Professional Documents
Culture Documents
الحكم الشرعي للبيع علي المكشوف
الحكم الشرعي للبيع علي المكشوف
DOI:10.4197/Art.28-13.4
المستخلص .موضوع البحث :البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية
تأصيلية
أهداف البحث:
-بيان مسألة البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية.
-إيجاد بدائل للبيع على المكشوف.
منهج البحث:
الوصفي التحليلي.
أهم النتائج:
-يتنوع البيع على المكشوف إلى البيع العاري ،الذي يبيع فيه الشخص أسهما ال يمتلكها ،بدون إذن صاحبها ،وإلى
النوع العادي الذي يبيع فيه الشخص أسهما يقترضها من مالكها ،ثم يردها إليه في أجل معين.
-البيع العادي على المكشوف ،هو عقد مركب من القرض والبيع ،كما أن القرض فيه يتم نظير أجر معين
للمقرض ،يقبضه السمسار.
-هناك عدة بدائل للبيع على المكشوف ،منها :البيع اآلجل ،وعقد المقايضة.
الكلمات المفتاحية :البيع -المكشوف-السمسار -األسهم.
فقد كثر التعامل في أوساط المستثمرين بآلية تساعد المقدمة
على التدفق المالي لدى المتعاملين بها ،وهي ما الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على
يطلق عليه "البيع على المكشوف". وبعد: ﷺ المبعوث رحمة للعالمين ،محمد
111
أحمد بن هالل الشيخ 112
الدراسات السابقة: والبيع على المكشوف يعني :أن يبيع الشخص أوراقا
يعد من أهم الدراسات التي تحدثت عن "البيع على مالية ،وذلك عن طريق قيام الوسيط باقتراضها ممن
المكشوف": يملكها ،ثم يبيعها متوقعا انخفاض سعر هذه األسهم
.1أثر البيوع المنهي عنها في الوقاية من األزمات في فترة معينة ،فيقوم في تلك الفترة بشرائها بالسعر
"البيع على المكشوف نموذجا" .وليد شاويش. المنخفض ،ثم ردها إلى صاحبها مرة أخرى.
.2البيع على المكشوف كصيغة استثمارية وأداة ولقد أصبح البيع على المكشوف من الطرق التي
للتحوط المالي .أسامة عمر األشقر. تسيطر على عقول المستثمرين؛ لسهولة التعامل بها،
.3الحلول والبدائل الشرعية للبيع على المكشوف. وعدم بذل الكثير من الجهد لتحقيقها ،بخالف أنواع
فهد بن بادي المرشدي -بحث مقدم إلى ندوة االستثمار المعروفة التي تعتمد على اإلنتاج ،أو بيع
مصرف اإلنماء. األعيان ،والتي تتطلب بدورها جهداً كبي اًر ،باإلضافة
.4بيع األوراق المالية على المكشوف ،مفهومه إلى رأس مال كاف للقيام بها.
وتخريجه .خالد بن محمد السياري -بحث مقدم أهمية البحث
إلى ندوة مصرف اإلنماء. تبرز أهمية الحديث عن "البيع على المكشوف" فيما
.5البيع على المكشوف :فلك منير خوالني. يأتي:
لكن هذه الدراسات كلها – على عظم قدرها - .1ذيوع التعامل به في األسواق العالمية وانتشاره
بعضها لم يخص السوق السعودي بالذكر لبيان ما فيما بينهم انتشا اًر كبي اًر ،مما يدعو إلى وجوب
يحدث فيه من تعامالت بالبيع على المكشوف ،كما بيان حقيقته ،وحكمه الشرعي.
أن هذه الدراسات ،وإن تحدثت عن البدائل ،لكنها .2قرار تعامل سوق األوراق المالية السعودي به،
تحدثت عنها بصورة غير كاملة ،باإلضافة إلى أن منذ إبريل 2017م لمواكبة التطورات الحديثة،
هذا البحث قد حظي بمناقشات وردود على بعض ما مما يتيح لجميع الناس التعامل بهذه اآللية.
جاء في هذه األبحاث ،كما في التكييف الفقهي للبيع على البيع بشأن االقتصاديين .3اختالف
على المكشوف بنوعيه ،وكما في ذكر بدائل البيع المكشوف ،بين مؤيد له؛ لما له من فوائد
على المكشوف. استثمارية ،وبين معارض؛ بسبب جْلبه للكثير
اإلضافة البحثية: من المضار ،مما يدعو بالضرورة إلى تجلية
.1بيان الحكم الفقهي لألنواع المختلفة للبيع على الحكم الشرعي فيه.
المكشوف.
113 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
المطلب األول :التكييف الفقهي للبيع على المكشوف .2بيان ما إذا كان يمكن تعديل هذا العقد
العاري. وتصحيحه بطريقة تتفق مع أصول الشريعة
المطلب الثاني :حكم البيع على المكشوف العاري. ليصبح من العقود المباحة –على فرض كونه
المطلب الثالث :التكييف الفقهي للبيع على المكشوف عقدا غير جائز شرعا.-
العادي. .3بيان حكم ما يجري في السوق السعودي من بيع
المطلب الرابع :حكم البيع على المكشوف العادي. على المكشوف.
المطلب الخامس :البيع على المكشوف في سوق األوراق .4محاولة إيجاد بدائل للبيع على المكشوف ،يجد
المالية السعودية.
فيها المستثمرون ضالتهم المنشودة ،وتلقى قبوال
المبحث الرابع:
عندهم ،وتناسب تطور الحياة المعاصرة.
بدائل البيع على المكشوف:
خطة البحث
ويشتمل على سبعة مطالب:
تشتمل خطة البحث على أربعة مباحث:
المطلب األول :عقد البيع اآلجل.
المبحث األول:
المطلب الثاني :عقد المقايضة.
مفهوم البيع على المكشوف ،وصوره في سوق
المطلب الثالث :عقد البيع مع الوعد بالشراء.
األوراق المالية:
المطلب الرابع :البيع القصير القائم على وعدين
ويشتمل على مطلبين:
متبادلين.
المطلب األول :مفهوم البيع على المكشوف.
المطلب الخامس :قبض األسهم.
المطلب الثاني :صور البيع على المكشوف في سوق
المطلب السادس :المضاربة القصيرة.
األوراق المالية.
المطلب السابع :السلم القصير.
المبحث الثاني:
خاتمة بأهم النتائج التي توصل إليها البحث.
المبحث األول تقييم البيع على المكشوف:
المكشوف ،سيأتي ذكره في موضعه ،وهو الذي يقوم ولفظ الطويل أو القصير مرتبط بالهدف من
فيه المستثمر ببيع ورقة مالية ال يمتلكها ،على أن االستثمار ،فاالستثمار الطويل يتعلق بشراء األسهم
يلتزم بتوفيرها خالل فترة التسوية؛ من أجل تحقيق واالحتفاظ بها؛ للحصول على الربح ،أما االستثمار
أرباح ،باالستفادة من فرق السعر حال انخفاض القصير ،فإنه يتعلق بتوقع هبوط األسعار ،فيبيع
4
األسعار. األسهم على أمل إعادة شرائها منخفضة.
تعريف اقتراض الورقة المالية: ويرجع سبب إطالق اسم البيع على المكشوف على
يعرف اقتراض الورقة المالية بأنه :تحويل مؤقت هذا النوع من البيع ،إلى أن المستثمر ال يمتلك
للورقة المالية من مالك هذه األوراق المالية إلى األسهم أصال ،ومعنى ذلك أن حسابه مدين فارغ
المستثمر المقترض مع وجوب التزامه بإعادة الورقة ومكشوف؛ ألنه ال يملك هذه األسهم.
