You are on page 1of 489

‫د‪ .

‬عبد المجيد الز ّروقي‬

‫المنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪:‬‬


‫التّعبير عن التّفكير‬
‫قانوني –‬
‫ّ‬ ‫فقهي – التّعليق على ّ‬
‫نص‬ ‫ّ‬ ‫المقالة – التّعليق على ّ‬
‫نص‬
‫نص عقد – التّعليق على قرار – االستشارة‬
‫التّعليق على ّ‬

‫الطبعة الث ّانية‬

‫المختص‬
‫ّ‬ ‫مج ّمع األطرش للكتاب‬
‫تونس‬
‫‪2013‬‬
‫الكتاب‪ :‬المنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبير عن التّفكير‬
‫الكاتب‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‬
‫الطبعة الثّانية‪ :‬تونس ‪2013‬‬ ‫ّ‬
‫الحقوق محفوظة للمؤلّف‬
‫مجمع األطرش للكتاب المختص‬
‫‪ 95‬شارع لندرة – تونس ‪1000‬‬
‫الهاتف‪71 241 123 :‬‬
‫الفاكس‪71 330 490 :‬‬
‫البريد االلكتروني‪E_mail: contact@latrach_edition.com :‬‬
‫الموقع‪www.latrach_edition.com :‬‬
‫‪‬‬
‫رب العالمين‪ ،‬وص ّلى هللا على سيّدنا مح ّمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما‬
‫الحمد ّ ّلِل ّ‬

‫تقديم ال ّطبعة الثّانية‬

‫نص كما ينبغي‬ ‫يهدف هذا الكتاب إلى تحديد العمليّات التي ال بدّ من تراكبها وتراكمها إلنتاج ّ‬
‫اإلنتاج وذلك في اختصاص القانون (يمكن أن يعني الكتاب اختصاصات جامعيّة أخرى‬
‫كالفلسفة‪ ،‬واآلداب‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والتّاريخ‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬وغير ذلك)‪ .‬فإذا ت ّم تحديد هذه‬
‫ص كما ينبغي‬ ‫العمليّات‪ ،‬أمكن وضع السّيناريوهات البيداغوجيّة المناسبة لتعليم إنتاج النّ ّ‬
‫التّعليم‪.‬‬
‫مدعوين لتعليم كيفيّة‬
‫ّ‬ ‫مدعوين لإلنتاج‪ ،‬وإلى ال‬
‫ّ‬ ‫وعليه فالكتاب مو ّجه إلى شريحتين‪ :‬إلى ال‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫أن أشياء قد تفوته إن قرأ الكتاب في‬ ‫شريحة األولى‪ ،‬فينبغي تنبيهه إلى ّ‬ ‫فإذا كان القارئ من ال ّ‬
‫ّ‬
‫السّنة األولى من دراسته الجامعيّة‪ .‬فإن حصل هذا‪ ،‬فيجب أن ال يتهم نفسه وأن يكتفي بما لم‬
‫يفته‪ .‬ث ّم عليه بعد ذلك‪ ،‬كلّما تقدّم خطوة في دراسته‪ ،‬أن يعود إلى الكتاب‪ّ :‬أوالً ليرسّخ ما‬
‫القراء المذكورة‬‫صل‪ .‬وهكذا فالكتاب‪ ،‬وبالنّسبة إلى شريحة ّ‬ ‫صل ما لم يح ِّ ّ‬ ‫ترسّخ‪ ،‬وثانيا ً ليح ِّ ّ‬
‫مرة واحدة؛ وهو قابل ألن يستغنى عنه بغيره؛ وقد ال‬ ‫للت ّ ّو‪ ،‬لم يوضع – ككثير غيره – ليقرأ ّ‬
‫يغني هو عن غيره‪.‬‬

‫عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‬
‫‪abdelmagidzarrouki@gmail.com‬‬
‫‪‬‬
‫المقدّمة‬

‫‪ ―.1‬التّفكري‪.‬‬
‫المنهجيّة نظام ينبغي أن تسير عليه عمليّة معيّنة‪ ،‬كي تكون مقبولة؛ ومن ث ّم كي‬
‫يكون ما تفضي إليه مقبوال بدوره‪ .1‬والعمليّة المقصودة هنا لها جانبان‪ ،‬أو إن‬
‫شئنا العمليّة المقصودة هنا عمليّتان‪ :‬عمليّة أصليّة‪ ،‬وعمليّة شكليّة‪.‬‬

‫‪ 1‬قارن مع "أنطوان أرنولد" و"پيير نيكول" حين يقوالن‪:‬‬


‫صناعة التي ترتّب التّرتيب الجيّد سلسلة من األفكار الكثيرة‪ ،‬إ ّما‬ ‫الفن أو ال ّ‬ ‫"يمكن بوجه عا ّم أن نس ّمي منهاجا ّ‬
‫لغاية أن نكتشف الحقيقة متى كنّا نجهلها وإ ّما لنبرهن عليها لآلخرين متى كنّا نعرفها"‪ .‬أنطوان أرنولد وبيير‬
‫نيكول‪ ،‬المنطق أو ف ّن توجيه الفكر‪ ،‬ترجمة عبد القادر قنيني‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬الدّار البيضاء – المغرب‪/‬‬
‫بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2007 ،1‬ص ‪.325‬‬
‫انظر نفس المقتطف في النّسخة األصليّة للكتاب‪Antoine Arnold et Pierre Nicole, La Logique :‬‬
‫‪ou l’art de penser (ouvrage paru en 1662 et connu sous le nom de Logique de Port-‬‬
‫‪Royal). Notes et postface de Charles Jourdain, Collection Tel, Éditions Gallimard,‬‬
‫‪Paris, 1992, p. 281.‬‬
‫وانظر "جون الرڤو" وهو يقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫المسطر مسبقا والمؤدّي إلى نتيجة‪ .‬والمنهج إ ّما‬ ‫الطريق‬ ‫"عبارة » ‪( « méthode‬منهج) أصلها يوناني وتعني ّ‬
‫أن يتعلّق بأفضل طريقة إلتيان تفكير وإ ّما أنّه برنامج بحث (أرسطو‪ :‬محاولة تفسير العلل‪ ،‬علل الخصائص‬
‫األول يتض ّمن المنهج المنطق دون أن يتساوى معه‪.‬‬ ‫المشتركة وعلل الخصائص غير المشتركة)‪ .‬في المعنى ّ‬
‫أن العبارة موجودة عند أفالطون وأرسطو بمعنى‬ ‫ويشير معجم االصطالحات لـ‪« :‬الالند» (‪ )Lalande‬إلى ّ‬
‫الرياضيّات‬ ‫مذهب (‪ )doctrine‬أو معرفة (‪ :)connaissance‬هنا نحن أمام التقاء إيحائي حين نعلم أنّه وفي ّ‬
‫إن المنهج يجيب ّأوال على سؤال عملي‪ :‬كيف نفعل‪ ،‬ماذا نباشر‪ ،‬لكي‬ ‫توجد مقابلة بين النّظريّات والمناهج‪ّ .‬‬
‫نحقّق هدفا معيّنا" ‪Jean Largeault, Méthode, Encyclopædia Universalis, 2010.‬‬
‫للطباعة وال ّنشر‪ ،‬سوسة – تونس‪،‬‬ ‫وانظر مح ّمد البدوي (المنهجيّة في البحوث والدّراسات األدبيّة‪ ،‬دار المعارف ّ‬
‫د‪ .‬ت‪ ،.‬ص ‪ )9‬وهو يقول‪" :‬المنهجيّة مصطلح حديث النّشأة يتر ّكب من جزأين‪" :‬منهج" والالحقة "ية" وهي‬
‫الطريق‪ :‬وضّحه‪.‬‬ ‫تفيد معنى العلم‪ .‬وجاء في لسان العرب قول ابن منظور‪" :‬طريق نهج‪ :‬بيِّّن واضح ‪ ...‬ومنهج ّ‬
‫الطريق وضح واستبان وصار نهجا‬ ‫والمنهاج كالمنهج‪ .‬وفي التّنزيل‪" :‬لِّك ّل َجعَ ْلنَا مِّ ْنك ْم ش ِّْر َ‬
‫عةً َومِّ ْن َها ًجا"‪ .‬وأنهج ّ‬
‫منظما‪ ،‬واضحة أفكاره وأقسامه‪ .‬فالمنهجيّة‬ ‫ّ‬ ‫إن المنهجيّة تجعل الكالم ب ِّيّنا واضحا وتجعل البحث‬ ‫واضحا ب ِّيّناً‪ّ .‬‬
‫الطرق للوصول إلى المعلومة مع توفير الجهد والوقت‪ .‬وتفيد كذلك‬ ‫علم المنهج‪ .‬وهي تعتني بالبحث في أيسر ّ‬
‫معنى ترتيب المادّة المعرفيّة وتبويبها وفق أحكام علميّة مضبوطة ال يختلف عليها أهل الفكر"‪.‬‬
‫وانظر عبد الهادي الفضلي (أصول البحث‪ ،‬الجامعة العالميّة للعلوم اإلسالميّة‪ ،‬د م‪ ،1996 ،‬ص ‪ )51‬حين‬
‫يقول‪" :‬المنهج‪ :‬مجموعة من القواعد العا ّمة يعتمدها الباحث في تنظيم ما لديه من أفكار أو معلومات من أجل أن‬
‫توصله إلى ال ّنتيجة المطلوبة"‪.‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪2‬‬

‫واألولى تتمثّل في التّفكير (‪[ )raisonnement‬أو في االستدالل‪ ،‬أو في‬


‫الحجاج‪ ،‬إلخ‪ .].‬والتّفكير عمليّة تست َنبط فيها معرفة (علم‪ ،‬تصديق‪ ،‬إلخ‪ ).‬جديدة‬
‫ِّ‬
‫إن التّفكير– إذا اتّبع نظاما ً معيّنا ً‪ ،‬وخضع للقواعد‬
‫من معرفة سابقة‪ . 2‬ث ّم ّ‬

‫سيّد كمال الحيدري‪ ،‬المذهب الذّاتي في نظريّة المعرفة‪ ،‬دار فراقد‪ ،‬إيران‪ .‬قم‪ ،2005 ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪ 2‬ال ّ‬
‫انظر كذلك ومع شيء من التّفصيل من يقول‪" :‬ما هي إذن العمليَّة العقلية؟ وما هو الفكر؟ يقول الحكيم‬
‫السّبزواري في منظومته‪( :‬الفكر حركة إلى المبادي ‪ ..‬ومن مبادي إلى المراد)‪ .‬توضيحه‪ :‬الفكر حركة ذهنيّة‬
‫من المراد أي المجهول إلى المبادي أي المعلومات المسبقة‪ ،‬ث ّم من المبادي إلى المراد‪ .‬فاإلنسان عندما يف ّكر‬
‫يفرق بين ما إذا كان المجهول من التّص ّورات أو التّصديقات‪ ،‬فهناك نقص وجهل‬ ‫يريد أن يكشف مجهوالً ما‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬
‫وفراغ في البين‪ ،‬البدَّ وأن يمتلئ‪ .‬وألجل ذلك‪ ،‬يستعين المفكِّر برأسماله العلمي – إن كان عنده – ليتاجر به‬
‫فيربح بتبديل المجهول معلوماً‪ ،‬ومن أجل ذلك ع ِّ ّرف الفكر بأنَّه‪« :‬إجراء عمليَّة عقليّة في المعلومات الحاضرة‬
‫ألجل الوصول إلى المطلوب» أو «مالحظة المعقول لتحصيل المجهول» أو «حركة العقل بين المعلوم‬
‫األول‪ :‬مواجهة المشكل وهو المجهول‪ .‬الثّاني‪:‬‬ ‫تمر على عقله خمسة أدوار‪ّ :‬‬ ‫والمجهول»‪ .‬فاإلنسان في تفكيره ُّ‬
‫معرفة نوع المشكل‪ .‬فربّما يواجه المشكل وال يعرف نوعه‪ ،‬هل هو من المسائل الكيميائيّة أو الفيزيائيّة أو‬
‫الط ّبيَّة أو األدبيَّة‪ ،‬فال يمكن لمثل هذا اإلنسان أن يف ّكِّر في مجال ذلك المشكل أصالً وإن كانت لديه مخزونات‬
‫علميَّة كثيرة‪ ،‬فالبدَّ إذا ً من معرفة نوعه‪ .‬الثّالث‪ :‬حركة العقل من المشكل إلى المعلومات المخزونة عنده‪ .‬هذا‬
‫الرياضيّة‪ ،‬ينتقل منه‬ ‫ّأول مرحلة للتفكير ويطلق عليها الحركة الذّاهبة [‪ ]...‬وإذا كان المجهول مثالً من المسائل ّ‬
‫الرياضيّة بمقدار حاجته لح ِّّل‬ ‫طلِّعا ً على المعادالت ّ‬ ‫الرياضيّة التي في ذهنه بشرط أن يكون م َّ‬ ‫إلى المعلومات ّ‬
‫ّ‬
‫الرياضيّات‪ ،‬ال يمكنه ح ّل أهون المسائل؟ فكيف بصعابها ؟ فبالتالي مع فرض‬ ‫المجهول‪ ،‬فمن لم يعرف ألِّف باء ّ‬
‫الرابع‪ :‬حركة العقل –‬ ‫الرياضيَّة‪ ،‬سوف يمكنه أن ينتقل منها إلى المجهول ليبدِّّله معلوما ً‪ّ .‬‬ ‫امتالكه للمعلومات ّ‬
‫ثانيا ً – بين المعلومات للفحص عنها وتأليف ما يناسب المشكل ويصلح لحلّه‪ .‬وتس َّمى بالحركة الدّائريَّة‪ ،‬وهذه‬
‫تصوريَّة أو قوانين عا َّمة تصديقيَّة‪ ،‬فالمف ّكِّر‬‫ُّ‬ ‫الحركة إنَّما هي في المفاهيم التي موطنها الذّهن والتِّّي تش ّكِّل كلّيّات‬
‫وينظمها لح ِّّل مجهوله [‪ ]...‬الخامس‪ :‬هو حركة العقل – ثالثا ً‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ينتخب المفاهيم المناسبة أو القوانين العا َّمة فيؤلِّّفها‬
‫الراجعة‪ ،‬وتمثلّ‬ ‫– من المعلومات التي استطاع تأليفها م ّما عنده إلى المطلوب‪ .‬وهو االستنتاج وتس ّمى الحركة ّ‬
‫ألن تاجر‬ ‫المرحلة األخيرة بعد جمع المعلومات وترتيبها‪ ،‬فينتقل الذّهن فيها إلى المطلوب‪ ،‬وهنا نهاية المطاف َّ‬
‫أن‬ ‫الربح الوافر من خالل المعلومات المسبقة التِّّي كانت تمثِّّل رأس ماله‪ .‬وال يخفى َّ‬ ‫العلم سوف يكتسب ّ‬
‫العمليّات الثّالث األخيرة هي التي لها أهميَّة بالغة في ساحة التّفكير‪ ،‬ألنَّها هي العمليّات الفكريّة بالفعل‪ ،‬حيث‬
‫اشتمالها على الحركة واالنتقال‪ .‬وأ ّما األولى والثّانية فليستا من الفكر في شيء‪ ،‬بل يمثِّّالن تمهيدا ً ومقدَّمةً‬
‫قوة الحدس‪ .‬ولو اشتدَّ هذا‬ ‫لألدوار الالحقة‪ .‬فربَّ َم ْن يستغني عنهما‪ ،‬فال يحتاج إليهما أصالً‪ ،‬وهو الذي لديه َّ‬
‫قوة قدسيَّة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار‪ ،‬والذّكي‬ ‫الحدس وكَمل‪ ،‬فسوف يصل إلى مستوى الذّكاء وهو َّ‬
‫شيخ إبراهيم األنصاري‪ ،‬دروس في علم المنطق‪http://www.dahsha.com ،‬‬ ‫هو سريع القطع بالحق"‪ .‬ال ّ‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪.)2010‬‬
‫صريحة‬ ‫شي العقل‪ ،‬مجموعة من العمليّات الذّهنيّة ال ّ‬ ‫انظر أيضا تحت عبارة "تفكير" (‪" :)Raisonnement‬تم ّ‬
‫صريحة التي تؤدّي من أحكام معيّنة إلى أحكام جديدة‪ .‬ويمثّل وضع التّفكير االستنباط ّ‬
‫ي‬ ‫أو غير ال ّ‬
‫(‪ )raisonnement déductif‬في شكل قياسا ً (‪ ]...[ )syllogisme‬ويعدّ تسلسل عدد من العمليّات التّفكيريّة‬
‫ي"‪Gérard Legrand, Dictionnaire de philosophie, Bordas, .‬‬ ‫ي أو الفلسف ّ‬‫نسيج الخطاب العلم ّ‬
‫‪Paris, 1983.‬‬
‫وانظر‪:‬‬
‫‪J.-F. Richard, sous le mot : raisonnement (philo. géné.), Encyclopédie philosophique‬‬
‫‪universelle. Les notions philosophiques, P.U.F., Paris, 1 re éd., 1990 ; Robert‬‬
‫‪Blanché, sous le mot : raisonnement, Encyclopædia Universalis, 2010 ; Jean-Claude‬‬
‫‪Anscombre et Oswald Ducrot, L’argumentation dans la langue, Margada, 3e éd.,‬‬
‫‪1997, p. 28 ; Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, Traité de l’argumentation.‬‬
‫‪La nouvelle rhétorique, éd. de l’Université de Bruxelles, 1992, p. 10 ; André‬‬
‫‪LALANDE, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, P.U.F., Paris, 1993,‬‬
‫‪sous le mot : Raisonnement; John Stuart Mill, Système de logique déductive et‬‬
‫‪inductive, Traduit de la sixième édition anglaise (1865) par Louis Peisse, Félix‬‬
‫‪3‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫والمو ِّ ّجهات الواجب أن يخضع إليها – كان تفكيرا صحيحا‪ ،‬أي كانت المعرفة‬
‫صل إليها مقبولة‪ ،‬والنّتيجة المنتهى إليها صحيحة‪.‬‬ ‫المتو ّ‬
‫فلدينا إذن معرفة أولى؛ ث ّم إنّنا نستعمل قواعد مقبولة (أو نفترض أنّها مقبولة‬
‫من المتلقّي) نَ ْعبر بواسطتها إلى معرفة جديدة‪ .‬هذه المعرفة الجديدة مقبولة ّ‬
‫ألن‬
‫الوصول إليها ت ّم ِّوفق إجراء مقبول‪.‬‬
‫ص ّحة)‪ ،‬ألنّه‬
‫فترض ال ّ‬ ‫صحيح (أو الم َ‬ ‫هذا هو التّفكير أو االستدالل أو ِّ‬
‫الحجاج ال ّ‬
‫لدينا نتيجة هي المعرفة الجديدة‪ ،‬ووصلنا إليها‪ ،‬ال كما اتّفق‪ ،‬بل بواسطة قاعدة‬
‫عملت للعبور‪ :‬أي‬ ‫فترض كونها مقبولة)‪ .‬وهذه القاعدة هي التي است ِّ‬ ‫مقبولة (أو م َ‬
‫هي دليل (أو ح ّجة)‪ ،‬وتحديدا ً دليل مستنبط به‪ .‬وينبغي أن ال تنسى المعرفة‬
‫المنطلق منها‪ .‬فهي بدورها دليل (ح ّجة أخرى) على النّتيجة‪ .‬لكنّها دليل مستنبط‬
‫منه‪.3‬‬
‫ص ّحة) فحسب‪ ،‬قلنا‬ ‫المفترض ال ّ‬
‫َ‬ ‫صحيح (أو‬‫فإذا ع ّممنا اآلن وأخذنا ال التّفكير ال ّ‬
‫إن لدينا‪ّ :‬أوالً دليل مستنبَط منه (أو لدينا‪ :‬مستدَ ٌّل منه – مستن َبط منه – ح ّجة‬ ‫ّ‬
‫أولى)‪ ،‬ولدينا ثانيا ً دليل مستنبَط به (أو لدينا‪ :‬مستد ٌّل به – مستنبَط به – ح ّجة‬
‫ثانية)‪ ،‬ولدينا ثالثا ً نتيجة (مستدَ ّل عليه – مستنبَط – محت ّج له)‪.‬‬

‫•عمليّة الت ّفكير أو االستدالل أو‬ ‫المست َد ّل منه‬


‫الحِ جاج‬ ‫= المستن َبط منه‬
‫= الحجّة ‪1‬‬

‫النّتيجة‬
‫= المست َد ّل عليه‬
‫= المستنبَط‬
‫= المحت ّج له‬

‫‪Alcan, Paris, 1889., Livre II, Ch. 1, § 2.‬‬


‫صة)‬‫‪ 3‬من المعلوم أ ّن أه ّم أقسام التّفكير هي القياس ‪( déduction‬سير الفكر من معرفة عا ّمة إلى معرفة خا ّ‬
‫صة إلى معرفة عا ّمة)‪ .‬والقياس يس ّمى في االصطالح‬ ‫واالستقراء ‪( induction‬سير الفكر من معارف خا ّ‬
‫صدر‪ ،‬األسس‬ ‫الفنّي‪ :‬استنباطا (انظر‪ :‬كمال الحيدري‪ ،‬المذهب الذّاتي (م س)‪ ،‬ص ‪ 23‬وما بعدها؛ مح ّمد باقر ال ّ‬
‫المنطقيّة لالستقراء‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1406 ،5‬هـ‪ 1986 /‬م‪ ،‬ص ‪ 5‬وما بعدها)‪.‬‬
‫لكنّنا هنا نستعمل عبارة االستنباط في معنى أع ّم من القياس‪ ،‬أي في ك ّل استخراج معرفة جديدة من معرفة قديمة‬
‫وإن لم يتمثّل في قياس‪.‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ―.2‬التّعبري‪.‬‬
‫صحيح‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬هو الذي خضع‬ ‫لكن التّفكير ال ّ‬
‫هذه هي مفردات مطلق التّفكير‪ّ .‬‬
‫للقواعد الواجب أن يخضع لها‪ ،‬أي الذي اتّبع ما تقوله المنهجيّة‪ .‬فإذا نجحنا في‬
‫اإلتيان بمثل هذا التّفكير‪ ،‬بقي – إن أريد التّواصل مع اآلخر‪ –4‬أن يت ّم التّعبير‬
‫ع ّما وقع التّفكير به‪ .‬والتّعبير بدوره ينبغي أن يسير على نظام معيّن لكي يحقّق‬
‫الغاية منه‪ .‬وغاية العاقل حين يتكلّم بما ف ّكر فيه‪ :‬أن يس َمع منه‪5‬؛ وحين يكتبه‪ :‬أن‬
‫يف َهم عنه‪ .‬وال يتأتّى له ذلك إالّ بالوضوح‪ .6‬والوصول إلى الوضوح يستدعي‬
‫اتّباع قواعد‪ ،‬ويقتضي الخضوع إلى منهجيّة‪.‬‬

‫‪ 4‬انظر التّفرقة بين الكالم للكالم والكالم بقصد التّواصل‪:‬‬


‫ّ‬
‫خاص‪ ،‬كعالمة على االعتراف بحضور اآلخر‪ .‬فحين نلقي التحيّة على‬ ‫ّ‬ ‫"يحدث أن نتكلّم لنتكلّم‪ ،‬دون قصد‬
‫ي هنا ليس نقل‬ ‫ّ‬ ‫األساس‬ ‫وقصدنا‬ ‫والحديقة‪.‬‬ ‫والكلب‬ ‫قس‬ ‫ّ‬
‫الط‬ ‫حول‬ ‫األحاديث‬ ‫من‬ ‫صباح‪ ،‬نأتي بقائمة‬ ‫الجارة في ال ّ‬
‫معلومة أو الكالم ع ّما نعتقده أو ع ّما نحتاجه‪ ،‬بل يتعلّق األمر فقط بحديث هو عالمة على حسن الجوار‪ .‬وجميعنا‬
‫الطبيب‪ ،‬في حفل استقبال‪،‬‬ ‫يعرف هذه الوضعيّات التي ينبغي لنا فيها أن «نتكلّم لنتكلّم»‪ :‬في قاعة االنتظار لدى ّ‬
‫عند الحالّق‪ ،‬في الحافلة‪ ،‬إلخ‪ ]...[ .‬لكن حين نتجاوز إطار الوضعيّات [‪ ]...‬المناسبة (لذلك) يصبح «الحديث‬
‫ي‪ ،‬ال ندخل عموما في‬ ‫الطابع االجتماع ّ‬‫لكي ال نقول شيئا» موضوع سخريّة أو قدح‪ .‬وخارج هذه المبادالت ذات ّ‬
‫مجرد ثرثرة‪ ،‬بل في تفاعل تواصلي نعبّر فيه ع ّما يشغل ذهننا‪ ،‬فنقدّم كشف حساب ع ّما نراه وع ّما نعرفه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إن لجوءنا للكلمات هدفه أن نجعل‬ ‫ونقول ما نف ّكر فيه وما نعتقده وما نريده‪ ،‬ونكشف عن انطباعاتنا ومقاصدنا‪ّ .‬‬
‫طب قصدنا‬ ‫ويكون ما نريد نقله واألثر الذي نسعى للحصول عليه عند المخا َ‬ ‫ّ ِّ‬ ‫اآلخرين على وعي بحالتنا الذّهنيّة‪.‬‬
‫طب‪ ،‬وإقناعه‪ ،‬وتشجيعه‪ ،‬والتّوسّل إليه أو أمره بفعل شيء ‪ ...‬هي أنواع من القصد‬ ‫ّواصلي؛ وإعالم المخا َ‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫التّواصلي"‪Nicole Delbecque (éd), Linguistique cognitive. Comprendre comment .‬‬
‫‪fonctionne le langage (ouvrage collectif), Éd. Duculot, Bruxelles, 2002, p. 190 et‬‬
‫‪191.‬‬
‫‪Cicéron, De l’orateur, Texte établi, traduit et annoté par François Richard, Librairie 5‬‬
‫‪Garnier Frères, Paris, s.d., p. 387.‬‬
‫‪ 6‬من وظائف اللغة الوظيفة النّقليّة‪ :‬نقل المعلومات أو تناقلها بين األفراد والجماعات‪ .‬وما يجعل هذه الوظيفة‬
‫خطابي‪ ،‬لسانيّات‬ ‫تتحقّق‪ ،‬أن يجعل المتكلّم والكاتب ما يقوله وما يكتبه واضحا يفهمه اآلخرون‪ .‬انظر‪ :‬مح ّمد ّ‬
‫ص‪ .‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬بيروت – الدّار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،1991 ،1‬ص ‪.48‬‬ ‫النّ ّ‬
‫انظر أيضا حول مسألة الوضوح‪A. Baron, De la rhétorique ou de la composition oratoire :‬‬
‫‪et littéraire, Lib. Polytechnique d’Aug. Dec., Bruxelles, 2 e éd, 1853, p. 216 et 310.‬‬
‫والوضوح قد ال يكون مطلوب المتكلّم في بعض األحيان‪ .‬وتعقد كتب المنطق مبحثا لهذا األمر هو مبحث‬
‫شيخ مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ ،1995 ،‬ص‬ ‫المغالطات (انظر مثال‪ :‬ال ّ‬
‫‪ 425‬وما بعدها)‪ .‬ومثال المغالطات‪ ،‬وبالتّحديد ما يس ّمى منها بمغالطات المماراة‪" ،‬قول عقيل ل ّما طلب منه‬
‫معاوية بن سفيان أن يعلن سبّ أخيه علي بن أبي طالب عليه السّالم‪ ،‬فصعد المنبر وقال‪ :‬أمرني معاوية أن‬
‫أسبّ عليّاً؛ أال فالعنوه‪ .‬وهذا اإليهام جاء من جهة اشتراك عود الضّمير‪ ،‬فأظهر أنّه استجاب لدعوة معاوية وإنّما‬
‫قصد لعنه‪ .‬ومثل هذا جواب من سئل‪ :‬من أفضل أصحاب رسول هللا صلّى هللا عليه وآله بعده؟ فقال‪َ :‬م ْن ِّب ْنته في‬
‫كرم هللا وجهه ‪/‬‬ ‫ي بن أبي طالب ّ‬ ‫ب ْيتِّه" (م س‪ ،‬ص ‪ )427‬يحتمل‪ :‬من بنت رسول هللا في بيته‪ ،‬ويكون عندها عل ّ‬
‫يحتمل‪ :‬من بنته في بيت رسول هللا‪ ،‬ويكون عندها أبو بكر أو عمر رضي هللا عنهما‪ .‬ويمكن إضافة مثال من‬
‫الرئيس المنتهية واليته أم مع‬ ‫الرئاسيّة‪ ،‬أمع ّ‬ ‫قد يسأل في تونس سنة ‪ :2009‬مع من سيكون في االنتخابات ّ‬
‫الرئيس المنتهية واليته تس ّمى فترة‬ ‫أن فترة ّ‬‫شح من المعارضة؟ فيجيب‪ :‬أنا مع التّغيير (ينبغي التّنبيه إلى ّ‬ ‫مر ّ‬
‫أن المجيب‬ ‫فإن الجواب يحتمل ّ‬ ‫أن المسؤول يخشى السّائل‪ .‬لذا ّ‬ ‫الرئيس‪ ،‬وإلى ّ‬ ‫أن السّائل مع هذا ّ‬ ‫التّغيير‪ ،‬وإلى ّ‬
‫ألن فترته تس ّمى فترة التّغيير‪ ،‬ويحتمل أنّه أراد أ ّنه مع تغيير هذا‬ ‫أراد منه أنا مع ال ّرئيس المنتهية واليته ّ‬
‫‪5‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شكليّة – ينبغي أن تسير كعمليّة‬ ‫فعمليّة التّعبير عن التّفكير إذن – وهي العمليّة ال ّ‬
‫التّفكير نفسها وفق نظام لكي تكون سليمة ولكي تح ِّقّق نتيجتها‪.‬‬
‫‪ ―.3‬منهجيّة التّفكري ومنهجيّة التّعبري أو البالغة‪.‬‬
‫وعليه فالمنهجيّة قسمان‪ :‬منهجيّة للتّفكير (أو منهجيّة للمعنى)‪ ،‬ومنهجيّة للتّعبير‬
‫عن التّفكير‪7‬؛ منهجيّة لألصل‪ ،‬وأخرى لل ّ‬
‫شكل‪.8‬‬
‫يجب ات ّباع القواعد الواردة‬ ‫لكي يكون الت ّفكير سليما‬
‫الت ّفكير‪:‬‬
‫في منهج ّية الت ّفكير‪.‬‬ ‫ونتائجه صحيحة‪،‬‬
‫عمل ّية‬
‫يجب ات ّباع القواعد الواردة‬ ‫لكي يؤدّي الت ّعبير الغاية‬ ‫الت ّعبير ع ّما وقع‬
‫في منهجيّة الت ّعبير‪.‬‬ ‫منه وال يكون عبثا‪،‬‬ ‫الت ّفكير به‪:‬‬

‫شكل لها اسم آخر‪ :‬البالغة (‪ .9)rhétorique‬بل‬ ‫ومنهجيّة التّعبير أو منهجيّة ال ّ‬


‫إن اسم البالغة كان يطلق ويدخل تحته ما هو أصلي‪.10‬‬ ‫ّ‬
‫ولقد كان باإلمكان االكتفاء في العنوان بعبارة المنهجيّة‪ ،‬إالّ أنّنا رأينا ّ‬
‫أن إتباعها‬
‫بعبارة البالغة‪ 11‬يسمح‪ :‬من جهة باإلشارة إلى عالقة بحثنا بكتابات قديمة‬

‫الرئيس)‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطبعة الثّانية‬‫صادرة في بيروت (‪ .)2010‬ويشاء هللا أن تن َجز ّ‬ ‫الطبعة األولى ال ّ‬‫مالحظة‪ :‬ما جاء للت ّ ّو قيل في ّ‬
‫بالرئيس المتحدَّث عنه ومن ث ّم في تغييره‪.‬‬ ‫وقد حدثت في تونس ثورة نجحت في ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬في اإلطاحة ّ‬
‫انظر أيضا ً حول المغالطة‪ :‬هادي فضل هللا‪ ،‬مقدّمات في علم المنطق‪ ،‬دار الهادي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1423 ،2‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 2003‬م‪ ،‬ص ‪ 382‬وما بعدها؛ ‪John Stuart Mill, préc., Livre V : Le sophisme ; Ad. Franck,‬‬
‫‪Esquisse d’une histoire de la logique, Librairie classique de L. Hachette, Paris, s. d.,‬‬
‫‪p. 174 et s.‬‬
‫أن غرض المتكلّم البيان‪ ،‬لكنّه قد يخالف هذا األصل متى كان اإلبهام غرضا مقصودا مطلوبا‪.‬‬ ‫وهكذا فاألصل ّ‬
‫شاوش‪،‬‬ ‫بعبارة ابن جنّي في الخصائص‪ :‬البيان يصلحه ويفسده غرض المتكلّم‪ .‬وكذلك شأن اإلبهام‪ .‬مح ّمد ال ّ‬
‫ص"‪ ،‬جامعة منّوبة‪ .‬كلّيّة اآلداب– منّوبة‪/‬‬ ‫أصول تحليل الخطاب في ال ّنظريّة النّحويّة العربيّة‪ .‬تأسيس "نحو ال ّن ّ‬
‫المؤسّسة العربيّة للتّوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،1‬ج ‪ ،2‬ص ‪.1157‬‬
‫‪ 7‬حول المنهجيّة بقسميها انظر‪Jean-Louis Bergel, Méthodologie juridique, P.U.F., Paris, :‬‬
‫‪1re éd., 2001.‬‬
‫نص – عن مراحل ثالث‪ :‬االكتشاف (أي‬ ‫يخص بناء ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن كتب المنهجيّة والبالغة تتحدّث – فيما‬ ‫‪ 8‬سنرى الحقا ً ّ‬
‫أن االكتشاف استق ّل وصار علما ً قائما ً‬ ‫التّفكير)‪ ،‬والتّرتيب (ترتيب ما وقع التّفكير به)‪ ،‬والتّعبير‪ .‬كما سنرى ّ‬
‫بذاته‪ .‬وهذا الكتاب هو للمنهجيّة بعد أن خرج منها االكتشاف‪ .‬ولقد جمعنا ما بقي ال تحت عنوان التّرتيب‬
‫والتّعبير بل تحت عنوان التّعبير عن التّفكير (أي أنّنا جمعنا التّرتيب والتّعبير المتحدّث عنه في كتب المنهجيّة‬
‫والبالغة تحت عنوان‪" :‬التّعبير عن الت ّفكير")‪.‬‬
‫ّ‬
‫ي موضوع)‪ .‬لكن ت ّم التوسّع في‬ ‫ّ‬
‫تقابل كلمةَ بالغة عبارة ‪Rhétorique‬؛ وتعني في أصلها فن التكلم (في أ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪9‬‬

‫ي موضوع)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫معناها ليشمل أيضا فن الكتابة (في أ ّ‬
‫فن الت ّ ّ‬
‫كلم‪.‬‬ ‫وفي هذا االتّجاه يقول "أ‪ .‬بارون" (‪" :)A. Baron‬بحسب أصلها [‪ ]...‬ال تعني (عبارة البالغة) إالّ ّ‬
‫فن الكتابة‪ ،‬أيّا كان الموضوع المدروس"‪A. Baron, .‬‬ ‫لكن معنى اللفظة تغيّر وتوسّع وصار يفيد اليوم ك ّل ّ‬ ‫ّ‬
‫‪préc., p. 387.‬‬
‫‪ 10‬انظر ما سيأتي في الفقرة عدد ‪ 4‬و‪.12‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪6‬‬

‫تستعمل هذه العبارة‪ ،‬ومن جهة أخرى باإلشارة إلى عالقته بسياق فكري‬
‫معاصر يسعى إلى تحيين مسألة البالغة‪.‬‬
‫‪ ―.4‬ميدان املنهجيّة أو البالغة عامٌّ‪.‬‬
‫ي دون‬
‫تختص بحقل معرف ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬ال‬ ‫ي وال ّ‬
‫شكل ّ‬ ‫والبالغة أو المنهجيّة‪ ،‬بجانبيها األصل ّ‬
‫آخر‪ .‬وإلى شيء من هذا أشار واحد من أقدم وأه ّم من كتب في المسألة‪:‬‬

‫"مادّة البالغة‪ ،‬حسب البعض‪ ،‬يه اخلطاب [‪ ]...‬فاذا كنّا نعين ابخلطاب متتالية من اللكامت‬
‫معّي‪ ،‬فلن يكون هذا مادّة بل فعل البالغة‪ ،‬كام أأ ّن التّمثال فعل النّ ّحات أل ّن‬
‫حول موضوع ّ‬
‫الفن‪ .‬لكن اذا عنينا ابلبالغة اللكامت يف ذاهتا‪ ،‬فهذه ال تعدّ شيئا اذا‬‫اخلطاب اكلتّمثال نتاج ّ‬
‫فصلناها عن ا ألفاكر اليت تس ندها‪ .‬و ّمث أخرون يرون مادّة البالغة يف احلجج اليت ّ‬
‫خاصيهتا‬
‫فالفن هو اذلي خيلقها ويه حباجة اىل املادّة‬ ‫لكن احلجج يه أأيضا جزء من الفعل‪ّ ،‬‬ ‫االقناع‪ّ .‬‬
‫لك املواضيع اليت‬ ‫[‪ ]...‬ابلنّس بة ا ّيل – ولن أأعدم ُسلطات لفائدة قويل – مادّة البالغة يه ّ‬
‫تُدعى للتّحدّث عهنا"‪.12‬‬

‫‪ ―.5‬ميدان املنهجيّة أو البالغة يف هذا الكتاب خاصٌّ‪.‬‬


‫لكن ما يعني هذا العمل‪ ،‬ليس جميع الحقول واالختصاصات‪ ،‬بل أحدها فحسب‬
‫هو اختصاص القانون‪.‬‬
‫إن ما يعني هذا العمل‪ ،‬ليس جميع جوانب المنهجيّة والبالغة في اختصاص‬ ‫ث ّم ّ‬
‫شكل أو جانب التّعبير‪ .‬فللمنهجيّة – منهجيّة‬
‫القانون‪ ،‬بل أحدها فقط هو جانب ال ّ‬

‫شعريّة" ‪A. ( Poétique‬‬ ‫‪ 11‬بل يمكن إضافة لفظ ثالث يعتبره البعض مرادفا للبالغة؛ واللفظ المقصود هو "ال ّ‬
‫ّ‬
‫‪ .)Baron, préc., p. 151‬بعبارة واحدة يمكن استعمال "المنهجيّة القانونيّة" و"البالغة القانونيّة" و"الشعريّة‬
‫القانونيّة" على أنّها لمعنى واحد‪.‬‬
‫‪"La matière de la rhétorique, selon quelques-uns, est le discours […] Si, par 12‬‬
‫‪discours, on entend une suite de paroles sur un sujet quelconque, ce ne sera pas là la‬‬
‫‪matière, mais l’œuvre de la rhétorique, comme la statue l’œuvre d’un statutaire ; car‬‬
‫‪un discours est un produit de l’art comme une statue. Mais si l’on entend par ce‬‬
‫‪terme les mots mêmes, ceux-ci ne sont rien, séparés des idées qui les soutiennent.‬‬
‫‪D’autres voient la matière de la rhétorique dans des arguments propres à‬‬
‫‪convaincre ; mais eux aussi sont une partie de l’œuvre ; c’est l’art qui les crée et ils‬‬
‫‪ont besoin de matière […] Pour moi j’estime - et je ne manque pas d’autorités - que‬‬
‫‪la rhétorique a pour matière tous les sujets sur lesquels elle sera appelée à parler".‬‬
‫‪Quintilien, Institution oratoire. Texte revu et traduit avec introduction et notes par‬‬
‫‪Henri Bornecque, éd. Garnier Frères, Paris, s.d., p. 288 et 289.‬‬
‫‪7‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ضعت هذه‬ ‫شكل في القانون –‪ ،‬و ِّ‬‫التّعبير في القانون –‪ ،‬وللبالغة – بالغة ال ّ‬


‫الدّراسة‪.‬‬
‫وأكثر م ّما سبق‪ ،‬ما يعني هذا العمل ليس جميع فروع منهجيّة وبالغة التّعبير‬
‫في القانون‪ ،‬بل أحدها فحسب‪ ،‬وهو ذاك المتعلّق بالمواضيع‪.13‬‬
‫‪ ―.6‬ميدان املنهجيّة أو البالغة يف هذا الكتاب خاصّ‪ ،‬لكن ‪...‬‬
‫صة‬
‫والمنهجيّة‪ ،‬منهجيّة المواضيع القانونيّة (أو البالغة القانونيّة الخا ّ‬
‫بالمواضيع)‪ ،‬ال تختلف كثيرا عن منهجيّة المواضيع في اختصاصات أخرى من‬
‫آداب‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬وعلم اجتماع‪ ،‬وعلم اقتصاد‪ ،‬وغير ذلك‪.14‬‬
‫صة االمتحانات في اإلجازة‪ ،‬وبالتّحديد‬ ‫إن من يقول «مواضيع» تحضره خا ّ‬ ‫ث ّم ّ‬
‫الكتابيّة منها‪ .‬لكن تنبغي اإلشارة هنا إلى أمور‪:‬‬
‫أن مواضيع االمتحانات متعدّدة وترجع كلّها إلى‬ ‫األول‪ ،‬فيتمثّل في ّ‬
‫فأ ّما األمر ّ‬
‫ي (وهنا نجد التّعليق على قرار –‬ ‫ي (وهنا نجد المقالة) والتّطبيق ّ‬‫نوعين‪ :‬النّظر ّ‬
‫االستشارة القانونيّة – إلخ)‪ .‬وهذا العمل سيه ّم هذين النّوعين معاً‪.‬‬
‫الرسم التّالي‪:‬‬
‫‪ 13‬يمكن اإلتيان بفروع وأقسام المنهجيّة القانونيّة في ّ‬
‫القسم المتعلّق بالت ّفكير‬
‫سياسة الت ّشريعيّة)‬ ‫(ما يس ّمى بال ّ‬

‫القسم المتعلّق بالت ّعبير‬ ‫المنهجيّة الت ّشريعيّة‬


‫القانوني‪ ،‬واختيار جمله‬
‫ّ‬ ‫(كيف ّية صياغة النّ ّ‬
‫ص‬
‫من خبريّة أو إنشائيّة‪ ،‬وداخل اإلنشائيّة من‬
‫زجريّة أو بعثيّة‪ :‬أي ما يس ّمى بالت ّقنية‬
‫الت ّشريعيّة)‬

‫القسم المتعلّق بالت ّفكير‬


‫المنهجيّة القانونيّة‬
‫المنهجيّة االقضائيّة‬
‫القسم المتعلّق بالت ّعبير‬

‫القسم المتعلّق بالت ّفكير‬


‫المنهجيّة الفقهيّة‬
‫القسم المتعلّق بالت ّعبير‬
‫(هذا هو الذي يه ّم عملنا)‬
‫انظر حول مختلف مباحث المنهجيّة القانونيّة المراجع الواردة في كتاب‪Jean-Louis Bergel, préc., p. :‬‬
‫‪36 et p. 41 à 43.‬‬
‫‪ 14‬انظر المراجع التي سترد داخل العمل‪.‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪8‬‬

‫أن ما سيقال هنا حول المواضيع المكتوبة‬ ‫وأ ّما األمر الثّاني‪ ،‬فيتل ّخص في ّ‬
‫ي منهجيّته؛ لكن في هذه‬ ‫شفويّة‪ .‬نعم للموضوع ال ّ‬
‫شفو ّ‬ ‫ينسحب على المواضيع ال ّ‬
‫ي؛ فإذا‬
‫ي مع الموضوع الكتاب ّ‬ ‫المنهجيّة قسم يشترك فيه الموضوع ال ّ‬
‫شفو ّ‬
‫تعرضنا بنفس المناسبة إلى‬
‫ي‪ ،‬نكون قد ّ‬ ‫تعرضنا إلى منهجيّة الموضوع الكتاب ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫قسم من منهجيّة الموضوع ال ّ‬
‫شفو ّ‬

‫ي‪Henri Mazeaud, Méthodes de travail, :‬‬ ‫شفو ّ‬ ‫‪ 15‬انظر مثال حول منهجيّة الموضوع ال ّ‬
‫‪Monchrestien, Paris, 1993, n° 47 et s. ; Ahmed Hosny, Méthodologie de la‬‬
‫‪compréhension et de l’explication de texte avec exercices corrigés, C.P.U., Tunis,‬‬
‫‪2000, p. 66 ; Denis Baril, Technique de l’expression écrite et orale, Dalloz, Paris,‬‬
‫‪2008, p. 311 et s. ; Helene S. Shapo, Marilyn R. Walter and Elisabeth Fajans,‬‬
‫‪Writing and analysis in the law, Fondation Press, New York, 2003, p. 453.‬‬
‫وإن أه ّم مشكل يواجهه من يقف أمام لجنة امتحان‪ ،‬وعموما من يتكلّم شفويّا أمام غير سيحاسبه على ما يقول‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إن‬‫أن ما به حال طبيعي‪ :‬يقول أرسطو ّ‬ ‫هو التّهيّب والخوف (‪ .)Le trac‬وينبغي على هذا المتكلّم أن يعلم ّ‬
‫الخطيب الذي ال يخاف هو شخص غير مسؤول وينبغي أن يمنع من الخطابة‪ .‬بل يمكن أن نزيد فنقول لمن يقف‬
‫ألن كالّ منهم سيتكلّم‬
‫إن أعضاءها – إن كانوا مسؤولين طبعا – سيكونون بدورهم على نفس الحال‪ّ ،‬‬ ‫أمام لجنة ّ‬
‫يتكون من أمرين‪ :‬فأ ّما‬
‫ي– ّ‬ ‫أمام الغير‪ .‬والعالج الوحيد للتّهيّب – ك ّل تهيّب سواء كان في امتحان شفو ّ‬
‫ي أو كتاب ّ‬
‫األول فهو اإلعداد الجيّد قبل االمتحان إلى أن يصل المرء إلى هذه القناعة‪ :‬أنّه فعل ك ّل ما عليه وأنّه لم‬ ‫األمر ّ‬
‫يعد مسؤوال من هذه الجهة‪ :‬جهة اإلعداد‪ .‬وأ ّما األمر الثّاني فهو االنغماس كلّيّا فيما هو بصدده من فعل اتّصال‬
‫فن اإللقاء‬‫غلب على الخوف وردت في ص ‪ 278‬من كتاب‪ :‬طارق مح ّمد السويدان‪ّ ،‬‬ ‫بالغير (انظر مراجع للت ّ ّ‬
‫الرائع‪ ،‬اإلبداع الفكري‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪ 1424 ،1‬هـ – ‪ 2003‬م‪ .‬وانظر داخل الكتاب إلى طرق تسمح بالتّعامل‬ ‫ّ‬
‫مع الخوف‪ :‬ص ‪ 116‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضاً‪Dominique Chassé et Richard Prégent, Préparer :‬‬
‫– ‪et donner un exposé, Presses internationales polytechniques, Montréal – Québec‬‬
‫‪. )Canada, 2e éd, 2007, p. 39 et s.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي فعلى المتكلم أن يعلم أن لديه وسيلتين للتواصل‪ :‬األلفاظ‬ ‫هذا بالنّسبة إلى ك ّل امتحان‪ ،‬أ ّما في االمتحان الشفو ّ‬
‫ّ‬
‫وجسده (انظر إلى ما سيأتي بالفقرة عدد ‪ 11‬من حديث عن خمسة مراحل‪ :‬ثالثة منها يشترك فيها الموضوع‬
‫ي)‪.‬‬‫شفو ّ‬ ‫صان الموضوع ال ّ‬ ‫ي؛ واثنان يخ ّ‬ ‫شفو ّ‬‫ي وال ّ‬
‫الكتاب ّ‬
‫فأ ّما عن األلفاظ فينبغي أن يكون أسلوب صياغتها أسلوبا شفويّا‪ .‬ث ّم ينبغي أن ينطق بها بصوت مسموع‪،‬‬
‫أن النّاس يتفاوتون في‬ ‫ومفهوم‪ ،‬وغير رتيب‪ ،‬ليس صياحا لك ّنه ليس همسا‪( ،‬إلخ‪ .).‬وهنا ال بدّ من مالحظة ّ‬
‫صوت الجهوري وغير ذلك أن‬ ‫امتالك صوت على النّحو المطلوب‪ .‬لذا على من ح ِّرم العطاء المتمثّل في ال ّ‬
‫الطبيعة‪ .‬إالّ أ ّنه من المه ّم أن ال يصل إلى الحدود التي تصبح فيها طريقة نطقه مصطنعة‪.‬‬ ‫سِّن م ّما وهبته ّ‬ ‫يح ّ‬
‫ّ‬
‫بعبارة أخرى عليه أن يحسّن من طبيعة ما عنده مع اإلبقاء على تلك الطبيعة (انظر‪Dominique Chassé :‬‬
‫‪.)et Richard Prégent, préc., p. 40, 44, 45,etc.‬‬
‫وأ ّما الجسد‪ ،‬وعموما الهيئة‪ ،‬فينبغي ّأوال استغاللها لكي تساعد األلفاظ في اإلبالغ‪ .‬وينبغي ثانيا أن تكون في‬
‫فالجلسة مثال وحركات اليد وتقاسيم الوجه‬ ‫تناسب مع القول‪ .‬والقول موضوعه علمي؛ أي هو أمر جدّي‪ .‬وعليه ِّ‬
‫والنّظرة وغير ذلك ينبغي أن تكون بدورها ِّج ِّدّيّة‪ .‬بعبارة أخرى ينبغي أن ال يحصل ما تحدّث عنه أحدهم‪ :‬شفاه‬
‫تقول نعم؛ وعين تقول ربّما‪ .‬وال يتّسع المقام ألن نذكر هنا ما هي حركات اليد التي تساعد األلفاظ وتترجم‬
‫الجلسة التي تترجم الوقار وما هي التي ال تترجمه‪،‬‬ ‫الجدّية وما هي الحركات التي ال تساعد وال تترجم‪ ،‬ما هي ِّ‬
‫سِّن منها نعم‪ ،‬لكن ال ينسلخ‬ ‫إلخ‪ .‬إالّ أنّه ينبغي التّنبيه هنا أيضا إلى أنّه على المتكلّم أن يبقى على طبيعته‪ :‬يح ّ‬
‫شكل جزء من عمليّة اإلبالغ ومن ث ّم من عمليّة سنتناولها الحقا هي عمليّة الحِّ جاج‪ .‬لكن ث ّم‬ ‫عنها‪ .‬وهكذا فال ّ‬
‫فارق بين الحِّ جاج من جهة واالستعمال (‪ )manipulation‬واإلغراء (‪ )séduction‬من جهة أخرى‪ .‬ففي‬
‫لحريّة المتلقّي‪ .‬أ ّما في االستعمال‬
‫الحِّ جاج‪ ،‬نجد الحجج بيّنة وداخلة في الموضوع (إلخ‪ .).‬وعليه نجد احتراما ّ‬
‫شكل عمال مشروعا‪ .‬أ ّما االستعمال واإلغراء فيعدّ‬ ‫واإلغراء فال نجد ما سبق‪ .‬لذا يعدّ الحِّ جاج بالمضمون وبال ّ‬
‫عمال من أعمال العنف المعنوي (انظر ما سيأتي في الفقرة عدد ‪.)14‬‬
‫شكل إلى مواجهة أمرين‪ :‬عدم‬ ‫مدعو من خالل المضمون وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن المتكلِّّم شفويّا‬
‫وقد ينبغي أن نختم باإلشارة إلى ّ‬
‫انتباه السّامع ونسيانه‪ .‬والمطلوب أن يكسب في المواجهتين‪.‬‬
9 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

)‫أن ما سيقال هنا حول نوع من المواضيع (المقالة‬ ّ ‫ فمفاده‬،‫وأ ّما األمر الثّالث‬
‫ فهذان البحثان‬.16‫ينسحب على مذ ّكرات "الماجستير" وأطروحات الدّكتوراه‬
.17‫ ومن ث ّم أكثر عمقا‬،‫هما في نهاية المطاف مقالة وإن كانا أكثر تفصيال‬

.132 ‫ي ما سيأتي بهامش من هوامش الفقرة عدد‬ ّ ‫انظر أيضا حول الموضوع ال‬
ّ ‫شفو‬
:ً‫ انظر أيضا‬.‫ الوارد ذكره منذ قليل‬،‫الرائع‬ ّ ،‫فن اإللقاء كتاب طارق مح ّمد السويدان‬
ّ ‫فن اإللقاء‬ ّ ‫وانظر حول‬
،‫ المكتب الجامعي الحديث‬،‫ كيفيّة كتابة األبحاث العلميّة والقانونيّة وإعداد المحاضرات‬،‫محيي مح ّمد مسعد‬
.‫ وما بعدها‬121 ‫ ص‬،2009 ،‫اإلسكندريّة‬
Dominique Chassé et Richard Prégent, préc., p. 79. :‫وانظر قائمة المراجع الواردة في كتاب‬
:)‫تتمثّل القائمة فيما يلي (سنوردها كما جاءت‬
ANHOLT, Robert R. H. Dazzle’Em with style : the Art of Oral Scientific
Presentation, New York, W.H. Freeman, 1994.
BÉNICHOUX, Roger. Guide de la communication médicale et scientifique :
comment écrire, comment dire (en français et en anglais), 3e éd., Montpellier
(France), Sauramps, 1997.
FLETCHER, Leon. How to design and deliver speeches, 8 th ed., Boston, Allyn and
Bacon, 2003.
GIRARD, Francine. Apprendre à communiquer en public, 2e éd. rev. et corr., Mont
Saint-Hilaire (Québec), La Lignée, 1985.
GRENIER, Susane, BÉRARD Sylvie (sous la direction de Sophie Malavoy). Guide
pratique de la communication scientifique : comment captiver son auditoire.
Montréal, Association francophone pour le savoir – Acfas, 2002.
HUBA, Mary E., FREED, Jann E. Learner-Centerd Assessment on college
Campuses : Shifting the focus to learning, Boston, Allyn and Bacon, 2000.
KENNY, Peter. A Hand Book of Public Speeking for scientists and Engineers,
Bristol (Grande Bretagne), Adam Hilger, 1982.
SERVICE DE PÉDAGOGIE UNIVERSITAIRE DES FACULTÉS
UNIVERSITAIRES NOTRE-DAME DE LA PAIX DE NAMUR. « Le (power)
point sur les logiciels de présentation ». Réseau, n° 55 (aout 2004), [en ligne].
[http://www.det.fundp.ac.be/spu/arch_reseau.htm] (recupéré le 27 mai 2005).
STEVEN, Dannelle D., LEVI, Antonia J. Introduction to rubrics : an Assesment
Tool to save Grading Time, Convey Effective Feedback and Promote Student
Learning. Sterling (Virginia), Stylus Publishing, 2005.
VILLENEUVE, Stéphane. « Les logiciels de présentation en pédagogie : efficacité
de l’utilisation des logiciels de présentation en pédagogie universitaire », Revue
internationale des technologies en pédagogie universitaire 1 (1), 2004 [en ligne]
[http://www.profetic.org/revue] (recupéré le 27 mai 2005).
WIGGINS, Grant, Educative Assessment : Designing Assessments to Inform and
Improve Student Performance, San Francisco, Jossey-Bass, 1998.
"‫ واآلن أصبح يقال "أطروحة‬،)dissertation doctorale( "‫ في السّابق كان يقال "مقالة دكتوراه‬16
Marc Lemieux, La récente popularité du plan en deux parties, R.R.J :‫ انظر‬.« Thèse »
1987-3, p. 825, note n° 3.
Adolphe :)dissertation originale( "‫ "مقالة أصليّة‬:‫انظر أيضا ً من يتحدّث عن األطروحة كـ‬
Nysenholc et Thomas Gergely, Information et persuasion. Argumenter, De Boeck
Université, Bruxelles, 2 e éd., 2000, p. 53.
‫ وأن تتّخذ‬،‫للطلبة في مرحلة الماجستير والدّكتوراه دروس في منهجيّة البحث عموما‬ ّ ‫ ينبغي أن تعطى‬17
‫ حول مثل هذه الدّروس وصعوباتها‬.‫االستراتيجيّات الالّزمة لجعلهم يهت ّمون بها مثل اهتمامهم بمواضيع بحوثهم‬
‫املقدّمة‬ ‫‪10‬‬

‫أن ما سيقال هنا حول أغلب أنواع المواضيع‬ ‫الرابع‪ ،‬فحاصله ّ‬ ‫وأ ّما األمر ّ‬
‫صصة أو في الكتب‬ ‫ينسحب على ما ينشر من بحوث قانونيّة في المجالّت المتخ ّ‬
‫(إلخ‪ .).‬فالمقالة أو التّعليق على قرار (إلخ‪ ).‬الذي ينشر في مجلّة مثال ال يختلف‬
‫في شيء – من زاوية متطلّبات منهجيّة التّعبير – عن المقالة أو التّعليق‪( 18‬إلخ‪).‬‬
‫الذي يؤتى به في امتحان من امتحانات اإلجازة‪.‬‬
‫على هذا‪ ،‬فما يمكن أن يعنيه عملنا واسع‪ :‬مواضيع االمتحانات‪ ،‬النظريّة‬
‫شفويّة والكتابيّة؛ ومذ ّكرات "الماجستير" وأطروحات الدّكتوراه؛‬ ‫والتطبيقيّة‪ ،‬ال ّ‬
‫صصة‪ .‬بل يمكن لهذا العمل – كما قيل‬ ‫والبحوث التي تنشر في المجالّت المتخ ّ‬
‫– أن يعني المواضيع في اختصاصات غير اختصاص القانون‪.‬‬

‫في غير‬ ‫الت ّفكير‬


‫مذكّرات الماجستير وأطروحات‬ ‫اختصاص‬ ‫منهجيّة‬
‫الدّكتوراه‬ ‫القانون‬ ‫الت ّعبير عن‬
‫الت ّفكير‬
‫البحوث التي تنشر في المجالّت‬ ‫في اختصاص‬
‫المتخصّصة أو في الكتب (إلخ‪).‬‬ ‫القانون‬

‫مواضيع االمتحانات‬

‫انظر‪Suzanne Mainville, Exploration d'une méthodologie du diagnostic des :‬‬


‫‪difficultés dans le cadre d'un cours de méthodologie de la recherche en éducation,‬‬
‫‪Thèse présentée à la Faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de‬‬
‫‪Philosophiæ Doctor (Ph. D.) en éducation, option fondements de l'éducation,‬‬
‫‪Université de Montréal. Département d'études en éducation et d'administration de‬‬
‫‪l'éducation. Faculté des sciences de l'éducation, avril 1997.‬‬
‫‪ 18‬من هذه ّ‬
‫الزاوية ال يتعارض ما قلناه مع الكالم الوارد في هذين المقتطفين‪:‬‬
‫"ال ينبغي خلط التّعليق على قرار‪ ،‬الذي له وظيفة تعليميّة‪ ،‬مع المالحظات (‪ )notes - observations‬التي‬
‫نجدها كثيرا‪ ،‬بعد القرارات‪ ،‬في مصنّفات فقه القضاء‪ .‬هذه المالحظات هي قبل ك ّل شيء عمل أساتذة ومهنيّين‬
‫حريّة‪ ،‬األفكار التي‬ ‫ّ‬
‫والمؤلف يعرض‪ ،‬كما يريد وبك ّل ّ‬ ‫صين في المسألة التي أصدر القضاء في شأنها حكما‪.‬‬ ‫مخت ّ‬
‫ّ‬
‫كالطالب مقيّدا ببرنامج دراسي وال‬ ‫يوحي له بها جانب أو جوانب من الح ّل المعطى‪ .‬فالمعلّق (‪ )arrêtiste‬ليس‬
‫صادر"‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, Le .‬‬ ‫هو ملزم بتحليل ك ّل عناصر القرار ال ّ‬
‫‪commentaire d’arrêt en droit privé. Méthodes et exemple, Dalloz, Paris, 7 e éd., 2004,‬‬
‫‪p. 2 et 3.‬‬
‫الطلبة يشبه المالحظات التي ينشرها األساتذة والمهنيّون في‬ ‫"التّمرين (التّعليق على قرار) الذي يكلَّف به ّ‬
‫صة على مستوى كونه يدرس محتوى القرار وال شيء غيره؛ أ ّما من‬ ‫مصنّفات فقه القضاء‪ .‬لكنّه يختلف عنها خا ّ‬
‫يؤلّفون المالحظات‪ ،‬فيمكنهم أن يختاروا المسائل التي يتناولونها"‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, .‬‬
‫‪Les épreuves écrites en droit civil, L.G.D.J., Paris, 9e éd., 2001, p. 148. V. aussi p.‬‬
‫‪150 et s.‬‬
‫‪11‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫لكن تنبغي التّفرقة بين ما يمكن أن يعنيه هذا العمل وما سيكون الموضوع‬
‫المباشر للخطاب في هذا العمل‪ .‬نعم العمل يمكن أن يعني جميع ما تقدّم‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن‬
‫الخطاب فيه لن يتو ّجه مباشرة إالّ إلى‪ :‬مواضيع امتحانات اإلجازة في القانون‪،‬‬
‫الكتابيّة‪ ،‬النّظريّة والتّطبيقيّة‪.‬‬
‫العمل الذي سنقوم به‬ ‫الخطاب المباشر سيه ّم بعض ما يكت َب‬
‫يه ّم جميع ما يكتب في‬ ‫في اختصاص القانون‪ :‬مواضيع‬
‫اختصاص القانون‬ ‫امتحانات اإلجازة في القانون‪،‬‬
‫الكتابيّة‪ ،‬النّظريّة والت ّطبيقيّة‪.‬‬

‫العمل الذي سنقوم‬


‫به يه ّم عدّة‬
‫اختصاصات‬

‫‪ ―.7‬املطلوب يف فعل الكتابة‪.‬‬


‫ضيّقة – دائرة مواضيع امتحانات اإلجازة في القانون‪ ،‬الكتابيّة‪،‬‬ ‫في هذه الدّائرة ال ّ‬
‫النّظريّة والتّطبيقيّة – ينبغي اتّباع ما تقوله منهجيّة التّعبير والتّقيّد به؛ بل ينبغي‬
‫أن ما يقوم به سيخضع لرقابة‬ ‫على من يكتب موضوع امتحان أن يستشعر دوما ً ّ‬
‫دقيقة ومتشدّدة وقاسية‪ ،‬وأن ال ينتظر إقالة لعثراته‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬على من يكتب موضوع امتحان أن يستمع للجاحظ ‪ ،‬كما لو ّ‬
‫أن‬ ‫‪19‬‬

‫الجاحظ عناه مباشرة‪:‬‬

‫"ينبغي ملن كتب كتااب أأالّ يكتبه االّ عىل أأ ّن النّاس لكّهم هل أأعداء‪ ،‬ولكّهم عامل اب ألمور‪ ،‬ولكّهم‬
‫متفرغ هل"‪.20‬‬
‫ّ‬

‫‪( 19‬أبو عثمان عمرو بن بحر) الجاحظ‪ ،‬كتاب الحيوان‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد السّالم مح ّمد هارون‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1969 ،3‬ج ‪ ،1‬ص ‪.88‬‬
‫والعدو يحذر منه‪ .‬فإذا زاد وفهم عن‬
‫ّ‬ ‫عدواً؛‬
‫‪ ... 20‬إذن‪ ،‬على الممت َحن‪ ،‬إن سمع للجاحظ‪ ،‬أن يعتبر الممتحِّ ن ّ‬
‫"كانتيليان" (‪ ،)Quintilien‬عليه أن يحذر حتّى إذا كان الممتحِّ ن صديقاً‪ :‬ث ّم من يظلم‪ ،‬لكي يبدو (أمام ال ّناس)‬
‫عادال‪.‬‬
‫وبالفعل "نصح «كانتيليان» بالحذر حين يكون القاضي صديقا‪ :‬هنالك قضاة دون ضمير يظلمون لكي يبدو أنّهم‬
‫ال يظلمون"‪Quintilien, Vol. II, Liv. IV, chap. I, § 18, cité par : Chaïm Perelman et .‬‬
‫‪Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 608.‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪12‬‬

‫وعلى من يكتب موضوع امتحان أن يصغي لـ‪" :‬سيسرون" (‪ ،)Cicéron‬كما‬


‫لو ّ‬
‫أن "سيسرون" تحدّث عنه‪:‬‬

‫لك النّاس‪ ،‬هلم نظرة لعيوب املتلكّم أأكرث ِحدّ ة و أأكرث نفاذا من نظرهتم‬
‫لك النّاس‪ ،‬أأو تقريب ًا ّ‬
‫" ّ‬
‫حملاس نه‪ :‬فأأق ّل نقيصة متحو أأمجل الفضائل" ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫الرجل‬ ‫أي على من يكتب أن يعرف ما معنى إتيان فعل الكتابة‪ ،‬تماما ً كما َ‬
‫عرف ّ‬
‫األس َْود ما معنى أن يكون أس َْوداً‪:‬‬

‫السواد هو أأمر ّ‬
‫يسء مبا‬ ‫عيل ّمرات عديدة أأ ّن ّ‬
‫تكرر أأ ّمي ّ‬
‫"لقد مسعت كثريا هذا التّفكري‪ .‬أأمل ّ‬
‫لك النّاس‪ ،‬البيض و ّ‬
‫السود‪،‬‬ ‫فيه الكفاية ليك جيعلين أأجتنّب الوقوع يف أأصغر ا ألخطاء؟ نعم ّ‬
‫متّفقون عىل أأ ّن ا ألسود‪ ،‬وهو اذلي يدعو لونه لقليل من التّساهل‪ ،‬ال ميكن قبوهل االّ مىت‬
‫ترصف مكالك"‪.22‬‬
‫ّ‬

‫‪ ―.8‬اتّباع قواعد املنهجيّة وحتقيق الوضوح‪.‬‬


‫‪ ...‬ونحن سنكتب‪ .‬لذا علينا نحن أيضا‪ ،‬بل نحن ّأوالً‪ ،‬أن نسمع للجاحظ ولـ‪:‬‬
‫"سيسرون"(‪ ،)Cicéron‬وعلينا أن نعرف ما معنى إتيان فعل الكتابة‪ .‬بعبارة‬
‫مختصرة‪ :‬علينا أن نتقيّد بما سنورده من قواعد في منهجيّة التّعبير‪.‬‬
‫لذا ال فارق بين ما سنكتبه لقارئنا‪ ،‬وبين ما سوف يكتبه بعد ذلك قارئنا لقارئه‬
‫(قارئه هو من سيصلح االمتحان)‪ .‬فك ٌّل من الكتابتين يخضع لمنهجيّة واحدة ّ‬
‫ألن‬
‫كالّ من الكتابتين كتابة‪ .‬والكتابة غايتها‪ :‬البيان‪ ،‬والوضوح‪ ،‬وأن ت ْف َهم‪.23‬‬
‫والتقاء كتابتنا بكتابة قارئنا ال يعني أن ليس ث ّم اختالفا بينهما‪:‬‬

‫‪"Tout le monde, ou presque, a un regard plus vif et plus pénétrant pour les défauts 21‬‬
‫‪que pour les qualités de l’orateur. La moindre tache efface les plus beaux mérites".‬‬
‫‪Cicéron, préc., p. 59.‬‬
‫‪"J’ai souvent entendu ce raisonnement. Ma mère ne m’a-t-elle pas maintes fois 22‬‬
‫‪répété que c’est déjà assez mal que je sois noir pour éviter de commettre la plus‬‬
‫‪petite faute? Oui, je sais que tout le monde, Blanc et Noir, est d’accord sur le fait‬‬
‫‪qu’un nègre, appelant si peu d’indulgence de par sa couleur, n’est tolérable que dans‬‬
‫‪la mesure où il se comporte comme un saint". J. Zorel, La rue Cases Nègres, p. 292,‬‬
‫‪cité par : Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 439.‬‬
‫‪ 23‬جاء عند الجاحظ في حديثه عن معنى البالغة أن ث ّم من يقول‪ :‬من أفهمك حاجته فهو بليغ‪( .‬أبو عثمان عمرو‬
‫بن بحر)الجاحظ‪ ،‬البيان والتّبيين‪ .‬تحقيق فوزي عطوي‪ ،‬دار صعب‪ ،‬بيروت‪ ،1968 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪13‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صحيح أنّا هنا سنكتب‪ ،‬وبهذا العنوان ينبغي أن نتقيّد بما تفرضه المنهجيّة‪ّ .‬‬
‫لكن‬
‫أن غايتنا الوضوح‪ ،‬وبهذا العنوان لن نتقيّد بالمنهجيّة إذا لم تحقّق‬
‫صحيح أيضا ّ‬
‫ال ّ‬
‫ما نهدف إليه‪ .‬فاتّباع المنهجيّة من قِّبلنا سيدور وجودا وعدما مع تحقّق أو عدم‬
‫تحقّق الوضوح‪ .‬بعبارة أخرى سنتّبع في هذا العمل ما قاله‬
‫"كانتيليان"(‪:)Quintilien‬‬

‫"ا ّن البالغة أأمر سهل‪ ،‬لو اكن ميكن حرصها يف بضع صفحات من القواعد [‪ ]...‬فتعالميها‬
‫ليست قوانّي ال ميكن خرقها‪ .‬وفعال فا ّن احلاجة يه اليت جعلت من تكل القواعد ما يه عليه‪.‬‬
‫و أأان ال أأنكر أأ ّن هذه القواعد ذات فائدة يف أأغلب ا ألحيان‪ ،‬واالّ ملا كتبت يف البالغة‪ .‬لكن اذا‬
‫اكنت الفائدة من القواعد يه نفسها اليت تدعو خلرق القواعد‪ ،‬فينبغي تقدمي الفائدة عىل‬
‫القاعدة"‪.24‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقواعد المنهجيّة يجب أن تت َّ َبع‪ ،‬متى حقّقت الوضوح؛ ويجب أن تترك‪،‬‬
‫متى كان في تركها تحقيق للوضوح‪ .25‬هذا ما سنفعله ونحن نكتب‪ّ .‬‬
‫لكن األمر‬
‫ينبغي أن يكون مختلفا بالنّسبة إلى من يقوم بموضوع امتحان‪ .‬فتقييمه يت ّم على‬
‫أساس مدى احترام المنهجيّة‪ .‬لذا ينبغي أن ال يفارق هذا االحترام تحت أيّة‬
‫ذريعة وإن كانت ذريعة الوضوح‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬يجب التّفريق بين عمل ال يقدَّم في امتحان‪ ،‬أو ال يقيَّم إالّ على‬
‫أساس تحقيق غاية الوضوح والوصول إلى القارئ؛ فهذا العمل يجب أن يحترم‬
‫المنهجيّة؛ واحترامه للمنهجيّة يجعله يحقّق في أغلب الحاالت غاية الوضوح‪.‬‬
‫لكن ينبغي لهذا العمل‪ ،‬في بعض المواضع االستثنائيّة‪ ،‬أن ال يحترم المنهجيّة‬
‫ليصل إلى الهدف‪ .‬أ ّما العمل الذي يقيّم على أساس احترام المنهجيّة فقط (وهي‬
‫حال مواضيع االمتحان) فينبغي أن ال يحيد صاحبه تحت أيّة ح ّجة عن اتّباع‬
‫القواعد‪.‬‬

‫‪"La rhétorique serait chose par trop facile, si on pouvait la renfermer toute entière 24‬‬
‫‪dans quelques pages de règles … Ses préceptes ne sont des lois et des plébiscites‬‬
‫‪dont on ne puisse s’écarter. C’est le besoin qui les a faits ce qu’ils sont. Je ne nie pas‬‬
‫‪que le plus souvent ils ne soient utiles ; autrement je n’écrirais pas. Mais si cette‬‬
‫‪même utilité nous conseille de nous en écarter, il faut la préférer à toutes les règles".‬‬
‫‪Quintilien d’après : A. Baron, De la rhétorique ou de la composition oratoire et‬‬
‫‪littéraire, Lib. Polytechnique d’Aug. Dec., Bruxelles, 2e éd, 1853, p. 182.‬‬
‫أدق‪ :‬إذا لم تح ّقق قاعدة الوضو َح في موضع ما‪ ،‬يصير تركها هو ما توجبه المنهجيّة في ذلك‬
‫‪ 25‬بعبارة ّ‬
‫الموضع‪.‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪14‬‬

‫فإن ما سنقوله لقارئنا ينبغي أن يتّبعه‪ ،‬أ ّما كيف سنقوله فينبغي أن ال يأخذ‬
‫لذا ّ‬
‫صة أن ال يرى فيه تناقضا ً مع ما سنذكره على أنّه المطلوب منه‪.‬‬‫بجميعه‪ ،‬وخا ّ‬
‫‪ ―.9‬إعمال املنهجيّة و"تنميط" البحوث‪.‬‬
‫خط احترام المنهجيّة حيث يجب وعدم احترامها حيث‬ ‫سابق – ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط ال ّ‬ ‫في نفس‬
‫يجب – يمكن أن نزيد فنقول إنّنا‪ ،‬كـ‪" :‬كانتيليان"(‪ ،26)Quintilien‬لن نسعى‬
‫مشوق (ومن ث ّم ممتع)‪ ،‬بل فقط إلى تقديم عمل نافع؛ لن نبحث‬ ‫ّ‬ ‫إلى تقديم عمل‬
‫عن فكرة ث ّم نثبتها داخل مادّة "منهجيّة المواضيع"‪ ،‬بل سنكتفي بتحليل هذه‬
‫المادّة وبعرض عناصرها‪ .‬نعم خطابنا هو عن مواضيع االمتحانات‪ ،‬أي عن‬
‫لكن خطابنا في نفسه لن يكون ِّحجاجيّا‪ ،‬بل سيكون‬ ‫ي ‪ ...‬نعم ‪ّ ...‬‬‫خطاب ِّحجاج ّ‬
‫تفسيريّا‪ ،‬هدفه اإلفهام‪ ،‬وتحديدًا هدفه تعليم مهارة (‪.27)savoir faire‬‬
‫وأكثر م ّما سبق‪ ،‬سنسعى – حتّى ونحن نقدِّّم عرضا تحليليّا – أن نأتي بما قاله‬
‫من تقدّمنا دون أن نضيف إليه (في أغلب األحيان) شيئا‪ .‬لذا لن يكون في عملنا‬
‫جديد‪ ،‬بل أكثر عملنا سيكون نقال وفيّا ً ألعمال جاءت قبلنا‪ .‬هذا يعني أنّنا‬
‫سنستعير من اآلخرين‪ ،‬بل يعني أنّنا سنستعير كثيرا وطويال‪ .‬مع ذلك يمكننا أن‬
‫نقول ما قال "مونتانيي" (‪:)Montaigne‬‬

‫جيسد اختيارا انحجا ملا من شأأنه أأن يرفع شأأن‬


‫ل ُينظر اىل ما اس تعرته من الخرين عىل أأن ّه ّ‬
‫الاكتشاف – اذلي هو اكتشايف – ويساعده‪ .‬وفعال لقد جعلت الخرين يقولون – ال قبيل‬
‫– بل عىل اثري ما مل أأس تطع أأن أأقوهل بنفس احلُسن لضعف يف اللغة أأو يف املعاين اليت‬
‫دلي‪.28‬‬
‫ّ‬

‫‪Quintilien, préc., p. 299. 26‬‬


‫‪ 27‬حول أنواع الخطاب انظر ما سيأتي بالفقرة عدد ‪.70‬‬
‫‪"Qu'on voye en ce que j'emprunte, si j'ay sçeu choisir dequoy rehausser ou 28‬‬
‫‪secourir proprement l'invention, qui vient tousjours de moy. Car je fay dire aux‬‬
‫‪autres, non à ma teste, mais à ma suite, ce que je ne puis si bien dire, par foiblesse de‬‬
‫‪mon langage, ou par foiblesse de mon sens" (I, 10, 387-388c) . Montaigne, in :‬‬
‫‪Antoine Compagan, Qu'est-ce qu'un auteur ? 6. Les jeux de la Renaissance‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/auteur6.php (24 septembre 2010).‬‬
‫تنبيه‪ :‬أورد "أنطوان كومپانيون" كالم "مونتانيي" بالفرنسيّة التي كان يكتب بها وقتها ال بالفرنسيّة كما تكتب‬
‫في وقتنا‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سؤال اآلن‪ :‬أليس القول أصال بمنهجيّة تعبير– ومن ث ّم تهيئة نموذج قابل ألن‬ ‫وال ّ‬
‫يستنسخ –"تنميطا" للبحوث وتجميدا لإلبداع ؟ ألن يفتح بهذا الباب لـ‪" :‬القول‬ ‫‪29‬‬

‫الجاهز" (‪ ،)Le prêt-à-parler‬تماما كما يفتح القول بمنهجيّة تفكير الباب لـ‪:‬‬
‫"التّفكير الجاهز" (‪)Le prêt-à-penser‬؟‬
‫سل‬ ‫أن مفردات التّواصل مر ِّسل ورسالة ومر َ‬ ‫للجواب ينبغي أن نبدأ بمالحظة ّ‬
‫ي‬
‫إليه‪ .‬والمر ِّسل يؤدّي وظيفته كما ينبغي‪ ،‬إذا نجح في الجمع بين شيء داخل ّ‬
‫سياق‪ ،‬إذا‬‫ي (العبارات المكتوبة وال ّ‬ ‫(الفكرة الموجودة في ذهنه) وشيء خارج ّ‬
‫ي قادرا على أن يوصل‬ ‫شيء الخارج ّ‬ ‫كان التّواصل سيت ّم كتابة) جمعا ً يجعل ال ّ‬
‫سل إليه وظيفته‪،‬‬ ‫ي‪ .‬في المقابل‪ ،‬يؤدّي المر َ‬ ‫سل إليه إلى عين ال ّ‬
‫شيء الدّاخل ّ‬ ‫المر َ‬
‫ي ليصل بواسطتها إلى‬ ‫شيء الخارج ّ‬ ‫إذا نجح في استغالل القدرة الكامنة في ال ّ‬
‫ي الموجود في ذهن المر ِّسل‪ .‬بعبارة واحدة‪ :‬يؤد ّي المر ِّسل‬ ‫عين ال ّ‬
‫شيء الدّاخل ّ‬
‫سل إليه وظيفته‪ ،‬إذا كان‬ ‫وظيفته‪ ،‬إذا كان يحسن الكتابة واإلنتاج؛ ويؤد ّي المر َ‬
‫يحسن القراءة والفهم والتّأويل‪ .30‬ومن يسأل عن المقاييس التي تجعل اإلنتاج أو‬
‫أن علوما عديدة انبرت لتقديم الجواب‪ :‬من البالغة والمنطق‬ ‫الفهم حسناً‪ ،‬يجد ّ‬
‫ي‬‫ص وعلم النّفس العرفان ّ‬ ‫سابقين إلى لسانيّات النّ ّ‬ ‫وغير ذلك لدى ال ّ‬
‫(‪ )psycholinguistique‬وغير ذلك لدى المعاصرين ‪ .‬على هذا نحن أمام‬
‫‪31‬‬

‫مفترق طرق تلتقي فيه اختصاصات كثيرة تسعى جميعها (بصفة ضمنيّة)‬
‫أن اإلنتاج والفهم الجيّدين ليسا أمورا وهبيّة‪ ،‬بل أمور كسبيّة‪ .32‬بعبارة‬ ‫إلثبات ّ‬
‫أخرى‪ :‬التقت علوم كثيرة‪ ،‬قديمة وجديدة‪ ،‬للكشف عن العمليّات التي ال بدّ من‬
‫ص المكتوب) كما‬ ‫تراكبها وتراكمها للحصول على اإلنتاج (ما يه ّمنا هنا هو النّ ّ‬
‫ينبغي اإلنتاج‪ ،‬وعلى الفهم كما يحسن الفهم‪ .‬وما تكشفه هذه العلوم قابل ألن‬
‫سيناريوهات البيداغوجيّة لتعليم اإلنتاج أو لتعليم الفهم‬ ‫يستغ ّل في وضع ال ّ‬
‫الجيّدين‪ .33‬لكن المشكل أنّنا حين نعرف المقاييس التي تسمح باإلنتاج والفهم‬

‫‪" 29‬الفائدة األساسيّة من اتّخاذ منهج تتمثّل في تهيئة مثال دقيق وقابل للتّكرار"‪Jean-Louis Sourioux et .‬‬
‫‪Pierre Lerat, L’analyse de texte. Méthode générale et applications au droit, Dalloz,‬‬
‫‪Paris, 3e éd., 1992, p. 9.‬‬
‫‪ 30‬قارن مع‪André-Jacques Deschênes, La compréhension et la production de textes. :‬‬
‫‪Monographie de psychologie, Presses de l’Université du Québec, 1988, p. 104 et s.‬‬
‫‪ 31‬قارن مع‪Catherine Fuchs, Linguistique. Le langage au carrefour des disciplines, :‬‬
‫‪Encyclopædia Universalis 2010.‬‬
‫‪ 32‬قارن مع‪Céline Beaudet (Université de Sherbrooke), Clarté, lisibilité, intelligibilité :‬‬
‫‪des textes : un état de la question et une proposition pédagogique, Recherches en‬‬
‫‪rédaction professionnelle, vol. 1, no 1, hiver 2001.‬‬
‫‪ 33‬قارن مع‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 11, 103, etc ; Lamia Amel Ammari, :‬‬
‫املقدّمة‬ ‫‪16‬‬

‫سيناريوهات التي تؤدّي لتحقيقهما‪ ،‬نعرف بنفس‬ ‫الجيّد‪ ،‬ونعرف من ث ّم ال ّ‬


‫أن وضع برامج‬ ‫سيناريوهات المؤدّية إلى النّتائج المعاكسة‪ .‬هذا يعني ّ‬ ‫المناسبة ال ّ‬
‫التّعليم (بصفة اختياريّة‪ ،‬أو تحت سيف اإلمالءات المصاحبة للقروض‬
‫الممنوحة من جهات معيّنة) ليس أمرا بريئا في ك ّل الحاالت‪.‬‬
‫فإذا اهتممنا اآلن باإلنتاج‪ ،‬أمكن – من زاوية مغايرة للتي جاءت منذ قليل – أن‬
‫ص الجيّد يسمح بتقليص الت ّح ّكم في عمليّات التّقييم‪،‬‬
‫أن تعيين مقاييس النّ ّ‬‫نالحظ ّ‬
‫ومن ث ّم يسمح بجعل نتائج االمتحانات في اختصاصات اآلداب والعلوم اإلنسانيّة‬
‫واالجتماعيّة وما شاكلها قابلة للتّوقّع من الممت َحنين مثل أو على األق ّل على نحو‬
‫قريب من النّحو الموجود لدى الممت َحنين في تمرين رياضيّات مثال‪.34‬‬
‫م ّما جاء أعاله ينبغي االحتفاظ بأن ث ّم مقاييس للنّص الجيّد‪ .‬هذه المقاييس ال‬
‫سؤال الذي انطلقنا منه – اإلبداع‪ ،‬بل هي شرط له‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تعطل – وهنا نعود إلى ال ّ‬
‫إن المقاييس تمثّل مفترق طرق تلتقي عليه عدّة علوم‬ ‫ولقد قلنا منذ قليل ّ‬
‫واختصاصات‪ .‬لكن ما سندرسه في هذا الكتاب هو المقاييس والقواعد كما‬
‫جاءت في المنهجيّة القانونيّة‪ ،‬وتحديدا في جزء هذه المنهجيّة المتعلّق‬
‫بالمواضيع‪.‬‬
‫‪ ―.10‬تقسيم الكتاب وفهرسة مضمونه‪.‬‬
‫فإذا تأ ّملنا هذه المقاييس والقواعد‪ ،‬وتأ ّملناها في اإلطار الذي حدّدناه للت ّ ّو‪ ،‬وجدنا‬
‫قسما يه ّم المواضيع مجتمعة وآخر يه ّم ك ّل نوع منها‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬ث ّم في‬
‫صة (الجزء‬ ‫األول)‪ ،‬وث ّم عناصر خا ّ‬‫منهجيّة المواضيع عناصر مشتركة (الجزء ّ‬
‫الثّاني)‪.‬‬

‫‪Le rôle de l’image dans la compréhension d’un texte sur l’hygiène dentaire en‬‬
‫‪contexte bilingue, Mémoire élaboré en vue de l’obtention du diplôme de Magistère‬‬
‫‪1. Option : Sciences du Langage, Université Mohamed Boudiaf-M’sila, Faculté des‬‬
‫‪Lettres et des Sciences Sociales. Département de Français. École Doctorale de‬‬
‫‪Français, 2007 – 2008, p. 40 et s.‬‬
‫ص الجيّد وتعليمها رهان ها ّم ينبغي كسبه‪ ،‬إن أريد أن يتقلّص الت ّح ّكم إلى حدود‬‫‪ 34‬وعليه فتعيين مقاييس ال ّن ّ‬
‫تعرض من سيحاول اإلصالح في هذا‬ ‫ي هنا أن ي ّ‬ ‫معقولة في كثير من االختصاصات الجامعيّة‪ .‬ومن ّ‬
‫الطبيع ّ‬
‫االتّجاه إلى عراقيل يضعها أمامه جميع الذين يستفيدون من التّح ّكم‪.‬‬
‫األول‬
‫اجلزء ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬
‫‪ ―.11‬تقسيم اجلزء وفهرسة مضمونه‪.‬‬
‫صا؟‬
‫كيف نقوم بموضوع؟ كيف نبني ن ّ‬
‫نص‬
‫تجيب كتب البالغة‪ ،35‬ومنذ القديم‪ ،‬فتقول‪ :‬ينبغي للقيام بموضوع ولبناء ّ‬
‫المرور بثالث مراحل‪:‬‬
‫مرحلة االكتشاف (‪)inventio / invention‬؛‬
‫ث ّم مرحلة التّرتيب (‪)dispositio / disposition‬؛‬
‫ث ّم مرحلة التّعبير (‪.36)elocutio / élocution‬‬

‫‪ 35‬تنبغي مالحظة أ ّنه‪ ،‬ومنذ ثالثين سنة تقريباً‪ ،‬ظهرت بحوث في علوم متعدّدة تحاول توصيف سيرورة عمليّة‬
‫إنتاج ال ّنصوص‪ .‬جاء في أحد كتب علم النّفس‪" :‬فقط منذ بداية الثّمانينات بدأ الباحثون في تأليف النّصوص‬
‫باقتراح قوالب أو نماذج تفسيريّة للسّيرورات التي يقتضيها هذا النّشاط‪ .‬فقبل ذلك كان غياب األبحاث االختباريّة‬
‫مسودات أو اقتراحات جزئيّة ال يمكنها فعال‬ ‫قد منع صياغة قوالب كهذه‪ .‬وما تزال النّظريّات المطروحة حديثا ّ‬
‫اإلحاطة بك ّل السّيرورات الواردة في نشاط تأويل النّصوص"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬استيعاب ال ّنصوص‬
‫وفهمها‪ ،‬ترجمة‪ :‬هيثم لَمع‪ ،‬المؤسّسة الجامعيّة للدّراسات والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1411 ،1‬هـ‪ 1991 /‬م‪،‬‬
‫ص ‪ .89‬انظر أيضا الكتاب في لغته األصليّة‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 75. :‬‬
‫‪ 36‬انظر مثال‪A. Baron, préc., p. 388. :‬‬
‫ص في الذّاكرة وإلقاؤه بوقار وأناقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫تثبيت‬ ‫أخريين‪:‬‬ ‫مرحلتين‬ ‫ص شفويّا فينبغي أن نزيد‬ ‫فإذا كان النّ ّ‬
‫شفوي خمسة أجزاء‪ -1 :‬العثور على األفكار؛ ‪ -2‬ال فقط ترتيبها‪ ،‬بل توزيعها وتنسيقها بمهارة‬ ‫الفن ال ّ‬
‫"يتض ّمن ّ‬
‫وفق أه ّميتها؛ ‪ -3‬كسوتها وزخرفتها بالعبارة المناسبة؛ ‪ -4‬تثبيتها في الذّاكرة؛ ‪ -5‬إلقاؤها بوقار وبأناقة‬
‫( ‪Cicéron, préc., p. 71. V. aussi : p. 191..")débiter les idées avec dignité et avec grâce‬‬
‫الرابعة‪ ،‬كما نرى‪ ،‬هي مرحلة اتّخاذ اإلجراءات المساعدة على التّذ ّكر‪ .‬أ ّما المرحلة األخيرة فهي‬ ‫والمرحلة ّ‬
‫مرحلة اإللقاء أو "مسرحة" الكالم على حدّ عبارة "بارت"‪" .‬هنريش بليت"‪ ،‬البالغة واألسلوبيّة‪ .‬نحو نموذج‬
‫شرق‪ ،‬بيروت‪ ،1999 ،‬ص ‪ .34‬نشر‬ ‫ص‪ ،‬ترجمة وتقديم وتعليق مح ّمد العمري‪ ،‬إفريقيا ال ّ‬ ‫سيميائي لتحليل ال ّن ّ‬
‫ي في‪Heinrich F. Plett, Rhétorique et stylistique, in : Théorie de la :‬‬ ‫ص األصل ّ‬ ‫النّ ّ‬
‫‪littérature, Collection Connaissance des Langues, sous la direction d’Henri Heirch,‬‬
‫‪Publié avec le Concours du Centre National des Lettres, Picard, Paris, 1981.‬‬
‫الرائعة ألرسطو‪،‬‬ ‫انظر كذلك من يقول‪" :‬تحتوي البالغة على أقسام أربعة‪ ،‬وذلك ما ظهر في الكتابات ّ‬
‫وشيشرون‪ ،‬وكافتيليان‪ - :‬االبتداع أو البحث عن البراهين والحجج [‪ – ]...‬التّرتيب أو البحث عن النّظام الذي‬
‫شكل األكثر وضوحا‪ ،‬واألكثر‬ ‫يجب أن تكون هذه الحجج منتظمة فيه‪ – .‬التّعبير أو طريقة العرض‪ ،‬وذلك بال ّ‬
‫إدهاشا [‪ –]...‬الفعل الذي يعالج القصد في سرعة ال ّنطق‪ ،‬والحركات‪ ،‬وتغييرات المالمح"‪ .‬پيير جيرو‪،‬‬
‫األسلوبيّة‪ ،‬ترجمة منذر عيّاشي‪ ،‬مركز اإلنماء الحضاري‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،.‬ط ‪ ،1994 ،2‬ص ‪.19‬‬
‫انظر أيضا من يقول‪" :‬يقسّم العرف األرسطي‪ ،‬المتبنّى من أهل البالغة الالتينيّين (كانتيليان)‪ ،‬البالغة إلى ثالثة‬
‫األول) الحجج أو االكتشاف (‪ .)les pisteis‬يتمث ّل األمر هنا في انتخاب المحتوى (ماذا‬ ‫فصول كبيرة‪( :‬الفصل ّ‬
‫ي ضرب من‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫في‬ ‫لمن؟‬ ‫م؟‬‫ّ‬ ‫يتكل‬ ‫(من‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫الوضع‬ ‫فق‬ ‫وو‬ ‫)‬ ‫‪les‬‬ ‫‪topoi,‬‬ ‫‪lieux‬‬ ‫(المواضع‬ ‫يقال؟) انطالقا من شبكة‬
‫صة‪ ،‬التّأييد‪،‬‬‫الخطاب؟)‪( .‬الفصل الثّاني) التّرتيب (‪ )la taxis‬ويتعلّق بنظام تعاقب األجزاء (االستهالل‪ ،‬الق ّ‬
‫الخاتمة ‪( .)exorde, narration, confirmation, péroraison‬الفصل الثّالث) التّعبير (‪ ،)la lexis‬وهو‬
‫صور البالغيّة‪ ،‬والتّركيب العا ّم‬ ‫ويتعلق باختيار الكلمات‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمس بالجانب الجمالي للخطاب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لحظة ها ّمة ألنّه‬
‫للجملة؛ يضاف إلى ذلك الفعل (‪ ،)l'hupocrisis‬ويتعلّق بإصالح صوت وحركات الخطيب‪.‬‬
‫صور البالغيّة (مجاز‪ ،‬كناية‪métaphore, métonymie, ،‬‬ ‫صة التّفكير في ال ّ‬‫وطوال قرون غلب التّعبير وخا ّ‬
‫ّ‬
‫صور البالغيّة نفسها‪ ،‬بعد إعادة صياغتها على أنها‬ ‫‪ ،synecdoque‬إلخ‪ .).‬وفي القرن العشرين وجدت ال ّ‬
‫ص األدبي‪ .‬لكن‪ ،‬وبالموازاة‪ ،‬عرف صرح البالغة‬ ‫عمليّات (جاكبسون‪ ،‬مجموعة مو)‪ ،‬في قلب التّفكير حول النّ ّ‬
‫منذ نهاية السّبعينات إعادة اهتمام به داخل األلسنيّة نفسها من خالل النّظريّات التّداوليّة – التّنصيصيّة ( ‪les‬‬
‫‪( )théories pragmatico-énonciatives‬ڤرايس‪ ،‬دوكرو) التي اعتنت بالقيمة الحِّ جاجيّة للتّنصيصات‬
‫والخطابات"‪Catherine Fuchs, Linguistique (notions de base), Encyclopædia .‬‬
‫‪Universalis 2010.‬‬
‫ص أكثر تفصيالً م ّما سبق‪:‬‬ ‫ونجد في بعض الكتب عرضا لمراحل إنتاج ال ّن ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ ‫‪20‬‬

‫ص‪:‬‬ ‫"نموذج إنتاج النّ ّ‬


‫ص‪ ،‬على أساس «تحليل‬ ‫ص‪ :‬في هذه المرحلة يتدبّر منتج ال ّن ّ‬ ‫‪ –1‬التّخطيط‪ ،‬وضع الهدف واختيار نوع ال ّن ّ‬
‫ص هدفا ً‬ ‫الطرق‪ .‬وبذلك يمكن أن يكون إنتاج النّ ّ‬ ‫صل إلى الهدف المبتغى بأنسب ّ‬ ‫الوسيلة – الغرض»‪ ،‬كيف يتو ّ‬
‫صيّة البديلة المتغيّر األمثل من‬ ‫ّ‬
‫الرئيس‪ .‬ويختار الفاعل من مجموعة األنواع الن ّ‬ ‫الطريق إلى الهدف ّ‬ ‫فرعيّا ً على ّ‬
‫وجهة نظره‪.‬‬
‫‪ –2‬تشكيل األفكار‪ :‬تطابق هذه المرحلة «عمليّة االبتكار» في البالغة (أي) عمليّة العثور على األفكار‪ .‬وتفهم‬
‫ص) بأنّها تشكيل للمضمون مترابط داخليّا ً يقدّم من خالله مراكز التّوجيه‬ ‫الفكرة (يمكن مقارنتها بتيمة ال ّن ّ‬
‫(‪.)control center‬‬
‫منظم داخليّا ً للمضامين في الخازنة والبحث عن أحياز المعرفة‬ ‫ّ‬ ‫‪ –3‬التّطوير‪ :‬في هذه المرحلة يقع ترتيب‬
‫المختزنة (‪ )knowledge spaces‬لتحديد األفكار التي عثر عليها تحديدا ً دقيقا ً وتوسيعها (يمكن مقارنته‬
‫ص)‪.‬‬ ‫بتوسيع تيمة ال ّن ّ‬
‫متصورة‪ ،‬فإنه يقع اآلن البحث عن تعبيرات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪ –4‬التّعبير‪ :‬ل ّما كانت المراحل السّابقة يمكن أن تعد أيضا مفاهيم‬
‫ّ‬
‫شطها‬ ‫صة) يصلح تنشيط مضمونها الذّهني‪ ،‬وتنتج بذلك صور للتّفضيل بالنّسبة للتّعبيرات التي ن ّ‬ ‫(لغويّة خا ّ‬
‫المتكلّم من قبل‪.‬‬
‫نص السّطح‬ ‫ي (‪ :)parsing‬في هذه المرحلة توضع التّعبيرات في عالقة نحويّة‪ ،‬وترتّب في ّ‬ ‫‪ –5‬التّأليف النّحو ّ‬
‫ص‪ ،‬ترجمة سعيد حسن بحيري‪،‬‬ ‫ترتيبا ً أفقيّاً"‪ .‬ﭭولفجانج هاينه مان" و"ديتر فيهـﭭجر"‪ ،‬مدخل إلى علم لغة ال ّن ّ‬
‫شرق‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص ‪ 78‬و‪.79‬‬ ‫مكتبة زهراء ال ّ‬
‫أن الغالبيّة من‬ ‫"بالرغم من ّ‬
‫ّ‬ ‫ص المقترح من قبل "أندريه ‪ -‬جاك ديشين"‪:‬‬ ‫انظر أيضا ً نموذج مسار إنتاج النّ ّ‬
‫الباحثين ال يصفون سوى ثالث سيرورات‪ ،‬فالقالب المطروح هنا يميّز خمسا [‪ -1 ]...‬اإلدراك – التّنشيط؛ ‪– 2‬‬
‫بناء المدلول؛ ‪( ]...[ - 3‬التّرتيب ‪)la linéarisation‬؛ ‪ -4‬التّحرير (‪]...[ )la rédaction-édition‬؛‬
‫المراجعة [‪]...‬‬
‫في سيرورة اإلدراك ‪ -‬التّنشيط يمكن إدراج ثالثة نشاطات مختلفة‪ -1 :‬فهم المه ّمة وسياقها‪ -2 ،‬االسترجاع من‬
‫الذّاكرة‪ -3 ،‬تفعيل تش ّكالت المعلومات [‪]...‬‬
‫السّيرورة السيكولوجيّة الثّانية المه ّمة هي بناء المدلول‪ .‬وتقوم على وضع البنية الفوقيّة لل ّنص بواسطة‬
‫شطة [‪ ]...‬على هذا البناء أو إعادة التّهيئة أن يأخذ في اعتباره مختلف ثوابت وضع المحاورة‬ ‫المعلومات المن ّ‬
‫ص الذي ألّفه شخص معيّن عند لحظة معيّنة مختلفا‬ ‫شطة فعال في وضع معيّن‪ ،‬بحيث يكون ال ّن ّ‬ ‫والمعلومات المن ّ‬
‫شخص نفسه حول نفس الموضوع ولكن في لحظة أخرى [‪ ]...‬يتض ّمن بناء المدلول ثالثة‬ ‫نص آخر كتبه ال ّ‬ ‫عن ّ‬
‫نشاطات مه ّمة‪ -1 :‬االنتقاء؛ ‪ -2‬التّنظيم؛ ‪ -3‬إدارة النّشاط [‪]...‬‬
‫ص مرحلة وسيطة بين بناء المدلول ووضعه في كلمات‪ ،‬إنّها مرحلة [‪( ]...‬الت ّرتيب ‪la‬‬ ‫تتض ّمن كتابة ال ّن ّ‬
‫‪ .)linéarisation‬وكما بشأن االستيعاب‪ ،‬تندرج هذه السّيرورة على مستويات عدّة‪ .‬إالّ أنّها تجري على عكس‬
‫سيرورة [‪ ]...‬االستيعاب‪ ،‬فنقطة االنطالق هنا هي البنية الفوقيّة أو التّمثيل اإلجمالي للنّص ونقطة الوصول هي‬
‫بنيته التّحتيّة‪.‬‬
‫تتكون جمل البنية الفوق ّية من خالل عدّة نشاطات استباق‪ ،‬واستدالل‪ ،‬واستعانة بأمثلة (تفتيش جديد في الذّاكرة)‬ ‫ّ‬
‫وبناء روابط بين الجمل [‪ ]...‬هكذا يت ّم إسقاط ‪ projection‬البنية الفوقيّة وتنظيمها أفقيّا ووضعها في جمل‬
‫دالليّة (هي جمل تحتيّة وفوقيّة) بهدف [‪( ]...‬التّحرير)‪.‬‬
‫ّ‬
‫(تسمح عمليّة التّحرير بكتابة الجمل‪ .‬وتحكم) اصطالحات الكتابة التي تتعلق بالنحو واإلمالء [‪ ]...‬بناء الجمل‬
‫ّ‬
‫والتّدوين [‪]...‬‬
‫يقترح القالب المطروح هنا اعتبار سيرورة [‪( ]...‬النّشر) من نفس نمط سيرورة [‪( ]...‬التّحرير) [‪( ]...‬والنّشر)‬
‫ص (الفقرات‪ ،‬إبراز العبارات‬ ‫الرئيسيّة والثّانويّة) وترتيب هيأة النّ ّ‬ ‫هو تحديد شكل تقديم المضمون (األفكار ّ‬
‫ص‬‫شرات [‪( ]...‬النّشر)‪ ،‬في جزء كبير منها‪ ،‬في أسس ال ّن ّ‬ ‫األكثر أه ّمية‪ ،‬العناوين‪ ،‬العناوين الفرعيّة)‪ .‬توجد مؤ ّ‬
‫المبني لحظة [‪( ]...‬التّرتيب) [‪]...‬‬
‫ص‪ ،‬إ ّما‬‫تبدو المراجعة كآخر سيرورة سيكولوجيّة في القالب‪ .‬والمراجعة هي إجراء بعض التّصحيحات في ال ّن ّ‬
‫ص من وجهة نظر الكاتب انطالقا من‬ ‫على شكله (و) إ ّما على مضمونه [‪ ]...‬هكذا يت ّم تقييم ك ّل متتالية في ال ّن ّ‬
‫ص من أجل اعتماد رؤية‬ ‫ثوابت المه ّمة ونيّته األصليّة ومن وجهة نظر قارئ محتمل عبر اتّخاذ مسافة تجاه الن ّ‬
‫ّ‬
‫أكثر موضوعيّة والقدرة على [‪( ]...‬استباق) صعوبات االستيعاب [‪]...‬‬
‫لتونا والتي تتض ّمن اإلدراك – التّنشيط‪ ،‬و [‪ ]...‬التّحرير‪ ،‬والمراجعة تجري‬ ‫إن السّيرورات التي تكلّمنا عنها ّ‬ ‫ّ‬
‫خطيّة وال يمكن اعتبارها مراحل تتابع ضمن ترتيب معيّن"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬ ‫بصورة غير ّ‬
‫‪ 100‬إلى ‪.109‬‬
‫‪21‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سنتعرض الحقا وبالتّفصيل إلى هذه المراحل‪ ،‬لكن لنقل اآلن بصفة مجملة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وإنّا‬
‫في مرحلة االكتشاف نصل إلى وضع مضمون الموضوع وإعداد ما سيقال؛ في‬
‫ننظم المضمون؛ أ ّما في مرحلة التّعبير فنصوغ المضمون‪.‬‬ ‫مرحلة التّرتيب ّ‬
‫وقد ال يت ّم قطع هذه المراحل بهذا التّرتيب‪ ،‬أي قد يحصل انحراف (بسبب‬
‫ص مثالً من التّرتيب‬
‫ظهور نتائج غير مرضيّة في مرحلة ما) فيعود منتِّج النّ ّ‬
‫فإن عمليّة اإلنتاج ال تنتهي في الحقيقة بانتهاء المراحل‬ ‫إلى االكتشاف‪ .‬لذا ّ‬
‫صه ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫الرضا عن ن ّ‬‫الثّالث‪ ،‬بل تنتهي حين يصل المنتِّج إلى درجة معيّنة من ّ‬
‫ص ّ‬
‫أن‬ ‫ورضاه هذا ينبغي‪ ،‬وفقا ً لما سبق‪ ،‬أن ال يوجد إالّ متى َ‬
‫ض ِّمن صاحب النّ ّ‬
‫صا ً ومن يقوم‬
‫صه سيحقّق الغاية منه‪ .‬والغاية التي ينبغي أن يحقّقها من ينتج ن ّ‬
‫ن ّ‬
‫بموضوع هي – كما رأينا – أن يكون ما يأتي به واضحا‪ .‬والوضوح يعني‬
‫النّجاح في االكتشاف وفي التّرتيب وفي التّعبير‪.‬‬

‫نجاح‬ ‫نجاح‬ ‫نجاح‬


‫موضوع‬
‫مرحلة‬ ‫مرحلة‬ ‫مرحلة‬
‫واضح‬
‫الت ّعبير‬ ‫الت ّرتيب‬ ‫االكتشاف‬

‫بعبارة أخرى‪ :‬يجب أن يكون االكتشاف كما يجب‪ ،‬ث ّم يجب أن يكون التّرتيب‬
‫كما يجب‪ ،‬ث ّم يجب أن يكون التّعبير كما يجب‪.38‬‬
‫سؤال‪ :‬ما الذي يجب في االكتشاف‪ ،‬وما الذي يجب في التّرتيب‪ ،‬وما الذي‬ ‫وال ّ‬
‫يجب في التّعبير؟‬
‫إن العنوان الذي نحن بصدده هو للعناصر المشتركة‪ .‬لذا سنأتي بالذي يجب في‬ ‫ّ‬
‫ك ّل موضوع اكتشافاً‪ ،‬ث ّم ترتيباً‪ ،‬ث ّم تعبيراً‪.‬‬

‫انظر أيضا ً الكتاب في صياغته األصليّة‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 84 à 91.:‬‬


‫‪" 37‬ﭭولفجانج هاينه مان" و "ديتر فيهـﭭجر فيهـﭭجر فيهـﭭجر"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫شخص الواحد‪ ،‬ما يرضاه في‬ ‫الرضا عند شخص آخر‪ .‬وعند ال ّ‬ ‫الرضا عند شخص تختلف عن درجة ّ‬ ‫‪ ...‬ودرجة ّ‬
‫صاً‪ ،‬قد "يفتحه" غداً‪.‬‬
‫ظرف ال يرضاه في ظرف آخر‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬من "يغلق" اليوم ن ّ‬
‫‪A. Baron, préc., p. 216. 38‬‬
‫األول‬
‫الفصل ّ‬
‫االكتشاف ‪invention‬‬
‫(فعل البحث عن المضمون أو الحجج)‬

‫‪ ―.12‬احلجج والبالغة واملنطق‪.‬‬


‫ي) الذي نكتشفه؟ الجواب‪ :‬األدلّة‬ ‫ي (وغير القانون ّ‬
‫ما مضمون الموضوع القانون ّ‬
‫لكن األدلّةَ والحج َج مبحث ال يتبع منهجيّة التّعبير بل منهجيّة التّفكير‪.‬‬
‫أو الحجج‪ّ .‬‬
‫لذا ينبغي إقصاؤه من عملنا‪.‬‬
‫ومن يعد إلى القدامى‪ ،‬يجد ما يؤيّد هذا اإلقصاء‪ .‬فما أسميناه منهجيّة التّعبير كان‬
‫صل القدرة على اإلقناع‬ ‫يس ّمى من قبل علم البالغة‪ .‬وفي علم البالغة ت َح َّ‬
‫بواسطة الحجج‪ .‬ألجل ذلك جعلت كتب البالغة األولى الحج َج تحت واحد من‬
‫عناوينها هو االكتشاف‪ .‬لكن‪ ،‬في مرحلة الحقة‪ ،‬انفصلت الحجج عن علم‬
‫لتستقر في علم المنطق‪ .‬ويل ّخص أحدهم ما سبق قائال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫البالغة‬

‫"ابلنّس بة اىل القداىم‪ ،‬البالغة يه ّفن اقناع املس متعّي أأو القضاة‪ .‬يتعلّق ا ألمر اذن ّ‬
‫بتعّل كيفيّة‬
‫االقناع بواسطة جحج‪ .‬هبذا ميث ّل عّل احلجج أأ ّول فقرة يف عنوان الاكتشاف‪ ،‬أأي أأ ّن البالغة‬
‫تبد أأ بكتاب يف املنطق‪ .‬أأ ّما اليوم‪ ،‬فقد ختلّت البالغة لفائدة املنطق عن احلجج"‪.39‬‬

‫‪ ―.13‬علم احلجج وعلم التّعبري يف احلقل القانونيّ‪.‬‬

‫وانفصال علم الحجج عن علم التّعبير نالحظه اليوم في الحقل القانون ّ‬


‫ي‪ .‬ففي هذا‬
‫ي‪ ،40‬ومن جهة أخرى كتب‬ ‫الحقل ث ّم اآلن‪ :‬من جهة كتب لمنهجيّة التّفكير القانون ّ‬
‫لمنهجيّة التّعبير أو كتب لمنهجيّة المواضيع القانونيّة‪.41‬‬

‫‪"Pour les anciens, la rhétorique est l’art de persuader des auditeurs ou des juges. Il 39‬‬
‫‪s’agit donc d’apprendre à convaincre par des arguments. La science des arguments‬‬
‫‪devient le premier paragraphe du titre invention. La rhétorique commence par un‬‬
‫‪traité de logique. Aujourd’hui, la rhétorique a abandonné à la logique les‬‬
‫‪arguments". A. Baron, préc., p. 136 et s.‬‬
‫‪ 40‬انظر مثال‪Jean-Louis Bergel, Méthodologie juridique (préc.) ; Neil Maccormick, :‬‬
‫‪Raisonnement juridique et théorie du droit, P.U.F., Paris, 1996 ; Marie-Laure‬‬
‫‪Mathieu-Isorche, Le raisonnement juridique, P.U.F., Paris, 2001 ; Otto Pfersman et‬‬
‫‪Gérard Timsit, Raisonnement juridique et interprétation, Publications de La‬‬
‫‪Sorbonne, Paris, 2001 ; Paul Delnoy, Éléments de méthodologie juridique, Larcier,‬‬
‫‪Bruxelles, 2006.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪24‬‬

‫المبررات‬
‫ّ‬ ‫مبرراته‪ .‬من هذه‬
‫ي له ّ‬ ‫ي عن التّعبير القانون ّ‬ ‫واستقالل التّفكير القانون ّ‬
‫أن اتّساع علم َما مدعاة لتقسيم العمل‬ ‫اتّساع ميدان ك ّل واحد منهما‪ .‬ومعلوم ّ‬
‫داخله‪ ،‬أي مدعاة لتجزئته إلى علوم‪.‬‬
‫سرعة‬ ‫لكن‪ ،‬رغم اإلقرار باالستقالل وبمشروعيّته‪ ،‬سنتناول – ولو على وجه ال ّ‬
‫سبب أن من المه ّم أن نعرف‪ ،‬على األق ّل بصفة سطحيّة‪ ،‬فيم يتمثّل‬ ‫– التّفكير‪ .‬وال ّ‬
‫المضمون الذي سنتعلّم الحقا ً كيفيّة ترتيبه وكيفيّة التّعبير عنه‪.‬‬
‫‪ ―.14‬أهمّيّة االستدالل (أو احلِجاج أو التّفكري‪ ،‬إخل‪.).‬‬
‫إن المضمون – الذي نسعى الكتشافه – يتمثّل في الحجج‪ .‬ففي ك ّل‬ ‫ولقد قلنا بعد ّ‬
‫موضوع‪ 42‬ينبغي أن ال يؤتى بالمحتوى كما اتّفق‪ ،‬بل ينبغي جعل القارئ يذعن‬
‫بالقضايا المعروضة عليه‪ .‬ولن يتحقّق ذلك إالّ متى ت ّمت البرهنة على ص ّحة تلك‬
‫القضايا‪ .‬فالحجاج إذن قدرة ينبغي امتالكها‪ ،‬واالستدالل مهار ة‪ 43‬يجب‬
‫تحصيلها‪.44‬‬
‫بعبارة مختلفة‪ ،‬ينبغي أن ال تكون األعمال وثوقيّة‪ ،‬فتقدّم أطروحات دون‬
‫االحتجاج لها‪ .‬في المقابل‪ ،‬ينبغي أن ال ترفَض في األعمال أطروحات دون‬
‫فالحجاج من هذا المنظور ها ّم إذن‪.46‬‬
‫االحتجاج ضدّها‪ِّ .45‬‬

‫صة في الجزء الثّاني من هذا العمل‪.‬‬ ‫‪ 41‬انظر الكتب التي ستستعمل خا ّ‬


‫‪ 42‬قارن مع‪A. Baron, préc., p. 174. :‬‬
‫‪ 43‬المهارة هي القدرة على إتيان أمر ما بدرجة إتقان مقبولة‪ ،‬أي بدرجة إتقان هي المنتظرة والمتوقّعة‪ .‬وهي‬
‫يخص المهارة المعتنى بها‬‫ّ‬ ‫صل شيئا بعد شيء؛ أي هي مسألة تراكميّة‪ .‬وهذا ما سنجده بعد قليل فيما‬ ‫مسألة تح ّ‬
‫هنا (انظر تعريف المهارة عند‪ :‬عبد الفتّاح حسن البجّة‪ .‬أساليب تدريس مهارات اللغة العربيّة وآدابها‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪ .‬اإلمارات العربيّة المت ّحدة‪ ،2001 ،‬ص ‪.)19‬‬
‫قرب ما ورد أعاله م ّما جاء عند "أ‪ .‬بارون"‪:‬‬ ‫‪ّ 44‬‬
‫و(قوة) المناظرة‪،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و(قوة) جزء كبير من النوع االستشاري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قوة البالغة القضائيّة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫"في الحِّ جاج تكمن كل [‪ّ ]...‬‬
‫إن العلم والت ّجربة والتّأ ّمل يعطي األصل‪ ،‬والمنطق يعطي‬ ‫وأغلب الكتابات الفلسفيّة والتّعليميّة [‪ ]...‬لقد قلنا‪ّ :‬‬
‫يخص هذا الجزء يمكن أن نحيل [‪( ]...‬على كتب المنطق)‪ .‬ونفهم اآلن لماذا طلبنا أن‬ ‫ّ‬ ‫صورة الحِّ جاج‪ .‬فيما‬
‫تسبق [‪( ]...‬دراسة المنطق دراسة) البالغة"‪A. Baron, préc., p. 174. .‬‬
‫ي في الباكالوريا‪ ،‬منشورات دار المعارف‬ ‫قارن مع‪ :‬مح ّمد الغنّوشي والحبيب كتيتة‪ ،‬منهجيّة المقال الفلسف ّ‬
‫‪45‬‬

‫للطباعة والنّشر‪ ،‬سوسة‪ /‬تونس‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫ّ‬


‫إن الحِّ جاج يمثّل – إن أريد الحديث عنه ال فقط في الحقل الذي نعمل فيه – خيارا بديال عن خيار العنف‪.‬‬ ‫‪ 46‬بل ّ‬
‫في هذا المعنى يقول أحدهم‪:‬‬
‫ي الموروث عن اليونان‪ ،‬يمثّل الحِّ جاج أفضل بديل عن العنف ألنّه يسمح بح ّل‬ ‫"حسب العرف الدّيموقراط ّ‬
‫ي عامالً قويّا ً لـ «أسلمة» (‪ )pacification‬العالقات اإلنسانيّة‪ ،‬فإنّه‬ ‫الخالفات سلم ّياً‪ .‬وإذا كان الكالم الحِّ جاج ّ‬
‫ويطور المدنيّة (‪ )civilité‬والمواطنة (‪]...[ )citoyenneté‬‬ ‫ّ‬ ‫يقوي العالقات االجتماعية‬ ‫أيضا ّ‬
‫يظلون في نهاية المطاف ال َحكم فيما‬‫يتمثّل الحِّ جاج بالنّسبة إلى خطيب في البحث عن تنمية إذعان سامعيه‪ ،‬الذين ّ‬
‫محترم) والتّماثل‬
‫َ‬ ‫أن الحِّ جاج يدور في فلك التّواضع (‪( )humilité‬ك ّل رأي هو‬ ‫يخص سالمة الحجج‪ .‬فال ريب ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ )symétrie‬بين المتكلّم والمخاطب‪ :‬هذا األخير يظ ّل محتفظا ً بشيء من االستقالليّة في تفسير وفي قبول‬
‫األطروحات المعروضة عليه [‪]...‬‬
‫‪25‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.15‬منوذج لالستدالل‪.‬‬
‫والحجاج أو االستدالل أو التّفكير‪ ،‬الذي يعمد إليه من يقوم بموضوع‪ ،‬أنواع‪.‬‬‫ِّ‬
‫لكن لن يتّسع المجال إالّ لذكر واحد اخترنا أن يكون ذاك الذي ال يكاد يخلو منه‬

‫وفي المقابل‪ ،‬حين يؤخذ التّواصل على أنّه مجموعة من المسارات الوظيفيّة التي تنزل بقدر المخاطب لتعتبره‬
‫فن اإلقناع» وسائليّا ً ينحصر في‬‫[‪« ]...‬هدفا ً تجاريّا ً» (‪)cible de marketing‬؛ وأسوء من هذا‪ ،‬حين يصبح « ّ‬
‫تصرف‪ ،‬عندها نكون قد قدّمنا الفاعليّة على التّماثل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة تقنيّات‬
‫إنسانوي» (‪ )humaniste‬واضح يتمثّل في إقناع اآلخر‬ ‫ّ‬ ‫«‬ ‫خيار‬ ‫خارج‬ ‫ره‬ ‫تصو‬
‫ّ‬ ‫يمكن‬ ‫ال‬ ‫الحقيقي‬ ‫لذا ّ‬
‫فإن الحِّ جاج‬
‫مع احترامه [‪]...‬‬
‫ي محايداً‪ ،‬بل هو شديد االرتباط بالدّيموقراطيّة‪ .‬فعلى‬ ‫ي‪ ،‬ال يمكن اعتبار الخطاب الحِّ جاج ّ‬ ‫وفي المستوى السّياس ّ‬
‫الظهر للحجاج ولرفضه‪ .‬باختصار‪ ،‬حين يعمد‬ ‫مر التّاريخ‪ ،‬كان التّخلّي عن الدّيموقراطيّة مالزما ً إلدارة ّ‬ ‫ّ‬
‫المواطن للحِّ جاج فهو ينتج ديموقراطيّة‪ .‬بل يمكن أن نتساءل هل توجد مصادر أخرى للدّيموقراطيّة غير‬
‫أن دورها هو تقنين الدّيموقراطيّة لضمان‬ ‫الحِّ جاج‪ :‬مثالً‪ ،‬هل المؤسّسات في ذاتها هي مصدر الدّيموقراطيّة‪ ،‬أم ّ‬
‫ممارستها؟ من الواضح أنّه في غياب أفعال حِّ جاج حقيقيّة ال يمكن للدّيموقراطيّة أن توجد‪ .‬وبموازاة ذلك‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن توجد مواطنة حقيقيّة دون ممارسة حجاجيّة ودون قدرة على الحجاج ودون ثقافة حجاج‪.‬‬
‫من هذا المنظور‪ ،‬يمكن أخالقيّا أن نصف بالهشاشة قطاعات اقتصاديّة (مثل البيع واإلشهار والتّجارة عموما)‪،‬‬
‫الراهن‪ ،‬كون‬ ‫صة مع خضوعها لمتطلّبات الفاعليّة التي تزيد إلحاحا ً يوما ً بعد يوم‪ .‬وهذا يفسّر‪ ،‬في وقتنا ّ‬ ‫خا ّ‬
‫عروض التّكوين في الحجاج تنحصر غالبا في التّكوين على المناورة واالستعمال (‪ .)manipulation‬فما يت ّم‬
‫تعليمه تقنيات تعتيم وتقنيات عدم شفافيّة‪ ،‬تهدف إلى تحصيل إذعان المخاطب دون حِّ جاج [‪ ]...‬وما ينبغي‬
‫أن‬‫ي [‪ ]...‬لكن يبدو ّ‬‫أن مجتمعنا ليس له موقف واضح من هذا األمر‪ .‬نعم هنالك تراجع للعنف المادّ ّ‬ ‫اإلقرار به ّ‬
‫ي [‪]...‬‬‫ي ومعنو ّ‬ ‫العدوانيّة أخذت أشكال عنف نفس ّ‬
‫وبالتّالزم مع ما سبق يبقى استعمال اإلثارة الجنسيّة (‪ )érotisme‬والذي ع ِّّمم في اإلشهار أمرا غير مشروع‬
‫وإن كان يعجب‪.‬‬
‫وصمت المواطنين (عن مثل هذه الممارسات) يعبّر عن شكل من التّنازل عن الدّيموقراطيّة‪.‬‬
‫تبرر الغاية ال ّنبيلة المناورة كوسيلة؟ من أمثلة ذلك الحمالت ضدّ التّدخين التي تبدو بعد تحليلها‬ ‫في المقابل هل ّ‬
‫فقيرة من الحجج الحقيقيّة ومدغدغة للعواطف‪ .‬بعبارة أع ّم‪ :‬هل يمكن الفصل بين أخالق الغاية وأخالق الوسيلة؟‬
‫يجيب أرسطو في كتاب البالغة‪ :‬يمنع القانون إغراء القاضي في المحافل السّياسيّة والقضائيّة‪ .‬فالخطيب ينبغي‬
‫أن يرافع «داخل الموضوع» [‪ ]...‬وك ّل تنصيص «خارج الموضوع» يهدف إلى خلق مناخ مالئم والتّأثير في‬
‫العواطف واإلغراء [‪ ]...‬يعدّ ممنوعاً‪ ،‬وتوصيفه أنّه ممارسة ديماغوجيّة‪ .‬من هذا المنطلق ينبغي أن نتساءل ما‬
‫قررنا تطبيق هذا القانون‪ .‬وهكذا فأخالق‬ ‫صة في مجال اإلشهار‪ ،‬لو ّ‬ ‫الذي سيبقى من المشهد اإلعالمي‪ ،‬وخا ّ‬
‫الغاية ينبغي أن تتبعها أخالق الوسيلة‪ .‬من جهة أخرى ستسمح هذه التّبعيّة بفرز دقيق ينتهي بالتّمييز بين الحجج‬
‫ي‪ ،‬ينبغي أن ينحصر التّبادل في‬ ‫ي وبين الحجج غير المقبولة‪ .‬في نظام ديموقراط ّ‬ ‫المقبولة بالمعنى األرسط ّ‬
‫ي"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّياس‬
‫س‬ ‫ال‬ ‫الميدان‬ ‫صة في‬ ‫الحجج المقبولة خا ّ‬
‫‪Extrait d’un article rédigé par : Alain Nossereau, L'argumentation en‬‬
‫‪communication, Synthèse de l'intervention de Philippe Breton, enseignant à la‬‬
‫‪Sorbonne et chercheur au laboratoire Cultures et Sociétés du CNRS de Strasbourg,‬‬
‫‪lors du colloque national du 25 au 28 août 2003 à Paris, intitulé : « Pour une‬‬
‫‪refondation des enseignements de communication des organisations ? ».‬‬
‫‪http://www.educnet.education.fr.‬‬
‫انظر مداخلة "فيليب بروتون" نفسه‪Philippe Breton, Comment s'y prend-on pour :‬‬
‫‪argumenter ?, Colloque « Pour une refondation des enseignements de‬‬
‫‪communication des organisations », http://eduscol.education.fr (21 juin 2012).‬‬
‫انظر أيضا‪Christian Boix (sous la direction de), Argumentation, manipulation, :‬‬
‫‪persuasion, L’Harmattan, Paris, 2007.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪26‬‬

‫موضوع‪ .‬والمقصود‪ :‬االستدالل على معنى لفظ القانون‪ ،‬ومن ث ّم على حكم‬
‫القانون‪ .‬وما سنقوله هنا يصلح تقريبا ً لك ّل استدالل قد يقام به في موضوع‪.‬‬
‫‪ ―.16‬املوجِّهات العامّة لالستدالل‪ :‬املنطق العامّ‪.‬‬
‫إن االستدالل يرتبط بجميع‬ ‫والحديث عن النّموذج المختار يستدعي البدء بالقول ّ‬
‫العلوم البشريّة‪ .‬فك ّل عالم يمارس فيما يتعلّق بموضوع اختصاصه عمليّة‬
‫الطبيعيّة يمارس عمليّة التّفكير في الجسم وعوارضه‬ ‫تفكير‪ .47‬فعالم العلوم ّ‬
‫ولواحقه من حركة وسكون وغير ذلك‪ .‬وعالم اللغة يف ّكر في الحرف واللفظة‬
‫ص‪ .‬وعليه‪ ،‬فالعمليّات التّفكيريّة تختلف من حيث المادّة من علم إلى‬ ‫والجملة والنّ ّ‬
‫ّ‬
‫لكن‬ ‫الطبيعة ليست المادّة التي يعمل عليها اللغوي‪.‬‬ ‫آخر‪ .‬فالمادّة في علم ّ‬
‫شكل‬ ‫صورة‪ .‬مثال ذلك صورة ال ّ‬ ‫العمليّات التّفكيريّة تتّحد جميعها من حيث ال ّ‬
‫الطبيعة وعند الفيلسوف وعند العالم‬ ‫األول من القياس التي نجدها عند عالم ّ‬ ‫ّ‬
‫بالقانون وغيرهم‪.‬‬
‫الطبيعة يقول‪ :‬هذا شيء؛ وك ّل شيء ال يمكن أن يتنقّل بسرعة تفوق‬ ‫فعالم ّ‬
‫سرعة الضّوء (‪ 300.000‬كيلومتر في الثّانية)؛ فهذا ال يمكن أن يتنقّل بسرعة‬
‫مستقرة‪ ،‬ضغط ك ّل‬
‫ّ‬ ‫تفوق سرعة الضّوء‪ .‬أو يقول‪ :‬هذا غاز؛ وفي درجة حرارة‬
‫غاز موجود في وعاء مغلق يتناسب عكسا ً مع مقدار الغاز؛ فهذا ضغطه يتناسب‬
‫مستقرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عكسا ً مع مقداره حين يكون في وعاء مغلق وفي درجة حرارة‬
‫والفيلسوف يقول‪ :‬العالم متغيّر؛ وك ّل متغيّر حادث؛ فالعالم حادث‪.‬‬
‫ي" يقول‪ :‬دفع ما ال يلزم إثراء بال سبب؛ وك ّل إثراء بال سبب يستوجب‬ ‫و"القانون ّ‬
‫الردّ‪.‬‬
‫الردّ؛ فدفع ما ال يلزم يستوجب ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ―.17‬القياس‪.‬‬
‫األول من القياس (‪ )syllogisme‬موجود في جميع األمثلة‪،‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫فإن ال ّ‬
‫وهكذا‪ّ ،‬‬
‫أن المادّة اختلفت من مثال إلى آخر‪ ،‬ومن ث ّم من علم أو اختصاص إلى آخر‪.‬‬ ‫إالّ ّ‬
‫قوة‬
‫صورة؛ أي ث ّم ّ‬ ‫بعبارة مختلفة‪ :‬تلتقي جميع العمليّات التّفكيريّة ال ّ‬
‫سابقة في ال ّ‬
‫األول من األشكال‬
‫شكل ّ‬ ‫واحدة أو عنصر مشترك يو ّجهها‪ ،‬هو قانون إنتاج ال ّ‬
‫األربعة في القياس‪.‬‬

‫تصرف يجعلها ته ّم مباشرة ما نحن بصدده‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ 47‬هنا سننقل أفكارا جاءت في دروس ال ّسيّد كمال الحيدري لكن مع‬
‫صياغة ستكون مأخوذة بصفة كاملة أو تكاد من‬ ‫صرف المشار إليه‪ ،‬فاألفكار وحتّى ال ّ‬
‫وعليه‪ ،‬إذا استثني التّ ّ‬
‫سيّد كمال الحيدري بقلم‪ :‬محمود‬ ‫الكتاب التّالي‪ :‬القطع‪ .‬دراسة في حجّيته وأقسامه وأحكامه‪ .‬تقرير ألبحاث ال ّ‬
‫نعمة الجيّاشي‪ ،‬دار فراقد‪ ،‬إيران‪ 1428 ،‬هـ ‪ 2006 /‬م‪ ،‬ص ‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.18‬صورة التّفكري وعلم املنطق العامّ‪.‬‬


‫وألجل دراسة عمليّة التّفكير المشتركة في جميع العلوم مع إسقاط جميع المواد ّ‬
‫سس علم المنطق العا ّم‪ .48‬فهذا العلم موضوعه دراسة العمليّة التّفكيريّة من‬ ‫أ ِّ ّ‬
‫صورة والهيئة فقط؛ أي هو يدرس األمور المو ِّ ّجهة لعمليّة التّفكير‬ ‫زاوية ال ّ‬
‫ألن األمور التي تكون مو ِّ ّجهة لعمليّة التّفكير المنصبّ‬ ‫بغض النّظر عن المادّة ّ‬‫ّ‬
‫ي‪ .‬هذا‬‫ي بما هو منطق ّ‬ ‫على مادّة معيّنة يبحثها عالم تلك المادّة وال يبحثها المنطق ّ‬
‫هو المنطق العا ّم أي منطق ك ّل العلوم‪.49‬‬

‫‪" 48‬المنطق‪«:‬هو قانون الت ّفكير الصّحيح»‪ .‬فإذا أراد اإلنسان أن يف ّكِّر تفكيراً صحيحا ً البدَّ أن يراعي هذا‬
‫القانون [‪ ]...‬وقد ع ّرف علم المنطق أيضا بأنّه‪« :‬علم يبحث عن القواعد العا ّمة للت ّفكير الصّحيح»‪ .‬فهو يبحث‬
‫يخص جانبا ً معيَّناً‪ ،‬إذ َّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ي في مختلف مجاالت الحياة‪ ،‬ال ما‬ ‫عن القواعد المتعلّقة بجميع حقول التّفكير اإلنسان ّ‬
‫خاص كعلم النّحو أو البالغة أو األصول أو التّفسير فال عالقة للمنطق بها بما‬ ‫ّ‬ ‫هناك قواعد يحتاج إليها في علم‬
‫صحيح‬ ‫هي قواعد ذلك العلم‪ .‬نعم للمنطق إشراف دقيق على مدى صحَّتها أو سقمها‪ .‬فهو إذن وسيلة للتّفكير ال ّ‬
‫في كافّة مجاالت العلوم على اختالفها‪ ،‬ولهذا س ّمي باآللة وع ّرف بأنه‪« :‬آلة قانونيّة تعصم مراعاتها الذّهنَ عن‬
‫الخطأ في الفكر»‪ .‬فهو معدود من العلوم اآلليَّة ال العلوم الذّاتيّة ألنَّه ليس علما ً مستقالًّ في قبال العلوم األخرى بل‬
‫ي علم كان إالّ مع مراعاة قوانين المنطق ومالحظة‬ ‫هو خادم جميع العلوم‪ ،‬فال يتم ّكن اإلنسان أن يف ّكِّر في أ ّ‬
‫قواعده بد َّقة‪ ،‬فحينئذ سوف يعتصم ذهنه عن الخطأ في التّفكير في تلك العلوم‪ ،‬بل حتَّى في المجاالت العرفيَّة‬
‫والمحادثات يحتاج اإلنسان إلى معرفة المنطق وتطبيق قواعده‪ .‬من هذا المنطلق يس َّمى هذا العلم بعلم القسطاس‬
‫ومفاهيم علميّة يقيَّم به وزن المعلومات التي يكتسبها اإلنسان‬ ‫َ‬ ‫مختص بأمور عقليّة‬
‫ّ‬ ‫والميزان‪ ،‬فهو ميزان دقيق‬
‫ويميَّز به صحّة المعلومات وسقمها‪ ،‬وهو المعيار الذي يمكن بواسطته ضمان النّتائج السّليمة للتّفكير‪.‬‬
‫أن اإلنسان مفطور على التّفكير‪ ،‬وبه يتميّز عن غيره من الكائنات‪ ،‬إالّ أ َّنه من أجل‬ ‫أه ّميّة المنطق‪ :‬رغم ّ‬
‫صورة وكذلك من حيث المحتوى والمادّة‪ ،‬يحتاج إلى معرفة قواعد‬ ‫تصحيح تفكيره من حيث األسلوب وال ّ‬
‫فيتورط في الخطأ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫الحق من الباطل‬ ‫المنطق وقوانينه‪ ،‬وإالّ سوف ال يتم َّكن من أن يف ّكِّر تفكيرا ً صحيحا‪ ،‬يميِّّز به‬
‫ّ‬
‫واالنحراف الفكري من غير أن يعرف سبب ذلك‪ .‬وبنا ًء عليه يستخدم هذا العلم في تصحيح عمليّة التفكير في‬
‫مجال العلوم األخرى‪ ،‬فمن لم تكن لديه أيّة مخزونات علميّة‪ ،‬ال يمكنه استخدام قواعد المنطق أصالً‪ ،‬فهو‬
‫طلع على‬ ‫كالغواص من غير بحر أو كالنّجّار من غير أخشاب‪ ،‬كما أنَّه لو كان بحرا ً من العلوم –وهو غير م َّ‬ ‫ّ‬
‫قوانين المنطق أو ال يراعيها –فال ضمان لصحَّة أفكاره أصالً‪.‬‬
‫أن هذا العلم يبرمج ويرتِّّب المعلومات الذّهنيّة المسبقة ليستنتج من خاللها نتيجةً صحيحةً مطابقة‬ ‫والحاصل‪َّ :‬‬
‫ّوري) ألنَّه يتعامل مع صورة التّفكير وأسلوبه‪ ،‬وأ ّما محتوى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫المنطق‬ ‫(‬ ‫بـ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫س‬ ‫األساس‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫للواقع‪ .‬وعلى‬
‫شيخ إبراهيم‬ ‫التّفكير وموادّه فالمنطق يعالجها بنحو عا ّم فحسب في مبحث يس َّمى (الصّناعات الخمس)"‪.‬ال ّ‬
‫األنصاري‪ ،‬دروس في المنطق (م س)‪.‬‬
‫صورة‪ ،‬أي يقول لنا هل التّفكير سليم‬ ‫ي بال ّ‬ ‫يتكون التّفكير من صورة ومادّة‪ .‬يعتني المنطق ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 49‬بعبارة أخرى‪،‬‬
‫شيء الذي عدّ غازا ً هو حقّا غاز‪ ،‬أي يقول لنا ما الغاز‪.‬‬ ‫الطبيعة مثالً بالمادّة فيقول لنا هل ال ّ‬ ‫صورةً‪ .‬ويعتني عالم ّ‬
‫ي–‬ ‫وصورة التّفكير ومادّته كانتا متداخلتين إلى أن جاء اليونانيّون – وهنا تكمن أه ّم إضافة قدّموها للفكر البشر ّ‬
‫ويطورها وذلك في إطار علم استحدثوه‬ ‫ّ‬ ‫خاص يدرسها ويدقّقها‬ ‫ّ‬ ‫ففصلوا صورة التّفكير لينفَق في شأنها جهد‬
‫ي‪ ،‬لو نظرنا إليه من حيث موضوعه الذي هو‬ ‫صور ّ‬ ‫(بالتّحديد‪ ،‬استخرجوه من جميع العلوم) هو علم المنطق (ال ّ‬
‫أن موضوعه مستخرج من جميع العلوم‪ ،‬ومن ث ّم فهو يه ّمها‬ ‫صورة التّفكير؛ والعا ّم لو نظرنا إليه من حيث ّ‬
‫جميعاً)‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪28‬‬

‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬ ‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬
‫االختصاص (ب)‬ ‫االختصاص (أ)‬
‫صورة الت ّفكير في‬
‫جميع العلوم‬
‫واالختصاصات‪:‬‬
‫المنطق العا ّم‬
‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬
‫إلخ‪.‬‬
‫االختصاص (ج)‬

‫صورة ال بالمادّة يستدعي التّدقيق‪ .‬هذا التّدقيق سنأتي به من خالل‬ ‫أن المنطق يهت ّم بال ّ‬ ‫وما جاء أعاله من ّ‬
‫المقتطف التّالي‪:‬‬
‫ي هو القطع الناشئ عن البرهان والذي يساوق المطابقة مع الواقع دائما ً باعتبار‬ ‫ّ‬ ‫المنطق‬ ‫اليقين‬ ‫"المراد من‬
‫ّ‬
‫إن اعتماد القوانين المنطقيّة تعصم الذهن عن الخطأ في الفكر‪،‬‬ ‫اعتماده البرهان وسيلة للوصول إليه‪ ،‬ولهذا قالوا َّ‬
‫أن ذلك هو ما يتصدَّى علم المنطق لضبطه‪،‬‬ ‫صة بصورة الدّليل باعتبار َّ‬ ‫إن العصمة إنَّما تكون مخت ّ‬ ‫وما يقال َّ‬
‫ألن البرهان العاصم عن الخطأ ال يعالج صورة القياس – مثال – فحسب بل هو يعالج موادّه‬ ‫غير تا ّم‪ ،‬وذلك َّ‬
‫ستّ البديهيّة والتي تكون مطابقتها للواقع‬ ‫ي أن تكون من القضايا ال ّ‬ ‫أيضا ً فيشترط في موادّ القياس البرهان ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أن صورة القياس الواقعة في إطاره بديهيّة أيضا فذلك هو الضّمان لحقانيّة‬ ‫مضمونة باعتبارها بديهيّة وباعتبار ّ‬
‫اليقين النّاتج عن البرهان‪ ،‬وأ ّما القضايا األخرى التي ال تكون بديهيّة فضمان حقّانيّة اليقين بما ينتج عنها هو‬
‫سيّات والتّجريبيّات والحدسيّات‬ ‫األوليّات والفطريّات والح ّ‬ ‫ستّ البديهيّة والتي هي ّ‬ ‫رجوعها إلى إحدى القضايا ال ّ‬
‫ي‪ ،‬موقع مكتبة‬ ‫ّ‬ ‫األصول‬ ‫واليقين‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫المنطق‬ ‫اليقين‬ ‫عبارة‪:‬‬ ‫تحت‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫األصول‬ ‫المعجم‬ ‫والمتواترات"‪ .‬مح ّمد صنقور‪،‬‬
‫الرشاد‪ 1( http://www. Ali12.com ،‬نوفمبر ‪.)2010‬‬ ‫ّ‬
‫أن الفكر‬ ‫أن موضوع هذا العلم ومحوره هو الفكر‪ ،‬وبما َّ‬ ‫ويمكن تفصيل ما جاء للت ّ ّو بالقول‪" :‬بعد أن ات َّضح ّ‬
‫نتطرق إلى العلم الذي هو‬ ‫ّ‬ ‫ي أن‬ ‫يتو ّقف على المعلومات الذّهنيّة المسبقة وربط بعضها ببعض‪ ،‬فمن الضّرور ّ‬
‫وحصولي‪ .‬هذا الت ّقسيم‬ ‫ّ‬ ‫حضوري‬
‫ّ‬ ‫شيء على ما هو عليه وأقسامه تمهيدا ً لعمليّة التّفكير‪ ،‬فنقول‪ :‬العلم‬ ‫انكشاف ال ّ‬
‫بأن أفضل‬ ‫ي في تمييز المسائل المنطقيّة عن غيرها [‪ ]...‬ونرى ّ‬ ‫من التّقسيمات األساسيّة التي لها دور رئيس ّ‬
‫الحصولي هو حضور‬ ‫ّ‬ ‫وسيلة لتعريفهما هو بيان الفروق بينهما‪ .‬وقد ذكروا فروقا ثالثة‪:‬الفرق األول‪ :‬العلم‬
‫الحضوري هو حضور نفس المعلوم لدى العالم [‪ ]...‬الفرق الثاني‪ :‬المعلوم‬ ‫ّ‬ ‫صورة المعلوم لدى العالم‪ .‬والعلم‬
‫ي عين وجوده‬ ‫ّ‬ ‫العلم‬ ‫وجوده‬ ‫‪،‬‬ ‫الحضوري‬
‫ّ‬ ‫بالعلم‬ ‫والمعلوم‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫العين‬ ‫وجوده‬ ‫غير‬ ‫ي‬ ‫الحصولي‪ ،‬وجوده العلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالعلم‬
‫ي فيكون لها وجود علمي وهو الوجود‬ ‫أن الصورة تتواجد في الذهن في العلم الحصول ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ .‬توضيح‪ :‬قلنا َّ‬ ‫العين ّ‬
‫ي‪ .‬فالوجودان اختلفا ال بالحقيقة فال تباين بينهما وال‬ ‫ي‪ .‬وهناك وجود آخر في الخارج يس ّمى الوجود العين ّ‬ ‫الذّهن ّ‬
‫سعة‬ ‫أمر واحد بسيط‪ ،‬بل الفرق بينهما إنما هو في الشّدة والضّعف وال ّ‬ ‫هني) ٌ‬ ‫العيني والذّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫انفصال‪ ،‬ألن الوجود (‬
‫ي‪ ،‬كعلم النّفس بذاتها وصفاتها‬ ‫ّ‬ ‫العين‬ ‫وجوده‬ ‫عين‬ ‫هو‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫العلم‬ ‫جوده‬ ‫و‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الحضو‬ ‫العلم‬ ‫والضّيق فحسب‪ .‬وأ ّما‬
‫فإن هذا‬ ‫وحاالتها الحسنة والقبيحة‪ .‬فعندما يعلم اإلنسان بحزنه وسروره وإخالصه واطمئنانه وحسده وحقده‪ّ ،‬‬
‫صفات بل عرفها معرفةً حضوريَّة‪ ،‬فهي بحقيقتها ووجودها‬ ‫صور الذّهنيَّة لتلك ال ّ‬ ‫العلم لم يصل إليه من خالل ال ّ‬
‫ي حاضرة لديه‪ .‬وهكذا علمه بنفسه فهو يعرف نفسه ال من خالل انعكاس صورة من نفسه في ذهنه بل‬ ‫العين ّ‬
‫ي لجميع العلوم‬ ‫ّ‬ ‫ئيس‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫المنشأ‬ ‫هي‬ ‫–‬ ‫فس‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫معرفة‬ ‫أعني‬ ‫–‬ ‫المعرفة‬ ‫هذه‬ ‫الحقيقة‬ ‫وفي‬ ‫‪.‬‬‫ً‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫حضور‬ ‫ً‬ ‫ة‬‫معرف‬ ‫يعرفها‬
‫الحضوريّة‪ ،‬فمن عرف نفسه فقد عرف حاالتها وصفاتها جميعا ً بنفس العلم‪ ،‬غاية ما هناك أنّه ربَّما ال ير ّكِّز‬
‫صور والتّصديق‪ .‬وأ ّما العلم‬ ‫الحصولي ينقسم إلى الت ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيها أو يتجاهلها وهذا أمر آخر‪ .‬الفرق الثّالث‪ :‬العلم‬
‫ألن موطنه النّفس بما هي هي ال الذّهن الذي هو موطن‬ ‫صور والتّصديق‪ .‬ذلك َّ‬ ‫الحضوري فال ينقسم إلى الت ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ .‬ث ّم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫هن‬‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫لإلدراك‬ ‫قسمان‬ ‫صديق‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫وال‬ ‫ر‬ ‫صو‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫وسيأتي‬ ‫‪.‬‬ ‫تصديق‬ ‫وال‬ ‫ر‬ ‫تصو‬
‫ُّ‬ ‫اإلدراك‪ ،‬وحيث ال إدراك فال‬
‫ألن هذا العلم يش ّكِّل‬ ‫ي فقط‪َّ ،‬‬ ‫تتعلق أبحاثه بالعلم الحصول ّ‬ ‫ي وإنّما ّ‬ ‫إن علم المنطق ال عالقة له بالعلم الحضور ّ‬ ‫َّ‬
‫‪29‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫محتويات الذّهن التي بها تت ُّم عمليّة التّفكير‪ ،‬ولهذا سوف تقتصر أبحاثنا المنطقيّة في بيان هذا القسم من العلم‪.‬‬
‫ي يعني انطباع‬ ‫إن العلم الحصول ّ‬ ‫الحصولي‪ .‬على ضوء ما ذكرنا في المقدَّمة‪ ،‬نستنتج أمرين‪َّ –:‬‬ ‫ّ‬ ‫تعريف العلم‬
‫ي إالّ‬ ‫أدق‪ :‬حضور صورة الشّيء في الذهن‪ – .‬إنَّه ال يحصل العلم الحصول ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيء في الذهن‪ .‬أو بتعبير ّ‬ ‫ّ‬ ‫صورة ال ّ‬
‫صورة الحاضرة لدى اإلنسان التي تش ّكِّل حالةً من حاالت النّفس مندمجة‬ ‫ي وهو العلم بال ّ‬ ‫من خالل علم حضور ّ‬
‫سه وحاالتها لما تم َّكن من إدراك‬ ‫صورة الذّهنيّة هي صورة المعلوم‪ ،‬وعليه فلوال إدراك اإلنسان نف َ‬ ‫معها‪ ،‬وهذه ال ّ‬
‫صور التي تنعكس في نفسه – ك ُّل ذلك بالعلم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ويعرف‬ ‫ه‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫نف‬ ‫يعرف‬ ‫اإلنسان‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫فبما‬ ‫عنها‪،‬‬ ‫خارج‬ ‫ي شيء آخر‬ ‫أ ّ‬
‫االرتسامي‬
‫ّ‬ ‫الحصولي‬
‫ّ‬ ‫ي –يتمكن من معرفة الحقائق العينيَّة واألشياء الخارجيّة [‪( ]...‬و) ينقسم العلم‬ ‫َّ‬ ‫الحضور ّ‬
‫ّصور هو‪« :‬إدراك الشّيء إدراكا ساذجا»‪ ،‬ونعني من اإلدراك‬ ‫صور والتّصديق‪( .‬و) الت ّ‬ ‫إلى قسمين هما‪ :‬التّ ّ‬
‫السّاذج‪ ،‬اإلدراك الخالي من الحكم‪ ،‬بمعنى أنّه ال يقترن معه اإليجاب وال السّلب (اإلثبات أو النفي)‪ ،‬وال‬
‫يصاحبه اإلذعان وال اليقين‪( .‬أ ّما) الت ّصديق (فـ)هو‪« :‬اإلدراك المشتمل على الحكم» [‪( ]...‬أي) إدراك مشتمل‬
‫شيء أو ثبوت شيء لشيء‪ .‬والحكم بمطابقة النّسبة‬ ‫على اإلثبات أو النّفي‪ ،‬مضافا إلى اإلذعان واليقين بثبوت ال ّ‬
‫األول‪:‬‬ ‫الحصولي إلى قسمين‪ :‬القسم ّ‬ ‫ّ‬ ‫للواقع أو عدم مطابقتها له [‪( ]...‬زيادة على ما ورد للتّو) ينقسم العلم‬
‫صور‬ ‫ي (التّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحصول‬ ‫للعلم‬ ‫بقين‬ ‫ّا‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫القسمين‬ ‫ي‪ .‬وبلحاظ‬ ‫ي أو االكتساب ّ‬ ‫ي‪ .‬القسم الثّاني‪ :‬ال ّنظر ّ‬ ‫ي أو البديه ّ‬ ‫الضّرور ّ‬
‫ي والتّصديق‬ ‫ّ‬ ‫ظر‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫صو‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّرور‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫صديق‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّرور‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫التصو‬
‫ُّ‬ ‫‪:‬‬ ‫هي‬ ‫ٌ‬ ‫أربعة‬ ‫م‬
‫ٌ‬ ‫أقسا‬ ‫تنتج‬ ‫)‬ ‫والتّصديق‬
‫تصورا ً كان أو تصديقا)ً‬ ‫البديهي‪ّ ( :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّروري أو‬ ‫ّ‬ ‫(أوال) ـ الض‬ ‫ي‪ .‬فينبغي أن نبيّن هذه األقسام [‪ ]...‬فنقول‪ّ :‬‬ ‫النّظر ّ‬
‫ب ونظر وفكر» فيحصل بالبداهة والضّرورة‪ ،‬من غير تعب ومن غير‬ ‫س ٍ‬ ‫«هو الذي ال يحتاج في حصوله إلى َك ْ‬
‫بأن الك ّل أعظم من‬ ‫شيء‪ .‬ومثل‪ :‬التّصديق ّ‬ ‫تصور مفهوم الوجود واإلمكان والعدم وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫إجراء عمليّة فكريَّة‪ .‬مثل‪:‬‬
‫االكتسابي‪« :‬هو الذي يحتاج إلى‬ ‫ّ‬ ‫أو‬ ‫ظري‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ـ‬ ‫(ثانيا)‬ ‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫=‬ ‫‪2‬‬ ‫×‬ ‫‪2‬‬ ‫َّ‬
‫أن‬ ‫أو‬ ‫يجتمعان‪،‬‬ ‫أن النّقيضين ال‬ ‫الجزء‪ ،‬أو ّ‬
‫وتصور حقيقة الكهرباء‬ ‫ُّ‬ ‫الروح‬ ‫تصور مفهوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كسب ونظر وفكر فال يحصل إالّ من خالل عمليّة الت ّفكير»‪ .‬مثل‪:‬‬
‫وأن ‪= 15 × 15‬‬ ‫متحركة َّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن األرض ساكنة أو‬ ‫والجن والحرارة والبرودة واإلنسان والماء‪ .‬ومثل‪ :‬التّصديق ّ‬ ‫ّ‬
‫صورات نظريّة وليست‬ ‫وأن أبعاد الكون متناهية أو غير متناهية‪ .‬ك ّل هذه التّصديقات وتلك التّ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫‪225‬‬
‫صورات بديهيَّة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫بعض‬ ‫كون‬ ‫إلى‬ ‫َّى‬ ‫د‬ ‫أ‬ ‫الذي‬ ‫ّر‬‫ّ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫هو‬ ‫ما‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫بأن‬ ‫نتساءل‬ ‫أن‬ ‫زم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫إن‬ ‫‪:‬‬ ‫ثم‬ ‫ّة[‪]...‬‬ ‫ي‬ ‫ضرور‬
‫صورات الضّروريّة ؟ وهل هناك ضابطة‬ ‫صورات النّظريّة والتّ ّ‬ ‫ي بين الت ّ ّ‬ ‫وبعضها نظريَّة؟ وما هو الفارق الجذر ّ‬
‫صور‬ ‫إن هناك ميزانا ً ي َميَّز به التّ ّ‬ ‫ي؟ أقول‪ :‬نعم َّ‬ ‫صور الضّرور ّ‬ ‫ي والت ّ ّ‬ ‫صور النّظر ّ‬ ‫يمكننا أن نميِّّز من خاللها الت ّ ّ‬
‫ي‪ ،‬وإن كان مر ّكبا ً فهو‬ ‫ّ‬ ‫يه‬ ‫بد‬ ‫مفهوم‬ ‫هو‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫بسيط‬ ‫كان‬ ‫إن‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ر‬ ‫صو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫المفهوم‬ ‫‪:‬‬ ‫وهو‬ ‫صور النّظر ّ‬
‫ي‬ ‫ي من التّ ّ‬ ‫الضّرور ّ‬
‫متحرك باإلرادة ناطق‬ ‫ّ‬ ‫ّاس‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫نام‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫جسمان‬ ‫جوهر‬ ‫ه‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫مختلفة‬ ‫مفاهيم‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫مر‬ ‫اإلنسان‬ ‫فمفهوم‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫نظر‬ ‫مفهوم‬
‫ّ‬
‫والجن‬ ‫أن الكهرباء‬ ‫المعرف‪ ،‬كما ّ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ي يفتقر – ألجل الوصول إلى تمام حقيقته – إلى‬ ‫ي نظر ّ‬ ‫تصور ّ‬ ‫ُّ‬ ‫فإذا ً هو مفهوم‬
‫والمالئكة كذلك‪ ،‬ومفهوم الوجود وال ّشيء والعدم واإلمكان والوجوب ليست مر َّكبة من عناصر ذهنيَّة مختلفة‪،‬‬
‫المعرف‪.‬‬ ‫ِّ ّ‬ ‫بل هي بسيطة‪ .‬فإذن هي مفاهيم ضروريّة واضحة ال غموض فيها وال غبار عليها‪ ،‬حيث ال تفتقر إلى‬
‫ألن التّعريف إنَّما‬ ‫إن المفاهيم التي تحتاج إلى تعريف هي مفاهيم نظريّة لمكان تر ُّكبها‪َّ ،‬‬ ‫على ضوء ذلك نقول‪َّ :‬‬
‫هو بسط المفهوم بذكر أجزائه الذاتيَّة التي هي الجنس والفصل وأ ّما المفهوم البسيط حيث ال جنس له وال فصل‬ ‫ّ‬
‫المعرف يعني‬ ‫ّ‬ ‫فال تركيب فيه فهو واضح مبسوط ال يفتقر إلى شرح وبسط وتعريف‪ ،‬بل ال يمكن تعريفه‪ .‬ثم‪ :‬إنّ‬
‫صورات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫صورات النّظريَّة كما أن الحجة هي التّفكير في مجال التّصديقات ال ّنظريَّة‪،‬‬ ‫التّفكير في مجال الت ّ ُّ‬
‫عرف وال إلى الحجّة‪ ،‬وعليه ك ُّل من تم َّكن من تعريف المفاهيم‬ ‫َّ‬ ‫الم‬ ‫إلى‬ ‫ال‬ ‫تحتاج‬ ‫فال‬ ‫ّة‬‫ي‬ ‫البديه‬ ‫البديهيّة والتّصديقات‬
‫صورات‪ ،‬وك ُّل من تمكن من إقامة الحجَّة بنحو صحيح‬ ‫َّ‬ ‫تعريفا ً صحيحا ً فهو الذي بإمكانه أن يفكِّر في مجال الت ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتورط في الخطأ واالنحراف‪ ،‬فهو الذي يتيسَّر له التّفكير بنحو صحيح في مجال التّصديقات‬ ‫َّ‬ ‫من غير أن‬
‫النّظريَّة حيث يبدّل المجهوالت التّصديقيَّة إلى معلومات تصديقيَّة [‪ ]...‬ومن هنا قسم المنطقيّون أبحاث هذا‬
‫بالمعرف‪ .‬وقسم‬ ‫ّ‬ ‫صوريّة وهذا ما يس ّمى‬ ‫العلم – الذي يعلّمنا كيف نف ّكّر – إلى قسمين‪ :‬قسم يرتبط بالمفاهيم التّ ّ‬
‫يرتبط بالمفاهيم التّصديقيّة وهذا ما يس ّمى بالحجّة‪.‬‬
‫عرف‪ .‬والعنوان‬ ‫األول‪ :‬هو الم ِّ ّ‬ ‫إن المنطق – كما شرحنا – يعالج عنوانين رئيسيّين‪ :‬العنوان ّ‬ ‫أبحاث المنطق‪َّ .‬‬
‫ّصورات‪.‬الحجة‪ :‬هو التّفكير في مجال الت ّصديقات‪( .‬و)‬ ‫عرف‪ :‬هو الت ّفكير في مجال الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫الم‬ ‫الثاني‪ :‬هو الحجَّة‪.‬‬
‫جميع أبحاث المنطق تتر َّكز في هذين العنوانين‪ .‬ومن ناحية أخرى الحديث عن خصوص الحجة واالستدالل‬
‫األول‪ :‬هيئة الحجَّة وصورتها‪ .‬القسم الثّاني‪ :‬مادّة الحجَّة ومحتواها‪ .‬على ضوئه‬ ‫يتشعب إلى قسمين‪ :‬القسم ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪30‬‬

‫‪ ―.19‬املوجِّهات اخلاصّة لالستدالل‪ :‬املنطق املتعلّق ببعض العلوم‪.‬‬


‫يختص ببعض العلوم يضاف إلى ذلك المنطق العا ّم‪ .‬فكما ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫وهنالك منطق آخر‬
‫عمليّة التّفكير المطلقة لها مو ِّ ّجهات عا ّمة يبحث عنها علم المنطق العا ّم‪ ،‬كذلك‬
‫عمليّة التّفكير في مادّة معيّنة يوجد لها مو ِّ ّجهات عا ّمة بقطع النّظر عن‬
‫مكونات وأجزاء تلك المادّة‪.‬‬‫خصوصيّات مختلف ّ‬

‫عرف‪ .‬المبحث الثاني‪ :‬الحجّة كهيئة‪ .‬المبحث الثّالث‪ :‬الحجَّة‬ ‫أصبحت أبحاث المنطق ثالثة‪ :‬المبحث األول‪ :‬الم ِّ ّ‬
‫عرف والحجَّة‪ ،‬مقدّمات لها أه ّميَّة سواء‬ ‫أن لبحث الم ِّ ّ‬ ‫صناعات الخمس [‪ .)]...‬وحيث ّ‬ ‫كمادّة (وهو المس ّمى بال ّ‬
‫عرف والحجَّة‪ ،‬أو كمصطلحات تستخدم في العلوم المختلفة‪ ،‬أصبحت أبحاث المنطق ست ّة‪ :‬البحث‬ ‫لمعرفة الم ِّ ّ‬
‫عرف والقسمة‪ .‬البحث‬ ‫ِّ ّ‬ ‫الم‬ ‫وهو‬ ‫‪:‬‬‫الث‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫للبحث‬ ‫ّمات‬ ‫د‬ ‫مق‬ ‫وهي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكل‬ ‫مباحث‬ ‫‪:‬‬ ‫اني‬‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫البحث‬ ‫‪.‬‬ ‫األلفاظ‬ ‫مباحث‬ ‫األول‪:‬‬
‫ّ‬
‫سادس واألخير‪:‬‬ ‫الرابع‪ :‬القضايا وأنواعها وهذا البحث هو مقدَّمة للبحث الخامس‪ :‬وهو الحجّة‪ .‬البحث ال ّ‬ ‫ّ‬
‫صناعات الخمس [‪ ]...‬الصّناعات الخمس‪ .‬يشتمل القياس على مادّة وصورة [‪ ]...‬ومادّة القياس هي‪ :‬مقدّمات‬ ‫ال ّ‬
‫صغرى) في أنفسها مع قطع ال ّنظر عن ص ّحة تأليفها مع بعض ‪ ،‬فبحسب اختالفها من ناحية‬ ‫القياس (الكبرى وال ّ‬
‫التّسليم بصدقها وعدم صدقها وبحسب اختالف المقدّمات ونتائجها والغرض من تأليفها ينقسم القياس إلى‪)1( :‬‬
‫شعر (‪ )5‬المغالطة [‪( ]...‬والبحث عن هذه األقسام الخمسة أو‬ ‫البرهان‪ )2( ،‬الجدل‪ )3( ،‬الخطابة‪ )4( ،‬ال ّ‬
‫شيخ إبراهيم األنصاري‪ ،‬دروس في‬ ‫صناعات الخمس‪ ،‬فيقال مثال صناعة البرهان‪ ،‬إلخ‪ .").‬ال ّ‬ ‫استعمالها هي ال ّ‬
‫المنطق (م س)‪.‬‬

‫تصور مفهوم الوجود‪ ،‬إلخ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ضروري‬
‫ّ‬
‫تصور‬
‫ّ‬ ‫حضوري‬
‫ّ‬
‫تصور مفهوم اإلنسان‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نظري‬
‫ّ‬
‫العلم‬

‫حصولي‬
‫ّ‬
‫الت ّصديق بأنّ النّقيضين ال يجتمعان‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫ضروري‬
‫ّ‬
‫تصديق‬
‫متحركة‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الت ّصديق بأنّ األرض‬ ‫نظري‬
‫ّ‬

‫المعرف هو الت ّفكير في مجال‬


‫ّ‬
‫ّصورات النّظريّة‬ ‫ّصورات النّظر ّية تحتاج تعريفا لها‬
‫الت ّ‬
‫الت ّ‬
‫الحجّة هي الت ّفكير في مجال‬
‫الت ّصديقات النّظريّة‬ ‫الت ّصديقات النّظريّة تحتاج الحجّة عليها‬

‫لمعرف‬
‫المعرف ‪ +‬مقدّمتين ل ّ‬
‫ّ‬ ‫إذن يبحث المنطق في‬ ‫ّصورات‬
‫الت ّ‬
‫المعرف‬ ‫أي‪:‬‬
‫موضوع المنطق‬

‫(مباحث األلفاظ ومباحث الكلّ ّي)‬ ‫ّ‬ ‫النّظريّة‬

‫إذن يبحث المنطق في الحجّة صورة (القياس) ومادّة‬ ‫أي‪ :‬الحجّة‬ ‫الت ّصديقات‬
‫‪ +‬مقدّمة (القضايا) ‪ +‬خاتمة (الصّناعات الخمس)‬ ‫النّظريّة‬
‫‪31‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الزمان الماضي‪،‬‬ ‫ففي علم التّاريخ مثال‪ ،‬وهو علم اكتشاف ما وقع في العالم في ّ‬
‫المؤرخ عمليّة التّفكير حينما يريد معرفة حدث َما‪ .‬هذه العمليّة التّفكيريّة‬
‫ّ‬ ‫يمارس‬
‫المرتبطة بذلك الحدث لها مو ِّ ّجهات عا ّمة بقطع النّظر عن الحدث المذكور‪.‬‬
‫وهذه المو ِّ ّجهات العا ّمة صالحة ألن تقوم بنفس الدّور‪ ،‬دور توجيه الفكر‪ ،‬وذلك‬
‫أن هذه المو ِّ ّجهات ال تبحث في‬ ‫في ك ّل حدث من أحداث التّاريخ‪ .‬ومن المعلوم ّ‬
‫األبواب المعقودة لهذا الحدث التّاريخي أو ذاك‪ ،‬بل يبحث عنها بنحو مستق ّل‬
‫خاص أو لم يس ّم‪ .‬هذه المو ِّ ّجهات هي منطق علم التّاريخ‪ .‬وقد‬‫ّ‬ ‫سواء س ِّ ّمي باسم‬
‫كانت مقدّمة ابن خلدون بمثابة محاولة الكتشافه ‪ .‬وهكذا فالباحث في منطق‬
‫‪50‬‬

‫علم التّاريخ ال يتناول هذا الحدث أو ذاك‪ ،‬بل يتناول المراحل التي ّ‬
‫تمر بها‬
‫المؤرخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عمليّة التّفكير عند‬
‫‪ ―.20‬املنهجيّة القانونيّة‪.‬‬

‫خاص لبعض العلوم وراء المنطق العا ّم‪ِّ .51‬م ْن هذا البعض مِّنَ‬
‫ّ‬ ‫إذن ث ّم منطق‬
‫العلوم نجد علم القانون حيث تعدّ ما يس ّمى اآلن بالمنهجيّة القانونيّة منطقه‬
‫أن عمليّة استنباط األحكام من القانون‪ ،‬تخضع لنوعين من‬ ‫الخاص‪ .‬هذا يعني ّ‬
‫ّ‬
‫المو ِّ ّجهات‪.‬‬

‫ي مثل المادّيّة‬
‫ي وإلى محاوالت أخرى في الفكر الغرب ّ‬ ‫انظر إشارة إلى هذه المحاولة في الفكر اإلسالم ّ‬
‫‪50‬‬

‫ّ‬
‫صدر‪ ،‬مقدّمات في التفسير الموضوعي للقرآن‪ ،‬دار شامخ‪ ،‬د‬ ‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريخيّة وغيرها‪ ،‬وذلك عند‪ :‬ال ّ‬
‫م‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬أتى ابن خلدون و"ماركس" (إلخ‪ ).‬في إطار علم التّاريخ بما أتاه اإلغريق في إطار جميع العلوم‪.‬‬
‫ي‪ ،‬إلخ) على النّحو التّالي‪:‬‬ ‫ويمكن رسم ك ّل محاولة من هذا النّوع (الخلدون ّ‬
‫ي‪ ،‬والماركس ّ‬

‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬ ‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬
‫االختصاص (أ) في فرعه‬ ‫االختصاص (أ) في فرعه‬
‫الثّاني‬ ‫األول‬
‫ّ‬
‫صورة الت ّفكير في جميع فروع العلم أو‬
‫االختصاص (أ)‪:‬‬
‫الخاص بـ (أ) أو منهجيّة (أ)‬
‫ّ‬ ‫المنطق‬
‫مادّة الت ّفكير في العلم أو‬
‫إلخ‪.‬‬ ‫االختصاص (أ) في فرعه‬
‫الثّالث‬

‫‪ ... 51‬نقول‪ :‬بعض العلوم‪ ،‬والسّبب أ ّننا ال نجد محاولة داخل ك ّل علم للفصل – فيما ّ‬
‫يتعلق بمختلف فروع ذلك‬
‫صورة الجامعة بين فروع ك ّل واحد من‬ ‫العلم – بين مادّة التّفكير وصورته‪ .‬فمن ينظر إلى أغلب العلوم يجد ّ‬
‫أن ال ّ‬
‫هذه العلوم قد بقيت ممتزجة بالمادّة‪ .‬ولع ّل السّبب يكمن في ّ‬
‫أن الحاجة إلى إخراج علم مستق ّل لصورة الفروع‬
‫ليست ملحّة أو هي غير موجودة‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪32‬‬

‫‪ ―.21‬مقدّمتا االستدالل على حكم القانون‪.‬‬


‫بعبارة أخرى‪ ،‬ينبغي على من يستد ّل من لفظ القانون على معناه (سنرى الحقا ً‬
‫أن معنى القانون = فرض ‪ +‬حكم‪ )52‬أن يستعمل في عمليّة االستدالل نوعين‬ ‫ّ‬
‫من المقدّمات‪:‬‬
‫من جهة أولى قواعد مشتركة بين جميع عمليّات االستدالل في مختلف العلوم‪،‬‬
‫وهي مسائل علم المنطق العا ّم (قواعد تستعمل في جميع االختصاصات من‬
‫فيزياء‪ ،‬وعلم تاريخ‪ ،‬وغير ذلك)‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية قواعد مشتركة بين جميع أو أغلب االستدالالت في مختلف‬
‫أجزاء المادّة القانونيّة (قواعد تستعمل في جميع االختصاصات داخل القانون‪:‬‬
‫خاص‪ ،‬قانون تجاري‪ ،‬قانون‬
‫ّ‬ ‫قانون مدني‪ ،‬قانون دستوري‪ ،‬قانون دولي عا ّم أو‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪.53).‬‬
‫إدار ّ‬

‫•عمل ّية االستدالل على معنى القانون‬


‫نص القانون‬‫ّ‬
‫أو‬
‫الدّليل‬
‫المستنبط منه‬

‫معنى القانون‬

‫‪ ―.22‬صياغة االستدالل‪.‬‬
‫صل في‬‫والمجال ال يسمح هنا – بسبب االستقالل المتحدّث عنه سابقا‪ – 54‬بأن نف ّ‬
‫األول من المقدّمات‪ ،‬أي ال يسمح بأن نورد مسائل علم المنطق‪ّ .‬‬
‫لكن‬ ‫النّوع ّ‬
‫المجال قد يفرض اإلشارة إلى نقطة تتعلّق بالتّعبير‪ .‬فالقياس (‪)syllogisme‬‬

‫‪ 52‬انظر الفقرة عدد ‪.179‬‬


‫‪ 53‬هنا ينتهي النّقل عن ال ّسيّد كمال الحيدري المشار إليه سابقا‪.‬‬
‫‪ 54‬انظر الفقرة عدد ‪.13‬‬
‫‪33‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي من أقسام االستدالل‪ .55‬وهو يتّخذ في كتب المنطق شكال‬ ‫مثالً قسم رئيس ّ‬
‫استعمل القياس في شكله المعروف في الكتب‪ ،‬أدّى ذلك إلى جعل‬
‫ِّ‬ ‫معيّنا‪ .56‬فإذا‬
‫العمل رتيباً‪ .‬في هذا المعنى يقول أحدهم‪:‬‬

‫بتصرف يسير‬ ‫ّ‬ ‫‪ 55‬هنالك قسمان رئيسيّان لالستدالل‪ :‬االستنباط (القياس) واالستقراء (هنا أيضا سننقل حرفيّا أو‬
‫ما جاء عند ال ّسيّد كمال الحيدري‪ :‬المذهب الذّاتي في نظريّة المعرفة‪ ،‬دار فراقد‪ ،‬إيران‪ 1426 ،‬هـ‪ 2005 /‬م‪،‬‬
‫ص ‪ 24‬وما بعدها)‪.‬‬
‫واالستنباط هو االستدالل الذي ال تكبر نتيجته مقدّماته‪ .‬فالمقدِّّمات هنا إ ّما أنّها أكبر أو أنّها مساوية للنّتيجة‪.‬‬
‫ومثال المقدّمات األكبر من النّتيجة أن نقول مثال‪ :‬دفع ما ال يلزم هو إثراء بال سبب‪ ،‬وك ّل إثراء بال سبب يوجب‬
‫الردّ‪ .‬فهنا النّتيجة أصغر من مقدّماتها ألنّها تتعلّق بنوع من أنواع اإلثراء وهو دفع‬ ‫الردّ‪ ،‬فدفع ما ال يلزم يوجب ّ‬ ‫ّ‬
‫ما ال يلزم‪ .‬أ ّما المقدّمة "ك ّل إثراء ‪ ،"...‬فهي أكبر ألنّها تشمل جميع أنواع اإلثراء‪.‬‬
‫الطريقة هي‬ ‫الخاص‪ .‬وهذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫فهنا وكما يالحظ سار الت ّفكير‪ ،‬أي سارت عمليّة االستدالل والحِّ جاج‪ ،‬من العا ّم إلى‬
‫الطريقة االستنباطيّة وتس ّمى بالقياس (‪.)syllogisme‬‬
‫صامت يموت‪،‬‬ ‫ومثال المقدّمة المساوية للنّتيجة أن نقول‪ :‬الحيوان إ ّما ناطق وإ ّما صامت‪ ،‬والنّاطق يموت وال ّ‬
‫صامت‬ ‫ألن ال ّ‬‫صامت يموت" ّ‬ ‫فالحيوان يموت‪ .‬فهنا النّتيجة "الحيوان يموت" مساوية للمقّدّمة "النّاطق يموت وال ّ‬
‫والنّاطق هما ك ّل الحيوان ِّوفقا للمقدّمة األخرى القائلة "الحيوان إ ّما صامت وإ ّما ناطق"‪.‬‬
‫أن‬ ‫األول ّ‬
‫ّ‬ ‫ثال‬ ‫الم‬ ‫مع‬ ‫الفرق‬ ‫الطريقة االستنباطيّة‪ .‬لكن‬ ‫الطريقة‪ ،‬أي ّ‬ ‫وهنا أيضا ت ّم الوصول إلى النّتيجة بنفس ّ‬
‫النّتيجة مساوية للمقدّمة التي ساهمت في تكوين الدّليل عليها‪.‬‬
‫فإذا ت ّم المرور اآلن إلى االستقراء‪ ،‬قيل إنّه استدالل وحِّ جاج تجيء النّتيجة فيه أكبر من المقدّمات التي ساهمت‬
‫في تكوينه‪.‬‬
‫ص إلى العا ّم‪ .‬لذا يعدّ سيرا معاكسا للسّير االستنباط ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي هو من الخا ّ‬ ‫فالسّير الفكري االستقرائ ّ‬
‫واالستنباط يورث يقينا بالنّتيجة ألنّه كلّما كان شيء عنصرا من مجموعة‪ ،‬وكانت عناصر تلك المجموعة‬
‫صفة (إذا كانت المقدّمة– وهي أكبر أو مساوية‬ ‫شيء متّصفا بتلك ال ّ‬ ‫تتّصف بصفة‪ ،‬يلزم عن ذلك أن يكون ذلك ال ّ‬
‫للنّتيجة – صحيحة‪ ،‬فاستنادا إلى مبدأ عدم التّناقض تكون النتيجة صحيحة)‪.‬‬
‫ّ‬
‫الخاص كان التّعميم يقينيّا‬ ‫ّ‬ ‫أفراد‬ ‫جميع‬ ‫أ ّما االستقراء‪ ،‬فإن كان كامال أدّى بدوره إلى اليقين‪ .‬أي أنّه إذا ت ّم استقراء‬
‫الخاص لننتهي إلى العا ّم‪ .‬فالنّتيجة‬ ‫ّ‬ ‫وله نفس درجة الجزم التي يعطيها القياس‪ .‬والسّبب في الحقيقة أ ّننا لم نس ِّْر من‬
‫ليست أصغر من المقدّمات بل هي مساوية لها‪.‬‬
‫لكن االستقراء قد ال يكون كامال‪ .‬واالستقراء غير الكامل أو النّاقص ال يعطي علما‪ .‬فإذا أخذنا عددا كبيرا من‬ ‫ّ‬
‫خاص لم يدرس‬ ‫ّ‬ ‫الخاص)‪ ،‬لم يكن ذلك كافيا للقول بالعا ّم على سبيل اليقين‪ .‬فما بقي من أمثلة أي من‬ ‫ّ‬ ‫األمثلة (من‬
‫يمكن أن ال يكون كالذي درس ومن ث ّم يمكن أن ال يكون التّعميم صحيحا (إذا كانت المقدّمة– وهي أصغر من‬
‫اإلوز (‪ .)cygnes‬فلقد‬ ‫ّ‬ ‫النّتيجة – صحيحة‪ ،‬فال تناقض في أن تكون النّتيجة خاطئة‪ .‬ويمكن أن يعطى هنا مثال‬
‫إن لونه أبيض إلى أن اكتشف في القرن التّاسع عشر في أستراليا إوز لونه أسود)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قيل انطالقا م ّما ع ِّرف منه ّ‬
‫الطبيعيّة منها من فيزياء‬ ‫صة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وخا‬ ‫العلوم‬ ‫جميع‬ ‫ّ‬
‫ألن‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫األه‬ ‫ّليل‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬‫وأ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ً‬ ‫عل‬ ‫االستقرائي‪،‬‬ ‫وهذه ثغرة في الدّليل‬
‫وطبّ وفلك تعتمد المالحظة (دراسة ظاهرة في سيرها العادي) والتّجربة (دراسة ظاهرة بخلقها في المخبر)‬
‫لكي تصل إلى تعميمات‪ ،‬أي إلى نتائج تس ّميها تلك العلوم بالقوانين (للثّقة في درجة اليقين بها)‪.‬‬
‫ي الذي يسير من‬ ‫الخاص إلى العا ّم إلى الدّليل القي ّ‬
‫اس‬ ‫ّ‬ ‫ي الذي يسير من‬ ‫أرجع الدّليل االستقرائ ّ‬ ‫ولسدّ هذه الثّغرة ِّ‬
‫ي – وبعد الحصول خالل االستقراء النّاقص على عدد كبير من األمثلة –‬ ‫الخاص‪ .‬فالدّليل االستقرائ ّ‬
‫ّ‬ ‫العا ّم إلى‬
‫والظاهرة (ب) اقترنتا خالل‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرة (أ)‬ ‫شكل القياسي وذلك على النّحو التّالي‪ّ :‬‬ ‫ي ويتّخذ ال ّ‬ ‫ينطلق من مبدأ عقل ّ‬
‫فإن إحداهما سبب لألخرى‪ .‬وتفسير ذلك ّ‬
‫أن‬ ‫مرات كثيرة ّ‬ ‫مرات كثيرة‪ ،‬وكلّما اقترنت ظاهرتان ّ‬ ‫االستقراء في ّ‬
‫أن (أ) سبب لـ‪( :‬ب)‪.‬‬ ‫صدفة ال تحصل دائما وال بكثرة‪ .‬ويستنتج م ّما تقدّم ّ‬ ‫ال ّ‬
‫إن‬‫وعليه فاالستقراء ال ّناقص ال يفيد علما‪ ،‬أ ّما المالحظة والتّجربة (أي االستقراء النّاقص ‪ +‬المبدأ القائل ّ‬
‫صدفة ال تكون دائميّة وال أكثريّة) فيفيدان اليقين‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫أن الفكر‬ ‫صوري – ّ‬ ‫يصورها المنطق ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن‪" :‬طريقة تولّد المعارف البشريّة – حسبما‬ ‫ويمكن أن نضيف لما سبق ّ‬
‫يسير دائما من معارف ّأوليّة ضروريّة هي أساس المعرفة البشريّة إلى استنباط معارف نظريّة جديدة بطريق‬
‫صورة فعلم المنطق هو‬ ‫ي خطأ يفترض إن كان في ال ّ‬ ‫البرهان والقياس‪ ،‬التي يحدّد صورتها علم المنطق‪ ،‬فأ ّ‬
‫العاصم منه‪ ،‬وإن كان في مادّة القياس‪ :‬فإن كانت المادّة ّأوليّة فال مجال لوقوع الخطأ فيها‪ ،‬وإن كانت ثانويّة‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪34‬‬

‫املنطقي اذلي ينبغي أأن يظ ّل دوم ًا متشدّدا يف منطقيّته عىل مس توى‬ ‫ّ‬ ‫" عىل الاكتب‪ ،‬وهو‬
‫ا ألصل‪ ،‬أأن ال يس تعمل االّ اندرا ا ألشاكل املدرس ّية املتصلّبة‪ .‬فقليل من املواضيع تقبلها‪،‬‬
‫القراء يصرب عىل راتبهتا‪ .‬عىل قياسه أأن يتّبع جدل سيرسون الشّ لكي (حيث تُرفق‬ ‫وقليل من ّ‬
‫يتكون‬‫لك مقدّ مة ابلربهان علهيا) واضامر (سرنى الحقا القياس‪ :‬الفقرة عدد ‪ .190‬وس نجده ّ‬ ‫ّ‬
‫عادة من مقدّ متّي كربى وصغرى ومن نتيجة‪ .‬واالضامر حذف احدى املقدّ متّي أأو حذف‬
‫النّتيجة‪ .‬وي ّمت ذكل غالبا لوضوح احملذوف‪ .‬مثال‪ :‬أأان أأفكّر‪ ،‬اذن أأان موجود‪ .‬هنا ُحذفت املقدّ مة‬
‫لك من يفكّر موجود‪ ،‬اذن أأان موجود‪) 57‬‬ ‫الكربى اذ متام الالكم أأن يُقال‪ :‬أأان أأفكّر‪ ،‬و ّ‬
‫الصغرى‪ ،‬وعىل املقدّ متّي‬‫دميوس تّي؛ عىل املقدّ مة الكربى أأن ال تكون دوما متبوعة ابملقدّ مة ّ‬
‫أأن ال تعقهبام دوما النّتيجة؛ ليحذف الاكتب جزء ا ِحلجاج اذلي ميكن بسهوةل أأن يصل اليه‬
‫املتلقّي؛ أأو ليقلب ّالّتتيب العادي لهذا ا ِحلجاج [‪ ]...‬بعبارة خمترصة‪ ،‬ال ينبغي أأن ننىس أأ ّن‬
‫املنطقي"‪.58‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيعة االنسانيّة تراتح قليال اىل رصامة التّعبري‬

‫الحجاج واالستدالل والتّفكير بطرق متعدّدة‪ ،‬وأن ال‬


‫وهكذا ينبغي أن يصاغ ِّ‬
‫ي الموجود في كتب المنطق‪.‬‬ ‫يؤتى به في ال ّ‬
‫شكل المدرس ّ‬

‫صورة‬‫مستنتجة فال محالة تكون مستنتجة من برهان وقياس فينقل الكالم إليه حتّى ينتهي إلى خطأ يكون في ال ّ‬
‫األوليّة في الفكر‬
‫األوليّة ال خطأ فيها بحسب الفرض لكونها ضروريّة‪ .‬وقد اصطلح على المعارف ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن المعارف ّ‬
‫األول‪ ،‬وعلى المعارف المستنتجة منها بمدركات العقل الثّاني"‪ .‬بحوث في علم‬ ‫البشري بمدركات العقل ّ‬
‫سيّد محمود الهاشمي‪ ،‬ج ‪،1‬‬
‫صدر‪ ،‬ال ّ‬ ‫األصول‪ ،‬مباحث الحجج واألمارات‪ ،‬تقريرا ألبحاث ال ّسيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫الحجج واألمارات‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ 56‬في كتب المنطق عند العرب والمسلمين‪ :‬مقدّمة صغرى ث ّم مقدّمة كبرى فنتيجة؛ وفي كتب المنطق في‬
‫الغرب‪ :‬مقدّمة كبرى ث ّم مقدّمة صغرى فنتيجة‪ .‬انظر الفقرة عدد ‪.190‬‬
‫‪ 57‬انظر حول اإلضمار أو القياس المائل بالنّقصان (‪ :)enthymème‬الغزالي‪ ،‬معيار العلم في المنطق‪ ،‬شرح‬
‫أحمد شمس الدّين‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1990 ،1‬ص ‪ 167‬وما يليها؛‬
‫‪André Lalande, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, P.U.F., Paris, 3 e‬‬
‫‪éd., 1993 ; Sir William Hamilton Bart, Lectures on metaphysics and logic, William‬‬
‫‪Blackwood and sons, Edinburgh and London, s. d., vol. 3, p. 386 et s.‬‬
‫‪"Que l’écrivain, logicien toujours sévère pour le fond, emploie rarement les 58‬‬
‫‪formes rigoureuses de l’école. Peu de sujets en admettent la raideur, peu de lecteurs‬‬
‫‪en supportent la monotonie. Que son syllogisme dérive le plus souvent à‬‬
‫‪l’épichérème de Cicéron ou à l’enthymème de Démosthène ; que la majeure ne soit‬‬
‫‪pas invariablement suivie de la mineure, et de concert avec elle n’amène pas‬‬
‫‪invariablement la conclusion ; qu’il supprime certains membres de l’argumentation‬‬
‫]…[ ‪facile à suppléer, ou que, en les développant, il en intervertisse l’ordre normal‬‬
‫‪Bref, il ne faut pas oublier que la nature humaine s’accommode mal de la rigueur de‬‬
‫‪l’expression logique". A. Baron, préc., p. 181 et 182.‬‬
‫‪35‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.23‬النّوع الثّاني من املقدّمات‪.‬‬


‫إن عمليّات االستدالل تض ّم في‬ ‫فإذا اهتممنا اآلن بالنّوع الثّاني من المقدّمات‪ ،‬قلنا ّ‬
‫صة بك ّل عمليّة وعناصر مشتركة بين ك ّل عمليّة وغيرها من‬ ‫الحقيقة عناصر خا ّ‬
‫عمليّات االستدالل‪ .‬فاالستدالل على محتوى القانون مثال له مفردات‪ .‬ومفرداته‬
‫هي‪ :‬لفظ‪ ،‬ومعنى يستخرج من اللفظ‪ ،‬ث ّم حكم القانون الذي نعرفه بمعرفة‬
‫المعنى‪ .‬ومن العناصر المشتركة التي تستعمل في استخراج المعنى يمكن أن‬
‫نذكر على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫ي ( ‪argument a‬‬ ‫■ الح ّجة التي تعود إلى كمال النّظام القانون ّ‬
‫‪:)complétudine ou de la complétude du système juridique‬‬
‫و"هي وسيلة استدالليّة على أساسها – وبسبب كوننا ال نجد قاعدة قانونيّة تعطي‬
‫ي ممكن – يجب أن‬ ‫تصرف مادّ ّ‬‫ّ‬ ‫تكييفا قانونيّا معيّنا لك ّل شخص بالنّظر إلى ك ّل‬
‫نستنتج ص ّحة ووجود قاعدة قانونيّة تعطي لألفعال غير المنصوص عليها تكييفا‬
‫ي‪ ،‬أو دائما‬ ‫أن الفعل هو دائما غير مؤثّر‪ ،‬أو دائما وجوب ّ‬ ‫حكميّا معيّنا‪ :‬إ ّما ّ‬
‫ممنوع‪ ،‬أو دائما مباح"‪ .59‬بتعبير آخر‪ :‬لدينا األفعال؛ وهي كثيرة جدّا وال يمكن‬
‫ي ويحوي جملة من القواعد ال تستطيع‪ ،‬مهما‬ ‫حصرها؛ ولدينا النّظام القانون ّ‬
‫ي هو ناقص؛‬ ‫كثرت‪ ،‬أن تستوعب ك ّل األفعال؛ على هذا األساس‪ ،‬ك ّل نظام قانون ّ‬
‫لكن نفس هذا النّظام يسدّ نقصه ويك ّمل نفسه بوضع قاعدة عا ّمة تقول ّ‬
‫إن ك ّل‬ ‫ّ‬
‫فعل ليس له حكم في القانون هو مثال مباح أو ممنوع (إلخ)‪.‬‬
‫أن‬‫■ الح ّجة النّسقيّة (‪" :)argument systématique‬تنطلق من افتراض ّ‬
‫مكوناته اعتمادا على‬ ‫أن مختلف أحكامه تمث ّل نظاما يمكن تأويل ّ‬ ‫القانون ّ‬
‫منظم‪ ،‬و ّ‬
‫سياق الذي تنتمي إليه"‪.60‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪"L’argument a completudine ou de la complétude du système juridique « est un 59‬‬


‫‪procédé discursif d’après lequel, puisqu’on ne trouve pas de proposition juridique‬‬
‫‪attribuant une qualification juridique quelconque à chaque sujet par rapport à chaque‬‬
‫‪comportement matériellement possible, on doit conclure à la validité et à l’existence‬‬
‫‪d’une disposition juridique attribuant aux comportements non réglés de chaque sujet‬‬
‫‪une qualification normative, particulière : ou toujours indifférents, ou toujours‬‬
‫‪obligatoires, ou toujours interdits, ou toujours permis »". Tarello G., cité par : Ch.‬‬
‫‪Perelman, Logique juridique. Nouvelle rhétorique, Dalloz, Paris, 2e éd., 1979, p. 57.‬‬
‫‪"L’argument systématique part de l’hypothèse que le droit est ordonné, et que ses 60‬‬
‫‪diverses normes forment un système, dont les éléments peuvent être interprétés en‬‬
‫‪fonction du contexte où ils se trouvent insérés".‬‬
‫‪Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 59.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪36‬‬

‫■ الح ّجة التي تعود إلى االتّساق (‪ :)argument a coherentia‬و"هي الح ّجة‬
‫المشرع العاقل – والذي نفترض أيضا أنّه كامل‬ ‫ّ‬ ‫التي‪ ،‬انطالقا من فكرة ّ‬
‫أن‬
‫ينظم وضعيّة واحدة بطريقتين ليس بينهما تالؤم‪،‬‬ ‫الفطنة والحذر – ال يمكن أن ّ‬
‫(‪...‬انطالقا من هذه الفكرة تقول الح ّجة) إنّه توجد قاعدة تسمح بإزالة واحد من‬
‫الحكمين المسبّب للتّعارض‪( .‬إذن) هذه الح ّجة تم ّكن القاضي من التّد ّخل إلنهاء‬
‫سكنا بفرض اتّساق القانون‪ ،‬فهذا الح ّل (أي القاعدة‬ ‫(ذاك) التّعارض‪ .‬لكن إذا تم ّ‬
‫ي"‪.61‬‬ ‫التي تم ّكن من إزالة التّعارض) موجود مسبقا في النّظام القانون ّ‬
‫■ ح ّجة الخ ْلف أو اإلحالة على العبث ( ‪argument apagogique ou de‬‬
‫المشرع عاقل‪ ،‬وأنّه لم‬ ‫ّ‬ ‫‪" :)réduction à l’absurde‬بمقتضاها نفترض ّ‬
‫أن‬
‫يكن يستطيع قبول تأويل للقانون يؤد ّي إلى نتائج غير منطقيّة أو ظالمة [‪]...‬‬
‫الطريقة في التّفكير [‪ ]...‬ستصبح أكثر انتشارا بعد الحرب العالميّة‬ ‫هذه ّ‬
‫الثّانية"‪.62‬‬
‫يكرر ( ‪argument‬‬ ‫ّ‬ ‫المشرع الذي ال‬‫ّ‬ ‫■ الح ّجة االقتصاديّة أو فرض‬
‫‪ )économique ou l’hypothèse du législateur non redondant‬أو‬
‫قاعدة اإلفادة أولى من اإلعادة والتّأسيس خير من التّأكيد‪ :‬حاصل هذه الح ّجة‬
‫ص قد اكتفى‬ ‫"أن تأويالً ما ينبغي تركه‪ ،‬ألنّه‪ ،‬وفي صورة قبوله‪ ،‬سيكون النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫صا زائدا‪ .‬لكن هذه‬ ‫نص آخر سابق‪ ،‬ويكون من هنالك ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫بإعادة ما ينتج عن‬
‫خاص أن ال يكون إالّ‬ ‫ّ‬ ‫الح ّجة ال تفرض نفسها دائما‪ ،‬ألنّه من الممكن لقانون‬
‫تطبيقا لمبدأ"‪.63‬‬

‫‪"L’argument a coherentia est celui qui, partant de l’idée qu’un législateur 61‬‬
‫‪raisonnable – et que l’on suppose aussi parfaitement prévoyant – ne peut pas régler‬‬
‫‪une même situation de deux façons incompatibles, il existe une règle permettant‬‬
‫‪d’écarter l’une des deux dispositions provoquant l’antinomie. Cet argument permet‬‬
‫‪au juge d’intervenir pour résoudre l’antinomie, mais si l’on s’en tient strictement à‬‬
‫‪l’hypothèse de la cohérence du droit cette solution préexisterait dans le système‬‬
‫‪juridique". Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 58.‬‬
‫الز ّروقي‪ ،‬الحجّة العقليّة ومجلّة االلتزامات والعقود‬
‫انظر حول مسألة تعارض القواعد القانونيّة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫(دراسة تحليليّة للعالقة بين األحكام القانونيّة)‪ ،‬منشور في‪ :‬كتاب مائويّة مجلّة االلتزامات والعقود‪– 1906 .‬‬
‫‪ ،2006‬مركز النّشر الجامعي‪ ،‬تونس‪ ،2006 ،‬ص ‪.133 – 59‬‬
‫‪"L’argument apagogique, ou de réduction à l’absurde, selon laquelle on suppose 62‬‬
‫‪que le législateur est raisonnable, et qu’il n’aurait pas pu admettre une interprétation‬‬
‫‪de la loi qui conduirait à des conséquences illogiques ou iniques […] Cette façon de‬‬
‫‪raisonner […] sera plus répandue après la deuxième guerre mondiale". Ch.‬‬
‫‪Perelman, Logique juridique (préc.), p. 58.‬‬
‫‪"L’argument économique ou l’hypothèse du législateur non redondant. Il affirme 63‬‬
‫‪essentiellement qu’une interprétation doit être écartée, parce que, si elle était admise,‬‬
37 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫المشرع العاجز‬
ّ ‫ أو فرض‬،‫ أو ح ّجة طبيعة األشياء‬،»‫ي‬ ّ « ‫■ ح ّجة‬
ّ ‫الطبيع‬
argument naturaliste, ou de la nature des choses, ou (
‫ "هذه الح ّجة تؤدّي إلى أنّه‬:)hypothèse du législateur impuissant
.64"‫ألن طبيعة األشياء تعارض ذلك‬ ّ ‫نص القانون‬ ّ ‫وفي وضعيّة معيّنة ال ينطبق‬
‫ و"تتمثّل في البحث عن‬:)argument psychologique( ‫■ الح ّجة النّفسانيّة‬
‫] تستعمل‬...[ ‫ هذه الح ّجة‬.‫المشرع بفضل اللجوء إلى األعمال التّحضيريّة‬ ّ ‫إرادة‬
)‫] (والبحث في األعمال التّحضيريّة‬...[ ‫ إذا تعلّق األمر بقانون جديد‬،‫أكثر‬
‫المشرع من خالل التّفكير في‬
ّ ‫يسمح بتحديد علّة القانون وذلك بإعادة بناء إرادة‬
‫ وفي‬،‫ وفي المبادئ التي رجع إليها‬،‫ي الذي كان عليه حلّه‬ ّ ‫المشكل الواقع‬
‫الحجاج يسمح بالتّدقيق‬ ِّ ‫ هذا‬.‫ي‬ ّ ‫األول‬
ّ ‫التّعديالت التي أدخلت على المشروع‬
.65"‫برفض تأويل للقانون كان سيبدو وجيها في غياب هذه الدّالئل‬
:)argument téléologique( ‫■ الح ّجة التي تعود إلى روح وهدف القانون‬
‫الروح والهدف "انطالقا من دراسة واقعيّة لألعمال‬ ّ ‫هنا ال نعيد بناء هذه‬
ّ ‫ هذه‬.‫بنص القانون نفسه‬
‫الطريقة‬ ّ ‫ بل انطالقا من اعتبارات تتعلّق‬،‫التّحضيريّة‬
‫ إذا كانت الدّراسة التّاريخيّة ال تنير‬،‫األكثر تجريدا للحجاج تفرض نفسها‬
ّ ‫ألن المشاكل المثارة جديدة ولم تكن تطرح في ذلك‬
.66"‫الزمن‬ ّ ،‫المؤول‬
ّ

le texte se bornerait à répéter ce qui résulte d’un texte légal antérieur, et qu’il
deviendrait, par le fait même, superflu. Mais cet argument ne s’impose pas toujours,
car il se peut qu’une réglementation particulière ne soit que l’application d’un
principe". Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 59.
"L’argument naturaliste, ou de la nature des choses, ou hypothèse du législateur 64
impuissant. Cet argument conclut du fait, que dans une situation donnée, un texte de
loi est inapplicable, car la nature des choses s’y oppose". Ch. Perelman, Logique
juridique (préc.), p. 59.
"L’argument psychologique consiste dans la recherche de la volonté du 65
législateur, grâce au recours aux travaux préparatoires. Cet argument […] est utilisé
plus fréquemment quand il s’agit d’une loi récente […] De telles recherches
permettent de préciser la raison de la loi, en reconstruisant l’intention du législateur,
en songeant au problème concret qu’il avait à résoudre, aux principes auxquels il se
réfère, aux amendements apportés au projet primitif. Cette argumentation permet,
plus particulièrement, de réfuter une interprétation de la loi qui aurait pu paraître
plausible en l’absence de ces indications". Ch. Perelman, Logique juridique (préc.),
p. 58.
Paul Bénichou, L’écrivain et ses :‫قرب ما جاء أعاله م ّما كتبه أحدهم في إطار نصوص ليست قانونيّة‬
ّ
travaux, cérès éd., Tunis, 1998, p. 14.
"L’argument téléologique, concernant l’esprit et le but de la loi, que l’on ne 66
reconstitue pas, cette fois, à partir de l’étude concrète des travaux préparatoires,
mais à partir de considérations sur le texte même de la loi. Cette façon plus abstraite
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪38‬‬

‫■ الح ّجة الت ّاريخيّة (‪ )argument historique‬أو "ح ّجة قرينة االستمراريّة‪،‬‬
‫مشرع محافظ‪ ،‬أي تفترض بقاءه مخلصا ّ‬
‫للطريقة التي أراد أن‬ ‫أن ال ّ‬‫وتفترض ّ‬
‫ينظم بها مادّة ما‪ ،‬إالّ أن يغيّر صراحة النّصوص القانونيّة‪ .‬لكن لنالحظ ّ‬
‫أن هذه‬ ‫ّ‬
‫الح ّجة تزاح أحيانا لفائدة حجج أخرى بدونها ما كان ليوجد أبدا انقالب في فقه‬
‫القضاء"‪.67‬‬
‫األولى (‪ )argument a fortiori‬أو قياس األولى‪ :68‬لدينا فرض‬ ‫■ ح ّجة ْ‬
‫وحكم منطوق بهما؛ ولدينا فرض نقيض مسكوت عنه وعن حكمه؛ نبحث عن‬
‫نص آخر‪ ،‬إلخ‪).‬؛ فإذا لم نجده ووجدنا الفرض النّقيض أولى‬ ‫شارع (في ّ‬ ‫قصد ال ّ‬
‫بالحكم الوارد للفرض المنطوق به‪ ،‬نعطي هذا الحكم للفرض المسكوت عنه‪.‬‬
‫األولى شكالن‪:‬‬
‫ولح ّجة ْ‬
‫األول‪ :‬من يمكنه األكثر‪ ،‬يمكنه األقل ( ‪Qui peut le plus peut le‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .)moins‬فإذا كان القانون يم ّكن بالحوز من اكتساب الملكيّة‪ ،‬فينبغي القول‬
‫ي آخر؛‬ ‫ي أصل ّ‬ ‫ي ّ‬
‫حق عين ّ‬ ‫(رغم سكوته) بأنّه يم ّكن بنفس الوسيلة من اكتساب أ ّ‬
‫ي كامل‪ ،‬أ ّما بقيّة الحقوق العينيّة األصليّة‬
‫ي أصل ّ‬ ‫أن الملكيّة ّ‬
‫حق عين ّ‬ ‫سبب ّ‬ ‫وال ّ‬
‫فحقوق ناقصة ‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫شكل الثّاني‪ :‬من ال يمكنه األق ّل ال يمكنه األكثر ( ‪Qui ne peut le moins‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .)ne peut le plus‬فإذا كانت الالفتة في الحديقة العموميّة (أي القانون) تمنعنا‬
‫من المشي فوق العشب‪ ،‬فمن باب أولى أنّها تمنعنا من قلعه (فرض القلع‬
‫مسكوت عنه وعن حكمه)‪.70‬‬

‫‪d’argumenter s’impose quand l’étude historique ne permet pas d’éclairer‬‬


‫‪l’interprète, parce que les problèmes soulevés sont nouveaux et ne se posaient pas à‬‬
‫‪l’époque". Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 58.‬‬
‫‪"L’argument historique, ou de présomption de continuité, suppose que le 67‬‬
‫‪législateur est conservateur, c'est-à-dire qu’il reste fidèle à la manière dont il a voulu‬‬
‫‪réglé une certaine matière, à moins de modifier expressément les textes légaux.‬‬
‫‪Notons que cet argument est parfois écarté, au profit d’autres arguments, sans quoi il‬‬
‫‪n’y aurait jamais eu de renversement de jurisprudence". Ch. Perelman, Logique‬‬
‫‪juridique (préc.), p. 58.‬‬
‫‪ 68‬انظر‪Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a contrario : étude de méthodologie :‬‬
‫‪juridique comparée, n° 44 et s. (à paraître dans: Revue de droit international et de‬‬
‫‪droit comparé).‬‬
‫‪Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 56. 69‬‬
‫ي ألنّه ال وجود لسكوت حول الحقوق العينيّة األصليّة‬ ‫مالحظة‪ :‬هذه المثال ال يصلح إعطاؤه في القانون التّونس ّ‬
‫النّاقصة‪ .‬وفعال جاء في الفصل ‪ 45‬من مجلّة الحقوق العينيّة‪" :‬من حاز عقّارا أو حقّا عينيّا على عقّار [‪]...‬‬
‫ي [‪."]...‬‬ ‫ّ‬
‫الحق العين ّ‬ ‫كانت له ملكيّة العقّار أو‬
‫‪ 70‬قارن مع‪Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 56. :‬‬
‫‪39‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫■ ح ّجة المثل (‪ )argument a simili – a pari - analogique‬أو قياس‬


‫المثل‪ :71‬لدينا فرض وحكم منطوق بهما؛ ولدينا فرض نقيض مسكوت عنه‬
‫نص آخر‪ ،‬إلخ‪).‬؛ فإذا لم نجد هذا‬‫ّ‬ ‫شارع (في‬‫وعن حكمه؛ نبحث عن قصد ال ّ‬
‫القصد‪ ،‬وإذا لم نجد الفرض النّقيض أولى بالحكم الوارد للفرض المنطوق به‪،‬‬
‫بل هو مثل له على هذا المستوى‪ ،‬أعطينا هذا الحكم للفرض المسكوت عنه‪.‬‬
‫■ ح ّجة العكس (‪ )argument a contrario‬أو المفهوم بالمخالفة‪ :72‬لدينا‬
‫فرض وحكم منطوق بهما؛ ولدينا فرض نقيض مسكوت عنه وعن حكمه؛‬
‫نص آخر‪ ،‬إلخ‪).‬؛ فإذا لم نجد هذا القصد‪ ،‬وإذا لم‬
‫شارع (في ّ‬ ‫نبحث عن قصد ال ّ‬
‫نجد الفرض النّقيض أولى بالحكم الوارد للفرض المنطوق به‪ ،‬وال هو مثل له‬
‫على هذا المستوى‪ ،‬أعطينا الفرض المسكوت عنه حكما يمثّل األصل أو يمثّل‬
‫النّقيض‪.73‬‬

‫‪ 71‬انظر‪Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a contrario (préc.), n° 44 et s. :‬‬


‫‪ 72‬انظر‪Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a contrario (préc.), notamment : n° :‬‬
‫‪44 et s.‬‬
‫‪ 73‬أوردنا في عمل لنا (‪،)Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a contrario (préc.), n° 45‬‬
‫ص الذي يمنع حمل الكالب في قطار المسافرين ويسكت عن الدّببة‬ ‫وانطالقا من المثال المعروف المتمثّل في ال ّن ّ‬
‫والحقائب الكبيرة والحقائب العاديّة‪ ،‬الكالم التّالي‪:‬‬
‫يخص حجّة األولى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فيما‬
‫(أ) هو (ب)؛‬
‫فإن ( ال أ) هو أكثر من (ب)؛‬ ‫يخص (ب)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫إذن من باب أولى (ال أ) هو (ب)‪.‬‬
‫الكلب يقلق راحة المسافرين؛‬
‫خص ما هو مقلق‪ ،‬الدّبّ أكثر من الكلب؛‬ ‫وفيما ي ّ‬
‫إذن من باب أولى الذّئب يقلق‪.‬‬
‫المؤول إلى قاعدة عا ّمة هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يمر‬
‫الركاب)‪ّ ،‬‬‫ص المتعلّق بقطارات ّ‬ ‫انطالقا من منع حمل الكالب (الوارد في ال ّن ّ‬
‫ك ّل ما يقلق ممنوع (ك ّل ب هو ج)‪ .‬بعد ذلك يجد الدّبّ مقلقا أكثر من الكلب‪ ،‬فينتهي إلى منع حمل الدّببة (ال أ هو‬
‫ج)‪:‬‬
‫ألن (أ) هو (ب)؛ إذن ( ال أ) هو (ج)‪ّ ،‬‬
‫ألن (ال أ) هو (ب)‪.‬‬ ‫(أ) هو (ج)‪ّ ،‬‬
‫يخص حجّة المثل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فيما‬
‫(أ) هو (ب)؛‬
‫فإن ( ال أ) هو مساو لـ (ب)؛‬ ‫يخص (ب)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫إذن (ال أ) هو (ب)‪.‬‬
‫الكلب يقلق راحة المسافرين؛‬
‫يخص ما هو مقلق‪ ،‬الحقيبة الكبيرة جدّا هي مساوية للكلب؛‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫إذن الحقيبة الكبيرة تقلق‪.‬‬
‫المؤول إلى قاعدة عا ّمة هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يمر‬
‫الركاب)‪ّ ،‬‬‫ص المتعلّق بقطارات ّ‬ ‫انطالقا من منع حمل الكالب (الوارد في ال ّن ّ‬
‫ك ّل ما يقلق ممنوع (ك ّل ب هو ج)‪ .‬بعد ذلك يجد الحقيبة الكبيرة جدّا مقلقة مثل الكلب‪ ،‬فينتهي إلى منع حمل‬
‫الحقيبة الكبيرة (ال أ هو ج)‪:‬‬
‫ألن (ال أ) هو (ب)‪.‬‬‫ألن (أ) هو (ب)؛ إذن ( ال أ) هو (ج)‪ّ ،‬‬ ‫(أ) هو (ج)‪ّ ،‬‬
‫يخص حجّة العكس‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فيما‬
‫(أ) هو (ب)؛‬
‫فإن ( ال أ) ليس أكثر من (ب) وال مساو له؛‬ ‫يخص (ب)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪40‬‬

‫نص يحوي‬ ‫■ ح ّجة المعنى العا ّم (‪ :)argument a generali sensu‬لدينا ّ‬


‫ص المعنى‬ ‫ص؛ إن وجدناه‪ ،‬أعطينا النّ ّ‬ ‫تعبيرا عا ّماً؛ نبحث عن قصد صاحب النّ ّ‬
‫ص‬‫الموافق لهذا القصد إن عموما ً أو خصوصاً؛ وإن لم نجد القصد‪ ،‬نعطي النّ ّ‬
‫المعنى العا ّم‪ .‬وهكذا وفي صورة وجود القصد‪ ،‬نكون قد قدّمنا القرينة على ذي‬
‫ألن القرينة أظهر‪ .‬وفي صورة عدم وجود القصد‪ ،‬نكون قد أخذنا‬ ‫القرينة‪ّ ،‬‬
‫ألن ّ‬
‫الظهور ح ّجة‪.‬‬ ‫الظاهر‪ّ ،‬‬‫بالمعنى ّ‬
‫هذا عن العا ّم‪ .‬نفس الكالم ينطبق على "المطلق"‪ ،‬و"األمر" وغير ذلك من‬
‫تتكرر كثيرا في القوانين‪.74‬‬
‫صيغ التي ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلفيّة" (‪ ،)argument ab exemplo‬أي التي تعود إلى األخذ بما‬ ‫■ الح ّجة "ال ّ‬
‫سلطة ‪argument‬‬ ‫ي (تس ّمى أيضاً‪ :‬ح ّجة ال ّ‬‫ي أو الفقه ّ‬
‫سلف" القضائ ّ‬
‫جاء عند "ال ّ‬
‫سابق من‬ ‫نص‪ ،‬فنعطيه المعنى الذي أعطي له في ال ّ‬ ‫‪ :)d’autorité‬هنا لدينا ّ‬
‫طرف المحاكم أو من طرف الفقه ‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫■ إلخ‪.76.‬‬

‫إذن (ال أ) ليس (ب)‪.‬‬


‫الكلب يقلق راحة المسافرين؛‬
‫يخص ما هو مقلق‪ ،‬الحقيبة العاديّة ليست ال أكثر من الكلب وال مساوية له؛‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫إذن الحقيبة العاديّة ال تقلق‪.‬‬
‫المؤول إلى قاعدة عا ّمة هي‪:‬‬‫ّ‬ ‫يمر‬
‫الركاب)‪ّ ،‬‬ ‫ص المتعلّق بقطارات ّ‬ ‫انطالقا من منع حمل الكالب (الوارد في ال ّن ّ‬
‫ك ّل ما يقلق ممنوع (ك ّل ب هو ج)‪ .‬بعد ذلك يجد الحقيبة العاديّة ال تقلق‪ ،‬فال يطبّق عليها القاعدة العا ّمة‪.‬‬
‫ي‪ :‬العقد والقانون نموذجاً‪ ،‬منشور في كتاب‪:‬‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬‫الظهور‪ :‬عبد المجيد ّ‬ ‫‪ 74‬انظر حول ّ‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،2010 ،‬ص ‪– 733‬‬ ‫خمسون عاما ً من فقه القضاء المدني‪ ،2009 – 1959 .‬مركز النّشر الجامع ّ‬
‫‪. 894‬‬
‫‪Ch. Perelman, Logique juridique (préc.), p. 59. 75‬‬
‫انظر أيضا حول حجّة السّلطة أو حجّة السّلف‪Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, :‬‬
‫‪préc., p. 410 et s. ; Patrick Vassart (Études pub. par), Arguments d’autorité et‬‬
‫‪arguments de raison en droit, Centre national de recherches de logique, Bruxelles,‬‬
‫‪Éd. Nemesis, 1988.‬‬
‫‪ 76‬انظر بعض هذه الحجج وانظر غيرها عند‪Adolphe Nysenholc et Thomas Gergely, préc., p. :‬‬
‫‪13 et s.‬‬
‫انظر أيضا‪Pierre-André Côté, Interprétation des lois, Centre de recherche en droit :‬‬
‫‪public de la Faculté de Droit de l’Université de Montréal, Les éditions Yvon Blais‬‬
‫‪Inc., Québec, 2e éd., 1990, p. 239 et s. ; Denis Baril, préc., p. 91 et s.‬‬
‫‪41‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.24‬مشكلة معرفة املنطق واملنهجيّة القانونيّة وتطبيق نظرّياتهما‪ ،‬أو مشكلة غياب االستدالل‬

‫يف األعمال ذات الطّبيعة االستدالليّة‪.‬‬


‫مدعو ألن تكون له‬ ‫ّ‬ ‫أن من يكتب ليقول ما مضمون القانون‬ ‫يتّضح م ّما تقدّم ّ‬
‫الخاص الذي هو المنهجيّة القانونيّة‪.‬‬‫ّ‬ ‫معرفة بالمنطق العا ّم ومعرفة بالمنطق‬
‫الطويلة‪ ،‬مهارة تطبيق‬ ‫وفوق ما سبق ينبغي أن يكون قد امتلك‪ ،‬بفعل الممارسة ّ‬
‫يتزود بها من المنطق ومن المنهجيّة على الحاالت‬ ‫ّ‬ ‫النّظريّات العا ّمة التي‬
‫صة التي يشتغل عليها‪.77‬‬ ‫الخا ّ‬
‫لكن ث ّم مشكالن‪ :‬مشكل معرفة‪ ،‬ومشكل تطبيق‪.‬‬
‫صة‬‫أن تحصيل مهارة التّطبيق أمر عسير وخا ّ‬ ‫فأ ّما المشكل الثّاني‪ ،‬فيتمثّل في ّ‬
‫لكن االمتحان والقيام بالمواضيع ال ينتظر‪ .‬لذا‬ ‫ي ويتطلّب من ث ّم وقتا‪ّ .‬‬ ‫أمر تراكم ّ‬
‫متدرجة من التّساهل إلى‬ ‫ّ‬ ‫من المفروض أن تكون المحاسبة على هذه المهارة‬
‫التّشدّد وذلك بحسب تقد ّم سنوات دراسة منهجيّة التّفكير‪ .‬وكما يرى فالمشكل‬
‫الثّاني ليس في حقيقته مشكال‪ .‬فالمثابرة ث ّم ّ‬
‫الزمن كفيالن بالح ّل‪.‬‬
‫تدرس‬‫أن الكلّيات اليوم ال ِّ ّ‬‫األول – ّ‬‫لكن حين نعلم – وهنا نأتي إلى المشكل ّ‬
‫أن أمر تعلّم هذه المنهجيّة‬ ‫بصفة مستقلّة منهجيّة التّفكير‪ ،78‬ومن ث ّم حين نعلم ّ‬

‫ي‪ ،‬إذن إخبار عن القانون‬ ‫إن الوظيفة األساسيّة للدّروس (إلخ‪ :).‬أن تخبر عن القانون (درس في القانون المدن ّ‬ ‫‪ّ 77‬‬
‫ي – إلخ‪ .).‬ومعرفة المنطق العا ّم‬ ‫ي‪ ،‬إذن إخبار عن القانون الدّستور ّ‬ ‫ي – درس في القانون الدّستور ّ‬ ‫المدن ّ‬
‫والخاص والت ّم ّكن من مهارة تطبيقهما هما ما يفتح الباب أمام الخبر عن القانون كي يكون خبرا ً علميّاً‪ ،‬أي خبرا ً‬ ‫ّ‬
‫مرتبطا ً بالمخبر عنه على نحو الضّرورة ‪( nécessité‬إذن لن نكون أمام افتراض‪ ،‬حيث يرتبط الخبر بالمخبر‬
‫ي‪ ،‬حيث يرتبط‬ ‫ي) وعلى نحو الكلّيّة ‪( universalité‬إذن لن نكون أمام رأي شخص ّ‬ ‫عنه على نحو غير وجوب ّ‬
‫وألن ما يكتب من دروس (إلخ‪ ).‬خال م ّما سبق‪ ،‬فينبغي أن‬ ‫ّ‬ ‫الخبر بالمخبر عنه على نحو ال يشمل غير المخبِّر)‪.‬‬
‫ي وليست علماً‪.‬‬ ‫يضاف لعناوينها ما ينبئ بحقيقتها وهي أنّها افتراض أو رأي شخص ّ‬
‫والخاص واكتساب مهارة تطبيقهما‪" .‬ومع ذلك فال‬ ‫ّ‬ ‫فإن ما ينبغي لمن يحاجج هو معرفة المنطق العا ّم‬ ‫وهكذا ّ‬
‫صنائع لم تنفعه نفس‬ ‫ي أيضا إذا تعلّم هذه ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنطق‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫حو‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫غير‬ ‫يخطب‬ ‫وأن‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫المنطق‬ ‫غير‬ ‫يبرهن‬ ‫منكر أن‬
‫أن‬‫وتمرن يصير له استعمال هذه القوانين ملكة‪ ،‬كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫معرفته بهذه القوانين كثير نفع ما لم يحدث له ارتياض‬
‫مرن واكتساب الملكة‪.‬‬ ‫ي إذا تعلّم النّحو لم ينفعه العلم بال ّنحو في أن يستعمل النّحو استعماال بالغا إالّ بعد الت ّ ّ‬ ‫النّحو ّ‬
‫وقد تحصل ملكة في ال ّنحو من غير معرفة القوانين‪ ،‬وفي الجدل وفي غير ذلك إالّ أنّها تكون ناقصة‪ ،‬ولذلك‬
‫معولين على الملكة‪ ...‬فإذن ال غنية‬ ‫يجوز أن تزول وتفسد‪ ،‬كما زالت الملكة النّحويّة عند العرب‪ ،‬ألنّهم كانوا ّ‬
‫شفا‪ ،‬ص ‪ ،18‬منقول عن‪:‬‬ ‫يعول على ملكة غير صناعيّة"‪ .‬ابن سينا‪ ،‬ال ّ‬ ‫عن المنطق لمن أراد أن يستظهر‪ ،‬وال ّ‬
‫سمير خير الدّين‪ ،‬القواعد المنطقيّة (دروس بيانيّة في شرح المنطق وتطبيقاته)‪ ،‬معهد المعارف الحكميّة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪.2006 ،1‬‬
‫ي مستق ّل في المنهجيّة‬ ‫ّ‬ ‫نظر‬ ‫درس‬ ‫وال‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫العا‬ ‫المنطق‬ ‫في‬ ‫درس‬ ‫ال‬ ‫تونس‬ ‫في‬ ‫القانون‬ ‫ّات‬ ‫ي‬‫‪ 78‬ال يوجد اآلن في كلّ‬
‫الرياضيّات – في المرحلة الثّانويّة‪.‬‬ ‫درس – بصفة محتشمة داخل مادّة ّ‬ ‫القانونيّة‪ .‬وفي السّابق‪ ،‬كان المنطق ي ّ‬
‫وتنبغي الدّعوة اليوم ّأوالً إلى إرجاعه‪ ،‬وثانيا ً إلى إرجاعه على نحو أوسع م ّما كان في الماضي حتّى يدخل‬
‫ي الذي اختاره وله معرفة بصورة التّفكير في جميع العلوم بما فيها‬ ‫التّلميذ إلى الجامعة وإلى االختصاص العلم ّ‬
‫للطالب تكوينا ً آخر في‬‫سيختص فيه‪ .‬كما تنبغي الدّعوة في اختصاص القانون إلى أن تضيف الجامعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلم الذي‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪42‬‬

‫ساحقة من المواضيع –‬ ‫متروك للمجهود الفردي‪ ،‬نفهم لماذا تخلو الغالبيّة ال ّ‬


‫بجميع أنواعها وفي جميع المستويات – من النّفَس االستداللي‪ .‬فما نجده اليوم‪:‬‬
‫سلطة‪ .79‬أي أنّنا نجد كتابات‬ ‫صة‪ ،‬وأحيانا تعتمد فقط‪ ،‬ح ّجة ال ّ‬‫كتابات تعتمد خا ّ‬
‫أن المحكمة‬‫أن الفقيه الفالني تبنّاها أو ّ‬‫تقول‪ :‬هذه هي النّتيجة والد ّليل عليها ّ‬
‫ال ِّعالّنيّة قالت بها‪.80‬‬
‫‪ ―.25‬متطلّبات فهم األعمال االستدالليّة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬والحال ما سبق‪ ،‬أن نجد األعمال التي ليست من الغالبيّة المشار‬ ‫ومن ّ‬
‫الطبيع ّ‬
‫سبب ال يكمن في أنّها غير واضحة‪ ،‬بل‬ ‫إليها غير مفهومة من الغالبيّة‪ .‬وال ّ‬
‫أن فهم تلك األعمال يتطلّب مسبقا معرفة بمنطق القانون ومن‬ ‫سبب يرجع إلى ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ورائه بالمنطق؛ بمنهجيّة التّفكير القانوني ومن خلفها بمنهجيّة التّفكير‪ .‬إضافة‬
‫ّ‬
‫االطالع‬ ‫على ما تقدّم‪ ،‬ينبغي أن يكون هناك حدّ أدنى من االنتباه والتّركيز وقت‬
‫على مثل هذه األعمال‪.‬‬
‫وإلى أمر من هذا النّحو أشار أحدهم حين قال‪:‬‬

‫شك‪ ،‬تتطلّب بعض ا ألعامل العلم ّية من القارئ‪ ،‬ومع املعارف املس ّبقة‪ ،‬انتباها أأكرب من‬
‫"دون ّ‬
‫البعض الخر‪ ،‬وال أأدّعي أأ ّن كتاب املياكنيك لـ‪« :‬الپالس» غامض أل ّن عا ّمة ّ‬
‫القراء ال‬
‫يفهمونه"‪.81‬‬

‫المنطق العا ّم يدعّم ما يكون قد تلقّاه قبل ذلك في المرحلة الثّانويّة‪ .‬ث ّم ينبغي أن يكلّل ما سبق بتكوين في المنهجيّة‬
‫كيف إالّ‬
‫َ‬ ‫القانونيّة (بتدريس هذه المادّة بصفة مستقلّة)‪ ،‬وبتكوين كاف (على مستوى عدد السّاعات‪ ،‬ألنّه ال‬
‫انطالقا ً من ك ّم معيّن)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قوتها من االعتبار الذي يحمله المتلقي للمؤلف [‪( ]...‬وهي) تسمح باالستعاضة عن‬ ‫‪" 79‬تستمدّ حجّة السّلطة ّ‬
‫صة إذا أخذت شكل استشهادات ال تنتهي"‪Sylvie .‬‬ ‫ّ‬ ‫خا‬ ‫منها‪،‬‬ ‫اإلكثار‬ ‫عدم‬ ‫غي‬ ‫ينب‬ ‫االستدالل الحقيقي‪ .‬لذا‬
‫‪Guichard, préc., p. 27.‬‬
‫انظر أيضا حول حجّة السّلطة ما جاء في عدد ‪.23‬‬
‫المدرس ما لديه من معلومات‪ ،‬بل ما لديه من‬‫ّ‬ ‫‪ 80‬هذا ما يفسّر انقالب الدّروس في الجامعة إلى دروس يفرغ فيها‬
‫ص – قال القانون‬ ‫ص – قالت محكمة كذا عن النّ ّ‬ ‫ص – قال فالن عن النّ ّ‬ ‫نوع معيّن من المعلومات (قال النّ ّ‬
‫قوة تذ ّكر ذاك النّوع من المعلومات‬
‫ي – قال ‪ – ...‬إلخ‪ ،).‬ويفسّر انقالب االمتحانات إلى تمارين تقاس فيها ّ‬ ‫األجنب ّ‬
‫(بضاعتكم ردّت إليكم‪ ،‬أو كما يقول المثل المنسوب إلى العصر الوسيط‪ :‬ال جديد‪ ،‬لكن من جديد ‪« non du‬‬
‫‪.)nouveau, mais de nouveau » non nova, sed nove‬‬
‫‪ ...‬بعد أن يتغيّر القانون‪ ،‬ال تبقى للدّروس فائدة ‪ ...‬إالّ الفائدة التّاريخيّة‪ .‬وبعد مرور زمن‪ ،‬ال يبقى في ذاكرة‬
‫الطالب شيء ‪ ...‬إالّ أ ّنه تلقّى ذات يوم دروسا ً في الجامعة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ...‬ما قيل عن الدّروس يص ّح عن البحوث األخرى‪.‬‬
‫‪"Sans doute quelques ouvrages scientifiques demandent au lecteur, avec des 81‬‬
‫‪connaissances préalables, une plus grande attention que d’autres, et je ne prétends‬‬
‫‪pas que la Mécanique de Laplace soit obscure, parce que le commun des lecteurs ne‬‬
‫‪43‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫بعبارة مختصرة‪ :‬العمل الواضح ال يساوي العمل المفهوم‪.‬‬


‫‪ ...‬نعم مطلوب ِّم ّمن يكتب أن ال يكتب للنّخبة وأن يحاول ما استطاع أن يكون‬
‫في متناول يد الجميع ‪ ...‬نعم مطلوب منه أن يسعى لجعل عمله مفهوما ً من‬
‫العموم‪ 82‬لكي ال يجد نفسه أمام ما أشار إليه "نيتشه"(‪:)Nietzsche‬‬
‫"ميكن أأن نتلكّم بطريقة حصيحة جدّ ًا‪ ،‬ونُرىم خبالف ذكل من اللكّ‪ :‬حّي ال نتلكّم اىل‬
‫اللكّ"‪.83‬‬

‫‪ ...‬نعم مطلوب ما سبق‪ .‬لكن‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬مطلوب م ّمن يكتب أن يصل‬
‫صون ّأوالً‪.‬‬
‫صون أيضاً‪ ،‬بل المخت ّ‬
‫بمستوى ما يكتبه إلى درجة يستفيد منها المخت ّ‬
‫خط يتبع مسألة مستوى ما يكتب‪ ،‬تنبغي اإلشارة إلى أنّه ال الحجج وال‬ ‫وفي ّ‬
‫متانة الحجج بنافعة مع البعض‪:‬‬

‫" أأراد ذئب‪ ،‬حّي ر أأى َح ًال يرشب املاء من الهنّ ر‪ ،‬أأن يتّخذ جحّة اكذبة ليأألكه‪ .‬لأجل ذكل‪،‬‬
‫الرشب‪.‬‬‫ورمغ أأن ّه اكن يف ا ألعىل وامحلل يف ا ألسفل‪ ،‬اهتّ م ا أل ّو ُل الث ّاين بتعكري املاء ومبنعه من ّ‬
‫لك حال‪ ،‬فأأان يف ا ألسفل وال ميكن أأن‬ ‫أأجاب امحلل‪ :‬ا ّين مل أأرشب االّ بطرف شفايه‪ ،‬وعىل ّ‬
‫أأعكّر املاء املوجود يف ا ألعىل‪ .‬ر ّد ّاذلئب – بعد أأن أأدرك أأن ّه مل حيقّق هدفه –‪ :‬لكن يف ّ‬
‫الس نة‬
‫املاضية ش متت أأيب‪ .‬مل أأكن قد ودلت وقهتا‪ ،‬أأجاب امحلل‪ .‬قال ّاذلئب‪ :‬همام تكن مقدرتك عىل‬
‫مربرات لنفسك‪ ،‬فا ّين أ ِ ُلكك"‪.84‬‬
‫العثور بسهوةل عىل ّ‬

‫‪la comprends pas". A. Baron, préc., p. 217.‬‬


‫‪ 82‬انظر ما أسمي بـ‪" :‬اإلبالغيّة"‪ ،‬وذلك في هامش من هوامش الفقرة عدد ‪.124‬‬
‫‪"On peut parler d’une façon extrêmement juste, et de sorte pourtant que tout le 83‬‬
‫‪monde crie au contraire ; c’est lorsqu’on ne parle pas pour tout le monde". F.‬‬
‫‪Nietzsche, Humain, trop humain, Mercure de France, 1910, T. II, n° 295.‬‬
‫‪" Un loup, voyant un agneau qui buvait à une rivière, voulut alléguer un prétexte 84‬‬
‫‪spécieux pour le dévorer. C'est pourquoi, bien qu'il fût lui-même en amont, il‬‬
‫‪l'accusa de troubler l'eau et de l'empêcher de boire. L'agneau répondit qu'il ne buvait‬‬
‫‪que du bout des lèvres, et que d'ailleurs, étant à l'aval, il ne pouvait troubler l'eau à‬‬
‫‪l'amont. Le loup, ayant manqué son effet, reprit : « Mais l'an passé tu as insulté mon‬‬
‫‪père. Je n'étais pas même né à cette époque », répondit l'agneau. Alors le loup reprit:‬‬
‫‪« Quelle que soit ta facilité à te justifier, je ne t'en mangerai pas moins »". Ésope,‬‬
‫‪Fables, VIe siècle av. J.-C.‬‬
‫انظر أيضا‪Jean de la Fontaine, Fables. Illustration par André Collot, La Belle Édition, :‬‬
‫‪Paris, S. D., p. 25 (Le loup et l’agneau).‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬االكتشاف‬ ‫‪44‬‬

‫بعبارة ال تستعمل المجاز‪ :‬تنبغي اإلشارة إلى الذين اعتادوا – كلّما اقتضت‬
‫مصلحتهم – إشهار وصف معدّ سلفا ً في وجه أعمال غيرهم‪ :‬أن يقولوا هي غير‬
‫أن ذلك الوصف‬ ‫مفهومة (أو غير معهودة‪ ،‬أو ما شابه ذلك)‪ .‬فهؤالء اكتشفوا ّ‬
‫يم ّكنهم‪ ،‬ال فقط من طعن وتصفية من يشاؤون‪ ،85‬بل أيضا من التّعمية على‬
‫ذلك‪ .86‬لذا ينبغي تنبيه – ال من سبقوا‪ ،‬بل من لهم شيء من النّزاهة – إلى حقيقة‬

‫‪ 85‬يقول "نيتشه"‪ :‬ال نعاقَب جيّدا إالّ بسبب فضيلة فينا‪.‬‬


‫‪« On n’est jamais si bien puni que pour ses vertus ». Nietzsche, Par-delà bien et mal,‬‬
‫‪Collection Folio/ Essais, Gallimard, Paris, 1971, n° 132, p. 89.‬‬
‫‪ 86‬إذن ث ّم من ال تنفع معه الحجج‪ ،‬أي ث ّم من عنده "الحجّة""ال حجّة"‪ .‬وهؤالء هم عادة من نجد عندهم‪ ،‬وفي‬
‫مواطن أخرى‪" ،‬الالّحجّة""حجّة"‪:‬‬
‫ي‪ ،‬ولكي أرضي نهمي‪،‬‬ ‫"(األسد) بالنّسبة إل ّ‬
‫التهمت كثيرا من الخرفان‪.‬‬
‫ماذا فعلوا لي؟ وال إساءة واحدة‪،‬‬
‫الراعي [‪]...‬‬‫مرات أن ألحق بهم ّ‬ ‫بل لقد اتّفق لي ّ‬
‫سيّدي‪ ،‬قال الثّعلب‪ ،‬إنك ملك طيّب جدّا؛‬
‫ّ‬
‫الرقّة؛‬
‫حيرتك تنبئ بكثير من ّ‬
‫ي‪،‬‬‫ّ‬ ‫الغب‬ ‫وع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫األوباش‪،‬‬ ‫إن أكل الخرفان‪،‬‬ ‫ّ‬
‫هل هو خطيئة؟ ال‪ ،‬ال‪ ،‬أنت سيّدي‪،‬‬
‫تشرفهم بذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫الراعي‪ ،‬فيمكن أن نقول‬ ‫أ ّما عن ّ‬
‫ّ‬
‫يستحق ك ّل ّ‬
‫شر‬ ‫إنّه‬
‫ألنّه من هؤالء الذين يجعلون ألنفسهم على الحيوانات‬
‫سلطة وهميّة"‪.‬‬
‫‪"(Le Lion) : Pour moi, satisfaisant mes appétits gloutons‬‬
‫‪J'ai dévoré force moutons.‬‬
‫‪Que m'avaient-ils fait ? Nulle offense :‬‬
‫]…[ » ‪Même il m'est arrivé quelquefois de manger Le Berger.‬‬
‫; ‪- Sire, dit le Renard, vous êtes trop bon Roi‬‬
‫; ‪Vos scrupules font voir trop de délicatesse‬‬
‫‪Eh bien, manger moutons, canaille, sotte espèce,‬‬
‫‪Est-ce un péché ? Non, non. Vous leur fîtes Seigneur‬‬
‫‪En les croquant beaucoup d'honneur.‬‬
‫‪Et quant au Berger l'on peut dire‬‬
‫‪Qu'il était digne de tous les maux‬‬
‫‪Étant de ces gens-là qui sur les animaux‬‬
‫‪Se font un chimérique empire".‬‬
‫‪Jean de la Fontaine, Fables (préc.), p. 172 et 173 (Les animaux malades de la peste).‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬وجدنا أحد األساتذة الجامعيّين في تونس (عبد الجليل التّميمي) يتحدّث عن هذه‬ ‫فإذا تركنا المجاز ّ‬
‫الممارسات في قسم العربيّة ويقول‪:‬‬
‫صدق‪ ،‬وال ّشجاعة‪ .‬فحين انتدبت في ّ‬
‫الكليّة‪،‬‬ ‫شفافيّة‪ ،‬وال ّ‬‫تطور الجامعة في تونس تقييما فيه كثير من ال ّ‬ ‫"يقتضي ّ‬
‫فوق‪ ،‬وكانوا يظهرون احتقارا تجاه من ال يشاركونهم‬ ‫بالجو السّائد فيها‪ .‬وفعال كان لدى األساتذة عقدة الت ّّ‬ ‫ّ‬ ‫فوجئت‬
‫التّكوين واإليديولوجيا «السّوربونيّة» (نسبة إلى كلّيّة السّوربون بباريس)‪ .‬هذا األمر كان سببا إلهمالهم ك ّل‬
‫تصرفات هؤالء األساتذة ومواقفهم‪ ،‬طوال مسيرتهم الجامعيّة‪ ،‬تظهر‬ ‫الفضاءات الجامعيّة غير الفرنكوفونيّة‪ .‬و ّ‬
‫أن التّغريب الذي يستندون إليه لم يكن إالّ أداة لإلرهاب الفكري الذي مارسوه ضدّ [‪ّ ]...‬‬
‫الزيتونيّين (نسبة‬ ‫جيّدا ّ‬
‫عزال يفتقدون لوسائل الدّفاع [‪ّ ]...‬‬
‫إن الجامعيّين الذين حضروا نشأة الجامعة‬ ‫الزيتونة) الذين كانوا ّ‬ ‫إلى جامع ّ‬
‫‪45‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي ال يقرأ إالّ بعد امتالك قدر معيّن من معارف‬ ‫أن العمل العلم ّ‬ ‫بسيطة مفادها ّ‬
‫ي ال يقرأ كما تقرأ الجريدة‪.‬‬ ‫معيّنة‪ّ ،‬‬
‫وأن العمل العلم ّ‬
‫أن هنالك أعماال هي الغالبة والمعتادة‪ ،‬وهي األعمال التي تعتمد‬ ‫والحاصل ّ‬
‫سلطة‪ .‬وث ّم إلى جانب ما سبق االستثناء‪،‬‬ ‫باألساس أو التي تعتمد فقط ح ّجة ال ّ‬
‫أن ما ت ّم ترتيبه استدالالت تعتمد حججا‬ ‫ويتمثّل في األعمال التي نجد فيها ّ‬
‫متعدّدة‪ ،‬وحججا مالئمة لما يع َمل عليه؛ ونجد فيها‪ ،‬انطالقا من تلك الحجج‪،‬‬
‫صياغة لمقدّمات ث َّم وعي بطبيعتها وبقيمتها اإلثباتيّة؛ ونجد فيها وصوال بعد ك ّل‬
‫الذي سلف إلى نتائج‪ ،‬وإلى نتائج ث ّم إدراك لقيمتها‪ .‬بعبارة مختصرة‪ :‬هنالك‬
‫سلطة؛ وهنالك االستثناء‪ ،‬وفي االستثناء نجد‬ ‫سائد نجد ح ّجة ال ّ‬ ‫سائد‪ ،‬وفي ال ّ‬‫ال ّ‬
‫سلطة الح ّجة ‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫سائد أو أمام االستثناء‪ ،‬فإنّه هو الذي يكتشف ‪ .‬وما‬


‫‪88‬‬
‫وسواء وجدنا أنفسنا أمام ال ّ‬
‫يكتشف ينبغي بعد ذلك أن يرتّب‪.‬‬

‫حريّة التّعبير‪ .‬لقد مارسوا االستبداد ضدّ ك ّل فكرة مخالفة‪ ،‬وسدّوا‬ ‫الفتيّة لتونس كانوا مناهضين للحوار ولمبدأ ّ‬
‫ي في مؤسّسات الجامعة"‪.‬‬ ‫صرف الدّكتاتور ّ‬ ‫سبيل التّرقية من درجة إلى أخرى في فترة تميّزت بالت ّ ّ‬
‫‪Abdeljelil Temimi, Dynamique de gestion et liberté d’expression à l’Université de‬‬
‫‪Tunis : La Faculté des lettres et sciences humaines et l’Institut supérieur de‬‬
‫‪documentation (I.S.D.) comme exemples, In Abdeljelil Temimi (Sous la direction‬‬
‫‪de), Liberté d’expression et production du savoir dans les universités et centres de‬‬
‫‪recherche arabes, Publications de la Fondation Temimi pour la recherche‬‬
‫‪scientifique et l’information, Zaghouan, 2000, p. p. 58, 59 et 75.‬‬
‫حول نفس النّوع من الممارسات وحول غيرها ولكن في قسم آخر من أقسام الجامعة التّونسيّة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪Mohamed Tahar Mansouri, Les amphies du silence, Irtihal Editions, Tunis, 2012.‬‬
‫‪ 87‬ليس في حجّة السّلطة سلطة الحجّة‪ ،‬أي ليست حجّة السّلطة حجّة تقبل بها ال ّنتيجة من ّ‬
‫الزاوية العلميّة‪ .‬بعبارة‬
‫أكثر تفصيالً‪ :‬نحن أمام نتيجة‪ ،‬والمشكل‪ :‬هل ت ّم الوصول إلى هذه النّتيجة بواسطة الدّليل المستنبط به الذي يجب‬
‫وبعد استعماله كما يجب؟ فإذا كان الجواب باإليجاب‪ ،‬قبلنا النّتيجة ألنّها علميّة؛ وإن ال‪ ،‬فال‪.‬‬
‫أن سلطة ما قالت بها‪ ،‬نكون قد أجّلنا ح ّل المشكل ونقلنا السّؤال إلى مستوى آخر‬ ‫إن الدّليل على ال ّنتيجة ّ‬ ‫فإذا قلنا ّ‬
‫هو السّلطة‪ :‬هل وصلت هذه السّلطة إلى النّتيجة بواسطة الدّليل المستنبط به الذي يجب وبعد استعماله كما يجب؟‬
‫فإن فعلت‪ ،‬قبلنا ال ّنتيجة ألنّها علميّة؛ وإن لم تفعل‪ ،‬لم نفعل‪.‬‬
‫ي‪.‬‬
‫في الحقيقة‪ ،‬في إطار السّائد ال يوجد اكتشاف فعل ّ‬
‫‪88‬‬
‫الفصل الثّاني‬
‫التّرتيب ‪disposition‬‬
‫(فعل تنظيم المضمون أو الحجج‪ :‬التّخطيط)‬

‫‪ ―.26‬تقسيم الفصل وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫اختلفوا‪ :89‬ما اكتشف‪ ،‬أيترك دون ترتيب أم يرت َّب؟ وداخل القائلين بالتّرتيب‪،‬‬
‫اختلفوا‪ :‬ما يرت َّب‪ ،‬كيف يرت َّب؟‬
‫يقول "أ‪ .‬بارون"(‪: )A. Baron‬‬

‫ينجر اب ألساس عن التّخطيط و ّالّتتيب‪ ،‬و أأ ّن القانون اذلي خيضع هل‬


‫"ال تنسوا [‪ ]...‬أأ ّن الوضوح ّ‬
‫التّخطيط [‪ ]...‬هو قانون الوحدة"‪.90‬‬

‫ونمر اآلن إلى التّرتيب ومن بعده‬ ‫ّ‬ ‫‪ 89‬لقد فرغنا من االكتشاف‪ ،‬أي فرغنا من الحديث ع ّما ينبغي قوله (‪.)logos‬‬
‫ونمر‬
‫ّ‬ ‫إلى التّعبير‪ ،‬أي إلى كيفيّة قول ما وصلنا إلى أ ّنه ينبغي قوله (‪ .)lexis‬بعبارة واحدة‪ :‬فرغنا من األصل‪،‬‬
‫شكل (التّرتيب شكل‪ ،‬والتّعبير شكل آخر)‪ .‬انظر‪Antoine Compagnon, La notion de genre :‬‬ ‫اآلن إلى ال ّ‬
‫‪: 3. Politique des genres : Platon, http://www.fabula.org/compagnon/genre2.php (24‬‬
‫‪septembre 2010).‬‬
‫شكل‪ ،‬كما يقول "أنطوان كومپانيون"‪ ،‬يخضع للوظيفة (‪.)La forme dépend de la fonction‬‬ ‫وال ّ‬
‫‪Antoine Compagnon, La notion de genre: 2. Norme, essence ou structure?,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre2.php(24 septembre 2010).‬‬
‫المؤلف في نفس المكان وهو يتحدّث عن الوظائف الثّالث‬ ‫ّ‬ ‫قرب ما سنتناوله في هذا الفصل وفي الذي يليه من نفس‬ ‫ّ‬
‫للنّوع األدبي‪:‬‬
‫الطابع اآلمر أو التّفسيري أو الوصفي لل ّنوع‪ .‬لكن عند أغلب المؤلّفين‪ ،‬تماما‬ ‫"بحسب النّظريّات‪ ،‬يت ّم التّركيز على ّ‬
‫كما عند «أرسطو» [‪ ،]...‬للنّوع بحسب لحظات التّفكير ثالث خصائص؛ إنّه وبالتّسلسل آمر وتفسيري ووصفي‪.‬‬
‫‪ -‬األنواع قواعد آمرة‪ .‬هي قواعد حسب أرسطو [‪ ]...‬والتراجيديا هي القيمة العليا [‪ ]...‬وشكلها ومضمونها لهما‬
‫(إن التّقسيم إلى أنواع) له تقريبا على الدّوام قيمة القاعدة‪ .‬ويعطي «هوراس» (‪)Horace‬‬ ‫عالقة بغايتها [‪ّ ]...‬‬
‫شكل والمضمون [‪]...‬‬ ‫[‪ ]...‬نصائح من أجل نسج أعمال ناجحة‪ :‬هنالك معايير جودة مثل التّالؤم المتبادل بين ال ّ‬
‫شعر لـ‪« :‬بوالو» (‪ )Boileau‬بالت ّأكيد آمرا‪ .‬هنا نلمس العالقة المتينة بين‬ ‫فن ال ّ‬
‫في العصر الكالسيكي‪ ،‬يعدّ ّ‬
‫يزود النّوع النّقد بالمعايير للحكم على األعمال الفرديّة [‪]...‬‬ ‫ّ‬ ‫قيمة‪:‬‬ ‫حكم‬ ‫بوصفه‬ ‫التّقسيمات النّوعيّة والنّقد‬
‫‪ -‬النّوع جوهر؛ هو ال يصف األعمال فحسب‪ ،‬بل يفسّرها‪ .‬إنّه صنف غائي وجبري مماثل للنّموذج البيولوجي‪،‬‬
‫الطبيعيّات في التّقسيم [‪( ]...‬ولقد) تحدّث «أرسطو» عن األنواع وعن الغاية‬ ‫وعبارة نوع تنتمي لمنهج علماء ّ‬
‫صة بك ّل واحد منها [‪( ]...‬وتناولها) كجواهر‪ ،‬كأوصاف جوهريّة لها طابعها المميّز [‪ ]...‬إذن ليس النّوع‬ ‫الخا ّ‬
‫يزود العمل الفردي بوحدة عضويّة [‪]...‬‬ ‫فقط عالمة أو اسم صنف‪ ،‬بل ال ّنوع اسم جوهر له غاية داخليّة‪ ،‬وهو ّ‬
‫الطبيعة الدّاخليّة المحكومة بغايتها‪ ،‬مبدأ الحركة الغائيّة‪.‬‬ ‫بالقوة‪ ،‬اإلمكان الذي جعل ليتحقّق في فعل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫إنّه الكينونة‬
‫ّ‬
‫الطبيعي (خالفا لألشياء الطبيعيّة)‪ .‬وهكذا فإ ّن «أرسطو»‬ ‫تطورها ّ‬ ‫وإذا كانت األنواع جواهرا‪ ،‬فيمكن تحديد ّ‬
‫إن العمل يلد العمل كما يلد اإلنسان اإلنسان‪ ،‬وذلك وفق نموذج‬ ‫يتناول النّوع ككائن طبيعي (ال كاسم جامع)‪ّ .‬‬
‫تطوريّة « برونتيار» (‪ )Brunetière‬على النّوع في القرن التّاسع عشر‪.‬‬ ‫إنجاب طبّقته ّ‬
‫صور نجده أيضا عند «أرسطو» [‪( ]...‬الذي) أتى بمقابالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫ا‬‫هذ‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫تفسير‬ ‫وال‬ ‫آمر‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫وصف‬ ‫‪ -‬النّوع بنية‪ :‬إنّه‬
‫ي"‪.‬‬‫ّ‬ ‫جوهر‬ ‫أثر‬ ‫لها‬ ‫وليس‬ ‫[‪]...‬‬ ‫للعالمات‬ ‫مماثلة‬ ‫هي‬ ‫األنواع‬ ‫فأسماء‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫األنواع‪.‬‬ ‫لترتيب‬ ‫واختالفات‬
‫‪"N’oubliez pas […] que la clarté résulte surtout du plan, de la disposition, et que la 90‬‬
‫‪loi souveraine de ce plan lui-même, comme pour l’ensemble de tout ouvrage, la loi de‬‬
‫‪l’unité". A. Baron, préc., p. 150.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪48‬‬

‫فحسب "أ‪ .‬بارون"(‪ )A. Baron‬إذن‪ ،‬ينبغي – إن كانت الغاية المراد بلوغها‬
‫هي الوضوح –‪:‬‬
‫ي‪.91‬‬‫بأن وجود التّرتيب ضرور ّ‬
‫األول‪ ،‬تبنّي الموقف القائل ّ‬
‫في إطار الخالف ّ‬
‫سس‬ ‫في إطار الخالف الثّاني‪ ،‬تبنّي الموقف الذي مفاده ّ‬
‫أن التّرتيب يجب أن يؤ َّ‬
‫على مالحظة جهة واحدة في المرتَّب‪.92‬‬
‫وما ينبغي هو إثبات ص ّحة كالم "أ‪ .‬بارون"(‪ ،)A. Baron‬أي ما ينبغي إثبات‬
‫ص ّحة قضيّتين‪:‬‬
‫ينجر عن التّرتيب (المبحث ّ‬
‫األول)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القضيّة األولى‪ :‬وضوح جوهر الموضوع‬
‫ينجر عن التّرتيب الذي الحظ جهة‬‫ّ‬ ‫القضيّة الثّانية‪ :‬وضوح جوهر الموضوع‬
‫واحدة في المرتَّب (المبحث الثّاني)‪.‬‬

