You are on page 1of 94

‫الجهاز المعرفي الجديد‬

‫(النظام الواقعي)‬
‫ترتيب العالقة بين‬
‫النص والعقل والواقع‬

‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪2‬‬

‫تدقيق وضبط النماذج والجداول‬


‫عمر خالد‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪3‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬


‫(النظام الواقعي)‬

‫هذه الورقات صالحة لمن اتضحت لديه اضطرابات الساحة الشرعية وتضارب الفتوى ودرجة االرتباك‬
‫في ملفات السياسة واالقتصاد واالجتماع والفنون والتقنية وعن الصراعات التي تسببها المنهجيات القائمة‬
‫من المذهبيات والطائفيات والتكفير والتفسيق والتبديع ودرجة انعدام الثقة المتصاعد في العلماء والمشتغلين‬
‫في االفتاء فمن ال يستشعر االزمة غالبا ال يبحث عن حل ولكن من تجاوز حالة الدفاع عما هو قائم‬
‫ويبحث عن لغة يعبر بها عن االزمة ويبحث عن تصور جديد يفتح به نافذة الستبقاء الدين والتدين في‬
‫حياة االفراد والمجتمعات بحيث تبقى الشريعة مقبولة ومعقولة سيجد في هذا البحث ضالته ‪..‬هذه الورقات‬
‫على قلة عددها لكنها مفتاح لكثير من مما نشاهده من انسداد االفق الفقهي والصراعات التي تدور دون‬
‫مخارج واضحة منذ قرون ‪ .‬وهي تقوم بوظيفتين االولى اعطاء لغة تسمح باالمساك بالمشكلة والثانية هي‬
‫وضع النظام البديل والمقترح العملي للخروج من هذا االنسداد ولم يكن دوري فيه اال اختصار ‪8000‬‬
‫آالف صفحة من جهد االستاذ يحيى محمد في مجموعة كتبه المعنية بهذه القضية تسهيال على القارئ‬
‫العجل وتشجيعا لمن لم يتعرف على هذا الجهد النوعي ان يتواصل مع المشروع في كتبه االصلية وبلغة‬
‫الكاتب ذاته وهذا البحث الوجيز مكون من ثالثة ابواب األول هو (األجهزة المعرفية ) وازالة الغموض‬
‫عن المفهوم والباب الثاني هو (نظام المعايير ) وغرضة ايضاح اهمية القبليات في الفهم ودور المعايير‬
‫المحايدة في تقويم جودة مخرجات النظم والباب الثالث وهو بيت القصيد (النظام الواقعي) وهو يعرض‬
‫كيفية تمركز الواقع في معادلة النقل والعقل بحيث تصبح ثالثية النقل والعقل والواقع اساس النظام الجديد‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪4‬‬

‫الباب األول‬
‫االجهزة المعرفية‬
‫تمهيد‬ ‫‪-‬‬
‫سؤالين مهمين‬ ‫‪-‬‬
‫إطاللة على األجهزة التراثية وطريقة عملها‬ ‫‪-‬‬
‫تفصيل الجهاز البياني‬ ‫‪-‬‬

‫• تمهيد‬

‫>>>الخالصة<<<‬
‫دعوى إحكام المناهج تنهار امام تضارب مخرجاتها واالعتراضات التي يثيرها البحث في ذهن القارئ‬
‫مهمة‬

‫الشكوى من تضارب الفتاوى وكثرة الخالفات بين المشتغلين في الحقل الشرعي وكثرة القضايا العالقة‬
‫دون حل في السياسة واالقتصاد واالجتماع والفنون وغيرها‪ ،‬وأضطراب العالقة بالمنجزات العلمية‬
‫والتطورات التقنية ‪ ،‬واالنتقال في الموقف من التحريم المطلق الى االباحة الى االنخراط بذات المسوغات‬
‫ومن خالل ذات المناهج‪ ،‬كل ذلك لم يحدث الصدمة المطلوبة إلعادة النظر في االجهزة المعرفية التي‬
‫نفكر بها وأن نحولها ذاتها لموضوع للتفكير‪ ،‬ولكن في السنوات االخيرة انتقل النقاش من فكرة حل قضايا‬
‫السطح في السياسة واالقتصاد واالجتماع والعالقات الدولية والمرأة والفن المكررة‪ ،‬الى محاولة تجديد‬
‫اصول الفقه‪ ،‬وكثر الحديث عن ادخال المقاصد وفقه الواقع والتدرج وفقه االوليات وفقه النوازل ‪..‬الخ‬
‫‪..‬وانتقل النقاش على استحياء الى قضايا العمق وهي االجهزة المعرفية التي تشكل البنى الفكرية التحتية ‪.‬‬
‫وفي هذا السياق وعند الحديث عن ضرورة ايجاد جهاز معرفي جديد يضيف معادلة الواقع الى معادلة‬
‫النص والنقل وإعادة مركزة الواقع في مقابل العقل والنقل عادة ما تثار قضايا مثل‪:‬‬
‫أن المقاصديون مثل الشيخين القرضاوي والريسوني يقدمون فتاوى تراعي الواقع فلماذا نحتاج‬ ‫‪-1‬‬
‫لجهاز جديد؟‬
‫أن المشكلة في الواقع فالحداثة هي سبب المشكلة فلماذا نغير المناهج؟‬ ‫‪-2‬‬
‫المناهج محكمة منضبطة فكيف نتركها؟‬ ‫‪-3‬‬
‫عندنا مقاصد الشريعة وهي كافية؟‬ ‫‪-4‬‬
‫هناك الحكم الوضعي والتكليفي اال يكفيان؟‬ ‫‪-5‬‬
‫الضرورات تبيح المحظورات اال تكفي؟‬ ‫‪-6‬‬
‫األخذ بالعقل يهدم الشريعة؟‬ ‫‪-7‬‬
‫المقاصد غير منضبطة وستهدم الشريعة؟‬ ‫‪-8‬‬
‫اصال ليست هناك مشكلة والخالف طبيعي بين العلماء؟‬ ‫‪-9‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪5‬‬

‫‪ -10‬فقه الواقع تم الكالم عنه من قبل علماء في القديم مثل ابن القيم وفي الحديث مثل القرضاوي‬
‫والغزالي فما هو الجديد؟‬
‫‪ -11‬االستحسان واالستصالح والعرف و‪...‬اليست من الواقع؟‬
‫ونحن نطرحها في مقدمة حديثنا حتى يواصل القارئ المتخوف متابعة القراءة وهو يعلم ان ما يدور في‬
‫عقله هو صلب ما دار في عقولنا للوهلة االولى وهو ما يجيب عنه البحث بالتفصيل في ثناياه‪.‬‬
‫وقد يدور في ذهن القارئ سؤال ماذا يمكن ان يكون شكل اي جهاز محتمل يقلل من الخالف في جانب‬
‫وعند الخالف يعيدنا الى قواعد معرفية علمية مشتركة بين البشر قابلة للتحكيم باالضافة للحاجة قابلية‬
‫التطوير والتعديل باستمرار وهو ما نحاول ان نبينه في خالصة هذا البحث‪..‬‬
‫ولنبدأ بسؤالين مهمين ‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كان النص واحدا فلماذا تتباعد االفهام وتختلف المخرجات؟‬
‫‪ .2‬إذا كانت االجهزة المنتجة للفهم بهذه االهمية فما بنيتها وتصنيفها؟‬

‫السؤال األول؟‬
‫إذا كان النص واحدا فلماذا تتباعد االفهام ذلك هو موضوع االجهزة المعرفية وسبب دراستها؟‬
‫الجهاز المعرفي كاي جهاز هو مجموعة مكونات تتساند للوصول لمخرجات محددة ووصفه بانه معرفي‬
‫نقصد به انه ينتج فهما محددا بشروط ومواصفات تتسق مع مكونات الجهاز وفهم ذلك يقتضي قراءة‬
‫الورقات التالية النها تحاول ان تبين تنوع االجهزة التي انتجناها في الحضارة االسالمية وتركيبتها ولماذا‬
‫انتجت أفهاما مختلفة ‪.‬‬
‫اختالف االجهزة يولد رؤية مختلفة للنص‪ .‬فالنص واحد وكل جهاز يقرأه بطريقته فالجهاز البياني لو مثله‬
‫الطبري سيختلف عن الجهاز الفلسفي لو مثله ابن سينا وسيختلف عن الجهاز العرفاني لو مثله ابن العربي‬
‫وسيختلف عن الجهاز المعتزلي لو مثله الزمخشري او عن التفسير األشعري لو مثله فخر الدين الرازي‪،‬‬
‫فكل قناة معرفية فرضت قراءة معينة للنص مختلفة بناء على مقدماتها (شكل ‪)1‬‬

‫تفسير ابن سينا‬

‫تفسير ابن العربي‬

‫تفسيرالرازي‬ ‫مخرجات مختلفة‬ ‫الجهاز المعرفي‬ ‫النص كمدخل‬

‫تفسير الزمخشري‬

‫تفسير ابن كثير‬


‫شكل ‪1‬‬

‫السؤال الثاني؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪6‬‬

‫إذا كانت االجهزة المؤثرة في الفهم مهمة فما بنيتها وكيف نصنفها؟‬
‫بنية األجهزة‬
‫هناك خمس مكونات ألي جهاز ‪ :‬المصدر (المضمون الذي يعالجه الجهاز) واالداة (اآللة التي يعمل بها‬
‫على المضمون) والدينمو المولد (وهو المقولة التي تفسر سبب اختالف الجهاز عن غيره في منتجه) ومن‬
‫بعده يتولد فهم خاص في العقل ومنتج ذو خصوصية في الخارج كما رأينا في النموذج (‪ .)1‬وسبب‬
‫االختالف أن كل جهاز يحمل مقدمات مختلفة بل كل عقل يحمل معه ثقافة سابقة عند التقاءه بالنص تعيد‬
‫تشكيله‪ .‬والسؤال المهم هو درجة انكشاف هذه المقدمات ودرجة التحكم فيها لتقليل اثرها او لضبطها‬
‫واالستفادة منها كما سنرى اثناء سير البحث‪.‬‬
‫األجهزة التراثية وتصنيفها‬
‫وفي الجدول تصور افتتاحي لبنية االجهزة المعرفية األساسية التي تولدت في الحياة االسالمية والتي نتفكر‬
‫بها ‪ .‬ونحن هنا نحاول تشريحها وتحويلها لموضوع للتفكير وبالتالي نبحث عن الشكل الخالص لها نظريا‬
‫قبل التحامها بالواقع واختالطها وسنزيل اللبس عن مصطلحاتها بالتدريج‪ .‬ولكن سنقول هنا أن الكتلة االولى‬
‫وسنطلق عليها الكتلة الوجودية باعتبارها تنطلق من فكرة وحدة الوجود تنقسم الى جهاز فلسفي باعتبرا‬
‫انه يصدر عن منطلقات الفلسفة اإلغريقية ويستخدم أداتها البرهانية والدينمو الذي يعطي منتجاته صبغتها‬
‫هو فكرة وحدة الوجود وبالتالي فالفهم فلسفي والمنتج فلسفي (سيأتي تفصيل ذلك بعد الجدول) ‪ .‬وجهاز‬
‫عرفاني ينطلق من القلب باعتبارها مصدر المعرفة واداته ما يقعل في هذا القلب عبر الكشف القلبي وعبر‬
‫ذات فكرة وحدة الوجود باشكالها المختلفة يصطبغ الفهم وتتولد المنتجات المعرفية (سيأتي تفصيله بعد‬
‫قليل) ‪ .‬وفي الجانب اآلخر يمكن رؤية الكتلة المعيارية باعتبار انها كتلة معنية باصدار االحكام ويمكن‬
‫تمييزها لقسمين عقلي يبحث في المقدمات العقلية التي ستحكم نظره للنصوص ولقسم بياني يهتم بما يقوله‬
‫النص ابتداء من خالل مفتاح اللغة والقسم العقلي سينقسم لجهاز معتزلي مصدره المعتمد هو العقل‬
‫المعياري واداته العقل االستداللي الممنطق وهو في هذا يشبه الجهاز االشعري ولكن نقطة االنفصال تبدا‬
‫من األصل المولد الذي يتبناه كل جهاز فالجهاز المعتزلي يرى ابتداء أن العقل مستقل ابتداء وبه الشروط‬
‫الآلزمة التي تمكنه من تمييز القضايا االخالقية الكلية والتي بها اختار االيمان على الكفر وبها صدق‬
‫بالرسالة وبالرسول وأن هذا العقل يقر بمبدا الحق وبالتالي فهناك حق للعبد على هللا وحق هلل على العبد‬
‫وعلى هذا يتاسس الفهم المعتزلي على خالف الجهاز األشعري حيث يجعل الحق ذو اتجاه واحد فاالنسان‬
‫عبد مطلق ال حق له والمالك هو هللا والعقل عاجز عن ادراك الحسن والقبيح ومصدره لمعرفة ذلك هو هللا‬
‫وبالتالي فلو خاطبه هللا بما ال يعقل او كلفه ما ال يطيق ام امره بما يراه العقل قبيحا ونهاه عما يراه العقل‬
‫حسنا لم يكن قد ظلمه اذا هو عبد في امر سيده ومن هنا اختلفت افهام المعتزلة واالشاعرة كما سنرى‬
‫الحقا واخيرا ياتي الجهاز الب ياني والذي مصدره النص واداته اللغة ودينموه المولد هو الظاهر العرفي‬
‫للنص في عصر الرسالة وفهمه متعلق باللغة (البيان) وسناتي لمزيد من الشرح الحقا (الجدول ‪)1‬‬

‫المنتج‬ ‫الفهم‬ ‫المولد‬ ‫األداه‬ ‫المصدر‬ ‫اسم الجهاز‬ ‫الكتلة‬


‫فلسفي‬ ‫فلسفي‬ ‫وحدة الوجود‬ ‫العقل الوجودي العقل‬ ‫الفلسفي‬ ‫الوجودية‬
‫(األصل والشبه)‬ ‫اإلستداللي‬
‫عرفاني‬ ‫عرفاني‬ ‫وحدة الوجود‬ ‫القلب الوجودي الكشف الذوقي‬ ‫العرفاني‬
‫(األصل والشبه)‬
‫منتج معتزلي‬ ‫فهم معتزلي‬ ‫منطق الحق‬ ‫العقل المعياري العقل‬ ‫المعتزلة‬ ‫معيارية‬
‫الذاتي‬ ‫االستداللي‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪7‬‬

‫منتج اشعري‬ ‫فهم اشعري‬ ‫حق الملكية‬ ‫العقل المعياري العقل‬ ‫األشاعرة‬
‫كمولد‬ ‫االستداللي‬
‫بياني‬ ‫بياني‬ ‫الفهم العرفي‬ ‫اللغة‬ ‫النص الديني‬ ‫البيان‬

‫جدول ‪1‬‬

‫األجهزة باختصار‪:‬‬
‫قلنا أن هناك كتلتان االولى سنسميها بالكتلة الوجودية ويتفرع منها جهازين هما الجهاز الفلسفي والجهاز‬
‫العرفاني تقابلها كتلة معيارية ويتفرع منها دائرة تعتمد المقدمات العقلية قبل مقاربة النص وهم المعتزلة‬
‫واالشاعرة وعموم المتكلمين ودائرة بيانية تعتمد محور اللغة مباشرة واليك تفصيلهما‪.‬‬
‫الكتلة الوجودية بجهازيها الفلسفي والعرفاني تدور حول وحدة الوجود‪:‬‬
‫فكرة وحدة الوجود إذا ازلنا عنها حجب االصطالحات تقوم على فكرة وجود منشأ للكون من موجود اول‬
‫ليس بمخلوق وهو ازلي (ال بداية له) وابدي (ال نهاية له) ومستغني من كل الوجوه (ال يتغير) نظرا لكماله‬
‫واألهم انه ليس بمركب من اجزاء ألن تلك من صفات المخلوقات وبما ان الموجود األول كله علم فما‬
‫سيفيض منه هي عقول‪...‬هذا الموجود الكامل فاض منه الوجود نتيجة لكرمه دون ارادة منه وبما ان ما‬
‫يفيض من البسيط غير المركب ايضا بسيط ونقي فاالجرام السماوية هي ارواح نقية فاضت منه (ليست‬
‫كتل صخرية هائمة في الوضاء) وهي عقول عددها عشرة تنتهي بالعقل القمري والعقل القمري فيه صور‬
‫الموجودات التي هي كل ما هو تحت ارضي من الموجودات وهذه الموجودات هي امتداد للفيض من‬
‫الوجود االزلي االبدي وأعلى الموجودات االرضية هو االنسان وميزته انه ايضا عقل هكذا يترابط الوجود‬
‫من الوجود االول الى بقية الوجود‪.‬‬
‫وعلى هذه الفكرة يولد الجهاز الوجودي وهو جهاز له مقدمات توضف النص لخدمة فكرة ترابط العالم‬
‫باعتبار العالم فيض من الموجد االول (هللا) وامتداد له والوجود مرتب من المخلوقات العليا السماوية او‬
‫العقول النقية والتي تنتهي بالعقل القمري ثم الوجود السفلي وفي قمته االنسان الذي هو صورة مصغرة‬
‫للعقل األول وبأمكانه الصعود الى مستوى النقاء السماوي بطريقتين ففي النظام الفلسفي عبر التأمل‬
‫والبرهان الفلسفي اي التشبه بالعقل االول يرتقي االنسان لمستوى الموجودات العليا وفي‬
‫الجهازالجهازالعرفاني حيث االرتقاء يتم بتنقية القلب عبر التشبه بالوجود المسبح المستسلم ويصل للكماالت‬
‫ولفهم الجهاز الوجودي بشقيه الفلسفي والعرفاني سنوجز فهم فكرة وحدة الوجود‪.‬‬

‫نظرية وحدة الوجود (األصل والشبه)‬


‫فكرة وحدة الوجود او األصل والشبه فكرة ممتدة في التاريخ البشري ويمكن تتبعها من المعابد المصرية‬
‫مرورا بالفلسفة اليونانية المبكرة ‪.‬‬
‫فطاليس مثال كان يرى الوجود االول الذي ابدع موجودا آخر فيه صور الموجودات كلها ومن هذا الموجود‬
‫صدرت كل الموجودات التي نراها فالموجود االول واحد وبقية الموجودات تشبه الموجود المبتدع ففكرة‬
‫االصل والشبه حاكمة وإن تم استثناء الموجود االول ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪8‬‬

‫أفلوطين وهو آخر السلسلة في فكرة االصل والشبه أو (السنخية) فلإلنسان مراتب وجودية متعددة تتصاعد‬
‫في الشرف من األدنى لألعلى فاولها االنسان فهو الجسد او الصنم وفوقه االنسان النفساني وفوقه االنسان‬
‫العقلي وهو مثال للذات الحقة فهو انسان الهي وهي كلها تتشابه مع الموجود االعلى (رب االرباب)‪.‬‬
‫ومن هنا تتولد فكرة الصعود والهبوط للموجودات فالحلول هو عملية هابطة من الذات الكاملة الى الموجود‬
‫االدنى واالتحاد هو عملية صاعدة من الموجود االدنى الى االعلى‪.‬‬
‫الفلسفة القديمة ومنها االسالمية تحمل وجهان في تعريفها‪ :‬االول معني بموضوعها ‪ :‬فهي العلم بحقائق‬
‫األشياء على ما هي عليه وارتباط االسباب بالمسببات واسرار انضباط نظام الموجودات والعمل بمقتضاه‬
‫والثاني معني بالغاية التي تسعى إليها وهي التشبه بالوجود أو االمتثال لنظامه المفضي الى السعادة القصوى‬
‫هي (علم بحقائق االشياء والعمل بما هو أصلح)‪ .‬فإن كان الوجود االول عقل كلي فاالنسان عقل على‬
‫شاكلته مهئ ليرتقي للكائنات العلوية بالتدبر والتفكر البرهاني‪.‬‬
‫الجهاز العرفاني‪ :‬وله مطلبان‬
‫األول البحث عن الذات األحدية (فإذا كان جناب الخالق هو ذات وصفات‪ ،‬فاالحدية مصطلح صوفي يدل‬
‫على الذات بال اوصاف) وبالتبع اسمائها وصفاتها ومترتباتها والثاني االمتثال للوجود والتوحد معه كغاية‬
‫المطلوب فالمجاهدة النفسية والرضى باألقدار والتسبيح كما تفعل الموجودات كفيل بنقل االنسان من مستوى‬
‫المادة لمستوى الروح وتجلياتها‪.‬‬
‫الغزالي وفكرة األصل والشبه‪:‬‬
‫يطرح الغزالي فكرة عالم الشهود (أي العالم الذي نعيشه وهو العالم المادي المحسوس)‪ .‬وعالم الملكوت (‬
‫أي العالم غير المرئي من المالئكة والجن والشياطين والجنة والنار‪ )..‬ويرى انه لوال الشبه لم يكن االرتقاء‬
‫من عالم الشهود لعالم الملكوت‪ .‬فاالنسان كون أصغر يحتوي بداخله الكون األكبر فمن عرف نفسه عرف‬
‫الوجود مستفيدا من األثر (من عرف نفسه فقد عرف ربه) فاالنسان يمتلك الحياة والقدرة والسمع والبصر‬
‫وبها يعرف ان خالقه حي قادر وسميع بصير‪...‬والغزالي يذهب بعيدا في كتاب مشكاة االنوار في فكرة ان‬
‫ال وجود على الحقيقة اال هللا فاهلل هو النور فمنه االنارة واالدامة فهذا النور الذي يسري في الكائنات هو‬
‫ما يظهرها والنور االلهي مراتب ال تنكشف كلها اال في االنسان‪.‬‬
‫المهم هنا‪:‬‬
‫أن الكتلة الوجودية بجهازيها بحكم اصلها المولد وهو وحدة الوجود أو األصل والشبه تكون مخرجاتها‬
‫بيان العالقة بين الموجودات وتركز على عملية ارتقاء االنسان العقلي او الروحي ليصل للكمال الممكن‬
‫ويتشبه بالموجود االعلى ولذلك تولد مسميات مثل (منازل السائرين ) او (مدارج السالكين) لوصف رحلة‬
‫المعراج الروحي عند العرفانيين مثال‪.‬‬
‫الكتلة المعيارية و فيها العقل والبيان‬
‫في الكتلة الوجودية المهم هو االرتقاء العقلي او الروحي للوجود األعلى فما هو الهدف في جماعة المعيار؟ هنا البحث يتم‬
‫عن المعايير التي يتم بها الحكم على العقائد واالفعال بالصواب او الخطأ ‪.‬‬

‫فالعقل المعياري هو عقل يبحث عن وظيفة الشئ ومكانته من الصواب والخطأ اي بمعيار قيمي اساسه‬
‫القرب او البعد عن المقررات العقلية التي يراها قبل مقاربة النص كماعند المعتزلة واالشاعرة من جهة‬
‫أو مباشرة من النص ذاته دون مقدمات عقلية ممنطقة ويتم التركيز على الظاهر العرفي للنص في عصر‬
‫الرسالة كما عند البيانيين وهو ال يعنى بدراسة ظاهرة الفهم بشكل مستقل بقدر تطبيق البعد اللغوي‪.‬‬
‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬
‫‪9‬‬

‫فالطابع المعياري (بحث الصواب والخطأ) شمل الجهاز العقلي (معتزلة واشاعرة ) والجهاز البياني وهم‬
‫التيار الفقهي السائد المعتمد على النص واللغة دون منظومة عقلية ممنطقة سابقة كما هو شأن العقل‬
‫المعياري من المعتزلة واالشاعرة ولننظر لهم بشئ من التفصيل‪.‬‬
‫الجهاز العقلي (الممنطق)‬
‫فالعقل عند الدائرة العقلية محكم على خالف النص‪.‬وهو ما تبلور عند فخر الدين الرازي من انه ال يمكن‬
‫النظر في داللة نص الخطاب(مقصوده ومعناه) او فحواه ولحنه‪...‬اال بالنظر للدالئل العقلية القاطعة فان‬
‫تعارضا (ظاهر النص مع قطعيات العقل كمبدأ عدم التناقض مثال) فاما ان النص غير صحيح او ان معناه‬
‫ملتبس وعندها اما ان نلجأ للتأويل او نتوقف فيه‪ .‬وللتمثيل فمقدمة عقلية تريد تنزيه الخالق عن المخلوق‬
‫في الصفات ستولد قاعدة تأويل كل ما يوهم التشبيه من النصوص ففي مثل قوله تعلى (الرحمن على‬
‫العرش استوى) لن يتردد من يحمل مقدمة ان (كل ما اوهم التشبيه من صفات الباري فحقه التأويل) بتأويل‬
‫النص عن ظاهره العرفي وهو االستواء الى القول بان المقصود "اإلستيالء" مثال‪..‬‬

‫تفصيل الجهاز البياني‬


‫هناك عشرات االسئلة التي تخطر في البال مثل ‪ :‬لماذا لم تنجح مدرسة المقاصد في افتكاك فضاء جديد‬
‫برغم الجهود المتعددة ؟ ولماذا لم تتطور الدراسات في العلوم االنسانية الميدانية في البيئة االسالمية برغم‬
‫ضغط الواقع عبر ادوات مثل االستحسان واالستصالح؟ ولماذا ندور في ذات القضايا منذ قرون دون‬
‫مخرج واضح من ابسط القضايا مثل دخول شهر رمضان او خروجه رغم تقدم العلم ودرجة الدقة التي‬
‫وصلها؟ ومفتاح كل هذه االسئلة يكمن في فهم بنية الجهاز البياني‪.‬‬
‫والذي يعنينا من هذه االجهزة هو الجهاز البياني السائد والذي تحيط به درجة وثوقية عالية ويحتاج الى‬
‫فحص أدق ألنه معني بالجانب الفقهي العملي ‪.‬الحركة البيانية بدأت بدون تنظير في شكل الفتوى الجزئية‬
‫ومضى زمن الى أن بدأ الجهاز يعي ذاته في مقابل المدرسة العقلية‬
‫خصائص البيان مهمة جدا لفهم اشكالية الفقه المعاصر وسبب عجزه عن التقدم‪:‬‬
‫تعتبر الدائرة البيانية النص هو مصدر التوليد المعرفي وتتعامل معه عبر الظاهر العرفي للغة في‬ ‫•‬
‫عصر الرسالة واستثناء عبر مطلق اللغة ‪،‬وتقدم الفهم الشرعي على اي اعتبار عقالني أو مقاصدي‬
‫‪.‬‬
‫وهي ترى أن المصادر ال اعتبار لها إال بعرضها على النص ونيل موافقته‬ ‫•‬
‫ويمكن القول ان البيان هو طلب الدين بالدين (النص او ظل النص أي القياس) وأن غير البيان‬ ‫•‬
‫هو طلب الدين بغيره كالعقل ابتداء‪.‬‬
‫الجدل بين النص والواقع توقف واصبحت االحكام مؤبدة واالجتهاد مسموح فيما ال نص فيه او‬ ‫•‬
‫فيما وقع تحت حكم االضطرار‬
‫احداث مكة والمدينة كما ونوعا يمكن عن طريق القياس عليها ان تغطي كل المدن عبر الزمان‬ ‫•‬
‫والمكان ‪.‬‬
‫الواقع يحضر كضرورات وليس كمؤسس فهو تابع وليس شريك‬ ‫•‬
‫المدرسة البيانية ترى ان العقل عاجز وانه تابع للهوى وانه يقوض الشريعة وانه مثال االختالف‬ ‫•‬
‫في حين ترى ان الشريعة بينة وكافية لكل شئ اما بالنص او بظل النص كالقياس‪.‬‬
‫تحكم الجزئي بالكلي ‪ -‬تجزئة النص ‪-‬عدم إعتبار السياق القريب – عدم االلتفات للسياق الواقعي‬ ‫•‬
‫الذي تنزل فيه النص (مثال النهي عن تصوير كل ما فيه روح واالكتفاء بالنباتات والزخارف‬
‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬
‫‪10‬‬

‫لقرب الناس من الشركيات) – غلبة الطابع الماهوي على الوقائعي‪ .‬بمعنى انه يعتمد اطالقية‬
‫النص وليس انه ابن واقعة محددة‪.‬‬
‫• غياب الحس التاريخي والسياسي واالجتماعي المؤثر في التنزيل االول والتنزيل المستجد كما انه‬
‫ال يعول على المقاصد وال المقاصد االخالقية وال االتساق المنطقي فالعمل في جوهره بياني‬
‫صرف في الغالب‪.‬‬
‫• تقييد وتضيق تقصيد النص لصالح البعد التعبدي غير المعلل (كما في اشتراط الرؤية العينية للهالل‬
‫بغض النظر عن دقة العلم في الحساب وفي اآللة)‪.‬‬
‫وسنحتاج الى شرح بعض القضايا المرتبطة بالبيان مثل قضية البيان وتكثير الحديث او تطورات الفقه‬
‫ودليل القياس واخيرا اهمية الجهاز المولد في الجهاز البياني‪.‬‬

‫البيان وتكثير الحديث‬


‫للحديث ميزة خاصة على مصادر التشريع االخرى حيث له مرجعية إلهية فهو يفيد التفصيل‬
‫التدوين مر بمراحل‪:‬‬
‫التردد بين المنع واالفساح في التوجيهات‬ ‫•‬
‫تأخر التدوين قرن من الزمان‬ ‫•‬
‫في القرن االول ساد الخوف وعلل بامرين وهما ان يشغل الحديث الناس عن القرآن والخوف من‬ ‫•‬
‫الكذب على الرسول‪.‬‬
‫ويتضح من الروايات في هذه الفترة‬ ‫•‬
‫‪ -‬كراهية التدوين‬
‫‪ -‬محو ما دون خوف انتشاره‬
‫‪ -‬االقالل من الرواية والنهي عن االكثار منها‬
‫‪ -‬التحفظ على نسبة الحديث للنبي‬
‫‪ -‬عدم التدقيق في االسناد‬
‫‪ -‬التثبت من الحديث غير المعروف‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪11‬‬

‫من المائة الثانية ظهر عصر جديد‪:‬‬


‫بدأ بالجمع مع الزهري‬
‫وكثرت الموطآت ولم يبقى منها اال موطأ مالك وفيه جمع مالك احاديث اهل الحجاز واقوال الصحابة‬
‫وفتاوى التابعين وعول على الحديث المرسل والمنقطع‪.‬‬
‫مع نهاية القرن الثاني تغير الوضع ‪:‬‬
‫حيث برزت المسانيد حيث كان يتم جمع كل ما قاله الصحابي بغض النظر عن االسناد وصحته‪.‬‬
‫مع القرن الثالث تغير الوضع ‪:‬‬
‫بدأ البحث عن صحة االسناد يلعب دورا كبيرا واتصلت االسانيد بشكل ملفت‪.‬‬
‫مما شكل مفارقة‪:‬‬
‫‪-‬فلحظة مالك ووجوده في الحجاز كان عدد ما استطاع جمعه قليل واتصال االسناد قليل وبقي مالك في‬
‫شك مما جمع بحيث كان يحذف من هذه االحاديث باستمرار وبعد القرن الثالث تم جمع عدد ضخم من‬
‫المرويات المتصلة االسناد‪.‬‬
‫‪ -‬وكثر التذمر من القرن الثاني من دعوى انتشار الجهل وعدم المصداقية في النقل ثم عمت الوثوقية القرن‬
‫الثالث‪.‬‬
‫مالحظات على الصناعة الحديثية بقيت عالقة‪:‬‬
‫‪ -1‬هناك اشكال مبدأي متعلق بالحساب الرياضي ففي أي عملية نقل معلومة شفوية بين البشر‬
‫باعتبارهم بشر تولد احتمالية متساوية مع كل ناقل تساوي النصف بمعنى ان احتمال سالمة النقل‬
‫‪ 2/1‬أو ‪ %50‬وكلما زادت طبقات الناقلين قلت احتمالية الصواب فلو فرض أن هناك اربع طبقات‬
‫فيمكن ضرب ‪ 16/1= 2/1× 2/1× 2/1× 2/1‬بمعنى ان تتراجع الصحة لتصبح احتمال واحد‬
‫للصحة مقابل ‪ 16‬احتمال للخطأ وهذا اذا ثبتنا بقية العوامل مثل السن واشكالية التعبير بالمعنى‬
‫وسائر التحيزات البشرية السياسية والنفسية ‪.‬‬
‫‪ -2‬تم إعطاء شهادة مرور لكل من انطبق عليه لفظ صحابي وهي اشكالية تدخلنا في باب العصمة مع‬
‫اقرارنا بامتناعها ‪.‬‬
‫‪ -3‬الجرح والتعديل يتم بعدد قليل من الكلمات وبآليات وصفية غير منضبطة كميا وهو توثيق غير‬
‫مباشر إنما منقول‪.‬‬
‫‪ -4‬الرواية بالمعنى وما يصحبها من اشكاليات‬
‫‪ -5‬الرويات مقطوعة عن سياقاتها وظروف انتاجها ومالبساتها النفسية ‪.‬‬
‫‪ -6‬التعارض في الروايات‬
‫‪ -7‬عدم اعطاء المتن أهمية السند‪.‬‬
‫وبرغم الجهد الجبار الذي بذله العلماء في محاولة سد الثغرات واالجابة على االستشكاالت ولكن بقيت هذه‬
‫االسئلة مفتوحة وتحتاج الى جهد علمي اضافي ربما تلعب فيه التقنيات الحاسوبية ونظرية االتصاالت‬
‫دور كبير مستقبلي‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪12‬‬

‫نظرة لتطورات الفقه‪:‬‬


‫‪ -1‬نزل الوحي على الرسول صلى هللا عليه وسلم فيه العقائد واالخالق والعبادات واالحكام التي‬
‫عالجت تنوعات االحداث التي واجهت المجتمع المسلم الناشئ وفي حضور الرسول لم تكن هناك‬
‫الحاجة للمزيد ومع توقف الوحي برزت مرحلة جديدة ‪.‬‬
‫‪ -2‬واستمر تجدد الحوادث فكان يسأل هل يعلم احد قوال للرسول في ذلك فان شهد أحدهم بشئ طلبوا‬
‫من يعززه لقبول قوله كما ورد في بعض الروايات كطرق الباب ثالثا في عهد عمر وانصراف‬
‫الطارق وادراك عمر له ورواية الرجل حديث طرق الباب واصرار عمر على ان يأتيه بشاهد‪.‬‬
‫‪ -3‬لكن برزت حوادث ال نص فيها بعد وفاة الرسول والحاجة لمن يخلفه فاجمعوا على تنصيب خليفة واجمعوا على‬
‫حرب المرتدين‪.‬وهو ليس االجماع االصولي المعرف اصوليا انما شورى واختالف ثم االستقرار على رأي في‬
‫المسالة‪.‬‬
‫‪ -4‬وبما ان الحوادث متجددة والنصوص محدودة والخوف من االبتعاد عن النص قائم ورد االجتهاد أو ما عرف‬
‫بالقياس كما قاس عمر ابن الخطاب قتل الجماعة بالواحد على قطع الجماعة اذا اشتركوا في السرقة‬
‫‪ -5‬مع اتساع دار االسالم برز ابي حنيفة فضيق على القياس الجلي بما اسماه باالستحسان مستصحبا مقاصد الشريعة‬
‫بمنع الضرر وتحقيق المنفعة‪.‬‬
‫‪ -6‬ومع مالحظة االمام مالك ان هناك منطقة واسعة ال نص فيها وتحتاج الى اداة جديدة استحدث المصالح المرسلة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -7‬هكذا اتسعت دائرة االدلة الخالفية من العرف الى شرع من قبلنا الى االستصحاب الى عمل اهل المدينة ‪...‬وبرزت‬
‫مشكلة حجية حديث اآلحاد التي اراد المالكية واالحناف تقييدها بضوابط ‪.‬‬
‫‪ -8‬ومع ظهور االمام الشافعي دخل التنظير االصولي مرحلة جديدة عزز فيها الشافعي سلطة حديث اآلحاد واستبقى‬
‫من االدلة القياس حتى يبتعد بالفقه عن مدرسة الراي ومدرسة االمام مالك حيث بدات مساحة العقل تزاحم سلطة‬
‫النص ولو جزئيا‪.‬‬
‫‪ -9‬في القرن الرابع الهجري بدأت ظاهرة التمذهب تتبلور واصبح لكل مدرسة مناهجها وطرق تدريسها واجتهاداتها‪.‬‬
‫‪ -10‬بعد القرن الرابع الهجري اصبح االجتهاد يتم داخل المذهب الواحد‬
‫‪ -11‬بعدها بدأ القياس على اقوال االئمة والترجيح والتخريج من نصوصهم‬
‫‪ -12‬على القرن الثالث عشر اصبح الموضوع حفظ كتاب (متن لمذهب معين)‬
‫مع مطلع القرن العشرين بدأت محاوالت التحديث تاخذ مجراها بدأ بمحاولة تجاوز‬ ‫‪-13‬‬
‫المذاهب واالخذ من اي مذهب ثم محاوالت االستفادة من تطورات العالم الى ان برزت فكرة فقه‬
‫الضرورات وفقه الواقع وفقه الموازين وفقه المقاصد وكلها عبارة عن صوت صرير االزمة دون‬
‫معالجة جذورها‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪13‬‬

‫المنهج البياني كما تقرر مع الشافعي اعتبر القياس هو االداة الوحيدة لالجتهاد‪:‬‬
‫يتكون القياس من أصل وفرع وحكم جامع‬
‫الحكم الجامع او العلة يتم البحث عنها بما يعرف ب"المناسبة"‬
‫المناسبة وهي مصلحة عامة من دفع ضرر او رفع حرج‬

‫مثال ‪:‬اإلسكار هو وصف مناسب لتحريم الخمر لمظنة انه يتعلق بحفظ العقول‬
‫االعتراضات على القياس‪:‬‬
‫اعترض عليه ابوداود الظاهري ومن بعده ابن حزم بأنه اضافة عقلية ال تختلف عن االستصالح‬
‫واالستحسان فما الفرق بين هذا وذاك‪.‬‬
‫ساق النظام المعتزلي امثلة على أن الشرع فرق بين المتماثلين مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬غسل الثوب من بول الصبية ونضحه من بول الصبي رغم انهما يشتركان في النجاسة‪.‬‬
‫‪ -2‬تقطع يد السارق في ثالثة دراهم وال تقطع يد المختلس في الف درهم‪.‬‬

‫عيوب أخرى ‪:‬‬


‫‪ -1‬القياس ذاته دليله ظني وينبني في الغالب عن نص آحادي ظني ونتيجته ظنيه فهو ظن‬
‫مضروب في ظن‪.‬‬
‫‪ -2‬القياس المبني على معاينة الواقع ومراعاة المقاصد النها استقرائية مقبول اما قياس الشبه‬
‫الذي اقره الشافعي والمعمول به فضعيف‪.‬‬
‫القياس يفترض ان األصل النصي الذي اجاب على اسئلة مكة والمدينة وحدة قياسية معزولة عن سياق‬
‫التطور االجتماعي وانها صالحة لكل المدن والظروف مهما تباعد الزمن وتغيرت االحوال فمثال‬
‫محاولة البحث لكل معاملة اقتصادية معاصرة عن اصل من عصر الرسالة لتمريرها في حين ان‬
‫االقتصاد المعاصر الفجوة بينه وبين اقتصاد المدينة ومكة فيه قجوة هائلة ال يمكن للقياس ردمها وال‬
‫مجال فيها اال لجدل جديد بين المقاصد والنص والواقع‪.‬‬
‫جدول ‪2‬‬

‫القياس في النهج البياني‪:‬‬


‫كيف يشتغل الجهاز البياني عبر الدينمو المولد‪:‬‬
‫الجهاز البياني‬
‫اصله المولد ‪ :‬الظاهر العرفي للنص في عهد الرسالة‬
‫هنا النص هو المصدر واللغة هي المفتاح والدينمو المولد هو الظاهر العرفي للنص وبالتالي فقضية‬
‫مثل رؤية هالل رمضان او هل يزكى بالحبوب ام بالمال في زكاة الفطر او الرسم أوالنحت أو سفر‬
‫المرأة أو التصوير والكاميرات فهنا يتم التوقف عند ما ورد من نصوص حرفيا وال يتم مغادرتها اال‬
‫في حاالت الضرورة مع تقليص دائرة المقاصد واعتماد قاعدة األحوط وسد الذرائع الذي ولد ترددات‬
‫كثيرة من التحريم ثم االباحة بشروط ثم االباحة في قضايا ال حصر لها كما سنتبين الحقا ‪.‬‬

‫جدول ‪3‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪14‬‬

‫الباب الثاني‬
‫نظام المعايير (علم الطريقة)‬
‫عدم كفائة المخرجات في النظم التراثية والبحث عن معايير لتقويم الفهم‬

