا !! هذا مدهش ‪،‬هل مازلت تملكين هاته الكتب‬
‫_في الحقيقة الكتب ليست لي بل كنت أقرأ من المكتبة و اعيدها لم يبقى معي إال‬
‫كتابا واحدا‬
‫_هل هو معك اآلن‬
‫_نعم انه في مكان ما ‪،‬عندما أجده سأعطيك اياه ان كنت تريدين اكتشاف العالم‬
‫اآلخر‬
‫فرحت كثيرا لهذا و نظرت الى وسيم الذي كان في سكون تام و قد تغيرت مالمح‬
‫وجهه و قد بدى عليه الحزن لسبب ال أعرفه‬
‫قالت عمتي مستطردة ‪:‬‬

‫_أظن أن عليك أخذ قسط من الراحة عزيزتي ‪،،‬لقد جهزت غرفتك لتنامي‬

‫_ال لن أنام أريد أن أخرج إشتقت لألشجار سأذهب للتنزه في األراضي و سأرجع‬
‫قبل الغذاء‬

‫_كما تريدين بابنتي ! لكني لم أعتد عليك هكذا كأنك أصبحت غريبة األطوار يا‬
‫شهد!!‬
‫‪ ،‬ضحكت وقلت لها بمزاح ‪:‬‬

‫_تعرفينني يا عمتي ‪،،‬إنطوائية و غريبة و تحب الحديث مع كل األشياء‬

‫‪ ،،‬فتعالت ضحكاتنا في أرجاء ذلك البيت الدافئ ‪،‬بعد لحظات استأذنت عمتي في‬
‫الخروج و أخبرتني أن ال أتأخر عن الغذاء أومأت لها برأسي موافقة و هممت‬
‫بالخروج ‪،‬مشى بجانبي وسيم و كان ساكنا تماما و كأنه غير موجود ‪،‬توجهت الى‬
‫شجرة عمالقة كانت تلك هي شجرتي المفضلة و مكاني المثالي ‪،‬جلست تحتها و‬
‫جلس وسيم بجابنبي تنحنح قليال ثم قال ‪:‬‬

‫_هناك أمور في الحياة نجهلها تماما و ما إن عرفناها يدخل فينا ذلك الفضول و‬
‫يجرنا نحوها ‪،‬فنسقط في مآزق أكبر منا و ال نجد بعدها مخرجا ‪،‬حتى و ان وجدنا‬
‫بصيص أمل فسرعان ما يتالشى ‪،‬ثم ننطوي داخل اليأس ‪،‬أحيانا نلوم أنفسنا ألن‬
‫الفضول جرنا الى الهاوية و أحيانا نقول إنها أقدار يجب أن نتمسك باهلل و إال‬
‫سنضيع لألبد ‪،‬األمل يا شهد ‪،‬األمل هو الشيئ الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة‬
‫‪،‬يجب أن ال نكون أحياء فقط ‪،‬األمر يتطلب منا أن نكون على قيد األمل على قيد‬
‫التفاؤل على ق يد حسن الظن باهلل ‪،‬لنستطيع المضي قدما ‪،‬لو أحاطنا اليأس سنمووت‬
‫‪،‬سنموت ونحن مازلنا على وجه األرض ‪..‬‬

‫توقف وسيم عن الكالم فبادرت انا بسؤاله قائلة‪:‬‬


‫هل تؤمن برسائل هللا لك؟!‬
‫فأجاب ‪:‬‬
‫_ نعم دائما‬
‫فقلت‬
‫_اذا هذه رسالة هللا لك‬
‫تضيق حياتك حتى لتظن أنها نهايتك‪ ،‬ترى نفسك بمكان ال يناسب حالتك‪ ،‬تشعر‬
‫بالحزن من تراكم خيباتك‪ ،‬تصاب باإلحباط لعدم تحقيق طموحاتك‬
‫هون على نفسك سيصيبك وعد هللا‪ ..‬بعد العسر يسراً‪ ،‬وسيعوضك هللا بشيء أحب‬
‫ّ‬
‫إليك مما فقدت‪.‬‬
‫حمد وسيم هللا ثم قال ‪:‬‬
‫_هل تعلمين يا شهد ‪ ،‬أحيانا ال نفرق بين من يحبنا بصدق و بين من يكيد لنا المكائد‬
‫متخفيا في ثوب الحب و الصداقة ‪،‬ال نعرف جوهر األشخاص و ال اي مخلوق‬
‫حتى يكشف لنا نواياه او نكشفه نحن على حقيقته‬
‫فقلت له ‪:‬‬
‫_هل في عالمك ايضا يوجد الغدر ‪،‬لما ال يساعدك الجن لحل مشاكلك لما استعنت‬
‫بي أنا بالذات ‪،‬ربما ال املك قوى مثلكم و ربما سأفشل في مساعدتك‬
‫قال وسيم بجدية ‪:‬‬

‫_ نعم الجن لديهم قدرات تفوق قدرات اإلنسان ‪،‬لكن هذا ال يعني أنهم ال يقعون في‬
‫مشكالت و مآزق هم مثل اإلنس مخلوقات ضعيفة و هللا هو األقوى أ لم يقل هللا في‬
‫كتابه الكريم هذه اآلية ( يامعشر الجن واإلنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار‬
‫السموات واألرض فانفذوا ‪ ،‬التنفذون إال بسلطان *)‬
‫(صدق هللا العلي العظيم) –‬
‫‪/‬الرحمن‪-٣٣ -‬‬

‫_صدق هللا العظيم ‪،‬وقفت من مكان و توجهت بنظري اليه و قلت ‪:‬‬
‫_سأساعدك ‪،‬لكن عليك أن تخبرني بمشكلتك لكي افهم كل شيئ‬
‫قام هو من مكانه ثم قال ‪:‬‬

‫_سأخبرك في الوقت المناسب ‪،‬لكن كل ما عليك فعله هو أن ترافقيني الى قريتي يا‬
‫شهد‬

‫_حسنا سنذهب الليلة اذا ‪،‬سأنتظر عمتى حتى تنام و ألتقيك هنا قرب هذه الشجرة‬

‫_حسنا ‪،‬لكن عليك المجيئ بعد صالة العشاء ‪،‬ستظهر قبيلتي في ذلك الوقت‬
‫‪,‬أومأت برأسي موافقة و اخبرته ان ال يتأخر عن الموعد‬
‫‪،،‬ابتسم وسيم ابتساامة عريضة توحي بسروره لقبولي المجيئ معه ‪،،‬رجعت الى‬
‫عمتي فوجدتها تعد الغذاء‬
‫بعد ساعات تناولت غذائي و دخلت غرفتي ‪،،‬إستلقيت على سريري‪ ،‬وش كنت‬
‫افكر واكلم نفسي‪ ،‬كيف سأذهب مع جني الى قبيلة من الجن ‪،‬ماذا لو احتبسني الجن‬
‫هناك ‪،‬كيف لي أن أثق في جني ‪ ،‬ماذا لو لن أعود أبدا و اختفي هناك ‪،،‬ماذا لو كان‬
‫غير مسلم و كان سيؤذيني ‪،،‬يا إالهي هذه مخاطرة كبيرة ‪،‬كان هناك شيئ ما‬
‫يدفعني لخوض هذه المغامرة ال أعلم ما هو شيئ يتكرر كلما نظرت الى عيني وسيم‬
‫‪،‬كأنه صادق حقا في طلب المساعدة ‪ ،‬ما مشكلته ياترى و لما استعان بي أنا كإنسان‬
‫عادي لم لم يستعن بالجن فقوتهم تفوق قوتي أكيد مالذي رآه فيا و لم يراه فيهم ‪،،‬يا‬
‫إالهي سأجن حقا ‪،‬طردت بسرعة تلك األفكار ‪،‬إستعنت باهلل و توكلت عليه و قرأت‬
‫ما تيسر من القرآن ‪،‬اخذت قيلولة خفيفة و استيقضت ‪،‬قضيت األمسية كاملة مع‬
‫عمتي نتبادل أطراف الحديث و ساعدتها ببعض األعمال ‪،‬ثم تناولنا العشاء معا و‬
‫شاهدنا األخبار و اتصل بي أبي يسألني عن حالي و تكلمت مع أمي و اخبرتني أن‬
‫أخي الكبير قد رجع من السفر فتكلمت معه أيضا و كنت مسرورة جدا اخبرني أنه‬
‫سيأتي الى بستان عمتي بعد ان ينهي بعض االعمال هناك ‪،‬لم تكن فكرته جيدة لقد‬
‫فكرت في وسيم و كيف سألتقي به ان كان اخي رامي سيأتي الى هنا ‪،‬ال علينا‬
‫(رامي ‪،‬االخ األكبر لشهد يبلغ من العمر ثالثون سنة ‪،‬ال يشبه شهد إال في لون‬
‫البشرة بكنه يشبه أباه كثيرا ‪،‬طويل القامة ذو عضالات بارزة يبدو أنه يهتم كثيىرا‬
‫بلياقته ‪،‬له شعر بني و بشرة تميل الى االسمرار ‪،‬له لحية خفيفة تزين وجهه وتبرز‬
‫جماله ‪،‬يتميز بعيون سوداء حادة كعيون صقر ‪،‬مما زاده جاذبية و وسامة يعمل‬
‫مهندس معماري في شركة خاصة )‬
‫جاء الليل و أسدل عباءته السوداء يدثر بها كل بقعة في المكان و خرجت نجومه‬
‫تتألأل من بعيد و قد ظهر البدر بحلته البهية يلمع و ينير األرض ‪،‬و خرجت‬
‫مخلوقات الليل مبتهجة تغني بأعلى حناجرها بأصوات مختلفة معلنة عن ليلة مقمرة‬
‫‪،‬رغم تلك االصوات اال ان المكان كان هادئا من اي صوت بشري‬
‫رتديت ثيابي و تسللت الى الخارج ‪،‬كنت أمشي بخطوات بطيئة كي ال تسمعني‬
‫عمتي و تمنعني من الخروج ‪،،‬ما إن ابتعدت عن المنزل حتى شرعت في الجري‬
‫‪،،‬كنت أجري بسرعة متوجهة الى الشجرة لم أنتبه لألغصان المرمية في األرض‬
‫بسبب الظالم ‪،،‬فتعثرت في إحداها و سقطت ‪،،‬أصيبت ركبتي بجرح و دخلت‬
‫األشواك في يدي ‪،‬صرت أتألم من شدة السقوط ‪،،‬فجأة أحسست بشيئ يمر أمامي‬
‫‪،‬شيئ كالخيال ‪،،‬دب الخوف في قلبي ‪،،‬فبدأت أتمتم بآيات أحفظها و استغفر هللا و‬
‫أتعوذ به من كل شر ‪،،‬ثم سكنت قليال و ناديت بصوت خاافت‪ :‬وسييييم ‪،‬وسيييم‬
‫أهذا أنت !!! ال تخفني أرجوك ‪ ،‬و بدأت أضحك بداخلي كيف لي ان اطلب من‬
‫جن ي أال يخيفني ‪،‬ثم أحسست بخطوات على العشب تتقدم نحوي فإلتفت ورائي و‬
‫صرخت صرخة مدوية ‪،،‬كان الظالم يمأل المكان لم أستطع رؤية شيئ ‪،،‬لكن‬
‫استطعت سماع صوت األقدام على العشب ‪،‬ناديت وسيم بصووت خائف ممزوج‬
‫بالبكاء لكنه لم يرد ‪،،‬بقيت أنظر للظالم و أسمع لصوت األقدام حتى ظهر أمامي‬
‫فجأة ‪،،‬كان وسيم فقلت له بغضب ‪:‬‬
‫_ أهذا أنت يا وسيم ‪،‬لقد أفزعتني حقا ‪،‬ظننتك ‪....‬فقاطعني و هو يضحك‬

‫_ و من من ستخافين ايتها المجنونة ها انا الرعب بشحمه و لحمه أمامك ‪،‬في‬


‫الظالم برفقة جني سيأخذك الى عالمه ‪،‬هل هناك ما هو أكثر رعبا من هذا !‬
‫كان كالمه صائبا ‪،‬الرعب الحقيقي هو الذي بجانبي اآلن و ما أنا مقدمة عليه ‪،‬‬
‫كأنه سكب فوقي دلو ماء بارد أفاقني من غيبوبة فقلت له وقد ارتعشت أطرافي ‪:‬‬
‫_ان كنت ستؤذيني فأنا لن أذهب معك و لن اساعدك ‪،‬اريد الرجوع الى البيت‬
‫‪،‬فنزلت دموع خفيفة على وجهي‬
‫اخذ وسيم نفسا عميقا ثم نظر اليا قائال‪:‬‬
‫_أقولها لك للمرة األلف ‪،‬أنا لن أؤذيك أبدا ‪،‬اقسم لك باهلل لن ألمس شعرة منك و لن‬
‫أترك شيئ يؤذي شعرة منك ‪،‬ال تخافي أنا معك‬
‫ارتاح قلبي قليال أحسست بكمية الصدق و األمان من كالمه‬
‫طأطأ رأسه ثم رفعه و نظر لي نظرة جدية و الظالم يغزو وجهه ثم قال و قد‬
‫تغيرت نبرة صوته الى الخشونة‬
‫_هيا يجب ان نذهب اآلن يا شهد‬

‫ثم استطرد قائال‪:‬‬


‫_ شهد هل أنتي مستعدة لهذه الرحلة المدهشة‬
‫‪،‬نظرت في عينيه و كنت أحس أنه إنسي و ليس جني أو كنت أجبر نفسي على‬
‫تخيل أنه إنسي كي ال أخاف ‪ ،،‬ابتسمت وقلت ‪:‬‬

‫_نعم مستعدة بإذن هللا‬


‫ربط وسيم يده بشريط من القماش ثم ناولني الطرف اآلخر من الشريط وطلب مني‬
‫ان اربطه و كأنه قيد يدينا مع بعض ‪،‬فهمت بعدها ان وسيم كان يريد ان يمسك بيدي‬
‫لكنه أدرك ان االمر ليس الئقا وال يجوز ان يلمس امرأة ال تحل له فقام بهذا الفعل‬
‫لكي يسهل عليه توجيهي و حمايتي ‪،‬احسست بفعلته هذه و كأنه من البشر و رحت‬
‫أتعجب كيف يفكر الجن بمثل هذه الطريقة ‪،‬أعجبت بتصرفه هذا كثيرا و اجتمعت‬
‫في قلبي مشاعر غريبة ‪ ،‬ا هو اإلعجاب ‪،‬هل بدأت أعجب به !!! ام انه الحب ؟‪،‬يا‬
‫إالهي طردت تلك الفكرة فورا وانا اذكر نفسي بأن الذي معي هو جني ليس بشرا‬
‫‪،‬قال وسيم قاطعا حديثي مع نفسيى بينما كنا نسير في حذر ‪:‬‬

‫_ال تخافي لطالما انا بجانبك ‪،‬سأحميك من كل شيئ و حتى من نفسي ‪،‬ولن أدع اي‬
‫مكروه يصيبك‬

‫كلماته تلك كانت مصدر أمان و قوة لي شعرت براحة تجتاح جسدي و ذكرت هللا‬
‫كثيرا و توكلت عليه و سرت مع وسيم بين األشجار الكثيفة الى أن وصلنا لقرية‬
‫كبيرة تعج بالناس ‪،‬يا إالهي قرية كبيرة هنا و قد مشينا إال لمسافة قصيرة ‪،‬من أين‬
‫جاءت هذه القرية و في بستان عمتي أيضا هذا غريب جدا و ماذا يفعل كل هؤالء‬
‫الناس هنا ‪،‬ان كانو بشريين حقا ‪،،‬بقيت أسير وراء وسيم متمسكة بطرف القماش‬
‫بقوة آملة أال يتركني وسط هذا الكم الهائل من الغرباء ‪،،‬كان وسيم يسير بسرعة و‬
‫قد بدا وجهه جديا أكثر و بدا أكثر صرامة من قبل و بين الحين و اآلخر يحس أنني‬
‫تعبت فيخفض من سرعته ‪،‬توقف فجأة و قال بجدية لم أعهدها في وجهه و بصوت‬
‫رجولي فخم و الظالم يغزو مالمحه فأصبح أكثر جاذبية ‪:‬‬

‫_شهد‪،‬ال تخافي كل هذا الذي ترينه من عمل الجن كل هؤالء من الجن المسلم ولكي‬
‫ال ترعبك صورهم و أشكالهم الحقيقية فإنهم تحولوا على شكل بشر و ألنه محرم‬
‫عليهم الظهور بأشكالهم الحقيقة سكت قليلل ثم أردف قائال‬
‫_وقد تجدين هنا بعض الجن الذين لم يستطيعوا التحول بشكل كامل فال تفزعي وال‬
‫تخافي هل فهمتي‬
‫ان أحسست بالخوف أغمضي عينيك‬

‫سكنت قليال ثم سألته بخوف شديد ‪:‬‬

‫أهذا يعني ‪،‬انه يوجد من بقي بشكله الحقيقي ؟‬

‫_ال يا شهد ‪،‬تحول جزئيا فقط هيا اسرعي لنذهب الى زعيم القرية‬
‫كنا نسرع و نتخطى كل من يمر بنا ‪،‬حتى إصتطدمت بشيئ ما‪ ،‬و لم افهم ما هو‬
‫رأس مدبب و وجه مثقوب له يد واحدة و باقي جسمه على هيئتها المألوفة ‪،‬ارتعبت‬
‫من هول المنظر فأمسك وسيم بطرف القماش و جذبني إليه ثم أخبرني ان نسرع‬
‫الوقت يمضي و يجب ان يتحدث الى الزعيم ‪،‬لم أكن أعرف مالشيئ الذي سأساعده‬
‫فيه فقط كنت أتبعه متجاهلة كل المخاطر‬
‫وصلنا أخيرا الى قصر جميل يتوسط ردهة واسعة بجانبه بيوت صغيرة متالصقة‬
‫فيما بينها ‪،‬خرج من القصر الكبير رجل عجوز ذو لحية بيضاء يبدو عليه الوقار‬
‫والحكمة لكنه لم يكن يمشي بل كان يطير يحمل في يده عصى ال أعلم فيما يحتاجها‬
‫و هو يطير هكذا ‪،،‬اقترب من وسيم و حياه و رحب به هو اآلخر و هنئه بسالمته و‬
‫نجاته و حمد هللا كثيرا ‪،‬ثم نظر اليا وسيم و أخبرني ان أبقى في مكاني و سيعود اليا‬
‫في الحال ‪،‬كنت خائفة جدا رأى وسيم الخوف في عيوني فإقترب مني و قال‬
‫يطمئنني ‪:‬‬
‫_شهد إطمئني انت في أمان اآلن ‪،‬سأتكلم مع الزعيم في أمرا ما ثم أعود إليك‬
‫_حسنا ‪ ،‬لكن ال تبتعد أرجوك كل جسمي يرتعد خوفا أنا ال أشعر باإلرتياح إال‬
‫بقربك‬
‫نظر في عينيا فتالقت أعيننا و كأننا ألول مرة نرى فيها بعضنا أحسست ذلك‬
‫اإلحساس مرة اخرى كأنني غصت داخل عينيه العسليتين و خرجت في لمح‬
‫البصر فقال وسيم ‪:‬‬
‫_انا معك ‪،‬وهللا معنا و لن يصيبنا شيئ‬
‫_ان شاء هللا‬
‫_ستعرفين كل شيئ في الوقت المناسب يا شهد لكن عديني انك ستساعديني رغم كل‬
‫شيئ‬
‫_حسنا ‪،‬بما انني وثقت بك و جئت الى هنا فأنا أعدك بأن أساعدك‬
‫_شكرا لن أنسى هذا المعروف أبدا ‪،،‬سآتي يا شهد ال تتحركي من مكانك‬
‫أومئت له برأسي موافقة بأني لن أتحرك من مكاني ‪،‬اما هو فذهب الى ذلك الشيخ‬
‫العجوز و دخال الى بيت من تلك البيوت و بقيا مدة طويلة هناك ‪،‬كنت في الخارج‬
‫وحدي أشاهد الجن وهم على شاكلة إنسان لم يكن هناك مسخ مثلما رأيته قبل ‪،‬كانوا‬
‫كلهم مكتملي الصورة في هيئة بشر عاديين ‪،‬إقتربت مني فتاة تبدو في العاشرة من‬
‫عمرها و سألتني قائلة‪:‬‬
‫_من أنت ؟‬
‫_انا شهد و أنت؟‬
‫_انا جويرية‬
‫_اسمك جميل و انت جميلة جدا‬
‫فتاة بيضاء بشعر ناري طويل ومقسوم لقسمين بظفائر كأنها مروج و عيون عسلية‬
‫المعة و رموش مثل لون شعرها ووجه طفولي مستدير مرسوم بطريقة بديعة‬
‫سبحان هللا‬
‫قالت الفتاة بتعجرف ‪:‬‬
‫_لقد أتيت مع وسيم اذا‬
‫_نعم ‪،‬هل هو أخوك ؟؟‬
‫_ال ليس أخي ‪،‬لكن هل تعرفين انت وسيم من قبل؟‬
‫_ لم اتعرف اليه اال قبل ساعات فقط‬
‫_لقد عاش معنا وسيم فترة وجيزة و لقد إعتدنا عليه‬
‫_ماذا؟ أتقصدين انه من قبيلة أخرى !؟‬
‫_ال ‪،‬ألم يخبرك وسيم ‪،‬؟؟‬
‫_بماذا يخبرني ؟‬
‫كانت ستقول شيئ ما لوال خروج وسيم و معه ذلك الشيخ الطائر متوجهان نحوي‬
‫‪،‬استدارت هي و ذهبت تجري و هي تقول أبي أبي ‪،‬وقف الشيخ على رجليه و‬
‫حطهم أرضا ثم وضع يده على رأسها و بدأ يداعبها بحنان ‪،‬اقتربت منهم و وقفت‬
‫أمام وسيم نظر إليا الشيخ ثم قال وسيم ‪:‬‬
‫_ ألعرفكم ‪،‬هذه شهد صديقتي ‪،،‬شهد هذا زعيم القبيلة وكبيرهم و شيخهم ‪،‬و هذه‬
‫ابنته جويرية‬
‫تكلمت انا موجهة كالمي للشيخ ‪:‬‬

‫_اهال أيها الزعيم سررت بلقائك ‪،‬جويرية لقد تعرفنا على بعض يسعدني لقائك‬
‫ايضا‬
‫تكلم الزعيم مشيرا كالمه لي‬
‫_اذا ‪،‬لقد أنقذتي وسيم من خطر وشيك ‪،‬و أنقذتنا أيضا يا شهد ‪،‬شكرا لك على‬
‫صنيعك‬
‫قلت له‪:‬‬
‫_لم أنقذه بل هللا من أنقذه‬
‫أجابني وسيم قائال ‪:‬‬
‫_لكنك لك دور في هذا و كما أنك مميزة جدا ألنك ترينني من دون كل البشر‬
‫_نعم هذا غريب جدا‬
‫_لقد حصنتني بتلك اآليات التي قرأتها عليا في المحطة‬
‫_الحمد هلل ‪،‬‬
‫ثم واصل وسيم قائال‬
‫_كما أنك قرأت دعاء السفر‪،‬فأنا لم اجد مكان آمن إال بقربك و كأنك جسر منيع‬
‫‪،‬منعهم من التقدم و كلما اقتربوا امامك صار بيننا و بينهم حائال‬
‫_عجييب ‪،‬لكن الفضل يرجع الى هللا فهو الذي سخرني لكي أحميك ‪،‬هو عليم بكل‬
‫األمور‬
‫تكلم الشيخ موجها كالمه لي ‪:‬‬

‫_نعم بنيتي ‪،‬لقد صدقت القول ‪ ،‬لكن السر الكبير يكمن فيك أنت و رؤيتك لوسيم و‬
‫قدومك الى القرية و رؤيتك لنا كلنا تأكد ذلك‬
‫بانت عالمات التعجب على وجهي و سألته قائلة ‪:‬‬
‫_ماهو هذا السر ؟ هل تعرفه‪،‬؟‬
‫_في الحقيقة نعم أعرف ‪،‬سأخبرك يا بنيتي‬
‫تحرك العجوز قليال ثم امسك عصاه و بدأ يخط بها في التراب يرسم خطوطا ثم‬
‫وجه كالمه لي ‪:‬‬
‫_انت من النوع الزهري‬
‫سكت هو عن الكالم ثم بادلته الحديثة قائلة بتعجب‪:‬‬
‫_الزهري؟؟ لم افهمك يا سيدي‬
‫اجابني قائال بجدية ‪:‬‬
‫_انت انسان زهري لديك في عالمات تدل على هذا ‪،‬عالمات جسدية و االخرى‬
‫روحانية‬
‫اشار الى عيناي و قال ‪:‬‬
‫_االولى عيناك ‪،‬يوجد بهما حول بسيط ال يظهر اال اذا دققنا ‪،‬الثانية في خط يدك‬
‫اليسرى فهو كامال‬
‫نظرت انا ليدي فوجدت حقا ان الخط مكتمال‬
‫اكمل هو حديثه‬
‫_ و الروحانية هي انك استطعت رؤية وسيم ‪،‬و اخفت الجن الكافر ‪،‬كما انهم عرفوا‬
‫انك انسان زهري و هم يطالبون بك ‪ ،‬و في الحقيقة يا ابنتي وسيم هو من سيحميك‬
‫من الجن الكافر مقابل ان تساعديه‬
‫إستدرت نحو وسيم و قلت له ‪:‬‬

‫_لكن ‪،‬كيف أساعدك يا وسيم ؟‬

‫نظر وسيم الى الزعيم بحزن ثم احنى رأسه لألمام فقال ‪:‬‬
‫_األمر معقد جدا و ال أعرف كيف أقول ‪.‬‬

