You are on page 1of 47

‫اململكة العربية السعودية‬

‫جامعة الباحة‬
‫كلية العلوم واالداب باملخواه‬
‫قسم اللغة العربية‬

‫معنى الحزن والفرح في القرآن الكريم‬


‫دراسة تحليلية‬

‫إعداد الطالبات‪/‬‬
‫الرقم الجامعي‬ ‫االسم ‪/‬تهاني علي حازي العمري‬
‫‪/ 439004988‬‬
‫الرقم الجامعي‬ ‫االسم ‪/‬شذا علي الزبيدي‬
‫‪/ 439005213‬‬
‫الرقم الجامعي‬ ‫االسم ‪/‬أمل ضيف هللا الغامدي‬
‫‪/ 439005923‬‬
‫الرقم الجامعي‬ ‫االسم ‪/‬هناء علي حاسن العمري‬
‫‪/ 439002846‬‬

‫‪/‬إشراف الدكتوره‬
‫حمدة حسين العمري‬

‫الفصل الدراسي الثاني‬


‫ه ‪1443/2022‬م‬
‫صفحة | ‪1‬‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫وح اَأل مینُ‬
‫الر ُ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ َ َ ْ ُ َ ِّ ْ َ مَل‬
‫﴿و ِٕا نه لتن ِزیل رب العا ِ ین(‪ َ )192‬نزل ِب ِه‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ُ َ َ مْل ُ‬
‫نذ ِرین(‪ِ )194‬ب ِلس ٍان‬ ‫(‪ )193‬على قل ِبك ِلتكون ِمن ا ِ‬
‫‪1‬‬
‫عربي ُم ِب ٍین(‪﴾ )195‬‬
‫]الشعراء اآلیات‪[195-192:‬‬

‫سورة الشعراء اآليات ‪ :‬من‪ 192‬الى ‪195‬‬ ‫‪1‬‬

‫صفحة | ‪2‬‬
‫ملـخـ ـ ـ ـ ـ ــص البح ـ ـ ـ ـ ـث‪I‬‬

‫يهدف هذا البحث إلى دراسة معرفة صورة عامة ملعنى لفظي " الحزن والفرح " في‬
‫القرآن الكريم وتحليل معانيهما املعجمية والسياقية لهما‪ ،‬وقد تم اختيار هذا املوضوع‬
‫في السياق‪ ،‬ألن هذين االنفعالين‬
‫يشكالن قطبي حياة الفرد‪ ،‬ويشير كل منها إلى معنى متحد يتركز على أفعال الحزن‬
‫والفرح فهي تندرج في مباحث الترادف عند علم الداللة‪ .‬واستعمل القرآن الكريم‬
‫لفظين " الحزن والفرح " في السياقات املختلفة التى تؤثر على اختالف داللتهما‪ .‬ومن‬
‫ناحية أخرى أن لفظين" الحزن والفرح " لهما التضمين التربوي حيث يؤيد منزلة‬
‫القرآن هدى للناس في كل مجال‪.‬‬
‫وإن كان مسلما به أن القرآن الكريم يهدف إلى تحقيق الصحة النفسية للفرد‪،‬‬
‫َ‬
‫وتشكيل شخصية متوازنة في جميع جوانبها الجسمية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬واالنفعالية‪،‬‬
‫والسلوكية‪ ،‬فإنه من املؤكد القول أنه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد حث على التحلي باالنفعاالت اإليجابية‪ ،‬ونهى عن االنفعاالت السلبية‪ ،‬وملا كانت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫االنفعاالت تمثل الجانب الوجداني لإلنسان‪ ،‬جاء القرآن الكريم‬
‫بوصف دقيق لكثير منها‪ ،‬ومن هذا املنطلق جاء هذا البحث للوقوف على تحليل‬
‫مصطلحي " الحزن والفرح "‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬الحزن ‪ ،‬الفرح ‪ ،‬القرآن الكريم‪.‬‬

‫صفحة | ‪3‬‬
‫مـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫عم بحكمته الوجود‪ ،‬وشمل برحمته كل موجود‪ ،‬والصـالة والسالم‬ ‫الحمد هللا الذي َّ‬
‫الدائمان املتالزمان على صـاحب املقـام املحمـود‪ ،‬واللـواء املعقود‪ ،‬والفضل املشهود‪،‬‬
‫والحوض املـورود‪ ،‬والكـوثر املوعـود‪ ،‬وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه املباركين‬
‫امليامين‪،‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫َأ‬ ‫اَّل‬
‫وت َّن َو ُنتم ُّم ْسل ُم َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫اَل‬ ‫َ َ َّ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ين َء َام ُنوا َّٱت ُ‬‫﴿ َٰيَٓأ ُّي َها َّٱلذ َ‬
‫ون﴾ [ال عمران ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ۦ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ٱلل‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫ِ‬
‫‪]١٠٢‬‬
‫معلوم أن القرآن كالم هللا وأن كالم هللا غير كالم البشر‪ ،‬ما في ذلك ريب‪ ،‬ومعلوم‬
‫أيضا أن اإلنسان له كالم قد يراد به املعنى املصدري أي التكلم وقد يراد به املعنى‬
‫الحاصل باملصدر أي املتكلم به‪ .‬أما كتاب هللا الخالد‪ ،‬فتشریعه دائم ال تغییر فیه و ال‬
‫املنزل على سیدنا محمد صلى هللا علیه وسلم‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫تبدیل‪ ،‬املعجز املتعبد بتالوته َّ‬
‫ین ِب ِل َس ٍان‬ ‫یل َر ِّب ْال َعامَل ین َ َن َز َل به ُّ ُ َأل ُ َ َ َ ْ َ َ ُ َ‬
‫ون م َن امْل ُنذر َ‬ ‫﴿ َو َّن ُه َل َت ْنز ُ‬
‫ِِ‬ ‫الروح ا ِمین على قل ِبك ِلتك ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِٕا‬
‫عربي م ِبین﴾ (الشعراء اآلیة‪)195 :‬‬ ‫ُ‬
‫فإن خير األمور كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬وشر األمور‬
‫محدثاتها‪ ،‬وكـل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ .‬فإنه ملا كان اإلسالم دين الفطرة ‪،‬‬
‫كان ال بد من أن يتناول قـضايا اإلنـسان وأحوالـه املختلفة‪ ،‬في الصغر والكبر و القوة‬
‫والضعف و الصحة واملرض والرضا والغضب ‪.‬ومن هذه األحوال ‪ :‬ما يمر به اإلنسان‬
‫من الحين لآلخر من حاالت الفرح والحزن ‪ ،‬التي يمر بها الناس جميع ‪ ،‬فهي فطرة في‬
‫َأ َ‬ ‫اإلنسان كما قال تعالى ﴿ َوَأ َّن ُه ُه َو َأ ْ‬
‫ض َح َك َو ْبك ٰى﴾ [ النجم ‪ ]٤٣ :‬فحري باملرء أن یقف‬
‫على دقائق كنوزه‪ ،‬فدیننا العظیم یوجهنا إلى كیفیة تهذیب النفس وضبط سلوكها‪ ،‬لذا‬
‫تناول اإلسالم هذه الحاالت فبين ‪ ،‬لإلنسان بماذا يفرح وبماذا يحزن ؟ ومتى يفـرح‬
‫ومتـى يحزن ؟ وما آداب الفرح وما آداب الحزن ؟ وما عـالج الحـزن ؟ وإلـى غيـر ذلـك‬
‫ً‬
‫مـن موضوعات‪ ،‬بما يمثل منهاجا شامال للمسلم في فرحه وحزنه ‪ ،‬بحيث يميزه عن غير‬
‫املـسلمين في هذه األحوال‪ ،‬ويحقق العبودية هللا تعالى في الفرح والحزن‪ .‬ويمثل‬
‫موضوعي الفرح والحزن قدر ا كبير ا من اهتمام اإلنسان فـي حياتـه اليوميـة ‪،‬‬
‫ً‬
‫وأحيانا‬ ‫فأحيانا يجد ما يسره ويفرحه ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فاإلنسان يسعى ويكد في هذه األرض ‪،‬‬
‫صفحة | ‪4‬‬
‫يتعرض ألنواع من الهموم واألحزان‪ ،‬فحياته ال تخلو من هذا أو ذاك وقد تحدث ابن‬
‫القيم ‪ :‬دعن أهمية الفرح وخطورة الحزن فقال " ‪ :‬الفرح أعلى أنواع نعيم القلب‬
‫ولذته وبهجته‪ ،2‬والفرح والسرور نعيمه‪ ،‬والهم والحزن عذابه"‪ .‬لذلك اهتم جمع من‬
‫ً‬
‫علماء اإلسالم بهذا املوضوع‪ ،‬فمنهم من أفرد له أجـزاء حديثيـة‪ ،‬كاإلمام ابن أبي الدنيا‬
‫(‪٢٨١‬هـ) في كتابه (الهم والحزن ) وكتابه ( االعتبار وأعقاب الـسرور واألحزان )‪.‬‬

‫أهمية البحث‬

‫تظهر أهمية هذه الدراسة في كونها تتعلق بالقرآن الكريم ونظائره في السياق‬ ‫‪o‬‬
‫القرآني‪ ،‬حيث يساهم في ترسيخ مفهوم شمولية ديننا اإلسالم العظيم ‪ ،‬من‬
‫خالل اهتمامـه بـ أحوال اإلنسان املختلفة‪.‬‬
‫الحاجة ملعرفة الهدى الرباني في التعامل مع األحزان التي تخيم على املجتمع‬ ‫‪o‬‬
‫خاصة في األوضاع املتقلبة التي تعيشها األمة اإلسالمية‬
‫‪.‬تعدیل مسار حیاتنا وفق الشریعة‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫اإلرشاد التربوي الذي تبرزه اآلیات القرآنیة املتصلة بهذا املوضوع‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫أهداف البحث‬

‫التنبیه إلى أن هذا املوضوع ّ‬


‫هام یالمس العقیدة‪ ،‬وینعكس على تصرفات‬ ‫‪o‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫إيضاح معنى الحزن والفرق بينه وبين بعض مرادفاته (الخوف والهم والجزع)‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫إيضاح وتعریف معنى الفرح‪ ،‬وما یحمده الشرع منه وما یذمه‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫‪o‬‬
‫یصحح اإلیمان ویقویه‪.‬‬
‫ذكر أنواع الحزن والفرح والفرق بينهما ‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫مشكله البحث‬
‫‪2‬‬
‫مدارج السالكين ‪.١٥٨ : ٣/‬‬

‫صفحة | ‪5‬‬
‫وتكمن مشكلة البحث الرئيسة في بعض األسئلة التالية ‪:‬‬
‫‪ o‬هل البعد عن الدین هو الذي جعل الناس یأخذون بظاهر اآلیة دون الرجوع‬
‫ً‬
‫إلى فهمها حتى لو رأوا أن فهمهم أحدث خلال في حیاتهم؟‬
‫ملاذا یخاف عامة الناس من الفرح في أحوال حیاتهم؟‬ ‫‪o‬‬
‫ملاذا يتكدر الناس من الحزن لیسيئو استخدام النعمة ویتناولوها على الوجه‬ ‫‪o‬‬
‫الذي ال یرضي هللا؟‬

‫اسباب إختيار البحث‬

‫إن األسباب التي دعت الختیار هذا املوضوع‪ ،‬خفاء الكثیر من دقائق األمور التي یقدح‬
‫عدم معرفتها في إیمان الناس‪ ،‬أو في كمال إیمانهم‪ ،‬وإن املتتبع لحياة اإلنسان َال يجدها‬
‫تسير على نمط ووتيرة واحدة‪ ،‬فهو يعيش مختلف الخبرات والتجارب‪ ،‬التي تبعث فيها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مختلف االنفعالت والحاالت الوجدانية‪ .‬فاإلنسان يعيش في تناقضات انفعالية‪ ،‬فهو‬
‫يشعر بالحب حينا والكره حينا آخر‪ ،‬ويشعر بالخوف والقلق تارة‪ ،‬وباألمن والطمأنينة‬
‫تارة أخر ى‪ ،‬وبالفرح والسرور والغبطة و قتا‪ ،‬و الحزن والكآبة و قتا آخر‪،‬‬
‫ومن األمور التي یمكن مالحظتها عند كثیر من الناس‪ ،‬سوء فهمهم لهذا الدین‪ ،‬من‬
‫خالل فهمهم ملعنى اآلیات‪ ،‬فتراهم في مجالسهم یسخرون ویضحكون‪ ،‬في مواقف غير‬
‫مناسبه وغير مباحه وتراهم تاره اخرى يحزنون عن اشياء مذموم فيها الحزن مما‬
‫ً‬
‫یعني خلطا لدیهم بین معنى الحزن املمدوح والحزن املذموم والفرح املنهي عنه والفرح‬
‫املباح‪ ،‬و من هنا جاءت هذه الدراسة لبیان معنا الحزن والفرح في القرآن الكريم‪.‬‬

‫فروض البحث‬

‫مامعنى الحزن والفرح في القرآن الكريم؟‬ ‫‪o‬‬


‫ً‬
‫مامعنى الحزن والفرح لغويا واصطالحا؟‬ ‫‪o‬‬
‫ماهي أنواع الحزن والفرح ومالفرق بينهما؟‬ ‫‪o‬‬
‫كيف تم تفسير معنى الحزن والفرح في آيات القرآن الكريم؟‬ ‫‪o‬‬

‫صفحة | ‪6‬‬
‫املنهج املتبع‬

‫منهج تحليلي وصفي‬


‫حدود البحث‬

‫إن حدود الدراسة مقتصرة على معنى الحزن والفرح في القرآن الكريم ‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‬

‫كتاب الفرح والحزن في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية لنادر نمر وادي‬
‫الفرح والحزن في القرآن الكريم للدكتور يحيى محمد يحيى‪( ،‬بحث محكم )‪ .‬جامعة‬
‫األزهر‪ ،‬العدد (‪ )6‬لعام (‪1976‬م)‬
‫‪.‬دراسة تطرقت أللفاظ الفرح وهي بعنوان (األبعاد النصیة في ألفاظ الفرح والحزن في‬
‫القرآن الكریم) للباحث ریاض حاتم املالكي‪ ،‬في كلیة الدراسات القرآنیة في جامعة بابل‬
‫في‬
‫العراق‪ ،‬لعام ‪2011‬م‪.‬‬

‫خطه البحث‬

‫ومن خالل دراستنا لهذا املوضوع حاولنا الكشف عن معنى الحزن والفرح في القرآن‬
‫الكريم ولهذا الغرض قمنا بوضع أو رسم خطة تتكون من مقدمة و فصول أربعة‬
‫متتالية ‪ ،‬وهـي كمـا يلـي ‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال ‪ّ :‬‬
‫مقدمة وتشتمل على أمور ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫موضوع الدراسة وأهمیتها وأهدافها ‪ ،‬باإلضافة للدارسات السابقة‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ :‬الفصل االول ‪ :‬معنى الفرح ويشمل ثالثه مباحث ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫املبحث األول ‪ :‬معنى الفرح لغويا‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬معنى الفرح اصطالحا‬ ‫‪o‬‬

‫صفحة | ‪7‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬معنى الفرح في القرآن الكريم والوجوه التي أتا بها‬ ‫‪o‬‬
‫ً‬
‫ثالثا ‪ :‬الفصل الثاني ‪ :‬معنى الحزن ويشمل ثالثه مباحث ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫املبحث األول ‪ :‬معنى الحزن لغويا‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬معنى الحزن اصطالحا‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬معنى الحزن في القرآن الكريم والوجوه التي أتا بها‬ ‫‪o‬‬
‫رابعا ‪ :‬الفصل الثالث ‪ :‬انواع الفرح ويشمل ثالثه مباحث ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬الفرح املحمود‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الفرح املذموم‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ضوابط الفرح‬ ‫‪o‬‬

‫ً‬
‫خامسا ‪ :‬الفصل الرابع ‪ :‬انواع الحزن ويشمل ثالثه مباحث ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬الحزن املمدوح‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الحزن املذموم‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ضوابط الحزن‪.‬‬ ‫‪o‬‬

‫ً‬
‫سادسا‪ :‬الخاتمة وتشتمل على أهم نتائج البحث والتوصيات‪I‬‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫واخيرا ‪ :‬قائمة املصادر واملراجع ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫صفحة | ‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معنى الفرح ويشمل ثالثه مباحث‬

‫تعددت معاني الفرح في اللغة‪ ،‬وعلى ضوئها تعددت معانیه االصطالحیة واستخداماتها‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬معنى الفرح في اللغة‪:‬‬

‫یأتي الفرح في اللغة على معنیین‪:‬‬


‫ْ‬ ‫الفاء والراء والحاء‪ :‬أصالن ُّ‬
‫يدل أحدهما على خالف الحزن‪ ،‬واآلخـر اإلثقال ‪ .‬فاألول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الفرح‪ ،‬يقال ف ِرح يفرح فرحا‪ ،‬فهـو ف ِـرح‪ ،‬واملفرح نقيض املحزن وأما األصل اآلخر‬
‫ََْ‬
‫فاإلفراح‪ :‬وهو اإلثقال‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا الذي أثقله الدين‪ ،‬فكـأن اإلفـراح يستعمل في جلب‬
‫الفرح وفي إزالة الفرح‪ ،‬كما أن اإلشكاء يستعمل لجلب الشكوى وإلزالتها‪ .‬فيقال‪ٌ :‬‬
‫رجل‬
‫َْ‬ ‫ٌ َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫وفرح من َ‬ ‫َ‬
‫الفرح ‪ ،‬وامرأة ف ِرحة وفرحى مثل عطشى‪ ،‬وتقـول ‪ :‬مـا يسرني به‬ ‫فرحان‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مفرح ومفروح‪ ،‬فاملفروح ‪:‬الشيء أنا أفرح به‪ ،‬واملفرح‪ :‬الشيء الذي يفرحني‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫مف ِرح‪ ،‬وال يجوز‬ ‫أنه ال يصح أن يقال للشيء املفرح "مفروح به " فيقال‪ :‬ما يسرني به ْ‬
‫ِ‬
‫مفروح‪ ،‬وأن هذا مما يلحن فيه العامة "‪ ،‬إال أنه لم يؤيد هذا القول أحد فـي إنكـار‬
‫لفـظ "مفروحا" بل قالوا يقال ما يسرنى بهذا األمر مفرح‪ ،‬ومفروح‪ ،‬به وال تقل‬
‫مفروح‪ ،‬فكأن النهي منصب على حذف املتعدى‪ ،‬به وهو الجار واملجرور به فإذا قلت‬
‫مفروح به فـصحيح‪ ،‬وإذا حذفت املتعدى لم به يجز‪ .‬والفرح‪ :‬حفلة العرس وهو من‬
‫ً‬
‫املجاز ‪ ،‬والفرح أيضا‪ :‬البطر‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪﴿ :‬إن هللا ال يحب الفرحين﴾‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫واملفراح بالكسر‪ :‬الذي ْيفـرح كلما‬ ‫خفة ‪ْ ،‬‬ ‫(القصص‪ )٧٦ :‬والفرح ‪ :‬هو أن يجد في قلبه‬
‫سره الدهر ‪،‬وهو الكثير َ‬
‫‪3‬‬
‫رح‬
‫ِ‬ ‫الف‬

‫املبحث الثاني‪ :‬معنى الفرح في االصطالح‪:‬‬

‫‪ 3‬الفراهیدي‪ ،‬كتاب العین‪( ،‬ج‪/3‬ص‪.)213‬‬

‫صفحة | ‪9‬‬
‫بلذ ة عاجلة‪ ،‬وأكثر ما یكون ذلك في ّلذات َ‬
‫الب َدن الدنیویة‬
‫ّ‬
‫هو انشراح الصدر‬
‫ّ‬
‫العاجلة"‪ 4‬أو هو " لذة في القلب لنیل املشتهى"‪ .‬وقد ذكر ابن قیم الجوزیة ّأن الفرح‬
‫أعلى أنواع نعیم القلب‪ ،‬وهو فوق الرضا‪ ،‬وأنه صفة كمال‪ ،‬لهذا یوصف به هللا تبارك‬
‫وتعالى‪ .‬یتضح مما سبق أن كلمة الفرح تعتبر من األضداد‪ ،‬إذ أنها تحمل معنیین‬
‫ّ‬
‫واملسرة‪ ،‬إال‬ ‫متضادین‪ ،‬معناه الصریح وهو السرور‪ ،‬وضده وهو الحزن وٕازالة الفرح‬
‫ٍّ َ‬ ‫أنه یالحظ أن املعنى الثاني الوارد في الحدیث للفظ ُ(م َ‬
‫بهم وغ ّم ‪،5‬‬ ‫فرح) من َ‬
‫أزیل فرحه‬
‫ً‬
‫سواء أكان َدینا أو غیره من املصائب‪ ،‬لم یرد في معاني الفرح في القرآن الكریم‪ ،‬كما‬
‫ّأن جمیع املعاني االصطالحیة الواردة‪ ،‬متعلقة باملعنى اللغوي األول‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬معنى الفرح في القرآن الكريم والوجوه التي یرد علیها‪:‬‬
‫ُ‬
‫ذكر الفرح في القرآن الكريم في آيات كثيرة ومن السور التي وردت فیها مادة الفرح‬
‫ً‬
‫ثالث عشرة سورة‪ ،‬وتكرر اللفظ في واحد وعشرین موضعا باشتقاقاته املختلفة‪ .‬كما‬
‫معان متعددة‪،‬‬ ‫تعددت األلفاظ ذات الصلة بالفرح في القرآن الكریم فوردت على ٍ‬
‫وضحتها املطالب اآلتیة‪:‬‬
‫‪ .1‬الشماتة‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْئ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫ض َٰب َن ِس ًفا ق َ‬ ‫َ‬
‫وس ٰٓى ل ٰى ق ْومهۦ َغ ْ‬‫َ‬ ‫مَل‬
‫وذلك في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َّا َر َج َع ُم َ‬
‫ال ِب َس َما خل ْف ُت ُمو ِنى‬ ‫ِِ‬ ‫ِإ‬
‫ُأ‬
‫ال ْٱب َن َّم‬ ‫اح َوَأ َخ َذ ب َرْأ س َأ ِخ ِيه َي ُج ُّر ُ ۥٓه َل ْي ِه ۚ َق َ‬‫م ۢن َب ْعد ٓى ۖ َأ َعج ْل ُت ْم َأ ْم َر َر ّب ُك ْم ۖ َوَأ ْل َقى ٱَأْل ْل َو َ‬
‫ِ‬
‫ِإ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َأْل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َّن ٱل َق ْو َم ْ‬
‫ض َع ُفو ِنى َوك ُادوا َي ْق ُتلون ِنى ف تش ِم ْت ِب َى ٱ ْع َد َٓاء َو ت ْج َعل ِنى َم َع ٱلق ْو ِم‬ ‫ٱس َت ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِإ َّٰ‬
‫ٱلظ ِل ِمين﴾ (األعراف ‪ )١٥٠ :‬قال الطبري في تفسیر هذه اآلیة‪ :‬أشمت فالن فالنا بفالن‪،‬‬
‫إذا سره فیه بما یكرهه املشمت به‪ ،6‬فإن قلت ما عالقة املعنى السابق في مصطلحـ‬
‫ألحد بخیر‬ ‫داع ٍ‬ ‫وكل‬‫تشمیت العاطس؟ قالوا في ذلك ّأن تشمیت العاطس من الدعاء‪ُّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫فهو مشمت‪ ،‬كأنه عند الدعاء تزال الشماتة عن العاطس‪ ،‬فهو كالتمریض في إزالة‬
‫ومحرم منهي‬ ‫ٌ‬ ‫املرض ‪ .‬إذن فالشماتة تتضمن الفرح بأذى الغیر‪ ،‬وهذا نوع مذموم‪،‬‬
‫َّ َ َّ‬ ‫َ‬
‫«ك َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َعنه‪ ،‬فقد ورد في ّ‬
‫صلى‬ ‫ان ر سول الل ِه‬ ‫السنة املطهرة َع ْن ِبي ُه َر ْی َرة رضي هللا عنه‪:‬‬

‫‪ 4‬األصفهاني‪ ،‬املفردات في غریب القرآن‪1412( ،‬هـ)(ج‪/1‬ص‪)628‬‬


‫‪ 5‬الحلبي‪ ،‬األضداد في كالم العرب‪ ،‬ص‪355‬‬
‫‪ 6‬الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/13‬ص‪)131‬‬

