Professional Documents
Culture Documents
المحور الثالث مفتشية العمل
المحور الثالث مفتشية العمل
تعتبر مفتشية العمل من أهم الهيئات التي تراقب تطبيق تشريع العمل ،و تحميه من االنتهاكات التي تلحق
عدم تطبيقه،و التعريف به لدى أوساط العمال و أرباب العمل .و لذلك وضعت لها نصوص تشريعية
وتنظيمية خاصة بها ،من أجل تحقيق ذلك من جهة ،و لتنظيمها و الوقوف عليها من جهة أخرى ،سواء
كان هذا من جانب صالحياتها أو تشكيلها ،أو من حيث تنظيمها ،و عملها حيث تتدخل مفتشية العمل في
عالقات العمل الفردية و الجماعية ،وصوال إلى املنازعات املترتبة عليهما.
أوال -سلطات وصالحيات مفتشية العمل
-1سلطات مفتشية العمل :إن السلطة التي يمارسها مفتش العمل هي السلطة اإلدارية والتي تعني
"السلطة في ميدان التنظيم واإلدارة يستمدها الفرد من وظيفته التي يشغلها حيث تخول له الحق في
التصرف وإصدار األوامر " إذ يتمتعون ب:
-حق الدخول في كل ساعة ليال أو نهارا إلى كل مكان يشتغل فيه أشخاص يمكن أن تحميهم األحكام
التشريعية والتنظيمية في العمل ,ويحدث ذلك حتى إذا كان املحل الصناعي أو التجاري قائما في محل ذي
استعمال سكني.
-الحق في االطالع على أي دفتر أو سجل أو وثيقة منصوص عليها في تشريع العمل بهدف التحقق من
مطابقتها أو استنساخها أو استخراج خالصة منها.
-القيام بأي فحص أو مراقبة أو تحقيق يرونه ضروريا للتأكيد من احترام األحكام التشريعية.
-منح رخصا خاصة للسماح للنساء بالعمل ليال ,عندما تبرر ذلك طبيعة النشاط وخصوصيات منصب
العمل.
-متابعة املخالفات املتعلقة بمس وعرقلة ممارسة الحق النقابي.
-املصادقة على النظام الداخلي املطابق للتشريع والتنظيم املتعلقين بالعمل ,وهذه املصادقة أو التأشيرة
من قبل مفتش العمل تعتبر خطوة أساسية أو إجراء واجب اتخاذه لتطبيق النظام الداخلي في املؤسسة
أو املصنع.
-حق استجواب كل شخص بحضور شهود أو بدون حضورهم ألسباب لها عالقة بمهمتهم ,كما يمنحهم
الحق في التماس آراء ونصائح كل شخص مختص أو مساعدته من أجل تحسين ظروف العمل ،خاصة في
مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل ،وهذا من أجل ضمان حماية العامل وصحته مسايرة
ملتطلبات التنمية والتطور التكنولوجي التي استدعت كل ذلك وهذا دائما من أجل تحقيق هدف أساس ي
وهام جدا وهو الحفاظ على صحة العمال الذين يقوم على كاهلهم عبء اإلنتاج
-2صالحيات مفتشية العمل :نعني بها مجموع النشاطات أو الوظائف املختلفة التي تمارسها مفتشية
العمل ,وهي كاآلتي:
-تتولى مراقبة تنفيذ األحكام التشريعية والتنظيمية فيما يخص قانون العمل الذي يتضمن عالقات
العمل الفردية والجماعية وظروف العمل والوقاية الصحية وأمن العمال.
-تقديم املعلومات واإلرشادات للعمال وأرباب العمل أو املسيرين فيما يخص األحكام القانونية واملتعلقة
خاصة بحقوقهم وواجباتهم ،أو ما تسمى كذلك وحسب تصريحات املفتشين بمهمة استقبال الجمهور.
-تعمل على مساعدة العمال وأرباب العمل في إعداد االتفاقيات أو العقود الجماعية ,إال أن املفتشين
يصرحون وذلك حسب الدراسة امليدانية أن دورهم محدود في هذا الصدد ,إذ يتمثل في تسجيل االتفاقية
بعد إبرامها فقط ,والتأكد فعال من أن ما ورد فيها من بنود يتوافق مع التشريع املعمول به.
-وبالنسبة لدور املصالحة الذي تقوم به في نزاعات العمل سواء الفردية أو الجماعية ,فإن مفتشية العمل
تلعب دورا مهما وفعاال في هذا املجال ولكن تدخلها ليس في مجال التسوية بل في الربط أي أنها كوسيط
بين األطراف التي يحدث بينها النزاع وبين مكتب املصالحة الجهاز املكلف بتسوية النزاع حسب هذا
القانون .وذلك بقيامها بعد إعالمها بالنزاع بتبليغ ذلك إلى املكتب واستدعاء األطراف إلى االجتماع.
