You are on page 1of 110

‫بداية المتفقهين – كتاب‬

‫المقــــــــــدمــــة‬
‫‪1‬‬

‫المقـــــــدمـة‬

‫رب زدْني ِع ْلما ً چ والصالة والسالم على‬


‫الحمد هلل الذي أمر نبيهـ أن يستكثرـ من العلم فقال ‪ :‬چ َوقل ِّ‬
‫القائل‪:‬‬

‫ب ِّل ُغوا َع نِّي َو ل ْو آ َ‬


‫ي ة " وعلى آله وصحبهـ وسلم تسليما ً كثي ًراً مزيداً إلى يوم الدين ‪.‬‬ ‫" َ‬

‫ثم أما بعد ‪:‬‬

‫أضع بين يديك أخي القارئ صفحات سطرت فيها مسائل فقهية بشكل ميسر ‪ ,‬وهي شرح لمتن‬
‫) منهج السالكين للشيخ عبد الرحمن السعدي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬وهو عبارة عن متن يسير يحوي‬
‫مسائل مهمة في الفقه ‪.‬‬

‫وقمتُ ‪ -‬مستعينا ً بربي ‪ ,‬معترفا ً له بعجزي ونقصيـ وقلة حيلتي وبضاعتي ‪ -‬بعرض مسائله مع‬
‫الدليل ‪ ,‬وأضفت إليه بعض المسائل األخرى التي لم تكن في الباب – والتي المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪-‬‬
‫تع َّمد حذفها ؛ بغية االختصار ‪ -‬فأضفتها وحرصت على إلحاق الدليل بالمسألة ‪ ,‬وهو شرح‬
‫مختصر فيه بيان الراجح فقط ‪ ,‬يناسب المبتدئ في طلب الفقه في الدين ‪ ,‬ومن أراد التوسع في‬
‫مسألة من مسائل الشرح فهناك شرح أوسع منه منَّ هللا عل َّي بشرح بعضه وال زلنا في باقيه ‪-‬‬
‫نسأل هللا تمامه ‪ -‬وهو شرح لمتن زاد المستقنع أحد أشهر متون الفقه الحنبلي ‪ ,‬قمت بعرض‬
‫قولين في المسألة ‪ ,‬أحدهما قول مذهب الحنابلة ‪ ,‬وقول آخر ربما يكون هو الراجح في المسألة ‪,‬‬
‫سر هللا لي تمام العبادات منه ‪ ,‬وبعدها يتعرف طالب العلم أقوال بقية األئمة ‪.‬‬
‫وي َّ‬

‫ويكون بهذا التدرج ‪ ,‬حوى الفقه بطريقة تأصيلية مرتبةـ بعيدة عن العشوائية في طلبه ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫وهللا أسأل أن يفقهني وإياك في دينه ‪ ,‬وينفعنا بما نعلم ‪ ,‬ويجعلنا من عباده المخلصين العالمين‬
‫العاملين إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬

‫كتبه ‪ /‬عبد هللا بن حمود الفريح‬

‫الحدود الشمالية – رفحاء‬

‫‪forih@hotmail.com‬‬

‫نبذة مختصرة عن المؤلف‬


‫‪2‬‬

‫نبذة مختصرة عن المؤلف‬

‫اسمه ونشأتهـ وعلمه‪:‬‬


‫هو الشيخ أبو عبد هللا عبد الرحمن بن ناصر بن عبد هللا بن ناصر آل سعدي من قبيلة تميم ‪ ،‬ولد في‬
‫بلدة عنيزة ‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 21‬محرم من عام ‪2031‬ه ‪ ،‬توفيت أمه وعمره أربع سنين ‪ ،‬وتوفي أبوه‬
‫وعمره سبع سنين ‪ ،‬فعاش يتيما ‪ ،‬لكنه نشأ نشأة حسنة ‪ ،‬فحفظ القرآن وعمره أحد عشر سنة ‪ ،‬ثم‬
‫اشتغل بالعلم من علماء البلد ومن يقدم على البلد في كل فن ‪ ،‬ولما بلغ ثالثا وعشرين سنة جلس‬
‫للتدريس فكان يتعلم ويعلم ‪ ،‬وكان مهتما بالفقه الحنبلي ‪ ،‬ثم توسعت مداركه وأكب‬
‫على كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ‪ ،‬ويميل إلى آراء ابن تيمية ‪ ،‬وكانت فتاواه‬
‫قصيرة سهلة ‪ ،‬وكان قوي الذاكرة سريع الكتابة مؤلفاته سهلة الفهم ‪ ،‬استفاد منه أقرانه حين رأوا‬
‫حرصه واجتهاده في العلم‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫بعض مشايخه‬


‫أول من قرأ عليه الشيخ وأخذ عنه الشيخ‪ :‬إبراهيم بن حمد الجاسر ‪ ،‬وكان يحبه شيخه ‪ ،‬ويصف‬
‫أخالقه وكرمه ومواساته للفقراء ‪ ،‬أنه كثيرا ما يأتيه الفقير في اليوم البارد فيخلع أحد ثوبيه ويلبس‬
‫الفقير مع حاجته له وفقره ‪.‬‬
‫ومن مشايخه‪ :‬الشيخ‪ :‬محمد بن عبد الكرم الشبل ‪ ،‬والشيخ‪ :‬صالح بن عثمان القاضي )قاضي‬
‫عنيزة ( وهو أكثر من قرأ عليه والزمه حتى توفي ‪ ،‬والشيخ‪ :‬عبد هللا بن عايض ‪ ،‬والشيخ‪ :‬علي‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب‬

‫السناني ‪ ،‬والشيخ محمد الشنقيطي‪ -‬لما قدم عنيزة قرأ عليه في التفسير والحديث وعلوم العربية ‪،‬‬
‫وغيرهم رحمهم هللا جميعا ‪.‬‬

‫وأما تالميذه‪ :‬فكثر أبرزهم شيخنا الشيخ ‪ :‬محمد بن صالح العثيمين ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ -‬الذي خلفه‬
‫في التدريس[ و اإلفتاء في عنيزة ‪ ،‬والشيخ‪ :‬عبد هللا بن عبد العزيز بن عقيل ‪ ،‬والشيخ‪ :‬علي بن حمد‬
‫الصالحي ‪ ،‬والشيخ‪ :‬عبدالعزيز بن محمد السلمان ‪ ،‬والشيخ‪ :‬محمد بن عبد هللا بن مانع ‪ ،‬والشيخ‪ :‬عبد‬
‫هللا بن عبد الرحمن البسام ‪ ،‬وغيرهم كثير رحمهم هللا جميعا ‪.‬‬
‫من أخالقه‪:‬‬
‫كان الشيخ على جانب كبير من األخالق الفاضلة متواضعا نافعا ألهله قبل مجتمعه ‪ ،‬وكثيرا ما يحل‬
‫المشاكل برضا الطرفين‬
‫‪ ،‬كثير الشفقة على المساكين والغرباء ‪ ،‬مهتما بطالبه يشحذ همتهم ‪ ،‬ويتشاور معهم ‪.‬‬

‫له كثير من المؤلفات ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أبرزها‪ :‬تفسير القرآن الكرم المسمى ‪ ) :‬تيسير الكريم المنان في‬
‫تفسيرـ القرآن ( ‪) ،‬الحق الواضح المبين في شرح توحيد األنبياء والمرسلين( ـ وهو توضيح لنونية‬
‫ابن القيم ـ ‪) ،‬منهج السالكين وتوضيحـ الفقه في الدين( ـ وهو الكتاب الذي سنتناول شرحه ـ ‪) ،‬‬
‫التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪3‬‬

‫نبذة مختصرة عن المؤلف‬

‫الواسطية من المباحث المنيفة ( ‪ )،‬بهجة قلوب األبرار وقرة عيون األخيار في شرح جوامع األخبار‬
‫( ـ وهو شرح لتسعة وتسعين حديثا وهو نفيس ـ‪ ) ،‬رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه‬
‫المهمة( ‪) ،‬القواعد الحسان لتفسير القرآن( ‪) ،‬القول السديد في مقاصد التوحيد( ‪) ،‬تيسيرـ اللطيف‬
‫المنان في خالصة تفسير القرآن (‪) ،‬الوسائل المفيدة للحياة السعيدة( ‪ ،‬وغيرها كثير ‪.‬‬

‫مرضه ووفاته ‪:‬‬


‫ُأصيب ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬عام‪ 2012‬ه ‪ .‬بمرض ضغط الدم ‪ ،‬وضيق الشرايين الذي عانى منه وصبر عليه ‪،‬‬
‫إلى أن توفي قبيل فجر الخميس ‪ 11‬جمادى اآلخرة سنة ‪2011‬ه ‪ .‬بعد عمر دام قرابة ‪ 16‬عاما رحمه‬
‫هللا رحمة واسعة ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫مقـــدمةـ المصـنــف‬

‫‪4‬‬

‫مقُ َد ِّمة‬
‫س ِم الل ِه اَ ْ‬
‫لرح َم ِن‬ ‫ب ْ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪] : -‬‬

‫َوب ِه‬ ‫يم‬


‫الرح ِ‬
‫ِ‬

‫ست ِعينُ‬
‫ن ْ‬

‫توب إل ْي ِه ‪َ ,‬و َن عو ُذ باهللِ ِمنْ ُ‬


‫ش ُرو ِر أنْ‬ ‫ستَ غفِرهُ ‪َ ,‬و َن ُ‬
‫ستعينهُ ‪َ ,‬ون ْ‬ ‫اَ ْْل َح ْم ُد هللِ ‪ْ ,‬‬
‫نح َم ُدهُ ‪َ ,‬ون ْ‬
‫ش َه ُد أنْ اَل إلهَ‬‫ي لهُ ‪َ ,‬وأ ْ‬ ‫ض َّل لَهُ ‪َ ,‬ومنْ ْ‬
‫يضل ْل فاَل َها ِد َ‬ ‫ي ْه ِد هللاُ فاَل ُم ِ‬‫ت أ ْع َمالنا‪َ ,‬منْ َ‬
‫سيئا ِ‬
‫سنا‪َ ,‬و َ‬ ‫فُ ِ‬
‫سل َم ‪.‬‬
‫صلى هللاُ َعلي ِه َوآل ِه َو َ‬ ‫س ُولُهُ ‪َ ,‬‬‫ش َه ُد أنَّ ُم َح َّم ًدا َع ْب ُدهُ َور ُ‬ ‫إاَّل هللاُ ‪ْ ,‬‬
‫وح َدهُ اَل شَريكَ لهُ ‪َ ,‬وأ ْ‬

‫ب ْع ُد ‪:‬‬
‫أ َّما َ‬

‫ص ْرتُ في ِه‬ ‫قت َ‬ ‫سائ ِل َوال َّداَل ئ ِل ؛ َوا ْ‬ ‫ب ْي َن اَ ْْل َم َ‬


‫ص ٌر في اَ ْْلفِ ْق ِه ‪َ ,‬ج َم ْعتُ في ِه َ‬ ‫كتاب ُم ْخت َ‬‫ٌ‬ ‫ف َه َذا‬ ‫َ‬
‫ص ُر‬‫قت ِ‬ ‫وع ‪ ,‬و َكثي ًرا َما أ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ضرور ِة إلى َه َذا اَ ْْل َم ْو ُ‬ ‫َعلى أ ُه ِّم اأْل ُمو ِر ‪َ ,‬وأعْظ ِم َها َن ْف ًعا‪ ,‬ل ِ‬
‫ش َّد ِة ال َّ‬
‫َ‬
‫ين ‪ ,‬أِل نَّ اَ ْْل ِع ْل َم ‪:‬‬ ‫ف ْه ِم ِه َعلى اَ ْْل ُم ْبتدِِئ َ‬ ‫س ُهول ِة ِح ْف ِظ ِه َو َ‬ ‫ض ًحا؛ ل ُ‬ ‫ان اَ ْْل ُح ْك ُم في ِه َوا ِ‬ ‫ص إذا َك َ‬ ‫َعلى اَلنَّّ ِّ‬
‫ق ب َدليل ِه ‪.‬‬ ‫َم ْعرفةُ اَ ْْل َِّح ِّ‬
‫س‬ ‫سنََّّ ِة ‪َ ,‬وا ْْلِ ْجماع ‪َ ,‬وا ْْ‬ ‫َوا ْْلفِ ْقهَ ‪َ :‬م ْعرفةُ اأْل ْح َكاِم الش َّْر ِعي ِة اَ ْْلفَ ْر ِعي ِة بِأ ِدلت َها ِمنْ اَ ْْل ِكتا ِ‬
‫ق يَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ ِ‬ ‫ب ‪َ ,‬وال ُّ‬
‫سألةُ ِخاَل فيةً ‪,‬‬ ‫ت اَ ْْل َم ْ‬ ‫ش ُهور ِة ؛ َخ ْوفا ِمنْ التطوي ِل ‪َ ,‬وإذا َكان ِ‬ ‫ص ُر َعلى اأْل ِدل ِة اَ ْْل َم ْ‬ ‫قت ِ‬ ‫يح‪َ .‬وأ ْ‬‫ح ِ‬ ‫ص ِ‬
‫ال َّ‬

‫عا ل ْْل ِدل ِة اَلش َّْر ِعي ِة [ ‪.‬‬


‫ب ً‬ ‫تص ْرتُ َعلى اَ ْْلقَ ْو ِل ال ِذي تَ َّ‬
‫رج َح ِع ْن ِدي‪ ,‬تَ َ‬ ‫ق َ‬‫ا ْ‬

‫ـ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫مقـــدمةـ المصـنــف‬

‫‪5‬‬

‫الشـــرح‬
‫أفادنا المؤلف أن هذا الكتاب مختصر فهو ليس من الكتب التي تحوي التفصيل في المسائل و‬
‫إنما قصد المؤلف فيه االختصار جامعا ً لكل مسألة دليلها ولذا قال ‪ ":‬جمعت فيه المسائل والدالئل "‬
‫فالمسائل هي األحكام ‪ ،‬والدالئل هي األدلة ‪ ،‬والمقصود بها ‪ :‬النصوص التي يستدل بها من آية أو‬
‫حديث ‪ ،‬بل بين أنه ربما يذكر النص مباشرة من دون ذكر للحكم بمعنى أن النص يكون بدل المسألة‬
‫وهو في نفسه دليل ولذا قال ‪":‬وكثيرا ما أقتصر على النص إذا كان الحكم فيه واضحا"‪.‬‬
‫في كتاب الصيام داالً على بعض األحكام بذكر النص فقط ‪ ،‬قال ‪ " :‬وقال‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫مثال ذلك ‪ :‬قال‬

‫صاِئ ٌم فَ ْليتِ َِّم َ‬


‫ص ْو َم هُ‬ ‫َرب َو ُه َو َ‬ ‫أحد ُك ِ ْم فأ َك َل ْ‬
‫أو ش َ‬ ‫ى َ‬‫‪ " :‬إ َذا ن ِس َ‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫النبي‬

‫بخ ْي ر َما ع ََّجلوا ا ْْلفط َر " )‪ ، (1‬وقال ‪:‬‬


‫الناس َ‬
‫ُ‬ ‫ق اهُ" )‪ ، (2‬وقال‪ ":‬الَ َ‬
‫ي زَ ا ُل‬ ‫س َ‬
‫فإن َما أط َع َمهُ هللاُ َو َ‬

‫ب ر َكةٌ " )‪ [ ...... ،(0‬وكل ذلك يريد االختصار‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬وبين‬
‫س ُحو ِر َ‬
‫س َّحروا فإنَّ في ال َّ‬
‫"ت َ‬

‫أسباب االختصار و أنها ‪:‬‬

‫‪ .2‬االقتصار على أهم األمور ‪.‬‬


‫‪ .1‬شدة الضرورة لمثل هذا والتركيز عليها ‪.‬‬
‫‪ .0‬سهولة الحفظ والفهم على المبتدئين ‪.‬‬
‫‪ .4‬االختصار بذكر الدليل يكفي إذ أن العلم معرفة الحق بدليله ‪.‬‬
‫بيان معنى الفقه ‪:‬‬
‫الفقه في اللغة ‪ :‬الفهم ‪ ،‬وقول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪َ " : -‬منْ يُر ِد هللاُ ب ِه َخ ْي ًرا ي فَقِّ ْههُ فِي‬
‫ِّين ")‪ (4‬من حديث معاوية ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ، -‬المراد به الفهم أي ‪ :‬يفهمه في الدين ومسائله على وجه‬ ‫الد ِ‬
‫العموم ‪ ،‬فيدخل في ذلك العقائد واألحكام وما يخص الحديث والتفسير وسائر علوم الدين ‪.‬‬
‫لكن المؤلف هنا أراد الفقه بمعناه االصطالحي الذي يختص باألحكام ‪ ،‬فقال في تعريفه ‪) :‬‬
‫والفقه معرفة األحكام الشرعية الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة وا ْلجماع والقياس‬
‫الصحيح( ‪.‬‬
‫) األحكام الشرعية( ‪ :‬أي التي أخذت من الشريعة ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫مقـــدمةـ المصـنــف‬

‫‪6‬‬

‫) الفرعية ( ‪ :‬الفرع ضد األصل فهو ال يريد المسائل واألحكام األصولية التي تسمى ‪ ) :‬العقائد ( ‪،‬‬
‫وإنما أراد الفرعية وهي مسائل الفقه من عبادات ومعامالت وأشباههما ‪.‬‬
‫) بأدلتهما ( ‪ :‬المقصود بها البراهين التي يستدل بها وهي مأخوذة من أربعة أمور ذكرها ‪:‬‬
‫‪ .2‬الكتاب ‪ :‬أي القرآن الكرم ‪.‬‬
‫الس نَّة ‪ :‬أي سُ نَّة النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‬
‫‪ُ .1‬‬
‫‪. -‬‬
‫‪ .0‬ا ْلجماع‪ :‬أي ما أجمعت عليه أمة محمد ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬و أهل الرأي منهم وهم العلماء‬
‫‪.‬‬ ‫فإجماعهم إجماع لألمة ؛ ألنهم األعلم بمسائل الدين‬
‫‪ .4‬القياس‪ :‬وهو أن يلحق الفرع باألصل في علة تجمع بينهما ‪ ،‬وأشار إلى أنه البد أن يكون‬
‫القياس صحيحا ‪ ،‬وهذا يفيدنا بأن هناك قياس فاسد فهو ال يعتبر ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )2600‬رواه مسلم برقم ‪)2211( .‬‬


‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم )‪ ، (2611‬رواه مسلم برقم )‪. (2361‬‬
‫)‪ (0‬رواه البخاري برقم )‪ ، (2601‬رواه مسلم برقم )‪. (2361‬‬
‫‪ ()4‬رواه البخاري برقم) ‪ ، (12‬رواه مسلم برقم‪)2301( .‬‬

‫طريقته في المتن ‪:‬‬


‫أفادنا المؤلف أنه ال يريد اإلطالة كما تقدم ولذا في استدالله أيضا ال يذكر إال األدلة المشهورة لئال‬
‫يطول الكالم فيخرج عن مقصود الكتاب وهو االختصار في إيراد األحكام‬
‫ولما كانت المسائل الخالفية تجعل الكالم طويال ‪ ،‬بين المؤلف – رحمه هللا ‪ -‬طريقته فيها فقال ‪ " :‬و إذا‬
‫رحمه‬ ‫كانت المسألة خالفية ‪ ،‬اقتصرت على القول الذي ترجح عندي ‪ ،‬تبعا لألدلة الشرعية " ‪ ،‬فهو ‪-‬‬
‫‪-‬ال يورد األقوال في المسألة و أدلتها ومناقشتها ‪ ،‬ومن رجحها من أهل العلم ‪ ،‬وإنما يذكر ما ترجح‬ ‫هللا‬

‫عنده تبعا لما دل عليه الدليل ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫مقـــدمةـ المصـنــف‬

‫‪7‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪7‬‬ ‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬

‫األحــكام الخـمـسة‬

‫ُ‬
‫سةَ‬ ‫اََألح ْكاَم ْ‬
‫الخ َم ْ‬

‫ب تار ُِكهُ‬
‫فاعلهُ ‪َ ,‬وع ِوقِ َ‬
‫أثيب ِ‬
‫َ‬ ‫ب ‪َ :‬و ُه َِو َما‬ ‫سة ‪ :‬ا ْْل َو ِ‬
‫اج ُ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪]: -‬األحكام الخم ِ‬
‫َوا ْْل َح َرا ُم ‪:‬‬

‫اقب فاعلهُ ‪َ .‬وا ْْل َم ْ‬


‫سنونُ ‪ :‬ض َّدهُ ‪َ .‬وا ْل ُم ُ‬
‫باح ‪َ :‬و ُه َو‬ ‫ِ ض َّدهُ ‪َ .‬وا ْْل َم ْكروهُ ‪َ :‬ما أثِ َ‬
‫يب تار ُِكهُ ‪َ ,‬ول ْم ي َع ْ‬

‫تاج إل ْي ِه‬
‫يح ُ‬‫ي تَ َعل َم ِم نُُْه ُك َّل َما ْ‬ ‫لى اَ ْل ُم َك ِ‬
‫لف أنْ َ‬ ‫ب َع ِ‬
‫يج ُ‬ ‫الذي ف ْعلهُ َوتَ ر ُكهُ َعلى َح ٍّد َ‬
‫س َو اء‪َ .‬و ِ‬
‫صل ى هللاُ عَل ْي ِه َو َسلم ‪َ " -‬منْ يرد هللاَ به َخ ْي ًرا ي فَقِّ ْههُ في‬
‫‪َ -‬‬ ‫في ِعبا َدات ِه َو ُم َعا َماَل ت ِه َوغ ْير َها‪ .‬قا َل‬

‫الدِّي ِن " ُمتَّ فَ ٌ‬


‫ق َعليِْه ‪. [.‬‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫ما ذكر المؤلف يدخل في دراسة أصول الفقه ‪ ،‬ال الفقه ‪ ،‬وهي ‪ :‬بيان معنى األحكام التكليفية الخمسة‬
‫وهي ‪:‬‬
‫) الواجب ‪ ,‬والحرام ‪ ,‬والمكروه ‪ ,‬والمسنون ‪ ,‬والمباح ( فهي من مباحث أصول الفقه لكن أوردها‬
‫المؤلف هنا ؛ ألهميتها إذ أن طالب العلم المبتدئ ستمر عليه هذه المصطلحات كثيرا ‪ ،‬فسيمر به ‪:‬‬
‫يجب كذا ‪ ،‬ويحرم كذا ‪ ،‬ويكره كذا ‪ ،‬ويسن كذا ‪ ،‬ويباح كذا ‪ ،‬فال بد من معرفة هذه المصطلحات‬
‫وهي بالمثال كما يلي ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬الواجب ‪ :‬وهو ما أمر به الشارع على وجه اإللزام ‪ ،‬أي البد من فعله ‪.‬‬
‫ثمرته ‪ :‬يثاب فاعله ويعاقب تاركه ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬الطهارة ‪ ،‬والصالة ‪ ،‬والزكاة ‪ ،‬والحج ‪ ،‬واإلخالص ‪ ،‬والصدق ‪ ،‬وغيرها فهذه كلها واجبات ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المحرم‪ :‬وهو مانهى عنه الشارع على وجه اإللزام ‪ ،‬أي البد من تركه فهو ضد الواجب ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــاب الطــــهارة‬
‫‪9‬‬

‫ثمرته‪ :‬يعاقب فاعله ويثاب تاركه ‪.‬‬


‫مثاله‪ :‬الربا ‪ ،‬والزنى ‪ ،‬والغناء ‪ ،‬والغيبة ‪ ،‬والرياء ‪ ،‬وغيرها فهذه كلها محرمات ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬المكروه‪ :‬وهو مانهى عنه الشارع على غير وجه اإللزام ‪ ،‬أي من األفضل تركه ‪.‬‬
‫ثمرته‪ :‬ال يعاقب فاعله ‪ ،‬ويثاب تاركه ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬االلتفات لغير حاجة في الصالة ‪ ،‬والعبث القليل في الصالة ‪ ،‬وكذلك االختصار فيها أي وضع‬
‫اليدين في الخاصرة ‪ ،‬وغيرها فهذه كلها مكروهات ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬المسنون‪ :‬وهو ما أمر به الشارع على غير وجه اإللزام ‪ ،‬أي من األفضل فعله ‪.‬‬
‫ثمرته‪ :‬يثاب فاعله ‪ ،‬وال يعاقب تاركه ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬السنن الرواتب ‪ ،‬والوتر ‪ ،‬واألكل والشرب بثالثة أصابع ‪ ،‬والنوم على الشق األيمن ‪ ،‬وغيرها‬
‫فهذه كلها سنن‪.‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫األحــكام الخـمـسة‬

‫‪8‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬المباح‪ :‬وهو ما لم يأمر به الشارع ولم ينه عنه ‪ ،‬فاألصل فيه اإلباحة ‪ ،‬ففعله وتركه سواء‬
‫ال ثمرة له في الفعل أو الترك ‪ ،‬إال إذا احتسب اإلنسان في المباح خي ًراً فتتحول العادات إلى عبادات‬
‫‪ ،‬أو المباح إلى طاعة ‪ ،‬وذلك بحسن نيته ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬أكل اإلنسان لعشاءه أو غداءه أو أي وجبة في يومه وليلته هو أمر مباح ‪ ،‬لكن إن نوى به‬
‫التقوي على الطاعة أثيب على حسن نيته ‪.‬‬
‫‪ -‬بيّن المؤلف أنه يجب على كل إنسان تعلم ما يحتاجه من أحكام سوا ًء كانت عبادات أو معامالت ‪،‬‬

‫والمكلف هو العاقل البالغ ؛ ألنه حينئذ يكون مطالب بما وجد في هذه األرض من أجلها وهي عبادة هللا‬

‫– تعالى ‪ ، -‬قال هللا – تعالى‪َ } : -‬و َما َخلَ ْقتُ ا ْل ِجنَّ َوا ْْلِ َ‬
‫نس إاَّل ل َي عْبدُو ِن { ] الذاريات ‪. [11:‬‬

‫وبيّن ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أن الفقه والفهم في الدين و أحكامه عالمة على أن هللا أراد بهذا المرء خي ًراً ‪ ،‬وعلى‬

‫طالب العلم استحضار هذا المقصود دوما ً لينال ذلك الشرف العظيم ‪ ،‬فيكون من خيار هذه األمة ‪- ،‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫نسأل هللا من فضله الواسع ‪-‬واستدل على ذلك بقول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ " : -‬منْ يُر ِد هللاُ ب ِه َخ ْي‬

‫ًرا ي فَقِّ ْههُ فِي ال ِّد ِ‬


‫)‪(1‬‬
‫ين"‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم) ‪ ، (12‬رواه مسلم برقم ‪)2301( .‬‬

‫ُ‬
‫كتِاَب اَلط َّهاَر ِةَ‬

‫‪ " :‬بن َي ا ْلِ ْ‬


‫سال ُم َِعلى َخ ْم س ‪:‬‬ ‫سلم ‪-‬‬
‫صل ى هللاُ عَل ْي ِه َو َ‬
‫‪َ -‬‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ ]: -‬قا ِل النَّبي‬

‫وح ِّج البيت ‪,‬‬ ‫ش َهاد ِة أنَّ ال إله إال هللا ‪َ ,‬و أنَّ ُم َح َّمداً ر ُ‬
‫سو ُل هللا ‪َ ,‬و إقاِ ِم الصال ِة ‪َ ,‬و إيتا ُء الز َكاة ‪َ ,‬‬ ‫َ‬
‫ش َها َدةُ أنْ اَل إلهَ إاَّل هللاُ ‪ِ :‬ع ْل ُم اَ ْْل َع ْب ِد َواعْتقَا ِد ِه َوا ْْل َ‬
‫تزا ِم ِه أنهُ اَل‬ ‫رمض ان " ُمتَ فَ ٌ‬
‫ق َعل ْيه ‪ ,‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫ص ِوم‬
‫َو َ‬
‫إخاَل َ‬
‫ص‬ ‫ب ذل َك َعلى اَ ْْل َع ْب ِد ‪ْ :‬‬ ‫ف يو ِج ُ‬ ‫ش ِري َك لهُ ‪َ .‬‬ ‫ق اأْل لو ِهيةَ َوا ْْلعبو ِديةَ إاَّل هللاُ َو ْح َدهُ اَل َ‬
‫ست ِح ُّ‬
‫ي ْ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــاب الطــــهارة‬
‫‪11‬‬

‫ون ِعبا َداتهُ الظا ِهرةُ َوا ْْل ِ‬


‫باطنةُ ُكل َها هلِل ِ َو ْح َدهُ ‪َ ,‬وأنْ اَل يشْر َك‬ ‫ِّين هللِ تَ َعالى ‪َ ,‬وأنْ ت ُك َ‬ ‫يع الد ِ‬‫َج ِم ِ‬
‫لين َوأتْ با ِع ِه ْم ‪َ ,‬ك َما قا َل تَ َع الى‪:‬‬ ‫س َ‬‫يع اَ ْْل ُم ْر َ‬
‫ين َج ِم ِ‬ ‫يع أ ُمو ِر ال ِّد ي ِن‪َ .‬و َه َذا ْ‬
‫أص ُل ِد ِ‬ ‫ش ْيئا في َج ِم ِ‬
‫ب ِه َ‬
‫رس ول إاَّل نو ِحي إل ْي ِه أنهُ اَل إلهَ إاَّل أنا فاعْبدُو ِن { ]اأألنأبيا ِء ‪. [11 :‬‬ ‫ُ‬ ‫ق ْبلِ َك ِمنْ‬ ‫س ْلنا ِمنْ َ‬
‫} َو َما أر َ‬
‫صل ى هللاُ عَل ْي ِه َو َسلم ‪ِ -‬إلى‬
‫ح َّم ًِدا ‪َ -‬‬ ‫ي عْتقِ َد اَ ْل َع ْب ُد أنَّ هللاَِ أر َ‬
‫س َل ُم َ‬ ‫ش َها َدةُ أنَّ ُم َِح َّم ًدا ر ُ‬
‫س ِو ُل الل ِه‪ :‬أنَّ َ‬ ‫َو َ‬
‫ديق‬
‫بتص ِ‬‫س َوا ْْلجنِّ ‪ -‬بشيرا َونِذي ًرا‪ ,‬يدْعو ُه ْم إلى تَ ْوحيد هللا َوطا َعته ‪ِْ ,‬‬ ‫ْ‬
‫لي ِن ‪ -‬ا ْلِن ِ‬ ‫الث قَ ْ‬
‫يع َّ‬ ‫َِج ِم ِ‬
‫صاَل َح في الدُّنْ يا َو ْا ِخر ِة إاَّل‬ ‫س َعا َدةَ و اَل َ‬ ‫ب َن هْي ِه ‪َ ,‬وأنهُ اَل َ‬ ‫اجتنا ِ‬
‫ثال أ ْمره ‪َ ,‬و ْ‬ ‫َخبره ِ‪َ ,‬وا ْمتِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ين ‪.‬‬ ‫أج َم ِع َ‬
‫س ْ‬ ‫س َوا ْل َول ِد َوالنَّّا ِ‬ ‫ب تَ ْق ِدي ُم َم َحبت ِه َعلى َم َحب ِة اَلنَّ ْف ِ‬ ‫با ْْلِي َما ِن ب ِه َوطا َعت ِه‪َ ,‬وأنهُ ِ‬
‫يج ُ‬
‫ب لهُ هللاُ َعلي ِه ِمنْ اَ ْْلعل ِوم اَ ْْل َكا ِمل ِة ‪,‬‬ ‫سالت ِه ‪َ ,‬وب َما َج َ‬ ‫ت الدَّال ِة َعلى ر َ‬ ‫َوأنَّ هللاَ أي َدهُ بِا ْْل ُم ْع ِج َزا ِ‬
‫الح الدِّيني ِة‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ‪َ ,‬وا ْْل َم َ‬‫الرح َم ِة َوا ْْل َِّح ِّ‬ ‫ي نهُ ِمنْ اَ ْْل ُه َدى َو ْ‬ ‫ق اَ ْْل َعالي ِة ‪َ ,‬وب َما اشْت َم َل َعلي ِه َد ْ‬ ‫َواأْل ْخاَل ِ‬
‫ق في اأْل ْخبا ِر َواأْل ْم ِر َوالنَّ‬ ‫ي تهُ اَ ْْل ُك ْب رى‪َ :‬ه َذا اَ ْْلقُ ْرآنُ اَ ْْل َع ِظي ُم ‪ ,‬ب َما في ِه ِمنْ اَ ْل َِّح ِّ‬ ‫َوالدُّنْ يوي ِة ‪َ ,‬وآ َ‬
‫ه ِْي ‪َ ,‬وهللاُ أعْل ُم [ ‪.‬‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬األركان التي قام عليها ا ْلسالم ‪:‬‬

‫‪-‬‬ ‫المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬ذكر في هذا الفصل األركان الخمسة اِلتي قام عليها اإلسالم مستدالً بحديث ابن عمر‬
‫رضي هللا عنه‪-‬‬

‫ش َها َد ِة أ نْ الَ إلهَ إالَّ‬‫س ال ُم َعلَى َخ ْم س ‪َ :‬‬ ‫بني ا ْل ْ‬


‫المتفق عليه ‪ ،‬قال النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ " : -‬‬
‫ضانَ ")‪. (2‬‬ ‫ص ْوم ‪ ,‬ر َم َ‬ ‫َو َ‬ ‫َوا ْل َح ِّج ‪,‬‬ ‫الص ال ِة ‪َ ,‬وإيتَا ِء الز َكا ِة‬
‫َّ‬ ‫الل هُ َوإقاِم ‪,‬‬
‫وهذه األركان الخمسة ‪ ،‬ال بد للمؤمن أن يعرفها ويعرف ما تضمنته ‪ ،‬فأما إقامة الصالة وإيتاء‬
‫الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ‪ ،‬فهذه أركان سيكون الحديث عنها بالتفصيل في هذا الكتاب ‪،‬‬
‫ولذا لم يتكلم عنها في هذا الفصل ؛ ألنها ستأتي كل ركن مستقل وما يخصه من أحكام ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )1‬رواه مسلم برقم) ‪. (21‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــابـ الطــــهارة‬

‫‪11‬‬

‫و أما الشهادتان فتكلم عنها بمزيد من البيان في هذا الفصل ؛ ألنها تختص باإليمان وهذا يدخل في‬
‫باب العقائد ‪ ،‬ولذا أشار في هذا الفصل إلى ما يجب معرفته باختصار في هذا الركن ومن أراد‬
‫‪.‬‬ ‫التفصيل فسيجده في كتب العقائد‬

‫)شهادة أن ال إله إال هللا ( ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫بين المؤلف ‪ -‬رحمه هللا‪ -‬معنى الشهادة باختصار وأنها إقرار العبد واعتقاده وتحققه بأنه ال يستحق‬
‫أحد أن يكون إلها ً وال أن يعبد إال هللا وحده ال شريك له ‪ ،‬وبين أن هذه الشهادة تعني شيئا ً عظيما ً‬
‫وهو ‪ :‬اإلخالص هلل ‪ -‬تعالى‪. -‬‬
‫صينَ لهُ الدِّينَ ُحنَ فَا َء َويقِي ُموا ال َّ‬
‫صالةَ َوي‬ ‫لي عْبدُوا هللاَ ُم ْخلِ ِ‬
‫قال‪ -‬تعالى‪َ } : -‬و َما أ ِم ُروا إاَّل َ‬

