You are on page 1of 4

‫املحور الثالث‪ :‬مفتشية العمل( املحاضرة الرابعة)‬

‫تعتبر مفتشية العمل من أهم الهيئات التي تراقب تطبيق تشريع العمل‪ ،‬و تحميه من االنتهاكات التي تلحق‬
‫عدم تطبيقه‪،‬و التعريف به لدى أوساط العمال و أرباب العمل ‪.‬و لذلك وضعت لها نصوص تشريعية‬
‫وتنظيمية خاصة بها‪ ،‬من أجل تحقيق ذلك من جهة‪ ،‬و لتنظيمها و الوقوف عليها من جهة أخرى‪ ،‬سواء‬
‫كان هذا من جانب صالحياتها أو تشكيلها‪ ،‬أو من حيث تنظيمها‪ ،‬و عملها حيث تتدخل مفتشية العمل في‬
‫عالقات العمل الفردية و الجماعية‪ ،‬وصوال إلى املنازعات املترتبة عليهما‪.‬‬
‫أوال‪ -‬سلطات وصالحيات مفتشية العمل‬
‫‪ -1‬سلطات مفتشية العمل‪ :‬إن السلطة التي يمارسها مفتش العمل هي السلطة اإلدارية والتي تعني‬
‫"السلطة في ميدان التنظيم واإلدارة يستمدها الفرد من وظيفته التي يشغلها حيث تخول له الحق في‬
‫التصرف وإصدار األوامر " إذ يتمتعون ب‪:‬‬
‫‪ -‬حق الدخول في كل ساعة ليال أو نهارا إلى كل مكان يشتغل فيه أشخاص يمكن أن تحميهم األحكام‬
‫التشريعية والتنظيمية في العمل‪ ,‬ويحدث ذلك حتى إذا كان املحل الصناعي أو التجاري قائما في محل ذي‬
‫استعمال سكني‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في االطالع على أي دفتر أو سجل أو وثيقة منصوص عليها في تشريع العمل بهدف التحقق من‬
‫مطابقتها أو استنساخها أو استخراج خالصة منها‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بأي فحص أو مراقبة أو تحقيق يرونه ضروريا للتأكيد من احترام األحكام التشريعية‪.‬‬
‫‪ -‬منح رخصا خاصة للسماح للنساء بالعمل ليال‪ ,‬عندما تبرر ذلك طبيعة النشاط وخصوصيات منصب‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة املخالفات املتعلقة بمس وعرقلة ممارسة الحق النقابي‪.‬‬
‫‪ -‬املصادقة على النظام الداخلي املطابق للتشريع والتنظيم املتعلقين بالعمل‪ ,‬وهذه املصادقة أو التأشيرة‬
‫من قبل مفتش العمل تعتبر خطوة أساسية أو إجراء واجب اتخاذه لتطبيق النظام الداخلي في املؤسسة‬
‫أو املصنع‪.‬‬
‫‪ -‬حق استجواب كل شخص بحضور شهود أو بدون حضورهم ألسباب لها عالقة بمهمتهم‪ ,‬كما يمنحهم‬
‫الحق في التماس آراء ونصائح كل شخص مختص أو مساعدته من أجل تحسين ظروف العمل‪ ،‬خاصة في‬
‫مجال الوقاية الصحية واألمن وطب العمل‪ ،‬وهذا من أجل ضمان حماية العامل وصحته مسايرة‬
‫ملتطلبات التنمية والتطور التكنولوجي التي استدعت كل ذلك وهذا دائما من أجل تحقيق هدف أساس ي‬
‫وهام جدا وهو الحفاظ على صحة العمال الذين يقوم على كاهلهم عبء اإلنتاج‬
‫‪ -2‬صالحيات مفتشية العمل‪ :‬نعني بها مجموع النشاطات أو الوظائف املختلفة التي تمارسها مفتشية‬
‫العمل‪ ,‬وهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬تتولى مراقبة تنفيذ األحكام التشريعية والتنظيمية فيما يخص قانون العمل الذي يتضمن عالقات‬
‫العمل الفردية والجماعية وظروف العمل والوقاية الصحية وأمن العمال‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم املعلومات واإلرشادات للعمال وأرباب العمل أو املسيرين فيما يخص األحكام القانونية واملتعلقة‬