إن صالحيات هذا التنظيم مماثلة ملا هو سائد في بلدان أخرى من العالم منها اسبانيا وفرنسا واليونان
واألرجنتين أي أن صالحيات مفتشية العمل في الجزائر ,تقترب من مثيالتها في بعض البلدان األخرى ,ألنها
تهدف كلها إلى ضمان تطبيق تشريع العمل للسماح بسير أحسن لعملية اإلنتاج وعالقات عمل أفضل
داخل املؤسسات ,لتحقيق االستقرار والتوازن ,وتفادي النزاعات أو الخالفات بين أطراف عالقة العمل.
-3معوقات أداء املفتشية ملهامها :يواجه املفتشون عند قيامهم بمهامهم صعوبات متنوعة ,نحاول في هذا
املقال االقتصار على أهمها:
-الصعوبات املادية :يالحظ من خالل نتائج الدراسة امليدانية نقص في اإلمكانيات املادية املوضوعة تحت
تصرف املفتشين منها وسائل النقل ,الهاتف ,فاكس ,جهاز كمبيوتر,تجهيز املكاتب ...وال يخف أن لكل ذلك
تأثير كبير في أداء املهام .
املسيرين والعمال ,يجهلون الدور الذي تلعبه ّ -الصعوبات غير املادية :إن العديد من أرباب العمل أو
مما يؤدي إلى حدوث النزاعات وتفاقمها ثم إذا كان مفتشية العمل وهذا يؤثر في عملية املراقبة والتفتيشّ ,
األمر كذلك قبل سنوات في فترة التسيير االشتراكي ,ووجود سيطرة مركزية قوية فكيف سيكون في الفترة
الحالية والالحقة فترة استقاللية املؤسسات وخوصصتها فهنا من املتوقع أن يكون أسوأ ,إن رفض أرباب
العمل أو املسيرين لسلطة املفتشية قد يتضاعف باعتبارها جهازا حكوميا غير مرغوب فيه ،كما أنهم
يعتبرونه)مفتش العمل) "خصما" يحد من سيطرتهم على مؤسساتهم ويعرقل العالقة بينهم وبين عمالهم
ولذا فإنهم يتهربون منه ومن مواجهته بالحقائق ،والعمال بدورهم يعتبرونه طرفا مع رب العمل في كل
خالف عمالي ,فال يصارحونه بكل ش يء لكسب ّود رب العمل وتجنب غضبه.
إن أغلبية املؤسسات أو املصانع التي يقوم مفتش العمل بالتفتيش على مستواها ال تمد لهم يد العون
واملساعدة ,فحسب تصريحات أغلبية املفتشين نالحظ بأن هذه املؤسسات تحاول التماطل والتعطيل
قدر اإلمكان من أجل كسب وقت كبير إلزالة املخالفات ,وفي بعض الحاالت عدم إزالتها إطالقاّ ,
مما يدفع
بمفتش العمل إلى تحرير محاضر املخالفة واللجوء إلى الجهة القضائية املختصة مع تحرير محضر خاص
موضوعه" :عرقلة مفتش العمل أثناء تأدية مهامه".
ثانيا :ظهور مفتشية العمل في الجزائر( املحاضرة الخامسة)
تعتبر الجزائر واحدة من البلدان التي أخذت بنظام التفتيش العمالي والذي يعرف على انه" :سلك موظفين
مكلفين بمراقبة جميع مجاالت القطاعات املهنية تتمثل مهمتهم األساسية في السهر على احترام تنظيم
العمل والتكفل بمراقبة التشغيل ".وقد عرفت مفتشية العمل في الجزائر عدة تطورات نلخصها من خالل
املراحل التالية :
-1املرحلة األولى من سنة 1962إلى سنة :1967قبل التعرف على ظهور مفتشية العمل في هذه املرحلة
نشير إلى أن هناك مرحلة سابقة )مرحلة ما قبل االستقالل) حيث كانت القوانين الفرنسية تطبق في
الجزائر على أساس أن الجزائر هي امتداد لفرنسا حسب النظرة االستعمارية آنذاك ،ولكن بعد االستقالل
وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة االقتصادية واالجتماعية ,بادرت الدولة في األشهر األولى منه من إصدار
القانون القاض ي بتمديد العمل بالقوانين الفرنسية ,إال ما تعارض منها مع السيادة الوطنية ،وقد امتد
الفراغ القانوني في مجال قانون العمل إلى سنة 1971وقد تميزت هذه املرحلة بكون نشاط مفتشية العمل
كان يمارس من خالل عدة إدارات )قطاعات وزارية) وبالفعل قد وجدت مفتشيات عمل مختلفة
للقطاعات التالية:
-الصناعة والتجارة تابعة لوزارة العمل.
-الزراعة تابعة لوزارة الفالحة.
-النقل البري ,البحري والجوي ) وكذلك أرصفة املوانئ وعلى متن البوارج البحرية( تابعة لوزارة الدولة
املكلفة بالنقل.