‫بدا األمر مخيفا جدا ‪،‬لم أكن أفهم شيئ قاطع تفكيري صووت الزعيم و هو يقول ‪:‬‬

‫ونجلس هناك لعلنا نوضح األمور أكثر لشهد كي‬ ‫_حسنا يا أوالد لنذهب للقصر‬
‫تفهم ما عليها فعله‬
‫قبل خمس سنوات‬
‫يرن الهاتف محدثا ضجيجا عاليا في غرفته ‪،‬دفع يده في تأفف الى الهاتف و نظر‬
‫اليه ليرى من الذي يزعجه في هذا الوقت المتأخر من الليل ‪،‬فوجد انه صديقه أمير‬
‫رد عليه‬
‫_ألم تجد إال هذا الوقت للتتصل فيه ‪،‬انها الساعة الواحدة لليال‬
‫أجابه أمير في عجلة من أمره ‪:‬‬
‫_األمر مهم جدا و لوال أهميته لما اتصلت و أزعجتك‬
‫نهض من فراشه و اعتدل في جلسته ثم قال‪:‬‬
‫_ما هذا األمر المهم ؟‬
‫_ التطبيق الذي اعمل عليه لقد أصبح جاهزا يمكنك أن تجربه بنفسك‬
‫أجابه بذهول غير مصدق‬
‫_هل تقصد لعنة الفضول‬
‫ضحك اآلخر ضحكة تدل على النصر و الفرح ثم قال‪:‬‬
‫_نعم لقد برمجته كما طلبت مني و كل المراحل أصبحت جاهزة ‪،‬لم تبقى اال خطوة‬
‫واحدة وهي نشره ليلعب الجميع لعبة الفضول و تحل عليهم اللعنة ثم اكمل كالمه‬
‫مقهقها‬
‫اجابه وسيم بحذر ‪:‬‬
‫_ايها الغبي اي لعنة تتحدث عنها ‪،‬انها مجردة لعبة فقط ال تؤذيهم ‪،‬إياك ان تكون‬
‫فعلت شيئ مريبا سأقتلع عيونك يا أمير‬
‫يجيبه أمير بضحكة عالية قائال‪:‬‬
‫_ال تخف يا شريك لم ابرمج التطبيق بأي من السحر او الطالسم اعرف تماما ما‬
‫كنت افعله‬
‫رد عليه وسيم ‪:‬‬
‫_ال تنشره قبل ان اجربه انا بنفسي‪ ،‬وان حدث لي شيئ يجب أن تتصرف‬
‫ابتسم اآلخر بخبث و بانت على وجهه عالمات االنتصار ‪،‬هو يعرف وسيم ال يمكنه‬
‫نشر اي شيئ للناس قبل ان يجربه على نفسه ‪،‬و تلك كانت الخطة لالنتقام منه ‪،‬جاء‬
‫صوت وسيم في السماعة ينادي له‬
‫_اين انت لما انت صامت‬
‫أجابه‬
‫_انا هنا فقط كنت افكر بالتطبيق هل نجربه معا ام تجربه وحدك‬
‫_سأجربه لوحدي ارسله لي اآلن و غدا ليال سأجربه‬
‫اقفل كل منها الخط ‪ ،‬و شرع امير في ارسال التطبيق الملعون الى وسيم ‪،‬هذا الحقير‬
‫أدخل للتطبيق طالسم سحر أسود وال يعلم عنها شيئ اال شيئ واحد هو ان من‬
‫يستخدم هذا التطبيق سيتسلط عليه الجن و هذا كان انتقاما شريرا‬
‫قهقه أمير و عيناه تقطران شرا ثم اخذ يقوول‬
‫_وداعا يا وسيم ايها الوسيم ‪،‬سأكون انا في المرتبة األولى في كل شئ لن أدعك‬
‫تعرقل طريق نجاحي بعد اآلن ‪،‬لطالما كنت عقبة في حياتي وواآلن سأزيحك ‪،‬تمتع‬
‫بعالم الجن لألبد هاهاهاها‬
‫( أمير ‪،‬صديق وسيم من الطور المتوسط ‪،‬شخص متعجرف يعمل مبرمج ألعاب و‬
‫يساعده وسيم في نشر تلك األلعاب على منصات التواصل االجتماعي ‪،‬عمره ثمان‬
‫وعشرون سنة ‪،‬له عينان حادتان بلون البحر الصافي ‪،‬ووجه طفولي يخفي خلفه شر‬
‫عظيم ‪،‬طويل القامة ومفتول العضالت بشعر ذهبي يتدلى على مقدمة رأسه )‬
‫في غرفته الشبه مظلمة يطل منها ضوء الحاسوب ‪،‬جلس وسيم منهمكا يحمل تطبيق‬
‫اللعبة التي أرسلها له أمير ‪،‬ملصقا وجهه و عينيه صوب الحاسوب و كأنه غائب‬
‫تماما عن العالم الخارجي صرخ فرحا و هو يقول _و أخيرا حملت اللعبة لنبدأ اآلن‬
‫‪،‬كانت اللعبة عبارة عن مواقع و رموز و شفرات غريبة ‪،‬يدخل في موقع ثم يخرج‬
‫من موقع آخر ‪،‬يتبع تعاليم غريبة و يقرأ رموزا غير مفهومة ظن انها قوانين اللعبة‬
‫و ظل يتبعها كي يدخل الى اللعبة الحقيقة ‪،‬ثم فجأة توهجت أضواء زرقاء داخل‬
‫الغرفة لم تكن تخرج من الحاسوب ‪،‬بل كانت تخرج من الحائط ‪،‬ظل يمعن النظر‬
‫فيها ثم قام من مكانه مذعورا ‪،‬عندما أحس بشيئ ثقيل يدفعه أرضا فسقط على‬
‫ظهره و هو يتألم و يرتعش و يستغفر ‪،‬أخذ ينظر الى الحاسوب وشاشته التي‬
‫أصبحت سوداء ثم ظهرت كتابة بلون األبيض (لعنة الفضول ) ‪،‬اخرج ضحكة‬
‫خفيقة وقال وهو يحدث نفسه _سأقتلك يا أمير ماهذا الذي وضعته في اللعبة انها‬
‫تبدو حقيقة ‪،‬كيف لي أن اتخيل هذا كله اذ لم يكن قد حدث حقا !! حاول النهوض من‬
‫مكانه ليذهب الى حاسوبه لكنه أحس أن هناك شيئ ما خلفه ‪،‬توقف لحظة ثم استجمع‬
‫قواه ونظر خلفه و لم يجد‪ .‬إال الظالم ‪،‬ثم ظهرت أمامه اطياف حمراء متوهجة و‬
‫دارت حوله بشكل سريع ‪،‬أطلق صرخة عالية و و استند على الحائط و جلس و‬
‫أدخل رأسه بين ركبتيه و هو يتمتم ‪،‬لكن تلك األطياف لم تتوقف عن الدوران و‬
‫صار يرتعش بشدة ويهتز و ينتفض كأنه يحتضر حتى أغمي عليه في نهاية المطاف‬
‫بعد لحظات تالشى جسده و أصبح ضبابا أبيضا ‪،‬كأنه جسد أثيري ‪،‬عم السكون‬
‫في الغرفة و عاد الظالم يفترس كل مكان بها ‪.‬‬
‫بعد لحظات فتح عينيه ليجد نفسه غارقا في الظالم ‪،‬يحاول أن يتحرك لكن جسمه‬
‫كان ثقيال جدا ‪،‬شعر بشيئ ما في معصمه جعل يتحسس بيديه و قد اكتشف أنها‬
‫أغالل حديدية غليظة ‪،‬ماذا تفعل هذه األغالل في معصمه هل هو في سجن أم انه‬
‫يحلم ‪،‬هكذا حدث نفسه ثم مال برأسه على الجدار و هو يحاول أن يتنفس بشكل‬
‫طبيعي لكنه كلما أخذ نفسا كلما زاد اختناقه بسبب تلك الرائحة النتنة ‪،‬كان يسأل‬
‫نفسه هل ال يزال في غرفته ام انه داخل حلم غريب ‪،‬فجأة أتاه صوت خشن من‬
‫مكان ما فتح عينيه بذعر لكنه لم يكن يرى شيئ إال الظالم ‪،‬هدئ الصوت ثم عاد‬
‫يزمجر مرة اخرى‬
‫اقترب الصوت و الخطوات معا و قد تسلل ضوء خافت الى المكان فتوضحت‬
‫الرؤية له ‪،‬المكان أشبه بسجن لكن اي سجن كأنه من عصر قديم جدا و كانت يداه‬
‫مقيدتان بأغالل من حديد ضخمة و ثقيلة و رجاله مكبالتان بإحكام ‪، ،‬األرض‬
‫مفروشة بالقش و الحشيش األصفر رائحة المكان مقززة و عفنة تصيبك بالغثيان‬
‫‪،‬اقترب منه صاحب الصوت و قد فاحت منه رائحة غريبة و قال‪:‬‬
‫_أيها اللعين ‪،‬لقد تم وسمك و ستظل عالق في عالم الجن و لن تظهر في عالم البشر‬
‫ابدا‬
‫لم يكن وسيم يستوعب ما قاله له هذا المسخ ‪،‬فقد مازال يظن نفسه يحلم و ان كل‬
‫هذا كابوس و سيفيق منه قطع حبل أفكاره بزمجرته قائال‪:‬‬
‫_هل تظن انك تحلم يا لسذاجتك ‪،‬تذكر هيا تذكر ما كنت تفعل قبل أن نحملك الى‬
‫هنا‬
‫في هذه النقطة بذات تذكر وسيم كل ما فعله قبل أن يستيقظ و يجد نفسه في هذا‬
‫المكان الغريب تنهد برعب ثم قال‪:‬‬
‫_رباااه ‪،‬ماذا فعلت بي يا أمير ايها الحقير‬
‫ضحك ذلك المسخ فبانت أسنانه الصفراء المعوجة و بانت مالمحه المخيفة و شكل‬
‫عينيه الحمراوتان اللتان تقطران شرا فقال موجها كالمه الى وسيم ‪:‬‬
‫_لتدفع اذا ثمن ذلك ‪،‬لن ينقذك أحد ‪،‬لقد متت أبالنسبة لكل من تعرفهم ‪،‬ووفي الحقيقة‬
‫أقاموا لك جنازة‬
‫أطلق ضحكة شريرة ثم أكمل ‪:‬‬
‫_يظن أهلك أنك متت بصعقة كهربائية ‪،‬و بفعل بسيط منوعمل الجن و السحر‬
‫اوهمناهم بجثتك و خيل لهم انك أنت ‪ ،‬لقد أصبحت اآلن منا لن يراك أحد ‪،‬قهقه‬
‫طويال و أردف قائال‪:‬‬
‫_أصبحت مسخ ‪،‬أنت نصف بشر و نصف جن ‪،‬و هذا جزاء فضولك اللعين‬
‫‪،‬فضولك الذي كاد يدمرني أنا‬
‫ثم صفعه صفعة قوية أفقدته الوعي ‪،‬بعد ساعات استعاد وعيه من جديد ‪،‬أخذ‬
‫يتحسس المكان و تبين أنه نفس المكان حقا ‪،‬هذا يعني أنه ليس في حلم ‪،‬ظل يفكر‬
‫في حل لموصيبته ‪،‬تحسس األغالل الموصدة و أراد فتحها لكنه لم ينجح ‪،‬اغمض‬
‫عينيه و استند على الحائط و قد كان حلقه جاف جدا ‪،‬يريد فقط القليل من الماء لكن‬
‫من سيحضره له وهو في عالم غير عالمه ‪،‬ثم عادت به الذاكرة لما حدث و تذكر‬
‫صديقه أمير و اخذ يلعنه فهو الذي وضع طالسم سحر أسود جعلته أسيرا عند الجن‬
‫‪،‬لقد خدعه صديقه ‪،‬تمتم وسيم بحزن و هو يردد الدعاء قائال‪:‬‬
‫_يارب أنك من تراني فقط يارب أنقذني ‪،‬اني استغفرك و أتوب إليك ‪،‬يا من أنجيت‬
‫يونس من بطن الحوت ‪،‬فأنت قادر على أن تنجيني من هذه المصيبة التي حلت على‬
‫رأسي و كنت أنا سببها ال إله إال أنت سبحانك إني كنت من الظالمين‬
‫ظل يدعوا هللا طوال تلك المدة هو ال يعلم ان كان في الليل او النهار فالمكان مظلم‬
‫طوال الوقت ‪،‬‬
‫مرت عليه األيام و الشهور حيث أصبح حرا يتجول في تلك المملكة الغريبة بين‬
‫الجن لكنه ال يخرج عن نطاق تلك المملكة أبدا و لو أراد الخروج يترصدونه و‬
‫يعذبونه حتى الموت لكنهم ال يدعونه يموت لكي يذوق في كل مرة العذاب و الويل‬
‫‪،‬لهذا كان قد استسلم ألمره و بقي معهم في تلك المملكة ‪،‬شاهد الكثير من األمور‬
‫المرعبة تحدث هناك ‪،‬من سحر و استراق السمع و قد تعلم أخطر انواع السحر و‬
‫هو السحر األسود ‪،‬حيث الحظ انهم يمتلكون مخطوطات و كتب يدعون انها تعود‬
‫لسيدنا سليمان عليه السالم و لكن شييئ ما في داخله ال يريد تصديق ذلك ‪،‬حاول‬
‫الجن الكافر مرات و مرات في أن يعتمدوا عليه و يشاركوه في اعمالهم الشريرة‬
‫لكنه كان يرفض و جزاء ذلك الرفض العذاب ‪،‬وقد كان يتحمل العذاب ‪،‬المسكين لقد‬
‫عانى كثيرا ‪،‬مر عامين و هو بينهم ‪،‬يأكل ما يأكلون و يتصرف كما يتصرفون و‬
‫كأنه نسي طبيعته االنسية و صار مثل الجن الى أن جاء ذلك اليوم ‪،‬اليوم الذي‬
‫تحرر فيه من تلك المملكة‬
‫و خرج الى العالم بشكله الغريب نصف جن و نصف بشر‬
‫وقتها نشبت حرب كبرى بين الجن المسلم و الجن الكافر و بفضل هللا استطاع الجن‬
‫المسلم أن يفرض سيطرته على الكفار وحرروا األسرى و كان من بينهم ذلك وسيم‬
‫فذهب مع الجن المسلم الى قبيلتهم و هناك عرفوا قصته العجيبة فحاول البعض ان‬
‫يبطل تلك التعويذة ل كن دون جدوى ‪،‬لم يفد فيه شيئ ‪،‬تملكه اليأس و في بعض‬
‫األحيان يمتثل الى االمر الواقع و يستسلم ألمره و هو يقول ‪:‬‬
‫_سأعيش هكذا الى أن اموت ‪،‬سأتأقلم ال تتعبوا أنفسكم‬
‫في كل مرة يتسلل األمل اليه ‪،‬لكنه سرعان ما يختفي‬
‫أصبح منطويا جدا على نفسه ‪،‬بعد محاوالته الفاشلة في ايجاد حل ‪،‬اقترح عليه زعيم‬
‫الجن المسلم أن يذهب الى بيته و يحظر ذلك الحاسوب و يعيد كل مافعله لعله يجد‬
‫حال هناك او لعله يبطل هذا السحر او يبحث عن أمير و يحاول التواصل معه فهو‬
‫من أسس كل هذا‬
‫كانت فكرة جيدة لكنها فاشلة ‪،‬ذهب لبيته بعد أن مر عامين و أهله يعتقدون أنه ميت‬
‫‪،‬حتى لو ذهب إليهم فهم لن يروه ‪،‬أخذ يتأملهم و هم بقربه ‪،‬هاهي أمه تطبخ العذاء‬
‫‪،‬يا إالهي لقد أصبحت نحيلة جدا ‪،‬وهاهي أخته شيماء لقد كبرت و أصبحت جميلة‬
‫جدا ‪،‬انها تعد الصحون على المائدة‪ ،‬مهال مهال لماذا يعدون خمسة صحون من‬
‫الخامس ؟‬
‫رأى دموع اخته تنهمر و هي تحمل الصحن الخامس في يدها وهي تقول ألخيها‬
‫سامر ‪:‬‬
‫_لقد مر عامين و مازلت أظن أن وسيم بيننا‬
‫ثم أخذت تبكي بحرقة و ظل سامر يواسيها بينما الدموع تنزل على خده ‪،‬جاء األب‬
‫و احتضن ولديه و أقبلت األم تحتضنهم بشدة و في موقف عائلي حزين جدا كان‬
‫وسيم يراقبهم و الدموع تنزل كالشالل ‪،‬رجع الى قرية الجن و هو في قمة الحزن‬
‫أتى اليه الزعيم و هو يقول ‪:‬‬
‫_ماذا هناك يا بني لما كل هذه الدموع‬
‫فأجابه ‪:‬‬
‫_لم استطع ‪،‬انني ال استطيع فعل شيئ ‪،‬لن أذهب للبيت مرة اخرى ‪،‬انهم في دوامة‬
‫حزن بسببي أنا من جعلتهم يحزنون ‪،‬يظنون انني ميت ‪،‬كم هذا فظيع ‪،‬أما أمير‪ .‬فال‬
‫أثر له كأنه تبخر‬
‫وضع الشيخ يده على رأس وسيم و صار يربت عليه بحنان و قال ‪:‬‬
‫_ال تحزن ان هللا معك و سيخرجك من هذا المأزق ‪،‬ان كانوا ال يرونك فاهلل يراك و‬
‫نحن معك و اعتبرنا عائلتك ان تقطعت بك السبل يمكنك العيش معنا هنا ‪،‬و لكن ال‬
‫تيأس ستجد من يراك و انت في قمة عتمتك هذه ‪،‬ستجد من ينتشلك من قوقعة حزنك‬
‫‪،‬ال تحزن يا وسيم‬
‫كان كالم الشيخ ‪،‬مرهم أمان لقلب مجروح ‪،‬أكمل وسيم عامين معهم و تعلم أشياء‬
‫كثيرة ‪،‬فترة طويلة قضاها مع الجن المسلم و لكنه تأقلم معهم على األقل لم يكونو‬
‫يعذبونه مثل ما فعل الجن الكافر ‪،‬فهنا الجو مختلف كانوا يتعلمون القرآن و‬
‫يحفظونه و قد تعلم معهم و حفظ معهم و سرعان ما تعلم كل عاداتهم ‪،‬كان قليال ما‬
‫يذهب بين البشر خشية أن يالحظ أحد من أهله فيحزن قلبه ‪،‬لكن هناك شيئ ما في‬
‫قلبه يبحث عنه ‪،‬قلبه الذي كان متعلقا بها و يبحث عنها ال يدري لما يشعر انها‬
‫ستراه و ستنقذه لكنه لم يجدها و هي ال تعرفه فكيف سيحدث االمر ان االمر صعب‬
‫جدا ‪،‬كان يتجول بين البشر عله يجد شخصا يراه فيساعده لكن بدون جدوى كل‬
‫المحاوالت باءت بالفشل ‪،‬الى أن جاء ذلك اليوم و التقى بشهد ‪،‬تلك المميزة التي‬
‫رأته من بين كل البشر‬
‫كانت شهد تستمع الى كل ما قاله الزعيم و هي في دهشة مما تسمعه اذناها تردد في‬
‫ذهنها "يا إالهي وسيم بشر مثلي ‪،‬لقد أحسست بذلك حقا "‬
‫شيء من الفرح دخل في قلبها و قد ارتاحت لمعرفة هذا السر العجيب أو ربما كان‬
‫هذا األمر إرضاء لقلبها الذي أحبه بدون سابق انذار و لم تعد تضع حدودا لهذا‬
‫الحب ‪،‬انه بشري مثلها فلن تخاف ان أحبته ‪،‬سكت الجميع و عم الهدوء في القصر‬
‫‪،‬الكل يفكر بحل ما‪ ،‬و بما يمكن لشهد المساعدة و كيف ستساعد وسيم ‪،‬الزعيم يريد‬
‫أن يقترح حلوال ربما لشه د القدرة على فعلها تنحنح ثم قال موجها كالمه لشهد ‪:‬‬
‫_اسمعي يا بنيتي ‪،‬هناك حالن‬
‫استدار له الكل بإهتمام شديد فأكمل قائال‪:‬‬
‫_ االول "عليك الذهاب الى بيت وسيم و تحضري لنا الحاسوب" و الثاني عليك‬
‫بالبحث عن أمير هو من صمم ذلك التطبيق وربما لديه ما يقوله حول هذا األمر‬
‫أجابته شهد بإهتمام قائلة‪:‬‬
‫_لكن ماذا سأقول ألهله و هل سيوافقون على أن آخذ أغراضه‬
‫تكلم وسيم في هذه اللحظة قائال‪:‬‬
‫_هنا تكمن المشكلة ‪،‬فأهلي لن يسلموا أغراضي للغرباء‬
‫نطقت جويرية قائلة ‪:‬‬
‫_وسيم ألم تذكر أن لك أخت ؟‬
‫أجابها وسيم بتعجب ‪:‬‬
‫_نعم و لكن ماعالقتها باألمر‬
‫قالت‬
‫_ستتعرف عليها شهد و تصبح صديقتها بطريقة ما و يجب أن تكون مقربة جدا‬
‫‪،‬وقتها تستطيع شهد أن تدخل بيتكم و تتسلل الى غرفتك و تأخذ أغراضك بدون أن‬
‫ينتبه لها شخص‬
‫قاطعتها شهد بنبرة شديدة ‪:‬‬
‫_هل تريدين مني أن أسرق الال هذا لن يحدث‬
‫أجابتها بثقة ‪:‬‬
‫_اذا كنت تريدين مس اعدة وسيم فعليك أن تتنازلي عن بعض مبادئك ‪،‬هي ليست‬
‫سرقة انها اغراضه و ان رجع وسيم الى طبيعته سيبرر ذلك ألهله‬
‫قالت شهد ‪:‬‬
‫_هذا ليس حال ‪،‬ماذا لو أمسكوا بي و أنا أسرق ستكون العواقب وخيمة ‪،‬لن يثقوا‬
‫بي مرة اخرى‬
‫تكلم وسيم موجها كالمه الى جويرية التي اكتسى وجهها حمرة من الغضب ‪:‬‬
‫_شهد معها حق ‪،‬السرقة ليست حال يا جويرية‬
‫اجابته جويرية بغضب ‪:‬‬
‫_وماذا نفعل هاا هل لديك حل آخر هل ستذهب شهد و تحكي لهم الحقيقة ‪،‬هل‬
‫سيصدقونها ‪،‬بالطبع ال ‪،‬سيقولون أنها فتاة مجنونة و ربما يظطرون الى طردها‬
‫خارجا‬
‫هنا فقط الحظت شهد أن عقل جوير ية اكبر من سنها بكثير كيف لتلك الفتاة صاحبة‬
‫العشر سنوات أن تتحدث بكل هذه المنطقية ‪،‬تجاهلت شهد هذه الفكرة و أجابت‬
‫جويرية قائلة‪:‬‬
‫_معك حق ‪،‬يجب أن نفكر في حل مناسب‬
‫نطق وسيم قائال‬
‫_علينا إيجاد أمير اللعين أما الحاسوب سنجد له حال‬
‫تكلم الزعيم قائال‪:‬‬
‫_آذان الف جر على وشك أن ينطلق يجب عليك العودة الى بيت عمتك ‪،‬ستختفي‬
‫القرية مع بزوغ الفجر‬
‫نظرت شهد الى وسيم الذي كان يقف و يبدو حزين جدا ثم قالت ‪:‬‬
‫_و ماذا عنك يا وسيم هل ستأتي معي ام ستظل هنا؟‬
‫انزل وسيم رأسه بحزن ثم قال بصوت هادئ‬
‫_ان لم يكن هناك مانع ‪،‬فأنا اريد مرافقتك‪،‬‬
‫يريد هو اتباع قلبه ‪،‬فقلبه متعلقا بها كيف يبقى مع الجن و يترك حبيبته التي احبها‬
‫سرا لمدة طويلة‬
‫نعم لقد كان وسيم يعرف شهد منذ عدة أعوام و لكنه لم يقابلها ابدا ‪،‬فقد كان يراقبها‬
‫سرا و يختلس النظر لها و يكتب عنها عندما يكون بغرفته المظلمة ‪،‬كانت هي‬
‫كنجمة وحيدة في قلبه لم يستطع ابدا ان يدخل نجمة اخرى غيرها الى ذلك القلب ‪،‬و‬
‫قبل تلك الحادثة التي اودت بحياته الى الهالك و اصبح نصف جن و نصف بشر‬
‫‪،‬كان سيعترف لها بحبه و يظهر نفسه و يحكي كل ما بقلبه و يتقدم لخطبتها لتكون‬
‫حالله لألبد ‪ ،‬لكن القدر لم يرد ان يتقابال بشكل عادي فتقابال بشكل غريب جدا و في‬
‫موقف ال يكاد العقل تصديقه أكمل وسيم كالمه لشهد ‪:‬‬
‫‪،‬بما أنك فقط من ترينني اريد أن اكون معك لكي نتوصل الى حل ‪،‬فوجودي هنا لن‬
‫يضفي شيئ جديدا ‪،‬كما انني اريد التواجد بين البشر كي ال أنسى حقيقتي ‪،‬هكذا اقنع‬
‫شهد كي ال تكتشف حقيقة مشاعره و انه يريد ان ال يفارقها أبدا بعدما وجدها‬
‫أجابه الزعيم قائال‪:‬‬
‫_حسنا يا وسيم يمكنك الذهاب مع شهد ‪،‬نحن سنصلي الفجر و نذهب و بإمكانكما أن‬
‫تطلبا المساعدة منا ان احتجتم ألي شيئ بالتوفيق لكما‬
‫قالت شهد ‪:‬‬
‫_هيا لنذهب ‪،‬ستالحظ عمتي غيابي‬
‫انطلق وسيم و شهد بين األشجار و هما في الطريق حيث دار بينهما هذا الحوار‬
‫_هل تظنين اننا سنجد حال ؟‬
‫_بإذن هللا ‪،‬هللا معنا ولن يضيعنا‬
‫_أرى أن الخوف اختفى يا شهد ‪،‬لم تعودي خائفة مثل اول مرة‬
‫_النني عرفت أنك بشري و لست جن‬
‫_لكنني جني‬
‫_الال لست كذلك ‪،‬سنبطل تلك التعويذة سترجع كما كنت‬
‫_الحمد هلل انني وجدتك يا شهد ‪،‬لقد فقدت األمل حقا ثم ظهرت انت‬
‫_الحمد هلل ‪،‬لم أكن اعلم بقصتك من البداية و إال كنت لن أصدق شيئ‬
‫_لهذا لم ارد اخبارك من البداية كي تالحظي بعينيك الحقيقة‬
‫الى هنا جاء على مسامعهما صوت اآلذان و قد كانت شهد قرب الباب ‪،‬فتحته بخفة‬
‫و تسللت الى غرفتها أما وسيم فدخل الى غرفة االستقبال و استلقى هناك لحظات و‬
‫جاءت اليه شهد قائلة بهمس‪:‬‬
‫_ألن تصلي ؟‬
‫نهض وسيم من مكانه و طلب منها أن تدله على الحمام (اكرمكم هللا ) كي يتوضأ‬
‫صلى كالهما و معهما عمتها ‪،‬اكملوا الصالة و جلست عمتها على األرض ثم‬
‫وجهت نظرها الى شهد و هي تقول ‪:‬‬
‫_كيف كانت ليلتك يا عزيزتي‬
‫دق قلب شهد بسرعة و كأن عمتها تسألها عن الليلة و عن غيابها لكنها فهمت ما‬
‫ترمي اليه فهي اول ليلة لها هنا فقالت ‪:‬‬
‫_مريحة جدا ‪،‬كيف لي أن ال ارتاح وانا في بيت كله امان مثل بيتك يا أحلى عمة‬
‫في العالم‬
‫ضحكت العمة انيسة و عانقت شهد بحرارة ‪،‬اخبرتها شهد بأنها ستنام قليال و تستيقظ‬
‫لتناو ل الفطور ‪،‬بينما وسيم كان يشاهد تلك الحميمية التي بين شهد وعمتها و كان‬
‫يتمنى أن يراه أهله في يوم ما ‪.‬‬