المالية للمالك في موعد يتم االتفاق عليه. ومن هنا ،فإن البيع على المكشوف يعرف بأنه :أن
ويجب أن يقوم المقترض بتقديم الضمانات المالية ببيع ورقة مالية قد اقترضها من قبل ،عن طريق
والحفاظ على هذه الضمانات بحسب اتفاق الطرفين، صفقة إقراض أوراق مالية.1
ويشترط أال تقل قيمة الضمان عن نسبة معينة، ولذا ،فإن البيع على المكشوف يعد أحد المشتقات
تحددها اللوائح المنظمة لألسواق المالية المختلفة، المالية التي تنتمي إلى العقود اآلجلة من المشتقات،2
ففي السوق السعودية على سبيل المثال :يشترط أال وهي التي ترد على أصول ،دون أن تكون هذه
تقل نسبة الضمان المقدم من المقترض عن مائة األصول مرادة للمتعاقدين ،وإنما يراد تحقيق الربح
بالمائة من القيمة السوقية لهذه الورقة المالية ،علما من خالل فروق األسعار.3
بأن هيئة سوق األوراق المالية يحق لها أن تتدخل وهذا التعريف السابق ،هو تعريف للنوع الذي يجري
بتعديل نظام وإجراءات الضمان وقيمته.5 في األسواق المالية غالبا ،والذي تحدثت عنه القواعد
المنظمة للبيع على المكشوف في المملكة العربية
السعودية ،بينما يوجد نوع آخر من البيع على
4أثر البيوع المنهي عنها شرعا في الوقاية من األزمات "البيع على 1القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية على المكشوف- ،تداول-بقرار
المكشوف نموذجا" ،شاويش (صـ )420مجلة مجمع الفقه اإلسالمي – مجلس هيئة السوق المالية السعودية رقم ( )2017-28-1بتاريخ
جدة ،422/7 ،986/6-البيع على المكشوف الفني ،سوق أبو ظبي 1438/6/16هـ -الموافق 2017/3/15م (صـ)4
لألوراق المالية ( :adxصـ)4 2المشتقات المالية عبارة عن عقود فرعية تبنى أو تشتق من عقود أساسية
5قواعد إقراض واقتراض األوراق المالية ،سوق أبو ظبي لألوراق ألدوات استثمارية (أوراق مالية ،عمالت أجنبية ،سلع الخ( لينشأ عن تلك
المالية ( adxصـ ،)1مجلة مجمع الفقه اإلسالمي (،)422/7 العقود الفرعية أدوات استثمارية مشتقة ،وذلك في نطاق ما اصطلح عليه
https://www.dfm.ae/ar/products/securities-lending- بالهندسة المالية ،انظر المشتقات المالية :إضاءات مالية مصرفية –نشرة
تداول الشائعة، األسئلة borrowing توعوية يصدرها معهد الدراسات المصرفية-الكويت –العدد الثاني.
https://www.tadawul.com.sa/wps/portal/tadawul/knowle 3أثر البيوع المنهي عنها في الوقاية من األزمات "البيع على المكشوف
dge-center نموذجا" .شاويش( ،صـ.)420
115 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
انخفاض األداء وخسارة رأس المال االستثماري. .5عندما يتم بيع األسهم من خالل السمسار،
التحوط عن طريق
ّ وتستخدم الشركات االستثمارية يحجز السمسار القيمة التي باع المقرض بها
عمل عقود للبيع على المكشوف لحماية أسهمها من هذه األسهم في السوق؛ حتى تكون بمثابة رهن
حركات أسعار األسهم غير المرغوب فيها أو مالي يرد إلى المقترض عند إعادته لهذه األسهم.
الحركات المفاجئة. .6يعيد المقترض شراء هذه األسهم التي اقترضها
وعند النظر إلى البيع على المكشوف ،نجد أن هناك وباعها ،ثم يعطيها لمالكها من خالل السمسار،
بعض المتعاملين في السوق المالية ،ال يرغبون في ثم ترد له قيمة األسهم التي باعها.
المخاطرة بالبيع والشراء مخافة مخاطر الخسارة ،ومن وتجري هذه العملية عادة بكل خطواتها في وقت
هنا فإنهم يتحوطون من الخسارة ،بنقل مخاطرها إلى قصير ،قد يكون خمسة أيام ،كما في بعض
غيرهم ،عن طريق االكتفاء بإقراض األوراق المالية البورصات ،وقد يلعب السمسار دو ار في هذا الشأن،
إلى الغير ،دون الدخول في مخاطر الخسارة التي حيث يقوم بنفسه بالبحث عن طرف آخر يقترض
كانت ستنتج عن البيع. منه األسهم ،وهي مسألة ال تستغرق وقتا.11
.2إن المستثمر أو المقرض يستفيد بالحصول على المبحث الثاني
فائدة على مبلغ القرض ،كما يستفيد الوسيط تقييم البيع على المكشوف:
الرسوم اإلدارية ،وربما يكون الوسيط هو المطلب األول :أهمية البيع على المكشوف:
المقرض ،فيستفيد في هذه الحالة من الرسوم أهمية البيع على المكشوف:
والفائدة على القرض ،باإلضافة إلى ما سبق.12 تتفاوت أهمية البيع على المكشوف بالنسبة للمستثمر
أهمية البيع على المكشوف للمضارب (المقترض): (المقرض) ،والمضارب:
يمثل البيع على المكشوف بالنسبة للمضارب أداة أهمية البيع على المكشوف للمستثمر (المقرض):
استثمارية لتحقيق أرباح سريعة ،دون رأسمال التحوط:
ّ .1
يذكر.13 التحوط هنا عبارة عن استراتيجية يتم من خاللها أخذ
المطلب الثاني :نظرة االقتصاديين إلى البيع على تحسبا واستعدادا لالتجاه الهابط
إجراءات احتياطية؛ ّ
المكشوف: لسوق األسهم بهدف حماية المحفظة االستثمارية من
12البيع على المكشوف ،األشقر (صـ ،)100مﺰايا البيع على المكشوف 11البيع على المكشوف ،األشقر (صـ ،)99-97البيع على المكشوف،
، IG AR - IG.comالتحوط في المعامالت المالية من المنظور غازي (ص ،)12حكم الشرع في البورصة ،غﺰال (صـ،)26 ،25
الشرعي واالقتصادي ،عمر (صـ)11 الضوابط الشرعية لسوق األوراق المالية ،فياض (صـ)24
وينظر في ذلك أيضا :القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية على
13البيع على المكشوف ،األشقر (صـ)99-97 المكشوف ،تداول (صـ)4
117 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
مرة أخرى ،وبذلك تقوم الشركة بتنشيط حركة لقد دار جدل حول جدوى البيع على المكشوف ومدى
االستثمار بدالً من ترك األسهم معطلة.14 أهميته في األسواق المالية ،بين مؤيد للبيع على
كما يهدف إلى تحقيق نسبة من األرباح للمستثمرين المكشوف؛ لما له من األهمية في نظره ،وبين
خالل عمليات البيع على المكشوف .كما يعمل على معارض له؛ لما يرى له من مخاطر على االستثمار.
تحفيز المستثمر طويل األجل ،على الحفاظ على أوال :إيجابيات البيع على المكشوف:
قدراته االستثمارية ،واستمرار وجود أمواله في السوق يرى المؤيدون للبيع على المكشوف ،أنه أصبح من
أطول فترة ممكنة ،مما يدفع عجلة االقتصاد ،ويعمل الطرق التي تسيطر على عقول المستثمرين؛ لسهولة
على حفظ االتزان في االقتصاد إذا ما اتخذت التعامل بها ،وعدم بذل الكثير من الجهد لتحقيقها،
التدابير المناسبة ،ويعمل على زيادة الفرص بخالف أنواع االستثمار المعروفة التي تعتمد على
االستثمارية لشركات الوساطة المالية. اإلنتاج ،أو بيع األعيان ،والتي تتطلب بدورها جهدا
ومن هذه المميزات أيضا ،إعطاء فرصة أفضل إلدارة كبيرا ،باإلضافة إلى رأس مال كاف للقيام به.
المخاطر ،عن طريق نقل مخاطر هبوط السوق إلى فالبيع على المكشوف يهدف إلى زيادة مستوى
المقترض ،باإلضافة إلى تحقيق ربح أساسي النقدية؛ ألن المقرض غالبا يكون مستثم ارّ السيولة
للمقرض عن طريق الفائدة ،وإمكانية استثمار ضمان طويل األجل ،وال يقوم بتدوير األسهم ،أما البيع على
المقترضة.