-املناجم واملحاجر تابعة للوزارة املكلفة بالصناعة.
-2املرحلة الثانية من سنة 1967إلى سنة :1975مع صدور املرسوم رقم 60/67الصادر في 27
مارس ،1967شرع في توحيد مختلف هذه األسالك )السابقة الذكر في املرحلة األول) وكلفت مفتشية
العمل واليد العاملة التابعة لوزارة العمل والشؤون االجتماعية" :بمراقبة النصوص التشريعية
والتنظيمية لجميع املؤسسات مهما كان هدفها أو شكلها".
-3املرحلة الثالثة من سنة 1975إلى سنة :1978يعتبر قانون التسيير االشتراكي للمؤسسات رقم74/71
املؤرخ في 1971/04/16فاتحة قوانين العمل في الجزائر ,والذي عمل على تحديد مفهوم العامل وتكريس
مبدأ املساواة بين العمال في الحقوق وااللتزامات وتكريس نظام مشاركة العمال في تسيير املؤسسات
االقتصادية .كما صدرت كذلك مجموعة من النصوص القانونية ومن بينها تحديد اختصاصات مفتشية
العمل من خالل األمر 33/75املؤرخ في 29أفريل 1975والذي أكد على مبدأ أحادية مفتشية العمل مع
تحديد مجال اختصاصها وصالحياتها املختلفة في القطاعين الخاص والعام ،ومنه اعتبرت مفتشية العمل
والشؤون االجتماعية الهيئة الوحيدة املكلفة بمراقبة" تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية املتعلقة
بشروط العمل وحماية العمال من طرف كل مستخدم الذي يشغل عامال أو متمهنا من كال الجنسين في
النشاطات الزراعية وغير الزراعية".
-4املرحلة الرابعة من سنة 1978إلى سنة : 1990أهم ما ميز هذه املرحلة صدور القانون األساس ي العام
للعامل( 12/78 )S.G.Tالذي أصبحت تخضع له كافة عالقات العمل بغض النظر عن قطاع النشاط )عام
أو خاص) (إداري أو اقتصادي( ويحكم الفئات العمالية على اختالف أصنافها ودرجاتها واملهن أو الوظائف
التي تمارسها أو القطاعات التي تنتمي إليها ،وتبعا لهذه املبادئ واألحكام التي جاء بها هذا القانون فإن املهام
املخولة ملفتشية العمل في هذه املرحلة قد تضاعفت وتوسعت وأصبحت تتعلق بمجاالت متعددة نذكر
منها :التمهين,الوقاية وتسوية النزاعات الجماعية للعمل(القانون رقم )05/82النشاطات املتعلقة بترقية
الشغل ,الترخيصات االستثنائية للمدة القانونية للعمل ,التحقيقات املسبقة لطلبات تسريح العمال,
التحقيقات الدورية حول أسعار التجزئة.......الخ.
-5املرحلة الخامسة من سنة 1990إلى حد اآلن :تميزت هذه املرحلة بمجموعة من اإلصالحات السياسية
واالقتصادية منها مبدأ العالقات التعاقدية سواء بالنسبة للعالقات الفردية أو الجماعية ,اعتماد
االتفاقيات الجماعية للعمل كإطار تنظيمي جديد لعالقات العمل ,إلى جانب وضع أجهزة وهياكل
وميكانيزمات جديدة لتنظيم عالقات العمل ،قوامها العمل التفاوض ي املشترك بين العمال وأصحاب
العمل في كافة الجوانب واملسائل ,بكل حرية واستقاللية على أن ينحصر دور الدولة ضمن هذه األجهزة
وامليكانيزمات في ضمان تطبيق القوانين والنظم املعمول بها فقط.
حيث لعبت كل هذه املستجدات دورا رئيسيا في إعادة النظر في دور ومهام مفتشية العمل كما أن
التحديدات التي كانت تفرضها أحكام األمر ( )33/75الخاص باختصاصات مفتشية العمل ,تم تعديلها,و
ذلك بإصدار منظومة من تشريعات العمل خالل سنة 1990تتالءم واملرحلة التحولية ،وعليه أصبح
بإمكان مفتشية العمل التدخل دون تمييز للقطاع القانوني للمؤسسات والتعامل معها بصفة مماثلة )أي
أنها أصبحت تضطلع بمهمة التفتيش حتى في قطاع الوظيف العمومي( والوضع املؤسساتي الجديد الذي
تتدخل فيه مفتشية العمل أصبح يتطلب تكييفا مستمدا من الدور الذي يجب أن تقوم به بالنظر إلى
الجهاز التشريعي الجديد املعمول به من سنة .1990
مالحظات هامة:
-1العمل الفردي موجه لإلجابة من قبل كل طالب في حدود 10اسطر وتوجه اإلجابة إلى البريد االلكتروني
الخاص باألستاذة بلوط سماح .
البريد االلكتروني : samiracsc2500@gmail.com