‫ْؤ توا الز َكاةَ َو َذل َك ِدينُ ا ْْلقَي َم ِـة {]البينة‪. [1:‬‬

‫وبيّن أن هذا اإلخالص ال يكون في جانب دون جانب ‪ .‬بل في جميع جوانب الدين البد أن تكون‬
‫هلل – تعالى‪ ، -‬وبناء عليه لينتبه أيضا ً طالب العلم في طلبه للعلم ‪ ،‬لهذا الجانب على وجه‬
‫الخصوص وليسأل نفسه ‪ :‬لماذا أتعلم ؟ ولماذا‬
‫عمر‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن‬ ‫ِ‬ ‫أتفقه ؟ ولماذا أطلب العلم ؟ ففي ِسنن ابن ماجة وصححه األلباني ‪ :‬عن ابن‬
‫أو ليبا ِه َي ب ِه ا ْْل ُعل َما َء‬
‫سفَهَ ا َء ْ‬ ‫ب ا ْل ِع ْل َم لي َمار َ‬
‫ي ب ِه ال ُّ‬ ‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قِال ‪َ :‬م" نْ طل َ‬
‫إلي ِه فَهُ َو‬
‫وجوهَ الن ِاس ْ‬
‫ليصرفَ ُ‬
‫أ ْو ْ‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫فِي الن ار" )‪ ، (2‬وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – رضي هللا عنه ‪ -‬قال النبي‬
‫سعَّر‬ ‫‪ " :‬أ َّو ُل َمنْ ت َ‬
‫فأتي ب ِه فَ عَرف‬ ‫َ‬ ‫رج ٌل تَ عَل َم ا ْْل ِع ْل َم َوعَل َم هُ َو َ‬
‫ق َر َأ ا ْلقُ ْر آنَ‬ ‫به ُم النا ُر ثالثة‪ ....‬وذكر منهم ‪َ " :‬و ُ‬
‫ف يكَ ا ْلقُ ْر‬‫ق َرأ تُ ِ‬ ‫هُ ن َع َمهُ فَ ع ََرفَ هَا ق ا َل ف َما َع ِم ْل تَ فِي َها ق ا َل تَ عَل ْم تُ ا ْل ِع ْل َم َوعَل ْمت هُ َو َ‬
‫آنَ قا َل َك َذبتَ َول ِكن َك تَ َع لَّ ْم تَ ا ْل ِع ْل َم ل ُي قَا َل عَال ٌم َو َ‬
‫ق َرأتَ ا ْلقُ ْرآنَ ل ُي قَا َل قار ٌئ فَ َ‬
‫ق ْد قِي َل‬

‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــابـ الطــــهارة‬

‫ي فِي النا ِر ")‪ (1‬الحديث ‪ -‬نسأل هللا السالمة والعافية ‪-‬‬ ‫ق َ‬ ‫ب عَلى َو ْج ِه ِه َحتى ُأ ْل ِ‬
‫ح َ‬
‫س ِ‬
‫ث َّم أ ِم َر ب ِه ف ُ‬
‫ولما كان العلم من أج ّل و أعظم العبادات أيها القارئ المبارك كانت ثمرته عظيمة ويكفي في ذلك‬
‫س َّه َل ال َّل هُ َل هُ ط ِريقًا ِإلَى ا ْْل َجنَّ ِة‬
‫س فِي ِه ِع ْل ًما َ‬ ‫سل َك طريقًا يَ ْل ِ‬
‫تم ُ‬ ‫قوله – صلّى هللا عليه وسلم ‪َ " : -‬م نْ َ‬
‫)‪(0‬‬
‫"‬
‫أقول لما كانت ثمرة طلب العلم عظيمة كان صرفه لغير هللا كمدح الناس وطلب الرئاسة في الدنيا‬
‫ونحوها من األمور التي تؤدي إلى عاقبة وخيمة ‪ ،‬منها ماتقدم من أحاديث الوعيد ‪ ،‬نسأل هللا‬
‫اإلخالص في القول والعمل ونبرأ إلى هللا من كل عمل لغير وجهه جال وعال ‪.‬‬
‫و أراد المؤلف اإلخالص في جميع الدين ‪ ،‬ولكن خصصتك يا طالب العلم باللفتة السابقة ‪،‬‬
‫لكثرة مداخل الشيطان وحظوظ النفس فيها فتنبه يا رعاك هللا ‪.‬‬
‫وا ْلخالص البد أن يكون في جميع األعمال والعبادات ‪:‬‬
‫‪ .2‬الظاهرة ‪ :‬كالصالة ‪ ،‬والزكاة ‪ ،‬واألذكار ‪ ،‬والصدقات ‪ ،‬وطلب العلم ‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫‪ .1‬الباطنة ‪ :‬كالخوف ‪ ،‬والرجاء ‪ ،‬والصوم ‪ ،‬والمحبة ونحوها ‪.‬‬

‫‪ ()2‬انظر ‪ :‬صحيح الجامع برقم )‪. (4111‬‬


‫‪ ()1‬رواه مسلم برقم ‪)2631( .‬‬
‫‪)0‬مسلم من حديث أبي هريرة– رضي هللا عنه ‪ -‬برقم ‪)1166(.‬‬

‫وليتنبه المرء أن يقع في الشرك وهو ال يعلم فللشيطان مداخل كثيرة ‪ ،‬نسأل هللا السالمة والعافية ‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة إلى التوحيد وا ْلخالص أصل دين جميع المرسلين ‪.‬‬
‫فكل رسول بدأ بالتوحيد واإلخالص بنفسه ‪ ،‬ودعا أمته لذلك ‪ ،‬وهذا يبين أهمية هذه القضية ‪،‬‬
‫رس ول إاَّل نو ِحي إل ْي ِه أنهُ ال‬
‫ُ‬ ‫س ْلنا ِمنْ َ‬
‫ق ْبلِكَ ِمنْ‬ ‫واستدل المؤلف لذلك بقوله ‪ -‬تعالى‪َ } : -‬و َما أر َ‬
‫]األنبياء ‪. [11 :‬‬ ‫{‬ ‫إلهَ إاَّل أنا فاعْبد ِ‬
‫ُون‬

‫)شهادة أن محمداً رسول هللا( ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫رواه‬ ‫‪ ()2‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــابـ الطــــهارة‬

‫‪15‬‬

‫وهذه الشهادة تستلزم اتباع محمد ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬وهي متضمنة‪) :‬لشهادة أال إله إال هللا( ‪.‬‬
‫فهما ركن واحد ‪ ،‬فالتفريط في اإلخالص يوقع في الشرك ‪ ،‬والتفريط في المتابعة يوقع في البدعة ‪،‬‬
‫نسأل هللا السالمة والعافية‬
‫‪.‬‬
‫وشهادة أن محمداً رسول هللا بين المؤلف أنها تستلزم عدة أمور ‪:‬‬
‫‪ -‬إلى الثقلين اإلنس والجن ‪.‬‬ ‫‪ .2‬اعتقاد أن هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬أرسل محمدًا‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‬

‫‪ .1‬أنه أرسله بشي ًراً ونذي ًراً ‪ ) ،‬بشي ًراً (‪ :‬يبشر بالخير لمن فعله ‪ ) ،‬ونذي ًراً (‪ :‬ينذر ويخوف من‬
‫العذاب لمن فعل ما يستحق العذاب ‪.‬‬
‫‪ .0‬أنه يدعو إلى توحيد هللا ‪ -‬تعالى‪ -‬كسائر الرسل وتقدم بيانه ‪ ،‬ويدعو إلى طاعة هللا ‪ -‬تعالى‪، -‬‬
‫فيأخذوا أخبار هللا‬
‫‪ -‬تعالى ‪ -‬فيصدق وها ‪ ،‬وأوامره فيمتثلوها ‪ ،‬ونواهيه فيجتنبوها ‪.‬‬
‫‪ .4 -‬أن يعلم العبد أنه ال سعادة وال فالح وصالح في الدنيا واآلخ رة إال باإليمان‪ ،‬بما جاء به محمد‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلموطاعته ‪ ،‬وطاعته هي من طاعة هللا تعالى ؛ ألنه المبلغ لما أمر به هللا ‪ -‬ج ّل‬
‫وعال‪ -‬ونهى عنه ‪ ،‬والسعادة كل السعادة في طاعته ‪ -‬جل وعال ‪ ، -‬ولذا من أضيق الناس عيشا ً و‬
‫أكثرهم هما ً أصحاب المعاصي الذين أسرفوا على أنفسهم فظلموها مع أنهم يختارون سعادتهم كما‬
‫يشاءون ‪ ،‬فظنوا أنهم باقترافهم لما تهواه أنفسهم يسعدون ويتحررون من التكليف ‪ ،‬إال أنهم أكثر‬
‫الناس نكداً وهما ً وغما ً ‪ ،‬وبقدر بعد اإلنسان عن طاعة ربه يزيد همه ‪ ،‬لماذا ؟ ألن القلب فطره‬
‫وخلقه هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬وال سعادة له وال راحة وال طمأنينة إال بذكره ‪ -‬جل وعال ‪ -‬وطاعته بكثرة‬
‫ق لوب ُه ْم بذ ْك ِر هللاِ َأال بذ ْك ِر هللاِ تط َمئنُّ‬
‫العمل الصالح ‪ ،‬قال ‪ -‬تعالى‪} - :‬ال ِذينَ آ َمنوا َوَتط َمئنُّ ُ‬
‫ا ْْلقُ ُ‬
‫لوب { ]الرعد‪[11 :‬‬

‫يي نهُ َحياةً‬ ‫الحا ِم نْ ذ َك ر أ ْو أنثى َوهُ َو ُمْؤ ِم نٌ فَ ْ‬


‫لنح َ‬ ‫ص ً‬ ‫وقال هللا ‪ -‬تعالى‪َ } - :‬منْ ع َِم َل َ‬

‫س ِن َما َكانوا َ‬
‫ي ْع َمل ونَ { ] النحل‪. [79 :‬‬ ‫بأح َ‬
‫ْ‬ ‫أجر ُه ْم‬
‫زي نَّ هُ ْم ْ‬ ‫طيب ةً َو ْ‬
‫لنج َ‬

‫اللهم إنا نسألك حياة طيبة بطاعتك وقلبا ً مطمئنا ً بذكرك ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــابـ الطــــهارة‬

‫‪11‬‬

‫‪": -‬‬ ‫‪ .5‬أن يقدم العبد ِمحب ِة نِبيه علِ ِى محبة اِلنِفس والِولد والنِاس أجمعين ‪ ،‬لقول النبي‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‬
‫اَل يُْؤ ِمنُ َ‬
‫أحد ُك ْم‬
‫أج َمعينَ " و ليعلم من ا َّدعى محبة النبي ‪-‬‬ ‫َحتَّى أ ُكونَ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ب إل ْيه م نْ َوالده َو َولده َوالن اس ْ‬ ‫أح َّ‬
‫صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬العظيمة أن‬
‫أعظم برهان إلثبات هذه المحبة هي ‪:‬طاعته واتباعه فيما أمر ‪ ،‬واجتناب مانهى عنه وزجر ؛ ألن‬
‫طاعته من طاعة هللا ‪ -‬جل وعال‪ ،-‬ومحبته دليل على محبة العبد لربه ‪-‬جل وعال‪. -‬‬
‫الرس و َل فَقَ ْد أطَ ا َع هللاَ {]النساء‪. [13 :‬‬
‫ُ‬ ‫قال هللا ‪ -‬تعالى‪َ } - :‬من ي ِط ِع‬

‫يحب ْب ُك ُم الل هُ َو َ‬
‫ي‬ ‫وقال هللا ‪ -‬تعالى ‪} : -‬ق ْل إنْ ُك ْنت ْم ِ‬
‫تحبونَ الل هَ فاتبعونيـ ْ‬

‫غفِ ْر ل ُك ْم ذنوب ُك ْم َوالل هُ غفُ ٌو ٌر ِ‬


‫رح ي ٌم{]آل عمران‪.[ 02:‬‬

‫‪ .1‬أن يعلم العبد أن هللا ‪ -‬تعالى‪ -‬أيد رسوله ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬وجبله على عدة أمور‪:‬‬
‫أوال‪ :‬فأيده ‪ -‬جل وعال ‪ -‬بالمعجزات التي تدل على رسالته ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ ، -‬ومعجزاته كثيرة‬
‫كانت أعظم برهان له في أداء الرسالة ‪ ،‬وأعظم هذه المعجزات هي هذا القرآن العظيم الذي بين‬
‫أيدينا ‪ ،‬فقد تحدى به العرب أن يأتوا بمثله أو بعضه فلم يقدروا ؛ الشتماله على الحق المبين بما فيه‬
‫من المغيبات ‪ ،‬واألخبار ‪ ،‬واألوامر ‪ ،‬والنواهي ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وجبله على علوم كاملة في جميع مصالح العبد في هذه الحياة الدنيوية والحياة األخروية ‪،‬‬
‫واألخالق العظيمة المتمثلة في تطبيق هذا القرآن فقد كان خلقه ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬القرآن ‪ ،‬خلق‬
‫اشتمل على الدين بما فيه من هدى ورحمة وحق ‪.‬‬
‫نسأل هللا – تعالى ‪ -‬أن يهدينا ألحسن األخالق اليهدي ألحسنها إال هو ‪ ،‬ويصرف عنا سيئها ‪ ،‬ال‬
‫يصرف عنا سيئها إال هو ‪.‬‬

‫رواه‬ ‫‪ ()2‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫كتــابـ الطــــهارة‬

‫‪17‬‬

‫ما تقدم هو بيان لما ذكره المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬في مقدمته التي تتعلق بالتوحيد ‪ ،‬ذكرها المؤلف‬
‫باختصار وكان التعليق عليها بإيجاز ‪ ،‬وإال فالمؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬له كتب كثيرة تتعلق بالعقيدة‬
‫وبيانها ‪ ،‬نسأل هللا تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه جواد كرم وباإلجابة قدير‪.‬‬

‫مسلم برقم)‬ ‫البخاري برقم) ‪، (24‬‬


‫‪. (44‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫في الميــاه‬

‫‪18‬‬

‫فصــل‬

‫ٌ‬
‫‪‬‬
‫في اَل ِْمي اَ ِه[‬
‫فص ْل ] ِ‬
‫َ‬

‫ف ل َها شُروطٌ تَ تَ قَ َّد ُم َِع ْ‬


‫لي َها‪ .‬ف ِمنْ َها‪:‬‬ ‫صاَل ةُ ‪َ :‬‬
‫‪َ ] :‬وأ َّما ال َّ‬ ‫‪ -‬رحمه هللا ‪-‬‬ ‫قال المصنف‬
‫َ‬
‫ق‬ ‫ي ْقب ُل هللاُ َ‬
‫صاَل ةً بغ ْي ِر طَهُ ور" ُمتَّ فَ ٌ‬ ‫صل ى هللاُ عَل ْي ِه َو َسلم ‪ ": -‬اَل َ‬
‫ي ‪َ -‬‬‫الط َهارةُ ‪َ :‬ك َما قا َِل اَلنَّّبِ ُّ‬
‫َ‬
‫صالةَ لَه ‪َ .‬والط َها ُرةُ َن‬
‫سة فال َ‬ ‫من ا ْْل َح َدث اأْل ْكب ِر َو ْ‬
‫األصغر َوالنَّّ َجا ِ َ‬ ‫ي تطهَّ ْر َ‬ ‫َعل ْيه ‪ .‬ف َم ْ ِن ل ْم َ‬
‫أحد ُه َما ‪ :‬الط َهارةُ بال َماء ‪َ ,‬وه َي اأْل ْ‬
‫ص ُل [ ـ‬ ‫ْو َعان ‪َ :‬‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬ما هو تعريف الطهارة ؟‬

‫الطهارة لغة ‪ :‬هي النظافة والنزاهة من األقذار الحسّ ية ‪ -‬وهي المقصودة[ في كتاب الطهارة ‪ -‬وعن‬
‫األقذار المعنوية كالشرك والذنوب ‪ ،‬وعن كل خلق رذيل ‪.‬‬
‫واصطالحا ً ‪ :‬ارتفاع الحدث ‪ ،‬وزوال الخبث ‪.‬‬
‫و ) الحدث( ‪ :‬عند الفقهاء هو ‪ :‬الوصف القائم بالبدن الذي يمنع من الصالة ‪ ،‬وكل ما تشترط له‬
‫الطهارة ‪ ،‬فيرتفع بالوضوء أو الغسل ‪ ،‬أو التيمم ‪ ،‬فهو يسمى ُمح ِدث حتى يتطهر ‪ ،‬فإن كان جنبا ً‬
‫أو كانت حائضا ً – مثالً – فالبد من الغسل ‪ ،‬وهذا هو التطهر من الحدث األكبر ‪ ،‬وإن كان ناقضا ً‬
‫من نواقض الوضوء كخروج الريح أو الب ول أو الغائط أو النوم ‪ ،‬فهذا يسمى حدثا ً أصغر يوجب‬
‫الوضوء فقط ‪ ،‬فإن تعذر استخدام الماء في الحدث األصغر أو األكبر ‪ ،‬انتقل للتيمم كما سيأتي ‪.‬‬
‫و ) زوال الخبث ( ‪ :‬أي زوال النجاسة ‪ ،‬فإزالة النجاسة البد منها ‪ -‬وسيأتي لها فصل مستقل‪ - ،‬ومن‬
‫األدلة على‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫فصــل في الميــاه‬
‫‪19‬‬

‫وجوب إزالتها ‪ :‬قصة األعرابي الذي بال في المسجد وفيه قال النَّبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪" : -‬‬
‫ب ْول ِه َذنوبا ِم نْ َم اء أ ْو َ‬
‫س ْجاًل ِمنْ َم اء " )‪ ، (2‬وسيأتي مزيد بيان بإذن هللا ‪-‬‬ ‫َوأهْريقُوا عَلى َ‬
‫تعالى ‪.-‬‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫ماتقدم‪ :‬هو تعريف الطهارة ‪ ،‬وهي شرط من شروط الصالة ؛ لحديث أبي هريرة‬
‫ث َحتى يَتَ‬ ‫صاَل ةَ َأ َحد ُك ْم إ َذا ْ‬
‫أح َد َ‬ ‫المتفق عليه قال ‪ :‬قال النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ ": -‬اَل يَ ْقب ُل الل هُ َ‬
‫ضَأ " )‪. (1‬‬
‫َو َّ‬
‫وفي لفظ آخر ‪ " :‬الَ يَ ْقب ُل الل هُ َ‬
‫صالَةً بِ َغ ْي ر طهُ ور")‪. (0‬‬

‫‪ ‬يالحظ أن العناوين بين المعقوفتين] [ ليست من وضع الماتن بل هي من وضع الشارح‪.‬‬


‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم) ‪. (1211‬‬
‫‪ ()0‬رواه ابن ماجه برقم ‪ ، ()110‬رواه النسائي برقم ‪)260( .‬‬ ‫‪ ()1‬البخاري برقم‪ ، ( )1614‬رواه مسلم‪. ( )111‬‬

‫‪ ‬ما هي أنواع‬
‫الطهارة ؟ للطهارة نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬الطهارة بالماء وهي األصل‪.‬‬

‫]الفرقان‪. [41 :‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬قوله – تعالى‪َ } : -‬وأنزَ ْْلنا ِمنَ ال َّ‬
‫س َماء َماء ط ُهورا{‬
‫الثاني‪ :‬الطهارة بالتراب الذي هو التيمم ‪ ,‬وهو بدل عن الوضوء إذا تعذر استعماله ‪.‬‬
‫ط ُهورا ِإ َذا ل ْم‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث حذيفة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عند مسلم مرفوعا ً " َو ُج ِعل تْ تُ ْر َ‬
‫ب تُ هَا لنا َ‬
‫ن ِج ِد ا ْْل َما َء "‪.‬‬
‫وقد ذكر المصنف النوع الثاني في باب التيمم وستأتي مباحثه بإذن هللا‪.‬‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬يرى أن المياه تنقسم إلى قسمين‪) :‬طهور ‪ ,‬ونجس (‪ ،‬خالفا ً لجمهور‬
‫العلماء الذين يرون أن الماء ينقسم إلى ثالثة أقسام‪) :‬طهور ‪ ,‬وطاهر ‪ ,‬ونجس(‪ ،‬فهم يجعلون‬
‫الطهور ‪:‬هو الباقي على خلقته ‪،‬كمياه اآلبار والعيون واألنهار وكل ما نزل من السماء كاألمطار أو‬
‫نبع من األرض ‪ ،‬والطاهر‪ :‬هو ما وقع فيه شيء من الطاهرات ‪ ،‬وتغير لونه ‪ ،‬أو طعمه ‪ ،‬أو ريحه‬

‫برقم‬ ‫( ‪ ،‬رواه‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫فصــل في الميــاه‬
‫‪20‬‬

‫حبر وقهوة فهذا طاهر ‪ ،‬وليس طهو ًراً عندهم فال يجوز التطهر به ‪،‬‬
‫كإناء ماء وقعت فيه نقطة ٍ‬
‫والصواب ‪ :‬أن الماء ينقسم إلى قسمين ‪ :‬طهور ونجس ‪.‬‬
‫ومما يدل على أن الماء ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫سهُ‬ ‫‪ .2‬حديث أبي سعيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪ " :‬إنَّ ا ْل َما َء ط ُه ٌو ٌر الَ ِّ‬
‫ينج ُ‬
‫ي ٌء ")‪ .(2‬فلم ينتقل من الطهور إال إلى النجس ‪ ،‬فدل على أنهما نوعان فقط ‪.‬‬ ‫ش ْ‬
‫َ‬
‫ي نه النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه‬ ‫‪ .1‬أن قسم الطاهر ليس له وجود في الكتاب وال في السُ نَّة ولو كان موجوداً لب ّ‬
‫وسلّم ‪.-‬‬
‫قال‬
‫ف هُ َو طهُ ٌو ٌر ‪,‬‬ ‫أو َن ب َع ِم نْ اأْل ر ِ‬
‫ض‪َ ,‬‬ ‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪ ] : -‬ف ُك ُّل َم اء َن َز َل ِم َن اَل َّ‬
‫س َما ِء ‪ْ ,‬‬
‫ط ِاه ر‪َ ,‬ك َم ا َ‬
‫ق‬ ‫َي ء َ‬
‫ريحهُ بش ِْ‬
‫أو ُ‬ ‫أو ط ْع ُمهُ ْ‬
‫لونهُ ْ‬ ‫لو تَ غ َّي َر ْ‬ ‫ِمن اأْل ْح َد ِاث َواأْل ْخب ِاث ‪َ .‬و ْ‬ ‫يطهِّ ُر َ‬
‫َ‬
‫س لم ‪-‬‬ ‫ي ‪َ -‬‬
‫ص لَّى هللاُ عَل ي ِه َو َ‬ ‫ب ُّ‬‫ا َل اَلنَّّ ِ‬
‫يح [‬
‫صح ٌ‬
‫سن ِن َوه َُو َ‬
‫سهُ ش َْي ٌء" ر َواهُ أ ْه ُل ال ُّ‬ ‫‪" :‬إنَّ اَ ْل َما َء ط ُه ٌو ٌر اَل ي ِّ‬
‫نج ُ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫األحداث‪ :‬هي األمور المعنوية التي ترفع بالغسل وبالوضوء‪.‬‬
‫األخباث‪ :‬هي األمور العينية ‪ ،‬كاألبوال ونحوها ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬إذا وقع في الماء شيء من الطاهرات كالصابون وغيره فهل‬
‫يجوز التطهر به ؟ الصحيح ‪ :‬أنه يجوز التطهر به مادام يسمى ما ًء ‪.‬‬

‫أبو داود ) ‪. (11‬‬ ‫أحمد برقم‪)22121‬‬

‫أح ٌد َّمن ُكم ِّمنَ ا ْل َغ ِ‬


‫ائط‬ ‫أو َجاء َ‬
‫سفَ ر ْ‬
‫أو عَلى َ‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬قوله – تعالى‪َ } - :‬وِإن ُكنتم َّم ْر َ‬
‫ضى ْ‬

‫]المائدة‪. [1 :‬‬ ‫تجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا َ‬


‫ص ِعيدًا طيبا{‬ ‫ساء فَ َل ْم ِ‬ ‫َأ ْو ال َم ْ‬
‫ست ُم الن َ‬

‫فكلمة) ماء( نكرة في سياق النفي فيعم كل ماء ‪ ،‬فالعبرة في هذا أن يبقى اسمه ماء ‪.‬‬
‫برقم‬ ‫( ‪ ،‬رواه‬ ‫‪ ()2‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫فصــل في الميــاه‬
‫‪21‬‬

‫أما إذا وقع شيء من الطاهرات وسلب اسم الماء ‪ ،‬كما لو وقع في الماء قهوة ‪ ،‬أو شايا ً ‪ ،‬أو‬
‫حب ًراً فسلب اسم الماء ‪،‬فسمي بعد ذلك قهوة ‪ ،‬أو شايا ً ‪ ،‬أو حب ًراً فال يتطهر به ؛ ألنه ال يسمى‬
‫ما ًء ‪.‬‬

‫اجتنابهُ [‪.‬‬
‫ب ْ‬‫يج ُ‬
‫س‪ِ ,‬‬
‫نج ٌ‬
‫ف ُه َو ِ‬
‫اس ة َ‬
‫بنج َ‬
‫صاف ِه َ‬
‫أو َ‬
‫أح ُد ْ‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ ] : -‬فإنْ تَ غ َّي َر َ‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫مسألة‪ :‬إذا وقع في الماء شيء من النجاسات فهل يجوز التطهر به؟‬ ‫‪‬‬

‫الصحيح‪ :‬أن كل ما تغير بنجاسة فهو نجس ‪ ،‬وكل ما لم يتغير بنجاسة فهو طهور سواء كان الماء‬
‫قليالً أو كثي ًراً ‪ ،‬ورجحه شيخ اإلسالم ابن تيمية وابن القيم – رحمهم هللا ‪. -‬‬
‫للنَّبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ويدل على ذلك ‪ :‬حديث أبي سعيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬الذي ذكره المؤلف أنه قيل‬
‫إنَّ ‪" :‬‬ ‫‪ " :‬أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكالب والنتن فقال‬
‫ي ٌء" )‪.(2‬‬
‫ش ْ‬
‫َ‬ ‫سهُ‬ ‫ا ْل َم ا َء ط ُه ٌو ٌر الَ ِّ‬
‫ينج ُ‬

‫فائدة‪ :‬التغير يكون إما بالطعم ‪ ،‬أو باللون ‪ ،‬أو بالريح ‪ .‬ونقل اإلجماع على ذلك ابن‬ ‫‪‬‬

‫المنذر ‪.‬‬

‫ش َّك ا ْْل ُم ْ‬
‫س‬ ‫ف إ َذا َ‬
‫ص ل ف ي األش ياء‪ :‬الطه ارة ِوا ْلباح ة‪َِ .‬‬
‫ق ال المص نف ‪ -‬رحم ه هللا ‪ ]: -‬واأل ِ‬
‫ي قَّ َن الط َهاِرةَ‬
‫أو تَ َ‬
‫ف ُه َِو طاه ٌر ‪ْ ,‬‬ ‫ب ْق َع ة ‪ْ ,‬‬
‫أو غ ْير َها‪َ :‬‬ ‫أو ُ‬
‫ب ْ‬ ‫أو َ‬
‫ث ْو ِ‬ ‫اس ِة َم اء ْ‬
‫نج َ‬
‫في َ‬
‫لِ ُم ِ‬
‫إلي ه أنَّ هُ يج ُد‬ ‫الرج ِل َ‬
‫يخ َّي ُل ْ‬ ‫ُ‬ ‫ش َّك في اَ ْل َح َدث ‪َ :‬‬
‫ف ُه َو طاه ٌر ؛ لقَ ْوله ‪َ -‬صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َسلم ‪ -‬ف ي‬ ‫َو َ‬

‫برقم‬ ‫( ‪ ،‬رواه‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫فصــل في الميــاه‬
‫‪22‬‬

‫ف‬
‫ريح ا" ُمتَّ َ‬
‫أو ي ِج َد ً‬
‫ص ْوتا ْ‬
‫يس َم َع َ‬ ‫ي ْن َ‬
‫ص رفْ َحتَّ ى ْ‬ ‫الص اَل ة ‪" :‬اَل َ‬
‫َّ‬ ‫ي َء ف ي‬
‫الش ْ‬
‫َّ‬
‫ق َعل ْيه [‬
‫ٌ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫مسألة‪ :‬إذا شك المسلم في هذا الماء هل هو طاهر أم نجس فما الحكم ؟‬ ‫‪‬‬

‫أبو داود ) ‪.(11‬‬ ‫)‪ (2‬أحمد برقم‪)22121‬‬

‫برقم‬ ‫( ‪ ،‬رواه‬ ‫‪ ()2‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫فصــل في الميــاه‬
‫‪23‬‬

‫نقول أن األصل في المياه الطهارة ‪ ،‬وال ينتقل عن األصل إال بيقين ‪ ،‬وهذه قاعدة عظيمة من القواعد‬
‫الكلية الكبرى وهي‪:‬‬
‫) اليقين ال يزول بالشك ( فعندنا يقين ‪ ،‬وهو أن األصل في هذا الماء أنه طاهر ‪ ،‬فال تزول‬
‫الطهورية بالشك في نجاسته‪.‬‬
‫ويدل على هذه القاعدة ‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وأيضا ً حديث عبد هلِلا بن زيد‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬

‫عندما قال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬في الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصالة قال‪ " :‬الَ َ‬
‫ي‬
‫)‪(2‬‬
‫ِريحا"‬
‫يج َد ً‬
‫أو ِ‬
‫ص ًْوتا ْ‬ ‫رف َحتَّى ي ْ‬
‫س َم َع َ‬ ‫ْن َ‬
‫ص ُـ‬
‫ومن أمثلة هذه القاعدة ‪ :‬إذا كان اإلنسان على طهارة ثم تردد وشك هل أحدث بعد تلك الطهارة أم ال؟‬
‫فنقول‪ :‬األصل الطهارة ‪ ،‬وهو اليقين فال يزول بالشك ‪ ،‬فهو على طهارة ‪ ،‬وإذا كان العكس كأن‬
‫يكون محدثا ً وشك هل تطهر بعد الحدث أم ال ؟ فيبقى األصل هنا أنه محدث وهو اليقين ‪.‬‬

‫فائدة‪ :‬األصل في األشياء الطهارة واإلباحة ‪ ،‬فالثياب مثالً أو األرض أصلها طاهر ‪ ،‬حتى‬ ‫‪‬‬

‫نتحقق أنها بقعة نجسة وكذلك في الفرش واألواني وما شابهما فأصلها الطهارة ‪ ،‬وهذه قاعدة‬
‫عظيمة فال ينتقل عن األصل إال بيقين كما سبق‪.‬‬

‫( ‪ ،‬رواه‬ ‫‪ ()2‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫اآلنيــــةـ‬

‫البخاري برقم ‪ )201‬مسلم برقم (‪ )012‬متفق عليه من حديث عبد هللا بن زيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ، -‬و رواه مسلم برقم‪ ( )011‬من حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه‪. -‬‬
‫بــاب‬
‫‪71‬‬

‫ُ‬

‫] باَب اَآْل نيِةَـ ِ[‬

‫ب َوا ْْلفِ َّ‬


‫ض ِة َو َما في ِه ش َْي ٌء ِمنْ‬ ‫باحةٌ ‪ .‬إاَّل آنيةَ َّ‬
‫الذ َه ِ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬و َج ِمي ُع اأْل َواني ُم َ‬
‫ُه َما ‪ ,‬إاَّل‬
‫لذ َهب‬‫ش َربوا في آني ِة اَ َّ‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪ " -‬اَل ت ْ‬‫ه ‪َ -‬‬ ‫اج ِة ؛ لقَ ْول ِ‬ ‫سي َر ِمنْ اَ ْْلفِ َّ‬
‫ض ِة ل ْل َح َ‬ ‫اَ ْْلي ِ‬
‫ق َعلي ِه [‬ ‫ص َحافِ َها فإنَّ َها ل ُه ْم في الدُّنْ يَا‪َ ,‬ول ُك ْم في ْاَ ِخر ِة " ‪ُ .‬متَّ فَ ٌ‬ ‫ض ِة ‪َ ,‬واَل تأ ُكلوا فِي ِ‬ ‫َوا ْلفِ َّ‬
‫ـ‬

‫الشـــرح‬
‫‪ ‬جميع األواني األصل فيها ا ْلباحة ‪:‬‬
‫وهذه قاعدة مهمة ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن األواني كلها مباحة إال ما جاء النص في تحريمها ‪ ،‬كآنية الذهب‬
‫والفضة ‪ ،‬وأما األواني المصنوعة[ من النحاس ‪ ،‬أو الحديد ‪ ،‬أو الخزف ‪ ،‬أو الحجارة وغيرها كلها‬
‫مباحة ‪.‬‬
‫ض َج ِميعا ً { ]البقرة‪. [16 :‬ومنه اآلنية ‪.‬‬ ‫ويدل على ذلك ‪ :‬قوله – تعالى ‪} : -‬ه َُو ال ِذي َخل َ‬
‫ق ل ُكم َّما فِي ْ‬
‫األر ِ‬
‫يحرم استعمال الذهب والفضة في األكل والشرب باتفاق األئمة األربعة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ذلك‪ :‬حديث حذيفة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬الذي استدل به المؤلف أن النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬ ‫ويدل على ِ‬
‫ص َحافِ َها فإنَّ هَا ل ُه ْم ِفي الدُّنْ يا‪َ ,‬ول ُك ْم فِي ْاَ ِخر ِة‬ ‫الذهَب َوا ْْلفِ َّ‬
‫ض ِة ‪َ ,‬واَل تأ ُكلوا فِي ِ‬ ‫ش َربوا فِي آني ِـة َّ‬
‫" اَل تَ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫"‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬
‫اآلنيــــة‬

‫‪-‬‬
‫ص َحافِ َها ‪ :‬جمع ‪ ،‬مفردة صحفة وهي إناء دون القصعة فالقصعة تشبع عشرة والصحْ فة تشبع خمسة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ -‬ويستثنىـ من النهي )الضبة اليسيرة من فضة لحاجة( فهي جاِئزة‪.‬‬
‫فج َع َل‬ ‫ان َك َ‬
‫سر َ‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ " :‬أنَّ قد ََح النَّ ِّ‬
‫بى‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬

‫ض ة ")‪ (1‬والمعنى ‪ :‬أنه جعل مكان الكسر سلسلة من فضة ‪.‬‬ ‫سلةً ِم نْ فِ َّ‬
‫س ْل ِ‬
‫ش ْع ِ ب ِ‬
‫َمكَ انَ ال ِّ‬
‫فشروط الجواز أربعة‪:‬‬
‫‪ .2‬الضُبة وهي ما يُجبر بها اإلناء ‪.‬‬
‫‪ .1‬اليسيرة‪.‬‬
‫‪ .0‬من فضة ‪.‬‬
‫‪ .4‬لحاجة ‪ .‬وعندما نقول ‪ :‬يحتاج إلى الفضة ليس معناه أن يضطر للفضة ‪ ،‬فالحاجة شيء‬
‫واالضطرار شيء آخر‪ ،‬فالحاجة تكون مع وجود شيء آخر يسد نفس المكان كالنحاس والحديد‬
‫وغيره ‪ ،‬وأما االضطرار[ كأن يضطر للفضة ليس عنده غ يرها‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )1411‬رواه مسلم برقم ‪)1311( .‬‬


‫‪)1‬البخاري برقم ‪)0236( .‬‬
‫بــاب‬
‫‪18‬‬

‫قال شيخ اإلسالم – رحمه هللا ‪": -‬وليس المعنى أال يجد ما يجبر به الكسر سواها ؛ ألن هذه ليست حاجة بل‬
‫ضرورة "‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬ورد النهي عن استعمال الذهب والفضة ‪ ,‬فهل يجوز أن يتخذها دون أن‬
‫يستعملها ؟ االتخاذ معناه‪ :‬اقتناء اإلناء إما للزينة ‪ ،‬أو يقتنيه ويبقيه عنده ؛ ليستعمله عند‬
‫الضرورة‪.‬‬
‫والقول الصحيح ‪ -‬وهللا أعلم‪ : -‬أنه يجوز وأن النهي خاص باألكل والشرب ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬
‫‪.2‬أن النهي في الحديث ورد في األكل والشرب فقط دون غيرهما‪.‬‬
‫‪.1‬أن األصل في األواني اإلباحة ‪ ،‬فال يثبت التحرم إال بدليل‪.‬‬

‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫اآلنيــــةـ‬

‫‪ -‬رضي هللا عنه‪-‬‬ ‫‪.0‬وردت أحاديث تؤيد هذا األصل ‪ ،‬وهو أصل اإلباحة ‪ ،‬ومنها حديث أبي قتادة‬
‫‪-‬‬ ‫ض ِة ا ْل َعب ِوا ب َها ِلعبا " )‪ .(1‬وأيضا ثبت عند البخاري أن ‪ " :‬أم سلمة‬
‫مرف ٍوعا‪َ " :‬ول ِك نْ عَل ْي ُك ْم بِا ْلفِ َّ‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‬ ‫ض ٍة في ِه َشأع ر ِم أن َشأعر رس ُِو ِل هللاِ‬
‫رضي هللا عنها ‪َ -‬جاء أ ت بِألجُل )‪ِ (1‬م أن ف َّ‬
‫‪.(1)"-‬‬
‫واألحوط ‪ :‬ترك اتخاذ الذهب والفضة وأنهما كاالستعمال‪.‬‬
‫ب ِواِلفضة‪:‬‬ ‫‪ ‬العلة من النهي عن األكل ِوالشرب في آنيةـ اِلذه ِ‬
‫العلة ُذكرت في الحديث ‪ " :‬فإنَّ هَا ل ُه ْم في الدُّنْ يا‪َ ,‬ول ُك ْم في ْْاَخرة " فالعلة منافاة العبوديـة ؛ ألن‬
‫النـبي ‪ -‬صـلّى هللا عليـه وسـلّم ‪ -‬علل بأنها للكفار في الدنيا ‪ ،‬إذ ليس لهم نصيب من العبودية ‪ ،‬وعلـل‬
‫بعضـهم المنـع ‪ :‬بمـا فيهـا مـن كسـر لقلـوب الفقـراء أو اإلسراف‪ ،‬ولعل ذلك مراد جميعا ً ‪.‬‬