‫صفحة | ‪10‬‬
‫َ َ‬
‫ض ِاء‪َ ،‬وش َمات ِة‬ ‫الق َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫هللا َع َل ْیه َو َس َّل َم َی َت َع َّو ُذ م ْن َج ْهد َ َ َ َ‬
‫البال ِء‪ ،‬ود َر ِك الشق ِاء‪ ،‬و ُس ِ‬
‫وء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأل‬
‫‪7‬‬
‫ا ْع َد ِاء»‬
‫‪ .2‬البشر‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ورد هذا اللفظ في القرآن الكریم في ثالثة وخمسین موضعا بتصریفات مختلفة مثل‬
‫ُ(بشرى‪،‬‬
‫َ ُ ُ َ‬
‫بشراكم‪ ،‬بشرتموني‪ ،‬بشرناك‪ ،‬بشیر‪...‬إلخ) ومنه قوله تعالى‪َ ﴿ :‬ول َن ْبل َو َّنك ْم ِبش ْي ٍء ِم َن‬
‫الصابر َ‬ ‫ات َو َب ّشر َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َأْل ْ َ َ َأْل ْ ُ َ َّ‬
‫الث َ‬ ‫ْال َخ ْوف َو ْال ُجوع َو َن ْ‬
‫ين ﴾ [البقرة‪:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫و‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ص‬
‫ٍ ِ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ]155‬كقوله تعالى‬
‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ِّ مْل ُ‬
‫﴿ َبش ِر ا َنا ِف ِق َين ِب َّن ل ُه ْم َعذ ًابا ِل ًيما﴾ (النساء ‪،)١٣٨ :‬وقالوا في هذا اللفظ " ْبش ْر ُت‬
‫َ ََ‬ ‫الرجل َوب َّش ْر ُت ُه َوب َش ْر ُت ُه أخبرته ّ‬
‫شرة وجهه‪ ،‬وذلك ّأن النفس إذا ُس ّرت‬ ‫بسار بسط ب‬
‫َ‬
‫الخبر ‪،‬‬ ‫َ‬
‫الرجل‬ ‫انتشر الدم فیها انتشار املاء في الشجر وأصل التبشیر‪ :‬إخبار الر جل‬
‫سره أو یسوؤه‪ ،‬لم یسبقه به إلى غیره ‪ ،‬وفي الخیر أغلب‪ ،‬وقیل‪ :‬البشارة الخبر السار‬ ‫َی ّ‬
‫ٌ‬
‫فقط‪ ،‬واستعماله في غیره استعارة أو تهكم كقوله‪ :‬تحیة بینهم ضرب وجیع‪ ،‬وقال‬
‫طلقة ال تكون َّال ب ْال َخ ْیر‪َ ،‬و َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ ُ مْل‬
‫‪8‬‬
‫بالشر اذا كانت مقيدة به‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تكون‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫ِٕا‬ ‫ِإ ِ‬ ‫الرازي‪" :‬وال ِبشارة ا‬
‫السرور‪:‬‬
‫ورد ذلك في أر بعة مواضع في القرآن الكریم‪ ،‬إثنان منها في سورة واحدة‪ ،‬وهي سورة‬
‫ورا﴾ (اإلنسان‪:‬‬ ‫ض َر ًة َو ُس ُر ً‬ ‫ٱلل ُه َش َّر َٰذل َك ْٱل َي ْوم َو َل َّق ٰى ُه ْم َن ْ‬ ‫َ َ َ ٰ ُ ُ َّ‬
‫االنشقاق قال تعالى ﴿فوقىهم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ‬
‫‪ )١١‬وقال تعالى ﴿ َو َي َنق ِل ُب َل ٰٓى ْه ِل ِهۦ َم ْس ُر ً‬
‫ورا﴾ (اإلنشقاق‪ )9 :‬والسرور أصلها‪َ :‬س َّر‬ ‫ِإ‬
‫(السین والراء یجمع فروعه إخفاء الشيء‪ .‬وما كان من خالصه ومستقره واإلسرار‬
‫الحزن)‪ 9‬وأورد أبو هالل‬ ‫ضد ُ‬ ‫الفرحوالسرور ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫خالف اإلعالن وهو ما ینكتم من‬
‫ّ‬ ‫الفرق بین السرور والفرح؛ مفاده ّأن ُّ‬ ‫كالما في َ‬ ‫ً‬
‫السرور لذته حقیقیة بعكس‬ ‫العسكري‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫بنفع وال لذة‪ ،‬وقد یفرح اإلنسان بأمر لیس بحقیقة‪،‬‬ ‫الفرح الذي یطلق على ما لیس ٍ‬
‫السرور الحزن‪ ،‬والحزن ال یكون إال باملرازىء‪10‬وبذلك یكون السرور‬ ‫َ‬
‫نقیض‬ ‫ألن‬
‫ِ‬
‫یتوهم اإلنسان مايغمه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الغم‪ ،‬وقد‬‫بالفوائد‪ ،‬اما الفرح فنقیضه ّ‬
‫الحبور‪:‬‬‫ُ‬ ‫‪.3‬‬

‫‪7‬البخاري‪( ،‬ج‪/8‬ص‪)75‬‬
‫‪8‬‬
‫الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪(,‬ص‪.)35‬‬
‫‪ 9‬األصفهاني‪ :‬املفردات‪ ،‬ص‪.404‬‬
‫‪10‬املرازىء‪ :‬النقص واملصائب‪ُ .‬ینظر‪ :‬ابن األثیر‪:‬ـ النهایة في غریب الحدیث واألثر (ج‪/2‬ص‪.)218‬‬
‫‪10‬‬

‫صفحة | ‪11‬‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ين َء َام ُنوا َو َع ِملوا‬ ‫وردت مشتقات اللفظ مرتان في القرآن الكریم‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬فَأ َّما َّٱلذ َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ ْ‬ ‫ض ۢة ُي ْح َب ُر َ‬
‫ْ َ‬ ‫َّٰ َٰ َ‬
‫(الروم ‪ )15 :‬وقال تعالى ﴿ ْٱدخلوا ٱلجنة نت ْم‬
‫َ‬ ‫ون﴾ ّ‬ ‫ٱلص ِلح ِت ف ُه ْم ِفى َرو ٍ‬
‫ّ‬
‫والحبور من َح َب َر " وهو أصل واحد ُمنقاس ُمطرد‬ ‫ون﴾ (الزخرف ‪ُ )70:‬‬ ‫َوَأ ْز َٰو ُج ُك ْم ُت ْح َب ُر َ‬
‫ویعني‪ :‬األثر في حسن وبهاء" ‪ ،‬و"الحبور السرور والبهجة لظهور أثرها على صاحبه"‪،‬‬
‫فإن لهما‬ ‫وعند النظر في تفسیر اآلیتین السابقتین یالحظ أنهما في وصف أهل الجنة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫املعنى ذاته املشار إلیه‪ ،‬وهو " في الجنان ُی ّ‬
‫سرون‪ُ ،‬ویلذذون بالسماع وطیب العیش‬
‫ّ‬
‫النهي‪.‬‬
‫‪ .4‬البهجة‪:‬‬
‫َأ‬
‫تكرر هذا اللفظ ومشتقاته في القرآن الكریم ثالث مرات‪ ،‬ومنها في قوله تعالى‪َّ ﴿ :‬م ْن‬
‫ۢ‬
‫ات َب ْه َج ٍة َّما‬ ‫ٱلس َمٓاء َم ًٓاء َفَأ ۢن َب ْت َنا بهۦ َح َدٓا َق َذ َ‬ ‫ٱلس َٰم َٰوت َوٱَأْل ْر َ َ َأ َ َ ُ َ‬ ‫ََ َ‬
‫ِئ‬ ‫ِِ‬ ‫ض و نز َل لكم ِّمن َّ ِ‬ ‫خلق َّ ِ‬
‫َ َ َ ُ َأ ُ ۢ ُ ْ َ َ َ َأ َٰ ٌ َ َّ‬
‫ٱلله ۚ َب ْل ُه ْم َق ْو ٌم َي ْعد ُل َ‬
‫ون ﴾ (النمل‪ )٦٠:‬والبهجة‬ ‫ِ‬ ‫كان لك ْم ن تن ِبتوا شج َرهٓا ۗ ِءله َّمع ِ‬
‫و(الب ْه َجة‪ُ :‬حسن‬ ‫ضرةواالبتهاج السرور)‪َ ،‬‬ ‫والن َ‬‫من َ(ب ُهج ولها أصل واحد‪ ،‬وهو السرور ُّ‬
‫ً‬
‫سرورا َ‬
‫بان أثره على وجهه ‪ُ ،11‬ویالحظ أن‬ ‫اللون وظهور السرور وابتهج بكذا‪ُ :‬س َّر به‬
‫اللفظ جاء في سیاق وصف مظهر محدد من مظاهر الدنیا‪ ،‬وهو ما خلقه هللا من‬
‫َُ‬
‫الفقاح مما یأكل‬ ‫نباتات وزرع‪ ،‬وقد ورد نحو هذا في املأثور عن مجاهد‪ّ " :‬إن البهجة‪:‬‬
‫الناس واألنعام"‪ ،‬و النبات والشجر‪ ،‬وما خلق هللا من زرع‪ ،‬فیها من الجمال والنضرة‬
‫یسر الناظر إلیها‪.‬‬ ‫ما ُّ‬
‫‪ .5‬املرح‪:‬‬
‫ً‬
‫وردت مشتقات في القرآن الكریم ثالث مرات (مرحا‪ ،‬تمرحون) ومنها في قوله تعالى‬
‫َأْل ْ َ َ ً َّ َ َ َ ْ َ َأْل ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ُ اًل‬ ‫﴿ َواَل َت ْ‬
‫ال طو ﴾ (اإلسراء ‪:‬‬ ‫ض مرحا ۖ ِإ نك لن تخ ِرق ٱ رض ولن تبلغ ٱل ِجب‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ٱ‬ ‫ى‬ ‫ف‬ ‫ش‬
‫ِ ِ‬ ‫م‬
‫‪ )٣٧‬ویالحظ أن اآلیات الوارد فیها لفظ املرح جاء الكالم فیها في سیاق الذم‪ ،‬كما أنها‬
‫تحمل معنى التكبر والخیالء‪ ،‬وذكر املاوردي في تفسیر اآلیة األولى خمسة أوجه‪" ،‬‬
‫أحدها‪ :‬أن املرح شدة الفرح بالباطل‪ .‬الثاني‪ :‬أنه الخیالء في املشي‪ ...‬الثالث‪ :‬أنه البطر‬
‫واألشر‪ .‬الرابع‪ :‬أنه تجاوز‬
‫‪12‬‬
‫دره‪ .‬الخامس‪ :‬التكبر في املشي"‬ ‫اإلنسان َق َ‬
‫‪ .6‬السعادة‪:‬‬

‫‪ 11‬األصفهاني‪ :‬املفردات في غریب القرآن‪ ،‬ص‪194.‬‬


‫‪ 12‬املاوردي‪ ،‬النكت والعیون‪(,‬ج‪/3‬ص‪)244‬‬

‫صفحة | ‪12‬‬
‫وردت مشتقات اللفظ مرتان في القرآن الكریم في سورة هود‪ ،‬منها قال تعالى﴿ َي ْو َم‬
‫يد ﴾ (هود ‪ )105 :‬والسعادة من سعد‬ ‫س اَّل ب ْذنهۦ ۚ َفم ْن ُه ْم َشق ٌّى َو َسع ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َيْأ ت اَل َت َك َّل ُم َن ْ‬
‫ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ِِإ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫والیمن‪ ،‬وكل كلمة تفرعت عن أصل الكلمة‬ ‫ذكر ابن فارس أن أصلها الخیر والسرور ُ‬
‫و"السعد وهي معاونة األمور اللهیة لإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫مستقى من املعنى األصلي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الثالثي معناها‬
‫على نیل الخیر‪،‬‬
‫َأ‬ ‫ّ ّ‬
‫ید‪ ،‬وقوم ُس َع َد ُاء‪ ،‬وأعظم‬ ‫الشقاوة‪ ،‬یقال‪َ :‬سع َد و ْس َع َد ُه هللا‪ ،‬ورجل َسع ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ویضاده‬
‫السعادات ّ‬
‫الجنة "‪.13‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .7‬الضحك‪:‬‬
‫مكیة إال‬ ‫تكرر هذا اللفظ ومشتقاته في القرآن الكریم تسع مرات في ثماني سور كلها ّ‬
‫واحدة‪،‬‬
‫ً‬
‫وقد ورد بتصریفات مختلفة (ضاحكا‪ ،‬ضاحكة‪ ،‬ضحكت‪ ،‬یضحكوا‪ ،‬یضحكون‪،‬‬
‫أضح َك‪،‬‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫ۢ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ اًل ْ ُ ْ َ‬
‫ض َحكوا ق ِلي َول َي ْبكوا ك ِث ًيرا َج َز ًآء ِب َما كانوا‬ ‫تضحكون)‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى﴿ فلي‬
‫ون﴾ (التوبة ‪ ،)82 :‬قال ابن فارس في أصل هذه الكلمة إنها تدل على البروز‬ ‫َي ْكس ُب َ‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫واالنكشاف ‪،‬ویتفق هذا األصل باملعنى املعروف للضحك وهو" انبساط الوجه وتكشر‬
‫الض َو ِاح ِك‬ ‫مقدمات األسنان َّ‬ ‫سمیت ّ‬ ‫النفس‪ ،‬ولظهور األسنان عنده ّ‬ ‫األسنان من سرور ّ‬
‫مسموعا له ال لجیرانه"‪14‬وقد استعير‬ ‫ً‬ ‫"حد الضحك ما یكون‬ ‫"‪ ،‬وأضاف الجرجاني ّأن ّ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َّ َّ َ َأ‬ ‫ً‬
‫ين ْج َر ُموا كانوا ِم َن‬ ‫الضحك لعده معان منها السخریة كما في قوله تعالى‪ِ﴿ :‬إ ن ال ِذ‬
‫َ َ ٌ‬
‫ض ِاحكة‬ ‫املجرد كما في قوله تعالى‪﴿ :‬‬ ‫ون﴾ (املطففين ‪) 29:‬والسرور ّ‬ ‫ض َح ُك َ‬ ‫ين َآم ُنوا َي ْ‬ ‫َّالذ َ‬
‫ِ‬
‫ضح َكتْ‬ ‫املجرد كما في قوله تعالى﴿ َو ْٱم َرَأ ُت ُهۥ َقآ َم ٌة َف َ‬ ‫ُّمستب ِش َرة ﴾ (عبس ‪ )39 :‬التعجب ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِئ‬
‫وب﴾ (هود ‪)71 :‬‬ ‫َف َب َّش ْر َٰن َها ب ْس َٰح َق َومن َو َر ِآء ْس َٰح َق َي ْع ُق َ‬
‫ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ِِإ‬
‫یأتي الفرح في القرآن على ثالثة وجوه‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الفرح بمعناه الصریح‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وهو السرور وانفتاح القلب‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ه َو ٱل ِذى ُي َس ِّي ُرك ْم ِفى ٱل َب ّ ِر َوٱل َب ْح ِر ۖ‬
‫اصف َو َج َٓاء ُه ُم‬
‫ٌ‬ ‫ۢ ََّ ۢ َ َ ُ ْ َ َ ََْ ٌ َ‬ ‫ُْْ َ َ ْ َ‬ ‫َ َّ ٓ َ ُ ُ ْ‬
‫حت ٰى ِإ ذا كنتم ِفى ٱلفل ِك وج َرين ِب ِهم ِب ِر ٍيح ط ِيب ٍة وف ِرحوا ِبها جٓاءتها ِريح ع ِ‬
‫َ ُ ّ َ َ ْ َأ َ َ‬ ‫َ َ ُ ْ َّ َ ْ‬ ‫ُ َ َ ۢ َ َ ُّ ٓ ْ َأ َّ ُأ َ‬ ‫مْل َ ْ ُ‬
‫نج ْيت َنا‬ ‫ٱلدين لِئ ن‬ ‫ٱ وج ِمن ك ِ ّل مك ٍان وظنوا ن ُه ْم ِحيط ِب ِه ْم ۙ دعوا ٱلله ُمخ ِل ِص َين له ِ‬

‫‪ 13‬األصفهاني‪ :‬املفردات في غریب القرآن‪،‬ص‪502-41‬‬


‫‪ 14‬الجرجاني‪ :‬التعریفات‪ ،‬ص‪.137‬‬

‫صفحة | ‪13‬‬
‫َ َ ُ َ َّ َ َّٰ‬ ‫ٰ‬
‫تسیر‬
‫ِّ‬ ‫التي‬ ‫الریح‬ ‫بهذه‬ ‫الركاب‬ ‫فرح‬ ‫أي‬ ‫)‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫(يونس‪:‬‬ ‫﴾‬ ‫ٱلشكر َ‬
‫ين‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِم ْن َه ِذ ِهۦ لنكونن ِمن‬
‫فلكهم‪.‬‬
‫َ‬
‫ثانيا‪ :‬الفرح بمعنى البطر‪:‬‬
‫وقلة القیام ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو " َد َه ٌ‬
‫بحقها‪ ،‬وصرفها إلى‬ ‫ش یعتري اإلنسان من سوء احتمال النعمة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الطرب ‪ ،‬وهو ِخفة أكثر ما تعتري اإلنسان من الفرح" ومن‬ ‫البطر‬ ‫غیر وجهها‪ .‬ویقارب‬
‫ْ َ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ َّ َّ‬
‫الل َه ال ُيح ُّب َ‬ ‫َ‬
‫الف ِر ِح َين﴾ (القصص‪،)٧٦ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ذلك قوله تعالى﴿ إذ قال له قومه ال تفرح إن‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫وقد أورد الطبري في تفسیر هذه اآلیة (‪...‬ال تبغ وال َت ْبطر فرحا‪ ،‬إن هللا ال ّ‬
‫یحب من‬
‫خلقه األشرین َ‬
‫الب ِطرین)‬ ‫ِ ِ‬
‫ثالثا‪ :‬الفرح بمعنى الرضا‪:‬‬
‫فقد أورد الراغب معنى الرضا على قسمین‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أوالهما‪ :‬رضا هللا عن العبد وهو أن یراه مؤتمرا بأمره ومنتهیا عن نهیه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬رضا العبد عن هللا تعالى وهو أن ال یكره العبد ما یجري به قضاؤه‪.‬‬
‫سرور في القلب وطیب النفس بما یصیبها من ُم ِّر القضاء‪،‬لكن یالحظ أن معنى‬ ‫ٌ‬ ‫والرضا‬
‫الرضا الذي تدل علیه كلمة الفرح في اآلیات مذموم وال یوصف به إال من نسوا هللا‬
‫واختاروا الدنیا على اآلخرة‪ ،‬ومن اآلیات التي حمل فیها الفرح معنى الرضا قوله تعالى‪:‬‬
‫َّ ُ َ ْ ُ ُ ّ ْ َ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ُ ْ ْ َ َ ٰ ُّ ْ َ َ َ ْ َ َ ٰ ُ ُّ ْ‬
‫ٱلدن َيا ِفى‬ ‫ٱلرزق مِل ن يشٓاء ويق ِدر ۚ وف ِرحوا ِبٱلحيو ِة ٱلدنيا وما ٱلحيوة‬ ‫﴿ٱلله يبسط ِ‬
‫اَّل ٰ‬
‫ٱل َء ِاخ َر ِة ِإ َم َت ٌع﴾ (الرعد ‪ )٢٦ :‬أي فرح الذین ُب ِسط لهم في الدنیا من الرزق على‬ ‫ْ‬
‫كفرهم باهلل ومعصیتهم إیاه بما بسط لهم فیها‪ ،‬وجهلوا ما عند هللا ألهل طاعته في‬
‫اآلخرة من النعیم‪. 15‬‬

‫‪15‬الطبري‪ ،‬جامع البیان‪،‬ـ (ج‪/16‬ص‪)430‬‬

‫صفحة | ‪14‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬معنى الحزن ويشمل ثالثه مباحث‬

‫ً‬
‫املبحث األول‪ :‬معنى الحزن لغويا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لغة‪ :‬الحاء والزاء والنون ٌ‬ ‫ً‬
‫أصل واحد‪ ،‬وهو خشونة الشيء وشدة فيه‪ ،‬فمن‬ ‫الحزن‬
‫ٌَ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الجبال الغالظ‪ ،‬الواحدة حزنة‪،‬‬ ‫ذلك الحزن‪ ،‬وهو ما غلظ من األرض و‪ ،‬الحزن‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُ‬
‫حزن‬ ‫وحزن الرجل بالكسر فهو ِ‬ ‫والحزون‪ :‬الشاة السيئة الخلق‪ .‬وهو خالف السرور‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وحزين‪ ،‬وأحزنه غيره‪ ،‬وحزنـه أيضا ومحزون بني عليه‪ ،‬وقال‪ :‬واحزنه لغة قريش‪،‬‬
‫َُ‬ ‫َأ َ‬
‫و حزنه لغة تميم‪ ،‬وقد قرئ بهما‪ ،‬والحزانة بالضم والتخفيف‪ :‬عيال الرجل الذي‬
‫َأ‬ ‫َ‬ ‫بالتحزين؛ إذا ّ‬ ‫َيتحزن بأمرهم وفالن يقرأ َ‬
‫حزن‬ ‫ِ‬ ‫وقد‬ ‫حزان‪،‬‬ ‫أرق صوته به‪ .‬والجمع‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫بالكسر ً‬
‫الحزن‪ ،‬وحزنه‬ ‫ِ‬ ‫حزنا ويقال‪ :‬تحازن‪ ،‬وتحزن‪ ،‬ورجـل حزنـان‪ ،‬ومحزان‪ :‬شديد‬
‫ً َأ َ‬ ‫ُ‬ ‫َأل‬
‫وحزن‪ .‬وفي تاج العروس أن‬ ‫ين‬ ‫ـز‬‫ح‬ ‫و‬ ‫ـزن‬ ‫ح‬‫وم‬ ‫ـزون‪،‬‬ ‫ح‬‫م‬ ‫فهو‬ ‫ه‬ ‫حزن‬ ‫و‬ ‫ا‬‫حزن‬ ‫ه‬ ‫يحزن‬ ‫مر‬ ‫ا‬
‫ِ َ َّ ُ ِ ُ َأ‬ ‫ََّ‬ ‫ََ‬
‫الحزن لغتين‪ِ ،‬إ ذا فتحوا ثقلوا‪ ،‬وِإ ذا ضموا خففوا‪ ،‬يقال‪ :‬صابه حزن‬ ‫ِ‬ ‫للعرب في‬
‫ِ‬
‫َأ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شديد‪ ،‬وحزن شديد‪ ،‬وقال‪ :‬وا ِإ ذا جاء الحزن منصوبا فتحـوه‪ ،‬وِإ ذا جـاء مرفوعـا و‬
‫يم﴾ (يوسف‪:‬‬ ‫ناه ِم َن ْال ُح ْزن َف ُه َو َك ِظ ٌ‬ ‫ض ْت َع ْي ُ‬ ‫﴿و ْاب َي َّ‬ ‫َّ‬
‫الله َ‬ ‫ول‬ ‫كق‬
‫َ‬
‫الحاء‬ ‫ضموا‬ ‫سورا‬
‫ْ‬
‫مك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َ َّ ْ َ َ ً َأ اَّل‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫‪ )84‬اي َّنه في موضع خ ْفض‪ ،‬وقال ﴿ت ِفيض ِمن الدم ِع حزنا ي ِجدوا ما ي ِنفقون﴾‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َأ‬
‫‪16‬‬
‫(التوبه‪ )٩٢ :‬اي َّنه في موضع النصب‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬معنى الحزن اصطالحا‬

‫الحزن اصطالح‪:‬‬
‫‪ 16‬الصحاح في اللغة للجوهري ‪، ٣٧٦/ ٦‬مقاييس اللغة البن فارس ‪، ٥٤/ ٢:‬لسان العرب البن منظور ‪.٨٦٢،٨٦١/٢ :‬‬

‫صفحة | ‪15‬‬
‫ٌ‬
‫محبوب في املاضي‪ .17‬أو‪ :‬هو غم يلحق‬ ‫ٍ‬ ‫الحزن عبارة عما يحصل لوقوع مكروه أو فوات‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ٌَ‬
‫يحصل فيه من الغم‬ ‫س ملا‬
‫نافع أو حصول ضار أو هو ‪ :‬خشونة في النف ِ‬
‫‪18‬‬
‫من فوات ٍ‬
‫وقال ابن حجر عن الهم والحزن " هما من أمراض الباطن"‪ .‬وقال ابن القيم " ‪ :‬إذا‬
‫ُ‬
‫ماض فهو يحدث الحزن ‪ ،‬أو ما إذا كان‬ ‫كان املكروه الوارد على القلب سببه أمر ٍ‬
‫أمر مستقبل فهو يحدث الهم ‪5‬فيكون الحزن هو‬ ‫املكروه الوارد على القلب سببه توقع ٍ‬
‫‪ :‬مرض باطني ‪ ،‬مكانه القلب ‪ ،‬يتمثل في شدة أو خشونة فـي الـنفس لوقوع مكروه‪ ،‬أو‬
‫‪19‬‬
‫فوات محبوب ‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬معنى الحزن في القرآن الكريم والوجوه التي أتا بها‬

‫ورد األصل" حزن "وما يشتق منه في القرآن الكريم في اثنين وأربعين موضع من‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬وذلك بصيغتي املضارع واملصدر‪ .‬فقد جاء املضارع في سبعة وثالثين‬
‫موضع مما‬
‫التجدد واالستمرارية‪ ،‬ثم إن مجيء األصل بهذه الصيغة ُيشير إلى أن ْ‬ ‫َ‬ ‫يدل على ُّ‬
‫الحزن‬
‫حالة انفعالية مقاربة أو مصاحبة للحدث عند حصوله أو سماعه‪ ،‬فهذا الرسول عليه‬
‫السالم يؤازر صاحبه أبا بكر الصديق ِإ ثر تتبع قريش لهما حيث قال هللا تعالى على‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اَّل َ ُ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ َّ ُ ْ َأ ْ َ َ ُ َّ َ َ ْ َ‬
‫ين ك َف ُروا ثا ِن َى ٱث َن ْي ِن ِإ ذ ُه َما ِفى‬ ‫لسان نبيه ﴿ِإ تنصروه فقد نصره ٱلله ِإ ذ خرجه ٱل ِذ‬
‫َّ‬ ‫اَل َ‬ ‫َْ ْ َُ‬
‫مصدرا في خمسة‬ ‫ً‬ ‫ص ِح ِب ِهۦ ت ْح َز ْن ِإ َّن ٱلل َه َم َع َنا ۖ﴾(التوبه‪ )٤٠:‬وجاء‬‫ول ل َٰ‬
‫ٱلغ ِار ِإ ذ يق ُ ِ‬
‫َ َ َ َّ ٰ َ ْ ُ ْ َ َ َ ََٰٓأ َ َ ٰ َ َ ٰ ُ ُ َ‬ ‫مواضع ليدلل على مطلق ْ‬
‫وسف‬ ‫الحزن‪ ،‬كقوله تعالى ﴿وتولى عنهم وقال ي سفى على ي‬
‫يم﴾ـ (يوسف ‪ )٨٤ :‬يشير ابن القيم إلى أن الحزن‬ ‫ض ْت َع ْي َن ُاه ِم َن ْٱل ُح ْزن َف ُه َو َك ِظ ٌ‬‫َو ْٱب َي َّ‬
‫ِ‬
‫انفعال مضاد للفرح والسرور‪ ،‬وذلك ألن الحزن يضعف القلب ويوهن العزم‪ ،‬ويضر‬
‫اإلرادة‪ ،‬فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره‪ ،‬والثواب‬
‫‪20‬‬
‫عليه ثواب املصائب التي يبتلى العبد بها بغير اختياره‪ ،‬كاملرض واأللم ونحوهما‬
‫والحزن انفعال طبيعي‪ ،‬يكون مصحوبا في أغلب األحوال بفقد املصادر الهامة إلشباع‬
‫الرغبات أو الحاجات‪ " ،‬ويرى البعض أنه انخفاض مفاجئ في مستويات التعزيز‪،‬‬
‫ويعتبر األبوان‪ ،‬األزواج‪ ،‬األطفال‪ ،‬أهم املصادر إلشباع الحاجات والرغبات وفقدهم‬