‫خاصة بحقوقهم وواجباتهم‪ ،‬أو ما تسمى كذلك وحسب تصريحات املفتشين بمهمة استقبال الجمهور‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل على مساعدة العمال وأرباب العمل في إعداد االتفاقيات أو العقود الجماعية‪ ,‬إال أن املفتشين‬
‫يصرحون وذلك حسب الدراسة امليدانية أن دورهم محدود في هذا الصدد‪ ,‬إذ يتمثل في تسجيل االتفاقية‬
‫بعد إبرامها فقط‪ ,‬والتأكد فعال من أن ما ورد فيها من بنود يتوافق مع التشريع املعمول به‪.‬‬
‫‪ -‬وبالنسبة لدور املصالحة الذي تقوم به في نزاعات العمل سواء الفردية أو الجماعية‪ ,‬فإن مفتشية العمل‬
‫تلعب دورا مهما وفعاال في هذا املجال ولكن تدخلها ليس في مجال التسوية بل في الربط أي أنها كوسيط‬
‫بين األطراف التي يحدث بينها النزاع وبين مكتب املصالحة الجهاز املكلف بتسوية النزاع حسب هذا‬
‫القانون‪ .‬وذلك بقيامها بعد إعالمها بالنزاع بتبليغ ذلك إلى املكتب واستدعاء األطراف إلى االجتماع‪.‬‬
‫إن صالحيات هذا التنظيم مماثلة ملا هو سائد في بلدان أخرى من العالم منها اسبانيا وفرنسا واليونان‬
‫واألرجنتين أي أن صالحيات مفتشية العمل في الجزائر‪ ,‬تقترب من مثيالتها في بعض البلدان األخرى‪ ,‬ألنها‬
‫تهدف كلها إلى ضمان تطبيق تشريع العمل للسماح بسير أحسن لعملية اإلنتاج وعالقات عمل أفضل‬
‫داخل املؤسسات‪ ,‬لتحقيق االستقرار والتوازن‪ ,‬وتفادي النزاعات أو الخالفات بين أطراف عالقة العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬معوقات أداء املفتشية ملهامها‪ :‬يواجه املفتشون عند قيامهم بمهامهم صعوبات متنوعة‪ ,‬نحاول في هذا‬
‫املقال االقتصار على أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬الصعوبات املادية‪ :‬يالحظ من خالل نتائج الدراسة امليدانية نقص في اإلمكانيات املادية املوضوعة تحت‬
‫تصرف املفتشين منها وسائل النقل‪ ,‬الهاتف‪ ,‬فاكس‪ ,‬جهاز كمبيوتر‪,‬تجهيز املكاتب‪ ...‬وال يخف أن لكل ذلك‬
‫تأثير كبير في أداء املهام ‪.‬‬
‫املسيرين والعمال‪ ,‬يجهلون الدور الذي تلعبه‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬الصعوبات غير املادية‪ :‬إن العديد من أرباب العمل أو‬
‫مما يؤدي إلى حدوث النزاعات وتفاقمها ثم إذا كان‬ ‫مفتشية العمل وهذا يؤثر في عملية املراقبة والتفتيش‪ّ ,‬‬
‫األمر كذلك قبل سنوات في فترة التسيير االشتراكي‪ ,‬ووجود سيطرة مركزية قوية فكيف سيكون في الفترة‬
‫الحالية والالحقة فترة استقاللية املؤسسات وخوصصتها فهنا من املتوقع أن يكون أسوأ‪ ,‬إن رفض أرباب‬
‫العمل أو املسيرين لسلطة املفتشية قد يتضاعف باعتبارها جهازا حكوميا غير مرغوب فيه‪ ،‬كما أنهم‬
‫يعتبرونه)مفتش العمل) "خصما" يحد من سيطرتهم على مؤسساتهم ويعرقل العالقة بينهم وبين عمالهم‬
‫ولذا فإنهم يتهربون منه ومن مواجهته بالحقائق‪ ،‬والعمال بدورهم يعتبرونه طرفا مع رب العمل في كل‬
‫خالف عمالي‪ ,‬فال يصارحونه بكل ش يء لكسب ّود رب العمل وتجنب غضبه‪.‬‬