َ القرض ،لحين سداد األوراق المكشوف ،فإنه يؤدي إلى بيع هذه األسهم وشرائها
ومن هنا ،فإن البيع على المكشوف ،يسهم في إدارة مرة أخرى ،مما يحدث نشاطا لحركة األسواق،
رأس المال والمحفظة االستثمارية .باإلضافة إلى وتفعيال لدور سوق األوراق المالية ،وذلك ألن هناك
زيادة إمكانية الربح من أسواق األسهم في حالة مستثمرين (شركات أو غيرها) لهم أوراق مالية ال
الهبوط ،ويمكن المضاربين من توفير األموال وإعادة يرغبون في إخراجها عن ملكيتهم ،وفي الوقت نفسه،
استثمارها في األسواق المالية.15 يكون تركها بدون استثمار ،فيه تعطيل لها ،فمع
يزيد على ذلك أن صيغة البيع على المكشوف تتالءم وجود منتَج من منتجات السوق المالية ،مثل البيع
مع حرية األسواق المالية ،التي تتطلب تخفيفا من على المكشوف ،يتاح لهذه الشركات تحريك هذه
بعض القيود.16 األوراق المالية واالستفادة منها ،عن طريق إقراضها
لمن يرغب في بيعها عند توقع انخفاض سعرها ،ثم
14المصرفية اإلسالمية والبيع على المكشوف ،الشلهوب –جريدة العرب يشتريها بعد االنخفاض ويعيدها للشركة (للمقرض)
االقتصادية الدولية 13مايو 2017م
15البيع على المكشوف ،األشقر (صـ ،)101مجلة البيان االقتصادي 3
أغسطس 2018م
16البيع على المكشوف ،األشقر (صـ)102
أحمد بن هالل الشيخ 118
سلعة بألف ريال ،فإن أعظم خسارة قد تقع له، ثانيا :مخاطر البيع على المكشوف:
هو أن يخسر األلف ريال ،وهذا غالبا ما يكون يرى بعض االقتصاديين أن البيع على المكشوف
افتراضا فقط ال عالقة له بالواقع ،أما المقترض يكتنفه كثير من المخاطر ،أهمها:
في البيع على المكشوف ،فإنه إذا اشترى سهما عدم وجود رصيد نقدي أحيانا ،يكفي لتغطية
بألف ،وكان توقعه أن يقل سعر السهم إلى صفقة البيع على المكشوف ،وذلك عند صعود
،800فإن سعر السهم ربما يزيد إلى عدة سعر األوراق ،بعد أن يتم اقتراضه وبيعه،
آالف ،مما يضطر معه إلى شراء السهم بسعره حيث قد ال يستطيع المقترض شراء األوراق مرة
السوقي لتسليمه إلى المقرض. أخرى ،نظ ار الرتفاع سعرها في السوق عن
إن التعامل بالبيع على المكشوف على نطاق واسع، الحالة التي اقترض فيها األوراق ،ومع ذلك
يؤدي إلى آثار ضارة بسوق المال نفسه؛ وذلك ألن يكون المقترض ُملزما تجاه الوسيط ومالك
المضاربات إذا زادت على ورقة معينة ،فإن ذلك األسهم بوجوب رد هذه األوراق ،عن طريق
يشعر بأن سعرها سينخفض ،دون أن تكون هناك شرائها بالسعر المرتفع ،باإلضافة إلى العمولة.
معلومات تشير إلى سوء حالة المنشأة المصدرة لتلك في حال قيام المقترض بالبيع على المكشوف،
الورقة ،وهذا ال شك أنه يضعف كفاءة السوق. فإنه يكون ملتزما بسداد دين قيمة توزيعات
وفي كثير من األوقات يحدث تآمر على شركة من النقدية الدورّية التي تدرها األسهم ،إلى
ّ األرباح
الشركات بهذه الطريقة ،مما يؤدي إلى تعرض هذه المقرض ،وقد تكون قيمة هذه األرباح ،أكثر
الشركة لالنهيار واإلفالس. من األرباح الناتجة عن بيع المقترض لألسهم
كما يؤخذ على البيع على المكشوف بعض المخاطر في السوق ،مما يؤدي إلى خسارة المقترض.
األخرى ،كإخفاق البائع على المكشوف (المقترض) يمكن أن يكون البيع على المكشوف سبباً
في تسوية عملية البيع وإعادة األسهم بنفس للتالعب بآمال المستثمرين في حالة الخسارة،
األسعار.17 وأن يؤدي إلى انهيار سوق األسهم في حالة
إن البيع على المكشوف في سوق األوراق المالية، قلة الرقابة المالية أو قّلة الضوابط المالية،
تكتنفه الممارسات غير الشرعية المصاحبة ،كالبيوع حيث إن الخسائر في البيع العادي قد تكون
الصورية واالحتكارات واإلشاعات واألكاذيب وغير أقل بكثير من الخسائر في البيع على
ذلك من األمور التي تصاحب هذه العملية. المكشوف؛ ذلك أن أقصى ما يخسره الشخص
في البيع العادي هو سعر السلعة ،فإذا اشترى
17البيع على المكشوف ،األشقر (صـ ،)102مخاطر البيع على
المكشوف موقع األكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالي
119 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
الذمة ،وال يصح أن يكون المسلم فيه معينا؛ وذلك ألن إن عملية البيع على المكشوف تشتمل أيضا على
المعين قد ينقطع ،وقد يتلف عند حلول أجل التسليم.20 المقامرات المحرمة في الشريعة.18
وبالنظر إلى األسهم ،من حيث كونها موصوفة ،فإننا المبحث الثالث
نجدها أسهم شركة بعينها ،فال تكون موصوفة في الذمة، البيع على المكشوف في ميزان الشريعة اإلسالمية
حتى مع اعتبار كونها شائعة في الشركة ،فهي كالسلم في التكييف الفقهي للبيع على المكشوف:
أرض بلد بعينها ،حيث قد تصيب زرع البلد جائحة ،فال المطلب األول:
يتمكن المسلم إليه من التسليم ،ومثل هذا قد يحدث ألسهم التكييف الفقهي للبيع على المكشوف العاري:
الشركة ،حيث قد تنقطع هذه األسهم نتيجة تعرض هذه سبق القول إن البيع على المكشوف له صورتان:
الشركة لإلفالس مثال.21 الصورة األولى :هي التي يبيع فيها المضارب (المقترض)
ولقد ذكر د .محمد القرى بن عيد ما يشير إلى أنه ال بأس األسهم ،دون إذن من مالكها ،وهي ما يسمى بالبيع على
بجعل األسهم موصوفة في الذمة؛ وذلك ألن علة التعين المكشوف العاري ،ثم يشتريها عندما ينخفض ثمنها،
في األسهم ،وهي الخوف من انقطاعها-أمر نادر؛ ويسلمها إلى المشتري.
الستبعاد تعرض الشركة لجوائح مفاجئة ،تأتي على التكييف الفقهي لهذه الصورة:
أسهم الشركة باالنقطاع.22 تكييف البيع على المكشوف على أنه عقد سلم
لكن يناقش هذا بما سبق ،في دليل تعين األسهم ،من ذكر أحد الباحثين ،أنه يمكن تكييف البيع على المكشوف
إمكان تعرضها لهزات اقتصادية ،قد تمنع تسليم على أنه عقد سلم ،حيث يبيع الشخص أسهما ال يملكها،
المسلم فيه. لكنها موصوفة في الذمة ،ولها أجل معلوم يتم تسليمها
وقد يجاب عن هذا ،بأن األسهم التي هي محل فيه.19
الصفقة ،هي في الغالب عامة الوجود وقت التسليم، وعند النظر إلى هذا التكييف ،فإنه يجب مالحظة أن
وال تنقطع من السوق ،خاصة أن وقت التسليم قصير الفقهاء قد اشترطوا في المسلم فيه ،أن يكون موصوفا في
جدا في البيع على المكشوف ،فيمكن شراؤها
20اختالف الفقهاء ،الطبري (صـ ،)123البحر الرائق ،ابن نجيم 18الضوابط الشرعية لسوق األوراق المالية ،فياض (صـ)24
،184/6المقدمات الممهدات ،ابن رشد ،26/2البيان ،العمراني، 19هذا التخريج أورده خالد بن محمد السياري في بحثه المقدم إلى ندوة
،409/5اللباب في الفقه الشافعي ،ابن المحاملي (صـ ،)216المغني :ابن مصرف اإلنماء ،وعنوانه "بيع األوراق المالية على المكشوف ،مفهومه
قدامة .221/4 وتخريجه" بتاريخ 1439/2/26هـ 2017/11/15 -م ،وهذا التخريج قد
21المعايير الشرعية –المعيار رقم 21األسهم والسندات (صـ )364بيع ذكره للبيع على المكشوف بصفة عامة ،وكأنه ذكره للبيع على المكشوف
األوراق المالية على المكشوف وبدائله الشرعية :أمانة الهيئة الشرعية بقسميه على فرض احتمال صحته ،ثم ناقشه ،والذي يظهر لي أن هذا
لبنك البالد (صـ)116 ،107 التخريج ال يصلح تشبيهه إال بالبيع على المكشوف العاري ،لعدم وجود
22مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ()1219/6 عالقة بينه وبين البيع على المكشوف العادي.
أحمد بن هالل الشيخ 120
المطلب الثاني :حكم التعامل بالنوع العاري: وتسليمها في وقت األجل ،وهذا يكون كعقد السلم
عقد من عقود الغرر: تماماً.
مما سبق -من بيان معنى البيع العاري ،وما ورد من لكن على فرض التسليم بأن األسهم موصوفة في
مناقشات على تكييفه على بيع السلم ،-يتبين أن الذمة ،فإنه يجب التفطن إلى مآالت البيع على المكشوف
التكييف الفقهي الذي يليق بالنوع العاري للبيع على العاري ،حيث يحدوه كثير من المخاطر ،ويؤدي إلى انهيار
المكشوف ،هو أنه عقد من عقود الغرر. األسواق ،ويعسر السيطرة على حجم التعامل به.