‫‪ 17‬التعريفات للجرجاني ‪.١١٧ :‬‬


‫‪ 18‬الكليات يبأل البقاء أيوب بن موسى الكفومي ‪.٦٧١ :‬‬
‫‪ 19‬املفردات للراغب األصبهاني ‪.١١٥ :‬‬
‫‪ 20‬ابن القيم‪)1394( ،‬طريق الهجرتين وباب السعادتين ج‪، 1‬ص ‪.278‬‬

‫صفحة | ‪16‬‬
‫أو بعدهم ذو فعالية خاصة في ظهور الحزن وقد تعددت معاني الحزن في القرآن‬
‫الكريم ‪ ،‬فكل سياق يختلف معناه عن اآلخر ‪ ،‬فمـن معاني الحزن في القرآن الكريم ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحزن بسبب املصائب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َأْل‬ ‫َأ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬
‫وذلك كما في قوله تعالى‪َ ﴿:‬و َت ِه ُنوا َو ت ْح َزنوا َو ُنت ُم ٱ ْعل ْو َن ِإ ن ك ُنتم ُّمْؤ ِم ِن َين﴾ (آل‬
‫اّل‬
‫عمران ‪ )139 :‬قال القرطبي ‪ :‬عزاهم وس هم بما نالهم يوم أحد مـن القتـل والجراح ‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫وحثهم على قتال عدوهم‪ ،‬ونهاهم عن العجز والفشل"‬
‫‪ .2‬الحزن بسبب الخـوف‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫ْ َُ‬
‫ص ِح ِب ِهۦ ت ْح َز ْن ِإ َّن ٱلل َه َم َع َنا ۖ﴾(التوبه ‪ )٤٠:‬فالذي‬ ‫ول ل َٰ‬
‫ومثاله قوله تعـالى ﴿ِإ ذ يق ُ ِ‬
‫اَل َ‬
‫قال ‪:‬له ت ْح َز ْن ‪،‬هو أبو بكر ‪ ،‬ألنه كان خائفا‪.‬‬
‫‪ .3‬الحزن بمعنى الغم ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫ٰ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل َ‬
‫ومنه قوله تعـالى ‪ ﴿:‬ت ُم َّد َّن َع ْين ْي َك ِإ ل ٰى َما َم َّت ْع َنا ِب ِهۦٓ ْز َو ًجا ِّم ْن ُه ْم َو ت ْح َز ْن َعل ْي ِه ْم‬
‫َ ْ ْ ََ َ ْ‬
‫اح َك ِلل ُمْؤ ِم ِن َين﴾ـ (الحجر‪ )٨٨ :‬اي ال تغتم على ما فاتك من مشاركتهم في‬ ‫وٱخ ِفض جن‬
‫‪22‬‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫یأتي الحزن في القرآن على عده وجوه وتصويرات منها مايلي‪:‬‬
‫‪ o‬فيضان الدمع‪:‬‬
‫ُ ُ َ َ َّ ْ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َ ُ ْ ٓاَل‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ اَل َ َ َّ َ َ‬
‫ين ِإ ذا َمٓا ت ْو َك ِل َت ْح ِمل ُه ْم قل َت ِج ُد َمٓا ْح ِملك ْم َعل ْي ِه ت َولوا‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬و على ٱل ِذ‬
‫َأ‬
‫ٱلد ْمع َح َز ًنا اَّل َيج ُد ْوا َما ُينف ُق َ‬ ‫يض م َن َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َأ ْ ُ ُ ُ ْ َ‬
‫ون﴾ ( التوبة‪)٢٠:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫و عينهم ِ‬
‫ت‬
‫‪ o‬ضيق الصدر‪:‬‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َأ َّ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬ولقد نعلم نك يضيق صدرك بما يقولون"﴾ (الحجر‪ )٢٨ :‬إن ضيق‬
‫الصدر عبارة عن ضيق التنفس‪ ،‬أي عدم كفاية الهواء الداخل إلى الرئتين‪.‬‬
‫َّ‬
‫ص َاب ُه ْم ِفى َس ِب ِيل ٱلل ِه‬ ‫وا َٓا َأ َ‬‫ََ َ َُ ْ‬
‫‪ o‬الشعور بالتعب والوهن‪ :‬قال تعالى‪﴿ :‬فما وهن مِل‬
‫ٱلصبر َ‬ ‫َّٰ‬ ‫َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َّ‬
‫ٱلل ُه ُي ِح ُّ‬
‫ين﴾ ( آل عمران ‪)٣٢١:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ب‬ ‫وماضعفوا وما ٱستكانوا ۗ و‬
‫‪ o‬تضرر الجسم‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َٓأ‬
‫ال َٰي َس َف ٰى َعل ٰى ُي ُ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َت َو َّل ٰى َع ْن ُه ْم َوق َ‬
‫َ‬
‫ض ْت َع ْي َن ُاه ِم َن ٱل ُح ْز ِن ف ُه َو‬ ‫وسف َو ْٱب َي َّ‬
‫يم﴾ (يوسف‪ )٨٤ :‬من الواضح في هذه اآلية أن تضرر البصر كان بسبب الحزن ‪,‬‬ ‫َك ِظ ٌ‬
‫وفي الحقيقـة إن الحـزن يسبب أضرار بدنية كثيرة أو يساهم فيها مـع تطـاول الـزمن ‪.‬‬
‫كمـا أن العالمـات الجسـدية َالنفعـال الحـزن التـي صـورها ووصفها القرآن الكريم‪ ،‬تعتبر‬

‫‪ 21‬الجامع ألحكام القرآن ‪.٢١٦ / ٤:‬‬


‫‪ 22‬تفسير البغوي ‪.٣٩٢ / ٤:‬‬

‫صفحة | ‪17‬‬
‫من بين ما وصل إليه العلم الحديث من أعراض فسيولوجية وسلوكية وعالمات بدنية‬
‫له‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬انواع الفرح ويشمل ثالثه مباحث‪:‬‬

‫ً‬
‫محبوب أو اندفاع مكـروه‪ ،‬وملا‬ ‫ٍ‬ ‫شعور قلبي ناتج عن تحصيل‬ ‫ٍ‬ ‫ملا كان الفرح عبارة عن‬
‫إنسان آلخر‪ ،‬كان ال بد أن يكون للفرح أنواع‪.‬‬ ‫ً‬
‫مختلفا من‬ ‫كان املحبوب واملكروه‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫فقد قسم ابن القيم‪ :‬الفرح إلى قسمين‪ :‬فرح القلب‪ ،‬وفرح النفس‪ ،‬وجعل بينهما فرقـا‬
‫فقـال‪":‬والفرق بين فرح القلب وفرح النفس ظاهر؛ فإن الفرح باهلل ومعرفته ومحبته‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َٰ ُ ُ ْ َٰ َ َ ْ َ ُ َ ُأ‬
‫ون ِب َمآ ِنز َل ِإ ل ْي َك﴾‬ ‫وكالمه من ال قلب؛ قال تعالى ﴿وٱل ِذين ءاتينهم ٱل ِكتب يفرح‬
‫(الرعد‪ )٣٦ :‬فإذا كان أهل الكتاب يفرحون بالوحي‪ ،‬فأولياء هللا وأتباع رسوله أحق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َٰ َ ْ‬ ‫ُ ْ َ ْ َّ‬
‫ض ِل ٱلل ِه َو ِب َر ْح َم ِت ِهۦ ف ِبذ ِل َك فل َي ْف َر ُحوا ُه َو خ ْي ٌر ِّم َّما‬ ‫بالفرح به ‪ ..‬وقـال تعـالى ﴿قل ِبف‬
‫ون﴾ (يونس ‪)58 :‬فهذا فرح القلب ؛ وهو من اإليمان ؛ ويثاب عليه العبد ؛فإن‬ ‫َي ْج َم ُع َ‬
‫فرحه به يدل على رضاه به‪ ،‬بل هو فوق الرضا ‪".‬ثم ذكر أنواع أخرى من فرح القلب‪،‬‬
‫ومنها الفرح الناتج عـن اإلخـالص هلل تعـالى‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬والثقة به‪ ،‬وخوفه‪ ،‬ورجائه‬
‫والتوبة إليه ‪23‬أما فرح النفس فلم يذكر ماهيته‪ ،‬ولربما قصد به ما يفرح به اإلنسان‬
‫من زينـة الحيـاة الدنيا ‪.‬فعند تتبع اآلیات التي تحوي لفظ الفرح‪ ،‬یالحظ أنها تنقسم إلى‬
‫قسمین رئیسین‪ ،‬هما‪" :‬الفرح املحمود" و"الفرح املذموم"‪ .‬ولكن سنستدرج أوال ذكر‬
‫الفرح املباح ألجل بيان ما يحل منه وما يحرم‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬
‫الفرح املباح‪:‬‬
‫مال وولد ونساء ‪ ،‬وغير ذلك مما زيـن لـه ‪،‬‬ ‫فإن اإلنسان قد يفرح باألمور الفطرية من ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫َّ َٰ‬
‫ٱلن َس ِٓاء َوٱل َب ِن َين‬ ‫اس ح ُّب ٱلش َهو ِت ِمن ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ومصداق ذالك من كتاب هللا تعالى ُ‬
‫﴿ز ِّي َن ِل َّلن‬
‫ْ‬ ‫َأْل ْ‬ ‫مْل ُ َ َ َ َ َّ َ َ ْ َّ ْ َ مْل ُ‬ ‫َْٰ‬
‫ض ِة َوٱلخ ْي ِل ٱ َس َّو َم ِة َوٱ ن َٰع ِم َوٱل َح ْر ِث﴾ (ال‬ ‫َوٱلق َن ِط ِير ٱ قنطر ِة ِمن ٱلذه ِب وٱل ِف‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫﴿و ْٱب َت ِغ ِف َيمآ َءات ٰى َك ٱلل ُه‬ ‫عمران‪)١٤:‬وهذا الفرح ال بد أن يكون من باب قوله تعـالى َ‬
‫َّ َ ْ َ َ َ َ اَل َ َ َ َ َ َ ُّ ْ‬
‫ٱلدن َيا﴾ (القصص ‪ )٧٧:‬ومن الجدير ذكره ‪ :‬هو‬ ‫ٱلدار ٱلء ِاخرة ۖ و تنس ن ِصيبك ِمن‬
‫أن هذه اآلية قد ذكرها هللا تعالى عقب ما ذكر فرح قارون بالباطل ‪ ،‬وكأنه نهي للعباد‬
‫عن الفرح بالباطل ‪ ،‬ورفع للحرج عنهم في الفرح بأمور الدنيا املباحة‪ ،‬إن كانت بحقها‪،‬‬
‫‪23‬انظر‪ :‬الروح ‪.٢٤٩ :‬‬

‫صفحة | ‪18‬‬
‫وهللا أعلم ‪ .‬وفي هذه النوع من الفرح يقول ابن حجر فرح البشر وغمهم إنما هو على‬
‫ما جرى به أثر الحكمة من العوائد ‪ ،‬يؤخذ من ذلك أن حزن الذي فقد دابته وهو‬
‫بأرض فالة إنما كان علـى ذهاب راحلته ‪ ،‬لخوف املوت من أجل فقد زاده ‪ ،‬وفرحه بها‬ ‫ٍ‬
‫إنما كان من أجل وجدانه ما فقد مما تنسب الحياة إليه في العادة" ‪ .‬فاإلنسان يفرح‬
‫‪24‬‬

‫بما يكون سبب الحياة والبقاء‪ ،‬فيفرح بالولد‪ ،‬ألنه سبب بقاء نسله ‪ ،‬ويفرح باملال‪،‬‬
‫ألن به تقوم الحياة‪ ،‬وهكذا ‪ .‬وليس أحد من البشر إال يفرح ويحزن ‪ ،‬فهي فطرة هللا‬
‫َأ َ‬ ‫﴿وَأ َّن ُهۥ ُه َو َأ ْ‬
‫ض َح َك َو ْبك ٰى﴾ (النجم ‪ )٤٣ :‬ولكن ال بد عند‬ ‫تعالى ؛ كما فـي قولـه تعـالى َ‬
‫الفرح بهذه األمور التأدب بآدابها ‪ ،‬بالشكرهلل تعالى‪ ،‬واالعتراف بفضله‪ ،‬ولذلك يقول‬
‫ُ َ‬ ‫ابن عباس " َليس َأ حد اال وهو ْيفرح و يحزن ‪َ ،‬ولكن َذا َأ ص ْ‬
‫ـابته مـصيبة جعلها صبرا ‪،‬‬ ‫ِإ‬ ‫َ َأ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫فِإ ن صابه خير جعله شكرا"‪ .25‬على سبيل املثال ال الحصر‪:‬‬
‫‪ .1‬الفرح بالولد‬
‫‪ .2‬الفرح بالزرع والثمار‬
‫‪ .3‬الفرح باملطر والسقيا‬
‫‪ .4‬الفرح بالطعام والشراب‬

‫املبحث األول‪ :‬الفرح املحمود‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫وهو كل ما كان له سبب صحیح شرعي یصح الفرح به‪ ،‬سواء أكان عمال أو قوال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاهرا و باطنا‪ .‬وعند الرجوع إلى آیات الفرح في القرآن الكریم‪ ،‬یتبین ّأن الفرح‬
‫املحمود یكون في الدنیا واآلخرة‪ ،‬ویمكن إجمال ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫الفرح املحمود في الدنیا‪:‬‬
‫تأتي اآلیات الكریمة لترسخ حقیقة الفرح في هذا الدین‪ ،‬ولتثبت أنه دین السعادة‪ ،‬وقد‬
‫حرصت الشریعة اإلسالمیةـ على تربیة النفس وتهذیبها حتى تسعد وتفرح بما یرضي‬
‫هللا تعالى‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬الفرح بنصر هللا تعالى‪:‬‬
‫ُ‬
‫یتجلى هذا املعنى في اآلیة الكریمة من سورة الروم‪ ،‬في قوله تعالى﴿الم ۝ غ ِل َب ِت‬
‫َّ َأْل‬
‫ض ِع ِس ِن َين ِلل ِه ا ْم ُر ِم ْن‬ ‫وم ۝ في َأ ْد َنى اَأْل ْرض َو ُه ْم م ْن َب ْعد َغ َلبه ْم َس َي ْغل ُب َ‬
‫ون۝ في ب ْ‬ ‫الر ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ 24‬فتح الباري ‪.١٠٨ ١١/ :‬‬


‫‪ 25‬مصنف ابن أبي شيبة ‪ -‬كتاب الزهد ‪ -‬كالم ابن عباس ‪ -‬حديث ‪ ، ) ٢٤٦ ١٩ (، /٣٥٩٣٤ :‬ص ‪.٣‬‬

‫صفحة | ‪19‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َّ‬
‫الله َي ْن ُ‬
‫ص ُر َم ْن َيش ُاء َو ُه َو ال َع ِز ُيز‬ ‫َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ مْل ُْؤ ُ َ‬
‫قب ُل و ِمن بعد ويومِئ ٍذ يف َرح ا ِمنون ۝ ِبنص ِر ِ‬
‫ُ‬
‫الروم‬ ‫يم ۝﴾(الروم‪ .)٥- ١ :‬وفي تفسیر اآلیة قال اإلمام الطبري‪" :‬ویوم یغلب‬ ‫الر ِح ُ‬
‫َّ‬
‫صرة الروم‬ ‫فارس ‪ ،‬یفرح املؤمنون باهلل ورسوله بنصر هللا إیاهم على املشركین‪ُ ،‬ون ْ‬ ‫َ‬
‫وبینها املاتریدي بـقوله‪:‬‬ ‫على فارس"‪26‬ویقصد باألولى ُنصرة املؤمنین على املشركین ببدر‪ّ ،‬‬
‫"أن یكون فرحهم بما یظهر اإلیمان بكتب هللا وتصدیقها والعمل بها‪ ،‬وهم كانوا أهل‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫كتاب‪ ،‬ورسول الله صلى هللا علیه وسلم كان ُبعث مصدقا بكتب الله وبرسله أجمع‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫فجائز الفرح بذلك وتسمیته نصر الله" وقد ذكر‬ ‫ففرحوا بذلك‪ ،‬فإن كان كذلك‬
‫ّ‬
‫األصفهاني في هذه اآلیة أن الفرح فیها ُمرخص‪ . 27‬وكأن معنى اآلیة یقول‪ :‬لیفرح‬
‫املؤمنون بیوم كهذا‪ ،‬وهو یوم نصر هللا تعالى ألولیائه‪ .‬وهو فرح مستمر دائم متى‬
‫تحقق نصر هللا تعالى‪ ،‬وقد أفاد هذا املعنى ورود كلمة (یفرح)‪ ،‬فقد وردت بصیغة‬
‫الفعل املضارع الذي یستعمل لالستمرار في األحوال املاضیة والحاضرة واملستقبلة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانیا‪ :‬الفرح بالقرآن واإلسالم والعلم‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َٰ ُ ُ ْ َٰ َ َ ْ َ ُ َ ُأ‬
‫ون ِب َمٓا ِنز َل ِإ ل ْي َك ۖ َو ِم َن‬‫وهذى املعنى یتجلى في قوله تعالى ﴿وٱل ِذين ءاتينهم ٱل ِكتب يفرح‬
‫َ ْ َأ ْ ُ ْ َ َْ‬ ‫َّ ٓاَل ُأ ْ‬ ‫َأ َأ‬ ‫ُأ‬ ‫َأْل ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ض ُهۥ ۚ ق ْل ِإ َّن َمٓا ِم ْر ُت ْن ْع ُب َد ٱلل َه َو ش ِر َك ِب ِهۦٓ ۚ ِإ لي ِه دعوا وِإ لي ِه‬‫نكر بع‬
‫اب من ي ِ‬
‫ٱ حز ِ‬
‫َ َٔ‬
‫اب﴾ (الرعد‪ )٣٦:‬والفرح املشار إلیه في اآلیه سبب واحد‪ ،‬وهو الفرح بنعمة اإلسالم‬ ‫م ِ‬
‫ـ‬
‫والقرآن‪ ،‬ألنه سبب النجاة والفوز في الدارین‪ .‬وعند الرجوع إلى كتب التفسیر یتبین ّأن‬
‫املقصود في بیان املوصوفین هيا‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال ‪ّ :‬إنهم أصحاب النبي صلى هللا علیه وسلم‬
‫ً‬
‫ثانیا ‪ :‬الثمانون الذین آمنوا من نصارى نجران‪ :‬أربعون وثمانیة من الشام‪ ،‬واثنان‬
‫وثالثون من أرض الحبشة‪ ،‬آمنوا بالنبي صلى هللا علیه وسلم وصدقوا به‬
‫ً‬
‫ثالثا ‪ :‬إنهم أهل الكتاب من الیهود والنصارى فرحوا بما أنزل علیه من تصدیق كتبهم‬
‫‪28‬‬

‫وبهذه اآلیات الثالثة التي وردت في شأن الفرح املحمود في الدنیا‪ُ ،‬یالحظ أن أسبابه‬
‫محصورة في أمر واحد متعلق بأسس الدین‪.‬‬
‫الفرح املحمود في اآلخرة‪:‬‬

‫‪ 26‬الطبري‪ :‬جامع البیان عن تأویل آي القرآن‪( ،‬ج‪/20‬ص‪. )66‬‬


‫‪ 27‬األصفهاني‪ :‬املفردات في غریب القرآن‪ ،‬ص‪628‬‬
‫‪ 28‬املاوردي‪ :‬النكت والعیون‪( ،‬ج‪/3‬ص‪). 116‬‬

‫صفحة | ‪20‬‬
‫أعظم الفرح‪ ،‬فرح اآلخرة‪ ،‬وهو فرح الفائزین برضا هللا األبدي وجنته‪ ،‬والكثیر من‬
‫اآلیات تتحدث عن الفرح الذي سیفوز به املؤمنون‪ ،‬ومن ذلك فرح الشهداء األبرار‪.‬‬
‫ً‬
‫اوال‪ :‬فرح الشهداء واملؤمنین‪:‬‬
‫ند َر ِّب ِه ۡم‬‫ٱلله َأ ۡم َٰو َۢت ۚا َب ۡل َأ ۡح َي ٌٓاء ع َ‬
‫َّ‬ ‫َ اَل َ ۡ َ َ َّ َّ َ ُ ُ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫وفيه قول هللا تعالى﴿و تحسبن ٱل ِذين ق ِتلوا ِفي س ِب ِيل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َ ۡ‬ ‫ٱلل ُه من َف ۡ‬ ‫َ َ َ َ ٰ ُ ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُي ۡر َز ُق َ‬
‫ين ل ۡم َيل َح ُقوا ِب ِهم ِّم ۡن‬ ‫ض ِل ِهۦ ويستب ِشرون ِبٱل ِذ‬ ‫ِ‬ ‫ون ۝ ف ِر ِحين ِبمٓا ءاتىهم‬
‫َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ ّ َ َّ َ َ ۡ َأ‬ ‫َخ ۡلفه ۡم َأ اَّل َخ ۡو ٌف َع َل ۡيه ۡم َواَل ُه ۡم َي ۡح َز ُن َ‬
‫ض ٖل َو َّن‬ ‫ون ۝ يستب ِشرون ِب ِنعم ٖة ِمن ٱلل ِه وف‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ َ اَل ُ ُ َأ ۡ َ مۡل ُ‬
‫ٱلله ي ِضيع جر ٱ ؤ ِم ِنين ﴾ (ال عمران‪ )١٧١- ١٦٩:‬نزلت هذه اآلیة الكریمة في‬
‫شهداء غزوة أحد‪29 ،‬وفضل هللا الذي فازوا به هو النعیم املقیم‪ ،‬وفي جزاء الشهداء ما‬
‫ُر ِو َي في صحیح مسلم‪ ..." :‬عن مسروق‪ ،‬قال‪ :‬سألنا عبد هللا عن هذه اآلیة قال أما إنا‬
‫قد سألنا عن ‪،‬ذلك‪ :‬فقال‪« :‬أرواحهم في جوف طیر خضر‪ ،‬لها قنادیل معلقة بالعرش‪،‬‬
‫تسرح من الجنة حیث شاءت‪ ،‬ثم تأوي إلى تلك القنادیل‪ ،‬فاطلع إلیهم ربهم اطالعة»‪،‬‬
‫فقال‪ :‬هل تشتهون شیئا؟ قالوا‪ :‬أي شيء‬
‫نشتهي ونحن نسرح من الجنة حیث شئنا‪ ،‬ففعل ذلك بهم ثالث مرات‪ ،‬فلما رأوا أنهم‬
‫قتل في‬ ‫لن یتركوا من أن یسألوا‪ ،‬قالوا‪ :‬یا رب‪ ،‬نرید أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى ُن َ‬
‫‪ُّ 30‬‬ ‫ُ‬
‫فرح أعظم من هذا‬ ‫سبیلك مرة أخرى‪ ،‬فلما رأى أن لیس لهم حاجة تركوا " ‪ ،‬فأي ٍ‬
‫الفرح‪ ،‬وهو الفوز بالجنة وغایة كل مؤمن في هذه الدنیا‪ ،‬أن یصل إلى تلك املرتبة‬
‫العظیمة في اآلخرة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الفرح املذموم‬

‫عدة وجوه‪،‬‬ ‫عند الرجوع إلى آیات القرآن الكریم‪ ،‬یتبین أن الفرح املذموم یأتي على ّ‬
‫وفیما‬
‫یلي بیان ذلك‪:‬‬
‫أنواع الفرح املذموم في القرآن‪:‬‬
‫تعددت أنواع الفرح املذموم املذكور في آیات القرآن الكریم‪ ،‬ویمكن حصرها في ثالثة‬
‫أنواع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬الفرح بالدنیا وزینتها‪I.‬‬

‫‪ 29‬البخاري‪,‬كتاب الجهاد والسیر‪،‬ـ (ج‪/4‬ص‪).21‬‬


‫‪ 30‬مسلم‪ :‬صحیح مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪,‬حدیث رقم ‪( 1887‬ج‪/3‬ص‪)1502‬‬