‫ينجر عن التّرتيب‬
‫ّ‬ ‫األول‪ ― .‬وضوح جوهر الموضوع‬
‫المبحث ّ‬

‫‪ ―.27‬هل نرتّب؟‬
‫يمثّل الموضوع‪ ،‬وتحديدا ً جوهره‪" ،‬كالًّ" (‪.)un tout‬ويتر ّكب "الك ّل" من‬
‫مفردات وعناصر‪ .‬فهل ينبغي اإلتيان بالعناصر كما اتّفق‪ ،‬أم هل ال بدّ من ترتيبها‬
‫واإلتيان بها في تقسيم وتخطيط؟ بعبارة مختلفة‪ :‬ما األفضل‪ ،‬عدم التّرتيب أم‬
‫التّرتيب؟‬
‫ص ينساب بعفويّة؛ فإذا انساب بعفويّة‪ ،‬قد ال‬ ‫لعدم التّرتيب مزيّة‪ ،‬هي ترك النّ ّ‬
‫يعرف القارئ اآلن ما الذي سيالقيه بعد قليل‪ ،‬أي قد يمثّل ما سيستقبله متتالية من‬
‫المفاجآت‪ .‬هذا يشدّ أو يزيد من شدّ انتباهه‪ .‬في نفس الوقت لعدم التّرتيب وجه‬
‫آخر‪ :‬أنّه مصدر للغموض‪.‬‬
‫طب‪،‬‬ ‫في المقابل‪ ،‬تنظيم انسياب العناصر وجعل هذا االنسياب معروفا ً من المخا َ‬
‫لكن التّنظيم –‬
‫يلغي عنصر المفاجأة وما يرتبط به من مزيّة شدّ االنتباه أو تقويته؛ ّ‬
‫ومن ث ّم معرفة القارئ مسبقا بما ينتظره – يسهم في جعل عناصر الموضوع‬
‫واضحة‪.‬‬
‫يقول "أ‪ .‬بارون"(‪:)A. Baron‬‬

‫‪ 91‬قد يقصد بالتّرتيب تنظيم ك ّل العمل بردّه إلى مقدّمة وجوهر وخاتمة‪ .‬لكن هنا لن يقصد بالتّرتيب إالّ تنظيم‬
‫الجوهر‪.‬‬
‫‪ 92‬وينبغي في هذا الموضع استحضار قولة "كانتيليان" (‪ )Quintilien‬الواردة في الفقرة عدد ‪ .3‬وهذا‬
‫ي شرط‪ ،‬وجودا ً وعدماً‪ ،‬مع الغاية منه‪.‬‬ ‫االستحضار يدعو للقول‪ّ :‬‬
‫إن العقل يوجب أن يدور أ ّ‬
‫‪49‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫لك أأنواع التّقس مي‪ .‬ورمغ االقرار معه بأأ ّن املتلكّم‪ ،‬حّي ال ّ‬
‫يقسم‪ ،‬يأأيت‬ ‫"اكن «فينيلون» يستنكر ّ‬
‫بيشء أأكرث عفويّة [‪ ]...‬االّ أأ ّين أأعّتف أأيضا بأأ ّن التّقس مي هل فوائد‪ ،‬فهو يعّي عىل الانتباه‪،‬‬
‫ينظم ّمتيش اخلطاب‪ ،‬وينقذه من الاحنرافات"‪.93‬‬ ‫وخيفّف العبء عىل ذاكرة املتلقّي‪ ،‬و ّ‬

‫‪ ―.28‬التّرتيب ووظيفة التّواصل‪.‬‬


‫إذن ث ّم خياران‪ :‬إ ّما عدم التّرتيب‪ ،‬وإ ّما التّرتيب‪ .‬ومن ينظر إلى الوظيفة‬
‫يتكون من حجج –‪ ،‬سيذهب إلى‬
‫ّ‬ ‫التّواصليّة‪ – 94‬وهو شأن من يأتي بمضمون‬
‫الخيار الثّاني‪ ،‬أي سيقول بضرورة التّرتيب‪ .‬فالحجج تفقد بعض وحتّى ك ّل‬
‫فعاليّتها‪ ،‬إذا لم توضع ك ّل واحدة في مكانها‪:‬‬

‫لك واحدة يف ماكهنا‬ ‫وري يك تكون ّ‬ ‫الّض ّ‬ ‫"بدون ّالّتتيب‪ ،‬اذلي يضع يف ا ألفاكر التّسلسل ّ‬
‫تيب ا ألفاكر اليت اكت ُ ِشفت ويُظهر‬
‫ينسق ّالّت ُ‬
‫وتنتج أأثرها‪ ،‬يكون الاكتشاف الك يشء‪ .‬وفعال ّ‬
‫الارتباط فامي بيهنا"‪.95‬‬

‫أن الوضوح‬ ‫سبب ّ‬ ‫ي وليس ترفا ً يمكن االستغناء عنه‪ .96‬وال ّ‬


‫فالتّرتيب إذن ضرور ّ‬
‫ي – ال يتحقّق إالّ‬
‫– هذا الهدف الذي ال يمكن أن يقفز فوقه من يقوم بعمل حجاج ّ‬

‫‪"Fénelon […] blâme toute espèce de division. Tout en avouant avec lui que, sans la 93‬‬
‫‪division, l’orateur a quelque chose de plus spontané, de plus libre dans son allure, je‬‬
‫‪reconnais aussi les avantages de cette forme. Elle soutient l’attention, soulage la‬‬
‫‪mémoire de l’auditeur, régularise la marche du discours, et oppose à ses écarts une‬‬
‫‪contrainte salutaire". A. Baron, préc., p. 138.‬‬
‫انظر أيضاً‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 26 et s.:‬‬
‫وانظر التّرجمة العربيّة لهذا الكتاب‪ :‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 25‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 94‬انظر الفقرة عدد ‪.2‬‬
‫‪"Sans la disposition, qui établit dans les idées l’enchaînement nécessaire pour que 95‬‬
‫‪chacune soit à sa place et produise son effet, l’invention n’est rien. La disposition‬‬
‫‪coordonne les pensées trouvées par l’invention, révèle leur dépendance".A. Baron,‬‬
‫‪préc., p. 103.‬‬
‫وفي نفس المعنى يقول "كوندياك" (‪:)Condillac‬‬
‫صور؛ ينبغي أيضا أن ّ‬
‫تتعلم النّظام الذي ستوصل به الواحدة‬ ‫"لكي تحْ سِّن الكتابة‪ ،‬ال يكفي أن تحسن التّفكير والتّ ّ‬
‫صور الدّقيق‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫على‬ ‫باكرا‬ ‫د‬ ‫تعو‬
‫ّ‬ ‫فكرك؛‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫تحل‬ ‫كيف‬ ‫م‬ ‫تلو األخرى األفكار التي تدركها مجتمعة‪ ،‬ينبغي أن تتعلّ‬
‫الربط بين األفكار"‪Condillac, cité par : A. Baron, préc., p. .‬‬ ‫نفس الوقت اجعل ألفة بينك وبين مبدأ ّ‬
‫‪217.‬‬
‫‪ 96‬انظر‪Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 650. :‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪50‬‬

‫بتظافر أمور‪ ،‬أه ّمها التّرتيب‪ .97‬من هنا نفهم لماذا شغل التّرتيب وال يزال أهل‬
‫البالغة وغيرهم‪:‬‬

‫"منذ الأزل‪ ،‬شغل نظام املسائل املتناوةل ونظام احلجج املعمتدة‪ ،‬حتت أأسامء اكلعرض و ّالّتتيب‬
‫وخاصة البالغة"‪.98‬‬
‫منظري اجلدل ّ‬ ‫واملهنج ّية‪ّ ،‬‬

‫صا ً حجاجيّاً‪ ،‬وعموما ً من يريد أن يكون‬


‫إذن‪ ،‬هل نرتّب؟ الجواب‪ :‬من يكتب ن ّ‬
‫طب‪ ،‬ليس له إالّ أن يأتي بمختلف عناصر كالمه مرتّبةً‪.‬‬ ‫كالمه واضحا عند المخا َ‬
‫هذا يعني‪:‬‬
‫أن من يكتب مواضيع قانونيّة‪ ،‬ينبغي أن يأتي بتخطيط‪ .‬يقول أحدهم‪:‬‬‫ّأوالً ّ‬

‫"التّخطيط [‪ ]...‬رشط للوضوح‪ ،‬والوضوح هو الفضيةل ّالرئيس يّة لرجل القانون [‪ ]...‬والقيام‬
‫نكص عىل ا ألعقاب‪ ،‬بعبارة‬‫ميش وا ألعّي مغمضة‪ ،‬خت ّبطٌ‪ٌ ،‬‬
‫مبوضوع دون وضع ختطيط [‪ٌ ]...‬‬
‫واحدة‪ :‬بقا ٌء يف العمتة والارتباك"‪.99‬‬

‫‪A. Baron, préc., p. 150. 97‬‬


‫‪"L’ordre des questions à traiter, l’ordre des arguments à développer, a, depuis 98‬‬
‫‪toujours, sous le couvert des notions d’exposition, de disposition ou de méthode,‬‬
‫‪préoccupé les théoriciens de la dialectique et surtout de la rhétorique". Chaïm‬‬
‫‪Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 649.‬‬
‫‪"Le plan est […] la condition de la clarté, vertu cardinale du juriste […] 99‬‬
‫‪Développer un sujet sans avoir fixé un plan […] c’est marcher les yeux fermés,‬‬
‫‪patauger, revenir sur ses pas, en un mot demeurer dans l’obscurité et la confusion".‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc., p. 94.‬‬
‫نعم ث ّم من يقول‪:‬‬
‫"(إن القانونيّين الفرنسيّين) يتشبّثون أكثر من غيرهم بالتّخطيط [‪(]...‬بسبب كونه) يترجم مجهود البناء واالنضباط‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي لفهم موضوع ما‪ .‬والتخطيط يس ّهل مه ّمة القارئ ألنه يرتب ويؤلف أفكار الكاتب" ( ‪Gilles‬‬ ‫والتّفكير الضّرور ّ‬
‫‪ .)Mathieu, Problèmes et méthodologie du plan, R.R.J., 1996-4, p. 1201.‬لكن‪ ،‬من خالل ما‬
‫أن التّشبّث بالتّخطيط ينبغي أن يكون شأن ال الفرنسيّين فحسب بل ك ّل من يكتب في القانون‪.‬‬ ‫سبق‪ ،‬نتبيّن ّ‬
‫إن التّخطيط هو ما يحكَم به على العمل‪ ،‬وأنّه هو الذي يسمح للمرء بفرض نفسه في‬ ‫وأكثر من هذا‪ ،‬ث ّم من يقول ّ‬
‫الحياة القانونيّة‪:‬‬
‫"ال تتفاجؤوا‪ ،‬إن وجدتم أنّه يحكم عليكم من خالل تخطيطكم؛ إنّه يكشف الجزء الخالّق من تفكيركم؛ حاولوا تعلّم‬
‫ألن مهارة البناء هي التي تسمح لكم بفرض أنفسكم في الحياة القانونيّة"‪Henri Mazeaud, préc., p. .‬‬ ‫البناء‪ّ ،‬‬
‫‪94.‬‬
‫وهكذا فالتّخطيط هو األه ّم‪ ،‬وبه يحكم على العمل‪ ،‬أي به يقبل في الوسط القانوني‪.‬‬
‫والسّؤال‪ :‬لماذا؟ أليس العمل النّاجح‪ ،‬والذي ينبغي من ث ّم أن يقبل‪ ،‬هو الذي نجح في مرحلتين أخريين – زيادة‬
‫على التّرتيب – هما مرحلة االكتشاف ومرحلة التّعبير؟‬
‫سبقت منّا اإلجابة على هذا السّؤال حين قلنا‪ :‬العمل النّاجح هو العمل ال ّناجح في المراحل الثّالث‪.‬‬
‫إذن لماذا نجد أحد أه ّم من كتب في منهجيّة التّعبير (البعض‪ ،‬كما سنرى‪ ،‬يقول إنّه األه ّم أل ّن ما قاله في كتابه هو‬
‫‪51‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن من يكتب موضوعا ً حجاجيّا ً في أ ّ‬


‫ثانيا ً ّ‬
‫‪.‬‬
‫ي اختصاص ينبغي أن يكتبه في تخطيط‬
‫يقول أحدهم في شأن المقالة األدبيّة وفي ضرورة القيام بتخطيط فيها‪:‬‬

‫"بدون ختطيط ّنعرض أأنفس نا للنّس يان‪ ،‬ل ّالمعقول‪ ،‬للمغالطات‪ ،‬لتجميع ما هو متنافر أأو‬
‫للتّكرار‪ ،‬لعمليّات جرد ال لزوم لها‪ ،‬للخروج عن املوضوع‪ ،‬أأي للكّ ما من شأأنه تضليل‬
‫القارئ"‪.100‬‬

‫ي الوجود ال في اختصاص القانون فحسب بل في غيره‬ ‫وهكذا فالتّرتيب ضرور ّ‬


‫سؤال اآلن – بعد الفراغ من سؤال الوجود – كيف نرتّب؟‬‫من االختصاصات‪ .‬وال ّ‬
‫الجواب‪ :‬أملى هدف الوضوح جواب سؤال الوجود‪ ،‬ونفس الهدف يملي جواب‬
‫سؤال الكيف‪.‬‬

‫لكليّات الفرنسيّة)‪ ،‬أي "هنري مازو"‬ ‫الذي صار متّبعا ً في كلّيات القانون الفرنسيّة ومن ث ّم في الكلّيّات التي اتّبعت ا ّ‬
‫(‪ ،)Henri Mazeaud‬يقول غير ذلك؟‬
‫ي‬
‫تعرضنا له (انظر الفقرة عدد ‪ 24‬و‪ .)25‬ففي االكتشاف ليس هنالك اكتشاف حقيق ّ‬ ‫لع ّل الجواب موجود بعد فيما ّ‬
‫أن الممت َحن لم يشغِّّل إالّ ذاكرته)‪ .‬ويتبع هذا أنّنا لن‬
‫(ليس هنالك حجج إالّ حجّة السّلطة‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬في االمتحان‪ّ ،‬‬
‫ي‪ .‬بل حتّى إن وجد على مستوى الت ّعبير‪ ،‬لن يبقى ما يحكم به على الكاتب‬ ‫نجد في التّعبير مجهوداً هو حقّا ً شخص ّ‬
‫أن فيه خلقا ً حقيقيّا ً من قِّبله إالّ التّخطيط (في أيّامنا هذه‪ ،‬صارت تعطى مواضيع وتصلح وفق معايير بحيث ال‬ ‫على ّ‬
‫يبقى مطلوبا ً من الممت َ َحن – حتّى على مستوى التّخطيط – إالّ الذّاكرة الجيّدة !)‪.‬‬
‫ويمكن أن نقدّم جوابا ً آخر على نفس السّؤال‪ .‬فلقد رأينا في مقتطف سابق (انظره في الفقرة عدد ‪ )11‬من يقول ّ‬
‫إن‬
‫ومرة على التّعبير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومرة على التّرتيب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مرة على االكتشاف‪،‬‬ ‫البالغة – بحسب الفترات التّاريخيّة – ر ّكزت ّ‬
‫إن "هنري مازو" (‪ ،)Henri Mazeaud‬ومن ورائه المدرسة الفرنسيّة لمنهجيّة التّعبير المعاصرة‬ ‫ويمكن القول ّ‬
‫لنا‪ ،‬ير ّكزان على التّرتيب‪ .‬فإذا نظرنا إلى مدارس أخرى‪ ،‬معاصرة هي األخرى‪ ،‬وجدناها تهت ّم أكثر باالكتشاف‪.‬‬
‫الظاهرة‪ :‬البعض‬ ‫هذا عن اختصاص القانون‪ .‬فإذا قارنّا اآلن بين االختصاصات الموجودة في وقتنا‪ ،‬وجدنا نفس ّ‬
‫ير ّكز على مرحلة‪ ،‬والبعض على أخرى‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪:‬‬
‫الزمن‪ ،‬لقلنا‪ :‬ث ّم فترات ر ّكِّز فيها على التّفكير‪ ،‬وفترات على التّرتيب‪ ،‬وفترات على‬ ‫لو أخذنا المسألة عمود ّيا ً في ّ‬
‫التّعبير‪.‬‬
‫لو أخذنا المسألة أفقيّا ً في ّ‬
‫الزمن‪ ،‬وتحديدا في زمننا‪:‬‬
‫لقلنا فيما يتعلّق بجميع االختصاصات العلميّة‪ :‬ث ّم اختصاصات تر ّكز على التّفكير‪ ،‬وأخرى على التّرتيب‪.‬‬
‫ولقلنا فيما يتعلّق باختصاص القانون‪ :‬ث ّم من ير ّكز على التّرتيب (الفرنسيّون ومن يقلّدهم‪ ،‬كالتونسيّون وغيرهم)‪،‬‬
‫وث ّم من ير ّكز على التّفكير (األلمان)‪.‬‬
‫‪"Sans plan, on s’expose aux oublis, aux illogismes, aux paralogismes, aux 100‬‬
‫‪juxtapositions abruptes ou aux répétitions, aux inventaires inutiles, aux hors-sujet, en‬‬
‫‪fait à tout ce qui déroutera un lecteur éventuel". Axel Preiss, La dissertation littéraire,‬‬
‫‪Armand Colin, Paris, 2e éd., 1989, p. 53.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪52‬‬

‫ينجر عن التّرتيب الذي الحظ‬


‫ّ‬ ‫المبحث الثّاني‪ ― .‬وضوح جوهر الموضوع‬
‫جهة واحدة في المرتب‬

‫‪ ―.29‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬

‫لكي يكون الكالم تا ّماً‪ ،‬ينبغي الت ّ ّ‬


‫عرض ال إلى هذا ال ّ‬
‫شرط فحسب (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫بل إلى توابعه أيضا ً (الفقرة الثّانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ ―.‬الشّرط‬

‫‪ ―.30‬وجوب تقسيم عناصر جوهر املوضوع إىل جمموعات‪.‬‬


‫إن الموضوع‪ ،‬وتحديدا ً جوهره‪ ،‬يمثّل"كالًّ" (‪ّ ،)un tout‬‬
‫وإن "الك ّل"‬ ‫قيل سابقا ً ّ‬
‫يتر ّكب من مفردات وعناصر‪ .‬ومن يتكلّم ال يمكن أن يأتي بجميع العناصر معاً‪.‬‬
‫ومن يتكلّم – مريدا ً تأدية الغرض من الكالم – ال ينبغي أن يأتي بالعناصر كما‬
‫اتّفق‪ ،‬بل ينبغي أن يرتّب هذه العناصر ترتيبا ً يجعلها واضحة‪.‬‬
‫ويكون ترتيب أو تخطيط العناصر مح ِّقّقا ً لوضوح العناصر‪ ،‬حين يمثّلجمعا ً‬
‫للمتماثالت (من العناصر)‪ .101‬فإذا جمعنا المتماثالت‪ ،‬نكون بنفس المناسبة قد‬
‫فصلنا المتخالفات (من العناصر)‪:‬‬

‫لك مجع يتض ّمن فصال والعكس ابلعكس‪ّ :‬‬


‫فاليشء اذلي يو ّحد عنارص‬ ‫"بس يكولوجيّا ومنطقيّا‪ّ ،‬‬
‫لك حمدَّد البنية حتديد ًا جيّدا‪ ،‬هو نفسه اذلي يفصل تكل العنارص عن‬ ‫متفرق ًة‪ ،‬وجيمعها يف ٍّّ‬
‫ّ‬
‫العمق اذلي نُزعت منه" ‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫وجمع المتماثالت وفصل المتخالفات – أي بعبارة تحاكي المثل المعروف‪ :‬إيقاع‬


‫يوجد مجموعات تحوي ك ّل واحدة عناصر متماثلة فيما‬ ‫ّ‬
‫الطيور على أشكالها – ِّ‬
‫الطريقة يكون‬‫بينها ومخالفة للعناصر التي تحويها المجموعات األخرى‪ .‬بهذه ّ‬

‫‪" 101‬يقول المثل‪ :‬من يتشابهون‪ ،‬يجتمعون"‪"Qui se ressemble s’assemble, dit un proverbe". A. .‬‬
‫‪Baron, préc., p. 213 et 214.‬‬
‫‪"Psychologiquement et logiquement toute liaison implique une dissociation et 102‬‬
‫‪inversement : la même forme qui unit des éléments divers en un tout bien structuré les‬‬
‫‪dissocie du fond neutre dont elle les détache". Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-‬‬
‫‪Tyteca, préc., p. 256.‬‬
‫‪53‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ألن ك ّل عنصر جاء مع من هم مثله‪ ،‬وهذا‬ ‫عرض ك ّل عنصر واضحاً‪ّ :‬أوالً ّ‬


‫ألن ك ّل عنصر جاء منفصال ع ّمن ليسوا مثله‪ ،‬وهذا‬ ‫يساعد في وضوحه؛ وثانيا ً ّ‬
‫أيضا ً يساهم في وضوحه‪.103‬‬
‫إن المتكلّم – بسبب كونه ال يستطيع أن يتكلّم بالمجموعات جميعا ً في وقت‬ ‫ث ّم ّ‬
‫واحد – سيعرض هذه المجموعات الواحدة تلو األخرى‪ .‬ولكي يكون هذا العرض‬
‫واضحا‪ ،‬ينبغي أن يعرض المجموعة المتقدّمةَ متقدّمةً‪ ،‬وأن يعرض المجموعة‬
‫المتأ ّخرة َ متأ ّخرةً‪ .‬ومعيار التّقدّم والتّأ ّخر قد يكون ّ‬
‫الزمن‪ ،‬وقد يكون األه ّميّة‪ ،‬وقد‬
‫يكون غير ذلك من المعايير التي بها تتقد ّم األشياء بعضها بعضا ً‪.104‬‬
‫وهكذا فالتّخطيط الذي يحقّق الوضوح هو التّخطيط الذي نجد فيه‪:‬‬
‫من جهة جمعا ً للمتماثالت (من عناصر الك ّل)‪ ،‬وفصالً للمتخالفات‬
‫‪assemblagedes‬‬ ‫‪semblables‬‬ ‫‪et‬‬ ‫( ‪désassemblagedes‬‬
‫‪)dissemblables‬؛‬
‫ومن جهة أخرى تقديما ً للمتقدّم (من المجموعات التي تحوي العناصر)‪ ،‬وتأخيرا ً‬
‫للمتأ ّخر‪.‬‬
‫تقديم‬ ‫جمع‬
‫المتقدّم‬ ‫المتماثالت‬ ‫تخطيط يحقّق‬
‫وتأخير‬ ‫وفصل‬ ‫الوضوح‬
‫المتأ ّخر‬ ‫المتخالفات‬

‫بعبارة أخرى‪:‬‬
‫– جمع المتماثالت وفصل المتخالفات يساعد في وضوح ك ّل عنصر من عناصر‬
‫"الك ّل"؛ فإذا توضّحت العناصر‪ ،‬توضّح "الك ّل" في حد ّ ذاته‪.‬‬
‫– تقديم المجموعة المتقدّمة وتأخير المتأ ّخرة يعين على وضوح المجموعة؛ فإذا‬
‫توضّحت المجموعة‪ ،‬توضّحت عناصرها؛ وإذا توضّحت جميع المجموعات‪،‬‬
‫توضّحت جميع العناصر؛ وإذا توضّحت جميع العناصر‪ ،‬توضّح الموضوع‪.‬‬

‫‪ 103‬من زاوية الموضوع‪ ،‬ك ّل عنصر هو مِّ ثل لجميع العناصر األخرى‪ .‬لكن هنا نحن بصدد معيار أضيق للمثليّة‪.‬‬
‫وحين نتحدّث عن معيار أضي ق‪ ،‬فهذا يفتح الباب ألن تختلف بعض عناصر الموضوع عن البعض اآلخر‪.‬‬
‫‪ 104‬التّقدّم والتأ ّخر قد ال يكونا من زاوية ّ‬
‫الزمن‪ .‬فمثال المسبَّب مالزم للسّبب ويستحيل انفكاك ذاك عن هذا‪ .‬مع ذلك‬
‫وبالرغم من أنّ‬
‫ّ‬ ‫فيتحرك المفتاح بسبب ذلك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وحركت يدك‬
‫ّ‬ ‫إن السّبب سابق‪ .‬فـ "إذا أمسكت مفتاحا بيدك‬ ‫نقول ّ‬
‫فإن العقل يدرك ّ‬
‫أن حركة اليد متقدّمة على‬ ‫تتحرك فيها يدك‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫التي‬ ‫اللحظة‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫ك‬ ‫يتحر‬
‫ّ‬ ‫المثال‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫المفتاح‬
‫حركة المفتاح‪ ،‬وحركة المفتاح متأ ّخرة عن حركة اليد ال من ناحية زمنيّة‪ ،‬بل من ناحية تسلسل الوجود ‪ ...‬ويطلق‬
‫صدر‪ ،‬دروس في علم األصول‪ ،‬مركز األبحاث‬ ‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫على هذا التّأ ّخر اسم التّأ ّخر ّ‬
‫الرتبي"‪ .‬ال ّ‬
‫صدر‪ ،‬قم‪ 1421 ،‬هـ‪ ،‬الحلقة األولى‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫صصيّة لل ّ‬
‫شهيد ال ّ‬ ‫والدّراسات التّخ ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪54‬‬

‫‪ ―.31‬تطبيق‪.‬‬
‫أن الموضوع‪" :‬قاعة الدّرس"؛‬ ‫مثال ذلك‪ ،‬لنفرض ّ‬
‫كون من مفردات ومن‬ ‫ي موضوع آخر –يمثّل "كالًّ"‪ ،‬والك ّل يت ّ‬ ‫هذا الموضوع – كأ ّ‬
‫عناصر‪:‬‬
‫سبورة‪،‬‬‫عنصر‪ :1‬ال ّ‬
‫ع‪ :2‬الكراسي‪،‬‬
‫الطاوالت‪،‬‬‫ع‪ّ :3‬‬
‫ع‪ :4‬جهاز التّكييف‪،‬‬
‫ع‪ :5‬األستاذ‪،‬‬
‫ع‪ّ :6‬‬
‫الطلبة‪،‬‬
‫‪ ...‬إلى غير ذلك من العناصر التي باجتماعها نكون أمام "الك ّل"‪ ،‬أي أمام‬
‫"الموضوع"‪ ،‬أي في مثالنا أمام "قاعة الدّرس"‪.‬‬
‫فإذا أردنا أن نعرض هذه العناصر عرضا ً واضحاً‪ ،‬وجب‪:‬‬
‫ّأوالً‪ ،‬أن نجمع المتماثالت‪ ،‬ونفصل المتخالفات‪ ،‬فيعطي ذلك مثالً المجموعتين‬
‫التّاليتين‪:‬‬
‫كائنات حيّة‬ ‫جمادات‬

‫ال ّطلبة‬ ‫سبّورة‬


‫ال ّ‬
‫األستاذ‬ ‫ال ّطاوالت‬
‫إلخ‪.‬‬

‫الطاوالت ومع أمثالها من الجمادات؛‬ ‫سبّورة تكون أوضح‪ ،‬لو جاءت مع ّ‬ ‫فال ّ‬
‫سبّورة تكون أوضح‪ ،‬لو جاءت منفصلة عن الكائنات الحيّة‪ .‬وهكذا شأن ك ّل‬ ‫وال ّ‬
‫عنصر‪ .‬فإذا توضّحت جميع عناصر قاعة الدّرس‪ ،‬توضّحت بنفس المناسبة قاعة‬
‫الدّرس نفسها‪.‬‬
‫ثانياً‪ ،‬أن نقد ِّّم المتقدِّّمة من المجموعتين‪ ،‬ونؤ ِّ ّخر المتأ ّخرة‪ .‬هذا العمل يمكن أن‬
‫يعطي مثالً الفقرتين التّاليتين‪:‬‬
‫‪55‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪ )1‬كائنات حيّة‬


‫•ال ّطلبة‬
‫•األستاذ‬

‫الفقرة ‪ )2‬جمادات‬
‫سبّورة‬
‫•ال ّ‬
‫•ال ّطاوالت‬
‫•إلخ‪.‬‬

‫فتقديم الكائنات الحيّة‪ ،‬لو افترضنا مثال ّ‬


‫أن سببه أه ّمية تلك الكائنات في وجود درس‬
‫من األصل‪ ،‬يعين على وضوح مجموعة الكائنات الحيّة (هي ما ال يستغني عنه‬
‫الدّرس)‪ .‬فإذا توضّحت المجموعة‪ ،‬توضّحت عناصرها (صرنا نفهم ّ‬
‫الطالب أكثر‪:‬‬
‫الطالب من ال درس من األصل بدونه)؛ وإذا توضّحت جميع المجموعات‪ ،‬توضّحت‬ ‫ّ‬
‫جميع العناصر؛ وإذا توضّحت جميع العناصر‪ ،‬توضّحت "قاعة الدّرس"‪.‬‬
‫لو أنّنا عمدنا إلى هذا التّخطيط‪:‬‬

‫نكون قد جمعنا متخالفات؛‬


‫وإذا جمعنا متخالفات‪ ،‬نكون قد أتينا بتخطيط ال يجعل العناصر واضحة‪.‬‬
‫ث ّم‪ ،‬لو أنّنا عمدنا – وهنا سنغيّر المثال – إلى هذا التّخطيط‪:‬‬
‫الفقرة ‪ )1‬آثار‬

‫•‪.......‬‬
‫•‪.......‬‬

‫الفقرة ‪ )2‬شروط‬

‫•‪.......‬‬
‫•‪.......‬‬

‫شروط تسبق اآلثار)؛‬ ‫نكون قد قدّمنا متأ ّخرا (ال ّ‬


‫وإذا قدّمنا متأ ّخرا‪ ،‬نكون قد أتينا بترتيب ال يؤدّي غرض الوضوح‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪56‬‬

‫سياق الوارد للت ّ ّو – سياق التّخطيط الذي ال يخدم الغاية من الكالم – تحدّث‬
‫وفي ال ّ‬
‫عرض طالب على أستاذه موضوعا ً كان قد كتبه‪ ،‬فقال األستاذ‪ :‬لو‬ ‫أحدهم‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫صدفة‬
‫ي ترتيب تأتي به ال ّ‬ ‫رميت‪ ،‬من أعْلى ش ْرفتي‪ ،‬أوراقك على األرض‪ ،‬لكان أ َّ‬
‫ليس أسوء من التّرتيب الذي جئتَ به‪.105‬‬
‫‪ ―.32‬تعريف التّخطيط‪.‬‬
‫أن تعريف التّخطيط ينبغي أن يكون كاآلتي‪:‬‬
‫يخلص م ّما تقدّم ّ‬

‫الت ّخطيط هو توزيع الحجج وترتيبها على نح ٍو يجعلها واضحة‪،‬‬


‫توضع فيه الحجج المتماثلة معا في مجموعة‪ ،‬وتفصَل بذلك عن الحجج‬
‫المخالفة لها‪.‬‬
‫هذه الحجج المخالفة ستوضع بدورها في مجموعة أخرى‪ .‬وسبب وضعها في‬
‫مجموعة أنّها وبدورها متماثلة‪ .‬وما يجعلها متماثلة كونها مختلفة عن‬
‫الحجج األولى‪.‬‬
‫أي على نح ٍو‪:‬‬

‫و‬

‫تقدم فيه المجموعة (من الحجج) المتق ّدّمة‪ ،‬وتؤخر فيه المجموعة (من‬
‫الحجج) المتأ ّخرة‪.‬‬

‫هذا هو التّخطيط‪ ،‬وهذا هو تعريفه‪ .‬ونجد عند أحدهم نفس الكالم تقريبا ً حين‬
‫يقول‪:‬‬

‫الطريق املتّبع لتوزيع احلجج عقليّ ًا وزمنيّ ًا"‪.106‬‬


‫"التّخطيط ليس االّ ّ‬

‫‪ ―.33‬التّخطيط يف جمموعات والتّخطيط اخلطّيّ‪.‬‬

‫‪"Monsieur, si, du haut de mon balcon, je jette votre manuscrit sur le sol, quelle que 105‬‬
‫‪soit l’organisation que le hasard de la chute pourra lui donner, ce ne pourra être plus‬‬
‫‪mauvais que ce vous venez de me présenter" : Raymond Gassin, Une méthodologie de‬‬
‫‪thèse de doctorat en droit, R.R.J. 1996-4, p. 1173.‬‬
‫‪"le plan n’est que le chemin suivi pour distribuer rationnellement et 106‬‬
‫‪chronologiquement les arguments". Henri Lamour, Technique de la dissertation,‬‬
‫‪P.U.F., Paris, 1990, p. 22.‬‬
‫‪57‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫خاص للتّخطيط والتّرتيب يحصره في‬ ‫ّ‬ ‫وينبغي التّنبيه إلى ّ‬


‫أن ما جاء اآلن معنى‬
‫ذلك الذي حاز وصفا ً معيّنا هو جمع المتماثالت (‪ .)...‬لكن من يعود مثال إلى‬
‫معجم اللغة الفرنسيّة الموسوم بـ‪ ،)Petit ROBERT 1( :‬سيجد التّخطيط اسما ً‬
‫صله‪.107‬‬ ‫صل الوصف وما لم يح ّ‬ ‫مطلقا ً يشمل ما ح ّ‬
‫الخطي (‪ .)plan linéaire‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫صل الوصف التّرتيب‬‫ومن التّخطيط الذي لم يح ّ‬
‫ترتيب تتوالى فيه العناصر من ّأولها إلى آخرها الواحد منها وراء اآلخر‪ ،‬أي هو‬
‫سم فيه عناصر "الك ّل" إلى مجموعات بحيث تصير بعض العناصر‬ ‫تخطيط ال تق ّ‬
‫ّ‬
‫الخطي إذن ليس فيه‬ ‫في وضع مختلف عن بعض العناصر األخرى ‪ .‬فالتّخطيط‬
‫‪108‬‬

‫خطي)‪ ،‬بل ك ّل ما فيه تقديم للمتقد ّم‪ ،‬وتحديدا ً تقديم‬‫جمعا ً للمتماثالت (لذلك هو ّ‬
‫للمتقدّم من العناصر الواحد منها على اآلخر‪ .109‬ألجل ذلك ال يمكن أن يؤد ّي‬
‫الخطي إلى درجة وضوح تساوي تلك التي يؤدّي إليها التّخطيط الذي‬ ‫ّ‬ ‫التّخطيط‬
‫ينتهي إلى مجموعات‪ ،‬ث ّم يقدّم المتقدّم من مجموعات العناصر ال من العناصر‬
‫كعناصر‪.‬‬
‫‪ ―.34‬التّخطيط اخلطّيّ موجود يف كلّ األحوال‪.‬‬
‫وأكثر م ّما سبق‪ ،‬ال ينبغي من األصل مقابلة التّخطيط الذي يجمع المتماثالت (‪)...‬‬
‫سبب ّ‬
‫أن ك ّل‬ ‫سؤال عن الذي ينبغي أن يختار من بينهما‪ .‬وال ّ‬ ‫ي ث ّم ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط ّ‬ ‫بالتّخطيط‬
‫ي لهذه العناصر‬ ‫مجموعة وضعت فيها عناصر متماثلة سيكون داخلها ترتيب ّ‬
‫خط ّ‬
‫الخطي موجود في ك ّل‬‫ّ‬ ‫سم تلك المجموعة إلى مجموعات‪ .‬فالتّرتيب‬ ‫طالما لم نق ّ‬
‫سؤال هل يضاف إليه‬ ‫سؤال ليس هل يؤخذ به أو ال‪ ،‬بل ال ّ‬ ‫األحوال‪ ،‬وعليه فال ّ‬
‫التّخطيط الذي ينتهي إلى مجموعات أم ال‪.‬‬

‫شرط‪ .‬انظر مثالً معجم اللغة الفرنسيّة‪:‬‬ ‫‪ 107‬في معاجم اللغة التّخطيط أع ّم ألنّه يشمل أيضا ً ما لم يتوفّر فيه ال ّ‬
‫"‪ "Petit ROBERT 1‬حين يقول‪:‬‬
‫‪« PLAN…II…2°…Plan d’une œuvre, d’un ouvrage : disposition, organisation de ses‬‬
‫‪parties… ».‬‬
‫الرقم ‪ 1‬والتي وصلت اآلن إلى الفقرة ‪33‬‬ ‫الخطي يمكن أن نحيل على الفقرات التي تبدأ من ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 108‬كمثال للتّرتيب‬
‫التي نحن بصددها‪.‬‬
‫الخطي الذي يبنى على عنصر المكان‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الزمان‪ ،‬يتحدّث أحدهم عن التّخطيط‬ ‫‪ 109‬زيادة على ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي) هو تنظيم نتبناه بسهولة‪ ،‬ألنه يتطابق مع القطبين الكبيرين للعالم‪ :‬المكان والزمان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الخط ّ‬ ‫"(التّنظيم‬
‫تكونها مت ّ ِّبعا حركة النّظرة التي تكتشف‬
‫ّ‬ ‫التي‬ ‫العناصر‬ ‫ّد‬ ‫د‬ ‫أع‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫نشأة‪،‬‬‫م‬ ‫‪،‬‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫مح‬ ‫أصف‬ ‫أن‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫عل‬ ‫كان‬ ‫إذا‬ ‫المكان‪.‬‬
‫تلك العناصر في المكان‪ :‬من اليسار إلى اليمين‪ ،‬من األسفل إلى األعلى‪ ،‬من ال مدخل إلى العمق‪ ،‬إلخ‪]...[ .‬‬
‫بالطبع ترتيب لك ّل سرد تاريخي"‪Denis .‬‬ ‫ّ‬ ‫الزمني أكثر عفويّة‪ ،‬وأكثر تداوال‪ .‬إنّه‬ ‫الزمان‪ .‬قد يكون التّرتيب ّ‬ ‫ّ‬
‫‪Baril, préc., p. 34 et s.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪58‬‬

‫سؤال كما تقدّم هو باإليجاب‪ .‬لكن من يسأل‪" :‬هل نأتي بعناصر‬ ‫جواب هذا ال ّ‬
‫جوهر الموضوع في مجموعات؟"‪ ،‬ث ّم يجيب‪" :‬نعم"‪ ،‬سيجد نفسه مباشرة بعد‬
‫ذلك يسأل‪" :‬هل ث ّم عدد معيّن من المجموعات هو الذي ينبغي االنتهاء إليه وعدم‬
‫تجاوزه؟"‪.‬‬
‫ي الوضوح‪ ،‬ويقتضي الوضوح‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬يقتضي الكالم والعمل الحجاج ّ‬
‫جمع المتماثالت (‪ ،)...‬أي يقتضي اإلتيان بجوهر الموضوع في مجموعات‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل يقتضي الوضوح عددا ً معيّنا ً من المجموعات؟‬ ‫وال ّ‬
‫ي في‬‫قبل البحث ع ّما يقتضيه الوضوح‪ ،‬لنبحث ع ّما يقتضيه العرف األكاديم ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي وغير القانون ّ‬‫الوسط القانون ّ‬
‫‪ ―.35‬عدد اجملموعات يف عرف األكادمييّني يف اختصاص القانون‪.‬‬
‫ي‪ ،‬يقول األكاديميّون الفرنسيّون – ويقلّدهم التّونسيّون وغيرهم‬ ‫في الوسط القانون ّ‬
‫أن جمع المتماثالت وفصل‬ ‫–‪ :‬ينبغي أن يكون عدد المجموعات اثنين‪ ،‬أي ّ‬
‫المتخالفات ينبغي أن تكون نتيجته مجموعتين‪.‬‬
‫يشير أحدهم إلى هذا قائالً‪:‬‬

‫الطلبة أأين يوجد القانون وكيف يُعرض‪ ،‬يؤكّدون عىل أأ ّن‬


‫يدرسون ّ‬‫"واضعوا املهنج‪ ،‬أأي اذلين ّ‬
‫املقاةل املدنيّة ( أأي يف القانون املدين) حمكومة ابلقاعدة اليت توجب التّخطيط املتوازن ّ‬
‫املتكون من‬
‫جز أأين‪ ،‬ويه قاعدة جيّدة ابلتّأأكيد‪ ،‬بل يه ال تقبل النّقاش"‪.110‬‬

‫أن التّخطيط ينبغي أن ّ‬


‫يتكون من مجموعتين‪ ،‬ال ته ّم المقالة‬ ‫والقاعدة‪ ،‬التي مفادها ّ‬
‫ي قانون يخضع لنفس‬ ‫فحسب‪ ،‬وال القانون المدني لوحده؛ فك ّل موضوع في أ ّ‬
‫القاعدة‪.111‬‬

‫‪"Les « poseurs de méthode » – c'est-à-dire ceux qui enseignent aux étudiants « où 110‬‬
‫‪trouver » et « comment exposer » le droit – affirment que la dissertation civile est‬‬
‫‪régie par l’exigence du plan équilibré en deux parties, une règle « assurément‬‬
‫‪excellente, voir indiscutable»". Marc Lemieux, préc., p. 823.‬‬
‫ي جيّدة‪ ،‬بل ال تقبل‬ ‫ّ‬
‫المخطط االثنين ّ‬ ‫وما ورد في المقتطف بين عالمتي تنصيص – من ّ‬
‫أن القاعدة التي توجب‬
‫النّقاش – ينسبه "مارك لوميو" (‪ )Marc Lemieux‬إلى "سيمون دريفوس" (‪ )Simone Dreyfus‬وتحديداً‬
‫إلى كتابها‪La thèse et le mémoire de doctorat : Étude méthodologique, Cujas, Paris, 2e :‬‬
‫‪éd., 1983, p. 147.‬‬
‫‪ 111‬نسب القول بالقاعدة منذ قليل إلى "سيمون دريفوس" (‪ )Simone Dreyfus‬وهي لم تكتب في قانون بعينه‪.‬‬
‫ي في مقال يه ّم التّعليق على القرارات‪Jean Carbonnier, Notes :‬‬‫انظر أيضا من تحدّث عن التّخطيط االثنين ّ‬
‫‪59‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إن قاعدة االثنيْنيّة ليست مطلقة‪ ،‬فالتّخطيط يمكن أن يصل إلى ثالث‬
‫ث ّم ّ‬
‫مجموعات‪ ،‬على أن ال يزيد على ذلك ‪:‬‬
‫‪112‬‬

‫"جزءان عىل ا ألقلّ‪ ،‬ثالثة عىل الأكرث؛ هذه يه القاعدة املقدّ سة‪ .‬واجلزء الواحد ليس بعدُ‬
‫ختطيطا؛ أأ ّما ا ألجزاء ا ألربعة فهيي ما مل ي ُعد ختطيطا"‪.113‬‬

‫سؤال‪ :‬من أين الثّنويّة ومن أين التّثليث ؟‬‫وال ّ‬


‫ي هو العرف‪.‬‬‫ي والثّالث ّ‬
‫الجواب‪ :‬مصدر التّخطيط الثّنائ ّ‬
‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫املتكون من جز أأين اىل «امييل‬


‫اخملطط ّ‬‫"جرت العادة عىل ارجاع اجياد أأو عىل ا ألق ّل مهنجة ّ‬
‫ڤارسون»[‪ ]...‬فلقد اكن هذا ويف بداية القرن (العرشين)يدير يف ابريس تدريب ا ّ‬
‫ملّتّشّي ملناظرة‬
‫التّربيز‪ .‬واكن يضع مكسلّمة أأ ّن درس التّربيز جيب أأن يكون هل دوما جزءان"‪.114‬‬
‫كما يقول‪:‬‬

‫املتكون من ثالثة أأجزاء هو تقريبا اثبت‪ .‬فهو يرجع اىل تأأثري [‪ ( ]...‬أأحصاب‬
‫اخملطط ّ‬ ‫"ا ّن مصدر ّ‬
‫خيص ايقاع أأو وزن امجلةل‪ ،‬اىل االيقاع والوزن الث ّاليث‪.‬‬
‫ّفن اخلطابة)‪ .‬هؤالء اكنوا يعمدون‪ ،‬فامي ّ‬

‫‪sur des notes d’arrêts, D. 1970, chron. p. 138.‬‬


‫ي‪Michel Vivant, Le plan en deux parties, ou de :‬‬ ‫انظر أيضا حول التّخطيط االثنين ّ‬
‫‪l’apprentissage considéré comme un art, in : Études offertes à Pierre Catala. Le droit‬‬
‫‪privé français à la fin du XXe siècle. Éd. Litec., Paris, 2001, p. 969, n° 2.‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc., n° 85, p. 97 ; Treillard, Conseils de construction juridique, 112‬‬
‫‪s.l., Poly. écrit dans les années 1965-1970, p. 1.‬‬
‫‪"Deux parties au moins, trois au plus : telle est la règle intangible. Une seule partie 113‬‬
‫‪n’est pas encore un plan, quatre parties n’en est déjà plus un ». Alain Sériaux, Le‬‬
‫‪commentaire de textes juridiques. Arrêts et jugements, ellipses, Paris, 1997, p. 20.‬‬
‫انظره أيضا ً وهو يقول‪" :‬ك ّل تعليق ينبغي أن يخضع لتخطيط‪ .‬وليس من الضّروري مطلقا اتّباع تخطيط مقسّم إلى‬
‫لكن التّخطيط ينبغي أن يكون تخطيطا حقيقيّا‪:‬‬‫جزأين أساسيّين (الفقرة ‪ ،1‬الفقرة ‪ )2‬وك ّل جزء إلى فرعين (أ‪ ،‬ب)‪ّ ،‬‬
‫طريقة منطقيّة لعرض األفكار التي تولّدت عن إعداد التّعليق‪ .‬هذه ّ‬
‫الطريقة المنطقيّة تتض ّمن دوما مقدّمة‪ ،‬ث ّم‬
‫جزأين أو ثالثة أجزاء رئيسيّة‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬إذا أردنا‪ ،‬خاتمة"‪Alain Sériaux, Le commentaire de textes .‬‬
‫‪juridiques. Lois et règlements, ellipses, Paris, 1997, p. 15.‬‬
‫‪"Il est d’usage […] (de) prêter l’invention (du plan en deux parties), ou tout au 114‬‬
‫‪moins la systématisation, à Emile Garçon […] qui, vers le début du présent siècle‬‬
‫‪dirigeait à Paris l’entraînement des candidats au concours d’agrégation et posa comme‬‬
‫‪axiome qu’une leçon d’agrégation devait avoir toujours deux parties". Treillard, préc.,‬‬
‫‪p. 1.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪60‬‬

‫ولقد بقي هذا العرف حيّ ًا عند اليسوعيّّي [‪ ]...‬وربّام يكون تأأثري تفكري «س پينوزا» ذي االيقاع‬
‫الطرح‪ /‬التّأأليف) هو اذلي أأثّر عىل زمالئنا يف (اختصاص) الداب"‪.115‬‬‫(الطرح‪ /‬نقيض ّ‬ ‫الث ّاليث ّ‬

‫يخص التّخطيط االثنين ّ‬


‫ي‪ ،‬ويقول إنّنا أمام عرف جديد ال‬ ‫ّ‬ ‫لكن ث ّم من ينازع فيما‬
‫يتجاوز ميالده منتصف القرن العشرين‪.116‬‬

‫‪"L’origine du plan en trois parties est à peu près certaine. Elle remonte à 115‬‬
‫‪l’influence […] (des) Oratoriens qui, pour le rythme de la phrase, adoptaient toujours‬‬
‫‪la cadence ternaire. Cette tradition est demeurée vivace chez les Jésuites […] Peut-être‬‬
‫‪aussi l’influence des raisonnements spinoziens à cadence ternaire (thèse, antithèse,‬‬
‫‪synthèse) a-t-elle marqué nos collègues des Lettres". Treillard, préc., p. 1.‬‬
‫المتكون من جزأين في مقاالت «كاپيتون» (‪« ،)Capitant‬وال» (‪« ،)Wahl‬پيك»‬ ‫ّ‬ ‫‪" 116‬لكنّنا ال نجد التّخطيط‬
‫(‪« ،)Pic‬ريپار» (‪ )Ripert‬أو «پالنيول» (‪ ،)Planiol‬وال في مقاالت «دوموڤ» (‪« ،)Demogue‬جيني»‬
‫متكون دائما من‬ ‫ّ‬ ‫إن فكرة تخطيط للمقاالت‬ ‫(‪« ،)Gény‬إيزمان» (‪ )Esmein‬أو «سافاتيي» (‪ّ .)Savatier‬‬
‫صين الكبار في القانون المدني‪ .‬بين جيلهم وجيلنا‪ ،‬وجد تغيير مفاجئ في‬ ‫جزأين‪ ،‬كانت ستثير دهشة هؤالء المخت ّ‬
‫«البنية – النّموذج» للمقالة‪ .‬وفي التّاريخ الذي يرجع ألكثر من مائة عام للمقالة في القانون المدني يعدّ هذا التّغيير‬
‫حديثا جدّا"‪Marc Lemieux, préc., p. 823..‬‬
‫ّ‬
‫المؤلف‪:‬‬ ‫وفي نفس المقالة (ص ‪ 826‬وما بعدها) يضيف‬
‫"في البداية‪ ،‬في مجلّة «تيميس» (‪« ،)Thémis‬فوليكس» (‪ )la Foelix‬أو «فولوفسكي» (‪– )la Wolowski‬‬
‫وعلى امتداد عقود في «مجلّة التّشريع» (‪ )Revue de législation‬وما تولّد عنها – كانت المقاالت في القانون‬
‫ي تقسيم [‪ ]...‬في «المجلّة الفصليّة» ( ‪Revue‬‬ ‫حرة‪ ،‬دون تخطيط‪ ،‬وفي أحيان كثيرة بدون أ ّ‬ ‫المدني الفرنسي ّ‬
‫ي هو الموجود‪ ،‬إ ّنه تخطيط مديري المجلّة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الخط ّ‬ ‫‪( ]...[ )trimestrielle‬وفي بداية القرن العشرين) كان التّخطيط‬
‫تخطيط من يقلَّدهم اآلخرون‪« :‬وال» (‪ )Wahl‬و«دوموڤ» (‪ )Demogue‬و«إيزمان» (‪ ،)Esmein‬والذين‬
‫كانوا يكتبون العلم كتابة طوليّة [‪ ]...‬لقد كان التّخطيط من جزأين غير مستعمل طوال األربعين سنة األولى من‬
‫المجلة الفصليّة»‪ ،‬ث ّم أصبح هو القاعدة بين سنة ‪ 1945‬و‪ ،1955‬والسّنة المفصليّة هي ‪ .1946‬ولم تظهر «البنية‬ ‫ّ‬ ‫«‬
‫مرة إالّ سنة ‪ ،1925‬في مقالة لـ‪« :‬هنري مازو» (‪ ،)Henri Mazeaud‬أي بعد أكثر من مائة‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ألو‬
‫ّ‬ ‫»‬‫موذج‬ ‫– النّ‬
‫األول من «تيميس» (‪ .)Thémis‬وإذا كان استعمال التّخطيط من جزأين ضئيال في‬ ‫عام على مقاالت العدد ّ‬
‫األول من القرن (العشرين)‪ ،‬فقد شهد انفجارا لشعبيّته في عصر خمسينيّة «المجلّة الفصليّة للقانون‬ ‫النّصف ّ‬
‫تخرجوا في الخمسينيّات‬ ‫إن أطفال الخمسينيّة‪ ،‬هؤالء الذين ّ‬ ‫المدني» (‪ّ .)Revue trimestrielle de droit civil‬‬
‫ي"‪.‬‬
‫ي في مقاالت القانون المدن ّ‬ ‫من الجامعة حاملين دكتوراه دولة‪ ،‬هم أصحاب االجتياح االثنين ّ‬
‫انظر في نفس االتّجاه من يقول‪:‬‬
‫ي؟ تخطيط منذ األزل؟ بالتّأكيد ال [‪ ]...‬لقد قال «هنري كاپيتون» (‪ ،)Henri Capitant‬في‬ ‫"تخطيط ضرور ّ‬
‫كتابه حول أطروحة الدكتوراه في القانون المنشور سنة ‪« :1926‬التّقسيمات التي ينبغي تبنّيها تكون متعدّدة كثيرا‬
‫أو قليال بحسب أه ّمية المادّة التي تت ّم معالجتها»‪.‬‬
‫ي» يظهر األرقام التّالية [‪ ]...‬التي أستعيرها من «مارك لوميو» ( ‪Marc‬‬ ‫المجلة الفصليّة للقانون المدن ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن جرد «‬ ‫ّ‬
‫خطي‪2 ،‬‬‫‪ :)Lemieux‬على ‪ 77‬مقالة ظهرت بين ‪ 1902‬و‪ 13 ،1910‬مقالة ال يوجد فيها تخطيط‪ 41 ،‬تخطيطها ّ‬
‫ي‪ .‬فإذا أخذنا ك ّل فترة ما قبل الحرب‪ ،‬هذا يعطي من مجموع ‪ 271‬مقالة‪ 46 :‬دون تقسيم‪120 ،‬‬ ‫فقط تخطيطها اثنين ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي‪ 8 ،‬اثنين ّ‬ ‫تخطيط ّ‬
‫خط ّ‬
‫ويمكن بالتّأكيد أن نتمسّك بظالميّة من سبقنا‪ .‬لكن إذا كان «كاپيتون»‪« ،‬دوموڤ»‪« ،‬إيزمان»‪« ،‬جيني»‪،‬‬
‫ي قبول هذه الحجّة‪.‬‬ ‫«پالنيول»‪« ،‬سافاتيي» يجهلون التّخطيط من جزأين‪ ،‬فيصعب عل ّ‬
‫إن األمور تغيّرت بعد الحرب‪ ،‬وتغيّرت راديكاليّا‪ .‬فعلى ‪ 20‬مقالة نشرت من ‪ 1946‬إلى ‪ 2 ،1950‬فقط بدون‬ ‫ّ‬
‫ي‪ .‬لقد كان منتصف القرن العشرين هو المفصل األكيد‪.‬‬ ‫تخطيط‪ ،‬لكن ‪ 16‬تخطيطها اثنين ّ‬
‫نظر له‪ ،‬فغيره فعل‬ ‫ي نموذجا‪ .‬وإذا لم يكن هو من ّ‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬فإ ّنه مع «هنري مازو» أصبح التّخطيط االثنين ّ‬
‫ي‪ ،‬المكتبة العا ّمة للقانون‬‫ذلك ‪ ،‬مثل «جيل ڤوبو» (‪( )Gilles Goubeaux‬التّمارين الكتابيّة في القانون المدن ّ‬
‫وفقه القضاء‪ ،1976 ،‬ص ‪ )Les épreuves écrites de droit civil, L.G.D.J., 1976, p. 27 .27‬الذي‬
‫كتب وهو يعطي نصائح منهجيّة‪« :‬إذا كان التّخطيط ضروريّا دائما‪ ،‬فليس ضروريّا احترام قواعد مسبقة فيما‬
‫‪61‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وأيًّا كان الخالف حول تاريخ الميالد‪ ،‬فاالتّفاق حاصل على أن ث ّم اليوم عرف‬
‫أن التّخطيط يجب أن‬ ‫ي في فرنسا (وورثته‪ :‬تونس‪ ،‬إلخ‪ ).‬يتمثّل في ّ‬ ‫ي قانون ّ‬ ‫أكاديم ّ‬
‫يكون إثنينيّا ً أو ثالثيّاً‪.‬‬
‫ومن يكتب موضوعاً‪ ،‬عليه أن يتقيّد بهذا العدد‪ .‬وال ّ‬
‫سؤال‪ِّ :‬ل َم هذا العدد؟ ِّل َم ال‬
‫الطقس‪ .‬وعلى من يريد أن‬ ‫يكون عددا ً غيره؟ الجواب‪ :‬هذا هو العرف وهذا هو ّ‬
‫الطقس كما وضعه األكاديميّون‪.117‬‬ ‫تقبل أعماله وأن يسمح له بالعبور‪ ،‬أن يؤدّي ّ‬
‫‪ ―.36‬عدد اجملموعات الذي تستوجبه طبيعة القانون‪.‬‬

‫يخص التّخطيط االثنين ّ‬


‫ي‪ ،‬وعلى األق ّل فيما‬ ‫ّ‬ ‫لكن ث ّم من جاء – على األق ّل فيما‬
‫أن طبيعة القانون تفرض‬ ‫يخص المقالة – بتبرير مختلف‪ .‬حاصل هذا الت ّبرير ّ‬ ‫ّ‬
‫تناوله في مجموعتين‪:‬‬

‫"منر [‪ ]...‬اىل «ماندغريز»‪ ،‬اذلي اكنت مزيّته ا ألساس يّة أأن نقل اىل ا ألطراف‪ ،‬اىل التّعليق عىل‬ ‫ّ‬
‫مصمه «مازو» (التّخطيط اال ّ‬
‫ثنيين)‪ .‬هذا املهنج ال يتالءم ابلتّامم والكامل مع‬ ‫القرار‪ ،‬املهنج اذلي ّ‬
‫التّعليق ألن ّه يتالءم ابلتّامم والكامل مع املقاةل‪ :‬فالقانون املنطبق عىل ّ‬
‫مؤسسة أأو عىل أل ّية قانون ّية‬
‫الاجتاهّي‬‫س تتناولها املقاةل يبدو دوم ًا كتسوية بّي قوى‪ ،‬بّي أأفاكر‪ ،‬بّي مصاحل متعارضة‪ .‬وتأأ ّمل ّ‬
‫منظمّي حول مركزين‪ .‬مثال ذكل القانون املتعلّق‬ ‫املتعارضّي يربز يف أأغلب احلاالت أأهنّ ام ّ‬

‫صه»‪ .‬لك ّنه أضاف في لحظتها‪« :‬لكن هذه القواعد موجودة‪ ،‬لقد ضبطها عرف قديم [‪ ]...‬ويمكن أن ّ‬
‫نعرف‬ ‫يخ ّ‬
‫[البنية – النّموذج]‪ :‬مقدّمة غنيّة‪ ،‬يتبعها مضمون مقسّم إلى جزأين‪ ،‬وك ّل جزء مقسّم إلى فرعين‪ ،‬أخيرا وفي‬
‫العموم خاتمة»‪.‬‬
‫ي عرف قديم؟‬ ‫عرف قديم؟ أ ّ‬
‫أن األشغال المسيّرة (‪ )travaux dirigés‬وجدت في فرنسا‬ ‫مرة أخرى بـ‪« :‬مارك لوميو» الذي الحظ ّ‬ ‫سأستشهد ّ‬
‫ّ‬
‫والطلبة تلقّوا تكوينا معيّنا (االثنينيّة)‪.‬‬ ‫في تلك الفترة (ونعرف التّمارين العمليّة التي صحبت مؤلّف «مازو»)‪.‬‬
‫يدرسون في ‪1975‬‬ ‫ي أصبحوا أساتذة ّ‬ ‫تكونوا في ‪ 1950‬على التّخطيط االثنين ّ‬ ‫وكما كتب «لوميو»‪ّ « ،‬‬
‫الطلبة الذين ّ‬
‫تكونوا في ‪... 1975‬‬ ‫ّ‬
‫محاسن االثنينيّة»‪ .‬سأضيف‪ :‬الطلبة الذين ّ‬
‫ولقد كان لمناظرة التّبريز دور أيضا‪ ،‬فنظام الت ّقسيم الذي كان وصفة في المناظرة صار وصفة (خارجها)‪ .‬في هذا‬
‫االتّجاه أشار العميد كاربونيي وهو يكتب عن المالحظات حول القرارات ( ‪Note sur des notes d’arrêts,‬‬
‫‪ )D., 1970, chron., p. 137‬إلى «لعبة التّقسيم التي جاءتنا من درس التّبريز‪ ،‬والتي طبعته بصالبة زائدة»"‪.‬‬
‫‪Michel Vivant, préc., p. 970 et s.‬‬
‫‪ 117‬أشار "نيتشه" (‪ )Nietzsche‬و"ماكس ڥيبير" (‪ )Max Weber‬و"پيار بورديو" (‪)Pierre Bourdieu‬‬
‫أن المقبول أكاديميّا هو الذي تفسح له المنابر‪ ،‬وهو الذي يسمع‪ .‬أ ّما غير المقبول فال يترك له منبر‪،‬‬ ‫وغيرهم إلى ّ‬
‫أو ال يترك له منبر يسمِّ ع‪F. Nietzsche, Humain, trop humain, Mercure de France, 1910, T. .‬‬
‫‪II, n° 151 ; Max Weber, Le métier et la vocation de savant, in : Le savant et le‬‬
‫‪politique. Préface de Raymond Aron, Librairie Plon, 1959 ; Pierre Bourdieu, Ce que‬‬
‫‪parler veut dire, in : Questions de sociologie, Cérès éd., Tunis, 1993.‬‬
‫ي‪ .‬لذا نجد أحدهم ( ‪J.‬‬ ‫ي أو ثالث ّ‬ ‫ّ‬
‫بمخطط اثنين ّ‬ ‫ي اليوم ال يسمح بالمرور إالّ لمن يكتب‬
‫ي القانون ّ‬
‫والوسط األكاديم ّ‬
‫‪ )Rivero, Pour la leçon en équipe, D. 1976, chron. 25.‬يتحدّث – نعم في إطار مكان هو فرنسا‬
‫لكن كالمه يص ّح في أطر أخرى – عن‪ :‬طقس عبور (أو ترقية) » ‪.« rite de passage‬‬ ‫وميدان هو التّبريز‪ّ ،‬‬
‫ التّرتيب‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 62

‫ تيسري التّعويض للضّ حيّة ابعفائه من اثبات خطأأ‬:‫ واذلي حيمكه متطلَّبان هام‬،‫مبسؤوليّة النّاقل‬
‫الّضر اذلي مل يكن سببا‬ّ ‫ و متكّي هذا النّاقل مع ذكل من التّ ّفص من الالزتام بتعويض‬،‫النّاقل‬
‫] هذا الالكم‬...[ ‫ وما مت ّت مالحظته للتّ ّو هو اذلي ّيربر عىل ما يبدو االثنين ّية‬.‫فيه‬
‫ أأ ّن اشّتاط االثنينيّة ال ّيربره التّقليد والعرف الث ّابت (جحّة‬،‫ وهذا هو امله ّم‬،‫(لـ«ماندغريز») يعين‬
.118"‫ القانون‬:‫ بل ّتربره طبيعة ما ُكتب‬،)‫السلطة‬ ّ

‫ من يكتب موضوعا ً (وتحديدا ً مقالة) سيكتبه في مجموعتين‬،‫بمقتضى هذا التّبرير‬


‫ي) بل تحت إقناع سلطة الح ّجة (طبيعة‬ّ ‫سلطة (العرف األكاديم‬
ّ ‫ال تحت قهر ح ّجة ال‬
.)‫القانون‬
.‫― عدد اجملموعات عند األكادمييّني يف اختصاصات أخرى‬.37
‫ لكن كيف هي المسألة عند األكاديميّين في‬،‫هذا عن اختصاص القانون‬
‫االختصاصات األخرى؟ ما العدد الذي يفرضونه في فقرات جوهر الموضوع؟‬
‫ في المقاالت األدبيّة والفلسفيّة‬،‫ ينبغي‬:– ‫الجواب – كما تقول بعض المراجع‬
‫ هذا هو المحبّذ في‬،119‫ أن يكون عدد الفقرات ثالثة‬،‫والتّاريخيّة واالقتصاديّة‬

"Toujours en quête de la mystérieuse « perfection » de la division bipartite, nous 118


passons à Mendegris, dont le principal mérite est d’avoir porté à la périphérie – au
commentaire d’arrêt – la méthode esquissée par Mazeaud. Cette méthode ne convient
pas dans toute sa rigueur au commentaire, pour des raisons qui découlent, justement,
de ce qui fait qu’elle est « parfaite » pour la dissertation : « Le droit applicable à
l’institution ou au mécanisme juridique dont la dissertation doit rendre compte
apparaît toujours comme une solution transactionnelle entre des lignes de force, des
idées, des intérêts qui s’opposent. Et la réflexion montre que ces tendances
antagonistes sont, dans l’immense majorité des cas, organisées autour de deux pôles.
Ainsi, par exemple, le droit de la responsabilité du transporteur est dominé par le
double souci de faciliter l’indemnisation de la victime en la dispensant de prouver la
faute du transporteur et de permettre néanmoins à ce dernier d’échapper à l’obligation
de réparer un dommage dont il n’a pas été la cause. Cette observation paraît de nature
à justifier le bipartisme » (Mendegris, Le commentaire d’arrêt en droit privé :
Méthode et exemples, Dalloz, Paris, 2e éd., n° 118). Voilà qui est intéressant :
l’exigence du bipartisme n’est plus fondée sur la tradition bien établie (c'est-à-dire sur
l’autorité de l’usage par les maîtres), mais bien sur la nature même de ce qui est écrit –
le droit". Marc Lemieux, préc., p. 831.
Denis Huisman, L’art de la dissertation philosophique, Société d’Édition 119
d’Enseignement Supérieur, Paris, 6e éd. 1965, p. 41 ; Sylvie Guichard, préc., p. 29 ;
Axel Preiss, préc., p. 54 ; F. Frigues, Principes et méthodes de la dissertation
d’histoire, P.U.F., Paris, 1995, p. 22 ; Yves Crozet, La dissertation économique aux
examens et concours, Nathan, 1990 , p. 19 ; A. Baron, préc., p. 147.
‫‪63‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫العرف األكاديمي (والحديث ت ّم في إطار المقالة األدبيّة‪ 120‬واالقتصاديّة‪ ،)121‬وال‬


‫ينبغي أن يتجاوز الثّالثة‪ ،122‬لكن يمكن أن يكون عدد الفقرات اثنين‪.123‬‬
‫‪ ―.38‬نقد‪.‬‬
‫م ّما تقدّم يخلص أنّه ال يقبل اآلن عند األكاديميّين أن يكتب في القانون أو في‬
‫رجع جوهر الموضوع إلى‬ ‫اختصاصات أخرى دون تخطيط‪ ،‬بل دون تخطيط ي ِّ‬
‫عدد محدّد من المجموعات‪.‬‬
‫ي‪ ،‬فقيل عن إيجاب التّخطيط االثنين ّ‬
‫ي‬ ‫ي في الحقل القانون ّ‬‫ولقد نقد الموقف األكاديم ّ‬
‫ي‪ .124‬كما قيل عن تبريره بكونه يتّفق مع طبيعة القانون بأنّه تبرير غير‬ ‫إنّه تح ّكم ّ‬
‫ي مردّه طبيعة األشياء‬ ‫مقنع‪ .‬وفعالً‪ ،‬يرى أحدهم أنّه لو كان التّخطيط االثنين ّ‬
‫القانونيّة‪ ،‬لكان هذا التّخطيط موجودا ً عند القانونيّين من غير الفرنسيّين‪.125‬‬
‫‪ ―.39‬يف مجيع االختصاصات‪ ،‬ال بدّ من الوضوح؛ والوضوح يقتضي التّرتيب‪ ،‬بل التّرتيب يف‬

‫جمموعتني‪.‬‬
‫رغم هذا النّقد‪ ،‬يمكن القول إن من الواجب – ال في اختصاص القانون فحسب‪ ،‬بل‬
‫أن نجد من ال يتّبع‬
‫في جميع االختصاصات – أن يكون التّرتيب في مجموعتين‪ْ .‬‬
‫ي عقال‬ ‫صحيح ضرور ّ‬ ‫سبب ليس في كونه غير صحيح ّ‬
‫ألن ال ّ‬ ‫هذا الواجب‪ ،‬فال ّ‬
‫أن يكون الواقع (على األقل في فرنسا وفي‬ ‫وليس ضروريّا ً واقع ًا‪ 126‬؛ ث ّم ْ‬

‫‪Axel Preiss, préc., p. 55 ; Sophie Le Ménahèse-Lefay, Parcours méthodique. La 120‬‬


‫‪dissertation, éd. du temps, Paris, 1999, p. 32‬‬
‫‪Yves Crozet, préc., p. 19. 121‬‬
‫‪Henri Lamour, préc., p. 76 122‬‬
‫‪Anne-Marie Lefebvre, La dissertation sur un sujet littéraire, Albin Michel, Paris, 123‬‬
‫‪1996, p. 26 ; F. Garrigues, préc., p. 22.‬‬
‫‪Marc Lemieux, préc., p. 824. 124‬‬
‫بقوة البداهة على الفرنسيّين وعلى الفرنسيّين‬ ‫الطبيعة (المزعومة) قد فرضت نفسها ّ‬ ‫‪" 125‬كيف نفسّر كون هذه ّ‬
‫ي [‪ ]...‬هل‬ ‫ّ‬
‫ألن األلمان‪ ،‬وهم الذين لم يعرف عنهم أنّهم قانونيّون سيّئون‪ ،‬يعملون التّخطيط الخط ّ‬ ‫فحسب‪ّ ،‬‬
‫خاص [‪ ]...‬فهذا ال شكّ فيه [‪ ]...‬لكن هذه مسألة أخرى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الفرنسيّون لوحدهم رجال قانون؟ أن يكون ث ّم ّ‬
‫فن فرنس ّ‬
‫الطبيعيّة» شيئا"‪Michel Vivant, préc., p. 974 et s. .‬‬ ‫ي ليس له من « ّ‬ ‫إن التّخطيط االثنين ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 126‬عدم اتّباع البعض‪ ،‬بل عدم اتباع الكلّ‪ ،‬للحقيقة ال يعني أنها ليست حقيقة‪ .‬انظر هذه الفكرة في المقتطف التالي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ .‬لها أيضا طابع الضّرورة‪ .‬هذه الضّرورة عقليّة‪ .‬لذلك ث ّم حقيقة‪ .‬والضّرورة العقليّة‬ ‫"الحقيقة لها إذن طابع كلّ ّ‬
‫يقرره األفراد‪ .‬لكن‪ ،‬إلى جانب الحقيقة‪ ،‬هنالك الخطأ‪ .‬ضرورة الحقيقة ليست إذن ضرورة‬ ‫مستقلّة ع ّما يمكن أن ّ‬
‫حر‪ ،‬فال حقيقة بال ّنسبة إليه إالّ إذا خضع لها بإرادته"‪ .‬ورد المقتطف‪ ،‬وورد ذكر صاحبه في‪:‬‬ ‫واقعيّة‪ ،‬واإلنسان ّ‬
‫‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode d’emploi ou l’erreur sans peine, R.R.J., 2008-4,‬‬
‫‪p. 1892 et 1893, n° 21.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪64‬‬

‫اختصاص القانون) هو اشتراط االثنينيّة‪ ،‬فال يعني ذلك ّ‬


‫أن ما سنقوله هو محاولة‬
‫ي شيئا ً عقالنيّا ً كما قد يقول "م‪ .‬ميياي" (‪.127)M. Miaille‬‬
‫لجعل الواقع ّ‬
‫إذن ينبغي أن ال نزيد عن مجموعتين‪ .‬لماذا؟‬
‫‪―.40‬اإلثنينيّة‪ .‬ملاذا؟‬
‫الجواب نجده عند أفالطون‪:128‬‬

‫" سقراط‬
‫[‪ّ ]...‬مث معل ّيتان من املفيد أأن ندرس بصفة مهنج ّية مزاايهام‪.‬‬
‫‪SOCRATE‬‬
‫‪[…] il y a deux procédés dont il serait intéressant d’étudier‬‬
‫‪méthodiquement les vertus.‬‬
‫فادر‬
‫ما هام؟‬
‫‪PHÈDRE‬‬
‫? ‪Lesquels‬‬
‫سقراط‬
‫نغطي بنظرة واحدة‪ ،‬و أأن نرجع اىل فكرة واحدة معلومات متناثرة هنا وهناك‪،‬‬ ‫العمليّة ا ألوىل‪ :‬أأن ّ‬
‫نوّض بواسطة التّعريف املوضوع اذلي س نتناوهل‪ .‬هذا ما فعلناه سابقا حّي ّعرفنا ّ‬
‫احلب‪.‬‬ ‫ليك ّ‬
‫لك ا ألحوال هو مسح لنا بأأن جنعل خطابنا واحضا ومتّسقا‪.‬‬
‫وتعريفنا قد يكون جيّدا أأو سي ّئا‪ .‬يف ِ ّ‬
‫‪SOCRATE‬‬
‫‪C’est d’abord d’embrasser d’une seule vue et de ramener à une seule‬‬
‫‪idée les notions éparses de côté et d’autre afin d’éclaircir par la‬‬
‫‪définition le sujet qu’on va traiter. C’est ainsi que tout à l’heure nous‬‬
‫; ‪avons défini l’amour ; notre définition a pu être bonne ou mauvaise‬‬

‫ي موضوع‪ ،‬تخطيط يعطي مظهر سيطرة كلّيّة على الموضوع‪ ،‬تخطيط‬ ‫"تخطيط من جزأين‪ ،‬تخطيط أل ّ‬
‫‪127‬‬

‫ي عقليّا‪ .‬في الحقيقة هذه‬ ‫كررنا «هيغل» – أن يصبح الواقع ّ‬ ‫ّ‬


‫صل بدقة في مضامينه الدّاخليّة إلى درجة – إذا ّ‬ ‫مف ّ‬
‫ي"‪M. Miaille, Une introduction critique au droit, Maspero, .‬‬ ‫صة بالعالم الجامع ّ‬
‫الممارسات خا ّ‬
‫‪Paris, 1976, p. 24 (cité par : Marc Lemieux, préc., p. 834, note n° 30).‬‬
‫‪Platon, Phèdre/265c-266a / 266a-266d. Traduction, notices et notes par Émile 128‬‬
‫‪Chambry, Garnier- Flammarion, 1964.‬‬
‫ص الفرنسي لمحاورة "فادر" الواردة في الكتاب المذكور للت ّ ّو‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬سنورد ترجمتنا العربيّة داخل النّ ّ‬
65 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

en tout cas, elle nous a permis de rendre notre discours clair et


cohérent.
‫فادر‬
‫ مايه؟‬،‫ سقراط‬،‫والعمل ّية الثّانية‬
PHÈDRE
Mais le second procédé, SOCRATE, quel est-il ?
‫سقراط‬
،‫ متّبعّي يف التّقس مي التّمفصالت ا ّلطبيع ّية‬،‫نقسم من جديد الفكرة اىل عنارصها‬ ّ ‫اهنّ ا تمتث ّل يف أأن‬
‫ هذا ما فعلناه أنفا يف‬.‫اكجلزار غري املاهر اذلي يقطع حيث ال ينبغي القطع‬ ّ ‫وحماولّي أأن ال نكون‬
‫ فلقد أأرجعنا الهذاين اىل فكرة عا ّمة مشّتكة؛ ّمث – متام ًا كام هو الشّ أأن ابلنّس بة اىل‬.‫خطاابتنا‬
‫ بعضها يف اليسار وبعضها يف‬،‫اجلسم الواحد حيث جند ثنائ ّيات من ا ألعضاء لها نفس الامس‬
،‫فقسمها‬ّ ‫ ّمث معد الواحد منّا اىل اجلهة اليرسى‬،‫الميّي – اعتربان يف خطابينا الهذاين نوعا واحدا‬
‫ ومعد الث ّاين اىل اجلهة‬.)‫احلب‬
ّ ‫معّي من‬ ّ ‫] (رضب‬...[ ‫حىت عرث عىل‬ ّ ‫ ومل يتوقّف‬،‫وقسم أأقساهما‬ ّ
‫ فسلّط عليه ا ألضواء‬،‫اليه‬ ّ ‫ فوجد حبّا هل نفس امس‬،‫الميىن للهذاين‬
ّ ‫ لكن مصدره ا‬،‫احلب ا أل ّول‬
.‫و أأثىن عليه ألن ّه منبع أأكرب خري لالنسانيّة‬
SOCRATE
Il consiste à diviser à nouveaux l’idée en ses éléments, suivant ses
articulations naturelles, en tachant de n’y rien tronquer, comme ferait
un boucher maladroit. C’est ce que nous avons fait dans les discours
tout à l’heure. Nous avons ramené le délire à une idée générale
commune ; puis, comme dans un seul corps il y a des couples de
membres qui ont le même nom, ceux de gauche et ceux de droite,
ainsi nos deux discours ont considéré d’abord le délire comme un
genre unique, puis l’un, s’attaquant au côté gauche, l’a divisé et
subdivisé sans s’arrêter, jusqu’à ce qu’il ait rencontré une sorte
d’amour de gauche auquel il a dit justement son fait ; l’autre, nous
conduisant sur la droite du délire, y a trouvé un amour du même
nom que le premier, mais d’origine divine, qu’il a mis en lumière et
loué comme l’auteur des plus grands biens pour l’humanité.
‫فادر‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪66‬‬

‫هذا حصيح جدّا‪.‬‬


‫‪PHÈDRE‬‬
‫‪C’est très exact.‬‬
‫سقراط‬
‫هذا اي فادر ما أأحبّه‪ :‬التّقس مي والتّأأليف‪ .‬أأرى فهيام وس يةل ّ‬
‫لتعّل الالكم والتّفكري‪ .‬واذا وجدت من‬
‫يقدر عىل رؤية ا ألش ياء يف وحدهتا ويف تعدّدها‪ ،‬فذاك هو ّالرجل اذلي أأت ّبعه كام االاله‪.‬‬
‫والقادرون عىل ما س بق أأ ّمسهيم عن صواب أأو عن خطأأ (هللا وحده يعّل) أأهل اجلدل‪.‬‬
‫‪SOCRATE‬‬
‫‪Voilà, PHÈDRE, de quoi je suis amoureux, moi : c’est des divisions et‬‬
‫‪des synthèses ; j’y vois le moyen d’apprendre à parler et à penser. Et si‬‬
‫‪je trouve quelque autre capable de voir les choses dans leur unité et‬‬
‫‪leur multiplicité, voilà l’homme que je suis à la trace, comme un dieu.‬‬
‫‪Ceux qui en sont capables, Dieu sait si j’ai tort ou raison de leur‬‬
‫‪appliquer ce nom, mais enfin je les appelle dialecticiens […] ».‬‬

‫أن الت ّفكير‪ ،‬ومن بعد ذلك التّعبير ع ّما وقع التّفكير فيه‬ ‫يخلص من هذا المقتطف ّ‬
‫تعبيرا ً شفويّا ً أو تعبيرا ً مكتوباً‪ ،‬ينبغي أن يتّبِّع طريقين‪:‬‬
‫ّأوال‪ :‬إحالة العناصر المشتّتة والمبعثرة هنا وهناك على الوحدة‪ ،‬أي جعل المتعدّد‬
‫واحدا ً (بالنّسبة إلى ما يه ّمنا‪ ،‬مثالً في إطار المقالة‪ ،‬صيغة الموضوع هي في‬
‫نفسها إحالة لعناصر مشتّتة ومبعثرة هنا وهناك على الوحدة)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم الواحد إلى عناصره‪ ،‬أي جعل الواحد متعدّداً‪.‬‬
‫أن تقسيم الواحد ينبغي أن‬ ‫زيادة على ما سبق‪ ،‬يستخلص من كالم "أفالطون" ّ‬
‫يكون إلى زوجين‪ ،‬أي ينبغي جعل الواحد اثنين‪.‬‬
‫على هذا‪ ،‬فالتّفكير‪ ،‬ومن بعد ذلك التّعبير ع ّما وقع التّفكير فيه تعبيرا ً شفويّا ً أو‬
‫تعبيرا ً مكتوباً‪ ،‬ينبغي أن َير ّد الواحد إلى اثنين‪ .‬لماذا؟ لكي يكون الخطاب متّسقا ً‬
‫طب‪ ،‬ال يقتضي فحسب‬ ‫وواضحا ً‪ .‬فاتّساق الكالم‪ ،‬ومن ث ّم وضوحه عند المخا َ‬
‫ي‪.‬‬‫التّرتيب إلى مجموعات‪ ،‬بل يقتضي فوق ذلك التّرتيب االثنين ّ‬
‫الخطاب متّسقا ً‬
‫َ‬ ‫هذا الكالم مجمل‪ ،‬ألنّه لم يبيّن كيف يجعل التّرتيب االثنين ّ‬
‫ي‬
‫وواضحاً‪ .‬والمجمل يحتاج تفصيالً؛ والتّفصيل هنا يقتضي العودة إلى كتب‬
‫‪67‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المنطق‪ ،‬وتحديدا ً إلى مبحث القسمة‪ .‬في هذا المبحث نجد تعريف القسمة‪ ،‬وبيان‬
‫فائدتها‪ ،‬وضبط أصولها‪:‬‬

‫لك واحد‬ ‫مقسام»‪ ،‬و ّ‬‫اليشء « َّ‬‫اليشء‪ :‬جتزئته وتفريقه اىل أأمور متباينة [‪ ]...‬ويس ّمى ّ‬ ‫"تعريفها‪ :‬قسمة ّ‬
‫املقسم‪ ،‬و«قس امي» (اترة) أأخرى ابلقياس‬ ‫من ا ألمور اليت انقسم الهيا «قسام» اترة ابلقياس اىل نفس َّ‬
‫صور قسم‬ ‫مقسم‪ ،‬والتّ ّ‬‫تصور وتصديق – مثال – فالعّل َّ‬ ‫اىل غريه من ا ألقسام‪ .‬فاذا ّقسمنا العّل اىل ّ‬
‫من العّل وقس مي للتّصديق‪ ،‬وهكذا التّصديق قسم وقس مي‪.‬‬
‫فائدهتا‪ :‬تأ ّأسست حياة االنسان لكّها عىل القسمة‪ ،‬ويه من ا ألمور الفطريّة اليت نشأأت معه عىل‬
‫ا ألرض‪ ،‬فا ّن أأ ّول يشء يصنعه‪ :‬تقس مي الأش ياء اىل سامويّة وأأرض ّية‪ ،‬واملوجودات ا ألرض ّية اىل [‪]...‬‬
‫وال يزال العّل عند االنسان يكشف هل كثريا من اخلطأأ يف تقس اميته وتنويعاته‪ ،‬فيعدّلها‪ .‬ويكشف هل‬
‫أأنواعا مل يكن قد عرفها يف املوجودات ا ّلطبيع ّية‪ ،‬أأو ا ألمور اليت خيّتعها مهنا ويؤلّفها‪ ،‬أأو مسائل‬
‫العلوم والفنون‪ .‬وس يأأيت كيف نس تعّي ابلقسمة عىل حتصيل احلدود و ّالرسوم ( أأي التّعريفات)‬
‫مؤسس من أأ ّول ا ألمر عىل القسمة‪ .‬وهذا أأ ّمه فوائد القسمة‪ .‬وتنفع‬ ‫وكس هبا‪ ،‬بل ّ‬
‫لك ح ّد انّام هو ّ‬
‫القسمة يف تدوين العلوم والفنون‪ ،‬لتجعلها أأبوااب وفصوال ومسائل م ّمتّية‪ ،‬ليس تطيع الباحث أأن‬
‫يلحق ما يعرض عليه من القضااي يف ابهبا‪ ،‬بل العّل ال يكون علام ذا أأبواب ومسائل و أأحاكم االّ‬
‫ابلقسمة [‪ ]...‬والتّاجر – أأيضا – يلتجئ اىل القسمة يف تسجيل دفّته وتصنيف أأمواهل‪ ،‬ليسهل‬
‫لك شأأن من‬ ‫عليه اس تخراج حساابته ومعرفة رحبه وخسارته [‪ ]...‬وهكذا تدخل القسمة يف ّ‬
‫شؤون حياتنا العلميّة والاعتياديّة‪ ،‬وال يس تغين عهنا انسان‪ .‬وهم ّمتنا مهنا هنا أأن نعرف كيف‬
‫نس تعّي هبا عىل حتصيل احلدود و ّالرسوم‪.‬‬
‫أأصول القسمة‪ – 1 :‬ال بدّ من مثرة‪ :‬ال حتسن القسمة االّ اذا اكن للتّقس مي مثرة انفعة يف غرض‬
‫املقسم‪ ،‬بأأن ختتلف ا ألقسام يف امل ّمّيات وا ألحاكم املقصودة يف موضع القسمة [‪ – 2 ]...‬ال ب ّد من‬ ‫ّ‬
‫تصح القسمة االّ اذا اكنت ا ألقسام متباينة غري متداخةل‪ ،‬ال يصدق أأحدها عىل‬ ‫تباين الأقسام‪ :‬وال ّ‬
‫يتفرع عىل هذا ا ألصل‬ ‫ما صدق عليه الخر‪ ،‬ويشري اىل هذا الأصل تعريف القسمة نفسه [‪ ]...‬و ّ‬
‫اليشء قسام منه‬ ‫أأمور‪ :‬أأن ّه ال جيوز أأن جتعل قسم ا ّليشء قس امي هل [‪ ]...‬وال جيوز أأن جتعل قس مي ّ‬
‫تؤسس‬ ‫اليشء اىل نفسه وغريه [‪ – 3 ]...‬أأساس القسمة‪ :‬وجيب أأن ّ‬ ‫تقسم ّ‬‫[‪ ]...‬وال جيوز أأن ّ‬
‫املقسم هجة واحدة وابعتبارها يكون التّقس مي‪.‬‬ ‫القسمة عىل أأساس واحد‪ ،‬أأي جيب أأن يالحظ يف ّ‬
‫نؤسس تقس ميها‪ :‬ا ّما عىل أأساس العلوم والفنون‪ ،‬أأو عىل‬ ‫فاذا ّقسمنا كتب املكتبة‪ ،‬فال ب ّد أأن ّ‬
‫أأسامء املؤلّفّي‪ ،‬أأو عىل أأسامء الكتب‪ .‬أأ ّما اذا خلطنا بيهنا فا ألقسام تتداخل وخيت ّل نظام الكتب‪،‬‬
‫مثل ما اذا خلطنا بّي أأسامء الكتب واملؤلّفّي‪ ،‬فنالحظ يف حرف ا أللف مثال اترة امس الكتاب‬
‫مقسام لعدّة‬
‫اليشء الواحد قد يكون ّ‬ ‫و أأخرى امس املؤلّف‪ ،‬بيامن أأ ّن كتابه قد يدخل يف حرف أخر‪ .‬و ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪68‬‬

‫تقس اميت ابعتبار اختالف اجلهة املعتربة – أأي أأساس القسمة – [‪ – 4 ]...‬جامعة مانعة‪ :‬وجيب‬
‫مقسم‪ ،‬فتكون جامعة (يُقال أأيض ًا‪ :‬منعكسة) مانعة‬
‫يف القسمة أأن يكون مجموع ا ألقسام مساواي لل َّ‬
‫مطردة)‪ :‬جامعة مجليع ما ميكن أأن يدخل فيه من ا ألقسام – أأي حارصة لها ال يش ّذ‬‫(يُقال أأيض ًا‪ّ :‬‬
‫مهنا يشء –‪ ،‬مانعة عن دخول غري أأقسامه فيه"‪.129‬‬

‫صل الكالم المجمل الذي تقدّم‪ .‬فمن يرتّب‬ ‫ومن ينظر إلى أساس القسمة‪ ،‬يجد ما يف ّ‬
‫سم أكثر من جهة؛ ومن يالحظ في‬ ‫إلى أكثر من مجموعتين‪ ،‬يكون قد الحظ في المق َّ‬
‫سم أكثر من جهة‪ ،‬يأتي بأقسام متداخلة ببعضها (ال يجمع المتماثالت)‪ ،‬أي‬ ‫المق َّ‬
‫يأتي بترتيب ينقصه االتّساق ومن ث ّم الوضوح (بمعنى‪ :‬ترتيب ال يجعل العناصر‬
‫أن العنصر – ليكون واضحا ً – ينبغي أن يج َمع مع من هم‬ ‫واضحة‪ ،‬ألنّنا رأينا ّ‬
‫أن وضوح ك ّل عنصر يجعل‬ ‫مثله وأن يفصل ع ّمن هم مختلفون عنه؛ كما رأينا ّ‬
‫سم أي‬ ‫األقسام واضحة؛ ورأينا أنّه إذا توضّحت األقسام‪ ،‬توضّح المق َّ‬
‫الموضوع)‪.130‬‬

‫ويتحقّق عدم‬
‫ومالحظة جهة‬ ‫‪ ...‬أقسامه غير متداخلة‬
‫تداخل األقسام‬ ‫يتحقّق وضوح‬
‫واحدة في‬ ‫ببعضها (تترجم جمعا‬
‫بمالحظة جهة‬ ‫الموضوع‬
‫المقسم تعطي‬ ‫للمتماثالت وفصال‬
‫واحدة في‬ ‫ب ‪...‬‬
‫بترتي ٍ‬
‫تقسيما اثنينيّا‬ ‫للمتخالفات)‪،‬‬
‫المقسم‪،‬‬

‫‪ ―.41‬مثال‪.‬‬
‫لنأت بما سبق في إطار مثال‪:‬‬
‫– لدينا صيغة موضوع نظري (ما سيأتي ينطبق على المواضيع التّطبيقيّة في‬
‫اختصاص القانون‪ ،‬كما ينطبق على المواضيع في االختصاصات األخرى)‪ ،‬أي‬
‫الزواج‪ ،‬أو نحو ذلك؛‬‫لدينا واحد‪ :‬البطالن‪ ،‬أو موانع ّ‬
‫إن التّفكير والتّعبير عن التّفكير يحيالن الواحد إلى عناصره‪:‬‬
‫– قيل أعاله ّ‬

‫شيخ مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ 1414 ،‬هـ‪ 1995 /‬م‪ ،‬ص ‪ 106‬وما‬ ‫‪ 129‬ال ّ‬
‫بعدها‪ .‬انظر أيضا‪Louis Liard, Logique, Masson et C , Paris, 4 éd., 1897, p. 17 et s. :‬‬
‫‪ie‬‬ ‫‪e‬‬

‫‪ 130‬يقول "جون كاربونييه" (‪ )Jean Carbonnier‬متحدّثا ً داخل اختصاص القانون‪:‬‬


‫"جاءتنا لعبة التّقسيم هذه من درس التّبريز [‪( ]...‬ولقد نقدت لكونها شكليّة) كما لو ّ‬
‫أن هذه ال ّ‬
‫شكليّة ليس لها وظيفة‪،‬‬
‫على األق ّل وظيفة استبدال رؤية مجملة ومطنبة بإدراك بيّن وواضح"‪Jean Carbonnier, Notes sur des .‬‬
‫‪notes d’arrêts, D. 1970, chron. p. 138.‬‬
‫‪69‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الزواج‪ :‬قرابة ‪+‬‬ ‫ع‪ + 1‬ع‪ + 2‬ع‪ + 3‬ع‪ + 4‬ع‪ + ... + 5‬عع (في موضوع موانع ّ‬
‫حق الغير بعدّة ‪ +‬صورة‬ ‫حق الغير بزواج ‪ +‬تعلّق ّ‬ ‫مصاهرة ‪ +‬رضاعة ‪ +‬تعلّق ّ‬
‫الزوجين على‬ ‫شخصيّة‪ :‬تفريق القاضي أبديّا ً بين ّ‬ ‫الفصل ‪ 76‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫الزوجة هو من ّ‬
‫الزوج)؛‬ ‫إثر انتفاء كون االبن الذي أنجبته ّ‬
‫– حين نجمع وفق وصف هو (أ) ما أمامنا من عناصر‪ ،‬وتعطينا هذه العمليّة مثال‬
‫أن‪ :‬ع‪ 1‬و ع‪ 5‬متماثالن‪ ،‬أي في ك ّل واحد منها يوجد الوصف (أ) ‪ ...‬حين نفعل ما‬ ‫ّ‬
‫سبق‪ ،‬فبنفس المناسبة تكون بقيّة العناصر أي ع‪ 2‬وع‪ 3‬وع‪[ 4‬إلخ‪ ].‬متميّزة بوصف‬
‫هو نقيض الوصف (أ)‪ .‬إذن‪ :‬ع‪ 2‬وع‪ 3‬وع‪[ 4‬إلخ‪ ].‬عناصر متماثلة‪ ،‬أي في ك ّل‬
‫واحد منها يوجد الوصف (ما ليس أ)‪.131‬‬
‫الزواج‪ :‬حين نجمع وفق وصف‬ ‫– اآلن‪ ،‬لن ِّع ْد نفس هذا القول بواسطة مثال موانع ّ‬
‫هو (التّأبيد) ما أمامنا من عناصر‪ ،‬ستعطينا هذه العمليّة كون (القرابة ‪+‬‬
‫شخصيّة) هي‬ ‫الرضاعة ‪ +‬صورة الفصل ‪ 76‬من مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫المصاهرة ‪ّ +‬‬
‫عناصر متماثلة‪ ،‬أي في ك ّل واحد منها يوجد وصف التّأبيد؛ وحين نفعل ما سبق‪،‬‬
‫حق الغير بزواج ‪ +‬تعلّق ّ‬
‫حق الغير‬ ‫فبنفس المناسبة تكون بقيّة العناصر (أي تعلّق ّ‬
‫حق الغير بزواج ‪+‬‬ ‫بعدّة) متميّزة بوصف هو نقيض وصف التّأبيد‪ .‬إذن‪( :‬تعلّق ّ‬
‫حق الغير بعدّة) هما عنصران متماثالن‪ ،‬أي في ك ّل واحد منها يوجد‬ ‫تعلّق ّ‬
‫الوصف (ما ليس التّأبيد)‪.‬‬

‫ما ليس التّأبيد‬ ‫التّأبيد‬

‫تعلّق حق الغير‬ ‫القرابة‬


‫بزواج‬ ‫المصاهرة‬
‫الرضاعة‬
‫ّ‬
‫تعلّق حق الغير بعدّة‬
‫صورة الفصل ‪76‬‬

‫ي (موانع مؤبّدة ‪ /‬موانع مؤقّتة) نتج عن اعتماد معيار‬


‫فإن التّخطيط االثنين ّ‬
‫وهكذا‪ّ ،‬‬
‫واحد في تقسيم الموانع‪132‬؛ واعتماد جهة واحدة جعل األقسام التي لدينا غير‬

‫‪ 131‬بعبارة أخرى‪ :‬انعدام وصف هو وصف‪ .‬انظر‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode :‬‬
‫‪d’emploi ou l’erreur sans peine (préc.), p. 1905, n° 36.‬‬
‫قرب من "جون ستيوارت ميل" (‪ )John Stuart Mill‬حين قال‪:‬‬ ‫‪ّ 132‬‬
‫الرابع لألسماء هو تقسيمها إلى إيجابيّة وسلبيّة‪ :‬إيجابيّة مثل إنسان‪ ،‬شجرة‪ ،‬خ ِّيّر؛ سلبيّة مثل ال إنسان‪ ،‬ال‬ ‫"التّقسيم ّ‬
‫ي؛ وبعد أن نعطي اسما لشيء أو لمجموعة أشياء‪ ،‬يمكن أن‬ ‫ي يقابله اسم سلب ّ‬ ‫شجرة‪ ،‬ال خيِّّر‪ .‬ك ّل اسم واقع ّ‬
‫ي إيجاب ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪70‬‬

‫متداخلة (ليس هنالك عنصر داخل قسم المؤبّد نجده أيضا داخل قسم المؤقّت)‪ ،‬أي‬
‫جعلنا نجمع المتماثالت ونفصل المتخالفات؛ واإلتيان بأقسام غير متداخلة‪ ،‬أي‬
‫جمع المتماثالت‪ ،‬يؤدّي إلى وضوح ك ّل عنصر من عناصر األقسام‪ ،‬وإلى‬
‫سم‪ ،‬أي الموضوع‪.133‬‬ ‫وضوح ك ّل قسم‪ ،‬وإلى وضوح المق ّ‬

‫شيء أو األشياء‪ .‬نستعمل هذه األسماء السّلبيّة حين ينبغي أن‬ ‫نوجد اسما ثانيا يكون اسما لك ّل األشياء إالّ ذلك ال ّ‬
‫نتكلّم بصفة جماعيّة عن ك ّل األشياء غير شيء معيّن"‪John Stuart Mill, préc., Livre I : Des noms .‬‬
‫‪et des propositions, Ch. I, § 6.‬‬
‫وحين قال أيضا‪" :‬خذوا وصفا معيّنا؛ إن كانت بعض األشياء لها هذا الوصف وأخرى ال‪ ،‬يمكنكم أن تبنوا على‬
‫هذا الوصف تقسيما لك ّل األشياء إلى صنفين"‪(Livre I , Ch. VII, § 4) .‬‬
‫مخطط مختلف‬ ‫ّ‬ ‫مالحظة‪ :‬حين نأتي إلى نفس المادّة القانونيّة ونجمع عناصرها وفق وصف هو (ب) سنصل إلى‬
‫عن ذلك الذي وصلنا إليه أعاله حين أعملنا الوصف (أ)‪ ،‬وهكذا مع أوصاف أخرى قابلة ألن تعمل في تلك المادّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫المخططات‪:‬‬ ‫ي‪ .‬ومثال هذه‬ ‫ّ‬
‫مخططات تعدّ تقليديّة في الوسط القانون ّ‬ ‫يخص‬
‫ّ‬ ‫‪ 133‬وما جاء للت ّ ّو يحتاج توضيحا فيما‬

‫الفقرة ‪ )1‬ال ّطبيعة القانونيّة‬


‫• ‪.......‬‬
‫• ‪.......‬‬

‫الفقرة ‪ )2‬ال ّنظام القانون ّ‬


‫ي‬
‫• ‪.......‬‬
‫• ‪.......‬‬

‫أن الفقرة الثّانية هي‪ :‬ما ليس ّ‬


‫الطبيعة القانونيّة‪.‬‬ ‫والحقيقة – وهنا نأتي بالتّوضيح – ّ‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫ّ‬ ‫رباع‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫(ثالث‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ثنين‬ ‫اال‬ ‫عن‬ ‫يزيد‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫ترتيب‬ ‫ذلك‬ ‫أعطى‬ ‫جهة‪،‬‬ ‫فإذا الحظنا في المقسّم أكثر من‬
‫الزواج‪ /‬الحوز‪ /‬إلخ‪.‬‬ ‫مثال ذلك أن يكون موضوعنا مؤسّسة ما‪ :‬الغلط‪ّ /‬‬
‫إن دراسة مؤسّسة يثير في العادة أربعة مشاكل (ينبغي أن‬ ‫يقول أحدهم (‪ّ :)Henri Mazeaud, préc, n° 88‬‬
‫ندقّق بالقول إ ّنه قد ال يثيرها كلّها)‪:‬‬
‫الطبيعة (أي الخصائص)‬ ‫§ ‪ّ .1‬‬
‫§ ‪ .2‬المجال‬
‫§ ‪ .3‬شروط االنطباق‬
‫§ ‪ .4‬اآلثار‬
‫هذا التّخطيط‪ ،‬أقسامه متداخلة‪ .‬توضيح ذلك‪:‬‬
‫لو أخذنا الفقرات األربع‪ ،‬أي لو أخذنا المؤسّسة‪ ،‬أي لو أخذنا الواحد‪.‬‬
‫ث ّم بعد ذلك لو رددنا هذا الواحد إلى عناصره‪ ،‬سنكون‪:‬‬
‫الطبيعة أو الخصائص؛‬ ‫صية‪ + 1‬خ‪ + 2‬خ‪ + ... + 3‬خع‪ ،‬أي أمام ما جاء أعاله تحت عنوان ّ‬ ‫أمام‪ :‬الخا ّ‬
‫وأمام‪ :‬جانب من المجال لنس ّمه‪ :‬م‪ + 1‬جانب ثان‪ :‬م‪ + 2‬م‪ + ... + 3‬مع‪ ،‬أي أمام ما جاء أعاله تحت عنوان المجال؛‬
‫وأمام‪ :‬الشرط‪ + 1‬ش‪ + 2‬ش‪ + ... + 3‬شع‪ ،‬أي أمام ما جاء أعاله تحت عنوان شروط انطباق؛‬
‫وأمام‪ :‬األثر‪ + 1‬أ‪ + 2‬أ‪ + ... + 3‬أع‪ ،‬أي أمام ما جاء أعاله تحت عنوان اآلثار‪.‬‬
‫فإن ذلك سيعطينا حزمة تحوي العناصر‬ ‫فإذا جئنا إلى ك ّل هذه العناصر واعتمدنا معيارا ومعيارا فقط لتقسيمها‪ّ ،‬‬
‫طرح م ّما سبق جميع ما تبقّى من عناصر‪ .‬وهذا الجميع قابل ألن‬ ‫التي يتوفّر فيها ذلك المعيار‪ .‬وبنفس المناسبة سي َ‬
‫األول‪ :‬معيار واحد جامع؛ إذن‬‫يجعل في حزمة واحدة (جميع ما تبقّى يتوفّر فيه معيار واحد هو نقيض المعيار ّ‬
‫الك ّل يمكن أن يوضع في حزمة واحدة)‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الطبيعة فحسب وذلك‬ ‫الطبيعة ومعيار ّ‬


‫وبعبارة تعتمد المثال السّابق‪ :‬إذا جئنا إلى ك ّل هذه العناصر واعتمدنا معيار ّ‬
‫لتقسيم تلك العناصر‪ ،‬فالنّتيجة ستتمثّل في حزمة تحوي العناصر التي يتوفّر فيها ذلك المعيار‪ .‬وبنفس المناسبة‬
‫سينفصل ع ّما سبق جميع ما تبقّى من عناصر‪ .‬وهذا الجميع قابل ألن يجعل في حزمة واحدة (جميع ما تبقّى يتوفّر‬
‫فيه معيار واحد هو‪ :‬ما ليس طبيعة‪ :‬معيار واحد جامع‪ ،‬إذن الك ّل يمكن أن يوضع في حزمة واحدة‪ :‬حزمة ما ليس‬
‫إن أقسامه متداخلة‪.‬‬ ‫أن هذا القول قد يبدو للوهلة األولى غريبا – ّ‬
‫ي – رغم ّ‬ ‫طبيعة‪ .‬لذلك قلنا عن التّقسيم ّ‬
‫الرباع ّ‬
‫شروط ّ‬
‫ألن كليهما ليس طبيعة)‪.‬‬ ‫فاآلثار مثال متداخلة بال ّ‬
‫وعلى هذا ستكون النّتيجة‪:‬‬

‫الفقرة ‪ .1‬ال ّطبيعة (أي‬


‫الخصائص)‬
‫• ‪.......‬‬
‫• ‪.......‬‬

‫الفقرة ‪ .2‬ما ليس ال ّطبيعة‬

‫• ‪.......‬‬
‫• ‪.......‬‬

‫‪ ...‬نعم ال تعطى الفقرة الثّانية ذلك العنوان المتمثّل في صيغة سالبة‪ ...‬نعم يبحث لها عن عنوان صيغته موجبة‪ ،‬أي‬
‫(قرب من‪ :‬أنطوان أرنولد وبيير نيكول‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬ ‫يبحث لها عن وصف موجب يجمع العناصر التي تتر ّكب منها ّ‬
‫‪ 176‬و ‪177‬؛ ‪)Antoine Arnold et Pierre Nicole, préc., p. 154.‬‬
‫لكن إيجاد هذا العنوان قد يكون صعبا‪:‬‬ ‫‪ّ ...‬‬
‫ولتبيان هذا نعود إلى ما سبق لنقول‪:‬‬
‫لقد جمعنا وفق وصف هو (أ)‪ :‬هنا الحزمة أو المجموعة ستكون مغلقة (‪)un ensemble limitatif‬؛‬
‫وما بقي يجمعه وصف هو (ما ليس أ)‪ :‬هنا الحزمة أو المجموعة ستكون مفتوحة (‪.)un ensemble résiduel‬‬
‫انظر حول المغلق والمفتوح من األصناف ‪Jean-Louis Bergel, Théorie générale de droit, Paris,‬‬
‫‪Dalloz, 2e éd, 1989, n° 197, p. 209.‬‬
‫وانظر هذا الجزء من كالم لـ‪" :‬جون ستيوارت ميل" ت ّم إيراده منذ قليل‪:‬‬
‫الرابع لألسماء هو تقسيمها إلى إيجابيّة وسلبيّة‪ :‬إيجابيّة مثل إنسان‪ ،‬شجرة‪ ،‬خ ِّيّر؛ سلبيّة مثل ال إنسان‪ ،‬ال‬ ‫"التّقسيم ّ‬
‫ي؛ وبعد أن نعطي اسما لشيء أو لمجموعة أشياء‪ ،‬يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫سلب‬ ‫اسم‬ ‫قابله‬ ‫ي‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫إيجاب‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫واقع‬ ‫اسم‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫شجرة‪ ،‬ال ِّ‬
‫خ‬
‫شيء أو األشياء‪ .‬نستعمل هذه األسماء السّلبيّة حين ينبغي أن‬ ‫نوجد اسما ثانيا يكون اسما لك ّل األشياء إالّ ذلك ال ّ‬
‫نتكلّم بصفة جماعيّة عن ك ّل األشياء غير شيء معيّن"‪.‬‬
‫وألن المجموعة مفتوحة يصعب إيجاد عنوان موجب لها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫صعوبة‪ .‬كيف؟‬ ‫ي للهروب من ال ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط الثّالث ّ‬ ‫وهذا يفسّر اعتماد‬
‫لطبيعة‪ /‬المجال‪ /‬شروط االنطباق‪ /‬اآلثار‪ .‬ومع هذا ال يقبل في‬ ‫إن المؤسّسة تثير عادة أربعة مشاكل‪ :‬ا ّ‬ ‫قيل أعاله ّ‬
‫فإن أحد المؤلّفين (‪)Henri Mazeaud, préc., n° 88‬‬ ‫ي‪ .‬لذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫باع‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫ط‬ ‫ّ‬
‫المخط‬ ‫القانوني‬ ‫األكاديمي‬ ‫العرف‬
‫ص الفقرة الثّانية باآلثار‪ .‬أ ّما في الفقرة األولى فندرس واحدا من المشاكل الثّالثة المتب ّقية هو‬ ‫يقول‪" :‬في العادة نَخ ّ‬
‫المشكل الذي يمثّل فائدة جدّيّة‪ .‬أ ّما المشكلين المتبقّيين فيعالَجان في المقدّمة (فإذا كان ث ّم‪ ،‬طبعا بعد استثناء اآلثار‪،‬‬
‫مخططا ثالثيّا)" (الحظ أنّه أقصى‬ ‫ّ‬ ‫مشكالن من المشاكل الثّالثة يحتاجان إلى دراسة مستفيضة فعندها نبني‬
‫ي لوجود العرف المتحدّث عنه أعاله)‪.‬‬ ‫الرباع ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط ّ‬
‫ّ‬
‫ي سبب ال يباح به في العادة وهو إرادة تفادي انعدام التوازن (مثال حين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وم ّما يفسّر أيضا اعتماد المخطط الثالث ّ‬
‫لضعف حزمة اآلثار‪ :‬لذا‪ ،‬وتلبية لداعي‬ ‫الطبيعة والمجال معا في حزمة تكون هذه الحزمة مساوية تقريبا ِّ‬ ‫نجمع ّ‬
‫التّوازن‪ ،‬نأتي بثالث حزم)‪.‬‬
‫شرا هو انعدام التّوازن‪ ،‬لكن أال نكون قد وقعنا في‬ ‫ّ‬ ‫تفادينا‬ ‫قد‬ ‫نكون‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الثالث‬ ‫ط‬ ‫ّ‬
‫المخط‬ ‫وباعتماد‬ ‫صورة‪،‬‬ ‫وفي هذه ال ّ‬
‫شر أكبر هو وضع ترتيب أقسامه متداخلة‪ ،‬أي غير متّسقة‪ ،‬ومن ث ّم غير واضحة؟‬ ‫ّ‬
‫شرين يختار غير‬ ‫ي يقول هنا‪ :‬بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫القانون‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫األكاديم‬ ‫فالعرف‬ ‫رى‬ ‫ي‬ ‫وكما‬ ‫لكن‬ ‫األهون‪.‬‬ ‫يختار‬ ‫ين‬ ‫شر‬
‫ّ‬ ‫بين‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ي‬
‫األهون‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪72‬‬

‫‪ ―.42‬التّخطيط الذي يزيد عن االثنيينّ خاطىء‪ ،‬لكن ‪...‬‬


‫وما جاء للت ّ ّو ال يرتبط باختصاص القانون‪ .‬ففي ك ّل موضوع ينبغي‪ ،‬لتحقيق‬
‫الوضوح‪ ،‬أن يكون التّخطيط اثنينيّاً‪.‬‬
‫ي يمثّل خطأ منهجيّا ً (عدم‬ ‫ي وما يزيد عن الثّالث ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط الث ّالث ّ‬ ‫وينتج عن هذا ّ‬
‫أن‬
‫اعتماد معيار واحد للتّقسيم‪ ،‬أي إيراد أقسام متداخلة‪ ،‬أي إيراد تقسيم غير متّسق‬
‫وغير واضح‪ ،‬أي مخالفة الغرض من التّعبير)‪.‬‬
‫الطرح‪ /‬التّأليف‪ .‬فهنا‬ ‫ي‪ :‬طرح‪ /‬نقيض ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط الثّالث ّ‬ ‫أن هذا الكالم ال يه ّم‬‫إالّ ّ‬
‫معيار التّقسيم واحد‪ ،‬وهو‪ :‬ما يعَدُّ لفائدة قول َما‪.134‬‬
‫ي (غير‬ ‫ّ‬
‫المخطط الثّالث ّ‬ ‫يبرره الغرض من الكالم‪ .‬أ ّما‬ ‫ي ّ‬ ‫خطط االثنين ّ‬‫وعليه‪ ،‬فالم ّ‬
‫ي له (مثال ذلك‬ ‫الذي ذ ِّكر للت ّ ّو) فال يجد له تبريرا ً إالّ في قبول الوسط األكاديم ّ‬
‫طط الذي‬ ‫ي)‪ ،‬أي ال يجد له تبريرا إالّ في االتّفاق (بالنّسبة إلى المخ ّ‬ ‫الوسط القانون ّ‬
‫مبررا في غرض الكالم‪ ،‬كما ال يجد له – إذا أخذنا‬ ‫ي‪ ،‬فال يجد له ّ‬ ‫يزيد عن الثّالث ّ‬
‫مبررا ً في عرف الوسط األكاديم ّ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫اختصاص القانون مثالً – ّ‬

‫وينبغي أن يع ّمم ما سبق (من قول بر ّد العناصر المتعدّدة إلى قسمين) على المواضيع التي ليست مؤسّسة‪ .‬فهنا‬
‫يتكون من عناصر(لنقل مثال‪ :‬أربعة‪ ،‬وك ّل عنصر مختلف عن اآلخر)‪ .‬نأخذ‬ ‫أيضا ً الموضوع يمثّل واحداً‪ ،‬والواحد ّ‬
‫شيء"‪ .‬أ ّما البقيّة فستكون متماثلة على مستوى كونها "ما ليس‬ ‫واحداًمن األربعة هوالها ّم ونجعله مجموعة‪" :‬ال ّ‬
‫ي أو‬‫شيء"‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬نأخذ المه ّم ونجعله "شيئا"‪ .‬أ ّما البقيّة فهي "ما ليس ال ّشيء" (أي نستعمل النّفي القبل ّ‬
‫ال ّ‬
‫التّناقض)‪:‬‬
‫الفقرة ‪............... .1‬‬

‫‪ .1‬هو األه ّم‪ .‬إذن نضعه في الفقرة األولى‬

‫الفقرة ‪............... .2‬‬

‫الفقرة الثّانية (نضع فيها ‪ 2‬و ‪ 3‬و ‪ :4‬ما‬


‫يجمع بينها هو أنّها ليست ‪)1‬‬

‫صح به وهو اعتماد "تحديد الموضوع" (‪.)délimitation du sujet‬‬ ‫لكن هنالك ح ّل ال ين َ‬


‫عرض له وأ ّنه ينبغي أن ينفِّق المرء ك ّل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫لل‬ ‫داعي‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ن‬‫بأ‬ ‫مة‬‫ّ‬ ‫د‬ ‫المق‬ ‫في‬ ‫اإلقناع‬ ‫ومحاولة‬ ‫‪:‬‬‫مثال‬ ‫وحاصله أخذ رقم ‪2‬‬
‫جهده في ‪ 1‬و ‪ 3‬و‪ .4‬لكن الخشية أن ال يكون هذا الكالم موضوعيّا ومن ث ّم أن ال يكون مقنعا (انظر ما سيأتي بعد‬
‫قليل حول تحديد الموضوع‪ :‬الفقرة عدد ‪.)50‬‬
‫‪ 134‬انظر ما سيأتي بعد قليل‪ :‬الفقرة عدد ‪.44‬‬
73 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

.‫― تدقيق‬.43
:‫ والتّدقيق يستدعي إيراد المقتطف التّالي‬.‫لكن هذا الكالم واجب التّدقيق‬
ّ
‫ ابلتّذكري ابلتّفرقة اليت‬،‫ يف الفصل املعنون ابلنّفي من كتابه فلسفة النّحو‬،»‫"يبد أأ «جوپرسون‬
‫تشلك مراوحة ُوجتمع كثنائ ّيات – وبّي‬ ّ ‫يقوم هبا املناطقة بّي العبارات املتناقضة – اليت‬
‫] بعض‬...[ ‫العبارات املتضادّة – اليت تقبل عبارة وسط ًا ومن ّمث جتميعا ثالث ّي ًا واليت يّضب لها‬
‫ أأسود؛‬،‫ ثنائيّات من املتضادّين ( أأبيض‬:‫ هكذا تربز ثالثة أأنظمة أأساس يّة متقاربة جدّ ا‬.– ‫ا ألمثةل‬
‫ غري‬،‫ ال أأبيض؛ ممكن‬،‫ وثنائ ّيات من املتناقضّي ( أأبيض‬،)‫ وحق‬،‫ ضعيف؛ جخول‬،‫قوي‬ ّ ‫ ّمر؛‬،‫حلو‬
‫ اثبت العدم؛‬،‫ مّتدَّد فيه‬،‫ وثالثيّات تتض ّمن وسطا بّي طرفّي (اثبت الوجود‬،).‫ممكن؛ اخل‬
.135 ")‫ مكروه‬،‫ ال يؤبه هل‬،‫ الحق؛ حمبوب‬،‫ مزامن‬،‫سابق‬

‫ هي التي يبنَى عليها التّخطيط‬136‫أن عالقة التّناقض‬ ّ ‫يخلص من هذا المقتطف‬


:‫ أي هي التي تحيل ك ّل متعدّد إلى اثنين‬،‫ي‬
ّ ‫االثنين‬
‫ األلوان‬:‫الموضوع‬
‫ البياض‬:‫معيار التقسيم وهو واحد‬
:‫التّخطيط‬
‫ األبيض‬.1 ‫الفقرة‬

‫ الالأبيض‬.2 ‫الفقرة‬

"O. Jepersen dans le chapitre de sa philosophie de la grammaire qui a pour titre la 135
négation (The philosophy of grammar, Londres, 1924, Chap XXIV) commence par
rappeler la distinction que font les logiciens entre les termes contradictoires, qui
forment alternative et s’assemblent donc par couples, et les termes contraires, qui
admettent un terme moyen et se prêtent ainsi à des groupements ternaires, dont il
donne, dans un paragraphe sur quelques tripartitions, un certain nombre d’exemples.
On voit ainsi apparaître trois systèmes élémentaires, étroitement apparentés : des
couples de contraires (blanc, noir ; doux, amère ; fort, faible ; timide, hardi ; etc.) ; des
couples de contradictoires (blanc, non blanc ; possible, impossible ; etc.) ; enfin des
triades comportant un moyen entre deux extrêmes (démontré, indécis, réfuté ;
antérieur, simultané, postérieur ; aimable, indifférent, haïssable) ». Robert Blanché,
Structures intellectuelles. Essai sur l’organisation systématique des concepts, Lib.
Philo. J. Vrin, Paris, Seconde éd, 1969, p. 14.
:‫ والتّناقض هو النّفي القبلي‬."‫ وتقابلها في العربيّة "التّناقض‬،contradictoire ‫ جاءت في المقتطف عبارة‬136
‫ والتّناقض يكون بين شيئين ال يكونان صحيحين معا ً وال خاطئين‬.»‫ نضع نقيا ً قبله فيعطي ذلك «ال أ‬،»‫لدينا «أ‬
.ً‫معا‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪74‬‬

‫الموضوع‪ :‬الهدايا‪.137‬‬
‫معيار الت ّقسيم وهو واحد‪ :‬يوم الحصول عليها‪.‬‬
‫التّخطيط‪:138‬‬

‫‪ 137‬قبل طرح هذا الموضوع‪ ،‬وقبل تقديم تخطيط لجوهره‪ ،‬ينبغي قراءة هذا الحوار الذي نجد كطرف من أطرافه‬
‫شخصيّة المعروفة «آليس»‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫"‪ -‬هذا أمر يدعو للغيظ حقّاً‪ :‬أن ترى بعض األشخاص غير قادرين على التّمييز بين ربطة عنق وربطة حزام‪.‬‬
‫تصرفت كجاهلة‪ ،‬أجابت «آليس» بنبرة متواضعة جعلت «الكوكو الضّخم» يلين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬أعرف أنّي‬
‫‪ -‬إنّها ربطة عنق يا ابنتي‪ ،‬كما الحظت أنت ذلك بنفسك‪ .‬إنها هديّة من الملك األبيض والملكة البيضاء‪ .‬ما‬
‫ّ‬
‫رأيك بهذا؟‬
‫‪ -‬حقّاً؟ قالت «آليس» وهي سعيدة لكونها اختارت موضوع محاورة جيّد‪.‬‬
‫‪ -‬أعطياني إيّاها‪ ،‬واصل «الكوكو الضّخم» كالمه بلهجة متأ ّمل ثانيا ً رجليه وماسكا بإحدى ركبتيه‪ ،‬كهديّة في‬
‫عيد «الميالدي»‪.‬‬
‫‪ -‬معذرة؟ قالت «آليس وهي متحيّرة جدّا (م ّما يقول)‪.‬‬
‫‪( -‬لم االعتذار) أنت لم تسيئي لي بشيء‪.‬‬
‫‪ -‬أردت أن أقول‪ :‬ما هديّة عيد «الالميالد»؟‬
‫‪ -‬هي هديّة تعطى لك حين ال يكون اليوم هو يوم عيد ميالدك‪.‬‬
‫ف ّكرت «آليس» برهة‪:‬‬
‫‪ -‬أنا أفضّل هدايا عيد الميالد‪ ،‬قالت «آليس» في نهاية المطاف‪.‬‬
‫‪ -‬أنت ال تفقهين ما تقولين‪ ،‬صرخ «الكوكو الضّخم»‪ .‬كم في السّنة من يوم؟‬
‫‪ -‬ثالثمائة وخمس وستّون‪.‬‬
‫‪ -‬وكم من عيد ميالد لديكِّ ؟‬
‫‪ -‬واحد‪.‬‬
‫‪ -‬فإذا طرحت واحدا من ثالثمائة وخمس وستّون‪ ،‬كم يبقى؟‬
‫‪ -‬طبعا‪ ،‬ثالثمائة وأربع وستّون‪.‬‬
‫الريبة «الكوكو الضّخم»‪:‬‬ ‫أخذت ّ‬
‫‪ -‬أريد أن أرى هذا مكتوبا على الورق‪.‬‬
‫لم تستطع «آليس» أن تمسك نفسها عن الضّحك آخذة كنّشها لتكتب عمليّة ّ‬
‫الطرح‪:‬‬

‫‪365‬‬
‫‪– 1‬‬
‫‪----‬‬
‫‪364‬‬

‫أخذ «الكوكو الضّخم» منها الكنّش‪ ،‬ونظر فيه بانتباه كبير‪:‬‬


‫‪ -‬يبدو ّ‬
‫أن هذا جيّد ‪ ،...‬بدأ بالكالم‪.‬‬
‫‪ -‬إنّك تمسك بالكنّش مقلوبا‪ ،‬قالت آليس متعجّبة!‬
‫صحيح –‪ .‬لقد بدا‬ ‫‪ -‬هذا صحيح – قال «الكوكو الضّخم» مبتهجا‪ ،‬بينما كانت «آليس» تقلب الكنّش في االتّجاه ال ّ‬
‫لي األمر غريبا‪ .‬وكما قلت لكِّ ‪ :‬هذا صحيح ‪ ...‬رغم أنّي لم أجد الوقت للتّثبّت ‪ ...‬وهذا يبيّن ّ‬
‫أن لديكِّ ثالثمائة‬
‫وأربع وستّون يوما يمكنك فيها الحصول على هدايا عيد «الالميالد»‪.‬‬
‫‪ -‬طبعا‪.‬‬
‫وأن لديكِّ يوما واحدا للحصول على هدايا عيد الميالد"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪Lewis Carroll, De l’autre côté du miroire, 1872, Ch. VI.‬‬
‫حاورها‪ ،‬فينبغي‬
‫َ‬ ‫‪ 138‬لو اتّبعنا "آليس" (‪ ،)Alice‬سنعمد إلى تقديم ما سنقدّمه أي هدايا عيد الميالد؛ لكن لو اتّبعنا م‬
‫أن نعكس‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪ .1‬هدايا عيد الميالد ‪cadeaux‬‬


‫‪d'anniversaire‬‬

‫الفقرة ‪ .2‬هدايا عيد «ال الميالد»‬


‫‪cadeaux de non-anniversaire‬‬

‫ي يمكن أن يبنَى على عالقة‬‫أن التّرتيب االثنين ّ‬


‫كما يخلص من المقتطف ّ‬
‫التّضاد‪:139‬‬
‫الموضوع‪ :‬األلوان؛‬
‫(لمبررات موضوعيّة طبعا)‪ ،‬فيكون‬
‫ّ‬ ‫ونختار الحديث عن لونين معيّنين فحسب‬
‫ّ‬
‫المخطط مثال‪:‬‬

‫الفقرة ‪ .1‬األبيض‬

‫الفقرة ‪ .2‬األحمر‬

‫والمالحظ هنا أنّه يمكن إقامة نفس البناء على التّناقض (األحمر هو ال أبيض‪،‬‬
‫واألبيض هو ال أحمر)‪.‬‬
‫(لمبررات موضوعيّة) عن ثالثة أشياء (األبيض‪ /‬األحمر‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن لو أردنا التّكلّم‬
‫ي؟ الجواب‪ ،‬كما‬
‫مضطرون عندها العتماد تخطيط ثالث ّ‬ ‫ّ‬ ‫األخضر)‪ ،‬هل نحن‬
‫يستروح م ّما سبق‪ ،‬بالنّفي ألنّه يمكن أن نجعل الترتيب اثنينيّاً‪:‬‬

‫الفقرة ‪ .1‬األبيض‬

‫الفقرة ‪ .2‬الالأبيض‬
‫• األحمر‬
‫• األخضر‬

‫(لمبررات موضوعيّة دائما) عن أربعة أشياء (األبيض‪/‬‬‫ّ‬ ‫فإذا قدّرنا أنّنا أردنا التكلّم‬
‫ي؟‬ ‫ّ‬
‫مخطط رباع ّ‬ ‫مضطرون العتماد‬ ‫ّ‬ ‫األحمر‪ /‬األخضر‪ /‬األزرق)‪ ،‬هل نحن‬
‫الجواب هنا أيضا بالنّفي ألنّه يمكن أن نجعل الترتيب اثنينيّاً‪:‬‬

‫‪ 139‬جاءت في المقتطف عبارة ‪ ،contraires‬ويقابلها في العربيّة "التّضادّ"‪ .‬ونقول عن شيئين إنّهما متضادّان‬
‫حين ال يمكن أن يكونا صحيحين معاً‪ ،‬لكن يمكن أن يكونا خاطئين معاً‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪76‬‬

‫الفقرة ‪ .1‬األبيض‬

‫الفقرة ‪ .2‬الالأبيض‬
‫• األحمر‬
‫• األخضر‬
‫• األزرق‬

‫أو بالتّحديد‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬

‫الفقرة ‪ .1‬األبيض‬

‫الفقرة ‪ .2‬الالأبيض‬
‫• األحمر‬
‫• الالأحمر (األخضر واألزرق)‬

‫ي قابل دوما ومن خالل‬ ‫ي والذي يزيد على الثّالث ّ‬ ‫على هذا‪ ،‬فالتّخطيط الثّالث ّ‬
‫ي أو‬ ‫ّ‬
‫المخطط الثّالث ّ‬ ‫مبرر (في اعتماد‬ ‫التّناقض أن يجعل اثنينيّاً‪ .‬لذلك هو غير ّ‬
‫ي ابتعاد عن تحقيق جمع المتماثالت‪ ،‬أي ابتعاد عن تحقيق‬ ‫الذي يزيد عن الثّالث ّ‬
‫طور على مستوى جمع المتماثالت بأن‬ ‫أن ك ّل ثالثة يمكن أن ت َّ‬ ‫الوضوح‪ ،‬ذلك ّ‬
‫تجعل اثنين‪ ،‬وكذلك األمر مع ك ّل أربعة‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬ال يجد التّخطيط الثّالث ّ‬
‫ي تبريرا ً إالّ في قبوله من األكاديميّين (مثال‬
‫ي)‪.‬‬
‫ي القانون ّ‬ ‫ذلك الوسط األكاديم ّ‬
‫‪ ―.44‬التّخطيط الثّالثيّ حيقّق الوضوح أحياناً‪.‬‬

‫بأن التّخطيط الثّالث ّ‬


‫ي ال يجد له تبريرا ً إالّ في االتّفاق يستدعي –‬ ‫أن هذا القول ّ‬ ‫إالّ ّ‬
‫أن هنالك أشياء متضادّة‬‫وهنا نصل إلى التّدقيق المتحدّث عنه سابقا ً – مالحظة ّ‬
‫سطها‪ .‬فإذا أردنا التّحدّث عن الثّالثة أشياء‪ ،‬أمكن من أجل ذلك‬ ‫تقبل شيئا ً يتو ّ‬
‫ي‪ .‬إالّ أنّنا إذا أردنا التّحدّث عن الثّالثة أشياء‪ ،‬ووجب علينا‬
‫اعتماد التّخطيط االثنين ّ‬
‫عرض إلى‬ ‫(ألن الت ّ ّ‬
‫ّ‬ ‫سط في عناوين األجزاء‬ ‫– للوضوح – إبراز مسألة التّو ّ‬
‫سط في العناوين الدّاخليّة أو في المحتوى ال يكفي)‪ ،‬فلن يتحقّق لنا ذلك إالّ‬ ‫التّو ّ‬
‫ي‪:‬‬‫بالتّقسيم الثّالث ّ‬
‫‪77‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪ .1‬ق ْب َل‬

‫الفقرة ‪ .2‬ما ليس ق ْب َل‬


‫• أثناء‬
‫• بعد‬

‫الفقرة ‪ .1‬قبْل (إنشاء الشّركة مثال)‬

‫الفقرة ‪ .2‬أثناء (حياتها)‬

‫الفقرة ‪ .3‬بعد (حلّها)‬

‫سط في عناوين األجزاء (الفقرة ‪،1‬والفقرة ‪،2‬‬ ‫أن هذا التّقسيم يبرز التّو ّ‬ ‫وب ِّيّن ّ‬
‫والفقرة ‪ ،)3‬أ ّما ذاك فال‪.‬‬
‫مبرر من زاوية جمع‬ ‫ي‪ ،‬أي أمام تخطيط غير ّ‬ ‫وإنّا في هذا المثال أمام تخطيط ثالث ّ‬
‫ي‪ ،‬بل من‬ ‫ي القانون ّ‬ ‫مبرر‪ ،‬ال فقط من زاوية العرف األكاديم ّ‬ ‫المتماثالت‪ .‬إالّ أنّه ّ‬
‫زاوية إضافيّة‪ :‬تلبية غرض إظهار العالقة بين األشياء الثّالثة المتحدّث عنها‪.‬‬
‫عرض‬ ‫ي سبق أن قلنا‪ ،‬حين الت ّ ّ‬ ‫سابق مثال تخطيط ثالث ّ‬ ‫وينبغي أن يزاد إلى المثال ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبرر‪ .‬والمقصود التّخطيط التّالي‪ :‬الطرح (‪ /)thèse‬نقيض الطرح‬ ‫إليه‪ ،‬إنّه َّ‬
‫(‪ /)antihèse‬التّأليف (‪ .)synthèse‬ففي نوع من المواضيع هو المقالة‪ ،‬لدينا –‬
‫كما سنرى ذلك الحقا‪ – 140‬فكرة‪ .‬هذه الفكرة‪ :‬إ ّما أن نعرضها‪ ،‬وعرضها يرجعنا‬
‫ي؛ وإ ّما أن نخضعها للنّقاش‪ .‬ونقاشها يكون أوضح لو بدأنا‬ ‫إلى التّخطيط االثنين ّ‬
‫بإيراد الفكرة‪ ،‬ث ّم أتينا بنقيضها ‪ ،‬ث ّم ختمنا ك ّل ذلك بالتّأليف‪.‬‬
‫‪141‬‬

‫ي فال يجد‬ ‫ي هو الذي يحقّق غرض الوضوح‪ .‬أ ّما الثّالث ّ‬ ‫فإن التّرتيب االثنين ّ‬
‫وهكذا ّ‬
‫إالّ بعضه الذي رأيناه للت ّ ّو ما ّ‬
‫يبرره‪.‬‬

‫‪ 140‬انظر الفقرة عدد ‪ 78‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 141‬أن نكون أمام فكرة‪ ،‬فنحن بعد أمام نقيضها‪ :‬وجود فكرة هو في ذاته معارضة للفكرة المناقضة لها‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪78‬‬

‫مخ ّطط‬ ‫اثنيني‪ ،‬ألنّ‬


‫ّ‬
‫موضوعي‬ ‫الجوانب قابلة‬
‫ّ‬
‫دوما وبواسطة‬
‫‪plan‬‬ ‫الت ّناقض ألن تر ّد‬ ‫أي موضوع‬
‫‪thématique‬‬ ‫لعرض مادّة ّ‬
‫إلى مجموعتين‬ ‫(عرض جوانب المادّة أو‬
‫الموضوع ‪ /‬عرض فكرة في‬
‫مختلف جوانب المادّة أو‬
‫مخ ّطط‬ ‫الموضوع)‬
‫موضوعي‬ ‫ثالثي‪ ،‬لو أريد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عرض الجوانب‬
‫‪plan‬‬ ‫سط‬
‫مع إبراز الت ّو ّ‬ ‫مخ ّطط‬
‫‪thématique‬‬

‫جدلي‬ ‫مخ ّطط‬ ‫ثالثي (عرض‬ ‫ّ‬


‫ّ‬
‫الفكرة‪ ،‬ث ّم عرض‬
‫‪plan‬‬ ‫لنقاش فكرة‬
‫نقيضها‪ ،‬ث ّم اإلتيان‬
‫‪dialectique‬‬ ‫بتأليف)‬

‫صل أنّه وفي جميع االختصاصات‪ :‬ال بدّ للمتكلّم من‬ ‫من جميع ما تقدّم نح ّ‬
‫الوضوح؛ والوضوح يقتضي أن يرتّب جوهر الموضوع في مجموعتين؛ لكن‬
‫يمكن أن يقتضي أن يت ّم تقسيم الجوهر إلى ثالث مجموعات‪.‬‬
‫‪ ―.45‬للموضوع الواحد ختطيط واحد؟‬
‫وسواء ذهبنا إلى خيار االثنَيْنيّة أو التّثليث‪ ،‬فالموضوع الواحد يقبل عددا من‬
‫أن هنالك أكثر‬ ‫المخططات يتناسب وعدد معايير التّقسيم التي ترد عليه‪ .‬هذا يعني ّ‬ ‫ّ‬
‫المخططات المقبولة تؤدّي إلى نفس‬ ‫ّ‬ ‫مخطط مقبول‪ .‬لكن ال يعني ّ‬
‫أن ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫من‬
‫مكونات الموضوع‪.‬‬ ‫النّتيجة على مستوى عرض ّ‬
‫صدر إن باإلمكان‬ ‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫لنضرب مثاال‪ :‬في مادّة أصول الفقه‪ ،‬قال ال ّ‬
‫مخططين‪:‬‬‫ّ‬ ‫اعتماد‬
‫ي على نوع الدّليليّة من حيث كونه لفظيّا ً أو عقليّا ً أو تعبّديّا‪.‬‬ ‫مخطط ّأول مبن ّ‬ ‫ّ‬
‫سس على معيار آخر هو نوع الدّليل من حيث كونه مش ِّ ّخصا ً‬ ‫مخطط ثان يتأ ّ‬ ‫ّ‬
‫سط‬‫بمالك الكشف عنه أو مش ِّ ّخصا ً للوظيفة ال بتو ّ‬ ‫للوظيفة العمليّة تجاه الحكم ِّ‬
‫الكشف‪.‬‬
‫أن تقسيم الموضوع على نحو تتأتّى منه‬ ‫صدر ينبّه إلى ّ‬‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫لكن ال ّ‬‫ّ‬
‫بحوث ال تتأتّى (أو على األق ّل ال تتأتّى بسهولة) من تقسيمه على النّحو اآلخر‪.‬‬
‫سيّد‪:‬‬‫يقول ال ّ‬
‫‪79‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫"وامللحوظ أأ ّن التّقس مي الث ّاين [‪ ]...‬ي ّمتّي [‪ ]...‬بأأن ّه يلحظ فيه تقس مي البحوث اىل جماميع بنحو‬
‫متطابق مع أأحناء جت ّمعها يف جمال الاس تدالل الفقهيي‪ .‬فالقواعد ا ألصوليّة العا ّمة يف ادلّ ليل‬
‫للفظي‪ ،‬كأحباث ا ألوامر والنّوايه وغريها‪ ،‬ال تنفصل عادة يف جمال التّطبيق والاس تدالل‬ ‫ا ّ‬
‫السرية‬‫الس ند‪ ،‬كح ّج ّية خرب الواحد والتّواتر و ّ‬ ‫الفقهيي عن القواعد ا ألصول ّية ادلّ خيةل يف اثبات ّ‬
‫ّ‬
‫لفظي يلتفت اىل داللته وس نده معها‪،‬‬ ‫واالجامع‪ ،‬أل ّن الفقيه حيامن يس تنبط احلمك من دليل ّ‬
‫ويُعمل القواعد ا ألصول ّية املناس بة يف لكّ من اجلهتّي‪ .‬فالتّقس مي املذكور يراعي ذكل‪ ،‬ويو ِّحد‬
‫عي‪ .‬وهذا معىن أأ ّن التّصنيف فيه بنحو‬ ‫الرش ّ‬‫البحث عن مجموع تكل القواعد حتت عنوان ادلّ ليل ّ‬
‫الفقهيي‪ ،‬بيامن ليس التّقس مي ا أل ّول‬
‫يناظر وضع القواعد ا ألصول ّية يف جمال التّطبيق والاس تدالل ّ‬
‫كذكل‪ ،‬أل ّن أأحباث الظواهر وا أللفاظ فُ ِصلت فيه عن حبث جحّ ّية اخلرب‪ ،‬بل عن حبث جحّ ّية‬
‫نفس ّالظهور أأيضا‪ ،‬مع أأ ّن ّالظهور وجحّيّته عنرصان متالزمان عند الاستناد الهيام يف معليّة‬
‫الفقهيي‪ .‬ويف مقابل ذكل ي ّمتّي التّقس مي ا أل ّول ابجراء التّصنيف عىل أأساس نوع‬ ‫الاس تدالل ّ‬
‫لك مجموعة تتّفق يف س نخ ادلّ ليليّة ويف كوهنا لفظيّة أأو عقليّة‪،‬‬ ‫ادلّ ليليّة للقاعدة ا ألصوليّة‪ ،‬وجتميع ّ‬
‫برهان ّية أأو اس تقرائ ّية أأو تع ّبديّة جبعل الشّ ارع يف نطاق مس تق ّل‪ .‬وهذا يتيح احلديث يف ّ‬
‫لك‬
‫السمة املشّتكة للقواعد‬ ‫نطاق من نطاقات هذا التّصنيف عن س نخ تكل ادلّ ليل ّية اليت يه ّ‬
‫ا ألصوليّة ادلّ اخةل فيذكل النّطاق ومهنجها وقواعدها العا ّمة‪ .‬فالأ ّدةل الاس تقرائيّة مث ًال – بوصفها‬
‫ائ‪،‬‬ ‫خاصا يف التّقس مي املذكور– ميكن احلديث يف نطاقها عن أأصل املهنج الاس تقر ّ‬ ‫صنفا ّ‬
‫الرشع ّية – بوصفها متث ّل صنفا أخر من ادلّ ليل ّية وهو ادلّ ليل ّية التّع ّبديّة حبمك الشّ ارع–‬ ‫واحلجج ّ‬
‫لك صنف مبا يكون‬ ‫ميكن احلديث يف نطاقها عن أأصل احل ّجيّة التّعبّديّة وحتليلها‪ .‬وهبذا يس هت ّل ّ‬
‫السهوةل وادلّ قّة يف‬ ‫مبثابة املنطق أأو املهنج ابلنّس بة اليه‪ ،‬بيامن ال يتأأ ّّت ذكل بنفس ادلّ رجة من ّ‬
‫التّقس مي الث ّاين‪ ،‬اذ قد تندمج مبوجبه القاعدة ذات ادلّ الةل اللفظيّة وا ألخرى الاس تقرائيّة والث ّالثة‬
‫يصح أأن‬‫التّع ّبديّة يف صنف واحد ملسامههتا مجيعا يف الاس تنباط من دليل واحد‪ .‬وهبذا قد ّ‬
‫يقال بأأ ّن التّقس مي ا أل ّول هو ا ألفضل اذا نظر اىل عّل ا ألصول بنظرة جتريديّة‪ ،‬أأي بصورة‬
‫موزعا من‬ ‫منفصةل عن تطبيقه يف عّل الفقه‪ ،‬و أأ ّن التّقس مي الث ّاين هو ا ألفضل حيامن ينظر اليه ّ‬
‫خالل التّطبيق وعّل الفقه‪ .‬ومسأأةل تعيّي أأحد التّقس ميّي مسأأةل اختيار وتفضيل حسب وهجة‬
‫النّظر"‪.142‬‬

‫صدر لل ّسيّد محمود الشاهرودي)‪ ،‬بحوث في علم‬


‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫صدر (تقرير بحث ال ّ‬
‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫‪ 142‬ال ّ‬
‫األصول‪ ،‬مؤسّسة دار المعارف‪ ،‬قم‪ ،1996 ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 57‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪80‬‬

‫‪ ―.46‬هل ميكن ترك التّخطيط االثنيينّ والتّثليثيّ؟‬


‫سؤال‬
‫ي معيّن‪ ،‬فال ّ‬
‫ي أو تثليث ّ‬
‫فإذا اخترنا معيار تقسيم وأفضى بنا إلى تخطيط اثنين ّ‬
‫عندها‪ :‬هل يمكن أن يترك هذا التّخطيط إذا رئي في تركه تحقيق للوضوح؟‬
‫ث َ َّم من يجيب‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫لك قسمة ينبغي أأن تكون اثنينيّة‪ .‬نعم‬‫"لقد ع ّذب «راموس» و أأنصاره أأنفسهم كثريا الثبات أأ ّن ّ‬
‫اذا اس تطعنا أأن نأأيت هبذه القسمة [‪ ]...‬فذاك أأفضل‪ .‬لكن‪ ،‬أل ّن الوضوح [‪ ]...‬هو أأكرث يشء‬
‫ينبغي أأخذه بعّي الاعتبار يف العلوم‪ ،‬علينا أأن ال نرفض التّقس مي اىل ثالثة أأطراف و أأكرث‪ّ ،‬‬
‫خاصة‬
‫عسف ليك نأأيت بتقس مي ّ‬
‫اثنيين‪ :‬فعوض أأن‬ ‫بيعي‪ ،‬وكنّا س ُنضط ّر اىل التّ ّ‬
‫الط ّ‬‫اذا اكن هو التّقس مي ّ‬
‫خنفّف العبء عىل ّاذلهن – ويه الث ّمرة ا ّ‬
‫ملرجوة من التّقس مي – فاانّ نرهقه"‪.143‬‬

‫مدعو كما تقدّم التّباع‬


‫ٌّ‬ ‫وأيّا ً كان الموقف من هذا الجواب‪ّ ،‬‬
‫فإن من يقوم بامتحان‬
‫متكونا من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط‬ ‫ي‪ .‬وفي ميدان القانون‪ ،‬العرف أن يكون‬‫العرف األكاديم ّ‬
‫فقرتين وعلى أقصى تقدير من ثالث‪.‬‬
‫‪ ―.47‬التّقسيم داخل الفقرتني‪.‬‬
‫سم ك ّل فقرة (‪ )paragraphe‬إلى فرعين‬ ‫سؤال اآلن هل يجب أن نزيد فنق ّ‬ ‫وال ّ‬
‫(‪ )sous-paragraphes‬أو أكثر ؟‬
‫ما يملي الجواب‪ :‬الغاية المراد تحقيقها‪ ،‬أي الوضوح‪ .‬فإذا كان الموضوع يصير‬
‫أوضح بتقسيمه‪ ،‬وتحديدا ً بتقسيمه إلى فقرتين (وأحيانا ً إلى ثالث فقرات)‪ ،‬فالفقرة‬
‫بدورها تصير أوضح بتقسيمها‪ ،‬وتحديدا ً بتقسيمها إلى فرعين (وأحيانا ً إلى ثالثة‬
‫فروع)‪.144‬‬

‫‪"Ramus et ses partisans se sont fort tourmentés pour montrer que toutes les 143‬‬
‫‪divisions ne doivent avoir que deux membres. Tant qu’on peut le faire commodément,‬‬
‫‪c’est le meilleur ; mais la clarté et la facilité étant ce qu’on doit le plus considérer dans‬‬
‫‪les sciences, on ne doit pas rejeter les divisions en trois membres, et plus encore,‬‬
‫‪quand elles sont plus naturelles, et qu’on aurait besoin de subdivisions forcées pour les‬‬
‫‪faire toujours en deux membres : car alors, au lieu de soulager l’esprit, ce qui est le‬‬
‫‪principal fruit de la division, on l’accable". Antoine Arnold et Pierre Nicole, préc., p.‬‬
‫‪154 et 155.‬‬
‫انظر نفس المقتطف مترجما ترجمة مغايرة قليال لما أتينا به في المتن وذلك في‪ :‬أنطوان أرنولد وبيير نيكول‪ ،‬م‬
‫س‪ ،‬ص ‪ 177‬و‪.178‬‬
‫‪ 144‬في المقالة األدبيّة قيل ما يلي‪" :‬بالغة التّمرين هي في هذا الميدان أق ّل تشدّدا‪ .‬يمكن أن نذهب من اثنين إلى‬
‫‪81‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪................ .1‬‬

‫(أ)‪............‬‬

‫(ب) ‪..........‬‬

‫الفقرة ‪................ .2‬‬

‫(أ) ‪...........‬‬

‫(ب) ‪...........‬‬

‫سِّم الفروع أيضا [ (أ) و (ب) في المثال]؟‬ ‫لكن هل يجب أن نزيد ونق ّ‬
‫مدعو ألن يمضي‬ ‫ٌّ‬ ‫أن الكاتب‬ ‫مرة أخرى غاية الوضوح‪ :‬أي ّ‬ ‫ما يملي الجواب هو ّ‬
‫في فعل التّقسيم وألن ال يتوقّف عنه إالّ حين ينقلب من فعل توضيح وتيسير‬
‫سرها [بالنّسبة إلى امتحانات اإلجازة‪ ،‬فالغالب ّ‬
‫أن‬ ‫للقراءة إلى فعل ير ِّبكها ويع ّ‬
‫الوضوح يتحقّق بتقسيم الفقرة إلى (أ) و(ب) كما في المثال الوارد أعاله‪ .‬أي ّ‬
‫أن‬
‫الزيادة بتقسيم (أ) و (ب) يب ِّعد العمل عن الوضوح]‪ .‬هنالك يصبح‬ ‫أن ّ‬ ‫الغالب ّ‬
‫مدعوا ً ألن يترك ترتيب العناصر في مجموعات وألن يستعيض عنه‬ ‫ّ‬ ‫المتكلّم‬
‫خطيّا ً (جاعال المتقدّم من هذه العناصر متقدّماً‪ ،‬والمتأ ّخر‬ ‫بترتيب العناصر ترتيبا ً ّ‬
‫متأ ّخراً)‪.145‬‬
‫وما جاء للت ّ ّو تحدّث عنه البعض قائال‪:‬‬
‫"ميكن أأن نالحظ أأ ّن التّقليل من التّقس مي اكالكثار منه نقيصة [‪( ]...‬فا أل ّول ال ّ‬
‫يوّض والث ّاين‬
‫رض «ڤراسو» – وهو من أأ ّمه شاريح أأرسطو – كثريا بكتابه حّي أأّت‬ ‫يبدّ د الانتباه)‪ .‬وقد أأ ّ‬
‫فيه بتقس اميت عديدة‪ :‬بكرثة التّقس مي نسقط فامي أأردان جتنّبه‪ :‬الغموض"‪.146‬‬

‫أربعة‪ ،‬بل إلى خمسة فروع (الفروع هي أجزاء األجزاء) [‪( ]...‬دون خوف من لجنة االمتحان) من المه ّم أن تمثّل‬
‫الفروع وحدات مشروعة‪ ،‬أن تنتظم وفق منطق هو منطق الموضوع"‪Sophie Le Ménahèse, préc., p. .‬‬
‫‪32.‬‬
‫ي الفقرة عدد ‪.33‬‬ ‫ّ‬
‫الخط ّ‬ ‫‪ 145‬انظر حول التّرتيب‬
‫‪" […] on peut remarquer que c’est un égal défaut de ne pas faire assez et de faire 146‬‬
‫‪trop de divisions ; l’un n’éclaire pas assez l’esprit, et l’autre le dissipe trop. Grassot,‬‬
‫‪qui est un philosophe estimable entre les interprètes d’Aristote, a nui à son livre par le‬‬
‫‪trop gros nombre de divisions. On retombe par la dans la confusion que l’on prétend‬‬
‫‪éviter : confusum est quidquid in pulverem sectum est". Antoine Arnold et Pierre‬‬
‫‪Nicole, préc., p. 155.‬‬
‫انظر نفس المقتطف مترجما ترجمة مغايرة قليال لما أتينا به في المتن وذلك في‪ :‬أنطوان أرنولد وبيير نيكول‪ ،‬م‬
‫س‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫ التّرتيب‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 82

)Laromiguière( "‫ "الروميﭭويير‬:‫ولقد صحب هذا الكالم هامش فيه قول لـ‬
:‫يؤ ّكد على نفس الفكرة‬

‫ فنبدّد‬،‫] نريد أأن ننري ا ألش ياء‬...[ ‫"ال يشء أأق ّل حمكة من مضاعفة ا ألقسام فوق احلدّ الالزم‬
‫ لكن االكثار‬،‫ هنا التّقليل عيب‬.‫ فنُث ِقل عليه ونرهقه‬،‫الشّ عاع؛ نريد أأن خنفّف ا ِحلمل عىل ّاذلهن‬
‫ فال نرى‬،‫ لكن عىل ا ألق ّل نرى شيئا؛ أأ ّما حّي نكرث‬،‫لك يشء‬ ّ ‫ ال نرى‬،‫ حفّي نقلّل‬:‫عيب أأكرب‬
.147"‫شيئا‬

‫ ما قاله "هنري‬148 )Marc Lemieux( "‫ أورد "مارك لوميو‬،‫وفي القانون‬


:ً‫ وزاد عليه مثاال‬149)Henri Mazeaud( "‫مازو‬

‫ أل ّن التتبّع يقتيض أأن حنتفظ‬،‫"«ا ّن االكثار من التّقس مي ومن تقس مي التّقس مي مينع من تتبّع النّ ّص‬
.)»‫ وكيف يتأأ ّّت هذا اذا اكن التّخطيط جشرة ذات أأغصان كثرية» («مازو‬.‫ابلتّخطيط يف ّاذلاكرة‬
ّ « »‫ انظر مقاةل «شارتييه‬،‫مكثال جيّد ملقاةل ذات أأغصان كثرية‬
]...[ »‫مقر ّالزوجيّة واحلياة العائليّة‬
.150")ٍّ‫(حيث يصل التّقس مي اىل احلدّ اذلي جند فيه عنواان هو فر ُع فرعِ فرعِ فرعِ فرعِ فرع‬

"Rien n’est moins judicieux que de multiplier les classes au -delà du besoin … On 147
veut éclairer les objets et l’on dissipe les rayons de lumière. On veut soulager l’esprit,
on le surcharge, on l’accable. Il y’aurait ici moins d’inconvénients à pécher par défaut
que par excès. En divisant trop peu, nous ne voyons pas tout, il est vrai, mais, du
moins, ce que nous avons sous les yeux nous le voyons. En divisant trop, au contraire,
tout échappe au regard, tout se perd dans la confusion ".
Laromiguière, Leç. de philosophie, part II, :‫أن صاحب القولة هو‬ ّ ‫ وفيه نجد‬.109 ‫انظر الهامش‬
Leç. X.
.‫ لم يورد من ترجم كتاب أنطوان أرنولد وبيير نيكول هذا الهامش‬:‫مالحظة‬
Marc Lemieux, préc., p. 826, note n° 7. 148
Henri Mazeaud, Exercices pratiques : :‫ يرسل "مارك لوميو" القارئ إلى المرجع التّالي‬149
méthodes générales de travail, Montchrestien, Paris , 1982, p. 91.
" « Trop de divisions et subdivisions empêchent, en effet, de suivre le 150
développement, car pour suivre, il faut garder le plan toujours à la mémoire, et
comment le faire si ce plan est un arbre aux rameaux touffus » (Mazeaud). Pour un bel
exemple de dissertation aux rameaux touffus, voir celle de Chartier, « Domicile
conjugal et vie familiale » (1971), R.T.D. civ. 510, où dans un article de 71 pages,
l’auteur sert au lecteur une subdivision intitulée « II.A.I.2.a.i. », comme si, sous la
lentille du « microscope cartésien » une telle division avait un sens".
‫‪83‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وهكذا‪ ،‬فاإلقالل من التّقسيم أق ّل ضررا من اإلكثار‪ .‬نعم – وهذا قيل في المقتطف‬


‫يقلّل قد ال ينير القارئ وال يجعله يرى ك ّل شيء‪ .‬لكن ما سيريه إيّاه سيراه‪.‬‬
‫– من ِّ‬
‫في المقابل‪ ،‬من يكثّر يشتّت ذهن قارئه ويجعله ال يرى شيئا‪.‬‬
‫‪ ―.48‬مقاربة املوضوع‪.‬‬
‫وجميع ما سبق ه ّم ترتيب الحجج في شكل مجموعات [المجموعة المتم ِّث ّلة في‬
‫ي‪.‬‬ ‫الفقرة‪ ،‬أو المتم ِّث ّلة فيما هو أصغر من الفقرة‪( :‬أ)‪ ،‬إلخ‪ ،].‬أو في شكل ّ‬
‫خط ّ‬
‫يتكون من مختلف ّ‬
‫الطرق‬ ‫ويمكن للمتكلّم أن يزيد وأن يرتّب الحجج في شكل ثالث ّ‬
‫الحجاج‪.‬‬
‫المعروفة لسير ِّ‬
‫يتحدّث أحدهم عن هذه ّ‬
‫الطرق‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫مبخططات صغرية (‪des mini-‬‬ ‫"يه طرق تفكري وضعت لتنظمي احلجج‪ .‬وميكن مقارنهتا ّ‬
‫‪ ،)plans‬مغرقة يف الشّ لكيّة‪ ،‬ليس فهيا كثري من الابتاكر‪ ،‬لكهنّ ا مفيدة لل ِحجاج‪ .‬واعامل هذه‬
‫الطرق يف مواضيع صغرية يؤدّي تدرجي ّيا ّ‬
‫ابلطالب اىل امتالك أأصناف ذهن ّية [‪( ]...‬و أأدوات‬ ‫ّ‬
‫متش يات التّفكري املوجودة ميكن أأن‬
‫جاهزة مس بقا) يه رضوريّة جلرد مسائل متعدّدة‪ .‬من مضن ّ‬
‫نذكر‪:‬‬
‫ميش اجلديل (طرح – نقيض ّ‬
‫الطرح – تأأليف)؛‬ ‫‪ -‬التّ ّ‬
‫‪ -‬التّ ّ‬
‫ميش التّصنيفي ( ‪ .1‬عىل املس توى ‪ .2 – ...‬عىل املس توى ‪)...‬؛‬
‫ميش التّعاريض (حماسن – مساوئ‪ /‬أأس باب – أاثر‪ /‬هدف – وسائل‪ /‬ملاذا – كيف‪/‬‬ ‫‪ -‬التّ ّ‬
‫اخل‪).‬؛‬
‫طورات يف ّالزمن)؛‬ ‫ميش ّالزمين ( أأو التّارخيي‪ ،‬ويعرض للتّ ّ‬‫‪ -‬التّ ّ‬
‫ميش ّالزتامين (وهو ّمتش يتو ّجه اىل ا ألش ياء يف تواقهتا)؛‬ ‫‪ -‬التّ ّ‬
‫املقارب (يمتث ّل‪ ،‬يف دراس ٍّة ملفهوم مركزي‪ ،‬يف التّفكري بطريقة ادلّ وائر متّحدة املركز‬
‫ميش ِ‬ ‫‪ -‬التّ ّ‬
‫اليت تضيق ابلتّدرجي للوصول اىل املوضوع)؛‬
‫ميش املبا ِعد (رشط رضوري – رشط غري اكف)؛‬ ‫‪ -‬التّ ّ‬
‫‪ -‬ثنائ ّية املاكن و ّالزمان"‪.151‬‬

‫‪"Ce sont des méthodes de raisonnement destinée à mettre en ordre les arguments. 151‬‬
‫‪Ils peuvent être comparés à des mini-plans, très formels, peu originaux en soi, mais‬‬
‫‪utiles pour argumenter. Leur mise en pratique fréquente sur des petits sujets entraînera‬‬
‫» ‪peu à peu l’étudiant à disposer de catégories mentales, de « montages pré-câblés‬‬
‫ التّرتيب‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 84

approche du ( ‫ مقاربة الموضوع‬:‫ويس ّمى ما سبق من طرق تنظيم الحجج‬


.)sujet
ّ .‫أن للتّرتيب أشكاال متعدّدة‬
‫ وعقدنا له‬،‫لكن ما ه ّمنا أكثر‬ ّ ‫يستخلص م ّما جاء أعاله‬
‫شرط‬ ّ ‫ وال‬.‫ هو التّرتيب في شكل مجموعات‬،‫أغلب التّحاليل‬
ّ ‫سبب أنّنا هنا أمام ال‬
ّ ‫ لكن لهذا ال‬.‫ي للتّخطيط‬
.‫شرط – كما قلنا – توابع‬ ّ ‫األساس‬
‫― توابع الشّرط‬.‫الفقرة الثّانية‬

.‫― تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‬.49


‫ بل ال بدّ أن تكون األقسام حاملة‬،)...( ‫ال يكفي أن يؤتى بترتيب يجمع المتماثالت‬
‫ ومترابطة ببعضها‬،)‫ وأن تكون متوازنة فيما بينها (ب‬،)‫لجميع مادّة الموضوع (أ‬
.)‫(ج‬

nécessaires pour inventorier différentes questions. Parmi les nombreuses démarches


de raisonnements existantes, on peut relever :
- la démarche dialectique (Thèse – Antithèse – Synthèse) ;
- la démarche catégorielle (1. Au plan de… 2. Au plan de…) ;
- la démarche d’opposition (Avantages - Inconvénients / Causes -
Conséquences /But - Moyens / Pourquoi - Comment / etc.) ;
- la démarche diachronique (ou historique ; elle envisage les évolutions dans le
temps) ;
- la démarche synchronique (démarche s’adressant aux phénomènes dans leur
simultanéité) ;
- la démarche convergente (elle consiste, pour traiter de la notion centrale, à
raisonner en cercles concentriques de plus en plus resserrés pour aboutir au thème
dans sa mise en situation) ;
- la démarche divergente (condition nécessaire / condition non suffisante) ;
- le couple espace – temps".
Henri Lamour, préc., p. 97.
‫‪85‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وهي‬
‫تمسح ك ّل‬
‫الموضوع‬

‫ترتيب انتهى‬
‫إلى أقسام هي‬
‫جمع‬
‫للمتماثالت‬
‫(‪)...‬‬
‫وهي‬ ‫وهي‬
‫مترابطة‬ ‫متوازنة‬
‫ببعضها‬ ‫فيما بينها‬

‫(أ) ترتيب أقسامه تغ ّ‬


‫طي ك ّل الموضوع‬

‫‪ ―.50‬مسألة حصر املوضوع يف جزء منه‪.‬‬


‫يتكون من‬ ‫أن الموضوع ("الواحد" إن استعملنا عبارات وردت سابقا) ّ‬ ‫لنفرض ّ‬
‫الحرية في أن يحصر عمله في ثمانية‬ ‫ّ‬ ‫عشرة عناصر‪ .‬فهنا تعطى لمن يكتب‬
‫عناصر‪َ ،‬مثالً بسبب أن له قوالً جديدا ً فيها أو لغير ذلك من األسباب‪.152‬‬
‫صة ال تمنح لمن يكتب في امتحان من‬ ‫الحريّة ال تمنح للجميع‪ ،‬وخا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن هذه‬
‫شح مدى حوزه‬ ‫سبب أن من األمور التي يختبر فيها المتر ّ‬ ‫امتحانات اإلجازة‪ .‬وال ّ‬
‫لمجموعة من المعلومات‪ .‬لذا فإتيانه بالبعض منها فقط يترجم نقصانا ً عنده‪ .‬إالّ أنّه‬
‫– وكما األمر مع ك ّل شرط حيث يدور وجودا وعدما مع المقصود منه – إذا‬
‫يتعرض‬ ‫ّ‬ ‫بأن لديه ك ّل المعلومات (بأن يذكر ما لن‬ ‫تم ّكن من يكتب من أن يقنع ّ‬
‫إليه)‪ ،‬فعندها يقبل منه حصر الموضوع‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬أين يقنع‪ ،‬وكيف يقنع؟‬ ‫وال ّ‬
‫لكن المقام‬‫عرض إلى ما سيترك‪ّ .‬‬ ‫أ ّما أين يقنع‪ ،‬ففي المقدّمة‪ .‬وأ ّما كيف يقنع‪ ،‬فبالت ّ ّ‬
‫لمجرد اإلشارات ورؤوس األقالم‪ ،‬وهنا المشكل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫– وهو المقدّمة – لن يتّسع إالّ‬
‫أن حصر الموضوع سببه عدم معرفة تفاصيل هذا‬ ‫شك في ّ‬ ‫إ ْذ من المشروع أن ي ّ‬

‫‪ 152‬من األسباب التي تدعو للحصر‪ ،‬اإلشكاليّة في المقالة‪ .‬مثال‪ :‬لو كان الموضوع "الغلط"‪ ،‬تكون مادّة الموضوع‬
‫الرضا – الغلط في الواقعة القانونيّة – الغلط الجماعي؛ فإذا حدّدت اإلشكاليّة‬
‫متكونة من‪ :‬الغلط كعيب من عيوب ّ‬ ‫ّ‬
‫على أنّها "حماية استقرار العقود"‪ ،‬فهذه اإلشكاليّة تقصي جز ًء من مادّة الموضوع‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪86‬‬

‫الذي سيترك‪ .‬لذا ينبغي تقديم حجج لفائدة الحصر‪ .‬هذه الحجج إ ّما أن تكون عامالً‬
‫شك أو عامالً لتأكيده‪ ،‬وذلك بحسب ما إذا كانت قويّة أو ضعيفة‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫إلزالة ذلك ال ّ‬
‫شحون بحصر المواضيع التي يمتحنون‬ ‫وألن األمر فيه احتمال‪ ،‬ال ينصح المتر ّ‬
‫ّ‬
‫فيها‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬من األسلم تحصيل شرط تغطية التّقسيم لك ّل مادّة الموضوع‪.‬‬
‫‪ ―.51‬الشّرط يف كتب البالغة‪.‬‬
‫هذا ال ّ‬
‫شرط ال نجده فحسب على لسان من كتب في البالغة القانونيّة‪ ،153‬بل نجده‬
‫أيضا ً عند غيرهم‪:‬‬

‫"لتكن القسمة اكمةل‪ ،‬أأي ال ينقص من أأطرافها يشء"‪.154‬‬

‫وعليه‪ ،‬فنحن أمام شرط يه ّم عموم منهجيّة التّعبير‪ .‬وهذه حال ال ّ‬


‫شرط الموالي‪.‬‬

‫(ب) ترتيب أقسامه متوازنة فيما بينها‬

‫‪ ―.52‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫أن الموضوع (جوهره طبعا) ينبغي أن ي َردّ إلى فقرتين وعلى أقصى تقدير‬ ‫رأينا ّ‬
‫أن ك ّل فقرة ينبغي أن تردّ بدورها إلى فرعين [ (أ) و (ب) ]‬ ‫إلى ثالث‪ .‬ورأينا ّ‬
‫وعلى أقصى تقدير إلى ثالثة [ (أ) و (ب) و (ج)]‪.‬‬
‫ونرى اآلن أنّه ينبغي أن تكون الفقرة األولى متوازنة مع الفقرة الثّانية؛‬
‫وأنّه ينبغي أن يكون (أ) من الفقرة األولى في توازن مع (ب) من الفقرة األولى (أ‬
‫= ب)؛‬
‫وأنّه ينبغي أن يكون (أ) من الفقرة الثانية في توازن مع (ب) من الفقرة الثانية (أ‬
‫= ب)‪.‬‬

‫شرط في المنهجيّة القانونيّة يمكن أن نذكر‪Henri Mazeaud, préc., p. 95. :‬‬ ‫‪ 153‬من ضمن من تناول هذا ال ّ‬
‫‪"Que la division soit complète, c'est-à-dire qu’il n’y manque aucun des membres 154‬‬
‫‪qui font réellement partie". A. Baron, préc., p. 158 .‬‬
‫شيء المقسَّم‪" :‬أنطوان أرنولد" و"بيير نيكول"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪179‬؛‬ ‫انظر حول وجوب أن يمسح ك ّل تقسيم ال ّ‬
‫‪Antoine Arnold et Pierre Nicole, préc., p. 153.‬‬
‫‪87‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫خصصت‪ 2/10 :‬من مجةل العمل للمقدّمة‪ 4/10 ،‬للفقرة ا ألوىل‪،‬‬ ‫" (و) معوما يتحقّق التّوازن اذا ّ‬
‫‪ 3/10‬للفقرة الث ّانية‪ 1/10 ،‬للخامتة؛ أأي‪ ،‬وابلنّس بة اىل معل كتايب يّتكّب من ‪ 5‬صفحات‪ :‬صفحة‬
‫تقريبا للمقدّمة‪ ،‬صفحتان للفقرة الأوىل‪ ،‬صفحة ونصف للث ّانية‪ ،‬نصف صفحة للخالصة‪.‬‬
‫وابلنّس بة للعرض الشّ فوي اذلي يدوم ‪ 30‬دقيقة‪ 6 :‬دقائق تقريبا للمقدّمة‪ 12 ،‬دقيقة للفقرة‬
‫الأوىل‪ 9 ،‬دقائق للث ّانية‪ 3 ،‬دقائق للخامتة‪.‬‬
‫اخملصص‬‫وعىل أأيّة حال‪ ،‬جتنّبوا قدر االماكن ختصيص وقت أأطول للفقرة الثّانية من الوقت ّ‬
‫للفقرة ا ألوىل‪ .‬وعىل العكس ممّا س بق ال ختشوا من القيام بفقرة أأوىل أأطول من الثّانية‪ .‬فميكنمك‪،‬‬
‫رضوراي‪ ،‬أأن جتعلوا الفقرة ا ألوىل أأكرب ّمرتّي من الفقرة الثّانية وذكل‬
‫ّ‬ ‫ودون خوف واذا اكن ذكل‬
‫الكتايب‪ ،‬حاولوا أأن حتقّقوا‬
‫ّ‬ ‫شفوي‪ .‬وابلنّس بة اىل العمل‬
‫ّ‬ ‫عىل ا ألق ّل حّي يتعلّق ا ألمر بعرض‬
‫توازان أأكرب"‪.155‬‬

‫‪Henri Mazeaud, préc, n° 92. 155‬‬


‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪88‬‬

‫الكتابي‬
‫ّ‬ ‫الموضوع‬

‫الخاتمة‬
‫‪10%‬‬ ‫المقدّمة‬
‫‪20%‬‬

‫الفقرة الثّانية‬
‫‪30%‬‬

‫الفقرة األولى‬
‫‪40%‬‬

‫الصّفحة ‪5‬‬ ‫الصّفحة ‪4‬‬ ‫الصّفحة ‪3‬‬ ‫الصّفحة ‪2‬‬ ‫الصّفحة ‪1‬‬

‫الفقرة‬
‫الثّانية‬
‫(وأن نجد‬ ‫الفقرة‬ ‫الفقرة‬ ‫الفقرة‬
‫في هذا‬ ‫الثّانية‬ ‫األولى‬ ‫األولى‬
‫الحيّز (ب)‬ ‫(قد يمكن أن‬
‫من الفقرة‬ ‫نضيف لـ‪:‬‬
‫ال ّثانية)‬ ‫"مازو" أ ّنه‬ ‫المقدّمة‬
‫(وأن نجد‬ ‫(وأن نجد‬ ‫ينبغي أن‬
‫في هذا‬ ‫في هذا‬ ‫نجد في هذا‬
‫الحيّز (أ)‬ ‫الحيّز (ب)‬ ‫الحيّز (أ)‬
‫من الفقرة‬ ‫من الفقرة‬ ‫من الفقرة‬
‫الخاتمة‬ ‫ال ّثانية)‬ ‫األولى)‬ ‫األولى)‬
‫‪89‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪0‬د‬ ‫الموضوع‬
‫‪6‬د‬ ‫ّفهي‬
‫الش ّ‬
‫(‪ 30‬دقيقة)‬
‫المقدّمة‬
‫‪6‬د‬

‫الفقرة األولى‬
‫‪ 12‬د‬

‫‪ 18‬د‬
‫الفقرة الثانية‬
‫الخاتمة‬ ‫‪9‬د‬
‫‪3‬د‬

‫‪ 30‬د‬ ‫‪ 27‬د‬

‫أن في األمر متّسعا‪.156‬‬


‫من هذا المقتطف يتبيّن ّ‬

‫‪156‬انظر نفس روح االتّساع عند‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 43 et 44.:‬‬
‫وينبغي هنا تقديم مالحظتين‪:‬‬
‫صة – من ال يقول بالخاتمة‪ .‬عندها‬ ‫ّ‬
‫المتعلق بالعناصر الخا ّ‬ ‫أن هنالك – كما سنرى ذلك الحقا ً في الجزء الثّاني‬ ‫ّأوال‪ّ :‬‬
‫شفوي – تذهب الثّالث دقائق إلى الفقرة الثّانية حسب البعض (لألجزاء داخل الفقرات توقيت‬ ‫– لو أخذنا التّمرين ال ّ‬
‫أيضاً‪ :‬مثال‪ ،‬ث ّم من يقول بـ‪ 5 :‬دقائق لـ‪( :‬أ) وبـ ‪ 7‬دقائق لـ‪( :‬ب)‪ .‬هذا في الفقرة األولى‪ ،‬أ ّما في الفقرة الثّانية‬
‫أن ما جاء اآلن قول‪ ،‬وإلى‬ ‫مرة أخرى إلى ّ‬‫فيعكس ويقول بـ‪ 7 :‬دقائق لـ‪( :‬أ) وبـ ‪ 5‬دقائق لـ‪( :‬ب)[ ينبغي التّنبيه ّ‬
‫أن هنالك في هذه المسألة أقوال‪ 8 :‬للمقدّمة – ‪ 5‬و ‪ 7‬لجزأي الفقرة األولى و‪ 6‬و‪ 4‬لجزأي الفقرة الثّانية‪ ،‬إلخ‪.].‬‬ ‫ّ‬

‫‪0‬‬ ‫قو ٌل في الموضوع‬


‫‪6‬د‬ ‫الشفوي‬
‫ّ‬
‫(‪ 30‬دقيقة)‬
‫المقدّمة ‪ 6‬د‬

‫‪ 11‬د‬
‫الفقرة األولى (‪ 12‬د)‬
‫(أ)‪ 5 :‬د‬
‫(ب)‪ 7 :‬د‬

‫الفقرة الثانية (‪ 12‬د)‬ ‫‪ 18‬د‬


‫(أ)‪ 7 :‬د‬
‫(ب)‪ 5 :‬د‬

‫‪ 25‬د‬
‫‪30‬‬
‫د‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪90‬‬

‫هذا التّساهل في شرط التّوازن‪ ،‬ومن ث ّم القول أصال بشرط الت ّوازن‪ ،‬لم يَ ِّردْ‬
‫فحسب عند من كتب في منهجيّة المواضيع القانونيّة‪ ،‬بل هو موجود أيضا عند من‬
‫ألّف في البالغة المتعلّقة بمواضيع أخرى‪.‬‬
‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫"القاعدة الثّانية‪ :‬أأن يكون بّي خمتلف ا ألجزاء تناسب ات ّم‪ .‬وهناكل كتّاب – حتملهم عىل ذكل حامسة‬
‫تعن هلم يف البدء أأو اليت تبتسم هلم أأكرث‪ ،‬جما ًال ال‬
‫خيصصون ل ألفاكر‪ ،‬اليت ّ‬ ‫أأوىل‪ ،‬أأو فلتات اخليال ‪ّ -‬‬
‫يتناسب مع البقيّة‪ .‬ويش به ما يأأتون به رسوم الاكرياكتور اليت جند فهيا ر أأسا كبريا وجسد و أأرجل قزم‪،‬‬
‫هش ومصاب‬ ‫الطبيعة كأهنّ ا نسيت قوانهيا فأأخرجت من جذع ٍّ ّ‬ ‫أأو هذه النّبااتت الغريبة اليت جند فهيا ّ‬
‫خيص التّناسب بّي خمتلف ا ألجزاء‪،‬‬ ‫ابلربد أأغصاان ال متناهية [‪ ]...‬لكن ال ينبغي التّشدّ د [‪ ]...‬فامي ّ‬
‫الطبائع‬‫ميش‪ ،‬من هذه الفلتات للخيال اليت تامتىش مع بعض ّ‬ ‫احلريّة يف التّ ّ‬
‫حفرمان الاكتب من هذه ّ‬

‫ثانيا‪ :‬عند من ال يقولون بالخاتمة في المقالة‪ ،‬جرت العادة في التّمرين الكتاب ّ‬


‫ي أن ّ‬
‫يوزع العدد في ورقة االمتحان‬
‫على النّحو التّالي‪:‬‬

‫الكتابي‬
‫ّ‬ ‫الموضوع‬
‫‪4‬‬
‫‪/20‬‬
‫المقدّمة‬
‫‪3‬‬
‫‪/20‬‬ ‫(أ)‬

‫‪3‬‬
‫‪/20‬‬ ‫(ب)‬ ‫الفقرة ‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫‪/20‬‬ ‫(أ)‬
‫الفقرة ‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪/20‬‬ ‫(ب)‬

‫‪4‬‬
‫‪/20‬‬ ‫الت ّخطيط‬
‫=‬
‫‪20‬‬
‫‪/20‬‬
‫ومن ينظر إلى توزيع ال ّنقاط‪ ،‬يجد أ ّنه باإلمكان الحصول على أكبر عدد منها في المقدّمة وفي التّخطيط‪ .‬والسّبب‬
‫ي إلى حدّ كبير‪ .‬كما أنّه باإلمكان اإلتيان بتخطيط سليم‬ ‫أن باإلمكان اإلتيان بعناصر المقدّمة كاملة وعلى نحو مرض ّ‬
‫وبعنونة مرضيّة إلى حدّ كبير أيضاً‪ .‬بقي الجوهر‪ :‬هنا يصعب الحصول على عدد كبير من النّقاط لسببين على‬
‫األقلّ‪ّ :‬أوالً‪ ،‬وقت االمتحان ال يسمح إالّ بدرجة عمق محدودة‪ .‬ثانياً‪ ،‬ث ّم دوما ً درجة عمق أكبر من تلك التي يبلغها‬
‫الممت َحن‪ .‬وما سبق يجعل من يحسن منهجيّة التّعبير ال يحصل أبدا ً على عدد ضعيف‪ .‬هذا عن أسوء االفتراضات‬
‫بالنّسبة إليه‪ .‬أ ّما في االفتراضات الغالبة‪ ،‬فتجده يحصل على المعدّل أو على عدد إ ّما قريب من المعدّل أو يزيد‬
‫عليه‪ .‬بل بإمكانه أن يحصل على عدد ج ِّيّد‪ ،‬لو نجح في اقتالع أكبر ك ّم ممكن من النّقاط على مستوى الجوهر‪ .‬في‬
‫المقابل‪ ،‬ال يمكن لمن ال يحسن منهجيّة التّعبير – في الحاالت السّاحقة – إالّ الحصول على عدد دون المعدّل‪.‬‬
‫فإذا مررنا اآلن إلى من يقولون بالخاتمة‪ ،‬أمكن توزيع األعداد على النّحو التّالي‪ 3 :‬نقاط للمقدّمة‪ 12 ،‬نقطة‬
‫ّ‬
‫للمخطط‪.‬‬ ‫للجزأين ( ‪ 6‬لك ّل جزء من الجزأين‪ ،‬وداخل الجزء ‪ 3‬لك ّل فرع من الفرعين)‪ 1 ،‬نقطة للخاتمة‪ 4 ،‬نقاط‬
91 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫ ال فقط أأبتعد عن معارضة ختصيص الاكتب ا ألفاكر‬،‫] أأان‬...[ ‫مّض ابملوهوبّي‬ ّ ‫ هو أأمر‬،‫النّخبويّة‬
‫ اذا اكن ذكل يرحي الانتباه اذلي‬،‫] خلروجه عن موضوعه‬...[ ‫] (بل) أأصفّق‬...[ ‫احملبّذة دليه ابلتّطويل‬
.157"‫ ويعلّق الانشغال (ابلكتاب هنهية) دون أأن جيهز عليه‬،‫اكن مشدودا لفّتة طويةل‬

ّ ‫ي‬
‫ألن‬ ّ ‫ واألمر طبيع‬.‫ لكن ال تتشدّد فيه‬،‫وهكذا تشترط منهجيّة التّعبير التّوازن‬
‫فوق وقتل اإلبداع أو‬ّ ّ ‫قواعد البالغة وضعت لمنع عدم وضوح الكتابة ال لتعطيل الت‬
‫شرط‬ ّ ‫ ومنها ال‬،‫شروط‬ ّ ‫ هذا الكالم ينسحب بدرجات متفاوتة على ك ّل ال‬.‫التّجديد‬
.‫الموالي‬
‫(ج) ترتيب أقسامه مترابطة ببعضها‬

.‫― عرض الشّرط‬.53


ّ ‫ كما رأينا‬.‫أن تقسيم الموضوع ينبغي أن يعطي فقرتين أو ثالث‬
‫أن تقسيم ك ّل‬ ّ ‫رأينا‬
.).‫فقرة ينبغي أن ينتهي إلى فرعين أو إلى ثالثة (إلخ‬
‫ كانت الفقرات مترابطة‬،)...( ‫فإذا كان تقسيم الموضوع نتاج جمع المتماثالت‬
‫ كانت الفروع‬،)...( ‫ وإذا كان تقسيم الفقرات نتاج جمع المتماثالت‬.‫ببعضها‬
.‫مترابطة ببعضها‬
‫) من فقرة إلى التي تليها‬transition( ‫والتّخلّص بين ما هو مترابط – أي االنتقال‬
‫ ومن ث ّم هو سهل؛‬،‫ي‬ ّ ‫ومن فرع إلى الفرع الذي يأتي بعده – هو تخلّص طبيع‬
‫مدعو‬
ّ – ‫أن مروره ال يت ّم إالّ عنوة‬
ّ ‫فإن الكاتب – الذي يجد‬ّ ‫ لذا‬.‫والعكس بالعكس‬
)...( ‫ التّخطيط النّاتج عن جمع المتماثالت‬:‫ بعبارة مختصرة‬.‫مخططه‬ ّ ‫التّهام‬

"La seconde règle, c’est que les diverses parties d’un écrit aient entre elles une 157
juste proportion. Il est des auteurs qui, emportés par une première fougue, ou
s’abandonnant par intervalles aux écarts de leur imagination, laissent prendre soit aux
idées qui s’offrent d’abord, soit à celles qui leur sourient davantage, un
développement auquel le reste ne correspond pas. On dirait de ces caricatures où le
dessinateur termine une tête gigantesque par un corps et des jambes de nain, ou encore
de ces plantes exotiques dans lesquels la nature, paraissant oublier ses lois, fait sortir
d’un tronc grêlé et fragile des branches interminables et des appendices monstrueux
[…] Point de sévérité outrée cependant pour tout ce qui tient aux proportions des
diverses parties. Défendre à l’écrivain cette liberté d’allure, ces écarts d’imagination
qui vont si bien à certaines natures d’élite, c’est afficher un rigorisme nuisible au
talent. Loin de m’opposer aux développements donnés à certaines idées favorites […]
j’applaudis […] aux digressions, qui divertissent l’attention trop longtemps soutenue
et suspendent l’intérêt sans le détruire". A. Baron, préc., p. 118 et 119.
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪92‬‬

‫يجعل التّخلّص طبيعيّا ً ومن ث ّم يسيراً؛ والتّخطيط الذي ال يترجم جمع المتماثالت‬
‫(‪ )...‬يجعل التّخلص مصطنعا ً ومن ث ّم عسيراً‪.‬‬

‫تخطيط ناتج عن جمع‬


‫طبيعي‬
‫ّ‬ ‫تخلّص‬ ‫ترابط‬
‫المتماثالت (‪)...‬‬

‫وما سبق يه ّم التّخلّص من مجموعة من الحجج إلى مجموعة أخرى‪ .158‬لكن ما‬
‫سبق ينطبق أيضا ً على التّخلّص داخل ك ّل مجموعة‪ .‬في هذا الدّاخ ِّل‪ ،‬التّرتيب –‬
‫ي‪ ،‬ينبغي أن يقدَّم فيه العنصر المتقدِّّم ويؤ َّخر العنصر‬ ‫كما رأينا – ترتيب ّ‬
‫خط ٌّ‬
‫المتأ ِّ ّخر‪ .159‬فإذا تحقّق هذا‪ ،‬كان التّخلّص من عنصر إلى الذي يليه تخلّصا ً طبيعيّا ً‬
‫سهالً‪.160‬‬

‫إن هذا التّخلّص ينبغي أن يت ّم بواسطة تلخيص ما تقدّم‪ .‬ويس ّمي هذا التّلخيص "خاتمات‬
‫‪ 158‬يقول بعضهم ّ‬
‫المراحل" (‪.)conclusions d'étapes‬‬
‫‪Édith Jaillardon et Dominique Roussillon, Outils pour la recherche juridique.‬‬
‫‪Méthodologie de la thèse de doctorat et du mémoire de master en droit, éd. des‬‬
‫‪archives contemporaines, Paris, s. d., p. 121.‬‬
‫‪ 159‬انظر الفقرة عدد ‪.47‬‬
‫‪ 160‬جاء عند أحدهم (طارق مح ّمد السويدان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ )152‬جدوال أسمِّ ي "جدول وسائل االنتقال"‬

‫الكلمات والجمل‬ ‫العالقة‬

‫على جانب ذلك وبقربه‪ ،‬هنا‪ ،‬هنالك‪ ،‬خلف أمام‪،‬‬ ‫المكان‬


‫فوق‪ ،‬تحت‪ ،‬بعيدا ً عن هذا‪.‬‬

‫خالف ذلك‪ ،‬ث ّم‪ ،‬قريبا‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬وفورا‪ ،‬الحقا‪،‬‬ ‫الزّ مان‬
‫في النّهاية‪ ،‬حاليّا‪ ،‬مؤ ّخرا‪ّ ،‬أوال – ثانيا‪ ،‬في المستقبل‪،‬‬
‫التّالي‪.‬‬

‫الخالصة وال ّنتيجة‪ ،‬في النّهاية‪ ،‬عند الختام‪،‬‬ ‫الت ّلخيص‬


‫باختصار‪ ،‬بالجملة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬بناء عليه‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ولهذا كلّه‪.‬‬ ‫النّتيجة‬

‫ي‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬ما عدا‪،‬‬


‫في المقابل‪ ،‬ولكن‪ ،‬وبشكل طبيع ّ‬ ‫المقارنة‬
‫وبالمقارنة‪ ،‬وعلى عكس ذلك‪ ،‬وبالنّقيض‪ ،‬ويشبه ذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبالطريقة نفسها‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪،‬‬
‫‪93‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪................... .1‬‬

‫(أ)‪...............‬‬
‫فروع مترابطــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫ةليؤكنتقصع‬
‫فــقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرات مــتـــرابـــــطـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫خ د ح ة وز ن ل ف م ك‬
‫مترابطة‬
‫عناصر‬

‫ورؤعقربدلىت‬
‫حخغبانتفثيز‬
‫إنهاء (أ) بتخلّص إلى (ب)‬

‫(ب)‪..............‬‬
‫زنلفمكسورؤع‬
‫قربدلىتحخغ‬
‫مترابطة‬
‫عناصر‬

‫بانتفثيزةلي‬
‫ؤكنتقصعخدحةو‬
‫إنهاء (ب) بتخلّص إلى § ‪. 2‬‬

‫الفقرة ‪................ .2‬‬

‫(أ)‪...........‬‬
‫فروع مـتـرابـطـــــــــــــــــــــــــــة‬

‫و ت ي ق هـ ن خ ث ج ة صر‬
‫مترابطة‬
‫عناصر‬

‫ةليؤكنتقصعخد‬
‫غ ج ح ف ي ؤ آل ت ن ز ظ‬
‫زنلفمكسورؤعق‬
‫إنهاء (أ) بتخلّص إلــى (ب)‬

‫(ب)‪..........‬‬
‫ةليؤكنتقصعخ‬
‫مترابطة‬
‫عناصر‬

‫زنلفمكسورؤعق‬
‫غ ج ح ف ي ؤ آل ت ن ز ظ ذ‬
‫و ت ي ق هـ ن خ ث ج ة ص‬
‫زنلفمكسورؤعقر‬
‫صل أحدهم ما جاء للت ّ ّو‪ ،‬وذلك في حديث ه ّم عموم البالغة‪:161‬‬
‫ويف ّ‬

‫على سبيل المثال وبالتّحديد‪ ،‬مثال‪ ،‬ولذلك‪ ،‬كإيضاح‪.‬‬ ‫الت ّمثيل‬

‫وأيضا‪ ،‬ث ّم‪ ،‬وأكثر من ذلك‪ ،‬وفوق هذا‪ ،‬ومع ذلك كلّه‪،‬‬ ‫اإلضافة‬
‫واأله ّم ّية‬
‫وبالتّالي‪ ،‬وباأله ّمية نفسها‪ ،‬وأخيرا‪.‬‬

‫– تكرار الكلمات نفسها في بداية النّقطة الجديدة‪.‬‬ ‫وسائل‬


‫أخرى‬
‫– تكرار أسلوب بالغي كالحديث عن المستقبل‪.‬‬
‫الروابط المنطقيّة‪.‬‬
‫انظر أيضا ما سيرد في الفقرة عدد ‪ 68‬حول ّ‬
‫‪ 161‬انظر أيضا حول التّخلّص‪Denis Huisman, préc., p. 39 et s. ; Sylvie Guichard, préc., p. :‬‬
‫‪76.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّرتيب‬ ‫‪94‬‬

‫(فن التّخلّص) شيئا أخر غري دمج ا ألفاكر اخملتلفة (مع بعضها البعض)‪ .‬و ّ‬
‫الطريقة الوحيدة‬ ‫"ال يبدو يل ّ‬
‫لبلوغه يه أأن ّ‬
‫ننظم جيّدا املادّة اليت نعمل علهيا‪ ،‬أأن نرت ّب بصفة طبيع ّية أأجزاءها‪ .‬لتتبع ا ألجزاء بعضها‬
‫البعض دون أأن تُربط بأأ ّي رابط مصطنع؛ فا ألجحار املقطوعة جيّدا‪ ،‬كام يقول «سيرسون»‪ ،‬تتّحد‬
‫الطريقة االّ يف البناايت‬
‫بنفسها دون حاجة اىل االمسنت‪ .‬وما يقوهل حصيح‪ ،‬االّ أأهنّ ا ال تتّحد هبذه ّ‬
‫ّالرومان ّية‪ ،‬أأي يف الكتاابت النّاجتة عن تفكري معيق وحازم‪ ،‬حيث يُبسط املوضوع بوضوح‪ ،‬وحيث‬
‫تتجاذب ا ألفاكر وتتقابل كام ا ألجسام يف عامل «نيوتن»‪ .‬يف هذا النّوع من ا ألعامل‪ ،‬حّي ينهتيي الاكتب‬
‫من فكرة ّمير اىل أأخرى ببساطة وحسن ن ّية؛ هذا أأفضل من تكل التّخلّصات املتحاذقة اليت تعمتد‬
‫لك احلاالت ‪ -‬وتعمتد فقط ‪ -‬عىل العالقات بّي اللكامت‪ ،‬عىل رابط ظاهر بّي الفقرة اليت‬ ‫تقريبا يف ّ‬
‫تنهتيي وبداية الفقرة اليت تلهيا"‪.162‬‬

‫ونجد‪ ،‬في كتب البالغة العربيّة‪ ،‬ما يس ّمى بحسن التّخلّص‪ .‬يقول أحدهم‪:‬‬

‫" ُحسن التّخلّص‪ :‬هو أأن يس تطرد ‪ ...‬من معىن اىل معىن أخر ‪ ...‬بتخلّص سهل خيتلسه‬
‫اختالس ًا رش يق ًا دقيق املعىن حبيث ال يشعر ّ‬
‫السامع ( أأو القارئ) ابالنتقال من املعىن ا أل ّول االّ‬
‫حىت كأهنّ ام أأفرغا يف قالب‬‫وقد وقع يف الث ّاين لشدّ ة املامزجة والالتئام والانسجام بيهنام‪ّ ،‬‬
‫واحد"‪.163‬‬

‫ويقول آخر‪:‬‬
‫"الركن الث ّالث‪ :‬أأن يكون خروج الاكتب من معىن اىل معىن برابطة لتكون رقاب املعاين أخذة‬
‫ّ‬

‫‪"[…] (L’art de la transition) ne me parait autre chose que la fusion même des idées 162‬‬
‫‪diverses. Le seul moyen d’y parvenir est de disposer si bien sa matière, d’en ordonner‬‬
‫‪si naturellement les parties, qu’elles se suivent l’une l’autre, sans se rattacher par‬‬
‫‪aucun lien artificiel. « Les pierres bien taillées, dit Cicéron, s’unissent d’elles-mêmes‬‬
‫‪sans le secours du ciment ». Et il dit vrai ; seulement elles ne s’unissent ainsi que dans‬‬
‫‪les constructions romaines, c'est-à-dire dans ces écrits profondément et énergiquement‬‬
‫‪médités, où le sujet se développe franchement, où les idées s’attirent et se balancent‬‬
‫‪comme les corps dans l’univers de Newton. Quand l’auteur de ces sortes d’ouvrages a‬‬
‫‪épuisé une pensée, il passe à l’autre avec simplicité et bonne foi ; et cela vaut bien‬‬
‫‪mieux que ces transitions subtiles presque toujours uniquement fondées sur des‬‬
‫‪rapports entre les mots, sur une liaison apparente entre le dernier du paragraphe qui‬‬
‫‪finit et le premier de celui qui commence». A. Baron, préc., p. 120 et 121.‬‬
‫‪ 163‬تقي الدّين أبي بكر علي بن عبد هللا الحموي األزراري (الوالدة‪ 768 :‬هـ‪ /‬الوفاة‪837 :‬هـ)‪ ،‬خزانة األدب‬
‫لطبعة األولى‪ ،1987 ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.329‬‬ ‫وغاية األرب‪ .‬تحقيق‪ :‬عصام شعيتو‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ا ّ‬
‫‪95‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫بعضها ببعض ‪ ...‬وذلكل ابب مفرد أأيضا يس ّمى ابب التّخلّص"‪.164‬‬

‫ي وال َحسن إالّ متى كان ث ّم ترابط‪ ،‬أي في النّهاية‬ ‫وهكذا‪ ،‬ال يتأتّى الت ّخلّص ّ‬
‫الطبيع ّ‬
‫إالّ متى كان ث ّم تخطيط نتج عن جمع المتماثالت (‪.)...‬‬
‫متكونة من قسمين أو ثالثة‪:‬‬‫ّ‬ ‫أن التّخطيط ينبغي أن يتمثّل في بنية‬
‫م ّما تقدّم يخلص ّ‬
‫هي جمع للمتماثالت‪ ،‬وتمسح ك ّل جوانب الموضوع‪ ،‬ومتوازنة‪ ،‬ومترابطة‪.‬‬
‫بعبارات أخرى وردت في إطار الحديث عن أصول القسمة‪ ،165‬ينبغي أن يكون‬
‫التّخطيط أو التّقسيم قد توفّرت فيه مواصفات معيّنة بأن كان متر ّكبا من أقسام‪:‬‬
‫مختلفة في المميّزات – متباينة – بنيت انطالقا من أساس واحد – مساوية‬
‫سم‪.‬‬‫للمق َّ‬
‫أقسامه مختلفة في‬
‫لم يجعل قسم الشّيء قسيما له‬
‫المميّزات‬

‫أقسامه متباينة؛ أي غير‬


‫لم يجعل قسيم الشّيء قسما له‬
‫متداخلة؛ أي أنّه‪:‬‬

‫سم الشّيء إلى نفسه وإلى غيره‬


‫لم يق ّ‬ ‫و ّضع على أساس واحد؛‬
‫سم جهة‬ ‫تقسيم‬
‫أي لوحظ في المق ّ‬
‫واحدة وباعتبارها كان‬
‫الت ّقسيم‬
‫سم من‬
‫جامع لك ّل ما يدخل في المق ّ‬
‫أقسام‬ ‫أدّى إلى مجموعة أقسام‬
‫سم؛ أي‬
‫مساوية للمق ّ‬
‫سم ما ليس من‬
‫مانع ألن يدخل في المق ّ‬ ‫تقسيم‬
‫أقسامه‬

‫ّ‬
‫المخطط ينبغي أن يتوفّر‬ ‫هذه األوصاف للتّقسيم أو للتّخطيط أوصاف أصليّة‪ّ .‬‬
‫لكن‬
‫صياغة مسألة تعبير‪.‬‬ ‫ي هو العنونة‪ ،‬والعنونة صياغة‪ ،‬وال ّ‬ ‫فيه وصف شكل ّ‬

‫‪ 164‬أبي الفتح ضياء الدّين نصر هللا بن مح ّمد بن مح ّمد بن عبد الكريم الموصلي (الوفاة‪ 637 :‬هـ)‪ ،‬المثل السّائر‬
‫شاعر‪ ،‬تحقيق‪ :‬مح ّمد محيي الدّين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬بيروت‪ ،1995 ،‬ج ‪ ،1‬ص‬ ‫في أدب الكاتب وال ّ‬
‫‪.87‬‬
‫‪ 165‬انظر الفقرة عدد ‪.40‬‬
‫الفصل الثّالث‬
‫التّعبير ‪élocution‬‬
‫صب المضمون أو الحجج في صيغ)‬‫ّّ‬ ‫(فعل‬

‫‪ ―.54‬تقسيم الفصل وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫رجعت ك ّل واحدة‬ ‫لدينا موضوع ردّ إلى فقرتين (أو إلى ثالث)‪ ،‬ولدينا فقرتين أ ِّ‬
‫إلى فرعين (أو إلى ثالثة)‪ ،‬ولدينا داخل ك ّل فرع حجج وعناصر رتّبت‬
‫بمواصفات معيّنة‪ ،‬إذن ال يبقى بعد ذلك إالّ أن يؤتى فعل التّعبير‪ ،‬أو – على حد ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫عبارة أحدهم – فعل اإلخراج (‪ )mise en scène‬اللغو ّ‬
‫‪166‬‬

‫وفعل التّعبير مرتبط وثيق االرتباط بالفعلين الذين يسبقانه‪ :‬االكتشاف والتّرتيب‪.‬‬
‫فكما ال قيمة لالكتشاف دون التّرتيب‪ ،‬ال قيمة أيضا ً لهما معا ً دون التّعبير‪ .‬فما‬
‫صياغة التي‬ ‫صغ ال ّ‬ ‫اكت ِّشف‪ ،‬ث ّم ر ِّت ّب كما ينبغي‪ ،‬يفقد كثيرا من فعاليّته إذا لم ي َ‬
‫تجب‪.‬‬
‫في المقابل‪ ،‬إذا لم ينجح فعل االكتشاف أو فعل التّرتيب‪ ،‬لن يكون إلنجاح فعل‬
‫التّعبير كبير فائدة‪ .‬في هذا المعنى يقول أحدهم‪:‬‬

‫تصورا جل ّيا‬
‫لكن وضوح العبارة يقتيض ّ‬ ‫"ينبغي أأن يكون اخلطاب واحضا كضوء الشّ مس [‪ّ ]...‬‬
‫ل ألفاكر ومهنجا ابرعا يف تنظميها‪ .‬ينبغي اذن و أأ ّو ًال أأن نتذكّر هنا ما قلناه سابقا حول‬
‫تصوره بطريقة جيّدة‪ ،‬ي ّمت التّعبري عنه بطريقة واحضة‪ ،‬واللكامت‬ ‫الاكتشاف و ّالّتتيب‪ :‬ما ي ّمت ّ‬
‫اليت تقوهل تأأيت بيرس‪ ،‬أأو عىل ا ألق ّل تنهتيي عن طريق التّأأ ّمل بأأن تأأيت وتنتظم عىل النّحو‬
‫صور‪ ،‬واذا اكن ترتيهبا عسريا أأو غري متّسق‪ ،‬فالعمل‬‫املراد‪ .‬فاذا اكنت ا ألفاكر مهبمة وسي ّئة التّ ّ‬
‫عىل اللكامت لن يكون جمداي ألهنّ ا تظ ّل رمغ ذكل غامضة"‪.167‬‬

‫‪" 166‬هنريش بليت"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.34‬‬


‫‪"Le discours […] doit être clair comme la lumière du soleil […]. Mais la clarté de 167‬‬
‫‪l’expression suppose une conception nette des idées, et une méthode habile dans leur‬‬
‫‪disposition. Il faut donc d’abord se rappeler ici ce que nous avons dit à propos de‬‬
‫‪l’invention et de l’ordre :‬‬
‫‪ce que l’on conçoit bien s’énonce clairement,‬‬
‫; ‪et les mots pour le dire arrivent aisément‬‬
‫‪ou du moins finissent, avec la méditation, par arriver et se ranger dans l’ordre voulu.‬‬
‫‪Que les pensées soient vagues et mal conçues, que leur arrangement soit pénible ou‬‬
‫‪irrégulier, vous avez beau travailler l’expression, elle reste obscure et mal‬‬
‫‪dessinée ». A. Baron, préc., p. 216.‬‬
‫‪97‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سابق ولم تسلم هي‪ ،‬أفسدت‬ ‫فمرحلة التّعبير إذن مرتبطة بما سبقها‪ :‬إذا َ‬
‫س ِّلم ال ّ‬
‫سابق‪ ،‬أفسد عليها سالمتها‪.‬‬ ‫س ِّلمت هي ولم يسلم ال ّ‬
‫عليه سالمته؛ وإذا َ‬
‫والتّعبير قسمان‪ :‬تعبير يه ّم الحجج كمجموعات‪ ،‬وتعبير يه ّم الحجج داخل ك ّل‬
‫للحجاج أو‬‫األول نجد الخطوط الكبرى ِّ‬ ‫مجموعة من المجموعات‪ .‬في القسم ّ‬
‫صغرى‬ ‫األول)؛ وفي القسم الث ّاني نجد الخطوط ال ّ‬ ‫مسألة العناوين (المبحث ّ‬
‫للحجاج‪ ،‬أي نجد مسألة تحرير جوهر الموضوع (المبحث الثّاني)‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫األول‪ ― .‬التّعبير عن الخطوط الكبرى ّ‬


‫للحجاج‪ :‬مسألة العناوين‬ ‫المبحث ّ‬

‫‪ ―.55‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫ينبغي‪ ،‬لتحقيق الوضوح‪ ،‬أن تعطى ك ّل فقرة وأن يعطى ك ّل فرع عنوانا‪.168‬‬
‫ي‪ ،‬اختالف‪:‬‬
‫شرط‪ ،‬وهو شكل ّ‬ ‫وفي هذا ال ّ‬
‫فهنالك من يقول بوضع العناوين في مرحلة اإلعداد فحسب‪ .‬وعليه‪ ،‬وفي العمل‬
‫النّهائي الذي سيقدّم للقارئ‪ ،‬ينبغي عدم نقل تلك العناوين‪:‬‬

‫"ال نكتب عناوين ا ألجزاء‪ ،‬و أأجزاء ا ألجزاء (يه تنمتي ّ‬


‫للمسودة)‪ .‬لكن ينبغي أأن تُفهم العناوين‬
‫بيرس من تقدّم التّفكري ومن التّخلّصات اليت ّ‬
‫تسطر هذا التّقدّ م"‪.169‬‬

‫ي – وهو‬ ‫لكن ث ّم من يقول بموقف مغاير‪ .‬وفعالً يشترط الوسط األكاديم ّ‬


‫ي القانون ّ‬
‫الذي يعنينا أكثر – العنونة في العمل النّهائ ّ‬
‫ي المقدّم للقارئ‪.170‬‬

‫‪" 168‬يقال عنوان الكتاب وعنونته وهي اللغة الفصيحة‪ .‬وبعضهم يقول‪ :‬علونت فيقلب النون الما ً لقرب‬
‫مخرجهما من الفم‪ ،‬ألنّهما يخرجان من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا‪ .‬وقد قيل‪ :‬العلوان فعوال من العالنية‬
‫ألنّك أعلنت به أمر الكتاب وم ّمن هو وإلى من هو‪ .‬وسمعت أحمد بن يحيى يقول‪ :‬أعلن أمرنا علونا ً وعلناً‪.‬‬
‫والعنوان العالمة [‪ ]...‬وقال المأمون لرجل رآه في موكبه فلم يعرفه‪ ،‬وكان جسيماً‪ :‬ما هذه الجسامة؟ قال‪:‬‬
‫"عنوان نعمة هللا ونعمتك يا أمير المؤمنين " [‪ ]...‬وحدثنا أبو ذكوان عن الت ّنوخي‪ ،‬قال‪ :‬يقال‪ :‬عنوان الكتاب‬
‫شيء‪ .‬وتقول العرب‪ :‬ما عنوان بعيرك؟ أي ما أثره الذي‬ ‫وعينانه وعلوانه‪ .‬والعنوان األثر الذي يعرف به ال ّ‬
‫يعرف به‪ .‬وتقول علونت الكتاب أعلونه علونة وعلواناً‪ ،‬فإذا أمرت قلت‪ :‬علون يا معلون‪ ،‬وعنونته عنونة‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر ‪)2010‬‬ ‫وعنواناً"‪ .‬ال ّ‬
‫صولي‪ ،‬أدب الكتاب‪ ،‬موقع المكتبة ال ّ‬
‫[الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]‪ ،.‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪"on ne fera pas figurer les titres des parties ou des sous -parties (ils font partie du 169‬‬
‫‪brouillon). Ces titres doivent se déduire aisément de la progression du raisonnement‬‬
‫‪et des transitions qui soulignent cette progression". Sophie Le Ménahèse-Lefay,‬‬
‫‪préc., p. 51.‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc., p. 102. 170‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪98‬‬

‫وينبغي استغالل ما جاء للت ّ ّو للقول بأنّه يطلب هنا إيراد تخلّص من عنوان الفقرة‬
‫إلى عنوان فروعها‪ .‬فإذا ج ِّمع هذا القول مع ما سبق‪ ،‬أمكن تكملة رسم جاء‬
‫أعاله‪:‬‬
‫‪99‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫§ ‪( .1‬عنوان الفقرة األولى)‬

‫تخلّص من عنوان الفقرة األولى إلـى عنـوان (أ) وعنــــــــــــــــــــــــــــــــوان (ب)‬

‫(أ) عنوان الفرع‬


‫ة ل ي ؤ ك ن ت ق ص ع خ د ح ة و ا ي ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ز ن ل ف م ك س و ر ؤ ع ق ر ب د ا ي ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ل ى ت ح خ غ ب ا ن ت ف ث ي ز ا ي ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ش ب ي ؤ ص ؤ ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫إنهاء (أ) بتخلّص إلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى (ب)‬

‫(ب) عنوان الفرع‬


‫زنلفمكسورؤعقربداي‬
‫ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫لىتحخغبانتفثيزاي‬
‫ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ةليؤكنتقصعخدحةوةل‬
‫ي ؤ ك ن ت ق ص ع خ د ح ة و ب ؤ ل ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫و ت ي ق هـ ن خ ث ج ة ص ش ر ح ة‬
‫إنهاء (ب) بتخلّص إلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى الفقرة ‪2‬‬

‫§ ‪( .2‬عنوان الفقرة الثّانية)‬

‫تخلّص من عنوان الفقرة الثّانية إلــى عنـوان (أ) وعنـــــــــــــــــــــــــــــــوان (ب)‬

‫(أ)عنوان الفرع‬
‫و ت ي ق هـ ن خ ث ج ة ص ش ح ة ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫وةليؤكنتقصعخدحةو‬
‫ة ل ي ؤ ك ن ت ق ص ع خ د ح ة ح ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ةوةليؤكنتعخدحةوبؤ‬
‫ح ف ي ؤ آل ت ن ز ظ ذ ي ء ح ة و ة ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫ليؤكنتقصعخدحةو‬
‫إنهاء (أ) بتخلّص إلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى (ب)‬

‫(ب)عنوان الفرع‬
‫ة ل ي ؤ ك ن ت ق ص ع خ د ح ة و ك ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫سورؤعقربدايشضش‬
‫ز ن ل ف م ك س و ر ؤ ع ق ر ب ت ش ض ش ك ط ه غ ق ل ال ة و ز ظ ب‬
‫نزظذيءحةوةليؤكنت‬
‫غ ج ح ف ي ؤ آل ت ن ز ظ ذ ي ء ق ر‬
‫بدحةوةليؤكنتقصع‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪100‬‬

‫والعناوين‪ ،‬كما قيل‪ ،‬توضع لتحقيق غاية الوضوح‪ .‬وللغاية نفسها ينبغي أن‬
‫تتوفّر فيها مواصفات‪ .171‬ويمكن إرجاع هذه المواصفات إلى ّ‬
‫ست؛ ث ّم يمكن بعد‬
‫ي منها في مجموعة ليخلو وجه المجموعة الثّانية للمواصفات‬
‫ذلك جمع األساس ّ‬
‫أن التّبسيط يقتضي أن ننحو نحوا آخر‪ ،‬فنورد المواصفات‬‫غير األساسيّة‪ .‬إالّ ّ‬
‫الواحدة منها تلو األخرى‪:172‬‬

‫بعناوين ليس فيها‬


‫تجاور‬
‫بعناوين مطابقة‬
‫لمحتوياتها‬
‫تخطيط أجزاؤه معنونة‬

‫بعناوين مقتضبة‬

‫بعناوين بسيطة‬

‫بعناوين تش ّد االنتباه‬

‫بعناوين متماثلة ومت ّسقة ومتوازية‬

‫الفقرة األولى‪ ―.‬عناوين ليس فيها تجاور‬

‫‪ ―.56‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫يمكن أن يعطى للتّجاور (‪ )juxtaposition‬مثال أ ّول بسيط‪:‬‬
‫سِّم إلى‪:‬‬ ‫الموضوع‪ :‬موانع ّ‬
‫الزواج‪ ،‬وق ّ‬

‫صة‪Simone Dreyfus, La thèse et le mémoire de :‬‬ ‫‪ 171‬حول مواصفات العناوين انظر خا ّ‬


‫‪doctorat en droit, Lib. Armand Colin, Paris, 1971, p. 181 et s. ; Simone Dreyfus et‬‬
‫‪Laurence Nicolas-Vullierme, La thèse et le mémoire de doctorat : Étude‬‬
‫‪méthodologique (Sciences juridiques et politiques), Cujas, Paris, 3 e éd., 2000, p. 233‬‬
‫‪et s.‬‬
‫ّ‬
‫المؤلف‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،3‬ص ‪ 61‬وما بعدها‪.‬‬ ‫انظر أيضا‪ :‬علي ضوي‪ ،‬منهجيّة البحث القانوني‪ ،‬نشر‬
‫‪ 172‬انظر إلى ابن رشد (مثال في بداية كتاب البيوع) وستجده يردّ العناصر إلى مجموعتين ث ّم بعد ذلك يعرض‬
‫تلك العناصر الواحد منها تلو اآلخر‪ :‬ابن رشد‪ ،‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.93‬‬
‫‪101‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪ .1‬الموانع المؤ ّبدة‬


‫أ) ‪........‬‬
‫ب) ‪.......‬‬
‫الفقرة ‪ .2‬وجود زوجيّة ووجود عدّة‬
‫أ) وجود زوجيّة‬
‫ب) وجود عدّة‬

‫في الفقرة الثّانية هنالك "تجاور"؛ وهو نقيصة؛ وتتمثّل في أنّنا لم ننجح في‬
‫العثور على صيغة تحمل في نفس الوقت المعطوف (وجود عدّة) والمعطوف‬
‫عليه (وجود زوجيّة)‪ ،‬أي لم ننجح في العثور على عبارة "الموانع المؤقّتة" لكي‬
‫نضعها عنوانا ً للفقرة الثّانية‪.‬‬
‫كما يمكن أن يعطى للتّجاور مثال ثان بسيط بدوره‪:‬‬
‫سِّم إلى‪:‬‬
‫الزواج‪ ،‬وق ّ‬ ‫الموضوع‪ :‬موانع ّ‬
‫الفقرة ‪ .1‬الموانع المؤبّدة ووجود ع ّدة‬
‫أ) الموانع المؤبّدة‬
‫ب) وجود عدّة‬
‫الفقرة ‪ .2‬وجود زوجيّة‬
‫أ) ‪........‬‬
‫ب) ‪.......‬‬

‫في الفقرة األولى هنالك "تجاور"؛ وهو نقيصة؛ بل هو نقيصة أخطر من‬
‫سابقة ألنّه ينبئ عن كوننا جمعنا متخالفات (جمعنا الموانع المؤبّدة‬ ‫النّقيصة ال ّ‬
‫بمانع ليس مؤبّدا)‪.‬‬
‫وعلى هذا فالتّجاور‪:‬‬
‫إ ّما أنّه نقيصة خطيرة ألنّه يفشي جمعا للمتخالفات (هنا لسنا أمام أمر يه ّم‬
‫ي)‪.‬‬
‫العنونة بل أمام مشكل أصل ّ‬
‫وإ ّما أنّه نقيصة أق ّل خطورة ألنّه يفضح كوننا لم نعثر على العنوان الجامع الذي‬
‫يترجم المثليّة‪.‬‬
‫زيادة على التّجاور‪ ،‬قد يقع من يكتب في مشكل يتعلّق بمطابقة العنوان للمحتوى‬
‫الذي يجيء تحته‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪102‬‬

‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬عناوين مطابقة لمحتوياتها‬

‫‪ ―.57‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫شرط في صيغة تس ّهل حفظه‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫إذا أريد اإلتيان بهذا ال ّ‬
‫ينبغي أن يكون ث ّم فناء للعنوان في المعَ ْن َون‪ ،‬وفناء للمعَ ْن َون في العنوان‪ ،‬أي‬
‫ينبغي أن يكون عنوان ك ّل فقرة مساويا ً لعنواني فرعيها‪.‬‬

‫عنوان‬ ‫عنوان‬ ‫عنوان‬


‫الفرع (ب)‬ ‫الفرع (أ)‬ ‫الفقرة‬

‫إذن ال يقبل أن يكون عنوان الفقرة بعيدا عن عنوان فرعيها‪.‬‬


‫إ ّما‬
‫عنوان الفقرة > [عنوان (أ) ‪ +‬عنوان (ب)]‬

‫وإ ّما‬ ‫عنوان الفقرة ≠ [عنوان (أ) ‪ +‬عنوان (ب)[‬


‫عنوان الفقرة < [عنوان (أ) ‪ +‬عنوان (ب)]‬
‫بأن يكون‪:‬‬

‫وإ ّما‬
‫عنوان الفقرة في وادٍ‪ ،‬وعنوان (أ) و (ب) في‬
‫وا ٍد آخر‬

‫باإلضافة لما سبق‪ ،‬ينبغي أن يكون‪:‬‬


‫عنوان الفرع (أ) = المحتوى الذي يجيء تحته‪.‬‬

‫محتوى‬ ‫عنوان‬
‫الفرع (أ)‬ ‫الفرع (أ)‬

‫وعنوان الفرع (ب) = المحتوى الذي يجيء تحته‪.‬‬

‫محتوى‬ ‫عنوان‬
‫الفرع (ب)‬ ‫الفرع (ب)‬

‫ويمكن القول بوجه عا ّم إ ّن هنالك نوعين من العناوين‪:‬‬


‫‪103‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫العنوان االسم (‪ )titre-nom‬والعنوان المرآة (‪.173)titre-miroir‬‬


‫واألول قد ال يعكس المعنون؛ أ ّما الثّاني (وكما يد ّل عليه اسمه)‪ ،‬فيفعل‪.174‬‬
‫ّ‬
‫وقد يعدّ ما جاء في واحدة من أه ّم قصص األطفال (وغير األطفال) تناوالً لما‬
‫نحن بصدده من نوعي العناوين‪:‬‬

‫قرب من‪ :‬عمارة ناصر‪ ،‬اللغة والتّأويل‪ .‬مقاربات في الهرمينوطيقا الغربيّة والتّأويل العربي اإلسالمي‪،‬‬ ‫‪ّ 173‬‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر ‪ /‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت ‪ /‬الدّار العربيّة للعلوم – ناشرون‪ ،‬ط ‪ 1428 ،1‬هـ ‪/‬‬
‫أن العناوين بنيت على طريقتين‪.‬‬ ‫"إن تاريخ العنوان في الثّقافة العربيّة اإلسالميّة يظهر ّ‬ ‫‪ 2007‬م‪ ،‬ص ‪ّ :165‬‬
‫الطريق‬ ‫الطريق األولى‪ :‬العنوان يشير ويد ّل بإيضاح إلى المقصود من الموضوع المطروح في متن المؤلَّف‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫الثّاني‪ :‬العنوان ال يشير وال يد ّل بأيّة عالقة إلى المعنى العا ّم للموضوع المطروح في متن المؤلَّف"‪.‬‬
‫انظر أيضا‪Antoine Compagnon, La seconde main ou le travail de la citation, :‬‬
‫‪Collection Critica, Cérès. éd., Tunis, 1997, Vol. 2, p. 436 et s.‬‬
‫‪ 174‬بسبب هذا االنعكاس أو بسبب افتراض القارئ لوجوده‪" ،‬كثيرا ما يتح ّكم العنوان في تأويل المتلقّي‪ ،‬وكثيرا‬
‫أن القارئ يكيّف تأويله مع العنوان‬ ‫نص َما إلى تأويله وفق العنوان الجديد‪ ،‬بمعنى ّ‬ ‫ما يؤدّي كذلك تغيير عنوان ّ‬
‫ص التّالي‬‫الجديد‪ ،‬ويتجلّى هذا في النّصوص التي يصنعها علماء النّفس المعرفي الختبار افتراضاتهم‪ ،‬والنّ ّ‬
‫نموذج منها‪:‬‬
‫يخطط للهرب‬ ‫ّ‬ ‫سجين‬
‫شيء ث ّم ف ّكر‪ .‬لم تكن األمور تسير على ما‬ ‫يخطط للهرب‪ .‬تردّد بعض ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫نهض روكي ببطء من فراشه‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬
‫يظن أن‬ ‫الزنزانة قويّا ولكنّه‬ ‫الراهنة‪ .‬كان قفل ّ‬ ‫يرام‪ .‬وما يقلقه هو كونه مسجونا وتهمته ضعيفة‪ .‬تأ ّمل وضعيّته ّ‬
‫بإمكانه كسره‪.‬‬
‫ص اختبرت مجموعتان‪ ،‬سئلت المجموعة األولى عن واقع روكي فأجابت بأنّه سجين يف ّكر في الهرب‬ ‫بهذا ال ّن ّ‬
‫ص لمجموعة أخرى بعد أن وضع له عنوان جديد‪:‬‬ ‫شرطة ألقت القبض عليه‪ .‬ث ّم قدِّّم نفس ال ّن ّ‬ ‫وأن ال ّ‬
‫من سجنه ّ‬
‫«مصارع في مأزق»‪ ،‬فسئل أفرادها عن حال روكي فأجابوا بأنّه مصارع وأ ّنه يوجد في وضعيّة حرجة يودّ‬
‫ص (نقطة بدايته) أو‬ ‫أن عنوان ال ّن ّ‬ ‫شرطة وال بالسّجن‪ .‬واتّضح لهؤالء الباحثين ّ‬ ‫الفكاك منها‪ ،‬وأنّه ال عالقة له بال ّ‬
‫القراء يكيّفون تأويلهم مع ذلك العنوان"‪ .‬مح ّمد‬ ‫ّ‬ ‫ويجعل‬ ‫ص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫تأويال‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫المغرض في العنوان يؤث ّ‬ ‫ِّ ّ‬ ‫االسم‬
‫ص‪ .‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬بيروت – الدّار البيضاء‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫خطابي‪ ،‬لسانيّات ال ّن ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،1991‬ص ‪ 60‬و‪.61‬‬
‫وزيادة على ما سبق‪ ،‬ينبغي أن نضيف في إطار الحديث عن أنواع العناوين مثال القرآن والمناسبة بين السّور‬
‫أن تسمية السّورة باسم معيّن‬ ‫الزركشي إلى ّ‬ ‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 196‬و‪" :197‬يذهب ّ‬ ‫وأسمائها‪ .‬انظر‪ :‬مح ّمد ّ‬
‫ليس إالّ تعضيدا لتقليد معلوم لدى العرب‪ ،‬وهو تقليد يراعي في كثير من المس ّميات أخذ أسمائها من نادر أو‬
‫الطويلة بما هو‬‫صه (‪ )...‬ويس ّمون الجملة من الكالم أو القصيدة ّ‬ ‫شيء من خلق أو صفة تخ ّ‬ ‫مستغرب يكون في ال ّ‬
‫ّ‬
‫أشهر فيها‪ ،‬وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز‪ .‬وعلى هذا النحو س ّميت سورة البقرة بهذا االسم لقرينة‬
‫ذكر البقرة المذكورة فيها وعجيب الحكمة فيها‪ .‬وس ّميت ال ّنساء أيضا بهذا االسم لما تردّد فيها من كثير أحكام‬
‫الزركشي جوابا عن‬ ‫أن ذكر حدث معيّن أو اسم ما في السّورة ليس كافيا لتبرير التّسمية‪ ،‬وقد أورد ّ‬ ‫النّساء‪ .‬غير ّ‬
‫هذا االعتراض‪ .‬قال‪ :‬قد ورد في سورة هود ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى عليهم السّالم‪،‬‬
‫شعراء بأوعب م ّما‬ ‫تكررت هذه القصص في سورة األعراف وسورة هود وال ّ‬ ‫تختص باسم هود وحده؟ ‪ّ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫فلِّم‬
‫كتكرره في هذه السّورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتكرر في واحدة من هذه السّور الثّالث اسم هود عليه السّالم‬ ‫ّ‬ ‫وردت في غيرها‪ ،‬ولم‬
‫تكرر‬‫صته في أربعة مواضع ‪ ...‬لكن هل يكفي ك ّم التّكرار لتبرير تسمية سورة ما بما ّ‬ ‫تكرر فيها عند ذكر ق ّ‬ ‫فإنّه ّ‬
‫صته مع قومه سورة برأسها فلم يقع فيها غير ذلك كانت أولى‬ ‫جردت لذكر نوح وق ّ‬ ‫الزركشي‪ :‬ل ّما ّ‬ ‫فيها؟ يجيب ّ‬
‫تكرر اسمه فيها ‪ ...‬يستنتج من هذا ّ‬
‫أن‬ ‫صة غيره‪ ،‬وإن ّ‬ ‫صته وق ّ‬‫بأن تس ّمى باسمه عليه السّالم من سورة تض ّمنت ق ّ‬
‫أن أسماء السّور أعالم عليها‪ ،‬يد ّل على ذلك أنّك لو‬ ‫هناك عالقة وثيقة وقصديّة بين السّورة واسمها حتّى ّ‬
‫صة منها تلك المس ّماة بالحروف ألنّك إذا ناظرت سورة منها بما يماثلها‬ ‫وضعت اسم سورة ألخرى لم يجز‪ ،‬خا ّ‬
‫في عدد كلماتها وحروفها وجدت الحروف المفتتح بها تلك السّورة أفرادا وتركيبا أكثر عددا في كلماتها منها في‬
‫نظيرتها ومماثلتها في عدد كلماتها وحروفها"‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪104‬‬

‫"‪ -‬ال تبقي هناك ترثثرين لوحدك – قال «الكوكو الضّ خم» انظرا الهيا أل ّول ّمرة – لكن قويل‬
‫يل‪ :‬ما امسك؟ وماذا تفعلّي هنا؟‬
‫‪ -‬امسي «أليس»‪ ،‬لكن ‪...‬‬
‫‪ -‬هذا امس أأَحق‪ ،‬قال «الكوكو الضّ خم» بنربة من نفذ صربه‪ .‬ما معناه؟‬
‫‪ -‬وهل ينبغي لالمس أأن يعين شيئا؟ ردّت «أليس» بصوت مّتدّد‪.‬‬
‫‪ -‬طبعا‪ ،‬أأجاب «الكوكو الضّ خم» مع ابتسامة صغرية‪ .‬امسي أأان يعين شيئا‪ ،‬ان ّه يعين الشّ لك‬
‫نت‪ ،‬وابمس اكذلي ِكل‪ ،‬ميكن أأن يكون‬ ‫اذلي يل‪ ،‬وهو ابملناس بة شلك مجيل جدّا‪ .‬أأ ّما أأ ِ‬
‫ِكل تقريبا أأ ّي شلك"‪.175‬‬

‫والمطلوب في المواضيع النّوع الثّاني من العناوين‪ ،‬أي المطلوب فناءا ً للعنوان‬


‫في المعنون وفناءا ً للمعنون في العنوان ( ‪Le titre doit épuiser le‬‬
‫‪ .)contenu et le contenu doit épuiser le titre‬ببيان آخر‪ :‬ينبغي‬

‫‪"– Ne reste pas là à jacasser toute seule, dit le Gros Coco en la regardant pour la 175‬‬
‫‪première fois, mais apprends-moi ton nom et ce que tu viens faire ici.‬‬
‫… ‪– Mon nom est Alice, mais‬‬
‫‪– En voilà un nom stupide déclara le Gros Coco d'un ton impatienté. Que veut-il‬‬
‫? ‪dire‬‬
‫‪– Est-ce qu'il faut vraiment qu'un nom veuille dire quelque chose ? demanda Alice‬‬
‫‪d'un ton de doute.‬‬
‫‪– Naturellement, répondit le Gros Coco avec un rire bref. Mon nom, à moi, veut dire‬‬
‫‪quelque chose; il indique la forme que j'ai, et c'est une très belle forme, d'ailleurs.‬‬
‫‪Mais toi, avec un nom comme le tien, tu pourrais avoir presque n'importe quelle‬‬
‫‪forme". Lewis Carroll, De l'autre côté du miroir, 1872, Ch. VI.‬‬
‫‪ 175‬انظر‪Simone Dreyfus, La thèse et le mémoire de doctorat en droit, Lib. A. Colin, :‬‬
‫‪Paris, 1971, p. 181 et s.‬‬
‫وانظر‪ :‬مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬مؤسّسة العلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1990 ،2‬ص‪ :29‬حيث تجد تقريبا بين‬
‫صورة ث ّم تعكسها) وبين الكلمة (الكلمة تعكس المعنى المقصود) والعنوان‬ ‫صورة في المرآة (المرآة تأخذ ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫(العنوان يعكس المحتوى‪ ،‬ومن هنا – والتّعبير للمؤلِّّف – فناء المعنون في العنوان)‪.‬‬
‫وقرب من‪:‬‬
‫ّ‬
‫معجم اللغة الفرنسيّة «روبار الكبير» (‪ )Le Grand Robert‬تحت لفظة "عنوان" (‪" :)titre‬عبارة تقدّم أو‬
‫تستدعي مضمون كتاب [‪ ]...‬العناوين هي في الغالب كذّاب وقِّح‪ .‬من لم يلعن إعالناتهم الكاذبة و(يلعن) ّ‬
‫فن‬
‫المشعوذ الذي يعد [‪ ]...‬على غالف الكتاب ما لن نجده في داخله («بالزاك»‪Balzac, Appendices, :‬‬
‫‪)V.XXXII, in Œ. Diverses, T. I, p. 638.‬‬
‫الروائيّين الذين يظنّون‪ ،‬بعد أن يحصلوا على العنوان‪ ،‬أنّهم يكتبون كتت ّمة ّ‬
‫الرواية نفسها‬ ‫[‪ ]...‬لن نرتكب خطأ ّ‬
‫(«جيرودو»‪)J. Giraudoux, La folle de Chaillot, I, p. 19.:‬‬
‫[‪ ]...‬عنوان (العمل) هو ضرب من السّراويل الدّاخليّة‪ ،‬ضرب م ّما تستر به العورة‪ ،‬ضرب من الكرامة‬
‫(«كينو»‪.")R. Queneau, Bâtons, chiffres et lettres, p. 129 ». :‬‬
‫أن العنوان – تماما كالثّياب – قد يستتر به صاحبه ألسباب أخرى غير الحياء‪.‬‬ ‫ويمكن أن نضيف ّ‬
‫‪105‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫للعنوان أن يعكس المحتوى‪ ،‬ك ّل المحتوى‪ ،‬وال شيء غير المحتوى ( ‪Le titre‬‬
‫‪doit refléter le contenu, tout le contenu, rien que le‬‬
‫‪.176)contenu‬‬
‫شرط الموالي‪.‬‬ ‫هذا المطلوب يحكم ال ّ‬

‫الفقرة الثّالثة‪ ―.‬عناوين مقتضبة‬

‫‪ ―.58‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫العنوان كإشارة ّ‬
‫الطريق التي ينبغي أن تنبئ عن االتّجاه ال فقط بدقّة بل أيضا ً‬
‫في وقت قصير‪.‬‬
‫عرفت باالت ّجاه‪ ،‬لكن في أكثر من الوقت‬
‫فإن كانت ث ّم إطالة‪ ،‬تكون العناوين قد ّ‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫ويمكن أن يعطى هنا مثال‪ .‬نعم المثال ليس لعنوان فقرة أو عنوان فرع ‪ ...‬نعم‬
‫المثال لعنوان مقالة‪ ،‬لكن المقصود ليس المثال في ذاته بل تقريب مسألة ّ‬
‫الطول‪:‬‬

‫"ا ألجل القصري دلعوى ضامن العيوب اخلفيّة ليس فيه تعدّاي ال عىل ّ‬
‫احلق يف حمامكة عادةل وال‬
‫نوين‪ .‬أأوف!" ‪.177‬‬
‫عىل مبد أأ الاس تقرار القا ّ‬

‫‪ 176‬انظر‪Simone Dreyfus, La thèse et le mémoire de doctorat en droit, Lib. A. Colin, :‬‬


‫‪Paris, 1971, p. 181 et s.‬‬
‫وانظر‪ :‬مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬مؤسّسة العلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1990 ،2‬ص‪ :29‬حيث تجد تقريبا بين‬
‫صورة ث ّم تعكسها) وبين الكلمة (الكلمة تعكس المعنى المقصود) والعنوان‬ ‫صورة في المرآة (المرآة تأخذ ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫(العنوان يعكس المحتوى‪ ،‬ومن هنا – والتّعبير للمؤلِّّف – فناء المعنون في العنوان)‪.‬‬
‫وقرب من‪:‬‬
‫ّ‬
‫معجم اللغة الفرنسيّة «روبار الكبير» (‪ )Le Grand Robert‬تحت لفظة "عنوان" (‪" :)titre‬عبارة تقدّم أو‬
‫تستدعي مضمون كتاب [‪ ]...‬العناوين هي في الغالب كذّاب وقِّح‪ .‬من لم يلعن إعالناتهم الكاذبة و(يلعن) ّ‬
‫فن‬
‫المشعوذ الذي يعد [‪ ]...‬على غالف الكتاب ما لن نجده في داخله («بالزاك»‪Balzac, Appendices, :‬‬
‫‪)V.XXXII, in Œ. Diverses, T. I, p. 638.‬‬
‫الروائيّين الذين يظنّون‪ ،‬بعد أن يحصلوا على العنوان‪ ،‬أنّهم يكتبون كتت ّمة ّ‬
‫الرواية نفسها‬ ‫[‪ ]...‬لن نرتكب خطأ ّ‬
‫(«جيرودو»‪)J. Giraudoux, La folle de Chaillot, I, p. 19.:‬‬
‫[‪ ]...‬عنوان (العمل) هو ضرب من السّراويل الدّاخليّة‪ ،‬ضرب م ّما تستر به العورة‪ ،‬ضرب من الكرامة‬
‫(«كينو»‪.")R. Queneau, Bâtons, chiffres et lettres, p. 129 ». :‬‬
‫أن العنوان – تماما كالثّياب – قد يستتر به صاحبه ألسباب أخرى غير الحياء‪.‬‬ ‫ويمكن أن نضيف ّ‬
‫‪Pierre-Yves Gautier, Le bref délai de l'action en garantie des vices cachés ne 177‬‬
‫‪porte atteinte ni au droit à un procès équitable, ni au principe de sécurité juridique.‬‬
‫‪Ouf !, Revue trimestrielle de droit civil 2000, p. 592.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪106‬‬

‫‪ ...‬طبعا ً ‪ ...‬لم يكن صاحب المقالة بحاجة إلى وضع عبارة «أوف» في‬
‫العنوان؛ لقد كانت ستخرج لوحدها من صدر القارئ‪.‬‬
‫وهكذا ال ينبغي أن نقطع نفَس قارئنا بالتّطويل؛ فاالقتضاب مطلوب‪ّ .‬‬
‫لكن‬
‫سابق‪ :‬مساواة العنوان‬ ‫االقتضاب ال ينبغي أن يكون على حساب ال ّ‬
‫شرط ال ّ‬
‫للمحتوى‪.‬‬
‫شرين يختار األهون"‪.‬‬‫الشر أهون من بعض"؛و"بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ...‬يقولون ‪" :‬بعض‬
‫‪178‬‬

‫شر عدم الفناء‪.‬‬


‫شر الطول أهون من ّ‬
‫إن ّ‬‫فإذا ات ّ ِّبع هذا القول‪ ،‬قيل ّ‬
‫لكن ث ّم ح ّل أفضل‪ ،‬وهو اتّباع ما قاله "كارل كراوس"(‪:)Karl Kraus‬‬

‫رشين‪ ،‬أأرفض أأن أأختار"‪.179‬‬


‫"بّي ّ‬

‫يخص المسألة التي نحن بصددها‪ ،‬أن نبذلما ينبغي من الجهد‬ ‫ّ‬ ‫هذا يعني‪ ،‬فيما‬
‫لإلتيان بعناوين فيها‪ ،‬وفي نفس الوقت‪ ،‬وصف المساواة للمحتوى ووصف‬
‫االقتضاب‪.‬‬
‫لكن قد يتعذّر‪ ،‬حتّى بعد الجهد‪ ،‬تحقيق ما سبق‪ .‬عندها ينبغي تحصيل شرط‬
‫المساواة والتّضحية بشرط االقتضاب‪ .‬وهكذا ث ّم شرط مه ّم وآخر أه ّم‪ .‬فإذا تعذّر‬
‫تحصيلهما معاً‪ ،‬ترك المه ّم‪ .‬هذا الكالم ينطبق أيضا ً على النّقطة الموالية‪.‬‬

‫الرابعة‪ ―.‬عناوين بسيطة‬


‫الفقرة ّ‬

‫‪ ―.59‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫تعرف‬
‫إن اإلشارة ينبغي أن ّ‬ ‫إن العنوان كإشارة الطريق‪ .‬وقيل ّ‬ ‫قيل سابقا ّ‬
‫باالتّجاه في وقت قصير‪ .‬فلو كانت معقّدة (ينبغي أن يفتح معجم لفهمها‪ ،‬إلخ‪،).‬‬
‫عرفت باالتّجاه‪ ،‬لكن ليس في الوقت المرغوب فيه‪ .‬فالبساطة إذن وصف‬ ‫ّ‬
‫مطلوب في العناوين (وفي غير العناوين كما سنرى ذلك الحقاً)‪.‬‬
‫أن تحصيل هذا الوصف ينبغي أن ال يكون على حساب وصف المساواة مع‬ ‫إالّ ّ‬
‫المحتوى‪.‬‬

‫‪ 178‬ومجلّة االلتزامات والعقود من هؤالء القائلين‪ :‬الفصل ‪.556‬‬


‫‪"Entre deux maux, je me refuse à choisir". Karl Kraus, cité par : Pierre Bourdieu, 179‬‬
‫‪Questions de sociologie (préc.), 1993, p. 18.‬‬
‫‪107‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫فالمساواة أه ّم‪ .‬واأله ّم مقدّم – إن تعذّر الجمع – على المه ّم‪ .‬نفس هذا القول‬
‫يخص الوصف الموالي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ينبغي تبنّيه فيما‬

‫الفقرة الخامسة‪ ―.‬عناوين تش ّد االنتباه‬

‫‪ ―.60‬عرض الشّرط‪.‬‬
‫تحصيل انتباه القارئ يس ّهل وضوح الموضوع عنده‪ .180‬وم ّما يؤدّي إلى االنتباه‬
‫أن يؤتى بعناوين فيها ِّجدّة؛ أي بعناوين ليست مخلوقة بكثرة االستعمال‪.‬‬
‫لكن ما سبق ال يعني أن يكون في العناوين هزل‪ .‬فالعمل المقام به عمل‬
‫جدّي‪.181‬‬
‫ويمكن أن تعطى هنا أمثلة لعناوين هي – على األق ّل في رأي من جاء بها‪– 182‬‬
‫هازلة‪.‬‬
‫األول‪:‬‬
‫المثال ّ‬
‫سويس‪ ،‬كتب "موريس دوفرجي" ( ‪Maurice‬‬ ‫سنة ‪ ،1956‬وعن قضيّة قنال ال ّ‬
‫‪ )Duverger‬بجريدة "لوموند"(‪ )Le Monde‬الفرنسيّة‪:‬‬
‫‪§ 1. Avant l’affaire, il s’agissait de coloniser le canal‬‬
‫‪§ 2. Après l’affaire, il s’agissait de canaliser le colonel (Nasser bien‬‬
‫)‪entendu‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قبل المشكلة‪ ،‬تعلّق األمر باحتالل القنال (قنال السّويس)‬
‫تعلق األمر بتوجيه العقيد (جمال عبد النّاصر)‬‫الفقرة الثّانية‪ :‬بعد المشكلة‪ّ ،‬‬
‫ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األصل‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫عبارات‬ ‫في‬ ‫الموجودة‬ ‫ة‬ ‫المقابل‬ ‫ّي‬ ‫د‬ ‫تؤ‬ ‫بترجمة‬ ‫مالحظة‪ :‬لم نستطع أن نأتي‬
‫المثال الثّاني (يقول عنه وعن األمثلة التي ستأتي بعده إنّها متداولة في وسط‬
‫مناظرة التّبريز)‪:‬‬
‫‪§ 1. Le nord de l’Amérique du sud‬‬
‫‪§ 2. Le sud de l’Amérique du nord‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شمال أمريكا الجنوبيّة‬
‫الفقرة الثّانية‪ :‬جنوب أمريكا ال ّ‬
‫شماليّة‬
‫المثال الثّالث‪:‬‬

‫‪ 180‬قارن مع‪Henri Mazeaud, préc., n° 51:‬‬


‫‪ 181‬انظر ما سيأتي بالفقرة عدد ‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬
‫ي‪Dominique Chassé :‬‬ ‫ّ‬
‫انظر حول الهزل والجدّ على مستوى آخر غير العنونة وذلك في الموضوع الشفو ّ‬
‫‪et Richard Prégent, préc., p. 40 et 41.‬‬
‫شفوي أن يعمد صاحبه إلى الهزل‪ .‬لكن ليس ك ّل هزل ينجح‪.‬‬ ‫إن م ّما يشدّ االنتباه إلى العمل ال ّ‬
‫في هذا الكتاب قيل ّ‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬ينبغي إعداد الهزل جيّدا لكي يؤدّي الغرض منه‪ :‬فاإلضحاك مسألة جدّيّة‪.‬‬
‫‪.Treillard, préc., p. 4. 182‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪108‬‬

‫‪§ 1. La grande saison des petites pluies‬‬


‫‪§ 2. La petite saison des grandes pluies‬‬
‫صغيرة‬‫الفقرة األولى‪ :‬الموسم الكبير لألمطار ال ّ‬
‫الفقرة الثّانية‪ :‬الموسم ال ّ‬
‫صغير لألمطار الكبيرة‬
‫الرابع‪:‬‬
‫المثال ّ‬
‫كان األستاذ "نيبوايي"(‪ )Niboyet‬يستعير (لكي ال يقول صاحب المثال‪ :‬يسرق‬
‫‪ ...‬على ك ّل‪ ،‬كثر هم الذين ‪" ...‬يستعيرون")‪ 183‬كثيرا من درس أستاذه "بيلي"‬

‫اس‪،‬‬‫‪ 183‬يقول ابن المق ّفع‪" :‬إن سمعت من صاحبكَ كالما ً أو رأيتَ منه رأيا ً يعجبكَ ‪ ،‬فال تنتحله تزيّنا ً به عند النّ ِّ‬
‫أن انتحالك ذلكَ مسخطة‬ ‫واب إذا سمعته‪ ،‬وتنسبه إلى صاحبهِّ‪ .‬واعلم ّ‬ ‫ص َ‬ ‫واكتفِّ من التّزي ِّّن بأن تجتني ال ّ‬
‫الرج ِّل وتتكلّ َم بكالم ِّه وهو يسمع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫برأي‬ ‫تشير‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ذلكَ‬ ‫بك‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫بل‬ ‫فإن‬ ‫‪.‬‬‫ً‬ ‫ا‬ ‫وسخف‬ ‫وأن فيه مع ذلك عارا ً‬ ‫لصاحبكَ ‪ّ ،‬‬
‫ب في هذا‬ ‫ِّ‬ ‫واألد‬ ‫ق‬
‫ِّ‬ ‫الخل‬ ‫حسن‬
‫ِّ‬ ‫تمام‬ ‫ومن‬ ‫‪.‬‬ ‫اس‬‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫في‬ ‫الفاشي‬ ‫ب‬
‫ِّ‬ ‫األد‬ ‫سوء‬ ‫من‬ ‫وهذا‬ ‫الحياء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫قل‬ ‫لم‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫الظ‬ ‫جمعتَ مع‬
‫وتنسب إليه رأيه وكالمه‪ ،‬وتزيّنه مع ذلك ما‬ ‫َ‬ ‫الباب أن تسخو نفسكَ ألخيكَ بما انتحل من كالمك ورأيكَ ‪،‬‬
‫صغير واألدب الكبير‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ب ت‪ ،‬ص ‪ 98‬و‪.99‬‬ ‫استطعتَ "‪ .‬األدب ال ّ‬
‫انظر أيضا "أنطوان كونپانيون" (‪ )Antoine Campagon‬في الدّرس الذي يتحدّث فيه ع ّما يس ّمى في اللغة‬
‫الفرنسيّة ‪Qu'est-ce qu'un auteur ? 10. La disparition élocutoire du poète ( Plagiat‬‬
‫)‪ .)http://www.fabula.org/compagnon/auteur10.php (24 septembre 2010‬يقول هذا‬
‫المؤلف لنفسه عمل غيره‪ ،‬وإ ّما أن يضع عمله الفاشل تحت‬ ‫ّ‬ ‫المؤلّف‪" :‬يتحقّق الخداع في شكلين‪ :‬إ ّما أن ينسب‬
‫صورة الثّانية عن «استبدال‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫‪،‬‬‫)‬ ‫‪plagiat‬‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫أدب‬ ‫(سرقة‬ ‫انتحال‬ ‫صورة األولى نتحدّث عن‬ ‫اسم غيره؛ في ال ّ‬
‫المؤلّف» (‪]...[ )supposition d’auteur‬‬
‫(وإن) «فولتير» (‪ ،)Voltaire‬في «المعجم الفلسفي» (‪ ،)le Dictionnaire philosophique‬في مقالة‬ ‫ّ‬
‫مؤلف أفكار الغير على‬ ‫«السّرقة» (‪ ،)Plagiat‬وهي مقالة أدبيّة ودون انعكاسات قانونيّة‪ ،‬يقول‪« :‬حين يبيع ّ‬
‫أنّها أفكاره‪ ،‬هذا االختالس يس ّمى سرقة‪ .‬ويمكن أن نس ّمي لصوصا ك ّل الملفّقين (‪ ،)compilateurs‬ك ّل صانعي‬
‫يكرروا وكما اتّفق اآلراء‪ ،‬األخطاء‪ ،‬الكذبات‪ ،‬الحقائق‬ ‫المعاجم‪ ،‬هؤالء الذين ال يفعلون شيئا آخر غير أن ّ‬
‫المطبوعة بعد في المعاجم السّابقة‪ .‬لكنّهم على األق ّل لصوص حسنوا النّيّة‪ ،‬إنّهم ال يدّعون ألنفسهم مزيّة‬
‫االكتشاف‪ ،‬بل إنّهم ال يدّعون مزيّة كشف وتجميع موادّ للقدامى مخبّأة‪ ،‬إنّهم لم يفعلوا إالّ أن نسخوا األعمال‬
‫س ّمهم‪،‬‬‫المضنية التي قام بها «ملفّقوا» القرن السّادس عشر‪ ،‬إنّهم يبيعونك (ما لديك لكن في شكل مختلف) [‪َ ]...‬‬
‫إن أردت‪ ،‬بائعي كتب ال مؤلّفين؛ أحرى أن تضعهم في صنف بائعي الثّياب القديمة (‪ )fripiers‬ال في صنف‬
‫اللصوص‪ .‬اللصوصيّة الحقيقيّة أن تنسب لنفسك أعمال اآلخرين‪ ،‬أن تخيط في [‪( ]...‬أعمالك) مقتطفات طويلة‬
‫رث)‪،‬‬ ‫لكن القارئ الخبير‪ ،‬وهو يرى [‪( ]...‬زينة من ذهب خيطت على ثوب ّ‬ ‫من كتاب جيّد مع تغييرات طفيفة‪ّ .‬‬
‫اللص غير المو ّفق» [‪]...‬‬ ‫ّ‬ ‫سيتعرف بسرعة على‬ ‫ّ‬
‫لكن المصادر تعدّدت منذ أن دخلت جنحة التّقليد في القانون‪،‬‬ ‫لقد كان يحال على «فولتير» لتعريف السّرقة‪ّ ،‬‬
‫الغش الذي له‬ ‫ّ‬ ‫والمرجع المعتاد اآلن هو «مسائل في األدب القانوني‪ :‬في السّرقة‪ ،‬في استبدال المؤلّفين‪ ،‬في‬
‫عالقة بالكتب (‪ 1812‬و‪Questions de littérature légale : Du plagiat, de la ( »)1828‬‬
‫)‪ )supposition d’auteurs, des supercheries qui ont rapport aux livres (1812 et 1828‬لـ‪:‬‬
‫ي وعالّمة‪:‬‬ ‫«شارل نودييه» (‪ ،)Charles Nodier‬وهو شاعر ومؤلّف فهارس (‪ ،)bibliographe‬رومنطيق ّ‬
‫منظرون وذوو خبرة عمليّة‪ّ .‬‬
‫إن‬ ‫هذان الوصفان يحدّدان ك ّل من اهت ّم بالسّرقة‪ ،‬وهم في الغالب وفي نفس الوقت ّ‬
‫صلبة للسّرقة عن سلسلة من‬ ‫كتاب «شارل نودييه» هو حقّا بحث في النّظريّة األدبيّة يهدف إلى تمييز النّواة ال ّ‬
‫المفاهيم القريبة‪ ،‬مثل الموضع المشترك (‪ ،)le lieu commun‬االستشهاد (‪ ،)la citation‬الكناية‬
‫(‪ ،)l’allusion‬االلتقاء (‪ ،)la rencontre‬الذّكرى (‪« - )la réminiscence‬الذّاكرة تجعلك تأتي سرقات ال‬
‫إراديّة»‪ ،‬أي مغتفرة حسب «نودييه» ‪ ،-‬التّرجمة (‪ ،)la traduction‬النّقل (‪ ،)la transposition‬المالءمة‬
‫أن «نودييه» لعب بهذه المفاهيم‪ ،‬وال ّنتيجة أنّه وبدوره اتّهم بالسّرقة [‪]...‬‬ ‫(‪ ،)l’appropriation‬إلخ‪ .‬والمثير ّ‬
‫مر بها شيئا فشيئا‪« :‬رونسارد»‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسي‬ ‫األدب‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫اللصوص‪،‬‬ ‫من‬ ‫لم يتّفق أن فضح مثل هذا العدد‬
‫(‪ )Ronsard‬و«دي باالي» (‪«،)du Bellay‬رابليه» (‪ )Rabelais‬و«مونتانيي» (‪،)Montaigne‬‬
‫«پاسكال» (‪« ،)Pascal‬الفونتين» (‪« ،)La Fontaine‬كورناي» (‪ )Corneille‬و«راسين» (‪،)Racine‬‬
‫«فولتير» (‪ )Voltaire‬طبعا‪« ،‬ديدرو» (‪ ،)Diderot‬ث ّم «شاتوبرييون» (‪« ،)Chateaubriand‬ستاندال»‬
‫‪109‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫(‪« ،)Stendhal‬بالزاك» (‪« ،)Balzac‬نيرفال» (‪« ،)Nerval‬المارتين» (‪ ،)Lamartine‬إلى «دوماس»‬