والغرر قد عرفه ابن تيمية بأنه :المجهول العاقبة.25 كما أننا لو نظرنا إلى حقيقة األسهم ،فإننا نجدها تمثل
وعرفه الشيرازي بأنه :ما انطوى عنه أمره ،وخفيت عليه حصة شائعة من موجودات الشركة ،23وهذه الموجودات
عاقبته.26 تتغير دائما حسب قيمة السهم ،فالسهم وإن كان مثليا
وعرفه ابن القيم بأنه :ما ال يعلم حصوله أو ال يقدر بالنسبة إلى غيره من األسهم ،فهو قيمي بالنسبة إلى
على تسليمه ،أو ال تعرف حقيقته ومقداره.27 الحصة التي يمثلها من موجودات الشركة ،وال ينضبط
وكل هذه التعريفات تدور حول معنى واحد ،وهو أن الغرر بالوصف؛ نظ ار إلى تغير هذه الموجودات ،التي يبتنى
مجهول العاقبة. عليها سعر األسهم ،فال يتحقق ثبوتها في الذمة حتى
والغرر الممنوع في الشرع ،له عدة ضوابط ،هي: يتصور السلم فيها.24
.1أن يكون في عقود المعاوضات.
23انظر قرار مجمع الفقه اإلسالمي الدولي رقم ،65/1/7المعايير
.2أن يكون الغرر غالبا على العقد. الشرعية –المعيار رقم 21ا (ص )364
24المعايير الشرعية –المعيار رقم ( 21صـ )364بيع األوراق المالية
.3أال تدعو إليه حاجة. على المكشوف وبدائله الشرعية ،أمانة الهيئة الشرعية لبنك البالد
(صـ )116 ،107ورقة أمانة الهيئة الشرعية لإلنماء (صـ)126
.4أن يكون الغرر أصال ال تبعا. وقد ذكر أحد الباحثين أنه يمكن تكييف صورة البيع على المكشوف العاري على
عقد الفضولي ،حيث إن الفضولي يبيع ملك غيره ،فيكون هذا موقوفا على إجازة
.5أن يمكن التحرز عنه.28 المالك األصلي ،ويترتب على ذلك أن المالك األصلي إذا أجاز عقد البيع على
المكشوف بهذه الطريقة ،فإنه يجوز ويصح.
وهذا متحقق في النوع العاري ،الذي يبيع فيه البائع لكن يناقش هذا بأن البيع على المكشوف في هذه الصورة ،يختلف في تكوينه عن
عقد الفضولي؛ وذلك لما يأتي:
ما ال يقدر على تسليمه ،وهذا هو ما عليه الفقهاء .1على فرض جواز عقد الفضولي على ما ذهب إليه الحنفية والمالكية ،فإن
الفضولي ال يبيع لنفسه ،وإنما يبيع لغيره ،أي للمالك الحقيقي ،لكن بال والية
المعاصرون ،والمجامع الفقهية ،مثل المجمع الفقهي وال وكالة ،أما في البيع على المكشوف العاري ،فإن البائع يبيع لنفسه ال
لغيره ،مع أن البائع في تلك الصورة ال يملك شيئا ،فهو يبيع ملك غيره ،على
أنه ملكه هو ،فال عالقة لهذا بعقد الفضولي.
.2إن عقد الفضولي ينعقد موقوفا على إجازة المالك الحقيقي –عند من أجازه من
الفقهاء -وليس األمر كذلك في البيع العاري ،الذي يبيع فيه البائع بيعا باتا -في
زعمه ، -وهذه قمة المخاطرة ،حيث قد ال يمكنه شراء هذه األسهم لتسليمها
25الفتاوى الكبرى ،البن تيمية ()16/4 إلى المشتري ،ومن ثم فإنه ال يمكن تكييف البيع على المكشوف العاري على
26المهذب ،للشيرازي ()12/2 أنه عقد فضولي.
27زاد المعاد ،البن القيم ()725/5 ينظر تحفة الفقهاء ،السمرقندي ( )34/2مواهب الجليل ،الحطاب
28الذخيرة ،القرافي ( ،)354/4المجموع ،النووي ()258 ،273/9 ( ).270/4البيع على المكشوف ،األشقر (صـ)104
مجموع الفتاوى ،ابن تيمية ()227 ،26 ،25/29
121 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
وهنا تبرز أهم الصور التي قد يتصور دخول هذه المرحلة وهي أن تكون حاجة حقيقية ال وهمية ،وأن ال يكون
فيها كما يلي: لها بدل ،فإذا وجد البدل فال حاجة ،وإذا اختل شرط
-1عقد الوديعة: فال اعتبار لها ،وإال فتح الباب على مصراعيه
قد يتصور اندراج صورة البيع على المكشوف العادي تحت الرتكاب الحرام بعلة الحاجة.37
عقد الوديعة ،باعتبار أن المالك لألسهم يودع أسهمه عند والمتتبع لصنوف المعامالت المختلفة في الفقه
المضارب ،ثم يردها إليه المضارب مرة أخرى.38 اإلسالمي ،يجد أن هناك بدائل كثيرة لالستثمار
المناقشة: وتحصيل الربح في العقود الشرعية المعروفة.
يناقش اندراج البيع على المكشوف العادي تحت الوديعة، المطلب الثالث :التكييف الفقهي للبيع على
بأن الوديعة تطلق على تسليط الغير على حفظ المكشوف العادي:
المال ،39فالمودع لديه يأخذ المال ليحفظه ،ال ليتصرف لقد سبق بيان التكييف الفقهي للصورة األولى للبيع
فيه ،ومن هنا نعلم أن هناك فرقا واضحا بين الوديعة، على المكشوف ،وهي البيع على المكشوف العاري،
وبين البيع على المكشوف ،فالمضارب في البيع على وبيان حكمها ،أما الصورة الثانية للبيع على المكشوف،
المكشوف ال يأخذ األسهم ليحفظها ،بل ليبيعها ،ومقتضى وهي البيع العادي على المكشوف ،التي يبيع فيها
عقد البيع خروج المبيع عن ملك البائع ،ومن ثم فإن المقترض األسهم ،بعد اقتراضها من مالكها ،نظير فائدة،
المضارب يتعرض لمخاطر عدم استطاعته الحصول عليها فهي كما يلي:
فيما بعد ،كما أن يده يد ضمان ،فهو ضامن لألسهم إن البيع على المكشوف العادي ،يمر بثالث مراحل:
المقترضة؛ وذلك لما يقتضيه القرض من وجوب -األولى :حصول المضارب لألسهم عن طريق
الضمان ،40بخالف يد المودع لديه ،فإنها يد أمانة،41 الوسيط أو المالك (قرضا أو وديعة أو بيعاً).
ومن ثم فإنه ال يمكن تكييف البيع على المكشوف على -الثانية :بيع األسهم التي حصل عليها
عقد الوديعة .يضاف إلى هذا أن تخريج البيع على المضارب.
المكشوف على الوديعة ،ال يتناول عملية البيع المكشوف -الثالثة :إعادة األسهم بعد انخفاض سعرها
بتمامها. للوسيط بعد شرائها من السوق.
المرحلة األولى
38البيع على المكشوف ،األشقر (ص .)105 حصول المضارب لألسهم عن طريق الوسيط أو
39انظر البناية ،العيني ( )106 /10جامع األمهات ،ابن الحاجب
(صـ ،)104أسنى المطالب ،األنصاري ( )74/3شرح منتهى اإلرادات: المالك (قرضا أو وديعة أو بيعاً).
البهوتي (.)352/2
40المبسوط ،السرخسي ( )126/20الحاوي الكبير ،الماوردي (.)27/6
41بدائع الصنائع ،الكاساني ( ).80 /7حاشية الرملي على أسنى 37ينظر :الموافقات ،للشاطبي ( ،)268/2األشباه والنظائر ،السيوطي
المطالب ،الرملي (.)80/3 (صـ ،)88شرح القواعد الفقهية ،الﺰرقا (صـ)209
أحمد بن هالل الشيخ 124
وهذا من قبيل بيع الشيء غير الربوي بجنسه؛ فإن األسهم إقراض أوراق مالية وفقا ألحكام الئحة إقراض
ال ترجع إلى البائع بعينها ،وإنما يرجع إليه أسهم أخرى من األوراق المالية المدرجة "47ومن هنا ،فإنه ال يمكن
جنسها.49 اعتبار مثل هذا العقد بأنه عقد إجارة ،هذا على فرض
وينبغي التفرقة بين بيع المقايضة هنا وبين القرض، التسليم بإمكان إجارة األسهم ،وهذا أيضا غير مسلم.48
وذلك ألن بيع المقايضة ،إذا كان تسليم أحد البدلين مؤجال المرحلة الثانية:
فيه- ،كما هنا ،-فإنه يجب أال تجري فيه علة الربا ،فال بيع األسهم التي حصل عليها المضارب.
