Professional Documents
Culture Documents
كما عملوا على تعبئة الشغيلة و تقوية التجمعات المهنية .كان لهاته التحوالت السابقة الذكر أثر كبير على الحركة النقابية من
حيث هيكلتها و مطالبها .فبدأت بعض الوداديات تتحول إلى نقابات رغم المنع (.الودادية المهنية للسككين -النقابة الوطنية
لمعلمي ومعلمات فرنسا )192
ورغم التطور الكبير للنسيج االقتصادي االستعماري بين سنوات .1929-1926فقد تم الهجوم واإلجهاز على المكتسبات
التي أحرزها العمال الفرنسيون بالمغرب ومعهم المغاربة .فتوجهت الطبقة العاملة الفرنسية لتوحيد صفوفها من أجل
.مواجهة التراجعات .ونشط العمل النقابي بالمغرب بالرغم من المنع االستعماري للحق النقابي
ناضلت الحركة النقابية في هذه المرحلة من أجل تحقيق المطالب األساسية التالية( :االعتراف القانوني بالحق النقابي،
العطلة األسبوعية و يوم عمل من 8ساعات ،)...وهي المطالب نفسها التي تمت صياغتها والمطالبة بها منذ البدايات األولى
للعمل النقابي بالمغرب .و بالموازاة مع هذا النشاط بدأ مسلسل تجميع التجمعات المهنية و النقابية فباإلضافة إلى قطاع التعليم
حول البريديون وداديتهم إلى فروع للنقابات الوطنية الثالث (أطر ،مستخدمونC.G.T)،ك .ع .ش( المنضوي تحت لواء
عمال) المنخرطة في( ك ع ش) .كما ظهر تجمع عام التجمع الودادي لفئات المستخدمين البريديين في المغرب" ،انخرط فيه
االتحاد( الكونفدرالية العامة الموحدة للشغل .و توج هذا المسار بتأسيس اتحاد النقابات بالمغرب C.G.T.Uالمتعاطفون مع
.خالل مؤتمر تأسيسي انعقد بتاريخ C.G.T) 1930-6-22الجهوي
لكن لألزمة االقتصادية العالمية لسنة 1929كان لها أثر كبير على االقتصاد المغربي .وانعكاسات خطيرة على المأجورين.
أدت إلى تكوين اتحادات نقابية لمواجهة الوضع .فتأسست الفيدرالية المغربية للتعليم العموم ًي ( )1934ضمت إلى جانب
نقابة المعلمين كال من ودادية التعليم العال ًي (تأسست سنة )1933و فيدرالية وداديات التعليم األوربي للسلك الثانوي
بالمغربً (تأسست سنة ،) 1934و دخلت فيدرالية التعليم العمومي في تكتل مع فيدرالية الموظفين و فيدرالية البريد أطلق
عليه تكتل المصالح العموميةً ( .)1934وبالنسبة للقطاعات األخرى توسع االنخراط في االتحاد الجهوي ل (ك ع شً ) و
لضمان وجود قانوني و التمكن من التفاوض مع المشغلين اتخذت تجمعات هاته القطاعات تسمية جمعية مهنيةً pأو مجموعةً،
:و نذكر منها
نقابة البحارة الصيادين ذات التسمية الرسمية "الجمعية المهنية للبحارة الصيادين للدار البيضاء و لباقي مدن المغرب" -
(يونيه ،)1934و كانت تضم 350منخرطا ( 80في المئة من البحارة :إسبان ،برتغاليون و مغاربة)
الجمعية المهنية لمستخدمي الفوسفاط" و التي تم االعتراف بها يوم ،1933-9-18و كانت مطالبها تتركز حول المطالبة" -
.باستقرار الشغل و ضمان (الترسيم) و الدفاع عن األجور و المطالبة بإعداد نظام أساسي للمستخدمينً
ومند مارس 1935شرع المناضلون االوروبيون في استقطاب العمال المغاربة الذين كانوا قليلي التنقيب لما تعرضوا له من
منع إلى حدود ،1933وبرز مطلب "أجر متساو لعمل متساو".و تم إدراك أن وحدة الطبقة العاملة هي أكبر سالح لمواجهة
تصلب أرباب العمل وسلطات االستعمار ،وقد كان لهذه الخطوة تأثير بليغ على الحركة الوطنية المتمثلة في كتلة العمل
إلى C.G.T.يومي 16و 01/1937/ 17تم تغيير اسم C.GT..الوطني .وخالل المؤتمر التأسيسي لإلتحاد الجهوي ل
أي اتحاد النقابات الكونفدرالية بالمغرب وبرز الطابع العمالي المحض وتم االحتجاج على عدم االعتراف C.G.T.U.