‫لحظات من الهدوء في تلك الغرفة التي تسبح في الظالم ‪،‬كان شارد الذهن يفكر في‬
‫تلك الحسناء ذات العيون الخضراء التي أسرت قلبه ‪،‬جعل يتذكر ذلك اليوم الذي‬
‫إصدمت به في المحطة و هي تحمل تلك الكتب فسقطت كلها في األرض ظن للحظة‬
‫أنها ستكون هذه لقطة اسطورية مثل األفالم ‪،‬فأنحنى بجسده ليلتقط الكتب ‪،‬ثم‬
‫أعطاها إياها ‪،‬كانت منزلة رأسها بحياء شديد لألسفل بينما تمد يديها اللتان ترتعشان‬
‫من شدة الخجل ‪،‬انتبه هو لتوترها فقال ‪:‬‬
‫_ال عليك يا آنسة لقد كان خطئي‬
‫امسكت الكتب و قالت بصوت غير مسموع لكنه سمعه ‪:‬‬
‫_أنا آسفة ‪،‬آسفة جدا‬
‫أسره خجلها يا لها من فاتنة ‪،‬كتلة من الخجل تمشي على األرض على شكل فتاة‬
‫‪،‬ماهذا انها كائن مالئكي حقا‪ .‬ظل ينظر إليها ووهي تنتظر رده طالت تلك اللحظة‬
‫ثم انتبه فقال ‪:‬‬
‫_لما األسف ‪،‬ربما أنا اآلسف لم انتبه انك في طريقي المهم الحمد هلل أنك لم تسقطي‬
‫أنت بل أسقطت قلبي ‪ .‬ااه اقصد كتبتك ‪،‬بالمناسبة أنا رامي و انت؟‬
‫ارتبكت الفتاة و زاد وجهها توهجا باللون األحمر استأذنت منه و ذهبت مهرولة‬
‫اقصد هاربة الى القطار الذي بدوره وصل للتو ‪ ،‬كانت تدعوا أال يلحق بها‬
‫‪،‬عالقتها بالجنس اآلخر شبه معدومة لم تتعامل كثيرا مع الشبان ‪،‬لطبيعة تربيتها و‬
‫خوفها من أبيها و اخوتها و أوال وقبل كل شيئ خوفها من هللا‬
‫ظل يحدق في الظالم و يبتسم بين الفينة و األخرى دق الباب فجأة و قطع عنه‬
‫أفكاره‬
‫_رامي بني ‪،‬الغداء جاهز‬
‫_انا قادم يا أمي‬
‫بعد لحظات األم تجمع الصحون لتقوم بغسلها األب يتكلم مع ابنه‬
‫_هل ستذهب اليوم الى عمتك ؟‬
‫_نعم يا أبي ‪،‬هما وحيدتان هناك يحتاجان الى رجل لكي يحميهما‬
‫_نعم معك حق ‪،‬ولكنني أثق في شهد هي رجل في غيابنا ال تقلق‬
‫_و لكنها تظل فتاة و مزالت صغيرة وطائشة‬
‫_كن معها يا بني وال تكن عليها ‪،‬إياك أن تتشاجر معها هناك لن اسمح لك في أذيتي‬
‫ابنتي الوحيدة‬
‫_عيب عليك يا أبي ‪،‬أال تثق في ابنك هل لست ابنك الوحيد أيضا‬
‫تدخلت األم و هي تربت على ظهر ابنها‬
‫_انت إبني الوحيد و كالكما لكما مكانة ال تحزن يا بني و ماهذه الغيرة المفاجأة‬
‫هههههه‬
‫ضحك األب و رامي ثم قال األب ‪:‬‬
‫_حسنا متى ستذهب ؟‬
‫_سأسافر في الليل لقد حجزت في الطائرة لكي أصل سريعا‬
‫_رافقتك السالمة يا بني‬
‫_هللا يسلمك و يديمك فوق رؤوسنا يا أغلى أب‬
‫‪.....................................................................‬‬
‫دخلت شيماء مسرعة الى غرفتها و هي تحمل كتبا بيدييها أغلقت الباب و راحت‬
‫تبحث في تلك الكتب عن شيئ ما ‪،‬كانت منهمكة في البحث و بعد لحظات اغلقت‬
‫الكتب و مالت برأسها الى الخلف ‪،‬الدموع تنهمر على وجنتيها و عالمات الحيرة و‬
‫التعب في وجهها دق الباب فأسرعت تمسح دموعها كي ال يالحظون و يمطرونها‬
‫باألسئلة ‪،‬نهضت بسرعة و فتحت الباب ‪،‬كان هذا أخوها سامر‬

‫_أروع شيماء في العالم سأقدم لك السيدة شكوالطة الذيذة الطرية المحشوة بالبندق‬
‫أطلقت شيماء ضحكة رقيقة انثوية و اخذت علبة الشكوالطة و عانقت أخاها ثم قالت‬
‫‪:‬‬
‫_شكرا ألفضل أخ بالعالم ‪،‬االخ الذي يعرف ان اخته تحتاج للدعم الشكوالطي‬
‫ههههه ثم ضحكا سويا‪.‬‬
‫_بالمناسبة سنذهب عند جدتي اليوم لقد حجز لنا أبي بالطائرة الليلة سنقلع‬
‫_خيرا يا سامر هل جدتي حصل معها أمر‬
‫قالتها و هي تضع علبة الشكوالطة فوق الطاولة و تضع يدها على قلبها‬
‫امسك سامر يدها و قال مطمئنا ‪:‬‬
‫_ال سنقضي العطلة هناك ‪،‬تعرفين جدتي تحب أن نجتمع حولها في الشتاء‬
‫انطلق الجميع يجهز أغراضه بينما شيماء دخلت الى غرفة وسيم تنهدت بحزن و‬
‫اطالت النظر الى الغرفة نزلت دموع رقيقة على خديها ثم أغلقت الباب بهدوء و‬
‫امسكت حقيبتها و انظمت الى عائلتها التي كانت بالخارج ينتظرونها أمام السيارة‬
‫متوجهين الى المطار‬
‫(شيماء االخت الصغرى لوسيم تبلع تسعة عشر عاما تدرس سنتها االولى في‬
‫الجامعة تخصص أدب عربي ‪،‬وهي بصدد اصدار خامس رواية لها فهي كاتبة‬
‫روائية ناجحة رغم صغر سنها ‪،‬أما سامر فيبلغ من العمر ثالثين عاما خريج كلية‬
‫الهندسة المعمارية و يعمل في فرع تابع لشركة ما ‪،‬يشبه سامر وسيم بكل تفاصيله )‬
‫‪.....................................................................‬‬
‫ودع رامي أبوه و أمه و ركب سيارة اجرة التي ستقله الى المطار ‪،‬بعد لحظات‬
‫وصل لم يشأ أن يتصل بأخته ليخبرها مجيئه فقد ترك ذلك كمفاجأة لعمته و ألخته‬
‫على السادة المسافرين التوجه للصالة الرئيسية ‪،‬الرحلة ‪ ,56‬البوابة رقم ‪ 1‬والمتجهة‬
‫للعاصمة‬
‫‪،‬كان هذا صوت احدى العامالت في المطار ‪،‬سمع رامي النداء فحمل حقيبته‬
‫وتوجه الى الطائرة ‪،‬لحظات و رآها تمر أمامه كالحورية بفستانها األخضر مثل‬
‫عينيها وطرحة رأسها البيضاء التي جعلت وجهها يشع من نور ‪،‬لم يصدق ما تراه‬
‫عيناه انها هي ‪،‬الفتاة التي اصطدم بها في محطة القطار ‪،‬مرت بجانبه و كان معها‬
‫رجل يبدو انه والدها و شاب يشبهها يبدو اخوها و امرأة على األرجح والدتها ‪،‬لكن‬
‫مالذي يفعلونه في المطار هل س تسافر ‪،‬هل هي معه في نفس الرحلة ‪،‬افكار تضرب‬
‫برأسه و استفاق منها اال بعدما تكلم معه رجل االمن هناك و اخبره ان يذهب الى‬
‫الطائرة ‪،‬توجه رامي و اخذ يبحث عن مقعد مريح جلس وهو يفكر في تلك الفتاة ‪،‬ثم‬
‫جلس بجانبه شاب انه نفس الشاب الذي كان برفقتها كان يتمنى لو كانت هي بدال‬
‫منه ‪.‬‬
‫ساعتان فقط و نزلت الطائرة وصل المسافرين الى وجهتهم ‪،‬استقل رامي سيارة‬
‫اجرة لتوصله الى بيت عمته كانت الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل بعد‬
‫دقائق وصل الى وجهته المنشودة ‪،‬كان يمشي بحذر لكي يفاجأهما لكن الصدمة‬
‫اعتلت وجهه عندما أطل من نافذة الصالون خارجا و رأى ذلك الغريب يجلس مع‬
‫عمته و اخته من هذا يا إالهي من يكون‪،‬‬
‫دخل رامي الى ردهة المنزل و لحسن الحظ كان‪ .‬الباب مفتوح ‪،‬وضع حقيبته امام‬
‫الباب و نزع حذاءه و بقي خلف باب غرفة االستقبال يسترق السمع ‪،‬كانت شهد‬
‫تتكلم مع العمة انيسة يبدو ان الحديث نسوي يتكلمان عن ارتفاع اسعار الذهب و عن‬
‫النساء اللواتي يشترينه رغم غالئه و كان ذلك الغريب يجلس معهما لكنه لم ينطق‬
‫بشيئ و كانه غير موجود معهما ‪،‬طرق رامي طرقات خفيفة على الباب استدارت‬
‫العمة اوال و الحظته قامت من مكانها و عالمات الفرحة و الحيرة بادية على وجهها‬
‫قائلة‪:‬‬
‫_حبيبي يارامي متى جئت ‪،‬ماهذه المفاجأة الرائعة‬
‫انتبهت شهد بانه اخوها فأسرعت تعانقه و تقبله ‪،‬لحظات و انتهى االستقبال الحار‬
‫بينما رامي ينظر الى وسيم و وسيم ينظر الى رامي لكن ال أحد ينطق بكلمة ‪،‬‬
‫أكملت العمة ترحيبها بإبن أخيها بفرحة إجتاحت قلبها النقي ثم ذهبت كعادتها لتعد‬
‫لرامي بعض األكل ‪،‬كانت شهد تنظر الى اخيها بصدمة هل يعقل؟؟ هل رامي يرى‬
‫وسيم !!!‪،‬قطعت شهد الصمت قائلة ‪:‬‬
‫_ما األمر ؟ لما أنت غاضب هكذا يا أخي‬
‫قال رامي والغضب يتطاير من عينيه ‪:‬‬
‫_من هذا؟ ‪.‬‬
‫مشيرا الى وسيم الذي نهض فورا عندما علم بأن رامي ينظر له‬
‫ابتلعت شهد ريقها‬
‫قالت شهد‪:‬‬
‫_هل تراه يا أخي؟؟‬
‫أجابها رامي بإستغراب وعدم استيعاب لسؤالها ‪:‬‬
‫_هل أنا اعمى ‪،‬اني‪ .‬ارى شابا غريبا هنا معك لما هذه األسئلة اجيبي ياشهد من هذا‬
‫الشاب و اال سأكسر لك راسك ؟‬
‫مسكته شهد من يده و جرته الى الداخل و هي تهمس و تحاول ان ال تثير ضجة كي‬
‫ال تكشف امرها امام عمتها فقالت‪:‬‬
‫_اششششت تكلم بصوت خافت اهدا يا رامي ‪،‬سنحكي لك كل شيئ‬
‫اجابها رامي بغضب شديد‬
‫_مالذي ستحكيه لي ياشهد ‪،‬ماهذ الذي يحصل هنا ؟‬
‫تكلمت شهد وهي تمسك ذراع اخاها كي ال يفتعل اي مشكلة قد تخرب كل شيئ ‪:‬‬
‫_اهدأ ارجوك ليس الموضوع كما تتخيل‬
‫فقال رامي و قد بدا عليه االنزعاج اكثر ‪.‬‬
‫_ لم يكن على والداي السماح لك بالمجيئ لوحدك ‪،،‬كاد ان يخرج من غرفة‬
‫الضيوف فأوقفه وسيم قائال‪:‬‬
‫_أنا جني ‪،‬ال أحد يراني اال شهد و ها أنت ايضا تراني‬
‫صدم رامي من سماعه لهذه النكة السخيفة و ظن انها لعبة لكي تغطي بها عن أفعال‬
‫سيئة طرأت في رأسه رغم انه يثق في اخته و عمته‬
‫قالت شهد محاولة تهدأت رامي‪:‬‬
‫_ال تخف ‪،‬سنحكي لك كل شيئ يارامي هو ليس كما تظن‬
‫هنا دخلت العمة و ضعت الصينية المليئة بالطعام امام رامي و كادت أن تجلس فوق‬
‫وسيم لوال انه قام فجأة من مكانه ‪،‬كانت الصدمة واضحة على وجه رامي الذي ال‬
‫يزال اليصدق انه جني ‪،‬وانه يراه ‪،‬شيئ من الحقيقة اتضح امامه هو ان عمته‬
‫بالفعل تجهل تواجده معهم ‪،‬تناول رامي طعامه و الدهشة ال تفارق مالمحه ‪،‬كانت‬
‫شهد تنظر الى اخيها و الى وسيم ‪،‬األسئلة تدور في رأسها كيف يراه مثلي؟ هل هو‬
‫انسان زهري مثلما أخبرني الزعيم بأنني انسانة زهرية ؟ هل يعقل ان يكون أخي‬
‫ايضا كذلك !! ثم ترائ لها أمل كبير‪ ،‬بما أن رامي يراه سيساعدنا‬
‫قطع تفكيرها صوت عمتها التي بدورها وجهت حديثها الى رامي الذي كان يبدو‬
‫شارد الذهن ‪:‬‬
‫_رامي ‪،‬انت لم تأكل كثيرا مابك يا بني منذ وصولك و انت لست على مايرام‬
‫_ال ياعمتي انا متعب فقط‬
‫_بالمناسبة انت و اختك غريبوا األطوار ‪،‬اختك تكلم نفسها طوال الوقت و انت‬
‫شارد و تنظر الى الالشيئ حقا مالذي يحصل لكما‬
‫نظر االثنان الى بعضهما و انفجرا ضحكا ثم قالت شهد‬
‫_انها الجينات ياعمتي ‪،‬وراثة‬
‫ضحك الجميع و قامت العمة لتنام اما البقية ففضلوا ان يسهروا قليال‬
‫تكلم رامي مخترقا دائرة الصمت ‪:‬‬
‫_و اآلن يا آنسة شهد هال عرفتني بجنيّك الذي يجلس بيننا ! من يكون و كيف لنا ان‬
‫نراه ؟ ولما عمتي تتجاهله ؟‪.‬ولما هو موجود معك ؟ حتى لو كان جني لن أقبل بهذا‬
‫األمر‬
‫اخذت شهد نفسا عميقا و حاولت ان تجمع كل قواها لتحكي عن كل ما عاشته و‬
‫بالفعل بدأت بسرد كل الحقائق ألخيها و أكمل له وسيم باقي القصة ‪،‬كان رامي‬
‫مندهشا ‪،‬نصف منه يريد ان يصدق و نصف آخر الذي احتله المنطق و الواقعية‬
‫فهو يكذب كل ما يقوالنه لكن فضل ان يتمسك بالنصف الذي يصدق ألنه يثق في‬
‫أخته فال يمكنها ان تكذب عليه خاصة في امور كهذه‬
‫طلبت شهد من رامي ان يريها يده اليسرى‪،‬تعجب هو من طلبها الغريب ولكنه‬
‫رضخ لألمر ‪،‬أطلقت شهد شهقة قوية وهي تقول لوسيم ممسكت بيد أخوها ‪:‬‬
‫_ وسيم انظر حتى رامي انسان زهري‬
‫أومأ وسيم برأسه داللة على انه يعرف من اول وهلة فقال ‪:‬‬
‫_نعم لكن ياشهد ليس كل انسان زهري يمكنه رؤيتي و لو كان االمر كذلك ‪،‬فهناك‬
‫العديد من االشخاص زهريين لكنهم لم يرونني ‪،‬لكن انتما فيكما شيئ مميز عن‬
‫باقي الزهريين و لهذا ترونني من بين كل البشر‬
‫تكلم رامي موجها كالمه لوسيم‬
‫_هل فكرت في حل !؟ هل توصلتم لنتيجة ما ؟‬
‫اجابه وسيم بحزن‬
‫_ يجب ان نحصل على أغراضي التي في غرفتي ‪،‬لكننا نجهل كيفية الوصول الى‬
‫هناك كما اننا يجب ان نعرف اين اختفى ذلك الحقير أمير لقد كان سببا في كل ما‬
‫حصل ‪،‬ل قد أكد لي انه لم يدخل شيئ خطيرا داخل اللعبة و لكنه فعل والعجيب انه لم‬
‫ينشرها بعدما رحلت انا و كأنه اراد أن يستهدفني أنا فقط‬
‫رد عليه رامي ‪:‬‬
‫_الحاسوب سيكون مهمة شهد ‪،‬اما أنا فسأبحث عن ذلك الحقير‬
‫رد عليه وسيم بإمتنان ‪:‬‬
‫_اشكرك كثيرا و سأكون معك ايضا‬
‫نظر له رامي مستذكرا مستنكرا وقال‬
‫_وجهك مؤلوف لي هل تعرفنا من قبل ؟‬
‫ضحك وسيم و قال ‪:‬‬
‫_لقد كنا ندرس في نفس الجامعة ‪،‬وتقابلنا مرات عدة ‪،‬انت تعرف أخي سامر هو‬
‫بنفس تخصصك و قد تقابلنا بسببه‬
‫هنا عادت لرامي الذاكرة و تذكر سامر ال ذي جلس معه في الطائرة انه اخ تلك الفتاه‬
‫اااه و هذا يعني ان وسيم اخوها ايضا ‪،‬لكنه تعجب من عدم معرفته لسامر فلقد مرت‬
‫خمس سنوات فقط كيف لألشخاص ان يتغيروا بهذا الشكل‬
‫تكلم رامي محدثا وسيم ‪:‬‬
‫_لقد قابلت سامر في المطار اليوم و كان معه افراد عائلته‬
‫اندهش وسيم و قال‪:‬‬
‫_الى اين يذهبون ؟؟‬
‫_لقد ذهبوا الى القرية المجاورة هكذا سمعت من حديثهم‬
‫تكلمت شهد بعد صمت طويل‬
‫_هل تحدثت الى سامر ؟‬
‫احابها رامي بحزن ‪.:‬‬
‫_لم نتعرف على بعض لقد مر وقت طويل ولم نلتقي و لم نكن أصحاب كفاية بفترة‬
‫الجامعة‬
‫قالت شهد محدثة وسيم ‪:‬‬
‫_بما انك كنت تعرف أخي ‪،‬هل كنت تعرفني ايضا ؟‬
‫تلعثم وسيم و همهم بكالمه ثم قال كاذبا وتحاشيا النظر إليها ‪:‬‬
‫_ال لم أراك من قبل‬
‫زمت شهد شفتيها و سكتت ثم رجعت تقول ‪:‬‬
‫_الحمد هلل انك تعرف سامر اخو وسيم يا رامي ‪،‬سيسهل عليك ان تجد امير و حتى‬
‫الحاسوب ستكون مهمته سهلة ‪،‬يجب ان تخبر سامر بكل شيئ‬
‫قال رامي محدثا شهد‪:‬‬
‫_ عليك ان تتصلي بسلمى أنت تحتاجين لفتاة لتكون معك في هذه المهمة و سلمى‬
‫فقط من ستساعدك‬
‫اومأت شهد برأسها موافقة و ذهبت لغرفتها لتتصل بإبنة عمها‬
‫اما وسيم ورامي ظال يفكران كيف يبدآ غدا رحلتهما في انقاذ حياة وسيم‬