يصح أن يكون أحد البدلين ماال ربويا في المقايضة ،لئال وهنا تبرز أهم الصور التي قد يتصور دخول هذه المرحلة
يؤدي ذلك إلى الربا. فيها كما يلي:
كما أن بيع المقايضة ينعقد بلفظ البيع وما يؤدي معناه من عقد بيع:
ألفاظ المعاوضة ،التي عادة ما يجري فيها المماكسة، هذه المرحلة التي يبيع فيها البائع على المكشوف ،هذه
ومناقشة ثمن السلعة ،بخالف القرض الذي هو تبرع األسهم على الغير ،هي عقد بيع ،كغيره من البيوع ،التي
محض ،يؤدي فيه الشخص مقدار ما اقترض. تحققت فيها أركانها ،من اإليجاب والقبول ،والعاقدين،
المناقشة: والمعقود عليه.
يناقش هذا ،بأن األسهم ال يجوز بيعها بجنسها؛ ألن مبادلة المرحلة الثالثة:
الشيء بجنسه نسيئة ،ينتج عنه ربا النساء ،ومن ثم ،فإنه إعادة األسهم بعد انخفاض سعرها للوسيط بعد
ال يجوز أن تكون هذه المعاملة ،من قبيل بيع المقايضة؛ شرائها من السوق
لتأخر قبض أحد الجنسين في الحال.50 عقد المقايضة:
ونسلم أن القرض تبرع يؤدي فيه الشخص مقدار ما قد يخرج البيع على المكشوف العادي ،باعتباره عقدا من
اقترض ،لكن لو أدى أكثر مما اقترض يكون ربا ،ومن ثم عقود المقايضة ،وذلك ألن البائع على المكشوف ،يرد
ال يمكن في هذه الحالة التفرقة بين البيع وبين القرض، مقابل هذه األسهم ،أسهما أخرى ،مع زيادة ،وهي النقود
فيكون هذا حيلة من حيل الربا. التي يدفعها ،أو يرد عددا من األسهم زائدا على ما أخذ،
الجواب عن المناقشة: فعلى سبيل المثال :يشتري 100سهم من شركة
يجاب عن هذا ،بأن األسهم ال تجري فيها علة الربا؛ سابك بثمن قدره 110سهم ،أو بثمن قدره (100
لكونها ليست طعاما ،وال مما يقتات أو يدخر. سهم وألف ريال).
ففي الوقت الذي أجاز فيه اإلسالم المخاطرة التي ال تكاد تعود بالنفع على كل أفراد المجتمع ،حتى لو كان الربح
تخلو منها معاملة مالية ،فإنه في الوقت ذاته حرم قليال؛ وذلك ألن األرباح في الحقيقة ال تراد لذاتها ،وإنما
المعامالت التي يغلب عليها طابع الخطر ،وإذا نظرنا إلى هي نتاج تنمية حقيقية.
البيع على المكشوف ،فإننا نجد أن الخطر فيه غالب؛ وهذا الفهم العميق للنظام اإلسالمي في المعامالت يختلف
وذلك أن المضارب في البيع على المكشوف ،غير متأكد عما يحدث في سوق األوراق المالية ،التي ال يراد منها
من انخفاض األسعار في فترة معينة ،وحجم الربح هو حقيقة نقل الملكية ،بل يقتصر األمر غالبا على تسوية
الذي يغريه على اإلقدام على هذا العمل ،مع أن الخسارة فروق األسعار ،ومن ثم الحصول على األرباح بطرق ال
المحتملة ال حد لها؛ ألن السهم كلما ارتفع ،كانت الخسارة تنتج اقتصادا حقيقيا منتجا ،فاالستمرار في هذا النمط من
أعظم- ،كما سبقت اإلشارة عند بيان مخاطر البيع على التعامل بالبيع على المكشوف ،قد يؤدي إلى نتائج مضرة
المكشوف ،-مما يجعل الغرر يحيط بذلك البيع ،ويقوى باالقتصاد فضال عن أن عمليات البيع على المكشوف
الغرر في ظل النقص الكبير للمعلومات في األسواق تنطوي في الواقع على كثير من المخالفات الشرعية ،من
المالية المعاصرة ،الذي ال يعكس حقيقة األداء المالي. تغرير ونجش وتدليس ونشر اإلشاعات الكاذبة ،للوصول
المطلب الخامس :البيع على المكشوف في سوق األوراق إلى ارتفاع األسعار أو انخفاضها بطريقة ال تمت إلى
المالية السعودية: الواقع وال تعكس الحقيقة ،وهذه المخالفات هي من األسباب
لو تأملنا فيما يجري في سوق األوراق المالية السعودية وفقا التي دعت الفقهاء إلى القول بتحريم البيع على المكشوف
لآللية المتبعة في البيع على المكشوف ،فإن البيع على بكافة أشكاله.52
المكشوف الذي يجري في هذه السوق وفقا للوائح المنظمة ويزيد على هذا ،أن عمليات البيع على المكشوف ال
للبيع على المكشوف ،هو البيع على المكشوف العادي، تقتصر على مجرد البيع فقط ،بل يتبعها محاذير أخرى،
الذي يكون عبارة عن بيع ألوراق مالية مقترضة عن طريق كوجود صناديق تحوط في السوق ،ووجود بيوع صورية،
صفقة إقراض ألوراق مالية نظير فائدة يدفعها المقترض تقوم على الحيل ،ووجود فقاعات مالية ناتجة عن البيع
للمقرض.53 على المكشوف.
ويالحظ أن البيع على المكشوف في السوق السعودية ،ال بناء على هذا ،فإننا أمام معاملة مالية ذات نوع مركب من
يتم إال بعد تحقق اقتراض المضارب (المقترض) للورقة أمور مختلفة ،وهي متلبسة بمجموعة من اإلشكاالت
المالية ،فقد نصت القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية الشرعية التي تجعلها محرمة بالنظر إلى ما تنطوي عليه.
على المكشوف ،على "أن يكون البائع قد اقترض األوراق
52انظر قرار مجمع الفقه اإلسالمي التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي –
جدة-الدورة السابعة 1412هـ بشأن حكم البيع على المكشوف ،قرار
المجمع الفقهي اإلسالمي –مكة-الدورة السابعة ،بشأن سوق األوراق
53القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية على المكشوف ،تداول (صـ.)4 المالية والبضائع (البورصة).
أحمد بن هالل الشيخ 128
المطلب األول :البيع اآلجل: المالية محل الصفقة ،وأن يكون قد اكتمل تحويلها إلى
يمكن استبدال عقد البيع اآلجل ،بعقد البيع على حساب البيع على المكشوف الخاص به ،والذي تم إنشاؤه
المكشوف ،والبيع اآلجل يعد أحد صيغ االستثمار وفق أحكام قواعد مركز إليداع األوراق المالية ،وذلك قبل
اإلسالمي المقترحة للتعامل بها؛ لتكون بديال عن تنفيذ صفة البيع.54
المعامالت المحرمة شرعا ،وفي البيع اآلجل يستفيد وإذا كان البيع على المكشوف في السوق السعودية ،يتم
المشتري من الحصول على السلعة حالة ،بينما يمكنه بناء على البيع على المكشوف العادي ،فإننا نكون بصدد
دفع الثمن بعد أجل. عملية تكتنفها إشكاليات منها:
وعند النظر إلى األهداف االقتصادية للبيع اآلجل ،التي -1وجود النفع المتحقق في القرض بالنسبة للمقرض،
يحققها البيع على المكشوف ،فإننا نجد أن البيع اآلجل وهو انتفاع المقرض بالضمان الذي يقدمه المقترض،
يقوم بدور البيع على المكشوف في تحقيق بعض والذي يشترط فيه أن ال تقل نسبة الضمان عن ،%100
األهداف ،التي منها توفير وزيادة مستوى السيولة النقدية ولوجود نسبة الفائدة التي يتقاضاها المقرض نظير
في السوق ،فيحدث نشاطا لحركة األسواق ،وتفعيال القرض.55
لدور سوق األوراق المالية ،بدال من االحتفاظ باألسهم -2جريان أكثر من عملية إقراض للورقة ،وهذا يؤكد عدم
دون استثمار لها. دخول الورقة المقترضة في ملك أحد؛ وإال لو دخلت في
ومن هنا ،فإن البيع اآلجل ،يساهم في إدارة رأس ملك أحد المقترضين ،لما جاز للمقترض اآلخر أن
المال والمحفظة االستثمارية .ويمكن البائعين من يقترضها من ِ
المقرض األول مرة أخرى.
توفير األموال وإعادة استثمارها في األسواق المالية. المبحث الرابع:
وصورته :أن يعقد المتعاقدان عقد بيع آجل ،فيتم فيه سداد بدائل البيع على المكشوف:
الثمن بعد أجل ،وبهذا يستفيد المشتري الحصول على بدائل البيع على المكشوف:
األسهم دون نقد للثمن عاجال ،ودون أن يكون له رأس مال مما سبق يتبين حرمة البيع على المكشوف ،وهناك
حاضر ،كما يستفيد المشتري أيضا ،بحماية نفسه من بعض العقود التي يمكن أن تكون بدائل للبيع على
مطالبة البائع له بإعادة األسهم مرة أخرى ،ومن ثم ال المكشوف.
