Professional Documents
Culture Documents
قانون العمل حديث النشأة منذ قرن ونصف أو قرنين لكن لم يكن يسمى قانون العمل وإنما يسمى
القانون الصناعي ،وقانون الضمان االجتماعي بعد الحرب العاملية الثانية ظهر مستقل عن قانون العمل.
ففي أوائل القرن التاسع عشر نتيجة لألوضاع االقتصادية واالجتماعية التي سادت أوروبا آنذاك ظهر
قانون العمل كفرع مستقل من فروع القانون الخاص لينظم العالقات بين العمال وأرباب األعمال.
ونتيجة ملحدودية مبدأ سلطان اإلرادة وحرية التعاقد وآثاره السلبية بالنسبة للعامل ،فقد أدى ذلك إلى
ضرورة تحول دور الدول من الدولة الحارسة إلى الدولة املتدخلة واملشاركة في النشاط االقتصادي
وتدخلها لضبط النظام االجتماعي من خالل تنظيم عالقات العمل بقواعد آمرة.
تعريف قانون العمل:
اختلف الفقه في التعريف بقانون العمل وذلك نتيجة لحداثته من جهة ،واختالف تسمياته من جهة
أخرى ،حيث هناك من عرفه على أنه" :مجموعة من القواعد التي تحكم العالقات الناشئة عن قيام
شخص طبيعي بالعمل لحساب شخص آخر من أشخاص القانون الخاص تحت إدارته وإشرافه مقابل
أجر".
وهناك من عرفه على انه " :مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العالقات الفردية الواردة على
معاوضة العمل الخاص التابع باألجر ،وكذلك تلك القواعد التي تنظم العالقات الجماعية الناشئة عن
انتشار هذا النوع من املعاوضات ،كظاهرة قانونية سائدة في املجتمع ،سواء تمثلت هذه العالقات
الجماعية في عالقات بين العمال من خالل النقابات أو في إطار اتفاقيات العمل الجماعية".
كما عرفه البعض األخر على أنه" مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات الخاصة الفردية
والجماعية التي تنشأ عن قيام أشخاص (العمال) بالعمل لحساب أشخاص آخرين (أصحاب العمل) تحت
سلطتهم و إشرافهم ،مقابل أجر" .ومن خالل ما سبق فإنه يمكن تعريف قانون العمل على أنه ":مجموعة
من القواعد القانونية التي تنظم العالقة بين العامل وصاحب العمل في إطار عالقة العمل.
خصائص قانون العمل:
يتميز قانون العمل بمجموعة من الخصائص التي تجعله قانونا متميزا عن سائر فروع القوانين األخرى
وتتجلى ذلك من خالل املميزات التالية:
أوال :ذاتية املصدر
مقارنة بالعديد من فروع القانون األخرى ،يعتبر قانون العمل ذاتي املصدر إذ يعتمد في مصدره إضافة إلى
النصوص القانونية على أحكام ذات طابع اتفاقي ،حيث تعتبر االتفاقيات الجماعية التي تبرم بين النقابات
واالتحادات املهنية وأصحاب العمل من املصادر الهامة واملتميزة لقان ون العمل.
كما أن قواعد قانون العمل تستند على الظروف واملتطلبات الخاصة بالعمل التي تختلف عن باقي أحكام
وقواعد القوانين األخرى.
ثانيا :الصيغة اآلمرة لقواعده
يتميز قانون العمل بأن قواعده آمرة وهذا على عكس معظم فروع القانون الخاص مثل القانون املدني
ً
الذي يحكمه أساسا مبدأ سلطان ِالرادة ،وتعود الطبيعة اآلمرة لقواعد قانون العمل إلى تراجع مبدأ
سلطان اإلرادة وتدخل الدولة لتنظيم مجال العمل بوضع قواعد آمرة لحماية مصالح وحقوق العمال ،فال
يجوز لألطراف املتعاقدة مخالفتها.