.للمغاربة بالحق في العمل النقابي ،حيث تم إدراك قيمة الوحدة والتضامن في النهوض بالعمل النقابي
جاءت إضرابات يونيو 1936لتظهر تطور الوعي النقابي لدى العمال المغاربة الذين تحركوا لوحدهم عكس ما كان سابقا،
،إذ كانوا دوما تابعين لرفاقهم األوربيين
كان لنجاح إضرابات 1936أثر كبير على العمل النقابي ساهم فيه أيضا االنتصار االنتخابي للجبهة الشعبية في فرنسا ،هذا
العامل الذي دفع باإلقامة إلى االعتراف بالحق النقابي (ظهير ،)1936-12-24إال أن هذا الحق ظل مقيدا إذ احتفظ
بالترخيص المسبق لتأسيس النقابات ،و اقتصر على األوربيين ،كما منع انخراط النقابات المغربية في االتحادات الفرنسية،
.و هو ما أثار احتجاج النقابيين pفحصلوا فقط على حق تأسيس االتحادات
وخالل المؤتمر الثامن لالتحاد الجهوي ل (ك ع ش) بالدار البيضاء الذي انعقد يومي 16و ،1937-1-17تم التأكيد pعلى
اتحاد النقابات( خصوصية الحركة النقابية في المغرب ،فاتفق المؤتمرون على تغيير اسم االتحاد الجهوي ل (ك ع ش) ب
USCM).الكونفدرالية بالمغرب
ومع اندالع pالحرب العالمية الثانية وما واكبها من تحوالت سياسية ،عرفت الحركة النقابية المغربية تغيرات تنظيمية دفعت
نحو مغربتها من خالل ظهور (ك.ع.ش)في شكل جديد سنة .1943سيحمل عقب مؤتمره التأسيسي ( 5مارس )1944اسم
(C.G.T).منضويا تحت لواء المركزية الفرنسية ) (U.G.S.C.Mاالتحاد العام للنقابات الكونفدرالية بالمغرب
رؤية نقدية حول نشوء الطبقة العاملة المغربية وبداية مغربة الحركة النقابية 2
كان المغرب من نصيب االستعمار الفرنسي حيث دخل رسميا في 30مارس 1912تحت نظام الحماية الذي شهد المجتمع
المغربي في ظله تحوال على مستوى نمط االنتاج بهيمنة نمط االنتاج الرأسمالي .وتعرضت أنماط اإلنتاج التقليدية pللتفتيت
التدريجي بفعل التدخل العنيف للرأسمالية .التي لم تظهر في المغرب نتيجة للتطور الطبيعي كما كان الحال في اوروبا .و
.إنما نتيجة نمط انتاج جديد خاضع في نشوئه وتطوره إلى حاجيات المركز المهيمن على قوى االنتاج وعالقاته
وفي ظل هذه المتغيرات نشأت قوى إنتاج جديدة ،انحدرت منها طبقة عاملة مغربية ستنخرط تدريجيا في المدرسة النقابية
الفرنسية التي ساهمت في تثقيفها تأطيرها ،ومساعدتها على تحقيق بعض المطالب .لكنها بالمقابل لعبت دورا في صرفها
عن انشاء نقابات خاصة ،وحاولت ابعادها عن االنخراط في صفوف الحركة الوطنية .فمن اين انحدرت النواة األولى للطبقة
العاملة المغربية؟ وما هي المراحل التي قطعتها في ظل الحركة النقابية الفرنسية قبل أن تصل إلى مرحلة المغربة؟
إن دراسة الحركة العمالية والنقابية يقدم لنا معلومات مهمة في مجال التاريخ االقتصادي واالجتماعي والسياسي للمغرب.