يكون المشتري قلقا من خطر تقلبات األسعار ،وبذلك
يستطيع المضارب أن يحصل على السلعة دون أن يكون
له رأس مال أيضا ،لكن البيع اآلجل كغيره من البيوع
54القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية على المكشوف –تداول(-صـ.) 4
تداول الشائعة، األسئلة 55
https://www.tadawul.com.sa/wps/portal/tadawul/knowle
dge-center
129 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
بيع بات ،ليس للمشتري أن يرد فيه األسهم بعد انعقاد الشرعية ،بيع بات ،ال إجبار فيه على رد السلعة مرة أخرى
العقد ،بخالف البيع على المكشوف الذي يلتزم فيه إلى المالك األصلي.
المقترض برد ما اقترض ،فضال عن ثمن الفائدة ،وفضال ومن هنا ،فإنه يمكن القول إن البيع اآلجل يحقق بعض
عن انتفاع المقرض بثمن الضمان كما تقدم ،وإذا كان منافع االستثمار التي ينادي بها المؤيدون للبيع على
الهدف هو الحصول على األرباح ،فهناك بدائل مشروعة، المكشوف ،وهو في الوقت نفسه يتجنب مخاطر الدخول
للشخص أن يتبعها في عقده للوصول إلى هذه األرباح في الربا ،حيث ال توجد فائدة على قرض ،ألن البيع اآلجل
بالطريقة المشروعة ،ومن هذه العقود ،هو البيع اآلجل. هو عقد بيع وليس عقد قرض ،كما يتجنب البيع اآلجل،
المطلب الثاني :عقد المقايضة: مخاطر إخفاق البائع على المكشوف في تسوية العملية
المقايضة هي بيع العين بالعين ،أو بيع سلعة وإعادة ذات األسهم بذات األسعار في حالة صعود سعر
بسلعة.56وعقد المقايضة من الصيغ االستثمارية األسهم.
المشروعة ،ويعد بديال عن البيع على المكشوف؛ لما باإلضافة إلى ذلك ،فإن البيع اآلجل يحد من زيادة
يحققه من أهداف اقتصادية مهمة ،كتحريك األسهم المضاربات على ورقة ما ،التي توحي لآلخرين بأن سعر
في السوق المالية ،بدال من ترك هذه األسهم معطلة الورقة سوف ينخفض ،وبالتالي تنخفض قيمتها في السوق،
بدون استثمار ،وإمكانية حصول كال الطرفين على دون أن تكون هناك معلومات حقيقية بالمركز الحقيقي
األرباح الناتجة من البيع. للمؤسسة أو الشركة أو المنشأ ،هذا فضال عن أن البيع
وتعتبر صيغة بيع المقايضة من الصيغ االستثمارية اآلجل يتجنب مخاطر البيوع الصورية واإلشاعات
التي يمكن االستغناء بها عن البيع على المكشوف، المغرضة واألكاذيب وغير ذلك مما هو من لوازم عمليات
وذلك عندما يقوم المستثمر والمضارب بعقد بيع البيع على المكشوف.
مقايضة ،بأن يبيع المستثمر أسهمه للمضارب بأسهم وقد يشكل على كون البيع اآلجل بديال عن البيع
شركة أخرى سواء كان البيع عاجال أو آجال ،بمعنى على المكشوف ،أن البيع اآلجل هو عكس البيع
أنه يمكن دفع األسهم األخرى من الطرف اآلخر على المكشوف ،ألن المقترض في البيع على
عاجال ،أو يمكن أن يتأخر دفع هذه األسهم األخرى المكشوف يتوقع انخفاض األسهم فيقترضها ليبيعها
إلى أجل محدد ،فيكون البيع آجال. ثم يرد بدلها عندما تنخفض قيمتها ،بينما في البيع
وربما يشكل على هذه الصيغة أنه إذا جاز بيع اآلجل يثبت في ذمته ثمنها عند البيع.
المقايضة بالنسبة لألسهم ،فإنه ال فرق بينه وبين وال شك أن عملية البيع اآلجل تختلف عن عملية البيع
على المكشوف؛ وإال ما كانت بديال عنه ،فإن البيع اآلجل
56البناية ،العيني ( ،)3/8مجمع األنهر :زاده ()105/2
أحمد بن هالل الشيخ 130
وعده للمشتري (البائع القصير) بإعادة الشراء ألسهم اقتراض األسهم ثم ردها مرة أخرى ،فهو وإن كان
هذه الشركة مرة أخرى في مدة محددة.57 قرضا لكنه في معنى بيع المقايضة؛ إذ هو عبارة
وعند النظر إلى هذه الطريقة من البيع ،ومقارنتها عن بيع أسهم بأسهم أخرى.
بالبيع على المكشوف ،فإنه يظهر منها أن البائع لكن يرد على هذا بأن هناك فارقا كبيرا بين
القصير لن يبيع إال ما يملكه فقط ،فال يكون ملزما العمليتين كما يأتي:
ببيع ما ال يملك ،وذلك في حالة ما لو قلنا إن هذا إن عقد المقايضة هو بيع بات ،ال يلتزم فيه
الوعد ملزم لطرف واحد فقط ،وهو الذي صدر منه المضارب (المشتري) برد عين األسهم أو قيمتها،
الوعد ،وهو هنا المالك األول لألسهم ،لكن عند وإنما غاية األمر أن يدفع أسهما أخرى يتفق عليها
استقراء الواقع ،فإن هيئة سوق األوراق المالية ،تلزم مع البائع لتكون عوضا عن األسهم التي اشتراها،
الطرف الثاني أيضا (البائع القصير) بإعادة شراء ومن المعلوم أن هذه األسهم التي يدفعها المشتري
هذه األوراق وردها إلى الطرف األول (المقرض في عوضا ،قد تكون أسهما من نفس الشركة ،وقد تكون
التقليدي). أسهم شركة أخرى ،وقد سبق بيان الفرق بين بيع
وهنا يكون الوعد ملزما للطرفين ،فما حكم اإللزام المقايضة ،وبين القرض.
بالوعد من الطرفين. باإلضافة إلى أن هذه األسهم التي يدفعها المشتري
ولقد اختلف الفقهاء في مسألة اإللزام بالوعد من هي في ملكه ،بخالف البيع على المكشوف الذي
الطرفين على قولين: يلتزم فيه المقترض برد أسهم ليست في ملكه.
القول األول :ال يجوز اإللزام بالوعد من الطرفين؛ ومن هنا كان هناك فارق كبير بين بيع المقايضة،
ألن هذا يجعل الوعد شبيها بالعقد ،فيكون من بيع والبيع على المكشوف الذي يجبر فيه المقترض على
اإلنسان ما ال يملك ،فالمواعدة التي ترد على محل رد نفس األسهم مرة أخرى ،مما يكتنفه مخاطر عدم
واحد وزمان واحد ال تجوز ،وهذا هو ما ذهب إليه القدرة على رد هذه األسهم مرة أخرى.
عدد من المجامع والهيئات الفقهية.58 المطلب الثالث :عقد البيع مع الوعد بالشراء:
يقترح بعض الباحثين لتصحيح عملية البيع على
المكشوف ،أن يتم هذا البيع وفق آلية بيع مالك
57الحلول والبدائل الشرعية للبيع على المكشوف ،المرشدي( ،صـ)33 األسهم (المقرض في البيع التقليدي) ألسهمه ،مع
بحث مقدم لحلقة العلمية التي عقدها مصرف اإلنماء بعنوان" :بيع األوراق
المالية على المكشوف" األربعاء الموافق 1939/2/26هـ
2017/11/15م
58انظر مجمع الفقه اإلسالمي التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي :قرار
( ،)41-40هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية معيار
رقم .8
131 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
بالمواعدة المحرمة ،التي ترد على زمان واحد ومحل القول الثاني :يجوز اإللزام بالوعد ،ألنه ليس ببيع،
واحد ،بأن تكون المواعدة مختلفة الزمان ،بحيث ترد وهناك فارق بينه وبين البيع ،فإن البيع يترتب عليه
على زمانين مختلفين ،اتقاء للحرمة؛ ألن هذا يجعل الجبر على التنفيذ ،كما يترتب عليه أن يكون طرف
كال من الوعدين منفصال أحدهما عن اآلخر مستقال العقد مدينا بالمال حتى يسلمه إلى اآلخر ،وهذا ليس
عنه ،فإذا وعد المالك األول بالشراء في تاريخ معين، موجودا في اإللزام بالوعد ،ومن ثم فإن البيع مع
فإن الطرف الثاني يعد بالبيع في تاريخ آخر ،وبهذا اإللزام بالوعد ،يشبه البيع المعلق على شرط في
ال تكون المواعدة على زمان واحد. المستقبل ،وهو جائز ،حيث إنها مواعدة معلقة على
ويمكن أن يقال هذا في المحل أيضا ،حيث يمكن شرط تملك المصرف للسلعة ودخولها في ضمانه،
القول إن المحل هنا في بيع األسهم قد اختلف فإن المصرف يعد العميل وعدا ملزما بأن يبيعه
باختالف ما يمثله السهم من موجودات الشركة ،تبعا السلعة بعد تملكها ودخولها في ضمانه ،والعميل يعد
لتغير موجودات الشركة. المصرف وعدا ملزما بأن يشتريها بعد تملك
والقول بالجواز عند اختالف زمان أو محل المواعدة المصرف لها ودخولها في ضمانه ،ولذا فإن السلعة
هذا ،بناء على ما تضمنه معيار هيئة المحاسبة بمجرد تملك المصرف لها ودخولها في ضمانه،
والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية ،من أن تنتقل إلى العميل بموجب الوعد الملزم السابق الذي
المواعدة المحرمة هي المواعدة التي تتضمن وعدين هو بمثابة الشرط.