وتتجلى الصفة اآلمرة في قانون العمل كونه يتضمن بين طياته الكثير من األحكام القانونية تتعلق
بالجزاءات سواء املتمثلة في الغرامات أو الحسس ،مثل نص املادة 53من قانون 14-90املتعلق بكيفيات
ممارسة الحق النقابي ،ويبرز كذلك في حالة إبرام عقد عمل ملدة محدودة في غير الحاالت املنصوص عليها
قانونا وفقا ملا ورد في املادة 146مكرر من قانون 11-90املتضمن عالقات العمل املعدل واملتمم.
ً ً
وعليه يجب أن يكون كل بند من بنود عقود العمل خاضعا وملتزما بقانون العمل وأي بند ال يتوافق مع أي
ً
نص من نصوص القانون يعتبر باطال ،وال يصلح تطبيقه ،أو تنفيذه.
ثالثا :االتجاه نحو التدويل
لقد ساهمت العوامل السياسية واالقتصادية والثقافية في تدويل قواعد قانون العمل ،فضال عن
إسهامات املنظمات الدولية املتخصصة بمسائل قانون العمل ،مثل املنظمة الدولية للعمل ،ومنظمة
العمل العربية ،والتي كان لها دور كبير في تدويل النصوص القانونية املتعلقة بالعمل بفضل االتفاقيات
الدولية التي تبرمها.
رابعا :الواقعية
تتجلى خاصية الواقعية في قدرة ومسايرة قانون العمل ملختلف التغيرات التطورات ويطبق في كافة
قادر على مراعاة حاالت العمال وتقدير الظروف واألماكن واألوقات ،لذلك يتميز قانون العمل بأنه ٌ
ظروفهم ،والتمييز بين مهاراتهم وقدراتهم في القيام باملهن املختلفة .ولهذا فاملشرع حاول إيجاد آليات
لتحديد هذه الظروف منها ما يتعلق باألجر وذلك بإقراره األجر الثابت واملتغير ،كما راعى التركيبة
الفيزيولوجية للقائم بالعمل فميز بين ظروف عمل املرأة عن الرجل.
العمل الفردي :من خالل ما سبق ما هي املراحل التي مر بها قانون العمل الجزائري (تطور قانون
العمل الجزائري)
يقصد بمصادر قانون العمل املنابع التي تستقي منها القاعدة القانونية أساسها ومنشأها وبها ترسم
حدودها ،ويستمد قانون العمل أحكامه وقواعده من عدة مصادر ،منها ما هو داخلي واملتمثلة أساسا في
النصوص القانونية و التنظيمية ،ومصادر خارجية والتي تصدر عن املنظمات الدولية املختصة في شكل
معاهدات و اتفاقيات دولية.
املصادر الداخلية :تتمثل في املصادر الرسمية واملصادر التفسيرية
أوال :املصادر الرسمية
-1الدستور la constitution
يعتبر الدستور القانون األسمى للنظام القانوني للدولة الذي يتضمن املبادئ والقواعد األساسية التي
تحكم املجتمع في مختلف النواحي منها النواحي التي تنظم عالقات العمل ،فالدستور مصدر من مصادر
قانون العمل عندما يضع األسس العامة التي يرتكز عليها املجتمع في مجال العمل ،السيما فيما يتعلق
بالحقوق والحريات ،فقد تضمنت مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر عدة حقوق ترتبط بعالم الشغل
كالحق في العمل ،والحق في اإلضراب ،والحق النقابي ،والحق في الحماية واألمن ،و الحق في الراحة و غيرها.
كما كرس التعديل الدستوري األخير لسنة 2016حقوقا للعامل في نصوص مواد مختلفة السيما منها:
-ترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل.
-الحق في اإلضراب.
-لكل املواطنين الحق في العمل.
-حق العامل في الضمان االجتماعي.
-الحق النقابي.
ولهذا فإن كل األحكام التي تضمنها الدستور تعتبر وتشكل إطارا عاما ملختلف نصوص قانون العمل.