‫صفحة | ‪21‬‬
‫وهذا النوع املذموم في الشرع‪ ،‬تندرج تحته أغلب اآلیات‪ ،‬حیث تحمل معناه ثماني‬
‫مكیة إال واحدة مدنیة‪ ،‬وهي سورة الحدید‪ .‬واآلیات الثمان‬ ‫آیات من ثمان سور‪ ،‬كلها ّ‬
‫ِ‬
‫تنحصر في أمرین األول منهما‪ :‬التكبر والبطر‪ .‬والثاني‪ :‬الغفلة عند النعمة والقنوط عند‬
‫البالء‪ .‬وفیما یلي بیان ذلك‪:‬‬
‫النوع األول‪ :‬التكبر والبطر‪:‬‬
‫التكبر والخیالء صفة مذمومةـ مكروهة في دیننا الحنیف‪ ،‬حذرت منها الكثیر من آیات‬
‫القرآن الكریم‪ ،‬وورد فیها الكثیر من األحادیث النبویة الشریفة‪.‬‬
‫ون ك َ‬‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬
‫أ‪ .‬ومن اآلیات التي تحمل معنى الفرح بالدنیا ببطر وتكبر قوله تعالى﴿ َّن ق ُر َ‬
‫ان ِمن‬ ‫ِإ‬
‫َ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ ٰ َ َ ۡ ۡۖ َ َ َ ۡ َٰ ُ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ُ ٓ ُأ ۡ ُ ۡ َ ُأ ْ ۡ ُ َّ ۡ‬
‫وز مٓا ِإ ن مفا ِتحهۥ لتنو ِبٱلعصب ِة و ِلي ٱلقو ِة ِإ ذ‬ ‫قو ِم موسى فبغى علي ِهم وءاتينه ِمن ٱلكن ِ‬
‫ۡ‬ ‫َّ اَل‬ ‫َ َ َ َ اَل َ ۖ‬
‫ال ل ُهۥ ق ۡو ُم ُهۥ ت ۡف َر ۡح ِإ َّن ٱلل َه ُي ِح ُّب ٱل َف ِر ِح َين ﴾ (القصص‪ )٧٥:‬و بالرجوع إلى كتب‬ ‫ق‬
‫صح قوم قارون هو التحذیر من التكبر والبطر‬ ‫التفسیر‪ ،‬فإن املعنى الذي یحمله ُن ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫والبغي‪ .‬جاء في تفسیر یحیى بن سالم‪"َ :‬ی ْع ِني‪ :‬ال ت ْبط ْر َوال ت ْف َر ْح ِإ َّن الل َه ال یحب‪...‬‬
‫َأ‬ ‫َ مْل ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫مْل َ‬
‫ین ا ش ِر ِك َین‪ِ ،‬ي ‪:‬‬ ‫ا ِر ِح َین ال َب ِط ِر‬
‫َ ْ ُ َ َ ‪31‬‬
‫ون ِب َها‪َ ،‬وال یرجونها"‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َ ُّ ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫ون باآلخ َرة‪ ،‬ال ُیْؤ م ُن َ‬
‫ِ‬ ‫ال ِذین یف َرحون ِبالدنیا ال یف َرح ِ ِ ِ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫ون في ٱَأۡل ۡ‬‫﴿ذل ُكم ب َما ُك ُنت ۡم َت ۡف َر ُح َ‬
‫ِ‬
‫َٰ‬
‫ب‪ .‬ومن اآلیات املتضمنة ملعنى التكبر قوله تعالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون﴾(غافر‪.)٧٤:‬جاءت هذه اآلیة الكریمة بعد ذكر عدد من‬ ‫ب َغ ۡير ۡٱل َح ّق َوب َما ُك ُنت ۡم َت ۡم َر ُح َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اآلیات‬
‫التي تتحدث عن العذاب والهوان الذي یالقیه املكذبون الكافرون‪ ،‬وتأتي هذه اآلیة‬
‫لبیان‬
‫سبب عذابهم یوم القیامة‪ ،‬وهو بسبب "الباطل الذي كنتم تشتغلون به"‪ ،32‬و"جزاء‬
‫على فرحكم ِفي الدنیا بغیر الحق‪ ،‬و مرحكم وأشركم وبطركم"‬
‫النوع الثاني‪ I:‬الغفلة عند النعمة والقنوط عند البالء‪:‬‬
‫وفي هذا النوع خمس آیات‪ ،‬اآلیات األربع األولى متسلسلة في بیان حال الفئة الغافلة‪،‬‬
‫واآلیة الخامسة تتمیز بتحدثها عن فئة من الناس حدیثي عهد باإلسالم‪ .‬ونبدأ باآلیات‬
‫األربعة األولى‪:‬‬
‫حد اللهو‪،‬‬ ‫‪. 1‬تتحدث اآلیة األولى عن فئة من الناس غافلة‪ ،‬منغمسة في الدنیا وزینتها ّ‬
‫واتباع‬

‫‪ 31‬ابن سالم‪ :‬تفسیر یحیى بن سالم (ج‪/2‬ص‪) 609‬‬


‫‪32‬‬
‫الواحدي ‪,‬الوسیط في تفسیر الكتاب املجید(ج‪/4‬ص‪.)21‬‬

‫صفحة | ‪22‬‬
‫الهوى لدرجة معصیة هللا‪ ،‬فیأتي قدر هللا فیبتلیهم لیذكرهم وینبههم‪ ،‬فیذكرون هللا‬
‫ویتذللون ویقطعون الوعود‪ ،‬حتى إذا زال البالء عادوا إلى هواهم ونسوا ما كان بهم‪.‬‬
‫ۡ ۡ‬ ‫ٓ َ ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫﴿ه َو ٱل ِذي ُي َس ِّي ُرك ۡم ِفي ٱل َب ّ ِر َوٱل َب ۡح ۖ ِر َح َّت ٰى ِإ ذا ك ُنت ۡم ِفي ٱل ُفل ِك َو َج َر ۡي َن‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى‬
‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫مۡل‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫ََّ َ َ ُ ْ‬
‫اصف َو َج َٓاء ُه ُم ٱ ۡو ُج ِمن ك ِ ّل َمك ٖان َوظ ُّن ٓوا َّن ُه ۡم‬ ‫ِ‬
‫وا ب َها َج َٓاء ۡت َها ر ٌيح َ‬
‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ِب ِهم ِب ِر ٖيح ط ِيب ٖة وف ِرح ِ‬
‫ٱلشكر َ‬ ‫ٰ‬ ‫ون َّن م َن َّ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َٰ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُأ َ ۡ َ َ ُ ْ َّ َ ُ ۡ‬
‫ين﴾‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ۦ‬ ‫ه‬
‫ِِ‬‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫نج‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ِ ِئ‬ ‫ين‬ ‫ٱلد‬ ‫ه‬‫ل‬ ‫ين‬ ‫ص‬ ‫ِحيط ِب ِهم دعوا ٱلله م ِ ِ‬
‫ل‬ ‫خ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(يونس‪ )٢١:‬وهذه اآلیة الكریمة جاءت مثاال كامال إلیصال املعنى الذي تحمله اآلیة التي‬
‫تسبقها‪ ،‬وهو أن هللا إذا أنعم على الناس بعد دفع الضرر عنهم إذا هم یمكرون‬
‫ویكذبون‪ ،‬ویكفرون بنعمة هللا‪ ،‬و هذه اآلیة كاملفسرة لآلیة التي قبلها‪ ،‬وذكر هذا املثال‬
‫الجلي یكشف عن حقیقة املعنى الكلي املراد من اآلیات ‪33‬وجاء في تفسیر اآلیة الكریمة‬
‫أن هللا تعالى الذي سخر لكم أیها الناس كل شيء‪ " ،‬یجعلكم قادرین على قطع املسافات‬
‫َ ُ‬
‫باألرجل والدواب والفلك الجاریة في البحار‪{ ...‬حتى ِإ ذا ك ُنت ْم ِفى الفلك} أي السفن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫{ َو َج َر ْی َن} أي السفن { ِب ِه ُم}‪{ ...‬بریح طیبة} لینة الهبوب ال عاصفة وال ضعیفة { َوف ِر ُحوا‬
‫ٌ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫اصف} ذات عصف أي‬ ‫ِبها} بتلك الریح للینها واستقامتها {جاءتها} أي الفلك‪ِ {...‬ریح ع ِ‬
‫ُ َ‬ ‫شدیدة الهبوب { َو َج ُ‬
‫اءه ُم املوج} هو ما عال على املاء { ّمن ك ّل َمك ٍان } من البحر‪ ، "..‬وهنا‬
‫في موضع الخوف الشدید ال تظهر إال فطرة التوجه إلى هللا تعالى‪ ،‬وینجیهم هللا تعالى‬
‫منها ومن كل كرب‪ ،‬وفي الحال یعودون إلى ما ألفوه واعتادوه من العقائد الباطلة‬
‫واألخالق الذمیمة‬
‫‪ .2‬اآلیة الثانیة تتحدث عن الذین یقنطون ویكفرون وال یلجئون إلى هللا حین وقوع‬
‫الكرب‪،‬‬
‫تبدل نعمة هللا على اإلنسان إلى كرب ومصیبة‪،‬‬ ‫بالرغم مما توضحه اآلیة من ّأن سبب ّ‬
‫هو‬
‫قدمت أیدیهم من معصیة هللا ومن إساءة استخدام النعمة‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪:‬‬ ‫بما ّ‬
‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َئ ُۢ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ۖ‬ ‫ٗ َ‬ ‫﴿اذٓا َأ َذ ۡق َنا َّ‬
‫َ‬
‫اس َر ۡح َمة ف ِر ُحوا ِب َها َوِإ ن ت ِص ۡب ُه ۡم َس ِّي ة ِب َما ق َّد َم ۡت ۡي ِد ِيه ۡم ِإ ذا ُه ۡم‬ ‫ٱلن َ‬
‫ون﴾ـ (الروم‪ )٣٥:‬وفي تفسیر هذه اآلیة یقول الطبري‪" :‬إذا أصاب الناس منا خصب‬ ‫َي ۡق َن ُط َ‬
‫شدة من جدب‬ ‫ورخاء وعافیة في األبدان واألموال‪ ،‬فرحوا بذلك‪ ،‬وٕان تصبهم منا ّ‬
‫وقحط وبالء في األموال واألبدان‪...‬بما أسلفوا من سیئ األعمال بینهم وبین هللا‪ ،‬وركبوا‬
‫‪34‬‬
‫من املعاصي‪...‬إذا هم ییأسون من الفرج"‬

‫‪ 33‬الرازي‪ :،‬مفاتح الغیب‪( ،‬ج‪/17‬ص‪).232‬‬


‫‪ 34‬الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/20‬ص‪(102‬‬

‫صفحة | ‪23‬‬
‫یائس‪ ،‬یذهب عنه الكرب ُوین ِعم هللا‬ ‫‪ . 3‬أما اآلیة الثالثة فإنها تتحدث عن نوع قانط ٌ‬
‫علیه فال یشكر‪ ،‬ویعود النغماسه في هواه وتكبره‪ ،‬وطغیانه في نعمة هللا‪ .‬قال‬
‫َ َأ َ ۡ ٰ َ‬ ‫وس َك ُف ‪ٞ‬‬ ‫﴿و َل ۡن َأ َذ ۡق َناٱ َٰ‬
‫نس َن ِم َّنا َر ۡح َم ٗة ُث َّم َن َز ۡع َٰن َها ِم ۡن ُه َّن ُهۥ َل َئُـ ‪ٞ‬‬
‫ور ۝ َولِئ ۡن ذق َن ُه ن ۡع َم َٓاء‬ ‫ِإ‬ ‫ِإۡل‬
‫َ‬
‫تعالى ِئ‬
‫ور۝﴾ (هود‪ )٩-٨:‬واآلیة‬ ‫ات َع ّن ٓۚي َّن ُهۥ َل َفر ‪ٞ‬ح َف ُخ ٌ‬ ‫ٱلس ّئَـ ُ‬‫ول َّن َذ َه َب َّ‬ ‫َ ۡ َ َ َّ َ َ َّ ۡ ُ َ َ ُ َ‬
‫بعد ضرٓاء مسته ليق‬
‫ِ‬ ‫ِ ِإ‬ ‫ِ‬
‫األولى تبین الحال الواردة في النوع السابق‪.‬جاء في تفسیر كلمة (اإلنسان) الواردة في‬
‫عدة أقوال‪ ، :‬منها أنه اسم شائع للجنس‪ 35‬واملعنى‪ :‬إن‬ ‫اآلیة التاسعة من سورة هود ّ‬
‫ُُ‬
‫هذا الخلق في سجایا الناس‪ .36‬وقیل‪ :‬املراد هنا باإلنسان الكافر وعند استعراض‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫القولین السابقین یتبین ّأن هذا الحال مذموم‪ ،‬یوصف به من ذ ّمهم هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ .4‬اآلیة الرابعة تبین حال االستدراج في املعافى‪ ،‬فالقوم بعد التنبیه والتذكیر‬
‫یمدهم هللا‬ ‫واالبتالءات لم یتعظوا ولم یتنبهوا‪ ،‬بل قنطوا وعادوا إلى بغیهم‪ ،‬وهنا ّ‬
‫بالنعم‪ ،‬ویعطیهم على‬
‫وحق علیهم العذاب‪ .‬يقول‬ ‫معصیتهم‪ ،‬لیستدرجهم‪ ،‬فهم قنطوا ونسوا هللا فنسیهم‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ٓ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َأ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ْ ُ ّ ْ‬
‫هللا تعالى﴿فل َّما ن ُسوا َما ذ ِك ُروا ِب ِهۦ ف َت ۡح َنا َعل ۡي ِه ۡم ۡب َٰو َب ك ِ ّل ش ۡي ٍء َح َّت ٰى ِإ ذا ف ِر ُحوا ِب َمٓا‬
‫ون﴾ (االنعام‪)٤٣:‬جا في تفسير اآلية ملا تركو ما‬ ‫ُأ ُوت ٓو ْا َأ َخ ۡذ َٰن ُهم َب ۡغ َت ٗة َف َذا ُهم ُّم ۡبل ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ِإ‬
‫وعظوا وأمروا به‪ ،‬فتحنا علیهم أبواب كل شيء‪ ...‬وهذا فتح استدراج ومكر‪ ،‬أي بدلنا‬
‫مكان البالء والشدة الرخاء والصحة‪ ،‬حتى إذا فرحوا بما أوتوا‪ ،‬وهذا فرح بطر مثل‬
‫فرح قارون بما أصاب من الدنیا‪ ،‬أخذناهم بغتة و فجأة في آمن حال ما كانوا وأعجب‬
‫ما كانت الدنیا إلیهم‪ ،‬فإذا هم مبلسون‪ ،‬آیسون من كل خیر‪37"..‬ومن املالحظ أن كل‬
‫اآلیات السابقة الورادة في شأن الدنیا وزینتها مكیة‪ ،‬ومن املعلوم أن أبرز ما تهتم به‬
‫املكیة هو بناء العقیدة‪ ،‬ونوع التعلق بالدنیا أمر مهم وحساس في بناء العقیدة‬ ‫السور ّ‬
‫وقد تحدث عن ذلك العلماء في كتبهم‪ ،‬حتى إن هنالك مراتب توضح مكان الدنیا في‬
‫ً‬
‫قلب املرء‪ ،‬وكلما بعد تعلق القلب بالدنیا كلما كان اإلیمان سلیما‪.‬‬
‫‪. 5‬وأما اآلیة الخامسة التي انفردت في الحدیث عن فئة الناس حدیثي عهد باإلسالم‪،‬‬
‫وهي‬
‫اآلیة املدنیة الوحیدة الواردة في شأن الفرح املتعلق في الدنیا‪ ،‬وقد وردت في سورة‬
‫الحدید‪،‬‬

‫‪ 35‬القرطبي‪ :‬الجامع ألحكام القرآن (ج‪/9‬ص ‪(10‬‬


‫‪ 36‬أبو حیان‪ :‬البحر املحیط (ج‪/6‬ص‪.)127‬‬
‫‪ 37‬البغوي‪:‬معالم التنزیل في تفسیر القرآن (ج‪/2‬ص‪.)123‬‬

‫صفحة | ‪24‬‬
‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫ُ اَّل‬ ‫اَل َأ‬ ‫اب من ُّمص َيب ٖة في ٱَأۡل ۡ‬ ‫﴿مٓا َأ َ‬
‫ض َو ِف ٓي ُنف ِسك ۡم ِإ ِفي ِك َت ٖب ِّمن ق ۡب ِل‬ ‫ر‬
‫ِ ۡ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َ‬ ‫وهي قوله تعالى َ‬
‫َ ُ ۗ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ اَل َ‬ ‫ّ َ اَل َ ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َأ ۚ َٰ‬ ‫َأ‬
‫ن َّن ۡب َر َهٓا ِإ َّن ذ ِل َك َعلى ٱلل ِه َي ِسير۝ ِلك ۡي تأ َس ۡوا َعل ٰى َما فاتك ۡم َو ت ۡف َر ُحوا ِب َمٓا َءات ٰىك ۡم‬
‫َ َّ ُ اَل ُ ُّ ُ َّ ُ ۡ َ َ ُ‬
‫ور ﴾ (الحديد‪ )٢٢:‬واآلیتان متصلتان‪ ،‬وحتى یتضح املعنى‬ ‫وٱلله ي ِحب كل مخت ٖال فخ ٍ‬
‫ال بد من الوقوف على املراد بهما‪ ،‬فقد جاء في تفسیر اآلیتین‪ " :‬ال یحصل في األرض وال‬
‫في أنفسكم شىء إال وهو مثبت في اللوح املحفوظ على الوجه الذي سبق به العلم‪،‬‬
‫فكل ما حصل في‬ ‫وحق فیه الحكم فقبل أن نخلق ذلك أثبتناه في اللوح املحفوظ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫األرض من خصب أو جدب‪ ،‬من سعة أو ضیق‪ ،‬من فتنة أو استقامة وما حصل في‬
‫كل ذلك مثبت في اللوح املحفوظ قبل‬ ‫النفوس من حزن أو سرور‪ ،‬من حیاة أو موت ّ‬
‫ً‬
‫وقوعه بزمان طویل"‪ 38‬وألجل ذلك " ال تحزنوا حزنا یطغیكم على ما فاتكم من الدنیا‬
‫وسعتها‪ ،‬أو من العافیة وصحتها وال تفرحوا فرح املختال الفخور بما أعطاكم من‬
‫قل أساكم على الفائت وفرحكم‬ ‫اإلیتاء‪...‬إذا علمتم أن كل شيء مقدر مكتوب عند هللا‪ّ ،‬‬
‫على اآلتي‪ ،‬ألن من علم أن ما عنده مفقود ال محالة لم یتفاقم جزعه عند‬
‫فقده‪...‬وكذلك من علم أن بعض الخیر واصل إلیه وأن وصوله ال یفوته بحال‪ ،‬لم‬
‫یعظم فرحه عند نیله‪ ،‬ولیس أحد إال وهو یفرح عند منفعة تصیبه ویحزن عند‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مضرة تنزل به‪،‬ولكن ینبغي أن یكون الفر ح شكرا والحزن صبرا ‪ ،‬وٕانما یذم من‬
‫الحزن والجزع املنافي للصبر ومن الفرح األشر املطغي امللهي عن الشكر‪...‬ألن من فرح‬
‫بحظ من الدنیا وعظم في نفسه‪ ،‬اختال وافتخر‪ ،‬وتكبر على الناس"‬

‫‪ .2‬فرح املنافقین بمصاب املؤمنین‪.‬‬


‫تتمحور اآلیات الواردة في هذا الشأن حول فرحهم بكل أذى یصیب املؤمنین‪ ،‬وفرحهم‬
‫بالتخلف عن الغزوات مع رسول هللا صلى هللا علیه وسلم‪ ،‬وتقدیم راحتهم على الجهاد‪.‬‬
‫ْ ۖ‬ ‫َئ ‪ٞ‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪َ ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى في ذالك ﴿ِإ ن ت ۡم َس ۡسك ۡم َح َس َنة ت ُس ۡؤ ُه ۡم َوِإ ن ت ِص ۡبك ۡم َس ِّي ة َي ۡف َر ُحوا ِب َها َوِإ ن‬
‫‪ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ ُ ْ َ َ َّ ُ ْ اَل َ ُ ُّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ ًٔ ۗ َّ َّ َ َ َ ۡ َ ُ‬
‫تص ِبروا وتتقوا يضركم كيدهم شيـا ِإ ن ٱلله ِبما يعملون م ِحيط﴾ (آل عمران‪)١١٩:‬‬
‫جاء في تفسیر اآلیة‪ِ" :‬إ ْن تصبكم أیها املؤمنون‪ ..‬منافع الدنیا مثل ظهوركم على عدوكم‪،‬‬
‫وٕاصابتكم غنیمة منهم‪ ،‬وتتابع الناس في الدخول في دینكم‪ ،‬وخصب في معایشكم‪...‬‬
‫تحزنهم‬
‫وتغمهم‪ ...‬وٕان تصبكم‪ ...‬مساءة من إخفاق سریة لكم‪ ،‬أو إصابة عدو منكم‪ ،‬أو‬
‫اختالف یقع‬

‫‪ 38‬القشیري‪:‬ـ لطائف اإلشارات (ج‪/3‬ص‪) 543‬‬

‫صفحة | ‪25‬‬
‫بینكم‪ ،‬أو غدر ونكبة ومكروه یصیبكم َی ْف َر ُحوا ِبها أي بما أصابكم من ذلك املكروه‬
‫ص ِب ُروا على أذاهم وعلى طاعة هللا وما ینالكم فیها من شدة وتتقوا أي تخالفوا‬ ‫َو ْن َت ْ‬
‫ِٕا‬
‫ربكم‪ ،‬وقیل وتتقوا ما نهاكم عنه وتتوكلوا علیه‪ ،‬ال یضركم أي ال ینقصكم كیدهم أي‬
‫َّ‬
‫عداوتهم ومكرهم شیئا‪ ،‬أي ألنكم في عنایة هللا وحفظه ِإ ن الله‪ ...‬عالم بما یعملون من‬
‫عداوتكم وأذاكم فیعاقبهم علیه‪ ...‬وعالم بما تعملون أیها املؤمنون من الصبر والتقوى‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫فیجازیكم علیه‪ُ ،‬م ِحیط أي عالم بجمیع ذلك حافظ ال یعزب عنه شيء منه"‪ .‬وأیضا‬
‫ورد في ذلك قوله تعالى‬
‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬
‫ون ب َمٓا َتوا َّو ُيح ُّب َ‬ ‫﴿ال َت ۡح َس َب َّن َّٱلذ َ‬
‫ون ن ُي ۡح َم ُدوا ِب َما ل ۡم َي ۡف َعلوا ف ت ۡح َس َب َّن ُهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َي ۡف َر ُح َ‬
‫ِ‬
‫َأ‬
‫اب ِل ‪ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اب َول ُه ۡم َعذ ٌ‬ ‫ب َم َف َاز ٖة ّم َن ۡٱل َعذ ۖ‬
‫َ‬
‫يم﴾(آل عمران‪ )١٨٨:‬وفي الفئة املقصودة في هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلیة ذكر الطبري قولین ‪ :‬األول‪ :‬قوم من أهل النفاق كانوا یقعدون خالف رسول هللا‬ ‫ٌ‬ ‫‪39‬‬

‫صلى هللا علیه وسلم إذا غزا العدو‪ ،‬فإذا انصرف رسول هللا صلى هللا علیه وسلم‬
‫وأحبوا أن یحمدوا بما لم یفعلوا‪ .‬الثاني‪ :‬قوم من أحبار الیهود‪ ،‬كانوا‬ ‫اعتذروا إلیه‪ّ ،‬‬
‫یفرحون بإضاللهم الناس‪ ،‬ونسبة الناس إیاهم إلى العلم‪ ،‬وقیل‪ :‬إنهم فرحوا باجتماع‬
‫كلمتهم على تكذیب محمد صلى هللا علیه وسلم‪ ،‬ویحبون أن یحمدوا بأن یقال لهم‪ :‬أهل‬
‫یحمدهم الناس على ذلك‪،‬‬ ‫صالة وصیام‪ ،‬وقیل‪ :‬من تبدیلهم كتاب هللا‪ ،‬ویحبون أن َ‬
‫كل من‬ ‫وسواء كانت الفئة املقصودة املنافقین أو الیهود فاملعنى املراد من اآلیة یشمل ّ‬
‫عمل عملهم‪ ،‬في كل زمان ومكان‪ ،‬فالعبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب‪ ،‬ویدخل‬
‫في معنى هذه اآلیة الریاء‪ ،‬فقد ذكر ابن القیم ذلك حیث قال‪ " :‬من ال إخالص له وال‬
‫متابعة‪ ،‬فلیس عمله موافقا لشرع‪ ،‬وال هو خالص للمعبود‪ ،‬كأعمال املتزینین للناس‬
‫املرائین لهم بما لم یشرعه هللا ورسوله‪ .‬وهؤالء شرار الخلق وأمقتهم إلى هللا عز وجل‪.‬‬
‫ون ‪ "...‬فهم یفرحون بما أتوا‬ ‫ولهم أوفر نصیب من قوله تعالى‪ " :‬ال َت ْح َس َب َّن َّالذ َ‬
‫ین َی ْف َر ُح َ‬
‫ِ‬
‫من البدعة والضاللة والشرك‪ ،‬ویحبون أن یحمدوا باتباع السنة واإلخالص‪ ،‬وهذا‬
‫الضرب یكثر فیمن انحرف من املنتسبین إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط‬
‫املستقیم‪ ،‬فإنهم یرتكبون البدع والضالالت‪ ،‬والریاء والسمعة ویحبون أن یحمدوا بما‬
‫لم یفعلوه من‬
‫ً‬
‫االتباع واإلخالص والعلم‪ .‬فهم أهل الغضب والضالل"‪40‬ومن اآلیات الواردة فیهم أیضا‬
‫ْ َأ ٰ ْ َأ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ مۡل ُ َ َّ ُ َ َ ۡ َ ۡ َٰ َ‬
‫ول ٱلل ِه َوك ِر ُه ٓوا ن ُي َج ِه ُدوا ِب ۡم َٰو ِل ِه ۡم‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫ف َر ُ‬ ‫قوله تعالى ﴿ف ِرح ٱ خلفون ِبمقع ِد ِهم ِخل‬

‫‪ 39‬الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/7‬ص‪) 470-465‬‬


‫‪ 40‬ابن القیم‪ :‬التفسیر القیم‪ :‬تفسیر القرآن الكریم ‪( -‬ص‪)80‬‬

‫صفحة | ‪26‬‬
‫ۚ َّ َ ُ ْ‬ ‫َأ َ‬ ‫ْ ۡ ُ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ اَل َ‬ ‫َأ‬
‫َو ُنف ِس ِه ۡم ِفي َس ِب ِيل ٱلل ِه َوقالوا ت ِنف ُروا ِفي ٱل َح ّۗ ِر ق ۡل ن ُار َج َه َّن َم ش ُّد َح ّٗرا ل ۡو كانوا‬
‫ون﴾(التوبه‪)٨٠:‬‬ ‫َي ۡف َق ُه َ‬
‫هذه اآلیة الكریمة جمعت جمیع خصال الشر التي فعلها املنافقون‪ ،‬وهي أنهم فرحوا‬
‫ً‬
‫بالتخلف عن الغزو مع رسول هللا ألنهم أصال كرهوا الجهاد في سبیل هللا‪ ،‬ولم یكتفوا‬
‫وصدهم عن الخروج إلى الغزو مع رسول هللا‪ ،‬وذلك‬ ‫بذلك بل قاموا بتثبیط الناس ّ‬
‫حر الجو وقلة تجهیزات‬ ‫كان في غزوة تبوك‪ ،‬وسمیت غزوة العسرة ملا جمعته من ّ‬
‫الجیش‪ .‬وهؤالء هم خائبون‪ ،‬ألن هللا تعالى استغنى عنهم وال یریدهم‪ ،‬فهم قد "‬
‫استحوذ علیهم سرورهم بتخلفهم‪ ،‬ولم یعلموا أن ثبورهم فى تأخرهم وما آثروه من‬
‫راحة نفوسهم على أداء حق هللا‪،‬‬
‫والخروج فى صحبة رسول هللا صلى هللا علیه وسلم‪ ،‬فنزع هللا الراحة بما عاقبهم‪،‬‬
‫یتحسرون والت حین‬ ‫ّ‬ ‫قدموه من نفاقهم‪ ،‬وسوف‬ ‫وسیصلون سعیرا فى اآلخرة بما ّ‬
‫‪41‬‬
‫تحسر"‬ ‫ّ‬