‫إن من يكتشف هم ال ّناس‪ ،‬وليس إنسانا»‪ ،‬والذي كان‬ ‫(‪ ،)Dumas‬وهو محترف في السّرقة‪ ،‬والذي قال‪ّ « :‬‬
‫ينتحل من «شيلر» (‪ )Schiller‬و«سكوت» (‪ )Scott‬و«شاتوبرييون» (‪]...[ )Chateaubriand‬‬
‫إلى جانب كتاب «نودييه»‪ ،‬يوجد «كتاب – مرجع» آخر هو «السّرقات األدبيّة التي ت ّم كشفها لـ‪ :‬كيرارد ( ‪Les‬‬
‫‪]...[ )Supercheries littéraires dévoilées de Quérard‬‬
‫المؤلف‪ ،‬نف ّرق مثال بين) استعارة اسم مؤلّف « ‪( »allonyme‬سرقة نموذجيّة‬ ‫ّ‬ ‫(بالنّسبة إلى استبدال‬
‫بأن االسم المستعمل‬ ‫‪ ،)supercherie typique‬والخداع بإمضاءات عديدة « ‪ ]...[ »polyonyme‬واإليهام ّ‬
‫ي ««‪( anagramme‬كلمة يبدّل في حروفها‬ ‫ي «‪ ،»hétéronyme‬والجناس التّصحيف ّ‬ ‫هو اسم شخص حقيق ّ‬
‫لتكوين كلمة جديدة) [‪]...‬‬
‫عند «فوريتيار» (‪ )Furetière‬االسم المستعار (‪ )pseudonyme‬هو «االسم الذي أعطاه النّقّاد للمؤلّفين الذين‬
‫وضعوا كتبا تحت أسماء خاطئة» [‪ ]...‬عند «ليتري» (‪« ]...[ )Littré‬الكتب المستعارة هي الكتب التي توضع‬
‫ي لكن في شكل مصحّف‪ ،‬وكتب توضع‬ ‫تحت اسم يختار هكذا [‪( ]...‬إلى جانبها توجد كتب توضع باالسم الحقيق ّ‬
‫ي لكن لشخص آخر)»‪ .‬واليوم في معجم «روبير» (‪ )Robert‬ال يت ّم التّركيز ال على التّقليد وال‬ ‫باالسم الحقيق ّ‬
‫بحريّة من طرف شخص إلخفاء‬ ‫حريّة اإلبداع‪(« :‬االسم المستعار» في أيّامنا اسم اختير ّ‬ ‫على الكذب بل على ّ‬
‫ي جانب آخر من نشاطه» [‪« ]...‬جيرار جينات» ( ‪Gérard‬‬ ‫هويّته في حياته الف ّنيّة‪ ،‬األدبيّة‪ ،‬التّجاريّة‪ ،‬أو في أ ّ‬
‫ي‬
‫يفرق [‪ ]...‬بين [‪( ]...‬اإلمضاء باالسم الموجود في الحالة المدنيّة ‪ onymat‬وبين االسم المخف ّ‬ ‫‪ّ )Genette‬‬
‫‪ anonymat‬والمستعار ‪ :pseudonymat‬المزيِّّف ‪ ،l’apocryphe‬السّارق ‪ ،le plagiaire‬الكاتب المستبدل‬
‫ي ‪ le nègre‬وهو الذي يكتب لغيره)‪ .‬خالفا للكنية‪ ،‬التي هي من خلق الوسط‬ ‫‪ّ ،l’auteur supposé‬‬
‫الزنج ّ‬
‫شخص‪ ،‬فاالسم المستعار‪ ،‬وهو من خلق من يحمله‪ ،‬يشير فقط إلى جانب مختار من‬ ‫والتي يعيّن بها ك ّل ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المؤلف‪ ،‬الفنّان‪ ،‬الممثل‪ ،‬المناضل‪ ،‬قاطع الطرق‪ .‬بين محو اسم األسرة واختيار اسم مستعار تنتج‬ ‫ّ‬ ‫شخص‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫حريّة خالّقة"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سلطة‬
‫مالحظة‪ :‬ذكر في هذا المقتطف كتابان ها ّمان في المسألة التي نحن بصددها‪ ،‬وهذه بطاقة تعريفهما كاملة‪:‬‬
‫‪Charles Nodier, Questions de littérature légale : Du plagiat, de la supposition‬‬
‫‪d’auteurs, des supercheries qui ont rapport aux livres. Ouvrage qui peut servir de‬‬
‫‪suite au dictionnaire des anonymes et à toutes les bibliographies, Barba, Libraire,‬‬
‫‪Palais Royal, Paris, 1812; J.-M. Quérard, Les Supercheries littéraires dévoilées:‬‬
‫‪galerie des écrivains français de toute l'Europe qui se sont déguisés sous des‬‬
‫‪anagrammes, des astéronymes, des cryptonymes, des initialismes, des noms‬‬
‫‪littéraires, des pseudonymes facétieux, G.-P. Maisonneuve et Larose, Paris, 1964.‬‬
‫انظر كذلك مراجع درس «أنطوان كومپانيون»‪:‬‬
‫‪Michel Schneider, Voleurs de mots : Essai sur le plagiat, la psychanalyse et la‬‬
‫‪pensée, Gallimard, 1985 ; Christian Vandendorpe (sous la dir. de), Le Plagiat,‬‬
‫‪Presses Universitaires d’Ottawa, 1992 ; Hélène Maurel-Indart, Du plagiat, P.U.F.,‬‬
‫‪1999 ; Maurice Laugaa, La Pensée du pseudonyme, P.U.F., 1986 ; « Anagramme »,‬‬
‫‪Atlas des littératures, Encyclopædia Universalis ; Jean-François Jeandillou,‬‬
‫‪Esthétique de la mystification : Tactique et stratégie littéraires , Éd. de Minuit,‬‬
‫‪1994 ; Gérard Genette, Palimpsestes , Éd. du Seuil, 1982 ; Jean Starobinski, Les‬‬
‫; ‪Mots sous les mots : Les anagrammes de Ferdinand de Saussure , Gallimard, 1971‬‬
‫‪Mallarmé, Œuvres complètes , Pléiade, 1945 ; Valéry, Œuvres , Pléiade, 1957-1960,‬‬
‫‪2 vol ; Maurice Blanchot, Le Livre à venir (1959), Gallimard, Folio.‬‬
‫صباح‪،‬‬‫الظاهرة القديمة والعالميّة‪ ،‬انظر ما كتبه فرج شوشان (جريدة ال ّ‬ ‫ي على هذه ّ‬ ‫وكمثال حديث وتونس ّ‬
‫مطوال للمغربي عبّاس‬ ‫ّ‬ ‫الخميس ‪ 25‬أكتوبر ‪ )2007‬حول األستاذ الجامعي مح ّمد الكحالوي‪ ،‬وحول سرقته مقاال‬
‫الجراري («أثر األندلس على أوروبا في مجال النّغم واإليقاع»‪ ،‬منشور في مجلّة «عالم الفكر» الكويتيّة‪،‬في‬ ‫ّ‬
‫صص لحضارة األندلس‪ :‬العدد األ ّول‪ ،‬المجلّد الث ّاني عشر‪ ،‬أبريل ـ مايو ـ يونيو ‪ ،1981‬من ص ‪11‬‬ ‫عدد مخ ّ‬
‫إلى ص ‪ ،74‬حجم ‪ 22 × 28،5‬سم) ونشره في كتاب (مح ّمد الكحالوي‪ ،‬الموسيقى العربيّة باألندلس‪.‬أشكالها‪،‬‬
‫تأثيراتها في أوروبا‪ ،‬منشورات مح ّمد بوذينة‪ ،‬تونس)‪ ]...[" :‬وهكذا نتبيّن بعد الدّرس والمقارنة ّ‬
‫أن مح ّمد‬
‫ص بكامله (ما عدا‬ ‫الكحالوي أخذ البحث الذي نشره األستاذ عبّاس الجراري ونشره باسمه في كتاب ‪ ...‬أخذ النّ ّ‬
‫بعض الفقرات)‪ ،‬بلفظه ومعناه‪ ،‬بموضوعه وأسلوبه‪ ،‬بتراكيبه وعناوينه‪ ،‬بترتيب فقراته‪ ،‬بأخطائه المطبعيّة‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪110‬‬

‫[‪ ]...‬ونصل أحيانا عند التّثبّت في بعض الهوامش إلى مواقف سوريالة‪ :‬مثال يشير األستاذ عبّاس الجراري في‬
‫عزونة ‪ ،»...‬هذا‬ ‫الهامش ‪( 152‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬ص ‪ )59‬إلى «الباحث التّونسي صديقنا الدّكتور جلّول ّ‬
‫الهامش نقله الكحالوي بحذافيره ‪ ...‬فسطا حتّى على أصدقاء األستاذ عبّاس الجراري ونسبهم إلى نفسه!! (انظر‬
‫الكحالوي‪ ،‬ص ‪.)92‬‬
‫أن الكحالوي ينسب كتب عبّاس الجراري إلى نفسه (انظر الهامش رقم ‪ 102‬مثال في كتاب‬ ‫والعجب العجاب ّ‬
‫الكحالوي‪ :‬ص ‪ .)64‬يذكر الهامش‪ ،‬وهو منقول حرفيّا عن بحث عبّاس الجراري (عالم الفكر‪ ،‬ص ‪:)41‬‬
‫األول من كتابنا (!!)‪ :‬األدب المغربي من خالل ظواهره‬ ‫«انظر الموضوعات المتعلّقة بالمرابطين في الجزء ّ‬
‫الرباط )» ‪ ...‬وهكذا نسب الكحالوي كتاب عبّاس الجراري إلى نفسه !! فبعد أن سطا‬ ‫وقضاياه (دار المعارف‪ّ .‬‬
‫على بحثه‪،‬أغار على بقيّة مؤلّفاته [‪."]...‬‬
‫صباح‪ ،‬السّبت ‪ 27‬أكتوبر ‪،)2007‬‬ ‫انظر أيضا جواب األستاذ مح ّمد الكحالوي على المقال الذي نشِّر ضدّه (ال ّ‬
‫صباح‪ 30 ،‬أكتوبر ‪.)2007‬‬ ‫وانظر حول نفس القضيّة مقال كمال ال ّشيحاوي (ال ّ‬
‫ّ‬
‫ويمكن أن نزيد مثاال أحدث من السّابق‪ .‬حاصل المثال أنه صدر في تونس كتاب عن المنهجيّة لمجموعة من‬
‫األساتذة‪:‬‬
‫فرحات الحرشاني (تحت إدارة)‪ ،‬منهجيّة إعداد االمتحانات والمناظرات في القانون العا ّم‪ ،‬مركز النّشر‬
‫الجامعي‪ ،‬تونس‪/2008 ،‬‬
‫‪Ferhat Horchani (sous la direction de), Méthodologie de la préparation des examens‬‬
‫‪et des concours en droit public, Centre de Publication Universitaire, Tunis, 2008.‬‬
‫ص ممضى‬ ‫يتعلق بمنهجيّة االستشارة (ص ‪ 35‬وما بعده)‪ .‬هذا ال ّن ّ‬ ‫نص ّ‬‫في الجزء الفرنسي من هذا الكتاب يوجد ّ‬
‫من "هيكل بن محفوظ"‪.‬‬
‫ي‬
‫الكترون ّ‬ ‫موقع‬ ‫على‬ ‫وجدنا‬ ‫‪)2012‬‬ ‫مارس‬ ‫(‪27‬‬ ‫اليوم‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫لكن‬
‫(‪http://www.jurisnantes.com/jurithode-le-guide-methodologique-f91/methodologie-‬‬
‫ص الذي وجدناه منسوب إلى شخص‬ ‫ص مع اختالفات طفيفة‪ .‬وال ّن ّ‬ ‫‪ )du-cas-pratique-t55.htm‬نفس النّ ّ‬
‫ومؤرخ في ‪ 30‬ماي ‪ .2006‬هذا يعني – إذا اعتمدنا تاريخ‬ ‫ّ‬ ‫اسمه "دافيد ميليسون" ‪،David Melison‬‬
‫نص هيكل‬‫ص الموجود على االنترنت قد سرق ّ‬ ‫أن النّ ّ‬
‫ي (وهو ما ينبغي) – ‪ :‬إ ّما ّ‬ ‫اطالعنا على الموقع االلكترون ّ‬ ‫ّ‬
‫محفوظ‪ ،‬وإ ّما العكس‪ .‬والقول بإحدى الفرضيّتين رهين معرفة تاريخ وضع مقال االنترنت على الموقع المذكور‬
‫(التّاريخ الموجود عليه ليس حجّة أل ّنه يمكن تغييره)‪.‬‬
‫األول‬
‫ص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ص اآلخر موجود على االنترنت؛ أي ألن الن ّ‬ ‫ّ‬
‫وألن الن ّ‬‫ّ‬ ‫نص هيكل محفوظ موجود في كتاب‪،‬‬ ‫وألن ّ‬‫ّ‬
‫ص الثّاني كما جاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫هذا‬ ‫سننقل‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ن‬‫فإ‬ ‫نترنت‪،‬‬ ‫اال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يختفي‬ ‫أن‬ ‫فيمكن‬ ‫اني‬ ‫ّ‬ ‫ث‬‫ال‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫جوع‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫دائما‬ ‫يمكن‬
‫بأن األمر يتعلّق بسرقة (بعد ذلك يمكن للقارئ أن يبحث من هو السّارق‪ :‬هيكل‬ ‫ليتبيّن القارئ أن ال مجال للشّكّ ّ‬
‫ابن محفوظ أم "دافيد ميليسون"؟)‪.‬‬
‫ص الممضى من‬ ‫ص الممضى من "دافيد ميليسون" ما هو موجود بحذافيره في النّ ّ‬ ‫سنسطر في ال ّن ّ‬‫ّ‬ ‫مالحظة‪:‬‬
‫هيكل محفوظ‪.‬‬
‫‪"Le cas pratique est le type d'épreuve dont la méthode est la plus facile à assimiler.‬‬
‫‪L'étude de cas est pratiquée par les lycéens ayant opté pour une terminale‬‬
‫‪économique et le droit est souvent présenté par les journaux sous l'angle de faits‬‬
‫‪divers résolus, ou de questions concrètes.‬‬
‫‪I Variantes : cas pratiques, consultations, conclusions...‬‬
‫‪La catégorie des cas pratiques telle que nous l'entendons n'est pas très homogène.‬‬
‫‪Elle recouvre des types de demandes sensiblement différentes.‬‬
‫‪Le sujet peut vous être présenté de manière objective, avec pour simple consigne‬‬
‫‪d'analyser la situation, auquel cas il convient d'envisager les différents problèmes‬‬
‫‪juridiques séparément, et sans prendre parti de manière irrationnelle.‬‬
‫‪Le sujet peut être plus original et se présenter sous la forme d'une consultation,‬‬
‫‪écrite ou orale. Remarque: certains enseignants adorent les simulations ! Lorsque le‬‬
‫‪sujet prend la forme d'une lettre, il est bon de répondre selon les usages, en rendant‬‬
‫‪si possible à l'auteur du sujet l'ironie dont il a fait preuve (mais sans signer). Le style‬‬
‫‪ne devra jamais être négligé, même si l'examinateur feint l'ignorance ou s'exprime‬‬
‫‪délibérément de manière incorrecte. L'erreur relevée avec tact éveillera l'admiration‬‬
111 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

du correcteur. Ce conseil est à prendre avec prudence, en fonction du caractère de ce


dernier. Certains enseignants déconseillent l'ironie ou la reprise du style du sujet.
Donc la méthode est à réserver aux excellents étudiants ou pour un oral.
Enfin, lorsque l'expérience pèsera sur vos épaules, certains praticiens vous
demanderont peut-être de rédiger des conclusions ou un mémoire en défense. La
stratégie n'est que partiellement opposée à l'analyse traditionnelle du cas pratique.
En effet, la défense ne doit pas se nourrir d'arguments fallacieux ou imaginaires mais
reposer sur des arguments juridiques. Cependant, l'art du concluant consiste à faire
en sorte que le lecteur ne se focalise pas sur les faiblesses d'un dossier, mais au
contraire emporte la conviction, au besoin en jouant sur l'émotion plutôt que sur la
raison.
II Découverte du sujet
Comme dans toutes les épreuves, la réussite repose sur une lecture attentive du sujet.
Il ne faut jamais se hâter.Même avec un sujet très court, il est possible de commettre
des erreurs. La vigilance doit notamment redoubler face à des dates ou des délais.
La relecture est l'occasion de s'assurer qu'aucun fait n'a été omis et de souligner les
éléments essentiels du sujet.
La sélection des informations peut alors s'opérer au brouillon. C'est certainement la
phase la plus délicate, car elle exige de juger de la pertinence juridique des faits.
Certains peuvent paraître anodins, alors qu'ils contribuent à déterminer si les
conditions d'une action sont remplies. L'élimination des faits inutiles intervient en
même temps. Toutes les informations superflues doivent être écartées. Les
mentionner dans un devoir serait inutile et apprécié négativement.
Au besoin, une chronologie sera dressée pour clarifier l'enchaînement des
événements.
III Résolution du cas
A Le raisonnement juridique
Les informations pertinentes seront ensuite qualifiées juridiquement. La simple
reproduction des faits est insuffisante. La question de la qualification joue de
manière évidente à propos des contrats spéciaux.
Ainsi, imaginons qu'un sujet indique que l'une des parties a la jouissance de la chose
d'autrui. Il conviendra de s'interroger sur la qualification de cette jouissance. S'agit-il
d'une jouissance de fait ou de droit ? A titre onéreux ou à titre gratuit ? Portant sur
un meuble ou un immeuble ?... Si la jouissance du bien est accordée en contrepartie
d'un paiement mensuel, l'opération sera probablement qualifiée de bail.
On peut encore concevoir le cas d'une épouse excédée par son mari, souhaitant
mettre fin à l'union conjugale et désirant être indemnisée pour les services rendus ou
les vexations subies. La qualification exacte du cas de divorce ou encore du mode de
réparation restera à déterminer.
La qualification ne précède pas toujours systématiquement la résolution ou l'exposé
des règles. Quand existe une difficulté sur la qualification (hésitation entre le bail et
la vente par exemple), celle-ci doit apparaître dans le développement, à propos des
conditions essentielles. Plus les faits sont denses, plus les hypothèses sont
nombreuses. Et c'est justement des hypothèses qu'il convient d'émettre pour résoudre
correctement un cas pratique. Toutes les sciences expérimentales tirent leurs "lois" à
partir de l'émission d'hypothèses confrontées à la réalité. Les cas pratiques
n'échappent pas à cette méthode.
‫ التّعبري‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 112

Dans un cas pratique ouvert, l'étudiant doit soulever toutes les questions
intéressantes, parfois même imprévues par le créateur du sujet. Il faut néanmoins
garder présente à l'esprit l'impossibilité de tout remettre en cause. Les faits présentés
seront donc considérés comme vrais. En revanche, les allégations des parties
pourront être relativisées.
Lorsque le doute persiste, le cas doit être traité en envisageant les différentes
hypothèses. L'analyse juridique de la nature des biens figure fréquemment en bonne
place dans les sujets d'examen de première année. Les étudiants sont conviés à
qualifier tel pot de fleur ou telle statue. Le correcteur n'attend pas une réponse toute
faite, sauf lorsque les précisions sont suffisantes. Il souhaite voir posées les
questions complémentaires qui permettent de donner la solution.
Arrivons-en maintenant à l'analyse juridique. Une fois les hypothèses juridiques
clairement établies, des problèmes juridiques apparaissent. Un cas pratique tourne
souvent autour des actions que peuvent engager les parties, ou concerne encore
l'analyse de la validité d'un acte juridique. Les problèmes doivent être formulés au
brouillon, s'ils ne le sont pas déjà sous forme interrogative dans le sujet.
Impossible de contourner ici le lieu commun du syllogisme juridique. La proposition
principale, l'hypothèse, doit être confrontée au droit objectif pour en induire la
solution juridique. Après l'exposé des faits, qualifiés juridiquement, il faut donc
expliquer la règle juridique.
Par exemple, dans une hypothèse de consultation sur un divorce pour rupture de la
vie commune, il faudra indiquer les conditions imposées dans ce divorce (délai de la
séparation + caractères du délai + clause d'exceptionnelle dureté...). Si ces
conditionsde fond sont remplies, il faudra préciser le régime de l'action.
En droit des biens, on songera notamment à l'usucapion, qui repose sur de
nombreuses conditions, a fortiori lorsqu'elle est abrégée. Toutes les conditions seront
expliquées et rapportées à l'espèce, une à une.
Il existe plusieurs formules pour confronter la règle aux faits : «en l'espèce», «dans
le cas présent», «dans une telle hypothèse», «en l'occurrence» (attention aux
fautes)... La conclusion ou solution découle en principe de l'analyse des faits et des
conditions posées par le droit objectif. Dans certains cas, la solution ne se trouve pas
immédiatement. La question initiale peut faire apparaître, à l'analyse, d'autres
questions sous-jacentes, auxquelles il faudra apporter une réponse avant de trouver
la solution finale.
Jusque-là pourrait-on supposer, tout est simple. Le juriste serait, dans le sens
commun, l'homme averti des lois et de la jurisprudence. Ainsi, l'étude du droit se
résumerait à un apprentissage de solutions applicables à des cas particuliers. Et
pourtant, non ! Il ne suffit pas de décrire une situation, à supposer l'objectivité
envisageable, pour que le juriste sorte une solution de son chapeau, sans quoi la
justice aurait depuis longtemps été déléguée à un ordinateur. Pour que la solution
soit certaine, encore faut-il que les prémisses le soient aussi, et c'est loin d'être
évident. Tout d'abord, les faits sont souvent contestables. Mais surtout, la règle de
droit n'est pas toujours clairement imposée. Le droit positif est dynamique, et les
interprétations doctrinales variées. Face à une question, plusieurs approches sont
concevables. Le cas pratique sert bien sûr à faire émerger des solutions, mais comme
le répètent inlassablement les enseignants, seul le raisonnement compte. Dans les
premières années, il vaut quand même mieux adopter le raisonnement de
l'enseignant (ce conseil n'est pas valable pour les étudiants brillants) ! Les
113 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫ كان يستعير‬...( ‫األول ينقد كثيرا الثّاني‬


ّ ‫ كان‬،‫ وليخفي استعاراته‬.)Pillet(
‫ فإذا كان الموضوع (لدرس تبريز في المثال) هو‬.)!!!‫ وينقد كثيرا‬... ‫كثيرا‬
:‫ أعطى ذلك‬،)Niboyet("‫"نيبوايي‬
§ 1. Niboyet pille Pillet
§ 2. Niboyet torpille Pillet
"‫ "نيبوايي" ينتحل أفكار "بيلي‬:‫الفقرة األولى‬
"‫ "نيبوايي" ينسف أفكار "بيلي‬:‫الفقرة الثّانية‬
‫ لكن الذي لم ننجح فيه هنا هو اإلتيان‬.‫ لم ننجح‬،‫ وعلى غرار ما سبق‬،‫ هنا‬:‫مالحظة‬
.‫ي‬ ّ ّ‫بترجمة تؤدّي المقابلة بنفس الدّرجة التي تؤدّيها عبارات الن‬
ّ ‫ص األصل‬

controverses jurisprudentielles et doctrinales devront être évoquées dans l'exposé


des règles. Les incertitudes seront aussi mentionnées.
B Forme de la résolution du cas pratique
La forme imposée pour la résolution des cas pratiques est la moins rigide.
L'introduction est facultative, de même que la conclusion. L'introduction peut servir
à reprendre les problèmes juridiques essentiels. L'introduction ne se justifie que si
elle constitue une réelle synthèse. Recopier le sujet dans sa copie est une erreur.
Seuls les faits pertinents et qualifiés juridiquement doivent être énoncés.
Le plan ne doit pas automatiquement satisfaire à la sainte division en deux parties et
deux sous-parties. Chaque question ou problème juridique doit être résolu(e)
séparément. Aucun scrupule donc à afficher sept parties si nécessaire. Cela n'exclut
pas un plan travaillé, envisagé pour chaque problème, ou encore pour rassembler des
questions proches. Mais le barème ne tient généralement pas compte du plan.
Pour chaque problème juridique, la technique sera toujours celle exposée
précédemment (exposé des faits, règle, application). Afin de rompre la monotonie, il
est plus que déconseillé d'exposer les règles sur une page entière avec application à
l'espèce dans un conclusif. Chaque question peut en effet être décomposée en
plusieurs problèmes sous-jacents (cf. supra). Les micro-questions seront traitées
dans un ordre logique pour parvenir à la conclusion générale. Reprenons l'exemple
de l'épouse souhaitant divorcer en raison d'une rupture de la vie commune. Plutôt
que d'exposer toutes les règles et de les appliquer dans un paragraphe final, il est
préférable de voir chaque condition séparément et d'appliquer immédiatement au cas
(séparation, durée du délai, continuité de la séparation, clause d'exceptionnelle
dureté, risque d'une demande reconventionnelle, indemnisation/pension, délai pour
agir, juridiction compétente...). Cette fiche a été rédigée par David Melison le
30/05/2006 ".
‫ وبعد ال ّنظر إلى ما جاء فيه ومقارنته‬."‫هنا ينتهي الكالم الذي نقلناه عن االنترنت والممضى من "دافيد ميليسون‬
‫ بل‬،‫ فما نقل‬.‫أن هنالك سرقة‬ ّ ‫ ال يمكن أن نشكّ لحظة واحدة‬،"‫بما جاء في العمل الممضى من "هيكل بن محفوظ‬
.‫أن هنالك عمدا‬ّ ‫أن هنالك سرقة وعلى‬
ّ ‫ ك ّل ذلك يد ّل على‬،‫ما حذف ولم ينقل‬
ّ
‫نص "هيكل محفوظ" لن يتردّد في القول إننا أمام ما‬ ّ ‫نص "دافيد ميليسون" وإلى‬ّ ‫ من ينظر إلى‬:‫بتعبير مغاير‬
‫نص‬
ّ ‫ أي أمام حضور‬،)149 ‫ناص الفقرة عدد‬ ّ ّ ‫ (انظر حول الت‬Intertextualité "‫صا‬ ّ ‫صار يس ّمى اليوم "تنا‬
‫) أو التّلميح‬citation( ‫إن هذا الحضور قد ت ّم ال بواسطة االستشهاد‬
ّ ‫ كما أنّه لن يتردّد في القول‬.‫نص آخر‬ّ ‫داخل‬
.)plagiat( ‫ بل بواسطة السّرقة‬،)allusion(
.74 ‫الظاهرة الفقرة عدد‬ّ ‫انظر حول نفس‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪114‬‬

‫أن اإلتيان بعناوين فيها "مطابقة" و"مقابلة" أمر غير‬ ‫لكن ما سبق ال يعني ّ‬
‫سنات المعنويّة‪ .184‬من‬ ‫مرغوب فيه في ك ّل األحوال‪ .‬ف ّ‬
‫الطباق والمقابلة من المح ّ‬

‫"الطباق‪ .‬وهو ضرب من المحسّنات البديعيّة المعنويّة [‪( ]...‬و) اصطالحا هو الجمع بين لفظتين متقابلتين‬ ‫ّ‬ ‫‪184‬‬

‫ي فيهما‬ ‫ّ‬ ‫المعنو‬ ‫قابل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫يربط‬ ‫أن‬ ‫ّامع‬ ‫س‬‫ال‬ ‫يستطيع‬ ‫متتاليتين‬ ‫جملتين‬ ‫في‬ ‫أو‬ ‫واحدة‬ ‫جملة‬ ‫في‬ ‫ذلك‬ ‫ويكون‬ ‫المعنى‪.‬‬ ‫في‬
‫[‪]...‬‬
‫شابي) [‪]...‬‬ ‫الظالم عد ّو الحياة (ال ّ‬ ‫الظالم المستبدّ ** حبيب ّ‬ ‫أال أيّها ّ‬
‫الطباق بين اسمين‪:‬‬ ‫ويكون ّ‬
‫اْلخّ ر َوالظاهّر َوا ْلبَاطّ ن‪[ ‬الحديد‪]3/‬‬ ‫‪‬ه َو ْاألَول َو ْ َ‬
‫سبه ْم أ َ ْيقَاظا َوه ْم رقو ٌد‪[ ‬الكهف‪]18/‬‬ ‫‪َ ‬وتَحْ َ‬
‫أو بين فعلين‪:‬‬
‫ض َحكَ َوأ َ ْبكَى (‪َ )43‬وأَنه ه َو أ َ َماتَ َوأَحْ يَا‪[ ‬ال ّنجم‪]44 ،43/‬‬ ‫‪َ ‬وأَنه ه َو أ َ ْ‬
‫‪‬ثم َال َيموت فّيهَا َو َال يَحْ َيى‪[ ‬األعلى‪]13/‬‬
‫أو بين حرفين‪:‬‬
‫وف‪[ ‬البقرة‪]228/‬‬ ‫علَي ّْهن ّبا ْل َمعْر ّ‬ ‫‪َ ‬ولَهن مّ ثْل الذّي َ‬
‫الطباق بين اسم وفعل‪:‬‬ ‫ويكون ّ‬
‫اس‪[ ‬األنعام‪]122/‬‬ ‫‪‬أ َ َو َم ْن كَانَ َميْتا فأحْ يَ ْينَاه َو َج َع ْلنَا َله نورا يَ ْمشّي بّ ّه فّي الن ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫]‪[،‬الزمر‪[،]36/‬غافر‪.]33/‬‬ ‫ّ‬ ‫]‪[،‬الزمر‪23/‬‬ ‫ّ‬ ‫[الرعد‪33/‬‬ ‫ض ّل ّل َّللا فَ َما َله مّ ْن هَا ٍد‪ّ ‬‬ ‫‪َ ‬و َم ْن ي ْ‬
‫والطباق نوعان‪ :‬طباق السّلب وطباق اإليجاب [‪]...‬‬ ‫ّ‬
‫ضدّان سلبا وإيجابا (إ ّما إيجابيّان أو سلبيّان) مثل‪:‬‬ ‫(وطباق اإليجاب) ما لم يختلف فيه ال ّ‬
‫‪‬ق ّل اللهم َما ّلكَ ا ْلم ْلكّ تؤْ تّي ا ْلم ْلكَ َم ْن تَشَاء َوت َ ْن ّزع ا ْلم ْلكَ مّ م ْن تَشَاء َوت ّعزُّ َم ْن تَشَاء َوت ّذ ُّل َم ْن تَشَاء‪[ ‬آل‬
‫عمران‪]26/‬‬
‫عز >< تذ ّل‬ ‫ت ّ‬ ‫تؤتي >< تنزع‬
‫ضدّان إيجابا وسلبا بحيث يجمع بين فعلين من مصدر واحد أحدهما‬ ‫[‪( ]...‬أ ّما طباق السّلب فهو) ما اختلف فيه ال ّ‬
‫ي في كالم واحد مثل‪:‬‬ ‫مثبت واآلخر منف ّ‬
‫[الزمر‪]9/‬‬ ‫ست َ ّوي ال ّذينَ يَ ْع َلمونَ َوال ّذينَ َال يَ ْعلَمونَ ‪ّ ‬‬ ‫‪َ ‬ه ْل يَ ْ‬
‫ست َْخفونَ مّ نَ َّللاّ‪[ ‬النّساء‪]108/‬‬ ‫اس َو َال يَ ْ‬‫ست َْخفونَ مّ نَ الن ّ‬ ‫‪‬يَ ْ‬
‫شت َروا ّبآ َ َياتّي ث َ َمنا قَلّيال‪[ ‬المائدة‪]44/‬‬ ‫اخش َْو ّن َو َال ت َ ْ‬ ‫اس َو ْ‬ ‫‪‬فَ َال ت َْخشَوا الن َ‬
‫والمثال األخير قائم على األمر والنّهي وهو من نوع طباق السّلب [‪]...‬‬
‫بالطباق ما بني على المضادّة تأويال في المعنى‪ :‬يَ ْغفّر ّل َم ْن يَشَاء َويعَذّّب َم ْن يَشَاء‪[ ‬آل‬ ‫ّ‬ ‫(و) يلحق‬
‫عمران‪[ ،]129/‬المائدة‪[ ،]18/‬الفتح‪]14/‬‬
‫يغفر >< يعذّب‬
‫[‪( ]...‬و) المقابلة [‪ ]...‬هي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ث ّم يؤتى بما يقابلهما على التّرتيب‪ .‬وهي أع ّم من‬
‫الطباق اللفظة المفردة أ ّما مجال المقابلة فهو التّركيب والجملة‪.‬‬ ‫الطباق ألنّها تتض ّمن أكثر من مطابقة‪ .‬فمجال ّ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ت َويخ ّرج ال َميّتَ مّ نَ الح ّ‬
‫َي ّ‪‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فالمقابلة تقوم دائما بين مركبين أو بين جملتين مثل‪:‬يخ ّرج الحَي مّ نَ ال َميّ ّ‬ ‫ّ‬
‫[الروم‪]19/‬‬ ‫[يونس‪ّ ،]31/‬‬
‫ضحَكوا قَلّيال َو ْل َيبْكوا َكثّيرا‪[ ‬التّوبة‪]82/‬‬ ‫‪‬فَ ْل َي ْ‬
‫[‪ ]...‬وقد تقوم المقابلة [‪ ]...‬على مقابلة اثنين باثنين‪ .‬مثال‪ :‬إذا أوعد أ ّخر‪ ،‬وإذا وعد عجّل‪.‬‬
‫بالرجل‬‫[‪( ]...‬وقد تكون) مقابلة ثالثة بثالثة‪ .‬مثال‪ :‬ما أحسن الدّين والدّنيا إذا اجتمعا ** وأقبح الكفر واإلفالس ّ‬
‫سنَى (‪)6‬‬ ‫[‪( ]...‬وقد تكون) مقابلة أربعة بأربعة‪ .‬مثال‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬فَأَما َم ْن أ َ ْع َطى َواتقَى (‪َ )5‬وصَدقَ بّا ْلح ْ‬
‫سّره ّل ْلعس َْرى‪[ ‬الليل‪." ]10 ،5/‬‬ ‫سنيَ ّ‬‫سنَى (‪ )9‬فَ َ‬ ‫ب بّا ْلح ْ‬‫ست َ ْغنَى (‪َ )8‬وكَذ َ‬ ‫سّره ّل ْليس َْرى (‪َ )7‬وأَما َم ْن بَخّ َل َوا ْ‬ ‫سنيَ ّ‬ ‫فَ َ‬
‫شعبة‪ :‬اللغة واآلداب العربيّة (مرحلة أولى)‪،‬‬ ‫المستمر – ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خالد ميالد‪ ،‬البالغة‪ ،‬المعهد األعلى للتربية والتكوين‬
‫د‪.‬م‪ ،.‬د‪ .‬ت‪ ،.‬ص ‪ 92‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر أيضا‪(" :‬المقابلة) أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو معان متوافقة‪ ،‬ث ّم يؤتى بما يقابل ذلك على التّرتيب‪...‬‬
‫الطمع‪ .‬وقال خالد بن‬ ‫وسلم لألنصار‪ :‬إنّكم لتكثرون عند الفزع‪ ،‬وتقلّون عند ّ‬ ‫ّ‬ ‫صلى هللا عليه‬ ‫(مثال) ‪ ...‬قال ّ‬
‫عدو في العالنية‪ .‬ال ّسيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة في‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫ّر‪،‬‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫صديق‬ ‫له‬ ‫ليس‬ ‫رجال‪:‬‬ ‫صفوان يصف‬
‫المعاني والبيان والبديع‪ ،‬تحقيق مح ّمد التّونجي‪ ،‬مؤسّسة المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.)393‬‬
‫شحّات مح ّمد أبو‬ ‫والمطابقة "الجمع بين المتضادّين في كالم واحد‪ ،‬أو ما هو كالكالم الواحد في االتّصال"‪ .‬ال ّ‬
‫‪115‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫هذا المنطلق هما مطلوبان‪ .‬لكن ما ال يرغب فيه هو المطابقة أو المقابلة التي‬
‫شكل على‬ ‫صناعة على الوظيفة وال ّ‬ ‫سف فيها ال ّ‬ ‫تنبئ بهزل‪ ،‬وعموما تلك التي تتع ّ‬
‫المضمون‪.‬‬
‫يفرق بين المطابقة والمقابلة‪ ،‬لذا سنورد له كالما ً‬ ‫جاء عند أحدهم (مالحظة‪ :‬هو ّ‬
‫ّأوالً عن األولى‪ ،‬وكالما ً ثانيا ً عن الثّانية)‪:‬‬

‫جمرد امجلعبّي املعاين املتقابةل وا أللفاظ املتضادّة‪ ،‬فهذه ِحلية‬


‫الطباق ال تمكن يف ّ‬ ‫"ا ّن بالغة ّ‬
‫الطباق‬‫شلك ّية وزخرفة لفظ ّية ال تقاس هبا جودة ا ألسلوب وال تقدّ ر هبا قميته‪ .‬وانّام ترجع بالغة ّ‬
‫اىل تأأثريه يف انحيتّي‪ :‬انحية لفظ ّية‪ ،‬وذكل مبجيئه يف ا ألسلوب سلسا ط ّيعا غري متلكّف‪،‬‬
‫فيخلع عليه جزاةل وخفامة‪ ،‬وجيعل هل وقعا مجيال مؤثّرا‪ .‬وانحية معنويّة‪ ،‬مبا حيقّقه من ايضاح‬
‫املعىن واظهاره‪ ،‬وتأأكيده وتقويته‪ ،‬عن طريق املقارنة بّي الضّ دّين [‪ ]...‬وينبغي أأن يكون ا ألثر‬
‫للطباق هو القائد اليه‪ ،‬وادلّ افع حنوه‪ ،‬وقد أأكّد االمام عبد القاهر عىل االضافة املعنويّة‬
‫املعنوي ّ‬
‫للطباق وسائر فنون البديع‪ ،‬وجعل علهيا مدار احلسن والقبح"‪.185‬‬ ‫ّ‬
‫"ينبغي أأن تكون (املقابةل) مطبوعة سلسة غري متلكّفة وال مصنوعة بقصد التّلوين البديعي [‪]...‬‬
‫الصناعة) [‪ ]...‬تظهر املعىن واحض ًا ّ ً‬
‫قواي مّتابط ًا‪ ،‬ففهيا‬ ‫واملقابةل البليغة ( أأي اليت مل ّ‬
‫تتعسف فهيا ّ‬
‫اليشء ومقابهل‪ ،‬وعقد مقارنة بيهنام‪ ،‬فتتّضح خصائص ّ‬
‫لك مهنام‪ ،‬وتتحدّ د املعاين املرادة‬ ‫ي ّمت ذكر ّ‬
‫قواي‪ .‬ويه من هذه اجلهة تش به املطابقة‪ ،‬االّ أأ ّن قيام املقابةل عىل امجلل‪،‬‬ ‫يف ّاذلهن حتديدا ّ ً‬
‫وبناؤها عىل املواهجة بّي معنيّي فأأكرث يضيف لها ّ‬
‫خاصيّة ال توجد يف املطابقة"‪.186‬‬

‫ستيت‪ ،‬دراسات منهجيّة في علم البديع‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،.‬د‪ .‬م‪ ،.‬ط ‪ ، 1،1994‬ص ‪.33‬‬
‫"وأكثر البالغيّين يجعلون المقابلة لونا مستقالّ من ألوان البديع‪ ،‬ويبحثونها في باب خاص بها‪ ،‬وخالفهم الخطيب‬
‫األول‬
‫فرق ابن أبي اإلصبع بينهما من وجهين‪ّ :‬‬ ‫القزويني في ذلك فأدخلها في ّ‬
‫الطباق وجعلها قسما منه [‪ ]...‬وقد ّ‬
‫أن المطابقة ال تكون إالّ بالجمع بين ضدّين‪ ،‬والمقابلة تكون غالبا بين أربعة أضداد‪ ،‬ضدّان في صدر الكالم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وضدّان في عجزه"‪ .‬الشحّات مح ّمد أبو ستيت‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫الطباق والمقابلة‪ ،‬وهو فصل كما ترى يعتمد عدد األطراف‬ ‫ي بين ّ‬ ‫انظر أيضا من يقول‪" :‬فصل الدّرس البالغ ّ‬
‫ولكن ذلك ال يعني أنّهما‬
‫ّ‬ ‫المتقابلة (واحد في ّ‬
‫الطباق‪ ،‬أ ّما في المقابلة فاثنان أو ثالثة أو أربعة أو خمسة أو ستّة)‪،‬‬
‫يختلفان في توليد المعنى في التّركيب"‪ .‬األزهر الزنّاد‪ ،‬دروس البالغة العربيّة‪ .‬نحو رؤية جديدة‪ ،‬المركز‬
‫الثّقافي العربي‪ ،‬الدّار البيضاء – بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1992 ،1‬ص ‪.178‬‬
‫شروق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1403 ،1‬هـ ‪-‬‬ ‫فن البديع‪ ،‬دار ال ّ‬
‫حول المقابلة والمطابقة انظر كذلك‪ :‬عبد القادر حسين‪ّ ،‬‬
‫‪ 1983‬م‪ ،‬ص ‪ 45‬وما بعدها؛ رفيق خليل عطوي‪ ،‬صناعة الكتابة‪ .‬علم البيان – علم المعاني – علم البديع‪ ،‬دار‬
‫العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1998 ،1‬ص ‪ 120‬وما بعدها وص ‪ 127‬وما بعدها؛ جالل الدّين السّيوطي‪،‬‬
‫شؤون اإلسالميّة واألوقاف والدّعوة‬ ‫اإلتقان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق مركز الدّراسات القرآنيّة‪ ،‬وزارة ال ّ‬
‫شريف‪ ،‬المملكة العربيّة السّعوديّة‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،.‬ص ‪ 1776‬وما‬ ‫واإلرشاد ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف ال ّ‬
‫بعدها‪.‬‬
‫شحّات مح ّمد أبو ستيت‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 50‬و‪.51‬‬ ‫‪ 185‬ال ّ‬
‫شحّات مح ّمد أبو ستيت‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 65‬و ‪.67‬‬ ‫‪ 186‬ال ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪116‬‬

‫وجاء أيضاً‪ ،‬لكن في اللغة الفرنسيّة وحول ما يس ّمى فيها (‪ ،)antithèse‬أي‬


‫ِّ ّ‬
‫الطباق‪:‬‬

‫الطباق ليس االّ انعاكسا للتّعارض املوجود حقيق ًة بّي ا ألفاكر‪ ،‬بّي الوقائع‪ ،‬بّي العواطف؛‬ ‫" ّ‬
‫والتّقريب بّي ا ألفاكر يؤدّي اىل مزيد وضوح‪ ،‬ومزيد ّقوة‪ ،‬ومزيد أأانقة‪ ،‬ومزيد تأأثري التّقريب‬
‫حىت أأ ّن مهنم من‬ ‫للطباق ّ‬ ‫بّي اللكامت‪ .‬اذن من أأين جاء استناكر عدد من علامء البالغة ّ‬
‫عيب‪ .‬وهو عيب‬ ‫حمهل ٌ‬ ‫الطباق يف غري ّ‬ ‫ذهب اىل منعه يف املواضيع اجلدّ يّة؟ اجلواب أأ ّن ّ‬
‫تحب ويف نفس الوقت خم ّيب للمال [‪ ]...‬ولقد أأوقع يف حباهل كثريا من الكتّاب‪ ،‬بل‬ ‫مس ّ‬
‫تعسف‬ ‫الطباق كام ّ‬ ‫تعسفوا يف ّ‬ ‫يشوهون ا ألفاكر ّ‬
‫ليقربوا اللكامت‪ .‬اهنّ م ّ‬ ‫ومن اجمليدين‪ ،‬وجعلهم ّ‬
‫غريمه يف احلذف أأو يف اجملاز أأو يف صيغ املبالغة أأو يف الكناية‪ .‬فهذه أأش ياء حس نة يف ذاهتا‪،‬‬
‫الطباق هو دوما‬ ‫عسف فهيا أأدّى اىل منع اس تعاملها‪ .‬ا ّن شلك امجلةل يف ّ‬ ‫لكن اخلوف من التّ ّ‬
‫ّ‬
‫لك يشء االّ ّالراتبة [‪ ]...‬واملفارقة‬‫واحد‪ .‬من هذه الوحدة تودل ّالراتبة‪ .‬وميكن أأن يُغفر ّ‬
‫التّناظريّة حتلو للفكر برشط أأن تُعرض ابعتدال ويف حملّها‪ .‬وفعال يقول «پاساكل» ا ّن اذلين‬
‫عسف عىل اللكامت مه اكذلين يرمسون‪ ،‬ألجل التّامثل والتّناظر‪ ،‬نوافذ‬ ‫يأأتون ّ‬
‫ابلطباق مع التّ ّ‬
‫الصور اليت جتب"‪.187‬‬ ‫ومه ّية‪ .‬ا ّن القانون اذلي حيمكهم ليس وجوب التّلكّم كام جيب بل رمس ّ‬

‫‪"L’antithèse n’est que le reflet de l’opposition qui existe réellement dans les 187‬‬
‫‪idées, les faits, les sentiments; et ce rapprochement préalable entre les idées ne peut‬‬
‫‪que gagner en clarté, en force, en grâce, en pathétique, au rapprochement entre les‬‬
‫‪mots. D’où vient donc que tant de rhéteurs blâment l’antithèse, et que certains vont‬‬
‫‪jusqu’à la bannir des sujets sérieux ? C’est que si l’antithèse déplacée est un vice,‬‬
‫‪elle est un vice aimable et décevant, dulce vitium, disait Quintilien à propos de‬‬
‫‪Sénèque; qu’en conséquence, beaucoup d’écrivains et des plus ingénieux se sont‬‬
‫‪laissé prendre à ses charmes, qu’ils ont torturé les choses pour rapprocher les mots,‬‬
‫‪qu’ils ont abusé de l’antithèse, comme d’autres de l’ellipse, de la métaphore, de‬‬
‫‪l’hyperbole, de la périphrase, choses également bonnes en soi, et qu’enfin la peur de‬‬
‫‪l’abus a fait proscrire l’usage ; c’est que, d’une autre part, le tour de phrase, dans‬‬
‫‪l’antithèse, étant toujours le même, que de l’uniformité naît toujours l’ennui, et‬‬
‫‪qu’on pardonne tout plutôt que l’ennui […] Ces contrastes symétriques plaisent à‬‬
‫‪l’esprit, pourvu qu’ils soient présentés sobrement et à propos. « En effet, dit Pascal,‬‬
‫‪ceux qui font des antithèses en forçant les mots sont comme ceux qui font de fausses‬‬
‫‪fenêtres pour la symétrie. Leur règle n’est pas de parler juste mais de faire des‬‬
‫‪figures justes »". A. Baron, préc., p. 340 et s‬‬
‫انظر أيضا هذا المقتطف الذي يتناول عموم مسألة العالقة بين شكل الكالم ومحتوى الكالم‪:‬‬
‫"(القاعدة الذّهبيّة التي ينبغي أن يقتنع بها من يتكلّم ومن يكتب) ال يوجد ما هو أفضل من الحقيقة‪ .‬وهذا ما يزيل‬
‫من الخطاب ما ال يتناهى من فضول القول وحشو المحسّنات البالغيّة ّ‬
‫الزائدة [‪ ]...‬وال شكّ ّ‬
‫أن [‪ ]...‬هذه القاعدة‬
‫تجعل األسلوب جا ّفا [‪( ]...‬لكن في المقابل هي تجعله) أكثر حيويّة [‪ ]...‬وأكثر جدّيّة [‪( ]...‬وهذا هو الالّئق)‬
‫قوة وأكثر دواما [‪( ]...‬أ ّما االنطباع) الذي ينشأ‬ ‫بالرجل [‪( ]...‬النّزيه‪ .‬واالنطباع الذي يخلّفه هذا ّ‬
‫الرجل) أشدّ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪117‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ويمكن أخذ المثال التّالي على أنّه لمطابقة أو لمقابلة مقبولة(يتعلّق األمر بطباق‬
‫بين حرفين)‪:‬‬
‫الموضوع‪ :‬األهليّة ّ‬
‫والزواج‬
‫لزواج (هنا ث ّم حذف‪ ،‬وتمام الجملة أن نقول‪ :‬األهليّة‬ ‫الفقر األولى‪ :‬األهليّة لــــ ّ‬
‫شرط ّ‬
‫للزواج)‬
‫الزواج (هنا أيضا ث ّم حذف‪ ،‬وتمام الجملة أن نقول‪:‬‬ ‫الفقرة الثّانية‪ :‬األهليّة بــــ ّ‬
‫بالزواج)‪.188‬‬‫سب ّ‬ ‫األهليّة تكت َ‬
‫أن من المطلوب أن تكون في العناوين ِّجدّة وطرافة‪ .‬بل ّ‬
‫إن‬ ‫م ّما سبق يستخلص ّ‬
‫والطرافة مطلوبتان في ك ّل جوانب الموضوع‪ .‬لكن‪ ،‬حتّى ال نقدّم للقارئ‬ ‫ّ‬ ‫الجدّة‬
‫ِّ‬
‫إن التّجديد‬
‫صورة ناقصة ومن ث ّم خادعة‪ ،‬ينبغي – في نفس الوقت الذي نقول له ّ‬
‫أمر مرغوب فيه –أن نحذّره من عواقبه المحتملة‪ .‬عن هذه العواقب قال أحدهم‪:‬‬
‫"يف أأحاكمنا عىل الغري‪ ،‬تعطي مالحظتنا لالبتاكر والتّجديد دلهيم مفعوال عكس يّا‪ :‬فنحن‬
‫نسخر من اذلين ي ّمتّيون‪ ،‬من اذلين ال يريدون أأن يفعلوا مثل الخرين‪ .‬يف هذا ّ‬
‫الاجتاه يشري‬
‫حيب اجملدّدين‪ ،‬ويف بعض‬ ‫فالر أأي العا ّم ال ّ‬ ‫«س تاندال» اىل أأ ّن الاختالف ّ‬
‫يودل الكراهيّة‪ّ .‬‬
‫لكن هذا التّشدّد معهم ميكن تفسريه اذ هو يتسلّط عىل التّجديد‬ ‫البالد يعاقهبم القانون‪ّ .‬‬
‫حنب اذلين يريدون‪ ،‬رمغ كوهنم مثلنا‪ ،‬أأن‬ ‫ّالزائف أأو اذلي ُحيمك عليه بكونه زائفا‪ .‬فنحن ال ّ‬
‫يترصفون‪ ،‬رمغ كوهنم يتساوون معنا‪ ،‬عىل أأهنّ م يف درجة أأعىل [‪]...‬‬
‫حنب اذلين ّ‬ ‫ي ّمتّيوا عنّا؛ ال ّ‬
‫يهترب من القانون أأو العرف يف الوقت اذلي ينبغي‪ ،‬حسب‬ ‫ا ّن اجملدّ د خشص م ّمترد‪ :‬فهو ّ‬
‫اعتقادان‪ ،‬أأن خيضع هل‪ .‬يف املقابل‪ ،‬اذا حمكنا عىل الابتاكر اذلي أأّت به بأأن ّه ليس زائفا‪ ،‬عندئذ‬

‫فقط من مراعاة صور التّأخير أو التّقديم البياني المتكلّفة [‪( ]...‬فانطباع زائف) يتخافت ويضمح ّل فور سماعه"‪.‬‬
‫أنطوان أرنولد وبيير نيكول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪"[…] il n’y a rien de beau que ce qui est vrai ; ce qui retrancherait des discours une‬‬
‫‪infinité de vains ornements […] Il est vrai que cette exactitude rend le style plus sec‬‬
‫‪et moins pompeux ; mais elle le rend aussi plus vif, plus sérieux, plus clair et plus‬‬
‫; ‪digne d’un honnête homme ; l’impression en est bien plus forte et bien plus durable‬‬
‫‪au lieu que celle qui naît simplement de ces périodes si ajustées, est tellement‬‬
‫‪superficielle, qu’elle s’évanouit presque aussitôt qu’on les a entendues ». Antoine‬‬
‫‪Arnold et Pierre Nicole, préc., p. 262.‬‬
‫‪188‬‬

‫‪Sujet : Capacité et mariage‬‬


‫‪Première partie : La capacité pour le mariage‬‬
‫‪Seconde partie : La capacité par le mariage‬‬
‫ التّعبري‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 118

ّ ‫نعلن بأأن ّه‬


.189"‫تفوق‬

‫أن تحقيق الوصف المتم ِّث ّل في وجوب‬


ّ ‫ويمكن أن يزاد على ما تقدّم تنبيه مفاده‬
‫أن يشدّ العنوان االنتباه ينبغي أن ال يكون على حساب وصفمساواة العنوان‬
.‫أن وصف المساواة هو األه ّم وهو األساسي‬ّ ‫ نجد‬،‫لمرة أخرى‬ ّ ،‫ هكذا‬.‫للمحتوى‬
.‫المرة التي ستأتي‬
ّ ‫واألمر كذلك في‬

‫― عناوين متماثلة ومتّسقة ومتوازية‬.‫سادسة‬


ّ ‫الفقرة ال‬

.‫― عرض الشّرط‬.61


:‫ إذن بغير المتماثل يظهر المتماثل‬.‫إن األشياء تعرف بأضدادها‬ ّ ‫يقال‬
ّ
:‫المخطط‬ ّ ‫♦ لنفرض‬
‫أن‬
‫صف الغلط بأن ذ ِّكر‬ ِّ ‫ صور الغلط في الواقع (في العنوان و‬:‫عنوان الفقرة األولى‬
.)‫ فقيل هو في الواقع‬،‫محلّه‬
.)‫ شروط الغلط (في العنوان لم يوصف الغلط‬:‫عنوان الفقرة الثّانية‬
ّ
:‫المخطط‬ ّ ‫♦ أو لنفرض‬
‫أن‬
‫ تراجع مبدأ سلطان اإلرادة(في العنوان حصل إخبار عن‬:‫عنوان الفقرة األولى‬
.)‫الرأسماليّة‬
ّ ‫ وهو مبدأ من مقوالت‬،‫مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫الرأسماليّة‬
ّ ‫الرأسماليّة (في العنوان حصل إخبار عن‬ ّ ‫ تجدّد‬:‫عنوان الفقرة الثّانية‬
.)‫نفسها‬
.‫♦ إلخ‬
.190‫◄ إذن عنوان الفقرة األولى ينبغي أن يكون مماثال لعنوان الفقرة الثّانية‬

"Dans nos jugements sur autrui, la constatation d’une originalité semble produire 189
un résultat tout opposé : nous raillons ceux qui se distinguent, ceux qui « ne veulent
pas faire comme les autres ». « Différence engendre haine » remarque Sthendal.
L’opinion publique n’aime pas les novateurs, et, dans certains pays, la loi les punit.
Mais cette sévérité s’explique. Elle ne s’exerce que sur l’originalité fausse ou crue
comme telle. Nous n’aimons pas les hommes qui, étant comme nous, tiennent à se
distinguer de nous, les hommes qui, étant nos égaux, agissent comme nos supérieurs
[…] Un novateur, c’est un révolté: il se soustrait à la loi ou à la coutume quand, à
notre avis, il devrait s’y soumettre. Au contraire si nous jugeons que son originalité
n’est pas mensongère, nous déclarons qu’elle est, en autrui comme en nous, une
supériorité". Paul Lapie, Logique de la volonté, Bibliothèque de philosophie
contemporaine, Félix Alcan,Paris, 1902, p. 97 et 98.
‫‪119‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المجردة ّ‬
‫أن ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫سل بهذه المماثلة إلى التّوضيح‪ ،‬إذ عن طريقها يرى بالعين‬ ‫ويتو ّ‬
‫أن الفقرة هي فعال قسيم للفقرة‪.‬‬ ‫فقرة هي من جنس الفقرة األخرى؛ أي يرى ّ‬
‫◄ وعنوان الفرع (أ) من الفقرة األولى‪ :‬ينبغي أن يكون مماثال لعنوان الفرع‬
‫يخص الفقرة الثّانية)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شيء فيما‬ ‫(ب) من الفقرة األولى (ونفس ال ّ‬
‫سابقة‪ ،‬إذ عن طريق المماثلة‬ ‫سل بهذه المماثلة نفس ما أريد من المماثلة ال ّ‬ ‫ويتو ّ‬
‫أن (أ) هو من جنس (ب) والعكس بالعكس؛‬ ‫المجردة ّ‬
‫ّ‬ ‫المتناولة اآلن يرى بالعين‬
‫أن ك ّل فرع هو فعالً قسيم للفرع اآلخر‪.‬‬ ‫أي يرى ّ‬
‫◄ ث ّم إنّعنوان الفقرة األولى والثّانية‪ ،‬ينبغي أن يكشفا – إذا جمعناهما – عن‬
‫الموضوع حتّى لمن ال يعرفه‪.‬‬
‫صة شرط المطابقة للمحتوى‬ ‫فلو توفّرت المماثلة – مع ما سبق من شروط وخا ّ‬
‫– ألمكن بعمليّة جمع لألقسام (عمليّة جمع للفقرات) الوصول بيسر إلى المقسّم‬
‫وهو الموضوع‪.‬‬
‫◄ ونفس األمر مععنوان الفرع (أ) وعنوان الفرع (ب) من ك ّل فقرة‪ ،‬فهما معا ً‬
‫ينبغي أن يَشِّيا بعنوان الفقرة التي هما جزء منها‪.‬‬
‫شروط المتناولة منذ قليل‪ ،‬ألمكن بعمليّة الجمع لألقسام‬ ‫وهنا أيضاً‪ ،‬لو توفّرت ال ّ‬
‫سم وهو الفقرة المعنيّة‪.‬‬ ‫(جمع الفروع) تحديد المق ّ‬
‫مجردة ال بمجهر‪ ،‬ينبغي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫هكذا‪ ،‬وبدون جهد‪ ،‬بعين‬
‫لمن يقرأ عنوان (أ) و (ب) أن يجدهما قسيمين‪ ،‬وأن يعرف بهما – كأقسام اآلن‬
‫سم أي الفقرة؛‬
‫– المق ّ‬
‫ولمن يقرأ عنوان الفقرة األولى والثّانية أن يجدهما قسيمين‪ ،‬وأن يعرف بهما –‬
‫سم أي الموضوع‪.‬‬ ‫كأقسام اآلن – المق ّ‬

‫‪ 190‬انظر إلى كتب المنطق وإلى مبحث القسمة حيث ستجد حديثا عن القسيمين (الفقرة قسيم للفقرة‪ ،‬والجزء‬
‫قسيم للجزء)‪ ،‬وهو الذي يه ّمنا هنا‪.‬مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق‪ :‬م س‪ ،‬ص ‪ 106‬وما بعدها؛ سمير خير الدّين‪،‬‬
‫القواعد المنطقيّة (دروس بيانيّة في شرح المنطق وتطبيقاته)‪ ،‬معهد المعارف الحكميّة‪ ،‬بيروت‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪ 183‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪120‬‬

‫قسم للفقرة األولى‬


‫(أ)‬
‫قسيم لـ‪( :‬ب)‬ ‫قسم للموضوع‬
‫الفقرة ‪.1‬‬
‫قسيم للفقرة الثّانية‬
‫قسم للفقرة األولى‬
‫(ب )‬
‫قسيم لـ‪( :‬أ)‬ ‫الموضوع‬
‫(المقسم)‬
‫قسم للفقرة الثّانية‬
‫(أ)‬
‫قسيم لـ‪( :‬ب)‬ ‫قسم للموضوع‬
‫الفقرة ‪.2‬‬
‫قسم للفقرة الثّانية‬ ‫قسيم للفقرة األولى‬
‫(ب )‬
‫قسيم لـ‪( :‬أ)‬

‫عنوانا الفرع (أ)‬


‫‪ ...‬عنوان الفقرة‬ ‫و(ب) من الفقرة‬
‫عنوان الفقرة‬ ‫األولى‬ ‫األولى يسمحان‬
‫األولى ‪ +‬عنوان‬ ‫بمعرفة ‪...‬‬
‫‪ ...‬الموضوع‬ ‫الثّانية‬
‫يسمحان بمعرفة‬ ‫عنوانا الفرع (أ)‬
‫‪...‬‬ ‫‪...‬عنوان الفقرة‬ ‫و(ب) من الفقرة‬
‫الثّانية‬ ‫الثّانية يسمحان‬
‫بمعرفة ‪...‬‬

‫إذن‪ ،‬ينبغي أن تكون العناوين ِّط َباقا ً ال يرى فيها تفاوت؛ أي ينبغي أن تكون‬
‫متّسقة وأن يكون فيها انتظام‪.‬‬
‫ي؛ وهو يورث وضوحا‪ .‬لكن هذا االنتظام لن يكون ممكنا‬ ‫هذا االنتظام شكل ّ‬
‫سد جمعا ً‬
‫مر معنا وهو أن تكون البنية تج ّ‬
‫شرط األصلي الذي ّ‬ ‫بدون تحقّق ال ّ‬
‫للمتماثالت (‪.)...‬‬
‫فالوضوح ال يتحقّق إذن إالّ إذا ر ِّت ّبت عناصر الموضوع المتعدّدة بأن اختزلت‬
‫في مجموعتين (إلخ‪ ،).‬داخل ك ّل واحدة منها مجموعتان (إلخ‪).‬؛ هذا من جهة‬
‫وضعت فوق هذه المجموعات عناوين تستجيب‬ ‫ِّ‬ ‫ومن جهة أخرى إالّ إذا‬
‫لمواصفات معيّنة‪.‬‬
‫هذا ع ن وضوح الموضوع في خطوطه الكبيرة‪ ،‬لكن للموضوع خطوط صغيرة‬
‫ينبغي أن تكون بدورها واضحة‪.‬‬
‫‪121‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫للحجاج‪ :‬مسألة تحرير‬ ‫المبحث الثّاني‪ ― .‬التّعبير عن الخطوط ال ّ‬


‫صغرى ّ‬
‫جوهر الموضوع‬

‫‪ ―.62‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫ال يكفي أن نعرف‪ ،‬بل ينبغي أن نعرف كيف نكتب ما نعرف‪ .‬إذن ينبغي لمن‬
‫صل القدرة على تمييز الج ِّيّد‬ ‫يتصدّى للكتابة وعموما للتّأليف والتّصنيف أن يح ِّ ّ‬
‫الرديء من التّعابير والكلمات‪191‬؛ أي ينبغي أن يملك مهارة التّعبير بكالم‬ ‫من ّ‬
‫بخط واضح‬ ‫ّ‬ ‫بليغ (الفقرة ‪ .)1‬ث ّم ينبغي أن يت ّم ما سبق بأن يرسم هذا الكالم البليغ‬
‫(الفقرة ‪.)2‬‬

‫الفقرة األولى‪ ―.‬بالغة الكالم‬

‫‪ ―.63‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬


‫"للبالغة طرفان‪ :‬أعلى إليه تنتهي‪ ،‬وهو حدّ اإلعجاز وما يقرب منه؛ وأسفل منه‬
‫تبتدئ"‪ .192‬وبين هذا ّ‬
‫الطرف وذاك درجات‪ .‬ولك ّل مقامه‪ ،‬ولك ِّّل مقام ه ّمته‪ .‬لكن‬
‫إن الكالم يكون بليغا حين يجمع بين الفصاحة والمطابقة‬ ‫ما البالغة ّأوال؟ يقال ّ‬
‫مكونات البالغة العا ّمة هي‬ ‫ّ ِّ‬ ‫لما يقتضيه حال الخطاب ‪ .‬بعبارة معاصرة‪:‬‬
‫‪193‬‬

‫ص من جهة‪ ،‬والتّداول من جهة أخرى‪.194‬‬‫النّ ّ‬

‫(أ) الفصاحة أو المستوى النّ ّ‬


‫ص ّي‬

‫‪ ―.64‬تقسيم الفرع وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫يفقد االكتشاف والتّرتيب الكثير من قيمتهما إذا لم ترد المعاني في كالم فصيح‪.‬‬
‫بل قد يميل البعض في صورة اإلخالل بالفصاحة إلى فرضيّة كون االكتشاف‬
‫والتّرتيب الحسن قد تحقّقا بضربة ّ‬
‫حظ‪ .‬يقول العسكري عن الم ِّخ ِّّل إنّه بإخالله‪:‬‬

‫شرق‪ ،‬بيروت‪ ،1999 ،‬ص ‪.290‬‬ ‫‪ 191‬مح ّمد العمري‪ ،‬البالغة العربيّة‪ .‬أصولها وامتداداتها‪ ،‬أفريقيا ال ّ‬
‫شيخ بهيج غزاوي‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‬ ‫‪ 192‬الخطيب القزويني‪ ،‬اإليضاح في علوم البالغة‪ ،‬تحقيق ال ّ‬
‫‪ 1419 ،4‬هـ ‪ 1998 /‬م‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع‪ ،‬تحقيق وشرح مح ّمد التّونجي‪ ،‬مؤسّسة‬ ‫‪ 193‬ال ّ‬
‫المعارف‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1420 ،1‬هـ ‪ 1999 /‬م‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 194‬مح ّمد العمري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪122‬‬

‫"عفي عىل مجيع حماس نه‪ ،‬و ّمعى عن سائر فضائهل‪ .‬ألن ّه اذا مل ّيفرق بّي الكم جيِّد‪ ،‬وأخر‬
‫رديء‪ ،‬ولفظ حسن‪ ،‬وأخر قبيح [‪ ]...‬ابن هجهل‪ ،‬وظهر نقصه"‪.195‬‬

‫والفصاحة فصاحات‪ :‬فصاحة الكلمة‪ ،‬وفصاحة الجملة‪ ،196‬وفصاحة النّ ّ‬


‫ص‪.‬‬

‫‪ .1‬فصاحة الكلمة‬

‫‪ ―.65‬مواصفات الكلمة الفصيحة‪.‬‬


‫رأينا سابقا المواصفات التي ينبغي أن يكون عليها العنوان‪ .‬وبعض هذه‬
‫المواصفات سنعاود مالقاته هنا في ثوب جديد‪ ،‬تحت اسم الفصاحة‪ .‬والفصاحة‬
‫المعتنى بها اآلن ته ّم الكلمة وتتحقّق بـ‪:‬‬
‫سالمة من عدم ال ّدقّة‬‫– ال ّ‬
‫فالكلمة ينبغي أن تساوي المعنى‪ ،‬وتحيط به‪ ،‬وتجلّيه‪ :‬فال تزيد‪ ،‬وال تقصر‬
‫عنه‪.197‬‬
‫سالمة من الغرابة‬ ‫– ال ّ‬
‫فالكلمة ينبغي أن تكون مستعملة‪ ،‬مألوفة عند القارئ‪ ،‬ليفهمها بسرعة‪ .‬وتردّ‬
‫غرابة االستعمال إلى قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬ما يوجب حيرة [‪( ]...‬القارئ) في فهم المعنى المقصود من‬ ‫"القسم ّ‬
‫الكلمة لتردّدها بين معنيين أو أكثر بال قرينة‪ ،‬وذلك في األلفاظ المشتركة [‪.]...‬‬
‫وأ ّما مع القرينة فال غرابة [‪.]...‬‬
‫القسم الثّاني‪ :‬ما يعاب استعماله الحتياج إلى تتبّع اللغات وكثرة البحث والتّفتيش‬
‫في المعاجم"‪ .198‬بعبارة أخرى‪" ،‬عالمة كون الكلمة فصيحة أن يكون استعمال‬
‫العرب الموثوق بعربيّتهم لها كثير أو أكثر من استعمالهم ما بمعناها"‪.199‬‬

‫‪ 195‬ورد في‪ :‬أحمد بن علي بن أحمد الفزاري القلقشندي (الوفاة‪ 1418 :‬م)‪ ،‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪،‬‬
‫تحقيق عبد القادر زكار‪ ،‬وزارة الثّقافة‪ ،‬دمشق‪ ،1981 ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.219‬‬
‫‪ 196‬ياسين األيّوبي ومحيي الدّين ديب‪ ،‬البالغة العربيّة وأساليب الكتابة‪ ،‬مكتبة السّائح‪ ،‬د‪ .‬م‪ 1418 ،.‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 1998‬م‪ ،‬ص ‪ 134‬وما بعدها؛ ال ّسيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫سقّا وعلي‬‫‪ 197‬ياسين األيّوبي ومحيي الدّين ديب ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .134‬انظر أيضاً‪ :‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫الرحمانيّة بمصر‪ ،1925 ،‬ص ‪.39‬‬ ‫السّباعي‪ ،‬إنشاء المقاالت‪ ،‬المطبعة ّ‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪20‬؛ مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬علوم البالغة‪ ،‬المؤسّسة الحديثة‬ ‫‪ 198‬ال ّ‬
‫للكتاب‪ ،‬طرابلس – لبنان‪ ،2003 ،‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 199‬الخطيب القزويني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪123‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫واعتماد الكلمات الغريبة يفشي في الغالب تعالماً‪ ،‬ومن ث ّم عدم علم‪ .‬هذا ما انتبه‬
‫صة "آليس في بالد العجائب"‪:‬‬ ‫له فرخ العقاب في ق ّ‬

‫"تلكّ ْم ببساطة ! صاح فرخُ العقاب‪ .‬أأان ال أأفهم نصف هذه اللكامت الكبرية‪ ،‬وفوق ذكل أأعتقد‬
‫أأن ّك أأنت أأيضا ال تفهمها!" ‪.200‬‬

‫سالمة من مخالفة القياس‬ ‫– ال ّ‬


‫صرفي‪ ،‬وال يجوز أن تكون على‬ ‫فالكلمة ينبغي أن تكون جارية على القانون ال ّ‬
‫خالف ما ثبت فيها عن الواضع‪.201‬‬
‫سالمة من تنافر الحروف‬ ‫– ال ّ‬
‫فالكلمة ينبغي أن ال تكون حروفها متقاربة المخارج‪ :‬يصعب أداؤها باللسان‪،‬‬
‫ي‪ ،‬ويلتمس تحصيله من تراكم‬ ‫صعوبة والثّقل ذوق ّ‬ ‫سمع‪ .‬وضابط ال ّ‬ ‫وتثقل على ال ّ‬
‫قراءة الكتابات البليغة ‪.‬‬
‫‪202‬‬

‫سمع‬‫سالمة من الكراهة في ال ّ‬ ‫– ال ّ‬
‫فالكلمة ينبغي أن ال تكون "وحشيّة تأنفها ِّ ّ‬
‫الطباع وتم ّجها األسماع وتنبو عنه كما‬
‫ينبو عن سماع األصوات المنكرة"‪ .203‬ويمكن أن نلحق بالكلمة الوحشيّة الكلمة‬
‫العا ّميّة والدّخيلة‪ .‬فك ّل واحدة منها ينبغي تجنّبها ما دام لها نظير في العربيّة‪.204‬‬
‫يقول الجرجاني‪:‬‬

‫‪"« Parle plus simplement! s’exclama l’Aiglon. Je ne comprends pas la moitié de 200‬‬
‫‪ces grands mots, et, par-dessus le marché, je crois que tu ne comprends pas, toi non‬‬
‫‪plus! »". Lewis Carroll, Alice au pays des merveilles, 1865, Ch. III.‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪20‬؛ مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 201‬ال ّ‬
‫الرحمانيّة بمصر‪،‬‬ ‫سقا وعلي السّباعي‪ ،‬إنشاء المقاالت‪ ،‬المطبعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقول بعضهم (محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫صحيحة الفصيحة من معرفة قواعد تصريفها في‬ ‫‪ ،1925‬ص ‪" :)37‬ال بدّ بعد االستكثار من المفردات ال ّ‬
‫الزيادة‪ ،‬والحذف‪ ،‬واإلبدال‪ ،‬واإلعالل‪ ،‬والتّثنية‪ ،‬والجمع‪ ،‬والتّصغير‪ ،‬والنّسب‪ ،‬والتّذكير‪،‬‬ ‫االستعمال‪ :‬من حيث ّ‬
‫ألن الكاتب إن لم يعلم ذلك تنكب سبل العرب‪ ،‬وأوجد في كالمه محالّ ّ‬
‫للطاعن‬ ‫والتّأنيث‪ ،‬والقصر‪ ،‬والمدّ؛ ّ‬
‫صرف‪.‬‬ ‫والقادح"‪ .‬وهكذا على من يكتب أن يكون له قدر من المعرفة بعلم ال ّ‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 17‬؛ مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 202‬ال ّ‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪ 203‬ال ّ‬
‫ونجد عند البعض جز ًءا من المواصفات الواردة أعاله‪ ،‬ولكن في شكل وصايا‪ ]...[":‬تخيّر الكلمات التي تعبّر‬
‫عن معناك خير أداء مفضّال األلفاظ السّهلة على ّ‬
‫الطويلة والغريبة [‪ ]...‬تجنّب الكلمات الدّخيلة أو العا ّميّة ما دام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لها نظير في العربيّة [‪ ]...‬استعمل المألوف في اللغة [‪ ]...‬تجنب الزيادة على الحاجة"‪ .‬محمود عابدين‪،‬‬
‫الرحمانيّة بمصر‪ ،1925 ،‬ص ‪ 49‬وما بعدها‪.‬‬ ‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬إنشاء المقاالت‪ ،‬المطبعة ّ‬
‫مصطفى ال ّ‬
‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪50‬؛ األمير أبي مح ّمد عبد هللا بن مح ّمد بن‬ ‫‪ 204‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫سعيد بن سنان الخفاجي (و ‪ 423‬هـ ‪ 1032 /‬م – ت ‪ 466‬هـ)‪ّ ،‬‬
‫‪ 1402‬هـ ‪ 1982 /‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.107‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪124‬‬

‫السالسة‪ ،‬واكلنّس مي يف ّ ِالرقّة‪ ،‬واكلعسل يف احلالوة‪.‬‬ ‫"يف صفة الالكم‪ :‬أألفاظه اكملاء يف ّ‬
‫يريدون أأ ّن اللفظ ال يس تغ ِلق‪ ،‬وال يشتبه معناه‪ ،‬وال يص ُعب ُالوقوف عليه‪ ،‬وليس هو بغريب‬
‫للسان من أأجلهام‪.‬‬ ‫يش ي ُس تكره لكونه غري مأألوف‪ ،‬أأو ليس يف حروفه تكر ٌير و ٌ‬
‫تنافر يُك ُّد ا ُ‬ ‫و ْح ّ‬
‫فصارت ذلكل اكملاء اذلي يسو ُغ يف احللق؛ والنّس مي يرسي يف البدن‪ ،‬ويتخلَّل املساكل‬
‫اللطيفة منه‪ ،‬وهيُ دي اىل القلب ر ْوح ًا‪ ،‬ويُوجد يف الصدر انرشاح ًا‪ ،‬ويُفيد النّفس نشاط ًا؛‬
‫وهت ُّش النّفس هل‪ ،‬ومييل ّ‬
‫الطبع اليه‪ُ ،‬وحي ُّب ورودُه عليه"‪.205‬‬ ‫واكلعسل اذلي ي َُّل طعمه‪ِ ،‬‬

‫‪ ...‬هذه هي المواصفات التي تجعل الكلمة فصيحة‪ .‬ومن يتأ ّمل يجد أنّه بفضل‬
‫الرديء‪ ،‬وبمعونة بعضها اآلخر نكتب الج ِّيّد‪.‬‬
‫بعضها ال نكتب ّ‬
‫يقول "فولتير" (‪:)Voltaire‬‬

‫الش يئّي ا أل ّولّي‬


‫"ثالثة أأش ياء يه رضوريّة‪ :‬التّطابق مع القواعد‪ ،‬الوضوح‪ ،‬ا ألانقة‪ .‬بواسطة ّ‬
‫اليشء الث ّالث نصل اىل أأن نأأيت كتابة جيّدة"‪.206‬‬
‫نصل اىل أأن ال نأأيت كتابة سي ّئة؛ بواسطة ّ‬

‫وما قيل للت ّ ّو عن الكلمة ينسحب على الجملة‪.‬‬

‫‪ .2‬فصاحة الجملة‬

‫‪ ―.66‬مواصفات اجلملة الفصيحة‪.‬‬


‫صلت فصاحة الكلمات المفردة‪ ،‬هنالك يمكن تحصيل فصاحة الجملة‪ .‬هذه‬ ‫إذا ح ِّ ّ‬
‫ّ ‪207‬‬
‫الفصاحة تتحقق بـ‪:‬‬
‫سالمة من تنافر الكلمات مجتمعة‬ ‫– ال ّ‬
‫ال يكفي أن تكون مفردات الجملة ك ّل واحدة على انفرادها فصيحة‪ ،‬بل ال بدّ أن‬
‫يكون تركيبها مع بعضها يسيرا ً حين النّطق به‪ ،‬غير ثقيل عند سماعه‪ .208‬فعلى‬
‫"تكرر الحروف المتقاربة في تأليف الكالم كما أمرناه‬‫ّ‬ ‫من يؤلّف أن يجتنب‬
‫‪( 205‬أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي) الجرجاني‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر ‪ ،)2010‬ص ‪[ 34‬الكتاب مرقم آليا غير موافق‬ ‫المكتبة ال ّ‬
‫للمطبوع]‪.‬‬
‫‪"Trois choses sont absolument nécessaires : régularité, clarté, élégance. Avec les 206‬‬
‫‪deux premières, on parvient à ne pas écrire mal ; avec la troisième, on écrit bien".‬‬
‫‪Voltaire, cité par : Denis Huisman, préc., p. 50.‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 32‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 207‬انظر حول هذه المواصفات التي تجعل الجملة فصيحة‪ :‬ال ّ‬
‫‪ 208‬مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن اللفظة المفردة‬ ‫بتجنّب ذلك في اللفظة الواحدة‪ ،‬بل هذا في التّأليف أقبح وذلك ّ‬
‫ستمر في‬
‫ّ‬ ‫يستمر فيها من تكرار الحرف الواحد أو تقارب الحرف مثل ما ي‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫الكالم المؤلّف إذا طال واتّسع"‪.209‬‬
‫سالمة من ضعف التّأليف‬ ‫– ال ّ‬
‫فالكالم ينبغي أن ال يكون "جاريا على خالف ما اشتهر من قوانين النّحو‬
‫المعتبرة عند جمهور العلماء كوصل الضّميرين‪ ،‬وتقديم غير األعرف منهما‬
‫على األعرف مع أنّه يجب الفصل في تلك الحالة [‪ ]...‬وكاإلضمار قبل ذكر‬
‫مرجعه لفظا ورتبة وحكما ً في غير أبوابه"‪ .210‬ومثال الضّعف "قولنا‪ :‬ضرب‬
‫فإن رجوع الضّمير إلى المفعول المتأ ّخر لفظا ممتنع عند الجمهور‬ ‫غالمه زيدا‪ّ ،‬‬
‫لئالّ يلزم رجوعه إلى ما هو متأ ِّ ّخر لفظا ً ورتبة" ‪" .‬وجودة التّركيب وحسن‬
‫‪211‬‬

‫الرصف والتّركيب شعبة من‬ ‫التّأليف يزيد المعنى وضوحا ً وشرحاً‪ ،‬ورداءة ّ‬
‫الرصف أن توضع األلفاظ في مواضعها‪ ،‬وت َم َّكن في‬ ‫التّعمية [‪ ]...‬وحسن ّ‬
‫والزيادة إالّ ِّحذقا ال يفسِّد‬
‫ّ‬ ‫أماكنها؛ وال يستعمل فيها التّقديم والتّأخير‪ ،‬والحذف‬
‫الرصف تقديم ما ينبغي تأخيره منها‪،‬‬ ‫الكالم وال يع ِّ ّمي المعنى [‪ ]...‬وسوء ّ‬
‫وصرفها عن وجوهها‪ ،‬وتغيير صيغها‪ ،‬ومخالفة االستعمال في نظمها" ‪.‬‬
‫‪212‬‬

‫سالمة من التّعقيد‬ ‫– ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي ومعنو ّ‬ ‫والتّعقيد قسمان‪ :‬لفظ ّ‬
‫ي الدّاللة على المعنى المراد لخلل‬ ‫ي فهو أن يكون "الكالم خف ّ‬ ‫فأ ّما التّعقيد اللفظ ّ‬
‫واقع في نظمه وتركيبه‪ ،‬بحيث ال يأتي رصف األلفاظ ِّوفق ترتيب المعاني‪،‬‬
‫وسبب ذلك الفصل بين كلمات توجب اللغة عدم الفصل بينها‪ ،‬وتأخير األلفاظ‬
‫ي"‪ .213‬ويمكن أن يدرج في التّعقيد‬ ‫عن مواطنها األصليّة لغرض غير بالغ ّ‬

‫‪ 209‬األمير أبي مح ّمد عبد هللا بن مح ّمد بن سعيد بن سنان الخفاجي (الوالدة‪ 423 :‬هـ ‪ 1032 /‬م – الوفاة‪466 :‬‬
‫سر الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ 1402 ،‬هـ ‪ 1982 /‬م‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫هـ)‪ّ ،‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 33‬؛ مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪ 210‬ال ّ‬
‫ّ‬
‫المؤلف المر ّكب فيحتاج إلى معيار آخر‪،‬‬ ‫"وفائدة علم التّصريف مقصورة على تصحيح المفردات؛ أ ّما الكالم‬
‫تقاس به صحّة تركيبه وفساده‪ ،‬وهو علم النّحو؛ فهو قانون ضبطه‪ ،‬والمعين على فهمه ووضوحه‪ ،‬وأنت إذا‬
‫تأ ّملت الملحون من كالم العا ّمة ألفيته مطابقا للمقام‪ ،‬ولكنّه ال يأخذ بلبّك‪ ،‬وال يقع من نفسك موقع كالم أهل‬
‫الفصاحة وذوي البيان‪ .‬والكاتب إذا أتى في كالمه بما يطابق الغرض ث ّم لحن فيه‪ ،‬ذهبت محاسن ما أتى به‪،‬‬
‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 37‬و ‪ .38‬وهكذا على من يكتب‬ ‫وانهدمت بالغته"‪ .‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫أن يكون له قدر من المعرفة بعلم النّحو‪.‬‬
‫‪ 211‬الخطيب القزويني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫شعر‪ ،‬تحقيق علي مح ّمد البجاوي‬‫صناعتين‪ :‬الكتابة وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬‫العسكري‬ ‫سهل)‬ ‫‪( 212‬أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن‬
‫ومح ّمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬بيروت‪ 1406 ،‬هـ ‪ 1986/‬م‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ 213‬مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬علوم البالغة (البديع والبيان والمعاني)‪ ،‬المؤسّسة الحديثة للكتاب‪،‬‬
‫طرابلس – لبنان‪ ،2003 ،‬ص ‪.34‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪126‬‬

‫ي اإلكثار من الجمل االعتراضيّة والتّفسيريّة‪ .214‬وعلى ك ّل‪ ،‬فطول الجملة‬ ‫اللفظ ّ‬


‫سقوط في التّعقيد‪.215‬‬ ‫يعرضها أكثر إلى ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي الدّاللة على المعنى المراد‪،‬‬ ‫ي فهو أن يكون "التّركيب خف ّ‬ ‫وأ ّما التّعقيد المعنو ّ‬
‫بحيث ال يفهم إالّ بعد عناء وتفكير طويل‪ .‬وذلك لخلل في انتقال الذّهن من‬
‫ي إلى المعنى المقصود بسبب إيراد اللوازم البعيدة‪ ،‬المفتقرة إلى‬ ‫المعنى األصل ّ‬
‫وسائط كثيرة‪ ،‬مع عدم ظهور القرائن الدّالّة على المقصود بأن يكون فهم المعنى‬
‫األول بعيدا ً عن الفهم عرفا ً"‪ .216‬بعبارة مختلفة‪" :‬يقصد بالتّعقيد‬ ‫الثّاني من ّ‬
‫ي الكالم الذي خ ِّفيت داللته على المعنى لخلل في معناه‪ ،‬بسبب انتقال‬ ‫المعنو ّ‬
‫األول المفهوم لغة من اللفظ إلى المعنى الثّاني المقصود بحيث‬ ‫الذّهن من المعنى ّ‬
‫سف في التّفسير"‪.217‬‬ ‫يحتاج المعنى البعيد إلى تكلّف وتع ّ‬
‫سرع أو‬ ‫والتّعقيد‪ ،‬أو خفاء الدّاللة‪ ،‬أو الغموض ينتج في أغلب األحيان عن الت ّ ّ‬
‫عن الكسل‪:‬‬
‫رسع والكسل‪ .‬أأمل يكتب «پاساكل»‬ ‫" يف أأحيان كثرية ينتج الغموض‪ ،‬كام االطاةل‪ ،‬عن الت ّ ّ‬
‫لصديقه‪« :‬عذر ًا عىل اطاةل ّالرساةل‪ ،‬مل أأجد وقت ًا جلعلها مقتضبة»‪ .‬وميكن ألغلب كتّابنا‬
‫الضّ باب ّيّي أأن يقولوا‪ :‬عذر ًا عىل مغوض ال ِكتاب‪ ،‬مل أأجد ّ‬
‫الصرب الاكيف جلعهل واحضا"‪.218‬‬

‫وفي سياق يه ّم التّعقيد‪ ،‬أشار العسكري إلى قوم فقال إنّه‪:‬‬

‫"غلب اجلهل علهيم فصاروا يس تجيدون الالكم اذا مل يقفوا عىل معناه االّ جبهد هجيد‪ ،‬وال‬
‫يس تفصحونه االّ اذا وجدوا أألفاظه ّكزة غليظة‪ ،‬وجاس ية غريبة‪ .‬ويس تحقرون الالكم اذا ر أأوه‬
‫السهل أأمنع جانبا‪ ،‬و أأ ّعز مطلبا؛ وهو أأحسن موقعا‬
‫سلسا عذاب وسهال حلوا‪ .‬ومل يعلموا أأ ّن ّ‬

‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪ 214‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬


‫الطويل من الجمل بقصيرها ليكون المقال مقبوال‪ ،‬وإيّاك والتزام طوال الجمل التي قد‬ ‫‪ 215‬يقول البعض‪" :‬اخلط ّ‬
‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫تضلّك وتضيّع وقتا ً طويال منك"‪ .‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫ّ‬
‫تتطلب‬ ‫انظر أيضا ً من يتناول المسألة من زاوية الذّاكرة وعلم النّفس‪" :‬الجملة ّ‬
‫الطويلة [‪ ]...‬تف َهم بصعوبة أل ّننا‬
‫الطويل"‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 24. .‬‬ ‫استعمال الذّاكرة على المدى ّ‬
‫انظر التّرجمة العربيّة للكتاب‪ :‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 34‬و‪.35‬‬ ‫‪ 216‬ال ّ‬
‫‪ 217‬مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪" L’obscurité, comme la diffusion, naît le plus souvent de la précipitation ou de la 218‬‬
‫‪paresse. N’est-ce point Pascal qui écrivait à un ami : « Excusez la longueur de cette‬‬
‫‪lettre ; je n’ai pas eu le temps de la faire courte » ? La plupart de nos auteurs‬‬
‫‪nébuleux pourraient dire également : Excuser l’obscurité de cet ouvrage, je n’ai pas‬‬
‫‪eu la patience d’être plus clair". A. Baron, préc., p. 217.‬‬
‫‪127‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫السهل املمتنع‪ .‬وقد وصف الفضل بن سهل‪ ،‬معرو‬ ‫و أأعذب مس متعا‪ .‬ولهذا قيل‪ :‬أأجود الالكم ّ‬
‫يظن أأن ّه يكتب مثل كتبه؛ فاذا‬
‫لك أأحد ّ‬
‫بن مسعدة‪ ،‬فقال‪ :‬هو أأبلغ النّاس؛ ومن بالغته أأ ّن ّ‬
‫راهما‪ ،‬تع ّذرت عليه"‪.219‬‬

‫وهكذا فتعقيد الجملة نقص‪ .‬لكن ينبغي تمييزه عن التّجديد في سبك األلفاظ‪:‬‬

‫"الركن ّالرابع‪ :‬أأن تكون أألفاظ الكتاب غري خملولقة بكرثة الاس تعامل‪( .‬ال) أأريد بذكل أأن تكون‬
‫ّ‬
‫أألفاظا غريبة فا ّن ذكل عيب فاحش‪ .‬بل أأريد أأن تكون ا أللفاظ املس تعمةل مس بوكة س باك‬
‫السامع أأهنّ ا غري ما يف أأيدي النّاس ويه ممّا يف أأيدي النّاس‪ .‬وهناك معّتك‬ ‫يظن ّ‬
‫غريبا ّ‬
‫الفصاحة اليت تظهر فيه اخلواطر براعهتا وا ألقالم جشاعهتا"‪.220‬‬

‫سالمة من كثرة التّكرار‬ ‫– ال ّ‬


‫وهو التّعدّد بغير فائدة للّفظ الواحد سواء كان هذا اللفظ اسما أو فعال أو حرفا‪،‬‬
‫وسواء كان االسم ظاهرا أو ضميرا‪.221‬‬
‫سالمة من تتابع اإلضافات‬ ‫– ال ّ‬
‫وهو أن يكون االسم مضافا إضافة متداخلة غالبا ‪.‬‬
‫‪222‬‬

‫سالمة من جميع هذه العيوب‪ ،‬تكون الجملة فصيحة‪ ،‬ومن ث ّم واضحة‪.‬‬ ‫وبال ّ‬
‫ويتحدّث أحدهم‪ ،‬في إطار اللغة الفرنسيّة‪ ،‬عن الوضوح (وضوح الجملة ولكن‬
‫أيضا الكلمة)‪ .‬هذا الحديث قابل‪ ،‬كما سنتبيّن ذلك بعد إيراده‪ ،‬ألن يسحب على‬
‫ك ّل اللّغات‪:‬‬

‫"عنارص الوضوح يه‪ :‬الفصاحة‪ ،‬احل ْرفيّة‪ ،‬ادلّ قّة‪ ،‬ا ّلطبيع ّية [‪]...‬‬

‫‪( 219‬أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن سهل) العسكري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪( 220‬أبو الفتح ضياء الدّين نصر هللا بن مح ّمد بن مح ّمد بن عبد الكريم الموصلي) بن األثير (الوفاة‪ 637 :‬هـ)‪،‬‬
‫المثل السّائر في أدب الكاتب وال ّشاعر‪ .‬تحقيق‪ :‬مح ّمد محيي الدّين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،1995‬ج ‪ ،1‬ص ‪.88‬‬
‫‪ 221‬علي بوملحم‪ ،‬في األسلوب األدبي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1995 ،2‬ص ‪.26‬‬
‫شروط على النّحو التّالي‪:‬‬‫‪ 222‬انظر أيضا من يضع ال ّ‬
‫صرف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫صياغة بعدم اإلخالل بضوابط النحو وال ّ‬ ‫‪ –1‬احترام قواعد التّأليف وال ّ‬
‫‪ –2‬وضوح األفكار بعدم العبث بترتيب الكلمات وسياقها في الجملة‪.‬‬
‫قوة التّركيب وجزالته‪.‬‬
‫‪ّ –3‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫ياسين األيّوبي ومحيي الدّين ديب ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 141‬وما بعدها‪.‬‬
‫ التّعبري‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 128

]...[ ‫تمتث ّل الفصاحة يف أأن ال تُس تعمل االّ العبارات و ّالّتاكيب املوافقة لقوانّي العقل واللغة‬
‫ ويلتحق هبذه العيوب اس تعامل اللكامت املهجورة‬.‫واللحن يف القول والعجمة يتناولها النّحو‬
]...[ ‫] والعا ّميّة‬...[ ‫] واملس تحدثة‬...[
‫ يه‬،‫ كام تقول املوسوعة‬،‫] فالعبارات‬...[ ‫وتمتث ّل احل ْرفيّة يف العثور عىل اللكمة اليت تنبغي‬
،‫ وقليل احل ْرفيّة ال يؤدّي االّ نصفها‬،‫] والتّعبري احل ْريف يؤدّي الفكرة اكمةل‬...[ ‫صورة الفكرة‬
‫نضطر للبحث‬ ّ ،‫ نصل اىل الفكرة؛ يف الثّانية‬،‫ يف احلاةل ا ألوىل‬.‫فيشوهها‬ ّ ‫أأ ّما عدمي احل ْرفيّة‬
]...[ ‫ نفقد معاملها‬،‫عهنا؛ يف الث ّالثة‬
‫] وأأكرب مزيّة‬...[ ‫ ينبغي أأن نُرِفق الفصاحة واحل ْرفيّة ابدلّ قّة وا ّلطبيعيّة‬،‫ لبلوغ الوضوح‬،‫أأخريا‬
‫تعطل‬ ّ ‫تقص من الميّي ومن الشّ امل اللكامت اليت‬ ّ ‫لدلّ قّة أأهنّ ا تعطي الفكرة مظهرا واحضا بأأن‬
‫ يقول‬.‫] لكن علينا أأن نعرف ماذا نقصد ابدلّ قّة‬...[ ‫سريها وال تسمح للعقل بتتبّعها‬
‫ بل أأن نقول ما ينبغي ال أأكرث وال‬،‫ ال تمتث ّل ادلّ قّة يف أأن نكون رسيعّي ومقتضبّي‬:»‫« أأرسطو‬
‫] فاهنّ ا‬...[ ‫ اذا اكنت ادلّ قّة طبع ًا وسط ًا بّي التّفريط واالفراط‬،‫] ونعتقد أأن ّه‬...[ ‫أأق ّل ممّا ينبغي‬
‫] وا ألسلوب احلقيقي هو هذه‬...[ ‫ عن االحاكم‬،‫ عن احلقيقيّة‬،‫بذكل ال تنفصل عن ا ّلطبيع ّية‬
‫ مع‬،‫ مع الوضعيّة اليت يوجد فهيا‬،‫الطريقة يف الالكم اليت تتالءم تالؤما شديدا مع املتلكّم‬ ّ
.223"‫يتحرك فيه‬
ّ ‫الوسط اذلي‬

"[…] les éléments de la clarté […] sont la pureté, la propriété, la précision, le 223
naturel […]
La pureté consiste à n’employer que les termes et les constructions conformes aux
lois de la raison et à celle de la langue […] Le solécisme et le barbarisme sont du
domaine de la grammaire ; mais à ces vices se rattachent l’archaïsme (l’emploi d’un
mot vieilli), le néologisme (l’emploi d’un mot nouveau) et le jargon (langage
)corrompu) […]
La propriété consiste à rencontrer […] (l’expression) qui est la bonne […] Les
termes, dit l’encyclopédie, sont le portrait des idées : un terme propre rend l’idée
tout entière ; un terme peu propre ne la rend qu’à demi ; un terme impropre la rend
moins qu’il ne la défigure. Dans le premier cas, on saisit l’idée ; dans le second, on
la cherche ; dans le troisième, on la méconnaît […]
Enfin, pour parvenir à la clarté, il faut, avons-nous dit, réunir à la pureté et à la
propriété la précision et le naturel […] La grande vertu de la précision, c’est de
donner à l’idée une allure dégagée, en coupant de droite et de gauche les mots qui
embarrassent sa marche et ne permettent pas à l’esprit de la suivre […] Mais
sachons bien ce que l’on doit entendre par précision. « La précision, dit Aristote, ne
consiste pas à être rapide et concis, mais à dire ce qu’il faut, et ni plus ni moins qu’il
ne faut » […]On conçoit que si la précision n’est qu’un parfait tempérament entre le
défaut et l’excès […] elle est par là même inséparable du naturel, de la vérité, de la
justesse […] Le style vrai est cette façon de dire tellement d’accord avec la nature de
la personne qui parle, la position où elle se trouve, le milieu où elle agit ». A. Baron,
‫‪129‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫تلك هي إذن األوصاف األساسيّة التي تفضي إلى الوضوح‪ .‬ويضيف المؤلّف‬
‫أوصافا ً أخرى‪:‬‬

‫"من ا ألوصاف اليت أأكّد علهيا بعض أأهل البالغة تأأكيدا شديدا الاتّساق [‪ ]...‬وهكذا‬
‫الّضوريّة دامئا ويف‬ ‫فالوضوح والفصاحة واحل ْرفيّة وا ّلطبيع ّية والاتّساق يه أأوصاف ا ألسلوب ّ‬
‫لك موقع [‪ ]...‬لكن ال ينبغي أأن تنسوا ما قيل أأعاله حول مالءمة الالكم [‪ ]...‬حفسب‬ ‫ّ‬
‫السامعيّي اذلين نتو ّجه الهيم‪ ،‬والعرف‪ ،‬و ّالظروف‬ ‫القراء أأو ّ‬
‫املوضوع‪ ،‬والشّ لك املتب ّىن‪ ،‬وطبقة ّ‬
‫(اخل‪ ،).‬تكون الكتابة أأق ّل أأو أأكرث تمنيقا‪ ،‬أأق ّل أأو أأكرث تنقيحا‪ ،‬أأكرث بساطة أأو أأكرث رفعة [‪]...‬‬
‫لك الكتب التّعلمييّة وادلّ ينيّة‬
‫ويف العموم‪ ،‬فا ّن الكتب اليت تتناول مواضيع جدّ يّة [‪ ( ]...‬أأي) ّ‬
‫الس ياس ّية والتّارخي ّية تقتيض وقارا ورصانة يف ا ألسلوب‪ ،‬وهدو ًء يف اللغة‪ ،‬وحتفّظ ًا‬ ‫وا ألخالقيّة و ّ‬
‫كبريا يف اختيار اللكامت‪ .‬يقول «فولتري»‪ :‬ا ألسلوب ّالرصّي هو اذلي يتجنّب اللمعان والهزل‪.‬‬
‫فاذا سام أأحياان‪ ،‬واذا ات ّفق هل أأن صار مؤثّرا‪ ،‬فهو يعود رسيعا اىل احلمكة واىل البساطة النّبيةل‬
‫الطرافة‪ .‬و أأكرب صعوبة يواهجها أأن ال يكون رتيب ًا [‪]...‬‬
‫قوي‪ ،‬لكنّه قليل ّ‬ ‫خاص ّيته‪ .‬هو ّ‬ ‫اليت يه ّ‬
‫ورصانة ا ألسلوب ميكن‪ ،‬لكّام ارتفع املوضوع وسام‪ ،‬أأن تصل اىل النّبل [‪ ]...‬والنّبيل [‪ ]...‬ال‬
‫يس تعمل االّ العبارات [‪ ]...‬الأكرث تأأ ّد ًاب ولياقة"‪.224‬‬

‫‪préc., p. 220 à 234‬‬


‫ي – خالفا لما يعتقد – يتطلّب خبرة‪" :‬ما هو طبيع ّ‬
‫ي‪ ،‬والذي يعتقد أنّه يأتي‬ ‫إن األسلوب ّ‬
‫الطبيع ّ‬ ‫ّ‬
‫المؤلف ّ‬ ‫ويقول‬
‫من الوهلة األولى ودون دراسة‪ ،‬هو على عكس ذلك يتطلّب حكما محكما وذوقا معضودا بالتّجربة‪ .‬الحظوا‬
‫الرقص‪ ،‬أو ركوب الخيل‪ ،‬نستعمل على‬ ‫أن تمارين الفكر كتمارين الجسم‪ :‬حين نبدأ تعلّم المبارزة‪ ،‬أو ّ‬
‫[‪ّ ]...‬‬
‫الدّوام كثيرا من الجهد ومن الحركات‪ ،‬ونتعب تعبا كبيرا وال نحصل إالّ على نجاح قليل"‪A. Baron, préc., .‬‬
‫‪p. 235 et s.‬‬
‫‪"Une des qualités sur laquelle ont le plus vivement insisté quelques rhéteurs, c’est 224‬‬
‫‪l’harmonie […] Boileau (disait) :‬‬
‫; ‪Il est un heureux choix de mots harmonieux‬‬
‫]…[ ‪Fuyez des mauvais sons le concours odieux‬‬
‫‪Ainsi clarté, pureté, propriété, précision, naturel, harmonie, voilà les qualités de‬‬
‫‪style nécessaires partout et toujours […] Mais vous n’avez pas oublié ce qui a été dit‬‬
‫‪plus haut sur la convenance du ton […] On dira fort bien en effet que, selon la nature‬‬
‫‪du sujet, la forme adoptée, la classe de lecteurs ou d’auditeurs auxquels on s’adresse,‬‬
‫‪les mœurs, les circonstances, etc., le genre d’écrit sera plus nu ou plus fleuri, plus‬‬
‫‪négligé ou plus châtié, plus familier ou plus noble […] En général les livres qui‬‬
‫‪traitent d’intérêt sérieux […] tous les ouvrages didactiques, religieux, moraux,‬‬
‫‪politiques, historiques, exigent la gravité du ton, la dignité du langage, une réserve‬‬
‫‪scrupuleuse dans le choix des termes… «Le style grave, dit Voltaire, évite les‬‬
‫‪saillies, les plaisanteries : s’il s’élève quelquefois au sublime, si dans l’occasion il‬‬
‫‪est touchant, il rentre bientôt dans cette sagesse, dans cette simplicité noble qui fait‬‬
‫‪son caractère ; il a de la force, mais peu de hardiesse. Sa plus grande difficulté est de‬‬
‫‪n’être pas monotone» […] La gravité du style, à mesure que le sujet s’élève et‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪130‬‬

‫ومن ينظر في جملة هذه األوصاف التي تجعل الخطاب واضحاً‪ ،‬يجد ّ‬
‫أن‬
‫لكن بعضها‬‫بعضها (الدّقّة‪ ،‬إلخ‪ ).‬يدخل ضمن العنوان الذي أسميناه الفصاحة‪ّ .‬‬
‫اآلخر (رصانة األسلوب‪ ،‬إلخ‪ ).‬يفيض عنه ليدخل في العنوان الذي سنأتيه بعد‬
‫قليل والذي أسميناه المطابقة مع ما يقتضيه الحال‪ .‬وعليه يكون ما هو واضح‬
‫عند المؤلّف‪ ،‬صاحب المقتطفات التي وردت فيها األوصاف‪ ،‬مرادف لما هو‬
‫بليغ عندنا‪ .‬هذا عن فصاحة الكلمة والجملة‪ ،‬لكن ث ّم فصاحة ثالثة هي فصاحة‬
‫ص‪.‬‬‫النّ ّ‬

‫‪ .3‬فصاحة النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ―.67‬مواصفات الّنصّ الفصيح‪.‬‬

‫من فصاحة النّ ّ‬


‫ص العطف بين الجمل حيث يجب العطف‪ ،‬وترك العطف حيث‬
‫ينبغي التّرك‪:‬‬

‫"نقل اجلرجاين أأهنّ م جعلوا الفصل والوصل حدّ ًا للبالغة ‪ ...‬وذهب اىل أأ ّن «العّل مبا ينبغي‬
‫أأن يُصنع يف امجلل من عطف بعضها عىل بعض ( أأي الوصل) أأو ترك العطف فهيا واجمليء هبا‬
‫منثورة تس تأأنف الواحدة مهنا بعد ا ألخرى ( أأي الفصل) من أأرسار البالغة»"‪.225‬‬

‫والجمل في النّ ّ‬
‫ص على ثالثة أضرب‪:‬‬

‫الصفة مع املوصوف والتّأأكيد مع املؤكّد‪ ،‬فال يكون فهيا‬


‫"‪ –1‬مجةل حالها مع اليت قبلها حال ّ‬
‫اليشء عىل نفسه؛‬ ‫العطف البتّة لش به العطف فهيا لو عطفت بعطف ّ‬
‫‪ –2‬مجةل حالها مع اليت قبلها حال الامس يكون غري اذلي قبهل االّ أأن ّه يشاركه يف حمك ويدخل‬

‫‪s’agrandit, peut arriver à la noblesse […] la noblesse […] n’emploie que les termes‬‬
‫‪les plus généraux et les tournures les plus polies et les plus dignes». A. Baron, préc.,‬‬
‫‪p. 239 à 258.‬‬
‫فإذا أخذنا آخر ما ورد في كالم «أ‪ .‬بارون»‪ ،‬وجب أن نشير إلى أن ث ّم في الجامعة من يكتب في القانون‬
‫الروايات «البورنوغرافيّة» رواياتهم‪ .‬قد‬ ‫الزنا وما شاكلها كما يكتب أصحاب ّ‬ ‫ي وتحديدا في جرائم ّ‬ ‫الجزائ ّ‬
‫ي» والوصف الدّقيق؛‬ ‫ّ‬ ‫البورنوغراف‬ ‫«‬ ‫د‬ ‫ّر‬‫س‬‫ال‬ ‫بين‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫فرق‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ث‬ ‫إن‬ ‫لهم‬ ‫قال‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ينبغي‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫في‬ ‫يستحون‬ ‫ال‬ ‫هم‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫يقولون‬
‫وإن ال تناقض بين اإلتيان باألمور كما هي والت ّأدّب والنّبل‪.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.531‬‬ ‫‪ 225‬مح ّمد ال ّ‬
‫‪131‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫معه يف معىن مثل أأن يكون الك الامسّي فاعال أأو مفعوال أأو مضافا اليه‪ ،‬فيكون حقّها‬
‫العطف؛‬
‫‪ –3‬ومجةل ليست يف يشء من احلالّي بل سبيلها مع اليت قبلها سبيل الامس مع الامس ال‬
‫يكون منه يف يشء فال يكون ا ّايه وال مشاراك هل يف معىن‪ ،‬بل هو يشء ان ذكر مل يذكر االّ‬
‫بأأمر ينفرد به ويكون ذكر اذلي قبهل وترك ذكره سواء يف حاهل لعدم التّعلّق بينه وبينه ر أأسا‪،‬‬
‫وحق هذا ترك العطف البتّة"‪.226‬‬
‫ّ‬

‫ص‪ّ .‬‬
‫لكن‬ ‫وهكذا فالعطف حيث يجب‪ ،‬وتركه حيث ينبغي‪ ،‬يحقّق فصاحة النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬ومن قبلها فصاحة الجملة‪ ،‬ومن قبلهما فصاحة الكلمة‪ ،‬ال تؤد ّي‬ ‫فصاحة النّ ّ‬
‫إلى البالغة إالّ متى كان ث ّم مع الفصاحة مطابقة لما يقتضيه الحال‪.‬‬

‫داولي‬
‫ّ‬ ‫(ب) المطابقة لما يقتضيه حال الخطاب أو المستوى الت ّ‬

‫‪ ―.68‬مواصفات الّنصّ العلميّ‪.‬‬


‫جاء عند الجاحظ أنّه‪:‬‬

‫"ينبغي للمتلكّم أأن يعرف أأقدار املعاين ويوازن بيهنا وبّي أأقدار املس متعّي وبّي أأقدار احلاالت‬
‫لك حاةل من ذكل مقاما"‪.227‬‬ ‫لك طبقة من ذكل الكما ول ّ‬ ‫فيجعل ل ّ‬

‫وجاء عند القزويني‪:‬‬

‫"مقامات الالكم متفاوتة‪ ،‬مفقام التّنكري يُباين مقام التّعريف‪ ،‬ومقام االطالق يُباين مقام‬
‫التّقييد‪ ،‬ومقام التّقدمي يُباين مقام التّأأخري‪ ،‬ومقام ّاذلكر يُباين مقام احلذف‪ ،‬ومقام القرص يُباين‬
‫مقام خالفه‪ ،‬ومقام الفصل يُباين مقام الوصل‪ ،‬ومقام االجياز يُباين مقام االطناب واملساواة‬
‫[‪ ]...‬وارتفاع شأأن الالكم ابحلسن والقبول‪ ،‬مبطابقته لالعتبار املناسب؛ واحنطاطه‪ ،‬بعدم‬
‫مطابقته هل"‪.228‬‬

‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 534‬و‪535‬؛ انظر أيضا‪ :‬ج ‪ ،2‬ص ‪ .1272‬لمزيد التّفصيل حول أحوال‬ ‫‪ 226‬مح ّمد ال ّ‬
‫الجملة‪ ،‬انظر‪ :‬فضل حسن عبّاس‪ ،‬البالغة‪ .‬فنونها وأفنانها (علم المعاني)‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬إربد‪ ،‬ط ‪ 1417 ،4‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1998‬م‪ ،‬ص ‪ 402‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪( 227‬أبو عثمان عمرو بن بحر) الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق‪ :‬فوزي عطوي‪ ،‬دار صعب‪ ،‬بيروت‪،1968 ،‬‬
‫ص ‪.88‬‬
‫‪ 228‬الخطيب القزويني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪132‬‬

‫فعلى المر ِّسل إذن – إن استعملنا مصطلحات التّداوليّة (‪ – )pragmatique‬أن‬


‫يأخذ بعين االعتبار المتلقّي ونوع الخطاب الذي هو بصدده‪.229‬‬

‫سياسيّة‪،‬‬ ‫علم)‪ ،‬ال ّ‬ ‫‪ 229‬انظر أحدهم وهو يتناول بعض أنواع ال ّنصوص‪ :‬العلميّة‪ ،‬المدرسيّة (عرض العلم للت ّ ّ‬
‫اإلشهاريّة‪ ،‬األدبيّة‪Patrick Charaudeau, Grammaire du sens et de l’expression, Hachette, .‬‬
‫‪Paris, 1992, p. 155 et s.‬‬
‫انظر أيضا "أنطوان كومپانيون" ( ‪Antoine Compagnon, La notion de genre : 1. Introduction:‬‬
‫‪forme, style et genre littéraire, http://www.fabula.org/compagnon/genre1.php [24‬‬
‫‪ )septembre 2010].‬وهو يتحدّث عن نفس المسألة‪ ،‬ال من جهة من يكتب‪ ،‬بل من جهة من يقرأ‪" :‬سأبدأ بأن‬
‫ي بالتيمور»‪ .‬يرويها «ستاندال» في «راسين»‪ ،‬و«شكسبير» في ‪ ،1823‬وقد‬ ‫صة «جند ّ‬ ‫صة‪ .‬إنّها ق ّ‬ ‫أروي لكم ق ّ‬
‫ي في مه ّمة‬ ‫كانت وقتها حديثة جدّا‪ .‬أنقل (لكم ما قال) «ستاندال»‪ :‬في السّنة الفارطة (أوت ‪ ،)1823‬كان جند ّ‬
‫حراسة داخل مسرح «بالتيمور»‪ ،‬فرأى «عطيل» الذي ه ّم‪ ،‬في الفصل الخامس من التراجيديا التي تحمل نفس‬
‫ي ملعون امرأةً بيضاء»‪ .‬في‬ ‫ي‪« :‬لن يقال أبدا إنّه وفي حضوري قتل زنج ٌّ‬ ‫االسم‪ ،‬بقتل «ديدمونة»‪ ،‬فصاح الجند ّ‬
‫ي من بندقيّته رصاصة كسرت ذراع الممثّل الذي كان يلعب دور «عطيل» [‪ ]...‬هنا ما‬ ‫نفس اللحظة أطلق الجند ّ‬
‫وأول هذه االتّفاقات ّ‬
‫أن‬ ‫ي‪ .‬فاألدب‪ ،‬كك ّل خطاب‪ ،‬يفترض اتّفاقات‪ّ ،‬‬ ‫ي بالتيمور هو فكرة االتّفاق األدب ّ‬ ‫أثاره جند ّ‬
‫ي بالتيمور من قبل مسرحا‪ ،‬لم ير أبدا مسرحيّة‪ ،‬لم يكن يعرف ما الذي‬ ‫األمر يتعلّق باألدب‪ .‬لم يدخل جند ّ‬
‫كمتفرج وأيضا كممثّل‪ ،‬هو اختزان نظام توقّعات‪ّ .‬أول ما‬ ‫ّ‬ ‫ينتظره‪ .‬األدب توقّع؛ والدّخول في األدب‪ ،‬كقارئ أو‬
‫ي أكثر من غيره‪ ،‬هو أ ّننا أمام خيال [‪ ]...‬في مذ ّكرات‪ ،‬في سيرة حياة يتوقعّ‬ ‫يتو َّقع‪ ،‬بمعنى ما يطلبه العمل األدب ّ‬
‫ّ‬
‫القارئ أن يقرأ ما حدث حقّا [‪ ]...‬حين أقرأ قصيدة عنوانها «سونيتة» ‪( sonnet‬قصيدة من ‪ 14‬بيتا) أتوقع أن‬
‫أجد أربع عشرة بيتا‪ ،‬بيتان رباعيّان (‪ ،)deux quatrains‬يتبعهما بيتان ثالثيّان (‪ ،)deux tercets‬أو عشريّة‬
‫ي‪ .‬آتي (أقدم على) الكتاب أو المسرحيّة‬ ‫(‪ )un dizain‬متبوعة بـ‪« :‬ديستيك» (‪ .)un distique‬التّوقّع نوع ّ‬
‫يتعلق بتراجيديا‪ ،‬بسونيتة‪ ،‬برواية بوليسيّة‪ ،‬بسيرة ذاتيّة‪ ،‬بأطروحة‪ ،‬بمقالة‪ ،‬بمذ ّكرة تختم‬ ‫إن األمر ّ‬ ‫ي‪ّ :‬‬ ‫بتو ّقع نوع ّ‬
‫أن االتّفاقات النّوعيّة يمكن أن تكون طبائعها مختلفة كثيرا‪:‬‬ ‫اإلجازة ‪ ...‬لقد اخترت عمدا أنواعا مختلفة لكي أبيّن ّ‬
‫ي [‪ ]...‬وأنا أقرأ‪،‬‬ ‫عرف النّوع المسرح ّ‬ ‫صيّة ت ّ‬ ‫ي بالتيمور يجهل خا ّ‬ ‫شكليّة‪ ،‬موضوعيّة‪ ،‬أسلوبيّة ‪ ...‬لقد كان جند ّ‬
‫ص؛ ال هذا ليس «سونيتة»‬ ‫أضع فرضا حول النّوع‪ ،‬هذا الفرض يوجّه قراءتي؛ أصلح القراءة‪ ،‬إذا ناقضها النّ ّ‬
‫فرنسيّة؛ ال ليس تراجيديا كالسيكيّة؛ ال ليس رواية سوداء (‪)roman noir‬؛ في نهاية المطاف قد ال ينتمي‬
‫العمل وال لواحد من األنواع المحدّدة‪ .‬لكن‪ ،‬لكي أصل إلى هذه النّتيجة‪ ،‬ينبغي أن أكون قد قرأت وأنا أضع‬
‫ي‪ ،‬وأن أكون قد راجعت هذه الفرضيّات بالتّدريج خالل القراءة"‪.‬‬ ‫فرضيّات حول انتمائه النّوع ّ‬
‫ّ‬
‫المؤلف‪:‬‬ ‫انظر في نفس االتّجاه المقتطفات التّالية لنفس‬
‫أتكلم في المحاماة‪ .‬ومنذ اليونانيّين‪ ،‬كانت أشكال الخطاب اتّفاقات وقواعد‬ ‫ي الجامعة ال أتكلّم كما ّ‬ ‫"على كرس ّ‬
‫إجباريّة‪ ،‬إنّها ليست ضرورات مثل أشكال اللغة‪ .‬وينبغي أخذ عبارة ات ّفاقات وقواعد إجباريّة في معنى إنتاج ّ‬
‫ي‬
‫إن هدفها أن تشتغل على السّامع أو المتلقّي‪.‬‬ ‫عجب؛ ّ‬ ‫إن غاية البالغة هي أن (تجعلك) تقنِّع وت ِّ‬ ‫ي‪ّ .‬‬ ‫أكثر منه جزائ ّ‬
‫فإن أشكال الخطاب لها وظيفتان‪ -1 :‬أن تنشِّأ توقّعا‪ -2 ،‬أن تض َمن اعترافا‪ .‬نموذج توقّع واعتراف‪ :‬هكذا‬ ‫وهكذا ّ‬
‫يمكن وصف النّوع في مقاربة أولى [‪]...‬‬
‫يخط لك ّل وضعيّ ِّة تواصل شك َل خطاب مقنّن‬ ‫ّ‬ ‫إن أشكال الخطاب اتّفاقيّة‪ :‬هذا يعني أ ّنها تمثّل مؤسّسة‪ ،‬ونظاما‬ ‫ّ‬
‫مضطر‪ ،‬لكي يأخذ بعين االعتبار التّلقّي ووضعيّة الخطاب‪ ،‬أن‬ ‫ّ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫لك‬ ‫جديدا‪،‬‬ ‫شيئا‬ ‫يوصل‬ ‫أن‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫المؤل‬ ‫يريد‬ ‫[‪]...‬‬
‫أن «عطيل» ينتمي إلى نوع‬ ‫ي بالتيمور»‪ ،‬الذي لم يعرف ّ‬ ‫ي [‪ ]...‬تذ ّكروا «جند ّ‬ ‫صه في عرف شكل ّ‬ ‫يدمج ن ّ‬
‫المسرح‪ ،‬وإلى نوع أكبر هو األعمال الخياليّة والتّمثيل‪ .‬هنا نحن أمام نموذج ّأول من االتّفاق يمكن تسميته (مع‬
‫ي أو‬ ‫«جيرار جينات» (‪ )Gérard Genette‬و«جون – ماري شافر» (‪ )Jean-Marie Schaeffer‬بالتّأسيس ّ‬
‫سِّس‪ ،‬ألنّه‪ ،‬بدون احترامه واالعتراف به‪ ،‬يفشل التّواصل‪ ،‬وال يعترف بالعمل كما هو‪ ،‬ويؤخذ على أنّه‬ ‫المؤ ّ‬
‫ي مختلف‪.‬‬ ‫شيء آخر‪ ،‬على أنّه فعل لغو ّ‬
‫الزاوية‪ ،‬يعطي العمل مثاال لنوع ويح ّقق هذا‬ ‫ي [‪ ]...‬من هذه ّ‬ ‫إن االتّفاق المؤ ّسِّس ينشأ العمل في ذاته‪ ،‬إنّه وجوب ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬والتي‬ ‫ي والدّالل ّ‬ ‫ّ‬
‫ص‪ ،‬بنظامه الشكل ّ‬ ‫ّ‬
‫المرة ال بالفعل بل بالن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النوع‪ .‬وهنالك نماذج أخرى من االتفاقات تتعلق هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫صيّة‪ ،‬وعدم احترامها هو قلب للنّظام وليس فشال [‪]...‬‬ ‫هي ربّما مألوفة أكثر‪ .‬هذه االتّفاقات ليست تداوليّة بل ن ّ‬
‫ي فهو إ ّما لألخذ أو للتّرك"‪La notion de .‬‬ ‫ي‪ ،‬أ ّما االتّفاق التّداول ّ‬ ‫ص ّ‬‫ويمكن أن نتجادل حول االتّفاق ال ّن ّ‬
‫‪genre:‬‬ ‫‪2.‬‬ ‫‪Norme,‬‬ ‫‪essence‬‬ ‫‪ou‬‬ ‫?‪structure‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre2.php (24 septembre 2010).‬‬
‫‪133‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ص ينبغي أن يكون‬ ‫ي‪ .‬فالكلمة‪ ،‬بل الجملة‪ ،‬بل النّ ّ‬ ‫وما يعنينا اآلن الخطاب العلم ّ‬
‫صورة اللفظيّة التي‬ ‫شكل أو ال ّ‬ ‫ي‪ :‬هو ال ّ‬ ‫ي األسلوب ‪ .‬و"األسلوب العلم ّ‬
‫‪230‬‬
‫علم ّ‬
‫مقوماته‪:‬‬
‫ي" ‪ .‬وأه ّم ّ ِّ‬
‫‪231‬‬
‫تصاغ فيها المادّة العلميّة أو المضمون الفكر ّ‬
‫● "االلتزام باللغة العلميّة شكال"‪ ،232‬ويكون ذلك باستعمال األلفاظ في المعاني‬
‫ي الذي نكتب فيه‪ .233‬فإذا استعملنا هذه‬ ‫التي اتّفق عليها أهل االختصاص العلم ّ‬
‫ي‪ ،‬فينبغي أن ننصب لذلك قرينة تبيّن‬ ‫األلفاظ في غير معناها االصطالح ّ‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫خروجنا عن المعنى العرف ّ‬
‫● "الدّقّة في صوغ العبارة صياغة تعتمد األلفاظ الحقائق‪ ،‬وتبتعد عن استخدام‬
‫ي‪.‬‬
‫سنات الكالميّة" ‪ ،‬وذلك دون داع بالغ ّ‬
‫‪234‬‬
‫األلفاظ المجازيّة والمح ّ‬

‫"ال ّنوع قانون‪ ،‬اتّفاق [‪ ]...‬وليس ماهية‪ .‬ك ّل عمل ينتمي إلى نوع‪ ،‬بمعنى‪ :‬أفق توقّع [‪ ]...‬أي مجموعة قواعد‬
‫سابقة للعمل وموجّهة لتلقّيه"‪La notion de genre : 9. Approches formalistes des genres, .‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre9.php (24 septembre 2010).‬‬
‫"حسب «فيتﭭنشتاين» (‪ ،)Wittgenstein‬فهم معنى تنصيص هو مثل تعلّم قواعد لعبة‪ .‬للعب اللعبة‪ ،‬يجب تعلّم‬
‫القواعد‪ .‬لكن ث ّم ألعاب كثيرة (اللغة ‪ ،)la langue‬وتجب معرفة قواعد اللعبة المعنيّة (الكالم ‪ .)la parole‬كيف‬
‫نعرف أيّة لعبة لعبت؟ كيف نعرف القاعدة التي ينبغي تطبيقها في حالة معيّنة؟ هذا هو المصدر المعهود‬
‫مؤولي التّنصيصات‪ :‬هي اختالفات حول اللعبة مح ّل التّساؤل‪ .‬أيّة قواعد‪ ،‬أيّة لعبة هي المعنيّة؟ [‪]...‬‬ ‫الختالفات ّ‬
‫مرة واحدة؟ ال يمكن أن نتعلّم قواعد تنصيص على أساس هذا‬ ‫لكن كيف نتعلّم قواعد لعبة لم تلعب أبدا وستلعب ّ‬
‫لكن اللعبة ليست مرتبطة بتنصيص‬ ‫التّنصيص لوحده (مثل رسالة هي في نفس الوقت رمز وشفرة لنفسها) [‪ّ ]...‬‬
‫إن دور األنواع في التّأويل يصبح أكثر ظهورا حين يفشل التأويل‪ ،‬حين‬
‫ّ‬ ‫واحد بل بنوع من التّنصيصات [‪ّ ]...‬‬
‫يكون ث ّم مشكل (تذ ّكروا «بريزاسييه» (‪ )Brisacier‬في بداية «فتيات ال ّنار» (‪ )Filles du feu‬وهو يخلط بين‬
‫المسرح والحياة)‪« :‬تتحدّث عن رواية‪ ،‬ظننتك تتحدّث عن واقعة» «ظننتك تفهم‪ ،‬لكنّي لم أعد متأ ّكدا»"‪.‬‬
‫‪La‬‬ ‫‪notion‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪genre‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪10.‬‬ ‫‪Genre‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪interprétation,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre10.php (24 septembre 2010).‬‬
‫"إذا كان المعنى يرتبط بالنّوع‪ ،‬فينبغي ال فقط للتّأويل بل للتّنصيص أيضا (الكالم‪ ،‬الكتابة) أن يكون محكوما‬
‫يخص النّماذج‪ :‬طرق رؤية األشياء تخضع لنماذج‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بفكرة الكلّ‪ .‬هذا ما بيّنه «ڤومبريش» (‪ )Gombrich‬فيما‬
‫تصور مو ِّ ّجه‬
‫ّ‬ ‫والرقابة تأتي متأ ّخرة‪ .‬نضع كلمات الواحدة خلف األخرى مع أو تحت‬ ‫ّ‬ ‫ننقل بأن ننشِّأ ونراقب‪،‬‬
‫الزمنيّة للتّنصيص‪ ،‬وهذا المفهوم‪ ،‬بوصفه نموذجا‪ ،‬يطابق‬ ‫ي يراقب السّيرورة ّ‬‫للمعنى [‪ ]...‬ويوجد مفهوم شمول ّ‬
‫الزاوية المؤلّف هو ّأول قارئ‬ ‫المؤول ولكن أيضا بالنّسبة إلى المتلقّي (من هذه ّ‬‫ّ‬ ‫نظام توقّعات بال ّنسبة إلى‬
‫للمؤلّف)"‬
‫‪La‬‬ ‫‪notion‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪genre‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪11.‬‬ ‫‪Genre‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪réception,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre11.php (24 septembre 2010).‬‬
‫‪ 230‬انظر حول األسلوب عموما‪:‬‬
‫‪Mikel Dufrenne, Style, Encyclopædia Universalis 2010; Buffon (1707 - 1788),‬‬
‫‪Discours sur le style : prononcé à l'Académie française / par M. de Buffon (le jour‬‬
‫‪de sa réception : 25 août 1753). [Document électronique. Source: http://www.‬‬
‫‪gallica. Fr (24 septembre 2010].‬‬
‫‪ 231‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬أصول البحث‪ ،‬مؤسّسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬قم – إيران‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 232‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 233‬انظر‪Denis Huisman, préc., p. 45 et 46 :‬‬
‫‪ 234‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪134‬‬

‫● "االقتراب من ذهن المخاطب باألسلوب – قارئا ً كان أو سامعا ً – ما أمكن‬


‫ذلك"‪ .235‬فالعلم يورث وصف التّواضع‪ .‬والتّواضع يقتضي جعل القارئ أو‬
‫سامع نِّدّا ً وصديقاً‪ .‬ولقد تحد ّث "فينيلون" (‪ )Fénelon‬عن كتّاب قال فيهم‪:‬‬
‫ال ّ‬

‫"نريد أأن نهبر و أأن نفاجئ‪ ،‬نريد أأن نكون أأكرث نباهة من القارئ و أأن نشعره بذكل [‪]...‬‬
‫(واحلال أأن ّه ينبغي) أأن نعطيه دون أأن يبدو علينا أأ ّن دلينا ما يُعطى"‪.236‬‬

‫وترجمةً للتّواضع‪ ،‬منِّع على الكاتب استعمال ضمير المخاطب المفرد الحاضر‪.‬‬
‫فاألنا مكروهة كما قال "پاسكال" (‪ ،237)Pascal‬وتشتدّ كراهتها في الخطاب‬
‫ي‪ .‬لذلك يطلب‪ :‬إ ّما تغييب المتكلّم‪( 238‬بأن يقال‪" :‬يمكن القول ‪ ،"...‬أو ما‬
‫العلم ّ‬
‫هو في مقامها)؛ أو إحضار المتكلّم وتغييبه في نفس الوقت‪ ،‬بجعله واحدا من‬
‫تتكون منه وم ّمن هم مثله‪ .‬ويت ّم هذا باستعمال‬
‫قرائه أو ّ‬
‫تتكون منه ومن ّ‬‫مجموعة ّ‬
‫ضمير المخاطب الجمع الحاضر (نحن) الذي يقصد به ال التّعظيم (نحن = أنا ‪/‬‬
‫في الفرنسيّة‪ )nous de majesté :‬بل التّواضع (نحن = أنا ‪ +‬أنتم؛ نحن = أنا‬
‫‪ +‬هم ‪ /‬في الفرنسيّة‪.239)nous d’auteur :‬‬

‫‪ 235‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.212‬‬


‫‪"On veut trop éblouir et surprendre, on veut avoir plus d ’esprit que son lecteur et 236‬‬
‫‪le lui faire sentir […] au lieu qu’il faudrait n’en avoir jamais plus que lui, et lui en‬‬
‫‪donner même sans paraître en avoir". Fénelon, cité par : A. Baron, préc., p. 235, note‬‬
‫‪n° 1.‬‬
‫‪"Le moi est haïssable". Pascal, cité par : Jacques Derrida, La dissémination, 237‬‬
‫‪Collection "Tel Quel", Seuil, Paris, 1972, p. 52. note 26.‬‬
‫‪ 238‬يقول أحدهم‪"Il semblerait que la crédibilité du discours scientifique passe par :‬‬
‫‪l’effacement du sujet parlant". Patrick Charaudeau, préc., p. 155.‬‬
‫‪ 239‬انظر‪Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 217, 218 et 241 ; Denis :‬‬
‫‪Huisman, préc., p. 46 et 47 ; Sylvie Guichard, préc., p. 75 ; Sophie Le Ménahèse-‬‬
‫‪Lefay, préc., p. 48 .‬‬
‫شاوش (م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ 1091‬وما بعدها) حين يتحدّث عن نوعين من "نحن"‪:‬‬ ‫انظر أيضا مح ّمد ال ّ‬
‫نحن= أنا ‪ +‬هم (نحن معشر األنبياء ال نورث)؛‬
‫نحن= أنا ‪ +‬أنتم (حا ّج يكلّم من هم معه في رحلة الحجّ‪ :‬نحن القاصدين بيت هللا ّ‬
‫نقرر التّوبة)‪.‬‬
‫وانظر نفس المؤلّف وهو يورد تفرقة لـ‪" :‬بنفينيست" بين الضّمير‪ nous‬في الفرنسيّة وهو يدل على ّ‬
‫علو مرتبة‬ ‫ّ‬
‫المتكلّم وعظمته (‪ )nous de majesté‬وبين نفس الضمير وهو يد ّل على تواضع الكاتب أو المتكلّم الفرد‬
‫(‪.)nous d’auteur ou d’orateur‬‬
‫إن ضمير المخاطب الحاضر المفرد هو‬ ‫شفوي – ّ‬ ‫يخص الخطاب ال ّ‬
‫ّ‬ ‫وخالفا لما جاء للت ّ ّو‪ ،‬ث ّم من يقول – فيما‬
‫الواجب االستعمال‪Henri Lamour, préc., p. 119 et 120. :‬‬
‫‪135‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المجرد‬
‫ّ‬ ‫وترجمةً للتّواضع أيضا‪ ،‬ندِّب للكاتب استعمال األمثلة‪ .‬فبواسطتها ّ‬
‫يقرب‬
‫من ذهن القارئ‪.240‬‬
‫الرسوم (والجداول البيانيّة‪ ،‬إلخ‪.).‬‬ ‫وينبغي هنا استغالل الفرصة للحديث عن ّ‬
‫المجردة وتحوصلها‪ ،‬م ّما يس ّهل المه ّمة على‬ ‫ّ‬ ‫تقرب األفكار‬ ‫فهذه أيضا ّ‬
‫صة مواضيع االمتحان –‬ ‫لكن التّعبير عن المحتوى – واألمر يه ّم خا ّ‬ ‫القارئ‪ّ .241‬‬
‫بالتّصوير واإلظهار للعيان (‪ )visualisation‬ينبغي أن يكون زائدا ً ومضافا ً‬
‫أن مهارة التّعبير كتابةً هي‬ ‫سبب ّ‬ ‫ألداة التّعبير األخرى التي هي الكلمات‪ .‬وال ّ‬
‫الرسوم فال تظهر بها‬ ‫عنصر من العناصر التي يقيَّم على أساسها الممت َحن‪ ،‬أ ّما ّ‬
‫الرسوم وغيرها (تسطير الكلمات‪ ،‬استعمال‬ ‫أن ّ‬ ‫المقدرة الكتابيّة‪ .‬فالمبدأ إذن ّ‬
‫األرقام أو العالمات في التّرتيب والتّقسيم‪ ،‬إلخ‪ ).‬ممنوع؛ واالستثناء إباحتها (بل‬
‫ربّما استحبابها) إذا لم ت َِّرد كبديل للكتابة‪.242‬‬
‫ص بمسحة التّواضع‪ .‬والتّواضع ليس‬ ‫هكذا – وبما سبق من أمور – يصطبغ النّ ّ‬
‫صه من يشتغل بالعلم‪ .‬بل التّواضع رداء‬ ‫وصفا ً يضيفه إلى نفسه ومن ث ّم إلى ن ّ‬
‫يلبسه قهرا ً من غاص في بحر العلم ألنّه ما إن يدرك عمقا ً إالّ ويدرك في نفس‬
‫ي– بصفة عفويّة ال تصنّع فيها‬ ‫ص العلم ّ‬ ‫اللحظة أن ث ّم أعماقا ً أبعد‪ .‬لذلك نجد النّ ّ‬
‫– ينبئنا بأسلوبه وبك ّل شيء فيه أنّا أمام "من يبحث" ال أمام "من وجد"‪ .‬وال‬
‫ي ال ينتهي إلى نتائج أو ال يتّخذ مواقف أو ال‬ ‫أن النّ ّ‬
‫ص العلم ّ‬ ‫يعني ما قيل للت ّ ّو ّ‬
‫أن ما يتبنّاه ال يتبنّاه بصفة "دوغمائيّة" وأنّه‬ ‫يناضل عن آراء‪ ،‬بل يعني فقط ّ‬
‫عا على المراجعة واإلصالح‪ .‬ولقد حفظ لنا التّراث رسالة‬ ‫يترك دوما ً بابه م ْش َر ً‬

‫‪ 240‬حول المثال انظر‪A. Baron, préc., p. 182 ; Axel Preiss, préc., p. 69 :‬‬
‫نص ال تصحبه‬‫‪ 241‬انظر التّجارب التي وقع القيام بها حول الفرق على مستوى تيسير الفهم على القارئ بين ّ‬
‫ونص تصحبه رسوم‪" :‬قام «دين» (‪ )Dean‬و«إينموه» (‪ )Enemoh‬في ‪ 1983‬بدراسة تأثير‬ ‫ّ‬ ‫رسوم (إلخ‪).‬‬
‫الرسم كانت له نتائج أفضل [‪ ]...‬واستنتجوا‬ ‫اطلع على ّ‬‫أن من ّ‬ ‫نص صعب [‪ ]...‬الحظ المؤلّفان ّ‬ ‫رسم على فهم ّ‬
‫ص"‪André-Jacques .‬‬ ‫ّ‬
‫منظما للمعلومة المقدّمة في النّ ّ‬ ‫نص ألنّه يوفّر بيانا‬
‫ّ‬ ‫الرسم يس ّهل فهم وتذ ّكر‬
‫أن ّ‬‫ّ‬
‫‪Deschênes, préc., p. 18.‬‬
‫انظر نفس الكتاب في ترجمته العربيّة‪ :‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 13‬وما بعدها‪.‬‬
‫ي من أجل توضيحه‪ ،‬هذا العمل والمراجع الواردة فيه‪:‬‬ ‫ص اللغو ّ‬ ‫صورة للنّ ّ‬‫انظر أيضاً‪ ،‬حول مصاحبة ال ّ‬
‫‪Lamia Amel Ammari, préc.‬‬
‫ي وإرفاقه بالحوامل البصريّة (‪ ،)supports visuels‬انظر‪Dominique :‬‬ ‫شفو ّ‬ ‫وبالنّسبة إلى العرض ال ّ‬
‫‪Chassé et Richard Prégent, péc., p. 30 et s.‬‬
‫‪ 242‬انظر‪Henri Lamour, préc., p. 124 et s. :‬‬
‫يهم عموم‬
‫الرموز َ‬ ‫ّ‬
‫الرموز‪ .‬فعوض كتابة الكلمة باألحرف‪ ،‬نمثلها بواسطة رمز‪ .‬وبعض ّ‬ ‫ويمكن أن نضيف هنا َ‬
‫صصة مثل عالمة‬ ‫الرموز فيه ّم لغات متخ ّ‬
‫الرمز § للدّاللة على الفقرة‪ .‬أ ّما البعض اآلخر من ّ‬ ‫اللغة مثل استعمال ّ‬
‫الرياضيّات (إلخ‪ ).‬للدّاللة على الجمع‪.‬‬ ‫‪ +‬المستعملة في ّ‬
‫أن القاعدة هنا – كغيرها من‬ ‫الرموز‪ .‬لكن ينبغي التّنبيه إلى ّ‬‫حق ّ‬ ‫الرسوم يص ّح في ّ‬ ‫وما قيل في المتن عن ّ‬
‫القواعد – تدور وجودا ً وعدما ً مع الغاية منها‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪136‬‬

‫الرسالة يتحدّث ابن عربي‬


‫تصور بعمق حال أهل العلم أمام ما يعلمون‪ .‬في هذه ّ‬
‫ّ‬
‫الرازي‪ ،‬فيقول له‪:‬‬
‫ع ّما بلغه عن ّ‬

‫" أأخربين من أأثق به]‪ ]...‬أأن ّه رأك وقد بكيت يوما‪ .‬فسأأكل هو ومن حّض عن باكئك‪ .‬قلت‪:‬‬
‫الساعة بدليل ال حيل أأ ّن ا ألمر عىل خالف ما‬
‫مسأأةل اعتقدهتُ ا منذ ثالثّي س نة ّتبّي يل يف ّ‬
‫وقلت‪ :‬ولع ّل اذلي الح أأيضا يكون مثل ا أل ّول"‪.243‬‬
‫فبكيت‪ُ ،‬‬
‫اكن عندي‪ُ ،‬‬

‫سابقة‬ ‫● "وضع العبائر في ّ‬


‫خط سياقها مترابطة لفظا ومعنى‪ ،‬بحيث تم ّهد ال ّ‬
‫لالّحقة‪ ،‬وتأخذ التّالية بعناق المتقدّمة"‪ .244‬وتس ّمي كتب البالغة ما جاء للت ّ ّو‬
‫حسن التّخلّص‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫الرازي‪ :‬رسائل البن عربي‪ ،‬دار إحياء التّراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪3‬‬ ‫‪ 243‬مقتطف من رسالة ابن عربي إلى ّ‬
‫و ‪.4‬‬
‫‪ 244‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .212‬انظر أيضا‪Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts- :‬‬
‫‪Tyteca, préc., p. 667‬‬
‫ي‬
‫ويحدّثنا عبد الهادي الفضلي (م س‪ ،‬ص ‪ 204‬إلى ص ‪ )211‬عن أسلوبين آخرين إلى جانب األسلوب العلم ّ‬
‫ي‪:‬‬
‫ي واألسلوب األدب ّ‬ ‫وهما األسلوب الخطاب ّ‬
‫ي في االتّصال بالنّاس‬ ‫ّ‬ ‫فو‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫القول‬ ‫علي‬ ‫يعتمد‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫أدب‬ ‫ّ‬
‫فن‬ ‫«‬ ‫وهي‬ ‫‪،‬‬‫الخطابة‬ ‫إلى‬ ‫نسبة‬ ‫‪:‬‬ ‫ي‬‫" ‪ –1‬األسلوب الخطاب ّ‬
‫ي»‪ .‬وأوضح عبد النّور في ( المعجم األدبي ) معنى‬ ‫إلبالغهم رأيا ً من اآلراء حول مشكلة ذات طابع جماع ّ‬
‫الفن وعناصر أسلوبه ومؤ ّهالت صاحبه‪ ،‬قال‪« :‬خطابة‬ ‫الخطابة إيضاحا وافيا بإلقاء الضّوء على خصائص هذا ّ‬
‫ي‬‫أن السّامعين يصغون إلى ما يقوله المتكلّم في موقف رسم ّ‬ ‫فن التّعبير عن األشياء بحيث ّ‬ ‫‪ّ – art aratoire : 1‬‬
‫الرابط بين أذهان السّامعين وقلوبهم من‬ ‫مختلف عن المجالس المألوفة في الحياة اليوميّة‪ .‬وهي تشدّ – عادة – ّ‬
‫صل‬ ‫جهة‪ ،‬واألفكار التي تتناهى إليهم من جهة أخرى‪ .‬وهذا يفرض على المتكلّم أن يكون ذا ثقافة واسعة ليتو ّ‬
‫المحرضات النّفسيّة والعقليّة‬ ‫ّ‬ ‫إلى تنسيق خطبته‪ ،‬وتوضيح األفكار التي يعالجها‪ ،‬وطريقة عرضها لتتوافق مع‬
‫في الجمهور‪ – 2 .‬من المفروض في الخطيب أن يكون مفيدا جذّابا مؤثّرا‪ .‬وك ّل هذا يقضي بتمتّعه بعدد من‬
‫وأول ما يطلب منه أن يكون ب ِّيّن الذّكاء‪ ،‬سريع الخاطر‪ ،‬نافذ‬ ‫الميزات الذّهنيّة والجسميّة واألخالقيّة الضّروريّة‪ّ .‬‬
‫الحجّة‪ ،‬قادرا على تقليب األفكار على مختلف وجوهها‪ .‬وأن تكون أحكامه صادقة‪ ،‬مفصحة عن الحقيقة‪ ،‬متينة‬
‫مطلعا على علم النّفس لدى الجماهير فيشعر برهافة حسّه ما يجب أن يقال‪ ،‬وما‬ ‫المقدّمات والنّتائج‪ .‬وأن يكون ّ‬
‫ّ‬
‫يتحتّم أن يهمل‪ .‬وأن يدرك حجج الخصم وموقف الجمهور‪ ،‬فيهيّئ لك ّل موقف ما يتطلب من حجج وبراهين‪.‬‬
‫وأن ي ْقدِّم على الهجوم عند الحاجة‪ ،‬وينكفئ لالنقضاض عند المناسبة المواتية‪ .‬وأن يغلّف أفكاره بأقوال دقيقة‬
‫فن الخطابة أن تكون ذاكرته أمينة‪،‬‬ ‫المدلول‪ ،‬فكهة حينا‪ ،‬ساخرة أحيانا‪ ،‬آسرة النتباه الجمهور‪ .‬كما يفرض عليه ّ‬
‫يتفرد‬
‫ّ‬ ‫وأن‬ ‫والمواقف‪.‬‬ ‫األفكار‬ ‫تجسيد‬ ‫شواهد‪ .‬وأن يكون خياله حادّا قادرا على‬ ‫زاخرة بالمعلومات والمعارف وال ّ‬
‫بإحساس رهيف إلثارة العواطف وتحويلها من حالة إلى أخرى‪ ،‬فإذا شاء أشجى جمهوره‪ ،‬وإذا أراد أثار مرحه‬
‫تكون الخطيب البارع‪ – 3 .‬ال حدود لمضمون الخطبة‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫صفات مجتمعة هي التي ّ ِّ‬ ‫وضحكه‪ .‬وك ّل هذه ال ّ‬
‫موضوعها شامل‪ ،‬يعنى بجميع النّشاطات اإلنسانيّة التي يتيسّر التّعبير عنها بالكالم‪ ،‬فليس ث ّمة موضوع عا ّم أو‬
‫ي‪ ،‬أو‬ ‫ي‪ ،‬أو فنّ ّ‬
‫ي‪ ،‬أو أدب ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو سياس ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو اجتماع ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو اقتصاد ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو دين ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو أخالق ّ‬ ‫ي أو فكر ّ‬ ‫خاص‪ ،‬مادّ ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ :‬وأروع نموذج يذكر هنا‬ ‫ي‪ ،‬لم يعبّر عنه بخطبة من الخطب»‪ – .‬نموذج لألسلوب الخطاب ّ‬ ‫ي‪ ،‬أو قضائ ّ‬ ‫علم ّ‬
‫ي هو خطبة اإلمام أمير المؤمنين ( ع ) في الجهاد‪ .‬وهي من خطب (نهج البالغة) رقم‬ ‫مثاال لألسلوب الخطاب ّ‬
‫صة أوليائه‪ ،‬وهو لباس التّقوى‪،‬‬ ‫فإن الجهاد باب من أبواب الجنّة‪ ،‬فتحه هللا لخا ّ‬ ‫‪ . 27‬قال عليه السّالم‪« :‬أ ّما بعد‪ّ :‬‬
‫صغار‬ ‫ّ‬ ‫بال‬ ‫وديث‬ ‫البالء‪،‬‬ ‫وشمله‬ ‫ّ‪،‬‬
‫ل‬ ‫الذ‬ ‫ثوب‬ ‫هللا‬ ‫ألبسه‬ ‫عنه‬ ‫رغبة‬ ‫تركه‬ ‫فمن‬ ‫ودرع هللا الحصينة‪ ،‬وج ّنته الوثيقة‪،‬‬
‫الحق منه بتضييع الجهاد‪ ،‬وسيم الخسف‪ ،‬ومنع ال َّنصف‪ .‬أال وإنّي قد‬ ‫ّ‬ ‫والقماء‪ ،‬وضرب على قلبه باإلسداد‪ ،‬وأديل‬
‫وسرا وإعالنا‪ ،‬وقلت لكم‪ :‬اغزوهم قبل أن يغزوكم‪ ،‬فوهللا ما غزي‬ ‫ّ‬ ‫دعوتكم إلى قتال هؤالء القوم ليال ونهارا‪،‬‬
‫قط في عقر دارهم إالّ ذلّوا‪ ،‬فتواكلتم وتخاذلتم‪ ،‬حتّى شنّت عليكم الغارات‪ ،‬وملكت عليكم األوطان‪ .‬وهذا‬ ‫قوم ّ‬
‫‪137‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن‬‫أخو غامد وقد وردت خيله األنبار‪ ،‬وقد قتل حسّان بن حسّان البكري‪ ،‬وأزال خيلكم عن مسالحها‪ .‬ولقد بلغني ّ‬
‫الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة‪ ،‬واألخرى المعاهدة‪ ،‬فينتزع حجلها وقلبها وقالئدها ورعاثها‪ ،‬ما‬ ‫ّ‬
‫تمتنع منه إالّ باالسترجاع واالسترحام‪ .‬ث ّم انصرفوا وافرين‪ ،‬ما نال رجال منهم كلم‪ ،‬وال أريق لهم دم‪ ،‬فلو ّ‬
‫أن‬
‫امرءا مسلما مات من بعد هذا أسفا‪ ،‬ما كان به ملوما‪ ،‬بل كان به جديرا‪ .‬فيا عجباً‪ ،‬عجبا ً وهللا يميت القلب‪،‬‬
‫وتفرقكم على حقّكم‪ .‬فقبحا لكم وترحا‪ ،‬حين صرتم غرضا‬ ‫ّ‬ ‫ويجلب اله ّم‪ ،‬من اجتماع هؤالء القوم على باطلهم‪،‬‬
‫يرمى‪ ،‬يغار عليكم وال تغيرون‪ ،‬وتغزون وال ت َغزون‪ ،‬ويعصى هللا وترضون‪ .‬فإذا أمرتكم بالسّير إليهم في أيّام‬
‫شتاء قلتم‪ :‬هذه صبارة‬ ‫الحر؛ وإذا أمرتكم بالسّير إليهم في ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫صيف قلتم‪ :‬هذه ح ّمارة القيظ‪ ،‬أمهلنا يسبخ عنّا‬ ‫ال ّ‬
‫تفرون‪ ،‬فأنتم وهللا من‬ ‫والقر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحر‬
‫ّ‬ ‫والقر‪ .‬فإذا كنتم من‬ ‫ّ‬ ‫الحر‬
‫ّ‬ ‫القر‪ ،‬أمهلنا ينسلخ عنّا البرد‪ .‬ك ّل هذا فرارا من‬ ‫ّ‬
‫الرجال وال رجال‪ ،‬حلوم األطفال‪ ،‬وعقول ربّات الحجال‪ .‬لوددت أنّي لم أركم‪ ،‬ولم أعرفكم‪.‬‬ ‫أفر‪ .‬يا أشباه ّ‬ ‫السّيف ّ‬
‫وجرعتموني‬ ‫ّ‬ ‫جرت ندما‪ ،‬وأعقبت سدما‪ .‬قاتلكم هللا‪ ،‬لقد مألتم قلبي قيحا‪ ،‬وشحنتم صدري غيظا‪،‬‬ ‫معرفة وهللا ّ‬
‫إن ابن أبي طالب رجل شجاع‪،‬‬ ‫ي رأيي بالعصيان والخذالن حتّى قالت قريش‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫عل‬ ‫وأفسدتم‬ ‫أنفاسا‪،‬‬ ‫نغب التّهمام‬
‫ولكن ال علم له بالحرب‪ .‬هلل أبوهم‪ ،‬وهل أحد منهم أشدّ لها مراسا‪ ،‬وأقدم فيها مقاما منّي‪ ،‬لقد نهضت فيها وما‬
‫شريفة‬ ‫بلغت العشرين‪ ،‬وها أنا ذا قد ذرفت على الستّين‪ ،‬ولكن ال رأي لمن ال يطاع»‪ .‬إن من يقرأ هذه الخطبة ال ّ‬
‫أن اإلمام ( ع ) قد اعتمد في أسلوبها على العناصر التّالية‪ – 1 :‬انتقاء المفردات انتقاء‬ ‫قراءة نقديّة سيخلص إلى ّ‬
‫وجو الخطبة‪ – 2 .‬قوة التّعبير المعرب عن مدى التّأثّر والتّأثير‪– 3 .‬‬ ‫ّ‬ ‫يتناسب وموضوع الخطابة ويلتقي‬
‫ي اندفاعا ودفعا‪.‬‬ ‫ي الفنّ ّ‬ ‫صيغة في موضعها السّياق ّ‬ ‫صيغ اإلنشائيّة كالتّعجّب واالستفهام استخداما يضع ال ّ‬ ‫استخدام ال ّ‬
‫ومقوماته‪ ،‬إلى غيرها من عناصر أخرى أشار إليها دارسو بالغة‬ ‫ّ‬ ‫مكونات األسلوب‬ ‫وهذه العناصر من أه ّم ّ‬
‫ي الذي ينقل العاطفة ويرسم الخيال ويبرز المعنى»‪.‬‬ ‫أن «التّعبير‪ :‬هو القالب اللفظ ّ‬ ‫اإلمام ( ع )‪ .‬ويرجع هذا إلى ّ‬
‫ص األدب ّي» [‪]...‬‬ ‫كما أنّه «عنصر أصيل ذو قيمة عظيمة في ال ّن ّ‬
‫ي البليغ الذي يقصد به التأثير في‬ ‫ي‪ :‬نسبة إلى األدب الذي يراد به – هنا – «الكالم اإلنشائ ّ‬ ‫‪ – 2‬األسلوب األدب ّ‬
‫يعرفه (المورد – مادّة‬ ‫القراء والسّامعين»‪ .‬وهو ما يعرف قديما بـ (صناعة األدب)‪ ،‬أو كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫عواطف‬
‫صياغة‪ ،‬والمعبّرة عن‬ ‫شكل أو ال ّ‬ ‫شعريّة المتميّزة بجمال ال ّ‬ ‫‪ – literature‬األدب‪ :‬مجموع اآلثار النّثريّة وال ّ‬
‫الزيّات بقوله‪« :‬أدب اللغة‪ :‬ما أثر عن شعرائها وكتّابها من بدائع القول‬ ‫عرفه ّ‬‫فكرات ذات قيمة باقية»‪ .‬ومن قبله ّ‬
‫ويشف اللسان»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحس‬
‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ّ‬ ‫ق‬‫وير‬ ‫فس‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ب‬‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫يه‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ّ‬ ‫م‬ ‫قيقة‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫المعاني‬ ‫وتصوير‬ ‫المشتمل على تصوير األخيلة الدّقيقة‬
‫فن الكتابة‪ ،‬ويعنى باآلثار‬ ‫ويتحدّث عنه عبد النّور فيقول‪« :‬األدب في معناه الحديث هو علم يشمل أصول ّ‬
‫ي‪ ،‬والمبيّن بدقّة وأمانة عن العواطف التي‬ ‫شعريّة‪ .‬وهو المعبّر عن حالة المجتمع البشر ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطيّة‪ ،‬ال ّنثريّة وال ّ‬
‫الطبيعة في جميع‬ ‫تعتمل في نفوس شعب أو جيل من ال ّناس‪ ،‬أو أهل حضارة من الحضارات‪ .‬موضوعه‪ :‬وصف ّ‬
‫مظاهرها‪ ،‬وفي معناها المطلق‪ ،‬في أعماق اإلنسان‪ ،‬وخارج نفسه‪ ،‬بحيث أ ّنه يكشف عن المشاعر من أفراح‬
‫يمر في األذهان من الخواطر‪ .‬من غاياته‪ :‬أن يكون مصدرا من‬ ‫ويصور األخيلة واألحالم‪ ،‬وك ّل ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫وآالم‪،‬‬
‫مصادر المتعة المرتبطة بمصير اإلنسان وقضاياه االجتماعيّة الكبرى‪ ،‬فيؤثّر فيها ويغنيها بعناصره الف ّنيّة‪.‬‬
‫شخصيّة البشريّة وإسعادها‪ ،‬ويتيح لها التّبلور والكشف عن مكنوناتها‪ .‬وهو يؤدّي‪،‬‬ ‫وبذلك يكون أداة في صقل ال ّ‬
‫المتطورة‪ ،‬المعاني المتراكمة خالل األزمنة‪ ،‬والمستحدثات المعاصرة في شموليّتها اإلنسانيّة أو‬ ‫ّ‬ ‫من خالل فنونه‬
‫شعوب كبيرة وصغيرة‪ ،‬قديمة ومعاصرة‪ ،‬في بناء‬ ‫حصريّتها الفرديّة‪ .‬ويبرز في نصوصه المتوارثة إسهام ال ّ‬
‫شكل ليجعل منهما وحدة فنّيّة‪ .‬يستوعب األدب معظم الفنون‬ ‫الحضارة‪ ،‬متو ّخيا المزاوجة بين المضمون وال ّ‬
‫األخرى ويتجاوزها‪ :‬باستعماله األصوات والجرس وتناغم المقاطع‪ ،‬هو موسيقى؛ وبالتّأليف والتّركيب واللون‬
‫الزمان والمكان‪ .‬ولذلك‬ ‫متخطيا ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحلق بجناحي الفكر‬ ‫وبراعة األسلوب‪ ،‬هو هندسة معماريّة ورسم ونحت‪ .‬وهو ّ‬
‫الزمان والمكان تعجز عن تدميره‬ ‫ألن عوامل ّ‬ ‫تعرضا للفناء‪ّ ،‬‬ ‫يعتبر األدب أكمل الفنون وأسماها‪ .‬وهو أقلّها ّ‬
‫تتعرض‬ ‫ّ‬ ‫الرسّام قد‬
‫أن لوحة ّ‬ ‫ّ‬
‫والقضاء عليه‪ ،‬ال سيما بعد اهتداء اإلنسان إلى عمليّة النّساخة والطباعة‪ .‬ففي حين ّ‬
‫فإن األثر األدبي لتعدّد نسخه‪ ،‬وانتشاره في أماكن مختلفة ينجو في‬ ‫ّ‬
‫يتحطم‪ّ ،‬‬ ‫وأن التّمثال قد‬
‫للفساد أو للحريق‪ّ ،‬‬
‫معظم األحيان من الضّياع »"‪.‬‬
‫انظر أيضا حول مختلف األساليب كتب البالغة ومنها‪:‬‬
‫مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫وحول الخطابة انظر‪ :‬مح ّمد أبو زهرة‪ ،‬الخطابة‪ .‬أصولها – تاريخها ف ي أزهر عصورها عند العرب‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪ .‬القاهرة‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪138‬‬

‫" أأن يس تطرد ‪ ...‬من معىن اىل معىن أخر ‪ ...‬بتخلّص سهل‪ ،‬خيتلسه اختالسا‪ ،‬رش يقا‪،‬‬
‫السامع ( أأو القارئ) ابالنتقال من املعىن ا أل ّول االّ وقد وقع يف‬
‫دقيق املعىن حبيث ال يشعر ّ‬
‫حىت كأهنّ ام أأفرغا يف قالب واحد"‪.245‬‬
‫الث ّاين لشدّ ة املامزجة والالتئام والانسجام بيهنام ّ‬

‫ص‪.246‬‬‫تكون النّ ّ‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬ينبغي أن تكون هنالك عالقة بين األفكار التي ّ ِّ‬
‫الروابط المنطقيّة ( ‪liens‬‬
‫وعالقة األفكار ببعضها يتحدّث عنها اليوم تحت اسم ّ‬
‫الروابط إلى قسمين‪ :‬صريحة‪،‬‬ ‫‪ .247)ou connecteurs logiques‬وتنقسم هذه ّ‬
‫وضمنيّة‪.248‬‬
‫يخص اللغة الفرنسيّة مثالً – في‬
‫ّ‬ ‫صريحة‪ ،249‬فيؤتى بها– فيما‬
‫الروابط ال ّ‬
‫○ فأ ّما ّ‬
‫جدول بياني‪:‬‬

‫‪ 245‬تقي الدّين أبي بكر علي بن عبد هللا الحموي األزراري (الوالدة‪ 768 :‬هـ‪ /‬الوفاة‪837 :‬هـ)‪ ،‬خزانة األدب‬
‫الطبعة األولى‪ ،1987 ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.329‬‬ ‫وغاية األرب‪ .‬تحقيق‪ :‬عصام شعيتو‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ّ ،‬‬
‫وسنزيد على ما ورد في المتن مقتطفان‪.‬‬
‫األول‪:‬‬
‫المقتطف ّ‬
‫أن للكتابة شرائط وأركانا [‪ ]...‬وأ ّما األركان التي ال بدّ من إيداعها في‬‫" الفصل التّاسع‪ :‬في أركان الكتابة‪ :‬اعلم ّ‬
‫الركن الثّالث أن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى برابطة لتكون‬ ‫ك ّل كتاب‪ ...‬ذي شأن فخمسة‪ّ ]...[ :‬‬
‫رقاب المعاني آخذة بعضها ببعض[‪ ]...‬ولذلك باب مفرد أيضا يس ّمى باب التّخلّص"‪ .‬أبي الفتح ضياء الدّين‬
‫نصر هللا بن مح ّمد بن مح ّمد بن عبد الكريم الموصلي‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.87‬‬
‫المقتطف الثّاني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫" فصل من الخاتمة في حسن االبتداء والتخلص واالنتهاء‪( :‬ينبغى للمتكلم) شاعرا كان أو كاتبا (أن يتأنّق) أي‬
‫يتبع االنق واألحسن [‪( ]...‬في ثالثة مواضع من كالمه حتّى تكون تلك المواضع الثّالثة أعذب لفظا) بأن تكون‬
‫في غاية البعد عن التّنافر والثقل (وأحسن سبكا) بأن تكون في غاية البعد عن التّعقيد والتّقديم والتّأخير الملبس‬
‫س السة وتكون المعاني مناسبة أللفاظها من غير أن‬ ‫والرقة وال ّ‬
‫ّ‬ ‫وأن تكون األلفاظ متقاربة في الجزلة والمتانة‬
‫شريف المعنى السّخيف أو على العكس بل يصاغان صياغة تناسب وتالؤم (وأص ّح معنى) بأن‬ ‫يكتسي اللفظ ال ّ‬
‫يسلم من التّناقض واالمتناع واالبتذال ومخالفة العرف ونحو ذلك[‪(]...‬وثانيها) أي ثاني المواضع التي ينبغي‬
‫للمتكلّم أن يتأنّق فيها (التّخلّص) أي الخروج‪( ...‬و) التّخلّص في العرف هو االنتقال م ّما افتتح به الكالم إلى‬
‫المقصود مع رعاية المناسبة‪ .‬وإنّما ينبغي أن يتأنّق في التّخلّص أل ّن السّامع يكون مترقّبا االنتقال من االفتتاح‬
‫حرك من نشاطه وأعان على إصغاء ما بعده وإال‬ ‫الطرفين ّ‬‫إلى المقصود كيف يكون‪ ،‬فإن كان حسنا متالئم ّ‬
‫فبالعكس"‪ .‬أسعد الدّين التّفتازاني‪ ،‬مختصر المعاني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬د م‪ 1411 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ 315‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 246‬انظر أيضا ً حول التّخلّص ما ورد في الفقرة عدد ‪ ،53‬وانظر كذلك‪Denis Huisman, préc., p. 39 :‬‬
‫‪et s.‬‬
‫ي‪ .‬حساب‬ ‫ّ‬ ‫ياض‬‫الر‬
‫ّ‬ ‫المنطق‬ ‫إلى‬ ‫مدخل‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫فضل‬ ‫هادي‬ ‫مثال‪:‬‬ ‫انظر‬ ‫المنطق‪،‬‬ ‫كتب‬ ‫في‬ ‫وابط‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫هذه‬ ‫حول‬ ‫‪247‬‬

‫القضايا والمحموالت‪ ،‬دار الهادي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1423 ،2‬هـ‪ 2003 /‬م‪ ،‬ص ‪ 46‬وما يليها‪.‬‬
‫وفي الكتب القانونيّة‪ ،‬انظر‪Florence Benoit et Olivier Benoit, Pratique de l’écrit juridique :‬‬
‫– ‪et judiciaire. Consultation juridique – Note juridique – Acte judiciaire‬‬
‫‪Correspondance professionnelle – Fondamentaux du style et de la langue française,‬‬
‫‪Éditions Francis Lefebvre, Paris, 2009, p. 114.‬‬
‫‪ 248‬انظر‪Document proposé par Stéphane Fontaine © mars 2000 et diffusé par le site :‬‬
‫]‪[LETTRES.NET‬‬
‫‪ 249‬انظر مثال‪Sylvie Guichard, préc., p. 77 et s. ; Ahmed Hosny, préc., p. 63 et s ; :‬‬
‫‪Suzete Silve, Étude comparative de quelques connecteur pragmatiques dans des‬‬
‫‪textes écrits en français avec leur traduction en portugais brésilien, Thèse présentée‬‬
139 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Le raisonnement suit une progression


Connecteurs logiques Relation Fonction
et, de plus, d’ailleurs, d’autre part, en
outre, puis, de surcroît, voire, en fait, permet d’ajouter un
Addition,
tout au moins, tout au plus, plus argument ou un exemple
gradation
exactement, à vrai dire, encore, non nouveau
seulement mais encore
ainsi, c’est ainsi que, comme, c’est le permet d’éclairer son ou
cas de, par exemple, d’ailleurs, en Illustration ses arguments par des cas
particulier, notamment, à ce propos concrets
en réalité, c’est-à-dire, en fait, plutôt,
permet de préciser les
ou, ou bien, plus exactement, à vrai Correction
idées présentées
dire
aussi que, si que, comme, autant que,
autant, de même que, de la même permet d’établir un
façon, parallèlement, pareillement, Comparaison rapprochement entre deux
semblablement, par analogie, selon, faits
plus que, moins que
si, à supposer que, en admettant que,
probablement, sans doute, permet d’émettre des
apparemment, au cas où, à la Condition hypothèses en faveur ou
condition que, dans l’hypothèse où, non d’une idée
pourvu que
car, c’est-à-dire, en effet, en d’autres
permet d’apporter des
termes, parce que, puisque, de telle
informations pour
façon que, en sorte que, ainsi, c’est Justification
expliciter et préciser ses
ainsi que, non seulement mais encore,
arguments
du fait de
car, parce que, puisque, par, grâce à,
permet d’exposer
en effet, en raison de, du fait que,
Cause l’origine, la raison, d’un
dans la mesure où, sous prétexte que,
fait
en raison de
premièrement deuxièmement, puis, Classification permet de hiérarchiser les

à la faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de Philosophiae


Doctor (Ph.D.) en linguistique option traduction, Université de Montréal.
Département de linguistique et traduction. Faculté des arts et des sciences, Juin,
1999, p. 102 et s.
‫ التّعبري‬:‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‬ 140

ensuite, d’une part, d’autre part, non éléments présentés dans


seulement mais encore, avant tout, l’argumentation
d’abord, en premier lieu
afin que, en vue de, de peur que, permet de présenter le but
Finalité
pour, pour que de son argument
après avoir souligné, passons permet de passer d’une
Transition
maintenant à … idée à une autre
Le raisonnement marque une rupture
malgré, en dépit de, quoique, bien permet de constater des
que, quel que soit, même si, ce n’est faits opposés à sa thèse
Concession
pas que, certes, bien sûr, il est vrai en maintenant son
que, toutefois opinion
soit soit, ou ou, non tant que, non permet de proposer les
seulement mais encore, l’un l’autre, Alternative différents choix dans
d’un côté de l’autre une argumentation
mais, cependant, en revanche, alors permet d’opposer deux
que, pourtant, tandis que, néanmoins, faits ou deux
au contraire, pour sa part, d’un autre Opposition arguments, souvent
côté, or, en dépit de, au lieu de, loin pour mettre l’un des
de deux en valeur
autant dire que, presque, si l’on peut
permet d’apporter
dire, d’une certaine manière, sans
Approximation différentes nuances
doute, probablement, apparemment,
d’une même idée
vraisemblablement
ainsi, c’est pourquoi, en conséquence,
permet d’énoncer le
si bien que, de sorte que, donc, en
résultat,
effet, tant et si bien que, tel que, au Conséquence
l’aboutissement d’un
point que, alors, par conséquent, d’où,
fait ou d’une idée
de manière que, de sorte que
bref, ainsi, en somme, donc, par
permet d’achever
conséquent, en guise de conclusion,
Conclusion l’argumentation, la
pour conclure, en conclusion, en
démonstration
définitive, enfin, finalement
mis à part, ne que, en dehors de, permet de limiter la
hormis, à défaut de, excepté, portée des propos ou
Restriction
uniquement, simplement, sinon, du des arguments qui sont
moins, tout au moins, en fait, sous avancés
‫‪141‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪prétexte que‬‬

‫صريحة في اللغة الفرنسيّة‪ ،‬لكن يمكن‬ ‫الروابط ال ّ‬‫وكما يرى‪ ،‬فالجدول يه ّم ّ‬


‫استحداث مثيل له في اللغات األخرى‪ ،‬ومنها العربيّة‪.250‬‬
‫صورة‪،‬‬ ‫○ زيادة على ما تقدّم‪ ،‬يمكن أن تربط األفكار بصفة ضمنيّة‪ .‬وفي هذه ال ّ‬
‫ص بمساعدة‪:‬‬ ‫مكونات النّ ّ‬
‫تستنتج العالقة المنطقيّة بين ّ ِّ‬
‫□ التّرتيب‪ :‬فالفقرات (يه ّمنا اآلن ما لم يعنون منها في إطار التّخطيط‬
‫سطر‪،‬‬ ‫الموضوعي‪ ،‬أي ته ّمنا تلك التي نفصل بينها باألرقام‪ ،‬أو بالعودة إلى ال ّ‬
‫أوبغير ذلك) تد ّل على وحدة بين محتوياتها‪.‬‬
‫□ التّنقيط‪:251‬‬
‫الفاصل {‪ ،}،‬ويستعمل في الوقف النّاقص‪:‬‬
‫بين المفردات المعطوفة التي تفيد التّقسيم أو التّنويع (مثال‪ :‬العقد باطل‪،‬‬
‫وصحيح)؛‬
‫بين الجمل القصيرة المعطوفة ولو كان ك ّل منها في غرض مستق ّل (مثال‪ :‬خذ‬
‫العفو‪ ،‬وأمر بالعرف)؛‬
‫شرط والجزاء (إذا اجتهدتَ ‪ ،‬نجحتَ )‪ ،‬أو بين القسم وجوابه (وهللا‪،‬‬ ‫بين جمل ال ّ‬
‫صرت في العمل)؛‬ ‫ما ق ّ‬

‫إن السّاحة العربيّة خالية "تماما من مثل هذه المواضيع‪ ،‬في الوقت الذي حظيت فيه دراسة‬ ‫‪ 250‬يقول أحدهم ّ‬
‫الروابط الدّالليّة والحِّ جاجيّة باهتمام كبير من قِّبل األوساط العلميّة األوروبيّة واألمريكيّة‪ ،‬فألّفت فيها عشرات‬
‫ّ‬
‫الروابط الحِّ جاجيّة كثيرة في اللغة العربيّة [‪ ]...‬ويمكن أن نذكر منها ما يلي‪ :‬بل‪،‬‬
‫الكتب والدّراسات [‪( ]...‬و) ّ‬
‫أن‪ ،‬إذ‪ ،‬إذا‪ ،‬الواو‪ ،‬الفاء‪ ،‬الالم‪ ،‬كي‪ ،‬إلخ‪ .".‬أبو بكر العزاوي‪ ،‬اللغة‬ ‫لكن‪ ،‬إذن‪ ،‬ال سيما‪ ،‬حتّى‪ ،‬ألن‪ ،‬بما ّ‬
‫الرحاب الحديثة‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص ‪.59‬‬ ‫والحِّ جاج‪ ،‬مؤسّسة ّ‬
‫ص‬‫تعرضنا للتّنقيط – اآلن كرابط ضمني‪ ،‬والحقا كعنصر من العناصر المعتبرة في تحليل ال ّن ّ‬ ‫‪ 251‬يمكن تبرير ّ‬
‫ّ‬
‫– بكون استعمال بعض العالمات على األق ّل (مثل النقطة) صار منتظما عند من يكتبون اليوم باللغة العربيّة‪.‬‬
‫أن هذا العمل يتوجّه إلى من قد تطلب منهم الكتابة ال باللغة العربيّة فحسب‪ ،‬بل وبالفرنسيّة‬ ‫أضف إلى ذلك ّ‬
‫(إلخ‪ ).‬أيضا ً‪ ،‬حيث التّنقيط ظاهرة متجذّرة في نحو اللغة‪ .‬يقول أحدهم عن مسألة التّنقيط في اللغتين العربيّة‬
‫"إن الحديث عن ظاهرة التّنقيط راجع بالضّرورة إلى قضايا الوقف والتّنغيم‪ ،‬وسنتبيّن في الحديث‬ ‫والفرنسيّة‪ّ :‬‬
‫ص إلى جمل معتبرين تمثيلها‬ ‫الالّحق أمثلة من انعكاس ظاهرة التّنغيم وصور الوقف على عمليّة تقطيع ال ّن ّ‬
‫بعالمات الت ّنقيط من قبيل األمر السّطحي التّابع لطرق الكتابة وليس ظاهرة متجذّرة في نحو اللغة‪ .‬على أنّنا نعلم‬
‫صصون لها‬ ‫ي – ما جعلهم يخ ّ‬ ‫الظاهرة قد أصبح لها من الوزن في أنحاء بعض اللغات – كالنّحو الفرنس ّ‬ ‫أن هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫في مؤلّفاتهم فصوال ذكروا فيها من القواعد ما صيّر ظاهرة التنقيط جزءا من نحو لغتهم المكتوبة"‪ .‬مح ّمد‬
‫ّ‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 226‬و‪.227‬‬ ‫ال ّ‬
‫ص (طبعا ما‬ ‫ّ‬
‫ص‪ ،‬أي من زاوية القارئ ال من زاوية منتج الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انظر حول التنقيط ودوره‪ ،‬لكن من زاوية فهم الن ّ‬
‫يقال من زاوية يطابق أو على األق ّل يماثل ما يقال من ال ّزاوية المقابلة)‪Pierre Coirier, Daniel :‬‬
‫‪Gaonac’h et Jean-Michel Passerault, Psycholinguistique textuelle. Approche‬‬
‫‪cognitive de la compréhension et de la production des textes, Armand Colin, Paris,‬‬
‫‪1996, p. 133 et s. – 182 et s.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪142‬‬

‫ي‪ ،‬ذلك ّ‬
‫الطالب المجتهد)؛‬ ‫قبل ألفاظ البدل‪ ،‬إذا أريد التّنبيه عليها (عل ّ‬
‫بين جملتين مرتبطتين لفظا ومعنى‪ ،‬كأن تكون الثّانية صفة أو حاال أو ظرفا‬
‫(مثال‪ :‬أبرم عقد‪ ،‬يوم الجمعة الماضي‪ ،‬موضوعه بيع أرض)‪.‬‬
‫النّقطة والفاصل {؛}‪ ،‬وتستعمل في الوقف الكافي‪:‬‬
‫بين الجمل المعطوف بعضها على بعض‪ ،‬المشتركة في غرض واحد (مثال‪:‬‬
‫خير الكالم ما ق ّل ود ّل؛ ولم يطل فيم ّل)؛‬
‫قبل المفردات المعطوفة‪ ،‬التي بينها مقارنة أو مشابهة أو تقسيم أو ترتيب أو‬
‫مط ّل عليك؛ وشيطان فتّان‪ ،‬وأماني‬ ‫تفصيل (مثال‪ :‬الدّنيا أمل بين يديك‪ ،‬وأجل ِّ‬
‫جرارة العنان؛ تدعوك فتستجيب‪ ،‬وترجوها فتخيب)؛‬ ‫ّ‬
‫ضحة أو المؤ ّكدة لما قبلها (مثال‪ :‬مصر كنانة هللا في أرضه؛ من‬ ‫قبل الجملة المو ِّ ّ‬
‫أرادها بسوء قصمه هللا)‪.‬‬
‫النّقطة {‪،}.‬وتستعمل في الوقف التّا ّم‪ ،‬وتوضع في نهاية الجملة المستقلّة ع ّما‬
‫بعدها معنى وإعرابا‪.‬‬
‫سم‪ ،‬أو المجمل بعد‬ ‫النّقطتان {‪،}:‬وتوضع قبل الكالم المقول‪ ،‬أو المنقول‪ ،‬أو المق ّ‬
‫تفصيل؛ وفي بعض المواضع المه ّمة للحال والتّمييز‪ ،‬مثل‪ :‬منهومان ال يشبعان‪:‬‬
‫طالب علم‪ ،‬وطالب مال‪.‬‬
‫أن كالما قد حذف لعدم الحاجة إليه‬ ‫نقط الحذف {[‪ ،}]...‬وتوضع للدّاللة على ّ‬
‫وغير ذلك من األسباب‪.‬‬
‫عالمة االستفهام {؟}‪ ،‬وتوضع في آخر الجملة التي ابتدئت أو التي لم تبتدأ بأداة‬
‫استفهام‪.‬‬
‫عالمة االنفعال {!}‪ ،‬وتوضع في آخر ك ّل جملة تد ّل على شعور أو وجدان أو‬
‫تأثّر من ك ّل حال فيها تع ّجب أو استغراب أو استنكار أو إغراء أو تحذير أو‬
‫سف أو دعاء‪ ،‬كما توضع في آخر الجمل المبدوءة بصيغ المدح والذّ ّم‪.‬‬ ‫تأ ّ‬
‫صه‪.‬‬‫عالمتا التّنصيص {" "}‪ ،‬ويوضع بينهما ما ينقل بن ّ‬
‫الشرطة {–}‪ ،‬وتستعمل لفصل الجمل االعتراضيّة‪ ،‬ع ّما قبلها وع ّما بعدها‪.‬‬
‫القوسان {( )}‪ ،‬وتوضع بينهما العبارات التّفسيريّة والتي يراد توجيه النّظر‬
‫الطويلة المستقلّة معنى‪.252‬‬
‫إليها‪ ،‬والجملة المعترضة ّ‬

‫ال أن نقلنا بصفة حرفيّة أو تكاد ما جاء عند‪ :‬محمود عابدين‪ ،‬مصطفى السّقا وعلي‬ ‫‪ 252‬لم نفعل حول التّنقيط إ ّ‬
‫السّباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 47‬و‪ .48‬انظر أيضاً‪ :‬مح ّمد منير حجاب‪ ،‬األسس العلميّة لكتابة ّ‬
‫الرسائل الجامعيّة‪ ،‬دار‬
‫الفجر للنّشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪ ،2000 ،3‬ص ‪ 90‬وما بعدها؛ مهدي فضل هللا‪ ،‬أصول كتابة البحث‬
‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1998 ،2‬ص ‪ 87‬وما بعدها‪ .‬وانظر حول التّنقيط في اللغة‬ ‫وقواعد التّحقيق‪ ،‬دار ّ‬
‫‪143‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ص‪ .‬فالفاصل‪ :‬يضيف‬ ‫مكونات النّ ّ‬


‫الروابط بين ّ‬ ‫وجميع ما سبق ينبئ ضمنا عن ّ‬
‫فكرة ألخرى أو يعطي تفصيال لفكرة؛ والنّقطة الفاصل‪ :‬تفصل بين فكرتين مع‬
‫اإلبقاء على رابط منطقي بينها؛ والقوسان أو النّقطتان‪ :‬يسمحان بإدراج مثال أو‬
‫سبب أو أثر؛ وعالمة االستفهام‪ :‬تفتح الباب لتفسير؛ وهكذا مع بقيّة‬
‫العالمات‪.253‬‬
‫ص ينبغي أن يكون مترابطا‪ .‬ومن األمور األخرى المتعلّقة‬ ‫إن النّ ّ‬
‫وحاصل القول ّ‬
‫بمقتضيات الحال مسألة اإليجاز واإلطناب‪ .‬و"«اإليجاز هو أداء المقصود من‬
‫الكالم بأق ّل من عبارات متعارف األوساط‪ ،‬واإلطناب أداء المقصود من الكالم‬
‫بأكثر من عبارات متعارف األوساط» وذلك «سواء كانت القلّة أو الكثرة راجعة‬
‫إلى الجمل أو إلى غير الجمل»‪ ،‬والوجازة متفاوتة بين وجيز وأوجز بمراتب ال‬
‫تكاد تنحصر واإلطناب كذلك‪( …‬و) لالختصار والتّطويل مقامات‪ ،‬فما‬
‫صادف من ذلك موقعه ح ِّمد‪ ،‬وإالّ ذ ّم‪ ،‬وس ّمي اإليجاز عند ذاك ِّعيّا ً وتقصيرا‬
‫سياق‬ ‫واإلطناب إكثارا وتطويال ‪ …‬فاالختصار والتّطويل يكونان بحسب ال ّ‬
‫مقاما ومقاال"‪.254‬‬

‫الفرنسيّة‪Maurice Grevisse et André Goosse, Le bon usage, De Boek et Larcier, 2008, :‬‬
‫‪p 121 et s. ; Nelly Labère, Rédiger avec style, Studyrama, France, 2008, p. 24 et s.‬‬
‫صريحة والضّمنيّة إالّ أن نقلنا بصفة حرفيّة أو تكاد ما جاء في‪Document :‬‬ ‫الروابط ال ّ‬
‫‪ 253‬لم نفعل حول ّ‬
‫]‪proposé par Stéphane Fontaine © mars 2000 et diffusé par le site [LETTRES.NET‬‬
‫لملف – زيادة على الجدول الوارد في المتن – ما يلي‪:‬‬ ‫ولقد جاء في هذا ا ّ‬
‫ي؛ ويمكن أن تكون صريحة أو ضمنيّة‪.‬‬ ‫نص حِّ جاج ّ‬
‫"الروابط المنطقيّة‪ :‬هي روابط تجمع األفكار فيما بينها في ّ‬ ‫ّ‬
‫(الروابط) المنطقيّة قد تكون لها طبيعة مختلفة لكي تعبّر عن الفوارق الدّقيقة بين األفكار‪.‬‬ ‫هذه العالقات ّ‬
‫‪ -‬العالقات المعبّر عنها صراحة‬
‫يتمثّل التّفكير في متتالية من القضايا مستخلصة الواحدة من األخرى بهدف جعل شخص يذعن لرأي‪ .‬وأيّا كانت‬
‫ي وصريح‪.‬‬ ‫تمش منطق ّ‬
‫ّ‬ ‫طبيعة الحِّ جاج‪ ،‬فهو يستند إلى‬
‫يمكن إذن أن يتّبع تقدّما‪ ،‬أو أن يرسم قطيعة‪ ،‬مثبتا بذلك إ ّما سيالنا واتّساقا‪ ،‬وإ ّما تنافرا وتخالفا [‪]...‬‬
‫‪ -‬في صورة العالقات المعبّر عنها ضمنا‪ ،‬ال وجود لروابط منطقيّة‪ ،‬وينبغي استنتاج العالقة المنطقيّة بمساعدة‬
‫السّياق وبالنّظر من قريب إلى‪:‬‬
‫تفرق بين فكرتين مع اإلبقاء‬ ‫▪ التّنقيط‪ :‬الفاصل يضيف فكرة ألخرى أو يقدّم تفصيال إضافيّا؛ النّقطة والفاصل ّ‬
‫ي بينهما؛ القوسان أو النّقطتان يمكن أن يقدّما مثاال‪ ،‬سببا أو نتيجة؛ عالمة االستفهام تقدّم‬ ‫على تتابع منطق ّ‬
‫تفسيرا‪.‬‬
‫يتصور بها المتكلّم حِّ جاجه‪ .‬وتمثّل‬
‫ّ‬ ‫الطريقة التي‬‫ص‪ :‬يمكن أن يكشف‪ ،‬بمساعدة الفقرات مثال‪ّ ،‬‬ ‫▪ نظام النّ ّ‬
‫الفقرات دائما وحدات معنويّة حول فكرة‪ ،‬محور معيّن‪ .‬فإذا كانت مكثّفة‪ ،‬طويلة‪ ،‬وقليلة العدد‪ ،‬كانت عرضا‬
‫الطابع المرتبك للتّفكير‪ ،‬إلخ‪.‬‬‫منظمة ومختزلة؛ وإذا كانت كثيرة العدد وقصيرة‪ ،‬عبّرت عن ّ‬ ‫لفكرة ّ‬
‫يتعلق األمر باألخذ بعين االعتبار للضّمائر‪ ،‬ألزمان األفعال [‪ ]...‬التي يمكن أن تبرز عالقة‬ ‫▪ نظام التّنصيص‪ّ :‬‬
‫منطقيّة ضمنيّة"‪.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.777‬‬ ‫‪ 254‬مح ّمد ال ّ‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪144‬‬

‫مقومات أخرى – يتعلّق بعضها بالفصاحة‪،‬‬ ‫مقوم من ّ‬ ‫واالختصار والتّطويل‪ّ 255‬‬


‫وبعضها اآلخر بالمطابقة مع ما يقتضيه الحال‪ – 256‬تسهم جميعها في جعل‬
‫النّ ّ‬
‫ص بليغا‪ :‬أي واضحا‪.‬‬
‫ص البليغ‪ ،‬تحتاج جهدا وتكلّفا وطول‬ ‫وتحصيل هذه المهارة‪ ،‬مهارة كتابة النّ ّ‬
‫اختالف إلى العلماء وكثرة مدارسة للكتب المجيدة‪ .‬أ ّما عدم امتالك تلك المهارة‬
‫فهو‪ ،‬كك ّل جهل‪ ،‬ال يحتاج إلى أكثر من ترك التّعلّم‪.257‬‬
‫ص ّ‬
‫خط أيضا‪.‬‬ ‫ص كلفظ‪ ،‬لكن النّ ّ‬
‫هذا عن النّ ّ‬
‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬وضوح الخ ّ‬
‫ط‬

‫‪ ―.69‬مواصفات اخلطّ الواضح‪.‬‬


‫ّ‬
‫الخط‬ ‫قد تودع الكلمة والجملة في ّ‬
‫خط‪ ،258‬فإذا لم يكن واضحا ً لم تفهم‪ .‬ويكون‬
‫واضحا ً بتقويم "الحروف على أشكالها الموضوعة لها "‪ . 259‬بعبارة أكثر‬

‫تسرع أو نتاج كسل‪ .‬ولقد أوردنا سابقا (الفقرة عدد ‪« )66‬پاسكال» وهو يقول‬ ‫ّ‬ ‫‪ 255‬قد يكون التّطويل نتاج‬
‫لصديقه‪" :‬عذرا ً على إطالة ال ّرسالة‪ ،‬لم أجد وقتا ً لجعلها مقتضبة"‪.‬‬
‫‪« Excusez la longueur de cette lettre ; je n’ai pas eu le temps de la faire plus‬‬
‫‪courte » (Pascal, cité par : A. Baron, préc., p. 217).‬‬
‫الرجوع إلى علم البالغة‪ ،‬وفيه نجد‪:‬‬ ‫‪ 256‬ال يتّسع المقام لتفصيل أكبر‪ ،‬لذا ينبغي ّ‬
‫– علم المعاني‪ :‬ود راسته تعين على تأدية الكالم مطابقا لمقتضى الحال (نجد فيه‪ :‬الخبر واإلنشاء‪ ،‬واإليجاز‬
‫واإلطناب والمساواة‪ ،‬وغير ذلك م ّما يتعلّق بالمطابقة مع ما يقتضيه الحال)‪ .‬فهو إذن علم يجنّب الخطأ في تأدية‬
‫المعنى الذي يريده المتكلّم إليصاله إلى ذهن السّامع‪.‬‬
‫بتعلم تأدية المعنى بأساليب شتّى من تشبيه ومجاز وكناية وغير ذلك‪ .‬وهو علم‬ ‫– علم البيان‪ :‬ودراسته تسمح ّ‬
‫يجنّب الوقوع في التّعقيد المعنو ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫– علم البديع‪ :‬ودراسته تسمح بتعلّم تزيين األلفاظ (الجناس – االقتباس – السّجع) والمعاني (التّورية – ّ‬
‫الطباق –‬
‫ي‪.‬‬ ‫المقابلة – إلخ‪ .).‬وهو علم قد يحتاج إليه أحيانا في ال ّن ّ‬
‫ص العلم ّ‬
‫انظر‪ :‬علي الجارم ومصطفى أمين‪ ،‬البالغة الواضحة‪ .‬البيان والمعاني والبديع‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬ط ‪ 1423 ،1‬هـ‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪ 2002 /‬م‪ ،‬ص ‪256‬؛ ال ّ‬
‫‪ 257‬قارن مع‪( :‬أبو عثمان عمرو بن بحر) الجاحظ‪ ،‬البيان والتّبيين‪ ،‬تحقيق ‪ :‬فوزي عطوي‪ ،‬دار صعب –‬
‫بيروت‪ ،1968 ،‬ص ‪.60‬‬
‫الخط العربي انظر مثال‪ :‬صالح بن إبراهيم الحسن‪ ،‬الكتابة العربيّة من النّقوش إلى الكتاب المخطوط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 258‬حول‬
‫الرياض‪ 1424 ،‬هـ ‪ 2003 /‬م‪.‬‬ ‫دار الفيصل الثّقافيّة‪ّ ،‬‬
‫إن للمواضيع ال ّ‬
‫شفويّة منهجيّتها التي لن يسمح‬ ‫ولقد قلنا سابقا إ ّن عملنا يه ّم المواضيع المكتوبة‪ ،‬لكن قلنا أيضا ّ‬
‫عرض إليها‪.‬‬ ‫المجال بالت ّ ّ‬
‫ث ّم إ ّننا قلنا إننا سنتوجّه بالخطاب مباشرة إلى من يكتب في مواضيع اإلجازة‪ ،‬لذا ال تدخل في عملنا مسائل‬ ‫ّ‬
‫النّصوص المرقونة من مذ ّكرات وأطروحات ونحوها‪ .‬فلهذه األعمال ضوابط شكليّة يمكن أن نذكر منها‪:‬‬
‫الخط‪ ،‬وحجمه‪ ،‬والمسافة بين األسطر‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫– نوع‬
‫– بطاقة المراجع‪:‬‬
‫هنالك عدّة اقتراحات منها االقتراح التّالي‪:‬‬
‫بالنّسبة إلى الكتب‬
‫‪145‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫اسم ولقب المؤلّف (أو العكس‪ :‬اللقب ث ّم االسم)‪ /‬ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم العنوان (لو كان ث ّم عنوان تابع ‪،sous-titre‬‬
‫نضع نقطة أو نقطتين ث ّم نأتي بالعنوان التّابع)‪( /‬ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم المح ّقق إن كان الكتاب محقّقا)‪(/‬ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم‬
‫السّلسلة إن كان الكتاب جزء من سلسلة وذلك بين قوسين) ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم مكان النّشر‪ /‬ث ّم فاصل أو نقطتان‪ ،‬ث ّم‬
‫الطبعة)‪ /‬ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم سنة النّشر‪( /‬ث ّم الجزء‪،‬‬‫النّاشر (أو العكس‪ :‬النّاشر ث ّم مكان النّشر)‪( //‬ث ّم فاصل‪ ،‬ث ّم عدد ّ‬
‫صفحة‪.‬‬
‫متكونا من أكثر من جزء)‪ /‬ث ّم ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن كان العنوان‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪ ،1999 ،‬ص ‪.112‬‬ ‫ّ‬ ‫المدن‬ ‫القانون‬ ‫فالن بن فالن‪،‬‬
‫ي‪ .‬األموال‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪.1999 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المدن‬ ‫ن‬ ‫القانو‬ ‫الن‪،‬‬ ‫فالن بن ف‬
‫ي‪ .‬األموال‪ ،‬تحقيق فالن آخر بن فالن آخر‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪.1999 ،‬‬ ‫فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدن ّ‬
‫ي‪ .‬األموال‪ ،‬تحقيق فالن آخر بن فالن آخر‪ ،‬سلسلة كتب القانون‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز‬ ‫فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدن ّ‬
‫النّشر ‪.1999 ،‬‬
‫ي‪ .‬األموال‪ ،‬تحقيق فالن آخر بن فالن آخر‪ ،‬سلسلة كتب القانون) تونس‪ ،‬مركز‬ ‫فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدن ّ‬
‫النّشر ‪ ،‬ط ‪ ،1999 ،10‬ج ‪ ،1‬ص ‪.300‬‬
‫لو صدر الكتاب تحت إدارة شخص‪:‬‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪.1999 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المدن‬ ‫القانون‬ ‫)‪،‬‬ ‫‪sous‬‬ ‫‪dir.‬‬ ‫ّة‪:‬‬ ‫ي‬‫بالفرنس‬ ‫مرجع‬ ‫فالن بن فالن (تحت إدارة‪ .‬في‬
‫لو كان الكتاب جماعيّاً‪ ،‬نذكر ّأول اسم في قائمة المؤلّفين لو كان عدد المؤلّفين كبيرا (يتجاوز الثّالثة)‪:‬‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪.1999 ،‬‬ ‫فالن بن فالن (وآخرون‪ .‬في مرجع بالفرنسيّة‪ ،)et al :‬القانون المدن ّ‬
‫أن الكتاب ال‬ ‫لو لم نجد على الكتاب أحد المعطيات (مثال تاريخ النّشر)‪ :‬إ ّما أن نترك المكان فارغا ويفهم قارئنا ّ‬
‫ظن أن‬ ‫يحوي تاريخ نشره (فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪ ،).‬وإ ّما – وهذا أفضل حتّى ال ي ّ‬
‫أن الكتاب هو دون (تختصر في ّأول حرف منها‪ :‬د) تاريخ نشر (تختصر في ّأول‬ ‫ث ّم سهوا – أن نشير إلى ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النشر‪ ،‬د ت) (لو كان المرجع بالفرنسيّة‪sans :‬‬ ‫حرف‪ :‬ت) (فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدن ّ‬
‫‪ date‬واختصارها‪ ،)s. d. :‬أو هو دون مكان نشر (د م)‪ ،‬أو دون ناشر (د‪ .‬ن‪ .).‬انظر‪ :‬منصور نعمان وغسّان‬
‫وفن‪ ،‬دار الكندي للنّشر والتّوزيع‪ ،‬إربد – األردن‪ ،‬ط ‪ 1418 ،1‬هـ‪1998 /‬‬ ‫ذيب النّمري‪ ،‬البحث العلمي‪ .‬حرفة ّ‬
‫م‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫يمكن تثخين االسم واللقب (فالن بن فالن)‪ .‬إن كان المرجع فرنسيّا مثال‪ ،‬يمكن كتابة االسم واللقب أو اللقب‬
‫األول من االسم ( ‪l’initial du‬‬ ‫ّ‬ ‫لوحده باألحرف الكبيرة(‪ ،)majuscules‬كما يمكن االكتفاء بالحرف‬
‫‪.)prénom‬‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪).1999 ،‬‬ ‫يمكن إمالة العنوان (فالن بن فالن‪ ،‬القانون المدن ّ‬
‫مكان النّشر يكتب باللغة األصليّة‪ .‬مثال لو كنّا نكتب بالفرنسيّة‪ ،‬نقول ‪ London‬وال نكتب ‪.Londres‬‬
‫سنة النّشر هي سنة نشر الكتاب الذي استعملناه ال سنة ّأول طبعة‪.‬‬
‫بالنّسبة إلى المقاالت‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬البيع‪ ،‬مجلّة القانون‪ ،1900 ،‬ص ‪.77 – 55‬‬
‫يمكن وضع العنوان بين عالمتي تنصيص‪ ،‬ووضع اسم المجلّة مائال‪ :‬فالن بن فالن‪" ،‬البيع"‪ ،‬مج ّلة القانون‪،‬‬
‫‪ ،1900‬ص ‪.55‬‬
‫شهر‪ :‬فالن بن فالن‪" ،‬البيع"‪ ،‬مج ّلة القانون‪ ،‬جانفي – ‪ ،1900‬ص ‪.77 – 55‬‬ ‫قد يوضع‪ ،‬قبل السّنة‪ ،‬ال ّ‬
‫قد يوضع بعد السّنة العدد‪ :‬فالن بن فالن‪" ،‬البيع"‪ ،‬مج ّلة القانون‪ ،2 – 1900 ،‬ص ‪.77 – 55‬‬
‫إن أشرنا إلى أكثر من صفحة‪ ،‬يمكن أن نضع‪ :‬ص ‪( 77 – 55‬في مرجع بالفرنسيّة‪ ،) p. :‬أو أن نضع ص ص‬
‫‪( 77 – 55‬في مرجع بالفرنسيّة‪.)pp. :‬‬
‫أن المقالة موجودة في كتاب جماعي‪:‬‬ ‫لو ّ‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬البيع‪ ،‬مقالة منشورة في ( في مرجع بالفرنسيّة‪ in :‬أو ‪ :)dans‬فالن بن فالن (تحت إدارة)‪،‬‬
‫القانون المدني‪ ،‬تونس‪ ،‬مركز النّشر‪ ،1999 ،‬ص ‪.78 – 54‬‬
‫بالنّسبة إلى األطروحات والمذ ّكرات‪:‬‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬البيع‪ ،‬أطروحة دكتوراه (يمكن أن نضيف‪ :‬تحت إشراف فالن بن فالن‪ ،‬ولكن هذا غير سائد)‪،‬‬
‫كلّيّة كذا‪.1900 ،‬‬
‫داخل العمل‪ ،‬يت ّم وضع المراجع في الهامش‪ .‬وهنالك مختصرات في الهوامش أه ّمها‪:‬‬
‫كتاب سابق = ك س (في مرجع بالفرنسيّة‪ op. cit.:‬؛ وهي اختصار لـ‪)ouvrage précité :‬‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬ك س‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫للمؤلف عدّة كتب‪ ،‬يمكن أن نذكر إ ّما بداية العنوان أو السّنة لتمييز الكتب عن بعضها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لو استعملنا‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬القانون (ك س)‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪146‬‬

‫تفصيال‪ :‬يتحقّق الوضوح "عن طريق رسم الحروف بأشكالها‪ ،‬وأحجامها‬


‫المقررة‪ ،‬وتنسيق أوضاعها‪ ،‬في التّوصيل بين الحروف‪ ،‬والت ّجانس في‬ ‫ّ‬
‫المسافات بين الكلمات" ‪.‬‬
‫‪260‬‬

‫ّ‬
‫ويؤ ّكد أحدهم على ما سبق – وذلك في خصوص الخط الفرنس ّ‬
‫ي – فيقول‪:‬‬

‫فالن بن فالن‪ ،‬ك س‪ ،1900 ،‬ص ‪.20‬‬


‫مقالة سابقة = مق س (في مرجع بالفرنسيّة‪ art. cit.:‬؛ وهي اختصار لـ‪)article précité :‬‬
‫نفرق بين الكتب والمقاالت ونضع اسما جامعا ً هو المرجع‪:‬‬ ‫ويمكن أن ال ّ‬
‫ّ‬
‫مرجع سابق = م س (في مرجع بالفرنسيّة‪ ،‬نعمد إلى حذف نوع المرجع ونكتفي بالقول إننا أمام ما سبق‪ .‬بعبارة‬
‫أخرى نضع‪préc.:‬؛ وهي اختصار لـ‪)précité :‬‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫(ما ورد للت ّ ّو هو ما اختير اعتماده في هذا الكتاب)‬
‫من يكتب بالفرنسيّة‪ ،‬يستعمل في الهوامش مختصرات أخرى‪:‬‬
‫لو تناول مرجعا ث ّم تناول آخرا مباشرة بعده‪:‬‬
‫‪Ibid. ou Ibidem = même ouvrage : ibid., p. 91‬‬
‫صفحة ‪ 20‬مثال وأراد أن يرسل إلى مكان سابق في عمله‪:‬‬ ‫هو في ال ّ‬
‫‪Supra = plus haut : V. supra p. 15.‬‬
‫صفحة ‪ 20‬مثال وأراد أن يرسل إلى مكان الحق في عمله‪:‬‬ ‫هو في ال ّ‬
‫‪Infra = plus bas : V. infra p. 35.‬‬
‫مالحظة‪ :‬جرت العادة عند الفرنسيّين أن يضعوا نقطة بعد ك ّل اختصار‪ .‬مثال ذلك‪ "page" :‬تختصر بـ "‪,"p.‬‬
‫هذه العادة غير موجودة في المؤلّفات العربيّة)‪,‬‬
‫بنص مرقون بالفرنسيّة (أغلب القواعد صالح ألن يعتمد في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شكليّة المتعلقة‬‫وعلى كلّ‪ ،‬انظر حول المسائل ال ّ‬
‫مؤلّف بالعربيّة)‪theses.univ-lyon2.fr :‬‬
‫نص باالنجليزيّة انظر‪Helene S. Shapo, Marilyn R. Walter and :‬‬ ‫وحول كيفيّة كتابة المراجع في ّ‬
‫‪Elisabeth Fajans, Writing and analysis in the law, Fondation Press, New York,‬‬
‫‪2003 ; p. 504.‬‬
‫انظر كذلك حول كيفيّة كتابة المراجع‪ :‬أمين ساعاتي‪ ،‬تبسيط كتابة البحث العلمي‪ .‬من الباكالوريوس ث ّم‬
‫الماجستير وحتّى الدّكتوراه‪ ،‬المركز السّعودي للدّراسات االستراتيجيّة‪ ،‬مصر الجديدة‪ ،‬ط ‪ ،1999 ،1‬ص ‪174‬‬
‫وما بعدها؛ جان پيار فرانيير‪ ،‬كيف تنجح في كتابة بحثك‪ ،‬ترجمة‪ :‬هيثم اللمع‪ ،‬المؤسّسة الجامعيّة للدّراسات‬
‫والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1414 ،2‬هـ‪ 1994 /‬م‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫وتطرح في أيّامنا مشكلة اإلحالة على مصادر عثر عليها في قنوات إعالميّة (أقراص مضغوطة‪ ،‬مواقع‬
‫ص الذي استعملناه قد ذكر أنّه مأخوذ من نسخة ورقيّة‬ ‫الكترونيّة‪ ،‬إلخ‪ .).‬هنا – وحسب البعض – إن كان ال ّن ّ‬
‫ّ‬
‫صفحة‪ ،‬إلخ‪ ،).‬فإننا نورد ما أورده وال نذكر المرجع االلكتروني‪.‬‬ ‫وأورد المعطيات المتعلّقة بهذه النّسخة (عدد ال ّ‬
‫تعلق األمر بموقع‬‫ص أعيدت معالجته‪ ،‬أو ألنّه لم ينشر ورقيّا)‪ ،‬عندها نذكر – إذا ّ‬ ‫(ألن النّ ّ‬
‫ّ‬ ‫وإن لم يجئ ما سبق‬
‫الكتروني – عنوا ن الموقع‪ ،‬ونضيف بين قوسين تاريخ دخولنا إليه‪ .‬مثال ذلك قرار قضائي وجدناه بموقع‬
‫الكتروني‪ :‬تعقيبي مدني‪ ،‬عدد ‪ 24 ،...‬سبتمبر ‪ 30( http :// www. Jurisdata. tn ،2010‬سبتمبر‬
‫‪.)2010‬‬
‫انظر حول ما جاء للت ّ ّو‪Jean-François van Drooghenbroek, François Balot et Geoffrey :‬‬
‫‪Willems, Leçons de méthodologie juridique, Larcier, Bruxelles, 2009, p. 60 et 61.‬‬
‫يخص هذه النّقطة يحيل الكتاب المذكور اآلن على كتاب آخر‪ ،‬لكن لم تذكر من هويّة هذا الكتاب اآلخر إالّ‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫المعطيات التّالية‪Ph. Dusart, F. Leurquin-De Visscher, M. Masset et Ph. Quertain-Mont, :‬‬
‫‪Guide des citations, références et abréviations juridiques, 4 e éd.‬‬
‫الرؤوف) المناوي‪ ،‬فيض القدير‪ ،‬المكتبة التّجاريّة الكبرى‪ ،‬مصر‪ 1356 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.505‬‬ ‫‪( 259‬عبد ّ‬
‫‪ 260‬عبد الفتّاح حسن البجّة‪ ،‬أساليب تدريس اللغة العربيّة وآدابها‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين – اإلمارات‬
‫العربيّة المتّحدة‪ ،2001 ،‬ص ‪.240‬‬
‫‪147‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫رضوراي أأن نكون أأمام‬ ‫ّ‬ ‫"ينبغي أأن يكون العرض جل ّيا اىل أأقىص حدّ ممكن‪ .‬وال شك أأن ّه ليس‬
‫خطاط‪ ،‬لكن ال بُدّ أأن نأأيت جبميع ا ألحرف يف شلكها التّا ّم‪ ،‬ال بدّ من أأن نكتب خبطّ كبري مبا‬
‫ّ‬
‫فيه الكفاية‪ ،‬من أأن نّتك املساحات ال ّالزمة بّي ا ألحرف واللكامت وا ألسطر‪ ،‬ال بُدّ من أأن‬
‫ملون؛ مفن يكتب أأسوداً عىل أأبيض يُقر أأ جبهد أأق ّل حتت اانرة‬‫نتفادى الكتابة حبرب ابهت أأو ّ‬
‫لك ا ألساتذة يتّفقون عىل هذه النّقطة‪ :‬يف أأغلب ا ألحيان‬ ‫سي ّئة أأو بأأعّي متعبة [‪( ]...‬وا ّن) ّ‬
‫ميكن أأن حتصل أأفضل ورقة امتحان عىل عدد ضعيف‪ ،‬اذا عُرضت عرضا سي ّئ ًا‪ .‬وهذا ال يُع ّد‬
‫خروجا عن العدل"‪.261‬‬

‫شكل عنصر يسهم في الوضوح‪ .‬إالّ ّ‬


‫أن‬ ‫أن ال ّ‬
‫ي‪ ،‬وجدنا ّ‬ ‫ّ‬
‫الخط العرب ّ‬ ‫فإذا عدنا إلى‬
‫العادة اليوم أن ال يعمد إليه إالّ في المواطن التي يخشى فيها االلتباس ‪ ،‬أو في‬
‫‪262‬‬

‫استشهاد محتواه القرآن الكريم‪.263‬‬


‫الخط غير الواضح فمواصفاته نقيض مواصفات‬ ‫ّ‬ ‫الخط الواضح‪ ،‬أ ّما‬‫ّ‬ ‫هذا عن‬
‫الخط غير واضح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لزركشي بعض األسباب التي تجعل‬ ‫الواضح‪ .‬ولقد عدّد ا ّ‬
‫فقال‪:‬‬
‫"وقد تعرض للخطّ موانع لفهم ما تض ّمنه وذكل من [‪ ]...‬أأوجه‪ ]...[ :‬اسقاط حرف ( أأو أأكرث)‬
‫من اللكمة (هنا جند – ان اكن االسقاط متع ّمدا – ما يس ّمى اليوم ابخملترصات [تس ّمى أأيض ًا‪:‬‬

‫‪"La présentation doit être aussi nette que possible. Sans doute la calligraphie 261‬‬
‫‪n’est-elle-pas nécessaire. Mais il est indispensable de former complètement tous les‬‬
‫‪caractères, « d’écrire assez gros, d’espacer suffisamment les lettres, les mots et les‬‬
‫‪lignes, d’éviter les ancres pâles et les ancres de couleur ; qui écrit noir sur blanc sera‬‬
‫‪lu aux moindres frais sous un mauvais éclairage et par des yeux fatigués ». Ces‬‬
‫‪conseils utiles nous sont donnés par le regretté René Duret dont on ne saurait assez‬‬
‫‪recommander la lecture du guide ; mais tous les professeurs s’accordent sur ce‬‬
‫; ‪point : le meilleur devoir mal présenté peut souvent obtenir une très mauvaise note‬‬
‫‪et là encore ce n’est que justice". Denis Huisman, préc., p. 51.‬‬
‫شكل إلزالة اللبس وتيسير القراءة [‪( ]...‬منها) الفعل المبني‬ ‫‪" 262‬كثير من الكلمات العربيّة تحتاج إلى ال ّ‬
‫يكون‪ ،‬الكتاب – الكتّاب [‪ ]...‬ومن الحاالت التي قد يحسن وضع‬ ‫للمجهول [‪( ]...‬ومنها كلمات مثل) يكون – ّ ِّ‬
‫صحيح غير مشهور [‪]...‬‬ ‫شكل فيها أن يقدّم الكاتب المفعول على الفاعل‪ ،‬أو أن يورد ّ‬
‫الطالب كلمات نطقها ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شكل فال يشكل إالّ ما يحتاج إلى إيضاح‪ ،‬ث ّم عليه أن يقتصد في شكل‬ ‫الطالب أالّ يبالغ في استعمال ال ّ‬ ‫وعلى ّ‬
‫الكلمة المبهمة‪ ،‬بأن يشكل منها الحرف الذي سيجعل قراءتها أيسر‪ ،‬وال يتعدّى هذا الحرف إلى سواه"‪ .‬أحمد‬
‫شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثا أو رسالة‪ .‬دراسة منهجيّة لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدّكتوراه‪ ،‬مكتبة‬
‫ص‬‫عواد معروف‪ ،‬ضبط ال ّن ّ‬ ‫النّهضة المصريّة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪ ،1992 ،21‬ص ‪ 109‬و ‪ .110‬انظر كذلك‪ :‬ب ّشار ّ‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ 1402 ،‬هـ‪ 1982 /‬م‪ ،‬ص ‪ 17‬وما بعدها‪.‬‬ ‫والتّعليق عليه‪ ،‬مؤسّسة ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وانظر أيضا من يقول عن عصره إنه ك ِّره الشكل لمن يكتب إلى من هو أعلى منه‪ ،‬إجالال له عن أن يتوهم عنه‬
‫صولي‪ ،‬أدب الكتاب‪ ،‬مصدر الكتاب‪:‬‬ ‫وعلو معرفته عن تقييد الحروف‪ .‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫شك وسوء الفهم‪ ،‬وتنزيها ً لعلومه‬ ‫ال ّ‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر ‪ ،)2010‬ج ‪ ،1‬ص ‪[ ،11‬الكتاب مرقم آليا‬ ‫موقع المكتبة ال ّ‬
‫غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫‪ 263‬بسبب وجود القراءات‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪148‬‬

‫خاص بصاحبه‪ ،‬ومن ّمث غري‬ ‫املواضعات]‪ :‬مفهنا املتواضع عليه‪ ،‬ومن ّمث املقبول؛ ومهنا من هو ّ‬
‫املقبول) [‪ ]...‬وصل احلروف املفصوةل وفصل املوصوةل [‪ .]...‬تغيري احلروف عىل أأشاكلها‬
‫حىت تصري‬ ‫حىت ت ّمتّي عن غريها ّ‬ ‫[‪ ]...‬ضعف اخلطّ عن تقومي احلروف عىل أأشاكلها ّ‬
‫الصحيحة ّ‬
‫العّي املوصوةل اكلفاء واملفصوةل اكحلاء‪ ،‬وهذا من رداءة اخلطّ وضعف اليد"‪.264‬‬

‫خط واضح‪ ،‬يكفي تذكير من يكتب أنّه بصدد فعل‬ ‫ولإلقناع بضرورة إتيان ّ‬
‫يستح ْل – قيام تواصل‬
‫ِّ‬ ‫خط واضح يصعب – إن لم‬ ‫تواصل مع الغير‪ ،‬وأنّه بال ّ‬
‫من األصل‪.265‬‬
‫قرأ في وقت متأ ّخر‬ ‫كما يكفي تنبيهه – إن كان يكتب في امتحان – إلى أنّه قد ي َ‬
‫من الليل‪ ،‬بعد عشرة أو عشرين غيره‪ ،‬تحت تنوير غير كاف‪ ... ،‬؛ أي يكفي‬
‫أن ورقة امتحانه لن يكون لها مصلح‬ ‫فتح عين من يكتب على حقيقة مفادها ّ‬
‫صبر‪ ،‬في مكتب يجمع بين الهدوء‪ ،‬واالتّساع‪،‬‬ ‫خاص بها‪ ،‬ينتظرها بفارغ ال ّ‬ ‫ّ‬
‫والنّوافذ الكبيرة المطلّة على غابة تحتها بحر‪ ،‬ويجمع غير ذلك من صنوف‬
‫الضّروريّات والكماليّات‪.266‬‬
‫بعبارة موجزة يكفي أن نقول‪ :‬في الحاالت الغالبة‪ ،‬يتناسب العدد عكسيّا مع‬
‫المجهود الذي بذِّل إلعطائه‪ .267‬فكلّما ارتفع العمل في درجات الجودة – ومن‬
‫الخط – كلّما استدعى إصالحه مجهودا أق ّل؛ والعكس‬ ‫ّ‬ ‫عناصر جودته وضوح‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫ّ‬
‫الخط غير الواضح ما يلي‪:‬‬ ‫ونجد في التّراث عن مساوئ‬

‫"وربّام اش متل اخلطّ القبيح‪ ،‬عىل بالغة وبيان‪ ،‬وفوائد مس تظرفة‪ ،‬فريغب النّاظر عن الفائدة‬
‫اليت هو حمتاج الهيا لوحشة اخلطّ وقبحه"‪.268‬‬

‫ومن األمور التي ينبغي أن يشار إليها‪ ،‬اختالف ا ّ‬


‫لخط من شخص إلى آخر‪:‬‬

‫صالح‪،‬‬‫الزركشي‪ ،‬ال ّنكت على مقدّمة ابن ال ّ‬


‫‪( 264‬بدر الدّين أبي عبد هللا مح ّمد بن جمال الدّين عبد هللا بن بهادر) ّ‬
‫الرياض‪ 1419 ،‬هـ – ‪ 1998‬م‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.566‬‬ ‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬زين العابدين بن مح ّمد بال فريج‪ ،‬أضواء السلف – ّ‬
‫شحين شعور بأنّهم يأتون بمقالتهم عمال تواصليّا‪ ،‬وهو ما تذ ّكر به العديد‬ ‫‪ 265‬انظر من يقول‪" :‬إذا لم يكن للمتر ّ‬
‫من تقارير اللجان‪ ،‬فعليهم أن يتيقّنوا أن الفرض الذي يصعب فكّ شفرته ينظر إليه نظرة سيّئة‪ ،‬ألنه يسبّب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لقارئه مجهودا إضافيّا‪ .‬هنا أيضا ينبغي اعتبار قابليّة القراءة بشكل مقبول شكال من أشكال األدب [‪ ]...‬من‬
‫شم عناء القراءة"‪Sophie Le Ménahèze-Lefay, préc., p. 47. .‬‬ ‫شح تجاه من سيتج ّ‬ ‫المتر ّ‬
‫‪ 266‬انظر‪Henri Lamour, préc., p. 127. :‬‬
‫‪Henri Lamour, préc., p. 123. 267‬‬
‫صولي‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.6‬‬ ‫‪ 268‬ال ّ‬
‫‪149‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫"ومن ا ألجعوبة يف اخلطوط كرثة اختالفها وا ألصول واحدة اكختالف خشوص النّاس مع‬
‫الصنعة‪ّ ،‬‬
‫حىت ا ّن خطّ االنسان يصري كحليته ونعته يف ادلّ الةل عليه‪ ،‬واللزوم هل‪،‬‬ ‫اجامتعهم يف ّ‬
‫واالضافة اليه" ‪.‬‬
‫‪269‬‬

‫الخط‪ ،‬ينبغي أن ال يصحبه اختالفهم في وضوحه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫لكن اختالف األشخاص في‬
‫أن البعض يضيف إليه الحسن‪،‬‬ ‫فالوضوح إذن وصف واجب الوجود دائما‪ .‬إالّ ّ‬
‫ويقول إنّه وصف مندوب تحقّقه‪:270‬‬
‫"(و) ال خفاء أأ ّن حسن اخلطّ من أأحسن ا ألوصاف اليت يتّصف هبا الاكتب‪ ،‬و أأن ّه يرفع قدره‬
‫عند النّاس‪ ،‬ويكون وس يةل اىل جنح مقاصده وبلوغ مأربه [‪ ]...‬وقد قال أأمري املؤمنّي ّ‬
‫عيل ّكرم‬
‫احلق وضوحا [‪( ]...‬ويتّصف اخلطّ هبذا الوصف) اذا اكن [‪]...‬‬ ‫هللا وهجه‪ :‬اخلطّ احلسن يزيد ّ‬
‫(هتش)‬‫مليح ّالرصف‪ ،‬مفتّح العيون‪ ،‬أأملس املتون‪ ،‬كثري االئتالف‪ ،‬قليل الاختالف [‪ّ ]...‬‬
‫اليه النّفوس و(تش هتيه) [‪ ]...‬ا ألرواح [‪ ]...‬واذا اكن اخلطّ قبيحا‪ ،‬جمّته ا ألفهام‪ ،‬ولفظته‬
‫العيون وا ألفاكر‪ ،‬وس مئه قارئه وان اكن فيه من احلمكة جعائهبا ومن ا أللفاظ غرائهبا [‪( ]...‬ذلا)‬
‫وجب عىل الاكتب أأن يعىن بأأمر اخلطّ ويراعي من جتويده وتصحيحه ما يراعيه من هتذيب‬
‫اللفظ وتنقيحه ليد ّل عىل رسعة وسهوةل كام يد ّل اللفظ البليغ ِ ّ‬
‫البّي"‪.271‬‬

‫ّ‬
‫الخط يكون حسنا‪:‬‬ ‫ويضيف أحدهم قائال ّ‬
‫إن‬

‫"اذا اعتدلت أأقسامه‪ ،‬وطالت أأ ِل ُفه وال ُمه‪ ،‬واس تقامت سطوره‪ ،‬وضاىه صعوده حدوره‪،‬‬
‫وتفتّحت عيونه‪ ،‬ومل تشتبِه ر ُاؤه ونون ُه‪ ،‬و أأرشق قرطاسه‪ ،‬و أأظلمت أأنقاسه‪ ،‬و أأرسع اىل العيون‬
‫تنوره‪ ،‬وقدّ رت فصوهل‪ ،‬واندجمت أأصوهل‪ ،‬وتناسب دقيقه وجليهل‪،‬‬ ‫تصوره‪ ،‬واىل القلوب ّ‬ ‫ّ‬
‫وتساوت أأطنابه‪ ،‬واس تدارت أأهدابه‪ ،‬وصغُرت نواجذه‪ ،‬وانفتحت حماجره‪ ،‬وخرج عن منط‬
‫حتصل جودة‬‫يتحرك وهو ساكن‪ .‬وال ّ‬ ‫احملررين‪ ،‬و ُخيِّل اليك أأن ّه ّ‬
‫الوراقّي‪ ،‬وب ُعد عن تصنّع ّ‬ ‫ّ‬
‫لك حرف ما يس تحقّه من التّ ّقوس‪ ،‬والاحنناء‪ ،‬والانبطاح‪ ،‬وغري ذكل من‬ ‫اخلطّ االّ ابعطاء ّ‬
‫الطول أأو ال ِقرص‪ ،‬و ّالرقة أأو ال ِغلظة‪ ،‬ومراعاة املناس بة بّي احلروف بعضها مع بعض‪ ،‬وبّي‬ ‫ّ‬

‫صولي‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.7‬‬


‫‪ 269‬ال ّ‬
‫‪ 270‬النّويري‪ ،‬نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة الشاملة‪www.shamela.ws :‬‬
‫ّ‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪ ،)2010‬ج ‪ ،2‬ص ‪[ 461‬الكتاب مرقّم آليّا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫والمالحظ أ ّننا هنا أمام مصطلحات استعيرت من الفقه ومن أصول الفقه‪ .‬ومعلوم أنّه وفي هذين العلمين‪:‬‬
‫الواجب ما طلب فعله على وجه اإللزام‪ ،‬والمندوب ما طلب فعله على وجه غير اإللزام‪.‬‬
‫‪( 271‬أحمد بن علي) القلقشندي‪ ،‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا‪ ،‬تحقيق ‪ :‬د‪ .‬يوسف علي طويل‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫دمشق‪ ،1987،‬ج ‪ ،3‬ص ‪ 25‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر املشرتكة يف املنهجيّة‪ :‬التّعبري‬ ‫‪150‬‬

‫اللكامت كذكل‪ ،‬اىل غري ذكل ممّا هو معروف عند أأههل‪ .‬ومن تمتّة ذكل مراعاة الفواصل‬
‫وحسن التّدبّر يف فصل اللكامت"‪.272‬‬

‫وبما ورد للت ّ ّو من أوصاف‪ ،‬نح ّ‬


‫صل بالغة إضافيّة غير بالغة الكالم‪ .‬ولقد قيل‪:‬‬
‫ّ‬
‫الخط إحدى البالغتين"‪.273‬‬ ‫"حسن‬
‫ّ‬
‫الخط‪ ،‬وعموما ً مسألة التّعبير‪ ،‬جميعها يعدّ – إلى جانب‬ ‫وبالغة الكالم أو‬
‫مسألتي التّرتيب واالكتشاف – عناصر مشتركة في منهجيّة المواضيع‪ .‬لكن‬
‫صة‪.‬‬
‫لهذه المنهجيّة‪ ،‬باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬عناصرخا ّ‬

‫‪( 272‬طاهر الجزائري) الدّمشقي‪ ،‬توجيه ال ّنظر إلى أصول األثر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الفتّاح أبو غدة‪ ،‬مكتبة المطبوعات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬حلب‪1416 ،‬هـ – ‪ 1995‬م‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪795‬؛ انظر أيضا‪( :‬أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن مهران)‬
‫العسكري‪ ،‬ديوان المعاني‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج ‪ ،2‬د ت‪ ،‬ص ‪ .75‬انظر أوصافا أخرى عند‪ :‬الثّعالبي‪ ،‬سحر‬
‫شاملة‪http://www.shamela.ws :‬‬ ‫وسر البراعة‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫البالغة‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪ ،)2010‬ص ‪[ ،13‬الكتاب مرقّم آليّا غير موافق للمطبوع] ؛ الثّعالبي‪ ،‬لباب اآلداب‪ ،‬مصدر‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر ‪ ،)2010‬ص ‪[ ،9‬الكتاب مرقّم آليّا‬ ‫الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّ‬
‫غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫‪( 273‬أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن مهران) العسكري‪ ،‬م س‪ :‬ديوان المعاني ج ‪ ،2‬ص ‪.86‬‬
‫اجلزء الثّاين‬
‫اخلاصة يف املنهجيّة‬
‫ّ‬ ‫العناصر‬
‫‪ ―.70‬تقسيم اجلزء وفهرسة مضمونه‪.‬‬
‫يتنوع الخطاب‪:‬‬
‫ّ‬
‫ي (‪ ،)discours descriptif‬وهدفه أن يرينا شخصا أو‬ ‫فمنه الخطاب الوصف ّ‬
‫شيئا؛ أن يقول لنا ما هو؟ ما خصائصه ؟ فوظيفته إذن إعالميّة‪ ،‬ألنّه يعطي‬
‫معلومات عن أشخاص أو أشياء‪.‬‬
‫ي (‪ ،)discours explicatif‬ووظيفته – كما الخطاب‬ ‫ومنه الخطاب التّفسير ّ‬
‫ي – أن يعطي معلومات‪ ،‬لكنّه يسعى زيادة على ذلك إلى إفهامها للمتلقّي‪.‬‬ ‫الوصف ّ‬
‫إن له وظيفة أخرى‬ ‫وهنا نجد الموسوعات‪ ،‬والكتب المدرسيّة‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬ث ّم ّ‬
‫هي تعليم مهارة (‪ ،)savoir faire‬وذلك بأن يساعد المتلقّي على القيام بفعل‬
‫معيّن‪ .‬وهنا نجد ما يكتب تحت اسم طرق االستعمال‪ ،‬أو اسم الوصفات‪ ،‬أو اسم‬
‫قواعد اللعبة‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫ي (‪ ،)discours argumentatif‬ووظيفته – ليست‬ ‫الحجاج ّ‬ ‫ومنه الخطاب ِّ‬
‫تقديم معلومة‪ ،‬وال حتّى إفهامها – بل هدفه إبداء رأي للمتلقّي وإقناعه بأمر‪.‬‬
‫لكن أليس في بعض الوصف إفهام‪ ،‬وفي بعض اإلفهام إقناع؟ أليست هذه‬
‫األنواع متداخلة ببعضها؟‬
‫الجواب‪ :‬بلى‪ ،‬ونعم‪ .‬الجواب بلى لمن ينظر إلى النّتيجة‪ :‬فمن قدِّّم له وصف قد‬
‫َيفهم‪ ،‬ومن َيفهم قد يقتنع‪ .‬والجواب نعم لمن ينظر إلى هدف المر ِّسل‪ :‬فهذا قد‬
‫يريد نقل معلومات ليس إالّ‪ ،‬وقد يريد تقديم معلومات وجعلها مفهومة‪ ،‬وقد يريد‬
‫الزاوية– زاوية قصد المر ِّسل – يكون الخطاب‬ ‫إبداء رأي واإلقناع به‪ .‬من هذه ّ‬
‫وصفيّا‪ ،‬أو تفسيريّا‪ ،‬أو ِّحجاجيّا‪.‬‬
‫ي‪ ،‬وجدنا من أمثلته البحث (‪ ،)essai‬والحكاية‬ ‫الحجاج ّ‬‫فإذا اهتممنا بالخطاب ِّ‬
‫على لسان الحيوانات (‪ ،)fable‬والحكاية الفلسفيّة ( ‪conte‬‬
‫شعر‪ ،‬واإلشهار (‪ ،274)publicité‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫‪ ،)philosophique‬وبعض ال ّ‬
‫سم‬
‫الحجاجيّة بل أحدها فقط هو ذاك الذي يتج ّ‬ ‫أن عملنا لن يه ّم ك ّل الخطابات ِّ‬ ‫إالّ ّ‬
‫في المواضيع القانونيّة‪.‬‬
‫ي يتمثّل‬
‫ي‪ .‬والموضوع النّظر ّ‬ ‫ي‪ ،‬وآخر تطبيق ّ‬ ‫هذه المواضيع قسمان‪ :‬قسم نظر ّ‬
‫ي فمواضيع‪ ،‬منها التّعليق على قرار‪ ،‬والتّعليق‬ ‫في المقالة؛ أ ّما الموضوع التّطبيق ّ‬
‫ّ‬
‫صة المتعلقة‬‫نص‪ ،‬واالستشارة القانونيّة‪ .‬لذا سنرى‪ :‬من جهة العناصر الخا ّ‬ ‫على ّ‬
‫صة‬‫األول)‪ ،‬ومن جهة أخرى العناصر الخا ّ‬ ‫ي (الفصل ّ‬ ‫بالموضوع النّظر ّ‬
‫المتعلّقة بالمواضيع التّطبيقيّة (الفصل الثاني)‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ 274‬رأينا في هامش من الفقرة عدد ‪ 14‬كيف ينقلب الحِّ جاج في بعض القطاعات إلى مناورة واستعمال وإغراء‪،‬‬
‫ي‪.‬‬
‫أي بعبارة واحدة إلى عنف معنو ّ‬
‫األول‬
‫الفصل ّ‬
‫صة بالموضوع النّ ّ‬
‫ظري (المقالة القانونيّة)‬ ‫العناصر الخا ّ‬

‫‪ ―.71‬تاريخ املقالة – أقسامها – تعريفها – تقسيم البحث فيها‪.‬‬


‫المقالة في الوضع "شيء يقال"‪ .‬وفي بداية اإلسالم استعمل اللفظ بمعنى الجزء‬
‫تعرف المقالة (‪ )dissertation‬بأنّها‬ ‫أو الفصل من الكتاب‪ .‬وفي الغرب اليوم‪ّ ،‬‬
‫قطعة إنشائيّة‪ ،‬ذات طول معتدل‪ ،‬تدور حول موضوع معيّن‪ .‬ولقد كانت في‬
‫صقل والت ّهذيب‪ .‬أ ّما اآلن فتطلق‬ ‫البدء تعني الموضوع الذي ما زال بحاجة إلى ال ّ‬
‫ي محدود ‪.‬‬
‫‪275‬‬
‫الطول‪ ،‬تدور في مجال موضوع ّ‬ ‫سطة ّ‬ ‫على ك ّل قطعة إنشائيّة‪ ،‬متو ِّ ّ‬
‫طع‪ ،‬خطوات في مجال‬ ‫ويجد أحدهم‪ ،‬في بعض ما ألّفه المسلمون والعرب من قِّ َ‬
‫ي الوارد للت ّ ّو‪ .‬ويقصد‪ :‬الخطبة‪ ،‬والمقامات التي تبتعد‬ ‫كتابة المقالة بالمعنى الغرب ّ‬
‫عن نهج الهمذاني والحريري بأن ال تتض ّمن شخصيّات تروي أو يروى عنها‪.‬‬
‫صفا وغيرهم‪.276‬‬ ‫الرسائل مثل رسائل الجاحظ وإخوان ال ّ‬ ‫والمقصود أيضا بعض ّ‬
‫وفي أوروبا‪ ،‬ترجع بدايات المقالة الحديثة إلى "ميشيل دي مونتين" (‪ 1533‬م‪/‬‬
‫تطورها‬‫استمر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 1592‬م) و"فرنسيس بيكون" (‪ 1561‬م‪ 1597 /‬م)‪ .277‬وقد‬
‫حتّى انتهت اليوم إلى شيء يمكن تعريفه على النّحو الذي جاء منذ قليل‪.‬‬
‫سم المقالة‪ ،‬بالنّظر إلى موقف الكاتب‪ ،‬إلى ثالثة أقسام‪ :‬المقالة الذّاتيّة‪،‬‬ ‫وتق ّ‬
‫والمقالة الموضوعيّة‪ ،‬والمقالة الذّاتيّة‪ /‬الموضوعيّة‪.‬‬
‫– فأ ّما المقالة الذّاتيّة (أو األدبيّة لو نظرنا ال إلى موقف الكاتب بل إلى أسلوبه)‬
‫فأنواع‪:‬‬
‫شخصيّة‪ ،‬ويعبّر فيها الكاتب عن عواطفه أو عن تجاربه؛‬ ‫منها المقالة ال ّ‬
‫ومنها المقالة االجتماعيّة‪ ،‬وتعالج مشاكل المجتمع‪ ،‬وتنقد عاداته وتقاليده؛‬
‫وتصور مكانا‪ ،‬وغير ذلك؛‬
‫ّ‬ ‫ومنها المقالة الوصفيّة‪،‬‬
‫سيرة‪ ،‬ويروي فيها الكاتب مسيرته أو مسيرة غيره؛‬ ‫ومنها مقالة ال ّ‬
‫صحفيّة‪ ،‬أبوللو‪ ،‬القاهرة‪ 1409 ،‬هـ ‪ 1989 /‬م‪ ،‬ص ‪ 8‬وما‬ ‫‪ 275‬محمود شريف‪ّ ،‬‬
‫فن المقالة األدبيّة الموضوعيّة ال ّ‬
‫بعدها‪.‬‬
‫مؤلف مقتضب حول مسألة فلسفيّة أو‬ ‫ي‪ّ ،‬‬‫وجاء في معجم األكاديميّة الفرنسيّة‪" :‬المقالة [‪ ]...[ -1 ]...‬خطاب كتاب ّ‬
‫ي وفي الجامعة‪ ،‬ويتمثّل في عرض من بضع‬ ‫ي معمول به في التّعليم الثّانو ّ‬ ‫علميّة [‪ -2 ]...‬اليوم‪ ،‬تمرين كتاب ّ‬
‫صفحات حول مسألة في األدب‪ ،‬في الفلسفة‪ ،‬في التّاريخ‪ ،‬في القانون‪ ،‬إلخ‪Dictionnaire de .".‬‬
‫‪l’Académie Française, Imprimerie Nationale / Fayard, 2005.‬‬
‫‪ 276‬محمود شريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 20‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد عوض مح ّمد‪ ،‬محاضرات عن ف ّن المقالة‬
‫األدبيّة‪ ،‬جامعة الدّول العربيّة‪ ،‬معهد الدّراسات العربيّة العالية‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،1959 ،.‬ص ‪ 8‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 277‬محمود شريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 20‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ومنها المقالة التّأ ّمليّة‪ ،‬وتتناول مواضيع الفلسفة‪ ،‬لكن دون التّقيّد بمنهجها‪.‬‬
‫– وأ ّما المقالة الموضوعيّة (أو العلميّة لو نظرنا ال إلى موقف الكاتب بل إلى‬
‫أسلوبه)‪ ،‬فشكل اقتبسه رجال العلم من شكل المقالة الذّاتيّة‪ ،‬وذلك لنشر بحوثهم‪.‬‬
‫صحف‬ ‫شكل وسيلة للتّعبير أن وجدت‪ ،‬لغاية النّشر‪ ،‬ال ّ‬ ‫ونتج عن اتّخاذ هذا ال ّ‬
‫صصة‪.278‬‬ ‫والمجالّت العلميّة المتخ ِّ ّ‬
‫وتتكون المقالة الموضوعيّة في العادة من مقدّمة (تحوي عناصر معيّنة)‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬
‫خطة مضبوطة‪ ،‬وتدور حول فكرة رئيسيّة واحدة)‪،‬‬ ‫جوهر (تسير عناصره ِّوفق ّ‬
‫ومن خاتمة (تل ّخص ما أريد إثباته)‪.279‬‬
‫ويمكن تعريف هذا النّوع من المقالة بالقول إنّه‪:‬‬
‫بحث (أو عمل ِّحجاجي) يحاول ح ّل وعالج مشكل ‪.‬‬
‫‪280‬‬

‫تتنوع المقالة الموضوعيّة‪:‬‬ ‫وبحسب المشكل‪ّ ،‬‬


‫والفن‪ ،‬وفي هذه‬‫ّ‬ ‫فإذا كان المشكل أدبيّا وفنّيّا‪ ،‬كنّا أمام المقالة النّقديّة في األدب‬
‫تذوق األثر الذي يشتغل عليه‪ ،‬ويحلَّل ويقيَّم؛‬ ‫المقالة ي ّ‬
‫وإذا كان المشكل فلسفيّا‪ ،‬كنّا أمام المقالة الفلسفيّة؛‬
‫وإذا كان المشكل تاريخيّا‪ ،‬كنّا أمام المقالة التّاريخيّة؛‬
‫وإذا كان المشكل اجتماعيّا‪ ،‬كانت المقالة في علم االجتماع؛‬
‫وهكذا مع بقيّة المشاكل التي تندرج ضمن حقل من حقول العلم المتعدّدة‪.281‬‬
‫– وقد يتّفق (وهنا نصل إلى المقالة الذّاتيّة‪ /‬الموضوعيّة‪ ،‬أو المقالة األدبيّة‪/‬‬
‫صصين من‬ ‫العلميّة) أن ال يتّجه من يكتب في المواضيع التي سبقت إلى المتخ ّ‬
‫أمثاله‪ ،‬أي قد يتّفق أن يكون هدفه إشاعة ما بحث فيه وتبسيطه لغير‬
‫صصين‪ .‬فإذا فعل‪ ،‬تبقى مقالته موضوعيّة وعلميّة‪ ،‬لكن تضاف إليها‬ ‫المتخ ّ‬
‫صصين من تجنّب للّغة‬ ‫مسحة ذاتيّة وأدبيّة بسبب ما يقتضيه التّو ّجه لغير المتخ ّ‬
‫ي وغير ذلك م ّما يتناسب ومقتضى‬ ‫الفنّيّة ومن تمييع النضباط المسار ِّ‬
‫الحجاج ّ‬
‫‪ 278‬حول المجالّت العلميّة في اختصاص القانون في فرنسا‪ ،‬انظر مثال‪Yann Tanguy, La recherche :‬‬
‫‪documentaire en droit, P.U.F., Paris, 1991, p. 89 et s. ; André Dunes, Documentation‬‬
‫‪juridique, Dalloz, Paris, 1977, p. 127 et s.‬‬
‫فن المقالة‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،1996 ،‬ص ‪ 103‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضاً‪ :‬مح ّمد علي‬ ‫‪ 279‬مح ّمد يوسف نجم‪ّ ،‬‬
‫الراتب الجامعيّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‬ ‫ّ‬
‫عارف جعلوك‪ ،‬أصول التأليف واإلبداع‪ .‬كيف تقرأ‪ .‬كيف تكتب‪ .‬كيف تنشر‪ ،‬دار ّ‬
‫‪ ،2000 ،1‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 280‬انظر أيضا ً من يقول‪" :‬المقالة [‪ ]...‬تتمثّل في عرض فكرة‪ ،‬بك ّل تفاصيلها [‪ ]...‬يتعلّق األمر بإعادة صياغة‬
‫(بصياغة) مشكل‪ ،‬بوضع تقرير حول النّقاشات التي يثيرها‪ ،‬وبعد الموازنة [‪ ]...‬بين ما هو لفائدة وما هو ضدّ‬
‫(الفكرة) [‪ ]...‬تبنّي موقف"‪Adolphe Nysenholc et Thomas Gergely, préc., p. 53. .‬‬
‫الطبيعيّة‪ ،‬بل تستعمل لغة صوريّة (بصفة كلّيّة أو جزئيّة)‪ .‬لذلك لم‬
‫‪ 281‬في بعض العلوم ال تستعمل اللغة ّ‬
‫تعرض لها في المتن‪.‬‬
‫ي ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪156‬‬

‫وبغض النّظر عن هدف الكاتب – يمكن أن ندرج جميع ما‬ ‫ّ‬ ‫الحال‪ .282‬وعموما –‬
‫ي تحت اسم المقالة الذّاتيّة‪/‬‬ ‫يعرض من مسائل علميّة بأسلوب أدب ّ‬
‫الموضوعيّة‪.283‬‬
‫وإن ما يعنينا اآلن في هذا المكان من بحثنا هو المقالة الموضوعيّة‪ .‬فإذا أردنا‬ ‫ّ‬
‫عوضت‬ ‫سسات التّعليميّة‪ ،‬أمكن القول إنّها ّ‬
‫نؤرخ لدخولها كتمرين في المؤ ّ‬ ‫أن ّ‬
‫سابع عشر نقاش األطروحات الذي كان شفويّا في الجامعات القديمة‪.‬‬ ‫في القرن ال ّ‬
‫ث ّم ع ِّ ّمم هذا التّمرين إلى أن صرنا نجده اليوم في مختلف المستويات الدّراسيّة‬
‫وفي مختلف الحقول من آداب وعلوم إنسانية واجتماعيّة‪ .‬بل إنّنا نجد هذا‬
‫التّمرين أيضا في مناظرات االنتداب لبعض المهن‪ .‬هذا عن فرنسا وعن العالم‬
‫ي"؛ أ ّما في الجامعات البريطانيّة واألمريكيّة فنجد‪ ،‬كبديل للمقالة‪،‬‬ ‫"الفرنكفون ّ‬
‫تلخيص القراءات (‪ ،)résumé de lecture‬والمالحظات النّقديّة ( ‪notes‬‬
‫‪ ،)critiques‬والنِّّقاشات (‪ ،)discussions‬وغير ذلك م ّما يدرج تحت عبارة‬
‫ي"‬‫(‪ .)papers‬أ ّما كلمة (‪ ،)dissertation‬فال تعني في العالم "األنجلوسكسون ّ‬
‫إالّ أطروحة تختم دراسة جامعيّة‪.‬‬
‫ي" (أو المقالة الموضوعيّة)‪ ،‬وكما تقدّم‪ ،‬تمرين‬ ‫والمقالة بمعناها "الفرنكفون ّ‬
‫لكن المقالة عمل يهجره (بسبب متطلّباته‬ ‫يطلب كثيرا م ّمن يكتب ألجل امتحان‪ّ .‬‬
‫صة منها التّقيّد بمشكل) أغلب من يكتب لغير امتحان‪.284‬‬ ‫المنهجيّة‪ ،‬وخا ّ‬
‫إن المقالة‪ ،‬وهذا تقدّم أيضا‪ ،‬تمرين موجود في حقل اآلداب والعلوم اإلنسانيّة‬ ‫ث ّم ّ‬
‫واالجتماعيّة‪ .‬هذا يعني أنّها موجودة في حقل العلوم القانونيّة ‪.‬‬
‫‪285‬‬

‫‪ 282‬انظر‪ :‬مح ّمد يوسف نجم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.104‬‬


‫وتطوره في األدب المعاصر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص ‪ 73‬وما‬ ‫ّ‬ ‫‪ 283‬انظر‪ :‬مرسي أبو ذكرى‪ ،‬المقال‬
‫بعدها‪.‬‬
‫أدق‪ ،‬هم يهجرون المقتضيات ال االسم؛ أي هم يس ّمون ما يكتبون مقالة‪ ،‬والحال أنّه خال من شروط‬ ‫‪ 284‬بعبارة ّ‬
‫المقالة‪.‬‬
‫ي إلى منتصف القرن التّاسع عشر‪" :‬المقالة‬
‫في فرنسا‪ ،‬ث ّم من أرجع ظهور المقالة في القانون كتمرين أكاديم ّ‬
‫‪285‬‬

‫ّ‬
‫مرة في القرن التاسع عشر (في ال ّسنوات ‪« .)1820‬بورلي» (‪،)Bourlet‬‬ ‫ألول ّ‬‫ي [‪ ]...‬ظهرت ّ‬ ‫كتمرين أكاديم ّ‬
‫في أعماله العلنيّة للحصول على الدكتوراه (‪ )Actes publics pour le doctorat‬التي نوقشت في كلّيّة‬
‫الحقوق في باريس يوم ‪ 5‬ماي ‪ ،1820‬كتب‪« :‬نعني بالمقالة خطابا متتابعا‪ ،‬مترابطا في جميع أجزائه‪ ،‬ويعلن‬
‫تمش‪ ،‬عن نظام »"‪Michel Vivant, préc., p. 970, n° 6. .‬‬ ‫ّ‬ ‫عن‬
‫‪157‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الشّخصيّة‬

‫الوصفيّة‬ ‫الذّاتيّة (أو األدبيّة)‬

‫إلخ‪.‬‬

‫النّقديّة في األدب أو‬


‫الفنّ‬
‫‪dissertaion‬‬
‫المقالة‬
‫الفلسفيّة‬
‫الموضوعيّة (أو‬
‫الت ّاريخيّة‬ ‫العلم ّية)‬

‫القانونيّة‬ ‫الذّات ّية‪/‬‬


‫الموضوعيّة (أو‬
‫إلخ‪.‬‬ ‫األدبيّة‪ /‬العلميّة)‬

‫ي‪ ،‬يمكن القول – استئناسا بما قيل سابقا حول عموم المقالة‬
‫في هذا الحقل القانون ّ‬
‫الموضوعيّة – ّ‬
‫إن‪:‬‬
‫جاجي) يحاول ح ّل وعالج مشكل‬ ‫ّ‬ ‫المقالة القانونيّة هي بحث (أو عمل ّح‬
‫قانوني‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪La dissertation juridique est un essai (ou un travail‬‬
‫‪argumentatif) pour résoudre et traiter un problème‬‬
‫‪juridique.‬‬
‫وأه ّم ما يمكن ترتيبه على ما سبق أمران‪:‬‬
‫ي اختصاص‪ ،‬يكون قبل‬ ‫الطالب‪ ،‬الذي يدخل الجامعة في أ ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫األول ّ‬
‫– األمر ّ‬
‫ذلك قد قام‪ :‬في مرحلة أولى بمقاالت ذاتيّة (اإلنشاء‪ ،)286‬وفي مرحلة ثانية‬
‫بمقاالت موضوعيّة (في الفلسفة‪ ،‬إلخ‪ .287).‬وألنّه تعلّم بعد‪ ،‬أو يفترض أنّه تعلّم‬
‫بعد‪ ،‬منهجيّةَ نوع أو أكثر من المقاالت الموضوعيّة‪ ،‬فال سبب يدعوه للخشية‬

‫صة‪ ،‬ومعالجة الموضوعات الفكريّة‪ .‬علي رضا‪،‬‬ ‫إن أه ّم أغراض اإلنشاء‪ :‬الوصف‪ ،‬والق ّ‬ ‫‪ 286‬للدّقّة ينبغي القول ّ‬
‫شرق العربي‪ ،‬بيروت ‪ -‬حلب‪ ،‬ط ‪ ،3‬د‪ .‬ت‪ ،.‬ص ‪.12‬‬ ‫اإلنشاء السّهل‪ ،‬دار ال ّ‬
‫يتعلق بما قبل الجامعة‪ ،‬المؤلّفات التّالية‪ :‬إبراهيم بن صالح‪ ،‬التّدريب على‬
‫‪ 287‬انظر على سبيل المثال‪ ،‬وفيما ّ‬
‫ي‪ ،‬دار مح ّمد علي الحا ّمي للنّشر‪،‬‬
‫ي‪ .‬تعليم أساس ّ‬‫ص الحِّ جاجي – منهجيّة التّحرير‪ .‬التّاسعة أساس ّ‬‫اإلنشاء‪ :‬ال ّن ّ‬
‫صفاقس‪1997 ،‬؛ هند بن صالح‪ ،‬دراسة منهجيّة في اإلنشاء والتّحليل لتالميذ الباكالوريا‪ ،‬دار مح ّمد علي‬
‫الحا ّمي للنّشر‪ ،‬صفاقس‪1988 ،‬؛ محي الدّين الكالعي‪ ،‬طريقة المقال‪ :‬قواعد منهجيّة ونماذج مطبّقة في تحليل‬
‫الزواري‪،‬‬‫سارة التّونسي ّ‬
‫ّ‬ ‫ص والمقالة الفلسفيّة‪ ،‬دار مح ّمد علي الحا ّمي للنّشر‪ ،‬صفاقس‪ ،‬ط ‪2005 ،2‬؛‬ ‫النّ ّ‬
‫الزواري‪ ،‬د‪ .‬م‪1998 ،.‬؛ مح ّمد الغنّوشي والحبيب كتيتة‪ ،‬م س‪.‬‬ ‫سارة التّونسي ّ‬
‫منهجيّة الكتابة الفلسفيّة‪ّ ،‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪158‬‬

‫من امتحانات الجامعة ومن المقاالت فيها‪ .‬فما سيجده في اختصاص الفلسفة أو‬
‫التّاريخ أو العربيّة أو علم االقتصاد أو علم االجتماع أو علم القانون (إلخ‪ ).‬هو‬
‫ما كان قد تعلّمه أو شيئا قريبا جدّا م ّما كان قد تعلّمه‪.‬‬

‫المرحلة الثّالثة‬
‫المرحلة الثّانية‪:‬‬ ‫(الجامعة)‪:‬‬
‫أنواع من جنس‬
‫المقاالت‬ ‫نفس األنواع من‬
‫الموضوعيّة أو‬ ‫المقاالت الموضوعيّة أو‬
‫العلميّة (في‬ ‫مقاالت من نفس الجنس‬
‫المرحلة األولى‪:‬‬
‫نوع من المقاالت‬ ‫الفلسفة‪ ،‬إلخ‪).‬‬
‫الذّاتيّة أو األدبيّة‬