‫‪،‬تختبئ األرانب من خطر موشك تجري خوفا على صغاره لتختبئ في جحرها‬
‫‪،‬تطيى العصافير في السماء هربا من ذلك الصوت المدوي ‪،‬تجري القطط هنا‬
‫وهناك و يتنبح الكالم ‪،‬فيتساقط المطر محدثا ضبابا كثيف يغزو كل بقعة باألرض‬
‫‪،‬يهرول ذلك الطفل الصغير مخترقا رذاذ األمطار الغزيرة وقد تبللت مالبسه حتما‬
‫ستوبخه أمه و يضربه أبوه و سبمرض باالنفلونزا ‪،‬هذا البقال يغلق دكانته الصغيرة‬
‫و ذل ك صاحب المقهى يدخل الكراسي الى الداخل كي ال يبللها المطر صوت الشيوخ‬
‫في داخل يلعبون الشطرنج يتململون و يقهقهون و يصرخون تارة اخرى ‪،‬نحن قي‬
‫قرية صغيرة يملؤها الضباب من كل جهة و كأنها مملكة تسبح في الفضاء بين‬
‫الغيوم ‪،‬ووبين تلك البيوت يوجد بيت متواضع وواسع تجلس فيه تلك الفتاة‬
‫السمراء في الصالون تشاهد التلفاز بفم مفتوح مليئ بالفوشار ويدها موضوعة على‬
‫الكيس وتتحرك بتلقائية الى فمها وهي تحمل حبات الفوشار ووتتساقط البعض منها‬
‫‪،‬تأتيها ضربة مباغتة على رأسها فتفيق من توهانها الغريب‬
‫_اميييي ‪،‬لقد أفزعتني ‪،‬افسدت عليا اللقطة المهمة في الفيلم‬
‫قالت لها امها معاتبة بغضب‪:‬‬
‫_اربع ساعات ‪،‬أربع ساعات و انت تجلسين قبالة هذا التلفاز الملعون ‪،‬هيا قومي‬
‫معي يجب أن ننهي أعمال البيت لقد تعبت لوحدي ‪،‬لو كنت ولدا لما فعلت ما فعلته‬
‫به‬
‫تقوم الفتاة متذمرة و هي تحمل كيس الفوشار في يدها و تقوم برميه فوق الطاولة‬
‫فيتوزع مابقي فيه على األرض ‪،‬تنظر لها أمها والشر يتناطر من عينيها فتمسك‬
‫بالشبشب و هي تتوعدها ببعض األلفاظ الغير مفهومة فتجري البنت داخل البيت و‬
‫هي تضحك بشدة على ردة فعل امها ‪،‬بعد محاوالت في الركض خلف بعضهما‬
‫تمسك األم ابنتها على شعرها الطويل قائلة‪:‬‬
‫_الحمد هلل ان لك شعر طويل واال لما أمسكت‬
‫تجر األم ابنتها الى المطبخ تحت صيحاتها و توسالتها ثم تقول‪:‬‬
‫_أمامك عشر دقائق فقط هل سمعتي عشر دقائق و يرجع المطبخ يضيئ مثل القمر‬
‫تتأوه الفتاة طالبة من امها أن تفلت شعرها‬
‫_حسنا حسنا يا امي ارجوك اتركي شعري انني أتألم‬
‫تترك األم شعر ابنتها و تعيد لها الكالم بنبرة شديدة‬
‫_عشر دقائق مفهووم‬
‫تسرع البنت في التنظيف خوفا من امها و من أن تفعل بها شيئ آخر‬
‫لحظات و انتهت من التنظيف جلست على كرسي في المطبخ ووضعت رأسها على‬
‫الطاولة محاولة إلتقاط انفاسها المتسارعة ‪،‬في حين رن هاتفها برنته المزعجة‬
‫‪،‬تأففت الفتاة ووقالت ‪:‬‬
‫_من هذا المزعج الذي يتصل بي في هذا الوقت و في موقف محرج كهذا‬
‫حملت هاتفها و الحظت أنها ابنة عمها التي لم تتصل بها منذ مدة استغربت من‬
‫اتصالها فهي ليست من عاداتها ردت عليها قائلة ‪:‬‬
‫_أهال بإبنة عمي التي نسيتني و تركتني أتخبط في هذه الحياة كسمكة اخرجوها‬
‫عنوة من البحر‬
‫ضحكت ابنة عمها و هي تقول ‪:‬‬
‫_لم انساك يا مجنونة لقد اشتقت اليك كثيرا ‪،‬‬
‫_و انا ايضا ‪،‬كيف حالك يا دودة القز‬
‫_هههههه دودة القز من اين لك هذا‬
‫_من ناشيونال جيوغرافيك يا بطريقتي‬
‫_هههههه لم تتغيري كثيرا يا سلمى مازلت مضحكة و ترسمين البسمة على وجوه‬
‫الناس‬
‫_حقا !! هذا ألنني اشبه مستر بين ‪،‬لدينا جينات مشتركة‬
‫_هههههههههه ايتها القردة ‪،‬نحن في بستان عمتي انيسة ندعوك لتقضي معنا عطلة‬
‫الشتاء‬
‫سكتت سلمى دقائق ثم قالت ‪:‬‬
‫_أود ذلك حقا لكن المشكلة تكمن في أمي تعرفينها ياشهد انها صعبة المراس‬
‫_ال تقلقي خالتي سناء طيبة القلب سأتكلم معها و اقنعها ‪،‬اعطيها الهاتف وال تهتمي‬
‫اخذت سلمى الهاتف ألمها و هي تخبرها أن شهد المتصل اخذت االم الهاتف و قالت‬
‫_حبيبتي شهد كيف حالك و كيف حال العائلة‬
‫_بخير يا خالة و انت كيف حالك‬
‫_اعاني القليل من األمراض و لكن الحمد هلل تعرفين كل األشغال تقع على عاتقي‬
‫لوحدي و هذه الباندا (قالتها وهس تنظر بغضب الى سلمى ) تأكل و تشرب و تنام و‬
‫ال تأبه ألمها التي بالكاد تتحرك‬
‫أطلقت شهد ضحكة طويلة ثم قالت‬
‫_ال عليك يا خالة ‪،‬ارسليها الى بستان عمتي انيسة و سأقوم بإعادة المصنع لها‬
‫هههههههه‬
‫_حقا ! هل انتم هناك‬
‫_نعم انا و رامي فقط ‪،‬‬
‫_بالتأكيد سأرسلها ‪،‬احرصي على تعليمها العمل المنزلي لقد تعلمت الكسل انها مثل‬
‫الباندا يا بنيتي‬
‫ضحك الجميع و اغلقت االم الخط بعدما ودعت شهد ثم اشارت الى ابنتها كي تجلس‬
‫فقالت‪:‬‬
‫_ال تظني أنني سمحت لك للذهاب بدون سبب ‪،‬اوال لكي أرتاح منك ثانيا ألن شهد‬
‫فتاة عاقلة و رزينة يجب أن تبقي معها فترة ربما تكتسبين بعض مهاراتها ثالثا ألن‬
‫األعمال هناك في البستان ال تنتهي وهم ال يتصلون من أجلك بل من أجل أن تعملي‬
‫معهم و رابعا وأخيرا عليك تحمل مسؤولياتك هناك هل هذا مفهوووم‬
‫ابتلعت سلمى ريقها و قامت كي تجهز حقيبتها ‪،‬لم تكن القرية بعيدة عن بستان العمة‬
‫فقط مسافة ربع ساعة و تصل استقلت سيارة اجرى و توجهت و هناك بدأت‬
‫مغامراتها التي لم تعشها من قبل ‪....‬‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫في بعد آخر و عالم يحكمه الشر و الظالم ‪،‬كان مكبال على قائم حديدي رأسا على‬
‫عقب و الدماء تنزل من أنفه و جبهته ‪،‬نصف جسده العلوي عاري و تظهر جروح‬
‫بليغة على بطنه و صدره و ظهره و كأنه خرج لتو من معركة مع الوحوش الكاسره‬
‫‪،‬كان يتأوه و يتألم و يتمتم بكلمات غير مفهومة ‪،‬أتاه صوت مفزع و قد اخترق‬
‫مسامعه ليقول ‪:‬‬
‫ذق شر ما صنعت ايها الفااشل لن تخرج من هنا ابدا ثم قهقه بشكل مقزز‬
‫‪,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,‬‬
‫مع وصول أول شعاع شمس الى األرض مالمسا النباتات بحب و دفئ ‪،‬سمعت شهد‬
‫طرقا على الباب أسرعت لتفتحه لتجد سلمى قد وصلت ‪،‬تعانقتا في حب و اشتياقا و‬
‫دخلتا الى الداخل فقابلت العمة أنيسة و رحب بها برامي ‪،‬ثم نظرت الى المقعد الذي‬
‫يجلس عليه وسيم و صوبت نحوها كل من عيون رامي و شهد و هم يشاهدونها‬
‫تنظر اتجاه وسيم ‪،‬تسمرت سلمى مكانها ثم همت بالكالم لكن شهد امسكت بيدها‬
‫وجرتها الى غرفتها وهي تقول ‪:‬‬
‫_سلسومتي تعالي وضعي حقيبتك هنا و خذي حماما خفيفا اذا اردتي‬
‫ابتعدت عنها سلمى بإستغراب قائلة ‪:‬‬
‫_من ذلك الشاب يادودة القز ؟‬
‫ضحكت شهد و قالت‪:‬‬
‫_من ؟ هل تقصدين رامي ؟‬
‫اجابتها سلمى بغضب و سخرية ‪:‬‬
‫_انت مجنونة حقا ‪،‬انا اعرف رامي لما سأسالك عنه يا فأرة‬
‫تكلمت شهد بحذر‬
‫_اتقصدين انك رأيت شابا غريبا يجلس على الكرسي‬
‫هتفت سلمى بصوت عالي‬
‫_‪,‬حمد هلل انك فهمت ‪،‬نعم لقد شاهدته يجلس بينكم وكأنه واحد من العائلة ‪،‬من من‬
‫هل هو صديق رامي؟؟ولما هذا الدب هنا ‪،‬؟‬
‫اجابتها شهد بغضب‬
‫_انه ليس دبا انتبهي لكالمك‬
‫ضحكت سلمى وقالت ‪:‬‬
‫انا امزح فقط ‪،‬هل اغضبك كالمي عنه ‪،‬ما األمر هل هو‬ ‫_انت دودة وهو دب‬
‫يعجبك يا قردتي؟‬
‫قالت شهد ‪:‬‬
‫_انها قصة طويلة ولم نتوقع ان تريه انت ايضا‬
‫استغربت سلمى وطلبت من شهد ان تحكي لها كل شيئ‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫‪ .1‬في بيت واسع و جميل يعمه الهدوء والسكينة و الدفئ ‪،‬كانت شيماء حاملة‬
‫كتابا بيدها اليسري و كوب القهوة بيدها اليمنى و تجلس على أريكة في‬
‫الشرفة المطلة على ذلك المنظر البديع ‪،‬تحت زقزقات العصافير و خرير‬
‫المياه العذب ‪،‬وزخات المطر الخفيف ‪،‬تتوقف عن القراءة فتأخذها ذاكرتها‬
‫الى ذلك اللقاء الغريب ‪،‬وكيف ان خجلها سيطر عليها ولم ترى حتى مالمح‬
‫وجهه بدقة اكثر فكل ما لمحت هو عيناه البندقيتان و ضحكته الجميلة ‪،‬تنهدت‬
‫بحنق و ابعدت عن بالها هذه األفكار ‪،‬فهي تعرف انها لن تتعامل مع اي‬
‫شاب و‪ .‬لن تسمح ألي منهم ان يلعب بها او بمشاعرها ‪،‬اوقف شرودها‬
‫دخول سامر للشرفة قائال‪:‬‬
‫_صباح الخير ايتها الوردة الحمراء‬
‫ضحكت شيماء واجابته ‪:‬‬
‫_صباح النور يا سامر كيف حالك؟‬
‫_من يرى منظر كهذا وال يكون بخير‬
‫اجابته هي ‪:‬‬
‫_معك حق انها مناظر تشرح الصدر سبحان هللا‬
‫بالمناسبة سنذهب للقرية كي نتجول قليال وهناك سأخذك الى تلك المكتبة التي‬
‫تحبينها و تستطعين اقتناء الكتب كما شئت‬
‫اتسعت عيناها فرحا و قالت ‪:‬‬
‫_تعرف كيف تدخل الى قلب اختك ايها المحتال‬
‫ضحكا كالهما و دخال الى الصالون حيث يجتمع األهل هناك‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫وقفت سلمى مصدومة مما قلته لها فهي لم تصدق حتى كالمي ‪،‬حتى رأت بعينها ان‬
‫عمتى أنيسة ال ترى وسيم ‪،‬ظلت سلمى شاردة طوال الوقت على غير عادتها فهي‬
‫كانت أكثرنا كالما و خاصة المزاح فهي ال تتوقف عن التفوه بعبارات مضحكة‬
‫طوال الوقت ‪،‬لكنها اآلن في حالة من الصدمة ‪،‬أحضرت لها عصير الليمون الذي‬
‫سيحسن من نفسيتها قليال و تركتها ترتاح في الغرفة و ذهبت حيث رامي و وسيم‬
‫‪،‬اما عمتىي ميسان فهي مشغولة في الحديقة ‪،‬استأذنت الدخول الى الصالون حيث‬
‫وجدتهما يتبادالن الحديث ‪،‬قال رامي محدثا وسيم ‪:‬‬
‫_علينا الذهاب الى القرية فمكوثنا هنا بدون جدوى يجب ان نتحرك ‪،‬فكما قلت لي‬
‫ان الجن الكافر يترصد شهد و يحاولون أذيتها يجب ان نعثر على أمير‬
‫أجابه وسيم قائال‪:‬‬
‫_صدقت القول يا صديقي‪،‬لنذهب اذا‬
‫صحت انا فيهما محاولة ايقافهما‬
‫_مهال مهال الى اين تذه بان بدوننا ‪،‬سنذهب انا و سلمى معكما‬
‫تكلم رامي ‪:‬‬
‫_ حسنا نحن نتظركما خارجا ‪،‬استعدا و لنذهب ليس لدينا وقت‬
‫ذهبت بسرعة الى الغرفة التى تتواجد فيها سلمى ‪،‬و اخبرتها ان تستعد للذهاب معنا‬
‫لرحلة انقاذ وسيم ‪،‬أومأت سلمى لي بإيجاب و شرعت تلبس حجابها‬
‫ماهي لحظات و اصبحنا جاهزتين ‪،‬توجهنا أربعتنا للقرية المجاورة ‪،‬و قد اختلطت‬
‫علينا األمور من أين نبدأ بالبحث ‪،‬هل نذهب لبيت وسيم او نبحث عن أمير‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫في نفس القرية كان سامر و شيماء يتجوالن وسط شوارع القرية و يتحدثان بلطافة‬
‫وهدوء ‪،‬في الجهة المقابلة توقف وسيم متسمرا مكانه و قد اجتمع الدمع في عينيه‬
‫نظرت له شهد متسائلة‪:‬‬
‫_مابك يا وسيم هل هناك خطب ما ؟‬
‫توقف رامي ينظر بفرح وقد اهتز قلبه وتسارعت نبضاته هاهو يلتقيها للمرة الثالثة‬
‫و كأن القدر مصر على اجتماعهما صدفة دائما‬
‫أجاب وسيم شهد قائال‪:‬‬
‫_‪,‬انهما سامر و شيماء اخوتي‬
‫نظرت هي الى حيث ينظر لترى فتاة بنفس طولها ترتدي فستان عريض بطرحة‬
‫دائرية و و بشكل ما و رغم عيونها الخضراء فهي تشبه وسيم قليال أما سامر فكان‬
‫صورة طبق األصل عن وسيم الفرق الوحيد هو اللحية فكان سامر بدون لحية مما‬
‫جعل االختالف واضح‬
‫توقف سامر ينظر الى رامي الذي كانت عيناه متسمرة في شيماء ‪،‬ركز سامر نظره‬
‫ثم صاح قائال‪:‬‬
‫_رامي ؟؟ هل هذا انت يا صاح !! انه وقت طويل لم ارك فيه لقد تغيرت كثيرا‬
‫تفطن رامي لكالم سامر و افاق من هيامه و اخذ يسلم على سامر و يعانقه ‪،‬ثم عرفه‬
‫بأخته شهد و ابنت عمه سلمى و االخر بدوره عرفه على شيماء‬
‫اما وسيم فقد كان يقف وراءهم ‪،‬بالتأكيد اخوته لم يكونوا يرونه ‪،‬كان هذا الموقف‬
‫صعبا جدا على نفسية وسيم ‪،‬حيث ابتعد عنهم ليذهب الى مكان فارغ و جلس هناك‬
‫وهو يمسك بدموعه التي أوشكت على االنهيار لكنه منعها بصعوبة ‪،‬قطع خلوته‬
‫صوت شهد تقول ‪:‬‬
‫_انه امر صعب ‪،‬انا أحس بك‬
‫استدار ليرى شهد بدموعها المنهمرة فقد قررت البكاء عنه ‪،‬تتساقط دموعها لرؤيته‬
‫يتألم ‪،‬بدال من تساقط دموعه هو‪ ،‬لم ينطق بأي كلمة فقد ظل ينظر الى عينيها و هي‬
‫تنظر الى عينيه ليعاد ذلك المشهد الغريب التي تقفز فيه شهد داخل تلك العيون‬
‫العسلية المتوهجة و تخرج بلمح البصر ‪،‬انه احساس غريب جدا أحست به شهد في‬
‫تلك اللحظة ‪.‬‬
‫اقترب وسيم منها قليال و قال هامسا ‪:‬‬
‫_اريد اخبارك بشيئ مهم‬
‫انتبهت شهد له و نظرت له ليكمل كالمه‬
‫_في الماضي‪...‬‬
‫يقطع كالمه صوت سلمى تنادي على شهد‬
‫فيهم وسيم في المغادرة لتوقفه شهد وتقول ‪:‬‬
‫_ماذا كنت ستقول ؟‬
‫_ال شيئ ‪،‬ليس اآلن سأخبرك به في وقته المناسب‬
‫تنهدت شهد و رفعت كتفيها لألعلى متعجبة و متسائلة عما كان سيقوله وسيم‬
‫اجتمع الكل عدا وسيم الذي اختار ان يكون بعيد ألنه ال يستطيع ان يرا اخوته دون‬
‫معانقتهم او التحدث لهم‬
‫تكلم رامي موجها كالمه الى سامر‬
‫_لقد سمعت بحادثة اخوك وسيم‬
‫نطقت شيماء و سامرا معا في نفس الوقت‬
‫_رحمه هللا واسكنه فسيح جناته‬
‫تألم قلب شهد لسماع هذا الرد ف وسيم بينهم و هم ال يرونهم و يظنان انه ميت يا‬
‫لغرابة األمر‬
‫أردف رامي يقول ‪:‬‬
‫_سامر عليا ان اخبرك بشيئ مهم‬
‫استغرب سامر من كالم رامي وطلب منه التوضيح فقال رامي ‪:‬‬
‫_هل تثق بي؟‬
‫تعجب سامر وابتسم ابتسامة توحي بأن األمر عجيب فقال ‪:‬‬
‫_ لم أرى منك اال الخير خاصة في االيام الصعبة في الجامعة فقد ساعدتني كثيرا و‬
‫انا أثق بك بكل تأكيد‬
‫ابتسم رامي و شكر سامر‬
‫تكلمت شهد مقاطعة هذا المشهد الدرامي‬
‫_سامر الموضوع الذي سنتحدث به يخص ‪..‬هو يخص‬
‫قاطعها سامر‬
‫_يخص من تكلمي ؟‬
‫تابعت هي بتوتر‬
‫_يخص ااا‬
‫قاطعتها سلمى في ضجر ووجهت كالمها الى سامر الذي انتبه لوجودها للتو‬
‫_يخص اخوك وسيم‬
‫تعالت الدهشة وجه كل من سامر و شيماء ‪،‬شيماء تلك الخجولة قليلة الكالم رهيف‬
‫األحاسيس انهمرت دموعها بشدة وكأنها كانت تحبسها منذ مدة و قالت بحزن‬
‫_عن ماذا تتحدثون ‪،‬ان أخي توفي منذ خمسة سنوات فما الموضوع الذي يخصه و‬
‫هو بين يدي مواله اآلن‬
‫وجه رامي لها الكالم فأطرقت رأسها خجال منه ولكنها كانت تسمع كل مايقول ‪:‬‬
‫_الموضوع خطير ‪،‬ويصعب تصديقه و لكن يجب ان تتعاونا معنا لننقذ حياة وسيم‬
‫هنا صرخا مع بعض‬
‫_ماذا تنقذوا حياة وسيم‬
‫تكلم سامر بسخرية‬
‫_كيف هذا و اخي ميت من زمان‬
‫قالت سلمى بحدة‬
‫_ايها السنجاب اخوك حي يرزق و لقد قابلناه و هو في مأزق كبير و يجب علينا‬
‫انقاذه‬
‫غضب سامر من كالم سلمى و خاصة نعتها له بالسنجاب ‪،‬فهو ال يعرف طبيعتها‬
‫هي تطلق األلقاب هكذا عشوائيا‬
‫قال سامر موجها كالمه لسلمى ‪:‬‬
‫_لم اكن اعلم ان االحمرة‪ .‬تتكلم‬
‫ردت عليه سلمى بغضب‬
‫_ ال يوجد حمار هنا سواك حتى ارى ان هناك آذان طويلة قد نمت فوق راسك ايها‬
‫المسخ‬
‫كز سامر على اسنانه و كور قيضته و كاد ان يلكمها في وجهها ثم قال موجها‬
‫كالمه ألخته ‪:‬‬
‫_شيماء هيا بنا لنرحل من هنا لم اعد اطيق هؤالء المختلين عقليا‬
‫صرخ رامي في وجهه قائال‪:‬‬
‫_نحن لسنا مختلين يا سامر ارجو ان تتفهم األمر وسيم يجلس هناك و يشاهدكما‬
‫تتخليان عنه بسهولة و هو في موقف حرج جدا نحن ثالثتنا نراه اما انتما ال ترياه‬
‫مثل باقي البشر ‪،‬انكما الحل الوحيد له‬
‫*كل الذين اعتادوا على البصر سينكشفون في الظالم*‬
‫وقف سامر مشدوها يحدق في المكان الذي اشار اليه رامي ‪،‬هل يعقل هل صحيح‬
‫مايقوله ‪ ،‬كيف لميت ان يرجع و ان لم يمت كيف لنا أال نراه ‪،‬هنا تكلمت شيماء‬
‫متحدية خجلها فقالت‪:‬‬
‫_اذا كان ماتقوله صحيح ‪،‬مالذي علينا فعله ؟‬
‫اغمض رامي عينيه و تنفس ثم قال ‪:‬‬
‫_احضرا لنا حاسوبه ‪ ،‬لكن اذا اردتما ان تسمعا الحكاية من اولها سأعطيكما عنوان‬
‫بستان عمتي و تعاال في اي وقت ويمكنكما االقامة ايضا فبيت عمتي كبير كالفندق‬
‫يسع للكل‬
‫وافقت شيماء و اخبرته انهما سيأتيان ‪،‬جذبها سامر في حدة و قال ‪:‬‬
‫_هل انت مجنونة لتصدقي مايقولونه ‪،‬ازه ضرب من الخيال كيف لميت ان يرجع‬
‫للحياة‬
‫قالت شيماء وهي ممسكة بذراع سامر تبعده عنهم‬
‫_اخي انا اعرف ما أفعل علينا أن نصدق‪ ،‬ليس هذا وقت التكذيب ‪،‬ان كان شخص‬
‫فقط من قال هذا سأكذبه لكنهم ثالثة و يبدو عليهم الصدق‬
‫تنفس سامر بحنق و نظر لسلمى بغضب و كأنه يتوعد لها الشر و نظرة له هي‬
‫بنظرة تحدي و قوة مما جعله يخرج من المقهى متوجها لبيت جده‬
‫اعطى رامي العنوان لشيماء و ابتسم لها ابتسامة توحي على سروره بقبولها ابتسمت‬
‫له هي االخرى وقالت بحياء‪:‬‬
‫_سأزوركم بإذن هللا ‪،‬لكن ستوضح لي كل شيئ‬
‫اهتز قلب رامي فرحا و قال ‪:‬‬
‫_يشرفنا زيارتك في اي وقت ‪،‬شكرا لك‬
‫_العفو‬
‫انطلقت شيماء خلف اخيها ‪،‬بينما ظل البقية في ذلك المطعم وقد انظم لهم وسيم الذي‬
‫كان شاردا طوال الوقت‬
‫قطع شروده رامي‬
‫_وسيم مابك ‪،‬ال تحزن يا صديقي األمور بدأت بالتحسن ‪،‬اذا لم يصدق سامر‬
‫فشيماء أحست بك و لهذا قبلت هي تصدقنا و اال لما كانت تقبل‬
‫قال وسيم ‪:‬‬
‫_عليا ان ارجع الى قبيلة الجن المسلم ‪،‬ثم اكملو انتم ما بدأتم به‬
‫نطقت شهد بحزن‬
‫_ما الداعي لذهابك ابقى معنى ‪،‬يجب ان تكون معنا‬
‫اجابها وسيم‬
‫_ال يا شهد ما زلت نصف جني و نصف بشري و الجن الكافر يترصدك و يتبعني‬
‫و ان بقيت معكم سأكون خطر عليكم وخاصة انت ال اريد ان يؤذوك‬
‫ابتسمت شهد داخلها وقد اسعدها اهتمامه بها ‪،‬فرغم كل ما يعيشه فإنه يفكر بها و‬
‫بمصلحتها ويخاف عليها ‪،‬ازدادت دقات قلبها و قد شعرت بشعور قوي يحملها الى‬
‫السماء‬
‫اردف وسيم قائال ‪:‬‬
‫_سأذهب الليلة و سأعود كل صباح ألرى تطور األمور ‪،‬ان جلبت لكم شيماء‬
‫الحاسوب يجب ان تنتظروني حتى احضر بنفسي ال تلمسوه وال تدخلوا الى تلك‬
‫اللعبة اللعينة فربما يقع احدكم فريسة لها‬
‫أومأ الكل ايجابا و نهضوا ليرجعوا الى بستان العمة أنيسة‬
‫‪,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,‬‬
‫في بيت الجد محمد يجتمع األهل حول الموقد في غرفة المعيشة و يتبادلون أطراف‬
‫الحديث ‪،‬كانت بينهم شيماء جالسة ترقب اللهب المناثر من المدفئة وهي تقول في‬
‫نفسها ‪"،‬اذا ما كنت أحاول اكتشافه كان صحيحا أخي وسيم على قيد الحياة كما‬
‫توقعت "تنهدت و قامت من مكانها و استأذنت الجميع وذهبت لغرفتها لتنام ‪،‬لحقها‬
‫سامر الى الغرفة و طلب منها ان يتحدثا‬
‫قال سامر متأسفا‬
‫_انا آسف ألنني رفعت صوتي عليك صباحا‬
‫نظرت له بحنان و ابتسمت وقالت‬
‫_عادي ‪،‬لما تتأسف ‪،‬فأنا أعرف انك كنت مصدوما‬
‫سألها مستغربا‬
‫_هل تصدقينهم ؟‬
‫جلست هي على السرير و اخرجت ورقة من محفظتها و اعطتها اياه‬
‫قال متعجبا‬
‫_ماذا يوجد في هذا ؟‬
‫طابت منه ان يقرأها وكان كاآلتي‬
‫""""""اخي سامر اختي شيماء ابي امي انا وسيم لم امت مثلما تعتقدون انا على قيد‬
‫الحياة انا فقط في عالم بعيد جدا ‪،‬انا محبوس بين عالمين ‪،‬ال اعرف كيف اخرج ال‬
‫احد يراني برغم انني ارا الكل ‪،‬ال تحزنوا سأكون بجانبكم دائما ‪،‬أحبكم ال تنسوني و‬
‫تذكروا انني حي أرزق و لكن في مكان ما ادعوا لي هللا كي ينجيني مما أنا فيه‬
‫""""‬
‫وقف سامرا مصدوما مما قرأ فقال بلهفة ‪:‬‬
‫_اين وجدت هذه الورقة‬
‫قالت شيماء منذ عامين وجدت هذه الورقة بين شقوق الجدار الخارجي لبيتنا‬
‫‪،‬صدمت وقتها وكنت ال اصدق و ظننت ان احد ما يلعب معنا لعبة قذرة لذلك‬
‫فضلت ربط االمور لوحدي وخبئت الورقة الى ان تظهر الحقيقة‬
‫نظر سامر و قد اعتلت الدهشة وجهه‬
‫_اذا كالم رامي والبقية كان صحيحا ‪ ،‬و هذا يعني ان وسيم كان هناك ايضا وكان‬
‫‪..‬‬
‫قطعته شيماء نعم لقد كان هناك و شاهدنا و اكيد شاهدك وانت تغادر و هللا عليم كم‬
‫آلمه هذا الموقف لكنني عرفت الحقيقة وقتها و وافقت على طلب رامي كي يشعر‬
‫وسيم بالفرح واألمل‬
‫وقف سامر وقال بعزم‬
‫_سنذهب غدا ونقيم عندهم الى ان ننقذ أخي ‪،‬لكن هذا سيبقى سرنا ال نخبر احدا ال‬
‫ابي وال امي وال جدي وال جدتي ‪،‬سنخبرهم اننا سنقضي بعض الوقت عند اصدقائنا‬
‫و اعرف انهم لن يعارضوننا‬
‫أومأت شيماء براسها موافقة ثم قالت له‬
‫_أخي عليك االعتذار لتلك الفتاة‬
‫انتبه سامر لما تقوله اخته و قد عرف فورا من تقصد فقال بغضب‬
‫_لن اعتذر ‪،‬وان تطلب االمر فهي من يجب عليها االعتذار ‪،‬من هي حتى تنعتني‬
‫بتلك االفاظ‬
‫كتمت شيماء ضحكة خفيفة ثم قالت‬
‫_اذا سنشهد صراعات كثيرة في بيت العمة أنيسة هههههه‬
‫نظر لها سامر بغيظ و قال‬
‫_ سأكسر لها راسها ان تكلمت معي بتلك الطريقة ‪،‬هي ال تعرف من أنا ‪،‬سأربيها ان‬
‫لم تجد من يربيها‬
‫سكتت شيماء و استغربت من غضبه بتلك الطريقة ثم ذهب كل منها للنوم‬
‫ال يعرف سامر شخصية سلمى فهي فتاة مشاكسة حتى في اكثر المواضيع جدية‬
‫‪،‬تطلق األلقاب على كل من هب و دب ‪،‬تسخر من كل شخص راته حتى لو اول‬
‫مرة ‪،‬ليس لقلة تربيتها بل تلك هي طبيعتها لكن قلبها ابسض ناصع مثل الثلج تحب‬
‫فعل الخير ‪،‬صحيح انها ال تبدي مافي قلبها للجميع و كتومة خاصة عن مشاكلها‬
‫الخاصة وهذا ماجعلها تتصرف تلك الطريقة كي تخفي كل تلك االحزان في قلبها‬
‫ليظن كل من رآها انها فتاة قوية ال تحزن ابدا ‪،‬تبلغ سلمى من العمر اثنان‬
‫وعشرون سنة و تدرس في كلية الحقوق ‪،‬شخصيتها تمكنها من امتهان المحاماة‬
‫بشكل ممتاز ‪،‬لم تكن يوما سهلة الخداع او غبية او ساذجة ‪،‬لم يكن لها صديقة و بل‬
‫كانت كل الفتيات يحبنها و يفضلنها لكونها مرحة و تمزح بإستمرار ‪،‬هذه هي سلمى‬
‫ذات العيون الخضراء و البشرة السمراء مما زاد جمالها سحرا و جاذبية‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫رجع وسيم الى قبيلة الجن فأقبلوا عليه يحيونه و يسألونه اخبرهم بكل جديد فعبست‬
‫وجوههم و طمئنه زعيم القبيلة ان ال يحزن فإن هللا معه‬
‫رغم اليأس الذي يتغلل داخل القلب اال أننا نتمسك بأي خيط أمل مهما كل رفيعا‬
‫أسدل الليل شعره األسود و غطى به كل بقعة في األرض ومع غياب القمر و اختفاء‬
‫النجوم كانت ليلة حالكة ‪،‬ظل وسيم يتذكر مشهد أخيه وهو يرحل غير مصدق لما‬
‫يقولون ‪،‬و كم أسعده موقف اخته التي صدقت ‪،‬تذكر انه دس تلك الورقة في الجدار‬
‫ثم رجع ليجد انها اختفت و قد اعتقد انها سقطت وضاعت ‪،‬احس بضيق في صدره‬
‫و ظل يتقلب و لم يزره النوم ‪،‬كل األفكار مختلطة في رأسه من جهة الحاسوب‬
‫خطير على الكل و من جهة أمير مفقود و من جهة اخرى شهد التي يترصدها الجن‬
‫‪،‬عليه حمايتها ‪ ،‬فجأة سمع خشخشة على الحشائش ثم بالكاد حتى رأى شيئ ما‬
‫يتحرك في الظالم بسرعة ‪،‬وقف متأهبا و أخذ يرجع للوراء ثم صاح قائال ‪:‬‬
‫_موراي ‪،‬انا عرفتك ايها الشقي اخرج‬
‫( معنى االسم موراي‬
‫اسم أيرلندي يطلق على الذكور ويعني البحّار أو االستيطان في البحر‪ ،‬وهو من‬
‫أسماء األوالد المنتشرة في بعض الدول الغربية‪).‬‬
‫قهقه هذا االخيربصوته الرقيق الممزوج ببحة و خرج من بين الحشائش مسخ‬
‫صغير كانه قزم من فيلم فلة و األقزام السبع ‪،‬له اذنان طويلتان و يدان بطوله‬
‫وضخمتان وانف كبير مقوس كأنف صقر و عينين براقتين كعيون النسر نظر الى‬
‫وسيم و اقترب منه و قال ‪:‬‬
‫_اهال اهال بوسيم اشتقنا لك يا صديقي‬
‫ابتسم وسيم وقال ‪:‬‬
‫_و انا اشتقت لك ايها المسخ ‪،‬واطلق ضحكت طويلة‬
‫اردف موراي قائال بحزن ‪:‬‬
‫_لم ترجع الى طبيعتك كنت اتمنى ان ترجع كما كنت‬
‫(موراي هو جني من قبيلة الجن الكافر لكنه ليس كافر ‪،‬فهو مسلم و يعيش بينهم‬
‫يخفي اسالمه كانه يعمل جاسوس للجن المسلم ‪،‬التقى به وسيم خالل فترة وجوده‬
‫عند قبيلة الجن الكافر ‪،‬واصبح صديقه وكان له يد في تحريره من سجنه )‬
‫سأله وسيم بحيرة‪:‬‬
‫_كيف جئت الى هنا ؟ و لماذا جئت ‪،‬انه خطر عليك‬
‫قال موراي‬
‫_انا احمل لك خبرا مهما واال لما خاطرت‬
‫سكت قليال ثم قال ‪:‬‬
‫_ذلك اللعين انه محبوس عندهم‬
‫استغرب وسيم طلب منه ان يوضح اكثر فأكمل موراي قائال ‪:‬‬
‫_أمير من غيره لقد احتجزه الجن الكافر‬
‫تفاجا وسيم مما سمعه و لم يعرف ماعليه فعله قاطع شروده موراي مودعا اياه قائال‬
‫‪:‬‬
‫_ الوداع يا صديقي ربما هذه اخر مرة نرى فيها بعضنا فانت سترجع الى طبيعتك و‬
‫انا سابقى جاسوسا‬
‫نظر وسيم له بذهول و صدمة و ودعه و ذهب يجري الى زعيم و اخبره بهذا الخبر‬
‫الزعيم ‪ :‬و ما العمل اآلن ‪،‬االنسان الوحيد الذي يعرف السر محتجز‬
‫نظر وسيم له في عزم و قال ‪ :‬سنحرره كما حررتموني‬
‫‪...................................................................‬‬
‫انتشر الظالم في ذلك البستان االخضر ووقد سكنت كل كائنات النهار و خرجت‬
‫حشرات اللليل في مهرجان تطرب أحلى األلحان لتترقص على نغمها أغصان‬
‫الشجر الخفيفة التي تحملها نسمات الرياح فتتمايل في ترنم وها قد غاب القمر في‬
‫تلك الليلة مما عكس بهجة السماء و قد بانت كئيبة منطفئة و رحلت النجوم حدادا‬
‫على غياب القمر و غرقت األرض في سواد تظنه لوهلة انه ال ينتهي ‪،‬‬
‫خلد الجميع للنوم ‪،‬فمنهم من حارب أفكاره حتى تعب و استسلم للنعاس و منهم من‬
‫كان يحلم و منهم بقي مستيقظ يصارع حقائق الدهر ‪،‬ومنهم من ظل يعاتب نفسه و‬
‫يقاتل فضوله و يأنبه ضميره و منهم من كان يقيم الليل بصالته و ذكر هللا و ما‬
‫أروع األخي ر الذي عرف قيمة الليل و عرف سر الليل و عرف كيف يجد مخرجا‬
‫من كل تلك المآزق فلجأ الى هللا‬
‫""“لم يكن األمر عاديًا كما تظن ‪ ..‬إنه أصبح عاديًا بعد ألف معركة في عقلي وألف‬
‫كسر في قلبي ‪ ،‬وكنت دو ًما أردد ال بأس ‪ ،‬بينما ك ّل البأس هنا في قلبي‪”.‬‬
‫ٍ‬
‫كانت شهد تتقلب في فراشها تحاول النوم لكنها لم تحصل عليه ‪،‬قامت من فراشها و‬
‫قررت أن تصلي قيام اللليل و تدعوا هللا ان يخرج وسيم من هذا المأزق الصعب‬
‫‪،‬بعد لحظات كانت قد أكملت صالتها اخذت تقرأ بعض األيات و تدعوا ‪،‬فجاة‬
‫سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتها ‪،‬كان الهدوء يسيطر على البيت لذلك كان‬
‫الطرق الخفيف مسموعا لها ‪،‬نهضت بفزغ و هي تقترب الى الباب ‪،‬وضعت يدها‬
‫على المفتاح و هي تحاول ان تسمع اي حركة ‪،‬فأتاها صوت وسيم على الجهة‬
‫االخرى قائال ‪:‬‬
‫_شهد انا وسيم افتحب الباب‬
‫تنهدت شهد بإرتياح و فتحت الباب برفق فظهر لها وسيم بإبتسامته الرائعة التي‬
‫توحي بالحب و اآلمان ‪،‬ابتسمت له شهد فور ان رأته و دعته للدخول للغرفة ‪،‬جلسا‬
‫على اريكة و قد بدا في جعبة وسيم الكثير من الكالم سألته شهد قائلة ‪:‬‬
‫_ارى ان لديك ما تقوله ‪،‬مالذي اكتشفته ؟‬
‫فأجابها‬
‫_نعم ‪،‬أتاني خبر عن أمير انه محبوس عند الجن الكافر‬
‫شهقت شهد ووضعت يديها على فمها ثم قالت بحزن‬
‫_انه األمل الوحيد في ارجاعك بشرا ‪،‬ان قتله الجن سيكون االمر صعبا‬
‫رد وسبما بإحباط‬
‫_‪ .‬بل سيكون األمر مستحيال‬
‫تكلمت شهد قائلة‬
‫_‪,‬ال شيئ مستحيل مع هللا ‪،‬انا قلت صعبا فقط و لكن ال يوجد شيئ اسمه مستحيل‬
‫‪،‬تمسك باهلل يا وسيم و هللا لن تضيع تنهدت شهد واردفت قائلة‪:‬‬
‫ي ليالي كنت أشهق فيها من كثرة البكاء‪ ،‬راودتني أفكار ُمفزعة‪ ،‬هجرني‬ ‫مرت عل َّ‬
‫" َّ‬
‫النوم‪ ،‬أكل ال ُحزن قلبي في صمت‪ ،‬ضاقت األيام بي ذرعًا ومن ثقلها ظننت أنها‬
‫ستودي بي؛ لكن ثمة شيء بداخلي كان ُمطمئن‪ ،‬كان يثق أنها ست ُم ّر دون ضرر أو‬
‫الحطام‪ ..‬اليوم؛ وبيقين ناسك ُمتع ِبد‬‫ضرار‪ ،‬يثق أن رحمة هللا أوسع من كل هذا ِ‬
‫حزن‬
‫ٍ‬ ‫تعلّق باهلل"‪ ..‬فالحمد هلل على‬
‫أقول "وهللا لن تخذلك الدنيا وبين ضلوعك قلب ُم ِ‬
‫يؤلم القلب لكنه يوقظُه‪ ،‬الحمد هلل الذي يُعاملنا برحمته وليس بذنوبنا‪ ،‬يغفر لنا وإن‬
‫كنا ال نستحق‪ ،‬يرحمنا ونحن من ظلمنا أنفسنا‪ ..‬الحمد هلل الذي يخشى علينا من ظُلم‬
‫أنفسنا؛ فيؤ ّدِبنا باإلبتالء‪.‬‬
‫اطمئن وسيم لكالمها و قد أطال النظر الى عينيها وكانت هي األخرى تنظر الى‬
‫عينيه المتوهجتين وقبل ان يتكرر ذلك المشهد سألت شهد وسيم وهي تحدق داخل‬
‫عينيه بتواهان‬
‫_لماذا أرى أنني اسقط داخل عينيك كلما نظرت لهما ؟ ثم تابعت بهيام‪:‬‬
‫_انهما أروع عيون أراها و اغربها كأنهما بحر من عسل‬
‫ابتسم وسيم و كان ينظر لها بحب و فرح لما قالته فقال ‪:‬‬
‫_هل اعتبر كالمك هذا غزال‬
‫افاقت شهد من توهانه و قد احمرت وجنتيها خجال ‪،‬ثم قامت من مكانها و وجهت‬
‫حديثها لوسبم‬
‫_ال ليس كما تظن ‪،‬لكنني عندما انظر لك يتكرر ذلك المشهد وال اعرف لما‬
‫ضحك وسيم على خجلها ووقد اعجبه ذلك رد عليها قائال‬
‫_انا ايضا يحدث معي ذلك لكنني ال أعرف كيف يحدث‬
‫استدارت شهد له بتعجب و قالت‬
‫_هل ترى نفسك تغوص في عيناي‬
‫فرد قائال‬
‫_بل ارى انني اعانقهما من شدة جمالهما‬
‫انفجر االحمر يمتأل وجنتا شهد خحال ‪،‬ارتعشت يديها و اصابها التوتر فقالت‬
‫_عليك ان تخرج من الغرفة سيراك رامي و قد يسيئ الفهم‬
‫تنحنح وسيم و قام من مكانه و قد هم بالخروج لكن شهد اوقفته قائلة‬
‫_وسيم مهال لحظة‬
‫استدار وسيم فأردفت ‪:‬‬
‫_كنت تريد اخباري شيئ صباحا ‪،‬مالموضوع؟‬
‫تسارعت دقات قلب وسيم و قد اضطرب تنفسه ثم قال بحزن‬
‫_ال شيئ مهم يا شهد‬
‫اطرقت شهد رأسها وقد شعرت انها أحزنته عندما طلبت منه الخروج من الغرفة‬
‫فربما هو كان يحتاج الن يحكي همه او يشتكي حزنه او انه كان وحيدا و يحتاج‬
‫انيسا وماذا فعلت هي طردته !‬