‫تمهيد‬ ‫‪-‬‬
‫الفحص المبداي والمعايير االولية‬ ‫‪-‬‬
‫األدلة الخاصة والعارضة‬ ‫‪-‬‬
‫مشاكل االجهزة التراثية‬ ‫‪-‬‬
‫مسلمات ومحاذير‬ ‫‪-‬‬
‫آليات قراءة النص‬ ‫‪-‬‬
‫القبليات‬ ‫‪-‬‬
‫قواعد الفهم العلمي والقبليات امشتركة‬ ‫‪-‬‬
‫العوامل التي تؤثر على الفهم (محددات الفهم)‬ ‫‪-‬‬
‫المنهج التوحيدي‬ ‫‪-‬‬
‫الحاجة للتوجه المقاصدي‬ ‫‪-‬‬
‫كيف يشتغل نظام المعايير وكيف نقوم نصا؟‬ ‫‪-‬‬
‫كيف نستخدم الواقع والوجدان والمنطق‬ ‫‪-‬‬
‫تنافس المعايير فيما بينها‬ ‫‪-‬‬
‫تمهيد‬
‫لما كانت مخرجات االجهزة المعرفية من االفهام والمنتجات العلمية ومدى مالئمتها للواقع واستجابتها‬
‫لمتغيراته هي موضع السؤال فتصبح هناك ضرورة لنظام معايير كفؤ وقادر على المعايرة العلمية المحايدة‬
‫وهذا ما سنبحثه في ما يلي‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الفرق بين علم اصول الفقه وعلم المعايير (علم الطريقة )‬
‫علم المعايير‬ ‫علم أصول الفقه‬
‫علم المعايير يعتمد المعايير المشتركة عند عموم‬ ‫النص هو مصدر مشروعية االدوات‬
‫البشر كقانون عدم التناقض واالستقراء ويضع في‬
‫االعتبار ناتج الوجدان العام والواقع‬
‫ليس هناك مغالطة الدور‬ ‫وجود الدور كمغالطة منطقية وشرحها (أنه لفتح‬
‫النص نحتاج الى ادوات ولنصل الى مشروعية‬
‫االدوات يجب فتح النص)‬
‫علم المعايير متعلق بمعايير تفتح اي نص ديني‬ ‫علم اصول الفقه متعلق بجزئية الفقه‬
‫عام وشامل لكل النظم‬ ‫متعلق بجزئية المذهب‬
‫يبحث عن القيمة المعرفية الناتجة عن فهم‬ ‫علم يبحث عن المسوغات الشرعية لعملية‬
‫الخطاب في سلم اليقين‬ ‫االستنباط‬

‫جدول ‪4‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪15‬‬

‫• قد تبين لنا من دراسة االجهزة المعرفية ان النص واحد والجهاز المعرفي هو الذي يتحكم في فهمه‬
‫واي تغيير في الجهاز ينعكس على الفهم مباشرة وبالتالي فالنص في ذاته ليس هو النص في ذواتنا‬
‫والقيمة المعرفية الناتجة عن فهم النص متفاوتة في سلم اليقين فكيف نحصل على افضل معايير‬
‫تمكننا من االقتراب من فهم النص وبالتالي على افضل قناة معرفية ممكنة للتواصل مع مراد‬
‫الشارع ؟‪.‬‬
‫• بطبيعة الحال القطيعة ليست تامة بين النص وذواتنا والتطابق قابل للحدوث في حاالت قليلة كما‬
‫هو في جوهر الخطاب (التكليف) حيث تتساند قرائن استقرائية كثيرة السناد نظرية التكليف‬
‫بمحاورها (هللا والعبد والرسالة والجزاء) فبدون هذه القضية ينهار الخطاب الديني أما الغالب‬
‫فهناك درجات متفاوتة من االحتمال‪ ..‬فالقطع والجزم ال يتحقق اال ان كثرت قرائن االستقراء‬
‫وخلى االمر من محور منافس لذلك الفهم ‪ .‬فالوضوح التام ذهب مع انقضاء عصر الرسالة‪.‬‬

‫لماذا يصعب التطابق بين النص والفهم بعد انقضاء عصر الرسالة؟‬

‫النص بعد وفاة الرسول‬ ‫الخطاب المباشر‬


‫غياب الرسول كمفسر واعتماد االمر عن البحث‬ ‫حضور الرسول صلى هللا عليه وسلم كمفسر‬
‫عن القرائن‬ ‫حيث ترد االجابة من المبلغ ذاته‬
‫غياب القرائن التامة‬ ‫حضور القرائن التامة‬
‫اختالف العصر‬ ‫وحدة العصر‬
‫تباعد استخدامات اللغة‬ ‫تقارب استخدامات اللغة‬
‫غياب السياق‬ ‫حضور السياق‬
‫غياب المناخ النفسي‬ ‫حضور المناخ النفسي‬
‫جدول ‪5‬‬

‫ومن هنا ولدت االجهزة المعرفية التي تحاول فهم النص اجتهادا ولزم ان نضع معايير لفحص درجة‬
‫جودتها ولنبدا بالفحص المبداي‪.‬‬
‫الفحص المبدأي لألجهزة والمعايير االولية‬
‫كيف نفحص االجهزة المعرفية مبدأيا لنطمئن على سالمة مخرجاتها؟‬

‫معايير لفحص اي جهاز معرفي مهمة (لكن غير كافية)‬


‫االتساق الذاتي من عمليات التاسيس الى التوليد المعرفي فمثال العقل الوجودي كمصدر للنظام الفلسفي‬
‫يتسق مع االداة وهي البرهان المنطقي ويتسق مع االصل المولد وهو األصل والشبه فينتج فهما معينا‬
‫‪.‬‬
‫الخلو من التناقضات الذاتية الظاهرة كمسالة االمامة وتنازعها بين السنة والشيعة فاستشهاد الشيعة‬
‫باالحاديث السنية هو عكس منهجهم الرافض ألحاديث السنة لكن النها خدمتهم في هذ القضية بينما‬
‫ارتكاز أهل السنة عل الحجاج بالقرآن بالرغم من غلبة االستشهاد باالحاديث عند السنة كمنهجية‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪16‬‬

‫الخلو من التناقضات الضمنية كمن يؤمن بحق العبودية (اي انه ال حق للعبد على هللا وان هللا لو شاء‬
‫ألمر بالقبيح ونهى عن الحسن) وفي ذات الوقت يؤمن بالتحسين والتقبيح العقليين باعتبار العقل‬
‫مفطور على التحسين والتقبيح كما هو عند بعض االشاعرة المتاخرين‬
‫ان ال يصادم البدهيات العقلية كقانون عدم التناقض وما يتفرع عنه‬
‫ان ال يصادم المنطق طرق االستدالل الصحيحة‬
‫ان ال يصادم حقائق الواقع المحسوس‬
‫ان ال يعرض النص والخطاب الى صدام مع المعايير السابقة‬
‫جدول ‪6‬‬

‫ومن المعايير المبدأية لنحاول ان ننطلق لتوسعة البحث والبدء من تقسيم االدلة الى ذاتية وعارضة واالدلة‬
‫هنا مقصود بها المصادر التي نستقي بها الحكم ‪.‬‬
‫األدلة الخاصة والعارضة‬
‫وكل فكر له مصادر ذاتية تعطيه خصوصيته‪ ،‬فالفكر الديني بدون النص ال يعود فكرا دينيا ولكنه يبقى‬
‫فكرا دينيا ولو تخلى عن القياس واالستحسان وسائر االدلة العارضة واألدلة العارضة تنقسم الى عارضة‬
‫خاصة كالقياس واالجماع الننا اعطيناها معنى خاص عند استخدامها اصوليا‪ ،‬وعارضة مشتركة كالمنطق‬
‫وحساب االحتماالت‪.‬‬
‫واالدلة العارضة المشتركة هي التي تعطي الطابع العلمي المحايد ألي منظومة وهي محل توافق كل‬
‫الدوائر العلمية ‪.‬‬
‫االدلة المشتركة التي تعد مصدر ثقة لجميع الدوائر المعرفية ‪:‬‬
‫إعتبارات حقائق الواقع الموضوعي (أي القابل للمعاينة الحسية من الجميع)‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫االعتبارات الرياضية الثابتة‬ ‫‪-2‬‬
‫االعتبارات المنطقية الواضحة كمبدأ عدم التناقض‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫االعتبارات العقلية المشتركة كمبدأ السببية‬ ‫‪-4‬‬
‫االعتبرات الوجدانية المشتركة مثل االعتراف بحقيقة الواقع الخارجي‬ ‫‪-5‬‬
‫االعتبارات المتعلقة بالقيم االخالقية‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وبإستثناء الواقع الموضوعي والخاضع لقاعدة االحتماالت فالبقية اعتبارات ثابتة‪.‬‬

‫المصادر العارضة صاحبة الدوراالكبر في الفكر المتحقق (والفكر المتحقق هو مقابل الفكر في ذاته‬
‫اي العلم كما ترشحه وضعيته فعلم مثل العقيدة كان مرشحا في ذاته ليكون علما شامال معنيا بتقويم‬
‫ادلة العقائد بطريقة محايدة ولكنه كفعل متحقق انتقل الى تبرير العقائد والدفاع عنها)‬
‫والمصادر العارضة يسود فيها التغيير واالختالف ولو انتفت لم تغير من طبيعة خصوصية العلم‬
‫ألن خصوصية العلم متعلقة بالمصدر الذاتي وهو عندنا النص‬
‫العقل الكالمي والعقل الفلسفي والذوق والكشف وكذا القياس وسائر االدلة الكلية غير الكتاب والسنة‬
‫هي ادلة عارضة و هي العامل االهم في الفكر المتحقق وبها يتنوع الفكر ويتجدد‪.‬‬

‫جدول ‪7‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪17‬‬

‫احتماالت التعارضات وفق الذاتي والعارض‪:‬‬


‫التعارض بين االعتبارات( االدلة) المختلفة‬
‫المثال‬ ‫التعارض‬
‫كتعارض القياس مع االستحسان‬ ‫عارض‪/‬عارض‬ ‫‪1‬‬
‫كتعارض نصين ظاهرا مثل (قاتلوا‪( )..‬وان جنحوا للسلم‪)..‬‬ ‫ذاتي ‪/‬ذاتي‬ ‫‪2‬‬
‫كتعارض النص والمصلحة ظاهرا مثل (ال تتخذوا اليهود‬ ‫العارضة‪/‬الذاتي‬ ‫‪3‬‬
‫والنصارى اولياء)‪..‬وجود مصلحة للتحالف‪.‬‬
‫كتعارض الكشف الصوفي القائل بسقوط التكليف مع ثبوت قطعية‬ ‫عارض‪/‬الحقائق‬ ‫‪4‬‬
‫التكليف‬ ‫أألصلية‬
‫جدول ‪8‬‬

‫مشاكل االجهزة المعرفية التراثية‬


‫جميع الطرق المتحققة للفكر الديني بادلتها الذاتية والعارضة عانت من ثالث مشاكل‪:‬‬
‫عدم المراجعة والنقد‬ ‫‪-1‬‬
‫غيبت الواقع واعطته دور ثانوي (ال وجود للدراسات االنسانية)‬ ‫‪-2‬‬
‫اعتمدت على االعتبارات المعرفية الخاصة(كالنص) دون المشتركة (كاالستقراء وحساب‬ ‫‪-3‬‬
‫االحتماالت مثال)‬
‫فالبيانيون انحبسوا في النص(التعمق اللغوي في النص وتفصيله)‬ ‫•‬
‫والعقليون (كالمعتزلة واالشاعرة) انحبسوا في التجريد المتعالي على الواقع (خالفات العقائد)‬ ‫•‬
‫وبما ان هدف البحث هو ايجاد افضل معايير لفهم النص الديني فيجب عمل بعض االحتياطات واهمها‬
‫التذكير ب‪:‬‬
‫• مسلمات فهم النص الديني‪:‬‬
‫‪ -1‬بما اننا نسعى نحو فهم اسالمي فيجب صيانة النص من التشكيك والتناقض وإال خرج االمر‬
‫عن كونه اسالمي‪.‬‬
‫‪ -2‬ان ال يتناقض الفهم مع االصل المولد او الحقائق االصلية للقضايا محل التسليم مثل نظرية‬
‫التكليف أو البدهيات العقلية او الحقائق الواقعية‪.‬‬
‫• البعد عن الفهم الهرمنيوطيقي التي تقوم على ‪:‬‬
‫‪ .1‬تغييب قصدية المرسل لصالح تأويل القارئ (حيث تغلب اللذة االدبية) البحث عن اقرب نقطة‬
‫تطابق مع النص‬
‫‪ .2‬ابعاد فكرة التناص التي تقوم ان لكل نص نص آخر استقى منه فمنشأ النص هللا وهو واحد‪.‬‬
‫‪ .3‬اهمية القراءة االفقية للنص (الفهم المجمل) تعطينا الحد االدنى المشترك للفهم وهو عكس اي‬
‫قراءه هرمنيوطيقية تبعدنا عن مجال النص‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪18‬‬

‫آليات قراءة النص الديني (كيف نقرأ النص ؟)‬


‫آليات مطورة مقابل قراءة النص عند علماء التفسير التقليدين التي تتم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بالمعنى الظاهر البين كمن يقول ان تفسير (الرحمن على العرش استوى) استواء على الحقيقة‬
‫والكيف مجهول مثال‪.‬‬
‫‪ -2‬تأويال على غير معناه الظاهركمن يقول ان تفسير (الرحمن على العرش استوى) يعني استولى‬
‫مثال‪.‬‬
‫ونحن هنا في القراءة الجديدة سنقوم بتقسيم القراءة الى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أليات المرحلة االولى ( اإلشارة)‬
‫‪ -2‬آليات المرحلة الثانية ( االيضاح)‬

‫فاي نص بشكل عام عبارة عن‪:‬‬


‫‪ -1‬كلمة تحتمل (الظاهر والتأويل والرمز ) فكلمة "استوى " احتملت اجرائها على ظاهرها واحتملت‬
‫تاويلها ولو عالجها متصوف لربما حملها على معنى رمزي كقولهم استولى على عرش القلب‬
‫المحمدي مثال‬
‫‪ -2‬سياق يحتمل (الظاهر والتأويل والرمز)‬
‫‪ -3‬فهناك مجال يحتمل (الظاهر والتأويل والرمز)‬
‫والمجال ‪:‬‬
‫مقصود به ان النص يدور حول مفردات معينه ويستثني غيرها فآية (الرحمن على العرش استوى ) تتكلم‬
‫عن ثالث مفردات فيها مفهوم الرحمن ومفهوم العرش وبينهما عالقة االستواء والعقل يفهم منها مباشرة‬
‫دون تفصيل ما يدور حوله النص فيستثني مثال الشعير او الذرة وغيرها فيشكل فهما مشتركا اوليا‪.‬‬
‫آليات المرحلة االولى (اإلشارة)‬
‫قراءة النص قد تشير الى ‪ :‬اشارة استظهارية أو تأويلية أو رمزية استبطانية‪ .‬وللتبسيط ننظر لقوله‬
‫علَى ْال َع ْر ِش ا ْست ََوى) وكيف يفسرها العلماء بحسب قبلياتهم ‪:‬‬
‫الرحْ َمنُ َ‬
‫تعالى ( َّ‬
‫‪ o‬الظاهر سيقول يعني على وارتفع واستوى استواء يليق بذاته (اي المعنى اللفظي المعجمي)‬
‫‪ o‬التأويل سيقول يعني استولى وقهر ( ألن قبليته النظامية أي المقدمات التي ينطلق منها‬
‫تقول بتأويل اللفظ اذا اوهم التشبيه)‬
‫‪ o‬الرمز سيقول صاحبه مثال استوى على العرش اي على عرش القلب المحمدي بالتجلي‬
‫التام (ألن قبليته أي المقدمات التي ينطلق منها تعتمد على ما يقع في قلب الصوفي‬
‫والبحث عن ما يستبطنه النص ال يما ينطق به)‬
‫والمجال في كل االحوال يتضمن مفردات بعينها (الرحمن والعرش واالستواء) ويستثني اي شئ‬
‫آخر ويشكل الحد األدنى من الفهم‪.‬‬
‫آليات المرحلة الثانية (اإليضاح)‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪19‬‬

‫الى هنا عرفنا أن ظاهر النص يتضمن ظهور اللفظ وظهور المجال وفي كل االحوال لم يتضح لنا مثال‬
‫ما هي كيفية االرتباط بين الرحمن والعرش في قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) ولتبيين الكيفية‬
‫االيضاحية او التفسيرية البد من حضور نوعين من العالقات التصورية ‪:‬‬
‫‪ o‬العالقة المفهومية اي درجة تحديد المعنى في الذهن مجردا (في المثال معنى تحديد الذهن‬
‫لمعنى (الرحمن) وتحديده لمعنى (العرش) وتحديده لكلمة (استوى)‬
‫‪ o‬العالقة المصداقية اي المعنى المشخص الخارجي الذي تحيل عليه (في الحسي والملموس‬
‫ماذا تعني؟)‪.‬‬
‫الحاجة لإليضاح درجات‪:‬‬
‫درجة الحاجة لإليضاح مفهوما ومصداقا‬
‫نص مفاهيمه ومصاديقه منكشفة للعقل مثل (وجاءته إحداهما تمشي‬ ‫ال حاجة لكليهما‬
‫على استحياء)‬
‫(واشتعل الرأس شيبا) المعاني معروفة للعقل ولكن العقل يستشعر‬ ‫الحاجة اليضاح المفهوم فقط‬
‫ان الغرض منه ليس ذاته بل هو أمر آخر كتقدم السن‪.‬‬
‫الحاجة اليضاح المصداق (وهو (وما رميت اذ رميت ولكن هللا رمى) فمعروف رمي الرسول‬
‫ومعروف كيفية الرمي ولكن كيف هو رمي هللا؟‬ ‫المعنى الخارجي المحسوس)‬
‫فقط‬
‫(ألم)‬ ‫الحاجة لكليهما‬
‫جدول ‪9‬‬
‫مثال تبسيطي‪:‬‬
‫اليد اإللهية التي وردت في النصوص مثل (يد هللا فوق ايديهم) وكيفية تفسيرها وفق اآلليات السابقة‬
‫على الحقيقة ولكن غير معلومة الكيف‬ ‫إشارة استظهارية‬ ‫هلل يد بحسب‬
‫معلومة الكيف كقوله كأيدينا‬ ‫ايضاح استظهاري‬ ‫الظاهر‬

‫ال نعلم تأويلها ضمن سياق النص‬ ‫هلل يد ليست مرادة إشارة تأويلية‬
‫المراد هو القدرة‬ ‫ايضاح تأويلي‬ ‫بظاهر اللفظ‬

‫كقولهم هذا رمز لكن من غير توضيح المفهوم وال‬ ‫إشارة رمزية‬ ‫ليست مرادة‬
‫العالقة‬ ‫بحسب الظاهر‬
‫فاليد هي العقل األول مثال‬ ‫ايضاح رمزي‬
‫جدول ‪10‬‬
‫وفي كل الحاالت السابقة قد يتم االتفاق على االشارة اما االيضاح فهو موضع خالف‪ .‬وسبب الخالف في‬
‫االيضاح اختالف القبليات النظمية فالبياني يهمه استبقاء ظاهر اللفظ واألشعري يهمه التنزيه والعرفاني‬
‫بحسب ما يخطر في قلبه‪.‬‬

‫قيمة التقسيم‪:‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪20‬‬

‫‪ -1‬معرفة القبليات (المقدمات التي يؤمن بها القارئ) في كل نظام ستساعدتا في فهم كيفية تصرفه‬
‫وتحليله‬
‫‪ -2‬معرفة مستوى المجال ستساعدنا في حماية النص من االستبطان‬
‫‪ -3‬مستوى اإلشارة كمستوى افقي ضامن لإلتفاق على الحد االدنى من المعنى‪.‬‬

‫هذا يعني رؤية جديدة لإلستفادة من فكرة المجال والقبليات والحد االدنى المتفق عليه! يلعب فيها المجال‬
‫كضامن للنص من االهمال‪ ،‬ويلعب فهم القبليات دوره في الفهم‪ .‬فقد ال حظنا اثر قبليات كل نظام في تحديد‬
‫الفهم وحان االوان لبحث هذه القبليات‪.‬‬
‫القبليات‬
‫العقل يستقبل من النص ما تقرره القبليات والقبليات الصورية هي اظهار معنى النص (الظهور المعنوي) انعكاسا‬
‫تحكمه آلية التلقي (تصور المعنى) والقبليات التصديقية هي ما يشكل الحكم (حكم المعنى) فما هي القبليات‬
‫التصورية والتصديقية؟‬

‫قبليات تصديقية‬ ‫قبليات تصورية‬


‫التصديق ‪ :‬وهو ارتباط التصور بحكم او تصديق‬ ‫التصوري ‪ :‬اما بسيطة مثل تصور اللون االحمر او‬
‫مركب كتصور جسم االنسان‪.‬‬

‫‪ -1‬قبليات ذاتوية غير منضبطة كالعواطف والميول‬ ‫االول هو الحاسية الصورية في قالب الزمان والمكان‬
‫‪ -2‬قبليات منضبطة وهذا ما يعنينا هنا‬ ‫فبهما يتم تصور الحوادث ويضاف لهما الواقع المجمل‬
‫الذي نستمده تجريبيا وال نمتلك عليه دليل(علم حضوري)‪ .‬القبليات المنضبطة‪:‬‬
‫أ‪ -‬محايدة‬ ‫الثاني هو ذات الجهاز الحسي الصوري والذي يجمع‬
‫هي جهاز مركب لإلدراك وبعضه موضف للكشف عن‬ ‫الصور المتفرقة ويقوم بتركيبها معا فهذا الجهاز يلتقط‬
‫العالم الخارجي من غير تحديد مسبق فهي آليات للكشف‬ ‫الصور دون تفكير منا وهذا الجهاز يلتقط الصور وفق‬
‫وتتسم بالمنطقية والحياد كما هو االستقراء ومثل بعض‬ ‫خبراته السابقة فهو يقوم بسياسة الحجب والتمرير وفق‬
‫المبادئ المنطقية وهي ذات معيار سالب من ناحية‬ ‫تلك الخبرات فواقعه تأويلي(اي يتدخل في صناعة‬
‫التدخل‪.‬‬ ‫الصورة)‬
‫ب‪ -‬غير محايدة‬
‫هذه تؤثر على األحكام ‪:‬‬
‫مثل ما هو مشترك بين الناس كافة كالسببية العامة وكذلك‬
‫االعتراف بالواقع العام‬
‫ومثل القبليات التي تحكم االجهزة المعرفية المختلفة‬
‫كاعتماد الظاهر العرفي للنص او الحق الذاتي او حق‬
‫المالك‪..‬الخ‪.‬‬

‫جدول ‪11‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪21‬‬

‫ونظرا الهمية القبليات المنضبطة سنسلط مزيد من الضوء‬


‫تأثير القبليات المنضبطة يظهر باعتبارات مختلفة‬
‫فمنطق االحتماالت العقلية هو اساس االستقراء فهو ال‬ ‫إعتبار الحياد وعدمه‬
‫يتدخل في الموضوع المدروس (محايد وسلبي التاثير‬ ‫العقل من قبليات ليصنع االتساق او ليكمل المعنى‪.‬‬
‫على الموضوع) بينما مبدأ السببية العامة يؤثر على‬
‫الموضوع المدروس فهي ذات معيار موجب‪.‬‬
‫فالسببية العامة واالحتماالت تكوينية بينما وحدة‬ ‫اعتبار التكوين ام االكتساب‬
‫الوجود عند الفالسفة والعرفاء او الحسن والقبح‬
‫العقليين عند المعتزلة امور مكتسبة ‪.‬‬

‫فمبدأ عدم التناقض شرط لصحة الفهم واالدراك والعلم‬ ‫اعتبار التاسيس والتوليد‬
‫ولكن الدينمو المولد كوحدة الوجود يقوم بالتوليد‪.‬‬

‫فبعضها عام بين البشر كلهم وبعضها خاص‬ ‫اعتبار الخصوصية‬


‫بمجموعات معينة‪ .‬ويمكن تصنيفها كالتالي‬
‫‪ -1‬قبليات تكوينية ‪ :‬االنسان مزود بقانون عدم‬
‫التناقض وبمنطق السببية وبتلقي الوجود‬
‫والتعامل معه وكلها ال تحتاج الى من يدل‬
‫الناس عليها او يستشهد لها بذاتها ومنها ما‬
‫تسقط المعرفة بالكلية بغيابه وهو قانون عدم‬
‫التناقض‪.‬‬
‫‪ -2‬قبليات عامة‪ :‬ال تتمتع باالطالق ولكن كل‬
‫الناس تمارسها وهي اجراء الخطاب على‬
‫ظاهره العرفي فتستعمل اللفظ فيما هو شائع‬
‫(الفهم العرفي للنص)‪.‬‬
‫‪ -3‬قبليات منظومية‪ :‬وهي قنوات معرفية يسلم‬
‫بها القارئ والباحث وتتحكم في فهم النص‬
‫كاالجهزة المعرفية التي طرحناها سابقا‪.‬‬
‫‪ -4‬قبليات محايثة ‪ :‬اعتماد الواقع المحايث‬
‫للنص اساس لفهمه ‪.‬‬
‫‪ -5‬قبليات مفترضة ‪ :‬وهي ما يفرضه‬
‫جدول ‪12‬‬
‫اهمية قانون عدم التناقض‬
‫تكلمنا عن أهمية قانون عدم التناقض فلماذا هو مهم؟‬
‫مسلمات منطقية‪ :‬حيث التناقض يقود الى استحالة المعرفة فمثال ‪ 2=1+1‬ولكن لوقلنا هو يساو ‪2‬‬
‫ويساو‪ 3‬هذا يصبح تناقضا يرفضه العقل‪.‬‬
‫مسلمات ميتافيزيقية‪ :‬العقل يبعد قناعاته الميتافيزيقة عن التناقض فاالعتقاد بوجود آخرة تنتظر اإلنسان‬
‫وفي ذات الوقت ال توجد آخره‪ ،‬سيقول العقل انها إما ان تكون موجودة او غير موجودة وال حل وسط‬
‫ولكن ذلك ليس خاضع للدليل والبرهان‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪22‬‬

‫مسلمات تجريبية حسية‪ :‬لو قيل ان زيد ميت وزيد حي فتلك قضية في الواقع وبالكشف عن زيد يعرف‬
‫حاله ويزول التناقض‪.‬‬
‫مسلمات الواقع الموضوعي‪ :‬فالعقل قد يفرض تصورات عن الواقع ولكن لو وجد التناقض فهو ال يستطيع‬
‫انكار الواقع وسيضطر لتعديل تصوره عنه ولو فرضنا وجود ذلك التناقض في الواقع فالعقل سيحصن‬
‫المنطق العقلي النه بانهياره تنهار المعرفة‪.‬‬
‫وبهذا عرفنا اهمية القبليات ودورها في تشكيل الفهم فلننظر بعدها لما يميز الفهم العلمي والذي هو غايتنا‬
‫في هذا البحث!‬
‫قواعد الفهم العلمي والقبليات المشتركة‬
‫ما هي قواعد التمييز بين الفهم العلمي وغير العلمي؟‬
‫• اذا سادت القبليات غير المنضبطة (نفسية او ايديولوجية) اصبح الفهم غير علمي بقدر‬
‫وجودها‪.‬‬
‫• إذا زاد تأثير القبليات المشتركة إزداد الفهم العلمي والعكس اذا تقلصت قلت الدقة في‬
‫الفهم‪.‬‬
‫القبليات المشتركة‬
‫اعتبارات الواقع الموضوعي (استقرائية احتمالية)‬
‫اعتبارات رياضية ثابتة‬
‫اعتبارات منطقية واضحة كمبدا عدم التناقض‬
‫اعتبارات وجدانية مشتركة كاالعتراف بالواقع الخارجي‬
‫اعتبارات متعلقة بالقيم‬
‫إعتبارات متعلقة بالسببية‬
‫جدول ‪13‬‬

‫اساس جودة الفهم *القبليات المنضبطة المشتركة*‬


‫العوامل التي تؤثر على الفهم(محددات الفهم)‬
‫اذا كان ما يوجه الفهم هو القبليات والقبليات المنضبط المشتركة هي اساس جودته فما هي محددات‬
‫الفهم (األشياء التي تؤثر فيه)؟‬
‫محددات الفهم (األشياء التي تؤثر عليه)‬
‫قوانين الفهم (نكتشفها ونستطيع التحكم بها)‬ ‫سنن الفهم والتي يمكن تحويلها لقوانين‬
‫القانون من القبليات المنضبطة فهو ما نفكر به ويمكن‬ ‫للفهم‬
‫استكشاف هذه القوانين كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬كلما زاد تأثير القبليات كلما ضعف تأثير النص‬ ‫أسنن الفهم (نجدها مؤثرة شئنا ام ابينا)‬
‫والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫تأثيرها عارض في الذهن ولكن لها نوع تأثير في‬
‫ومن ناحية التأثير تأتي القبليات المنظومية (كوحدة‬ ‫االدراك والعلم والفهم مثل ‪:‬‬
‫الوجود ومترتباتها المعرفية مثال) في القمة وتتلوها‬ ‫‪ .1‬التكوين النفسي‬
‫القبليات المفترضة (وهو ما يضيفه العقل ليستقيم‬ ‫‪ .2‬البيئة والمحيط وروح العصر‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪23‬‬

‫المعنى كإضافة واسأل‪-‬أهل‪ -‬القرية طلبا الستقامة‬ ‫‪ .3‬النص باعتباره الفاظ وسياق ومجال قابل‬
‫المعنى) والقبليات المحايثة (ضروف المجتمع‬ ‫لقرآت متعددة ‪.‬‬
‫والقرائن المصاحبة للتنزيل) والقبليات العامة‬ ‫مما يجعل الفهم متعددا ومفتوحا على مصراعية ايا‬
‫(كالتمسك بالظاهر العرفي للنص) والقبليات المطلقة‬ ‫كان سواء تحدد بمعايير او لم يتحدد بمعايير ولذلك‬
‫(كعدم التنقض)‪.‬‬ ‫نشهد تغير الفهوم لكثير من االحكام الشرعية مثل‬
‫‪ .2‬الكل يتحكم في الجزء‬ ‫مفهوم القوة وحكم رباط الخيل واعتبارات توزيع‬
‫الجملة النصية هي الوحدة االساسية التي تشكل النص‬ ‫الغنائم والرق وما الى ذلك وكلها اثر من تغير‬
‫وهي بمجموع الفاضها وحروفها تشكل وحدة تفيد‬ ‫الواقع‪ ..‬وكما يتم التحول في االحكام الشرعية‬
‫المعنى التام وعند تجزئتها ال تفيد ذات المعنى ومن‬ ‫يفرض نفسه في عالم االعتقاد فقضايا مثل العلوم‬
‫الكل يتحدد المجال المجمل في الجملة النصية ويتحدد‬ ‫التي استأثر هللا بعلمها الواردة في القرآن كعلم ما‬
‫المجمل (اإلشارة) والجملة النصية قد تبدي ظهورا‬ ‫في االرحام وبمفهوم السماوات السبع وتاريخ خلقها‬
‫معينا بذاتها ولكن عند ادراجها في بقية الجمل قد‬ ‫مع االرض واالنسان كلها يعاد تأويلها بسبب الواقع‬
‫يتكشف انها رمزية فيعاد الفهم لتصبح رمزية كما في‬ ‫ومن هنا يمكن القول كلما تغير الواقع كلما دعى‬
‫قصة حي بن يقظان فباالستقراء يندرج الجزء في‬ ‫ذلك لتغير الفهم باضطراد وهذا يقودنا الى التالي‪:‬‬
‫الكل‪ .‬فكلما ازدادت صورة الكل وضوحا كلما تجدد‬ ‫‪ -1‬كلما انغلقت البيئة كلما قل تأثير الواقع في‬
‫فهم الجملة‪.‬وحتى قاعدة (الفهم العرفي للنص) هي‬ ‫الفهم ولكن ال يمكن منعه بالكلية فالواقع‬
‫منتزعة من استقراء عام‪ .‬بل نحن نتجه الى النص‬ ‫المعاش له اثره كسنة جارية على الفهم‬
‫نحمل معنا اللغة واللغة تختزن صورة للعالم كليه‬ ‫‪ -2‬تأثير السنن كالبيئة والنفسية غير منضبط‬
‫وهي رؤية تأويلية‪.‬وهي تختلف من مجتمع الى آخر‬ ‫فهي قبلية غير ممنهجة وحين تتحصن‬
‫ومن شخص الى شخص‪ .‬ومن هنا يلزم التنبيه ان‬ ‫بايديولوجيات تعطي الفهم قالبا تبريريا‪.‬‬
‫قبلياتنا غير المستقرة كالقبليات المنظومية يمكن ان‬ ‫‪ -3‬يمكن تحويل هذه السنة الى قبلية‬
‫تتحول بعد فعل القراءة لتصبح بعديات وتدخل‬ ‫منضبطة من خالل معرفة تأثير الواقع في‬
‫كقبليات لما بعدهاز‬ ‫فهم النص وانتزاع القواعد التي تساعد‬
‫‪ .3‬تداخل المناهج المعرفية‬ ‫على صياغة الفهم بدقة ضمن الخيارات‬
‫ال يوجد مناهج معرفية خالصة عند ممارسة الفهم‬ ‫المتاحة‪.‬‬
‫بحسب ما عليه طبيعة االعتبارات القبلية‪ :‬فمن ناحية‬ ‫‪ -4‬رغم اننا كبشر نواجه ذات الواقع ولكن‬
‫االعتبارات الذاتية ففي الدائرة البيانية حيث يتم‬ ‫تصوراتنا عنه مختلفة إدراكا وفهما‪.‬‬
‫االعتماد على النص وسياقاته ودالالته اللغوية يتم‬ ‫‪ -5‬ميل االنسان الى التوقع وفق خبراته‬
‫باستمرار اعتماد مصادر عارضة كالعقل والواقع‬ ‫السابقة والتعميم في االحكام من غير‬
‫وذات االمر يحدث مع الدائرة العقلية والفلسفية‬ ‫ضوابط موضوعية ‪.‬‬
‫والعرفانية حيث توظف النص تبعا لمقرراتها السابقة ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ارتباط العلم والواقع وتبادلها التاثير في‬
‫والفارق ان البياني يغلب النص على اعتبارات العقل‬ ‫بعضهما حيث انطبعت العصور القديمة‬
‫والواقع وان الدوائر االخرى تغلب القبليات على‬ ‫بتغلب الواقع على العلم من حيث التأثير‬
‫النص‪.‬‬ ‫وانعكاس الصورة اليوم كما هو في حال‬
‫التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ .4‬قانون االفتقار النسبي‬
‫الخطاب عندما اصبح نصا وغادر عصر التنزيل خلى‬
‫من السياقات الظرفية الحية التي يقتضيها الخطاب‪.‬‬
‫والواقع األول عنصر مفقود والعالقة مع صاحب‬
‫النص عالقة غير مباشرة وغير تفاعلية وهو بذلك‬
‫يفتح االفق على التأويل والرمزية وهو يختلف عن‬
‫الخطاب المشافه انه ال يحتوي اال على السياق الداللي‬
‫دون السياق الظرفي‪.‬‬

‫جدول ‪14‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪24‬‬

‫قواعد الفهم (نختارها)‬


‫هي من القبليات المنضبطة وهي خمسة اصناف‪:‬قبليات مطلقة ال يخلو منها عقل بشر كقانون عدم التناقض‬
‫وحساب االحتمالية ) – قبليات عامة (ال تصل لإلطالق ولكن تالحظ عموما كاالخذ بالظاهر العرفي‬
‫للنص) – وقبليات منظومية (كمنظومة التأويل واالستبطان) – وقبليات محايثة (كاسباب النزول وبيئته)‬
‫– وقبليات مفترضة (كما يزيل العقل التناقضات بين النصوص ويمأل الفراغات) والذهن يختار من هذه‬
‫الخمسة ما يشاء ليزاول عملية الفهم اما قواعد الفهم فهي اما‬
‫قواعد مضمونية مثل السنخية (األصل والشبه) قواعد إجرائية محايدة مثل االستقراء‬
‫تعمل على تشكيل صورة الفهم مثل قاعدة السنخية يدرك بها الواقع الموضوعي وهي‬
‫او بعبارة اخرى البسيط ال يلد اال بسيطا وصدور قاعدة فطرية ال تؤثر على مضمون الموضوع‬
‫الكل عن واحد وارتباط الموضوع بوحدة الوجود المبحوث وقاعدة النظر الكلي قبل الجزئي‬

‫جدول ‪15‬‬
‫فاذا اختار العقل قواعده فامامه مسلكان للتعامل مع النص اما جزئي يدرس كل نص بمعزل عن بقية‬
‫النصوص او توحيدي يبحث عن الروابط واالنساق المتساندة وحيث اننا من انصار المسلك التوحيدي‬
‫فلنشرحه قليال‬
‫المنهج التوحيدي‬
‫اهمية المنهج التوحيدي النتزاع الفهم‪:‬‬
‫بعد أن عرفنا محددات الفهم أو االمور التي تؤثر على الفهم وعرفنا القواعد االجرائية المحايدة فقد حان‬
‫االوان أن نتعرف على المسالك المحتملة النتزاع الفهم‪ .‬وامامنا طريقان منهج تجزيئي (معالجة كل نص‬
‫على حدته) أو منهج توحيدي يبحث استقرائيا (ينظر في كل الجزئيات المتعلقة بالموضوع ابتداء) وسنسميه‬
‫المنهج التوحيدي‪.‬‬
‫مادمنا قد رجحنا المنهج النسقي التوحيدي فامامنا ثالثة مناهج تتنافس للصيغة المناسبة للمبدا‬
‫التوحيدي‪:‬‬
‫منهج تكاملي‬ ‫مسلك انتزاعي‬ ‫مسلك تمثيلي‬
‫هنا يتم الجمع بين المنهج القياسي او‬ ‫وهنا يتم العمل باالستقراء فالخط‬ ‫فهنا يتم اختيار حالة وتحليلها ثم‬
‫التمثيلي والمنهج االنتزاعي فبالمنهج‬ ‫الجامع الذي يفسر الظواهر‬ ‫استخالص المبدأ العام الذي يحكمها‬
‫االنتزاعي نحظى بقضايا ذات درجة‬ ‫المجموعة يصبح معتمدا فمثال عندما‬ ‫ومن ثم تصبح تلك مقدمة مفترضة‬
‫عالية من االحتمالية ومن ثم يمارس‬ ‫يتنافس مبدأ عصمة االنبياء المطلقة‬ ‫يستنبط منها النتائج المتعلقة بمختلف‬
‫السلوك االفتراضي التمثيلي‪.‬‬ ‫مع امكانية خطأ االنبياء في غير‬ ‫الظواهر األخرى المجانسة له فهو‬
‫الرسالة فاستقراء النصوص القرآنية‬ ‫مبني على (النموذج القياسي) أو‬
‫نجد ترجيح خط انتفاء العصمة‬ ‫التمثيلي‪ .‬فالفقيه يستخدم حادثة ويقيس‬
‫المطلقة ‪.‬‬ ‫بها حوادث لم يتعرض لها النص‬
‫تحت عنوان التشابه‪.‬‬

‫كل ذلك تقف تحته القواعد الكبرى للضرورات المنطقية وهي ما يفضي الى االبينية الثالثة‬

‫جدول ‪16‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪25‬‬

‫بعد ان بينا القبليات واخترنا منها القبليات المنضبطة وبينا محددات الفهم وتنبهنا الهمية قواعد الفهم‬
‫والدور الذي تلعبه االدلة المشتركة حان االوان لدور المقاصد وبناء موقف منها‪.‬‬
‫الحاجة للتوجه المقاصدي‪:‬‬
‫أولها مبدأ القصديه وبدونه ال معنى للنص ومبدأ المقاصد يطرح اشكالية حول عالقة التعبديات بالدنيويات‬
‫فان كان االصل المقاصد فالتعبديات الصرف استثناء‪ ...‬وكما نرى ان القصديات انواع‪:‬‬
‫‪ -1‬قصد منصوص عليه كما في الفطر في شهر رمضان مثل (يريد هللا بكم اليسر)‬
‫‪ -2‬قصد اجتهادي أي ما دلت عليه قرينة االستقراء (وهو المهم ويتراوح بين المحاقظ والمغامر‬
‫والمتهور)‬
‫‪ -3‬قصد وجداني يصدق به الوجدان مغلبا فيه القصدية على التعبد فمثال ( يرى بعض الفقهاء ان‬
‫سبع غسالت شرط لحدوث التطهير (مثال لما شرب منه الكلب) وال يغني عنه كمية الماء مهما‬
‫كثر للتطهير فالعدد مقصود بينما ذلك يخالف الوجدان‪.‬‬
‫فاالتجاه المحافظ البياني جمد عن متابعة التطور واالتجاه المتهورممن اخذ باالستبطان ويميل للتأويل‬
‫البعيد بال ضابط منهجي وال يبقى اال االتجاه المغامر‪.‬‬
‫القصدية كمخاوف‪:‬‬
‫االتجاه المغامر يسعى لتوسعة دائرة المقاصد ومن هنا ترد مشكلة االحكام الموصوفة بالقطعية واحتمال‬
‫تغيرها ويرد السؤال حول امكان تحول الدين الى غيره حيث تتعلق االذهان بالمقاصد الكلية مثل‬
‫ضرورات االيمان ‪،‬هللا واليوم اآلخر ‪ ،‬والعمل الصالح‪ .‬ويصبح الدين موجها ومرشدا اكثر منه مكونا‬
‫وهذا ما سنأتي عليه الحقا ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪26‬‬