‫‪ .3‬فرح الكافرین بتحزبهم‪ I‬وكتمان العلم وتحریفه‪.‬‬


‫ورد في القرآن الكریم ثالث آیات تتحدث عن هذا النوع‪ ،‬وقد جاء الفرح في هذه اآلیات‬
‫بمعنى فرحهم بالرضا‪ ،‬فكل فرقة في الدین راضون ومسرورون‪ .‬ومن هذه اآلیات قوله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ۖ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫﴿ف َت َقط ُع ٓوا ۡم َر ُهم َب ۡي َن ُه ۡم ُز ُب ٗرا ك ُّل ح ۡزب ب َما ل َد ۡيه ۡم فر ُح َ‬
‫ون﴾(املؤمنون‪)٥٢:‬جاء في تفسیر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِۭ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫اآلیة‪" :‬فرقوا دینهم وتفرقوا في دینهم‪ ،‬ومعناه أن دین هللا واحد‪ ،‬فجعلوه أدیانا مختلفة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫زبرا‪ ...‬أي قطعا وفرقا ‪...‬أي كتبا مختلفة‪ ،‬فتقطعوا كتاب هللا وحرفوه وغیروه‪ ،‬كل‬
‫﴿م َن‬
‫حزب‪...‬بما هم علیه من الدین معجبون‪ ،‬راضون به" ومن آلیات أیضا قوله تعالى ِ‬
‫ون﴾(الروم‪ )٣١:‬وفي تفسیرها‬ ‫وا ش َي ٗع ۖا ُك ُّل ح ۡزب ب َما َل َد ۡيه ۡم َفر ُح َ‬‫َّ َ َ َّ ُ ْ َ ُ ۡ َ َ ُ ْ‬
‫ٱل ِذين فرقوا ِدينهم وكان‬
‫ِ ِ‬ ‫ۭ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫قال الطبري‪" :‬ال تكونوا من املشركین الذین بدلوا دینهم‪ ،‬وخالفوه ففارقوه‪...‬وكانوا‬
‫أحزابا فرقا كالیهود والنصارى‪ ...‬كل طائفة وفرقة من هؤالء الذین فارقوا دینهم‬
‫الحق‪ ،‬فأحدثوا البدع التي أحدثوا‪ ...‬وهم بما هم به متمسكون من املذهب‪ ،‬فرحون‬
‫مسرورون‪ ،‬یحسبون أن الصواب معهم دون غیرهم"‬
‫ومن املؤسف أن نذكر الحال الذي طرأ على األمة اإلسالمیةـ من تفرقها وتحزبها‬
‫وبعدها عن الحق والصواب‪ ،‬وهذا ما أخبر عنه الرسول صلى هللا علیه وسلم‪ ،‬عن‬

‫‪ 41‬القشیري‪:‬ـ لطائف اإلشارات (ج‪/2‬ص‪) 50‬‬

‫صفحة | ‪27‬‬
‫أنس بن مالك‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علیه وسلم‪ " :‬إن بني إسرائیل افترقت‬
‫على إحدى وسبعین فرقة‪ ،‬وٕان أمتي ستفترق على ثنتین وسبعین فرقة‪ ،‬كلها في النار‪،‬‬
‫إال واحدة وهي‪ :‬الجماعة"‪42‬وكل ما أصاب األمة من جراحات وتراجع‪ ،‬هو بسبب‬
‫االختالف الحاصل‪ ،‬فكل جماعة أخذت من الدین ما یناسب هواها‪ ،‬بل وحرفت الباقي‬
‫ووضعت فیه ما لیس فیه‪ ،‬والحق واحد والدین‬
‫واحد ال یتفرق‪ ،‬فنقطة البدایة للرجوع إلى املجد الذي كان‪ ،‬هو باالتحاد والرجوع إلى‬
‫الدین الحق املحفوظ حتى قیام الساعة‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬ضوابط الفرح‬

‫ورود هذه اآلیات الكریمة فیما سبق‪ ،‬ال یعني حصر أسباب الفرح في الدنیا واآلخرة‬
‫كثیر من اآلیات الكریمة التي تتحدث عن فرح أهل الجنة‪،‬‬‫بما تحدثت عنه‪ ،‬بل هناك ٌ‬
‫ً‬
‫وتنعمهم فیها‪ ،‬أما في الدنیا ففیها أیضا من األمور التي یفرح بها املرء‪ ،‬وذلك تتحدث‬
‫عنه آیات القرآن الكریم‪ ،‬وسیرة املصطفى صلى هللا علیه وسلم‪،‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬ضوابط الفرح املحمود‪:‬‬
‫أمان من الوقوع في املحظور‪ ،‬وبإتاحة‬ ‫تكمن أهمیة ذكر الضوابط في إبقاء املرء في ٍ‬
‫ً‬
‫التنعم بكل نعم هللا التي ما أنعمها على خلقه إال لیسعدوا بها‪ ،‬ولیتخذوها سبیال‬
‫للوصول إلى‬
‫السعادة األبدیة‪ ،‬فكل إنسان " إال وهو فازع إلى السعادة یطلبها بجهد ولكن كثیرا ما‬
‫ين‬‫یخطئ فیظن ما لیس بسعادة في ذاته أنه سعادة فیغتر بها "‪ 43‬قال هللا تعالى﴿ َو َّٱلذ َ‬
‫ٗ ِ‬
‫َ ٔ‬ ‫َ‬ ‫ٓ َ‬ ‫ٱلظ ۡمَٔـ ُ‬
‫ان َم ًٓاء َح َّت ٰى ِإ ذا َج َٓاء ُهۥ ل ۡم َي ِج ۡد ُه ش ۡيـا َو َو َج َد‬
‫َ َ ۡ َ ُ ُ َّ‬
‫اب ِب ِقيع ٖة يحسبه‬ ‫ر‬‫َك َف ُر ٓو ْا َأ ۡع َٰم ُل ُه ۡم َك َس َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ ُ َ َ َّ ٰ ُ َ ۭ َ ُ َ َّ ُ َ ُ ۡ‬
‫اب﴾ (النور‪،)٣٨:‬و لإلنسان سعادات أتیحت‬ ‫ٱلله ِعندهۥ فوفىه ِحساب ۥۗه وٱلله س ِريع ٱل ِحس ِ‬
‫له‪ ..‬وجمیع النعم والسعادات على القول املجمل ضربان‪ ،‬ضرب دائم ال یبید وال‬
‫ُأل‬
‫یحول‪ ،‬وهو النعم ا خرویة‪ ،‬وضرب یبید ویحول‪ ،‬وهو النعم الدنیویة‪ .‬والنعم‬

‫‪42‬‬
‫ابن ماجه‪ ،‬كتاب الفتن‪ ،‬باب افتراق األمم‪ ،‬حدیث رقم ‪، 3993‬ج‪، 2‬ص‪. 1322‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫‪ 43‬األصفهاني‪ :‬تفصیل النشأتین وتحصیل السعادتین‪ ،‬ص‪. 65‬‬

‫صفحة | ‪28‬‬
‫الدنیویة متى لم توصلنا إلى تلك السعادات فهي كسراب ِبقیعة وغرور وفتنة وعذاب"‪،‬‬
‫و قد وضح األصفهاني تناول الناس للنعم فقال‪" :‬الناس في تناولها فریقان‪ :‬فریق‬
‫یتناولها على الوجه الذي جعله هللا لهم فانتفعوا به‪ ،‬فصار ذلك لهم نعمة وسعادة‪...‬‬
‫وفریق یتناولها ال على الوجه الذي جعلها هللا لهم‪ ،‬فركنوا إلیها فصار ذلك لهم نقمة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وشقاوة‪ ،‬فتعذبوا بها عاجال وآجال "إذن‪ ،‬تناول النعم على الوجه الذي یرضي هللا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تعالى‪ ،‬هو الذي یولد السعادة والفرح املضبوط شرعیا والذي ال شقاوة فیه‪ ،‬فال یتكبر‬
‫َّ‬
‫ویبطر بنعمة هللا علیه‪ ،‬وال یتنعم بالنعمة حتى یغفل ویتبع هواه وینسى حق غیره فیها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫وال یتبع السبل الحرام حتى یحصل على سعادته املرجوة‪ .‬ولكي نحسن التعامل مع‬
‫ُ‬ ‫ُأ َ‬ ‫النعم‪ّ ،‬‬
‫ونعبر عن فرحنا بها حتى لو ِخذت على الوجه املرضي للحق سبحانه لئال‬
‫تنقلب من نعمة إلى عذاب‪ ،‬ال ّبد من ضوابط‪ ،‬وفیما یلي بیانها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ o‬أوال‪ :‬الشكر‪:‬‬
‫ون﴾ (البقره‪ ،)١٥١:‬قرن هللا‬ ‫َ ۡ ُ ُ ٓ َأ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ْ َ اَل َ ۡ ُ ُ‬
‫قال تعالى ﴿فٱذكرو ِني ذكركم وٱشكروا ِلي و تكفر ِ‬
‫ص بمنة هللا علیه‪ ،‬والشكر وأهله أحب‬ ‫تعالى الشكر باإلیمان‪ ،‬وأن العبد إذا شكر ُخ ّ‬
‫األشیاء إلى هللا‪ ،‬فكثیر من آیات القرآن الكریم یقابل سبحانه فیها بین الشكر والكفر‪،‬‬
‫ً‬
‫وقد أطلق جل جالله جزاء الشكر إطالقا‪ ،‬فعلقه باملزید الذي ال نهایة له‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ ۖ َ َ ُ‬ ‫ُ َ َ َ ُ َأَل‬ ‫َ ۡ َ َأ َّ‬
‫﴿وِإ ذ ت ذ َن َر ُّبك ۡم لِئ ن شك ۡرت ۡم ِز َيد َّنك ۡم َولِئ ن ك َف ۡرت ۡم ِإ َّن َعذ ِابي لش ِد ‪ٞ‬يد﴾ (ابراهيم‪)٦:‬‬
‫وهذا على عكس غيره من الجزاء املوقوف على مشیئته تعالى‪ .‬وألجل عظم مكانته‬
‫تصدى له الشیطان‪ ،‬وجعل هدفه قطع الناس عنه‪ ،‬والغفلة عن ذكره وشكره‪ ،‬قال‬
‫ۖ اَل َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َۡ‬ ‫َأ‬ ‫ُ أَل ٓ‬
‫تعالى﴿ ث َّم ِت َي َّن ُهم ِّم ۢن َب ۡي ِن ۡي ِد ِيه ۡم َو ِم ۡن خل ِف ِه ۡم َو َع ۡن ۡي َٰم ِن ِه ۡم َو َعن ش َمٓاِئ ِل ِه ۡم َو ت ِج ُد‬
‫ين﴾ (األعراف‪،)١٦:‬وبذلك وصف هللا أهل الشكر أنهم قلیل فقال جل‬ ‫َأ ۡك َث َر ُه ۡم َٰشكر َ‬
‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يل من ِعب ِاد َي ٱلشك ُ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۚ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٓ‬
‫ٱع َملوا َء َ‬‫ُ‬ ‫جالله﴿ ۡ‬
‫ور﴾ (سبأ‪ ،)١٢:‬كما وصف هللا‬ ‫ال داوۥد شك ٗرا وق ِل ‪ِ ٞ‬‬
‫أهل الشكر بأنهم أهل عبادته‪ ،‬وبشكرهم إیاه فازوا برضوانه‪ ،‬فالشكر هو الغایة التي‬
‫‪44‬‬
‫خلق عبیده ألجلها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ o‬ثانیا‪ :‬تذكر من هم دونك بالنعم‪:‬‬
‫فعندما یعتاد اإلنسان على ما لدیه من نعم هللا التي ال تحصى‪ ،‬ویبدأ باالنتباه إلى ما‬
‫عنده‬
‫حن ومصائب‪ ،‬فلینظر إلى من هم دونه في نعم الحیاة‪ ،‬حتى‬ ‫من نواقص‪ ،‬وربما ِم ٍ‬
‫یستشعر نعمة هللا علیه ویعود لرشده ویشكر هللا تعالى على ما لدیه‪ ،‬ویمد ید العون‬

‫‪ 44‬ابن القیم‪ :‬عدة الصابرین وذخیرة الشاكرین‪ ،‬ص‪136- 111‬‬

‫صفحة | ‪29‬‬
‫لغیره إن استطاع‪ ،‬فعن أبي هریرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا علیه وسلم‪" :‬انظروا‬
‫إلى من أسفل منكم‪ ،‬وال تنظروا إلى من هو فوقكم‪ ،‬فإنه أجدر أن ال تزدروا نعمة هللا‬
‫‪45‬‬
‫علیكم"‬
‫ً‬
‫‪ o‬ثالثا‪ :‬تذكیر النفس أن ما بالعبد من نعمة هو من هللا تعالى وفضله‪:‬‬
‫على العبد إن حصل على عطاء ونعمة من هللا تعالى‪ ،‬أن یحدث نفسه ّأن ما به من‬
‫ّ‬
‫نعمة هو من فضل هللا تعالى وتوفیقه‪ ،‬وأال یتفاخر بأنه حصل على كذا من جهده ومن‬
‫تدبیره‬
‫یحدث نفسه ومن حوله أن هذا فضل هللا ومنته وتوفیقه‪ ،‬و التحدیث‬ ‫املمیز‪ ،‬بل ّ‬
‫َ َأ‬
‫﴿و َّما ِب ِن ۡع َم ِة‬ ‫بنعمة هللا من األمور التي یحبها هللا تعالى وقد أمر نبیه بها‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫َ ۡ‬
‫َر ِّب َك ف َح ِّدث ﴾ (الضحى‪)١١:‬قال ابن القیم‪" :‬ومعاني الشكر ثالثة أشیاء‪ :‬معرفة النعمة‪.‬‬
‫ثم قبول النعمة‪ .‬ثم الثناء بها‪...‬أما معرفتها‪ :‬فهو إحضارها في الذهن‪ ،‬ومشاهدتها‬
‫ُ‬
‫وتمییزها‪ ...‬ثم قبول النعمة‪ ،‬قبولها‪ :‬هو تلقیها من املنعم بإظهار الفقر والفاقة إلیها‪،‬‬
‫وأن وصولها إلیه بغیر استحقاق منه‪ ،‬وال بذل ثمن‪ ،‬بل یرى نفسه فیها كالطفیلي‪ّ ،‬‬
‫فإن‬
‫هذا شاهد بقبولها حقیقة‪...‬ثم الثناء بها‪ ،‬الثناء على املنعم‪ ،‬املتعلق بالنعمة نوعان‪:‬‬
‫عام‪ ،‬وخاص‪ .‬فالعام‪ :‬وصفه بالجود والكرم‪ ،‬والبر واإلحسان‪ ،‬وسعة العطاء‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬والخاص‪ :‬التحدث بنعمته‪ ،‬واإلخبار بوصولها إلیه من جهته‪ ...‬وفي هذا التحدیث‬
‫‪46‬‬
‫املأمور به قوالن‪ ،‬أحدهما‪ :‬أنه ِذ كر النعمة‪ ،‬واإلخبار بها‪...‬والتحدث بنعمة هللا شكر"‬
‫ً‬
‫‪ o‬رابعا‪ :‬الحذر من اإلسراف في املباحات‬
‫یعد نعمة هللا علیه وحده‪ ،‬فكیف بكل الخلق‬ ‫نعم هللا تعالى كثیرة‪ ،‬وال یمكن ألحد أن ّ‬
‫َ َ ُ ُّ ْ ۡ َ َ َّ اَل ُ ۡ ُ َ ۗ َّ َّ‬
‫ٱلل َه َل َغ ُف ‪ٞ‬‬
‫ور َّر ِح ‪ٞ‬‬
‫يم ﴾ (النحل‪:‬‬ ‫والكون قال تعالى ﴿وِإ ن تعدوا ِنعمة ٱلل ِه تحصوهٓا ِإ ن‬
‫‪)١٧‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،‬وٕان هللا تعالى یحب أن یرى أثر نعمته على عبده‪ ،‬ولكن یحذر الشرع من اإلسراف في‬
‫التمتع بالنعم املباحة‪ ،‬ألنها تؤدي إلى مهلكة في الجسد والدین واملجتمع ككل‪ ،‬فانظر إلى‬
‫من یحب تناول الطعام‪ ،‬كیف إن أسرف في ذلك آذى جسده بالسمنة املؤدیة إلى‬
‫ُ‬
‫التمتع‬ ‫أمراض قاتلة‪ ،‬ومن یمتلىء یومه بالترویح عن النفس بمختلف أنواعها‪ ،‬سیقلل‬
‫بها من ذكر هللا‪ ،‬ولربما تلهي عن كثیر من الطاعات‪ ،‬ولربما ینشغل املرء بالتمتع بنفسه‬
‫وعائلته‪ ،‬وینسى غیره من املحتاجین والفقراء‪.‬‬

‫‪ 45‬صحیح مسلم‪ ،‬كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬حدیث رقم ‪(،2963‬ج‪/4‬ص‪)2275‬‬


‫‪ 46‬ابن القیم‪ :‬مدارج السالكین بین منازل إیاك نعبد وٕایاك نستعین‪( ،‬ج‪/2‬ص‪) 238‬‬

‫صفحة | ‪30‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬ضوابط الفرح املذموم وعالجه‪:‬‬
‫تم عرض اآلیات التي تحدثت عن الفرح املذموم‪ ،‬ونتیجة لدراسة ما جاء في‬ ‫بعد أن ّ‬
‫تفسیرها‪ ،‬یتبین أن ضوابط الفرح املذموم هي عالج واحد تنحصر تحته جمیع أسالیب‬
‫الشفاء منه واالبتعاد عنه‪ ،‬وهو الرجوع إلى دین هللا تعالى‪ ،‬وفیما یلي بیان ذلك‪:‬‬
‫‪ o‬الرجوع إلى دین هللا‪:‬‬
‫تكاد تنحصر أسباب الفرح املذموم في أمرین كما سبق‪ ،‬لكن األمر األول عالجه لیس‬
‫ّ‬
‫برد‬
‫الرزق‪ ،‬ولیس بطلب الفقر‪ ،‬فكما سلف ذكره فإن هللا یحب أن یرى أثر نعمته على‬
‫ومن ته‪ ،‬وروي عن السلف الصالح ٌ‬
‫قول‬ ‫عبده‪ ،‬ویحب أن یتمتع عباده بنعمه وفضله ّ‬
‫إلي من أن ابتلى‬ ‫ذكره ابن القیم ملطرف بن عبدهللا قال‪( :‬ألن أعافى فأشكر أحب ّ‬
‫فأصبر)‬
‫‪ ،‬فسعة الرزق ونعمة هللا خیر‪ ،‬لكن األصل أن یتمتع بها العبد بالكیفیة التي ترضي هللا‬
‫تعالى عنه‪ ،‬فیشكر هللا تعالى‪ ،‬ویتصدق ویزكي ویساعد غیره من العباد‪ ،‬ویعطي كل ذي‬
‫حق حقه‪ ،‬ویطلب من هللا التوفیق لینفقها في وجوه الخیر‪ ،‬ولیزید منها بطرق الخیر‪،‬‬
‫ویتواضع هللا تعالى‪ ،‬ویوقن بقلبه قبل كل شيء أنه عبد مأمور هللا آتاه هللا من ملكه‪،‬‬
‫للبراءة من رؤیة‬‫َ‬ ‫فیتصرف به تصرف اململوك ال املالك‪ ،‬قال ابن القیم‪ " :‬الفقر اسم‬
‫جر د رؤیة امللك ملالكه الحق‪ ،‬فیرى نفسه مملوكة‬
‫ُ‬
‫ی‬ ‫املَ َلكة‪ ،‬یعنى َأ ن الفقیر هو الذى ُ‬
‫َأ‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫لله ال یرى نفسه مالكا بوجه من الوجوه‪ ،‬ویرى عماله م ست حق ة علیه بمقتضى‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كونه مملوكا عبدا مستعمال فیما مره به سیده‪ ،‬فنفسه مملوكة‪ ،‬و عماله مستحقة‬
‫َأ‬ ‫ً‬
‫بموجب العبودیة‪ ،‬فلیس مالكا لنفسه وال لشيء من ذراته وال لشيء من عماله‪ ...‬فاهلل‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫هو املالك الحق‪ ،‬وكل ما بید خلقه هو من مواله و مالكه وخزائنه فاضها علیهم‬
‫وجل‪،‬‬‫لیمتحنهم فى البذل وا مساك‪ ،‬وهل یكون ذلك منهم على شاهد العبودیة هللا َع َّز َّ‬
‫ِإل‬ ‫َأ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فیبذل حدهم الشيء رغبة فى ثواب هللا ورهبة من عقابه وتقربا ِإ لیه وطلبا ملرضاته؟‬
‫ً‬ ‫َأ‬
‫م یكون البذل واِإل مساك منهم صادرا عن مراد النفس وغلبة الهوى وموجب الطبع ُفی‬
‫ً‬
‫عطي لهواه ویمنع لهواه؟ فیكون متصرفا تصرف املالك ال اململوك‪ ،‬فیكون مصدر‬
‫َأ‬
‫جاه و رفعة أو منزلة‬ ‫تصرفه الهوى ومراد النفس‪ ،‬وغایته الرغبة فیما عند الخلق من ٍ‬
‫َأل‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫و مدح و حظ من الحظوظ‪ ،‬و الرهبة من فوت شيء من هذه ا شیاء‪ ،‬وِٕا ذا كان‬
‫ً‬ ‫َأ‬
‫مصدر تصرفه وغایته هو هذه الرغبة والرهبة ر ى نفسه ال محالة مالكا‪ ،‬فادعى امللك‬

‫صفحة | ‪31‬‬
‫َأ‬
‫وخرج عن حد العبودیة ونسى فقره‪ ،‬ولو عرف نفسه حق املعرفة لعلم نما هو‬
‫‪47‬‬ ‫مملوك ُم َ‬
‫مت َحن في صورة ملك متصرف‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬انواع الحزن ويشمل ثالثه مباحث‬

‫ٌ‬
‫فإنه ملا كانت أسباب الحزن ودواعيه مختلفة‪ ،‬فمنها أسباب مباحة و‪ ،‬منهـا أسـباب‬
‫ٌ‬
‫أنواع مختلفـة كـذلك‪،‬‬‫ٍ‬ ‫على‬ ‫الحزن‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫بد‬ ‫ال‬ ‫كان‬ ‫محمودة‪،‬‬ ‫أسباب‬ ‫منها‬ ‫و‬ ‫مذمومة‬
‫تبعـا ألسبابه ودواعيه‪ ،‬فيكون منه الحزن املباح‪ ،‬والحزن املذموم ‪ ،‬والحزن املمدوح‬
‫كما سيأتي‪:‬‬
‫الحزن املباح‪:‬‬
‫أمر مباح‪ ،‬مثل فقد ولد‪ ،‬أو فقد مال‪ ،‬أو غياب محبوب‪،‬‬ ‫هو أن يحزن اإلنسان على ٍ‬
‫فهذه األمور ال يؤاخذ اإل نسان بالحزن عليها‪ ،‬وكذلك ال يأثم إن لم يحزن عليها ‪ ،‬إال‬
‫أنها تعتبـر مـن رحمة القلب‪.‬‬
‫ومن هذا النوع‪ :‬الحزن عند املصائب التي قد تلم باإلنسان‪ ،‬فإن الحزن عندها ال ينـافي‬

‫‪ 47‬ابن القیم‪ :‬طریق الهجرتین وباب السعادتین‪،‬ـ ص‪. 12-11‬‬

‫صفحة | ‪32‬‬
‫ْ مْل‬ ‫َ‬
‫عند ا صيبة‬ ‫الصبر وال ينافي الرضا بالقضاء‪ .‬فقد ترجم البخاري بقوله " من جلس‬
‫ُ‬
‫يعرف فيه الحزن"‪48‬وقال ابن حجر " ولم يفصح املصنف بحكم هذه املسألة وال التي‬
‫كال منهما ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ ْ مْل‬ ‫َ ْ‬
‫قابل‬ ‫عند ا صيبة"‪ ،‬ألن‬ ‫بعدها حيث ترجم بقوله‪ ":‬من لم يظ ِهر حزنه‬
‫للترجيح‪ ،‬أما األول فلكونه مـن فعـل النبي‪ ،‬والثاني من تقريره‪ ،‬وما يباشره بالفعل‬
‫ً‬
‫أرجح غالبا وأما الثاني فألنه فعل أبلغ فـي الصبر وأزجر للنفس فيرجح‪ ،‬ويحمل فعله‬
‫املذكور على بيان الجواز‪ ،‬ويكون فعله في حقـه في تلك الحالة أولى‪ .‬ومن أمثلة هذا‬
‫النوع من الحزن‪ ،‬الحزن بسبب ما يصيب الولد‪ ،‬فقد حزن يعقوب علـى ابنه أشد‬
‫َ َ َ َّ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ََٰٓأ َ َ ٰ َ َ ٰ ُ ُ َ‬
‫ض ۡت َع ۡي َن ُاه‬ ‫ف َو ۡٱب َي َّ‬ ‫الحزن‪ ،‬حتى قال هللا تعالى فيـه ﴿وتولى عنهم وقال ي سفى على يوس‬
‫ُ‬
‫ضا ۡو َتك َ‬ ‫َأ‬ ‫ون َح َر ً‬ ‫َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ ‪َُ ۡ َ َّ َ ْ ُ َ ٞ‬ؤ ْ َ ۡ ُ ُ ُ ُ َ‬
‫ف َح َّت ٰى َت ُك َ‬
‫ون ِم َن‬ ‫ِمن ٱلحز ِن فهو ك ِظيم۝قالوا تٱلل ِه تفت ا تذكر يوس‬
‫ۡ‬
‫ٱل َٰه ِل ِك َين۝‪( ﴾.‬يوسف‪ )٨٦ -٨٤ :‬وذكر النحاس ثالثة أقوال في معنى حزن يعقوب‬
‫مرجح ا أحدها ‪ ،‬فقال " ‪ :‬فإن سأل قـوم عن معنى شدة حزن يعقوب وعلى نبينا ‪،‬‬
‫فللعلماء في هذا ثالثة أجوبة ‪:‬‬
‫‪ - ١‬منها أن يعقوب ملا علم أن يوسف حي خاف على دينه فاشتد حزنه لذلك‪.‬‬
‫‪ - ٢‬وقيل إنما‪ :‬حزن ألنه سلمه إليهم صغيرا فندم على ذلك‪.‬‬
‫‪ - ٣‬والجواب الثالث وهو أبينها‪ :‬هو أن الحزن ليس بمحظور وإنما املحظور الولولـةـ‬
‫وشق الثياب والكالم ال بما ينبغي"‬
‫املبحث األول‪ :‬الحزن املمدوح‪.‬‬