‫خرج وسيم و توجه الى الخارج ‪،‬كان الليل في وسطه ال يزال الظالم يغزو األرجاء‬
‫توجه وسيم الى شجرة و جلس تحتها و اتكأ على الحشائش ‪،‬ثم سمع خشخشت‬
‫مجهولة المصدر وقف متأهبا يبحث عن مصدر الصوت ‪،‬ظل يلتفت يمينا شماال‬
‫بينما الصوت ينتقل من مكان آلخر ‪،‬احس ان هناك شيئ ماء يجري او ربما يقفز ثم‬
‫بووووووو ههههههه كانت تلك شهد تحاول اخافت وسيم ‪،‬كانت تحاول كتم‬
‫ضحكاتها في في الليل و قد يسمعها من فى البيت أما وسيم فكان مذعورا وألول‬
‫مرة يخاف فيها‬
‫جلس على العشب و هو يضحك و يعاتب شهد على هذا الفعل فقالت له بسخرية‬
‫غير مقصودة ‪:‬‬
‫_نصف جن و تخاف يا إالهي كان منظرك مضحكا جدا ‪،‬هل انت جبان يا وسيم لم‬
‫اتوقع ذلك ههههههه‬
‫اكتسى وجه وسيم بحمرة الخجل و سرعان ما غاب ذلك االحمر ليتحول الى أسود و‬
‫قد توجهت عيناه و بلون براق وونظر الى شهد التي توقفت عن الضحك فور ان‬
‫رات وجه وسيم وهو يتحول الى وجها مخيف لم تعهده من قبل ‪،‬تسمرت في مكانها‬
‫و تسارعت دقات قلبها ‪،‬امسك وسيم وجهها بيده و اعتصره بقبصته بقوة آالمتها‬
‫كثيرا ثم قال ‪:‬‬
‫_ال تستغلي طيبتي يا فتاة ‪ ،‬ال اريد التحول الى وحش ‪،‬ان كررتي فعلتك هذه سأقتلع‬
‫عيونك‬
‫اصابت شهد‪ .‬هستيريا بكاء و لم تستطع الصراغ ‪،‬اما وسيم فأفلت يده من وجهها و‬
‫راح يستغفر عن ما فعله فقد تغلب عليه الغضب لدرجة ان يؤذي قطعة من روحه‬
‫ظل يستغفر و قد ابتعد عن تلك الشجرة لحظات ثم عاد ليجدها قد اغمي عليها‬
‫‪،‬انخلع قلبه لما رآها بتلك الحالة ‪،‬ندم كثيرا لما فعله‬
‫انه ليس هو ليس هو من آلمها ‪،‬انه الغضب ‪،‬يجب ان يسيطر على غضبه‪ .‬وكيف له‬
‫ان يسيطر عليه وهو غضب جني و ليس بشري و ان عضب الجن سيفتك بمن‬
‫غضب عليه ‪،‬لديه صفات الجن و هي خطيرة جدا ‪،‬قرر وسبم االبتعاد عن شهد‬
‫‪،‬فهو ان كان يحبها فلن يقبل ان يحبها بطريقة الجن ‪،‬فالجن العاشق يعذب معشوقه‬
‫ويتلذذ بتعذيبه وألمه و ال يريد وسيم ان يحب بهذه الطريقة سيجد حال و يخرج من‬
‫مأزقه سيعود بشرا و سبحبها فوق الحب حبا ‪،‬فقد قرر اآلن اإلبتعاد عنها ‪،‬افاقت‬
‫شهد لتجد وسبم‬
‫يقف امامها ‪،‬هبت واقفة وفزعة منه ‪،‬اثر هذا على قلبه فقال لها ‪:‬‬
‫_ال تخافي انا معك‬
‫تكلمت هي بخوف و فزع الول مرة منه‬
‫_أنت ‪،،‬اننننت‪،‬انت شرير‬
‫وانفحرت في البكاء ‪،‬كان بود وسيم ان يحتضنها و يضمها الى صدره و يمسح‬
‫دموعها فقط ليشعرها باألمان لكنه ال يستطيع ال تحل له و هو يريد الحالل ابتعد‬
‫وسيم خطوتين و قال ‪:‬‬
‫_شهد سأغيب فترة عنكم ‪،‬يجب ان ابتعد ‪،‬سأذهب لقبيلة الجن الكافر ألحرر أمير‬
‫عله يساعدني‬
‫سكت قليال ثم قال بحزن ‪:‬‬
‫_ سامحيني على ما فعلته قبل قليل ‪،‬اقسم انه لم اكن أنا ‪،‬لدي صفات من الجن ‪،‬لم‬
‫اكن يوما قاسي على من أحب‬
‫دق قلب شهد بشدة كاد قلبها ان يخرج من أضلعها ‪،‬ثم تابع وسيم قائال ‪:‬‬
‫_اخبري رامي اال يعبث بالحاسوب حتى اعود مع أمير ‪،‬ان لم أعد ‪،‬اخبريه ان‬
‫يبحث عن ملف اسمه لعنة الفضول يجب ان يمسحه و يكسر الحاسوب ‪،‬لكني لن‬
‫اعود لألبد حينها‬
‫وضعت شهد يدها على قلبها و هي تسمع لما يقوله وسيم وكانت الدموع تنهمر‬
‫كالغيث ‪،‬بعث ضوء الفجر و تنفس الصبح معلنا عن نهار طويل ‪،‬حلقت الطيور‬
‫باحثتة عن رزقها و غردت العصافير بتحبة الص باح ‪،‬بانت معالم البستان و توضح‬
‫وجه وسيم وشهد لكالهما اردف وسيم قائال ‪:‬‬
‫_ ال تخافي يا شهد فأنا معك ‪،‬حتى لو لم أعد فأنا معك بقلبي‪ .‬لن أنسى مساعدتك لي‬
‫‪،‬لقد كنت حقا حلقة نجاة لي ‪،‬قد ينتهي دورك في المساعدة وقد يكون لك دورا آخر‬
‫لكنني سأبتعد عنك لسبب واحد‬
‫هنا خرج صوت شهد مبحوحا بسبب البكاء فقالت‪:‬‬
‫_ماهو السبب؟‬
‫اغمض عينيه و فتحهما ثم استندد على الشجرة‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫_أنا ‪،‬أحبك‬
‫* اقتباس‬
‫**"اكتشفت أنني حين أُحب أحد؛ أعطيه كل شيء حرفيًا‪ ،‬كل مجهودي وكل طاقتي‬
‫أحب بطريقة مختلفة نوعًا ما‪ ،‬طريقة تتميز بالعطاء ‪ ،‬أنا أُحبك! إذًا‬
‫ُ‬ ‫وكل وقتي‪ ،‬فأنا‬
‫سأعطيك حب واهتمام ومجهود وطاقة وكل شيء‪ ،‬سأسهر معك يو ًما كا ًمال فقط لكي‬
‫يوم تحتاج فيه إلى األمان‪،‬‬‫أُخبرك كم أنك شخص مميز ورائع‪ ،‬أو لكي أُطمئنك في ٍ‬
‫مشوار مهم لك حتى وإن كنت مريضًا فقط لكي أكون معك في أهم‬
‫ٍ‬ ‫سأذهب معك في‬
‫ت حياتك‪ ،‬وفي المقابل ال أريد شيء سوى أنني ال أندم على إختياري لك**‬
‫لحظا ِ‬

‫نزلت دموع شهد بغزارة هذه المرة و اجابته ببكاء‬


‫_و لماذا تبتعد ؟‬
‫فقال بحزن ‪:‬‬
‫_ال اريد ان يكون حبي لك كحب الجن ‪،‬سأنتظر رجوعي بشرا و سأحبك لألبد و‬
‫في الحالل‬
‫لكن اآلن يجب ان ارحل و ابتعد ‪،‬ان طال غيابي افعلي كما طلبت منك و تذكري‬
‫دائما انني أحبك ألنك أنت فقط‬
‫أومأت شهد برأسها و اخبرته ان يعتني بنفسه و هرولت باكية الى البيت بينما وسيم‬
‫رجع الى قبيلة الجن حزينا مكسورا لفراق حبيبته ثم تذكر كالم الزعيم‬
‫‪#‬لكي ال تصاب بالجنون أو االكتئاب من هذه األحداث الغريبة المتصاعدة‪ ،‬حافظ‬
‫على أورادك وصلواتك ومناجاتك وثقتك بربك‪#.‬‬
‫تنهد وسبم و اخذ يحوقل و يستغفر و يسبح لعل هللا يخرجه مما هو فيه‬
‫تبا للفضول الذي ادخلك في هذه المتاهة يا وسيم‬
‫‪،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‬‬
‫‪،،،،،،،،،‬‬
‫الكتاب األحمر (سندس)‬ ‫‪.‬‬

‫في صيف عام ‪ 2019‬قررت عائلتي اإلنتقال الى بيت جديد يكون واسعا و به غرف‬
‫كثيرة نظرا لكثرة أفراد عائلتي التي تتكون من األب و األم و توأمين بنات في‬
‫السادس عشر من عمرهما تدعى االولى بيان و االخرى ميسان و ولد في الحادي‬
‫عشر من عمره يدعى يوسف و ولد آخر في السابعة من عمره يدعى نضال و االبنة‬
‫الصغيرة التي لم تتجاوز سبعة أشهر من والدتها التي تدعى ميار و طبعا أنا هي‬
‫البنت البكر لوالداي ابلغ من العمر اثنان وعشرون سنة و إسمي سندس ‪،‬انها عائلة‬
‫كبيرة أليس كذلك !؟ نعم هي كذلك ‪،‬المهم و األهم إشترى والدي قطعة أرض في‬
‫قرية صغيرة و بنى لنا ذلك البيت الكبير الرائع الذي يسع لنا جميعا حيث أصبح‬
‫لكل منا غرفة مستقلة‬
‫الكثير من الفضول يساوي الكثير من المخاطر‬
‫في إحدى ليالي الشتاء الباردة ‪،‬قرر أبي و أمي الذهاب الى بيت جدي و قضاء‬
‫عطلة نهاية االسبوع هناك و بما أن الوضع ال يستوجب ان نذهب كلنا فقد طلبت‬
‫مني أمي المكوث بالبيت واالعتناء بإخوتي حتى ترجع فتركتهم لي إال انها أخذت‬
‫ميار معها ألنها ال تزال رضيعة ‪،‬رحل والداي مساء ذلك اليوم و بقيت انا و يوسف‬
‫و نضال و ميسان و بيان في البيت ‪،‬و كغالبية ااالخوة تكلمنا عن أحاديث عشوائية‬
‫في الرياضة و السياسة والموضى و األزياء و الحب و الرقص و الرسم و غيرها‬
‫الى أن تطرقنا الى موضوع مخيف و هو الماورائيات و األمور الروحانية المخيفة‬
‫‪،‬فراح بعضنا يكذب بعض األقاويل و ال يصدقها والبعض االخر يقر بوجودها‬
‫وحدوثها أما أنا فقد أشعلت فيهم نار الفضول و أخبرتهم عن لعبة قديمة تستحضر‬
‫بها الجن كنت طبعا أمزح واعرف انها لن تجدي نفعا‪ .‬وال تصلح لكن اخوتي صدقو‬
‫كالمي و أصروا ان نلعبها ‪،‬كان فضولهم يفوق فضولي بدرجات فما كان عليا اال‬
‫ان اقبل‬
‫أخذت أعلمهم طريقتها ‪،‬حيث أحضرت بيان لوحة خشبية و كتبت ميسان عليها‬
‫الحروف واألرقام و كلمة نعم وال ‪،‬أطفأ يوسف األضواء وحرس على أن تكون‬
‫االنارة خافتة أحضر نضال شمعتان ووضعهما فوق الطاولة ‪،‬امسكت فنجان صغير‬
‫ووضعته فوق اللوحة ‪،‬استدرنا حول اللوحة بشكل دائري طلبت منهم ان يضعوا‬
‫أيديهم فوق سطح الفنجان المقلوب و طلبت منهم ان يكرروا ما أقول أومؤو لي‬
‫بالموافقة و جعلت أقول ( ايتها الروح ‪،‬أيتها الروح ‪،‬تحرري و اخرجي هل انت هنا‬
‫؟ هل تسمعيني ايتها الروح ايتها الروح إظهري في الهواء لكي نراك هل أنت هنا‬
‫؟؟) كررنا هذا الكالم خمسة مرات الى عشرة الى عشرون لكن دون جدوى ضحك‬
‫يوسف بشدة واخبرنا ان هذه اللعبة غبية و ال يوجد فائدة منها ‪ ،‬لكن نضال أصر‬
‫علىأن نعيد ونجرب ربما تحدث امور تسلينا أكثر فالمزيد‪ .‬من الفضل يعني المزيد‬
‫من المغامرات ‪،‬ميسان و بيان كانتا تودان ايضا ان نلعب بشكل جديا اكثر وان ال‬
‫نضحك و نسخر‪ ،‬فأعدنا األمر و هذه المرة بكل ثقة و ثبات و أطلقنا العنان للخيال‬
‫والطاقة لتتسرب من األعماق ‪،‬اغمضنا أعيننا و بدأنا بتكرار الكلمات ثم ساد‬
‫الصمت ‪،‬اي صمت انه صمت رهيب‪ .‬لما فتحنا أعيننا كان هناك دخان كثيف في‬
‫كل مكان ظننت انني اتخيل لكن نضال أثبت انه حقيقة لما بدأ بفرك عينيه وهو يقول‬
‫انه يرى ضباب ارتعبنا من هذا المنظر اخبرتنا بيان انه ربما يأتي من المطبخ ربما‬
‫شيئ ما يحترق رد عليها يوسف بأنه ال توجد رائحة حريق نهضت من مكاني‬
‫بسرعة و اشعلت الضوء لكن لم تشتغل األضواء هل قطعت الكهرباء !؟؟؟ التصق‬
‫نضال بميسان خائفا و صارت بيان تبكي من خوفها فهي حساسة جدا ‪ ،‬طمأنها‬
‫يوسف بانه ال داعي للخوف أما انا وقفت مصدومة بالا حراك ال اصدق ما كنت‬
‫أراه كان هناك في زاوية الصالون ذلك الشيئ الغريب بعيونه الحمراء التي تظهر‬
‫تحت مالبسه السوداء وكان يحمل في يده كتاب أحمر كان يقف أمام الباب ثم بدأ‬
‫بالتقدم نحونا لم استطع التفوه بالكالم لم يكن اخوتي ينظرون الى الجهة التي انظر‬
‫اليها فقط انا من كنت أالحظه و عجز لساني عن الكالم الحظ يوسف توقف عيني‬
‫عن الرمش امسكني من يدي فوجدها باردة تكاد تتجمد ‪،‬أصبحت أطرافي ترتجف‬
‫فبدأ يوسف يسألني عن حالي و اخيرا تحرك لساني كنت اقول بإرتجاف اننننهه‬
‫ييتتقدددمم نننننحونا بقي يوسف يشد على يدي ثم نظر لحيث أنظر فصرخ صرخة‬
‫مدوية حتى اغمي عليه ثم قام البقيةةمفزوعين وتعالت أصوات صراخهم ثم اغمي‬
‫عليهم بقيت انا اتنفس بصعوبة و ذلك الدخان يخنقني تقدم مني ذلك الشيئ وكانت‬
‫رائحته كريهة جدا وقف امامي حتى خارت قوتي سقطت على ركبتي فانحنى‬
‫بجانبي و قال بصوت مخيف يشبه الفحيح ‪ :‬أنت من بدأت بهذا و سأحول حياتك الى‬
‫جحيم‬
‫كان هذا آخر ما سمعته وظله آخر ما رأيت حيث استيقظت فوجدت نفسي ملقاة على‬
‫األريكة و اخوتي و امي و ابي حولي‬
‫هممت بالنهوض و اذا بأمي تقول ‪ :‬أخير استيقضت ! ماذا فعلت بإخوتك ياسندس‬
‫ألم أوصيك عليهم ‪،،‬كنت أغمض عيناي ثم افتحهما ألحاول التركيز ‪،‬نظرت الى‬
‫يوسف و كان وجهه شاحبا و عينيه تمتآلن بالدموع ‪،‬اما بيان و ميسان ينظران لي‬
‫بحزن و خوف إال نضال الذي كان شاردا و خال من تعابير الوجه وكأنه تمثال‬
‫‪،‬أخبرتني أمي أن نضال من اتصل بها و كان خائفا جدا يقول ان الجميع أغمي‬
‫عليهم لذلك جاءا بسرعة فوجدوا الكل قد أفاق من اغمائه اال أنا ‪،‬لكن نضال لم يخبر‬
‫أمي الحقيقة فقد اخبرها انه حدث تسرب غاز و فقدنا الوعي بسببه ‪،‬ففهمت لما كانت‬
‫امي تلومني‪ ،‬هي حقا تقصد انني لم انتبه لتسرب الغاز ‪،‬اخذت نفسا عميقا ثم عانقت‬
‫أمي و بكيت بشدة وفي داخلي كنت خائفة جدا من أن يحدث أي أمر مرعب‬
‫لم أنم تلك الليلة وال الليلة التي بعدها ‪،،‬لم أنم لمدة اسبوع إال قليال و كأنها اصابتني‬
‫لعنة األرق ‪،‬تورمت جفوني و ظهر سواد تحت عيناي و ازددت نحافة مما كنت‬
‫عليه و فقدت شهيتي و لم أعد أقوى على النهوض من فراشي الشيئ الذي جعلني‬
‫مطمئنة هو أن إخوتي لم يحدث لهم ما حدث لي و كنت أنا فقط من أدفع ثمن غلطتي‬
‫و كنت أستحق هذا العذاب ‪،‬أبي و أمي يظنان انني مريضة بمرض خطير أخذني‬
‫أبي الى أطباء كثييرين لكن كل شيئ على ما يرام أكثر شيئ كان يكرر ألبي هو (‬
‫إبنتك تعاني من مرض نفسي يجب أخذها الى مختص ) وقد أخذني أبي فورا‬
‫في اول يوم لي مع الطبيب لم أشأ أن اخبره شيئ لم أكن أقوى على شيئ ولم أكن‬
‫متأكدة من حالتي بسبب ما فعلته تلك الليلة و بدأت هواجس األمراض الخطيرة‬
‫تسيطر على دماغي ‪ ،‬بعد أيام من المحاوالت أخبرته بكل ما حدث تلك الليلة و‬
‫طلبت منه أال يخبر والداي بذلك ‪،‬فتفهمني و قال لي بأنه يحافظ على أسرار مرضاه‬
‫‪،‬نصحني عدة نصائح و أكد لي على قراءة سورة البقرة يوميا و المداومة على‬
‫األذكار بعد عدة أسابيع بدأت أتحسن ورجعت لي صحتي شيئ فشيئ و كما أنني لم‬
‫أهمل أي نصيحة من نصائحه حتى إخوتي فعلوا ما أفعله خوفا من أن يصيبهم ما‬
‫أصابني ألنهم كانوا جزءا منه بعد عامين من مجيئنا لبيتنا الجديد إستقرت حياتنا و‬
‫عشنا أوقات رائعة كما أنني نسيت ما حدث لي و جعلته ذكرى مؤلمة و أخذت عبرة‬
‫منها ‪،‬لكن فضولي هو سبب هالكي ‪....‬‬
‫أصبح لنا جيرانا لم تمضي على مجيئهم سوى بضعة أشهر و لحسن الحظ كان لهم‬
‫أوالد و بنات في سني او أقل ‪،‬وكان األكثر تقربا منا هو أسامة بنفس سني اي أربع‬
‫و عشرون سنة ذلك الشاب الذكي اللطيف‪ ،‬يستطيع أن يجعلك تضحك طوال‬
‫الوقت‪ ،‬تعجبني أفكاره الغريبة و نظرته للعالم المختلفة‪ ،‬كان متميزا جدا عن باقي‬
‫أقرانه ‪،‬أو بمعنى آخر كان رجال منقرضا جدا في ذلك الوقت ‪،‬نظرا لشخصيته‬
‫القوية ‪ ،‬و تعامله الراقي‪ ،‬و كالمه الذي يسحرك‪ ،‬و كم المعلومات التي بحوزته‪،‬‬
‫كأنه موسوعة ‪ ،‬و فوق كل هذا كان وسيما ‪،‬من النادر جدا أن تجتمع الوسامة مع‬
‫الذكاء و األخالق و الثقافة و البراءة لكن أسامة إجتعمت فيه كل هذه الخصال‬
‫‪،‬تعرفت عليه عندما انتقل لقريتنا‪ ،‬و كان بيتهم قريبا من بيتنا أكثر من البيوت‬
‫االخرى‬
‫توارت األيام و اصبح أسامة صديقا مقربا لي‪،‬كما تقرب يوسف من أسامة و نشأت‬
‫بينهما صداقة لطيفة ‪.‬‬
‫لبيتنا حديقة واسعة و كنت أنا واخوتي دائما ما نجلس تحت شجرة من أشجار‬
‫الحديقة و نتبادل األحاديث أو نروي الحكايات ‪ ،‬بعد تكوين تلك الصداقة مع أسامة‬
‫فقد إنظم هو أيضا إلى فريقنا و أصبحت الحكايات لها ذوق خاص مع وجوده ‪،‬‬
‫أحاديثنا كانت ال تخلو من قصص الخيال و الرعب و األشباح ‪،‬ثم نادرا ما نغير‬
‫مجرى الحديث عن الدراسة أو العمل أو الحياة المستقبلية و في يوم ما كان الحديث‬
‫عن الحب ‪،‬الكل يصدق بوجوده إال أنا فكانت لي نظرة مخالفة تماما ‪،‬أخبرتهم ان‬
‫االنسان يتغير كثيرا بتغير الظروف و األماكن و أموره المعنوية ‪،‬فمن السهل أن‬
‫يقع في الحب و لكن من المستحيل أن يظل على عهده ‪،‬كل ما في األمر أن تلك‬
‫اللهفة و الشغف و تضارب دقات القلب و التوهان ليست إال البدايات فقط ثم يمحيها‬
‫اإلعتياد و يدمرها الفتور و يفسدها اإلهمال و تختفي المشاعر و يختفي معها كل‬
‫شيئ و تصيب نفسك باالكتئاب ‪،‬كانت وجهة نظر أسامة مخالفة جدا لما قلته أخبرنا‬
‫أن الحب هو الحياة من الرائع أن تجد إنسان يفعل المستحيل من أجلك يتغير ألجلك‬
‫و تعيش من أجله ‪،‬و أخبرنا أيضا أن اإلهتمام سيزيد من الحب ‪،‬ان كان الحب‬
‫متبادال سيكون األمر مدهشا ‪،‬الحب أخذ وعطاء ليس مصلحة ‪،‬توقف أسامة عن‬
‫الكالم عندما الحظ توتري فغير نضال مجرى الحديث لنرجع للرعب مجددا ‪.‬‬
‫في مساء يوم الخميس وكالعادة ذهب والداي الى بيت جدي‪ ،‬لكن هذه المرة ستطول‬
‫مدة بقائهما هناك‪ ،‬نظرا لمرض جدتي ‪،‬كانت االمتحانات على األبواب لذا كان يجب‬
‫علينا البقاء في المنزل للمذاكرة و لكي اهتم بأخوتي‪ .‬واذاكر لهم ‪،‬لكن كل شيئ‬
‫انقلب رأسا على عقب و سارت الرياح بما ال تشتهي السفن ‪،‬بعد ذهاب والداي‬
‫‪،‬سمعنا الباب يدق بسرعة كبيرة ذهب يوسف لفتحه فوجده أسامة كان يحمل في يده‬
‫كتبا كثيرة تبدو غريبة و قديمة ‪ ،‬تقدم خطوتين لتسقط من بين يده كل تلك الكتب ‪،‬‬
‫وتناثرت على األرضية ‪،‬نهضت بسرعة و حملت الكتب و وضعتها فوق‬
‫الطاولة ‪،‬لم يكن أسامة على ما يرام كان يرتجف بشدة‪ ،‬و لم يكن سبب‬
‫ارتجافه من البرد ‪،‬نظرت لوجهه ألراه شاحبا و عينيه ترمشان كثيرا يبدو ان االمر‬
‫خطير ‪،‬أمسك يوسف بيد أسامة و أجلسه على األريكة و اجتمعنا حوله و لنعرف ما‬
‫أصابه ‪،‬أخذ أسامة نفسا عميقا و بدأ يخبرنا بما حدث‬