‫إن أغلبية املؤسسات أو املصانع التي يقوم مفتش العمل بالتفتيش على مستواها ال تمد لهم يد العون‬
‫واملساعدة ‪ ,‬فحسب تصريحات أغلبية املفتشين نالحظ بأن هذه املؤسسات تحاول التماطل والتعطيل‬
‫قدر اإلمكان من أجل كسب وقت كبير إلزالة املخالفات‪ ,‬وفي بعض الحاالت عدم إزالتها إطالقا‪ّ ,‬‬
‫مما يدفع‬
‫بمفتش العمل إلى تحرير محاضر املخالفة واللجوء إلى الجهة القضائية املختصة مع تحرير محضر خاص‬
‫موضوعه‪" :‬عرقلة مفتش العمل أثناء تأدية مهامه"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ظهور مفتشية العمل في الجزائر( املحاضرة الخامسة)‬
‫تعتبر الجزائر واحدة من البلدان التي أخذت بنظام التفتيش العمالي والذي يعرف على انه‪" :‬سلك موظفين‬
‫مكلفين بمراقبة جميع مجاالت القطاعات املهنية تتمثل مهمتهم األساسية في السهر على احترام تنظيم‬
‫العمل والتكفل بمراقبة التشغيل‪ ".‬وقد عرفت مفتشية العمل في الجزائر عدة تطورات نلخصها من خالل‬
‫املراحل التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬املرحلة األولى من سنة ‪ 1962‬إلى سنة‪ :1967‬قبل التعرف على ظهور مفتشية العمل في هذه املرحلة‬
‫نشير إلى أن هناك مرحلة سابقة )مرحلة ما قبل االستقالل) حيث كانت القوانين الفرنسية تطبق في‬
‫الجزائر على أساس أن الجزائر هي امتداد لفرنسا حسب النظرة االستعمارية آنذاك‪ ،‬ولكن بعد االستقالل‬
‫وتفاديا لتعطيل وتجميد الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ,‬بادرت الدولة في األشهر األولى منه من إصدار‬
‫القانون القاض ي بتمديد العمل بالقوانين الفرنسية‪ ,‬إال ما تعارض منها مع السيادة الوطنية‪ ،‬وقد امتد‬
‫الفراغ القانوني في مجال قانون العمل إلى سنة‪ 1971‬وقد تميزت هذه املرحلة بكون نشاط مفتشية العمل‬
‫كان يمارس من خالل عدة إدارات )قطاعات وزارية) وبالفعل قد وجدت مفتشيات عمل مختلفة‬
‫للقطاعات التالية‪:‬‬
‫‪-‬الصناعة والتجارة تابعة لوزارة العمل‪.‬‬
‫‪ -‬الزراعة تابعة لوزارة الفالحة‪.‬‬
‫‪-‬النقل البري‪ ,‬البحري والجوي ) وكذلك أرصفة املوانئ وعلى متن البوارج البحرية( تابعة لوزارة الدولة‬
‫املكلفة بالنقل‪.‬‬
‫‪-‬املناجم واملحاجر تابعة للوزارة املكلفة بالصناعة‪.‬‬
‫‪ -2‬املرحلة الثانية من سنة ‪ 1967‬إلى سنة‪ :1975‬مع صدور املرسوم رقم‪ 60/67‬الصادر في ‪27‬‬
‫مارس‪ ،1967‬شرع في توحيد مختلف هذه األسالك )السابقة الذكر في املرحلة األول) وكلفت مفتشية‬
‫العمل واليد العاملة التابعة لوزارة العمل والشؤون االجتماعية‪" :‬بمراقبة النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية لجميع املؤسسات مهما كان هدفها أو شكلها‪".‬‬
‫‪ -3‬املرحلة الثالثة من سنة‪ 1975‬إلى سنة‪ :1978‬يعتبر قانون التسيير االشتراكي للمؤسسات رقم‪74/71‬‬
‫املؤرخ في ‪ 1971/04/16‬فاتحة قوانين العمل في الجزائر‪ ,‬والذي عمل على تحديد مفهوم العامل وتكريس‬
‫مبدأ املساواة بين العمال في الحقوق وااللتزامات وتكريس نظام مشاركة العمال في تسيير املؤسسات‬
‫االقتصادية ‪ .‬كما صدرت كذلك مجموعة من النصوص القانونية ومن بينها تحديد اختصاصات مفتشية‬