‫هو ما كان على ضياع وقت في غير طاعة الرحمن‪ ،‬كفوات قيام الليل‪ ،‬أو صوم النافلة‪،‬‬
‫أو درس من دروس العلم‪ ،‬أو صالة الجماعة‪ ،‬أو لقاء أحد العلماء‪ ،‬أو عمل من أعمال‬
‫الخير وما شابهها‪ .‬قال أبو عثمان الحيري‪" :‬الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن‬
‫‪49‬‬
‫مالم يكن بسبب معصية؛ ألنه إن لم يوجب تخصيصا فإنه يوجب تمحيصا‪".‬ومنه‪:‬‬
‫‪ -‬حزن الفقراء في غزوة تبوك‪ ،‬عندما حزنوا ألنهم لم يجدوا ما يحملهم للجهاد‬
‫في‬
‫َ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ اَل َ َ َّ َ َ‬
‫ين ِإ ذا َمٓا ت ۡو َك ِل َت ۡح ِمل ُه ۡم قل َت‬‫سبيل هللا‪ ،‬فأنزل هللا تعالى معذرتهم في كتابه﴿و على ٱل ِذ‬
‫َأ‬
‫ٱلد ۡمع َح َز ًنا اَّل َيج ُد ْوا َما ُينف ُق َ‬‫يض م َن َّ‬
‫ُ‬ ‫ٓاَل َأ ُ َ َأ ۡ ُ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ َّ ْ َّ َأ ۡ ُ ُ ُ ۡ َ‬
‫ون﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫ِجد مٓا ح ِملكم علي ِه تولوا و عينهم ِ‬
‫ت‬
‫(سورة التوبة‪)٩٣:‬وهذا الحزن الذي صدر منهم دال على عظم اإليمان عندهم وحبهم‬

‫‪ 48‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز ‪٨٢ : .٢/‬‬


‫‪ 49‬ابن القيم‪ ،‬مدارج السالكين‪ ،‬ج‪، 9‬ص‪.795‬‬

‫صفحة | ‪33‬‬
‫للخير‪ ،‬قال ابن القيم‪" :‬فلم يمدحوا على نفس الحزن وإنما مدحوا على مادل عليه‬
‫الحزن من قوة إيمانهم‪ ،‬إذ كان سبب الحزن تخلفهم عن رسول هللا لعجزهم عن‬
‫النفقة‪ ،‬وفيه تعريض باملنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم‪ ،‬بل غبطوا نفوسهم به"‬
‫‪ 50‬كما حزن الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬عندما توفي ابنه إبراهيم‪ ،‬فقال قولته‪:‬‬
‫"إن العين تدمع‪ ،‬والقلب يحزن‪ ،‬وال نقول إلى ما يرضى ربنا‪ ،‬وإنا بفراقك يا إبراهيم‬
‫‪51‬‬
‫ملحزونون"فصبر واحتسب‪.‬‬
‫ول َن ۡف ‪ٞ‬‬ ‫َأ‬
‫‪ -‬الحزن على التفريط والتقصير في طاعة هللا تعالى ﴿وعبوديته ن َت ُق َ‬
‫س‬
‫ٱلسخر َ‬‫َّ َ ُ ُ مَل َ ٰ‬ ‫َۢ‬ ‫َٰ َ ۡ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ين﴾ (الزمر‪ )٥٦ :‬قال مجاهد‬ ‫يحس َرت ٰى عل ٰى ما ف َّرطت ِفي جن ِب ٱلل ِه وِإ ن كنت ِ ن َّ ِِ‬
‫في تفسير اآلية‪" :‬يعني على ما ضيعت من أمر هللا‪52 .‬أي‪ :‬في تضييع شريعته واإليمان به‬
‫والجنب يعبر به عن هذا ونحوه ‪ 25‬فيحزن العبد على تورطه في مخالفة أمرهللا‬
‫ومعصيته‪ ،‬وضياع أيامه وأوقاته في ذلك؛ وهذا دليل على صحة اإليمان في قلبه وعلى‬
‫حياته؛ إذ شغل قلبه بمثل هذا االلم؛ فحزن عليه‪ ،‬ولو كان قلبه ميتا لم يحس بذلك‬
‫ولم يحزن ولم يتألم‪ ،‬فما لجرح بميت إيالم‪ .‬وكلما كان قلبه أشد حياة كان شعوره‬
‫بهذا االلم‪ ،‬وهذا النوع من الحزن ‪-‬وهو النوع األيجابي‪ -‬ال يطلب لذاته ولكنه محفز‬
‫على الطاعات‪ ،‬ففيه حياة للقلب وإيقاظ له‪ ،‬بحيث يدفع صاحبه للمزيد من العمل هلل‬
‫تعالى‪ ،‬والتقرب إليه‪ ،‬واغتنام الفرص‪ ،‬وزيادة الصلة باهلل تعالى‪ ،‬والخالصة‪ :‬أن أفضل‬
‫الحزن ما أعان على استدراك ما مضى‪ ،‬وأالحسان فيما بقي‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الحزن املذموم‪.‬‬

‫هو الذي ال صبر لدى صاحبه وال رضا فيضعف القلب ويشتغل به عن فعل ما أمر هللا‬
‫ورسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فيجعل العبد يتقاعس عن القيام بأمر هللا أو ييأس من‬
‫ّ َ ۡ اَل‬
‫رحمة هللا ‪ ،‬كالحزن من أقدار هللا املؤملة وعدم الصبر عليها‪ ،‬لذا قال تعالى‪ِ ﴿ :‬لكي‬
‫َ َُ‬ ‫َۡ ْ َ‬
‫تأ َس ۡوا َعل ٰى َما فاتك ۡم﴾(الحديد‪ )٣٣ :‬أي وحيث علمتم أن كل ما يجري هو بعلم هللا‬
‫وقضائه وقدرة‬
‫عليكم أال تحزنوا على ما لم تحصلوا عليه حزنا مفرط يجركم الى السخط‪ ،‬قال‬
‫عكرمة‪ :‬ليس أحد أال وهو يحزن ويفرح‪ ،‬ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا وما‬
‫‪ 50‬المرجع السابق ص ‪799‬‬
‫‪ 51‬البخاري‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪.43‬‬
‫‪ 52‬أبو الحجاج املخزومي‪ ،‬تفسير مجاهد‪،‬ج‪، 3‬ص‪. 771‬‬

‫صفحة | ‪34‬‬
‫من إنسان إال يحزن ويفرح ولكن الحزن املذموم هو مايخرج بصاحبة الى مايذهب‬
‫عنة الصبر والتسليم‬
‫المر هللا ورجا الثواب لذا نهى الشرع الحنيف عنه في مواضع عديدة‪ ،‬ومنها قوله‬
‫ُ‬ ‫َأۡل َ‬ ‫ْ اَل َ ُ ْ َأ‬ ‫َ اَل‬
‫﴿و َت ِه ُنوا َو ت ۡح َزنوا َو ُنت ُم ٱ ۡعل ۡو َن ِإ ن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِم ِن َين﴾ (ال عمران‪ )١٣٩ :‬وقال‬ ‫تعالى‬
‫ض ۡيق ّم َّما َي ۡم ُك ُر َ‬‫َ‬ ‫اَل‬
‫َ َ ۡ َ ۡ ََ ۡ َ َ ُ‬ ‫اَل‬
‫ون﴾(النمل‪ )٧٠ :‬فهذا الحزن الذي‬ ‫تعالى ﴿و تحزن عل ۡي ِهم و تكن ِفي ٖ ِ‬
‫نفاه هللا جل وعال عنه هنا هو الحزن الذي يصيب أالنسان بالقعود والشلل التام في‬
‫حياته‪ ،‬فهذا منفي عن أهل والية هللا؛ ألن ثقتهم في الرب تبارك وتعالى يعلمون بها أن‬
‫هللا سيجد لهم من كل هم فرجا‪ ،‬ومن كل ضيق مخرجا‪ ،‬ومن ِكل كرب تنفيسا‪ ،‬وأن‬
‫هللا جل وعال قادر ِعلى كل شيء‪،‬‬
‫ِ فال يعجزه شيء في أالرض وال في السماء‪ ،‬وثقتهم بربهمـ تبارك وتعالى تجعلهم مطمئني‬
‫البال‪ ،‬وعلى يقين بأ هللا سيجد لهم املنجى واملخرج‪ ،‬ولو زاد عليهم البالء فإن هذا أكثر‬
‫َّ‬
‫عظمة ألجورهم‪ ،‬وتكفيرا لخطاياهم‪ ،‬فهم يتقلبون ما بين أجر يعطونه‪ ،‬أو سيئة يكفر‬
‫بها عنهم‪.‬‬
‫والحزن املذموم ال يجلب منفعة‪ ،‬بل قد يعيق املرء عن أداء واجبه تجاه ربه‪ ،‬فيصل‬
‫َ‬
‫للحزن املمنوع الذي قد يؤثم صاحبه عليه بحسب حاله‪ 53‬ومن الحزن املذموم؛ ما كان‬
‫ناجما عن عدم الرضا من قضاء هللا‪ ،‬كما في حال حـزن أهل الجاهلية من والدة اإلناث‬
‫﴿و َذا ُب ّش َر َأ َح ُد ُهم بٱُأۡل َنث ٰى َظ َّل َو ۡج ُه ُهۥ ُم ۡس َو ّٗدا َو ُه َو َك ِظ ‪ٞ‬‬
‫يم‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫دون الذكور‪ ،‬لقوله تعالى ِإ ِ‬
‫ّ‬ ‫َۡ‬
‫۝ َي َت َٰو َر ٰى ِم َن ٱلق ۡو ِم ِمن ُس ٓو ِء َما ُب ِش َر ِب ِهۦٓۚ ﴾(النحل‪)٥٩ - ٥٨ :‬قال الطبري " إذا بشر‬
‫ظل وجهه‬ ‫أحد هؤالء الذين جعلوا هللا البنات بوالدة ما يضيفه إليه من ذلـك‪،‬له ّ‬
‫مسودا من كراهته له وهو كظيم يقول قد كظم الحزن‪ ،‬وامتأل غما بوالدتـه لـه فهو ال‬
‫يظهر ذلك"‪2‬‬
‫ومنه كذلك الحزن حسد ا ملن رزقه هللا نعمة ما‪ ،‬فهو يشبه حزن املنـافقين إذا أصـاب‬
‫َئ ‪ٞ‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪َ ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫املؤمنين حسنة‪ ،‬كما في قولـه تعـالى ‪ِ ﴿ :‬إ ن ت ۡم َس ۡسك ۡم َح َس َنة ت ُس ۡؤ ُه ۡم َوِإ ن ت ِص ۡبك ۡم َس ِّي ة‬
‫ْ ۖ‬
‫َي ۡف َر ُحوا ِب َها ﴾(ال عمران‪ )١٢٠ :‬ومنه الحزن على الكافرين بعد دعوتهمـ ‪ ،‬وهذا النوع‬
‫َّ‬ ‫َ ٓ َٰ‬ ‫َ َ َّ‬
‫نهى هللا تعالى نبيه عنه ‪ ،‬كما فـي قوله تعالى﴿فل َعل َك َٰب ِخ ‪ٞ‬ع َّن ۡف َس َك َعل ٰى َءاث ِر ِه ۡم ِإ ن ل ۡم‬
‫َ َ َّ‬ ‫َأ‬ ‫ۡ ُ ْ َٰ ۡ َ‬
‫يث َس ًفا﴾(يوسف‪ )٦ :‬يقول السعدي في اآلية ‪﴿ :‬فل َعل َك َٰب ِخ ‪ٞ‬ع‬ ‫ُيؤ ِمنوا ِب َهذا ٱلح ِد ِ‬
‫وأسفا عليهم ‪ ،‬وذلـك أن أجرك قد وجب على ‪،‬هللا وهؤالء‬ ‫ً‬ ‫َّن ۡف َس َك ﴾ أي مهلكها ‪ ،‬غما‬
‫وأسفا عليهم‪ ،‬ليس فيه‬ ‫ً‬ ‫لو علم هللا فيهم خيرا لهداهم ‪ ،‬فإشغالك لنفسك غما‬

‫‪ 53‬الشيزاوي‪،‬ـ سميرة‪ ،‬ذهاب أالحزان‪ ،‬ص‪. 49- 31‬‬

‫صفحة | ‪35‬‬
‫فائدة ‪.‬لك وفي هذه اآلية ونحوها عبرة‪ ،‬فإن املأمور بدعاء الخلق إلى ‪،‬هللا عليه التبليغ‬
‫سبب يوصل إلى الهداية ‪ ،‬فإن اهتدوا فبها ونعمه ‪ ،‬وإال فال يحزن وال‬ ‫ذوالسعي بكل ٍ‬
‫ٌ‬
‫يأسف ‪ ،‬فـإن ذلك مضعف للنفس‪ ،‬هادم للقوى‪ ،‬ليس فيه فائدة ‪ ،‬بل يمضي على فعله‬
‫َ ِّ‬
‫الذي به فل ُك وتوجه إليه‪ ،‬وما عدا ذلك‪ ،‬فهو خارج عن قدرته‪ 54‬وقد تكرر النهي عن‬
‫ٱص ِب ۡر َو َما‬
‫﴿و ۡ‬ ‫هذا النوع من الحزن في القرآن الكريم في مواضع كثيـرة ‪ ،‬منهـا قوله تعالى َ‬
‫َ اَل َ ۡ َ َ ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫اَّل َّ اَل َ‬
‫س َعلى ٱلق ۡو ِم‬ ‫ص ۡب ُر َك ِإ ِبٱلل ِ ۚه َو ت ۡح َز ۡن َعل ۡي ِه ۡم﴾(النحل‪ )١٢٧ :‬وقوله تعالى ﴿ف تأ‬ ‫َ‬
‫ٰۡ‬ ‫َ اَل َ ۡ َ َ ۡ َ‬ ‫ۡٱل َٰكفر َ‬
‫س َعلى ٱلق ۡو ِم ٱل َف ِس ِق َين﴾(املائده‪)٢٦ :‬‬ ‫ين﴾(املائده‪ )٦٨ :‬وقوله ﴿ف تأ‬ ‫ِ ِ‬
‫ففي اآلية حرمة الحزن والتأسف على الفاسقين والظاملين إذا حلت بهم العقوبة اللهية‬
‫نك‬‫﴿واَل َي ۡح ُز َ‬
‫جزاء فسقهم وظلمهم ألنفسهم ولغيرهم‪ 55.‬ويقول ابن جرير في قوله َ‬
‫ٍ‬
‫جل ثناؤه لنبيه محمد يا أيها‬ ‫ون في ۡٱل ُك ۡف ۚر﴾ (آل عمران‪ )١٧٦ :‬يقول َّ‬ ‫ين ُي َٰسر ُع َ‬ ‫َّٱلذ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرسول ال يحزنك تسرع من تسرع من هـؤالء املنـافق ين الـذين يظهرون بألسنتهم‬
‫َ‬
‫تصديقك‪ ،‬وهم معتقدون تكذيبك إلى الكفر بك‪ ،‬وال تعرس اليهود إلى جحـود نبوتك‬
‫فإنهم أهل استحالل الحرام‪ ،‬واملآكل الرديئة‪ ،‬واملطاعم الدنيئة من الرشا والسحت‬
‫ومن أمثلة هذا النوع من الحزن ‪ ،‬ما كان سببا لإلحباط واليأس‪ ،‬أو االنقطاع عن عمـل‬
‫ٌ‬
‫صالح‪ ،‬ومهذه الى نماذج مختصرة ألمثلة من هذا النوع من الحزن‪ ،‬وإال أمثلته تطول‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬ضوابط الحزن‪.‬‬

‫تعريف الضوابط‪ :‬ظوابط لغير العاقل اسم فاعل من ضبط وهو ما يضبط وينظم من‬
‫املبادئ أو القواعد‪ ،‬يقال‪ :‬بال ضابط أي النظام وال تحكم فية‪ .56‬واملراد بالضوابط هنا‬
‫املبادئ والقواعد التي تنظم هذه املشاعر؛ حتى ال تخرج أالنسان من دائرة الثواب إلى‬
‫دائرة العقاب‪ .‬والستنباط هذه القواعد سنستعين بالقصص القراني لأللنبياء‬
‫املصطفين والصالحين ممن أورد هللا تعالى ذكرهم في كتابه فالهدي الرباني يعين املسلم‬
‫ليكون ذو شخصية معتدلة راضية‪ ،‬والنفس ال شك تتألم وتحزن لكن على املرء عدم‬
‫أالستغراق فيه‪ ،‬واستطالة أالسى والتفكير الدائم فيما يجلبه‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬عدم االسترسال في الحزن‪:‬‬
‫‪ 54‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم املنان ‪.٤٧٠ : ١/‬‬
‫‪ 55‬أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير ألبي بكر الجزائري ‪ :‬ص‪٦‬‬
‫‪ 56‬عمر‪ ،‬د‪ .‬أحمد مختار عبدالحميد‪ ،‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪36) 9347/ 3( ،‬‬

‫صفحة | ‪36‬‬
‫االسالم يربي أفراده على األيجابية والنظرة التفاؤلية‪ ،‬لذا عزى هللا املؤمنين وسالهم‬
‫بما نالهم يوم أحد من القتل والجراح‪ ،‬وحثهم على قتال عدوهم ونهاهم عن العجز‬
‫ُ‬ ‫َأۡل َ‬ ‫ْ اَل َ ُ ْ َأ‬ ‫َ اَل‬
‫﴿و َت ِه ُنوا َو ت ۡح َزنوا َو ُنت ُم ٱ ۡعل ۡو َن ِإ ن ك ُنتم ُّم ۡؤ ِم ِن َين﴾ (ال عمران‪:‬‬ ‫والفشل‪ ،‬فقال‬
‫ْ‬ ‫اَل‬
‫‪ )١٣٩‬فقوله َو َت ِه ُنوا أي‪ :‬ال تضعفوا وال تجبنوا يا أصحاب محمد عن جهاد أعدائكم‬
‫ملا أصابكم‪ ،‬وال تحزنوا على ظهورهم والعلى ما أصابكم من الهزيمة واملصيبة‪ ،‬وأنتم‬
‫أالعلون‪ ،‬لكم تكون العاقبة بالنصر والظفر إن كنتم مؤمنينـ بصدق وعدي‪ ،‬وفي هذه‬
‫أالية بيان فضل هذه أالمة ألنة خاطبهم بما خاطب به أنبياءه‪.‬‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬صدق اللجوء إلى هللا وبث الشكوى إليه‪:‬‬
‫فقد يعقوب ‪-‬عليه السالم‪ -‬ابنه يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬وصبر على ما وجد من ألم لفقد‬
‫ابنه حتى ذهب نور عينه‪ ،‬وأخبرت أالية عن حاله عند ذلك أالبتاالء الذي ابتاله هللا‬
‫تعالى به‬
‫َٓأ‬ ‫﴿و َت َو َّل ٰى َع ۡن ُه ۡم َو َق َ‬
‫ال َٰي َس َف ٰى‬ ‫‪ ،‬وكم كان عليه السالم في أشد الحزن والحسرة يقول تعالى َ‬
‫َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ََ ٰ ُ ُ َ‬
‫ض ۡت َع ۡي َن ُاه ِم َن ٱل ُح ۡز ِن ف ُه َو ك ِظيم﴾ (يوسف‪ )٨٦ -٨٤ :‬أي‪ :‬أعرض‬ ‫ف َو ۡٱب َي َّ‬ ‫على يوس‬
‫عنهم؛ وذلك أن يعقوب ملا سمع الخبر منهم‪ ،‬تنام حزنه وبلغ جهده‪ ،‬واشتد به أالسف‬
‫وأالسى ولم يكن له حيلة في التغلب على ما وجد في نفسه فعظم بكاؤه حتى ابيضت‬
‫عيناه من الحزن‪ ،‬مع إمساك لسانه عن النياحة‪ ،‬وذكر مأال ينبغي ‪ ،‬حيث جاء في بيان‬
‫َ َ‬
‫حزنه قول الحق تعالى‪ :‬ف ُه َو ك ِظيم يقال كظم الرجل غيظه؛ اجترعه فال يظهر حزنة‬
‫بجزع أو شكوى‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬التسليم لألمر هللا والثقة بوعده‪:‬‬
‫ۡ َ ّ َ اَل‬ ‫َأ‬
‫َ َ ۡ‬ ‫ۖ َ َ‬ ‫َ َأ ۡ َ ۡ َ َ ٰٓ ُأ ّ ُ َ ٰٓ َأ ۡ َأ‬
‫يه فِإ ذا ِخ ۡف ِت َعل ۡي ِه ف ل ِق ِيه ِفي ٱلي ِم و‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫ر‬‫ۡ‬
‫يقول تعالى ﴿و وحينٓا ِإ لى ِم موسى ن ِ ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫مۡل‬ ‫وه َل ۡيك َو َجاع ُل ُ‬ ‫َت َخافي َواَل َت ۡح َزن ٓۖي َّنا َر ُّٓاد ُ‬
‫وه ِم َن ٱ ۡر َس ِل َين﴾ (القصص‪ )٧ :‬هذه أم موسى‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ِ‬ ‫ِ ِإ‬ ‫ِ‬
‫تضرب مثاال في التسليم ألمر هللا‪ ،‬وحسن التوكل عليه‪ ،‬والتغلب على مشاعر الحزن‪،‬‬
‫لثقتها بوعد هللا‪ ،‬فقد نهاها هللا تعالى عن الخوف والحزن جميعا‪ ،‬ووعدها ما يسليها‬
‫ويطامن قلبها ويملؤها غبطة وسرورا‪ :‬وهو رده إليها وجعله من املرسلين فأم موسى لم‬
‫تجزع ولم تعترض ولم ولم‪ 57...‬بل كانت مستسلمة ألمر هللا‪،‬مطمئنة به‪ ،‬راضية بما‬
‫قذف في نفسها من أن هللا منجز وعده‪ ،‬وسيجمعها بابنها ‪ 58‬قال ابن عطية‪" :‬وجملة أمر‬
‫أم موسى أنها علمت أن الذي وقع في نفسها هو من عند هللا‪ ،‬ووعد منه‪ ،‬يقتضي ذلك‬

‫‪ 57‬جار هللا الزمخشري‪ ،‬محمود بن عمر‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪. 314‬‬


‫‪ 58‬السمرقندي‪ ،‬تفسير السمرقندي املسمى بحر العلوم‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪711، 714‬‬

‫صفحة | ‪37‬‬
‫َّ‬ ‫َ َأ‬ ‫اَل َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َٰ َ ٓ ُأ‬
‫قوله تعالى بعد ﴿ف َر َد ۡدن ُه ِإ ل ٰى ِّم ِهۦ ك ۡي تق َّر َع ۡي ُن َها َو ت ۡح َز َن َو ِل َت ۡعل َم َّن َو ۡع َد ٱلل ِه﴾‬
‫مۡل ُ‬ ‫وه َل ۡيك َو َجاع ُل ُ‬
‫وه ِم َن ٱ ۡر َس ِل َين﴾ بأنه سيرده‬ ‫ِ‬
‫َّ َ ُّ ُ‬
‫(القصص‪ )١٣ :‬فبشرها بقوله‪ِ﴿ :‬إ نا رٓاد ِإ ِ‬
‫عليها‪ ،‬ويجعله رسوال‪ .‬وهذا من أعظم البشائر الجليلة‪ ،‬وتقديم هذه البشائر ألم‬
‫مۡل ُ‬ ‫﴿لت ُك َ‬
‫ون ِم َن ٱ ۡؤ ِم ِن َين﴾‬ ‫موسى‪ ،‬ليطمئن قلبها‪ ،‬ويسكن روعها‪ ،‬وهذا معنى قوله‪َ :‬‬
‫(القصص‪ )١٠ :‬أي بالوعد‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫لقد تم بحمد هللا ومنته وعونه‪ ،‬االنتهاء من هذا البحث وفي هذه الخاتمة أسجل‬
‫خالصه البحث واهم نتائجه فقد خلق اهللا اإلنسان ليعيش في فرح الجنة وسرورها‬
‫الدائمين وغير املنقوصين‪ ،‬ولكنه فتن فأخرج منها‪ ،‬فأنزل اهللا له هدى ‪ ،‬ووعد من‬
‫اتبعه بأال يخاف وال يحزن‪ ،‬ويتمثل هذا الهـدى في العقائد واألخالق والعبادات‬
‫واملعامالت ‪ ،‬وغيره من أقسام الشرع وعلومه ‪ ،‬فكلها تهدف إلى إسعاد اإلنسان في‬
‫الدنيا ‪ ،‬وإعادته إلى السرور الحقيقي في الجنة ‪ ،‬ولكن من الناس من يبحث عن‬
‫السعادة والفرح والسرور في غير مكانها من ملذات الدنيا وشهواتها‪ .‬وفیها أهم النتائج‪:‬‬
‫الفرح لذة قلبية‪ ،‬والحزن مرض باطني‪ ،‬مكانهما القلب‪ ،‬ويمر بهما كل النـاس‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بمـا فيهم األنبياء والصالحون ‪.‬‬