‫إذن لن تطلَب‪ ،‬م ّمن يدخل الجامعة‪ ،‬مهارة (‪ )savoir faire‬غير متو ِّفّرة عنده‪.‬‬
‫الطالب أكثر في‬ ‫بل ما سيطلب بلوغ درجة أعلى داخل تلك المهارة‪ .‬وكلّما تقدّم ّ‬
‫سنة األولى من اإلجازة إلى أطروحة‬ ‫مستوى دراسته الجامعيّة (من ال ّ‬
‫الدّكتوراه)‪ ،‬كلّما كانت درجة المهارة التي ستطلب منه أعلى فأعلى‪.‬‬
‫أن ما كتب حول منهجيّة هذا النّوع أو ذاك من المقالة‬ ‫– األمر الثّاني ّ‬
‫الموضوعيّة هو نفسه ما كتِّب حول منهجيّة بقيّة األنواع‪ .‬فمنهجيّة المقالة‬
‫الفلسفيّة مثال قيل فيها نفس ما قيل عن المقالة االقتصاديّة أو االجتماعيّة أو‬
‫القانونيّة أو غير ذلك (مع اختالفات طفيفة بين هذه االختصاصات‪ :‬في بعضها‬
‫تطلب عنونة األجزاء‪ ،‬وفي بعضها اآلخر يطلب عدم العنونة؛ في بعضها يحبّذ‬
‫المخطط من ثالثة أجزاء؛ إلخ‪.).‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المخطط من جزأين‪ ،‬وفي بعضها اآلخر يحبّذ‬
‫وهكذا يمكن لمن يكتب في منهجيّة المقالة القانونيّة أن يستفيد م ّما يكتب خارج‬
‫هذا اإلطار‪ .‬هذا ما سنفعله ونحن نعرض إلجراءات إنجاز المقالة القانونيّة‪.‬‬
‫لكن بعد عرض إجراءات اإلنجاز‪ ،‬أي بعد عرض المنهجيّة‪ ،‬ينبغي إتباع ذلك‬
‫بالممارسة والتّطبيق‪.‬‬
‫األول)‪ ،‬وآخر‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل هذا يعطي عنوانين‪ :‬واحد لعرض المنهجيّة (المبحث‬
‫لتجسيمها (المبحث الثّاني)‪.‬‬
‫‪159‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫األول‪ ― .‬عرض منهجيّة المقالة‬


‫المبحث ّ‬

‫‪ ―.72‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫ينبغي‪ ،‬للقيام بمقالة أو بغيرها من المواضيع‪ ،‬المرور بالمراحل الثّالث التي‬
‫سبقت معنا‪ :‬االكتشاف (الفقرة األولى)‪ ،‬والتّرتيب (الفقرة الثّانية)‪ ،‬والتّعبير‬
‫(الفقرة الثّالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ ― .‬االكتشاف (‪)invention‬‬

‫‪ ―.73‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬


‫يطلب القيام بالمقالة عن طريق صيغة (لفظ‪ ،‬أو جملة‪ ،‬أو مجموعة جمل)‪ .‬لذلك‬
‫صيغة‪.‬‬
‫يكون ّأول ما نالقيه هو تلك ال ّ‬
‫صيغة – صيغة المقالة أو صيغة الموضوع – يسمح باكتشاف‬ ‫والنّظر في ال ّ‬
‫المادّة القانونيّة التي سيعمل عليها‪.‬‬
‫فإذا حدِّّدت المادّة‪ ،‬وجب بعد ذلك استحضار ّ‬
‫أن المقالة عمل يسعى لح ّل مشكل‬
‫ي‪ .‬لذلك تكون الخطوة الموالية هي البحث عن مشكل في تلك المادّة‪ ،‬أي‬ ‫قانون ّ‬
‫تكون الخطوة الموالية اكتشاف اإلشكاليّة‪.‬‬
‫اإلشكال ّية التي‬
‫يثيرها الموضوع‬ ‫مادّة‬
‫الموضوع‬ ‫صيغة‬
‫الموضوع‬
‫من أجل ما تقدّم‪ :‬سنرى في مرحلة أولى صيغة الموضوع (أ)‪ ،‬وفي مرحلة‬
‫ثانية مادّته (ب)‪ ،‬وفي مرحلة ثالثة إشكاليّته (ج)‪.‬‬

‫(أ) صيغة الموضوع‬

‫‪ ―.74‬املواضيع – أقسامها – قراءتها‪.‬‬


‫صيغة من إرجاع مختلف المواضيع النّظريّة إلى‬
‫مجرد النّظر إلى ال ّ‬
‫ّ‬ ‫يم ّكن‬
‫قسمين‪ :‬مواضيع مع مقولة (‪ ،)sujets à citation‬ومواضيع بدون مقولة‬
‫(‪.)sujets sans citation‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪160‬‬

‫والمقولة في الموضوع يمكن أن تكون قصيرة أو طويلة‪ .‬في الحالة األولى‪،‬‬


‫صة في الثّانية‪ ،‬يطرح المشكل‪ :‬ما الفارق بين المقالة ودراسة ّ‬
‫نص فقهي؟‬ ‫وخا ّ‬
‫الجواب حسب البعض ‪ :‬إن وردت المقولة دون أن يصاحبها سؤال أو نحوه‪،‬‬
‫‪288‬‬

‫نص‪ .‬وإن وردت ومعها سؤال (ما رأيك في ‪ ...‬؟ ‪ /‬إلخ‪ ).‬أو‬ ‫فالموضوع دراسة ّ‬
‫مرافق آخر يتقدّمها أو يأتي بعدها (من قبيل‪ :‬حلّل وناقش‪ /‬علّق على هذا التّأكيد‬
‫معتمدا ما تلقّيته في الدّرس أو في مطالعاتك ‪ /‬إلخ‪ ،).‬فالموضوع مقالة طالت‬
‫ي‪ ،‬وسنجده كالمقالة‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫المقولة أم قصرت (سنصل إلى دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫سنجد هذا الكالم الذي يميّز بينهما غير ذي فائدة )‪.‬‬
‫‪289‬‬

‫يتفرع بدوره‬‫وكما تقدّم يمكن أيضا أن يكون الموضوع بال مقولة‪ .‬وهذا القسم ّ‬
‫سؤال‪ ،‬وموضوع ورد في هذه‬ ‫إلى نوعين‪ :‬موضوع لّم يت ّخذ صيغة ال ّ‬
‫صيغة‪.290‬‬
‫ال ّ‬

‫‪ 288‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬لبنات في منهجيّة القيام بالمواضيع القانونيّة‪،‬‬
‫كلّيّة العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪ .4‬وهنالك وثيقة ثانية (لبنات في المنهجيّة‪ ،‬كلّيّة‬
‫العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس‪ )2003/ 2002 ،‬على صفحتها األولى أسماء أخرى غير‬
‫ي لألولى لكنّها ال تذكر ذلك (تضيف الوثيقة‬ ‫األسماء الموجودة في الوثيقة األولى‪ .‬والوثيقة الثّانية نقل َحرف ّ‬
‫ي‪ ،‬ويه ّم الثّاني التّعليق على قرار‪ .‬والجزءان هما ترجمة لما‬ ‫نص قانون ّ‬‫األول التّعليق على ّ‬ ‫الثّانية جزأين‪ :‬يه ّم ّ‬
‫ورد في كتاب "ڥيليپ بيهر" ‪ Philippe Bihr‬و"جيل ڤوبو" ‪ Gilles Goubeaux‬تحت نفس العنوانين‪.‬‬
‫والوثيقة ال تذكر أنّها ترجمة)‪.‬‬
‫بأن الوثيقة األولى‪ ،‬وإن لم يوجد عليها تاريخ‪ ،‬إالّ أنّها‬ ‫ي ّ‬
‫شخص ّ‬ ‫إن الوثيقة الثّانية هي النّاقلة علمنا ال ّ‬
‫وسبب قولنا ّ‬
‫(أول اطالع لنا عليها يرجع إلى سنة ‪.)1990‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقدم من الوثيقة الثانية ّ‬
‫بعد الوثيقة الثّانية‪ ،‬ظهرت في السّنة الجامعيّة ‪ 2010 /2009‬وفي نفس الكلّيّة وثيقة ثالثة بأسماء ثالثة‪.‬‬
‫صة عن ذكر "ڥيليپ بيهر"‬ ‫هذا يعني‪ ،‬إذا كان ث ّم تع ّمد (ولسنا أمام سهو – عن ذكر أصحاب الوثيقة األولى وخا ّ‬
‫وزع الوثيقة)‪ ،‬أنّنا أمام‬‫ي الذي ّ‬ ‫مجرد تعداد ألسماء المنتمين إلى الفريق البيداغوج ّ‬ ‫ّ‬ ‫و"جيل ڤوبو" – يصحبه‬
‫سرقة‪ .‬انظر حول السّرقة أحد هوامش الفقرة عدد ‪.60‬‬
‫ي مع‬ ‫فإذا تركنا هذه المسألة وعدنا إلى المراجع‪ ،‬أمكن إعطاء الكتاب التّالي على أن فيه مثاال لموضوع نظر ّ‬
‫مقولة‪Ferhat Horchani et Monji Ben Rais, Méthodologie du sujet théorique et du cas :‬‬
‫‪pratique en Droit International, in : Ferhat Horchani (sous la direction de),‬‬
‫‪Méthodologie de la préparation des examens et des concours en droit public, Centre‬‬
‫‪de Publication Universitaire, Tunis, 2008, p. 45 et s.‬‬
‫‪ 289‬انظر الفقرة عدد ‪ 170‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 290‬انظر هذه التّقسيمات خارج دائرة المواضيع القانونيّة‪ ،‬وذلك عند‪Pierre Brunel, La dissertation :‬‬
‫‪de littérature générale et comparée, Armand Colin, Paris, 1996, p. 22.‬‬
‫‪161‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الموضوع ال ّن ّ‬
‫ظري‬

‫دون مقولة‬ ‫مع مقولة‬

‫في صيغة غير صيغة‬


‫في صيغة استفهام‬ ‫طويلة‬ ‫قصيرة‬
‫االستفهام‬

‫وفي جميع األحوال‪ ،‬يؤ ّكد ك ّل من كتب في منهجيّة أو بالغة التّعبير على‬
‫ي‪ ،‬ولكن أيضا التّطبيق ّ‬
‫ي) بالكيف‬ ‫ضرورة قراءة صيغة الموضوع (النّظر ّ‬
‫(تأنّي‪ ،‬تركيز‪ ،‬إلخ‪ ).‬وبالك ّم (يختلف عدد القراءات باختالف المقروء‬
‫صيغة‪ ،‬ومن ث ّم الموضوع‪.291‬‬ ‫والقارئين)الذين يحتاجهما إدراك الفهم‪ :‬فهم ال ّ‬
‫ويعطي أحدهم أمثلة لقراءات لم تستجب للمواصفات‪ ،‬فأخطأت الهدف الذي هو‬
‫تناول ك ّل الموضوع وال شيء غير الموضوع‪:‬‬

‫املعنوي»‪ .‬هنا من غري املفيد تناول النّظام القانو ّين‬ ‫ّ‬ ‫"‪ )1‬لنفرض أأ ّن املوضوع‪« :‬مفهوم الشّ خص‬
‫املعنوي‪ .‬ومن اخلطأأ اخللط بّي املفهوم والنّظام‪ ،‬أأو تناول املسأألتّي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للشّ خص‬
‫‪ )2‬لنفرض أأ ّن املوضوع‪« :‬االنصاف والقانون»‪ .‬هذا املوضوع يدعو ليشء من التّفكري‪:‬‬
‫جمرد قمية أأخالقيّة‪ ،‬قاعدة قانون ّية؟‬
‫‪ -‬من هجة‪ ،‬هل ميث ّل االنصاف‪ ،‬وهو ّ‬
‫‪ -‬من هجة أأخرى‪ ،‬هل ميكن للقايض اس تعامل االنصاف لتقومي القاعدة القانون ّية؟ اجلواب‬
‫ابالجياب لس ببّي‪ :‬أأ ّو ًال‪ ،‬أل ّن القانون يدعو القايض أأحياان ليحمك وفق االنصاف؛ اثني ًا‪ ،‬أل ّن‬
‫القايض‪ ،‬وحتت غطاء التّأأويل‪ ،‬يعطي نفسه يف بعض احلاالت سلطة اصالح القوانّي اجلائرة‪.‬‬
‫وورقة امتحان ال حتوي واحدة من هاتّي املسأألتّي ال ميكن أأن حتصل عىل املعدّل‪.‬‬
‫السابق‪ .‬ان ّه ال يدعو‬ ‫‪ )3‬لنفرض أأ ّن املوضوع‪« :‬القايض واالنصاف»‪ .‬هذا املوضوع خمتلف عن ّ‬
‫االّ لعرض مسأأةل واحدة‪ :‬هل ميكن للقايض أأن حيمك وفق االنصاف؟ وعليه يكون من غري‬

‫‪ 291‬انظر على سبيل المثال في تونس‪ :‬مح ّمد كمال شرف الدّين وكمال نﭭرة‪ ،‬منهجيّة التّمارين القانونيّة‪ ،‬كلّيّة‬
‫الحقوق والعلوم السّياسيّة بتونس (ب ت)‪ ،‬ص ‪15‬؛ وفي فرنسا‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, :‬‬
‫‪préc., p. 35 et s.‬‬
‫والتّأكيد على القراءة بمواصفاتها المطلوبة موجود كذلك عند من كتب في المنهجيّة والبالغة في غير التّآليف‬
‫القانونيّة‪ .‬انظر مثال‪Axel Preiss, préc., p. 21 et s. ; Anne-Marie Lefebvre, La dissertation :‬‬
‫‪sur un sujet littéraire, Albin Michel, Paris, 1996, p. 15.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪162‬‬

‫جوهري لالنصاف مكصدر للقاعدة القانون ّية"‪.292‬‬


‫ّ‬ ‫املناسب ختصيص جزء‬

‫أن الهدف من القراءة بالمواصفات المطلوبة أن نصيب هدفا فال‬ ‫يتبيّن م ّما سبق ّ‬
‫سل بها نتيجة‪ .‬بتفصيل أكبر‪:‬‬
‫نحيد عنه قيد أنملة‪ .‬فصيغة الموضوع إذن أداة نتو ّ‬
‫لدينا لفظ (بمفرده‪ ،‬أو بمعيّة غيره الذي يم ِّث ّل وإيّاه جملة أو أكثر)‪ ،‬واللفظ عند‬
‫إطالقه يستدعي المعنى في الذّهن‪ ،‬والمعنى في الذّهن يعبّر عن المرجع (قد‬
‫يكون المرجع شيئا موجودا في الخارج‪ ،‬وقد ال يكون)‪.293‬‬

‫‪" 1) Soit le sujet : « La notion de personne morale ». Il est inutile de traiter le 292‬‬
‫‪régime juridique de la personne morale. Ce serait une erreur de confondre les‬‬
‫‪concepts de notion et de régime, ou de traiter les deux questions.‬‬
‫‪2) Soit le sujet : « L’équité et le droit ». Ce sujet invite à quelques réflexions :‬‬
‫? ‪- D’une part, l’équité, simple valeur morale, constitue-t-elle une règle de droit‬‬
‫‪- D’autre part, l’équité peut-elle être utilisée par le juge pour corriger la règle de‬‬
‫‪droit ? La réponse est affirmative, pour deux raisons : d’abord, la loi invite parfois le‬‬
‫‪juge à statuer en équité ; ensuite, le juge, sous couvert d’interprétation de la loi,‬‬
‫‪s’octroie en certaines occasions le pouvoir de corriger les lois iniques.‬‬
‫‪Une copie qui omettrait l’une de ces questions ne pourrait obtenir la moyenne.‬‬
‫‪3) Soit le sujet : « Le juge et l’équité ». Ce sujet est différent du précédent. Il‬‬
‫‪n’invite à exposer qu’une seule question : le juge peut-il statuer en équité ? Il serait‬‬
‫‪donc inopportun de consacrer un développement substantiel à l’équité, envisagée en‬‬
‫‪tant que source d’une règle de droit". Jérôme Bonnard, Méthodes de travail‬‬
‫‪de l’étudiant en droit, Hachette, Paris, 2002, p. 52.‬‬
‫‪" 293‬لإللمام بك ّل حجم اإلشكاليّة األنطولوجيّة التي يتض ّمنها ك ّل خطاب‪ ،‬من المناسب االنطالق من التّفرقة التي‬
‫شهير في ‪ 1892‬بين المعنى (‪ )sens/ sinn‬والمرجع‬ ‫أدخلها «ج‪ .‬فراج» (‪ )G. Frege‬في مقاله ال ّ‬
‫(‪ .)signification ou référence/ bedeutung‬المعنى هو ما تقوله عبارة لغويّة؛ المرجع هو الموضوع‬
‫فإن «الغالب في إيانا» (‪ )le vainqueur d'Iéna‬و«المغلوب في واترلو» ( ‪le‬‬ ‫الذي قيل حوله ما قيل‪ .‬وهكذا ّ‬
‫‪ ،)vaincu de Waterloo‬أو «تلميذ أفالطون» و«أستاذ اإلسكندر»‪ ،‬هما معنيان مختلفان‪ ،‬لكنّهما يحيالن‬
‫على وحدة واحدة‪« ،‬ناپليون» أو «أرسطو»‪.‬‬
‫صوت‪ .‬أن تعني‬ ‫ويمكن أن يكون ث ّم معنى وال يكون هنالك مرجع‪ ،‬مثل أن نتحدّث عن سرعة تفوق سرعة ال ّ‬
‫ي (ال يمكن إرجاعه ال إلى الحقيقة المادّيّة‬
‫(أن يكون ث ّم معنى) وأن تعيّن (شيئا) ال يتطابقان إذن؛ فالمعنى ذهن ّ‬
‫صور والتّمثّل)‪ ،‬أ ّما المرجع فهو يضيف زعم مسك الحقيقة [‪]...‬‬
‫لألشياء وال إلى الحقيقة الذّهنيّة للتّ ّ‬
‫ك ّل كلمة تحيل على شيء (مرجع)؛ فإذا كانت الكلمة اسما علما‪ ،‬فموضوعها شيء يمكن أن نقول عنه إنّه‬
‫موجود؛ وإالّ فالكلمة مفهوم يمكن فقط أن نوجده‪« .‬ك ّل كلمة لها مرجع بهذا المعنى البسيط أنّها رموز تقوم مقام‬
‫أشياء غير نفسها»‪ ،‬و«راسل» (‪ )Russell‬يستقبل بطريقة ليبيراليّة في مملكة األشياء اللحظات والنّقاط‪ .‬خارج‬
‫الوجود الذي ال يعترف به إالّ لألشياء‪ ،‬هنالك بقيّة الوحدات‪« :‬األعداد‪ ،‬اآللهات الهوميريّة‪ ،‬العالقات‪ ،‬األوهام‪،‬‬
‫الرباعيّة‪ ،‬لها جميعا كينونة (‪ ،)être/ being‬ألنّه‪ ،‬إذا لم تكن ث ّم وحدات من هذا النّوع‪ ،‬فلن‬ ‫المكان ذو األبعاد ّ‬
‫صيّة عا ّمة لك ّل األشياء‪ ،‬والتّنصيص على شيء هو أن نظهر أ ّنه‬ ‫نستطيع أن ننشأ جمال حولها‪ .‬إذن الكينونة خا ّ‬
‫كائن»"‪Paul Ricœur, Ontologie, Encyclopædia Universalis, 2010. .‬‬
‫الرمز اللغوي (‪ )signe linguistique‬بين‪ :‬الدّال ( ‪le signifiant/ le‬‬ ‫فرق في ّ‬ ‫انظر كذلك من يقول‪" :‬ي َّ‬
‫‪ )mot‬والمدلول (‪[ )le signifié‬المفهوم المعيَّن من الدّال] والمرجع (‪[ )le référent‬الحقيقة المطابقة لمفهوم‬
‫المدلول]‪ .‬مثال «كلب»‪ :‬كلمة «كلب» هي دالّ؛ مفهوم «كلب»‪ ،‬حيوان من ذوات األربع‪ ،‬من الثّدييّات‪ ،‬له شعر‬
‫‪ ...‬هو المدلول؛ والمرجع كلب محدّد عناه المتكلّم"‪Ahmed Hosny, préc., p. 74..‬‬
‫صة ص ‪ 953‬وما بعدها‪.‬‬ ‫انظر أيضا‪ :‬مح ّمد ال ّشاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ 635‬وما بعدها وخا ّ‬
‫‪163‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المرجع‬ ‫المعنى‬ ‫اللفظ‬

‫سطها المعنى‪ .‬من هنا‬


‫وهكذا فالعالقة بين اللفظ والمرجع ليست مباشرة‪ ،‬بل يتو ّ‬
‫ي" (‪ )triangle sémiotique‬لـ‪" :‬أوڤدان" (‪)Ogden‬‬ ‫كان "المثلّث الدّالل ّ‬
‫و"ريشاردز" (‪ ،)Richards‬والمعدّل من طرف "أولمان" (‪:294)Ullmann‬‬

‫المعنى أو‬
‫المدلول‬
‫‪Signifié‬‬

‫المرجع‬
‫اللفظ أو الدّال‬
‫‪Denotatum‬‬
‫‪signifiant‬‬
‫‪ou Référent‬‬

‫م ّما سبق ينبغي االحتفاظ بأن لدينا لفظ‪ ،‬وأن علينا أن نجد معناه‪ ،‬لكي نصل إلى‬
‫المرجع‪ .‬لكن كيف نجد المعنى؟‬

‫وينبغي التّنبيه إلى الفرق بين الخبر حيث الخارج حاصل قبل اللفظ واإلنشاء حيث الخارج غير حاصل قبل‬
‫ي هو اإلخبار‪ ،‬وليس للجملة اإلنشائيّة خارج إنّما لها‬‫صلة‪" :‬للجملة الخبريّة خارج وعمل لغو ّ‬ ‫اللفظ‪ .‬بعبارة مف ّ‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.776‬‬ ‫ّ‬
‫ويجزى" مح ّمد ال ّ‬ ‫العمل اللغوي الذي ينجز بها‬
‫أن االسم العلم ضرب من الوحدات اللغويّة له خارج وليس له معنى‪:‬‬ ‫كما ينبغي التّنبيه إلى ّ‬
‫صة العالميّة المعروفة ( ‪De l’autre côté du miroir.‬‬ ‫[ انظر إلى الفقرة عدد ‪ 57‬حيث ورد مقتطف من الق ّ‬
‫كارول" (‪ )Lewis Carroll‬تناول مسألة كون االسم‬ ‫‪ )1872. Ch. VI : Le Gros Coco‬للكاتب "لويس ّ‬
‫العلم ليس له معنى]‪.‬‬
‫والظروف المبهمة فلها معنى وليس لها خارج‪ .‬وبالنّسبة إلى سائر الوحدات من أفعال‬ ‫ّ‬ ‫أ ّما األدوات من الحروف‬
‫وأسماء فقد اعتبرت من قبيل الوحدات التي يكون لها معنى باعتبارها وحدات نظام‪ ،‬فإذا تحقّقت باالستعمال‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪ .)983‬وبالنّسبة إلى اسم االستفهام فهو‬ ‫أصبحت وحدات ذات معنى وخارج (مح ّمد ال ّ‬
‫"أقرب إلى تلك الوحدات اللغويّة التي ليست من قبيل األسماء واألفعال‪ ،‬والتي ال تقوم وظيفتها على اإلحالة‬
‫على شيء في الخارج لكونها ال توافق ذاتا وال حدثا إنّما هي من قبيل الوحدات التي لها داللة وليس لها إحالة‪،‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.)1256‬‬ ‫الظروف والحروف (مح ّمد ال ّ‬ ‫الزاوية تقارب ّ‬ ‫وهي من هذه ّ‬
‫‪Catherine Kerbrat-Orecchioni, Sémantique, Encyclopædia Universalis 2010. 294‬‬
‫انظر‪Ogden C. K., Richards I. A, T., The meaning of meaning, Routledge and :‬‬
‫‪Kegan Paul, London, 1923 ; Olivier Soutet, Linguistique, P.U.F., Paris, 1 re éd., 2005,‬‬
‫‪p. 112 ; Dictionnaire de linguistique Larousse, Lib Larousse, Paris, 1973 : sous le‬‬
‫; » ‪mot « référence‬‬
‫ص وداللته (محاور اإلحالة الكالميّة)‪ ،‬منشورات وزارة الثّقافة‪ ،‬دمشق‪ ،1998 ،‬ص‬ ‫مريم فرنسيس‪ ،‬بناء ال ّن ّ‬
‫‪.14‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪164‬‬

‫هنا تنبغي التّفرقة بين‪:‬‬


‫ي‪ ،‬وهو الذي يه ّم اللفظ المفرد‪ ،‬ويستفاد من استعماالت المجتمع‪،‬‬ ‫المعنى المعجم ّ‬
‫ويدونه أصحاب المعاجم في معاجمهم العا ّمة (مثل لسان العرب‪ ،‬وغيره) أو‬ ‫ّ‬
‫صة (مثل معجم المصطلحات القانونيّة‪ ،‬أو الفلسفيّة‪ ،‬أو غيرهما)؛‬ ‫الخا ّ‬
‫ي‪ ،‬وهو الذي يستخلص من هيئة اللفظ كهيئة اللفظ المطلق أو‬ ‫صرف ّ‬ ‫والمعنى ال ّ‬
‫العا ّم‪ ،‬أو هيئة األمر أو النّهي‪ ،‬أو هيئة الفعل المضارع‪ ،‬وغير ذلك؛‬
‫صل بتأ ّمل موقع ووظيفة اللفظة في الجملة؛‬ ‫ي‪ ،‬وهو الذي يح َّ‬ ‫والمعنى النّحو ّ‬
‫ومعنى الجملة‪ ،‬وهو الذي يستخرج من نظام تركيب األلفاظ المفردة؛‬
‫ومعنى األسلوب‪ ،‬وهو الذي يؤتى به من سياق الكالم بما يضيفه من مدلول عا ّم‬
‫يتولّد عن ارتباط الجمل بعضها ببعض‪.295‬‬
‫ي موضوع‪ :‬نظريّا كان أو تطبيقيّا‪ ،‬قانونيّا‬ ‫وال بدّ– لكي يمكن القيام بموضوع‪ ،‬أ َّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ي – من تحصيل القدرة الفنّيّة على استخراج المعنى المعجم ّ‬ ‫أو غير قانون ّ‬
‫ي‪ ،‬وغيره‪ ،‬من صيغة ذلك الموضوع‪ .‬فبهذا يأتي المعنى مطابقا‬ ‫صرف ّ‬
‫وال ّ‬
‫ّ‬
‫صيغ – كما هو معلوم – تختلف‪ :‬فبعضها يتطلب امتالك قدرة أكبر‬ ‫للمرجع‪ .‬وال ّ‬
‫من تلك التي يتطلّبها البعض اآلخر‪.‬‬
‫ي الج ِّيّد لبعض الممت َحنين‪،‬‬ ‫وفي أحيان ليست بالقليلة‪ ،‬وبسبب المستوى العلم ّ‬
‫أن صيغة موضوعه تحيل على معنى ومن ث ّم‬ ‫الممتحن إبّان اإلصالح ّ‬‫ِّ‬ ‫يكتشف‬
‫صيغة‪ .‬وإلى هذا األمر يشير "هنري‬ ‫على مرجع لم يف ِّ ّكر به حين نسج تلك ال ّ‬
‫مازو" (‪ )Henri Mazeaud‬حين يقول‪:‬‬

‫يتبّي املمت ِحن أأ ّن النّ ّص اذلي صاغه حيمتل تأأويالت‬


‫"يف أأحيان كثرية‪ ،‬وفقط حّي االصالح‪ّ ،‬‬
‫خمتلفة"‪.296‬‬

‫‪ 295‬انظر حول ما سبق‪ :‬عبد الهادي الفضلي‪ ،‬دروس في أصول فقه اإلمامية‪ ،‬مؤسّسة أ ّم القرى للتّحقيق‬
‫صالً ومختلفا قليالً ع ّما‬
‫والنّشر‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1420 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪ 426‬وما بعدها و ص ‪ .450‬انظر أيضا عرضا ً مف ّ‬
‫جاء أعاله‪ ،‬وذلك في الفقرة عدد ‪ 132‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪"[…] trop souvent, c’est seulement en corrigeant les compositions que 296‬‬
‫‪l’examinateur s’aperçoit que le texte qu’il a libellé, peut prêter à des interprétations‬‬
‫‪différentes". Henri Mazeaud, préc., n° 30.‬‬
‫وما ورد في المتن يتبع مسألة أع ّم‪ ،‬هي دور القارئ في عمليّة التّأويل‪:‬‬
‫"بعض النّقّاد يفرضون على أنفسهم االمتحان التّالي‪ ،‬بصفة صريحة أو ضمنيّة‪ :‬تأويلي‪ ،‬هل يمكن أن أقترحه‬
‫نتكلم مع مؤلّف حقيقي نالقيه في «الفناك» (‪)la Fnac‬؛ كما لو كان يمكن‬ ‫على المؤلّف‪ ،‬وأجعله يقبل به؟ كما ّ‬
‫أن أطلب من «بودلير» (‪ )Baudelaire‬أو «ماالرمي» (‪ :)Mallarmé‬هل هذا ما أردتم قوله؟ ال أستطيع أن‬
‫أكلّمهم بالهاتف ألسألهم عن رأيهم‪ .‬وعلى ك ّل رأيهم ال يح ّل المشكل‪ .‬وليس ث ّم تأويل يستطيع أن يقدَّم على أنّه‬
‫‪165‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وقد ال نحتاج إلى اإلشارة إلى أحيان ال تستدعي فيها جميع ألفاظ الموضوع‬
‫توقّفا ً عند معناها‪ ،‬أو مرورا ً بجميع المستويات من معجميّة وصرفيّة وغير ذلك‪:‬‬
‫لكن الحذر واجب هنا‪ .‬ويكفي للحذر‬ ‫ّ‬ ‫ي المسافات‪.‬‬ ‫فالوضوح يسمح بط ّ‬
‫استحضار ما قاله بعضهم وإن كان في سياق مختلف‪:‬‬

‫ينجر يف أأغلب‬ ‫"ا ّن انطباع الوضوح‪ ،‬املرتبط بكون التّعبري اذلي حنن بصدده هل معىن واحدا‪ّ ،‬‬
‫ا ألحيان عن هجلنا أأو عن عدم خصوبة خيالنا‪ .‬هذا ما أأحسن «لوك» مالحظته حّي كتب‪:‬‬
‫« أأكرث من خشص ّ‬
‫ظن‪ ،‬من القراءة ا ألوىل‪ ،‬أأن ّه فهم مقطعا من الكتاب املقدّ س [‪ّ ( ]...‬مث‬
‫أأدرك) – بعد أأن ّاطلع عىل التّفاسري اليت زادت أأو ّودلت شكوكه‪ ،‬و أألقت من ّمث النّ ّص يف‬

‫صغ بصفة دقيقة إالّ من «پول‬ ‫لكن االمتحان المتحدّث عنه ليس بغير الدّارج‪ ،‬ولم ي َ‬ ‫ص)‪ّ .‬‬ ‫معنى (المؤلّف‪ ،‬وال النّ ّ‬
‫ّ‬
‫تجرأت أحيانا على أن أستخرج من األعمال ما لم يضعه المؤلفون ربّما‬ ‫بينيشو» (‪« :)Paul Bénichou‬إذا ّ‬
‫عن بصيرة‪ ،‬فذلك ألملي أن يقبلوا اكتشافه إن كان موجودا‪ ،‬هذا إذا افترضنا أنّهم يلقون عناية لمجهوداتي‬
‫وللغتي» ( ‪ .)L'Écrivain et ses travaux, Corti, 1967‬هذا المقتطف يوضّح موقفا سائدا‪« .‬بينيشو» ال‬
‫يرجع أبدا القصد (‪ )intention‬إلى سبق القصد (‪ :)préméditation‬توجد في األعمال معاني لم توضع فيها‬
‫«عن بصيرة»‪ .‬أغلب ال ّنصوص تكشف مواقفا‪ ،‬فروضا واعتقادات غير معترف بها من المؤلّف‪ .‬إنّها جزء من‬
‫المؤلف ودون وعي التّعبير عنه‪ .‬إذن‬ ‫ّ‬ ‫ص يمكن تفسيره بالفرض الذي قصد‬ ‫المعنى‪ ،‬إذا كان حضورها في النّ ّ‬
‫يمكننا عرضها عليه والحصول على موافقته‪ ،‬إذا كان حيّا؛ أو على األق ّل أن نمتنع‪ ،‬إذا كان ميّتا‪ ،‬عن ك ّل تأويل‬
‫نعتقد أنّه لم يكن ليوافق عليه‪ .‬حسب «بينيشو»‪ ،‬معيار أو حدود التّأويل إذن هو ما كان المؤلّف سيوافق عليه‪ ،‬لو‬
‫تواصلت معه‪ .‬هذا يفترض مسارا بكامله‪ .‬ينبغي في البدء أن أز ّوده بإطار تأويلي‪ ،‬هذا من شأنه أن يؤدّي بعيدا‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪ .‬ينبغي أن أعطي للمؤلّف درسا كامال‬ ‫ي‪ ،‬بسيكو ‪ -‬تحليل ّ‬ ‫ي‪ ،‬بسيكولوج ّ‬ ‫ي‪ ،‬إيديولوج ّ‬ ‫في صورة تأويل تاريخ ّ‬
‫حول ما حصل منذ الوقت الذي وجد فيه‪ .‬ورغم التّغييرات التّاريخيّة‪ ،‬يضع «بينيشو» فرضا قويّا وإنسانو ّيا‬
‫صا كما لو كان يمكنني أن أتحاور مع مؤلّفه‪ .‬ومبدؤه في‬ ‫أؤول ن ّ‬ ‫الطبيعة اإلنسانيّة‪ّ :‬‬ ‫(‪ )humaniste‬حول ديمومة ّ‬
‫صا في تاريخ األفكار األدبيّة‪ ،‬وأ ّنه كان يعمل على تحيين األطر‬ ‫االحتراز يفسّر على ك ّل حال أنّه كان مخت ّ‬
‫صريحة في الوثائق المعاصرة‬ ‫ي وال ّ‬ ‫العقليّة التي كان يعمل داخلها المؤلّفون‪ ،‬هذه األطر الضّمنيّة في العمل األدب ّ‬
‫للمؤلف إلقناعه ببداهة المعنى المعطى لتأليفه‪ .‬وهكذا لن يتن ّكر لنا [‪ ]...‬في‬ ‫ّ‬ ‫التي يمكن بصفة مثاليّة إراءتها‬
‫مؤلف على قيد الحياة‪ ،‬يمكن أن نسأله عن درجة وعيه بهذه التّداعيات‪ :‬ال ليؤيّد أو ال يؤيّد التّأويالت‪،‬‬ ‫صورة ّ‬
‫ص‪ .‬سيجيب بطريقة مثاليّة‪« :‬ال‪ ،‬لم أرد أن‬ ‫ي واإلمكانيّات الموجودة في ال ّن ّ‬ ‫لكن لتبيان الفجوات بين القصد الواقع ّ‬
‫ص يقوله‪ ،‬وأشكركم على أنّكم جعلتموني واعيا به»‪ .‬هكذا‪ ،‬وكما طلب «بينيشو»‪ ،‬لن‬ ‫أقول هذا‪ ،‬لكن أسلّم ّ‬
‫بأن النّ ّ‬
‫يتن ّكر لنا‪ .‬كتب «پول موران» (‪ )Paul Morand‬في مذكراته‪ :‬في «مونتيرلون» (‪:)Dans Montherlant‬‬
‫ّ‬
‫تخلت عنّي‪ .‬ال امرأة تتخلّى عن رجل؛ هذا غير موجود؛ األمر يتعلّق بالتّأكيد برجل‪ .‬هذا [‪]...‬‬ ‫صديقة خسيسة ّ‬
‫مثل [‪« ]...‬پروست» (‪ )Proust‬حين جعل السّجينة تضع يديها في جيب المِّ بذل (‪ )robe de chambre‬ناسيا‬
‫أن ال َمباذل ال جيوب لها! «مونتيرلون»‪« ،‬پروست»‪ ،‬هل كانا يقبالن هذه التّأويالت؟ أو «بودلير»‪« ،‬بودلير‬ ‫ّ‬
‫ونؤول‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سارتر» (‪ ،)le Baudelaire de Sartre‬شديد العدوانيّة بسبب فشله؟ ك ّل هذا يبيّن أ ّننا‪ ،‬ونحن نقرأ‬
‫ي لـ‪« :‬مونتانيي»‬ ‫المؤلّف‪ .‬جميعهم لن يكون له الموقف الليبيرال ّ‬ ‫ِّ‬ ‫نضع بالضّرورة فروضا حول‬
‫(‪ ،)Montaigne‬حين تحدّث عن «قارئ مدّع» (‪ )un suffisant lecteur‬يقرأ في «البحث» (‪)les Essais‬‬
‫أكثر م ّما كان «مونتانيي» واعيا بوضعه فيها‪« :‬القارئ المدّعي يكتشف كثيرا في كتابات غيره كماالت غير‬
‫المؤلف والحظها‪ ،‬ويعطي تلك الكتابات معاني [‪ ]...‬أكثر غنى»‪ .‬لم يكن «مونتانيي»‬ ‫ّ‬ ‫تلك التي وضعها‬
‫صا أفضل‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫دائما)‬ ‫غالبا‪،‬‬ ‫(أحيانا‪،‬‬ ‫نفهم‬ ‫أن‬ ‫يقبل‬ ‫كان‬ ‫أويل‪.‬‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫بواسطة‬ ‫المكتشف‬ ‫المعنى‬ ‫من‬ ‫مصدوما بهذا الملحق‬
‫قرائه األوائل‪ ،‬مع أخذ المسافة التّاريخيّة‪ ،‬وبمساعدة معارف جديدة"‪Antoine Compagnon, Qu'est-.‬‬ ‫من ّ‬
‫‪ce‬‬ ‫‪qu'un‬‬ ‫?‪auteur‬‬ ‫‪12.‬‬ ‫‪L'auteur‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪le‬‬ ‫‪droit‬‬ ‫‪au‬‬ ‫‪respect,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/auteur12.php (24 septembre 2010).‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪166‬‬

‫الغموض – ( أأن ّه مل يفهم) »"‪.297‬‬

‫وهكذا‪ ،‬ال بدّ من قراءة بمواصفات معيّنة‪ .‬لكن‪ ،‬ال بدّ معها من مقدرة فنيّة على‬
‫استخراج المعنى‪ .‬فالقراءة – وإن تأنّت ما َو ِّسعَها أن تتأنّى – ال تنفع من لم‬
‫صل القدرة؛ والقدرة – وإن بلغت ما َو ِّسعَها أن تبلغ – قد ال تفيد من لم يبصر‬‫يح ّ‬
‫جر مثال‪.‬‬
‫حرف ّ‬
‫فإذا توفّرت القراءة بالمواصفات المطلوبة‪ ،‬وتوفّرت معها القدرة المستوجبة‪،‬‬
‫صلة ّ‬
‫أن‬ ‫كانت النّتيجة تطابقا للمعنى مع المرجع‪ .‬بعبارة أبسط‪ :‬كانت المح ّ‬
‫الطريق صار سالكا لكي نقوم بالموضوع‪ ،‬ال بغيره م ّما هو أكبر أو أصغر منه‬ ‫ّ‬
‫أو مختلفا عنه‪.‬‬

‫قراءة لصيغة‬
‫الموضوع‪:‬‬
‫‪ +‬قدرة فنّ ّية على أن‬
‫تستخلَص من صيغة‬ ‫‪ -‬متأنّية‪،‬‬
‫الموضوع المعاني‪:‬‬ ‫‪ -‬بتركيز‪،‬‬
‫عندها تكون النّتيجة‬ ‫‪ -‬المعجم ّية‪،‬‬ ‫‪ -‬إلخ‪.‬‬
‫متمثّلة في أنّ ‪:‬‬
‫‪ -‬الصّرفيّة‪،‬‬
‫إمكانيّة القيام‬ ‫‪ -‬إلخ‪.‬‬
‫بالموضوع‬
‫صارت مفتوحة‬

‫أن مادّة الموضوع صارت معروفة‬ ‫إن ّ‬


‫الطريق باتت سالكة‪ّ ،‬‬ ‫ويعني القول ّ‬
‫الحدود عندنا‪ ،‬وأنّنا لن نخطئها إلى غيرها‪.‬‬

‫‪"Le plus souvent l’impression de clarté, liée à l’univocité, résulte de l’ignorance 297‬‬
‫‪ou d’un manque d’imagination. C’est ce que Locke a fort bien noté, quand il écrit :‬‬
‫‪« Plus d’un homme qui, à première lecture, avait cru comprendre un passage de‬‬
‫‪l’Écriture ou une clause du Code en a tout à fait perdu l’intelligence, après avoir‬‬
‫‪consulté des commentateurs dont les élucidations ont accru ses doutes ou leurs ont‬‬
‫‪donné naissance, et plongé le texte dans l’obscurité » ". Locke, An essay concerning‬‬
‫‪human understanding, liv. III, chap. IX, § 9, p. 389, cité par : Chaïm Perelman et‬‬
‫‪Lucie Olbrechts-Tyteca, préc., p. 168.‬‬
‫‪167‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫(ب) مادّة الموضوع‬

‫‪ ―.75‬مسألة حدود مادّة املوضوع‪.‬‬


‫تس ِّلم صيغة الموضوع المعنى‪ ،‬ويم ِّ ّكن المعنى من تحديد مادّة الموضوع‪.‬‬

‫مادّة‬
‫الموضوع‬ ‫المعنى‬
‫صيغة‬
‫الموضوع‬

‫لكن قد يختلف بعضنا مع البعض في المعنى‪ ،‬ومن ث ّم في حدود الموضوع‪ .‬فإذا‬


‫صيغة – قد استعملنا األدوات الواجب استعمالها علميّا‪،‬‬ ‫يخص ال ّ‬
‫ّ‬ ‫كنّا – فيما‬
‫مبرراً‪ .‬وفي هذه الحالة قد يتّفق أن يكون‬ ‫صله َّ‬ ‫عندها يكون المعنى الذي نح ِّ ّ‬
‫المبررات في القيمة أو‬
‫ّ‬ ‫وبغض النّظر عن تساوي‬ ‫ّ‬ ‫مبررا ً بدوره‪.‬‬
‫معنى آخر َّ‬
‫سير في أكثر من اتّجاه في وقت واحد‪.‬‬ ‫تفاوتها‪ ،‬فإنّنا في النّهاية لن نستطيع ال ّ‬
‫فإذا سرنا في اتّجاه – أي إذا اخترنا معنى‪ ،‬ومن ث ّم حدودا ً للموضوع – كان من‬
‫المبررات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التعرض إلى ما كان ممكنا‪ ،‬وإلى ما ت ّم اختياره‪ ،‬وإلى‬ ‫ّ‬ ‫الالزم علينا‬
‫عارض بسبب خيارنا‪ ،‬لكن األسوأ من ذلك أن يعاب علينا كوننا لم نختر‬ ‫نعم قد ن َ‬
‫ما اخترنا إالّ ألنّنا لم نر غيره‪ .‬في معنى يحوم حول هذا كتب "هنري‬
‫مازو"(‪:)Henri Mazeaud‬‬

‫ينصب اخلالف عىل حدود املوضوع‪ .‬ومن الأ ّمه ّية مباكن أأن ال هنمل جانبا يدخل يف‬‫"معوما‪ّ ،‬‬
‫املوضوع‪ ،‬ويف املقابل من ا ألمهّ ّية مباكن أأن ال نتناول ما هو خارج عنه‪ .‬فكّروا طويال [‪]...‬‬
‫فاذا تردّدمت يف حدود املوضوع‪ ،‬فافصحوا (للقارئ) عن تردّدمك"‪.298‬‬

‫وبعد ما سبق‪ ،‬أي بعد تحديد مادّة الموضوع‪ ،‬ينبغي أن نحفر في ذاكرتنا باحثين‬
‫تعرضت لتلك‬ ‫عن أجزاء الدّرس (أو أجزاء الكتب‪ ،‬أو المقاالت‪ ،‬إلخ‪ ).‬التي ّ‬

‫‪"Généralement, la divergence porte sur les limites du sujet. Or, il est capital de ne 298‬‬
‫‪pas laisser de côté ce qui fait partie du sujet et de ne pas traiter ce qui est en dehors.‬‬
‫‪Réfléchissez longuement […] Si vous hésitez sur le contenu du sujet, indiquez votre‬‬
‫‪hésitation". Henri Mazeaud, préc., n° 30.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪168‬‬

‫فمكونات المادّة قد تكون ّ‬


‫موزعة‬ ‫ّ ِّ‬ ‫نضطر للبحث هنا وهناك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المادّة‪ .299‬وكثيرا ما‬
‫على أكثر من عنوان من عناوين الدّرس‪ .‬وك ّل ما تسعف به الذّاكرة من عناصر‬
‫المسودة) في حينه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للمادّة وتواريخ وأرقام فصول وغير ذلك‪ ،‬ينبغي تدوينه (في‬
‫فما يحضر اآلن قد يختفي بعد قليل‪.300‬‬
‫هكذا‪ ،‬ومن صيغة الموضوع‪ ،‬نصل إلى مادّته‪ .‬والخطوة الموالية أن نبحث عن‬
‫إشكاليّة‪.‬‬

‫(ج) إشكاليّة الموضوع‬

‫‪ ―.76‬تقسيم وفهرسة مضمون‪.‬‬


‫أن قطبها يتمثّل في اإلشكاليّة‪ .‬لكن‬
‫من خالل تعريف المقالة القانونيّة‪ ،‬نتبيّن ّ‬
‫المطلوب‪ ،‬زيادة على استخراج اإلشكاليّة‪ ،‬إبراز فائدتها‪ ،‬ث ّم البحث عن عناصر‬
‫الجواب عليها‪.‬‬

‫‪ .1‬استخراج اإلشكاليّة‬

‫‪ ―.77‬تقسيم وفهرسة مضمون‪.‬‬


‫لكي نستخرج اإلشكاليّة‪ ،‬ينبغي أن نعرف ما هي‪ .‬فإذا عرفنا ما اإلشكاليّة عرفنا‬
‫بنفس المناسبة ما الذي ليس إشكاليّة‪.‬‬

‫‪ /1 .1‬ما اإلشكاليّة؟‬

‫‪ ―.78‬اإلشكاليّة يف كتب املنهجيّة – تنويع البحث يف اإلشكاليّة‪.‬‬


‫جاء في كتب عن منهجيّة المقالة غير القانونيّة‪:‬‬

‫ميش اذلي ينبغي ات ّباعه يف املقاةل هو اليت‪ :‬ينبغي يف أخر الفرض‬ ‫لك مقاةل يه برهنة‪ .‬والتّ ّ‬
‫" ّ‬
‫(الامتحان) أأن يكون دلينا اعتقاد بأأن ّنا فهمنا‪ ،‬وجدان‪ ،‬أأو عىل ا ألق ّل طرحنا مشالك‪ .‬ا ّن ا ألمر‬

‫‪ 299‬في بعض األحيان يسمح للممت َحن ببعض المراجع‪ .‬وقد يقال هنا إن ال حاجة للذّاكرة‪ .‬هذا الكالم غير‬
‫كلما دخل الممت َحن بذاكرة ممتلئة‪ ،‬ومن ث ّم كلّما كانت حاجته إلى المراجع‬
‫صحيح‪ .‬فوقت االمتحان محدود‪ .‬لذا ّ‬
‫التي م ّكِّن منها أقلّ‪ ،‬كلّما كانت مه ّمته أيسر‪.‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc., n° 31. 300‬‬
169 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫] (ماذا‬...[ ‫ عىل هذا فا ّن أأفضل مقياس للمقاةل النّاحجة يمتث ّل يف أأن نسأأل‬.‫يتعلّق ابثبات يشء‬
‫] فاذا اكن‬...[ ‫ابلّضورة أأن يثبت أأطروحة‬ ّ ‫أأثبتنا؟) ا ّن فرضا يف الفلسفة أأو يف التّارخي ينبغي‬
. ")‫] (بوصف الومه‬...[ ‫ فينبغي أأن ال نكتفي‬،»‫موضوعنا هو «الومه‬
301

‫ اهنّ ا املوضوع وقد‬،‫] (و) االشاكليّة سؤال‬...[ ‫"حفص املوضوع ينبغي أأن يسمح ابعداد اشاكليّة‬
‫] (و) املقاةل ال‬...[ ‫سايس‬ ّ ‫السؤال ا أل‬
ّ ‫ ( و) االشاكل ّية يشء أأ‬.‫سايس اذلي يثريه‬ ّ ‫صيغ يف شلك‬
‫العلمي حول هذا املوضوع‬ّ ‫ ال اىل ملء صفحات من الالكم‬،‫تأأخذ معناها اكمال االّ اذا معدت‬
.302")‫] (واالجابة عليه‬...[ ‫ بل اىل طرح سؤال‬،‫أأو ذاك‬

.303"‫] ابملنظور اخملتار لتناول موضوع‬...[ ‫"ميكن تعريفها‬

ّ ِ ‫] «الفكرة‬...[ ‫"ما ي ُس ّمى سابقا‬


‫املوهجة» للمقاةل (واليت نفضّ ل تسميهتا ابلتّو ّجه العا ّم للمقاةل حنو‬
.304")‫] (هذا النّوع من االنتاج‬...[ ‫سايس) هو حقّا القانون اذلي حيمك‬
ّ ‫مشلك أأ‬

‫ وعليه‬.‫ استدالل على أمر وإثبات لشيء‬،‫ من خالل هذه المقتطفات‬،‫فالمقالة‬


‫ فهي‬:‫ وهنا نصل إلى اإلشكاليّة‬.‫شيء سيكون فكرة مو ِّ ّجهة للمقالة‬ ّ ‫فاألمر أو ال‬
.‫سؤال االستدالل واإلثبات‬

"Toute dissertation est une démonstration. La marche à suivre dans la disse rtation 301
est la suivante : il faut qu’à la fin du devoir on ait l’impression d’avoir compris,
trouvé, ou au moins posé une question. Il s’agit de prouver quelque chose. A cet
égard, le meilleur critère de la dissertation réussie consiste à se demander à la
manière de Roberval sortant d’Iphigénie : "Qu’est-ce que cela prouve ?" […] un
devoir de philosophie ou d’histoire doit absolument avoir prouvé une thèse […] Si
l’on a pour sujet la rêverie, il ne faut pas se contenter d’une […] description". Denis
Huisman, préc., p. 23.
"L’examen du sujet doit permettre l’élaboration d’une problématique […] La 302
problématique est une question, c’est le sujet énoncé sous la forme de la question
fondamentale qu’il suscite. La problématique est essentielle […] La dissertation ne
prend tout son sens que dans la mesure où elle s’assigne moins de remplir quelques
pages de propos savants sur tel ou tel sujet que de poser une question à laquelle le
devoir va permettre de répondre". Sophie Le Ménahèse-Lefay, préc., p. 20.
"On peut la définir […] comme une perspective choisie pour traiter un sujet". 303
Henri Lamour, préc., p. 21.
"[…] ce qu’on appelait autrefois […] « l’idée directrice » d’une dissertation (et 304
que nous préférons appeler l’orientation générale d’une dissertation vers un
problème fondamental) est vraiment la grande loi du genre". A. Chassang et Ch.
Senninger, La dissertation littéraire générale, Lib. Hachette, Paris, 1955, p. 10.
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪170‬‬

‫هذا عن كتب منهجيّة المقالة غير القانونيّة‪ ،‬أ ّما في المؤلّفات عن المقالة القانونيّة‬
‫فنجد‪:‬‬

‫"تع ّد املقاةل فرصة المتحان [‪ ]...‬متكّن ا ّلطالب من مهنج ّية تقدمي (املعلومات اليت أأخذها من‬
‫السؤال املطروح"‪.305‬‬ ‫احملارضات وغريها‪ ،‬واليت اس توعهبا) يف نطاق ّ‬
‫معّي حيدّده ّ‬

‫ظري هو معل ّية فكريّة هتدف اىل حتديد موقف من اشاكل [‪ ]...‬املوضوع النّظ ّ‬
‫ري‬ ‫"املوضوع النّ ّ‬
‫اشاكل واملطلوب منك ّ‬
‫حهل"‪.306‬‬

‫"انتاج مقاةل هو اثبات فكرة أأو أأكرث بواسطة احلجج القانونيّة املناس بة"‪.307‬‬

‫"ا ألفاكر ِ ّ‬
‫املوهجة [‪ ]...‬اليت س تثبتون حصّهتا يف جوهر املوضوع [‪ ]...‬ينبغي أأن تكون اخليط‬
‫ّالرابط لعملمك"‪.308‬‬

‫"الفكرة أأو [‪ ]...‬ا ألفاكر ا ألساس ّية اليت ّ‬


‫حترك املوضوع [‪( ]...‬واليت س نقوم ابلربهنة‬
‫علهيا)"‪.309‬‬

‫لك جزء ينبغي أأن ّ‬


‫يفصل فكرة مركزيّة‪ ،‬والنّ ّص س يكون عرضا لفكرتّي أأساس يّتّي"‪.310‬‬ ‫" ّ‬

‫"ينبغي وضع الفكرة العا ّمة مثلام توضع نظريّة الثباهتا‪ ،‬أأو فرض ّية لتأأكيدها‪ ،‬وذكل حبسب ما اذا‬
‫لك ا ألحوال‪ ،‬ينبغي أأن تكون‬
‫الطريقة الاس تقرائيّة‪ .‬يف ّ‬ ‫الطريقة الاس تنباطيّة‪ ،‬أأو ّ‬ ‫اس تعملنا ّ‬

‫‪ 305‬مح ّمد كمال شرف الدّين وكمال نﭭرة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ 306‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪"Disserter, c’est prouver une ou plusieurs idées au moyen d ’arguments de droit 307‬‬
‫‪pertinents". Jérôme Bonnard, préc., p. 59.‬‬
‫‪"[…] idées directrices […] dont vous allez démontrer la réalité dans le corps de 308‬‬
‫‪vos développements […] Elles doivent être, en effet, le fil conducteur de votre‬‬
‫‪travail". Henri Mazeaud, préc., n° 84.‬‬
‫‪"[…] idée ou […] (des) idées essentielles animant le sujet […] (dont on va faire) 309‬‬
‫‪la démonstration". Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc, p. 73 (v. aussi : p. 64).‬‬
‫‪"Toute partie devant développer une idée centrale, l’exposé consistera à exposer 310‬‬
‫‪deux idées principales". Treillard, préc., p. 7.‬‬
171 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫ا ألطروحة (ال ختتلف املقاةل عن أأطروحة ادلّ كتوراه االّ يف كون ا ألوىل أأصغر) يف أأجزاهئا‬
.311"‫ أأي تربيرا للفكرة العا ّمة‬،‫برهنة واسعة‬
‫ ومن‬.‫ مفوضوعها هو اثبات حصّة فكرة أأو أأكرث‬.‫ وليست تالوة أأو عرضا ليشء‬،‫"املقاةل برهنة‬
‫املمكن جدّ ا ادلّ فاع عن أأطروحة حزبيّة برشط أأن ي ّمت ذكل بدقّة ورصامة؛ فال وجود‬
‫ البلوغ‬،‫ ا ألمانة‬:‫ ويعين توفّر صفات متعدّدة‬،‫ لكن يوجد هاجس املوضوعيّة‬،‫للموضوعيّة‬
.312 "... ‫ الاتّساق‬،)‫ابلبحث اىل هنايته (وعدم الوقوف حّي ال خيدم ما تبقّى أأطروحتنا‬

‫] (فـ)موضوع‬...[ ‫ تفكري؛ وليست عرضا ملعلومات أأو تالوة دلرس أأو كتاب‬،‫"املقاةل برهنة‬
.313"‫املقاةل اثبات حصّة فكرة أأو أأكرث‬

‫صل بعد‬ ّ ِّ ‫صل من هذه المقتطفات عن المقالة القانونيّة هو نفسه الذي ح‬


َّ ‫وما يح‬
‫ فالمقالة في جميع االختصاصات إثبات‬.‫من المقتطفات عن المقالة غير القانونيّة‬
ّ‫فإن مفهوم المقالة مقترن بمفهوم اإلشكاليّة إذ اإلشكاليّة ليست إال‬
ّ ‫ لذلك‬.‫شيء‬
‫ لن‬،‫ أي إذا لم توجد إشكاليّة‬،‫ فإذا لم يوجد سؤال عن ثبوت شيء‬.‫سؤال اإلثبات‬
‫ألن المقالة هي عين ذلك‬ ّ ،‫ أي لن توجد مقالة‬،‫يوجد جواب في الثّبوت أو عدمه‬
.‫الجواب‬

"L’idée générale doit être conçue à la manière d’un théorème à démontrer, ou 311
encore d’une hypothèse à valider selon que l’on recourt à la méthode déductive ou à
la méthode inductive. Dans tous les cas la thèse (la remarque concerne aussi la
dissertation qui est une petite thèse) doit dans ses parties être une vaste
démonstration, c’est-à-dire une justification de l’idée générale". Raymond Gassin,
préc., p. 1171.
"Une dissertation est une démonstration et non une récitation ou un exposé 312
factualiste. Son objet est de prouver l’exactitude d’une ou de plusieurs idées. Il est
parfaitement possible de défendre une thèse partisane à condition que cela soit fait
rigoureusement ; l’objectivité n’existe pas mais le souci d’objectivité existe et
implique plusieurs qualités : honnêteté, exhaustivité, cohérence … ". Claude
Leclercq, Jean-Pierre Lukaszewics et André Chaminade, Travaux dirigés de droit
administratif. Dissertation – Cas pratiques – Commentaire d’arrêts, litec, Paris, 3e
éd., 1991, p. 3 (9e éd., 2002, p. 1).
"Une dissertation est une démonstration, un raisonnement. Ce n ’est pas un 313
étalage de connaissances ni une récitation du cours ou d’un manuel […] L’objet de
la dissertation est de prouver la véracité […] l’exactitude d’une ou de plusieurs
idées". Ferhat Horchani et Monji Ben Rais, Sujet théorique et sujet pratique, in :
Ferhat Horchani (sous la direction de), préc., p. 19 et 20.
‫ االستشارة‬،‫ي‬
ّ ‫قانون‬ ‫نص‬
ّ ‫على‬ ‫عليق‬ّ ‫ت‬‫ ال‬:‫ دراسة وتطبيقات في‬.‫ منهجيّة قانونيّة‬،‫ مح ّمد محفوظ‬:‫انظر أيضا‬
،‫ تونس‬،‫المختص‬
ّ ‫ منشورات مج ّمع األطرش للكتاب‬،‫ المقالة القانونيّة‬،‫ دراسة الالّئحة القانونيّة‬،‫القانونيّة‬
.120 ‫ ص‬،2010
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪172‬‬

‫المقالة هي برهنةٌ‬

‫ال برهنة‪ ،‬ال مقالة‬

‫وما سبق مجمل‪ ،‬والمجمل يستدعي تفصيال‪ :‬فالمقالة كما نعلم تنطلق من‬
‫صيغة معيار يسمح بتقسيم المواضيع‬‫موضوع‪ ،‬والموضوع يأتي في صيغة‪ ،‬وال ّ‬
‫صل في تعريف اإلشكاليّة بأن نتحدّث عنه‬‫إلى نوعين‪314‬؛ وما ينبغي هو أن نف ّ‬
‫نوعي المواضيع النّظريّة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫داخل ك ّل نوع من‬

‫‪ /1 .1 .1‬الموضوع النّ ّ‬
‫ظري بدون مقولة‬
‫(‪)sujet sans citation‬‬

‫‪ ―.79‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬وقد يكون استفهاميّا‪.‬‬
‫قد يكون هذا الموضوع غير استفهام ّ‬
‫‪ /1 .1 .1 .1‬الموضوع في صيغة غير‬
‫االستفهام (‪)sujet non interrogatif‬‬

‫‪ ―.80‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫ي عن شكلين‪ :‬فإ ّما أن ال يكون جملة؛ وإ ّما‬
‫ال يخرج الموضوع غير االستفهام ّ‬
‫أن يكون جملة خبريّة‪.‬‬

‫‪ /1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع ليس جملة‬

‫‪ ―.81‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫الموضوع الذي ليس جملة قد يكون مفهوما أو أمرا واحدا‪ ،‬وقد يكون أكثر من‬
‫مفهوم ع ِّطف الواحد على اآلخر بأداة العطف «الواو»‪ .‬وسواء كان أمرا واحدا‬
‫أو أكثر‪ ،‬فجميعها بمثابة مخبَر عنه ينتظر خبره‪.‬‬

‫‪ 314‬انظرها في الفقرة عدد ‪.74‬‬


‫‪173‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫جملة خبريّة‬
‫مفهوم واحد‬ ‫صيغة‬
‫ليس جملة‪ ،‬بل‬ ‫الموضوع‬
‫أكثر من مفهوم‬ ‫مخبر عنه ينتظر‬
‫عطف الواحد على‬ ‫خبره‬
‫اْلخر بالواو‬

‫‪ /1 .1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع مفهوم واحد‬

‫‪" ―.82‬األشكلة" تتمّ بالعثور على خرب ميثّل فكرة‪ ،‬أي بؤرة توتّر‪.‬‬
‫نقصد بالمفهوم الواحد معنى محدّدا‪ :‬أن تحوي صيغة الموضوع أمرا هو بمثابة‬
‫مخبر عنه ينتظر خبرا‪ .‬ولع ّل تقديم أمثلة يسعفنا أكثر في تبيان ما نريد‪:‬‬
‫شفعة‪.‬‬‫– الموضوع‪ :‬ال ّ‬
‫– الموضوع‪ :‬الدّولة االتّحاديّة‪.‬‬
‫– الموضوع‪ :‬الغلط‪.‬‬
‫– الموضوع‪ :‬شروط الغلط‪.‬‬
‫– الموضوع‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫–إلخ‪.‬‬
‫و"أشكلة" (‪ )problématisation‬هذه المواضيع تكون بالبحث عن خبر‬
‫شفعة هي ‪...‬؛ الدّولة االتّحاديّة هي ‪...‬؛ الغلط هو ‪ ...‬؛ وهكذا) يمثّل فكرة‬ ‫(ال ّ‬
‫تحكم المخبر عنه أو أجزا ًء منه‪.‬‬
‫مجرد‬
‫ّ‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬ينبغي أن نبحث عن خبر ال يكون‪ ،‬بعد التّفصيل فيه‪،‬‬
‫مكونات وعناصر المخبر عنه‪.315‬‬ ‫وصف وكشف حساب عن ّ ِّ‬
‫ً‪316‬‬
‫لنوضّح ما جاء للت ّ ّو بواسطة مثالين‪ ،‬وليكن ّأولهما مثاال خياليّا ‪.‬‬
‫أن الموضوع هو‪" :‬طائرة الكونكورد" (‪.)Le Concorde‬‬ ‫لنفرض ّ‬
‫ولنفرض أنّه وقع القيام به على األنحاء األربعة التّالية‪:‬‬
‫النّحو ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫الطائرة (‪)Construction de l’avion‬‬ ‫الفقرة ‪ .1‬بناء ّ‬
‫الطائرة (‪)Exploitation de l’avion‬‬ ‫الفقرة ‪ .2‬استغالل ّ‬

‫صورة المطلوب من‬


‫ي‪ .‬في هذه ال ّ‬
‫ي) يمكن أن يطرح في شكل إقرار ّ‬ ‫انظر موقفا مخالفا‪(" :‬الموضوع النّظر ّ‬
‫‪315‬‬

‫ي ‪Mounir Snoussi, préc., p. 2. ."...‬‬ ‫المتر ّ‬


‫شح تحليل فكرة‪ ،‬مفهوم‪ ،‬مؤسّسة‪ ،‬مبدأ قانون ّ‬
‫‪ 316‬أخذ المثال من‪Jérôme Bonnard, préc., p. 63:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪174‬‬

‫النّحو الثّاني‪:‬‬
‫الفقرة ‪ .1‬األبعاد التكنولوجيّة (‪)Aspects technologiques‬‬
‫الفقرة ‪ .2‬األبعاد االقتصاديّة (‪)Aspects économiques‬‬
‫النّحو الثّالث‪:‬‬
‫الطائرة (‪)Naissance de l’avion‬‬ ‫الفقرة ‪ .1‬والدة ّ‬
‫الطائرة خارج الخدمة (‪)Mise hors service de l’avion‬‬ ‫الفقرة ‪ .2‬وضع ّ‬
‫النّحو ّ‬
‫الرابع‪:‬‬
‫ي ( ‪Le Concorde est une réussite‬‬ ‫الفقرة ‪ .1‬الكنكورد‪ :‬نجاح تكنولوج ّ‬
‫‪)technologique‬‬
‫ي ( ‪Le Concorde est un échec‬‬ ‫الفقرة ‪ .2‬الكنكورد‪ :‬فشل تجار ّ‬
‫‪)commercial‬‬
‫أن التّخطيط هو جواب اإلشكاليّة‪ .‬إذن من‬ ‫من المعلوم – وهذا سنعود له الحقا ً – ّ‬
‫أن عناوين الفقرات‬ ‫التّخطيطات األربعة نستطيع أن نعرف (بعد أن نفترض ّ‬
‫تترجم محتوياتها) ما الذي مثّل إشكاليّة عند أصحابها‪.‬‬
‫ومكونات مادّة‪ ،‬هي مادّة طائرة‬
‫ّ ِّ‬ ‫األول والثّاني والثّالث نجد عناصر‬ ‫في التّخطيط ّ‬
‫الكونكورد (بناؤها‪ ،‬استغاللها‪ ،‬التّكنولوجيا التي استعملت فيها‪ ،‬مردودها‬
‫أن الخبر هو نفس‬ ‫ي‪ ،‬والدتها‪ ،‬إحالتها على التّقاعد)‪ .‬هذا يد ّل على ّ‬ ‫االقتصاد ّ‬
‫تكونه‪.‬‬
‫المخبر عنه‪ ،‬وتحديدا العناصر التي ّ ِّ‬
‫المكونة لمادّة‬
‫ّ ِّ‬ ‫الرابع‪ .‬فهنا نجد – زيادة على العناصر‬ ‫األمر مختلف مع التّخطيط ّ‬
‫طائرة الكونكورد‪ :‬بناؤها‪ ،‬استغاللها‪ ،‬التّكنولوجيا التي استعملت فيها‪ ،‬مردودها‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪ – .‬فكرة تحكم هذه العناصر أو على األق ّل بعضها‪ .‬تتمثّل هذه‬ ‫االقتصاد ّ‬
‫أن الخبر مختلف عن‬ ‫الفكرة في النّجاح (أو في نقيضه‪ :‬الفشل)‪.‬هذا يد ّل على ّ‬
‫المخبر عنه‪ ،‬أي يد ّل على أنّنا أمام إشكاليّة‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬لدينا فكرة (فكرة النّجاح‪ :‬وجوده‪ /‬انعدامه)‪ .‬هذه الفكرة دخلنا بها‬
‫إلى مادّة‪ ،‬أي أنّها و ّجهت تناولنا لعناصر المادّة (من هنا جاء تسميتها بالفكرة‬
‫ينجر عن هذا أنّنا أمام مقالة‪ّ ،‬‬
‫ألن المقالة كما تقدّم‬ ‫ّ‬ ‫المو ِّ ّجهة ‪.)idée directrice‬‬
‫هي إثبات شيء‪.‬‬
‫‪175‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الرابع‬
‫الت ّخطيط ّ‬ ‫الت ّخطيطات الثّالثة األولى‬

‫عناصر ما ّد ٍة هي‬ ‫عنصر ‪ 1‬من ما ّد ٍة هي‬


‫"الكونكورد"‬ ‫"الكونكورد"‬

‫فكرة تحكم هذه‬ ‫عنصر ‪ 2‬من ما ّد ٍة هي‬


‫العناصر‬ ‫"الكونكورد"‬

‫عنصر ‪...‬‬

‫لنعط اآلن مثاال حقيقيّا ً‪:‬‬


‫أن الموضوع هو‪" :‬شروط الغلط"‪،‬‬ ‫لو ّ‬
‫شروط هي "حاسم" و"مغتفر"‪،‬‬ ‫أن الجميع متّفق على ّ‬
‫أن هذه ال ّ‬ ‫ولو ّ‬
‫صورة‪ ،‬لو تساءلنا "ما هي شروط الغلط؟"‪ ،‬ومن ث ّم لو كان تخطيط‬ ‫في هذه ال ّ‬
‫الجوهر‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شرط حاسم‬
‫الفقرة الثّانية‪ :‬شرط مغتفر‬
‫‪...‬عندها نكون أمام ما يلي‪ :‬الموضوع‪ ،‬أي المخبر عنه‪ ،‬هو شروط الغلط؛‬
‫والخبر هو شرط حاسم وشرط مغتفر‪ ،‬أي هو المخبر عنه‪ ،‬وتحديدا العناصر‬
‫تكونه‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬ليس ث ّم فكرة دخلنا بها إلى هذه العناصر وأثبتنا‬ ‫التي ّ ِّ‬
‫وجودها فيها‪.‬‬
‫ألن المقالة كما رأينا أن نثبت وأن نبرهن على‬ ‫ك ّل هذا يعني أنّنا لم نقم بمقالة‪ّ ،‬‬
‫شيء‪.‬‬
‫شروط هي حقّا ً‬ ‫أن ال ّ‬
‫يخص نفس الموضوع – تساءلنا‪ :‬هل ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن لو أنّنا – فيما‬
‫شرط حاسم وشرط مغتفر؟ أليست ال ّ‬
‫شروط أكثر أو أق ّل من ذلك؟ أو لو تساءلنا‪:‬‬
‫شروط في حقيقتها ليست شروطا؟ ‪ ...‬في هذه الحاالت وفي‬ ‫أليست تلك ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪176‬‬

‫شرطين بفكرة‪ ،‬أي سنثبت ونبرهن على أمر‪ .‬بعبارة‬ ‫شبيهاتها‪ ،‬سندخل إلى ال ّ‬
‫واحدة‪ :‬ستكون لدينا إشكاليّة‪ ،‬وسنقوم من ث ّم بمقالة‪.‬‬
‫أن هنالك شرطين وأنّهما حاسم ومغتفر‪ .‬حتّى‬ ‫وقد ينتهي بنا المطاف إلى إثبات ّ‬
‫شرطين‪ ،‬بل أثبتنا‬ ‫في هذه الحالة نكون قد قمنا بمقالة‪ ،‬ألنّنا لم نكتف بعرض ال ّ‬
‫شرطين هما حقّا ً شرطان‪.‬‬ ‫مثال أن ال ّ‬
‫لنقل جميع ما سبق بتعابير مغايرة‪:‬‬
‫الموضوع مخبر عنه (طائرة الكونكورد)‪ .‬وما ينبغي هو أن نجد خبرا‬
‫(النّجاح)‪ .‬بهذا نكون أمام إسناد شيء (النّجاح) لشيء (طائرة الكونكورد)‪ .‬هذا‬
‫أن‬‫اإلسناد ينبغي أن ال يكون بديهيّا‪ ،‬أي ينبغي أن يكون إسنادا ً قَ ِّلقاً‪ .‬هذا يعني ّ‬
‫أن سؤال اإلسناد (هل‬ ‫الخبر يمثّل بؤرة توتّر (‪ ،)foyer de tension‬أي ّ‬
‫طائرة الكونكورد تمثّل نجاحا؟) مح ِّيّر ومربك ( ‪question‬‬
‫‪ ،)embarrassante‬وجوابه ليس بديهيّا‪.‬‬
‫في الحالة المعاكسة‪ ،‬أي حين يكون الخبر ليس بؤرة توتّر‪ ،‬ويكون اإلسناد ليس‬
‫مربكا‪ ،‬وجوابه بديهيّاً‪ ،‬في هذه الحالة لن يكون ث ّم إثبات لشيء ولن تكون ث ّم‬
‫مكونة لمادّة‪ .‬نعم هذا‬ ‫مقالة‪ .‬ك ّل ما سيكون‪ :‬سرد وكشف حساب عن عناصر ّ ِّ‬
‫الكشف قد يكون دقيقا‪ ،‬نعم قد يكون عميقا‪ ،‬لكن ك ّل هذا ال يجعله مقالة‪.‬‬
‫أن هذه‬ ‫فإذا كان الموضوع "شروط الغلط"‪ ،‬وإذا كان الجميع متّفقا على ّ‬
‫أن شروط‬ ‫شروط هي "حاسم" و"مغتفر"‪ ،‬فال يمكن أن تكون اإلشكاليّة "هل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سبب أن ال توتّر على هذا المستوى‪ .‬وألنّه ال‬ ‫الغلط هي حاسم ومغتفر؟"‪ .‬وال ّ‬
‫توتّر‪ ،‬سيكون جواب اإلشكاليّة الموهومة وصفا ً للمتّفق عليه ال غير‪ ،‬وكشف‬
‫شروط هي "حاسم‬ ‫حساب عنه ليس إالّ‪ .‬فعلى هذا المستوى – مستوى كون ال ّ‬
‫ومغتفر" – ث ّم سكون وهدوء‪ .‬فإذا وجد من يستطيع أن يرى ما لم ير (مثال‪:‬‬
‫شروط هي غير تلك المتّفق‬ ‫شروط هي أكثر‪ ،‬أو أق ّل‪ ،‬أو ال شروط‪ ،‬أو ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سكون ‪ ،‬عندها توجد‬
‫‪317‬‬
‫عليها)‪ ،‬إذا وجد من يستطيع كشف توت ّر في ذلك ال ّ‬
‫اإلشكاليّة‪.‬‬

‫‪ 317‬بعبارة "پيار بورديو" (‪ ،)Pierre Bourdieu‬إذا وجد‪" :‬مكدّر األفراح"(‪.)le trouble-fête‬‬


‫‪Pierre Bourdieu, Questions de sociologie (art. : Haute couture et haute culture),‬‬
‫‪cérés, Tunis , 1993, p. 197.‬‬
‫ي‪(" :‬قول) ال ّ‬
‫شيء‬ ‫ي عن الخطاب العاد ّ‬
‫أن هذا هو ما يميّز الخطاب العلم ّ‬ ‫ي يرى ّ‬ ‫بل ّ‬
‫إن عالم االجتماع الفرنس ّ‬
‫األق ّل توقّعا‪ ،‬األكثر مرجوحيّة‪ ،‬األكثر عدم لياقة في المكان الذي قيل فيه‪ ،‬هو رفض تبشير مهتدين كما يفعل‬
‫ي"‪(Pierre Bourdieu, préc., p. 9). .‬‬ ‫ذلك الخطاب العاد ّ‬
‫ي"‪(Pierre Bourdieu, préc., p. 22)..‬‬ ‫"نعرف كلمة «باشالر» (‪ :)Bachelard‬ال علم إالّ بما هو خف ّ‬
‫‪177‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫لكن أين نجد الفكرة وبؤرة التّوتّر واإلشكاليّة؟‬


‫الجواب‪ :‬ال يخلو األمر من فرضين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يض ِّ ّمن صاحب الدّرس (أو أصحاب الكتب وغير ذلك من‬ ‫الفرض ّ‬
‫األفكار التي تحكمها والتي تمثّل بؤرة توتّر‬
‫َ‬ ‫المنشورات) عرضه للمادّة القانونيّة‬
‫يتعرض في عنوان أحكام البطالن إلى صوره وآثاره وغير‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ .‬مثال ذلك أن‬
‫أن هذه األحكام‬ ‫ذلك م ّما يعدّ عرضا لمادّة قانونيّة‪ .‬داخل هذا العرض يشير إلى ّ‬
‫تحمي استقرار المعامالت‪ .‬فاستقرار المعامالت (نجاح األحكام في تحقيقه أو‬
‫ي‬‫فشلها في ذلك – موازنتها بينه وبين مقتضيات مضادّة له‪ ،‬إلخ‪ ).‬هو اإلشكال ّ‬
‫في موضوع يتعلّق بالبطالن‪.‬‬
‫األفكار‬
‫َ‬ ‫الفرض الثّاني‪ :‬أن ال يض ّمن صاحب الدّرس عرضه للمادّة القانونيّة‬
‫التي تحكمها والتي تمثّل بؤرة توتّر فيها (على األق ّل أن ال يفعل على مستوى‬
‫ي)‪ .‬هنا أيضا ال ينبغي للمبتدئ (ولغير‬ ‫المادّة التي أعطى فيها الموضوع النّظر ّ‬
‫المبتدئ) أن يخاف‪ .‬ففي درس النّظريّة العا ّمة للقانون (أو مقدّمة القانون) يوجد‬
‫ي‬ ‫تعريف القانون – ك ّل قانون – من حيثيّة غاياته‪ .318‬فإذا استحضرنا ّ‬
‫أن مادّة أ ّ‬

‫صوفيّة المعروفة باسمه‪ :‬التّيجانيّة) بأن نجعلها‬ ‫ويمكن أن نستغ ّل مقولة لل ّشيخ أحمد التّيجاني (صاحب ّ‬
‫الطريقة ال ّ‬
‫شيخ‪ :‬العالِّم هو الذي يشكِّل الواضح (حيث ث ّم وضوح‪ ،‬ث ّم سكون)‪ ،‬ويوضّح المشكِّل‬ ‫ته ّم ما نحن بصدده‪ .‬يقول ال ّ‬
‫(إذن‪ ،‬يوصلنا العالِّم إلى سكون غير ذاك الذي جعلنا نفارقه‪ :‬يوصلنا إلى سكون العلم‪ .‬انظر الفقرة عدد ‪.)91‬‬
‫‪ 318‬انظر حول تعريف القانون من خالل غاياته‪Jean-Louis Bergel, Théorie générale du droit, :‬‬
‫‪Dalloz, Paris, 2e éd., 1989, p. 276 et s.‬‬
‫الز ّروقي‪ ،‬مقدّمة للقانون‪ ،‬كلّيّة العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة تونس‪2009 ،‬‬ ‫وإن لنا درسا (عبد المجيد ّ‬
‫ّ‬
‫عرفنا القانون من حيثيّات عدّة منها غاياته‪ .‬ولقد بدا لنا من المفيد إيراد‬‫– ‪ )2010‬لم ننشره بعد‪ .‬في هذا الدّرس ّ‬
‫ما جاء فيه‪ .‬لكن سنحذف هنا الهوامش‪ ،‬ومن ث ّم المؤلّفات التي نقلنا عنها األفكار وأحيانا بصفة حرفيّة‪ ،‬وذلك‬
‫لإلنقاص من طول المقتطف‪ .‬وث ّم مالحظة أخرى‪ :‬نحن نأخذ‪ ،‬كما قيل‪ ،‬من درس لم ينشر بعد‪ .‬هذا يعني أنّه قد‬
‫يصدر وقد ال يصدر‪ .‬وإن صدر‪ ،‬هذا يعني أنّه قد يصدر وفيه المحتوى الذي سنذكره وقد يصدر وهذا المحتوى‬
‫قد تغيّر‪ .‬رغم هذه األمور‪ ،‬رأينا كما تقدّم إيراد ما يلي‪:‬‬
‫"ما العلّة الغائيّة للقانون؟ ما الذي يبعث عليه ّأوالً وما الذي يطلب أن يوجد آخراً؟ الجواب‪ :‬خلف ك ّل قانون ث ّم‬
‫أمر وربّما أكثر دعا إلى وضعه‪ ،‬وهذا األمر هو ما يطلب أن يتح ّقق من خالل إعمال القانون‪ .‬على هذا تتعدّد‬
‫الغايات بتعدّد القوانين‪ .‬فإذا تعدّدت الغايات‪ ،‬لم يمكن دراستها في إطار عمل يع ّم ك ّل القوانين كالذي نحن‬
‫أن هنالك بعض‬ ‫صحيح أيضا ً ّ‬ ‫بصدده‪ ،‬بل فقط بمناسبة دراسة ك ّل قانون على حدة‪ .‬ك ّل ما سبق صحيح‪ّ ،‬‬
‫لكن ال ّ‬
‫الغايات تقف خلف أغلب القوانين‪ .‬لذا ال يمكن عدم البحث فيها وذلك على األق ّل لسببين‪:‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫أن معرفة الغاية من القانون تحكم عمليّة إعطائه المعنى‪ ،‬أي عمليّة تأويله‪ .‬والتّأويل أمر حيو ّ‬ ‫األول ّ‬
‫السّبب ّ‬
‫صل عن طريق التّأويل‪.‬‬ ‫فما ينطبق ليس القانون بل معناه‪ ،‬والمعنى يح ّ‬
‫السّبب الثّاني مرتبط أكثر من السّابق بالدّراسة الجامعيّة‪ .‬في هذه الدّراسة نقوم بعمل يس ّمى المقالة‪ .‬والمقالة‬
‫حاصلها أن نجد فكرة في مادّة قانونيّة‪ .‬فإذا عرفنا الغاية أو الغايات من وراء المادّة القانونيّة التي نكتب في‬
‫إطارها المقالة‪ ،‬استطعنا بنفس المناسبة معرفة الفكرة أو األفكار التي تحكم تلك المادّة‪ ،‬أي استطعنا القيام‬
‫بالمقالة‪.‬‬
‫هذان السّببان لوحدهما كافيان لجعلنا نحاول استخراج أه ّم الغايات التي تقف خلف وضع أغلب القوانين‪.‬‬
‫شريعة‪.‬‬‫ي حين استخرج ما يس ّمى بمقاصد ال ّ‬ ‫هذا العمل أتِّي به بعد في إطار القانون اإلسالم ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪178‬‬

‫أ ّما في إطار القوانين الوضعيّة المعاصرة‪ ،‬فالفقهاء مختلفون في تحديد الغايات التي تقف خلفه‪ .‬فث ّم من يقول‬
‫قوة األ ّمة وتقدّم اإلنسانيّة‬
‫إن الغايات هي ّ‬‫إنّها تتمثّل في العدل وحسن سلوك األفراد ونفعهم وأمنهم‪ .‬وث ّم من يقول ّ‬
‫ي‪ .‬وث ّم من يضيف إلى الغايات التّقليديّة – التي هي العدل وال ّنظام واألمن‬ ‫والسّير المنتظم للجهاز االجتماع ّ‬
‫أن غايات القانون الكبرى أربع‪ :‬العدالة‪ ،‬حسن‬ ‫والحريّة‪ .‬وهنالك من يجد ّ‬‫ّ‬ ‫والتّقدّم – غايات سياسيّة كالمساواة‬
‫السّلوك‪ ،‬خدمة األفراد‪ ،‬وخدمة المجتمع‪.‬‬
‫أن مختلف األنظمة القانونيّة تدور بين غايتين‪ :‬تحقيق ما‬ ‫إلى جانب هذه األقوال‪ ،‬يمكن اإلتيان بقول آخر مفاده ّ‬
‫هو عادل (‪ ،)le juste‬أو تحقيق ما هو نافع (‪ .)l’utile‬هاتان الغايتان تمثّالن العنوان الجامع الذي تندرج فيه‬
‫جميع غايات القانون‪.‬‬
‫الطرف الضّعيف في العقد‪ ،‬أو تكون حماية االستقرار‪ ،‬أو‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬قد تكون غاية قانون معيّن حماية ّ‬
‫تكون تكريس موروث المجتمع والمحافظة عليه‪ .‬هذه الغايات وغيرها م ّما يشاكلها ال بدّ من أنّها تدخل إ ّما ضمن‬
‫عنوان «العادل» أو ضمن عنوان «النّافع»‪.‬‬
‫يعرف القانون بحسب غاياته أن يفعل ذلك من خالل هذا العنوان الجامع‪.‬‬ ‫لذا ينبغي لمن ّ‬
‫صة‪ ،‬أي ما ينبغي هو تناول بعض الغايات‬ ‫لكن ما ينبغي أيضا ً هو إفراد عنوان لبعض الغايات التي لها أه ّميّة خا ّ‬
‫خاص بها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومرة تحت عنوان‬‫مرة تحت العنوان الجامع‪ّ ،‬‬ ‫مرتين‪ّ :‬‬
‫الها ّمة ّ‬

‫حسب النّفعيّين‪ ،‬ينبغي تقديم قيمة المبادرة (‪ )l’esprit d’entreprise‬وقيمة المنافسة وقيمة النّ ّ‬
‫مو‬
‫(‪.)croissance‬‬
‫ونجد قواعد قانونيّة في مجاالت اقتصاديّة وغير اقتصاديّة ال يمكن تبريرها إالّ بواسطة فكرة النّفع (‪.)utilité‬‬
‫شروط التّعسّفيّة‪ ،‬إذا كان من شأنها تعطيل ّ‬
‫حريّة السّوق‪.‬‬ ‫مثال ذلك القاعدة التي تمنع ال ّ‬
‫مع النّفع‪ ،‬توجد فكرة العدل (‪ .)justice‬وفعال قد تهدف القاعدة القانونيّة إلى إرساء ما هو عادل‪ .‬والعادل يرتبط‬
‫بعدّة أمور منها المساواة ومنها إيجاد توازن في عالقة قانونيّة ما‪ .‬مثال ذلك قانون يسعى لتوازن حقوق‬
‫وواجبات طرفي عقد ما (بند عدم المنافسة في عقد شغل‪ ،‬حين يشترط القانون أن يكون محدود الفاعليّة في‬
‫ي‬
‫شرع ّ‬ ‫الزمان والمكان‪ ،‬وذلك إلرساء توازن بين مصلحة المشغّل ومصلحة العامل)‪ .‬مثال ذلك أيضا الدّفاع ال ّ‬ ‫ّ‬
‫صة والعا ّمة حيث نجد‬ ‫الذي تحكمه فكرة التّوازن بين االعتداء وردّة الفعل عليه‪ ،‬أو مثال االنتزاع للمصلحة الخا ّ‬
‫غاية إيجاد توازن بين من ينتزع ومن ينتزع منه‪ .‬في جميع هذه األمثلة وفي غيرها تقف خلف القاعدة القانونيّة‬
‫فكرة العدل‪ .‬ولقد اختلف في تقسيم العدل‪ .‬لكن ث ّم من يردّه إلى ما يأتي‪:‬‬
‫ّأوالً العدالة التّبادليّة (‪ .)justice commutative‬وحاصلها إيجاد التّوازن بين األداء واألداء المقابل‪ .‬هنا نجد‬
‫العديد من القواعد القانونيّة التي تقف وراءها هذه الغاية‪ .‬مثال ذلك القاعدة التي تمنع اشتراط عدم إشراك‬
‫شريك في شركة في األرباح أو في الخسائر‪ ،‬أو القاعدة التي تقول بعدم دفع األجرة في أيّام اإلضراب‪ ،‬أو‬ ‫ال ّ‬
‫الظروف تنفيذه مرهقا ألحد األطراف‪ ،‬أو القاعدة التي تقول بدفع‬ ‫القاعدة التي تقول بمراجعة العقد إن جعلت ّ‬
‫دين الميّت قبل تنفيذ وصيّته‪ .‬في هذه األمثلة وفي غيرها نجد فكرة ّ‬
‫أن األداء ينبغي أن يقابله أداء مثله‪.‬‬
‫ثانيا ً العدل التّوزيعي (‪ .)justice distributive‬ويهدف إلى إيجاد أفضل قسمة ممكنة لألموال وللحقوق‬
‫والواجبات بين األفراد ولو كان ذلك على حساب التّوازن بين األداء واألداء المقابل‪ .‬مثال ذلك تمتيع جميع‬
‫بغض ال ّنظر عن مبلغ الجباية الذي يدفعه ك ّل واحد منهم‪ .‬مثال ذلك أيضا ً القواعد التي‬ ‫ّ‬ ‫المواطنين بمرفق عا ّم‬
‫المتسوغين أو تحمي الع ّمال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تحمي‬
‫ثالثا ً العدل القانوني (‪ .)justice légale‬ويتمثّل في الواجب المحمول على ك ّل أفراد المجتمع في اإلسهام في‬
‫تحقيق المصلحة العا ّمة باحترام حقوق المجموعة عليهم‪.‬‬
‫إن موقف القانون من العدل يمكن أن يتّخذ ثالثة أشكال‪ :‬أن يكون القانون محايدا وال عالقة له‬ ‫ويقول أحدهم ّ‬
‫الربا‪ .‬أن يخالف العدل‬ ‫يكرس العدالة كأن يمنع ّ‬‫ي‪ .‬أن ّ‬ ‫بالعدل‪ .‬مثال ذلك القواعد الف ّنيّة مثل قواعد اإلشهار العقار ّ‬
‫ويجعل له غايات أخرى مثل النّظام واألمن والسّلم واالستقرار‪ .‬فقاعدة التّقادم المسقط لدعوى أداء الدّيون تدير‬
‫ظهرها لغاية العدل وتهدف لتحقيق االستقرار‪ ،‬أي تهدف للنّفع‪.‬‬
‫وهكذا تتراوح على القانون غايتا العدل والنّفع‪ .‬لكن هل الفكرتان متعارضتان بحيث يكون العادل «ال نافعا»‬
‫فالقوة‬
‫ّ‬ ‫والنّافع «ال عادال»؟ الجواب بالنّفي فالعادل قد يكون أيضا نافعا والنّافع قد يكون في نفس الوقت عادال‪.‬‬
‫الملزمة للعقد‪ ،‬والعقوبات المدنيّة والجزائيّة‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬ك ّل ذلك وغيره عادل ونافع معاً‪.‬‬
‫وسواء تطابق العدل مع النّفع أو تعارض الواحد منهما مع اآلخر‪ ،‬فغاية القوانين ك ّل القوانين مرتبطة بهذين‬
‫صة إلى جانب وجودها تحت العنوان العا ّم‪ ،‬أي‬ ‫المفهومين‪ .‬لكن يمكن أن نجد بعض الغايات تحت عناوين خا ّ‬
‫عنوان العدل والنّفع‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫بالرجوع إلى المؤلّفات نجدها‬


‫هذا العنوان مفتوح ويمكن أن توضع فيه ك ّل غاية ممكنة من غايات القانون‪ .‬لكن ّ‬
‫تر ّكز على مراوحة القوانين في عصرنا ّ‬
‫الراهن بين الفرديّة واالشتراكيّة‪ .‬فإذا ضيّقنا المجال أكثر واهتممنا‬
‫صة بهذه البالد‪ ،‬ولكنّها أكثر إلحاحا فيها) هي‬
‫بالقوانين العربيّة واإلسالميّة وجدنا مراوحة أخرى (هي ليست خا ّ‬
‫تلك التي تقوم بين إبقاء الموروث أو تغييره‪ ،‬أي بين ما يس ّمى باألصالة والمعاصرة‪.‬‬

‫أن للفرد حقيقة مستقلّة عن المجتمع وأ ّنه ينبغي عدّه قيمة أساسيّة على‬ ‫ي على اعتبار ّ‬ ‫يقوم المذهب الفرد ّ‬
‫فإن الفرد ال يكون وسيلة‬ ‫ي‪ .‬فما دام «الفرد سابقا على المجتمع وأساس وجوده‪ّ ،‬‬ ‫ي واالقتصاد ّ‬ ‫المستوى السّياس ّ‬
‫مبررا ً باعتباره وسيلة‬ ‫صحيح‪ ،‬بمعنى أن يكون وجود المجتمع ّ‬ ‫لتحقيق أغراض المجتمع وإنّما العكس هو ال ّ‬
‫المنظم‪ ،‬كان يتمتّع بحقوق طبيعيّة‪ .‬وهو الذي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫لتحقيق غايات الفرد‪ .‬فاإلنسان الفرد‪ ،‬قبل قيام المجتمع السّياس ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّياس‬‫س‬ ‫ال‬ ‫المجتمع‬ ‫فوجود‬ ‫ذلك‬ ‫وعلى‬ ‫وحمايتها‪.‬‬ ‫المنظم من أجل تأكيد هذه الحقوق‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫أنشأ بإرادته المجتمع السّياس ّ‬
‫يتصور للسّلطة التي‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعيّة لألفراد‪ ،‬تلك الحقوق السّابقة على وجود المجتمع‪ ،‬وال‬ ‫يبرره إالّ حماية الحقوق ّ‬ ‫ال ّ‬
‫إن‬‫ومبرر قيامها‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫لم تنشأ إالّ من أجل حماية هذه الحقوق أن ترتكب عدوانا ً عليها‪ ،‬إنّها بذلك تفقد سبب وجودها‬
‫ي يدعو إلى تقييد السّلطة‬ ‫فإن المذهب الفرد ّ‬ ‫السّلطة ضرورة والضّرورة تقدّر بقدرها ال تعدوها‪ ،‬ومن ث ّم ّ‬
‫ي‪ .‬في هذا الميدان) يجب أن يعطى‬ ‫ووضعها في أضيق نطاق ممكن [‪( ]...‬لهذا الكالم ترجمة في الميدان القانون ّ‬
‫حق الملكيّة‬ ‫حق غيره في التّملّك [‪( ]...‬و) ّ‬ ‫(حريّة تملّك) ما يستطيع أن يتملّكه ما دام ال يعتدي على ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفرد [‪]...‬‬
‫ّ‬
‫فإن سلطان اإلرادة الفرديّة [‪ ]...‬يجب أن يسود العالقات التعاقديّة بين‬ ‫حق مقدّس ال يجوز تقييده [‪ ]...‬كذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫األفراد‪ ،‬ويجب أن تظ ّل السّلطة بعيدة عن هذا الميدان ال تقترب منه إالّ من أجل إنفاذ سلطان اإلرادة [‪]...‬‬
‫وحمايته»‪.‬‬
‫الحريّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وإن تد ّخل فلحماية‬ ‫بعبارة تجمل ما سبق‪ :‬ينبغي أن ال يتد ّخل القانون في ميدان الملكيّة والعقد (إلخ‪ّ ،).‬‬
‫الحريّة‪ ،‬فينبغي أن يكون ذلك في أضيق نطاق ممكن‪ .‬هذه الغايات تترجمها عدّة‬ ‫ّ‬ ‫لكن إن استدعى األمر تقييد‬
‫إن‬ ‫قوانين في ميداني األموال والعقود‪ .‬من ذلك قانون ‪ 29‬جويلية ‪ 1991‬المتعلّق بالمنافسة واألسعار القائل ّ‬
‫حريّة‪ .‬ففي هذا القانون وغيره من القوانين الكثيرة‪ ،‬نجد تكريسا لسلطان‬ ‫أسعار الموادّ والمنتوجات تحدّد بك ّل ّ‬
‫الحريّة الفرديّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلرادة أي نجد قواعد غايتها حماية‬
‫في مقابل المذهب الفردي‪ ،‬يوجد المذهب االشتراكي‪ .‬يرى هذا المذهب أ ّن حقيقة اإلنسان تتمثّل في كونه كائنا‬
‫اجتماعيّا ال يستطيع العيش إالّ داخل مجتمع‪« .‬ولذلك يجب النّظر إلى مصلحة المجتمع ّأوال‪ .‬فإذا تحقّقت سعادة‬
‫فإن سعادة األفراد ورفاهيّتهم تتحقّق تبعا لذلك‪ .‬وهذه هي غاية القانون وفق المذهب‬ ‫المجتمع [‪ ]...‬ورفاهيّته‪ّ ،‬‬
‫صة لألفراد‪ ،‬بل يجب أن‬ ‫والحريّات الخا ّ‬
‫ّ‬ ‫ي[‪( ]...‬لذا فـ) القانون ال يجب أن يقف عند حدّ تحديد الحقوق‬ ‫االشتراك ّ‬
‫يكون للقانون دورا إيجابيّا [‪( ]...‬فـ) يتد ّخل في الحياة [‪ ]...‬السّياسيّة واالقتصاديّة لتحقيق المساواة الفعليّة بين‬
‫أفراد المجتمع‪ .‬وتختلف المذاهب االشتراكيّة في تحقيق العدالة االجتماعيّة والمساواة بين األفراد‪ .‬فمن المذاهب‬
‫ما رأى االحتفاظ بالملكيّة الفرديّة على أن توجّه من قبل الدّولة لصالح المجموع [‪( ]...‬أي) أن تكون لها وظيفة‬
‫اجتماعيّة [‪ ]...‬فالحقوق جميعها [‪ ]...‬ملك للجماعة‪ .‬وإذا منحتها لفرد أو أفراد‪ ،‬فليس معنى ذلك [‪ ]...‬االستقالل‬
‫ّ‬
‫فالحق‬ ‫صالحة‪.‬‬ ‫بحق توجيه الحقوق الوجهة االجتماعيّة ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالحق استقالال مطلقا‪ ،‬وإنّما تحتفظ الجماعة لنفسها‬ ‫ّ‬
‫يسمح به [‪ ]...‬طالما أنّه ال يتعارض مع وظيفته االجتماعيّة واالقتصاديّة»‪ .‬ولالشتراكيّة لون آخر يتمثّل في‬
‫ي يقول بهذا اللون‬ ‫شيوعيّة مكانها‪ .‬وسواء كنّا في نظام سياس ّ‬ ‫إلغاء الملكيّة الفرديّة وإحالل الملكيّة الجماعيّة أو ال ّ‬
‫أو ذاك من االشتراكيّة‪ ،‬فالقوانين ستترجم غايات ذاك النّظام‪ .‬وهكذا‪ ،‬قد نجد أنظمة قوانينها تترجم الفرديّة‬
‫ي وقوانين لها نفَس‬ ‫وأنظمة قوانينها تترجم االشتراكيّة‪ .‬بل داخل النّظام الواحد‪ ،‬قد نجد قوانين لها نفَس فرد ّ‬
‫الحريّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لحريّة الفرد وفي جانب آخر تقييدا لهذه‬ ‫ي‪ .‬بل داخل القانون الواحد قد نجد في جانب تكريسا ّ‬ ‫اشتراك ّ‬
‫أن األمور في الغالب ال تت ّم في شكل تعارض‪ :‬إ ّما وإ ّما‪ ،‬بل في شكل «توليفة»‪.‬‬ ‫هذا يعني ّ‬
‫حق غايتي األصالة والمعاصرة‪.‬‬ ‫ما جاء للت ّ ّو يص ّح في ّ‬

‫لك ّل مجتمع موروث‪ .‬وقد يأتي القانون للحفاظ على هذا الموروث أو لتغييره‪ .‬بل يمكن للقانون أن يزاوج بين‬
‫الحفاظ وبين التّغيير‪ .‬وهنا يمكن تقديم أمثلة كثيرة جدّا لقوانين كانت غايتها واحدة من الغايات التي سبقت‪ .‬ففي‬
‫أن نصوص الميراث قد‬ ‫شخصيّة‪ ،‬بل إذا أخذنا جانبا منها – أن نجد ّ‬‫تونس يمكن – إذا أخذنا فقط مجلّة األحوال ال ّ‬
‫ص يقرأ من البعض‬ ‫الزوجات فقد غيّر الموروث‪ .‬نفس ال ّن ّ‬ ‫ص الذي يمنع تعدّد ّ‬ ‫حافظت على الموروث‪ .‬أ ّما النّ ّ‬
‫على أنّه ليس تغييرا‪ ،‬بل تأويال جديدا للموروث‪ ،‬أي هو مزاوجة بين الموروث والتّغيير وليس تغييرا صرفا‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪180‬‬

‫ّ‬
‫المنظمة للفعل‪ ،‬أدركنا‬ ‫صلة مجموعة من القواعد القانونيّة‬
‫موضوع هي في المح ّ‬
‫أن مادّة الموضوع الذي نشتغل عليه تهدف إلى تحقيق غاية من‬ ‫بنفس المناسبة ّ‬
‫الغايات التي نجدها في التّعريف المذكور‪ .‬فإذا وضعنا يدنا على هذه الغاية‪،‬‬
‫نكون قد وضعنا يدنا على إشكاليّة موضوعنا (أي على الفكرة التي تحكم المادّة‬
‫القانونيّة التي نشتغل عليها؛ أو بتعبير سبق معنا‪ :‬على بؤرة التّوتّر في‬
‫الموضوع)‪.‬‬

‫يحق للقانون أن تكون له‬ ‫ّ‬ ‫والسّؤال هنا ليس على مستوى مالحظة أن للقانون هذه الغاية أو تلك‪ ،‬بل السّؤال هل‬
‫هذه الغاية أو تلك؟ بعبارة أخرى‪ :‬هل من المشروع للقانون أن يكون وسيلة من وسائل تغيير نمط عيش األفراد‬
‫وقيمهم؟‬
‫ي الذي يقبل للقانون مثل هذا‬ ‫ي الذي يرفض للقانون هذا الدّور‪ ،‬والمذهب اإلراد ّ‬ ‫هنا ث ّم مذهبان‪ :‬المذهب الحتم ّ‬
‫الدّور‪.‬‬
‫لكن يبدو أن ث ّم معطى ينبغي إدخاله في االعتبار وهو مدى تعبير القانون عن إرادة المجتمع‪ :‬هل المجتمع (أو‬
‫على األق ّل أغلبه) يريد في لحظة ما أن يغيّر أو هو ال يريد أن يغيّر؟‬
‫فإذا وافق القانون ما يريده المجتمع‪ ،‬كان ما يأتي به مشروعا ً سواء تمثّل في محافظة على الموروث أو في‬
‫تغييره أو في مزاوجة بين االثنين‪.‬‬
‫أ ّما إذا لم يوافق القانون ما يريده المجتمع‪ ،‬فالقانون غير مشروع‪.‬‬
‫فالحفاظ كحفاظ والتّغيير كتغيير والمزاوجة كمزاوجة ال تتأتّى منها المشروعيّة‪ ،‬بل إرادة المجتمع في لحظة ما‬
‫إن هذه اإلرادة للمجتمع تتغيّر‪ ،‬وإذا تغيّرت‪ ،‬ستصبح مصدر مشروعيّة شيء آخر‬ ‫هي مصدر المشروعيّة‪ .‬ث ّم ّ‬
‫غير الذي كان‪.‬‬
‫إن خيار الحفاظ أو خيار التّغيير أو خيار‬ ‫فإذا طرحنا ما سبق داخل المجتمعات اإلسالميّة‪ ،‬أمكن القول عموما ّ‬
‫المزاوجة لم يت ّم باستشارة حقيقيّة للمجتمع ولم يكن فيه أخذ برأيه وفق طرق يمكن التّثبّت منها‪.‬‬
‫مرت به أغلب البالد اإلسالميّة – حاول المستعمر تغيير المجتمع بما يخدم‬ ‫ي– وقد ّ‬ ‫ففي فترة االستعمار الغرب ّ‬
‫ي مثال وتتبعنا‬‫ّ‬ ‫رنس‬ ‫الف‬ ‫االستعمار‬ ‫أخذنا‬ ‫فإذا‬ ‫الغرض‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫استعملها‬ ‫التي‬ ‫األدوات‬ ‫مصالحه‪ .‬وكان القانون من‬
‫الوثائق التّاريخيّة‪ ،‬وجدنا أ ّنه سعى إلى أن يوجد قانونا يأخذ مكان القانون اإلسالمي‪ .‬هذا السّعي – ولكي ال‬
‫ت به دفعة واحدة‪ ،‬بل حاول أن يأتي به بالتّدريج‪.‬‬ ‫يفشل – لم يَأ ِّ‬
‫بعد االستعمار قامت أنظمة فحافظ بعضها وغيّر بعضها وزاوج بعضها‪ .‬لكن لم تكن هذه األنظمة أنظمة‬
‫ديموقراطيّة حقيقيّة لكي يعدّ ما أتت به مشروعاً‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإذا تركنا األنظمة‪ ،‬وجدنا البعض يقول‪« :‬فالمجتمع التونسي ينبغي أن يكون فيه القانون الوضعي سائدا ودون‬
‫للمشرع الذي له السّيادة المطلقة‬
‫ّ‬ ‫فإن األمر موكول‬ ‫سواه‪ .‬وإذا كان هناك مجال لالستلهام من التّقاليد اإلسالميّة ّ‬
‫في اتّخاذ القرار وتوفير أسلوبه وتحديد مداه‪ .‬إ ّنه يمثّل السّلطة المناسبة للتّوفيق بين المتناقضات أي بين احترام‬
‫طور ومستلزمات التّقدّم»‪ .‬هذا الكالم سليم‬ ‫شعب وتراثه التّاريخي وقناعاته الدّينيّة وبين متطلّبات التّ ّ‬ ‫هويّة ال ّ‬
‫شرع منتخبا بطريقة ديموقراطيّة حقيقيّة من طرف أفراد المجتمع‪ .‬أ ّما إذا لم يكن األمر‬ ‫بشرط أن يكون الم ّ‬
‫كذلك‪ ،‬فمثل هذا الكالم يسمح لنخبة محافظة أو علمانيّة تكون في السّلطة من أن تبقي الموروث أو تستبدله تبعا‬
‫لقناعاتها ال تبعا لقناعات أفراد المجتمع‪ .‬بعبارة واحدة‪ :‬يسمح ذاك الكالم بتبرير الديكتاتوريّة‪.‬‬
‫أن للقانون غايات‪ .‬بعض هذه الغايات متناقض‪ .‬والقوانين إ ّما أن تسعى لتحقيق أحد أطراف‬ ‫من ك ّل ما تقدّم نتبيّن ّ‬
‫التّناقض أو للمزاوجة بينها في توازن تختلف مفرداته بحسب الحاالت‪ .‬زيادة على الغايات المتناقضة‪ ،‬نجد‬
‫غايات متداخلة‪ .‬فالعادل يمكن أن يكون اشتراكيّا ً أو مستمدّا من الموروث‪ .‬فالغايات إذن ليست مستقلّة عن‬
‫بعضها حتّى ال يمكن رؤية هذه الغاية تحت اسم آخر‪ .‬وعلى ك ّل فمعرفة القانون – زيادة على أمور أخرى‬
‫ذكرناها لها عالقة بالتّأويل وبالمقالة – رهين معرفة غاياته‪ .‬ومبحث الغايات مرتبط وثيق االرتباط بفلسفة‬
‫القانون كما تناولناها سابقا‪ ،‬م ّما يعني تداخل تعريف القانون من خالل أوصافه بتعريف القانون من خالل‬
‫غاياته"‪.‬‬
‫‪181‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وينبغي أن يكون التّوتّر المكتشف حقيقيّا‪ ،‬وليس وهما يتهيّأ فقط لصاحب المقالة‬
‫(أو المذ ّكرة‪ ،‬أو األطروحة) دون أن تكون هنالك حجج جدّيّة عليه‪ .‬فكما ال‬
‫مجرد وهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مقالة حيث ال توتّر‪ ،‬كذلك ال مقالة حيث التّوتّر‬
‫نفرق بين التّوتّر الوهمي والتّوتّر غير المتوقّع الذي لم ير من قبل‪.‬‬ ‫وينبغي أن ّ‬
‫فاألول يجعلنا نقوم بمقالة‪ ،‬أو مذ ّكرة‪ ،‬أو أطروحة‪ ،‬ليست مقالة‪ ،‬أو مذ ّكرة‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫أطروحة‪ .‬أ ّما الثاني فيجعلنا نقوم بمقالة‪ ،‬ومذ ّكرة‪ ،‬وأطروحة‪ ،‬ال فقط حقيقيّة‪ ،‬بل‬
‫وأيضا طريفة (‪.)originale‬‬
‫كما ينبغي أن نشير– دون أن يكون في ذلك تناقض مع ما سبق – إلى أنّه يمكن‬
‫أن تكون اإلشكاليّة "ما هي شروط الغلط؟"‪ ،‬ويكون جوابها النّهائي متمثّال فيما‬
‫هو متّفق عليه‪ .‬لكن ينبغي قبل ذلك أن نكون قد نجحنا في وضع هذا الجواب‬
‫ي ال َو ْه َم فيه وال اصطناع‪.‬‬ ‫موضع تردّد حقيق ّ‬
‫صيغة إلى بؤرة توتّر‪ .‬مثال ذلك‪:‬‬ ‫هذا عن المواضيع المحايدة‪ ،‬لكن أحيانا تنبّه ال ّ‬
‫صور‪ ،‬ينبغي أن‬ ‫تطور مبدأ سلطان اإلرادة‪ .‬في هذه ال ّ‬ ‫الزواج؛ ّ‬ ‫الحريّة في أحكام ّ‬ ‫ّ‬
‫الحريّة؛ الت ّ ّ‬
‫طور)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال تخرج "األشكلة" عن اإلطار الذي رسم لنا (في المثالين‪:‬‬
‫وكأن صياغتها ليست ما‬ ‫ّ‬ ‫بعبارة مختلفة‪ :‬ينبغي أن ننظر إلى هذه المواضيع‬
‫طور ومبدأ سلطان اإلرادة‪ .‬بهذه‬ ‫الزواج؛ الت ّ ّ‬‫سبق‪ ،‬بل هي‪ :‬الحريّة وأحكام ّ‬
‫أن االشتغال على هذه المواضيع هو كاالشتغال على مواضيع‬ ‫النّظرة ندرك ّ‬
‫العالقة التي ستأتي معنا ‪.‬‬
‫‪319‬‬

‫والمشكل الذي تثيره بعض المواضيع النّظريّة هو تحديد المائز بينها وبين‬
‫ي أو أكثر‪ .‬فما الفارق مثال بين أن يكون‬ ‫نص قانون ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪ :‬دراسة‬ ‫تمرين تطبيق ّ‬
‫الموضوع‪ :‬الغلط؛ أو أن يكون‪ :‬علّق على الفصول ‪ 44‬إلى ‪ 48‬من مجلّة‬
‫االلتزامات والعقود‪.320‬‬
‫سؤال استباق أمر سيأتي هو تعريف التّمرين المتمثّل‬ ‫تقتضي اإلجابة على هذا ال ّ‬
‫ي‪ ،321‬أي التّمرين المتمثّل في التّحليل أو التّعليق‪.‬‬ ‫نص قانون ّ‬ ‫في دراسة ّ‬
‫ص وردّه إلى‬ ‫فحسب البعض‪ ،‬التّحليل يساوي التّعليق‪ ،‬وكالهما‪ :‬إ ّما تفكيك للنّ ّ‬
‫عناصره‪322‬؛ وإ ّما ما سبق ومعه تقييم العناصر (تبيان مواطن حسنها‪ ،‬ومواطن‬
‫قبحها)‪.‬‬

‫‪ 319‬انظر الفقرة عدد‪ 85‬وما بعدها‪.‬‬


‫ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ونس‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫القانون‬ ‫في‬ ‫للغلط‬ ‫ة‬‫م‬‫ّ‬ ‫العا‬ ‫األحكام‬ ‫‪ 320‬هذه الفصول هي التي وضعت‬
‫‪ 321‬انظر الفقرة عدد ‪ 174‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 322‬وسام حسين غياض‪ ،‬المنهجيّة في علم القانون‪ ،‬دار المواسم ّ‬
‫للطباعة والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪182‬‬

‫وحسب البعض اآلخر‪ ،‬التّحليل ليس مرادفا للتّعليق‪ :‬فالتّحليل يطلق على‬
‫التّفكيك؛ أ ّما التّعليق فيطلق على أمر مغاير هو التّفكيك ومعه التّقييم‪.323‬‬
‫وفي ك ّل األحوال‪ ،‬المطلوب عرض عناصر وربّما تقييمها أيضا‪ .‬لكن األمر‬
‫مختلف في الموضوع النّظري‪ .‬فكما رأينا ال بدّ في المقالة من إشكاليّة‪ .‬وعليه ال‬
‫يمكن في موضوع "الغلط" أن نكتفي بعرض مختلف عناصر الغلط وبوصفها‪،‬‬
‫بل ينبغي أن نبحث عن بؤرة توتّر ضمن تلك العناصر وأن نجعلها المو ِّ ّجه العا ّم‬
‫لتناول العناصر‪ .‬وكما قيل‪ :‬المقالة إثبات فكرة بواسطة حجج‪ .‬وهنا سيت ّم اإلثبات‬
‫فإن من ينتهي من قراءة المقالة سيجد أن ث ّم‬ ‫في إطار عناصر الغلط‪ .‬وهكذا ّ‬
‫عرض إليه من عناصر الغلط‪.‬‬ ‫عرض لجميع ما وقع الت ّ ّ‬ ‫فكرة عا ّمة و ّجهت الت ّ ّ‬
‫ولتفصيل ما جاء للت ّ ّو‪ ،‬سننقل بطريقة تكاد أن تكون حرفيّة ما جاء عند‬
‫أحدهم‪:324‬‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن موضوع المقالة‪ :‬الغلط في القانون‬ ‫– لنفرض ّ‬
‫الراء) (‪ ،)sujet transversal‬بمعنى‬ ‫َعرض" (بكسر ّ‬ ‫– فهذا الموضوع "مست ِّ‬
‫ي‪ .‬بل هو موضوع يمكن‬ ‫الخاص بما في ذلك القانون الجزائ ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّه ممتدّ في القانون‬
‫مدّه إلى القانون العا ّم‪.325‬‬
‫ي الذي يثيره الموضوع هل الغلط منتج آلثار قانونيّة؟‬ ‫– نقطة‪ :1‬المشكل األساس ّ‬
‫طى عن غلط في إطار عقد‪ ،‬هل‬ ‫الرضا المع َ‬ ‫أي هل ينتج حقوقا والتزامات؟ هل ّ‬
‫أن قرار وزير (إلخ‪ ،).‬ات ُّ ِّخذ عن غلط‪ ،‬يمكن‬ ‫الرضا يلزم صاحبه؟ ‪ ...‬أو هل ّ‬ ‫هذا ّ‬
‫إبطاله؟‬
‫أن جواب القانون‪ :‬اآلثار القانونيّة األساسيّة للغلط مرتبطة‬ ‫– نقطة‪ :2‬يبدو ّ‬
‫بامتداد الغلط‪.‬‬
‫تنجر عنه آثار؛ بمعنى أنّه ال ينتج‬ ‫ّ‬ ‫فمن جهة أولى‪ ،‬حين يكون الغلط فرديّا ال‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫حقوقا وال التزامات؛ فالعقد المبرم عن غلط يبطل‪ ،‬وكذلك العمل اإلدار ّ‬
‫لكن من جهة ثانية‪ ،‬وحين يكون الغلط جماعيّا‪ ،‬فإنّه يوضع في نفس المقام الذي‬
‫توضع فيه الحقيقة فينتج مثلها اآلثار القانونيّة‪Error communis facit jus :‬‬

‫‪ ،2007‬ص ‪.244‬‬
‫‪Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc., p. 1. 323‬‬
‫وانظر الفقرة عدد ‪.132‬‬
‫‪Raymond Gassin, préc, p. 1171 et 1172. 324‬‬
‫‪ 325‬عندها ينبغي أن ال تكون صيغة الموضوع‪ :‬الغلط في القانون‪ .‬بل ينبغي – لكي ال يحصل سوء تفاهم بأن‬
‫يذهب إلى كون الموضوع يتعلّق بما أوردته مجلّة االلتزامات والعقود مثال تحت الفصل ‪ – 44‬أن تكون‬
‫الخاص والعا ّم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صيغة‪ :‬الغلط في القانون‬
‫ال ّ‬
‫‪183‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫موظف في البلديّة ليس‬ ‫ّ‬ ‫تزوجا في البلديّة‪ /‬من أبرم زواجهما‬‫(مثال‪ :‬رجل وامرأة ّ‬
‫الرجل والمرأة غلطا‪ :‬ظنّا أنّهما تعامال‬ ‫ي‪ /‬إذن ارتكب ّ‬ ‫له وصف المأمور العموم ّ‬
‫أن زواجهما مبرم ِّو ْفق ما يقتضيه القانون والحال أنّه‬ ‫ي ومن ث ّم ّ‬‫مع مأمور عموم ّ‬
‫ي]‪ .‬إذن‬‫شخص مأمور عموم ّ‬ ‫أن ذلك ال ّ‬
‫يظن ّ‬
‫ّ‬ ‫ي [الك ّل‬‫ليس كذلك‪ /‬هذا الغلط جماع ّ‬
‫هذا الغلط يوضع في نفس المقام الذي توضع فيه الحقيقة فينتج مثلها اآلثار‬
‫ي)‪.‬‬ ‫القانونيّة‪ :‬أي نعدّ العقد وكأنّه أبرم بواسطة مأمور عموم ّ‬
‫ي حقيق ّ‬
‫يكونان جزأي الموضوع‪:‬‬ ‫– نقطة‪ :3‬ما سبق يسمح باستخراج عنصرين ّ‬

‫الفردي‬
‫ّ‬ ‫الفقرة ‪ .1‬الغلط‬

‫الجماعي‬
‫ّ‬ ‫الفقرة ‪ .2‬الغلط‬

‫ظن عادة‪ ،‬ال يقوم بذاته‪ .‬فما يعطيه معناه هو‬ ‫ّ‬
‫المخطط‪ ،‬وخالفا لما ي ّ‬ ‫ّ‬
‫"لكن هذا‬ ‫–‬
‫المنجرة عن الغلط متوقّفة على‬ ‫ّ‬ ‫الفكرة العا ّمة التي مفادها ّ‬
‫أن اآلثار القانونيّة‬
‫امتداد الغلط‪ .‬فإذا لم يت ّم التّصريح بهذه الفكرة‪ ،‬وإذا لم تجعل حاكمة لك ّل جوهر‬
‫فإن هذا الجوهر لن يكون مرضيا وذلك حتّى إن كان التّقسيم إلى غلط‬ ‫العمل‪ّ ،‬‬
‫يبرر" ‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫ي قابال ألن َّ‬
‫ي وغلط جماع ّ‬ ‫فرد ّ‬
‫ّ‬
‫المخطط‪:‬‬ ‫نتصور أفكارا عا ّمة أخرى تؤد ّي إلى نفس‬ ‫ّ‬ ‫– ويمكن أن‬
‫سابق‪ :‬هل يس ِّقط الغلط العالئق القانونيّة التي‬ ‫مثال ذلك أن نطرح سؤاال معاكسا لل ّ‬
‫المخطط الذي تقد ّم‪ ،‬لكن على أساس‬ ‫ّ‬ ‫سؤال يؤدّي إلى نفس‬ ‫أبرمت في ظلّه؟ فهذا ال ّ‬
‫ي يس ِّقط العالئق القانونيّة‬
‫فكرة عا ّمة مناقضة للفكرة الواردة أعاله‪ :‬الغلط الفرد ّ‬
‫ي يستر بطالن هذه العالئق‪.‬‬ ‫التي أبرمت في ظلّه؛ والغلط الجماع ّ‬
‫المخطط‪ :‬طبيعة‬‫ّ‬ ‫وهنالك مثال آخر وفكرة عا ّمة أخرى تتناسب مع نفس‬
‫المصلحة المأخوذة بعين االعتبار‪ .‬فالمصلحة العا ّمة تؤد ّي إلى جعل الغلط‬
‫عطي عن‬‫َ‬ ‫تبرر تصحيح رضا أ‬ ‫صة فال ّ‬ ‫ي ينتج آثارا؛ أ ّما المصلحة الخا ّ‬ ‫الجماع ّ‬
‫غلط‪.‬‬
‫مخططا مرتبطا ارتباطا وثيقا‬ ‫ّ‬ ‫أن المثال المختار ه ّم‬ ‫– "علينا أن نالحظ ّ‬
‫بالموضوع ( ‪un plan très individualisé par rapport au sujet‬‬

‫ي إلى النّقل ال َحرف ّ‬


‫ي‪.‬‬ ‫هنا آثرنا المرور من النّقل شبه ال َحرف ّ‬
‫‪326‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪184‬‬

‫ّ‬
‫المخطط "مفتاحا‬ ‫وإن ضرورة وجود فكرة عا ّمة ألظهر حين يكون‬ ‫‪ّ .)traité‬‬
‫عموميّا" (» ‪ ،)un plan « passe-partout‬مثل‪:‬‬
‫شروط‪ /‬آثار؛‬
‫آثار تجاه األطراف‪ /‬آثار تجاه الغير؛‬
‫ّ‬
‫الطبيعة القانونيّة‪/‬النّظام القانون ّ‬
‫ي؛‬
‫إلخ‪.‬‬
‫مخططات تسمح باالستدالل على ك ّل شيء (وهذا سبب ها ّم لالبتعاد عنها)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فهذه‬
‫تتوج بفكرة عا ّمة‪ ،‬فقدت ما تملكه من قيمة هي بعد ضعيفة" ‪.‬‬
‫‪327‬‬
‫فإذا لم ّ‬
‫‪ ―.83‬فكرةٌ‪ ،‬أو على األقلّ "ظاهر" فكرة‪ ،‬أو على أقلّ األقلّ ‪...‬‬
‫لكن أحيانا ال يجد الممت َحن هذه الفكرة التي تحكم المادّة‪ .328‬هنا يأتي أحدهم‬
‫‪329‬‬

‫بح ّل عملي (بطوق نجاة)‪ ،‬ويقول ما مفاده‪:‬‬


‫– ف ِّ ّكك مادّة الموضوع إلى عناصر‪.‬‬
‫– ث ّم اجمع المتماثالت وافصل المتخالفات‪ ،‬وقدّم المتقدّم وأ ّخر المتأ ّخر‪ ،‬أي‬
‫شروط المتحدّث عنها سابقا‪ .‬مثال ذلك‪:‬‬ ‫بعبارة مختصرة‪ :‬أ َ ْوجد بنية بال ّ‬
‫الفقرة ‪ .1‬شروط‬

‫الفقرة ‪ .2‬آثار‬

‫غلّف البنية بـ ‪":‬ظاهر فكرة" ( مثال فكرة الك ّم)‪ ،‬وقل‪:‬‬


‫– ث ّم ِّ‬
‫الفقرة ‪ .1‬شروط كثيرة‬

‫الفقرة ‪ .2‬آثار هزيلة‬

‫‪ ...‬أي قل‪ :‬تم ّخض الجبل‪ ،‬فولد فأرا ً ‪...‬‬


‫ّ‬
‫المخطط‬ ‫وأكثر م ّما سبق‪ ،‬هناك من يزيد في التّساهل ويقول إنّه ال ينبغي إقصاء‬
‫سنة األولى من‬ ‫من نوع‪ :‬شروط‪ /‬آثار – إلخ‪ّ .‬‬
‫لكن تساهله يه ّم فقط طلبة ال ّ‬

‫ي‪ّ ،‬‬
‫ألن المقتطف سيصلح لنا الحقا‪ :‬انظر ما سيأتي حول "ظاهر الفكرة"‪.‬‬ ‫عدنا هنا إلى النّقل الحرف ّ‬
‫‪327‬‬

‫يخص أنواعا من‬


‫ّ‬ ‫‪ 328‬امتحان في ثالث ساعات‪ ،‬أو حتّى في خمس‪ ،‬أو ستّ ‪ ،‬أو ثماني ساعات‪ :‬بالكاد‪ ،‬وفيما‬
‫المواضيع‪ ،‬يجد الممت َحن الوقت للعثور على عناصر الموضوع‪ ،‬فكيف به بفكرة موجودة في العناصر‪.‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc, n° 88. 329‬‬
‫‪185‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إن تساهله مشروط بأن يأتي صاحب هذا النّوع من‬ ‫الدّراسة الجامعيّة‪ .‬ث ّم ّ‬
‫المخططات بمقدّمة متقنة ‪ .‬ويقصد بالمقدّمة المتقنة‪ ،‬المقدّمة التي حوت جميع‬
‫‪330‬‬ ‫ّ‬
‫عناصرها‪.331‬‬
‫ّ‬
‫مخططاتهم‬ ‫صله أيضا أولئك الذين "يكسون"‬ ‫واإلتقان في المقدّمة ينبغي أن يح ِّ ّ‬
‫بمخططات "كاسيات عاريات")‪ .‬فهؤالء أيضا‬ ‫ّ‬ ‫بظاهر فكرة (أي من يأتون‬
‫الممتحن لكونه أمام‬
‫ِّ‬ ‫مدعوون إلحسان االستهالل كي يخفّفوا من تأثير اكتشاف‬ ‫ّ‬
‫"ظاهر فكرة" ال أمام فكرة‪.‬‬
‫وينبغي القول للذين يدخلون االمتحانات أنّه وفي بعض المراجع توجد‬
‫ي) أله ّم أنواع صيغ المواضيع‪.332‬‬ ‫مخططات (تس ّمى كما تقدّم‪ :‬مفتاح عموم ّ‬ ‫ّ‬
‫المخططات ال تحوي فكرة‪ .‬لكن باإلمكان اعتمادها لربح الوقت يوم‬ ‫ّ‬ ‫هذه‬
‫االمتحان على مستوى العثور على بنية بالمواصفات المطلوبة‪ .‬ث ّم ينبغي‬
‫مباشرة بعد ذلك البحث عن فكرة وتركيبها على تلك البنية‪.‬‬
‫اطالع على تعريف القانون‪ ،‬وتحديدا على‬ ‫هذا البحث سيكون يسيرا لمن له ّ‬
‫ي موضوع نعمل‬ ‫تعريف القانون من حيثيّة غاياته ‪ .‬وفعالً ال تخرج مادّة أ ّ‬
‫‪333‬‬

‫المنظمة للفعل‪ .‬بهذا الوصف‬ ‫ّ‬ ‫عليه عن أن تكون مجموعة من القواعد القانونيّة‬
‫هي تهدف إلى تحقيق غاية من الغايات التي نجدها في التّعريف المذكور‪ .‬هذه‬
‫الغاية يمكن أن تمثّل الفكرة (أو بتعبير آخر‪ :‬بؤرة التّوتّر) التي نبني عليها‬
‫التّخطيط‪ ،‬أو التي نر ّكبها على التّخطيط لو أخذناه جاهزا‪.‬‬
‫هكذا يمكن أن نعثر وبيسر على فكرة‪ .‬فإن لم ننجح (مثال بسبب أنّنا لم ندرس‬
‫تعريف القانون من حيثيّة غاياته)‪ ،334‬فينبغي – كما قال منذ حين أحد الفقهاء –‬
‫أن نأتي بـ"ظاهر فكرة" ‪ ...‬وذلك "أضعف اإليمان"‪.‬‬
‫‪ ―.84‬إشكاليّة واحدة ألكثر من موضوع؟ ‪ /‬أكثر من إشكاليّة ملوضوع واحد؟‬
‫والبحث عن فكرة مو ِّ ّجهة (‪ )idée directrice‬أو "األشكلة"‬
‫(‪ )problématisation‬هو‪ ،‬كما تقدّم‪ ،‬وضع اإلصبع على موطن توتّر في‬
‫ّ‬
‫المخطط‪،‬‬ ‫تكون مادّته‪ .‬وليس ث ّم‪ ،‬على غرار‬
‫الموضوع وفي العناصر التي ّ ِّ‬

‫‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc, p. 44. 330‬‬


‫‪104‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪ 332‬انظر الفقرة عدد ‪.98‬‬


‫‪ 333‬انظر هذا التّعريف في الفقرة عدد ‪( 82‬على مستوى الهوامش)‪.‬‬
‫‪ 334‬لذلك ينبغي لكتب "النّظريّة العا ّمة للقانون" أن تفرد عنوانا لتعريف القانون من حيثيّة غاياته وأن تشير إلى‬
‫ارتباط هذا العنوان بمنهجيّة المقالة‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪186‬‬

‫ي»" (» ‪.)une problématique « passe-partout‬‬ ‫"إشكاليّة «مفتاح عموم ّ‬


‫فلك ّل موضوع بؤرة توتّر خا ّ‬
‫صة به‪.‬‬
‫لكن بؤرة التوتّر في موضوع يمكن أن ته ّم ال فقط فرع القانون الذي ورد فيه‬ ‫ّ‬
‫الموضوع بل عدّة فروع‪ .‬وأكثر من هذا يمكن لتلك البؤرة أن ته ّم القانون‬
‫أن هنالك‬‫بر ّمته‪ ،‬بل وأن تفيض عنه لتعني اختصاصات أخرى‪ .‬هذا يعني ّ‬
‫صراع بين الموروث من جهة‬ ‫تتكرر في العديد من المواضيع‪ .‬فمثالً ال ّ‬
‫إشكاليّات ّ‬
‫المستورد من جهة أخرى هو بؤرة توتّر في موضوع موانع‬ ‫َ‬ ‫والمستحدَث أو‬
‫الطالق أو في موضوع موانع اإلرث‪ .‬بل يمكن أن نجد‬ ‫الزواج أو في موضوع ّ‬ ‫ّ‬
‫شخصيّة مثل موضوع الغلط واإلكراه‬ ‫هذه البؤرة خارج مواضيع األحوال ال ّ‬
‫والحريّة والمساواة وحماية الضّعيف‬ ‫ّ‬ ‫وغير ذلك‪ .‬وقس على هذا فكرة العدالة‬
‫وغير ذلك من األفكار التي تمتدّ أفقيّا في مختلف فروع القانون‪ ،‬بل وتفيض‬
‫عنه‪ . 335‬واختيار مثل هذه األفكار واإلشكاليّات يعطي المشهد التّالي‪ :‬مادّة‬
‫للموضوع محدودة وال تمتدّ مثال إلى ك ّل فروع القانون وال إلى ك ّل القوانين‬
‫ي)؛ وبؤرة توتّر تمتد ّ‬ ‫(المادّة القانونيّة التي نعمل عليها هي من القانون التّونس ّ‬
‫ي‪،‬‬‫ي‪ ،‬فرنس ّ‬ ‫ي‪ ،‬مصر ّ‬ ‫أفقيّا في مختلف الفروع وفي مختلف القوانين (تونس ّ‬
‫الزمان‪ .‬فإذا كانت المادّة تض ِّيّق من دائرة‬ ‫إلخ‪ ،).‬وربّما تمتدّ أيضا عموديّا في ّ‬
‫فإن اإلشكاليّة تعطي العمل إشعاعا ال نجده في األعمال التي‬ ‫المهت ّمين بالمقالة‪ّ ،‬‬
‫تكون الفكرة فيها ضيّقة وأفقها ال يتجاوز أفق مادّة الموضوع‪.‬‬
‫وهكذا يمكن أن توجد إشكاليّة لعدد كبير من المواضيع‪ .‬لكن هل العكس ممكن؟‬
‫أي هل يمكن أن توجد لموضوع واحد أكثر من إشكاليّة؟ الجواب باإليجاب‪.‬‬
‫فكما دخلنا مادّة "طائرة الكونكورد" بفكرة "النّجاح"‪ ،‬يمكن أن ندخلها بفكرة‬
‫أخرى؛ وكما دخلنا مادّة "الغلط" بفكرة "ارتباط آثار الغلط بامتداده"‪ ،‬يمكن أن‬
‫ندخلها بفكرة "المالءمة بين الموروث والمستورد" أو بغير ذلك من األفكار‪.‬‬
‫صورة ال يمكن أن نعدِّّد من بؤر التّوتّر وأن نجعلها تختلف من‬ ‫لكن في هذه ال ّ‬
‫عنصر من عناصر الموضوع إلى عنصر آخر (مثال‪ ،‬في صور الغلط نثبت‬
‫فكرة "االرتباط"‪ ،‬وفي شروطه فكرة "المالءمة")‪ .‬فالعمل ينبغي أن يكون‬
‫متماسكا بأن ينصبّ على بؤرة واحدة وبأن تو ّجهه فكرة واحدة (أو أكثر من‬

‫‪ 335‬ما نس ّميه اآلن أفكارا تمتدّ أفقيّا هو ما تناولناه منذ قليل كأفكار هي غايات القانون (الفقرة عدد ‪ .82‬على‬
‫مستوى الهوامش)‪.‬‬
‫‪187‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫فكرة‪ ،‬لكن بينها رابط يبقي العمل متماسكا)‪ .‬بعبارة واحدة‪ :‬حين نقوم بموضوع‪،‬‬
‫نأتي فيه بإشكاليّة واحدة وإن كان يحتمل إشكاليّات أخرى‪.‬‬
‫أن صيغة الموضوع يمكن أن تكون متمثّلة في أمر واحد هو‬ ‫م ّما تقدّم يخلص ّ‬
‫صيغة أكثر‬
‫بمثابة مخبر عنه ينتظر خبره‪ .‬إلى جانب هذا‪ ،‬يمكن أن نجد في ال ّ‬
‫من مفهوم عطف الواحد على اآلخر بالواو‪.‬‬

‫‪ /2 .1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع أكثر من مفهوم‬


‫ع ّطف الواحد على اْلخر بالواو‬

‫‪" ―.85‬واو" للعالقة‪ ،‬و"واو" للمقارنة‪.‬‬


‫جاء عند البعض‪:‬‬

‫"غالبا ما ترد املواضيع [‪ ]...‬يف شلك مفهومّي أأو أأكرث جيمع بيهنام أأو بيهنا حرف عطف‪ .‬يف‬
‫الصورة جيب تأأويل حرف العطف‪ .‬والواو ميكن أأن يفيد املقارنة أأو العالقة‪.‬‬
‫هذه ّ‬
‫– وهو يفيد العالقة ان اكن لطريف ّالربط (املقصود‪ :‬املعطوف عليه واملعطوف) طبيعة خمتلفة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫الماركسيّة (= نظريّة)‬
‫و‬
‫عالقة‬ ‫طبيعة مختلفة‬
‫القانون (= مجموعة‬
‫قواعد)‬
‫– وهو يفيد املقارنة ان اكن لطريف ّالربط نفس ّ‬
‫الطبيعة‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫شكالن‬ ‫الدّول االتّحاديّة‬
‫نفس‬
‫مقارنة‬ ‫ّ‬
‫الطبيعة‬
‫من أشكال‬ ‫و‬
‫الدّول‬ ‫االتّحادات التعاقديّة‬
‫ّ‬

‫ويف بعض ا ألحيان ميكن أأن تفيد الواو عالقة ومقارنة (كام س ُي ّ‬
‫تبّي‪ :‬ليس يف نفس الوقت‪ ،‬بل‬
‫و ٌاو أأوىل ملعىن والثّانية للخر)‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫املاركس يّة واملدرسة ادلّ س توريّة ومسأأةل ّ‬
‫احلريّة‪.‬‬
‫الواو ا ألوىل تفيد مقارنة بّي ّ‬
‫نظريتّي؛‬
‫والواو الثّانية تفيد عالقة النّظريّتّي مبسأأةل ّ‬
‫احلريّة‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪188‬‬

‫املطلوب منّا‪ :‬مقارنة موقفي املاركس ّية والليبريال ّية من ّ‬


‫احلريّة"‪.336‬‬

‫فرق بين "واو" (تقابلها في الفرنسيّة‪ )et :‬العالقة و "واو"‬ ‫وهكذا ي َّ‬
‫المقارنة؛ويقال ّ‬
‫إن "الواو" هي للعالقة‪ ،‬إذا لم يكن للمعطوف والمعطوف عليه‬
‫الطبيعة؛ وإنّها للمقارنة‪ ،‬إذا كانت لهما نفس ّ‬
‫الطبيعة‪.‬‬ ‫نفس ّ‬
‫‪ ―.86‬كلّ "واو" هي للعالقة‪.‬‬
‫أن نتيجة المقارنةقول ّ‬
‫بأن‬ ‫ويمكن نقاش ما سبق بأن نسأل –حين ننظر إلى ّ‬
‫المعطوف والمعطوف عليه بينهما وحدة في نقاط وبينهما اختالف في نقاط‬
‫أخرى–‪ :‬أليست الوحدة واالختالف عالقات؟ ومن ث ّم أليست هذه المواضيع‬
‫أن المواضيع جنس‬‫كغيرها مواضيع "عالقة"؟ فإذا أجبنا ببلى‪ ،‬أي إذا أجبنا ّ‬
‫واحد هو مواضيع العالقة‪ ،‬يمكن بعد ذلك القول إنّه ث ّم –داخل هذا الجنس– نوع‬
‫يطلب فيه البحث في عالئق بعينها هي الوحدة واالختالف‪.337‬‬
‫‪ ―.87‬كلّ "واو" هي للعالقة‪ .‬التّفصيل يف القضيّة‪.‬‬
‫هذا الموقف هو ما يذهب إليه بعضهم‪ ،‬حين يقول‪:338‬‬
‫تتكون منهما صيغة‬‫ينبغي تعريف حرف العطف الموضوع بين العبارتين اللتين ّ‬
‫أن ك ّل عبارة تمثّل موضوعا منفصال‪،‬‬ ‫الموضوع‪ .‬واألكيد أنّه ال ينبغي أن نفهم ّ‬
‫الروابط‬
‫بل بالعكس تفيد أداة العطف العالقة‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬المطلوب عرض ّ‬
‫ي نوع‬‫التي توجد بين مجموعتين من الموادّ‪ .‬وعليه فالمشكل هو تحديد‪ِّ :‬من أ ّ‬
‫شرات تساعد على هذا التّحديد‪:‬‬ ‫الروابط؟ ويمكن هنا تقديم مؤ ّ‬
‫هي هذه ّ‬

‫‪ 336‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 5‬و ‪ .6‬انظر في نفس االتّجاه‪:‬‬
‫سيّاري‪ ،‬تمارين في مادّة القانون اإلداري‪ .‬الموضوع النّظري‪ ،‬في‪ :‬فرحات حرشاني (تحت إشراف)‪،‬‬ ‫مح ّمد ال ّ‬
‫منهجيّة إعداد االمتحانات والمناظرات في القانون العا ّم‪ ،‬مركز النّشر الجامعي‪ ،‬تونس‪ ،2008 ،‬ص ‪30‬؛ غازي‬
‫الغرايري‪ ،‬تمرين في مادّة المنازعات اإلداريّة‪ ،‬في‪ :‬فرحات حرشاني (تحت إشراف)‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 61‬و‪62‬؛‬
‫‪.Mounir Snoussi, préc., p. 2‬‬
‫‪ 337‬هذا عن النّقاش‪ ،‬وهو ممكن كما يرى‪ .‬لكن الواجب تركه إن كان من جاؤوا بالتّفرقة هم بصدد اصطالح‪ ،‬إذ‬
‫ال تنبغي المضايقة والمشاحّة في األلفاظ واألسماء‪ .‬انظر حول ما سبق‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬الحجّة العقليّة‬
‫ومجلّة االلتزامات والعقود (م س)‪ ،‬ص ‪ ،66‬الهامش ‪ .23‬ولقد وردت في نفس المكان مقولة لـ‪Cicéron :‬‬
‫أن المقارنة تطرح مسألتي الوحدة واالختالف‪" :‬المقارنة [‪ ]...‬تطرح مسألة الوحدة واالختالف بين‬ ‫مفادها ّ‬
‫صديق"‪Cicéron, De L’orateur, Texte établi, .‬‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫ق‬‫ّ‬ ‫متمل‬ ‫ال‬ ‫ّ‪،‬‬ ‫د‬ ‫لمستب‬‫وا‬ ‫الملك‬ ‫واالحترام‪،‬‬ ‫الخوف‬ ‫شيئين‪:‬‬
‫‪traduit et annoté par François Richard, Garnier, Paris, p. 433.‬‬
‫‪ 338‬سنحاول هنا ما استطعنا القيام بترجمة وفيّة لما قاله (مع إضافة على مستوى المقارنة) "جيل ڤوبو"‬
‫و"ڥيليپ بيهر"‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 41 et 42. :‬‬
‫‪189‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سسات قانونيّة لها‬ ‫– حين يعني ك ّل من المعطوف عليه والمعطوف قواعد أو مؤ ّ‬


‫نفس الدّرجة من الدّقّة الفنّيّة‪ ،‬فالمطلوب عندها المقارنة بينهما‪ .‬والمقارنة كما‬
‫يقول "سيسرون" (‪ )Cicéron‬تطرح مسألتي الوحدة (أو التّشابه‬
‫‪ )ressemblance‬واالختالف (‪( 339)dissemblance‬هي في الحقيقة مسألة‬
‫واحدة إ ّما مسألة عالقة الوحدة‪ :‬وجودها أو انعدامها‪ /‬وإ ّما مسألة عالقة‬
‫االختالف‪ :‬وجوده أو انعدامه)‪ .‬ونجد عند "جون ستيوارت ميل" ( ‪John‬‬
‫أن عالقات‬ ‫‪ )Stuart Mill‬حديثا عن الوحدة واالختالف يختمه بإشارة إلى ّ‬
‫تحمل أسماء أخرى هي في حقيقتها صور من عالقة الوحدة‪ .‬فالمساواة مثال‬
‫وحدة بين شيئين على مستوى األوصاف‪ .340‬ونجد نفس الفكرة تقريبا عند‬
‫الغزالي حين يقول‪" :‬االتّحاد في الكيفيّة يس ّمى مشابهة‪ ،‬وفي الك ّميّة يس ّمى‬
‫مساواة‪ ،‬وفي الجنس يس ّمى مجانسة‪ ،‬وفي النّوع يس ّمى مشاكلة‪ ،‬واالتّحاد في‬
‫األطراف يس ّمى مطابقة‪ .‬فيخرج من هذا بيان معنى الواحد بالجنس‪ ،‬والواحد‬
‫بالنّوع‪ ،‬والواحد بالعدد‪ ،‬والواحد بالعرض‪ ،‬والواحد بالمساواة‪ .‬فجملة النّسب‬
‫للواحد هي‪ :‬التّشابه‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والمطابقة‪ ،‬والمجانسة‪ ،‬والمشاكلة"‪.341‬‬
‫ومن أمثلة مواضيع المقارنة‪ ،‬أو مواضيع عالقة الوحدة (وجودها أو عدمه)‪ ،‬أو‬
‫مواضيع عالقة االختالف (وجوده أو عدمه)‪:‬‬
‫البطالن النّسبي والبطالن المطلق؛‬
‫والقوة القاهرة؛‬
‫ّ‬ ‫انعدام الخطأ‬

‫‪ 339‬انظر هذا القول بهامش جاء في الفقرة عدد ‪.86‬‬


‫ي إحساسان [‪ ]...‬إحساسان‬ ‫"نوعان آخران من العالقات‪ ،‬التّشابه واالختالف‪ ،‬هما من طبيعة متماثلة‪ .‬لد ّ‬
‫‪340‬‬

‫ّ‬
‫األولين متشابهين‪ ،‬والثانيين مختلفين‪ .‬ما هي الواقعة أو‬ ‫باألبيض أو إحساس باألبيض واآلخر باألسود‪ .‬أس ّمي ّ‬
‫شعور بالتّماثل أو باالختالف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الظاهرة التي تعدّ أساسا لهذه العالقة؟ هي ّأوال اإلحساس المزدوج‪ ،‬ث ّم ما نس ّميه ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لنقف عند هذه الخصوصيّة‪ .‬التشابه هو بالتأكيد شعور‪ ،‬حالة نفسيّة لدى المالحظ‪.‬‬
‫شعور باللونين حالة نفسيّة ثالثة وقعت بعد اإلحساس بك ّل لون من اللونين‪ ،‬أو يكون (أيضا‬ ‫أن يكون هذا ال ّ‬
‫شعور بتعاقبهما) فقط مشموال في األحاسيس نفسها‪ ،‬فهذا قابل للنّقاش؛ لكن في الحالتين‪ ،‬اإلحساس بالتّشابه‬ ‫ال ّ‬
‫أن التّشابه‬
‫وبضدّه‪ ،‬االختالف‪ ،‬هو جزء من طبيعتنا‪ ،‬جزء قابل لقليل من الت ّحليل [‪ ]...‬ينتج عن ذلك ّ‬
‫خاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واالختالف‪ ،‬تماما كالتّقدّم والتّأ ّخر والتّزامن‪ ،‬ينبغي أن تص ّنف لوحدها بين العالقات كأشياء من نوع‬
‫صة ال يمكن تبسيطها وال يمكن‬ ‫إنّها أوصاف مؤسّسة على الوقائع‪ ،‬أي على حاالت نفسيّة‪ ،‬لكن على حاالت خا ّ‬
‫تفسيرها‪.‬‬
‫وكثير من العالقات المعبّر عنها بأسماء أخرى هي في الحقيقة حاالت تشابه‪ ،‬مثال ذلك المساواة التي ليست إالّ‬
‫اسما للتّعبير عن التّشابه التّا ّم المس ّمى بالوحدة بين شيئين اعتبرا من حيثيّة أوصافهما"‪John Stuart Mill, .‬‬
‫‪préc., Livre I, Ch. III, § 11.‬‬
‫‪ 341‬الغزالي‪ ،‬معيار العام في المنطق‪ ،‬شرحه أحمد شمس الدّين‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت – لبنان‪ 1410 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪ 1990‬م‪ ،‬ص ‪ 329‬و‪.330‬انظر في نفس االتّجاه‪ :‬علي بن مح ّمد بن علي الجرجاني (الوالدة‪ 740 :‬هـ‪1339 /‬‬
‫م – الوفاة‪ 816 :‬هـ‪ 1413 /‬م)‪ ،‬التّعريفات‪ ،‬تحقيق إبراهيم األبياري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1405 ،1‬‬
‫هـ‪ 1985 /‬م‪ ،‬ص ‪ 274‬و‪.275‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪190‬‬

‫االرتفاقات القانونيّة واالرتفاقات االتّفاقيّة‪.‬‬


‫– حين تد ّل واحدة من العبارتين على آليّة (‪ )mécanisme‬قانونيّة محدّدة وتد ّل‬
‫األخرى على مجموعة واسعة من الموادّ‪ ،‬فينبغي عندها أن ندرس الدّور الذي‬
‫تلعبه القاعدة الفنّيّة التي تد ّل عليها العبارة األولى وسط الحقل الذي تد ّل عليه‬
‫العبارة الثّانية‪ .‬وهكذا فموضوع "الحوز وملكيّة المنقوالت" يدعو لتناول دور‬
‫الحيازة في تملّك المنقوالت‪.‬‬
‫– حين تد ّل عبارة على قواعد قانونيّة وتد ّل األخرى على صنف من األشخاص‬
‫أو على وضعيّة واقعيّة معيّنة‪ ،‬فينبغي أن نتناول تطبيق تلك القواعد على هذا‬
‫"الطالق واألبناء" إلى‬ ‫ّ‬ ‫صنف أو على هذه الوضعيّة‪ .‬مثال ذلك‪ :‬يقود موضوع‬ ‫ال ّ‬
‫شأن‬ ‫الطالق المتعلّقة باألبناء وإلى دراسة آثارها‪ .‬وكذلك ال ّ‬ ‫انتقاء أحكام قانون ّ‬
‫في موضوع "المعارضة بالحقوق العينيّة وعالقات الجوار"‪ ،‬فهو يدعو إلى‬
‫النّظر في آثار مبدأ المعارضة بالحقوق العينيّة في العالقات بين األجوار‪.‬‬
‫سسة قانونيّة وتد ّل العبارة الثّانية‬
‫– حين تد ّل العبارة األولى على مفهوم أو مؤ ّ‬
‫ي‪ ،‬فما ينبغي دراسته عندها هو تأثير‬ ‫ي أو أخالق ّ‬ ‫ي أو اقتصاد ّ‬ ‫على مبدأ فلسف ّ‬
‫سسة‪ ،‬أو إن شئنا‬ ‫المبدأ على القواعد القانونيّة التي يحيل عليها المفهوم أو المؤ ّ‬
‫مدى ترجمة تلك القواعد للمبدأ‪ .‬هذا ما ينبغي فعله في مواضيع مثل‪" :‬سلطان‬
‫الرضا واستقرار العالقات االقتصاديّة"؛‬ ‫اإلرادة والعدالة التّعاقديّة"؛ أو "عيوب ّ‬
‫أو "الفردانيّة والملكيّة"‪.342‬‬

‫بعبارة مختلفة‪ ،‬نقوم بهذه المواضيع على ال ّنحو التّالي‪ :‬نعتبر المبدأ الفلسف ّ‬
‫ي (إلخ‪ ).‬مفهوما واقعيّا (بمعنى‬ ‫‪342‬‬

‫ي‪ .‬نردّ هذا المفهوم إلى عناصره ث ّم نرتّب هذه العناصر‬ ‫ّ‬ ‫القانون‬ ‫المفهوم‬ ‫إلى‬ ‫ونذهب‬ ‫جانبا‬ ‫نتركه‬ ‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫قانون‬ ‫غير‬
‫بمخطط ّأول‪ ،‬فثان‪ ،‬إلخ‪[ .‬جميعها تتوفّر فيه المواصفات]‪ .‬بعد‬ ‫ّ‬ ‫ترتيبا وفق المواصفات التي سبقت معنا‪ ،‬ونخرج‬
‫ي‪.‬‬
‫ذلك‪ ،‬نختار منها الذي نجد أجزاءه في ارتباط مع المفهوم الواقع ّ‬
‫‪191‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المعطوف والمعطوف عليه‬


‫"الواو" للوحدة واالختالف‬ ‫لهما نفس الدّرجة من ال ّد ّقة‬
‫الفنّيّة‬

‫"الواو" لـ‪ :‬الدّور الذي تلعبه‬ ‫‪ -‬عبارة تفيد قاعدة فنّ ّية‬
‫العبارة الفنّيّة في الحقل الذي تفيده‬ ‫‪ -‬األخرى تفيد مجموعة من‬
‫العبارة الثّانية‬ ‫الموا ّد‬

‫‪ -‬عبارة تد ّل على قاعدة‬ ‫"الواو" تفيد دائما‬


‫قانونيّة‬ ‫العالقة‬
‫"الواو" لـ‪ :‬تطبيق القاعدة على‬
‫الصّنف أو على الوضعيّة‬ ‫‪ -‬األخرى تد ّل على صنف من‬
‫األشخاص أو على وضع ّية‬
‫واقعيّة‬

‫‪ -‬عبارة تد ّل على مفهوم أو‬


‫"الواو" لـ‪ :‬مدى ترجمة ما هو‬ ‫سسة قانونيّة‬‫مؤ ّ‬
‫قانوني‬
‫ّ‬ ‫قانوني لما هو غير‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬األخرى تد ّل على مفهوم غير‬
‫قانوني‬
‫ّ‬

‫وهكذا فاإلشكاليّة في مثل هذه المواضيع تكمن في العالقة‪ .‬بعبارة مختلفة‪ :‬يمكن‬
‫عدّ المعطوف والمعطوف عليه معا بمثابة مخبر عنه ينتظر خبرا‪ ،‬كما يمكن عد ّ‬
‫ي في‬‫العالقة بينهما بمثابة الخبر الذي يمثّل بؤرة التّوتّر وما هو إشكال ّ‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫إذن ال اختالف في الجوهر بين الموضوع الذي فيه عطف بين أمرين أو أكثر‬
‫وما سبقه من أنواع المواضيع‪ ،‬أي الموضوع الذي نجد في صيغته أمرا‬
‫ومفهوما واحدا‪.‬‬
‫والموضوع الذي فيه عطف والموضوع الذي فيه مفهوم واحد كالهما موضوع‬
‫صيغته ليست جملة‪ .‬إلى جانبهما يوجد الموضوع الذي صيغته تمثّل جملة‬
‫خبريّة‪.‬‬

‫‪ /2 .1 .1 .1 .1‬الموضوع جملة خبريّة‬

‫‪" ―.88‬اإلشكاليّ" أن يُرى اإلسناد ليس بديهيّاً‪.‬‬


‫يقول بعضهم‪:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪192‬‬

‫"ان ورد املوضوع يف صيغة اقرار‪ ،‬جيب حتويل ذكل االقرار اىل سؤال"‪.343‬‬

‫ي العطف بين أكثر من‬ ‫شكل الغالب للموضوع اإلقرار ّ‬ ‫إن ال ّ‬


‫كما يقول‪ّ :‬‬
‫ي ليس فقط‬ ‫أن المقصود بالموضوع اإلقرار ّ‬ ‫مفهو م‪ . 344‬بهذا القول نفهم ّ‬
‫الموضوع الذي يجيء في جملة خبريّة مثل "التّغرير (مخبر عنه) غلط محدث‬
‫ي‬ ‫ي (مخبر عنه) يغني عن القانون ّ‬
‫الطبيع ّ‬ ‫(خبر)"؛ أو مثل "القانون الوضع ّ‬
‫(خبر)"؛ بل المقصود ك ّل موضوع ليس استفهاميّا‪.‬‬
‫سؤال كيف تت ّم "أشكلة" هذا الموضوع‪ .‬الجواب عند البعض كما رأينا‪:‬‬ ‫وال ّ‬
‫بتحويل اإلقرار إلى سؤال‪.‬‬
‫صل هذا الكالم باالنطالق من أمثلة‪:‬‬ ‫لنف ّ‬
‫الموضوع‪ :1‬الغلط‪.‬‬
‫الموضوع‪ :2‬شروط الغلط‪.‬‬
‫الموضوع‪ :3‬التّغرير‪.‬‬
‫الموضوع‪ :4‬التّغرير غلط محدَث‪.‬‬
‫سابق‪ ،‬تكون اإلشكاليّة‪:‬‬ ‫إذا اتّبعنا أصحاب المقتطف ال ّ‬
‫في الموضوع‪ :1‬ما الغلط؟‬
‫في الموضوع‪ :2‬ما هي شروط الغلط؟‬
‫في الموضوع‪ :3‬ما التّغرير؟‬
‫في الموضوع‪ :4‬هل التّغرير غلط محدث؟‬
‫فإذا اهتممنا بالمواضيع الثّالثة األولى‪ ،‬قلنا إنّه يمكن أن تكون اإلشكاليّة‬
‫سؤال الذي نضعه ويكون من االصطناع القول بأن ث ّم‬ ‫المختارة بعيدة عن ال ّ‬
‫األول مثال‪ ،‬يمكن أن نستخرج منه‬ ‫ّ‬ ‫سؤال‪ .‬فالموضوع‬ ‫رابطا بينها وبين ال ّ‬
‫إشكاليّة على النّحو الذي ورد معنا سابقا (ارتباط آثار الغلط بامتداده‪ ،‬إلخ‪.) .‬‬
‫‪345‬‬

‫صورة‪ ،‬من االصطناع القول إنّنا وصلنا إلى اإلشكاليّة من خالل‬ ‫في هذه ال ّ‬
‫سؤال‪ :‬ما الغلط؟‬‫ال ّ‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬تدخل المواضيع الثّالثة األولى ضمن قسم الموضوع الذي يمثّل‬
‫سؤال‬ ‫مفهوما واحدا‪ .‬وطريقة "أشكلتها" تت ّم على النّحو الذي سبق معنا‪ ،‬أي ّ‬
‫أن ال ّ‬

‫‪ 343‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ 344‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ 345‬انظر الفقرة عدد ‪.84‬‬
‫‪193‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مجرد تبديل لصيغة‬ ‫ّ‬ ‫ينبغي أن يتعلّق بالفكرة التي تحكم المادّة ال أن يكون نتاج‬
‫الموضوع من إقرار إلى سؤال‪.‬‬
‫بقي الموضوع المصاغ في جملة خبريّة‪ .‬كيف تت ّم "أشكلة" هذا الموضوع؟‬
‫إذا انطلقنا من المثال الذي لدينا‪ :‬التّغرير غلط محدث‪ ،‬قلنا‪ :‬لدينا في صيغة‬
‫الموضوع خبر أس ِّند باإلثبات (يمكن أن يحصل اإلسناد بالنّفي) للمخبر عنه؛‬
‫ي هنا‪ :‬أن يرى اإلسناد ليس بديهيّا‪ ،‬أي أن يكشف عن كونه إسنادا ً ق ِّلقاً‪.‬‬ ‫واإلشكال ّ‬
‫وهكذا ال اختالف بين هذا النّوع من المواضيع وبين الموضوع الذي تحوي‬
‫صيغته مفهوما واحدا‪ .‬ففي الحالتين نحن أمام مخبر عنه‪ .‬وفي الحالتين نحن‬
‫أمام خبر‪ .‬هذا الخبر إ ّما أنّه موجود في صيغة الموضوع‪ ،‬والمطلوب منّا أن‬
‫نجعل وضعيّته كخبر مح ّل تردّد؛ وإ ّما أنّه غير موجود‪ ،‬والمطلوب منّا أن‬
‫نوجده‪ ،‬وأن نوجده بوصف معيّن‪ :‬خبر ث َ ّم تردّد في إعطائه اسم ووضعيّة الخبر‪.‬‬
‫فإذا أردنا اآلن أن نتناول "أشكلة" الموضوع المتمثّل في صيغة خبريّة من‬
‫زاوية أخرى‪ ،‬قلنا‪ :‬تت ّم هذه "األشكلة" بتحويل اإلسناد في الجملة إلى موضع‬
‫تساؤل‪ .‬فإذا صرنا أمام سؤال‪ ،‬صارت معالجة هذا الموضوع مماثلة لمعالجة‬
‫نوع آخر من المواضيع‪ ،‬هو الموضوع الذي يرد في صيغة استفهام‪.‬‬
‫هذا الكالم يعني أنّه ال يمكن قبول قول أصحاب المقتطف الوارد أعاله‪ .‬وفعال‬
‫حولنا‬‫ي كما يس ّمونه) متمثّال في جملة خبريّة‪ ،‬وإذا ّ‬ ‫إذا كان الموضوع (اإلقرار ّ‬
‫الجملة الخبريّة إلى استفهام (كما يدعون إلى ذلك)‪ ،‬لم يكن هذا كافيا في ك ّل‬
‫األحوال ألن نكون أمام إشكاليّة‪.‬‬
‫األول‪ ،‬أن يكون الخبر متمثّال في بؤرة‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬ث ّم فرضان‪ :‬الفرض ّ‬
‫توتّر؛ في هذه الحالة إذا بدّلنا الجملة من خبريّة إلى استفهاميّة‪ ،‬بقينا دوما مع‬
‫بؤرة التّوتّر ذاتها‪ ،‬أي مع فكرة وإشكاليّة‪ .‬الفرض الثّاني‪ ،‬أن ال يكون الخبر‬
‫متمثّال في بؤرة توتّر؛ في هذه الحالة إذا بدّلنا الجملة من خبريّة إلى استفهاميّة‪،‬‬
‫بقينا دوما مع غياب بؤرة توتّر‪ ،‬أي مع غياب فكرة وغياب إشكاليّة؛ وفي هذه‬
‫صورة‪ ،‬ينبغي أن نواصل البحث وراء االستفهام للوصول إلى بؤرة توتّر‪ .‬هذا‬ ‫ال ّ‬
‫حولنا نحن صيغته إلى سؤال‪ ،‬بل‬ ‫الكالم ينطبق ال فقط على الموضوع الذي ّ‬
‫على الموضوع الذي هو من األصل سؤال‪.‬‬

‫‪ /2 .1 .1 .1‬الموضوع في صيغة استفهام‬


‫(‪)sujet interrogatif‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪194‬‬

‫‪ ―.89‬اإلشكاليّة هي بؤرة التّوتّر يف السّؤال‪.‬‬


‫من أمثلة الموضوع المصاغ في صيغة استفهام‪:‬‬
‫– ما هي شروط الغلط؟‬
‫– هل التّغرير غلط محدث؟‬
‫– ما التّغرير؟‬
‫‪346‬‬
‫ي؟‬ ‫ي عن القانون ّ‬
‫الطبيع ّ‬ ‫– هل يغني القانون الوضع ّ‬
‫ّ‬
‫الحق في عدم تطبيق القانون؟‬ ‫– هل لنا‬
‫–إلخ‪.‬‬
‫ما هي اإلشكاليّة في مثل هذه المواضيع االستفهاميّة؟‬
‫يجيب بعضهم‪ ،‬في إطار اختصاص القانون‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫"ان ورد املوضوع يف صيغة اس تفهام‪ ،‬يكفي أأن أأستبدل املفاهمي واللكامت أأو احلروف املفاتيح‬
‫مبعانهيا‪.‬‬
‫مثل‪:‬‬
‫بيعي؟‬ ‫الوضعي عن القانون ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ‬ ‫هل يغين القانون‬
‫يصبح‪:‬‬
‫السلطات‬ ‫أأال حاجة لنا بقواعد قانون ّية طبيع ّية‪ 347‬اىل جانب القواعد اليت ّمت اقرارها من ِقبل ّ‬
‫املؤهّةل حسب االجراءات القانونيّة؟"‪.348‬‬

‫ويجيب ثان فيقول‪:‬‬

‫السؤال اذلي ينبغي عليك تناوهل قد طرح مبارشة يف صيغة املوضوع‪ .‬عندها‬ ‫" أأحياان‪ ،‬يكون ّ‬
‫السؤال املطروح‪ .‬مثال ذكل‪ :‬عوض أأن يعطي ا ألس تاذ مكوضوع‬ ‫ينبغي اجلواب بدقّة عىل ّ‬
‫الرشاكت»‪ ،‬يفضّ ل صياغة أأكرث حتديدا «هل ينبغي تعديل قانون‬ ‫«مشاريع تعديل قانون ّ‬
‫خشص‪ .‬ذلا‬
‫ّ‬ ‫الرشاكت؟»‪ .‬ويف العموم‪ ،‬يدعو هذا النّوع من املواضيع ّ‬
‫الطالب اىل أأخذ موقف‬ ‫ّ‬
‫ينبغي عليه مجع عنارص ح ّل املشلك املطروح من ادلّ رس أأو من الكتب‪ ،‬وتنظميها لبناء‬

‫‪ 346‬ورد هذا المثال في‪ :‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫تسرب‪ ،‬لذا ت ّم تعويض "موضوعيّة" بـ‪" :‬طبيعيّة"‪.‬‬
‫‪ 347‬في المقتطف قيل "موضوعيّة‪ ،‬وهذا خطأ ّ‬
‫‪ 348‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫انظر إلى من يذهب في نفس االتّجاه‪Mounir Snoussi, Méthodologie du sujet théorique, in : :‬‬
‫‪Ferhat Horchani (sous la direction de), préc., p. 2.‬‬
‫‪195‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫يعرب عن‬‫لك جزء أأن ّ‬ ‫ختطيط يف شلك جواب عىل ذاك املشلك‪ .‬ويف العادة‪ ،‬ينبغي لعنوان ّ‬
‫أأجوبة واحضة ودقيقة عىل املشلك املطروح‪.‬‬
‫لنفرض أأ ّن املوضوع «هل ميث ّل فقه القضاء مصدرا للقانون؟»‪( ،‬يف هذا املوضوع) أأثبت‬
‫خاصا للقانون (‪ ،)1‬لكن هل‬ ‫«العميد اكربونييه» الفكرتّي التّاليتّي‪ :‬فقه القضاء ليس مصدرا ّ‬
‫فعرب عن فكرتّي مغايرتّي‪ :‬فقه القضاء مصدر‬ ‫تأأثري معترب عىل القانون (‪ .)2‬أأ ّما «اكپيتون»‪ّ ،‬‬
‫للقانون متاما كام هو شأأن القانون نفسه (‪ ،)1‬وهذا املصدر يصبح أأكرب من زاوية المكّ لكّام تقدّ م‬
‫القانون يف العمر(‪.349 ")2‬‬

‫ويجيب ثالث‪ ،‬لكن في غير اختصاص القانون‪ ،‬ويقول‪:‬‬


‫السؤال ليبدو يف ثوب جديد‪ ،‬هذا هو‬ ‫املّتّش اعادة تشكيل ّ‬ ‫"تقتيض صيغ الاس تفهام من ّ‬
‫السؤال تشري فقط اىل‬ ‫وري تدقيق هذه النّقطة‪ :‬صيغة ّ‬ ‫الّض ّ‬‫مسار ا ألشلكة [‪ ]...‬وفعال من ّ‬
‫السؤال) «كيف ميكن‬ ‫هدف ينبغي حتقيقه [‪( ]...‬وميكن تقريب ما جاء للتّ ّو مبا ييل‪ :‬لو أأ ّن ّ‬
‫السؤال) ليصل اىل‬ ‫املّتّش [‪ ( ]...‬أأن يش تغل عىل ّ‬ ‫ّاذلهاب من تولوز اىل ابريس؟» (هنا) عىل ّ‬
‫الطريق ا ألفضل يف س ياقة ليل ّية‬ ‫صيغة أأخرى تس تجيب بدورها للموضوع‪ ،‬من نوع‪« :‬ما يه ّ‬
‫املّتّش قدّم الوسائل لتحقيقه‪ .‬هذه الوسائل ال‬ ‫فالصيغة وضعت هدفا‪ ،‬و ّ‬ ‫بّي تولوز وابريس؟»‪ّ .‬‬
‫تكون االّ خشصيّة وخمتارة‪ .‬فامب أأن ّه ال ميكن أأن نذهب‪ ،‬ويف الن نفسه‪ ،‬من تولوز اىل ابريس‪،‬‬
‫وابلطائرة‪ ،‬وعن طريق الهنّ ر‪ ،‬أأو ّ‬
‫الطريق ا ّلرسيعة‬ ‫وابلس ّيارة‪ّ ،‬‬
‫عىل ا ألقدام‪ ،‬وعىل احلصان‪ّ ،‬‬
‫السؤال‬ ‫لك واح ٍّد أأن خيتار ّ‬
‫الطريق العاديّة‪ ،‬ليال وهنارا‪ ،‬وسط ا ألس بوع ويوم ا ألحد‪ ،‬ينبغي ل ّ‬
‫و ّ‬

‫‪"Parfois, la question que vous devez traiter est directement posée dans le sujet. Il 349‬‬
‫‪convient alors de répondre précisément à la question posée. Par exemple, au lieu de‬‬
‫‪donner comme sujet : « Les projets de réforme du droit des sociétés », l’enseignant‬‬
‫‪peut préférer des formulations plus ciblées : « Faut-il réformer le droit des‬‬
‫‪sociétés ? ». En général, ce genre de sujet invite l’étudiant à prendre‬‬
‫‪personnellement position. Il doit donc réunir les éléments de résolution du sujet‬‬
‫‪présentés dans le cours ou les manuels, et les organiser pour construire un plan sous‬‬
‫‪forme de réponse à la question posée. Normalement, les intitulés de chacune des‬‬
‫‪parties doivent exprimer des réponses claires et précises à la question posée. Soit le‬‬
‫‪sujet : « La jurisprudence constitue-t-elle une source de droit ? » Le doyen‬‬
‫‪Carbonnier démontre les deux idées suivantes : « La jurisprudence n’est pas une‬‬
‫‪source spécifique du droit (I), mais elle exerce une influence considérable sur le‬‬
‫‪droit (II) ». Capitant exprimait deux autres idées : « La jurisprudence est une source‬‬
‫‪du droit comme la loi elle-même (I), et cette source devient de plus en plus‬‬
‫‪abondante à mesure que la loi vieillit (II) »". Jérôme Bonnard, préc., p. 56.‬‬
‫ املقالة‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 196

.350"‫أأو املشلك اذلي يبدو هل أأن ّه هو ا أل ّمه‬

‫إن اإلشكاليّة في‬ ّ ،‫ بعد جمع هذه األجوبة وبعد محاولة تدقيقها‬،‫ويمكن القول‬
.‫سؤال‬ّ ‫المواضيع االستفهاميّة ليست ال‬
‫األول‬ّ ‫سؤال كما قد يفهم من المقتطف‬ ّ ‫هل هي إذن صيغة مرادفة لصيغة ال‬
‫الوارد أعاله؟‬
‫ وال في‬،‫ ال في صيغته التي قدِّّمت لنا‬،‫سؤال‬ ّ ‫ فاإلشكاليّة ليست ال‬.‫ ال‬:‫الجواب‬
‫صيغة نصل إليها نحن بعد تحديد معنى ما هو من المفاتيح من كلمات‬
.‫الموضوع‬
‫إذن ما هي؟ كيف نستخرجها؟‬
‫سؤال مح ِّيّرا ومر ِّبكا‬ ّ ‫ فالجواب أنّها ما يجعل ال‬،‫فأ ّما ما اإلشكاليّة‬
.351)embarrassant(
‫ هذه‬،‫سؤال‬ ّ ‫ بأن نجلّي بؤرة التّوتّر والقلق في ال‬:‫ فالجواب‬،‫وأ ّما كيف نستخرجها‬
‫بمجرد‬
ّ ‫ ال يخرج من أفواهنا‬،ً‫ بل متردِّّدا‬،‫البؤرة التي تجعل الجواب ليس بديهيّا‬
.‫سؤال آذاننا‬ّ ‫أن يبلغ ال‬
‫الحق في عدم تطبيق‬ ّ ‫ما هي شروط الغلط؟ هل التّغرير غلط محدث؟ هل لنا‬
،‫صور ال يكفي أن نستبدل الكلمات المفاتيح بمرادفاتها‬ ّ ‫القانون؟ في جميع هذه ال‬
‫ أو عن كون‬،‫سؤال عن شروط الغلط‬ ّ ‫ ما الذي يجعل ال‬:‫بل ينبغي أن نبحث‬
‫ أو عن إمكانيّة عدم تطبيق القانون سؤاال مح ِّيّرا؟ أين‬،‫التّغرير غلطا محدثا‬

"Les libellés interrogatifs […] appellent de la part du candidat une nouvelle 350
formulation de la question qui la fasse apparaître sous un jour nouveau, processus
de problématisation qui nous est maintenant familier. Il est en effet nécessaire de
préciser ce point : un libellé qui formule une question indique seulement un but à
atteindre, comparable à : « Comment allez-vous de Toulouse à Paris ? » Il revient au
candidat de brasser cette question pour aboutir à une formulation différente qui
réponde encore au sujet, du type : « Quel est l’itinéraire le plus efficace pour une
conduite nocturne entre Toulouse et Paris ? » Le libellé stipule un but, le candidat
donne des moyens pour l’atteindre. Ils ne peuvent être que personnels et choisis.
Comme on ne peut pas aller de Toulouse à Paris à la fois à pied, à cheval, en voiture,
en avion, par les voies fluviales, par l’autoroute et les départementales, de jour et de
nuit, en semaine et le dimanche, il appartient donc à chacun d’isoler la question ou
le problème qui lui parait le plus intéressant à traiter". Henri Lamour, préc., p. 70 et
71.
.)question/ problématique( ‫ي‬ ّ ‫اإلشكال‬ /‫ّؤال‬
‫س‬ ‫ال‬ :‫داخله‬ ‫وهنالك‬ ،‫ّؤال‬
‫س‬ ‫ال‬ ‫مطلق‬ ‫هنالك‬ ‫أخرى‬ ‫بعبارة‬ 351

.‫ بل اإلشكاليّة ضرب من السّؤال‬،‫وعليه ليس ك ّل سؤال إشكاليّة‬


‫‪197‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫التّوتّر في شروط الغلط أو في تعريف التّغرير بالغلط المحدث؟ ما الذي يجعل‬


‫حق عدم تطبيق القانون حقّا ً ق ِّلقاً؟‬ ‫ّ‬
‫بأن شروط الغلط هي وجوب أن يكون حاسما من جهة‬ ‫ما الذي يجعل الجواب ّ‬
‫ومغتفرا من جهة أخرى ليس بديهيّا؟ لماذا ال نستطيع أن نجيب بسهولة‪ :‬شروط‬
‫الغلط‪ :‬حاسم‪ ،‬ومغتفر؟‬
‫سؤالين المتبقّيين ليس آليّاً؟ لماذا نتردّد‬‫ما الذي يجعل الجواب بنعم أو بال على ال ّ‬
‫مثال إن قلنا نعم التّغرير غلط محدث‪ ،‬أو إن قلنا ال هو ليس كذلك؟‬
‫األول أنّنا ال نستطيع أن نقول بسهولة‪ :‬شروط الغلط‬ ‫سؤال ّ‬ ‫فالمح ِّيّر إذن في ال ّ‬
‫أن هنالك إمكانيّة لقول آخر‪.352‬‬ ‫سبب ّ‬ ‫هي حاسم ومغتفر؛ وال ّ‬
‫بجرة قلم أن نجيب باإليجاب‬ ‫ّ‬ ‫سؤالين المتبقّيين أنّنا ال نستطيع‬ ‫والمربك في ال ّ‬
‫أن هنالك إمكانيّة لقول آخر‪.‬‬ ‫سبب ّ‬‫مثال؛ وال ّ‬
‫ي؟‬ ‫ي عن القانون ّ‬
‫الطبيع ّ‬ ‫شيء مع الموضوع‪ :‬هل يغني القانون الوضع ّ‬ ‫ونفس ال ّ‬
‫فحتّى لو استبدلنا صيغته بأن قلنا‪" :‬أال حاجة لنا بقواعد قانونيّة طبيعيّة إلى‬
‫سلطات المؤ ّهلة حسب اإلجراءات‬ ‫جانب القواعد التي ت ّم إقرارها من قِّبل ال ّ‬
‫القانونيّة؟" ‪ ...‬حتّى لو فعلنا ذلك‪ ،‬نكون قد أ ّجلنا الوصول إلى الغاية‪ .‬فبعد وضع‬
‫صياغة المرادفة‪ ،‬ينبغي أن نبحث داخلها عن مركز التّوتّر‪ .‬ومركز التّوتّر أنّنا‬ ‫ال ّ‬
‫سبب أن‬ ‫ال نستطيع أن نقول‪ :‬نعم نحن بحاجة‪ ،‬ونضع نقطة وننهي الحديث؛ وال ّ‬
‫هنالك إمكانيّة لموقف آخر‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهكذا‪ ،‬فالذي ينبغي إخراجه من ح ِّيّز الخفاء إلى حيّز التّجلي هو‪ :‬المح ِّيّر‬
‫والمربك والمس ِّبّب للقلق وللتّوتّر‪ .‬والمح ِّيّر (والمربك‪ ،‬إلخ‪ ).‬يتمثّل في أنّنا ال‬
‫وأن هذه‬ ‫أن هناك أكثر من موقف‪ّ ،‬‬ ‫ي ّ‬ ‫نستطيع أن نقد ّم جوابا واحدا؛ واإلشكال ّ‬
‫المواقف ليست متالئمة فيما بينها؛ رغم ذلك‪ ،‬جميعها ممكن‪ .‬وإمكان جميع‬
‫أن الحجج عليها متساوية‪ .‬بل اإلمكان قائم حتّى إن كانت‬ ‫المواقف ال يعني ّ‬
‫الحجج على بعضها أقوى من الحجج على البعض اآلخر؛ واإلمكان موجود‬
‫ي لفائدة واحد من المواقف‪.‬‬ ‫حتّى إن كان موقفنا النّهائ ّ‬
‫‪ ...‬هذه هي اإلشكاليّة‪ .‬وكما قيل‪ :‬ال إشكاليّة‪ ،‬ال مقالة‪ .‬فاإلشكاليّة إذن رهان‬
‫الموضوع (‪ ،)enjeu du sujet‬وليس أمامنا من خيار إالّ ربحه‪.‬‬

‫الزروقي‪ ،‬أحكام الغلط‪ .‬دراسة في المنهجيّة التّشريعيّة‪ ،‬دار الكتب‬


‫‪ 352‬انظر حول هذه المسألة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫العلميّة‪ ،‬بيروت‪ ،2010 ،‬الفقرة عدد ‪ 143‬وما بعدها ؛ ‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode‬‬
‫‪d’emploi ou l’erreur sans peine (préc.), p. 1896 et s. et p. 1913 et s.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪198‬‬

‫المجردة (ال‬
‫ّ‬ ‫‪ ...‬هذه هي اإلشكاليّة‪ .‬وكما يالحظ‪ ،‬اإلشكاليّة أمر ال يرى بالعين‬
‫ي‪ .‬طبعا ً مع استثناء الحالة التي يس َّهل فيها‬
‫ترى في صيغة الموضوع االستفهام ّ‬
‫شحين بأن يصاغ الموضوع صياغة تكشف مباشرة عن اإلشكاليّة)‪.‬‬ ‫على المتر ّ‬
‫فإذا قيل المقالة إشكاليّة‪ ،‬يكون قد قيل‪ :‬المقالة أن ترى توتّرا حيث ترى العين‬
‫المجردة سكونا؛ المقالة أن ترى قلقا ً حيث يرى اطمئنان وهدوء‪ .‬بعبارة‬ ‫ّ‬
‫مختصرة‪ :‬المقالة أن ترى ما ال يرى‪.‬‬
‫والتّوتّر أنواع ودرجات‪ .‬فبعد كشف واحد‪ ،‬يمكن أن نعثر على آخر؛ وبعد‬
‫الوصول إلى طبقة أولى‪ ،‬يمكن أن نزيد من الحفر فنعثر على طبقات أخرى‪.‬‬
‫لذلك تتعدّد إشكاليّات الموضوع الواحد‪ ،‬ولذلك يكون بعضها أعمق من بعض‪.‬‬
‫يمتحن‬
‫ِّ‬ ‫إن من يعطي مثال موضوع "ما هي شروط الغلط؟" يقصد أن‬ ‫وقد يقال ّ‬
‫مدى إلمام الممت َحن بالمعلومات التي أعطاها له في الدّرس؛ أي قد يقال ّ‬
‫إن‬
‫شرطان ال أكثر وال أق ّل‪ .‬ينبغي ّ‬
‫الردّ هنا‬ ‫صاحب الموضوع قصد أن يعرض ال ّ‬
‫الممتحن قصد ما سبق‪ ،‬فعلى الممت َحن أن يقوم بما ط ِّلب منه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫أن‬ ‫بالقول‪ :‬إن ثبت ّ‬
‫للممتحن أن يس ّمي ما طلبه مقالة‪.353‬‬
‫ِّ‬ ‫لكن ال ّ‬
‫يحق‬
‫أن األمر لم‬ ‫ك ّل هذا إذا كانت صيغة الموضوع النّظري استفهاميّة‪ .‬وما يالحظ ّ‬
‫يختلف مع ما سبق من مواضيع صيغتها غير استفهاميّة‪ :‬فـ"األشكلة" هنا‬
‫كـ"األشكلة" هناك‪ .‬بقي الموضوع مع مقولة‪.‬‬

‫‪ /2 .1 .1‬الموضوع النّ ّ‬
‫ظري مع مقولة (‪)sujet avec citation‬‬

‫‪ ―.90‬طريقة األشكلة‪.‬‬
‫أن المقولة‪ ،‬إن وردت ومعها سؤال (ما رأيك في‪...‬؟ ‪ /‬إلخ‪ ).‬أو‬ ‫رأينا سابقا‪ّ 354‬‬
‫مرافق آخر يتقدّمها أو يأتي بعدها (من نحو‪ :‬حلّل وناقش‪ /‬علّق على هذا التّأكيد‬

‫ي‬
‫كليّة العلوم القانون ّية والسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس على موقعها االلكترون ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 353‬نشرت‬
‫الرئيسيّة‬
‫(‪ 2[ http://www.fsjpst.rnu.tn‬أوت ‪ )]2010‬بعض محاضر إصالح مواضيع امتحانات الدّورة ّ‬
‫ودورة التّدارك لل ّسنة الجامعيّة ‪ .2010 – 2009‬والبادرة طيّبة على أكثر من مستوى‪ ،‬أبرزها ال ّ‬
‫شفافيّة‪ .‬لذا‬
‫ينبغي أن تع ّمم‪ .‬لكن من ينظر إلى المقاالت التي أعطيت ّ‬
‫للطلبة من السّنة األولى من اإلجازة إلى الماجستير‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتحديدا من ينظر إلى محاضر إصالح هذه المقاالت‪ ،‬يجد أن األغلبيّة السّاحقة ال تحوي إشكاليّة‪ ،‬بل تحوي‬
‫جردا للمعلومات المعطاة في المحاضرات‪ .‬هذا يعني ّ‬
‫أن ما أسماه أغلب األساتذة مقالة ليس له (إذا نظرنا إلى‬
‫ومبررا في امتحان السّنة األولى‬
‫ّ‬ ‫مفهوما‬ ‫هذا‬ ‫يكون‬ ‫وقد‬ ‫محاضر اإلصالح التي قدّموها) من المقالة إالّ االسم‪.‬‬
‫من اإلجازة (انظر ما جاء في الفقرة عدد ‪ ،)83‬لكن هل يمكن أن نجد عذرا في جعل ك ّل سنوات الدّراسة‬
‫الجامعيّة سنة أولى من اإلجازة؟؟؟‬
‫‪ 354‬انظر الفقرة عدد ‪.74‬‬
‫‪199‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫معتمدا ما تلقّيته في الدّرس أو في مطالعاتك ‪ /‬إلخ‪ ،).‬فالموضوع مقالة طالت‬


‫المقولة أم قصرت‪ .‬و"األشكلة" هنا ال تختلف في شيء ع ّما قيل في إطار‬
‫فنص المقولة‪ ،‬وإن طال‪ ،‬قابل ألن‬
‫ّ‬ ‫الموضوع المتمثّل في جملة خبريّة‪.355‬‬
‫يختزل في خبر يسنده المؤلّف إيجابا أو سلبا لمخبر عنه‪ .‬وهذا اإلسناد هو الذي‬
‫يتعلّق به ال ّ‬
‫سؤال أو ما يرافق المقولة‪.356‬‬
‫الموضوع مع‬
‫مقولة‬
‫***‬ ‫الموضوع بدون مقولة‬
‫إثبات فكرة في‬
‫عناصر مادّة‬
‫قانونيّة‬

‫استفهامي‬
‫ّ‬
‫***‬
‫استفهامي‬
‫ّ‬ ‫غير‬
‫إثبات فكرة في‬
‫عناصر مادّة‬
‫قانون ّية‬

‫جملة خبر ّية‬


‫***‬
‫إثبات فكرة في‬ ‫ليس جملة‬
‫عناصر مادّة‬
‫قانونيّة‬

‫مفهومان فأكثر‬ ‫مفهو ٌم واح ٌد‬


‫عطف بينها‬
‫***‬
‫بالواو‬
‫إثبات فكرة في‬
‫***‬
‫عناصر مادّة‬
‫العالقة‬ ‫قانون ّية‬

‫هذه هي اإلشكاليّة في الموضوع مع مقولة‪ ،‬ومن قبلها في الموضوع بال مقولة‪.‬‬


‫لكن ما الذي ال يعتبر إشكاليّة؟‬

‫‪ 355‬انظر الفقرة عدد ‪.88‬‬


‫‪ 356‬مثال موضوع نظري مع مقولة‪:‬‬
‫حلّل‪" :‬إذا كانت العبارة مطلقة جرت على إطالقها"‪.‬‬
‫ي والمقصود‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫قانون‬ ‫نص‬
‫ّ‬ ‫ولقد أتينا بهذا المثال لنقابله بتمرين هو تعليق على‬
‫علّق على الفصل ‪ 533‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪" :‬إذا كانت عبارة القانون مطلقة جرت على إطالقها"‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪200‬‬

‫‪ /2 .1‬ما الذي ليس إشكاليّة؟‬

‫‪ ―.91‬القطب الذي تدور عليه مفردات املقالة‪.‬‬


‫لقد قلنا ما اإلشكاليّة‪ ،‬فإذن نكون قد قلنا بنفس المناسبة ما الذي ليس إشكاليّة‪.‬‬
‫أن اإلشكاليّة ليست‬ ‫لكن تنبغي – بسبب أه ّمية المسألة – العودة ثانية للتّأكيد على ّ‬
‫أن اإلشكاليّة توتّر‪.‬‬ ‫صيغة الموضوع وإن كانت استفهاما‪ ،‬وللتّأكيد على ّ‬
‫سل حالّ؛ والح ّل هو‬ ‫ي أو المو ِّت ّر هو نقطة انطالق المقالة‪ ،‬وهو يتو ّ‬‫واإلشكال ّ‬
‫األطروحة (‪ ،)thèse‬أو هو القضيّة (‪ ،)proposition‬وبالتّحديد هو القضيّة‬
‫تتكون من مخبر عنه ومن‬ ‫ّ‬ ‫الخبريّة (‪ ،)proposition prédicative‬والتي‬
‫خبر‪ .‬وهنالك إشكاليّة متى كان ث ّم رأيان (أو أكثر) يتسابقان‪ ،‬كالهما له حججه‬
‫وكالهما يدّعي لنفسه الوجاهة‪ .‬وصاحب المقالة سيختار رأيا ويحت ّج له‬
‫وسيقصي رأيا ويحت ّج ضدّه‪ ،‬أو هو سيذهب إلى رأي ثالث ويحت ّج له ضدّ البقيّة‪.‬‬
‫والرأي المختار هو الح ّل أو األطروحة أو القضيّة‪ ،‬وهو ما ينهي التّوتّر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وألن جميع الحجج ستتّجه إلى األطروحة والقضيّة لتثبتها وتنفي ما سواها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فاألطروحة والقضيّة ستمثّل القطب الذي يدور عليه ك ّل العمل‪ .‬فلدينا إذن فكرة‬
‫مركزيّة وجميع ما في جوهر المقالة منجذب نحوها‪.‬‬
‫(أ) من‬
‫الفقرة‬
‫األولى‬

‫(ب) من‬ ‫(ب) من‬


‫الفقرة‬ ‫اإلشكال ّية‬ ‫الفقرة‬
‫الثّانية‬ ‫األولى‬

‫(أ) من‬
‫الفقرة‬
‫الثّانية‬

‫‪ ...‬نعم سندخل في تفاصيل ‪ ...‬نعم وكلّما كان العمل أعمق كانت التّفاصيل أكبر‬
‫لكن دخولنا في التّفاصيل لن يجعلنا ولن يجعل قارئنا من بعدنا يتيه‪ :‬فالفكرة‬
‫‪ّ ...‬‬
‫مستمرة جميع األجزاء‪.357‬‬
‫ّ‬ ‫ستشدّ إليها وبصفة‬

‫‪ 357‬قارن مع‪Ahmed Hosny, préc., p. 31. :‬‬


‫‪201‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫لك خطاب هو واحد‪ُ ،‬وخيزتل يف قض ّية [‪ ]...‬ووحدة الهدف تؤدّي اىل أأن نبرص من نظرة‬ ‫" ّ‬
‫لك أأبواهبا [‪ ]...‬اخلطاب‬
‫لك شوارعها و ّ‬‫الساحة العا ّمة ملدين ٍّة ّ‬
‫واحدة الكتاب لكّه‪ ،‬كام نبرص من ّ‬
‫هو القضيّة وقد فُ ّ ِصلت‪ ،‬القضيّة يه اخلطاب وقد اخ ُت ِرص"‪.358‬‬

‫صلت‬
‫الفكرة وقد ف ّ ّ‬ ‫هي‬ ‫المقالة‬

‫الفكرة‬ ‫هي‬ ‫المقالة وقد اخت ّصرت‬

‫وكشف حساب عن عناصر‬ ‫َ‬ ‫مجرد وصف‬‫ّ‬ ‫يخلص م ّما سبق ّ‬


‫أن المقالة ليست‬
‫مكونة لمادّة َما‪ ،‬حتّى لو كان الوصف والكشف مع ّمقا وفيه جميع التّفاصيل‪ .‬كما‬
‫ّ ِّ‬
‫ّ‬
‫يتوزع على عدّة جهات‪.‬‬ ‫أنّها ليست استدالال على أفكار متعدّدة‪ ،‬وليست ِّحجاجا‬
‫بل المقالة تنطلق من إشكاليّة وتأتي بح ّل لها‪ .‬وترتيب عناصر الح ّل‪ ،‬أي ترتيب‬
‫الحجج على القضيّة أو على األطروحة أو على الفكرة المركزيّة‪ ،‬هو ما يس ّمى‬
‫ّ‬
‫المخطط يبنى على اإلشكاليّة‪.359‬‬ ‫ّ‬
‫بالمخطط‪ .‬لذلك يقال ّ‬
‫إن‬
‫المكونة لمادّة ما؛‬
‫ّ ِّ‬ ‫ببيان العناصر‬ ‫ِّ‬ ‫مجرد جرد وقائمة‬ ‫ّ‬ ‫فإذا قرأنا عمال‪ ،‬ووجدناه‬
‫إذا طالعنا عمال‪ ،‬ولم نجده أثبت فكرة؛ إذا نظرنا في عمل‪ ،‬فلم نجده قدّم حججا‬
‫أن هذا العمل ليس مقالة‪ .‬فإذا لم يكن مقالة‪ ،‬ماذا يكون؟‬ ‫لفائدة أطروحة‪ ،‬علمنا ّ‬
‫ي "ماو تسي تونغ"(‪ ... )Mao Tsé-Tung‬نعم ‪...‬‬ ‫صين ّ‬ ‫الزعيم ال ّ‬ ‫لنسمع إلى ّ‬
‫ي "ماو تسي تونغ" ‪:‬‬ ‫صين ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫الزعيم ال ّ‬
‫"هذا املهنج تبنّاه أأيض ًا رفاقنا‪ .‬يف مقاالهتم وخطهبم‪ ،‬يف كتهبم وتقاريرمه‪ ،‬يبدؤون ابس تعامل‬
‫الصغري‪ّ ،‬مث العالمات‬ ‫الصينيّة ذات احلجم الكبري‪ّ ،‬مث ا ألرقام ّ‬
‫الصينيّة ذات احلجم ّ‬ ‫ا ألرقام ّ‬
‫الصينيّة‪ّ ،‬مث أأيضا ا ألحرف ذات احلجم الكبري‪ّ ،‬مث‬
‫ادلّ وريّة وعالمات الربوج االثين عرش ّ‬

‫‪"Tout discours est un, il se réduit à une seule proposition … Cette unité de 358‬‬
‫‪dessein fait qu’on voit d’un seul coup d’œil l’ouvrage entier, comme on voit de la‬‬
‫‪place publique d’une ville toutes les rues et toutes les portes … Le discours est la‬‬
‫‪proposition développée ; la proposition est le discours en abrégé". Fénelon, cité par :‬‬
‫‪A. Baron, préc., p. 102.‬‬
‫‪Sophie Le Ménachèze-Lefay, préc., p. 16. 359‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪202‬‬

‫الصغري‪ّ ،‬مث الأرقام العرب ّية‪ّ ،‬مث أأيضا ‪ ...‬ما يُدريين ماذا أأيضا! حلسن‬‫ا ألحرف ذات احلجم ّ‬
‫احلظّ‪ ،‬لقد أأوجد أأسالفنا وا ألجانب ّّمكً من ّالرموز الس تعامالتنا ّ‬
‫حىت أأن ّه ابالماكن أأن ن ُنشئ‬
‫هبا‪ ،‬وبدون عناء‪ ،‬صيدل ّية صينيّة !‬
‫حمشوة مبثل هذه ّالرموز‪ ،‬ال تثري وال حتلّل وال حت ّل أأ ّي مشلك‪ ،‬وال تتّخذ موقفا‬ ‫ا ّن مقاةل ّ‬
‫لفائدة أأو ض ّد يشء‪ ،‬يه يف هناية املطاف صيدليّة صينيّة"‪.360‬‬

‫وهكذا ث ّم مقاالت‪ ،‬ولكن أيضا ث ّم مذ ّكرات وأطروحات‪ ،‬ليست مقاالت وال‬


‫مذ ّكرات وال أطروحات‪ ،‬بل "صيدليّات صينيّة"‪ .‬بعبارة مختلفة‪ ،‬ث ّم أعمال ال‬
‫يثبت أصحابها شيئا ً وال يش ِّكلون أمراً‪ ،‬بل يكتفون بالوصف وبالجرد وبقائمة‬
‫معلومات‪ .‬وبعض هذه األعمال له قيمته وجدواه‪ ،‬لكن ال يمكن تسميته مقالة‬
‫بالمعنى الذي نحن بصدده وال أطروحة‪.‬‬
‫‪ ―.92‬خالصة وختلّص‪.‬‬
‫فعلى من يريد أن يكون ما يأتيه مقالة (أو أطروحة‪ ،‬إلخ) أن يستخرج إشكاليّة‬
‫صرفيّة‬‫بعد أن يكون قد أعطى لصيغة الموضوع مختلف معانيها المعجميّة وال ّ‬
‫وغيرها‪ ،‬وبعد أن تكون هذه المعاني قد أحالته على المادّة التي سينتهي به األمر‬
‫كما تقدّم إلى أن يشكلها‪ .‬فإذا فعل ما جاء اآلن‪ ،‬وجب عليه‪ ،‬وهو بعد في مرحلة‬
‫االكتشاف‪ ،‬أن يقوم بالخطوة الموالية وهي البحث عن الفائدة من اإلشكاليّة‪.‬‬

‫‪"Cette méthode a été adoptée aussi par nos camarades. Dans leurs articles et 360‬‬
‫‪discours, dans leurs livres et rapports, ils utilisent d’abord les chiffres chinois en‬‬
‫‪caractères majuscules, ensuite les chiffres chinois en caractères minuscules, puis les‬‬
‫‪signes cycliques et les douze signes du zodiaque chinois, puis encore les lettres‬‬
‫‪majuscules A, B, C, D, les lettres minuscules a, b, c, d, les chiffres arabes, et que‬‬
‫‪sais – je encore ! Nos ancêtres et les étrangers ont heureusement créé tant de‬‬
‫‪symboles à notre usage que nous pouvons ouvrir sans peine une pharmacie‬‬
‫‪chinoise ! Un article qui bourré de tels symboles, ne soulève, n’analyse, ne résout‬‬
‫‪aucun problème, et ne se prononce ni pour ni contre quoi que ce soit reste en fin de‬‬
‫‪compte une pharmacie chinoise". Mao Tsé-Tung, Écrits, Coll. « Maspero », II, p.‬‬
‫‪142-143, cité par Jacques Derrida, La dissémination, Collection "Tel Quel", Seuil,‬‬
‫‪Paris, 1972, p. 30, note n° 14.‬‬
‫‪203‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ .2‬إبراز الفائدة من اإلشكاليّة‬

‫‪ ―.93‬الفائدة نظريّة وعمليّة‪.‬‬


‫تتحدّث مؤلّفات منهجيّة التّعبير عن الفائدة؛ وتقول إنّها قسمان‪ ،‬نظريّة وعمليّة‪.‬‬
‫تطور العادات أو‬ ‫والفائدة النّظريّة يمكن أن تتمثّل في المستويات التّالية‪ :‬مستوى ّ‬
‫المجتمع أو األفكار الفلسفيّة (إلخ‪).‬؛ مستوى نظريّات القانون األساسيّة؛ مستوى‬
‫سِّجاالت والخالفات الفنّيّة؛ وغير ذلك من المستويات التي يمكن وصفها‬ ‫ال ّ‬
‫سد الفائدة من اإلشكاليّة في‬ ‫بالنّظريّة‪ .‬وفي الموضوع الواحد‪ ،‬يمكن أن تتج ّ‬
‫مستوى واحد‪ ،‬كما يمكن أن تت َر َجم على أكثر من مستوى‪.‬‬
‫هذا بالنّسبة إلى الفائدة النّظريّة‪ ،‬أ ّما الفائدة العمليّة فيمكن أيضا ً وضعها على عدّة‬
‫شخصيّة‪ ،‬أو العائليّة‪ ،‬أو المهنيّة‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫مستويات‪ :‬مستوى الحياة اليوميّة ال ّ‬
‫م ّما يسوغ نعته بالجدوى العمليّة‪ .‬وهنا كذلك يمكن‪ ،‬في الموضوع الواحد‪،‬‬
‫وضع الجدوى على مستوى أو على أكثر‪.‬‬
‫زيادة على ما سبق يمكن‪ ،‬دائما ً في الموضوع الواحد‪ ،‬االكتفاء بواحدة من‬
‫الفائدتين النّظريّة أو العمليّة؛ كما يمكن اإلتيان بهما معا ً‪.361‬‬
‫ّ‬
‫يظن‬ ‫وأيّا ً كان الخيار المتبنّى‪ ،‬على الكاتب أن يبقي أرجله على األرض وأن ال‬
‫أن فائدة الفكرة التي سيثبتها ومن ث ّم فائدة العمل الذي سيقوم به هي فائدة بحجم‬ ‫ّ‬
‫الكون أو أنّها ته ّم ك ّل النّاس‪ .‬نعم قد تكون فائدة موضوع ما خطيرة وإلى حدود‬
‫معيّنة طبعا‪ ،‬لكن في ك ّل األحوال ينبغي أن ال يشعر القارئ أنّه أمام مؤلّف بعيد‬
‫عن التّواضع‪.‬‬
‫‪ ―.94‬الفائدةُ فائدةٌ من ثبوت الفكرة املوجِّهة للعمل‪.‬‬
‫وتنبغي‪ ،‬إضافة إلى ما تقدّم‪ ،‬اإلشارة إلى ّ‬
‫أن المقصود بالفائدة الفائدة من ثبوت‬
‫أن هذا الثّبوت ال يتحقّق إالّ بعد الفراغ من جوهر العمل‪ .‬لذلك‬
‫الفكرة‪ .‬والمشكل ّ‬
‫ث ّم من يأتي بعنصر الفائدة في الخاتمة ‪.‬‬
‫‪362‬‬

‫‪ 361‬انظر حول ما سبق وعلى سبيل المثال‪:‬‬


‫; ‪Henri Mazeaud, préc., p. 89 ; Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 71 et s.‬‬
‫‪Jean-Pierre Gridel, La dissertation et le cas pratique en droit privé, Dalloz, Paris,‬‬
‫‪3eéd., 1993, p. 7 et p. 51.‬‬
‫‪ 362‬انظر مثال إلى هذه األطروحة في الفلسفة (‪ )Paul Lapie, préc., p. 371 et s.‬حيث ستجد تحت عنوان‬
‫‪ Conclusion‬ذكرا للنّتيجتين المترتّبتين عن إثبات الفكرة المنطلق منها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪204‬‬

‫ي اليوم – وألجل تحقيق الغاية المتمثّلة في شدّ انتباه‬ ‫لكن العرف األكاديم ّ‬ ‫ّ‬
‫القارئ– يقول بوضع عنصر الفائدة في المقدّمة‪ .‬بهذا القول تكون الفائدة التي‬
‫أن الفكرة‬‫نضعها في المقدّمة ليست فائدة لثبوت الفكرة‪ ،‬بل فائدة على تقدير ّ‬
‫ستثبت‪.‬‬
‫ويقضي العقل‪ ،‬إذا اتّبعنا العرف ووضعنا الفائدة في المقدّمة‪ ،‬أن نورد الفكرة‬
‫ونورد بعد ذلك الفائدة منها‪ .‬هذا ما يقول به البعض في إطار المقالة غير‬
‫سحب على المقالة‬ ‫أن هذا القول واجب ال ّ‬ ‫القانونيّة‪ . 363‬وحين نتأ ّمل‪ ،‬نجد ّ‬
‫سائد القول بوضع‬ ‫سائد في هذه المقالة ليس ما سبق‪ ،‬بل ال ّ‬ ‫القانونيّة‪ .‬لكن ال ّ‬
‫تعرض فيه لعنصر‬ ‫عنصر الفائدة في مكان في المقدّمة سابق للمكان الذي ي ّ‬
‫اإلشكاليّة أو عنصر الفكرة‪.364‬‬
‫‪ ―.95‬الفائدة من الفائدة‪.‬‬
‫وفي ك ّل األحوال‪ ،‬الستخراج الفائدةِّ فائدة‪ ،‬إذ أنّه يسهم في تحقيق الوضوح‪.‬‬
‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫"سأأذهب اىل ما أأبعد‪ :‬الفائدة نفسها عنرص من عنارص الوضوح‪ .‬يقول «فيلامن» مبهارة‪« :‬رمغ‬
‫القصة غامضة ألهنّ ا ال جتعكل هت ّمت»‪ .‬تعلّموا كيف‬
‫املهنج‪ ،‬رمغ التّوارخي‪ ،‬رمغ التّفاصيل‪ ،‬هذه ّ‬
‫جتعلوان هن ّمت‪ ،‬نتأأثّر‪ ،‬وعندها تكون ّقصتمك واحضة‪ ،‬دقيقة‪ ،‬قريبة من احلقيقة"‪.365‬‬

‫ويضيف غيره أنّه ال يؤبه إلثبات‪ ،‬إذا لم يت ّم إبراز ما يدعو لالكتراث واالهتمام‬
‫به‪:‬‬

‫كريس‪ ،‬مث ّبتّي بكبة أأنظارمه عىل أأحذيهتم ومعلنّي جفأأة‪ ،‬ألنفسهم أأو للخرين‬ ‫"اسّتخوا عىل ّ‬
‫– ال أأحد يعرف –‪« :‬فالن وفالن أأثبتوا أأ ّن أأنىث الفأأر ا ألبيض تس تجيب سلبا لصعقة‬
‫قلت هلم‪ّ ،‬مث ماذا؟ قولوا يل أأ ّو ًال ملاذا ينبغي أأن أأه ّمت‪،‬‬ ‫الكهرابء ‪« .»...‬حس ن ًا‪ ،‬أأهيّ ا ّ‬
‫السادة‪ُ ،‬‬

‫‪ 363‬مح ّمد الغنّوشي والحبيب كتيتة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ 364‬انظر مثال‪ :‬مح ّمد كمال شرف الدّين وكمال نﭭرة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪16‬؛ ‪Henri Mazeaud, préc., p. 96 et‬‬
‫‪s.‬‬
‫‪"Je vais plus loin : l’intérêt même est un des éléments de la clarté. M. Villemain 365‬‬
‫‪dit finement : « Malgré la méthode, les dates, les détails, cette histoire est obscure,‬‬
‫‪parce qu’elle n’intéresse pas ». Sachez intéresser, prenez-nous au cœur, et votre récit‬‬
‫‪sera clair, précis, vraisemblable". A. Baron, préc., p. 150.‬‬
‫‪205‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫عندها سأألقي ّ‬
‫السمع»"‪.366‬‬

‫لكن استخراج الفائدة ليس كلّه فائدة إذ قد يدخل في باب "شاكر نفسه يقرئك‬
‫سالم"‪ .‬يقول «جاك دريدا» – وحديثه ه ّم الفائدة وزاد عليها ليشمل ك ّل‬ ‫ال ّ‬
‫المقدّمة‪ ،‬بل ك ّل مقدّمة –‪:‬‬

‫جس ل ألب‬ ‫"(ال تنصح البالغة الالكس يكيّة بـ‪ ):‬املقدّمة‪ ،‬هذا الادّعاء‪ ،‬ال ُعجب‪ ،‬االجعاب ّالرن ّ‬
‫اببنه‪« .‬املقدّ مة يه جحر عرثة أخر‪ ،‬ا ألان ممقوتة‪ ،‬يقول «پاساكل» [‪ ]...‬عىل كتابك أأن يتحدّث‬
‫عن نفسه بنفسه‪ ،‬اذا اس تطاع أأن يكون مقرو ًء بّي الخرين» (فولتري)‪ .‬ولقد [‪( ]...‬قال)‬
‫عسف يف املقدّ مات»‪ ،‬وهو يتناول الكتاابت‬ ‫«كوندييّاك»‪ ،‬حتت عنوان « ّفن الكتابة‪ ،‬التّ ّ‬
‫التّعلمي ّية‪« :‬املقدّمات مصدر أخر للتّع ّسف‪ .‬هنا يربز تفاخر اكتب يغايل عىل حنو مثري‬
‫للسخريّة يف قمية املواضيع اليت يتناولها [‪ ]...‬أأن يتحدّث املرء عن أأعامهل‪ ،‬عن سهره‪ ،‬عن‬ ‫ّ‬
‫يقص‬ ‫لك ا ألفاكر اليت دليه [‪ ]...‬أأن ّ‬ ‫العوائق اليت اكن عليه جتاوزها‪ ،‬أأن يُطلع العموم عىل ّ‬
‫لك مشلك اىل الوسائل العديدة‬ ‫خيص ّ‬ ‫اترخي احملاوالت غري النّاحجة اليت قام هبا‪ ،‬أأن يشري فامي ّ‬
‫تفّن يف تضخمي‬ ‫لك هذا ّ‬‫حلهل اذا مل يكن ّمث االّ وس يةل واحدة يه املرادة واملمكنة الاس تعامل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫رضوري‪ ،‬لن يبقى فهيا‬
‫ّ‬ ‫لك ما هو غري‬ ‫الكتاب جلعل القارئ ميلّ‪ .‬فاذا حذفنا من هذه الكتب ّ‬
‫يشء تقريبا‪ .‬وك ّأين هبؤالء الكتّاب مل يريدوا أأن يصنعوا االّ مقدّ مة للمواضيع اليت تناولوها‪ :‬اهنّ م‬
‫يهنون كتهبم وقد نسوا أأن حيلّوا املشألك اليت أأاثروها»‪ .‬ذلا يقّتح «كوندييّاك» حذف املقدّ مات‬
‫لك الالكم اذلي ميكن أأن ي ُس تغىن عنه» [‪( ]...‬و) «كوندي ّياك» مل يفعل (فامي جاء عىل‬ ‫و« ّ‬
‫لسانه للتّ ّو) االّ أأن ّكرر «البرواير» اذلي [‪( ]...‬اكن قد) قال‪« :‬اذا حذفنا من كثري من الكتب‬
‫[‪ ]...‬تنبيه القارئ‪ ،‬ورساةل االهداء‪ ،‬واملقدّ مة‪ ،‬وال ِفهرس [‪ ]...‬فلن تبق االّ بضع صفحات‬
‫تحق امس الكتاب»"‪.367‬‬ ‫تس ّ‬

‫‪" Ils s’affalent sur une chaise, fixant maussadement leurs souliers et annoncent 366‬‬
‫‪brusquement, à eux-mêmes ou à d’autres, on ne le sait jamais : « Un tel et un tel ont‬‬
‫‪montré … que la femelle du rat blanc répond négativement au choc électrique … ».‬‬
‫‪«Très bien, monsieurs, leur dis-je, alors quoi ? Dites-moi d’abord pourquoi je dois‬‬
‫‪m’en soucier, alors j’écouterais »".‬‬
‫هذا المقتطف موجود في كتاب‪Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, Traité de :‬‬
‫‪l’argumentation. La nouvelle rhétorique, éd de l’Université de Bruxelles, 1992, p.‬‬
‫‪23.‬‬
‫‪"C’est pourquoi il est de bon ton, dans la rhétorique classique, de déconseiller la 367‬‬
‫‪préface, sa suffisance, sa complaisance, l’admiration narcissique du père pour le‬‬
‫‪fils.« Les préfaces sont un autre écueil ; le moi est haïssable, disait Pascal […] C’est‬‬
‫ املقالة‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 206

:‫ ويقول‬،‫ويزيد صاحب هذا المقتطف‬


ّ ،‫ جييب عن ابنه‬،‫"(املقدّ مة) الك ُم أأ ٍّب يساعد ك ْتبه‬
‫ يف نس بة‬،‫ يف دمعه‬،‫يتعرث يف منارصته‬
‫] وحيمكها قانون‬...[ ‫] (حنن أأمام مرسحيّة خشوصها) ا ألب والابن‬...[ ‫الكامل اليه‬
.368"‫ّالرنجس يّة‬

‫ يظ ّل لإلتيان بالفائدة من اإلشكاليّة‬،‫ رغم ذلك‬.‫وقد يمكن القول بوجاهة هذا النّقد‬
.‫ وهي المساهمة في توضيح العمل‬،‫فائدة ال يمكن التّضحية بها‬
‫ تكون‬،‫خرجت اإلشكاليّة‬ ْ َ‫فإذا أب ِّْرز‬
ِّ ‫ ومن قبل ذلك إذا است‬،‫ت أه ّميّة اإلشكاليّة‬
.‫الخطوة الموالية متمثّلة في البحث عن عناصر الجواب على اإلشكاليّة‬

à votre livre à parler pour lui-même, s’il parvient à être lu dans la foule ». (Voltaire).
Traitant Du genre didactique, Condillac décrit, dans De l’art d’écrire, l’Abus des
préfaces : « Les préfaces sont une autre source d’abus. C’est là que se déploie
l’ostentation d’un auteur qui exagère ridiculement le prix des sujets qu’il traite […]
parler de ses travaux, de ses veilles, des obstacles qu’on a eus à surmonter, faire part
au public de toutes les idées qu’on a eues […] donner l’histoire de toutes les
tentatives qui ont été faites sans succès ; indiquer sur chaque question plusieurs
moyens de la résoudre, lorsqu’il n’y en a qu’un dont on veuille, et dont on puisse
faire usage ; c’est l’art de grossir un livre pour ennuyer son lecteur. Si l’on
retranchait de ces ouvrages tout ce qui est inutile, il ne resterait presque rien. On
dirait que ces auteurs n’ont voulu faire que la préface des sujets qu’ils se proposaient
de traiter : ils finissent, et ils ont oublié de résoudre les questions qu’ils avaient
agitées ». Condillac propose alors d’« élaguer » les préfaces et « tous les mots dont
on peut se passer » […] Condillac répète La Bruyère qui lui-même … (dit) « Si l’on
ôte de beaucoup d’ouvrages […] l’Avertissement au lecteur, l’Épître dédicatoire, la
Préface, la Table […] il reste à peine assez de pages pour mériter le nom de livre»".
Jacques Derrida, La dissémination, Collection « Tel Quel », Seuil, Paris,1972, p.
52. note 26.
"(La préface) est la parole du père assistant son écrit, répondant de son fils, 368
s’essoufflant à soutenir, à retenir, à idéaliser […] La scène se jouerait […] entre le
père et le fils […] Le narcissisme est la loi". Jacques Derrida, préc., p. 52 et 53. V.
dans le même sens p. 35.
‫‪207‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ .3‬البحث عن عناصر الجواب على اإلشكاليّة‬

‫‪ ―.96‬ربط الفكرة باملادّة دون تعسّف‪.‬‬


‫لدينا مادّة قانونيّة (مثال‪ :‬النّظريّة العا ّمة للعقد) أخذناها من الدّرس ومن‬
‫خزنّاها في الذّاكرة‪.‬‬
‫مطالعاتنا‪ ،‬ث ّم فهمناها‪ ،‬ث ّم ّ‬
‫بعد ذلك جاءت صيغة الموضوع (مثال‪ :‬الغلط)‪ ،‬فحدّدنا معناها‪ .‬بهذا التّحديد‬
‫ّ‬
‫المخزنة فيها ما أحالنا عليه‬ ‫استطعنا أن نعود إلى الذّاكرة وأن ننتقي من المادّة‬
‫معنى صيغة الموضوع (تعريف الغلط – شروط الغلط – وغير ذلك من‬
‫المكونة لمادّة الموضوع)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العناصر‬
‫ث ّم استخرجنا من هذه المادّة إشكاليّة (هل تتوقّف آثار الغلط على امتداده؟ – أو‬
‫غير ذلك من اإلشكاليّات األخرى التي يمكن اكتشافها داخل مادّة الغلط‪،)369‬‬
‫وأبرزنا فائدتها‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تكون الخطوة الموالية أن ننتقي من مادّة الموضوع ك ّل عنصر يسمح‬
‫باإلجابة على اإلشكاليّة‪ .‬بعبارة مختلفة‪ ،‬استخرجنا الفكرة المركزيّة‪ :‬آثار الغلط‬
‫مرتبطة بامتداده‪ .‬أو إن شئنا انطلقنا من مخبر عنه ينتظر خبرا‪ :‬الغلط‪ .‬ث ّم وجدنا‬
‫الخبر وأسندناه باإلثبات للمخبر عنه فصرنا أمام الجملة الخبريّة‪ :‬الغلط هو آثار‬
‫مرتبطة باالمتداد‪ .‬واإلسناد باإلثبات الذي عمدنا إليه ليس بديهيّا‪ ،‬بل يقبل‬
‫النّقاش‪ .‬وهذه هي بؤرة التّوتّر‪ .‬بعد ما تقدّم ينبغي أن نبحث في مادّة الغلط عن‬
‫ك ّل ح ّجة لها عالقة بتلك الفكرة‪ :‬تثبتها أو تنفيها‪ .‬هذا األمر هو ما أسميناه سابقا‬
‫فعل البحث عن مضمون الموضوع‪.370‬‬

‫‪ 369‬انظر مثال إشكاليّة أخرى‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode d’emploi ou l’erreur :‬‬
‫‪sans peine ( préc.), p. 1887, n° 6.‬‬
‫‪ 370‬انظر الفقرة عدد ‪ 12‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪208‬‬

‫معنى الغلط‬ ‫الغلط‬

‫غلط في الشّيء‪ ،‬غلط في‬


‫استخراج فكرة مركز ّية‬
‫القيمة‪ ،‬يجب أن يكون‬
‫(ف )‬
‫حاسما‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫جمع (ف) بك ّل عنصر‬


‫مرتبط بها‬

‫معنى الصّيغة‬ ‫صيغة الموضوع‬

‫مادّة الموضوع‬
‫استخراج فكرة مركزيّة‬
‫المكونة‬
‫ّ‬ ‫والعناصر‬
‫(ف )‬
‫للمادّة‪ :‬ع‪ ،1‬ع‪ ،2‬إلخ‪.‬‬

‫جمع (ف) بك ّل عنصر‬


‫مرتبط بها‪ :‬ع‪ ،1‬ع‪،2‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫سف‪ ،‬بأن نرى الفكرة في‬‫وهنا ينبغي‪ ،‬ونحن نربط الفكرة بالمادّة‪ ،‬أن نحذر التع ّ‬
‫عناصر للمادّة أجنبيّة عنها‪ ،‬تماما ً كما كانت تلك المرأة في بالد العجائب تجد‬
‫عبرة في ك ّل شيء‪:‬‬
‫"«مك يه همووسة ابس تخالص عربة من ّ‬
‫لك يشء» قالت «أليس» بيهنا وبّي نفسها‪.‬‬
‫« أأراهن عىل أأن ِّك تتساءلّي ملاذا ال أأضع ذراعي حول خرصك؟ قالت «ادلّ وقة» بعد برهة من‬
‫جرب؟»‬ ‫الصمت‪ .‬أل ّين لست متأأكّدة من مزاج طائرك‪ .‬هل ّ‬
‫عيل أأن أأ ّ‬ ‫ّ‬
209 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫ قالت «أليس» حبذر ويه ال تريد أأبدا أأن تراها ّمتر من الالكم اىل‬،‫ قد يصيبك مبنقاره‬-
.‫التّجربة‬
‫ والعربة اليت تُس تخلص أأ ّن من‬،‫الطريقة‬ ّ ‫الطري واخلردل يلكعان بنفس‬ ّ ‫ هذا‬.‫ هذا حصيح‬-
.‫ جيمتعان‬،‫يتشاهبان‬
.»‫ الحظت «أليس‬،‫الطري‬ ّ ‫لكن اخلردل ال يش به هذا النّوع من‬ ّ -
‫ «كن كيفام‬:‫ والعربة اليت تُس تخلص من هذه الواقعة‬.»‫ قالت «ادلّ وقة‬،‫ أأان متّفقة معك متاما‬-
‫ «ال تعتقد أأبدا نفسك خمتلفا ّمعا بدا‬:‫تريد أأن تبدو» أأو ليك أأحتدّث بطريقة أأكرث وضوح ًا‬
.»‫للنّاس أأو أأ ّن ما كنت أأو كنت س تكون هو خمتلف ّمعا كنت واكن سيبدو خمتلفا‬
‫ لكن‬،‫ أأ ّين كنت سأأفهم أأكرث لو ر أأيت هذا مكتواب‬،‫ الحظت «أليس» بأأدب‬،‫ أأعتقد‬-
.371"‫أأخىش أأ ّين مل أأس تطع تتبّع ما قُل ِته‬

‫ تكون المرحلة الموالية‬،‫فإذا ضبطنا الحجج أو العناصر المرتبطة حقّا ً بالفكرة‬


.‫متمثّلة في ترتيبها‬

"« Quelle manie elle a de tirer une morale de tout ! » pensa Alice. 371
« Je parie que tu te demandes pourquoi je ne mets pas mon bras autour de ta taille,
reprit la Duchesse après un moment de silence. C’est parce que je ne suis pas sûre de
l’humeur de ton flamant. Faut-il que je tente l’expérience ?
– Il pourrait vous piquer d’un coup de bec, dit prudemment Alice qui ne tenait pas
du tout à la voir tenter l’expérience.
– Tout à fait exact. Les flamants et la moutarde piquent également. Et la morale de
ce fait est : « Qui se ressemble, s’assemble ».
– Mais la moutarde ne ressemble pas à un flamant, fit remarquer Alice.
– Je suis entièrement d’accord avec toi, dit la Duchesse. Et la morale de ce fait est :
« Sois ce que tu veux avoir l’air d’être » ou, pour parler plus clairement : « Ne te
crois jamais différente de ce qui aurait pu paraître aux autres que ce que tu étais ou
aurais pu être n’était pas différent de ce que tu avais été qui aurait pu leur paraître
différent ».
– Je crois, fit observer Alice poliment, que je comprendrais cela beaucoup mieux si
je le voyais écrit ; mais je crains de ne pas très bien vous suivre quand vous le dites".
Lewis Carroll, Alice au pays des merveilles, 1865, Chapitre I.
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪210‬‬

‫الفقرة الثّانية‪ ― .‬التّرتيب (‪)disposition‬‬

‫‪ ―.97‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬


‫ينبغي أن نردّ الحجج إلى مجموعات بحيث تكون المجموعة كمجموعة مرحلة‬
‫ِّحجاجيّة (أ)‪ .‬وينبغي كذلك أن ندخل إلى ك ّل مجموعة ونرتّب عناصرها (ب)‪.‬‬

‫(أ) التّرتيب في مجموعات أو المراحل ّ‬


‫الحجاجيّة‬

‫‪ ―.98‬املخطّط الذي جنهّزه واملخطّط اجلاهز‪.‬‬

‫لدينا اآلن الفكرة مرتبطة بعناصر متعدّدة‪ :‬ف ‪ +‬ع‪ ،1‬ف ‪ +‬ع‪ ،2‬ف ‪+‬‬
‫ع‪ ،3‬وهكذا‪ .‬وعلينا اآلن أن‪:‬‬
‫◄ نجمع المتماثالت ونفصل المتخالفات‪ ،‬فنصل إلى مجموعتين (أو ثالث على‬
‫أقصى تقدير)‪.‬‬
‫مجموعة أشياء‬
‫مجموعة أشياء‬
‫مختلفة عن أشياء‬
‫متماثلة‬
‫المجموعة األخرى‬
‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪2‬‬ ‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪1‬‬
‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪10‬‬ ‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪4‬‬
‫• إلخ‪.‬‬ ‫• إلخ‪.‬‬

‫◄نقد ّم المتقدّم ونؤ ّخر المتأ ّخر‪:‬‬

‫‪ .1‬مجموعة من المجموعتين‬ ‫الفقرة‬

‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪2‬‬
‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪10‬‬
‫• إلخ‪.‬‬

‫الفقرة ‪ .2‬المجموعة األخرى‬

‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪1‬‬
‫• ‪‬ف ‪ +‬ع‪4‬‬
‫• إلخ‪.‬‬
‫‪211‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫◄ نأتي إلى المجموعة األولى (الفقرة ‪ ،)1‬ونرجعها إلى عناصرها‪:‬أي نفتح الحزمة‬
‫األولى (الفقرة ‪ )1‬ونسقط منها عناصرها التي ستقع كما اتّفق‪.‬‬
‫ث ّم نجمع المتماثالت ‪...‬‬
‫ث ّم نقدّم المتقد ّم ‪...‬‬
‫فنصل إلى مجموعتين (أو إلى ثالث كحدّ أقصى) داخل المجموعة األولى (الفقرة‬
‫‪،)1‬‬
‫وواحدة من المجموعتين متقدّمة على األخرى‪.‬‬
‫الفقرة ‪ .1‬مجموعة من المجموعتين‬

‫(أ)‬

‫(ب )‬

‫الفقرة ‪ .2‬المجموعة األخرى‬

‫شيء مع المجموعة الثّانية (الفقرة ‪.)2‬‬


‫ث ّم نفعل نفس ال ّ‬
‫الفقرة ‪ .1‬مجموعة من المجموعتين‬

‫(أ)‬

‫(ب )‬

‫الفقرة ‪ .2‬المجموعة األخرى‬


‫(أ)‬

‫(ب )‬

‫وحين ال نجد فكرة ونبقى فقط أمام عناصر (ع‪ /1‬ع‪/2‬ع‪/3‬إلخ‪ :).‬نجمع‬
‫المتماثالت‪ ...‬ونقد ّم المتقدّم من العناصر‪ ،‬ث ّم نغلّف المجموعتين بـ‪" :‬ظاهر‬
‫فكرة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالمخططات‬ ‫ويمكن أن نستعين لهذا الغرض بكتب المنهجيّة في الجزء المتعلّق‬
‫ّ‬
‫المخططات أو‬ ‫خزنّا في الذّاكرة هذه‬
‫النّموذجيّة (‪ . 372) plans-types‬فإذا ّ‬

‫ّ‬
‫لمخطط‬ ‫صة مرتبطة باالمتحانات‪ .‬وإالّ فإ ّنه ينبغي القول إن ال وجود‬ ‫‪ 372‬ما جاء أعاله يه ّم فقط ظروفا ً خا ّ‬
‫صدَفة دون وظيفة تنتظر مجيء‬ ‫َ‬ ‫فارغا‪،‬‬ ‫شكال‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫ط‬ ‫ّ‬
‫المخط‬ ‫ليس‬ ‫وفعال‪،‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫لمخطط نموذج ّ‬ ‫ي‪" :‬ال وجود‬
‫نموذج ّ‬
‫ّ‬
‫مخطط لك ّل‬ ‫ي مضمون‪ .‬هنالك‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫شكل‬ ‫ال‬ ‫المضمون‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫شكل‬ ‫ّ‬ ‫ال‬‫إ‬ ‫آخر‬ ‫شيئا‬ ‫إذن‬ ‫ليس‬ ‫مقالة‬ ‫تخطيط‬ ‫[‪]...‬‬ ‫مادّة‬
‫المخطط يتغيّر حسب المواضيع"‪Dominique Folscheid et .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مخطط لهذه المقالة‪ .‬والنّظام أو‬ ‫مضمون‪،‬‬
‫‪Jean-Jacques Wunenburger, Méthodologie philosophique, P.U.F., Paris, 1992, p.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪212‬‬

‫صيغة ستحيلنا على واحد من‬ ‫بعضها‪ ،‬ننظر إلى صيغة موضوعنا‪ .‬وال ّ‬
‫ي" الذي تقترحه هذه الكتب‪.‬بعد ذلك نغ ِّلّف‬ ‫المخططات‪ /‬المفتاح العموم ّ‬ ‫ّ‬ ‫"‬
‫ّ‬
‫المخطط الذي أ ِّحلنا عليه بـ‪" :‬ظاهر فكرة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫المخططات النّموذجيّة" موجودة عند العديد من‬ ‫المخططات‪ /‬المفاتيح" أو "‬‫ّ‬ ‫و"‬
‫المؤلّفين‪ ،‬منهم‪:‬‬

‫"جون‪ -‬پيار ڤريدال"‪Jean-Pierre Gridel, La dissertation et le cas :‬‬


‫‪pratique en droit privé, Dalloz, Paris, 3e éd., 1993, n° 10 et s.‬‬
‫و"جيل ڤوبو" و"فيليپ بيهر"‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc, p. :‬‬
‫‪47 et s.‬‬
‫و"هنري مازو"‪Henri Mazeaud, préc, n° 88. :‬‬
‫و"تريار"‪Treillard, préc, p. 11 et s. :‬‬
‫و"أوديل دي دافيد بورغار ‪ -‬بارتييه"‪Odile de David Beauregard-Berthier, :‬‬
‫‪Méthodes de travail en droit administratif, Gualino éditeur, Paris,‬‬
‫‪1998, p. 79 et s.‬‬

‫وإنّا سنأخذ هنا واحدا من هؤالء هو "جون ‪ -‬پيار ڤريدال" ( ‪Jean-Pierre‬‬


‫ي لكي نضمن أن يكون نقال‬ ‫‪ .)Gridel‬ث ّم إنّا سنحاول أن يكون نقلنا له شبه حرف ّ‬
‫وفيّا‪:373‬‬
‫الزمنيّة (‪)plans chronologiques‬‬ ‫ططات ّ‬ ‫(أوال) المخ ّ‬
‫ّ‬
‫تمر بمراحل يتبدّل أثناءها نظامها‬‫سسة مح ّل الدّرس ّ‬ ‫الوضعيّة أو المفهوم أو المؤ ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫القانون ّ‬
‫مخطط على التّفرقة بين مرحلتين أو ثالث‪ :‬قبل‪ /‬بعد؛ الحاضر‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫إذن يمكن بناء‬
‫المستقبل؛ قبل‪ /‬أثناء؛ نشأة الوضعيّة‪ /‬آثارها‪ /‬انقضاؤها‪.‬‬
‫الزواج‪ /‬واجب‬ ‫الزواج" ← واجب اإلخالص قبل ّ‬ ‫مثال‪" :‬واجب اإلخالص و ّ‬
‫اإلخالص أثناء ّ‬
‫الزواج‪.‬‬
‫مثال‪" :‬التّغرير و العقد" ← التّغرير وتكوين العقد‪ /‬التّغرير وتنفيذ العقد‪.‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫ططات الفنّيّة (‪)plans techniques‬‬ ‫(ثانيا) المخ ّ‬

‫‪200 et 201.‬‬
‫‪ 373‬ث ّم مؤلَّف باللغة العربيّة نقل فيه صاحباه ما جاء عند "جون ‪ -‬پيار ڤريدال"‪ :‬عكاشة مح ّمد عبد العال وسامي‬
‫بديع منصور‪ ،‬المنهجيّة القانونيّة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقيّة‪ ،‬بيروت‪ ،2002 ،‬ص ‪ 110‬وما بعدها (في طبعة‬
‫‪ :2009‬ص ‪ 234‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪213‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫(ثانيا)‪ .1‬المخ ّططات المبنيّة على مخرج واقعي ( ‪plans par issues‬‬
‫‪)concrètes‬‬
‫تصورين (أو ثالثة) يمثّالن الح ّل والمخرج‬ ‫ّ‬ ‫إمكان دراسة الموضوع على أساس‬
‫الممكن‪:‬‬
‫◄ المخارج التّقنيّة (‪)issues techniques‬‬
‫ي (‪)plan par sanctions techniques‬‬ ‫مخطط الجزاء التّقن ّ‬ ‫ّ‬ ‫♦‬
‫يبنى على الجزاء‪ :‬بطالن‪ /‬معارضة‪ /‬فسخ‪ /‬تعويض‪ /‬إقالة‪ /‬إلخ‪.‬‬
‫ي ← إبطال بند‪ ،‬عامل إلبطال العقد‪ /‬إبطال بند‪ ،‬عامل‬ ‫مثال‪ :‬إبطال بند تعاقد ّ‬
‫لتغيير العقد‪.‬‬
‫مخطط الوصف التّقني (‪)plan par qualifications techniques‬‬ ‫ّ‬ ‫♦‬
‫ي الذي يعاقب به عدم تنفيذ متع ّمد للعقد ← الغرامة التّهديديّة‬ ‫مثال‪ :‬المبلغ المال ّ‬
‫ي‪ /‬التّعويض‪.‬‬ ‫شرط الجزائ ّ‬ ‫(‪ /)l’astreinte‬ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫حق عين ّ‬ ‫ي‪ّ /‬‬ ‫حق شخص ّ‬ ‫صيد على أرض الغير ← ّ‬ ‫حق ال ّ‬‫مثال‪ّ :‬‬
‫ي على وسائل فنّيّة (‪)plan par procédés techniques‬‬ ‫مخطط مبن ّ‬ ‫ّ‬ ‫♦‬
‫اإلتيان بتقنيتين (أو أكثر) يمكن أن تتناول بواسطتهما المادّة‪.‬‬
‫ي ← مساواة بإيجاد تماثل ‪ /‬مساواة بإيجاد‬ ‫مثال‪ :‬المساواة في القانون المدن ّ‬
‫تخالف‪.‬‬
‫◄ المخارج العمليّة (‪)issues pratiques‬‬
‫المقصود هو النّتائج العمليّة التي تؤدّي إليها التّقنية القانونيّة‪.‬‬
‫الطالق ← التّعويض‬ ‫الزوجة عن الضّرر المادّي الناشئ عن ّ‬ ‫مثال‪ :‬تعويض ّ‬
‫برأس مال ‪ /‬التّعويض بجراية‪.‬‬
‫(ثانيا)‪ .2‬المخ ّططات المبنيّة على المصادر الواقعيّة ( ‪plans par origines‬‬
‫‪)concrètes‬‬
‫المخططات المبنيّة على المصادر التّقنيّة ( ‪plans par origines‬‬ ‫ّ‬ ‫◄‬
‫‪)techniques‬‬
‫مثال‪ :‬التّعويض عن الضّرر النّاشئ عن عدم تنفيذ العقد ← التّعويض عن‬
‫ي) ‪ /‬التّعويض‬ ‫شرط الجزائ ّ‬ ‫ي (بند تحديد المسؤوليّة – ال ّ‬ ‫طريق االتّفاق التّعاقد ّ‬
‫عن طريق القضاء (االسترداد – التّقدير – إلخ‪.).‬‬
‫خاص بشخصه ‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫حق الدّائن ّ‬
‫حق‬ ‫حق الدّائن في إبطال عقود مدينه ← ّ‬ ‫مثال‪ّ :‬‬
‫حق المدين‪.‬‬‫مشتق من ّ‬ ‫ّ‬ ‫حق الدّائن ّ‬
‫حق‬ ‫ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪214‬‬

‫المخططات المبنيّة على المصادر العمليّة ( ‪plans par origines‬‬ ‫ّ‬ ‫◄‬
‫‪)pratiques‬‬
‫مثال‪ :‬المسؤوليّة التّعاقديّة للبائع المحترف ← في إطار عالقته بمحترف ‪ /‬في‬
‫إطار عالقته بمستهلك‪.‬‬
‫تدخل األشخاص ( ‪plans par‬‬ ‫ّ‬ ‫(ثانيا)‪.3‬المخ ّططات المبنيّة على‬
‫‪)interventions de personnes‬‬
‫المخطط على فعل أو عدم فعل األشخاص‪ ،‬والمصالح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المقصود هو بناء‬
‫ّ‬
‫والمنظمات‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫مثال ذكر سابقا‪ :‬التّعويض عن الضّرر النّاشئ عن عدم تنفيذ العقد ← التّعويض‬
‫ي) ‪ /‬التّعويض‬ ‫شرط الجزائ ّ‬ ‫عن طريق اتّفاق األطراف (بند تحديد المسؤوليّة – ال ّ‬
‫عن طريق القضاء (االسترداد – التّقدير –إلخ‪.).‬‬
‫مثال‪ :‬إفراغ البضائع المنقولة ← من قِّبَل النّاقل ‪ /‬من قِّبَل المرسل إليه‪ /‬من قِّبَل‬
‫مقاول تفريغ البضائع‪.‬‬
‫(ثانيا)‪ .4‬المخ ّططات التّزامنيّة (‪)plans synchroniques‬‬
‫تكون‪:‬‬
‫بمكوناته أو بميدانه أو‬‫ّ‬ ‫◄ بتوصيف المفهوم المدروس (اإلتيان بمعياره أو‬
‫خصائصه) (الفقرة ‪،)1‬وبمعالجة دخوله في الحياة القانونيّة (نظامه‪ ،‬أو آثاره‪ ،‬أو‬
‫جزاؤه‪ ،‬أو إجراءاته‪ ،‬إلخ‪().‬الفقرة ‪.)2‬‬
‫المخططات‪ :‬وصف (‪ /)description‬سير (‪)fonctionnement‬؛‬ ‫ّ‬ ‫مثال ذلك‬
‫شروط‪ /‬اآلثار؛ النّشأة‪/‬‬ ‫الطبيعة‪ /‬النّظام؛ ال ّ‬ ‫مجال‪ /‬آثار؛ نشأة‪ /‬آثار؛ مفهوم‪ /‬نظام؛ ّ‬
‫االنقضاء؛ المجال‪ /‬النّظام؛ المصادر‪ /‬الفوائد؛ المعيار‪ /‬المنتفعون؛ المعيار‪/‬‬
‫شيء؛ إلخ‪.‬‬ ‫شيء‪ /‬مدّة ال ّ‬ ‫الطبيعة‪ /‬اإلعمال؛ نشأة ال ّ‬ ‫النّتائج؛ ّ‬
‫الخاص (الفقرة ‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫◄ بجعل العا ّم (الفقرة ‪ )1‬في قبالة‬
‫المخططات‪ :‬المبدأ‪ /‬حدوده‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مثال ذلك‬
‫أو بجعل القانون العا ّم (الفقرة ‪ )1‬في قبالة الحلول االستثنائيّة (الفقرة ‪.)2‬‬
‫◄ بتمييز ميادين اآلثار الفنّيّة‪.‬‬
‫ويمكن أن نف ّكر هنا في‪:‬‬
‫شيوع بين‬ ‫صالحيّات (أو العكس)‪ .‬مثال‪ :‬ال ّ‬ ‫(الفقرة ‪ )1‬الملكيّة (الفقرة ‪ )2‬ال ّ‬
‫صالحيّات‪ /‬الحسابات‪.‬‬ ‫الزوجين ← ال ّ‬ ‫ّ‬
‫‪215‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سبب في مادّة المسؤوليّة عن‬ ‫(الفقرة ‪ )1‬األصل (الفقرة ‪ )2‬اإلجراءات‪ .‬مثال‪ :‬ال ّ‬
‫فعل األشياء ← القواعد األصليّة‪ /‬قواعد اإلثبات‪.‬‬
‫الت ّمييز بين ميدانين أو اختصاصين قانونيّين‪ .‬مثال ذلك‪ :‬دافع ما ال يلزمه ←‬
‫دافع ما ال يلزمه ونظريّة الغلط‪ /‬دافع ما ال يلزمه ونظريّة اإلثراء بدون سبب‪.‬‬
‫ططات الغائيّة ( ‪plans de finalité /‬‬ ‫(ثالثا) المخ ّ‬
‫‪)téléologiques‬‬
‫مبررة بداعيين أو‬ ‫هنا تكون الحلول‪ ،‬التي يطلب الموضوع كشف حساب عنها‪ّ ،‬‬
‫ي بعين االعتبار‪ ،‬أو ال يأخذها بعين االعتبار‪،‬‬ ‫ثالثة دواعي يأخذها النّظام القانون ّ‬
‫أو يالئم بينها‪ .‬وعليه‪ ،‬هناك مواضيع يت ّم تناولها على أساس المصالح القائمة‪ ،‬أو‬
‫على أساس ال ِّقيم التي يريد القانون تكريسها أو محاربتها‪:‬‬
‫(ثالثا)‪ .1‬المخ ّططات المبنيّة على المصالح القائمة ‪(plans par intérêt en‬‬
‫)‪présence‬‬
‫األول‬
‫مخطط يقوم جزؤه ّ‬ ‫ّ‬ ‫◄ مصلحة شخصين أو مجموعة أشخاص‪ .‬مثال ذلك‬
‫على مصلحة ته ّم البائع‪ ،‬والثّاني على مصلحة ته ّم المشتري‪.‬‬
‫مخطط يقوم جزؤه‬ ‫ّ‬ ‫◄ مصلحة ثالثة أشخاص أو مجموعة أشخاص‪ .‬مثال ذلك‬
‫الزوجين‪ ،‬والثّاني على مصلحة ته ّم األبناء‪ ،‬والثّالث‬ ‫األول على مصلحة ته ّم ّ‬ ‫ّ‬
‫على مصلحة ته ّم الغير‪.‬‬
‫◄ مصلحة شخص واحد في وضعيّتين أو ثالث وضعيّات مختلفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطفل هو الذي ألحق الضّرر ‪ /‬الطفل‬ ‫الطفل والمسؤوليّة التّقصيريّة ← ّ‬ ‫مثال‪ّ :‬‬
‫ضرر‪.‬‬ ‫لحق به ال ّ‬ ‫هو الذي ِّ‬
‫(ثالثا)‪ .2‬المخ ّططات المبنيّة على ال ِّقيم)‪(plans de valeurs‬‬
‫المقصود بال ِّقيَم هنا ال ِّقيَم في معنى واسع‪ ،‬أي المقصود الدّواعي األخالقيّة أو‬
‫الفنّيّة التي تجمع جملة من الحلول القانونيّة‪.‬‬
‫تطور مفهوم حسن النّيّة ← حسن النّيّة هو غياب إتيان سوء ‪ /‬حسن النّيّة‬ ‫مثال‪ّ :‬‬
‫ي – الجماعي)‪.‬‬ ‫هو االعتقاد الخاطئ (الفرد ّ‬
‫حريّة التّعاقد ‪ /‬حماية توازن العقد‪.‬‬‫مثال‪ :‬حماية المستهلك ← حماية ّ‬
‫ططات النّظريّة ‪ /‬العمليّة )‪(plans idéo-pratiques‬‬ ‫(رابعا) المخ ّ‬
‫ي (الفقرة ‪)2‬‬ ‫فيها عرض للقانون وفيها تحاليل نظريّة‪( :‬الفقرة ‪)1‬الح ّل المبدئ ّ‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪.‬‬‫الح ّل القضائ ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪216‬‬

‫وإن "جون ‪ -‬پيار ڤريدال"(‪ ،)Jean-Pierre Gridel‬وبعد ك ّل ما سبق‪ ،‬يقول‪،‬‬ ‫ّ‬


‫ّ‬
‫المخططات التي أوردها ال تدّعي أنّها أتت على ك ّل‬ ‫وهذا منتظر‪ّ ،‬‬
‫إن قائمة أنواع‬
‫شيء‪.‬‬
‫هذا عن التّرتيب الجاهز‪ .‬فإذا عدنا إلى التّرتيب في مجموعات الذي نصل إليه‬
‫لوحدنا‪ ،‬قلنا إنّه ينبغي – بعد الفراغ منه – عنونة ك ّل مجموعة‪ .‬والعناوين كما‬
‫قيل توضع لتحقيق غاية الوضوح‪ .‬وللغاية نفسها ينبغي أن تتوفّر فيها‬
‫مواصفات‪.374‬‬
‫الفقرة ‪ .1‬عنوان‬
‫(أ) عنوان‬
‫(ب) عنوان‬

‫الفقرة ‪ .2‬عنوان‬
‫(أ) عنوان‬
‫(ب) عنوان‬

‫ومن المواصفات‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬أن يساوي العنوان المعنون‪ .‬لذا ينبغي أن نجد في‬
‫العنوان ال فقط المادّة القانونيّة وعناصرها‪ ،‬بل ينبغي أن نجد مع ما سبق الفكرة‪.‬‬
‫فمحتوى المجموعات كما سلف فكرة ت ّم ربطها بعناصر‪.‬‬
‫الفقرة ‪ .1‬عنوان يحمل الفكرة‬

‫(أ) عنوان يحمل الفكرة‬

‫(ب) عنوان يحمل الفكرة‬

‫الفقرة ‪ .1‬عنوان يحمل الفكرة‬

‫(أ) عنوان يحمل الفكرة‬

‫(ب) عنوان يحمل الفكرة‬

‫لكن ث ّم من ال يتشدّد هنا‪ ،‬ويقبل بعناوين محايدة ال توحي بالفكرة‪.375‬‬

‫‪ 374‬انظر هذه المواصفات بالفقرة عدد ‪ 56‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 375‬مح ّمد مح ّمد عوض‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪217‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفقرة ‪ .1‬عنوان محايد‬

‫(أ) عنوان محايد‬

‫(ب) عنوان محايد‬

‫الفقرة ‪ .2‬عنوان محايد‬

‫(أ) عنوان محايد‬

‫(ب) عنوان محايد‬

‫بل نجد حتّى من يمزج فيضع الفكرة في العناوين الكبيرة ويترك العناوين‬
‫صغيرة محايدة‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫الفقرة ‪ .1‬عنوان يحمل الفكرة‬

‫(أ) عنوان محايد‬

‫(ب) عنوان محايد‬

‫الفقرة ‪ .1‬عنوان يحمل الفكرة‬

‫(أ) عنوان محايد‬

‫(ب) عنوان محايد‬

‫فإذا انتهينا من وضع العناوين على ك ّل مجموعة‪ ،‬تكون الخطوة الموالية أن‬
‫نرتّب ما بداخلها‪.‬‬

‫(ب) التّرتيب داخل ك ّل مجموعة أو مقاربة الموضوع‬

‫‪ ―.99‬املخطّطات الصّغرية‪.‬‬
‫ك ّل شيء داخل ك ّل مجموعة ينبغي أن يكون مو َّجها نحو الفكرة‪ ،‬وينبغي أن‬
‫يؤتى به كجواب أو كمسهم في الجواب على اإلشكاليّة‪ .‬وال يخرج عن هذا‬
‫الحكم إعطاء مثال‪ ،‬أو القيام بوصف‪ ،‬أو نحو ذلك‪ .‬فك ّل محتوى في الجوهر‬
‫ينبغي أن يكون ح ّجة‪ ،‬وأن يثبت أو أن ينفي‪ .‬هذا االرتباط باإلشكاليّة ينبغي أن‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪218‬‬

‫يكون ظاهرا ال يخطئه حتّى قارئ قليل االنتباه‪ .376‬هذا يعني أن نرتّب الحجج‬
‫على النّحو الذي سبق أن تحدّثنا عنه‪ .‬فبجمع المتماثالت وبتقديم المتقد ّم ينساب‬
‫الحجاج‪ ،‬ويقوى من هنالك تر ّكزه ث ّم فاعليّته‪ .‬وإذا كان التّرتيب إلى مجموعات‬
‫ِّ‬
‫ّ‬
‫مخططات‬ ‫مخططات‪ ،‬فترتيب الحجج داخل المجموعات يفضي إلى‬ ‫ّ‬ ‫يفضي إلى‬
‫صغيرة ال تعطى تفريعاتها عناوين إالّ‬ ‫ّ‬
‫والمخططات ال ّ‬ ‫صغيرة (‪.)mini plans‬‬
‫أنّها – كك ّل ترتيب – ضروريّة لتحقيق الوضوح‪.‬‬
‫‪ ― .100‬خمطّط صغري واحد يف كلّ املوضوع‪ .‬مقاربة املوضوع‪.‬‬
‫تعرضنا إلى طرق جاهزة لترتيب الحجج‪ .377‬بهذه ّ‬
‫الطرق يسير‬ ‫ولقد سبق أن ّ‬
‫الحجاج في جميع العمل على نمط واحد‪ .‬هذا النّمط يس ّمى مقاربة الموضوع‬ ‫ِّ‬
‫ي اليوم أن ال يطلب اعتماد مقاربة‬‫(‪ .)approche du sujet‬والعرف األكاديم ّ‬
‫لكن البعض في األطروحات وفي المقاالت يلزم نفسه بذلك‪ .‬هذا ما‬ ‫واحدة‪ّ .‬‬
‫ي الذي سيسير‬ ‫صص جز ًء في المقدّمة يعلن فيه عن النّمط ِّ‬
‫الحجاج ّ‬ ‫يجعله يخ ّ‬
‫يتعرض فيه للمقاربة‪.‬‬
‫صص جز ًء ّ‬ ‫عليه عمله‪ ،‬أي أنّه يخ ّ‬
‫‪ ―.101‬املسوّدة أو العمل التّحضرييّ‪.‬‬
‫وبغض النّظر عن هذه المسألة التي ال تطلب‪ ،‬فالتّرتيب في ذاته – وبمواصفات‬ ‫ّ‬
‫معيّنة – شرط واجب التّوفّر على مستوى صغير‪ ،‬تماما ً كما رأيناه واجب‬
‫الوجود على مستوى كبير‪.‬‬
‫والتّرتيب مرحلة تعقب استخراج اإلشكاليّة وإبراز فائدتها وتحديد عناصر‬
‫الجواب عليها‪.‬‬
‫واستخراج اإلشكاليّة وما يتبعه مرحلة تلي استحضار مادّة الموضوع‪.‬‬
‫واستحضار مادّة الموضوع مرحلة تأتي بعد تحديد معنى صيغة الموضوع‪.‬‬
‫وجميع هذه المراحل اختزلناها – أسوة بكتب البالغة القديمة – في قسمين‪:‬‬
‫أن مؤلّفات منهجيّة المواضيع القانونيّة تنظر إلى‬‫االكتشاف‪ ،‬والتّرتيب‪ .‬ومعلوم ّ‬
‫شروع في العمل كيفما سيقدّم للقارئ‪.‬‬ ‫جميع تلك المراحل على أنّها تأتي قبل ال ّ‬
‫ي أو ما يقرب من ذلك‪.‬‬ ‫المسودة أو العمل التّحضير ّ‬
‫ّ‬ ‫لذلك تختزلها في قسم تس ّميه‬