تؤرخ النتقال المغرب من اقتصاد عتيق ذو نمط إنتاج تقليدي إلى اقتصاد تحكمه عالقات اإلنتاج الرأسمالي االستعماري.
وما صاحب هذا االنتقال من تكون النواة األولى من الطبقة العمالية المغربية من أبناء البوادي المفقرين الذين هاجروا إلى
المدن بسبب استيالء المعمرين على أخصب األراضي ،ومن صغار الحرفيين الذين قضت عليهم منافسة السلع األجنبية.
والذين شكلوا يدا عاملة رخيصة لقطاعات الصناعة والخدمات التي يحتاجها الرأسمال االحتكاري االستعماري لنهب خيرات
.المغرب :مثل الصناعات االستخراجية بالمناجم ،النقل العمومي ،و البناء
عاش العمال المغاربة في قراهم ومدنهم الجديدة ظروفا اقتصادية واجتماعية بئيسة ساهمت في ظهور مدن الصفيح(كانت
تسمى مدن الوحل) بجوار المدن الصناعية و المنجمية .وبداية خروج المرأة إلى العمل .....وقد صاحب هذه النشأة تزايد
كبير للجالية األوروبية ،التي كان لها السبق في انطالقة الحركة النقابية والعمالية وانتشار الوعي النقابي .وأدخلت معها
أنماطا فكرية جديدة خاصة الفكر االشتراكي و الفكر الشيوعي .بتياراتهما المختلفة التي تسابق كل منها إلى استقطاب
العنصر المغربي واستغالله لتقوية صفوفها وتحقيق مطالبها الخاصة .ورغم الدور المهم الذي قامت به هذه التيارات في
تأطير وتوعية العمال المغاربة ،فقد كانت السمة الغالبة على التيارات التي طبعت نشأة الحركة النقابية المغربية هي تغليبها
.لمصالح برجوازيتها المتروبولية فوق مصالح الطبقة العاملة المحلية ،مستغلة شعارات التضامن الطبقي و األممي لتضليلها
وقد عانى العامل المغربي منذ بداية هذه التحوالت من االضطهاد العنصري االستعماري الذي يضاعف من وطأة االستغالل
االقتصادي .حيث أن اإليديولوجيا االستعمارية القائمة على النهب والسلب ،عملت على ترك اليد العاملة المغربية في أسفل
السلم بعد الفرنسيين و األوروبيين .الذين كانوا يتمتعون pبامتيازات مهنية ومعنوية داخل المؤسسة االقتصادية والنقابية،
فأجورهم أعلى ومنحهم أكثر .األمر الذي جعل ارتباطهم بالنظام االستعماري وثيقا .هذا االرتباط كان واضحا على توجهات
الحركة النقابية الفرنسية التي انطلقت تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل(ك.ع.ش) .حيث أن الملتمسات الصادرة خالل
المنعقد بتاريخ .1930-6-22ركزت على ما أسموه"الدور الحضاري لفرنسا C.G.Tالمؤتمر التأسيسي لالتحاد الجهوي
بالمغرب"وكذلك الدور الحضاري للعمال األجانب" .ورغم المساهمة الوازنة للعمال المغاربة في إضرابات 1936جاء
ظهير 24دجنر 1936ليؤكد توجه النقابات الفرنسية حول ممارسة السلطة األبوية على العمال المغاربة .من خالل دعمها
للحق النقابي الفردي تحت ظلها ،وإغفالها عن قصد للحق النقابي الجماعي المتمثل في إنشاء نقابات مغربية .بحيث نص هذا
الظهير على ان النقابات ال تنشأ إال بين األوروبيين .وعلى ضرورة تشكيل المكاتب من الفرنسيين وحدهم .خالفا لما كان
عليه الحال في تونس التي صدر فيها قانون منذ (. 1932مرسوم الباي المؤرخ في 16نونبر، 1932تونس).نص على أن