‫مستنبطات الفهم‪:‬‬
‫عند اجراء عمليات الفهم تتولد انواع من المستنبطات كلها من النص ذاته‪:‬‬
‫المستنبطات‬ ‫القوانين‬ ‫النظريات‬ ‫القواعد‬ ‫الحقائق‬
‫بالعالقة مع اآلخر‬
‫ومثالها محاولة ربط‬ ‫‪ .1‬نظريات االعتماد (تختلف عن قوانين‬ ‫حين يتفق قوم مثال‬ ‫(ليس المقصود هنا‬
‫القرآن بالعقل والواقع‬ ‫الفهم النها تستنبط‬ ‫(هي أساس‬ ‫على اعتماد الظاهر‬ ‫حقائق الواقع‬
‫كمحاولة التفسير‬ ‫من النص وال‬ ‫لغيرها من‬ ‫العرفي للنص كمولد‬ ‫الموضوعي ) بل ما‬
‫العلمي للقرآن‪.‬‬ ‫النظريات)كالقياس تكشف عن الواقع)‬ ‫أو مثل (ال ضرر‬ ‫نتج عن قراءة النص‬
‫حيث حيث تتوقف فهنا حين نلحظ في‬ ‫وال ضرار) فتلك‬ ‫مما يرقى لليقين مثل‬
‫مصاديق متعددة‬ ‫عليه الكثير من‬ ‫قواعد ولكن ما‬ ‫حقيقة التكليف النها‬
‫خطا رابطا يفسرها‬ ‫االحكام الفقهية‬ ‫يختلفون فيه كالقياس‬ ‫ناتج استقراء نصي‬
‫ويردها لقضية‬ ‫‪ .2‬نظريات التأثير‬ ‫ليس بقاعدة‬ ‫تام‬
‫واحدة نسميها‬ ‫(ليست اساس‬
‫القوانين المثمرة‬ ‫لغيرها من‬
‫النظريات ولكنها ومن امثلتها قانون‬
‫التمييز بين السور‬ ‫تؤثر) كنظرية‬
‫والية الفقيه عند المكية والمدنية‬
‫بلحاظ القصر او‬ ‫الشيعة‬
‫الطول فالقصير مكي‬ ‫‪ .3‬نظريات‬
‫والطويل مدني‪.‬‬ ‫التعارض (‬
‫النظريات‬
‫المتنافسة) مثل‬
‫الجبر والتخيير‬
‫‪ .4‬نظريات‬
‫االستيعاب‬
‫(نظريات شاملة‬
‫تستوعب غيرها‬
‫) كنظرية‬
‫الطوفي في‬
‫المصلحة حيث‬
‫استوعبت‬
‫االستصالح‬
‫واالستحسان‬
‫كمثال‪.‬‬
‫‪ .5‬نظريات‬
‫االستقالل (مثل‬
‫نقص شهادة‬
‫المرأة)‬

‫جدول ‪17‬‬
‫بعد أن حددنا المعايير التي تجعل العمل علميا (معايير مشتركة) وبينا محددات الفهم وما يؤثر عليه وأكدنا‬
‫أهمية مبدأ القصدية في التوجيهوالمستنبطات من النص حان األوان لنرى كيف يمكن توظيف كل ذلك في‬
‫التعامل مع النص‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪27‬‬

‫كيف يشتغل نظام المعايير؟ وكيف نقوم نصا؟‬


‫معايير التقييم والترجيح‬
‫أصول الفقه حددت لنا مصادر الشريعة ولكن لم تضع المعايير الكافية المتعلقة باالطار المعرفي الواحد‬
‫بمعنى أن ذات الجهاز قد تعرض عليه ذات القضية فيعطي قراءات مختلفة ومتعارضة ويمكنك ان ترى‬
‫ذلك عمليا في التحول الحاصل في بعض البلدان التي انقلب فيها االفتاء بذات االدوات من أقصى اليمين‬
‫الى اقصى الشمال وهو يتصاعد مع كل تطور في مسارات الحياة ‪.‬فكيف يمكن انشاء علم ينشئ معايير‬
‫تعاير بها االفهام الشرعية ؟‬
‫ولذلك يمكن تقسيم المعايير الى قسمين‪:‬‬
‫معاير مقيدة كما هو معتاد في واقعنا التقليدي اختالف حول ضوابط االخذ والرد‪.‬‬
‫معايير تاسيسية شاملة ذات قبول علمي ويمكن بها فحص نظريات الفهم الديني‪ .‬فعلم الطريقة او (علم‬
‫المعايير) يركز على معايير علمية يشترك في قبولها الوجدان العلمي ‪.‬‬
‫وظيفة المعايير‪:‬‬
‫‪ .1‬الترجيح بين النظريات‬
‫‪ .2‬البحث المباشر في النصوص‬
‫مع مراعاة الحقائق االصلية للنص بمحاوره االربعة هللا واالنسان والتكليف والجزاء‪.‬‬
‫التحقيق الذهني يمكن تصنيفه من حيث النتائج‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيق مطابق كما في حقيقة "التكليف"‬
‫‪ .2‬تحقيق مبرر كما في سائر العمل االجتهادي المحتمل والمعتبر‬
‫‪ .3‬تحقيق مخمن‬
‫والتحقيق المبرر والمخمن تحتهم درجات متفاوته‪ .‬ولكن المهمين هما المطابق والمبرر‪.‬‬
‫فكيف نختار المعايير؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪28‬‬

‫المعايير االولية للتحقيق‪:‬‬


‫المجمل النصي‪-‬المعقولية (قابلية التعليل) ‪-‬الواقع‪ -‬الوجدان العام – المنطق ولكل منها اربعة قواعد في‬
‫القبول والرفض‪.‬‬
‫المنطق‬ ‫الوجدان العام‬ ‫الواقع‬ ‫المعقولية‬ ‫المجمل النصي‬ ‫قواعد‬
‫ما يستحسنه او‬ ‫(المقصد)‬
‫االستقراء‬ ‫يستقبحه االنسان‬
‫و قانون عدم‬ ‫عموما كمشترك‬
‫التناقض‬ ‫انساني‬
‫التأييد‬
‫اإلثبات‬
‫االستبعاد‬
‫النفي‬
‫جدول ‪18‬‬
‫التاييد = تفاوت درجات الظن والتاييد‬
‫االثبات = أعلى درجات التأييد‬
‫االستبعاد = درجات الضعف واالستبعاد‬
‫النفي = اقوى درجات االستبعاد‬

‫كيف نقوم نصا؟‬


‫المنطق‬ ‫الوجدان الفطري‬ ‫الواقع‬ ‫المعقولية‬ ‫المجمل النصي‬
‫والتعليل‬
‫الوجدان الشخصي االستقراء وقانون‬ ‫له الفضل في اثبات‬ ‫التعامل هنا مع النص يركز هذا المعيار‬
‫عدم التناقض‬ ‫المتاثر بالبيئة‬ ‫المسالة الدينية وله‬ ‫على فهم النص‬ ‫القرآني‬
‫اقسام‬ ‫مبحث الظهور‬
‫(انظر التفاصيل‬ ‫مقابل الوجدان‬ ‫واقع وصفي (إخباري)‬
‫وتعليله تعليال‬
‫المجالي ‪:‬‬
‫الفطري العام لكل الحقا)‬ ‫فيه السنن والحقائق‬ ‫وجدانيا معقوال‬
‫الناس‬ ‫الكونية واالنسانية‬ ‫الحقيقي‬
‫(انظر التفصيل‬ ‫والحقائق العلمية‬ ‫االلتزام هنا بالمجمل‬
‫والعادات والتقاليد‬
‫الحقا)‬ ‫واقع اعتباري(قيمي)‬
‫االشاري وال نتعداه‬
‫يشير للمصالح‬
‫لإليضاح اال ان كان‬
‫والمفاسد‬ ‫حاضرا بال تكلف‬
‫واقع خاص بالتزيل‬ ‫مثل (وجاءته احداهما‬
‫سياسيا واقتصاديا‬ ‫تمشي على استحياء)‬
‫واجتماعيا ونفسيا‬
‫والوقائع المؤثرة في‬ ‫االلتزام بالمعنى‬
‫جدل النص مع الواقع‬ ‫الظاهر القريب ما لم‬
‫مما يفسر مثال اختالف‬ ‫تصرفه قرينة قوية‪.‬‬
‫احكام المشركين واهل‬ ‫‪-‬واذا اسندته مختلف‬
‫الكتاب في القرآن مما‬ ‫السياقات كان نسقا‬
‫ال يفسر اال بتغاير‬
‫راجحا‪.‬‬
‫االحوال‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪29‬‬

‫كما ان واقع التنزيل قد‬


‫يتخذ معيارا لنفي‬
‫النسق الذي يعول على‬ ‫النسق المجازي‬
‫نجاسة المتنجس وذلك‬ ‫نسق مرجوح ما لم‬
‫لصعوبة االحتراز‬ ‫تسنده القرائن‬
‫واقعيا وقد يؤيد الواقع‬
‫ان الزكاة وردت في‬ ‫حول معيار‬
‫االصناف االربعة النها‬ ‫النص‪:‬‬
‫كانت رئيسة وقت‬ ‫قاعدة التاييد‬
‫عصر النص‪.‬‬
‫البياني يقابلها‬
‫واقع التنزيل الجديد‪:‬‬ ‫االستبعاد البياني‬
‫سياسيا واقتصاديا‬ ‫مثال بعث االجساد‬
‫واجتماعيا ونفسيا‬ ‫والخلود في‬
‫والوقائع المؤثرة في‬
‫جدل النص مع الواقع‬ ‫العذاب له تاييد‬
‫بياني عبر‬
‫نصوص متعددة‬
‫وعكسه المعاد‬
‫النفساني وعدم‬
‫بعث االجساد نجد‬
‫استبعاد بياني‪.‬‬
‫قاعدة االثبات‬
‫البياني مقابل‬
‫النفي البياني‬
‫النسق الذي يتبنى‬
‫وجود المقاصد‬
‫المصلحية للعباد‬
‫يجد اثباتا بينما‬
‫النسق الذي يرى‬
‫ان العقاب‬
‫والثواب ال عالقة‬
‫لهما بعمل االنسان‬
‫يجد نفيا‪,‬‬
‫وسنجد ان المنطق‬
‫والوجدان‬
‫حاضرين في‬
‫الترجيح‪.‬‬

‫جدول ‪19‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪30‬‬

‫أمثلة على قضايا االتأييد واالثبات أو االستبعاد والنفي من خالل دور الواقع‬
‫دورالواقع في التحقيق‬ ‫الفاعدة‬
‫مثال االختيار والجبر فالواقع يؤيد النسق الجامع للفكرتين‬ ‫التأييد‬
‫مثل استبعاد النسق الذي ال يأخذ بعين االعتبار االفعال وردود االفعال بعد وفاة‬ ‫االستبعاد‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم كدعوى الوصية لعلي رضي هللا عنه مثال‬
‫إثبات النسق الذي يثبت مضمونه استنادا الى البحث العلمي‬ ‫االثبات‬
‫مثل نفي النسق الذي يعتبر االفالك السماوية كائنات حية وذات نفوس شريفة‬ ‫النفي‬
‫والمالحظ حول هذا الواقع هو انه يتقبل التحقيق الذي يستدعي االنتظار او ما يعرف بأفق التوقع‪ .‬وقد ينجم عن ذلك‬
‫خيبة التوقع ‪.‬فمثال كشف الواقع بطالن عدد من اآلراء القديمة عند الشيعة من دفن الخمس في باطن األرض انتظارا‬
‫للمهدي‪.‬‬

‫جدول ‪20‬‬

‫وحتى نزيد االمر وضوحا في دور الواقع والوجدان والمنطق (مصادر الكشف الخارجية)‬
‫كيف نستخدم الواقع والوجدان والمنطق؟‬
‫مصادر الكشف الخارجية‬
‫النص طبيعته اجمالية ويحتاج لما يعينه على التحديد‪ ،‬والفهم الذي ال يمتلك مصادر الكشف الخارجية هو‬
‫فهم مختل ‪،‬ومصادر الكشف الخارجية هي الواقع والوجدان والمنطق‪.‬‬
‫أوال ‪:‬الواقع وكيف يعين على تحديد النص من خالل محورين‬
‫‪ -1‬الواقع الصدوري فالواقع هو الكاشف عن صدق الروايات الحديثية‪.‬‬
‫‪ -2‬الكشف الداللي الذي يقوم به معيار الواقع عند استخدامه في فهم النص ولذلك انماط وصور‪.‬‬

‫امثلة على دور الواقع في توضيح النص‬ ‫الكشف‬


‫(إن هللا ال يهدي القوم الكافرين) ؟ معرفة الواقع جعلتنا نغيرالفهم المطلق المتبادر‬ ‫التوجيهي‬
‫(أن تظل احداهما فتذكر احداهما األخرى) فهل النسيان خاص باالنثى أم ظرفي؟ هذا‬ ‫منتظر‬
‫سيعتمد على البحث العلمي النفسي لإلثبات او النفي‪.‬‬
‫( وإن من شئ اال يسبح بحمده)؟ بانتظار المستقبل ليحدد‬ ‫توقعي‬
‫(وجعلنا الجبال اوتادا) فالعلم كشف عن دور الجبال في تثبيت القشرة االرضية‪.‬‬ ‫تطابقي‬
‫(إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) ؟ لم تعد الحروب تتم بعدد المقاتلين‬ ‫تقييدي‬
‫فالواقع قيد الموضوع بالظرف في تلك اللحظة التاريخية‪.‬‬
‫الجبر ام االختيار ام مجموعهما؟ حيث رجح الواقع المشاهد ان االنسان مجبر في اشياء‬ ‫ترجيحي‬
‫ومخير في اشياء‬
‫(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة)؟ نعرف كيف تتغلب الفئة القليلة على الكثرة بدراسة‬ ‫سببي‬
‫تاريخ الصراعات‪.‬‬
‫(هللا الذي خلق سبع سماوات ومن االرض مثلهن) ؟ حيث لم نعرف بعد بوجود سبع‬ ‫اشكالي‬
‫سماوات وسبع اراضين‬
‫جدول ‪21‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪31‬‬

‫الكشف اإلشاري وااليضاحي‪:‬‬


‫حيث الواقع يحدد النص ككشف خاص‬
‫الكشف الخاص‬
‫تطابق الظاهر من النص مع الواقع الخاص مثل (الم نجعل االرض مهادا‬ ‫تطابقي‬
‫والجبال اوتادا)‬
‫حيث يدل الواقع على خصوصية النص بواقع اجتماعي مثل آيات المصابرة‬ ‫تقييدي‬
‫حيث كان التفوق العددي مهما بينما التفوق اليوم ال دخل له بالعدد ‪.‬‬
‫عندما تتأرحج داللة النص بين احتمالين فيرجح الواقع احد االحتمالين‬ ‫الترجيحي‬
‫جدول ‪22‬‬
‫أثر االنفتاح على الواقع على فهم النص‬
‫الواقع ومنهج التوسعة واالنفتاح‬
‫العقل المسلم عند لحاظ تعارض النصوص في الظاهر لجأ الى فكرة النسخ (زوال حكم وانشاء حكم جديد‬
‫في عصر التنزيل بدليل شرعي) والنسئ (ان حكما ما تم تأجيله) ليضفي االتساق على النصوص‬
‫فالنصوص القرآنية قد تفيد معنيين مختلفين كمصير أهل الكتاب في اآلخرة (وال خوف عليهم وال هم‬
‫يحزنون ) و(وهو في اآلخرة من الخاسرين) وسنجد تعارض الحديث والقرآن وتعارض الحديث والحديث‬
‫ومن هنا توجد ثالث طرق للتعامل مع الظاهرة‪:‬‬
‫عند تعارض النصوص ولدت منهجيات‬
‫منهج القرآنيين في إهمال المرويات والسياق التاريخي‬ ‫الفصل والعزل‬
‫منهج التحكيم والتفسير والنسخ والتقييد السائد‬ ‫التحكيم والتفسير‬
‫النظام الواقعي حيث يرى ان ذلك اثر لتغايرات الواقع وان الدراسة‬ ‫التوسعة واالنفتاح‬
‫التاريخية والنصوص الروائية كانت مقتضيات احوال‪.‬‬
‫جدول ‪23‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الوجدان الفطري‬
‫كلما كان فهم الخطاب متسقا مع الوجدان الفطري كلما كان اشد قبوال وموافقة‬
‫يتعلق بالفرد كشخص يتأثر بالثقافة ويدخل فيه العرفان والحدوس‬ ‫الوجدان الشخصي‬
‫الشخصية وهذا ال يعتمد عليه‬
‫متعلق بعقل االنسان ونفسه من حيث كونه انسان فيقتنع وجدانيا ربما‬ ‫الوجدان الفطري‬
‫بعكس الثقافة السائدة فقد تستبيح ثقافة ما السرقة ولكن الوجدان‬
‫الفطري يبقى رافضا لها‬

‫جدول ‪24‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪32‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المنطق واداة االستقراء‬


‫عدم التناقض مع األصل المولد كجمع بعض االشاعرة بين حق الملك‬ ‫قاعدة عدم التناقض‬
‫وبين التحسين والتقبيح العقليين (فحق الملك هو دعوى ان العقل‬ ‫الذاتي‬
‫عاجزقبل الوحي وال يتسق مع مقولة انه قادر على التحسين والتقبيح‬
‫ابتداء)‬
‫كبعض التفاسير التي تتناقض مع الواقع العلمي كتفسير (ن والقلم وما‬ ‫االتساق مع الواقع‬
‫يسطرون ) بان النون هو الحوت العظيم الذي تقف االرض عليه‪..‬‬
‫أن ال تصطدم النظرية اوالفهم مع الحقائق االصلية للنص التي تركزت‬ ‫االتساق مع الحقائق‬
‫باالستقراء واهمها مبدأ التكليف كادعاء بعض المتصوفة اسقاط التكليف‬ ‫االصلية للنص‬
‫عن الواصلين‪.‬‬
‫جدول ‪25‬‬
‫وللمنطق دوره في لتحقق من المنظومات‪:‬‬
‫المنظومات المعرفية والتحقيق المنطقي عبر االستقراء وقانون االحتماالت‬
‫من ناحية علمية معرفية المنظومات المعرفية نوعان‪:‬‬
‫‪ -1‬منظومات مفتوحة تتقبل التمحيص الخارجي وتتقبل منطق الترجيح واالحتمال وذلك بمعايير‬
‫عامة محايدة‪.‬‬
‫‪ -2‬منظومات مغلقة ال تنطبق عليها المواصفات السابقة‪.‬‬
‫والتحقيق في المنظومات نوعين ‪:‬‬
‫‪ -1‬التحقيق المباشر باإلعتماد على االستقراء والمنطق االحتمالي فإما ان النسق مدعوم ام مستبعد‬
‫او مثبت او منفي ‪...‬وصدام االنساق مثاله االختالف حول صفات الخالق الخبرية كالمجئ والنزول‬
‫واالستواء ومن خالل االستقراء البيان يتعزز الرأي القائل انها من صفات هللا ومن ناحية اخرى‬
‫نجد محور (ليس كمثله شئ) وهي تدل على ان هذه الصفات وان كانت مقرره ولكنها ليست شبيهة‬
‫بصفات الخلق ‪-‬حد ادنى من المعنى‪ -‬وهو ما ذهب اليه قسم من السلف بالجمع بين المعنيين والقول‬
‫بعدم التعارض ‪ .‬ولكن _الحد األقصى من المعنى‪ -‬يذهب ان النص يلغي المحور االول وأن معنى‬
‫تلك الصفات شئ آخر كما هو رأي التفويض التام وكذلك اصحاب الدائرة العقلية استنادا الى‬
‫قبلياتهم‪.‬وامثلة القضايا التي يعالجها االستقراء كثيرة مثل المعاد النفساني عند الفالسفة واالختيار‬
‫والجبر و القضاء والقدر(سبق الحكم في األزل وتوقيت الزمان والمكان للتنفيذ) ووجود المقاصد‬
‫المتعلقة بمصالح البشر وومنها وجود التحسين والتقبيح العقليين ومسألة عصمة االنبياء وهكذا‪...‬‬
‫‪ -2‬التحقيق غير المباشر وهو يتعلق بالمنظومات المغلقة وهي نوعين ‪:‬‬
‫• المنظومة القابلة للتفكيك لجزئين جزء مغلق وجزء مفتوح فيستعان بالمفتوحة على‬
‫المغلقة من خالل قياس الشاهد على الغائب‪ ...‬ولفهم الموضوع يمكن النظر مثال لقضية‬
‫قبول دعوى النبوة وصياغة السؤال كالتالي هذا شخص يقول بانه أوحي اليه وهناك‬
‫احتمال الصدق او الكذب ونحن هنا سنبحث فيما نعرف عنه من خالل حياته بيننا فكلما‬
‫طالت وكان فيها صادقا تماما كلما كانت إحتماالت صدقه في هذه الحالة وما بعدها اكبر‬
‫باعتبار حياديته وهذا مبني على االستقراء وحساب االحتماالت‪.‬‬
‫• المنظومة غير القابلة للتفكيك تستخدم فيها قاعدة عدم تكافؤ النفي واالثبات فمثال في‬
‫المرويات الحديث ية فعند الراوي االول تكون االحتماالت (باعتبار الطبيعة البشرية اي‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪33‬‬

‫باستبعاد عامل السن وعامل السياق وعامل النقل بالمعنى وعامل األمالي وعامل التوثيق‬
‫غير المباشر) متساوية بين احتمال الخطأ والصواب وهي ½ لكن كلما صعدنا في السند‬
‫كلما زادت دائرة الخطأ وقل احتمال الصواب ففي الطبقة الثاني بذات االعتباريصبح‬
‫احتمال الخطأ ¼ ثم ‪ 8/1‬ثم ‪ 16/1‬وهكذا صعودا ‪...‬‬
‫المعايير الثانوية للتحقيق‪:‬‬
‫قاعدة البساطة والشمول‪:‬‬
‫• البساطة تساوي االقتصاد في التفكير واالستدالل وهي ما يعتمد عليه العلم المعاصر‬
‫• الشمول = كلما غطى التفسير عدد اكبر من الجزئيات والمصاديق كان افضل‪.‬‬
‫• رد الجزئيات المختلفة إلى قاعدة تفسيرية واحدة مرجح على كثرة القواعد والمقدمات‪ .‬فمثال توجيه‬
‫االحكام مقاصديا ابسط من جعلها مزدوجة تعبدية ومقاصدية فالبساطة هنا اقتصادية‪.‬‬
‫تتنافس المعايير فيما بينها ‪:‬‬
‫ايجابا كلما تعزز النسق استقرائيا ترجح على المجمل النصي والبساطة االقتصادية‬ ‫•‬
‫عندما يتعزز النسق بالوجدان الفطري واالتساق المنطقي يكون أقوى‬ ‫•‬
‫سلبا اشترطنا ان ال يصطدم مع كل من البداهة والمنطق والواقع‪.‬‬ ‫•‬
‫كلما تم االعتماد على االصول والقواعد المشتركة كلما كان النسق أقوى‬ ‫•‬
‫البداهة الوجدانية والتطابق مع الواقع شرط لقبول النسق وإال رفضهما الواقع‪.‬‬ ‫•‬
‫بعد ان عرضنا المعايير ووضعنا خطوات النظر للنص ابعد من ظاهره العرفي لننظر الى اتجاهات‬
‫النظر عند العاملين فبما أن أزمة الفقه كالسياسة واالقتصاد واالجتماع والفن والمرأة وغيرها عالقة‬
‫منذ مطلع القرن المنصرم وتدور في ذات االشكاليات فاالزمة عند تيار عريض من المهتمين‬
‫حاضرة ومع ذلك ال زال قطاع آخر ال يعترف بوجودها وهذا قاد لثالث مسالك حيالها ‪:‬‬
‫االولى تيار جامد يردد ما كان وكأن كل هذا الدوي من التحوالت ال يعنيه فيعيد ذات المقوالت ‪.‬‬
‫الثاني تيار يحاول ان يقدم إجابات معدلة من ذات االطار القديم ولكن الواقع تجاوزها ويكثر الحديث‬
‫عن المقاصد دون النظر الى اسباب عدم اشتغالها برغم توسعة القول فيها‪.‬‬
‫الثالث تيار جانبي تظهر خيوطه من ولي هللا الدهلوي الى اقبال الى فضل الرحمن الى حسن حنفي‬
‫الى الجابري الى يحيى محمد على تفاوت ولكن في طريق صاعد لمنظومة جديدة مغايرة في الروح‬
‫للقديم وان كانت تبني عليه‪.‬‬
‫هكذا تبين دور نظام المعايير الجديد ومركزية الواقع في فهم النص بضمانة المقاصد وحان األوان‬
‫للدخول الى فضاء نظام جديد بقبليات مختلفة وادوات مختلفة وسنطلق عليه النظام الواقعي‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪34‬‬

‫الباب الثالث‬
‫(الواقع كنظام مقترح عملي)‬

‫النظام الواقعي‬
‫تمهيد‬ ‫‪-‬‬
‫السؤال الكبير وشرطي االصالح‬ ‫‪-‬‬
‫محاوالت االستفادة من الواقع‬ ‫‪-‬‬
‫الواقع كنظام جديد‬ ‫‪-‬‬
‫معنى ثالثية النص والواقع والعقل‬ ‫‪-‬‬
‫التمييز بين الماهوي والوقائعي‬ ‫‪-‬‬
‫حالت تطبيقية الداء الجهاز البياني‬ ‫‪-‬‬
‫عيوب النهج البياني الماهوي‬ ‫‪-‬‬
‫على مفترق الطرق‬ ‫‪-‬‬
‫األحكام الوسيلية‬ ‫‪-‬‬
‫موضوع الحكم وعناصره المؤثرة‬ ‫‪-‬‬
‫سؤال مخاطر تغيير الحكام وإجابته‬ ‫‪-‬‬
‫الخاتمة‬ ‫‪-‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫دور الواقع في النظام الجديد‬
‫في النظام الواقعي يتخذ الواقع شكلين‬
‫‪ -3‬انه كاشف عن الحقوق والمصالح أي انه يحقق‬ ‫‪ -2‬انه مصدر للحقائق الموضوعية (التي هي‬
‫ما تريده المقاصد الدينية‪.‬‬ ‫مصدر اقرار من البشر كالحسيات والمجربات)‬
‫فالمقاصد حاكمة على الواقع عند فساده وموجهة له‬ ‫فهو يحكم على ما سواه عند التعارض‪.‬‬
‫للتغيير في االتجاه الصحيح‪.‬‬

‫جدول ‪26‬‬
‫ماذا سنفعل في هذا الجزء؟‬
‫سنبرز دور الواقع في اتجاهين مختلفين‬
‫كيف نوظف حركة الواقع ومضامينه في اتجاه‬ ‫كيف يؤثر تغيير الواقع على تغايرات الفهم الديني كسنة‬
‫فهم النص من خالل منهج محكم‪.‬‬ ‫موضوعية‬

‫جدول ‪27‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪35‬‬

‫األزمة ليست في الواقع بل في فهم النص‬

‫المطلوب ‪ :‬إعادة هندسة العالقة بين النص والواقع وسوقها في اتجاه سليم‬
‫الفهم الجديد‬ ‫الفهم القديم‬
‫الواقع هو المرجح عند تردد فهم النص‬ ‫كنا نلجا للنص بغرض حل اشكاليات الواقع‬
‫األزمة في عملية فهم النص ومنه انعكست ازمة‬ ‫االزمة في الواقع وال دخل للنص بها‬
‫الواقع‬
‫جدول ‪28‬‬

‫مفهوم االصالح في مقابل فهوم أخرى‬

‫هل نتكلم عن إحياء ام تجديد ام اصالح‬


‫هو البحث عن حلول في الماضي (كالعودة لكتابات الغزالي وابن القيم‪)...‬‬ ‫االحياء‬
‫هو الباس حلول الماضي ثيابا جديدة (كالبحث عن فتوى قديمة تم إهمالها ثم‬ ‫التجديد‬
‫القول بها في معرض قضايا جديدة التزاما بعدم القول بامر ليس فيه اجتهاد سابق)‬
‫هو افتراض وجود خطأ أساس في الفكر االسالمي التقليدي يحتاج الى‬ ‫االصالح‬
‫‪-1‬تسليط الضوء عليه ‪-2‬كشفه ‪-3‬عالجه ونحن هنا مع اتجاه االصالح واطروحة النظام الواقعي تندرج‬
‫جدول ‪29‬‬ ‫في هذا السياق‬

‫واذا كانت عملية االصالح هي المطلوبة فهناك سؤال كبير يطرح نفسه ‪:‬‬
‫السؤال ‪ :‬إما أن الفكر االسالمي التقليدي صحيح منهجيا أو هو غير صحيح منهجيا؟‬

‫لو كان صحيح فال اقل أن تكون اجهزته التوليدية وممارساته المعرفية متفقة مع الواقع ومتسقه معه!‬
‫وحيث انها ليست على وفاق مع الواقع وال اتساق معه فالبد من وجود خطأ جذري اصاب لحمتها المنهجية‪.‬‬

‫إن احترام الجهود العلمية السابقة وشخوصها يلزم منه خدمة ذات االهداف التي سعوا اليها وهي االحكام المنهجي‬
‫والوصول الفضل طريقة لخدمة الرسالة بربطها بواقع البشر فبدون جهود من سبق اليمكن البناء ولكن وجودها ليس‬
‫حجة لتوقف البناء‪ .‬فكل عمل جديد هو وقوف على اكتاف اولئك العظماء‪.‬‬

‫جدول ‪30‬‬
‫والبدء بمهمة صناعة البديل يقتضي الوقاء بشرطين‪:‬‬
‫‪ .1‬االتساق مع مقتضى الخطاب الديني والحفاظ على الطابع االسالمي له باحترام نظرية التكليف‬
‫ومقتضياتها (االيمان باهلل والمكلف هو االنسان والرسالة والعمل الصالح والجزاء)‪.‬‬
‫‪ .2‬االتساق مع الواقع بعدم التنكر لحقائق الخلق والتكوين‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪36‬‬

‫وال بد من ان نميز الجهد االصالحي عن المطلب العلماني‪ .‬فالعلمانية طلب البعاد النص عن مسرح‬
‫الحياة وهذا الجهد هو لترتيب العالقة بين النص والواقع والعقل‪.‬‬

‫محاوالت االستفادة من الواقع‪:‬‬


‫نظرا ألهمية الواقع سنرى حضوره في قائمة طويلة ممتدة عبر الزمن من جهود المصلحين وبرغم كل‬
‫ذلك لم يتم اعطائه الصالحية للدخول الى معادلة صناعة االحكام‪.‬‬

‫الرموز‬ ‫الفكرة‬ ‫محاوالت التوظيف‬


‫من طنطاوي جوهري الى زغلول النجار‬ ‫محاولة مقاربة التفسير باالستشهاد‬ ‫توظيف الواقع العلمي‬ ‫‪1‬‬
‫بالمنجزات العلمية المعاصرة‬
‫خير الدين التونسي الى اسالمية المعرفة‬ ‫أخذ المؤسسات الغربية الحديثة‬ ‫المزاوجة بين مؤسسات‬ ‫‪2‬‬
‫حديثا‬ ‫وتلقيح البيئة االسالمية بها‬ ‫الدولة الحديثة والقديم‬
‫الطهطاوي والكواكبي وعبده ومحمد رشيد‬ ‫مقولة ان على العلماء معرفة‬ ‫الواقع كقاعدة للفهم‬ ‫‪3‬‬
‫رضى‬ ‫العصر وعلومه وادخال التعليم‬
‫الحديث‬
‫مرتضى مطهري‬ ‫النص يحوي عمقا ال ينكشف اال‬ ‫الواقع والفهم األعمق‬ ‫‪4‬‬
‫بالتعمق في العقل والواقع فالعلم‬
‫مفتاح الوحي‬
‫ولي هللا الدهلوي ومحمد اقبال وفضل‬ ‫مكة والمدين نموذج لممكنات‬ ‫الواقع والتخصيص الظرفي‬ ‫‪5‬‬
‫الرحمن‬ ‫النص وليست وحدات قياسية‬
‫محمد الغزالي والقرضاوي والترابي‬ ‫ما اطلق عليه فقه االولويات وفقه‬ ‫الواقع وتدرج االحكام‬ ‫‪6‬‬
‫الواقع وقصدوا به التدرج في‬
‫تنزيل االحكام بحسب ظروف‬
‫المجتمعات‬
‫محمد باقر الصدر‬ ‫التفسير يبدأ من دراسة الموضوع‬ ‫الواقع وثقافة التساؤل‬ ‫‪7‬‬
‫في الخارج وينتهي الى القرآن‬
‫الذي هو القيم‪.‬‬
‫نصر حامد ابو زيد‬ ‫هنا جدل بين النص والواقع وهو‬ ‫الواقع كمنتج للنص‬ ‫‪8‬‬
‫ما جعل القرآن بشكله القائم‬
‫حسن حنفي‬ ‫الواقع يتقدم على النص عند‬ ‫الواقع كاشكالية‬ ‫‪9‬‬
‫المعارضة‬
‫يحيى محمد‬ ‫جعل الواقع اساس للتفكير بعد‬ ‫‪ 10‬الواقع كنظام‬
‫البدهيات العقلية والمنطقية ومنها‬
‫بناء نظام ثالثي في النص والعقل‬
‫والواقع‬

‫جدول ‪31‬‬
‫الواقع كنظام جديد‪:‬‬
‫• ولكن النظام الجديد الذي نقترحه فامر مختلف! هو ليس اختيارات جزئية ولكن منهجية متكاملة‬
‫النظام الجديد‬
‫النظام الجديد يعتمد على العقل البعدي (التجريبي)‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪37‬‬

‫النظام الجديد يتقوم بالمعايير المشتركة التي يقرها الوجدان الفطري (كاالستقراء والمنطق والسببية‬
‫العامة‪)..‬‬
‫النظام الجديد مفتوح ومتطور‬
‫جدول ‪32‬‬

‫• النظام الجديد يتخذ صورتان‬

‫الصورة الثانية‬ ‫الصورة االولى‬


‫انتزاع بعض المبادئ من الواقع ليتحول ما هو‬ ‫‪.1‬‬ ‫كلما تغير الواقع تغير الفهم باطراد كقانون شعرنا به‬ ‫‪.1‬‬
‫موضوعي الى حالة معرفية تساعد في ضبط العالقة‬ ‫او لم نشعر‬
‫بين الواقع والنص‪.‬‬ ‫بما ان النص يستمد لغته من الواقع ففهم الواقع متقدم‬ ‫‪.2‬‬
‫التحقق من اصول العقائد‬ ‫‪.2‬‬ ‫عليه واال ألصبح الكالم لغوا بال معنى‬
‫التحقق من معنى النص‬ ‫‪.3‬‬ ‫جميع الدوائر المعرفية مسبوقة بالقبليات المتعلقة‬ ‫‪.3‬‬
‫الكشف عن طاقة النص التطبيقية‬ ‫‪.4‬‬ ‫بادراك الواقع ومفاهيمه فحتى الدائرية البيانية تشتق‬
‫كاشف عن مصداقية النص الحديثي الدينية‬ ‫‪.5‬‬ ‫قانونها االسمى (الفهم العرفي للنص) من الواقع‪.‬‬
‫معيار يقوم بالترجيح بين النظريات المتنافسة وانساق‬ ‫‪.6‬‬ ‫المنهج الواقعي يحول الداللة النصية الظاهرة من داللة‬ ‫‪.4‬‬
‫الفهم‬ ‫مفصلة الى داللة مجملة تحتاج عناصر اخرى ومن‬
‫هو نظام مفتوح خالف النص الذي هو نظام مغلق‬ ‫‪.7‬‬ ‫ضمنها الواقع ليكشف عنها‬

‫جدول ‪33‬‬
‫• عناصر النظام الجديد‬
‫عناصر النظام الواقعي‬
‫الواقع كمولد‬
‫الوجدان موجه للفهم والوجدان يشمل هنا (العقل والفطرة االخالقية االنسانية المشتركة)‬
‫المقاصد موجه للفهم (ومنها المقاصد الخاصة المنصوصة والمقاصد العامة المدركة باستقراء النصوص او العقل أو‬
‫الواقع بما يدل عليه من مصالح ومفاسد)‬
‫الفهم المجمل موجه للفهم (منطق االشارة ال االيضاح مع التزام المجال)‬
‫جدول ‪34‬‬
‫• فوائد يقدمها الواقع‬
‫فوائد يقدمها الواقع‬
‫فك قاعدة (ال اجتهاد مع النص) ألن التسليم بهذه القاعدة سيتصادم مع الواقع ومع المقاصد فالنص ال يستغني عن‬
‫الواقع لضبط مقصده ومعناه‪.‬‬

‫ال يمكن معرفة األحكام األمرية إن كانت احكاما فورية ام متراخية او تفيد التكرار ام مرة واحدة او كانت لإلستحباب‬
‫أو الوجوب أو االرشاد أو غير ذلك دون لحاظ واقع التنزيل ‪.‬‬

‫فك الصدام بين الفقه وبين الواقع (فالواقع المتجدد ليس المشكلة ولكن طريقة فهم النص هي المشكلة بحسب النظام‬
‫الجديد)‬

‫جدول ‪35‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪38‬‬

‫النقل والواقع والعقل ثالثية بدا التراث بالنقل ثم اضطر الى العقل ولكن بقي عاجزا عن‬
‫اعطاء الواقع وزنه في المعادلة ولننتقل لمحاولة تعربف هذه الثالثية‪ .‬كمقدمة لتوظيفها في‬
‫النظام الجديد بطريقة مختلفة‪.‬‬

‫معنى ثالثية النص والواقع والعقل‬


‫تحرير مقصودنا بالنص والواقع والعقل‬
‫العقل‬ ‫الواقع‬ ‫النص‬
‫العقل آلة مدركة لذاتها ولغيرها وهي‬ ‫هو عالم الشهود وكل ما هو قابل للكشف‬ ‫النص غير الخطاب‬
‫كالمرايا تعكس ما يقع في ادراكها بحسب‬ ‫اآلن او في المستقبل‪ .‬وهو شامل للواقع‬ ‫الخطاب حامل للداللة‬
‫قربه وبعده وصفاته وبحسب نقاوتها‬ ‫النفسي ‪.‬‬ ‫والظرف‬
‫ودرجة تحدبها او تقعرها او استوائها‪.‬‬ ‫ايضا ويمكن تقسيمه لقسمين‪.‬‬ ‫النص حامل للداللة دون‬
‫أ‪ -‬االدراك العقلي تارة يكون‬ ‫‪ .1‬الواقع الوصفي يخبرنا عن‬ ‫الظرف‬
‫مبدعا ينطلق من عندياته‬ ‫الموجود‬ ‫قراءة النص تأويلية‬
‫ليكشف عن ذاته وما‬ ‫‪ .2‬الواقع اعتباري وهو متعلق‬ ‫النص ظل للخطاب‬
‫خارجها‪.‬‬ ‫بقضايا القيم مثل اعتبارات‬ ‫النص نزل بلغة بشرية‬
‫ب‪ -‬تارة يكون مستنتجا‬ ‫المصالح والمضار ‪.‬‬ ‫متخذا من الواقع حوامل‬
‫ت‪ -‬تارة يكون وسطا بين‬ ‫فالواقع هو المقابل المعطى الموضوعي‬ ‫ليبين مقاصده‬
‫االبداع واالستنتاج‬ ‫المقابل للذات البشرية ويحيط بكل فرد‬ ‫جادل النص الواقع ‪ 23‬سنة‬
‫وذلك كما يلي‪:‬‬ ‫ويشكل ثقافته وعالمه وعقله ويؤثر على‬ ‫حمل رسالة التكليف‪.‬‬
‫‪ -1‬إدراك قبلي بحت كالمنطق‬ ‫سلوكه ومجمل شخصيته‪.‬‬ ‫فالكتاب التدويني والكتاب‬
‫والرياضيات‬ ‫خياران أمامنا‪:‬‬ ‫التكويني يتكامالن‪.‬‬
‫‪ -2‬إدراك قبلي إخباري كما يصدق‬ ‫‪ .1‬الخضوع للواقع‬
‫على السببية العامة‬ ‫‪ .2‬توجيه الواقع‬
‫‪ -3‬االدراك البعدي االخباري وهو‬ ‫القرون الوسطى‪:‬‬
‫ما يقبل الصدق او الكذب‬ ‫‪ .1‬العقل اساس الواقع‬
‫وواسطته الواقع وهو قسمان ‪:‬‬ ‫‪ .2‬العقل مرآة الواقع‬
‫• إدراك بعدي استنتاجي كما في‬ ‫العصور الحديثة‪:‬‬
‫االنطباع المباشر بنتائج فصل‬ ‫ليس العقل اساس الواقع وال العقل مرآة‬
‫دراسي ‪.‬‬ ‫الواقع ولكن األمر مرهون بما يمكن كشفه‬
‫• إدراك بعدي إضافي كما في‬ ‫من حقائق عبر مبدا االستقراء والتجربة‬
‫القياس (الغائب على الشاهد)‬ ‫ومن ثم منطق اإلفتراض العلمي‪.‬‬
‫والقياس التمثيلي (القياس‬ ‫الفكر االسالمي ‪:‬‬
‫االصولي)‬ ‫حضور الواقع حضور مختزل‪.‬فال نجد‬
‫حضورا لعالم االنسان وعالقاته االنسانية‬
‫مراتب االدراك ‪:‬‬ ‫واالجتماعية أما على صعيد العلوم النقلية‬
‫‪ -1‬الضرورات كالمنطقيات‬ ‫فسنجد مبدأ العرف والمصالح المرسلة‬
‫والرياضيات واحتماليات مثل‬ ‫والمصالح الفقهية مهمشة مقارنة بالنص‬
‫(رمي العملة) والتحسين‬ ‫والقياس ومكبلة ال تنفتح على الواقع بكل‬
‫والتقبيح العقليين‪.‬‬ ‫ابعاده ورغم وجود شذرات هنا وهناك‬
‫‪ -2‬القطعيات كالحسيات‬ ‫تنبه على اهمية الواقع ولكنها لم تمثل‬
‫‪ -3‬الحدسيات معرفة نتجت عن‬ ‫التيار االساس‪.‬‬
‫التكرار كمعرفتنا ان مرور‬ ‫المشكلة ‪:‬‬
‫الريح بين االوراق يحركها‬ ‫العجز عن ربط النص بالعقل بالواقع‬
‫‪ -4‬العاديات كسير العقالء في‬
‫معامالتهم‬
‫‪ -5‬الظنيات هي احتمال غالب‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪39‬‬