‫( البارحة قمت بدعوة صديق لي للغداء في بيتي كان كل شي على ما يرام ضحكنا‬
‫و استمتعنا كثيرا تحدثنا عن أمور كثيرة ‪،‬عن أحالمنا طموحاتنا ‪،‬عن الحياة و عن‬
‫الموت ‪،‬و قد جرنا الحديث الى الكتب فأخبرني انه يحب الكتب القديمة التي تتحدث‬
‫عن األمور الغامضة التي حدثت في أزمان بعيدة ‪،‬لم أبالي لما يقول ألنني كنت ال‬
‫أصدق هذه التراهات فجأة أخرج هذه الكتب من حقيبته وقال لي بأنها قديمة جدا و‬
‫تحتوي على أمور و معلومات غريبة طلبت منه أن يعيدها و أن ال يتورط في‬
‫قراءتها فربما تحتوي على سحر أو ما شابه‪ ،‬لكنه أصر على أن نقرأها ‪،‬فأخذنا‬
‫نقرأ منها ‪،‬كانت عبارة عن معلومات تخص الحضارات القديمة ‪،‬اغلبها عن‬
‫الفراعنة او الكهنة او السحر و ماشابه ‪،‬لم ننتبه للوقت الذي مر جمع صديقي كتبه و‬
‫قرر المغادرة ‪،‬بعد مغادرته بساعة كنت أصعد الى غرفتي ألتفاجأ بتلك الكتب فوق‬
‫سريري ‪،‬كنت متأكدا أنه جمعها و أخذها لكن مالذي تفعل هذه الكتب هنا ‪،‬فجأة هبت‬
‫رياح قوية فُتحت النافذة و انغلق باب الغرفة بشدة ‪،‬أفزعني االمر في البداية ثم‬
‫هدأت ‪،‬أقنعت نفسي بأن صديقي نسي كتبه و إال من أين ستأتي ‪،‬حملتها و وضعتها‬
‫على مكتبي و قررت ان أرسلها غدا لصديقي ‪،‬جاء الليل وعم السكون ‪،‬إنقطعت‬
‫الكهرباء و لسوء الحظ لم يكن أحد في البيت ‪،‬فجأة رأيت ضوء احمر ينبع من ناحية‬
‫مكتبي ‪،‬بعد التحديق بشكل مستمر عرفت انه يخرج من تلك الكتب نهضت مفزوعا‬
‫ألرى ‪،‬فرأيت كتابا أحمرا يتوهج ثم خرج منه دخان كثيف فتشكل على شكل كائن‬
‫غريب‪ ،‬كان األمر مرعبا لدرجة أنني لم أستطع التنفس بشكل منتظم ‪،‬نظر اليا و‬
‫قال لي بصوت خشن ومقزز *خذ هذه الكتب الى البيت الذي بجاوركم *ثم سكت‬
‫قليال وواردف يقول * ‪،‬خذ الكتب ‪،‬حررني ‪،‬و إال ستنال عقابك سأحول حياتك الى‬
‫جحيم ‪*،‬لم استطع النطق بأي كلمة بقيت انظر اليه و لست أصدق ما أراه اختفى‬
‫الضوء شيي فشيئ و اختفى معه ذلك الكائن ‪،‬وعاد الظالم الى الغرفة ‪ ،‬ظننت لوهلة‬
‫انني كنت أحلم أو أتخيل فقط ‪،‬لكن كل شيئ كان حقيقي‪ ،‬بقيت كلماته تتردد في‬
‫ذهني و قلت في نفسي ( المنزل الذي بجوارنا هو منزلكم لماذا طلب مني احضار‬
‫الكتب اليكم )لذلك حملت الكتب توجهت الى بيتكم لعلكم توضحون لي مالذي‬
‫يحصل )‬

‫أكمل أسامة حديثه و أطبق علينا صمت رهيب ‪،‬تذكرت تلك الليلة لكن ما عالقتها‬
‫بالكتب و صديق أسامة ‪،‬ما عالقة ما حدث قبل عامين بما يحدث اآلن !؟ كنت أرتب‬
‫أفكاري و أعيد تذكر األحداث ‪،‬استرجعت شيئ مشابها لما حصل ‪،‬انه نفس الكالم‬
‫الذي وجهه لي ذلك الكائن (سأحول حياتك الى جحيم ) و الكائن الذي ظهر من‬
‫الكتب قال نفس الكالم ألسامة ‪،‬قطع يوسف دائرة الصمت و وجه كالمه الى أسامة‬
‫‪،‬و سأله ان كان قد اتصل بصديقه أم ال‪ ،‬فأخبره أسامة انه لم ينتبه لذلك ‪،‬فمن هول‬
‫ما رآه حمل الكتب وجاء فورا الى بيتنا ‪،‬كانت الساعة الحادية عشر قبل منتصف‬
‫الليل ‪،‬طلبت من أسامة أن يتصل بصديقه و يسأله عن الكتب ‪،‬ان كان أخذها معه ام‬
‫خيل لك بأنه أخذها ‪،‬وافق فورا و أخذ هاتفه و قام باالتصال ‪،‬‬
‫بعد لحظات انتهى االتصال و الدهشة تسيطر على وجوهنا حيث اخبره صديقه أنه‬
‫لم يأتي من األساس الى بيت أسامة‪ ،‬و لم يعرض عليه فكرة الغذاء‪ ،‬و لم يلتقي به‬
‫منذ األسبوع الماضي ‪،‬كما أنه اندهش من أمر الكتب ألنه ال يملك كتبا كتلك‪ ،‬إذا‬
‫لمن هذه الكتب و مالذي تفعله في غرفتك و من أحضرها و كيف حصل ذلك و من‬
‫يكون ذلك الشخص الذي يشبه صديقك ‪،‬كل هذه األسئلة كانت تدور في رأس كل‬
‫واحد منا ‪،‬هنا تكلم نضال موجها كالمه لي و قال لي متذكرا تلك الليلة *علينا أن‬
‫نخبر أسامة عن تلك الليلة ربما األمر متعلقا بها * لم أرد عليه لكن أسامة تسائل عن‬
‫تلك الليلة وما حدث فيها ‪،‬أخبرته ميسان بالقصة كلها و بدأ الكل يربط األحداث ‪(،‬‬
‫جحيم ‪،،‬حررني ‪،‬كتب ‪،‬كتاب أحمر ‪،‬انتقام ‪ ).....‬أفقت من التفكير و قد عزمت على‬
‫شيئ ‪،‬أخبرتهم انه يجب أن نعيد ما فعلناه و نحرره مرة اخرى لنرى مالذي يريده‬
‫‪،‬نظر الجميع بذهول و كأن األمر لم يعجبهم و لن يوافقوا عليه أخبرتهم انها الطريقة‬
‫الوحيدة للتخلص من هذا األمر ‪،‬لكنهم رفضوا رفضا قاطعا ‪،‬فجأة نظرنا الى نضال‬
‫الذي كان يرتجف بشدة و يضع يديه على وجهه و قد تعالت شهقاته ثم أجهش‬
‫بالبكاء ‪،‬اقتربت منه و إحتضنته ثم طلبت منه أن يهدأ ليس هناك داع للخوف نحن‬
‫مع بعض و لن ندع مكروها يصيبنا لكن نضال كان في جعبته الكثير من الكالم‬
‫‪،‬كان يريد أن يخبرنا بشيئ و طلب منا أن ننصت له بإهتمام ‪،‬تبادلنا جميعا نظرات‬
‫الحيرة و قد واقفنا على تحدثه فأخذ نضال يروي لنا احداثا قد أخفاها عنا لمدة عامين‬
‫فقال ‪:‬‬
‫( أذكر جيدا تلك الليلة المشؤومة حين لعبنا تلك اللعبة الغبية التي غيرت حياتي‬
‫‪،‬أعرف انكم لم تنتبهوا ألنني كنت حريصا جدا على هذا األمر ‪،‬عندما أغمي علينا‬
‫‪،‬كنت أنا أول من استيقظ وجدت ذلك الضباب يغزو المكان و قد كان كثيفا جدا‬
‫‪،‬أخذت اوقظكم واحد واحدا لكن كنتم كاألموات ‪،‬مما زاد في قلبي الرعب و الرهبة‬
‫‪،‬أردت أن أشعل االنوار لكنها لم تشتغل بحثت عن هاتف من هواتفنا فوجدت هاتف‬
‫بيان لكنه كان مطفيا حاولت تشغيله لكنه لم يشتغل أبدا ‪،‬نظرت الى ساعة الحائط‬
‫فكانت متوقفة عن العمل و توقفت على منتصف الليل ‪، 00:00‬فجأة و انا امشي‬
‫لمحة كتابا ملقى على األرض و كان لونه أحمرا حملته و هممت بفتح صفحاته لكنه‬
‫طار في الهواء انصدمت لما يحصل و سقطت أرضا على ظهري و بقيت مستلقيا‬
‫على األرض و أنا أنظر لذلك الكتاب الطائر ‪،‬أغمضت عيناي و ظننت أنني أحلم و‬
‫ياليتني كنت أحلم لما فتحت عيناي ظهر لي كائن غريب مثل ما ظهر ألسامة ‪،‬و‬
‫كان على وشك أن يقترب مني لم أعرف كيف فعلتها و كأن قوة عظيمة دخلت الى‬
‫جسدي حملت هاتف بيان و بكل قوة رميته على الكتاب سقط الكتاب في األرض‬
‫مفتوحا و بالخطأ مزقت منه ورقة فصار ذلك الكائن كالدخان ثم دخل في وسط‬
‫الكتاب وكأنه غرق فيه ‪،‬لما رأيت ذلك أسرعت و أغلقته ‪،‬فإختفى الضباب األبيض‬
‫و عادت الساعة للعمل و رأيت الوقت حينها الرابعة صباحا ‪،‬وعادت األنوار تشتغل‬
‫حملت ذلك الكتاب و لففت حوله شريط الصقا و احكمت اغالقه بحبل كنت قد بحثت‬
‫عنه في المطبخ أما الورقة الممزقة اغرقتها في حوض الماء و تركتها تتسرب الى‬
‫المجاري و أخذت الكتاب الى القبو و خبأته في صندوق لن يستطيع احد ان يجده‬
‫‪،،‬ثم رجعت الى حيث أنتم فوجدت بيان و ميسان قد استيقظتا و يوسف يحرك رأسه‬
‫أما انت يا سندس فلم تستيقظي الى أن اتصلت بوالداي و حضرا على الفور و‬
‫أخبرتهم ان الغاز من خنقنا ولكن سترنا هللا )‬

‫توقف نضال عن الكالم و قد توضحت لنا أمور كثيرة ‪،‬أخبرنا أسامة أننا بتلك‬
‫اللعبة استدعينا روحا لكن خطأ نضال جعله يعلق في ذلك الكتاب حيث مزق ورقة‬
‫كان يجب أن ال تتلف ‪،‬لكن السؤال المطروح كيف أُحضرت تلك الكتب الى بيتي و‬
‫من بينها الكتاب األحمر ؟؟!!‪ ،‬األمر يحتاج الى تفكير عميق ان حررناه مرة اخرى‬
‫لن نكون واثقين من انه سيؤذينا و إن لم نحرره سيتسلط علينا الجن انتقام له‬
‫‪،‬تململت بيان من تعبت من التفكير ربط االحداث فصعدت الى غرفتها و لحقتها‬
‫ميسان هي االخرى كيفا ال وهما توأمتان ‪،‬اتكأ نضال على األريكة و نام فورا أما‬
‫يوسف فقد ذهب الى المطبخ يقول بأنه قد جاع ‪،‬بقيت مع أسامة نفكر في حل‬
‫يخرجنا من هذا الوضع ‪،‬حيث سألني عن مكان القبو ‪،‬عرفت ما يفكر به فأخبرته انه‬
‫يجب أن نعيد اللعبة و ليس الكتاب ألنه من الخطير ان نفتحه ‪،‬ان أعدنا‪ .‬اللعبة‬
‫وحررناه منها سيكون األمر سهال وقد ال يؤدي الى االنتقام ‪،‬‬
‫*_أظن أننا أتعبناك معنا و انت ال دخل لك بما حدث و تسببنا لك بالمشاكل *‬
‫وجهت هذا الكالم ألسامة فقال لي‬
‫_*ال تخافي أنا معك و سنجد حال لهذا المأزق لن أدع شيئ يصيبنا *‬
‫كان لكالمه وقع خاص على قلبي ارتحت جدا و قد سار في داخلي شعور جميل‬
‫‪،‬أظن انه الحب ههههه الال فأنا ال أؤمن به ‪ ،‬كيف للحب أن يأتي في مثل هذه‬
‫الظروف المرعبة ‪،‬كان هو ينظر الى عينيا كأنه أحس بمثل ما أحس طالت نظراتنا‬
‫و كانت لحظات مليئة بالمشاعر التي أجهل مصدرها ‪،‬فجأة قطع يوسف تلك‬
‫اللحظات عندما دخل الى الصالون بفزع و خوف وصراخ ‪،‬نهضنا مسرعين نمسكه‬
‫من ذراعيه و نطلب منه التوضيح ‪،‬في نفس الوقت نزلت ميسان من غرفتها ووهي‬
‫تصرخ و تبكي و تخبرنا ان نصعد و هي تقول‬
‫*_ماتت مااتت ماتت لقد قتلت نفسها لقد اغرقت نفسها *‬
‫تركت كل شيئ وصعدت الى غرفة ميسان كنت أركض كالمجنونة و انا أنادي لبيان‬
‫و أصرخ و أبكي وال أعلم ماهية المنظر الذي سأجدها فيه ما إن فتحت باب الحمام‬
‫حتى وجدتها غارقة في حوض الماء و وجهها قد أصبح لونه أزرق لم تكن تتنفس‬
‫أصبت بنوبة من الصراخ ‪،‬اخرجتها من الماء ووضعتها على األرض واجتمع البقية‬
‫حولي والصراخ والبكاء يدوي المكان أخذت أضغط على صدرها كي يصعد الماء‬
‫من الرأتين و يخرج لكن لم تستجب ‪،‬فعلت كل االسعافات األولية للغرق لكن دون‬
‫جدوى قد غادرت الروح الى خالقها ‪،‬كان يوما مشؤوما جدا ال يمكنني وصفه إال أن‬
‫الحزن قد دخل لحياتنا منذ تلك اللحظة‬
‫حزن والداي لفقدهما فلذة أكبادهما ‪،‬أما ميسان دخلت في حالة من الصدمة لم تتكلم و‬
‫لم تتفوه بأي كلمة منذ أن ماتت توأمها لقد مر شهران عن الحادثة لم نستطع أن‬
‫ننساها ‪،‬غاب عنا أسامة لمدة تلك الشهرين ال أعرف أين هو اتصلت به و وجدت‬
‫هاتفه مغلق كما انه ليس في البيت ‪،‬رغم كل ما أصابنا اال أنني كنت أشتاق له كثيرا‬
‫و كأني فقدت جزأ من روحي ال أملك اي وسيلة للوصول له ‪،‬تحول الشوق الى‬
‫خوف ‪،‬خوف من أن يكون أصابه مكروه ما ‪،‬بعد ما استقر حالنا و تجاوزنا تلك‬
‫الصدمة و تقبلنا قضاء هللا و قدره ‪،‬ظهر لنا مرض ميسان هي الوحيدة التي لم‬
‫تتجاوز صدمتها ‪،‬بالطبع لن تتجاوز انها قطعة من روحها و فقدتها ثم شاء القدر أن‬
‫نفقدها بعد ان ادخلناها الى المستشفى و بقيت فيه مدة شهرين ‪،‬لم تكن تأكل و ال تنام‬
‫كانت معظم الوقت تشاهد ذكريات توأمها وتبكي الى ان خارت قواها ولم تعد‬
‫تستطيع الصمود أصابها فقر دم حاد أدى الى موتها و إلتحقت ببيان ‪،‬لم أصدق ما‬
‫يحدث معي ‪،‬كأنني أحلم انه صعب جدا أن تفقد أختين في فترة قصيرة جدا ‪،‬بكيت‬
‫كثيرا و لمت نفسي ألنني السبب الرئيسي في كل هذا كل هذا يحدث بسببي الجن‬
‫ينتقم منا ألجل تلك الروح التي استحظرتها و أسرت داخل الكتاب ‪،‬كل يوم انتظر‬
‫دور أحد آخر منا أصبحت مهوسة اهتمام ‪،‬كنت حريصة على نضال و يوسف و‬
‫كنت اوصي امي أن تنتبه اكثر الى ميار اختي الصغرى وكنت احذر أبي من كل‬
‫شيئ ‪،‬طبعا والداي ليس لهم علما بأي شيئ ولم اشأ اخبارهما الن األمر سيكون‬
‫ثقيال عليهما فيكفيهما فقدان بنتين على ان يعرفا السبب سيصدمان وقد ينهارا ‪،‬ما‬
‫زادني ألما وحزنا هو غياب أسامة ‪،‬لم يظهر له أثرا ‪،‬حتى عائلته لم تعرف عنه‬
‫شيئ‬