متقابلين من طرفين على محل واحد وزمان واحد.63 وممن ذهب إلى هذا من المعاصرين :تقي الدين
59
المطلب الرابع: العثماني ،ونزيه حماد.
البيع القصير القائم على وعدين متبادلين: هذا فيما يتعلق بجواز اإللزام بالوعد ،أما وجوب
وهو البيع القائم على وعدين متبادلين بين المستثمر الوفاء بالوعد مطلقا :فقد ذهب إلى هذا القول :ابن
(مالك السهم) وبين البائع القصير ،حيث يعد شبرمة ،وابن حزم ،60وابن العربي من المالكية،61
62
المستثمر الطرف اآلخر أن يشتري منه أسهما واختاره ابن تيمية.
معينة ،بشرط أن يكون سعر األسهم عند تنفيذ الوعد وإذا كان جمهور المعاصرين يرى حرمة اإللزام
أقل من القيمة السوقية لها عند إصدار الوعد ،ويعد بالوعد من الطرفين ،فإن الباحث يقترح تعديل اإللزام
البائع القصير المستثمر أن يبيعه أسهما معينة،
59مجلة مجمع الفقه اإلسالمي -منظمة المؤتمر اإلسالمي ،823/12
الحلول والبدائل الشرعية للبيع على المكشوف .المرشدي( ،صـ.)45 ،43
60المحلى ،البن حﺰم (.)279 ،278/6
63هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية اإلسالمية :معيار رقم 61أحكام القرآن ،البن العربي (.)243/4
.49 62مجموع الفتاوى ،البن تيمية (.)142/29
أحمد بن هالل الشيخ 132
المطلب الخامس :قبض األسهم: بشرط أن تكون القيمة السوقية لهذه األسهم عند تنفيذ
إن المقترض لو قام بقبض هذه األسهم ،بالفعل ،بمعنى أنه الوعد أعلى من قيمتها السوقية عند إصدار الوعد.
لم يرهنها عند السمسار ،بل رهن أعيانا أو نقودا أخرى، وهذه الصورة تسمى وعدا ،وليست مواعدة؛ وذلك ألن
فإن المقترض عندما يبيع هذه األسهم ،فإنه يبيع ما يملك الوعدين قد وردا على محلين مختلفين ،حيث إن وعد
–على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء كما سبق ،-بشرط أن البائع القصير مقيد بأن تزيد القيمة عن تاريخ إصدار
ال يتقاضى المقرض أج ار نظير القرض ،ويجوز له أن الوعد ،ووعد المستثمر مقيد بأن تقل القيمة عن تاريخ
يتقاضى أج ار مقابل الرسوم اإلدارية فقط. إصدار الوعد ،وبهذا يكون الوعدان قد وردا على
المطلب السادس :المضاربة القصيرة: محلين مختلفين.64
في المضاربة القصيرة ،يقدم المقرض األسهم للبائع على لكن يناقش هذا بأن المراد من المحل ،كما هو
المكشوف ،باعتباره مضاربا في األسهم ،وتكون األسهم واضح من السياق ،هو إذا كانت السلعة مختلفة،
هي رأس مال المضاربة ،وهنا تكون فترة المضاربة قصيرة، وهي هنا األسهم ،بمعنى أن يبيعه أسهم شركة
على حسب اتفاقهما؛ خروجا من خطر تطويل المدة، معينة ،بأسهم شركة أخرى.
وبالتالي ،فإن المضارب يصبح شريكا لمالك األسهم في وبالنظر إلى تحقق هذا المعنى هنا ،فإن المحل لم
األرباح. يختلف ،بل المحل واحد ،وهو أسهم نفس الشركة،
ويجوز لرب المال أن يأخذ رهنا في المضاربة؛ ضمانا فيكون الوعدان واردين على محل واحد ،هذا فضال
لتعدي العامل أو تقصيره ،وال يجوز أن يأخذ هو أو عن أن الوعدين واردان في زمان واحد.
الوسيط رهنا برأس المال (األسهم)؛ ألنه ليس مقرضا. ومع اختالف كل من الوعدين عن اآلخر- ،الذي
المطلب السابع :السلم القصير: من أجله أقترح تعديل عنوان هذا البديل ليكون:
يمكن أن يحل السلم القصير محل البيع على المكشوف، "العقد القائم على وعدين مختلفين".-
وذلك عندما يبيع الوسيط للمسلم إليه أسهما يتوقع وأقول :مع اختالف الوعدين ،لكن النتيجة واحدة،
انخفاضها ،على أن تكون هذه األسهم هي رأس مال وهي الوعد الملزم ،بمعنى أنه لو تم تنفيذ أحد
السلم. الوعدين ،فإن الطرف اآلخر يجبر على تنفيذه أيضا،
وهنا يجوز لرب السلم (الوسيط) أن يأخذ عددا من األسهم ومن ثم ،فإننا نعود إلى المواعدة الملزمة المرفوضة
من المسلم إليه؛ رهنا برأس مال السلم ،ويكون له الحق في لدى جمهور المعاصرين؛ لشبهها بالعقد كما تقدم.
بيعها والحصول على رأس ماله ،إذا حل أجل السلم دون
أن يأخذ المسلم فيه المتفق عليه.
64الحلول والبدائل الشرعية للبيع على المكشوف ،المرشدي( ،صـ.)47
133 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
لكن ربما تحدث حالة كبيرة من البيع ،ومن ثم تنخفض .1يتنوع البيع على المكشوف إلى البيع العاري ،الذي يبيع فيه
الشخص أسهما ال يمتلكها ،بدون إذن صاحبها ،وإلى النوع أسعار األسهم ،وهنا يمكن التغلب على ذلك بأن توضع
العادي الذي يبيع فيه الشخص أسهما يقترضها من مالكها، األسهم عند عدل ،باعتباره موثوقا فيه من قبل الراهن
ثم يردها إليه في أجل معين. والمرتهن.