‫‪ -6‬الشكيات هي تساوي االحتماالت‬


‫‪ -7‬الوهميات كالخوف من الظالم‬
‫‪ -8‬المنفيات كتقابل القطعيات‬
‫‪ -9‬المستحيالت كتخلف المعلول‬
‫عن علته‪.‬‬
‫الخالصة ‪:‬‬
‫• الداللة العقلية غير االخبارية‬
‫حين تكون تعبير عن العقل‬
‫القبلي ليست محل التعارض مع‬
‫الواقع‪.‬‬
‫• الداللة العقلية االخبارية حين‬
‫تخبر عن الموضوع الخارجي‬
‫فان لم يتطابق معها فالواقع هو‬
‫صاحب اليد العليا‪,‬‬
‫• النص الديني أحيانا ال يخبر عن‬
‫الواقع فهو ليس محل للصدام‬
‫واحيانا يخبر عن الواقع فعند‬
‫التعارض الواقع اقوى في‬
‫الداللة ويتم تعديل الفهم أو‬
‫يرجع علمه هلل‪.‬‬
‫• اما حين يتعارض الواقع مع‬
‫المقاصد فالمقاصد ترجحه‪.‬‬

‫جدول ‪36‬‬

‫قبل الشروع في آليات النظام الجديد سنبين الفرق بين النظام الماهوي والنظام الوقائعي وذلك نظرا ألهمية‬
‫الفكرة في فهم النظام‪.‬‬
‫التمييز بين الماهوي والوقائعي‬
‫‪ -1‬الوحي اتخذ نهجا وقائعيا‬
‫السؤال‪:‬‬
‫هل اتخذ خطاب الوحي من واقع التنزيل نموذجا مركزيا لتعميم أحكامه على غيره من الواقع‬
‫العام بال تخصيص وال استثناء أم أنه إتخذ من الواقع المشار اليه صورة نموذجية ليست للتعميم‬
‫؟‬
‫ما نعتقده وما سنثبته انه كان صورة نموذجية ليست للتعميم‪.‬‬
‫اول مسالة يلزم عالجها هي ما نوع التعامل التي لجأ اليها الخطاب الديني في تعامله مع الواقع‬
‫فهل كان يطبق منطقا ماهويا أو وقائعيا؟ وهل كان الخطاب يتصور الوجودات الخارجية حاملة‬
‫لماهيات ثابتة أم وقائع متغيرة ليجري عليها أحكامه ومواقفه؟ بمعنى هل جعل عنوان تعامله مع‬
‫المشخصات الخارجية تابعا للقوالب الحدية للماهيات الكلية المغلقة من أمثال ‪:‬االسالم وااليمان‬
‫والشرك والكفر وغيرها من المفاهيم الكلية العامة ام قيدها عقال وجعل المشخصات الخارجية‬
‫تدخل ضمن تعامل آخر قائم على المغايرة تبعا للمالبسات الجارية في الواقع؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪40‬‬

‫الماهوي مفهوم مشتق من الماهية فحين نسأل ما هو االيمان ياتينا تعرف بماهية الشئ وهي‬
‫عمومية وكلية‪.‬‬
‫الوقائعي هو ما كان متلبسا لتغيرات الواقع ففي الحياة يوجد االيمان مع الجبن مثال ويجد الشجاع‬
‫مع البخل وهكذا كل ما تلبس بالواقع‪ .‬بل ذات الشجاعة قد تتعرض للتردد فمرة شجاع ومرة‬
‫خواف وهكذا الواقع‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬الجزية والصغار بين النص وبين الواقع التطبيقي‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط سالمة النهج الوقائعي‬
‫• أن ال يتناقض مع مقاصد الشريعة اساسا ‪.‬‬
‫• أن يجد تبريره من داخل االطار الشرعي‪.‬‬

‫‪ -3‬المبررات الشرعية للنهج الواقعي‬


‫• هو مصدر تتقوم به سائر المصادر المعرفية‬
‫• النص يحث على التفكر والتعقل والنظر في اآلفاق للتيقن والتحقق‬
‫• كثير من نصوص الوحي ال تفهم سياقاتها من غير الدالالت الواقعية‬
‫• النسخ والنسئ والتدرج عالمات على الوقائعية‪.‬‬
‫• كثير من النصوص ال يمكن اخذها بعموم اطالقها فمثال (وهللا ال يهدي القوم الظالمين) ألن‬
‫كثير من الظالمين اهتدوا‪.‬‬
‫• تغيرات الواقع ارغمتنا على مراجعة فهمنا للنصوص وابقاء الفهم بمعزل عن الواقع محال‬
‫كآية رباط الخيل حيث بقيت فكرة االستعداد عامله ولكن رباط الخيل لم يعد حكما‪.‬‬

‫‪ -4‬النص والحاجة للداللة الواقعية‬


‫ال يمكن فهم النص اال باالرتكاز على الداللت الواقعية وهذه امثلة للتقريب‬
‫داللة الواقع‬ ‫النص‬
‫الحس كاشف عن ال ارادة للجدار‬ ‫فوجدا جدارا يريد ان ينقض‬
‫والمقصود هم اهل القرية بداللة الواقع‬ ‫وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها‬
‫واليمكن بداللة الواقع ان نرى االرض خاشعة‬ ‫ومن آياته أنك ترى األرض خاشعة‬
‫داللة الواقع بوجود سنة كونية‬ ‫يقلب هللا الليل والنهار‬
‫داللة الواقع ان هناك سنة كونية‬ ‫وارسلنا الرياح لواقح‬
‫داللة الواقع ان هناك سنة كونية‬ ‫وينزل عليكم من السماء ماء‬
‫داللة الواقع أن هناك سنة كونية‬ ‫الم ترى ان هللا يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما‬
‫داللة الواقع ان ليس كل شئ يتدمر‬ ‫تدمر كل شئ بامر ربها‬
‫داللة الواقع اننا لم ننل كل ما نسأل‬ ‫وآتاكم من كل ما سألتموه‬
‫داللة الواقع انها لم تؤت من كل شئ‬ ‫وأوتيت من كل شئ‬
‫داللة الواقع ان كل شئ لم يتبين فربما المقصود األصول‬ ‫وانزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ‬
‫داللة الواقع ان العلم قادر على ذلك اليوم‬ ‫إن هللا عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في‬
‫االرحام‬
‫داللة الواقع ان ذلك يحدث‬ ‫وهللا ال يهدي القوم الظالمين ‪ /‬الكافرين‬
‫داللة الواقع ان ذلك ليس على اطالقه‬ ‫ان تنصروا هللا ينصركم‬
‫داللة الواقع ان هناك تفاوت‬ ‫ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت‬
‫داللة الواقع أنه ال يولد هلوع‬ ‫إن االنسان خلق هلوعا‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪41‬‬

‫داللة الواقع ان كثير من االتقياء يعانون في الرزق‬ ‫ومن يتق هللا يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ال‬
‫يحتسب‬
‫داللة الواقع ان ليس كل من دعى استجيب له‬ ‫ادعوني استجب لكم‬
‫داللة الواقع ان هناك سنن كونية له دخل غير االنسان‬ ‫ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس‬
‫داللة الواقع ان االديان االخرى باقية‬ ‫ليظهره على الدين كله‬
‫داللة الواقع ان الزاني ينكح العفيفة المؤمنة‬ ‫الزاني ال ينكح اال زانية او مشركة‬
‫داللة الواقع ان هناك ما هو قبيح‬ ‫الذي احسن كل شئ خلقه‬
‫سيجبرنا الواقع على ايجاد مخارج وسيحدث االعتماد على الواقع بشكل تلقائي ال يستغنى عنه عادة فالبشر يستخدمونه‬
‫في كل يومياتهم ولذلك لم تكن هناك حاجة لذكر قانون التناقض والسببية وال الواقع وال المصالح وال االستحسان وال‬
‫مقاصد الشرع فكل ذلك سيرة عقالئية ال تحتاج لذكر‪.‬‬
‫جدول ‪37‬‬

‫‪ -5‬فهم النص يحتاج الى القرائن!‬


‫أ‪ -‬اسباب النزول وواقع النزول‬
‫الشاطبي يرى انه ال بد من معرفة اسباب النزول لمن اراد علم القرآن فمعرفة مقصد المتكلم‬
‫تعتمد على معرفة مقتضيات االحوال حال الخطاب ونفس المخاطب وجهة المتكلم أو كل ذلك‬
‫فمثال االستفهام لفظ واحد ولكن قد يعني التوبيخ او االستفهام او التقرير واالمر قد يدل على‬
‫االب احة واو التهديد والتعجيز واشباهها "فإن الجهل باسباب التنزيل يوقع في الشبه‬
‫واإلشكاليات" والدراسة العلمية لواقع النزول السياسي واالقتصادي واالحتماعي والثقافي‬
‫مهمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬أهمية الدراسات المعاصرة والعلوم اإلنسانية‬


‫ولكن برغم ذلك لم يطرح الواقع كعنصر مولد وبقي هامشي فلم تنشأ الدراسات الموسعة‬
‫االجتماعية والسياسية واالقتصادية والتي تنظر للصورة باوسع من اسباب النزول‪.‬‬
‫‪ -6‬عالقة النص بالبيئة وظاهرة االنشداد‪:‬‬
‫رغم أن التشريع مصدره علوي منزل من سماء التجرد واالطالق ولكنه لم يتعالى على الواقع ولم يصادره‬
‫ويسلب حقيقته المتغيره‪ .‬فهو قد نزل منجما بحسب الوقائع وتجدد الظروف ولو تصورنا ان الخطاب تنزل‬
‫في بيئة اخرى ألخذ شكلها وقضاياها دون تعال فالقصد افهام المخاطبين واالرتقاء بهم بطريقة وقائعية‬
‫ومن هنا نعرف ان المجتمعات االخرى معنية بالغرض الديني الثابت ال يتغير وهو يتكون من ثالثية‬
‫االيمان باهلل والعمل الصالح واليوم اآلخر (من آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا) وذلك هو المشترك‬
‫بين االديان وهو جوهر الدين ومن هنا تغايرت الشرائع واالحكام وبقيت ثالثية الدين واحدة‪.‬‬

‫• ولنأخذ مثال على انشداد النص للواقع‪:‬‬


‫النجوم‬
‫الفهم المعاصر‬ ‫الفهم البياني اللفظي‬ ‫اآليات‬
‫اليوم المسافر في الفضاء أو البحر او‬ ‫فالنجم هنا بالمنطق االطالقي وضع‬ ‫( َوه َُو ا َّلذِي َج َع َل َل ُك ُم‬
‫البر ال يحتاج للنجوم لإلتجاهات‬ ‫لمعرفة االتجاهات وزينة للسماء‬ ‫ت‬ ‫ُ‬
‫النُّ ُجو َم ِلت َ ْهتَدُوا بِها فِي ظلُما ِ‬
‫واصبح مستقرا علميا انه لوال النجوم‬ ‫س َما َء ال ُّد ْنيَا وحفظ من الشياطين‪ ،‬ولذلك قال قتادة‬
‫ا ْلب َِر َوا ْلبَح ِْر‪ِ ( )..‬إنَّا َزيَّنَّا ال َّ‬
‫لما ظهرت الحياة إطالقا باعتبارها‬ ‫ان "أن من اعتقد في هذه النجوم غير‬ ‫َ‬
‫ش ْيط ٍ‬‫ظا مِ ْن ك ُِل َ‬ ‫ب َوحِ ْف ً‬ ‫بِ ِزينَ ٍة ا ْلك ََوا ِك ِ‬
‫المصنع الذي تتصنع فيه العناصر‬ ‫هذه الثالث فقد اخطأ وكذب على هللا‬ ‫َم ِار ٍد)‬
‫الكيميائية ومنها عنصر الكربون‬ ‫سبحانه إن هللا جعلها زينة للسماء‬
‫الضروري للحياة‪.‬‬ ‫ورجوما للشياطين ويهتدى بها في‬
‫ظلمات البر والبحر) وكذلك قال‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪42‬‬

‫الشوكاني(من زعم غير هذه الفوائد‬


‫الثالث فقد اعظم على هللا الفرية)‬
‫ومثلها علم ما في االرحام ورباط الخيل وما زين للناس والواقع غير النظرة لنظام الرق والغنائم والجزية والموقف‬
‫من االراضي المفتوحة عنوة وتعدد األئمة وشرط القرشية ‪.‬‬

‫جدول ‪38‬‬
‫‪ -7‬العبرة بالمقصد‬
‫مع تقدم الزمن وتغير االحوال أصبح من الواضح ان الجانب العبادي الصرف من الدين قوانمه‬
‫التعبديات وهو مورد االنقياد من غير زيادة او نقصان اما العاديات واحكام الجانب الحضاري والدنيوي‬
‫فهذه تتسارع فيها التغيرات وهي معقولة المعنى مرتبطة بحقوق الناس وفيها يجتهد بمزاوجة النص‬
‫بالواقع‪.‬العبرة ليست بعموم اللفظ وال بخصوص السبب انما بالمقاصد اننا حين نرى تعارض االطالقات‬
‫نعرف بنسبيتها ويتحول النص من نظام مغلق على ذاته الى نظام حي عابر للزمان والمكان دون صدام‬
‫مع الواقع المتجدد‪.‬‬
‫‪ -8‬النص نموذج ارشادي‬
‫وبالتالي يصبح النص في تعاطيه مع الظرف التاريخي نموذجا ارشاديا تقوده المقاصد فمنطق العبرة‬
‫واالرشاد يختلف عن منطق القياس واالستصحاب‪,‬‬
‫‪ -9‬شروط صالحية فهم الشريعة‬
‫فالقول ان الشريعة االسالمية صالحة لكل زمان ومكان هو قول صحيح تماما اذا ما تحقق شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬ان ال يتوقف الفهم على الطريقة البيانية‬
‫‪ -2‬أن تتبع المقاصد‬
‫‪ -3‬أن يؤخذ الواقع بعين االعتبار‬
‫‪ -10‬خالصات اولية‬
‫ونحن فيما سبق مايزنا بين منهجين ‪:‬‬
‫التعامل الواقعي‬ ‫التعامل الماهوي‬
‫أهمية السياق الظرفي‬ ‫تعامل كلي ثابت‬
‫أهمية تغيرات الواقع‬ ‫تهتم بجزئيات النصوص‬
‫إعتبار المقاصد‬ ‫ال عبرة للسياق الظرفي‬
‫الوجدان العام‬ ‫ال عبرة بتغير الواقع‬
‫تعامل أحادي المسلك يعتمد الظاهر العرفي لننص‬
‫جدول ‪39‬‬
‫• الخطاب لديني تنزل وقائعيا وأخذ شكل المجتمع الذي تنزل فيه‬
‫• التعامل البياني أخذ منحى ماهويا مغلقا على مجتمع التنزيل‬
‫• التعامل الواقعي هو عودة للنهج الذي اتبعه خطاب التنزيل‬
‫حاالت تطبيقية الداء الجهاز البياني مقابل الجهاز الواقعي‬
‫لذلك هنا سنقوم بتسليط الضوء على النهج البياني باستعراض نماذج تفي بصيغة الظهور االطالقي وتحمل‬
‫اشكاليات لم تستطع الطريقة البيانية حلها‪:‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪43‬‬

‫‪ -1‬نموذج تعارض الظواهر‬


‫‪ -2‬نموذج تم التوافق على اصله وتم االختالف على تفصيالته‬
‫‪ -3‬نموذج االحكام التي تتعلق بالمشخصات الخارجية‬

‫• تعارض الظواهر‬

‫(‪)1‬‬
‫(وإن جنحوا للسلم للسلم فاجنح لها وتوكل على هللا) ‪( /‬فإذا انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجتموهم‬
‫‪)....‬‬
‫نصان يحمالن االطالق فكيف تم التعامل معهما‬
‫التعامل الواقعي‬ ‫التعامل البياني المضطرب‬
‫• عدد كبير منهم عكرمة وابن عباس عندهم االية في الطريقة الواقعية سنرى أطالقان بينهم نقطة التقاء الحد‬
‫المفصلي وفيه يتحول االمر الى لون من النسبية واآلية‬ ‫نسخت آية السلم وأصبح هناك موقف صفري‬
‫التي تتلو أية السيف كاشفة عن هذه النسبية ‪.‬‬ ‫ضد اي مشرك‪.‬‬
‫وآيات الرحمة ومبادئ االسالم من العدل وعدم االعتداء‬ ‫• طائفة من المفسرين قالوا ان آية السيف نسخت‬
‫وعدم االكراه في الدين واالكتفاء بحرب من حارب وعد‬ ‫‪ 124‬آية من آيات الرحمة نقل ذلك ابي بكر‬
‫ما زاد عنه عدوان وان مشيئة هللا في جعل الناس مختلفين‬ ‫العربي وابن حزم‬
‫• نقل عن عمر بن عبدالعزيز أن آية السلم ليست وكلها تدل على شئ يزيد جزئياتها لبناء المقصد العام‬
‫فالمقصد على خالف الحكم ليس قابال للنسخ‪.‬‬ ‫منسوخة بآية السيف فلكل مجالها فالموادعة‬
‫فاعتبار السياق‬ ‫ألهل الكتاب والثانية لعبدة االوثان‪.‬‬
‫أعتبار واقع التنزيل‬ ‫• الزركشي وابن كثير أن القتال مع االمكان‬
‫إعتبار النص‬ ‫والهدنة عند الضعف‪.‬‬
‫إعتبار المقصد‬ ‫• ابي بكر العربي يرى ان ذلك مرهون بقتال‬
‫إعتبار بنية النص القرآني المتعلق بالمسالة‬ ‫العدو أو استعداده للقتال‬
‫• هناك من رأى أن آية السيف منسوخة بآية المن‬
‫أو الفداء كما نسب للضحاك والسدي‪.‬‬
‫• وجرى الخالف هل الكالم عن مطلق المشركين‬
‫ام عرب الجزيرة‪.‬‬
‫درجة اضطراب النهج البياني ووضوح النهج الوقائعي‬
‫جدول ‪40‬‬

‫فآية السيف تمتلك الداللة الواضحة لعلة الحكم‪ ،‬وعليه البد من تخصيص الحكم فيها بموارد العلة رغم‬
‫عموم اللفظ‪ ،‬فاصوليا العلة يمكن أن تخصص مورد المعلول وإن كان عاما بحسب اللفظ‪ ،‬وهكذا بقدر ما‬
‫تتصف االحكام من نسبية وانشداد الى الواقع الخاص وظروفه بقدر ما يعكس هذا االمر من وجود‬
‫مقاصد مطلقة ثابتة تعمل على تغيير تلك األحكام وتوجيهها بالشكل الذي ال يتناقض معها‪.‬‬
‫• االتفاق على المبدأ واالختالف في التفصيل‪:‬‬
‫هنا سنشهد انسجام من حيث المبدا واالختالف في التفصيالت ولكن الطرح الماهوي متناقض ومتصادم‬
‫مع مقاصد التشريع وقيمه العامة‪.‬‬

‫(‪ )2‬فرض الجزية والصغار‬


‫(‪................‬حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)‬
‫النص يفيد الوجوب فهل هو وجوب مطلق كما هو ظاهر النص فبالتكييف الماهوي كلما وجد من يصدق عليه أنه من‬
‫أهل الكتاب لزمت مطالبته بالجزية والصغار؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪44‬‬

‫التعامل الواقعي‬ ‫التعامل البياني‬


‫‪ -1‬تصادم هذه الشروط مع أخالقيات االسالم وال‬ ‫الخالف على من تؤخذ منهم‪:‬‬
‫تتسم بالعدل وال بالرحمة ورغم ان التطبيق كان‬ ‫ابو حنيفة قال تؤخذ من جميع االعاجم سواء كاموت من‬
‫متفاوتا عبر العصور ومن حاكم الى اخر فاغلب‬ ‫اهل الكتاب أو المشركين وال تؤخذ من العرب إال من أهل‬
‫العصور كانت متسامحة لدرجة شكوى الفقهاء‬ ‫الكتاب‬
‫من اهمالهم وتقديم اهل الكتاب‪.‬عليهم ولكن ما‬ ‫الشافعي يرى ان الجزية ال تؤخذ اال من اهل الكتاب او‬
‫يعنينا هو ما انتجه النهج الماهوي اعتمادا على‬ ‫من المجوس عربا كانوا ام عجماوقيل هو رأي ابن حنبل‬
‫الصيغة المغلقة‪.‬‬ ‫ايضا‪.‬‬
‫‪ -2‬واضح في الموقف الماهوي التناقض فهو من‬ ‫مالك قال يجوز ان تضرب الجزية على جميع الكفارمن‬
‫جهة يتكلم عن توصية الرسول باهل الذمة وهو‬ ‫كتابي ومجوسي ووثني اال المرتد‪.‬‬
‫من جانب يشرعن الرهاقهم واذاللهم‪.‬‬ ‫وعند االثنى عشرية تفرض على اليهود والنصارى‬
‫والمجوس فقط وغيرهم لهم االسالم او السيف‪.‬‬
‫كيف بيتم التعامل الواقعي مع النصوص‪:‬‬ ‫الخالف على معنى الصغر‪:‬‬
‫عكرمة برى انه يدفعها الذمي وهو قائم واآلخذ جالس‬
‫‪ -1‬سنجد أيات مثل قول هللا تعالى (ال ينهاكم هللا‬ ‫قال آخرون يأتي بها الذمي ماشيا ال راكبا ويطال وقوفه‬
‫عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم‬ ‫عند اتيانه بها ويجر عند ادائها بالقوة ويمتهن‪.‬‬
‫من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن هللا‬ ‫الشافعي يأتي بها مطأطئ راسه عند التسليم ويشد من‬
‫يحب المقسطين) فكيف يمكن التوفيق بين البر‬ ‫لحيته ‪..‬‬
‫والقسط وبين قتالهم واذاللهم من جهة اخرى‪.‬‬ ‫وال يجوز ان يوكل مسلما لدفعها وال يضمنها المسلم‬
‫‪ -2‬مارس الرسول صلى هللا عليه وسلم بدائل‬ ‫ويجوز اسقاط هذه االهانة مع اسم الجزية عند المصلحة‬
‫مفتوحة ولم يلتزم باالطالق الظاهرمما يتسق مع‬ ‫بتضعيف الصدقة‪.‬‬
‫النهج الوقائعي كما في قصة نجران كما ترد‬ ‫ابن كثير معنى صاغرون هو ذليلون حقيرون مهانون‬
‫رواية بعثه الى يهود حنين وخيبر اعفاهم من‬ ‫فرتب على ذلك انه ال يجوز إعزاز أهل الذمة وال رفعهم‬
‫الجزية وابدى لهم حسن معاملة‪.‬وهو ما فعله‬ ‫على المسلمين‪....‬‬
‫عمر مع بني تغلب من النصارى ‪..‬‬ ‫قال ابن القيم ان اعطائهم الجزية صغار وهو ما قاله‬
‫‪ -3‬ولم يلتزم الرسول التخميس في الغنائم في عدد‬ ‫الشافعي في االم ان الصغار هو دفع الجزية ‪..‬‬
‫من المواقف برغم أن اآلية اطالقية ولم يقسم‬ ‫فالجزية هي عقوبة وليست اجر االقامة في دار االسالم‪..‬‬
‫عمر اراض سواد العراق وكل ذلك خالف‬ ‫وبما انها عقوبة فانعكس االمر على الحرية الشخصية‬
‫للنهج الماهوي‪.‬‬ ‫الدينيةألهل الكتاب‪:‬‬
‫‪ -4‬ان الواضح من فعل الرسول عليه الصالة‬ ‫منها االسماء والمالبس والسكن والتكنية والتكلم باللغة‬
‫والسالم والصحابة ان الجزية ضريبة حماية‬ ‫وربط الزنار وختم اعناقهم‪.‬‬
‫ولذلك لم تفرض على الالطفال والنساء وكبار‬
‫السن والمرضى ورجال الدين‪.‬وكانت تلغى اذا‬
‫تطوع الذمي في الجيش االسالمي‪.‬كما في‬
‫معاهدة سراقة بن عمرو مع ارمينيا‪.‬وجرى ذلك‬
‫مع خالد بن الوليد ومثله ابو عبيده عامر بن‬
‫الجراح رد الجزية على النصارى عندما عجز‬
‫عن حمايتهم‪.‬‬
‫‪ -5‬وحكى ابن حزم االجماع على فدائهم باالرواح‬
‫ان اعتدي عليهم وهم في ذمتنا وهكذا نقل عن‬
‫ابي حنيفة والسرخسي‬

‫جدول ‪41‬‬

‫• حل التعارضات مع المشخصات الخارجية‬


‫فلن يقبل منه وهو في اآلخرة من الخاسرين) اآلية ‪85‬‬ ‫(ومن يبتغ غير االسالم دينا‬
‫آل عمران‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪45‬‬

‫محور حكمي‬ ‫محور موضوعي‬


‫إذ قد يقال إنه سواء فرضنا أن اآلية تصدق على جماعات‬ ‫هل يجوز التمسك باالطالق الوارد في االية بحيث نطبقه‬
‫بعينها أو على كل من لم يدخل االسالم ‪...‬لكن هل يصح‬ ‫على كل من لم يدخل االسالم باي نحو كان أو ال يصح‬
‫التمسك باالطالق الحكمي من الخسارة او عدم القبول‪ ،‬أم‬ ‫التمسك بهذا االطالق مما يجعل المصاديق ليست عامة‬
‫أن هناك داللة أخرى تجعل من الخسارة والقبول نسبيين‬ ‫وال كلية وإنما عبارة عن جماعات لم تعينهم اآلية‬
‫كأن يصدقا في موارد أخرى‪.‬‬ ‫بالتشخيص ؟ وبعبارة أخرى هل ان الحكم بالخسران‬
‫وعدم القبول يلوح كل من لم يدخل االسالم أم بعضهم؟‬
‫لننظر الى النصوص التي تتعارض مع اطالق الخسران‬ ‫لتصوير الخطاب لغير المسلمين ‪:‬‬
‫ونسبيته‪:‬‬ ‫مستوى المدح‬
‫(هل جزاء االحسان اال االحسان) (فمن يعمل مثقال ذرة‬ ‫(ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى‬
‫خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)‬ ‫ذلك ان منهم قسيسين ورهبانا وأنهم ال يستكبرون‪)..‬‬
‫والوجدان يقود الى أن اآليات األخيرة حاكمة على ما قبلها‬ ‫(ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم وأكثرهم فاسقون)‬
‫‪.‬‬ ‫(منهم أمة مقتصدة وكثير منهم فاسقون) ( وان من اهل‬
‫ولو قيل ان آيات اإلحباط والتي تخبرنا أن الكفر محبط‬ ‫الكتاب لمن يؤمن باهلل وما أنزل إليكم وما أنزل اليهم‬
‫للعمل فهي تعضد فكرة خسران من لم يدخل االسالم لقلنا‬ ‫خاشعين هلل ال يشترون بآيات هللا ثمنا قليال أولئك لهم‬
‫أن الكفر المحبط هو الكفر المتلبس بامور اخرى هو‬ ‫أجرهم عند ربهم‪)...‬‬
‫المحبط (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل هللا وشاقوا‬ ‫(وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن باهلل وما أنزل اليكم وما‬
‫الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا هللا شيئا‬ ‫أنزل إليهم خاشعين هلل ال يشترون بآيات هللا ثمنا قليال‬
‫وسيحبط أعمالهم)‬ ‫أولئك لهم اجرهم عند ربهم إن هللا سريع الحساب) آل‬
‫المالحظة ‪:‬‬ ‫عمران ‪119‬‬
‫أن النص لم يتخذ منهجا ممنطقا كما يدعي الماهويون‬ ‫هل الحديث عن من آمن باإلسالم؟‬
‫وهو يعكس تباينات الواقع ‪ .‬فعند االطراف يكون‬ ‫هل هو عن قوم آمنوا وبقوا مع قومهم؟‬
‫الوضوح برغم التضاد وكلما اتجهنا الى المنتصف برزت‬ ‫هل هم فقط اآلريسيون او موحدوا النصارى‪.‬‬
‫مشكلة الحكم وانطباقه مما يستدعي الحيطة خالف‬ ‫مستوى قبول ما يصدر عن أهل الكتاب‪:‬‬
‫الطرفين ‪.‬‬ ‫(إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من‬
‫آمن باهلل واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند‬
‫ربهم وال خوف عليهم وال هم يحزنون)‬
‫ولحل صدامها مع نصوص اخرى قيل بنسخها وقيل انها‬
‫تخص ما قبل االسالم‪.‬‬
‫مستوى التمايزات بين اهل الكتاب "منهم ومنهم"‬
‫سنجد آية مثل ( من أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده‬
‫اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار ال يؤده اليك إال ما دمت‬
‫عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في األميين سبيل‬
‫ويقولون على هللا الكذب وهم يعلمون)‬
‫(ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات هللا آناء‬
‫الليل وهم يسجدون) آل عمران ‪113‬‬
‫هل هم من بقوا على دينهم واتبعوا التعاليم الصحيحة كما‬
‫في تفسير محمد عبده ورشيد رضى؟‬

‫آيات تبدي قبوال بما يقوم به اهل الكتاب‪:‬‬


‫(إن الذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن باهلل‬
‫واليوم اآلخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم وال‬
‫خوف عليهم وال هم يحزنون) وفي سبيل حل التعارض‬
‫قال البعض انها في ما قبل االسالم‪ ..‬ولكن الموضوع‬
‫يزداد تعقيدا فهناك آية تبدي اطالق عابر للزمان‪:‬‬
‫(ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ‪)....‬‬
‫فهذه تتجاوز حدود الزمان‪.‬‬

‫هل يمكن حل االشكال في آيتنا ‪ 85‬من آل عمران باآلية‬


‫الالحقة لها (كيف يهدي هللا قوما كفروا بعد ايمانهم‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪46‬‬

‫وشهدوا أن الرسول حق وجآءهم البينات وهللا ال يهدي‬


‫القوم الظالمين)‪..‬فيكون المعنى هو من خرجوا من‬
‫االسالم الى غيره فنعرف المقصود من السياق ألنه اثر‬
‫لواقع التنزيل وهو أمر يتسق مع النهج الواقعي‬
‫لكن ماذا عن ‪:‬‬
‫(إن الدين عند هللا االسالم) آل عمران ‪ 18‬وهو معنى‬
‫قوي ولكن بعده مباشرة ما يضعفه (قل للذين أوتوا الكتاب‬
‫واالميين ءأسلمتم فإن اسلموا فقد أهتدوا وإن تولوا فانما‬
‫عليك البالغ وهللا بصير بالعباد) فمافادها كما في ابن كثير‬
‫قل لنصارى نجران اذا اسلمتم بالوحدانية فقد اهتديتم ‪...‬‬

‫هكذا يصبح السؤال ‪:‬هل يمكن حل التعارضات‬


‫واالطالقات بداللة الواقع باعتبارات المقاصد والوجدان‬
‫أيضا‪.‬؟‬
‫لننظر لأليات الداعمة لمعنى آياتنا محل السوآل (‪85‬‬
‫ىلعمران)‬
‫مثل‪:‬‬
‫(إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار‬
‫جهنم‪ )..‬أو (لقد كفر الذين قالوا إن هللا هو المسيح ابن‬
‫مريم ‪ )..‬وهي اطالقات كبرى‪.‬‬
‫لكن‬
‫هناك آيات تضع قيود التي تصح عندها تلك األحكام مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات هللا وانتم‬
‫تشهدون‪.‬‬
‫‪ -2‬والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك اصحاب النار‬
‫هم فيها خالدون‪.‬‬
‫‪ -3‬الن الذين يكتمون ما انزلنا من الينات والهدى‬
‫من بعد ما بيناه للناس‪..‬‬
‫‪ -4‬ولكن الذين كفروا يفترون على هللا الكذب‪...‬‬
‫‪ -5‬إن الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن‬
‫سبيل هللا‪...‬‬
‫‪ -6‬ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به‬
‫الحق‪..‬‬
‫يتبين مما سبق أن الكفر غير منفصل عن مالزمة العدوان‬
‫والجحود والتكذيب وأهمها الجحود واالنكار اذا تبين الحق‬
‫االمر الذي يبرر العقاب والوعيد‪.‬‬
‫‪ -1‬لكن هل هذه الصفات مالزمة لكل من لم يتبع‬
‫االسالم قديما وحديثا؟؟‬
‫‪ -2‬واذا كان ذلك يصدق في عهد التنزيل حيث‬
‫البالغ المبين وقرائن الحال واتحاد اللغة فهل‬
‫ذات االمر يصدق على حاضرنا ومستقبلنا حيث‬
‫اختلف مستوى الحجة والبيان وتباعدت االلسن‬
‫وإن لم يكن من أهل العناد والعداوة وبغض‬
‫النظر عن موقفه من الرسول والرسالة ومن‬
‫حسن او سوء خلفه؟‬
‫‪ -3‬وما هو مقتضى العدل الذي قامت به السماوات‬
‫واالرض في هذه الحاالت المتفاوته وهل يشملها‬
‫حكم اطالقي واحد؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪47‬‬

‫والكفر بمعنى الجحود والتغطية واالسالم بمعنى االنقياد‬


‫للحق متى استبان ومن كان الحق ليس هادية فهو فاقد‬
‫للقيم االخالقية والعمل الصالح فهما عالمات الهداية‬
‫والعمل اصالح هو العمل االخالقي وقد وردت آيات تشير‬
‫الى ان العمل الصالح منجان (قال ربي ارجعون لعلي‬
‫أعمل صالحا فيما تركت)‬
‫الخالصة ان هناك داثرة ثالثة غير دائرة الكفر واإلسالم‬
‫يقتضيها العدل ومالحظة سنن الحياة من وجودالصالح‬
‫والخير في االنسان ووجود خاصية اتباع الحق متى علمه‪.‬‬
‫ومن هنا فان النهج الماهوي والنسق االستنباطي الناشئ‬
‫منه يعجز عن تفسير كل هذه التباينات في معاني‬
‫النصوص وال ربطها بتصريحا ت القرآن عن أن جزاء‬
‫االحسان هو االحسان وأن هللا ال يضيع أجر عامل من‬
‫ذكر او انثى ‪.‬‬
‫فال هو قادر على مالحظة الواقع وال الوجدان الفطري‬
‫للعقل وال هو قادر على االتساق مع منهج العدل‬
‫الالطالقيات عند عرضها على الواقع تنحل لوقائعيات وتفسيرها سهل في ظل الواقع والوجدان والمقاصد‪.‬‬
‫جدول ‪42‬‬

‫عيوب النهج الماهوي البياني‪:‬‬


‫‪-1‬تغليب فكرة ان ما ال يستمد من النص فليس بشرعي‬
‫‪-2‬المساواة بين الوسائل والمقاصد في الثبات‬
‫القليل الذي استثني من هاتين المقدمتين مثل شرط القرشية او النهي عن تدوين الحديث او تجاوزفكرة‬
‫رباط الخيل او آيات المصابرة أو ايقاف عمر سهم المؤلفة قلوبهم معلال ذلك ان االمر كان عند ضعف‬
‫االسالم وقد انقضى ذلك الظرف أوغيرها فكل ذلك يتم بدون تقعيد بل شكل انتقائي‪.‬‬
‫و العقل البياني تعامل مع الموضوع بشكل جزئي فمرة قبل العرف كمخرج ومرة عزى االمر لتغير الزمان‬
‫والظروف ومرة ربط الحكم بمقصده ولم يطرح تصورا جامعا لما يقبل التغيير من غيره كإطار عام حاكم‬
‫وليس عملية انتقائية‪ .‬وهذا االنسداد يضعنا على مفترق طرق‬

‫نحن على مفترق طرق‬

‫أو المنهج الفقهي السائد بيانيا‬ ‫نحن على مفترق طريقين إما الخط‬ ‫إما المنهج العمري والطوفي‬
‫منطق جزئي‬ ‫العمري وحفظ ديمومة الشريعة‬ ‫منطق شامل‬
‫الحرفية‬ ‫واحترامها او خروج الشريعة من‬ ‫ربط الحكم بعلته‬
‫مهاجمة التغيير‬ ‫إطار االجابة على الواقع ويواصل‬ ‫اعتماد المصلحة بعيدة المدى‬
‫ثبات االحكام الوسيلية‬ ‫الواقع تغيره‬ ‫اعتبار التغيير أمرا طبيعيا‬
‫تمييز االحكام الوسيلية‬

‫جدول ‪43‬‬

‫يرد سؤال الموقف من النص قطعي الثبوت وقطعي الداللة؟‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪48‬‬

‫االنتقال للنهج الوقائعي سيعني أن األحكام مرهونة بمقاصدها بوجود جهاز يضمن حضور شراكة الواقع‬
‫والوجدان‪.‬‬
‫يقول البعض أن النص ان كان قطعي الثبوت وقطعي الداللة فال مجال لإلجتهاد معه فهي ال تقبل التغيير‬
‫والتبديل مهما تغير الزمان واالحوال ويضرب مثال ‪:‬‬
‫(وقضى ربك اال تعبدوا اال إياه وبالوالدين إحسانا)‬ ‫•‬
‫(وأحل هللا البيع وحرم الربى)‬ ‫•‬
‫االجماع على حرمة زواج المسلمة بكافر‬ ‫•‬
‫واالجماع على توريث الجد والجدة عند عدم االب واالم‬ ‫•‬
‫والحق أن االمثلة المذكورة ليست قاطعة في دالالتها التفصيلية على خالف القول أعاله كما في الربا‬
‫والبيوع فحول تفصيالتهما الكثير من الخالف فموارد الربا مختلف حولها كما ان بعض البيوع قد تحرم‬
‫دون نص خاص عليها بل لما يعلم من ضررها ‪.‬‬
‫وعليه ففي كال الحالين أن النص الشرعي ال يفيد الداللة القاطعة على المعنى الواحد‪ ،‬بل هو لذات السبب‬
‫ليس بمنأى عن تخصيص العلماء له بادلتهم االجتهادية كما في االستحسان وغيره‪ .‬ومن هنا تبرز فكرة‬
‫االحكام الغائية واالحكام الوسيلية فاعداد الخيل مثال في لحظة تاريخية كان هو معقد النصر أما اليوم‬
‫فغاية النصر باقية ولكن إعداد الخيل ليس داخال في المعادلة برغم النص عليه‪.‬‬
‫االحكام الوسيلية‬
‫تخضع لتغايرات الواقع فهل تعامل مثل النصوص القليلة التي ال تقبل التغيير إكتفاء بالنص طبقا للمنهج‬
‫الماهوي ؟ ام تعامل طبقا للمنهج الواقعي وبالتالي تتعرض للتغير والتبديل؟ وبالتالي تعتبر دالللة االحكام‬
‫نسبية ‪.‬‬