‫في نهار يوم األربعااء كان لي امتحان ولم أكن أركز كثيرا نظرا لكثرة االحداث‬
‫التي مررت بها ‪،‬عند االنتهاء من االمتحان توجهت للبيت ‪،‬كنت أراه ينزل من‬
‫سيارة و يتوجه نحوي ‪،‬انه هو حقا انه أسامة الحمد هلل لقد كان بخير ذهب اليه‬
‫بسرعة أحسست برغبة في معانقته لقد اشتقت له حقا لكنني تمالكت نفسي كانت‬
‫عيناي تقوالن ما ال أقوله بلساني ‪،‬وقفت امامه و قبل ان انطق أخبرني انه يعرف‬
‫كل شيئ ‪،‬استغربت من حديثه و طلبت إخباري مالذي يعرف ‪،‬فقال‬
‫( اوال أعرف أن ميسان لحقت بأختها هللا يرحمها و عظم هللا أجركم ‪)،‬‬
‫ثم سكت قليال وقد الحظ الحزن في عيوني ثم قال‬
‫_ ال تخافي انا معك‬
‫فقلت له‬
‫_ماذا تعرف ايضا فقال‬
‫_ أعلم انك إشتقت اليا كما اشتقت لك‬
‫تسارعت دقات قلبي حينها و أصابني التوتر و أخذت اغير الحديث فطلبت منه أن‬
‫يخبرني اين كان كل هذه المدة ‪،‬ضحك أسامة لردة فعلي هذه ثم اخبرني انه انتقل‬
‫الى مدينة اخرى بحثا عن شخص معين يمكنه أن يخرجنا من هذه الورطة وكان‬
‫البحث عنه صعبا جدا لكن لألسف عندما وجد خيطا يؤدي له تفاجأ بخبر وفاته تلك‬
‫الليلة ‪،‬لقد كان هذا الشخص األمل الوحيد في إنقاذنا ‪،‬أخبرت أسامة أننا يجب أن نجد‬
‫حال و إال سنهلك جميعا ‪،‬ربما نعيد اللعبة او نخرج الكتاب من القبو نستحضر تلك‬
‫الروح ‪،‬قاطعني أسامة بنبرة غضب و أخبرني انه من الخاطئ ان نستعدي تلك‬
‫الروح مجددا ‪،‬اخبرني ان الجن لديه روح انتقامية شريرة و ال يمكننا مساعدتهم‬
‫‪،‬كما قال لي بأننا يجب أن نجد طريقة اخرى أكثر أمانا ‪،‬كشخص متمكن يستطيع أن‬
‫يهزمهم ‪،‬لكن األمر صعب جدا ‪،‬طال بنا الوقت و نحن نفكر في حل ‪،‬فجأة رن‬
‫هاتفي أصبت بالذعر عندما وجدت المتصل أبي ‪،‬أخذت أدعوا هللا أن يكون الجميع‬
‫بخير ‪،‬كان أبي يلهث كثيرا وكأنه يختنق كان يخبرني بأن ارجع للبيت بسرعة ‪،‬لم‬
‫أفهم منه شيئ فقط اغلقت الخط و طلبت من أسامة أن نذهب للبيت أظن ان مكروها‬
‫قد حل على عائلتي ‪.‬‬
‫بعد لحظات وصلنا للبيت ذهبت مسرعة فتحت الباب ألجد الجميع يبكي و بينهم‬
‫يوسف ممدا على األرض غارقا في دمه ‪،‬هذا غير معقول ‪،‬ال أصدق ‪،‬مالذي يحدث‬
‫ماهذه اللعنة ‪،‬أحسست بدوار في رأسي و غبت عن الدنيا ساعات ‪،‬استيقضت ألرى‬
‫أسامة بجانبي ‪،‬ناولني كوب الماء شربته ‪،‬كنت اظن انني أحلم ‪،‬لكن وجه أسامة كان‬
‫يخبرني انها الحقيقة ‪،‬نهضت مفزوعة من مكاني و نزلت الى الصالون وتبعني‬
‫أسامة يحاول تهدأتي ‪،‬وجدت الشرطة و األطباء في البيت حيث وضعوا جثة يوسف‬
‫في كيس الجثث ‪،‬كانت على وجه أبي نظرة اإلنكسار ‪،‬انه يفقد أوالده واحدا تلو‬
‫اآلخر ‪،‬و من السبب ‪،‬أنا هي السبب ‪،‬بكيت كثيرا و صرخت بأعلى صوتي ‪،‬لم‬
‫أستطع بعدها النظر في وجه امي و أبي ‪،‬نضال كان في حالة ال يرثى لها ‪،‬كان‬
‫يضع اللوم عليه أيضا و يقول أنا من أسرت ذلك المسخ ‪،‬كل يوم كنت أرى عائلتي‬
‫تنهار ‪،‬كيف مات يوسف ‪،‬لما قتل نفسه ‪،‬لماذا أغرقت بيان نفسها في الحوض ‪،‬هل‬
‫ميسان ماتت بسبب فقر الدم ‪،‬كل هذه األسئلة تدور في رأسي كل ليلة قبل أن أنام ‪،‬‬
‫اتصل بي أسامة و أخبرني أنه سيأتي لننزل الى القبو و نخرج ذلك الكتاب‪ .‬بعد‬
‫ساعتان كنا في القبو و معنا نضال ليخبرنا عن مكانه اخرجنا الكتاب و امسكه أسامة‬
‫‪،‬اخبرنا انه نفس الكتاب األحمر المتواجد معنا ‪،‬بدأ ينزع عنه شريط الالصق ثم‬
‫فتحه ليهتز ذلك الكتاب من يده و يطير في الهواء ‪،‬ثم خرج منه دخان كثيف لونه‬
‫أحمرا ‪،‬وتشكل ليصير كائن غريبا ‪،‬كانت أعيوننا تنظر بذهول للكائن ‪،‬لم نكن‬
‫خائفين بل كنا ننتظره بكل قوة ‪،‬تكلم الكيان الغريب و قال (ألم أخبركم أن حياتكم‬
‫ستصبح جحيما ‪،‬ها أنتم في الجحيم تمتعوا به اذا ) أخذت نفسا عميقا و سألته ( ماذا‬
‫تريد منا ‪،‬أرجوك اوقف هذا اإلنتقام ) أطلق ضحكة دوت المكان ثم قال بصوت‬
‫خشن رهيب‬
‫_إستدعيتموني الى الموت ايها الجبناء ‪،‬ثم بسببكم حبست في الكتاب ‪ ،‬سيقتلون‬
‫كل عائلتك ‪،‬ستبقي وحيدة و لن تموتي بتلك السهولة ‪،‬ستتمنين الموت لكنها لن تأتي‬
‫لك ‪،‬هذا جزاء فضولك ايتها اللعينة ‪،‬بسببك لن أتحرر أبدا و لن ترتاحي انت ابدا‬
‫ستعلقين بين عالمين‬
‫كانت كلماته كالنار تحرق قلبي ولم اكن افهم ماذا يقصد انني سأعلق بين عالمين‬
‫‪،‬سقط الكتاب على األرض و دخل في وسطه الدخان واغلق من تلقاء نفسه ‪،‬إنهرت‬
‫باكية ‪ ،‬أمسك أسامة بيدي واخبرني انه لن يتركني أبدا ‪،‬طلبت منه أن يرحل و يبتعد‬
‫عني كي ال يصيبه اي مكروه بسببي لكنه لم يسمع لكالمي و أصر على أن يكون‬
‫معي في كل خطوة ‪،‬كان يوما حزينا و كنت أنظر الى أفراد عائلتي المتبقين و‬
‫انتظر دور من ياترى ‪،‬انه امر مفزع ‪،‬ان تعرف حقيقة ما سيحدث ‪،‬استنجدنا براقي‬
‫‪،‬و قد رقى لنا البيت كله ‪،‬و خرج مفزوعا مذعورا من هول ما رآه ‪،‬قرر أبي أن‬
‫يهدم البيت و يشتري بيتا صغيرا يسعنا ‪،‬كانت فكرة حسنة اوال لننسى الذكريات‬
‫المؤلمة التي عشناها في ذلك البيت و ثانيا ألتخلص من هول هذا الشيئ اال انني‬
‫كنت مخطئة ‪،‬فهو يتبعني حتى لو غصت في أعماق المحيط ‪،‬انتقلنا الى شقة صغيرة‬
‫‪ ،‬األمور كانت متحسنة قليال ‪،‬بقيت على اتصال بأسامة الذي لم يفارقني للحظة كان‬
‫نعم الصديق ‪،‬و لم يكف يوما عن اقتراح الحلول التي تخرجني من ورطتي حيث‬
‫اطلع على جميع كتب السحر واألرواح و تحريرها لكنه لم يصل الى نتيجة تنهي ما‬
‫حدث ‪،‬خاصة بعد كالم ذلك الكيان بانه لن يتحرر لألبد ‪،‬‬
‫مرت األيام و الشهور و جاء الصيف مجددا ‪،‬توفيت جدتي ‪،‬و مرض أبي مرضا‬
‫شديدا أقعده الفراش لشهور عدة ‪،‬تفاقمت علينا الديون ‪،‬أصبح من الصعب أن نكسب‬
‫قوت يومنا ‪،‬قررت أن ابحث عن عمل لكن دون جدوى ‪،‬حالتنا المادية أصبحت‬
‫مزرية ‪،‬كان عمي يرسل لنا بعض من المال ليساعد بعالج أبي كل شهر لكنه توقف‬
‫نظرا لحالته المادية ايضا عائلة أمي كلهم فقراء و ال يستطيعون مساعدتنا اال‬
‫بالدعاء ‪،‬أما أسامة فقد كان يفعل كل ما بوسعه ليساعدني ‪،‬لم يكن ليتركني ‪،‬كنت‬
‫أحبه كثيرا ال أعلم كيف احببته و لكنني عشقته لدرجة أنه عندما يغيب عني أصاب‬
‫بالمرض ‪،‬لم يكن هو مختلفا عني فقد أحبني هو اآلخر و في يوم إعترف لي بهذا‬
‫الحب الذي جاء وسط هذا الكم من البؤس لكنه كان قوة بالنسبة لي ‪،‬لو لم يكن لكنت‬
‫قد انهرت و فقدت قوتي ‪،‬لكن أسامة كان كل قوتي كان سندي كان ذلك األمل الذي‬
‫يأتي حين يسيطر عليا اليأس من كل الجهات ‪.‬‬
‫توفي أبي بعد معاناة صعبة للمرض ‪،‬كانت أمي تعمل بالتطريز و بالكاد تأتي لنا‬
‫بقوت يومنا ‪،‬بقيت انا بالمنزل أعتني بميار اما نضال كان يدرس صباحا و يعمل في‬
‫مطعم مساءا ‪،‬كنت اعتني بمن تبقى من عائلتي و كلي خوفا من فقدانهم ‪،‬حتى جاء‬
‫ذاك اليوم المشؤوم حيث شب حريق داخل الشقة ‪،‬احترقت الصغيرة ميار بحروق‬
‫بالغة أدت الى موتها بعد خمسة عشر يوما ‪،‬امي لم تكن بالمنزل و نضال ايضا‬
‫‪،‬كنت انا و ميار فقط ‪،‬قمت بإنقاذ ميار من الحريق الذي أجهل حدوثه ‪،‬لكنني‬
‫تأخرت فقد تمكنت منها النيران ‪،‬أصيبت أمي بنوبة قلبيىة ودخلت في غيبوبة ‪،‬لم يعد‬
‫لنا مكان نأوي اليه ‪،‬أصر أسامة أن يأخذنا انا و نضال الى بيت أهله لكنني رفضت‬
‫‪،‬و بعد اصراره قررت الذهاب ‪،‬نضال كان في حالة مزرية ‪،‬ال يأكل وال يشرب و‬
‫شاردا طوال الوقت وجهه شاحبا و كنت كل يوم انتظر موته ألني كنت اعرف انه‬
‫سيموت الى أن فارق الحياة في نفس اليوم فارقت امي الحياة و بقيت وحدي ال‬
‫منزل ال عائلة ال أحد انه حقا الجحيم ‪،‬جحيم فضولي الذي دمر حياتي و دمرني‬
‫‪،‬بقيت فترة طويلة في بيت أسامة ‪،‬أصابني إكتئاب حاد ‪،‬لم يكن أسامة مقصر ابدا‬
‫‪،‬أخبرني انه سينقذني من هذا الجحيم ‪،‬كنت اطلب منه ان يبتعد عني حتى ال يصيبه‬
‫مثلما أصاب عائلتي ‪،‬لكن من شدة حبه لي اخبرني انه مستعد للموت من أجلي ان‬
‫كلفه ذلك ‪،‬لم أكن اقوى على فراقه ‪،‬انه و بالرغم من فقدان لكل عائلتي كان رحمة‬
‫على قلبي و قوة كنت استطيع التنفس فقط بوجوده معي ‪،‬ان حدث له شيئ سأموت‬
‫سأقتل نفسي ‪،‬هكذا كنت افكر انني سأشنق نفسي ان حدث شيئ له‪،، .‬فعل أسامة كل‬
‫ما بوسعه ليخرجني من تلك الحالة ‪،‬بعد عدة شهور أستطعت التأقلم قليال حيث وجد‬
‫اسامة لي عمال و أصبحت أعمل من الصباح الى المساء لعلي أنسى قليال ما حدث‬
‫معي ‪،‬تحسنت حالي و كنت سعيدة معه ‪،‬لقد كان هو كل ما أملك ‪،‬كنا سنتزوج‬
‫ونعيش معا لألبد و ننسى كل ماحصل و نكمل ما تبقى من الحياة في الفرح ‪،‬تقدم‬
‫أسامة نحوي و هو ينظر في عيني نظرة حب ثم قال أنا أحبك و سأبقى معك لألبد‬
‫‪،‬كانت األرض ال تسعني من الفرح أحسست بأنني أطير أغمضت عيناي ‪،‬ثم عم‬
‫سكون رهيب في المكان ‪،‬أحسست أنني ممددة على فراش هناك صوت ما ينادي‬
‫بإسمي صوت أكاد اعرفه جيدا ثم يا للهول انها أمي انه صوتها ألفتح عيناي و‬
‫أجدني في غرفتي يا إالهي مالذي يحصل ليدخل أخي يوسف و بعده نضال‬
‫يخبرانني بأن أنزل الى األسفل الى قاعة الجلوس ألن أبي يريدني ثم تخبرني امي‬
‫بأنني نمت كثيرا ‪،‬نمت من الواحدة الى الساسة مساء ‪،‬لم أكن افهم ما بقولون ‪،‬اقسم‬
‫انهم ماتو لقد عشت شهورا بدونهم و مرت عليا اوقات صعبة ‪،‬اقسم بأنني تألمت و‬
‫تأذيت ‪،‬لقد عشت حياة حقيقية كيف لها أن تكون حلما ‪،‬نهضت من فراشي و خرجت‬
‫من غرفتي الح لي التقويم معلقا رحت اقرا مزالنا في االيام التي انتقلنا فيها الى هذا‬
‫البيت ‪،‬مزلنا في ‪، 2019‬لكنني كنت أجهل حقا مايحدث ‪،‬نزلت لالسفل ألجد بيان و‬
‫ميسان انها على قيد الحياة ‪،‬كنت مصدومة جدا ال أعرف هل كنت افرح ألن عائلتي‬
‫التزال على قيد الحيا ام اتفاجأ به ألنه حلم غريب ‪،‬غريب جدا ‪،‬كنت أحس بمرور‬
‫األيام هناك الليل والنهار األشخاص االحداث فجأة تذكرت أسامة يا إالهي كيف‬
‫أحب شخصا في حلمي وال وجود له بالواقع ‪،‬مازلت أشعر بحبه ‪،‬هل يعقل أن يكون‬
‫واقعا ؟اين هو ياترى ‪،‬كيف لي أن احلم بشخص لم أراه في حياتي و احبه لتلك‬
‫الدرجة ثم أجد بأنه حلم ‪،‬ال أصدق هذا يجب أن ارجع لذلك الحلم بأي طريقة‬
‫نزلت الى الصالون حيث أبي و كل العائلة تنتظرني هناك ‪،‬دخلت بهدوء و جلست‬
‫قرب أبي ‪،‬ربت أبي على كتفي و سألني عن حالي فأخبرته أنني بخير ‪،‬لكن داخلي‬
‫كان مندهشا لما يحصل ‪،‬كانت في رأسي أسئلة كثيرة و أهمها عن أسامة لماذا أشعر‬
‫أنني إلتقيته حقا و أنه حقيقة لم يكن حلما ‪،‬بقيت شاردة طوال الوقت بينما اخوتي‬
‫يتبادلون الحكايات و يضحكون ‪،‬جهزت أمي العشاء و نادتنا لتناوله ‪،‬ذهب الجميع و‬
‫بقيت انا مكاني ‪،‬في قلبي غصة تمنعني من الحديث ‪،‬جاء نضال ونظر اليا طويل ثم‬
‫أخبرني عن سبب شرودي هكذا فقلت له انني أشعر بالمرض ‪،‬ذهب يجري ليخبر‬
‫امي بذلك على الفور ‪،‬جاءت امي مسرعة قلقة وهي تضع يدها على قلبها دليال على‬
‫خوفها عليا ‪،‬طمئنتها بأنني سأكون بخير و اخبرتها انني سأصعد لغرفتي كي ارتاح‬
‫‪،‬أومأت امي راسها موافقة و ذهبت‬
‫في صباح يوم غد ‪،‬بينما كنت اصعد لغرفتي امسك يوسف بيدي و سألني ما اذ‬
‫كنت اعاني من شيئ ما ثم اخبرني انه استمتع بتلك اللعبة كثيرا سألته بتعجب‪ .‬عن‬
‫اي لعبة يتحدث فقال انها لعبة استحضار األرواح ‪،‬اندهشت بما قاله ألن هذا ماحدث‬
‫في الحلم ولم يحدث في الحقيقة طلبت من يوسف ان يتبعني الى الغرفة وما ان‬
‫وصلنا امطرته بوابل من األسئلة (ماذا حصل يا يوسف عندما لعبنا اللعبة ومتى‬
‫لعبناها ) تفاجأ يوسف بسؤالي لكنه أجاب ( لعبناها البارحة عندما نام ابي وامي و‬
‫بقينا نحن في غرفتك و انت من اخترعت هذه اللعبة ) فأخبرته ان يحكي لي كل‬
‫شيئ بالتفصيل ألنني لم اتذكر شيئ ‪،‬اصابت الدهشة وجه يوسف و لكنه واصل‬
‫قائال( تجمعنا في غرفتك كلنا بيان و ميسان و نضال و انا و انت و كنا نتكلم عن‬
‫امور كثيرة حتى تطرقنا الى الرعب ثم طلبت منا ان نحضر لعبة جميل تستدعي‬
‫األرواح جلبنا كل ما طلبتي وبدأنا اللعب لكن لم يحدث شيئ فقد كنا نستمتع فحسب‬
‫بعدها جلسنا نكمل األحاديث و حكت لنا بيان قصة جميلة كنت انت مستلقية على‬
‫فراشك ووقد الحظنا انك قد غصت في نوم عميق حملت ميسان غطاء و دثرتك به‬
‫و توجه الجميع الى غرفهم و في الصباح كنا مشغولين بإحضار بعض االثاث الى‬
‫المنزل خرجت بيسان و ميسان مع امي ومعهما ميار و انا خرجت مع أبي و نضال‬
‫و ذهبت كل مجموعة الى وجهة معينة ذهبت انا مع ابي و نضال الى محالت‬
‫األثاث و اما امي و اختاي فذهبا الى محالت االفرشة ووقد طال مشوارنا ‪،‬عندما‬
‫رجعنا البيت على الساعة الرابعة كنت انت ال تزالين نائمة ‪،‬ظننا انك اخذت قيلولة‬
‫لكن امي اخبرتنا انك لم تتناولي حتى غذائك ‪،‬ثم اخبرتنا اال نوقظك حتى استيقظين‬
‫لوحدك ولما وصلت الساعة السادسة قلقت امي بشأنك وذهب لتناديك و اجتمعنا‬
‫حول ابي ليخبرنا عن اشغال المنزل لهذا اليوم فهو يريد ان يعمل حديقة قرب‬
‫المنزل ثم ايقضتك أمي و ونزلت معنا ) هنا تأكدت بأنني كنت أحلم و ان‪ .‬أسامة ال‬
‫وجود له ‪،‬تنهدت و اخبرت يوسف انني مرهقة جدا وان هذا المنزل لم يناسبني قليال‬
‫و لكن سأعتاد عليه ‪،‬ابتسم يوسف و غادر غرفتي ‪،‬جلست على اريكتي و كنت‬
‫ادعوا هللا ان ارجع لذلك الحلم لو مرة واحدة فقط لكي أرى اسامة ‪،‬اخذت كراسا‬
‫فارغا و شرعت ادون كل تلك االحداث التي حدثت في الحلم وكأنني أكتب في‬
‫رواية او قصة ما شخصياتها هم افراد عائلتي و البطل فيها اسامة ‪،‬انهيت كل ما‬
‫حلمت به وكتبت كل شاردة و واردة حدثت بالتفصيل وبالترتيب حتى ال انسى‬
‫األحداث وخبئت الكراس في درج و اغلقته بالمفتاح كي ال يضيع او يعثر عليه‬
‫اخوتي ‪،‬شعرت بالجوع فنزلت الى المطبخ وجدت امي تغسل األطباق و اختي بيان‬
‫تغير حفظات ميار ‪،‬استئذنت بالدخول ‪،‬سألتني امي عن عدم تناول الغذاء معهم فقلت‬
‫لها بأنني اشعر بالتعب قليال و اآلن فأنا جائعة حضرت لي امي االكل بسرعة‬
‫وتناولته في عجل ‪،‬سالتني بيان عن القصة التي حكتها ليلة امس فاخبرتها انني لم‬
‫اسمعها وانني قد نمت قبل ان تحكي فقالت انني لم انم اال بعد ان تناقشنا عن اسم‬
‫البطل فقلت انه احب ان يكون اسمه اسامة لكن ميسان قالت خالد و انا قلت أيمن‬
‫‪،‬استغربت لما قالته بيان و اخبرتها انني مشوشة قليال لذلك لم اتذكر ‪،‬لماذا يوسف‬
‫قال انني نمت مباشرة و بيان قالت اانني تناقشنا حول بطل القصة وهل اسامة له‬
‫عالقة ببطل القصة ربما علق هذا االسم في راسي و دخل الى حلمي و ربما حلمت‬
‫بأحداث قصة بيان كل هذه األسئلة طرأت في راسي ‪،‬يجب ان تحكي لي بيان القصة‬
‫مرة اخرى ‪،‬طلبت من بيان ان تعيد لي القصة من جديد فأخبرتني انها ستأتي بعد‬
‫قليل لغرفتي و تحكي بعدد ان تنام ميار ‪،‬اكملت غذائي وغسلت الطبق و صعدت‬
‫لغرفتي و جلست على اريكتي انتظر مجيئ بيان كي تحكي لي تلك القصة لعلها‬
‫توضح لي ما جرى لو قليال‬
‫بعد لحظات جاءت بيان و معها ميسان و بدأتا تقصان عليا قصة ظننت لوهلة انها‬
‫تتعلق بذلك الحلم لكنها تبدو قصة عادية جدا مثل التي نحكيها دائما كقصة سندريال‬
‫و فلة و قصص افالم ديزني كلها ‪،‬بدوت سخيفة جدا وانا انصت لما تحكيه اختاي و‬
‫هما بدتا سعيدتان إلستماعي واهتمامي بما يقصانه رغم انني كنت أتذمر في السابق‬
‫من حكاياتهما المملة ‪،‬اكملت بيان القصة واخبرتني انها اخترعتها من خيالها وانها‬
‫استعملت اسم اسامة كما طلبت منها في تلك الليلة ‪،‬لكن لماذا خطر في بالي هذا‬
‫االسم و انا ال أعرف اي شخص به و كما انه لم يخطر ببالي اسم كهذا من قبل‬
‫‪،‬اخذت نفسا عميقا و شكرت اختاي على تسليتي و طلبت منهما المغادرة كي ابقى‬
‫لوحدي قليال افكر في ما يجري لي ‪،‬استلقيت على سريري ثم أحسست بخذر في‬
‫جسدي و كأن جسمي أصبح ثقيال لم أستطع الصراخ و ال النهوض وال حتى الحركة‬
‫‪،‬شلت أطرافي و ثقل لساني و بقيت عيناي مفتوحتان و لم اكن أسمع شيئ ثم‬
‫أظلمت الغرفة فجأة وكأن الليل جاء مسرعا في وقت باكر من النهار ‪،‬او باألحرى‬
‫كانت غرفتي فقط من تغرق في ذلك الظالم ‪،‬لم يخطر ببالي شيئ سوى الموت‬
‫فظننت انني سأموت ‪،‬قرأت في سري الشهادتان و حمدت هللا انني تذكرتها في آخر‬
‫لحظات عمري ‪،‬أحسست ببرودة المكان و كأن هناك من أشعل مكيف في الغرفة و‬
‫بما اننا في الصيف فالمكان كان حارا و المكيف كان مطفيا في الغرفة ولكن الغرفة‬
‫أصبحت أشبه بثالجة ‪،‬انعدمت الرؤية لدي بسبب الظالم الدامس ‪،‬كنت ممدت‬
‫بطريقة نجمة البحر ‪،‬يداي مشرعتان و رجليا كذلك و يتوسط كامل جسدي السرير‬
‫‪،‬كان الهواء يدخل بصعوبة في رئتاي ووفجأة أحسست بتيار قوي يهب على جسدي‬
‫و هواء كثيف بارد يدخل الى رئتاي و ظننت نفسي أطير في هواء كأن قوة‬
‫مغناطيسية تجذبني بسرعة لكنني ال أعلم ان كنت ال ازال في غرفتي ام في السماء‬
‫‪،‬اليزال الظالم وال تزال الرؤية محجوبة عني ‪،‬توقف التيار و هدأ كل شيئ‬
‫احسست بالدم يتدفق الى أطرافي من جديد و تحركت أقدامي و يداي فكت عقدة‬
‫لساني و شهقت من أثر نقص االكسجين و كنت اتنفس بصعوبة و بدأ الظالم يتالشى‬
‫و اتضحت معالم المكان الذي انا فيه ‪،‬اغمضت عينايا وفتحتهما وكان الظالم قد‬
‫اختفى تماما ‪،‬ماااذا ‪،‬انني ‪،‬انني يا إالهي لقد عدت ‪،‬لقد عدت الى بيت اسامة الذي‬
‫كنت معه فيه في آخر الحلم ‪،‬حلم ! هل كنت احلم هل انا احلم ‪،‬ام هذا العالم حقيقة‬
‫وكنت احلم بعائلتي انها عادت الى الحياة يا إالهي ‪،‬ارتعدت اوصالي و كنت خائفة‬
‫تكورت على نفسي و اجهشت بالبكاء لقد كنت في الغرفة التي سكنت بها عندما‬
‫احظرني اسامة اليها بعد وفاة امي و نضال بنفس اليوم ‪،‬انتظرت ما سيحصل و‬
‫ذكرت نفسي بأن هذا حلم و ما كنت فيه هو الحقيقة عائلتي بخير وهم على قيد‬
‫الحياة و انا اعرف ذلك جيدا لقد رايتهم واحسست بهم ‪،‬ان هذا هو الحلم اقنعت‬
‫نفسي بهذه الكلمات كي ال افقد أعصابي ‪،‬فجأة فتح باب الغرفة ‪،‬ارتعبت ووقفت من‬
‫مكاني مذعورة فظهر خلف الباب أسامة بإبتسامته الجميلة التي توحي باإلطمئنان و‬
‫الحب ‪،‬توردت الدنيا في قلبي و شعرت بأمان و راحة كبيرة اسرعت اليه وعانقته‬
‫وكنت ابكي بشدة اخبرني اسامة انه اغمي عليا و قد خرج ليحظر الطبيب لكن‬
‫الطبيب كان مشغول وقد ظل ساعات لكي يجد طبيب آخر و لكن علقا في زحمة‬
‫الطريق و بالكاد وصل مما استغرقهم االمر الى ثالث ساعات ‪،‬واآلن الطبيب‬
‫ينتظر في االسفل لكي يفحصني ‪،‬لم أكن في وضع يسمح لي ان احكي ألسامة مالذي‬
‫حدث ‪،‬أطبقت الصمت و طلبت منه ان يأتي بالطبيب للغرفة ‪،‬لحظات و فحصني‬
‫الطبيب اخبرني ان لدي نقص في التغذية و قد اصاب بفقر الدم تذكرت ميسان التي‬
‫ماتت بفقر الدم و تذكرتها وهي تحكي لي تلك القصة مع بيان غريب مايحدث ايهما‬
‫هو الحلم ياترى ‪،‬كتب لي الطبيب وصفة دواء اخذها اسامة على عجل و خرج معه‬
‫و اشترى لي الدواء و عاد الى المنزل ‪،‬اخبرني ان الليلة هي حفلة خطوبتنا وبعد‬
‫اسبوع سنتزوج ‪،‬كنت اومأ له برأسي ‪،‬وضع يده على جبيني يتحسس حرارتي و‬
‫سألني ان ما كنت أشعر بمرض او ما شابه ‪،‬فأخبرته انني اريد ان اتحدث معه بأمر‬
‫مهم ‪،‬اعتدل اسامة و طلب مني ان احكي‬
‫اخبرت اسامة بكل ماحدث و كيف التقيت عائلتي و ما قاله لي يوسف و بيان و‬
‫ميسان و اخبرته انني كنت افتقده جدا و ظننت انني لن اراك ثانية كما اخبرته‬
‫ماحدث لي قبل ان اجد نفسي في هذه الغرفة ‪،‬ظهرت معالم الدهشة على وجه اسامة‬
‫ثم انفجر ضاحكا‪ ،‬استغربت من ردة فعله وقد بدا وجهي حزين و كنت على وشك‬
‫البكاء فهاهو اسامة ال يصدقني ‪،‬وال أعرف ان كنت احلم ام انني في الحقيقة ‪،‬رأسي‬
‫يكاد ينفجر ‪،‬احتضنني أسامة بكلتا يديه و قبل رأسي و أسنده على صدره و قال لي‬
‫( ال عليك حبيبتي انه حلم ‪،‬لقد اشتقت الى عائلتك ان هذا األمر صعب ‪،‬صعب جدا‬
‫و أنا آسف ألنني ضحكت ‪،‬ربما عندما اخبرتني بأنك ذهبت حيث هم و لكن لو‬
‫ذهبت لهم كنت مت انهم في الجنة يا سندس ‪،‬عائلتك ماتت ‪،‬يجب ان تتقبلي هذا‬
‫‪،‬وانا معك فال تخافي) أجهشت في البكاء و كنت احتضنه بشدة وبخوف شديد لما‬
‫يجري ‪،‬ظننت أنني جننت و كرهت النوم خوفا من حلم آخر ‪،‬اخبرني اسامه ان‬
‫اجهز نفسي مساءا سنذهب الى بيت عائلته لكي نقيم الحفل ونعلن خطوبتنا ‪،‬تنهدت‬
‫بصوت حزين و أومأت براسي موافقة ‪،‬خرج اسامة بعد ان اخبرني بأن لديه بعض‬
‫االعمال ‪،‬أما أنا استلقيت افكر في ما حدث ال تزال تلك االحداث في راسي ‪،‬اخذت‬
‫كراسا و قلما و شرعت أكتب ما حدث معي في الحلم الذي ظننته حقيقة ‪،‬اكملت‬
‫الكتابة و وضعت الكراس في درج و اغلقت عليه ‪،‬‬
‫جاء المساء و تجهزت لحفل خطوبتي ‪،‬كنت حزينة جدا‬
‫افتقد أمي و اخوتي و أبي ‪،‬لو كانوا معي لكانت فرحتي مكتملة ‪،‬لكنني متأكدة انه لم‬
‫يكن حلما ‪،‬كما أن هذا الذي يحدث اآلن ليس حلما أيضا ‪،‬أمر غريب ‪،‬غرييب جدا‬
‫جدا‬
‫انتهى الحفل وغادر الكل الى بيوتهم رجعت مع اسامه الى بيته وودعنا أهله‬
‫و يوم غدا بدأنا بتجهيز لحفل الزفاف ‪،‬اشترينا أثاثا جديدا للبيت و اعدنا له صباغة و‬
‫عدلنا به بعض التعديالت و أنشأنا حديقة جميلة ‪،‬كان أسامة سعيدا جدا و كان‬
‫يخبرني انه سيعوضني عن كل ما فات و انه لن يتركني مهما حدث ‪،‬كان يسألني‬
‫عن شرودي المتكرر بين الفينة واالخرى و كنت اخبره انه بسبب ذلك الحلم و لكن‬
‫في قرارة نفسي كنت اعرف انه ليس حلم و سأنتقل الى هناك في يوما ما لكنني في‬
‫نفس الوقت خفت ان اخسر اسامة لألبد و ان ظهر ذلك حلما سأفقد عائلتي لألبد‬
‫‪،،‬انني أكاد أجن ‪،‬‬
‫مر االسبوع ببطئ ‪،‬اكملنا تجهيز البيت بأكمله و بقي لنا فقط الترتيب للحفل ‪،‬لكن‬
‫أهل أسامة أصروا على ان نقيم الحفل في بيتهم ‪،‬وافقنا على مضض و جاء ذلك‬
‫اليوم ‪،‬لو لم يحدث معي ماحدث لكان ذلك اليوم من أجمل واروع أيام حياتي لكنني‬
‫كنت خائفة نعم خائفة من ان يكون هذا حلما و اسيقظ منه ألجد انه ال وجود ألسامة‬
‫وخائفة ان يكون حقيقة و يكون ما رايته حلما و أفقد عائلتي لألبد‬
‫لم يكن عليا تصديق شيئ او الوثوق في اي شيئ ‪،‬تدهرت حالتي النفسية ‪،‬لم يكن‬
‫أسامة على ما يرام و كان يراني حزينة تائهة وشاردة فكان هو اآلخر قلقا بسبب‬
‫حالتي و كان يخبرني بين اللحظات انه معي دائما ولن يتركني كنت ابتسم ابتسامة‬
‫خفيفة ‪،‬مرت تلك الليلة بخير نسيت للحظات كل ماحدث و عشت اوقات جميلة مع‬
‫حبيب قلبي وكنا في قمة السعادة‬
‫مرت خمسة أشهر كنا سعداء و قد بدأت اتناسى ما حدث و قد اقتنعت بعض الشيئ‬
‫انه كان حلما و قد فسرت األمر انه بسبب اشتياق ألفراد عائلتي كنت قد حلمت بهم‬
‫ذلك الحلم الذي ظننته حقيقة الى ان جاء ذلك اليوم‬
‫ذهب اسامة الى العمل بعد ساعات عاد الى البيت فتحت له الباب كان يلهث و كان‬
‫هناك من يالحقه ‪،‬اغلق باب المنزل بسرعة و دخل الى غرفة مكتبه لحقت به وكنت‬
‫أسأله بلهفة وقلق عن ما يحدث معه فقال انه امر غريب ‪،‬غريب جدا ‪،‬جلبت له كأس‬
‫ماء و اخبرته ان يحدثني عن هذا األمر ‪،‬لم يكن اسامة يخفي عني شيئ فقد كان‬
‫يخبرني بكل صغيرة وكبيرة ‪،‬ثقتنا ببعضنا كانت قوية جدا بقدر ذلك الحب الذي بيننا‬
‫‪،‬شرب اسامة الماء و بدأ يحكي ( هل تذكرين ذاك الكتاب االحمر يا سندس ) أومأت‬
‫له براسي عدة مرات انتظر منه ان يكمل فأكمل قائال( لقد رأيت شخصا يحمله في‬
‫الشارع ذهبت له و سألته عنه فأخبرني انه وجده في مكان بيت قد تم تدميره‬
‫‪،‬فعرفت انه وجده في مكان بيتكم القديم و انه هو الكتاب نفسه ‪،‬الكتاب الملعون‬
‫االحمر الذي حبس به ذلك المسخ ) وضعت كلتا يداي على فمي و شهقت منصدمة‬
‫بعدها اكمل اسامة( لقد اخذت الكتاب من الرجل و اعطيته ثمنا مناسبا فوافق و‬
‫اعطاني اياه ‪،‬ذهبت الى سيارتي و جلست و فتحت الكتاب ‪،‬فجأة خرج منه دخان‬
‫احمر كثيف و تذكرت تلك الليلة التي خرج لي فيها ذلك المسخ عرفت على الفور‬
‫انه هو ‪،‬لكن هذه المرة اخذ شكل انسان و كان يشبه صديقي جلس بالمقعد الذي‬
‫بجانبي و اخبرني شيئ لم استطع تصديقه لوال انك اخبرتني به من قبل ) سألت‬
‫اسامة بلهفة عن ماهية الشيئ الذي اخبرك به ‪،‬تسارعت دقات قلبي و بدأ العرق‬
‫يتصبب على جبيني‬
‫اخبرت اسامة ان يكمل فأكمل قائال( انه شيئ ال يصدق و قد ال يخطر على بال أحد‬
‫‪،‬سندس عائلتك ال تزال على قيد الحياة وقد ذهبت حقا حيث هم متواجدين ) اتسعت‬
‫عيناي بدهشة و لم استطع تمالك نفسي فأجهشت بالبكاء و كنت اصرخ واقول اين‬
‫انا في اي موطن انا انني ال افهم شيئ ‪،‬جذبني اسامه لحضنه و هدأني ‪،‬عندما هدأت‬
‫اكمل كالمه ( الجن ‪،‬الجن هم من فعلوا كل هذا ‪،‬نحن لسنا في مكان ما بل نحن في‬
‫بعد آخر في عالم مواز يا سندس ‪،‬لقد حملنا الجن هناك ) استغربت من كلمة نحن‬
‫لكنني لم اتعرف على اسامة قبل ان يحدث كل ذلك وكذلك عائلتي ال تعرف اسامة‬
‫لما يقول نحن ‪،‬اكمل اسامة حديثه(لقد عبثت يوما بلعبة كلعبتك يا شهد لكن لم يحدث‬
‫لي ماحدث معك ‪،‬لكنني موجود بطريقة ما في عالم غير عالمي هذا ما اخبرني به‬
‫ذلك الجن و اخبرني انه في كل عالم مواز توجد لنا نسخة منا وكل نسخة قد حدث‬
‫معها احداث مختلفة عن ماحدث لنسخة االخرى في العالم المواز اآلخر ‪،‬لقد افزعني‬
‫كالمه ألنني كنت على دراية بهذا الكالم لقد قرأته في كتب كثيرة و شاهدت بعض‬
‫الفيديوهات على اليوتيوب تحكي عن العوالم الموازية وقرأت حديثا عن هذا‬
‫الموضوع وكما انه مذكور في القرآن ولكن ال احد يعرف تفسيره الى اآلن ) سألت‬
‫اسامه قائلة ( ان كانت هناك نسخ لنا في كل عالم فأين هي نسخنا في هذا العالم ‪،‬لما‬
‫وجدنا اهلنا كما عاهدناهم في عالمنا الحقيقي) تنهد اسامه و قال ( اخبرني الجني انه‬
‫تم قتل نسختك الموجودة بهذا العالم و قد تم نقل نسختي الى عالمي و اهلي الذين في‬
‫عالمي يظنون انني انا و اهل نسختي يظنون انني هو ‪،‬االمر معقد و محير وصعب‬
‫التصديق ‪،‬كيف سنرجع الى عالمنا و كيف سترجع نسختي الى هنا ) ساد الصمت‬
‫بيننا لحظات وكنا نفكر في هذه الحادثة الغريبة اردف اسامة قائال ( انه يريد ان‬
‫يتحرر من الكتاب ‪،‬و اال سيقتل الجن أهلك في عالمك و قد يقتلون أهلي ايضا و‬
‫نسختي او قد يعذبوهم او قد تحدث اشياء غريبة لهم ) سألت اسامة عن كيفية تحرير‬
‫فقال ( انه يريدون الزئبق األحمر هذا االشيئ سيحرره ) سألته عن ماهو الزئبق‬
‫االحمر فقال ( انه دم اإلنسان ) اندهشت لما قال و سألته من اين سنجد الدم هل‬
‫سنقتل هل نصبح قتلة قال اسامه وقد بدا الحزن عليه ( انهم يريدون ان ننجب طفال‬
‫ويأخذون دمه ) صرخت بشدة و وقفت من مكاني مذعورة و كنت اصرخ واقول‬
‫مستحيل مستحيل لن يكون لهم هذا هدأني اسامه وقال ( وال انا سأسمح بذلك ‪،‬لكن‬
‫ذلك الجني اخبرني انه كل مايحصل لنا هو ليس حقيقي و ما ان رجعنا لعالمنا‬
‫سيختفي كل شيئ و لن تتذكر اي شيئ ) صرخت بشدة وقلت( انه يكذب يكذب لقد‬
‫عدت لعالمي وتذكرتك و كنت اعرفك ) تنهد اسامه وقال ( سندس يجب ان نفعل ما‬
‫قاله و اال سنبقى عالقين هنا يجب ان نساعده حتى يساعدنا ) اخبرته و انا ابكي هل‬
‫يجب ان نقتل ابننا من اجلهم ال يمكنني ان اتخال عن فلذة كبدي قال اسامه ( لكن كل‬
‫مايحدث هنا فهو ليس حقيقيا ال يمكن لنسخة ان تعيش حقيقة في عالم مواز آخر‬
‫‪،‬ستعيش صحيح لكن كل شيئ خياال ) فقلت له بخوف ( هل هذا اننا ان عدنا الى‬
‫عالمنا سننسى كل شيئ ) فقال( نعم ‪،‬هذا اذا اردنا نحن اال نتذكر ) فقلت له ( كيف‬
‫لك ان تثق في مسخ يا اسامه ماذا لو كان يكذب و سيحبسنا في هذا العالم الغريب )‬
‫قال اسامه ( انه مسلم يا سندس لقد حبسنا جني مسلم لقد غضب منا و اراد االنتقام‬
‫لكنه ندم على مافعله و اراد تصحيح األمر يقول ان لنا هذه الفرصة فقط و ان لم‬
‫نفعل ما طلب منا سيموت هذا الجني لكن افراد قبيلته ليسوا مسلمين سينتقمون منا‬
‫سنعيش جحيما ) فقلت له ( ال استطيع ‪،‬لن استطيع قتل ابني و ال استطيع ان اعيش‪.‬‬
‫بدونك في عالمي انا أحبك ال يمكن ان ننسى هذا الحب)‬
‫ربت اسامة على راسي و اخبرني بان افكر باألمر قبل فوات االوان فلقد اختلت كل‬
‫موازين بسبب ما فعلناه وبسبب مافعله الجن و لقد عبثنا بأمور لم يكن علينا العبث‬
‫بها لكنن مجبرين على تطبيق ما يقوله لنا ذلك المسخ ‪،‬هنا اتضحت لي اشياء كثيرة‬
‫‪،‬لعب اسامه تلك اللعبة في نفس الوقت الذي لعبناها فيه و استحضرنا نفس الروح‬
‫‪،‬في بعد آخر و عالم مواز لعب نسخنا نفس اللعبة استحضرت تلك الروح ‪،‬عندما‬
‫نمت في تلك الليلة حدث انتقالي الى هذا العالم و نقلوا نسختي لعالمي و حدث ايضا‬
‫مع اسامة ن فس الحدث ‪،‬انتقلت انا لهذا العالم المواز ألكمل مافعلته نسختي حيث‬
‫اكملت اللعب مع اخوتي الذين يتواجدون في ذلك العالم و ظننت انني في عالمي و‬
‫كل ما حدث معي كان يحب ان يحدث مع نسختي اال انه حدث معي انا بسبب ذلك‬
‫الخطأ و في االخير افسدت نسخة اخي نضال كل شيئ بحبس ذلك الجني المسلم‬
‫داخل الكتاب مما أثار غضب الجن نظرا النه جني مهم بالنسبة له ويريدونه بشدة‬
‫‪،‬هذا ما أخبر به الجني ‪،‬اسامة وما فهمناه انا واسامة عندما ربطنا األحداث ‪،‬بالنسبة‬
‫للوقت واالعوام والشهور التي قضيناها هنا فهي ليست حقيقية بالنسبة لنا ألننا لسنا‬
‫من هذا العالم ‪،‬يا إالهي انه امر مفزع حقا !‬
‫‪،‬احضر اسامة معه الكتاب االحمر ووضعه في مكتبه و اخبرني اال اقوم بحمله ابدا‬
‫حتى ياذن لي هو بذلك لكنني لم اسمع كالمه ‪،‬و في يوم كان اسامة في العمل ‪،‬فتحت‬
‫مكتبه وفتحت ذلك الكتاب خرج دخان احمر كثيف ثم تشكل على شكل انسان و فجأة‬
‫كان يشبه اسامه لكن صوته مختلف وعيناه جاحظتان و بدأ يتحدث فقال ( لقد تم قتل‬
‫نسختك المتواجدة في عالمك ‪،‬أهلك يظنون انك مت ايتهاةاللعبنة ‪،‬يجب ان‬
‫تحررني من هنا يجب ان تنجبي طفال وتعطوني دمه وتسكباني ذلك الدم فوق‬
‫الكتاب و سأتحرر و ستعودان لعالمكما بعدما تقومان بهذا و الطفل سيموت النه ولد‬
‫في عالم مواز لن يستطيع العيش في عالمك ) قال كلماته هذه ثم اصبح دخان احمر‬
‫وتجمع ودخل في الكتاب يا إالهي أهلي انهم يظنون انني متت ‪،‬كنت ارتعش بشدة‬
‫و قد اختل توازني و شلت اطرافي وثقل لساني و اظلمت الغرفة فجأة و اصبحت‬
‫باردة كالثلج و لفحني تيااار كان ساخنا تلك المرة وقد احسست بالختناق ‪،‬لحظات و‬
‫انقشع الظالم ألجد نفسي متكورة قرب سرير غرفتي في عالمي و كنت ابكي بشدة‬
‫نهضت بسرعة و نزلت الى االسفل ألجد الجميع ينظرون لي بدهشة و استغراب‬
‫ونظرة لهم بعيون دامعة وخوف و ارتعاش ثم ركضت نحو امي وعانقتها واخبرتها‬
‫انني خائفة و خائفة جدا جدا لم تكن امي تفهم شيئ و ما اكتشفته هو انهم لم يجدوني‬
‫في الغرفة منذ خمسة ايام ‪،‬لم اسو جائهم اليوم خبر وفاتي و كانوا على وشك ان‬
‫يحظروا جثتي من المستشفى ‪،‬وعرفت بعدها ان نسختي تم دهسها بسيارة ‪،‬ذهل‬
‫الجميع عندما راوني بينهم و ذهب الي ليتحقق من ااجثة كنت خايفة من ان يجددها‬
‫تشبهني فتختلط االمور ‪ ،‬امطروني بوابل أسئلة عن سبب غيابي فاخترعت لهم قصة‬
‫ولكنهم‪ .‬لم يصدقوا‬
‫أسامه‬
‫دخلت للمنزل بعدما رجعت من العمل بحثت عن سندس فلم اجدها ظننت انها في‬
‫الحديقة كالعادة لكنها لم تكن هناك ناديت عليها فلم اتلقى اجابة ‪،‬تذكرت الكتاب و‬
‫ذهبت اجري الى غرفة المكتب فوجدت الكتاب ملقى على األرض لكن سندس لم‬
‫تكن هناك ‪،‬حملت الكتاب وفتحت ليخرج الدخان االحمر مجددا لكن هذه المرة دار‬
‫حولي وقد تكاثف بحيث حجبت عني الرؤية بقيت متسمرا في مكاني و قد غابت‬
‫االصوات و شلت حركتي واحسست بشيئ يحملني ثم اسقطني في الظالم وكنت‬
‫أهوي و اسقط و اصرخ الى ان اغمي عليا ‪،‬بعد ساعات استيقظت ألجد نفسي في‬
‫مكان غريب ‪،‬كأنه سوق ‪،‬الناس متجمعون هنا وهناك نهضت من مكاني و شرعت‬
‫اتجول في ذلك المكان الذي بدى لي وكأنه قرية لكن الناس هناك غريبون جدا ‪،‬كنت‬
‫امشي متفحصا األشخاص و والمكان ‪،‬رايت فتاة صغير بظفائر حمراء و عيون‬
‫عسلية تبدو في العاشرة من عمرها جذبني جمالها و ناديت عليها فهربت ثم لحقتها‬
‫كانت تجري بخفة وكانها فراشة اما انا فكنت ألهث و اسقط وانهض وال اعلم لما‬
‫اجري خلف فتاة صغيرة وال ألحقها ‪،‬فقدت االمل في اللحاق بها جلست في االرض‬
‫اعد انفاسي و فجأة شعرت بيد دافئة على كتفي استدرت ألجد تلك الطفلة المشاكسة‬
‫نظرت لها بذهول فسألتني ‪:‬‬
‫_ من انت ايها الشاب الوسيم‬
‫اخذت نفسا عميق ومددت لها يدي وقلت‬
‫_ انا أسامه و ما اسمك انت ايتها الطفلة الجميلة ؟‬
‫صافحتني و هي تضحك لتبرز أسنان صغيرة جميلة زينت ابتسامتها الجميلة‬
‫_انا جويرية لكنني لست طفلة‬
‫نزعت يدها من يدي و اردفت قائلة ‪:‬‬
‫_ لماذا انت هنا ‪،‬انك من البشر ماذا تفعل وسط الجن هل انت صديق وسيم ؟‬
‫تعجبت من سؤالها و قلت بتعجب‬
‫_هل هؤالء جن!!؟)‬
‫احابتني وقد بانت على وجهها عالمات الذكاء‬
‫_ نعم ‪،‬نحن من الجن المسلم ‪،‬تعال معي سأعرفك بالزعيم أحمد انه أبي زعيم قبيلة‬
‫الجن المسلم و ملكها‬
‫نهضت بسرعة و قد قررت ان اتبعها ليس لي خيار آخر ‪،‬ان كنت في حلم‬
‫سأستيقظ منه و ان كنت في الحقيقة يجب أن أجد حال ‪،‬تبعت الطفلة الى حيث يتواجد‬
‫الزعيم ‪،‬فاخذتني الى قصر كبير يدور حوله بيوت صغيرة كانها غرف ‪،‬دخلنا‬
‫القصر وقد تهت في جماله و نقوشه و شساعته ‪،‬جاء من بعيد شيخ يبدو انه الزعيم‬
‫رككضت جويرية نحوه و اخبرته بوجودي قائلة ‪:‬‬
‫_ هذا أسامة ‪،‬اسامة هذا أبي الزعيم أحمد ‪،‬اقترب مني و حياني ‪،‬رددت له التحية‬
‫و وابتسمت سألني الزعيم قائال‬
‫_ ماذا تفعل هنا يا بني هل أنت عالق في مشكلة مما‬
‫كنت متردد من اخباره ماحدث لي لكنني إلتمست فيه الحكمة و الوقار و قد بدا لي‬
‫حكيما و موثوقا فجلست أحكي له كل كا حدث معي و كل ماحدث مع زوجتي‬
‫سندس الى ان وصلت الى هنا‪،‬لم يتعجب الزعيم من قصتي و قد بدى انه سمع و‬
‫شهد أكثر القصص غرابة من قصتي ‪،‬تنهد الزعيم و قال ‪:‬‬
‫_ في قصتك شيئ يشبه قصة وسيم ‪،‬كالكما وضعتما انفسكما في مأزق بسبب‬
‫فضولكما الزائد فلتعلم با بني ان الفضول قاتل ال تتبعه مرة اخرى‬
‫سألته في حيحيرة‬
‫_من هو وسيم؟ ‪،‬الكل يتكلم عنه هنا‬
‫اجابني الزعيم‬
‫_ شاب مثلك أثر عليه الفضول و أصيب بلعنة من السحر األسود جعلت الجن‬
‫الكافر يحدث فجوة و خطفوه و حولوه الى نصف جن بوسمه بوسام السحر األسود‬
‫وقد حبس هناك ثم حررناه ليعيش بيننا‬
‫حكى لي الزعيم كل ما حدث لوسيم في عالم الجن الكافر و ما حدث له بينهم و‬
‫كيف التقى بشهد و حتى اآلن ال يزال يبحث عن مخرج قد يرجعه بشر كما كان‬
‫‪،‬تعجبت النني لست الوحيد في هذا الكون الذي يأثر بي الفضول رحت أسأل الزعيم‬
‫عن وسيم واين أجده ال اعلم لما اردت لقائه ولكنني اردت ذلك بشدة ‪،‬اخبرني انه‬
‫سيأتي بعد قليل ‪،‬جلست انتظر وسيم مع الزعيم الذي امطرني بأسئلة كثيرة ‪،‬سكت‬
‫الزعيم ثم قال لي‬
‫_ذلك الجني الذي حبستموه انه ابني لقد ارسلك الي لكي اخبرك ان الجن الكافر‬
‫اجبره على ان يقول ما قاله لكما ‪،‬لقد خطفه الجن الكافر وابعدوه عني لسنوات في‬
‫تلك العوالم الموازية انهم يحتاجونه بشدة ‪،‬لقد تخاطر معي ابني واخبرني انه‬
‫سيرسلك الي علنا نجد حال ‪،‬لكن يابني لقد منحك يومان فقط علينا ان نجد حال في‬
‫هذان اليومان و كما منح زوجتك يومان وهي االن متواجدة بين اهلها وخائفة جدا لن‬
‫يراها الجن ألنه اخفاها عنهم كما انهم قتلو نسحتها المتواجدة في عالمنا و اوهموا‬
‫أهلها بأنها ماتت و ربما االن عادت لهم سيكشفون بأنها لم تمت لكنه سيدخلون في‬
‫دوامة ال متناهية ‪،‬سأجعل ابني يحمل جثة النسخة الى ذلك العالم‬