‫‪ ‬فائدة ‪ :‬استعمال آنية الكفار مباحة إن ُجهل حالها ‪ ،‬وأما إذا عرفنا أن بها نجاسة فال يجوز‬
‫استعمالها ‪ ،‬ومما يدل على جواز استعمال آنيتهم ‪:‬‬

‫اس تَ َوى إ َل ى‬ ‫ض َج ِميع اً ُ‬


‫ث َّم ْ‬ ‫ف ي األر ِ‬ ‫ا‪ .‬قـول هللا ‪ -‬عـز وجـل ‪} : -‬هُ َو ا َّل ِذي َخ َل َ‬
‫ق ل ُك م َّم ا ِ‬

‫س َما َو ات َو ُه َو ب ُك ِّل ش ْ‬
‫َي ء عَلي ٌم { ]البقرة‪ ،[ 16:‬وآنية الكفار مما خلق هللا لنا‬ ‫س ْب َع َ‬ ‫الس َماء فَ َ‬
‫س َّواهُنَّ َ‬ ‫َّ‬

‫في األرض ‪.‬‬

‫ب‪ .‬جاء في صحيح البخاري‪ :‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬أكل من الشاة المسمومة التي أهديت له في‬
‫خيبر )‪ ،(0‬والشك أن الطعام ومنه هذه الشاة ال يق َّدم إال بإناء ‪.‬‬
‫ج‪ .‬جاء في الصحيحين البخاري ومسلم أن ‪ :‬النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬وأصحابه توضئوا من مزادة‬
‫‪. ()4‬‬
‫امرأة مشركة‪.‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬
‫اآلنيــــة‬

‫)‪ (0‬رواه البخاري برقم )‪. (1111‬‬ ‫)‪ (2‬رواه أحمد برقم )‪ ، ( 1421‬رواه أبو داود برقم )‪. (4101‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري )‪ ، (044‬رواه مسلم )‪ . (111‬المزادة ‪ :‬وعاء للماء ‪.‬‬ ‫)‪ 1‬انظر فتح الباري البن حجر )‪ . (23/401‬الجلجل ‪ :‬هو اإلناء الصغير‬

‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫اآلنيــــةـ‬

‫بــاب‬
‫‪19‬‬

‫وأما إن عرفنا أن بها نجاسة ‪ ،‬فال نستعملها ما دام أن عندنا آنية غيرها ‪ ،‬وأما إذا لم نجد‬
‫فإننا نزيل النجاسة ثم نأكل فيها ‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬ما جاء في الصحيحين عن أبي ثعلبة الخشني ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن ‪ :‬النبي‬
‫غي َر آنيت ِه ْم فالَ تأ ُكلوا في َها َوإنْ ل ْم ِ‬
‫تجدُوا‬ ‫قال " ‪ :‬فإنْ َو َجدْت ْم ْ‬ ‫صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬

‫فا ْغ ِ‬
‫سلوهَا ث َّم ُكلوا في َها"‬
‫)‪(2‬‬

‫برقم‬ ‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬

‫‪ )2‬البخاري برقم‪ ، ( )1411‬رواه مسلم ‪)2603( .‬‬

‫‪11‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬


‫ض اَء ْ‬
‫الح اِج ِة[‬ ‫س تْ ِن ْجاَء ‪ ,‬و آداب ق َ‬
‫] باَب اال ِ‬

‫في زاد المعاد‪ " :‬وكان يستنجي بالماء تارة ‪ ،‬ويستجمر باألحجار تارة "‪.‬‬ ‫‪ -‬رحمه هللا ‪-‬‬ ‫قال ابن القيم‬
‫النجو في اللغة‪ :‬القطع ‪.‬‬
‫و االستنجاء اصطالحا ً ‪ :‬هو إزالة الخارج من السبيلين بماء أو حجر ونحوه ‪.‬‬

‫ي قُو َل ‪:‬‬‫س رى‪َ ,‬و َ‬ ‫رجلهُ ا ْليُ ْ‬ ‫ي ْق َد َم ْ‬ ‫تح ُّب إذا َد َخ َل ا ْل َخاَل َء ‪ :‬أنْ َ‬ ‫س َ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ ] : -‬ي ْ‬
‫ث ‪ِ .‬وِِإذا َخ َر َج ِم ْنهُ ‪ :‬ق َّد َم الي ْمنى ‪َ ,‬وقا َل ‪:‬‬ ‫هللا ‪ ,‬اَلل ُه َّم إني أعو ُذ بكَ ِمنْ اَ ْْل ُخ ْب ِ‬
‫ث َوا ْل َخبَائ ِ‬ ‫س ِم ِ‬‫ب ْ‬
‫رجل ِه‬
‫وسهُ َعلى ْ‬ ‫ي عْت ِم ُد في ُجل ِ‬ ‫ب َعني اَأْل ذى َو َعافانِي ‪َ .‬و َ‬ ‫غ ْفران َك ‪ .‬ا ْْل َح ْم ُد هللِ ال ِذي ْأذ َه َ‬
‫ب اَ ْلي ْمنى [‪.‬‬ ‫ي ْن ِ‬
‫ص ُ‬ ‫اَ ْْلي ْ‬
‫سرى ‪َ ,‬و َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬آداب قضاء الحاجة ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬يستحب تقديم الرجل اليسرى عند دخول الخالء ‪ ,‬وتقديم اليمنى عند الخروج‪:‬‬
‫‪ " :‬اليمنى أحق بالتقدم إلى األماكن الطيبة ‪ ،‬وأحق بالتأخير‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫عن األذى ومحل األذى ‪".‬وكذلك ذكر هذه القاعدة النووي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬في شرح مسلم ‪ ،‬وهذه القاعدة‬
‫أخذها أهل العلم من أدلة كثيرة في السنة ‪ ،‬مثل ‪ :‬قول النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ ": -‬والَ يَت َم َّ‬
‫س ْـح ِم نَ‬
‫سل َم ي‬‫صلى الل هُ عَل ْي ِه َو َ‬ ‫النبي َ‬
‫ُّ‬ ‫ا ْل َخال ِء ِ‬
‫بيم يِن ِه" )‪ ، (2‬وقول عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪َ ": -‬كانَ‬
‫رج ِل ِه )‪َ (1‬وط ُهور ِه َوفِي شَأن ِه ُكل ِه " )‪.(0‬‬
‫ْجبهُ التَّ ي ُّمنُ فِي تَ نَ ُّع ِل ِه َوتَ ُّ‬
‫ع ِ‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬
‫‪11‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬يستحب عند دخول الخالء قول ‪ ) :‬بسم هللا (‪.‬‬


‫ستْ ُر َما بَ ْي نَ َأعْي‬
‫‪ -2‬لحديث علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أنه قال‪َ " :‬‬
‫ت بني آ َد َم إ َذا د ََخ َل َ‬
‫أح ُدهُ ْم ا ْل َخاَل َء أنْ يَ ُ‬ ‫ْ‬
‫ِن ا ْل ِ‬
‫)‪(4‬‬
‫ه "‪. .‬‬ ‫بس م الل ِ‬ ‫ق و َل ْ‬ ‫ج نِّ َوع َْورا ِ‬
‫اإلجماع على مشروعية التسمية عند دخول الخالء‪.‬‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫‪ -1‬حكى النووي‬

‫ثالثا ً‪ :‬يستحب عند دخول الخالء قول ‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" وعند الخروج قول ‪:‬‬
‫"غفرانك"‪.‬‬

‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )210‬رواه مسلم برقم ‪)111( .‬‬


‫‪ ()1‬وترجله ‪ :‬يعني تسريحه لشعره ‪.‬‬
‫‪ ()0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )211‬رواه مسلم برقم (‪)111‬‬
‫‪)4‬الترمذي برقم‪ . ( )131‬وضعفه النووي‪ .‬إال أن له شواهد يتقوى بها‪.‬‬

‫كان إذا دخل الخالء قال‪" :‬‬ ‫لحديث أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في الصحيحين أن النبي‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬

‫ث َوا ْْل َخبائ ِ‬


‫وذ بِكَ ِمنَ ا ْْل ُخ ْب ِ‬
‫الل ُه َّم إني َأ ع ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ث "‪ .‬وحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪": -‬كان النبي ‪ -‬صلّى‬

‫‪ ‬فائدتان‪:‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫هللا عليه وسلم ‪ -‬إذا خرج من الخالء قال‪":‬غ ْف َرانك"‪.‬‬
‫األولى ‪ُ :‬‬
‫الخبث‪ :‬بضم الباء ذكران الشياطين‪ ،‬والخبائث‪ :‬إناثهم‪.‬‬
‫والخأبث بتسكين الباء ‪ :‬الشر‪ ،‬والخبائث ‪ :‬النفوس الشريرة‪ ،‬والتسكين أعم ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إذا كان يقضي حاجته في فضاء ‪ ،‬فإنه يستحب أن يقول دعاء دخول الخالء ‪ :‬إذا شمر عن‬
‫ثيابه ‪ ،‬ودعاء الخروج‪:‬‬
‫قول "‪ :‬الحمد هلل الذي أذهب عني‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫حين يلبسها ‪ ،‬أو يفارق مكانه ‪ ،‬وأما استحباب المصنف‬
‫األذى وعافاني" عند الخروج ؛ فالحديث الوارد في هذا رواه ابن ماجة عن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وهو‬
‫حديث ضعيف‪ ،‬قال البصيري في الزوائد " ‪ :‬إسماعيل بن مسلم مجمع على تضعيفه ‪ ،‬والحديث بهذا‬
‫في المجموع ‪.‬‬ ‫– رحمه هللا ‪-‬‬ ‫اللفظ غير ثابت " ‪ .‬وكذا ضعفه النووي‬

‫برقم‬ ‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬

‫وأما االعتماد أثناء جلوسه لقضاء الحاجة على رجله اليسرى ونصب اليمنى ؛ فالوارد فيه حديث‬
‫عند البيهقي ‪ ،‬وهو ضعيف ؛ ألن فيه ‪" :‬رجل لم يسم" وضعفه ابن‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫سُراقة بن مالك‬
‫– رحمهما هللا‪-‬‬ ‫حجر في التلخيص ‪ ،‬والنووي في المجموع‬

‫ي الفَ َ‬
‫ض‬ ‫ف ْ‬
‫ان ِ‬
‫غي ره‪َ .‬وي ْب ِع ُد إنْ كَ َ‬
‫بح ائ ط أو ْ‬
‫يس تتَ ُر َ‬
‫ق ال ال ِمص نف ‪ -‬رحم ه هللا ‪َ ] : -‬و ْ‬

‫تحتَ األش َْجا ِر‬ ‫س للنَّا ِ‬


‫س ‪.‬أو ْ‬ ‫في ‪:‬طَ ِ‬
‫ريق ‪ .‬أو َم َح ِّل ُجلو ِ‬ ‫اجتهُ ْ‬
‫ض ي َح َ‬ ‫يح ُِّل َل ه َأنْ َ‬
‫ي ْق ِ‬ ‫ا ِء ‪َ .‬واِل ِ‬

‫أو في َم َح ٍّل يؤذي به النَّ َ‬


‫اس "[‪.‬‬ ‫ال ُمثمرة ‪ْ .‬‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫رابعا ً‪ :‬يسن لمن أراد أن يقضي حاجته أن يستتر‪.‬‬
‫و َكانَ " أ َحبَّ َما أاستتَـ َر ب ِه رسُو ُل‬ ‫‪ -‬قال‪:‬‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه‬ ‫لحديث عبد هللا بن جعفر‬
‫)‪(1‬‬
‫هللاِ ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬لِ َحا َجت ِه هَ َد ف )‪َ،(0‬أأو َحائشُ نَأل )‪."(4‬‬

‫تتر " )‪. (1‬‬


‫س ْ‬ ‫ويدل عليه أيضا ً حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪َ ": -‬منْ أتى ا ْلغائطَ فَ ْلي ْ‬
‫أما إذا كان يخشى الناظر ويتوقعه ‪ ،‬فإن االستتار حينئذ واجب ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )1011‬رواه مسلم برقم ‪)011( .‬‬


‫‪ ()1‬رواه الترمذي برقم‪ ، ( )1‬رواه أحمد برقم ‪)11113( .‬‬
‫)‪ (0‬الهدف‪ :‬كل بناء مرتفع مشرف ‪ ()4 .‬حائش نَل‪ :‬أي حائط نَل ‪ ()1 .‬رواه مسلم ‪)041( .‬‬
‫‪ )1‬أحمد برقم) ‪ ، (1101‬رواه أبو داود ) ‪. (01‬‬

‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬

‫‪11‬‬

‫خامسا ً‪ :‬يستحب البعد لمن أراد قضاء الحاجة في الفضاء‪.‬‬


‫‪ -‬صلّى هللا عليه‬ ‫ق رسُ و ُل هللاِ‬ ‫لحديث المغيرة بن شعبة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في الصحيحين قال‪ " :‬فانأطل َ‬
‫ضى َحا َجت هُ" )‪.(2‬‬ ‫وسلّم ‪َ -‬حتَّى تَـ َوارى َع نِّي فَـقَ َ‬
‫ي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪َ -‬كانَ إ َذا ذه َ‬
‫َب‬ ‫وحديث المغيرة بن شعبة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عند أبي داود‪َّ ":‬‬
‫أن النب َّ‬
‫)‪(0‬‬
‫ب )‪ (1‬أبـ َعأد "‬
‫األ َمأذهَ َ‬
‫‪ ‬األماكن التي ال يجوز قضاء الحاجة فيها‪:‬‬
‫‪ .1‬طريق الناس أو ظلهم‪.‬‬
‫ي ِ ن "‪ .‬قالوا َو َما‬ ‫لحديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ ":-‬اتَّقُوا اللعَّانَ ْ‬
‫ِيق الناس أ ْو ِفي ِظل ِه ْم " )‪ ،(4‬وعند أبي‬ ‫تخلى فِي ِطر ِ‬ ‫ي َ‬ ‫قال ‪ ":‬ال ِذي َ‬ ‫َ‬ ‫اللعان ِ ان يا رسُو َل هِللا‬
‫ب َرا َز فِي ا ْل َم َوار ِد )‪. ()1 "...(1‬‬
‫ث ‪ :‬ا ْل َ‬
‫ع نَ الثال َ‬ ‫داود من حديث معاذ ‪ -‬رضي هللا عنه‪ ": -‬اتَّقُوا ا ْل َمالَ ِ‬
‫‪ .1‬الجحر والشق‪.‬‬
‫نـهَى أ أ‬ ‫أن رسُ و َل الل ِه‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬ ‫لحديث عبد هللا بن سرجس ‪ -‬رضي هللا عنه‪َّ ": -‬‬
‫يـبال ِ في ُأالج ِ‬
‫أحر ")‪ (1‬قال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪": -‬وما ذاك إال ألنها قد يكون ذريعة إلى‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫خروج حيوان يؤذيه‪ ،‬وقد يكون من مساكن الجن فيؤذيهم بالبول فربما آذوه"‪.‬‬

‫قال‬
‫صلى هللاُ‬ ‫لقَ ْول ِ‬
‫ه‪َ -‬‬ ‫قضا ِء ا ْْل َح َ‬
‫اج ِة‬ ‫ستدْبر َها َحا َل َ‬ ‫ستَ ْقب ُل ا ْلقِ ْب لةَ ْ‬
‫أو ي ْ‬ ‫‪َ ] : -‬واَل ي ْ‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‬ ‫المصنف‬
‫عَل ْي ِه‬

‫ستَ ْقبلوا اَ ْلقِ ْب لةَ بغائ ط َواَل َ‬


‫ب ْو ل ‪َ ,‬واَل ت ْ‬
‫ستدْبرو َها ‪َ ,‬ول ِكنْ‬ ‫َو َس ْلم ‪" :-‬إذا أتَ ْيت ُم اَ ْلغائطَ فاَل ت ْ‬
‫أو غ ِّربوا" ُمتَّ فَ ٌ‬
‫ق َعل ْي ِه [‬ ‫ش ِّرقوا ْ‬ ‫َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫سادسا ً‪ :‬يحرم استقبال القبلة و استدبارها حال قضاء الحاجة ‪.‬‬
‫‪ ()1‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬

‫يحرم استقبال القبلة و استدبارها أثناء قضاء الحاجة ‪ ،‬سواء كان ذلك في الفضاء ‪ ،‬أو البنيان‬
‫على القول الراجح وهو األحوط ‪ ،‬وذهب إلى التحرم مطلقا ً ‪ :‬ابن تيمية وابن القيم ‪ ،‬وبه قال‬
‫‪ -‬رحمهم هللا ‪- .‬‬ ‫المصنف وهو قول الشوكاني واأللباني‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )010‬رواه مسلم برقم ‪)114( .‬‬


‫)‪ (1‬ذهب المذهب‪ :‬أي ذهب ذهابا ً خاصا ً لقضاء حاجته ‪ ()0 .‬رواه أبو داود برقم ‪ ()4 )2( .‬رواه مسلم برقم ‪)116( .‬‬
‫‪ ()1‬الموارد‪ :‬جمع مورد وهو الموضع الذي يرده الناس من عين ماء أو غدير أو نحوهما‪ .‬واللعانين اختلف في معناها فقيل ‪ :‬المستحقان للعن ‪ ،‬وقيل ‪ :‬العمالن‬
‫الجالبان للعن ‪ ،‬ويدخل في طريق الناس وموردهم‪ ،‬كل طريق يصلح لجلوسهم كاالستراحات والبساتين والحدائق وتحت أشجارهم المثمرة[ وكل مكان يترددون‬
‫عليه ‪،‬كالمساجد والمستشفيات[ ونحوها مما هي أماكن جلوسهم أو مرورهم ‪.‬‬
‫‪ ()1‬رواه أبو داود برقم) ‪ ، (16‬رواه النسائي برقم) ‪. (04‬‬ ‫أبو داود برقم) ‪. (11‬‬

‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أبي أيوب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬الذي استدل به المصنف ‪ ،‬قال رسول هللا‬
‫‪ -‬صلّى هللا‬
‫)‪(2‬‬
‫غربوا‬
‫أو ِّ‬ ‫عليه وسلم ‪ ":-‬فاَل تسْتَ ْقبلوا اَ ْلقِ ْب لةَ بغائ ط َواَل َب ْو ل ‪َ ,‬واَل ت ْ‬
‫ستدْبروهَا ‪َ ,‬ول ِكنْ ش َِّرقوا ْ‬
‫ً )‪(0‬‬
‫"‪ (1).‬وقال ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪": -‬ال فرق بين الفضاء والبنيان لبضعة عشر دليال "‪.‬‬
‫قال ابن جبرين ‪ -‬رحمه هللا ‪ ": -‬وعليه فإذا دخلت األماكن المبنية ‪ -‬كهذه الدورات ‪ -‬ووجدتها قد‬
‫ُوجهت للقبلة فإنك تنحرف قليالً إما يمينا ً أو يسا ًراً ‪ ،‬ولو كنا داخل البيوت‪ ،‬ففي تمام حديث أبي‬
‫أيوب‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬هذا‪ ،‬يقول أبو أيوب ‪ -‬رضي هللا عنه‪ ": -‬فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت نحو‬
‫الكعبة ‪ ،‬فننحرف عنها ‪ ،‬ونستغفر هللا ‪ -‬عز و جل‪ " -‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫ومن ْاداب أيضا ً غير ما ذكر المصنفـ ‪:‬‬
‫سابعا ً‪ :‬يكره االستنجاء أو مس الفرج باليمين وهو يبول‪.‬‬
‫أحد ُك ْم ذ َكر هُ‬ ‫لحديث أبي قتادة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ ":‬الَ ي ْم ِ‬
‫س َكنَّ َ‬
‫س ْح ِم نَ ا ْل َخال ِء بي ِمين ِه "‪ (4).‬وكراهة ذلك هو قول جمهور‬ ‫بي ِمين ِه َوهُ َو يَب و ُل َو الَ يَت َم َّ‬
‫العلماء‪.‬‬
‫ثامنا ً‪ :‬كراهة الكالم أثناء قضاء الحاجة‪.‬‬

‫)‬
‫‪ ()1‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬
‫‪15‬‬

‫لحديث المهاجر بن قِنفذ ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أنه أتى النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وهو يبول فسلَّم فلم يرد‬
‫َع َّز ‪ -‬و َج َّل ‪ -‬إ الَّ عَلى‬ ‫رأهت أ أ ن َأذأ ُ‬
‫ك َر هللاَ‬ ‫ُ‬ ‫عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال‪ :‬إنِّي " َك‬
‫)‪(1‬‬
‫فيكره الكالم أثناء قضاء الحاجة ‪ ،‬ما لم يكن كالمه لحاجة فال بأس ‪.‬‬ ‫طأ ٍه ر "‪.‬‬

‫نحو َها‪ ,‬تُ َن قِّي‬ ‫تج َم َر بثاَل ث ِة َأ ْح َج ار َو ْ‬


‫س ْ‬‫اجتهُ ‪ :‬ا ْ‬
‫ضى َح َ‬‫قال المصنف ‪-‬رحمه هللا ‪ ] :-‬فَِإذا ق َ‬
‫ص ار َع ِل ى َأ َح ِد ِه َم ا‪َ .‬وال‬ ‫ق تِ ِ‬ ‫ف ي ااِل ْ‬ ‫اس تَ ْن َج ى ِ‬
‫ب ال َماء‪َ .‬ويكْ ِ‬ ‫ا ْْل َم َح َّل ‪ .‬ثُ َّم ْ‬
‫س لم ‪-‬‬ ‫ع ْنه النَّ بِي ‪َ -‬‬
‫ص ل ى هللاُ َع لِي ِه َو َ‬ ‫والع ظَام‪َ ,‬ك َم ا َن هَ ى َ‬
‫ِ‬ ‫س تَ ْج ِم ر ‪ :‬بِال َّر ْوث‬ ‫يِ ْ‬
‫َوك َذ لِك ُك ل َم ا َل ه ُح َْرم ة‪[ .‬‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫االستجمار‪ :‬هو مسح أثر الخارج من السبيلين ‪ -‬البول والغائط ‪ -‬باألحجار ونحوها ‪.‬‬
‫‪ ‬لإلنسان إذا أراد أن يقضي حاجته ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يتطهر بالماء فقط‪.‬‬

‫)‪ (2‬شرقوا أو غربوا ‪ :‬خطاب ألهل المدينة ؛ ألنهم إذا شرقوا أو غربوا ال يستقبلون القبلة ‪ ،‬وال يستدبروها ‪.‬‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم )‪ ، (244‬رواه مسلم )‪. (114‬‬
‫)‪ (0‬زاد المعاد )‪.(2/46‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم )‪ ، (210‬رواه مسلم برقم )‪. (111‬‬
‫)‪ (1‬أحمد برقم )‪ ، (26304‬رواه أبو داود )‪. (21‬‬
‫‪14‬‬

‫لحديث أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪َ " :‬كانَ َرسُول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬يَأد ُخ ُل َأالخالَ َء فأ أح ِم ُل أنا‬
‫َو ُغال م أنَحوي إدَا َوةً ‪َ .‬م أن َما ٍء َو َعنَـزةً فَـي أست ِ‬
‫)‪(0‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫َـأنجى باأل َما ِء "‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يتطهر باألحجار فقط‪.‬‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬

‫ى بِأق َّل ِم أ ن‬
‫َـأنج َ‬
‫ُول هِللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أ أ نن أست ِ‬
‫لحديث سلمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ ":‬نـهَانا َرس َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ثَالثَ ِة أ َ‬
‫أحج ٍار "‬
‫‪ .3‬أن يتطهر بالحجارة ثم بالماء‪.‬‬
‫وهذا أكمل من الحالتين السابقتين ؛ ألنه أبلغ في اإلنقاء ‪ ،‬وال دليل عليه صحيح ‪.‬‬
‫‪ -‬هل يجوز االستجمار بغير الحجارة ‪ ,‬كالخشب مثالً ؟‬
‫يجوز االستجمار بغير الحجر ‪ ،‬كالخشب ‪ ،‬والخرق وما في معناها مما ينقِّي المحل ‪ ،‬أي ‪ :‬يطهره من‬
‫النجاسة ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬يشترط لإلستجمار بالحجارة أن تكون ثالثة أحجار‪.‬‬
‫لحديث سلمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬السابق ‪ ،‬والمراد باألحجار الثالثة ‪ :‬أن لكل حجر مسحة ‪ ،‬وقد يكون‬
‫للحجر الواحد ثالث وجهات ‪ ،‬فتجزئ هذه الجهات‪.‬‬
‫يستحب قطع االستجمار بالحجر على وتر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تج َم َر فَ ْليوتِ ْر‬
‫س ْ‬‫لحديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪َ ":-‬م ِن ا ْ‬
‫")‪ (1‬فإذا أنقى بأربعة أحجار يستحب أن يزيد خامسة وهكذا ‪ ،‬وأما اإليتار بالثالث فواجب كما‬
‫سبق ‪ ،‬وقيل ‪ :‬قطع االستجمار على وتر واجب وليس بمستحب ؛ ألن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أمر‬
‫يوتر " وهذا القول هو األحوط واألقوى ‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬ ‫تج َم َر فَ ْل ْ‬
‫س ْ‬‫به وقال ‪َ " :‬م ِن ا ْ‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬األشياء التي ال يجوز االستجمار بها‪:‬‬
‫ى بِ ِرج يع أ‬
‫‪.1‬العظم‪ :‬لحديث سلمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪":‬نَ هَانا النبِي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬أنْ نسْتَ نْ ِج َ‬
‫ْو بِ َعظ م ")‪. (1‬‬
‫والحكمة من ذلك ‪ :‬أنها طعام الجن ففي حديث ابن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عند مسلم في قصة ليلة‬
‫َلي ِه‬ ‫ي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم – الزاد فقال‪" :‬ل ُك ْم ُك ُّل عَظ م ذك َر ا ْ‬
‫س ُم هللاِ ع ْ‬ ‫الجن وفيه سأل الجن النب َّ‬
‫ل هللاِ ‪-‬‬
‫سو ُ‬‫لح ًما و ُك ُّل بَ َع َرة عَل فٌ ل َد َواب ُك ْم "‪ .‬فَقَا َل ر ُ‬ ‫ْ‬ ‫أوفَ َر َما ي ُكونُ‬ ‫ع فِي أي ِدي ُك ْم ْ‬
‫ق ُ‬
‫يَ َ‬
‫صلّى هللا عليه وسلم‪ -‬ف" الَ تسْتَ ْن ُجوا به َما فإنَّ ُه َما ط َعا ُم ْ‬
‫إخ َوان ُك ْم " )‪.(1‬‬
‫‪.1‬الرجيع )الروث(‪ :‬الروث ‪ :‬جمع روثة ‪ ،‬وهي فضلة الدابة ذات الحافر ‪ ،‬فيحرم االستجمار بها‪.‬‬

‫)‬
‫‪ ()1‬رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬
‫‪17‬‬

‫ث ابن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ ":‬أتى الن بي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬األغاِئ طَ فأ َم َِرني أ أن‬
‫لحدي ِ‬
‫ـوجأدت َح َجريأ نولَم أ أ ِجأد ثالثا فأتَـأيته ب َرأوث ٍة فأ َخ َذهُما َوأألقَى‬
‫ار ‪ ،‬فَ َ‬ ‫آتيهُ بِثاَل ث ِة أ َ‬
‫أحج ٍ‬
‫الرأوثةَ ‪ ،‬وقال " ‪ :‬إنَّ هَا ركْ ٌ‬
‫س)‪" (1‬رواه البخاري وأحمد ‪.‬‬

‫‪ ()1‬رواه مسلم برقم‪)413( .‬‬ ‫)‪ (2‬اإلداوة‪ :‬إناء صغير من جلد ‪.‬‬
‫‪ ()1‬ركس ‪ :‬أي نجس‪.‬‬ ‫‪ ()1‬العنزة‪ :‬الحربة الصغيرة ‪.‬‬
‫‪)112( .‬‬ ‫‪ ()0‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (211‬رواه مسلم برقم‬
‫‪ ()4‬رواه مسلم برقم‪. ( )111‬‬
‫‪ )1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )212‬رواه مسلم برقم‪. ( )101‬‬
‫‪.‬‬ ‫مسلم برقم‪. ( )111‬‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب االستنجاء ‪ ,‬وآداب قضاء الحاجة‬
‫‪18‬‬

‫وزاد " ‪ :‬ائتني بغ ْيرهَا")‪.(2‬‬


‫‪ .3‬الطعام وكل ماله حرمة‪ :‬باتفاق األئمة ال يجوز االستجمار بالطعام ؛ ألنه كفر بالنعمة ‪ ،‬وكذلك‬
‫كل ماله حرمة كأوراق المصاحف ‪ ،‬وكتب العلم ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة ‪ :‬هل يجوز البول قائما ً ؟‬
‫يجوز البول قائما ً ؛ لحديث حذيفة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قالأتى ال ِن بي "‪ - :‬صلى هللا عليه وسلم ‪ُ -‬سبَاطةَ ‪ ()1‬قَـأ ٍوم‬
‫فَـب َ‬
‫ال قاِئ ًما")‪.(0‬‬
‫‪ -‬يشترط للبول قائما ً شرطان ‪:‬‬
‫‪ .2‬أن يأمن الناظر ‪ ،‬بحيث ال يراه أحد وهو يبول ‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يأمن تلويث ثيابه وجسده ‪ ،‬بأن اليرتد إلى ثيابه من بوله شيئا ً‬

‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪19‬‬

‫‪ )2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )211‬رواه أحمد برقم ‪)0111( .‬‬


‫‪ )1‬السباطة‪ :‬هي ملقى التراب والكناسة وغيرها‪.‬‬
‫‪)0‬البخاري برقم‪ ، ( )111‬رواه مسلم برقم ‪)110( .‬‬
‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪16‬‬

‫ٌ‬
‫جسةَ ِ [‬ ‫فص ْل ] ِإزاَلةَُ اَ َّ‬
‫لنجاَسةَِ واََأْلشْيا َ ِء اَلنَّ ِ‬ ‫َ‬

‫َ‬
‫أو‬ ‫ت َع َل ى ا ْْل َ‬
‫ب َد ِن ‪ْ ,‬‬ ‫ع النَّّ َِج َ‬
‫اس ا ِ‬ ‫غس ِل َج ِمي ِ‬
‫ْ‬ ‫في‬ ‫ق ا ِل المص نف ‪ -‬رحم ه هللا ‪َ ] : -‬وي ْك ِ‬
‫في ِ‬

‫ب ْق َع ِة ‪ ,‬أ ْ ِو غ ْيرها‪ :‬أنْ تَ ُزو َل َع ْي نُ َها عَنْ اَ ْْل َم َح ِّل ؛ ِألنَّ الشَّار َع ل ْم يشْتر ْط‬
‫أو ا ْْلِ ُ‬
‫ب‪ْ ,‬‬ ‫َّ‬
‫الث ْو ِ‬

‫ساَل ت ‪,‬‬
‫س ْب َع غ ْ‬ ‫اس ة اَ ْْل َك ْل ِ‬
‫ب ‪ ,‬فاشْتَ َرطَ في َها َ‬ ‫نج َ‬ ‫س ِل ا لنَّ َج َ‬
‫اس ات َع َد ًدا إاَّل ف ي َ‬ ‫يع غ ْ‬
‫في َج ِم ِ‬

‫ب ‪ .‬في اَ ْْل َح ِدي ِ ْ‬


‫لي ِه[‪.‬‬ ‫ث اَ ْل ُمتَّ فَ ِ‬
‫ق َع ْ‬ ‫إح َدا َها بالتُّ َرا ِ‬
‫ْ‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫تعريف النجاسة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫النجس لغة‪ :‬القذر والوسخ ‪ ،‬وهو ضد النظافة‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬اسم لعين مستقذرة شرعا ً ‪.‬‬

‫)‬
‫)‬
‫)‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫الحكمية ‪ :‬وهي التي تقع‬


‫والنجاسة نوعان ‪ :‬إما ُحكميةـ ‪ ,‬وإما عينية ‪ ,‬والمراد بهذا الباب ‪ :‬النجاسة ُ‬
‫على شيء طاهر فينجس بها كالبول إذا وقع على الثوب ‪ ،‬وأما العينية ‪ :‬التي عينها نجسة ‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمكن تطهيرها أبداً ‪ ،‬فلو أتيت بماء البحر لتطهر به روثة حمار ما طهرت أبداً ؛ ألن عينها نجسة ‪.‬‬
‫عامة النجاسات التي تقع على البدن ‪ ،‬أو على الثوب ‪ ،‬أو على اإلناء ‪ ،‬أو على األرض ‪ ،‬أو‬
‫على الفراش ‪ ،‬فإنها تزول إذا زالت عين النجاسة ‪ ،‬فإذا زالت عين النجاسة طهر المحل ‪ ،‬سواء‬
‫زالت بغسلة واحدة ‪ ،‬أو اثنتين ‪ ،‬أو غير ذلك من غير تحديد في عدد معين ‪ ،‬فلم يرد في عدد غسل‬
‫النجاسات عدد معين ‪ ،‬إال نجاسة الكلب ‪ ،‬وسيأتي بإذن هللا‪.‬‬
‫ويدل على ذل ِك‪ :‬حديث أنس بن مالك ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في قصة األعرابي الذي بال في المسجد ‪ ،‬قال‬
‫س ْجاًل )‪ِ (1‬منْ َم اء " )‪،(0‬‬ ‫ب ْول ِه َذنوبا ِمنْ َم اء ْ‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّم‪َ " : -‬وأهْريقُوا َل َع ى َ‬
‫)‪(2‬‬
‫أو َ‬
‫ولم يأمره بالزيادة على ذلك ‪.‬‬

‫نجاسة الكلب تغسل سبع مرات أوالهن بالتراب ‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫)‪(4‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ِ " :-‬إ َذا َول َغ‬
‫ِ‬
‫س ْب َع َم َّر ات أ َواَل هُنَّ بالتُّ َرا ِ‬ ‫أحد ُك ْم فَ ْل َي ِ‬
‫غس ْلهُ َ‬ ‫ا ْل َك ْل ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ب "‬ ‫ب فِي ِإن اء َ‬

‫‪ ()1‬السجل ‪ :‬الدلو المليء ماء ‪.‬‬ ‫‪ )2‬ال َذنوب ‪ :‬الدلو العظيمة وقيل ‪:‬ال تسمى َذنوبا ً إال إذا كان فيها ماء ‪.‬‬
‫‪ )0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )1211‬رواه مسلم برقم ‪)114( .‬‬
‫‪ )4‬ولغ‪ :‬الولوغ‪ :‬هو أن يدخل لسانه في الماء ونحوه ‪ ،‬ثم يحركه ولو لم يشرب ‪.‬‬
‫) ‪ ، (211‬رواه مسلم برقم ‪)116( .‬‬

‫‪ ‬فائدة‪ :‬جاء في صحيح مسلم‪ :‬من حديث عبد هللا بن المغفل ‪ -‬رضي هللا عنه ‪َ ...":-‬و َعفِّ ُروهُ‬
‫الثا ِمنةَـ فِي‬
‫قال ابن حجر في الفتح ‪":‬ورواية " أ َواَل هُنَّ " أرجح من حيث األكثرية ‪ ،‬و األحفظية‬ ‫)‪(2‬‬
‫التُّ َر ِاب "‬
‫‪ ،‬والمعنى ؛ ألن تتريب األخيرة يحتاج إلى غسلة أخرى لتنظيفه")‪.(1‬‬