‫حكم جديد‬ ‫مقاصد‬ ‫واقع جديد‬ ‫واقع تنزيل‬ ‫نص‬

‫شكل ‪2‬‬

‫وكما شهدنا أن النص قطعي الثبوت وقطعي الداللة كآيات المصابرة لم يبقي حكمه ساريا حتى اآلن ألن‬
‫مبررات انشائه انتهت فلم تعد القوة مرتبطة بعدد المقاتلين ‪ .‬فرغم ان من الفقهاء من لم يعتد بالعدد ولكن‬
‫النص مرتبط بالعدد‪ .‬والعوامل التي تدخل في القوة كثيرة وتغيرت مع الواقع المتغير للحروب‪.‬ولذلك‬
‫فاالحكام تسند على مرتكزات في الواقع او حوامل هي عناصر استمراراها اما ان فقدت هذه الحوامل‬
‫يغادرها الواقع وان تمسك بها من تمسك ومن هنا تظهر اهمية تحليل عناصر الحكم او حوامله في الواقع‬
‫وهي ما يؤثر في الحكم فعال‪..‬‬
‫موضوع الحكم وتحليل عناصرة المؤثرة في الحكم‪:‬‬
‫ليس الموضوع الغاء حكم النص بل يبقى الى ان تتجدد الظروف التي نشأ فيها ولو نظريا على االقل‬
‫فالحكم مرتبط مع ظروف نشاته والمقاصد فان زالت الظروف بقي المقصد‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪49‬‬

‫االجتهاد في قبال النص محرم بل المطلوب فهم لروح الخطاب والنص عبر الدالالت والقرائن والنظر‬
‫للمقصد ال لحرفية الحكم‪.‬‬
‫هناك احكام تتسم بالثبات وهي ام األحكام مثل العدل ونفي الضرر وهناك احكام فرعية لها القابلية على‬
‫الثبات ‪-‬نسبيا‪-‬باعتبارها تنسجم مع كل الظروف واألحوال مثل احكام العبادات وبعض المعامالت‪.‬‬
‫نحتاج ان نفهم طبيعة الموضوع المناط بالحكم ونقصد بموضوع الحكم هو العناصر التي يتكون منها‬
‫بحيث لوالها ما صح العمل به‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬وجوب الصالة‬
‫وجود االنسان البالغ العاقل ودخول وقت الصالة موضوع ذلك الوجوب فاذا توفرالموضوع اصبحت فعلية‬
‫الحكم أمرا الزما‪.‬سواء في العبادات او المعامالت‪.‬‬
‫ماذا إن كان هنىاك ضرورة لإلستثناء كالحيض مثال عندها تاتي األحكام الثانوية‪.‬‬
‫والنهج البياني يرى ان ما يحدد عناصر الموضوع هو النقل والسماع‪.‬أي بما نطقت به النصوص دون‬
‫حساب الظروف واالحوال بعين االعتبار وبالتالي فهو ثابت مهما تغير الزمن والظروف فما ينطبق على‬
‫العبادات الصرفة مطرد في االحكام العادية ‪ .‬فالحكم في كل األحوال تعبدي لذات الموضوع المنصوص‬
‫عليه حرفيا‪.‬فهو مطلق ومغلق‪ .‬فليس للتطور الحضاري أثر على خلخلة مثل هذه العالقة طالما كان‬
‫الموضوع المنصوص حاضرا‪.‬‬
‫إذن تتحدد مشكلة الطريقة البيانية بطبيعة فهمها للموضوع (حيث تعتمد النقل والسماع دون الواقع‬
‫والمقاصد) دون الحكم ‪.‬‬
‫المنهج الواقعي ينظر إليه في ضوء النص وفي حضورالمقصد وظروف النشأة‬
‫الموضوع الذي هو بمثابة العلة الفعلية ليس منتزعا بالكامل من النقل والسماع وهو ليس ابن النص الشرعي‬
‫فقط فاغلب االحكام هي وليدة تأثير عاملين ‪ :‬الخطاب والواقع من غير انفصال‪ .‬والدليل على ذلك ظواهر‬
‫التدرج والنسخ وتبدل االحكام‪ .‬فماذا يعني ذلك؟‬
‫ذلك يعني انه مع توفر كل عناصر الموضع المنطوقة والمقررة اال أن الخطاب لن يتقبل ثبات الحكم‬
‫ويترتب على ذلك أن صفة التغيير متولدة عما طرأ على عناصر الموضوع التابعة للواقع أو الحال السائد‬
‫‪.‬‬
‫ماذا يتغير في الواقع‪:‬‬
‫مصلحة عقالئية‬ ‫‪-1‬‬
‫تسديد حاجة ضرورية‬ ‫‪-2‬‬
‫تسديد حاجة سياسية‬ ‫‪-3‬‬
‫نظرة للمستقبل‬ ‫‪-4‬‬
‫النظر لإلتساق مع المقاصد والعدالة‬ ‫‪-5‬‬
‫فكلما تغيرت هذه الحوامل سنجد ان الواقع يفرض نفسه ويتم البحث عن حال خارج المنظومة التقليدية‬
‫كما هو حادث في السياسة والفنون وغيرها وامامنا حالن اما اصالح النظام جذريا او سيفارقه الواقع ال‬
‫محالة ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪50‬‬

‫الحكم الشرعي والواقع والفارق بين البيانين والواقعيين‪:‬‬


‫تبعا للنهج الواقعي فللواقع تأثير كبير وحاسم في تحديد الحكم الشرعي‪ ،‬ومن الناحية المنهجية يتخذ الواقع‬
‫أصال متبعا في كشف االحكام وتحديدها ما لم يدل دليل على نفي تأثيره ‪ ،‬خالفا للنهج الماهوي‪ .‬والفارق‬
‫بين الطريقتين ان األخيرة ال تقر االحتكام للواقع مبدئيا وهي تعترف بالواقع عند االضطرار‪.‬‬
‫الواقعي‬ ‫البياني‬
‫الروح والمعنى‬ ‫الحرفية‬
‫المقاصدية العقالئية‬ ‫التعبدية‬
‫النسبية‬ ‫االطالق‬
‫االنفتاح‬ ‫االنغالق‬
‫المرونة‬ ‫التصلب‬
‫ال قياس فلكل واقع جدله الخاص مع النص‬ ‫تكريس ظاهرة القياس واستصحاب القول القديم‬
‫الجزيرة واحداثها نموذج لجدل النص وممكناته المفتوحة‬ ‫الجزيرة واحداثها وحدة قياسية أبدية‬
‫الحياة متجددة وتبقى المقاصد وروح الدين‬ ‫استصحاب حتى العادات واالعراف كالمالبس و‪...‬‬
‫استصحاب روح الرحمة للعالمين‬ ‫ستصحاب الحالة النفسية لحالة الصراع مع اآلخرين ‪...‬‬
‫الرفق واللين هو األصل‬ ‫الشدة والحدية تبدو هي االصل‬
‫النظرة الكلية‬ ‫النظرة الجزئية‬
‫يرى ان تغاير االحكام وعدم نزولها دفعة واحدة بشكل‬ ‫التوقف عند آخر ما نزل من االحكام اي ما بعد فتح مكة‬
‫نهائي هو منهج بذاته بحيث ان جدل النص مع الواقع ال‬ ‫وعند التعارض في قيما بعد الفتح فتعتمد على آخر نض‬
‫يتوقف عبر المقاصد والغايات ال ماهيات االحكام‪.‬‬ ‫نزل باعتبار ما سبق منسوخ‬
‫جدل النص والواقع مستمر والموجه هو المقاصد‬ ‫جدل النص مع الواقع توقف على الواقع ان يلتحق بالنص‬
‫عناصر الموضوع شراكة بين النص وبين الواقع مما‬ ‫عناصر الموضوع مستمدة من النص فهي حصرية‬
‫يعني انها متحركة ومتجددة وان ثبتت معطيات النص‬ ‫قصرية‬
‫جدول ‪44‬‬

‫سؤال مخاطر تغييراألحكام واجابته‬


‫مخاطر القول بمبدأ تغاير األحكام‪:‬‬
‫‪-1‬التغيير يؤدي الى نسخ الشريعة‬
‫‪-2‬هذا يعني نسبية الشريعة ال اطالقها وشمولها‬
‫‪-3‬هذا تناقض مع آية إكمال الدين وآية عدم التفريط في شئ وأحاديث مثل "حالل محمد‪".....‬‬
‫‪-4‬هذا يعني ان التشريع ناقص ويحتاج لمن يكمله‬
‫‪ -5‬هذا يقود للفوضى والتضارب ومدخل لألهواء وتبرير الواقع الفاسد وادخال عناصر دخيلة على الدين‬
‫جدول ‪45‬‬
‫الجواب نقضا وبناء‪:‬‬
‫التغيير يقود الى نسخ الشريعة‪:‬‬
‫بناء على هذه االعتراضات ال يبقى اال المذهب الظاهري واالخباري فكل من يعترف بتغيير االحكام قلت‬
‫او كثرت تناله ذات الشبهة فالومافقة الجزئية تجر عبر الزمن لما هو اكبروهو ال يتسق مع آية اكمال يتهم‬
‫الشريعة الدين وآية عدم التفريط في شئ وبالتالي إما ان إما ان يعول على الطريقة الحرفية (الظاهرية)‬
‫دون انكار أو االعتراف بقاعدة التغيير على كل االحكام الوسيلية دون انتقاء ال مبرر له‪ .‬ونفس الشئ‬
‫التغيير الجزئي يقود لنسبية الشريعة ال اطالقها سواء بسواء وهو ايضا يعني ان هللا ترك لإلنسان ان يتم‬
‫العمل ويمكن ان يقال ان ذلك يبعث على الفوضى‪ .‬فهذه التهم تصدق على المنهجين أو أنها موهومة‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪51‬‬

‫وهو ذات الهجوم الذي شنه الشافعي رحمه هللا على على مبدأ المصلحة واالستحسان بقوله "من استحسن‬
‫فقد شرع " وقوله "إنما االستحسان تلذذ" ولذلك عنون بابا بعنوا(كتاب ابطال االستحسان) ومن بعده‬
‫اعترض أبو داود الظاهري تلميذ الشافعي عليه في استخدام القياس لذات السبب ولذات السبب وسع ابن‬
‫حزم من هجومه على القياس واالستصالح واالستحسان‪.‬‬

‫الشبهة (‪)5‬‬ ‫الشبهة (‪)4‬‬ ‫الشبهة (‪)3&2‬‬ ‫الشبهة (‪)1‬‬


‫الفوضى واالهواء وتبرير‬ ‫يتهم الشريعة بالنقص‬ ‫بتهم الشريعة بعدم االطالق‬ ‫ينسخ الشريعة‬
‫الواقع الفاسد‪ .‬وادخال ما‬ ‫وبالتفريط‬
‫ليس في الدين الى‬
‫مساحته‬
‫هذه شبهة تقنية وبالتالي‬ ‫عالم التكوين شاهد على أن‬ ‫حين نثبت المقاصد يصبح‬ ‫ما يضمن خلود‬
‫التشريع بقدر ما هو نسبي بقدر الخالق بعد أن وضع االساس تحتاج الى حل عملي‬ ‫الشريعة ودوامها هو‬
‫وضماناتها المؤسسية‬ ‫ترك لإلنسان مهمة االعمار‬ ‫ما هو مطلق فهو نسبي من‬ ‫تحقق مقاصدها وهو‬
‫المنبنية على العلم‬ ‫حيث الوسيلة ومطلف من حيث والشان ذاته في عالم‬ ‫الضمان لبقائها فال‬
‫والتقوى‪.‬‬ ‫التدوين‪.‬فال يقال ان عالم‬ ‫ينفع ثبات الجزئيات اذا المقاصد والغايات فضال عن‬
‫وتحتاج ك‬ ‫العبادات الخالصة والتعبديات‪ .‬التكوين ناقص وال عالم‬ ‫ضاعت المقاصد‪.‬‬
‫‪-1‬تمييز االحكام القطعية‬ ‫التدوين ناقص‪ .‬وفي عالم‬ ‫أما حديث "حالل محمد ‪"...‬‬ ‫فالواقع غالب فما لم‬
‫من االحكام الظنية‪ .‬فال‬ ‫وثبات المقاصد وتغاير الوسائل التكوين ما يقوم به االنسان‬ ‫تتحرك االحكام‬
‫غادرها الناس كشرط ال ينافي الحديث انما يخصص من جديد مطلوب ان يوجهه تحريم وال تحليل اال‬
‫وفق مقاصد الخالق في الخلق بنص صريح اما غيره‬ ‫معناه فيما يقبل الثبات من‬ ‫القرشية أو اعداد‬
‫فيقال فيه يكره ويستحب‬ ‫الموارد التي تخرج عن حدود وهو ذاته في عالم التدوين‬ ‫الخيل‪...‬‬
‫ويستحسن والتحذير من‬ ‫‪.‬فالشمول والكمال هو في‬ ‫الوسائل في المعامالت‬
‫ثالثية العقل والنص والواقع التحليل والتحريم وارد‬ ‫الحضارية"‬
‫في القرآن وفي النصوص‬ ‫وكلها من آيات هللا‪.‬‬ ‫أما كمال الدين فبحسب‬
‫الصحيحة وفي هدي‬ ‫التفاسير هو كما يقول‬
‫الصحابة‪.‬‬ ‫الزمخشري يعني تمام الملك‬
‫والبعض عدها مثل قول هللا عز‬
‫وجل (اليوم يئس الذي كفروا‬
‫من دينكم) وقال بعضهم أنها‬
‫بمعنى التوفيق للحج النها‬
‫نزلت في يوم الحج االكبر‬
‫وقيل ان معناها إكمال الفرائض‬
‫والحدود والنواهي والحالل‬
‫والحرام وأنه لم ينزل بعدها‬
‫شئ وعورض ذلك بانه نزل‬
‫بعدها (يستفتونك قل هللا يفتيكم‬
‫في الكاللة‪ )..‬وهكذا سائر‬
‫التفسيرات ‪.‬لكن المهم أن‬
‫الواقع سواء حول االختالف‬
‫في التفسيرات الى حد التناقض‬
‫وظنية األحاديث كلها نافيه‬
‫للداللة التي يشير اليها اهل‬
‫البيان ‪.‬مما حدى ألن تكون‬
‫معظم االدلة الكلية في اصول‬
‫الفقه موضع خالف‪.‬‬
‫فالكفاية من حيث المبادئ‬
‫االساسية مع بعض‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪52‬‬

‫التطبيقاتومن خالل ذلك عرفنا‬


‫أن منهج التفاعل بين هذه‬
‫الموجهات والنصوص والواقع‬
‫ال زال حيا مادام الحوادث ال‬
‫تتناهى‪.‬‬
‫جدول ‪46‬‬

‫ها قد عرفنا طبيعة النهج الواقعي وتكونه من مقدمات مختلفة واعتماده على نظام معايير مشتركة واجراءه‬
‫جدل جديد بين النص والوقاع في حضور المقاصد كضامن واالتساق المنطقي واالخالقي‪.‬‬
‫مبادئ الفهم الديني‬
‫مبدأ الوجدان العقلي‬ ‫‪.1‬‬
‫مبدأ المقاصد الدينية‬ ‫‪.2‬‬
‫مبدأ الواقع‬ ‫‪.3‬‬
‫مبدأ الفهم المجمل‬ ‫‪.4‬‬
‫والمبدأ هو مقدمة تاسيسية يبنى عليها‪.‬‬
‫‪ .1‬مبدأ الوجدان العقلي‬
‫الوجدان العقلي هو ما يتعلق بعقل االنسان عامة من دون تأثر بالظروف واألحوال الشخصية‪.‬والوجدان‬
‫العقلي هو ما يعطينا األحكام القبلية اإلخبارية والقيمية‪.‬والفقه البياني يعول على النصوص وان اصطدمت‬
‫بالقيم االخالقية الوجدانية مثال (تجويز الزواج بنية الطالق على ما فيه من غبن للزوجة وإلهلها) ولذلك‬
‫لزم طرح عالقة اشكالية الدين والقيم لبيان ازمة االجتهاد الفقهي إلهماله هذا المبدأ‪.‬‬
‫القيم االخالقية والدين وضمورها في الفقه‪:‬‬
‫جوهر الدين قائم على القيم االخالقية‪ :‬إذ انه معياري يبحث عما يجب ان يكون وهي ذات الطبيعة االخالقية‬
‫والتي تختلف عن الطريقة الوصفية التي تصف ما هو كائن كالعلوم المادية والكالم عما هو كائن في‬
‫القرآن غرضه ان يقوم االنسان بما يجب‪.‬‬
‫االيمان مطلوب العتبارات اخالقية‬
‫الشرك محرم العتبارات اخالقية‬
‫التكاليف والعبادات تتاسس على اعتبارات الحقوق‬
‫االختالف حول مصدرية القيم في التراث االسالمي‪:‬‬

‫الموقف‬ ‫الجهاز‬
‫الحتمية الصرفة فالكون نظام هو واحداثه مصممة سلفا فكل شئ سيتم بكيفياته‬ ‫الفلسفي‬
‫المقررة عبر تتابع السببية‬ ‫االسالمي‬
‫الحتمية الصرفة‬ ‫العرفان‬
‫منطق الحق الذاتي والتحسين والتقبيح العقليين (حرية االرادة)‬ ‫المعتزلة‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪53‬‬

‫القيم وان كانت عقلية ولكن حق الملكية هلل وهو يشرع ما يشاء فيها وان خالف‬ ‫االشاعرة‬
‫العقل‪.‬‬
‫الغالبية يقولون أن المصدر لألخالق هو النص وخاصة المنظومة الفقهية‬ ‫البيانيون‬

‫جدول ‪47‬‬

‫الفقهاء واالخالق‪:‬‬
‫النص يحدد القيم االخالقية ال العقل وحجتهم هي عدم اهلية العقل النه مصدر لألوهام واألهواء وبالتالي‬
‫حتى في المذاهب العقلية كاالشاعرة فالموقف من العقل العملي (التشريعي) سلبي تماما‪.‬‬
‫مصدرية االخالق والدين‪:‬‬
‫الدين ابن النص (الوحي) واالخالق اصلها ضرورات العقل المجرد‪.‬‬
‫تصنيف تعامل الدين مع القيم‪:‬‬
‫‪ -1‬تعامل مرتبط بالمبادئ االخالقية العامة‬
‫‪ -2‬تعامل يقتصر على القضايا التطبيقية الجزئية‪.‬‬
‫التوافق مع االخالق ومظاهر الغموض االخالقي ‪:‬‬
‫مظاهر الغموض والتوتر‬ ‫التوافق مع االخالق‬
‫هناك مسائل تبدوا متعارضة مع تلك المبادئ‪:‬‬ ‫دعوة صريحة لألخالق كمقاصد عليا غير مسموح‬
‫الموقف من الرق‬ ‫بانتهاكها ومطالبة بااللتزام يهذه المبادئ تحت اقسى‬
‫الموقف من المرأة‬ ‫الظروف‪.‬‬
‫تحديد العقوبات البدنية‬

‫جدول ‪48‬‬

‫المالحظة الجوهرية ‪:‬‬


‫أن حديث النص عن العدل والبر واضدادها كالظلم وسوء الخلق والفحشاء وغيرها من القيم لم يأت‬
‫بالتعريفات واعتبرها مسلمات عقلية فماهيات االشياء معلومة لدى العقل ضمنا فالنص هنا يبدو ممضيا لما‬
‫هو مكشوف للعقل مسبقا‪.‬‬
‫اآلثار السلبية لعدم استقالل العقل بالمصدرية الخلقية‪:‬‬
‫ونظرا ألن آلية الفهم الفقهية لم تعتمد المصدرية االخالقية الوجدانية المستقلة ولم تنتبه للمنظومة االخالقية‬
‫القرآنية وتعطيها المرجعية العليا في التحكم في اي فهم برزت االنتهاكات للحقوق البشرية بدعوى الرجوع‬
‫للنص الديني الجزئي المعزول عن تلك المنظومة والذي هو أثر لواقع التنزيل ومالبساته وهو مربط‬
‫الفرس في هذه االشكالية‪ .‬فبدون استحضار واقع التنزيل واثره على النص الجزئي ال يمكن االتساق مع‬
‫القيم العليا التي اكد عليها القرآن كمنظومة‪.‬‬
‫تشكل العقل الجزئي‪:‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪54‬‬

‫مع ت طور ممارسة االنفصام بين منظومة القرآن الخلقية وتجذر النهج التجزيئي المعتمد على الروايات‬
‫الحديثة التي تشكلت بفعل سياقات االحداث ونقلت دون مالبساتها وعوملت دون اعتبار الواقع باعتبارها‬
‫وحدات منتجة للفهم خلعت هذه االجتهادات على الدين صبغة تتسم بالظلم وال زالت تداعياتها حاضرة في‬
‫عصرنا وتتدحرج وتكبر مع زيادة وعي االنسان بذاته وحقوقه‪ .‬فالبعد عن مقاصد الشريعة والتعامل‬
‫الجزئي المؤسس على المرويات الظرفية وعدم اعتبار الواقع خطأ ال زلنا ندفع ثمنه‪.‬‬

‫العقل واالجتهاد‪:‬‬
‫عندما تمت المبالغة في الجزئيات ولدت مسألة الغبش في الكليات ومع الوقت حصل االغتراب عن الواقع‬
‫وعن العقل وما يفرضه من منطقية النتائج‪ .‬والمفارقة هنا ان الفقهاء يعترفون بأنهم يعتمدون على ادلة‬
‫ظنية ونتائجهم ظنية ومع ذلك يتم التعامل مع الظنون المركبة على انها ثوابت من غير نظر الى المقاصد‬
‫أو الواقع أو العقل‪ .‬ومن هنا يتم الصدام معها جميعا على تفاوت بين فقيه وآخر ومذهب وآخر‪.‬‬
‫إطاللة على المدارس الفقهية وتغييب العقل‪:‬‬
‫القليل من المذاهب الفقهية أفردت عنوان واضحا للعقل كمصدر من مصادر الكشف عن التشريع بشكل‬
‫صريح فلو نظرنا لقائمة نجم الدين الطوفي الحنبلي عدد فيها ادلة الشرع بانها ‪ 19‬بابا ‪:‬‬
‫ما هو مختلف فيه‬ ‫وما عليه الجمهور‬ ‫المتفق عليه‬
‫‪ -1‬إجماع أهل المدينة‬ ‫‪ -3‬القياس‬ ‫‪ -1‬الكتاب‬
‫‪ -2‬قول الصحابي‬ ‫‪ -4‬الجماع‬ ‫‪ -2‬السنة‬
‫‪ -3‬شرع من قبلنا‬
‫‪ -4‬العرف‬
‫‪ -5‬االستصحاب‬
‫‪ -6‬االستحسان‬
‫‪ -7‬االستصالح‬
‫‪ -8‬العوائد والعادات‬
‫‪ -9‬االستقراء‬
‫‪ -10‬سد الذرائع‬
‫‪ -11‬األخذ باألخف‬
‫‪ -12‬العصمة‬
‫‪ -13‬إجماع أهل الكوفة‬
‫‪ -14‬إجماع العشرة‬
‫‪ -15‬إجماع الخلفاء‬
‫االربعة‬
‫جدول ‪49‬‬

‫وصرح القليل بالعقل كمصدر مثل مذهب الشيعة االمامية ونسب ذلك لبعض المعتزلة والفقهاء بحسب نجم‬
‫الدين الطوفي‪.‬‬
‫وقد اخبرنا الجاحظ أن واصل ابن عطاء هو أول من قال أن الحق يعرف من وجوه أربعة ‪:‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪55‬‬

‫كتاب ناطق‬ ‫•‬


‫خبر مجمع عليه‬ ‫•‬
‫حجة عقل‬ ‫•‬
‫إجماع من أمة‬ ‫•‬
‫واألشاعرة وضعوا العقل كمصدر لتصحيح االعتقاد ولم يثقوا به في الفقه‪.‬‬
‫المعتزلة اسسوا به االعتقاد كوجوب النظر والشك وشكر المنعم ودفع الضرر عن النفس‪ ...‬ونسب لبعضهم‬
‫التعويل على العقل في األحكام دون أخبار اآلحاد النها ال تفيد علما وال توجب عمال كما أن عرف من رد‬
‫الشافعي عليهم في كتابه (األم ) ورسالة (جماع العلم)‪.‬‬
‫العقل عند أهل السنة‪:‬‬
‫بعيدا عن المعتزلة فاالصل عدم االعتراف بدور العقل بالتشريع‬ ‫االصل‬
‫العز بن عبد السالم(ت‪660‬ه) صرح بأهمية العقل في تقدير المصالح والمفاسد وان كان قال في مواضع أخرى‬
‫بعكسه‬
‫يصرح ان التعويل على العقل باالستحسان والتقبيح غير صحيح تبعا للراي‬ ‫الشاطبي‬
‫االشعري‬
‫اعتمدوا على مقاصد الشريعة باالستقراء ولكن ذلك ال عالقة له بالعقل فهو ايضا‬ ‫نقل الشاطبي عن جماعة‬
‫عمل مع النصوص‬ ‫اسماهم اصحاب (الراي)‬
‫اضاف للكتاب والسنة دليل العقل واالستصحاب الدالين على براءة الذمة في االفعال‬ ‫الغزالي‬
‫قبل ورود السمع‪....‬فهو أمر مقيد بما قبل الشريعة‬
‫في تنظيره اعتمد الكتاب والسنة والقياس لإلضطرار وأثر في الفضاء السني بشكل‬ ‫الشافعي‬
‫حاسم في استبعاد العقل من مجال التشريع المستقل‬
‫لكن ماذا عن االستصالح واالستحسان والقياس واالستصحاب والبراءة االصلية أو غيرها ‪ ،‬اليست ادلة عقلية؟‬

‫الحقيقة أنه يتم اللجوء اليها عندما يكون الفقيه مضطرا في غياب النص‬

‫اال يستخدم االحناف الرأي (القياس) و(االستحسان) وهو عمل عقلي؟‬

‫هم يرجحون العمل بالنص رغم كونه ال يرقى ‪-‬في الغالب‪ -‬إلى درجة اقوى من الظن سواء من ناحية الصدور او‬
‫الداللة‪ .‬حيث تعتري االحاديث اشكاليات في المتن وفي السند وفي التقطيع وفي احتماالت الزيادة والنقصان‬

‫جدول ‪50‬‬

‫العقل عند االتجاه الشيعي‪:‬‬


‫"كل ما حكم به العقل حكم به الشرع" لكن تفسير القاعدة لقي اختالفا كبيرا‬ ‫االصل قاعدة‬
‫هو مبدأ البراءة االصلية واالستصحاب‬
‫هو االستصحاب‬
‫هو لحن الخطاب وفحواه ودليله مضافا لوجوه الحسن والقبح‬
‫هو لحن الخطاب ومقدمة الواجب ومسالة الضد وأصل االباحة في المنافع المحرمة‬
‫والمضار‬
‫اطباق العقالء على مصلحة الشئ أو فساده هو الضابط‬ ‫الشيخ المظفر‬
‫قالو ال سبيل للعقل ان يعرف ان هذا ما يريده الشارع فربما هناك مناط آخر أو مانع ‪.‬‬
‫الخالصة ‪:‬هناك فصل بين الحكمين الشرعي والعقلي‬
‫جدول ‪51‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪56‬‬

‫مرة اخرى ليس للعقل دور مستقل وال لتعميق دراسات الواقع‪ .‬وبما ان العقل مشكوك به اصال فال معنى‬
‫لتخصيص االحكام اواالستدالل بظرفيتها او بتخصيصها بوقائع محددة او اعتبارها في دائرة االحكام القابلة‬
‫للتغيير وهكذا‪..‬فبحسب منظور عجز العقل تصبح االحكام كلها تعبدية‪.‬‬
‫وبذات الحجة يمكن الغاء القضايا الموضوعية ويسنسحب على جملة القضايا االستداللية المؤسسة للدين‪.‬‬

‫شواهد الصدام مع العقل‪:‬‬


‫‪ -1‬مثال جاء أن المالكية والحنابلة يرون أن دية جراح المراة كدية جراح الرجل فيما دون ثلث الدية‬
‫الكاملة فان بلغت الثلث أو زادت عليها رجعت الى نصف دية الرجل ‪ ،‬حتى روى النسائي بهذا‬
‫الصدد عن النبي قوله "عقل الرجل مثل عقل المرأة حتى يبلغ الثلث من ديتها"‬
‫وأورد االمام مالك في موطئه حوارا مع سعيد بن المسيب وربيعة الرأي ‪ ،‬إذ سأل ربيعة سعيدا عن مقدار‬
‫الدية فيما لوقطع رجل ثالثا من اصابع المرأة ؟ فاجابه سعيد أن فيها ثالثين من االبل ‪ ،‬وسأله مقدار الدية‬
‫فيما لو قطع اربعا فاجاب أن فيها عشرين ‪ ،‬فقال ربيعة حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟‬
‫فرد عليه ابن المسيب ‪ :‬أعراقي أنت ؟ فقال بل عالم متثبت أو جاهل متعلم‪ ،‬فقال له سعيد ‪ ،‬إنها السنة يا‬
‫ابن أخي‪.‬‬
‫ها نحن مع صدام واضح مع العدالة التي هي على راس الثوابت العقلية ومقاصد الشريعة نتيجة غلبة‬
‫المنهج الروائي ولم يتم استخدام الوجدان العقلي‪.‬‬
‫( ال يدخل الجنة ولد زنا) قال به ابن القيم في كتابه نقد المنقول والمحك المميز بين المردود‬ ‫‪-2‬‬
‫والمقبول فصل بعنوان (ال يدخل الجنة ولد زنا وتأويل ذلك) ومع ان ذلك ال يتفق والعدل ويصادم‬
‫قوله تعالى (وال تزر وازرة وزر أخرى) إال أن الحجاج عن ذلك وصحته رغم مصادمته لمبدء‬
‫العدل تم لغلبة التقرير الروائي‪.‬‬
‫وجاء عن الفخر الرازي في التفسير الكبير أن األصل في غرض تكليف النساء هو ان تنقاد للزوج‬ ‫‪-3‬‬
‫وتمتنع عن المحرم‪ ،‬فهي على رأيه مخلوقة كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع التي‬
‫يستمتع بها الرجل‬
‫وكفتوى رضاع الكبير‬ ‫‪-4‬‬
‫وعنون البخاري باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة‬ ‫‪-5‬‬
‫هذا نماذج قليلة ولكن المتاح كثير لشواهد الصدام مع الوجدان العقلي ومبدأ العدل‪.‬‬
‫مكانة العقل واالشكاالت المثارة حوله‪:‬‬
‫الخوف من العقل تم التنظير له مع الشافعي حيث استدل على المنع من التدخل العقلي ‪ ،‬جاعال حدود‬
‫الرأي ال تتعدى القياس باعتباره ظل النص وبذات المنطق حاجج ابو داوود االصبهاني ان القياس ال‬
‫يختلف عن االستحسان واالستصالح الذيىن نقدهما الشافعي‪.‬‬
‫وقيل أنه ال ضابط للمصالح وهي تتردد بين إعتبار الشارع لها وبين الغائه كالذي صرح به اآلمدي‬
‫من الشافعية وقالوا كما يغلب على العقل الهوى ‪ ،‬فقد يخفى عليه وجوه الضرر والفساد‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪57‬‬

‫ورغم أن الشاطبي اقام تنظيرا واسعا للمقاصد الشرعية طبقا للمصالح المعتبرة ‪ ...‬قام باغالق الباب‬
‫أمام العقل فالعقل عاجز عن ادراك المصالح الدنيوية دون شرع‪ .‬باالضافة ان االعتماد على العقل هو‬
‫بخالف العمل بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫هذا منطق معقول لو كان وضوح كاف في الكتاب والسنة أما مع عدم الوضوح فاالمر مغاير‪ ،‬فالنفس‬
‫ال تعترض على الكتاب والسنة ولكن على ما ينقله الناقل وما يفهمه المفتي من حيث فهمه واستنباطه‬
‫وأن ما يقوله ال يتجاوز الظن وال يرقى لحالة االطمئنان فضال عن يكون مضاهيا للقطع الوجداني‪.‬‬
‫وقد اعتبر الشاطبي أن االعتماد على العقول في تحديد المصالح يفضي الى التضارب واالختالف لعدم‬
‫توفر الضابط " لو ترك للناس النظر النتشر ولم ينضبط وتعذر الرجوع الصل شرعي والضبط اقرب‬
‫الى االنقياد ما وجد اليه سبيل فجعل الشرع للحدود مقادير معلومة واسبابا معلومة ال تتعدى كالثمانين‬
‫في القذف والمائة وتغريب العام في الزنا على غير المجصن‪"...‬‬
‫لكن ذلك ال يسلم فاالجتهادات كثيرة والتغييرات والتي بدأت من عصر الخلفاء الراشدين وخاصة في‬
‫اجتهادات عمر بن الخطاب رضي هللا عنه مراعاة للظروف واخذا بالمقاصد وإعماال للوجدان العقلي‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص االشكاالت المطروحة ضد الممارسات العقلية في تاسيس األحكام‪:‬‬


‫االجتهادات ايضا تلغي االحكام نظرا للمقاصد او المصالح فما‬ ‫‪-1‬الممارسة العقلية المستقلة تلغي االحكام الشرعية‬
‫يصدق على هذه يصدق على تلك‬
‫فهذا يلغي المذاهب التي عولت على االستصالح واالستحسان‬ ‫‪-2‬ابنها عاجزة عن االتيان بالمصالح الدنيوية لذلك اتى بها‬
‫والصحيح انها قادرة أن تدركها بخبرتها العقلية ومسترشد‬ ‫الشارع‬
‫بمقاصد الشريعة ‪.‬‬
‫كل االجتهادات مبنية على الفهم والفهم مختلف حوله اصوال‬ ‫‪-3‬انها غير قابلة للضبط ومتاثرة بالمصالح‬
‫وفروعا والدليل كثرة االراء المتعارضة واالخطر ظاهرة‬
‫وعاظ السالطين الذين يستخدمون ذات المناهج‪.‬‬
‫لكن هذا لكم من االراء في المسالة الواحدة ونحن نعلم ان‬ ‫‪-4‬انها توقع في االخطاء وان لم تدرك ما تفعل‬
‫واحدة منها صحيحة والباقي خطا اليست اخطاء ايضا‪,‬‬
‫مع البيان ال حاجة لإلجتهادات فاين هو البيان بكل هذه‬ ‫‪-5‬ال تتفق مع كمال الشريعة‬
‫االختالفات الواسعة‬
‫المنع ان تم تبنيه فهو ينصرف لكل منتجات العقل المتعلق‬ ‫‪-6‬وجود االحاديث التي تنهى عن العمل بها في ادراك االحكام‬
‫بالعمل االجتهادي باالضافة لوجود االحاديث التي تامر‬ ‫ومناطاتها‪.‬‬
‫باستخدام العقل‪.‬‬
‫جدول ‪52‬‬

‫وخالصة االجابة ‪:‬‬


‫حجية الوجدان العقلي هي حجية ذاتية تستغني عن جعل الشارع ‪ ،‬واي مساس بها يمثل في حد ذاته‬
‫مساس بالشرع ‪،‬إذ ال يتقوم الشرع إثباتا اال بهذه الحجية أو هذا الوجدان‪ .‬أما توكيد هذه الحجية فينبع‬
‫من الشرع‪ ،‬ليس فقط بالتصريح بحجيته وبمكانته وبطلب ممارسته كما تطالب االيات واالحاديث‬
‫ولكن ايضا مما يزودنا به منهج االستقراء االحتماالت من نتيجة مؤكدة مفادها صدق قضاياه بما‬
‫يجعل العمل به مشروعا ضمن ضوابط ال غنى عنها وإذا اضفنا الى ذلك أن الوجدان العقلي‬
‫يستهدي بمقاصد الشرع وتوجيهاته كأحد ابرز الضوابط التي يناط بها في عالج مزاحمات الواقع‬
‫وما يفرضه من تشابك في قضايا المصالح والمفاسد‪ ،‬علمنا كم هو حجم الضرورة وجسامة‬
‫المسؤولية الملقاة على عاتق مثل هذه الممارسة العقالئية‪.‬ال توجد مقارنة بين او موازاة بين‬
‫الحكمين الوجداني واالجتهادي التقليدي‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪58‬‬

‫الطريقة االجتهادية السائدة بضوابطها المعروفة ‪:‬‬


‫‪ -1‬نتائجها ضعيفة‬
‫‪ -2‬الوسائل التي تستخدمها تقوم على مقدمات ضعيفة‬
‫‪ -3‬ولكثرة االحتماالت المحيطة بمقدماتها وبضرب االحتماالت في بعضها تضعف القيمة االحتمالية‬
‫وتنزل من رتبة االحتماالت الضنية الى االحتماالت الضعيفة‬
‫في حين تترك فرصة العمل بالوجدان العقلي الذي هو اكثر قابلية للضبط واكثر قربا من تقبل‬
‫االدراك وتحدي النتائج‪ .‬وخاصة اذا استهدت بهدي الشورى ووظفت لعملها دراسة الواقع وما‬
‫تقتضيه من علوم انسانية كفيلة بالبحث الميداني‪.‬‬
‫مع منهج االستقراء‪:‬‬
‫ليس هناك طريقة أهم من منهج اإلستقراء في الكشف عن الحقائق وفهم القضايا ‪ ،‬فالشاطبي‬
‫باالستقراء توصل الكتشاف موارد الشريعة وسعى ليجعلها موردا للقطع‪ .‬ويمكن استخدام ذات‬
‫الطريقة للبحث عن درجة التوافق بين االحكام العقلية واالحكام الشرعية وذلك في المسائل التي‬
‫يمكن العقل إدراكها كما في قضايا الحسن والقبح العقليين‪ .‬ولو ثبت ان هناك توافق كبير بين االثنين‬
‫فالموضوع سيقود لوجود محور مشترك وهو ان االحكام الشرعية هي احكام امضائية ال تاسيسية‬
‫وبالتالي نستطيع ان نعرف نسبة احتمالية امكان العقل الوصول لنتائج مقاربة للدينية في القضايا‬
‫الجديدة التي ليس فيها حكم‪.‬‬
‫ردود العقل في مواجهة النقد‬
‫مبادئ الضبط‬ ‫العقل وإشكال نهي الحديث‬ ‫العقل وإشكال العجز عن‬ ‫العقل وإشكال النسخ‬
‫عن الممارسة العقلية‬ ‫ادراك المصالح‬
‫والنظام الواقعي يدعوا‬ ‫وجود المعارض لهذه‬ ‫اذا كانت أحكام الشريعة‬ ‫الوجدان العقلي يخطيئ‬
‫للضوابط التالية‪:‬‬ ‫االحاديث من الحاديث التي‬ ‫ولكنه يتعلم من الخبرة عبر تطابق قرارات الوجدان‬
‫‪-1‬اعمال الممارسة‬ ‫تعد العقل حجة باطنية‬ ‫العقلي واالولى طبيعتها‬ ‫االحتكاك بالواقع وعبر‬
‫الوجدانية في القضايا‬ ‫وشرعا من الداخل ومنها‬ ‫التجريب واالختبار او افق امضائية فان ما يناط‬
‫المدركة التي قراراتها‬ ‫التوق واالنتظار أو عبر ما بالوجدان العقلي من اكشف استفت قلبك وان افتاك‬
‫تتعلق في المعامالت‬ ‫عن االحكام ال يستلزم منه الناس وافتوك ولك ان‬ ‫يكشف عنه الزمن وهو‬
‫الحضاريةز‬ ‫تنظر في كتاب إعالم‬ ‫نقص الشريعة بل كمالها‬ ‫يستمر فسي التقدم من‬
‫‪-2‬فحص الواقع على‬ ‫الموقعين البن القيم وكذلك‬ ‫وكما قال اقبال ان وظيفة‬ ‫خالل هذه الخبرة‪ .‬وهذا‬
‫اصول المنهج العلمي‬ ‫يمكن تخصيص النهي‬ ‫عكس سائر االدراكات غير الرسالة الربط بين العالم‬
‫خاصة في الدراسات‬ ‫بالتعبديات الصرفة أو‬ ‫القديم والحديث فهو من‬ ‫المتكأة على الواقع ومنها‬
‫االنسانية في التقرير‬ ‫حيث الزمن مرتبط بالقديم باالحوال غير المنضبطة‬ ‫الممارسات البيانية غير‬
‫للواقع‪.‬‬ ‫ومن حيث الدعوة هو دعوة بالمقاصد الشرعية او ما‬ ‫المتكأة على الواقع التي‬
‫‪-3‬التعرف على ثبات‬ ‫اليخضع لمنهج منضبط‬ ‫للتجربة والبرهان فميالد‬ ‫يصعب ان تجد تغذية‬
‫وتغير كل من حاجات‬ ‫ولوكان االمر على ظاهرة‬ ‫االسالم هو ميالد للعقل‬ ‫راجعة النغالقها على فهم‬
‫الواقع واالحكام الشرعية‪.‬‬ ‫لمنع االجتهاد مطلقا ‪.‬‬ ‫االستداللي في بحثه في‬ ‫منتهي‪ .‬وبالتالي فاخطاء‬
‫‪-4‬النظر الى مقاصد‬ ‫االنفس واالفاق كمصادر‬ ‫الوجدان العقلي أقل وتقبل‬
‫الشريعة للهداية من الزيغ‪.‬‬ ‫للمعرفة ‪..‬كما هو في كتابه‬ ‫التصويب عكس النهج‬
‫‪-5‬تأسيس االحكام طبقا‬ ‫تجديد الفكر الديني‪.‬‬ ‫البياني وخاصة اذا اهتدى‬
‫لضوابط محدد من العلمية‬ ‫العقل بمقاصد الشرع‬
‫الفقهية والخبرة الواقعية‬ ‫وخبرة الواقع‪.‬‬
‫واالختصاص وحسن‬
‫السليقة واالعتدال مع التدين‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪59‬‬