‫‪A. Chassang et Ch. Senninger, préc. , p. 10. 376‬‬


‫‪ 377‬انظر الفقرة عدد ‪.48‬‬
‫‪219‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صيغة الموضوع‬

‫صيغة‬
‫الموضوع‬
‫استخراج معناها‬

‫مادّة الموضوع‬

‫مادّة‬
‫االكـتـشـاف‬

‫الموضوع‬
‫استحضار عناصرها‬
‫العمـــــل الت ّ‬

‫استخراج‬
‫اإلشكاليّة‬
‫حضيــــــــــري‬

‫إشكاليّة‬
‫استخراج فائدتها‬ ‫الموضوع‬

‫استخراج عناصر الجواب‬


‫ّ‬

‫عليها‬

‫ترتيب هذه‬
‫العناصر في‬
‫مجموعات‬
‫(بمواصفات‬
‫معيّنة) وعنونة ك ّل‬
‫التــرتـيـب‬

‫مجموعة‬ ‫تخطيط‬
‫الموضوع‬

‫ترتيب العناصر في داخل‬


‫ك ّل مجموعة‬

‫والعمل التّحضير ّ‬
‫ي ها ّم‪ ،‬فإذا قمنا به على النّحو الواجب (خا ّ‬
‫صة إذا استخرجنا‬
‫صلة)‪ ،‬لن يبقى لنا بعد ذلك إالّ أن نخيط أمورا ً‬
‫عناصر ك ّل مجموعة بصفة مف ّ‬
‫هي جاهزة بعد وموجودة أمامنا‪ .‬لذا يقول بعضهم إن باإلمكان تخصيص ثلثا‬
‫وقت االمتحان لمرحلة التّحضير‪ .378‬ففي امتحان بثالث ساعات‪ ،‬يمكن أن ننفق‬
‫ساعتين في هذه المرحلة‪ ،‬على أن نترك ساعة أو تزيد لتحرير‬ ‫ما يقرب من ال ّ‬

‫‪ 378‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪220‬‬

‫مرتين إلصالح ما‬


‫مرة أو ّ‬‫ي‪ ،‬نحذف منها دقائق تسمح بقراءة العمل ّ‬ ‫العمل النّهائ ّ‬
‫تسرب إليه من أخطاء لغويّة وغيرها ‪.‬‬
‫‪379‬‬
‫ّ‬
‫وهكذا فالمرحلة الموالية للعمل التّحضير ّ‬
‫ي ال تأخذ الحيِّّز األكبر‪ ،‬وهذه المرحلة‬
‫الموالية أسميناها مرحلة التّعبير‪.‬‬

‫الفقرة الثّالثة‪ ―.‬التّعبير (‪)élocution‬‬

‫‪ ―.102‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬


‫نحرر المقدّمة (أ)‪ ،‬والجوهر (ب)‪ ،‬والخاتمة (ب)‪ .‬لكن ث ّم‬ ‫في مرحلة التّعبير ّ‬
‫مسألة تعبير مشتركة وته ّم عموم المقالة‪ .‬يتعلّق األمر باألسلوب‪ .‬لكن‪ ،‬ألنّه ال‬
‫يوجد على هذا المستوى ما تنفرد به المقالة‪ ،‬ينبغي االكتفاء باإلحالة على ما ورد‬
‫في اإلطار المشترك بين المواضيع‪.380‬‬

‫(أ) المقدّمة‬

‫‪ ―.103‬املقدّمة‪ ،‬أهمّيتها‪ ،‬تقسيم البحث فيها‪.‬‬

‫إلدراك مدى أه ِّ ّميّة المقدّمة‪ ،‬ينبغي استحضار أنّها تمثّل نسبة ّ‬


‫الربع على األق ّل‬
‫ي‪ .381‬وقريب من هذا الكالم‪ ،‬وبتفصيل أكبر‪،‬‬ ‫ي أو ال ّ‬
‫شفو ّ‬ ‫من جملة العمل الكتاب ّ‬
‫يرى «هنري مازو» (‪ )Henri Mazeaud‬أنّه‪:‬‬

‫كتايب يّتكّب من ‪ 5‬صفحات‪ :‬صفحة تقريبا للمقدّ مة‪ ،‬صفحتان للفقرة ا ألوىل‪،‬‬
‫"ابلنّس بة اىل معل ّ‬
‫صفحة ونصف للثّانية‪ ،‬نصف صفحة للخالصة‪.‬‬
‫ابلنّس بة اىل العرض الشّ ّ‬
‫فوي اذلي يدوم ‪ 30‬دقيقة‪ 6 :‬دقائق تقريبا للمقدّ مة‪ 12 ،‬دقيقة للفقرة‬
‫ا ألوىل‪ 9 ،‬دقائق للثّانية‪ 3 ،‬دقائق للخالصة"‪.382‬‬

‫صصه المبتدئون للمراجعة يكون أقصر من ذاك الذي ينفقه غير‬ ‫أن الوقت الذي يخ ّ‬ ‫‪ 379‬جاء عند البعض ّ‬
‫ّ‬
‫المبتدئين‪" :‬تظهر البحوث التجريبيّة التي وقع القيام بها على أنشطة المراجعة اختالفات ها ّمة بين من لهم خبرة‬
‫صص من لهم خبرة وقتا أطول لعمليّة المراجعة‪ ،‬ويكتشفون مشاكل أكثر‪ ،‬ويقومون‬ ‫ومن هم مبتدئون‪ .‬عموما يخ ّ‬
‫بمراجعات تتعلّق بجميع مستويات اإلنتاج"‪Pierre Coirier, Daniel Gaonac’h et Jean-Michel .‬‬
‫‪Passerault, préc., p. 161 et 162.‬‬
‫‪ 380‬انظر الفقرة عدد ‪ 64‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪Jérôme Bonnard, préc., p. 67. 381‬‬
‫‪221‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وأه ّم عناصر المقدّمة موجود بعد لدينا ألنّنا اشتغلنا عليه ضمن ما اشتغلنا عليه‬
‫المسودة بما‬
‫ّ‬ ‫في مرحلة االكتشاف‪ .‬للتّأ ّكد من هذا‪ ،‬يكفي أن نقارن الذي عندنا في‬
‫مكونات المقدّمة‪ .‬وإنّنا‪ ،‬وبعد عرض ما تقوله‬ ‫ورد في مؤلّفات المنهجيّة حول ّ ِّ‬
‫بعض هذه المؤلّفات‪ ،‬سننطلق منها لنقد ّم اقتراحا‪.‬‬

‫‪ .1‬أقوال في عناصر المقدّمة‬

‫‪―.104‬عدم اختالف األقوال‪.‬‬


‫ال تختلف مؤلّفات المنهجيّة اختالفا يذكر حول الح ِّيّز الذي ينبغي أن تحتلّه‬
‫المقدّمة‪ ،‬هذا ما رأيناه منذ قليل‪ .‬كما ال تفترق المؤلّفات افتراقا يؤبه له حول‬
‫تتكون منها المقدّمة‪ ،‬هذا ما سنراه اآلن‪:‬‬
‫العناصر التي ينبغي أن ّ‬

‫األول‬
‫القول ّ‬
‫"حتتوي املقدّ مة عىل أأربعة عنارص‪:‬‬
‫‪ )1‬التّعريف بعنارص املوضوع ‪...‬‬
‫‪ )2‬بيان الفائدة من املوضوع‪ :‬الفائدة النّظريّة – الفائدة العمل ّية‪.‬‬
‫‪ )3‬بسط املشلك القانو ّين‪...‬‬
‫‪ )4‬عرض ّ‬
‫اخملطط املتّبع وتعليل ذكل"‪.383‬‬

‫القول الثّاني‬
‫"حتتوي املقدّ مة عىل عنارص رضوريّة وعنارص ّ‬
‫متغرية‪:‬‬
‫الّضوريّة‬‫‪ )1‬العنارص ّ‬
‫– تعريف املفاهمي ومتيّيها عن املفاهمي اجملاورة‪.‬‬
‫– جمال املوضوع‪.‬‬
‫– طرح االشاكل‪.‬‬
‫– االعالن عن املوقف منه‪.‬‬
‫– االعالن عن ا ألقسام ا ألساس يّة ّ‬
‫للخطة‪.‬‬
‫‪ )2‬العنارص ّ‬
‫املتغرية‬

‫‪Henri Mazeaud, préc, n° 92. 382‬‬


‫‪ 383‬مح ّمد كمال شرف الدّين وكمال نﭭرة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪222‬‬

‫– أأ ّمهية املوضوع‪ :‬وميكن أأن تمكن هذه ا أل ّمهية حسب املواضيع يف أن ّية (‪ )actualité‬املسأأةل‬
‫خيي‪)Historique( .‬‬ ‫املطروحة؛ يف بعدها التّار ّ‬
‫نس‪ ،‬فال بأأس أأن نذكّر يف املقدّ مة وبرسعة مبوقف‬
‫الوضعي التّو ّ‬
‫ّ‬ ‫– ان تعلّق املوضوع ابلقانون‬
‫بعض التّرشيعات ا ألجنب ّية من املسأأةل‪.‬‬
‫مالحظة ‪ .1‬اجتناب مقدّمات املقدّمات‪ ،‬أأي تكل اليت ترجعنا اىل عصور غابرة‪ :‬االنسان‬
‫اجامتعي ّ‬
‫ابلطبع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حيوان‬
‫للطالب أأن يتعامل مع العنارص اليت وقع عرضها‪ ،‬لكن عليه أأن ينهتيي‬ ‫مالحظة ‪ .2‬ميكن ّ‬
‫مبقدّ مته رضورة اىل ثالثة عنارص مرت ّبة ّالّتتيب التّايل‪ :‬اشاكل – موقف – أأقسام‬
‫أأساس ّية"‪.384‬‬

‫القول الثّالث‬
‫ميكن ّتبين موقف مفاده تقس مي املقدّ مة اىل ثالثة أأجزاء‪ .‬ومن انفةل القول التّأأكيد عىل أأن ال‬
‫يُعلن عن هذا التّقس مي‪ ،‬وعىل أأن يظ ّل مبثابة ختطيط غري مر ّئ‪:‬‬
‫‪ )1‬الث ّلث ا أل ّول‪ :‬حتديد املوضوع‬
‫هنا "منوضع" مادّة املوضوع داخل القانون أأو داخل جزء منه لو أأ ّن تكل املادّة حمدودة‬
‫الامتداد‪.‬‬
‫وينبغي‪ ،‬يف أأقرب وقت ممكن‪ ،‬أأن نذكر صيغة املوضوع يك يعّل القارئ ما اذلي س يقر أأ‪ .‬لكن‬
‫ينبغي‪ ،‬وحنن نذكر ما نذكر‪ ،‬أأن ال نُشعر القارئ بأأ ّن هذه يه صيغة املوضوع‪.‬‬
‫ّمث ينبغي امتام هذا التّحديد اجلغرايف بذكر س ياج املادّة‪ :‬الفصول القانونيّة‪ ،‬أأو القضاء لو مل يوجد‬
‫قانون‪.‬‬
‫وهذه املعطيات حول مصدر املادّة س تعمتد لالنتقال اىل بقيّة حمتوايت املقدّ مة‪.‬‬
‫‪ )2‬الث ّلث الث ّاين‪ :‬ابراز أأ ّمهية املوضوع‬
‫نظري ها ّم‪.‬‬
‫– نقاش ّ‬
‫– فوائد معليّة‪.‬‬

‫‪ 384‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫األول والثّاني أتيا في مؤلّفين تونسيّين‪ .‬ويمكن أن نضيف إليهما‪:‬‬
‫وإن القول ّ‬ ‫ّ‬
‫سيّاري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫مح ّمد ال ّ‬
‫; ‪Mounir Snoussi, préc., p. 8 ; Ferhat Horchani et Monji Ben Rais, préc., p. 17 et 18‬‬
‫‪Leïla Chikhaoui et Raïa Choubani, Méthodologie du sujet théorique et du cas‬‬
‫‪pratique en droit financier, in : Ferhat Horchani (sous la direction de), préc., p. 103‬‬
‫‪et s.‬‬
‫‪223‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– مسأأةل أأعيد جتديد طرهحا يف كتاب أأو أأطروحة أأو يف قضاء حديث‪ .‬واذا اكن ّمث اختالف‬
‫بّي حمامك ا ألصل وحممكة التّعقيب‪ ،‬فهذا جيعل الفائدة حيّة أأكرث‪ .‬وهنا ينبغي تفسري الاختالف‬
‫لكن دون ذكر أأس بابه‪ .‬فهذه ا ألس باب سّتد يف اجلوهر‪ .‬وتبلغ الفائدة درجهتا القصوى‪ ،‬لو أأن ّنا‬
‫أأمام تغيري يف موقف حممكة التّعقيب‪.‬‬
‫– رؤية القانون اذلي نعمل عليه خمتلفة عن رؤية غريه‪ .‬وهنا أأيضا يدخل تفسري الأس باب يف‬
‫اجلوهر‪ ،‬لكن ذكر اختالف ّالرؤية مظهر لفائدة املوضوع‪.‬‬
‫حتّض لتغيري القانون (هنا أأيضا س نكون أأمام اختالف رؤى)‪.‬‬ ‫– هناكل أأعامل ِ ّ‬
‫ويف هذا الث ّلث الث ّاين‪ ،‬ينبغي أأيض ًا عرض املعطيات التّارخي ّية املتعلّقة ابملا ّدة‪ .‬فاذا اكنت هذه‬
‫املادّة مس تحدثة‪ ،‬فال بأأس من أأن نقول بأأن ال أأثر لها فامي س بق من قوانّي‪.‬‬
‫السابقة للتّ ّعرض اىل القانون املقارن‪.‬‬ ‫وينبغي أأيضا اس تغالل واحدة من الفرضيّات امخلس ّ‬
‫خاصة اذا اكن القانون اذلي نعمل عليه خيتلف عن غريه‪ ،‬أأو اذا اكن‬ ‫ويكون هذا مقبوال‪ّ ،‬‬
‫س يلحقه تغيري‪.‬‬
‫لك مقدّ مة ينبغي أأن نأأيت ابلتّارخي والقانون املقارن معا‪ ،‬أأي أأن نأأيت بقانون‬ ‫لك‪ ،‬يف ِ ّ‬ ‫وعىل ٍّّ‬
‫مقارن يف ّالزمان واملاكن‪.‬‬
‫‪ )3‬الث ّلث ا ألخري‪ :‬االشاكليّة واالعالن عن ّ‬
‫اخملطط‪.385‬‬

‫الرابع‬
‫القول ّ‬
‫ينبغي أأن تس هت ّل املقدّ مة بتعريف‪ ،‬وبتحديد املوضوع‪.‬‬
‫فوي) والقارئ (ابلنّس بة اىل التّمرين املكتوب) ينبغي أأن يعّل‬
‫فالسامع (ابلنّس بة اىل التّمرين الشّ ّ‬
‫ّ‬
‫سي‬
‫ومن البدء فمي متث ّل العمل‪.‬‬
‫حاول أأن ت ُِّقدم ا ألس باب اليت جعلتك تقص هذه النّقطة أأو تكل‪ ،‬وذكل‬‫حّي ُحت ِّدد املوضوع‪ْ ،‬‬
‫حّي تشعر بعدم الاطمئنان من اتيان االقصاء‪ .‬قد يعيبون عليك قرار االقصاء‪ .‬لكن ا ألخطر‬
‫أأن يعاب عليك عدم التّ ّعرض لتكل النّقطة بسبب هجكل لها‪.‬‬
‫وحّي حتمك املوضوع نصوص قانونيّة‪ّ ،‬‬
‫فتعرض الهيا‪.‬‬
‫ّمث ب ِ ّ ّْي بعد ذكل جدوى املوضوع ‪ ...‬أأ ْ‬
‫ظهر ملاذا حيتاج املوضوع معاجلة‪ ،‬وذكل ليك تش ّد‬
‫سامعك أأو قارئك اىل معكل‪ ...‬اجهتدْ يف االتيان أأ ّو ًال ابجلدوى العمل ّية ألهنّ ا ا ألسهل يف‬
‫معليّة العرض و ألهنّ ا اليت تشدّ أأكرث‪ .‬لكن ال هتمل اجلدوى النّظريّة‪.‬‬

‫لنص لـ‪" :‬ترييّار" ( ‪Treillard, préc., p. 6‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 385‬ما جاء أعاله ترجمة حاولَ ْ‬
‫ت‪ ،‬ما َو ِّس َعها ذلك‪ ،‬أن تكون وفيّة‬
‫‪.)et 7.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪224‬‬

‫ان اكن التّارخي جديرا بأأن يؤّت به‪ ،‬فضعه يف املقدّ مة (طبع ًا‪ ،‬ان اكن التّارخي من الأ ّمه ّية حبيث‬
‫لك املوضوع‪ ،‬مفاكنه عندها س يكون اجلوهر ال املقدّ مة)‪.‬‬ ‫حيمك ّ‬
‫لكن ماكن هذه املعطيات هو‬ ‫ميكنك أأن تضع أأيضا يف املقدّ مة معطيات من القانون املقارن‪ّ ،‬‬
‫عادة اخلالصة‪.‬‬
‫املوهجة للموضوع‪ .‬تكل‬ ‫االّ أأ ّن أأ ّمه يشء يف املقدّ مة هو االعالن عن (الفكرة أأو) ا ألفاكر ِ ّ‬
‫(الفكرة أأو) ا ألفاكر اليت اس تخرجهتا من املادّة القانون ّية اليت ِمعلت علهيا‪ .‬أأي تكل (الفكرة أأو)‬
‫ا ألفاكر اليت س تثبت حصّهتا يف اجلوهر‪ .‬فهذه (الفكرة أأو) ا ألفاكر يه اخليط ّالرابط لعمكل‪.‬‬
‫وليك نس تطيع أأن نتتبَّعك‪ ،‬ينبغي أأن نعرفها‪ .‬ال تّتك املس متع أأو القارئ يصل لوحده وشيئا‬
‫فشيئا اىل ما لن تكشفه هل االّ حّي تنهتيي‪ .‬ال ختش من أأن تذكر ومن البدء ِو ْهجتك ألن ّه ال‬
‫أأحد س ُيجهِد نفسه ويتنبّأأ بذكل‪ :‬أأنت لست بصدد كتابة ّقصة بوليس يّة‪.‬‬
‫واالتيان (ابلفكرة أأو) ا ألفاكر املُو ِ ّهجة ها ّم ألن ّك وعىل هذه (الفكرة أأو) ا ألفاكر س تجهد نفسك‬
‫الرشوع يف الفقرة ا ألوىل‪.386‬‬ ‫اخملطط اذلي س تعلن عنه‪ ،‬وبوضوح‪ ،‬قبل ّ‬ ‫اخملطط‪ .‬هذا ّ‬ ‫يف بناء ّ‬

‫القول الخامس‬
‫تنقسم عنارص املقدّ مة اىل أأربعة أأقسام‪:‬‬
‫◄ القسم ا أل ّول‪ :‬عنارص حتوهيا املقدّ مة دامئ ًا‪ ،‬وهذا هو احل ّد ا ألدىن اذلي ميكن أأن حتويه‬
‫("…‪)"l’introduction comportera toujours au moins‬‬
‫ـ تقدمي املوضوع‬
‫طريقتان للتّقدمي‪:‬‬
‫طريقة "ال ِق ْمع" (‪ .)technique de l’entonnoir‬مثال‪ :‬موضوعنا الغلط‪ .‬نبد أأ بنقطة أأوسع‬
‫(عيوب ّالرضا مثال)‪ّ ،‬مث نضيّق للوصول اىل املوضوع‪.‬‬

‫الرضــــــــــــا‬
‫عيوب ّ‬

‫الغلط‬

‫"املعّي" (‪ .)technique du losange‬مثال‪ :‬موضوعنا الغلط‪ .‬نبد أأ مبارشة ابلغلط‪،‬‬ ‫طريقة ّ‬


‫نوسع (عيوب ّالرضا مثال)‪ّ ،‬مث نضيّق بأأن نعود اىل الغلط‪.‬‬
‫ّمث ّ‬

‫لنص لـ‪" :‬هنري مازو" ( ‪Henri Mazeaud,‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 386‬ما جاء أعاله ترجمة حاو َل ْ‬
‫ت‪ ،‬ما َو ِّس َعها ذلك‪ ،‬أن تكون وفيّة‬
‫‪.)préc, n° 84.‬‬
‫‪225‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الغلط‬

‫عيـــــــــــــــــــــوب‬

‫الرضـــــــــــــــــــــــا‬
‫ّ‬

‫الغلط‬

‫ـ فائدة املوضوع‬
‫♦الفائدة العمل ّية‪:‬‬
‫ّنبّي‪:‬‬
‫أأ ّن املوضوع يُطرح كثريا‪.‬‬
‫أأ ّن احللول اليت ستُس تخرج هت ّم أأشخاصا كثريين أأو لها أاثر اقتصاديّة ها ّمة‪...‬‬
‫ان أأمكن‪ ،‬ف ِتبيان كون املوضوع أ ّين يضاعف من ديناميكيّة املقاةل‪.‬‬
‫♦الفائدة النّظريّة‪:‬‬
‫لها مس توايت عدّ ة‪ ،‬ميكن أأن يُذكر مهنا خ ّاصة‪:‬‬
‫تطور العادات أأو اجملمتع أأو ا ألفاكر الفلسفيّة ‪...‬‬ ‫أأ ّن ما س يعاجل يف العمل يّتمج ّ‬
‫نظرايت قانون ّية أأساس ّية‪.‬‬
‫ميس ّ‬‫أأ ّن ما س يعاجل يف العمل ّ‬
‫فين (وجود حتاليل ومواقف متعدّدة ممكنة) ‪...‬‬ ‫أأ ّن ما س يعاجل يف العمل هو نقاش ّ ّ‬
‫ـ االعالن عن التّخطيط‬
‫نبد أأ ابالعالن عن الفكرة أأو ا ألفاكر ا ألساس ّية اليت حتمك املوضوع‪ّ .‬مث نعلن عن ترتيب‬
‫الاس تدالل ‪(...‬اىل أأن نصل اىل وضع امجلةل اليت حتمل) عنوان الفقرتّي أأو الثالث فقرات‪.‬‬
‫◄ القسم الث ّاين‪ :‬عنارص حتوهيا املقدّمة تقريبا دامئا ( ‪l’introduction comportera‬‬
‫"‪)"… presque toujours‬‬
‫ـ تعريف املصطلحات الفنّيّة‪.‬‬
‫الوضعي (النّصوص‪ ،‬اخل‪.).‬‬
‫ّ‬ ‫ـ ذكر مصادر القانون‬
‫◄ يُضاف غالب ًا قسم اثلث ("‪:)"Il … (s’ajoutera à l’introduction) souvent‬‬
‫حتديد املوضوع (فقط حّي يكون ّمث مشلك عىل هذا املس توى)‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪226‬‬

‫◄وتُرثى املقدّ مة أأحياان بقسم رابع ("‪:)"l’introduction s’enrichera …parfois‬‬


‫اسهامات العلوم املعا ِونة (‪ :)sciences auxiliaires‬التّارخي‪/‬القانون املقارن‪ .‬وربّام‪ :‬عّل‬
‫الاجامتع‪/‬عّل النّفس‪/‬اخل‪.).‬‬
‫خط ّي‪ ،linéaire‬أأي عنارصه كنقاط عىل خطّ‬ ‫اكلسلسةل ( أأو هو ّ‬
‫اخيل للمقدّ مة ّ‬
‫اخملطط ادلّ ّ‬‫و ّ‬
‫فيتكون من‬‫لك حلقة مهنا اىل احللقة ا ألخرى‪ ( 387‬أأ ّما ختطيط اجلوهر ّ‬ ‫واحد) اليت تفيض ّ‬
‫تتكون بدورها من مجموعتّي أأو ثالث‪.)388‬‬ ‫لك مجموعة ّ‬ ‫مجموعتّي أأو ثالث‪ ،‬و ّ‬
‫وميكن ترتيب عنارص املقدّ مة عىل النّحو التّايل‪ .1 :‬تقدمي املوضوع ‪ .2/‬تعريف املصطلحات‬
‫‪ .3/‬حتديد املوضوع ‪ .4/‬جدوى املوضوع ‪ .5/‬النّصوص ‪ .6/‬اسهامات العلوم املعا ِونة ‪.7/‬‬
‫اخملطط (كام قيل سابقا‪ :‬ينبغي أأن ال نعن ِون يف املقدّ مة بأأن نقول‪ :‬أأ ّو ًال تقدمي‬
‫املربر عن ّ‬
‫االعالن ّ‬
‫املوضوع‪ ،‬اثني ًا تعريف املصطلحات‪ ،‬اخل‪.).‬‬
‫كام ميكن أأن يكون ترتيب العنارص عىل حنو خمتلف (لكن جيب أأن يكون أخر ما تنهتيي به‬
‫املقدّ مة هو ايراد عناوين الفقرتّي ‪ ...‬أأي عناوين‪ :‬الفقرة ا ألوىل والثّانية فقط وليس معهام‬
‫عناوين ( أأ) و(ب) من تلكام الفقرتّي)‪ .‬فامله ّم هو التّسلسل بّي العنارص‪ ،‬أأي امله ّم هو حسن‬
‫التّخلّص من عنرص اىل أخر‪.389‬‬

‫هذه إذن عناصر المقدّمة‪ ،‬وهذه هي األقوال فيها‪ .‬وكما يرى ال توجد اختالفات‬
‫تذكر بين المؤلّفين‪ .‬لذا يمكن لمن يقوم بمقالة أن يتّبع من يشاء‪ .‬لكنّنا هنا سنزيده‬
‫مجرد تأليف يجمع بين‬ ‫ّ‬ ‫اقتراحا‪ .‬واالقتراح لن يعدو أن يكون في أساسه إالّ‬
‫األقوال‪ :‬ما ورد منها بعد‪ ،‬وما ضاق عنها المكان‪.‬‬

‫‪ .2‬اقتراح في عناصر المقدّمة‬

‫‪ ―.105‬حلظات ثالث‪.‬‬
‫مشى صاحب المقالة في طريق تفضي ك ّل نقطة منه إلى نقطة موالية‪ .‬هذا‬
‫ط ِّلع عليه القارئ‪ ،‬لكي يشاركه‪ ،‬ويوافقه‪ ،‬ويقبل منه‬ ‫التّسلسل ينبغي أن ي ْ‬
‫الوصول إلى ما وصل إليه‪ْ .‬‬
‫وإطالع القارئ يت ّم في المقدّمة‪ .‬وال نحتاج بعد هذا‬
‫ي‪ .‬كما ال نحتاج لتفسير‬
‫لمزيد كالم حول أه ّميتها‪ ،‬فالمقدّمة لوحدها عمل ِّحجاج ّ‬
‫ي‪ ،‬انظر الفقرة عدد ‪.33‬‬ ‫ّ‬
‫الخط ّ‬ ‫‪ 387‬حول التّخطيط‬
‫‪ 388‬انظر الفقرة عدد ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫لنص لـ‪" :‬جيل ڤوبو" و"ڥيليپ بيهر"( ‪Gilles‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 389‬ما جاء أعاله ترجمة حاولَ ْ‬
‫ت‪ ،‬ما َو ِّس َعها ذلك‪ ،‬أن تكون وفيّة‬
‫‪.)Goubeaux et Philippe Bihr, préc, p. 62 et s. – p. 73 et s.‬‬
‫‪227‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫لماذا يكون ترتيب عناصر المقدّمة ترتيبا ّ‬


‫خطيّا‪ :390‬فلكي تحقّق المقدّمة غايتها‬
‫ينبغي أن يسير القارئ تماما كما سار الكاتب‪ .391‬وتضيف كتب المنهجيّة أنّه ال‬
‫سير وال أن نعنونها‪ .392‬وهذا مفهوم بدوره‪.‬‬ ‫ّ‬
‫محطات ال ّ‬ ‫ينبغي أن نعلن عن‬
‫سير ال تختلف من عمل إلى آخر‪ ،‬لذا فالحاجة إلعالنها وتسميتها‬ ‫ّ‬
‫فمحطات ال ّ‬
‫منعدمة‪ .393‬واستئناسا بما سبق معنا في نقطتي االكتشاف والتّرتيب‪ ،‬أي في‬
‫ي‪ ،‬سنردّ عناصر المقدّمة إلى ثالث لحظات‪ :‬لحظة‬ ‫مرحلة العمل التّحضير ّ‬
‫ْ‬
‫إطالع القارئ على المادّة القانونيّة التي سنشتغل عليها‪ ،‬ولحظة إراءته اإلشكاليّة‬
‫التي سنطرحها داخل تلك المادّة‪ ،‬ولحظة الكشف له عن التّخطيط الذي سيسير‬
‫عليه الجواب على اإلشكاليّة‪.‬‬
‫‪ ―.106‬اللحظة األوىل‪ :‬الكشف عن املادّة اليت سنشتغل عليها‪.‬‬
‫فأ ّما الكشف عن المادّة القانونيّة التي سنشتغل عليها‪ ،‬فيت ّم بـ‪:‬‬
‫– تعريف المصطلحات أو بعض المصطلحات التي وردت في صيغة الموضوع‪،‬‬
‫وتحديدا تلك التي تكشف المادّة القانونيّة‪.‬‬
‫أن هذا التّعريف موجود بعد‪ ،‬ألنّنا حدّدنا في مرحلة التّحضير مختلف‬ ‫ومعلوم ّ‬
‫معاني صيغة الموضوع‪.‬‬
‫إن التّعريفات التي لدينا قد تكون نوعا أو أكثر من‬
‫ويمكن أن نزيد اآلن ونقول ّ‬
‫هذه األنواع‪:‬‬
‫بالرسم‪:‬‬‫♦ تعريف بالحدّ أو ّ‬
‫والحدّ يكون تا ّما (الجنس القريب والفصل)‪ ،‬ويكون ناقصا (الجنس البعيد‬
‫والفصل ‪/‬أو الفصل لوحده)؛‬
‫ي فقط) ‪.‬‬ ‫ي)‪ ،‬ويكون ناقصا ( العرض ّ‬ ‫ي والعرض ّ‬ ‫الرسم بدوره يكون تا ّما ( الذّات ّ‬
‫و ّ‬
‫‪394‬‬

‫‪ 390‬انظر الفقرة عدد ‪.104‬‬


‫‪ 391‬إذن ال يمكن وضع المقدّمة إالّ بعد تص ّور ما سيكون عليه الجوهر‪ ،‬فهي إذن تأتي بعده‪ ،‬لكنّها تعرض قبله‪.‬‬
‫إن الجوهر ماض بالنّسبة إلى المقدّمة لكنّها تعرضه على أنّه مستقبل‬ ‫يقول "جاك دريدا" (‪ّ )Jacques Derrida‬‬
‫( ‪Jacques Derrida, La dissémination, Collection "Tel Quel", Seuil, Paris, 1972, p.‬‬
‫‪.)13.‬‬
‫الر ّزاق بالل‪" :‬تقوم المقدّمة على مفارقة عجيبة قد ال تتّسم بها غيرها من ال ّنصوص؛ ذلك أنّها على‬ ‫ويقول عبد ّ‬
‫الر ّزاق بالل‪ ،‬مدخل‬
‫الزمني تكون آخر ما يكتب"‪ .‬عبد ّ‬ ‫مستوى المكان تعتبر ّأول مكتوب‪ ،‬لكنّها على المستوى ّ‬
‫ص‪ .‬دراسة في مقدّمات ال ّنقد العربي القديم‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ص ‪.42‬‬
‫ّ‬ ‫إلى عتبات ال ّن ّ‬
‫‪ 392‬انظر الفقرة عدد ‪.104‬‬
‫‪ 393‬هذا الكالم يه ّم مواضيع االمتحانات‪ ،‬أي يه ّم المقدّمات القصيرة‪.‬‬
‫‪ 394‬مثال‪ :‬تعريف اإلنسان‬
‫– بالحدّ التّا ّم‪ :‬حيوان (جنس قريب) عاقل (فصل)؛‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪228‬‬

‫شيء بذكر أحد أفراده ومصادقه مثاال له‪.‬‬ ‫♦ تعريف بالمثال‪ :‬تعريف ال ّ‬
‫المعرف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫♦ تعريف بالتّشبيه‪ :‬ذكر ما يشبه‬
‫♦ تعريف بالمرادف‪.‬‬
‫ي‪.395‬‬‫♦ تعريف سلب ّ‬
‫إلى جانب ما سبق‪ ،‬ث ّم تنويع آخر للتّعريفات‪:‬‬
‫ي (وفيه الحدّ ّ‬
‫والرسم)‪،‬‬ ‫♦ التّعريف الحقيق ّ‬
‫ي (ما كان تعريفا لماهية اعتباريّة أي كائنة في االعتبار‬ ‫♦ والتّعريف االسم ّ‬
‫ي وال ثبوت لها في الخارج مثل تعريفات العلوم والمصطلحات داخل العلوم‬ ‫العقل ّ‬
‫وغير ذلك)‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وغيره)‪،‬‬ ‫ي (التّعريف المعجم ّ‬ ‫♦ والتّعريف اللفظ ّ‬
‫♦ إلخ‪.396.‬‬

‫– بالحدّ النّاقص‪ :‬جسم (جنس بعيد) عاقل (فصل) ‪ /‬عاقل (فصل لوحده)؛‬
‫ي)‪.‬‬
‫ي) يأكل اللحم‪ ،‬والخضروات‪ ،‬إلخ‪( .‬وصف عرض ّ‬ ‫بالرسم التّا ّم‪ :‬عاقل (وصف ذات ّ‬ ‫– ّ‬
‫بالرسم النّاقص‪ :‬آكل اللحم‪ ،‬والخضروات‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫– ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام‬ ‫ي (إلخ‪ :).‬عبد المجيد ّ‬ ‫ي والوصف العرض ّ‬ ‫انظر حول معنى الجنس والفصل والوصف الذّات ّ‬
‫صة‪ :‬الفقرة عدد ‪ 52‬وما بعدها والفقرة عدد ‪.64‬‬ ‫الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 43‬وما بعدها‪ ،‬وخا ّ‬
‫شيخ مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪1414 ،‬هـ‪1995 /‬م‪ ،‬ص ‪ 97‬وما‬ ‫‪ 395‬ال ّ‬
‫"إن أفضل التّعاريف وأكملها‪ ،‬هو‬ ‫بعدها؛ سمير خير الدّين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 169‬وما بعدها‪ .‬يقول سمير خير الدّين‪ّ :‬‬
‫ي‪ ،‬أي إدراك حقائق‬ ‫المعرف بالتّفصيل‪ ،‬وهو محقّق للهدف المنطق ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّعريف بالحدّ التّا ّم‪ ،‬فهو الذي يشرح حقيقة‬
‫األشياء‪ .‬وعليه‪ ،‬إن استطعنا أن نصل إلى حقائق األشياء فبها ونعمت‪ .‬ولكن‪ ،‬بمالحظة ما ذكره السّهروردي‬
‫أن حقائق‬ ‫االطالع على حقائق األشياء وفصولها من األمور المستحيلة أو المتعذّرة‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫ّ‬ ‫وغيره [‪( ]...‬فـ)‬
‫األشياء وبواطنها ال يعلمها إالّ هللا تعالى وهو أطلعهم عليها‪ .‬بل قد يقال بعدم الحاجة إلى الحدّ التّا ّم إالّ في األمور‬
‫التي تتطلّب معرفة بحقائقها الواقعيّة‪ .‬وليست ك ّل األشياء لها حقائق واقعيّة‪ ،‬إذ نجد بعضها اعتباريّا ً عرفيّاً‪ ،‬أو‬
‫شرعيّا ً توقيفيّاً‪ ،‬أو اصطالحيّا ً خاضعا ً لموازين علم ما" (سمير خير الدّين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.)175‬‬
‫الرشد‪،‬‬ ‫‪ 396‬يعقوب بن عبد الو ّهاب الباحسين‪ ،‬طرق االستدالل ومقدّماتها عند المناطقة واألصوليّين‪ ،‬مكتبة ّ‬
‫الرياض‪ ،2001 ،‬ص ‪ 140‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وانظر من يقول (‪:)John Stuart Mill, préc., Liv. I, Ch. VII, § 1‬‬
‫عريف تحليل‪ .‬حلَّ َل تعني أرجع كالًّ‬ ‫َ‬ ‫إن الت ّ‬‫"لم يكن دون سبب قول «كونديياك» (‪ )Condillac‬وكتّاب آخرين ّ‬
‫تعرف مجموعة أوصاف مجتمعة بكلمتين أو‬ ‫نعوض كلمة ّ‬ ‫تكونه؛ وهذا ما نفعله حين ّ‬ ‫مر ّكبا ً إلى العناصر التي ّ ِّ‬
‫األول من التّعريف‬ ‫ّ‬ ‫وع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫ورغم‬ ‫‪...‬‬ ‫أصغر‬ ‫موعات‬ ‫مج‬ ‫في‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫فرد‬ ‫بصفة‬ ‫تعرف نفس األوصاف‬ ‫أكثر ّ‬
‫ي أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫ّرور‬ ‫ض‬‫ال‬ ‫من‬ ‫أن‬ ‫دائما‬ ‫رئي‬ ‫فقد‬ ‫كامال‪،‬‬ ‫تعريفا‬ ‫المناطقة‬ ‫عموم‬ ‫ومن‬ ‫القدامى‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫ِّ‬ ‫اعت‬ ‫قد‬ ‫الكامل‬ ‫غير‬
‫ألن القاعدة أن يؤخذ التّعريف من جوهر‬ ‫األوصاف المستعملة تنتمي حقّا إلى إيحاء (‪ )connotation‬الكلمة‪ّ ،‬‬
‫صنف؛ وهذا لن يتحقّق‪ ،‬إذا أدخلنا األوصاف التي ال توحي بها (‪ )ne connote pas‬الكلمة‪ .‬من أجل ذلك‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫يعرف فيها اسم صنف بواسطة وصف من أوصافه‬ ‫فإن النّوع الثّاني من التّعريفات غير الكاملة – التي ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬وذلك بحسب الهدف‬ ‫صف التّعريف الحقيق ّ‬ ‫ّ‬ ‫عرض ال يدخل في إيحاءاته – يرتقي إلى‬ ‫العرضيّة‪ ،‬أي بواسطة َ‬
‫بمؤلف‪ ،‬أن‬‫ّ‬ ‫صة‬
‫فن أو علم أو نظريّات خا ّ‬ ‫الخاص الذي وضع له‪ .‬لقد قلنا في الفصل السّابق‪ :‬يحدث‪ ،‬في عرض ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص‬
‫ّ‬ ‫نرى من المفيد إعطا َء اسم عا ّم‪ ،‬دون أن نبدّل ما يعيّنه (‪ ،)dénotation‬إليحاء (‪)connotation‬‬
‫صا‬ ‫مختلف عن ذلك الذي له في العرف‪ .‬هذا يؤدّي إلى أن يصبح تعريف االسم باألوصاف التي تمثّل إيحاء خا ّ‬
‫صة‬ ‫ومجرد وصف – في الحالة الخا ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ – )connotation spéciale‬رغم كونه في الغالب عرضيّا محضا‪،‬‬
‫ي ذو يدين»‪ ،‬والذي هو تعريف‬ ‫ّ‬ ‫دي‬ ‫ث‬ ‫حيوان‬ ‫تعريفا مشروعا وكامال‪ .‬هذا ما حدث في مثال ذكر أعاله‪« :‬اإلنسان‬
‫إن التّعريفات العلميّة‪،‬‬ ‫ي لإلنسان باعتباره نوعا داخل جنس الحيوان في تصنيف «كوفييه» (‪ّ ... )Cuvier‬‬ ‫علم ّ‬
‫‪229‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– تحديد سياج المادّة‬

‫ي‪ ،‬هي تقريبا على الدّوام من هذا النّوع‬ ‫للعبارات العلميّة‪ ،‬أو للعبارات العرفيّة المستعملة في معنى علم ّ‬
‫األخير"‪.‬‬
‫وانظر أيضا حول التعريف‪E. Goblot, Traité de logique, Librairie Armand Colin, Paris, :‬‬
‫;‪1918, p. 117 et s.; Louis Liard, préc., p. 18 et s.‬‬
‫المنظمة العربيّة للتّرجمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الطيّب الب ّكوش وصالح الماجري‪،‬‬ ‫روبير مارتان‪ ،‬في سبيل منطق للمعنى‪ ،‬ترجمة ّ‬
‫توزيع‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربيّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،2006 ،1‬ص ‪ 71‬وما بعدها‪.‬‬
‫وانظر أيضا هذا المقتطف في قواعد التّعريف‪" :‬قواعد للتّعريفات‪ -1 :‬عدم تعريف شيء معروف إلى حدّ أنّه ال‬
‫ي تعبير غامض أو مشترك دون تعريف‪ -3 .‬أن ال نستعمل‬ ‫توجد عبارات أوضح لتفسيره‪ – 2 .‬عدم القبول بأ ّ‬
‫في تعريف المصطلحات إالّ عبارات معروفة‪ ،‬أو عبارات ت ّم بعد تفسيرها"‪Pascal, De l’autorité en .‬‬
‫‪matière de philosophie. De l’esprit géométrique. Entrtien avec M. De Sacy, Félix‬‬
‫‪Alcan, Paris, 1886, p. 74 et s.‬‬
‫وانظر في نفس االتّجاه القائل بضرورة عدم توضيح الواضح لئِّالّ يصير بالتّوضيح غير واضح‪Antoine :‬‬
‫‪Arnold et Pierre Nicole, La Logique ou l’art de penser (ouvrage paru en 1662 et‬‬
‫‪connu sous le nom de Logique de Port-Royal). Notes et postface de Charles‬‬
‫‪Jourdain, Collection Tel, Éditions Gallimard, 1992, p. 33 et p. 64.‬‬
‫أن الغاية من التّعريف هي تبيين‬ ‫انظر كذلك حول شروط التّعريف‪ " :‬شروط الت ّعريف‪ :‬على ضوء ما قلنا من َّ‬
‫المعرف وتمييزه عما عداه‪ ،‬فمن الضّروري االلتزام بالشّروط الخمسة الت ّالية‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫مفهوم‬
‫المعرف مانعا ً جامعا أو ( َّ‬
‫مطردا ً و منعكسا ً)‬ ‫ِّ ّ‬ ‫صدق‪ ،‬أي يكون‬ ‫للمعرف في ال ّ‬ ‫َّ‬ ‫المعرف مساويا ً‬‫ِّ ّ‬ ‫األول‪ :‬أن يكون‬‫ّ‬
‫المعرف‪،‬‬
‫َّ‬ ‫المعرف‪ ،‬ومعنى جامع أو منعكس أنّه يشمل جميع أفراد‬ ‫َّ‬ ‫مطرد أنّه ال يشمل إالّ أفراد‬ ‫ومعنى مانع أو ّ‬
‫ال يشذّ منها واحد‪.‬‬
‫فال يص ّح الت ّعريف باألمور اْلتية‪:‬‬
‫‪ – 1‬باألع ّم‪ :‬ألنّه ليس بمانع‪ ،‬كتعريف العصفور بأنّه حيوان يطير‪.‬‬
‫باألخص‪ :‬ألنه ليس بجامع‪ ،‬كتعريف اإلنسان بأ ّنه حيوان متعلّم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪–2‬‬
‫ألن المتباينين ال يص ّح حمل أحدهما على اآلخر‪.‬‬ ‫‪ – 3‬بالمباين‪ّ :‬‬
‫المعرف‪.‬‬
‫َّ‬ ‫المعرف أجلى مفهوما ً وأعرف عند المخاطب من‬ ‫ِّ ّ‬ ‫الثّاني‪ :‬أن يكون‬
‫فال يجوز الت ّعريف باألمرين التّاليين‪:‬‬
‫الزوج بواحد‪ .‬وكتعريف األب بأنّه والد‬ ‫الظهور والخفاء‪ :‬كتعريف الفرد بأنّه عدد ينقص عن ّ‬ ‫‪ – 1‬بالمساوي في ّ‬
‫االبن‪ ،‬وكتعريف فوق بأ ّنه ليس بتحت‪.‬‬
‫قوة تشبه الوجود‪.‬‬ ‫‪ – 2‬باألخفى معرفة‪ :‬كتعريف النّور بأ ّنه ّ‬
‫المعرف في المفهوم‪ ،‬كتعريف الحركة باالنتقال واإلنسان بالبشر تعريفا ً‬ ‫َّ‬ ‫المعرف عين‬ ‫ِّ ّ‬ ‫الث ّالث‪ :‬أن ال يكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬بل يجب تغايرهما‪ ،‬إ ّما باإلجمال والتفصيل كما في الحدّ التا ّم‪ ،‬أو بالمفهوم كما في التعريف‬ ‫حقيقيا ً غير لفظ ّ‬
‫بغيره‪.‬‬
‫شيء على‬ ‫المعرف‪ ،‬لوجب أن يكون معلوما ً قبل أن يكون معلوماً‪ ،‬وللزم أن يتو ّقف ال ّ‬ ‫َّ‬ ‫ولو ص ّح التّعريف بعين‬
‫نفسه‪ .‬وهذا محال ألنَّه نتيجة الدّور الذي سيأتي بيانه‪.‬‬
‫شيء معلوما ً قبل أن يكون معلوماً‪ ،‬أو إلى أن يتو ّقف‬ ‫الرابع‪ :‬أن يكون خاليا من الدّور ألنّه يؤول إلى أن يكون ال ّ‬ ‫ّ‬
‫شيء على نفسه‪ ،‬والدّور على نحوين‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫شمس إذ يقال في‬ ‫شمس بأنّها (كوكب يطلع في النّهار)‪ .‬والنّهار ال يعرف إالّ بال ّ‬ ‫المصرح) مثل‪ :‬تعريف ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫(الدّور‬
‫شمس على معرفة النّهار‪ ،‬ومعرفة النّهار –حسب‬ ‫شمس)‪ .‬فتوقفت معرفة ال ّ‬ ‫تعريفه‪( :‬النّهار‪ :‬زمان تطلع فيه ال ّ‬
‫شمس‪.‬‬‫شمس متوقّفة على معرفة ال ّ‬ ‫شمس‪ ،‬فتكون معرفة ال ّ‬ ‫الفرض – متوقّفة على معرفة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(الدّور المضمر) مثل‪ :‬تعريف االثنين بأنهما زوج َّأول‪ .‬والزوج يعرف بأنه منقسم بمتساويين والمتساويان‬
‫شيئان يعرفان بأنّهما اثنان‪ .‬فرجع األمر باألخير إلى تعريف‬ ‫يعرفان بأنّهما شيئان أحدهما يطابق اآلخر‪ .‬وال ّ‬
‫االثنين باالثنين‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن تكون األلفاظ المستعملة في التّعريف‪ ،‬واضحة ال إبهام فيها‪ ،‬فال يص ّح استعمال األلفاظ الغريبة وال‬
‫شيخ إبراهيم األنصاري‪ ،‬دروس في المنطق (م س)‪.‬‬ ‫الغامضة‪ ،‬وال المشتركة والمجازات بدون القرينة"‪ .‬ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪230‬‬

‫المقصود هنا فصول القانون‪ ،‬إن وجدت‪ ،‬وإن لم تكن كثيرة بحيث يث ِّقل تعدادها‬
‫تنظم مباشرة المادّة‪ ،‬يمكن أن نذكر هنا فقه‬‫المقدّمة‪ .‬فإذا لم توجد نصوص ّ‬
‫القضاء الذي قال بها (انطالقا من القانون)‪.‬‬
‫– تحديد ما يحيط بسياج المادّة‬
‫المقصود هنا‪ ،‬إن كان الموضوع الغلط مثال‪ ،‬أن نشير إلى عيوب اإلرادة‪ .‬في‬
‫هذا اإلطار ينبغي أن ال نذهب بعيدا فنأتي بمحيط المحيط وبمقدّمة المقدّمة‪.‬‬
‫ويقول البعض‪ ،‬كما رأينا ذلك‪ ،‬إنّه ينبغي‪ ،‬في أقرب وقت ممكن‪ ،‬أن نذكر‬
‫صيغة الموضوع كي يعلم القارئ ما الذي سيقرأ‪ .‬لكن ينبغي ونحن نذكر ما‬
‫بأن هذه هي صيغة الموضوع‪ .397‬هذا عن الموضوع‬ ‫نذكر‪ ،‬أن ال نشعر القارئ ّ‬
‫ي وفي الموضوع مع مقولة‬ ‫ي‪ ،‬أ ّما في الموضوع االستفهام ّ‬ ‫غير االستفهام ّ‬
‫سؤال أو المقولة ‪ .‬فإذا كانت المقولة طويلة‪ ،‬اكتفينا‬
‫‪398‬‬
‫فينبغي أن نذكر حرفيّا ال ّ‬
‫ي لمحتواها‪.‬‬ ‫بوصف وف ّ‬
‫بهذه النّقاط‪ ،‬أو على األق ّل ببعضها‪ ،‬نكشف للقارئ مادّة الموضوع‪ .‬ويمكن أن‬
‫نمر إلى غيره‪ .‬كما يمكن أن نبدأ بما يحيط بسياج المادّة‪.‬‬ ‫نبدأ بالتّعريف‪ ،‬ث ّم ّ‬
‫إن البداية يمكن أن تتّخذ‪:‬‬
‫وفي هذا اإلطار قال أحدهم ّ‬
‫شكال "بانوراميّا" (‪ ،)forme panoramique‬والمقصود ما أسميناه منذ قليل‬
‫محيط سياج المادّة؛‬
‫صلة‬‫شكال دقيقا (‪ ،)forme ponctuelle‬والمقصود أن ننطلق من مثال وثيق ال ّ‬
‫بالموضوع؛‬
‫شكال لفظيّا (‪ ،)forme terminologique‬والمقصود أن نبدأ بالمعاني‬
‫والتّعريفات؛‬
‫شكال يتمثّل في مقولة (‪ ،)forme par citation‬والمقصود أن نبدأ بفتح‬
‫لمؤلّف‪399‬؛‬
‫عالمتي تنصيص إليراد كالم ِّ‬ ‫ْ‬
‫وغير ذلك من األشكال ‪.‬‬
‫‪400‬‬

‫وعلى ك ّل‪ ،‬فالمطلوب – أيّا ً كانت النّقاط التي سنأتي بها‪ ،‬وأيّا ً كان ترتيبها – أن‬
‫ال ننتهي من هذه اللحظة األولى إال ّوقد كشفنا بوضوح المادّة القانونيّة التي‬

‫‪ 397‬انظر الفقرة عدد ‪.104‬‬


‫‪ 398‬قارن مع‪Pierre Brunel, préc., p. 44 et 45. :‬‬
‫‪ 399‬يمكن أن نستغ ّل هذا المكان لإلشارة إلى عمل ها ّم يه ّم االستشهاد‪Antoine Compagnon, La :‬‬
‫‪seconde main ou le travail de la citation, Collection : Critica, cérès. éd., Tunis, 1997‬‬
‫)‪(2 vol.‬‬
‫‪Henri Lamour, préc., p. 85 et s 400‬‬
‫‪231‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫نمر إلى اللحظة الثّانية‪ ،‬وأن نكشف اإلشكاليّة‬


‫سنشتغل عليها‪ .‬هنالك ينبغي أن ّ‬
‫التي سنطرحها في تلك المادّة‪.‬‬
‫‪ ―.107‬اللحظة الثّانية‪ :‬الكشف عن اإلشكاليّة اليت سنطرحها داخل املادّة القانونيّة‪.‬‬
‫في هذه اللحظة‪ ،‬يمكن أن نسير وفق واحدة من طريقتين‪ :‬األولى معهودة في‬
‫صفحة؛ والثّانية ليست‬
‫ي‪ ،‬وسنأتي بها في يمين ال ّ‬ ‫ي القانون ّ‬
‫الوسط األكاديم ّ‬
‫صفحة‪.401‬‬
‫معهودة‪ ،‬وسنعرضها في يسار ال ّ‬

‫‪ )I‬نأتي في بداية الجزء ال ّثاني من ‪ )I‬نأتي في بداية الجزء ال ّثاني من‬


‫المقدّمة بالفائدة العمليّة وال ّنظريّة المقدّمة باإلشكاليّة‬
‫ومن الفائدة كما رأينا‪ 402‬أن يوجد‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪ .‬فهذه (انظر حول طرح اإلشكاليّة‪ :‬عدد ‪II‬‬ ‫ي أو قضائ ّ‬ ‫نقاش فقه ّ‬
‫صفحة)‬
‫األمور وغيرها تم ّهد لوضع على يمين ال ّ‬
‫اإلشكاليّة‪.‬‬
‫ويمكن هنا‪ ،‬بهذه المناسبة التي نذكر‬
‫فيها آراء مختلفة‪ ،‬أن نأتي بالقانون‬
‫الزمان وفي المكان‪،‬‬ ‫المقارن في ّ‬
‫وبغير ذلك من العلوم التي أسميت‬
‫سابقا ً علوما ً معاونة‪.‬‬
‫فالفائدة العمليّة والنّظريّة – لوحدها‬
‫أو مع هذه األمور – ستكون بمثابة‬
‫قنطرة تفضي بنا إلى طرح‬
‫اإلشكاليّة‪.‬‬

‫‪ )II‬في المرحلة ال ّثانية (من الجزء ‪ )II‬في المرحلة ال ّثانية (من الجزء‬
‫ال ّثاني من المقدّمة) نطرح اإلشكاليّة ال ّثاني من المقدّمة) نجيب على‬
‫– وصياغة اإلشكاليّة تكون في شكل اإلشكاليّة (نذكر الفرض‪ ،‬أو‬
‫األطروحة‪ ،‬إلخ‪).‬‬ ‫استفهام‪.‬‬

‫‪ 401‬انظر الفقرة عدد ‪.94‬‬


‫‪ 402‬انظر الفقرة عدد ‪.104‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪232‬‬

‫ويعطي بعضهم أمثلة لصيغ تطرح (انظر حول جواب اإلشكاليّة‪ :‬عدد‬
‫صفحة)‬
‫‪ III‬على يمين ال ّ‬ ‫بواسطتها اإلشكاليّة‪:‬‬
‫"ولقد اخترنا أن نجعل مركز تفكيرنا‬
‫أن المه ّم هو أن‬ ‫(‪ ... :‬؟)" ‪" /‬يبدو ّ‬
‫نبرز (اإلشكاليّة التّالية‪ ... :‬؟)" ‪/‬‬
‫"سنطرح اإلشكاليّة في هذه‬
‫العبارات‪ ... :‬؟ "‪" / 403‬يبدو ّ‬
‫أن‬
‫ي هنا هو‪ ... :‬؟" ‪/‬‬ ‫المشكل األساس ّ‬
‫شينا‪ ... :‬؟‬‫سنعرف إذن موضوع تم ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ /‬وهكذا ستكون اإلشكاليّة‪ ... :‬؟ ‪ /‬ما‬
‫تقدّم يدعو لتدقيق مجال تفكيرنا‪...( :‬‬
‫؟)‪ .‬بعبارة أخرى‪ ... :‬؟ ‪ /‬إلخ‪.404 ".‬‬
‫– ويمكن أن تكون صياغة اإلشكاليّة‬
‫ي‪" : 405‬هذه‬ ‫في شكل غير استفهام ّ‬
‫هي أطروحتنا‪ / ... :‬م ّما سبق تطفو‬
‫الفكرة الت ّالية‪ / 406 "... :‬إلخ‪.‬‬
‫وصياغة اإلشكاليّة في شكل‬
‫ألن العادة ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ي أفضل‪،‬‬ ‫استفهام ّ‬
‫القارئ يدرك بيسر أكبر أنّه أمام‬
‫اإلشكاليّة حين يجد أمامه سؤاال‪.‬‬
‫سبب‪ ،‬من المفيد إعادة‬ ‫– لنفس ال ّ‬

‫‪Henri Lamour, préc., p. 29 :" Nous choisirons de centrer notre réflexion ( : … ?)/ 403‬‬
‫‪Il nous semble important de mettre ici en évidence (la problématique suivante : …) /‬‬
‫‪Nous poserons la problématique en ces termes … ».‬‬
‫‪Henri Lamour, préc., p.50 : " Le problème essentiel semble être le suivant : …/ 404‬‬
‫‪Nous définirons donc ainsi l’objet de notre démarche :…/ Nous poserons la‬‬
‫‪problématique en ces termes : …/ etc. ».‬‬
‫صيغة النّحويّة المتبنّاة صيغة استفهاميّة"‪Sophie Le Ménachèse- .‬‬
‫ي أن تكون ال ّ‬ ‫ضرور ّ‬ ‫‪" 405‬ليس من ال ّ‬
‫‪Lefay, préc., p. 21.‬‬
‫لكن ث ّم من يقول (وقوله قابل للنّقاش)‪:‬‬
‫‪" -‬يجب أن تأخذ شكل االستفهام"‪Mounir Snoussi, préc., p. 6..‬‬
‫‪" -‬تنبغي صياغتها في شكل سؤال"‪Ferhat Horchani et Monji Ben Rais, préc., p. 18. .‬‬
‫‪Henri Lamour, préc., p.50 : " Telle sera notre thèse … / Il émerge donc l’idée 406‬‬
‫‪que …".‬‬
‫‪233‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫اإلشكاليّة في عبارات أخرى من‬


‫أجل تأكيده ا‪" : 407‬وهكذا ستكون‬
‫اإلشكاليّة‪ ... :‬؛ بعبارة مختلفة‬
‫سيكون سؤالنا متمثّال في‪."... :‬‬

‫صيغة‬‫وتنبغي مالحظة أنّه باختيار ال ّ‬


‫غير االستفهاميّة نكون قد طوينا‬
‫المرحلة الثّانية ودخلنا مباشرة إلى‬
‫المرحلة الثّالثة؛ أي نكون قد أضمرنا‬
‫سؤال ومررنا مباشرة إلى الجواب‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪ )III‬في المرحلة ال ّثالثة (من الجزء‬


‫ال ّثاني من المقدّمة) نجيب على ‪ )III‬في المرحلة ال ّثالثة (من الجزء‬
‫ال ّثاني من المقدّمة) نأتي بالفائدة‬ ‫اإلشكاليّة‬
‫– يس ّمى جواب اإلشكاليّة‪ :‬الفكرة التي تنج ّر عن إثبات الفرض‬
‫المركزيّة‪ ،‬والفكرة المو ِّ ّجهة‪ ،‬وانقالبه إلى أطروحة (الفرض قبل‬
‫وبعد‬ ‫والموقف‪ ،‬واألطروحة‪ ،‬والقضيّة‪ ،‬إثباته فرض‪،hypothèse‬‬
‫إثباته يصير أطروحة ‪) thèse‬‬ ‫إلخ‪.‬‬
‫يقول بعضهم‪" :‬الموقف هو إجابة (انظر حول الفائدة‪ :‬عدد ‪ I‬على‬
‫صفحة)‬‫سؤال‪ .‬يمكن أن تكون اإلجابة يمين ال ّ‬‫على ال ّ‬
‫قطعيّة‪ :‬نعم أو ال‪ .‬يمكن أن تكون‬
‫نسبيّة‪ :‬نعم‪ ،‬لكن‪ .‬ال بدّ من اجتناب بعد ذلك نعاود استحضار الجواب‬
‫اتخاذ موقف يعبّر عن تناقض‪ :‬نعم لكي نستطيع االنتقال إلى آخر جزء‬
‫في المقدّمة‪.‬‬ ‫وال"‪.408‬‬
‫– ولع ّل األفضل أن نس ّمي الجواب‬
‫يتعود المبتدئ على‬
‫ّ‬ ‫أطروحة حتّى‬
‫هذا اللفظ‪ ،‬ويفهم لماذا تس ّمى به‬
‫بعض األعمال‪.‬‬

‫‪Henri Lamour, préc., p.50. 407‬‬


‫‪ 408‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪234‬‬

‫– ويمكن أيضا‪ ،‬إن نظرنا إلى أنّنا‬


‫وأن إثبات ص ّحة‬ ‫ما زلنا في المقدّمة ّ‬
‫اإلجابة لم يحصل بعد‪ ،‬أن نطلق‬
‫أسماء أخرى مثل‪ :‬فرضيّة‬
‫العمل‪،hypothèse de travail‬‬
‫فرضيّة البحث ‪hypothèse de‬‬
‫‪ ، recherche‬المشروع‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫صفحة أو‬ ‫فإذا انتهينا م ّما سبق‪ ،‬وسواء اخترنا ّ‬
‫الطريقة الموجودة في يمين ال ّ‬
‫الطريقة الواردة في شمالها‪ ،‬فالمرحلة الموالية ستكون الكشف عن‬ ‫ّ‬ ‫اتّبعنا‬
‫التّخطيط الذي سيسير عليه الجواب على اإلشكاليّة‪.‬‬
‫‪ ―.108‬اللحظة الثّالثة‪ :‬الكشف عن التّخطيط الذي سيسير عليه الجواب على‬
‫اإلشكاليّة‪.‬‬
‫وفي بعض األطروحات والمقاالت تبدأ هذه المرحلة األخيرة من مراحل المقدّمة‬
‫صغير (مقاربة الموضوع ‪.)approche du sujet‬‬ ‫ّ‬
‫المخطط ال ّ‬ ‫عرض إلى‬ ‫بالت ّ ّ‬
‫ي‪ .409‬لذا لن نجد هذا‬
‫أن اعتماد تخطيط صغير ومقاربة غير وجوب ّ‬ ‫لكنّنا رأينا ّ‬
‫العنصر في أغلب األعمال‪.‬‬
‫‪ ―.109‬ختم اللحظة الّثالثة‪ ،‬ختم املقدّمة‪.‬‬
‫في المقابل‪ ،‬ما ينبغي أن يوجد في ك ّل األعمال‪ ،‬ختم المقدّمة باإلعالن عن‬
‫سيتكون منهما الجوهر‪ ،‬دون أن نزيد‬‫ّ‬ ‫عنواني الفقرتين (أو الثّالث فقرات) اللتين‬
‫على ذلك بأن نذكر عناوين فروعهما (أي ما عبّرنا عنه في هذا العمل بحرف‪:‬‬
‫أ‪ ،‬وبحرف‪ :‬ب)‪.‬‬
‫بعبارة مختلفة‪ :‬ختمنا المرحلة الثّانية من المقدّمة بجواب اإلشكاليّة‪ ،‬نأتي اآلن‬
‫يكونانه‪.‬‬
‫ونستخرج من هذا الجواب الجزأين اللذين ّ‬
‫هذه هي إذن العناصر التي ينبغي أن نأتي بها في المقدّمة‪.‬‬

‫‪ 409‬انظر الفقرة عدد ‪ 48‬والفقرة عدد ‪.100‬‬


‫‪235‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المقدّمة ‪2‬‬ ‫المقدّمة ‪1‬‬

‫‪ )1‬الكشف عن المادّة‬
‫القانونيّة التي سنشتغل‬ ‫‪ )1‬الكشف عن المادّة‬
‫عليها‬ ‫القانونيّة التي سنشتغل‬
‫عليها‬
‫***‬
‫الت ّعريفات ‪ -‬تحديد سياج‬
‫=‬ ‫***‬
‫المادّة ‪ -‬تحديد ما يحيط‬ ‫التعريفات ‪ -‬تحديد سياج‬
‫بالمادّة‬ ‫المادّة ‪ -‬تحديد ما يحيط‬
‫بالمادّة‬

‫‪ )2‬الكشف عن اإلشكاليّة‬ ‫‪ )2‬الكشف عن اإلشكاليّة‬


‫التي سنطرحها داخل الما ّدة‬ ‫التي سنطرحها داخل‬
‫القانونيّة‪:‬‬ ‫المادّة القانونيّة‪:‬‬
‫***‬ ‫***‬
‫أوال‪ :‬الفائدة العمليّة‬
‫‪ّ -‬‬

‫‪‬‬
‫والنّظريّة كقنطرة نعبر‬
‫أوال‪ :‬اإلشكال ّية‬
‫‪ّ -‬‬ ‫عليها إلى اإلشكاليّة (يمكن‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬جواب اإلشكاليّة‬ ‫أن نأتي هنا بالقانون‬
‫(أوالفرض أو األطروحة)‬ ‫المقارن‪ ،‬إلخ‪).‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬الفائدة من إثبات‬ ‫‪ -‬ثانيا‪ :‬اإلشكاليّة‬
‫صحّة الجواب (من إثبات‬ ‫‪ -‬ثالثا‪ :‬جواب اإلشكاليّة‬
‫الفرض وانقالبه أطروحة)‬ ‫(أو الفرض أو األطروحة)‬

‫‪ )3‬الكشف عن الت ّخطيط‬ ‫‪ )3‬الكشف عن الت ّخطيط‬


‫الذي سيسير عليه الجواب‬ ‫الذي سيسير عليه الجواب‬
‫على اإلشكاليّة‬ ‫على اإلشكاليّة‬
‫***‬
‫ختم المقدّمة باإلعالن عن‬ ‫=‬ ‫***‬
‫ختم المقدّمة باإلعالن عن‬
‫عنوان الفقرة األولى‬ ‫عنوان الفقرة األولى‬
‫وعنوان الفقرة الثّانية‬ ‫وعنوان الفقرة الثّانية‬
‫فحسب‬ ‫فحسب‬

‫وينبغي أن نأتي بجميع العناصر‪ :‬مترابطة فيما بينها‪ ،‬يفضي الواحد منها‬
‫إفضا ًء سهال إلى الذي يليه‪ ،‬فال يشعر القارئ أنّه انتقل من عنصر إالّ بعد أن‬
‫يكون قد دخل بعد في الذي يليه‪ .‬بعبارة موجزة‪ :‬ينبغي اإلتيان بالعناصر على‬
‫أفضل نحو‪.‬‬
‫وقد قيل‪:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪236‬‬

‫" (عىل من يتلكّم) أأن جيعل أأ ّول الالكم رقيقا سهال‪ ،‬واّض املعاين ‪ …‬مناس با للمقام حبيث‬
‫السامع اىل االصغاء بلكّيته‪ ،‬ألن ّه أأ ّول ما يقرع ّ‬
‫السمع‪ ،‬وبه يعرف (ما) عنده‪ .‬قال ابن‬ ‫جيذب ّ‬
‫رش يق‪ :‬ا ّن ُحسن الافتتاح داعية الانرشاح‪ ،‬ومطيّة النّجاح ‪ …‬وقد جاء يف ا ألخبار أأ ّن‬
‫‪( …‬ما ُيكتب) ُقف ٌل و أأ ّو ُهل مفتاحه"‪.410‬‬

‫وقيل أيضا‪:‬‬

‫"من حماسن املقدّ مة تس تخلصون عيوهبا‪ .‬فاذا اكنت قويّة جدّ ا‪ ،‬أأخّاذة جدّ ا‪ ،‬أأو المعة‬
‫ومدروسة جدّ ا‪ ،‬من حيث ا ألفاكر أأو الأسلوب‪ ،‬فاهنّ ا تضلّل القارئ أأو ّ‬
‫السامع‪ .‬هذا ا ألخري‬
‫خرج لت ّوه من احلياة احلقيقيّة‪ ،‬فال ميكنه أأن يكون ومن البدء مثل الاكتب اذلي نضجت‬
‫ا ألمور عنده شيئا فشيئا عىل انر التّأأ ّمل‪ .‬بعد مثل هذه املقدّ مة (القويّة‪ ،‬اخل‪ ).‬اليت ويف‬
‫الغالب ّمتين مبا لن مينحه العمل‪ ،‬يأأيت هذا ا ألخري فاترا وخم ّيبا للمال‪ .‬وعىل فرض الوفاء مبا‬
‫وعدت به‪ ،‬فا ّن اخلطر أأن حنجب من البدء ما س يأأيت الحقا ونعمل من ّمث ضدّ قانون‬
‫التّ ّ‬
‫طور"‪.411‬‬

‫فإذا اتّبعنا جميع ما سبق وأنهينا المقدّمة‪ ،‬تكون المرحلة الموالية تحرير الجوهر‪.‬‬

‫(ب) الجوهر‬

‫‪ ―.110‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫تعنون أجزاء‬
‫َ‬ ‫ينبغي أن يرت َّب الجوهر وفق مواصفات معيّنة‪ .‬ث ّم ينبغي أن‬
‫التّرتيب‪ .‬وأخيرا ينبغي أن تكون هذه األجزاء مترابطة فيما بينها‪.‬‬

‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.448‬‬


‫‪ 410‬ال ّ‬
‫‪"Des qualités de l’exorde vous conclurez ses défauts. Trop énergique, trop 411‬‬
‫‪saisissant, ou encore trop brillant et trop étudié, soit de pensée, soit de style, l’exorde‬‬
‫‪déroute le lecteur ou l’auditeur. Celui-ci sortant à peine de la vie réelle ne peut être‬‬
‫‪dès l’abord, affecté comme l’écrivain dont l’âme s’est échauffée peu à peu au feu de‬‬
‫‪ses méditations. Après un tel exorde qui promet généralement plus que l’œuvre ne‬‬
‫‪donnera, celle-ci deviendra froide et décevante. Tiendrait-on même tout ce qu’on a‬‬
‫‪promis, on court risque d’éclipser d’avance ce qui va suivre, et l’on pèche contre la‬‬
‫‪loi de la progression". A. Baron, préc., p. 144.‬‬
‫‪237‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ .1‬التّخطيط‬

‫‪ ―.111‬إحالة‪.‬‬
‫يكفي هنا أن نحيل على ما قيل سابقا‪.412‬‬

‫‪ .2‬العناوين‬

‫‪ ―.112‬إحالة‪.‬‬
‫هنا أيضا ال نحتاج إالّ لإلحالة على ما تقدّم‪.413‬‬

‫‪ .3‬التّخلّص (‪)transition‬‬

‫‪ ―.113‬اخلامتات الصّغرية‪.‬‬

‫تعرضنا سابقا إلى التّخلّص من عنوان إلى العنوانين الذين ّ ِّ‬


‫يكونانه‪ ،‬ومن ك ّل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعرضنا إلى التّخلص من ك ّل نقطة في‬ ‫عنوان إلى العنوان الذي يليه؛ كما ّ‬
‫المحتوى إلى النّقطة التي تليها‪.414‬‬
‫إن‬‫وما تقدّم هو نفسه ما ينبغي أن يطلب هنا‪ .‬لكن ينبغي أن نزيد فنقول ّ‬
‫التّخلّص في المقالة من عنوان إلى الذي يليه ينبغي أن يت ّم بواسطة الفكرة‬
‫المركزيّة‪ .‬بتفصيل أكبر‪ :‬متى انتهينا من محتوى‪ ،‬ينبغي أن نقوم بكشف عن‬
‫النّتائج الجزئيّة والمؤقّتة (‪ )un bilan partiel et provisoire‬المتعلّقة‬
‫صغيرة ( ‪une‬‬ ‫والحجاج على الفكرة؛ بهذا الكشف أو بهذه الخاتمة ال ّ‬ ‫باالستدالل ِّ‬
‫‪ )micro-conclusion‬نتخلّص إلى العنوان الموالي ‪.‬‬
‫‪415‬‬

‫بعبارات "كانتيليان" (‪:)Quintilien‬‬

‫"قبل صعود ادلّ رج املوايل‪ ،‬نتوقّف عند ما س بقه"‪.416‬‬

‫‪ 412‬انظر الفقرة عدد ‪ 26‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 413‬انظر الفقرة عدد ‪ 54‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 414‬انظر الفقرة عدد ‪.53‬‬
‫‪Sylvie Guichard, préc., p. 77.415‬‬
‫‪« avant de monter la marche suivante, on s’arrête sur les précédentes ». 416‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪238‬‬

‫وبالتّخلّص – إن كان طبيعيّا ً وحسنا ً كما أسلفنا‪ –417‬يكون صاحب المقالة قد‬
‫تأنّق في وسطها‪.‬ولقد رأينا من قبل أنّه ينبغي أن يتأنّق في بدايته ا‪. 418‬‬
‫والمطلوب‪ ،‬باإلضافة إلى ما سبق‪ ،‬التّأنّق في نهايتها‪.‬‬

‫(ج) الخاتمة‬

‫‪―.114‬خنتم أو ال خنتم؟ وإن ختمنا‪ ،‬كيف خنتم؟‬


‫تحدّثنا للت ّ ّو عن التّأنّق في نهاية العمل‪ ،‬والمقصود التّأنّق في الخاتمة‪ .‬لكن ث ّم من‬
‫يقول‪:‬‬

‫"ال خنمت‪.‬‬
‫ال حاجة لنا خبامتة ألن ّه س بق أأن أأعلنّا عن املوقف يف املقدّ مة‪.‬‬
‫ال حاجة لنا حبوصةل يه يف الواقع تكرار"‪.419‬‬

‫الرأي‪ ،‬لكن مع شيء من التّفصيل‪:‬‬


‫وث ّم من يوافق هذا ّ‬

‫"[‪ ]...‬هبذا ميكن تفسري كون اخلامتة عدمية الفائدة يف أأغلب ا ألحيان‪ .‬فا ألفاكر ا ألساس ّية‬
‫عُرضت يف املقدّ مة‪ ،‬وا ِحلجاج أأيت به يف اجلوهر‪ .‬اذن مل يعد ّمث يشء يُضاف [‪ ]...‬لكن هذا‬
‫الالكم ليس حصيحا يف املطلق‪ :‬فأأحياان جتد اخلامتة ما ي ّربرها‪ ،‬ا ْذ أأهنّ ا تسمح ابالنفتاح الحقا‬
‫عىل مشألك أأخرى‪ .‬االّ أأن ّه ال بُدّ‪ ،‬لتقدير كون اخلامتة مناس بة ( أأو غري مناس بة)‪ ،‬من امتالك‬
‫جتربة‪ .‬هذا ما يفتقده عادة طالب املرحةل ا ألوىل‪ .‬ذلا من ا ألفضل الامتناع وعدم القيام خبامتة‬
‫املّتّشّي من أأن يعمدوا اىل أأن يضعوا فهيا عنارص لها ماكن أأفضل يف ماكن‬ ‫أل ّن هذا حيمي ّ‬
‫أخر"‪.420‬‬

‫‪Quintilien, vol. III, liv. IX, chap. III, § 55, cité par : Chaïm Perelman et Lucie‬‬
‫‪Olbrechts-Tyteca, préc., p. 667.‬‬
‫‪ 417‬انظر الفقرة عدد ‪.53‬‬
‫‪ 418‬انظر الفقرة عدد ‪.109‬‬
‫‪ 419‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪"… par-là s’explique encore que, la plupart du temps, une conclusion soit 420‬‬
‫‪inutile. Les grandes idées ayant été exposées dans l’introduction, la démonstration‬‬
‫‪en ayant été faite dans les développements, il n’y a plus rien à ajouter (un‬‬
‫‪« C.Q.F.D. » satisfait ne serait qu’un signe de vanité dont il vaut mieux se‬‬
‫‪239‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن تكرار ما سبق في العمل وعدم إضافة جديد‬‫وكما يرى‪ ،‬يتّفق القوالن على ّ‬
‫يجعل الخاتمة غير مفيدة‪.‬‬
‫لكن ث ّم من يقول – كأنّه يردّ على هذين القولين –‪:‬‬

‫"ينبغي أأن تتض ّمن اخلامتة نتيجة معلمك‪ .‬اذن خل ّصوا ا أل ّ‬


‫سايس اذلي أأظهرته ادلّ راسة اليت مقمت هبا‪.‬‬
‫شك‪ ،‬أأنمت أأرشمت بعدُ يف املقدّ مة اىل ا ألفاكر العا ّمة اليت حتمك املوضوع‪ .‬لكن‪ ،‬يف تكل‬‫من دون ّ‬
‫اللحظة‪ ،‬أأنمت أأعلنمت عهنا ليس االّ ومل تثبتوها‪ .‬طلبمت أأن نثق بص ّحة ما قلمت‪ .‬الن وقد وفّيمت‪،‬‬
‫ينبغي أأن تقولوا أأنّمك وف ّيمت‪ .‬وهكذا فا ّن ما ينبغي أأن تربزوه يف اخلامتة هو أأنّمك قد أأثبمت حصّة‬
‫ا ألفاكر اليت ق ّدممتوها"‪.421‬‬

‫وهكذا فالخاتمة ليست‪ ،‬كما يبدو في ّ‬


‫الظاهر‪ ،‬تكرارا لما جاء في المقدّمة‪ ،‬وال‬
‫لما جاء في الجوهر‪:‬‬

‫‪dispenser). Ce n’est cependant pas là une règle absolue. Quelquefois, en effet, une‬‬
‫‪conclusion se justifie parce qu’elle permet d’envisager une ouverture ultérieure sur‬‬
‫‪d’autres problèmes. Mais, pour en apprécier l’opportunité, il faut une expérience‬‬
‫‪qui, normalement, fait défaut aux étudiants du premier cycle. Mieux vaut donc‬‬
‫‪s’abstenir de conclure, ce qui d’ailleurs présente l’avantage de garder les candidats‬‬
‫‪de la tentation de réserver pour une telle conclusion des éléments qui seraient mieux‬‬
‫‪placés ailleurs ». Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 34.‬‬
‫‪"La conclusion doit contenir le résultat de votre travail. Résumez donc l ’essentiel 421‬‬
‫‪de ce qui se dégage de votre étude. Sans doute, vous avez déjà, dans l’introduction,‬‬
‫‪signalé les idées générales qui gouvernent le sujet. Mais, à ce moment-là, vous les‬‬
‫‪avez simplement annoncées, sans les justifier. Vous avez demandé que l’on vous‬‬
‫‪fasse crédit. Maintenant vous avez tenu votre promesse et vous vous justifiez de‬‬
‫‪l’avoir tenue. Ce que vous devez apparaître dans la conclusion, c’est donc‬‬
‫‪précisément que vous avez démontré l’exactitude des idées avancées". Henri‬‬
‫‪Mazeaud, préc., n° 91.‬‬
‫انظر أيضا من يرى الخاتمة ضروريّة‪Jérome Bonnard, préc., p. 86. :‬‬
‫صص (انظر الفقرة عدد ‪ 92‬من كتاب‬ ‫وألن "هنري مازو" (‪ )Henri Mazeaud‬يقول بالخاتمة‪ ،‬فهو يخ ّ‬ ‫ّ‬
‫"هنري مازو") لها مساحة في العمل‪:‬‬
‫األول‪ 3/10 ،‬للجزء الثّاني‪ 1/10 ،‬للخاتمة‬
‫‪ 2/10‬للمقدّمة‪ 4/ 10 ،‬للجزء ّ‬
‫األول‪ ،‬صفحة ونصف للجزء الثّاني‪،‬‬ ‫ي بخمس صفحات‪ ،‬تقريبا‪ :‬صفحة للمقدّمة‪ ،‬صفحتان للجزء ّ‬ ‫– عرض كتاب ّ‬
‫نصف صفحة للخاتمة‪.‬‬
‫األول‪ 9 ،‬دقائق للجزء الثّاني‪3 ،‬‬‫ي بثالثين دقيقة‪ ،‬تقريبا‪ 6 :‬دقائق للمقدّمة‪ 12 ،‬دقيقة للجزء ّ‬ ‫– عرض شفو ّ‬
‫دقائق للخاتمة‪.‬‬
‫يوزعون العدد على النّحو التّالي‪ 4 :‬نقاط للمقدّمة‪12 ،‬‬
‫إن من ال يقولون بالخاتمة عادة ما ّ‬ ‫ويمكن أن نزيد فنقول ّ‬
‫ّ‬
‫للمخطط‪.‬‬ ‫نقطة للجزأين (‪ 6‬لك ّل جزء من الجزأين؛ وداخل الجزء‪ 3 ،‬لك ّل فرع من الفرعين)‪ 4 ،‬نقاط‬
‫فإذا قيل بالخاتمة‪ ،‬أمكن توزيع األعداد على النّحو التّالي‪ 3 :‬نقاط للمقدّمة‪ 12 ،‬نقطة للجزأين ( ‪ 6‬لك ّل جزء من‬
‫ّ‬
‫للمخطط‪.‬‬ ‫الجزأين؛ وداخل الجزء‪ 3 ،‬لك ّل فرع من الفرعين)‪ 1 ،‬للخاتمة‪ 4 ،‬نقاط‬
‫الرسوم الواردة في الفقرة عدد ‪.52‬‬‫انظر ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪240‬‬

‫ألن ما جاء في المقدّمة فرض‬ ‫– الخاتمة ليست تكرارا لما جاء في المقدّمة‪ّ ،‬‬
‫(‪ ،)hypothèse‬أ ّما في الخاتمة فسيختلف األمر ألنّنا سنكون أمام أطروحة‬
‫لكن هذا‬‫صلة‪ :‬أتينا باإلشكاليّة في المقدّمة؛ ث ّم قدّمنا جوابها‪ّ ،‬‬‫(‪ .)thèse‬بعبارة مف ّ‬
‫الجواب لم يكن قد ص ّح عندها؛ ث ّم جئنا بجوهر الموضوع‪ ،‬وأثبتنا فيه تدريجيّا‬
‫ذلك الجواب؛ وحين انتهينا من الجوهر‪ ،‬كان اإلثبات قد اكتمل وصار ما لم يكن‬
‫مجرد فرض طرحا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثابتا ثابتا‪ ،‬وما كان‬
‫– والخاتمة ليست تكرارا لما جاء في الجوهر‪ .‬فما جاء في الجوهر إثباتات‬
‫جزئيّة‪ .‬أ ّما في الخاتمة فسنأتي بتأليف لتلك اإلثباتات‪ ،‬أي سنأتي بالنّتيجة الكلّيّة‬
‫والنّهائيّة (‪.)le bilan général et définitif‬‬
‫وعليه ينبغي اإلتيان بخاتمة‪ ،422‬وينبغي اإلتيان فيها بتأليف اإلثباتات‪.‬‬
‫لكن ينبغي – كما تقول الكتابات – أن نزيد وأن نفتح العمل الذي قمنا به على‬
‫نتعرض إلى القانون المقارن أو إلى مشاريع تنقيح‬ ‫ّ‬ ‫آفاق أخرى‪ :‬مثال ذلك أن‬
‫لكن األفضل أن نرتقي بالنّقاش‪ ،‬وأن‬ ‫للقانون إن لم نفعل ذلك في المقدّمة ‪ّ .‬‬
‫‪423‬‬

‫نربط األطروحة بميدان أع ّم من الميدان الذي عملنا فيه وبمادّة غير المادّة التي‬
‫متكونة من جزأين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اشتغلنا عليها‪ .‬وهكذا تكون الخاتمة‬
‫المكونات الثّالثة للمقدّمة‪ ،‬وذلك لكي‬
‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬وينبغي أن نصوغه وأمامنا‬ ‫– جزء تأليف ّ‬
‫تكون هنالك وحدة في التّعبي ر‪ . 424‬وللغرض نفسه ينبغي أن تكون أمامنا‬
‫صغيرة‪.‬‬
‫الخاتمات ال ّ‬
‫– وجزء لفتح نافذة على آفاق جديدة‪.‬‬
‫ويمكن للمستطيع أن يضيف جز ًء أخيرا يختم به الخاتمة‪ :‬مقولة بليغة له أو‬
‫لغيره‪ .425‬مثال ذلك ما جاء في خاتمة محاضرة لـ‪" :‬جون كاربونييه" ( ‪Jean‬‬
‫‪:)Carbonnier‬‬

‫"«ماكس فيبري» [‪ ]...‬قال ا ّن القانون ذاهب حنو عقلنة متصاعدة [‪ ]...‬قال أأيضا [‪ ]...‬ا ّن هذه‬
‫السحر [‪ ]...‬ا ّن الالعقالن ّية اختفت واىل ا ألبد [‪ ]...‬هبذا [‪]...‬‬‫العقلنة أأهنت واىل ا ألبد عرص ّ‬
‫(الالكم يبدو عامل الاجامتع «ماكس فيبري» عىل غري) ما ينبغي أأن يكون عليه عامل اجامتعٍّ‪ ]...[ :‬عامل‬

‫‪ 422‬ث ّم من يقول‪" :‬البعض يعتبر ّ‬


‫أن (الخاتمة) اختياريّة‪ .‬لكن للحدّ من المخاطر‪ ،‬يكون األفضل أن ننطلق من‬
‫مبدأ كونها وجوبيّة"‪Gilles Armand, Droit administratif. Cas pratiques, Dissertation, .‬‬
‫‪Commentaires d’arrêts, L. G. D. J., Paris, 2007, p. 19.‬‬
‫‪Henri Mazeaud, préc., n° 91 ; Jérôme Bonnard, préc., p. 86. 423‬‬
‫‪ 424‬قارن مع‪Sylvie Guichard, préc., p. 71. :‬‬
‫‪ 425‬قارن مع‪Denis Huisman, préc., p. 38. :‬‬
‫‪241‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الاجامتع ال يقول أأبد ًا‪ :‬اىل ا ألبد"‪.426‬‬

‫هذا ما ينبغي أن تكون عليه الخاتمة‪ ،427‬لكن ما ال ينبغي‪:‬‬


‫– أن تكون خالصة للجوهر‪ ،‬ك ّل الجوهر‪ .‬نعم‪ :‬قد ينسى القارئ ما ينسى خا ّ‬
‫صة‬
‫إذا كانت المقالة طويلة‪ .428‬لكن ال ينبغي أن تنقلب الخاتمة إلى مف ّكرة ( ‪un‬‬
‫‪.)aide-mémoire‬‬
‫– أن تكون استدراكا‪ :‬سلّة للمنسيّات‪ ،‬أو فِّهرسا لتصويب األخطاء‪.‬‬
‫– أن تكون خطبة للعضة‪ ،‬أو استخالصا للعبر‪ ،‬أو دعوة للتّآخي بين أفراد‬
‫اإلنسانيّة‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫– أن تكون نافذة على أفق ال عالقة له باألطروحة ‪.‬‬
‫‪429‬‬

‫‪ ―.115‬األسلوب يف اخلامتة‪.‬‬
‫وعموماً‪ ،‬ما ال ينبغي‪ ،‬أن تخرج الخاتمة ع ّما ينبغي‪ .‬وما ينبغي سبق معنا‪ .‬لكن‬
‫يجب أن نزيد عليه التّأنّق‪.‬‬
‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫السمع ويرتسم يف النّفس‪ .‬فان‬‫"ينبغي للمتلكّم أأن يتأأن ّق يف ‪( ...‬الانهتاء)‪ ،‬ألن ّه أخر ما يعيه ّ‬
‫حىت جرب ما وقع فامي س بقه من التّقصري واالّ لاكن عىل‬
‫تَله ّ‬‫السمع واس ّ‬
‫اكن حس نا خمتارا تلقاء ّ‬

‫‪"Max Weber … avait dit que le droit allait vers une rationalisation croissante 426‬‬
‫‪… il disait aussi … que cette rationalité du droit avait clos pour toujours l’air des‬‬
‫‪enchantements … que la magie avait pour toujours disparu … Il se montrait bien‬‬
‫‪affirmatif pour un sociologue … Un sociologue ne doit jamais dire : pour‬‬
‫‪toujours".‬‬
‫محاضرة ألقيت في ‪ 17‬ماي ‪ ،1994‬وعنوانها ‪ ،L’âme dans les choses inanimées‬وذلك في كلّيّة‬
‫صوت عن هذه المحاضرة ومنها‬ ‫صورة وال ّ‬‫العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة التي توجد بمكتبتها نسخة بال ّ‬
‫أخذ المقتطف الوارد في المتن‪.‬‬
‫‪ 427‬أشرنا في الفقرة عدد ‪ 94‬إلى من يضع كعنصر من عناصر الخاتمة (ال من عناصر المقدّمة)‪ :‬الفائدة من‬
‫كون الفكرة قد ثبتت‪.‬‬
‫‪" 428‬أملك قليال من الذّاكرة؛ وحين يقال لي خطاب طويل‪ ،‬أنسى ما يتحدّث عنه"‪Platon, Protagoras .‬‬
‫‪(Traduction, introduction et commentaires de Monique Trédé et Paul Demont),‬‬
‫‪Librairie générale française (Classiques de la philosophie), 1993, 334 c-338 e (p.‬‬
‫‪103).‬‬
‫‪ 429‬قارن مع‪Denis Huisman, préc., p. 36 et s. :‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪242‬‬

‫حىت ربّام أأنساه احملاسن املوردة فامي س بق ‪( ...‬وأأحس نه) أأي أأحسن الانهتاء (ما‬
‫العكس ّ‬
‫أذن ابنهتاء الالكم) حىت ال يبقى للنّفس ّ‬
‫تشوق اىل ما وراءه"‪.430‬‬

‫ويضيف آخر‪:‬‬
‫الس بك‪ ،‬حصيح املعىن‪ ،‬مشعرا‬ ‫"(عىل املتلكّم أأن جيعل) أخر الكمه عذب اللفظ‪ ،‬حسن ّ‬
‫حىت تتحقّق براعة املقطع حبسن اخلتام‪ ،‬اذ هو أخر ما يبقى يف ا ألسامع‪ .‬وربّام ُح ِفظ‬‫ابلتّامم ّ‬
‫من بّي سائر الالكم لقرب العهد به‪ .‬يعين أأن يكون أخر الالكم مس تعذاب حس نا‪ ،‬لتبقى ّذلته‬
‫يف ا ألسامع‪ ،‬مؤذان ابالنهتاء"‪.431‬‬

‫والخاتمة‪ ،‬ألجل ما سبق‪ ،‬ليست سهلة كما قد ي ّ‬


‫ظن‪.‬‬
‫يقول "مونتانيي" (‪:)Montaigne‬‬

‫صعب أأن تُهنيي الالكم؛ وال يشء تُعرف به ّقوة احلصان مثل [‪( ]...‬التّوقّف توقّفا‬‫"ان ّه أل ٌمر ٌ‬
‫الس باق فال يس تطيع؛ واذا أأراد‬‫حفىت بّي املُجيدين‪ ،‬أأرى من يرغب يف اهناء ّ‬ ‫ودائراي)‪ّ .‬‬
‫ات ّما ّ‬
‫حىت بّي املُجيدين من‬ ‫العثور عىل نقطة خيمت هبا خطواته‪ ،‬جتده يرثثر [‪( ]...‬بعبارة واحدة‪ّ :‬مث ّ‬
‫تراه‪ ،‬كضعاف الأرجل‪ ،‬ال يس تطيع التّوقّف عند خطّ الوصول)" ‪.432‬‬

‫سياق يقول "نيتشه" (‪ :)Nietzsche‬إذا أردت أن تعرف هل تعب‬ ‫وفي نفس ال ّ‬


‫المؤلّف أم ال‪ ،‬فانظر إلى ما كتبه في النّهاية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ال يكفي االعتناء بمضمون الخاتمة‪ ،‬بل ينبغي أيضا االهتمام بأسلوبها‪.‬‬
‫واالهتمام باألسلوب مطلوب في ك ّل المقالة‪.‬‬
‫وما جاء للت ّ ّو وما سبقه كلّه عرض لمنهجيّة المقالة‪ .‬بعد عرض المنهجيّة ينبغي‬
‫تجسيمها‪.‬‬

‫‪ 430‬أسعد الدّين التّفتازاني‪ ،‬مختصر المعاني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دم‪ 1411 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ 315‬وما يليها‪.‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.450‬‬ ‫‪ 431‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفي نفس االتجاه نجد من يقول‪" :‬األسطر األخيرة لورقة االمتحان تؤثر حتما على القارئ"‪Sylvie .‬‬
‫‪Guichard, préc., p. 71.‬‬
‫‪"C’est chose difficile de fermer un propos ; et n’est rien où la force de cheval se 432‬‬
‫‪connaisse plus qu’à faire un arrêt rond et net. Entre les pertinents même, j’en vois‬‬
‫‪qui veulent et ne peuvent défaire de leur course. Cependant qu’ils cherchent le point‬‬
‫‪de clore le pas, ils s’en vont balivernant et traînant, comme des hommes qui‬‬
‫‪défaillent de faiblesse". Montaigne, cité par : A. Baron, préc., p. 190.‬‬
‫‪243‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المبحث الثّاني‪ ― .‬تجسيم منهجيّة المقالة‬

‫‪―.116‬التّدريب على مثال مسبق‪ .‬ما قبل املوضوع‪.‬‬


‫الطالب عليها‪ .‬لكن كيف‬ ‫ال يكفي تعليم المنهجيّة أو البالغة بل ينبغي تدريب ّ‬
‫مرة أخرى ينبغي االستماع إلى القدامى‪ ،‬وتحديدا إلى‬ ‫ّ‬ ‫ندربه ؟‬ ‫ّ‬
‫ندرب الطالب بأن نعطيه مثاالً يدرسه دراسة‬ ‫ّ‬ ‫"سيسرون"(‪ّ : ) Cicéron‬‬
‫‪433‬‬

‫متمعّنة ث ّم يحاول تقليده‪.‬‬


‫للطالب في وقت ّأول تمرينا ً ت ّم إصالحه‪ .‬بعد ذلك‬ ‫بعبارة أكثر تفصيال‪ ،‬نقدّم ّ‬
‫نأخذ المقدّمة مثالً ونطلب أن يستخرج منها هذا العنصر أو ذاك‪ .‬بعد ذلك نطلب‬
‫ويعوضه بعنصر يصوغه بنفسه‪ .‬نبدأ بالعناصر التي ال‬ ‫ّ‬ ‫أن يمحو عنصرا محدّدا‬
‫تؤثّر على الجوهر الموجود في المثال (مثالً‪ :‬عنصر التّأطير‪ .‬نعطيه في المثال‬
‫عنصرا صيغ في شكل "قِّمع"‪ ،‬ونطلب منه أن يصوغه في شك ِّل"معيّن") ث ّم‬
‫نمر إلى العناصر المؤثّرة (اإلشكاليّة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫شيء نفعله مع الجوهر‪ ،‬ومع الخاتمة‪.‬‬ ‫نفس ال ّ‬
‫يتعرف إلى جميع‬ ‫ّ‬ ‫سدة في مثال‪ ،‬وهكذا‬ ‫الطالب ك ّل قاعدة تعلّمها مج ّ‬ ‫هكذا يرى ّ‬
‫مكونات المقالة‪ ،‬وهكذا يتعلّم تقليد النّموذج جز ًء بعد جزء وعنصرا ً بعد عنصر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫هنالك‪ ،‬وهنالك فحسب‪ ،‬يمكن إعطاؤه تمرينا ً دون مثال مسبق‪ ،‬أي هنالك يمكن‬
‫التّقدّم معه إلى المرحلة الموالية وهي مرحلة القياس على ما كان قد رآه‪.‬‬
‫أولها إلى آخرها‪:‬‬‫نموذج من األسئلة التي يمكن تقديمها مع مقالة محررة من ّ‬
‫‪ -‬حدّد أقسام المقدّمة الثّالثة‪.‬‬
‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلّق بعرض المنهجيّة "ما‬
‫يحيط بسياج المادّة"‪ .‬بيّن‪ :‬هل اعتمدت طريقة "ال ِّقمع" أم طريقة "المعيّن"؟‬
‫الطريقة المعتمدة‪ ،‬أعد صياغة نفس العنصر من المقدّمة باعتماد‬ ‫‪ -‬بعد تحديد ّ‬
‫الطريقة األخرى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلّق بعرض المنهجيّة‬
‫"سياج المادّة"‪.‬‬
‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلّق بعرض المنهجيّة‬
‫"تعريف المصطلحات"‪.‬‬

‫‪Cicéron, préc., p. 199. 433‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪244‬‬

‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلّق بعرض المنهجيّة‬


‫"الفائدة"‪ .‬استخرج ما الذي يمكن تسميته "فائدة عمليّة" وما الذي يمكن تسميته‬
‫"فائدة نظريّة"؟‬
‫أعد صياغة نفس العنصر‪ ،‬أي اكتشف بنفسك فائدة عمليّة أو أكثر وفائدة‬
‫نظريّة أو أكثر‪ ،‬وضعها مكان ما هو موجود في المقدّمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلق بعرض المنهجيّة‬
‫سنة‬‫"اإلشكاليّة"‪ .‬هل هي إشكاليّة حقيقيّة؟ أم أنّها فقط م ّما يقبل من طالب في ال ّ‬
‫األولى؟‬
‫طوع المقدّمة‪،‬‬
‫إن لم تكن حقيقيّة‪ ،‬فعد إلى المقدّمة‪ ،‬وضع فيها واحدة حقيقيّة‪ ،‬ث ّم ّ‬
‫والجوهر‪ ،‬والخاتمة‪ ،‬وأعد صياغتها على أساس هذه اإلشكاليّة‪.‬‬
‫استبدل العناوين الموجودة بعناوين تحمل الفكرة المو ِّ ّجهة‪.‬‬
‫‪ -‬حدّد في المقدّمة العنصر الذي أسمي في الجزء المتعلّق بعرض المنهجيّة‬
‫"الكشف عن التّخطيط"‪.‬‬
‫في هذا العنصر أ ْع ِّلن عن الفقرتين‪ ،‬ولم يعلَن عن فروع الفقرتين (أي لم يعلَن‬
‫عن "أ" و "ب" من ك ّل فقرة‪ ،‬فهل هذا سليم من النّاحية المنهجيّة؟‬
‫‪ -‬استخرج التّخلّصات الموجودة في المقدّمة‪ .‬بيّن من أي ّ نوع هي؟‬
‫‪ -‬هل احتوت المقدّمة على عناصر ليست وجوبيّة الوجود دائما في مقدّمة‬
‫المقالة؟‬
‫إن كان الجواب باإليجاب‪ ،‬فاستخرجها؛ وإن كان بالنّفي‪ ،‬فصغ عنصرا أو‬
‫أكثر من هذا النّوع‪ ،‬ث ّم أقحمه في المقدّمة بحيث يصبح جز ًء منها‪.‬‬
‫‪ -‬هل ث ّم في المقدّمة أمر ترى أنّك لو صغته أنت ألتيت به بطريقة أفضل من‬
‫زاوية المنهجيّة م ّما هو موجود؟‬
‫أن تغييره يعطي نتيجة أفضل‪.‬‬ ‫إن كان الجواب باإليجاب‪ ،‬فغيّر ما ترى ّ‬
‫***‬
‫‪ -‬استخرج التّخلّصات الموجودة في الجوهر‪ ،‬واذكر في شأن ك ّل تخلّص النّوع‬
‫الذي ينتمي إليه‪.‬‬
‫‪ -‬استبدل بعض التّخلّصات بتخلّصات من صنعك‪.‬‬
‫‪ -‬طالع مرجعا (كتاب‪ ،‬إلخ‪ ).‬في مادّة الموضوع‪ ،‬وبعد استيعاب محتواه‪،‬‬
‫استبدل فرعا أو أكثر بفرع تصوغه أنت انطالقا م ّما كنت قد استوعبته‪.‬‬
‫المعنون‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -‬استبدل العناوين بعناوين أخرى تساوي بدورها‬
‫‪245‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫***‬
‫‪ -‬حدّد أجزاء الخاتمة‪.‬‬
‫‪ -‬استبدل هذه األجزاء بأخرى من صنعك‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -‬عد إلى المقدّمة‪ ،‬وضع فيها إشكاليّة حقيقيّة (هذا في صورة ما إذا قدّمت‬
‫طوع المقدّمة‪ ،‬والجوهر‪ ،‬والخاتمة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫للطالب مقالة ليس فيها هذه اإلشكاليّة) ث ّم ّ‬
‫وأعد صياغتها على أساس هذه اإلشكاليّة‪.‬‬
‫‪ -‬استبدل العناوين الموجودة بعناوين تحمل الفكرة المو ِّ ّجهة‪.‬‬

‫***‬
‫مالحظة‪ :‬يمكن إضافة أسئلة ومها ّم أخرى للت ّ ّ‬
‫درب عليها‪ ،‬أو استبدال بعض ما‬
‫ورد أعاله بغيره الذي يؤدّي بطريقة أفضل الغرض‪.‬‬
‫‪ ―.117‬املوضوع‪.‬‬
‫زيادة على ما تقدّم‪ ،‬ينبغي أن ينصبّ الت ّدريب على ك ّل صيغ الموضوع النّظري‬
‫التي سبقت معنا‪:434‬‬
‫الموضوع الذي نجد في صيغته مفهوما واحدا؛‬
‫الموضوع الذي نجد في صيغته عطفا بين مفهومين أو أكثر؛‬
‫الموضوع الذي نجد في صيغته جملة خبريّة؛‬
‫الموضوع الذي تمثّل صيغته جملة استفهام؛‬
‫الموضوع مع مقولة‪.‬‬

‫األول‪ :‬التّغرير‬
‫الموضوع ّ‬
‫اإلشكاليّة‪ :‬هل التّغرير غلط محدث ‪ /‬يص ّح في هذا الموضوع ما سيجيء في‬
‫موضوع "التّغرير والغلط" مع تعديالت طفيفة في المقدّمة‪.‬‬

‫‪435‬‬
‫الموضوع الثّاني‪ :‬الغلط‬

‫‪ 434‬انظرها في الفقرة عدد ‪ 80‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 435‬يمكن أن ننقل هنا ما جاء في المقالة التّالية (مع تعديالت طفيفة في المقدّمة‪ ،‬ومع تعديالت يسيرة أيضا في‬
‫الجوهر لو طرح الموضوع ال في فرنسا بل في تونس‪ ،‬ومع اختصار المضمون ليتناسب مع توقيت االمتحان)‪:‬‬
‫‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode d’emploi ou l’erreur sans peine (préc.), p.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪246‬‬

‫‪436‬‬
‫الموضوع الثّالث‪ :‬تأويل العقد والقانون‬

‫تطور مبدأ سلطان اإلرادة‬ ‫الرابع‪ّ :‬‬


‫الموضوع ّ‬
‫◄ المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫ال‪ :‬الكشف عن المادّة القانونيّة التي سنشتغل عليها‪:‬‬ ‫♦ ّأو ً‬
‫• تحديد ما يحيط بسياج المادّة‪:‬‬
‫– مصادر االلتزام‪ :‬العمل القانوني والواقعة القانونيّة‪.‬‬
‫– ميدان مبدأ سلطان اإلرادة‪ :‬العمل القانوني‪.‬‬
‫– للتّأ ّكد من هذا‪ ،‬ينبغي تعريف مبدأ سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫• تعريف المصطلحات‪:‬‬
‫– تعريف المبدأ (وتعريف المفهوم ألنّه يّتحدّث عن مبدأ أو مفهوم سلطان‬
‫أن عبارة المفهوم تستعمل كمرادف لعبارة المبدأ)‪ :‬فكرة (أو‬ ‫اإلرادة‪ ،‬أي ّ‬
‫المكونة لشيء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وصف) يحكم الوحدات‬
‫– تعريف اإلرادة‪.‬‬
‫– تعريف سلطان اإلرادة (سلطان اإلرادة ترجمة اتّفق عليها لعبارة‬
‫» ‪ .« autonomie de la volonté‬إذن البحث عن معنى هذه العبارة بحسب‬
‫حرة‪.‬‬
‫سلطة = اإلرادة ّ‬ ‫أصلها‪ « auto » :‬و » ‪ :)« nomos‬اإلرادة لها ال ّ‬
‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫المادّة التي وجدت فيها عبارة سلطان اإلرادة‪ :‬الفلسفة (في جانبها‬
‫ي‪.‬‬
‫الخاص‪ ،‬ث ّم القانون المدن ّ‬
‫ّ‬ ‫بالعمل‪ ،‬أي األخالق)‪ ،‬ث ّم القانون الدّولي‬
‫هنا نربط مع أسباب االلتزام‪ ،‬وتحديدا ً مع العمل القانوني‪ ،‬وتدقيقا ً مع وحداته‬
‫المتعلّقة بنشأة العمل القانوني ووحداته المتعلّقة بما بعد نشأة العمل القانوني‬
‫(اإلرادة ح ّرة في الدّخول وعدم الدّخول في العمل القانوني‪ ،‬إلخ‪.).‬‬

‫‪1885 et s.‬‬
‫‪ 436‬يمكن أن ننقل هنا ما جاء في المقالة الت ّالية (مع تعديالت طفيفة في المقدّمة‪ ،‬ومع اختصار المضمون‬
‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويلي (م س)‪.‬‬
‫ليتناسب مع توقيت االمتحان)‪:‬عبد المجيد ّ‬
‫‪247‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الدّخول وعدم الدّخول‬


‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫في العمل‬

‫اختيار ال ّطرف المقابل‬ ‫الوحدات المتعلّقة‬


‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫في العمل‬ ‫باألصل‬
‫في الوحدات المتعلّقة‬
‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫بنشأة العمل‬
‫تحديد مضمون العمل‬
‫الوحدة المتعلّقة بالشّكل‬
‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫حرة‬
‫اإلرادة ّ‬
‫في الوحدة المتعلّقة بما‬
‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫تأويل العمل‬ ‫بعد نشأة العمل‬
‫القانوني‬
‫ّ‬

‫حريّة اإلرادة في هذه الوحدات‪ّ .‬‬


‫لكن‬ ‫وجد مبدأ سلطان اإلرادة هنا‪ ،‬أي وجدت ّ‬
‫تطورت‪.‬‬
‫حريّة اإلرادة في هذه الوحدات ّ‬ ‫تطور‪ ،‬أي ّ‬ ‫المبدأ ّ‬
‫طور‪ :‬االنتقال إلى طور أو أطوار أخرى‪.‬‬ ‫– تعريف الت ّ ّ‬
‫♦ ثانياً‪ :‬الكشف عن اإلشكاليّة التي سنطرحها‬
‫• اإلشكاليّة‪:‬‬
‫طور ‪.‬‬
‫‪437‬‬
‫معطاة في صيغة الموضوع‪ :‬الت ّ ّ‬
‫• جوابها أو الفرض الذي سيصدر عنه العمل‪:‬‬
‫تطور‪ ،‬وحصل في اتّجاهين‪.‬‬ ‫ث ّم ّ‬
‫• جدوى إثبات الفرض‪:‬‬
‫الرأسماليّة‪.‬‬
‫طور يناسب مرحلة من مراحل عمر ّ‬ ‫ك ّل اتّجاه من اتّجاهي الت ّ ّ‬
‫♦ ثالثاً‪ :‬الكشف عن التّخطيط الذي سيسير عليه الجواب على اإلشكاليّة‪:‬‬
‫◄ الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪ )I‬تراجع مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.‬‬
‫أ) تراجع مبدأ سلطان اإلرادة على صعيد الشّكل‬
‫– تراجع مطلق (إلغاء حكم مبدأ سلطان اإلرادة لوحدة من وحدات العمل‬
‫القانوني)‪ :‬اشتراط الكتب (إلخ‪ ).‬لص ّحة العمل القانوني‪.‬‬
‫حرة في التّمظهر في شكل الكتب أو في شكل آخر‪ :‬هي‬ ‫هنا لم تعد اإلرادة ّ‬
‫مجبرة على التّمظهر في شكل الكتب‪.‬‬
‫حكم مبدأ سلطان اإلرادة ل ِّوحدة من وحدات العمل‬ ‫ِّ‬ ‫ي (إضعاف‬ ‫– تراجع نسب ّ‬
‫ي دون إلغائه)‪:‬‬ ‫القانون ّ‬

‫‪ 437‬انظر حول هذا النّوع من صيغ المواضيع الفقرة عدد‪.88‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪248‬‬

‫ي‪.438‬‬ ‫ّ‬
‫بالحق العين ّ‬ ‫▪ اشتراط شكليّة ما َ لمعارضة الغير‬
‫شهادة في بعض الحاالت ‪.‬‬
‫‪439‬‬ ‫▪ إقصاء اإلثبات بال ّ‬
‫شكل أو ذاك‪ ،‬لكن (إذا أخذنا صورة‬ ‫حرة في التّمظهر في هذا ال ّ‬ ‫هنا اإلرادة بقيت ّ‬
‫اإلثبات) لو لم تتمظهر في شكل كتب‪ ،‬ال يبقى أمام صاحبها إلثبات االلتزام –‬
‫شهادة– إالّ وسيلتين غير مضمونتين هما‪ :‬اإلقرار (ال نضمن أن‬ ‫بعد إقصاء ال ّ‬
‫الطرف اآلخر على‬ ‫الطرف اآلخر) واليمين الحاسمة (ال نضمن أن يحلف ّ‬ ‫يقر ّ‬‫ّ‬
‫الحقيقة)‪ .440‬لذا ستذهب اإلرادة‪ ،‬بعد التّضييق عليها (هنا لم تلغ)‪ ،‬إلى الكتب‪.‬‬
‫ي له‪.‬‬
‫في هذا إضعاف للمبدأ وتراجع نسب ّ‬
‫ّ‬
‫بالحق‬ ‫نفس التّحليل ينطبق تقريبا على صورة اشتراط شكليّة ما َ لمعارضة الغير‬
‫ي‪.441‬‬
‫العين ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل من (أ) إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) تراجع مبدأ سلطان اإلرادة على صعيد األصل‬
‫حريّة الدّخول وعدم الدّخول في العمل القانوني (صور‬ ‫– التّراجع على مستوى ّ‬
‫إيجاب التّعاقد أو منعه)‪.‬‬
‫الطرف المقابل في العمل القانوني (صور‬ ‫حريّة اختيار ّ‬ ‫– التّراجع على مستوى ّ‬
‫حق األولويّة وال ّ‬
‫شفعة)‪.‬‬ ‫الطرف المقابل في العقد‪ّ :‬‬ ‫فرض ّ‬
‫ي (صور إيجاب‬ ‫حريّة تحديد مضمون العمل القانون ّ‬ ‫– التّراجع على مستوى ّ‬
‫محتوى ما‪ ،‬أو منع محتوى ما)‪:‬‬
‫▪ أه ّم مضمون هو الثّمن‪.‬‬
‫ي (بعد أن نصوغ موقفهم في قالب قياسين‬ ‫الرأسمال ّ‬
‫▪ حسب أصحاب الفكر ّ‬
‫ي ما سيرد في الفقرة عدد ‪:)190‬‬ ‫حمليّين‪ :‬انظر حول القياس الحمل ّ‬

‫‪ 438‬الفصل ‪ 581‬من مجلّة االلتزامات والعقود التّونسيّة‪" :‬إذا كان موضوع البيع عقّارا أو حقوقا عقّاريّة أو‬
‫غيرها م ّما يمكن رهنه‪ ،‬يجب أن يكون بيعها كتابة بحجّة ثابتة التّاريخ قانونا‪ .‬وال يجوز االحتجاج بالعقد‬
‫المذكور على الغير إالّ إذا سجّل بقباضة الماليّة مع مراعاة األحكام الخا ّ‬
‫صة بالعقارات ا لمسجّلة"‪.‬‬
‫شهود ال تكون بيّنة في االتّفاقات وغيرها من‬ ‫‪ 439‬الفصل ‪ 473‬من مجلّة االلتزامات والعقود التّونسيّة‪" :‬شهادة ال ّ‬
‫حق أو إحالة ذلك أو تغييره أو اإلبراء منه‪ .‬إذا كان قدر المال‬ ‫األسباب القانونيّة التي من شأنها إحداث التزام أو ّ‬
‫أكثر من ألف دينار‪ ،‬فيجب حينئذ تحرير حجّة رسميّة أو غير رسميّة للبيّنة فيه"‪.‬‬
‫‪ 440‬الفصل ‪ 427‬من مجلّة االلتزامات والعقود التّونسيّة‪" :‬البيّنات المقبولة قانونا خمسة وهي‪:‬‬
‫ّأوال – اإلقرار‪.‬‬
‫ثانيا – الحجّة المكتوبة‪.‬‬
‫ثالثا – شهادة ال ّ‬
‫شهود‪.‬‬
‫رابعا – القرينة‪.‬‬
‫خامسا – اليمين واالمتناع عن أدائها"‪.‬‬
‫ي الواردين في المتن‪Jean Carbonnier, Droit civil. Les :‬‬ ‫انظر حول مظهري التّراجع النّسب ّ‬
‫‪441‬‬
‫‪e‬‬
‫‪obligations, P.U.F., Paris, 22 éd., 2000, n° 92 et 94.‬‬
‫‪249‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫هنالك ارتباط بين‪ :‬إرادة المتعاقدين والمساواة؛‬


‫وحريّة تحديد المحتوى (الثّمن)؛‬ ‫ّ‬ ‫وهنالك ارتباط بين‪ :‬المساواة‬
‫وحريّة تحديد المحتوى (الثّمن)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إذن هنالك ارتباط بين‪ :‬إرادة المتعاقدين‬
‫األول‪ ،‬أ ّما القياس الثّاني‪:‬‬‫هذا هو القياس ّ‬
‫هنالك ارتباط بين‪ :‬محتوى العقد (الثّمن) ووجود إرادتين ّ‬
‫حرتين تحدّده؛‬
‫حرتين تحدّد المحتوى وعدالة هذا المحتوى؛‬ ‫وهنالك ارتباط بين‪ :‬وجود إرادتين ّ‬
‫إذن هنالك ارتباط بين‪ :‬محتوى العقد والعدالة ("فويّيه" ‪ Fouillé‬قال نفس‬
‫الكالم بعبارات أخرى‪ :‬من يقول تعاقدي‪ ،‬يقول عادل ‪Qui dit contractuel,‬‬
‫سو"‪ :Rousseau‬ال أحد يظلم نفسه ‪Nul‬‬ ‫‪dit juste‬؛ أيضا "جون جاك رو ّ‬
‫‪.)n’est injuste envers soi-même‬‬
‫لكن واقع العقود اليوم يفيد‪ :‬من جهة أن ث ّم طرفا ضعيفا‪ ،‬ومن هنالك ال وجود‬ ‫▪ ّ‬
‫الطرف ال دور إلرادته في تحديد المحتوى‪ ،‬م ّما‬ ‫أن هذا ّ‬ ‫لمساواة؛ ومن جهة ّ‬
‫ي (على مستوى المقدّمة الكبرى للقياس‬ ‫الرأسمال ّ‬ ‫يعني – إذا اتّبعنا كالم الفكر ّ‬
‫أن هذا المحتوى ليس بعادل تجاهه‪.‬‬ ‫الثّاني) – ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل من الفقرة األولى إلى الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪ )II‬رجوع مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪442‬‬
‫أ) وسائل رجوع مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫– الوسيلة األولى‪ :‬التّج ّمع‪.‬‬
‫– الوسيلة الثّانية‪ :‬اإلعالم‪.‬‬
‫– الوسيلة الثّالثة‪ :‬المنافسة‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫بررات رجوع مبدأ سلطان اإلرادة‬ ‫ب) م ّ‬
‫– إعادة العدالة التّعاقديّة‪:‬‬
‫للطرف الذي فقدها‪ ،‬تعود إلى القياس الثّاني الوارد أعاله‬ ‫الحريّة ّ‬
‫ّ‬ ‫حين نعيد‬
‫بحريّة إرادة كال طرفيه)؛ فإذا أضفنا لها المقدّمة‬ ‫صغرى (ارتباط العقد ّ‬ ‫مقدّمته ال ّ‬
‫حريّة اإلرادة وعدالة المحتوى)؛ تكون النّتيجة ّ‬
‫أن العقد‬ ‫الكبرى (االرتباط بين‪ّ :‬‬
‫عادل‪.‬‬

‫‪ 442‬تنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه من أجل القيام بهذا الجزء من الموضوع‪François :‬‬
‫‪Terré, Philippe Simler et Yves Lequette, Droit civil. Les obligations, Delta – Liban‬‬
‫‪et Dalloz – Paris, 6e éd., 1996, n° 36 et s.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪250‬‬

‫سوق‪:‬‬ ‫– حماية ال ّ‬
‫أن غاية القوانين المتبنّاة في األنظمة ّ‬
‫الرأسماليّة من إعادة‬ ‫حين نتثبّت‪ ،‬نجد ّ‬
‫سوق‪ .‬وفعال ّ‬
‫فإن‬ ‫للطرف الذي فقدها ليست إعادة العدالة‪ ،‬بل حماية ال ّ‬ ‫الحريّة ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الممارسات التي تلغي إرادة الطرف المقابل تعاقَب ال في ك ّل األحوال‪ ،‬بل فقط‬
‫سوق‪ .‬إذن حين ال تؤثّر‪ ،‬تقبل القوانين إلغاء إرادة طرف ومن‬ ‫حين تؤثّر عل ال ّ‬
‫ث ّم غياب العدالة التّعاقديّة‪.‬‬
‫◄الخاتمة‬

‫الموضوع الخامس‪ :‬التّغرير والغلط‬


‫◄المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫ال‪ :‬الكشف عن المادّة القانونيّة التي سنشتغل عليها‪:‬‬ ‫♦ ّأو ً‬
‫• تحديد ما يحيط بسياج المادّة‪:‬‬
‫الرضا قد ينعدم وقد يعاب – من العيوب‬ ‫الرضا شرط لنشأة العمل القانوني – ّ‬ ‫ّ‬
‫الغلط والتّغرير‪.‬‬
‫• تحديد سياج المادّة‪:‬‬
‫– الغلط‪ :‬الفصول من ‪ 44‬إلى ‪ 49‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫– التّغرير‪ :‬الفصول ‪ 56‬و‪ 57‬و‪ 60‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫• تعريف المصطلحات‪:‬‬
‫– تعريف الغلط‪.‬‬
‫– تعريف التّغرير‪.‬‬
‫♦ ثانياً‪ :‬الكشف عن اإلشكاليّة التي سنطرحها‪:‬‬
‫• اإلشكاليّة‪:‬‬
‫عالقة التّغرير بالغلط‪ ،‬وتحديداً‪ :‬هل التّغرير غلط محدث؟‬
‫• جوابها أو الفرض الذي سيصدر عنه العمل‪:‬‬
‫لكن التّغرير أكبر من ذلك (هذا ما يقوله البعض‬ ‫نعم (هذا ما يقوله الك ّل)‪ّ ،‬‬
‫فحسب)‪.‬‬
‫• جدوى إثبات الفرض‪:‬‬
‫توسيع دائرة واجب النّزاهة في إبرام العقود‪.‬‬
‫♦ ثالثاً‪ :‬الكشف عن التّخطيط الذي سيسير عليه الجواب على اإلشكاليّة‪:‬‬
‫◄ الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪251‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ )I‬التّغرير هو ما كان علّة لوقوع غلط‬


‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.‬‬
‫‪443‬‬
‫أ) التّغرير هو ما كان علّة لوقوع غلط في أمر أساس ّي‬
‫ي هو سبب قريب (طبيعة العقد‪ ،‬إلخ‪.).‬‬ ‫– األمر األساس ّ‬
‫شخص‪ ،‬والباعث‪ ،‬وجزء من‬ ‫شيء‪ ،‬وال ّ‬ ‫ي هو سبب بعيد (ال ّ‬ ‫– األمر األساس ّ‬
‫القيمة)‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪ ،‬أي التّخلّص من الفرع إلى الفرع الذي يليه‪.‬‬
‫‪444‬‬
‫ب) التّغرير هو ما كان علّة لوقوع غلط في أمر عرض ّي‬
‫– القائلون به (ومنهم مجلّة االلتزامات والعقود)‪ :‬جزء من القيمة‪.‬‬
‫– رافضوه‪ :‬مثال في فرنسا الفقيه "لوران"‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪ )II‬التّغرير هو ليس فقط ما كان علّة لوقوع غلط‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‬
‫أ) صور هذا التّغرير‬
‫– صورة المتعاقد الذي أوجد ظروفا ً‪ ،‬وهذه ضغطت على معاقده (الفقيه‬
‫"لوسوارن"‪ :‬هذه صورة تغرير ‪ /‬الفقهاء "مازو"‪ :‬هذه صورة "ما تحت‬
‫اإلكراه" ‪ /‬الفقيه "ﭭيستان"‪ :‬هذه صورة ضغط ترتبط تقليديّا ً باإلكراه‪.‬‬
‫– صورة المتعاقد الذي استغ ّل ظروفا ً ضاغطة على معاقده دون أن يكون له‬
‫دور في إيجادها‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) أهداف القول بهذا التّغرير‬
‫ضغط‬‫سسة اإلكراه (ال يعدّ إكراها ً إالّ ال ّ‬ ‫صورة األولى‪ :‬ضيق مؤ ّ‬ ‫– في ال ّ‬
‫المباشر)‪.‬‬
‫صورة في التّغرير يجعلنا نقول باإلبطال‪.‬‬ ‫▪ إدخال هذه ال ّ‬
‫صورة تقع في‬ ‫ي ال نحتاج هذا التّوسيع في التّغرير ّ‬
‫ألن ال ّ‬ ‫▪ في القانون التّونس ّ‬
‫سسة اإلكراه‪.‬‬‫مؤ ّ‬

‫‪ 443‬تنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه واختصاره من أجل القيام بهذا الجزء من الموضوع‪ :‬عبد‬
‫المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط (م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 227‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 444‬تنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه واختصاره من أجل القيام بهذا الجزء من الموضوع‪ :‬عبد‬
‫المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط (م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 251‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬املقالة‬ ‫‪252‬‬

‫والمضطر (القانون‬
‫ّ‬ ‫صورة الثّانية‪ :‬عدم وجود حكم عا ّم يه ّم المضغوط‬ ‫– في ال ّ‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪.).‬‬ ‫ي‪ ،‬والفرنس ّ‬ ‫التّونس ّ‬
‫صورة في التّغرير يجعلنا نقول باإلبطال‪.‬‬ ‫▪ إدخال هذه ال ّ‬
‫ألن‬‫ي (إلخ‪ ).‬نحتاج لهذا التّوسيع في التّغرير ّ‬ ‫ي‪ ،‬والفرنس ّ‬ ‫▪ في القانون التّونس ّ‬
‫سسة اإلكراه وليس ث ّم حكم عا ٌّم يبطل العقد المبرم تحت‬ ‫صورة ال تقع في مؤ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المشرع)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وطأة الظروف (طبعا ً مثل هذا التّوسيع يخالف إرادة‬
‫صورة لها حكم عا ٌّم‬ ‫ي ال نحتاج ما سبق ّ‬
‫ألن ال ّ‬ ‫ي واأللمان ّ‬‫▪ في القانون اإلسالم ّ‬
‫يتعلّق بها‪ ،‬أي ث ّم حكم يعاقب هذه العقود‪.‬‬
‫◄ الخاتمة‬

‫سادس‪ :‬التّغرير غلط محدث‬


‫الموضوع ال ّ‬
‫يمكن أن ننقل هنا ما جاء في موضوع التّغرير والغلط مع تعديالت طفيفة في‬
‫المقدّمة‪.‬‬

‫سابع‪ :‬ما التّغرير؟‬


‫الموضوع ال ّ‬
‫الموضوع الثّامن‪ :‬هل التّغرير غلط محدث؟‬
‫يمكن أن ننقل في هذين الموضوعين ما جاء في موضوع التّغرير والغلط مع‬
‫تعديالت طفيفة في المقدّمة‪.‬‬

‫الموضوع التّاسع‪ :‬ما رأيك في هذا القول‪" :‬التّغرير غلط محدث نعم‪ ،‬لكنّه أوسع‬
‫من ذلك"‪.‬‬
‫يمكن أن ننقل هنا ما جاء في موضوع التّغرير والغلط مع تعديالت طفيفة في‬
‫المقدّمة‪.‬‬
‫الفصل الثّاني‬
‫صة بالمواضيع التّطبيقيّة‬‫العناصر الخا ّ‬

‫‪ ―.118‬تقسيم الفصل وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫في فرنسا‪ ،‬يقول "هنري مازو" (‪ّ )Henri Mazeaud‬‬
‫إن بعض الموادّ لها‬
‫صة بها‪:‬‬
‫تمارين خا ّ‬

‫وماين‪ ،‬تفسري النّصوص يف (مادّة) اترخي‬


‫"[‪ ]...‬متارين املصطلحات يف (مادّة) القانون ّالر ّ‬
‫اخلاص‪ ،‬تأأويل الواثئق يف (مادّة) قانون‬
‫العديل ّ‬
‫القانون‪ ،‬حترير العرائض يف (مادّة) القانون ّ‬
‫الس ّ‬
‫يايس‪ ،‬اخل‪.445".‬‬ ‫املال ّية‪ ،‬التّعليق عىل االحصائ ّيات يف (مادّة) الاقتصاد ّ‬

‫لكن إذا نظرنا إلى جميع االختصاصات القانونيّة وإلى المشترك بينها في‬
‫المواضيع التّطبيقيّة‪ ،‬في فرنسا ولكن أيضا في تونس وفي غيرهما‪ ،‬أمكن إرجاع‬
‫ص‪ ،‬ودراسة حالة عمليّة ‪étude de cas‬‬ ‫هذه المواضيع إلى نوعين‪ :‬دراسة النّ ّ‬
‫‪( pratique‬االستشارة القانونيّة)‪.446‬‬

‫صة بدراسة النّ ّ‬


‫ص‬ ‫األول‪ ― .‬العناصر الخا ّ‬
‫المبحث ّ‬

‫‪ ―.119‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫لمشرع‪ ،‬أو لمحكمة‪ ،447‬أو لمتعاقدين‪ ،‬إلخ‪.448.‬‬
‫ّ‬ ‫صا ً لفقيه‪ ،‬أو‬
‫صن ّ‬‫قد يكون النّ ّ‬
‫ولك ّل من هذه النّصوص منهجيّة لدراسته (الفقرة ‪ .)2‬لكن ث ّم عناصر مشتركة‬
‫في هذه المنهجيّة (الفقرة ‪.)1‬‬

‫‪"[…] exercices de vocabulaire pour le droit romain, d ’explication de textes pour 445‬‬
‫‪l’histoire du droit, de rédaction d’actes pour le droit judiciaire privé, d’interprétation‬‬
‫‪de documents pour la législation financière, de commentaire de statistiques pour‬‬
‫‪l’économie politique, etc.". Henri Mazeaud, préc., n° 27.‬‬
‫انظر أيضا ً "جيل ڤوبو" و"ڥيليپ بيهر" (‪ )Gilles Goubeaux et Philippe Bihr‬اللذان تحدّثا عن‬
‫ي (‪ ،)préc., p. 232 et s.‬التّأليف ‪la note de‬‬ ‫ي أو التّرتيب ّ‬
‫ص التّشريع ّ‬
‫التّمارين التّالية‪" :‬تلخيص النّ ّ‬
‫الطلبات ‪préc., p. 260 et ( la rédaction de conclusion‬‬ ‫‪ ،)préc., p. 245 et s.( synthèse‬تحرير ّ‬
‫الطعن ‪ ،)préc., p. 262 et s.( la rédaction des moyens d’un pourvoi‬تحرير‬ ‫‪ ،)s.‬تحرير أسباب ّ‬
‫حكم )‪.")préc., p. 263 et s.‬‬
‫الطلبات (‪ )La rédaction de conclusion‬والتّمرين المس ّمى‬ ‫‪ 446‬رأينا منذ قليل التّمرين المس ّمى تحرير ّ‬
‫تحرير الحكم (‪ ،)La rédaction d’un jugement‬وهما تمرينان قريبان من االستشارة‪ .‬انظر‪Gilles :‬‬
‫‪Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 260 et p. 263.‬‬
‫الطعن (‪،)La rédaction des moyens d’un pourvoi‬‬ ‫‪ 447‬رأينا منذ قليل التّمرين المس ّمى تحرير أسباب ّ‬
‫نص لمحكمة أو ما يعرف أكثر تحت اسم التّعليق على‬
‫وهو تمرين قريب من التّمرين الوارد في المتن‪ :‬دراسة ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪254‬‬

‫الفقرة األولى‪ ―.‬العناصر المشتركة في دراسة النّ ّ‬


‫ص‬

‫‪ ―.120‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬


‫صا؟‬ ‫سألنا سابقا‪ :‬كيف ننتج ن ّ‬
‫أجابت منهجيّة أو بالغة التّعبير‪ :‬بالمرور بمراحل ثالث‪ ،‬االكتشاف والتّرتيب‬
‫والتّعبير‪.449‬‬
‫صاً؟‬‫ونسأل اآلن‪ :‬كيف ندرس ن ّ‬
‫ص المدروس‪،‬‬ ‫صاً‪ .‬فث ّم النّ ّ‬
‫صا ً ينتج بدوره ن ّ‬
‫تجيب نفس المنهجيّة‪ :‬من يدرس ن ّ‬
‫نص‪ .‬ألجل ذلك‬
‫ص الدّارس ّ‬ ‫ص الدّارس‪ .‬هذا النّ ّ‬
‫ص‪ :‬أي ث ّم النّ ّ‬
‫نص على النّ ّ‬
‫وث ّم ّ‬
‫يمر بناؤه بنفس المراحل ‪.‬‬
‫‪450‬‬
‫ّ‬

‫(أ) االكتشاف (‪)invention‬‬

‫‪ ―.121‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫أن ّأول ما نالقي صيغة الموضوع‪ ،‬وهذه تحيل على مادّة‪،‬‬ ‫رأينا في المقالة ّ‬
‫ومكوناته‬
‫ّ‬ ‫والمادّة تفتح إمكانيّة إيجاد إشكاليّة‪ ،‬واإلشكاليّة تطلب جوابا‪ ،‬والجواب‬
‫هما مح ّل االكتشاف‪ ،‬أي هما ما ننتهي أو ما نسعى إلى أن ننتهي إليه في‬
‫نص المقالة‪.451‬‬
‫المرحلة األولى من مراحل بناء ّ‬

‫قرار‪ .‬انظر‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 262. :‬‬


‫‪ 448‬انظر "جيل ڤوبو" و"ڥيليپ بيهر" (‪ )Gilles Goubeaux et Philippe Bihr‬وهما يقوالن‪" :‬متعدّدة‬
‫جدّا هي النّصوص التي يمكن أن تكون موضوع تعاليق مثيرة لالهتمام‪ :‬القوانين‪ ،‬وثائق التّطبيق‪ ،‬مقوالت‬
‫مؤلّفين‪ ،‬مقتطفات من نقاشات برلمانيّة‪ ،‬إلخ‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 253. .".‬‬
‫صا قانونيّا‬‫نص) يمكن أن يكون قرار محكمة (قرار أو حكم)‪ ،‬ن ّ‬ ‫انظر أيضا ً من يقول‪" :‬موضوع التّعليق (على ّ‬
‫ي في القانون (مقالة فقهيّة‪ ،‬مقالة صحفيّة‪ ،‬تقرير مأمور‬ ‫(قانون‪ ،‬ترتيب ‪ ،)...‬أو مقتطفا من تأ ّمالت ّ‬
‫منظر أو مهن ّ‬
‫ّ‬
‫الحكومة ‪ ،conclusions d’un commissaire du gouvernement‬مداخلة في ندوة ‪ ،)...‬بل حتى‪ ،‬لكن‬
‫طة إجماليّة لتنظيم وزارة ‪.")organigramme d’un ministère‬‬ ‫هذا نادر‪ ،‬صورة أو رسما (مثال خ ّ‬
‫‪Pascale Gonod (sous la direction de), préc., p. 13.‬‬
‫‪ 449‬انظر الفقرة عدد ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 450‬هنريش بليت‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 23‬و‪ 24‬و ‪.34‬‬
‫‪ 451‬انظر الفقرة عدد ‪ 74‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪255‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صيغة‬
‫الموضوع‬

‫عناصر‬
‫بناء‬
‫الجواب‬ ‫مادّة‬
‫نص‬
‫ّ‬
‫على‬ ‫الموضوع‬
‫المقالة‬
‫اإلشكاليّة‬

‫إشكال ّية‬
‫الموضوع‬

‫ص‬‫نص‪ .‬لذا ينبغي أن نعرف ما النّ ّ‬


‫ّ‬ ‫فأول ما يعترضنا‬
‫ص‪ّ ،‬‬ ‫أ ّما في دراسة النّ ّ‬
‫حتّى ال نخطئه حين نالقيه‪ .‬فإذا لقيناه‪ ،‬ينبغي أن نعرف ما الدّراسة حتّى ال‬
‫نخطئ المه ّمة المطلوب إنجازها‪ .‬وإنجاز هذه المه ّمة يجعلنا نكتشف العناصر‬
‫صاً‪ ،‬فندرسه‪ ،‬فيعطي ذلك‬
‫ص الدّارس‪ .‬وهكذا فإنّا نالقي ن ّ‬
‫سيتكون منها النّ ّ‬
‫ّ‬ ‫التي‬
‫ص الدّارس‪.‬‬ ‫عناصر النّ ّ‬
‫ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫المدروس‬

‫إنتاج‬
‫نص‬
‫ّ‬
‫دارس‬

‫عناصر‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬ ‫الدّراسة‬
‫الدّارس‬
ّ‫ دراسة النّص‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 256

ّ ّ‫ الن‬.1
‫ص‬

.‫― متهيد‬.122
‫لكن األمر بدأ‬ ّ .‫إن األلسنيّة حصرت موضوع بحثها في الجملة‬ ّ ‫يقول أحدهم‬
‫ص ويطلق عليها‬ ّ ّ‫ فنشأت ألسنيّة جديدة موضوعها الن‬،‫يتغيّر منذ سنوات قليلة‬
‫ص‬ّ ّ‫ وألسنيّة الن‬،)Grammaire de texte( ‫ص‬ ّ ّ‫ نحو الن‬:‫أسماء متعدّدة مثل‬
،)Analyse du discours( ‫ وتحليل الخطاب‬،)Linguistique textuelle(
‫ص‬ ّ ّ‫ وتطمح ألسنيّة الن‬.452 .‫ إلخ‬،)Pragmatique textuelle( ‫ص‬ ّ ّ‫وتداوليّة الن‬

Olivier Soutet, préc., p. 324. 452


ّ ‫انظر حول نحو ال ّن‬
:– ‫ص – زيادة على المراجع التي سنستعملها بد ًء من اآلن‬
J.-M. Adam, Éléments de linguistique textuelle, Mardaga, Bruxelles-Liège, 1990 ;
J.-M. Adam, Le texte narratif, Nathan, Paris, 1994; J.-M. Adam, Linguistique
textuelle. Des genres de discours aux textes, Nathan, Paris ,1999; J.-M. Adam, Les
textes : types et prototypes, Nathan, Paris, 2001; J.-M. Adam, "Linguistique
textuelle". In P. Charaudeau, & D. Maingueneau (dir.). Dictionnaire d'analyse du
discours, Seuil, Paris, 2002, p. 345-346; J.-M. Adam, Les textes : types et
prototypes. Récit, description, argumentation, explication et dialogue, Armand
Colin, Paris, 2005; J.-M. Adam & M. Bonhomme, L'argumentation publicitaire.
Rhétorique de l'éloge et de la persuasion, Nathan, Paris, 1997; J.-M. Adam, J.-B.
Grize, & M. A. Bouacha (dir.). Texte et discours : catégories pour l'analyse,
Éditions Universitaires de Dijon, Dijon, 2004; M. Bakhtine, Esthétique et théorie du
roman, Gallimard, Paris, 1978; E. Benveniste, Problèmes de linguistique générale,
Gallimard, Paris, 1976; A. Berrendonner, Connecteurs pragmatiques et anaphores,
Cahiers de linguistique française, Université de Genève, n° 5,1983, p. 215-246; J.-P.
Bronckart, Activités langagières, textes et discours, Delachaux et Niestlé, Lausanne-
Paris,1996 ; S. Carter-Thomas, La cohérence textuelle, L'Harmattan, Paris, 2000; P.
Charaudeau & D. Maingueneau, Dictionnaire d'analyse du discours, Seuil, Paris,
2002; B. Combettes, Pour une grammaire textuelle, Duculot, Bruxelles, 1983; R.
De Beaugrande & W. Dressler, Introduction to Text Linguistics, Longman, London-
New York, 1981; O. Ducrot, Présupposés et sous-entendus (réexamen), Stratégies
discursives, Presses Universitaires de Lyon, Lyon, 1977, p. 33-43; O. Ducrot & J.-
M. Schaeffer (dir.), Nouveau Dictionnaire encyclopédique des sciences du
langage, Seuil, Paris, 1995; A. Grésillon, Fonctions du langage et genèse du texte,
In : L. Hay (dir.). La naissance du texte, Corti, Paris, 1989, p. 177-192; R. Jakobson,
Questions de poétique, Seuil, Paris, 1973; W. Labov, Le parler ordinaire, Minuit,
Paris, 1978; M. Meyer, Langage et littérature, P.U.F., Paris, 1992; J. Moeschler &
A. Reboul, Pragmatique du discours, Armand Colin, Paris, 1998; F. Rastier, Arts et
sciences du texte, P.U.F., Paris, 2001; M. Riegel, J.-C. Pellat & R. Rioul,
Grammaire méthodique du français, P.U.F., Paris 1994; D. Slatka, "L'ordre du
texte", Études de Linguistique Appliquée, n° 19, 1975. p. 30-42; D. Viehweger,
Savoir illocutoire et interprétation des textes, In : M. Charolles, S. Fisher & J. Jayez,
(dir.), Représentations et interprétations, Presses universitaires de Nancy, Nancy,
‫‪257‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شعر‪ ،‬إلخ‪).‬‬ ‫سرد – ال ّ‬ ‫إلى أن تستوعب في موضوعها ال النّصوص الجماليّة (ال ّ‬


‫سياسيّة والتّقنيّة والقانونيّة‬
‫فحسب‪ ،‬بل وإلى أن تقد ّم وصفا للنّصوص العلميّة وال ّ‬
‫وللرسائل اإلشهاريّة ولمحاورات الحياة اليوميّة‪.453‬‬ ‫ّ‬
‫ص في الغرب في أواخر ستّينات القرن العشرين جعلت‬
‫‪454‬‬
‫وظهور ألسنيّة النّ ّ‬
‫ي‪ .‬هذا االلتفات جعلهم يكشفون‪ :‬من‬ ‫الباحثين يلتفتون إلى التّراث العربي اإلسالم ّ‬
‫ي ليس كما قيل نحو إعراب بل وأيضا نحو معنى ونحو‬ ‫أن النّحو العرب ّ‬ ‫جهة ّ‬
‫ي ليس كما ز ِّعم نحو مفردات بل‬ ‫أن النّحو العرب ّ‬
‫استعمال؛ ومن جهة أخرى ّ‬
‫أيضا نحو جمل ونحو نصوص‪ .455‬زيادة على النّحو‪ ،‬كشفت البحوث علوما‬
‫ي وتفسير القرآن‪ .456‬ويمكن أن‬ ‫ص مثل البالغة والنّقد األدب ّ‬ ‫أخرى اهت ّمت بالنّ ّ‬
‫صة علم أصول الفقه ‪.‬‬
‫‪457‬‬
‫نضيف إلى هذه العلوم خا ّ‬
‫ص يمثّل – لمن ينظر اليوم – موضوع اهتمام علوم عديدة‪ ،‬غربيّة‬ ‫وهكذا فالنّ ّ‬
‫وعربيّة‪ /‬إسالميّة‪.‬‬
‫‪ ―.123‬تعريف الّنصّ‪.‬‬
‫متكونة من أكثر من جملة‪ .‬لكن ث ّم ما يقف‬ ‫ّ‬ ‫ص على أنّه وحدة لغويّة‬‫ويعرف النّ ّ‬
‫ّ‬
‫المتكون من جملة واحدة ‪.‬‬
‫‪458‬‬
‫ّ‬ ‫دون قبول هذا التّعريف‪ ،‬وهو وجود النّ ّ‬
‫ص‬
‫لذا نجد عند المؤلّفين في المسألة التّعريفات الت ّالية‪:‬‬

‫‪1990, p. 41-51; J. Guilhaumou, Science du texte et analyse de discours. Enjeux‬‬


‫‪d’une interdisciplinarité, Langage & société 2006/2, n° 116, p. 149-151; J. Boutet et‬‬
‫‪D. Maingueneau, Sociolinguistique et analyse de discours : façons de dire, façons de‬‬
‫‪faire, Langage & société 2005/4, n° 114, p. 15-47; Mathieu Valette & Monique‬‬
‫‪Slodzian, Sémantique des textes et Recherche d’Information, Rev. franç. de‬‬
‫‪linguistique appliquée, 2008, XIII-1 (119-133) ; Nicole Delbecque (éd), préc., p. 223‬‬
‫‪et s.‬‬
‫‪Olivier Soutet, préc., p. 324. 453‬‬
‫ص إلى إلغاء الفوارق بين األنواع والفنون"‪.‬‬ ‫يقول "روالن بارت" (‪" :)Roland Barthe‬تسعى نظريّة ال ّن ّ‬
‫‪Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2010.‬‬
‫ص»‪ ،‬جامعة منّوبة‪،‬‬ ‫شاوش‪ ،‬أصول تحليل الخطاب في ال ّنظريّة النّحويّة العربيّة‪ .‬تأسيس «نحو ال ّن ّ‬ ‫‪ 454‬مح ّمد ال ّ‬
‫كلّيّة اآلداب – منّوبة‪ /‬المؤسّسة العربيّة للتّوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،1‬ص ‪ .79‬انظر أيضاً‪Myriam :‬‬
‫‪Hemmi, Manuel, grammaire, textes, Revue de didactologie des langues-cultures‬‬
‫‪2002/1, n° 125, p. 97.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1274‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد حماسة عبد اللطيف‪ ،‬النّحو والدّاللة‪ .‬مدخل‬ ‫‪ 455‬مح ّمد ال ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪.2000 ،1‬‬ ‫ي الدّالل ّ‬ ‫ّ‬
‫لدراسة المعنى النحو ّ‬
‫ص‪ .‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬بيروت – الدّار‬ ‫‪ 456‬مح ّمد خطابي‪ ،‬لسانيّات النّ ّ‬
‫البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،1991 ،1‬ص ‪ 95‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 457‬انظر الفقرة عدد ‪ 125‬وما بعدها‪.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 83‬وما بعدها‪ .‬انظر أيضاً‪ :‬ردة هللا بن ردة بن ضيف هللا ّ‬
‫الطلحي‪ ،‬داللة السّياق‪،‬‬ ‫‪ 458‬مح ّمد ال ّ‬
‫جامعة أ ّم القرى‪ ،‬م ّكة‪ 1424 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ 263‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪258‬‬

‫ديب ما‪ ،‬حيث يُفهم من « أأديب»‬ ‫لغواي ّ ً‬


‫تعبرياي أأو ابالغيّ ًا مضن حقل أأ ّ‬ ‫الك ّ‬ ‫"النّ ّص‪ ...‬يفيد ًّ‬
‫لك ممارسة لغويّة‪ ،‬فكري ّة‪ ،‬ابداع ّية‪ ،‬علم ّية اكنت أأو فن ّ ّية‪ ،‬ثقافيّة أأو تعلمي ّية‪ ،‬شعريّة أأو نرثيّة‬
‫ّ‬
‫حفي‬
‫الص ّ‬ ‫القصة و ّالرواية واحملارضة ونرشة ا ألخبار واملقال ّ‬ ‫‪ ...‬وهبذا املعىن تكون القصيدة و ّ‬
‫العلمي نصوصا عىل ح ّد سواء‪ ،‬وان اختلفت هذه ا ألنواع اختالفا واحضا من حيث‬ ‫والبحث ّ‬
‫نوع ّية االبداع ومس توى هذه النّوع ّية"‪.459‬‬

‫" ّنعرف النّ ّص بأأن ّه أةل «عرب لغويّة» (‪ )appareil translinguistique‬تعيد توزيع نظام‬
‫اللغة بأأن تربط الكما تواصل ّيا هيدف اىل االعالم املبارش بتنصيصات خمتلفة سابقة‬
‫ومزتامنة"‪.460‬‬

‫"يأأخذ «هامسليف» عبارة النّ ّص يف املعىن ا ألوسع‪ ،‬ويعين هبا أأ ّي تنصيص‪ ،‬مكتواب أأو‬
‫شفواي‪ ،‬طويال أأو قصريا [‪( ]...‬فـ‪« ):‬قف» يه ّنص مثلها مثل رواية ّالزهرة"‪.461‬‬
‫ّ‬

‫يتكون من مجةل واحدة [‪ ]...‬لنس تحّض قصيدة « أأپولينري»‬ ‫تصور ّنص ّ‬ ‫"ال يشء مينع من ّ‬
‫[‪ ]...‬اليت تقوم يف مجلهتا‪ ،‬زايدة عىل العنوان‪ ،‬عىل بيت وحيد [‪ ]...‬فاذا ات ّفقنا عىل أأن نرى‬
‫يف هذا البيت ال مجةل معزوةل بل ّنص ًا‪ّ ،‬‬
‫فالسبب يمكن يف أأن ّه (البيت) يدعو‪ ،‬حّي جنمعه مع‬
‫وخاصة حّي نالحظ أأن ّه اب ُتدئ حبرف الواو [‪ ،]...‬اىل البحث يف حميطه عن س ياق‬ ‫العنوان ّ‬
‫سايس‪ ،‬أأي‬
‫شك نلمس من خالل ما جاء الن ما هو أأ ّ‬ ‫وخاصة ّيربره [‪ ]...‬وبدون ّ‬ ‫يفرسه ّ‬ ‫ّ‬
‫الطول ميكن أأن يكون متفاوات)‪ ،‬بل‬ ‫يؤسس وجود النّ ّص ليس طوهل (هذا ّ‬ ‫نلمس أأ ّن ما ّ‬
‫طبيعة تأأويهل اليت يه أأ ّو ًال ّ‬
‫وابذلات س ياقيّة‪.‬‬
‫حمصةل‬
‫يعرف بكونه [‪ّ ]...‬‬ ‫وهكذا جيد النّ ّص نفسه قريب ًا من التّنصيص (‪ )énoncé‬اذلي ّ‬
‫الصورة اليت يكون فهيا النّ ّص طويال شيئا ما‪ ،‬فهو يف‬ ‫مجةل ووضع ّية (س ياق) ّنص ّية‪ .‬ويف ّ‬
‫الواقع مجةل من التّنصيصات اليت ميكن شالك متثيلها جبمل أأو وصةل مجل (فقرات‪ ،‬فصول‪،‬‬

‫‪ 459‬مريم فرنسيس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.3‬‬


‫‪"Nous définissons le Texte comme un appareil translinguistique qui redistribue 460‬‬
‫‪l'ordre de la langue en mettant en relation une parole communicative visant‬‬
‫‪l'information directe avec différents énoncés antérieurs ou synchroniques". Julia‬‬
‫‪Cristeva, cité par : Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2011.‬‬
‫‪"L. Hjemslev prend le mot texte au sens le plus large et désigne par là un énoncé 461‬‬
‫‪quel qu’il soit, parlé ou écrit, long ou bref …« Stop » est un texte aussi bien que le‬‬
‫‪Roman de la Rose". Dictionnaire de linguistique Larousse, sous le mot "texte", Lib.‬‬
‫‪Larousse, Paris, 1973.‬‬
259 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫للغوي البحت اذلي جيمع‬ ّ ‫الس ياق ا‬ّ :‫لك واحدة من هذه الوصالت ختضع لس ياقّي‬ ّ .).‫اخل‬
.‫ّنصيص‬
ّ ‫الس ياق الت‬ ّ ‫واحدة أأو أأكرث من الوصالت‬
ّ ‫ أأو ال ّالحقة؛ و‬/‫السابقة و‬
‫فاذا قبلنا أأن ّنعرف النّ ّص بكونه متتالية من التّنصيصات (ميكن عند الاقتضاء اخزتالها يف‬
‫ عندها ينبغي لنحو النّ ّص – اذلي يُ ّعرف بكونه مجموعة القواعد اليت تسمح‬،)‫تنصيص واحد‬
:‫يعّي لنفسه – عىل ا ألق ّل – هدفّي‬ ّ ‫بتأأويل ( أأو اب ألحرى بتوقّع تأأويل) النّصوص – أأن‬
‫(املكون املمتث ّل‬
ِّ ‫تنصيص‬ّ ‫ابلس ياق اللغوي مبعزل عن أأ ّي الزتام‬ ّ ‫حتديد قواعد التّأأويل املرتبطة‬
‫(املكون املمتث ّل يف الفعل‬
ِّ ‫ّنصيص‬
ّ ‫ابلس ياق الت‬
ّ ‫القويل)؛ حتديد قواعد التّأأويل املرتبطة‬
ّ ‫يف الفعل‬
.462")‫جنازي‬
ّ ‫اال‬

"… rien n’interdit de concevoir un texte qui se limiterait à une seule phrase … 462
songeons au poème d’Apollinaire, chantre, qui tient tout entier, outre son titre, dans
l’unique vers :
Et l’unique cordeau des trompettes marines
Précisément, si l’on s’accorde à reconnaitre dans ce vers non pas une phrase isolée
mais un texte, c’est que le fait de son association avec le titre et surtout son début
par « et », il invite à chercher dans son environnement un contexte qui l’explique et
surtout le justifie, si problématique soit-il. Sans doute touchons-nous là à l’essentiel :
ce qui fonde l’existence d’un texte, ce n’est pas sa longueur – elle peut être très
variable –, c’est la nature prioritairement contextuelle de son interprétation.
Le texte se trouve de la sorte très proche de l’énoncé, défini … comme la somme
d’une phrase et d’une situation (ou contexte) énonciatif. Dans le cas où le texte est
d’une certaine longueur, il est en fait somme d’énoncés, lesquels sont formellement
identifiables à des phrases ou des séquences phrastiques (paragraphes, chapitres,
etc.). Chacune de ces séquences est tributaire de deux contextes : a) un contexte
proprement linguistique, qui réunit une ou plusieurs autres séquences qui la
précèdent et/ou la suivent ; b) un contexte énonciatif.
Si on accepte de définir le texte comme une suite d’énoncés (éventuellement
réductible à un seul), la grammaire de texte, elle-même définissable comme
l’ensemble de règles permettant l’interprétation (ou plus exactement, la prévision
d’interprétation) des textes, devra s’assigner – au minimum – deux objectifs : a)
fixer les règles d’interprétation liée au contexte linguistique, indépendamment de
tout engagement énonciatif (composante locutoire du texte) ; b) fixer les règles
d’interprétation liée au contexte énonciatif (composante illocutoire du texte)". Oliver
Soutet, préc., p. 326.
‫ منشورات اتّحاد‬،‫ص واألسلوبيّة بين النّظريّة والتّطبيق‬ّ ّ‫ الن‬،‫ عدنان بن ذريل‬:‫ص‬ّ ّ‫انظر أيضا في تعريف الن‬
.‫ وما بعدها‬14 ‫ ص‬،2000 ،‫ د م‬،‫الكتّاب العرب‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪260‬‬

‫‪ ―.124‬الّنصّ‪ :‬أكثر من مجلة‪ /‬الّنصّ‪ :‬مجلة‪.‬‬


‫ص هو جملة أو متتاليات جمل‪ .463‬لكن ليست‬ ‫يخلص من هذه التّعريفات ّ‬
‫أن النّ ّ‬
‫ك ّل مجموعة من الجمل بنص‪ .‬فالنّص ك ّل مو ّحد و"الالّنص" متتالية ّ‬
‫مكونة من‬
‫جمل ليس بينها ترابط‪ .‬بعبارة أخرى‪:‬‬

‫لك متتالية من امجلل ‪ّ ...‬نصا ‪( ...‬االّ اذا اكن) بّي هذه امجلل عالقات‪ ،‬أأو‬ ‫"(ال) ّ‬
‫تشلك ّ‬
‫حص بّي بعض عنارص هذه امجلل عالقات‪ .‬ت ّمت هذه العالقات بّي عنرص وأخر وارد يف‬ ‫عىل ا أل ّ‬
‫مجةل سابقة أأو مجةل الحقة‪ ،‬أأو بّي عنرص وبّي متتالية بر ّمهتا سابقة أأو الحقة ‪( ...‬ويس ّمى)‬
‫(لكن احلديث عن‬‫تعلّق عنرص مبا س بقه عالقة قبليّة‪ ،‬وتعلّقه مبا يلحقه عالقة بعديّة‪ّ ...‬‬
‫عالقة مبا يس بق امجلةل أأو مبا يلحقها) ال يعين أأ ّن النّ ّص (هو ّ‬
‫ابلّضورة) مجموعة من امجلل‪،‬‬
‫تكون النّ ّص من‬
‫وحىت ان ّ‬ ‫وذكل أل ّن النّ ّص ميكن أأن يكون ‪ّ ...‬‬
‫(متكوان من مجةل واحدة‪ّ .‬‬
‫أأكرث من مجةل) فان ّه خيتلف عهنا نوعيّا‪ .‬ا ّن النّ ّص وحدة دالليّة‪ ،‬وليست امجلل االّ الوس يةل اليت‬
‫يتحقّق هبا النّ ّص"‪.464‬‬

‫ص إذن‪ :‬إ ّما جملة مفيدة؛ وإ ّما مجموعة من الجمل‪ ،‬والمجموعة مفيدة‪.‬‬ ‫فالنّ ّ‬
‫ومعنى ّ‬
‫أن المجموعة مفيدة أن ث ّم ترابطا بين أفرادها‪ ،‬أي بين الجمل‪ .‬فما يجعل‬
‫صيّة»‪ ،‬هو التّرابط ‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫يوجد «النّ ّ‬
‫صا‪ ،‬أي ما ِّ‬
‫صن ّ‬‫النّ ّ‬

‫‪ 463‬لو اتّبعنا المقتطف األخير‪ ،‬لقلنا‪ :‬تنصيص أو متتاليات تنصيصات‪ .‬وفعال‪ ،‬حسب "أوليفيه سوتي" ( ‪Oliver‬‬
‫‪:)Soutet‬‬
‫ص= ّ‬
‫الطبيعة السّياقيّة لتأويله‬ ‫– ما يؤسّس ال ّن ّ‬
‫– التّنصيص = جملة ‪ +‬وضعيّة (سياق)‬
‫الطويل = مجموعة من التّنصيصات‬ ‫ص ّ‬ ‫– النّ ّ‬
‫– التّنصيصات = جمل أو قطع من الجمل (فقرات‪ ،‬فصول‪ ،‬إلخ‪).‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫تنصيص‬ ‫سياق‬ ‫‪+‬‬ ‫الحقة)‬ ‫أو‬ ‫ي (قطعة أو أكثر سابقة‬‫– ك ّل قطعة تخضع لسياقين = سياق لغو ّ‬
‫ص = متتاليات من التّنصيصات وأحيانا ً تنصيص واحد‬ ‫– تعريف ال ّن ّ‬
‫ص = تحديد مجموعة القواعد التي تسمح بتأويل النّصوص‬ ‫– نحو النّ ّ‬
‫ي بمعزل عن السّياق‬ ‫ص له هدفان على األق ّل = تحديد قواعد التّأويل المرتبطة بالسّياق اللغو ّ‬ ‫– نحو النّ ّ‬
‫ي (‪ + )composante locutoire du texte‬تحديد قواعد التّأويل المرتبطة بالسّياق التّنصيص ّ‬
‫ي‬ ‫التّنصيص ّ‬
‫(‪)composante illocutoire du texte‬‬
‫‪ 464‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫صيّة هي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 465‬يقول "ﭭولفجانج هاينه مان" و "ديتر فيهـﭭجر"(م س‪ ،‬ص ‪ 80‬وما بعدها) إن معايير الن ّ‬
‫ي [‪]...‬‬ ‫الربط النّحو ّ‬ ‫"‪ّ – 1‬‬
‫ي؛ استمرار المضمون [‪]...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّالل‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ماسك‬ ‫‪ – 2‬الت ّ‬
‫صل إلى هدف‬ ‫ث بذلك معرفة أو يتو ّ‬ ‫نص مترابط ومتماسك حتّى تبَ ّ‬ ‫ص لبناء ّ‬ ‫‪ – 3‬المقصديّة؛ موقف منتج ال ّن ّ‬
‫مرسوم [‪]...‬‬
‫‪261‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫والتّرابط يت ّم بوسائل لغويّة‪:‬‬

‫"فليك تكون أل ّي ٍّّنص ّنص ّية ينبغي أأن يعمتد عىل مجموعة من الوسائل اللغويّة اليت ختلق‬
‫النّ ّص ّية‪ ،‬حبيث تسامه هذه الوسائل يف وحدته الشّ امةل‪ .‬لتوضيح هذا الالكم يّضب ‪...‬‬
‫(م‪ .‬أأ‪ .‬ي هاليداي ورقيّة حسن) املثال التّايل‪:‬‬
‫‪Wash and core six cooking apples. Put them into a fireproof dish.‬‬
‫(اغسل وانزع نوى ستّ تفّاحات‪ .‬ضعها يف حصن يقاوم النّار)‪.‬‬
‫غين عن البيان أأ ّن الضّ مري «ها» يف امجلةل الثّانية حييل قبليّ ًا اىل «ستّ تفّاحات» يف امجلةل‬ ‫ٌّ‬
‫ا ألوىل‪ .‬وما جعل امجللتّي متّسقتّي هو وظيفة االحاةل القبل ّية للضّ مري «ها» حبيث ّ‬
‫نؤوهلام‬
‫تشالكن ّنص ًا ‪ ...‬فعالقة الاتّساق القامئة بّي الضّ مري «ها»‬ ‫كلكّ‪ ،‬وبنا ًء عليه فا ّن امجللتّي ّ‬
‫وبّي «ستّ تفّاحات» يه اليت ه ّيأأت النّ ّص ّية"‪.466‬‬

‫ص التّالي‪:‬‬
‫لكن يمكن أن يت ّم التّرابط دون وسائل لغويّة‪ .‬مثال ذلك النّ ّ‬

‫"حمارضة ابستمي ّية‪ :‬الث ّالاثء ‪ 3‬يونية‪ .‬ز‪ .‬ستيڤ هارلو (شعبة اللسان ّيات‪ ،‬جامعة يورك)‪.‬‬
‫» ‪« Welsh and Generelised Phrase Structure Grammar‬‬
‫هذا النّ ّص عبارة عن اعالن يف الحئة اعالانت جامعة ادنبورغ‪ ،‬وهو اعالن مقتصد أأشدّ ما‬
‫لكن القارئ ال يقف عاجزا أأمامه‪ .‬حنن نعّل ‪ ...‬أأ ّن‬
‫يكون الاقتصاد يف طريقة االخبار‪ ،‬و ّ‬
‫ستيڤ هارلو (وليس خشصا امسه حمارضة ابستمي ّية) س يلقي حمارضة (وليس الكتابة أأو الغناء‬
‫سيامنئ) عن العنوان املوضوع بّي مزدوجّي (… ‪ ،)Welsh‬يف جامعة‬ ‫ّ‬ ‫أأو عرض رشيط‬
‫ادنبورغ (وليس يف يورك ألهنّ ا اجلامعة اليت قدم مهنا)‪ ،‬يف الث ّالث من يونية املقبل يف الوقت‬

‫نص مترابط ومتماسك [‪]...‬‬ ‫ص لتو ّقع ّ‬ ‫‪ – 4‬المقبوليّة؛ موقف متلقّي النّ ّ‬
‫ص [‪ ]...‬أو عدم توقّعها أو معرفتها أو عدم معرفتها (أو وضوحها أو عدم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫عناصر‬ ‫‪ – 5‬اإلبالغيّة؛ مدى تو ّقع‬
‫نص يتض ّمن مقدارا من الخبر وينقل حدّا من المعلومات‪ .‬فإذا كانت درجة اإلبالغيّة فيه ضعيفة‪،‬‬ ‫وضوحها‪ .‬فك ّل ّ‬
‫ي بها بديهيّة مثال‪ ،‬فهذا مدعاة لرفضه‪ .‬وإذا كانت درجة اإلبالغيّة فيه عالية‪ ،‬بأن ته ّم‬ ‫ّ‬ ‫المأت‬ ‫المعلومات‬ ‫بأن تكون‬
‫حول عنه) [‪ ]...‬ولذلك‬ ‫ي ويمكن أن يدفعه ذلك إلى الت ّ ّ‬ ‫سيشق على المتلقّي العاد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص‬‫فإن النّ ّ‬ ‫المعلومات النّخبة‪ّ ،‬‬
‫صيّا ً جوهريّا ً [‪]...‬‬
‫مكونا ً ن ّ‬
‫يش ّكل القدر المناسب من اإلبالغيّة [‪ّ ]...‬‬
‫نص بدون‬ ‫ي‪ ،‬لذلك ال يوجد ّ‬ ‫صا ً ما ذا ارتباط وثيق بالموقف االتّصال ّ‬ ‫‪ – 6‬الموقفيّة؛ مجموع العوامل التي تجعل ن ّ‬
‫ص واستعماله يتحدّد من خالل الموقف‪.‬‬ ‫ألن معنى النّ ّ‬ ‫ارتباط بالموقف‪ّ ،‬‬
‫ي يجب أن يبنى على نحو مختلف عن‬ ‫ّ‬
‫ص بنصوص أخرى وبصياغتها (فالنص العلم ّ‬ ‫ّ‬
‫ناص؛ عالقة الن ّ‬‫‪ – 7‬الت ّ ّ‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪]...[ ).‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ص األدب ّ‬
‫تعدّ هذه المعايير السّبعة [‪ ]...‬مبادئ تأسيسيّة لالتّصال من خالل نصوص؛ فهي تحدّد وتنتج شكل السّلوك‬
‫ي (حقّق الغاية منه وهي الت ّواصل مع اآلخر)"‪.‬‬ ‫ص ّ‬‫الممكن (توصيفه على أنّه) [‪ ]...‬اتّصال ن ّ‬
‫‪ 466‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 13‬و‪.14‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪262‬‬

‫جرا‪ .‬كيف وصل القارئ اىل هذا التّأأويل؟ هناك مبدأن اثنان ميكن‬ ‫َّ‬
‫املبّي يف االعالن‪ ،‬وه ّّل ّ‬
‫مكوانت االعالن متجاورة اذ رمغ عدم وجود روابط شلك ّية‬ ‫الاعامتد علهيام‪ ،‬أأ ّوهلام واقع كون ّ‬
‫نؤولها كام لو اكنت مّتابطة‪،‬‬
‫السالسل اللغويّة املتجاورة‪ ،‬فا ّن واقع كوهنا متجاورة جيعلنا ّ‬‫تربط ّ‬
‫واثين املبد أأين هو افّتاض الانسجام‪ ،‬وهو مبد أأ مرتبط اب أل ّول‪ ،‬ذكل أأ ّن املتلقّي ينطلق من‬
‫خلوه من ّالروابط الشّ لك ّية‪ ،‬خطاب‬ ‫افّتاض أأ ّن اخلطاب‪ ،‬كيفام اكنت طريقة تقدميه‪ ،‬ورمغ ّ‬
‫منسجم‪ّ ،‬مث يبحث بعد ذكل عن العالقات املمكنة (املتطلّبة) من أأجل بناء انسجامه‪،‬‬
‫وابلتّايل الوصول اىل قصد ّالرساةل اليت ينقلها اخلطاب"‪.467‬‬

‫صيّة تابعة للتّرابط‪ .‬فإذا وجد التّرابط – أي إذا وجد الكالم الذي يفيد –‬
‫وهكذا فالنّ ّ‬
‫تكون من جملة أو من أكثر من جملة‪.468‬‬ ‫ص سواء ّ‬ ‫وجد النّ ّ‬
‫صورة‬‫ص– األكثر من جملة"‪ .‬ففي ال ّ‬ ‫ص– الجملة" و"النّ ّ‬ ‫لكن ث ّم فرق بين "النّ ّ‬
‫صورة‬ ‫األولى نحن أمام وحدة بنيويّة والتّرابط يتوقّف على البنية‪ .‬أ ّما في ال ّ‬
‫الثّانية فليس ث ّم وحدة بنيويّة والتّرابط يتوقّف على المعنى فحسب‪.469‬‬
‫‪ ―.125‬النّصّيّة بني املتكلّم واملخاطب‪.‬‬
‫طب؟‬ ‫المتكلّم أم المخا َ‬
‫ِّ‬ ‫لكن من يحدّد التّرابط؟ أهو‬
‫سؤال ينبغي التّمهيد بكالم لـ‪" :‬روالن بارت"‬ ‫للوصول إلى جواب هذا ال ّ‬
‫صدر من جهة أخرى‪.‬‬
‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫(‪ 470)Roland Barthe‬من جهة‪ ،‬ولل ّ‬

‫‪ 467‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 51‬و‪.52‬‬


‫والالنص؟ ‪ ...‬االتّساق‬
‫ّ‬ ‫صاً؟ أي ما هو الفرق بين النّ ّ‬
‫ص‬ ‫ين ّ‬ ‫"ما هي الخصائص التي تجعل من معطى لغو ّ‬
‫‪468‬‬

‫صاً"‪ .‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.88‬‬ ‫نص وبين ما ليس ن ّ‬ ‫صيّة الحاسمة التي تميّز بين ما هو ّ‬ ‫هو الخا ّ‬
‫ص ليس وحدة (‪ )a unit‬بنيويّة كالجملة أو ما يشبهها‪ .‬وإذا كان هناك من دور للبنية فهو التّوحيد ليس‬ ‫‪" 469‬النّ ّ‬
‫إالّ‪ ،‬ويتّضح هذا الواقع بكون البنية‪ ،‬أيّا ً كان نوعها‪ ،‬تملك وحدة داخليّة تضمن تعبير ك ّل العناصر عن جزء من‬
‫ص عند نصف جملة‬ ‫نص ما‪ ،‬ويزداد هذا األمر وضوحا لو حاولنا إقحام عنصر غريب في البنية‪ ،‬أو تغيير النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ص التّالي‪:‬‬
‫ما على سبيل المثال‪ .‬لنالحظ ال ّن ّ‬
‫‪ ...‬لكن ما أودّ معرفته – نعم‪ ،‬شيئا من الثّلج‪ ،‬شكرا – هو‪ :‬ما الذي تعتقد هذه الحكومة أنّها تفعله حين تبذّر ك ّل‬
‫هذه األموال في بناء مدارس جديدة؟ ما هو عيب المدارس القديمة؟‬
‫المتكلم من نادل مقهى‪ ،‬في موضوع‬ ‫ّ‬ ‫أن البنية حصل فيها انكسار بسبب إدراج طلب‬ ‫لسنا في حاجة إلى التّنبيه ّ‬
‫محاورته لشخص ما‪.‬‬
‫صاً‪ .‬ك ّل الوحدات النّحويّة‪ :‬الجمل‪ ،‬واألقوال‪ ،‬والمر ّكبات‪ ،‬والكلمات‬ ‫وبشكل عا ّم تتعالق الوحدات المبنيّة لتش ّكل ن ّ‬
‫نص ما‪ ،‬على شيء آخر غير البنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن االتّساق يتو ّقف‪ ،‬داخل‬‫متّسقة داخليّاً‪ ،‬ألنّها ببساطة‪ ،‬مبنيّة (‪ )...‬إالّ ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫شكِّلة بذلك كال موحّدا‪ .‬تعدّ‬ ‫ّ‬ ‫نص ما‪ ،‬تجعل أجزاءه متآخذة م َ‬ ‫ّ‬ ‫أن هناك عالقات معيّنة‪ ،‬إذا توافرت في‬ ‫بمعنى ّ‬
‫ص باعتباره كذلك‪ ،‬م ّما يجعله وحدة دالليّة"‪ .‬مح ّمد‬ ‫ّ‬
‫طبيعة هذه العالقات دالليّة‪ ،‬وهي خصائص تميّز الن ّ‬
‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 15‬و‪.16‬‬
‫ص وحدة من وحدات الكالم في االستعمال‪ ،‬وهو ليس وحدة نحويّة مثل الجملة أو الجزء من الجملة‪ .‬ومن‬ ‫"والنّ ّ‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬ ‫ص وحدة دالليّة أي أنّه ليس وحدة شكليّة بل وحدة معنويّة"‪ .‬مح ّمد ال ّ‬ ‫األفضل أن يعتبر النّ ّ‬
‫‪.144‬‬
‫‪263‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن رسالة‪ 471‬صيغت كرمز (‪.)signe‬‬ ‫ص يتض ّمن ّ‬ ‫إن مفهوم النّ ّ‬‫فاألول يقول ّ‬‫ّ‬
‫يتكون‪:‬‬
‫والرمز ّ‬ ‫ّ‬
‫ّأوالً من الدّا ّل (‪[ )signifiant‬وهو هنا مادّيّة الحروف ومادّيّة تسلسلها في‬
‫ألفاظ‪ ،‬وفي جمل‪ ،‬وفي فقرات‪ ،‬وفي فصول‪ ،‬إلخ‪].‬؛‬
‫وثانيا ً من المدلول (‪ )signifié‬أو المعنى (‪ ،)sens‬وهو المحتوى العقل ّ‬
‫ي الذي‬
‫يحضر في ذهن من يسمع النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫فاألول ينطلق من المعنى لينتهي إلى‬ ‫ّ‬ ‫وهنالك اختالف بين المتكلّم والمخاطب‪.‬‬
‫ص ليصل إلى المعنى‪.‬‬ ‫ص‪ .‬والثّاني ينطلق من النّ ّ‬ ‫النّ ّ‬
‫سؤال حين تحد ّثنا عن‬‫ضا على هذا ال ّ‬ ‫عر ً‬
‫ص"؟ لقد أجبنا َ‬ ‫لكن ما معنى "معنى النّ ّ‬
‫التّرابط‪ .‬وينبغي اآلن أن نقد ّم جوابا أكثر تفصيال انطالقا من تفرقة‪ ،‬نجدها عند‬
‫ي‪.473‬‬
‫ي والمعنى الحرف ّ‬‫صدر ‪ ،‬بين المعنى االسم ّ‬
‫‪472‬‬
‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2011. 470‬‬


‫أن "ما يشغل ذهن‬ ‫طب‪ .‬ومن المعلوم أيضا ّ‬ ‫أن من وظيفة اللغة نقل المعلومات من متكلِّّم إلى مخا َ‬ ‫‪ 471‬من المعلوم ّ‬
‫المتكلّم (الكاتب) هو النّقل الفعّال للمعلومات‪ ،‬أي جعل ما يقوله (يكتبه) واضحا‪ ،‬بمعنى قابال ألن يفهمه‬
‫اآلخرون دون عناء كبير ودون التباس"‪ .‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫صدر‪ ،‬المعالم الجديدة لألصول‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ 1410 ،‬هـ ‪1989 /‬‬ ‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫‪ 472‬ال ّ‬
‫م‪ ،‬ص ‪ 126‬وما بعدها‪.‬‬
‫شيخ حسين علي المنتظري‪ ،‬نهاية األصول‪ ،‬تقريراً‬ ‫ي‪ :‬ال ّ‬‫ي والمعنى الحرف ّ‬ ‫انظر أيضا ً حول المعنى االسم ّ‬
‫‪473‬‬

‫سيّد حسين البروجردي الطباطبائي‪ ،‬المطبعة‪ :‬القدس‪ ،‬قم المقدّسة‪ ،1415 ،‬ص ‪19‬‬ ‫ألبحاث آية هللا العظمى ال ّ‬
‫للطباعة والنّشر‪،‬‬‫سيّد مح ّمد جعفر الشوشتري‪ ،‬منتهى الدّراية‪ ،‬مؤسّسة دار الكتاب (الجزائري) ّ‬ ‫وما بعدها؛ ال ّ‬
‫صاحب الحكيم‪ ،‬منتقى األصول‪ ،‬تقريرا ً‬ ‫سيّد عبد ال ّ‬ ‫النّجف‪ ،‬ط ‪ 1415 ،6‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 43‬وما بعدها؛ ال ّ‬
‫شيخ مح ّمد تقي‬ ‫الروحاني‪ ،‬الهادي‪ ،‬د م‪ 1416 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 87‬وما بعدها؛ ال ّ‬ ‫سيّد مح ّمد الحسيني ّ‬ ‫ألبحاث ال ّ‬
‫بهجت (في نفس هذا اليوم‪ ،‬الثّالثاء ‪ 24‬جمادى األولى ‪ 1430‬هـ الموافق لـ‪ 19 :‬ماي ‪ ،2009‬الذي نحيل فيه‬
‫المؤلف‪ ،‬تقام مراسم دفنه في مدينة قم بالجمهوريّة اإلسالميّة اإليرانيّة ‪ ...‬لك ّل أجل كتاب)‪ ،‬مباحث‬ ‫ّ‬ ‫على هذا‬
‫الروحاني‪ ،‬زبدة األصول‪،‬‬ ‫األصول‪ ،‬انتشارات شفق‪ ،‬قم‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 41‬وما بعدها؛ ال ّسيّد مح ّمد صادق ّ‬
‫الرضوي‬ ‫سيّد مح ّمد حسن ّ‬ ‫صادق (ع)‪ ،‬د م‪ ،‬ط‪ 1412 ،1 .‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 31‬وما بعدها؛ ال ّ‬ ‫مدرسة اإلمام ال ّ‬
‫سيّد الخميني‪ ،‬مؤسّسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫اللنگرودي‪ ،‬جواهر األصول‪ ،‬تقريرا ً لبحث ال ّ‬
‫سيّد مح ّمد سعيد الحكيم‪ ،‬المحكم في أصول‬ ‫محرم الحرام ‪ – 1418‬خرداد ‪ ،1376‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 114‬وما بعدها؛ ال ّ‬ ‫ّ‬
‫سيّد مح ّمد رضا الگلپايگاني‪،‬‬ ‫الفقه‪ ،‬مؤسّسة المنار‪ ،‬د م‪ 1414 ،‬هـ – ‪ 1994‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 111‬وما بعدها؛ ال ّ‬
‫شيخ عبد الكريم الحائري اليزدي‪ ،‬دار‬ ‫إفاضة العوائد‪ .‬تعليق على درر الفوائد‪ .‬تأليف‪ :‬آية هللا العظمى الحاج ال ّ‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1410 ،1‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 33‬وما بعدها؛ ال ّشيخ جعفر السُّبحاني التّبريزي‪ ،‬تهذيب‬
‫سيّد روح هللا الموسوي الخميني‪ ،‬انتشارات دار الفكر‪ ،‬قم‪ ،‬ط ‪،3‬‬ ‫األصول‪ ،‬تقريرا ً لبحث آية هللا العظمى ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 1367‬هـ ش‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 12‬وما بعدها؛ الشيخ مح ّمد طاهر آل الشيخ راضي‪ ،‬بداية الوصول في شرح كفاية‬
‫شيخ راضي‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫األصول‪ ،‬أشرف على طبعه وتصحيحه‪ :‬مح ّمد عبد الحكيم الموسوي البكاء‪ ،‬أسرة آل ال ّ‬
‫‪ 1425‬هـ – ‪ 2004‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 29‬وما بعدها؛ ال ّسيّد مصطفى الخميني‪ ،‬تحريرات في األصول‪ ،‬مؤسّسة‬
‫سيّد‬
‫تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1418 ،1‬هـ ق– ‪ 1376‬هـ ش‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 82‬وما بعدها؛ ال ّ‬
‫محسن الحكيم‪ ،‬حقائق األصول (وهي تعليقة على "كفاية" األستاذ األعظم المح ّقق الخراساني)‪ ،‬مكتبة بصيرتي‪،‬‬
‫قم‪ ،‬ط ‪ 1408 ،5‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪264‬‬

‫‪ ―.126‬املعنى االمسيّ واملعنى احلريفّ أو الرّابطيّ‪.‬‬


‫لفهم هذه التّفرقة سننطلق من أقسام الكلمة وهي االسم والفعل والحرف‪ .‬فإذا قلنا‬
‫الظلم" اسمين‪ ،‬و"بـ" حرفاً‪،‬‬ ‫بالظلم"‪ ،474‬وجدنا "المجتمع" و" ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتخرب المجتمع‬ ‫" ّ‬
‫يتخرب" فعالً مضارعا ً‪.‬‬ ‫و" ّ‬
‫الظلم" لو جاءت لوحدها‪ ،‬أي لو لم تجئ في جملة‪،‬‬ ‫وكلمة "المجتمع" أو كلمة " ّ‬
‫لكان لها معنى يخطر في ذهن من يسمعها‪.‬‬
‫الظلم"‪ .‬وهذا يعني‬ ‫الربط بين "المجتمع" و" ّ‬ ‫وكلمة "بـ" تؤدّي في الجملة دور ّ‬
‫الربط‪،‬‬ ‫وألن معنى الحروف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الربط بين معاني األسماء‪.‬‬ ‫أن معنى الحروف هو ّ‬ ‫ّ‬
‫تصوره‬ ‫ّ‬ ‫الربط‪ ،‬أي ال يمكن‬ ‫تصور هذا المعنى لوحده ودون أطراف ّ‬ ‫ّ‬ ‫فال يمكن‬
‫إالّ في سياق جملة‪.‬‬
‫تصوره خارج سياق الجملة؛ ولدينا المعنى‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬ويمكن‬ ‫وعليه لدينا المعنى االسم ّ‬
‫تصوره إالّ في سياق جملة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الربط‪ ،‬وال يمكن‬ ‫ي وهو ّ‬ ‫الحرف ّ‬
‫يتخرب"‪ ،‬وما يخطر في ذهننا حين سماعه نفس المعنى الذي يخطر‬ ‫بقي فعل " ّ‬
‫لكن الفعل ال يد ّل‬ ‫ي‪ّ .‬‬ ‫أن الفعل له معنى اسم ّ‬ ‫خرب"‪ .‬هذا يعني ّ‬ ‫من سماع اسم "الت ّ ّ‬
‫يتخرب" له معنى آخر باإلضافة إلى معنى‬ ‫ي فقط‪ .‬ففعل " ّ‬ ‫على المعنى االسم ّ‬
‫خرب" و"المجتمع"‪ .‬فللفعل إذن‬ ‫خرب"‪ .‬هذا المعنى هو ال ّربط بين "الت ّ ّ‬ ‫"الت ّ ّ‬
‫ي‪ .‬ويد ّل الفعل على المعنى‬ ‫ي أي معنى حرف ّ‬ ‫ي‪ ،‬ومعنى رابط ّ‬ ‫معنيان‪ :‬معنى اسم ّ‬
‫يتخرب"؛‬ ‫خرب بالنّسبة إلى " ّ‬ ‫اشتق منه كالت ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي بمادّته‪ ،‬أي باألصل الذي‬ ‫االسم ّ‬
‫ي بهيئته‪ ،‬أي بصيغته كصيغة "يفعل" في المضارع‬ ‫ويد ّل على المعنى الحرف ّ‬
‫وصيغة "فعل" في الماضي‪.‬‬
‫ص‪.‬‬ ‫الربط يقال عن الجملة وعن النّ ّ‬ ‫أن هيئته تد ّل على ّ‬ ‫وما قيل عن الفعل من ّ‬
‫متواضع"‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫تتكون من كلمات‪ .‬ولك ّل كلمة معناها‪ .‬فإذا قلنا "العا ِّلم‬ ‫فالجملة مثال ّ‬
‫متواضع" لها معنى‪ .‬لكننّا نفهم من جملة‬ ‫ِّ‬ ‫فكلمة "العا ِّلم" لها معنى وكلمة "‬
‫ي هو االرتباط على نحو معيّن بين كلمة "عا ِّلم"‬ ‫متواضع" معنى إضاف ّ‬ ‫ِّ‬ ‫"العا ِّلم‬

‫‪ 474‬يمكن القول إنّنا أمام قانون من منظور القرآن الكريم‪:‬‬


‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت َو َما كَانوا لّيؤْ مّ نوا َكذ ّلكَ َنجْ ّزي الق ْو َم‬ ‫‪َ ‬ولَقَ ْد أ َ ْهلَ ْكنَا ا ْلقرونَ مّ ْن قَ ْبلّك ْم لَما َظ َلموا َوجَا َءتْه ْم رسله ْم بّالبَيّنَا ّ‬
‫ْ‬
‫ا ْلمجْ ّرمّ ينَ ‪[‬يونس‪.]13/‬‬
‫‪َ ‬وتّ ْلكَ ا ْلق َرى أ َ ْهلَ ْكنَاه ْم لَما ظلموا َو َج َعلنا ّل َم ْه ّلك ّّه ْم َم ْوعّدا‪[‬الكهف‪.]60 ،59/‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪‬فَتّ ْلكَ بيوته ْم َخا ّو َية ّب َما َظلَموا ّإن فّي ذَ ّلكَ َْلَ َية ّلقَ ْو ٍم َي ْع َلمونَ ‪[ ‬النّمل‪.]52/‬‬
‫علَي ّْه ْم آَيَاتّنَا َو َما كنا م ْه ّلكّي ا ْلق َرى ّإال َوأ َ ْهلهَا‬
‫ث فّي أ ّمهَا َرسوال يَتْلو َ‬ ‫‪َ ‬و َما كَانَ َربُّكَ م ْه ّلكَ ا ْلق َرى حَتى يَ ْبعَ َ‬
‫َظالّمونَ ‪[‬القصص‪.]59/‬‬
‫‪265‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫متواضع"‪ .‬هذا المعنى تد ّل عليه الجملة بتركيبها وهيئتها‪ .‬فلهيئة الجملة‬


‫ِّ‬ ‫وكلمة "‬
‫ي‪.‬‬
‫إذن معنى حرف ّ‬
‫وعليه فالمعاني قسمان‪:‬‬
‫معاني اسميّة‪ ،‬ونجد هنا األسماء وموادّ األفعال؛‬
‫ومعاني حرفيّة‪ ،‬ونجد فيها الحروف وهيئات األفعال وهيئات الجمل‬
‫والنّصوص‪.‬‬
‫‪ ―.127‬الرّبط النّاقص والرّبط التّامّ‪.‬‬
‫الربط تا ّما‪ ،‬وإذا‬ ‫ص‪ ،‬قلنا إنّه إذا كانت الجملة تا ّمة كان ّ‬ ‫فإذا اهتممنا بالجملةوبالنّ ّ‬
‫ص‪ .‬لكن الفرق ّ‬
‫أن‬ ‫الربط ناقصا‪ .‬ونفس الكالم يص ّح عن النّ ّ‬ ‫كانت ناقصة كان ّ‬
‫التّمام في الجملة مسألة ترجع إلى البنية كما سلف‪.‬‬
‫فالجملة "مح ّمد عا ِّلم في الفيزياء" جملة يمكن أن تكون صادقة أو كاذبة‪ ،‬أي هي‬
‫جملة تا ّمة؛ بخالف الجملة "حاسوب مح ّمد"‪ ،‬التي ال يمكن أن توصف ال‬
‫صدق وال بالكذب ألنّها ناقصة‪ .‬وهيئة الجملة األولى تد ّل على ربط تا ّم‪ ،‬أ ّما‬ ‫بال ّ‬
‫الربط التّا ّم نسبة تا ّمة‪،‬‬ ‫هيئة الجملة الثّانية فتد ّل على ربط ناقص‪ .‬ويس ّمى ّ‬
‫والربط النّاقص نسبة ناقصة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫للربط أو معنيان حرفيّان‪:‬‬ ‫وفي الجملة األولى هنالك معنيان ّ‬
‫معنى يستفاد من هيئة الجملة‪ ،‬ويربط المبتدأ "مح ّمد" بالخبر "عالم في‬
‫الفيزياء"؛‬
‫ومعنى يد ّل عليه حرف "في"‪ ،‬ويربط بين " ِّعلم مح ّمد" و"الفيزياء"‪.‬‬
‫بالربط الثّاني‪ .‬والدّليل أنّه لو احتفظنا‬ ‫األول ال ّ‬ ‫بالربط ّ‬ ‫والجملة صارت تا ّمة ّ‬
‫األول‪ ،‬لصارت الجملة ناقصة‪.‬‬ ‫الربط ّ‬ ‫بالربط الثّاني (عا ِّلم في الفيزياء) دون ّ‬ ‫ّ‬
‫الربط التّا ّم يكون في الجملة التّا ّمة المفيدة سواء كانت اسميّة‬ ‫أن ّ‬‫يستنتج من هذا ّ‬
‫الربط النّاقص فنجده في الحروف وفي الجمل غير المفيدة‪.‬‬ ‫أو فعليّة؛أ ّما ّ‬
‫ص التّا ّم المفيد أيّا ً‬
‫فالربط التّا ّم يكون في النّ ّ‬
‫ص ‪ّ .‬‬ ‫‪475‬‬
‫ونفس الكالم يص ّح عن النّ ّ‬
‫ص‪ :‬جملة أو أكثر من جملة‪.476‬‬ ‫تكون منها النّ ّ‬
‫كانت الوحدة اللغويّة التي ّ‬

‫ص من زاويتي الدّاللة والتّداوليّة‪:‬‬ ‫‪ 475‬انظر حول معنى الجملة ومعنى ال ّن ّ‬


‫"علم الدّاللة‬
‫صة باللغات‪ ،‬إنّها ال تنحصر في علم األلفاظ (‪ )lexicologie‬لوحده‪ :‬خارج معنى‬ ‫الدّاللة تدرس المعاني الخا ّ‬
‫الكلمات‪ ،‬تدرس أيضا معنى الجمل‪ ،‬بل معنى ال ّنصوص‪ .‬هذا الميدان الفرع ّ‬
‫ي‪ ،‬الذي تتناوله نظريّات متعدّدة جدّا‬
‫هو اآلن بعيد عن أن يكون موحَّدا‪.‬‬
‫تكونها‪ ،‬بل أيضا من معنى العالقات النّحويّة بين هذه الكلمات‪:‬‬ ‫ينتج معنى الجملة ال فقط من معنى ك ّل كلمة ّ ِّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪266‬‬

‫‪ ―.128‬االتّساق واالنسجام‪.‬‬
‫الربط التّا ّم تتناوله الدّراسات المعاصرة من خالل مفهومين هما‬
‫وما أسميناه ّ‬
‫االتّساق واالنسجام‪.‬‬

‫لنص‪ /‬خطاب ما‪ ،‬وهيُ ّمت‬ ‫"ويُقصد عادة ابالتّساق ذكل التّامسك الشّ ديد بّي ا ألجزاء ِ ّ‬
‫املشلكة ّ‬
‫املكونة جلز ٍّء من خطاب أأو خطاب‬ ‫فيه ابلوسائل اللغويّة (الشّ لكيّة) اليت تصل بّي العنارص ِّ‬
‫خط ّية‪،‬‬ ‫بر ّمته‪ .‬ومن أأجل وصف اتّساق اخلطاب‪ /‬النّ ّص يسكل احمللّل – الواصف طريقة ّ‬
‫حىت هنايته‪ ،‬راصد ًا الضّ امئر واالشارات‬‫متدرجا من بداية اخلطاب (امجلةل الثّانية منه غالبا) ّ‬ ‫ّ‬
‫املتنوعة اكلعطف‪ ،‬والاستبدال‪،‬‬ ‫املُحيةل‪ ،‬احاةل قبليّة أأو بعديّة‪ ،‬هممت ّ ًا أأيضا بوسائل ّالربط ّ‬
‫لك ذكل من أأجل الربهنة عىل أأ ّن النّ ّص‬ ‫جرا‪ّ .‬‬ ‫واحلذف‪ ،‬واملقارنة‪ ،‬والاس تدراك‪ ،‬وه ّّل ّ‬
‫الك ُمتأ ِخذا‪.‬‬
‫يشلك ًّ‬ ‫للغوي بصفة عا ّمة) ّ‬
‫اخلطاب (املعطى ا ّ‬
‫خاصة (وكذا املتلكَّم) ال يسكل دوما هذه ّ‬
‫السبيل‪ ،‬اذ كثري ًا ما‬ ‫للغوي املكتوب ّ‬‫بيد أأ ّن االجناز ا ّ‬
‫ُوظف فيه الوسائل اليت أأسلفنا االشارة الهيا وانّام‬ ‫جيد املتلقّي نفسه أأمام ّنص‪ /‬خطاب ال ت َّ‬

‫ألن العامل (‪)agent‬‬ ‫«پول ضرب پيار» ليس لها نفس معنى «پيار ضرب پول» أو «پول ضرب من پيار»‪ّ ،‬‬
‫شخص‪ .‬ألجل ذلك يسعى عالم الدّاللة إلنشاء قواعد تأويل دالليّة للبنى النّحويّة‬ ‫والجامد (‪ )patient‬ليس نفس ال ّ‬
‫تصف االنتقال من الوظائف النّحويّة (فاعل‪ ،‬مفعول به ‪ )sujet, objet ...‬إلى أدوار دالليّة (عامل‪ ،‬جامد‪،‬‬
‫ي بين المعجم (‪ )lexique‬والنّحو (‪]...[ )syntaxe‬‬ ‫منتفع ‪ ،)...‬وتصف أيضا التّفاعل الدّالل ّ‬
‫ص‪ ،‬فهي (الدّاللة أو علم الدّاللة) تدرس قواعد تنظيم الجمل فيما بينها وتسعى إلى استخراج‬ ‫أ ّما عن داللة النّ ّ‬
‫تحلل بالخصوص بعض العبارات وبعض التّركيبات اللغويّة‬ ‫ص‪ .‬إنّها ّ‬‫اآلليّات اللغويّة المسؤولة عن انسجام النّ ّ‬
‫ص؛‬ ‫(الروابط‪ ،‬التّكرير‪ ،‬أزمنة األفعال‪ ،‬الموضوعنة ‪ ،thématisation‬إلخ‪ ).‬التي تضمن استمراريّة النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تسعى بعض األعمال الستكشاف مفهوم التّشاكل (‪ ،)isotopie‬أي تكرار جذر كلمة‬
‫ص‪.‬‬‫(‪ )lexème‬واحد أو معنم (‪ )sème‬واحد‪ ،‬والذي هو مصدر االنسجام بين عناصر النّ ّ‬
‫الت ّداوليّة‬
‫لنص ينتج ال فقط عن الوحدات والبنى التي تدرسها الدّاللة‪ ،‬بل أيضا عن عوامل أخرى‬ ‫ّ‬ ‫المعنى الكامل لجملة أو‬
‫تعرف‬‫تتموضع على حدود األلسنيّة وخارج األلسنيّة‪ ،‬اللغة والخطاب‪ :‬هذا هو الميدان – النّامي – للتّداوليّة التي ّ‬
‫غالبا كدراسة للّغة بالفعل (‪ )langage en acte‬أو (كدراسة) الستعمال اللغة (‪ ،)usage du langage‬أي‬
‫للعالقة بين القول (» ‪ )le « dit‬وشروط القول (» ‪( )les conditions du « dire‬سياق المرجع ‪le‬‬
‫‪ ،contexte de référence‬وضعيّة التّنصيص‪ ،‬اللعبة ما بين األشخاص ‪ ،le jeu interpersonnel‬الفعل‬
‫‪.)l'action‬‬
‫الرموز الفهرسيّة (‪ ،)symboles indexicaux‬أي‬ ‫تمسح التّداوليّة اللغويّة قطاعين كبيرين‪ّ :‬‬
‫األول يدرس ّ‬
‫عالمات الذّاتيّة (‪ )indicateurs de subjectivité‬التي هي الضّمائر (‪ ،)pronoms personnels‬أسماء‬
‫اإلشارة (‪ ،)les démonstratifs ou déictiques‬إلخ‪ ،.‬والتي تختلف إحالتها بحسب ظروف استعمالها‪.‬‬
‫وموضوع الدّراسة هذا هو بالخصوص موضوع نظريّات التّنصيص‪ .‬القطاع الثّاني يدرس المعنى غير الحرف ّ‬
‫ي‬
‫ي‪ ،‬المعنى المسبق االفتراض ‪ ،présupposé‬إلخ‪ ).‬وأيضا األفعال‬ ‫(‪( )sens non littéral‬المعنى الضّمن ّ‬
‫الكالميّة (‪ )les actes de langage‬التي يأتي بها المتكلّم في اتّجاه المخاطب‪ ،‬بواسطة فعل التّنصيص نفسه‬
‫(تأكيد‪ ،‬سؤال‪ ،‬أمر‪ ،‬وعد‪ ،‬إلخ‪Catherine Fuchs, Linguistique (notions de base), .").‬‬
‫‪Encyclopædia Universalis 2010.‬‬
‫‪ 476‬لكن المشكل الذي سنعالجه الحقا هو‪ :‬التّمام عند من‪ :‬المتكلّم أم المخاطب؟‬
‫‪267‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫جتسد‬
‫ابلروابط اليت ّ‬ ‫توضع امجلل بعضها اىل جوار بعض دومنا أأدىن اهامتم من الاكتب ّ‬
‫الاتّساق‪ .‬عىل أأ ّن هذا النّوع من الكتابة متليه حين ًا رضورات تواصليّة (التلغراف‪ ،‬االعالانت‬
‫احلائط ّية) أأو جتاريّة (اعالانت البيع والكراء‪ ،‬واخلدمات ‪ ...‬يف اجلرائد)‪ ،‬وقد تكون خلفه‪،‬‬
‫أأحيا ًان أأخرى مقصديّة ابداع ّية ابتاكريّة (الشّ عر احلديث مثال‪ّ ،‬‬
‫خاصة التّو ّجه التّجر ّ‬
‫يب فيه)‪.‬‬
‫يتغري من اتّساق النّ ّص‪ /‬اخلطاب اىل انسجامه‪ ...‬يتطلّب‬ ‫حّي حيدث هذا فا ّن الاهامتم ّ‬
‫تنظم النّ ّص و ّ‬
‫تودله"‪.477‬‬ ‫بناء الانسجام من املتلقّي رصف الاهامتم هجة العالقات اخلفيّة اليت ّ‬

‫ي الذي‬‫يتكون من المعنى االتّساق ّ‬


‫ّ‬ ‫ي للنّ ّ‬
‫ص‬ ‫الرابط ّ‬
‫ي أو ّ‬ ‫وهكذا فالمعنى الحرف ّ‬
‫يتكون‬
‫ص كالعطف وغيره؛ كما ّ‬ ‫شكليّة الموجودة في النّ ّ‬
‫يستخلص من الوسائل ال ّ‬
‫ي الذي يستخرج بواسطة وسائل غير شكليّة كموضوع‬ ‫من المعنى االنسجام ّ‬
‫ص وغيره‪.‬‬‫النّ ّ‬
‫يستخلص من وسائل‬ ‫المعنى‬
‫شكليّة‪ :‬العطف‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫ّساقي‬ ‫االت‬ ‫الحرفي‬
‫ّ‬ ‫المعنى‬
‫ّ‬
‫ابطي للنّص‪.‬‬
‫الر ّ‬‫أو ّ‬
‫يستخلص من وسائل‬ ‫بعبارة واحدة‪:‬‬
‫المعنى‬ ‫معنى النّ ّ‬
‫ص‬
‫غير شكليّة‪ :‬موضوع‬
‫النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫االنسجامي‬
‫ّ‬

‫‪ ―.129‬املعنى اللغويّ (أو التّصوّريّ) واملعنى النّفسيّ (أو السّياقيّ أو التّصديقيّ)‪.‬‬


‫ي ألنّه مستفاد من‬ ‫ي لغو ّ‬‫سم َ‬ ‫ي (أ ِّ‬ ‫ص‪ ،‬إن كان جملة‪ ،‬معنيان‪ :‬معنى لغو ّ‬ ‫وللنّ ّ‬
‫ي ألنّه مستفاد‬ ‫ي (أسمي نفس ّ‬ ‫ي)‪ ،‬ومعنى نفس ّ‬‫تصور ّ‬
‫ّ‬ ‫اللغة‪ ،‬ويس ّمى أيضا معنى‬
‫ي ألنّه مستفاد من حال المتكلّم‪،‬‬ ‫من إرادة المتكلّم‪ ،‬ويس ّمى أيضا معنى سياق ّ‬
‫ي)‪.‬‬
‫ويس ّمى أخيرا معنى تصديق ّ‬
‫فمن يسمع الجملة التّا ّمة "المنهجيّة مفيدة"‪ ،‬ينتقل ذهنه إلى معناها اللغوي‪.‬‬
‫ويتصور النّسبة‬
‫ّ‬ ‫سامع معنى كلمة "المنهجيّة" ومعنى كلمة "مفيدة"‪،‬‬ ‫فيتصور ال ّ‬
‫ّ‬
‫صور يفضي به إلى المعنى‬ ‫التّا ّمة التي وضعت هيئة الجملة لها‪ .‬هذا الت ّ‬
‫ّ‬
‫تصوريّا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي‪ .‬ويس ّمى هذا المعنى ألجل ما جاء للت ّ ّو معنى‬
‫ي اللغو ّ‬
‫الوضع ّ‬
‫وللجملة هذا المعنى سواء سمعناها من متحدّث واع أو من ببّغاء أو مجنون‬
‫مثال‪ .‬لكن ث ّم زيادة‪ ،‬لو سمعنا الجملة من متحدّث واع‪ .‬فهنا لن يقف المستمع عند‬

‫‪ 477‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 5‬و‪.6‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪268‬‬

‫أن الجملة تكشف عن أشياء في نفس‬ ‫ي‪ ،‬بل سيرى ّ‬ ‫صور ّ‬‫ي أو الت ّ ّ‬ ‫المعنى اللغو ّ‬
‫المتكلّم‪.‬‬
‫سامع‪.‬‬ ‫أن المتكلّم أراد إخطار صورة المعنى في ذهن ال ّ‬ ‫وأول هذه األشياء ّ‬ ‫ّ‬
‫ويطلق على هذه اإلرادة اسم اإلرادة االستعماليّة‪.‬‬
‫أ ّما ثاني هذه األشياء فكون المتكلّم أراد اإلخبار عن النّسبة التّا ّمة التي تد ّل عليها‬
‫هيئة الجملة‪ ،‬أي أراد اإلخبار عن ثبوت الخبر للمبتدأ‪ .‬وإرادة هذا المعنى تس ّمى‬
‫اإلرادة الجدّيّة‪ .‬فإذا كانت الجملة استفهاميّة مثل "هل المنهجيّة مفيدة؟"‪ ،‬يكون‬
‫واالطالع على وقوع النّسبة التّا ّمة بين اإلفادة‬ ‫ّ‬ ‫غرض المتكلّم منها طلب الفهم‬
‫والمنهجيّة‪ .‬أ ّما إذا كانت الجملة طلبيّة من نحو "تعلّ ْم"‪ ،‬فيكون غرض المتكلّم‬
‫طلب إيقاع النّسبة التّا ّمة التي تد ّل عليها هيئة "تعلّ ْم"‪،‬أي طلب وقوع التّعلّم‪.‬‬
‫ويس ّمى المعنى المستقى من اإلرادة االستعماليّة ومن اإلرادة الجدّيّة معنى‬
‫نفسانيّا ألنّه استخلص من إرادة المتكلّم‪ .‬كما يس ّمى معنى سياقيّا ألنّه مستنتج من‬
‫حال المتكلّم‪ .‬ويس ّمى أخيرا معنى تصديقيّا‪.478‬‬
‫ي ومعنيان نفسيّان‪" :‬أحدهما اإلرادة‬ ‫وهكذا فالجملة التّا ّمة لها معنى لغو ّ‬
‫االستعماليّة‪ ،‬إذ نعرف عن طريق صدور الجملة من المتكلّم أنّه يريد منّا أن‬
‫ي الذي من‬ ‫نتصور معاني كلماتها‪ .‬واآلخر اإلرادة الجدّيّة وهي الغرض األساس ّ‬ ‫ّ‬
‫نتصور تلك المعاني" ‪.‬‬
‫‪479‬‬
‫ّ‬ ‫أجله أراد المتكلّم أن‬
‫ي تشترك‬ ‫األول من المعنى التّصديق ّ‬ ‫سياق‪ .‬والجزء ّ‬ ‫ي ينشأ من ال ّ‬ ‫والمعنى التّصديق ّ‬
‫فخاص بالجملة التّا ّمة‪ .‬ث ّم‬
‫ّ‬ ‫فيه الكلمات والجمل تا ّمها وناقصها‪ .‬أ ّما الجزء الثّاني‬
‫األول واحد في جميع األلفاظ‪ ،‬وهو قصد المتكلّم إخطار صورة‬ ‫إن الجزء ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬فيختلف من جملة‬ ‫سامع‪ .‬أ ّما الجزء الثّاني‪ ،‬وهو المراد الجدّ ّ‬ ‫المعنى في ذهن ال ّ‬
‫ي قصد اإلخبار عن‬ ‫تا ّمة إلى أخرى‪ :‬ففي الجملة الخبريّة يكون المعنى الجدّ ّ‬
‫النّسبة التّا ّمة التي تد ّل عليها هيئة الجملة؛ وفي الجملة االستفهاميّة يكون المدلول‬
‫الطلبيّة يكون‬ ‫واالطالع على وقوع النّسبة التّا ّمة؛ وفي الجملة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي طلب الفهم‬ ‫الجدّ ّ‬
‫ي طلب إيقاع النّسبة التّا ّمة‪.‬‬ ‫المعنى الجدّ ّ‬

‫قرب من تعريف "الهرمينيطيقا"‪" :‬تعلّم الهرمينيطيقا فهم وتفسير أفكار اآلخرين من خالل عالماتها‬ ‫‪ّ 478‬‬
‫ّ‬
‫صورات والعواطف وفق الترتيب واالرتباط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ .)signes‬يتحقق الفهم حين تستيقظ‪ ،‬في روح القارئ‪ ،‬الت ّ‬
‫الحاضر في روح المؤلّف"‪Friedrich-August Wolf, in : Friedrich D. E. Schleiermacher, .‬‬
‫‪Herméneutique, Traduction et introduction de Marianna Simon. Avant-propos de‬‬
‫‪Jean Starobinski, Labor et fides, Genève, 1987, p. 8 (L’avant-propos de Jean‬‬
‫‪Starobinski).‬‬
‫صدر‪ ،‬المعالم (م س)‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫‪ 479‬ال ّ‬
‫‪269‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫األول‬
‫المعنى ّ‬ ‫اللغوي‬
‫ّ‬
‫أو‬ ‫ري‬
‫ّصو ّ‬‫أو الت ّ‬

‫المعنى‬
‫اإلرادة االستعماليّة‪:‬‬
‫الجملة الخبريّة‪ :‬اإلخبار عن‬ ‫إرادة إخطار صورة‬ ‫النّ ّ‬
‫فسي‬
‫النّسبة الت ّا ّمة‬ ‫المعنى‬ ‫ياقي‬
‫س ّ‬ ‫أو ال ّ‬
‫المعنى الثّاني‬ ‫ّصديقي‬
‫ّ‬ ‫أو الت‬
‫جملة االستفهام‪ :‬طلب الفهم‬
‫واال ّطالع على وقوع النّسبة‬ ‫أو‬
‫الت ّا ّمة‬ ‫اإلرادة الج ّديّة‬
‫الجملة ال ّطلبيّة‪ :‬طلب إيقاع‬
‫النّسبة الت ّا ّمة‬

‫ي الثّاني‬ ‫وأحيانا تصدر الجملة من هازل ونحوه فال يكون لها المعنى التّصديق ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫صور ّ‬‫األول فضال عن المعنى الت ّ ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫وإن كان لها المعنى التّصديق ّ‬
‫نتصور المعاني اللغويّة للمبتدأ‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا‪ ،‬حين نسمع جملة كجملة "مح ّمد عالم"‪" ،‬‬
‫تصور اللفظ‬ ‫ّ‬ ‫سببيّة بين‬ ‫والخبر والهيئة بسبب الوضع الذي أوجد عالقة ال ّ‬
‫وتصورنا‬
‫ّ‬ ‫وتصور المعنى‪ ،‬ونكتشف اإلرادة الواعية للمتكلّم بسبب حال المتكلّم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫صوريّة واكتشافنا هذا يمثل الدّاللة التّصديقيّة‪ .‬والمعنى الذي‬ ‫ّ‬
‫ذلك يمثل الدّاللة الت ّ ّ‬
‫ي للّفظ‪ ،‬واإلرادة التي نكتشفها في نفس‬ ‫ي واللغو ّ‬ ‫صور ّ‬ ‫نتصوره هو المدلول الت ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي الذي يد ّل عليه حال المتكلّم‪ .‬وعلى هذا‬ ‫ي والنّفس ّ‬ ‫المتكلّم هي المدلول التّصديق ّ‬
‫األساس نكتشف مصدرين للدّاللة‪ :‬أحدهما اللغة بما تشتمل عليه من أوضاع‪،‬‬
‫تصور األلفاظ‬ ‫ّ‬ ‫سببيّة بين‬ ‫صوريّة‪ ،‬ألنّها تقيم عالقات ال ّ‬ ‫وهي مصدر الدّاللة الت ّ ّ‬
‫وتصور المعاني‪ .‬واآلخر حال المتكلّم‪ ،‬وهو مصدر الدّاللة التّصديقيّة‪ ،‬أي داللة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫فإن اللفظ إنّما يكشف عن إرادة المتكلم إذا‬ ‫ي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي التصديق ّ‬ ‫اللفظ على مدلوله النّفس ّ‬
‫صدر في حالة يقظة وانتباه وجدّيّة‪ ،‬فهذه الحالة إذن هي مصدر الدّاللة‬
‫أن اللفظ إذا صدر من المتكلّم في حالة نوم أو ذهول ال‬ ‫التّصديقيّة‪ ،‬ولهذا نجد ّ‬
‫ي"‪.480‬‬ ‫توجد له داللة تصديقيّة ومدلول نفس ّ‬
‫يتكون من‬ ‫ّ‬ ‫ص الذي‬ ‫ص‪ /‬الجملة‪ ،‬ويبدو األمر غير مختلف مع النّ ّ‬ ‫هذا عن النّ ّ‬
‫ي يستقى من األلفاظ‬ ‫تصور ّ‬
‫ّ‬ ‫أكثر من جملة‪ .‬فهنا أيضا يمكن الحديث عن معنى‬
‫ي‪.‬‬
‫شكليّة‪ .‬كما يمكن الحديث عن معنى تصديق ّ‬ ‫شكليّة وغير ال ّ‬ ‫الروابط ال ّ‬
‫ومن ّ‬

‫صدر‪ ،‬المعالم (م س)‪ ،‬ص ‪ 132‬و ‪.133‬‬


‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫‪ 480‬ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪270‬‬

‫‪ ―.130‬مسألة تطابق املعنى التّصديقيّ مع املعنى التّصوّريّ‪.‬‬


‫فإذا كان ما جاء للت ّ ّو مقبوال‪ ،‬أمكن عندها المرور والقول إ ّن المعتاد أن يتطابق‬
‫ي مع المعنى التّص ّور ّ‬
‫ي‪.481‬‬ ‫المعنى التّصديق ّ‬

‫القرينة بسيطة‪ ،‬أي ث ّم إمكانيّة ألن‬ ‫هنالك قرينة على أنّ ‪:‬‬
‫يثبت ‪:‬‬ ‫حدّدنا المعنى‬
‫ّصديقي = المعنى‬
‫ّ‬ ‫المعنى الت‬ ‫ري‬
‫ري‬ ‫ّصو‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫المعنى‬ ‫ّصديقي ≠‬ ‫المعنى الت‬ ‫ري‬ ‫ّصو ّ‬
‫الت ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّصو ّ‬
‫الت ّ‬

‫إن حال المتكلّم ينبئ بأنّه‬ ‫ص‪ ،‬قلنا ّ‬ ‫صوريّة معنى واحدا للنّ ّ‬ ‫فإذا أعطت المرحلة الت ّ ّ‬
‫أراد هذا المعنى الواحد‪.‬‬
‫صوريّة أكثر من معنى مختلف أحدهما أسبق عرفا من‬ ‫وإذا أعطت المرحلة الت ّ ّ‬
‫تتكون‬
‫شرطيّة ّ‬ ‫ألن الجملة ال ّ‬
‫ص جملتان ّ‬ ‫ص جملة شرطيّة‪ ،‬أي النّ ّ‬ ‫غيره (مثال‪ :‬النّ ّ‬
‫سابق لغيره‪.‬‬ ‫إن حال المتكلّم ينبئ بأنّه أراد هذا المعنى ال ّ‬ ‫من جملتين)‪ ،‬قلنا ّ‬
‫صوريّة أكثر من معنى مختلف كلّها متساوية‪ ،‬قلنا‬ ‫وإذا أعطت المرحلة الت ّ ّ‬
‫أن حال المتكلّم ينبئ‬ ‫ي الذي ينتمي إليه‪ :‬إ ّما ّ‬ ‫ص والجنس األدب ّ‬ ‫بحسب نوعيّة النّ ّ‬
‫أن حاله ينبئ بأنّه ال يمكن أن يريد جميع تلك‬ ‫بأنّه أراد جميع هذه المعاني؛ وإ ّما ّ‬
‫ص وال واحدا من المعاني التي بين أيدينا‪.‬‬ ‫المعاني‪ ،‬وعندها ال نعطي النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬قلنا‬‫صورة االستثنائيّة التي ال نستطيع فيها إعطاء معنى للنّ ّ‬ ‫فإذا تركنا هذه ال ّ‬
‫صور – إنّنا أخذنا بعين االعتبار في عمليّة التّأويل المخاطب‬ ‫– عن بقيّة ال ّ‬
‫والمتكلّم معا‪.‬‬
‫ص في اللغة هي تلك‬ ‫ألن أقرب المعاني إلى النّ ّ‬ ‫أخذنا بعين االعتبار المخاطب ّ‬
‫ص في اللغة‪.‬‬ ‫األول هو األقرب إلى النّ ّ‬ ‫التي قلنا بها‪ .‬فالمعنى الوحيد في الفرض ّ‬

‫قرب من "دومينيك مانﭭينو" (‪ )Dominique Maingueneau‬حين يقول‪(" :‬مبدأ التّعاون ‪Le principe‬‬ ‫‪ّ 481‬‬
‫أن منتج التّنصيص يحترم بعض قواعد اللعبة‪:‬‬ ‫‪ .)de coopération‬إلنشاء تأويل‪ ،‬على المتلقّي أن يفترض ّ‬
‫ي ليس موجودا‬ ‫ي‪ ،‬أنّه أنتِّج بقصد إيصال شيء يه ّم من توجّه إليهم‪ .‬هذا ّ‬
‫الطابع الجدّ ّ‬ ‫أن التّنصيص جدّ ّ‬
‫مثال ذلك ّ‬
‫إن التّدخين‬
‫في التّنصيص‪ ،‬لكنّه شرط لتأويله تأويال جيّدا‪ :‬إلى أن يثبت خالف ذلك‪ ،‬إذا وجدت الفتة تقول ّ‬
‫أن هذه الالّفتة جدّيّة‪ .‬ال أستطيع أن أعيد تسطير تاريخ الالفتة ألتثبّت من‬‫ممنوع في قاعة االنتظار‪ ،‬سأفترض ّ‬
‫ي يفترض أن تحترم قواعد اللعبة‪ .‬هذا ال يكون بواسطة عقد‬ ‫مجرد الدّخول في عمليّة تواصل كالم ّ‬
‫ّ‬ ‫ذلك‪:‬‬
‫ي‪ .‬يتعلّق األمر بمعرفة متبادلة‪ :‬ك ّل واحد يسلّم‬
‫ي يدخل في جوهر النّشاط الكالم ّ‬‫صريح‪ ،‬بل بواسطة اتّفاق ضمن ّ‬
‫أن شريكه يتطابق مع هذه القواعد [‪ ]...‬هذه اإلشكاليّة أدخلت في سنوات ‪ 1960‬بواسطة فيلسوف لغة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫األمريكي «پول ڤرايس» (‪ ،)Paul Grice‬تحت اسم «المسلّمات الحواريّة» ( ‪maximes‬‬
‫‪ ،)conversationnelles‬والتي نفضّل في فرنسا تسميتها بـ‪« :‬قانون الخطاب» ( ‪Lois du‬‬
‫‪Dominique Maingueneau, Analyser les textes de communication, .")discours‬‬
‫‪Armand Colin, Paris, 2005, p. 17 et 18.‬‬
‫‪271‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شأن‪ ،‬مع المعنى األسبق في الفرض الثّاني‪ ،‬ومع المعاني المتساوية في‬ ‫وكذلك ال ّ‬
‫صورة األولى من الفرض الثّالث‪ .‬ففي جميع هذه الحاالت‪ ،‬أعطينا أقرب‬ ‫ال ّ‬
‫ص‪ .‬بهذا العمل نكون قد أعطينا المعنى‬ ‫معنى – من منظور اللغة – إلى النّ ّ‬
‫ص إلى‬ ‫المترقّب من مخاطب يعيش اللغة ونظامها‪ ،‬فيذهب ذهنه بعد سماع النّ ّ‬
‫ذلك المعنى‪.‬‬
‫لكن كيف أخذنا المتكلّم في اعتبارنا ولم نهمله والحال ما سبق من تلبية ما يترقّبه‬
‫يخص‬
‫ّ‬ ‫أن المتكلّم يعيش بدوره اللغة ونظامها ويعرف‪ ،‬فيما‬ ‫سامع؟ الجواب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صه‬ ‫أن من واجبه إن أراد معنى آخر أن يجعل سياق ن ّ‬ ‫صا ً له لغةً معنى واحدا‪ّ ،‬‬ ‫ن ّ‬
‫سامع‪ .‬فإذا لم يفعل‪ ،‬يكون قد أراد ذلك المعنى‬ ‫مختلفا عن الذي وصل إلى ال ّ‬
‫الواحد‪.482‬‬
‫ص ذي األكثر من معنى سواء تساوت هذه المعاني‬ ‫ونفس القول يص ّح مع النّ ّ‬
‫فيما بينها أو سبق أحدها البقيّة‪.‬‬
‫صا ً ينبئ بذلك المعنى أو‬ ‫وقد يتّفق أن يريد المتكلّم معنى‪ ،‬لكنّه يخطئ فال يبني ن ّ‬
‫ي موجود ليذهب المخاطب إلى المعنى المراد من‬ ‫يتفطن إلى أن ال سياق مقام ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫إن األصل في اإلنسان عدم الغفلة وعدم الخطأ‪ .‬هذا يؤد ّي‬ ‫ذاك المتكلّم‪ .‬هنا يقال ّ‬
‫ي(الذي لن يكون‬ ‫سياق المقام ّ‬ ‫ص وفي ال ّ‬ ‫طب – بعد أن يبحثفي النّ ّ‬ ‫بالمخا َ‬
‫أن ما ألقي إليه هو المراد من المتكلّم‪.‬‬ ‫موجودا)– إلى أن يعتبر ّ‬
‫سؤال المنطلق منه‪" :‬من يحدّد التّرابط؟ أهو‬ ‫وبما جاء أعاله نكون قد أجبنا عن ال ّ‬
‫ّ‬
‫ص يحدّده المتكلم والمخاطب معا‪.‬‬ ‫المتكلّم أم المخاطب؟"‪ .‬فمعنى النّ ّ‬
‫‪ ― .131‬معنى الّنصّ = معانٍ امسيّة ‪ +‬معانٍ حرفيّة‬
‫يتكون من معاني‪ :‬األسماء‪ ،‬وموادّ األفعال (المعاني‬ ‫ّ‬ ‫ومعنى النّ ّ‬
‫ص كك ّل‬
‫االسميّة)‪ ،‬والحروف‪ ،‬وهيئات األفعال‪ ،‬وهيئة ك ّل جملة على حدة‪ ،‬وهيئة جميع‬
‫متكونا من‬
‫ّ‬ ‫ص‬‫ص (المعاني الحرفيّة)‪ .483‬فإذا كان النّ ّ‬‫الجمل معا أي هيئة النّ ّ‬
‫جملة واحدة‪ ،‬كانت هيئة الجملة هي نفسها هيئة النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫ص إذن يساوي معاني اسميّة ومعها معاني حرفيّة‪.‬‬ ‫فمعنى النّ ّ‬

‫مدركِّه وهذا‬
‫مدرك ال ينفصل عن ِّ‬ ‫ي شيء َ‬ ‫أن الخطاب اللغو ّ‬ ‫ألن "المتكلّم يف ّكر بالمتلقّي باعتبار ّ‬‫‪ 482‬نقول أراد ّ‬
‫ويتحرك"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيه‬ ‫قال‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫الفضاء‬ ‫بنية‬ ‫ها‬ ‫تفرض‬ ‫قابة‬‫الر‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫ونوع‬ ‫عبير‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫في‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫الفرد‬ ‫غبة‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫بين‬ ‫يعني أنّه واقع‬
‫ص عند العرب‪ ،‬المؤسّسة العربيّة للدّراسات وال ّنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1999 ،1‬ص‬ ‫مح ّمد المبارك‪ ،‬استقبال ال ّن ّ‬
‫‪.87‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 941‬و ‪.942‬‬ ‫ص‪ :‬مح ّمد ال ّ‬ ‫‪ 483‬انظر مظهرا من معنى النّ ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪272‬‬

‫معنى األسماء‬
‫المعاني االسميّة‬
‫معنى موا ّد األفعال‬

‫معنى الحروف‬ ‫ص‬‫معنى النّ ّ‬


‫يستخلص من‪:‬‬

‫معنى هيئة األفعال‬


‫المعاني الحرفيّة أو‬
‫معنى هيئة ك ّل جملة‬ ‫الرابطيّة‬
‫ّ‬
‫لوحدها‬

‫معنى هيئة ال ّن ّ‬
‫ص‬

‫سياق معا‪ .484‬فإذا أخذنا اسما في‬‫صيغة ومن ال ّ‬‫هذه المعاني تستخلص من ال ّ‬
‫ص أو مادّة فعل أو حرفا ً أو هيئة فعل أو هيئة جملة أو هيئة مجموعة الجمل‪،‬‬ ‫النّ ّ‬
‫سبب ّ‬
‫أن‬ ‫سياق أيضا‪ .‬وال ّ‬
‫صيغة فحسب‪ ،‬بل وال ّ‬ ‫وجب أن نأخذ بعين االعتبار ال ال ّ‬
‫المتكلّم ال يتكلّم إالّ في سياق‪.485‬‬

‫ص ينتج – ال فقط عن معنى الوحدات (الوحدة لها‬ ‫إن المعنى الكامل للجملة أو لل ّن ّ‬ ‫‪ 484‬رأينا منذ قليل من يقول ّ‬
‫ي‪ /‬تحدّثنا في المتن عن‬ ‫ي) والبنى (البنية أو الهيئة لها معنى نحو ّ‬ ‫ي‪ /‬تحدّثنا في المتن عن معنى اسم ّ‬ ‫معنى معجم ّ‬
‫ي) التي يدرسها علم الدّاللة – بل أيضا ً عن عوامل أخرى تقع على حدود األلسنيّة‪ .‬هنا‬ ‫ي أو رابط ّ‬ ‫معنى حرف ّ‬
‫ندخل ميدان التّداوليّة التي تعتني بـ‪" :‬اللغة بالفعل" (‪ )langage en acte‬أي باستعمال اللغة ( ‪usage du‬‬
‫‪ ،)langage‬أي بالعالئق بين "القول" و"شروط القول" (السّياق)‪ .‬انظر المقتطف الذي سبق معنا لـ‪:‬‬
‫‪Catherine Fuchs, Linguistique (notions de base), Encyclopædia Universalis 2010.‬‬
‫‪ 485‬سنعود الحقا ً إلى السّياق‪ ،‬لكن يمكن من اآلن إيراد المقتطف التّالي‪:‬‬
‫"لقد أ ّكد اللسانيّون من أصحاب المدرسة االجتماعيّة ومنهم فيرث ‪ Firth‬على دور السّياق في تحديد المعنى‪،‬‬
‫أن هذا االستعمال يحكمه‬ ‫ي للكلمة في إطار مجتمع بعينه‪ ،‬ورأى أصحاب هذه المدرسة ّ‬ ‫واهت ّموا باالستعمال الفعل ّ‬
‫أمران‪:‬‬
‫أن الكلمة يتحدّد معناها‬ ‫ي نفسه‪ ،‬الذي ال ينظر إلى الكلمات بوصفها وحدات منعزلة‪ ،‬أي ّ‬ ‫األول‪ :‬السّياق اللغو ّ‬ ‫ّ‬
‫بعالقاتها مع الكلمات األخرى في السّلسلة الكالميّة‪.‬‬
‫الظروف التي يحدث فيها السّياق‪.‬‬ ‫الثّاني‪ :‬القرينة أو الموقف الذي يقال فيه الكالم أي ّ‬
‫يمكن أن نعطي مثاال لهذا بالفعل «أكل» ومعانيه المتعدّدة من خالل السّياقات المختلفة‪ ،‬ومن خالل مجتمعين أو‬
‫األول الذي يتمثّل في ال ّ‬
‫سياقات القرآنيّة التّالية‪:‬‬ ‫بيئتين لغويّتين مختلفتين‪ ،‬فنعرض ّأوال للفعل في المستوى ّ‬
‫اق‪[‬الفرقان‪ ،]7/‬بمعنى‪ :‬التّغذية لإلنسان‪.‬‬ ‫‪َ ‬و َقالوا َما ّل َهذَا الرسو ّل يَأْكل الط َعا َم َويَ ْمشّي فّي ْاألَس َْو ّ‬
‫غافّلونَ ‪[‬يوسف‪ ،]13/‬بمعنى‪ :‬االفتراس للحيوان‪.‬‬ ‫ع ْنه َ‬ ‫‪َ ‬وأَ َخاف أ َ ْن يَأْكلَه ال ّذّئْب َوأ َ ْنت ْم َ‬
‫الرعي للحيوان‪.‬‬‫ض َّللاّ‪[‬هود‪ ،]64/‬بمعنى‪ّ :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫‪َ ‬ويَا َق ْو ّم َه ّذ ّه نَا َقة َّللاّ لَك ْم آَيَة َفذروهَا تَأك ْل فّي أ ْر ّ‬
‫َ‬
‫سأ َت َه‪[‬سبأ‪ ،]14/‬بمعنى‪ :‬القرض للحشرات‪.‬‬ ‫ض ت َأْكل مّ ْن َ‬ ‫ع َلى َم ْوتّ ّه إّال دَابة ْاألَ ْر ّ‬ ‫‪َ ‬ما دَله ْم َ‬
‫ب أَحَدك ْم أ َ ْن يَأْك َل َلحْ َم أَخّ ي ّه َميْتا فك َّرهتموه‪[‬الحجرات‪ ،]12/‬بمعنى‪ :‬الغيبة لإلنسان‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪‬أَيحّ ُّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪‬إّن ال ّذ يَأكل أ ْم َوا َل اليَت َا َمى ظلما‪[‬النساء‪ ،]10/‬بمعنى‪ :‬االختالس لإلنسان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ونَ‬ ‫ْ‬ ‫ينَ‬
‫ان ت َأْكله النار‪[‬آل عمران‪ ،]183/‬بمعنى‪ :‬االحتراق للجماد‪.‬‬ ‫‪‬حَتى َيأْتّ َينَا ّبق ْر َب ٍ‬
‫لقد استطعنا من خالل السّياق اللغوي تحديد المعاني المختلفة للفعل «أكل» الذي ورد في سياقات قرآنيّة متعدّدة‪،‬‬
‫وقد ال يكون السّياق اللغوي – كما يقول أصحاب هذه النّظر ّية – كافيا ً لتمييز معاني الكلمة‪ ،‬وم ّما ال شكّ فيه ّ‬
‫أن‬
‫فهم القارئ لهذه اآليات في العربيّة ال بدّ أن يصاحبه شيء آخر‪ ،‬وهو االنتماء إلى البيئة اإلسالميّة أو المجتمع‬
‫‪273‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المستخلص من‬
‫معنى األسماء‬
‫االسم ومن سياقه‬
‫المعاني االسميّة‬
‫المستخلص من ما ّدة‬
‫معنى موا ّد األفعال‬
‫الفعل ومن سياقها‬

‫المستخلص من‬ ‫ص‬‫معنى النّ ّ‬


‫معنى الحروف‬
‫الحرف ومن سياقه‬ ‫يستخلص من‪:‬‬
‫المستخلص من‬
‫معنى هيئة األفعال‬
‫الهيئة ومن سياقها‬
‫المعاني الحرفيّة أو‬
‫الرابطيّة‬
‫ّ‬
‫المستخلص من‬ ‫معنى هيئة ك ّل جملة‬
‫الهيئة ومن سياقها‬ ‫لوحدها‬

‫المستخلص من‬
‫الهيئة ومن سياقها‬ ‫معنى هيئة ال ّن ّ‬
‫ص‬

‫صلة‪:‬‬
‫بعبارة مف ّ‬

‫"– مثّة مك ّ ّية من املعطيات (معلومات أأو تأأثريات) يُقصد ّ‬


‫حتولها من خشص اىل خشص أخر‪.‬‬

‫علق ببيئة إسالميّة معيّنة هي البيئة‬ ‫ي آخر يت ّ‬‫ي‪ ،‬وقد نجد هذا الفعل يأتي في سياقات أخرى ومستوى لغو ّ‬ ‫اإلسالم ّ‬
‫صة كما يلي‪ « :‬الولد يأكل علقة‪ ،‬الموظف يأكل‪ ،‬يأكل في نفسه‪ ،‬يأكل مال‬ ‫ي خا ّ‬‫المصريّة أو المجتمع المصر ّ‬
‫النّب ّي»‪.‬‬
‫شخص فهم‬ ‫الظروف والمالبسات التي يستعمل فيها الفعل‪ ،‬ولن يستطيع ال ّ‬ ‫إن فهم هذه السّياقات يتو ّقف على فهم ّ‬ ‫ّ‬
‫ي وحده‪ ،‬بل ال بدّ أن يكون مصريّا ً أو عاش في المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫اللغو‬ ‫ّياق‬‫س‬ ‫ال‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫»‬‫أكل‬ ‫«‬ ‫ل‬ ‫للفع‬ ‫مختلفة‬ ‫ال‬ ‫المعاني‬
‫ي وبين الجماعة اللغويّة وعايش هذه السّياقات بالتّجربة‪.‬‬ ‫المصر ّ‬
‫ي ‪verbal‬‬ ‫فإن اللّسانيّين من أصحاب المدرسة لم يقتصروا فقط على السّياق اللغو ّ‬ ‫وكما سبق أن أشرنا ّ‬
‫ي مالينوفسكي‬ ‫ي البولند ّ‬‫‪ context‬لفهم المعنى‪ ،‬بل اهت ّموا أيضا ً بالموقف [‪ ]...‬ولذا وجدنا العالم األنثربولوج ّ‬
‫أن السّياق والموقف مرتبطان ببعضهما [‪ ]...‬واستعمل مصطلح سياق الموقف ‪context‬‬ ‫يقرر ّ‬ ‫‪ّ Malinowsky‬‬
‫يتكون من ثالثة عناصر‪:‬‬ ‫‪ of situation‬الذي ال غنى عنه لفهم الكلمات‪ ،‬ونجد هذا السّياق ّ‬
‫ّأوال‪ :‬شخصيّة المتكلّم والسّامع‪ ،‬ومن يشهد الكالم معهما‪ ،‬ودور المشاهد في المراقبة أو المشاركة‪.‬‬
‫الزمان والمكان‪.‬‬ ‫ي ويشمل ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬العوامل واألوضاع االجتماعيّة واالقتصاديّة المتّصلة بالحدث اللغو ّ‬
‫ي كاإلقناع والفرح واأللم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أثر الحدث اللغو ّ‬
‫ي فيرث‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجليز‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫اللسان‬ ‫وهو‬ ‫المدرسة‬ ‫هذه‬ ‫علماء‬ ‫أبرز‬ ‫عند‬ ‫تحديدا‬ ‫أكثر‬ ‫شكال‬ ‫وتأخذ‬ ‫وتتطور فكرة السّياق‬ ‫ّ‬
‫ي يقوم على تحليل المعنى الذي يتر ّكب من مجموعة من‬ ‫‪ ،Firth‬الذي رأى دراسة المعنى من خالل إطار منهج ّ‬
‫ي يجب أن نلتزم بما يلي‪:‬‬ ‫نص لغو ّ‬ ‫ي كلمة أو ّ‬ ‫الوظائف اللغويّة‪ ،‬ولكي نصل إلى معنى أ ّ‬
‫ي صوتيّا ً وصرفيّا ً ونحويّا ً ومعجميّاً‪.‬‬ ‫ّأوالً‪ :‬تحليل السّياق اللغو ّ‬
‫ثانياً‪ :‬بيان شخصيّة المتكلّم والمخاطب والظروف المحيطة بالكالم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثالثاً‪ :‬بيان نوع الوظيفة الكالميّة‪ :‬مدح‪ ،‬هجاء‪ ،‬طلب‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬بيان األثر الذي يتركه الكالم كاالقتناع والتّصديق أو التّكذيب والفرح واأللم"‪ .‬كريم زكي حسام الدّين‪،‬‬
‫ي‪ .‬إجراءاته ومناهجه‪ ،‬دار غريب للنّشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 95‬وما بعدها‪.‬‬ ‫التّحليل الدّالل ّ‬
‫انظر أيضا حول السّياق‪ :‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيّات الخطاب‪ .‬مقاربة لغويّة تداوليّة‪ ،‬دار‬
‫الكتاب الجديد المتّحدة‪ ،‬بيروت‪ ،2004 ،‬ص ‪ 40‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪274‬‬

‫معّي يوفّر من تكل املعطيات قدرا متفاوات(ال‬ ‫– ت ّمت معليّة التّواصل دامئا يف س ياق ماد ّّي ّ‬
‫ياق فهيا يساوي صفراً‪.)486‬‬ ‫وجود حلا ٍّةل ّ‬
‫الس ُ‬
‫املقام املاد ّّي‪ ،‬ف ُتض َّمن صياغته ما ال يتوفّر‬
‫الس ياق ّ‬ ‫– يُصاغ اخلطاب حبسب ما يتوفّر يف ّ‬
‫فيه وتُطرح مهنا ما هو حارض فيه‪.‬‬
‫الس ياق منه" ‪.‬‬
‫‪487‬‬
‫– ما يوفّره ّنص اخلطاب من البيان مناسب عكس ًا ملا يوفّره ّ‬

‫بعبارة أخرى‪:‬‬

‫" خيفّف (املتلكّم) من املقال ّ‬


‫لك ما يوفّره املقام"‪.488‬‬

‫الصّيغة‬ ‫سياق‬
‫ال ّ‬ ‫الصّيغة‬ ‫سياق‬
‫ال ّ‬

‫‪Mélika Ouelbani, Jeux de langage et société, Colloque : Langage, action et 486‬‬


‫‪société. Organisé par : L’U. R. « Genèse de l’empirisme logique » et l’Institut‬‬
‫‪Goethe, Tunis, 24 et 25 octobre 2008 (non publié).‬‬
‫لخطة التّخاطب‪،‬‬‫ّ‬ ‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .167‬انظر أيضا ً الفصل الذي عقده (ص ‪ 897‬وما بعدها)‬ ‫‪ 487‬مح ّمد ال ّ‬
‫صة حين يقول (ص ‪ 905‬و ‪" :)906‬بإمكانك أن تستنبط م ّما تقدّم الخصائص التّالية لعمليّة التّخاطب‪:‬‬ ‫وخا ّ‬
‫– هي عمليّة ديناميكيّة‪،‬‬
‫ي وليس دورا ً سكونيّاً‪ ،‬فهو دور يقوم على إقامة الخطط واختيار‬ ‫ي حرك ّ‬ ‫– دور المتكلّم فيها دور ديناميك ّ‬
‫المناسب منها اعتمادا ً على ما يقوم به من حسابات وما يفترضه من فرضيّات‪،‬‬
‫– دور المخاطب ليس دورا ً محايدا ً ينحصر في التّقبّل كاإلناء يتّسع لك ّل ما يصبّ فيه‪ ،‬إنّما هو دور ف ّعال بما له‬
‫من تأثير في توجيه الكالم صياغة وقصداً‪.‬‬
‫– عدّ دور المخاطب في التّأويل وإنشاء المعنى وصناعته دورا أساسيّا واعتبر ذلك – عن خطأ أو صواب –‬
‫لكن األصل الذي قدّمه سيبويه جعل للمخاطب دورا يختلف عن ذلك الذي ر ّكز‬ ‫من اكتشافات الدّراسات الحديثة‪ّ ،‬‬
‫عليه الدّارسون المحدثون‪ .‬فالمحدثون ر ّكزوا أبحاثهم على توجيه المخاطب لمعنى الخطاب بعد حصوله‪ ،‬أ ّما‬
‫كالم سيبويه فإنّه يتعلّق بدوره في توجيه الخطاب قبل حدوثه‪.‬‬
‫ّ‬
‫– ما حدّث به سيبويه في مسألة البدل ظاهرة عا ّمة تتح ّكم في سائر األبواب‪ .‬فالمتكلم يختار من إمكانيّات‬
‫صياغة الخطاب ما يناسب ما يقدّره في نفس المخاطب من السّؤال [‪ ]...‬لوال خشية أن نرمى بإثقال كالم سيبويه‬
‫تصور ال ينقصه شيء ع ّما جاء في ال ّنظريّة التي قدّمها‬ ‫ّ‬ ‫صور لعمليّة التّخاطب‬ ‫إن هذا الت ّ ّ‬
‫بما ليس منه لزدنا فقلنا ّ‬
‫‪ Dan Sberber‬و ‪ Wilson Diedre‬في كتابهما ‪La pertinence, communication et cognition‬‬
‫وبنياها على مفهوم اإلفادة ‪ pertinence‬القائم على ما يبنيه المخاطب من االفتراضات واالستنتاجات"‪.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1057‬‬ ‫‪ 488‬مح ّمد ال ّ‬
‫‪275‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الصمت بيا ًان‪ ،‬بل بيا ًان أأش ّد‬


‫"واحلاةل القصوى النطباق هذا ا ألصل يه تكل اليت يصبح فهيا ّ‬
‫بيا ًان من الالكم"‪.489‬‬

‫الصّيغة = ‪0‬‬ ‫سياق‬


‫ال ّ‬

‫وبتعرضنا لمعنى النّ ّ‬


‫ص نكون قد‬ ‫ّ‬ ‫هكذا إذن يت ّم الوصول إلى معنى النّ ّ‬
‫ص‪،‬‬
‫تعرضنا ضمنيّا إلى كيفيّة دراسته‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ .2‬دراسة النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ―.132‬معنى دراسة الّنصّ‪.‬مسألة السّلخ‪.‬‬


‫الالنص "‪ 490‬؛ ونرى اآلن ما الدّراسة وما‬ ‫ّ‬ ‫ص وما "‬‫رأينا سابقا ما النّ ّ‬
‫"الالّدراسة"‪.‬‬
‫ص (أو التّعليق‪ ،‬أو التّحليل‪ ،‬أو القراءة‪ ،‬أو التّأويل‪ ،‬أو التّفسير‪ ،‬أو‬ ‫دراسة النّ ّ‬
‫شرح‪ ،‬إلخ‪ :.‬جميع هذه األلفاظ تفيد معنى واحدا في هذا العمل)‬ ‫التّفكيك‪ ،‬أو ال ّ‬
‫ص المدروس‪ ،‬انتقل من المعنى الذي يريده‬ ‫إعطاؤه معناه‪ .‬فالمتكلّم‪ ،‬صاحب النّ ّ‬

‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1057‬‬ ‫‪ 489‬مح ّمد ال ّ‬


‫وتنبغي مالحظة أن ال وجود لوضعيّة السّياق فيها يساوي صفرا‪:‬‬

‫الصّيغة‬ ‫سياق = ‪0‬‬


‫ال ّ‬

‫‪ 490‬انظر الفقرة عدد ‪.124‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪276‬‬

‫بالرحلة المعاكسة‪،‬‬
‫ص‪ .‬وعلى الدّارس‪ ،‬أن يقوم ّ‬ ‫ص ومعه سياق النّ ّ‬ ‫إلى النّ ّ‬
‫ص وسياقه ليصل إلى معناه‪.491‬‬‫فينطلق من النّ ّ‬

‫ي‬
‫ص تستخدم المعارف على نحو استراتيج ّ‬ ‫‪ 491‬ما جاء في المتن يستدعي تدقيقاً‪ .‬فث ّم من يقول إنّه وعند "فهم النّ ّ‬
‫وهو م ّما تدعمه الفروض األساسيّة التّالية‪:‬‬
‫ص يدخل‬ ‫سر النّ ّ‬ ‫ص‪ ،‬أي ّ‬
‫أن مف ّ‬ ‫ص تمثيالً ذهنيّا ً لألحوال التي جعلها المنتج غير مباشرة في النّ ّ‬ ‫(أ) يبني مفسّر النّ ّ‬
‫ص ويملؤها بمعرفة قائمة من قبل‪.‬‬ ‫بتطبيقه استراتيجيّات متباينة النّظام إلى المعلومات المأخوذة من ال ّن ّ‬
‫ص األحوال دائما ً على أنّها أحوال نمط معيّن‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬يرتبط قيام ال ّنظام دائما ً بأقسام‬ ‫(ب) يفهم مفسّر النّ ّ‬
‫من األحوال ومواقف االتّصال والتّفاعالت واألنشطة المتفاعلة‪.‬‬
‫ص‪ ،‬بل إنّه يبدأ به مع الكلمة األولى لبنية‬ ‫لنص ما َ ال ينتظر المفسّر إلى نهاية النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫(ج) عند بناء التّمثيل الذّهن ّ‬
‫ي‬
‫المنطوق‪ ،‬ويعدّل تدريج ّيا ً نتيجة التفسير الناشئة آنذاك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ص من مواقفه وقيمه واقتناعاته وآرائه‪ ،‬إنه يجري بذلك‬ ‫ي لل ّنص ينطلق مفسّر النّ ّ‬ ‫(د) عند بناء التّمثيل الذّهن ّ‬
‫تقييمات‪ ،‬تردّ األه ّميّة إلى ال ّنظام‪.‬‬
‫ي‪.‬‬
‫ص في السّياق االجتماع ّ‬‫ص وظيفيّة ال ّن ّ‬ ‫لنص ما‪ ،‬يراعي مفسّر النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫(هـ) عند بناء التّمثيل الذّهن ّ‬
‫ي‬
‫ص‪ ،‬أي أنّه يعيد بناء قصد المتكلّم نسبة إلى سياق الموقف‬ ‫ص كذلك الوظيفة اإلنجازيّة لل ّن ّ‬ ‫(و) يراعي مفسّر النّ ّ‬
‫وسياق التّفاعل‪.‬‬
‫ص في تفاعالت اجتماعيّة مع أهدافها وحوافزها ومعاييرها‪.‬‬ ‫ص إدخال ال ّن ّ‬ ‫(ز) يراعي مفسّر النّ ّ‬
‫ص من قِّبَ ِّل المتلقّي – نظريّات وفرضيّات وكذلك نظر ّيات‬ ‫نص ما َ‪ ،‬تس ّخر – لبناء معنى النّ ّ‬ ‫(ح) من أجل تفسير ّ‬
‫ي"‪" .‬ﭭولفجانج‬ ‫الطبيعي واالجتماع ّ‬ ‫ي مع المحيط ّ‬ ‫ذاتيّة‪ ،‬جمعها على أساس خبرات فرديّة في أثناء تعامله اليوم ّ‬
‫هاينه مان" و "ديتر فيهـﭭجر"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫ويضيف المؤلّفان (ص ‪ 329‬وما بعدها)‪:‬‬
‫"ينبغي فيما يلي أن توصف بعض خصائص عمليّات الفهم في النّصوص المكتوبة وصفا ً أكثر تفصيالً [‪]...‬‬
‫صور للفهم تغيب المعينات الثّانويّة على الفهم في التّواصل‬ ‫ويمكن بادئ األمر أن يسجّل بوجه عا ّم أنّه مع هذه ال ّ‬
‫صة حركات اليدين وتعبيرات الوجه) [هنا سندخل في نصّ المؤ ّلفين لنقول‪ :‬من يلقي موضوعاً‬ ‫المباشر (وبخا ّ‬
‫مدعو ألن يأتي بالمحتوى مفهوماً من األلفاظ لوحدها‪ .‬وعليه أن ير ّكب على ذلك حركات‬ ‫ّ‬ ‫شفويّاً في امتحان‪،‬‬
‫ي‪ :‬من المفروض في‬ ‫حاضر في مدرج جامع ّ‬ ‫اليدين وتعبيرات الوجه‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬مطلوب منه أن يكون كالم ِّ‬
‫ضطرون أحياناً لالنشغال‬
‫ّ‬ ‫أن ك ّل الحاضرين‪ ،‬من البداية إلى ال ّنهاية‪ ،‬يستمعون إلى المحاضرة‪ .‬لك ّنهم م‬
‫مدرج ّ‬
‫عن ال ّنظر إلى المحاضر من أجل كتابة ما يلقيه عليهم‪ .‬لذا نجد المحاضر‪ ،‬لكي يصل ما يريد قوله إلى الجميع‬
‫دون استثناء‪ ،‬ي َح ّمِّل المسموع ك ّل المراد – تماما كما يفعل ذلك من يأتي بنصّ مكتوب –‪ .‬في المقابل‪ ،‬ث ّم من‬
‫الزيادة من بعض الحضور تستوجب زيادة مناسبة لها‬ ‫ينظر إلى المحاضر‪ ،‬أي من يزيد على األذن العين‪ .‬وهذه ّ‬
‫من المحاضر‪ :‬حركات اليدين وتعبيرات الوجه‪ .‬لكن ينبغي على المحاضر‪ ،‬أن ال يعبّر عن أمر بواسطة غي َر‬
‫ألن هذا األمر سيفوت من لم يكن في تلك اللحظة بصدد ال ّنظر إليه]‪ ،‬مثلما تغيب إمكانيّة أن يعاد‬‫واسطة اللغة ّ‬
‫شريك مباشرة في حال عدم الفهم‪.‬‬ ‫االستفهام مع ال ّ‬
‫بيد أ ّنه من جهة أخرى لدى القارئ ميزة أن يستطيع أن يحدّد هو نفسه درجة سرعة تلقّي المعلومة وكثافته؛‬
‫وبذلك يخ ّفف العبء عن ذاكرته‪ ،‬ويستطيع في بعض األحوال أن يقرأ مرارا ما يريد من مواضع ن ّ‬
‫صيّة عند‬
‫صصة‪.‬‬ ‫الحاجة [‪ ]...‬ويضاف إلى ذلك أنّه‪ ،‬عند صعوبات الفهم‪ ،‬يستطيع أن يراجع الكتب الموضوع ّية المتخ ّ‬
‫صلة بفهم ال ّنصوص المكتوبة؟ وما النّتائج التي يفرزها‬ ‫أ ّما ما يسأل عنه اآلن فهو‪ :‬ما العمليّات النّفسيّة وثيقة ال ّ‬
‫التّعامل مع النّصوص المكتوبة بالنّسبة للمتلقّي؟‬
‫ص وفهمه‬ ‫توقّع النّ ّ‬
‫ص (فيفهم أجزاء‬‫أن القارئ يتلقّى بادئ األمر عناصر مفردة من النّ ّ‬ ‫تنطلق ك ّل نماذج الفهم المألوفة تقريبا ً من ّ‬
‫ال ّنصّ الواحدة تلو األخرى‪ .‬فإذا انتهى من ذلك فهم ك ّل ال ّنصّ ) [‪]...‬‬
‫ص فقط‪ ،‬بل بتوجيه‬ ‫ص ال يبدأ مع قراءة ال ّن ّ‬
‫أن فهم النّ ّ‬‫لتصورنا [‪ ]...‬فإنّنا نذهب على النّقيض من ذلك إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫طبقا ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(تداولي) [‪ ]...‬مسبق [‪ ]...‬فالمتلقي ينشط قبل بدء عمليّة التلقي الفعليّة عناصر معيّنة من معرفته (بسياق النصّ ‪،‬‬
‫تسمح له بوضع تو ّقعات محدّدة حول محتوى ال ّنصّ ‪ .‬هذه التّو ّقعات هي بمثابة فراغات تمأل بعد ذلك بقطع من‬
‫ال ّنصّ الفعل ّ‬
‫ي) [‪]...‬‬
‫ي لل ّن ّ‬
‫ص‬ ‫الفهم الدّور ّ‬
‫ص تقوم بوظيفة (تصويب فهم ال ّنصّ ) [‪ ]...‬فالقارئ يف ّكك شفرة‬ ‫أن هذه التّو ّقعات لل ّن ّ‬
‫من السّهل أن نرى ّ‬
‫ي الكلّ ّ‬
‫ي المتوقّع دائماً‪ .‬وعلى‬ ‫صيّة مفردة (أو كتل المعلومات بأكملها) بال ّنظر إلى النّموذج ال ّن ّ‬
‫ص ّ‬ ‫معلومات ن ّ‬
‫‪277‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ...‬إلى‪:‬‬ ‫‪ ...‬من‪:‬‬ ‫ص‬‫صاحب النّ ّ‬