وبناء على ذلك ،فإنه يقترح أن تنشأ هيئة كبيرة من هيئات .2تعود أهم أغراض المقرض في البيع على المكشوف ،إلى
التحوط بنقل مخاطر هبوط سعر الورقة المالية إلى الطرف سوق المال ،تقوم مقام العدل في االحتفاظ بالرهن ،يكون
اآلخر ،كما تعود أهم أغراض المقترض في البيع على لها الئحتها المنظمة لها ،وتقف موقفا وسطا من الراهن
المكشوف إلى أنه أداة استثمارية سهلة الوصول إلى والمرتهن ،وتراعي في الوقت ذاته حالة السوق؛ لتحول دون
األرباح. أي عمليات بيع كبيرة ناتجة عن حالة الهلع التي تصيب
السوق ،والتي قد ينتج عنها انهيار ال مسوغ له سوى .3إن البيع العاري على المكشوف ال يحل وال يصح شرعا؛
لما فيه من بيع غير مقدور التسليم؛ لكون البائع ال يملكه. اإلشاعات التي ال تعبر عن القيمة الحقيقية للسهم.65
وقد يرد على السلم في األسهم اإلشكال الذي سبق بيانه .4يخلص البحث إلى أن البيع العادي على المكشوف ،هو
عقد مركب من القرض والبيع ،كما أن القرض فيه يتم من أن المسلم فيه يجب أن يكون دينا ،بينما األسهم تمثل
نظير أجر معين للمقرض ،يقبضه السمسار ،فضال عما عينا وليس دينا ،كما أن من شروط المسلم فيه أن يكون
في هذا البيع من صعوبة الوصول إلى سعر السهم موصوفا في الذمة ،وهذا ال يتأتى في األسهم التي تختلف
الحقيقي؛ بسبب سيطرة الكذب والغش على السوق ،مما صفاتها بما ينتج عنه تأثير في قيمتها ،بل قد يتولد عن
يصعب معه الوصول إلى المعلومات الحقيقية. السهم الواحد أسهم أخرى ،كما هو معروف بأسهم المنحة،
وقد تزيد الشركة من رأس مالها وتصدر أسهما جديدة ،مما .5يصل البحث إلى أن هناك عدة بدائل للبيع على
المكشوف ،وهي :البيع اآلجل ،وعقد المقايضة ،والبيع ينتج عنه تغير كبير في صفات األسهم من حيث القوة أو
القصير المشتمل على وعدين متبادلين ،والبيع مع الوعد الضعف ،مما يصعب معه ضبط صفات السهم باعتباره
بالشراء ،والمضاربة القصيرة ،والسلم القصير. يمثل حصة في موجودات الشركة.66
أهم مراجع البحث خاتمة بأهم النتائج التي توصل إليها البحث
-1أثر البيوع المنهي عنها في الوقاية من األزمات لقد خلص هذا البحث إلى عدة نتائج ،أهمها:
"البيع على المكشوف نموذجا" .شاويش ،وليد:
65أثر البيوع المنهي عنها في الوقاية من األزمات "البيع على المكشوف
– ورقة بحثية مقدمة في المؤتمر الدولي حول نموذجا" ،شاويش( ،صـ ،)442-440ورقة أمانة الهيئة الشرعية لشركة
الراجحي –ندوة مصرف اإلنماء (صـ.)91
األزمة المالية واالقتصادية العالمية 1431 ،هـ 66ورقة أمانة الهيئة الشرعية لشركة الراجحي –ندوة مصرف اإلنماء
(صـ ،) 91بيع األوراق المالية على المكشوف وبدائله الشرعية ،أمانة
الهيئة الشرعية لبنك البالد (صـ.)117
أحمد بن هالل الشيخ 134
-7البيع على المكشوف :فلك منير خوالني- :مجلة 2010 -م ،عمان – األردن ،المعهد العالمي
-أبريل العالمية: اإلسالمي االقتصاد للفكر اإلسالمي.
2018م. -2أحكام القرآن ،ابن العربي ،محمد بن عبد هللا
-8تحفة الفقهاء ،السمرقندي ،محمد بن أحمد بن أبو بكر بن العربي المعافري االشبيلي المالكي
أبي أحمد ،أبو بكر عالء الدين السمرقندي (المتوفى543 :هـ) الناشر :دار الكتب العلمية،
(المتوفى :نحو 540هـ) الناشر :دار الكتب بيروت – لبنان الطبعة :الثالثة1424 ،هـ -
العلمية ،بيروت – لبنان -الطبعة :الثانية، 2003م.
1414هـ 1994-م. -3إعالم الموقعين عن رب العالمين .ابن القيم،
-9حاشية الرملي على أسنى المطالب ،الرملي، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ،شمس
أحمد بن أحمد بن حمزة ،شهاب الدين (المتوفى الدين (المتوفى751 :هـ) ط :األولى1411 ،هـ
975هـ) -الناشر :دار الكتاب اإلسالمي. 1991-م الناشر :دار الكتب العلمية –
-10الحاوي الكبير .الماوردي ،علي بن محمد بن ييروت.
محمد بن حبيب البصري (المتوفى450 :هـ) -4بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،الكاساني ،أبو
الطبعة :األولى1419 ،هـ 1999-م الناشر: بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي،
دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان. عالء الدين (المتوفى587 :هـ ط 2دار الكتب
-11حكم الشرع في البورصة ،غزال ،فتحي سليم العلمية 1406هـ 1986-م.
دار الوضاح للنشر والتوزيع -عمان-الطبعة -5البناية شرح الهداية .العيني ،محمود بن أحمد
الثانية 2008م – 1428هـ. بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى ط
-12الحلول والبدائل الشرعية للبيع على المكشوف. األولى1420 ،هـ 2000-م الناشر :دار الكتب
المرشدي ،فهد بن بادي -بحث مقدم للحلقة العلمية -بيروت ،لبنان.
العلمية التي عقدها مصرف اإلنماء بعنوان: -6البيع على المكشوف كصيغة استثمارية وأداة
"بيع األوراق المالية على المكشوف" األربعاء للتحوط المالي .األشقر ،أسامة عمر -مجلة
الموافق 1439/2/26هـ 2017/11/15م. كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية -قطر العدد
ص َكفي ،محمد بن علي بن
-13الدر المختار .الحَ ْ 28السنة 1431هـ 2010-م.
محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد
135 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية
-20الشرح الكبير .الدردير ،أحمد بن أحمد بن أبي الحصني ط 2دار الفكر-بيروت 1412هـ -
حامد العدوي المالكي ط دار الفكر. 1992م.
-21الفتاوى الكبرى .ابن تيمية ،أحمد بن عبد الحليم -14درر الحكام في شرح مجلة األحكام .حيدر،
بن عبد السالم بن عبد هللا بن أبي القاسم بن علي خواجه أمين أفندي (المتوفى1353 :هـ) ط
محمد (المتوفى728 :هـ) ط 1دار الكتب 1دار الجيل 1411هـ 1991-م.
العلمية 1408هـ 1987-م. -15دقائق أولي النهى لشرح المنتهى = شرح منتهى
-22فوائد انضمام السوق السعودية إلى مؤشرات اإلرادات .البهوتي ،منصور بن يونس بن
المالية األسواق –هيئة العالمية األسواق صالح الدين بن حسن بن إدريس (المتوفى:
السعودية .المقبل ،عبد هللا ،وغيره إبريل 1051هـ) ط األولى1414 ،هـ 1993-م
2017م. الناشر :عالم الكتب.
-23القواعد المنظمة لبيع األوراق المالية على -16الذخيرة .القرافي ،أحمد بن إدريس بن عبد
المكشوف- ،تداول-بقرار مجلس هيئة السوق الرحمن ،شهاب الدين (المتوفى684 :هـ) تحقيق
بتاريخ ()2017-28-1 رقم المالية محمد حجي ط 1دار الغرب اإلسالمي-بيروت
1438/6/16هـ -الموافق 2017/3/15م. 1994م.
-24الئحة إقراض األوراق المالية المدرجة ،بقرار -17رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن
مجلس هيئة السوق المالية رقم (-28-1 عابدين) .ابن عابدين ،محمد أمين بن عمر بن
)2017بتاريخ 1438/6/16هـ -الموافق عبد العزيز ط 2دار الفكر-بيروت 1412هـ -
2017/3/15م صـ .7آلية العمل للمدة الزمنية 1992م.
لتسوية صفقات األوراق المالية .تداول. -18زاد المعاد في هدي خير العباد ،ابن القيم،
-25المبسوط ،السرخسي محمد بن أحمد بن أبي محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس
سهل شمس األئمة (المتوفى483 :هـ) الناشر: الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى751 :هـ)
دار المعرفة – بيروت -تاريخ النشر: الناشر :مؤسسة الرسالة ،بيروت -مكتبة المنار
1414هـ1993-م. اإلسالمية ،الكويت -الطبعة :السابعة والعشرون
-26مجلة مجمع الفقه اإلسالمي -منظمة المؤتمر 1415 ،هـ 1994/م.
اإلسالمي -جدة-العدد الثاني عشر. -19سوق أبو ظبي لألوراق المالية :adxالبيع على
المكشوف الفني.
أحمد بن هالل الشيخ 136
-31المصرفية اإلسالمية والبيع على المكشوف. -27مجمع األنهر في شرح ملتقى األبحر .داماد
الشلهوب ،صالح بن فهد –مقال منشور في صحيفة أفندي ،عبد الرحمن بن محمد بن سليمان (المتوفى:
مال االقتصادية –مايو 2017م. 1078هـ) الناشر :دار إحياء التراث العربي.
-32المغني .ابن قدامة ،عبد هللا بن أحمد بن -28مجموع الفتاوى ،تقي الدين ابن تيمية ،أحمد
محمد الجماعيلي المقدسي (المتوفى620 :هـ) ط بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى728 :ه
مكتبة القاهرة 1388هـ 1968-م. -الناشر :مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
-33مواهب الجليل .الحطاب ،محمد بن محمد الشريف ،المدينة النبوية ،المملكة العربية السعودية
بن زكريا (المتوفى926 :هـ) ط دار الكتاب -29المجموع شرح المهذب ،النووي ،محيي الدين
اإلسالمي. يحيى بن شرف النووي (المتوفى676 :هـ) الناشر:
-34هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية دار الفكر
اإلسالمية :معيار رقم .49 -30المحلى باآلثار ،ابن حزم ،علي بن أحمد بن
سعيد بن حزم األندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى:
456هـ) الناشر :دار الفكر – بيروت.
137 البيع على المكشوف وتطبيقاته في تداول األسهم في السوق السعودية دراسة فقهية تأصيلية