‫والتقوىوان ال يكون ذلكل‬


‫بمعزل عن الشورى‪.‬‬
‫جدول ‪53‬‬

‫مبدأ المقاصد الدينية‪:‬‬


‫ما هي المصلحة لدى المذاهب الفقهية؟‬
‫هي كل ما يجلب نفعا ويدفع ضرا والبعض ربطها بالمقاصد الشرعية ومع االجماع ان الشارع راعى‬
‫مصالح العباد إال انهم اختلفوا في التشريع لها من قبل العقل البشري او من قبل االجتهاد الناظر للمقاصد‬
‫الشرعية أو حتى القياس‪.‬‬
‫واالستحسان والمصلحة واالستصالح واعتبار المناسبة كلها مراعاة للمصالح‪ .‬وأول ما يستشهد به جمع‬
‫المصحف في عصر الصحابة واتفاق الصحابة على رفع حد الجلد من ‪ 40‬الى ‪ 80‬جلدة في عهد عمر‬
‫وزاد ذلك بالنفي وحلق الرأس وبررها الشافعي ان الزيادة من باب التعزير‪ .‬ومثلها زواج امرأة المفقود‬
‫بعد اربع سنين من انقطاع خبره لترجيح مصلحة الزوجة ومنها تدوين الدواوين وسك النقود واتخاذ‬
‫السجون‪ .‬زمنها تضمين الصناع وجواز ضرب المتهم ليقر بالمسروق وجواز قتل الجماعة بواحد‪.‬‬
‫فسواء وجد دليل ظاهر وغادره الفقية لوجه من المصلحة أو لم يوجد دليل ولكن المصلحة اعتبرت ففي‬
‫الحالين تم االعتراف بالواقع ومصلحة العباد كهاديات تحقق المصلحة وتمنع الضرر‪ .‬وقيل ان األحناف‬
‫اقتصروا على ترجيح اجتهادي على آخر كقياس خفي على ظاهر وذلك ليس الحال عند المالكية حيث‬
‫يترك القياس الظاهر المر من ثالثة‪ :‬معارضة عرف غالب أو عارضته مصلحة راجحة أو ادى اللى‬
‫حرج او مشقة ويرى الشيخ الزرقاء ان الشافعي والغزالي وإن انكرا نظرية االستحسان ‪ ،‬اال انهما لم‬
‫ينكرا االستحسان القياسي عند الحنفية واحكام الضرورات الملجئة‪.‬بل اقر بذلك ورده الى القياس‪.‬‬
‫ولكن االستحسان يلعب ادوار متعددة ‪:‬‬
‫‪ -1‬االستحسان عبارة عن ترجيح دليل اجتهادي على آخر مثله كترجيح القياس الخفي على‬
‫الظاهر مثال سؤرسباع الطير‪.‬‬
‫‪ -2‬االستحسان عبارة عن استثناء لقاعدة عامة اجتهادية بدليل اجتهادي آخر فيعمل على‬
‫تخصيص هذه القاعدة إجتهادية بدليل اجتهادي آخر فيعمل على تخصيص القاعدة أو الحاكمية‬
‫عليها‪ ،‬كتخصيص القياس بالمصلحة أو العرف أي حاكمية أحد هذين األخيرين على لألول‬
‫وهو ما يعرف بالعدول عن حكم المسألة الى نظائرها‪.‬‬
‫‪ -3‬هو عبارة عن استثناء لعموم النص بدليل اجتهادي فيكون الدليل مخصصا لهذا العموم أو‬
‫حاكما عليه‬
‫والخالصة‪ :‬االستحسان هو جعل الدليل االجتهادي حاكما على دليل العموم في النص ومقدما على‬
‫غيره من االدلة االجتهادية األخرى سواء بالترجيح او بالعدول والتحكيم (التخصيص)‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪60‬‬

‫امثلة االستحسان‪:‬‬
‫الطبيب يستطيع ان يفحصها استحسانا ألجل الضرورة‬ ‫المرأة عورة‬
‫رخص في السلم وفي االجارة والمزارعة والمساقاة واالستصناع‬ ‫النهي عن بيع المعدوم (نصا)‬
‫طهارتها لقياس خفي قيل بانها تشرب بمنقارها‬ ‫سؤر سياع الطير حرام (قياسا‬
‫ظاهرا على سباع البهائم)‬
‫استثني وقفه على نفسه ووجه االستحسان حاجة الناس‬ ‫المحجور عليه للسفه ال تصح‬
‫تبرعاته‬
‫جدول ‪54‬‬
‫شروط المصلحة‪:‬‬
‫اتفق العلماء ان مجال االستصالح يقع خارج دائرة العبادات ال سيما تلك التي ال يدرك معناهاعلى‬
‫وجه التحديد‪ .‬ولكن االستاذ عبد الوهاب خالف أضاف ان ذلك ينطبق على القياس واالستحسان‬
‫ومختلف ضروب االجتهاد في القضايا التي ال نص فيها‪ .‬ومثل للعبادات ‪ :‬الحدود والكفارات‬
‫وفروض االرث والعدة بعد اموت والطالق وكل ما شرع مقدرا ومحددا ‪.‬أما أحكام المعامالت‬
‫والتعزيرات وطرق االثبات واحكام االجراءات وسائر انواع االحكام فقد اختلف الناس في االستنباط‬
‫فيها باالستصالح‪ .‬ولكن تحصين دائرة المقاسات مثال ال يستقيم فحد الخمر استقر على ‪ 80‬جلدة في‬
‫عهد عمر بناء على قياس وقد كان قبلها اربعون‪ .‬ومنها القياسات بنجاسة سؤر سباع الطير وذهب‬
‫ابن عربي من المالكية الى صحة القياس في المقدرات خالفا البي حنيفة وصحح غيرهم القياس في‬
‫موارد الحدود والكفارات‪ .‬وكذلك الحظنا ان االستحسان يخصص النص كما فعل عمر في عام‬
‫المجاعة بوقف قطع يد السارق وعده الشيخ خالف من االستحسان ‪.‬‬
‫الشاهد ان االجتهاد لدى الصحابة والعلماء في القضايا التي ال نص فيها ال ينحصر كله في دائرة‬
‫المعامالت ‪ ,‬هذا إذا ما استثنينا المصلحة المرسلة باعتبارها عقلية شبه محضة ال عالقة لها بالنص‬
‫برغم اتصالها بمقاصد الشريعة العامة‪.‬‬
‫المصلحة المعتبرة عند الغزالي لها ثالثة شروط‪:‬‬
‫• ان تكون ضرورية (الضرورات الخمس)‬
‫• ان تكون كلية ال جزئية‬
‫• أن تكون قطعيةأو شبه قطعية ال ظنية‬
‫األمثلة‪:‬‬
‫• مثال‪ :‬لو تترس الكفار بمسلم في وقت الحرب ومن المعلوم حرمة قتل المسلم لكن هذا‬
‫المتترس ال يمكن الوصول اليه اال بقتل المسلم ففي هذه الحالة ال يجوز قتل المسلم إال‬
‫بالشروط الثالثة بان يكون عدم قتله سيؤدي البادة كل المسلمين ‪.‬‬
‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬
‫‪61‬‬

‫• مثال‪ :‬لو كان مركب يشرف على الغرق الن حمولته زائدة بحيث لو لم يرموا احدهم لهلكوا‬
‫ولولم يرموه لغرقوا فانه ال يباح رمية الن المصلحة هنا جزئية ال كلية‪.‬‬
‫• مثال‪ :‬كلو تترس اهل قلعة بمسلم أو اكثر فانه ال يباح قتل االسير المتترس به الجل فتح‬
‫القلعة النها ليست من الضرورات‪.‬‬
‫• مثال‪ :‬فان لم نقطع او شبه قطعنا ان كل المسلمين سيهلكون لما جاز قتل المسلم المتترس به‪.‬‬

‫ووضع الشاطبي تعريفه ‪:‬‬


‫ان تالئم مقاصد الشرع دون تناف مع أصل من اصوله وال دليل من ادلته‬
‫ان تكون عقالنية بحيث تتقبلها العقول عندعرضها عليه‪ ،‬لذا ال مدخل فيها للتعبديات‪.‬‬
‫أن تكون راجعة لحفظ أمر ضروري او رفع حرج الزم في الدين‪.‬‬
‫وقال آخرون ‪:‬‬
‫أن تثبت بالبحث وامعان النظر واالستقراء وأنها حقيقية ال وهمية وان تكون عامة ال شخصية وان ال‬
‫تعارض نصا وال اجماعا‪.‬‬
‫لكن العمل بالمصلحة هو طابع انساني عقالئي في غياب امور اخرى ملزمة كالنص او اعتبار ديني آخر‬
‫ويمكن تخيل شروطها في العموم‪:‬‬
‫ان تبنى على البحث واالستقصاء ليعرف انها مصلحة حقيقي لتقبلها العقول‬
‫ان تكون مصلحة ذات شان يعتدبه قوة او منفعة‬
‫ان ال تكون معارضة لمصلحة اخرى أهم واقوى سواء منصوص عليها او غير منصوص‬
‫ان تتسق مع مقاصد الشريعة والفطرة االنسانية وان ال تحدث تضارا معهما‬
‫جدول ‪55‬‬
‫شرعية العمل بالمصلحة‪:‬‬
‫قيل ال دليل عليها وهي مدخل لألهواء والعقل تخفى عليه بعض اوجه الضرر وهي ذات النقد الذي وجه‬
‫لإلستحسان واالحناف‪.‬ورفض جمع من العلماء مبدا المصلحة لمخاوف سياسية من ان يتم توظئفه من‬
‫قبل الحكام ولكن ذات االمر تم مع القياس وذلك ما اشار اليه ابن القيم في اعالم الموقعين‪.‬وهذا ما حدى‬
‫بالظاهرية لرفض القياس واالستحسان والمصالح المرسلة‪.‬‬
‫ولكن الغزالي استدل عليها بعدد كبير من االدلة من الكتاب والسنة واالحوال وتفاريق االمارات مما‬
‫جعله يعتبرها حجة قطعية ال تقبل الخالف ولكنه قيدها بثالثة قيود ال وجه لها‪.‬‬
‫جاء الشاطبي (ت ‪790‬ه) فاواله اهتمامه في كتاب الموافقات‪ .‬فاتبع االستقراء ليصل لنتائج قطعية في‬
‫المواضيع االصولية فجميع احكام الشريعةبحسب االستقراء ال تخلومن مصلحة ضمن مصالح ثالث‪:‬‬
‫ضروريات او حاجيات أو تحسينيات‪.‬ولكل منها مكمالت ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪62‬‬

‫وعرض الشاطبي عددا كبيرا من االحكام الشرعية في المعامالت والعبادات والتقديرات تدخل ضمن‬
‫عناوين النهي لوال ان الشريعة راعت فيها جوانب المصلحة والتيسير‪ ،‬فاعتبر ذلك مدركا شرعيا على‬
‫صحة العمل بمبدأ االستحسان‪.‬‬
‫منهج الشاطبي وترجيح المصلحة على النص‪:‬‬
‫• لقد راى الشاطبي ان االستقراء يقود لنتائج ممثله لمقاصد الشريعة وعنوانها المصلحة فالتغيير‬
‫الجزئي لألحكام يتم ويدعم مبدأ االستحسان وبما ان التغييير تم تحت عنوان المصلحة وهي من‬
‫جعله ممكنا فالتغير الكلي للحكم يمكن ان يكون معلال بذات الطريقة ولكن الشاطبي لم يصل‬
‫اليه‪ ,‬وخاصة ان تغاير االحكام في الموضوع الواحد ال يمكن تفسيره في القرآن والسنة إال بان‬
‫المصلحة هي المحرك الذي يقف خلفه‪.‬‬
‫صحة منهج األخذ بالمقاصد وتغيير الوسائل‪:‬‬
‫الشرع اتبع منهج تنويع االحكام استنادا الى تغيير المصالح‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العقل يقول ان المقاصد مقدمة على الوسائل وهنا المقاصد تم استنباطها عن طريق االستقراء‬ ‫‪-2‬‬
‫الموسع لالحكام‪.‬‬
‫تجدد عناصر الواقع الخاص بالموضوع الذي يناط به الحكم الشرعي األمر الذي يستدعي‬ ‫‪-3‬‬
‫تغييره‬
‫ال يصح العمل بالحكم مادام يسبب الضرر المعتد بهأما في غياب الضرر فالحكم سار (ال‬ ‫‪-4‬‬
‫ضرر وال ضرار)‪ .‬قمثال استخدام الحاسوب في هذا العصر أو التعليم االجباري ماذا يترتب‬
‫عليه من ضرر ومن مصلحة في هذا العصر وهل وضعيته واحدة من حيث النسبة للكماليات‬
‫اوالضروريات؟‬
‫اقسام امصلحة العقالئية‬
‫‪ -1‬مصلحة يسيرة ال يعتد بها‬
‫‪ -2‬مصلحة يعتد بها وهي المصلحة الكمالية‬
‫‪ -3‬مصلحة حاجية كالملبس والمسكن‬
‫‪ -4‬مصلحة ضرورية وهي قوام الحياة كحفظ النفس من الهالك‬
‫‪ -5‬مصلحةغائية فيها المصالح الحقوقية مثل استرداد الحقوق من المعتدي‬
‫باستثناء ‪ 1‬فالباقي الزم التسديد‬
‫جدول ‪56‬‬

‫‪ -5‬الشواهد عديدة على الحاالت التي اضطر فيها الفقهاء الى تغيير حكم النص بناء على الواقع‬
‫مثل تجويز قيام خليفتين في زمن واحد اذا تباعدت االقطار‪.‬‬
‫‪ -6‬قبول االستحسان وحده كاف لتبرير تغيير الحكم كليا فاالستحسان يغير الحكم جزئيا لكن بسبب‬
‫عوامل خارجة عن النص سواء كانت عقلية او واقعية كتجويز عقود االستصناع وما شابهها‬
‫برغم انها بيع معدوم وما ذلك اال بسبب حاجة الناس لها‪.‬‬
‫الطوفي ونظرية المصلحة‬
‫نجم الدين الطوفي الحنبلي (ت ‪716‬ه)‬
‫اطروحته‪( :‬في رعاية المصلحة)‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪63‬‬

‫المحتوى‪ :‬توظيف المنطلقات المعتمدة في إثبات المصلحة واالستحسان والتي دلت على رعاية الشرع‬
‫للمصلحة وبالتالي يخلص ألن رعاية المصلحة مقدمة على حفظ النص‪.‬‬
‫السبق‪ :‬عمل الطوفي سابق للشاطبي ولم يقم بعمل استقراء للنصوص فهو قدم طرحا تلقائيا ومع ذلك‬
‫كانت نظرية الطوفي أكمل مضمونا من الشاطبي‪ .‬والطوفي وصل الى افق لم يبلغه الفقه حتى االن‪.‬‬
‫والطوفي كان مدركا وصرح بجدة نظريته وانها ابلغ من طريقة االمام مالك في االستصالح ألخذه‬
‫بالمصلحة ولو خالفت نصا أو إجماعا‪.‬‬
‫معاناته‪ :‬هاجمه الفقهاء وطاردته السلطة وسجن وعزر وسفه وشنع عليه‪.‬‬
‫الطوفي هو نتاج لتطورات الفقه االسالمي والثمرة الطبيعية التي تعكس المسار‪:‬‬
‫نظرية االستحسان عند المالكية فتحت االفق إلمكان تغيير االحكام جزئيا باعتبار المصلحة فان‬ ‫‪-1‬‬
‫كانت المصلحة مبرر للتغيير الجزئي فلم ال تكون مبرر للتغيير الكلي والمناط واحد‪.‬‬
‫أجاز الغزالي ترجيح المصلحة على حكم النص بشرط أن تكون ضرورية وقطعية وكلية مما‬ ‫‪-2‬‬
‫يجعل اصل ألموضوع مقبوال وهو تغيير حكم النص او االجماع فالعبرة هنا بالشروط‪.‬‬
‫وجود قواعد فقهية من أمثال (ال ضرر وال ضرار) ( الضرورات تبيح المحضورات)‬ ‫‪-3‬‬
‫(الحاجيات تنزل منزلة الضرورات) وهي موجهات كبرى تساند ما طرحه الطوفي ورغم ان‬
‫هذه القواعد تتكلم عن الضرر البالغ ولكن الطوفي طرح ان الموضوع متعلق بالتقابل بين‬
‫الضرر والمصلحة فحيثما وجد الضرر انتفت المصلحة وحيثما وجدت المصلحة انتفى الضرر‪.‬‬
‫توصل الفقهاء أن مختلف ابواب الفقه تسعى لتحقيق مصلحة االنسان وهو ما سيبلوره الشاطبي‬ ‫‪-4‬‬
‫بعدها في المقاصد‪.‬‬
‫مقولة (ال ينكر تغير االحكام باختالف المكان والزمان واالحوال) او "إن األحكام تتغير بتغير‬ ‫‪-5‬‬
‫الزمان‪ ،‬بل باختالف الصور الحادثة) وما اجتهادات عمربن الخطاب ببعيد‪.‬‬
‫فإذن هناك تراكمية تمت قبله تشير الى ذات االتجاه وتعطي نسقا متصاعدا لحضور المصلحة‪.‬‬
‫أدلة النظرية‬
‫‪ -1‬عبر االستقراء (تطواف بين االحكام) توصل الى ان المقصود هو المصلحة وحيث ان الغايات‬
‫مقدمة على الوسائل عند العقالء وان االجماع اقوى من النص والمصلحة اقوى من االجماع‬
‫ألنها غاية كل حكم شرعي معقول‪.‬‬
‫‪ -2‬استشهد بالعديد من الحاالت التي فيها اخبار من الرسول او عمل للصحابة خالف النص وتدور‬
‫حول المصلحة مثل‪:‬‬
‫لو ال أن قومك حديثوا عهد بجاهلية لنقضت هذا البيت وأقمته‬ ‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫على قواعد ابراهيم‪.‬‬
‫خالف اجماع الصحابة على جواز التيمم للمرض وعدم الماء ولكنه‬ ‫ابن مسعود‬
‫قال (لو رخصنا لهم في هذا ألوشك أن يبرد على أحدهم الماء ‪،‬‬
‫فيتيمم وهو يرى الماء)‬
‫أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ارسل ابي بكر رضي هللا عنه‬ ‫عمر ابن الخطاب‬
‫ينادي (من قال ال اله اال هللا دخل الجنة) فوجده عمر فرده وقال‬
‫(غدا يتكلوا)‬
‫جدول ‪57‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪64‬‬

‫‪ -3‬بنى النظرية حول حديث الرسول صلى هللا عليه وسلم (ال ضرر وال ضرار) ومن ثم توظيفة‬
‫ضمن إطار إهتبار المصلحة مقصودة ومرجحة على غيرها ‪ ،‬فهي نفي عام اال ما خصصه‬
‫الدليل وهو يعني تقديم مقتضى هذا الحديث على جميع ادلة الشرع‪ .‬ومع ذلك استثنى العبادات‬
‫واستثنى لوكان النص قطعي الثبوت وقطعي الداللة من جميع الوجوه مطلقا بحث ال يتطرق اليه‬
‫إحتمال بوجه ‪ .‬وهذا يتسق مع مقوالت بعض االصوليين‪:‬‬

‫حيثما توجد المصلحة فثم شرع هللا‬ ‫قال بعض االصوليين‬


‫الشريعة كلها مصالح إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح‬ ‫قال العز بن عبدالسالم‬
‫في الشريعة من قواعد عامة برهنت أن كل مسألة خرجت عن المصلحة ليست من‬ ‫الدوليبي‬
‫الشريعة بشئ‪.‬‬

‫جدول ‪58‬‬

‫شبهات حول ترجيح المصلحة‪:‬‬


‫‪-4‬هذا سيقود الى الرخصة‬ ‫‪-3‬ان هذا سيعني نسخ‬ ‫‪-2‬الحديث ال يستفاد منه‬ ‫‪-1‬كيف يكون حديث قادر‬
‫في العديد من االحكام‬ ‫الشريعة ألنه يفتح المجال‬ ‫ترجيح المصالح ولكن فقط‬ ‫ان يخصص النص‬
‫الثابتة الحرمة مثل الربا‪.‬‬ ‫للعقل ألن يضع احكامه‬ ‫رفع الضررفهو رافع‬ ‫واالجماع؟‬
‫على حساب النص‪ .‬كما‬ ‫للتكليف عند وجود الضرر‬ ‫المخصص بحسب‬
‫وصف ذلك خالف (تعريض‬ ‫االصطالح يكون أخص‬
‫الشريعة لنسخ أحكامها‪)..‬‬ ‫مطلقا من العام بينما (وال‬
‫ضرر )عام فاذا التقى بعام‬
‫آخر تساقطا‪.‬‬
‫اتهام الطوفي بالنسخ يفضي الطوفي صريح في عدم‬ ‫الزاوية التي نظر منها‬ ‫ولكن الحديث هو شرح‬
‫التهام الكثير من الصحابة التعرض لما يعلم قطعيته‬ ‫الطوفي تجعل حضور‬ ‫وبيان لعلية األحكام من‬
‫الذين قدموا ممارسات برفع في الشريعة وربما يدخل‬ ‫الضرر يعني انتفاء‬ ‫حيث مصلحيتها‬
‫الربا ضمن هذه الدائرة‬ ‫االحكام ذات النصوص‬ ‫المصلحة وحضور‬ ‫والمترجمة في دفع الضرر‬
‫فذلك متضمن في النظرية‬ ‫الصريحة القاطعة‪.‬ويجر‬ ‫المصلحة بعني انتفاء‬ ‫وتحقيق المصلحة فهي‬
‫التهام من قالوا باالستحسان ومنع الربا واضح فيه‬ ‫الضرر واكثر من ذلك كل‬ ‫اشبه بالفلسفة الحاكمة‬
‫الضرر فال يشكل على‬ ‫واالستصالح‪..‬فجميعهم‬ ‫حاالت االستثناء والتغاير‬ ‫وهذا سبب تقديمها‪.‬‬
‫النظرية والفقهاء والطوفي‬ ‫مارس عقليا على حساب‬ ‫تقع ورائها المصلحة‬
‫منهم ال يضعون شيئا بال‬ ‫ظاهر النص‬ ‫وتفويتها يستلزم النقص‬
‫ضوابطه ومنها ضبط‬ ‫والضرر االمر الذي يبرر‬
‫العالقة بين المقاصد‬ ‫حاكمية المصلحة‬
‫والمصالح فرب مصالح‬
‫تتجافى مع المقاصد كالربا‬
‫ورب مقاصد ال يظهر فيها‬
‫المصلحة كالتعبديات‬
‫الصرفة‪.‬‬
‫جدول ‪59‬‬

‫نظرية المقاصد ونقدها‪:‬‬


‫لقد بدأ االشاعرة مشروع المقاصد فاستهلها الجويني ومن بعده الغزالي وبلغت ذروتها مع الشاطبي‬
‫والفقه ال يمكن اقامته اال بالتاسيس العقلي السابق له والذي يعطيه المشروعية ولكن المذهب االشعري‬
‫قوامه الكالمي يقوم على مخالف مسألة التحسين والتقبيح العقليين ومن ثم مبدأ القصدية جملة فكل ما‬
‫نشاهد من اتساق هو ناتج االقتران والتكرار ال امرا مقصودا في ذاته ‪..‬ومع ذلك فمتأخري االشاعرة‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪65‬‬

‫اشاروا لوجود العلية في االحكام في بعض كتاباتهم كالغزالي واآلمدي‪.‬وان بقي العموم مضطربا في هذه‬
‫المساألة‪.‬‬
‫المقاصد ومراتبها‪:‬‬
‫استقر الشاطبي على ان مراتب المقاصد ثالثة مستنتجة باالستقراء وشاملة لكل االحكام وانه ال يوجد‬
‫حكم اال ونطوي ضمن مرتبة من المراتب مع متمماتها‪.‬‬
‫المتممات‬ ‫التحسينيات‬ ‫الحاجيات‬ ‫الضروريات‬
‫فحين امر بالصالة أمر‬ ‫كل ما هو من المروءة‬ ‫كل ما ييسر حياة الناس‪:‬‬ ‫الدين والنفس والعقل والنسل‬
‫باقامتها جماععة‬ ‫ومكارم االخالق كأحكام‬ ‫الرخص الشرعية بمختلف‬ ‫والمال‬
‫واعالنها وطريقة اذانها‬ ‫لطهارات وسنر العورات‬ ‫اشكالها واباحة معامالت‬ ‫الدين‪ :‬والجلها شرعت‬
‫وحين حرم الزنى حرم‬ ‫وآداب المعامالت والنهي‬ ‫مثل السلم واالجارة والعرايا‬ ‫الفرائض وعقوبة المرتد‬
‫الخلوة سدا للذريعة‬ ‫والندب عن المثلة والغدر‬ ‫والمساقاة والمزارعة‪...‬‬ ‫والمبتدع‪.‬‬
‫وجعل كل ما يتم به‬ ‫وقتل االعزل والنساء‬ ‫النفس‪ :‬ايجاب الماكل‬
‫الواجب جعله واجبا‬ ‫والصبيان والرهبان في‬ ‫والمشرب والمسكن والملبس‬
‫وكل ما يؤدي الى‬ ‫الجهاد وتحريم الغش‬ ‫والقصاص والدية وعدم رمي‬
‫المحضور محضور‪...‬‬ ‫والتدليس والتغرير‬ ‫النفس الى التهلكة واضاف‬
‫واالسراف والتقتير‪...‬‬ ‫ابو زهرة حفظ الكرامة‬
‫االنسانية‪.‬‬
‫العقل‪ :‬تحريم المسكرات‬
‫وعقوبات تناولها‬
‫العرض‪ :‬الحدود بالزنا‬
‫والقذف‬
‫النسل‪ :‬عقوبات الزنا والقذف‬
‫!!‬
‫المال‪ :‬كاالحكام‬
‫االقتصاديةوالعقود وحرمة‬
‫السرقة والغصب والغش‬
‫واتالف المال ومنع الربا‬
‫والغرر‪..‬‬
‫جدول ‪60‬‬

‫نقد النظرية‪:‬‬
‫نقد التقسيم الثالثي للمقاصد‬
‫النقد التاسيس‬ ‫النقد االشكالي‬
‫التقسيم غير كافي فعلى االقل هناك نوعين من االحكام ال‬ ‫‪-1‬اتفقوا على المراتب الثالث ولكن لم يتفقوا على‪:‬‬
‫يدخالن ضمنها ‪:‬‬ ‫‪ -1‬ما اقسام هذه االصناف‬
‫‪ -1‬العبادات غير مدركة الغرض مصلحتها فمن‬ ‫‪ -2‬رد األحكام اليها‬
‫المستحيل معرفة سبب الكيفيات او االعداد في‬ ‫‪ -3‬مشكلة التوزيع واإللحاق كقسم االعراض‬
‫الصلوات مثال‪.‬‬ ‫احيان يوضع بدل األديان وأخرى يوضع‬
‫‪ -2‬المصالح الحقوقية وهي تتوزع على‬ ‫مستقال وثالثة يجعل من الحاجيات وتارة مع‬
‫الضروريات والحاجيات والتحسينيات وتحتاج‬ ‫حفظ النسل‪...‬‬
‫الى قسم مستقل كمصلحة عزل الحاكم المستبد‪.‬‬ ‫‪-2‬التحسينيات هجينة بين ان تكون دالة على التجميل‬
‫‪ -3‬إمكان اندراج المصلحة في اكثر من صنف‬ ‫وبين ان تكون اخالقية حقوقية بوعضها يتفوق على ما‬
‫وارد فمثال دية العاقلة التي توزع على اقارب‬ ‫ذكر في الحاجيات بل واغلب ما ذكر في الضروريات‬
‫القاتل فالتخفيف ورفع الحرج عن القاتل يقع‬ ‫كالنهي عن قتل الصبيان والنساء والرهبان في الجهاد‬
‫ضمن الحاجيات ومن حيث اعطاء اهل القتيل‬ ‫هو ال شك اعظم من شرب الخمر مثال الموضوعة في‬
‫تندرج في الحقوق ومن ناحية اهل القتيل هناك‬ ‫الضروريات‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪66‬‬

‫دعوة للتضامن تندرج في التحسينيات‪ .‬وباتالي‬ ‫‪-3‬وما في الحاجيات قد ال يكون حاجيا كقصر الصالة‬
‫تثار قضية آلية ومعايير التوزيع واإللحاق‪.‬‬ ‫للمسافر‪..‬‬
‫‪ -4‬إدراك المقاصد يتم اما ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االستقراء اشرعي‬
‫ب‪ -‬النص‬
‫ت‪ -‬العقل وما يتفق مع الشرع‬
‫واالستقراء الشرعي والنص يتفقان مع الوجدان العقلي‬
‫ليؤكدا الطابعي االمضائي لها في مقابل التعبديات ‪.‬‬
‫مثال قبح السرقة وحرمتها تمضي الشريعة ما قرره‬
‫الوجدان العقلي ولكن عقوبة القطع ال يدركها العقل اال‬
‫باعتبارها فعل للردع كما يظهر في الواقع‪.‬‬
‫ويطرح السؤال نفسه هل االمر متعلق بطبيعة بيئة العقوبة‬
‫التي ناسبها هذا الحكم ام هو مطلق لكل بيئة؟‬
‫ان الغرض من طرح نظرية المقاصد هو تبرير االحكام‬
‫التي جاءت بها الشرثعة واضفاء المقصد والحكمة عليها‬
‫ولم يكن الغرض تاسيس ما يتبغي ان يكون‪.‬‬
‫جدول ‪61‬‬

‫نظرية المقاصد كي تستقيم تحتاج‪:‬‬


‫‪ -1‬االعتراف بقدرة العقل المزود بخبرة الواقع على ادراك المقاصد والمصالح بغض النظر عن‬
‫النص (قبول التحسين والتقبيح العقليين) وإال حدث التعارض بين فكرة المقاصد الحق المطلق‪.‬‬
‫وهي تؤول لفكرة تعبدية الشريعة ال تقصيدها‪.‬‬
‫‪ -2‬التعويل على منهج االستقراء الشرعي وحده دون مقررات العقل والواقع خلل كبير وتناقض‬
‫حادث‪.‬‬
‫وبدون هذين االعتبارين تبقى نظرية المقاصد اسيرة النهج الماهوي التعبدي الذي اعتاد الفقهاء على‬
‫التعامل معه باتقان‪ .‬فطبيعة النهج الماهوي تبعث على التعبد خالفا للنهج الوقائعي‪.‬‬
‫مثال الحكم على النهج الماهوي يصبح هناك قالب واحد للحكم على أهل الكتاب دون تمييز بين محسن‬
‫ومسئ ونفس االمر في الحكم على اهل االسالم سنصبح امام قالب واحد دون اعتبار للتباينات‪.‬‬

‫نقد نظرية الضروريات‬


‫المالحظات التأسيسية‬ ‫المالحظات الشكلية‬
‫المقاصد بين الضرورات والغايات‬ ‫‪ -1‬اعتبار الدين قسيما لسائر الضرورات هو فصل‬
‫هل هناك رابط غائي بين الحاجات الروحية والمادية ؟‬ ‫بينه وبين بقية مجاالت الحياة المعبر عنها‬
‫الحاجات المادية قد تنتهي فالجوع ينتهي بالشبع مثال ولكن‬ ‫بالضرورات الخرى‪.‬بينما مقصود علماء‬
‫الحاجات الروحية تبقي تطلب الزيادة‪..‬فاسئلة الوجود ال‬ ‫المقاصد انه العبادات‪.‬‬
‫تقف عند حد‪.‬فاالنسان يطلب حاجاته المادية ليقوم بهمته‬ ‫‪ -2‬اقتران لفظ الضرورات بكلمة (الحفاظ) وهو‬
‫الروحية ولوال سؤال الروح لم يفرق عن البهائم‪.‬‬ ‫يشي بالكمال بينما في الواقع كل القضايا‬
‫طبقا لهذا لم يهتم علماء المقاصد في بحث الغايات‬ ‫ناقصة وتحتاج الى تنمية واستكمال فالشريعة‬
‫الوجودية لخلق االنسان ربما بسبب مبدا نفي الغرضية‬ ‫جائت لتنمية هذه الضروريات (انما بعثت التمم‬
‫وربما بسبب الرغبة في ابعاد العقل عن دائرة‬ ‫مكارم االخالق)مثال‪.‬‬
‫االستكشاف‪.‬‬
‫ما ذكره االصوليون ال يتعدى المقاصد الشرطية حيث‬
‫هدفها تحقيق مقاصد حقيقية هي غاية لبتشريع وهي سعادة‬
‫االنسان وسنطلق عليها المقاصد الغائية‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪67‬‬

‫التعبد‪:‬‬
‫كل العبادات الظاهرة هدفها الباطن هو توثيق الصلة باهلل‬
‫ودوام الذكر القلبي‪,‬‬
‫التعقل‪:‬‬
‫حيث أن كشف العالم الخارجي معزز النفتاح االنسان‬
‫على الوجود وباطنه توارد العلم التأملي المتصل بالوجود‬
‫والروح‪.‬‬

‫التحرر‪:‬‬
‫ضاهره التحرر من كل معيقات الحركة نحو الكمال‬
‫كاإلستعباد واالستغالل والكسل والخمول واتباع التقاليد‬
‫واالعراف المنحرفة‪..‬اما باطنه فهو التحرر من االخالق‬
‫السيئة واالحوال النفسية المعيقة‪.‬‬
‫التخلق‪:‬‬
‫وظاهره العمل بمكارم االخالق وباطنه احالل الصفات‬
‫الطيبة وتوطين النفس عليها‬
‫التوحد‪:‬‬
‫واساسه التعارف الكوني مع البشر أما باطنه فهو ان‬
‫يحب االنسان لغيره ما يحب لنفسه‪.‬‬
‫التكمل‪:‬‬
‫إكمال جميع ظواهر االحوال السابقة أما باطنه فهو يسعى‬
‫للكمال بدون حدود وكافق ال ينتهي‬
‫المقاصد بين حق هللا وحق االنسان‪:‬‬
‫بحسب تعريف ابن القيم "كل ما فهم من الشرع أنه ال‬
‫خيرة فيه للمكلف‪ ،‬كان له معنى معقول أو غير معقول "‬
‫أما حق العبد "ما كان راجعا الى مصالحه في الدنيا"‬
‫وبحسب الشاطبي كله يعود لحق هللا فحتى ما هو حق‬
‫لإلنسان فذلك لجعل هللا ذلك له ‪.‬‬
‫تجاوز هذا التقسيم مهم اذا ادخلنا اعتبار المرتبة‬
‫الوجودية لكل منهما‪:‬‬
‫الحق االلهي ال يتعدى التعبد الذي طالبنا به لما من علينا‬
‫من النعم الوافرة أما الحق االنساني فينحصر في الطلي‬
‫الذي يحقق فيه البشر مصالحهم الحقيقية المدركة بالعقل‬
‫والمعنى‪.‬‬
‫أو يقال ان لكل فعل متعلقين احدهما يحقق مصلحة‬
‫أخروية واألخر مصلحة دنيوية بدون تنافر بينهما ‪.‬‬
‫جدول ‪62‬‬
‫عود على بدء‪:‬‬
‫يمكن تقسيم مقاصدالشريعة الى نوعين متعاكسين لكنهما يؤطران السلوك التكليفيلإلنسان بتمامه‪.‬‬
‫مقاصد الطاعة المعبر عنها بحق هللا‬ ‫•‬
‫مقاصد المصلحة والمعبر عنها بحق العبد أو االنسان‪.‬‬ ‫•‬
‫فحق هللا يتجه من النص للواقع حيث ال يعرف اال بالوحي (الطاعة)‬ ‫▪‬
‫حق العبد يتجه من الواقع الى النص حيث يعرف بدراسة الواقع (المصلحة)‬ ‫▪‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪68‬‬

‫واآليات القرآنية تزاوج بين الخطين بال فصل حيث الفعل في الواقع والتطلع للمدد االلهي وجهان لعملة‬
‫واحدة‪.‬لكن في موارد االمتثال للحكام قد يتزاحمان فيكون احدهما معارضا لآلخر فايهما يترجح وأليهما‬
‫تميل الشريعة؟‬
‫لو اعدنا صياغة السؤال ‪:‬‬
‫شرعت ألجل االنسان؟ هل البشر في خدمة الوحي‬ ‫هل ُخلق االنسان للعبادة (حق الطاعة) أو ان العبادة ُ‬
‫ام الوحي في خدمة البشر؟ فأيهما وسيلة وأيهما غاية؟ بما أن‪...‬‬

‫قواعد وضعها الفقهاء‬ ‫األحكام الحضارية‬


‫انما االعمال بالنيات‬ ‫حرمة االعتداء والكذب والغيبة والنفاق والحاق‬
‫الضرر بالنفس واآلخرين ‪ ،‬ومكافحة الظلم وبسط على اليد ما اخذت حتى تؤديه‬
‫الولد للفراش‬ ‫العدلوفرض الزكاة وقمع االجرام والقصاص‬
‫وشرط العدل في القاضي والحاكم والشهادة وسد ان هللا وضع عن امتي الخطأ والنسيان وما‬
‫الذرائع الى الفساد وضمان الضرر الملحق بالغير استكرهوا عليه‬
‫المسلمون على شروطهم‬ ‫وحماية الحقوق ووجوب التراضي في العقود‬
‫القاتل ال يرث‬ ‫ومسؤولية االنسان على فعلع وتحريم الربى‬
‫ال يقضي القاضي وهو غضبان‬ ‫والقمار وبيع الغرر‪...‬الخ‬
‫ال ضرر وال ضرار‬
‫العادة محكمة‬
‫دليل الشئ في األمور الباطنة‬
‫الحاجة تنزل منزلة الضرورة‬
‫المشقة توجب التخفيف‬
‫دفع الضرر األعظم عند التعارض واجب‬
‫الشرط خالف ما يقتضيه العقد مبطل له‬
‫االمور بمقاصدها‬
‫إذن اغلب مقاصد الشريعة هي مقاصد حضارية بما في ذلك الضروري والغائي باستثناء التعبد‪.‬‬
‫شروط اجراء العبادات على وجهها مرهونة باالحكام الوضعية المتعلق بالواقع والجانب الحضاري‬
‫جدول ‪63‬‬

‫االسباب التي قادت الى قطيعة مع الواقع‬


‫ترجيح النظرة التعبدية‬
‫ترجيح حق الطاعة‬
‫ترجيح حق العبودية‬
‫رفض فكرة التحسين والتقبيح العقليين وحتى من قبلوا بها لم تستثمر ذلك في الكشف الواقعي‬
‫هذا قاد الى االستهالك في االشكاليات الحرفية للنص واعتماد الواقع عند الضرورة القصوى‬
‫جدول ‪64‬‬

‫تقسيمات أخرى للمقاصد‪:‬‬


‫قلنا ان المقاصد قسمت الى مقصد حق الطاعة ومقصد المصلحة وهما يؤطران سلوك التكليف‪.‬ويمكن‬
‫اجراء تقسيمات عليها‬
‫‪ -1‬باعتبار الوسيلية والغائية والشرطية‪:‬‬
‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬
‫‪69‬‬

‫مثال‪:‬‬
‫مقصد الحدود هو الردع وهو وسيلة لتحقيق حماية المجتمع وهذا بذاته شرط لتحقيق المقاصد الغائية ‪.‬‬
‫‪ -2‬مقاصد خاصة وعامة‬
‫فالمقاصد الخاصة محدودة االبواب واالحكام بخالف العامة‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪70‬‬