‫سياق‬
‫ص ‪ +‬ال ّ‬‫النّ ّ‬ ‫المعنى الذي يريده ‪...‬‬ ‫المدروس انتقل ‪...‬‬

‫أن المتلقّي يستطيع أن يوفَّق إلى (فه ِّم كامل ال ّنصّ‬ ‫أساس هذه الخلفيّة يمكن أيضا ً تفسير ّ‬
‫الظاهرة المعروفة‪ ،‬وهي ّ‬
‫وهو لم ينتهي بعد من قراءته‪ .‬وفي الحالة القصوى‪ ،‬يو ّفق لذلك منذ العنوان ّ‬
‫الرئيس) [‪."]...‬‬
‫صلة ─‬ ‫شفرة ─ تنشيط المعارف ذات ال ّ‬ ‫ي (اإلدراك وفك ال ّ‬ ‫ص حسب علم ال ّنفس العرفان ّ‬ ‫انظر مسار فهم ال ّن ّ‬
‫عرف إلى األحرف والكلمات‬ ‫إنشاء المعنى ─ الحفظ ─ االسترجاع والعرض)‪" :‬يتض ّمن نشاط اإلدراك الت ّ ّ‬
‫ص‪ .‬إنّه في الحقيقة عبارة عن فكّ «كود» (شفرة ‪ )code‬الكلمات عبر استخراج‬ ‫شرات سطح النّ ّ‬ ‫والبادئات ومؤ ّ‬
‫السّمات اإلمالئيّة والمفرداتيّة والنّحويّة للمادّة المقدّمة [‪ ]...‬في الوقت ذاته تجري عمليّة التّنشيط التي تتعلّق‬
‫بالبحث في الذّاكرة عن المعلومات ال مالئمة للحوافز المفكوكة [‪ ]...‬يبني القارئ انطالقا من الحوافز التي لمسها‬
‫شطه مدلوالت معيّنة وذلك تدريجيّا على مستوى مجموعات الكلمات‪ ،‬والجمل والعبارات‪ ،‬ث ّم‬ ‫والفحوى الذي ن ّ‬
‫ي‬ ‫ص [‪ ]...‬أ ّما الحفظ فهو تابع لنشاط بناء المدلول‪ .‬إنّه شكل «تكويد» (تشفير) صوت ّ‬ ‫الفقرات‪ ،‬وأخيرا مجمل ال ّن ّ‬
‫ي للمعلومات [‪ ]...‬تحفظ المعلومات المقروءة من أجل استعمال الحق‪ .‬يس ّمى نشاط البحث في الذّاكرة‬ ‫ودالل ّ‬
‫باالسترجاع ويقوم على استعادة المعلومات المالئمة في الذّاكرة"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 53‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫ي‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 48 et s. :‬‬ ‫صه األصل ّ‬ ‫انظر الكتاب في ن ّ‬
‫ص بفهمه‪" :‬ال يمكن النّظر في تأليف‬ ‫ّ‬
‫المؤلف عن عالقة إنتاج النّ ّ‬ ‫انظر موقعا آخر من نفس الكتاب حيث يتحدّث‬
‫النّصوص واستيعابها دون العودة إلى نظام تواصل‪ :‬مرسل – رسالة – مستق ِّبل‪ ،‬حيث يمثّل إرسال رسالة معيّنة‬
‫الرسالة وهي موضوع‬ ‫واستقبالها قطبين يتوافقان مع التّأليف واالستيعاب‪ .‬وفي الحالتين‪ ،‬يتعيّن ال ّنظر إلى ّ‬
‫سيرورات معيّنة مع األخذ بعين االعتبار وفي وقت واحد نشاط المرسل ونشاط المستقبل أو المرسل إليه‪ .‬فعلى‬
‫الرسالة‪ ،‬أن يستند على الفرضيّات التي يقيمها حول ما يف ّكر (به الثّاني) وحول طريقته في‬ ‫األول‪ ،‬عند وضع ّ‬ ‫ّ‬
‫معالجة المعلومات التي ستنقل إليه‪ .‬وبالنّسبة للمستقبل‪ ،‬فإنّه ال يستطيع‪ ،‬خالل محاولته االستيعاب‪ ،‬أن يهمل‬
‫نوايا المحادِّث أو الكاتب"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 128‬و‪.129‬‬
‫صه األصلي‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 104. :‬‬ ‫انظر الكتاب في ن ّ‬
‫ص معناه‪:‬‬‫انظر أيضا ً من يقول حول إعطاء ال ّن ّ‬
‫يتكون من كلمات‪ ،‬من جمل مع تنقيطها‪ .‬ك ّل كلمة لها معنى‪ ،‬ك ّل جملة أيضا‪ ،‬وك ّل مجموعة من‬ ‫ص [‪ّ ]...‬‬ ‫"النّ ّ‬
‫فإن‬‫الجمل‪ .‬وتطابقا مع القاعدة الكبيرة المنطقيّة واألنطولوج ّية التي بمقتضاها «الك ّل أكبر من الجزء»‪ّ ،‬‬
‫نص يمكن على السّواء‬ ‫مجموعة الجمل تعطي معنى لك ّل جملة‪ ،‬التي بدورها تعطي معنى لك ّل كلمة‪ .‬قراءة [‪ّ ]...‬‬
‫صغير منها (الكلمات)‪ ،‬أو على العكس بالك ّل ّأوال‪ ،‬حتّى (الكلّ) األكبر"‪.‬‬ ‫أن تتعلّق باألجزاء ّأوال‪ ،‬حتّى ال ّ‬
‫‪Alain Sériaux, Le commentaire des textes juridiques. Lois et règlements, ellipses,‬‬
‫‪Paris, 1997, p. 10.‬‬
‫انظر كذلك "أنطوان كومپانيون" (‪ )Antoine Compagnon‬حين يقول‪":‬يتراكم المعنى بصفة عاديّة وفق‬
‫المؤول ك ّل ما فهمه إلى‬
‫ّ‬ ‫صورة يمكن أن يراجع‬ ‫التّو ّقع إلى أن تح ّل كلمات أو عبارات غير منتظرة‪ .‬في هذه ال ّ‬
‫حدّ ذلك الوقت‪ ،‬ويدرك نوعا جديدا مختلفا من المعنى‪ ،‬أو أن يخلص إلى أنّه لم يفهم شيئا من معنى التّنصيص‪:‬‬
‫حارة؟» لقول «افتحوا النّافذة»؛ كمثال لخطأ «بلوش» في‬ ‫ّ‬ ‫أن القاعة‬‫كان أمرا‪ ،‬ال سؤاال («أال تجدون ّ‬
‫«البحث») [‪ ]...‬ما المقصود بـ‪« :‬نوع المعنى»؟ إنّه ليس فقط محورا‪ ،‬أو مضمونا‪ ،‬بل أيضا عالقة بين متكلّم‬
‫ي (سخريّة)‪ .‬التّوقّعات ضروريّة لكي‬ ‫ومؤول‪ :‬نوع مصطلحات‪ ،‬نحو‪ ،‬موقف للمتكلّم‪ ،‬نوع من المعنى الضّمن ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫نعطي معنى للكلمات التي تتراكم‪ .‬مفهوم المعنى كك ّل‪ ،‬كجملة (‪ )totalité‬يؤسّس ويعين على فهم التفاصيل‪.‬‬
‫المؤول قد خابت؟‬ ‫ّ‬ ‫أن توقّعات‬‫مرة يوجد فيها سوء تفاهم‪ :‬من جهة أخرى كيف يعرف ّ‬ ‫يصبح هذا ظاهرا ك ّل ّ‬
‫لكن التّوقّعات تأتي من فكرة النوع‪« :‬في هذا النوع من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن التّوقّع لم يكن مصيبا‪ّ .‬‬ ‫المراجعة تصير مستوجبة ّ‬
‫إن التّوقّعات تنتج عن التّجربة السّابقة‪« :‬في هذا النّوع من‬ ‫التّنصيصات‪ ،‬ننتظر هذا النّوع من السّمات»‪ّ .‬‬
‫أن هذه السّمات تصاحب هذه التّنصيصات»"‪.‬‬ ‫التّنصيصات ننتظر هذا النّوع من السّمات‪ ،‬أل ّننا نعرف بالتّجربة ّ‬
‫‪(La‬‬ ‫‪notion‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪genre‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪10.‬‬ ‫‪Genre‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪interprétation,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre10.php[24 septembre 2010]).‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪278‬‬

‫ينتقل ‪...‬‬ ‫ص المدروس‬ ‫ال ّن ّ‬


‫الدّارس‬ ‫ص ‪ +‬ال ّ‬
‫سياق ‪...‬‬ ‫ال ّن ّ‬
‫المعنى المراد من صاحب‬
‫ال ّن ّ‬
‫ص‬ ‫‪ ...‬من‪:‬‬
‫صاحب‬ ‫‪ ...‬إلى‪:‬‬

‫ص ليست إعطاءه معناه فحسب‪ ،‬بل هي أيضا إقامة الح ّجة على ّ‬
‫أن‬ ‫ودراسة النّ ّ‬
‫نص ليس دراسة‪ ،‬بل الدّراسة عمل‬ ‫فمجرد كشف معنى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما أعطي هو حقّا معناه‪.‬‬
‫أن ما قدِّّم على أنّه معنى مراد من المتكلّم‬
‫ي‪ ،‬أي عمل يسعى إلى إثبات ّ‬ ‫ِّحجاج ّ‬
‫هو فعال مراد من المتكلّم‪.‬‬

‫إقامة الحجّة‬
‫على أنّ ما‬ ‫عرض المعنى‬
‫عرض هو‬ ‫المراد من‬
‫النّ ّ‬
‫ص الدّارس‬
‫المعنى المراد‬ ‫صاحب النّ ّ‬
‫ص‬
‫من صاحب‬ ‫المدروس‬
‫النّصّ المدروس‬

‫ي)هو‬
‫حقيق ّ‬ ‫حجاج‬ ‫دون‬ ‫(أو‬ ‫نص دون حجاج‬ ‫ّ‬ ‫وكشف معنى‬
‫سلخ‪ ،)paraphrase(492‬أي "الدراسة" ‪.‬‬
‫‪493‬‬

‫ال شيء‬
‫ص الالدارس‬ ‫النّ ّ‬
‫أو‬ ‫عرض المعنى‬
‫أو‬
‫حجج وهميّة (أي ال‬ ‫المراد من صاحب‬
‫شيء من صنف‬ ‫ص المدروس‬‫النّ ّ‬ ‫سالخ‬
‫ص ال ّ‬‫النّ ّ‬
‫آخر)‬
‫ص المدروس‬ ‫للنّ ّ‬

‫يقول أحدهم‪:‬‬

‫‪ 492‬هنالك‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"النّسخ‪ :‬للتبسيط سنقول هو أن يأخذ مؤلف من مؤلف آخر اللفظ والمعنى‪.‬‬
‫والمسخ‪ :‬للتّبسيط سنقول هو أخذ اللفظ‪.‬‬
‫سيّد أحمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة في المعاني والبيان‬ ‫سلخ‪ :‬للت ّبسيط سنقول هو أخذ المعنى"(انظر‪ :‬ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫والبديع‪ ،‬تحقيق مح ّمد التّونجي‪ ،‬مؤسّسة المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.)441‬‬
‫فرق "بونافونتور" بين أربعة أشخاص‪:‬‬ ‫‪ 493‬في القرون الوسطى‪ ،‬وحسب "أنطوان كومپانيون"‪ّ ،‬‬
‫شهير‪ ،‬الذي يعود إليه «بارت» (‪ )Barthes‬كثيرا إلبراز دقّة‬ ‫"«بونافونتور» (‪ ،)Bonaventure‬في كتابه ال ّ‬
‫يفرق بين أربع طرق لفعل كتاب‪ ،‬أو أربعة أدوار‪ ،‬أو أربع وضعيّات‬ ‫المؤلف في العصر الوسيط‪ ،‬كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫نظريّة‬
‫تنصيص ممكنة‪ .‬هنالك ال ّناسخ (‪ ،)Le scriptor‬وهو من يكتب كلمات اآلخرين دون أن يضيف أو يغيّر شيئا‪.‬‬
‫وهنالك الج ّماع (‪ ،)Le compilator‬وهو من يكتب كلمات اآلخرين بتجميع مادّة ليست مادّته‪ .‬وهنالك المعلّق‬
‫لكن كلمات اآلخرين تمثّل الجزء‬ ‫(‪ ،)Le commentator‬وهو من يكتب كلمات اآلخرين وأيضا كلماته‪ّ ،‬‬
‫ي‪ ،‬أ ّما كلماته فأضيفت لكي تجعل الحجّة أكثر وضوحا‪ .‬أخيرا هنالك المؤلّف (‪ ،)L'auctor‬وهو من‬ ‫األساس ّ‬
‫ي وكلمات اآلخرين أضيفت فقط لتلعب‬ ‫ّ‬ ‫األساس‬ ‫الجزء‬ ‫ل‬ ‫ّ‬
‫ك‬ ‫تش‬ ‫كلماته‬ ‫ّ‬
‫لكن‬ ‫كلماته‪،‬‬ ‫وأيضا‬ ‫اآلخرين‬ ‫كلمات‬ ‫يكتب‬
‫دور التّأكيد"‪Antoine Compagnon, Qu'est-ce qu'un auteur ? 5. L'auctor médiéval. .‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/auteur5.php (24 septembre 2010).‬‬
‫‪279‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫"تفسري ّنص هو أأكرث من ترمجته (هو أأكرث من تبيان ماذا يعين)‪ ،‬ان ّه تبيان كيف يعين"‪.494‬‬

‫ماذا‬
‫يعني؟‬

‫تفسير‬
‫ص‬‫النّ ّ‬

‫كيف‬
‫يعني؟‬

‫ويمكن أن يضاف – إلى كشف المعنى مع الح ّجة على المعنى – تقييم للنّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫الحجاج اسم التّحليل‪ .‬فإذا أضيف فعل‬‫كما يمكن أن يطلق على فعل الكشف مع ِّ‬
‫التّقييم‪ ،‬أمكن أن يطلَق على الفعلين معا ً اسم التّعليق ‪ .‬لكنّنا لن نتوقّف عند‬
‫‪495‬‬

‫األول لوحده اسم الدّراسة والتّحليل والتّعليق‬


‫األسماء‪ ،‬وسنطلق على الفعل ّ‬
‫مرت معنا‪ .‬كما سنطلق نفس األسماء على‬ ‫والتّأويل وغير ذلك من األسماء التي ّ‬
‫األول والثّاني إذا اجتمعا‪.‬‬
‫الفعل ّ‬
‫نص‬
‫فعل اسمه‪ :‬دراسة أو تحليل أو تعليق أو تأويل أو تفسير (إلخ) ٍ ّ‬
‫=‬

‫وإ ّما‬ ‫إ ّما‬


‫فعالن معا‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫فعل واحد هو‪ :‬إعطاء معنى‬
‫النّ ّ‬
‫ص واالحتجاج لذلك‬
‫المعنى‬
‫فعل تقييم النّ ّ‬
‫ص إيجابا أو‬ ‫فعل إعطاء معنى ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫سلبا‬ ‫واالحتجاج لذلك المعنى‬

‫فإذا أخذنا فعل إعطاء المعنى واالحتجاج له‪ ،‬وجدنا المؤلّفات ال تختلف كثيرا‬
‫في محتوى هذا الفعل (أو إن شئنا‪ :‬في إجراءات إنجازه)‪ .‬نعم التّعابير تختلف‬
‫من كتاب إلى آخر ‪ ...‬نعم بعض التّفاصيل التي نجدها هنا ال نجدها هناك ‪ ...‬نعم‬

‫‪"Expliquer un texte, c’est beaucoup plus que le traduire : c’est montrer comment 494‬‬
‫‪il signifie". Ahmed Hosny, Méthodologie de la compréhension et de l’explication de‬‬
‫‪textes avec des exercices corrigés, Centre de Publication Universitaire, Tunis, 2000,‬‬
‫‪p. 11.‬‬
‫صلة لشيء لتقديم كشف حساب عنه»؛ «التّعليق‪ :‬دراسة نقديّة لمضمون ولشكل ّ‬
‫نص‬ ‫‪«" 495‬التّحليل‪ :‬دراسة مف ّ‬
‫ص»"‪« Trésor de la langue française », Dictionnaire de la .‬‬ ‫[‪ ]...‬من أجل قراءة أكثر نفاذا لل ّن ّ‬
‫‪langue des XIXe et xxe siècles, cité par : Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc.,‬‬
‫‪p. 1. note n° 1.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪280‬‬

‫صحيح أيضا أ ّن أه ّم محتويات الفعل هي نفسها في‬ ‫ك ّل هذا صحيح ‪ّ ...‬‬


‫لكن ال ّ‬
‫وألن المجال يضيق عن إيراد الك ّل‪ ،‬سنكتفي ببعض النّماذج‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جميع المؤلّفات‪.‬‬
‫ص الذي نجده في الميدان‬ ‫وفي النّماذج لن نكتفي بما وضع حول دراسة النّ ّ‬
‫ص‬‫تنوع موضوع النّ ّ‬
‫أن ّ‬‫سنتعرض إلى نماذج أخرى‪ ،‬وذلك لنتبيّن ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬بل‬ ‫القانون ّ‬
‫المدروس ال يؤدّي إلى اختالفات جوهريّة في إجراءات الدّراسة ومن ث ّم في‬
‫ص الدّارس‪.496‬‬‫بناء النّ ّ‬
‫‪ ―.133‬منوذج للمقرتحات الغربيّة اليت مل توضع للّنصّ ذي املوضوع القانونيّ‪.‬‬

‫أن دراسة النّ ّ‬


‫ص يمكن أن تت ّم على أربع‬ ‫إذا جمعت هذه المقترحات‪ ،‬أعطى ذلك ّ‬
‫مستويات‪ ،‬كلّها أو بعضها‪:497‬‬
‫‪ ―.134‬أ ّوالً‪ :‬املستوى النّحويّ‪.‬‬

‫ي للنّص المدروس‪ ،‬يعتني النّ ّ‬


‫ص الدّارس بهذه األمور‪:‬‬ ‫في المستوى النّحو ّ‬
‫اإلحالة‪.‬‬
‫نص (أو إلعطائه معنى‪ ،‬وتحديدا‬ ‫ّ‬ ‫نص عناصر محيلة‪ .‬ولدراسة‬ ‫ّ‬ ‫نجد في ك ّل‬
‫إلعطاء عناصره المحيلة معنى)‪ ،‬ال بدّ من العودة إلى المحال عليه‪ .‬و"اإلحالة‬
‫ي وهو‬‫عالقة دالليّة‪ ،‬ومن ث ّم ال تخضع لقواعد نحويّة‪ ،‬إالّ أنّها تخضع لقيد دالل ّ‬
‫وجوب تطابق الخصائص الدّالليّة بين العنصر المحيل والعنصر المحال‬
‫صيّة نوعان‪ :‬إحالة‬ ‫صيّة‪ .‬والنّ ّ‬
‫عليه"‪ .498‬واإلحالة قسمان‪ :‬إحالة مقاميّة وإحالة ن ّ‬
‫ص بعد‬ ‫ص‪ ،‬وإحالة على ما يأتي في النّ ّ‬ ‫على ما سبق المحيل داخل النّ ّ‬
‫ص المدروس‪ ،‬وإعطاء معنى لهذه‬ ‫المحيل‪ .499‬بعبارة مختلفة‪ :‬لدينا وحدة في النّ ّ‬
‫ص؛ وما هو داخل‬ ‫ص‪ ،‬وإ ّما بما هو داخل النّ ّ‬ ‫الوحدة مرتبط إ ّما بما هو خارج النّ ّ‬
‫ص قد يكون سابقا للوحدة وقد يكون الحقا لها‪.‬‬ ‫النّ ّ‬

‫‪ 496‬رأينا في الفقرة عدد ‪" 122‬أولوفيي سوتي" (‪ )Olivier Soutet‬و"روالن بارت" (‪)Roland Barthe‬‬
‫ص يسعى إلى محو الفروق بين أنواع النّصوص‪.‬‬‫يتحدّثان عن كون نحو ال ّن ّ‬
‫خطابي‪ ،‬م س ص ‪ 209‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 497‬مح ّمد ّ‬
‫‪ 498‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 499‬حول اإلحالة البعديّة‪ ،‬انظر‪ :‬مح ّمد ال ّشاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1213‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪281‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ص (الخارج يؤث ّر‬‫خارج النّ ّ‬


‫إحالة مقاميّة‬ ‫على معنى الوحدة الموجودة‬
‫في النّ ّ‬
‫ص)‬ ‫وحدة لغو ّية‬
‫موجودة في ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫صيّة قبليّة‬
‫إحالة ن ّ‬ ‫داخ ٌل سابق‬ ‫المدروس وتحيل‬
‫على‪:‬‬
‫ص (الدّاخل يؤثّر على‬
‫داخل النّ ّ‬
‫معنى الوحدة)‬
‫صيّة بعديّة‬
‫إحالة ن ّ‬ ‫داخ ٌل الحق‬

‫و"ما يعدّ أساسيّا بالنّسبة لك ّل حالة من اإلحالة هو وجود عنصر مفترض ينبغي‬
‫شيء المحال إليه في مكان ما"‪.500‬‬ ‫عرف على ال ّ‬ ‫أن يستجاب له‪ ،‬وكذا وجوب الت ّ ّ‬
‫نص تخطئ هدفها (إعطاء الوحدة المعنى‬ ‫ّ‬ ‫فتأويل وحدة لغويّة موجودة في‬
‫ي بعين‬ ‫ي والمقال ّ‬
‫سياق المقام ّ‬‫المراد من صاحبها)‪ ،‬لو لم يت ّم التّأويل مع أخذ ال ّ‬
‫سياق فيها يساوي صفرا‪ .‬لنضرب هنا‬ ‫االعتبار‪ .‬فال وجود كما رأينا لوضعيّة ال ّ‬
‫ص إ ّما أنّه أراد المعنى‬
‫نص فيه وحدة لغويّة مطلقة‪ .‬إذن صاحب النّ ّ‬ ‫مثاال‪ .‬لدينا ّ‬
‫المؤول‬
‫ّ‬ ‫المطلق أو أراد المعنى غير المطلق‪ .‬فهنا الوحدة المطلقة توجب على‬
‫ص لكي يعطي الوحدة التي هو بصدد دراستها‬ ‫أن يذهب إلى المقام وإلى بقيّة النّ ّ‬
‫واحدا من معنييها‪ .‬فإذا نفّذ الدّارس الواجب‪ ،‬كان أمام فرضين‪ :‬إ ّما أن يجد في‬
‫سياق قرينة على المعنى المراد‪ ،‬وعندها يجري الوحدة على المعنى الموافق‬ ‫ال ّ‬
‫صورة يجري الوحدة على‬ ‫سياق‪ ،‬في هذه ال ّ‬ ‫للقرينة؛ وإ ّما أن ال يجد شيئا في ال ّ‬
‫سياق بصفة إيجابيّة في تحديد‬ ‫األول ساهم ال ّ‬ ‫المعنى المطلق‪ .‬وفي الفرض ّ‬
‫المعنى المراد من الوحدة‪ ،‬وفي الفرض الثّاني ساهم بصفة سلبيّة‪ .‬وبيِّّن في‬
‫األول‪ ،‬وحتّى في الفرض الثّاني‪ ،‬أنّه لم يكن ممكنا إعطاء معنى الوحدة‬ ‫الفرض ّ‬
‫سياق‪ .‬فالمطلق وحدة لغويّة محيلة‪ ،‬والمحيل يوجب الذّهاب‬ ‫الرجوع إلى ال ّ‬
‫بدون ّ‬
‫سؤال اآلن‪ :‬هل ث ّم وحدة لغويّة غير محيلة؟ بعبارة ّ‬
‫أدق‪:‬‬ ‫إلى المحال عليه‪ .‬وال ّ‬
‫هل الوحدة – وهنا سنأخذ المثال األقصى لنستد ّل به على األدنى – ذات المعنى‬
‫ألن صاحب هذه الوحدة يمكن أن‬ ‫الوحيد لغةً وحدة غير محيلة؟ الجواب بالنّفي ّ‬
‫ي‪ 501‬وينصب على المعنى الجديد الذي‬ ‫يستعملها في معنى مغاير لمعناها اللغو ّ‬

‫‪ 500‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪ 501‬مثّل وجود أو عدم وجود هذه اإلمكانيّة موضوع حوار بين شخصيّتين من شخصيّات إحدى قصص األطفال‬
‫المعروفة‪:‬‬
‫" – تقول «آليس» معترضة‪ّ :‬‬
‫لكن عبارة «مجد» ال تعني «حجّة دامغة»!‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪282‬‬

‫ومجرد وجود هذه اإلمكانيّة يجعل من مثل هذه‬


‫ّ‬ ‫يريده قرينة مقاليّة أو مقاميّة‪.502‬‬
‫الوحدة وحدة محيلة‪.‬‬
‫تعرضا إلى وحدات محيلة‬ ‫أن "هاليداي" و"رقيّة حسن" قد ّ‬ ‫وينبغي التّنبيه إلى ّ‬
‫تعرض له المؤلّفان ثالث وسائل‪ :‬الضّمائر (أنا‪،‬‬‫غير التي أوردناها للت ّ ّو‪ .‬وما ّ‬
‫هو‪ ،‬كتابي‪ ،‬إلخ‪ ).‬وأسماء اإلشارة (اآلن‪ ،‬غدا‪ ،‬هنا‪ ،‬ذاك‪ ،‬إلخ‪ ).‬وأدوات المقارنة‬
‫(مثل‪ ،‬إلخ‪.503).‬‬
‫‪ ―.135‬االستبدال‪.‬‬
‫سابقة وسائل اتّساق إحاليّة‪ ،‬وإلى جوارها نجد االستبدال‪ .‬وهو‬ ‫والوسائل ال ّ‬
‫ص بعنصر آخر‪ .‬مثال ذلك‪" :‬فأسي جدّ مثلومة‪ ،‬يجب أن‬ ‫تعويض عنصر في النّ ّ‬
‫أقتني واحدة أخرى حادّة" ( ‪My axe is too blunt, I must get a‬‬
‫‪ .)sharper one‬فـ‪" :‬واحدة" (‪ ،)one‬في الجملة الثّانية‪ ،‬أخذت مكان "فأس"‬
‫ي بين كلمات أو‬ ‫(‪ .)axe‬واالستبدال "عالقة تت ّم في المستوى النّحو ّ‬
‫ي – المعجم ّ‬
‫ص‪ ،‬ويساهم االستبدال في اتّساق النّ ّ‬
‫ص‬ ‫عبارات"‪ ،504‬وهو عمليّة تت ّم داخل النّ ّ‬
‫ويعبّر من ث ّم عن استمراريّته عن طريق العالقة بين العنصر المستبدِّل‬
‫ص ينبغي – ألجل أداء وظيفته – أن يكشف عن‬ ‫والعنصر المستبدَل‪ .‬ودارس ن ّ‬
‫االستبدال‪ :‬فالمستبدِّل يفهم بواسطة المستبدَل‪.‬‬
‫‪ ―.136‬احلذف‪.‬‬
‫نص‪ ،‬إن أراد تأدية دوره‪ ،‬كشف عالقة اتّساق أخرى هي‬ ‫ّ‬ ‫كما ينبغي لدارس‬
‫صفر ‪ .‬مثال ذلك‪" :‬يقرأ «جون»‬
‫‪505‬‬
‫الحذف‪ .‬والحذف استبدال‪ ،‬لكنّه استبدال بال ّ‬
‫صة"‪ .506‬ففي الجملة الثّانية ت ّم حذف فعل "تقرأ"‪ ،‬أو إن‬ ‫قصيدة‪ ،‬و«كاترين» ق ّ‬
‫صة"‪ ،‬ال يمكن‬‫شئنا استبدِّل فعل "تقرأ" بال شيء‪ .‬والوحدة اللغويّة‪" :‬وكاترين ق ّ‬
‫سابقة لها‪" :‬يقرأ جون ‪."...‬‬
‫نص أن يقرأها دون أن يربطها بالوحدة ال ّ‬‫لدارس ّ‬

‫– يردّ «هامپي دامپي» بلهجة فيها كثير من االحتقار‪ :‬حين أستعمل عبارة‪ ،‬فهي تعني بالضّبط ما يحلو لي أن‬
‫تعني ال أكثر وال أقلّ‪.‬‬
‫– تقول «آليس»‪ :‬السّؤال هو هل يمكن جعل الكلمات تقول أشياء مختلفة ؟‬
‫المتكلِّم أم الكلمة؟"‪Lewis Carroll, De l’autre côté .‬‬ ‫ّ‬ ‫سيّد‪،‬‬
‫– يجيب «هامپي دامپي»‪ :‬السّؤال هو من ال ّ‬
‫‪du miroir, 1872, Ch. VI.‬‬
‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويلي (م س)‪.‬‬
‫‪ 502‬حول هذه المسألة وما يحيط بها من موضوعات‪ ،‬انظر‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫‪ 503‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 18‬و‪.19‬‬
‫‪ 504‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1131‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 505‬حول الحذف في ال ّنظريّة النّحويّة العربيّة‪ ،‬انظر‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫‪ 506‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪283‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي‪ ،‬كذلك‬ ‫ي وقول ّ‬‫ي وفعل ّ‬


‫أن االستبدال‪ ،‬عند "هاليداي" و"رقيّة حسن" اسم ّ‬ ‫وكما ّ‬
‫الحذف عندهما ‪.‬‬
‫‪507‬‬

‫ص‪ .‬وما يه ّمنا‬ ‫وهكذا تلعب اإلحالة واالستبدال والحذف دورا مه ّما في اتّساق النّ ّ‬
‫ص ال يمكنه – بدوره – أن يلعب دوره إالّ إذا تتبّع اإلحاالت‬ ‫أن دارس النّ ّ‬
‫ّ‬
‫ص‬‫ص المدروس ليقدّم عنها في النّ ّ‬ ‫واالستبداالت ومختلف صور الحذف في النّ ّ‬
‫الدّارس كشف حساب مع اإلثباتات‪.‬‬
‫‪ ―.137‬الوصل‪.‬‬
‫مر معنا‪ ،‬وسيلة ربط واتّساق‪ .‬ألجل ذلك هو‬‫والوصل‪ ،‬مثل اإلحالة وغيرها م ّما ّ‬
‫الربط في‬
‫ص المدروس‪ .‬ووسائل ّ‬ ‫ص الدّارس في النّ ّ‬ ‫م ّما ينبغي أن يكشفه النّ ّ‬
‫الوصل مختلفة‪ ،‬ولقد ردّها "هاليداي" و"رقيّة حسن" إلى أربعة أنواع‪ :‬وصل‬
‫ي‪ .‬ونجد األنواع األربعة‬
‫ي‪ ،‬ووصل زمن ّ‬ ‫ي‪ ،‬ووصل سبب ّ‬ ‫ي‪ ،‬ووصل عكس ّ‬ ‫إضاف ّ‬
‫ص التّالي‪:‬‬
‫في النّ ّ‬

‫‪"For the whole day he climbed up the steep mountainside, almost‬‬


‫‪without stopping.‬‬
‫‪a) And in all this time he met no one (additive).‬‬
‫‪b) Yet he was hardly aware of being tired (adersative).‬‬
‫‪c) So by night time the valley was far below him (causal).‬‬
‫‪d) Then, as dusk fell, he sat down to rest (temporal).‬‬
‫ّقّض اليوم لكّه يف تسلّق اجلبل الشّ ديد الاحندار‪ ،‬وذكل دون أأن يتوقّف تقريبا‪.‬‬
‫أأ) وطوال هذا الوقت مل يلتق أأحدا (وصل اضا ّيف)‪.‬‬
‫عكس)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ب) مع ذكل مل يشعر ابلتّعب (وصل‬
‫ج) وهكذا يف املساء اكنت الواحة ‪‬تبدو هل‪ ‬بعيدة يف ا ألسفل (وصل ّ‬
‫سبب)‪.‬‬
‫زمين)‪.‬‬
‫د) ّمث‪ ،‬يف الغسق‪ ،‬جلس ليسّتحي (وصل ّ‬
‫ي ّمت ّالربط ابلوصل االضا ّيف بواسطة ا ألداتّي «و» و « أأو»‪ ،‬وتندرج مضن املقوةل العا ّمة للوصل‬
‫اليل املتحقّق يف ّالربط بّي امجلل بواسطة تعبري من‬ ‫االضا ّيف عالقات أأخرى مثل‪ :‬التّامثل ادلّ ّ‬
‫الرشح‪ ،‬وت ّمت بتعابري مثل‪ :‬أأعين‪ ،‬بتعبري أخر ‪ ...‬وعالقة التّمثيل‪،‬‬ ‫نوع‪ :‬ابملثل ‪ ...‬؛ وعالقة ّ‬
‫امل ّ‬
‫تجسدة يف تعابري مثل‪ :‬مثال‪ ،‬حنو ‪...‬‬

‫‪ 507‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪284‬‬

‫العكس اذلي يعين «عىل عكس ما هو متوقّع » فان ّه ي ّمت بواسطة أأدوات مثل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أأ ّما الوصل‬
‫(‪ )but, yet‬وغريها‪ ،‬وبتعابري مثل‪ however( :‬و ‪ ... )nevertheless‬االّ أأ ّن ا ألداة اليت‬
‫العكس‪ ،‬يف نظر الباحثّي ("هاليداي" و"رقيّة حسن") يه ‪.yet‬‬ ‫ّ‬ ‫تعرب عن الوصل‬ ‫ّ‬
‫يعرب عنه بعنارص‬ ‫بب فميكّننا من ادراك العالقة املنطقيّة بّي مجلتّي أأو أأكرث‪ ،‬و ّ‬
‫الس ّ‬‫أأ ّما الوصل ّ‬
‫خاصة اكلنّتيجة وا ّلسبب‬ ‫مثل‪ ... )therefor, hence, thus, so( :‬وتندرج مضنه عالقات ّ‬
‫السبب‬‫الرشط ‪ ...‬ويه كام نرى عالقات منطقيّة ذات عالقة وثيقة بعالقة عا ّمة يه ّ‬ ‫و ّ‬
‫والنّتيجة‪.‬‬
‫مين‪ ،‬كخر نوع من أأنواع الوصل‪ ،‬عالقة بّي أأطروحيت مجلتّي متتابعتّي‬ ‫وجيسد الوصل ّالز ّ‬ ‫ّ‬
‫زمنيّا ‪...‬‬
‫فاذا اكنت وظيفة هذه ا ألنواع اخملتلفة من الوصل مامتثةل (نقصد ابلوظيفة هنا ّالربط بّي‬
‫املشلكة للنّ ّص) فا ّن معانهيا داخل النّ ّص خمتلفة‪ ،‬فقد يعين الوصل اترة معلومات‬ ‫املتواليات ِ ّ‬
‫للسابقة أأو معلومات (نتيجة) مّتت ّبة عن‬ ‫مضافة اىل معلومات سابقة أأو معلومات مغايرة ّ‬
‫(السبب)‪ ،‬اىل غري ذكل من املعاين"‪.508‬‬ ‫السابقة ّ‬ ‫ّ‬

‫ص‬‫ص الدّارس أن يتتبّع جميع أنواع الوصل الموجودة في النّ ّ‬ ‫وعلى النّ ّ‬
‫المدروس ويتّخذها ح ّجة على جملة من المعاني (زيادة معلومات‪ ،‬سببيّة‪ ،‬إلخ‪).‬‬
‫المرادة من صاحب هذا النّ ّ‬
‫ص المدروس‪.‬‬
‫لنص َما تنتج عن دراسته على‬ ‫ّ‬ ‫أن استخراج وإثبات معاني معيّنة‬‫والحاصل ّ‬
‫ي‪ .‬والدّراسة على هذا المستوى هي دراسة لإلحالة (الضّمائر‪،‬‬ ‫المستوى النّحو ّ‬
‫وأسماء اإلشارة‪ ،‬وأدوات المقارنة‪ .‬هذا ما ورد في الكتابات الغربيّة‪ ،‬لكنّنا‬
‫ي أو تحت مستوى‬ ‫تعرضنا إلى جانب آخر يمكن إدخاله تحت المستوى النّحو ّ‬ ‫ّ‬
‫آخر من المستويات اآلتية)‪ ،‬ولالستبدال‪ ،‬وللحذف‪ ،‬وللوصل‪.‬‬
‫‪ ―.138‬ثانياً‪ :‬املستوى املعجميّ (التّكرير والتّضامّ)‪.‬‬
‫ي‪ .‬ونجد‬ ‫وث ّم مستوى ثان يم ّكن من استخراج معاني للنّ ّ‬
‫ص‪ ،‬هو المستوى المعجم ّ‬
‫هنا التّكرير (‪ )réitération‬والتّضا ّم (‪.509)collocation‬‬

‫‪ 508‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 23‬و‪.24‬‬


‫الطلحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪،)659‬‬ ‫"الرصف" (ردة هللا بن ردة بن ضيف هللا ّ‬ ‫‪ 509‬انظر من يترجم ‪ collocation‬بـ‪ّ :‬‬
‫وإلى من يترجمها بـ‪" :‬المصاحبة المعجميّة" (جميل عبد المجيد‪ ،‬البديع بين البالغة العربيّة واللسانيّات ال ّن ّ‬
‫صيّة‪،‬‬
‫الهيئة المصريّة العا ّمة للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص ‪.)79‬‬
‫‪285‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫معجمي‪ ،‬أأو ورود‬


‫ّ‬ ‫املعجمي يتطلّب اعادة عنرص‬‫ّ‬ ‫"والتّكرير هو شلك من أأشاكل الاتّساق‬
‫مرادف هل أأو ش به مرادف أأو عنرصا مطلقا أأو اسام عا ّما‪ .‬واملثال التّايل ّ‬
‫يوّض ّ‬
‫لك حاةل عىل‬
‫ِحده‪:‬‬
‫‪- the ascent‬‬
‫‪- the climb‬‬
‫‪I turned to‬‬ ‫‪- the task‬‬ ‫‪is perfectly‬‬
‫‪the ascent of‬‬ ‫‪easy‬‬
‫‪the peack‬‬ ‫‪- the thing‬‬
‫‪- it‬‬

‫صعود‬‫‪ -‬ال ّ‬
‫‪ -‬التّسلّق‬
‫‪ -‬العمل‬ ‫شرعت في‬
‫سهل للغاية‬ ‫صعود إلى‬ ‫ال ّ‬
‫شيء‬ ‫‪ -‬ال ّ‬ ‫الق ّمة‬
‫‪ -‬هو‬

‫الصعود» تعترب اعادة لنفس اللكمة الواردة يف امجلةل ا ألوىل‪ ،‬و«التّسلّق» مرادف لـ‬ ‫فاللكمة « ّ‬
‫الصعود»‪ ،‬و«العمل» امس مطلق (‪ )superordinate‬أأو امس عا ّم ميكن أأن يُدرج فيه‬ ‫« ّ‬
‫الصعود»‪ ،‬اخل‪ .‬ويقصد‬ ‫اليشء» لكمة عا ّمة تندرج مضهنا اللكمة « ّ‬ ‫الصعود‪ ،‬و« ّ‬‫الصعود أأو مسأأةل ّ‬
‫ّ‬
‫املؤلّفان اب ألسامء العا ّمة مجموعة صغرية من ا ألسامء لها احاةل مع ّممة مثل‪« :‬امس االنسان»‪« ،‬امس‬
‫الطفل‪ ،‬الودل‪ ،‬البنت‬ ‫املاكن»‪« ،‬امس الواقع»‪ ،‬وما شاهبها (النّاس‪ ،‬الشّ خص‪ّ ،‬الرجل‪ ،‬املر أأة‪ّ ،‬‬
‫‪.)...‬‬
‫ابلقوة نظر ًا الرتباطهام حبمك‬
‫النّوع الث ّاين هو التّضا ّم‪ ،‬وهو توارد زوج من اللكامت ابلفعل أأو ّ‬
‫هذه العالقة أأو تكل‪ ،‬مثال ذكل‪:‬‬
‫–‪Why does this boy wriggle all the time ? – Girls don’t wriggle‬‬
‫تتلوى)‪.‬‬
‫لك وقت وحّي؟ البنات ال ّ‬ ‫يتلوى يف ّ‬
‫(ما لهذا الودل ّ‬
‫فـ «الودل» و«البنات» ليسا مّتادفّي‪ ،‬وال ميكن أأن يكون احملال اليه عندهام هو نفسه‪ ،‬ومع‬
‫ذكل فا ّن ورودهام يف خطاب واحد يسامه يف النّ ّص ّية‪.‬‬
‫وحسب ما ذهب اليه املؤلّفان‪ ،‬فا ّن العالقة النّسقيّة اليت حتمك هذه الأزواج يف خطاب ما يه‬
‫عالقة التّعارض‪ ،‬مثلام هو ا ألمر يف أأزواج لكامت مثل‪ :‬ودل‪ /‬بنت‪ ،‬جلس‪ /‬وقف ‪ ...‬اضافة‬
‫اىل عالقة التّعارض هناك عالقات أأخرى مثل‪ :‬اللكّ‪ /‬اجلزء‪ ،‬أأو اجلزء‪/‬اجلزء‪ ،‬أأو عنارص من‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪286‬‬

‫كريس‪ /‬طاوةل (وهام عنرصان من امس عا ّم هو التّجهّي‪.510")...‬‬


‫نفس القسم العا ّم‪ّ :‬‬

‫ص المدروس يم ّكن من تحديد عالقة‬ ‫فإن مالحظة تكرير أو تضا ّم في النّ ّ‬


‫وهكذا ّ‬
‫مكوناته‪ ،‬ومن ث ّم يسهم في استخراج معناه‪.‬‬
‫بين ّ‬
‫وما ع ِّرض قبل التّكرير والتّضا ّم يؤد ّي نفس الوظيفة‪ .‬فمالحظة إحالة‪ ،‬أو‬
‫ص‬‫استبدال‪ ،‬أو حذف‪ ،‬أو وصل‪ ،‬كلّها أمور تسهم في استخراج معنى النّ ّ‬
‫المستخرج‪.‬‬
‫َ‬ ‫المدروس وتعدّ حججا على هذا المعنى‬
‫‪ ―.139‬ثالثاً‪ :‬املستوى الدّالليّ‪.‬‬
‫ص أو بنيته الكلّيّة‪ ،‬والتّرتيب‪،‬‬
‫في المستوى الدّاللي نج د‪ : 511‬موضوع النّ ّ‬
‫والتّغريض‪.‬‬
‫موضوع الّنصّ أو بنيته الكلّيّة‪.‬‬
‫ي لخطاب بأكمله‪ .512‬بعبارة‬ ‫ص أو بنيته الكلّيّة هو تمثيل دالل ّ‬ ‫وموضوع النّ ّ‬
‫ّ ‪513‬‬
‫ي للمتتاليات ككل ‪ .‬من هذا‬ ‫ص اإلخبار الدّالل ّ‬ ‫مختلفة‪ :‬يختزل موضوع النّ ّ‬
‫ص المدروس أمرا ها ّماً‪.‬‬ ‫ص الدّارس إلى موضوع النّ ّ‬ ‫المنطلق‪ ،‬يعدّ وصول النّ ّ‬
‫ص المدروس معنيين‪ ،‬واحد ينسجم مع‬ ‫فمثالً إذا احتملت وحدة لغويّة في النّ ّ‬
‫األول‪ .‬فموضوع‬ ‫ص واآلخر ال ينسجم‪ ،‬أعطيت الوحدة المعنى ّ‬ ‫موضوع النّ ّ‬
‫ص لعب هنا دورا ها ّما‪ ،‬هو دور القرينة على المعنى المراد‪.514‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ص الدّارس من أجل تحديد موضوع‬ ‫سؤال اآلن‪ :‬ما الذي ينبغي أن يقوم به النّ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫"متنوعة‬‫ّ‬ ‫ص؟ الجواب‪ :‬ينبغي القيام بعمليّات‬ ‫ص المدروس وبناء بنية هذا النّ ّ‬ ‫النّ ّ‬
‫تشترك كلّها في سمة االختزال"‪ .515‬بعبارة أكثر تفصيال‪ :‬يستدعي الوصول إلى‬
‫المكونات‬ ‫ّ ِّ‬ ‫مكون ال تفترضه جملة‬ ‫ّ ِّ‬ ‫ص ك ّل‬ ‫نص أن نحذف من النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫موضوع‬
‫مجتمعة‪.‬‬

‫‪ 510‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 24‬و‪.25‬‬


‫قرب ما سيأتي هنا من مقتطف‪ ،‬أوردناه بهامش من الفقرة عدد ‪ ،127‬يتحدّث عن معنى الجملة والنّ ّ‬
‫ص من‬ ‫‪ّ 511‬‬
‫زاوية الدّاللة‪.‬‬
‫‪ 512‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 513‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫نص عقد من طرف القاضي‪ ،‬يقول الفصل ‪:517‬‬ ‫ّ‬ ‫يخص تأويل‬
‫ّ‬ ‫‪ 514‬في مجلّة االلتزامات والعقود‪ ،‬وفيما‬
‫تؤول ببعضها بأن يعطى لك ّل منها المعنى الذي تقتضيه جملة الكتب‪ .‬وإذا تناقضت الفصول‬ ‫"فصول الكتب ّ‬
‫كان العمل بالمتأ ّخر في نسق الكتابة"‪.‬‬
‫‪ 515‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪287‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مكونات النّ ّ‬
‫ص التي ال تفترضها جملة‬ ‫ّ‬
‫المكونات‬ ‫ال ّن ّ‬
‫ص‬ ‫موضوع ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫ّ‬

‫‪ ―.140‬التّرتيب يف الّنصّ‪.‬‬
‫ص الدّارس (فهذه النّقطة ال تتبع العنوان‬ ‫لن يتعلّق األمر هنا بالتّرتيب داخل النّ ّ‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫الذي نحن بصدده وهو االكتشاف‪ ،)516‬بل بالتّرتيب داخل النّ ّ‬
‫ص المدروس ورود الوقائع في المتتالية على نحو‬ ‫والمقصود بالتّرتيب داخل النّ ّ‬
‫معيّن‪ .‬فإذا كان هذا النّحو عاديّاً‪ ،‬كنّا أمام معنى؛ أ ّما إذا جيء بالوقائع على نحو‬
‫ص‪ .‬فمثال تأخير‬ ‫آخر‪ ،‬ترتّب عن ذلك تغيّر في المعنى الواجب استخراجه من النّ ّ‬
‫حدث متأ ّخر (هو متأ ّخر حسب مبادئ مختلفة‪ ،‬منها معرفتنا للعالم) ال يعطي‬
‫نفس المعنى الذي يعطيه تقديمه‪ ،‬إذ من التّقديم نستنتج أه ّميّة الحدث مثال‪ ،‬أي ّ‬
‫أن‬
‫التّقديم يفرض إعطاء معنى مختلف عن الذي ينبغي إعطاؤه في صورة ورود‬
‫ي‪.‬‬‫الحدث في وقته العاد ّ‬
‫ص المدروس إلى ترتيب الوقائع‬ ‫ص الدّارس أن ينتبه داخل النّ ّ‬ ‫وهكذا على النّ ّ‬
‫وترتيب الجمل والكلمات (تقديم جملة على أخرى؛ وسط جملة بسيطة‪ :‬تقديم‬
‫المفعول به على الفاعل مثال؛ في جملة مر ّكبة‪ :‬تقديم جملة الجزاء على جملة‬
‫الخاص أو العكس؛ وغير ذلك م ّما يتعلّق بالتّرتيب‬
‫ّ‬ ‫شرط مثال؛ تقديم العا ّم على‬‫ال ّ‬
‫ص) الستخراج العالقات التي تحكم هذا التّرتيب‪ ،‬ومن ث ّم الستخراج‬ ‫داخل النّ ّ‬
‫ص من خالل ما أورده من ترتيب‪.‬‬ ‫المعنى المراد من صاحب النّ ّ‬
‫‪ ―.141‬التّغريض‪.‬‬
‫ص – على شكل‬ ‫ص ما يس ّمى بالتّغريض‪ .‬فتنظيم النّ ّ‬ ‫ويتبع مسألة ترتيب النّ ّ‬
‫متدرجة لها بداية ونهاية – "سيتح ّكم في تأويل الخطاب (أي‬ ‫ّ‬ ‫متتاليات من الجمل‬
‫أن ما يبدأ به المتكلّم أو الكاتب سيؤثّر في تأويل ما يليه‪.‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ص)‪ ،‬بنا ًء على ّ‬
‫ص الذي يليه‪ .‬كما ّ‬
‫أن الجملة األولى‬ ‫فإن عنوانا ً ما سيؤثّر في تأويل النّ ّ‬
‫وهكذا ّ‬
‫ص أيضا‪ ،‬بمعنى أنّنا‬ ‫من الفقرة األولى لن تقيّد فقط تأويل الفقرة‪ ،‬وإنّما بقيّة النّ ّ‬
‫متدرج متراكم يخبرنا عن كيفيّة‬ ‫ّ‬ ‫أن ك ّل جملة تش ِّ ّكل جز ًء من توجيه‬
‫نفترض ّ‬
‫إنشاء تمثيل منسجم‪ .‬ويستعمل باحث ‪ ...‬مفهوما ً أع ّم وهو مفهوم البناء الذي‬
‫يحدّده « َكرايمس» على النّحو التّالي‪ :‬ك ّل قول‪ ،‬ك ّل جملة‪ ،‬ك ّل فقرة‪ ،‬ك ّل حلقة‪،‬‬

‫‪ 516‬بل تتبع عنوانا ً سيرد هو التّرتيب‪ .‬انظر الفقرة عدد ‪.165‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪288‬‬

‫خاص يتّخذ كنقطة بداية‪( ...‬فـ) مفهومي‬


‫ّ‬ ‫منظم حول عنصر‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل خطاب‬
‫التّغريض والبناء يتعلّقان باالرتباط الوثيق بين ما يدور في الخطاب وأجزائه‬
‫تنوع‬
‫وبين عنوان أو نقطة بدايته‪ ،‬مع اختالف فيما يعتبر نقطة بداية حسب ّ‬
‫سسه منطلقه وتحوم‬ ‫إن في الخطاب مركز جذب يؤ ّ‬ ‫الخطابات‪ .‬وإن شئنا قلنا ّ‬
‫حوله بقيّة األجزاء"‪.517‬‬
‫ص مثل اسم شخص أو‬ ‫وهكذا فالتّغريض إجراء ي َّ‬
‫طور به عنصر معيّن في النّ ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫والطرق التي يحصل بها التّغريض متعدّدة‪ ،‬منها – لو ّ‬ ‫واقعة أو غير ذلك‪.‬‬
‫شخص) –‪" :‬تكرير اسم‬ ‫نص يترجم لذلك ال ّ‬
‫ّ‬ ‫موضوع التّغريض شخص (في‬
‫شخص‪ ،‬واستعمال ضمير محيل إليه‪ ،‬تكرير جزء من اسمه‪ ،‬استعمال ظرف‬ ‫ال ّ‬
‫صيّة من خصائصه أو تحديد دور من أدواره في فترة‬ ‫زمان يخدم خا ّ‬
‫زمنيّة‪.518"...‬‬
‫‪ ―.142‬دور العنوان يف عمليّة إعطاء معنى للّنصّ‪.‬‬
‫معنى‪،‬‬
‫ً‬ ‫ص‪ .‬وفي مستوى إعطاء‬ ‫وللعنوان عالقة بالتّغريض وبموضوع النّ ّ‬
‫ص هو هذا األمر أو‬ ‫أن موضوع النّ ّ‬ ‫للعنوان دور مه ّم ألنّه ِّ‬
‫يوجد احتماال قويّا ب ّ‬
‫ص معنى) إلى‬ ‫ذاك‪ .519‬وقد تصل النّوبة في تأثير العنوان (في عمليّة إعطاء النّ ّ‬

‫‪ 517‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫لو عدنا لموضوع ال ّن ّ‬
‫ص‪ ،‬لقلنا‪:‬‬
‫العنصر‬
‫‪ 1‬من‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ...‬إلى آخر‬ ‫موضوع‬


‫العنصر‬
‫عنصر من‬ ‫ص=‬‫النّ ّ‬ ‫‪ 2‬من‬
‫عناصر‬ ‫مركز جذب‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬ ‫يحوم حوله‪:‬‬

‫العنصر‬
‫‪ 3‬من‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ 518‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫ص؛‬ ‫ّ‬
‫األول عنوان يعكس المعنون‪ ،‬أي ينبئ بموضوع الن ّ‬ ‫ّ‬
‫أن العناوين باألساس نوعان‪ :‬النوع ّ‬ ‫‪ 519‬رأينا سابقا ّ‬
‫األول هو الغالب في العناوين‪،‬‬‫ّ‬ ‫وع‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫ويبدو‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪57‬‬ ‫عدد‬ ‫الفقرة‬ ‫(انظر‬ ‫المعنون‬ ‫يعكس‬ ‫ال‬ ‫عنوان‬ ‫والنّوع الثّاني‬
‫ص هو هذا األمر‬‫أن موضوع ال ّن ّ‬ ‫إن العنوان يوجد احتماال قويّا على ّ‬ ‫أي يبدو أنّه هو األصل‪ .‬لذلك قيل في المتن ّ‬
‫أو ذاك‪.‬‬
‫ص يقول أحد الباحثين في المسألة من زاوية علم النّفس‪" :‬بالنّسبة إلى العنوان‬ ‫حول عالقة العنوان بموضوع ال ّن ّ‬
‫‪289‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ضع عليه عنوان‪ ،‬ف ِّهم له موضوع؛‬ ‫ص واحدا؛ فإذا و ِّ‬‫الحالة التي يكون فيها النّ ّ‬
‫أن له موضوع مختلف ‪ .‬ألجل هذا‪ ،‬ينبغي للنّص‬
‫‪520‬‬ ‫وإذا بدِّّل العنوان‪ ،‬فهم ّ‬
‫ص المدروس في صورة وجوده طبعا‪.521‬‬ ‫الدّارس أن يهت ّم بعنوان النّ ّ‬
‫ص الدّارس أن يهت ّم بك ّل المستوى الدّالل ّ‬
‫ي‪ ،‬أي ال فقط بما‬ ‫وعموماً‪ ،‬على ذاك النّ ّ‬
‫جاء للت ّ ّو تحت عنوان التّغريض‪ ،‬بل وأيضا ً بما جاء قبله تحت عنوان ترتيب‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫وعنوان موضوع النّ ّ‬
‫‪―.143‬رابعاً‪ :‬املستوى التّداوليّ‪.‬‬
‫ص الدّارس وظيفته التي هي‬‫ي ال يكفي لكي يؤدّي النّ ّ‬ ‫واالهتمام بالمستوى الدّالل ّ‬
‫ص المدروس واالحتجاج لذلك‪ ،‬بل ينبغي‬ ‫كشف المعنى المراد من صاحب النّ ّ‬
‫ي‪ ،522‬أي ينبغي أن يبحث في سياق‬ ‫ص الدّارس أن يبحث في المستوى التّداول ّ‬ ‫للنّ ّ‬
‫ص المدروس من جهة وفيما يس ّمى بالمعرفة الخلفيّة من جهة أخرى‬ ‫النّ ّ‬
‫نص ال يف َهم – ّ‬
‫حق الفهم – من‬ ‫سياق كما سنرى)‪ .‬فك ّل ّ‬ ‫(المعرفة الخلفيّة تابعة لل ّ‬
‫سياق‪ ،‬ومن دون المعرفة الخلفيّة‪.‬‬ ‫دون ال ّ‬
‫‪ ―.144‬السّياق‪.‬‬

‫ص األساسيّة ويتيح للقارئ انتقاء إطار مرجع‬ ‫ص‪ ،‬حيث يتض ّمن فكرة ال ّن ّ‬ ‫فهو يقدّم معلومات أساس لفهم ال ّن ّ‬
‫ص أو (مسألته المركزيّة) يقدّم للقارئ سياقا يس ّهل التّرسيخ‬ ‫ص‪ .‬عنوان النّ ّ‬ ‫لتأويل المعلومات التي يحويها هذا ال ّن ّ‬
‫ص»‬ ‫شروع في القراءة‪« ،‬لنواة بدئيّة لفحوى ال ّن ّ‬ ‫في الذّاكرة واسترجاع المعلومات عن طريق تنشيطه‪ ،‬منذ ال ّ‬
‫ص"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫ي لتأويل مجمل ال ّن ّ‬ ‫تستخدم كإطار مرجع ّ‬
‫صيغة الفرنسيّة)‪André-Jacques Deschênes, :‬‬ ‫صيغة األصليّة للكتاب (أي ال ّ‬ ‫انظر نفس المقتطف في ال ّ‬
‫‪préc., p. 16.‬‬
‫تعرضنا إليه في هامش من الفقرة عدد ‪.57‬‬ ‫‪ 520‬انظر مثاالً ّ‬
‫ص (المدروس) كالعنوان والمقدّمة‬ ‫ص الدّارس أن يعتني بما صار يس ّمى اليوم بعتبات ال ّن ّ‬ ‫‪ 521‬ينبغي للنّ ّ‬
‫وغيرهما‪ .‬وتكمن أه ّميّة العتبات في كون "قراءة المتن تصير مشروطة بقراءة هذه ال ّنصوص؛ فكما ال نلج فناء‬
‫الدّار قبل المرور بعتباته فكذلك ال يمكننا الدّخول في عالم المتن قبل المرور بعتباته؛ ألنّها تقوم‪ ،‬من بين ما تقوم‬
‫الر ّزاق بالل‪ ،‬م س‪،‬‬‫به‪ ،‬بدور الوشاية والبوح‪ .‬ومن شأن هذه الوظيفة أن تساعد في ضمان قراءة سليمة" (عبد ّ‬
‫ص ‪ 23‬و‪ .)24‬فإذا أخذنا المقدّمة مثال وجدنا واضعها ينبئ فيها بقصده من الجوهر وبتخطيطه وبغير ذلك من‬
‫الر ّزاق‬
‫مر البعض منها معنا حين تناولنا المقالة‪ .‬فالمقدّمة إذن توجّه القراءة وتوجّه الدّارس (عبد ّ‬ ‫األمور التي ّ‬
‫بالل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.)52‬‬
‫ي‪،‬‬
‫ي اإلسالم ّ‬ ‫انظر أيضاً‪ :‬عمارة ناصر‪ ،‬اللغة والتّأويل‪ .‬مقاربات في الهرمينوطيقا الغربيّة والتّأويل العرب ّ‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر ‪ /‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت ‪ /‬الدّار العربيّة للعلوم – ناشرون‪ ،‬ط ‪ 1428 ،1‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 2007‬م‪ ،‬ص ‪ 164‬وما بعدها‪ " :‬العنوان [‪( ]...‬هو) الواسطة المركزيّة في عمليّة ربط الخطاب الموجّه إلى‬
‫القارئ بنقطة ارتكاز موجّهة تظ ّل تالحق وعي وانتباه القارئ وتوجّه وتجمع شتات تأويالته إلى دائرة محكمة‬
‫مؤلف ما‬‫إن قراءة َّ‬‫والرغبة األولى في فعل صناعة الخطاب [‪ّ ]...‬‬ ‫ي ّ‬ ‫ي والثّقاف ّ‬‫بأطر الموضوع والمجال المعرف ّ‬
‫تظ ّل مرهونة باللحظة التّأسيسيّة األولى لداللة العنوان‪ .‬وهي اللحظة التي تعمل منذ البداية على اإلحاطة بكامل‬
‫ص وك ّل ما يمكن أن يلقى على هوامشه‪ ،‬فيظ ّل موسوما ً بها"‪.‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ص من‬ ‫قر ب ما سيأتي هنا من مقتطف‪ ،‬أوردناه بهامش من الفقرة عدد ‪ ،127‬يتحدّث عن معنى الجملة والنّ ّ‬ ‫‪ّ 522‬‬
‫زاوية التّداول‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪290‬‬

‫ص‪،‬‬‫طب‪ ،523‬وفي زمان ومكان إنتاج النّ ّ‬ ‫المتكلّم‪ ،‬وفي المخا َ‬


‫ِّ‬ ‫سياق يتمثّل في‬‫وال ّ‬
‫سياق بقدر ما‬ ‫وفي غير ذلك من األمور‪ .‬وبقدر ما يعرف الدّارس أكثر عن ال ّ‬
‫يقترب أكثر من إنجاح دوره الذي هو إعطاء المعنى المراد حقّا ً (هذا يفترض‬
‫ص المدروس‪ .‬ولتبيان‬ ‫إقامة الح ّجة المقبولة على ما يعطى) من صاحب النّ ّ‬
‫نص ال يف َهم إن أ ِّخذ معزوال عن سياقه‪،‬‬
‫سياق‪ ،‬يعطى‪ :‬من جهة مثال ّ‬ ‫أه ّميّة ال ّ‬
‫سياق‪.‬‬
‫نص يتبدّل فهمه بتبدّل عناصر ال ّ‬
‫ومن جهة أخرى مثال ّ‬
‫‪ ―.145‬مثال الّنصّ الذي ال يُفهم‪ ،‬إذا أخِذ معزوال عن سياقه‪.‬‬
‫ص التّالي‪Squashed insects don’t bite ( :‬‬
‫األول يعبّر عنه النّ ّ‬
‫والمثال ّ‬
‫‪)mad mental rule‬‬

‫يتشلك مهنا هذا اخلطاب معلومة دلى القارئ معجميّ ًا‪،‬‬ ‫"غين عن البيان أأ ّن اللكامت اليت ّ‬ ‫ٌّ‬
‫لكن جتميعها عىل هذا النّحو يويح‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫بعضها‪،‬‬ ‫عن‬ ‫معزوةل‬ ‫لهيا‬‫ا‬ ‫نظر‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫دليه‬ ‫معلومة‬ ‫نقول‬
‫ابلغرابة والغموض حبيث ال معىن لها ابلنّس بة للمتلقّي‪ .‬ظهر هذا اخلطاب عىل أأحد جدران‬
‫مدينة الكسكو (مدينة يف اسكتلندا)‪ ،‬وهذا ماكن اخلطاب‪ .‬أأ ّما زمنه فهو ا ّلس بعينات اليت‬
‫اش هترت بظهور خطاابت مماثةل عىل ُجدُ ر هذه املدينة‪ ،‬ممّا يعين أأ ّن املتلقّي دليه جتربة فامي‬
‫خيص نوع اخلطاب هذا (املتلقّي هنا هو ساكن مدينة الكسكو‪ ،‬أأو عىل ا ألق ّل السكوتالندي‬ ‫ّ‬
‫أأو الربيطاين معوما)‪ ،‬ومن ّمث فا ّن شلك اخلطاب وزمانه وماكنه قد يوحيان للمتلقّي‪ ،‬ان اكنت‬
‫يعرب عن تفاعل بّي‬ ‫دليه جتربة سابقة مع هذا النّوع من اخلطاابت‪ ،524‬بأأ ّن هذا اخلطاب ّ‬
‫عصاابت ما‪ .‬فاملعرفة املوسوعيّة للعامل ميكن أأن ختربك بأأ ّن الاكتب عضو من أأعضاء ‪Mad‬‬
‫‪( Mental‬ويه عصابة)‪ ،‬و أأ ّن املتلقّّي املعن ّيّي مه أأعضاء يف عصابة ‪ ،The insects‬وبنا ًء‬
‫السالف بأأن ّه مو ّجه من عصابة اىل عصابة‬ ‫يؤول اخلطاب ّ‬ ‫عىل ما س بق ميكن للمتلقّي أأن ّ‬
‫أأخرى حم ّذرة ا ّايها من مغبّة ( أأو من التّامدي يف) خرق قانون العصابة ا ألخرى‪.‬‬
‫خاص غري مو ّجه اىل معوم‬ ‫يعلّق براون ويول (‪ )1983‬عىل املثال املّضوب بأأن ّه خطاب ّ‬
‫خاص ومن ّمث يصعب عىل املتلقّي غري ّ‬
‫املعين تأأويهل ما مل‬ ‫متلق ّ‬‫املتلقّّي وانّام هو مو ّجه اىل ّ‬
‫السابقة واملعرفة املوسوعيّة"‪.525‬‬
‫يس تعن ابلتّجربة ّ‬

‫قرب من‪ :‬عبد السّالم المسدّي‪ ،‬األسلوبيّة واألسلوب‪ ،‬الدّار العربيّة للكتاب‪ ،‬طرابلس ‪ -‬تونس‪ ،‬ط ‪ ،3‬د ت‪،‬‬‫‪ّ 523‬‬
‫ص ‪ 57‬وما بعده‪ ،‬وص ‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 524‬هنا نجد المعرفة الخلفيّة التي ستأتي بعد قليل‪ :‬الفقرة عدد ‪.148‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.164‬‬ ‫‪ 525‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 54‬و‪ .55‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫انظر مثاالً آخر‪" :‬نشأت "ريناته" في "أوبرفيزنتال"‪ ،‬فهي متزلّجة ممتازة" ("ﭭولفجانج هاينه مان" و "ديتر‬
‫‪291‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صا ً لوحده‪ ،‬بل ألقى – كك ّل متكلّم –‬‫ق المتكلّم في المثال ن ّ‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬لم يل ِّ‬
‫سياق هنا في المتكلّم وفي المخاطب‪ .‬وبوجود‬ ‫صا ً ومعه سياقا ً‪ .526‬ويتمثّل ال ّ‬ ‫ن ّ‬
‫المتكلّم واضحا‪ ،‬فهو عاقل (أو يفترض ذلك طالما لم يثبت‬ ‫ِّ‬ ‫سياق يكون ما ألقاه‬ ‫ال ّ‬
‫لكن الوضوح بالنّسبة‬ ‫العكس)‪ ،‬وغاية العاقل كما رأينا‪ :‬إذا تكلّم‪ ،‬أن يفهم ‪ّ .‬‬
‫‪527‬‬

‫سياق‬ ‫سياق‪ :‬فمن يملك عناصر ال ّ‬ ‫إلى الدّارس مسألة تتبع امتالكه عناصر ال ّ‬
‫اص‪،‬‬
‫ص مو ّجها لمخاطب خ ّ‬ ‫ص‪ ،‬ومن ال يملك لن يفهم‪ .‬فإذا كان النّ ّ‬ ‫سيفهم النّ ّ‬
‫ص‬‫لكن دارس النّ ّ‬‫سياق التي تجعله يفهم‪ّ .‬‬ ‫كان لدى هذا المخاطب عناصر ال ّ‬
‫الخاص) سيفهم أو لن يفهم بحسب نجاحه أو عدم نجاحه‬ ‫ّ‬ ‫(الذي ليس المخاطب‬
‫إن درجة نجاح الفهم هي في‬ ‫سياق‪ .‬بل لقد قلنا ّ‬ ‫في الحصول على عناصر ال ّ‬
‫سياق التي ينجح الدّارس في الوصول إليها‪ .‬فكلّما‬ ‫تناسب مع عدد عناصر ال ّ‬
‫ّ‬
‫زادت العناصر‪ ،‬زاد النّجاح (أو تحديدا ً زادت فرصه)؛ وكلما نقصت‪ ،‬نقص؛‬
‫وإذا لم يجد الدّارس من األصل العناصر‪ ،‬لم يجد من األصل الفهم‪.‬‬

‫سياق المتوصّل إليها وفرص الفهم‬


‫الت ّناسب بين عناصر ال ّ‬

‫‪5‬‬
‫‪4‬‬ ‫عناصر السّياق‬
‫‪3‬‬ ‫فُ َرص الفهم‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬

‫ص‬‫ويستدعي ما جاء للت ّ ّو الت ّفصيل اآلتي‪ :‬في جميع األحوال‪ ،‬تت ّم عمليّة إنتاج النّ ّ‬
‫ي معيّن‪ .‬لذا نجد المتكلّم – وهو الذي يريد نقل ك ّميّة من المعطيات‬ ‫في سياق مادّ ّ‬
‫كنص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سياق وبين ما ينتجه‬ ‫(معلومات أو تأثيرات) – يوازن بين ما يوفّره ال ّ‬
‫ص بما‬‫ي‪ ،‬وال يأتي في النّ ّ‬ ‫سياق المادّ ّ‬‫ص ما ال يوفّره ال ّ‬
‫فهذا المتكلم يض ِّ ّمن النّ ّ‬

‫ص (وتحديدا ً االرتباط بين ال ّنتيجة والمقدّمة) إالّ من يملك معرفة‬


‫فيهـﭭجر"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .)139‬ال يفهم هذا النّ ّ‬
‫والرياضات ال ّ‬
‫شتويّة‪.‬‬ ‫مناسبة عن"أوبرفيزنتال" ّ‬
‫‪ 526‬قلنا سابقا ال وجود لوضعيّة السّياق فيها يساوي صفرا (انظر الفقرة عدد ‪ .)131‬ويقول "هاليداي" إن ث ّم‬
‫لألول)‪ .‬انظره عند‪ :‬يوسف نور عوض‪،‬‬ ‫ص‪ ،‬أي السّياق (والثّاني سابق ّ‬ ‫ص المصاحب لل ّن ّ‬‫ص وال ّن ّ‬ ‫صان‪ :‬ال ّن ّ‬ ‫ن ّ‬
‫ي الحديث‪ ،‬دار األمين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪ 1414 ،1‬هـ‪ 1994 /‬م‪ ،‬ص ‪ 82‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األدب‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫نظر‬
‫‪ 527‬انظر الفقرة عدد ‪.2‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪292‬‬

‫نص الخطاب من‬ ‫سياق بتحويله إلى المخاطب من معطيات‪ .‬فما "يوفّره ّ‬ ‫يتكفّل ال ّ‬
‫سياق منه"‪.528‬‬‫البيان مناسب عكسا ً لما يوفّره ال ّ‬
‫صيغة‬ ‫ص يكون واضحا ً متى نجح المتكلّم في أن يوازن بين منسوب ال ّ‬ ‫والنّ ّ‬
‫سياق‪ .‬لكن قد يخطئ المتكلّم في الموازنة‪ .‬وهنا‪ :‬إ ّما أن ينتج ن ّ‬
‫صا ً‬ ‫ومنسوب ال ّ‬
‫غير ذي معنى عند من و ِّ ّجه إليه‪ ،‬وتستحيل ألجل ذلك دراسته من المخاطب؛‬
‫صورة تبقى الدّراسة‬ ‫صا ً له معنى غير الذي أراده‪ ،529‬وفي هذه ال ّ‬ ‫وإ ّما أن ينتج ن ّ‬
‫ممكنة من المخاطب؛ بل أكثر من هذا‪ ،‬يعدّ محتوى الدّراسة ح ّجة على المتكلّم؛‬
‫أن التّواصل في المجتمع ال يمكن أن يتحقّق إالّ متى افترضنا ّ‬
‫أن‬ ‫وسبب الح ّجيّة ّ‬
‫صيغة‪،‬‬ ‫المتكلّم ال يخطئ وال يذهل في عمليّة الموازنة بين المنسوبين‪ :‬منسوب ال ّ‬
‫سياق يحمل على أنّه هو‬ ‫سياق‪ .‬فك ّل معنى يخرج من ال ّ‬
‫صيغة وال ّ‬ ‫ومنسوب ال ّ‬
‫المراد من المتكلّم وإن لم يكن كذلك في الواقع‪.‬‬

‫الطلحي‪ ،‬م س‪،‬‬‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .167‬انظر أيضا ً حول السّياق‪ :‬ردة هللا بن ردة بن ضيف هللا ّ‬ ‫‪ 528‬مح ّمد ال ّ‬
‫ص ‪ 23‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 529‬يقول "أنطوان كومپانيون" (‪" :)Antoine Compagnon‬حين يكتب شخص ما‪ ،‬فهو يقصد أن يعبّر عن‬
‫شيء‪ ،‬إ ّنه يريد أن يقول شيئا عن طريق الكلمات التي يكتبها‪ّ .‬‬
‫لكن العالقة بين متتالية من الكلمات المكتوبة وما‬
‫أن التّطابق ممكن (ليس‬
‫أراد الكاتب قوله بواسطة هذه المتتالية من الكلمات ليست عالقة مضمونة [‪ ]...‬ورغم ّ‬
‫ممتنعا أن يحقّق مؤلّف ما أراده بالضّبط)‪ ،‬فليس ث ّم معادلة ضروريّة بين معنى العمل وقصد المؤلّف"‪.‬‬
‫‪Antoine Compagnon, Qu'est-ce qu'un auteur? 11. L'illusion de l'intention,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/auteur11.php(24 septembre 2010).‬‬
‫‪293‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.146‬مثال الّنصّ الذي يتبدّل فهمه بتبدّل السّياق‪.‬‬


‫ص ودراسته‪ .530‬ولتبيان‬ ‫ّتي إنتاج النّ ّ‬
‫سياق في عملي ْ‬‫وما سبق ينبئ عن أه ّميّة ال ّ‬
‫هذه األه ّميّة يعطى – إلى جانب المثال الذي تقدّم – مثال النّ ّ‬
‫ص الذي يتبدّل فهمه‬
‫سياق‪ ،‬وتحديدا بتبدّل عنصر المتكلّم‪:‬‬ ‫بتبدّل عناصر ال ّ‬

‫أن هذه‬ ‫‪ 530‬حول السّياق‪ ،‬انظر"أنطوان كومپانيون" (‪ )Antoine Compagnon‬حين يقول‪ -«":‬كيف عرفت ّ‬
‫إن الوضعيّة المتمثّلة في تقويم تفسير خاطئ هي عاديّة جدّا‪،‬‬ ‫الجملة تعني كذا بدال من كذا؟ ‪ -‬بسبب السّياق»‪ّ .‬‬
‫الطريقة المعهودة لح ّل مثل هذه المشاكل المتعلّقة بالتّأويل‪ :‬هذا المقتطف ال يمكن أن يعني‬ ‫واستدعاء السّياق هو ّ‬
‫ّ‬
‫سياق‪ .‬تقليديّا دور األستاذ أن يعطي السّياق (اليوم هو متهم باالحتفاظ ببعض األوراق وعدم كشفها‪،‬‬ ‫كذا بسبب ال ّ‬
‫(هو متّهم أيضا) بتقديم األوراق مستندا إلى حجّة السّلطة؛ والقراءة المنهجيّة تهدف إلى الحدّ من هذه‬
‫يتكون من جملة من العوامل‪ ،‬بد ًء من الكلمات‬ ‫ّ‬ ‫سياق‬
‫لكن ال ّ‬ ‫االستعماالت للسّياق التي يرى أنّها تعسّفيّة)‪ّ .‬‬
‫ي في مجمله مرورا بالتّقاليد واالتّفاقات التي يستند عليها المتكلّم‪ ،‬بعاداته اللغويّة‬ ‫المجاورة إلى الوسط التّاريخ ّ‬
‫ص‪.‬‬ ‫ص والبنى التي هي جزء من ال ّن ّ‬ ‫والثّقافيّة‪ ،‬إلخ‪ .‬السّياق يعني في نفس الوقت الوقائع التي ترافق معنى ال ّن ّ‬
‫لكن معناها هو بناء نمثّله بالمعطى‪ ،‬ألنّه يبدو لنا أق ّل إشكاال من [‪]...‬‬ ‫والكلمات المجاورة هي وقائع‪ ،‬معطيات‪ّ ،‬‬
‫لكن موقف المتكلّم من التّنصيص هو بناء [‪ ]...‬السّياق‬ ‫إن الوضعيّة التّاريخيّة معطى‪ّ ،‬‬ ‫المقتطف المتنازع فيه‪ّ .‬‬
‫تصور المفهوم المضبوط لك ّل‬ ‫ّ‬ ‫إذن عبارة غامضة جدّا‪ :‬إنّها في نفس الوقت تعني معطيات الوسط التي تم ّكن من‬
‫لكن‬‫ص‪ّ .‬‬ ‫ص والذي يم ّكن من تحديد معنى الجزء من هذا ال ّن ّ‬ ‫ي من ك ّل ال ّن ّ‬ ‫ص‪ ،‬و(تعني) هذا المفهوم المبن ّ‬ ‫النّ ّ‬
‫ي في‬ ‫ّ‬ ‫األساس‬ ‫رى‪،‬‬ ‫أخ‬ ‫بعبارة‬ ‫رجحانا‪.‬‬ ‫األكثر‬ ‫المعنى‬ ‫نوع‬ ‫تقترح‬ ‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫المعنى؛‬ ‫مباشرة‬ ‫ّد‬ ‫د‬ ‫تح‬ ‫ال‬ ‫ّة‬‫ي‬ ‫الوضع‬ ‫معطيات‬
‫شرات النّوع‬ ‫يتكون من مؤ ّ‬‫الراجح)‪ .‬ما بقي من السّياق ّ‬ ‫ي للخطاب (نوع المعنى ّ‬ ‫السّياق هو النّوع‪ ،‬النّوع الدّاخل ّ‬
‫ي‪ ،‬لكن ال يمكن أن يحدّد المعاني الجزئيّة"‪(La notion de genre : 11. Genre et réception .‬‬ ‫الدّاخل ّ‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre11.php[24 septembre 2010]).‬‬
‫انظر كذلك "لودويج ڥيتﭭنشتاين" (‪ )Ludwig Wittgenstein‬وذلك عند "أنطوان كومپانيون" ( ‪Antoine‬‬
‫‪ )Compagnon‬الذي قال (مالحظة‪ :‬أوردنا بعد جزء من هذا المقتطف في هامش من الفقرة عدد ‪:)68‬‬
‫"حسب «فيتﭭنشتاين» (‪ ،)Wittgenstein‬فهم معنى تنصيص هو مثل تعلّم قواعد لعبة‪ .‬للعب اللعبة‪ ،‬يجب تعلّم‬
‫القواعد‪ .‬لكن ث ّم ألعاب كثيرة (اللغة ‪ ،)la langue‬وتجب معرفة قواعد اللعبة المعنيّة (الكالم ‪ .)la parole‬كيف‬
‫نعرف أيّة لعبة لعبت؟ كيف نعرف القاعدة التي ينبغي تطبيقها في حالة معيّنة؟ هذا هو المصدر المعهود‬
‫مؤولي التّنصيصات‪ :‬هي اختالفات حول اللعبة مح ّل التّساؤل‪ .‬أيّة قواعد‪ ،‬أيّة لعبة هي المعنيّة؟ [‪]...‬‬ ‫الختالفات ّ‬
‫مرة واحدة؟ ال يمكن أن نتعلّم قواعد تنصيص على أساس هذا‬ ‫لكن كيف نتعلّم قواعد لعبة لم تلعب أبدا وستلعب ّ‬
‫لكن اللعبة ليست مرتبطة بتنصيص‬ ‫التّنصيص لوحده (مثل رسالة هي في نفس الوقت رمز وشفرة لنفسها) [‪ّ ]...‬‬
‫واحد بل بنوع من التّنصيصات [‪ ]...‬أللعاب لغة واحدة‪ ،‬ال توجد قواعد عا ّمة‪ ،‬ال توجد قواعد مشتركة‪ .‬مفهوم‬
‫(الطابع‬‫ّ‬ ‫ي‪ .‬النّوع جسر بين حوادث ( ‪ ،)occurrences/ tokens‬رابط بين وحدة المعنى‬ ‫النّوع هو هنا ضرور ّ‬
‫لخاص) واجتماعيّة (‪ )sociabilité‬التّأويل (طابعه العا ّم)‪ .‬المعنى له دوما مظاهر وحيدة‪ ،‬لكن ينبغي أن ينتمي‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫إلى نوع لكي يت ّم التّواصل به‪ ،‬لكي يفهم (بل ولكي يتص ّور)"‪(Antoine Compagnon, La notion de .‬‬
‫‪genre‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪10.‬‬ ‫‪Genre‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪interprétation,‬‬
‫‪http://www.fabula.org/compagnon/genre10.php[24 septembre 2010]).‬‬
‫انظر كذلك "أنطوان كومپانيون" (‪ )Antoine Compagnon‬وهو يقول‪:‬‬
‫يكون ك َّل ما سيفهمه فيما بعد؛ هذا الفهم يدوم طالما لم يراجع‬ ‫نص‪ِّ ّ ،‬‬ ‫مؤول ّ‬ ‫ي‪ ،‬الذي يأتيه ّ‬ ‫األول ّ‬
‫ي ّ‬ ‫صور النّوع ّ‬ ‫"الت ّ ّ‬
‫ي [‪( ]...‬و) في أغلب األحيان التّوقّع ال ينا َقض‪ :‬نجد المعنى الذي ننتظره‪ .‬وإالّ فإ ّننا نبدأ من‬ ‫صور النّوع ّ‬ ‫ذاك التّ ّ‬
‫جديد‪ ،‬فنضع فرضا لنوع آخر من المعنى يجد فيه العنصر المثير لإلزعاج مكانه (وفق مبدأ انسجام‪ ،‬مبدأ تجميع‬
‫ي‪ ،‬نبدأ من‬ ‫تصورنا النّوع ّ‬
‫ّ‬ ‫معنى‪ ،‬الذي قد ال يكون بديهيّا‪ ،‬والذي هو أحيانا موضوع جدل اليوم)‪ .‬بمراجعة‬
‫جديد‪ ،‬وك ّل ما فهمناه سيخضع للفكرة ال ّنوعيّة الجديدة‪ .‬التّأويل ليس خاضعا بالتّمام للفكرة النّوعيّة المنطلق منها‪،‬‬
‫أن القراءة تسير إلى األمام وإلى الخلف‪ ،‬أ ّننا نعيد قراءة‬ ‫ي لم يرا َجع [‪( ]...‬الفكرة األساسيّة ّ‬ ‫بل آلخر فرض نوع ّ‬
‫ك ّل ما قرأناه إلى حدّ هذه النّقطة انطالقا من آخر عنصر قرأناه) [‪ ]...‬هذه المالحظة حول النّوع [‪ ]...‬ليست‬
‫سوى مظهر آخر للدّائرة الهرمينيطيقيّة للفهم (‪ )cercle herméneutique de la compréhension‬كما‬
‫ي‬ ‫وصفت منذ القرن ‪ .19‬الهرمينيطيقيا تؤ ّكد على ترابط الك ّل واألجزاء في الفهم‪ ،‬إ ّما في شكل أدات ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪294‬‬

‫" أأ– هل أأنت هنا دامئا؟‬


‫ب– أأان هنا غالب ًا‪ّ ،‬مرة يف الشّ هر‪ ،‬جئت الن لرؤية أأبنائ‪.‬‬
‫ا ّن ما هي ّمنا هنا هو أأصناف الاس تدالالت اخملتلفة اليت نقوم هبا مكتلقّّي‪ ،‬ويه متعلّقة ّ‬
‫مبتغريات‬
‫مثل معر وجنس املتلكّم‪ ،‬كنتيجة لسامع ما قاهل ب‪ .‬فاذا اكن املتلكّم رجال يبلغ من العمر‬
‫لك شهر ال يّتت ّب‬ ‫س بعّي س نة‪ ،‬فان ّنا س نفّتض أأ ّن ا ألبناء راشدون و أأ ّن زايرته هلم ّمرة يف ّ‬
‫شااب يف العقد الث ّالث من‬‫علهيا يشء الله ّم االّ أأ ّن عالقته هبم متينة ‪ ...‬أأ ّما اذا اكن املتلكّم رج ًال ّ ً‬
‫معره فس نفّتض أأ ّن أأبناءه ما زالوا برامع‪ ،‬مبعىن أأهنّ م يعيشون عادة مع أابهئم‪ ،‬وس نتساءل اذ‬
‫ذاك عن مانع اقامهتم معه‪ :‬أأ ِ أل ّن ظروف معهل ال تسمح هل بذكل؟ أأم أأ ّن عالقته مع أأ ّم ا ألطفال‬
‫يه اليت َحلته عىل العيش بعيدا عهنم؟ واذا افّتضنا أأ ّن املتلكّم امر أأة يف الث ّالثّي من معرها‬
‫السابقة اذ من املعلوم أأ ّن ا ألطفال يف هذا العمر حيتاجون‬ ‫فا ّن الاس تدالالت س تختلف عن ّ‬
‫اىل رعاية أأ ّمهم‪ ،‬وملّا اكنت غري مقمية معهم فا ّن هناك سببا يدعو اىل ذكل‪ ،‬مثال أأهنّ ا أأحلقهتم‬
‫بروض ل ألطفال‪ ،‬واذن فعملها يس تغرق وقهتا ‪ ...‬واملالحظ أأ ّن هذه الاس تدالالت اخملتلفة ال‬
‫لك ّمرة يف املتلكّم (وعىل‬ ‫السالف وانّام اىل التّ ّغري اذلي حصل ّ‬ ‫تعود اىل لغة اخلطاب ّ‬
‫الس ياق"‪.531‬‬‫متغريات العمر واجلنس) وهو عنرص هم ّم من عنارص ّ‬ ‫اخلصوص ّ‬

‫نص هي دراسة صيغة النّ ّ‬


‫ص ومعها سياقه‪.‬‬ ‫وهكذا ّ‬
‫فإن دراسة ّ‬
‫‪ ―.147‬املبدآن اللذان خيضع هلما اعتماد السّياق يف فعل التّأويل‪.‬‬
‫ص يخضع لمبدأين‪:‬‬ ‫سياق في تأويل النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن اعتماد ال ّ‬
‫مبدأ التّأويل المحلّ ّي‪ .‬بمقتضاه ينبغي على الدّارس أن ال ينشئ سياقا ً أكبر من‬
‫ص التّالي‪" :‬جلس رجل وامرأة في غرفة‬ ‫يؤول النّ ّ‬
‫الذي يحتاجه‪ .‬مثال ذلك من ّ‬
‫الرجل فاتّجه إلى النّافذة ونظر إلى الخارج‪ ،‬خرج‪ ،‬وذهب إلى‬ ‫الجلوس‪ ،‬سئم ّ‬
‫الرجل نظر من نافذة غرفة‬ ‫ص ال يمكن للدّارس أن يفهم أ ّن ّ‬ ‫مقهى"‪ .‬في هذا النّ ّ‬
‫فالمؤول مقيّد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أن المقهى الذي ذهب إليه موجود في مدينة أخرى‪.‬‬ ‫أخرى‪ ،‬أو ّ‬

‫ي (هوسرل‬ ‫‪( instrumentale‬شاليرماخر ‪ ،Schleiermacher‬ديلتي ‪ ،)Dilthey‬وإ ّما في شكل أساس ّ‬


‫‪ ،Husserl‬هايدغر ‪ .)Heidegger‬الك ّل ال يمكن أن يف َهم إالّ من خالل األجزاء‪ّ ،‬‬
‫لكن األجزاء ال يمكن أن تف َهم‬
‫ي (‪(La notion de genre: .")va-et-vient dialectique‬‬ ‫إالّ من خالل الكلّ‪ ،‬وذلك وفق ذهاب وإيّاب جدل ّ‬
‫‪10. Genreet interprétation, http://www.fabula.org/compagnon/genre10.php[24‬‬
‫‪septembre 2010]).‬‬
‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 55‬و‪.56‬‬‫‪ 531‬مح ّمد ّ‬
‫‪295‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن سياق النّظر غرفة الجلوس وليس‬ ‫ص‪ .‬وما تقدّم‪ّ ،‬‬‫وعليه اعتبار ما تقدّم في النّ ّ‬
‫أن النّظر ت ّم من غرفة أخرى ‪.‬‬
‫‪532‬‬ ‫شر يسمح باعتبار ّ‬ ‫ث ّم مؤ ّ‬
‫أن مبدأ التّأويل المحلّي ليس إالّ جز ًء من استراتيجيّة عا ّمة وهي التّشابه‬ ‫"على ّ‬
‫سابق ‪...‬تمليه أيضا‪ ،‬بشكل من األشكال تجربتنا‬ ‫بحيث ّ‬
‫أن تقييد تأويلنا للمثال ال ّ‬
‫ص‪...‬‬‫سابقة في مواجهة نصوص ‪ ...‬سابقة تشبه من قريب أو من بعيد النّ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الذي نواجهه حاليّاً‪ .‬وتشمل هاتين االستراتيجيّتين (مبدأ التّأويل المحلّ ّي ومبدأ‬
‫نص نواجهه هو‬ ‫التّشابه) استراتيجيّة أع ّم منهما وهي معرفة العالم"‪ .533‬نعم ك ّل ّ‬
‫نص يقتضي إنشاء أدوات‬ ‫ّ‬ ‫نص وحيد‪" .‬فهل معنى هذا ّ‬
‫أن ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫من زاوية َما‬
‫إن التّشابه وارد دائما وبنسب متفاوتة؛ فإذا‬ ‫صة به من أجل فهمه وتأويله؟ ّ‬ ‫خا ّ‬
‫فإن الخصائص النّوعيّة تظ ّل هي‬ ‫كانت المضامين مختلفة والتّعابير مختلفة‪ّ ،‬‬
‫هي‪ ،‬نادرا ً ما يلحقها التّغيير؛ وإن حدث (تغيير)‪ ،‬فال يت ّم على شكل طفرة تقطع‬
‫بها جميع صالت القربى مع النّوع"‪.534‬‬
‫‪ ―.148‬املعرفة اخللفيّة‪.‬‬

‫ي‪ ،‬وهما مبدآن يتعلّقان بال ّ‬


‫سياق‪ .‬وتتبع‬ ‫هذا عن التّشابه وعن التّأويل المحلّ ّ‬
‫ص يختزن معارف تراكمت لديه‬ ‫سياق مسألة المعرفة الخلفيّة‪ .‬فدارس النّ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ص المدروس ويفهمه بواسطة‬ ‫نتيجة قراءاته وتجاربه‪ ،‬ث ّم هو بعد ذلك يواجه النّ ّ‬
‫جزء ينتقيه من تلك المعارف‪ .535‬فالنّص الدّارس إذن ليس صفحة بيضاء يرتسم‬
‫وظف جزء منها‬ ‫ص الدّارس صفحة مملوءة ي ّ‬ ‫ص المدروس‪ ،‬بل النّ ّ‬
‫فوقها فهم النّ ّ‬
‫من أجل إعطاء معنى للنّص المدروس ‪ .‬يقول أحدهم‪:‬‬
‫‪536‬‬

‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 167‬وما بعدها‪.‬‬ ‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 56‬و‪ .57‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد ال ّ‬ ‫‪ 532‬مح ّمد ّ‬
‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪ 533‬مح ّمد ّ‬
‫ّ‬
‫خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .59‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد الشاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 169‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 534‬مح ّمد ّ‬
‫‪ 535‬في كتاب في علم النّفس العرفاني (‪ )psychologie cognitive‬نجد ما يلي‪" :‬من الدّراسات مثال ما يظهر‬
‫عرف [‪( ]...‬مرتبطة إلى حدّ بعيد بالمعارف المسبقة حول الموضوع)‪ :‬من يملك أكثر‬ ‫أن تجلّيات التّذ ّكر أو الت ّ ّ‬
‫ّ‬
‫ينظمها بطريقة أفضل‪ ،‬ويرتكب) عددا أق ّل من األخطاء‬ ‫من [‪( ]...‬المعارف المسبقة يتذ ّكر معلومات أكبر‪ّ ،‬‬
‫ص [‪ ]...‬بصورة ّ‬
‫أدق‪،‬‬ ‫ي الذي يعالجه النّ ّ‬ ‫(مقارنة بـ ) األشخاص الذين يملكون معرفة أق ّل عن المجال الت ّ ّ‬
‫صور ّ‬
‫أن المعلومات المسبقة تس ّهل االستدالل وتمييز األفكار المه ّمة والتّك ّهن"‪ .‬أندريه – جاك‬ ‫يعتقد بعض الباحثين ّ‬
‫ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 48‬وص ‪.50‬‬
‫انظر الكتاب في صيغته األصليّة (الفرنسيّة)‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 45 et 46. :‬‬
‫وفي مكان آخر من الكتاب نجد‪(" :‬الفهم هو مسار) بناء فرضيّات واستباقات واستدالالت [‪ ]...‬منذ الجملة‬
‫ص‪ ،‬ال بل منذ قراءة العنوان"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.62‬‬ ‫األولى من ال ّن ّ‬
‫انظر الكتاب في صيغته األصليّة (الفرنسيّة)‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 56.:‬‬
‫‪ 536‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .62‬انظر أيضاً‪" :‬سوزان روبين سليمان" و"إنجي كروسمان"‪ ،‬القارئ في‬
‫ص‪ .‬مقاالت في الجمهور والتّأويل ( ‪The reader in the text. Essays on Audience and‬‬ ‫النّ ّ‬
ّ‫ دراسة النّص‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 296

‫ ال فقط هو ير ّد‬.‫ ال يأأيت أأبدا وحيدا ودون زاد ثقا ّيف‬،‫" أأمام ّنص ال يأأيت القارئ أأبدا فارغا‬
،‫ حبسب «كتاب احلياة الكبري» املنقوش يف مضريه ( أأحاسيسه‬،‫الفعل حبسب جتربته‬
‫ من‬،‫مكون بدوره من لكامت‬ ّ ّ‫ بل ا ّن هذا الكتاب ادل‬،)‫ أأفراحه‬،‫ أالمه‬،‫ أأحالمه‬،‫مشاعره‬
َّ ‫اخيل‬
،‫ بتكويهنا الدراكه‬،‫ من ثقافة‬،‫ من صفحات ومن كتب قرئت‬،‫دالالت خشصيّة غري مبارشة‬
‫ لس نا واعّي هبذه الث ّقافة الاكمنة واليت‬.‫لك صفحة جديدة‬ ّ ‫حتدّد ردود فعهل وفهمه أأمام‬
،‫نتعرف علهيا لأجلنا حنن‬ ّ ‫ لكن من املؤكَّد أأن من ا ألفضل أأن‬.‫أأصبحت ابلنّس بة الينا طبيع ّية‬
‫ هكذا نرى أأ ّن حمور‬.‫حىت ذكل احلّي‬ ّ ‫حنس بصوا ٍّب ووع ٍّي أأكرب ّنص ًا جمهوال منّا‬
ّ ‫ألجل أأن‬
ّ ‫حبثنا ينفتح هنا عىل عنارص أأخرى كثرية غري عنارص ادراكنا‬
.537"‫العفوي‬

‫في نفس االتّجاه المتعلّق بكون المعرفة الخلفيّة شرطا ً ضروريّا ً لفهم ودراسة‬
:‫ تضيف مؤلّفة‬،‫نص‬
ّ
ّ ]...[ ‫] يعرف و أأن‬...[ ‫"عىل القارئ أأن‬
‫ أأي يف ميدان املعارف والعّل اذلي‬،‫يتحمك يف الشّ فرة‬

‫ حسن ناظم وعلي حاكم‬:‫ ترجمة‬،)interpretation, by Susan Suleimen and Inge Crossman
.‫ وما بعدها‬175 ‫ ص‬،‫ م س‬،‫شاوش‬ ّ ‫ مح ّمد ال‬:‫ انظر كذلك‬.‫ د ت‬،‫ د م‬،‫ دار الكتاب الجديد المتّحدة‬،‫صالح‬
Dems Simard, Postmodernité, herméneutique et culture: Les défis culturels :‫انظر أيضا‬
de la pédagogie, Thèse présentée à la Faculté des Études Supérieures de l'Université
Laval pour l'obtention du grade de Philosophiae Doctor (Ph. D.), Faculté des
Sciences de l’Éducation. Universrsité Laval, Québec, Juin 1999, p. 215 et s.
"Un lecteur n’arrive jamais vide, jamais « seul » et sans bagage culturel, devant 537
un texte. Il a déjà appris à lire. Non seulement … il réagit en fonction de son
expérience, du « grand livre de la vie » inscrit dans sa conscience (sensations,
émotions, rêves, souffrances, joies) mais aussi, ce grand livre intérieur est lui-même
constitué de mots, de connotations personnelles, de pages et de livres entiers déjà
lus, d’une culture qui, en formant sa sensibilité, conditionne ses réactions et sa
compréhension devant toute page nouvelle. Nous ne sommes pas toujours conscients
de cette « culture » sous-jacente, qui nous est devenu naturelle. Mais il est certain
qu’il vaut mieux la reconnaître pour nous-mêmes pour sentir avec plus de justesse et
de lucidité un texte inconnu jusqu’alors. On voit que notre axe de recherche s’ouvre
ici à bien d’autres éléments que ceux de notre sensibilité spontanée". Ahmed Hosny,
préc., p. 16 et 17.
،‫يخص ما نحن بصدده‬ ّ ‫ هو من صنع أشياء أخرى غير المؤلّف (فيما‬،‫نص‬ ّ ‫ ك ّل‬،‫ص‬ ّ ّ‫إن الن‬
ّ ‫انظر إلى من يقول‬
‫ على ك ّل إليك‬.)‫ص الدّارس من صنع مؤلّفه‬ ّ ّ‫ وال الن‬،‫ص المدروس من صنع مؤلّفه‬ ّ ّ‫ ال الن‬:‫تصبح المسألة مر ّكبة‬
‫ «ك ّل عمل هو عمل أشياء‬.‫ي للمؤلّف‬ ّ ‫) أماله تحييد راديكال‬Valéry( »‫ "موقف «فاليري‬:‫القول وإليك صاحبه‬
(Tel Quel, Œuvres, t. II, p. 629)". ."»‫أخرى غير المؤلّف‬
Antoine Compagnon, Qu'est-ce qu'un auteur? 10. La disparition élocutoire du poète,
http://www.fabula.org/compagnon/auteur10.php(24 septembre 2010).
‫ أو‬،‫ "ال نكتب أسودا على أبيض‬:‫)في درس آخر‬Antoine Compagnon( "‫ويقول "أنطوان كومپانيون‬
."‫ي‬
ّ ‫الرماد‬
ّ ‫] لكن في‬...[ ‫أبيضا على أسود‬
La notion de genre : 2. Norme, essence ou structure ?,
http://www.fabula.org/compagnon/genre2.php (24 septembre 2010).
‫‪297‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫فالطبيب‪ ،‬همام اكنت كفاءته‪ ،‬س يقر أأ بصعوبة كتاب فلسفة‪ .‬يف املقابل ّ‬
‫سيتعرث‬ ‫يعرضه النّ ّص‪ّ .‬‬
‫يفرس‬ ‫الفيلسوف ابلتّأأكيد‪ ،‬همام ُكربت معارفه اللغويّة‪ ،‬أأمام عمتة ّنص يف ّ‬
‫الط ّب [‪ ]...‬هذا (ما ّ‬ ‫ُ‬
‫يفرس) وجود الاختصاصات نفسها"‪.538‬‬ ‫خمتصة (بل و ّ‬
‫وجود) نصوص ّ‬

‫ي م ّما يطلق عليه اسم "الت ّ ّ‬


‫ناص"‬ ‫والمعرفة الخلفيّة تش ّكل الجانب الذّات ّ‬
‫ص هو‬‫ي فيتمثّل في كون النّ ّ‬ ‫(‪ . )intertextualité‬أ ّما الجانب الموضوع ّ‬
‫‪539‬‬

‫غالبا جزء من كتاب‪ .‬والكتاب جزء من األعمال الكاملة لمؤلّف‪ .‬والمؤلّف ينتمي‬
‫ص‪ .‬ألجل ذلك ينبغي عدم‬ ‫لحقبة ولثقافة‪ .‬وك ّل هذا وغيره أسهم في إنتاج النّ ّ‬
‫إغفاله في لحظة فهم النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫الجانب‬
‫الذّ ّ‬
‫اتي‬
‫(المعرفة‬
‫الخلف ّية)‬

‫ّناص‬
‫الت ّ‬

‫الجانب‬
‫الموضوعي‬
‫ّ‬
‫ص جزء‬‫(النّ ّ‬
‫نص‬
‫من ّ‬
‫أكبر‪ ،‬إلخ‪).‬‬

‫‪ ―.149‬القراءة التّناصيّة‪.‬القراءة تناصّيّة‪.‬‬


‫ي؛ كما ّ‬
‫أن‬ ‫ص الدّارس ال يأتي فارغا‪ ،‬بل يأتي ممتلئا بمخزون معرف ّ‬ ‫وهكذا فالنّ ّ‬
‫ص المدروس ال يحضر من فراغ‪ ،‬بل يحضر كجزء من مجموعة أكبر‪.‬‬ ‫النّ ّ‬
‫صيّة‪ 540‬تهدف‬
‫ي هو قيام بدراسة تنا ّ‬
‫ي والموضوع ّ‬‫واستدعاء هذين البعدين الذّات ّ‬
‫‪"[…] le lecteur […] (doit) connaître et […] maîtriser le code, c’est-à-dire le 538‬‬
‫‪domaine de connaissances et de savoir que le texte expose. Un médecin, aussi‬‬
‫‪compétent soit-il, lira difficilement un ouvrage de philosophie ! Et inversement, un‬‬
‫‪philosophe, aussi grande soit sa connaissance de la langue, butera infailliblement‬‬
‫‪devant l’opacité d’un texte de médecine. C’est ce qui est d’ailleurs à l’origine des‬‬
‫‪textes de disciplines et des disciplines elles-mêmes d’ailleurs". Lamia Amel‬‬
‫‪Ammari, préc., p. 40.‬‬
‫ناص انظر هذا الكتاب الذي ترجم فيه صاحبه مقاالت "روالن بارت" و"مارك أنجينو" و"ليون‬ ‫‪ 539‬حول التّ ّ‬
‫ص والتّنا ّ‬
‫صيّة‪ ،‬مركز اإلنماء‬ ‫سمفيل" و"جيرار جينيت" و"روجيه فايول"‪ :‬مح ّمد خير البقاعي‪ ،‬دراسات في النّ ّ‬
‫العربي‪ ،‬حلب‪ ،‬ط ‪.1998 ،1‬‬
‫‪ 540‬هنالك‪:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪298‬‬

‫ص المدروس‪ .‬ولتكون الدّراسة التّناصيّة مفضية‬ ‫إلى اكتشاف معان كامنة في النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬ينبغي – حسب أحدهم –‬ ‫إلى استخراج المعنى المراد فعال من صاحب النّ ّ‬
‫ص المدروس في عالقة مع نصوص‬ ‫حصر مفهومها في اإلجراء الذي يضع النّ ّ‬
‫صلة‪ ،‬لتفادي انزالقات القراءة التّنا ّ‬
‫صيّة‪،‬‬ ‫تضيئه أو أثّرت فيه‪ .541‬بعبارة مف ّ‬
‫ص في ذاته وبين‬ ‫ينبغي أن يكون الدّارس واعيا ً بالفرق بين ما يستخرجه من النّ ّ‬
‫ما يستخرجه باستعمال معارف جانبيّة‪ .‬هذا الوعي ينبغي أن يجعل الدّارس ال‬
‫بالطريقة األولى‪ ،‬بل بالعكس‬‫ّ‬ ‫المستخرج‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بالطريقة الثّانية على‬ ‫المستخرج‬
‫َ‬ ‫يح ِّ ّكم‬
‫ّ‬
‫بالطريقة‬ ‫المستخرج‬
‫َ‬ ‫بالطريقة األولى بواسطة‬‫ّ‬ ‫المستخرج‬
‫َ‬ ‫يدعّم – ليس إالّ –‬
‫الثّانية‪.542‬‬

‫ي والعنوان‬ ‫ص مثل العنوان والعنوان الفرع ّ‬ ‫المكونات التي ته ّم عتبات النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫"المناص ‪ :Paratexte‬ويشمل جميع‬ ‫ّ‬
‫سودات"‬ ‫ص من م ّ‬ ‫والرسوم‪ ،‬إضافة إلى ك ّل العمليّات التي تت ّم قبل إنتاج ال ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي والدّيباجات والحواشي‬ ‫الدّاخل ّ‬
‫شرق‪،‬‬ ‫ي‪ .‬دراسة نظريّة وتطبيقيّة‪ ،‬إفريقيا ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫والبالغ‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫الخطاب‬ ‫في‬ ‫ناص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫بقشي‪،‬‬ ‫القادر‬ ‫عبد‬ ‫(إلخ‪.).‬‬
‫المغرب‪ ،2007 ،‬ص ‪.22‬‬
‫ألن تمييز األنواع األدبيّة من‬ ‫نص ما‪ّ ،‬‬ ‫ي الذي ينتمي إليه ّ‬ ‫ص ‪ :Archetextualité‬أي النّوع األدب ّ‬ ‫"معماريّة النّ ّ‬
‫شأنه أن يوجّه أفق انتظار القارئ أثناء عمليّة القراءة"‪ .‬عبد القادر بقشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫نص آخر بواسطة‬ ‫لنص داخل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫صين‪ ،‬أو عدّة نصوص‪ ،‬أو هو الحضور الفعل ّ‬ ‫ناص‪ :‬حضور متزامن بين ن ّ‬ ‫"الت ّ ّ‬
‫السّرقة ‪ Plagiat‬واالستشهاد ‪ Citation‬ث ّم التّلميح ‪ ."L’allusion‬عبد القادر بقشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫ناص‪:‬‬ ‫انظر أيضا ما قيل عن الت ّ ّ‬
‫ناص ‪ Intertextualité‬مصطلح ‪ ...‬أطلق حديثا ً وأريد به تعالق ال ّنصوص وتقاطعها وإقامة الحوار فيما‬ ‫"الت ّ ّ‬
‫نص هو ‪(...‬امتصاص أو هضم)‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫وك‬ ‫القتباسات‪،‬‬ ‫ا‬ ‫من‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫سائ‬ ‫فسيف‬ ‫لوحة‬ ‫عن‬ ‫عبارة‬ ‫هو‬ ‫نص‬
‫ّ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬
‫إن‬ ‫‪‬‬ ‫‪...‬‬ ‫بينها ‪‬‬
‫ّ‬
‫وتحويل نصوص أخرى ‪ ...‬فالنص ليس ذاتا مستقلة ‪ ...‬ولكنه سلسلة من العالقات مع نصوص أخرى ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ص في رحم الماضي‪ ،‬وينبثق في الحاضر‪ ،‬ويؤ ّهل‬ ‫الزمن بك ّل أبعاده حيث يتأسّس النّ ّ‬ ‫نص‪ ...‬يلتقي فيه ّ‬ ‫وك ّل ّ‬
‫نفسه للتّداخل مع نصوص آتية في المستقبل‪ .‬والنص‪ ...‬بؤرة تتج ّمع فيها مجموعة من النصوص السّابقة"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جمال مباركي‪ ،‬التّناص وجماليّاته‪ ،‬إصدارات رابطة اإلبداع الثّقافيّة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪Ahmed Hosny, préc., p. 18. 541‬‬
‫تناص‪ .‬نصوص أخرى حاضرة فيه بمستويات مختلفة‪ ،‬في أشكال قابلة كثيرا أو قليال‬ ‫ّ‬ ‫ص هو‬ ‫يقول أحدهم‪ :‬ال ّن ّ‬
‫عرف عليها"‪Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2011..‬‬ ‫للت ّ ّ‬
‫‪Ahmed Hosny, préc., p. 19 et 20. 542‬‬
‫ي للمعلومات [‪]...‬‬ ‫ي‪" :‬يمكن تفسير [‪( ]...‬المفعول) السّلب ّ‬ ‫انظر أيضا من يقول في إطار علم ال ّنفس العرفان ّ‬
‫صا يكون‬ ‫أن حيّز ذاكرة الفرد مشغول بمعلومات سابقة حين يقرأ ن ّ‬ ‫نتصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫(المسبقة) بطرق شتّى‪ .‬يمكن أن‬
‫موضوعه مألوفا بالنّسبة إليه‪ .‬عندئذ تكون المعلومات الخاضعة للمعالجة والحفظ هي على حدّ السّواء تلك‬
‫عرف أن تؤدّي‬ ‫ص بتنشيطها)‪ .‬في هذه الحالة بإمكان مها ّم التّذ ّكر والت ّ ّ‬ ‫ص وتلك التي [‪( ]...‬قام النّ ّ‬ ‫المنبثقة من ال ّن ّ‬
‫ص تقديمه‪.‬‬ ‫عرف إلى ما أراد ال ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫عددا‬ ‫أكثر‬ ‫أخطاء‬ ‫إلى‬ ‫أو‬ ‫ص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫يحتويه‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ّا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫مختلفة‬ ‫إلى طروحات‬
‫شخص بحيث أنّه ال يعود‬ ‫ص ومن المعلومات السّابقة عند ال ّ‬ ‫تصور المدلول من معلومات النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫يتأل‬ ‫في الواقع‪،‬‬
‫ص ع ّما ال ينتمي إليه"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 50‬و ‪.51‬‬ ‫مع الوقت يميّز ما ينتمي للنّ ّ‬
‫ي (بالفرنسيّة) للكتاب‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 47. :‬‬ ‫ص األصل ّ‬ ‫انظر ال ّن ّ‬
‫‪299‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.150‬منوذج للمقرتحات العربيّة اليت مل توضع للّنصّ ذي املوضوع القانونيّ‪.‬‬

‫أن الكتابات الغربيّة تقترح مرور دراسة النّ ّ‬


‫ص بأربع‬ ‫من خالل ما تقدّم نتبيّن ّ‬
‫ص المدروس‪ .‬وال يختلف األمر‬ ‫مستويات‪ ،‬كلّها أو بعضها وذلك بحسب النّ ّ‬
‫كثيرا عند العرب‪ ،‬فهنا أيضا يمكن الحديث عن أربع مستويات‪:543‬‬
‫‪ ―.151‬أ ّوالً‪ :‬املستوى النّحويّ‪.‬‬

‫ص المدروس‪ ،‬ينبغي أن يعتني النّ ّ‬


‫ص الدّارس بهذه‬ ‫ي للنّ ّ‬
‫في المستوى النّحو ّ‬
‫األمور‪:‬‬
‫‪ ―.152‬العطف‪.‬‬
‫ينبغي للدّارس أن يستفيد‪ ،‬في عمليّة إعطاء المعنى‪ ،‬من العطف (ومن ترك‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫العطف) بين مفردة وأخرى أو بين جملة وأخرى موجودة في النّ ّ‬
‫مثال ذلك‪ :‬إذا علمنا من قانون بناء الجمل أنّها على ثالثة أضرب‪:‬‬
‫صفة مع الموصو ف‪ 544‬والتّأكيد مع‬ ‫"جملة حالها مع التي قبلها حال ال ّ‬
‫المؤ ّكد‪ ،545‬فال يكون فيها العطف البتّة‪...546‬؛‬
‫جملة حالها مع التي قبلها حال االسم يكون غير الذي قبله إالّ أنّه يشاركه في‬
‫حكم ويدخل معه في معنى‪ ،‬مثل أن يكون ِّكال االسمين فاعال أو مفعوال‪)...( 547‬‬
‫فيكون حقّها العطف‪548‬؛‬

‫خطابي‪ ،‬م س ص ‪ 209‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 543‬مح ّمد ّ‬


‫‪ 544‬جاء "رجل طويل"‪.‬‬
‫يفرق في صفحة ‪762‬‬ ‫"الرجال كلّهم"‪ .‬انظر حول التأكيد‪ :‬مح ّمد الشاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 754‬وما بعدها‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 545‬جاء ّ‬
‫سانَ لَفّي‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ّ ّ َ‬ ‫ْ‬
‫اإل‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫‪‬‬ ‫(مثال‪:‬‬ ‫د‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫يؤ‬ ‫أيضا‬ ‫وهذا‬ ‫لفظ‪،‬‬ ‫بغير‬ ‫حاصل‬ ‫ومعنى‬ ‫د؛‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫ؤ‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫وهذا‬ ‫سابق‪،‬‬ ‫بلفظ‬ ‫حاصل‬ ‫بين‪ :‬معنى‬
‫خس ٍْر‪[‬العصر‪ :]2/‬هنا المعنى حاصل بغير لفظ‪ ،‬بالمقام وشهادة الحال)؛ ومعنى غير حاصل‪ ،‬وهذا ال يؤ َّكد بل‬
‫يؤسّس‪.‬‬
‫ْب فّي ّه‪ ،‬بيان وتوكيد وتحقيق لقوله‪ :‬ذَ ّلكَ‬ ‫ْب فّي ّه‪[‬البقرة‪ .]2/‬قوله‪َ  :‬ال َري َ‬ ‫‪" 546‬قال تعالى‪ :‬ذَ ّلكَ ا ْل ّكت َاب َال َري َ‬
‫ا ْل ّكت َاب‪ ، ‬وزيادة تثبيت له ‪ ...‬والدّاعي إلى جعله خاليا من العاطف هو أنّه ال شيء يتميّز به فيحتاج إلى ضا ّم‬
‫الربط بين الجمل‬ ‫يض ّمه إليه وعاطف يعطفه عليه"‪ .‬مح ّمد الخطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .101‬بعبارة أخرى‪ :‬كما يكون ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي أي برابط معنو ّ‬ ‫بواسطة الواو‪ ،‬يكون أيضا ً بغير رابط شكل ّ‬
‫األول‪ ،‬و‪ ...‬إذا‬ ‫ّ‬
‫‪" 547‬عطف المفرد على المفرد ‪ ...‬فائدة العطف في المفرد هي أن يشرك الثاني في إعراب ّ‬
‫ّ‬
‫ي إلى الثاني‪ ،‬فإذا‬ ‫أن الواو العاطفة تنقل الحكم اإلعراب ّ‬ ‫أشرك في إعرابه فقد أشركه في حكم ذلك اإلعراب‪ ،‬أي ّ‬
‫األول مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا كان الثّاني كذلك‪ :‬جاء زيد وعمرو‪ ،‬أكرمت زيدا ً وعليّاً‪ ،‬مررت بزيد‬ ‫كان ّ‬
‫ي"‪ .‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫وعل ّ‬
‫‪ 548‬لعطف ا لجملة على الجملة حاالن‪ ،‬ما يعنينا هنا "أن يكون للمعطوف عليها موضع من اإلعراب‪ ،‬وإذا كانت‬
‫ألن عطف الثّانية على األولى من ّزل منزلة عطف المفرد‪:‬‬ ‫فإن عطف جملة أخرى عليها ال إشكال فيه‪ّ ،‬‬ ‫كذلك ّ‬
‫ي إلى الثّانية بواسطة‬ ‫ّ‬ ‫اإلعراب‬ ‫الحكم‬ ‫نتقل‬‫ا‬ ‫وقد‬ ‫كرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫لل‬ ‫صفة‬ ‫الجملتين‬ ‫فكلتا‬ ‫قبيح‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫َل‬‫خ‬ ‫و‬ ‫حسن‬ ‫ه‬‫ق‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫برجل‬ ‫مررت‬
‫الواو"‪ .‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪300‬‬

‫جملة ليست في شيء من الحالين‪ ،‬بل سبيلها مع التي قبلها سبيل االسم مع االسم‬
‫ّ‬
‫وحق هذا‬ ‫ال يكون منه في شيء‪ ،‬فال يكون إيّاه وال مشاركا له في معنى (‪)...‬‬
‫ترك العطف"‪... 549‬‬
‫‪ ...‬إذا علمنا ما سبق من أحوال الجمل مع بعضها‪ ،‬أمكننا – انطالقا من مالحظة‬
‫ي (بالواو) أو من مالحظة انعدامه (هنا سيكون العطف‬ ‫وجود عطف شكل ّ‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫معنويّاً) – الخروج بهذا المعنى أو بذاك للنّ ّ‬

‫لكن ث ّم حال أخرى‪ :‬أن ال يكون للمعطوف عليها موضع من اإلعراب (زيد قائم وعمرو قاعد)‪ .‬وقد "اقترح‬
‫‪( ...‬الجرجاني) لتفسير ‪ ...‬العطف الحاصل بين جملتين ال مح ّل للمعطوف عليها من اإلعراب ‪ ...‬البحث‬
‫تبرر العطف‪ ،‬وقد وجدها فيما يس ّميه «معنى الجمع»‪ .‬والمثال الذي ضربه الجرجاني هو‪ :‬زيد قائم‬ ‫عن علّة ّ‬
‫أن زيدا ً وعمرا ً كالنّظيرين‬ ‫أن زيدا كائن بسبب من عمرو‪ ،‬وإ ّما ّ‬ ‫مبرر هذا العطف هو إ ّما ّ‬ ‫وعمرو قاعد‪ ،‬على أ ّن ّ‬
‫األول عناه أن يعرف حال الثّاني‪ .‬يدلّك على ذلك أنّك إن جئت فعطفت‬ ‫شريكين بحيث إذا عرف السّامع حال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫األول شيئا ليس منه بسبب‪ ،‬وال هو م ّما يذكر بذكره ويتّصل حديثه بحديثه لم يستقم‪ .‬فلو قلت‪ « :‬خرجت‬ ‫على ّ‬
‫يبرر ذكر حال عمرو مع‬ ‫اليوم من داري وأحسن الذي يقول بيت كذا»‪ ،‬قلتَ ما يض َحك منه‪ .‬ال بدّ إذن من داع ّ‬
‫أن السّامع – وهو أحد عناصر السّياق – وحاجته إلى معرفة حال‬ ‫والظاهر من كالم الجرجاني ّ‬ ‫ّ‬ ‫حال زيد عطفاً‪،‬‬
‫مبررات العطف‪ ،‬وهذا ما يفهم من كالم‬ ‫ّ‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫مبر‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ذهنه‪،‬‬ ‫في‬ ‫القترانهما‬ ‫ل‪،‬‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫حا‬ ‫معرفة‬ ‫الثّاني بعد‬
‫الجرجاني عن كون زيد وعمرو «كال ّشريكين والنّظيرين»‪.‬‬
‫شبيه والنّقيض‬ ‫النّظير وال ّ‬
‫مجوز العطف معنويّا ً حين امتناعه معياريّا ً ‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫منفصل‬ ‫غير‬ ‫ل‬ ‫باألو‬
‫ّ‬ ‫الحقيقة‪،‬‬ ‫في‬ ‫صل‪،‬‬ ‫هذا مبدأ متّ‬
‫المجوز للعطف هنا أن يكون الخبران شبيهين (زيد شاعر وعمرو كاتب)‪ ،‬أو نقيضين (زيد طويل‬ ‫ّ‬ ‫والقيد‬
‫وعمرو قصير)‪ ،‬أو نظيرين ‪...‬‬
‫ي‬‫ي والتّضا ّم العقل ّ‬ ‫التّضا ّم النّفس ّ‬
‫يبرر العطف تبريرا تداول ّيا ً ‪ ...‬بحيث تعود‬ ‫فإن هذا المبدأ ّ‬ ‫إذا كان المبدأ السّابق يب ّرر األمثلة السّالفة معنويّا‪ّ ،‬‬
‫مقبوليّة العطف ال إلى أسباب معنويّة‪ ،‬وإنّما إلى أسباب تداوليّة‪ .‬يضرب الجرجاني لتوضيح هذا المبدأ المثال‬
‫شخصان في ذهن المتلقّي ال يفترقان حتّى أنّه إذا عرف حال أحدهما تاق إلى‬ ‫التّالي‪ :‬عمرو قائم وزيد قاعد‪ .‬فال ّ‬
‫معرفة حال الثّاني‪ ،‬مثل أنّهما إذا كانا أخوين أو نظيرين أو مشتبكي األحوال على الجملة كانت الحال التي يكون‬
‫عليها أحدهما من قيام أو قعود أو ما شاكل ذلك مضمومة في النّفس إلى الحال التي عليها اآلخر من غير شكّ ‪.‬‬
‫فإن مبدأ التّضا ّم النّفس ّ‬
‫ي‬ ‫متلق إلى آخر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وألن اقتران األشخاص‪ ،‬في ذهن المتل ّقي‪ ،‬بعضها ببعض مختلف من‬ ‫ّ‬
‫ألن شخصين أو مجموعة من األشخاص تعتبر متضا ّمة بال ّنسبة لمن يعرفهما ويعنيه‬ ‫(خاص)‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬‫نسب ّ‬
‫ي عا ّم‪ ،‬ألنّه مرتبط‬ ‫ّ‬ ‫العقل‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ضا‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫مبدأ‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫حين‬ ‫في‬ ‫اس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫لجميع‬ ‫سبة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫بال‬ ‫كذلك‬ ‫تعتبر‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫وال‬ ‫فحسب‪،‬‬ ‫حالهما‬
‫الظلم مذموم‪ ،‬االجتهاد حسن والكسل‬ ‫بالوقائع ‪ ...‬مثال ذلك قولنا‪ :‬العلم حسن والجهل قبيح‪ ،‬العدل محمود و ّ‬
‫ي هو كون الواقعتين‬ ‫ّ‬ ‫داول‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫وال‬ ‫ل‪،‬‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫ي للعطف هو كون الخبر عن الثّاني مضادّا ً للخبر عن‬ ‫فالمبرر الدّالل ّ‬ ‫ّ‬ ‫قبيح‪.‬‬
‫متضا ّمتين عقليّا ً بالنّسبة لجميع األمم التي أسّست ‪ ...‬نظاما ً من القيم ناسبة إلى بعضها صفة اإليجاب وإلى‬
‫لحث األفراد على التّش ّبث بالقيم اإليجابيّة ونبذ السّلبيّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األخرى صفة السّلب‪،‬‬
‫الطريقة في الوصف والتّحليل يبرهن الجرجاني عن صالحيّة مبدأ عا ّم وضعه أثناء حديثه عن العطف‬ ‫بهذه ّ‬
‫تصور إشراك بين شيئين حتّى يكون هناك معنى يقع ذلك اإلشراك فيه‪.‬‬ ‫قائال‪ :‬ال ي ّ‬
‫ي‪ ،‬وهو اإلشراك‬ ‫أن العطف بين الجمل – في نظر الجرجاني – ال يحكمه فقط مبدأ نحو ّ‬ ‫نخلص م ّما سلف إلى ّ‬
‫متنوعة من نحو‪:‬‬ ‫ي‪ ،‬وإنّما تحكمه أيضا مبادئ ّ‬ ‫في الحكم اإلعراب ّ‬
‫شبيه‪ ،‬وال ّنظير‪ ،‬والنّقيض‪.‬‬ ‫– معنى الجمع = ال ّ‬
‫ي = بالنّسبة إلى األشخاص (وهو مبدأ نسب ّ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫– التّضا ّم النّفس ّ‬
‫ي = بال ّنسبة إلى الوقائع (وهو عا ّم)‪.‬‬ ‫– التّضا ّم العقل ّ‬
‫وهي مبادئ يمكن أن تختزل في مبدأ عا ّم هو «االشتراك في ‪ ."»...‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 102‬وما بعدها‪.‬‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 534‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 549‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .110‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫‪301‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ويمكن هنا تدعيم فكرة تأثّر المعنى انطالقا من مالحظة العطف أو مالحظة‬
‫نص واجه جمال من نحو ما‬ ‫أن دارس ّ‬ ‫انعدامه بواسطة المثال التّالي‪ :‬لنفرض ّ‬
‫اطينّ ّه ْم قَالوا‬ ‫جاء في اآليات ‪َ ‬وإّذَا لَقوا ال ّذينَ آ َ َمنوا قَالوا آ َ َمنا َوإّذَا َخلَ ْوا إّلَى َ‬
‫شيَ ّ‬
‫ستَه ّْزئ بّ ّه ْم َويَمدُّه ْم فّي ط ْغيَانّ ّه ْم‬‫ستَه ّْزئونَ (‪َّ )14‬للا يَ ْ‬ ‫إّنا َمعَك ْم إّن َما نَحْ ن م ْ‬
‫يَ ْع َمهونَ ‪[ ‬البقرة‪ ،]15 ،14/‬وبالتّحديد واجه الجملتين‪ " :‬قَالوا ‪ ...‬نَحْن‬
‫َّللا َي ْست َ ْه ِّزئ ِّب ِّه ْم "‪ .‬ولنفرض أنّه واجه أيضا جملتين من‬ ‫م ْست َ ْه ِّزئونَ ‪َّ .‬‬
‫سؤال بعد المواجهتين‬ ‫نحو‪:‬ي َخادّعونَ َّللاَ َوه َو َخادّعه ْم‪[ ‬النّساء‪.]142/‬فال ّ‬
‫ي (أي‬ ‫صورة األولى حيث العطف بال رابط شكل ّ‬ ‫هو‪:‬ما الفرق في المعنى بين ال ّ‬
‫صورة الثانية حيث الوصل ت ّم بالواو؟ الجواب‪ :‬جملة "‬ ‫ّ‬ ‫ي) وال ّ‬ ‫حيث ث ّم فصل شكل ّ‬
‫"َّللا يَ ْست َ ْه ِّزئ بِّ ِّه ْم"‪ ،‬خبر من هللا‬
‫نَحْ ن م ْست َ ْه ِّزئونَ "‪ ،‬خبر من المنافقين؛ وجملة َّ‬
‫تعالى‪ .‬فالفصل بين الجملتين سببه تبدّل المخ ِّبر‪ .‬أ ّما في جملة "يخَادِّعونَ َّ‬
‫َّللاَ"‪،‬‬
‫شيء في جملة "ه َو خَادِّعه ْم"‪.550‬‬ ‫فالمخبر هو هللا تعالى؛ ونفس ال ّ‬
‫نص‪ .‬والمطلوب منه‬ ‫فإن لمعرفة العطف أه ّميّة بالغة بالنّسبة إلى دارس ّ‬ ‫وهكذا ّ‬
‫تحديدا معرفة ثالثة أصول‪:‬‬
‫األول‪ :‬موضع العطف‪ .‬هنا ينبغي على الدّارس أن يميّز "بين نوعين من‬ ‫األصل ّ‬
‫األول‪ ،‬واإلعراب الذي ال يتبع فيه‬ ‫اإلعراب‪ :‬اإلعراب الذي يتبع فيه الثّاني ّ‬
‫األول فهو أنّه‬ ‫صنف ّ‬ ‫األول‪ .‬أ ّما ما ينبغي أن يعرفه ‪( ...‬الدّارس) عن ال ّ‬ ‫الثّاني ّ‬
‫يتكون من‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ألن المتبوع في حكم المن ّحى والمضرب‬ ‫– البدل = ليس موضعا لدخول الواو‪ّ ،‬‬
‫عنه‪.‬‬
‫ألن التّابع هو المتبوع‪.‬‬ ‫– الوصف = ليس موضعا لدخول الواو‪ّ ،‬‬
‫ألن التّابع هو المتبوع‪.‬‬ ‫– التّأكيد = ليس موضعا لدخول الواو‪ّ ،‬‬
‫ألن التّابع هو المتبوع ‪...‬‬ ‫– البيان = ليس موضعا لدخول الواو‪ّ ،‬‬
‫األصل الثّاني‪ :‬هو معرفة معاني حروف العطف كالفاء‪ ،‬وث ّم‪ ،‬وبل‪ ،‬وحتّى ‪...‬‬
‫إلخ‪.551.‬‬

‫‪ 550‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.108‬‬


‫الرازي‪ ،‬المحصول في علم األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه جابر فيّاض العلواني‪،‬‬
‫‪ 551‬انظر‪ :‬مح ّمد بن عمر بن الحسين ّ‬
‫الرياض‪ ،‬ط ‪ 1400 ،1‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 507‬وما بعدها؛ أبو المظفرّ‬ ‫جامعة اإلمام مح ّمد بن سعود اإلسالميّة‪ّ ،‬‬
‫منصور بن مح ّمد بن عبد الجبّار السّمعاني‪ ،‬قواطع األدلّة في األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬مح ّمد حسن مح ّمد حسن‬
‫الرحيم بن‬
‫شافعي‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ 1418 ،‬هـ – ‪ 1997‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 36‬وما بعدها؛ عبد ّ‬ ‫إسماعيل ال ّ‬
‫الحسن األسنوي أبو مح ّمد‪ ،‬التّمهيد في تخريج الفروع على األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مح ّمد حسن هيتو‪ ،‬مؤسّسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1400 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪ 208‬وما بعدها؛ علي بن مح ّمد البزدوي الحنفي‪ ،‬أصول البزدوي –‬ ‫ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪302‬‬

‫أن الواو كحرف عاطف فائدته مشاركة المعطوف‬ ‫األصل الثّالث‪ :‬معرفة ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫والمعطوف عليه في المعنى اإلعراب ّ‬
‫أن كون العطف بالواو مقبوالً ال مردودا ً هو أن يكون‬‫الرابع‪ :‬هو معرفة ّ‬
‫األصل ّ‬
‫بين المعطوف والمعطوف عليه جهة جامعة" ‪.‬‬
‫‪552‬‬

‫‪ ―.153‬اإلحالة (الضّمرييّة)‪.‬‬
‫اإلحالة ضميريّة‪ 553‬أو إشاريّة‪ .‬ومن المسائل التي ينبغي للدّارس أن ينتبه إليها‪،‬‬
‫لتأثيرها على المعنى‪ ،‬صورة وجود ضمير وقبله عدّة أشياء يمكن أن تكون‬
‫جميعها أو بعضها أو واحد منها هو المحال عليه‪.554‬‬

‫كنز الوصول إلى معرفة األصول‪ ،‬مطبعة جاويد بريس‪ ،‬كراتشي‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪ 90‬وما بعدها؛ مح ّمد بن أحمد بن‬
‫س َر ْخسي أبو بكر‪ ،‬أصول السّرخسي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 200‬وما بعدها؛ أحمد‬ ‫أبي سهل ال َّ‬
‫شؤون‬ ‫صاص‪ ،‬الفصول في األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عجيل جاسم ال ّنشمي‪ ،‬وزارة األوقاف وال ّ‬ ‫الرازي الج ّ‬ ‫بن علي ّ‬
‫اإلسالميّة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪ 1405 ،1‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 81‬وما بعدها؛ علي بن مح ّمد اآلمدي أبو الحسن‪ ،‬اإلحكام في‬
‫أصول األحكام‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬سيّد الجميلي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1404 ،1‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪96‬؛ كتاب‬
‫معاني األدوات والحروف المنسوب البن قيّم الجوزيّة‪ ،‬تحقيق ودراسة خالد مح ّمد حسين قماطي‪ ،‬المكتب‬
‫الوطني للبحث والتّطوير‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ط‪2004 ،1 .‬؛ فاطمة ال َحمياني‪ ،‬حروف المعاني بين المناطقة والنّحاة من‬
‫بالرباط‪ ،‬ط ‪.2006 ،1‬‬ ‫القرن الثّالث إلى القرن التّاسع للهجرة‪ ،‬منشورات كلّيّة اآلداب والعلوم اإلنسانيّة ّ‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 560‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 552‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬و‪ .112‬انظر أيضا‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫شاوش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1096‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 553‬انظرها عند‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫‪ 554‬مثال ذلك‪:‬‬
‫صنَ ّبأ َ ْنفس ّّهن ث َ َالثَةَ قروءٍ َو َال يَحّ ُّل لَهن أ َ ْن َيكْت ْمنَ َما َخلَقَ َّللا فّي أ َ ْرحَامّ ّهن ّإ ْن‬ ‫قال هللا تعالى ﴿ َوا ْلم َطل َقات َيت ََرب ْ‬
‫كن يؤْ مّ ن ّبالِلّ َوا ْل َي ْو ّم ْاْلَخّ ّر َوبعولَتهن أَحَقُّ ّب َر ّدهّن فّي ذَ ّلكَ ّإ ْن أ َ َرادوا ّإص َْالحا ‪[ ﴾ ...‬البقرة‪ .]228 :‬ففي بداية‬
‫الرجعيّات‪ .‬ث ّم‬ ‫الرجعيّات وغير ّ‬ ‫صنَ ّبأ َ ْنفس ّّهن ث َ َالثَةَ قروءٍ ) نجد "ا ْلم َطلقَات" عا ّمة تشمل ّ‬ ‫اآلية ( َوا ْلم َطل َقات َيت ََرب ْ‬
‫تقول اآلية ( َوبعولَتهن أَحَقُّ ّب َر ّدهّن)‪ ،‬والضّمير في "بعولَتهن" يه ّم من طلّق طالقا رجعيّا ً أل ّننا نعلم من دليل‬
‫ي)‬ ‫الرجع ّ‬‫الطالق ّ‬ ‫الردّ في ّ‬ ‫المطلِّق‪ .‬فهل حصر الحكم الثّاني (حصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫حق اإلرجاع ال يملكه إالّ مثل هذا‬ ‫أن ّ‬ ‫آخر ّ‬
‫ي) أم يبقى العا ّم على عمومه (تعتدّ ثالثة قروء‬ ‫الرجع ّ‬ ‫الطالق ّ‬‫األول (حصر العدّة في ّ‬ ‫يوجب حصر الحكم ّ‬
‫الرجعيّة)؟‬ ‫لرجعيّة وغير ّ‬ ‫ا ّ‬
‫الرجوع إلى ما تقدّم عليه من المعنى‪.‬‬ ‫وهكذا فنحن أمام ظهورين‪ :‬ظهور العا ّم في العموم‪ ،‬وظهور الضّمير في ّ‬
‫فهل نقدّم حكم المرجع أم نقدّم حكم الضّمير؟‬
‫ث ّم أربعة طرق لعالج هذا المشكل‪:‬‬
‫صصة للحكم‬ ‫صرف في المرجع‪ ،‬أي مخالفة ظهور العا ّم في العموم‪ ،‬واعتبار الحكم الثّاني قرينة مخ ِّ ّ‬ ‫ّأوالً الت ّ ّ‬
‫إن جزأها‬ ‫صصا ً يصير المرجع مطابقا للضّمير‪ .‬في مثال آية البقرة‪ :‬نقول ّ‬ ‫األول مخ َّ‬ ‫ّ‬ ‫الحكم‬ ‫وبصيرورة‬ ‫األول‪.‬‬‫ّ‬
‫صنَ ّبأ َ ْنفس ّّهن ث َ َالثَةَ قروءٍ ) الذي سيصير‬ ‫صصة لجزئها ( َوا ْلم َطلقَات يَت ََرب ْ‬ ‫( َوبعولَتهن أَحَقُّ ّب َر ّدهّن) قرينة مخ ِّ ّ‬
‫بالرجعيّة ال عا ّما يشملها ويشمل البائنة‪.‬‬ ‫بهذا متعلّقا ّ‬
‫ضمير في رجوعه إلى ما تقدّم عليه من المعنى الذي د ّل عليه‬ ‫صرف في الضّمير‪ ،‬أي مخالفة ظهور ال ّ‬ ‫ثانيا ً التّ ّ‬
‫أن الضّمير أريد رجوعه على البعض فحسب م ّما تقدّم‬ ‫اللفظ بأن يكون مستعمال على سبيل االستخدام‪ ،‬واعتبار ّ‬
‫إن الضّمير في ( َوبعولَتهن أَحَقُّ بّ َر ّدهّن) لم يرد‬ ‫عليه‪ ،‬وهكذا يبقى العا ّم على عمومه‪ .‬في مثال آية البقرة‪ :‬نقول ّ‬
‫الرجعيّة والبائنة‪.‬‬ ‫صنَ بّأ َ ْنفس ّّهن ث َ َالثَةَ قروءٍ ) التي تبقى على عمومها فتشمل ّ‬ ‫رجوعه على ( َوا ْلم َطل َقات يَت ََرب ْ‬
‫األول ظهور الضّمير على ظهور العا ّم‪ ،‬أ ّما في العالج‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫ّمنا‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ن‬‫أ‬ ‫اني‬ ‫ّ‬ ‫ث‬‫ال‬ ‫والعالج‬ ‫األول‬
‫والفرق بين العالج ّ‬
‫الثّاني فقدّمنا ظهور العا ّم على ظهور الضّمير‪.‬‬
‫(الرجعيّة)‬ ‫صرف ال في المرجع وال في الضّمير بل في اإلسناد‪ ،‬أي "إسناد الحكم المسند إلى البعض ّ‬ ‫ثالثا ً التّ ّ‬
‫تصرف في المرجع وال في الضّمير"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتجوزا‪ ،‬فيكون مجازا في اإلسناد بال‬ ‫ّ‬ ‫إلى الك ّل (مطلق المطلّقة) توسّعا‬
‫‪303‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صرف ال في المرجع وال في الضّمير وال في اإلسناد‪ ،‬وإبقاء ك ّل حكم على عمومه‪:‬‬ ‫رابعا ً عدم الت ّ ّ‬
‫فك ّل مطلّقة تعتدّ ثالثة قروء‪ ،‬ونعتبر هنا اإلرادة االستعماليّة مطابقة لإلرادة الجدّيّة؛‬
‫أحق بردّ المطلّقة لكن باإلرادة االستعماليّة فحسب‪ ،‬أ ّما اإلرادة الجدّيّة فنعتبر أنّها تعلّقت ّ‬
‫بالرجعيّة ال‬ ‫وك ّل زوج ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن هنالك دليال آخر قاطعا على أن المطلقة البائنة ال حق للزوج في إرجاعها‪ .‬وهكذا نعتبر أن الضّمير لم‬ ‫ّ‬ ‫غير ّ‬
‫ي‪ .‬بل نحن اعتبرنا الضّمير قد استعمل‬ ‫ّ‬ ‫مجاز‬ ‫معنى‬ ‫في‬ ‫ستعمل‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫ّمير‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫نعتبر‬ ‫هكذا‬ ‫أي‬ ‫البعض‪،‬‬ ‫يعد إلى‬
‫في معناه وهو العموم‪ ،‬لكن لوجود دليل على أن ال رجعة في البائنة لزم أن نقول بتخصيص اإلرادة الجدّيّة في‬
‫س في شيء اإلرادة االستعماليّة‪ .‬مح ّمد صنقور‪ ،‬المعجم األصولي‪،‬‬ ‫جانب الضّمير دون أن نم ّ‬
‫‪ 30( http://www.alhodacenter.com‬مارس ‪.)2012‬‬
‫انظر أيضا من يقول‪:‬‬
‫ي‪ ،‬المبدأ (‪:)8‬‬ ‫"من بين المبادئ النّحويّة المستخدمة في رصد الضّمائر التي تحتمل أكثر من مفسّر ضمير ّ‬
‫(‪ )8‬عود الضمير على األقرب‪.‬‬
‫نص ما‪ ،‬أكثر من مفسّر وتحتوي القضيّة الموالية‬ ‫يقضي المبدأ (‪ )8‬بأنّه عندما تَض ّم القضيّة األولى (ق‪ ،)1‬من ّ‬
‫(ق‪ ،)2‬ضميرا ً يثير عوده لبساً‪ ،‬يتوسّل بقاعدة «األقرب» بغية تعيين مفسّر الضّمير الوارد‪ :‬من بين مجموعة‬
‫مذكورة فيما تقدّم الخطاب (ق‪ .)1‬إذا أمكن للضّمير أن يعود على األقرب وعلى األبعد «كان عوده على األقرب‬
‫راجحا ً»‪ ،‬كما يظهر من ضمير الهاء في قوله تعالى‪:‬‬
‫(‪ { )9‬فَا ْق ّذفّي ّه فّي ا ْليَ ّم [طه‪} ]39/‬‬
‫إذ يعود الضّمير على (الت ّابوت) ألنّه هو األقرب‪.‬‬
‫صص ابن الحاجب هذا المبدأ‪ ،‬قائالً‪« :‬إذا تقدّم ما يصلح للتّفسير شيئان فصاعداً فالمفسَّر هو‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬يخ ِّ ّ‬
‫األقرب ال غير‪ ،‬نحو‪ :‬جاءني زيد وبكر فضربته أي ضربت بكرا»‪.‬‬
‫مطرد‪ ،‬في كثير من اآليات كقوله تعالى‪:‬‬ ‫غير أن هذا المبدأ‪ ،‬كما يالحظ العرب القدامى‪ ،‬غير ّ‬
‫َاب [العنكبوت‪ )27:29( } ]27/‬فالضّمير في‬ ‫َ ّ َ‬‫ت‬ ‫ك‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬‫و‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫و‬‫ب‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫وب َو َج َع ْلنَا فّي ذ ّري ّت ّه‬‫سحَاقَ َو َيعْق َ‬ ‫(‪َ { )10‬و َو َه ْبنَا لَه ّإ ْ‬
‫ذريته) "عائد على إبراهيم‪ ،‬وهو غير األقرب‪ ،‬ألنّه المحدّث عنه في ّأول القصة"‪.‬‬ ‫( ّ‬
‫بنا ًء على هذه المالحظات يمكن أن نخلص إلى المبدأ(‪:)11‬‬
‫ي (عود الضّمير على‬ ‫تعطل عمل القاعدة النّحويّة (عود الضّمير على األقرب) نتوسّل بالمبدأ التّداول ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )11‬إذا‬
‫المحدّث عنه)‪.‬‬
‫نشتق من المبدأ (‪ )11‬المبدأ (‪:)12‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬
‫(‪ )12‬عود الضّمير على المحدّث عنه أولى من عوده على األقرب‪.‬‬
‫أن تشغيلهم لهذين المحدِّّدين لم يكن دقيقا‪،‬‬ ‫يمكن أن نسجّل على ركون القدماء إلى هذين الضّابطين مآخذ‪ ،‬أه ّمها‪ّ :‬‬
‫في غالب األحوال‪ ،‬فال وجود لمحدّدات معقولة‪ ،‬ت َب ِّيّن الحاالت المخصوصة التي نشغّل‪ ،‬بمقتضاها هذين‬
‫المبدأين‪.‬‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬ال نجد إجابة دقيقة عن السّؤال التّالي‪ :‬متى نشغّل المبدأ (‪ )8‬دون المبدأ (‪)11‬؟‬
‫سالً بالمبدأين (‪ )8‬و‬ ‫أن كثيرا ً من المعطيات القرآنيّة التي اختلف في تحديد سوابقها‪ ،‬ال يمكن حلّها تو ّ‬ ‫والحقيقة‪ّ ،‬‬
‫ص المبدأ‬‫(‪ :)11‬فضمير (الهاء) في قوله تعالى { ا ْق ّذفّي ّه فّي ا ْليَ ّم [طه‪ } ]39/‬ال يعود على (التّابوت) كما يَن ّ‬
‫(‪ )8‬وال على (موسى) بإجراء المبدأين (‪ )11‬أو (‪ ،)12‬وإنّما عوده على ذات خطابيّة تستنبط من مساق‬
‫الخطاب‪ ،‬حيث نش ّغل‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬المبدأ (‪ )13‬المعاد للتّذكير‪:‬‬
‫ي للضّمائر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫(‪ )13‬يتيح اإلخبار المقدّم (القضيّة السّابقة) أو مقاطع من قول ما‪ ،‬تحديد االستعمال التداول ّ‬
‫وعليه تتحدّد الذّات الخطابيّة التي يعود عليها ضمير الهاء في‪( :‬الت ّابوت الذي يوجد بداخله موسى)"‪ .‬ذ‪ .‬لحسن‬
‫توبي‪ ،‬العائديّة الخطابيّة‪ :‬مقاربة تداوليّة معرفيّة‪ ،‬الموقع االلكتروني‪http://www.arabization.org.ma:‬‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪.)2010‬‬
‫وانظر حول اإلحالة المراجع التي أتت في مقال لحسن توبي‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫الظواهر اإلحاليّة في اللغة العربيّة‪ ،‬اللسانيّات في خدمة اللغة‬ ‫عبد القادر الفاسي الفهري‪ ،‬الدّاللة ال ّنظريّة لبعض ّ‬
‫العربيّة‪ ،‬سلسلة اللسانيّات عدد‪ ،1981 ،5 :‬تونس‪.‬‬
‫ص‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬الدّار البيضاء‪.1993 ،‬‬ ‫األزهر الزناد‪ ،‬نسيج ال ّن ّ‬
‫‪Blakemore, D. (1987), Semantic constraints on Relevance. Blackwell, Oxford.‬‬
‫‪Carston, R. (1988) “Language cognition”, in Newmeger, F.j (ed.). Linguistics, vol.‬‬
‫‪4, Cambridge University Press.‬‬
‫‪Cornisch, F (1990). “Anaphore Pragmatique, Reference et Modeles du discours”, in‬‬
‫‪Kleiber, G. Tyvaert, (ed). L’Anaphore et ses domaines, Recherches Linguistiques,‬‬
ّ‫ دراسة النّص‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 304

.)‫― اإلشارة (اإلحالة اإلشاريّة‬.154


‫ وعندها‬،)‫ تلك‬،‫ أولئك‬،‫وبدل الضّمير يمكن أن نجد اسم إشارة إلى البعيد (ذلك‬
‫ ث ّم من بعد ذلك تحديد‬،‫ فيستوجب من الدّارس مالحظته‬،‫يطرح نفس المشكل‬
.‫ ث ّم االحتجاج لهذا المعنى‬،‫معناه‬
.ّ‫ املستوى املعجمي‬:ً‫― ثانيا‬.155
:‫في هذا المستوى على الدّارس أن يعتني بأمور منها‬
.‫― املطابقة‬.156
‫ وهي أن يؤتى بكالم من جزأين يجمع فيه "بين‬،555‫تعرضنا سابقا للمطابقة‬ ّ
‫ أن يستغ ّل ذلك مثال‬،‫ إن انتبه إلى المقابلة‬،‫ ويمكن للدّارس‬. "‫شيء وضدّه‬
556 ّ ‫ال‬
‫صناعة على المضمون أم لم‬ ّ ‫سفت فيه ال‬ّ ‫ هل تع‬:‫ص المدروس‬ ّ ّ‫في الحكم على الن‬
‫سف؟‬ّ ‫تتع‬

Université de Metz. Paris.


Fodor, J.A (1983), The Modularity of Mind, M.I.T. Press, Cambridge, Mass. (Trad.
Française, la Modularité de l’esprit. Minuit (1986).
Grice. H.P. (1975) “Logic and conversation”, in, cole, P and Morgan. J(ed). Syntax
and Semantics vol III, NewYork. Academic Press.
Kempson, R. (1988). “Grammar and conversational Principles” in, Newmeyer, F. J
(ed).Linguistics: The Cambridge University Press.
Lita, L (1990) “Un cas d’ambiguité Réferentielle, Aspects Pragmatiques”, dans
Kleiber, G et Tyvaert J. (ed).
Lyons. J. (1977) Semantics, Cambridge University Press.
Lyons. J. (1990) Semantique Linguistique, (trad. Dur and J. et Boulonnais, D.
Larousse. Paris).
Reboul, A (1990) “Rhetorique de l’anaphore” in Kleiber, G et Tyvaert, J. (ed.).
Sperber D. and Wilson D. (1986) Relevance: communication and cognition, Basil
Blackwell. Oxford.
Werth, P (1983), Focus, coherence and Emphasis, croomHelm. London.
Yan, H (1991), “A Neo-Gricean Pragmatic theory of Anaphora”, in journal of
linguistics n° 27.
.‫ وما بعدها‬949 ‫ ص‬،‫ م س‬،‫ مح ّمد ال ّشاوش‬:‫انظر أيضا‬
.60 ‫ انظر الفقرة عدد‬555
.131‫ و‬130 ‫ ص‬،‫ م س‬،‫ مح ّمد خطابي‬556
‫‪305‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ ―.157‬التّكرير‪.‬‬
‫ي‪ ،‬وأنّه شكل يعمد إليه من أجل ربط‬ ‫أن التّكرير هو إعادة عنصر معجم ّ‬ ‫رأينا ّ‬
‫ص‪ .557‬لكن للتّكرير وظيفة أخرى هي تداوليّة‪ ،‬فهو مثال يلفت انتباه‬ ‫أجزاء النّ ّ‬
‫المخاطب إلى أمر ال يراد أن يَغفل عنه ‪ .‬لذا ينبغي للدّارس أن يهت ّم به‪ .‬ث ّم ّ‬
‫إن‬ ‫‪558‬‬

‫الربط‪ ،‬وعلى هذا األساس يم ّكن االعتناء به الد َ‬


‫ّارس‬ ‫التّكرير كما قلنا له وظيفة ّ‬
‫من كشف عالقات اإلجمال والتّفصيل وغير ذلك من أنواع العالئق بين ّ‬
‫مكونات‬
‫ي‪.‬‬
‫ص‪ .‬لكن مثل هذه األمور تتناول ضمن المستوى الدّالل ّ‬ ‫ال ن ّ ّ‬
‫‪ ―.158‬ثالثاً‪ :‬املستوى الدّالليّ‪.‬‬
‫ي إلى العطف وترك العطف بين الجمل‪ ،559‬وقلنا‬ ‫تعرضنا في المستوى النّحو ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬وهو اإلشراك في‬ ‫إن العطف بين الجمل "ال يحكمه فقط مبدأ نحو ّ‬ ‫حينها ّ‬
‫متنوعة من نحو‪:‬‬ ‫ي‪ ،‬وإنّما تحكمه أيضا مبادئ ّ‬ ‫الحكم اإلعراب ّ‬
‫شبيه‪ ،‬والنّظير‪ ،‬والنّقيض‪.‬‬ ‫– معنى الجمع = ال ّ‬
‫ي)‪.‬‬‫ي = بالنّسبة إلى األشخاص (وهو مبدأ نسب ّ‬ ‫– التّضا ّم النّفس ّ‬
‫ي = بالنّسبة إلى الوقائع (وهو عا ّم)‪.‬‬ ‫– التّضا ّم العقل ّ‬
‫وهي مبادئ يمكن أن تختزل في مبدأ عا ّم هو «االشتراك في ‪.560"»...‬‬
‫والمطلوب من الدّارس مالحظة االشتراك واستخراج ما ينبغي استخراجه على‬
‫صعيد المعنى‪ .‬والمطلوب – زيادة على ما سبق‪ ،‬وبعد مالحظة العطف بالوصل‬
‫أو بالفصل – استخراج عالقات معنويّة أخرى بين المعطوف والمعطوف عليه‬
‫سبب‬ ‫من نحو‪ :‬التّأكيد والبيان‪ ،‬اإلجمال والتّفصيل‪ ،‬العموم والخصوص‪ ،‬ال ّ‬
‫والمسبّب‪ ،‬التّقدّم والتّأخر ومن ث ّم األه ّم واألق ّل أه ّمية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ص‬‫ص وتنظيم النّ ّ‬‫ي موضوع النّ ّ‬ ‫درج في المستوى الدّالل ّ‬ ‫زيادة على ما تقدّم‪ ،‬ي َ‬
‫وترتيب النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫ص بنية دالليّة تصبّ فيها مجموعة المتواليات‬ ‫والمقصود بموضوع النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬فيقصد به تحديد العالقة التي تنتظم بها‬ ‫ص‪ .‬أ ّما تنظيم النّ ّ‬‫الموجودة في النّ ّ‬

‫‪ 557‬انظر الفقرة عدد ‪.138‬‬


‫‪ 558‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪ 559‬انظر الفقرة عدد ‪.152‬‬
‫‪ 560‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪306‬‬

‫والخاص‪ .‬وأخيرا يأتي ترتيب النّ ّ‬


‫ص‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ص من نحو عالقة العا ّم‬ ‫مكونات النّ ّ‬
‫ّ‬
‫والمقصود به تنظيم الوقائع واألحداث وتسلسلها ‪.‬‬
‫‪561‬‬

‫مدعو لمالحظة أنواع متعدّدة من‬


‫ّ‬ ‫لنص‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫والحاصل ّ‬
‫أن الدّارس للمستوى الدّالل ّ‬
‫مكونات النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬ ‫العالئق بين ّ‬
‫‪ ―.159‬رابعاً‪ :‬املستوى التّداوليّ‪.‬‬

‫– التّضامّ النّفسيّ‪.‬‬
‫ي‪ ،‬يمكن للدّارس تناوله من زاوية تداوليّة‪.‬‬ ‫وما ورد تحت المستوى الدّالل ّ‬
‫فالعطف‪ ،‬وتحديدا ً مقبوليّة العطف‪ ،‬يمكن إرجاعه ال ألسباب معنويّة فحسب بل‬
‫ألسباب تتعلّق بالمتلقّي‪ ،‬أي ألسباب تداوليّة‪ .‬ولقد ضربنا سابقا‪ 562‬مثال من‬
‫شخصين في ذهن‬ ‫أن ال ّ‬
‫يقول‪ :‬عمرو قائم وزيد قاعد‪ .‬فسبب هذا القول قد يكون ّ‬
‫المتلقّي ال يفترقان حتّى أنّه إذا عرف حال أحدهما تاق إلى معرفة حال الثّاني‪.‬‬
‫لذا أتى المتكلّم بالجملتين معا‪ .‬ولذا ال يمكن للدّارس فهم اإلتيان بالجملتين إالّ بعد‬
‫سياق‪ ،‬وهو هنا المتلقّي‪.‬‬‫معرفة ال ّ‬
‫– السّؤال املقدّر‪.‬‬
‫صه على شكل‬ ‫سؤال‪ .‬فالمتكلّم قد يبني ن ّ‬ ‫ونفس الكالم يص ّح في صورة حذف ال ّ‬
‫سؤال‪.‬‬ ‫مكون من سؤال يقدّر أن يطرحه المتلقّي‪ ،‬ومن جواب ذاك ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫زوج‬
‫سامع على موقعه‪ ،‬أو إلغنائه‬ ‫سؤال‪" :‬إ ّما لتنبيه ال ّ‬
‫وهنالك عدّة أغراض لحذف ال ّ‬
‫أن يسأل‪ ،‬أو لئالّ يسمع منه شيء‪ ،‬أو لئالّ ينقطع كالمه بكالمه‪ ،‬أو للقصد إلى‬
‫أن الجهات الثّالث األولى اعتبارات تتعلّق‬ ‫تكثير المعنى بتقليل اللفظ‪ .‬نالحظ ّ‬
‫سؤال)‪،‬‬ ‫سامع (عن ال ّ‬‫سامع‪ ،‬وإغناء ال ّ‬ ‫سمع ويمكن إجمالها في ثالثة‪ :‬تنبيه ال ّ‬ ‫بال ّ‬
‫الرابع بسلطة المتكلّم وتنبّئه بإمكان‬ ‫سامع (عن الكالم)‪ ،‬بينما يتعلّق ّ‬ ‫وإسكات ال ّ‬
‫سؤال‬‫سامع‪ ،‬فيبادر إلى الجواب قبل ال ّ‬ ‫إثارة الكالم المقول استفهاما ً في ذهن ال ّ‬
‫لضمان االستمرار في الكالم (نفس الكالم)‪ .‬أ ّما االعتبار الخامس فيتعلّق‬
‫سؤال بين ك ّل قولين‪ ،‬إذ لو ّ‬
‫تكرر‬ ‫بالخطاب نفسه‪ ،‬بحيث يستغني عن تكرير ال ّ‬
‫ألثقل الخطاب بكالم حقّه أن يستغنى عنه اعتمادا على ما يقتضيه المقام‪ ،‬أي‬

‫‪ 561‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 180‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 562‬انظر الفقرة عدد ‪.152‬‬
‫‪307‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سؤال (المقدّر)‪ /‬الجواب الذي‬


‫ي بتقدير زوج ال ّ‬
‫االستغناء عن إظهار رابط لفظ ّ‬
‫يظ ّل ثاويا في عمق الخطاب المخرج على هذا النّحو" ‪.‬‬
‫‪563‬‬

‫– األفعال الكالميّة‪.‬‬
‫أن التّماثل بين جملتين يقتضي العطف بينهما بالواو واالختالف‬ ‫رأينا سابقا‪ّ 564‬‬
‫أن الجملتين إذا كانتا خبريّتين وجب الوصل بينهما‬ ‫يقتضي الفصل‪ .‬مثال ذلك ّ‬
‫سماء‪ ،‬وابتلّت األرض؛ أ ّما إذا كانت واحدة خبريّة واألخرى‬ ‫بالواو‪ :‬أمطرت ال ّ‬
‫سماء‪ .‬اذهب واحرث أرضك ‪ .‬لكن‬
‫‪565‬‬
‫إنشائيّة فالواجب عندها الفصل‪ :‬أمطرت ال ّ‬
‫قد نجد مثال جملة خبريّة تعقبها جملة خبريّة مع فصل بينهما‪ .‬هنا ينبغي للدّارس‬
‫سياق الذي قد يحمل ما يصرف واحدة من الجملتين من الخبر إلى‬ ‫أن ينتبه إلى ال ّ‬
‫ص فصل بين الجملتين‪.‬‬ ‫سر من ث ّم كون صاحب النّ ّ‬ ‫اإلنشاء ويف ّ‬
‫‪ ―.160‬الكتابات العربيّة والغربيّة معاً‪.‬‬
‫ص أن تت ّم على أربع‬ ‫وهكذا‪ ،‬وحسب كتابات عربيّة‪ ،‬ينبغي لدراسة النّ ّ‬
‫ي‪ ،‬ومستوى‬ ‫ي‪ ،‬ومستوى دالل ّ‬ ‫ي‪ ،‬ومستوى معجم ّ‬ ‫مستويات‪ :‬مستوى نحو ّ‬
‫‪567‬‬
‫ي‪ .‬وهي نفس المستويات التي وجدناها في كتابات غربيّة ‪ .‬وهنالك‬
‫‪566‬‬
‫تداول ّ‬
‫من دمج بين الموجود في الكتابات العربيّة والموجود في الكتابات الغربيّة‪.‬‬
‫نص ينبغي أن تت ّم على هذا النّحو‪ ،‬أو على بعض هذا‬
‫أن دراسة ّ‬ ‫والدّمج يعطي ّ‬
‫ص المدروس‪:‬‬ ‫النّحو‪ ،‬وذلك بحسب النّ ّ‬
‫ي‪:‬‬‫◄ المستوى النّحو ّ‬
‫● اإلحالة‬
‫● اإلشارة‬
‫● أدوات المقارنة‬
‫● العطف‬
‫● الحذف‬
‫● االستبدال‬
‫‪ 563‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 115‬و‪.116‬‬
‫‪ 564‬انظر الفقرة عدد ‪.152‬‬
‫‪ 565‬في الحقيقة نحن هنا أمام جملة خبريّة (أمطرت السّماء)‪ ،‬ث ّم فصل‪ ،‬ث ّم جملة إنشائيّة (اذهب)‪ ،‬ث ّم عطف‬
‫ألن ما سيأتي مماثل‪ ،‬أي جملة إنشائيّة (احرث أرضك)‪.‬‬ ‫بالواو ّ‬
‫مؤول‬
‫ّ‬ ‫زاوية‬ ‫هي‬ ‫أخرى‬ ‫زاوية‬ ‫من‬ ‫بها‬ ‫أتينا‬ ‫نا‬‫ن‬‫ّ‬ ‫لك‬ ‫‪.‬‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫منتج‬ ‫زاوية‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫والعرب‬ ‫ة‬‫ي‬
‫ّ‬ ‫الغرب‬ ‫بالكتابات‬ ‫‪ 566‬أتي‬
‫ص‪.‬‬‫النّ ّ‬
‫‪ 567‬مح ّمد خطابي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪308‬‬

‫ي‬
‫◄ المستوى المعجم ّ‬
‫● التّكرير‬
‫● التّضا ّم‬
‫● المطابقة‬
‫ي‬
‫◄ المستوى الدّالل ّ‬
‫● مبدأ االشتراك‬
‫● العالقات‪ :‬اإلجمال‪/‬التّفصيل‪ ،‬العموم‪/‬الخصوص‬
‫● موضوع الخطاب‬
‫● البنية الكلّيّة‬
‫● التّغريض‬
‫ي‬‫◄ المستوى التّداول ّ‬
‫سياق‬
‫● ال ّ‬
‫● المعرفة الخلفيّة (التّضام النّفس ّ‬
‫ي ‪)...‬‬
‫‪ ―.161‬منوذج ملقرتح غربيّ وُضِع للّنصّ ذي املوضوع القانونيّ(نصّ قانون‪ ،‬نصّ قرار قضائيّ‪،‬‬

‫إخل‪.).‬‬
‫هذا عن دمج كتابات عربيّة وغربيّة‪ .‬والدّمج لم يكن ممكنا‪ ،‬لوال ال ّ‬
‫شبه الكبير‬
‫بين إجراءات الدّراسة الواردة في الكتابات األولى وتلك الواردة في الكتابات‬
‫شبه بين إجراءات الدّراسة –‬ ‫سبب المتمثّل في ال ّ‬ ‫الثّانية‪ .‬ويمكن – ألجل نفس ال ّ‬
‫ص ذي‬ ‫ضع حول النّ ّ‬ ‫ي مع ما و ِّ‬ ‫ص غير القانون ّ‬‫ضع حول النّ ّ‬ ‫أن ندمج ما و ِّ‬
‫ص ذي الموضوع‬ ‫ضع حول النّ ّ‬ ‫ي‪ .‬لكن لنعرض ّأوالً ما و ِّ‬ ‫الموضوع القانون ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫القانون ّ‬
‫‪ ―.162‬شبكة األسئلة‪.‬‬
‫ضع إجراء – وهو النّموذج الذي اخترناه – اقترحه "جون ‪ -‬لويس‬ ‫ما و ِّ‬
‫سوريو" (‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا" (‪. ) Pierre Lerat‬‬
‫‪568‬‬

‫واإلجراء يتمثّل في أن يحاول الدّارس اإلجابة على األسئلة التّالية‪:569‬‬

‫‪Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc., 1992. 568‬‬


‫إن ما اقترحه "جون ‪ -‬لويس سوريو"(‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا" ( ‪Pierre‬‬ ‫وفي الحقيقة ّ‬
‫ألن التّطبيقات ه ّمت نصوصا من الميدان القانون ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫نص (انظر ص ‪ 9‬من كتابهما)‪ .‬لكن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ )Lerat‬يه ّم ك ّل‬
‫‪309‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫متى؟ )? ‪(quand‬‬
‫ليس التّاريخ (سنرمز إليه بحرف {أ}) وفي ذاته ها ّما بالنّسبة لدراسة ك ّل ّ‬
‫نص‪،‬‬
‫ص تحتاج إلى أن تكون لدى الدّارس فكرة ولو تقريبيّة عن زمن‬ ‫لكن موضعة النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ص‪.‬‬‫النّ ّ‬
‫أين؟ )? ‪(où‬‬
‫ضيّق {ب}‪ ،‬لكنّه يحيل أيضا على ال ّ‬
‫سياق‬ ‫سياق ال ّ‬‫سؤال باألساس على ال ّ‬ ‫يحيل ال ّ‬
‫ي (‪ ،)disciplinaire‬ويحيل كذلك على الوعاء‬ ‫ي والمعرف ّ‬ ‫ي والمهن ّ‬ ‫االجتماع ّ‬
‫ي‪ ،‬أطروحة‪،‬‬ ‫ص (مقال في مجلّة‪ ،‬كتاب مدرس ّ‬ ‫{ج} الذي استعمل إليصال النّ ّ‬
‫إلخ‪.).‬‬
‫ماذا؟ )? ‪(quoi‬‬
‫ص المدروس معطى ينشئه الدّارس انطالقا من معارف ترجع إلى‬ ‫محتوى النّ ّ‬
‫الثّقافة {ج}‪ ،‬وفي الجامعة انطالقا من مفاهيم ته ّم اختصاصا معيّنا {د}‪ .‬فبدون‬
‫ص غير مفهوم‪.‬‬ ‫هذه المعارف يكون النّ ّ‬
‫من؟ )? ‪(qui‬‬
‫متطرفين في مسألة المؤلّف (باإلفراط‪ ،‬أو بالتّفريط‪ :‬بإحياء‬ ‫ّ‬ ‫دون أن نكون‬
‫إن معرفة من‬‫ص)‪ ،‬نقول ّ‬ ‫ص‪ ،‬أو بإماتة المؤلّف واالكتفاء بالنّ ّ‬ ‫المؤلّف وإماتة النّ ّ‬
‫يتكلّم {هـ} ليست م ّما ينبغي إهماله‪.‬‬
‫لماذا؟ )? ‪(pourquoi‬‬
‫نفرق في الجواب عن إشكاليّة {و} بين الجانب الذي تفرضه الحقائق‬ ‫ينبغي أن ّ‬
‫ي {ز} الذي يمكن إرجاعه لإلرادة‪.‬‬ ‫والجانب الذّات ّ‬
‫كيف؟ )? ‪(comment‬‬
‫ص هو ّأوالً نوع من الكتابة {ح}‪ ،‬ث ّم طريقة بناء {ط}‪ ،‬وأخيرا أسلوب‬ ‫شكل النّ ّ‬
‫{ي}‪.‬‬
‫لمن؟ )? ‪(pour qui‬‬

‫أدرجنا ما وضعه المؤلّفان تحت عنوان النّموذج القانون ّ‬


‫ي‪.‬‬
‫‪Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc., p. 10. 569‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪310‬‬

‫ص‪ .‬هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب‬ ‫ص {ك} على دراسة النّ ّ‬ ‫يؤثّر من و ّجه إليه النّ ّ‬
‫ص {ل} خارج‬‫ي على الدّارس أن ينظر في مدى النّ ّ‬ ‫آخر قد يكون من الضّرور ّ‬
‫صة إذا تعلّق األمر بمسائل ذات طابع عا ّم‪.570‬‬
‫دائرة من و ّجه إليه‪ ،‬خا ّ‬
‫‪ ―.163‬مراحل الدّراسة‪.‬‬
‫انطالقا من هذا الجرد لنماذج من األسئلة التي ينبغي أن يبحث فيها الدّارس‪،‬‬
‫يقترح "جون ‪ -‬لويس سوريو" (‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا"‬
‫ص في أربع مراحل‪:571‬‬‫(‪ )Pierre Lerat‬أن تت ّم عمليّة دراسة النّ ّ‬
‫– المرحلة األولى‪" :‬الموضعة" (‪.)Mise en situation‬‬
‫على الدّارس في هذه المرحلة أن يجمع عددا من المعلومات لها تأثير على تأويل‬
‫سم "جون ‪ -‬لويس سوريو"( ‪Jean-Louis‬‬ ‫ص الذي يشتغل عليه‪ .‬ويق ّ‬ ‫النّ ّ‬
‫‪ )Sourioux‬و"پيار لورا" (‪ )Pierre Lerat‬المعلومات التي ينبغي أن تجمع‬
‫إلى عنوانين‪:‬‬
‫المصدر (‪،)Origine‬‬

‫نص‪ ،‬ومنها‬ ‫قرب من "أنطوان كومپانيون" (‪ )Antoine Compagon‬وهو يعرض أشكال التّعليق على ّ‬ ‫‪ّ 570‬‬
‫شكل وجد منذ القرن التّاسع‪ .‬في هذا ال ّشكل‪ ،‬يت ّم التّعليق بطرح سبع أسئلة‪ :‬من؟ ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ متى؟ أين؟ ما‬
‫الوسيلة؟‬
‫"النّموذج الثّاني‪ ،‬الذي نجده منذ القرن ‪ 9‬عند «جون سكوت إيريجين» (‪ ،)Jean Scot Érigène‬يقدّم عناوين‬
‫مختلفة جدّا‪ ،‬قائمة من سبع أسئلة مأخوذة من المواضع البالغيّة (‪ ،)topique rhétorique‬وتعدّد ظروف‬
‫ص‪ :‬من؟ ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ متى؟ أين؟ بأيّة وسيلة؟" ‪Qu'est-ce qu'un auteur ? 5. L'auctor‬‬ ‫النّ ّ‬
‫‪médiéval, http://www.fabula.org/compagnon/auteur 5.php (24 septembre 2010).‬‬
‫ص تحيل على التّقسيم األرسطي للعلل‪:‬‬ ‫المؤلف وفي نفس المكان وهو يعرض طريقة أخرى لفهم النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫انظر نفس‬
‫صوريّة‪ ،‬أي‪،‬‬ ‫ص؛ العلّة ال ّ‬‫يفرق بين‪ :‬العلّة المادّيّة‪ ،‬أي فيما يه ّمنا مادّة‪ ،‬مصادر النّ ّ‬ ‫"في ك ّل األشياء‪ ،‬كان أرسطو ّ‬
‫الرسم الذي يش ّكل المادّة‪ ،‬األسلوب والبنية المفروضة‬ ‫صورة‪ّ ،‬‬ ‫ي بين المادّة وال ّ‬ ‫ي األساس ّ‬‫حسب التّعارض األرسط ّ‬
‫بالقوة إلى ما هو بالفعل؛ أخيرا‬ ‫محركة التي تنقل ما هو ّ‬ ‫القوة ال ّ‬ ‫العلة الفاعلة‪ ،‬أي الدّاعي‪ّ ،‬‬ ‫ص؛ ّ‬ ‫على المادّة في ال ّن ّ‬
‫ّ‬
‫ص‪ ،‬مثال الخير الذي أراد المؤلف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ ،‬التبرير األخير لوجود الشيء أو الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلّة الغائيّة‪ ،‬أي الهدف‪ ،‬القصد النهائ ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ ،‬أو فاعليّته تجاه الخالص كمعنى أخير في العمل المقدّس"‪.‬‬ ‫إحداثه في العالم كقيمة أخالقيّة للعمل الدّنيو ّ‬
‫لمزيد الوضوح‪ ،‬انظر مثاال من المرجع السّابق لتعليق يستند إلى العلل األربعة‪:‬‬
‫ص) قصد المؤلّف‪ ،‬أي‬ ‫"«پياترو أليغياري» (‪( ]...[ )Pietro Alighieri‬ابن «دانتي» ‪ )Dante‬حلّل (في النّ ّ‬
‫أن العلّة الغائيّة هي أقوى العلل‪ ،‬وينبغي البدء‬ ‫أن أرسطو يرى ّ‬ ‫لكن «پياترو» أضاف ّ‬ ‫ما أسماه العلّة األساسيّة‪ّ .‬‬
‫شكل المناسب للمادّة‪ .‬وهكذا ّ‬
‫فإن‬ ‫تحرك المادّة‪ ،‬والتي هدفها أن تجد ال ّ‬ ‫تحرك العلّة الفاعلة‪ ،‬التي ّ‬ ‫بها‪ .‬العلّة الغائيّة ّ‬
‫نظريّة أرسطو للعلل األربع قد ت ّم التّذكير بها بوضوح‪ .‬الغاية توجد في نيّة الفاعل قبل ك ّل األشياء األخرى‬
‫ي)‪.‬‬‫ص الدّنيو ّ‬‫األول مع النّ ّ‬ ‫المحرك ّ‬‫ّ‬ ‫تحرك (يالئم «پياترو» هنا نظريّة‬ ‫المرتبطة بهذه الغاية‪ ،‬والعلّة هي التي ّ‬
‫العلّة الغائيّة إذن هي الهدف الذي قصده «دانتي» حين كتب‪ :‬إراءة ما ينبغي على الناس فعله وما ال ينبغي في‬
‫ّ‬
‫العلة الفاعلة هي طبعا «دانتي»‪ّ .‬‬
‫العلة‬ ‫العلة الغائيّة‪ ،‬كما في عموم ال ّنصوص الدّنيويّة‪ ،‬أخالقيّة‪ّ .‬‬ ‫هذا العالم‪ .‬هذه ّ‬
‫صوريّة هي‪ ،‬وفق‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫العل‬ ‫»‪.‬‬ ‫دانتي‬ ‫«‬ ‫وصفها‬ ‫التي‬ ‫ّة‬ ‫د‬ ‫الما‬ ‫أي‬ ‫الغاية‪،‬‬ ‫من‬ ‫المستخلص‬ ‫الموضوع‬ ‫المادّيّة هي‬
‫ص (‪ ،)forma tractatus‬منهجيّة المعالجة ( ‪forma‬‬ ‫النّظريّة‪ ،‬مزدوجة‪ ،‬وتنقسم إلى‪ :‬تنسيق وتنظيم النّ ّ‬
‫‪.")tractandi‬‬
‫‪Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc., p. 11 et s. 571‬‬
‫‪311‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫هنا نجد المؤلّف {هـ} والتّاريخ {أ}‪.‬‬


‫طبيعة (‪،)Nature‬‬ ‫ال ّ‬
‫سياق‬ ‫ص {ج}‪ ،‬ونوع الكتابة {ح}‪ ،‬وال ّ‬ ‫هنا نجد "الوعاء" الذي جاء فيه النّ ّ‬
‫{ب}‪ ،‬والمعارف المفترض وجودها عند الدّارس [{ج} و {د}]‪.‬‬
‫هذا عن المرحلة األولى‪ .‬أ ّما المراحل الموالية‪ ،‬فمختلفة من حيث ّ‬
‫الطبيعة إذ أنّها‬
‫ي (الكلمات‬ ‫سمها المؤلّفان إلى قراءة في المستوى المعجم ّ‬ ‫للتّحليل في ذاته‪ .‬ويق ّ‬
‫ص‪.‬‬‫ي‪ ،‬مرورا بالبنية المنطقيّة للنّ ّ‬‫التي ينبغي تسطيرها)‪ ،‬وإلى تأويل إجمال ّ‬
‫– المرحلة الثّانية‪ :‬البحث ع ّما ينبغي تسطيره‪.‬‬
‫يفرق‬
‫ص المدروس‪ .‬هنا ّ‬ ‫ينبغي تسطير ك ّل ما من شأنه التّأثير في فهم النّ ّ‬
‫المؤلّفان بين الكلمات التي تتطلّب تحديدا ً لمعناها من جهة‪ ،‬و"المفاهيم–‬
‫أن "المفاهيم–المفاتيح" كلمات‬ ‫المفاتيح" من جهة أخرى‪ .‬والفرق بين االثنين ّ‬
‫ص‪.‬‬‫تحيل على موضوع النّ ّ‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫– المرحلة الثّالثة‪ :‬البحث عن بنية النّ ّ‬
‫المقصود هنا‪:‬‬
‫طباعيّة (‪ ،)La construction typographique‬أي باألساس‬ ‫ّأوالً البنية ال ّ‬
‫سطر‪ . 572‬ويمثّل عدد الفقرات في الغالب قرينة على‬ ‫الرجوع إلى ال ّ‬ ‫مسألة ّ‬

‫‪ 572‬أي مسألة الفقرة‪ .‬وفي أيّامنا يتحدّث البعض عن "نحو الفقرة" (‪:)grammaire du paragraphe‬‬
‫تتكرر أحيانا حول طابعها التّح ّكمي‪ ،‬فإ ّننا نرجع إلى رأي «لو ني» (‪ .)1985( )Le Ny‬في هذا‬ ‫ّ‬ ‫"خالفا ألقوال‬
‫ص‪،‬‬ ‫الطباعيّة (‪ )paragraphe typographique‬ضمن التّنقيط‪ ،‬ولها عالقة وثيقة ببنية ال ّن ّ‬ ‫الرأي تندرج الفقرة ّ‬ ‫ّ‬
‫ص(ص ‪ .)131‬الحالة‬ ‫ّ‬
‫المتكلم خلقها عند المتلقّي الذي كتب له ال ّن ّ‬ ‫صة ببنية حالة (العرفان) النّهائيّة التي يريد‬‫وخا ّ‬
‫ي مرتبط‬ ‫كون من اتّفاقات فرعيّة‪ ،‬وجميعها يتميّز بوجود موضوع محلّ ّ‬ ‫العرفانيّة النّهائيّة هي اتّفاق مت ّ‬
‫بالموضوع العا ّم‪ .‬وهكذا‪ ،‬في وضعيّة مثاليّة أين يكون المتكلّم عالما بالضّبط باألثر الذي يريد خلقه عند‬
‫ي(ص ‪ .)132‬ويمكن عرض البنية‬ ‫فإن الفقرة تحمل المعلومة المتعلّقة بموضوع فرع ّ‬ ‫المخاطب وبكيفيّة خلقه‪ّ ،‬‬
‫بأن الوقت حان لالنتقال‬ ‫الزاوية‪ ،‬نهاية الفقرة تعلن ّ‬ ‫الذّهنيّة التي تخلق عند المخاطب في شكل شجرة‪ .‬من هذه ّ‬
‫إلى غصن آخر‪.‬‬
‫وأن فقرة «لو ني» ال توجد دائما في النّصوص المكتوبة [‪ ]...‬على‬ ‫أن الوضعيّة المثاليّة غير موجودة‪ّ ،‬‬ ‫صحيح ّ‬
‫الطباعيّة كدا ّل‬ ‫ّ‬ ‫غرار «لو ني» (‪ ،)1985‬يعتبر «ميتيرون» (‪ )1985( )Mitterrand‬الفقرة‬
‫ص إلى وحدات كبيرة‪ .‬حسب «ميتيرون»‪ ،‬الفقرة‬ ‫ي(‪ ،)signifiant graphique‬غير تح ّكمي‪ ،‬لتقسيم ال ّن ّ‬ ‫رسوم ّ‬
‫الطباعيّة معطى يه ّم ال َعروض (‪ ،)la prosodie‬الدّاللة االستدالل ّية (‪،)la sémantique discursive‬‬ ‫ّ‬
‫السّيميائيّة (‪ ،)la sémiotique‬البالغة (‪ ،)la rhétorique‬األسلوبيّة (‪ ،)la stylistique‬وأخيرا البيداغوجيا‬
‫الطباعيّة بعين االعتبار كدرجة بنيويّة وسط بين الجملة‬ ‫(‪ .)la pédagogie‬ألجل ذلك يدعو إلى أن تؤخذ الفقرة ّ‬
‫ص‪ ،‬كوحدة تداوليّة للخطاب (ص ‪ .)88‬زيادة على ذلك‪ ،‬يقترح إنشاء نحو للفقرة‪ ،‬من خالل أشياء منها‬ ‫والنّ ّ‬
‫دراسة السّمات المعيّنة لحدودها و(من خالل) سمات االنسجام فيها"‪Élisabeth Le, Structure .‬‬
‫‪discursive comparée d'écrits argumentatifs en français et en anglais. De leur‬‬
‫‪linéarité, Thèse présentée à la Faculté des études supérieures en vue de l’obtention‬‬
‫‪du grade de Philosophiae Doctor (Ph.D.) en linguistique, Université de Montréal.‬‬
‫‪Département de linguistique et de traduction. Faculté des arts et des sciences, mars‬‬
‫‪1996, p. 22 et 23.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪312‬‬

‫تقسيمات المحتوى‪ .‬فإذا كان عدد الفقرات قليال‪ ،‬ترجم ذلك تركيز المادّة‬
‫المتناولة في عدد من النّقاط الواضحة االختالف فيما بينها‪ .‬أ ّما إذا لم يكن في‬
‫صياغة المادّة تركيز واختزال‪ ،‬فينبغي عندها االنتباه أكثر إلى التّرابط‪.573‬‬
‫الروابط‬‫ثانيا ً البنية اللغويّة (‪ ،)La construction grammaticale‬أي ّ‬
‫الروابط الضّمنيّة)‪.‬‬
‫شكليّة (أي ّ‬ ‫شكليّة وغير ال ّ‬‫ال ّ‬
‫ثالثا ً البنية المنطقيّة (‪ ،)La construction logique‬إذ يمكن اعتبار المرور‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫من طريقة استدالل إلى أخرى قرينة على تنظيم محتوى النّ ّ‬
‫وطرق االستدالل أو الحجج مختلفة‪ ،‬ويتطلّب الوصول إليها معرفة بها‪ ،‬أي‬
‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫يتطلّب معرفة بمحتوى العلم العا ّم للحجج (المنطق) وبمحتوى العلم‬
‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫الطرق سير العمليّة التّفكيريّة من‬‫للحجج (المنهجيّة القانونيّة)‪ .‬وأه ّم هذه ّ‬
‫الطريقة االستنباطيّة أو القياسيّة‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬ ‫إلى العا ّم‪ ،‬أي ّ‬
‫الطريقة االستقرائيّة‪ .‬وهنالك طرق‬ ‫الخاص‪ ،‬أي ّ‬‫ّ‬ ‫سير تلك العمليّة من العا ّم إلى‬
‫استدالل أخرى لها عالقة أو ليس لها عالقة بالقياس واالستقراء‪ .‬وعلى الدّارس‬
‫ص المدروس‪ .‬هذا يستوجب كما قلنا أن يكون له تكوين‬ ‫أن يالحظها في النّ ّ‬
‫الطرق‪،‬‬‫معيّن‪ .‬زيادة على ذلك‪ ،‬ينبغي أن تكون للدّارس قدرة على كشف تلك ّ‬
‫سبب أنّها غالبا ما تنساب في النّصوص على نحو غير صريح‪ ،‬ومن ث ّم على‬ ‫وال ّ‬
‫نحو تصعب رؤيته‪.‬‬
‫ص ( ‪Recherche des‬‬ ‫الرابعة‪ :‬البحث عن أغراض النّ ّ‬ ‫– المرحلة ّ‬
‫‪.)intérêts du texte‬‬
‫ص مرحلة تنتج ع ّما سبقها من مراحل‪ .‬فهي تتبع‬ ‫إن البحث في أغراض النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ص و"المفاهيم–المفاتيح" والبنية المنطقيّة‪ .‬لكن ينبغي التّنبيه‬ ‫مصدر وطبيعة النّ ّ‬
‫ي‪ ،‬بمعنى أنّه يتبع الدّارس وزاوية الدّراسة‬ ‫ص مفهوم نسب ّ‬ ‫أن أغراض النّ ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫ي الذي يعمل فيه أو نوع االختبار الذي‬ ‫التي سيتبنّاها بالنّظر إلى اإلطار العلم ّ‬
‫سيقوم به‪ .‬وفعالً هنالك نصوص تقبل وفي نفس الوقت دراسة تاريخيّة أو فلسفيّة‬
‫أن المنتظر‬ ‫لكن هذه النّصوص تمثّل استثنا ًء‪ .‬أضف إلى ما سبق‪ّ ،‬‬ ‫أو قانونيّة‪ّ .‬‬
‫من الدّراسة يختلف بحسب ما إذا كان االختبار هو في الثّقافة العا ّمة أو في‬
‫صصة‪.‬‬ ‫معارف متخ ّ‬

‫ي‪ ،‬وتوزيع أسطره والفواصل أو عالمات التّرقيم‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫ص‪ ،‬أي شكله ّ‬
‫الطباع ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطيّة لل ّن ّ‬ ‫‪ 573‬ينبغي تأ ّمل الهيئة‬
‫ي في النّقد المعاصر‪ .‬إجراءات ومنهجيّات‪ ،‬الهيئة المصريّة‬ ‫ص‪ .‬دراسة للتّحليل النّ ّ‬
‫ص ّ‬ ‫حاتم الصكر‪ ،‬ترويض النّ ّ‬
‫العا ّمة للكتاب‪ ،1990 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪313‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫يمر الدّارس إلى مرحلة خامسة‪ ،‬هي مرحلة‬


‫الرابعة‪ّ ،‬‬
‫– وبانتهاء هذه المرحلة ّ‬
‫البحث عن مخ ّ‬
‫طط النّ ّ‬
‫ص الدّارس‪.‬‬
‫‪ ―.164‬خالصة‪.‬‬
‫ص (مع‬ ‫نص هو فعل إعطاء معنى للنّ ّ‬ ‫أن فعل دراسة ّ‬ ‫من جميع ما سبق يخلص ّ‬
‫شط (‪)activation‬‬ ‫ص‪ .‬فالدّارس ين ّ‬‫التّقييم أحياناً)‪ .‬هذا الفعل يبدأ قبل قراءة النّ ّ‬
‫عناصر من معرفته (إذن يوقف نشاط عناصر أخرى ‪ )désactivation‬تم ّكنه‬
‫ص الذي سيقرؤه‪ .‬ث ّم تبدأ القراءة مفردة بعد‬ ‫من وضع توقّعات حول معنى النّ ّ‬
‫مفردة‪ ،‬وجملة بعد جملة‪ ،‬وفقرة بعد فقرة‪ .‬أثناء هذه القراءة يتأيّد التّوقّع ّ‬
‫األولي‬
‫أو يرا َجع‪ .‬والمراجعة قد تكون جزئيّة‪ ،‬لكن يمكن أن تصل إلى أن تكون‬
‫مراجعة كلّيّة‪ .‬وما يحدث أثناء القراءة هو نفسه ما يحدث لحظة االنتهاء منها‪ .‬ث ّم‬
‫ما يحدث في القراءة األولى هو نفسه ما يحدث في القراءات الموالية‪.‬‬
‫ص‪ ،‬وفي لحظة ما َ يصل إلى قراءة‬ ‫صلة‪ :‬يبدأ الدّارس بقراءة أجزاء النّ ّ‬ ‫في المح ّ‬
‫إن لـ‪" :‬الك ّل"‪،‬‬ ‫"الك ّل"‪ .‬ولك ّل جزء معنى‪ ،‬أي لك ّل مفردة ولك ّل جملة معنى‪ .‬ث ّم ّ‬
‫أي للنّص‪ ،‬معنى‪ .‬ومعنى ك ّل مفردة يو ّجه معنى الجملة التي وردت فيها‬
‫أن معنى الجملة يو ّجه معنى "الك ّل"‪ .‬في المقابل‪ ،‬معنى "الك ّل"‬ ‫المفردة‪ .‬كما ّ‬
‫يو ّجه معنى الجملة‪ ،‬ومعنى الجملة يو ّجه معنى المفردة‪.‬‬
‫سؤال كيف نصل إلى معنى "الك ّل"؟ فيم يتمثّل فعل إعطاء المعنى؟ ما هي‬ ‫وال ّ‬
‫إجراءات إنجازه؟‬
‫أجابت المؤلّفات – كما رأينا – فلم تختلف اختالفا كبيرا‪ ،‬وقالت‪ :‬هنالك‬
‫نص‪ .‬بعبارة أخرى ث ّم‬ ‫مستويات ينبغي تشغيلها وتنشيطها للوصول إلى معنى ّ‬
‫شبكة‬ ‫ص وينبغي ملء تلك ال ّ‬ ‫شبكة تحليل تأخذ شكل أسئلة نطرحها على النّ ّ‬
‫شبكة إنشاء‬ ‫واإلجابة على تلك األسئلة (طبعاً‪ ،‬ليست الغاية من التّحليل بواسطة ال ّ‬
‫ص بواسطة ك ّل المستويات‬ ‫معاني داخل ك ّل مستوى‪ ،‬بل الغاية إنشاء معنى للنّ ّ‬
‫معاً)‪ .‬وكلّما استطاع الدّارس أن يشغّل مستويات أكثر‪ ،‬أي كلّما استطاع أن يمأل‬
‫شبكة‪ ،‬كلّما كانت فرص نجاحه في الوصول إلى معنى‬ ‫أكثر ما يمكن ملؤه من ال ّ‬
‫ص فرصا ً أفضل‪ .‬ولن يستطيع الدّارس ما سبق إالّ إذا امتلك علم الحجج‬ ‫النّ ّ‬
‫إن نجاح الدّارس في مه ّمته في تناسب مع امتالكه علم‬ ‫مضمونا وممارسة‪ .‬بل ّ‬
‫الحجج‪ :‬ينجح أكثر‪ ،‬إن امتلك أكثر؛ وأق ّل‪ ،‬إن امتلك أق ّل؛ وال ينجح‪ ،‬إن لم يمتلك‬
‫شيئا‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪314‬‬

‫الت ّناسب بين درجة امتالك علم الحجج ودرجة النّجاح في إعطاء النّ ّ‬
‫ص معناه‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬
‫امتالك علم الحجج‬
‫‪3‬‬
‫النّجاح في إعطاء النّ ّ‬
‫ص معناه‬
‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫تعرضنا سابقا ً إلى مستويات الدّراسة وإلى شبكات التّحليل التي تقترحها‬
‫ولقد ّ‬
‫المؤلّفات‪ .‬وما ينبغي اآلن هو التّذكير بها وإيرادها في رسوم‪.‬‬
‫اإلحالة (مقامية ‪/‬‬
‫صيّة)‬
‫ن ّ‬
‫المقترح‬
‫األول‬
‫ّ‬
‫االستبدال‬

‫الحذف‬ ‫المستوى النّحو ّ‬


‫ي‬

‫اإلضافي‬
‫ّ‬ ‫الوصل (‬
‫العكسي ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫‪/‬‬
‫ببي ‪ /‬الزّ ّ‬
‫مني)‬ ‫س ّ‬ ‫ال ّ‬

‫التكرير‬
‫المستوى‬
‫المعجمي‬ ‫تشغيل (تنشيط) أقصى ما‬
‫ّ‬ ‫يمكن تشغيله من هذه‬ ‫إعطاء‬
‫الت ّضام‬
‫المستويات (أو ملء‬ ‫معنى‬
‫موضوع النّ ّ‬
‫ص أو‬ ‫أقصى ما يمكن ملؤه من‬ ‫لنص‬
‫ّ‬
‫بنيته الكلّيّة‬ ‫هذه الشّبكة)‬

‫الت ّرتيب في النّ ّ‬


‫ص‬ ‫المستوى الدّالل ّي‬

‫الت ّغريض‬

‫سياق‬
‫ال ّ‬
‫المستوى‬
‫ّداولي‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫المعرفة الخلفيّة‬
‫‪315‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫العطف‬ ‫المقترح‬
‫المستوى النّ ّ‬
‫حوي‬ ‫الثّاني‬
‫اإلحالة (الضّميريّة‬
‫‪ /‬اإلشاريّة)‬

‫المطابقة‬
‫المعجمي‬
‫ّ‬ ‫المستوى‬ ‫تشغيل (تنشيط)‬
‫الت ّكرير‬ ‫أقصى ما يمكن‬
‫تشغيله من هذه‬ ‫إعطاء‬
‫االشتراك في ‪...‬‬ ‫المستويات (أو‬ ‫معنى‬
‫ملء أقصى ما‬ ‫لنص‬
‫ّ‬
‫ّاللي‬
‫المستوى الد ّ‬ ‫يمكن ملؤه من هذه‬
‫موضوع وتنظيم‬ ‫الشّبكة)‬
‫ص‬‫وترتيب النّ ّ‬

‫الت ّضا ّم النّف ّ‬


‫سي‬

‫سؤال المقدّر‬
‫ال ّ‬ ‫لي‬
‫المستوى الت ّداو ّ‬

‫األفعال الكالم ّية‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪316‬‬

‫اإلحالة‬ ‫المقترح‬
‫اإلشارة‬
‫الثّالث‬

‫أدوات المقارنة‬
‫المستوى‬
‫العطف‬ ‫النّ ّ‬
‫حوي‬

‫الحذف‬

‫االستبدال‬

‫الت ّكرير‬
‫المستوى‬
‫الت ّضام‬
‫المعجمي‬
‫ّ‬
‫المطابقة‬

‫مبدأ االشتراك‬ ‫تشغيل (تنشيط) أقصى ما‬ ‫إعطاء‬


‫يمكن تشغيله من هذه‬
‫العالقات‪:‬‬ ‫معنى‬
‫المستويات (أو ملء أقصى ما‬
‫اإلجمال ‪/‬‬ ‫لنص‬
‫ّ‬
‫يمكن ملؤه من هذه الشّبكة)‬
‫الت ّفصيل‪،‬‬
‫العموم ‪/‬‬
‫الخصوص‬ ‫المستوى‬
‫ّاللي‬
‫الد ّ‬
‫موضوع‬
‫الخطاب‬
‫البنية الكلّ ّية‬

‫الت ّغريض‬

‫سياق‬
‫ال ّ‬

‫المعرفة‬ ‫المستوى‬
‫الخلفيّة‬ ‫ّداولي‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫(الت ّضا ّم‬
‫النّ ّ‬
‫فسي ‪)...‬‬
‫‪317‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المؤلّف‬ ‫المقترح‬
‫المصدر‬ ‫الرابع‬
‫ّ‬
‫الت ّاريخ‬

‫وعاء ال ّن ّ‬
‫ص‬ ‫موضعة‬
‫النّ ّ‬
‫ص‬
‫نوع الكتابة‬
‫سياق‬
‫ال ّ‬
‫ال ّطبيعة‬
‫المعارف‬
‫المفترض‬ ‫الكلمات التي‬
‫وجودها عند‬ ‫تتطلّب تحديدا‬ ‫البحث ع ّما‬
‫الدّارس‬ ‫لمعناها‬ ‫ينبغي‬
‫تسطيره‬ ‫تشغيل (تنشيط) أقصى ما‬
‫المفاهيم ‪-‬‬ ‫يمكن تشغيله من هذه‬ ‫إعطاء‬
‫المفاتيح‬ ‫المستويات (أو ملء أقصى‬ ‫معنى‬
‫ما يمكن ملؤه من هذه‬ ‫لنص‬
‫ّ‬
‫ال ّطباع ّية‬ ‫الشّبكة)‬
‫الرجوع إلى‬ ‫( ّ‬
‫سطر‪ ،‬إلخ‪).‬‬ ‫ال ّ‬

‫اللغويّة‬ ‫البحث عن‬


‫بنية ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫المنطقيّة‬
‫(المرور من‬ ‫البحث عن‬
‫طريقة‬ ‫أغراض‬
‫استدالل إلى‬ ‫ص‬‫النّ ّ‬
‫أخرى)‬

‫سابقة‪ 574‬أو مقترحا آخر شبيها ً‪،575‬‬


‫نص واحدا ً من المقترحات ال ّ‬
‫فإذا تبنّى دارس ّ‬
‫ص المدروس‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬إن أراد‬ ‫خرج من هذا العمل بمحتويات هي معنى للنّ ّ‬
‫عرض تلك المحتويات‪ ،‬وجب عليه أن يفعل ذلك ال كما اتّفق بل ِّوفق شروط‪.‬‬

‫(ب) التّرتيب (‪)disposition‬‬

‫‪ ―.165‬ختطيط الّنصّ الدّارس وختطيط الّنصّ املدروس‪.‬‬


‫ال نحتاج هنا إلى أن نزيد على ما ورد حول المشترك بين المواضيع‪ 576‬سوى‬
‫ص الدّارس ينبغي أن يكون مطابقا ً لتخطيط النّ ّ‬
‫ص‬ ‫بأن تخطيط النّ ّ‬
‫القول ّ‬

‫‪ 574‬انظر أيضا ً المقترح المتمثّل في األسئلة السّبع وفي شبكة التّحليل التي تتمثّل في العلل األربعة‪ ،‬وذلك بهامش‬
‫من الفقرة عدد ‪.162‬‬
‫الرسم المتعلّق بأه ّم العناصر الواجب أخذها بعين االعتبار في عمليّة فهم النّصوص‪ ،‬وذلك عند‪:‬‬ ‫‪ 575‬انظر ّ‬
‫‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 17.‬‬
‫الرسم في التّرجمة العربيّة للكتاب‪ :‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫انظر نفس ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ‬ ‫‪318‬‬

‫المدروس‪ ،‬إذا كان ذلك ممكنا ً‪ .577‬ويكون ذلك ممكنا بشرطين‪ّ :‬أوالً أن يكون‬
‫ص‬‫ص المدروس موافقا للمواصفات المطلوبة‪ ،‬إذ بذلك فقط يكون النّ ّ‬ ‫تخطيط النّ ّ‬
‫ص الدّارس إ ّما‬ ‫الدّارس موافقا ً لما هو مطلوب منه؛ ثانيا ً أن يكون مضمون النّ ّ‬
‫ص المدروس‪ ،‬أو كشف حساب مع تقييمات تتبع النّقاط‬ ‫كشف حساب عن النّ ّ‬
‫صورتين فحسب يمكن للنّص الدّارس أن‬ ‫الواردة في هذا الكشف‪ .‬في هاتين ال ّ‬
‫يكون نسخة مطابقة في تخطيطه للنّص المدروس‪.‬‬
‫ص الدّارس‪ ،‬أمكن عندها المرور إلى مرحلة التّعبير‪.‬‬‫ضع تخطيط النّ ّ‬ ‫فإذا و ِّ‬

‫(ج) التّعبير (‪)élocution‬‬

‫‪ ―.166‬النّ ّ‬
‫ص الدّارس يُقرأ لسببني‪ :‬ألنّه نصٌّ‪ ،‬وألنّه نصٌّ على النّصّ‪.‬‬
‫ليس ث ّم هنا شيء مختلف ع ّما قيل في الجزء المشترك‪ ،‬لذا سنكتفي باإلحالة‪.578‬‬
‫ص الدّارس أن يكون‬ ‫إن المطلوب من النّ ّ‬ ‫لكن مع اإلحالة ينبغي أن نقول ّ‬
‫صا ً‪ ،579‬أي أن ينجح في مرحلة االكتشاف ومن بعدها في مرحلة التّرتيب ث ّم‬ ‫ن ّ‬
‫في مرحلة التّعبير‪.‬‬
‫ومرحلة االكتشاف ال تكون ناجحة‪ ،‬إذا كشفنا المعنى دون ح ّجة‪ :‬فكشف المعنى‬
‫سلخ ليس دراسة‪.‬‬ ‫دون ح ّجة سلخ‪ ،‬وال ّ‬
‫ومرحلة االكتشاف ال تكون ناجحة‪ ،‬إذا كشفنا المعنى دون ح ّجة هي حقّا ً ح ّجة‪.‬‬
‫ي‬ ‫صورة وفي أغلب األحيان‪ ،‬يكون ما كشِّف مختلفا ً عن المعنى الحقيق ّ‬ ‫في هذه ال ّ‬
‫ي‪ ،‬كنّا‪ :‬إ ّما أمام خطأ‪ ،‬لو ت ّمت‬ ‫للنّص‪ .‬وإذا كان ما كشِّف ليس المعنى الحقيق ّ‬
‫ص‪ ،‬لو حصل ما حصل بصفة‬ ‫األمور بصورة عفويّة؛ وإ ّما أمام استخدام للنّ ّ‬
‫مقصودة‪ .‬وفرق بين الدّراسة من جهة‪ ،‬والخطأ أو االستخدام من جهة أخرى‪.‬‬
‫نص إالّ متى نجحت مرحلة االكتشاف‪.‬‬ ‫وهكذا ال نستطيع الوصول إلى دراسة ّ‬
‫لكن هذا ال يكفي‪ .‬فالدّراسة‪ ،‬لكي تحقّق غايتها التّواصليّة‪ ،‬ينبغي أن تكون‬
‫واضحة‪ .‬ولكي تكون واضحة‪ :‬ينبغي أن يرتّب ما اكتشف كما ينبغي التّرتيب‪،‬‬
‫ث ّم ينبغي أن يعبّر عنه كما ينبغي التّعبير‪.‬‬

‫‪ 576‬انظر الفقرة عدد ‪ 26‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪Henri Mazeaud, préc., p. 62. 577‬‬
‫ي‪ .‬لكن يمكن أن‬
‫ّ‬ ‫الفقه‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫وال‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫شريع‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫صوص‪:‬‬‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫من‬ ‫نوعين‬ ‫ويتحدّث "هنري مازو" في ص ‪ 61‬عن‬
‫ونص العقد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫نص الحكم القضائ ّ‬
‫نزيد ّ‬
‫‪ 578‬انظر الفقرة عدد ‪ 54‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2010. 579‬‬
‫‪319‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫فإذا نجحنا في المراحل الثّالث‪ ،‬نكون قد نجحنا في جعل النّ ّ‬


‫ص الدّارس يقرأ‬
‫ومرة لذاته‪.580‬‬
‫ص المدروس‪ّ ،‬‬ ‫مرة لفهم النّ ّ‬
‫مرتين‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫ص المدروس‪ ،‬أمكن – بعد رؤية المشترك في دراسته –‬ ‫فإذا اعتنينا بنوع النّ ّ‬
‫مالحظة ما يختلف بين ضرب من النّصوص وضرب آخر‪.‬‬

‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬العناصر الخا ّ‬


‫صة في دراسة النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ―.167‬تقسيم الفقرة وفهرسة مضمونها‪.‬‬

‫ي‪ ،‬والنّ ّ‬
‫ص‬ ‫ي‪ ،‬والنّ ّ‬
‫ص القانون ّ‬ ‫سنكتفي من النّصوص بأربعة أنواع‪ :‬النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫ي (التّعليق على قرار)‪.‬‬
‫ونص الحكم القضائ ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‪،‬‬
‫العقد ّ‬

‫‪ 580‬حاتم الصكر‪ ،‬م س ص ‪.85‬‬


‫صة في دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّي‬ ‫(أ) العناصر الخا ّ‬

‫‪ ―.168‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫كما سبق مع المقالة‪ ،‬سنبدأ بتحديد إجراءات اإلنجاز ث ّم ننتقل إلى الممارسة‬
‫والتّطبيق‪ ،‬أي سنسته ّل بعرض المنهجيّة ث ّم نختم بتجسيمها‪.‬‬

‫‪ .1‬عرض منهجيّة دراسة النّ ّ‬


‫ص الفقه ّي‬

‫‪ ―.169‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬المرور بالمراحل الثّالث‪ :‬االكتشاف‪ ،‬والتّرتيب‪،‬‬ ‫ينبغي‪ ،‬لدراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫والتّعبير‪.‬‬

‫‪ /1 .1‬االكتشاف (‪)invention‬‬

‫‪ ―.170‬اإلجراءات‪.‬‬
‫ي قال أحدهم‪:‬‬
‫نص أدب ّ‬
‫عن دراسة ّ‬
‫احلقيقي اكتشاف ما هو املشلك اذلي طرحه الاكتب (عن غري عّل أأو عن‬ ‫ّ‬ ‫"موضوع النّقد‬
‫عّل) والبحث هل أأّت هل حب ّل أأم ال [‪]...‬‬
‫يعرف «فالريي»‪ ،‬عىل طريقة «پو» و«بودلري» و«ماالرم»‪( ]...[ ،‬النّقد) يف عبارات‬ ‫(و) ّ‬
‫ش به رايضيّة‪ :‬جييب الكتاب عىل مشلك طرحه الاكتب عىل نفسه‪ ،‬كام (يفعل) املهندس‪.‬‬
‫احلقيقي‪ ،‬كام قال «فالريي»‪ ،‬ليس اذلي ي ُعدُّ اىل ما ال هناية هل‪ ،‬وهو غارق يف الوقائع‬ ‫ّ‬ ‫والنّاقد‬
‫يوّض املشلك اذلي طرحه الكتاب ويزن‬ ‫الصغرية للحاكية ا ألدبيّة‪ِ ،‬س ّن ّالر ّابن؛ بل النّاقد من ّ‬ ‫ّ‬
‫احللول اليت جاء هبا [‪]...‬‬
‫(وما يثري صعوبة) أأ ّن املشلك‪ :‬قد يكون واعيا أأو غري واع؛ و أأ ّن الاكتب قد يطرح مشالك‬
‫ابلّضورة مشألك أأخرى غري‬‫وحي ّل مشالك أخر‪ .‬وميكن ربّام أأن نضيف‪ :‬أأ ّن العمل الكبري حي ّل ّ‬
‫اليت طرهحا الاكتب؛ و أأ ّن مع ًال‪ ،‬حي ّل فقط املشلك اذلي طرحه الاكتب عىل نفسه‪ ،‬ي ُستنفذ‬
‫حب ّل هذا املشلك"‪.581‬‬

‫‪"L'objet d'un vrai critique devrait être de déco uvrir quel problème l'auteur s'est 581‬‬
‫‪posé (sans le savoir ou le sachant) et de chercher s'il l'a résolu ou non » (t. II, p.‬‬
‫‪1191). Valéry, à la manière de Poe, Baudelaire et Mallarmé, suivant cette tradition,‬‬
321 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

:‫ي قال آخر‬ ّ ‫نص فلسف‬ ّ ‫وعن دراسة‬


‫لك يشء مقاةل (عد ٌد من املالحظات اليت وقع القيام‬ ّ ‫"تذ ّكروا أأ ّن التّعليق عىل ّنص هو قبل‬
‫ الفرق الوحيد أأ ّن ا ألمر يتعلّق هنا ابلتّفكري‬.)‫هبا حول مهنج ّية املقاةل يظ ّل ابلتّامم حصيحا هنا‬
‫ لكن هنا‬،‫ هنا أأيضا يتعلّق ا ألمر بطرح مشلك ومبعاجلته‬،‫ فكام الشّ أأن مع املقاةل‬.‫مع اكتب‬
‫ أأي أأ ّن ا ألمر يتعلّق بفهم النّ ّص وابلتّمكّن من بنيته‬،‫س نفعل هذا وحنن حنلّل النّ ّص‬
.582"‫ورهاانته‬

:‫ قال بعضهم‬،‫ي‬
ّ ‫ي قانون‬
ّ ‫نص فقه‬
ّ ‫وعن دراسة‬

ّ ‫"تمتث ّل دراسة النّ ّص‬


‫الفقهيي يف معل ّية فكريّة هتدف اىل معرفة موقف اكتب من مسأأةل‬
.583"‫معيّنة‬

définit ici l'intention comme un problème, en termes quasiment mathématiques:


l'œuvre répond à un problème que l'auteur se pose, comme un ingénieur. Le « vrai
critique » n'est pas celui qui, noyé dans les petits faits de l'histoire littéraire, calcule
indéfiniment «l'âge du capitaine», comme dit ailleurs Valéry, mais celui qui élucide
le problème que l'œuvre pose et évalue la solution qu'elle lui apporte. La parenthèse
ajoute cependant une difficulté : le problème peut être conscient ou inconscient ;
l'auteur peut se poser un problème et résoudre un autre problème. On pourrait peut-
être ajouter qu'une grande œuvre résout nécessairement d'autres problèmes que celui
que son auteur s'est posé ; qu'une œuvre qui résout seulement le problème que son
auteur s'est posé s'épuise avec la solution de ce problème". Antoine Compagnon,
Qu'est-ce qu'un auteur ? 12. L'auteur et le droit au respect,
http://www.fabula.org/compagnon/auteur12.php (24 septembre 2010).
Laurent Fourcaut, Le Commentaire composé, :‫انظر أيضا حول نفس النّوع من النّصوص‬
Nathan, Paris, 1992 ; Maurice Delcroix et Fernand Hallyn, Méthodes du texte.
Introduction aux études littéraires ,Duculot, Paris, 1987 ; Daniel Bergez,
L'Explication de texte littéraire, Bordas, Paris, 1989 ; Bernard Vallette, Le Roman.
Initiation aux méthodes d'analyse, Nathan, Paris, 1992 ; Jean-Michel Adam, Noël
Cordonier, « L'analyse du discours littéraire. Éléments pour un état des lieux », in :
Le Français aujourd'hui, n° 109, mars 1995, p. 35 et s.
"Souvenez-vous que le commentaire de texte est avant tout une dissertation 582
(nombre de remarques faites sur la méthode de la dissertation restent ici pleinement
valables). La seule différence est qu'il s'agit ici de penser avec un auteur. Comme
pour une dissertation, il s'agit de poser un problème et de le traiter mais ici on le fera
en analysant le texte c'est à dire qu'il s'agit de le comprendre, de saisir sa structure
ainsi que ses enjeux". sos.philosophie.free.fr (19 mai 2012).
.10 ‫ ص‬،‫ م س‬،‫ عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‬583
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪322‬‬

‫ويمكن أن نزيد من المقتطفات التي جيء بها في اختصاصات غير التي سبقت‪.‬‬
‫لكن األه ّم هو مالحظة أن باإلمكان الخروج‪ ،‬من جميع ما قيل في جميع‬
‫االختصاصات‪ ،‬بأمرين‪:‬‬
‫ص هي كالمقالة؛ الفرق الوحيد ّ‬
‫أن اإلشكاليّة في الدّراسة‬ ‫ّأوالً ّ‬
‫أن دراسة النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬‫طرحها صاحب النّ ّ‬
‫إذا أثار أكثر من‬
‫يختار من يقوم‬
‫مشكل (صيغة‬
‫أي مشكل‬
‫بالموضوع ّ‬ ‫طرح المشكل‬
‫الموضوع‬
‫يشاء‬ ‫الذي يثيره‬
‫محايدة)‬
‫الموضوع‬ ‫المقالة‬
‫إذا أثار مشكال‬ ‫ومعالجته‬
‫هنا ال يمكن طرح مشكل‬ ‫واحدا (المشكل‬ ‫=‬
‫غير المشكل المعطى‬ ‫معطى في صيغة‬
‫الموضوع)‬
‫طرح المشكل الذي طرحه‬
‫هنا ال يمكن طرح مشكل غير الذي‬ ‫الت ّعليق‬
‫ص‪ ،‬ومعالجة المعالجة‬‫النّ ّ‬
‫ص‬‫طرحه النّ ّ‬ ‫نص‬
‫على ّ‬
‫ص‬‫الواردة في النّ ّ‬

‫ص ال تختلف من اختصاص إلى آخر‪ .‬هذا األمر الثّاني يم ّكن‬ ‫أن دراسة النّ ّ‬‫ثانيا ً ّ‬
‫ي مرجع تناول إجراءات الدّراسة بدون النّظر‪ ،‬على األق ّل فيما‬ ‫من استغالل أ ّ‬
‫يخص جوهر األشياء‪ ،‬إلى أنّه وضع في هذا االختصاص أو ذاك‪ .‬هذا ما‬ ‫ّ‬
‫تمش غير الذي‬ ‫ّ‬ ‫سنفعله‪ .‬لكن قبل ذلك ينبغي التّنبيه إلى أن باإلمكان أن يع َمد إلى‬
‫سيرد بعد قليل‪ .‬المه ّم أن يت ّم تشغيل وتنشيط أقصى ما يمكن من المستويات التي‬
‫ص‪ ،585‬جوابه‬ ‫تناولناها سابقا ً‪ 584‬الكتشاف‪ :‬اإلشكاليّة التي طرحها صاحب النّ ّ‬
‫عليها (أو أطروحته)‪ ،‬حججه على الجواب وعلى األطروحة‪.‬‬
‫فإذا حصل هذا التّنبيه‪ ،‬أمكن اقتراح إتيان مرحلة االكتشاف على هذا النّحو ‪:‬‬
‫‪586‬‬

‫ص‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬قراءة النّ ّ‬‫– ّ‬


‫الروابط المنطقيّة التي تساعد في‬
‫‪587‬‬
‫مرات من أجل تسطير ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫تنبغي قراءة النّ ّ‬
‫ص‪ ،‬ومن أجل تأطير المفاهيم الها ّمة‪ ،‬ومن أجل كشف‬ ‫استخراج بنية النّ ّ‬

‫‪ 584‬انظر الفقرة عدد ‪.164‬‬


‫‪ 585‬ينبغي أن ال يتّخذ ال ّن ّ‬
‫ص (‪ )texte‬ذريعة (‪ )prétexte‬لتناول إشكاليّة أخرى‪ .‬قارن مع‪Axel Preiss et :‬‬
‫‪Jean Pierre Aubrit, L’explication littéraire et le commentaire composé, Collection :‬‬
‫‪Critica, cérès éd., Tunis, 1998, p. 160.‬‬
‫‪ 586‬سننقل هنا وبصفة تكاد أن تكون حرفيّة ما جاء في‪sos.philosophie.free.fr (19 mai 2012) :‬‬
‫‪ 587‬انظرها في الفقرة عدد ‪.68‬‬
‫‪323‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ص وبالدّخول في‬ ‫ي يسمح بامتالك النّ ّ‬ ‫التّنصيصات األساسيّة‪ .‬هذا العمل ّ‬


‫األول ّ‬
‫فكر صاحبه‪.‬‬
‫ص مقاربة إجماليّة‪.‬‬ ‫– ثانيا‪ :‬مقاربة النّ ّ‬
‫هنا نجيب على األسئلة التّالية‪:‬‬
‫ص؟‬‫• ما هو موضوع النّ ّ‬
‫• ما هي اإلشكاليّة‪ 588‬التي طرحها النّ ّ‬
‫ص؟‬
‫ص؟ ما هي أطروحته؟‬ ‫• ما الجواب الذي قدّمه صاحب النّ ّ‬
‫• ك ّل أطروحة هي سير في اتّجاه ورفض التّجاه آخر‪ .‬فيم يتمثّل هذا اآلخر؟ إذن‬
‫ينبغي استخراج األطروحة النّقيض‪ ،‬بل ينبغي استخراجها وإن لم تكن بوجاهة‬
‫ص‪.‬‬‫أطروحة صاحب النّ ّ‬
‫الروابط المنطقيّة‪ .‬لكن ث ّم عناصر أخرى في‬ ‫سطرنا بعد ّ‬ ‫ص؟ ّ‬ ‫• ما هي بنية النّ ّ‬
‫ص تساهم في تحديد بنيته‪.589‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ص على أطروحته؟ من ث ّم ما الحجج على‬ ‫• ما الحجج التي قدّمها صاحب النّ ّ‬
‫األطروحة النّقيض؟ هل ث ّم حجج أخرى على األطروحة وعلى األطروحة‬
‫النّقيض؟‬
‫ص مقاربة تفصيليّة‪.‬‬ ‫– ثالثا‪ :‬مقاربة النّ ّ‬
‫ما استخرج إلى حدّ اآلن من أجوبة ينبغي عدّه بمثابة الفروض القابلة للمراجعة‪.‬‬
‫يخص ك ّل‬
‫ّ‬ ‫من هنا تأتي مرحلة المقاربة التّفصيليّة‪ .‬في هذه المرحلة نطرح‪ ،‬فيما‬
‫ص‪ ،‬األسئلة التّالية‪:‬‬ ‫جملة في النّ ّ‬
‫• ماذا قالت؟ أي ما معنى الجملة في ذاتها وفي سياقها‪590‬؟‬
‫المبرر؟‬
‫ّ‬ ‫• لماذا قالت ما قالت؟ ما‬
‫• ما خلفيّات ما قالت‪ :‬تبنّت رأي مؤلّف آخر‪ ،‬ناقضته‪ ،‬إلخ‪.‬؟‬
‫• هل هي محقّة فيما قالت؟‬
‫ص‪ ،‬أي تكون لدينا فكرة‬ ‫بعد المرور بهذه المراحل يكون لدينا معنى النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬‫وإثباتاتها في مادّة (قانونيّة)‪ .‬زيادة على ما سبق يكون لدينا تقييم للنّ ّ‬
‫لكن كالمه ينطبق في جزء كبير منه‬ ‫ص الفلسفي – ّ‬ ‫يقول أحدهم حول تقييم النّ ّ‬
‫ي –‪:‬‬‫ي القانون ّ‬
‫ص الفقه ّ‬ ‫على تقييم نصوص أخرى ومنها النّ ّ‬

‫‪ 588‬حول معنى اإلشكاليّة انظر الفقرة عدد ‪ 78‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 589‬انظرها داخل مختلف مقترحات الدّراسة التي وردت في الفقرة عدد ‪ 132‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 590‬انظر الفقرة عدد ‪.131‬‬
ّ‫ دراسة النّصّ الفقهي‬:‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‬ 324

‫ بل‬،‫ اذن «ن ْقدُ ّنص» يمتث ّل يف تبيان حدوده‬.‫السائد «نقد» لها دالةل سلبيّة‬ ّ ‫"يف معناها‬
‫ فالنّقد‬،‫ بسبب كون النّصوص ليست مق ّدسة‬،‫ و ألن ّه ال وجود لسلطة يف الفلسفة‬.‫أأخطائه‬
‫ من‬.‫للسخرية‬ ّ ‫ ذاك أأ ّن ن ْقد ّنص مل نفهمه هو ابلتّأأكيد جملبة‬،‫ لكنّه يتطلّب احلذر‬،‫ابلطبع مباح‬ ّ
‫ و أأن من املمكن أأن ّه‬،‫الصفحات ا ألخرى‬ ّ ‫ ال تنسوا أأ ّن اكتب النّ ّص قد أألّف أالف‬:‫هجة أأخرى‬
‫ تذكّروا أأ ّن ما ينبغي أأن يغلب هو فهم‬.‫توهجوهنا هل‬
ّ ‫أأجاب يف ماكن أخر عىل الاعّتاضات اليت‬
‫ تذكّروا أأيضا أأ ّن نقد ّنص هو‬.‫ و أأ ّن النّقد احملمتل ال ينبغي أأن يأأيت االّ بعد ذكل‬،‫النّ ّص وحتليهل‬
‫ فالتّعليق ليس فرصة لتصفية‬،‫نقد ما يوجد يف النّ ّص ال ما كتبه الاكتب يف ماكن أخر‬
،‫ تذكّروا أأخريا أأ ّن التّعليق ليس ذريعة لعرض ا ألفاكر الشّ خص ّية حول مسأأةل اتبعة‬.‫احلساابت‬
‫لك ا ألحوال النّقد اذلي‬ ّ ‫ ا ّن النّقد اجليّد هو يف‬.‫ممّا يؤدّي مبارشة اىل اخلروج عن املوضوع‬
‫ واكنت لمك جحج متينة‬،‫يوّض النّ ّص؛ وينبغي أأن ال متارسوه االّ اذا كنمت واثقّي من أأنفسمك‬ ّ
‫ لكن ابتعد مسافة عن‬،‫ نقد ليست اب ّلّضورة عاب‬،‫الفلسفي‬ ّ ‫] يف املعىن‬...[ ‫تعرضوهنا برصامة‬
‫ وفعال يُطلب منمك اس تخراج الفائدة الفلسفيّة‬.‫النّ ّص ليك ّيبّي تالؤمه وانعاكساته وربّام نقائصه‬
.591"‫رضوري‬
ّ ‫ والنّقد هبذا املعىن‬،‫للنّ ّص‬

:‫ويقول آخر‬

"Au sens courant critiquer a un sens négatif. Critiquer un texte consiste alors à en 591
montrer les limites, voire les erreurs. Dans la mesure où il n'y a pas de principe
d'autorité en philosophie, que les textes ne sont pas sacrés, la critique est bien
entendu permise. Mais elle exige de la prudence. Critiquer un texte que l'on n'a pas
compris est bien sûr ridicule. D'autre part, n'oubliez pas que l'auteur de votre texte a
écrit des milliers d'autres pages et qu'il a pu très bien répondre par ailleurs aux
objections que vous lui opposez. Souvenez-vous que ce qui doit primer est la
compréhension du texte, son analyse et que l'éventuelle critique ne peut survenir
qu'ensuite. Souvenez-vous aussi que critiquer un texte c'est critiquer ce qui se trouve
dans le texte et non ce que l'auteur a écrit par ailleurs. Le commentaire de texte n'est
en aucun cas l'occasion de régler ses comptes. Souvenez-vous enfin que la critique
n'est en aucun cas un prétexte pour exposer ses idées personnelles sur un sujet
annexe menant tout droit au hors sujet. La bonne critique est de toute façon celle qui
éclaire le texte et vous ne la pratiquerez qu'à la condition d'être sûr de vous, d'avoir
des arguments solides, arguments que vous présenterez avec rigueur […] Au sens
philosophique, critiquer n'est pas nécessairement dénigrer mais prendre du recul par
rapport au texte pour en montrer la pertinence, les implications et éventuellement les
limites. La question n'est plus alors de savoir si on peut ou non le faire. On vous
demande en effet de dégager l'intérêt philosophique du texte et critiquer en ce sens-
là est absolument nécessaire".sos.philosophie.free.fr (19 mai 2012).
‫‪325‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫"ما املقصود ابلتّعليق؟ يف بضع لكامت‪ :‬التّفسري يرافق من ادلّ اخل ّمتيش الاكتب‪ ،‬أأ ّما التّعليق‬
‫فيقّتح نظرة من اخلارج‪ .‬وفعال يتعلّق ا ألمر بتقيمي الفائدة الفلسفيّة من النّ ّص‪ .‬هذا يفّتض‬
‫العميل) للنّ ّص‪ ،‬أأي اىل أأ ّي مدى ميكّن‬
‫ظري و‪ /‬أأو ّ‬ ‫الابتعاد عنه مبسافة‪ :‬ما ّالرهان (النّ ّ‬
‫املقتطف املدروس من أأن نفكّر أأفضل و‪ /‬أأو نفعل أأحسن؟ ما الامتداد اذلي ميكن أأو اذلي‬
‫ينبغي اعطاؤه للنّ ّص؟"‪.592‬‬

‫ي –‪:‬‬
‫ي القانون ّ‬ ‫كما يقول بعضهم – وكالمهم ه ّم مباشرة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬

‫"نعين [‪( ]...‬ابلتّقيمي) حتديد موقف القارئ من النّ ّص اذلي يدرسه‪ .‬وهذا املوقف ميكن أأن‬
‫يكون اجيابيّ ًا أأو سلبيّ ًا‪.‬‬
‫لب من النّ ّص)‪ :‬أأ ّول يشء جيب الفات النّظر اليه هو أأ ّن الانتقاد‬ ‫مسأأةل الانتقاد (املوقف ّ‬
‫الس ّ‬
‫مبجرد وجوده قمية اضافيّة عىل ادلّ راسة‪ .‬ا ألمر الث ّاين اذلي جيب‬
‫رضوراي‪ .‬ان ّه ال يضفي ّ‬
‫ّ‬ ‫ليس‬
‫اخيل اذلي يرتكز‬ ‫علمي أأو ال يكون‪ .‬والانتقاد ّ‬
‫العلمي هو الانتقاد ادلّ ّ‬ ‫االشارة اليه أأ ّن الانتقاد ّ‬
‫عىل نقاط ضعف يف النّ ّص ذاته‪ :‬تناقض‪ ،‬خطأأ‪ ،‬س ببيّة غري حصيحة‪ ،‬تغافل‪ ،‬فراغ ‪ ...‬أأ ّما‬
‫اخلارج اذلي ينطلق ال من‬ ‫ّ‬ ‫لوج ذكل اذلي جيب اجتنابه‪ ،‬فهو الانتقاد‬ ‫الانتقاد االيديو ّ‬
‫النّ ّص بل من معتقدات القارئ وهو ذكل اذلي يقابل أأفاكر النّ ّص بأأفاكر القارئ دون أأن‬
‫يّتت ّب عىل هذه املقابةل ال برهنة عىل خطأأ أأفاكر الاكتب وال عىل حصّة أأفاكر القارئ‪ .‬زد عىل‬
‫سايس وهو املوضوع النّ ّ‬
‫ظري‬ ‫ابلطالب اىل احنراف أأ ّ‬‫ذكل أأ ّن الانتقاد اخلارج غالبا ما يؤدّي ّ‬
‫يتحول التّحرير من حتليل ألفاكر اكتب اىل بسط لأفاكر القارئ"‪.593‬‬ ‫أأي ّ‬

‫م ّما تقدّم يخلص أنّا نخرج‪ ،‬بعد المرور بمراحل معيّنة‪ ،‬بمعنى للنّ ّ‬
‫ص وتقييم له‪.‬‬
‫بعد ذلك ينبغي أن نرتّب هذا المحتوى ألنّه يمثّل جوهر الدّراسة‪.‬‬

‫‪"Que faut-il entendre par commentaire ? En quelques mots : alors que 592‬‬
‫‪l'explication "accompagne" de l'intérieur la démarche de l'auteur, le commentaire‬‬
‫‪en propose une vue pour ainsi dire extérieure. Il s'agit en effet d'évaluer l'intérêt‬‬
‫‪philosophique du texte, ce qui suppose un minimum de recul : Quel est l'enjeu‬‬
‫‪(théorique et / ou pratique) du texte, c'est-à-dire dans quelle mesure l'extrait étudié‬‬
‫‪permet-il de mieux penser et / ou d'agir ? Quel prolongement peut-on ou devrait-on‬‬
‫‪donner au texte ? ». Commentaire de texte, http://philia.online.fr (19 mai 2012).‬‬
‫‪ 593‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 12‬و‪.13‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪326‬‬

‫‪ /2 .1‬التّرتيب (‪)disposition‬‬

‫‪ ―.171‬ترتيب املعنى والتّقييم‪.‬‬


‫ص‪ 595‬يص ّح هنا‪.‬‬‫ما قيل عن عموم المواضيع‪ ،594‬وما قيل عن عموم دراسة النّ ّ‬
‫يتكون من أمرين‪ :‬معنى وتقييم‪ ،‬فيمكن‪:‬‬ ‫ألن المحتوى الذي سنرتّب مفرداته ّ‬ ‫لكن ّ‬
‫إ ّما تخصيص فقرة أولى للمعنى وفقرة ثانية للتّقييم‪ ،‬وإ ّما تقسيم المعنى إلى‬
‫جزأين أو ثالثة وإلحاق ك ّل تقييم بالجزء أو بجزء الجزء المرتبط به‪ .‬والخيار‬
‫األول ال ينصح به المبت ِّدأ ألنّه يتطلّب‪ّ :‬أوالً أن يكون لديه ك ّم كاف من التّقييم‬
‫ّ‬
‫صصت للمعنى‪،‬‬ ‫ّ‬
‫يجعل الفقرة الثانية في توازن مع الفقرة األولى التي تكون قد خ ّ‬
‫ثانيا ً أن تكون لديه القدرة على الفصل بين وجهي المسألة – المعنى والتّقييم –‬
‫بحيث ال يجد القارئ الفقرة الثّانية أو جز ًء منها بمثابة التّكرار لما جاء في الفقرة‬
‫األولى‪ .‬فإذا رتّب المحتوى‪ ،‬تكون المرحلة الموالية هي التّعبير‪.‬‬

‫‪ /3 .1‬التّعبير (‪)élocution‬‬

‫‪―.172‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫هنا‪ ،‬كما في المقالة‪ ،‬ث ّم مقدّمة وجوهر وخاتمة‪.‬‬

‫‪ /1 .3 .1‬المقدّمة‬

‫‪ ―.173‬مكوِّنات املقدّمة‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫جاء حول مقدّمة دراسة النّ ّ‬
‫ص الفلسف ّ‬

‫تتكون من املراحل الأربع التّالية‪ .‬لهذا ا ألمر مزي ّ ٌة يه أأن ّه ّ‬


‫يضطر‬ ‫" ينبغي ملقدّ مة تفسريمك أأن ّ‬
‫سايس‪ ،‬وذكل بتجنّب العموميّات اليت تثقل الالكم اكلتّ ّعرض ّ‬
‫لقصة حياة‬ ‫ّلَلهاب حنو ما هو أأ ّ‬
‫الاكتب‪.‬‬

‫‪ 594‬انظر الفقرة عدد ‪ 26‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 595‬انظر الفقرة عدد ‪.165‬‬
327 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

.‫ يتعلّق ا ألمر بفهم ما يتحدّث عنه النّ ّص ابلضّ بط‬.‫ التّعريف ابملوضوع املتناول‬:‫ املوضوع‬-
‫ ال ختلطوا بّي‬.‫هنا ينبغي اقصاء العموميّات والانكباب عىل النّ ّص يف صورته ادلّ قيقة‬
.‫ أأي ما يريد الاكتب اثباته‬،‫املوضوع وا ألطروحة‬
‫ابلصعوبة املركزي ّة املثارة من النّ ّص؛ واالشاكل ّية ال تنكشف‬ّ ‫ يتعلّق ا ألمر‬:‫ االشاكل ّية‬-
.‫سايس اذلي يطرحه الاكتب مضن ّي ًا‬
ّ ‫السؤال ا أل‬ّ ‫ اهنّ ا‬:‫ بل ينبغي اس تخراهجا‬،‫مبارشة‬
‫ أأي ما أأراد اثباته يف هذا‬،‫ يتعلّق ا ألمر بأأن حندّد يف النّ ّص موقف الاكتب‬:‫ ا ألطروحة‬-
.‫الس ياق ادلّ قيق‬
ّ
ّ ‫ هذا االعالن‬،‫ تنهتيي مقدّمتمك ابالعالن عن التّخطيط‬:‫ ختطيط النّ ّص‬-
‫يزود وابقتضاب‬
.596"‫بعدد الفقرات اليت يتض ّمهنا النّ ّص ومبحتواها‬

:‫ي (فقه القانون) هي‬ ّ ّ‫أن عناصر مقدّمة دراسة الن‬


ّ ‫ص الفقه‬ ّ ‫وجاء‬

ّ ‫ الاكتب – املصدر – االطار التّار‬:‫"– تقدمي النّ ّص‬


.‫خيي‬
.‫– الفكرة العا ّمة للنّ ّص‬
.‫– االعالن عن ا ألقسام ا ألساس يّة اليت يه يف الواقع ا ألفاكر ا ألساس يّة للنّ ّص‬
‫ حسب‬،‫ وتمكن هذه ا ألمهّية‬.Intérêt du texte‫كام ميكننا اثراء هذه املقدّ مة بأأمهّية النّ ّص‬
ّ ‫ يف أنيّة املسأأةل اليت‬،‫النّصوص‬
.597"‫ أأو يف القانون املقارن‬،‫ أأو اترخييّهتا‬،)‫يتعرض الهيا (النّ ّص‬

"L’introduction de votre explication doit être constituée de préférence des quatre 596
étapes suivantes. Cela a le mérite d’obliger à aller à l’essentiel, en évitant toutes les
généralités telles que la vie de l’auteur, qui alourdissent le propos.
- Thème : identifier le thème dont il est question. Il s’agit de comprendre de quoi
parle exactement l’auteur. Les généralités sont à exclure, il importe de se pencher
sur le texte dans sa configuration précise. Ne confondez pas le thème avec la thèse,
c’est-à-dire ce que l’auteur veut démontrer.
- Problématique : il s’agit de la difficulté centrale soulevée par le texte. La
problématique ne se décèle pas immédiatement, il vous faudra la dégager. C’est la
question fondamentale que l’auteur pose implicitement.
- Thèse : il s’agit de déterminer la position de l’auteur dans ce texte, ce qu’il a voulu
démontrer dans un contexte précis.
- Plan du texte : votre introduction se termine par l’énoncé du plan, qui référence
brièvement le nombre de parties contenues dans le texte, et leur contenu".
http://www.oboulo.com (19 mai 2012).
.15 ‫ ص‬،‫ م س‬،‫ عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‬597
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪328‬‬

‫ي‪ ،‬وبسبب دواعي‬ ‫ويبدو – بسبب القرب الكبير بين المقالة ودراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫بيداغوجيّة – أنّه ينبغي أن نقترح في مقدّمة الدّراسة ما يوازي ما اقترحناه في‬
‫تتكون مقدّمة الدّراسة من ثالث مراحل‪:‬‬ ‫مقدّمة المقالة‪ ،‬فنقول‪ّ :‬‬
‫ص (المؤلّف‪ ،‬إلخ‪ ،).‬ونورد محتواه إن كان مقتضبا ً‬ ‫المرحلة األولى نقدّم فيها النّ ّ‬
‫ص أو من‬ ‫أو نصف وصفا وفيّا ً هذا المحتوى في الحالة المعاكسة‪ .‬من عين النّ ّ‬
‫ص المدروس‪.‬‬ ‫وصفه نستخرج ونكشف عن المادّة التي اشتغل عليها النّ ّ‬
‫ص المدروس داخل المادّة‬ ‫المرحلة الثّانية نكشف عن اإلشكاليّة التي طرحها النّ ّ‬
‫القانونيّة (فائدة اإلشكاليّة‪ ،‬فعينها‪ ،‬فجوابها‪ .‬أو عين اإلشكاليّة‪ ،‬فجوابها‪،‬‬
‫ففائدتها)‪.‬‬
‫المرحلة الثّالثة نكشف فيها عن تخطيط النّ ّ‬
‫ص الدّارس‪.‬‬
‫ص الدّارس‪.‬‬‫مباشرة بعد ذلك نأتي بجوهر النّ ّ‬

‫‪ /2 .3 .1‬الجوهر‬

‫‪ ―.174‬إحالة ‪ ...‬وأكثر‪.‬‬
‫هنا نجد التّخطيط والعنونة والمحتويات والتّخلّص‪ .‬وتنبغي اإلحالة على ما ورد‬
‫حول المشترك بين المواضيع‪ ،598‬وحول المقالة‪ ،599‬وحول المشترك بين دراسة‬
‫مختلف أنواع النّصوص‪ .600‬لكن يجب أن نزيد بأنّه ينبغي – كلّما كان ذلك‬
‫ص‬‫ص الدّارس من مضمون النّ ّ‬ ‫ممكن ا‪ – 601‬اقتطاع عناوين تخطيط النّ ّ‬
‫ص الدّارس‪ ،‬االستشهاد بمقتطفات من‬ ‫المدروس‪ .‬كما ينبغي‪ ،‬طوال جوهر النّ ّ‬
‫ص المدروس‪ .602‬ك ّل ذلك ليربط الدّارس نفسه بالنّص المدروس‪ ،‬وليشعر‬ ‫النّ ّ‬
‫نص‪.‬‬
‫نص على ّ‬ ‫قارئه بأنّه أمام ّ‬
‫بعد الجوهر تأتي الخاتمة‪.‬‬

‫‪ 598‬انظر الفقرة عدد ‪ 26‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 599‬انظر الفقرة عدد ‪.113‬‬
‫‪ 600‬انظر الفقرة عدد ‪.165‬‬
‫ي منها (انظر هذه المواصفات‬ ‫أي كلّما كانت المواصفات الواردة سابقا متوفرة أو على األقل ما هو أساس ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪601‬‬

‫في الفقرة عدد ‪ 56‬وما بعدها)‪.‬‬


‫الظفرين كلّما استشهدنا‪ .‬ال بدّ من‬
‫ص واستعمال ّ‬ ‫ي هو االستشهاد بال ّن ّ‬
‫جاء عند بعضهم‪" :‬األمر الضّرور ّ‬
‫‪602‬‬

‫مرة في ك ّل فرع"‪ .‬عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪،‬‬ ‫االستشهاد بالنّ ّ‬
‫ص على األق ّل ّ‬
‫م س‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪329‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ /3 .3 .1‬الخاتمة‬

‫‪ ―.175‬إحالة‪.‬‬
‫ي‪.‬‬ ‫ما قيل عن خاتمة المقالة‪ 603‬يص ّح عن خاتمة دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫وتناول الخاتمة وما سبقها تناول إلجراءات الدّراسة‪ .‬بعد اإلجراءات يأتي‬
‫التّجسيم‪.‬‬

‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬


‫ص الفقه ّي‬

‫‪ ―.176‬قبل التّمرين‪ .‬التّمرين‪.‬‬


‫هنا أيضا‪ ،‬ينبغي البدء مع ّ‬
‫الطالب على نفس النّحو الذي بدأنا به معه في المقالة‪:‬‬
‫محرر بالتّمام والكمال‪ ،‬إلخ‪.604.‬‬
‫ّ‬ ‫تقديم نموذج‬
‫ويمكن – في إطار التّجسيم – أن نأتي بالدّراسة التي قام بها "جون ‪ -‬لويس‬
‫‪605‬‬
‫سوريو" (‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا" (‪) Pierre Lerat‬‬
‫لنص "جون ‪ -‬پول جيللي" (‪:)Jean-Paul Gilli‬‬ ‫ّ‬

‫"وهجة نظر‪،‬‬
‫حق امللكيّة‪ ،‬جريدة‬ ‫جون ‪ -‬پول جيليل (رئيس جامعة ابريس – دوفّي)‪ ،‬التّشكيك يف ّ‬
‫لوموند الفرنس ّية‪ 31 ،‬مارس ‪.1976‬‬
‫ّنص املقاةل‪:‬‬
‫نوين للكثافة قابةل من أأوجه عديدة للنّقد ومؤدّية اىل عدم مساواة خطري‬ ‫"ا ّن أأحاكم ّ‬
‫السقف القا ّ‬
‫البدلايت‪ ،‬وبّي ابريس وبقيّة فرنسا؛ وهناكل احامتل كبري أأن ال يصيب‬ ‫بّي املالكّي‪ ،‬وبّي ّ‬
‫التّعديل أأهدافه بأأن يدفع برؤساء ّ‬
‫البدلايت لتكثيف وسط املدن للحصول عىل املوارد‪.‬‬
‫حق امللكيّة ما هو‬‫نوي؛ وما هي ّم أأ ّن القانون – ابتيانه املساس اذلي مل يشهد ّ‬
‫لك هذا اث ّ‬‫لكن ّ‬
‫أأخطر منه – قد أأاثر بطريقة ال رجعة فهيا التّشكيك يف هذا ّ‬
‫احلق‪.‬‬

‫‪ 603‬انظر الفقرة عدد ‪.114‬‬


‫‪ 604‬انظر الفقرة عدد ‪.116‬‬
‫‪ 605‬ما سيأتي هنا تجسيم لما اقترحه جون‪-‬لويس سوريو" و"پيار لورا" حول مراحل دراسة ال ّن ّ‬
‫ص‪ ،‬هذا‬
‫االقتراح الذي أوردناه في الفقرة عدد ‪ 161‬وما يليها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪330‬‬

‫احلق يف البناء‬‫كرر التّأأكيد عىل أأ ّن ّ‬ ‫من النّظرة ا ألوىل يبدو النّ ّص نسبيّ ًا غري ذي قمية‪ ،‬فهو ي ّ‬
‫السقف القانو ّين للكثافة –‪ ،‬ال ميكن للامكل‬ ‫معّي – ّ‬ ‫مرتبط مبلكيّة ا ألرض؛ لكن‪ ،‬وبتجاوز ح ّد َّ‬
‫احلق االّ بعد دفع مبلغ حمدّد للجامعة‪ .‬وقد يُقال ان ّنا هنا أأمام رضيبة اضافيّة ليس االّ‬ ‫ممارسة هذا ّ‬
‫احلق يف البناء‪.‬‬
‫جبائ عىل ّ‬ ‫جمرد اضفاء طابع ّ‬ ‫فُرضت مبناس بة معليّة البناء‪ ،‬ان ّنا أأمام ّ‬
‫لكن احلقيقة خمتلفة اختالفا كبريا‪ :‬فرمغ العبارات اخملتارة بعناية‪ ،‬يتعلّق ا ألمر بتأأممي جمال اكن‬ ‫ّ‬
‫حق‬‫مرتبطا اىل ح ّد الن ابلأرض‪ .‬ولقد اكن هذا ما عناه املرشوع ا أل ّول اذلي اكن يقول ا ّن ّ‬
‫نوين للكثافة‪ ،‬يصبح « ِملاكً» للجامعة‪ .‬لكن‪ ،‬وات ّباعا عىل ما‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫البناء‪ ،‬حّي يتجاوز ّ‬
‫الصيغة‪ :‬مفن الن فصاعدا‪ ،‬ورمغ ما اقّتحه‬ ‫يبدو لر أأي جملس ادلّ وةل‪ ،‬مل ي ّمت االبقاء عىل هذه ّ‬
‫الصيغة ا ألوىل‪ ،‬يقول النّ ّص ّ‬
‫املتبىن ان ّه وبتجاوز‬ ‫تنقيح ّللرجوع اىل ّ‬ ‫الس يّد «لكوديوس پييت» من ٍّ‬
‫حق البناء من «مشموالت» امجلاعة‪.‬‬ ‫نوين للكثافة يكون ّ‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫ّ‬
‫لك ا ألحوال اكن‬ ‫قانون ّيا ما املعىن اذلي ميكن أأن يكون لهذه اللكمة؟ ال يشء‪ ،‬اذا عرفنا أأن ّه ويف ّ‬
‫رضوراي دامئا‪( .‬لكن أأليس يف) جربه من هنا فصاعدا‬ ‫ّ‬ ‫ّالّتخيص للامكل يف ممارسة حقّه يف البناء‬
‫عىل أأن يدفع للجامعة مثن املساحة املوافقة ل ألمتار املربّعة من الأرض ّية املبنيّة واليت تتجاوز‬
‫نوين للكثافة‪ ،‬الزاما هل بأأن يشّتي حقّ ًا مل يعد ميلكه؟ هذه يه احلقيقة اخملفيّة حتت‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫ّ‬
‫حق ملكيّة ا ألرض ّمت بّته‪ ،‬ا ْذ مل يعد هي ّم االّ جز ًء من الهواء [‪]...‬‬ ‫اللكامت‪ّ :‬‬
‫حق امللكيّة‪ ،‬ألهنّ ا‬ ‫تطور ّ‬‫السهوةل اليت ّمت هبا قبول الربملان لقانون خطري تدعو للتّفكري حول ّ‬ ‫ا ّن ّ‬
‫مسي املعطى هل‪ .‬فنحن نعرف‬ ‫احلق مل تعد هل عالقة ابلتّعريف ّالر ّ‬ ‫تظهر يف جممتعنا اليوم أأ ّن هذا ّ‬
‫احلق بأأن ّه ال يقبل املساس به و أأن ّه مقدّ س‪،‬‬ ‫تعرف هذا ّ‬ ‫الصيغة الشّ هرية ّ‬
‫للمجةل املدن ّية اليت ّ‬ ‫ّ‬
‫الصيغة (املشار الهيا منذ قليل)‬ ‫حق ُوضع عىل ر أأس حقوق االنسان‪ ،‬ونعرف أأ ّن ّ‬ ‫ونعرف أأن ّه ٌّ‬
‫مدونة جوس تنيان‪ ،‬و أأن ّه ّمت التّشديد فهيا لطمأأنة ممتلّيك ا ألموال العا ّمة‪ .‬لقد اكنت‬ ‫موروثة من ّ‬
‫تصورا قانون ّي ًا مع َّينا للملكيّة اليت مل يكن يشء ّيربرها االّ طريقة احلصول علهيا‪:‬‬ ‫صيغة تكشف ّ‬
‫رمس امللكيّة مينح حقّ ًا مطلقا‪.‬‬
‫فلسفي ومنذ زمن أأ ّول ّية مظهر أخر للملكيّة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫كس‪ ،‬أأكّد ت ّيار‬
‫صور الأرثودو ّ‬ ‫يف مواهجة هذا التّ ّ‬
‫غايهتا‪ .‬هذا التّ ّيار يبد أأ من « أأرسطو» ويتواصل عرب القرون اذ جنده عند أابء الكنيسة –‬
‫روسو»‪ ،‬وعند‬ ‫«القدّ يس توماس» و«القدّ يس ابزيل» –‪ ،‬وجنده يف مرشوع دس تور « ّ‬
‫الوضع ّيّي‪ ،‬وداخل التّ ّيار الشّ خصا ّين (‪ ،)personnaliste‬ويف ّالرسائل البابويّة احلديثة‪ .‬وهو‬
‫احلق‪ ،‬ويربط أأساس امللكيّة‬ ‫اليشء بواسطة الوظيفة الاجامتعيّة لهذا ّ‬ ‫احلق عىل ّ‬ ‫تيّار ّيربر ّ‬
‫ابس تعاملها اذلي ينبغي أأن يسهم يف رفاه امجلاعة [‪]...‬‬
‫فاذا أأخذان بعّي الاعتبار فقط ملكيّة الأرض‪ ،‬وجدان أأ ّن واضعي ّ‬
‫اجملةل املدن ّية قد أأقاموا‪ ،‬فامي‬
‫املتجزئ)‪ ،‬واملطلق‪ ،‬واذلي ال يقبل أأن‬ ‫حادي (غري ّ‬ ‫احلق ا أل ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬البناية املمتث ّةل يف ّ‬ ‫يتعلّق هبا ّ‬
‫‪331‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫حق امللكيّة خيتلط ابالنتقاصات‬ ‫مس به‪ ،‬وال أأن ُحي ّد منه‪ .‬لكن ماذا بقي من البناية؟ ا ّن اترخي ّ‬ ‫يُ ّ‬
‫اليت أأحلقت به‪.‬‬
‫متجزئ لفائدة‬‫حق ّ‬ ‫حادي‪ :‬لقد اكن كذكل أأكرث يف ظ ّل النّظام القدمي‪ ،‬أأ ّما اليوم فهو ّ‬ ‫حق أأ ّ‬ ‫ّ‬
‫التّاجر واملزارع واملكّتي‪.‬‬
‫لك جانب برخصة بناء‪ ،‬أأو تقس مي‪ ،‬أأو هدم‪ ،‬أأو‬ ‫حق مطلق‪ :‬ا ّن اس تعامهل اليوم مرشوط يف ّ‬ ‫ّ‬
‫تنقيب‪ ،‬أأو اس تصالح‪ ،‬بل أأحياان برخصة بيع أأو تغيري ما ُرصدت هل الأرض‪.‬‬
‫حق ال ميكن املساس به‪ :‬لقد اكن بعدُ همدَّ دا ابالنزتاع‪ ،‬ومن هنا فصاعدا فا ّن املاكل مس هتدف‬ ‫ّ‬
‫حق شفعة عا ّم‪.‬‬ ‫بواسطة ّ‬
‫الطاقة الهيدرول ّية‪،‬‬ ‫حق ال ميكن أأن ُحيدّ منه‪ :‬نعم‪ ،‬لكن مع اس تثناء التّشاريع املتعلّقة ابملنامج‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫السقف القانوين للكثافة‪.‬‬ ‫الطاقة الكهرابئيّة‪ ،‬وجوالن ّ‬
‫الطائرات‪ ،‬و أأخريا ّ‬ ‫وتوزيع ّ‬
‫السقف القانوين للكثافة ميث ّل خطوة جديدة [‪ ]...‬يف هذا التّ ّ‬
‫طور‪.‬‬ ‫وهكذا فا ّن ّ‬
‫●●●●‬
‫حلق امللكيّة ال رجعة فيه‪ ،‬واملزيّة احلقيقيّة لقانون «ڤاالي» أأن ّه‬ ‫ائ ّ‬ ‫تصور غ ّ‬‫ويبدو أأ ّن املرور اىل ّ‬
‫أأكّد هذا‪.‬‬
‫لكن ما ميكن أأن نأأسف هل‪ ،‬أأ ّن هذا التّغيري مل جيرؤ عىل االفصاح عن امسه‪ ،‬أأن ّه مل يواجه بصفة‬
‫حق امللكيّة‪ .‬لقد ختفّى يف ثوب قانون تعمري (تنظمي املدينة) وتفادى املساس‬ ‫مفتوحة ماهية ّ‬
‫ّ‬
‫ابجملةل املدن ّية‪.‬‬
‫هذا خطري ومؤسف‪.‬‬
‫مبجرد ختفيض يف‬ ‫خطري‪ ،‬أل ّن قانون تعم ٍّري ميكنه غدا أأن يُفرغ امللكيّة العقّاريّة من حمتواها ّ‬
‫حلق امللكيّة اذلي يقتيض عىل العكس‬ ‫عي ّ‬‫صور الاجامت ّ‬‫نوين للكثافة‪ .‬هذا خمالف للتّ ّ‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق طاملا اكن اس تعامهل منخرطا يف خدمة املصلحة العا ّمة‪.‬‬ ‫أأن ُحيمى ّ‬
‫هذا مؤسف أأيضا أل ّن مساوئ املضارابت ترجع يف جانب كبري مهنا اىل العقل ّيات‪ .‬فليس‬
‫حىت وان اكن الواقع يك ّذبه – أأ ّن هل حقّ ًا مطلقا‪ .‬كام أأن ّه ليس‬ ‫ابحلسن أأن يشعر املاكل دوما – ّ‬
‫احلق املكتوب يف النّصوص خمتلف ًا كثريا ّمعا نقرؤه يف الواقع‪.‬‬ ‫ابحلسن أأيضا أأن يكون ّ‬
‫املرحةل الأوىل‪" :‬املوضعة"‬
‫‪ .1‬املصدر‬
‫املؤرخ يف ‪ 31‬ديسمرب ‪1975‬‬ ‫– التّارخي‪ :‬ثالثة أأشهر بعد صدور القانون عدد ‪ّ 1328 – 75‬‬
‫الس ياسة العقّاريّة‪.‬‬ ‫املتعلّق ابصالح ّ‬
‫خمتص يف املسائل القانون ّية املتعلّقة‬ ‫– الاكتب‪« :‬جون ‪ -‬پول جيليل»‪ ،‬أأس تاذ القانون العا ّم‪ّ ،‬‬
‫حق امللكيّة (مركز البحث يف التّعمري‪ ،‬ابريس‪.)1975 ،‬‬ ‫ابلتّعمري‪ ،‬مؤلّف كتاب‪ :‬اعادة تعريف ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪332‬‬