‫اعتلت الدهشة معالم وجهي وانا انصت لما كان يقوله الزعيم ‪،‬لقد تبين انه يعرف‬
‫كل شيئ وان الجني الذي أسره نسخة نضال في عالمه الموازي هو نفسه ابن هذا‬
‫الزعيم يا إالهي ان االحداث مختلطة حقا ‪،‬هذا يعني ان انجابنا لطفل وقتله كان‬
‫مخطط له من قبل الجن الكافر وكان خدعة وان طبقنا ما قالوه لكنا قد قتلنا ابننا ‪،‬يا‬
‫إالهي مالذي كنت سافعله ‪،‬قاطع الزعيم أحمد افكار بقوله‬
‫_ال ترهق نفسك بالتفكير يا أسامه سنجد حال ان شاء هللا‬
‫هنا دخل شاب عرفت فورا انه وسيم ‪،‬كان مستغربا وقد أحس بأنني بشري حتى انه‬
‫باغتني بالسؤال قائال‪:‬‬
‫_مهال ! هل انت من البشر؟ و انت تراني ايضا‬
‫فقلت ‪:‬‬
‫ا_ظن انك وسيم ؟!‬
‫ابتسم ومد يده يصافحني قاائال‪:‬‬
‫_لقد أصبت ‪،‬انا وسيم وانت ؟‬
‫مددت له يدي أصافحه وقلت ‪:‬‬
‫_ انا أسامه ‪،‬سررت بلقائك‬
‫فرد قائال‪:‬‬
‫_تشرفت بك‬
‫فك يده وثم قال‬
‫_ انك رابع شخص تراني في هذا العالم‬
‫تعجبت كثيرا وتذكرت قصته لكنني تعجبت من نفسي كيف لي ان اراه وانا لست‬
‫زهري مثل شهد تكلم الزعيم قايال‬
‫_ لنجلس قليال ونتكلم هناك اخبارك به يا وسيم ‪،‬حكايتكما مرتبطتان ببعضها و‬
‫ابني مرتبط بكالكما‬
‫تعجب وسيم ونظر لي بذهول ثم نظر للزعيم وقال‬
‫_هل لديك ابن ايها الزعيم‬
‫اجابه الزعيم ‪:‬‬
‫_نعم هناك اخبار سارة لك يا وسيم اتبعاني‬
‫ذهبنا خلف أحمد وجلسنا على مقاعد من صوف كانت مريحة وجميلة و جاءت‬
‫جويرية وجلست بجانبي ابتسمت لي فابتسمت لها ‪،‬حكي أحمد لوسيم كل ما حصل‬
‫لي و اخبرته انا بكل التفاصيل ‪،‬لم تكن لنا اي افكار حول ما سيحصل ‪،‬لكن الزعيم‬
‫احمد كان يفكر كثيرا ‪،‬حيث طال صمته حتى ظنناه انه لن يتكلم و فجاة توهجت‬
‫عيناه فنظرنا له في تركيز فقال‬
‫_وجدت حاال يمكن ان يساعد وسيم و يمكن ان يساعد ابني ‪،‬لكنه خطير و ربما ال‬
‫ينجو واحد منكم اما ابني او وسيم او أنت يا اسامه‬
‫تكلم وسيم قايال‬
‫_علينا المجازفة و التضحية ‪،‬لقد فعلت من اجلي الكثير ايها الزعيم وقد جاء الوقت‬
‫ألرد لك جميلك حتى لو كلفني هذا حياتي‬
‫اغرورقت عينا أحمد بالدموع و قد بدا لي انه يحب وسيم كثيرا كما ان وسيم يقدره‬
‫و يحبه اعجبتني شجاعة وسيم انه شاب بطل تكلمت قايال‬
‫_سأضحي أنا ان لزم األمر ‪،‬ما أفسدته بفضولي يجب ان اصله هناك ابرياء راحوا‬
‫ضحية هذا الفضول ‪،‬اخبرنا ايها الزعيم مالذي علينا ان نفعله‬
‫أومأ أحمد برأسه و قال‬
‫_ سيذهب وسيم معك الى ذلك العالم المواز ‪،‬يمكن لوسيم بما انه لديه صفات الجن‬
‫ان يتخلل المكان الذي حبس فيه ابني سيحرره و بذلك يستطيع ابني ان يرجع وسيم‬
‫بشر بشرط ان يتم التحول في ذلك العالم ‪،‬لكن بعد هذا التحول و انقاذ ابني سيكون‬
‫عليكم ان تواجهو زعيم األرضيون نوع من الجن الكافر الذي يحرسون مكان تواجد‬
‫ابني ‪،‬ثم ستواجهون الناريون وهم اخطر انواع الجن هناك تعاويذ سأعطيها لوسيم‬
‫عليك معرفة وقتها ووقت القاءها يجب ان تركز يا وسبم ‪،‬اما انت يا اسامة فعليك‬
‫استحضاري الى ذلك العالم ولتعيد اللعبة انت وسندس وساخبرك بما تفعله وماتقوله‬
‫و سأحضر ان نجح استحضاري هناك سيكون االمر سهال وسنقضي على كل انواع‬
‫الجن و ان فشل استحضاري ستكونون في مأزق لذلك عليكم توخي الحذر‬
‫الكثير من الفضول سيؤدي بحياتك الى الهالك ستفقد أهلك ستبقى وحيدا شاردا تنتقل‬
‫بين العوالم و بين الجن بين الالشيئ في الظالم ‪،‬لكن هللا دائما موجود ‪،‬قد يرسل لك‬
‫شخصا من عالم مواز فقط لنقذك مما انت فيه بشرا كنت او جنا لن ينساك هللا‬
‫اخبرني وسيم انه سيذهب الى حيث شهد و أصدقائه و يخبرهم باالمر ‪،‬تذكرت‬
‫شيي عليا ان أساله للزعيم ذهبت مسرعا الى القصر و استدعيت احمد و سالته قايال‬
‫_ ايها الزعيم انا من هذا العالم و سندس زوجتي من هذا العالم ايضا لكننا تزوجنا‬
‫في عالم مواز هل هذا يعني ان زواجنا غير حقيقي ؟‬
‫ابتسم احمد و سألني‬
‫_هل تحبها ؟‬
‫فأجبته بشي من الخجل‬
‫_بالطبع إنني أعشقها‬
‫فقال لي‬
‫_اذا ال تخاف ‪،‬ستتذكرها ان كان هذا الحب حقيقيا ‪،‬لكن الزواج ليس حقيقي ‪،‬ما ان‬
‫عدتما الى هذا العالم نهائيا ستتذكرا كل شيئ صحيح لكن كل ماحدث هناك سيكون‬
‫باطال هنا ‪،‬لذلك يا بني ان وجدت سندس مرة اخرى عليك تجديد زواجك بها‬
‫بموافقة االهل الحقيقين‬
‫ارتحت قليال ولكنني ندمت ألنني تزوجتها في ذلك العالم وقد كنت اعرف ان ذلك‬
‫العالم ليس عالمي‬

‫قبل شهر‬
‫ودع كل من سامر و شيماء عائلتهما و توجها الى بستان العمة أنيسة حيث‬
‫ينتظرهما هناك شهد و رامي و سلمى ‪،‬اخذ سامر حاسوب وسيم و بعض الحاجيات‬
‫كما أخذت شيماء بعض الكتب التي يمكن ان تساعدهما في حل مشكلة أخيها‬

You might also like