‫مثال‪:‬‬
‫مطلب وجوب الضعفية في شهادة المرأة مقارنة بالرجل هو التثبت من الشهادة وهو مقصد خاص يندرج‬
‫في مقصد عام وهو اقامة العدل‪.‬‬
‫بين الفهم المقصدي والتعبدي للدين‬
‫من المتاح للفكر الديني ان يجعل قاعدة االستخالف قاعدة للتحرك تبعا للمقاصد‪ .‬فاالستخالف يجمع‬
‫اصلين اعتقادا االيمان باهلل الواحد والسلوك باعتبار العمل الصالح‪ .‬فقوام تعاليم القرآن هو جعل االنسان‬
‫صالحا مع هللا وصالحا مع غيره من البشر‪,‬‬
‫وفق هذا التصور يختفي اي تمييز بين البشر اال بمعيار الصالح (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى‬
‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند هللا اتقاكم)‪.‬‬
‫• في حين تشترط الحضارة الغربية قيدا واحدا على الحرية وهو ان ال تتعارض مع حريات‬
‫االخرين يشترط الدين ان تكون الحرية وسيلة للصالح ‪.‬‬
‫• حال تنزيل االحكام كما هي على واقع مختلف تماما عن واقع التنزيل فمن الصعب المحافظة‬
‫على العدل عبر القوالب الجاهزة التاريخية فالمحافظة على التطبيقات القديمة سيتنافى مع‬
‫الغايات والمقاصد الغايات وعلى رأسها العدل غالبا ‪.‬‬
‫• بمعنى اما ان يعبر الدين عن مقاصده او ان يعبر عن القوالب الجاهزة والمعدة لواقع مغايير‬
‫وبالتالي يستمر الصدام والتنافروتظهر الشريعة مغايرة للعدل ونضطر للدفاع عن تلك‬
‫االختيارات المتجاوزة بفعل حركة الواقع وهي معركة خسرناها مبكرا‪.‬‬
‫وهذا هو الواقع الذي نعايشه في ظل الفهم البياني حيث المطالبة بتطبيق الدين تحمل في طياتها معنى‬
‫الغئه وتطيله وتشويهه‪.‬‬
‫فالواقع والمقاصد الموجهة تحافظ على الدين حيا ومتفاعال ومتجددا باستمرار وبطبيعة الحال تتفاوت‬
‫االحكام من حيث الثبات واالستمرارية حيث تقع العبادات الصرفة في اقصى طيف الثبات برغم‬
‫استمرار تفاعلها مع الواقع وتبايناته وتقع العاديات في الطرف اآلخر من المرونة والحركة‪.‬‬
‫وبالفهم المقاصدي تصبح المقاصد هي االساس في كل وقت ومراعاة القيم الوجدانية واالخالقية‬
‫وترسيخ حاالت الصلة باهلل هي المهمة السامية‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫فالنظام السياسي مثال ال يوجد له تفصيل يتعلق بآليات النظام السياسي فضال عن غيره من النظم‬
‫األخرى‪ ،‬فمثال ال يوجد هناك ما ينص على آليات التنصسي ولوائح الدستور العام وطبيعة العالقة بين‬
‫الحاكم والمحكوم وكذا صالحيات الحاكم وشروط استمراريته في الحكم‪.‬‬
‫ومن نهنا نفهم تباين اآلليات التي صحبت فترة ما بعد الرسول في تنصيب الخلفاء ومن هنا يخبرنا‬
‫االستاذ عبدالوهاب خالف ان مبادئ السياسة ثالثة في القرآن الشورى (وارمرهم شورى بينهم)‬
‫والمساواة(انما المؤمنون إخوة) والعدل (واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ومع ذلك فاالولى‬
‫والثانية تتكلم عن المؤمنين وحسب والواقع المعاصر فالموضوع يتجاوز ذلك بمسافة كبيرة وقل ذلك عن‬
‫االقتصاد المعاصر وبنيته التي تتجاوز اي عصر سلف وقل ذلك عن قوانين العقوبات ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪71‬‬

‫ويخطئ كثيرا من يريد تحويل موضوع مثل الحكم لما يشبه الصالة والصيام من التفصيالت وهو امر‬
‫محال للفارق الكبير بين المساحتين‪ .‬فالنظام السياسي سيعتمد على اآلليات المالئمة للبيئة ودرجة‬
‫التطور الحقوقي ويختبر في الواقع في درجة مناسبته للواقع ويتم تعديله اليجاد الصيغة التي تظمن‬
‫فاعلية النظام وتحقيقه للعدل ووصوله لفاعلية حفظ وجود المجتمع وحفظ استقراره واستمرار نموه‪.‬‬
‫فالنظتم السباسي بهذا المعنى مفتوح على خيارات متنوعة تحكمها المقاصد وظروف الواقع وتوازناته‬
‫شبهتان ونقاش‪:‬‬
‫وما هي ضمانات العمل بتغيير األحكام وفقا للشريعة‬ ‫االعتماد على المقاصد هو اعتماد على كليات مبهمة‬
‫االسالمية‪.‬‬ ‫فالعدالة مفهوم كلي غامض‪.‬‬
‫االرتباط بالمقاصد وآليته هي االجتهاد الجماعي‬ ‫الكليات العامة عندما يتم التطرق لمصاديقها‬
‫المشترك بحسب الشروط والضوابط التي اشرنا‬ ‫تتضح وكثير من مصاديقها تتفق مع الوجدان‬
‫لها من قبل‪.‬‬ ‫العقلي المشترك بين البشر والباقي المتشابه‬
‫يخضع للنقاش واالخذ والرد والبشرية تهتدي‬
‫بالقسم المشترك وتؤسس عليه‪.‬‬
‫جدول ‪65‬‬
‫مبدا الواقع‬
‫هنا سنتناول اثر مبدأ الواقع وعالقته بالتشريع الديني وضبط الفتوى و أثره في تغيير الرؤى واالحكام؟‬
‫وكيف يختلف عن النهج البياني الماهوي الذي لم يستعن به في الفهم واالستنباط‪,‬‬
‫الحكم الشرعي تتحكم في تحديده وتغييره اربعة أنواع من الدالالت ‪:‬‬
‫محددات الحكم‬
‫الداللة الحرفية للنص‬
‫داللة المقصد‬
‫داللة العقل والوجدان‬
‫داللة الواقع العام والواقع الخاص بالتنزيل‬
‫جدول ‪66‬‬
‫الكشف المتبادل‪:‬‬
‫قد تكشف داللة النص عن الواقع وقد تنبه على الداللة العقلية وقد تنبه عن المقصد أما الداللة الواقعية فقد‬
‫تكشف عن‪:‬‬
‫قدرة الداللة الواقعية‬
‫الكشف عن الداللة الحرفية للنص‬
‫الكشف عن المقصد ومايقرره العقل‬
‫ضعف الحكم امام تحدي الواقع‬
‫كشف تصادم االحكام مع المقاصد مما يستدعي تغييرها‪.‬‬
‫جدول ‪67‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪72‬‬

‫لنبدأ بمعالجة الموضوع من هنا‪:‬‬


‫أ‪ -‬الداللة الحرفية للحكم‬
‫النص ينكشف منطوقه أو مفهومه ‪:‬‬
‫كواشف المعنى سواء المنطوق او المفهوم‬
‫األلفاظ‬
‫السياق‬
‫اعتبار القرائن المنفصلة كالتخصيص والتقييد التي تنافي الظهور اللفظي وعلى ذلك تأسست القاعدة‬
‫"إن أصالة الظهور ال تكون حجة اال بعد الفحص والياس عن القرينة"‬
‫جدول ‪68‬‬

‫البحث عن القرينة قاد الى مباحث اصولية كثيرة ‪:‬‬


‫‪ -1‬العام والخاص‬
‫‪ -2‬المطلق والمقيد‬
‫‪ -3‬الناسخ والمنسوخ‬
‫‪ -4‬المقصد الفقهي الخاص في القياس‬
‫ماذا غاب عن المشهد؟‬
‫غياب الوعي عن مبحث الداللة الواقعية اما داللة المقاصد العامة والعقل تخلو من الوظيفة والفاعلية‬
‫في التاثير على األحكام انتاجا وتغييرا فحيثما بحثت في االصول فألجل التقرير ال للتحقيق والبناء‬
‫(سيأتي تفصيل ذلك)‪.‬‬
‫الروح الفقهية السائدة‬
‫االستغراق في النص باعتباره حامل للحقيقة المطلقة والطبيعة االجمالية للنص وضغط الواقع‬
‫المتغير كل ذلك ساهم في تكثير فهم النص وتفصيله‪ .‬فكلما زاد ضغط الواقع ازداد النقاش اللفظي‬
‫حول النص وتكثر فهمه تبعا فهي عالقة طردية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الداللة المقصدية للحكم‪:‬‬


‫مقدمة ‪1‬‬
‫المدلول كما دلت عليه‬
‫الخاصة بباب‬
‫قرينة (اثبات)‬
‫معين‬

‫المقاصد‬
‫لها مكانتان‬

‫الداللة وهي تقوم بعد‬ ‫العامة عموم‬


‫االثبات باثبات الحكم او‬ ‫الشريعة‬
‫تغييره‬

‫شكل ‪3‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪73‬‬

‫مقدمة ‪2‬‬
‫المهم هنا‬ ‫‪-1‬النص‬ ‫مصادر‬
‫المقاصد‬
‫العقل والواقع‬ ‫‪-2‬العقل‬
‫‪-3‬الواقع‬

‫شكل ‪4‬‬
‫مقدمة ‪3‬‬
‫الحكم يتاسس وفقا لمعرفة عناصر موضوع الحكم المؤثرة كما يتضمنها الواقع انظر‬

‫مالحظة ‪4‬‬
‫عناصر موضوع الحكم في الواقع مثال الصالة‪:‬‬
‫البلوغ ‪+‬العقل ‪ +‬دخول الوقت ستعني الوجوب‬

‫مالحظة ‪5‬‬
‫تحديد هذه العناصر وتمييزها عن غيرها ال يتم اال من خالل معرفة طبيعة العالقة التي تربطها بمقاصدها اتفاقا واختالفا فان اتفقت‬
‫لكان الحكم نافذ المفعول وان تنافرت مع المقصد للزم تعديل الحكم‬

‫مالحظة ‪6‬‬
‫للمقاصد ادوار ثالثة‪ :‬وسيط ‪+‬مشخص ‪+‬متحكم‬

‫الواقع‬
‫الحكم‬
‫كمتحكم‬

‫المقصد‬
‫الواقع‬
‫كمشخص‬

‫المقصد‬
‫كوسيط‬

‫شكل ‪5‬‬

‫لنخل الى‬
‫‪ -1‬الداللة الخاصة للمقاصد‬
‫ما دل عليه النص ال يعنينا هنا ولكن ما لم تصرح به الداللة اللفظية هو ما يعنينا حيث يشترك في‬
‫الكشف عنها العقل والواقع وذلك بنوع من القطع أو الحدس أو االطمئنان‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪74‬‬

‫المعزز‬ ‫الدليل‬ ‫المقصد الخاص‬ ‫الموضوع‬


‫نص اإلشهاد على‬ ‫التغليظ‬ ‫الردع‬ ‫الحدود‬
‫العقوبة‬
‫جدول ‪69‬‬

‫‪ -2‬الداللة العامة للمقاصد‬

‫هي روح الشرع وأساس الحكمة من وجوده وهذا ما يعطيها الصالحية في الكشف عن الحكم الشرعي‬
‫فمن خاللها يتبين ان كان الحكم يتفق معها او يتعارض ‪ ،‬وبها يتحدد مجرى تغيير االحكام‪.‬‬
‫فالصالة من مقاصدها الخاصة انها تنهى عن الفحشاء والمنكر والغرض من ذلك هو حماية المجتمع‬
‫وصيانته من التحلل واالنحراف‪...‬والحدود مقصدها الردع والغرض منه هو حماية المجتمع وتأمين‬
‫سالمته‪.‬‬
‫االفق‬ ‫الغرض العام‬ ‫المقصد الخاص‬ ‫الموضوع‬
‫امكان تغير الحكم‬ ‫حماية المجتمع وتأمين‬ ‫الردع‬ ‫الحدود‬
‫ودرجة الشده في هدي‬ ‫سالمته‬
‫المقصد الكلي بحسب‬
‫تغايرات الواقع‬
‫جدول ‪70‬‬

‫الداللة العقلية للحكم‬


‫بعد الداللة النصية والداللة المقاصدية للحكم تاتي الداللة العقلية للحكم‬
‫االدراك العقلي =زاوية النظر القبلي (بغض النظر عن ما عليه الموضوع الخارجي من نص او واقع)‬
‫‪ +‬اآلخر بعدي يتأسس على ما يتزود به الععقل من مادة الموضوع المدرك‪.‬‬
‫حين تتداخل الداللتان العقلية والموضوعية يصبح العقل مستنتج ومضيف‪.‬‬
‫في العملية االستنتاجية يستنسخ مفردات الموضوع ليؤلف بينها ما يتسق والصورة المنطقيةحسب مبادئ‬
‫قبلية يرتكز عليها من قبل ان اي اضافة اخبارية قبلية كاشفة عن الموضوع الخارجي( باستثناء اضافة‬
‫حسابية ضئيلة تؤكدها الدراسات المنطقية)‪.‬‬
‫في االدراك االضافي اي بعد االحتكاك بالموضوع المدرك حيث يضيف اضافة اخبارية تتحدد من‬
‫الموضوع المدرك فيكون النتاج المعرفي محصلة (الداللة العقلية‪+‬الداللة الموضوعية)‪.‬‬
‫فالداللة العقلية تنسق ما بين االحكام والمقاصد‪:‬‬
‫مثالها بعض االقيسة الفقهية ذات المغزى المقاصدي (كاالستصالح واالستحسان‪)...‬‬
‫مثلها تحكيم بعض العمومات الفقهية كقاعدة (ال ضرر وال ضرار) عند تعارض االحكام‪.‬‬
‫مثلها االستصحاب وقاعدة مقدمة الواجب واجب‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪75‬‬

‫مراتب الصدقية للقضية المعرفية متباينة وتبعا لمراتب الفهم واالحكام طبقا للداللت الثالث (العقلية‬
‫والواقعية والنصية) يمكن رؤية التالي‪:‬‬
‫المثال‬ ‫مراتب الفهم‬
‫(إن هللا على كل شئ قدير) حيث يحيل العقل الممتنعات العقلية كالقدرة على خلق‬ ‫الضروري‬
‫شريك مماثل‪.‬‬
‫كالقضايا التي نقطع بصحتها كالصالة والصيام والزكاة والحج‪...‬‬ ‫القطعي‬
‫ال نجد احتماال معقوال قبالها مثل صدقية قاعدة (ال ضرر وال ضرار)‬ ‫حدسية‬
‫كسير العقالء حيث المقابل ضعيف ال يعتد به كالنهي عن تصوير ما فيه روح‬ ‫عادية اطمئنانية‬
‫بمقصد احتمال عبادتهم وما يفهم تبعا للمقصد ك(ال يقضي القاض وهو غضبان)‬
‫وك (القاتل ال يرث)‬
‫كالكثير من القياسات القائمة على الشبه‬ ‫ظنية‬
‫ال يعتد بها‬ ‫شكية وهمية‬
‫االربعة االولى معتبرة والباقي غير معتبر‬
‫جدول ‪71‬‬

‫د‪-‬الداللة الواقعية للحكم‬


‫الذي يهمنا من الواقع ‪:‬‬
‫▪ الواقع المطلق‬
‫▪ واقع التنزيل‬
‫الواقع المطلق ‪:‬‬
‫▪ واقع وصفي اي الواقع التقريري او االخباري ويشمل السنن والحقائق االنسانية والكونية‬
‫▪ واقع اعتباري متعلق بالقيم كالمصالح والمضار‬
‫واقع التنزيل‪:‬‬
‫يتعلق بمرحلة الوحي كخطاب‬
‫فكثيرا ما يكشف الواقع العام وتبعا للمقاصد بأن األحكام المنصوصة مقيدة بسياقها التاريخي وظروفها‬
‫الخاصة بعصر التنزيل وما شاكله لذا فألهمية هذه الداللة الكاشفة وعالقتها بالمقاصد سنتناول االمثلة‬
‫التالية‪.‬‬
‫المشقة في الصوم والواقع‬ ‫‪.1‬‬
‫شهادة المراة والواقع‬ ‫‪.2‬‬
‫سفر المرأة والواقع‬ ‫‪.3‬‬
‫الحجاب والواقع‬ ‫‪.4‬‬
‫فنون الرسم والواقع‬ ‫‪.5‬‬
‫الحدود والواقع‬ ‫‪.6‬‬
‫الجهاد والواقع‬ ‫‪.7‬‬
‫االمر بالمعروف والواقع‬ ‫‪.8‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪76‬‬

‫‪ .9‬الزكاة والواقع‬
‫‪ .10‬ربا القروض والواقع‬
‫‪ .11‬المقدرات المالية والواقع‬
‫‪ .12‬متفرقات‬

‫المشقة في الصوم والواقع‬


‫(تغير الواقع وحكم المقصد)‬
‫النص( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ‪ ،‬ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام أخر( (يريد هللا بكم‬
‫اليسر وال يريد بكم العسر)‬
‫الواقع الخاص‪ :‬يقول ان السفر حينها مشقة خالف واقع اليومز‬
‫مالك الحكم‪ :‬دفع المشقة‬
‫اي حيثما وجدت المشقة كتلك التي تكون في المرض او السفر يباح الفطر في رمضان‪.‬‬
‫جدل النص مع الواقع ‪:‬‬
‫ان كان مالك الحكم وهو المشقة والسفر اليوم ال يبعث على المشقة والمشقة هي أهم عنصر موضوع‬
‫الحكم الخاص باباحة االفطار تبعا لمقصود الحكم الشرعي فمضمون الحكم سوف يتغير اليوم عما كان‬
‫عليه سابقا‪ .‬ويتعغير تبعا له مفهوم المسافة الشرعية‪.‬‬
‫هنا الواقع كشف عن تغير موضوع الحكم بداللة المقصد الخاص‪.‬‬
‫اقوال وترجيح‪:‬‬
‫أ‪ -‬من الفقهاء من قال ‪ :‬مطلق السفر مبيح لإلفطار بدليل اختالف ما روي عن النبي عن السفر‬
‫المبيح وكون الروايات روايت آحاد وان النص القرآني لم يحدد المسافة‪.‬‬
‫االعتراض ‪ -1 :‬مالك الحكم هو المشقة وهذا القول ال يضعها في االعتبار‪-2‬تغير واقع السفر بين زمن‬
‫التنزيل وليوم لم يوضع في االعتبار‪.‬‬
‫يشفع لهذا االجتهاد‪ :‬أن طابع النص القرىني يتسم "بالتوسعة واالنفتاح" بحيث يمكن تجاوز المنصوص‬
‫فيه‪.‬‬
‫ب‪ -‬هناك من أهمل الداللة المقصدية وسار مع الرواية فاختلفوا بحسب الروايات بين تقدير مسافات‬
‫ثمانية فراسخ أو بريدين او اربعة وعشرين ميال‪.‬‬
‫تقدير الزمان‪ :‬بياض يوم او مسيرة يوم‬
‫تقدير االثنين‪ :‬تبعا لسير الجمال‬
‫مشهور الفقهاء‪ :‬اعتبار معيار المسافة واعتبروا الزمن مقدرا لها‪.‬‬
‫ما يشفع له‪ :‬أنه يراعي المقصد ويعتبر المسافة والزمن داالن عليه في ذاك العصر‪.‬‬
‫االعتراض‪ :‬اليوم لم تعد المسافة المقررة سابقا باعثة على المشقة وهذا يسقط‬
‫المقصد ويبقى شاخصا كاحتمال عنصر الزمن حيث سفر نهاركامل بعدد ساعاته اقرب لتحقيق‬
‫شرط المشقة‪.‬مع اعتبار اختالف طاقة ما يتحمله الفرد اليوم عن الماضي ‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪77‬‬

‫شهادة المرأة‬
‫(دراسة الواقع)‬
‫(‪...‬فإن لم يكونا رجلين فرجل وأمرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما‬
‫األخرى) فهل هي خاصة أم عامة؟‬
‫البعض منع شهادة المراة في قضايا كالحدود والدماء وزاد البعض كل ما خرج عن التداول المالي ومن‬
‫ذلك الشهادة على البلوغ واالسالم والوالء والجرح والتعديل والعفو عن القصاص والوكالة والوصاية‬
‫والرجعة وعيوب النساء الظاهرة والنسب والهالل‪.‬‬
‫وكثير من السلف أخذ بالعموم واالطالق من غير استثناء وكذلك من التعليل المعتمد على داللة"الواقع"‬
‫حيث أن مبنى الشهادة على الحفظ والضبط والصدق‪.‬وهذا موجود عند النساء كما هو عند الرجال‪.‬وما‬
‫يقدر من نقصهن يجبر بمضاعفة العدد خصوصا اذا كثرن وصرن معروفات بالصدق والحفظ‪.‬‬
‫كثير من الفقهاء اعتمدوا على الظاهر الحرفي لمنطوق اآلية فحكموا بعدم قبول شهادة النساء في االمور‬
‫المالية مهما كان عددهن ما الم يكن معهن رجل‪ .‬فالشاهد من الموضوع هو وجود الذكر وليس الكشف‬
‫عن الواقع‪.‬‬
‫ويرى ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بداللة الواقع ان االمور متساوية بين شهادة النساء وشهادة الرجال‬
‫لبعض المواقف‪.‬فبحسب هذا الرأي إنه اذا كان سبب التصفية في شهادة المراة يعود الى ضعف العقل ال‬
‫الدين ‪ ،‬فان هناك من الشهادات ما ال يخشى منها الضالل والخطا عادة‪.‬لذا يقبل تساويها مع الرجل وهي‬
‫عبارة عن االشياء التي "تراها بعينها أو تلمسها بيدها أو تسمعها بأذنها من غير توقف على عقل‪،‬‬
‫كالوالدة واالستهالل واالرتضاع والحيض‪...‬فان مثل هذا ال ينسى في العادةوالتحتاج معرفته الى كمال‬
‫عقل‪ "...‬الطرق الحكمية‪.‬‬
‫طبقا لهذا التحليل ‪:‬‬
‫علة الموضع هي النسيان فهل النسيان متعلق بالحالة الجينية لجنس المرأة ام للواقع االجتماعي الذي ال‬
‫تختلط فيه المرأة بالتجارة واالموال ؟ هل هو طبيعي ام ظرفي؟‬
‫لكن هذا اشكال في الواقع اذ يمكن القيام بدراسة مسحية إحصائية نفسيةعلى كل من الرجال والنساء‬
‫لغرض المقارنة بينهما في ما يعبرون عنه من شهادات لحوادث مختلفة تجري أمامهم فاما ان يظهر عدم‬
‫وجود اختالف فنعرف ان الموضوع متعلق بظرف وفي بيئة معينه وعندها يتغير الحكم في الواقع‬
‫الجديد أو يثبت ان هناك نقص عام لدى المرأة ويبقى الحكم كما هو وينحل االشكال وبالتالي‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪78‬‬

‫سفر المرأة‬
‫(تغير الزمن وتحقيق المقصد ودراسة الواقع)‬
‫النصوص‪:‬‬
‫(ال تسافر إمراة مسيرة يومين ليس معها زوجها او ذو محرم)‬
‫(ال تسافر إمراة مسيرة يوم وليلة اال مع ذي محرم وال يدخل عليها رجل اال ومعها ذو محرم)‬
‫(ال يحل المرأة تؤمن باهلل واليوم االخر أن تسافرسفرا يكون ثالثة ايام فصاعدا اال ومعهاابوها أو اخوها‬
‫أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها)‬
‫اراء العلماء‪:‬‬
‫ابن حجر قال‪ :‬عمل اكثر العلماء بالمطلق الختالف التقييدات‪.‬‬
‫النووي قال‪ :‬كل ما يسمى سفرا فهي منهية عنه اال بمحر‪.‬‬
‫مال والشافعي‪ :‬اجازا حج المراة وحدها ان كانت في رفقة مامونة‪.‬‬
‫إحتماالت سبب النهي‪:‬‬
‫▪ احتمال ارتكاب المحرمات الجنسية‬
‫▪ احتمال انعدام االمن‬
‫ولنفي او اثبات التعليل االول يمكن عمل دراسات مسحية لطبع المرأة في حال توفر األمن أهو طبع‬
‫ضعيف يميل للفساد فعندها يبقى الحكم لوجود علته او ان االمر خالف ذلك فيتغير الحكم الى االذن‬
‫(دراسة الواقع العام) ومن ثم ففي عصر يتوفر فيه االمان للسفر والتنقل ال يعود للحكم وجود‪.‬‬
‫والحكم ال يعرف مقصده اال بدراسة واقع التنزيل كما اليعرف اطالقه من نسبيته اال من حيث دراسة‬
‫الواقع العام‪.‬‬
‫الحجاب‬
‫النص ‪ ( :‬وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن وليضربن بخمرهن على جيوبهن‬
‫وال يبدين زينتهن اال لبعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او بني اخواتهن‬
‫او نسائهن او ماملكت ايمانهن او التابعين غيراولي االربة من الرجال اوالطفل الذين لم يظهروا على‬
‫عورات النساء وال يضربن بارجلهن‪ ).....‬النور ‪31‬‬
‫وايات غض البصر واية وليدنين عليهن من جالبيبهن لكي يعرفن فال يؤذين‪..‬‬
‫الغرض من الحجاب ‪ :‬لسد الذريعةعن حدوث االثارة والشهوة وربما االعتداء‬
‫ما يدعم الحكم‪ :‬النص والواقع‬
‫السؤال ‪ :‬هو عن كيفية التحجب والكشف غير السافر للجسم‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪79‬‬

‫حسب الواقع‪:‬هل الطبع البشري منساق الى التاثر والشهوة عند اي كشف نهى عنه الشارع المقدس‪.‬‬
‫أم ان النصوص متعلقة ببعض الحاالت في واقع التنزيل‪.‬‬
‫التحليل ‪:‬إذا كانت الفرضية االولى خطأ اصبحت المسامحة في الحكم الثاني مقبولة وغير خارجة‬
‫عن الشرع‪.‬‬
‫حاالت المسامحة‪:‬‬
‫▪ الكشف المحتشم أمام ملك اليمين أو الخدم‬
‫▪ كشف االماء‬
‫▪ كشف كبار السن من النساء‬
‫حاالت الحروب‪ :‬أفرد البخاري باب (غزو النساء وقتالهم مع الرجال)‬
‫حاالت المسامحة في الكشف‪:‬‬
‫‪ -1‬ان ال يخرج عن حدود الحشمة‬
‫‪ -2‬حتى لو ثبت خطأ فرضية ان الطبع البشري منساق وراء الشهوة فقد يلزم استبقاء الحجاب كعمل‬
‫وقائي مع كثرة االهواء وضعف الوعي التربوي كما هو مالوف عند الناس‪.‬‬
‫‪ -3‬االلتزام بالحجاب ما عدى الوجه والكفين حالة كمالية ال يترتب عليها توقف تطور الحياة وال‬
‫تعطيل تقدم المرأة‪.‬‬
‫فنون الرسم والواقع‬
‫من الواضح ان الفقهاء تعاملوا مع موضوع الرسم والنحت حرفيا دون االحتكام الى القصد‬
‫والواقع‬
‫الحدود والواقع‬
‫الحدود وما ورد فيها من كيفيات‪.‬‬
‫النص‬
‫المقصد الخاص‬
‫الغرض من الحدود‬
‫تغايرات التطبيق‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪80‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫يدرس كل واقع ويتم تكييف العقوبة لتحقق غرض الردع‬
‫مع العلم أن بعض الحدود غير متفق عليها‪.‬‬
‫الواقع وضبط الفتوى‬
‫من المهم إعادة النظر في العالقة بين الفتوى والواقع‪ .‬فالواقع كاشف عما هو حقيقي وغير حقيقي‬
‫وممكن وغير ممكن وما هو متسق وغير متسق ومقيد وغير مقيد‪...‬وهو بذلك يحل االشكاالت بين‬
‫الفتوى والواقع ويزيل حاالت الصدام بينهما فدور الواقع انه ضابط للفتوى ولفهم النص‪.‬‬
‫ففتوى مثل كراهية التعامل مع بعض االقوام ألنهم من الجن يبطلها الواقع كما في‬ ‫ابطال ما يتنافى مع حقائقة‬
‫الفقه عند بعض الشيعة االمامية‬ ‫الخاصة‬
‫(إنما المشركون نجس) حلل باستدعاء الواقع التاريخي ان النجاسة معنوية وليست‬ ‫الواقع التاريخي ككاشف‬
‫مادية‬
‫آيات المصابرة وربطها بالنسبة العددية اثبت الزمن ان االعداد لم تعد مهمة بقدر الكيف‬ ‫الواقع والتطور التاريخي‬
‫االرض المفتوحة عنوة فيها عدد كبير من اآلراء ولكن كلها لم تعد قائمة في الواقع‬ ‫الواقع واالثر المعارض‬
‫للفتوى‬
‫الواقع كمقيد الطالق الفتوى ( تكاثروا تناسلوا‪ )..‬الواقع اجبر كثير من الفقهاء بالقول بتحديد النسل لما يترتب عليه‬
‫من ضرر في بعص البيئات‬
‫كشرط القرشية ووحدة الحكم‬ ‫الواقع قديجرد الفتوى من‬
‫شروطها‬
‫الواقع ككاشف عن اضرار كتجويز الطالق بالثالث‬
‫الفتوى في المشاكل‬
‫االجتماعية‬
‫كرباط الخيل او الضعفية في العدد عند القتال أو واحكام الرق والجزية‬ ‫الواقع ككاشف عن نسبية‬
‫الفتوى وظرفيتها‬
‫كتاييده لقاعدة ال ضرر وال ضرار‬ ‫الواقع وتاييد الفتوى‬
‫ككاشف عن الهالل قبل الرؤية العينية والشهادة والفحص الطبي يحسم كثير من القضايا‬ ‫الواقع وتقدمه على الحكم‬
‫اكثر من الفتوى‬ ‫والفتوى‬
‫جدول ‪72‬‬

‫آلية استغالل الواقع في ضبط الفتوى‪:‬‬


‫المرحلة البعدية‬ ‫المرحلة القبلية‬
‫حين يلتحم الحكم بالواقع يحدث جدل بينهما ودرجات‬ ‫فيها خطوتان قبل تنفيذ الحكم‪:‬‬
‫مختلفة من التوافق او التباعد ووظيفة الفتوى البحث عن‬ ‫االولى‪:‬‬
‫اقرب مسافة بين الحكم والواقع لضمان جريانه‪.‬‬ ‫دراسة الحكم واختباره من حيث ذاته قبل تنزيله الى‬
‫فبيانيا يتم البحث عن الحجية ويعول عليها كمحك للقبول‬ ‫الواقع لفحص قوته التشريعية للتطبيق الفعلي وقدرته على‬
‫واالعتبار فهي بنية استنباطية مستعلية تفرض نفسها على‬ ‫عبور اختبار الواقع‬
‫الواقع بينما الواقع له شروطه التي يجادل بها ولذلك فكثير‬ ‫الثانية‪:‬‬
‫من االحكام تصدر وال تجد طريقها للواقع ! وهذا ما حدى‬ ‫دالاسة الواقع والتعرف عليه فبها يعرف موضوع الحكم‬
‫بالفقهاء امام عناد الواقع للقول بالضرورات وبالتدرج‬ ‫بدقة و استشراف افق التوقع المكانية تعايش الحكم مع‬
‫واالولويات واحيانا التحقيق في موضوع الحكم اليجاد‬ ‫الواقع‪.‬‬
‫مخرج بياني او التذرع بالمآالت دون الدخول الى‬ ‫مواصفات البحث القبلي‪:‬‬
‫الموضوع الحقيقي وهو أهمية مبدا الموافقة والشراكة‪.‬‬ ‫‪-1‬يدرس الحكم على حدة والواقع على حدة‬
‫‪-2‬لمعرفة الواقع يدرس الموصوع قيد البحث والروح‬
‫العامة للعصرالتي تؤثر في الموضع ودراسة االستشراف‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪81‬‬

‫المستقبلي الى اين يتجه الواقع وهذا تقوم به العلوم‬


‫االنسانية‪.‬‬
‫‪-3‬قد تتسع دراسة الواقع وقد تضيق فهي في الحاالت‬
‫الفردية ال تتطلب الجهد الذي يستلزم دراسة مستوعبة‬
‫للتاريخ مثال فعند تقويم تجربة مثل والية الفقيه او‬
‫الشورى او الديموقراطية فال يكفي دراسة حاضرها بل‬
‫مد االفق للمارسة التاريخية لتقليل احتماالت الخطأ‬
‫واالعتبار الواسع ومعرفة شروط جاهزية الواقع‬
‫الستقبالها‪ .‬فاالسالم االول نجح من حيث جدله مع الواقع‬
‫المحايث للتنزيل ‪.‬‬
‫‪-4‬ومن الناحية المنطقية المسح القبلي يقوم به من يؤمن‬
‫بالنظام الواقعي الن من يعتقد بالطابع الماهوي يقف عند‬
‫حدود النص وال ينظر للواقع اال كتابع وليس كشريك‬
‫جدول ‪73‬‬

‫فقه المآالت‪:‬‬
‫طرح الفكرة المتعلقة بالنظر في المآالت الشاطبي في موافقاته فأي فعل له مآالت صالحة او فاسدة وهي‬
‫محل اعتبار في الفتوى اي ان االفعال لها عالقة بمقاصدها ونتائجها ‪ .‬هذه القضية بقيت عالقة بذات‬
‫التصورات التقليدية دون تغيير يذكر‪.‬‬
‫فنظرية الشاطبي لم تتجاوز إطار األحكام المنصوص عليها‪ ،‬ومعالجته لمقاصد الشريعة لم تعدد إطار‬
‫لتبرير‪ .‬وحديثا بدا بعض الباحثين في اثارة الموضوع باعتبرا ان معناه ضرورة لحاظ ما يترتب على‬
‫نتائج فعل التكليف من مصالح ومضار أو موافقة مع المقاصد الشرعية او مخالفتها‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد اصيبت الفكرة في مقتل النها ال اعتبار لها قبال النص قرآنا او خبرا وبالتالي بقيت عاجزة‬
‫عن ان تجيب عن حاالت تعارض النص مع المقاصد العامة كالحال الجاري مع واقعنا الحديث‪.‬‬

‫الخالصة‬
‫برغم اهمية الداللة الواقعية واهميتها في الكشف عن مقاصد االحكام وتغييرها‪,‬وأن الواقع هو المعيار‬
‫الختبار االحكام طبقا للمخالفة والموافقة‪ .‬مما يستلزم توظيف الدراسات االنسانية الحديثة للكشف عن‬
‫حقائق الواقع وسننه وحاجاته‪.‬ومن ثم االستفادة منها ليكون التشريع واالجتهاد عقالنيين ‪ ،‬وبغير ذلك‬
‫بنقلب االمر الى ضده‪.‬‬
‫طريقة االجتهاد البيانية بها ثغرتان‬
‫الثغرة الثانية‬ ‫الثغرة االولى‬
‫االلتفات للجزئيات وتهميش الكليات كان طاغيا على‬ ‫باتباع المنهج الماهوي اصبحت االحكام متعالية على‬
‫الطريقة البيانية وبقدر البعد عن الكليات اختفى التجانس‬ ‫الواقع ومتعارضة معه واعطته دورا هامشيا في تشكيل‬
‫وظهر التضارب‪.‬‬ ‫األحكام مما عرضها للكثير من الصدمات نظرا لتغيراته‬
‫وعناده‪.‬‬
‫فداللة الواقع هي الواسطة بين الحكم ومقصده‪.‬‬
‫ولو وجدت مؤسسات العلوم االنسانية التي تعنى بتحديد‬
‫الموضوعات التي تناط بها االحكام لتغير الفقه كلية‪.‬‬
‫جدول ‪74‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪82‬‬

‫"لو وجدت مؤسسات العلوم االنسانية التي تعنى بتحديد الموضوعات التي تناط بها األحكام لتغير الفقه‬
‫كلية"‬
‫آن االوان ان ننظر للغة ألنها ذاتها تحمل معها اشكالية االجمال وصعوبة التعريف للمفاهيم بشكل جامع‬
‫مانع‬
‫الفهم المجمل وعالقته بالواقع والمقاصد‬
‫من مقتضيات العمل بالمبدا الواقعي والمقاصد إتباع الفهم المجمل‬

‫الفارق بين الفهم المجمل والمفصل‬


‫اشكالية "المفهوم" عند تفصيله بالمثال‬ ‫مفهوم المجمل‬
‫لو قلنا في تعريف االنسان انه حيوان عاقل فسيقول قائل‬ ‫التعريف له ثالثة مشاكل‪:‬‬
‫ماذا عن المجنون والطفل الصغير ؟ وبالتالي لن يشملهما‬ ‫‪-1‬عدم امكان ايجاد تعريف جامع مانع للقضايا الخارجية‬
‫التعرف‪..‬وكذلك لوفرضنا وجود كائن ليس كهيئة البشر‬ ‫‪-2‬عدم وجود حد مفصل تبدا يبدا منه التعريف لتتاسس‬
‫عاقل كدابة االرض التي تكلم الناس فستدخل في التعريف‬ ‫عليه سائر قضايا التعريفات للقضايا سواء خارجية او‬
‫إذن التعريف ليس جامع وال مانع!‬ ‫مجردة‪.‬‬
‫ثم ما هو الحد الفاصل بين ما هو انسان و ما هو غير‬ ‫‪-3‬مشكلة الحدود الوسطى ‪.‬‬
‫انسان؟ فهل الجنين انسان وهل الرضيع انسان؟ ولو‬ ‫إذن فمرد التعريف يعود لإلشارة المصداقية المحدودة‬
‫فرضنا وجود كائن فوق القرد وادنى من اي انسان هل‬ ‫من الحس أو المعنى الذي يتفق عليهالناس‪ ،‬ولوال هذا‬
‫سنلحقه باالنسان؟‬ ‫المشترك ما كام باالمكان انششاء أي تعريف على‬
‫قد نحاول تحسني االمر باشتراط عدد المورثات او‬ ‫االطالق‪.‬‬
‫الكروموزومات ولكن ستواجهنا مشكل هل الخلية‬ ‫هكذا نعرف بان من المحال أن نصل الى قضيةمحددة‬
‫المخصبة والخلية في جسم االنسان هي انسان؟‬ ‫تحديدا بسيطا ومفصال فكل قضية مجملة وصدقها مجمل‬
‫قد نضيف شرط ان يكون كائنا مستقال! فهل البيضة‬ ‫ينطبق على نماذج معينة ولكنه يواجه مشاكل مع نماذج‬
‫المخصبة في انبوب مستقلة وهل الرضيع مستقل؟ فوجود‬ ‫اخرى كالحدود الوسطى ودقة التطابق مع المصاديق ‪.‬‬
‫الحد المفصل متعذر‪.‬‬ ‫وذلك سببه ان اللغة متناهية بينما الواقع غير مناه‬
‫وذات االمر ينطبق لو حاولنا تعريف مفهوم الحيوان بانه‬ ‫اذن ما هو تعريف المجمل ؟‬
‫جسم نامي ومتحرك ومتكاثر فكل مفهوم سيقودنا‬ ‫أخذا في االعتبار كل ما قلناه عن التعريف فالتعريف‬
‫لتعريفات اخرى ال متناهية‪...‬‬ ‫للمجمل نسبي سنقول عنه هو ما يتصف بالعموم‬
‫فالتعريف الجامع المانع متعذر ومن هنا فالمهم المجمل‬ ‫واالشتراك دون الخصوص واالنفراد‪ .‬بمعنى ان تعريف‬
‫النصي كاف والواقع والوجدان والمقاصد تشرحه كما‬ ‫المجمل والمفصل سيستمر تعريف اجرائي باستمرار‪.‬‬
‫سنرى ‪.‬‬ ‫فرغم أن علماء المسلمين عرفوا المجمل بانه ما لم‬
‫تتضح داللته وعرفوا المبين بانه ما اتضحت داللته ولكن‬
‫عادة ما يستدرك بان المجمل ليس ما لم تتضح داللته‬
‫مطلقا واال لكان مبهما‪ .‬وبالتالي هو داخل في حساب‬
‫االحتماالت‪.‬‬
‫فالنص حقيقة ال ينفك عن الصور المجملة قل او كثر‬
‫وهناك مالحظتان ‪:‬‬
‫‪ -1‬ظاهرة التفاوت في االجمال او التفصيل‬
‫ستختلف بحسب القارئ‬
‫‪ -2‬التشابه يكون من النص او من الظرف الذي‬
‫يحيط به‬
‫اذن نحتاج ذات النص وما يظهره من بيان وتفصيل ‪+‬‬
‫دالالت الواقع ‪+‬العقل ‪+‬المقاصد لفك شفرته‪.‬‬
‫جدول ‪75‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪83‬‬

‫أصناف المجمل والعالقة مع النص‬


‫(المجمل بنوعية المتشابه والمبين)‬
‫المجمل المبين والمجمل المتشابه‬
‫المتشابه العارض (غياب النص)‬ ‫أ‪-‬المتشابه النصي (وجود نص)‬ ‫المجمل المبين‬
‫ويقصد به تغايرات الحياة وميالد‬ ‫متشابه داللي‬ ‫مثل الزكاة او مسح الرأس‬
‫قضايا ال يوجد نص يقابلها‬ ‫كالخالف حول (االستواء) اليحل‬ ‫فهو واضح بذاته وادخله‬
‫كالتدخين واالستنساخ وتلويث‬ ‫من خالل الداللة اللغوية او السياق‬ ‫الفقهاء في التشابه عبر‬
‫البيئة وزراعة االعضاء والبنوك‬ ‫بل باستدعاء الواقع والوجدان‬ ‫منهجهم التفصيلي‪.‬‬
‫والتأمين‪...‬‬ ‫العقلي‪.‬‬
‫‪-2‬المتشابه السندي‬
‫حيث الشك في الصدور‬
‫ماذا يعني الشك في السند؟‬
‫ان يكون هناك اضافة للخطاب‬
‫الديني أجنبية عنه‪.‬‬
‫إهمال السند سيعني النقص في‬
‫الخطاب!‬
‫ماذايعني الشك في الداللة؟‬
‫الخوف من اضافة داللة لم يردها‬
‫الشارع‬
‫وفي ذات الوقت اخراج داللة‬
‫ارادها الشارع‪.‬‬
‫جدول ‪76‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪84‬‬