‫‪ّ .2‬‬
‫الطبيعة‬
‫اخملتصّي دون أأن يكون امجلهور العريض‪.‬‬ ‫– الوعاء‪ :‬جريدة يوميّة تتو ّجه اىل مجهور أأوسع من ّ‬
‫– نوع الكتابة‪ :‬وهجة نظر حول مسأأةل راهنة‪.‬‬
‫تطوره‪ ،‬ابالضافة اىل القانون عدد ‪1328 – 75‬‬ ‫– املعارف املفّتض توفّرها‪ :‬قانون امللكيّة و ّ‬
‫املؤرخ يف ‪ 31‬ديسمرب ‪( 1975‬املس ّمى بقانون «ڤاالي» واملنقّح بقوانّي املاليّة‪ :‬ابلنّس بة اىل‬ ‫ّ‬
‫‪ 1981‬الفصل ‪ ،73‬وابلنّس بة اىل ‪ 1983‬الفصل ‪)31‬؛ والقانون عدد ‪ّ 729 – 85‬‬
‫املؤرخ يف‬
‫‪ 18‬جويلية ‪ 1985‬املتعلّق بتعريف واعامل مبادئ الهتّ يئة (الفصل ‪ ،25‬الفقرات‪ 1 :‬و‪ 2‬و‪ 4‬و‪5‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 23‬ديسمرب ‪ 1986‬الهادف اىل تشجيع‬ ‫وخاصة القانون عدد ‪ّ 1290 – 86‬‬ ‫و‪)6‬؛ ّ‬
‫احمليل‪ ،‬وامتالك املساكن الاجامتع ّية وتطوير العرض العقّاري (الفصول‪ 64 :‬و‪65‬‬ ‫الاستامثر ّ ّ‬
‫و‪.)66‬‬
‫املرحةل الث ّانية‪ :‬البحث ّمعا ينبغي تسطريه‬
‫‪ .1‬اللكامت اليت ينبغي تفسريها‬
‫املتكون من كتةل واحدة‪ ،‬املتع ّذر القسمة‪ ،‬ما ال صدع فيه‪.‬‬ ‫– ا أل ّ‬
‫حادي‪ :‬جماز ًا‪ّ ،‬‬
‫اجملز أأ‪.‬‬ ‫– املبتور‪ّ :‬‬
‫بتوسع يف املعىن‪ ،‬املقسوم و ّ‬
‫لك ا ألنواع‪ :‬الهيلوكپّت‪ ،‬اخل‪.‬‬ ‫– ّ‬
‫الطائرات‪ :‬عبارة جتمع ّ‬
‫الاجامتعي للملكيّة‬
‫ّ‬ ‫غائ‪ :‬تعبري من اصطالحات الفلسفة اختاره الاكتب للتّعبري عن التّ ّ‬
‫صور‬ ‫ّ‬ ‫–‬
‫الفرديّة‪.‬‬
‫[‪]...‬‬
‫‪ .2‬املفاهمي – املفاتيح‬
‫نوين للكثافة‪ :‬حسب عبارات الفصل‪ :‬ل‪( 1 – 112 .‬مصدره قانون «ڤاالي») من‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫– ّ‬
‫يعرف كثافة البناء هو املسافة بّي سطح أأرض ّية البناية وسطح الأرض املقامة‬‫جمةل التّعمري‪ ،‬ما ّ‬ ‫ّ‬
‫علهيا البناية أأو اليت ينبغي أأن تقام علهيا‪ .‬يف هذا امليدان ميكن انشاء سقف قا ّ‬
‫نوين للكثافة‪.‬‬
‫– امجلاعة‪ :‬عبارة مل تُس تعمل يف املعىن الاصطاليح (‪ ‬امجلاعة احمللّيّة)‪.‬‬
‫– املصلحة العا ّمة‪ :‬مصلحة امجلاعة (تعارض املصلحة الفرديّة)‪.‬‬
‫املرحةل الث ّالثة‪ :‬البحث عن بنية النّ ّص‬
‫‪ .1‬البنية ّ‬
‫الطباعيّة‬
‫(عوضناه بنقاط ليربز أأكرث) يعزل عن بقيّة النّ ّص جز ًء هل فقط‬
‫ا ّن التّقس مي اذلي أأدخهل البياض ّ‬
‫احلقيقي للفقرات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الطباعة ال تسمح بمتيّي فقر ٍّات ابملعىن‬
‫بُعد اخلامتة‪ .‬وهكذا فا ّن ّ‬
‫‪ .2‬البنية اللغويّة‬
‫‪333‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الصيغ االنشائ ّية (ا ألمر‪ ،‬اخل‪ ).‬كام احلال يف القوانّي‬ ‫هذا النّ ّص منوذج لوهجة نظر‪ .‬فال جند فيه ّ‬
‫وا ألوامر‪ ،‬وال جند فيه تعدادا ليشء كام احلال يف صيغ الكتائب‪ ،‬لكن ّنا جند أأسلواب فقهيّا‬
‫اب ألساس ي ّمتّي يف الوقت نفسه بــ ‪:‬‬
‫حق امللكيّة « أأحاد ّي‪،‬‬ ‫خيص أأوصاف ّ‬ ‫ميي ([‪ ]...‬تعدّد ا ألمثةل؛ متيّي دقيق فامي ّ‬ ‫هاجس تعل ّ‬
‫مطلق‪ ،‬ال يقبل املساس‪ ،‬غري مقيّد»؛ أأيضا «خطري» و«مؤسف»‪.‬‬
‫خشص ([‪ ]...‬اخفاء‪ ،‬خطري‪ ،‬مؤسف [‪.)]...‬‬ ‫ّاختاذ موقف ّ‬
‫مؤسسا عىل القطيعة يف طرق‬ ‫قارة طوال املقاةل‪ .‬اذن ال تقبل تقس امي ّ‬ ‫بتوهجات ّ‬‫يتعلّق ا ألمر هنا ّ‬
‫التّنصيص‪.‬‬
‫البنية املنطقيّة‬ ‫‪.3‬‬
‫خالف ًا للتّعليق عىل قانون‪ ،‬ال يدّعي هذا النّ ّص الشّ مول ّية وال تعريف مفاهمي جديدة‪ .‬ان ّه يبسط‬
‫حق امللكيّة»‪ .‬عىل هذا مل يُتناول قانون «ڤاالي» يف‬ ‫ِحجاجا لفائدة أأطروحة‪« :‬اعادة تعريف ّ‬
‫تدمع حصّة ا ألطروحة‪.‬‬ ‫ذاته‪ ،‬بل ّمت تناوهل مكصدر للحجج اليت ّ‬
‫حق ملكيّة ا ألرض بُ ِّت عن طريق هذا القانون‪.‬‬ ‫– برهنة أأوىل متث ّلت يف اثبات أأ ّن ّ‬
‫حلق امللكيّة يف ّ‬
‫اجملةل‬ ‫مسي ّ‬‫– يف مرحةل اثنية‪ ،‬حاول الاكتب اثبات وجود جفوة بّي التّعريف ّالر ّ‬
‫تطورات‬ ‫الفلسفي ومن هجة أأخرى يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغائ اذلي جنده من هجة يف الفكر‬ ‫صور ّ‬ ‫املدنيّة والتّ ّ‬
‫الوضعي‪ ،‬ومن مضنه قانون «ڤاالي»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القانون‬
‫املس ّ‬
‫ابجملةل املدن ّية‪.‬‬ ‫مبجرد قانون تعمري وجتنّب ّ‬ ‫املرشع قد اكتفى ّ‬ ‫– أأخريا يأأسف الاكتب لكون ّ‬
‫يف امجلةل بُين النّ ّص مكقاةل‪.‬‬
‫املرحةل ّالرابعة‪ :‬البحث عن أأغراض النّ ّص‬
‫حق‬ ‫زايدة عىل غىن مضمونه الث ّقا ّيف‪ ،‬يوفّر هذا النّ ّص لرجل القانون مادّة تفكري حول وجوه ّ‬
‫امللكيّة اليت يه يف الن نفسه فن ّ ّية وفلسفيّة‪.‬‬
‫نوين للكثافة‪.‬‬
‫السقف القا ّ‬ ‫تكييف املبلغ املطلوب من ماكل ا ألرض حّي يتجاوز ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫أأطروحة«جون ‪ -‬پول جيليل»‪( « :‬اجبار املاكل) من هنا فصاعدا عىل أأن يدفع للجامعة مثن‬ ‫–‬
‫نوين للكثافة‪]...[ ،‬‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫املساحة املوافقة ل ألمتار املربّعة من الأرض ّية املبنيّة واليت تتجاوز ّ‬
‫(هو الزام) هل بأأن يشّتي حقّ ًا مل يعد ميلكه »‪.‬‬
‫حق يف البناء‪.‬‬ ‫من هذا املنظور‪ ،‬يبدو فعلُ ادلّ فع كمثن رشاء ّ ٍّ‬
‫ا ألطروحة اليت نقدها «جون ‪ -‬پول جيليل»‪ « :‬وقد يُقال ان ّنا هنا أأمام رضيبة اضافيّة ليس االّ‬ ‫–‬
‫احلق يف البناء »‪.‬‬
‫جبائ عىل ّ‬ ‫جمرد اضفاء طابع ّ‬ ‫فُرضت مبناس بة معل ّية البناء‪ ،‬ان ّنا أأمام ّ‬
‫لنالحظ أأ ّن هذه ا ألطروحة بُنيت عىل احلجج النّ ّص ّية التّالية‪:‬‬
‫اجملةل املدنيّة الفرنس يّة القائل ا ّن من ميكل الأرض ميكل ما فوقها وما حتهتا‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 552‬من ّ‬ ‫•‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪334‬‬

‫جمةل التّعمري بعد تنقيحه‪ ،‬والقائل‪« :‬احلقّ‬ ‫الفصل ل‪( 1 – 112 .‬مصدره قانون «ڤاالي») من ّ‬ ‫•‬
‫يف البناء مرتبط مبلكيّة الأرض‪ ،‬وميارس مع احّتام القواعد التّرشيع ّية و ّالّتتيبيّة املتعلّقة ابس تعامل‬
‫حق البناء ترجع اىل امجلاعة‬ ‫السقف‪ ،‬ان وجد سقف‪ ،‬ممارسة ّ‬ ‫ا ألرض» [‪« ]...‬فامي يزيد عىل ّ‬
‫‪.»...‬‬
‫احلق فيبقى ملاك‬ ‫حق البناء‪ ،‬أأ ّما الانتفاع هبذا ّ‬ ‫وهكذا فا ّن امجلاعة ال تتدخّل االّ يف اعامل ّ‬
‫لصاحب الأرض‪.‬‬
‫جمةل التّعمري‪ ،‬ينبغي دفع‬ ‫حسب عبارات الفصل ل‪( 2 – 333 .‬مصدره قانون «ڤاالي») من ّ‬ ‫•‬
‫املبلغ اىل قباضة اجلباية يف ماكن وجود املال وذكل عىل قسطّي متساويّي‪.‬‬
‫حق امللكيّة‬‫تصور ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ابلطريقة الأكرث اطالقا‪،‬‬ ‫اليشء ّ‬ ‫احلق يف الانتفاع والتّفويت يف ّ‬ ‫ا ألطروحة الفردان ّية‪ :‬امللكيّة يه ّ‬ ‫–‬
‫برشط عدم اس تعاملها اس تعامال ممنوعا من القوانّي أأو ّالّتاتيب (الفصل ‪ 544‬من ّ‬
‫اجملةل املدنيّة)‪.‬‬
‫احلق‪ ،‬ويربط‬ ‫احلق عىل ا ّليشء بواسطة الوظيفة الاجامتع ّية لهذا ّ‬ ‫ا ألطروحة الغائ ّية‪« :‬ت ّيار ّيربر ّ‬ ‫–‬
‫أأساس امللكيّة ابس تعاملها اذلي ينبغي أأن يسهم يف رفاه امجلاعة» («جون ‪ -‬پول جيليل»)‪.‬‬
‫تقيمي قانون «ڤاالي»‬ ‫‪.3‬‬
‫النّقد املقدَّ م من«جون ‪ -‬پول جيليل»‬
‫النّقد الثّا ّ‬
‫نوي‬ ‫•‬
‫البدلايت لتكثيف وسط املدن‬‫ّمث اماكن ّية كبرية ألن ال حيقّق التّنقيح أأهدافه‪ ،‬وذكل بدفع رؤساء ّ‬ ‫✓‬
‫للحصول عىل موارد‪.‬‬
‫السقف القانو ّين للكثافة [‪ ]...‬مؤدّية اىل عدم مساواة خطري بّي املالكّي‪ ،‬وبّي‬ ‫«ا ّن أأحاكم ّ‬ ‫✓‬
‫البدلايت‪ ،‬وبّي ابريس وبقيّة فرنسا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫النّقد ا أل ّ‬
‫سايس‬ ‫•‬
‫نون وجِ ٌل وخمادع (قارن مع هناية املقاةل)‪.‬‬
‫نون «ڤاالي» قا ٌ‬ ‫قا ُ‬
‫احلجج املضادّة (الاقتصاديّة والاجامتع ّية)‪:‬‬
‫نوين للكثافة اجرا ٌء هيدف اىل حماربة الكثافة الكبرية – واليت لها مساوئ‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫مؤسسة ّ‬ ‫ّ‬
‫عديدة – يف البناء وسط املدن الكبرية بوضع فرامل للمضارابت العقّاريّة‪.‬‬
‫البدلايت وا ألقالمي ستسمح بمتويل س ياساهتا يف‬‫اذا مل يفد ّالردع‪ ،‬فا ّن املبالغ املس تخلصة من ّ‬
‫التّعمري‪.‬‬
‫املرحةل اخلامسة‪ :‬البحث عن ّ‬
‫خمطط النّ ّص ادلّ ارس‬
‫املقدّمة‬
‫‪335‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ .1‬الأس ئةل اليت ينبغي طرهحا‬


‫– مىت‪ ،‬أأين‪ ،‬كيف‪ ،‬ملن؟ (انظر املرحةل الأوىل)‪.‬‬
‫ماذا؟‬ ‫–‬
‫حق امللكيّة » من الغموض‪ ،‬وميكن أأن يُفهم بطريقتّي ال تقص‬ ‫ال خيلو العنوان « التّشكيك يف ّ‬
‫حلق ملكيّة ا ألرض و‪ /‬أأو يعلن أأن ّه يدعو العادة‬ ‫الواحدة مهنام ا ألخرى‪ :‬يفضح الاكتب بّتا ّ‬
‫حق امللكيّة‪.‬‬ ‫تعريف ّ‬
‫تربير التّخطيط‬ ‫‪.2‬‬
‫خط ّي هنا أل ّن الاكتب يضع بّي حمتويّي فن ّيّي تفكريا عا ّما حول‬ ‫الصعب جدّا اتيان ختطيط ّ‬ ‫من ّ‬
‫املوضوعي من اتيان‬
‫ّ‬ ‫الس ياسة التّرشيعيّة (انظر البنية املنطقيّة)‪ .‬يف املقابل مي ِكّن التّخطيط‬ ‫ّ‬
‫جتميع ٍّ مرغو ٍّب فيه ابس تعامل أأغراض النّ ّص (كام اس تخرجت يف املرحةل ّالرابعة) كأدوات‪.‬‬
‫اجلوهر‬
‫الفقرة الأوىل‪ :‬وهجة نظر حول تقنية قانون «ڤاالي»‬
‫نوين للكثافة‪ ،‬ويأأسف جمليء قانون «ڤاالي» مك ّ‬
‫جرد‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫ينقد «جون ‪ -‬پول جيليل» ّ‬
‫قانون تعمري‪.‬‬
‫سقف قانو ّين للكثافة غري اكمل‬ ‫أأ)‬
‫سلب)‪.‬‬
‫نوين للكثافة (انظر املرحةل ّالرابعة‪ ،3 ،‬نقد ّ‬ ‫السقف القا ّ‬ ‫أأ ّو ًال‪ ،‬من هجة وجود ّ‬
‫اثني ًا‪ ،‬من هجة اخلطر املرتبط مبنح املبالغ املدفوعة ّ‬
‫للبدلايت وا ألقالمي (انظر املرحةل ّالرابعة‪،3 ،‬‬
‫نوي؛ وانظر احل ّجة املضادّة الثّانية)‪.‬‬ ‫نقد اث ّ‬
‫جمرد قانون تعمري‬ ‫ّ‬ ‫ب)‬
‫أأ ّو ًال‪ ،‬هذا خطري؛‬
‫اثني ًا‪ ،‬هذا مؤسف‪.‬‬
‫(انظر حول أأ ّوالً واثني ًا‪ :‬املرحةل الث ّالثة‪3 ،3 ،‬؛ وانظر املرحةل ّالرابعة‪ ،3 ،‬النّقد اال ّ‬
‫جيايب)‪.‬‬
‫الفقرة الث ّانية‪ :‬وهجة نظر حول س ياسة قانون «ڤاالي»‬
‫حلق امللكيّة‪ ،‬ويرى فيه تأأييدا‬ ‫يرى املؤلّف يف قانون «ڤاالي» مساسا جديدا ابلتّ ّ‬
‫صور الفردا ّين ّ‬
‫احلق (حي ّبذ املؤلّف هذا اجلانب من القانون)‪.‬‬ ‫الغائ لهذا ّ‬ ‫صور ّ‬ ‫للتّ ّ‬
‫حلق امللكيّة‬
‫صور الفردا ّين ّ‬ ‫مساس جديد ابلتّ ّ‬ ‫أأ)‬
‫انظر املرحةل الث ّالثة‪1 ،3 ،‬؛ واملرحةل ّالرابعة‪ 1 ،‬و ‪.2‬‬
‫حلق امللكيّة‬
‫صور الغا ّئ ّ‬ ‫تأأكيد للتّ ّ‬ ‫ب)‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ الفقهيّ‬ ‫‪336‬‬

‫انظر املرحةل الث ّالثة‪2 ،3 ،‬؛ واملرحةل ّالرابعة‪.606"2 ،‬‬

‫ي تجسيما‪ .‬قبل ذلك‬ ‫بهذه الكلمات نكون قد انتهينا من منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي قلنا إنّنا سنتناول النّ ّ‬
‫ص القانون ّ‬ ‫عرضنا هذه المنهجيّة‪ .‬بعد النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬

‫‪Texte d’étude : J.-P. GILLI, « Une remise en cause du droit de propriété», Le 606‬‬
‫‪Monde, 31 mars 1976 « (Point de vue»), in : Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat,‬‬
‫‪préc., p. 59 et s.‬‬
‫صة في دراسة النّ ّ‬
‫ص القانون ّي‬ ‫(ب) العناصر الخا ّ‬

‫‪ ―.177‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫ي فصل أو أكثر من دستور أو من معاهدة دوليّة أو من‬ ‫يقصد بالنّص القانون ّ‬
‫مجلّة قانونيّة أو من قانون أو من مشروع قانون أو من أمر أو من منشور‪.607‬‬
‫نص يتض ّمن قواعد لتنظيم األفعال صدر أو سيصدر‬‫بعبارة واحدة‪ ،‬يقصد ك ّل ّ‬
‫سلطة المؤ ّهلة لذلك‪ .‬وما ينبغي هنا هو عرض منهجيّة دراسة مثل هذا‬ ‫عن ال ّ‬
‫ص‪ ،608‬ث ّم تجسيم هذه المنهجيّة‪.‬‬‫النّ ّ‬

‫‪ .1‬عرض منهجيّة دراسة النّ ّ‬


‫ص القانون ّي‬

‫‪ ―.178‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫تمر هذه الدّراسة بالمراحل الثّالث‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ / 1 .1‬االكتشاف (‪)invention‬‬

‫‪ ―.179‬معنى املعنى‪.‬‬
‫ي؟‬
‫نص قانون ّ‬
‫ما المطلوب اكتشافه من دارس ّ‬
‫ص"؟‬ ‫ي‪ .‬لكن ما معنى "معنى النّ ّ‬ ‫المطلوب ّأوالً اكتشاف معنى هذا النّ ّ‬
‫ص القانون ّ‬
‫ي"؟‬ ‫ث ّم ما معنى "معنى النّ ّ‬
‫ص القانون ّ‬
‫ص‬‫ص"‪ ،‬فجوابه سبق‪ .609‬وأ ّما ما معنى "معنى النّ ّ‬ ‫أ ّما ما معنى "معنى النّ ّ‬
‫إن لدينا لفظ القانون (جملة أو‬‫ي"‪ ،‬فجوابه كان أسبق‪ .610‬وفعال قيل ّ‬ ‫القانون ّ‬
‫وإن لدينا معنى القانون‪ ،‬وهو نقطة‬ ‫ّ‬ ‫متتاليات جمل)‪ ،‬وهو نقطة االنطالق؛‬
‫الوصول‪ .‬في معنى القانون نجد من جهة فرضا ً ومن جهة ثانية حكما ‪.‬‬
‫ً‪611‬‬

‫‪Marjorie Brusorio, Méthode du commentaire d ’article, détaillée étape par étape, 607‬‬
‫‪Université de Toulon,http://www.cpuniv.com (29 septembre 2010).‬‬
‫ي عند‪Alain Sériaux, Le commentaire :‬‬ ‫ص القانون ّ‬ ‫‪ 608‬انظر قائمة بمراجع ّ‬
‫تتعلق بمنهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫‪de textes juridiques. Lois et règlement, Ellipses, Paris, 1997, p. 173.‬‬
‫‪ 609‬انظر الفقرة عدد ‪ 125‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 610‬انظر الفقرة عدد ‪.21‬‬
‫إن الفرض هو‬‫الزوجات ممنوع [‪ ،"]...‬قلنا ّ‬‫شخصيّة القائل‪" :‬تعدّد ّ‬ ‫‪ 611‬إذا أخذنا الفصل ‪ 18‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫الزوجات" والحكم هو "ممنوع"‪.‬‬ ‫"تعدّد ّ‬
‫شيء يكون موجبا للفسخ لغلط‬ ‫وإذا أخذنا الفصل ‪ 45‬من مجلّة االلتزامات والعقود – القائل‪" :‬الغلط في نفس ال ّ‬
‫شيء وفي ذاته وفي‬ ‫في ذات المعقود عليه أو في نوعه أو في وصفه الموجب للتّعاقد" – قلنا ّ‬
‫إن الغلط في نفس ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪338‬‬

‫والحكم إ ّما أن يتمثّل في تنظيم لألفعال بصفة مباشرة وإ ّما في تنظيم لها بصفة‬
‫غير مباشرة‪ .612‬والوصول إلى الفرض والحكم‪ ،‬أي إلى معنى القانون‪ ،‬يتطلّب‬

‫نوعه وفي وصفه هو الفرض‪ ،‬والفسخ هو الحكم‪.‬‬


‫‪ 612‬في عمل سابق لنا (المسار التّأويلي‪ :‬العقد والقانون نموذجا‪ ،‬م س‪ ،‬هامش من الفقرة عدد ‪ ،)8‬قلنا‪:‬‬
‫تنظم السّلوك‬ ‫ي إلى قسمين‪ :‬أحكام ّ‬ ‫ّ‬
‫المنظمة للسّلوك البشر ّ‬ ‫في علم أصول الفقه [‪ ]...‬يقسّم القانون أو األحكام‬
‫ي بصفة مباشرة (تتحدّث مباشرة عن فعل‪ ،‬فتوجبه أو تمنعه أو تعطي الخيار بين إتيانه وعدم إتيانه)‪،‬‬ ‫البشر ّ‬
‫ي بصفة غير مباشرة (ال تتحدّث مباشرة عن فعل‪ .‬مثال ذلك‬ ‫وتس ّمى أحكام تكليفيّة؛ وأحكام ّ‬
‫تنظم السّلوك البشر ّ‬
‫نص يقول عن عقد في صورة ما إنّه صحيح أو إنّه باطل)‪ ،‬وتس ّمى أحكام وضعيّة (األحكام الوضعيّة = األحكام‬ ‫ّ‬
‫ي يرتبط به‪ .‬ولقد اقترحنا في عمل آخر‬ ‫ي إالّ ويوجد معه حكم تكليف ّ‬ ‫– األحكام التّكليفيّة)‪ .‬وال يوجد حكم وضع ّ‬
‫[الحجّة العقليّة ومجلّة االلتزامات والعقود (دراسة تحليليّة للعالقة بين األحكام القانونيّة)‪ ،‬منشور بـ‪ :‬كتاب‬
‫مجلة االلتزامات والعقود ‪ ،2006 – 1906‬مركز النّشر الجامعي‪ ،2006 ،‬ص ‪ 59‬وما بعدها] نقل هذا‬ ‫مائويّة ّ‬
‫ي بصفة مباشرة وغير مباشرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شر‬ ‫الب‬ ‫ّلوك‬‫س‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ّ‬
‫تنظ‬ ‫قواعد‬ ‫تحوي‬ ‫ها‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫أل‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫الوضع‬ ‫القوانين‬ ‫التّقسيم إلى‬
‫ي إلى خمسة أقسام‪ :‬الوجوب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البشر‬ ‫ّلوك‬
‫س‬ ‫لل‬ ‫مباشرة‬ ‫مة‬ ‫ّ‬
‫المنظ‬ ‫األحكام‬ ‫الفقه‬ ‫أصول‬ ‫علم‬ ‫ّم‬‫س‬‫يق‬ ‫ّم‪،‬‬ ‫د‬ ‫تق‬ ‫ما‬ ‫زيادة على‬
‫أن النّدب والكراهة‬ ‫والحق‪ ،‬والنّدب‪ ،‬والكراهة‪ .‬وفي نفس العمل المشار إليه منذ قليل‪ ،‬لفتنا االنتباه إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمنع‪،‬‬
‫صل التّفكير‬ ‫ي صار لهما – منذ وقت قريب جدّا ً – في القوانين الغربيّة ما يقابلهما‪ .‬وفعالً‪ ،‬تو ّ‬ ‫في القانون اإلسالم ّ‬
‫أن القانون ليس صنفا ً واحدا ً بل صنفان‪ :‬قانون صلب ‪ ،Hard law‬وتدخل فيه األحكام‬ ‫ي إلى ّ‬ ‫ي الغرب ّ‬ ‫القانون ّ‬
‫والحق)؛ وقانون ليِّّن ‪ ،Soft law‬وتدخل فيه األحكام التي ت ّم‬ ‫ّ‬ ‫المعروفة قبل اكتشاف التّصنيف (الوجوب والمنع‬
‫(الحث على الفعل أو على عدم‬ ‫ّ‬ ‫التّفكير في نسيجها واكتشف أنّه مختلف عن المعروف ومن ث ّم أنّه صنف مستق ّل‬
‫الفعل)‪.‬‬
‫يخلص م ّما جاء أعاله أ ّنه يمكن القول في إطار القواعد القانونيّة الوضعيّة (القاعدة يمكن أن يحويها فصل‬
‫ي أو أق ّل من ذلك أو أكثر) بما يلي‪:‬‬ ‫قانون ّ‬
‫ك ّل قاعدة = فرض ‪ +‬حكم‬
‫ك ّل حكم = إ ّما تنظيم األفعال بصفة مباشرة‪ ،‬وإ ّما تنظيم األفعال بصفة غير مباشرة‪.‬‬

‫فعل لوحده (الوجوب)‬

‫عدم فعل لوحده (المنع)‬ ‫حكم صلب‬


‫‪Hard law‬‬
‫الت ّخيير بين الفعل وعدم‬
‫الفعل مع الت ّسوية بينهما‬ ‫من ّظم لل ّ‬
‫سلوك‬
‫بصفة مباشرة‬
‫الت ّخيير بين الفعل وعدم‬ ‫فرض‬
‫الفعل‪ ،‬مع ترجيح الفعل‬ ‫حكم ل ّين‬ ‫القاعدة‬
‫القانونيّة‬
‫الت ّخيير بين الفعل وعدم‬ ‫‪Soft law‬‬ ‫حكم‬
‫الفعل‪ ،‬مع ترجيح عدم الفعل‬
‫من ّظم لل ّ‬
‫سلوك‬
‫ك ّل حكم غير الوجوب‬ ‫بصفة‬
‫والمنع‪ ،‬والت ّخيير‬
‫غير مباشرة‬

‫إن الحكم في الفصل ‪ 18‬من مجلّة األحوال ال ّشخصيّة‬ ‫فإذا نظرنا اآلن إلى المثالين الذين أعطيناهما أعاله‪ ،‬قلنا ّ‬
‫المنظمة للسّلوك بصفة مباشرة؛ أ ّما الحكم في الفصل ‪ 45‬من مجلّة االلتزامات‬
‫ّ‬ ‫(المنع) يدخل ضمن باب األحكام‬
‫ّ‬
‫المنظمة للسّلوك بصفة غير مباشرة‪.‬‬ ‫ي) فيدخل ضمن باب األحكام‬ ‫والعقود (الفسخ‪ ،‬أي البطالن النّسب ّ‬
‫‪339‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– إن أردنا القيام بـ‪" :‬دراسة" ال بـ‪" :‬الدراسة"‪ – 613‬استعمال نوعين من‬


‫المقدّمات‪:‬‬
‫من جهة أولى قواعد مشتركة بين جميع عمليّات االستدالل في مختلف العلوم‪،‬‬
‫وهي مسائل علم المنطق العا ّم‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية قواعد مشتركة بين جميع أو أغلب االستدالالت في مختلف‬
‫خاص‪ ،‬أي مسائل المنهجيّة‬
‫ّ‬ ‫أجزاء المادّة القانونيّة‪ ،‬وهي مسائل علم منطق‬
‫القانونيّة‪.614‬‬
‫•عمليّة االستدالل على معنى القانون‬
‫نص القانون‬‫ّ‬
‫أو‬
‫الدّليل‬
‫المستنبط منه‬

‫معنى القانون‪• :‬الفرض‬


‫•الحكم (مباشر‬
‫‪ +‬غير مباشر)‬

‫إن عمليّات االستدالل تض ّم في‬‫فإذا اهتممنا اآلن بالنّوع الثّاني من المقدّمات‪ ،‬قلنا ّ‬
‫صة بك ّل عمليّة وعناصر مشتركة بين ك ّل عمليّة وغيرها من‬ ‫الحقيقة عناصر خا ّ‬
‫عمليّات االستدالل‪ .‬فاالستدالل على محتوى القانون له مفردات‪ .‬ومفرداته هي‪:‬‬
‫لفظ‪ ،‬ومعنى يستخرج من اللفظ‪ .‬ومن العناصر المشتركة التي تستعمل في‬
‫تعرضنا إليها‬
‫استخراج المعنى يمكن أن نذكر على سبيل المثال الحجج التي ّ‬
‫سابقا‪.615‬‬
‫ي أن يشغّل أقصى ما‬ ‫بعبارة أكثر تفصيال م ّما جاء للت ّ ّو‪ ،‬على دارس ّ‬
‫نص قانون ّ‬
‫مرت معنا‪ ،‬وأن يمأل أقصى ما يمكن ملؤه من‬ ‫يمكن تشغيله من المستويات التي ّ‬
‫شبكة التّحليل التي ّ‬
‫تعرضنا لها‪.616‬‬

‫عرض إلى الفرق بين‪" :‬الدّراسة"‪ ،‬وهي ما يجب القيام به؛ و"الالّدراسة"‪،‬‬‫‪ 613‬انظر الفقرة عدد ‪ 132‬حيث ت ّم الت ّ ّ‬
‫وهي ما يجب اجتنابه‪.‬‬
‫‪ 614‬حول المقدّمتين‪ ،‬انظر الفقرة عدد ‪.22‬‬
‫‪ 615‬انظر الفقرة عدد ‪23‬‬
‫وقرب من "جيل ڤوبو" (‪ )Gilles Goubeaux‬و "ڥيليپ بيهر"‬ ‫‪ 616‬انظر الفقرة عدد ‪ 134‬وما بعدها‪ّ .‬‬
‫(‪ )Philippe Bihr‬حين يقوالن‪:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪340‬‬

‫"أ) الت ّحليل‬


‫ص‪ .‬حتّى إذا كانت القاعدة أو المبدأ المنصوص عليه‬ ‫ي للنّ ّ‬ ‫ي دائما أن نبدأ بتحليل جدّ ّ‬ ‫‪ -1‬من الضّرور ّ‬
‫تعرف عليه بسهولة من قراءة أولى و(حتّى إذا كان) يحيل مباشرة على مقتطف من‬ ‫ألن ي ّ‬ ‫قابال ّ‬
‫ّ‬
‫متسرعة جدّا‪ ،‬فإن هذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدّرس أو من كتاب‪ .‬زيادة على كونه يجنبنا األخطاء التي تتأتى من قراءة‬
‫العمل مفيد [‪ ]...‬لبناء‪ ،‬ث ّم لتحرير االمتحان‪.‬‬
‫‪ -2‬على خالف القرارات القضائيّة‪ ،‬ليس للنّصوص التّشريعيّة والتّرتيبيّة بنية مقولبة ( ‪structure‬‬
‫ص‪ .‬لكن ينبغي‬ ‫‪ .)stéréotypée‬ال يمكن إذن اقتراح طريقة ترتيب للمعلومات المعطاة من النّ ّ‬
‫التّنبيه إلى نقاط‪:‬‬
‫ص (قانون‪ ،‬أمر)‪ .‬إذا لم يت ّم إدخاله في المجلّة المدنيّة‪ ،‬من المه ّم أن‬ ‫‪ -‬من المه ّم أن ننتبه إلى مصدر النّ ّ‬
‫(نص من المجلّة المدنيّة دون إضافة‪ ،‬التّاريخ هو ‪ ،1804‬تواريخ ال ّنصوص‬ ‫ّ‬ ‫ننتبه إلى تاريخ وضعه‬
‫الالحقة هي مبدئيّا مذكورة حتّى إذا كان قد ت ّم إدخالها في المجلّة المدنيّة)‪.‬‬
‫ألن لها معنى فنّيّا محدّدا ([‪ ]...‬بطالن‪ ،‬غالل‪ ،‬إلخ‪،).‬‬ ‫‪ -‬ينبغي كشف الكلمات التي تستدعي تفاسيرا‪ ،‬إ ّما ّ‬
‫وإ ّما ألنّها عا ّمة نسبيّا‪ ،‬وينبغي توضيح معناها بواسطة السّياق (سند‪ ،‬عمل‪ ،‬شيء‪ ،‬غير‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫ص‪ .‬ينبغي أن نفصل جيّدا ك ّل جزء من الجملة‪.‬‬ ‫تكون النّ ّ‬‫‪ -‬ينبغي أن ندرس بعناية ترابط الجمل التي ّ‬
‫التّنقيط‪ ،‬العطف‪ ،‬تنبغي مالحظتهما بانتباه‪ .‬للتّقسيم إلى فقرات أه ّميّة كبرى أيضا‪ :‬ينبغي أن نحدّد هل ّ‬
‫أن‬
‫فقرتين متتاليتين تتكامالن‪ ،‬هل الثّانية تحيل على مفاهيم موجودة في األولى‪ ،‬أو على العكس ينبغي فهمها‬
‫طرح في حضور متتالية من فصول قانون أو أمر‪.‬‬ ‫مستقلة‪ .‬أسئلة مماثلة يمكن أن ت َ‬ ‫ّ‬ ‫بصفة‬
‫ص‪ .‬طبعا تستوجب هذه الدّراسة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نص تسمح بتحديد التخطيط المتبع من هذا النّ ّ‬ ‫‪ -‬دراسة ترابط تنصيصات ّ‬
‫متكونا من عدّة جمل‪ .‬إذا كان األمر على هذا النّحو‪ ،‬من المفيد دائما أن‬ ‫ّ ِّ‬ ‫ص المعلّق عليه‬ ‫أن يكون النّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطريقة التي وضع بها المؤلفون نصوصهم‪ .‬هذا التخطيط قد يكون تخطيط التعليق‪ .‬وحتى إذا لم‬ ‫ّ‬ ‫نعرف ّ‬
‫ص عنصر مفيد لتزويدنا بالتّفاسير المطلوبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫بنية‬ ‫فاستخراج‬ ‫عليق‪،‬‬ ‫يناسب الت ّ‬
‫ص‪ .‬استدعاء‬ ‫ي‪ ،‬لكنّه ليس كافيا‪ .‬ينبغي‪ ،‬للقيام بتعليق‪ ،‬أن نذهب إلى ما أبعد من فهم النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضرور‬ ‫تحليل ال ّن ّ‬
‫ص‬
‫ي للعثور على نقاط مقارنة‪ ،‬على عناصر نقاش‪ ،‬على حجج لفائدة تقييم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ضرور‬ ‫نملكها‬ ‫التي‬ ‫المعلومات‬
‫ب) البحث عن المادّة التي ستعالج‬
‫االطالع عليها) عن المعلومات‬ ‫ّ‬ ‫‪ -1‬يتعلّق األمر بالبحث في معارفنا (أو في المراجع‪ ،‬إذا كان يمكننا‬
‫مجرد دراسة‬ ‫ّ‬ ‫ص ونقاشه‪ .‬بعض العناصر ال يرتجل‪ ،‬وال يمكن أيضا استخراجه من‬ ‫الضّروريّة لتوضيح ال ّن ّ‬
‫ص المعلّق عليه‪:‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ي للمسألة (مثال‪ ،‬هاجس الحقيقة البيولوجيّة في إثبات النّسب‪ ،‬سلطان اإلرادة ومصيره في‬ ‫ّ‬ ‫القانون‬ ‫المحيط‬ ‫‪-‬‬
‫المادّة التّعاقديّة‪ ،‬مقتضيات الجوار في قانون الملكيّة العقّاريّة ‪)...‬؛‬
‫‪ -‬معنى الكلمات الف ّنيّة أو الكلمات الغامضة؛‬
‫ي للقاعدة أو للقواعد المجاورة؛‬ ‫‪ -‬مشاكل التّطبيق القضائ ّ‬
‫ص نفسه أو تأويل مصطلحات مذكورة فيه‪.‬‬ ‫‪ -‬النّقاشات الفقهيّة حول تأويل ال ّن ّ‬
‫ص‪ ،‬وبالتّدريج حين نبدأ هذا‬ ‫‪ -2‬في أغلب األحيان‪ ،‬بعض هذه العناصر تأتي الذّهن بمناسبة تحليل ال ّن ّ‬
‫التّحليل‪ .‬ينبغي تدوين هذه األفكار كما تجيء حتّى ال ننسى الحقا نقطة مه ّمة‪ .‬ينبغي فقط أن نعتني‪ ،‬في‬
‫المسودة‪ ،‬بتمييز ما هو تحليل محض م ّما هو استذكار معلومات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المالحظات التي نأخذها في‬
‫ص قد تم ّكن من «تغذية» التّعليق‪ ،‬فما ينصح به‪ ،‬بعد‬ ‫تعرفنا أم ال على عناصر خارج النّ ّ‬ ‫وعلى ك ّل حال‪ ،‬سواء ّ‬
‫ستمر فيما بعد‬ ‫ّ‬ ‫القائمة‬ ‫هذه‬ ‫قاش‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫محاور‬ ‫قائمة‬ ‫إتمام‬ ‫أو‬ ‫وضع‬ ‫غرض‬ ‫ب‬ ‫فكير‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫لل‬ ‫وقت‬ ‫تخصيص‬ ‫مرحلة التّحليل‪،‬‬
‫ص‬ ‫على محكّ دراسة ثاقبة إلقصاء ما ال يدخل في الموضوع [‪ ]...‬والعناصر المستخرجة بواسطة تحليل ال ّن ّ‬
‫شح كثيرا من النّصوص أو‬ ‫هي التي تحدّد أقسام الدّرس أو الكتاب التي سنعيد ال ّنظر إليها‪ .‬فإذا أعطي المتر ّ‬
‫األحكام ليف ّكر فيها‪ ،‬فينبغي أن يتجنّب تشتيت مجهوداته في اتّجاهات بعيدة؛ إذن لن نبحث بنفس العمق في جميع‬
‫ص في مجمله‪ ،‬من أجل أن‬ ‫المحاور التي تثيرها ك ّل جملة لوحدها‪ ،‬لكن سنحاول استخراج المظهر السّائد في النّ ّ‬
‫نوجّه بطريقة مفيدة التّفكير‪.‬‬
‫ص المعلّق عليه‪ .‬فإذا كان قانونا لم يغيَّر منذ صدور المجلّة المدنيّة‪ ،‬فالبدّ من أنّ‬ ‫ّ‬
‫ينبغي االنتباه إلى تاريخ الن ّ‬
‫ص‪ ،‬على العكس‪ ،‬جديدا‪ ،‬فينبغي أن نتساءل‬ ‫ليتكون حول المسألة‪ .‬أ ّما إذا كان ال ّن ّ‬ ‫ّ‬ ‫هنالك فقه قضاء كان له الوقت‬
‫لمتطلبات عمليّة‬ ‫ّ‬ ‫تطور األخالق‪ ،‬االستجابة‬ ‫المشرع‪ :‬تأييد أو محاربة فقه قضاء‪ ،‬ترجمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن أسباب تد ّخل‬
‫ص الحديث جدّا قد غيّر أحكاما سابقة حول نفس المسألة‪ ،‬فإنّه يكون من المفيد غالبا‬ ‫جديدة‪ ،‬إلخ‪ .‬ث ّم‪ ،‬إذا كان ال ّن ّ‬
‫أن نقوم بمقارنة بين القانون القديم والقانون الجديد‪.‬‬
‫‪ -3‬أحد صعوبات التّمرين‪ ،‬وربّما أكثر من المقالة‪ ،‬أن نعيّن بالضّبط حدود الموضوع‪ .‬وفعال قد يكون انتقاء‬
‫‪341‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫وهكذا‪ ،‬للقيام بدراسة هي فعال دراسة‪ ،‬ال بدّ من امتالك علمين‪ :‬علم الحجج‬
‫الخاص‪ .‬زيادة على ذلك ينبغي‪ ،‬بفعل الدّربة والممارسة‬ ‫ّ‬ ‫العا ّم وعلم الحجج‬
‫علمي الحجج من طرق استدالل‪ .‬فإذا‬ ‫ْ‬ ‫الطويلة‪ ،‬امتالك مهارة تطبيق ما يوجد في‬ ‫ّ‬
‫لم تمتلك علوم الحجج بصفة نظريّة وتطبيقيّة‪ ،‬ال تص ّح تسمية ما يؤتى به‬
‫عمل فيه إالّ ح ّجة‬
‫"دراسة" (من ال يملك ما سبق‪ ،‬يقوم بسلخ‪ ،‬أو يقوم بعمل ال ي ِّ‬
‫سلطة‪.)617‬‬ ‫ال ّ‬
‫لكن الدّراسة قد ال تتمثّل في استخراج المعنى فحسب‪ ،‬بل أيضا ً في تقييمه ومن‬ ‫ّ‬
‫سياق والمعرفة الخلفيّة (إلخ‪ ).‬عناصر تؤدّي – زيادة على‬ ‫ث ّم في تقييم النّ ّ‬
‫ص‪ .‬وال ّ‬
‫دور إعطاء المعنى – دور التّقييم‪ .‬جاء في أحد الكتابات‪:‬‬

‫وري امتالك معرفة متينة ابملوضوع [‪]...‬لتقيمي وجاهة الفصل (النّ ّص القا ّ‬
‫نوين) من‬ ‫الّض ّ‬‫"من ّ‬
‫احلايل‪( .‬كام ينبغي) أأيضا‬
‫زاوية ّالرهاانت املوجودة زمن حتريره وتكل اليت توجد يف الوقت ّ‬
‫(امتالك معرفة بـ) تطبيق الفصل من القضاء و(بـ)كيفيّة تقبّهل من الفقه‪ .‬ينبغي أأن تسأألوا عن‬
‫ثالث مراحل‪:‬‬
‫‪ .1‬قبل وضع الفصل‪:‬‬
‫ما يه ّالظروف اليت أأدّت ّ‬
‫لتبين الفصل؟‬
‫السلوك؛‬ ‫‪ -‬عدم تالؤم النّصوص املوجودة وقهتا مع ّ‬
‫تطور العادات و ّ‬
‫‪ -‬رضورة حامية بعض ا ألشخاص من ّ‬
‫تطور بعض املامرسات اليت من شأأهنا أأن جتعلهم يف‬
‫(تطور قانون الاس هتالك)؛‬
‫موقع ضعف ّ‬

‫مادّة الموضوع أحيانا عمال دقيقا‪ .‬ها هي بعض األمثلة‪:‬‬


‫ص المعلّق عليه هو الذي‬ ‫لكن التّردّد جائز حين يكون النّ ّ‬
‫دراسة مبدأ تتض ّمن عادة دراسة استثناءاته‪ّ .‬‬ ‫‪-‬‬
‫وضع المبدأ‪ ،‬أ ّما االستثناءات فمذكورة في نصوص أخرى لم تعط للتّعليق عليها [‪ ]...‬ال يمكن (هنا) أن نقدّم‬
‫صعوبة بواسطة تسوية‪ :‬القواعد اإلضافيّة والتي ال‬ ‫جوابا صالحا لك ّل الحاالت‪ .‬في أغلب األحيان‪ ،‬تح ّل ال ّ‬
‫تنفصل عمليّا عن المبدأ يؤتى بها‪ ،‬لكن دون التّوقّف عندها طويال‪ ،‬التّركيز يكون على المبدأ نفسه‪ .‬لكن هذه‬
‫الفروق دقيقة اإلعمال‪ .‬ث ّم في الخيار جانب من الحدس‪ .‬األكيد أيضا أنّه‪ ،‬حين يكون لدينا شيء كثير لنكتبه حول‬
‫الموضوع‪ ،‬يمكن أن نكون متشدّدين في إقصاء المحاور الملحقة‪ ،‬والعكس في الفرض المعاكس ‪ ...‬على كلّ‪،‬‬
‫من الحذر أن نفسّر باقتضاب في المقدّمة الموقف المتبنّى‪.‬‬
‫نص آخر [‪]...‬‬‫لنذكر أيضا الحالة‪ ،‬المحرجة أحيانا‪ ،‬التي يحيل فيها القانون أو األمر المعلّق عليه على ّ‬ ‫‪-‬‬
‫ص المقترح كموضوع؟‬ ‫ص المحال عليه هو للنّقاش بنفس درجة النّ ّ‬ ‫أن ال ّن ّ‬
‫هل ينبغي أن نعتبر ّ‬
‫ص المحال عليه‬ ‫هنا أيضا‪ ،‬ال وجود لجواب واحد‪ .‬لكن يمكن على األق ّل أن نحذّر من أن ينزَ غ نحو معالجة النّ ّ‬
‫ي يتناول غيره من األحكام‪ ،‬وال تتناول هذه األحكام لذاتها‪.‬‬ ‫بتفاصيل أكبر‪ :‬فقط من خالل تفسير ال ّن ّ‬
‫ص األساس ّ‬
‫ص المعلّق عليه"‪Gilles .‬‬ ‫ي التي ليست مفيدة لدراسة النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلضاف‬ ‫ص‬ ‫ينبغي إذن إقصاء النّقاشات المتعلّقة بالنّ‬
‫‪Goubeaux et Philppe Bihr, préc., p. 255 et s.‬‬
‫‪ 617‬انظر الفقرة عدد ‪ 24‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪342‬‬

‫‪ -‬رضورة جعل قانوننا متطابقا مع القواعد ا ألوروبيّة أأو ادلّ وليّة؛ أأو وجود حمك ضدّ قانوننا‬
‫أأصدرته احملمكة ا ألوروب ّية حلقوق االنسان؛‬
‫يسن‬
‫املرشع ّ‬ ‫املرشع للتّدخّل (قرار «دميار» [‪ ]...‬جعل ّ‬ ‫‪ -‬وجود قرارت قضائيّة تدعو ّ‬
‫الطرقات [‪]...‬؛ قرار «پريوش» [‪ ]...‬أأدّى اىل ّتبين قانون ‪4‬‬ ‫قانوان يف مادّة حوادث ّ‬
‫حق املريض)؛‬ ‫ماي ‪ 2000‬حول ّ‬
‫فقهيي لوجود فراغات يف القواعد احلال ّية أأو لعدم تكيّفها (مع الواقع)‪.‬‬ ‫‪ -‬نقد ّ‬
‫‪ -‬وضعيّة اقتصاديّة واجامتعيّة تفرض تدخّل ّ‬
‫املرشع ‪...‬‬
‫‪ .2‬وقت وضع الفصل‪:‬‬
‫ما ا ألجوبة اليت جاء هبا النّ ّص للمشألك اليت أأراد حلّها؟‬
‫لك واحدة مهنا؟ هل ترك‬ ‫لك الوضعيّات اليت ميكن أأن حتدث وقدّم جوااب ل ّ‬ ‫تعرض ل ّ‬ ‫هل ّ‬
‫خيص تطبيقه؟‬ ‫(بصفة اراديّة أأو غري اراديّة) متّسعا للتّقدير فامي ّ‬
‫تطو ٍّر حصل يف ال ّسلوك واىل تأأطريه قانون ّي ًا أأم‬
‫املرشع اىل اضفاء املرشوع ّية عىل ّ‬ ‫هل سعى ّ ّ‬
‫املرشع الحداث‬ ‫السلوك أأو ابحلدّ منه؟ هل تدخّل ّ‬ ‫عىل العكس أأراد معقابة هذا التّ ّ‬
‫طور مبنع ّ‬
‫تغيري يف املامرسات؟ [‪]...‬‬
‫اس تنتجوا من ا ألجوبة اليت ميكنمك تقدميها عىل هذه ا ألس ئةل غاية الفصل‪.‬‬
‫‪ .3‬بعد وضع الفصل‪:‬‬
‫هل جاء النّ ّص حب ّل يتالءم مع التّطلّعات اليت اكن عليه ارضاؤها؟ هل خيّب المال؟ كيف‬
‫اكنت ردّة فعل القضاء والفقه و أأحصاب املهن القانونيّة؟ ما اذلي ميكن أأن يكون عليه مس تقبل‬
‫القانون؟‬
‫لب ال ّيل‬ ‫الس ّ‬‫احذروا ! مفوضوع التّعليق عىل فصل (مكوضوع التّعليق عىل قرار) ليس النّقد ّ‬
‫ومربرة‪ .‬اذن ينبغي‬ ‫املرشع ( أأو لعمل القضاء)‪ ،‬ومالحظاتمك ينبغي أأن تكون معتدةل ّ‬ ‫لعمل ّ‬
‫تربير مواقفمك"‪.618‬‬

‫‪"Une solide connaissance du thème visé est […] nécessaire pour […] apprécier le 618‬‬
‫‪bien-fondé de l’article en fonction des enjeux présents au moment de sa rédaction et‬‬
‫‪au moment actuel mais aussi son application par la jurisprudence, sa réception par la‬‬
‫‪doctrine.‬‬
‫‪Vous devez vous interroger sur trois périodes :‬‬
‫‪1. Avant l’élaboration de l’article :‬‬
‫? ‪Quels sont les événements qui ont suscité l’adoption de l’article‬‬
‫‪- Inadaptation des dispositions existantes face à l’évolution des mœurs et des‬‬
‫; ‪comportements‬‬
343 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

‫ هنالك ينبغي ترتيب هذين األمرين‬،‫ وقبل ذلك كشفنا عن معناه‬،‫ص‬ّ ّ‫فإذا قيّمنا الن‬
.‫ألنّهما سيمثّالن جوهر الدّراسة‬

)disposition( ‫ التّرتيب‬/2 .1

.‫― إحالة‬.180

- nécessité de protéger certaines personnes face au développement de certaines


pratiques susceptibles de les placer dans un état de faiblesse (développement du
droit de la consommation) ;
- nécessité de mettre notre droit en conformité avec des normes communautaires ou
internationales, condamnation de la Cour européenne des droits de l’homme ;
- décisions de jurisprudence appelant le législateur à intervenir [l’arrêt Desmares
(Civ. 2e, 21 juillet 1982, Bull. civ. II, n° 111) a ainsi provoqué le législateur à
légiférer en matière d’accident de la circulation, ce qu’il fit en adoptant la loi n° 85-
677 du 25 juillet 1985, dite loi Badinter ; de même pour l’arrêt « Perruche » du 17
novembre 2000 (D. 2001, p. 332) qui entraîna l’adoption de la loi du 4 mai 2002 sur
le droit des malades] ;
- critiques doctrinales face aux lacunes ou à l’inadaptation des dispositions
existantes ;
- situation économique et sociale imposant l’intervention du législateur…
2. L’adoption de l’article :
Quelles réponses apporte l’article aux problèmes qu’il entend résoudre ?
A-t-il envisagé toutes les situations susceptibles de se présenter et apporté une
réponse à chacune d’elle ? Laisse-t-il (volontairement ou non) une marge
d’appréciation quant à son application ?
L’auteur souhaite-t-il légitimer et donner un cadre légal à une évolution des
comportements ou au contraire sanctionner cette évolution, en interdisant ou en
limitant les nouvelles pratiques ? Intervient-il pour provoquer une évolution des
pratiques ? […]
Déduisez des réponses que vous pourrez apporter à ces questions, la finalité de
l’article.
3. Après la parution de l’article :
L’article a-t-il apporté une solution conforme aux attentes qu’il devait satisfaire ? A-
t-il déçu ? Comment la jurisprudence, la doctrine et les professionnels du droit ont-
ils réagi ? Quel semble être l’avenir de l’article ?
Attention ! L’objet du commentaire d’article (comme du commentaire d’arrêt) n’est
pas de critiquer systématiquement négativement le travail du législateur (ou des
juges). Vos remarques doivent être modérées et motivées. Vous devez justifier votre
position". Marjorie Brusorio, préc., p. 14 et s.
Alain Sériaux, Le commentaire de textes juridiques. Lois et règlement :‫انظر أيضا‬
(préc.), p. 14.
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪344‬‬

‫ي‪ 619‬يص ّح حول ترتيب‬


‫لنص فقه ّ‬
‫ّ‬ ‫ص الدّارس‬ ‫ما قيل حول ترتيب جوهر النّ ّ‬
‫ي‪ .‬لذا ينبغي المرور دون تأخير إلى مرحلة‬
‫لنص قانون ّ‬
‫ّ‬ ‫جوهر النّ ّ‬
‫ص الدّارس‬
‫التّعبير‪.‬‬

‫‪ /3 .1‬التّعبير (‪)élocution‬‬

‫‪ ―.181‬مكوِّنات املقدّمة‪.‬‬
‫ص الدّارس‬ ‫ال حاجة هنا لخاتمة‪ .‬أ ّما الجوهر فال اختالف بينه وبين جوهر النّ ّ‬
‫ص‬‫ي‪ .620‬بالنّسبة إلى المقدّمة‪ ،‬جاء عند أحدهم أنّها تبدأ بتقديم لمادّة النّ ّ‬‫لنص فقه ّ‬
‫ّ‬
‫ص حرفيّا ً إذا‬ ‫تماما ً كما نفعل ذلك مع مادّة المقالة ‪ .‬مباشرة بعد ذلك ننقل النّ ّ‬
‫‪621‬‬

‫كان مقتضبا ً (ال يتجاوز األربعة أو الخمسة أسطر)‪ .‬أ ّما إذا كان طويال‪ ،‬فنصف‬
‫وصفا وفيّا ً محتواه‪ .‬هكذا يتبيّن القارئ‪ ،‬ومنذ اللحظات األولى‪ ،‬أنّه بصدد‬
‫ص (ط ِّلبت‬ ‫ي‪ .‬فإذا كان ث ّم مشكل تحديد لمادّة النّ ّ‬‫نص قانون ّ‬
‫دراسة موضوعها ّ‬
‫نص آخر لم يذكر وفيه استثناء؛ أو العكس ‪/‬‬ ‫نص جاء فيه مبدأ‪ ،‬وث ّم ٌّ‬‫منّا دراسة ّ‬
‫نص يحيل على آخر لم يذكر‪ ،)622‬فينبغي ذكر الخيار الذي‬ ‫ط ِّلبت منّا دراسة ّ‬
‫الحجاج له‪ .‬فإذا لم تكن ث ّم حجج يمكن البوح بها (مثال‬ ‫سيعمد إليه‪ ،‬كما ينبغي ِّ‬
‫ذلك أنّنا لو لم نعمد إلى ما عمدنا إليه‪ ،‬لما تم ّكنّا من وضع تخطيط أجزاؤه‬
‫متوازنة فيما بينها)‪ ،‬يكفي ذكر الخيار وعدم التّوقّف عند ّ‬
‫مبرراته‪.623‬‬
‫ويمكن أن نت ّمم ما جاء للت ّ ّو انطالقا ً من مؤلَّفين آخرين‪ .‬جاء في المؤلَّف‬
‫األول‪ 624‬أنّه ينبغي‪:‬‬
‫ّ‬
‫ص الذي سندرسه؛‬ ‫• أن نذكر النّ ّ‬
‫• أن نذكر سياقه (تاريخه‪ ،‬إلخ‪).‬؛‬
‫صال لهذا المحتوى‬ ‫• أن نذكر محتواه إن كان مقتضباً‪ ،‬أو أن نذكر تلخيصا مف ّ‬
‫إن كان طويال؛‬

‫‪ 619‬انظر الفقرة عدد ‪.171‬‬


‫‪ 620‬انظر الفقرة عدد ‪.174‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 621‬انظر الفقرة عدد ‪ ،104‬وتحديدا القول الخامس‪ ،‬وتدقيقا ما أسمي بـ‪ :‬تقديم الموضوع‪.‬‬
‫نص على آخر‪ ،‬انظر‪Nicolas Molfessis, Le renvoi d’un texte à un :‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 622‬حول ظاهرة إحالة‬
‫‪autre, in : Les mots de la loi, publié sous la dir. de Nicolas Molfessis, Economica,‬‬
‫‪Paris, 1999, p. 55 et s.‬‬
‫‪Gilles Goubeaux et Philppe Bihr, préc., p. 259 et s. 623‬‬
‫‪Alain Sériaux, Le commentaire de textes juridiques. Lois et règlement (préc.), p. 624‬‬
‫‪15.‬‬
‫‪345‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي مسألة جاء لحلّها؛‬ ‫• أن نذكر أ ّ‬


‫• أن نذكر أه ّمية هذه المسألة؛‬
‫صعوبات التي تقف أمام الح ّل؛‬ ‫• أن نذكر باختصار ال ّ‬
‫ص)؛‬‫سلط العموميّة (هذا يعيدنا إلى محتوى النّ ّ‬ ‫• أن نذكر الح ّل الذي تبنّته ال ّ‬
‫• أن نستخرج م ّما سبق تخطيط الجوهر‪.‬‬
‫تتكون من‪:‬‬ ‫وجاء في المؤلَّف الثّاني‪ّ 625‬‬
‫أن المقدّمة ّ‬
‫صورة‬‫ص وذكر محتواه إن كان مقتضبا ً أو تلخيصه في ال ّ‬ ‫• تقديم مادّة النّ ّ‬
‫المعاكسة‪.‬‬
‫صا من مجلّة‪.‬‬
‫ص‪ ،‬قيمته التّشريعيّة‪ ،‬موقعه إن كان ن ّ‬ ‫• تاريخ وصاحب النّ ّ‬
‫• العلّة الغائيّة من وضعه‪ :‬ما المشاكل التي جاء لحلّها؟ ما الوضعيّة التي أدّت‬
‫إلى تشريعه؟ هل يه ّم فئة كبيرة من النّاس؟ هل كانت ث ّم صعوبات أمام‬
‫المؤولون؟‬
‫ّ‬ ‫تشريعه؟ هل ث ّم صعوبات في تطبيقه؟ هل اهت ّم به‬
‫• اإلعالن عن التّخطيط‪.626‬‬
‫هذا عن منهجيّة الدّراسة‪ ،‬بقي اآلن تجسيمها‪.‬‬

‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬


‫ص القانون ّي‬

‫‪ ―.182‬قبل التّمرين‪ .‬التّمرين‪.‬‬


‫هنا أيضا ً نبدأ مع ّ‬
‫الطالب كما بدأنا معه في المقالة‪.627‬‬

‫‪Marjorie Brusorio, préc., p. 20. 625‬‬


‫ي ينتهي‬ ‫نص قانون ّ‬
‫ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال نجد فيما ورد أعاله حديثا عن إشكاليّة‪ .‬لكن البعض يتكلم عنها ويقول‪" :‬إن تحليل أ ّ‬
‫‪626‬‬

‫ي‪ ،‬وهي محور المعالجة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫بإثارة العديد من التساؤالت‪ ،‬أي اإلشكاليّة التي ستكون محل المناقشة والشرح األساس ّ‬
‫القانونيّة" (صالح طليس‪ ،‬المنهجيّة في دراسة القانون‪ ،‬منشورات زين الحقوقيّة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2010 ،1‬ص‬
‫‪.)292‬‬
‫ي؟‬‫ّ‬ ‫قانون‬ ‫نص‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫ليق‬‫ع‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫تمرين‬ ‫في‬ ‫ّة‬
‫ي‬ ‫إشكال‬ ‫ال‬ ‫أم‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ث‬ ‫هل‬ ‫ّؤال‬
‫والس‬
‫الجواب‪ :‬نعم وال‪.‬‬
‫صعوبات‪.‬‬ ‫نعم‪ :‬إن كان المقصود باإلشكاليّة مطلق المشاكل وال ّ‬
‫ال‪ :‬إن كان المقصود باإلشكاليّة ما أوردناه في إطار المقالة (انظر الفقرة عدد ‪ 78‬وما بعدها) أو في إطار‬
‫ي (انظر الفقرة عدد ‪ )173‬دون غيره‪.‬‬ ‫نص فقه ّ‬ ‫التّعليق على ّ‬
‫ي نوع من أنواع المشاكل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بعبارة أخرى‪ :‬المطلوب في التعليق تحليل ونقد‪ .‬وتحت عبارة النقد يمكن أن نضع أ ّ‬
‫فإذا كان النّقد متمثّال في أمر من قبيل ما رأيناه في إطار إشكاليّة المقالة‪ ،‬وإذا جعلنا النّقد يسير بمعيّة التّحليل‪،‬‬
‫ص‬ ‫ي ّ‬
‫يتعلق بنفس المادّة القانونيّة التي جاءت في النّ ّ‬ ‫شبه بموضوع نظر ّ‬ ‫ي شديد ال ّ‬
‫ص القانون ّ‬ ‫كان التّعليق على ال ّن ّ‬
‫المعلَّق عليه‪ .‬لكن هذا ليس ضروريّاً‪ ،‬أي يمكن أن يتمثّل النّقد في أمر غير ما سبق‪.‬‬
‫‪ 627‬انظر الفقرة عدد ‪.116‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪346‬‬

‫األول‬
‫الموضوع ّ‬
‫تعليق على الفصل ‪ 335‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪:‬‬
‫"يجوز لمن طولب بالوفاء بالعقد أن يحت ّج ببطالنه في جميع األحوال التي‬
‫يسوغ له القيام فيها بتلك الدّعوى‪.‬‬
‫وال يسقط حقّه في ذلك بمرور المدّة المعيّنة بالفصول ‪ 330‬و‪ 331‬و‪332‬‬
‫و‪ 333‬و‪."334‬‬
‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫• تقديم الدّفع بالبطالن وذكر محتوى الفصل ‪.335‬‬
‫صادرة في ‪ 15‬ديسمبر ‪1906‬‬ ‫نص من مجلّة االلتزامات والعقود ال ّ‬ ‫• القول إنّه ّ‬
‫غرة جوان ‪ ،1907‬وأنّه ت ّم تنقيحه تنقيحا ً شكليّا ً‬ ‫والدّاخلة حيّز التّطبيق في ّ‬
‫بمقتضى القانون عدد ‪ 87‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،6282005‬وأنّه جاء في الكتاب‬
‫سادس (في بطالن االلتزامات‬ ‫األول (فيما تع ّمر به الذّ ّمة مطلقا)‪ ،‬في العنوان ال ّ‬‫ّ‬
‫وفسخه)‪ ،‬في الباب الثّاني (في فسخ االلتزام)‪.‬‬
‫• العلّة الغائيّة من وضعه‪:‬‬
‫ما المشاكل التي جاء لحلّها؟ ما الوضعيّة التي أدّت إلى تشريعه؟‬
‫الخشية من أن يقال في إطار مجلّة االلتزامات والعقود ما قيل في إطار المجلّة‬
‫الزمن‪.629‬‬‫ي ّ‬ ‫ي يسقط بمض ّ‬ ‫المدنيّة الفرنسيّة‪ :‬الدّفع بالبطالن النّسب ّ‬
‫المؤولون؟‬
‫ّ‬ ‫هل اهت ّم به‬
‫ال‪.630‬‬
‫• اإلعالن عن التّخطيط‪.‬‬
‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪ )I‬الفرض‪ :‬وجوب توفّر شرطين‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.‬‬
‫أ) وجود مطالبة بالوفاء بالعقد‬

‫ص يقول‪" :‬يجوز لمن طولب بالوفاء بالعقد أن يحت ّج ببطالنه في جميع األحوال التي يسوغ له القيام‬ ‫‪ 628‬كان النّ ّ‬
‫فيها بتلك الدّعوى‪.‬‬
‫وال يسقط حقّه في ذلك بمرور المدّة المعيّنة بالفصل ‪ 330‬والفصل ‪ 331‬والفصل ‪ 332‬والفصل ‪ 333‬والفصل‬
‫‪."334‬‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.396‬‬ ‫‪ 629‬انظر‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫صة الفقرة عدد ‪396‬؛ عماد م ّميش‪،‬‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬خا ّ‬ ‫‪ ... 630‬إالّ في دراستين‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫ي وضوابط اإلجراءات المدنيّة‪ ،‬منشور في ص ‪ 93‬وما بعدها من القسم‬ ‫الدّفع بالبطالن بين ثوابت القانون المدن ّ‬
‫العربي من الكتاب‪Mélanges en hommage à Dali Jazi, Centre de Publication :‬‬
‫‪Universitaire, Tunis, 2010.‬‬
‫‪347‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– الفقرة األولى من الفصل ‪" :335‬من طولب"‪ .‬تعبير عا ّم (أمام المحكمة ‪/‬‬
‫صصتان‪ :‬القرينة األولى تتمثّل في‬ ‫خارج المحكمة) ‪ /‬لكن هنالك قرينتان مخ ّ‬
‫سقوط وعدمه مسألة‬ ‫ص (من طولب أعطي حقّا ً ال يسقط‪ ،‬وال ّ‬ ‫الفقرة الثّانية من النّ ّ‬
‫يتحدّث عنها أمام المحاكم)؛ القرينة الثّانية وهي أقوى في الدّاللة على‬
‫التّخصيص‪ :‬األعمال التّحضيريّة للنّص جاءت فيها عبارة (‪.)assignation‬‬
‫ي‪ :‬حين ال‬ ‫ي ‪ /‬جزئ ّ‬ ‫– الفقرة األولى من الفصل ‪" :335‬الوفاء"‪ .‬تعبير عا ّم (كلّ ّ‬
‫ي" سيرد‬ ‫ي إمضا ًء‪ .‬على ك ّل‪ ،‬هذا تخصيص لـ "الوفاء الجزئ ّ‬ ‫يكون التّنفيذ الجزئ ّ‬
‫بعد قليل من خالل عبارة "في جميع ‪ .)"...‬لم نعثر على القصد من العا ّم‪.‬‬
‫صورة‪ :‬إجراء العا ّم على عمومه‪ ،‬أي اعتبار‬ ‫القاعدة المنهجيّة في هذه ال ّ‬
‫ي ‪.‬‬ ‫ي والجزئ ّ‬ ‫"الوفاء" تعني الوفاء الكلّ ّ‬
‫‪631‬‬

‫– الفقرة األولى من الفصل ‪" :335‬بالعقد"‪.‬‬


‫• تعبير عا ّم (ملزم لجانبين ‪ /‬ملزم لجانب واحد)‪ .‬لم نعثر على القصد‪ .‬إذن‬
‫يحمل على العموم‪.‬‬
‫• للعقد عرفا ً معنى ضيّق‪ :‬ما ينشئ االلتزامات فحسب‪ ،‬ومعنى واسع هو ما‬
‫ينشئ وينقل وينهي االلتزامات‪ .‬في األعمال التّحضيريّة استعملت عبارة‬
‫(‪ ،)convention‬وهذا يد ّل على أنّه أريد من العقد المعنى الواسع‪.‬‬
‫ي النّاشئ‬ ‫ص تحديد باللقب (العقد)‪ .‬إذن المسكوت عنه العمل القانون ّ‬ ‫• ث ّم في النّ ّ‬
‫عن إرادة واحدة‪ .‬البحث عن حكمه ‪.‬‬
‫‪632‬‬

‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬


‫ب) وجود حالة يسوغ فيها القيام بدعوى بطالن‬
‫– الفقرة األولى‪" :‬في جميع ‪ ...‬تلك الدّعوى"‪.‬‬
‫• اسم اإلشارة يعود على البطالن‪.‬‬
‫ي)‪ .‬البحث عن القصد من العا ّم‪:‬‬ ‫• البطالن تعبير عا ّم (مطلق ونسب ّ‬
‫المجموعة التي جاء الفصل ‪ 335‬كعنصر داخلها‪ :‬تر ّجح أنّه أريد من العا ّم ال‬
‫ي‪.‬‬‫العموم بل الخصوص وتحديدا ً البطالن النّسب ّ‬

‫صصة‪ ،‬يجري عل العموم‪ ،‬انظر‪ :‬عبد المجيد ّ‬


‫الز ّروقي‪،‬‬ ‫‪ 631‬حول القاعدة القائلة ّ‬
‫إن العا ّم‪ ،‬إذا غابت القرينة المخ ِّ ّ‬
‫المسار التّأويلي (م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 42‬وما بعدها والفقرة عدد ‪ 87‬وما بعده (من المقالة)‪.‬‬
‫‪ 632‬حول التّحديد والتّخصيص باللقب‪ ،‬انظر‪Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a :‬‬
‫‪contrario (préc.), n° 16, 24, 44 et 47 et s.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪348‬‬

‫الفقرة الثّانية من الفصل ‪ 335‬بإشارتها فقط إلى نصوص تتعلّق بالبطالن‬


‫ي‪ :‬تر ّجح أنّه أريد من العا ّم ال العموم بل الخصوص وتحديدا ً البطالن‬ ‫النّسب ّ‬
‫ي‪.‬‬‫النّسب ّ‬
‫األعمال التّحضيريّة للفصل ‪ :335‬تؤ ّكد أنّه أريد من العا ّم ال العموم بل‬
‫الخصوص وتحديدا ً البطالن النّسب ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي‪.‬‬‫إذن يسوغ الدّفع لمن تسوغ له دعوى البطالن النّسب ّ‬
‫ي ‪.‬‬ ‫سبب التّاريخ ّ‬ ‫ص‪ .‬نذكر ال ّ‬ ‫يتعرض له النّ ّ‬ ‫– والبطالن المطلق؟ لم ّ‬
‫‪633‬‬

‫– إذن‪ ،‬حسب الفصل ‪ ،335‬يسوغ الدّفع لمن يمكنه القيام بدعوى البطالن‬
‫ي‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫النّسب ّ‬
‫• ضحيّة الغلط (إلخ‪.).‬‬
‫عرض لإلمضاء‬ ‫ي (الت ّ ّ‬‫حق القيام بدعوى البطالن النّسب ّ‬ ‫• من لم يتنازل عن ّ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫صريح والضّمن ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ولكن هذه مسألة تدخل في‬ ‫ّ‬ ‫ي؟ ال‪،‬‬ ‫• من لم تسقط في حقّه دعوى البطالن النّسب ّ‬
‫الفقرة الثّانية (هكذا نكون قد أتينا بما ينقل إلى الفقرة الثّانية)‪.‬‬
‫أي وقت‬‫‪ )II‬الحلّ‪ :‬جواز االحتجاج بالبطالن في ّ‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫أ) جواز االحتجاج في ذاته‬
‫ي (عدم‬ ‫ي (االحتجاج)‪ ،‬وسلب ّ‬ ‫المتكون من جانبين‪ :‬إيجاب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق‬ ‫– جواز‪ :‬نحن أمام‬
‫ص‪ ،‬بسبب استعماله اللغة ّ‬
‫الطبيعيّة‪ ،‬لم‬ ‫لكن النّ ّ‬
‫االحتجاج) في نفس الوقت‪ّ .‬‬
‫الحق‪ ،‬أي مضمونها‬ ‫ّ‬ ‫ي (إيراد أمثلة لنصوص تتناول‬ ‫يتعرض إالّ للجانب اإليجاب ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ .‬من هذه النّصوص‬ ‫جانبان‪ ،‬وعبارتها تحمل جانبا ً واحدا ً هو الجانب اإليجاب ّ‬
‫حق االستعمال وعدم‬ ‫حق االستعمال = ّ‬ ‫الفصل ‪ 17‬من مجلّة الحقوق العينيّة‪ّ :‬‬
‫االستعمال‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫– االحتجاج‬
‫ص ّحة (أي‬ ‫شروط)‪ ،‬والزم ال ّ‬ ‫ص ّحة (أي الحكم بتوفّر جميع ال ّ‬ ‫• نتناول هنا ال ّ‬
‫ي آثاره)؛ والبطالن (أي الحكم بغياب شرط أو أكثر)‪،‬‬ ‫الحكم بإنتاج العمل القانون ّ‬
‫والزم البطالن (أي الحكم بعدم ترتيب العمل آثارا)‪.‬‬
‫نفرق بين‪:‬‬
‫• انطالقا من هذا ّ‬
‫المعارضة بالبطالن‪ ،‬حيث نجد البطالن والزم البطالن؛‬

‫‪ 633‬انظره عند‪ :‬عبد المجيد ّ‬


‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.396‬‬
‫‪349‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫واالحتجاج بالبطالن الوارد في الفصل ‪ ،335‬حيث نجد البطالن وليس معه‬


‫الزمه‪.‬‬
‫ألجل هذا يمكن – دون أن يؤدّي ذلك إلى تناقض – أن تسقط دعوى البطالن‬
‫وال يسقط االحتجاج به (هذا يم ّكننا من التّخلّص إلى ب)‪.‬‬
‫ب) جواز االحتجاج في مدّته‬
‫حق االحتجاج‪.‬‬ ‫– أسباب عدم سقوط ّ‬
‫يتحدّث البعض عن األسباب التّالية‪:‬‬
‫• ال تقادم ضدّ من ال يستطيع القيام ‪ /‬الدّفع ال يولد إالّ متى ولدت الدّعوى التي‬
‫يدفعها ‪ /‬إذن الدّفع ال يسقط‪.‬‬
‫ي‪.‬‬‫حق طبيع ّ‬ ‫• الدّفاع ّ‬
‫شيء ‪ /‬التّقادم ال يسري ضدّ من يحوز (الدّافع‬ ‫• من لم ينفّذ بقي حائزا ومنتفعا بال ّ‬
‫يطلب البقاء في حوزه) لفائدة من ال يحوز‪.‬‬
‫سقوط‪.‬‬‫– إيجابيّات عدم ال ّ‬
‫يغرر مثال بمعاقده ‪ /‬العقد لم ينفّذ ‪/‬‬ ‫عدم سقوط الدّفع حكم يمنع التّحيّل‪ :‬شخص ّ‬
‫المغرر بتنفيذه وينتظر سقوط دعوى البطالن ‪ /‬عندها يطلب التّنفيذ ‪/‬‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ال يطالب‬
‫بواسطة قاعدة عدم سقوط الدّفع سترفض دعوى التّنفيذ‪.‬‬
‫سقوط‪.‬‬ ‫– سلبيّات عدم ال ّ‬
‫عقد باطل نفّذ جزئيّا ً (لم يدفع المشتري إالّ جز ًء من الثّمن‪ .‬في المقابل تسلّم ك ّل‬
‫المبيع) وسقطت دعوى إبطاله ‪ /‬مطالبة بإتمام التّنفيذ ‪ /‬سترفض الدّعوى إذا دفع‬
‫بالبطالن (إذن لن يجبر المشتري على دفع بقيّة الثّمن‪ ،‬والحال أنّه أخذ ك ّل‬
‫المثمون) ‪ /‬ح ّل غير عادل‪.‬‬

‫الموضوع الثّاني‬
‫تعليق على الفصلين ‪ 38‬و‪ 39‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫الفصل ‪:38‬‬
‫"يسوغ اشتراط شرط تعود منفعته على الغير وإن لم يعيّن الغير إذا كان ذلك‬
‫تبرع بين المتعاقدين‪.‬‬
‫ضمن عقد بعوض أو في ّ‬
‫حق ذلك الغير ويكون له القيام به على الملتزم‬ ‫شرط مباشرة في ّ‬ ‫وحينئذ ينفذ ال ّ‬
‫إالّ إذا منع عليه القيام في العقد أو علّق على شروط معيّنة‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪350‬‬

‫فعرف الذي اشترطه بعدم قبوله له فال عمل على‬ ‫وإذا اشترط شيء للغير ّ‬
‫شرط"‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫الفصل ‪:39‬‬
‫"يسوغ لمن اشترط على معاقده شيئا لمنفعة الغير أن يطلب مع ذلك الغير تنفيذ‬
‫أن التّنفيذ ال يجوز طلبه إالّ من ذلك الغير"‪.‬‬ ‫شرط إالّ إذا ظهر من العقد ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫القوة الملزمة للعقد) مع وصف‬ ‫• تقديم االشتراط لمصلحة الغير (عالقته بمبدأ ّ‬
‫ي ومقتضب لمحتوى الفصلين ‪ 38‬و‪.39‬‬ ‫وف ّ‬
‫صادرة في ‪ 15‬ديسمبر‬ ‫ّ‬
‫صان من مجلة االلتزامات والعقود ال ّ‬ ‫• القول إنّهما ن ّ‬
‫غرة جوان ‪ ،1907‬وإنّه ت ّم تنقيح ّ‬
‫األول منهما‬ ‫‪ 1906‬والدّاخلة حيّز التّطبيق في ّ‬
‫تنقيحا ً شكليّا ً بمقتضى القانون عدد ‪ 87‬المؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،6342005‬وإنّهما‬
‫األول (فيما تع ّمر به الذّ ّمة مطلقا)‪ ،‬في العنوان الثّاني (الذي ال‬ ‫جاءا في الكتاب ّ‬
‫األول (في تعمير الذّ ّمة بالعقود وما شاكلها)‪ ،‬في القسم‬ ‫عنوان له!!!)‪ ،‬في الباب ّ‬
‫بالرضا)‪ ،‬في الفرع الثّاني (في االتّفاقات)‪.‬‬ ‫الثّاني (في التّصريح ّ‬
‫سكنيّة تبرم بمناسبتها‬ ‫• هل يه ّمان فئة كبيرة من النّاس؟ نعم‪ :‬ك ّل القروض ال ّ‬
‫عقود تأمين على الحياة وهي اشتراط لمصلحة الغير (لمصلحة البنك المقرض‬
‫هنا)‪.‬‬
‫المؤولون؟ تقريبا ً ال‪.‬‬‫ّ‬ ‫هل اهت ّم بهما‬
‫• اإلعالن عن التّخطيط‪ :‬في الفقرة األولى من الفصل ‪ 38‬ت ّم إيراد شروط‬
‫االشتراط؛ أ ّما في الفقرة ‪ 2‬و‪ 3‬وفي الفصل ‪ ،39‬فت ّم تناول آثار االشتراط‪.‬‬
‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪ )I‬شروط االشتراط لمصلحة الغير‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪:‬‬
‫ي‪ ،‬وبهذا الوصف‬ ‫– الفصل ‪ :38‬يسوغ اشتراط شرط‪ .‬إذن االشتراط عمل قانون ّ‬
‫هو يستوجب توفّر شروط في ذاته‪.‬‬
‫تبرع بين المتعاقدين‪ .‬إذن‬ ‫– الفصل ‪ :38‬إذا كان ذلك ضمن عقد بعوض أو في ّ‬
‫لالشتراط شروط ته ّم وعاءه‪.‬‬

‫ص يقول‪" :‬يسوغ اشتراط شرط تعود منفعته على الغير وإن لم يعيّن الغير إذا كان ذلك في ضمن‬ ‫‪ 634‬كان ال ّن ّ‬
‫شرط مباشرة في ّ‬
‫حق ذلك الغير ويكون له القيام به على‬ ‫تبرع بين المتعاقدين‪ .‬وحينئذ ينفذ ال ّ‬
‫عقد بعوض أو في ّ‬
‫الملتزم إالّ إذا منع عليه القيام في العقد أو علّق على شروط معيّنة‪ .‬وإذا اشترط شيء للغير فعرف الذي اشترطه‬
‫شرط"‪.‬‬ ‫بعدم قبوله له فال عمل على ال ّ‬
‫‪351‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– الفصل ‪ :38‬تعود منفعته على الغير‪ .‬إذن لالشتراط شروط تتعلّق بمتلقّيه‪.‬‬
‫أ) الشّروط التي يستوجبها االشتراط في ذاته‬
‫شروط التي يخضع لها غيره من‬ ‫ي‪ .‬إذن يخضع لنفس ال ّ‬ ‫االشتراط عمل قانون ّ‬
‫لكن االشتراط عمل نافع‪ ،‬وهذا شرط ال نجده في ك ّل عمل‬ ‫األعمال القانونيّة‪ّ .‬‬
‫ي‪:‬‬
‫قانون ّ‬
‫شروط المشتركة بين االشتراط وغيره من األعمال القانونيّة‪.‬‬ ‫– ال ّ‬
‫شروط األصليّة‪.‬‬ ‫• ال ّ‬
‫شخصيّة وتمييز االشتراط‬ ‫األهليّة (اإلتيان بالفصل ‪ 156‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫تبرعا ً‬‫الذي يمثّل بالنّسبة إلى المشترط عمال قانونيّا ً بعوض عن ذاك الذي يمثّل ّ‬
‫من طرفه)‪.‬‬
‫صورة التي يكون فيها سبب االشتراط غير جائز‪ ،‬ومن ث ّم‬ ‫سبب (اإلتيان بال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي)‪.‬‬‫تناول مسألة البطالن الجزئ ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫شكل ّ‬‫شرط ال ّ‬ ‫• ال ّ‬
‫شروط‬ ‫تبرعا من المشترط‪ ،‬هل تنطبق عليه ال ّ‬ ‫المشكل‪ :‬إذا مثّل االشتراط ّ‬
‫شخصيّة في إطار الهبة؟‬ ‫شكليّة الواردة في مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ث ّم من يجيب بالنّفي‪ .‬ح ّجته‪ :‬شكالً (أ َ ْشت َ ِّرط) االشتراط ليس عمال قانونيّا ً بعوض‬
‫تبرعا ً (مثل‪ :‬أهب‪ ،‬إلخ‪ ،).‬بل هو محايد ("أشترط"‬ ‫(مثل‪ :‬أبيع‪ ،‬إلخ‪ ).‬وليس ّ‬
‫شكليّة ألنّه‬ ‫تبرعاً)‪ .‬لذا ال تنطبق عليه شروط الهبة ال ّ‬ ‫يمكن أن تحقّق عوضا أو ّ‬
‫شكالً ليس هبة‪.‬‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شرط‬ ‫– ال ّ‬
‫سؤال‪:‬‬ ‫قال الفصل ‪ :38‬شرط تعود منفعته‪ .‬إذن نحن أمام تخصيص بالوصف‪ .‬ال ّ‬
‫أن ما أمامنا هو اشتراط) عند انتفاء الوصف (صورة‬ ‫هل يفيد نفي الحكم (نفي ّ‬
‫ويضر في نفس الوقت‪ :‬عقود نقل البضائع حيث نجد المرسل إليه‬ ‫ّ‬ ‫شرط ينفع‬
‫منتفعاً‪ ،‬لكن في نفس الوقت هو ملزم بدفع معاليم النّقل)؟‬
‫ي في صورة التّخصيص‬ ‫بالرجوع إلى ح ّجة القياس العكس ّ‬ ‫ح ّل هذا المشكل ّ‬
‫بالوصف‪.635‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) الشّروط التي يستوجبها االشتراط في وعائه‬

‫‪ 635‬انقل هذا الح ّل من المرجع التّالي وطبّقه على الفصل ‪Abdelmagid Zarrouki, Le :38‬‬
‫‪raisonnement a contrario (préc.), n° 11, 20, 38, 41, 46 et 47.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪352‬‬

‫• الفصل ‪ :38‬عقد (موصوف) بعوض (وصف) بين المتعاقدين‪ .‬إذن تخصيص‬


‫بالوصف‪.‬‬
‫تبرع (لقب) بين المتعاقدين‪ .‬إذن تخصيص باللقب‪.636‬‬ ‫الفصل ‪ :38‬في ّ‬
‫أن االشتراط سائغ) عند انتفاء‬ ‫• المشكل‪ :‬هل ينتفي الحكم (الحكم الذي مفاده ّ‬
‫الوصف (عقد بعوض لمتعاقد واحد‪ :‬عقد التّأمين على الحياة) وانتفاء اللقب‬
‫تبرعا ً بين المتعاقدين)‪.‬‬
‫(عقد التّأمين على الحياة ليس ّ‬
‫المشرع أراد أن يكون وعاء‬ ‫ّ‬ ‫• الح ّل‪ :‬يفيد البحث في األعمال التّحضيريّة ّ‬
‫أن‬
‫االشتراط ينفع فيه المشترط المتع ّهد وينفع فيه المتع ّهد المشترط (تضييق مردّه‬
‫تأثّر بالقانون الفرنسي ومن ورائه بالقانون ّ‬
‫الروماني)‪.‬‬
‫هذا ال يتوفّر في عقد التّأمين على الحياة ألنّنا ال نجد فيه إالّ المشترط (مكتتب‬
‫العقد) يقدّم نفعا ً للمتع ّهد (شركة التّأمين)‪.‬‬
‫إذن هذا االشتراط غير جائز‪.‬‬
‫تطبيقا للفصل ‪ 539‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬هو باطل‪.‬‬
‫• نتيجة خطيرة في الحياة العمليّة‪.‬‬
‫ي‬
‫ي والمعنو ّ‬ ‫محاولة أولى لتفادي هذه النّتيجة‪ :‬الفصل ‪ :38‬بعوض ‪ /‬تشمل المادّ ّ‬
‫‪ /‬في التّأمين على الحياة يتلقّى المشترط عوضا معنويّا ‪ /‬نقد المحاولة‪ :‬لو كانت‬
‫(تبرع) تكرارا لها‪.‬‬ ‫صورة الثّانية ّ‬‫ي لكانت ال ّ‬ ‫"بعوض" تشمل المعنو ّ‬
‫ي‪/‬‬ ‫محاولة ثانية لتفادي هذه النّتيجة‪ :‬الفصل ‪ :38‬بعوض (اآلن أدركنا أنّه) مادّ ّ‬
‫ي يشمل المتأ ّكد والمحتمل الوجود ‪ /‬في التّأمين على الحياة قد ال‬ ‫العوض المادّ ّ‬
‫يقبل الغير المنفعة‪ ،‬وعندها تعود للمشترط‪ .‬إذن لحظة االشتراط هو يتلقّى‬
‫عوضا ً محتمل الوجود ‪ /‬نقد المحاولة‪ :‬الفصل ‪ :38‬العوض للمشترط (أي العقد)‬
‫وحق الغير تابع‪ .‬بمقتضى المحاولة قلبنا األمور فجعلنا ما وضعه الفصل‬ ‫ّ‬ ‫متبوع‬
‫‪ 38‬متبوعا (جعلناه) تابعا ً وما وضعه تابعا (جعلناه) متبوعا‪.‬‬
‫تبرع ‪ /‬في التّأمين على‬ ‫محاولة ثالثة لتفادي هذه النّتيجة‪ :‬الفصل ‪ :38‬الوعاء ّ‬
‫برع لشركة التّأمين ‪ /‬الفصل ‪ 550‬من مجلّة‬ ‫الحياة‪ :‬ليس للمشترط نيّة الت ّ ّ‬
‫االلتزامات والعقود‪ :‬من أمكنه األكثر‪ ،‬أمكنه األق ّل ‪ /‬إذن‪ :‬إن أمكن للمشترط أن‬
‫أشق‪ ،‬أي أكثر على فاعله)‪ ،‬فمن باب أولى أن يجوز‬ ‫برع ّ‬ ‫تبرع (والت ّ ّ‬ ‫يشترط في ّ‬
‫برع ‪ /‬نقد المحاولة‪ :‬لو قبل هذا لما كان ث ّم فائدة من أن يقصد‬ ‫له ذلك في غير الت ّ ّ‬
‫صورة األولى عوضا ً لفائدة المشترط والمتع ّهد معاً‪.‬‬ ‫المشرع في ال ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 636‬انظر حول التّخصيص باللقب وحول كيفيّة التّعامل معه ث ّم طبّق ذلك على الفصل ‪Abdelmagid :38‬‬
‫‪Zarrouki, Le raisonnement a contrario ( préc.), n° 15, 24, 44, 46 et 47.‬‬
‫‪353‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إذن ال يمكن إالّ القول ببطالن االشتراط الذي يتض ّمنه تأمين على الحياة‪.‬‬
‫نتيجة كما قلنا خطيرة‪.‬‬
‫لكن هي من التّاريخ‪:‬‬
‫غرة جوان ‪( 1907‬تاريخ دخول مجلّة االلتزامات والعقود حيّز التّطبيق)‬ ‫من ّ‬
‫المنظم للتّأمين‪ ،‬ومنه التّأمين‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫إلى ‪ 16‬ماي ‪( 1931‬تاريخ صدور األمر العل ّ‬
‫سؤال هنا‪ :‬هل‬ ‫على الحياة)‪ ،‬عقود التّأمين على الحياة تتض ّمن اشتراطا ً باطال‪ .‬ال ّ‬
‫المشرع المفترضة (أن ال يكون قانونه موجبا‬ ‫ّ‬ ‫يجوز للقاضي أن يرى ّ‬
‫أن نيّة‬
‫‪637‬‬
‫لنتائج غير مقبولة في الحياة العمليّة) تتمثّل في ص ّحة هذا االشتراط؟‬
‫على ك ًّل‪ ،‬بعد هذا التّاريخ لم يعد ث ّم مجال للتّساؤل عن ص ّحة االشتراط الذي‬
‫يتض ّمنه التّأمين على الحياة لصدور أمر ‪ ،1931‬واآلن لوجود مجلّة التّأمين‪.638‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ج)‪.‬‬
‫ج) الشّروط التي يستوجبها االشتراط في متلقّيه‬
‫– التّخصيص باللقب‪.‬‬
‫الفصل ‪ :38‬االشتراط عمل نافع للغير‪ .‬إذن تخصيص باللقب (الغير)‪.‬‬
‫إذن ليس اشتراطا إن كان المنتفع ليس له لقب الغير (غير الغير)‪ :‬أي المنتفع هو‬
‫ص‪ :‬ك ّل من ليس من المتعاقدين)‪.‬‬ ‫أن معنى الغير في النّ ّ‬
‫المشترط (سنرى الحقا ّ‬
‫إذن عقد التّأمين على المسؤوليّة (حيث ترتّب المنفعة للنّفس‪ :‬تحديداً‪ ،‬للذّ ّمة‬
‫الماليّة للمؤ ّمن له بتجنيبها الخسارة إن قامت مسؤوليّته المدنيّة) ليس فيه‬
‫اشتراطا ً‪.‬‬
‫ي‪.‬‬ ‫هنا رتّبت منفعة للنّفس ‪ /‬إذن لم نخرج عن مبدأ ّ‬
‫القوة الملزمة للعمل القانون ّ‬
‫نقد أحكام للمحكمة االبتدائيّة بتونس (‪ 1966 – 12 – 13‬و ‪1967 – 3 – 28‬‬
‫و ‪ 639) 1967 – 5 – 19‬اعتبرت التّأمين على المسؤوليّة اشتراطا لتم ّكن‬
‫الضّحيّة من القيام مباشرة على شركة التّأمين‪ .‬كان يمكن للمحكمة أن تصل إلى‬
‫نفس النّتيجة لو طبّقت الفصل ‪ 5‬من أمر ‪ 30‬جانفي ‪.1960‬‬
‫المؤرخ في ‪ 4‬جانفي ‪ 1983‬الذي اعتبر التّأمين على‬ ‫ّ‬ ‫نقد قرار محكمة التّعقيب‬
‫المسؤوليّة اشتراطا ليم ّكن ضحايا حريق مصنع من القيام مباشرة على شركة‬

‫‪ 637‬نستعمل هنا حجّة الخلف أو اإلحالة على العبث‪ .‬انظر الفقرة عدد ‪.23‬‬
‫الرائد‬
‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫أمين‬‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫مجل‬ ‫دار‬‫بإص‬ ‫ق‬‫ّ‬ ‫لمتعل‬ ‫ا‬ ‫المؤرخ في ‪ 9‬مارس ‪1992‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 638‬انظر القانون عدد ‪ 24‬لسنة ‪1992‬‬
‫الرسمي للجمهوريّة التّونسيّة – ‪ 17‬مارس ‪ ،1992‬عدد ‪ ،17‬ص ‪ 315‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫صالح العيّاري‪ ،‬حول تطبيق الفصل ‪ 38‬من مجلّة االلتزامات والعقود في‬ ‫‪ 639‬وردت هذه األحكام عند‪ :‬مح ّمد ال ّ‬
‫الطرقات‪ ،‬مجلّة القضاء والتّشريع‪ ،1968 ،‬عدد ‪ ،2‬ص ‪.20‬‬ ‫حوادث ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪354‬‬

‫الت ّأمين‪ .640‬كان يمكن للمحكمة أن تصل إلى نفس النّتيجة لو طبّقت الفصل ‪53‬‬
‫ي لـ‪ 16 :‬ماي ‪( 1931‬بعد تاريخ القرار صارت المسألة يحكمها‪:‬‬ ‫من األمر العل ّ‬
‫الفصل ‪ 26‬من مجلّة التّأمين)‪.‬‬
‫– معنى الغير‪.‬‬
‫صدفة («أ»‬ ‫• تعبير يشمل المستفيد الدّائن‪ ،‬والمستفيد الموهوب له‪ ،‬والمستفيد بال ّ‬
‫ألن قيمة منزله‬ ‫أبرم عقدا مع «ب» إلصالح واجهة منزله‪« .‬ج» انتفع صدفة ّ‬
‫ارتفعت بارتفاع قيمة منزل جاره «أ»)‪.641‬‬
‫الفصل ‪ 38‬لم يقصد من لفظة «الغير» المستفيد صدفة‪.‬‬
‫• يمكن أيضا استغالل الحديث عن الغير لبحث عالقة االشتراط بـ‪ :‬إحالة الدّين‬
‫ّ‬
‫الحق‬ ‫حوالة الدّين) – إحالة‬
‫ي تستعمل عبارة أخرى هي‪ّ :‬‬ ‫(في المشرق العرب ّ‬
‫الحق) – اإلنابة في الوفاء الكاملة والنّاقصة – التّجديد‬ ‫ّ‬ ‫حوالة‬
‫(في المشرق‪ّ :‬‬
‫بتغيير المدين – الوفاء مع الحلول‪.‬‬
‫• الغير في الفصل ‪ :38‬المقصود به ك ّل من ليس من المتعاقدين‪ .‬إذن‪ :‬وارث‬
‫المشترط غير‪ ،‬ودائنه‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫إذا كان الغير وارثاً‪ ،‬تطرح عندها مشكلة إمكان مداورة أحكام المواريث التي‬
‫تحدّد األنصبة والتي ته ّم النّظام العا ّم‪.‬‬
‫نفرق بين‪:‬‬
‫هنا ينبغي أن ّ‬
‫صورة المستفيد الوارث الموهوب له‪ .‬هنا نبحث‪:‬‬
‫إن وقع االشتراط أثناء مرض موت المشترط‪ ،‬انطبق الفصل ‪ 206‬ومن ث ّم‬
‫شخصيّة‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 179‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫ألن‬ ‫وإن وقع االشتراط خارج فترة مرض موت المشترط‪ ،‬فهنا لسنا أمام وصيّة ّ‬
‫الحق في االشتراط (كما سنرى ذلك في الفقرة الثّانية) ينفذ مباشرة (أ ّما الوصيّة‬ ‫ّ‬
‫شخصيّة – فتمليك مضاف إلى‬ ‫– وكما يقول الفصل ‪ 171‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫ما بعد الموت)‪ .‬من هنا ال تنطبق أحكام الفصل ‪ 179‬من مجلّة األحوال‬
‫شخصيّة هي‬ ‫شخصيّة (بالنّسبة إلى صورة الفصل ‪ 180‬من مجلّة األحوال ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صورة تخصيص ال تمليك؛ ومن ث ّم هي مختلفة عن االشتراط)‪.‬‬
‫صورة المستفيد غير الوارث‪ .‬هنا أيضا نبحث‪:‬‬

‫‪ 640‬مجلّة القضاء والتّشريع‪ ،1984 ،‬عدد ‪ ،4‬ص ‪.93‬‬


‫صدفة‪ ،‬انظر‪Edward Errante, Le droit Anglo-Américain des :‬‬ ‫‪ 641‬حول صورة المستفيد بال ّ‬
‫‪Contrats. Arrêts et Commentaire, L.G.D.J. – Jupiter, Paris, 1995, 9. 1. 3.‬‬
‫‪355‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إن وقع االشتراط أثناء مرض موت المشترط‪ ،‬انطبق الفصل ‪ 206‬ومن ث ّم‬
‫شخصيّة‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 179‬والفصل ‪ 187‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫وإن وقع االشتراط خارج فترة مرض موت المشترط‪ ،‬فهو جائز‪.‬‬
‫– مسألة تعيين الغير‪.‬‬
‫الفصل ‪ :38‬وإن لم يعيّن الغير ‪ /‬أداة استدراك ال تنفي ما سبقها ‪ /‬إذن االشتراط‬
‫ممكن لغير معيَّن ولغير ليس معيَّناً‪.‬‬
‫وغير المعيَّن‪.‬‬
‫َ‬ ‫• الغير المعيَّن‬
‫أهليّة الوجوب‪ :‬تشترط حياله (تنطبق أحكام الفصل ‪ 566‬من مجلّة االلتزامات‬
‫والعقود على الغير)‪.‬‬
‫أهليّة األداء‪ :‬ال تشترط فيه ألنّه ليس طرفا‪.‬‬
‫• الغير الذي ليس بمعيّن‪.‬‬
‫ينقسم إلى‪:‬‬
‫ما ليس معيّنا ً اسما ً لكنّه معيّن صفةً (وهذا بدوره ينقسم إلى موجود {أعزب‬
‫صورة في مجلّة التّأمين‪ :‬الفصل ‪3‬‬ ‫سيتزوجها‪ .‬انظر هذه ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫يشترط لفائدة من‬
‫والفصل ‪ }39‬وغير موجود { أب يشترط لفائدة أبنائه الذين سيولدون‪ .‬انظر‬
‫صورة نثير مشكلة‬ ‫يخص هذه ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫صورة في مجلّة التّأمين‪ :‬الفصل ‪ .39‬فيما‬ ‫هذه ال ّ‬
‫حق}‪.‬‬ ‫الحق‪ ،‬وهل يمكن أن يكون غير الموجود صاحب ّ‬ ‫ّ‬
‫ما ليس معيّنا ال اسما وال صفة‪ .‬هنا نبحث في نيّة المشترط‪ :‬هل أراد حقّا ومن‬
‫البدء ترتيب منفعة للغير‪.‬‬
‫على ك ّل‪ ،‬إن كان الغير ليس موجودا‪ ،‬وتمثّل االشتراط في هبة غير مباشرة‬
‫ي‪ ،‬طرح عندها مشكل انطباق الفصل ‪ 201‬من مجلّة األحوال‬ ‫لمنقول مادّ ّ‬
‫شخصيّة‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫إن الفصل ‪ 201‬وضع شرطا شكليّا‪ ،‬واالشتراط شكال ليس هبة‪.‬‬ ‫هنا نقول ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪ )II‬آثار االشتراط لمصلحة الغير‬
‫حق للغير‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 38‬في فقرته الثّانية‪ ،‬أثر االشتراط‪ّ :‬‬
‫حق للمشترط‪.‬‬ ‫الفصل ‪ ،39‬أثر االشتراط‪ّ :‬‬
‫ق الغير‬‫أ) ح ّ‬
‫شرط مباشرة ‪.)...‬‬ ‫حق الغير مباشر (وحينئذ ينفذ ال ّ‬ ‫الفصل ‪ 38‬في فقرته الثّانية‪ّ :‬‬
‫(ض ْمنَ ‪.)...‬‬
‫حق الغير تابع ِّ‬ ‫الفصل ‪ 38‬في فقرته األولى‪ّ :‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪356‬‬

‫حق الغير مباشر‬‫– ّ‬


‫♦ مسألة رجوع المشترط في االشتراط قبل قبول الغير‪.‬‬
‫الرجوع‪:‬‬
‫• إمكان ّ‬
‫األعمال التّحضيريّة لمجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬الفصالن ‪ 21‬و ‪ 22‬من مشروع‬
‫‪ :1897‬يم ّكنان المشترط وورثته من نقض االشتراط (ح ّل موجود بعد في‬
‫الفصل ‪ 1121‬من المجلّة المدنيّة الفرنسيّة‪ ،‬وسيتبنّاه الحقا القانون المدن ّ‬
‫ي‬
‫ي في المادّة ‪.)155‬‬ ‫المصر ّ‬
‫الرجوع‪:‬‬‫• عدم إمكان ّ‬
‫األعمال التّحضيريّة لمجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬الفصل ‪ 40‬من مشروع ‪:1899‬‬
‫ص)‪.‬‬ ‫ال يمكن للمشترط نقض االشتراط (مع وجود استثناء في النّ ّ‬
‫• الفصل ‪ 38‬لم يصغ كما صيغ الفصل ‪ 21‬من مشروع ‪ ،1897‬وال كما صيغ‬
‫الفصل ‪ 40‬من مشروع ‪.1899‬‬
‫حق الغير نافذ طالما لم‬ ‫شرط‪ .‬إذن تفيد‪ّ :‬‬ ‫الفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ :38‬تحديد بال ّ‬
‫يرفضه‪.‬‬
‫حق الغير موجود بذ ّمة الغير‪.‬‬ ‫الفقرة الثّانية من الفصل ‪ّ :38‬‬
‫أن ّ‬
‫حق الغير ال‬ ‫حق الغير موجود بذ ّمة الغير وهو نافذ‪ .‬الزم هذا القول ّ‬ ‫إذن ّ‬
‫حق الغير موجود‬ ‫يمكن نقضه (في الفصل ‪ 1121‬من المجلّة المدنيّة الفرنسيّة‪ّ :‬‬
‫حق الغير يمكن نقضه)‪.‬‬ ‫أن ّ‬‫بذ ّمة الغير‪ ،‬لكنّه ليس نافذا‪ .‬الزم هذا القول ّ‬
‫الرجوع في االشتراط‬ ‫إذن حكم مجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬ال يمكن للمشترط ّ‬
‫حتّى قبل قبول الغير‪.‬‬
‫هذا الحكم يعدّ مبدأ‪ .‬هذا المبدأ له على األق ّل استثناءان‪:‬‬
‫المؤرخ في ‪16‬‬
‫ّ‬ ‫ي‬‫األول‪ :‬في مادّة التّأمين على الحياة‪ ،‬م ّكن األمر العل ّ‬ ‫االستثناء ّ‬
‫الرجوع قبل قبول الغير (اآلن نسخ هذا األمر‪،‬‬ ‫ماي ‪ 1931‬المشترط من ّ‬
‫وعوضته مجلّة التّأمين‪ .‬هذه المجلّة سكتت عن المسألة‪ .‬إذن ينطبق اليوم في‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مادّة التأمين على الحياة القانون العا ّم‪ ،‬أي مجلة االلتزامات والعقود‪ .‬هذا يعني‬ ‫ّ‬
‫األول لم يعد قائما)‪.‬‬
‫أن االستثناء ّ‬ ‫ّ‬
‫تبرعا للغير‪ ،‬وإذا حصلت من الغير أعمال‬ ‫االستثناء الثّاني‪ :‬إذا مثّل االشتراط ّ‬
‫الرجوع تطبيقا ألحكام‬ ‫حق المشترط‪ ،‬يجوز لهذا المشترط ّ‬ ‫تمثّل جحودا في ّ‬
‫ص ال يه ّم شكل الهبة بل‬ ‫شخصيّة (حكم هذا النّ ّ‬ ‫الفصل ‪ 210‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫أصلها‪ .‬واالشتراط‪ ،‬وإن لم يكن شكال هبة‪ ،‬فهو أصال يمكن أن يكون كذلك)‪.‬‬
‫‪357‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صورة التي يكون فيها المتع ّهد هو الجاحد‬ ‫(يمكن هنا أن نفتح قوسا نتناول فيه ال ّ‬
‫تجاه المشترط‪ .‬هنا يمكن للمشترط أن يعود في هبته للمتع ّهد‪ .‬لكن بنفس المناسبة‬
‫صورة‪،‬‬ ‫سينقض االشتراط لفائدة الغير‪ ،‬وهو ما يخالف الفصل ‪ .38‬في هذه ال ّ‬
‫ولكي ال تخالَف أحكام الفصل ‪ ،38‬ينبغي القول بانتقال التزامات المتع ّهد تجاه‬
‫الغير ليصير الملزم بها هو المشترط)‪.‬‬
‫حق الغير ألنّه مباشر‪ :‬منذ‬ ‫♦ ال يمكن لدائني المشترط وورثته استيفاء شيء من ّ‬
‫الحق هو موجود في ذ ّمة الغير ال في ذ ّمة المشترط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن يولد‬
‫♦ قيام الغير الستيفاء حقّه المباشر (الفقرة الثّانية من الفصل ‪ .)38‬هذا الح ّل هو‬
‫تطبيق من تطبيقات الح ّل العا ّم الوارد بالفصل ‪ 273‬من مجلّة االلتزامات‬
‫حق طلب التّنفيذ ‪ /‬إضافة لما سبق‪ :‬الفصل ‪ 273‬يعطي الدّائن‬ ‫والعقود (للدّائن ّ‬
‫لكن الفصل‬ ‫حق طلب التّعويض– يمكن تطبيق هذا الح ّل على الغير ‪ّ /‬‬ ‫أيضا ّ‬
‫حق طلب ح ّل العقد – ال يمكن تطبيق هذا الح ّل على الغير‬ ‫‪ 273‬يعطي الدّائن ّ‬
‫لغياب مصلحة له في ح ّل العقد‪ :‬حسب الفصل ‪ 19‬من مجلّة المرافعات المدنيّة‬
‫والتّجاريّة ال بدّ من وجود مصلحة لكي تقبل الدّعوى)‪.‬‬
‫حق الغير تابع (الفقرة األولى من الفصل ‪.)38‬‬ ‫– ّ‬
‫• إذا كان المتبوع أو التّابع باطال‪ ،‬انطبقت أحكام الفصل ‪ 326‬من مجلّة‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫• العالقة مع المتع ّهد‪:‬‬
‫المتبوع عقد بعوض ملزم للجانبين‪ :‬انطباق أحكام الفصل ‪ 247‬من مجلةّ‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬أي يمكن للمتع ّهد الدّفع بعدم تنفيذ المشترط اللتزاماته‪.‬‬
‫تبرع‪ :‬انطباق أحكام الفصل ‪ 273‬من مجلّة‬ ‫المتبوع عقد بعوض أو عقد ّ‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬أي يمكن للمتع ّهد طلب ح ّل العقد‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ق المشترط‬ ‫ب) ح ّ‬
‫هنا سنحلّل الفصل ‪.39‬‬
‫حق طلب التّنفيذ لفائدة الغير (عادة يتّحد وصف الدّائن‬ ‫ص المشترط ّ‬ ‫– أعطى النّ ّ‬
‫ص دائنا غير مستفيد من طلب التّنفيذ)‪.‬‬ ‫ووصف المستفيد‪ .‬هنا م ّكن النّ ّ‬
‫– كدائن‪ ،‬يمكن للمشترط طلب ح ّل العقد تطبيقا ً للفصل ‪ 273‬من مجلّة‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫هنا ينبغي أن نميّز بين فرضين‪:‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪358‬‬

‫األول‪ :‬لم يت ّم إدخال الغير في الدّعوى‪ .‬ال ح ّجيّة لحكم الح ّل على الغير‬
‫الفرض ّ‬
‫الذي يمكنه دائما مطالبة المتع ّهد بحقّه (ث ّم يعود المتع ّهد على المشترط)‪.‬‬
‫الفرض الثّاني‪ :‬ت ّم إدخال الغير في الدّعوى‪ .‬إذن لحكم الح ّل ح ّجيّة على الغير‪.‬‬
‫الرجوع في‬‫فإذا كنّا في إطار المبدأ المتمثّل في كون المشترط ال يمكنه ّ‬
‫االشتراط‪ ،‬تنتقل التزامات المتع ّهد تجاه الغير ويصير المدين بها للغير المشترط‬
‫نفسه‪ .‬أ ّما إذا كنّا في إطار االستثناء‪ ،‬فعندها ال يحصل م ّما سبق شيء‪.‬‬

‫الموضوع الثّالث‬
‫تعليق على الفصلين ‪ 513‬و ‪ 515‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫الفصل ‪:513‬‬
‫"إذا كانت عبارة الكتب صريحة‪ ،‬فال عبرة بالدّاللة"‪.‬‬
‫الفصل ‪:515‬‬
‫"العبرة في التّعبير بالمقاصد ال بظاهر األلفاظ والت ّراكيب"‪.‬‬

‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‪.‬‬


‫• تقديم مادّة تأويل العقد‪ ،‬وذكر محتوى الفصل ‪ 513‬والفصل ‪.515‬‬
‫صادرة في ‪ 15‬ديسمبر‬ ‫صان من مجلّة االلتزامات والعقود ال ّ‬ ‫• القول إنّهما ن ّ‬
‫غرة جوان ‪ ،1907‬وإنّهما لم يشهدا تنقيحا‬ ‫‪ 1906‬والدّاخلة حيّز التّطبيق في ّ‬
‫األول (فيما تع ّمر به الذّ ّمة مطلقا)‪ ،‬في‬
‫منذ ذلك الوقت‪ ،‬وأنّهما جاءا في الكتاب ّ‬
‫العنوان الثّامن (في إثبات تعمير الذّمة وبراءتها)‪ ،‬في الباب الثّاني (في تفسير‬
‫األول (في تفسير‬ ‫ّ‬ ‫العقود وفي بعض القواعد القانونيّة العا ّمة)‪ ،‬في الفرع‬
‫العقود)‪.‬‬
‫• العلّة الغائيّة من وضعهما‪:‬‬
‫هل يه ّمان فئة كبيرة من النّاس؟ نعم‪ :‬تكفي العودة إلى األحكام والقرارات التي‬
‫صة الفصل ‪.642515‬‬ ‫ذكر فيها الفصل ‪ 513‬وخا ّ‬
‫المؤولون؟‬
‫ّ‬ ‫هل اهتم بهما‬
‫صة الفصل ‪.515‬‬ ‫نعم‪ ،‬وخا ّ‬
‫• اإلعالن عن التّخطيط‪:‬‬

‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬


‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.10‬‬ ‫‪ 642‬انظر مثال القرارات الواردة عند‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫‪359‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الفصل ‪ :513‬معنى ومعنى يعارضه‪ ،‬والقول بتقديم أحدهما‪.‬‬


‫الفصل ‪ :515‬معنى ومعنى يعارضه‪ ،‬والقول بتقديم أحدهما‪.‬‬
‫صين‪ ،‬وفقرة ثانية للحكم‪.‬‬ ‫إذن‪ :‬فقرة أولى للفرض الوارد في النّ ّ‬
‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‪.‬‬
‫‪ )I‬وجود معنيين متعارضين‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.‬‬
‫المعارض (بالفتح)‬ ‫َ‬ ‫أ) المعنى‬
‫صريح ‪.‬‬
‫‪643‬‬
‫– ♦ الفصل ‪ :513‬معنى المعنى ال ّ‬
‫الظاهر‪.644‬‬‫♦ الفصل ‪ :515‬معنى المعنى ّ‬
‫– ♦ الفصل ‪:513‬‬
‫صريح موجود في كتب ‪ /‬تعبير عا ّم (الكتب قد يكون عقدا‪ ،‬إلخ‪ / ).‬قرينة‬ ‫• ال ّ‬
‫صصة‪ :‬العنوان الذي جاء تحته الفصل ‪ 513‬يه ّم العقد ‪ /‬لكن وردت تحت‬ ‫مخ ّ‬
‫نفس العنوان نصوص (الفصل ‪ – )522‬حين نبحث في أعمالها التّحضيريّة –‬
‫صادر عن إرادة منفردة ‪ /‬إذن يمكن القول ّ‬
‫إن عبارة‬ ‫ي ال ّ‬‫نجدها ته ّم العمل القانون ّ‬
‫الكتب ته ّم ك ّل عمل قانون ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي" على "الكتب"‪ ،‬وسحب حكم المنطوق‬ ‫• تحديد باللقب (الكتب) ‪ /‬قياس "ال ّ‬
‫شفه ّ‬
‫ي ‪ /‬قياس "اإلشارة" على‬ ‫به‪ ،‬أي الكتب‪ ،‬على المسكوت عنه‪ ،‬أي ال ّ‬
‫شفه ّ‬
‫"الكتب" ‪ /‬قياس "األفعال" على "الكتب"‪.‬‬
‫♦ الفصل ‪:515‬‬
‫الظاهر دون تحديد الوعاء الذي يرد فيه ‪ /‬نحن أمام مطلق (يشمل الوعاء‬ ‫• ّ‬
‫المتمثّل في عقد‪ ،‬إلخ‪ / ).‬يص ّح حول الفصل ‪ 515‬ما ورد أعاله حول الفصل‬
‫‪ :513‬عنوان‪ ،‬إلخ‪).‬‬
‫الظاهر دون تحديد الوعاء الذي يرد فيه ‪ /‬نحن أمام مطلق (يشمل الوعاء‬ ‫• ّ‬
‫المتمثّل في كتب‪ ،‬إلخ‪ / ).‬حين نبحث في األعمال التّحضيريّة نجد أنّه أريد من‬
‫المطلق اإلطالق‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫المعارض (بالكسر)‬‫ّ‬ ‫ب) المعنى‬

‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬


‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪68‬‬ ‫‪ 643‬يمكن أن ينقل هنا بعض ما ورد في مقالة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫وما بعدها (طبعا ً مع اختصاره ليتناسب مع وقت االمتحان)‪.‬‬
‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪68‬‬‫ّ‬ ‫أويل‬‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫المسار‬ ‫وقي‪،‬‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫‪ 644‬يمكن أن ينقل هنا بعض ما ورد في مقالة‪ :‬عبد المجيد‬
‫وما بعدها (طبعا ً مع اختصاره ليتناسب مع وقت االمتحان)‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة النّصّ القانونيّ‬ ‫‪360‬‬

‫صريح‪.645‬‬ ‫– • الفصل ‪ :513‬معنى الدّاللة‪ :‬نيّة ال يحملها ال ّ‬


‫الظاهر ‪.‬‬
‫‪646‬‬ ‫• الفصل ‪ :515‬معنى المقاصد‪ :‬نيّة ال يحملها ّ‬
‫– أمثلة‪.647‬‬
‫– الدّاللة والمقاصد أين نجدهما؟ تجيب المراجع الواردة في األعمال‬
‫التّحضيريّة لمجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬في وضع األطراف‪ ،‬وأوصافهم‪،‬‬
‫سابقة‪ ،‬وطبيعة العقد‪ ،‬واألسباب التي دعتهم إلى التّعاقد‪،‬‬ ‫ومهنهم‪ ،‬وعالقاتهم ال ّ‬
‫وبتقريب وجمع شروط العقد بعضها ببعض‪.‬‬
‫شهود فيماا‬ ‫– عالقة ما جاء للت ّ ّو بأحكام اإلثبات (الفصل ‪ ":474‬ال تقبل ب ِّيّنة ال ّ‬
‫بين المتعاقدين لمعارضة ما تض ّمنه الكتب أو إلثبات ما ليس به ولو كان ذلاك‬
‫فاي قادر مان الماال أقا ّل مان ألاف ديناار‪.‬ويساتثنى مان هاذه القاعادة ماا اذا كاان‬
‫المااراد إثبااات أمااور ماان شااأنها ضاابط معنااى فصااول مبهمااة أو معقّاادة بالكتااب‬
‫وتعيين مدلولها وإثبات إجراء العمل به") وبقاعدة الفصال ‪"( 548‬ماا يصادر‬
‫من شخص ال يكون ح ّجة له" ‪ /‬إذن ال تق َبل داللاة أو مقصاد ه َماا بمثاباة ح ّجاة‬
‫كونها المرء لنفسه)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪ )II‬تقديم واحد من المعنيين المتعارضين‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫أ) الح ّل‬
‫نقل بعض ما ورد في مقالة "المسار ‪ "...‬مع اختصاره ليتناسب مع المقام‪،648‬‬
‫والقول‪:‬‬
‫– الفصل ‪ :513‬العبارة مقدّمة على النّيّة ‪ /‬الفصل ‪ :515‬النّيّة مقدّمة على‬
‫العبارة‪.‬‬
‫نص يقد ّم حالّ يعارض ما يقدّمه اآلخر‪.‬‬ ‫– إذن ك ّل ّ‬
‫تعارض‬
‫َ‬ ‫صين‪ ،‬ونفهم أن ال‬ ‫– لكن حين نعود إلى األعمال التّحضيريّة نفهم النّ ّ‬
‫بينهما بل تكامل‪ :‬الفصل ‪ :513‬العبارة التي ت َأ َّكد حملها للنّيّة‪ ،‬ال يقدّم عليها‬

‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 68‬وما‬‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬‫‪ 645‬ينقل هنا بعض ما ورد في مقالة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫بعدها (طبعا ً مع اختصاره ليتناسب مع وقت االمتحان)‪.‬‬
‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 68‬وما‬ ‫ّ‬ ‫أويل‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫المسار‬ ‫وقي‪،‬‬ ‫ر‬ ‫‪ 646‬ينقل هنا بعض ما ورد في مقالة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّ‬
‫بعدها (طبعا ً مع اختصاره ليتناسب مع وقت االمتحان)‪.‬‬
‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.64‬‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬
‫‪ 647‬تنقل هنا األمثلة الواردة في مقالة‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 68‬وما بعدها‪.‬‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬
‫‪ 648‬عبد المجيد ّ‬
‫‪361‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شيء ‪ /‬الفصل ‪ :515‬العبارة التي ت َأ َّكد عدم حملها للنّيّة‪ ،‬يقدّم عليها المعنى‬
‫ّ‬
‫الظاهر‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) النّتائج‬
‫تنقل هذه النّتائج من مقالة "المسار ‪ "...‬مع االختصار ليتناسب ذلك مع المقام‬
‫الذي نحن فيه اآلن‪:649‬‬
‫النّتيجة األولى تتعلّق بمسألة استقرار المعامالت‪.‬‬
‫النّتيجة الثّانية تتعلّق بمسألة ّ‬
‫الظ ّن واليقين في التّأويل‪.‬‬
‫النّتيجة الثّالثة تتعلّق بالمرجعيّة النّظريّة للفصلين ‪ 513‬و‪.515‬‬
‫الرابعة تتعلّق بانعكاس ما جاء في الفصلين ‪ 513‬و‪ 515‬على صورة‬ ‫النّتيجة ّ‬
‫صه المصاغ في لغة أخرى‪.‬‬ ‫ي لعقد عن ن ّ‬ ‫اختالف النّ ّ‬
‫ص العرب ّ‬
‫النّتيجة الخامسة تتعلّق بتعريف تحريف العقد‪.‬‬
‫ي تجسيما‪ .‬قبل‬ ‫ص القانون ّ‬‫بهذه الكلمات نكون قد فرغنا من منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي ينبغي تناول النّ ّ‬
‫ص العقد ّ‬ ‫ذلك عرضنا هذه المنهجيّة‪ .‬بعد النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬

‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬


‫ي ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.112‬‬ ‫‪ 649‬عبد المجيد ّ‬
‫العقدي‬
‫ّ‬ ‫صة في دراسة النّ ّ‬
‫ص‬ ‫(ج) العناصر الخا ّ‬

‫‪ ―.183‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫ونمر بعد ذلك إلى التّجسيم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كما اعتدنا سنبدأ بعرض المنهجيّة‪،‬‬

‫العقدي‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬عرض منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ―.184‬العقد كالقانون‪.‬‬
‫وتنظم سلوكهم‪ .‬على هذا يلتقي‬ ‫ّ‬ ‫يحوي العقد أحكاما ً مصدرها المتعاقدان‪،650‬‬
‫صورتين نحن أمام قواعد تنظّم‬ ‫العقد على مستوى المضمون مع القانون‪ .‬ففي ال ّ‬
‫ي ال تختلف عن دراسة‬ ‫ص العقد ّ‬ ‫األفعال‪ .‬ونقطة االلتقاء هذه تجعل دراسة النّ ّ‬
‫نص القانون إالّ على مستوى الجانب المتعلّق بالتّقييم‪ .‬فإذا استثنينا هذا الجانب‪،‬‬
‫ّ‬
‫ي على ما جاء في‬ ‫يخص إجراءات دراسة النّ ّ‬
‫ص العقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمكنت اإلحالة فيما‬
‫نص القانون ‪ .‬فإذا انتهينا من اإلجراءات‪ ،‬بقي التّجسيم‪.‬‬
‫‪651‬‬
‫إجراءات دراسة ّ‬

‫العقدي‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ص‬

‫‪ ―.185‬قبل التّمرين‪ .‬التّمرين‪.‬‬


‫هنا أيضا‪ ،‬ينبغي أن نبدأ بإعطاء ّ‬
‫الطالب تمرينا جاهزا ليحاكيه‪ .‬بعد ذلك نعطيه‬
‫يخص التّمرين الجاهز‪ ،‬وزيادة على‬
‫ّ‬ ‫تمرينا ليقوم هو بتجهيزه‪ .652‬ويمكن‪ ،‬فيما‬
‫اإلحالة على "مارك بروشي" (‪ ،653)Marc Bruschi‬أن نأتي بعمل لـ‪" :‬جون‬
‫– لويس سوريو" (‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا"( ‪Pierre‬‬
‫نص عقد‪:655‬‬
‫‪ .)Lerat‬هذا العمل – وخالفا لما سبق‪ – 654‬يه ّم دراسة ّ‬

‫معوم يمتث ّل يف عقد «كراء‬


‫نوين مربم أأمام مأأمور ّ‬
‫النّ ّص موضوع ادلّ راسة‪ :‬منوذج معل قا ّ‬

‫‪ 650‬طبعا ً ال يسمح لنا المجال بالتّفصيل أكثر والخوض في عقود اإلذعان‪.‬‬


‫‪ 651‬انظر الفقرة عدد ‪ 181‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 652‬انظر الفقرة عدد ‪.116‬‬
‫‪Marc Bruschi, Le commentaire de contrats, ellipses, Paris, 2001, p. 17 et s. 653‬‬
‫‪ 654‬أتينا في وقت ّأول بما اقترحه "جون ‪ -‬لويس سوريو" (‪ )Jean-Louis Sourioux‬و"پيار لورا" (‪Pierre‬‬
‫نص (انظر الفقرة عدد ‪ 161‬وما بعدها)‪ .‬ث ّم أتينا بما أورداه‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫نص‪ ،‬أ ّ‬
‫ّ‬ ‫تمش في عمليّة دراسة‬
‫ّ‬ ‫‪ )Lerat‬من‬
‫ي (انظر الفقرة عدد ‪.)176‬‬‫نص فقه ّ‬
‫شي على ّ‬ ‫كتطبيق لهذا التّم ّ‬
‫‪Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, préc., p. 49 et s. 655‬‬
‫‪363‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫فردي جاه ز‪juris-classeur notarial ( 656‬‬


‫ّ‬ ‫ورشاء» ملكيّة عقّاريّة ملسكن‬
‫‪formulaire, « Location-accession », 1985, fasc. B-1, formule 5, par‬‬
‫‪.)D. Lepeltier‬‬
‫ّنص العقد‪:‬‬

‫النّموذج ‪ ─ .5‬عقد «كراء ورشاء» (‪ )location-accession‬ملكيّة عقّاريّة ملسكن ّ‬


‫فردي‬
‫جاهز‪.‬‬
‫العموم ‪ ...‬أأشهد‬
‫ّ‬ ‫أأان ‪ ،...‬املأأمور‬
‫أأ ّين تلقّيت هذا العقد ّالر ّ‬
‫مسي لـ‪« :‬كراء ورشاء» امللكيّة العقّاريّة بّي‪... :‬‬
‫الَلان أأبرما‪ ،‬وفقا للقانون عدد ‪ّ 595 – 84‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جويلية ‪ ،1984‬عقد «كراء‬
‫ورشاء» امللكيّة العقّاريّة [‪]...‬‬
‫العنوان ا أل ّول‪ :‬موضوع العقد‬
‫العنوان الث ّاين‪ :‬الث ّمن وا ألقساط‬
‫العنوان الث ّالث‪ :‬نقل الانتفاع‬
‫الفصل ‪ :16‬املدّة‬
‫ينقل املاكل بعوض لـ‪ « :‬املكّتي – املشّتي » (‪ )accédant‬الانتفاع ابلعقّار احملدّ د ‪...‬‬
‫ابتدا ًء من يوم ‪ ( ...‬أأو‪ :‬من ‪ )...‬اىل ‪...‬‬
‫الفصل ‪ :17‬تسلمي املفاتيح – حاةل احمل ّل عند ادلّ خول‬
‫تسلمي املفاتيح ّمت يف هذا اليوم‪ ،‬كام يعّتف بذكل «املكّتي – املشّتي»‪.‬‬
‫ّمت ضبط حاةل احمل ّل يف هذا اليوم نفسه‪ ،‬حبضور طريف العقد‪ ،‬وذكل يف نسخة واحدة‬
‫أأحلقت هبذا الكتب بعد التّنصيص عىل ذكل‪.‬‬
‫( أأو يف حاةل تأأجيل الانتفاع‪ :‬تسلمي املفاتيح سي ّمت يوم ‪ ،...‬وضبط حاةل احمل ّل سي ّمت بواسطة‬
‫الطرف الخر عىل‬ ‫الطرف الأكرث حرصا من املتعاقدين‪ ،‬مع اس تدعاء ّ‬ ‫عدل تنفيذ مببادرة ّ‬
‫الطرفان ا ألعباء مناصفة)‪.‬‬
‫نوين‪ ،‬ويتح ّمل ّ‬
‫النّحو القا ّ‬

‫‪Texte d'étude: Formule d'acte notarié de contrat de location-accession à la 656‬‬


‫‪propriété immobilière d'une maison individuelle achevée (In juris-classeur notarial‬‬
‫‪formulaire, « Location-accession », 1985, fasc. B-1, formule 5, par D. Lepeltier).‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسةالنّصّ العقديّ‬ ‫‪364‬‬

‫الفصل ‪ :18‬التّخصيص‬
‫ّمت ّالرضا بنقل الانتفاع فقط ألجل سكىن « املكّتي – املشّتي » (عند الاقتضاء‪ :‬وملامرسة‬
‫النّشاط املمتث ّل يف ‪ ،...‬مع اقصاء غريه؛ أأو‪ :‬وملامرسة أأ َّي نشاط ّ‬
‫همين‪ ،‬ابس تثناء ‪.)...‬‬
‫الفصل ‪ :19‬رشوط وضع اليد والانتفاع‬
‫طوال مدّة الانتفاع‪ ،‬عىل « املكّتي – املشّتي » الالزتامات التّالية حيال العقّار موضوع‬
‫العقد‪:‬‬
‫الصاحل وفامي خ ّ ُِصص هل (ورد ما خ ّ ُِصص‬ ‫─ أأن يشغهل بنفسه‪ ،‬و أأن يس تعمهل كام ّ‬
‫رب البيت ّ‬
‫هل الاس تعامل أأعاله)؛اذن عليه أأن ميتنع عن متكّي الغري من أأن يشغل العقّار بأأ ّي وجه اكن‬
‫االّ اذا أأذن هل البائع يف ذكل كتابة ومس بقا؛‬
‫خصص‬ ‫─ أأن حيافظ عليه عامرا بلكّ املنقوالت واب ألش ياء املنقوةل ّ‬
‫الّضوريّة الس تعامهل فامي ّ ِ‬
‫هل (ورد ما خ ّ ُِصص هل الاس تعامل أأعاله)‪ ،‬ابس تثناء املنقوالت اليت ال تصلح لهذا‬
‫التّخصيص؛‬
‫لك خشص ّ‬
‫مولك من البائع للمراقبة وللقيام بأأعامحل فظ العقّار‬ ‫─ أأن ميكّن من ّالزايرة البائع و ّ‬
‫ًّ‬
‫رضوراي‪.‬‬ ‫والتّجهّيات ‪ّ ،...‬مرة يف ا ّلس نة ولكّام اكن ذكل‬
‫لك يوم ليس‬ ‫ينظم زايرات للمح ّل من أأجل بيعه أأو كرائه ساعتان من ّ‬ ‫ميكن أأيضا للبائع أأن ّ‬
‫يوم عطةل حيدّدهام بنفسه بّي ‪ ...‬وبّي ‪...‬‬

‫─ أأن ال ّ‬
‫يغي رفيه االّ مبوافقة مس بّقة وكتابيّة من البائع‪.‬‬
‫فاذا حصل تغيري‪ ،‬ميكن للبائع مطالبة « املكّتي – املشّتي » حّي مغادرته ابعادة احمل ّل‬
‫والتّجهّيات اىل ما اكان عليه‪ ،‬كام ميكنه االبقاء عىل التّغيريات دون أأن يس تطيع « املكّتي –‬
‫املشّتي » املطالبة بتعويض عن املصاريف اليت أأنفقها‪.‬‬
‫ميكن أأيضا للبائع املطالبة عىل نفقة « املكّتي – املشّتي » ابرجاع احمل ّل فورا اىل حالته‪ ،‬اذا‬
‫اكنت التّغيريات من شأأهنا أأن تضع يف خطر حسن معل التّجهّيات أأو ّ‬
‫السالمة‪.‬‬
‫الفصل ‪ :20‬التّعهّد واالصالحات‬
‫خالل نفس املدّ ة‪ ،‬يتح ّمل « املكّتي – املشّتي » نفقات تعهّد واصالح العقّار موضوع‬
‫العقد‪ .‬لكن يبقى البائع متح ّمال أأعباء االصالحات املتعلّقة ابلعنارص احلامةل اليت تسهم يف‬
‫اس تقرار أأو متانة البناء‪ ،‬و أأعباء االصالحات املتعلّقة ابلعنارص ا ألخرى املدجمة ابلعنارص‬
‫‪365‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ا ألوىل أأو اليت متث ّل وا ّايها جسام واحدا‪ ،‬و أأعباء االصالحات املتعلّقة ابلعنارص اليت تضمن‬
‫التّسييج والغطاء وسدّ املنافذ عىل ّ‬
‫السوائل ابس تثناء ا ألجزاء املنقوةل لهذه العنارص‪.‬‬
‫الفصل ‪ :21‬تأأمّي البناية‬
‫يف صورة اخالل البائع‪ ،‬ميكن لـ‪ « :‬املكّتي – املشّتي » أأن يُع ِمل الضّ امانت النّاجتة‪،‬‬
‫مبقتّض الفصول ل‪ 1 – 241 .‬و ل‪ 1 – 242 .‬من ّ‬
‫جمةل التّأأمّي‪ ،‬عن العقد اذلي أأعلن البائع‬
‫أأن ّه قد اكتتبه ‪ ...‬مع رشكة التّأأمّي ‪...‬‬
‫الفصل ‪ :22‬التّأأمينات‬
‫لك ا ألخطار املرتبطة بصفته كشاغل للمح ّل‬ ‫عىل « املكّتي – املشّتي » أأن يؤ ّمن‪ ،‬ضدّ ّ‬
‫وضدّ دعاوى اجلريان‪ ،‬دلى رشكة تأأمّي معروفة مبالءهتا؛ وعليه أأن يس تظهر بعقد التّأأمّي ومبا‬
‫يفيد دفعه املنتظم ل ألقساط يوم ضبط حاةل احمل ّل ومىت طلب البائع منه ذكل‪.‬‬
‫الفصل ‪ :23‬املسؤوليّة‬
‫« املكّتي – املشّتي » هو املسؤول الوحيد عن ا ألرضار ال ّالحقة للعقّار ولشاغليه‬
‫ول ألشخاص الخرين املوجودين به‪ .‬هذه املسؤول ّية قد تكون مسؤول ّي ًة خشص ّية‪ ،‬أأو‬
‫مسؤول ّية عن فعل الغري(اذلي هو حتت مسؤول ّية « املكّتي – املشّتي »)‪ ،‬أأو مسؤول ّية‬
‫عن فعل احليوان أأو ا ألش ياء اليت يف حفظه‪.‬‬
‫الّضائب وا ألعباء‬
‫الفصل ‪ّ :24‬‬
‫عىل « املكّتي – املشّتي » أأن يدفع ما عليه من أأعباء‪ّ ،‬‬
‫وخاصة املساهامت و ّالرسوم‬
‫الّضائب أأ ّ ًاي اكن نوعها املفروضة أأو اليت س ُتفرض عىل هذا العقد أأو عىل العقّار موضوع‬
‫و ّ‬
‫العقد‪.‬‬
‫السابق ألوانه‬
‫الفصل ‪ :25‬فسخ العقد ّ‬
‫يف صورة عدم دفع أأ ّاي من املبالغ اليت عىل اكهل «املكّتي – املشّتي» واليت متث ّل تس بقة أأو‬
‫أأعبا ًء‪ ،‬يُفسخ هذا العقد أل ّيا ‪ -‬اذا أأراد البائع ذكل ‪ -‬يف ظرف شهر من وجود تنبيه ّ‬
‫رمسي‬
‫بقي دون اس تجابة‪.‬‬
‫لك اخالل من ِقبل أأحد ا ألطراف بأأ ّي الزتام من الزتاماته غري الواردة يف الفقرة ّ‬
‫السابقة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الطرف الخر من أأن يطلب من القضاء فسخ العقد (عند‬ ‫لك ترصحي خاطئ‪ ،‬ميكّن ّ‬ ‫و ّ‬
‫الاقتضاء‪ :‬ميكن أأيضا لـ‪ « :‬املكّتي – املشّتي » طلب فسخ هذا العقد عىل ر أأس ّ‬
‫لك س نة‬
‫من اترخي ابرامه برشط التّنبيه عىل البائع قبل ثالثة أأشهر بواسطة رساةل مضمونة الوصول مع‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسةالنّصّ العقديّ‬ ‫‪366‬‬

‫اعالم بتلقّهيا وذكل يف احلاالت التّالية‪.)... :‬‬


‫الفصل ‪ :26‬احاةل العقد‬
‫ميكن لـ‪ « :‬املكّتي – املشّتي » أأن حييل للغري احلقوق اليت ترجع هل مبقتّض العقد االّ اذا‬
‫مؤسس عىل أأس باب جدّ يّة ومرشوعة‪ ،‬مثل كون احملال هل‬ ‫مربر من البائع و َّ‬
‫اكن ّمث اعّتاض َّ‬
‫غري ميلء (عند الاقتضاء‪ :‬ميكن أأيضا للبائع أأن يعارض االحاةل‪ ،‬اذا مل تتوفّر يف احملال هل‬
‫الرشوط املطلوبة للحصول عىل القروض اليت ّمولت بناء العقّار ‪.)...‬‬
‫ّ‬
‫املعرب عنه يف البند ‪ ...‬اذلي سريد الحقا‪ ،‬ال ميكن أأن يكون‬‫تطبيقا ملبد أأ عدم القسمة ّ‬
‫موضوع االحاةل االّ مجةل احلقوق اليت منحها هذا العقد لـ‪ « :‬املكّتي – املشّتي »‪.‬‬
‫جيب أأن ي ّمت اعالم البائع مبرشوع االحاةل بواسطة رساةل مضمونة الوصول مع طلب االعالم‬
‫بتلقّهيا‪ ،‬وجيب أأن تتض ّمن ّالرساةل املعلومات اليت تسمح للبائع مبامرسة حقّه يف الاعّتاض‪.‬‬
‫فاذا مل ُجيب البائع يف أأجل ‪ ...‬اعترب غري معارض لالحاةل‪.‬‬
‫رمسي‪ ،‬وت ُ َّ‬
‫سّل للبائع نسخة تنفيذيّة دون مصاريف‬ ‫ينبغي أأن ت ّمت االحاةل وجواب بواسطة كتب ّ‬
‫يتكبّدها‪.‬‬
‫يبقى احمليل‪ ،‬ابلتّضامن مع احملال هل‪ُ ،‬ملزم ًا جتاه البائع بتنفيذ هذا العقد اىل حّي توفّر نقل‬
‫امللكيّة الوارد يف البند ‪ ...‬اذلي س يأأيت الحقا‪ ،‬أأو اىل حّي دفع مبلغ الاسّتداد املنصوص‬
‫عليه يف البند ‪ ...‬الوارد أأعاله‪.‬‬
‫الفصل ‪ :27‬موت « املكّتي – املشّتي »‬
‫يف صورة وفاة « املكّتي – املشّتي » (عند الاقتضاء‪ :‬موت « املكّتين – املشّتين »‪،‬‬
‫أأو موت أأحدهام)‪ ،‬يكون ّمث تضامن وش يوع بّي ورثته (عند الاقتضاء‪ :‬بّي الورثة‪ ،‬أأو بّي‬
‫حىت حصول نقل امللكيّة الوارد يف البند ‪ ...‬اليت أأو‬‫من بقي حيّ ًا وورثة امل ّيت) لتنفيذ العقد ّ‬
‫ّ‬
‫حىت دفع مبلغ الاسّتداد الوارد يف البند ‪ ...‬الالحق‪.‬‬
‫لك احاةل للحقوق املشاعة و ّ‬
‫لك قسمة للحقوق النّاش ئة عن هذا العقد س تخضع للقواعد‬ ‫ّ‬
‫الواردة يف الفصل ‪.26‬‬
‫الفصل ‪ :28‬التّفويت يف العقّار وانشاء احلقوق العينيّة‬
‫التّفويت يف العقّار أأو انشاء حقوق عينيّة جيعل أليّ ًا املاكل اجلديد أأو صاحب هذه احلقوق يف‬
‫وضع ّية سلفه جتاه البائع (عند الاقتضاء‪ :‬اذا مل يكن لضامن ادلّ فع شلك الامتياز‪ ،‬فالتّفويت‬
‫خيضع لتقدمي املاكل اجلديد الضّ امانت الواردة يف الفصلّي ‪ 15‬و ‪ 17‬من قانون ‪ 12‬جويلية‬
‫‪367‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪.)1984‬‬
‫العنوان ّالرابع‪ :‬نقل امللكيّة‬
‫العنوان اخلامس‪ :‬فسخ العقد وعدم حتقيق نقل امللكيّة‬
‫السادس‪ :‬أأحاكم خمتلفة‬
‫العنوان ّ‬
‫املرحةل الأوىل‪" :‬املوضعة"‬
‫املصدر‬ ‫‪.1‬‬
‫«جوريس – الكسور» العدول‪ ،‬صيغ تطبيقيّة‪.1985 ،‬‬
‫الطبيعة‬‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫الس ياق‪ :‬نقل الانتفاع يأأخذ موقعا بّي البنود املتعلّقة ابلث ّمن وا ألقساط والبنود املتعلّقة بنقل‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫امللكيّة‪.‬‬
‫املعارف املفّتض توفّرها‪ :‬قانون الالزتامات ‪ +‬عقد «كراء ورشاء» (ملكيّة عقّاريّة)‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫املرحةل الث ّانية‪ :‬البحث ّمعا ينبغي تسطريه‬
‫اللكامت اليت ينبغي تفسريها‬ ‫‪.1‬‬
‫[‪]...‬‬
‫املفاهمي – املفاتيح‬ ‫‪.2‬‬
‫عقد «كراء ورشاء»‪ .‬انظر الفصل ا أل ّول من القانون‪.‬‬
‫املرشع معناها‪ ،‬وتفيد الشّ خص اذلي يربم‬ ‫«املكّتي – املشّتي»‪ :‬عبارة مس تحدثة مل حيدّد ّ‬
‫مع ماكل عقّار (يس ّمى البائع) عقد «كراء ورشاء» (كراء ينهتيي برشاء)‪.‬‬
‫الانتفاع‪.‬‬
‫نقل بعوض‪.‬‬
‫[‪]...‬‬
‫أأب العائةل ّ‬
‫الصاحل‪.‬‬
‫احاةل العقد‪.‬‬
‫املرحةل الث ّالثة‪ :‬البحث عن بنية النّ ّص‬
‫البنية ّ‬
‫الطباعيّة‬ ‫‪.1‬‬
‫لك ما‬‫للصيغة اليت من وظيفهتا توقّع ّ‬ ‫عدادي ّ‬ ‫العرض يف قالب فصول مرقّمة يكشف ّ‬
‫الطابع التّ ّ‬
‫ميكن أأن حيدث يف مادّة العقد‪.‬‬
‫البنية اللغويّة‬ ‫‪.2‬‬
‫عدادي يظهر من خالل غياب لكّ ّي تقريبا لعبارات ّالربط يف بداية البنود‪ .‬وفامي‬ ‫الطابع التّ ّ‬ ‫نفس ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسةالنّصّ العقديّ‬ ‫‪368‬‬

‫الصيغ االنشائيّة‪ ،‬نالحظ وجود ما ميث ّل قاسام مشّتاك بّي العقود والقوانّي‪ :‬فعل ا ألمر‬ ‫خيص ّ‬ ‫ّ‬
‫[‪]...‬‬
‫‪ .3‬البنية املنطقيّة‬
‫الصيغة تّتمج ما ّنص عليه الفصل‬ ‫غياب ا ِحلجاج ينمتي بدوره للخطاب اال ّ‬
‫نشائ‪ .‬وهكذا فا ّن ّ‬
‫‪ 1134‬من أأ ّن العقد يقوم مقام القانون بّي أأطرافه‪.‬‬
‫املرحةل ّالرابعة‪ :‬البحث عن أأغراض النّ ّص‬
‫جمرد تطبيق للقانون وان اكن أمرا‪ ،‬بل يه منش ئة ّ‬
‫للحق‪ .‬والفائدة من‬ ‫الصيغة ّ‬‫ليست ّ‬
‫دراس هتا تظهر من اجلرد اذلي س يأأيت أأسفهل‪ .‬يف هذا اجلرد ّمت التّنصيص عىل البنود اليت يه‬
‫املؤرخ يف ‪ 12‬جويلية ‪( 1984‬واذلي ّعرف عقد «الكراء‬ ‫تطبيق لقانون ‪ّ 595 – 84‬‬
‫الرشاء») وعىل ممتّامهتا‪.‬‬
‫و ّ‬
‫المت ِّّممات‬ ‫التّطبيقات‬
‫الفصل ‪ =( 16‬الفصل ‪ 1‬و‪ 4 – 5‬ل‪ .‬من قانون‬
‫‪)1984‬‬
‫الفصل ‪ =( 17‬الفصل ‪ 8‬ل‪ .‬من قانون ‪)1984‬‬
‫الفصل ‪ =( 18‬الفصل ‪ ،28‬فقرة ‪ّ ،1‬‬
‫مطة ‪ ،1‬ل‪.‬‬
‫الفصل ‪18‬‬
‫من قانون ‪)1984‬‬
‫الفصل ‪ّ ،19‬‬
‫مطة ‪ =( 1‬الفصل ‪ ،28‬فقرة ‪،1‬‬
‫ّ‬
‫مطة ‪ ،1‬والفقرة ‪)2‬‬
‫الفصل ‪ّ ،19‬‬
‫مطة ثانية‬ ‫مطة ‪ =( 2‬الفصل ‪ 1752‬من‬ ‫الفصل ‪ّ ،19‬‬
‫المجلّة المدنيّة المتعلق بالكراء)‬
‫ّ‬

‫الفصل ‪ّ ،19‬‬ ‫مطة ‪ =( 4‬الفصل ‪ّ ،18‬‬


‫مطة ‪ 4‬من‬ ‫الفصل ‪ّ ،19‬‬
‫مطة ‪ 3‬و ‪4‬‬
‫المؤرخ في ‪– 6 – 22‬‬
‫ّ‬ ‫القانون عدد ‪526 – 82‬‬
‫‪)82‬‬
‫الفصل ‪ =( 20‬الفصل ‪ 29‬ل‪ .‬من قانون‬
‫‪)1984‬‬
‫الفصل ‪ =( 21‬الفصل ‪ 31‬و ‪ 11 – 5‬ل‪ .‬من‬
‫قانون ‪)1984‬‬
‫الفصل ‪ =( 22‬الفصل ‪ ،28‬فقرة ‪ّ ،1‬‬
‫مطة ‪ ،2‬ل‪.‬‬
‫من قانون ‪)1984‬‬
‫الفصل ‪23‬‬ ‫الفصل ‪ 1735 =( 23‬من المجلّة المدنيّة حول‬
‫الفصل ‪« :24‬كلّ »‬ ‫الكراء)‬
‫الفصل ‪ :25‬التّطبيق ا ّ‬
‫لمتعلق‬ ‫الفصل ‪ =( 24‬الفصل ‪ ،28‬فقرة ‪ّ ،1‬‬
‫مطة ‪ ،3‬ل‪.‬‬
‫‪369‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫بالبند الفاسخ المباشر‬ ‫من قانون ‪)1984‬‬

‫الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ =( 1‬الفصل ‪ 19‬ل‪ .‬من‬


‫قانون ‪ )1984‬وأيضا «عند االقتضاء»‬
‫الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ :3‬التّطبيق‬
‫المتعلّق ببند الموافقة في مادّة‬ ‫الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ =( 2‬الفصل ‪)19‬‬
‫إحالة الكراء‬
‫الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ :4‬مت ّمم‬
‫التّطبيق‬
‫الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ :5‬التّطبيق‬
‫المتعلّق بإحالة الكراء‪ :‬شرط‬
‫الضّمان‬
‫الفصل ‪ ،27‬فقرة ‪ :1‬شرط عدم‬
‫القسمة (عقد «الكراء ‪ -‬البيع»)‬
‫الفصل ‪ ،27‬فقرة ‪ :2‬مت ّمم يه ّم‬
‫يتعرض له قانون‬ ‫ّ‬ ‫فرضا لم‬
‫‪1984‬‬

‫الفصل ‪« :28‬إنشاء الحقوق‬ ‫الفصل ‪ =( 28‬الفصل ‪ 20‬ل‪ .‬من قانون‬


‫العينيّة»‬ ‫‪ )1984‬بما في ذلك بالنّسبة إلى «عند‬
‫االقتضاء»‬

‫ويالحظ يف هذا اجلدول أأ ّن التّطبيقات القانونيّة أأكرث أأمهّيّة من املمتّم املتأأ ّيت من التّطبيق‪.‬‬
‫الطابع اجلديد لقانون ‪.1984‬‬ ‫هذا يؤكّد ّ‬
‫الطابع المر و ّ‬
‫‪ .1‬التّطبيقات‬
‫بنقلهم يف العقود مضمون ا ألحاكم القانون ّية‪ ،‬ال يكتفي العدول بتجنيب أأنفسهم املسؤول ّية‬
‫الشّ خصيّة‪ ،‬بل مه يفتحون اجملال للقانون ليك يُطبَّق فعليّا يف الواقع‪ .‬وليس من الغريب أأن‬
‫خيص نقل‬ ‫املمّي‪ .‬وفامي ّ‬ ‫جند أأ ّن البنود اليت يه تطبيق ليس االّ للقانون هت ّم ما بدا ّ‬
‫للمرشع أأن ّه َّ‬
‫الانتفاع‪ ،‬فا ألمر يتعلّق ببنود هت ّم طرق هذا الانتفاع (الفصل ‪،22 ،21 ،20 ،19 ،18‬‬
‫تعرض هلام القانون عىل‬ ‫‪ .)24 ،23‬زايدة عىل ما س بق‪ ،‬ن ُ ِقلت احللول القانونيّة يف حالتّي ّ‬
‫وجه اخلصوص‪ :‬احاةل العقد والتّفويت يف العقّار (الفصل ‪ 26‬و ‪.)28‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسةالنّصّ العقديّ‬ ‫‪370‬‬

‫‪ .2‬املمتّامت‬
‫اليشء ِوفق ما خ ُّصص هل‪ .‬فبحمكه‬ ‫نشري أأ ّوال اىل م ِمت ّم موافق للقانون‪ .‬يتعلّق ا ألمر ابس تعامل ّ‬
‫أأن عىل «املكّتي ‪ -‬املشّتي» أأن يس تعمل العقّار فامي خ ُّصص هل حبسب العقد‪ ،‬فا ّن الفصل‬
‫حريّة ا ألطراف املتعاقدة‪ .‬من هنا اكن البند ‪ 18‬يف خياراته املتعدّدة‪.‬‬
‫‪ 28‬حييل عىل ّ‬
‫املرشع (الفصل‬
‫يتعرض لها ّ‬ ‫تقةل عن القانون‪ .‬فبعض البنود تضيف فروضا مل ّ‬ ‫بقيّة املمتّامت مس ّ‬
‫‪ ،27‬فقرة ‪2‬؛ الفصل ‪ .)28‬أأ ّما البقيّة‪ ،‬فتمتّم حلوال قانونيّة سواء بشلك مس تق ّل (الفصل ‪24‬‬
‫والفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ )4‬أأو ابالقتباس من القواعد املتعلّقة بعقود أأخرى يه هنا الكراء ّ‬
‫للسكىن‬
‫املطات ‪4 ،3 ،2‬؛ الفصل ‪23‬؛ الفصل ‪25‬؛ الفصل ‪ ،26‬فقرة ‪ 3‬و ‪5‬؛ الفصل‬ ‫(الفصل ‪ّ ،19‬‬
‫‪ ،27‬فقرة ‪.)1‬‬
‫املرحةل اخلامسة‪ :‬البحث عن ّ‬
‫خمطط النّ ّص ادلّ ارس‬
‫املقدّمة‬
‫‪ .1‬الأس ئةل اليت ينبغي طرهحا‬
‫‪ -‬مىت؟ صيغة عقد حديثة (‪.)1985‬‬
‫‪ -‬ملن؟ للعدول‪.‬‬
‫‪ -‬ماذا؟ صيغة عقد «كراء ورشاء» ملكيّة مسكن ّ‬
‫فردي جاهز‪.‬‬
‫تنسخ من النّصوص القانون ّية‪ ،‬وهو أأمر ليس ّ‬
‫تقليداي‪.‬‬ ‫شلكي مس ٍّ‬ ‫‪ -‬كيف؟ من خالل تقد ٍّمي ّ ٍّ‬
‫‪ .2‬تربير التّخطيط‬
‫لك ما ميكن أأن‬‫تطو ّراي منطقيّا أأو زمن ّيا‪ ،‬وهدفت فقط اىل توقّع ّ‬
‫متش يا ّ‬ ‫الصيغة مل تتّبع ّ‬ ‫أل ّن ّ‬
‫حيدث يف مادّة العقود‪ ،‬فا ّن التّخطيط ّ‬
‫اخلط ّي ينبغي ابعاده‪ .‬اذن جيب ّالرجوع اىل أأغراض‬
‫النّ ّص اليت تؤدّي اىل التّخطيط التّايل‪:‬‬
‫اجلوهر‬
‫الفقرة الأوىل‪ :‬البنود املطبِّقة للقانون‬
‫أأ) البنود املتعلّقة بنقل الانتفاع‬
‫ب) البنود املتعلّقة ابلوضعيّة القانونيّة ل ألطراف طوال الانتفاع‬
‫ج) البنود املتعلّقة ابحاةل العقد وابلتّفويت يف العقّار‪657‬‬

‫الفقرة الث ّانية‪ :‬البنود امل ِمت ّمة للقانون‬


‫أأ) البنود املوافقة للقانون‬
‫تقةل عن القانون"‪.‬‬ ‫ب) البنود املس ّ‬

‫‪ 657‬تنبيه‪ :‬ث ّم في هذا العنوان تجاور‪ .‬انظر حول التّجاور‪ :‬الفقرة عدد ‪.56‬‬
‫‪371‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي تجسيما‪ .‬قبل ذلك‬ ‫بما جاء للت ّ ّو نكون قد انتهيّنا من منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ص العقد ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫نص حكم قضائ ّ‬‫ي قلنا إنّنا سنتناول ّ‬ ‫عرضنا هذه المنهجيّة‪ .‬بعد النّ ّ‬
‫ص العقد ّ‬

‫قضائي (التّعليق على‬


‫ّ‬ ‫نص حكم‬
‫صة في دراسة ّ‬
‫(د) العناصر الخا ّ‬
‫قرار)‬
‫‪ ―.186‬تقسيم وفهرسة‪.‬‬
‫سنعرض اإلجراءات‪ ،‬وبعدها التّجسيم‪.‬‬

‫نص حكم قضائ ّي‬


‫‪ .1‬عرض منهجيّة دراسة ّ‬

‫‪ ―.187‬متهيد‪.‬‬
‫سلطة العدليّة‪ .‬لكن ما‬ ‫نص حكم صادر عن ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫لن نتناول إالّ منهجيّة دراسة‬
‫سنقوله ينسحب – في جزئه األه ّم – على ما يصدر عن المحاكم اإلداريّة أو‬
‫الخاص (التّحكيم)‪ .658‬وما سنتناوله – أي ما يصدر عن‬
‫ّ‬ ‫الدّوليّة أو عن القضاء‬
‫سلطة العدليّة – يس ّمى حكما ً في حاالت‪ ،‬وقرارا ً في حاالت أخرى‪ .‬لكن جرى‬ ‫ال ّ‬
‫الخاص المتمثّل في لفظ "قرار" وإرادة العا ّم‪ ،‬أي إرادة‬
‫ّ‬ ‫العرف على استعمال‬
‫الحكم والقرار معا ً‪ .659‬هذا العرف هو ما سنتّبعه‪.‬‬
‫‪ ―.188‬معطيات إجرائيّة‪.‬‬
‫سياق‪.660‬‬ ‫نص يستغلق على من ال يعرف عناصر ال ّ‬ ‫نص‪ ،‬وك ّل ّ‬‫ونص القرار ٌّ‬
‫ُّ‬
‫سياق التي يمكن أن نتحدّث عنها من اآلن معطيات إجرائيّة‬ ‫ومن عناصر ال ّ‬
‫الطالب في درس مقد ّمة القانون (أو النّظريّة العا ّمة للقانون)‪ 661‬ويع ّمقها‬‫يتلقّاها ّ‬
‫الخاص‪ .662‬تتمثّل هذه المعطيات ّأوالً في‬ ‫ّ‬ ‫ي‬‫بعد ذلك في درس القانون العدل ّ‬

‫قرب من‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 5. :‬‬ ‫‪ّ 658‬‬


‫‪ 659‬انظر‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 145 ; Claude Garcin (sous la dir. :‬‬
‫‪de), Travaux dirigés. Droit pénal général, L’hermès, Pa ris, 1re éd., 1994, p. 8.‬‬
‫‪ 660‬انظر الفقرة عدد ‪ 124‬وما بعدها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ي‪ .‬النظريّة العا ّمة – األشخاص – إثبات الحقوق‪ ،‬المطبعة‬‫انظر مثال‪ :‬مح ّمد كمال شرف الدّين‪ ،‬قانون مدن ّ‬
‫‪661‬‬

‫الرسميّة للجمهوريّة التّونسيّة‪ ،‬تونس‪ ،2002 ،‬الفقرة عدد ‪ 94‬وما بعدها؛‬


‫ّ‬
‫‪Slaheddine Mellouli, Introduction à l’étude du droit, Publications de l’Imprimerie‬‬
‫‪Officielle de la République Tunisienne, Tunis, 2000, n° 369 et s.‬‬
‫‪ 662‬انظر مثال‪ :‬أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ ،‬أصول المرافعات المدنيّة والتّجاريّة‪ ،‬د ن‪ ،‬تونس‪.2005 ،‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪372‬‬

‫مسألة الواقع والقانون‪ ،‬ومن ث ّم في التّمييز بين محاكم األصل ومحكمة التّعقيب؛‬
‫ي منها وغير‬ ‫الطعن‪ ،‬ومن ث ّم في التّفريق بين العاد ّ‬ ‫وتتمثّل ثانيا ً في أسباب ّ‬
‫الطعن بالتّعقيب‪ ،‬ومن ث ّم في الفصل بين قرار‬ ‫ي؛ وتتمثّل ثالثا ً في مآل ّ‬
‫العاد ّ‬
‫الرفض (‪ )arrêt de rejet‬وقرار النّقض (‪ )arrêt de cassation‬؛وعموما‬
‫‪663‬‬
‫ّ‬
‫ي ‪.‬‬ ‫تتمثّل المعطيات في مسائل متعلّقة بالنّظام القضائ ّ‬
‫‪664‬‬

‫‪ 663‬انظر‪André Perdriau, La pratique des arrêts civils de la cour de cassation. :‬‬


‫‪Principes et méthodes de rédaction, Litec., Paris, 1993, p. 413 et s.‬‬
‫‪ 664‬انظر من يبدأ بعرض هذه المعطيات قبل تناول إجراءات التّعليق على القرار‪Jérôme Bonnard, :‬‬
‫‪préc., p. 87 et s.‬‬
‫ي اليوم)‪ ،‬أتينا بمقتطف من درس لنا لم ينشر بعد (عبد‬ ‫ّ‬ ‫ونس‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫ال‬ ‫القانون‬ ‫إطار‬ ‫في‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫(طبع‬ ‫فعل‬ ‫ما‬ ‫فإذا أردنا أن نفعل‬
‫صة مراجع لفقهاء‬ ‫الز ّروقي‪ ،‬مقدّمة للقانون‪ :‬م س)‪ .‬لكن‪ ،‬لتفادي اإلطالة محونا‪ ،‬الهوامش‪ ،‬وفيها خا ّ‬ ‫المجيد ّ‬
‫أخذنا عنهم بعض األفكار وأحيانا بطريقة حرفيّة (مالحظة‪ :‬سنأتي بما سنأتي رغم كونه قد ال ينشر؛ أو قد ينشر‬
‫وقد أدخلت عليه تغييرات)‪ .‬يقول المقتطف‪:‬‬
‫تتراتب المحاكم العدليّة على النّحو التّالي‪ :‬هنالك محاكم أصل‪ ،‬وفي أعلى الهرم محكمة التّعقيب‪.‬‬
‫‪ /1‬محاكم األصل‬
‫المرة األولى فمن قِّبل محاكم تس ّمى محاكم الدّرجة‬
‫مرتين‪ .‬فأ ّما ّ‬ ‫إن النّظر في الواقع والقانون معا ً يت ّم مبدئ ّيا ً ّ‬
‫[‪ّ ]...‬‬
‫األولى‪ .‬لكن يمكن أن ال يحصل رضا بقضاء الدّرجة األولى‪ .‬عندها يمكن لمن لم يرض (أحد أطراف النّزاع‪،‬‬
‫إلخ‪ ).‬أن ينقل النّزاع واقعا وقانونا إلى محكمة درجة ثانية لتحكم فيه من جديد‪.‬‬
‫‪ /1 .1‬محاكم الدّرجة األولى‬
‫االختصاص الحكم ّي‬
‫ي أم أمام القضاء‬ ‫أن شخصا عزم على القيام بقضيّة‪ ،‬فالسّؤال عندها‪ :‬هل يقوم بها أمام القضاء العدل ّ‬ ‫لنفرض ّ‬
‫ي ( ‪compétence‬‬ ‫ي؟ هذا السّؤال تجيب عليه قواعد قانونيّة تس ّمى قواعد االختصاص الحكم ّ‬ ‫غير العدل ّ‬
‫‪.)d’attribution‬‬
‫ي‪ ،‬عندها يطرح سؤال ثان‪ :‬المحاكم العدليّة‬ ‫إن القضيّة من أنظار القضاء العدل ّ‬ ‫أن هذه القواعد قالت ّ‬ ‫لكن لنقدّر ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حكم‬ ‫اختصاص‬ ‫مسألة‬ ‫أمام‬ ‫نحن‬ ‫أيضا‬ ‫هنا‬ ‫ّعوى؟‬ ‫د‬ ‫بال‬ ‫يقوم‬ ‫ّها‬ ‫ي‬‫أ‬ ‫فأمام‬ ‫متعدّدة‪،‬‬
‫ي ليس له معنى واحدا‪ .‬فإذا أردنا تعريفا ً شامال‪ ،‬قلنا إنّه صالحيّة‬ ‫ّ‬ ‫الحكم‬ ‫االختصاص‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫اآلن‬ ‫جاء‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫يخلص‬
‫ي – إلخ‪).‬؛ وداخل نوع من القضاء هو صالحيّة النّظر‬ ‫ّ‬ ‫إدار‬ ‫–‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫(عدل‬ ‫القضاء‬ ‫من‬ ‫نوع‬ ‫ِّبل‬ ‫ق‬ ‫من‬ ‫نزاع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫النّظر‬
‫في النّزاع من قِّبل واحدة من المحاكم التي تنتمي لذلك النّوع من القضاء؛ وداخل هذه الواحدة من المحاكم هو‬
‫صالحيّة النّظر في النّزاع من قِّبل درجة من درجات هذه الواحدة من المحاكم‪.‬‬
‫ي – وألجل التّبسيط – ما يه ّمنا هو القضاء غير‬ ‫ي‪ .‬بل داخل القضاء العدل ّ‬ ‫وما يه ّمنا هنا هو القضاء العدل ّ‬
‫ي‪ ،‬وتحديدا درجته األولى‪.‬‬ ‫الجزائ ّ‬
‫ي ينقسم إلى‬ ‫ي غير الجزائ ّ‬ ‫إن القضاء العدل ّ‬ ‫فإذا حصرنا مجال اهتمامنا على هذا النّحو‪ ،‬استطعنا عندها القول ّ‬
‫ي مقيّد‪.‬‬‫ي عا ّم وقضاء له اختصاص حكم ّ‬ ‫قسمين‪ :‬قضاء له اختصاص حكم ّ‬
‫ي‬
‫االختصاص التّراب ّ‬
‫ي لمحكمة معيّنة‪ .‬فإذا كانت هذه‬ ‫أن القضيّة هي من االختصاص الحكم ّ‬ ‫لنفرض اآلن أ ّننا استطعنا أن نحدّد ّ‬
‫المحكمة واحدة في البالد التّونسيّة‪ ،‬لم يبق لدينا سؤال آخر‪ .‬لكن قد نجد هذه المحكمة في عديد مناطق تراب‬
‫بمجرد الفراغ من سؤال‬ ‫ّ‬ ‫المختص ترابيّاً؟ بعبارة أخرى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الجمهوريّة‪ ،‬فأمام أيّها نقوم بالقضيّة‪ ،‬أي أيّها‬
‫ي (‪.)compétence territoriale‬‬ ‫ي قد يطرح علينا مباشرة بعده سؤال االختصاص الت ّراب ّ‬ ‫االختصاص الحكم ّ‬
‫ي إذن هو صالحيّة النّظر في نزاع على أساس معايير جغرافيّة‪ .‬من هذه المعايير ّ‬
‫مقر سكنى‬ ‫فاالختصاص التّراب ّ‬
‫أحد األطراف‪ ،‬أو مكان وجود العقّار مح ّل النّزاع‪ ،‬أو مكان وقوع الجنحة‪ ،‬وغير ذلك من المعايير التي تم ّكن‬
‫ي واحد‪.‬‬
‫من توزيع القضايا على محاكم عديدة ذات اختصاص حكم ّ‬
‫ي كما قيل منذ قليل يسمح بتقسيم المحاكم العدليّة غير الجزائيّة إلى محاكم ذات اختصاص‬ ‫واالختصاص الحكم ّ‬
‫ي مقيّد‪.‬‬‫ّ‬ ‫حكم‬ ‫اختصاص‬ ‫ذات‬ ‫ي عا ّم ومحاكم‬
‫حكم ّ‬
‫الحكمي العا ّم‬
‫ّ‬ ‫ص‬ ‫االختصا‬ ‫ذات‬ ‫المحاكم‬ ‫‪/‬‬‫‪1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪373‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي جاء‬ ‫ي غير الجزائ ّ‬ ‫يتعلّق األمر في تونس بمحكمة واحدة تس ّمى المحكمة االبتدائيّة‪ .‬وفعال في الميدان العدل ّ‬
‫الفصل ‪ 40‬من مجلّة المرافعات المدنيّة والتّجاريّة ليقول‪" :‬تنظر المحكمة االبتدائيّة‪ ،‬ابتدائيّا في جميع الدّعاوى‬
‫يعوض‬ ‫وتتألف هيئة المحكمة االبتدائيّة من رئيس وقاضيين وعند التّعذّر ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاص [‪]...‬‬
‫ّ‬ ‫بنص‬
‫ّ‬ ‫عدا ما خرج عنها‬
‫الرئيس بقاض [‪."]...‬‬ ‫ّ‬
‫ي العا ّم‪ ،‬وهو اختصاص تنفرد به‪ ،‬للمحكمة االبتدائيّة اختصاص مقيّد تشترك فيه‬ ‫إلى جانب االختصاص الحكم ّ‬
‫مع غيرها‪.‬‬
‫الحكمي المقيّد‬
‫ّ‬ ‫االختصاص‬ ‫ذات‬ ‫المحاكم‬ ‫‪/‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫هنا نجد المحكمة االبتدائيّة‪ ،‬كما نجد محاكم أخرى‪.‬‬
‫ي مقصور على النّزاعات بين‬ ‫في إطار المحكمة االبتدائيّة‪ ،‬يمكن أن نذكر الدّائرة التّجاريّة‪ ،‬واختصاصها الحكم ّ‬
‫شركات أو تسييرها أو حلّها أو تصفيتها‬ ‫ي وعلى النّزاعات المتعلّقة بتكوين ال ّ‬ ‫التّجار المرتبطة بنشاطهم التّجار ّ‬
‫ّ‬
‫تمر بصعوبات اقتصاديّة أو تفليسها‪ .‬إلى جانب الدّائرة التجاريّة‪،‬‬ ‫أو النّزاعات المتعلّقة بإنقاذ المؤسّسات التي ّ‬
‫ي منحصر في "فصل‬ ‫ّ‬
‫يمكن – دائما في إطار المحكمة االبتدائيّة – أن نذكر دائرة الشغل‪ .‬واختصاصها الحكم ّ‬
‫شغل أو التّدريب في ال ّنشاطات‬ ‫النّزاعات الفرديّة التي يمكن أن تنشأ بين األطراف المتعاقدة عند إنجاز عقود ال ّ‬
‫الخاضعة ألحكام هذه المجلة‪ .‬ويمتد اختصاصها إلى النّزاعات الناشئة بين العملة بمناسبة القيام بالشغل‪ .‬إالّ أنّها‬
‫شغل وعن األمراض المهنيّة كما ال تنظر في النّزاعات المتعلّقة‬ ‫ال تنظر في الدّعاوى الناتجة عن حوادث ال ّ‬
‫شغل)‪.‬‬‫ي" (الفصل ‪ 183‬من مجلّة ال ّ‬ ‫بأنظمة الضّمان االجتماع ّ‬
‫نتعرض لمحكمة النّاحية ث ّم للمحكمة العقّاريّة‪:‬‬ ‫فإذا مررنا اآلن إلى محاكم غير المحكمة االبتدائيّة‪ ،‬وجب أن ّ‬
‫فتختص حصريّا بالنّظر في الدّعاوى األصليّة المتعلّقة بالنّفقة وفي الدّعاوى الحوزيّة‪ .‬وأ ّما‬ ‫ّ‬ ‫فأ ّما محكمة النّاحية‪،‬‬
‫فتختص حكم ّيا ً بالنّظر في مطالب التّسجيل (إلخ‪.).‬‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة العقّاريّة‬
‫ّ‬
‫فإذا تركنا جانبا المحكمة العقاريّة لوجود تعقيدات في شأن نظامها‪ ،‬قلنا إن أحكام ما سبقها من محاكم قابل ألن‬ ‫ّ‬
‫ينازع فيه أمام محاكم درجة ثانية‪.‬‬
‫‪ /2 .1‬محاكم الدّرجة الثّانية‬
‫تتكون محاكم الدّرجة الثانية التي تعنينا من محكمة االستئناف من جهة ومن المحكمة االبتدائيّة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫شغل التي لها‬ ‫يخص أحكام المحكمة االبتدائيّة وأحكام دائرة ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫فمحكمة االستئناف هي محكمة درجة ثانية فيما‬
‫وصف االبتدائيّة‪.‬‬
‫أ ّما المحكمة االبتدائيّة فمحكمة درجة ثانية بالنّسبة ألحكام محكمة النّاحية‪.‬‬
‫وتصدر محاكم الدّرجة الثّانية أحكاما ً تس ّمى قرارات (‪( )arrêts‬هذا يه ّم محكمة االستئناف فقط) وتوصف‬
‫بالنّهائيّة (‪ )définitif‬أل ّنه ال درجة بعد الدّرجة الثّانية‪ .‬أ ّما أحكام المحكمة االبتدائيّة "االبتدائيّة" فتس ّمى أحكاما‬
‫(‪( )jugements‬نفس االسم يطلق حتّى على أحكام المحكمة االبتدائيّة "االستئنافيّة")‪.‬‬
‫ي الدّرجة هو الذي يستأنف أمام محكمة درجة ثانية‪ .‬واالستئناف طريقة طعن عاديّة‬ ‫وهكذا فالحكم االبتدائ ّ‬
‫نمر إلى درجة عاديّة في التّقاضي هي الدّرجة الثّانية‪.‬‬ ‫(‪ )recours ordinaire‬ألنّنا بمقتضاه ّ‬
‫أن فعل االستئناف يحدث سلطة‬ ‫ي (‪ )effet dévolutif‬والمقصود ّ‬ ‫إن االستئناف له مفعوالن‪ :‬مفعول انتقال ّ‬ ‫ث ّم ّ‬
‫والتزاما على محكمة الدّرجة الثّانية مضمونهما النّظر من جديد في الواقع والقانون وذلك على مستوى ك ّل‬
‫النّقاط المنتقدة في الحكم المست َأنَف وعلى مستوى هذه النّقاط فحسب‪ .‬إضافة لما سبق‪ ،‬لالستئناف مفعول ثان هو‬
‫أن فعل االستئناف يوقف تنفيذ الحكم المستأنَف إلى حين صدور‬ ‫ي (‪ ،)effet suspensif‬ويعني ّ‬ ‫المفعول التّعليق ّ‬
‫ي إ ّما بنقض حكم الدّرجة األولى أو بتعديله أو بإقراره‪.‬‬ ‫القرار االستئناف ّ‬
‫ي‪ ،‬أي نقده والوصول إلى نتيجة غير‬ ‫الطعن في القرار االستئناف ّ‬ ‫والسّؤال اآلن هل ث ّم وسيلة يمكن بواسطتها ّ‬
‫ي هو التّعقيب‪.‬‬ ‫لكن الوسيلة تتمثّل في طعن غير عاد ّ‬ ‫التي جاءت فيه؟ الجواب باإليجاب‪ّ .‬‬
‫‪ /2‬محكمة القانون (الت ّعقيب)‬
‫ما التّعقيب؟‬
‫أن محكمة التّعقيب ليست درجة ثالثة من درجات‬ ‫إن التّعقيب طريقة طعن غير عاديّة‪ .‬معنى ذلك ّ‬ ‫قيل منذ قليل ّ‬
‫التّقاضي؛ فهي ال تفصل في النّزاعات؛ وك ّل ما تفعله‪ ،‬إن رأت شائبة في القرار المطعون فيه‪ ،‬أن تقول ّ‬
‫إن فيه‬
‫شائبة‪ ،‬وترسل النّزاع إلى من يفصل فيه‪ .‬بهذا تختلف عن محكمة الدّرجة الثّانية التي‪ ،‬وفي نفس الوضعيّة‪،‬‬
‫تحكم في القضيّة‪.‬‬
‫ي‪ ،‬فال يخلو األمر من حالتين‪:‬‬‫تفصيل ذلك‪ :‬إذا وقع طعن بالتّعقيب في حكم نهائ ّ‬
‫تتكون من ثالثة قضاة) ّ‬
‫الطعن مرفوضا‪.‬‬ ‫إ ّما أن ترى محكمة التّعقيب (يتعلّق األمر بدائرة من دوائرها‪ .‬والدّائرة ّ‬
‫لكن محكمة‬ ‫ّ‬
‫(الطعن بالتّعقيب مقبول شكال ّ‬ ‫الرفض قد يكون شكليّا (عدم احترام اآلجال مثال) أو أصليّا‬ ‫وسبب ّ‬
‫بالرفض (‪.)arrêt de rejet‬‬‫التّعقيب لم تجد شائبة في الحكم المطعون فيه)‪ .‬عندها تصدر قرارا ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪374‬‬

‫‪ ―.189‬بنية القرار‪.‬‬
‫نص القرار‪ .‬ولهذا‬
‫ّ‬ ‫هذه المعطيات تسهم‪ ،‬وغيرها م ّما سنراه الحقاً‪ ،‬في فهم‬
‫ص بنية نحويّة‪ ،665‬وبنية منطقيّة‪ .‬فإذا اهتممنا بالبنية الثّانية‪ ،‬وجب االنطالق‬
‫النّ ّ‬
‫من وظيفة الفقه ‪ ،‬ومن وظيفة القضاء‪ ،‬ومن التّمييز بينهما‪.‬‬
‫‪666‬‬

‫ي‪ ،‬في استخراج معنى القانون (من‬ ‫فأ ّما وظيفة الفقه فتتمثل‪ ،‬في جانبها األساس ّ‬
‫سلوك بصفة‬ ‫جهة الفرض أو الموضوع؛ ومن جهة أخرى الحكم الذي ّ‬
‫ينظم ال ّ‬

‫الطعن مقبوال‪ ،‬حينئذ تصدر قرارا بال ّنقض (‪،)arrêt de censure ou arrêt de cassation‬‬ ‫وإ ّما أن ترى ّ‬
‫أي قرارا بإلغاء الحكم أو القرار المطعون فيه‪ .‬لكن اإللغاء ليس قضا ًء في النّزاع‪.‬‬
‫مجرد حذف الجزء المنقوض يغني‬ ‫ّ‬ ‫مع ذلك قد تكتفي به محكمة التّعقيب إذا لم يعد ث ّم ما يقضى فيه أو إذا كان‬
‫عن إعادة النّظر‪.‬‬
‫صور‪ ،‬وبعد إلغاء الحكم أو القرار المطعون فيه‪ ،‬ينبغي أن يقضى في النّزاع‪ .‬هنا تعمد محكمة‬ ‫في غير هذه ال ّ‬
‫التّعقيب إلى آليّة اإلحالة (‪ ،)mécanisme du renvoi‬أي ترسل القضيّة إلى نفس المحكمة التي ألغت قضاءها‬
‫على أن تتر ّكب من قضاة غير القضاة الذين سبق لهم الحكم في القضيّة‪ .‬وأحيانا ال تفعل محكمة التّعقيب ما‬
‫سبق‪ ،‬بل ترسل القضيّة إلى محكمة من نفس طبيعة ومن نفس درجة المحكمة التي ألغت قضاءها‪ .‬وسواء‬
‫فإن القضاء في النّزاع سيت ّم من المحكمة المحال‬ ‫ألول أو إلى الح ّل الثّاني‪ّ ،‬‬ ‫عمدت محكمة التّعقيب إلى الح ّل ا ّ‬
‫عليها (‪.)juridiction de renvoi‬‬
‫فإذا قضت هذه المحكمة‪ ،‬فقد يعقّب حكمها أو قرارها‪.‬‬
‫األول‪ ،‬نظرت فيه إحدى دوائر محكمة التّعقيب‪ .‬ونظرها‬ ‫فإذا كان هذا التّعقيب لسبب مختلف عن سبب التّعقيب ّ‬
‫الطعن ألسباب شكليّة أو أصليّة وإ ّما لقبوله‪ .‬وإذا قبلته ونقضت الحكم أو القرار‪ ،‬فهي‬ ‫ينتهي بها إ ّما إلى رفض ّ‬
‫تحيله‪ .‬لكن إذا كانت القضيّة مهيّأة للفصل‪ ،‬قضت محكمة التّعقيب في النّزاع‪ .‬هنا نحن أمام صورة أخرج فيها‬
‫ي‪ ،‬دور محكمة القانون‪ ،‬ليجعلها تؤدّي مع هذا الدّور وظيفة‬ ‫القانون الجديد محكمة التّعقيب عن دورها التّقليد ّ‬
‫الفصل في النّزاعات‪ ،‬أي وظيفة محكمة أصل‪.‬‬
‫األول‪ ،‬لكن قد يحدث أن يحصل التّعقيب الثّاني لنفس‬ ‫هذا عن صورة تعقيب ثان لسبب يختلف عن سبب التّعقيب ّ‬
‫األول‬
‫الرئيس ّ‬‫الطعن على الدّوائر المجتمعة (تتر ّكب الدّوائر المجتمعة من ّ‬ ‫األول‪ .‬هنا يحال ّ‬ ‫سبب التّعقيب ّ‬
‫لمحكمة التّعقيب ورؤساء الدّوائر وأقدم مستشار في ك ّل دائرة)‪ ،‬وهنا نكون أمام واحد من مصيرين‪ :‬إ ّما أن‬
‫تقضي الدّوائر المجتمعة برفض مطلب التّعقيب شكال أو أصال (إذا رفضت أصال‪ ،‬فهذا يعني أنّها تب ّنت رأي‬
‫أن الدّوائر المجتمعة تتبنّى‬
‫محكمة األصل ورفضت رأي إحدى دوائرها) وإ ّما أن تقبله وتنقض (هذا يعني ّ‬
‫الرأي الذي سبق إلحدى دوائرها أن تبنّته)‪ .‬وإذا نقضت‪ ،‬فهي تحيل‪ .‬لكن هنا لن يكون ث ّم مجال لتعقيب ثالث‬ ‫ّ‬
‫ألن القانون يوجب على المحكمة المحال عليها اتّباع رأي الدّوائر المجتمعة‪ .‬وسبب إيجاب االتّباع إرادة وضع‬ ‫ّ‬
‫تستمر إلى وقت غير معلوم يتّفق فيه أن توجد محكمة محال عليها تقبل برأي محكمة‬ ‫ّ‬ ‫نهاية للقضيّة حتّى ال‬
‫التّعقيب‪ ،‬أو يتّفق فيه أن تغيّر محكمة التّعقيب رأيها ليصبح مثل رأي محاكم اإلحالة‪.‬‬
‫إضافة إلى اإلحالة‪ ،‬يمكن للدّوائر المجتمعة أن تذهب في اتّجاه آخر وتفصل في النّزاع إذا كان موضوعه مهيّأ‬
‫ولمرة أخرى‪ ،‬تخرج ال ّنصوص الجديدة محكمة التّعقيب‪ ،‬بل الدّوائر المجتمعة‪ ،‬عن دور محكمة القانون‬ ‫ّ‬ ‫لذلك‪.‬‬
‫لتجعل منها – ألسباب عمليّة تتعلّق بسرعة الفصل في النّزاعات – محكمة أصل‪( .‬انتهى المقتطف من درس‬
‫مقدّمة القانون)‪.‬‬
‫لكن بعض كالمه‬ ‫يخص القرارات الفرنسيّة المصاغة باللغة الفرنسيّة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 665‬انظر من كتب حول هذه البنية فيما‬
‫حق القرارات التّونسيّة المصاغة بلغة أخرى هي العربيّة‪Roger Mendegris et Georges :‬‬ ‫يص ّح في ّ‬
‫‪Vermelle, préc., p. 17 et s.‬‬
‫‪ 666‬حول الفقه انظر‪Philippe Jestaz et Christophe Jamin, La doctrine, Dalloz, Paris, :‬‬
‫‪2004.‬‬
‫‪375‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مباشرة وبصفة غير مباشرة‪ ،‬أي المحمول) وتقديم األدلّة (الدّليل المستنبط منه‪،‬‬
‫صة الدّليل المستنبط به) على ذلك‪.667‬‬
‫وخا ّ‬
‫لكن الفرق بين الفقه والقضاء‬ ‫وهي نفس الوظيفة التي يضطلع بها القضاء‪ّ .668‬‬
‫أن القضاء يفعل ما يفعل على وجه يلزم األشخاص‪.669‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ―.190‬القياس احلمليّ‪.‬‬
‫ث ّم هنالك أمر آخر يبرز أكثر إذا تعلّق األمر بالقضاء‪ .‬وحاصل هذا األمر ّ‬
‫أن ك ّل‬
‫ي‪.‬‬
‫قرار يمكن اختزال مضمونه في قياس حمل ّ‬
‫يقول «روجيه ماندغريز» (‪ )Roger Mendegris‬و«جورج فارمال»‬
‫(‪:)Georges Vermelle‬‬

‫قضائ يطرح قياسا"‪.670‬‬ ‫"من ّالزاوية املنطقيّة‪ّ ،‬‬


‫لك قرار ّ‬

‫‪ 667‬انظر الفقرة عدد ‪.181‬‬


‫إن التّعليق على قرار هو عمل حِّ جاجي‪:‬‬ ‫‪ 668‬انظر ما رأيناه في الفقرة عدد ‪ 12‬وما بعدها‪ .‬وانظر من يقول ّ‬
‫‪"Un commentaire est une démonstration". Christine Bertrand et Jean-Pierre Massias,‬‬
‫‪Exercices corrigés. Droit administratif, L.G.D.J., Paris, 2004, p. 18.‬‬
‫ي للثّقافة والفنون‬ ‫ي‪ ،‬المجلس الوطن ّ‬ ‫قرب من‪ :‬عجيل جاسم ال ّنشمي‪ ،‬المستشرقون ومصادر التّشريع اإلسالم ّ‬ ‫‪ّ 669‬‬
‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪ ،1984 ،1‬ص ‪.211‬‬
‫‪"Du point de vue logique, toute décision de justice évoque un syllogisme". Roger 670‬‬
‫‪Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 36.‬‬
‫ي‪ .‬دراسة تركيبيّة دالليّة‪ ،‬دار الكتب القانونيّة ودار شتات‬ ‫انظر أيضاً‪ :‬سعيد أحمد بيّومي‪ ،‬لغة الحكم القضائ ّ‬
‫ّ‬
‫المؤلف‪ ،‬د م‪،‬‬ ‫للنّشر والبرمجيّات‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص ‪206‬؛ حلمي مح ّمد الحجّار‪ ،‬المنهجيّة في القانون‪ ،‬نشر‬
‫ط ‪ 1423 ،2‬هـ‪ 2003 /‬م‪ ،‬ص ‪ 104‬وما بعدها؛ حلمي مح ّمد الحجّار‪ ،‬المنهجيّة في ح ّل النّزاعات ووضع‬
‫الدّراسات القانونيّة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقيّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1431 ،1‬هـ‪ 2010 /‬م‪ ،‬ص ‪ 183‬وما بعدها‪.‬‬
‫إن حركة الذّهن على‬ ‫شاهد الثّاني‪ :‬ويتض ّمن أمرين‪ :‬أ– ّ‬ ‫سيّد علي الحسيني السّيستاني حين قال‪" :‬ال ّ‬ ‫قرب من ال ّ‬ ‫ّ‬
‫لونين‪ – 1:‬حركة االستنتاج‪ – 2 .‬حركة االستمتاع واالستذكار‪.‬فأ ّما حركة االستنتاج فهي حركة تصديقيّة تستتبع‬
‫الرياضيّة أو القانونيّة وشبهها‪ ،‬وهذه الحركة كما‬ ‫جزما ً واعتقاداً‪ ،‬ألنّها انتقال من المقدّمات لل ّنتائج كح ّل المسائل ّ‬
‫ذكر الفالسفة تتض ّمن ثالثة انتقاالت‪– 1:‬انتقاالً نحو المعلوم ‪ – 2.‬انتقاالً بين المعلومات‪ – 3 .‬انتقاالً من المعلوم‬
‫أن هذه االنتقاالت الذّهنية تكون بألفاظ‬ ‫الطوسي في شرح اإلشارات ّ‬ ‫للمجهول‪ .‬وقد ذكر ابن سينا والمحقّق ّ‬
‫أن هذه الحركة ل ّما كانت تصديقيّة تستتبع إذعانا أو رفضا ً أو تشكيكا ً من النّفس فال بدّ من‬ ‫ذهنيّة‪ ،‬والس ّّر في ذلك ّ‬
‫صورات‬ ‫ي ال يتعلّق بالت ّ ّ‬‫صياغتها على شكل قضايا تعرض على النّفس لتحدّد موقفها تجاهها‪ ،‬إذ العلم التّصديق ّ‬
‫اإلفراديّة وإنّما يتعلق بالتّص ّورات اإلسناديّة‪ ،‬إذن فحركة االستنتاج واالستدالل واالنتقال من المعلوم للمجهول‬
‫المؤطرة بإطار أحد األشكال األربعة‬ ‫ّ‬ ‫تتقوم بقيام الذّهن بصياغة المعاني المعلومة على شكل القضايا المرتّبة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ي‪ .‬وهذا هو معنى كون االنتقاالت الذّهنيّة تت ّم بألفاظ ذهنيّة كما ذكر المحقق الطوسي‪ .‬وأ ّما حركة‬
‫ّ‬ ‫للقياس المنطق ّ‬
‫االستذكار فهي كمن يقوم باستعراض ذكريات طفولته في ذهنه من أجل التألّم أو التّمتّع‪ ،‬وكمن يقوم بمشاهدة‬
‫تصوريّة‬
‫ّ‬ ‫فإن هذه الحركة ال تحتاج الستخدام ألفاظ ذهنيّة معها‪ ،‬ألنّها حركة‬ ‫لوحة فنّيّة زاهية ألجل االستمتاع‪ّ .‬‬
‫سيّد علي الحسيني‬ ‫ال تستتبع إذعانا من النّفس‪ .‬فال حاجة لصياغتها من قبل النّفس في شكل القضايا اإلسناديّة"‪ .‬ال ّ‬
‫الرافد‬
‫سيّد عدنان القطيفي)‪ّ ،‬‬ ‫سيّد منير ال ّ‬
‫سيّد علي السّيستاني لل ّ‬
‫السّيستاني علي الحسيني السّيستاني (تقرير بحث ال ّ‬
‫المؤرخ العربي‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1414 ،1‬هـ‪ 1994 /‬م‪ ،.‬ص ‪ 153‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫في علم األصول‪ ،‬دار‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪376‬‬

‫بل بالتّدقيق‪ :‬ك ّل قرار يمكن إرجاع محتواه إلى مجموعة من األقيسة الحمليّة‪.‬‬
‫جاء عند «پيار پيسكاتور» (‪:)Pierre Pescatore‬‬

‫لك قرار يتأأ ّسس [‪ ]...‬عىل مجموعة [‪ ]...‬مركّبة من ا ألقيسة"‪.671‬‬


‫"يف احلقيقة‪ّ ،‬‬

‫ي؟ وكيف يرجع مضمون ك ّل قرار إلى قياس حمل ّ‬


‫ي؟‬ ‫لكن ما القياس الحمل ّ‬
‫الحملي؟‬
‫ّ‬ ‫أوال‪ :‬ما القياس‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫القياس (‪ )syllogisme‬قول مؤلف‪ ،‬إذا س ِّلم ما أورد فيه من القضايا‪ ،‬لزم عنه‬
‫قول آخر اضطرارا‪ .‬وإذا أوردت القضايا في القياس‪ ،‬س ّميت عند ذلك مقدّمات‬
‫(‪ ،)prémisses‬وتس ّمى قضايا (‪ )propositions‬قبل وضعها في القياس‪ .‬كما‬
‫أن القول الالّزم عنه يس ّمى قبل اللزوم مطلوبا ً‪ ،‬وبعد اللزوم نتيجة‬ ‫ّ‬
‫(‪.)conclusion‬‬
‫ي ( ‪syllogisme‬‬ ‫واألقيسة أصناف‪ .‬ما يه ّمنا منها اآلن القياس الحمل ّ‬
‫‪،)prédicatif‬ويس ّمى أيضا ً القياس االقتراني والقياس الجزمي ( ‪syllogisme‬‬
‫‪.)catégorique‬‬
‫صغرى ‪ La mineure‬والمقدّمة‬ ‫هذا القياس مر ّكب من مقد ّمتين (المقدّمة ال ّ‬
‫الكبرى ‪ )La majeure‬ونتيجة (تلزم عن المقدّمتين كما قلنا)‪.‬‬

‫ي‪:‬‬
‫مثال لقياس حمل ّ‬
‫صغرى‪ :‬المنهجيّة مفيدة‪.‬‬ ‫– المقدّمة ال ّ‬
‫– المقدّمة الكبرى‪ :‬ك ّل ما هو مفيد يسهم في النّجاح‪.‬‬
‫– النّتيجة‪ :‬المنهجيّة تسهم في النّجاح‪.‬‬

‫وتتكون ك ّل مقدّمة على حدة من شيئين‪ :‬موضوع ‪( sujet‬أو مخبر عنه‪ .‬في‬
‫ّ‬
‫صغرى‪" :‬المنهجيّة") ومحمول ‪( prédicat‬أو‬ ‫ً‬
‫المثال‪ ،‬وتحديدا في المقدّمة ال ّ‬

‫‪"Dans la réalité des choses, toute décision se fonde […] sur un ensemble plus ou 671‬‬
‫‪moins complexe de syllogisms". Pierre Pescatore, Introduction à la science du droit,‬‬
‫‪Office des imprimés de l’État, Luxembourg, 1960, p. 356.‬‬
‫انظر في نفس االتّجاه‪Jean Carbonnier, Droit civil. Introduction, P.U.F., Paris, 26 e éd., :‬‬
‫‪1999, p. 29 et 30.‬‬
‫‪377‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صغرى‪" :‬مفيدة")‪ .‬ويس ّمى الموضوع أو‬ ‫خبر‪ .‬في المثال‪ ،‬وتحديدا ً في المقدّمة ال ّ‬
‫المحمول حدّا ً (‪.)terme‬‬
‫تتكونان من أربعة حدود‪ .‬لكن إذا تمعّنّا‪ ،‬وجدنا‬
‫فإذا جمعنا المقدّمتين‪ ،‬وجدناهما ّ‬
‫يتكرر ذكره في المقدّمتين (في مثالنا‪ :‬المفيد)‪ .‬هذا يعني ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫أن هنالك حدّا ً‬
‫ّ‬
‫تتكونان في الحقيقة من ثالثة ال من أربعة حدود‪ .‬ويس ّمى الحدّ الذي‬ ‫المقدّمتين ّ‬
‫يتكرر‪ :‬الحدّ األوسط (‪.)Le moyen terme‬‬ ‫ّ‬
‫فإذا نظرنا اآلن إلى النّتيجة‪ ،‬وجدناها أيضا ً مر ّكبة من موضوع ومن محمول‪.‬‬
‫ويس ّمى الموضوع في النّتيجة الحدّ األصغر‪( Le terme mineur‬في مثالنا‪:‬‬
‫المنهجيّة)؛ أ ّما المحمول‪ ،‬فيس ّمى الحدّ األكبر‪( Le terme majeur‬في مثالنا‪:‬‬
‫اإلسهام في النّجاح)‪.‬‬
‫صغرى‬ ‫والمقدّمة التي يوجد فيها الحدّ األصغر‪ ،‬تس ّمى بسبب ذلك المقدّمة ال ّ‬
‫(‪ .)La mineure‬أ ّما المقدّمة التي يوجد فيها الحدّ األكبر‪ ،‬فتس ّمى ألجل ذلك‬
‫مقدّمة كبرى (‪.672)La majeure‬‬

‫‪ 672‬حول العبارات الواردة في المتن باللّغة الفرنسيّة‪ ،‬انظر مثال‪Mélika Ouelbani, Intoduction à la :‬‬
‫‪logique, Collection M/ Sciences humaines, Centre de Publication Universitaire,‬‬
‫‪Tunis, 2000, p. 71.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪378‬‬

‫موضوع هو الح ّد‬


‫األصغر‪:‬‬
‫"المنهجيّة"‬
‫المقدّمة الصّغرى‬
‫محمول هو الح ّد‬
‫األوسط‪:‬‬
‫"اإلفادة"‬
‫مقدّمتان‬
‫موضوع هو الح ّد‬
‫األوسط‪:‬‬
‫"اإلفادة"‬ ‫الحملي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫القياس‬
‫‪ -‬المنهجيّة مفيدة‬
‫المقدّمة الكبرى‬
‫محمول هو الح ّد‬ ‫‪ -‬ك ّل مفيد يسهم في‬
‫األكبر‪:‬‬ ‫النّجاح‬
‫"اإلسهام في‬ ‫‪ -‬المنهجيّة تسهم في‬
‫موضوع هو الح ّد‬ ‫النّجاح‬
‫النّجاح"‬ ‫األصغر‪" :‬المنهجيّة"‬

‫النّتيجة‬
‫محمول هو الح ّد‬
‫األكبر‪:‬‬
‫"اإلسهام في النّجاح"‬

‫سؤال اآلن‪ :‬لماذا تلزم عن المقدّمتين النّتيجة؟ لماذا تعدّ النّتيجة ضروريّة إن‬ ‫وال ّ‬
‫توفّرت المقدّمتان؟‬
‫الجواب نجده في طبيعة الجملة الخبريّة‪ .‬فالخبر يكون أع ّم من المخبر عنه وال‬
‫أخص منه (نقول‪ :‬اإلنسان حيوان‪673‬؛ وال نقول‪ :‬الحيوان إنسان)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يكون أبدا ً‬
‫صغرى ّ‬
‫إن الحدّ األصغر‬ ‫يخص المقدّمة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫انطالقا من هذا‪ ،‬ينبغي القول فيما‬
‫إن الحدّ األوسط جزء من‬ ‫جزء من الحدّ األوسط؛ وفيما يتعلّق بالمقدّمة الكبرى ّ‬
‫أن الحدّ األصغر هو بالضّرورة جزء من الحدّ‬ ‫ينجر عن هذا ّ‬‫ّ‬ ‫الحدّ األكبر‪.‬‬
‫جزء جزء)‪ .‬هذه "الجزئيّة" هي ما تحمله وتعنيه الجملة التي‬ ‫األكبر (جزء ال ِّ‬
‫ي‪.‬‬
‫إن انجرارها عن المقدّمتين ضرور ّ‬ ‫تس ّمى النّتيجة‪ ،‬لذلك قيل ّ‬

‫ي‪.‬‬
‫بمعنى‪ :‬كائن ح ٌّ‬
‫‪673‬‬
‫‪379‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المحمول في المقدّمة‬ ‫الموضوع في المقدّمة‬


‫الصّغرى‪ ،‬والموضوع‬ ‫الصّغرى‬
‫في الكبرى‪ ،‬أي الح ّد‬
‫األوسط‬

‫المحمول في الكبرى‬

‫زيادة على ما سبق‪ ،‬تنبغي إضافة كون الخبر قد يكون مساويا ً للمخبر عنه‪ .‬في‬
‫إن الحدّ األصغر مساو‬ ‫صغرى ّ‬ ‫يخص المقدّمة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫صورة‪ ،‬ينبغي القول فيما‬
‫هذه ال ّ‬
‫إن الحدّ األوسط مساو للحدّ األكبر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫للحدّ األوسط؛ وفيما يتعلق بالمقدّمة الكبرى ّ‬
‫ألن مساوي المساوي‬ ‫ّ‬ ‫لذا فمساواة الحدّ األصغر للحدّ األكبر ضروريّة‬
‫مساوي‪ .674‬هذه المساواة هي ما تحمله وتعنيه الجملة التي تس ّمى النّتيجة‪ ،‬لذلك‬
‫ي‪.675‬‬
‫إن انجرارها عن المقدّمتين ضرور ّ‬‫قيل ّ‬

‫عرف القياس بكونه قوال مؤلّفا من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول آخر‪ .‬هذا التّعريف – لو قارنّاه‬ ‫‪ 674‬ي ّ‬
‫بالذي أتينا به – لوجدنا فيه إضافة لعبارة "لذاته"‪ .‬هذه اإلضافة يخرج بها قياس المساواة الذي أوردناه في‬
‫"فإن قياس المساواة إنّما يلزم منه القول اآلخر لمقدّمة خارجة عنه‪ ،‬ال لذاته‪ .‬مثل ‪ :‬ب يساوي ح ‪ .‬وح‬ ‫ّ‬ ‫المتن‪:‬‬
‫يساوي د ‪ /‬ب يساوي د‪ ،‬ولكن ال لذاته‪ ،‬بل لصدق المقدّمة الخارجيّة‪ ،‬وهي «مساوي المساوي مساو»‪ .‬ولذا ال‬
‫ألن نصف ال ّنصف ليس نصفا‪ ،‬بل ربعا‪.‬‬ ‫ينتج مثل قولنا ‪« :‬ب نصف ج ‪ .‬وج نصف د»‪ّ ،‬‬
‫(و) ال يخفى عليك‪ :‬أن هذا الذي ذكروه تعريف للقياس الكامل‪ ،‬وإالّ فالقياس له معنى أع ّم هو مطلق القول‬
‫المؤلّف الذي متى سلم لزمه قول آخر‪ ،‬سواء كان هذا اللزوم لذات ذلك القول أو بضميمة مقد ّمة خارجية كقياس‬
‫شيخ مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق (م س)‪،‬ص ‪ 203‬وما بعدها‪.‬‬ ‫المساواة "‪ .‬ال ّ‬
‫‪675‬لتفصيل أكبر لما جاء أعاله سنأخذ مقتطفا من الغزالي (معيار العلم في المنطق‪ .‬شرحه أحمد شمس الدّين‪،‬‬
‫دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1410 ،1‬هـ – ‪ 1990‬م‪ ،‬ص ‪ 111‬وما بعدها) يع ّرف القياس ويتناول فيه بعد‬
‫ي‪:‬‬
‫ذلك القياس الحمل ّ‬
‫"وحدُّ القياس‪ :‬أنّه قول مؤلف إذا سلم ما أورد فيه من القضايا لزم عنه لذاته قول آخر اضطرارا‪ .‬وإذا أوردت‬
‫القضايا في الحجّة‪ ،‬س ّميت عند ذلك (مقدّمات)‪.‬‬
‫وتس ّمى (قضايا) قبل الوضع‪.‬‬
‫أن القول الالزم عنه يس ّمى قبل اللزوم (مطلوبا) وبعد اللزوم (نتيجة)‪.‬‬ ‫كما ّ‬
‫وليس من شرط في أن يس ّمى (قياسا) أن يكون مسلّم القضايا‪ ،‬بل من شرطه أن يكون بحيث إذا سلِّّمت قضاياه‬
‫لزم منها النّتيجة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وربّما تكون القضايا غير واجبة التسليم ونحن نس ّميه (قياسا) لكونه بحيث لو سلم للزمت النتيجة ‪...‬‬
‫ّ‬
‫ي‪ ،‬الذي قد يس ّمى (قياسا اقترانيّا) وقد يس ّمى (جزميّا)‪ .‬وهو مر ّكب من مقدّمتين‬ ‫األول‪ :‬القياس الحمل ّ‬
‫صنف ّ‬ ‫ال ّ‬
‫مثل قولنا‪:‬‬
‫أن ك ّل جسم محدث‪.‬‬ ‫ك ّل جسم مؤلّف‪ ،‬وك ّل مؤلّف محدث‪ ،‬فيلزم منه ّ‬
‫فهذا القياس مر ّكب من مقدّمتين‪ ،‬وك ّل مقدّمة تشتمل على (موضوع) و(محمول)‪ ،‬فيكون مجموع اآلحاد التي‬
‫يتكرر‪ ،‬فيكون المجموع إذن ثالثة‪ ،‬وهو أق ّل ما ينح ّل إليه‬ ‫ّ‬ ‫تنح ّل إليه هذه المقدّمات أربعة‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن واحدا منها‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪380‬‬

‫قياس‪ ،‬إذ أق ّل ما يلتئم منه القياس مقدّمتان‪ .‬وأق ّل ما ينتظم منه المقدّمة معنيان‪ :‬أحدهما موضوع‪ .‬واآلخر‬
‫محمول‪.‬‬
‫مكررا مشتركا بين المقدّمتين‪ ،‬فإ ّنه إن لم يكن كذلك تباينت المقدّمتان‪ ،‬ولم يتداخال‪ ،‬ولم‬ ‫وال بدّ أن يكون واحد ّ‬
‫تلزم من ازدواجهما النّتيجة‪.‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬ك ّل جسم ّ‬
‫مؤلف‪.‬‬
‫ولم تتكلم في المقدّمة الثّانية عن (الجسم) وال عن (المؤلّف)‪ ،‬بل قلت مثال ك ّل إنسان حيوان‪...‬‬
‫لم تلزم نتيجة من المقدّمتين‪.‬‬
‫أن هذه المفردات تس ّمى حدودا‪ ،‬ولك ّل واحد من الحدود‬‫فإذا عرفت انقسام ك ّل قياس إلى ثالثة أمور مفردة‪ ،‬فاعلم ّ‬
‫الثالثة اسم مفرد‪ ،‬ليتميّز عن غيره‪.‬‬
‫أ ّما الحدّ المشترك فيس ّمى (الحدّ األوسط)‪.‬‬
‫وأ ّما اآلخران فيس ّمى أحدهما (الحدّ األكبر) واآلخر (األصغر)‪.‬‬
‫واألصغر هو الذي يكون موضوعا في النّتيجة‪.‬‬
‫واألكبر هو الذي يكون محموال فيها‪.‬‬
‫وإنّما س ّمي أكبر؛ ألنه يمكن أن يكون أع ّم من الموضوع وإن أمكن أن يكون مساويا‪.‬‬
‫يتصور أن يكون أع ّم من المحمول‪ ،‬وإذا وضع كذلك كان الحكم كاذبا‪ ،‬كقولك ك ّل حيوان‬ ‫ّ‬ ‫وأ ّما الموضوع فال‬
‫إنسان‪ ،‬فإنّه كاذب وعكسه صادق ‪....‬‬
‫(وتس ّمى المقدّمة التي يوجد فيها الحدّ األصغر مقدّمة صغرى‪ ،‬والمقدّمة التي يوجد فيها الحدّ األكبر مقدّمة‬
‫كبرى)‬

‫موضوع (ح ّد أصغر)‬
‫مقدّمة صغرى‬
‫محمول (ح ّد أوسط)‬

‫موضوع (ح ّد أوسط)‬
‫حملي‬
‫ّ‬

‫مقدّمة كبرى‬
‫قياس‬

‫محمول (ح ّد أكبر)‬

‫موضوع (ح ّد أصغر)‬
‫نتيجة‬
‫محمول (ح ّد أكبر)‬

‫الرسم ليس موجودا في المقتطف الذي نحن بصدد نقله)‪.‬‬ ‫(مالحظة‪ّ :‬‬
‫القسمة الثّانية لهذا القياس باعتبار كيفيّة وضع الحدّ األوسط عند ّ‬
‫الطرفين اآلخرين‪:‬‬
‫وهذه الكيفيّة تس ّمى شكال‪.‬‬
‫والحدّ األوسط‪:‬‬
‫إ ّما أن يكون محموال في إحدى المقدّمتين موضوعا في األخرى كما أوردناه من المثال‪ ،‬فيس ّمى (شكال ّأوال)‪.‬‬
‫شكل الثّاني)‪.‬‬
‫وإ ّما أن يكون محموال في المقدّمتين جميعا ويس ّمى (ال ّ‬
‫شكل الثّالث)‪.‬‬
‫وإ ّما أن يكون موضوعا فيهما ويس ّمى (ال ّ‬
‫األول‬
‫شكل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫أن الحكم على المحمول حكم على الموضوع‬ ‫مثاله ما أوردناه‪ ،‬وحصول النّتيجة منه ب ِّيّن‪ ،‬وحاصله يرجع إلى ّ‬
‫فإن‬ ‫ّ‬
‫لـ(المؤلف) فقد ثبت ال محالة لـ(الجسم)‪ّ ،‬‬ ‫بالضّرورة‪ ،‬فمهما حكم على (الجسم) بـ(المؤلف) فك ّل حكم يثبت‬
‫(الجسم) داخل في المؤلّف‪.‬‬
‫المؤلف‪ ،‬فقد ثبت بالضّرورة على الجسم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإذا ثبت الحكم بالحدوث على‬
‫‪381‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن الحكم بالحدوث على الجسم‪ ،‬قد ال يكون بيِّّنا بنفسه‪ ،‬ولكن يكون الحكم به على‬ ‫وإنّما احتيج إلى هذا‪ ،‬من حيث ّ‬
‫بالمؤلف على الجسم أيضا ب ِّّينا‪ ،‬فيتعدّى الحكم الذي ليس بيّنا للجسم إليه بواسطة‬ ‫ّ‬ ‫المؤلّف بيِّّنا بنفسه والحكم‬
‫المؤلّف الذي هو بيِّّن له‪ ،‬فيكون الوسط سبب التقاء الطرفين وهو تعدّي الحكم إلى المحكوم عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أن الحكم على المحمول حكم على الموضوع‪ ،‬فال فرق بين أن يكون الموضوع جزئيّا أو كليّا‪،‬‬ ‫ومهما عرفت ّ‬
‫وال أن يكون المحمول سالبا أو موجبا‪.‬‬
‫فإنّك لو أبدلت قولك‪ :‬ك ّل جسم مؤلف‪.‬‬
‫بقولك‪ :‬بعض الموجود مؤلّف‪.‬‬
‫لزم من قياسك أن بعض الموجود محدث‪.‬‬
‫مؤلف محدث‪.‬‬ ‫ولو أبدلت قولك‪ :‬ك ّل ّ‬
‫بقولك‪ :‬ك ّل مؤلّف محدث ليس بأزل ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعدّى نفي األزليّة أيضا إلى موضوع المؤلف‪ ،‬كما تعدّى إثبات الحدوث‪ ،‬من غير فرق؛‬
‫شكل بحسب هذا االعتبار أربع تركيبات‪:‬‬ ‫فيكون المنتج من هذا ال ّ‬
‫األول‪ :‬موجبتان كلّيّتان‪ ،‬كما سبق‪.‬‬ ‫ّ‬
‫صغرى جزئيّة‪ ،‬كما إذا أبدلت قولك‪ :‬ك ّل جسم مؤلّف‪ ،‬بقولك‪ :‬بعض الموجودات ّ‬
‫مؤلف‪.‬‬ ‫الثّاني‪ :‬موجبتان‪ ،‬وال ّ‬
‫كليّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى‪ ،‬وهو أن تبدّل قولك‪ :‬محدث‪ ،‬بقولك‪ :‬ليس بأزل ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫الثّالث‪ :‬موجبة ّ‬
‫صغرى بالجزئيّة والكبرى بالسّالبة‪ ،‬فتقول‬ ‫الرابع‪ :‬موجبة جزئيّة صغرى‪ ،‬وسالبة كلّيّة كبرى‪ ،‬وهو أن تبدّل ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪.‬‬‫مثال‪ :‬موجود ما مؤلّف‪ ،‬وال مؤلّف واحد أزل ّ‬
‫فأ ّما ما عدا هذه التّركيبات‪ ،‬فال تنتج أصال؛ ألنّك إن فرضت‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألن الحدّ األوسط إذا سلبته عن شيء فالحكم عليه بالنفي أو باإلثبات ال يتعدّى‬ ‫سالبتين فقط ال ينتظم منهما قياس‪ّ ،‬‬
‫إلى المسلوب عنه‪،‬‬
‫ألن السّلب أوجب المباينة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والثّابت على المسلوب ال يتعدّى إلى المسلوب عنه‪،‬‬
‫فإنّك إن قلت‪ :‬ال إنسان واحد حجر‪ ،‬وال حجر واحد طائر‪ ،‬فال إنسان واحد طائر‪ .‬فيرى هذه النّتيجة صادقة‪،‬‬
‫وليس صدقها الزما عن هذا القياس‪.‬‬
‫فإنّك لو قلت‪ :‬ال إنسان واحد بياض‪ ،‬وال بياض واحد حيوان‪ ،‬فال إنسان واحد حيوان‪ ،‬لم تكن النّتيجة صادقة‪.‬‬
‫شكل بعينه‪.‬‬ ‫شكل هو ذلك ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫أن بين األبيض واإلنسان مباينة – فالحكم على البياض ال‬ ‫ولكن إذا سلبت االتّصال بين البياض واإلنسان – ال ّ‬
‫يتعدّى إلى اإلنسان بحال‪،‬‬
‫صيغة صيغة السّلب مثال‪.‬‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫كانت‬ ‫وإن‬ ‫حكمها‪،‬‬ ‫في‬ ‫ما‬ ‫أو‬ ‫موجبة‪،‬‬ ‫قياس‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫فإذن ال بدّ أن يكون في ك‬
‫شكل على الخصوص‪:‬‬ ‫ولكن في هذا ال ّ‬
‫صغرى موجبة ليثبت الحدّ األوسط لألصغر‪ ،‬فيكون الحكم على األوسط حكما على األصغر‪،‬‬ ‫يشترط أن تكون ال ّ‬
‫ويجب أن تكون الكبرى كلّيّة حتّى ينطوي تحت األكبر الحدّ األصغر‪ ،‬لعمومه جميع ما يدخل في األوسط؛ فإنّك‬
‫إذا قلت‪:‬‬
‫ك ّل إنسان حيوان‪،‬‬
‫وبعض الحيوان فرس‪،‬‬
‫فال يلزم أن يكون ك ّل إنسان فرس‪،‬‬
‫ي‪ ،‬ككونه جسما‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫بل إن حكمت على الحيوان بحكم كلّ ّ‬
‫وك ّل حيوان جسم‪،‬‬
‫تعدّى ذلك إلى األصغر وهو اإلنسان‪.‬‬
‫صلة ربّما غلّطت النّاظر‪ ،‬عدل المنطقيّون إلى وضع المعاني المختلفة المبهمة‪ ،‬وعبّروا‬ ‫ول ّما كانت األمثلة المف ّ‬
‫عنها بالحروف المعجمة ووضعوا بدل (الجسم) و(المؤلّف) و(المحدث) في المثال الذي أوردناه (األلف)‬
‫و(الباء) و(الجيم)‪ ،‬وهي أوائل حروف (أبجد)‪.‬‬
‫ووضعوا (الجيم) الذي هو الثّالث‪ ،‬حدّا أصغر محكوما عليه‪،‬‬
‫و(الباء) حدّا أوسطا‪ ،‬يحكم به على (الجيم)‪،‬‬
‫و(األلف) حدّا أكبرا‪ ،‬يحكم به على (الباء) ليتعدّى إلى (الجيم) فقالوا‪:‬‬
‫ك ّل (ج) (ب)‬
‫وكل (ب) (أ)‬
‫فك ّل (ج) (أ)‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪382‬‬

‫وكذا سائر الضّروب‪.‬‬


‫صلة أو‬ ‫صلناها لم تعجز عن ضرب المثال من الفقهيّات والعقليّات‪ ،‬المف ّ‬ ‫وأنت إذا أحطت بالمعاني التي ح ّ‬
‫المبهمة‪.‬‬
‫شكل الثّاني‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫الطرفين‪،‬‬ ‫وهو ما كان الحدّ األوسط فيه محموال على ّ‬
‫لكن إنّما ينتج إذا كان محموال على أحدهما‪ ،‬بالسّلب‪ ،‬وعلى اآلخر باإليجاب‪.‬‬
‫فيشترط اختالف المقدّمتين في الكيفيّة‪ ،‬أي في السّلب واإليجاب‪.‬‬
‫ث ّم ال تكون ال ّنتيجة إالّ سالبة‪.‬‬
‫شيئين باإليجاب‪،‬‬ ‫وإذا تحقّق ذلك‪ ،‬فوجه إنتاجه أنّك إذا وجدت شيئين‪ ،‬ث ّم وجدت شيئا ثالثا محموال على أحد ال ّ‬
‫شيئين بالضّرورة؛ فإنّهما لو لم يتباينا‪:‬‬ ‫وعلى اآلخر بالسّلب‪ ،‬فيعلم التّباين بين ال ّ‬
‫لكان يكون أحدهما محموال على اآلخر‪.‬‬
‫األول‪.‬‬
‫شكل ّ‬ ‫ولكان الحكم على المحمول حكما على الموضوع‪ ،‬كما سبق في ال ّ‬
‫وكان ال يوجد شيء يسلب عن كلّيّة أحدهما ث ّم يو َجب لكلّيّة اآلخر‪.‬‬
‫فإذن ك ّل شيئين هذه صفتهما‪ ،‬فهما متباينان‪ ،‬أي يسلب هذا عن ذاك‪ ،‬وذاك عن هذا؛‬
‫وتنتظم في هذا الشكل أيضا أربع تركيبات‪:‬‬
‫األول‪ ،‬أن تقول‪:‬‬ ‫ّ‬
‫األول‪،‬‬ ‫ك ّل جسم مؤلّف كما سبق في ّ‬
‫ي واحد ّ‬
‫مؤلف‪،‬‬ ‫شكل‪ ،‬فتقول‪ :‬وال أزل ّ‬ ‫ولكن تعكس المقدّمة الثّانية السّالبة من ذلك ال ّ‬
‫ي‪،‬‬‫مؤلف واحد أزل ّ‬ ‫بدل قولك وال ّ‬
‫فيلزم ما لزم منه؛ ألنّا قد قدّمنا أن‪ّ:‬‬
‫ي‪ ،‬فيلزم ما لزم منه ألنّا قد قدّمنا ّ‬
‫أن السّالبة‬ ‫السّالبة الكلّيّة تنعكس كنفسها‪ ،‬فال فرق بين قولك ال مؤلّف واحد أزل ّ‬
‫الكلّيّة تنعكس كنفسها‪،‬‬
‫األول‪،‬‬
‫شكل ّ‬ ‫ي‪ ،‬وهو المذكور في ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أزل‬ ‫واحد‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫مؤل‬ ‫فال فرق بين قولك‪ :‬ال‬
‫مؤلف‪،‬‬ ‫ي واحد ّ‬ ‫وبين قولك‪ :‬وال أزل ّ‬
‫ي‪.‬‬‫فينتج هذا أ ّنه‪ :‬ال جسم واحد أزل ّ‬
‫ي)؛ إذ وجد (المؤلّف) محموال على أحدهما مسلوبا على اآلخر‪ ،‬فد ّل‬ ‫صله‪ :‬المباينة بين (الجسم) و(األزل ّ‬ ‫ومح ّ‬
‫بالطريق الذي ذكرناه مجمال‪.‬‬ ‫ذلك على التّباين ّ‬
‫ألول‪،‬‬
‫شكل ا ّ‬ ‫وتفصيله‪ :‬أن تنعكس المقدّمة الكبرى فيرجع إلى ال ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫لل‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫بيانها‬ ‫في‬ ‫شكل الثّاني‪ ،‬ألنّه يحتاج‬ ‫وإنّما س ّميت هذه مقاييس ال ّ‬
‫ولكن المقدّمة الصغرى جزئيّة‪ ،‬وهو قولك‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الضّرب الثّاني‪ :‬هذا هو بعينه‪،‬‬
‫موجود ما مؤلّف‪،‬‬
‫ي واحد مؤلّف‪،‬‬ ‫وال أزل ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫فإذن موجود ما ليس بأزل ّ‬
‫وبيانه بعكس المقدّمة الكبرى‪ ،‬كما سبق‪.‬‬
‫صغرى سالبة‪ :‬إ ّما جزئيّة وإ ّما كلّيّة‪،‬‬ ‫والرابع‪ :‬فأن تكون ال ّ‬ ‫وأ ّما الثّالث ّ‬
‫وتكون الكبرى موجبة‪،‬‬
‫األول؛ إذ لم تكن فيه مقدّمة صغرى إالّ موجبة؛ إذ كان هذا شرطا‬ ‫شكل ّ‬ ‫وال يمكن تفهيم ذلك بما ضربناه مثال لل ّ‬
‫شكل‪ ،‬فنغيّر المثال ونقول‪:‬‬ ‫في ذلك ال ّ‬
‫مثال الضّرب الثّالث‪ ،‬قولك‪:‬‬
‫ال جسم واحد منفكّ عن األعراض‪،‬‬
‫ي منفكّ عن األعراض‪،‬‬ ‫وك ّل أزل ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫فإذن ال جسم واحد أزل ّ‬
‫مؤلف من كلّيّتين‪:‬‬ ‫فالقياس ّ‬
‫صغراهما سالبة‪،‬‬
‫وكبراهما موجبة‪،‬‬
‫والنّتيجة‪ :‬سالبة كلّيّة‪،‬‬
‫والحدّ األوسط‪ ،‬هو‪( :‬المنفكّ عن األعراض)؛ فإ ّنه‪:‬‬
‫محمول على الجسم بالسّلب‪،‬‬
‫‪383‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي باإليجاب‪،‬‬ ‫وعلى األزل ّ‬


‫فأوجب التّباين‪.‬‬
‫صغرى؛ فإنّها سالبة كلّيّة تنعكس مثل نفسها‪.‬‬ ‫وبيانه‪ :‬بعكس ال ّ‬
‫ّ‬
‫األول‪ ،‬الذي الحد المشترك فيه‪ ،‬موضوع إلحدى‬ ‫شكل ّ‬ ‫وإذا عكست صار المحمول موضوعا‪ ،‬وعاد إلى ال ّ‬
‫المقدّمتين‪ ،‬محمول لألخرى‪.‬‬
‫صغرى سالبة جزئيّة‪ ،‬كقولك‪:‬‬ ‫الرابع‪ :‬هو الثّالث بعينه‪ّ ،‬‬
‫لكن ال ّ‬ ‫الضّرب ّ‬
‫موجود ما ليس بجسم‪،‬‬
‫متحرك جسم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل‬
‫بمتحرك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فبعض الموجودات ليس‬
‫ول ّما كانت السّالبة جزئيّة‪ ،‬وهي ال تنعكس‪ ،‬لم يكن أن يردّ هذا الضّرب إلى ّ‬
‫األول‪ ،‬بطريق العكس‪.‬‬
‫ي كلّيّا‪ ،‬فإذا كان‪ :‬موجود ما ليس بجسم‪،‬‬ ‫تحول هذا الجزئ ّ‬ ‫لكن يردّ بطريق االفتراض‪ ،‬وهو أن ّ‬
‫أن بعض الموجودات ليس بجسم‪،‬‬ ‫فقد حصل ّ‬
‫فلنفرضه (سوادا) مثال‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫ك ّل سواد ليس بجسم‪،‬‬
‫شكل‪،‬‬‫فيصير (كالضّرب الثّالث) من هذا ال ّ‬
‫األول بالعكس‪ ،‬فكذا هذا‪.‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫وكان قد رجع (الثّالث) إلى ال ّ‬
‫شكل هذه التّركيبات األربع‪ ،‬وما عداها فال‪،‬‬ ‫فالمنتج إذن من هذا ال ّ‬
‫إذ ال ينتج سالبتان‪،‬‬
‫ألن ك ّل شيئين وجد شيء واحد محموال عليهما‪ ،‬لم يوجب ذلك بينهما‪ ،‬ال‬ ‫شكل ينتجان؛ ّ‬ ‫وال موجبتان في هذا ال ّ‬
‫اتّصاال وال تباينا‪،‬‬
‫إذ الحيوان يوجد محموال على الفرس‪ ،‬واإلنسان‪،‬‬
‫وال يوجب كون اإلنسان فرسا‪ ،‬وهو االتصال‪.‬‬
‫ويوجد محموال على الكاتب واإلنسان‪ ،‬وال يوجب بينهما تباينا‪،‬‬
‫حتّى ال يكون اإلنسان كاتبا‪،‬‬
‫والكاتب إنسانا‪،‬‬
‫شكل شرطان‪:‬‬ ‫فإذن لهذا ال ّ‬
‫أحدهما‪ :‬أن يختلفا – أعني المقدّمتين – في الكيفيّة‪،‬‬
‫األول‪.‬‬
‫شكل ّ‬ ‫واآلخر‪ :‬أن تكون الكبرى كلّيّة‪ ،‬كما في ال ّ‬
‫شكل الثّالث‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫هو أن يكون الحدّ المشترك موضوعا في المقدّمتين‪.‬‬
‫وهذا يوجب نتيجة جزئيّة‪،‬‬
‫فإنّك مهما وجدت شيئا واحدا ث ّم وجد شيئان كالهما يحمل على ذلك ال ّ‬
‫شيء الواحد‪،‬‬
‫فبين المحمولين اتّصال والتقاء ال محالة على ذلك الواحد‪ ،‬فيمكن ال محالة أن يحمل ك ّل واحد منهما على بعض‬
‫اآلخر بك ّل حال‪ ،‬إن لم يمكن حمله على كلّه‪،‬‬
‫فلذلك كانت ال ّنتيجة جزئيّة‪،‬‬
‫فإنّك مهما وجدت (إنسانا ما) وهو شيء واحد‪ ،‬يحمل عليه‪:‬‬
‫الجسم والكاتب‪،‬‬
‫أن بين (الجسم) و(الكاتب) اتّصاال‪ ،‬حتّى يمكن أن يقال لبعض األجسام كاتب‪،‬‬ ‫د ّل ذلك على ّ‬
‫ولبعض الكاتب جسم‪،‬‬
‫وإن كان الك ّل كذلك‪،‬‬
‫ولكن الجزئيّة الزمة بك ّل حال‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وهذا طريق كاف في التّفهيم‪ ،‬ولكن نتّبع العادة في التّفصيل ببيان األضرب‪ ،‬والتّعريف بوجه لزوم النّتيجة ّ‬
‫بالردّ‬
‫األول‪.‬‬
‫شكل ّ‬ ‫إلى ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وينتظم في هذا الشكل ستة أضرب منتجة‪:‬‬
‫متحرك جسم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األول‪ :‬يأتلف من موجبتين كلّيّتين‪ ،‬كقولك‪ :‬ك ّل‬ ‫الضّرب ّ‬
‫متحرك محدث‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل‬
‫فبعض الجسم بالضّرورة محدث‪.‬‬
‫صغرى؛ فإنّها تنعكس جزئيّة‪ ،‬ويصير قولنا‪:‬‬ ‫وبيانه‪ :‬بعكس ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪384‬‬

‫متحرك جسم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل‬


‫إلى قولنا‪:‬‬
‫متحرك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعض الجسم‬
‫متحرك محدث‪،‬‬‫ّ‬ ‫وينضاف إليه قولنا‪ :‬ك ّل‬
‫فيلزم‪ :‬بعض الجسم محدث‪،‬‬
‫األول‪.‬‬
‫شكل ّ‬ ‫لرجوعه إلى ال ّ‬
‫فإنّه مهما عكست مقدّمة واحدة‪ ،‬صار الموضوع محموال‪ ،‬وقد كان موضوعا للمقدّمة الثّانية‪ ،‬فيصير الحدّ‬
‫األوسط‪:‬‬
‫محموال إلحداهما‪،‬‬
‫موضوعا لألخرى‪.‬‬
‫الضّرب الثّاني‪ :‬يأتلف من كلّيّتين كبراهما سالبة‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫ي فاعل؛‬ ‫ك ّل أزل ّ‬
‫ي واحد‪ ،‬جسم؛‬ ‫وال أزل ّ‬
‫فيلزم منه‪:‬‬
‫ليس ك ّل فاعل جسما؛‬
‫صغرى‪ ،‬وتلزم منه هذه ال ّنتيجة بعينها‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫األول بعكس ال ّ‬ ‫ألنّه يرجع إلى ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫فاعل ما أزل ّ‬
‫ي واحد جسم‪،‬‬ ‫وال أزل ّ‬
‫فليس ك ّل فاعل جسما‪.‬‬
‫الضّرب الثّالث‪ :‬يأتلف من موجبتين‪ ،‬صغراهما جزئيّة‪ ،‬وينتج موجبة جزئيّة‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫جسم ما فاعل‪،‬‬
‫وك ّل جسم مؤلّف‪،‬‬
‫مؤلف‪.‬‬ ‫فيلزم‪ :‬فاعل ما ّ‬
‫شكل األ ّول‪ ،‬وتلزم النّتيجة‪ ،‬إذ تقول‪:‬‬‫صغرى‪ ،‬وض ّم العكس إلى الكبرى‪ ،‬فيرتدّ إلى ال ّ‬ ‫وبيانه‪ :‬بعكس ال ّ‬
‫فاعل ما جسم‪،‬‬
‫وك ّل جسم مؤلّف‪،‬‬
‫مؤلف‪.‬‬ ‫فيلزم‪ :‬فاعل ما ّ‬
‫الرابع‪ :‬يأتلف من موجبتين‪ ،‬والكبرى جزئيّة‪ ،‬وينتج موجبة جزئيّة‪ ،‬مثاله‪:‬‬ ‫الضّرب ّ‬
‫ك ّل جسم محدث‪،‬‬
‫متحرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجسم ما‬
‫متحرك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيلزم‪ :‬محدث ما‬
‫األول‪ ،‬ث ّم عكس النّتيجة ليخرج لنا عين نتيجتنا‪ ،‬فنقول‪:‬‬ ‫وذلك بعكس الكبرى‪ ،‬وجعلها صغرى‪ ،‬فيرجع إلى ّ‬
‫متحرك ما جسم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وك ّل جسم محدث‪،‬‬
‫متحركا ما محدث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فيلزم‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫ّ‬
‫وتنعكس إلى عين النتيجة األولى‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫متحرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫محدث ما‬
‫فهذا قد تبيّن لك أنّه إنّما يحقّق بعكسين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬عكس المقدّمة‪،‬‬
‫واآلخر‪ :‬عكس ال ّنتيجة‪.‬‬
‫الضّرب الخامس‪ :‬يأتلف من مقدّمتين مختلفتين‪ ،‬في الك ّميّة والكيفيّة جميعا‪:‬‬
‫صغراهما موجبة جزئيّة‪،‬‬
‫وكبراهما سالبة كلّيّة‪،‬‬
‫ينتج‪ :‬جزئيّة سالبة‪،‬‬
‫ومثاله قولك‪:‬‬
‫جسم ما فاعل‪،‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫وال جسم واحد أزل ّ‬
‫فيلزم ليس ك ّل فاعل أزليّا؛‬
‫‪385‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫صغرى تنعكس إلى قولك‪ :‬فاعل ما جسم‪،‬‬ ‫ّ‬


‫ألن ال ّ‬
‫ي‪،‬‬‫فتنض ّم إلى الكبرى القائلة‪ :‬وال جسم واحد أزل ّ‬
‫األول البيّن بنفسه‪.‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫فتلزم هذه النتيجة بعينها من ال ّ‬
‫الضّرب السّادس‪ :‬يأتلف من مقدّمتين مختلفتين أيضا في الك ّمية والكيفيّة‪،‬‬
‫صغراهما كلّيّة موجبة‪،‬‬
‫وكبراهما سالبة جزئيّة‪،‬‬
‫مثاله‪:‬‬
‫ك ّل جسم محدث‪،‬‬
‫بمتحرك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وجسم ما ليس‬
‫بمتحرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فيلزم‪ :‬محدث ما ليس‬
‫وال يمكن بيانه بالعكس‪،‬‬
‫ألن الجزئيّة السّالبة ال تنعكس‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والكلّيّة الموجبة إذا انعكست صارت جزئيّة‪،‬‬
‫وال قياس من جزئيّتين‪،‬‬
‫األول – بتحويل الجزئيّة‪ ،‬إلى كلّيّة باالفتراض‪:‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫فبيانه‪ – :‬ليرجع إلى ال ّ‬
‫بمتحرك – أعني بعض الجسم – جبال‪ ،‬ونقول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن نفرض ذلك البعض الذي ليس‬
‫متحرك‪،‬‬‫ّ‬ ‫ال جبل واحد‬
‫وينضاف إليه‪ :‬ك ّل جبل جسم‪،‬‬
‫ي على ذات الموضوع‪،‬‬ ‫وهو صدق الوصف العنوان ّ‬
‫فتأخذ هذه صغرى‪ ،‬وتضيف إليها صغرى هذا الضّرب‪ ،‬هكذا‪:‬‬
‫ك ّل جبل جسم‪،‬‬
‫وك ّل جسم محدث‪،‬‬
‫فيلزم‪ :‬ك ّل جبل محدث‪.‬‬
‫األول‪.‬‬
‫من ّأول ّ‬
‫ث ّم تض ّم هذه النّتيجة إلى أولى قضيّتي االفتراض‪ ،‬أعني قولك‪:‬‬
‫متحرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال جبل واحد‬
‫شكل ّ‬
‫أن‪:‬‬ ‫لينتج من الضّرب الثّاني‪ ،‬من هذا ال ّ‬
‫بمتحرك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بعض المحدث ليس‬
‫شكل‬‫صغرى‪ ،‬فيكون هذا الضّرب السّادس إنّما يرجع إلى ال ّ‬ ‫األول بعكس ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫يرجع‬ ‫وقد ذكرنا أ ّنه‬
‫األول‪ ،‬بمرتبتين‪.‬‬‫ّ‬
‫شكل‪ ،‬وله شرطان‪:‬‬ ‫فهذه مقاييس هذا ال ّ‬
‫صغرى موجبة أو في حكمها‪.‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن تكون ال ّ‬
‫واآلخر‪ :‬أن تكون إحداهما كلّيّة‪ ،‬أيّهما كانت؛ إذ ال ينتظم قياس من جزئيّتين على اإلطالق‪.‬‬
‫فإذن المنتج من التّأليفات أربعة عشر تأليفا‪:‬‬
‫األول‪،‬‬ ‫شكل ّ‬ ‫أربعة من ال ّ‬
‫وأربعة من الثّاني‪،‬‬
‫وستّة من الثّالث‪،‬‬
‫قوة الجزئيّة‪ ،‬وما عدا ذلك فليس بمنتج‪ ،‬وال فائدة لتفصيل ما ال إنتاج له‪،‬‬ ‫وذلك بعد إسقاط المهمالت فإنّها في ّ‬
‫ومن أراد االرتياض بتفصيله قدر عليه إذا تأ ّمل فيه‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪386‬‬

‫المنتّج منه‪ 4 :‬تركيبات‬ ‫األول‪:‬‬


‫الشّكل ّ‬
‫األوسط محمول في‬
‫شرطاه‪ :‬الصّغرى موجبة‪،‬‬ ‫الصّغرى‪ ،‬موضوع في‬
‫والكبرى كلّيّة‬ ‫الكبرى‬

‫الحملي‬
‫ّ‬
‫المنتّج منه‪ 4 :‬تركيبات‬
‫الشّكل الثّاني‪:‬‬ ‫أشكال القياس‬
‫شرطاه‪ :‬أن تختلف‬ ‫األوسط محمول في‬
‫المقدّمتان في الكيفيّة‪ ،‬وأن‬ ‫المقدّمتين‬
‫تكون الكبرى كلّ ّية‬

‫المنتّج منه‪ 6 :‬تركيبات‬


‫الشّكل الثّالث‪:‬‬
‫شرطاه‪ :‬الصّغرى موجبة‪،‬‬ ‫األوسط موضوع في‬
‫وواحدة من المقدّمتين‬ ‫المقدّمتين‬
‫كلّيّة‬

‫الرسم ليس موجودا في المقتطف الذي نحن بصدد نقله)‬ ‫(مالحظة‪ّ :‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فكم عدد االفتراضات الممكنة في هذه األشكال؟‬
‫قلنا‪ :‬ثمانية وأربعون اقترانا في ك ّل شكل ستّة عشر‪،‬‬
‫ألن المقدّمتين المقترنتين‪:‬‬‫وذلك ّ‬
‫إ ّما كلّيتان‪،‬‬
‫أو جزئيّتان‪،‬‬
‫أو إحدهما كلّيّة واألخرى جزئيّة‪،‬‬
‫وعلى ك ّل حال فهما‪:‬‬
‫إ ّما موجبتان‪،‬‬
‫أو سالبتان‪،‬‬
‫أو واحدة موجبة واألخرى سالبة‪،‬‬
‫فهذه ستّة عشر اقترانا ناتجة من ضرب أربع في أربع‪،‬‬
‫وهي جارية في األشكال الثّالثة‪،‬‬
‫فتكون الجملة أخيرا ثمانية وأربعين‪،‬‬
‫والمنتج أربعة عشر اقترانا‪،‬‬
‫فيبقى أربعة وثالثين‪.‬‬
‫خواص األشكال؟‬‫ّ‬ ‫فإن قيل‪ :‬فما‬
‫قلنا‪:‬‬
‫أ ّما الذي يع ّم ك ّل شكل فهو أ ّنه‪ :‬ال بدّ في اقترانها من موجبة وكلّيّة‪ ،‬فال قياس عن سالبتين وال عن جزئيّتين‪.‬‬
‫األول‪ :‬فإ ّما في وسطه وهو أن يكون محموال في المقدّمة األولى موضوعا في الثّانية‪ ،‬وإ ّما‬ ‫شكل ّ‬ ‫صيّة ال ّ‬
‫وأ ّما خا ّ‬
‫ي‪ ،‬والسّلب‬ ‫ي‪ ،‬واإليجاب الجزئ ّ‬ ‫ي‪ ،‬والسّلب ّ‬
‫الكل ّ‬ ‫في نتائجه وهو أن ينتج المطالب األربعة وهي‪ :‬اإليجاب الكلّ ّ‬
‫صيّة الحقيقيّة التي ال يشاركه فيها شكل من األشكال أنّه ال يكون فيها (أي مقدّماته) سالبة جزئيّة‪.‬‬ ‫ي‪ .‬والخا ّ‬ ‫الجزئ ّ‬
‫الطرفين‪ ،‬وفي مقدّماته أالّ يتشابها في الكيفيّة بل‬‫صيته في وسطه أن يكون محموال على ّ‬ ‫شكل الثّاني‪ :‬فخا ّ‬ ‫وأ ّما ال ّ‬
‫تكون أبدا ً إحداهما سالبة واألخرى موجبة‪ ،‬وأ ّما في اإلنتاج فهو أنّه ال ينتج موجبة أصال بل ال ينتج إالّ السّالب‪.‬‬
‫صغرى موجبة‬ ‫للطرفين‪ ،‬وفي المقدّمات أن تكون ال ّ‬ ‫صيته في الوسط أن يكون موضوعا ّ‬ ‫شكل الثّالث‪ :‬فخا ّ‬ ‫وأ ّما ال ّ‬
‫أن الجزئيّة هي الالزمة منه دون‬ ‫صه أنّه يجوز أن تكون الكبرى منه جزئيّة‪ .‬وأ ّما في اإلنتاج فهي ّ‬ ‫ّ‬ ‫خوا‬ ‫خص‬‫وأ ّ‬
‫الكلّيّة‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فلم س ّمي ذلك ّأوالً‪ ،‬وذاك ثانياً‪ ،‬وهذا ثالثاً؟‬
‫قلنا‪ :‬س ّمي ذلك ّأوال أل ّنه بيّن اإلنتاج‪ ،‬وإ ّنما يظهر اإلنتاج فيما عداه ّ‬
‫بالردّ إليه إ ّما بالعكس أو باالفتراض؛‬
‫‪387‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ي‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬والكلّي أشرف من الجزئ ّ‬ ‫ي‪ ،‬والثّالث إنّما ينتج الجزئ ّ‬ ‫ألن الثّاني ينتج الكلّ ّ‬ ‫وإنّما كان ذاك ثانيا ً وهذا ثالثاً‪ّ ،‬‬
‫صلة للنّفس كماال إنسانيّا‬ ‫ّ‬ ‫المح‬ ‫ّة‬‫ي‬ ‫العلم‬ ‫ب‬ ‫المطال‬ ‫ّ‬
‫ألن‬ ‫أشرف‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكل‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫وإ‬ ‫فكان واليا لما هو أشرف بإطالق‪،‬‬
‫مورثا للنّجاة والسّعادة إنّما هي الكلّيّات؛ والجزئيّات‪ ،‬إن أفادت علما‪ ،‬فبالعرض‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فهل لكم في تمثيل المقاييس األربعة عشر أمثلة فقهيّة لتكون أقرب إلى فهم الفقهاء؟‬
‫ألول بعكس أو افتراض أ ّنه بعكس أو بفرض‪،‬‬ ‫قلنا‪ :‬نعم نفعل ذلك ونكتب فوق ك ّل مقدمة يحتاج لردّها إلى ا ّ‬
‫ي قياس يرجع إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وهذه هي األمثلة‪:‬‬ ‫الطرف أنّه إلى أ ّ‬ ‫ونكتب على ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫شكل ّ‬ ‫أمثلة ال ّ‬
‫‪ – 1‬ك ّل مسكر خمر ‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬وك ّل خمر حرام‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬فك ّل‬
‫مسكر حرام ‪‬نتيجة – كلّيّة موجبة‪.‬‬
‫‪ – 2‬ك ّل مسكر خمر ‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬وال خمر واحد حالل ‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة سالبة‪– ‬‬
‫فال مسكر واحد حالل ‪‬نتيجة – كلّيّة سالبة‪.‬‬
‫‪ – 3‬بعض األشربة خمر ‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة موجبة‪ – ‬وك ّل خمر حرام ‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة موجبة‪– ‬‬
‫فبعض األشربة حرام ‪‬نتيجة – جزئيّة موجبة‪.‬‬
‫‪ – 4‬بعض األشربة خمر ‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة موجبة‪ – ‬وال خمر واحد حالل ‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة سالبة‪‬‬
‫– فليس ك ّل شراب حالال ‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬
‫شكل الثّاني‪.‬‬ ‫أمثلة ال ّ‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 1‬يرجع إلى الضّرب الثّاني من ّ‬
‫ي واحد مذروع (بعكس هذه) ‪‬مقدّمة كبرى –‬ ‫ك ّل ثوب فهو مذروع ‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬وال ربو ّ‬
‫ي‪‬نتيجة – كلّيّة سالبة‪.‬‬ ‫كلّيّة سالبة‪ – ‬فال ثوب واحد ربو ّ‬
‫األول أيضا)‪:‬‬ ‫‪( – 2‬يرجع إلى الضّرب الثّاني من ّ‬
‫ي واحد مذروع (بعكس هذه‪ ،‬وجعلها صغرى‪ ،‬ث ّم عكس النّتيجة) ‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة سالبة‪ – ‬وك ّل‬ ‫ال ربو ّ‬
‫ي واحد ثوب ‪‬نتيجة – كلّيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ربو‬ ‫فال‬ ‫–‬ ‫‪‬‬ ‫موجبة‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫كل‬ ‫–‬ ‫كبرى‬ ‫ّمة‬ ‫د‬ ‫مق‬ ‫‪‬‬ ‫مذروع‬ ‫فهو‬ ‫ثوب‬
‫األول)‪:‬‬ ‫الرابع من ّ‬ ‫‪( –3‬يرجع إلى الضّرب ّ‬
‫ي واحد مذروع (بعكس هذه) ‪‬مقدّمة كبرى –‬ ‫متمول َما مذروع ‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة موجبة‪ – ‬وال ربو ّ‬ ‫ّ‬
‫ي ‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بربو‬ ‫ليس‬ ‫ما‪،‬‬ ‫ل‬ ‫فمتمو‬
‫ّ‬ ‫–‬ ‫‪‬‬ ‫سالبة‬ ‫كلّيّة‬
‫األول أيضا)‪:‬‬ ‫‪( – 4‬يرجع إلى الضّرب ال ّرابع من ّ‬
‫ي‪‬مقدّمة كبرى –‬ ‫ي "باالفتراض"‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة سالبة‪ – ‬وك ّل مطعوم ربو ّ‬ ‫متمول َما ليس بربو ّ‬ ‫ّ‬
‫فمتمول ما ليس بمطعوم ‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫–‬ ‫‪‬‬ ‫موجبة‬ ‫كلّيّة‬
‫شكل الثّالث‪.‬‬ ‫أمثلة ال ّ‬
‫األول)‪:‬‬‫ضرب الثّالث من ّ‬ ‫‪( – 1‬يرجع إلى ال ّ‬
‫ي (بعكس هذه) ‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬وك ّل مطعوم مكيل ‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة‬ ‫ك ّل مطعوم ربو ّ‬
‫ي مكيل ‪‬نتيجة – جزئيّة موجبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بو‬ ‫الر‬
‫ّ‬ ‫فبعض‬ ‫موجبة‪– ‬‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 2‬يرجع إلى رابع ّ‬
‫ي‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة‬ ‫متمول (بعكس هذه)‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬وال ثوب واحد ربو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل ثوب‬
‫متمول ربويّا ‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سالبة‪ – ‬فليس ك ّل‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 3‬يرجع إلى ثالث ّ‬
‫ي‪‬مقدّمة كبرى – كلّيّة‬ ‫مطعوم ما مكيل (بعكس هذه) ‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة موجبة‪ – ‬وك ّل مطعوم ربو ّ‬
‫ي‪‬نتيجة – جزئيّة موجبة‪.‬‬ ‫موجبة‪ – ‬فمكيل ما ربو ّ‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 4‬يرجع إلى ثالث ّ‬
‫ي‪‬مقدّمة صغرى – كلّيّة موجبة‪ – ‬ومطعوم ما مكيل (بعكس هذه وجعلها صغرى‪ ،‬ث ّم عكس‬ ‫ك ّل مطعوم ربو ّ‬
‫ي ما مكيل ‪‬نتيجة – جزئيّة موجبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فربو‬ ‫–‬ ‫‪‬‬ ‫ة‬ ‫موجب‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫جزئ‬ ‫–‬ ‫كبرى‬ ‫النّتيجة)‪‬مقدّمة‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 5‬يرجع إلى رابع ّ‬
‫ي‪‬مقدّمة كبرى –‬ ‫متمول (بعكس هذه) ‪‬مقدّمة صغرى – جزئيّة موجبة‪ – ‬وال مذروع واحد ربو ّ‬ ‫ّ‬ ‫مذروع ما‬
‫متمول ربويّا ‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كلّيّة سالبة‪ – ‬فليس ك ّل‬
‫األول)‪:‬‬ ‫‪( – 6‬يرجع إلى رابع ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪388‬‬