‫)‬
‫)‬
‫)‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪21‬‬

‫وال يجزئ ‪ :‬اإلشنان والسدر وغيرها من المنظفات ‪ ،‬أن تكون بدالً من التراب ؛ لورود‬
‫النص في التراب ولوجود اإلشنان والسدر على عهد النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وس ّل م‪ -‬ولم يجعله بديالً ؛‬
‫وألن في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب كما قرر ذلك األطباء ‪.‬‬
‫أما لو بال الكلب أو تغوط فهو كسائر النجاسات ‪ ،‬يكفي في غسله أن يغسل حتى تذهب نجاسته من‬
‫دون عدد معين ‪ ،‬هذا هو الصحيح من قول ّي أهل العلم ‪.‬‬
‫قا ِل‬
‫َ‬
‫ب ْو ُل ْاَ َد ِم ِّي ‪َ ,‬و ْ‬
‫عذرتهُ ‪َ ,‬وال َّد ُم ‪ ,‬إاَّل أنهُ ي ْعفَى َع ِن‬ ‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] :-‬واأْل شْيا ُء النَّّ ِج َ‬
‫سة ُ ‪َ :‬‬
‫ي ْب قَى في ْ‬
‫اللحم َوا ْل‬ ‫ُون ال ِذي َ‬ ‫ان اَ ْْل َمأ ُكو َل ‪ ,‬د َْ‬ ‫ْ‬ ‫سفُ ُ‬
‫وح ِمنْ اَ ْل َح َي َو ِ‬ ‫سير ‪َ .‬و ِم ْث لهُ ‪ :‬ال َّد ُم اَ ْْل َم ْ‬
‫الدَّم اَ ْْلي ِ‬
‫وق ‪ .‬فإنهُ طا ِه ٌر ‪.‬‬ ‫ع ُر ِ‬
‫َ‬
‫سة ٌ ‪.‬‬ ‫نج َ‬‫سبا ُع ُكل َها ِ‬ ‫ث ُك ِّل َح َي َو ان ُم َحر م أ ْكلهُ ‪َ .‬وال ِّ‬ ‫ب ْو ُل َور َو ُ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫َو ِم َن اَلنَّّ َج َ‬
‫اس ا ِ‬
‫س َم َك َوا ْْل َج َرا َد ؛ َأِلنَّ َها‬
‫سائلةً ‪َ ,‬وال َّ‬
‫س لَهُ َ‬‫و َك َذل َك ا ْْل َم ْيتاتُ ‪ ,‬إاَّل ‪َ :‬م ْيتةَ ْْاَ َد ِم ِّي ‪َ ,‬و َما اَل َن ْف َ‬
‫طا ِهرةٌ ‪.‬‬

‫قا َل تَ َعالى‪ُ } :‬ح ِّر َمتْ َعلي ُك ُم اَ ْْل َم ْيتةُ َوال َّد ُم { إلى آ ِخر َها ]ال َمائ َد ِة ‪.[3 :‬‬
‫َ‬
‫س َحيا َواَل َميتا "‪.‬‬ ‫نج ُ‬‫ي ُ‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪" -‬اَ ْْل ُمْؤ ِمنُ اَل َ‬
‫ي‪َ -‬‬ ‫َوقا َل اَلنَّّبِ ُّ‬
‫ان ‪ :‬فَا ْل َكب ُد‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تتان َو َد َما ِن ‪ ,‬أ َما ا ْل َم ْيتتا ِن ‪ :‬فَا ْل ُحوتُ َوا ْل َج َرا ُد ‪َ .‬وأ َّما ال َّد َم ِ‬
‫َوقا َل ‪" :‬أ ِح َّل لَنا َم ْي ِ‬
‫اج ْه [ ‪.‬‬
‫أح َم ُد " َوابنُ َم َ‬ ‫رواهُ ْ‬
‫الطحا ُل َ‬ ‫َو َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬األشياء النجسة التي ذكرها المؤلف هي ‪:‬‬
‫)‬
‫)‬
‫)‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫‪ .1‬بول ْْادمي وعذرته)‪ (0‬سواء كان صغي ًراً أو كبي ًراً ‪ :‬وهي من األنجاس العينية ‪ ،‬فالبول والغائط‬
‫نجسة ؛ ألنها مستقذرة مستقبحة ‪ ،‬تنفر النفس منها ‪ ،‬فإذا وقعت على الثوب أو نحوه ‪ ،‬فإنها تغسل‬
‫حتى يزول أثرها‪.‬‬
‫ألن اإلمام أحمد ‪ -‬رحمه‬ ‫‪ .1‬دم ْْادمي ‪ :‬ذكره المؤلف من النجاسات إال الدم اليسير فإنه يعفى عنه ؛‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬‬ ‫– رحمه هللا –‬ ‫نقل اإلجماع على نجاسة الدم ‪ ،‬ونقله عنه شيخ اإلسالم ابن تيمية‬ ‫هللا‪-‬‬

‫‪ )2‬رواه مسلم ‪)113( .‬‬


‫‪ )1‬معنى األكثرية ‪ :‬أي كثرة الرواة ‪ ،‬ومعنى األحفظية ‪ :‬أي قوة حفظهم وإتقانهم ‪ ،‬ومن حيث المعنى تقدم في كالمه رحمه هللا ‪.‬‬
‫‪ )0‬قال صاحب لسان العرب ‪:‬العذرة ‪:‬الغائط ‪.‬‬
‫‪ )4‬شرح العمدة ‪)231/2( .‬‬

‫)‬
‫)‬
‫)‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪23‬‬

‫واألرجح ‪ -‬وهللا أعلم ‪ : -‬أن دم اإلنسان ما لم يخرج من السبيلين طاهر ‪ ،‬وبه قال المؤلف في‬
‫كتاب االختيارات واختاره الشوكاني و شيخنا ابن عثيمين ‪-‬رحمهم هللا‪. -‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬
‫حديث جابر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في قصة الرجل الذي رُمي بسهم في غزوة ذات الرقاع فنـزفه الدم‬ ‫أ‪.‬‬
‫فركع وسجد وهو في صالته ولم يأمره النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬بإعادة الصالة‪. (2) ،‬والحديث‬
‫رواه أبو داود وابن خزيمة ‪.‬‬
‫– رحمه‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عندما طعن ‪ ،‬صلى وجرحه يثعب دما ً ‪،‬كما رواه مالك‬ ‫ب‪.‬‬
‫هللا ‪.(1) -‬‬

‫– رحمه‬ ‫ج َرا َح ات ِهم" رواه البخاري‬


‫ص ُل ونَ ِفي ِ‬
‫ي َ‬
‫ج ‪ .‬قال الحسن‪َ :‬م " ازَا َل الم أ س ِل ُمونَ ُ‬
‫هللا‪ -‬معلقا ً بصيغة الجزم)‪.(0‬‬
‫د ‪ .‬األصل في األشياء الطهُارة حتى يقوم دليل النجاسة ‪ ،‬وهذا أمر تعم به البلوى عند عامة‬
‫الناس وال نعلم أن النبي‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬أمر بغسل الدم من غير السبيلين‪.‬‬
‫ولو احتاط المسلم وأزال الدم فهو أفضل ؛ لإلجماع الذي نقله اإلمام ‪ ،‬وخروجا ً من الخالف ‪.‬‬
‫الدم المسفوح‪ :‬وهو الدم الذي يسيل من الحيوان بعد الذبح فهذا دم نجس ‪ ،‬ويعفى عن الدم الذي‬ ‫‪.3‬‬
‫يبقى في العروق فال يسمى مسفوحا‪.‬‬

‫] األنعام‪.[ :241‬‬ ‫س {‬
‫رج ٌ‬
‫لح َم ِخنز ير فإنهُ ْ‬
‫أو ْ‬ ‫سف ُ ً‬
‫وحا ْ‬ ‫أو َد ًما َّم ْ‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬قوله – تعالى‪ْ } - :‬‬
‫بول وروث كل حيوان محرم أكله كالكلب والقط والحمار وغيرها ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫والسباع كلها نجسة كالذئاب واألسود وغيرها‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫نج س ‪ِ ,‬إن ِها ِم نَ‬
‫ستْ بِ َ‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أبي قتادة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في الهرة ‪ ،‬قال ‪ِ ":‬إنَّ هَا ل ْي َ‬
‫ت" )‪ ،(4‬فدل على نجاسة ما لم يكن طوافا ً مما ال يشق التحرز‬ ‫الط َّواف ينَ عَل ْي ُك ْم ِأو الط َّواف ا ِ‬
‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬

‫عنه‪.‬ويدخل في ذلك البغل والحمار فهما طاهران في الحياة كالهرة ؛ ألنهما من الطوافات فيشق‬
‫التحرز منهما ‪ ،‬وكان النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬يركبهما كثي ًراً ‪.‬‬
‫الميتات ‪:‬كميتة بهيمة األنعام مثالً ‪ ،‬فإذا ماتت شاة ‪ -‬أي من غير ذكاة ‪ -‬فإنها تكون محرمة‬ ‫‪.6‬‬
‫ونجسة‪.‬‬

‫]المائدة ‪.[0 :‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬قوله – تعالى‪ُ } - :‬ح ِّر َمتْ عَل ْي ُك ُم ا ْْل َم ْيتةُـ َوا ْْل َّد ُم{‬
‫‪ ‬ويستثنىـ من الميتات أنواع طاهرة ‪:‬‬

‫‪ .1‬ميتةـ ْْادمي ‪ :‬فهي طاهرة لحديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪ِ ":‬إ نَّ‬
‫س‬ ‫ا ْل ُمِْؤ م نَ الَ َ‬
‫ي ْن ُج ُ‬
‫سلِم "‪ (1).‬وهذا عام يشمل الحياة والممات ‪.‬‬
‫" وفي رواية ‪ " :‬إنَّ ال ُم ْ‬

‫‪ ()2‬رواه أبو داود ب رقم ) ‪ ، (261‬وابن خزيمة برقم) ‪. (01‬‬


‫‪ )1‬رواه مالك برقم) ‪. (11‬‬
‫‪ )0‬ذكره البخاري في مقدمة باب من لم ير الوضوء إال من المخرجين من القبل أو الدبر ‪.‬‬
‫‪ )4‬الترمذي وصححه برقم) ‪. (61‬‬
‫‪ ، ( )110،111‬رواه مسلم برقم‪. ( )011،012‬‬

‫‪ .1‬ما ال نفس له سائلة ‪ :‬والمقصود[ بها‪ :‬األشياء الصغيرة التي ال يسيل منها دم ‪،‬كالذباب ‪،‬‬
‫والبعوض ‪ ،‬والفراش والنحل‬
‫‪ ،‬والحشرات الصغيرة وكل ما ليس له نفس سائلة ‪ ،‬فميتتها طاهرة ؛ ألن هذا مما تعم به البلوى‬
‫فخفف على المسلمين ‪ ،‬فلو سقطت هذه األشياء في المائعات وغيرها فإنها طاهرة ال تنجس ‪.‬‬
‫‪ .0‬السمك والجراد ‪ :‬فميتتها طاهرة ‪ ،‬لحديث عبد هللا بن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النبي‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ -‬قال‬
‫ان فَا ْْل ُحوتُ َوا ْْل َج َر ا ُد ‪َ ,‬وأ َّما ال َّد َم ا ِن فَا ْْل َكب ُد َو َ‬
‫الطح ا ُل‬ ‫ْ‬
‫تتان َو َد َما ِن فأ َّما ا ْل َميتت ِ‬
‫‪ ":‬أ ِح َّل لنا َم ْي ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫"‬

‫( رواه‬
‫رواه‬ ‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪25‬‬

‫‪ ‬فائدة‪ :‬الطحال ‪ :‬عضو يقع بين المعدة والحجاب الحاجز في يسار البطن ‪ :‬وظيفته تكوين‬
‫الدم ‪ ،‬وإتالف القدم من كرياته ‪.‬‬

‫ت اَ ْْل َمأ ُكول ِة َو ْ‬


‫أب َوال َها ‪ :‬ف ِه َي طا ِهرةٌ ‪.‬‬ ‫اث اَ ْْل َح َي َوانا ِ‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬وأ َّما أر َو ُ‬
‫َو َم ْن ُي ْْا َد ِم ِّي طا ِه ٌر ‪.‬‬
‫غس ُل ر ْطبهُ ‪َ ,‬وي ْف ُر ُك ياب َ‬
‫سه ُ ‪. [ .‬‬ ‫ي ِ‬ ‫ي‪َ -‬‬
‫صلَّى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪َ -‬‬ ‫ان النَّبِ ُّ‬ ‫َك َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬األشياء الطاهرة التي ذكرها المؤلف هي‪:‬‬
‫‪ .2‬أرواث الحيوانات المأكولة اللحم وأبوالها طاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬المتفق عليه عندما أمر النبي‬
‫العرنيين الذين سقمت أجسادهم أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها )‪.(1‬‬
‫‪ -‬ومعلوم أن النجس ال يباح شربه ‪ ،‬ولو قال قائل أن هذا ضرورة ‪ ،‬نقول‪ :‬لو كان ضرورة ألمرهم‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّمأن يغسلوا أثره ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪ -‬رحمه هللا ‪" : -‬وبول ما أكل لحمه فروثه طاهر‪ ،‬لم يذهب أحد من الصحابة إلى‬
‫تنجيسه بل القول بنجاسته قول ُم َحدث ال سلف له من الصحابة "ا‪.‬هـ ‪ .1‬مني ْْادمي طاهر‪.‬‬
‫والمني أبيض من الرجل ‪ ،‬أصفر من المرأة ‪ ،‬رائحته كرائحة الطلع أو العجين ‪ ،‬يخرج دفقا ً عند‬
‫اشتداد الشهوة ‪ ،‬ومني الرجل ثخين ‪ ،‬ومني المرأة رقيق في العادة‪.‬‬
‫ى ِم أن ثَـأو ِب رسُ‬ ‫ويدل على طهارته ‪ :‬قول عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ُ ": -‬ك ُ‬
‫أنت أأفـ ُر ُ‬
‫ك األ ِ َم ن َّ‬ ‫‪-‬‬

‫صلى ف ي ِه")‪..(0‬ولو كان نجسا ً لما اكتفت بالفرك‪.‬‬


‫ِول هِللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلمفَـي َ‬
‫وبناء عليه فلو اغتسل إنسان بعد خروج المني ثم لبس مالبسه التي أصابها المني وصلّى فصالته‬
‫صحيحة ؛ لطهارة المني ‪.‬‬
‫)‬
‫)‬
‫رواه‬ ‫( رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬

‫‪ )2‬رواه أحمد برقم ‪ ، ()1110‬رواه ابن ماجه برقم‪. ( )0024‬‬


‫‪ )1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )100‬رواه مسلم برقم‪)2112( .‬‬
‫‪ ، ( )103‬مسلم برقم ‪)111( .‬‬ ‫‪)0‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ ‬فائدة‪ :‬وأما المذي فهو نجس‪ .‬و المذي‪ :‬هو ماء رقيق يكون على رأس ال ذكر ‪ ،‬ليس له‬
‫رائحة المني ‪ ،‬ويخرج بدون دفق ويخرج عند اشتداد الشهوة وعند فتورها‪.‬‬
‫ويدل على نجاسته‪ :‬حديث علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪":‬كنت رجالً مذاء ‪ ،‬فاستحييت أن أسأل رسول‬
‫ض‬
‫س ُل ذ َك رهُ َوي تَ َو َّ‬
‫لمكان ابنته مني ‪ ،‬فأمرت المقداد فسأله فقال‪ " :‬يَغ ِ‬ ‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫هللا‬
‫ُأ )‪(2‬‬
‫"‬
‫واتفق العلماء على نجاسة المذي ‪ ،‬وأنه يوجب الوضوء ‪ ،‬بخالف المني فهو يوجب الغسل ‪.‬‬
‫وسيأتي في باب ما يوجب الغسل ‪.‬‬

‫ش ْه َوة ‪ :‬ي ْكفِي في ِه‬


‫ي ل ْم يأ ُك ِل الط َعا َم ل َ‬ ‫ب ْو ُل ا ْل ُغاَل ِم ال َّ‬
‫ص ِغي ِر ‪ ,‬ال ِذ ِ‬ ‫قال المصنف ‪-‬رحمه هللا‪َ ]: -‬و َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ش ِمنْ َ‬
‫ي َر ُّ‬‫ب ْو ِل ا ْل َجاري ِة ‪َ ,‬و ُ‬‫س ُل ِمنْ َ‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪ " :-‬ي غ َ‬ ‫ي ‪َ -‬‬ ‫ض ُح ‪َ ,‬ك َما قا َل اَلنَّبِ ُّ‬ ‫النَّّ ْ‬
‫ائي‬
‫س ُّ‬ ‫رواهُ أبُو َدا ُو َد َوالنَّ َ‬ ‫ْو ِل ا ْل ُغاَل ِم " َ‬
‫]‬
‫ـ‬

‫الشـــرح‬
‫تقدم أن بول اآلدمي سواء كان كبي ًراً ‪ ،‬أو صغي ًراً فهو نجس ‪ ،‬ويستثنى من ذلك الصغير الذي‬
‫لم يأكل الطعام فيطهّ ر بول الغالم الذي لم يأكل الطعام بالنضح ‪ ،‬بخالف الجارية فال بد من الغسل‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫( رواه‬
‫رواه‬ ‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪27‬‬

‫بص ي بي فَـبا َل عَلى‬ ‫أ‪ .‬حديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪ ":‬أت َي رسُ و ُل هللاِ ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َِ -‬‬
‫يـأغسألهُ‬
‫ِ‬ ‫ثـأوب ِه ف َدعَا بم ا ٍء فَأأتـبَـ َعهُ إياهُ ")‪(1‬وفي حديث أم قيس ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ ": -‬فَ َ‬
‫ـنض َح هُ ولَم أ‬
‫)‪(0‬‬
‫"‪.‬‬

‫س ُل ِمنْ‬
‫يغ َ‬ ‫ب‪ .‬حديث أبي السمح ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬الذي ذكره المصنف[ أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪ُ ":‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ب ْو ِل اَ ْْلغاَل م "‬ ‫ب ْو ِل اَ ْْل َج ِاري ِة ‪َ ,‬وي َر ُّ‬
‫ش ِمنْ َ‬ ‫َ‬
‫ب ِْول اَ ْْلغاَل ِ م " ‪ :‬خرج بذلك الغائط فإنه يجب فيه‬
‫ش ِمنْ َ‬
‫قول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪َ ": -‬وي َر ُّ‬
‫الغسل‪ ،‬وبول الغالم الذي يأكل الطعام نجس وهكذا بول اإلنسان عامة صغي ًراً أو كبي ًراً نجس‪.‬‬
‫]الذي لم يأكل الطعام[ ‪ :‬قال ابن حجر ‪ -‬رحمه هللا ‪ " : -‬المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرضعه ‪،‬‬
‫والتمر الذي يحنك به‬
‫‪،‬والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها " ‪ ،‬وبناء عليه لو بدأ الصغير بأكل الطعام فإن بوله كالكبير‬
‫يجب غسله ‪ ،‬وال يكفي فيه النضح ‪.‬‬
‫النضح‪ :‬أن تتبعه الماء حتى يشمله كله من دون فرك أو عصر‪.‬‬
‫‪ -‬الحكمة من التفريق بين بول الغالم وبول الجارية‪:‬‬
‫قيل‪ :‬ألن الغالم يكثر حمله ‪ ،‬وتتعلق به القلوب ؛ ف ُخفُف في تطهيره‪.‬‬
‫‪)2‬البخاري برقم‪ ، ( )211‬رواه مسلم برقم‪ ()0 )030( .‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )110‬رواه مسلم برقم ‪)111( .‬‬
‫‪ ، ( )111‬مسلم برقم‪ (4) )111( .‬رواه أبو داود برقم(‪ ، )011‬رواه النسائي برقم ‪ )031( .‬وصححه ابن حجر ‪.‬‬

‫)‬
‫)‬
‫رواه‬ ‫( رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫إزالة النجاسة ‪ .‬واألشياء النجسة‬
‫‪31‬‬

‫وقيل‪ :‬ألن بوله ينتشر فيشق نزحه ‪ ،‬بخالف الجارية في موقع واحد ‪ ،‬فإن صحت هذه الفروق‬
‫وإال فالمع َّول عليه تفريق السنة وهو أمر تعبدي ‪.‬‬

‫قال‬
‫َ‬
‫يح ؛‬ ‫الر ِ‬
‫اللو ِن َو ِّ‬ ‫ب قَا ُء ْ‬‫ض َّر َ‬ ‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ]: -‬وإذا زالتْ َع ْينُ النَّّ َجا َ‬
‫س ِة ط ُه َِر ا ْل َم ُح ُّل َول ْم ي ُ‬
‫يك ا ْْل َما ُء ‪ ,‬واَل‬
‫لخ ْولةَ بنت يسار ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬في َد ِم ا ْْل َح ْيض " ي ْكفِ ِ‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪َ -‬‬ ‫لقَ ْولِ ِ‬
‫ه ‪َ -‬‬
‫أث رهُ " [‪.‬‬ ‫رك َ‬
‫ض ِ‬ ‫ي ُ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫ذكر المصنف هذه المسألة ؛ ليبيّن أن في غسل سائر النجاسات العبرة زوال عين النجاسة ‪ ،‬فإذا‬
‫زالت عين النجاسة طهر المحل ‪ ،‬حتى لو بقي أثره من لون ونحوه فهذا ال عبرة فيه ‪ ،‬فلو أصاب‬
‫الثوب نجاسة كدم الحيض مثالً ‪ ،‬و ُغسلت هذه النجاسة وبقي لون الدم فإنه ال يضر ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬قول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬لخأولَة بنت يسار ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬عندما شكت له دم‬

‫أث رهُ‬ ‫ف ‪ " :‬ي ِك اَ ْل َما ُء ‪َ ,‬واَل ي ُ‬


‫ض ُّر ِك َ‬ ‫يَ ْك ِ‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬ ‫الحيض إذا أصاب الثوب‪ ،‬فقال النَّبي‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬

‫وألن المقصود ذهاب النجاسة ‪ ،‬وبقاء األثر ال يضر ‪.‬‬

‫رواه‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬

‫)‪ (2‬أحمد برقم‪ ، ( )1111‬أبو داود برقم (‪ ، )011‬وصححه األلباني ‪ ،‬قال ابن حجر في البلوغ ‪ :‬وسنده ضعيف ‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫ض ُو ِء [‬ ‫صف ِةَ اَ ْ‬
‫لو ُ‬ ‫] با َ ُ‬
‫ب ِ‬
‫تعريف الوضوء‪:‬‬
‫الوضوء لغة‪ :‬بضم الواو‪ :‬مشتق من الوضاءة ‪ ،‬وهي النظافة والحسن ‪ ،‬وأما بفتح الواو فهو‪ :‬الماء الذي‬
‫يتوضأ به‪.‬‬
‫وشرعا ً ‪ :‬التعبد هلل تعالى بغسل األعضاء األربعة على صفة مخصوصة‪.‬‬
‫فضل الوضوء‪:‬‬
‫ضَأ ا ْْل َع ْب ُد ا ْْل ُم ْ‬
‫سلِ ُم‬ ‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪" :‬إ َذا تَ َو َّ‬
‫ي ِه‬ ‫إلي هَا ب َع ْي نَ ْ‬ ‫س َل ‪َ ,‬و ْج َههُ َخ َر َج ِم نْ َو ْج ِه ِه ُك ُّل َخ ِطيئ ة نظ َر ْ‬ ‫أ ِو ‪ ,‬ا ْْل ُمْؤ ِمنُ فَغ َ‬
‫غس َل يدَي ِه َخ َر َج ِمنْ يدَي ِه ُك ُّل َخ ِطيَئ ة‬ ‫َ‬ ‫آخر قطر ا ْْل َما ِء ‪ ,‬فإ َذا‬
‫أو ‪َ ,‬م َع ِ‬ ‫َم َع ا ْْل َم ا ِء ْ‬
‫رجل ْي ِه َخ َر َج ُك ُّل َخ ِطيئ‬ ‫غس َل ْ‬‫َ‬ ‫آخ ِر قط ِر ا ْْل َم ا ِء فإ َذا‬
‫أو ‪َ ,‬م َع ِ‬‫بطشَتْ هَا يدَاهُ َم َع ا ْْل َم ا ِء ْ‬
‫ب ")‪.(2‬‬ ‫يخ ُر َج نقِيا ِم نَ ُّ‬
‫الذنو ِ‬ ‫رج الهُ َم َع ا ْل َم ا ِءَأ ْو آ ِخ ِر قَ ْط ِر ا ْل َما ِء َحتى ْ‬
‫ة َمشَتْ هَا ْ‬
‫ْْ ْ ُ )‬
‫وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ ":‬تَ ْب ل ُغ ال ِحلية‬
‫ضو ُء ")‪.(0‬‬ ‫ي ْب ُل ُ‬
‫غ ا ْل ُو ُ‬ ‫ث َ‬ ‫‪ِ (1‬منَ ا ْْل ُمْؤ ِم ِن َح ْي ُ‬

‫نحو َها‪َ .‬والنِّ‬ ‫صاَل ِة َو ْ‬


‫ضو َء لل َّ‬ ‫أو اَ ْل ُو ُ‬
‫ث‪ْ ,‬‬‫وي َرف َع اَ ْْل َح َد ِ‬
‫ي ْن َ‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬و ُه َو ‪ :‬أنْ َ‬
‫صلى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َس ْلم ‪ِ " :-‬إن َم ا اأْل ْع َما ُل‬ ‫يع اأْل ْع َما ِل ِمنْ ط َهارة َو َغيِْر َها ؛ لقَ ْول ِ‬
‫ه ‪َ -‬‬ ‫لج ِم ِ‬ ‫يةُ ‪َِ :‬‬
‫ش ْرطٌ َ‬
‫ت ‪َ ,‬وإن َما ل ُك ِّل ا ْمر ئ َما َن َوى " ُمتَّ فَ ٌ‬
‫ق َعل ْي ِه [ ‪.‬‬ ‫بالنِّ يا ِ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬صفة الوضوء ‪:‬‬
‫رواه‬
‫( رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪33‬‬

‫أوالً ‪ :‬النية‪ِ :‬والنية شرط لصحة الوضوء ؛ لحديث عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مرفوعا ً ‪" :‬‬
‫ِإن َما اأْل ْع َما ُل بِالنِّ ي ِات ‪َ ,‬وإن َما لِ ُك ِّل اِ ْمر ئ َما نَ َوى ")‪ . (4‬فال يصح وضوء بال نية رفع الحدث‬
‫الذي منعه من العبادة ‪ ،‬ومعلوم أن النية مالزمة لإلنسان في كل األفعال فإنه ال يعمل عمالً إال بنية‬
‫‪ ،‬وعلى هذا ال يتشدد في النية حتى ال يدخل في باب الوسوسة ‪ ،‬والنية محلها القلب والتلفظ بها‬
‫بدعة‪.‬‬
‫قال ‪ :‬في ) اإلقناع( )‪" : (1‬والتلفظ بها وبما نواه هنا وفي سائر العبادات بدعة"‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه مسلم ب رقم ‪)144( .‬‬


‫‪ ()1‬والحلية ما يتحلى به سواء من ذهب أو فضة أو لؤلؤ ‪.‬‬
‫‪ ()0‬مسلم برقم ‪)113( .‬‬
‫‪ ، ( )2‬رواه مسلم برقم‪ ()1 )2631( .‬أنظر‪ :‬اإلقناع‪. (14 )2/‬‬ ‫‪)4‬‬

‫وإذا قطع النية انقطعت العبادة فلو أن إنسانا ً نوى الوضوء فغسل وجهه ويديه‪ ،‬ثم قطع النية وعزم‬
‫على ترك الوضوء‪ ،‬ثم غسل رجليه ألجل أن يتنظف لم يرتفع حدثه‪.‬‬

‫ض‬
‫ض َم َ‬ ‫س َل َكفَّ ْي ِه ثاَل ثا‪ .‬ث َّم َ‬
‫ي ت َم ْ‬ ‫يغ ِ‬ ‫ي قُو َل ‪" :‬ب ْ‬
‫س ِم هللاِ "‪َ .‬و َ‬ ‫قِال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪]: -‬ث َّم َ‬

‫وج َههُ ثاَل ثا[ ‪.‬‬


‫ي غ ِس َل ْ‬ ‫ق ثاَل ثا‪ ,‬بثاَل ث ْ‬
‫غرف ات ‪.‬ث َّم َ‬ ‫ش َ‬
‫ستَ ن ِ‬
‫َوي ْ‬

‫ـ‬

‫( رواه‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬

‫الشـــرح‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه‬ ‫ثانيا ً‪ :‬التسميةـ‪ :‬وهي سُ نَّة عند جمه ِ‬
‫ور العلماء‪ ،‬ويدل على ذلك ‪ :‬حديث أبي هريرة‬
‫‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪" :‬الَ ُو ُ‬
‫ضو َء ل َمنْ ل ْم يذ ُكر ْ‬
‫اس َم هللاِ ")‪ .(2‬ولهذا الحديث طرق‬
‫يتقوى بها ‪ ،‬أويحمل هذا الحديث على االستحباب‪.‬‬
‫والصارف عن الوجوب ‪ :‬أن الذين وصفوا وضوء النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّم ‪ -‬ولم يذكروا التسمية في‬
‫تعليمهم الوضوء مع أنهم في مقام التفصيل ‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬وغسل اليدين سُ َّن ة ؛ لحديث عثمان بن عفان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة‬ ‫ثالثا ً‪ :‬غسل الكفين‬
‫ت ")‪.(1‬‬ ‫َ‬
‫ثالث َمرا ٍ‬ ‫ـغس َل َكفَّأي ِه‬
‫ض ٍو ٍء ‪ ،‬فَ َ‬
‫وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬وفيه‪َ " :‬دعَا ب َو ُ‬

‫نو ْا إ َذا ق ْمت ْم إلى ال َّ‬


‫صال ِة‬ ‫أي هَا ال ِذينَ آ َم ْ‬
‫والصارف عن الوجوب ‪ :‬قوله – تعالى ‪}:-‬يا ُّ‬

‫لو ْا ُ‬
‫وجو َه ُك ْم { ] المائدة‪ .[:6‬ولم يذكر غسل الكفين ‪ ،‬وفي هذا داللة على أن غسلها ليس‬ ‫س ْ‬‫فا ْغ ِ‬
‫بواجب‪.‬‬

‫‪ -‬ويسن له أن يستاك إذا أراد الوضوء ‪ ,‬ومحله عند المضمضة‪.‬‬


‫ق َعلَى أ َّمتِي‬
‫ش َّ‬‫لحديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ ":‬لَ ْوالَ َأنْ َأ ُ‬
‫ض وء ")‪. (0‬‬ ‫س َوا ِك َم َع ُك ِّل ُو ُ‬
‫أل َم ْرتُ ُه ْم بِال ِّ‬

‫رابعا ً‪ :‬المضمضة واالستنشاق‪ :‬والمضمضة[ واالستنشاق واجبان على الصحيح ؛ ألنهما من تمام‬
‫غسل الوجه ‪.‬‬
‫والمضمضة‪ :‬هي إدارة الماء في الفم‪ ،‬واالستنشاق‪ :‬نشق الماء أي اجتذابه بالنفس‪ ،‬واالستنثار‪:‬‬
‫نثره‪ ،‬أي دفعه بقوة النفس ‪.‬‬
‫ويسن أن يتمضمض ويستنشق من كف واحدة ثالث مرات ‪ ،‬وإن فعل مرة واحدة أجزأ‪.‬‬
‫األدلة‪:‬‬
‫رواه‬
‫( رواه البخاري برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪35‬‬

‫‪ ()2‬رواه أبو داود برقم‪)232( .‬‬


‫‪)1‬البخاري برقم‪ ، ( )216‬رواه مسلم برقم ‪)111( .‬‬
‫‪ )0‬أحمد برقم‪. ( )1421‬‬

‫( رواه‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪36‬‬

‫حديث عثمان‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬وفيه‪..":‬فَ َم أض َم َ‬
‫ض َو‬ ‫ا‪.‬‬
‫ثال َ‬ ‫أاستَـأنثَـ َر ثُ َّم َغ َس َل َوأجهَ هُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ت"‬
‫ث َمر ا ٍ‬
‫‪-‬‬ ‫حديث عبد هللا بن زيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬وفيه ثُ َّم َأأدخَ َل‬ ‫ب‪.‬‬
‫اح ٍد يـأف َع ُل ‪َ ،‬ذل كَ‬
‫ق ِم أ ن كَ يف َو ِ‬
‫َـأنش َ‬
‫ض ‪َ ،‬و أاست َ‬
‫ف َم أض َم َ‬ ‫ي َدهُ‬ ‫صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬

‫)‪(1‬‬
‫ثاَل ثا "‬
‫)‪(0‬‬
‫ض"‬
‫ْ‬ ‫ضْأ تَ ف َم ْ‬
‫ض ِم‬ ‫مرفوعا ً‪ " :‬إ َذا تَ َو َّ‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫حديث لقيط بن صبرة‬ ‫ج‪.‬‬
‫أنف ِه َما ًء ث‬ ‫ض َأ َ‬
‫أح د ُك ْم فَ ْل ْ‬
‫يج َع ْل فِي ِ‬ ‫د‪ .‬حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مرفوعا ً ‪ " :‬إِ َذا تَ َو َّ‬
‫َّم ْْليَسْتَ ْن ِ‬
‫)‪(4‬‬
‫ث ْر"‬
‫قال ابن القيم – رحمه هللا ‪" : -‬ولم يتوضأ ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬إال تمضمض واستنشق‪ ،‬ولم يُحفظ‬
‫عنه أنه أخل به مرة واحدة")‪ (1‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫ومن السُ نَّة المبالغة في المضمضة واالستنشاق لغير الصائم‪ ،‬لحديث لقيط بن صبرة‬
‫ش‬ ‫ابع َوبال ْغ )‪(6‬فِي اال ْ‬
‫ست ْن َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ي نَ األ َ‬
‫ب ْ‬ ‫بغ ا ْل ُو ُ‬
‫ضو َء ‪َ ,‬و َخل ْل َ‬ ‫س ِ‬‫أن النبي‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪َ " :‬أ ْ‬
‫اق ‪ ,‬إالَّ أنْ ت ُكونَ َ‬
‫صائ ًما ")‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫نو ْا إ َذا ق ْمت ْم إلى‬ ‫خامسا ً‪ :‬غسل الوجه‪ :‬فرض من فروض الوضوء لقوله تعالى‪} :‬يا ُّ‬
‫أي هَ ا ال ِذينَ آ َم ْ‬
‫لو ْا‬
‫س ْ‬‫صال ِة فا ْغ ِ‬
‫ال َّ‬

‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬ ‫وجو َه ُك ْم ‪ ]{.‬المائدة ‪ .[1:‬ولحديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬السابق في صفة وضوء النبي‬
‫ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫حيث قال‪ ":‬ثُ َّم َغ َس َل وأجهَهُ ثالثا"‬

‫والوجه‪ :‬هو ما تحصل به المواجهة ‪ ،‬وحد ه طوالً ‪ :‬من منحنى الجبهة ‪ -‬أي من منابت الشعر المعتاد ‪-‬‬
‫إلى أسفل اللحية‪.‬‬
‫أي غسله‬ ‫وعرضا ً ‪ :‬من األذن إلى األذن ‪ ،‬وغسل الوجه فرض من فروض الوضوء ‪ ،‬والتثليث‬
‫ثالثا ً ‪– -‬سُ نَّة ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪37‬‬

‫ويجب غسل مسترسل اللحية أي ظاهرها ؛ ألنه من الوجه فتحصل به المواجهة ‪ ،‬وأما اللحية فمن‬
‫أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬كَ انَ يُخل ُل لِحَأيتَ هُ‬
‫السُ نَّة تخليلها ؛ لحديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه‪َّ ": -‬‬
‫في األ ُوض ُِو ِء " )‪ .(6‬ولهذا الحديث شواهد يتقوى بها ‪.‬‬
‫قال البخاري ‪ -‬رحمه هللا ‪ " : -‬أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان "‪.‬‬
‫واللحية إما خفيفة‪ :‬وهي التي ال تستر البشرة بحيث ترى البشرة من خلفها فهذه يجب غسلها وما‬
‫تحتها‪.‬‬
‫وإما كثيفة‪ :‬تستر البشرة وهذه ال يجب إال غسل ظاهرها فقط‪.‬‬