-2التشريع:
يشكل القانون بمفهومه الضيق مصدرا مهما من مصادر قانون العمل ،ذلك أن أغلب القواعد التي تضم
هذا القانون واردة في قوانين صادرة عن السلطة التشريعية ،حيث أعطى الدستور البرملان صالحية
التشريع في مجال قانون العمل ،وذلك بمقتض ى املادة 140الفقرة 17من الدستور ،إذ يختص البرملان
بصالحية التشريع في املسائل املتعلقة بقانون العمل والضمان االجتماعي ،وممارسة الحق النقابي.
ومن أهم القوانين الصادرة من السلطة التشريعية في هذا املجال نجد ما يلي:
-القانون رقم 02-90املؤرخ في 1990/11/06املتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها
وممارسة حق اإلضراب ،الجريدة الرسمية رقم 06لسنة ،1990املعدل واملتمم بالقانون رقم 27-91
املؤرخ في ،1991/12/21الجريدة الرسمية رقم 68لسنة .1991
-القانون رقم 03-90املؤرخ في 1990/02/09املتعلق بمفتشية العمل ،الجريدة الرسمية رقم 06لسنة
.1990
-القانون رقم 11-90املؤرخ في 1990/04/21املتعلق بعالقات العمل ،الجريدة الرسمية عدد 23لسنة
،1990املعدل واملتمم بموجب القانون رقم 29-91املؤرخ في ،1991/12/21الجريدة الرسمية عدد 68
لسنة .1991
-القانون 14-90املؤرخ في 2جويلية 1990املتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ،الجريدة الرسمية
عدد 23لسنة .1990
-القانون 13-83املؤرخ في 1983/07/02املتعلق بحوادث العمل واألمراض املهنية ،الجريدة الرسمية
عدد 28لسنة .1983
-القانون رقم 09-08املؤرخ في 2008/02/25املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية ،الجريدة
الرسمية رقم 21لسنة .2008
-3النصوص التنظيمية
يقصد بالنصوص التنظيمية تلك األعمال الصادرة من السلطة التنفيذية والتي تسعى من خاللها إلى تنفيذ
وتكملة وتوضيح تلك األحكام الصادرة عن السلطة التشريعية ،فنظرا لتنوع واختالف مجاالت قانون
العمل يقتض ي وجود نصوص قانونية لتنظيم هذه الجوانب بواسطة مراسيم رئاسية إذا كانت صادرة من
طرف رئيس الجمهورية أو مراسيم تنفيذية إذا صدرت من طرف الوزير األول.
ومن بين النصوص التنظيمية التي صدرت في إطار عالقات العمل نجد املرسوم التنفيذي رقم 289-90
املؤرخ في 29سستمبر 1990املتعلق بكيفيات تنظيم انتخابات مندوبي املستخدمين ،واملرسوم التنفيذي
رقم 290-90املؤرخ في 29سستمبر 1990املتعلق بالنظام الخاص بعالقات العمل الخاصة بمسيري
املؤسسات االقتصادية ،واملرسوم التنفيذي رقم 273-91املؤرخ في 10أوت 1991املتعلق بكيفيات تنظيم
انتخابات املساعدين وأعضاء مكاتب املصالحة املعدل واملتمم باملرسوم التنفيذي رقم 288-92املؤرخ في
06جويلية 1992الذي جاء تطبيقا للقانون رقم 04-90املتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل.
وعليه فتعد النصوص التنظيمية مصدرا مهما لقانون العمل لقدرتها على مسايرة مختلف مجاالت العمل
املتنوعة والقابلة للتغير والتزايد وفقا للتطورات ومشاكل عالقات العمل على غرار الوقاية الصحية واألمن
في مجال العمل ومنازعات العمل...الخ.