.النقابات بإمكانها أن تؤسس بدون ترخيص من الحكومة ،وبأن أعضاء المكتب يجب أن يكونوا فرنسيين أو تونسيين
ظلت السلطات الفرنسية متمسكة بحرمان المغاربة من الحق النقابي ،وساعدها على موقفها غموض موقف المناضلين
الفرنسيين .خاصة بعد صياغة كتلة العمل الوطني ل"مطالب الشعب المغربي" .وتأكيد النضاالت االجتماعية لسنوات
1938-1937-1936على تنامي الوعي النقابي للعمال المغاربة من خالل انخراطهم القوي (ك.ع.ش) الذي أعطاهم قدرة
.تفاوضية كبيرة .فأصدرت ظهير 24يونيو 1938لرفع وتيرة منع الحق النقابي
وجراء المنع المتواصل تحولت الحركة العمالة المغربية تدريجيا للنضال في إطار الحركة الوطنية .واستفادت من أوضاع
.الحرب العالمية الثانية لتسير حول مغربتها
:إن دراسة نشأة الحركة النقابية مابين1912و 1942تمكننا من استخالص مايلي
.التخلف النوعي لقوى العمل -
.األصول القروية والحرفية ألغلب العمال المغاربة -
.مساهمة تعدد pأجناس التركيبة العمالية في إكساب العمال المغاربة ثقافة نقابية -
.السياسة العنصرية لسلطات الحماية وإدارتها ومؤسساتها ،وعملها الدؤوب على إعاقة تطور وعي العنصر المحلي -
نشأة الحركة النقابية المغربية في ظل نقابات فرنسية غلبت مصالح البرجوازية المتروبوليية على مصالح الطبقة العاملة -
.المغربية
استغالل الفرنسيين لشعارات االشتراكية األممية ،وعالمية الحركة النقابية .لضمان تبعية pالطبقة العاملة المغربية وإبعادها -
.عن الحركة الوطنية البرجوازية
تحول الحركة النقابية تدريجا إلى المسار الوطني لتعمل جنبا إلى جنب مع الحركة الوطنية ،قصد الدفاع عن مصالح -
.الطبقة العمالية الشعبية المضطهدة
خاتمة
ظهرت الحركة النقابية في المغرب مع بداية االحتالل الفرنسي .وكانت نشأتها نتيجة التغيير الذي حصل في خصائص
المجتمع وسياساته إثر دخول االستعمار إلى المغرب .حيث تأسست نقابات مهنية كان الهدف منها تشجيع اليد العاملة
الفرنسة على العمل بالمغرب قصد انجاز المشاريع االستعمارية من جهة والتصدي لهيمنة العنصر المحلي من ناحية ثانية،
وقد قضى العامل حوالي ربع قرن من الزمن( )1942-1919ببحث عن ذاته ،في ظل النقابات الفرنسية المنضوية تحت
لواء الكونفدرالية العامة للشغل ،التي وظفت العمال المغاربة ككتلة ضاغطة لتحقيق مساعيها .وتوجت هذه المرحلة
بنضاالت .1938-1937-1936التي لم يحقق منها العمال المغاربة أية مكاسب رغم نجاحها ،حيث كانت السبب الرئيسي
وراء إصدار ظهير يونيو أول تشريع يقنن العمل النقابي في المغرب .والذي حصر هذا الحق في العمال الفرنسيين دون
األهالي .ومع التجاهل المقصود من طرف النقابيين وقوى اليسار الفرنسية لحق المغاربة في العمل النقابي .ونضج وعي
وثقافة العمال المغاربة .اتجهت الحركة النقابية المغربية نحو العمل في إطار الحركة الوطنية .وكان النقابيون المغاربة
يدافعون عن األفكار الوطنية ويتسابقون للذود عنها .وهكذا بدأ التوجه نحو مغربة الحركة النقابية .لتجمع بين النضال الطبقي
المباشر والطابع الوطني المعادي لالستعمار .معلنة بداية مرحلة جديدة من تاريخها ،رأت فيها ان الحل الوحيد لحل مشاكل
.العمال المغاربة هو إنهاء االستعمار