‫قال‬
‫ق فَاهُ‬‫رأس ِه إلى َ‬ ‫سهُ ِمنْ ُمقَدَّم ِ‬ ‫س َح رأ َ‬ ‫ف قَ ْي ِن ثاَل ثا‪َ .‬وي ْم َ‬ ‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا‪َ ]: -‬وي َدي ِه إلى ا ْْل ِم ْر َ‬
‫أذن‬
‫اخ ْي َ‬ ‫ص َم َ‬‫باحتَ ْي ِه في ِ‬‫س َ‬ ‫بي َدي ِه ‪ .‬ث َّم ي ِعي َد ُه َما إلى اَ ْْل َم َح ِّل ال ِذي ب َدَأ ِم ْنهُ َمرةً َوا ِح َدةً ‪ .‬ث َّم يد ُْخ َل َ‬
‫بإب َها َم ْي ِه‬
‫س َح ْ‬ ‫ْي ِه ‪َ ,‬وي ْم َ‬
‫َ‬
‫ف َعلهُ اَلنَّّ ُّ‬
‫بي ‪-‬‬ ‫ب ْي ِن ثاَل ثا ثاَل ثا ‪َ ,‬ه َذا أ ْك َم ُل اَ ْل ُو ُ‬
‫ض ِو ِء ال ِذي َ‬ ‫رجل ْي ِه َم َع اَ ْْل َك ْع َ‬
‫غس َل ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ظا ِهر ُه َما‪ .‬ث َّم َ‬
‫صلَّى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪[-‬‬
‫َ‬

‫‪ ()1‬بالغ ‪ :‬والمبالغة هي ‪ :‬إدارة الماء بقوة بحيث يحوي جميع الفم وليس المقصود الزيادة فوق‬ ‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )216‬رواه مسلم) ‪. (111‬‬
‫العدد المسنون ‪.‬‬
‫‪ ( )101( .‬رواه أحمد برقم‪، ( )21141‬رواه أبو داود برقم ‪)241(.‬‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (261‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (216‬رواه مسلم برقم (‪)111‬‬ ‫‪ ()0‬رواه أبو داود برقم (‪. )244‬‬
‫‪ ( )101( .‬ر واه الترمذي برقم) ‪. (02‬‬ ‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (211‬رواه مسلم برقم‪)6‬‬
‫)‪ (1‬انظر‪ :‬زاد المعاد‪. (264 )2/‬‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫سادسا ً‪ :‬غسل اليدين إلى المرفقين ‪ :‬غسل اليدين فرض من فروض الوضوء ؛ لقوله – تعالى‬

‫ْ‬ ‫‪}:-‬فا ْغ ِ‬
‫وجو َه ُك ْم َوأي ِدي ُك ْم ِإلى ا ْل َِم َر ِ‬
‫افق {] المائدة‪ .[1:‬ولحديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء‬ ‫لو ْا ُ‬
‫س ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ": -‬ثُ َّم َغ َس َل وأجهَ هُ ثاَل ثا َويدَيأه ِإلَى اِأل مأرفَـقَِأ ين ثاَل ثا "‪.‬‬

‫( رواه‬
‫برقم‬ ‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪38‬‬

‫وغسل اليدين يبتدئ من أطراف األصابع ‪ ،‬وإلى المرفق الذي بين الذراع والعضد ‪ ،‬وسمي‬
‫المرفق مرفقا ً ؛ ألنه يرتفق عليه ‪ ،‬والمرفقان داخالن في غسل اليدين ؛ لحديث جابر بن عبد هللا ‪-‬‬

‫)‪(1‬‬
‫رضي هللا عنه ‪ ": -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أدَا َر األ َم ا َء َعلَى ِمأرفَـقَأي ِه "‬
‫وجاء عند مسلم من حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪":-‬‬
‫َس َل ي َدهُ األيُأمنَى َحتَّى أ أشر َع في األ َع ُ‬
‫ض ِد " )‪.(0‬‬ ‫أنهُ غ َ‬
‫وغسل اليدين إلى المرفقين فرض من فروض الوضوء ‪ ،‬والتثليث سُ نَّة ‪.‬‬
‫) أي ‪ :‬أن غسل األعضاء ثالث مرات سُ نَّة ‪ ،‬فيجزئ واحدة وأما الثانية سُ نَّة ‪ ،‬كذلك البداءة‬
‫باأليمن قبل األيسر سُ نَّة ‪ ،‬كأن يغسل يده اليمنى ثم اليسرى ‪ ،‬وكأن يغسل رجله اليمنى قبل اليسرى‬
‫كذلك سُ نَّة ( ‪.‬‬
‫‪ -‬يسن عند غسل اليدين أن يخلل بين األصابع ‪.‬‬
‫)‬
‫ع‪"..‬‬‫ب ِ‬ ‫صبرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪َ ..":‬و َخل ْل بَ ْي نَ األ َ‬
‫صا ِ‬ ‫حديث لقيط بن َ‬
‫اليسرى ؛‬
‫ِ‬ ‫‪ .(4‬والتخليل أن يدخل أصابعه بعضها ببعض ‪ ،‬وتخليل أصابع الرجلين يكون بخنصر اليد‬
‫ُول هِللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬إ َذا تَـ َوضَّ َأ يأدل‬ ‫ُ‬
‫رأيأت رس َ‬ ‫لحديث المستورد بن شداد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪" :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫صر ه "‬
‫صاب َع رأجألي ِه بِ ِخأن َ‬ ‫ُ‬
‫كأ َ‬

‫سابعا ً‪ :‬مسح الرأس‪ :‬ومسح الرأس فرض من فروض الوضوء‪.‬‬

‫وحده ‪ :‬من مقدمه الذي هو منابت الشعر إلى منتهى الشعر وهو القفا؛ لقوله –‬

‫{]المائدة‪.[:6‬‬ ‫برُؤوس ُك ْم‬


‫ِ‬ ‫س ُح ْو ْا‬
‫تعالى‪َ } : -‬وا ْم َ‬

‫ولحديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء النَّبي ‪ -‬صلى هللا عليه وس ّل م ‪َ ...":-‬ويدَي ِه ِإلى‬
‫أس ِه ‪.(0)"..‬‬
‫بر ِ‬‫س َح َ‬ ‫مرفَ قَ ْي ِن ثاَل ثا ث َّم َم َ‬
‫ا ِْل ْ‬

‫برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪39‬‬

‫‪ ‬صفة مسح الرأس‪:‬‬

‫‪ ( )111( .‬رواه أحمد برقم‪ ، ( )21141‬رواه أبو داود برقم ‪)241(.‬‬ ‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )216‬رواه مسلم برقم‪)4‬‬
‫‪ ()1‬رواه أبو داود برقم ‪)241( .‬‬ ‫)‪ (1‬رواه البيهقي برقم‪ ، ( )116‬والدارقطني برقم) ‪. (21‬‬
‫‪)141( .‬‬ ‫‪)0‬مسلم برقم‬
‫‪ )2‬البخاري‪ ، ( )216‬رواه مسلم برقم )‪ (4) . (111‬رواه أبو داود برقم ‪)201( .‬‬

‫أن يبدأ فيضع يديه على مقدم رأسه ثم يمر بهما على الشعر والرأس إلى القفا ‪ ،‬ثم يردهما إلى‬
‫‪-‬‬‫المكان الذي بدأ منه‪ ،‬لحديث عبد هللا بن زيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬المتفق عليه في صفة وضوء النبي‬
‫صلّى هللا عليه وسلم ‪ :-‬ب َدَأ" بِ ُمقَدَّم َرأ ِ‬
‫س ِه َحتَّى‬
‫َب به َما إلى قَفَ اهُ ث َّم ر َّد ُه َما إلى ا ْْل َم َكا ِن ال ِذي ب َدَأ ِمنْ هُ ")‪ (2‬وهذه الصفة من السُ نَّة‬
‫ذه َ‬
‫فعلها ‪ ،‬وإال فأي صفة تعم الرأس بالمسح فهي مجزئة ‪ ،‬ويجب أن يستوعب جميع الرأس وال يجزئ‬
‫بعضه ‪.‬‬
‫‪ -‬مسح الرأس يكون مرة واحدة ‪:‬‬
‫برأس ِه م ًرةً‬
‫ِ‬ ‫س َح‬
‫في صفة وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ ": -‬فَ َم َ‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫لحديث علي‬
‫ح َدةً " ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫َوا ِ‬
‫وجميع األحاديث التي وصفت وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬لم يرد فيها مسح الرأس ثالثا ً ‪.‬‬

‫ثامنا ً‪ :‬مسح األذنين‪ :‬ومسح األذنين تابعا ً للرأس ‪ ،‬فال يسن أن يأخذ لهما ماء جديداً ؛ لعدم‬
‫الدليل ‪ ،‬وإنما تمسح مع الرأس في نفس الماء الذي أخذه ‪.‬‬
‫صفة مسحهما‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يدخل السبابتين في خرق األذن ‪ -‬أي صماخها ‪ -‬ثم يمسح ظاهر األذنين باإلبهامين حتى يكون قد‬
‫مسح أذنِيه‪.‬‬
‫في صفة وضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‬ ‫لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪ -‬رضي هللا عنهم ‪ِ -‬‬
‫س َح بإأبـهَا َمأي ِه عَلى‬ ‫برأس ِه فأأد َخ إَل أصبَـ َعأي ِه السَّبا َحتَـأ ي ِن في أذنـأي ِه َو َم َ‬
‫ِ‬ ‫‪ ":-‬ثُ َّم َم َس َح‬
‫ظا ِهر أذنـأي ِه "‪.‬‬

‫( رواه‬
‫برقم‬ ‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪40‬‬

‫تا سعا ً‪ :‬غسل الرجلين‪ :‬وغسل القدمين مع الكعبين فرض من فروض الوضوء‪.‬‬

‫]سورة المائدة‪[1 :‬‬ ‫َأرجل ُك ْم إلى ا ْل َك ْع ِ‬


‫بين ‪{...‬‬ ‫لقوله – تعالى ‪َ } : -‬و‪ُ .‬‬

‫س َح بِ َْرأ ِ‬
‫س ِه ث َّم‬ ‫ولحديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬في صفة وضوء النبي‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ " :-‬ث َّم َم َ‬
‫ِرج ل ثاَل ثا "‪.‬‬
‫س َل ُك َّل ْ‬
‫غ َ‬

‫‪ -‬غسل القدمين مجمع عليه بين أهل العلم ‪.‬خالفا ً للرافضة فإنهم يذهبون إلى المسح ‪ ،‬ويستدلون‬
‫بقراءة الجر‬
‫‪-‬‬‫)وأرجلكم( وأهل السنة والجماعة يستدلون بفِعل النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬وبحديث عبد هللا بن عمرو‬
‫ب ِم نَ الن ار ")‪ (1‬ويستدلون بقراءة النصب‬ ‫ق ا ِ‬ ‫رضي هللا عنهما‪ -‬المتفق عليه مرفوعا ً‪َ ":‬و ْ‬
‫ي ٌل ل ْل ْع َ‬
‫)وأرجلكم( ويحملون قراءة الجر على الخفض بالمجاورة ‪ ،‬أو أن المقصود المسح على الخفين ‪،‬‬
‫وهذه الصفة هي أكمل الوضوء الذي فعله النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪.-‬‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل القدمين ‪ ،‬اتفق األئمة األربعة على أنها من فروض‬
‫الوضوء‪.‬‬

‫الدعاء الوارد بعد الوضوء ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ض ُأ‬
‫أح د يَتَ َو َّ‬ ‫عن عمر‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ ": -‬ما ِم ْن ُك ْم ِم نْ َ‬
‫ش َه ُد أ نْ الَ إلهَ إالَّ الل هُ َوأنَّ ُم َح َّمدًا ع ْ‬
‫َب‬ ‫ق و ُل أ ْ‬ ‫ي ُ‬ ‫ب ُغ ‪ -‬ا ْْل ُو ُ‬
‫ضو َء ث َّم َ‬ ‫فَي ْبلِ ُغ ‪ -‬أ ْو فَيُ ْ‬
‫س ِ‬
‫اب ا ْل َجن ِة الث َماني ةُ يد ُ‬
‫ْخ ُل‬ ‫أب َو ُ‬ ‫سولهُ إ الَّ َ‬
‫فتح تْ ل هُ ْ‬ ‫ُد الل ِه َور ُ‬

‫‪ ( )101( .‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )210‬رواه مسلم برقم ‪)142( .‬‬ ‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )211‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬
‫)‪ (0‬رواه أبو داود‪. ( )222‬‬

‫برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪41‬‬

‫ش ا َء ")‪ .(2‬وأما زيادة ‪ ":‬اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " فهي‬
‫ي هَا َ‬
‫ِمنْ أ ِّ‬
‫زيادة رواها الترمذي ‪ ،‬وهي غير ثابتة ؛ ألنها من تَـفَ ر ِد محمد بن جعفر شيخ الترمذي ‪ (1).‬أو ما‬
‫س ْب َحان‬
‫جاء في حديث أبي سعيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مرفوعا‪ " :‬من توضأ ففرغ من وضوئه فقال ‪ُ ":‬‬
‫ق‬‫تب فِي ِر ٍّ‬ ‫وب إل ْيكَ ُك َ‬
‫ُ‬ ‫غف ُركَ َوأت‬
‫ِ‬ ‫ش َه ُد أ نْ الَ إل هَ إالَّ أن تَ اسْتَ‬
‫بح ْم ِد كَ أ ْ‬
‫َك الل ُه َّم َو َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ي ْوم ا ْلقِيا َمة "‬ ‫ث َّم طب َع بطاب ع )‪(3‬فَ ل ْم ي ْك َ‬
‫سر إلى َ‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -‬قال ابن القيم – رحمه هللا ‪ ": -‬األذكار التي تقولها العامة على الوضوء عند كل عضو ال أصل لها عنه‬
‫وسلّم ‪. " -‬‬ ‫صلّى هللا عليه‬

‫ب َها‬ ‫س َل َمرةً َواِ ِح َدةً ‪َ ,‬وأنْ ُ‬


‫ي َرتِّ َ‬ ‫يغ ِ‬ ‫صنِف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬وا ْلفَ ْر ُ‬
‫ض ِمنْ ذل َك ‪ :‬أنْ َ‬ ‫قا ِل الم ِ‬

‫صاَل ة فا ْغسلوا‬
‫ذين آ َمنوا إذا ق ْمت ْم إلى ال َّ‬
‫أي َها الِ َ‬ ‫َعلى َما ذ َكرهُ هلِلا ُ تَ َعالى في َ‬
‫ق ْوله ‪ } :‬يا ُّ‬

‫ي‬ ‫أرجل ُك ْم إلى اَ ْْل َك ْع َ‬


‫ب ْي ِن { ]اَ ْل َمائ َد ِة ‪َ [6 :‬وأنْ اَل َ‬ ‫س ُك ْم َو ُ‬
‫س ُحوا برءو ِ‬
‫افق َوا ْم َ‬ ‫ْ‬
‫وجو َه ُك ْم َوأيِدي ُك ْم إلى اَ ْل َم َر ِ‬
‫ُ‬

‫ب ْع ِض ‪َ ,‬وَك َذا ُك ُّل َما‬


‫ضهُ َعلَى َ‬ ‫ي ْنبني َ‬
‫ب ْع ُ‬ ‫بح ُ‬
‫يث اَل َ‬ ‫عرفا‪َ ,‬‬ ‫ي َن َها بفَا ِ‬
‫ص ل طو يل ْ‬ ‫ب ْ‬ ‫ْف ِ‬
‫ص َل َ‬

‫شتِرطتْ لَهُ اَ ْل ُم َوااَل ةُ [ ‪.‬‬


‫ا ْ‬

‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫في غسل الوجه واليدين والقدمين الفرض منها أن يأتي بغسلة واحدة ‪ ،‬وأما الغسلة الثانية والثالثة‬
‫فهي سُ نَّة كما سبق ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫( رواه‬
‫برقم‬ ‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪42‬‬

‫نو ْا إ َذا‬
‫أي هَا ال ِذينَ آ َم ْ‬
‫أ‪ .‬اآلية حيث جاءت مطلقة بدون ذكر عدد معين قال – تعالى ‪}: -‬يا ُّ‬

‫{]سورة المائدة‪. [:1‬‬ ‫لو ْا ُ‬


‫وجو َه ُك ْم‬ ‫س ْ‬‫صال ِة فا ْغ ِ‬
‫ق ْمتُ ْم إلى ال َّ‬

‫)‬
‫ب‪ .‬حديث ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما – عند البخاري "‪ :‬أن النبي‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬توضأ مرة مرة"‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه‬‫‪ (1‬وثبت أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬توضأ مرتين مرتين كما في حديث عبد هللا بن زيد‬
‫‪ -‬المتفق عليه)‪ ،(1‬وثبت أنه توضأ ثالثا ً ثالثا ً كما في حديث عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬المتفق عليه)‪ .(0‬ولذا‬
‫فمن السُ نَّة التنويع فأحيانا ً يتوضأ مرة مرة ‪ ،‬وأحيانا ً مرتين مرتين ‪ ،‬وأحيانا ً ثالثا ً ثالثا ً ‪،‬‬
‫وأحيانا ً يخالف في العدد فيغسل مثالً ال وجه ثالثا ً واليدين مرتين والقدمين مرة كما في‬
‫)‪(1)(4‬‬
‫الصحيحين من حديث عبد هللا بن زيد في رواية أخرى ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه مسلم برقم ‪)104( .‬‬


‫‪ ()1‬ذكره الحافظ في نتائج األفكار )‪(2/441‬‬
‫‪ ()0‬الطابع ‪ :‬بفتح الباء وكسرها لغتان فصيحتان وهو الخاتم ‪ ،‬ومعنى طبع ‪ :‬ختم ‪.‬‬
‫)‪ (4‬رواه الحاكم برقم ‪)1311( .‬‬
‫‪ ()4‬انظر ‪ :‬زاد المعاد ‪)261/2( .‬‬ ‫‪)2‬البخاري برقم‪)211( .‬‬
‫‪ ( )101( .‬انظر ‪ :‬إغاثة اللهفان ‪)211/2( .‬‬ ‫‪ )1‬البخاري‪ ، ( )211‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬

‫برقم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪43‬‬

‫وتع ّدى‬ ‫ج‪ .‬قال ابن القيم– رحمه هللا ‪ " : -‬ولم يزد على ثالث ‪ ،‬بل أخبر أن من زاد عليها فقد أساء‬
‫وظلم "‬
‫فكيف يتقرب إلى هللا بما هو‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫فالموسوس مسيء متعد ظالم بشهادة رسول هللا‬
‫مسيء به متعد فيه لحدوده ؟!" )‪.(2).(1‬‬
‫وحكى النووي ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬اإلجماع على كراهة الزيادة على ثالث)‪.(1) .(1‬‬
‫‪ ‬الترتيب‪:‬‬
‫وهو أن يطهر كل عضو في محله ‪ ،‬وهو من فروض الوضوء ‪ ،‬فالترتيب هو‪ :‬أن يأتي‬
‫بفروض الوضوء مرتبة كما في كتاب هللا ‪ ،‬فيبدأ بالوجه ‪ ،‬ثم اليدين ‪ ،‬ثم الرأس ‪ ،‬ثم القدمين‬
‫وهذه فروض ال بد من الترتيب بينها ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ‪:‬‬
‫لو ْا ُو ُجو َه ُك ْم‬
‫س ْ‬‫صال ِة فا ْغ ِ‬
‫نو ْا إ َذا ق ْمت ْم إلى ال َّ‬
‫أي هَا ال ِذينَ آ َم ْ‬
‫اآلية السابقة قوله ‪ -‬تعالى‪} -:‬يا ُّ‬ ‫أ‪.‬‬

‫ْ‬
‫]سورة المائدة‪. [:1‬‬ ‫أرجل ُك ْم إلى ا ْل َك ْعب ِ‬
‫ين ‪{...‬‬ ‫برُؤوس ُك ْم َو ُ‬
‫ِ‬ ‫س ُح ْو ْا‬ ‫َوأي ِدي ُك ْم إلى ا ْل َم َرافِ ِ‬
‫ق َوا ْم َ‬

‫وفروض الوضوء في اآلية جاءت مرتبة ‪ ،‬وفي اآلية إدخال ممسوح ‪ -‬وهو الرأس ‪ -‬بين‬
‫مغسوالت ‪ ،‬والعرب ال تقطع النظير عن نظيره إال بفائدة ‪ ،‬كما ذكر ذلك شيخ اإلسالم‬
‫‪ -‬رحمه هللا‪-.‬‬

‫ب‪ .‬أن جميع الواصفين لوضوء النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬ذكروا وضوءه مرتبا ً ‪ ،‬على حسب ما‬
‫ذكر هللا ‪ -‬عز وجل‪-.‬‬

‫‪ ‬المواالة‪ :‬وهو أن ال يؤجل غسل عضو حتى ينشف الذي قبله‪.‬‬


‫مثال‪ :‬لو أراد مسح الرأس[ ولكنه تأخر حتى نشفت اليدين ‪ ،‬فإن المواالة قد فاتت حينئذ وعليه أن‬
‫يعيد الوضوء من أوله‪ ،‬ولكن لو أراد مسح الرأس ونشف الوجه ‪ ،‬ولم تنشف اليدين فهو مجزئ ؛‬
‫ألن العبرة بالذي قبله‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫يستثنى من ذلك ‪ :‬وقت الريح الذي ينشف فيه العضو بسرعة فهذا ال يعتبر ‪ ،‬وكذلك لو انشغل‬
‫بشيء متعلق بالطهارة كأن يريد غسل يديه ووجد في ذراعه صبغ يريد إزالة ‪ ،‬واحتاج إلى وقت‬
‫وهو يزيله ‪ ،‬ولما أزاله نشف وجهه فهذا ال يعتبر وهكذا‪.‬‬
‫والمواالة فرض من فروض الوضوء ‪.‬‬
‫بعض أصحاب النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪:-‬‬
‫ِ‬ ‫معدان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن‬ ‫ويدل على ذل ِك‪ :‬حديث خالد بن ِ‬
‫ف ظأه ر ق َد ِم ِه ألم َع ة قأد َر ال ِّأ ِّد َره م لَم أ ِ‬
‫يصأبـهَا األ َما ُء فأ َمرهُ ‪،‬‬ ‫" رأى ر ُجالً يُ َ‬
‫صلى َو ِ‬
‫)‪(0‬‬
‫الن ب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أ أن يعي َد األ ُوضُو َء َوالصَّالةَ "‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬إذا فرغ اإلنسان من وضوءه ‪ ،‬وقد نسي عض ًواً من األعضاء ‪ ،‬فإن ذكره قريبا ً‬
‫بحيث ال تنقطع المواالة غسله وما بعده حتى يتم وضوءه ‪.‬‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬شرح مسلم للنووي )‪. (0/222‬‬ ‫‪ ()0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )216‬رواه مسلم برقم )‪. (111‬‬

‫)‪ (2‬رواه أحمد برقم‪ ، ( )21461‬رواه أبو داود برقم ‪)211( .‬‬

‫مثال‪ :‬شخص توضأ ونسي غسل يده اليسرى ‪ ،‬وتذكر بعدما فرغ من وضوءه ؛ فنقول له ‪ :‬اغسل‬
‫يدك اليسرى ‪ ،‬ثم أمسح رأسك وأذنيك ‪ ،‬ثم أغسل قدميك وهنا تم وضوءه ‪ ،‬ولكن هذا ما لم يتذكر‬
‫بعد مدة طويلة تنقطع بها المواالة فهنا يعيد الوضوء من أوله ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب صـفـة الوضـــوء‬
‫‪45‬‬

‫المسح على الخفن واجببرةة‬


‫‪41‬‬

‫ٌ‬

‫لخفَّ ْي ِن واَ َْ‬


‫لجب ِرةةَ ِ[‬ ‫ح علَ َى اَ ُْ‬ ‫في اَ ْلم َ‬
‫س ِْ‬ ‫فص ْل ] ِ‬
‫َ‬

‫س َح َعل ْي ِه َما‬
‫نح ُو ُه َما َم ْ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪] : -‬فَِإنْ َك َ‬
‫ان َعل ْي ِه ُخفَّا ِن َو ْ‬

‫إنْ شَا َء ‪ [.‬ـ‬

‫الشـــرح‬
‫المسح في اللغة‪ :‬اإلمرار ‪.‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬هو إمرار اليد مبلولة بالماء من أطراف أصابع الرجلين إلى أول الساقين على خف‬
‫مخصوص في زمن‬
‫مخصوص ‪.‬‬
‫الخفان‪ :‬ما يلبس على الر ج ِل من الجلود ‪ ،‬ويلحق بهما ‪ :‬ما يلبس عليهما من الكتان والصوف[‬
‫ونحو ذلك ‪ ،‬فيدخل في هذا الجورب "الشراب" و"البسطار" ونحوه ‪.‬‬
‫المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة‪:‬‬
‫قال اإلمام أحمد ‪ -‬رحمه هللا ‪": -‬سبعة وثالثون نفسا ً يروون المسح عن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪"-‬‬
‫وقال أيضا ً ‪" :‬فيه أربعون حديثا ً عن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪. "-‬‬
‫ولم ينقل عن أحد من السلف إنكار المسح على الخفين ‪ ،‬إال المبتدعة كالخوارج والرافضة الذين‬
‫ينكرونه إلى يومنا هذا ‪.‬‬

‫قال‬
‫يم َوثاَل ثةَ أي ام بلياليهنَّ‬ ‫لي لةً ل ْل ُمقِ ِ‬
‫ي ْو ًما َو ْ‬ ‫س َح َعل ْي ِه َما إنْ شَا َء َ‬
‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬م ْ‬
‫صغر عن أنس‬ ‫س َح ُه َما إاَّل فِي ا ْْل َح َد ِ‬
‫ث اأْل ْ‬ ‫س ُه َما َعلى ط َهارة ‪ .‬واَل يَ ْم َ‬ ‫ي ْلب َ‬ ‫ل ْل ُم َ‬
‫ساف ِر ‪ .‬بش َْر ِط أنْ َ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫ف ي ِه َما ‪َ ,‬و الَ‬ ‫س ْح َعل ْي ِه َما َْو ْلي َ‬


‫ص ِّل ِ‬ ‫ف ْليَ ْم َ‬‫لبس ُخفَّ ْي ِه َ‬ ‫ض َأ َ‬
‫أحد ُك ْم َو َ‬ ‫مرفوعا ‪ ":‬إذا تَ َو َّ‬
‫ص َّح َحهُ ‪[.‬‬‫رواهُ اَ ْل َحاك ُم َو َ‬ ‫ْ‬
‫يخل ْع ُه َما إنْ شَا َء إالَّ ِمنْ َجناب ة "‪َ .‬‬
‫ـ‬
‫الشــــرح‬
‫مدة المسح على الخفين‪ :‬للمقيم يوم و ليلة ‪ ،‬وللمسافر ثالثة أيام بلياليهن ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬
‫‪41‬‬
‫المسح على الخفن واجببرةة‬

‫أ‪.‬حديث علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪َ :‬ج َع َل " رسُ و ُل هللاِ ‪-‬صلّى هللا عليه وسلم‪ -‬ثالثةَ أيَّاٍم َولياليَـهُ َّن‬
‫ق ِيم‪ .‬ـ يعني في المسح ـ عَلى الخفَّأ ين")‪.(2‬‬
‫افر َويـأو ًما َوأَل يـ َل ةً ألل ُم ِ‬
‫ألل ُم َس ِ‬
‫ب‪.‬حيث صفوان بن عسال ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪َ " :‬كانَ رسُ و ُل الل ِه ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪ -‬يأ ُمرنا إ َذا‬
‫ع ِخفَافَـنا ثالثةَ أياٍم َولَيالي ِه َّن ‪.(1)"..‬‬‫ُكنا َسفَ ًراً َأ أن الَ نـأنِ ِز َِ‬
‫مثال‪ :‬رجل بدأ مسح خفيه الساعة ‪ :‬الثانية عشرة ظه ًراً من يوم السبت ‪ ،‬فإن كان مقيما ً تنتهي‬
‫مدة مسحه في الساعة ‪ :‬الثانية عشرة ظه ًراً من يوم األحد ‪ ،‬وان كان مساف ًراً ‪ ،‬تنتهي في‬
‫الساعة ‪ :‬الثانية عشرة ظه ًراً من يوم الثالثاء ‪.‬‬
‫‪ -‬تبدأ مدة المسح من أول مسح وليس من لبس الخف ‪ ،‬وذلك ألن األدلة كلها جاءت بلفظ المسح ‪.‬‬
‫مثال‪ :‬رجل توضأ لصالة الفجر ولبس خفيه ‪ ،‬ثم توضأ في الساعة ‪ :‬الثانية عشرة لصالة الظهر‬
‫ومسح على خفيه ‪ ،‬فالقول الصحيح أن مدة مسحه تبدأ من الساعة ‪ :‬الثانية عشرة ولمدة أربع‬
‫وعشرين ساعة ‪ ،‬يعني إلى نفس الساعة من الغد إذا كان مقيما ً ‪ ،‬بخالف المسافر فإنه يمسح اثنتين‬
‫وسبعين ساعة ‪.‬‬
‫‪ ‬شروط المسح على الخفين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن يلبسهما على طهارة‪:‬‬
‫لحديث المغيرة بن شعبة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ " :‬كنت مع الرسول ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في سفر فأهويت‬
‫)‪(0‬‬
‫ألنزع خفيه فقال‪َ " :‬د ْع ُه َما فإني أد َْخ ْلتُ ُه َما طا ِه َرتَ ْ‬
‫ي ِن "‬
‫قال سماحة الشيخ العالمة عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه هللا‪ ": -‬من لبس الخفين أو الجوربين وهما‬
‫الشراب على غير طها رة فمسح عليهما وصلى ناسيا ً فصالته باطلة وعليه إعادة جميع‬
‫الصلوات التي صالها بهذا الوضوء "‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يكون المسح في الطهارة الصغرى دون الكبرى‪:‬‬
‫أي ‪ :‬يكون مسحه مما يلزمه من أجله الوضوء كالبول ‪ ،‬والغائط ‪ ،‬والنوم ‪ ،‬ونحوه أ ّما ما يلزمه من‬
‫أجله االغتسال كالجنابة ونحوها ‪ ،‬فال يجوز له فيه المسح على الخفين ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫ك " انَ رسُ و ُل هللاِ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يأ ُمرنا‬
‫لحديث صفوان بن عسال ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪َ :‬‬

‫إ َذا ُكنا َسفَ ًراً أ أ ن الَ نـأنِ ِز َِ‬


‫ع ِخفَافَـنا ثَالثةَ أياٍم َوليالي ِه َّن إالَّ ِم أ ن َجناب ٍة" )‪ (4‬فالمسح‬
‫خاص بالوضوء ‪ ،‬وال يدخل الغسل فيه ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون الخف طاه ًراً ‪:‬‬


‫فال يجوز المسح على خف نجس ‪ ،‬كأن يكون خفا ً أصابته نجاسة ‪ ،‬فالبد من إزالتها أو خفا ً‬
‫نجس بعينه ‪،‬كأن يكون مصنوعا ً من جلد حمار مثالً فال يجوز المسح عليه ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه مسلم برقم‪. ( )111‬‬


‫‪ ()1‬رواه الترمذي برقم) ‪ ، (61‬رواه النسائي برقم‪. ( )211‬‬
‫‪ ()0‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (131‬رواه مسلم برقم ‪)114( .‬‬
‫‪ ()4‬رواه الترمذي برقم) ‪ ، (61‬رواه النسائي برقم‪. ( )211‬‬
‫المسح على الخفن واجببرةة‬
‫‪41‬‬

‫رابعا‪ :‬أن يكون في المدة المحد ودة‪:‬‬


‫فلو زاد المقيم على يوم وليلة ‪ ،‬أو المسافر على ثالثة أيام ولياليهن ‪،‬لم يجزئ مسحه بعد المدة ‪.‬‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬الصحيح أنه يجوز المسح على الخف الشفاف والمخرق ما دام اسمه خفا ً ‪ ،‬أي ‪:‬‬
‫بحيث ال تكون هذه الخروق كثيرة فتسلبه اسم الخف ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬أن الصحابة كانوا فقراء ال تخلوا خفافهم من خروق ‪ ،‬ولم يرد حديثا ً واحداً أن‬
‫النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬نهاهم عن تلك الخفاف ‪.‬‬
‫قال سفيان الثوري ‪ -‬رحمه هللا ‪" : -‬امسح عليها ما تعلقت به رجلك‪ ،‬وهل كانت خفاف المهاجرين‬
‫)‪(2‬‬
‫واألنصار إال مخرقة مشققة مرقعة "‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه هللا ‪ ": -‬يجوز المسح على الخف الخفيف ؛ ألنه ليس المقصود من الخف‬
‫الستر‪ -‬ستر البشرة‪ -‬وإنما المقصود من الخف ‪ :‬إن يكون مدفئا ً للرِّ جل نافعا ً لها "‪.‬‬
‫‪ ‬صفة المسح على الخفين ‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬
‫‪41‬‬

‫المسح يكون على ظاهر القدم أي أعالها ‪ ،‬لحديث علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪":‬أل و‬
‫ُأ‬
‫ُ‬
‫رأيأت رسُ‬ ‫ِّين بِالرأي ل َكانَ أ أسفَ ُل الخ فِّ َأأولَى باأل َم ِ‬
‫أسح ِم أن أ أعال هُ َوقأد‬ ‫َِكانَ ال ِّد ُ‬

‫أس ُح عَلى ظا ِه ر ُخفَّأي ِه "‪.(1).‬‬


‫و َل هللاِ ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬ي َم َ‬
‫فيبتدئ من أصابع رجله إلى ساقه فقط ‪ ،‬يمسحهما معا ً اليمنى باليد اليمنى ‪ ،‬واليسرى باليد‬
‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫اليسرى إذا كان يمكنه ذلك ؛ ألن هذا ظاهر السنة كما في حديث المغيرة بن شعبة‬
‫س َـح عَل ْي ِه َما" ولم يقل بدأ باليمنى أما إذا لم يمكنه ذلك فإنه يمسح اليمنى ثم اليسرى‬
‫حيث قال" ‪َ :‬و َم َ‬
‫؛ ألن المسح بدالً عن غسل القدم ‪ ،‬والبدل له حكم المبدل منه ‪ ،‬واألمر في هذا واسع ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬هل انتهاء مدة المسح تبطل الطهارة ؟‬
‫الصحيح ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬أنها ال تبطل الطهارة ‪ ،‬فلو أن رجالً توضأ الساعة الحادية عشرة وتنتهي‬
‫مدة مسحه الساعة الثانية عشرة ‪ ،‬واستمر على طهارته إلى ما بعد الثانية عشرة لم ينتقض‬
‫وضوئه ‪.‬‬
‫‪ -‬صلّى هللا‬ ‫والدليل‪ :‬عدم الدليل على بطالن الطهارة ال من كتاب هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وال من سُ نَّة نبيه‬
‫عليه وسلّم ‪ -‬وال من إجماع أهل العلم ‪ ،‬وما دام أن الطهارة ثبتت بدليل شرعي ‪ ،‬فال تنتقض إال بدليل‬
‫شرعي ‪ ،‬والنبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ -‬وق تَ مدة المسح ؛ ليعرف بذلك انتهاء مدة المسح ‪ ،‬ال انتهاء‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫‪ -‬من مسحـ في سفر ثم أقام فإنه يمسحـ مسح مقيم ومن مسح في إقامة ثم سافر فإنه يمسحـ مسح‬
‫مسافر‪.‬‬
‫فلو أن مقيما ً مسح أقل من يوم وليلة ثم سافر فإنه يمسح مسح مسافر فيضيف يومين وليلتين‬
‫ليومه السابق‪ ،‬ولو كان مسافر ثم أقام فإنه يحسب يوما ً وليلة فقط فإن كان أتمها لم يجز له أن يمسح‬
‫بعد ذلك ‪ .‬بل يخلع خفيه ويتوضأ فيغسل قدميه ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه عبد الرزاق في المصنف برقم ‪)110( .‬‬


‫‪ ()1‬رواه أحمد برقم‪ ، ( )621‬رواه أبو داود برقم‪ ، ( )211‬وقال ابن حجر ‪ -‬رحمه هللا ‪" : -‬إسناده صحيح "‪.‬‬
‫المسح على الخفن واجببرةة‬

‫‪ ‬مسألة ‪ :‬من لبس خفا ً على خف ‪.‬‬


‫مدة المسح على الخفين للخف األول على كل حال ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬

‫ولكن هل يجوز المسح على الخف الثاني أثناء مدة‬


‫المسح ؟ هذه المسألة تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬إذا لبس الخف الفوقاني على الخف التحتاني قبل الحدث ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬كمن كان في يوم شديد البرد فتوضأ ولبس خفيه ‪ ،‬ثم أراد أن يلبس عليهما خفين آخرين‬
‫لشدة البرد قبل أن يحدث ‪ ،‬فالحكم في المسح للفوقاني ؛ ألنه لم يبدأ في مسحه إال مع الفوقاني ‪،‬‬
‫وهذا المذهب وهو القول الراجح ‪ -‬وهللا أعلم‪. -‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬إذا لبس الخف الفوقاني على التحتاني بعد الحدث ‪.‬‬
‫األظهر ‪ -‬وهللا أعلم‪ - :‬أنه إذا لبس الثاني بعد الحدث فحكم المسح لألول ‪ ،‬وإذا لبس الثاني على‬
‫طهارة ‪ -‬أي بعد المسح على األول ‪ -‬جاز له أن يمسح على الثاني إذا توضأ مرة أخرى بعد ذلك ؛‬
‫ألنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين ‪ ،‬وقد قال النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪" : -‬فإني أد َْخ ْلتُ ُه َما‬
‫طا ِه َرتَ ْي ِن " وهو شامل لطهارتهما بالغسل والمسح ‪.‬‬

‫أو َد َوا ٌء َعلى‬ ‫ضوئ ِه َجبيرةٌ َِعلى َك ْ‬


‫س ر‪ْ ,‬‬ ‫ْضا ِء َو ُ‬ ‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ ]: -‬فإنْ َك َ‬
‫ان َعلى أع َ‬
‫ي ْب َر َأ ‪َ .‬وصفَةُ‬ ‫صغ ِر َحتى َ‬ ‫س َحهُ بِا ْْل َم ِاء فِي اَ ْْل َح َدث اأْل ْكب ِر َواأْل ْ‬
‫س ُل ‪َ :‬م َ‬ ‫ضرهُ اَ ْْلغ ْ‬
‫ُج ْر ح ‪َ ,‬وي ُ‬
‫يع َها‪[.‬‬
‫س ُح َعلى َج ِم ِ‬
‫ف ي ْم َ‬‫ث َر ظا ِه ِر ِه َما‪َ .‬وأ َّما اَ ْْل َجب ي َُرة ‪َ :‬‬ ‫ح اَ ْْل ُخفَّ ْي ِن ‪ :‬أنْ ي ْم َ‬
‫س َح أ ْك َ‬ ‫س ِ‬
‫َم َ‬
‫ـ‬
‫الشــــرح‬
‫الجبيرة‪ :‬هي أعواد توضع على الكسر ثم يربط عليها ؛ ليلتئم ‪ ،‬واآلن بدلها الجبس ‪.‬‬
‫صفة المسح على الجبيرة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الجبيرة يمسح عليها كلها ‪ ،‬فإن كانت في اليد مسح عليها كلها أعالها وأسفلها ؛ ألنها ليست‬
‫كالخف ‪ ،‬فهي تخالفه في أشياء ستأتي بإذن هللا – تعالى ‪-.‬‬
‫الجبيرة تخالف الخف في مسائل عديدة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أوال ‪ :‬أنها ال يشترطـ تقدم الطهارة عليها‪:‬‬
‫فال يشترط في الجبيرة أن يكون اإلنسان متطه ًراً قبل أن توضع عليه ؛ لعدم الدليل على ذلك ‪،‬‬
‫وقياسها على الخفين ال يصح لوجود الف روق بينهما ‪ ،‬وألنها تأتي بغتة ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪51‬‬

‫المسح على الخفن واجببرةة‬

‫ثانيا ‪ :‬دخولها في الطهارة الصغرى والكبرى‪:‬‬


‫فالجبيرة يمسح عليها سواء كان ذلك في وضوء أو غسل ‪ ،‬وذلك لمشقة النزع ‪،‬‬
‫وأما حديث صاحب الشجة‪:‬رواه أبو داود وهو حديث ضعيف ؛ ألن مداره‬
‫على ‪ ) :‬الزبير بن خريق ( وليس بالقوي ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬عدم التوقيت لها بمدة محددة‪:‬‬
‫ألن مسح الجبيرة ضرورة والضرورة تدعو إلى أن تمسح إلى َحلها ‪ ،‬بعد الشفاء ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وجوب المسح عليها جميعا ً ‪:‬‬
‫ألن البدل له حكم المبدل منه ‪ ،‬وهذه قاعدة عظيمة ‪ ،‬فالبدل هنا هو ‪ :‬مسح الجبيرة ‪ ،‬والمبدل منه ‪:‬‬
‫غسل جميع القدم ‪ ،‬فكما أن القدم يجب غسل جميعها ‪ ،‬فكذلك الجبيرة ال بد من مسح جميعها أعالها‬
‫وأسفلها‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬أن الجبيرة ال تختص بعضو معين ‪ ,‬فليس كالخف الذي يختص بالرجل ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬أن الجبيرة وضعها مخصوص بحال الض رورة ‪ ,‬فالمس ح عليه ا عزيم ة ‪ ,‬بخ الف الخ‬
‫ف فه و رخص ة وب دون ضرورة ‪.‬‬

‫ُ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪52‬‬

‫ض ُو ِء‬ ‫ض اَ ْ‬
‫لو ُ‬ ‫باَب َ‬
‫نو اق ِ‬
‫سبيل ْي ِن ُمطلقًا ‪َ .‬وال َّد ُم ا ْْل َكثي ُر َو ْ‬
‫نح ُوهُ ‪َ .‬وز َوا ُل‬ ‫قا ِل المصنف ‪-‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬و ِه َي ‪ :‬ا ْل َخ ُ‬
‫ارج ِمنْ ال َّ‬

‫ج ‪َ .‬وتَ‬ ‫س اَ ْْل َ‬
‫ف ْر ِ‬ ‫‪َ .‬و َم ُّ‬ ‫س اَ ْْل َم ْرأ ِة ب َ‬
‫ش ْه َوة‬ ‫لحم اَ ْْل ُج ُز ِور ‪َ .‬و َم ُّ‬
‫أو غ ْير ِه ‪َ .‬وأ َك ُل ِْ‬ ‫ا ْْل َع ْق ِل َ‬
‫بن ْو م ْ‬

‫أح ٌد ِم ْن ُك ْم ِم َن‬ ‫تحبطُ اأْل ِْع َما َل ُكل َها‪ .‬لقَ ْول ِه تَ َعالَى‪ْ } :‬‬
‫أو َجا َء َ‬ ‫سي ُل اَ ْْل َمي ِ‬
‫ت ‪َ .‬وال ِّر َّدةُ ‪َ :‬و ِه َي ْ‬ ‫غ ِ‬

‫سا َء {]اَل َماِئ َد ِة ‪. [6 :‬‬


‫ست ُم الن َ‬ ‫اَ ْْلغائ ِط ْ‬
‫أو اَل َم ْ‬
‫َ‬
‫رواهُ‬
‫َن َع ْم " ‪َ " :‬‬ ‫لح ِوم ا ِ ْْلبِل ؟ فَقَا َل‬
‫ضُأ ِمنْ ُ‬
‫أن تَ َو َّ‬
‫س ْلم ‪َ ":-‬‬ ‫سئ َل اَلنَّّبِ ُّ‬
‫ي ‪َ -‬‬
‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫َو ُ‬
‫ي‬
‫ائي َوالتِّ ْر ِم ِذ ُّ‬
‫س ُّ‬‫رواهُ النَّ َ‬
‫ب ْو ل َو َن ْو م " َ‬ ‫سلِ ٌم َوقَا َل في ا ْْل ُخفَّ ْي ِن ‪َ " :.‬ول ِكنْ ِمنْ غائ ط َو َ‬ ‫ُم ْ‬
‫ص َّح َحهُ [‬
‫َو َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬نواقض الوضوء‪ :‬مفسداته التي إذا طرأت عليه أفسدته وأوجبت عليه الوضوء‪.‬‬
‫‪ ":‬والنواقض نوعان‪:‬‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫قال الشيخ ابن عثيمين‬
‫األول‪ :‬مجمع عليه ‪ ،‬وهو المستند إلى كتاب هللا – تعالى‪ -‬وسُ نَّة رسوله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪.-‬‬
‫الثاني‪ :‬فيه خالف ‪ ،‬وهو المبني على اجتهادات أهل العلم ‪ -‬رحمهم هللا ‪ -‬وعند النزاع يجب الرد إلى‬
‫كتاب هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬وسُ نَّة رسوله ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ (2)".-‬نواقض الوضوء هي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الخارج من السبيلين‪:‬‬
‫والسبيالن‪ :‬هما الطريقان ‪ ،‬والمقصود بهما القبل والدبر ‪.‬‬
‫الخارج من السبيلين ال خالف أنه ناقض ‪.‬‬
‫والخا رج من السبيلين على أنواع ‪:‬‬
‫)‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪45‬‬

‫‪.1‬البول والغائط ‪:‬‬

‫] المائدة‪.[1 :‬‬ ‫أح ٌد َّمن ُكم ِّمنَ ا ْل َغائ ِط {‬


‫أو َجاء َ‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬أ‪ .‬قوله – تعالى ‪ْ } -:‬‬

‫ب ‪.‬وحديث صفوان بِن عسّال ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال "‪َ :‬كاِنَ النبِ ُّي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬يأ ُمرنا إ َذا ُكنا‬
‫ِ‬
‫‪ ,‬إاَّل ِم نْ َجناب ة َولكنْ ِم نْ غائ ط‬ ‫ْف َ‬
‫رس ا أ نْ اَل نَ ْن ِز َع خفَافَ نا ثاَل ثةَ أي ام َوليالي ِهنَّ‬
‫ب ْو ل َونَ ْو م")‪ .(1‬وكذا لو خرج من أحد السبيلين دم ‪ ،‬فيعتبر ناقضا ً قليالً كان أو كثي ًراً ‪.‬‬
‫َو َ‬

‫)‪ (1‬انظر ‪ :‬في الممتع ‪)111/2 ( .‬‬


‫)‪ (2‬رواه الترمذي برقم) ‪ ، (61‬رواه النسائي برقم‪. ( )211‬‬

‫الريح ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫لحديث أبي هريرة‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ِ ":-‬إ َذا َو َج َد َ‬
‫أحد ُك ْم فِي‬
‫س َم َع‬ ‫يخ ُر ْج ِمنَ ا ْْل َم ْ‬
‫س ِج ِد َحتى ي ْ‬ ‫ش ي ٌء أ ْم ال؟ فالَ ْ‬ ‫ش َك َل عَليِْه َ‬
‫أخ َر َج ِمنْ هُ َ‬ ‫ش ْيئا فأ ْ‬
‫بطنِه َ‬
‫ريحا ")‪.(2‬‬
‫ً‬ ‫يج َد‬
‫أو ِ‬
‫ص ْوتا ْ‬
‫َ‬
‫المذي والودي ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫لحديث علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪:‬كنت رجالً مذا ًء ‪ ،‬فاستحييت أن أسأل رسول هللا‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬
‫ُأ )‪(1‬‬
‫" ‪.‬‬ ‫س ُل ذ َكر هُ َوي تَ َو َّ‬
‫ض‬ ‫لمكان ابنته مني ‪ ،‬فأمرت المقداد فسأله ‪ ،‬فقال ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ " :-‬يَغ ِ‬
‫المذي‪ :‬هو ماء رقيق ليس له رائحة المني ‪ ،‬ويخرج بدون دفق عند الشهوة وعند فتورها ‪.‬‬
‫الودي‪ :‬عصارة تخرج بعد البول ‪ ،‬وهو نقط بيضاء في آخر البول ‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه هللا‪ ": -‬أما الودي فله أحكام البول من كل وجه "‬
‫ويدخل في الخارج من السبيلين ‪ :‬المني ‪ ،‬ودم الحيض ‪ ،‬والنفاس‪ ،‬وهي توجب الغسل بعد الطهر‪.‬‬
‫وستأتي أبحاثها ‪ -‬إن شاء هللا ‪ -‬في باب الغسل وباب الحيض ‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬الدم الكثير‪:‬‬
‫على قول المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬في المتن أن الدم الكثير ينقض الوضوء ‪ ،‬والقول الراجح ‪-‬وهللا أعلم‪: -‬‬
‫أن الدم ال ينقض الوضوء إن كان من غير السبيلين ؛ لعدم الدليل على ذلك ‪ -‬وسبقت المسألة في باب‬
‫إزالة النجاسة‪ .-‬وأن هذا القول هو الذي رجحه المؤلف في موضع آخر‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪54‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬زوال العقل‪:‬‬


‫زوال العقل نوعين ‪:‬‬
‫‪.2‬زوال العقل بالكلية كالجنون مثالً واإلغماء‪ .‬فهذا ناقض للوضوء يسيره وكثيره ‪.‬‬
‫‪.1‬زوال العقل لفترة معينة لإلنسان فيه إرادة كالنوم ‪.‬‬
‫وهذا ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪ .‬النوم ال ُمستغرق الطويل ‪.‬‬
‫وهذا ناقض للوضوء لحديث صفوان بن عسّال ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬السابق ‪َ ":‬ول ِكنْ ِمنْ‬
‫نوم")‪ (0‬ب‪ .‬النوم غير ال ُمستغرق الخفيف ‪.‬‬ ‫غاِئط ِوبَول َو ْ‬
‫صلَّى الل هُ‬
‫‪َ -‬‬ ‫أصحابُ رسُ ِ ول هللاِ‬
‫َ‬ ‫وهذا ال ينقض الوضوء لحديث أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪َ :‬كانَ "أ‬

‫‪ -‬يـنَا ُمونَ ثُ َّم ي َ‬


‫صل ونَ واَل يـتَـ َوضَّئون")‪.(4‬‬ ‫َع ليأ ِه َو َسل َم‬

‫)‪ (2‬رواه مسلم برقم ‪)011( .‬‬


‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )211‬رواه مسلم برقم ‪)030( .‬‬
‫‪ )0‬رواه الترمذي برقم) ‪ ، (61‬رواه النسائي برقم ‪)211( .‬‬
‫‪ )4‬رواه مسلم برقم ‪)011( .‬‬

‫‪ ‬ضابط النوم الذي ال ينقض الوضوء ‪:‬‬


‫وهو النوم الذي ال يذهب معه شعور اإلنسان ‪ ،‬بحيث يحسّ بمن حوله ‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ ": -‬النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقا ً قد أزال‬
‫الشعور‪ ،‬أما النعاس فال ينقض الوضوء ألنه ال يذهب معه الشعور"‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬أكل لحم ا ْلبل‪:‬‬
‫ويدل على ذلك ‪:‬‬
‫‪ .2‬حديث جابر بن سمرة ‪ -‬رضي هللا عنه‪ : -‬أن رجالً سأل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬أنـتَـ َوضَّ ُأ ِم أ ن لُ ِ‬
‫حوم‬
‫اإِل ب ِل ؟ قال ‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ب ل"‬ ‫ضْأ ‪ِ ,‬م نْ ُ‬
‫لح ِوم ا ْلِ ِ‬ ‫" نَ َع ْم ت ََو َّ‬
‫)‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪45‬‬

‫‪ .1‬حديث البراء بن عازب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ ":-‬تَ َو َّ‬
‫ضُئواـ ِم نْ‬
‫لُ ُح ِوم ا ْلِبِ ِل ")‪ (1‬ويدخل في معنى اللحم ‪ :‬الكرش ‪ ،‬والقلب ‪ ،‬والمصران[ ‪ ،‬والكبد ‪ ،‬والكلية ‪،‬‬
‫والطحال ‪ ،‬واللسان وما أشبهها على القول األحوط ‪.‬‬
‫وأما‪ :‬المرقة واللبن فال تنقض الوضوء ؛ ألن النص في اللحم ‪ ،‬وهي ليست كذلك وال في معنى اللحم ‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬مس المرأة‪:‬‬
‫الصحيح أن مس المرأة ال ينقض الوضوء مطلقا ً بغير شهوة أو بشهوة ‪ ،‬إال أن يخرج منه شيء كالمني‬
‫والمذي ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن األدلة على أن مس المرأة ِال ينقض الوضوء ‪ :‬حديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬وعن أبيها قالت‪":‬‬

‫ُول هللاِ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أليـل ةً ِم أ ن األفِر اش فاَألت َم أستهُ فَـ َو َ‬
‫ّ‬
‫ضأعت ي ِدي عَلى با ِط ِن‬ ‫فَـقَأدت رس َ‬
‫أسج ِد وهُما َمأنصُوبـتا ِن ")‪ (0‬وعنها قالت‪ ":‬أكن ُ‬
‫ت أن ا ُم بـأينَ ي َد أ ي‬ ‫ق َد َمأي ِه َوهُ َو في األ َم ِ‬
‫")‬ ‫ي‬ ‫ي في قأبـلت ِه فإ َذا َس َج َد َغ َمز ني فَـقَب أض ُ‬
‫ت رأجل َّ‬ ‫‪َ -‬ورأجاَل َ‬ ‫صلَّى ال َّل هُ عَليِأ ه َو َسل َم‬
‫‪َ -‬‬ ‫رسُ ِو ِل هللاِ‬
‫‪. (4‬‬

‫‪-‬‬ ‫ساء{ فالمراد باللمس هنا‪ :‬الجماع‪ ،‬كما صح ذلك عن ابن عباس‬
‫ست ُم الن َ‬
‫أو ال َم ْ‬
‫وأما قوله – تعالى‪ْ } - :‬‬
‫رضي هللا عنهما‬
‫‪.-‬‬

‫سادسا ً‪ :‬مس الفرج‪:‬‬


‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث بسرة بنت صفوان ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪ ":‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪َ ": -‬م‬
‫ض ْأ ")‪.(1‬‬‫س ذ َك َر هُ فَ ْليتَ َو َّ‬
‫نْ َم َّ‬
‫قال البخاري ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬عن هذا الحديث ‪ ":‬هو أصح شي ٍء في الباب "‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه مسلم برقم‪. ( )013‬‬


‫)‪ (1‬رواه أبو داود برقم‪. ( )214‬‬
‫)‪ (0‬رواه مسلم برقم‪)411(.‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )011‬رواه مسلم برقم ‪)121( .‬‬
‫‪ ()1‬ر واه أبو داود برقم‪ ، ( )212‬رواه الترمذي برقم) ‪.(11‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪56‬‬

‫‪-‬‬‫‪ -‬وجاء حديث عن طلق بن علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مرفوعا ً ‪ :‬الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء ؟ فقال النَّبي‬
‫بض َعةٌ ِم ْنكَ " )‪ (2‬فدل هذا الحديث على أن مس الذكر ال ينقض الوضوء ‪،‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‪ ":‬إن َما ُه َو ْ‬
‫والجمع بين الحديثين أن يقال ‪:‬‬
‫مس الذكر ال ينقض الوضوء ‪ ،‬والوضوء[ منه مستحب ؛ لحديث بسرة فهو ينزل منزله االستحباب‬
‫والصارف عن الوجوب حديث طلق بن علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ،-‬واختار هذا القول شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية ‪ ،‬وشيخنا ابن عثيمين‬
‫‪ ،‬ولو توضأ المسلم فهذا أحوط له ‪ ،‬واألخذ بحديث بسرة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬أحوط ‪ ،‬ورجح ابن‬ ‫رحمهما هللا‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫القيم‬
‫‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬حديث بسرة على حديث طلق بن علي من سبعة وجوه كما في تهذيب السنن‪.‬‬
‫‪ ‬المقصود بمس الذكر ‪ :‬أن يكون مباشرة بدون حائل ‪ ،‬أما مع حائل فال يعد لمسا ً ‪.‬‬
‫الذي ينقض الوضوء مس الذكر ‪ ،‬ال ما حوله سواء ببطن الكف أو بظهرها ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رجهُ فَ ْليتَ‬
‫س فَ َ‬
‫الحكم عام في الرجال والنساء للرواية الثانية عند أحمد والنسائي ‪َ ":‬منْ َم َّ‬ ‫‪‬‬

‫ضْأ " )‪.(1‬‬


‫َو َّ‬
‫المقصود بالفرج هو ‪ :‬القبل والدبر ‪ ،‬قال الشيخ محمد بن عثيمين ‪ -‬رحمة هللا عليه ‪ -‬في‪ ":‬ومس الدبر‬ ‫‪‬‬

‫داخل في عموم الفرج")‪.(0‬‬


‫سابعا ً‪ :‬تغسيل الميت ‪:‬‬
‫الصحيح ‪ :‬أن تغسيل الميت ال ينقض الوضوء ‪.‬‬
‫والدليل‪ :‬عدم الدليل على النقض ؛ ألن النقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء الثابت‬
‫بدليل شرعي ‪ ،‬وال دليل من كتاب وال سُ نَّة وال إجماع ‪ .‬وهذا قول جمهور العلماء‪.‬‬
‫ثامنا ً‪ :‬الردة‪:‬‬
‫هي ‪ :‬االرتداد عن اإلسالم بتركه إلى الكفر ‪.‬‬
‫اختصت الردة بأنها تحبط األعمال كلها ومنها الوضوء ‪ ،‬لقوله – تعالى ‪َ }:-‬و َمن ي ْكفُ ْر بِا ْلِي َما ِن فَ قَ ْد‬

‫{] المائدة‪. [1 :‬‬ ‫َحبطَ َع َملهُ َو ُه َو فِي ْا ِخر ِة ِمنَ ا ْْل َخ ِ‬


‫اسرينَ‬
‫)‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بدايةالمتفقهين – كتابالطهارة‬ ‫بـاب نـواقـض الوضـوء‬
‫‪45‬‬

‫] الزمر‪.[11 :‬‬ ‫وقوله – تعالى‪} -:‬لَئنْ أشْر ْكتَ لَ ْ‬


‫يحبطنَّ َع َملكَ {‬

‫ي ْرت ِد ْد ِمن ُك ْم عَن ِدين ِـه فَ ي ُمتْ َو ُه َو َكافِ ٌر ْ‬


‫فأولئ َك َحبطتْ أ ْع َمال ُه ْم فِي الدُّنْ يا‬ ‫وقوله‪ -‬تعالى‪َ }-:‬و َمن َ‬

‫]البقرة‪. [ :121‬‬ ‫اب النا ِر ُه ْم في َها َخالدُونَ {‬


‫أص َح ُ‬ ‫َو ْا ِخ َِرة َو َْ‬
‫أولئ َك ْ‬

‫)‪ (2‬رواه أبود داود برقم ‪ ، ()211‬رواه الترمذي برقم) ‪. (11‬‬


‫‪ )1‬رواه النسائي برقم‪ ، ( )444‬رواه أحمد ‪)12116( .‬‬
‫‪ )0‬انظر‪ :‬الممتع ‪)161/2( .‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪58‬‬

‫ُ‬

‫وصفِتَ ِه [‬ ‫ب اَل ْغ ُ‬
‫س َْل َ‬ ‫] باَب ما َ ي ُوج ُِ‬

‫أو‬ ‫بو ْط ء ْ‬
‫أو غ ْير ِه ‪ْ .‬‬ ‫س ُل ِم َن ‪ :‬ا ْل َجناب ِة ‪َ :‬و ِه َي ‪:‬إنْ َزا ُل ا ْل َم ِّ‬
‫ني َ‬ ‫ب ا ْل ُغ ْ‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ]: -‬وي ِج ُ‬
‫با ْلتِقَا ِء‬
‫تان ْي ِن ‪ .‬وبخروج دم الحيض والنفاس‪ ,‬وموت غير الشهيد‪ ,‬وإسالم الكافر‪ ,‬قال – تعالى ‪:-‬‬ ‫ا ْْل ِخ َ‬
‫}‪َ ..‬وإن‬

‫ُكنت ْم ُجنبا فاطهَّ ُر ْو ْا ‪] {..‬المائدة‪ .[6:‬وقال – تعالى ‪..} :-‬والَ تَ ْق َربوهُنَّ َحت َى يط ُه ْر َن فإذا تطهَّ ْر َن‬

‫س ْلم‬
‫صلى هللاُ عَل ْي ِـه َو َ‬
‫‪َ -‬‬ ‫فأتوهُنَّ ِمنْ َح ْي ُ‬
‫ث أ َمر ُك ُم الل هُ ‪] {..‬البقرة‪ .[111:‬أي إذا اغتسلن‪ .‬وقد أمر الن بي‬

‫ي غت ِس َل ‪[.‬‬ ‫سي ِل اَ ْل َمي ِت َوأ َم َر َمنْ أ ْ‬


‫سل َم أنْ َ‬ ‫‪ -‬بِا ْْلغ ْ‬
‫س ِل ِمنْ تَ ْغ ِ‬
‫ـ‬

‫الشـــرح‬
‫الغسل‪ :‬هو اغتسال اإلنسان وإمراره الماء على جميع بدنه‪.‬‬
‫‪ ‬موجبات الغسل‪:‬‬
‫‪ -‬المواضع التي يكون فيها الغسل واجبا ً ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬خروج المني دفقا ً بلذة‪:‬‬
‫وقولنا بلذة نَرج ما لم يكن بلذة ‪ ،‬كأن يخرج المني لشدة برد ‪ ،‬أو كثرة حركة ‪ ،‬أو مرض ‪ ،‬ونحوه‬
‫ففي هذه الحالة ال يوجب غسالً ‪ ،‬بل عليه الوضوء فقط ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ما يلي‪:‬‬

‫] المائدة‪. [1 :‬‬ ‫رو ْا ‪{...‬‬


‫‪...‬إن ُكنت ْم ُجنبًا ف اط َّه ْ‬
‫أ‪ .‬قال – تعالى ‪َ } -:‬و‬

‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪59‬‬

‫والجنب‪ :‬هو الذي خرج منه المني دفقا ً بلذة ‪ ،‬وسمي جنبا ً ؛ ألنه يجتنب مواضع الصالة وقراءة القرآن ‪.‬‬
‫إن هللاَ الَ ي‬
‫ب‪ .‬حديث أم سلمة ‪ -‬رضي هللا عنها‪ : -‬أن أم سليم ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت ‪ ":‬يا رسُ و َل هللاِ َّ‬

‫أست أحي ِم نَ َأالح ِّ‬


‫ق ‪ ،‬هَ أل عَلى األ َمأرأ ِة ِم أ ن غ أ ٍسل إ َذا ِه َي أاحتَـل َم أت ؟ قال‪ ":‬نَ َع ْم‬
‫ِإ َذا رأ ِ‬
‫ت ا ْل َم ا َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ء" ‪.‬‬

‫االحتالم‪ :‬اسم لما يراه النائم من الجماع ‪ ،‬فيحدث معه إنزال المني غالبا ً ‪.‬‬
‫وأجمع العلماء على وجوب الغسل من خروج المني ‪.‬‬

‫)‪ (2‬البخاري برقم‪ ، ( )111‬رواه مسلم برقم‪. ( )020‬‬


‫‪51‬‬

‫المني‪ :‬ماء غليظ أبيض عند الرجل ‪ ،‬وهو رقيق أصفر عند المرأة‪ ،‬يخرج عند اشتداد الشهوة بدفق‬
‫ويعقب خروجه فتور ‪،‬‬
‫الرج ِل‬
‫ُ‬ ‫له رائحة كرائحة العجين جا ِء في حديث عند مسلم أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪" :‬إنَّ َما َء‬
‫ق ي ُكونُ ِم ْنهُ الشَّب‬ ‫فم ‪ ,‬نْ َأيهما َع الَ َأ ْو َ‬
‫سب َ‬ ‫ِ‬ ‫أصفَ ُر‬
‫ق ْ‬‫يض َو َم ا َء ا ْل َم ْرَأ ِة رقِي ٌ‬
‫َغليظٌ َأ ْب ُ‬
‫هُ ")‪.(2‬‬
‫فخروج المني من موجبات الغسل ‪ ،‬سواء كان ذلك بتكرار النظر ‪ ،‬أو المباشرة ‪ ،‬أو الجماع ‪ ،‬أو غير‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬فائدة ‪ :‬حديث أم سليم ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬السابق علق النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬االغتسال برؤية‬
‫ماء المني ‪ ،‬وبناء عليه فلو أنزل مذيا ً ‪ ،‬فال غسل عليه ‪ ،‬بل يكتفي بنضح ما أصاب الثياب ‪،‬‬
‫وغسل القبل كامالً ‪،‬ثم يتوضأ ‪ ،‬وكذلك لو احتلم ولم ير شيئا ً ‪ ،‬فال غسل عليه أيضا ً ‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬الجماع وإن لم ينزل ‪:‬‬

‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬

‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ ": -‬إ َذا َجلَ َ‬
‫س بَيْنَ‬
‫ش َعبِ َها‬
‫ُ‬
‫غس ُل ")‪ . (0‬وزاد مسلم ‪َ ":‬وإنْ ل ْم ي نِْز ْل ")‪ .(4‬وهذا دليل‬ ‫ب ا ْْل ْ‬
‫األربع )‪(1‬ث َّم َج َه َدهَا فَ قَ ْد َو َج َ‬
‫ِ‬
‫على أن الجماع وإن لم ينزل أحدهما يوجب عليهما الغسل بمجرد اإليالج ‪.‬‬
‫‪.()1‬‬
‫قال ابن هبيرة ‪ -‬رحمه هللا ‪": -‬واجمعوا على أن الغسل بالتقاء الختانين"‬
‫ثالثا ً‪ :‬انقطاع دم الحيض والنفاس‪:‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫]البقرة‪. [111:‬‬ ‫ض َوالَ تَ ْق َربوهُنَّ َحتَّ َى يط ُه ْرنَ {‬


‫ساء فِي ا ْل َم ِحي ِ‬
‫ْتزلو ْا الن َ‬
‫أ‪ .‬قوله – تعالى‪} -:‬فاع ْ‬

‫أي ‪ :‬حتى يغتسلن‪.‬‬


‫ب‪ .‬حديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال لفاطمة بنت أبي حُبيش‬
‫‪ -‬رضي هللا عنها‪-‬‬

‫صلي")‪ (1‬رابعا ً‪ :‬الموت‬ ‫يضينَ في َها ث َّم ا ْغت ِ‬


‫سلِي َو َ‬ ‫ت ت ِح ِ‬‫صاَل ةَ ق ْد َر اأْل ي اِم التي ُك ْن ِ‬
‫‪َ ":‬د ِعي ال َّ‬
‫لغير شهيد المعركة‪:‬‬
‫فإذا مات المسلم وجب على المسلمين غسله ‪ ،‬إال الشهيد في المعركة فإنه ال يغسل ؛ لحديث جاء عند‬ ‫‪-‬‬

‫س ْل ُه ْم "‬
‫أح د َول ْم يغ ِّ‬
‫البخاري أن النبيصلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪ ":‬ادْفنو ُه ْم فِي ِد َمائ ِه ْم يَ ْعني يَ ْو َم ُ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ومن األدلة على وجوب تغسيل الميت إذا لم يكن شهيداً ما يلي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫أ‪ .‬حديث ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬المتفق عليه قال النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ : -‬فيمن‬
‫س ْد ر ")‪(1‬واألصل في األمر الوجوب ‪.‬‬ ‫وقصته ناقته بعرفه ‪ ":‬ا ْغ ِ‬
‫سلوهُ ب َم اء َو ِ‬

‫‪ ()1‬انظر ‪ :‬في اإلفصاح‪. (10 )2/‬‬ ‫‪ ()2‬رواه مسلم برقم‪)022( .‬‬


‫‪ )1‬المقصود بشعبها األربع ‪ :‬فخذاها ورجالها وقيل غير ذلك ‪ ()1 .‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )011‬رواه مسلم برقم ‪)000( .‬‬
‫‪ ( )014( .‬رواه البخاري برقم ‪)2041( .‬‬ ‫‪ )0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )162‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬
‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪61‬‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )2111‬رواه مسلم برقم ‪)2131( .‬‬ ‫‪)4‬مسلم برقم‪( )014‬‬

‫فقال‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وس ّل م‪-‬‬ ‫ب‪ .‬حديث أم عطية ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬المتفق عليه حين ماتت ابنة النبي‬
‫وفيه‪ ":‬ا ْغ ِ‬
‫س ْلنَ هَا ثالثا")‪.(2‬‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬السقط ‪ :‬وهو من سقط من بطن أمه قبل انتهاء مدة الحمل ‪.‬‬
‫هل يجب تغسيله ؟‬
‫الجواب‪ :‬إن نفخ فيه الروح ‪ -‬أي إذا أتم أربعة أشهر فصاعداً ‪ -‬فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه‪،‬‬
‫وأما إذا لم تنفخ فيه الروح فال ‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬الغسل من تغسيل الميت‪:‬‬
‫فمن غسَّل ميتا ً فإنه َ‬
‫يس ن له أن يغتسل ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ " : -‬من‬
‫سل ميتا ً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ")‪ ،(1‬وقد اختلف في صحة هذا الحديث وله طرق كثيرة ‪،‬‬ ‫غ َّ‬
‫والص واب أن الحديث موقوف على أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪.(0)-‬‬
‫وعلى القول بأنه مرفوع ‪ ،‬فإن الصارف عن الوجوب قول ابن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ " : -‬كنا نغسل‬
‫الميت فمنَّا من يغتسل ومنا من ال يغتسل ")‪.(4‬‬
‫وأيضا ً لم يأمر النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬الذين غسَّلوا من وقصته راحلته في الحج فمات أن يغتسلوا ‪،‬‬
‫ولم يأمر الالتي غسَّلن ابنته كأم عطية رضي هللا عنها ومن معها أن يغتسلن ‪ ،‬ولو كان واجبا ً ألمرهم‬
‫‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬إسالم الكافر‪:‬‬
‫على قول المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أن الكافر إذا أسلم يجب عليه االغتسال ‪.‬‬
‫والقول الراجح ‪-‬وهللا اعلم‪ : -‬أن الكافر إذا أسلم يستحب له االغتسال ‪،‬وبه قال جمهور العلماء‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬

‫أن يغتسل بماء‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬ ‫‪":‬أنه أسلم فأمره النبي‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫أ‪ .‬حديث قيس بن عاصم‬
‫)‪(1‬‬
‫وسدر"‬
‫ِ‬
‫‪:‬أن ثمامة بن أثال عندما أسلم قال النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪" : -‬‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫حديث أبي هريرة‬
‫س َل")‪. (1‬‬ ‫ْاذهَبوا به ِإلى َحاِئ ِط بني فاَل ن ف ُمروهُ أنْ َ‬
‫ي غت ِ‬
‫والصارف عن الوجوب ‪ :‬العدد الكثير والجم الغفير من الصحابة الذين أسلموا ولم ينقل أن النبي ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلّم ‪ -‬أمرهم باالغتسال ‪.‬‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )2110‬رواه مسلم برقم ‪)606 ( .‬‬


‫‪ )1‬رواه أحمد برقم‪ ، ( )6111‬رواه أبو داود برقم ‪)0212( .‬‬
‫‪ )0‬قال البخاري " ‪ :‬واألشبه أنه موقوف " وقال أبو حاتم " ‪:‬ال يرفعه الثقات إنما هو موقوف " وكذا رجَّح وقفه البيهقي ‪ ،‬وانظر تلخيص الحبير البن حجر ) ‪/ 2‬‬
‫‪. ( 010‬‬
‫‪ ()1‬رواه أحمد برقم ‪)1301( .‬‬ ‫‪)4‬الدارقطني )‪/1‬ص‪/11‬ح‪ (4‬وصححه ابن حجر واأللباني ‪ ()1 .‬رواه أبو داود برقم) ‪. (011‬‬
‫‪51‬‬

‫قال الزركشي– رحمه هللا ‪" : -‬ألن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬لم يأمر به معاذ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أي حين بعثه‬
‫إلى اليمن‪ -‬ولو وجب ألمره به إذ هو أول الواجبات بعد اإلسالم ‪ ،‬وألن ذلك يقع كثيرا وتتوفر‬
‫الدواعي على نقله‪ ،‬فلو وقع الستفاض ‪".‬‬

‫َ‬
‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪ِ -‬م َن اَ ْل َجنَابَ ِة ‪:‬‬ ‫س ِل النَّّب ِّ‬
‫ي ‪َِ -‬‬ ‫صفَةُِ غ ْ‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪َ ]: -‬وأ َّما ِ‬
‫يحثي اَ ْْل َما ِء َعلى رأسه‬ ‫ضوءا كَ ِام اًل ‪ .‬ث َّم ْ‬ ‫ضُأ ُو ُ‬
‫ي تَ َو َّ‬ ‫رجهُ َأواًل ‪ .‬ث َّم َ‬
‫ف َ‬ ‫ي غ ِس ُل َ‬ ‫ف َك َ‬
‫ان َ‬
‫رجل ْي ِه ب َم َح ٍّل َ‬
‫آخ َر‬ ‫غس ُل ْ‬
‫ي ِ‬ ‫ي ِْرويه بِ َذل َك ‪ .‬ثم يفيض الماء على سائر جسده ‪ .‬ث َّم َ‬ ‫ثاَل ثا‪َ ,‬‬
‫تحتَ الشُّعو ِر اَ ْْل َخفِيفَ ِة َوا ْْل َكثيفَ ِة ‪َ .‬وهللاُ أعْل َم‪[.‬‬
‫يع اَ ْْلب َد ِن ‪َ ,‬و َما ْ‬ ‫َوا ْْلفَ ْر ُ‬
‫ض ِمنْ َه َذا‪ :‬غ ْ‬
‫س ُل َج ِم ِ‬
‫ـ‬
‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪63‬‬