‫صفحة | ‪38‬‬
‫ً‬
‫الحزن ليس مطلوبا شرعا‪ ،‬وال مقصودا أصال ‪ ،‬وإنما هو مصيبة من املصائب‬ ‫‪‬‬
‫يبتلي اهللا بها من يشاء من عباده‬
‫البعد عن الدین وقلة االلتزام به والغفله عن الكثیر من دقائقه جعلت الناس‬ ‫‪‬‬
‫یسیؤون استخدام النعم وأدت إلى الخلل في أسباب فرحهم في الدینا‪.‬‬
‫الحزن هو مرض باطني ‪ ،‬مكانه القلب ‪ ،‬يتمثل في شدة أو خشونة فـي الـنفس‬ ‫‪‬‬
‫لوقـوع مكروه‪ ،‬أو فوات محبوب‬
‫الفرح شعور داخلي وهو خالف الحزن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفرح مهم جدا لسالمة اإلنسان البدنية والنفسية والعقلية ‪ ،‬ولكن إلى جانب‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫الفوائد التي تعود على اإلنسان بسبب الفرح ‪ ،‬فإن له آثار ا ال بد من الحذر‬
‫سلبي على اإلنسان كصدمة الفرح ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تأثير‬
‫منها‪ ،‬واالنتباه إليها لئال تكون ذات ٍ‬
‫الحزن خطير جدا على صحة اإلنسان البدنية والنفسية والعقلية ‪ ،‬فال بد من‬ ‫‪‬‬
‫اجتناب كل ما يسبب الحزن ‪.‬‬
‫عدد السور التي ورد فیها لفظ الفرح ثالث عشرة سورة‪ ،‬وبلغ تكرار اللفظ‬ ‫‪‬‬
‫ً‬
‫على اختالف اشتقاقاته إحدى وعشرین موضعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫وقد ذكر الحزن في القرآن اثنان وأربع ون مرة ‪ ،‬ولم يأت إال منفيا أو منهيا‬ ‫‪‬‬
‫عنه ‪ ،‬ولـه استخدامات مختلفة في القرآن‬
‫تعددت نظائر الفرح في القرآن الكریم‪ ،‬فوردت على ثمانیة معاني‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الشماتة‬ ‫‪.1‬‬
‫البشر‬ ‫‪.2‬‬
‫السرور‬ ‫‪.3‬‬
‫ُ‬
‫الحبور‬ ‫‪.4‬‬
‫البهجة‬ ‫‪.5‬‬
‫املرح‬ ‫‪.6‬‬
‫السعادة‬ ‫‪.7‬‬
‫الضحك‬ ‫‪.8‬‬

‫صفحة | ‪39‬‬
‫تأتي نظائر الحزن في القرآن الكریم‪ ،‬على ثالثة معاني‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫الحزن بسبب املصائب‬ ‫‪o‬‬
‫الحزن بسبب الخـوف‬ ‫‪o‬‬
‫الحزن بمعنى الغم‬ ‫‪o‬‬
‫یأتي الفرح في القرآن الكریم على ثالثة وجوه‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪. 1‬الفرح بمعناه الصریح وهو السرور وانفتاح القلب‪ ،‬أي خالف الحزن‪.‬‬
‫‪. 2‬الفرح بمعنى التكبر والبطر‪.‬‬
‫‪. 3‬الفرح بمعنى الرضا‪.‬‬
‫‪ ‬یأتي الحزن في القرآن على عده وجوه وتصويرات منها مايلي‬
‫‪ o‬فيضان الدمع‬
‫‪ o‬ضيق الصدر‬
‫‪ o‬الشعور بالتعب والوهن‬
‫‪ o‬تضرر الجسم‬

‫عند تتبع لفظ الفرح في آیات القرآن الكریم‪ ،‬یالحظ ّأن الفرح ینقسم إلى‬ ‫‪‬‬
‫نوعین رئیسین‪ ،‬هما‪:‬‬
‫‪. 1‬الفرح املحمود‬
‫‪. 2‬الفرح املذموم‬
‫یقسم الفرح املحمود إلى قسمین‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ o‬الفرح املحمود في الدنیا‬
‫‪ o‬الفرح املحمود في اآلخرة‬
‫یقسم الفرح املذموم إلى ثالثة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫الفرح بالدنیا وزینتها‬ ‫‪o‬‬
‫فرح املنافقین‬ ‫‪o‬‬
‫فرح الكافرین بتحزبهمـ وكتمان العلم وتحریفه‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫عند تتبع لفظ الحزن في آیات القرآن الكریم‪ ،‬یالحظ ّأن الحزن ینقسم إلى‬ ‫‪‬‬
‫نوعین رئیسین‪ ،‬هما‪:‬‬

‫صفحة | ‪40‬‬
‫الحزن املمدوح‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫الحزن املذموم‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫هناك ضوابط للفرح املحمود تتلخص فیما یلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪. 1‬الشكر‬
‫‪. 2‬تذكر من هم دوننا بالنعم‬
‫‪ .3‬تذكیر النفس أن النعمة من فضل اهللا‬
‫‪. 4‬التحذیر من اإلسراف في املباحات‬
‫‪ ‬أسباب الفرح املذموم تتخلص فیما یلي‪:‬‬
‫‪. 1‬سعة الرزق‬
‫‪. 2‬قلة الدین وسوء فهمه وذهاب اإلیمان‬
‫ضوابط الحزن هي املبادئ والقواعد التي تنظم هذه املشاعر حتى ال تخرج‬ ‫‪‬‬
‫اإلنسان من دائرة الثواب إلى دائرة العقاب‪ ،‬وقد تمثلت في ما يلي‪:‬‬
‫عدم االسترسال في الحزن‬ ‫‪o‬‬
‫صدق اللجوء إلى هللا وبث الشكوى إليه‬ ‫‪o‬‬
‫التسليم ألمر هللا والثقة بوعده‬ ‫‪o‬‬

‫فهـ ـ ــرس اآليـ ـ ــات‬

‫رقم اآلية‬ ‫اسم السورة‬ ‫اآلي ـ ـ ـ ــة‬


‫ْ مَل‬ ‫َو َّن ُه َل َت ْنز ُ‬
‫‪195‬‬ ‫الشعراء‬ ‫یل َر ِّب ال َعا ِ ین‬ ‫ِ‬ ‫ِٕا‬
‫َ اَل َ ُ ُ َّ اَّل َ َأ ُ ُّ ْ ُ َ‬ ‫ََٰٓأ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َّ ُ ْ َّ َ َ َّ ُ َ‬
‫‪102‬‬ ‫ال عمران‬ ‫ي يها ٱل ِذين ءامنوا ٱتقوا ٱلله حق تقا ِت ِهۦ و تموتن ِإ و نتم مس ِلمون‬
‫َأ َ‬ ‫َوَأ َّن ُه ُه َو َأ ْ‬
‫‪43‬‬ ‫النجم‬ ‫ض َح َك َو ْبك ٰى‬
‫‪76‬‬ ‫القصص‬ ‫إن هللا ال يحب الفرحين‬
‫َأ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ۢ‬ ‫ُ‬ ‫ََْ‬ ‫َ ْ َٰ َ َأ ً َ َ ْئ‬ ‫مَل َّ َ َ َ ُ َ ٓ َ َ‬
‫‪150‬‬ ‫األعراف‬ ‫ال ِب َس َما خلفتمو ِنى ِمن بع ِد ٓى ۖ ع ِجلتم م َر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وس ٰى ِإ ل ٰى ق ْو ِم ِهۦ غضبن ِسفا ق‬ ‫ا رجع م‬
‫الصابرينَ‬ ‫الث َم َرات َو َب ّشر َّ‬ ‫َ َأْل ْ َ َ َأْل ْ ُ َ َّ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ‬
‫‪155‬‬ ‫البقـرة‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫سو‬‫ص َأ ِمن ا مو ِال وَأا نف ِ‬ ‫وع ونق ٍ‬ ‫ولنبلونكم ِبشي ٍء ِمن الخو ِف والج ِ‬
‫‪138‬‬ ‫النساء‪I‬‬ ‫َب ِّشر امْل ُ َن ِاف ِق َين ب َّن َل ُه ْم َع َذ ًابا ِليماً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪11‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫ورا‬‫ض َر ًة َو ُس ُر ً‬ ‫ٱلل ُه َش َّر َٰذل َك ْٱل َي ْوم َو َل َّق ٰى ُه ْم َن ْ‬ ‫َ َ َ ٰ ُ ُ َّ‬
‫فوقىهم‬
‫َأ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وينق ِلب ل ٰى ه ِل ِهۦ مس ُر ً‬ ‫ٓ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪9‬‬ ‫اإلنشقاق‬ ‫ورا‬ ‫ِإ‬
‫ّ‬ ‫َ َأ َّ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َّٰ َٰ َ ُ ْ َ ْ َ ۢ ُ ْ َ ُ َ‬
‫‪15‬‬ ‫الروم‬ ‫ف ما ٱل ِذين ءامنوا وع ِملوا ٱلص ِلح ِت فهم ِفى روض ٍة يحبرون‬
‫َ‬ ‫ُ ُ ْ ْ َّ َ َأ ُ َأ ٰ ُ ُ‬
‫‪70‬‬ ‫الزخرف‬ ‫ْٱدخلوا ٱل َجنة نت ْم َو ْز َو ُجك ْم ت ْح َب ُرون‬
‫ۢ َ َ َُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َأ ۢ ْ َ‬ ‫ض َوَأ َنز َل َل ُكم ّم َن َّ‬ ‫ٱلس َٰم َٰوت َوٱَأْل ْر َ‬ ‫َأ ْ َ َ َ‬
‫‪60‬‬ ‫النمل‬ ‫ٱلس َم ِٓاء َم ًٓاء ف ن َبتنا ِب ِهۦ َح َدٓاِئ َق ذات َب ْه َج ٍة َّما كان لك ْم‬ ‫ِ‬ ‫َّمن خلق َّ ِ‬
‫صفحة | ‪41‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َأ َٰ‬ ‫َأ ُ ۢ ُ ْ َ‬
‫ن تن ِبتوا ش َج َر َهٓا ۗ ِءل ٌه َّم َع ٱلل ِه ۚ َب ْل ُه ْم ق ْو ٌم َي ْع ِدلون‬
‫َ َ ً َّ َ َ َ ْ َ َأْل ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ ُ اًل‬ ‫َأْل ْ‬ ‫َ اَل َ ْ‬
‫‪37‬‬ ‫اإلسراء‬ ‫ض مرحا ۖ ِإ نك لن تخ ِرق ٱ رض ولن تبلغ ٱل ِجبال طو‬ ‫ش ِفى ٱ ْأر ِ‬ ‫و تم ِ‬
‫س اَّل ب ْذنهۦ ۚ َفم ْن ُه ْم َشق ٌّى َو َسع ٌ‬ ‫َ ْ َ َ اَل َ َ َّ ُ َ ْ‬
‫‪105‬‬ ‫هود‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يوم ي ِت تكلم نف ٌ ِإ ِِإ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ ْ‬ ‫ۢ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ اًل ْ ُ ْ َ‬
‫‪82‬‬ ‫التوبة‬ ‫ض َحكوا ق ِلي َول َي ْبكوا ك ِث ًيرا َج َز ًآء ِب َما كانوا َيك ِس ُبون‬ ‫فلي‬
‫َّ َّ َ َأ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َّ َ َ ُ َ ْ َ ُ َ‬
‫‪29‬‬ ‫املطففين‬ ‫ِإ ن ال ِذين جرموا كانوا ِمن ال ِذين آمنوا يضحكون‬
‫ضح َك ْت َف َب َّش ْر َٰن َها ب ْس َٰح َق َومن َو َرآء ْس َٰح َق َي ْع ُقوبَ‬ ‫َ ْ َأ ُ ُ َ َ ٌ َ َ‬
‫‪71‬‬ ‫هود‬ ‫ِ ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ِِإ‬ ‫وٱم َر تهۥ قآِئ مة ف ِ‬
‫ْ‬ ‫ۢ َ ۢ َ‬ ‫ُْْ‬ ‫ٓ َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يح ط ِّي َب ٍة َوف ِر ُحوا ِب َها‬ ‫ٍ‬ ‫ُه َو ٱل ِذى ُي َس ِّي ُرك ْم ِفى ٱل َب ّ ِر َوٱل َب ْح ِر ۖ َح َّت ٰى ِإ ذا‪ I‬كنت ْم ِفى ٱلفل ِك َو َج َر ْي َن ِب ِهم ِب ِر‬
‫َ َ‬ ‫ْ َّ ْ‬ ‫ُ ّ َ َ ۢ َ ُّ ْ َأ ُأ َ‬ ‫مْل َ‬ ‫ٌ‬
‫‪22‬‬ ‫يونس‬ ‫ان َوظن ٓوا َّن ُه ْم ِحيط ِب ِه ْم ۙ َد َع ُوا ٱلل َه ُمخ ِل ِصين ل ُه‬ ‫ٍ‬ ‫اصف َو َج َٓاء ُه ُم ٱ ْو ُج ِمن ك ِل مك‬ ‫ِ‬ ‫يح َع‬ ‫َج َٓاء ْت َها ر ٌ‬
‫ِ‬
‫ٱلشكر َ‬ ‫َ َ ُ َ َّ َ َّٰ‬ ‫ّ َ َ ْ َأ َ ْ َ َ ْ َٰ‬
‫ين‬ ‫ِ ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ون‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ۦ‬ ‫ه‬ ‫ذ‬
‫ِِ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ت‬‫ي‬ ‫نج‬ ‫ن‬ ‫ِئ‬‫ل‬ ‫ين‬ ‫ٱلد‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ َ ْ َّ َّ‬
‫‪76‬‬ ‫القصص‬ ‫ين‬ ‫إن الل َه ال ُي ِح ُّب الف ِر ِح ‪I‬‬ ‫إذ قال له قومه ال تفرح‬
‫اَّل َٰ‬ ‫ٱلد ْن َيا فى ْ َ‬ ‫ٱلد ْن َيا َو َما ْٱل َح َي ٰو ُة ُّ‬ ‫وا ب ْٱل َح َي ٰوة ُّ‬ ‫َّ ُ َ ْ ُ ُ ّ ْ َ َ َ َ ُ َ َ ْ ُ َ َ ُ ْ‬
‫‪26‬‬ ‫الرعد‬ ‫اخ َر ِة ِإ َمت ٌع‬ ‫ٱلء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٱلرزق مِل ن يشٓاء ويق ِدر ۚ وف ِرح ِ‬ ‫ٱلله يبسط ِ‬
‫‪84‬‬ ‫يوسف‬ ‫ناه م َن ْال ُح ْزن َف ُه َو َك ِظيمٌ‬ ‫ض ْت َع ْي ُ‬ ‫َو ْاب َي َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َّ ْ َ َ ً َأ اَّل َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫‪92‬‬ ‫التوبه‬ ‫نفقون‬ ‫ت ِفيض ِمن الدم ِع حزنا ي ِجدوا ما ي ِ‬
‫ْ َ ْ َ ُ ُ َٰ‬ ‫َْ ْ‬ ‫اَّل َ ُ ُ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ َّ ُ ْ َأ ْ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ َ‬
‫ص ِح ِب ِهۦ‬ ‫ين كف ُروا ثا ِن َى ٱثن ْي ِن ِإ ذ ُه َما ِفى ٱلغ ِار ِإ ذ يقول ِل‬ ‫ِإ تنصروه فقد نصره ٱلله ِإ ذ خرجه ٱل ِذ‬
‫‪40‬‬ ‫التوبه‬ ‫اَل َ ْ َ ْ َّ َّ َ َ َ َ‬
‫تحزن ِإ ن ٱلله معنا‬
‫ض ْت َع ْي َن ُاه م َن ْٱل ُح ْزن َف ُه َو َك ِظيمٌ‬ ‫ف َو ْٱب َي َّ‬ ‫َ َ َ َّ ٰ َ ْ ُ ْ َ َ َ ََٰٓأ َ َ ٰ َ َ ٰ ُ ُ َ‬
‫‪84‬‬ ‫يوسف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتولى عنهم وقال ي سفى على يوس‬
‫ُ ُ ُّ ْؤ َ‬ ‫َ اَل َ ُ ْ َ اَل َ ْ َ ُ ْ َ َأ ُ ُ َأْل ْ َ ْ َ‬
‫‪139‬‬ ‫آل عمران‬ ‫و ت ِهنوا و تحزنوا و نتم ٱ علون ِإ ن كنتم م ِم ِنين‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اَل َ ْ‬ ‫ْ َ ُ ُ َٰ‬
‫‪40‬‬ ‫التوبه‬ ‫ص ِح ِب ِهۦ ت ْح َزن ِإ َّن ٱلل َه َم َعنا‬ ‫ِإ ذ يقول ِل‬
‫َأ ْ َٰ ً ْ ُ ْ َ اَل َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْؤ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل َ‬
‫‪88‬‬ ‫الحجر‬ ‫ت ُم َّد َّن َع ْين ْي َك ِإ ل ٰى َما َمت ْعنا ِب ِهۦٓ زوجا ِّمنهم و تحزن علي ِهم وٱخ ِفض جناحك ِللم ِم ِنين‬
‫ٱلد ْم ِع‬ ‫يض م َن َّ‬ ‫وا َّوَأ ْع ُي ُن ُه ْم َتف ُ‬ ‫َ اَل َ َ َّ َ َ َ َأ َ ْ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ ٓاَل َأ ُ َ َأ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ َّ ْ‬
‫و على ٱل ِذين ِإ ذا‪ I‬مٓا توك ِلتح ِملهم قلت ِجد مٓا ح ِملك ‪I‬م علي ِه تول‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪20‬‬ ‫التوبه‬ ‫َ َ ً َأ اَّل َ ُ ْ َ ُ ُ َ‬
‫نفقون‬ ‫حزنا ي ِجدوا ما ي ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َأ َّ َ َ ُ َ ْ ُ َ َ َ ُ ُ‬
‫‪28‬‬ ‫الحجر‬ ‫ولقد نعلم نك يضيق صدرك بما يقولون‬
‫‪321‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ٱلصبرينَ‬ ‫َّٰ‬ ‫ٱلل ُه ُي ِحبُّ‬ ‫َّ َ َ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َّ‬
‫ص َاب ُه ْم ِفى َس ِب ِيل ٱلل ِه وماضعفوا وما ٱستكانوا ۗ و‬ ‫وا َٓا َأ َ‬ ‫ََ َ َُ ْ‬
‫فما وهن‬
‫ِِ‬ ‫مِل‬
‫ون ب َمآ ُأ نز َل َل ْيكَ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َٰ ُ ُ ْ َٰ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫‪36‬‬ ‫الرعد‬ ‫ِ ِإ‬ ‫وٱل ِذين ءاتينهم ٱل ِكتب يفرح ِ‬
‫َ َٰ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ َ َ ْ ٌ َّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُق ْل ب َف ْ‬
‫‪58‬‬ ‫يونس‬ ‫ض ِل ٱلل ِه َو ِب َر ْح َم ِت ِهۦ ف ِبذ ِلك فليفرحوا هو خير ِّمما يجمعون‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ٱلذ َهب َو ْٱلف َّ‬ ‫مْل ُ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ ّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َٰ‬ ‫ُ ُّ َّ َ َٰ‬ ‫َّ‬
‫ض ِة َوٱلخ ْي ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫نط‬ ‫ق‬ ‫ٱ‬ ‫ير‬‫ِ ِ‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫ٱل‬ ‫و‬ ‫ين‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ٱل‬ ‫و‬ ‫ٓاء‬
‫‪I‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‬ ‫ٱلن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ٱلش‬ ‫اس حب‬ ‫ِ‬ ‫ُز ِّي َن ِللن‬
‫‪14‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ْ‬ ‫ْ ٰ‬ ‫َأْل‬ ‫مْل ُ‬
‫ٱ َس َّو َم ِة َوٱ ن َع ِم َوٱل َح ْر ِث‬
‫َ َ َ ٰ َ َّ ُ َّ َ ْ َ َ َ َ اَل َ َ َ َ َ َ ُّ ْ‬ ‫َ َْ‬
‫‪77‬‬ ‫القصص‬ ‫ٱلدن َيا‬ ‫اخرة ۖ و تنس ن ِصيبك ِمن‬ ‫وٱبت ِغ ِفيمآ ءاتىك ٱلله ٱلدار ٱلء ِ‬
‫َ َّ َأْل‬ ‫ون۝ في ب ْ‬ ‫َأ ْ َ َأْل ْ َ ُ ْ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ض ِع ِس ِنين ِلل ِه ا ْم ُر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض وهم ِمن بع ِد غل ِب ِهم سيغ ِلب‬ ‫الم ۝ غ ِلب ِت الروم ۝ ِفي دنى ا مْل ر ِ‬
‫الرح ُ‬ ‫َ ْ َّ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ ُْؤ ُ َ‬
‫‪1-5‬‬ ‫الروم‬ ‫يم‬ ‫ِمن قب ُل و ِمن بعد ويومِئ ٍذ يف َرح ا ِمنون ۝ ِبنص ِر الل ِه ينص ُر من يش ُاء وهو الع ِزيز َّ ِ‬
‫۝﴾‬
‫َ َّ َ َ َ ْ َٰ ُ ُ ْ َٰ َ َ ْ َ ُ َ َ ُأ َ َ ْ َ َ َ َأْل ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ ُ ْ َّ َ ُأ ْ ُ َأ ْ‬
‫نكر بعضهۥ ۚ قل ِإ نمٓا ِمرت ن‬ ‫وٱل ِذين ءاتينهم ٱل ِكتب يفرحون ِبمٓا ِنزل ِإ ليك ۖ و ِمن ٱ حزاب من ي ِ‬
‫‪36‬‬ ‫الرعد‬ ‫َ ْ َأ ْ ُ ِ ْ َ َ ْ َ َٔ‬ ‫َأ ْ ُ َ َّ َ َ ٓاَل ُأ ْ َ‬
‫اب‬ ‫عبد ٱلله و َأ شۢ ِرك ِبَأ ِهۦٓ ۚ ِإ لي ِه دعوا وِإ لي ِه مـ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ٱلله ۡم َٰو َت ۚا َب ۡل ۡح َي ٌٓاء ع َ‬ ‫َّ‬ ‫َ اَل َ ۡ َ َ َّ َّ َ ُ ُ ْ َ‬
‫ند َر ِّب ِه ۡم ُي ۡرزقون ۝ ف ِر ِحين ِب َمٓا َءات ٰى ُه ُم ٱلل ُه‬ ‫ِ‬ ‫و تحسبن ٱل ِذين ق ِتلوا ِفي س ِب ِيل ِ‬
‫ُ َ‬ ‫اَل‬ ‫َ ۡ َأ اَّل َ ٌ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َّ َ َ ۡ ُ ْ‬ ‫من َف ۡ‬
‫‪169-171‬‬ ‫ال عمران‬ ‫ين ل ۡم َيل َحقوا ِب ِهم ِّم ۡن خل ِف ِه ۡم خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم َو ُه ۡم َي ۡح َزنون ۝‬ ‫ون ِبٱل ِذ‬ ‫ض ِل ِهۦ ويستب ِشر ‪I‬‬ ‫ِ‬
‫مۡل ُ ۡ َ‬ ‫َأ‬ ‫َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ ّ َ َّ َ َ ۡ َأ َّ اَل‬
‫ض ٖل َو َّن ٱلل َه ُي ِض ُيع ۡج َر ٱ ؤ ِم ِنين‬ ‫يستب ِشرون ِب ِنعم ٖة ِمن ٱلل ِه وف‬
‫َ ۡ ُ َ ٰ َ َ َ ٰ َ َ ۡ ۡۖ َ َ َ ۡ َٰ ُ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ُ ٓ ُأ ۡ ُ ۡ ُأ‬ ‫َّ َٰ ُ َ َ َ‬
‫ص َب ِة ْو ِلي‬ ‫وز مٓا ِإ ن مف ِاتحهۥ لتنو ِبٱلع‬ ‫ِإ ن قرون كان ِمن قو ِم موسى فبغى علي ِهم وءاتين ‪I‬ه ِمن ٱلكن ِ‬
‫‪75‬‬ ‫القصص‬ ‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َّ اَل‬ ‫اَل َ ۡ ۖ‬ ‫ۡ ُ َّ ۡ َ َ َ َ‬
‫ال ل ُهۥ ق ۡو ُم ُ ۥه تف َر ۡح ِإ َّن ٱلل َه ُي ِح ُّب ٱلف ِر ِحين‬ ‫ٱلقو ِة ذ ق‬
‫َۡ ۡ َ ّ َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َٰ ُ َ ُ ِإ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َأۡل‬
‫‪74‬‬ ‫غافر‬ ‫ض ِبغي ِر ٱلح ِق و ِبما كنتم تمرحون‬ ‫ذ ِلكم ِبما كنتم تفرحون ِفي ٱ ر ِ‬
‫وا ب َها َج َٓاء ۡتهاَ‬ ‫ََّ َ َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُۡۡ‬ ‫ۡ َ ّ َ ۡ َ ۡ ۖ َ َّ ٓ َ ُ ُ ۡ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ ّ ُ ُ ۡ‬
‫‪21‬‬ ‫يونس‬ ‫هو ٱل ِذي يس ِيركم ِفي ٱلب ِر وٱلبح ِر حت ٰى ِإ ذا كنتم ِفيَأ ٱلفل ِك وجرين ِب ِهم ِب ِر ٖيح ط ِيب ٖة وف ِرح ِ‬
‫َ َُ ّ َ َ ۡ‬ ‫َ ۡ َ َ ُ ْ َّ َ ُ ۡ‬ ‫ُأ‬ ‫ُ َ َ َ َ ُّ ٓ ْ َّ ۡ‬ ‫‪ ُ ُ َ َ َ ٞ‬مۡل َ ۡ ُ‬ ‫ٌ َ‬
‫ين لِئ ن‬ ‫اصف وجٓاءهم ٱ وج ِمن ك ِ ّل مك ٖان وظنوا ن ُهم ِحيط ِب ِهم دعوا ٱلله مخ ِل ِصين له ِ‬
‫ٱلد‬ ‫ِريح ع ِ‬