-4أحكام القضاء
يلعب القضاء دورا أساسيا في تفسير النصوص القانونية التي ال تحمل معها دقة في إطار املبادئ
القانونية ،لذلك تعتبر األحكام والقرارات الصادرة عن املحاكم إحدى مصادر قانون العمل ،فالقاض ي
تقتصر مهمته على تفسير النصوص القانونية وتطبيقها على القضايا املعروضة واستكمال النقص الذي
قد يالحظ فيه ،وإزالة الغموض الذي قد يشوب قواعده ،والقاض ي عندما تعرض عليه مسألة للفصل
فيها يكون ملزما بإصدار أحكامه واالجتهاد في إيجاد الحلول ،حتى وإن لم يكن هناك نص قانوني أو تنظيمي
أو اتفاقي يستند إليه ،وإال عد ناكرا للعدالة.
ثانيا :املصادر التفسيرية
-1العرف والعادات املهنية
يعتبر العرف مصدر من مصادر قانون العمل ويقصد به إتباع العامل أو صاحب العمل لسلوك معين
بصورة منت ظمة ومستمرة في مكان معين أو في حرفة معينة ،بحيث يسود االعتقاد بأن هذه القواعد ملزمة
ً ً
ولكي يصبح سلوك العامل وصاحب العمل عرفا و مصدرا من مصادر قانون العمل ،يجب أن يتوافر فيه
ركنان :ركن مادي و ركن معنوي
الركن املادي :يتمثل الركن املادي باعتياد وتكرار العامل وصاحب العمل على إتباع سلوك معين في نشاط
ً ً
معين وقد يكون هذا االعتياد ايجابيا يظهر في صورة القيام بعمل ،كما يمكن أن يكون سلبيا في صورة
االمتناع عن القيام بعمل ما ،على أن يكون هذا العمل أو االمتناع بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحاالت
املماثلة بشرط أن يمض ي الزمن الكافي الستقراره.
الركن املعنوي :يقصد بالركن املعنوي اعتقاد العامل وصاحب العمل بإلزامية القاعدة املتبعة وضرورة
احترامها وعدم مخالفتها واعتبار ذلك مخالفة قانونية تتطلب الجزاء.
-2االتفاقيات الجماعية
تعتبر االتفاقيات الجماعية مصدرا مهما من مصادر قانون العمل نظرا للدور الذي تلعبه في تقريب
وجهات النظر بين العمال وأصحاب العمل في مجال العمل ،وكونها أيضا تتضمن على قواعد قانونية أكثر
مالئمة للعمال بسسب استقالليتها عن السلطات الرسمية وأيضا كونها تخضع لإلرادة الحرة للعمال وأرباب
العمل دون املساس بالنظام العام وأحكامه.
لقد حدد املشرع ضمن املواد من 114إلى 134األحكام التي تنظم االتفاقيات الجماعية ،من توافر
مجموعة من الشروط املوضوعية والشروط الشكلية بحيث يجب أن تكون مكتوبة ومحل إشهار في وسط
العمال ،وكذا القيام بعملية تسجيلها لدى مفتشية العمل وكتابة ضبط املحكمة.
-3النظام الداخلي
يعتبر النظام الداخلي مصدرا مهنيا من مصادر قانون العمل ،ويتولى صاحب العمل بإعداده دون مشاركة
العمال على أن ال يمس حقوقهم ،ويجب على كل مؤسسة أن يكون لها نظامها الداخلي إذا تجاوز عدد
العمال 20عامال.
وتتضمن هذه اللوائح التنظيمية مجموعة من التعليمات واألوامر والتوجيهات واالحتياطيات األمنية التي
تصدر عن صاحب العمل ،والنظم الخاصة بتنظيم العمل في املؤسسة املستخدمة من الناحية التقنية و
األمنية والصحية ،فضال عن اإلجراءات الخاصة بالوقاية من حوادث العمل واألمراض املهنية ،إلى جانب
اإلجراءات التأديسية املترتبة على مخالفة قواعد العمل التي تفرضها القوانين أو االتفاقيات الجماعية أو
عقود العمل الفردية ،أو النظام الداخلي .بهدف املحافظة على االستقرار واألمن في أماكن العمل.