‫الشـــرح‬
‫س ْلم ‪-‬‬ ‫سل النبي ‪َ -‬‬
‫صلَّى هللاُ عَل ْي ِه َو َ‬ ‫‪ ‬صفة غ ْ‬
‫صفة الغسل‪ :‬كما أن للوضوء والصالة وغيرها ‪):‬صفة مجزئة ‪ ,‬وصفة كاملة( كذلك الغسل له‬
‫صفتان‪:‬‬
‫أوال‪ :‬صفة كمال‪ :‬وهي ما اشتملت على الواجبات والسنن‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬صفة إجزاء‪ :‬وهي ما اشتملت على الواجبات فقط‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬صفة الغسل الكامل‪:‬‬
‫‪.2‬أن ينوي‪.‬‬
‫لحديث عمر ‪ -‬رضي هللا عنه‪ِ " : -‬إن َما اأْل ْع َما ُل بِالنِّ يَّا ِ‬
‫ت ‪.(2)",‬‬
‫فالنية شرط لصحة العبادة ‪ ،‬ومحلها القلب والنطق بها بدعة كما سبق ‪.‬‬
‫‪.1‬ثم يسمي ‪ .‬وحكم التسمية هنا كحكمها في الوضوء وسبق أن الصحيح أنها ‪ :‬سُ نَّة ‪.‬‬
‫‪.0‬ثم يغسل كفيه‪.‬‬
‫ِإ َذا أاغت َس َل ِمنَ َأالجنَاب ِة يـأب َد ُأ فَـيَ ِ‬
‫ـأغس ُل‬ ‫ص ّل‪ -‬ى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫لحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪َ " : -‬كانَ‬
‫يدَيأ ِه " )‪ (1‬فيبدأ بالكفين ؛ ألنهما أداة غرف الماء فال بد من طهارتهما‪.‬‬
‫‪.4‬ثم يغسل فرجه قبل البدن ‪.‬‬
‫َم ‪َ -‬وضُوءا ِلجناب ٍة فأ أكفََأ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َع لأي ِه َو َسل‬
‫‪َ -‬‬ ‫ض َع رسُو ُل هللاِ‬
‫لحديث ميمونة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪َ ":‬و َ‬
‫بِي ِمين ِه عَلى ِشمال ِه َم ََّرتـِأين‬
‫")‪(0‬‬ ‫َأأو ثاَل ثا ثُ َّم َغ َس َل فَ َ‬
‫ـأرجهُ‬
‫‪.‬‬

‫‪ )2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )2‬رواه مسلم برقم ‪)2631( .‬‬

‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬

‫‪ )1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )141‬رواه مسلم برقم ‪)021( .‬‬


‫‪)0‬البخاري برقم‪ ، ( )012‬رواه مسلم برقم‪)021( .‬‬

‫)‬
‫)‬
‫( رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪65‬‬

‫وأيضا ً يغسل ما ل َّوثه على بعض أجزاء بدنه ‪ ،‬سواء كان نجسا ً كالمذي ‪ ،‬أو طاه ًراً كالمني ‪،‬‬
‫ويدلك يديه بعدما يغسل فرجه‪.‬‬
‫‪.5‬ثم يتوضأ وضوءه للصالة‪.‬‬
‫وإذا كان المكان الذي‬ ‫ضُأ ُوضُوءهُ للصَّ ال ِة"‬
‫‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫لحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪" :‬ثُ َّم ت َ‬
‫َـو َّ‬
‫يغتسل فيه ليس نظيفا ً كأن يكون فيه تراب ونحوه فاألفضل أن يؤخر غسل القدمين في الوضوء‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬‫إلى ما بعد الغسل مباشرة ‪ ،‬لحديث ميمونة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬في صفة غسل النبي‬
‫قالت‪ ":‬ثُ َّم تَـنحَّى فَ َ‬
‫ـغس َل رأجألي ِه ")‪ .(1‬وأما إذا كان المكان نظيفا ً فإنه يتم وضوءه كامالً ‪.‬‬
‫‪.6‬ثم يفيض الماء على رأسه ثالثا ً مع تخليل الشعر ‪.‬‬
‫ثُ َّم ‪ ،‬يأ ُخ ُذ األ َما َء‬ ‫ضُأ ُوضُو َء هُ لل َّ‬
‫صاَل ِة‬ ‫لحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪ ":‬ثُ َّم يـتَـ َو َّ‬
‫صابِ َع هُ ِ في ُأصُ ِول ال َّشأ ِعر َحتَّى إ َذا رأى أ أن قأ د أاستأبـر َأ َحفَنَ عَلى‬
‫يأدخ ‪ُ ،‬ل أ َ‬
‫َو ِ‬
‫)‪(0‬‬
‫ث َحثَـي ا ٍ‬
‫ت"‬ ‫رأس ِه ثاَل َ‬
‫ِ‬
‫‪.7‬ثم يفيض الماء ويعمم به سائر جسده ويدلكه ‪.‬‬
‫س ِد ِه " ‪ ،‬وحديث ميمونة ‪-‬رضي‬
‫)‪(4‬‬
‫اض عَلى َساِئ ر َج َ‬
‫َ‬ ‫لحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬قالت‪" :‬ثُ َّم أف‬
‫)‪(1‬‬
‫هللا عنها‪ -‬قالت‪":‬ثُ َّم َغ َس َل َسائر َج َس ِد ِه "‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه هللا ‪": -‬وشرع الدلك ليتيقن وصول الماء إلى جميع البدن")‪.(1‬‬
‫من السنة أن يبدأ عند غسل جسده بالجانب األيمن ثم األيسر ‪ ،‬لحديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها‪َ ": -‬كانَ‬
‫يـأعجبهُ التَّـي م ُن في تَـنَـع ل ِه َوتَـر جل ِه َوطهُور ِه َوفي َشأن ِه ُكل‬
‫ِ‬ ‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫ال ِن بي‬
‫)‪(1‬‬
‫ِه"‬
‫وإن علم عدم وصول الماء إلى أي جزء من أجزاء بدنه وجب عليه إيصال الماء إليه‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬صفة الغسل المجزئ ‪:‬‬

‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪66‬‬

‫‪.1‬أن ينوي‪ :‬لحديث ‪ " :‬إن َما األ ْع َما ُل بِالنِّ يات "‪.‬‬
‫‪.1‬أن يعمم بدنه كله بالماء مع المضمضة واالستنشاق ‪.‬‬
‫رو ْا { فقوله – تعالى ‪}: -‬فاطهَّروا أ { يشمل البدن كله‪ ،‬والفم‬
‫لقوله – تعالى‪َ } -:‬وإن ُكنت ْم ُجنبا فاطهَّ ْ‬
‫واألنف من البدن الذي يجب تطهيره ؛ بدليل دخولها في الوضوء عند غسل الوجه‪.‬‬

‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم) ‪ ، (116‬رواه مسلم برقم ‪)021( .‬‬ ‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )141‬رواه مسلم برقم‪. ( )021‬‬
‫‪ ()1‬انظر ‪ :‬الممتع (‪)012/2‬‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )116‬رواه مسلم برقم‪. ( )021‬‬
‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم) ‪ ، (211‬رواه مسلم ب رقم ‪)111( .‬‬ ‫)‪ (0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )141‬رواه مسلم برقم‪. ( )021‬‬
‫)‪ (4‬البخاري برقم‪ ، ( )141‬رواه مسلم برقم‪. ( )021‬‬

‫‪ ‬مسألة‪ :‬من اغتسل ونوى بغسله رفع الحدثين أجزأه الغسل‪.‬‬


‫مثاله‪ :‬رجل عليه غسل جنابة فنوى أن يغتسل ويرفع بغسله الحدث األكبر واألصغر ‪ ،‬فإن غسله‬
‫يجزئه فال يتوضأ بعد الغسل ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫قوله – تعالى‪َ ..} -:‬وإن ُكنت ْم ُجنبا فَاط َّه ْ‬


‫رو ْا ‪ .{..‬فسماها هللا طهارة ‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫ب‪ .‬حديث عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ِ " : -‬إن َما األ ْع َم ا ُل بِالنِّ يات")‪ . (2‬وهذا نوى رفع الحدثين ‪.‬‬
‫‪ -‬لو اغتسل ونوى رفع الحدث األكبر فقط فهل يرتفع معه الحدث األصغر ؟‬
‫القول الراجح ‪ -‬وهللا أعلم ‪ : -‬أنه يرتفع الحدث األكبر واألصغر ؛ ألنه لو ارتفع األكبر فمن‬
‫باب أولى أن يرتفع األصغر‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم – رحمه هللا ‪ : -‬إذا ارتفع األكبر ارتفع األصغر ‪ ،‬ورجحه ابن القيم في بدائع الفوائد ‪.‬‬
‫أي هَا ال ِذينَ‬
‫‪ ‬فائدة‪ :‬يحرم على الجنب اللبث في المسجد ولو لمدة قصيرة‪ .‬لقوله – تعالى ‪}:-‬يَا ُّ‬

‫س َكارى َحت َى تَ عْل ُم ْو ْا َما تَ قُولونَ َوالَ ُجنبا إالَّ عَابري َ‬


‫سب يل {‬ ‫صالةَ َوأنت ْم ُ‬ ‫نو ْا الَ تَ ْق َر ْ‬
‫بو ْا ال َّ‬ ‫آ َم ْ‬

‫]النساء‪. [40:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪67‬‬

‫أي ال تقربوا أماكن الصالة وأنتم جنب إال عابري سبيل أي كونه يمر بالمسجد مرو ًراً فال بأس ؛ ألنه‬
‫ال يعد مكثا ً ‪ .‬وأما إذا توضأ الجنب فال بأس أن يمكث في المسجد ؛ ألنه خفف الحدث ؛ ولحديث‬
‫عطاء بن يسار ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ ":‬رأيت رجاالً من أصحاب النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬يجلسون في‬
‫المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا[ وضوء الصالة")‪.(1‬‬

‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )2‬رواه مسلم برقم ‪)2631( .‬‬


‫)‪ (1‬روى سعيد بن منصور في «سننه» واللفظ له‪ ،‬وأبو بكر بن أبي شيبة ‪ :‬باب الجنب يمرّ في المسجد قبل أن يغتسل‪ ،‬رقم ‪)2111( .‬‬
‫بــاب الـتيـمم‬

‫ُ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫باب ما يوجب الغسل وصفته‬
‫‪68‬‬

‫باَب اَلتيَّ َم ُّم ِ‬

‫صنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َِ ] : -‬و ُِه َو النَّ و ُع الِثاني ِم َن ال ِط َهار ِة ‪َ .‬وه َُو ب َد ٌل َع ِن ا ْْل َما ِء ‪ .‬إ َِذا تَ‬
‫قاِل الم ِ‬

‫ِف‬
‫ست ْع َماله ‪َ .‬‬ ‫أو َخ ْوف َ‬
‫ض َر ر با ْ‬ ‫ب ْع ِض َها لِ َع َدمه ‪ْ ,‬‬
‫أو َ‬
‫ضاء الط َهار ِة ْ‬ ‫ع َّْذ َر ا ْ‬
‫ست ْع َما ُل اَ ْل َماء أل ْع َ‬

‫راب َمقَا َم ا ْْل َماء [ ‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ي قُو ُم التُّ‬
‫َ‬

‫ـ‬

‫الشـــرح‬
‫تقدم النوع األول من الطهارة وهو ‪ :‬الطهارة بالماء ‪ ،‬والنوع الثاني هو ‪ :‬الطهارة بالتراب‪.‬‬
‫والتيمم‪ :‬هو الطهارة بالتراب ‪ ,‬وهو لغة‪ :‬القصد ‪.‬‬
‫وشرعا ً ‪ :‬التعبد هلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬بقصد الصعيد الطيب ‪ ،‬لمسح اليدين والوجه به ‪.‬‬
‫‪ ‬واألصل في مشروعية التيمم الكتاب والسنة وا ْلجماع ‪.‬‬

‫تجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا َ‬


‫ص ِعيداً طيِّبا ً {‪].‬المائدة‪.[1 :‬‬ ‫فمن الكتاب‪ :‬قوله – تعالى ‪ } : -‬فَ ل ْم ِ‬
‫وسيأتي ذكره في سبب نزول آية التيمم ‪ ،‬وغيره من‬ ‫عائشة – رضي هللا عنها‪-‬‬ ‫ومن السنة‪ :‬حديث‬
‫)‬
‫األحاديث كحديث جابر المتفق عليه)‪ ، (2‬وحديث عمران عند البخاري)‪ ، (1‬وحديث عمار المتفق عليه‬
‫‪ ،(0‬وحديث أبو ُج هَ يم عند البخاري)‪ ، (4‬وحديث ابن عمر عند مسلم)‪ (1‬وغيرهم رضي هللا عنهم‬
‫أجمعين ‪.‬‬
‫ا ْلجماع‪ :‬وكذلك دل اإلجماع على مشروعية التيمم ‪ ،‬ونقله غير واحد من أهل العلم ‪،‬انظر‬
‫اإلجماع البن المنذر)‪ ،(1‬ومراتب اإلجماع البن حزم )‪ ،(1‬واإلفصاح البن هبيرة )‪. (1‬‬
‫سبب نزول آية التيمم ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪69‬‬

‫ضياع عقد عائشة‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬وهي مع النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬في بعض أسفاره ‪ ،‬وبقي الناس‬
‫يطلبونه وليس معهم ماء فلما أصبحوا وليس معهم ماء أنزل هللا آية التيمم ‪ ،‬والحديث متفق عليه عن‬
‫عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪.(6) -‬‬
‫والتيمم بدل عن الماء يصار إليه عند عدم وجود الماء قال – تعالى‪} - :‬فَ لَ ْم ت ِجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا{‬
‫]المائدة‪. [1 :‬‬
‫يكون التيمم فِي حالتين ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬إذا عدم الماء‪:‬‬

‫تجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا َ‬


‫ص ِعيدًا طيبا{ ]المائدة‪. [:1‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬قوله – تعالى‪} -:‬فَ ل ْم ِ‬

‫‪ ( )011( .‬انظر ‪ :‬اإلجماع )ص‪. (01‬‬ ‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم )‪ ، (100‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬
‫‪ ()1‬انظر ‪ :‬مراتب اإلجماع )ص‪.(11‬‬ ‫‪ ()1‬رواه البخاري برقم‪)044( .‬‬
‫‪ ( )011( .‬انظر ‪ :‬اإلفصاح‪. (11 )2/‬‬ ‫‪ ()0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )001‬رواه مسلم برقم‪)1‬‬
‫‪ ()6‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )004‬رواه مسلم برقم ‪)011( .‬‬ ‫‪ ()4‬ر واه البخاري برقم‪)001( .‬‬
‫‪ ()1‬رواه مسلم برقم ‪)013( .‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪70‬‬

‫بــاب الـتيـمم‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا خاف باستعمال الماء أو طلبه ضر ًراً ‪:‬‬


‫مثاله‪ :‬من اشتد عليه البرد وليس عنده ما يسخن به الماء ‪ ،‬أوكأن يكون الماء بعيداً ويخاف على بدنه‬
‫من شدة البرد في طلبه ‪ ،‬أوكأن يكون في أعضاء وضوءه قروح يضرها الماء ‪ ،‬أوكأن يخاف إذا‬
‫استعمل الماء الذي معه أن يعطش وليس عنده غيره ‪ ،‬أو يعطش أهله ورفيقه وغيرها من األمور التي‬
‫يتضرر فيها باستعمال الماء أو طلبه‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ‪:‬‬
‫ساء‬
‫ست ُم الن َ‬ ‫أح ٌد َّمن ُكم ِّمنَ ا ْل َغائ ِط ْ‬
‫أو ال َم ْ‬ ‫أو َجاء َ‬
‫سفَ ر ْ‬
‫أو َع لى َ‬ ‫أ‪ .‬قوله – تعالى‪َ } -:‬وإن ُكنتم َّم ْر َ‬
‫ضى ْ‬

‫فَ ل ْم ت ِجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا{ ]المائدة[‪. :1‬‬

‫س ُك ْم إنَّ الل هَ َكانَ ب ُك ْم ِ‬


‫رحي ًما{ ]النساء‪ .[16:‬واستدل بهذه اآلية‬ ‫ب‪ .‬قوله – تعالى‪َ } -:‬والَ تَ ْقتُ ْ‬
‫لو ْا أنفُ َ‬
‫عنه على جواز التيمم عند البرد‪ ،‬إذا كان عليه غسل جنابة كما عند‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه‪-‬‬ ‫عمرو بن العاص‬

‫أبي داود)‪.(2‬‬

‫قوله ‪ -‬تعالى ‪َ }: -‬والَ تُ ْلقُ ْو ْا بأي ِدي ُك ْم إلى التَّ ْهلُكَ ِة{ ]سورة البقرة[‪. :261‬‬ ‫ج‪.‬‬

‫قوله ‪ -‬تعالى‪َ } - :‬و َما َج َع َل عَل ْي ُك ْم فِي الد ِ‬


‫ِّين ِمنْ َح َر ج { ]سورة الحـج‪.[11 :‬‬ ‫د‪.‬‬
‫وخوف الضرر "حرج ‪" .‬‬

‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪71‬‬

‫)‪ (2‬أبو داود برقم‪)004( .‬‬


‫بــاب الـتيـمم‬

‫رب اَلتُّ َر َ‬
‫اب‬ ‫يض َ‬
‫ث ‪ .‬ث َّم ْ‬ ‫ي ْنو َ‬
‫ي رف َع َما َعل ْي ِه ِمنْ اأْل ْح َدا ِ‬ ‫بأن ‪َ :‬‬
‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ِ ْ ] : -‬‬
‫بأس ‪ .‬قا َل‬
‫َ‬ ‫ب َمرتَ ْي ِن فاَل‬ ‫وج ِمي َع َكفَّ ْيه ‪ .‬ف إنْ َ‬
‫ض َر َ‬ ‫وج ِهه َ‬ ‫بي ِد ِه َمرةً َوا ِح َدةً ‪ .‬ي ْم َ‬
‫س ُح ب ِه َما َج ِمي َع ْ‬
‫س ُحوا ب ُو ُجو ِه ُك ْم َوأي ِدي ُك ْـم ِم ْنهُ َما‬
‫ص ِعي ًدا طيبا فا ْم َ‬
‫ف تَ ي َّم ُموا َ‬
‫ف ل ْم تجدُوا َما ًء َ‬
‫هللاُ –تَ َعالى‪َ } :-‬‬

‫ش ُك ُر َ‬
‫ون {‬ ‫ليج َع َل َعل ْي ُك ْم ِمنْ َح َر ج َول ِكنْ يري ُد ليط ِّهر ُك ْم َِوليت َّم ن ْع َمتهُ َعل ْي ُك ْم ل َعل ُك ْم ت ْ‬
‫يري ُد هللاُ ْ‬
‫‪.‬‬
‫]ال َمائ َد ِة ‪[6 :‬‬

‫َ‬
‫أح ٌد ِمنْ اأْل نبِيا ِء‬
‫سا ل ْم ي عْط ُهنَّ َ‬ ‫ْطيتُ َخ ْم ً‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪ -‬قا َل ‪ " :‬أع ِ‬‫ي ‪َ -‬‬ ‫ب ر أنَّ اَلنَّّبِ َّ‬ ‫َوعَنْ َجا ِ‬
‫رج ٌِل‬
‫س ِج ًدا َوط ُهورا‪ ,‬فأي َما ُ‬ ‫رض َم ْ‬ ‫ُ‬ ‫لي اأِْل‬
‫ش ْه ر‪َ ,‬و ُجعلتْ َ‬ ‫س ي َر ِة َ‬ ‫ب َم ِ‬ ‫ص ْرتُ بالر ْع ِ‬ ‫ق ْبلي‪ :‬ن ِ‬ ‫َ‬
‫شفَا َعةَ ‪,‬‬ ‫ق بلي ‪َ ,‬وأعْطيتُ ال َّ‬ ‫ألح د َ‬ ‫ي اَ ْْلغنائ ُم ‪َ ,‬ول ْم تح َّل َ‬‫يص ِّل ‪َِ ,‬وأ ِحلتْ ل َ‬ ‫ف ْل َِ‬ ‫صاَل ةُ َ‬‫أدْر َك ْتهُِ ال َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صةً ‪َ ,‬وبعثتُ إلى اَلنَّّاس َعا َّمةً " ُمتَّ فَ ٌ‬
‫ق َعلَ ْي ِه [‪.‬‬ ‫ق ْومه َخا َّ‬ ‫ث إلى َ‬ ‫بي ي ْب َع ُ‬ ‫ان اَلنَّّ ُّ‬
‫و َك َ‬
‫ـ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪72‬‬

‫الشــــرح‬
‫‪ ‬صفة التيمم‬
‫أوال‪ :‬أن ينوي ‪ :‬ومحلها القلب‪.‬‬
‫لحديث عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ِِ" : -‬إن َما األ ْع َما ُل بِالنِّ يات"‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ثم يسمي ‪ :‬والتسمية هنا كالتسمية في الوضوء ؛ ألن البدل له حكم المبدل منه ‪ ،‬وهذه‬
‫قاعدة ‪ ،‬وسبق أن الراجح في التسمية أنها ‪ :‬سنة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ثم يضرب بيديهـ األرض ضربة واحدة ‪ .‬وذكر بعضهم أنه ال بد من تفريج األصابع وال دليل‬
‫عليه‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬ثم يمسح وجهه بيديه كلتيهما‪ ,‬ويمسحـ يديه بعضها ببعض ‪ .‬والمقصود[ باليدين الكفين‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬حديث عمار بن ياسر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال له في صفة‬
‫ض ْرب ةً َوا ِح َدةً‬
‫ض َ‬
‫األر َ‬
‫ب بيدَي ِه ْ‬ ‫ق و َل بيدَيكَ َه َك َذا ‪ ,‬ث َّم َ‬
‫ض َر َ‬ ‫التِيمم‪ِ " :‬إنَّ َما َكانَ ي ْك ِ‬
‫ف ي َكأنْ تَ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫يم ين َوظا ِه َر َكفَّ ْي ِه َو َو ْج َههُ "‬
‫ش َم ا َل عَلى ا ْل ِ‬
‫س َح ال ِّ‬
‫ث َّم َم َ‬
‫‪ ‬فائدة‪:‬‬

‫‪ِ .2‬حديث ابن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ ":‬التَّي ُّم ُم َ‬
‫ض َْرب ت ِ ان‪:‬‬
‫ض ْربةٌ ل ْليَدَين "‪ .‬حديث شاذ مخالف لألحاديث الصحيحة‪.‬‬ ‫ج ه ‪َ ,‬و َ‬ ‫ض َْربةٌ لِ ْل َو ِْ‬
‫َ‬
‫قال ابن القيم – رحمه هللا ‪" : -‬ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين وال إلى المرفقين")‪. (0‬‬
‫‪" :‬من قال أن التيمم إلى المرفقين فإنما هو شيء زاده من عنده"‪.‬‬ ‫– رحمه هللا‪-‬‬ ‫قال اإلمام أحمد‬

‫‪ ( )011(.‬انظر ‪ :‬زاد المعاد ‪)266/2( .‬‬ ‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )001‬رواه مسلم برقم‪)0‬‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬السلسلة الضعيفة و الموضوعة لأللباني )‪. (1/004/1140‬‬
‫بــاب الـتيـمم‬

‫جـ دًا َوط ُهورا ")‪ (2‬دل هذا‬


‫س ِ‬
‫رض َم ْ‬
‫ُ‬ ‫‪ .1‬حديث جابر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬المتفق عليه وفيه‪َ " :‬و ُج ِعلتْ ل َي اَأْل‬
‫الحديث على أن األرض صالحة للصالة والتيمم ‪ ،‬فلم يكن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬وال صحابته‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪73‬‬

‫يحملون التراب معهم في غزواتهم البعيدة ‪ ،‬كما في غزوة تبوك وغيرها فاألرض جعلت مسجداً‬
‫وطهو ًراً بخالف األمم السابقة الذين ال يصلون إال في صوامعهم وكنائسهم ‪.‬‬
‫‪" :‬ولذلك كان يتيمم باألرض التي يصلي عليها ترابا ً كانت أو سبخة أو رمالً‬ ‫‪ -‬رحمه هللا‪-‬‬ ‫قال ابن القيم‬
‫وصح عنه أنه قال‪:‬‬
‫س ِج ُدهُ َو ِع ْن َدهُ ط ُهوره")‪.(1‬‬
‫فع ْن َد هُ َم ْ‬
‫صاَل ةُ ِ‬ ‫فأي نَما أدْركَ تْ ُ‬
‫رجاًل ِم نْ أ َّمتي ال َّ‬ ‫" ْ‬
‫‪ ‬مسألة ‪ :‬من وجد ماء يكفي بعض األعضاء فكيف يتطهر ؟‬
‫من وجد ماء يكفي بعض األعضاء فإنه يتوضأ به لهذه األعضاء ‪ ،‬ثم يتيمم للباقي ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬رجل عنده ماء ال يكفي إال لغسل وجهه ويديه ‪ ،‬فإنه يتوضأ به لوجهه ويديه ‪ ،‬وبهذا‬
‫الفعل يكون قد اتقى هللا بما يستطيع ؛ حيث إنه عادم للماء ثم يتيمم لباقي األعضاء الرأس والقدمين ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬

‫قوله – تعالى‪} -:‬فَاتَّ قُوا هللاَ َما ا ْ‬


‫ستط ْعتُ ْم { ]سورة التغابن‪. [21:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫قوله ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ِ " :-‬إ َذا أ َم ْرت ُك ْم بِأ ْم ر فأتوا ِمنْ هُ َما ا ْ‬
‫ستط ْعت ْم ")‪.(0‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫مسألة أخرى‪ :‬من كان يعرف أن حوله ماء لكنه نسي فتيمم وصلى فلما قضى صالته ‪ ,‬تذكر‬ ‫‪‬‬

‫الماء فهل يعيد وضوءه ؟‬


‫الصحيح ‪ :‬أنه يتوضأ ويعيد صالته ؛ ألن هذا شرط والشرط ال يسقط بالنسيان وهذا القول‬
‫أحوط من عدم إعادة الصالة ‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬مبطالت التيمم هي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .2‬يبطل التيمم بمبطالت الوضوء ‪ -‬أي نواقض الوضوء ‪ -‬فكل ما ينقض الوضوء فإنه ينقض التيمم ‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬رجل تيمم ثم بال أو تغوط‪ ،‬بطل تيممه ؛ ألن البدل ‪ -‬وهو التيمم ‪ -‬له حكم المبدل منه ‪ -‬وهو‬
‫الوضوء‪. -‬‬
‫‪ .1‬يبطل التيمم بوجود الماء ؛ لمن كان تيممه لعدم وجود الماء ‪.‬‬
‫‪ .0‬يبطل التيمم بزوال العذر كمن تيمم لمرض ؛ ألن استخدامه للماء يضره فإذا زال هذا المرض بطل‬
‫تيممه ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪74‬‬

‫فائدة أخرى ‪ :‬التيمم يكون للحدث األصغر واألكبر ‪ ،‬ودليل ذلك قوله – تعالى ‪َِ } :-‬وإن ُكنتُم‬ ‫‪‬‬

‫ساء فَ ل ْم ت ِجد ُْو ْا َماء فَ تَ‬


‫ست ُم الن َ‬ ‫أح ٌد ِّمن ُكم ِّمن ا ْلغآئ ِط ْ‬
‫أو ال َم ْ‬ ‫أو َجاء َ‬
‫سفَ ر ْ‬
‫أو عَلى َ‬
‫ضى ْ‬
‫َّم ْر َ‬

‫ي َّم ُم ْو ْا َ‬
‫ص ِعيداً طيبا ً { ]النساء‪. [ 40:‬‬

‫‪ ()2‬رواه البخاري برقم (‪ ، )001‬رواه مسلم برقم ‪)011(.‬‬


‫)‪ (1‬انظر‪ :‬زاد المعاد ‪)133/2( .‬‬
‫)‪ (0‬البخاري برقم‪ ، ( )1111‬رواه مسلم ‪ )2001( .‬من حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه‪. -‬‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬

‫بــاب الـتيـمم ‪ -‬الحدث األكبر واألصغر‬


‫‪59‬‬

‫ست ُم‬ ‫أح ٌد ِّمن ُكم ِّمن ا ْْلغآِئ ِط { هذا حدث أصغر ثم قال‪ْ } :‬‬
‫أو ال َم ْ‬ ‫فاهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬قال ‪َ } :‬جاء َ‬

‫تجد ُْو ْا َماء فَ تَ ي َّم ُم ْو ْا‬ ‫النِّ َ‬


‫ساء{ وهذا حدث أكبر ؛ ألن المقصود به الجماع ثم قال ‪} :‬فَ ل ْم ِ‬

‫ص ِعيداً ط يبا{‪.‬‬
‫َ‬

‫مسألة ‪:‬من ُجرح جرحا ً يضره استعمال الماء ‪ ،‬فإنه كان على الجرح لفافة مسح على اللفافة‬ ‫‪‬‬

‫وغسل الباقي ‪ ،‬فلو كانت اللفافة أو نحوها من الالصقات على بعض يده فإنه يمسح هذا البعض‬
‫ويغسل ما ظهر يده وبقية أعضاء الوضوء وال يحتاج إلى التيمم ‪ ،‬وأما إن كان ليس على الجرح‬
‫لفافة فإنه كان ال يضره الماء فإنه يُمس الماء ج رحه وإن كان يضره فإنه يغسل بقية العضو وجميع‬
‫األعضاء إال مكان الجرح فإذا انتهى من وضوئه تيمم لجرحه الذي لم يغسله ‪.‬‬

‫قال‬
‫ت‪,‬‬
‫بالب ْي ِ‬
‫يطوف َ‬
‫َ‬ ‫لي ‪َ ,‬وال َأنْ‬
‫يص ْ‬ ‫َ‬ ‫يح َّل لهُ أنْ‬
‫أصغر‪ :‬ل ْم ِ‬
‫ث ْ‬ ‫المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪َ ] : -‬و َمنْ َعل ْي ِه َح َد ٌ‬
‫ي َ‬
‫لبث في‬ ‫ي ْق َرُأ َ‬
‫ش ْيئا ً ِمنْ القُ ْرآن‪ ,‬وال َ‬ ‫ث أ ْكبر‪ :‬أنهُ ال َ‬ ‫ف ‪َ .‬ويِزي ُد َمنْ َعل ْي ِه َح َد ٌ‬ ‫ص َح َ‬ ‫س ال ُم ْ‬
‫َوال ي َم َّ‬
‫ض وء ‪.‬‬
‫س ِج ِد بال ُو ُ‬
‫ال َم ْ‬
‫صو ُم ‪َ ,‬وال يَ ِح ُّل َوطُؤ َها‪َ ,‬وال طال ُ‬
‫ق َها [‬ ‫ائض َو النُّ فَ َ‬
‫سا ُء ‪ :‬أنَّ َها ال ت ُ‬ ‫الح ُ‬
‫َوتزي ُد َ‬
‫ـ‬
‫الشـــرح‬
‫‪ ‬الحدث ينقسم إلى قسمين‪ .2 :‬حدث أصغر ‪ -‬وهو‪ :‬ما يوجب الوضوء ‪.‬‬
‫‪ .1‬حدث أكبر ‪ -‬وهو‪ :‬ما يوجب الغسل ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬من كان عليه حدث أصغر فإنه يجتنب ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الصالة ‪.‬‬

‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬

‫صالةَ‬‫أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬قال‪ " :‬الَ يَ ْقب ُل الل هُ َ‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫لحديث أبي هريرة‬
‫‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ض َأ"‬
‫َث َحتى يَتَ َو َّ‬ ‫أحد ُك ْم إ َذا َأ ْحد َ‬
‫َ‬
‫‪.1‬مس المصحف)‪.(1‬‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬ ‫‪ " :‬أن في الكتاب الذي كتبه رسول هللا‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫لحديث عبد هللا بن أبي بكر‬
‫لعمرو بن حزم ‪:‬‬
‫س ا ْلقرآنَ إال طا ِه ٌر ")‪. (0‬‬
‫"ال ي َم ُّ‬
‫‪ .3‬الطواف‪ .‬على قول المؤلف ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬فإنه ال يجوز له الطواف إال بوضوء ‪.‬‬
‫والقول الراجح ‪ -‬وهللا أعلم ‪ :-‬أن الوضوء للطواف سنة وليس بواجب ‪ ،‬وعليه فيجوز لمن أراد‬
‫الطواف أن يطوف ولو لم يتوضأ ؛ لعدم الدليل على وجوب الوضوء للطواف ‪.‬‬

‫)‪ (2‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )1614‬رواه مسلم برقم‪)111( .‬‬


‫)‪ (1‬والمقصود بمس المصحف ‪ :‬هو المس من غير حائل ‪ ،‬أما إذا كان بحائل كأن يقلب صفحاته بعود أو قلم أو يلبس قفازين فال حرج ولو بدون وضوء ‪.‬‬
‫)‪ (0‬النسائي‪ ، (11 )1/‬وابن حبان برقم‪ ( )1116‬وصححه األلباني ‪.‬‬
‫الحدث األكبر واألصغر‬
‫‪61‬‬

‫قال شيخ اإلسالم في الفتاوى – رحمه هللا ‪ " : -‬والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصالً‬
‫فإنه لم ينقل أحد عن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬ال بإسناد صحيح وال ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف‬
‫ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ ‪ ،‬وهذا وحده ال يدل على الوجوب")‪.(2‬‬
‫ثانيا ‪ :‬من كان عليه حدث أكبر فإنه يجتنب ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬قراءة القرآن ‪ :‬فمن أصابته جنابة فإنه ال يقرأ شيئا ً من القرآن حتى يغتسل‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪:‬‬
‫كان ال يحجزه شيء عن قراءة القرآن‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫ما ثبت في سنن أبي داود والترمذي أن النبي‬
‫إال الجنابة )‪.(1‬‬
‫قيل ‪ :‬إن قراءة القرآن للجنب جائزة ؛ لعدم الدليل على الوجوب وأما الحديث السابق فهو حكاية فعل‬
‫والفعل ال يدل على الوجوب بل على االستحباب ‪.‬‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫عن النبي‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪61‬‬

‫‪ .1‬اللبث في المسجد بال وضوء ‪ :‬فإن الجنب ال يجوز له اللبث بالمسجد إال إذا توضأ فإنه‬
‫يجوز له أن يلبث في المسجد ؛ ألن الحدث ُخفف بالوضوء ‪ -‬وسبقت هذه المسألة في الباب‬
‫السابق ‪.-‬‬
‫الصالة والصوم للحائض والنفساء‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫س إ َذا َح َ‬
‫اض تْ ل ْم‬ ‫حديث أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬أل ْي َ‬
‫ص ِّل َول ْم تَ ُ‬
‫ص ْم ")‪.(0‬‬ ‫ت َ‬
‫ولكن يجب عليها قضاء الصوم دون الصالة ‪ -‬وسيأتي أبحاث هذه المسألة في باب الحيض بإذن هللا ‪.-‬‬
‫ال يحل الوطء والطالق للحائض والنفساء‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ْ‬
‫]البقرة[‪. :111‬‬ ‫ساء فِي ا ْل َم ِحي ِ‬
‫ض{‬ ‫َزلو ْا الن َ‬
‫لقوله – تعالى‪} : -‬فا ْعت ْ‬
‫وأما طالق الحائض ‪ :‬فهو طالق بدعي ويقع على قول جمهور العلماء ‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬من تيمم لعدم وجود الماء ثم وجد الماء بعد ذلك فله أحوال ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أن يجد الماء قبل أن يشرع في صالته التي تيمم لها ‪ ،‬فهذا يبطل تيممه بإجماع أهل العلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن يجد الماء أثناء الصالة ‪ ،‬فهذه الحالة محل خالف بين أهل العلم ‪،‬والراجح ‪ -‬وهللا أعلم‬
‫‪: -‬أن تيممه يبطل فيقطع صالته ثم يتوضأ ويصلي لقوله – تعالِى‪} : -‬فَ ل ْم ت ِجد ُْو ْا َما ِء{ وهذا يعتبِر‬
‫ض و ُء‬ ‫ب َو ُ‬ ‫صعي ُد الطي ُ‬ ‫ث أبي ذر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪ " :‬ال َّ‬ ‫واجداً‪ ،‬ولحدي ِ‬
‫)‪(4‬‬
‫س ِل م َوِإنْ ل ْم يَجد ا ْْل َما َء َعش َْر سنينَ ِفإ َذا َو َج َد فليتِق هللا َْو ْلي ِم َّ‬
‫سهُ بش َْرته "‬ ‫ا ْْل ُم ْ‬
‫ثالثا ‪ :‬أن يجد الماء بعد الصالة ‪ ،‬فهذا ال يبطل تيممه ‪ ،‬وال إعادة عليه بإجماع أهل العلم‪.‬‬