‫العمل من خالل األمر ‪ 33/75‬املؤرخ في ‪ 29‬أفريل‪ 1975‬والذي أكد على مبدأ أحادية مفتشية العمل مع‬
‫تحديد مجال اختصاصها وصالحياتها املختلفة في القطاعين الخاص والعام‪ ،‬ومنه اعتبرت مفتشية العمل‬
‫والشؤون االجتماعية الهيئة الوحيدة املكلفة بمراقبة" تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية املتعلقة‬
‫بشروط العمل وحماية العمال من طرف كل مستخدم الذي يشغل عامال أو متمهنا من كال الجنسين في‬
‫النشاطات الزراعية وغير الزراعية‪".‬‬
‫‪ -4‬املرحلة الرابعة من سنة‪ 1978‬إلى سنة‪ : 1990‬أهم ما ميز هذه املرحلة صدور القانون األساس ي العام‬
‫للعامل(‪ 12/78 )S.G.T‬الذي أصبحت تخضع له كافة عالقات العمل بغض النظر عن قطاع النشاط )عام‬
‫أو خاص) (إداري أو اقتصادي( ويحكم الفئات العمالية على اختالف أصنافها ودرجاتها واملهن أو الوظائف‬
‫التي تمارسها أو القطاعات التي تنتمي إليها‪ ،‬وتبعا لهذه املبادئ واألحكام التي جاء بها هذا القانون فإن املهام‬
‫املخولة ملفتشية العمل في هذه املرحلة قد تضاعفت وتوسعت وأصبحت تتعلق بمجاالت متعددة نذكر‬
‫منها‪ :‬التمهين‪,‬الوقاية وتسوية النزاعات الجماعية للعمل(القانون رقم‪ )05/82‬النشاطات املتعلقة بترقية‬
‫الشغل‪ ,‬الترخيصات االستثنائية للمدة القانونية للعمل‪ ,‬التحقيقات املسبقة لطلبات تسريح العمال‪,‬‬
‫التحقيقات الدورية حول أسعار التجزئة‪.......‬الخ‪.‬‬
‫‪ -5‬املرحلة الخامسة من سنة‪ 1990‬إلى حد اآلن‪ :‬تميزت هذه املرحلة بمجموعة من اإلصالحات السياسية‬
‫واالقتصادية منها مبدأ العالقات التعاقدية سواء بالنسبة للعالقات الفردية أو الجماعية‪ ,‬اعتماد‬
‫االتفاقيات الجماعية للعمل كإطار تنظيمي جديد لعالقات العمل‪ ,‬إلى جانب وضع أجهزة وهياكل‬
‫وميكانيزمات جديدة لتنظيم عالقات العمل‪ ،‬قوامها العمل التفاوض ي املشترك بين العمال وأصحاب‬
‫العمل في كافة الجوانب واملسائل‪ ,‬بكل حرية واستقاللية على أن ينحصر دور الدولة ضمن هذه األجهزة‬
‫وامليكانيزمات في ضمان تطبيق القوانين والنظم املعمول بها فقط‪.‬‬
‫حيث لعبت كل هذه املستجدات دورا رئيسيا في إعادة النظر في دور ومهام مفتشية العمل كما أن‬
‫التحديدات التي كانت تفرضها أحكام األمر (‪ )33/75‬الخاص باختصاصات مفتشية العمل‪ ,‬تم تعديلها‪,‬و‬
‫ذلك بإصدار منظومة من تشريعات العمل خالل سنة ‪ 1990‬تتالءم واملرحلة التحولية‪ ،‬وعليه أصبح‬
‫بإمكان مفتشية العمل التدخل دون تمييز للقطاع القانوني للمؤسسات والتعامل معها بصفة مماثلة )أي‬
‫أنها أصبحت تضطلع بمهمة التفتيش حتى في قطاع الوظيف العمومي( والوضع املؤسساتي الجديد الذي‬
‫تتدخل فيه مفتشية العمل أصبح يتطلب تكييفا مستمدا من الدور الذي يجب أن تقوم به بالنظر إلى‬
‫الجهاز التشريعي الجديد املعمول به من سنة ‪.1990‬‬
‫مالحظات هامة‪:‬‬
‫‪ -1‬العمل الفردي موجه لإلجابة من قبل كل طالب في حدود ‪ 10‬اسطر وتوجه اإلجابة إلى البريد االلكتروني‬
‫الخاص باألستاذة بلوط سماح ‪.‬‬
‫البريد االلكتروني ‪: samiracsc2500@gmail.com‬‬

You might also like