‫امثلة تحليل التشابه‬


‫نموذج التشابه العارض في الخمر‬
‫تغاير المقادير‬
‫الحكم هو النهي عن تناول الخمر والكمية غير محددة ولكن بالنسبة لمقصد الحكم يجعل االمر ينقسم‬
‫لمقدارين احدهما مبين واآلخر متشابه فالغرض من تجنب الخمر هو تجنب الضرر الناتج عن تناولها‬
‫وهذا المجمل ينقسم الربعة اقسام‪:‬‬
‫طرف لغوي وهو ما نطق به النص (مبين منطوق) حيث يتحق غياب العقل او السكر‬
‫وطرفين مبينين اقصى اليمين واقصى الشمال فمفهوم الموافقة يعني تحريم ما هو اشد من الخمر‬
‫كالمخدرات اما مفهوم المخالفة فهو كشرب الخمر اضطرارا عند خوف الهالك‬
‫وطرف رابع متشابه كتناول قطرة او قطرتين حيث نشك ان كان لهما ضرر اال بدراسة الواقع اي‬
‫واقع الخمرة القليلة ولو فرضنا ان قطرة واحدة غير ضارة فخرجت عن مقصود الحكم فماذا عن‬
‫قطرتين وثالث ‪...‬الخ فقطعا سنصل لدائرة المتشابهات (االشتباه في هل هناك ضرر ام ال)‬
‫هذا التحليل ال يتناقض مع تحريم الخمر قليله وكثيره الواردة في حديث (ما اسكر كثيره فقليله حرام)‬
‫فهو معلل بسد الذريعة ومثله كل االجراءات كغسل اآلنية منها وعدم بيعها او الجلوس في مجالسها‪.‬‬

‫شكل ‪6‬‬

‫اصناف المجمل المبين‬


‫مجمل اصلي‬ ‫مجمل استقرائي‬ ‫مجمل عارض‬
‫المجمل المبين الذاتي كقضايا ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مجمل سندي مثال التواتر‬ ‫يهمنا منه ما كان بيانه في النص‬
‫التوحيد كاالستواء‬ ‫اللفظي والمعنوي‬ ‫كقوله تعالى (وال تقل لهما اف)‬
‫الفقه كحكم الجزية فمقاديرها خالفية‬ ‫ب‪ -‬مجمل داللي مثال‬ ‫المنطوق ‪ :‬النهي عن "اف"‬
‫وكغسل الوجه فحدوده خالفية‬ ‫استخالص المقاصد‬ ‫الموافقه ‪ :‬النهي عن الضرب مثال‬
‫الواقعيات كسنن التغيير‬ ‫المخالفة‪ :‬الحث على االمتثال‬
‫للوالدين‬
‫المتشابه‪ :‬التراخي في االمتثال‬
‫واالستجابة اي القيام بالفعل متأخرا‬
‫عن الطلب‬
‫اللغة مسكونة بالتشابه ويمكن‬
‫تخفيفه بثالثية الواقع والوجدان‬
‫والمقاصد‪.‬‬
‫انواع التشابه العارض‪:‬‬
‫‪ -1‬تغاير المقادير مثال شرب‬
‫الخمر‬
‫‪ -2‬تغايرالحاالت والظروف‬
‫مثال قطع يد السارق‬
‫‪ -3‬تغاير النظام االجتماعي‬
‫مثال ارث المرأة‬
‫جدول ‪77‬‬
‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬
‫‪85‬‬

‫بين الفهمين ‪ :‬المجمل والمفصل وامثلتها‬


‫حين واجه العلماء المسلمون النص المجمل وحاالت غياب النص والمتشابه النصي والسندي فقد توجهوا‬
‫نحو االيغال في النص أكثر فأكثر ومع االيغال في النص يزداد االجمال والتشابه‪.‬‬
‫سواء كان ذلك االيغال داخل النصوص المبينة أو المتشابهة أو حتى القياسات واالجتهادات واتي ال تأخذ‬
‫الواقع والوجدان والمقاصد بعين االعتبار‪.‬‬
‫وسنطلق على هذا النمط من الفعل منهج الفهم المفصل ولبيان ما نقصده سنضرب مثالين بسيطين ‪:‬‬
‫‪ -1‬مسح الرأس في الوضوء‬
‫مسح الرأس في الوضوء أمر متفق عليه بين الفقهاء ولكن منهج الفهم التفصيلي قاد الى‬
‫الخالف والتشابه بطرح أسئلة مثل‪:‬‬
‫كم المجزئ من المسح ؟ كله ‪-‬جزء؟ ‪. ¼ – 3/2 – 3/1-‬‬ ‫•‬
‫مثل من اين نبدأ المسح ؟ قيل من الخلف لألمام وقيل من األمام للخلف‬ ‫•‬
‫هل االذن من الرأس ؟‬ ‫•‬
‫كيف تمسح االذن؟‬ ‫•‬
‫هل يجدد لها الماء؟‬ ‫•‬
‫هل يمسح على العمامة؟‬ ‫•‬

‫‪ -2‬الفاظ الطالق‪ :‬روي فيها عشرون مذهب بحسب ابن القيم ‪ :‬أنت علي حرام‪-‬أنت طالق‪ -‬طلقتك‪-‬‬
‫أنت مطلقة – علي الطالق – طلقت رجلك – طلقت رأسك – طلقت عرقك‪ ....‬وكان يكفي أي‬
‫لفظ تصحبه نية االنفصال كما يشير الوجدان والواقع والمقاصد‪.‬‬

‫‪ -3‬واشد تداعيات هذا المنهج كانت في مسائل االعتقاد فاصبح عندنا توحيد معتزلي وتوحيد اشعري‬
‫وتوحيد ماتريدي وتوحيد سلفي وبداخل كل توحيد خالفات وصراعات قاتلة‬
‫ولهذا االتجاه التفصيلي دور هام في تكريس المذهبية والطائفية والتشاحن والتباغض والصدام برغم‬
‫تحذيرات القرآن (وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) (وال تكونوا من‬
‫المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا‬
‫شيعا لست منهم في شئ)‪.‬هكذا يفضي منهج التشقيق اللفضي الى نتائج مخالفة لروح الديانة واهدافها‬
‫السامية ومخالف للوجدان ومخالف لمتطلبات العيش السوي‪.‬‬

‫الفهم المجمل والسلوك السلفي‬


‫ال يجد االنسان مشقة في ان يتذكر امور مثل ‪:‬‬
‫‪ -1‬القرآن اكتفى بما أنزله من مجمالت‬
‫‪ -2‬القرآن نهى عن التنطع وكثرة السؤال‬
‫‪ -3‬عدد آيات االحكام ‪ 300 -200‬آية وفي اقصى حد ‪ 500‬آية من ‪ 6348‬وهو عدد ضئيل بالنسبة‬
‫الفعال المكلفين‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪86‬‬

‫ونحن نكرر ان االعرابي كان يتعلم احكام دينه في مجلس واحد مع الرسول صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪-4‬‬
‫فاين هذا من مدونات الفقه‪.‬‬
‫والبخاري عنون بابا في صحيحه (ما يكره من كثرة السؤال)‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وفيه (أن من اعظم المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته) والمعنى‬ ‫‪-6‬‬
‫عميق وهو ترك التعمق في االسئلةواالكتفاء بالعموميات‪.‬‬
‫كما روي عن النبي عليه الصالة والسالم (إن هللا فرض فرائض فال تضيعوها ونهى عن أشياء‬ ‫‪-7‬‬
‫فال تنتهكوها وحد حدودا فال تعتدوها وعفا عن اشياء رحمة بكم ال عن نسيان فال تبحثوا عنها)‪.‬‬
‫وروي عن ابن عباس أنه قال (ما لم يذكر في القرآن فهو مما عفى هللا عنه)‬ ‫‪-8‬‬
‫وجاء في الصحيحين (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاعلوا منه ما استطعتم فانما أهلك‬ ‫‪-9‬‬
‫الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختالفهم على انبيائهم)‪.‬‬
‫وال يجد االنسان صعوبة ان برى ان ذلك مسلك الصحابة فقد روى ابن عباس انهم لم يسألوا رسول هللا‬
‫اال ثالث عشرة مسألة مذكورة في كتاب هللا‪.‬‬
‫ومن هنا نعرف أن الخطاب الرباني يحبذ االكتفاء بالمجمل ويكره الغوص في التفاصيل ‪.‬‬
‫ولكن ماذا عن المستجدات ؟‬
‫ومن هنا نفهم فقه عمر ابن الخطاب والخلفاء الراشدين حيث ساد االعتماد على مقاصد الشريعة وفقه‬
‫الواقع بديال عن التعمق اللفظي لمواجهة المستجدات وحوصرت الرواية ومنعت من التكاثر لصالح‬
‫الموجهات المقاصدية ومراعاة الواقع ولصالح الوجدان العقلي السوي‪.‬‬
‫ماذا استجد بعد الخلفاء الراشدين؟‬
‫تكاثرت المرويات وبدأ البحث التفصيلي اللغوي وفتح باب السؤال التفصيلي وغلب النهج الجزئي النهج‬
‫المقاصدي وغاب فقه الواقع وولد النهج المفصل على حساب النهج المجمل الذي اعتمده الجيل االول‪.‬‬
‫وبناء على تلك الرؤية التي كان عليها السلف الصالح ممثال بالخلفاء الراشدين يقول رشيد رضى (في‬
‫المنار ‪،‬ج‪ ،5‬ص‪ )196‬أن المراد بلفظ الفقه كما ورد في نصوص الشريعة ومنها النصوص النبوية هو‬
‫معرفة مقاصدالشريعة وحكمها وليس علم احكام الفروع المعروف‪.‬فالمعنى األخير مستحدث مثلما بين‬
‫ذلك الغزالي والحكيم الترمذي والشاطبي وغيرهم وعليه كان رؤوس المسلمين في عصر النبي والخالفة‬
‫الراشدة من أهل هذا الفقه المقاصدي في الغالب‪.‬‬
‫التفاوت باالخذ بالمسلك المفصل‪:‬‬
‫▪ الظاهرية وعلى رأسهم ابن حزم ‪:‬قالوا كل شئ محددا بالنص جملة وتفصيال‪.‬‬
‫▪ يقابله اتجاه سائد استخدم القياس وادوات االجتهاد االخرى لينتج البيان التفصيلي‪.‬‬
‫▪ وامتد تيار عريض جعل من اجتهادات الشيوخ واالئمة نصوصا يتم االستنباط منها فاصبح‬
‫القياس على القياس واالجتهاد على االجتهاد فتراكمت مع الزمن وال زالت‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪87‬‬

‫مقارنة المسلكين المجمل والمفصل‪:‬‬


‫النهج المجمل‬ ‫النهج التفصيلي‬ ‫االعتبار‬
‫في اتساق معها‬ ‫في صدام معها وعلى حسابها‬ ‫اعتبارالمقاصد‬
‫الواقع شريك اساس وادواره ال تحصى في‬ ‫الواقع تابع هامشي للنص باعتبار الحكم‬ ‫اعتبار الواقع‬
‫مقابل النص‪.‬‬ ‫الوضعي‬
‫القداسة في النصوص االصلية اما الباقي‬ ‫اسباغ القداسة على العملية والمنتج بدرجة‬ ‫باعتبار قداسة‬
‫فجهد بشري‬ ‫عالية‬ ‫المنتج‬
‫مسلك توحيدي يقارب بين االمة‬ ‫مسلك انشطاري يعزز الفرقة بشاهد الحال‬ ‫العالقة باألمة‬

‫جدول ‪78‬‬

‫كيف نميز بين االتجاه المفصل الواقعي والمفصل النصي؟‬


‫إذا كان المجمل بين ‪ ،‬فاالشكال يدور حول المفصل الذي هو محل التشابه واالحتمال وهذا يضعنا امام‬
‫خيارين إما مسلك النظر في النص ذاته كما هو مسلك الفقهاء أو مسلك النظر في الواقع وهدي‬
‫المقاصد ولبيان وجه االختالف بين المسلكين حول طبيعة المفصل نقول التالي‪:‬‬
‫المفصل النصي‬ ‫المفصل الواقعي‬ ‫الميزة‬
‫استجابة منخفضة وتراجع بعد صدام‬ ‫استجابة عالية ومحافظة على النص والمقصد‬ ‫االستجابة للواقع‬
‫الدوران حول النص‬ ‫المزاوجة بين النص والواقع الذي يفتح‬ ‫منطقة الفعل‬
‫المجمالت المغلقة‬
‫ال يرقى الى القطع واالطمئنان‬ ‫يصل لدرجات عالية من اليقين واالحتمالية‬ ‫درجة اليقين‬
‫العلمية‬
‫الوثوقية واصدار االحكام بالنيابة‬ ‫االعتراف باالجتهاد فيستخدم كلمات " نكره "أو‬ ‫النتائج‬
‫"نستحسن" اسوة بالسلف‬
‫االنعزال واالستغناء بالنص برغم كثرة‬ ‫ممارسة االجتهاد في ضوء المقاصد‬ ‫امام الواقع‬
‫مظاهر الصدام والتراجع‪.‬‬ ‫وهوما فعله الرسول كمجتهد في‬ ‫المفتوح‬
‫القضاء وفي شئون الحياة حين ال‬
‫يصدر عن هللا انما بحسب قرائن‬
‫الواقع وعلمه‬
‫اقل ترجيحا‬ ‫اقوى ترجيحا في الغالب من المفصل‬ ‫من ناحية القوة‬
‫النصي‬
‫جدول ‪79‬‬

‫‪ -1‬فارق القوة يصب لصالح المفصل الواقعي‪:‬‬


‫طرقها قصيرة ومباشرة تزاوج بين عموم النص والواقع وتراجع النتائج في ضوء الواقع فتحسن من‬
‫القرار باستمرار بينما الطريقة االستداللية تتاسس على الظنون النصية البيانية وتمر بطرق معقدة من‬
‫االستدالل وكلما تشعبت زادت الظنون وقلت القوة‪.‬‬
‫مثال المفصل النصي‪:‬‬
‫▪ التأكد من صحة االسناد (بحث عن نوع من الظن في وثاقة الجميع)‬
‫▪ التعامل غير المباشر مع رجال السند يضيف ظن آخر فهو توثيق على توثيق غير مباشر‬
‫▪ كلما طالت السلسلة ضعفت القيمة االحتمالية للصحة‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪88‬‬

‫ما نقل تم بالمعنى مما يضيف ظنا ىخر للقائمة‬ ‫▪‬


‫ما نقل مقطوع الصلة بالمالبسات والقرائن الحافة في المشافهة وهذا ظن مضاف‬ ‫▪‬
‫واللفظ عادة حمال اوجه فتوجيهه ظن مضاف‪.‬‬ ‫▪‬
‫وفي وجود نصوص معارضة تضيف مزيدا من االحتماالت التي تضعف المنتوج‬ ‫▪‬
‫بينما الوقائعيات قابلة للرصد المباشر وغير المباشر بدون المرور بكل هذه االحتماالت‪ .‬عبر الدراسات‬
‫وتقويم حجم العينات وسالمة المنهجيات وتمثيلها‪.‬‬
‫‪ -2‬المعلومات المستقاة من الواقع يمكن مراجعتها باستمرار والتأكد منها مما يمنح المرونة لمواجهة المتغيرات اما‬
‫محصلة فحص النص فهي مغلقة ومحدودة ال تتسع لتغايرات الوقع ومن هنا اصبحت الكشوف العلمية الواقعية‬
‫اكثر قدرة على مواجهة الشبهات المثارة حول المجمل واقوى في شرح النص من نظيراتها البيانية السابقة‪.‬‬
‫الشبهات المثارة حول المجمل‪:‬‬
‫الرد‬ ‫الشبهة‬
‫االجتهاد من حيث هو اجتهاد ال اشكال فيه ولكن موضعه ليس النص انما‬ ‫منطق الفهم المجمل يتنافى مع بذل‬
‫الواقع والمقاصد والوجدان العقلي‪.‬‬ ‫الجهدالمرهون ببحث النص داخليا‬
‫وخارجيا‬
‫ولكن االصل ال تعني المعظم وما يحوي الشئ ليس معظمه بل جزء صغير‬ ‫معظم احكام الشرع مبينة واضحة‬
‫منه‬ ‫ومعنى (ام الكتاب) معظمه و(أم‬
‫الدماغ) هي حاويته و(األم ) هي‬
‫االصل وكل ذلك راجع للمعنى االول‪.‬‬
‫اختالف العلماء في تفسير اآليات كبير خلفا عن سلف ومنها هذه اآلية فالمتفق‬ ‫كل شئ في الكتاب والسنة‪ ..‬ووجود‬
‫عليه واضح اما المختلف فيه فكثير هذا فقط باالعتبار الذاتي من دون الى‬ ‫االلتباس هو ضد البيان (وانزلنا إليك‬
‫افتراضات اخرى كااليديولوجيا وما اليها‪.‬‬ ‫الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم)‬
‫في واقع التنزيل الخالف ليس على النص بل على الواقع المعاش والرسول‬ ‫(فان تنازعتم في شئ فردوه الى هللا‬
‫حاضر للفصل أما ما نحن بشأنه فهو الخالف على النص والقول بالرد الى‬ ‫والى الرسول ‪)...‬‬
‫النص يقود الى الدور والدور محال‪.‬‬
‫(واذا جائهم امر من األمن أو الخوف هذا ليس في معر ض االستنباط من النص انما هو متعلق باالمور الحربية‬
‫أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى والعسكرية كما هو واضح من السياق‬
‫أولي األمر منهم لعلمه الذين‬
‫يستنبطونه منهم)‬
‫قد يقال ان الفهم المفصل يقود احيانا الى عشرة آراء في المسالة الواحد يعني‬ ‫الدين من غير التفصيل كالعدم‬
‫احتمالية صواب ‪ 1:9‬فمعدل خطأ كبير وهذذا ال يقل سوء في تعطيل‬
‫الشريعة حيث تصطنع شريعة ويوتوهم صدقها برغم ان احتمال كذبها‬
‫كبير‪.‬لغياب القرائن وكثرة الخالف‪ .‬بينما النهج المجمل يبعد هذه االحتماالت‬
‫ويبقي المشترك العام الذي يتصف بالوضوح والصحة‪.‬‬
‫كثرة الخالف في الرؤى حول قضية جزئية تعد عالمة قوية على الشابه وليس البيان ‪ ،‬سواء كانت بنظر المختلفين‬
‫واضحة أو غير واضحة‪ ،‬كالذي يالحظ في دوائر الخالف الكبيرة بين العلماء‪.‬‬
‫جدول ‪80‬‬

‫لكن الوضوح والبيان ال يتنافى مع المجمل كما هو الحال مع المجمل المبين كما عرفنا سابقا حيث يتجلى‬
‫في الكثير من النصوص سواء كان عارضا او ذاتيا رغم حضور المتشابه اما موضوع الخالف فهو‬
‫طريقة المعالجة حيث ال نرى ان التدقيق في النصوص يشكل مخرجا ولكن الواقع والمقاصد والوجدان‬
‫العقلي حين يضاف الى النص يشكل منهجا قادرا على استيعاب تغايرات الواقع‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪89‬‬

‫وهذه الحجج الثالث تجد مرجعيتها في قول هللا تعالى (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في االرض‬
‫فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) افلبيان القرآني هو تعبير عن هذه السنن فكتاب هللا المسطور وكتاب‬
‫هللا المنشور يتكامالن في البيان‪.‬ولوال كتاب هللا المنشور لما استقامت اسس االعتقاد والشرائع‪.‬‬
‫الفهم المجمل والعقائد‬
‫ال شك ان الفهم المجمل في العقائد وقاية من االختالف والتضارب الذي يقود اليه المنهج التفصيلي فمثال‬
‫يكفينا في التحيداالعتراف بوحادنية هللا وصفاته المقطوع بها أما التفاصيل التي تخص طبيعة الذات‬
‫والصفات والعالقة بينها فهي من القضايا المفصلةالتي ال تعلم بالدين على وجه القطع اي انها من االمور‬
‫المتشابه التي ال ينبغي اسباغ القداسة عليها ‪ .‬ويؤيد هذا أن النصوص القرآنية تحث على االذعان لإلله‬
‫الواحد عبر التفكر في الخلق والنظر في اآليات الكونية‪.‬‬
‫الفهم المجمل والفقه‬
‫والمجمل له ثالث أنواع تخص العبادات‬
‫المجمل المتشابه ال يوجد له مثال في االحكام التكليفية‬
‫هنا نعرف نوع العبادة على وجه االجمال ولكنها مترددة بين عدد من االصناف‬ ‫المجمل المبين‬
‫التفصيلية وهنا اي منها تجزئ كما في تفصيالت الصالة مع بقاء االجتهاد تحت‬ ‫الذاتي‬
‫سقف النصوص من غير نكير على المخالف طالما العمل هو محض اجتهاد‪.‬وهذا‬
‫يتسق مع مقصد االخاء بين المسلمين‪ .‬يقول رشيد رضى ما كان ظني الداللة فهو‬
‫موكول الى اجتهاد االفراد في التعبدات والمحرمات والى اولي االمر في االحكام‬
‫القضائية‪.‬‬
‫المجمل العارض عند تغاير موضوع الحكم وشروط االتيان به ناتج الظروف وهنا تالحظ المقاصد‬
‫بما يمكن اتيانه من العبادات على نحو المكافئ والنظير كالصيام في االسكا مثال‬
‫او بعض بالد الغرب‪.‬‬
‫جدول ‪81‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪90‬‬

‫الخالصة ‪:‬‬
‫هكذا ضربنا امثلة كثيرة على فعالية النظام الجديد مقابل النظام الماهوي البياني وحان االوان الختصار‬
‫الموضوع في نموذج مبسط‪.‬‬

‫خطوات النظر في النص باختصار‪:‬‬

‫الداللة المقصدية للحكم نكتشفها‬


‫عناصر الحكم في الواقع وهي‬
‫الداللة الحرفية للحكم واستنفاذ‬ ‫من النص او العقل او الواقع‬
‫مرتبطة بالمقصد فان اتفق نفذ‬
‫البحث عن القرائن‬ ‫والعقل والواقع اهم وهذه ممكن‬
‫الحكم وإال يتم تعديله‬
‫ان تغير الحكم‬

‫تمر للعقل كمنسق فيعرضها‬


‫تمر على مسطرة الواقع‬
‫على قواعد مثل االستصالح‬ ‫الواقع وضبط الفتوى(البحث‬
‫التنزيلي ثم المطلق(السنني‬
‫واالستحسان وال ضرر وال‬ ‫القبلي)‬
‫والواقع المعياري المصلحي)‬
‫ضرار ومقدمة الواجب واجب‬

‫المآل‬ ‫المراجعة‬ ‫التجدد‬

‫شكل ‪7‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪91‬‬

‫خاتمة ومفاتيح‬
‫خاتمة‬
‫قضايا عجز النظام المعرفي القائم وصداماته في السياسة واالقتصاد واالجتماع والفن والمرأة والرياضة‬
‫تم النظر اليها بمستويات ثالث مستوى السطح وهو ما نشاهده من نقاشات يومية في هذه القضايا على‬
‫مدار القرن المنصرم وحتى اآلن ‪ .‬ومستوى الوسط من محاولة اصالح اصول الفقه عبر اجراء‬
‫تعديالت تحت عناوين ال تمس اسس االجهزة المعرفية مثل تفعيل المقاصد او فقه الواقع او‬
‫االولويات‪...‬ولكن مسالة النظر للعمق المنتج لكل هذه الصدامات والمخرجات المتضاربة برغم دعوى‬
‫االحكام والضبط فهو يواجه بحائط صد ناتج من الوثوقية العالية والتنكر للواقع المشهود ومن هنا في هذا‬
‫البحث لزم الغوص عميقا الى عمق االجهزة المعرفية التراثية الفلسفية والعرفانية واالشعرية واالعتزالية‬
‫والتدقيق في النظام البياني والذي يغذي الساحة في الفقه والعقائد والذي بقي عنيدا على كل مدارس‬
‫التجديد كالمقاصدية وأمثالها مما حاولنا في هذا البحث شرح بنيته واقتراح بديل يعتمد على معايير اهمها‬
‫الواقع والوجدان العقلي والمقاصد‪ .‬فالفهم هو ابن القبليات المتحكمة في االجهزة بالشراكة مع النص‬
‫والفهم متقوم بتمريره على المعايير االنسانية المشتركة التي تحظى برضى الوجدان العلمي‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪92‬‬

‫مفاتيح‬
‫خارطة الباب االول والثاني‬
‫تشريح االجهزة المعرفية‪....‬تشريح الجهاز البياني‪....‬نحن نبحث عن القيمة المعرفية الناتجة عن فهم‬
‫الخطاب في سلم اليقين‪...‬هناك فالرق بين الخطاب والنص‪...‬معايير اولية لفحص االجهزة وهي‬
‫(االتساق‪-‬الخلو من التناقض الذاتي والمضموني والمنطقي واالستداللي وومصادمة الواقع المحسوس‬
‫ومن تعريض النص للصدام مع ما سبق)‪...‬واالدلة الموصلة للفهم هي اما ذاتية كالنص وبدونه يزول‬
‫الفكر الخاص بالكلية او عارضة وهي كل بقية االدلة ومن هذه االدلة ما اعطي خصوصية كالقياس‬
‫واالجماع ومنها ما هو مشترك بين البشر مثل(حقائق الواقع الموضوعي – واالعتبرات الرياضية‬
‫الثابتة‪ -‬ومبدا عدم التناقض‪ -‬والسببية العامة – واالعتراف بالواقع الخارجي‪ -‬والقيم‬
‫االخالقية)‪...‬واحتماالت التعارض (ذاتي ‪/‬ذاتي‪-‬ذاتي ‪/‬عارض‪ -‬عارض ‪ /‬عارض)‪...‬سالمة الفهم الديني‬
‫للنص مرهونة ب(صيانة النص من التشكيك والتناقض‪-‬عدم تناقض الفهم مع االصل المولد وال الحقائق‬
‫األصلية او البدهيات او الحقائق الواقعية والبعد عن الفهم الهرمنيوطيق)‪...‬النص مكون من كلمة وسياق‬
‫ومجال ‪...‬ويقود الى ظاهر وتأويل او رمز‪...‬آليات قراءة النص (االشارة وااليضاح)‪...‬وااليضاح‬
‫(مفهوم ومصداق)‪...‬وااليضاح يعتمد على القبليات التي يحملها القارئ‪..‬والقبليات إما تصورية (مؤطرة‬
‫بالزمان والمكان ومتأثرة يآلية الجمع ومتعرضة للحجب والتمرير) أو تصديقية (غير منضبط‬
‫)كلعواطف والميول أو (منضبطة) حيادية كاالستقراء وعدم التناقض أو غير محايدة كاوهام‬
‫بيكون‪...‬وبمكن تقسيمها باعتبارات متعددة مثل (اعتبارالتكوين او االكتساب مثل قانون عدم التناقض‬
‫والسببية‪ -‬اعتبار العموم كاالعتماد على الظاهر العرفي للنص – منظومية مثل االجهزة المعرفية –‬
‫محايثة مثل فهم النص بدراسة واقع التنزيل – مفترضة مثل ما يفرضه العقل التساق المعنى)‪...‬أهمية‬
‫قانون عدم التناقض (انه يحمي المعرفة من االنهيار‪ -‬انه يمكن ان يكشفه الواقع – عندما تحمي‬
‫الميتافيزيقا‪ -‬عندما يكشف عن خطأ العقل) ‪...‬الفهم العلمي يعتمد على القبليات المشتركة (حقائق الواقع‬
‫الموضوعي – واالعتبرات الرياضية الثابتة‪ -‬ومبدا عدم التناقض‪ -‬والسببية العامة – واالعتراف بالواقع‬
‫الخارجي‪ -‬والقيم االخالقية)‪...‬محددات الفهم (السنن والقوانين والقواعد)‪..‬وسنختار المنهج التوحيدي‬
‫‪..‬وسنختار التوجه المقاصدي‪..‬وقد نستنبط من النص (حقائق كالتكليف أو قواعد كال ضرر وال ضرار‬
‫أو نظريات كالقياس او نظرية الطوفي أو قوانين كالقول ان الصور القصيرة مكية )‪...‬كيف نقوم نصا‬
‫(نبحث مجمله النصي بالظهور المجالي والمجمل االشاري ونرى ان كان النسق يؤيده او يثبته او‬
‫يستبعده او ينفيه – نبحث عن قصديته وتعليله – نبحث عن الواقع السنني والواقع العلمي والعادات‬
‫والقيم والمصالح وواقع التنزيل – نبحث عن قول الوجدان العام – وعن المنطق واالستقراء) ‪ ...‬امثلة‬
‫كيف يعيننا الواقع ( بالكشف التوجيهي ‪-‬المنتظر‪ -‬التوقعي‪ -‬التطابقي‪ -‬التقدييدي – الترجيحي‪ -‬السببي –‬
‫االشكالي)‪...‬اختيار منهج التوسعة واالنفتاح (النص نزل وقائعيا)‪..‬تحقيق المنظومات بالمنطق‬
‫واالستقراء ‪...‬رعاية قاعدة البساطة والشمول‪...‬تنافس المعايير‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪93‬‬

‫خارطة الباب الثالث‬


‫النظام الجديد‬
‫في النظام الجديد ( الواقع مصدر للحقائق الموضوعية وكاشف عن الحقوق والمصالح والمقاصد حاكمة‬
‫عليه عند الفساد) ‪...‬نريد ان نعرف (كيف يؤثر الواقع في تغايرات الفهم الديني وكيف نوظفه لفهم‬
‫النص) في النظام الواقعي (األزمة ليست في الواقع بل في فهم النص)‪...‬الواقع هو المرجح عند تردد فهم‬
‫النص‪...‬االصالح هو افتراض وجود خطا اساس في الفكر السائد وكشفه وعالجه‪...‬هذا يطرح سؤال (‬
‫هل المنهج البياني القائم قادر على اجابة االسئلة بصيغته البيانية اي صحيح بصيغته المنهجية أم عاجز‬
‫ومضطرب في االجابات ؟ والحال انه عاجز ومضطرب في االجابات وهذا يعني وجود خلل جذري‬
‫بنيوي اصاب لحمته )‪...‬واالصالح يحتاج شرطين (االتساق مع مقتضى الخطاب الديني واالتساق مع‬
‫الواقع)‪...‬وقد جرت محاوالت كثيرة لتوضيف الواقع (ص‪...)30‬والنظام الجديد سيستخدم (المعايير‬
‫المشتركة التي هي محل توافق بين البشر والعقل البعدي )للقيام بدوره‪...‬مواصفات النظام الجديد (منفتح‬
‫على التطور يقدم فهم الواقع وهو يحول الداللة النصية الى داللة مجملة تحتاج الى ما يشرحها بما في‬
‫ذلك الواقع وهو يستل مبادئ من الواقع ويتحقق من اصول العقائد ومن معنى النص ومن الكشف عن‬
‫طاقة النص التطبيقية وكاشف عن صدقية األخبار المنقولة ومرجح بين النظريات واالنساق)‪...‬عناصر‬
‫النظام (الواقع كمولد والمقاصد كموجه والتزام الفهم المجمل للنص ورعاية المجال واستشارة الوجدان‬
‫والحس االخالقي) ‪ ...‬النظام الواقعي (سيفك قاعدة ال اجتهاد مع النص ويفك ازمة النص مع الواقع)‬
‫‪...‬نحتاج ان نعرف ثالثية ( النص والعقل والواقع) (النص محمل بالدالالت ويفتقد الظرف الذ تنزل فيه‬
‫– الواقع هو عالم الشهود وما فيه من قيم – والعقل يحاور النص حين يخبر عن الواقع ويعطي‬
‫االرجحية للواقع عند اختالفهما) ‪ ...‬ومن الضروري التمييز بين الفهم الماهوي والوقائعي (حيث نزل‬
‫الوحي منجما بحسب الحوادث ال قالبا لإلحتكام الماهوي) ‪ ...‬امثلة احيتاج النص للواقع (ص ‪... )35‬فهم‬
‫النص يحتاج الى قرائن (والبحث عن القرائن تحتاج دراسة موسعة لواقع التنزيل األول ولدراسات‬
‫موسعة في العلوم االنسانية الميدانية في واقع التنزيل المتجدد) ‪...‬النص مشدود للواقع ‪ ...‬في النظام‬
‫الجديد (العبرة ليست بعموم اللفظ وال بخصوص السبب ولكن بالمقاصد) فالنص نموذج ارشادي تقوده‬
‫المقاصد (وليس للقياس) ‪...‬والشريعة صالحة لكل زمان ومكان بشرط (ان ال تتوقف على النهج البياني‬
‫وأن تتبع المقاصد وأن يعطى الواقع وزنه المستحق) ‪...‬حاالت تطبيقية للمقارنة بين النظام البياني‬
‫والواقعي (ص‪...)42-37‬نحن على مفترق طرق (إما النهج العمري المنفتح على المقاصد وتغير الواقع‬
‫او النهج الماهوي المغلق) ‪...‬والموقف في النظام الجديد من النص قطعي الثبوت والداللة ( ان الحكم‬
‫مرهون بمقاصده) ‪...‬واالحكام الوسيلية تخضع لتغايرات الواقع‪...‬ففي كل مرة يتغير الواقع يتم تحليل‬
‫موضوع الحكم وعناصرة المؤثرة فالحكم مرهون بظروف نشأته ومقصده‪...‬هناك احكام تتسم بالثبات‬
‫مثل (العدل) واحكام لها ثبات نسبي مثل (العبادات وبعض المعامالت) ‪....‬متغيرات الواقع المؤثرة في‬
‫تغير الحكم (المصالح العقالئية – تسديد الحاجات الضرورية – تسديد الحاجات السياسية – النظرة‬
‫المستقبلية – االتساق مع المقاصد والعدل) ‪...‬اجابة سؤال مخاطر تغير االحكام (ص ‪... )45‬مبادئ‬
‫الفهم الديني‪...‬هنا يرد السؤال (ما مخاطر تجديد االحكام) ‪...‬مبادئ الفهم الديني (الوجدان العقلي –‬
‫المقاصد‪-‬الواقع‪-‬الفهم المجمل)‪...‬ولناخذ مبدأ الوجدان العقلي والي يعطينا (االحكام القبلية االخبارية‬
‫والقيمية) ومنه سنكشف ضمور عالقة الفقه باالخالق‪...‬وتشكل العقل الجزئي‪...‬وشواهد الصدام مع‬
‫العقل‪...‬االشكال المثار حول العقل وردود العقل‪...‬مبدا المقاصد الدينية ‪...‬تعريف المصلحة ‪...‬امثلة‬
‫االستحسان‪...‬شروط المصلحة ‪...‬صحة االخذ بالمصلحة ‪...‬الطوفي ونظرية المصلحة ‪...‬شبهات حول‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬


‫‪94‬‬

‫الترجيح بالمصلحة‪...‬نظرية المقاصد ونقدها‪...‬هل خلق االنسان للعبادة ام شرعت العبادة من اجل‬
‫االنسان‪...‬بين الفهم المقصدي والتعبدي‪...‬شبهات ونقاش‪...‬مبدأ الواقع ويبدأ بسؤال ما الذي يتحكم في‬
‫الحكم الشرعي ؟ (الداللة الحرفية للنص ‪-‬داللة المقصد‪ -‬العقل والوجدان‪ -‬داللة الواقع) ‪...‬والواقع بعيننا‬
‫من اربعة وجوه ( كشف الداللة الحرفية للنص‪-‬الكشف عن المقاصد وما يقرره العقل‪ -‬درجة ضعف‬
‫الحكم امام الواقع‪ -‬كشف التصادم بين االحكام والمقاصد مما يستدعي تغييراالحكام) ولو ركزنا على‬
‫الداللة الحرفية للحكم ينكشف المنطوق والمفهوم (لفظا وسياقا وقرائن) ‪...‬والبحث عن القرينة يقود الى‬
‫مباحث ( العام والخاص والمقيد والمطلق والناسخ والمنسوخ والمقصدي الفقهي الخاص عند‬
‫البيانين)‪...‬وغابت عنه (الداللة الواقعية) وخلت من الوظيفة (الداللة المقاصدية العامة والعقل)‪...‬ومن هنا‬
‫كلما ضغط الواقع تكثر فهم النص وتفصيله طردا‪...‬والداللة المقاصدية للحكم (إما انها عامة أو خاصة‬
‫بباب واحد كباب األسرة) ‪ ...‬ولها مكانتان (مدلول نبحث عنه ودال نوظفه لتغيير الحكم او ابقاءه)‬
‫ومصادر المقاصد اما (النص او العقل او الواقع) والحكم يتأسس بعد معرفة عناصر موضوع الحكم‬
‫المؤثرة كما هي في الواقع) ومن ثم معرفة طبيعة ما يربطها من مقاصد (أتفاقا واختالفا) فإن اتفقت‬
‫سرى الحكم واال عدل‪...‬والمقصد يلعب ثالثة ادوار (وسيط ومشخص ومتحكم)‪...‬وفي الداللة الخاصة‬
‫(المهم ما لم يصرح به النص ويكشفه لنا العقل والواقع) والداللة العامة للمقصد (هي الموجه الكلي للحكم‬
‫وشدته وضعفه) والداللة العقلية للحكم (االدراك العقلي زاوية النظر القبلية ‪+‬الداللة الموضوعية) ومن‬
‫بعدها يعرضها العقل على بعض القواعد االجرائية مثل(ال ضرر وال ضرار ‪-‬مقدمة الواجب واجب ‪ -‬او‬
‫االستصالح او االستحسان‪...)..‬ومنها تتحدد مراتب صدقيتها (ضرروي ‪-‬قطعي‪-‬حدسي‪ -‬عادة ‪-‬ظن‪)..‬‬
‫‪...‬وعند دراسة الواقع ندرس الواقع المطلق وواقع التنزيل‪..‬من هنا نرى حاالت إهمال الواقع (كالرسم‬
‫والنحت‪..)...‬وهنا أمثلة لقائمة الواقع وضبط الفتوى‪..‬آلية االستفادة من الواقع في ضبط الفتوى (مرحلة‬
‫قبلية ومرحلة بعدية) المرحلة القبلية (تشمل دراسة الحكم بذاته ودراسة واقع التنزيل وقابلية التنفيذ‬
‫واتجاهات المستقبل) والمرحلة البعدية (ندرس درجة استجابة الواقع للنص)‪ ...‬بيانيا كثير من االحكام ال‬
‫تنفذ في الواقع (مما دعى للقول بالضرورات وبالتدرج وباالولويات واحيانا البحث عن مخارج لغوية‬
‫دون الدخول للموضوع الحقيقي وهو موضوع مبدأ شراكة الواقع)‪...‬فقة المآالت بقي عاجزا لتقيده‬
‫بالنص وهكذا جرى الواقع وابتعد‪...‬واخيرا اشكالية اللغة او التعريف الجامع المانع وهو الفهم المجمل‬
‫(صعوبة التعريف الجامع وصعوبة وجود مفصل ومشكلة الحدود الوسطى) ‪..‬مثال تعريف االنسان بانه‬
‫حيوان عاقل واشكالية تحديد عاقل او حيوان‪...‬انواع المجمل (المجمل المبين كمسح الرأس والمجمل‬
‫المتشابه النصي الداللي ( االستواء) أو سندي كسلسلة الرواة لألحاديث ) والمتشابه عارض (ما ال نص‬
‫فيه كاالستنساخ والتدخين) والمجمل اصناف (مجمل مبين عارض (أف) فتسري عليه حاالت التشابه‬
‫(مثال المنطوق عدم قول أف – ومفهوم الموافقة منع الضرب ‪ -‬ومفهوم المخالفة الطاعة – مفهوم‬
‫التشابه التراخي في المتثال)‪...‬وهناك مجمل استقرائي (سندي مثل التواتر اللفظي والمعنوي او مجمل‬
‫داللي مثل استخالص المقاصد) وهناك مجمل اصلي مثل االستواء في قضايا التوحيد ‪...‬وفي الفقه مثل‬
‫الجزية ومقاديرها‪...‬والفهم المجمل هو ما يطرحه القرآن وما ما سار عليه الصحابة بخالف الالحقين‬
‫‪...‬صدام المفصل مع المقاصد والواقع وقاد للتشرذم ‪...‬ميزات المفصل الواقعي ‪...‬الشبهات المثارة حول‬
‫المجمل ‪..‬قيمة المجمل في العقائد ‪...‬قيمة المجمل في الفقه ‪...‬خارطة لمسار النظر في النص‪.‬‬

‫الجهاز المعرفي الجديد‬ ‫دكتور جاسم السلطان‬

You might also like