‫)‪ (2‬انظر الفتاوى) ‪. (21/011‬‬


‫‪ ()1‬رواه أبو داود برقم )‪ ، (611‬رواه الترمذي برقم ‪)241( .‬‬
‫)‪ (0‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )034‬رواه مسلم برقم) ‪. (13‬‬
‫)‪ (4‬أحمد برقم‪ ، ( )12031‬رواه أبو داود‪ ، ( )001‬والترمذي رواه برقم‪)214( .‬‬
‫بــــاب الحــــيض‬

‫ُ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬

‫ضِ‬ ‫باَب اَ ْ‬
‫لحيَ ْ‬

‫يب ا ْْل َم ْرأةَ أنهُ َح ْي ٌ‬


‫ض ‪ ,‬باَل َح ٍّد ل ِ‬
‫س ن ِه ‪,‬‬ ‫يص ُ‬ ‫المصنف ‪ -‬رحم ه هللا ‪َ ] : -‬واَأْل ْ‬
‫ص ُل في الدَّم ال ِذي ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال‬

‫َواَل َ‬
‫ق دْر ِه ‪َ ,‬وال ت َك ُّرره [‪.‬‬

‫ـ‬

‫الشــــرح‬
‫تعريف الحيض لغة وشرعا ً‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫لغة‪ :‬السيالن ‪ ،‬يقال حاض الوادي إذا سال‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬دم طبيعة يخرج من قعر الرحم يصيب المرأة في أيام معلومات إذا بلغت‪.‬‬
‫هل للحيض حد في السن ابتداء وانتهاء ؟ وهل له قدر معين في األيام؟‬ ‫‪‬‬
‫الصحيح‪ :‬أنه ال حد ألقله وال ألكثره ‪ ،‬فبعضهم قال‪ :‬إذا بلغت المرأة تسع سنين فهو عمر قد تحيض‬
‫فيه ‪ ،‬وهو أقل شيء ‪ ،‬وإذا بلغت خمسين سنة فال حيض بعدها ‪ ،‬لكن الصحيح ‪ :‬أنه ال حد ألقله وال‬
‫ألكثره وأن العبرة برؤية الدم في أي سن كان ‪.‬‬
‫وأما األيام فالصحيح ‪ :‬أنه ال حد ألقله وال ألكثره ‪ ,‬فبعضهم يحده ويقول ‪ :‬أن أقله يوم وليلة وأكثره‬
‫خمسة عشر يوما ً ‪ ،‬لكن الصحيح‪ :‬أنه ال حد ألقله وال ألكثره ‪ ،‬وأن العبرة برؤية الدم فقد تحيض أقل‬
‫من يوم وليلة ‪ ،‬وقد تحيض أكثر من خمسة عشر يوما ً ‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ‪:‬‬
‫ض ق ْل ُه َو أ ًذى{] البقرة‪ .[:111‬فقد علق هللا الحكم على وجود‬ ‫ْ‬
‫سألونكَ َع ِن ا ْل َم ِحي ِ‬
‫أ‪.‬قوله – تعالى‪َ } -:‬وي ْ‬
‫الحيض ‪ ،‬ولم يحدد لذلك سن محدد فمتى ُوجد هذا الدم الذي هو األذى ‪ ،‬فإنه يحكم بأنه حيض بدون‬
‫سن محددة وال أيام محددة‪.‬‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬
‫‪61‬‬

‫ب‪ .‬التحديد بسن معينة يحتاج إلى دليل من الكتاب والسنة ‪ ،‬وال دليل على ذلك ‪ ،‬وكذلك عدد األيام قلة‬
‫وكثرة يحتاج إلى دليل ‪.‬‬
‫‪ ‬إذا تكرر خروج دم الحيض في الشهر مرتين فهل يعتبر حيضا ً ؟‬
‫المعتاد ومن أكثر النساء أنها تحيض في الشهر مرة واحدة ستة أيام أو سبعة ‪ ،‬وأن بقية الشهر يعتبر‬
‫طه ًراً وهذا هو األغلب ‪ ،‬وإذا و ِجد امرأة حاضت في الشهر مرتين ‪ ،‬فال يستنكر ذلك ويعتبر حيضا ً‬
‫؛ ألن العبرة بوجود األذى وهو الحيض كما سبق ‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪61‬‬

‫ي نْ قَ ِط ُع عَنْ َها إاَّل‬‫صا َر اَل َ‬ ‫أو َ‬ ‫ق ال َّد ُم َعلى ا ْْل َم ْرأ ِة ‪ْ ,‬‬‫قال المصنف ‪ -‬رحمه هللا ‪ ]: -‬إاَّل إنْ أطب َ‬
‫َ‬
‫س َعادَتَ‬ ‫صلى هللاُ عَل ْي ِه َو َس ْلم ‪ -‬أنْ ت َْجلِ َ‬
‫بي ‪َ -‬‬ ‫ف قَ ْد أ َمر َها اَلنَّّ ُّ‬
‫اضةً ‪َ .‬‬
‫تح َ‬‫س َ‬ ‫يسي ًرا ‪ ,‬فإنَّ َها تَِ ِ‬
‫صي ُر ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫َها فإنْ ل ْم يَ ُكنْ ل َها َعا َدةٌ ‪ ,‬فإلى ت ْمييز َها‪.‬‬
‫س ْب َع ة َوهللاُ أ ْع َل ُم ‪[. .‬‬ ‫سا ِء اَ ْْلغالب ِة ‪ِ :‬‬
‫ست ِة أي ام َأ ْو َ‬ ‫فإنْ ل ْم ي ُكنْ ل َها ت ْمي ي ٌز‪ ,‬فإلى َعا َد ِة الن َ‬
‫ـ‬

‫الشـــرح‬
‫المستحاضة‪ :‬هي التي استمر معها الدم بحيث زاد على دم الحيض ‪ ،‬وهو دم علة ومرض يسيل من‬
‫عرق أدنى الرحم يقال له) ‪ :‬العاذل( ‪ ،‬وال يصح أن يكون دم حيض وال نفاس‪.‬‬
‫الفرق بين دم الحيض ودم االستحاضة ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أوال ‪ :‬اللون‪ :‬دم الحيض أسود‪ ،‬و االستحاضة أحمر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الرقة‪ :‬دم الحيض ثخين غليظ ‪ ،‬و االستحاضة رقيق‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرائحة‪ :‬دم الحيض منتن كريه الرائحة ‪ ،‬و االستحاضة غير منتن ؛ ألنه دم عادي سببه‬
‫انفصام العروق في أدنى الرحم ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التجمد‪ :‬دم الحيض ال يتجمد إذا ظهر ‪ ،‬و االستحاضة يتجمد إذا ظهر ؛ ألن دماء العروق‬
‫تتجمد‪.‬‬
‫المستحاضة لها ثالث حاالت‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن تكون لها) ‪ :‬عادة( معروفة قبل إصابتها باالستحاضة بأن كانت قبل االستحاضة‬
‫تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام من أول الشهر أو وسطه مثالً ‪ ،‬فهذه تجلس قدر عادتها فتدع الصالة‬
‫والصيام وتعتبر لها أحكام الحيض ‪ ،‬فإذا انتهت أيام عادتها اغتسلت وصلَّت وتعتبر ما بقي‬
‫ألم حبيبة‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫استحاضة‪ .‬ويدل على ذلك ‪ :‬قول النبي‬

‫برقم‬ ‫رواه‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪81‬‬

‫صل‬ ‫تك ث َّم ا ْغت ِ‬


‫سلِي َو َ‬ ‫ض ِ‬‫س ِك َح ْي َ‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬عندما كانت تستحاض ‪ " :‬ا ْم ُكثي ق ْد َر َما َكانتْ ْ‬
‫تحب ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ي "‪. .‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إذا لم يكن لها عادة فمن النساء مثالً ‪ ،‬من تحيض في الشهر األول في أوله ‪ ،‬والشهر‬
‫الثاني في أوسطه ‪ ،‬والثالث في آخره وهكذا ‪ ،‬لكن دمها) متميز( بحيث عندها القدرة على التمييز بين‬
‫دم الحيض ودم االستحاضة بالفروق السابقة ‪ ،‬ففي هذه الحالة ‪ :‬تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض‬
‫حيضاً‪ ،‬فتجلس وتدع الصالة والصيام وتعتبر ما عداه دم استحاضة ‪ ،‬فتغتسل عند نهاية الدم‬
‫الذي يحمل صفة الحيض ‪ ،‬ثم يكون بعد ذلك شأنها شأن الطاهرات فتصلي وتصوم‪.‬‬
‫ويدل على ذلك‪ :‬قول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬لفاطمة بنت أبي حُبيش ‪ -‬رضي هللا عنها ‪" : -‬إ َذا َكانَ َد ُم‬
‫صاَل ِة ‪ ,‬فإ َذا كَ انَ ْا ْا َخ ُر‬ ‫س َو ُد ي ع َْرفُ ‪ ,‬فإ َذا َك انَ َك َذلكَ فأ ْم ِ‬
‫س ِكي عَنْ ال َّ‬ ‫ا ْْل َح ْي َ‬
‫ض ِة فَِإن هُ أ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫صلي "‬
‫ضئيـ َو َ‬
‫فَ تَ َو َّ‬

‫)‪ (2‬رواه مسلم برقم‪)004(.‬‬


‫)‪ (1‬أبو داود برقم‪ ، ( )111‬رواه النسائي ‪. ( )121‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا لم يكن لها عادة تعرفها وال صفة تميز بها الحيض ‪ ،‬فإنها تجلس مثل‬
‫عادة )غالب( النساء وهي ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر ‪ ،‬وتعتبره حيضا ً وما سواه استحاضة‪.‬‬
‫ضةٌ ِم‬‫‪ " :‬إن َما ِهي َْر ِك َ‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنها‪-‬‬ ‫ويدل على ذلك‪ :‬ق ول النَّبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬لحمنة بنت جحش‬
‫طان‪,‬‬
‫الش ْي ِ‬ ‫نَ‬
‫أرب َعةً‬
‫صل ي َ‬ ‫تسلِي‪ ,‬فإ َذا اسْتَ نْ قَأ ِ‬
‫تف َ‬ ‫س ْب َعةً‪ ,‬ثم ا ْغ ِ‬ ‫ست ةَ أي ام‪ْ ,‬‬
‫أو َ‬ ‫يضي ِ‬ ‫فَ َ‬
‫تح ِ‬
‫يجزئ ِك‪ ,‬وكذل َك فَافْ َعلِي كما‬
‫صل ي‪ ,‬ف إن ذل َك ْ‬ ‫َو ِعشِْرين‪ ,‬أو ثالثةً َو ِعشْرينَ ‪َ ,‬و ُ‬
‫ص ِو ِمي َو َ‬
‫)‪(2‬‬
‫يض الن سا ُء‪" ,‬‬
‫ت ِح ُ‬
‫فالمستحاضة‪ :‬تعمل بالعادة أوالً ‪ ،‬فإن لم يكن فالتمييزـ ‪ ،‬فإن لم يكن فعادة غالب النساء ‪.‬‬
‫كيف تتطهر المستحاضة ؟‬ ‫‪‬‬
‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪82‬‬

‫أوال ‪ :‬تغسل فرجها بالماء حتى يزول الدم ؛ لقول النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلّم‪ -‬لفاطمة بنت أبي حبيش‬
‫صلِّي" ‪.‬‬ ‫‪ -‬رضي هللا عنها‪ ": -‬ا ْغ ِ‬
‫سلِي َع ْن ِك ال َّد َم َو َ‬
‫)‪(1‬‬

‫تعصب فرجها ِ بخرقة ؛ لقول النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬ألسماء بنت عميس ‪ -‬رضي هللا عنها"‬
‫ِ‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫أحرمي")‪.(0‬‬ ‫ستثِفِري َ‬
‫بث ْو ب َو ْ‬ ‫‪ - :‬ا ْغت ِ‬
‫سلِي َو ا ْ‬
‫ثالثا‪ :‬تتوضأ لكل صالة‪ ،‬ويستحب لها أن تغتسل لكل صالة ‪ ،‬أو تجمع بين الظهر والعصر وتغتسل‬
‫لهما وبين المغرب والعشاء وتغتسل لهما ‪ ،‬وتغتسل مع الفجر‪ ،‬وهذا الغسل غير واجب ‪ ،‬بل الغسل‬
‫الواجب ‪ :‬هو عند انقطاع دم الحيض فقط وغير ذلك سُ نّة ‪.‬‬
‫المستحاضة حكمها ‪ :‬حكم الطاهرات ‪ ،‬فهي تصلي وتصوم ويجوز لزوجها جماعها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬الحائض يحرم عليها الصوم والصالة وإذا طهرت تقضي الصوم وال تقضي الصالة‬
‫وهذه المسألة بإجماع العلماء‪.‬‬
‫ويدل على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫س إ َذا َح َ‬
‫اضتْ ل ْم‬ ‫أ‪ .‬حديث أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪" :‬أل ْي َ‬
‫تص ْم")‪ (4‬ب‪ .‬حديث عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬عندما سُئلت‪ :‬ما بال الحائض تقضي الصوم‬ ‫ُ‬ ‫تص ِّل َول ْم‬
‫َ‬
‫وال تقضي الصالة؟ قالت‪ ":‬كان يصيبنا ذلك على عهد رسول هللا فنؤمر بقضاء الصوم وال نؤمر‬
‫)‪(1‬‬
‫بقضاء الصالة"‬
‫والحكمة من قضاء الصوم دون الصالة ‪ :‬أن الصالة تتكرر في اليوم والليلة أكثر من‬
‫مرة ‪،‬فإيجاب قضاء الصالة أمر يشق عليها‪ ،‬بخالف الصوم مرة واحدة في السنة وقضاءه سهل‪.‬‬
‫‪ ‬يحرم جماع الحائض ‪:‬‬

‫)‪ (2‬رواه أبو داود برقم‪ ، ( )111‬رواه الترمذي برقم‪ ، ( )211‬رواه ابن ماجة برقم ) ‪ ، (111‬رواه أحمد برقم (‪ )11414‬وصححه الترمذي ‪.‬‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )031‬رواه مسلم برقم ‪)004( .‬‬
‫)‪ (0‬رواه مسلم برقم‪. ( )2121‬‬
‫)‪ (4‬رواه البخاري برقم‪ ، ( )034‬رواه مسلم برقم) ‪. (13‬‬
‫‪ )1‬رواه البخاري برقم ) ‪ ، (012‬رواه مسلم برقم ‪)001( .‬‬

‫ويدل على ذلك ‪:‬‬


‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪83‬‬

‫ض ق ْل ه َُو أ ًذى فاع ْ‬ ‫ْ‬


‫ساء فِي ا ْل َم ِحي ِ‬
‫ض َوالَ تَ‬ ‫ْتزلو ْا الن َ‬ ‫سألون َك ع َِن ا ْل َم ِحي ِ‬‫قوله – تعالى‪َ }-:‬وي ْ‬ ‫أ‪.‬‬
‫ْق َربوهُنَّ َحت َى يط ُه ْرنَ {‬

‫]البقرة‪. [111 :‬‬


‫اصنَ عوا ُك َّل ش َْى ء إالَّ النكَ َ‬
‫اح ‪-‬أي‬ ‫لما نزلت هذه اآلية ‪ْ ":‬‬ ‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪-‬‬ ‫قول النبي‬ ‫ب‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الجماع‪" -‬‬
‫دق‬
‫يتص ِ‬
‫لو جامع الرجل زوجته وهي حائض فعليه كفارة ‪ ,‬وهي ِأن ِ‬ ‫‪‬‬

‫نصف دينار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بدينار أ ِو‬
‫هى‬
‫لحديث ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪ -‬في الذي يأ تي أامرأتهُ َو َ‬
‫ف ِدين ار" )‪(1‬رواه أهل السنن ‪ ،‬واختلف في صحة‬ ‫بنص ِـ‬
‫ْ‬ ‫أو‬
‫ق ب ِدين ار ْ‬ ‫ص َّد ُ‬
‫َحائ ض قال ‪ " :‬يَت َ‬
‫هذا الحديث ومن ضعفه كالشافعي وابن المنذر والن ووي وغيرهم ‪ ،‬يرى أنه ليس فيه كفارة وأنه‬
‫يأثم في فعله مما الشك فيه والقول بضعفه هو األظهر ‪-‬وهللا أعلم ‪.-‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر – رحمه هللا ‪ " -‬فيه اضطراب كثير جداً في متنه وسنده ‪ ،‬واختلف فيه قول اإلمام‬
‫أحمد كثي ًراً ‪ ،‬و قال الترمذي ‪ -‬رحمه هللا‪ " : -‬علماء األمصار أنه ال فدية ‪ ،‬دليل أن العمل على‬
‫تركه"‬
‫صفرة‪ :‬وهي ماء أصفر كماء الجروح ‪ ،‬وال ُكدرة ‪ :‬وهي ماء‬
‫فائدة‪ :‬ال ُ‬ ‫‪‬‬

‫ممزوج بحمرة كالصديد‬


‫قبل الحيض ال تعد حيضا ًِ وكذلك بعد الحيض إن خرجت ال تعد حيضا ً ‪ ،‬لحديث أم عطية ‪ -‬رضي‬

‫هللا عنها ‪ُ ": -‬كنا الَ نـع د األ ُكأدر ةَ َو الصأفرةَ بـأع َد الط أه ر َشأيئا" )‪ (0‬وإن كانت أثناء العادة مع دم‬
‫الحيض فهي حيضا ً ‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫‪ " :‬استعمال المرأة ما يمنع‬ ‫– رحمه هللا –‬ ‫فائدة ‪ :‬قال الشيخ ابن عثيمين‬ ‫‪‬‬

‫حيضها جائز بشرطين ‪:‬‬


‫األول‪ :‬أال يخشى الضرر عليها ‪.‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪84‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون ذلك بإذن الزوج إذا كان له تعلق به مثل أن تكون معتدة منه على وجه تجب عليه‬
‫نفقتها فتستعمل ما يمنع الحيض لتطول المدة وتزداد النفقة ‪ ،‬وكذلك إن ثبت أن منع الحيض يمنع‬
‫الحمل فال بد من إذن الزوج‪.‬‬
‫وأما استعمال ما يجلب الحيض فجائز بشرطين ‪:‬‬
‫األول‪ :‬أال تتحيل به على إسقاط واجب مثل أن تستعمله قرب رمضان لتفطره ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون ذلك بإذن الزوج ألن حصول الحيض يمنعه من كمال االستمتاع ‪ ،‬وإن كانت‬
‫مطلقة فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرجعة إن كان له رجعة "‪.‬ا‪.‬هـ‬

‫‪ ‬أحكام النفاس‪:‬‬

‫)‪(2‬رواه مسلم برقم‪ ( )031‬عن أنس بن مالك – رضي هللا عنه ‪- .‬‬
‫‪ ()1‬رواه أبو داود برقم‪ ، ( )1213‬رواه الترمذي برقم‪ ، ( )201‬رواه النسائي برقم‪ ، ( )013‬رواه ابن ماجه برقم‪)143( .‬‬
‫‪ ()0‬رواه أبو داود برقم‪ ( )031‬وأصله في البخاري برقم‪. ( )011‬‬
‫‪ )4‬انظر‪ :‬رسالة الدماء الطبيعية )ص‪. (13‬‬

‫النفاس‪ :‬دم يخرج من المرأة بعد الوالدة ‪ ،‬أو معها ‪ ،‬أو قبلها بيومين ‪ ،‬أو ثالثة مع الطلق ‪ ،‬وأما‬
‫بدون طلق فليس بدم نفاس ‪ ،‬بل هو دم فساد ‪.‬‬
‫قالت‪ ":‬كانت النفساء‬ ‫غالب النساء تجلس أربعين في مدة نفاسها ؛ لحديث أم سلمة‬
‫‪ -‬رضي هللا عنها‪-‬‬

‫تجلس على عهد النبي ‪ -‬صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬مدة أربعين يوما ً ")‪ ، (2‬ومن النساء من تكون مدة نفاسها‬
‫أكثر من أربعين يوما ً إلى ستين يوما ً ‪ ،‬ومنهن من تكون أقل من أربعين يوما ً ‪ ،‬فإذا طهرت قبل‬
‫األربعين اغتسلت وصلت وصامت كسائر الطاهرات ؛ ألن ‪:‬‬
‫]الحكم يدور مع علته[ وهذه قاعدة ‪ ،‬فإذا انقطعت العلة وهي وجود دم النفاس ‪ ،‬انقطع الحكم بأنها‬
‫نفساء ‪ ،‬فتكون طاهر فال حد ألقل النفاس ‪.‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪85‬‬

‫‪ ‬فائدة ‪ :‬رطوبة المرأة ‪ :‬هو ماء أبيض بين المذي والعرق فهو رقيق ‪ ،‬يخرج من مخرج‬
‫الولد من الفتحة التي في أدنى فرج المرأة ‪ ،‬ال من مخرج البول ‪ ،‬فمخرج الرطوبة يتصل‬
‫بالرحم ال بمخرج البول‪.‬‬
‫ورطوبة فرج المرأة طاهر على الصحيح ‪.‬‬
‫وذلك لعدة أمور ‪:‬‬
‫أ وال ‪ :‬األصل في األشياء الطهارة حتى يقوم دليل على النجاسة ‪.‬‬
‫تعم به البلوى‬ ‫ثانيا‪ :‬أن الرجل إذا جامع أهله الشك أن هذه الرطوبة سوف تعلق به ‪ ،‬وهذا مما‬
‫ومع ذلك لم يأمر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬الرجل أن يغسل ما أصابه ‪ ،‬ولو كانت نجسة ألمره بإزالة‬
‫النجاسة ‪.‬‬
‫‪ -‬صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أن هذا مما يكثر وتعم به البلوى عند النساء ‪ ،‬ومع ذلك لم يبيِّن النبي‬
‫نجاسته مع حاجتهن للبيان ‪ ،‬وال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ‪ ،‬السيما إن عرفنا أن أكثر‬
‫النساء تخرج منها هذه الرطوبة ومنهن من تكون بالغة في السيالن ‪ ،‬وهذا فيه حرج ومشقة عليها‬
‫‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ألن رطوبة فرج المرأة كرطوبة الخارج من سائر البدن من الفم واألنف والعرق ‪.‬‬
‫وبنا ًء عليه إذا أصاب ثيابها لم يلزمها غسله ؛ ألنه طاهر ‪ ،‬وأما نقض الوضوء ‪ :‬فجمهور أهل العلم‬
‫على أنه ناقض للوضوء‬
‫‪ ،‬وهذا القول هو األحوط ‪ ،‬والقول بأن وضوءها ال ينتقض قول قوي ؛ لعدم الدليل الوارد ‪ ،‬وسيأتي‬
‫أن المستحاضة ال يجب عليها الوضوء لكل صالة على الصحيح مع ورود دليل في ذلك لكنه‬
‫ضعيف ‪ ،‬ورطوبة فرج المرأة أولى بأال نوجب الوضوء عليها ‪ ،‬السيما مع المشقة ‪ ،‬فإذا لم يشق‬
‫فإن عملت باألحوط وتوضأت لكل صالة فحسن ‪ ،‬وذلك إذا كانت الرطوبة مستمرة ‪ ،‬وهكذا من به‬
‫)‪(1‬‬
‫سلس بول مستمر ‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ ‬مسألة‪ :‬إذا سقط من الحامل جنينها فهل يكون الدم الخارج منها دم نفاس ؟‬

‫)‪ (2‬رواه أحمد برقم‪ ، ( )11114‬رواه أبو داود برقم‪. ( )022‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪86‬‬

‫انظر ‪ :‬االختيارات البن تيمية )ص‪ ، ( 21‬وانظر ‪ :‬فتح الباري البن رجب‪ ، ( 11-16 ) 1/‬وانظر ‪ :‬الممتع لشيخنا ابن عثيمين( ‪. ) 411/2‬‬ ‫‪)1‬‬

‫ال يخلو حالها من ثالث حاالت ‪:‬‬


‫الحالة األولى‪ :‬إذا أسقطت ماله أربعة أشهر وهو الذي نفخت فيه الروح ‪ ،‬فهنا يكون الدم دم نفاس‬
‫باتفاق العلماء‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إذا أسقطت ما تبيّن فيه خلق إنسان ‪ ،‬فهذا أيضا ً على القول الصحيح أن الدم دم‬
‫نفاس ‪ ،‬وأقل ما يتبين فيه خلق اإلنسان واحد وثمانون يوما ً ؛ لحديث ابن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وفيه"‬
‫ق ةً ِمث َل َذلك ")‪ ، (2‬والغالب أنه يتبين إذا وضعت لتسعين يوما ً‪.‬‬
‫ي ْوما ً نطفَة ث َّم عَل َ‬
‫أرب عونَ َ‬
‫َ‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا أسقطت في أقل من واحد وثمانين يوما ً ‪ ،‬فالدم دم فساد وحكمه حكم المستحاضة‪.‬‬

‫وبهذا نكون قد انتهينا من كتاب الطهارة‬

‫وأيضا ً انتهينا من شرطن من شروط الصالة وهما ‪:‬‬

‫الطهارة ‪ ,‬وإزالة النجاسة وبقية‬

‫الشروط ستأتي بإذن هللا‪.‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬ ‫بــــاب الحــــيض‬

‫‪87‬‬

‫رواه البخاري برقم‪ ، ( )1164‬رواه مسلم برقم ‪)1140( .‬‬ ‫‪)2‬‬

‫)‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪67‬‬ ‫بداية المتفقهين – كتاب الطهارة‬

‫فهـرس مـوضـوعــات الكــتاب‬

‫فهرس موضوعات الكتاب‬

‫ص‬ ‫الموضوع‬ ‫ص‬ ‫الموضوع‬

‫‪11‬‬ ‫نجاسة الكلب تغسل سبع مرات‬ ‫‪2‬‬ ‫المقدمة‬


‫‪11‬‬ ‫األشياء النجسة‬ ‫‪1‬‬ ‫نبذة مختصرة عن المؤلف – رحمه هللا ‪-‬‬
‫‪11‬‬ ‫بول اآلدمي وعذرته‬ ‫‪4‬‬ ‫مقدمة المصنف – المتن ‪-‬‬
‫‪11‬‬ ‫الدم المسفوح‬ ‫‪1‬‬ ‫األحكام الخمسة‬
‫‪11‬‬ ‫بول وروث كل حيوان محرم أكله‬ ‫‪6‬‬ ‫كتاب الطهارة – األركان التي قام عليها اإلسالم‬
‫‪11‬‬ ‫السباع كلها نجسة‬ ‫‪23‬‬ ‫شهادة أن ال إله إال هللا‬
‫‪11‬‬ ‫الميتات وما يستثنى منها‬ ‫‪22‬‬ ‫شهادة أن محمد رسول هللا‬
‫‪16‬‬ ‫األشياء الطاهرة‬
‫‪16‬‬ ‫‪ .2‬بول وروث ما يؤكل لحمه‬ ‫‪20‬‬ ‫فصل ] في المياه [‬
‫‪16‬‬ ‫‪ .1‬مني اآلدمي‬ ‫‪20‬‬ ‫تعريف الطهارة‬
‫‪03‬‬ ‫فائدة‪ :‬نجاسة المذي‬ ‫‪24‬‬ ‫أنواع الطهارة‬
‫‪03‬‬ ‫يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغالم‬ ‫‪24‬‬ ‫األحداث ‪ -‬األخباث‬
‫‪03‬‬ ‫الحكمة من التفريق بين بول الغالم وبول الجارية‬ ‫‪21‬‬ ‫مسألة ‪ :‬إذا وقع في الماء شيء من الطاهرات‬
‫‪02‬‬ ‫العبرة في غسل النجاسات‬ ‫‪21‬‬ ‫مسألة ‪ :‬إذا وقع في الماء شيء من النجاسات‬
‫‪01‬‬ ‫باب ] صفة الوضوء[‬ ‫‪21‬‬ ‫مسألة ‪ :‬إذا شك المسلم في طهورية الماء‬
‫‪01‬‬ ‫تعريف الوضوء‬ ‫‪21‬‬ ‫قاعدة ‪ ) :‬اليقين ال يزول بالشك (‬
‫‪01‬‬ ‫فضل الوضوء‬ ‫‪21‬‬ ‫فائدة ‪ :‬األصل في األشياء الطهارة‬
‫‪01‬‬ ‫صفة الوضوء‬ ‫‪21‬‬ ‫باب ] اآلنية [‬
‫‪01‬‬ ‫أوال ‪ :‬النية‬ ‫‪21‬‬ ‫قاعدة ) جميع األواني األصل فيها اإلباحة (‬
‫‪00‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬التسمية‬ ‫‪21‬‬ ‫يحرم استعمال الذهب والفضة في األكل والشرب‬
‫‪00‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬غسل الكفين‬ ‫‪21‬‬ ‫الضبة اليسيرة من فضة لحاجة جائزة بشروط األربعة‬
‫‪00‬‬ ‫رابعا ‪ :‬المضمضة واالستنشاق‬ ‫‪21‬‬ ‫العلة من النهي عن األكل والشرب في آنية‬
‫الذهب والفضة‬
‫‪04‬‬ ‫خامسا ‪:‬غسل الوجه‬ ‫‪13‬‬ ‫] باب االستنجاء وآداب قضاء الحاجة [‬
‫‪01‬‬ ‫سادسا[ ‪ :‬غسل اليدين‬ ‫‪13‬‬ ‫تعريف االستنجاء‬
‫‪01‬‬ ‫سابعا ‪ :‬مسح الرأس‬ ‫‪13‬‬ ‫آداب قضاء الحاجة‬
‫‪01‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬مسح األذنين ‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫األماكن التي ال يجوز قضاء الحاجة فيها‬
‫‪01‬‬ ‫تاسعا ‪ :‬غسل الرجلين ‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫لإلنسان إذا أراد أن يقضي حاجته ثالث حاالت‬
‫‪01‬‬ ‫الترتيب‬ ‫‪14‬‬ ‫هل يجوز االستجمار بغير الحجارة‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪01‬‬ ‫المواالة‬ ‫‪14‬‬ ‫يشترط لالستجمار بالحجارة أن تكون بثالثة أحجار‬
‫‪43‬‬ ‫فصل ] في المسح على الخفين والجبيرة [‬ ‫‪14‬‬ ‫األشياء التي ال يجوز االستجمار بها‬
‫‪43‬‬ ‫تعريف المسح‬ ‫‪11‬‬ ‫مسألة ‪ :‬هل يجوز البول قائما ً ؟‬
‫‪43‬‬ ‫تعريف الخفان‬ ‫‪11‬‬ ‫فصل ] إزالة النجاسة واألشياء النجسة [‬
‫‪43‬‬ ‫حكم المسح على الخفين‬ ‫‪11‬‬ ‫تعريف النجاسة[ ‪ ،‬والنجاسة إما حكمية أو عينية‬
‫كتاب‬
‫فهـرس مـوضـوعــات الكــتاب‬
‫‪68‬‬
‫ص‬ ‫الموضوع‬ ‫ص‬ ‫الموضوع‬

‫‪14‬‬ ‫مسألة ‪ :‬االغتسال بنية رفع الحدثين‬ ‫‪42‬‬ ‫مدة المسح على الخفين‬
‫‪11‬‬ ‫باب ] التيمم[‬ ‫‪42‬‬ ‫شروط المسح على الخفين‬
‫‪11‬‬ ‫تعريفه لغة وشرعا ‪.‬‬ ‫‪41‬‬ ‫صفة المسح على الخفين‬
‫‪11‬‬ ‫األصل في مشروعية التيمم‬ ‫‪41‬‬ ‫مسألة ‪:‬هل انتهاء مدة المسح تبطل الطهارة‬
‫‪11‬‬ ‫سبب نزول آية التيمم‬ ‫‪40‬‬ ‫مسألة من لبس خفا على خف‬
‫‪11‬‬ ‫يكون التيمم في حالتين‬ ‫‪40‬‬ ‫صفة المسح على الجبيرة‬
‫‪11‬‬ ‫صفة التيمم‬ ‫‪40‬‬ ‫الجبيرة تخالف الخف في مسائل عديدة‬
‫‪11‬‬ ‫مسألة ‪ :‬من وجد ماء يكفي لبعض األعضاء‬ ‫‪41‬‬ ‫باب ] نواقض الوضوء [‬
‫‪11‬‬ ‫مسألة ‪ :‬من كان يعرف أن حوله ماء لكنه نسي‬ ‫‪41‬‬ ‫تعريف نواقض الوضوء‬
‫فتيمم‬
‫‪11‬‬ ‫مبطالت التيمم‬ ‫‪41‬‬ ‫نواقض الوضوء هي ‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫مسألة من جرح جرحا يضره استعمال الماء‬ ‫‪41‬‬ ‫أوال ‪ :‬الخارج من السبيلين‬
‫‪16‬‬ ‫الحدث ينقسم إلى قسمين‬ ‫‪41‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الدم الكثير‬
‫‪16‬‬ ‫أوال‪ :‬من كان عليه حدث أصغر‬ ‫‪41‬‬ ‫ثالثا‪ :‬زوال العقل‬
‫‪13‬‬ ‫ثانيا‪ :‬من كان عليه حدث أكبر‬ ‫‪41‬‬ ‫رابعا‪ :‬أكل لحم األبل ‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫مسألة من تيمم لعدم وجود الماء ثم وجد الماء بعد‬ ‫‪41‬‬ ‫خامسا[ ‪ :‬مس المرأة‬
‫ذلك‬
‫‪12‬‬ ‫باب ] الحيض [‬ ‫‪41‬‬ ‫سادسا‪ :‬مس الفرج‬
‫‪12‬‬ ‫تعريف الحيض لغة وشرعا‬ ‫‪41‬‬ ‫سابعا ‪ :‬تغسيل الميت‬
‫‪12‬‬ ‫ال حد ألقل الحيض و ال أكثره‬ ‫‪41‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬الردة‬
‫‪12‬‬ ‫إذا تكرر خروج دم الحيض في الشهر مرتين‬ ‫‪46‬‬ ‫باب ] ما يوجب الغسل وصفته [‬
‫‪11‬‬ ‫تعريف المستحاضة[‬ ‫‪46‬‬ ‫تعريف الغسل‬
‫‪11‬‬ ‫الفرق بين دم الحيض ودم االستحاضة‬ ‫‪46‬‬ ‫موجبات الغسل‬
‫‪11‬‬ ‫حاالت المستحاضة‬ ‫‪46‬‬ ‫أوال‪ :‬خروج المني دفقا بلذة‬
‫‪10‬‬ ‫كيف تتطهر المستحاضة[‬ ‫‪13‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الجماع وإن لم ينزل‬
‫‪10‬‬ ‫حكم المستحاضة‬ ‫‪13‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬انقطاع دم الحيض والنفاس‬
‫‪10‬‬ ‫مسألة الحائض يحرم عليها الصوم والصالة‬ ‫‪13‬‬ ‫رابعا‪ :‬الموت لغير شهيد المعركة‬
‫‪14‬‬ ‫يحرم جماع الحائض‬ ‫‪12‬‬ ‫خامسا[ ‪ :‬الغسل من تغسيل‬
‫‪12‬‬ ‫الميت سادسا[ ‪ :‬إسالم‬
‫الكافر‬
‫‪14‬‬ ‫الصفرة و الكدرة‬ ‫‪11‬‬ ‫صفة غسل النبي – صلّى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫‪11‬‬ ‫أحكام النفاس‬ ‫‪11‬‬ ‫صفة الغسل‬
‫‪11‬‬ ‫مسألة ‪:‬إذا سقط من الحامل جنينها فهل يكون‬ ‫‪11‬‬ ‫أوال ‪:‬صفة الغسل الكامل‬
‫الدم الخارج منها دم نفاس ؟‬
‫‪11‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬ ‫‪10‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬صفة الغسل المجزئ‬
‫الطهارة‬ ‫بداية المتفقهين –‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫الطهارة‬ ‫بداية المتفقهين –‬

‫‪www.alukah.net‬‬

You might also like