‫صفحة | ‪42‬‬
‫َ َ ُ َ َّ َ َّٰ‬ ‫ٰ‬ ‫َأ َ َ َ‬
‫ين‬ ‫ٱلشكر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نج ۡيتنا ِم ۡن َه ِذ ِهۦ لنكونن ِمن‬
‫َۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َأ‬ ‫َئ ُۢ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ۖ‬ ‫ٗ َ‬ ‫َ َأ َ ۡ َ َّ‬
‫‪3-5‬‬ ‫الروم‬ ‫اس َر ۡح َم ‪I‬ة ف ِر ُحوا ِب َها َوِإ ن ت ِص ۡب ُه ۡم َس ِّي ة ِب َما ق َّد َمت ۡي ِد ِيه ۡم ِإ ذا‪ُ I‬ه ۡم َيقنطون‬ ‫ٱلن َ‬ ‫اذٓا ذقنا‬
‫ض َّر َٓاء َم َّس ۡتهُ‬ ‫َ َ ۡ َأ َ ۡ َٰ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ‬ ‫وس كف ‪ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُٔ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫نسن ِمنا َرح َمة ث َّم نزعن َها ِمنه نهۥ ل َيـ ‪ٞ‬‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٗ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َو َل ۡن َأ َذ ۡق َناٱ َ‬
‫ور ۝ولِئ ن ذقنه نعمٓاء بعد‬ ‫َِٔإ‬ ‫ِإۡل‬ ‫ِئ‬
‫‪8-9‬‬ ‫هود‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ُ َ َّ َ َ َ َّ ّ ُ َ ّ ٓۚ َّ ُ َ َ ‪ُ َ ٞ‬‬
‫ليقولن ذهب ٱلس ِيـات ع ِني ِإ نهۥ لف ِرح فخور۝‬
‫َ َ ۡ َ َ َ ۡ ۡ َأ ۡ َٰ َ ُ ّ َ ۡ َ َّ ٰٓ َ َ ُ ْ َ ُأ ُ ٓ ْ َأ َ ۡ َٰ ُ َ ۡ َ ٗ َ َ‬ ‫ََ َ ْ ُ ّ ْ‬
‫فل َّما ن ُسوا َما ذ ِك ُروا ِب ِهۦ فتحنا علي ِهم بوب ك ِل شي ٍء حتى ِإ ذا ف ِرحوا ِبمٓا وتوا خذنهم بغتة فِإ ذا‬
‫‪43‬‬ ‫االنعام‬ ‫َ‬
‫ُهم ُّم ۡب ِل ُسون‬
‫َ َّ‬ ‫ٰ‬ ‫َّ ۚ َ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َٰ‬ ‫اَل َأ ُ ُ اَّل‬ ‫َأۡل‬ ‫َمٓا َأ َ‬
‫ض َو ِف ٓي نف ِسك ۡ‪I‬م ِإ ِفي ِكت ٖب ِّمن ق ۡب ِل ن ن ۡب َر َهٓا ِإ َّن ذ ِل َك َعلى ٱلل ِه‬ ‫ِ‬ ‫اب ِمن ُّم ِص َيب ٖة ِفي ٱ ۡر‬ ‫ص َ‬
‫‪22-23‬‬ ‫الحديد‬ ‫ّ َ ۡ اَل َ ۡ َ ۡ ْ َ َ ٰ َ َ َ ُ ۡ َ اَل َ ۡ َ ُ ْ َ َ َ ٰ ُ ۡۗ َ َّ ُ اَل ُ ُّ ُ َّ ُ ۡ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ور‬
‫ي ِسير۝ ِلكي تأسوا على ما فاتكم و تفرحوا ِبمٓا ءاتىكم وٱلله ي ِحب كل مخت ٖال فخ ٍ‬
‫َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ‪َ ّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ٞ‬ئ ‪ ْ ُ َّ َ َ ْ ُ ۡ َ َ ۖ َ ْ ُ َ ۡ َ ٞ‬اَل َ ُ ُ َ‬
‫ض ُّرك ۡم ك ۡي ُد ُه ۡم‬ ‫ِإ ن تمسسكم حسنة تسؤهم وِإ ن ت ِصبكم س ِي ة يفرحوا ِبها وِإ ن تص ِبروا وتتقوا ي‬
‫‪119‬‬ ‫آل عمران‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ًٔ ۗ‬
‫ش ۡيـا ِإ َّن ٱلل َه ِب َما َي ۡع َملون ُم ِحيط﴾‬
‫َ َ‬ ‫َ ۡ ُ ْ َ اَل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َأ‬ ‫َأ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ۡ َ َ َّ َّ َ ۡ‬
‫ين َيف َر ُحون ِب َمٓا توا َّو ُي ِح ُّبون ن ُي ۡح َم ُدوا ِب َما ل ۡم َيف َعلوا ف ت ۡح َس َب َّن ُهم ِب َمفاز ٖة ِّم َن‬ ‫ال تحسبن ٱل ِذ‬
‫‪188‬‬ ‫آل عمران‬ ‫اب ل ‪ٞ‬‬ ‫َأ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۖ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬
‫يم‬ ‫اب ول ُهم عذ ِ‬ ‫ٱلعذ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫ٰ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َٰ َ‬ ‫مۡل ُ َ َّ ُ َ ۡ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫ول ٱلل ِه وك ِرهوا ن يج ِهدوا ِب مو ِل ِهم و نف ِس ِهم ِفي س ِب ِيل ٱلل ِه‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ٓ‬
‫ِ‬ ‫ف ِر َح ٱ خلفون ِب َمق َع ِد ِه ۡم ِخلف َر ُس‬
‫‪80‬‬ ‫التوبه‬ ‫ٗ ۚ َّ َ ُ ْ ۡ َ َ‬ ‫َّ َأ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ۡ‬ ‫َ َ ُ ْ اَل َ‬
‫نف ُروا ِفي ٱل َح ّۗ ِر ق ۡل ن ُار َج َهن َم ش ُّد َح ّرا ل ۡو كانوا َيفق ُهون﴾‬ ‫وقالوا ت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۖ ُ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َأ‬
‫‪52‬‬ ‫املؤمنون‬ ‫فتقط ُع ٓوا ۡم َر ُهم َب ۡي َن ُه ۡم ُز ُب ٗرا ك ُّل ِح ۡز ِۭب ِب َما ل َد ۡي ِه ۡم ف ِر ُحون‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۖ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ َّ َ َ ُ ْ‬
‫‪31‬‬ ‫الروم‬ ‫ين ف َّرقوا ِد َين ُه ۡم َوكانوا ِش َي ٗعا ك ُّل ِح ۡز ِۭب ِب َما ل َد ۡي ِه ۡم ف ِر ُحون‬ ‫ِمن ٱل ِذ‬
‫ٱللهَ‬ ‫ٗ‬
‫َ َ ۡ َ ُ ُ َّ ۡ َٔ ُ َ ً َ َّ ٰٓ َ َ َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ٔ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َأ ۡ َٰ ُ ُ ۡ َ‬
‫اب ِب ِقيع ٖة يحسبه ٱلظمـان مٓاء حتى ِإ ذا جٓاءهۥ لم ي ِجده شيـا ووجد‬ ‫َ‬
‫وٱل ِذين كفروا عملهم كسر ِ‬
‫‪38‬‬ ‫النور‬ ‫َ‬ ‫ۭ َ ُ َ َ َّ ٰ ُ َ َ ُ َ َّ ُ َ ُ ۡ‬
‫اب‬ ‫ِعند ۥه فوفَأىه ِحسابهۥۗ وٱلله س ِريع ٱل ِحس ِ‬
‫ٱش ُك ُر ْ‪ َ I‬اَل َ ۡ ُ ُ‬ ‫َ ُۡ ُ ٓ ُۡ ُۡ ۡ َ ۡ‬
‫‪151‬‬ ‫البقره‬ ‫ون‬ ‫وا ِلي و تكفر ِ‬ ‫فٱذكرو ِني ذكركم و‬
‫‪6‬‬ ‫إبراهيم‬ ‫َو ۡذ َتَأ َّذ َن َر ُّب ُك ۡم َل ن َش َك ۡر ُت ۡم َأَل ز َيد َّن ُك ۡۖم َو َل ن َك َف ۡر ُت ۡم َّن َع َذابي َل َشديد‪ٞ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ِإ‬
‫‪16‬‬ ‫األعراف‬ ‫ُث َّم أَل ٓ ت َي َّن ُهم ّم ۢن َب ۡين َأ ۡيديه ۡم َوم ۡن َخ ۡلفه ۡم َو َع ۡن َأ ۡي َٰمنه ۡم َو َعن َش َمٓا له ۡۖم َواَل َتج ُد َأ ۡك َث َر ُه ۡم َٰشكرينَ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٱلش ُكورُ‬ ‫ۡ َ ُ ٓ ْ َ َ َ ُ َ ُ ۡ ٗ ۚ َ َ ‪َّ َ َ ۡ ّ ٞ‬‬
‫‪12‬ذ‬ ‫سبأ‬ ‫ٱعملوا ءال داو ‪I‬ۥد شكرا وق ِليل ِمن ِعب ِادي‬
‫َ ۡ‬ ‫َأ‬
‫‪11‬‬ ‫الضحى‪I‬‬ ‫َو َّما ِب ِن ۡع َم ِ‪I‬ة َر ِّب َك ف َح ِّدث‬
‫ور َّرح ‪ٞ‬‬ ‫ٱلل َه َل َغ ُف ‪ٞ‬‬ ‫َ َ ُ ُّ ْ ۡ َ َ َّ اَل ُ ۡ ُ َ ۗ َّ َّ‬
‫‪17‬‬ ‫النحل‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫وِإ ن تعدوا ِنعمة ٱلل ِه تحصوهٓا ِإ ن‬
‫َ َ َ َّ ٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ََٰٓأ َ َ ٰ َ َ ٰ ُ ُ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ ۡ َ ُ َ َ ‪ُ َ ۡ َ َّ َ ْ ُ َ ٞ‬ؤ ْ‬
‫وتولى عنهم وقال ي سفى على يوسف وٱبيضت عيناه ِمن ٱلحز ِن فهو ك ِظيم۝قالوا تٱلل ِه تفت ا‬
‫‪84-86‬‬ ‫وسف‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ۡ ُ ُ ُ ُ َ َ َّ ٰ َ ُ َ َ َ ً َأ َ ُ َ‬
‫ضا ۡو تكون ِم َن ٱل َٰه ِل ِكين۝‪.‬‬ ‫تذكر يوسف حتى تكون حر‬
‫ٱلسخرينَ‬ ‫َّ َ ُ ُ مَل َ َّٰ‬ ‫َۢ‬ ‫َأ َ ُ َ َ ۡ ‪ُ َّ َ َ ٰ َ َ ٰ َ َ ۡ َ َٰ ٞ‬‬
‫‪56‬‬ ‫الزمر‬ ‫ِ ِ‬ ‫وعبوديته ن تقول نفس يحسرتى على ما فرطت ِفي جن ِب ٱلل ِه وِإ ن كنت ِ ن‬
‫َ َُ‬ ‫ّ َ اَل َ ۡ ْ َ‬
‫‪33‬‬ ‫الحديد‬ ‫ِلك ۡي تأ َس ۡوا َعل ٰى َما فاتك ۡم‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫اَل َ ُ‬ ‫اَل َ ۡ َ‬
‫‪70‬‬ ‫النمل‬ ‫َو ت ۡح َزن َعل ۡي ِه ۡم َو تكن ِفي ض ۡي ٖق ِّم َّما َي ۡمك ُرون‬
‫يم‬ ‫َو َذا ُب ّش َر َأ َح ُد ُهم بٱُأۡل َنث ٰى َظ َّل َو ۡج ُه ُهۥ ُم ۡس َو ّٗدا َو ُه َو َكظ ‪ٞ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ِ‬
‫‪58-59‬‬ ‫النحل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َٰ َ ٰ َ ۡ‬
‫۝ يتورى ِمن ٱلقو ِم ِمن سو ِء ما ب ِشر ِب ِهۦٓۚ‬
‫َأ َ ً‬ ‫َّ ُ ۡ ُ ْ ٰ َ ۡ َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َٰ ‪َٰ ٓ َ َ َ َ ۡ َّ ٞ‬‬
‫‪6‬‬ ‫يوسف‬ ‫يث سفا‬ ‫فلعلك ب ِخع نفسك عل ٰى َءاث ِر ِه ۡم ِإ ن ل ۡم يؤ ِمنوا ِب َهذا ٱلح ِد ِ‬
‫اَّل َّ اَل َ ۡ َ‬
‫‪127‬‬ ‫النحل‬ ‫ص ۡب ُر َك ِإ ِبٱلل ِ ۚه َو ت ۡح َزن َعل ۡي ِه ۡم‬ ‫ٱصب ۡر َو َما َ‬
‫ِ‬
‫َو ۡ‬
‫‪68‬‬ ‫املائده‬ ‫ين‬ ‫س َع َلى ۡٱل َق ۡوم ۡٱل َٰكفر َ‬ ‫َفاَل َت ۡأ َ‬
‫ِ ٰ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ اَل َ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫‪28‬‬ ‫املائده‬ ‫س َعلى ٱلق ۡو ِم ٱلف ِس ِقين‬ ‫ف تأ‬
‫ون في ۡٱل ُك ۡفرۚ‬ ‫َ اَل َ ۡ ُ َ َّ َ ُ َٰ ُ َ‬
‫‪176‬‬ ‫آل عمران‬ ‫ِ‬ ‫َأ َأ و يحزنك ٱل ِذين يس ِر َأع ِ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ۖ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬
‫يه فِإ ذا ِخف ِت َعل ۡي ِه ف ل ِق ِيه ِفي ٱلي ِ ّم و تخ ِافي و تحز ِن ٓي ِإ نا َرٓاد ‪I‬‬
‫وهُ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ ۡ‬ ‫ۖ َ َ ۡ‬ ‫َ َأ ۡ َ ۡ َ َ ٓ ُأ ّ ُ َ ٓ ۡ ۡ‬
‫و وحينٓا ِإ ل ٰى ِم موس ٰى ن ر ِض ِع ِ‬
‫‪7‬‬ ‫القصص‬ ‫َ‬ ‫مۡل ُ‬ ‫َل ۡيك َو َجاع ُل ُ‬
‫وه ِم َن ٱ ۡر َس ِلين‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ِ‬
‫َ َ َ ۡ َٰ ُ َ ٰٓ ُأ ّ َ ۡ َ َ َّ َ ۡ ُ َ َ اَل َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ َأ َّ َ ۡ َ َّ‬
‫‪13‬‬ ‫القصص‬ ‫فرددنه ِإ لى ِم ِهۦ كي تقر عينها و تحزن و ِلتعلم ن وعد ٱلل ِه‬
‫مۡل ُ ۡ َ‬ ‫َُ َ‬
‫‪10‬‬ ‫القصص‬ ‫لتكون ِم َن ٱ ؤ ِم ِنين‬

‫صفحة | ‪43‬‬
‫املراجع‬

‫مدارج السالكين ‪.١٥٨ : ٣/‬‬ ‫‪.1‬‬


‫الفراهیدي‪ ،‬أبو عبد الرحمن الخلیل بن أحمد بن عمرو بن تمیم (ت‪170 :‬هـ)‪ :‬كتاب العین‪ ،‬دار ومكتبة هالل‪( ،‬ج‬ ‫‪.2‬‬
‫‪/3‬ص‪.)213‬‬
‫األصفهاني‪ ،‬أبو القاسم الحسین بن محمد الراغب (ت‪502:‬هـ)‪ :‬المفردات في غریب القرآن‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق (‬ ‫‪.3‬‬
‫‪1412‬هـ)(ج‪/1‬ص‪)628‬‬
‫الحلبي‪ ،‬أبو الطیب عبد الواحد بن علي اللغوي (ت‪351 :‬هـ)‪ :‬األضداد في كالم العرب‪،‬ـ المجمع العلمي العربي‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫دمشق‪1963 ،‬م‪ ،‬ص‪355‬‬
‫الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/13‬ص‪)131‬‬ ‫‪.5‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعیل أبو عبد اهللا الجعفي (ت‪256 :‬هـ) كتاب الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬التعوذـ من جهد البالء‪ ،‬حديث‬ ‫‪.6‬‬
‫رقم ‪( 6347‬ج‪/8‬ص‪)75‬‬
‫الرازي‪ ،‬أبو عبد اهللا‪ ،‬زین الدین محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي (ت‪666 :‬هـ)‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪.7‬‬
‫العصرية‪،‬الدار النموذجية‪ ،‬بيروت – صيدا(ط‪5/1420‬هـ‪1999-‬م)(ص‪)35‬‬
‫األصفهاني‪ :‬المفردات‪ ،‬ص‪11 .404‬المرازىء‪:‬ـ النقص والمصائب‪ .‬یُنظر‪ :‬ابن األثیر‪ :‬النهایة في غریب الحدیث‬ ‫‪.8‬‬
‫واألثر (ج‪/2‬ص‪)218‬‬
‫األصفهاني‪ :‬المفردات في غریب القرآن‪ ،‬ص‪، 194‬بتصرف‬ ‫‪.9‬‬
‫الماوردي‪،‬ـ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبیب البصري البغدادي (ت‪450 :‬هـ)‪ :‬النكت والعیون‬ ‫‪.10‬‬
‫ألصفهاني‪ :‬المفردات في غریب القرآن‪،‬ص‪502-41‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الجرجاني‪ :‬التعریفات‪ ،‬ص‪.137‬‬ ‫‪.12‬‬

‫صفحة | ‪44‬‬
‫الطبري‪ ،‬جامع البیان‪( ،‬ج‪/16‬ص‪)430‬‬ ‫‪.13‬‬
‫الصحاح في اللغة للجوهري ‪، ٣٧٦/ ٦‬مقاييس اللغة البن فارس ‪، ٥٤/ ٢:‬لسان العرب البن منظور ‪:‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪.٨٦٢،٨٦١/٢‬‬
‫التعريفات للجرجاني ‪.١١٧ :‬‬ ‫‪.15‬‬
‫الكليات يبأل البقاء أيوب بن موسى الكفومي ‪٦٧١ :‬‬ ‫‪.16‬‬
‫المفردات للراغب األصبهاني ‪.١١٥ :‬‬ ‫‪.17‬‬
‫ابن القيم‪)1394( ،‬طريق الهجرتين وباب السعادتين ج‪، 1‬ص ‪.278‬‬ ‫‪.18‬‬
‫الجامع ألحكام القرآن ‪.٢١٦ / ٤:‬‬ ‫‪.19‬‬
‫تفسير البغوي ‪.٣٩٢ / ٤:‬‬ ‫‪.20‬‬
‫انظر‪ :‬الروح ‪.٢٤٩ :‬‬ ‫‪.21‬‬
‫فتح الباري ‪.١٠٨ ١١/ :‬‬ ‫‪.22‬‬
‫مصنف ابن أبي شيبة ‪ -‬كتاب الزهد ‪ -‬كالم ابن عباس ‪ -‬حديث ‪ ، ) ٢٤٦ ١٩ (، /٣٥٩٣٤ :‬ص ‪.٣‬‬ ‫‪.23‬‬
‫الطبري‪ :‬جامع البیان عن تأویل آي القرآن‪( ،‬ج‪/20‬ص‪)66‬‬ ‫‪.24‬‬
‫األصفهاني‪ :‬المفردات في غریب القرآن‪ ،‬ص‪628‬‬ ‫‪.25‬‬
‫الماوردي‪ :‬النكت والعیون‪( ،‬ج‪/3‬ص‪.)116‬‬ ‫‪.26‬‬
‫هَّللا‬
‫یل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫البخاري‪ :‬صحیح البخاري‪ ،‬كتاب الجهاد والسیر‪ ،‬باب فضْ ِل قوْ ِل ِ تَ َعالى‪َ { :‬وال تَحْ َسبَن ال ِذینَ قتِلوا فِي َسبِ ِ‬ ‫‪.27‬‬
‫ات ا بَلْ َأحْ یَا ٌء ِع ْن َد َربِّ ِه ْم یُرْ َزقُونَ } ‪(،‬ج‪/4‬ص‪).21‬‬
‫َأ ْم َو ً‬
‫مسلم‪ :‬صحیح مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب بیان أن أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحیاء عند ربهم یرزقون‪ ،‬حدیث رقم‬ ‫‪.28‬‬
‫‪( 1887‬ج‪/3‬ص‪)1502‬‬
‫ابن سالم‪ :‬تفسیر یحیى بن سالم (ج‪/2‬ص‪) 609‬‬ ‫‪.29‬‬
‫الواحدي‪ ،‬أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي‪ ،‬النیسابوري‪ ،‬الشافعي (ت‪468 :‬هـ)‪ :‬الوسیط في تفسیر‬ ‫‪.30‬‬
‫الكتاب المجید‬
‫الرازي‪ ،‬أبو عبد اهللا محمد بن عمر الملقب بفخر الدین الرازي‪ :‬مفاتح الغیب‪ ،‬دار إحیاء التراث العربي‪ ،‬بیروت ‪-‬‬ ‫‪.31‬‬
‫لبنان (ط‪3/1420‬هـ) (ج‪/17‬ص‪).232‬‬
‫الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/20‬ص‪(102‬‬ ‫‪.32‬‬
‫القرطبي‪ :‬الجامع ألحكام القرآن (ج‪/9‬ص ‪(10‬‬ ‫‪.33‬‬
‫أبو حیان‪ ،‬محمد بن یوسف بن علي بن یوسف أثیر الدین األندلسي (ت‪745 :‬هـ)‪ :‬البحر المحیط بيروت – لبنان (ج‬ ‫‪.34‬‬
‫‪/6‬ص‪)127‬‬
‫البغوي‪ ،‬أبو محمد الحسین بن مسعود بن محمد بن الفر اء البغوي الشافعي (ت‪510 :‬هـ)‪ :‬معالم التنزیل في تفسیر‬ ‫‪.35‬‬
‫القرآن بيروت – لبنان (ج‪/2‬ص‪)123‬‬
‫القشیري‪ :‬لطائف اإلشارات (ج‪/3‬ص‪) 543‬‬ ‫‪.36‬‬
‫الطبري‪ :‬جامع البیان (ج‪/7‬ص‪) 470-465‬‬ ‫‪.37‬‬
‫ابن القیم‪ ،‬محمد بن أبي بكر المعروفـ بابن قیم الجوزیة‪ :‬التفسیر القیم‪ :‬تفسیر القرآن الكریم‪،‬ـ دار ومكتبة الهالل‪،‬‬ ‫‪.38‬‬
‫بیروت ‪( -‬ص‪)80‬‬
‫القشیري‪ :‬لطائف اإلشارات (ج‪/2‬ص‪) 50‬‬ ‫‪.39‬‬
‫ابن ماجه‪ ،‬أبو عبد اهللا محمد بن یزید القزویني (ت‪273 :‬هـ)‪ :‬سنن ابن ماجه‪ ،‬الكتب العربیة‪ ،‬كتاب الفتن‪ ،‬باب افتراق‬ ‫‪.40‬‬
‫األمم‪ ،‬حدیث رقم ‪، 3993‬ج‪، 2‬ص‪. 1322‬وصححه األلباني‪.‬‬
‫األصفهاني‪ :‬تفصیل النشأتین وتحصیل السعادتین‪ ،‬ص‪. 65‬‬ ‫‪.41‬‬
‫ابن القیم‪ :‬عدة الصابرین وذخیرة الشاكرین‪ ،‬ص‪136- 111‬‬ ‫‪.42‬‬
‫صحیح مسلم‪ ،‬كتاب الزهد والرقائق‪ ،‬حدیث رقم ‪(،2963‬ج‪/4‬ص‪)2275‬‬ ‫‪.43‬‬
‫ابن القیم‪ :‬مدارج السالكین بین منازل إیاك نعبد وٕایاك نستعین‪( ،‬ج‪/2‬ص‪) 238‬‬ ‫‪.44‬‬
‫ابن القیم‪ :‬طریق الهجرتین وباب السعادتین‪ ،‬ص‪. 12-11‬‬ ‫‪.45‬‬
‫صحيح البخاري‪ :‬كتاب الجنائز ‪٨٢ : .٢/‬‬ ‫‪.46‬‬
‫ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬مدارج السالكين‪ ،‬ج‪، 9‬ص‪.795‬‬ ‫‪.47‬‬
‫المرجع السابق ص ‪799‬‬ ‫‪.48‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إنا بك لمحزونون"‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪43‬‬ ‫‪.49‬‬
‫أبو الحجاج المخزومي‪ ،‬مجاهد بن جبر‪ ،‬تفسير مجاهد‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪. 771‬‬ ‫‪.50‬‬
‫الشيزاوي‪ ،‬سميرة‪ ،‬ذهاب أالحزان‪ ،‬ص‪. 49- 31‬‬ ‫‪.51‬‬
‫تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان ‪.٤٧٠ : ١/‬‬ ‫‪.52‬‬
‫أيسر التفاسير لكالم العلي الكبير ألبي بكر الجزائري ‪ :‬ص‪٦‬‬ ‫‪.53‬‬
‫عمر‪ ،‬د‪ .‬أحمد مختار عبدالحميد‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪36) 9347/ 3( ،‬‬ ‫‪.54‬‬

‫صفحة | ‪45‬‬
‫جار هللا الزمخشري‪ ،‬محمود بن عمر‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪. 314‬‬ ‫‪.55‬‬
‫السمرقندي‪ ،‬تفسير السمرقندي المسمى بحر العلوم‪ ،‬ج‪، 3‬ص‪711، 714‬‬ ‫‪.56‬‬

‫فهرس املوضوعات‬

‫ملخص البحث‬
‫‪3‬‬
‫مقـ‪4‬ـدم ـ ـة‪I‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معنى الفرح‬
‫‪9‬‬
‫األول‪ :‬معنى الفرح في اللغة‪I‬‬
‫املبحث ‪9‬‬
‫الثاني‪ I:‬معنى الفرح في االصطالح‬
‫املبحث ‪9‬‬
‫الثالث‪ :‬معنى الفرح في القران والوجه التي يرد عليها‬
‫املبحث ‪10‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬معنى الحزن‬
‫‪15‬‬
‫األول‪ :‬معنى الحزن في اللغة‬
‫املبحث ‪15‬‬
‫الثاني‪ I:‬معنى الحزن في االصطالح‬
‫املبحث ‪15‬‬
‫صفحة | ‪46‬‬
‫الثالث‪ :‬معنى الحزن في القران والوجه التي اتا بها‬
‫املبحث ‪16‬‬

You might also like