‫ي "باالفتراض" ‪‬مقدّمة كبرى –‬ ‫كليّة موجبة‪ ‬ومنقول ما ليس بربو ّ‬ ‫متمول ‪‬مقدّمة صغرى – ّ‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل منقول‬
‫متمول ربويّا‪‬نتيجة – جزئيّة سالبة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫فليس‬ ‫–‬ ‫‪‬‬ ‫سالبة‬ ‫جزئيّة‬
‫هذا ما أردنا شرحه من أمثلة القياسات الحمليّة وأقسامها"‪.‬‬
‫ي وغيره‪(" :‬القياس) « قول مؤلّف من قضايا متى سلّمت لزم عنه لذاته قول‬ ‫انظر كذلك حول القياس الحمل ّ‬
‫عرفنا الفكر سابقا ً بأنّه‬ ‫أن القياس هو نوع من الفكر حيث ّ‬ ‫آخر»‪ .‬وال يخفى ما يستفاد من هذا التّعريف وهو ّ‬
‫مالحظة المعلوم لتحصيل المجهول‪.‬‬
‫ي‪ .‬فقيمة القياس‬ ‫إن القياس يستعمل في أكثر العلوم حتّى التّجريبيّة‪ .‬بل ال تخلو تجربة من قياس خف ّ‬ ‫أه ّميته‪ّ :‬‬
‫تهتز قواعد كافّة العلوم البشريّة‪ ،‬خصوصا ً الفلسفة حيث اعتمادها‬ ‫ّ‬ ‫تساوي قيمة جميع العلوم‪ ،‬ومع إنكاره سوف‬
‫على القياس أكثر من سائر العلوم‪ ،‬وأ ّما المنطق فال يكون له حينئذ قيمة أصالً وذلك‪ :‬ألنَّه يعتمد على القياس في‬
‫إثبات مفرداته‪.‬‬
‫إن أكثر قواعد المنطق ترتبط بالقياس فمع عدم اعتبار القياس تفقد تلك القواعد موضوعيتها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫حقيقة القياس‪ :‬القياس هو نوع من األعمال الذّهنيّة وأسلوب من أساليب الفكر الذي من خالله يمكننا تبديل‬
‫مجهول إلى معلوم‪ ،‬وهو الحجّة التي هي أحد محاور ومواضيع علم المنطق‪.‬‬
‫الفكر‪:‬قد شرحنا سابقا ً حقيقة الفكر وبيَّنا مراحله الخمس‪ ،‬ولكن نرى من الالزم في هذا الدّرس أن نكمل البحث‬
‫السّابق بذكر الفعاليّات والعمليّات الذّهنيّة‪ ،‬فنقول إنّ ذهن اإلنسان يمارس العمل ّيات المتسلسلة الت ّالية‪ –1 :‬تقبُّل‬
‫الحواس الخمس شأن آلة التّصوير‪ ،‬وهي حالة (انفعال ّية) فقط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫صور المختلفة من الخارج‪ :‬وذلك من خالل‬ ‫ال ّ‬
‫‪ –2‬الت ّذكار‪ :‬ال يكتفي الذّهن بالمرحلة األولى التي هي تخزين المعلومات فقط بل يستمر في عمليّاته وذلك‬
‫صور الذّهنيّة المخزونة وإظهارها وهذا ما يس ّمى (الت ّذكار) أو (الذكر)‪ ،‬فالخاطرات الذّهنية ترتبط‬ ‫بإبراز ال ّ‬
‫فبمجرد سحب حلقة واحدة منها سوف تتبعها سائر‬ ‫ّ‬ ‫بعضها ببعض وكأنّها حلقات سلسلة متّصلة بعضها ببعض‪.‬‬
‫يجر الكالم) وهذه المرحلة‬ ‫إن (الكالم ّ‬ ‫الحلقات‪ ،‬وهذا ما َيطلق عليه علماء النفس (تداعي المعاني) ولهذا قيل َّ‬
‫صور المجتمعة في الذّهن‬ ‫أن هذا الفعل يكون على ال ّ‬ ‫ليست كاألولى بل هي نوع (فعل) و (سعي) غاية ما هناك ّ‬
‫ويحللها إلى‬‫ّ‬ ‫صور الكاملة‪ ،‬أي يقسّمها‬ ‫يجزئ الذّهن ال ّ‬
‫مسبقا ً‪ – 3.‬الت ّجزئة والت ّركيب‪ :‬ففي هذه المرحلة سوف ّ‬
‫جزء الذّهن جسم‬ ‫أجزاء مختلفة‪.‬الت ّجزئة الذّهنيّة على أقسام‪:‬أ – تجزئة صورة واحدة إلى صور مختلفة كما لو ّ‬
‫ّ‬
‫الخط بأ ّنه‪( :‬ك ّميّة‬ ‫عرفنا‬
‫اإلنسان إلى أجزائه المختلفة‪.‬ب – تجزئة صورة واحدة إلى معاني مختلفة كما لو َّ‬
‫الخط إلى أجزاء ثالثة وهي (ك ّميَّة‪ ،‬متّصلة‪ ،‬ذات بعد واحد) علما ً بأنهّ‬ ‫ّ‬ ‫حللنا ماهية‬ ‫متّصلة ذات بعد واحد) فقد ّ‬
‫ليس في الخارج إالّ شيء واحد ال أشياء متعدّدة‪.‬الت ّركيب وله أقسام‪ :‬منها تركيب صور مختلفة بعضها مع‬
‫شاعر‬ ‫يجزئ ويحلّل وير ّكب المعاني المختلفة‪ ،‬وال ّ‬ ‫بعض كتركيب جسم فرس مع رأس إنسان‪.‬تنبيه‪ :‬الفيلسوف ّ‬
‫صور المختلفة‪ – 4.‬الت ّجريد والت ّعميم‪ :‬فالت ّجريد هو تفكيك أمور ذهنيّة مختلفة بعضها‬ ‫يجزئ وير ّكِّب ال ّ‬
‫لرسّام ِّ ّ‬ ‫وا ّ‬
‫صور الذّهنيّة الجزئيّة وجعلها‬ ‫عن بعض كتفكيك العدد عن المعدود المالزم له‪ ،‬والت ّعميم هو رفع مستوى ال ّ‬
‫ي‪ – 5.‬الفكر واالستدالل‪ :‬وهو أه ّم عمليّات الذّهن‪ ،‬ويعني ربط‬ ‫ي والجزئ ّ‬ ‫كلّيةً‪ ،‬وقد شرحنا ذلك في مبحث الكلّ ّ‬
‫سؤال هو‪ :‬إنّه هل يمكننا‬ ‫أمور معلومة لتحصيل أمر مجهول‪ ،‬فهو نوع من التّزاوج والتّناسل في عالم األفكار‪.‬فال ّ‬
‫بالفعل أن نكتسب معلومات جديدة من خالل ربط المعلومات المسبقة المخزونة في الذّهن؟ الجواب‪ :‬نعم‬
‫أن لدينا خمس قبّعات‪ ،‬ثالث منها بيضاء واثنتان حمراء‪ ،‬وضعنا‬ ‫ولتوضيح المقصود نذكر مثاالً فنقول‪:‬نفرض ّ‬
‫الرجال جالسون على‬ ‫ثالثا من الخمس على رأس ثالثة رجال بعد أن شددنا أعينهم‪ ،‬وأخفينا اثنتين منها‪ ،‬هؤالء ّ‬
‫لألول والثّاني أن ينظرا من‬ ‫سلَّم ترتيبا ً من األسفل إلى األعلى وهم ال يرون ما على رؤوسهم كما أنَّه ال يسمح ّ‬
‫فوقهما على الدّرج األعلى‪ ،‬ث ّم نفتح أعينهم ونسأل عن لون القبّعة التي على رؤوسهم ونبدأ من‪:‬الثالث ‪ ...‬ونسأله‬
‫واألول الجالسين تحته يف ّكر قليالً ويقول‪ :‬ال أدري‪.‬وأ ّما الثّاني‬ ‫ّ‬ ‫ما هو لون قبّعتك؟ فبعد ال ّنظر إلى صديقيه الثّاني‬
‫األول فيقول هي حمراء‪.‬فالسّؤال‬ ‫األول الذي هو تحته ويف ّكِّر قليالً يقول َّ‬
‫إن قبَّعتي بيضاء‪.‬وأ ّما ّ‬ ‫بعد أن ينظر إلى ّ‬
‫واألول ما على رأسهما كيف استطاعا معرفة لون قبّعتهما دون الثّالث‪ ،‬وما هو‬ ‫َّ‬ ‫هو أنَّه رغم عدم رؤية الثّاني‬
‫االستدالل الذي تو َّسال به للوصول إلى هذا العلم؟ أقول‪ :‬أ ّما الثّالث فقال ال أدري ألنَّه عندما نظر إلى صاحبيه لم‬
‫ألن إحداهما كانت بيضاء واألخرى حمراء فواحدة من الثّالث الباقية‬ ‫تكن قبّعتهما دليالً على شيء أصالً َّ‬
‫َ‬
‫حمراء‪ ،‬واثنتان بيضاء‪ ،‬فال يدري ما على رأسه أهي الحمراء أم البيضاء؟ نعم في صورة واحدة كان بإمكانه‬
‫معرفة لون قبّعته وذلك فيما لو كان لون قبّعتي صاحبيه حمراوين‪ ،‬فبطبيعة الحال تكون قبّعته بيضاء‪.‬وأ ّما الثّاني‬
‫األول ليستا حمراوتين وإالّ كيف يقول ال‬ ‫بأن ما على رأسه وصاحبه ّ‬ ‫فبمجرد ما سمع من صاحبه ال أدري علم َّ‬ ‫ّ‬
‫األول بيضاوتان أو إحداهما بيضاء واألخرى حمراء ولكن حيث شاهد قبّعة‬ ‫أدري‪ ،‬فإذا ً إ ّما قبّعته وصاحبه َّ‬
‫أن ما على رأسه بيضاء‪.‬‬ ‫األول حمراء عرف وبالتّأكيد َّ‬ ‫َّ‬
‫‪389‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫األول ليستا حمراوتين وذلك من خالل‬ ‫إن قبّعته وقبّعة ّ‬ ‫والحاصل أن علمه حصل من خالل علمين مسبقين‪:‬أ – ّ‬
‫األول حمراء‪.‬وأ ّما األول علم بأن التي على رأسه الب ّد وأن تكون‬ ‫سماع (ال أدري) من الثّالث‪.‬ب–إن قبّعة َّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫حمراء وذلك من خالل علمين‪ :‬أ – من قول الثالث ال أدري علم أنه ال يمكن أن تكون قبّعته وصاحبه كالهما‬
‫إن قبّعته بيضاء‪.‬فهذا المثال مع بساطته يوصلنا إلى أ َّنه للذّهن أن‬ ‫حمراوتين‪.‬ب – من قول الثّاني حيث قال َّ‬
‫يكشف مجهوالً ما من غير االستعانة بالمشاهدة بل من خالل القياس والتّجزئة والتّحليل‪.‬فمع التّأ ّمل يعرف‬
‫أن ذهنه في مثل هذه الموارد يش ّكِّل قياسات منطقيَّة متعدّدة‪ ،‬ففي هذا المثال نشاهد أن القياسات‬ ‫اإلنسان َّ‬
‫الرجل الثّاني هي‪:‬‬ ‫الذّهنيّة التّّي أجراها ّ‬
‫استثنائي)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لو كانا حمراوتين لما قال الثّالث ال أدري‪ ،‬ولكنَّه قال‪ ،‬فليستا حمراوتين (قياس‬
‫األول والثّاني ليسا حمراوتين‪.‬‬ ‫أن قبّعة ّ‬ ‫والنّتيجة إلى اآلن َّ‬
‫األول ليستا حمراوتين‪ ،‬فإ ّما كالهما بيضاوتان‪ ،‬وإ ّما إحداهما بيضاء واألخرى‬ ‫أن لون قبّعتي وصاحبي ّ‬ ‫ما دام َّ‬
‫حمراء‪.‬‬
‫األول حمراء)‬ ‫أن التي على رأس َّ‬ ‫ولكن ليستا بيضاوتين (ألنَّه شاهد َّ‬
‫إن إحداهما بيضاء واألخرى حمراء‪.‬‬ ‫النّتيجة َّ‬
‫األول بيضاء‪ّ ،‬‬
‫لكن قبّعة‬ ‫َّ‬ ‫ّعة‬ ‫ب‬‫وق‬ ‫حمراء‬ ‫ّعتي‬ ‫ب‬‫ق‬ ‫ا‬‫م‬‫ّ‬ ‫وإ‬ ‫حمراء‪،‬‬ ‫ل‬ ‫األو‬
‫َّ‬ ‫ّعة‬ ‫ب‬‫وق‬ ‫بيضاء‬ ‫عتي‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ا‬‫م‬‫ّ‬ ‫إ‬ ‫أخرى‪:‬‬ ‫من ناحية‬
‫األول حمراء‬ ‫َّ‬
‫إن قبّعتي بيضاء‪.‬‬ ‫النّتيجة َّ‬
‫الرجل األول فهي‪:‬‬ ‫وأ ّما القياسات الذّهنيّة التي أجراها ّ‬
‫لو كانت قبّعتي وقبّعة الثّاني كالهما حمراوتين لم يقل الثالث ال أدري‪،‬‬
‫ّ‬
‫ولكن قال ال أدري‪،‬‬
‫استثنائي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النّتيجة إنَّهما ليستا حمراوتين (قياس‬
‫فما دام أنَّهما ليستا حمراوتين فإ ّما كالهما بيضاوتان وإ ّما إحداهما بيضاء والثّانية حمراء‪،‬‬
‫لكن كالهما ليستا بيضاوتين أل َّنه لو كانتا كذلك لما استطاع الثّاني أن يعرف لون قبّعته وأنَّها بيضاء‪.‬‬
‫استثنائي)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النّتيجة إحداها حمراء والثّانية بيضاء (قياس‬
‫ث َّم يقول‪:‬‬
‫إ ّما قبّعتي هي حمراء وقبّعة صديقي بيضاء أو العكس‪.‬‬
‫أن قبّعته بيضاء‪.‬‬ ‫ولكن لو كانت قبّعتي بيضاء لما عرف الثّاني َّ‬
‫إن قبّعتي ليست بيضاء بل هي حمراء‪.‬‬ ‫النّتيجة َّ‬
‫إن القياسات الثّالثة التي أجراها الثّاني تشتمل على مقدّمة واحدة معتمدة على المشاهدة وأ ّما بالنسبة إلى‬ ‫تنبيه‪َّ :‬‬
‫األول ال دور للمشاهدة أصالً‪.‬‬ ‫قياسات َّ‬
‫األشكال األربعة‬
‫ينقسم القياس االقتراني(باعتبار وجود الحدّ األوسط في الصغرى والكبرى) إلى صور وأشكال أربعة كما يلي‪:‬‬
‫األول‬
‫‪– 1‬الشّكل ّ‬
‫صغرى وموضوعا ً في الكبرى‪.‬‬ ‫يكون الحدّ الوسط فيه محموالً في ال ّ‬
‫مثال‪:‬‬
‫* ك ّل مسلم يعتقد بالقرآن (صغرى)‪.‬‬
‫* وك ّل من يعتقد بالقرآن يعتقد بالوحدة بين المسلمين (كبرى)‪.‬‬
‫* فك ّل مسلم يعتقد بالوحدة بين المسلمين (نتيجة)‪.‬‬
‫صغرى وموضوعا ً في الكبرى‪.‬‬ ‫فالحدّ األوسط وهو (المعتقد بالقرآن) قد وقع محموالً في ال ّ‬
‫شكل‬ ‫فلو صدقت المقدّمتان‪ ،‬تكون ال ّنتيجة أيضا ً بالبداهة صادقة‪ ،‬فال نحتاج إذا ً إلى إقامة البرهان إلثبات صحّة ال ّ‬
‫األول [‪]...‬‬ ‫ّ‬
‫األول‪:‬‬‫شروط الشّكل ّ‬
‫صغرى‪:‬‬ ‫‪ – 1‬إيجاب ال ّ‬
‫فلو كانت سالبة ال يكون القياس منتجا ً‪.‬‬
‫وذلك‪ :‬ألنَّه ال نعلم حينئذ أ َّن الحكم الواقع على األوسط في المقدّمة الثّانية (الكبرى) هل يالقي األصغر في‬
‫خارج األوسط أم ال؟ وحيث احتمال األمرين فال ينتج القياس أصالً ال اإليجاب وال السّلب كما لو قلنا‪:‬‬
‫* ال شيء من الحجر بنبات (صغرى)‬
‫* وك ّل نبات نام (كبرى)‬
‫* فإ ّنه ال ينتج اإليجاب (ك ّل حجر نام)‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪390‬‬

‫صغرى قولنا (ال شيء من اإلنسان بنبات)‪،‬‬ ‫ولو أبدلنا بال ّ‬


‫فإنّه ال ينتج السّلب (ال شيء من اإلنسان بنام)‪.‬‬
‫‪ – 2‬كلّيّة الكبرى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتكرر الحد األوسط‪ ،‬ألنه من الممكن أن يكون هذا البعض‬ ‫ّ‬
‫فلو كانت جزئيّة‪ ،‬ال ينتج القياس؛ وذلك ألنه حينئذ لم ّ‬
‫صغرى‪.‬‬ ‫غير ما هو موجود في ال ّ‬
‫فلو قلنا‪:‬‬
‫* ك ّل ماء سائل (صغرى)‬
‫* وبعض السّائل يلتهب بال ّنار (كبرى)‬
‫* فإ َّنه ال ينتح (بعض الماء يلتهب بالنّار)‪.‬‬
‫األول‪:‬‬‫الصّور األربع للشّكل ّ‬
‫كليّة‪:‬‬‫‪ – 1‬موجبتان كلّيّتان ينتج موجبة ّ‬
‫* ك ّل خمر مسكر (صغرى)‪.‬‬
‫* وك ّل مسكر حرام (كبرى)‪.‬‬
‫* فك ّل خمر حرام (نتيجة)‪.‬‬
‫‪ – 2‬موجبة كلّيّة وسالبة كلّيّة ينتج سالبة كلّيّة‪:‬‬
‫* ك ّل خمر مسكر (صغرى)‪.‬‬
‫* ال شيء من المسكر بنافع (كبرى)‪.‬‬
‫* فال شيء من الخمر بنافع (نتيجة)‪.‬‬
‫‪ – 3‬موجبة جزئيّة وموجبة كلّيّة ينتج موجبة جزئيّة‪:‬‬
‫* بعض السّائلين فقراء (صغرى)‪.‬‬
‫صدقة (كبرى)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يستحق ال ّ‬ ‫* وك ُّل فقير‬
‫صدقة (نتيجة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يستحق ال ّ‬ ‫* فبعض السّائلين‬
‫كليّة ينتج سالبة جزئيّة‪:‬‬ ‫‪ – 4‬موجبة جزئيّة وسالبة ّ‬
‫* بعض السّائلين أغنياء (صغرى)‪.‬‬
‫صدقة (كبرى)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يستحق ال ّ‬ ‫ي‬
‫* وال غن ّ‬
‫صدقة (نتيجة)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يستحق ال ّ‬ ‫* فبعض السّائلين ال‬
‫الشّكل الثّاني‪:‬‬
‫فيما لو وقع الحدّ األوسط محموالً في المقدّمتين‪:‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫* ك ّل مسلم معتقد بالقرآن (صغرى)‪.‬‬
‫* وك ّل من يقدّس ال ّنار ال يعتقد بالقرآن (كبرى)‪.‬‬
‫* فال شيء (فال واحد) من المسلمين يقدّس النار (نتيجة)‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫‪ – 1‬اختالف المقدّمتين في الكيف (اإليجاب والسّلب)‪.‬‬
‫كلّيَّة الكبرى (أن تكون الكبرى كلّيّة)‪.‬‬ ‫‪ِّ –2‬‬
‫فلو كانت المقدّمتان موجبتين أو سالبتين أو كانت الكبرى جزئيّة ال ينتج القياس‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫* ك ّل إنسان حيوان (صغرى)‪.‬‬
‫* وك ّل فرس حيوان (كبرى)‪.‬‬
‫وأيضا‪:‬‬
‫* ال شيء من اإلنسان مجتر (صغرى)‪.‬‬
‫* وال شيء من الحمام بمجتر (كبرى)‪.‬‬
‫الشّكل الثّالث‪:‬‬
‫ً‬
‫فيما لو كان الحد األوسط موضوعا في المقدّمتين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫شروطه‪:‬‬
‫صغرى‪.‬‬ ‫‪ – 1‬إيجاب ال ّ‬
‫‪ – 2‬كلّيّة إحدى المقدمتين‪.‬‬
‫الرابع‪:‬‬
‫الشّكل ّ‬
‫‪391‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫حملي؟‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬كيف يرجع مضمون ك ّل قرار إلى قياس‬
‫يتكون ك ّل قرار من جزأين‪ :‬األسباب (‪ ،)motifs‬والحكم‬ ‫ّ‬ ‫إجرائيّاً‪،‬‬
‫(‪ .676 )dispositif‬واألسباب هي جملة األمور الواقعيّة والقانونيّة التي أد ّت‬
‫بالقاضي إلى الح ّل‪ .‬أ ّما الحكم فهو عين الح ّل‪.677‬‬
‫الواقع ّية‬
‫األسباب‬
‫مضمون القرار‬

‫القانون ّية‬ ‫‪motifs‬‬


‫الحكم‬
‫‪dispositif‬‬

‫وث ّم من يعرض األمور بطريقة مختلفة قليال‪ ،‬فيرجع مضمون ك ّل قرار إلى‬
‫ثالثة أجزاء‪ :‬الواقع أو عرض النّزاع (‪ ،)exposé du litige‬واألسباب (إذن‬
‫القانونيّة فحسب) (‪ ،)motifs‬والحكم (‪.678)dispositif‬‬

‫شكل األول)‪،‬وهو أبعد األشكال‬ ‫صغرى ومحموالً في الكبرى (عكس ال ّ‬ ‫فيما لو كان الحدّ األوسط موضوعا ً في ال ّ‬
‫من الذّهن‪.‬‬
‫وشروطه فإ ّما أن تكون‪:‬‬
‫‪ – 1‬كال المقدّمتين موجبتان‪.‬‬
‫صغرى كلّيّة‪.‬‬ ‫‪ – 2‬وال ّ‬
‫‪ ...‬أو‪:‬‬
‫‪ – 1‬اختالف المقدّمتين في اإليجاب والسّلب‪.‬‬
‫‪ – 2‬إحدى المقدّمتين كلّيّة‪.‬‬
‫شيخ‬ ‫أخس من الموجبة"‪ .‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أخس من الكلّيَّة‪ ،‬والسّالبة‬
‫ّ‬ ‫أخس المقدّمتين‪ :‬فالجزئيّة‬
‫ّ‬ ‫إن النّتيجة دائما ً تتبع‬ ‫تنبيه‪َّ :‬‬
‫إبراهيم األنصاري‪ ،‬دروس في المنطق (م س)‪.‬‬
‫انظر أيضاً‪" :‬أنطوان أرنولد" و"پيار نيكول"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 195‬وما بعدها؛ عبد الهادي الفضلي‪ ،‬مذ ّكرة‬
‫المنطق‪ ،‬مؤسّسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬قم – إيران‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪ 131‬وما بعدها؛ يوسف محمود‪ ،‬المنطق‬
‫صورات والتّصديقات‪ ،‬دار الحكمة‪ ،‬الدّوحة‪ ،‬ط ‪ 1414 ،1‬هـ‪ 1994 /‬م‪ ،‬ص ‪ 141‬وما بعدها؛ ابن‬ ‫ي‪ .‬الت ّ ّ‬‫صور ّ‬ ‫ال ّ‬
‫زرعة‪ ،‬منطق ابن زرعة (العبارة‪ ،‬القياس‪ ،‬البرهان)‪ ،‬تحقيق وضبط وتعليق‪ :‬جيرار جيهامي ورفيق العجم‪،‬‬
‫دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1 .‬ص ‪ 108‬وما بعدها؛ ‪Ch. Renouvier, Traité de logique‬‬
‫‪générale et de logique formelle, Librairie Armand Colin, Paris, 1912, T. 1, p. 344 et‬‬
‫‪.s.‬‬
‫أن المقدّمة‬‫وانظر "جون ستيوارت ميل" (‪ ،)John Stuart Mill‬حين يقول‪" :‬رأينا في تحليل القياس ّ‬
‫صغرى تثبت شبها بين حالة جديدة وحالة معروفة بعد؛ أ ّما المقدّمة الكبرى فتعلن عن شيء يسمح لنا‪ ،‬ألنّه‬ ‫ال ّ‬
‫صحيح في الحالة المعروفة‪ ،‬أن نحكم بصحّته في جميع الحاالت المشابهة في خصائص معيّنة للحالة‬
‫األولى"‪John Stuart Mill, préc., Livre II, Chapitre IV, § 1..‬‬
‫‪François-Michel Schroder, Le nouveau style judiciaire, Dalloz, 1978, p. 14 et s. 676‬‬
‫‪ 677‬انظر‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 13. :‬‬
‫‪ 678‬انظر‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 26. :‬‬
‫وانظر‪Alain Sériaux, Le commentaire de textes juridiques. Arrêts et jugements, :‬‬
‫‪Ellipses, Paris, 1997, p. 15.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪392‬‬

‫عرض النّزاع‬
‫‪exposé du‬‬
‫‪litige‬‬

‫مضمون القرار‬
‫األسباب‬
‫القانونيّة‬
‫‪motifs‬‬
‫الحكم‬
‫‪dispositif‬‬

‫سؤال اآلن كيف يرجع هذا المضمون إلى قياس‬ ‫هذا هو مضمون القرار‪ .‬وال ّ‬
‫ي؟ الجواب‪ :‬ما أسمي أسبابا ً قانونيّة يأخذ وضع المقدّمة الكبرى‪ ،‬وما أسمي‬ ‫حمل ّ‬
‫صغرى‪ ،‬وما أسمي حكما ً‬ ‫أسبابا ً واقعيّة أو عرض النّزاع يأخذ وضع المقدّمة ال ّ‬
‫يأخذ وضع النّتيجة‪.‬‬
‫يقول بعضهم‪:‬‬

‫مات ا ألس باب‪ :‬فاملقدّ مة الكربى تتض ّمن القاعدة القانون ّية العا ّمة واجمل ّردة؛ واملقدّ مة‬‫"حتوي املقدّ ُ‬
‫الصغرى تش متل عىل احلاةل الواقع ّية اخل ّاصة‪ .‬أأ ّما النّتيجة فنجد فهيا احلمك"‪.679‬‬
‫ّ‬

‫والقاعدة حسب البعض أن تسبق المقدّمة الكبرى المقدّمةَ ال ّ‬


‫صغرى‪ ،‬لكن أحيانا‬
‫صغرى‪:‬‬
‫تتقد ّم ال ّ‬

‫‪"Les prémisses en sont posées dans les motifs, par une règle de droit, générale et 679‬‬
‫‪abstraite, qui tient lieu de majeure et par une situation de fait particulière et concrète,‬‬
‫‪faisant office de mineure. La conclusion est tirée du dispositif ". Roger Mendegris et‬‬
‫‪Georges Vermelle, préc., p. 36.‬‬
‫ي بصفة دارجة‬ ‫انظر أيضا ً "جون كاربونييه" (‪ ،)Jean Carbonnier‬وهو يقول‪" :‬يوصف النّشاط القضائ ّ‬
‫صغرى معطاة من الوقائع التي أثبتها القاضي في القضيّة؛‬ ‫على أنّه قياس‪ .‬الكبرى هي القاعدة القانونيّة؛ ال ّ‬
‫ي منطقيّا‪ .‬بدون شكّ ‪ ،‬حين تكون القضيّة معقّدة ال يكفي قياس واحد‬ ‫النّتيجة هي قرار القاضي‪ ،‬الذي هو ضرور ّ‬
‫لكن األساس هو دوما القياس‪.‬‬ ‫بل ال بدّ من سلسلة أقيسة‪ّ .‬‬
‫ي للفعل القضائي‪ ،‬لنأخذ مثاال من إجراءات المحكمة الجزائيّة ( ‪cours‬‬ ‫ّ‬ ‫القياس‬ ‫لكي يبرز أكثر التّقسيم‬
‫‪( ]...[ ) d’assises‬كما كانت تعمل في بداية القرن ‪ .)20‬في ذلك الوقت‪ ،‬كانت القاعدة القانونيّة موجودة في‬
‫المجلة الجزائيّة لسنة ‪ :1810‬يعاقب القاتل باإلعدام‪ .‬يسأل المح ّكمون (‪ )Le jury‬ويجيبون‬ ‫ّ‬ ‫الفصل ‪ 302‬من‬
‫المكونة من قضاة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن المتهم (أ) مدان (أو غير مدان) بقتل (ب)؛ والمحكمة‪،‬‬ ‫فقط حول الواقع بأن يعلنوا ّ‬
‫محترفين‪ ،‬هي التي تستخلص النّتيجة من القياس بالحكم على (أ) بالعقوبة الواردة في القانون (أو بإطالق‬
‫سراحه) [‪]...‬‬
‫صغرى ال تستطيع أن توجد بدون القاضي إذ ينبغي أن يثبت الوقائع‪ ،‬وإذن أن يقيّمها؛ وإن احتاج‬ ‫وهكذا فال ّ‬
‫يعرفها‪ .‬مثال‪ :‬النّظام العا ّم‬
‫يخص الكبرى) يحدث أن يستعمل القانون عبارة دون أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫يؤولها [‪( ]...‬فيما‬
‫األمر أن ّ‬
‫(الفصل ‪ ،)6‬التّحايل (الفصل ‪ ]...[ )1167‬على القاضي أن يحدّد معناها"‪Jean Carbonnier, Droit .‬‬
‫‪civil. Introduction (préc.), p. 29 et 30.‬‬
‫‪393‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ابلّضورة متّبعة"‪.680‬‬ ‫"لكن القاعدة اليت مبقتضاها تس بق الكربى ّ‬


‫الصغرى ليست ّ‬ ‫ّ‬

‫ومن يقرأ كتب المنطق التي وضعت في الغرب قديما وحديثا‪ ،‬يجد أنّها تبدأ‬
‫بالكبرى‪ .‬لكن من يقرأ كتب المنطق التي وضعها العرب والمسلمون‪ ،‬يجدها تبدأ‬
‫صغرى‪:‬‬‫بال ّ‬

‫اليوانين‬
‫ّ‬ ‫خيص ترتيب املقدّمات ينحرف املنطق العريب ّمعا هو متداول يف القياس‬ ‫"فامي ّ‬
‫الصغرى دامئا املقدّ مة الكربى‪ .‬وذكل يعود اىل الاختالف يف‬ ‫وال ّال ّ‬
‫تيين‪ .‬ففيه تس بق املقدّ مة ّ‬
‫صياغة أأرضب الشّ لك يف اليواننيّة ويف العربيّة‪ .‬ففي اليواننيّة يتطلّب اس تعامل الفعلّي‬
‫‪( δπάρχειν‬يرجع اىل) و ‪( χατηγορΐυ‬يُقال عىل) قلب حدّي القض ّية‪ ،‬حبيث‬
‫جبدي فرمز اىل‬ ‫املنطقي‪ .‬ومبا أأ ّن أأرسطو ات ّبع ّالّتتيب ا أل ّ‬
‫ّ‬ ‫أأ ّن احملمول جييء قبل املوضوع‬
‫وري –‬ ‫الّض ّ‬ ‫املنطقي ابحلرف (ج)‪ ،‬اكن من ّ‬ ‫ّ‬ ‫املنطقي ابحلرف ( أأ) واىل املوضوع‬
‫ّ‬ ‫احملمول‬
‫املتوسط للحدّ ا ألوسط يف الشّ لك ا أل ّول‪ ،‬اذلي هو معدة ا ألشاكل – أأن تأأيت‬ ‫الظهار املوقع ّ‬
‫الّضب ا أل ّول فيكتب‪:‬‬
‫يعرب أأرسطو عن ّ‬ ‫الصغرى بعد الكربى‪ .‬فهكذا‪ ،‬مثال‪ّ ،‬‬ ‫املقدّ مة ّ‬
‫الّضوري أأن ترجع (أأ)‬ ‫«اذا اكنت ( أأ) ترجع اىل (ب)‪ ،‬واكنت (ب) ترجع اىل (ج)‪ ،‬مفن ّ‬
‫اىل (ج)» (التّحليالت ا ألوىل‪.).40 – 38 .25 .4 .I .‬‬
‫يف املقابل‪ ،‬بقي العرب‪ ،‬يف التّعبري عن القض ّية املنطقيّة‪ ،‬أأمناء للّغة العرب ّية‪ ،‬اليت تبتدئ فهيا‬
‫املتوسط اذلي يشغهل‬ ‫القض ّية الامس ّية ابملوضوع‪ .‬لكن يف مثل هذا ّالّتكيب‪ ،‬ال يعود املوقع ّ‬
‫احلدّ ا ألوسط بّي ا ّلطرفّي بي ّن ًا االّ اذا عكس ترتيب املقدّمات‪ .‬هذا متاما ما فعهل ابن سينا‬
‫يغريوا رموز احلدود ِوفقا ل ّلّتتيب‬
‫و أأتباعه‪ .‬يشهد عىل ذكل أأ ّن معظم مناطقة العرب‪ ،‬بدل أأن ّ‬
‫جبدي معكوس‪ .‬لهذا‬ ‫اجلديد‪ ،‬أأبقوا عىل احلروف اليت اختارها أأرسطو‪ ،‬حفصل عندمه ترتيب أأ ّ‬
‫لك (ج) هو (ب)‪،‬‬ ‫الّضب ا أل ّول من الشّ لك ا أل ّول عىل النّحو التّايل‪« :‬اذا اكن ّ‬ ‫يكتبون ّ‬
‫لك (ج) هو ( أأ)»" ‪.‬‬
‫‪681‬‬ ‫فبّي أأ ّن ّ‬
‫لك (ب) هو ( أأ)‪ّ ،‬‬‫و ّ‬

‫صغرى يجعل القياس أوضح حين نكتب بالعربيّة‪.‬‬ ‫وهكذا فالبدء بالمقدّمة ال ّ‬
‫سبب أنّنا نبدأ بأصغر حدّ (هو الحدّ الذي أسميناه أصغراً)‪ ،‬فندخله في حدّ‬ ‫وال ّ‬

‫‪"Toutefois, la règle en vertu de laquelle la majeure doit précéder la mineure n’est 680‬‬
‫‪pas nécessairement respectée". Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 36.‬‬
‫‪ 681‬عادل فاخوري‪ ،‬منطق العرب من وجهة نظر المنطق الحديث‪ ،‬دار ّ‬
‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1993 ،3‬ص‬
‫‪ 84‬و ‪.85‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪394‬‬

‫مر‬
‫صغرى‪ .‬ث ّم ن ّ‬ ‫أكبر منه (هو الحدّ الذي أسميناه أوسطاً)‪ ،‬وهذا يعطي المقدّمة ال ّ‬
‫فنضع هذا الحدّ األوسط في حدّ أكبر منه (هو الحدّ الذي أسميناه أوسطاً)‪.‬‬
‫الح ّد األوسط‬ ‫الح ّد األصغر‬

‫الح ّد األكبر‬

‫األول في الحدّ الثّالث‪ ،‬أي يجعل النّتيجة‪ ،‬مسألة‬ ‫وك ّل هذا يجعل دخول الحدّ ّ‬
‫واضحة‪.‬‬
‫مرة أخرى إلى مضمونها‪ ،‬وجب أن‬ ‫فإذا تركنا اآلن ترتيب المقدّمات وعدنا ّ‬
‫نقول بتدقيق أكبر من الذي سبق‪:‬‬
‫صغرى حاصلها‪ :‬إدخال واقع (الواقع هو الموضوع في المقدّمة)‬ ‫إن المقدّمة ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي هو المحمول في المقدّمة)‪.‬‬ ‫صنف القانون ّ‬
‫ي (ال ّ‬‫في صنف قانون ّ‬
‫ي هو‬ ‫صنف القانون ّ‬ ‫ي (ال ّ‬ ‫صنف القانون ّ‬ ‫إن المقدّمة الكبرى حاصلها‪ :‬إدخال ال ّ‬ ‫ّ‬
‫سلوك بصفة مباشرة أو ّ‬
‫ينظمه‬ ‫ي ّ‬
‫ينظم ال ّ‬ ‫الموضوع في المقدّمة) في حكم قانون ّ‬
‫بصفة غير مباشرة (الحكم هو المحمول في المقدّمة)‪.‬‬
‫صنف‬ ‫نؤول القانون لكي نكون أمام ال ّ‬ ‫صغرى‪ ،‬ينبغي أن ّ‬ ‫(في المقدّمة ال ّ‬
‫صنف؛ في المقدّمة‬ ‫نؤول الواقع على أنّه يدخل في ال ّ‬ ‫ي‪ ،‬ث ّم ينبغي أن ّ‬ ‫القانون ّ‬
‫صنف بحكم)‬ ‫الكبرى نستعمل نفس التّأويل للقانون ونربط ال ّ‬
‫ينجر الح ّل‬
‫ّ‬ ‫ي‪ ،‬أي‬
‫ينجر بالضّرورة دخول الواقع في حكم قانون ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن المقد ّمتين‬
‫الذي يعطيه القاضي للنّزاع ‪.‬‬
‫‪682‬‬

‫‪ 682‬قلنا سابقا (الفقرة عدد ‪ّ )179‬‬


‫إن تأويل القانون يعطينا معناه‪.‬‬
‫وقلنا‪:‬‬

‫الحكم‬ ‫الفرض‬ ‫المعنى‬


‫‪395‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إذن‪:‬‬
‫ال ب ّد من تأويل‬
‫إدخال الواقع في‬
‫القانون للوصول‬ ‫المقدّمة الصّغرى‬
‫الفرض‬
‫إلى الفرض‬
‫ال ب ّد من تأويل‬
‫القانون للوصول‬ ‫إعطاء الفرض‬
‫المقدّمة الكبرى‬
‫إلى الفرض‬ ‫الحكم‬
‫والحكم‬
‫إعطاء الواقع‬
‫النّتيجة‬
‫الحكم‬

‫وفي ال ّنظام القضائي العدلي التّونسي اليوم تراقب محكمة التّعقيب عمل المحاكم على مستوى المقدّمة الكبرى‬
‫الز ّروقي‪ ،‬مقدّمة للقانون‪ :‬م س) ما‬ ‫صغرى‪ .‬جاء في درس لنا غير منشور (عبد المجيد ّ‬ ‫وعلى مستوى المقدّمة ال ّ‬
‫صة مراجع لفقهاء أخذنا عنهم بعض األفكار وأحيانا بطريقة‬ ‫يلي (لتفادي اإلطالة محونا الهوامش‪ ،‬وفيها خا ّ‬
‫حرفيّة)‪:‬‬
‫إن محكمة التّعقيب هي محكمة قانون‪ .‬الجواب‪ :‬يعني أنّها تراقب تأويل القانون‬ ‫"لكن ماذا يعني بالضّبط القول ّ‬
‫صغرى في القياس المعتمد من المحكمة المطعون‬ ‫وتعليل القرارات‪ ،‬أي تراقب المقدّمة الكبرى والمقدّمة ال ّ‬
‫بالتّعقيب في حكمها أو قرارها‪.‬‬
‫‪ /1 .2 .1‬مراقبة كبرى القياس (أو المراقبة الكبرو ّية)‬
‫ي‪ّ .‬‬
‫لكن‬ ‫أن هذا الوصف يحقّق المساواة واالستقرار القانون ّ‬ ‫أن القاعدة القانونيّة تتّصف بالعموم‪ ،‬ورأينا ّ‬ ‫رأينا سابقا ّ‬
‫المؤولون (ما يعنينا منهم هنا القضاة)‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬ال تنطبق صيغة‬ ‫ّ‬ ‫القاعدة القانونيّة ال تنطق‪ ،‬بل ينطق بها‬
‫القاعدة القانونيّة‪ ،‬بل معناها‪ .‬هذا المعنى يستخرجه القضاة‪ .‬لذا ث ّم إمكانيّة ألن تصير القاعدة – التي وضعها‬
‫المشرع عا ّمة لتحقّق المساواة واالستقرار – غير عا ّمة‪ ،‬إذا أعطتها هذه المحكمة معنى وأعطتها محكمة أخرى‬ ‫ّ‬
‫معنى آخر‪.‬‬
‫من هنا جاء دور محكمة التّعقيب في مراقبة تأويل قضاة األصل للقانون‪ .‬فهذه المراقبة تهدف إلى جعل هؤالء‬
‫أن المعنى الذي ينبغي هو المعنى المراد من صاحب القانون)‪.‬‬ ‫القضاة يعطون القانون المعنى الذي ينبغي (رأينا ّ‬
‫والمعنى الذي ينبغي واحد‪ .‬لذا فدور مراقبة تأويل القانون يفضي إلى توحيد معنى القانون‪ ،‬أي في النّهاية إلى‬
‫أن الواضح هو الذي له معنى وحيد)‪ .‬وتوحيد معنى القانون وتوضيحه يفضي إلى المساواة‬ ‫توضيحه (رأينا ّ‬
‫وإلى االستقرار‪.‬‬
‫تصورين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يخص تحقيق هدف توحيد معنى القانون ومن ث ّم توضيحه‪ ،‬بين‬ ‫ّ‬ ‫ويفرق بعضهم‪ ،‬فيما‬ ‫ّ‬
‫أن هذا الهدف يتحقّق باإلقناع ال بالسّلطة‪ .‬لذا تنتقى القضايا التي‬ ‫تصور يتّبع في بريطانيا وفي بالد أخرى مفاده ّ‬ ‫ّ‬
‫عللت قضاءها‬ ‫تطرح على المحكمة العليا ِّوفق معيار إسهام القضاء فيها في توحيد القانون‪ .‬فإذا قضت فيها‪ّ ،‬‬
‫تعليل من يسعى النتزاع الموافقة ومن ث ّم االتّباع‪.‬‬
‫صور أن على المحكمة العليا‪ ،‬بعد تحديد‬ ‫تصور يتّبع في فرنسا وفي غيرها‪ .‬حاصل هذا الت ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقابل ذلك هنالك‬
‫معنى القانون‪ ،‬أن تنقض ك ّل قضاء يسير إلى معنى مغاير لما ت ّم تحديده‪ .‬بسلطة النّقض هذه تصل المحكمة العليا‬
‫صور ال يمكن انتقاء القضايا التي ت َم َّرر للمحكمة العليا‪ ،‬فك ّل قضاء مخالف‬ ‫إلى توحيد معنى القانون‪ .‬مع هذا الت ّ ّ‬
‫ينبغي أن يراقب وينقض‪.‬‬
‫وما جاء إلى حدّ اآلن هو مراقبة لجزء من عمل القاضي‪ ،‬أي لجزء من القياس وتحديدا لكبراه‪ ،‬لكن في القياس‬
‫أيضا صغرى ال تت ّم مراقبة جميع عمل القاضي إالّ بمراقبتها هي كذلك‪.‬‬
‫‪ /2 .2 .1‬مراقبة صغرى القياس (أو المراقبة الصّغرويّة)‬
‫يؤول القاضي القانون ويطبّقه على المتخاصمين أمامه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يؤول القانون‪ :‬هذا يعني أ ّنه يعطيه معناه الذي ينبغي‪ ،‬أي يحدّد الفرض الذي ينبغي والحكم الذي ينبغي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ومراقبة هذا البعد في عمل القاضي هي مراقبة لكبرى القياس الذي يقوم به القاضي‪.‬‬
‫يطبّق القانون‪ :‬هذا يعني أنّه يدخل الواقع المعروض عليه في الفرض لكي يسحب عليه حكم ذلك الفرض‪.‬‬
‫ومراقبة هذا البعد في عمل القاضي هي مراقبة لصغرى القياس‪.‬‬
‫والمراقبة األولى هي مراقبة للجسر الذي يقيمه القاضي بين القانون ومعنى القانون‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪396‬‬

‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫الصّنف‬ ‫الواقع‬

‫القانوني‬
‫ّ‬ ‫الحكم‬

‫مثال ذلك – سنأخذ المثال من قرار ‪ 1985‬الذي سنعمل عليه في العنوان‬


‫المتعلّق بتجسيم منهجيّة التّعليق‪:–683‬‬

‫األول‬
‫القياس ّ‬

‫صورة غلط‬
‫في ذات‬
‫المح ّل التقت‬ ‫هي‬ ‫هذه الصّورة‬
‫فيها اإلرادات‬
‫من قبيل الغلط‬ ‫ك ّل صورة‬
‫ّي‬
‫الماد ّ‬ ‫غلط في ذات‬
‫هي‬
‫المنصوص عليه‬ ‫المح ّل التقت‬
‫بالفصل ‪47‬‬ ‫فيها اإلرادات‬

‫من قبيل الغلط‬


‫ّي المنصوص‬ ‫الماد ّ‬ ‫هي‬ ‫هذه الصّورة‬
‫عليه بالفصل ‪47‬‬

‫لكن هذه المراقبة تكون منقوصة إذا لم تصحبها مراقبة أخرى‪ .‬وفعال فدور القاضي ليس تأويل القانون في‬ ‫ّ‬
‫المطلق بل تأويل القانون لتطبيقه على واقع‪ .‬على هذا المستوى الثّاني من عمله‪ ،‬ينظر القاضي في واقع ث ّم‬
‫إن الواقع الذي أمامه يدخل في القانون الذي اختاره‪ .‬فإذا أريد تفادي تح ّكم‬ ‫يدخله في معنى القانون‪ ،‬أي هو يقول ّ‬
‫األول من عمله بل على مستوى الجانب الث ّاني أيضاً‪.‬‬ ‫القاضي‪ ،‬تنبغي مراقبته ال على مستوى الجانب ّ‬
‫بعبارة أخرى تنبغي مراقبة عمليّة استدالل القاضي على معنى القانون وتبيّن مدى سالمتها‪ .‬هذا يقتضي من‬
‫القاضي‪ ،‬لكي يم ّكن محكمة التّعقيب من المراقبة‪ ،‬أن يبرز في قضائه ما يسمح بمعرفة تلك العمليّة‪ .‬ويتض ّمن ما‬
‫جاء للت ّ ّو أن يجيب القاضي على ما أثاره المتخاصمون من إمكانيّات مختلفة لتأويل للقانون‪.‬‬
‫أن الواقع الذي أمامه هو حقّا ً يدخل في القانون المختار‪ .‬هذا‬ ‫كما تنبغي مراقبة عمليّة استدالل القاضي على ّ‬
‫يقتضي من القاضي‪ ،‬لكي يم ّكن محكمة التّعقيب من المراقبة‪ ،‬أن يبرز في قضائه ما يسمح بمعرفة الواقع‪.‬‬
‫والمراقبة الثّانية‪ ،‬وخا ّ‬
‫صة المراقبة األولى‪ ،‬تسمح بميالد ما يس ّمى بفقه القضاء"‪.‬‬
‫‪ 683‬انظر الفقرة عدد ‪.199‬‬
‫‪397‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫القياس الثّاني‬

‫صورة غلط في ذات‬


‫المح ّل ال تلتقي فيها‬ ‫هي‬ ‫هنالك صورة‬
‫اإلرادات‬
‫من باب‬
‫ك ّل صورة غلط في‬
‫الغلط المانع‬
‫هي‬ ‫ذات المح ّل ال تلتقي‬
‫الذي يعدم‬
‫فيها اإلرادات‬
‫الرضا‬
‫ّ‬
‫من باب الغلط‬
‫المانع الذي‬ ‫هي‬ ‫هنالك صورة‬
‫الرضا‬
‫يعدم ّ‬

‫القياس الثّالث‬

‫صورة غلط في ذات‬


‫المح ّل ال تلتقي فيها‬ ‫هي‬ ‫هنالك صورة‬
‫اإلرادات‬
‫من باب الغلط‬ ‫ك ّل صورة غلط في‬
‫الذي يفسد‬ ‫هي‬ ‫ذات المح ّل ال تلتقي‬
‫الرضا‬
‫ّ‬ ‫فيها اإلرادات‬
‫من باب الغلط‬
‫الذي يفسد‬ ‫هي‬ ‫هنالك صورة‬
‫الرضا‬
‫ّ‬

‫‪ ―.191‬التّعليق ‪Le commentaire‬‬


‫هذا هو مضمون القرار‪ ،‬لكن ما التّعليق على قرار‪684‬؟‬
‫أن التّعليق (‪ )commentaire‬هو تحليل (‪)analyse‬‬ ‫تتّفق المؤلّفات على ّ‬
‫لمحتوى القرار ومعه تفكير (‪ )réflexion‬في قيمته (‪ )valeur‬ومداه‬
‫(‪.685)portée‬‬

‫‪ 684‬قلنا في الفقرة عدد ‪ 132‬إنّنا نستعمل عبارة الدّراسة‪ ،‬والتّعليق‪ ،‬والتّحليل‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والتّأويل‪ ،‬والت ّفسير‪،‬‬
‫لكن األمر – وألسباب ترجع إلى العرف عند من كتب في‬ ‫شرح‪ ،‬على أنّها تفيد معنى واحد‪ّ .‬‬ ‫والت ّفكيك‪ ،‬وال ّ‬
‫منهجيّة دراسة القرار – سيتغيّر قليال اآلن‪.‬‬
‫‪ 685‬انظر مثال‪Henri Mazeaud, préc., p. 56 ; Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. :‬‬
‫‪169 ; Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 85 et s. ; Jérôme Bonnard,‬‬
‫‪préc., p. 119 .‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪398‬‬

‫تحليل‬
‫‪ ...‬القيمة‬ ‫الت ّعليق =‬
‫تفكير في ‪...‬‬
‫‪ ...‬المدى‬

‫فما تحليل قرار؟ وما التّفكير في قيمته وفي مداه؟‬


‫‪ ―.192‬أ ّوالً‪ :‬ما حتليل قرار؟‬
‫ومكونات القرار كما رأينا مقدّمة صغرى‪،‬‬ ‫ّ ِّ‬ ‫مكوناته‪.‬‬
‫تحليل قرار هو ردّه إلى ّ ِّ‬
‫ومقدّمة كبرى‪ ،‬ونتيجة‪.‬‬
‫ي في حكم‬ ‫مكون على اإلطالق هو المقدّمة الكبرى‪ ،‬أي إدخال صنف قانون ّ‬ ‫وأه ّم ّ ِّ‬
‫مكون هو تأويل‬ ‫ي‪ .‬بعبارة أخرى سبقت معنا وأتينا بها في رسم ‪ :‬أه ّم ّ ِّ‬
‫‪686‬‬
‫قانون ّ‬
‫نص‪ 687‬ووصولها إلى معنى ومن ث ّم إلى‬ ‫ّ‬ ‫المحكمة للقانون‪ ،‬أي انطالقها من‬
‫ص‬‫حكم القانون‪ .‬ك ّل ذلك بدليل‪ .‬هذا الدّليل هو الدّليل المستنبَط به‪ ،‬أ ّما النّ ّ‬
‫المنطلق منه فدليل بدوره‪ ،‬لكنّه دليل مستن َبط منه‪.‬‬
‫والدّليل المستنبَط منه قد تذكره المحكمة وقد ال تذكره‪ .688‬فإذا لم تذكره‪ ،‬وجب‬
‫على صاحب التّعليق استحضاره لكي يستطيع القيام بعمله‪.‬‬
‫حق الدّليل المستن َبط به‪ .‬لكن ما تجب إضافته هنا ّ‬
‫أن هذا‬ ‫نفس الكالم يص ّح في ّ‬
‫الخاص (المنهجيّة‬‫ّ‬ ‫الدّليل هو موضوع علم الحجج العا ّم (المنطق) وعلم الحجج‬
‫ي‬
‫القانونيّة)‪ .‬فإذا كان لنا تكوين في هذين العلمين‪ ،‬استطعنا القيام بتحليل حقيق ّ‬
‫سلطة (تأويل الفقه‬ ‫للقرار؛ وإن لم يكن لنا هذا التّكوين‪ ،‬فإ ّما أن نستند إلى ح ّجة ال ّ‬
‫ص) وإ ّما أن نقوم بسلخ‪ . 689‬في الحالة األولى ال نقوم بتحليل‬ ‫والقضاء للنّ ّ‬
‫سلطة التي‬ ‫ي‪ ،‬وتكون قيمة ما نأتيه مرتبطة بقيمة ما جاء عند ال ّ‬ ‫شخص ّ‬
‫صورة الثّانية فال نقوم بتحليل من األصل‪.‬‬ ‫اعتمدناها؛ أ ّما في ال ّ‬

‫‪ 686‬انظره في الفقرة عدد ‪.179‬‬


‫‪ 687‬ك ّل واقعة من الوقائع التي يعيشها اإلنسان إ ّما أن نعثر لها في القانون على حكم‪ ،‬وإ ّما أن ال نعثر لها على‬
‫حكم‪ .‬وعثورنا على الحكم مردّه استعمال نوع من األدلّة‪ ،‬أ ّما حين ال نعثر على الحكم‪ ،‬فإنّا نستعمل نوعا ثانيا‬
‫من األدلّة‪.‬‬
‫بعبارة مختلفة‪ :‬ك ّل واقعة يعيشها اإلنسان يتوفّر فيها دليل من النّوع الثّاني‪ .‬والمستنبط‪ ،‬إذا وجد دليال من النّوع‬
‫األول‪ ،‬ترك الدّليل من النّوع الثّاني‪ .‬وإذا لم يجد ذاك الدّليل من النّوع األ ّول‪ ،‬أخذ بالدّليل من النّوع الثّاني‪.‬‬‫ّ‬
‫‪ 688‬في تونس مثالً‪ ،‬ال تجبر مجلّة المرافعات المدنيّة والتّجاريّة المحاكم على ذكر النّ ّ‬
‫ص‪.‬‬
‫‪ 689‬حول معنى السّلخ انظر الفقرة عدد ‪.132‬‬
‫‪399‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫علمي الحجج لفهم نصوص محاوراتنا‬ ‫ْ‬ ‫وقد ينبغي التّوقّف هنا للقول إنّنا ال نحتاج‬
‫ي‪ .‬لكن ث ّم‬ ‫ص القانون ّ‬ ‫نص‪ ،‬ومنه النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليوميّة‪ .‬واألمر كذلك مبدئيّا ً مع ك ّل‬
‫ص يستغلق وتجعل من يريد فهمه فهما ً علميّا ً‬ ‫معطيات‪ ،‬إن توفّرت‪ ،‬تجعل النّ ّ‬
‫بحاجة إلى أدوات علم المنطق وعلم المنهجيّة‪ .‬ومن ينظر إلى واقع القوانين‬
‫ي‪ ،‬وغيرهما)‪ ،‬يجد تلك‬ ‫ي‪ ،‬والتّونس ّ‬ ‫المعاصرة اليوم (ومنها القانون الفرنس ّ‬
‫المعطيات متوفّرة‪ ،‬ويجد أنّه ال يمكن لمن يتصد ّى لدور فهم القانون أن يؤدّي ما‬
‫عليه دون تكوين مسبق في العلمين المذكورين منذ قليل (وما يرتبط بهما من‬
‫علوم أخرى)‪.690‬‬
‫والمشكل في فرنسا (ومن ث ّم في تونس وغيرها من البلدان التي نقلت وما زالت‬
‫ي في مادّة القانون) أنّها ما زالت – على‬ ‫ي الفرنس ّ‬ ‫تنقل نظام التّدريس الجامع ّ‬
‫األق ّل فيما هو سائد – تعيش فهم القانون ِّوفق النّمط الذي سبق وجود المعطيات‬
‫يخص ما نحن بصدده‪ ،‬تقترح‬ ‫ّ‬ ‫التي ذكرناها منذ قليل‪ .‬لذلك نجد الكتب‪ ،‬فيما‬
‫ي على ما قاله عنه الفقه والقضاء ‪ .‬نعم‬
‫‪691‬‬
‫ص القانون ّ‬ ‫التّعويل في عمليّة تحليل النّ ّ‬
‫هي تضيف أحيانا االستناد إلى األعمال التّحضيريّة‪ ،692‬لكنّها ال تقدّم اقتراحات‬
‫ص جديدا لم يقل الفقه والقضاء‬ ‫المؤول في صورة ما إذا كان النّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلبّي حقّا ً حاجة‬
‫فيه شيئا ً بعد وال توجد له أعمال تحضيريّة يعتدّ بها في فهمه‪ ،‬أو في صورة ما‬
‫إذا كان قديما ولم يكتب فيه أحد ولم يتّفق لمحكمة أن طبّقته وليست له أعمال‬
‫تحضيريّة يمكن استعمالها لفهمه‪.‬‬
‫فإذا أردنا أن نعيش فهم القانون ِّوفق نمط يأخذ بعين االعتبار ما عليه القانون‬
‫علمي الحجج وما جاء في‬ ‫ْ‬ ‫اليوم‪ ،‬فال طريق أمامنا عندها إالّ تعلّم ما جاء في‬
‫علوم أخرى مرتبطة بهذين العلمين‪.‬‬
‫حق القيام‪،‬‬‫ي ّ‬ ‫ص القانون ّ‬ ‫فإذا فعلنا‪ ،‬استطعنا عندها أن نقوم بتمرين دراسة النّ ّ‬
‫حق اإلتيان‪ ،‬واستطعنا بعد‬ ‫واستطعنا بعد ذلك أن نأتي تمرين التّعليق على قرار ّ‬
‫ذلك االشتغال على تمرين االستشارة كما ينبغي االشتغال‪ .‬فك ّل هذه التّمارين‬
‫نص واستعمال دليل – بسبب المعطيات‬ ‫تحتاج امتالك القدرة على االنطالق من ّ‬
‫ص‪ .‬هذا الدّليل نستقيه من العلوم‬ ‫المشار إليها سابقا – للوصول إلى معنى النّ ّ‬
‫نمر وأن نقوم بتمرين‬ ‫الوارد ذكرها منذ قليل‪ .‬بعد ك ّل الذي تقدّم‪ ،‬يمكن أن ّ‬

‫تعرضنا إلى هذه المسألة بتفصيل أكبر في مقدّمة درسنا المتعلّق بمنهجيّة الفقه اإلسالم ّ‬
‫ي أو أصول الفقه‬ ‫‪ّ 690‬‬
‫(غير منشور)‪.‬‬
‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 96 691‬‬
‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 100. 692‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪400‬‬

‫أن المقالة‪ ،‬ال نحتاج فيها فقط إلى تكوين وإنشاء‬ ‫سبب ّ‬‫المقالة كما يجب القيام‪ .‬وال ّ‬
‫مادّة قانونيّة‪ ،‬أي إلى قدرة على إعطاء النّصوص القانونيّة معانيها‪ ،‬بل نحتاج‬
‫فيها أيضا ً إلى القدرة على اكتشاف فكرة تثبت في تلك المادّة القانونيّة‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪:‬‬
‫سبب أن ث ّم‬ ‫علمي الحجج وما يرتبط بهما من علوم‪ .‬وال ّ‬ ‫ْ‬ ‫علينا ّأوالً أن ّ‬
‫نتكون في‬
‫معطيات جعلت القوانين المعاصرة ال يمكن أن تف َهم كما تف َهم نصوص‬
‫المحاورات اليوميّة أو كما تف َهم القوانين التي لم تلحقها تأثيرات تلك المعطيات‪.‬‬
‫ي (أو‬ ‫نص قانون ّ‬‫فإذا حصل هذا التّكوين‪ ،‬أمكن عندها القيام بتمرين التّعليق على ّ‬
‫ي)‪.‬‬ ‫عقد ّ‬

‫تحصيل علوم‬
‫الحجج‬
‫•ألنّ الت ّعليق‬
‫نص‬
‫على ّ‬
‫هو‬ ‫فتح إمكانيّة‬
‫استخراج‬ ‫ص‬
‫الت ّعليق على ن ّ ّ‬
‫معناه‬ ‫قانون أو عق ٍد‬
‫ٍ‬
‫بواسطة‬
‫الحجج‬

‫ي‪ ،‬هنالك يمكن المرور والتّعليق‬ ‫فإذا أمكن القيام بتمرين التّعليق على ّ‬
‫نص قانون ّ‬
‫أن التّعليق على قرار هو (باألساس) تعليق على تعليق‬ ‫سبب ّ‬ ‫على قرار‪ .‬وال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫نص قانون ّ‬
‫(المحكمة) على ّ‬

‫تحصيل مقدرة‬
‫ص‬
‫الت ّعليق على ن ّ‬
‫قانوني‬
‫ّ‬
‫•ألنّ الت ّعليق‬
‫على قرار‬
‫فتح إمكانيّة‬
‫ق‬‫هو تعلي ٌ‬ ‫الت ّعليق على‬
‫على تعليق‬
‫المحكمة‬ ‫قرار‬
‫نص‬‫على ّ‬
‫فإذا أمكن القيام بتمرين التّعليق على قرار‪ ،‬أي إذا أمكن العمل على ّ‬
‫نص (هو‬
‫نص القرار) يستخرج معنى القانون وحكمه ث ّم يطبّق هذا الحكم على واقع‪،‬‬‫ّ‬
‫‪401‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫سبب ّ‬
‫أن االستشارة – كما سنرى‬ ‫عندها يمكن المرور إلى تمرين االستشارة‪ .‬وال ّ‬
‫– أن نفعل ما تفعله المحكمة‪.693‬‬

‫تحصيل مقدرة‬
‫الت ّعليق على قرار‬

‫•ألنّ‬
‫االستشارة‬ ‫فتح إمكانيّة‬
‫هي فعل ما‬ ‫القيام باالستشارة‬
‫تفعله‬ ‫القانونيّة‬
‫المحكمة‬

‫في ك ّل هذه التّمارين نعطي النّصوص معانيها ونستخرج منها حكمها‪ ،‬أي ّ ِّ‬
‫نكون‬
‫صلنا َملَكة إنشاء مادّة‬
‫مادّة ً قانونيّة‪ .‬فإذا أمكن القيام بهذه التّمارين‪ ،‬أي إذا ح ّ‬
‫أن جوهر المقالة –‬ ‫سبب ّ‬ ‫قانونيّة‪ ،‬هنالك يفتح الباب إلمكانيّة القيام بالمقالة‪ .‬وال ّ‬
‫كما رأينا – أن يؤتى إلى مادّة قانونيّة وأن يت ّم إثبات فكرة داخلها‪.694‬‬
‫تحصيل مقدرة‬
‫•أي تحصيل مقدرة‬ ‫الت ّعليق على‬
‫تكوين مادّة قانون ّية‬ ‫نص‪،‬‬
‫ّ‬
‫نص ‪ +‬حجّة مستنبط‬ ‫( ّ‬ ‫والت ّعليق على‬
‫بها = معنى)‬ ‫قرار‪،‬‬
‫والقيام‬
‫•ألنّ‬ ‫باستشارة‬
‫المقالة هي‬
‫تكوين‬ ‫فتح إمكانيّة‬
‫مادّة ‪+‬‬ ‫القيام بمقالة‬
‫إثبات فكرة‬
‫فيها‬

‫‪ 693‬انظر الفقرة عدد ‪ 200‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 694‬ث ّم من يقول بموقف مغاير‪ :‬البدء بالتّعليق على قرار ( ‪Roger Mendegris et Georges Vermelle,‬‬
‫‪ .)préc., p. 4.‬لكن يمكن – انطالقا ً م ّما جاء في المتن – مناقشة هذا ّ‬
‫الرأي‪.‬‬
‫الطالب قبل المجيء إلى الجامعة – البدء‬ ‫زيادة على هذه النّقطة‪ ،‬يمكن – أخذا ً بعين االعتبار لواقع ما درسه ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بالمقالة‪ ،‬ث ّم المرور إلى التّمارين حسب التّرتيب الوارد في المتن‪ .‬في األثناء‪ ،‬ي َّ‬
‫كون الطالب تدريجيّا في علوم‬
‫الحجج‪ .‬وكلّما تقدّم في التّكوين كلّما طلب منه في التّمارين استعماال أعمق لتلك العلوم‪.‬‬
‫الت ّعليق على‬
‫الت ّعليق على‬ ‫المقالة (ث ّم الت ّعليق على‬
‫االستشارة‬ ‫قانوني‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬
‫قرار‬ ‫فقهي)‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬
‫وعقدي)‬
‫ّ‬ ‫(‬

‫مستمر ومتصاعد في علوم الحجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــج‬


‫ّ‬ ‫تكوين‬
‫وما جاء للت ّ ّو يفسّر التّخطيط الذي اتّبع في الجزء الثّاني من هذا الكتاب‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪402‬‬

‫سبب ّ‬
‫أن‬ ‫ي‪ .‬وال ّ‬ ‫فإذا أمكن القيام بالمقالة‪ ،‬عندها يمكن القيام بالتّعليق على ّ‬
‫نص فقه ّ‬
‫ي هو مقالة على مقالة‪.‬‬ ‫التّعليق على ّ‬
‫نص فقه ّ‬
‫تحصيل مقدرة‬
‫القيام بمقالة‬

‫•ألنّ الت ّعليق‬


‫نص‬
‫على ّ‬ ‫فتح إمكانيّة‬
‫فقهي هو‬
‫ّ‬ ‫ص‬
‫الت ّعليق على ن ّ‬
‫مقالة على‬ ‫فقهي‬
‫ّ‬
‫مقالة‬

‫‪6‬‬ ‫الت ّعليق‬


‫نص‬
‫على ّ‬
‫فقهي‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬
‫المقالة‬

‫‪4‬‬
‫االستشارة‬

‫‪3‬‬ ‫الت ّعليق‬


‫على قرار‬
‫‪2‬‬ ‫الت ّعليق على‬
‫قانوني‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬ ‫وعقدي)‬ ‫(‬
‫علوم الحجج‬ ‫ّ‬

‫‪ ―.193‬ثانياً‪ :‬ما التّفكري يف قيمة قرار؟‬


‫إن التّفكير في القيمة هو تفكير في القيمة القانونيّة من جهة وفي‬ ‫تقول الكتابات ّ‬
‫القيمة غير القانونيّة (أو االجتماعيّة – االقتصاديّة كما يقول بعضهم‪ )695‬من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫علّق على القرار ويجيب‬ ‫فأ ّما التّفكير في القيمة القانونيّة‪ ،‬فحاصله أن يسأل الم ِّ‬
‫على سؤالين‪ :‬هل طبّقت المحكمة القانون الذي ينبغي (تكييف النّزاع قانونيّا)؟‬
‫أن محكمة التّعقيب‬ ‫وهل ّأولت القانون كما ينبغي؟ (رأينا سابقا‪ ،‬وفي هامش‪ّ ،‬‬

‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 107. 695‬‬


‫‪403‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شيء حين‬ ‫علّق يفعل نفس ال ّ‬‫تعمد إلى مراقبة صغرويّة ومراقبة كبرويّة‪ .‬والم ِّ‬
‫سؤال الثّاني)‪.696‬‬ ‫األول وال ّ‬
‫سؤال ّ‬‫يطرح ال ّ‬
‫ِّّ‬
‫محك‬ ‫المعلّق القرار على‬
‫ِّ‬ ‫وأ ّما الت ّفكير في القيمة غير القانونيّة‪ ،‬فمفاده أن يضع‬
‫نظر واحد أو أكثر من هذه األمور‪ :‬اإلنصاف‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والدّين‪ ،‬والمقتضيات‬ ‫ِّ‬
‫سياسيّة‪ ،‬إلخ‪. .‬‬
‫‪697‬‬
‫االجتماعيّة‪ ،‬واالقتصاديّة‪ ،‬وال ّ‬
‫علّق قياسا ً حمليّا ً (أو أكثر)‪ ،‬أي مقدّمة صغرى‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬استخرج الم ِّ‬
‫صغرى والكبرى‪.‬‬ ‫ومقدّمة كبرى ونتيجة‪ .‬ث ّم حلّل المقدّمة ال ّ‬
‫صغرى (تقييم صغروي)‬ ‫بعد ذلك يقيّم من زاوية القانون ما كان قد حلّله‪ ،‬أي ال ّ‬
‫حق االستطاعة إالّ من‬‫أن عمال كهذا ال يستطيعه ّ‬ ‫والكبرى (تقييم كبروي)‪ .‬وبيِّّن ّ‬
‫كان له تكوين في علوم الحجج‪ .‬أ ّما غيره‪ ،‬فال يسعه إالّ أن يستعمل تقييم الفقه‬
‫(أولت نفس القانون)‪ .‬وعلى ك ّل‪ ،‬يدعى من له‬ ‫(تأويله للقانون) أو قرارات سابقة ّ‬
‫القدرة على التّقييم بواسطة ما يستقيه من علوم الحجج إلى أن يثري هذا التّقييم‬
‫بواسطة ما قاله الفقه والقضاء (وهنا نصل إلى عنصر آخر من عناصر سياق‬
‫القرار)‪.‬‬
‫فإذا انتهى المعلّق م ّما سبق‪ ،‬نظر إلى النّتيجة ووضعها على ميزان أو أكثر من‬
‫الموازين التي ذكرت منذ قليل (اإلنصاف‪ ،‬إلخ‪.698).‬‬
‫روي‬
‫تقييم صغ ّ‬ ‫المقدّمة الصّغرى‬
‫من النّاحية القانونيّة‬
‫ي‬
‫تقييم كبرو ّ‬ ‫المقدّمة الكبرى‬ ‫قيمة‬
‫القرار‬
‫من النّاحية غير‬
‫النّتيجة‬
‫القانونيّة‬

‫ويربط بعضهم‪ 699‬بين التّقييم من النّاحية القانونيّة والتّقييم من النّاحية غير‬


‫القانونيّة‪ ،‬ويضع فرضين‪:‬‬
‫األول‪ ،‬أن تحتمل القاعدة القانونيّة تأويال أو أكثر مختلفا عن ذلك الذي‬ ‫الفرض ّ‬
‫ي تأويل من هذه التّأويالت هو الذي يستجيب‬ ‫علّق‪ :‬أ ّ‬
‫تبنّاه القرار‪ .‬هنا يبحث الم ِّ‬
‫‪ 696‬انظر حول السّؤالين‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 105 et s. :‬‬
‫انظر أيضا من يتحدّث عن النّقاط الثّالث التّالية‪ :‬اختيار القاعدة – تأويلها – تطبيقها على الوقائع‪Gilles .‬‬
‫‪Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 179.‬‬
‫‪ 697‬انظر‪Henri Mazeaud, préc., p. 58 et 59 ; Roger Mendegris et Georges Vermelle, :‬‬
‫‪préc., p. 107 et s. ; Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 177 et s.‬‬
‫قرب من‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 183. :‬‬ ‫‪ّ 698‬‬
‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 107 et s. 699‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪404‬‬

‫أكثر من البقيّة لما يتطلّبه اإلنصاف‪ ،‬أو األخالق‪ ،‬أو الدّين‪ ،‬أو االقتصاد (إلخ‪).‬؟‬
‫الطريق‪ :‬فإن وجد أنّه التّأويل المتبنّى‬‫فإذا وضع يده على هذا التّأويل‪ ،‬واصل ّ‬
‫من المحكمة‪ ،‬عندئذ يقَيِّّم إيجابا ً قرارها (من نافلة القول ّ‬
‫أن التّقييم يكون إيجابيّا‬
‫أو سلبيّا)؛ وإن ال‪ ،‬فال‪.‬‬
‫الفرض الثّاني‪ ،‬أن ال يحتمل القانون إالّ تأويال واحدا هو الذي أخذت به‬
‫ي سيّئة بحسب ميزان اإلنصاف أو‬ ‫المحكمة‪ .‬هنا إن كانت نتيجة القياس الحمل ّ‬
‫سه أمامها من‬ ‫صورة التي يجد نف َ‬ ‫غيره‪ ،‬نكون أمام تقييم للقانون نفسه (أي أمام ال ّ‬
‫المعلّق أمام واحدة من أقدم المسائل التي‬ ‫ِّ‬ ‫صا ً قانونيّا)‪ ،‬ويكون‬ ‫يعلّق ويدرس ن ّ‬
‫صورة‬ ‫طرحت على من يشتغل بالقانون‪ :‬هل يجب تطبيق القانون حتّى في ال ّ‬
‫‪700‬‬
‫التي يكون فيها سيّئا؟‬
‫‪ ―.194‬ثالثاً‪ :‬ما التّفكري يف مدى القرار؟‬
‫صغرى والمقدّمة الكبرى‪.‬‬
‫يه ّم األمر المقدّمة ال ّ‬
‫المقدّمة‬
‫الصّغرى‬
‫مدى القرار‬
‫المقدّمة‬
‫الكبرى‬

‫وحاصله أن يت ّم تحديد اإلضافة التي جاء بها القرار لفقه القضاء‪ ،‬وبالتّدقيق أن‬
‫يت ّم البحث إن كان التّأويل المتبنّى من القرار سيؤخذ به الحقا في نزاعات‬
‫أخرى‪.‬‬
‫هنا نجد أنفسنا أمام ما يس ّمى "فقه القضاء"‪ ،‬وهي ترجمة ت ّم التّعارف عليها (في‬
‫تونس‪ ،‬إلخ‪ ).‬للعبارة الفرنسيّة ‪ .jurisprudence‬وفي األصل تعني العبارة‬
‫ّ‬
‫والفن‬ ‫ي (‪)science juridique‬‬ ‫الالتينيّة ‪ iuris prudentia‬العلم القانون ّ‬
‫ي (‪ )art juridique‬معاً‪ .‬وفي األلمانيّة احتفظ بهذا المعنى‪ :‬فعبارة‬ ‫القانون ّ‬
‫‪ jurisprudenz‬تعدّ مرادفا ً لعبارة علم القانون‪ .‬أ ّما في اإلنجليزيّة‪ ،‬فلفظة‬
‫‪ jurisprudence‬تعني النّظريّة العا ّمة للقانون‪ .‬فإذا عدنا إلى اللغة الفرنسيّة‪،‬‬
‫سابقة‪ .‬وفعال‬‫أن عبارة ‪ jurisprudence‬قد أخذت معنى مغايرا للّغات ال ّ‬ ‫وجدنا ّ‬
‫سابقة القضائيّة ( ‪précédent‬‬ ‫سلطة التي تتمتّع بها ال ّ‬ ‫تعني العبارة ال ّ‬
‫‪.)judiciaire‬‬

‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويلي (م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 105‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 700‬انظر‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫‪405‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ولتفسير هذا المعنى يقول أحدهم‪:‬‬


‫في ك ّل قضيّة ث ّم مسألتان‪ :‬مسألة واقعيّة ومسألة قانونيّة‪ .‬بعبارة أخرى‪ :‬ما يثير‬
‫سرقة‪ ،‬إثبات كيفيّة حصول‬ ‫مشكال في ك ّل قضيّة هو إثبات الوقائع (إثبات ال ّ‬
‫ي‪ ،‬انتقلت المحكمة لح ّل‬ ‫حادث المرور‪ ،‬إلخ‪ .).‬فإذا ت ّم ح ّل هذا المشكل الواقع ّ‬
‫ي‪ ،‬أي لح ّل مشكل تأويل القانون‪ .‬وفي العادة ال يجد الحاكم هنا‬ ‫المشكل القانون ّ‬
‫ي‪ .‬وأه ّميّة‬
‫ي ومشكل قانون ّ‬ ‫صعوبات‪ .‬لكن يحصل أن يجتمع عليه مشكل واقع ّ‬
‫ي تتفاوت من صورة إلى أخرى‪.‬‬ ‫المشكل القانون ّ‬
‫ص ضبط معناه‬ ‫نص‪ ،‬وهذا النّ ّ‬
‫فهنالك مشاكل بسيطة (ط ِّرح مشكل تحديد معنى ّ‬
‫بعد من المحاكم وت ّم االستقرار على اعتماد هذا المعنى منذ زمن بعيد‪ ،‬إلخ‪ ).‬أو‬
‫ي)‪ .‬فإذا نظر‬ ‫خاص جدّا أو ثانو ّ‬‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬ ‫صة وذات مدى محدود (تأويل‬ ‫جدّ خا ّ‬
‫القاضي في هذا النّوع من المشاكل غير الها ّمة‪ ،‬كان الحكم الذي يصدره غير‬
‫أن فائدته ال تتجاوز الواقعة التي ينظر فيها‪ .701‬من هنا جاءت‬ ‫ها ّم‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫أن‬‫تسمية هذا الحكم بـ‪" :‬حكم الوقائع" (‪ .)décision d’espèce‬معنى ذلك ّ‬
‫صة التي نظر فيها وأنّه ال يمثّل "سابقة‬ ‫الحكم مرتبط بالواقعة أو الحالة الخا ّ‬
‫قضائيّة" تتّبع في المستقبل في وقائع مماثلة‪ ،‬أي أنّه "ال يمثّل فقه قضاء"( ‪ne‬‬
‫‪.)pas faire jurisprudence‬‬
‫إلى جانب ما سبق‪ ،‬قد تجد المحاكم نفسها – في حاالت أق ّل عددا من الحاالت‬
‫ي‪ ،‬إلخ‪ ).‬أو‬ ‫المتقدّم ذكرها – أمام مشاكل قانونيّة جديدة (اإلنجاب االصطناع ّ‬
‫ها ّمة (النّصوص غامضة أو ناقصة‪ ،‬وث ّم اختالف ما زال نَشِّطا ً حول معناها)‪.‬‬
‫من هنا تخرج أحكام قابلة ألن "تمثّل فقه قضاء" (‪،)faire jurisprudence‬‬
‫أي أحكام لها قيمة المبدأ‪ .‬تس ّمى هذه األحكام‪ ،‬ألجل ما جاء للت ّ ّو‪" ،‬أحكاما ً‬
‫صة‪،‬‬ ‫مبدئيّة" (‪ .)décisions de principe‬فرغم كونها تفصل في وقائع خا ّ‬
‫أن لها قيمة في المستقبل‪ ،‬بمعنى أنّها قابلة ألن تكون مصدرا تستوحى منه‬ ‫إالّ ّ‬
‫(‪ )source d’inspiration‬حلول الوقائع المماثلة‪ ،‬أي هي قابلة للعب دور‬
‫‪702‬‬
‫سابقة"‬
‫"ال ّ‬

‫‪ 701‬انظر‪Sarah Bros et François-Xavier Grignon-Derenne, Méthodes d’exercices :‬‬


‫‪juridiques. Commentaire d’arrêt. Cas Pratique. Consultation. Dissertation. Synthèse‬‬
‫‪de documents, Éditions Francis Lefebvre, Paris, 2007, p. 31 et 32.‬‬
‫‪ 702‬لم نفعل في المتن‪ ،‬مذ بدأنا الحديث عن فقه القضاء‪ ،‬إالّ أن نقلنا‪ ،‬وبطريقة حرفيّة أو تكاد‪ ،‬ما جاء عند‪:‬‬
‫‪Pierre Pescatore, préc., p. 111.‬‬
‫المؤلف في نفس المكان‪ :‬إنّ توصيف حكم بكونه حكم واقع أو حكم مبدأ هو نتاج تقييم الحق‪ .‬ففي‬‫ّ‬ ‫يضيف نفس‬
‫سابقة‪ .‬واألمر رهين في جانب كبير منه‬‫الواقع ال يوجد مائز ملموس بين حكم غير ذي قيمة وحكم له قيمة ال ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪406‬‬

‫سابقة‪ .‬بعبارة أخرى‪:‬‬ ‫سابقة وث ّم أحكام لها قيمة ال ّ‬ ‫وهكذا ث ّم أحكام ليس لها قيمة ال ّ‬
‫ث ّم أحكام ال تمثّل فقه قضاء وث ّم أحكام تمثّل فقه قضاء‪.‬‬
‫عرفنا فقه القضاء‪ .‬لكن ث ّم معطى تنبغي إضافته‬ ‫بما جاء إلى حدّ اآلن نكون قد ّ‬
‫أدق لما نحن بصدده‪ .‬هذا المعطى يتمثّل في تراتب المحاكم‪.‬‬ ‫للوصول إلى فهم ّ‬
‫وفعال يفتح التّراتب للمحاكم األعلى درجة إمكانيّة أن تصبح أحكامها سابقة تتّبع‬
‫من قبل المحاكم الخاضعة لها‪ .‬وأكثر َمن تفتح له هذه اإلمكانيّة محكمة التّعقيب‪.‬‬
‫الخاص بهذه‬
‫ّ‬ ‫سابقة فقط في إطار المبحث‬ ‫لذا نجد من يتناول مسألة ال ّ‬
‫سابقة والقرارات التي‬ ‫مفرقا ً بين القرارات التّعقيبيّة التي لها قيمة ال ّ‬‫المحكمة‪ّ ،703‬‬
‫سابقة‪:‬‬ ‫ليس لها قيمة ال ّ‬
‫سابقة فيمكن أن تكون قرارات نقض أو قرارات‬ ‫فأ ّما القرارات التي لها قيمة ال ّ‬
‫رفض‪.‬‬
‫وأه ّم قرار نقض على هذا المستوى قرار النّقض لخرق القانون‪ .‬وأه ّم قرار‬
‫ص الذي أسيء تطبيقه – يأتي‬ ‫نقض لخرق القانون هو ذاك الذي – بعد ذكر النّ ّ‬
‫بالتّأويل الذي تبنّاه في حيثيّة مبدئيّة تس ّمى في التّطبيق "قبّعة" (‪)chapeau‬‬
‫وتبرر بقيّة األسباب‪ .‬هذه الحيثيّة تنبئ بأنّنا أمام سابقة في الحالة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تغطي‬ ‫ألنّها‬
‫ص المنطلق منه‪.‬‬ ‫التي نجدها محتوية على معنى غير مرتبط حقّا ً بصيغة النّ ّ‬
‫شيء أو فعل الغير وصيغة‬ ‫مثال ذلك في فرنسا قاعدة المسؤوليّة عن فعل ال ّ‬
‫الفصل ‪ 1384‬من المجلّة المدنيّة‪.704‬‬
‫ي يمثّل سابقة‪ ،‬نجد قرار‬ ‫في درجة أق ّل‪ ،‬على مستوى اإلنباء بأنّنا أمام قرار تعقيب ّ‬
‫النّقض لضعف التّعليل‪ ،‬أي نجد القرار الذي ال يقبل حكما أو قرارا بسبب عدم‬
‫أن محكمة التّعقيب بيّنت‬ ‫عرضه ك ّل الوقائع‪ .‬هنا قد نجد في قرار النّقض ما يفيد ّ‬
‫لقضاة األصل ما هي األمور الواقعيّة التي يجب عليهم أن يأخذوها بعين‬
‫االعتبار من أجل فصل النّزاع‪ .‬مثال ذلك أن تنقض محكمة التّعقيب قضاء ح ّكام‬
‫األصل بص ّحة شرط محدِّّد للمسؤوليّة لضعف التّعليل المتمثّل في عدم تبيان هل‬
‫األطراف مهنيّون في نفس االختصاص أم ال‪ .‬فمثل هذا الموقف لمحكمة التّعقيب‬

‫حرر الحكم وتحديدا لقدرته على أن يرى المشاكل القانونيّة أوسع من الحالة الواقعيّة وعلى أن‬
‫للقاضي الذي ّ‬
‫يأتي بصياغة معيّنة ألسباب الحكم (‪.)motifs‬‬
‫‪Jacques Ghestin et Gilles Goubeaux avec le concours de Muriel Fabre -Magnan, 703‬‬
‫‪Traité de droit civil. Introduction générales, L. G. D. J., Paris, 4e éd., 1994, p. 485 et‬‬
‫‪s.‬‬
‫‪Jacques Ghestin et Gilles Goubeaux avec le concours de Muriel Fabre -Magnan, 704‬‬
‫‪Introduction : préc., p. 495.‬‬
‫‪407‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫يد ّل على أنّها ترى أن ث ّم دخل لالنتماء إلى نفس المهنة في القول بص ّحة‬
‫سابقة‬ ‫ي قابل ألن يمثّل سابقة (القرار ال ّ‬ ‫شرط ‪ .‬على هذا نحن أمام قرار تعقيب ّ‬
‫‪705‬‬ ‫ال ّ‬
‫قد يؤ ّكد سابقة تعقيبيّة وال ينشئها‪ .‬من هذا المنطلق هو بدوره سابقة‪ ،‬أي هو‬
‫بدوره شيء يتّبع)‪.‬‬
‫الرفض ألسباب تتعلّق‬ ‫إضافة لقرارات النّقض‪ ،‬يمكن أن تمثّل سابقةً قرارات ّ‬
‫بتأويل القانون‪.‬‬
‫هنا نجد القرارات التي تصوغ اتّجاها في التّأويل في إطار حيثيّة مبدئيّة‪ .‬وفعال‬
‫الطعن بالتّعقيب وتصوغ‬ ‫قد توافق محكمة التّعقيب محكمةَ األصل وترفض ّ‬
‫موقفها هذا في شكل مبدأ‪ .‬هذا القرار قابل ألن يمثّل سابقة‪.‬‬
‫هنا أيضا نجد القرارات التي ترفض مطلب التّعقيب وتوافق من ث ّم ح ّكام األصل‬
‫صورة‬ ‫لكن مع تعديل األسباب (‪ .)substitution de motifs‬فالمبدأ في هذه ال ّ‬
‫هو التّعديل في حدّ ذاته‪ .‬وأحيانا توضّح المحكمة هذا األمر بأن تصوغ المبدأ في‬
‫حيثيّة مبدئيّة‪.‬‬
‫سابقة‪ .‬مثال ذلك‬ ‫عقيبي قيمة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫خارج الحاالت الواردة أعاله ال يكون للقرار الت ّ‬
‫مرة أمام محكمة التّعقيب (طلب‬ ‫ألول ّ‬ ‫قرار رفض لكون ّ‬
‫الطلب ال يمكن أن يقدّم ّ‬
‫يختلط فيه القانون بالواقع‪ ،‬وتحديدا طلب يحتاج نظرا إلى الواقع لم يقم به قضاة‬
‫األصل ألنّه لم يعرض عليهم)‪ .‬مثال ذلك أيضا قرار نقض النعدام التّعليل ولعدم‬
‫أن محكمة التّعقيب‬ ‫مجرد النّقض ال يعني ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجواب على طلبات الخصوم‪ .‬هنا‬
‫تتبنّى ما قاله الخصوم ومن باب أولى ال يعني أنّها تعدّ قولهم مبدأ‪ .‬أخيرا ال‬
‫ألن المسألة تخضع‬ ‫ي قيمة فقه القضاء إذا تمثّل في رفض ّ‬ ‫يكون للقرار التّعقيب ّ‬
‫سلطة التّقديريّة لح ّكام األصل‪.706‬‬‫لل ّ‬
‫سابقة (تحديداً‪:‬‬ ‫سابقة من غير ال ّ‬ ‫م ّما تقدّم يخلص أن ث ّم معطيات تسمح بمعرفة ال ّ‬
‫تسمح بمعرفة ما الذي يمكن أن يمثّل سابقة م ّما ال يمكن أن يمثّل سابقة‪ .‬فالعلم –‬
‫ي – بأنّنا أمام سابقة‬ ‫حول القضائ ّ‬ ‫كما سنشير إلى ذلك بعد قليل حين نتناول الت ّ ّ‬
‫فعليّة ال يمكن أن يتحقّق إالّ الحقاً)‪ .‬فإذا أريد مزيد تفصيل ما سبق‪ ،707‬قلنا ّ‬
‫إن‪:‬‬

‫‪Jacques Ghestin et Gilles Goubeaux avec le concours de Muriel Fabre -Magnan, 705‬‬
‫‪Introduction : préc., p. 487.‬‬
‫‪ 706‬حول جميع ما ورد في المتن‪ ،‬انظر‪Jacques Ghestin et Gilles Goubeaux avec le concours :‬‬
‫‪de Muriel Fabre-Magnan, Introduction : préc., p. 485 et s.‬‬
‫‪ 707‬سننقل اآلن حول المدى‪ ،‬وبطريقة تكاد أن تكون حرفيّة‪ ،‬ما جاء عند‪Gilles Goubeaux et Philippe :‬‬
‫‪Bihr, préc., p. 183 et s.‬‬
‫لكن انظر نفس المسألة عند‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 108 et s. ; :‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪408‬‬

‫– أولى هذه المعطيات يمكن استقاؤها من مسائل شكليّة‪:‬‬


‫• ينبغي النّظر إلى المحكمة التي صدر عنها القرار‪ .‬فكلّما كانت مرتبة المحكمة‬
‫سلطة العدليّة أعلى‪ ،‬كان تأثير ما تراه أكبر على القضاة الذين‬ ‫في هرم ال ّ‬
‫سينظرون في نزاعات شبيهة‪ .‬من هذا المنطلق يكون مدى قرارات محكمة‬
‫التّعقيب أكبر من مدى قرارات محاكم االستئناف أو المحاكم االبتدائيّة‪.‬‬
‫• فإذا تعلّق األمر بقرار لمحكمة التّعقيب‪ ،‬وجب النّظر إلى تركيبتها‪ .‬فالقرارات‬
‫صادرة عن الدّوائر المجتمعة لها مدى أه ّم من مدى ما يصدر عن دائرة‬ ‫ال ّ‬
‫منفردة‪.‬‬
‫شر على مداه‪ .‬فقرارات النّقض‬ ‫مجرد النّظر في الحكم (‪ )dispositif‬قد يؤ ّ‬ ‫ّ‬ ‫•‬
‫الرفض (‪.)arrêts de rejet‬‬ ‫(‪ )arrêts de cassation‬أه ّم مدى من قرارات ّ‬
‫ي على قانون يحتمل عدّة معاني‬ ‫هذا الكالم ليس صحيحا دائما‪ .‬فقرار رفض مبن ّ‬
‫ي مثال على عدم إجابة محكمة االستئناف على مطلب‬ ‫أه ّم من قرار نقض مبن ّ‬
‫إن قرار رفض غيّر أسباب الدّعوى المعتمدة في‬ ‫واحد من الخصوم‪ .‬ث ّم ّ‬
‫االستئناف هو مساو في األه ّمية لقرار نقض‪ .‬وهكذا فالتّفرقة بين قرار النّقض‬
‫الرفض ال تم ّكن لوحدها من تبيّن أه ّمية القرار‪ ،‬ويجب أن يت ّم تأكيد أو‬ ‫وقرار ّ‬
‫نفي هذه األه ّميّة بواسطة عناصر إضافيّة‪.‬‬
‫شر أيضا ً على أه ّمية القرار أن تأتي المحكمة بتأويل‬ ‫– من المعطيات التي تؤ ّ‬
‫القانون منعزال عن سياق النّزاع‪ .‬هذا يحصل عادة في قرارات النّقض‪ ،‬ويعطي‬
‫التّفرقة بين القرارات المبدئيّة وقرارات الوقائع‪ .‬للقرارات األولى أه ّمية أكبر‪.‬‬
‫سياق‪ ،‬تكون المحكمة قد ألمحت إلى أنّها تريد لما وضعته‬ ‫فبعزل التّأويل عن ال ّ‬
‫أن ينطبق في المستقبل على وقائع أخرى قريبة من التي نظرت فيها‪.‬‬
‫لكن ث ّم ("فرانسوا جيني" ‪ )François Gény‬من ينقد أصل التّفرقة بين القرار‬
‫ي وقرار الوقائع‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫المبدئ ّ‬

‫"مل نستسغ كثريا التّفرقة بّي القرارات املبدئ ّية وقرارات الوقائع‪ ،‬اليت يه تفرقة فطريّة أأكرث من‬
‫أأن تكون نتاج اعامل للفكر‪ ،‬واليت يؤّت هبا دون برهنة عىل ا ألسس اليت تضبط خطوطها‪.‬‬
‫اخلاصة اليت‬
‫الصورة ّ‬ ‫لك قرار قضا ّئ هو قرار وقائع‪ ،‬مبعىن أأن ّه ال يُلزم االّ يف ّ‬‫فبالنّس بة الينا‪ّ ،‬‬
‫حال‪ ،‬وذكل حسب ا ألحداث اليت ّ‬
‫تكونه والقواعد القانون ّية اليت تبنّاها القضاة‬ ‫جاء العطاهئا ّ‬
‫وهجات العا ّمة اليت تُس تخلص من القرار– سواء‬ ‫فيه [‪ ]...‬لكن من هجة أأخرى‪ ،‬نرى أأ ّن التّ ّ‬

‫‪Henri Mazeaud, préc., p. 59.‬‬


‫‪409‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫عىل مس توى االقرار ابلوقائع وتصنيفها‪ ،‬أأو عىل مس توى مالءمة القانون مع الوقائع اليت ّمت‬
‫االقرار هبا وتصنيفها – تسامه يف التّمكّي للمبادئ"‪.708‬‬

‫ألن وظيفة المحكمة ح ّل النّزاعات‪.‬‬ ‫بعبارة بسيطة‪ :‬قرار المحكمة قرار وقائع‪ّ ،‬‬
‫ي‪ ،‬ألنّه ينبغي أن تراه صالحا للنّزاعات‬ ‫في نفس الوقت قرار المحكمة قرار مبدئ ّ‬
‫المستقبليّة المماثلة‪ ،‬فوظيفة المحكمة إقامة المساواة‪ ،‬أي وظيفتها أن تكون‬
‫محكمة‪.‬‬
‫ألجل ما تقدّم من صعوبة القول بقرارات مبدئيّة وبقرارات وقائع‪ ،‬وفي ك ّل‬
‫ي أو قرار وقائع‪ ،‬ال‬ ‫األحوال ألجل صعوبة أن نقول عن قرار ما إنّه قرار مبدئ ّ‬
‫أن القرار المعلّق‬ ‫ينصح باستعمال هذا الت ّصنيف‪ ،‬وينصح باالكتفاء بمالحظة ّ‬
‫طور الالّحق لفقه القضاء‪.‬‬ ‫عليه قد تكون له آثار ها ّمة على الت ّ ّ‬
‫– من المعطيات التي تحدّد أيضا ً مدى القرار‪ ،‬أي من المعطيات التي تم ّكن من‬
‫سابقة التي عليها القضاء‪ .‬فإذا عرفنا‬ ‫تحديد تأثيره على فقه القضاء‪ ،‬الحالة ال ّ‬
‫سابق‪ ،‬ووجدنا القرار الذي بين أيدينا مختلفا‪ ،‬هذا يعني أنّنا أمام قرار أحدث‬ ‫ال ّ‬
‫تطويرا في فقه القضاء‪ .‬فإذا وصل القرار الذي بين أيدينا إلى حدّ مناقضة ما‬
‫تحول أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫شرط للحديث عن‬ ‫ي‪ . 709‬وال ّ‬ ‫تحول قضائ ّ‬ ‫ّ‬ ‫سبقه‪ ،‬فنحن أمام‬
‫القرارات القديمة والقرار الجديد الذي يناقضها قد صدرت جميعها عن نفس‬
‫الدّائرة التّعقيبيّة (أو نفس الدّائرة االستئنافيّة) أو أن تكون القرارات القديمة قد‬
‫صدرت عن دائرة أو أكثر لمحكمة التّعقيب والقرار الجديد الذي يناقضها‬
‫تحول‪.‬‬
‫صادرا عن الدّوائر المجتمعة‪ .‬خارج هذه الحدود ال يمكن الحديث عن ّ‬
‫ي مناقض‪ ،‬هنا‬ ‫تستقر محاكم األصل على اتّجاه‪ ،‬ث ّم يأتي قرار تعقيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫مثال ذلك أن‬
‫استقرت محكمة‬
‫ّ‬ ‫تحول بل قرار يئد فقه قضاء بصدد النّشأة‪ .‬في المقابل‪ ،‬لو‬ ‫ال ّ‬
‫التّعقيب على اتّجاه وجاء قرار مناقض من محكمة درجتها أق ّل‪ ،‬هنا أيضا ال‬

‫‪"Nous avouons gouter assez peu la distinction, plus instinctive que réfléchie, que 708‬‬
‫‪l’on pose, sans plus en démontrer le bien-fondé qui en fixe les lignes, entre les arrêts‬‬
‫‪de principe et les arrêts d’espèce. Pour nous, toute décision judiciaire est décision‬‬
‫‪d’espèce, en ce sens qu’elle ne s’impose que pour le cas particulier qu’elle résout‬‬
‫]…[ ‪d’après les faits qui le constituent et les règles de droit que les juges y adoptent‬‬
‫‪Mais d’autre part, les directions générales qui s’en dégagent tant pour la‬‬
‫‪reconnaissance et le classement des faits que pour l’adaptation du droit aux faits‬‬
‫‪reconnus et classés, contribuent à l’affermissement des principes". François Gény,‬‬
‫‪note, S., 1930. 2. 99, cité par : Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 185.‬‬
‫ي‪ ،‬انظر‪Jean-François Casil, Retour sur les conditions d’existence :‬‬ ‫‪ 709‬حول الت ّ ّ‬
‫حول القضائ ّ‬
‫‪de revirement de jurisprudence en droit privé, R.R.J., 2004-2 (1), p. 639.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪410‬‬

‫تحوال‪ .‬فإذا كانت‬


‫تحول بل نتحد ّث مثال عن قرار يريد أن يثير ّ‬ ‫نتحدّث عن ّ‬
‫الحلول المتناقضة صادرة عن دوائر مختلفة لمحكمة التّعقيب أو عن محاكم‬
‫المعلّق االكتفاء باإلشارة إلى‬
‫ِّ‬ ‫أصل متعدّدة‪ ،‬هنا أيضا ً ال ّ‬
‫تحول‪ ،‬وينبغي على‬
‫وجود اختالفات في فقه القضاء‪.‬‬
‫– وتبدو مه ّمة تحديد المدى أق ّل تعقيدا حين يكون القرار الذي نشتغل عليه قديما ً‬
‫وجاءت بعده قرارات أخرى حول نفس الموضوع‪ .‬هنا لن نحتاج للتّخمين حول‬
‫ألن هذا التّأثير حصل بعد‪ ،‬وهو أمامنا‪.‬‬
‫تطور فقه القضاء‪ّ ،‬‬‫تأثير القرار على ّ‬
‫‪ ―.195‬التّعليق ومفردات القياس احلمليّ‪.‬‬
‫أن التّعليق على قرار يتمثّل في اكتشاف مادّة هي تحليل‬ ‫من جميع ما سبق نتبيّن ّ‬
‫للقرار ومعها مادّة هي تفكير في قيمة ومدى القرار‪ .‬في التّحليل نحلّل القياس‬
‫ي‪ .‬وفي التّفكير في القيمة نجد القيمة القانونيّة‪ ،‬أي نقيّم قانونيّا المقدّمة‬
‫الحمل ّ‬
‫صغرى والمقدّمة الكبرى؛ كما نجد في التّفكير في القيمة الت ّ َ‬
‫فكير في القيمة‬ ‫ال ّ‬
‫غير القانونيّة‪ ،‬أي نجد تقييم النّتيجة من زاوية اإلنصاف (إلخ‪ .).‬أخيرا يأتي‬
‫صغرى والمقدّمة‬ ‫مرة أخرى لقاء المقدّمة ال ّ‬ ‫التّفكير في المدى‪ ،‬وهنا نعاود ّ‬
‫الكبرى‪ ،‬أي نبحث في تأثير ما جاء في هاتين المقدّمتين على ما سيجيء في‬
‫مقدّمات قرارات الحقة‪.‬‬
‫الصّغرى‬ ‫تحلي ٌل‬
‫‪ ...‬القياس‬
‫موضوعه ‪...‬‬
‫الكبرى‬ ‫‪...‬‬
‫‪Analyse‬‬ ‫الت ّعليق على‬
‫‪syllogisme‬‬
‫الصّغرى‬ ‫النّتيجة‬ ‫‪du ...‬‬
‫قرار‬
‫القانونيّة‬
‫الكبرى‬ ‫القيمة‬ ‫أو دراسة‬
‫تفكير‬
‫ٌ‬ ‫نص حكم‬‫ّ‬
‫‪valeur‬‬ ‫‪ ...‬القياس‬
‫النّتيجة‬ ‫غير القانونيّة‬ ‫موضوعه ‪...‬‬ ‫قضائي‬
‫ّ‬
‫‪... le‬‬
‫‪Réflexion‬‬
‫الصّغرى‬ ‫المدى‬ ‫‪syllogisme‬‬
‫‪sur ...‬‬
‫الكبرى‬ ‫‪portée‬‬

‫‪ ―.196‬االكتشاف يف عشر نقاط‪.‬‬


‫‪411‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫إن التّعليق على قرار أو‬ ‫فإذا أردنا اآلن أن نعيد ما جاء للت ّ ّو بعبارات سبقت‪ ،‬قلنا ّ‬
‫دراسته تت ّم بتشغيل مستويات تناولناها‪ .710‬تفضي هذه المستويات إلى أن نصل‬
‫إلى ما أسمي بتحليل القرار‪ ،‬وتبيان قيمته ومداه‪.‬‬
‫هذا الذي نصل إليه هو ما ينبغي ترتيبه‪ .‬لكن قبل المرور إلى التّرتيب تنبغي‬
‫العودة إلى االكتشاف وتناوله ال كما فعلنا إلى حدّ اآلن‪ ،‬بل وفق طريقة‬
‫مجربة"‪ 711‬تفضي بدورها إلى الوصول إلى تحليل القرار وتبيان قيمته ومداه‪.‬‬ ‫" ّ‬
‫نص القرار ث ّم في استخراج العناصر التّالية الواحد‬ ‫الطريقة في قراءة ّ‬ ‫تتمثّل هذه ّ‬
‫منها وراء اآلخر‪:712‬‬
‫– ّأوال‪ :‬المحكمة التي صدر عنها القرار‬
‫سلطة العدليّة‪.‬‬ ‫يصلح هذا العنصر على عدّة مستويات مرتبطة بهرميّة ال ّ‬
‫– ثانياً‪ :‬تاريخ صدور القرار‬
‫أن االنتباه إلى التّاريخ‬ ‫يصلح هذا العنصر على مستوى التّفكير في المدى‪.‬كما ّ‬
‫يجنّبنا الوقوع في بعض األخطاء‪.‬‬
‫الزوجة‬ ‫أن ّ‬ ‫ينص على ّ‬ ‫ّ‬ ‫شخصيّة‬ ‫مثال ذلك‪ :‬كان الفصل ‪ 23‬من مجلّة األحوال ال ّ‬
‫المعلّق هو‬
‫ِّ‬ ‫مخيّرة في اإلسهام في اإلنفاق‪ ،‬وصار يقول إنّها ملزمة‪ .‬ما يَحضر‬
‫ي‪ .‬فإذا قدّم إليه قرار صدر في ظ ّل القانون القديم يقضي ّ‬
‫بأن‬ ‫القانون الحال ّ‬
‫الزوجة مخيّرة‪ ،‬فهو سينقده‪ .‬هذا النّقد لم يكن ليكون لو انتبه إلى تاريخ القرار‪.‬‬ ‫ّ‬
‫– ثالثاً‪ :‬استخراج الدّليل المستنبط منه‬
‫صا‪ ،‬وقد تذكره المحكمة وقد ال تذكره؛ وقد يكون مبدأ قانونيّا ّ عا ّما‪،‬‬ ‫قد يكون ن ّ‬
‫نص‪.‬‬‫وعموما أصالً من األصول التي يت ّم إعمالها حين ال يوجد ّ‬
‫– رابعاً‪ :‬الوقائع‬
‫هي جملة األحداث التي وقعت قبل أن نصل إلى المحاكم‪ .‬وما ينبغي هو تنظيمها‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي منها‪ ،‬أي ذاك الذي ال عالقة له بالمشكل القانون ّ‬ ‫زمنيّاً‪ ،‬وإقصاء الهامش ّ‬
‫– خامساً‪ :‬اإلجراءات‬
‫مر بها النّزاع‪.‬‬
‫• اسم مختلف المحاكم التي ّ‬
‫• محتوى قضائها‪.‬‬
‫– سادساً‪ :‬ادّعاءات وحجج األطراف الواقعيّة والقانونيّة‬

‫‪ 710‬انظر الفقرة عدد ‪ 121‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 134. 711‬‬
‫‪ 712‬انظر‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 87 et s. ; Jérôme Bonnard, :‬‬
‫‪préc., p. 109 et s. ; Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 158 et s.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪412‬‬

‫بعد ما سبق سنكون على األق ّل أمام تأويلين متعارضين للقانون‪ ،‬لك ّل واحد‬
‫حججه (قد نكون أمام أكثر من زوج من التّأويالت المتعارضة‪ ،‬ومن ث ّم أمام‬
‫أكثر من زوج من الحجج)‪ .‬يقول "هنري مازو" (‪:)Henri Mazeaud‬‬

‫ابلّضورة أأطروحتان تتعلّقان‪ :‬ابحل ّل اذلي س ُيعطى‬ ‫"بعد [‪ ]...‬التّذكري ابالجراءات‪ ،‬س تظهر ّ‬
‫لسؤال واحد‪ ،‬وبتأأويل قاعدة قانونيّة واحدة‪ .‬فاذا اكن القرار املعلَّق عليه قرار ًا حملمكة التّعقيب‪،‬‬
‫فالعرض املتعلّق ابالجراءات ينبغي وبوضوح أأن يُظهر التّعارض بّي تفكري قضاة ا ألصل من‬
‫هجة وتفكري املع ِقّب من هجة أأخرى‪ .‬اذن حان الوقت ألن يُطرح بوضوح املشلك القا ّ‬
‫نوين‬
‫اذلي فصل فيه القرار املعلَّق عليه"‪.713‬‬

‫ي‬ ‫– سابعاً‪ :‬المشكل القانون ّ‬


‫الرأيان (يمكن أن‬ ‫ي (يمكن أن نكون أمام أكثر من مشكل) هو ّ‬ ‫المشكل القانون ّ‬
‫نكون أمام أكثر من رأيين) المتعارضان المطلوب من المحكمة أن تفصل لفائدة‬
‫أحدهما‪.‬‬
‫– ثامناً‪ :‬جواب المحكمة‬
‫هنا نستخرج القياس (إن تكثّرت المشاكل القانونيّة‪ ،‬تكثّرت األقيسة) الذي‬
‫تعرضنا له سابقا‪ ،‬أي هنا نأتي بما أسميناه أعاله تحليل القرار‪.‬‬ ‫ّ‬
‫– تاسعاً‪ :‬قيمة الجواب‬
‫هنا نأتي بما أسميناه سابقا ً التّفكير في قيمة القرار القانونيّة وغير القانونيّة‪.‬‬
‫– عاشراً‪ :‬مدى الجواب‬
‫هنا نضع ما أسمي سابقا ً التّفكير في مدى القرار‪.‬‬
‫‪ ―.197‬التّرتيب‪.‬‬

‫‪"À l’issue de ce rappel de la procédure, deux thèses doivent nécessairement 713‬‬


‫‪apparaître quant à la solution à apporter à une même question ainsi que, quant à‬‬
‫‪l’interprétation d’une seule règle de droit. Aussi, si la décision à commenter est un‬‬
‫‪arrêt de la Cour de cassation, les développements relatifs à la procédure doivent‬‬
‫‪clairement faire apparaître l’opposition entre le raisonnement des juges du fond,‬‬
‫‪d’une part, et celui du demandeur au pouvoir, d’autre part. Il est temps, alors, de‬‬
‫‪poser clairement la question de droit que la décision commentée a tranchée". Henri‬‬
‫‪Mazeaud, préc., p. 57.‬‬
‫‪413‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫تلك هي إذن عشر نقاط ينبغي الوصول إليها في مرحلة االكتشاف‪ .‬والنّقطة‬
‫الثّامنة والتّاسعة والعاشرة هي ما سيشتغل عليه في المرحلة الموالية‪ ،‬أي مرحلة‬
‫التّرتيب‪.‬‬
‫– إحدى عشر‪ :‬التّخطيط‬
‫هنا ث ّم إمكانيّتان‪:‬‬
‫إ ّما أن نأتي إلى النّقطة الثّامنة‪ ،‬ونردّها إلى عناصرها‪ ،‬ث ّم نجمع المتماثل منها‬
‫ونفصل المتخالف ونقدّم المتقدّم ونؤ ّخر المتأ ّخر‪ .‬هذا يعطي تخطيطا ً موضوعيّا ً‬
‫(‪ .)plan thématique‬داخل مضمون هذا التّخطيط نأتي بالتّفكير في القيمة‬
‫وفي المدى‪.‬‬
‫وإ ّما أن نبني التّخطيط على مقاربتنا لجواب المحكمة تحليالً (الفقرة األولى)‪ ،‬ث ّم‬
‫تقييما ً (الفقرة الثّانية) ث ّم مدى (الفقرة الثّالثة)‪.‬‬
‫[يس ّمى هذا التّخطيط‪ . Le plan : S.V.P :‬و (‪ )S‬هي اختصار لـ‪:‬‬
‫(‪)Solution‬؛و (‪ )V‬هي اختصار لـ‪)Valeur( :‬؛و (‪ )P‬هي اختصار لـ‪:‬‬
‫(‪.])Portée‬‬
‫متكونا ال من ثالث فقرات بل من اثنتين فحسب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإذا أردنا أن يكون التّخطيط‬
‫األول لتحليل القرار‬‫وجب عندها أن نقارب القرار تحليالً‪ ،‬ث ّم تفكيراً(الجزء ّ‬
‫‪ ،analyse de la décision ou Solution‬والثّاني للتّفكير فيه ‪réflexion‬‬
‫نفرع الجزء الثّاني إلى تفكير في القيمة وتفكير في‬ ‫‪ .sur la décision‬ث ّم ّ‬
‫المدى)‪.‬‬
‫‪ ―.198‬التّعبري‪.‬‬
‫فإذا قرأنا الكتب‪ ،‬وجدنا من يفضّل اعتماد اإلمكانيّة األولى‪ ،714‬لكن ث ّم في‬
‫المقابل من يدعو العتماد اإلمكانيّة الثّانية‪ .715‬وأيّا كان خيارنا‪ ،‬فما بعد التّرتيب‬
‫يأتي التّعبير‪.‬‬
‫اثنا عشر‪ :‬التّحرير‬
‫يتبق إالّ تحرير‬
‫ّ‬ ‫عن الخاتمة يقول بعضهم إنّها ليست ضروريّة‪ . 716‬لذا لم‬
‫خاص في تحريره‪ ،‬ألجل ذلك تنبغي‬ ‫ّ‬ ‫المقدّمة والجوهر‪ .‬فأ ّما الجوهر فال شيء‬
‫اإلحالة على ما جاء في اإلطار المشترك‪.717‬‬

‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 129. 714‬‬


‫‪Henri Mazeaud, préc., p. 59. 715‬‬
‫‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 134. 716‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪414‬‬

‫تتكون منها‪ .718‬لكن‬‫ّ‬ ‫وأ ّما المقدّمة‪ ،‬فث ّم اقتراحات متعدّدة حول العناصر التي‬
‫يمكن االكتفاء بما جاء عند "هنري مازو" (‪:)Henri Mazeaud‬‬
‫األول‪ :‬تقديم القرار‪،‬‬‫العنصر ّ‬
‫بذكر المحكمة التي أصدرته‪،‬‬
‫وبذكر تاريخه‪،‬‬
‫وبتأطير المادّة القانونيّة التي اشتغل عليها‪.719‬‬
‫العنصر الثّاني‪ :‬عرض الوقائع‬
‫العنصر الثّالث‪ :‬عرض اإلجراءات‬
‫هنا نعرض من كان المد ّعي ومن كان المدّعى عليه في مختلف مراحل‬
‫الدّعوى؛ ماهي ادّعاءات وحجج ك ّل واحد منهما؛ ما هي المحاكم التي ّ‬
‫مر بها‬
‫النّزاع (قبل أن يصل إلى المحكمة التي نعلّق على قضائها) وما تاريخ حكمها‬
‫ي اتّجاه‪.720‬‬‫وفي أ ّ‬
‫بعد هذا العرض لإلجراءات‪ ،‬ستظهر بالضّرورة أطروحتان تتعلّقان بالح ّل‬
‫الواجب إعطاؤه لمشكل واحد‪ ،‬ولتأويل قاعدة قانونيّة واحدة‪ .‬فإذا تعلّق األمر‬
‫ي‪ ،‬سيكشف عرض اإلجراءات تعارضا بين تفكير قضاة األصل‬ ‫بقرار تعقيب ّ‬

‫‪ 717‬انظر الفقرة عدد ‪ 54‬وما بعدها والفقرة عدد ‪.166‬‬


‫‪ 718‬من هذه المقترحات ما جاء عند‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. 129 et :‬‬
‫‪s. ; David Bonnet, L’essentiel de la méthodologie juridique, ellipses, Paris, 2006, p.‬‬
‫‪92 et s.‬‬
‫يمر إلى المحكمة والتّاريخ ( ‪Gilles Goubeaux et Philippe‬‬ ‫‪ 719‬مالحظة أولى‪ :‬ث ّم من يبدأ بالتّأطير ث ّم ّ‬
‫‪.)Bihr, préc., p. 201.‬‬
‫مالحظة ‪ :2‬ث ّم من يدعو إلضافة كلمات حول آنيّة الموضوع وأه ّميته العمليّة‪ ،‬وذلك لشدّ انتباه القارئ ( ‪Gilles‬‬
‫‪.)Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 201.‬‬
‫‪ 720‬مثال لكيفيّة عرض اإلجراءات‪:‬‬
‫"(بناء على الوقائع الوارد ذكرها للت ّ ّو) قام (أ) بقضيّة أمام المحكمة االبتدائيّة بتونس مدّعيا ‪ ...‬وطالبا ‪ ،...‬فردّ‬
‫(ب) ‪ ،...‬فقضت المحكمة في ‪ ...‬بـ‪( ... :‬لنفرض أنّها قضت لفائدة أ)‪.‬‬
‫ي أمام محكمة االستئناف بتونس ناقدا ذاك الحكم ألنّه ‪ ...‬وطالبا ‪ ،...‬فردّ المستأنف‬ ‫فاستأنف (ب) الحكم االبتدائ ّ‬
‫ضدّه (أ) بـ‪ ،... :‬فقضت محكمة االستئناف في ‪ ...‬بـ‪( ... :‬لنفرض أنّها قضت لفائدة أ)‪.‬‬
‫ي ناقدا إيّاه لـ‪ ،... :‬فردّ المعقّب عليه بـ‪ ،... :‬فقضت محكمة التّعقيب في ‪ ...‬بـ‪."... :‬‬‫فتعقّب (ب) القرار االستئناف ّ‬
‫ّ‬
‫مالحظة ‪ :1‬هذا نموذج ليس إال‪ ،‬ويمكن عرض اإلجراءات بعبارات مغايرة‪.‬‬
‫نعلق عليه ك ّل المعلومات التي تمأل الفراغات الواردة في‬ ‫ي الذي ّ‬‫مالحظة ‪ :2‬قد ال نجد في القرار التّعقيب ّ‬
‫النّموذج المقترح‪ .‬في هذه الحالة ال نورد إالّ الموجود‪ ،‬أي ال نمأل الفراغات عن طريق تخمينات قد تصيب‬
‫نص القرار من الذي‬ ‫ّ‬ ‫أن المحكمة االبتدائيّة قضت لفائدة أ‪ ،‬وال نجد في‬ ‫الواقع وقد تخطئه (مثال ذلك‪ :‬نجد ّ‬
‫استأنف‪ ،‬فنخ ّمن ونقول إنّه ب‪ .‬ما خ ّمنّاه قد يكون خاطئا‪ ،‬أي قد يكون المستأنف هو أ ّ‬
‫ألن المحكمة االبتدائيّة‬
‫قضت نعم له لكن بأق ّل م ّما طلبه)‪.‬‬
‫‪415‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الطاعن بالتّعقيب ‪ .‬هذا التّعارض هو ما يمثّل المشكل القانون ّ‬


‫ي‬ ‫‪721‬‬ ‫وتفكير ّ‬
‫المطلوب حلّه من قبل محكمة التّعقيب التي نعلّق على قرارها‪.‬‬
‫ي‬
‫الرابع‪ :‬عرض المشكل القانون ّ‬ ‫العنصر ّ‬
‫العنصر الخامس‪ :‬اإلعالن عن التّخطيط‬
‫فإذا طرحنا المشكل المطلوب حلّه من المحكمة التي نعلّق على قرارها‪ ،‬وجب‬
‫بعد ذلك إحضار جوابها مج َمال‪ .‬انطالقا ً من هذا الجواب‪ ،‬نعمد إلى واحدة من‬
‫اإلمكانيّتين الواردتين أعاله‪ ،722‬ونعلن من ث ّم عن التّخطيط‪.‬‬
‫هذا عن منهجيّة دراسة القرار الواحد‪ .723‬واألمر ال يختلف‪ ،‬إذا كان التّمرين‬
‫سم قواعد المنهجيّة بهذين‬‫تعليقا ً على أكثر من قرار‪ .724‬للتّدليل على هذا سنج ّ‬
‫التّمرينين معاً‪.‬‬

‫نص حكم قضائ ّي‬


‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة ّ‬

‫‪ ―.199‬قبل التّمرين‪ .‬التّمرين‪.‬‬


‫هنا أيضا‪ ،‬وعلى غرار المقالة وغيرها‪ ،‬ينبغي البدء بتقديم تعليق جاهز‬
‫نمر إلى إعطاء قرار أو أكثر للتّعليق عليه‪.‬‬
‫للمحاكاة‪ .‬بعد ذلك ّ‬

‫األول‬
‫الموضوع ّ‬
‫تعليق على قرار واحد‪:‬‬
‫مدني‪ 22 ،11251 ،‬أفريل ‪ ،1985‬ن‪ ،I .‬ص ‪ 178‬وما بعدها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قيبي‬
‫تع ّ‬

‫"أصدرت محكمة التّعقيب القرار التّالي‪: 725‬‬


‫طالع على مطلب التّعقيب المرفوع في ‪ 25‬أفريل ‪ 1984‬من‬ ‫بعد اال ّ‬
‫طرف األستاذ الت ّيجاني بن رمضان المحامي بتونس نيابة عن ‪ –1‬علي‪،‬‬

‫‪ 721‬في مثالنا‪ :‬أطروحة المحكمة االبتدائيّة ومحكمة االستئناف و(أ) من جهة‪ ،‬وأطروحة (ب) من جهة أخرى‪.‬‬
‫ي على مقاربة جواب المحكمة تحليالً‪ ،‬إلخ‪ .‬انظر الفقرة عدد ‪.197‬‬ ‫ي؛ أو تخطيط مبن ّ‬
‫تخطيط موضوع ّ‬
‫‪722‬‬

‫‪ 723‬ينبغي أن نختم باإلحالة على كتاب ذكر سابقا لـ‪" :‬روجي مانديﭭريز" (‪ )Roger Mendegris‬و"جورج‬
‫فارمال" (‪ ،)Georges Vermelle‬وذلك في موضعين‪:‬‬
‫ّأول الكتاب‪ ،‬وتحديدا تعريفات أه ّم المصطلحات‪.‬‬
‫آخر الكتاب‪ ،‬وتحديدا فِّهرس المراجع‪.‬‬
‫إن التّعليق على عدّة قرارات يستوجب استخراج المشترك بينها‪ ،‬وربّما أيضا غير المشترك‪.‬‬ ‫‪ 724‬يقول بعضهم ّ‬
‫لكن األفضل االكتفاء بتناول ما هو مشترك‪Roger Mendegris et Georges Vermelle, préc., p. .‬‬
‫‪125.‬‬
‫‪ 725‬مالحظة‪ :‬ت ّم حذف جزء من القرار؛ كما ت ّم إصالح بعض األخطاء الب ّينة‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪416‬‬

‫‪ – 2‬نسريّة‪ ،‬القاطنين بقربة‪ ،‬ضدّ ‪ –1‬عبد القادر والحبيب ومح ّمد وأ ّم‬
‫الخير‪ –2 ،‬محبوبة‪ – 3 ،‬نزيهة وفوزيّة وح ّمادي وحياة ومنية‪ ،‬القاطنون‬
‫ي‬ ‫بقربة‪ ،‬نائب من عدى األخيرين البشير عيّاد‪ ،‬طعنا في الحكم النّهائ ّ‬
‫صادر في القضيّة عدد ‪ 7543‬بتاريخ ‪ 28‬مارس ‪ 1984‬من محكمة‬ ‫ال ّ‬
‫ناحية نابل القاضي بعدم سماع الدّعوى‪.‬‬
‫طعن المقدّمة من األستاذ ابن‬ ‫طالع على مذ ّكرة مستندات ال ّ‬ ‫وبعد اال ّ‬
‫رمضان بتاريخ ‪ 1‬ماي ‪ 1984‬وعلى محضر إبالغها للمعقّب عليهم‬
‫بتاريخ ‪ 14‬منه عن طريق عدل الت ّنفيذ بقرمبالية ال ّ‬
‫سيّد عبد المجيد الكامل‪.‬‬
‫طالع على بقيّة الوثائق التي أوجب الفصل ‪ 185‬من مجلةّ‬ ‫وبعد اال ّ‬
‫المرافعات المدنيّة والتّجاريّة تقديمها وعلى تاريخ إيداعها بكتابة هذه‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الردّ على مستندات الطعن المقدّمة من األستاذ‬ ‫ّ‬
‫وبعد االطالع على مذ ّكرة ّ‬
‫الرفض شكال وأصال‪.‬‬ ‫والرامية إلى طلب ّ‬‫عيّاد في المواعيد القانونيّة ّ‬
‫الرامية‬ ‫طالع على ملحوظات المدّعي العا ّم لدى محكمة التّعقيب ّ‬ ‫وبعد اال ّ‬
‫بدورها إلى قبول المطلب شكال ورفضه أصال مع الحجز واالستماع‬
‫لشرح تلك الملحوظات بالجلسة‪.‬‬
‫طالع على كافّة األوراق والمداولة القانونيّة‪.‬‬ ‫وبعد اال ّ‬
‫من حيث الشّكل‪:‬‬
‫ّ‬
‫حيث استوفى مطلب التعقيب جميع أوضاعه وصيغه القانونيّة فهو مقبول‬
‫شكال‪.‬‬
‫من حيث األصل‪:‬‬
‫حيث أفادت وقائع القضيّة كما أثبتها الحكم المنتقد والوثائق التي انبنى‬
‫الطاعنين بقضيّة لدى محكمة ناحية نابل ضدّ خصومهم ادّعيا‬ ‫عليها قيام ّ‬
‫فيها أنّهما اشتريا من المرحوم حسين بن علي الحدّاد في قائم حياته جميع‬
‫طعة من‬ ‫قطعة األرض الكائنة بقربة والتي تمسح احدى عشر مرجعا مق ّ‬
‫السّانية المعروفة باسم سانية كشطان بيّنت حدودها باألصل وذلك بثمن‬
‫محررة في ‪ 7‬أفريل ‪1970‬‬ ‫ّ‬ ‫ي قدره ‪ 100‬دينارا حسب ح ّجة عادلة‬ ‫جمل ّ‬
‫شراء وقع التّنصيص به‬ ‫تحوزا بالمبيع غير أنّه عند تحرير كتب ال ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫أن موضوع البيع تابع للقطعة عدد ‪ 748‬س من مثال المسح‬ ‫غلطا على ّ‬
‫أن المبيع تابع للقطعة عدد ‪624‬‬ ‫ي التّابع لمشيخة قربة والحال ّ‬ ‫اإلجبار ّ‬
‫ي عدد ‪ 10279‬تونس س ‪ 2‬البالغ مساحتها نحو‬ ‫الرسم العقار ّ‬
‫موضوع ّ‬
‫هكتارين و‪ 33‬آر و‪ 40‬سنتيار وهكذا تعذّر عليهما إدراج شرائهما بدفاتر‬
‫الملكيّة العقاريّة كما تعذّر عليهما إصالح الغلط الوارد بكتب ال ّشراء في‬
‫خصوص رقم القطعة لوفاة البائع وامتناع ورثته من المصادقة على‬
‫ي‬ ‫اإلصالح وانتهيا إلى طلب الحكم بإلزام هؤالء بالتّوقيع على كتب تكميل ّ‬
‫‪417‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الرسم‬ ‫ضح به األجزاء المبيعة ورقم القطعة التي ستقع منها وعدد ّ‬ ‫تو ّ‬
‫شراء به ك ّل ذلك في أجل محدّد يصبح‬ ‫ي الذي يتعيّن إدراج كتب ال ّ‬ ‫العقار ّ‬
‫سيّد‬ ‫ي مع اإلذن لل ّ‬ ‫الحكم الذي سيصدر بعد مضيّه قائما مقام الكتب التّكميل ّ‬
‫ي ولم يحضر المدّعى عليهم ولم‬ ‫حافظ الملكيّة بإدراجه بالسّجل العقار ّ‬
‫أن‬‫بملف القضيّة يفيد ّ‬ ‫ّ‬ ‫يجيبوا عن الدعوى ورأت المحكمة أنّه ال شيء‬
‫إرادة البائع قد انصرفت إلى التّفويت للمدّعين في أجزاء من القطعة عدد‬
‫ي جزء‬ ‫أن الواقع يخالف ذلك فالمدّعيان ليسا بحائزين أل ّ‬ ‫‪ 624‬فضال عن ّ‬
‫تحوزهما بالمبيع وبناء‬ ‫نص به على ّ‬ ‫أن كتب البيع قد ّ‬ ‫من تلك القطعة مع ّ‬
‫طعن اآلن‪.‬‬ ‫على ذلك قضت بعدم سماع الدّعوى وهذا الحكم هو مح ّل ال ّ‬
‫طاعنان ناعين عليه‪:‬‬ ‫وحيث تعقّبه ال ّ‬
‫[‪]...‬‬
‫عن كافة المطاعن‪:‬‬ ‫ّ‬
‫أن محكمة الموضوع بعد أن‬ ‫حيث اتّضح من مطالعة الحكم المنتقد ّ‬
‫بالرؤية‬ ‫ّ‬ ‫أن المشتريين اعترفا‬ ‫شراء من ّ‬ ‫استعرضت ما ورد بعقد ال ّ‬
‫أن موضوع التّداعي في‬ ‫والت ّقليب والحوز وما أثبته الخبير المنتدب من ّ‬
‫أن المشتريين لم‬ ‫تصرف أرملة البائع تخلّصت من ذلك إلى استنتاج ّ‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫يتحوزا مطلقا بمح ّل النّزاع واعتبرت هذا قرينة بتعزيز ما ارتأته من ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن إرادة البائع قد اتجهت نحو التفويت‬ ‫ي شيء يفيد ّ‬ ‫الملف خلو من أ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي لعمادة‬ ‫للمدّعين في أجزاء من القطعة عدد ‪ 624‬من مثال المسح اإلجبار ّ‬
‫أن تلك المحكمة قد تجاوزت في تكييف الخطأ المطلوب‬ ‫قربة ومؤدّى ذلك ّ‬
‫ي غير مؤثر في جوهر العقد وفي إرادة‬ ‫مجرد غلط مادّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫إصالحه من‬
‫ّ‬
‫للرضا والمؤثر في إرادة‬ ‫ّ‬
‫المتعاقدين إلى القول بأنه من قبيل الغلط المفسد ّ‬
‫البائع لتناوله ذات المبيع‪.‬‬
‫أن المح ّل المتعاقد عليه هو من األركان الضّروريّة‬ ‫وحيث ال جدال في ّ‬
‫لتكوين العقد ال بدّ أن يكون معلوما لدى المتعاقدين بصورة تنفي عنه ك ّل‬
‫جهالة سواء من حيث ذاته أو من حيث صفاته األساسيّة‪ .‬كما ال جدال في‬
‫الرضا‬ ‫أن الغلط في المح ّل ذاته يعتبر من باب الغلط المانع الذي ال يفسد ّ‬ ‫ّ‬
‫فحسب بل يعدمه أساسا‪.‬‬
‫شراء موضوع مطلب اإلصالح أنّه‬ ‫وحيث يتّضح من مطالعة كتب ال ّ‬
‫ضبط المتعاقد عليه على النّحو الت ّالي "قطعة أرض سقويّة بها أحد عشر‬
‫طعة من جميع السّانية المعروفة‬ ‫مرجعا متخلّلة بخمسة أصول زيتون متق ّ‬
‫شرقية بجميع ما لذّ من الحقوق وعا ّمة المنافع‬ ‫بسانية كشطان من ناحيتها ال ّ‬
‫ي" (مع ضبط الحدود‬ ‫ي والجوف ّ‬ ‫الحظ في السّقي من بئريها القبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫مع‬
‫الفعليّة)‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪418‬‬

‫ي مجال‬ ‫أن وصف المبيع على ال ّنحو السّالف الذّكر ال يترك أ ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫صة وقد تأ ّكد من‬ ‫للقول بوجود غلط مانع أو مؤثّر في إرادة البائع خا ّ‬
‫أن المبيع ال يمتّ بصلة للقطعة‬ ‫تقرير الخبير المنتدب ومن باقي الوثائق ّ‬
‫عدد ‪ 748‬المشار إليها بنفس الكتب ال من حيث المساحة وال من حيث‬
‫وأن تلك األوصاف إ ّنما تنطبق على‬ ‫ظ في السّقي ّ‬ ‫الحدود وال من حيث الح ّ‬
‫القطعة عدد ‪.624‬‬
‫ي‬ ‫أن محكمة الموضوع ل ّما أهملت األخذ بتلك الجوانب ولم تعرها أ ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫اهتمام مع أ ّنها معروضة عليها ضمن الكتب المطلوب إصالحه واعتمدت‬
‫الرقم الوارد ذكره بالكتب وعلى ما‬ ‫مجرد ّ‬
‫ّ‬ ‫في معرفة المتعاقد عليه على‬
‫أن هذا‬ ‫تصرف غير المشتريين رغم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن الجزء المبيع في‬‫أثبته الخبير من ّ‬
‫الوضع إنّما كان نتيجة مباشرة لتنفيذ حكم القسمة الصادر في القضية عدد‬
‫‪ 7494‬والمؤيّد استئنافيّا ول ّما اعتبرت الغلط المطلوب إصالحه من قبيل‬
‫ي المنصوص عليه‬ ‫الغلط المؤثّر في اإلرادة وليس من قبيل الغلط المادّ ّ‬
‫بالفصل ‪ 47‬من مجلّة االلتزامات والعقود فإنّها تكون قد كيّفت الدّعوى‬
‫على خالف ما تنطبق وقائعها ولم تلتزم في تأويل الكتب بما تقتضيه‬
‫المقررة بالفصل ‪ 513‬وما بعده من نفس المجلّة م ّما‬ ‫ّ‬ ‫القواعد القانونيّة‬
‫يتعيّن معه نقض الحكم المطعون فيه‪.‬‬
‫قررت المحكمة قبول مطلب التّعقيب شكال وموضوعا ونقض الحكم‬ ‫لذا ّ‬
‫المطعون فيه وإحالة القضيّة على محكمة ناحية نابل إلعادة النّظر فيها‬
‫طاعن من الخطيّة وترجيع مبلغها إليه‪.‬‬ ‫من جديد بهيأة أخرى وإعفاء ال ّ‬
‫وقد صدر هذا القرار بحجرة الشورى في ‪ 22‬أفريل ‪ 1985‬عن الدّائرة‬
‫سيّد علي محسن الماي والمستشارين‬ ‫المدنيّة المتر ّكبة من رئيسها ال ّ‬
‫سيّدين عبد الو ّهاب بن عامر وحسين بن مامي بمحضر المدّعي العا ّم‬ ‫ال ّ‬
‫سيّد عبد اللطيف‬ ‫سيّد الهادف بن األخضر وبمساعدة كاتب المحكمة ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وحرر في تاريخه"‪.‬‬‫ّ‬ ‫النّقاش –‬
‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫• تقديم القرار‪.‬‬
‫• عرض الوقائع‪.‬‬
‫• عرض اإلجراءات‪.‬‬
‫• عرض المشكلين القانونيّين‪:‬‬
‫– هل الغلط في ذات المحل يعدّ مانعا ومعدما ّ‬
‫للرضا في صورة عدم التقاء‬
‫اإلرادتين؟‬
‫‪419‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫– هل الغلط في ذات المحل يعدّ غلطا مادّيا ً منصوصا ً عليه في الفصل ‪ 47‬في‬
‫‪726‬‬
‫صورة التقاء اإلرادتين؟‬
‫األول‪ ،‬وسنتناول جوابها هذا في الفقرة األولى‪.‬‬ ‫سؤال ّ‬ ‫أجابت المحكمة بنعم عن ال ّ‬
‫سؤال الث ّاني‪ ،‬وسنتناول جوابها هذا في الفقرة الثّانية‪.‬‬ ‫وأجابت كذلك بنعم عن ال ّ‬
‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪ )I‬الغلط في ذات المح ّل في صورة عدم التقاء اإلرادتين‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.‬‬
‫أ) موقف المحكمة من هذا الغلط‬
‫الرضا فحسب بل يعدمه‬ ‫– قالت المحكمة‪ :‬هو من باب الغلط الذي ال يفسد ّ‬
‫أساساً‪.‬‬
‫شيء وهو مانع ويعدم‪ ،‬وبين‬ ‫تفرق المحكمة بين غلط ينصبّ على ذات ال ّ‬ ‫إذن ّ‬
‫غلط آخر يفسد ‪ /‬الغلط اآلخر ال بدّ أنّه الغلط في النّوع أو في الوصف غير‬
‫ي‪.‬‬‫الذّات ّ‬
‫شيء واحدة‪.727‬‬ ‫نقد موقف المحكمة‪ :‬صور الغلط في ال ّ‬
‫– هنالك صورة أخرى للغلط في ذات المح ّل لم تطرح على المحكمة‪ :‬الغلط في‬
‫الثّمن‪ .728‬يقتضي االتّساق أن تتّخذ منها المحكمة نفس الموقف‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) مقتضى موقف المحكمة من هذا الغلط‬
‫األول‪ :‬هنالك أنواع أخرى من الغلط المانع (قالت‪ :‬من قبيل الغلط‬ ‫– المقتضى ّ‬
‫المانع)‪.‬‬
‫إيراد هذه األنواع‪ :‬الغلط في طبيعة العقد‪ ،‬إلخ‪. .‬‬
‫‪729‬‬

‫– المقتضى الثّاني‪:‬‬
‫أن الغلط يبطل‬ ‫الرضا"‪ ،‬ومقتضى هذا الكالم ّ‬ ‫قالت محكمة التّعقيب‪" :‬غلط يعدم ّ‬
‫بطالنا مطلقا؛‬

‫صورتين للغلط‪ ،‬انظر‪ :‬عبد المجيد ّ‬


‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪37‬؛‬ ‫‪ 726‬حول هاتين ال ّ‬
‫‪Abdelmagid Zarrouki, L’erreur … (préc.), n° 22 et s.‬‬
‫‪ 727‬انظر (وانقل مع االختصار ليتناسب مع ما نحن بصدده) إثبات هذا في‪Abdelmagid Zarrouki, :‬‬
‫; ‪L’erreur … (préc.), n° 32 et s.‬‬
‫عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 728‬انظرها عند‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.35‬‬
‫‪ 729‬انظرها عند‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪420‬‬

‫الرضا فحسب‪ ،‬ومقتضى هذا‬ ‫سابق بغلط يفسد ّ‬ ‫قابلت محكمة التّعقيب الغلط ال ّ‬
‫أن الغلط الثّاني يبطل بطالنا نسبيّاً‪.‬‬ ‫الكالم ّ‬
‫ي أنسب‪ ،‬لصور الغلط جميعاً‪ ،‬من البطالن‬ ‫نقد موقف المحكمة‪ :‬البطالن النّسب ّ‬
‫المطلق‪.730‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫‪ )II‬الغلط في ذات المح ّل في صورة التقاء اإلرادتين‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫أ) محتوى موقف المحكمة‬
‫ي‪:‬‬‫– ما د َخل المجال التّعاقد ّ‬
‫تنصيص ّأول في العقد‪ :‬المبيع هو القطعة عدد ‪.748‬‬
‫تنصيص ثان في العقد‪ :‬المبيع هو القطعة عدد ‪624‬‬
‫تنصيص ثالث في العقد‪ :‬المبيع هو أرض لها أوصاف معيّنة (متخلّلة بأصول‬
‫زيتون‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫تحوزا بالمبيع‪ .‬إذن المبيع هو أرض بحوزة‬ ‫ّ‬ ‫تنصيص رابع‪ :‬المشتريان‬
‫المشتريين‪.‬‬
‫– الواقع‪:‬‬
‫األوصاف تنطبق على القطعة ‪.624‬‬
‫األوصاف ال تنطبق على القطعة ‪.724‬‬
‫تحوز المشتريين للقطعة ‪.624‬‬ ‫عدم ّ‬
‫سابقين رأت محكمة النّاحية‪:‬‬ ‫– انطالقا ً من المعطيين ال ّ‬
‫أن البائع أراد القطعة ‪ 748‬والمشتريين كذلك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مقتضى رأيها‪:‬‬
‫ّأوال‪ :‬ارتكب البائع والمشتريان غلطا ً في التّنصيص حين كتبوا ‪.624‬‬
‫يخص القطعة ‪:748‬‬ ‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬ليس ث ّم غلط فيما‬
‫من المشتريين‪ :‬هنا تكون قد أجابت على ما قاله المشتريان‪.‬‬
‫من البائع‪.‬‬
‫لكن محكمة النّاحية لم تقف هنا‪ ،‬وأضافت‪ :‬لو كان البائع أراد غير القطعة ‪،748‬‬ ‫ّ‬
‫الرضا‪.‬‬
‫لكان وقع في غلط اسمه غلط في ذات المبيع وأثره إفساد ّ‬
‫سابقين رأت محكمة التّعقيب‪:‬‬ ‫– انطالقا ً من نفس المعطيين ال ّ‬

‫‪ 730‬انظر ما جاء عند‪ :‬عبد المجيد ّ‬


‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪.329‬‬
‫‪421‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن البائع أراد القطعة ‪ 624‬والمشتريين كذلك‪.‬‬ ‫ّ‬


‫مقتضى رأيها‪:‬‬
‫ّأوال‪ :‬ارتكب البائع والمشتريان غلطا ً في التّنصيص حين كتبوا ‪.748‬‬
‫ألن محكمة النّاحية زادت‪ ،‬رأت محكمة‬ ‫كان يمكن أن تقف عند هذا الحدّ‪ ،‬لكن ّ‬
‫الزيادة فقالت‪ :‬لو كان ث ّم غلط في الذّات‪ ،‬لكنّا أمام غلط‬ ‫التّعقيب أن تردّ على ّ‬
‫الرضا‪ .‬هذا األمر تناولناه بعد في الفقرة األولى‪ .‬إذن ينبغي أن‬ ‫مانع أثره إعدام ّ‬
‫نعود للغلط في ذات المح ّل في صورة التقاء اإلرادتين‪ ،‬ونحاول تقييم موقف‬
‫محكمة الت ّعقيب منه بعد أن عرضنا أعاله محتوى هذا الموقف‪.‬‬
‫ب) قيمة موقف المحكمة‬
‫ما ح ّجة محكمة النّاحية وما ح ّجة محكمة التّعقيب التي جعلتها ترفض ما رأته‬
‫محكمة النّاحية؟‬
‫إن المشتريين تح ّوزا‪ ،‬والحال ّ‬
‫أن الواقع يفيد‬ ‫ح ّجة محكمة النّاحية‪ :‬العقد قال ّ‬
‫خالف ذلك‪.‬‬
‫ح ّجة محكمة التّعقيب‪ :‬األوصاف المذكورة في العقد تنطبق على القطعة عدد‬
‫‪ 624‬ال القطعة عدد ‪.748‬‬
‫إذن الموقفان مقبوالن‪ّ ،‬‬
‫ألن لك ّل منهما ح ّجته‪.‬‬
‫ماذا فعلت محكمة التّعقيب؟ أسقطت الح ّجة التي يقوم عليها موقف محكمة‬
‫ي)‪.‬‬
‫حوز تنفيذ حكم قضائ ّ‬ ‫النّاحية (بأن قالت سبب عدم الت ّ ّ‬
‫هكذا صرنا أمام ما يلي‪ 624 :‬تنصيص يعضده آخر يتحدّث عن األوصاف‪ ،‬أ ّما‬
‫‪ 748‬فتنصيص ال يعضده شيء‪.‬‬
‫إذن موقف محكمة الت ّعقيب‪ :‬العقد كك ّل‪ ،‬تعبير فيه معنيان؛ وأحدهما (‪ )624‬هو‬
‫الذي يوافق قصد المتعاقدين‪ .‬إعطاء العقد هذا المعنى‪ .‬إذن التّنصيص ‪:748‬‬
‫سد غلطا في صورة التقاء اإلرادات على المح ّل (‪.)624‬‬ ‫ج ّ‬
‫لكن محكمة التّعقيب تضيف‪:‬‬ ‫هكذا يكون موقف محكمة التّعقيب هو األسلم‪ّ .‬‬
‫ي المنصوص عليه بالفصل ‪.47‬‬ ‫الغلط هنا هو من قبيل الغلط المادّ ّ‬
‫ماذا تقصد؟‬
‫مثله‪ ،‬أي ينتميان إلى نفس الجنس؟ عندها تكون محقّة‪.‬‬
‫األول داخل في الثّاني‪ ،‬والثّاني منصوص عليه في الفصل ‪47‬؟ عندها‬ ‫الغلط ّ‬
‫ي (الغلط في‬ ‫نص على نوع من الغلط المادّ ّ‬ ‫ألن الفصل ‪ّ 47‬‬ ‫تكون غير محقّة‪ّ ،‬‬
‫يتعرض إلى جنس الغلط المادّ ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫الحساب) ولم ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪422‬‬

‫الموضوع الثّاني‬
‫مدني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قيبي‬
‫تعليق على أربع قرارات صادرة عن الدّوائر المجتمعة (تع ّ‬
‫مدني‪ 16 ،44851 ،‬مارس‬ ‫ّ‬ ‫قيبي‬
‫‪ 16 ،28564‬مارس ‪ 1995‬؛ تع ّ‬
‫‪731‬‬

‫قيبي مدن ّي‪،‬‬


‫مدني‪ 16 ،42389 ،‬مارس ‪ 1995‬؛ تع ّ‬
‫‪733‬‬
‫ّ‬ ‫قيبي‬
‫‪ 1995‬؛ تع ّ‬
‫‪732‬‬

‫‪ 16 ،45822‬مارس ‪.735)734 1995‬‬

‫ي‪ 16 ،28564 ،‬مارس ‪1995‬‬ ‫ي مدن ّ‬


‫تعقيب ّ‬
‫"أصدرت محكمة التّعقيب القرار اْلتي ‪:‬‬
‫طالع على مطلب التّعقيب المس ّجل بكتابة المحكمة في ‪ 28‬نوفمبر‬ ‫بعد اال ّ‬
‫‪ 1990‬تحت عدد ‪ 28564‬المقدّم من األستاذ مصطفى السّماوي نيابة عن‬
‫شركة التّونسية للتّأمين وإعادة التّأمين "ستار" ‪ ...‬وحسن ‪ ...‬العيّاري‪.‬‬ ‫‪ :‬ال ّ‬
‫ضدّ‪ :‬مح ّمد ‪ ...‬خوايصيّة‪.‬‬
‫صادر من محكمة االستئناف بتونس في القضيّة عدد‬ ‫طعنا في الحكم ال ّ‬
‫ي‬
‫‪88928‬بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1990‬والقاضي بنقض الحكم االبتدائ ّ‬
‫والقضاء من جديد باعتبار مسؤوليّة الحادث مشتركة أنصافا بين‬
‫المتضرر وسائق الوسيلة المؤ ّمنة لدى المستأنف ضدّها شركة التّأمين‬ ‫ّ‬
‫بنص‬
‫ّ‬ ‫"ستار" وإلزام هذه األخيرة بأن تؤدّي للمستأنف المبالغ المض ّمنة‬
‫الحكم ‪...‬‬
‫الرامية إلى رفض المطلب‬ ‫االطالع على ملحوظات النّيابة العا ّمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبعد‬
‫أصال والحجز واالستماع إلى شرحها بالجلسة ‪.‬‬
‫وبعد ‪ ....‬المداولة طبق القانون‪.‬‬
‫من حيث الشّكــل‪:‬‬
‫حيث استوفى مطلب التّعقيب جميع أوضاعه وصيغه القانونيّة فهو مقبول‬
‫شكال‪.‬‬
‫من حيث األصـل‪:‬‬
‫حيث تفيد الوقائع كما أثبتها الحكم المنتقد واألوراق التي اعتمدها قيام‬
‫المعقّب ضدّه في ‪ 5‬فيفري ‪ 1985‬بدعوى لدى المحكمة االبتدائيّة بتونس‬

‫‪ 731‬المجلّة القانونيّة التّونسيّة‪ ،1996 ،‬ص ‪.303 – 299‬‬


‫‪ 732‬المجلّة القانونيّة التّونسيّة‪ ،1996 ،‬ص ‪.308 – 305‬‬
‫‪ 733‬المجلّة القانونيّة التّونسيّة‪ ،1996 ،‬ص ‪.312 – 309‬‬
‫الزين‪ ،‬ص‬ ‫‪ 734‬المجلّة القانونيّة التّونسيّة‪ ،1995 ،‬ص ‪( 248 – 243‬مع تعليق لمح ّمد المنصف بن المختار ّ‬
‫‪.)264 – 248‬‬
‫صص اليوم لالمتحانات هو ثالث ساعات؛ وهو وقت ضيّق؛ لذا ال ينبغي إعطاء ّ‬
‫الطلبة تمرينا‬ ‫إن الوقت المخ ّ‬ ‫‪ّ 735‬‬
‫كالتّمرين الوارد في المتن‪ّ ،‬‬
‫ألن قراءة محتوى القرارات لوحدها ستأخذ حيّزا مه ّما من زمن االمتحان‪.‬‬
‫‪423‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مدّعيا أ ّنه بتاريخ ‪ 15‬جانفي ‪ 1980‬صدمته سيارة يقودها المدّعى عليه‬


‫ي‬
‫شخص ّ‬ ‫بالحق ال ّ‬
‫ّ‬ ‫(المعقّب الثّاني) تسبّبت له في أضرار وسقوط وكان قام‬
‫أمام المحكمة الجناحيّة التي أحيل عليها سائق السّيارة إالّ أ ّنها قضت بعدم‬
‫صة وتأيّد الحكم استئنافيّا‬ ‫سماع الدّعوى العا ّمة والت ّخلي عن الد ّعوى الخا ّ‬
‫المتضرر يتح ّمل كامل مسؤوليّة الحادث لذا وعمال بأحكام‬ ‫ّ‬ ‫بناء على ّ‬
‫أن‬
‫الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فهو يطلب الحكم بإلزام المد ّعى عليها الثّانية بجبر‬
‫ي وفق المبالغ المطلوبة‪.‬‬ ‫ضرريه المادّ ّ‬
‫ي واألدب ّ‬
‫وأجاب نائب شركة التّأمين متمسّكا بتوفر شروط اإلعفاء من المسؤوليّة‬
‫سائق قد فعل ك ّل ما‬ ‫ي ّ‬
‫أن ال ّ‬ ‫الوارد بها الفصل ‪ 96‬إذ ثبت من الحكم الجزائ ّ‬
‫يلزم لمنع الضّرر الذي حصل بسبب من لحقه إضافة إلى وجوب تقيّد‬
‫ي‪.‬‬‫ي بما سبق أن بتّ فيه القاضي الجزائ ّ‬ ‫القاضي المدن ّ‬
‫وبعد إتمام اإلجراءات قضت المحكمة ابتدائيّا بعدم سماع الدّعوى ّ‬
‫ألن‬
‫ي قال كلمته في الخطأ فاستأنفه المدّعي فقضت محكمة‬ ‫الحكم الجزائ ّ‬
‫ي واعتبار مسؤوليّة الحادث مشتركة‬ ‫االستئناف بنقض الحكم االبتدائ ّ‬
‫سيّارة حسب حكمها عدد ‪81905‬‬ ‫المتضرر وسائق ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالتّناصف بين‬
‫أن الدّعوى مؤسّسة على المسؤوليّة‬ ‫بتاريخ ‪ 26‬جوان ‪ 1989‬بناء على ّ‬
‫شيئيّة فتع ّقبته شركة التّأمين لخرقه قاعدة اتّصال القضاء المنصوص‬ ‫ال ّ‬
‫عليها بالفصل ‪ 481‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬لسبق النّظر في الخطأ من طرف القاضي‬
‫قررت‬ ‫ي وبتاريخ يوم ‪ 14‬ديسمبر ‪ 1989‬تحت عدد ‪ّ 25088‬‬ ‫الجزائ ّ‬
‫محكمة التعقيب نقض الحكم المطعون فيه مع اإلحالة اعتمادا على الح ّجيّة‬ ‫ّ‬
‫المتضرر بكامل الخطأ المؤدّي‬ ‫ّ‬ ‫وتفرد‬
‫ّ‬ ‫ي‬‫المطلقة التي أثبتها الحكم الجزائ ّ‬
‫للحادث‪.‬‬
‫صه‬ ‫وأعيد نشر القضيّة من جديد فقضت محكمة اإلحالة بالحكم المض ّمن ن ّ‬
‫ي ح ّجيّة مطلقة ويجوز القيام مدنيّا‬ ‫طالع بناء على أنّه ليس للحكم الجزائ ّ‬ ‫بال ّ‬
‫إذا كان هناك أساس آخر يمكن أن تنشأ عنه مسؤوليّة المتسبّب في الضّرر‬
‫ي السّابق المتمثل في‪:‬‬ ‫الطعن اآلن لنفس السّبب القانون ّ‬ ‫وهو مح ّل ّ‬
‫أن اعتماد المحكمة على الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فيه خرق لح ّجيّة‬ ‫‪ّ -1‬‬
‫ي نفى الخطأ كلّيّا عن السّائق‪.‬‬ ‫اتّصال القضاء لوجود حكم جزائ ّ‬
‫شيء نفسه‬ ‫ألن الضّرر لم يحصل من ال ّ‬ ‫‪ -2‬خرق الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫وإنّما حصل بفعل اإلنسان‪.‬‬
‫أن الفصل ‪ 96‬المذكور ال يقبل تجزئة المسؤوليّة‪.‬‬ ‫‪ّ -3‬‬
‫ي السّابق عدد ‪ 25088‬المشار إليه وبتاريخ‬ ‫ولذلك ولمخالفة القرار التّعقيب ّ‬
‫قررت الدّائرة التّاسعة التي نشرت لديها القضيّة‬ ‫يوم ‪ 5‬فيفري ‪ّ 1991‬‬
‫األول للنّظر في إمكانيّة إحالتها على الدّوائر المجتمعة‪.‬‬ ‫للرئيس ّ‬ ‫إرجاعها ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪424‬‬

‫األول‬
‫الرئيس ّ‬ ‫قرر ّ‬ ‫وتبعا لذلك وعمال بأحكام الفصل ‪ 191‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ّ .‬‬
‫لمحكمة التّعقيب إحالة القضيّة على الدّوائر المجتمعة نظرا لمخالفة‬
‫ي الذي أثبته قرار اإلحالة وتكليف المستشار‬ ‫محكمة اإلحالة للمبدأ القانون ّ‬
‫مقررا لها‪.‬‬
‫الزين ليكون ّ‬ ‫سيّد المنصف بن المختار ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المحكمــــة‬
‫عــن المسـألة القانونيّـة محـ ّل ال ّطعـن‬
‫األول‬
‫عــن المطعــن ّ‬
‫صادر بعدم وجود خطأ يمكن نسبته للسّائق على‬ ‫ي ال ّ‬
‫أن الحكم الجزائ ّ‬ ‫حيث ّ‬
‫معنى الفصل ‪ 98‬من م‪.‬ط‪ .‬ال يمنع القيام ضدّ حافظ الوسيلة المحدثة‬
‫ي تسلّط على‬ ‫أن الحكم الجزائ ّ‬ ‫للضّرر سواء كان هو السّائق أو غيره‪ .‬إذ ّ‬
‫ما صدر من السّائق شخصيّا من أفعال أثناء السّياقة بينما طلب التّعويض‬
‫شيء ومو ّجها ضدّ حافظه ولم يكن فعل الوسيلة وال‬ ‫يعتمد على فعل ال ّ‬
‫ي وبالتّالي فال وجه لالحتجاج باتّصال‬ ‫حفظها م ّما تع ّهد به القاضي الجزائ ّ‬
‫القضاء على معنى الفصل ‪ 481‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬لتباين األسباب وقد طبّقت‬
‫محكمة اإلحالة الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬تطبيقا سليما واتّجه لذلك رفض هذا‬
‫المطعن‪.‬‬
‫عـن المطعـن الثاني‬
‫حيث جاء بالفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪" .‬على ك ّل إنسان ضمان الضّرر النّاشئ‬
‫أن سبب الضّرر من نفس تلك األشياء‪"...‬‬ ‫م ّما هو في حفظه إذا تبيّن ّ‬
‫ي أن يكون‬ ‫ّ‬
‫وحيث يستفاد من الفصل المذكور أنه ليس من الضّرور ّ‬
‫ّ‬
‫شيء في الحادث بخطأ اإلنسان ويكفي وجود عالقة السّببيّة بين الشيء‬ ‫ال ّ‬
‫والضّرر‪.‬‬
‫سيّارة المؤ ّمنة‬ ‫المتضرر وهو متر ّجل صدمته ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحيث ال جدال في أن‬
‫ّ‬
‫طاعنة ويعتبر الضّرر تبعا لذلك صادرا عنها حتى يثبت خالفه وقد‬ ‫لدى ال ّ‬
‫طعن غير‬ ‫أحسنت محكمة اإلحالة تطبيق الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وكان ال ّ‬
‫وجيه فتعيّن رفضه‪.‬‬
‫عـن المطعن الثّالث‬
‫شيء والضّرر وقد‬ ‫طاعنة نازعت في العالقة السّببيّة بين ال ّ‬ ‫أن ال ّ‬
‫حيث ّ‬
‫طور إلى‬ ‫رفض مطعنها كما سبقت اإلشارة إليه ولم تستند في هذا ال ّ‬
‫ي من المسؤوليّة المنصوص عليه بالفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فال‬ ‫اإلعفاء الكلّ ّ‬
‫ي الذي قضت به محكمة اإلحالة‬ ‫مصلحة لها في معارضة اإلعفاء الجزئ ّ‬
‫وال يقبل منها طعن دون مصلحة عمال بأحكام الفصل ‪ 179‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫واتّجه رفض هذا المطعن أيضا‪.‬‬
‫ولهــذه األسبــاب‬
‫‪425‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫قررت محكمة التّعقيب بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التّعقيب شكال‬


‫ّ‬
‫ورفضه أصال ‪."...‬‬

‫ي‪ 16 ،44851 ،‬مارس ‪1995‬‬ ‫ي مدن ّ‬


‫تعقيب ّ‬
‫"أصدرت محكمة التّعقيب القرار التّالي‪:‬‬
‫طالع على مطلب التّعقيب المس ّجل بكتابة المحكمة في ‪ 12‬أوت‬ ‫بعد اال ّ‬
‫‪ 1994‬تحت عـدد ‪ 44851‬من األستاذ عبد الو ّهاب الباهي نيابة عن ‪:‬‬
‫شركة التّونسيّة للتّأمين وإعادة التّأمين "ستــار ‪"...‬‬ ‫ال ّ‬
‫بوعـزي ‪ ...‬محاميه األستاذ الحنيفي الفريضي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ضــدّ ‪ :‬النّعّاس‬
‫حق ابنها القاصر ربيع‬ ‫حق نفسها وفي ّ‬ ‫بـوعـزي في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومبـروكة ‪...‬‬
‫محاميها األستاذ حسين السّالمي‪.‬‬
‫صادر من محكمة االستئناف بتونس بتاريخ ‪ 27‬أفريل‬ ‫طعنا في الحكم ال ّ‬
‫ي ‪...‬‬‫‪ 1994‬تحت عـدد ‪ 14957‬والقاضي بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫الرامية إلى النّقض واإلحالة‬ ‫طالع على ملحوظات النّيابة العا ّمة ّ‬ ‫وبعد اال ّ‬
‫واالستماع لشرحها بالجلسة‪.‬‬
‫وبعد ‪ ...‬المفاوضة طبق القانون ‪...‬‬
‫مـن حيـث األصــل‬
‫حيث تفيد وقائع القضيّة كما أثبتها الحكم المنتقد واألوراق التي انبنى‬
‫بوعزي بدعوى لدى المحكمة االبتدائيّة بتونس مدّعين ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬ ‫عليها قيام ورثة‬
‫شاحنة‬ ‫تعرض إلى حادث مرور أودى بحياته تسبّب فيه سائق ال ّ‬ ‫مورثهم ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫المؤ ّمنة لدى المعقبة‪ .‬وقد أدانت المحكمة الجزائيّة السّائق وح ّملته كامل‬
‫ي‪ ،‬وبما أنّهم‬ ‫مسؤوليّة الحادث ورفض طلب التّعويض عن الضّرر المادّ ّ‬
‫مورثهم فهم يطلبون الحكم بإلزام‬ ‫ّ‬ ‫صلوا على ما يثبت معيّن دخل‬ ‫تح ّ‬
‫المدّعى عليها بأن تؤدّي لهم الغرامات المبيّنة بالعريضة تعويضا عن‬
‫الضّرر المذكور‪.‬‬
‫ي المحت ّج به عدد‬ ‫ي الجناح ّ‬ ‫ّ‬
‫وأجاب نائب المدّعى عليها بأن الحكم االستئناف ّ‬
‫‪ 76663‬بتاريخ ‪ 28‬مارس ‪ 1988‬لم يصبح باتّا إذ وقع تعقيبه تحت عدد‬
‫‪ 27840‬حسب شهادة النّشر المضافة وأنّه عمال بأحكام الفصل ‪ 7‬من‬
‫م‪.‬ا‪.‬ج‪ .‬يطلب الحكم برفض الدّعوى‪.‬‬
‫وبعد إتمام اإلجراءات قضت المحكمة ابتدائيّا لصالح الدّعوى عمال‬
‫بالفصلين ‪ 83‬و ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فاستأنفته المحكوم عليها فقضت محكمة‬
‫ي حسب الحكم عدد ‪ 98712‬بتاريخ ‪6‬‬ ‫االستئناف بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫أفريل ‪ 1992‬فتعقّبته شركة التّأمين "ستار" ناعية عليه خرق أحكام‬
‫الفصل ‪ 7‬من م‪.‬ا‪.‬ج‪ .‬وخرق الفصل ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وخرق الفصل ‪12‬‬
‫قررت‬ ‫من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬وبتاريخ ّأول أكتوبر ‪ 1992‬تحت عـدد ‪ّ 35606‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪426‬‬

‫محكمة التّعقيب نقض الحكم المطعون فيه مع اإلحالة بناء على ّ‬


‫أن‬
‫الدّعوى العا ّمة ما زالت مح ّل نظر لدى محكمة التّعقيب‪.‬‬
‫وأعيد نشر القضيّة من جديد فقضت محكمة اإلحالة بإقرار الحكم‬
‫ي يعتبر من‬ ‫أن الحكم النّهائ ّ‬ ‫طالع بناء على ّ‬ ‫ي وفق ما هو مض ّمن بال ّ‬ ‫االبتدائ ّ‬
‫األحكام التي ال رجوع فيها ولها صفة ما اتّصل به القضاء ث ّم إ ّنه وعمال‬
‫بالفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فإنّه حتّى في صورة نقض ذلك الحكم والقضاء‬
‫فإن ذلك ال يؤثّر في مسألة تعويض الخسارة عن الفعل الذي‬ ‫بترك السّبيل ّ‬
‫ي‪ .‬وهو‬ ‫ي عن الخطأ المدن ّ‬ ‫قامت به التّهمة الختالف مقاييس الخطأ الجزائ ّ‬
‫ي السّابق‬ ‫طعن اآلن من طرف شركة التّأمين لنفس السّبب القانون ّ‬ ‫مح ّل ال ّ‬
‫المتمثل في‪:‬‬
‫أن القيام بالدّعوى المدنيّة سابق‬ ‫‪ -1‬خرق الفصل ‪ 7‬من م‪.‬ا‪.‬ج‪ .‬بمقولة ّ‬
‫ألوانه لكون الدّعوى العموميّة مح ّل نظر أمام محكمة التّعقيب‪.‬‬
‫‪ -2‬الخطأ في تطبيق الفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬على قضيّة الحال بدعوى‬
‫أن هذا الفصل يم ّكن المحكمة من النّظر في الدّعوى المدنيّة حتّى لو صدر‬ ‫ّ‬
‫ي بترك السّبيل ولكونها اعتبرت وجود خالف بين الخطأ‬ ‫الحكم الجزائ ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي والخطأ المدن ّ‬ ‫الجزائ ّ‬
‫‪ -3‬خرق الفصل ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ل ّما قدّرت المحكمة الضّرر بما ال‬
‫يتماشى مع دخل الهالك‪.‬‬
‫ي السّابق عـدد ‪35606‬‬ ‫ّ‬
‫ولذلك ولمخالفة الحكم المذكور للقرار التعقيب ّ‬
‫قررت الد ّائرة الثّالثة عشر التي نشرت لديها القضيّة بتاريخ‬ ‫المشار إليه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األول لمحكمة التعقيب للنظر‬ ‫الرئيس ّ‬ ‫سيّد ّ‬ ‫‪ 20‬أكتوبر ‪ 1994‬إرجاعها لل ّ‬
‫في إمكانيّة إحالتها على الدّوائر المجتمعة‪ .‬وتبعا لذلك وعمال بأحكام‬
‫األول إحالة القضيّة على الدّوائر‬ ‫الرئيس ّ‬
‫قرر ّ‬ ‫الفصل ‪ 191‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ّ .‬‬
‫ي الذي أثبته قرار‬ ‫المجتمعة نظرا لمخالفة محكمة اإلحالة للمبدأ القانون ّ‬
‫مقررا لها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫سيّد المنصف بن المختار الزين ّ‬ ‫اإلحالة وتكليف المستشار ال ّ‬
‫المحكمــــــة‬
‫عن المسألة القانون ّية مح ّل ال ّطعن‬
‫األول‪:‬‬
‫عـن المطعن ّ‬
‫حيث أنّه بقطع النّظر عن االستنتاج الذي ذهب إليه المطعن فقد تبيّن‬
‫بمراجعة شهادة النّشر المسلّمة من كتابة محكمة التعقيب والتي قدّمتها‬
‫ي المشار إليه منحصر في التّعويضات‬ ‫أن تعقيب الحكم الجناح ّ‬ ‫طاعنة ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المدنيّة ولم يشمل الدّعوى العا ّمة وتعيّن رفض المطعن‪.‬‬
‫عـن المطعـن الثّـاني‪:‬‬
‫بأن الحكم‬ ‫حيث جاء بأسباب الحكم المطعون فيه أنّه عند التّسليم جدال ّ‬
‫فإن الفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬يسمح بالنّظر‬ ‫ي قد ينتهي بترك السّبيل ّ‬ ‫الجزائ ّ‬
‫‪427‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫في الد ّعوى المدنيّة وهو تفسير غير سليم للفصل المذكور ّ‬
‫ألن الحكم بترك‬
‫المتضرر من التّعويض إضافة‬
‫ّ‬ ‫السّبيل ال يؤدّي في ك ّل الحاالت إلى تمكين‬
‫طلب لم يقدّم على هذا األساس فال وجه للنّظر في سند لم تطرحه‬ ‫أن ال ّ‬
‫إلى ّ‬
‫الدّعوى إالّ ّ‬
‫أن ذلك ال تأثير له على ما انتهى إليه الحكم‪.‬‬
‫األول فإنّه يتعيّن رفض هذا‬
‫بالردّ عن المطعن ّ‬ ‫ولهذا السّبب ولما جاء ّ‬
‫المطعن أيضا‪.‬‬
‫عـن المطعن الثّالث‪:‬‬
‫حيث يتعلّق هذا المطعن بمناقشة محكمة الموضوع في تقديرها التّعويض‬
‫المستحق وهو ما يدخل في اجتهادها الذي ال رقابة لمحكمة التّعقيب عليه‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫طالما عللت رأيها بما تج ّمع لديها من عناصر ثابتة في الملف ووفق ما‬
‫اقتضاه الفصل ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬واتّجه لذلك رفض هذا المطعن‪.‬‬
‫ولهــذه األسباب‬
‫قررت محكمة التّعقيب بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التّعقيب شكال‬ ‫ّ‬
‫ورفضه أصال ‪."...‬‬

‫ي‪ 16 ،42389 ،‬مارس ‪1995‬‬ ‫ي مدن ّ‬


‫تعقيب ّ‬
‫"أصـــدرت محكمـة التّعقيـب القـرار التّـالـي‪:‬‬
‫طالع على مطلب التّعقيب المس ّجل بكتابة المحكمة في ‪ 17‬فيفري‬ ‫بعد اال ّ‬
‫‪ 1994‬والمقدّم من األستاذ عبد اللطيف مامغلي نيابة عــن‪:‬‬
‫ي ‪...‬‬
‫ي الفالح ّ‬ ‫صنـدوق التّونسي للتّأمين التّعاون ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضــدّ‪ :‬مح ّمد الحبيب طبقة محاميه األستاذ بوبكر المناري‪.‬‬
‫صادر عن محكمة االستئناف بالمنستير بتاريخ ‪21‬‬ ‫طعنا في الحكم ال ّ‬
‫ي مع‬‫أكتوبر ‪ 1993‬تحت عـدد ‪ 5431‬والقاضي بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫سيّارة قدرها‬ ‫أن األضرار الالّحقة بال ّ‬ ‫صه وذلك باعتبار ّ‬ ‫تعديل ن ّ‬
‫(‪ 9.559.500‬د) وتخطئة المستأنف بالمال المؤ ّمن ‪...‬‬
‫الرامية إلى رفض المطلب‬ ‫االطالع على ملحوظات النّيابة العا ّمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبعد‬
‫أصال والحجز واالستماع لشرحها بالجلسة‪.‬‬
‫وبعــد ‪ ...‬المفاوضة طبق القانون‪:‬‬
‫مـــن حيث الشّكــل‪:‬‬
‫حيث استوفى مطلب التّعقيب صيغه القانونيّة فهو مقبول شكال‪.‬‬
‫مــن حيث األصــل‪:‬‬
‫حيث تفيد وقائع القضيّة كما أثبتها الحكم المنتقد واألوراق التي اعتمدها‬
‫قيام المعقّب ضدّه بدعوى لدى المحكمة االبتدائيّة بالمنستير مدّعيا أنّه في‬
‫ّأول سبتمبر ‪ 1987‬جدّ حادث مرور بطريق السّواني تس ّبب فيه سائق‬
‫شاحنة ت ّمت إدانته جزائيّا ابتدائيّا واستئنافيّا تحت عـدد ‪ 7930‬بتاريخ ‪3‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪428‬‬

‫أكتوبر ‪ 1988‬وقد تسبّب الحادث في حصول أضرار كبيرة بسيّارة‬


‫صلة بالعريضة تأسيسا‬ ‫طلبات المف ّ‬‫العارض يطلب التّعويض عنها وفق ال ّ‬
‫على الفصلين ‪ 96‬و ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وأجاب نائب المدّعى عليه (المعقّب)‬
‫بأن سائقها فعل ك ّل ما يلزم لتفادي الحادث ّ‬
‫وأن‬ ‫صادمة ّ‬ ‫شاحنة ال ّ‬ ‫مؤ ّمن ال ّ‬
‫الضّرر حصل للمدّعي بسبب خطئه طالبا الحكم بعدم سماع الدّعوى‪.‬‬
‫وبعد إتمام اإلجراءات قضت المحكمة ابتدائيّا لصالح الدّعوى فاستأنفه‬
‫ي فتعقّبه‬ ‫المحكوم عليه فقضت محكمة االستئناف بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫ي للتّأمين مر ّكزا طعنه بالخصوص على خرق أحكام‬ ‫صندوق التّونس ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ألن األضرار المزعومة ليست ناشئة عن ذات‬ ‫الفصل ‪ 96‬المذكور ّ‬
‫شاحنة وإنّما بفعل سائقها الذي كان يقودها‪ .‬وبتاريخ يوم ‪ 28‬جانفي‬ ‫ال ّ‬
‫قررت محكمة التّعقيب نقض الحكم المطعون‬ ‫‪ 1992‬تحت عـدد ‪ّ 23214‬‬
‫فإن السّند‬‫شيء ّ‬ ‫فيه واإلحالة بناء على أنّه في صورة ثبوت خطأ حارس ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫الواجب اعتماده هو الفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وال يمكن تغيير السّند القانون ّ‬
‫ي وفق ما‬ ‫وأعيد نشر القضيّة فقضت محكمة اإلحالة بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫طالع مؤ ّكدة أنّه يمكن القيام على أساس الفصل ‪ 96‬من‬ ‫هو مض ّمن بال ّ‬
‫طعن‬ ‫ي باإلدانة‪ .‬وهو مح ّل ال ّ‬ ‫م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ولو في صورة صدور حكم جزائ ّ‬
‫اآلن‪:‬‬
‫ألن الحكم لم يطرح‬ ‫‪ -1‬لضعف التعليل وخرق الفصل ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫قيمة الحطام عند تقدير الضّرر متّبعا رأي الخبير‪.‬‬
‫ي السّابق المتمثّل في خرق الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬ ‫‪ -2‬ولنفس السّبب القانون ّ‬
‫شيئيّة تفترض أن يكون الضّرر قد نشأ من ذات‬ ‫أن المسؤوليّة ال ّ‬ ‫بمقولة ّ‬
‫ّ‬
‫ي ارتكبه صاحب الشيء فال‬ ‫شيء وأنه في صورة ثبوت خطأ شخص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫مجال إلى تطبيق الفصل المذكور‪.‬‬
‫للمتضرر حقّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -3‬أنّه ال يمكن اعتماد الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬إذا توفر‬
‫المطالبة طبق الفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬لما بين نوعي المسؤوليّة من تنافر‪.‬‬

‫ي السّابق عـدد ‪23214‬‬ ‫ولذلك ولمخالفة الحكم المذكور القرار التّعقيب ّ‬


‫قررت الد ّائرة الث ّالثة عشر التي نشرت لديها القضيّة إرجاعها‬ ‫المشار إليه ّ‬
‫األول لمحكمة التّعقيب للنّظر في إمكانيّة إحالتها على‬ ‫ّ‬ ‫الرئيس‬
‫سيّد ّ‬ ‫لل ّ‬
‫الدّوائر المجتمعة‪ .‬وتبعا لذلك وعمال بأحكام الفصل ‪ 191‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬
‫األول إحالة القضيّة على الدّوائر المجتمعة نظرا لمخالفة‬ ‫الرئيس ّ‬ ‫قرر ّ‬ ‫ّ‬
‫ي الذي أثبته قرار اإلحالة وتكليف المستشار‬ ‫محكمة اإلحالة للمبدأ القانون ّ‬
‫مقررا لها‪.‬‬
‫الزين ّ‬‫سيّد مح ّمد المنصف بن المختار ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المحكمــــة‬
‫األول‪:‬‬
‫عـن المطعن ّ‬
‫‪429‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫حيث قدّرت محكمة الموضوع مبلغ التّعويض في نطاق سلطتها التّقديريّة‬


‫بالملف ووفق‬
‫ّ‬ ‫وكان حكمها معلّال تعليال سائغا مستمدّا من العناصر الثّابتة‬
‫ما اقتضاه الفصل ‪ 107‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وتعيّن لذلك رفض هذا المطعن‪.‬‬
‫عـن المطعن الثّاني‪:‬‬
‫أن األضرار المطلوب تعويضها حصلت لسيّارة‬ ‫حيث ال خالف في ّ‬
‫طاعنة فيعتبر‬ ‫شاحنة المؤ ّمنة لدى ال ّ‬ ‫المتضرر عند صدمها من طرف ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الضّرر حاصال منها حتّى يثبت خالفه‪.‬‬
‫شاحنة وكونه لم يستطع السّيطرة عليها‬ ‫أن ما ثبت من خطأ سائق ال ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫شاحنة نفسها ل ّما أفلت زمامها من حافظها‬ ‫أن الضّرر حصل من ال ّ‬ ‫ال ينفي ّ‬
‫وقد أحسنت محكمة اإلحالة تطبيق الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬واتّجه رفض‬
‫هذا المطعن أيضا‪.‬‬
‫عـن المطعن الثّالث‪:‬‬
‫المتضرر من حادث طريق قد تتوافر له مستندات قانونية متعدّدة‬ ‫ّ‬ ‫حيث ّ‬
‫أن‬
‫ي والمسؤوليّة عن حفظ‬ ‫شخص ّ‬ ‫لطلب التّعويض كالمسؤوليّة عن الخطأ ال ّ‬
‫حر في اختيار مستنده لطلب‬ ‫شيء والمسؤوليّة العقديّة للنّاقل وهو ّ‬ ‫ال ّ‬
‫حق طلب التّعويض‬ ‫ي يجعل من له ّ‬ ‫نص قانون ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫الت ّعويض وليس هناك أ ّ‬
‫على أساس الفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ملزما باتّباع هذا المستند دون سواه‬
‫وتعيّن ردّ هذا المطعن‪.‬‬
‫ولهــذه األسبـاب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قــررت الدّوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب قبول مطلب التعقيب شكال‬ ‫ّ‬
‫ورفضه أصال … "‪.‬‬

‫ي‪ 16 ،45822 ،‬مارس ‪1995‬‬ ‫ي مدن ّ‬


‫تعقيب ّ‬
‫ّ‬
‫"أصدرت محكمة التعقيب القرار اْلتي‪:‬‬
‫طالع على مطلب التّعقيب المس ّجل بكتابة المحكمة في ‪ 15‬نوفمبر‬ ‫بعد اال ّ‬
‫‪ 1994‬تحت عدد ‪ 45822‬المقدّم من األستاذ التّيجاني بن رمضان نيابة‬
‫عن شركة التّأمين "الضّمان" ‪ ...‬ضدّ ‪ :‬ورثة حسونة ‪...‬‬
‫صادر من محكمة االستئناف بتونس بتاريخ ‪ 15‬جوان‬ ‫طعنا في الحكم ال ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫األصل‬ ‫االستئنافين‬ ‫بقبول‬ ‫والقاضي‬ ‫‪14953‬‬ ‫‪ 1994‬تحت عدد‬
‫ي في خصوص‬ ‫ي شكال وفي األصل بنقض الحكم االبتدائ ّ‬ ‫والعرض ّ‬
‫ي‪ ،‬والتّرفيع في التّعويض عن الضّرر‬ ‫التّعويض عن الضّرر المادّ ّ‬
‫ي‪ ،‬وتخطئة المستأنفة بالمال المؤ ّمن ‪...‬‬ ‫المعنو ّ‬
‫الرامية إلى النّقض واإلحالة‬‫االطالع على ملحوظات النّيابة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ...‬وبعد‬
‫واالستماع إلى شرحها بالجلسة‪.‬‬
‫وبعد ‪ ...‬المفاوضة طبق القانون‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪430‬‬

‫من حيث الشّكل‬


‫حيث استوفى مطلب التّعقيب صيغه القانونيّة فهو مقبول شكال‪.‬‬
‫من حيث األصل‬
‫حيث تفيد وقائع القضيّة كما أثبتها الحكم المنتقد واألوراق التي اعتمدها‬
‫أن‬‫قيام المعقّب ضدّهم بدعوى لدى المحكمة االبتدائيّة بقرمبالية مدّعين ّ‬
‫تعرض لحادث مرور أودى بحياته تسبّب فيه مؤ ّمن المع ّقبة الذي‬ ‫مورثهم ّ‬ ‫ّ‬
‫أحيل على المحكمة الجزائيّة من أجل القتل على وجه الخطأ إالّ أنّه ت ّم‬
‫الحكم استئنافيا تحت عدد ‪ 9097‬بتاريخ ‪ 7‬جانفي ‪ 1991‬بعدم سماع‬
‫أن الحادث يعزى‬ ‫صة بناء على ّ‬ ‫الدّعوى العا ّمة والتّخلّي عن الد ّعوى الخا ّ‬
‫إلى الخطأ الذي اقترفه الهالك‪.‬‬
‫ولذا وتأسيسا على الفصول ‪ 83‬و‪ 96‬و‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع واعتبارا لتح ّمل‬
‫السّائق لنسبة من المسؤوليّة فهم يطلبون الحكم بإلزام المدّعى عليها بأن‬
‫تؤدّي لهم الغرامات المبيّنة تفصيال بالعريضة تعويضا عن الضّررين‬
‫ي‪.‬‬
‫ي واألدب ّ‬ ‫المادّ ّ‬
‫بأن الدّعوى مردودة سواء كان القيام على‬ ‫وأجاب نائب المدّعى عليها ّ‬
‫أن الضّرر حصل‬ ‫أساس الفصل ‪ 83‬أو على أساس الفصل ‪ 96‬باعتبار ّ‬
‫منوبته قام بك ّل ما في وسعه لتفادي الحادث مثلما‬ ‫وأن مؤ ّمن ّ‬‫بفعل الهالك ّ‬
‫ي المذكور‪.‬‬‫أثبته الحكم الجزائ ّ‬
‫وبعد إتمام اإلجراءات قضت المحكمة ابتدائيّا لصالح الدّعوى فاستأنفته‬
‫ي من حيث‬ ‫المحكوم عليها فقضت محكمة االستئناف بإقرار الحكم االبتدائ ّ‬
‫المبدأ مع تعديله حسب الحكم عدد ‪ 5957‬بتاريخ ‪ 24‬فيفري ‪1993‬‬
‫فتعقّبته شركة التّأمين الضّمان لخرق قاعدة اتّصال القضاء ألنّه رغم‬
‫فإن المحكمة أعادت‬ ‫سائق ّ‬ ‫ي نفى ك ّل مسؤوليّة على ال ّ‬ ‫صدور حكم جزائ ّ‬
‫النّظر في الموضوع واعتبرته متح ّمال لكامل مسؤوليّة الحادث‪.‬‬
‫قررت محكمة‬ ‫وبتاريخ يوم ‪ 20‬سبتمبر ‪ 1993‬تحت عدد ‪ّ 39639‬‬
‫التّعقيب نقض الحكم المطعون فيه مع اإلحالة لعدم تقيّده بالح ّجيّة المطلقة‬
‫ي‪.‬‬
‫للوقائع التي أثبتها الحكم الجزائ ّ‬
‫وأعيد نشر القضيّة من جديد فقضت محكمة اإلحالة بالتّعويض وفق ما هو‬
‫ي تتصادم مع‬ ‫ي والمدن ّ‬
‫أن وحدة الخطأين الجزائ ّ‬ ‫طالع بناء على ّ‬ ‫مض ّمن بال ّ‬
‫المشرع بالفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬خالفا لما ارتأته محكمة التّعقيب‬ ‫ّ‬ ‫أقره‬
‫ما ّ‬
‫ي السّابق المتمثل في‪:‬‬ ‫طعن اآلن لنفس السّبب القانون ّ‬ ‫وهو مح ّل ال ّ‬
‫ألن المسؤوليّة المنصوص عليها‬ ‫‪ –1‬خرق الفصلين ‪ 83‬و‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ّ .‬‬
‫بالفصلين المذكورين هي واحدة والفرق بينهما في عبء اإلثبات وقد أثبت‬
‫المتضرر هو المتسبّب في الحادث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي ّ‬
‫أن‬ ‫الحكم الجزائ ّ‬
‫‪431‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ألن الفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ال يسمح‬ ‫‪ –2‬خرق قاعدة اتّصال القضاء ّ‬
‫ي‪.‬‬‫بمناقضة الحكم الجزائ ّ‬
‫‪ –3‬خرق الفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬العتماد المحكمة على ازدواجيّة الخطأ‬
‫ي‪.‬‬‫ي والخطأ الجزائ ّ‬ ‫المدن ّ‬
‫سابق عدد ‪39639‬‬ ‫ي ال ّ‬‫ولذلك ولمخالفة الحكم المذكور القرار التّعقيب ّ‬
‫قررت الدّائرة الثّالثة التي نشرت لديها القضيّة إرجاعها لل ّ‬
‫سيّد‬ ‫المشار إليه ّ‬
‫األول لمحكمة التّعقيب للنّظر في إمكانيّة إحالتها على الدّوائر‬ ‫الرئيس ّ‬ ‫ّ‬
‫الرئيس‬ ‫قرر ّ‬ ‫المجتمعة وتبعا لذلك وعمال بأحكام الفصل ‪ 191‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ّ‬
‫األول إحالة القضيّة على الدّوائر المجتمعة نظرا لمخالفة محكمة اإلحالة‬ ‫ّ‬
‫سيّد المنصف‬ ‫ي الذي أثبته قرار اإلحالة وتكليف المستشار ال ّ‬ ‫للمبدأ القانون ّ‬
‫مقررا لها‪.‬‬ ‫الزين ّ‬ ‫بن المختار ّ‬
‫المحكمة‬
‫عن المسألة القانونيّة مح ّل ال ّطعن‬
‫األول‪:‬‬
‫عن المطعن ّ‬
‫ي سندها الفصل ‪ 83‬م‪.‬ا‪.‬ع فيما‬ ‫شخص ّ‬ ‫أن المسؤوليّة عن الخطأ ال ّ‬ ‫حيث ّ‬
‫شيئيّة سندها‬ ‫صدر عن اإلنسان من تقصير أو إهمال بينما المسؤوليّة ال ّ‬
‫الفصل ‪ 96‬من نفس المجلّة وموضوعها ضمان الضّرر النّاشئ عن حفظ‬
‫شيء‪ ،‬فاألولى أساسها الخطأ والثّانية أساسها الضّمان‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وحيث تختلف المسؤوليّتان المذكورتان من حيث األساس وعبء اإلثبات‬
‫سائق التّقصير في السّياقة وإن كان‬ ‫ي الذي نفى عن ال ّ‬ ‫وأن الحكم الجزائ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي الوارد بالفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فإنّه ال‬ ‫شخص ّ‬ ‫ينفي عنه أيضا الخطأ ال ّ‬
‫ّ‬
‫يعفيه من ضمان الضّرر المستند للفصل ‪ 96‬من نفس المجلة‪.‬‬
‫المتضرر ودوره في‬ ‫ّ‬ ‫ي من إشارة لخطأ‬ ‫أن ما جاء بالحكم الجزائ ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫ي إذ أنّه تزيّد ال تقتضيه ضرورة البتّ في‬ ‫الحادث ال يفيد القاضي المدن ّ‬
‫الدّعوى العا ّمة وقد أحسنت محكمة اإلحالة تطبيق أحكام الفصل ‪96‬‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬واتّجه لذلك رفض هذا المطعن‪.‬‬
‫عن المطعن الثّاني‪:‬‬
‫أن ما جاء بالفصل ‪ 101‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وبالفصل ‪ 19‬من م‪.‬ج‪ .‬يرمي‬ ‫حيث ّ‬
‫أن تسليط‬ ‫إلى التّفريق بين المسؤوليّة الجزائيّة والمسؤوليّة المدنيّة بحيث ّ‬
‫ي ال يبرئ ذ ّمة المحكوم عليه من المسؤوليّة المدنيّة ّ‬
‫وأن انتفاء‬ ‫عقاب جزائ ّ‬
‫المشرع تمكين‬‫ّ‬ ‫األولى ال يترتّب عنه بالضّرورة انتفاء الثّانية ولم يقصد‬
‫ي ضرورة‬ ‫ي من إعادة النّظر فيما بتّ فيه القاضي الجزائ ّ‬ ‫القاضي المدن ّ‬
‫سواء في صورة أحكام اإلدانة أو في خصوص أحكام البراءة كأن يثبت‬
‫صر أو أهمل على معنى الفصل ‪ 83‬م‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬ ‫أن السّائق ق ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫القاضي المدن ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪432‬‬

‫أن السّائق ال يسند له أي تقصير أو إهمال‪،‬‬ ‫ي ّ‬‫بعد أن أثبت القاضي الجزائ ّ‬


‫على معنى الفصل ‪ 98‬من م‪.‬ط‪.‬‬
‫يضر‬
‫ّ‬ ‫ي‬
‫حريّة القاضي المدن ّ‬
‫أن تأويل هذين الفصلين بما يطلق ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫بحقوق المتقاضين وبحسن سير القضاء ويتعارض مع قاعدة تقّيد القاضي‬
‫ي ضرورة‪.‬‬ ‫ي بما بتّ فيه القاضي الجزائ ّ‬ ‫المدن ّ‬
‫وحيث ولئن لم تحسن محكمة اإلحالة تطبيق الفصلين من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬و‪19‬‬
‫‪736‬‬

‫شيئيّة الوارد بها الفصل ‪ 96‬من‬ ‫من ق‪.‬ج فإ ّن استنادها إلى المسؤوليّة ال ّ‬
‫أن ما انتهت إليه ليس فيه خرق للقانون وتعيّن لذلك‬ ‫م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬كاف العتبار ّ‬
‫رفض هذا المطعن‪.‬‬
‫عن المطعن الث ّالث‪:‬‬
‫أن الخطأ الذي ورد بالفصل ‪ 98‬من م‪.‬ط ال يختلف من حيث محتواه‬ ‫حيث ّ‬
‫وطبيعته عن الخطأ الوارد بالفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فإذا صدر الحكم‬
‫ي بعدم وجود خطأ ينسب لسائق الوسيلة المشاركة في الحادث ال‬ ‫الجزائ ّ‬
‫يبقى في سلوك السّائق ما يمكن اعتباره خطأ شخصيّا الت ّصال القضاء به‬
‫ولم يستطع المدّعون في األصل وال محكمة اإلحالة إبراز الخطأ الذي‬
‫س ّمي مدنيّا على معنى الفصل ‪ 83‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬والذي يختلف عما نفته‬
‫المحكمة الجزائيّة على معنى الفصل ‪ 98‬من م‪.‬ط إالّ ّ‬
‫أن اعتماد المحكمة‬
‫على الفصل ‪ 96‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬كاف العتبار ما انتهت إليه مطابقا للقانون‬
‫واتّجه لذلك رفض هذا المطعن أيضا‪.‬‬
‫لهذه األسباب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قررت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة قبول مطلب التعقيب شكال‬ ‫ّ‬
‫ورفضه أصال ‪."...‬‬
‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫• تقديم القرارات‪.‬‬
‫• عرض الوقائع (باقتضاب)‪.‬‬
‫• عرض اإلجراءات (باقتضاب)‪.‬‬
‫• عرض المشكلين القانونيّين‪:737‬‬
‫األول يتعلّق بالمسؤوليّة ال ّ‬
‫شيئيّة شروطا ً‪ ،‬ث ّم أساساً‪.‬‬ ‫– المشكل ّ‬
‫– المشكل الثّاني يتعلّق بالعالقة بين المسؤوليّات‪.‬‬
‫سنفرد لك ّل مشكل فقرة‪.‬‬

‫‪ 736‬هكذا جاء النّ ّ‬


‫ص المنشور‪.‬‬
‫حلين‪ :‬جعل موضوع التّعليق ما هو مشترك ‪ /‬جعل‬ ‫‪ 737‬يمكن في تعليق على أكثر من قرار اختيار واحد من ّ‬
‫والخاص معا ً (انظر مرجعا ذكر في هامش من الفقرة عدد ‪ .)198‬هنا اخترنا الح ّل‬
‫ّ‬ ‫موضوع التّعليق المشترك‬
‫الثّاني‪.‬‬
‫‪433‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫بعبارة أخرى‪ :‬بعد مسح محتوى جميع القرارات‪ ،‬وبعد جمع المتماثل منها‬
‫وفصل المتخالف وتقديم المتقدّم‪ ،‬يعطي ذلك‪:‬‬
‫من جهة أولى‪:‬‬

‫قرار ‪ 42389‬و‪:28564‬‬
‫شروط المسؤوليّة الشّيئيّة‬ ‫معنى فعل الشّيء‬

‫قرار ‪ 42389‬و‪:28564‬‬
‫سببيّة في نطاق‬ ‫العالقة ال ّ‬
‫المسؤوليّة الشّيئيّة‬
‫المسؤوليّة الشّيئيّة‬

‫أساس المسؤوليّة الشّيئيّة‬ ‫قرار ‪45822‬‬

‫آثار المسؤوليّة الشّيئيّة‬ ‫قرار ‪ 42389‬و ‪:44851‬‬


‫تقدير الت ّعويض‬

‫العالقة بين المسؤول ّية‬


‫ومن جهة ثانية‪:‬‬
‫المدنيّة والمسؤوليّة‬ ‫قرار ‪28564‬‬
‫الجزائيّة‬ ‫و‪ 45822‬و ‪44851‬‬

‫العالقة بين‬ ‫قرار ‪:42389‬‬


‫المسؤوليّات‬ ‫العالقة بين‬ ‫حرية االختيار بين‬
‫ّ‬
‫المسؤوليّات‬ ‫المسؤوليّة عن الفعل‬
‫الت ّقصيريّة‬ ‫ّخصي والمسؤوليّة‬
‫ّ‬ ‫الش‬
‫الشّيئيّة‬
‫العالقة بين‬
‫المسؤوليّات المدنيّة‬
‫قرار ‪:42389‬‬
‫العالقة بين المسؤوليّة‬
‫الت ّقصير ّية‬ ‫حريّة االختيار بين‬
‫ّ‬
‫والمسؤوليّة العقديّة‬ ‫المسؤوليّة الت ّقصيريّة‬
‫والمسؤليّة العقديّة‬

‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‬


‫‪ )I‬المسؤوليّة الشّيئيّة‬
‫– قرار ‪ 42389‬و‪ :44851‬تقدير التّعويض يخضع الجتهاد محكمة الموضوع‬
‫‪ /‬مسألة غير ها ّمة ‪ /‬إقصاؤها‪.‬‬
‫سببيّة ‪ /‬إذن‪ :‬شروط‬ ‫– قرار ‪ 42389‬و ‪ :28564‬فعل ال ّ‬
‫شيء والعالقة ال ّ‬
‫المسؤوليّة‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪434‬‬

‫– قرار ‪ :45822‬أساس المسؤوليّة‪.‬‬


‫أ) شروط المسؤوليّة الشّيئيّة‬
‫كما رأينا منذ قليل‪ ،‬تناولت المحكمة شرطين هما‪:‬‬
‫‪ /1‬فعل الشّيء‬
‫شيء بيد اإلنسان من جهة‪،‬‬ ‫تحرك ال ّ‬
‫شيء مع ّ‬ ‫ي لل ّ‬‫– الفصل ‪ 96‬مطلق (فعل ذات ّ‬
‫شيء بيد اإلنسان من جهة أخرى)‪.‬‬ ‫تحرك ال ّ‬
‫شيء دون ّ‬ ‫ي لل ّ‬‫وفعل ذات ّ‬
‫– محكمة التّعقيب في العديد من القرارات (‪ 3‬مارس ‪ 29 – 1982‬ديسمبر‬
‫شيء مع‬ ‫ي لل ّ‬‫‪ 10 – 1985‬مارس ‪ : )1986‬المطلق يفيد الخصوص (فعل ذات ّ‬
‫‪738‬‬

‫شيء بيد اإلنسان)‪.‬‬ ‫تحرك ال ّ‬


‫ّ‬
‫شيء‬‫تحرك ال ّ‬ ‫شيء مع ّ‬ ‫ي لل ّ‬‫– الدّوائر المجتمعة‪ :‬المطلق يفيد اإلطالق (فعل ذات ّ‬
‫شيء بيد اإلنسان)‪.‬‬ ‫تحرك ال ّ‬
‫شيء دون ّ‬ ‫ي لل ّ‬ ‫بيد اإلنسان‪ ،‬أو فعل ذات ّ‬
‫ي الموقفين أسلم؟‬ ‫–أ ّ‬
‫شيء‬ ‫الفصل ‪ 97‬أريد أن يكون تطبيقا للفصل ‪ / 96‬الفصل ‪ 97‬يه ّم فعال ذاتيّا لل ّ‬
‫األول أم للموقف الثّاني؟‬ ‫دون تحريك بيد اإلنسان ‪ /‬هل هذا ح ّجة للموقف ّ‬
‫األول؟ ال ‪ /‬أن يكون التّطبيق ضيّقا‪ ،‬فهذا ال يم ّكن من القطع بأنّه أريد‬ ‫للموقف ّ‬
‫أن يكون للمطبَّق نفس الميدان‪.‬‬
‫للموقف الث ّاني؟ ال ‪ /‬قد يراد أن يساوي التّطبيق المطبّق‪.‬‬
‫لكن بالعودة إلى األعمال التّحضيريّة‪ ،‬نجد مراجع الفصل ‪ 96‬تتحدّث عن‬
‫أن المطلق أريد منه اإلطالق‪.‬‬ ‫اآلالت ‪ /‬هذه قرينة على ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى النّقطة الموالية‪.‬‬
‫سببيّة‬ ‫‪ /2‬العالقة ال ّ‬
‫– قرار ‪ ..." :28564‬يعتبر الضّرر صادرا عنـ(ـه) حتّى يثبت خالفه ‪/ "...‬‬
‫شيء ومكان الضّرر‪.‬‬ ‫ي بين ال ّ‬ ‫إذن اتّصال مادّ ّ‬
‫– قرار ‪ ..." :42389‬يعتبر الضّرر حاصال منـ(ـه) حتّى يثبت خالفه ‪/ "...‬‬
‫شيء ومكان الضّرر‪.‬‬ ‫ي بين ال ّ‬ ‫إذن اتّصال مادّ ّ‬
‫إن هذا تطبيق سليم للفصل ‪.96‬‬ ‫– في القرارين تقول الدّوائر المجتمعة ّ‬
‫شيء‪.‬‬‫ي لل ّ‬
‫ي يفترض الدّور اإليجاب ّ‬ ‫– االتّصال المادّ ّ‬

‫‪ 738‬انظرها عند‪Nadhir Ben Ammou, L’évolution récente de la jurisprudence en :‬‬


‫‪matière de responsabilité civile, R. T. D., 1996, p. 32.‬‬
‫‪435‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫شيء ‪ /‬أي‬ ‫ي لل ّ‬
‫سلب ّ‬‫– إذن ليدحض المدّعى عليه القرينة‪ ،‬ينبغي أن يثبت الدّور ال ّ‬
‫سببيّة‪:‬‬ ‫لكي يتخلّص من المسؤوليّة‪ ،‬عليه أن ّ‬
‫يتعرض للعالقة ال ّ‬
‫شيء ليس سببا في حصول الضّرر ألنّه لعب دورا‬ ‫أن ال ّ‬ ‫• بأن يثبت بصفة سلبيّة ّ‬
‫سلبيّا (إذن الحافظ مسؤول عن الضّرر الذي بقي سببه مجهوال)‪.‬‬
‫• أو بأن يثبت بصفة إيجابيّة‪:‬‬
‫أنّه فعل ك ّل ما يلزم لمنع الضّرر‪،‬‬
‫و‬
‫قوة قاهرة أو بسبب من لحقه‪.‬‬ ‫أن الضّرر نشأ بسبب أمر طارئ أو ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‪ :‬قرار ‪ :28564‬من اعتبر مسؤوالً ال مصلحة له في‬ ‫– مسألة اإلعفاء الجزئ ّ‬
‫ي وبتجزئة‬ ‫ي ‪ /‬إذن قبول بإمكانيّة اإلعفاء الجزئ ّ‬ ‫معارضة اإلعفاء الجزئ ّ‬
‫المسؤوليّة؟‬
‫حسب أحد الفقهاء‪ :‬إن ثبت ثانيا ً من الفصل ‪( 96‬خطأ الضّحيّة مثال) ولم يثبت‬
‫أن خطأ الضّحيّة لم يكن‬ ‫أن الحافظ فعل ك ّل ما يلزم)‪ ،‬فهذا يعني ّ‬ ‫ّأوالً (لم يثبت ّ‬
‫سبب الوحيد في وقوع الضّرر م ّما يترتّب عنه توزيع المسؤوليّة بين الحافظ‬ ‫ال ّ‬
‫والمتضرر (إلخ‪ ).‬من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪739‬‬
‫ّ‬ ‫من جهة‬
‫المشرع تجزئة المسؤوليّة ليكون موقف الدّوائر المجتمعة‬ ‫ّ‬ ‫سؤال‪ :‬هل أراد‬‫لكن ال ّ‬
‫أن هذا هو موقفها) المتمثّل في التّجزئة سليما؟‬ ‫(على تقدير ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) أساس المسؤوليّة الشّيئيّة‬
‫اإلعالن عن تخطيط (ب)‬
‫‪ /1‬موقف المحكمة‬
‫– نظريّا‪ :‬أساس المسؤوليّة‪:‬‬
‫إ ّما الخطأ (يجب إثباته ‪ /‬أو هو مفترض)؛‬
‫وإ ّما ليس الخطأ (الضّمان‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫– الدّوائر المجتمعة (قرار ‪ :)45822‬األساس هو الضّمان‪.740‬‬

‫الزين‪ ،‬المسؤوليّة التّقصيريّة‪ ،‬درس مرقون‪ ،‬كلّيّة الحقوق والعلوم السّياسيّة بتونس‪ ،‬ب ت‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪ 739‬مح ّمد ّ‬
‫‪ 740‬يمكن نقل إثبات ما جاء أعاله من عند‪Nadhir Ben Ammou, préc., p. 41 et s. :‬‬
‫أن المسؤوليّة عن الخطأ‬ ‫لكن انظر أحمد بن طالب الذي أورد الحيثيّة التّالية للقرار عدد ‪" :45822‬حيث ّ‬
‫شيئيّة سندها‬‫ي سندها الفصل ‪ 83‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬فيما صدر عن اإلنسان من تقصير أو إهمال بينما المسؤوليّة ال ّ‬ ‫شخص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شيء مادّيّا ً وقانونيّا ً فاألولى أساسها الخطأ والثّانية أساسها القاعدة العا ّمة‬ ‫الفصل ‪ 96‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وموضوعها حفظ ال ّ‬
‫بأن من له النّما فعليه التّوا"‪.‬‬ ‫الواردة بالفصل ‪ 554‬م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬القائلة ّ‬
‫ي للقرار كيفما نجده في ال ّنسخة‪" :‬المستخرجة من أرشيف‬ ‫ص األصل ّ‬ ‫أن هذا هو النّ ّ‬‫ث ّم أضاف أحمد بن طالب ّ‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪436‬‬

‫اإلتيان بما ينقل إلى النّقطة الموالية‪.‬‬


‫‪ /2‬قيمة موقف المحكمة‬
‫يفرق أصحاب نظريّة الضّمان بين‪:‬‬ ‫• ّ‬
‫ي (هنا األساس هو الضّمان)‪،‬‬ ‫ي والمادّ ّ‬ ‫ضرر الجسم ّ‬‫ال ّ‬
‫ي (هنا األساس هو الخطأ)‪.‬‬ ‫ي والمعنو ّ‬ ‫والضّرر االقتصاد ّ‬
‫من هنا يمكن نقد محكمة التّعقيب لتنزيلها نظريّة الضّمان على الفصل ‪ ،96‬أي‬
‫يفرق بين هذه األنواع من الضّرر‪.‬‬ ‫على فصل ال ّ‬
‫• حسب أحد الفقهاء‪ :‬للوصول إلى نفس النّتائج‪ ،‬كان على المحكمة أن تستند إلى‬
‫نظريّة التّبعات (هنالك التّبعات عن شيء ينتفع به ‪ ،risque-profit‬والتّبعات‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫عن شيء ال ينتفع به ‪ )risque crée‬ألنّها أكثر تماشيا مع تو ّجهات‬
‫(الفصل ‪.741 )554‬‬
‫• يبدو لنا من عبارات (عملنا على العبارات كما وجدت وقت صدور المجلّة)‬
‫يتبن ال نظريّة الضّمان وال نظريّة‬ ‫ّ‬ ‫الفصل ‪ 96‬أنّه وضع قرينة خطأ (ولم‬
‫المشرع أراد منه ما يلي‪:‬‬‫ّ‬ ‫التّبعات) ّ‬
‫وأن‬
‫إثبات " ّأوالً" لوحده يفنّد االفتراض‪.‬‬
‫المارة – لكن‬
‫ّ‬ ‫إثبات "ثانيا ً" لوحده ال يفنّد االفتراض (زلزال – سقط الجدار على‬
‫سقوط – قرينة الخطأ ال يفنّدها حدوث‬ ‫الزلزال متداعيا لل ّ‬ ‫الجدار كان قبل ّ‬
‫سر وجود "الواو" (‪ )et‬في الفصل ‪.96‬‬ ‫الزلزال)‪ .‬هذا ما يف ّ‬‫ّ‬
‫أ ّما في الفصلين ‪ 93‬و‪ :94‬لو ثبت "ثانيا ً" لوحده‪ ،‬لفنّد ذلك االفتراض؛ لذلك جاء‬
‫في الفصلين حرف "أو"(‪.)ou‬‬
‫صد منه تبنّي نظريّة الضّمان أو‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬تأويل الفصل ‪ 96‬على أنّه ق ِّ‬
‫نظريّة التّبعات يجد أمامه (إذا استعملنا عبارات سبقت معنا‪ :‬انظر هامشا من‬
‫عدد ‪ )146‬عنصرا «مزعجا»‪ :‬تغيّر حروف العطف من «أو» في الفصلين ‪93‬‬
‫و‪ 94‬إلى «الواو» في الفصل ‪ .96‬فإذا راجعنا هذا التّأويل إلى آخر مفاده ّ‬
‫أن هذا‬
‫ص تبنّى قرينة الخطأ‪ ،‬وجد العنصر المثير لإلزعاج مكانه في التّأويل‬ ‫النّ ّ‬
‫كف عن يكون مزعجا‪.‬‬ ‫الجديد‪ ،‬أي ّ‬

‫ص المنشور في مجموعة قرارات الدّوائر المجتمعة لمحكمة التّعقيب لسنة ‪– 1994‬‬ ‫محكمة التّعقيب‪ .‬ذلك ّ‬
‫أن ال ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 1995‬لم يتض ّمنه بل ورد فيه أن المسؤوليّة الشيئيّة «أساسها الضّمان»‪ .‬وقد أوقع هذا التغيير المجهول المصدر‬
‫ّ‬
‫مجلة االلتزامات والعقود أمام الدّوائر‬ ‫الجميع في المغالطة فانبروا يتساءلون عن مدلوله"‪ .‬أحمد بن طالب‪،‬‬
‫المجتمعة‪ ،‬منشور في‪ :‬كتاب مائويّة مجلّة االلتزامات والعقود ‪ ،2006 – 1906‬مركز النّشر الجامعي‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.265‬‬
‫‪Nadhir Ben Ammou, préc., p. 43. 741‬‬
‫‪437‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أن موقف محكمة التّعقيب من أساس المسؤوليّة ال يتماشى مع ما أراده‬ ‫إذن يبدو ّ‬
‫المشرع‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى الفقرة الثانية‪.‬‬
‫‪ )II‬العالقة بين المسؤوليّات‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة الثّانية‪.‬‬
‫أ) العالقة بين المسؤوليّة المدنيّة والمسؤوليّة الجزائيّة‬
‫اإلعالن عن تخطيط (أ)‪.‬‬
‫الجزائي على المدن ّي‬ ‫ّ‬ ‫‪ /1‬مبدأ ح ّجيّة‬
‫ي‪.‬‬‫ي ح ّجيّة على المدن ّ‬ ‫– للجزائ ّ‬
‫– أساس ذلك حسب قرار ‪ 28564‬و ‪:45822‬‬
‫الفصل ‪ 19‬من المجلّة الجزائيّة‪ :‬الحكم بالبراءة أو بالعقوبات ‪ ...‬ال يمنع‬
‫المتضرر من ‪ ...‬تعويض الضّرر الذي لحقه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫صادر من مجلس جنائ ّ‬ ‫الفصل ‪ 101‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬الحكم ال ّ‬
‫بترك سبيل متّهم ال يؤثّر في مسألة تعويض الخسارة النّاشئة من الفعل‪.‬‬
‫صة‪ ،‬ولكن أيضا‬ ‫– معنى الفصل ‪( 101‬والفصل ‪ )19‬حسب قرار ‪ 45822‬خا ّ‬
‫قرار ‪:44851‬‬
‫ي‬
‫ي = عقاب مدن ّ‬ ‫• عقاب جزائ ّ‬
‫ي على أساس الفصل ‪ ،83‬وإ ّما عقاب‬ ‫ي = إ ّما ال عقاب مدن ّ‬ ‫• ال عقاب جزائ ّ‬
‫ي على أساس الفصل ‪96‬‬ ‫مدن ّ‬
‫ي‪:‬‬‫البت فيما نظر فيه القاضي الجزائ ّ‬ ‫ي أن يعيد ّ‬ ‫• ال يمكن للقاضي المدن ّ‬
‫قرر استعمال‬ ‫ي الذي‪ ،‬إن ّ‬ ‫ي إلهمال أو تقصير‪ :‬تقييد القاضي المدن ّ‬ ‫* عقاب جزائ ّ‬
‫الفصل ‪ ،83‬ال يمكنه القول بانعدام اإلهمال أو التّقصير‪.‬‬
‫ي إلهمال أو تقصير‪:‬‬ ‫* ال عقاب جزائ ّ‬
‫ي الذي ال يمكنه إقرار وجود إهمال أو تقصير ‪ /‬إذن ال‬ ‫‪ ‬تقييد القاضي المدن ّ‬
‫سبيل يؤثّر في‬ ‫ي بترك ال ّ‬ ‫مسؤوليّة على معنى الفصل ‪ / 83‬أي الحكم الجزائ ّ‬
‫مسألة تعويض الخسارة‪.‬‬
‫ي الذي يمكنه أن يقضي بالتّعويض على أساس الفصل‬ ‫‪ ‬ال يقيّد القاضي المدن ّ‬
‫سبيل ال يؤثّر في مسألة تعويض الخسارة‪.‬‬ ‫ي بترك ال ّ‬ ‫‪ / 96‬إذن الحكم الجزائ ّ‬
‫إذن الفصل ‪ 101‬مطلق (تعويض حسب الفصل ‪ 83‬أو ‪ )96‬ف ِّهم على أنّه يفيد‬
‫الخصوص‪ :‬تعويض حسب الفصل ‪.96‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪438‬‬

‫صص المطلق؟ يبدو أنّه – حسب قرار ‪ – 45822‬مبدأ عدم اإلضرار‬ ‫ما مخ ّ‬
‫بحقوق المتقاضين وبحسن سير القضاء‪.‬‬
‫سبب‪:‬‬ ‫ي ‪ /‬ال ّ‬‫ي يوقف المدن ّ‬ ‫– الفصل ‪ 7‬من مجلّة اإلجراءات الجزائيّة‪ :‬الجزائ ّ‬
‫والمس بمصداقيّة القضاء ‪ /‬إذن سبب حكم الفصل ‪ – 7‬لو‬ ‫ّ‬ ‫تفادي تناقض األحكام‬
‫صصة إلطالق الفصل ‪.101‬‬ ‫ص ّح – قرينة مخ ّ‬
‫– تقول الدّوائر المجتمعة هنا‪ :‬رغم عدم فهم محكمة اإلحالة للفصل ‪101‬‬
‫(اعتبارها المطلق يفيد اإلطالق)‪ ،‬فتطبيقها للفصل ‪ 96‬كان سليما‪.‬‬
‫– إذن حسب القرار ‪:45822‬‬
‫الطرقات = توفّر الفصل ‪( 83‬من مجلّة االلتزامات‬ ‫توفّر الفصل ‪ 98‬من مجلّة ّ‬
‫والعقود)‪.‬‬
‫الطرقات = غياب الفصل ‪ 83‬مع إمكانيّة توفّر‬ ‫وغياب الفصل ‪ 98‬من مجلّة ّ‬
‫الفصل ‪( 96‬من مجلّة االلتزامات والعقود)‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى النّقطة الموالية‪.‬‬
‫الجزائي على المدن ّي‬
‫ّ‬ ‫‪ /2‬ميدان ح ّجيّة‬
‫ي‪ ،‬ك ّل ما ليس ضروريّا‬ ‫– قرار ‪ 28564‬و ‪ :45822‬ما ال يقيّد القاضي المدن ّ‬
‫تعرض له‬ ‫ّ‬ ‫المتضرر لخطأ (هذا ما‬ ‫ّ‬ ‫للبت في الدّعوى العموميّة‪ :‬ارتكاب‬ ‫ّ‬
‫القراران)‪.‬‬
‫ي‬
‫ي؟ أم هو مطلق ويشمل ح ّجيّة الجزائ ّ‬ ‫ي على المدن ّ‬ ‫– الفصل ‪ :481‬ح ّجيّة المدن ّ‬
‫ي وعموما ح ّجيّة ك ّل حكم على آخر؟ ‪ /‬قرار ‪ 28564‬طبّق مباشرة‬ ‫على المدن ّ‬
‫الفصل ‪ 481‬م ّما يد ّل على أنّه اعتبره مفيدا لإلطالق ‪ /‬نقد‪ :‬الفصل ‪ّ 482‬أوال‪ :‬ال‬
‫أن محكمة االستئناف يمكنها تقرير ما‬ ‫ح ّجيّة لحكم ت ّم استئنافه – معنى هذا ّ‬
‫أن نصوص مجلّة االلتزامات والعقود قصد منها ح ّجيّة‬ ‫يخالفه – إذن يبدو ّ‬
‫ي – إذن ال ينبغي تطبيقها خارج هذا المجال إالّ بعد إعمال‬ ‫ي على المدن ّ‬ ‫المدن ّ‬
‫القياس‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) العالقة بين المسؤوليّات المدنيّة‬
‫ي‬‫شخص ّ‬ ‫حرية االختيار بين المسؤوليّة عن الفعل ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫– قرار ‪:42389‬‬
‫شيئيّة ‪/‬إذن هو للعالقة بين المسؤوليّات التّقصيريّة‪.‬‬ ‫والمسؤوليّة ال ّ‬
‫حريّة االختيار بين المسؤوليّة التّقصيريّة والمسؤوليّة العقديّة ‪/‬‬ ‫– قرار ‪ّ :42389‬‬
‫إذن هو للعالقة بين المسؤوليّة التّقصيريّة والمسؤوليّة العقديّة‪.‬‬
‫‪439‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ /1‬العالقة بين المسؤوليّات التّقصيريّة‬


‫المتضرر في اختيار المسؤوليّة عن الفعل‬ ‫ّ‬ ‫حريّة‬
‫– القرار عدد ‪ّ :42389‬‬
‫سائق‪ :‬إذن انطباق‬ ‫ي لل ّ‬ ‫شيئيّة ‪ /‬هنالك خطأ شخص ّ‬ ‫ي أو المسؤوليّة ال ّ‬ ‫شخص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سيّارة‪ :‬إذن قامت قرينة على وجود خطأ في‬ ‫شاحنة صدمت ال ّ‬ ‫الفصل ‪ / 83‬ال ّ‬
‫شاحنة إثبات أنّه لم يخطئ في‬ ‫الحفظ – لكي ال ينطبق الفصل ‪ ،96‬على حافظ ال ّ‬
‫الحفظ – إن لم يفعل‪ ،‬فهو مسؤول عن الضّرر – إذن انطباق الفصل ‪ / 96‬هكذا‬
‫تكون قد توفّرت في القضيّة شروط انطباق الفصل ‪ 83‬وشروط انطباق الفصل‬
‫‪ – 96‬يمكن للمدّعي اختيار أحدهما أساسا لدعواه‪.‬‬
‫– القرار عدد ‪ :45822‬أ ّكد على اختالف المسؤوليّتين من حيث األساس‬
‫(الفصل ‪ 83‬أساسه الخطأ‪ ،‬والفصل ‪ 96‬أساسه الضّمان) ومن حيث اإلثبات ‪/‬‬
‫إذن يمكن استنتاج ما يأتي‪:‬‬
‫من قام على أساس الفصل ‪ 83‬ورفضت دعواه‪ ،‬يمكنه القيام على أساس الفصل‬
‫‪.96‬‬
‫من قام على أساس الفصل ‪ 96‬ورفضت دعواه‪ ،‬ال يمكنه القيام على أساس‬
‫الفصل ‪.83‬‬
‫صين معا أمام المحكمة (وهي ستطبّق أحدهما)‪.‬‬ ‫يمكن إثارة النّ ّ‬
‫إذا وقع القيام على أساس الفصل ‪ 83‬مثال‪ ،‬فال يمكن للمحكمة أن تقضي على‬
‫أساس الفصل ‪ 96‬ألنّه ال يمكنها تعديل سبب الدّعوى‪.‬‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى النّقطة الموالية‪.‬‬
‫‪ /2‬العالقة بين المسؤوليّة التّقصيريّة والمسؤوليّة العقديّة‬
‫المتضرر من حادث‬ ‫ّ‬ ‫– القرار عدد ‪" :42389‬عن المطعن الثّالث‪ :‬حيث ّ‬
‫أن‬
‫طريق قد تتوافر له مستندات قانونيّة متعدّدة لطلب التّعويض كالمسؤوليّة عن‬
‫شيء والمسؤوليّة العقديّة للنّاقل‪ ،‬وهو‬ ‫ي والمسؤوليّة عن حفظ ال ّ‬ ‫شخص ّ‬ ‫الخطأ ال ّ‬
‫ي يجعل من‬ ‫نص قانون ّ‬‫ي ّ‬ ‫حر في اختيار مستنده لطلب التّعويض‪ ،‬وليس هناك أ ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫حق طلب التّعويض على أساس الفصل ‪ 83‬من مجلة االلتزامات والعقود‬ ‫له ّ‬
‫ملزما باتّباع هذا المستند"‪.‬‬
‫– أورد أحدهم‪ 742‬قرارا لمحكمة التّعقيب (‪ 18‬جويلية ‪ )1974‬يقول إن كان ث ّم‬
‫عقد يجمع بين أطراف الدّعوى‪ ،‬فينبغي القيام على أساس المسؤوليّة العقديّة ال‬
‫الت ّقصيريّة‪.‬‬

‫‪Nadhir Ben Ammou, préc., p. 54. 742‬‬


‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬دراسة نصّ قرار (التّعليق على قرار)‬ ‫‪440‬‬

‫– إذن قرار الدّوائر المجتمعة الوارد أعاله رفض هذا الح ّل‪.‬‬
‫– تقييم موقف الدّوائر المجتمعة كما جاء عند أحدهم‪:743‬‬
‫إن موقفها هو‪ :‬يمكن لضحيّة ضرر‬ ‫عموميّة عبارات الدّوائر تدعو للقول ّ‬
‫مصدره شبه جنحة القيام على أساس المسؤوليّة العقديّة؛ ويمكن لضحيّة عدم‬
‫تنفيذ أو تنفيذ سيّئ للعقد المطالبة بالتّعويض على األساس التّقصير ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫هذا الح ّل مرغوب فيه ألنّه يعطي حظوظا وافرة للضّحيّة على مستوى‬
‫التّعويض خا ّ‬
‫صة إذا كانت ث ّم بنود مح ِّدّدة أو معفية من المسؤوليّة‪.‬‬
‫لكن قرار الدّوائر المجتمعة يحوي في ذاته حدودا لما وضعه‪ :‬القرار ه ّم ضحايا‬ ‫ّ‬
‫حوادث المرور‪ ،‬م ّما يقصي بقيّة الضّحايا؛ القرار أعطى لمن يملك ّ‬
‫حق القيام‬
‫حق اختيار القيام على أساس المسؤوليّة العقديّة‪ ،‬من هنا‬ ‫على أساس الفصل ‪ّ 83‬‬
‫حق القيام على أساس‬ ‫صورة المعاكسة‪ ،‬أي إعطاء من يملك ّ‬ ‫هو لم يعتن بال ّ‬
‫المسؤوليّة العقديّة خيار القيام تقصيريّا‪.‬‬

‫ي تجسيما وعرضا‪.‬‬ ‫نص حكم قضائ ّ‬ ‫بما جاء اآلن نكون قد ختمنا منهجيّة دراسة ّ‬
‫ي‪ .‬وقبل‬
‫ي تناولنا القانون ّ‬ ‫نص عقدّ ّ‬
‫ي‪ .‬قبل العقد ّ‬ ‫قبل ذلك تناولنا منه ّجيّة دراسة ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي رأينا الفقه ّ‬‫القانون ّ‬
‫ص بأنواعه المتقدّمة‪ ،‬ينبغي المرور إلى القسم الثّاني من‬ ‫بعد دراسة النّ ّ‬
‫المواضيع التّطبيقيّة‪ ،‬أي إلى دراسة الحالة العمليّة أو ما يعرف أكثر تحت اسم‪:‬‬
‫االستشارة القانونيّة‪.‬‬

‫‪Nadhir Ben Ammou, préc., p. 55 et s. 743‬‬


‫المبحث الثّاني‪ ― .‬العناصر الخا ّ‬
‫صة بدراسة حالة عمليّة ‪étude de cas‬‬
‫‪( pratique‬االستشارة القانونيّة ‪)consultation juridique‬‬

‫‪ ―.200‬تقسيم املبحث وفهرسة مضمونه‪.‬‬


‫يفرق البعض بين دراسة حالة عمليّة واالستشارة القانونيّ ة‪ ، 744‬لكنّنا هنا‬ ‫ّ‬
‫سنستعمل – على غرار بعض غير الذين سبقوا – العبارتين على أنّهما تفيدان‬
‫التّمرين الذي يطلب في الجامعة‪ .745‬وكما اعتدنا سنبدأ بعرض المنهجيّة‪ ،‬ث ّم ن ّ‬
‫مر‬
‫إلى تجسيمها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ ―.‬عرض منهجيّة دراسة الحالة العمليّة‬

‫‪ ―.201‬متهيد‪.‬‬
‫غادرنا منذ قليل القرار‪ .‬ومضمونه‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬وقائع تفضي إلى نزاع‪ ،‬فيعرض‬
‫النّزاع على محكمة‪ ،‬فتطبّق المحكمة على الحوادث القانون وتح ّل من ث ّم النّزاع‪.‬‬
‫وليست االستشارة بمختلفة‪ ،‬فهنا أيضا ً تعرض وقائع‪ ،‬وهنا أيضا ً مطلوب من‬
‫أن المحكمة تعرض‬ ‫المستشار‪ 746‬أن يطبّق القانون على الوقائع‪ .747‬الفارق ّ‬

‫‪ 744‬عند البعض‪ ،‬هنالك دراسة حالة‪ .‬وداخلها توجد دراسة حالة عمليّة واالستشارة القانونيّة (إلخ)‪:‬‬
‫‪« Sous l’expression "étude de cas" l’on regroupe ici différent exercices que l’on‬‬
‫‪désigne usuellement par "cas pratique", "consultation juridique", "commentaire‬‬
‫‪dirigé" ». Pascale Gonod (sous la direction de), Annales droit administratif 2008.‬‬
‫‪Méthodologie et sujets corrigés, Dalloz, Paris, 2007, p. 19.‬‬
‫ي‪ .‬من هذه ّ‬
‫الزاوية لالستشارة‬ ‫لكن ما الفرق بين دراسة حالة عمليّة واالستشارة؟ االستشارة عمل يقوم به مهن ّ‬
‫خصائص ال توجد في العمل الذي يطلب من طالب في الجامعة‪ .‬انظر‪Gilles Goubeaux et Philippe :‬‬
‫‪Bihr, préc., p. 101.‬‬
‫‪ 745‬انظر‪Jérôme Bonnard, préc., p. 128. :‬‬
‫‪ 746‬قد يكون مهنيّا ً أو طالباً‪.‬‬
‫ي هو في الغالب محام‪ .‬لكن يمكن أن يكون أستاذا ً جامعيّا ً من الذين يبذلون العلم لغير طالّب العلم (بنوك‪،‬‬ ‫والمهن ّ‬
‫ي (العلني والس ّّري)‪ ،‬أو على حدّ عبارة أحدهم "البغاء الفكري‬ ‫ّ‬ ‫العلم‬ ‫البغاء‬ ‫يمارسون‬ ‫الذين‬ ‫من‬ ‫أي‬ ‫إلخ‪،).‬‬
‫القانوني"‪ .‬وفعال جاء في أحد الكتب‪" :‬في أيّامنا تتعالى بعض األصوات لفضح انحراف‪ :‬لقد تغيّر وضع‬
‫يتكرر ذكره دون حجّة منذ‬‫ّ‬ ‫االستشارة وأصبحت بطريقة كاريكاتوريّة مرتزقة وغير محايدة‪ .‬هذا على األق ّل ما‬
‫ي ( ‪prostitution de la pensée‬‬ ‫أن اعتقد مؤلّف أنّه اكتشف ظاهرة جديدة تتمثّل في البغاء الفكر ّ‬
‫ي القانون ّ‬
‫‪Philippe Jestaz et Christophe Jamin, La doctrine, Dalloz, Paris, 2004, p. .")juridique‬‬
‫‪181.‬‬
‫المؤلّف المتحدّث عنه هو‪J.-D. Bredin, Remarques sur la doctrine, Mélanges offerts à :‬‬
‫‪Pierre Hébraud, P.U. Toulouse, 1985, p. 116, n° 6.‬‬
‫إلى جانب المهنيّين‪ ،‬قد يكون المستشار طالباً‪ .‬هذا األخير هو الذي يعنينا هنا‪.‬‬
‫‪ 747‬هنالك "االستشارة القانونيّة"‪ ،‬وهنالك "المذ ّكرة القانونيّة" (‪ .)Note juridique‬والمذ ّكرة استشارة داخليّة‬
‫(موظف في بنك‪ ،‬إلخ‪ .).‬انظر‪Florence Benoit et Olivier :‬‬ ‫ّ‬ ‫يعطيها لمؤسّسة رجل قانون ينتمي للمؤسّسة‬
‫‪Benoit, préc., p. 33.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬االستشارة القانونيّة‬ ‫‪442‬‬

‫عليها وقائع أفضت بعد إلى نزاع‪ ،‬أ ّما المستشار فتعرض عليه حتّى الوقائع التي‬
‫أن المحكمة تح ّل النّزاع‪ ،‬أ ّما المستشار فيقدّم‬
‫صة ّ‬ ‫لم تفض إلى نزاع؛ والفارق خا ّ‬
‫تصورا ً عن الكيفيّة المحتملة لح ّل النّزاع (من قِّبَل المحاكم)‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ―.202‬االكتشاف‪.‬‬
‫ما جاء للت ّ ّو يجعل المرحلة األولى من عمل المستشار – مرحلة االكتشاف – ال‬
‫تختلف في جوهرها عن عمل المحكمة‪.‬‬
‫تتكون المرحلة األولى من ثالث لحظات‪:748‬‬‫ّ‬
‫ي‬
‫اللحظة األولى‪ :‬عرض المشكل القانون ّ‬
‫نص االستشارة‪ ،749‬ينبغي انتقاء الها ّم من الوقائع وتكييفه‪ ،‬أي إدخاله‬
‫بعد قراءة ّ‬
‫ي‪.750‬‬
‫في صنف قانون ّ‬
‫ث ّم ينبغي تحديد المشكل أو المشاكل القانونيّة التي تثيرها الوقائع ‪.‬‬
‫‪751‬‬

‫‪ 748‬هذا ما قاله "هنري مازو" (‪ ،)Henri Mazeaud‬وسنعرض هنا بطريقة تكاد أن تكون حرفيّة ما قاله‪.‬‬
‫انظر حول ما سننقله‪Henri Mazeaud, préc., p. 60 et 61. :‬‬
‫صة‪ ،‬بل تقدّم له وثائق (نسخ رسائل‪ ،‬وثائق حالة مدنيّة‪ ،‬إلخ‪ ).‬يستخرج منها الوقائع‪.‬‬ ‫‪ 749‬قد ال تحكى ّ‬
‫للطالب ق ّ‬
‫ضيّق لالمتحان ( ‪Gilles‬‬ ‫صة بالوقت ال ّ‬ ‫صعوبات المادّيّة المتعلّقة بنسخ الوثائق وخا ّ‬ ‫هذا نادر بسبب ال ّ‬
‫‪.)Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 101 et p. 105.‬‬
‫للطالب وقائع غير معقّدة وغير محتاجة لزمن طويل ينفَق عليها‪ .‬هذا‬ ‫المتعلق بالوقت عادة ما تقدّم ّ‬
‫ّ‬ ‫لنفس السّبب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال يعني أن ال تقدّم له وقائع غير مرتبة أو ناقصة أو فيها أمور زائدة‪ .‬فقد يراد أن ينظر في مدى قدرة الطالب‬
‫تصور جميع الفرضيّات الممكنة لسدّ النّقص‪ ،‬ومدى قدرته على تخليص عمله‬ ‫ّ‬ ‫على التّنظيم‪ ،‬ومدى قدرته على‬
‫قرب من‪Jérôme Bonnard, préc., p. 128. :‬‬ ‫ي‪ّ .‬‬‫من ك ّل األمور غير المرتبطة بالمشكل القانون ّ‬
‫الطالب‪ .‬فقد تقدّم مثال وقائع تتعلّق بالغلط‬
‫‪ 750‬تكييف الوقائع مرتبط بالمعرفة الخلفيّة المفترض وجودها عند ّ‬
‫الطالب لم يدرس إالّ الغلط (في نظام اإلجازة القديمة من أربع سنوات‪ ،‬الغلط يدرس‬ ‫وبالعيوب الخفيّة‪ .‬فإذا كان ّ‬
‫في السّنة الثّانية‪ ،‬في إطار مادّة ال ّنظريّة العا ّمة لاللتزام)‪ ،‬فلن يكون مطلوبا ً منه تكييف الوقائع على أنّها عيوب‬
‫صة)‪.‬‬ ‫خفيّة (في نفس النّظام‪ ،‬العيوب تدرس في السّنة ّ‬
‫الرابعة‪ ،‬في إطار مادّة العقود الخا ّ‬
‫‪ 751‬سيجد المستشار نفسه أمام واحدة من حالتين‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ ،‬أن يطرح عليه سؤال (أو أكثر) مضبوط‪.‬‬
‫والسّؤال المضبوط قد يصاغ في عبارات قانونيّة‪" :‬يسألك فالن‪ :‬هل يمكنه إبطال العقد؟"‪ .‬انظر أسئلة من هذا‬
‫النّوع عند‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 106.:‬‬
‫الرجوع فيما ربط نفسه به؟"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يمكنه‬ ‫هل‬ ‫وقد يصاغ السّؤال المضبوط في عبارات غير قانونيّة‪" :‬يسألك فالن‪:‬‬
‫انظر أسئلة من هذا النّوع عند‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 106.:‬‬
‫الحالة الثّانية‪ ،‬أن ال يطرح عليه سؤال محدّد‪" :‬يسألك فالن‪ :‬ما هي حقوقي؟"‪ .‬انظر أسئلة من هذا النّوع عند‪:‬‬
‫‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 107.‬‬
‫‪443‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫اللحظة الثّانية‪ :‬تحديد القاعدة القانونيّة المنطبقة‬


‫بعد ذلك‪ ،‬ينبغي تحديد القاعدة القانونيّة المنطبقة على الوقائع‪.‬‬
‫اللحظة الثّالثة‪ :‬تطبيق القاعدة القانونيّة على الوقائع‬
‫فإذا ضبِّطت القاعدة‪ ،‬وجب إعمالها على الوقائع‪ .‬هذا يعني تأويل تلك القاعدة‪،‬‬
‫أي هذا يعني‪ :‬إ ّما أن يكون لنا تكوين في علوم الحجج‪ ،‬وعندها يكون الدّليل‬
‫المستنبط به متمثّال في واحدة أو أكثر من الحجج المستقاة من تلك العلوم (ومن‬
‫سلطة‪ :‬القضائيّة‪ ،‬ث ّم الفقهيّة‪)752‬؛ وإ ّما أن ال‬ ‫ضمنها‪ ،‬بل في مؤ ّخرتها ح ّجة ال ّ‬
‫سلطة‪.‬‬‫يكون لدينا هذا التّكوين‪ ،‬وحينها لن نستطيع إالّ إعمال ح ّجة ال ّ‬
‫مبررا تمام التّبرير‪ .‬أ ّما‬
‫صورة األولى‪ ،‬يكون المعنى الذي يقدّمه المستشار ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫فمبررا بعض التّبرير‪ .‬والتّبرير التّا ّم أفضل من التّبرير‬ ‫ّ‬ ‫صورة الثّانية‪،‬‬
‫في ال ّ‬
‫النّاقص‪ .‬لكن ما ال يقبل هو انعدام التّبرير‪.‬‬
‫صحيح‪ ،‬بل تقديم تفكير‬ ‫وفعالً‪ ،‬المطلوب في هذا التّمرين ليس تقديم الح ّل ال ّ‬
‫صحيح‪.‬‬‫صحيح‪ ،‬أي تقديم تفكير يستعمل الحجج التي تجب لينتهي إلى الح ّل ال ّ‬
‫فإذا كان ث ّم مجال ألكثر من تفكير (ومن ث ّم ألكثر من نتيجة)‪ ،‬وجب عرض‬
‫ذلك‪ .‬وإذا كان أحدها هو األص ّح‪ ،‬وجب عرض البقيّة وتبيان نقائصها ووجب‬
‫عرض األص ّح وتبيان كيف أنّه األص ّح‪ .‬أ ّما إذا تساوت وجاهة ك ّل تفكير‪،‬‬
‫أن هذه‬ ‫فالواجب عندها ال فقط عرض الجميع وعرض حججه وعرض كيف ّ‬
‫أن ما ينتظره جملة من‬ ‫الحجج متساوية‪ ،‬بل الواجب تنبيه من استشار إلى ّ‬
‫الحلول وذلك على سبيل البدل‪.‬‬

‫ّ‬
‫تخطي اللحظة التي ستأتي للت ّ ّو‪ :‬لحظة تحديد‬ ‫في هذه الحالة الثّانية‪ ،‬ال يمكن تحديد المشكل القانون ّ‬
‫ي إالّ بعد‬
‫القاعدة القانونيّة المنطبقة على الوقائع‪ .‬انظر‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 107. :‬‬
‫نص) بالموجّهات التي تصحبه‪،‬‬ ‫ي ّ‬ ‫ص (أ ّ‬‫فإذا أردنا اآلن أن نطرح ما جاء أعاله في إطار أع ّم‪ ،‬هو عالقة ال ّن ّ‬
‫الرئيسيّة‬ ‫وجدنا من يقول‪" :‬يظهر عدد من األعمال أنّه عند تحويل التّعليمات المعطاة ّ‬
‫للقراء (مثل إيجاد األفكار ّ‬
‫واإلجابة عن أسئلة معيّنة) أو المنظور الذي توحي به القراءة (مثل تذ ّكر وصف منزل من وجهة نظر سارق أو‬
‫فإن المختبِّر قد يؤثّر على طبيعة العناصر التي يتذ ّكرها القارئ‪ ،‬أو على أوقات القراءة‪ .‬وهكذا يجري‬ ‫شار)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعديال في نمط التعاطي الذي يعتمده القارئ مع مختلف المعلومات إلى حد بعيد"‪ .‬أندريه – جاك ديشين‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫انظر نفس الكتاب في صيغته األصليّة‪André-Jacques Deschênes, préc., p. 16. :‬‬
‫ألن المستشير قد يذهب في نهاية األمر إلى القضاء؛ ومن المفروض أن‬ ‫‪ 752‬ينبغي دوما ً ذكر القضاء إن و ِّجد‪ّ ،‬‬
‫نطلعه على ما يقول هذا القضاء ليعرف ما سينتظره‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬االستشارة القانونيّة‬ ‫‪444‬‬

‫تحديد‬
‫تكييف‬
‫المشكل‬
‫الوقائع‬
‫القانوني‬
‫ّ‬

‫تطبيق‬ ‫تحديد‬
‫القاعدة‬ ‫القاعدة‬
‫القانونيّة‬ ‫القانونيّة‬

‫بعبارة واحدة‪ ،‬ينبغي لمن يقوم باستشارة – وفي مرحلة االكتشاف – أن يقوم‬
‫ي‪،‬‬ ‫ي (أو بجملة من األقيسة الحمليّة) ‪ ،‬فيضع واقعا ً في صنف قانون ّ‬
‫بقياس حمل ّ‬
‫‪753‬‬

‫ي‪ ،‬فينتهي إلى نتيجة هي وضع الواقع في ح ّل‬ ‫صنف في حكم قانون ّ‬ ‫ث ّم يضع ال ّ‬
‫ي‪.754‬‬
‫قانون ّ‬
‫‪ ―.203‬التّرتيب‪.‬‬
‫ي ال يحقّق‬
‫الحجاج ّ‬ ‫ي‪ .755‬ولقد رأينا ّ‬
‫أن العمل ِّ‬ ‫على هذا فاالستشارة عمل ِّحجاج ّ‬
‫غايته إالّ إذا ت ّم ترتيبه ِّوفق مواصفات معيّنة‪ .756‬من أجل هذا ينبغي اإلتيان‬
‫بجوهر االستشارة – وخالصة هذا الجوهر أنّه مجموعة من األقيسة – في‬
‫سد تلك المواصفات‪.757‬‬‫تخطيط يج ّ‬
‫‪ ―.204‬التّعبري‪.‬‬
‫فإذا حصل ترتيب الجوهر كما يجب‪ ،‬ال تبقى أمامنا إالّ مرحلة التّعبير‪.‬‬
‫في مرحلة التّعبير نصوغ‪:‬‬
‫وتتكون من أربعة عناصر‪ :‬تأطير الموضو ع ‪ ،‬عرض‬
‫‪758‬‬
‫ّ‬ ‫أوال المقدّمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الوقائع ‪ ،‬طرح المشكل القانون ّي ‪ ،‬اإلعالن عن التّخطيط ‪.‬‬
‫‪761‬‬ ‫‪760‬‬ ‫‪759‬‬

‫‪ 753‬زيادة على "هنري مازو" (‪ )Henri Mazeaud‬الذي نحن بصدد نقل كالمه بصفة حرفيّة أو تكاد‪ ،‬تحدّث‬
‫آخرون عن القياس‪ .‬مثال ذلك‪Jérôme Bonnard, préc., p. 135.:‬‬
‫ي‪ ،‬انظر الفقرة عدد ‪ 190‬وما بعدها‪.‬‬‫حول إتيان هذا القياس الحمل ّ‬
‫‪754‬‬

‫‪ 755‬انظر الفقرة عدد ‪.69‬‬


‫‪ 756‬انظر الفقرة عدد ‪ 27‬وما بعدها‪.‬‬
‫الطالب أن يتّبع ما يقوله صاحب االمتحان‪ .‬فإن طلب اإلجابة على ك ّل سؤال على حدة (إلخ‪،).‬‬ ‫‪ 757‬ينبغي على ّ‬
‫الطالب ما طلب منه‪.‬‬‫فليفعل ّ‬
‫ّ‬
‫لكن حين ال يطلب منه شيء‪ ،‬عندها ينبغي اتباع ما يقتضيه الوضوح‪ .‬فإذا اقتضى الوضوح أن يقسّم جوهر‬
‫االستشارة إلى فقرتين وك ّل فقرة إلى فرعين‪ ،‬وجب فعل ذلك‪ .‬لكن إذا اقتضى الوضوح غير ما سبق (مثال‪:‬‬
‫اإلجابة على األسئلة الواحد منها تلو اآلخر)‪ ،‬فيمكن االستناد إلى سلطة كتب المنهجيّة وعدم اتّباع التّخطيط‬
‫المتكون من فقرتين وك ّل فقرة من فرعين‪ .‬انظر من يقول بذلك‪Henri Mazeaud, préc., p. 61 ; Gilles :‬‬ ‫ّ‬
‫‪Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 125 et s. ; Jérôme Bonnard, préc., p. 139 et s.‬‬
‫‪ 758‬ال يكون هذا ممكناً‪ ،‬أو على األق ّل ال يكون يسيرا‪ ،‬إذا كانت أسئلة االستشارة بعيدة عن بعضها وال رابط‬
‫‪445‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫ثانيا الجوهر‪ .‬هنا تكفي اإلحالة على ما ورد حول عموم المواضيع‪ .762‬لكن‬
‫تنبغي إضافة ما يلي‪ :‬محتوى االستشارة مجموعة أقيسة‪ ،‬واألفضل – وهذا قيل‬
‫شكل الذي نجده في كتب المنطق لكي ال يسقط العمل‬ ‫بعد – أن ال تصاغ في ال ّ‬
‫الرتابة‪.763‬‬
‫في ّ‬
‫ّروري عند البعض اآلخر ‪،‬‬
‫‪765‬‬
‫ّ‬ ‫ثالثا الخاتمة‪ .‬من المحبّذ عند البعض ‪ ،‬والض‬
‫‪764‬‬

‫ختم االستشارة بإعادة ذكر نتائج األقيسة التي ت ّم االشتغال عليها في الجوهر‪،‬‬
‫أي بإعادة ذكر أجوبة مختلف األسئلة المطروحة‪.‬‬
‫هذا عن المنهجيّة‪ ،‬بقي التّجسيم‪.‬‬

‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬تجسيم منهجيّة دراسة الحالة العمليّة‬

‫‪ ―.205‬قبل التّمرين‪ .‬التّمرين‪.‬‬


‫كما سبق مع المقالة وغيرها‪ ،‬نبدأ بإعطاء استشارة جاهزة‪ ،‬ونطلب محاكاتها‪.‬‬
‫بعد ذلك نقدّم استشارة من أجل إنجازها‪.‬‬

‫لنفرض أنّه طلب منّا‪ ،‬يوم ‪ 30‬جانفي ‪ 2012‬وفي ماد ّة النّظريّة العا ّمة للعقد‪،‬‬
‫القيام باالستشارة التّالية‪:‬‬

‫ي بينها‪.‬‬
‫قو ّ‬
‫منظمة وليس فيها زيادة أو نقص وكانت عبارتها مقتضبة‪ ،‬فيمكن االستغناء عن هذا‬ ‫ّ‬ ‫‪ 759‬إن وردت الوقائع‬
‫ي أو المشاكل القانونيّة التّالية‪:‬‬
‫العنصر بالقول مثال‪ " :‬يستخلص من الوقائع التي عرضت علينا (المشكل القانون ّ‬
‫‪ .")...‬انظر‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 124. :‬‬
‫ي هو السّؤال المتمثّل في حكم القانون حول الواقع‪.‬‬
‫المشكل القانون ّ‬
‫‪760‬‬

‫‪ 761‬انظر هذه العناصر األربعة عند‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 122. :‬‬
‫انظر أيضا ً حول عناصر المقدّمة‪:‬‬
‫; ‪Jérôme Bonnard, préc., p. 139‬‬
‫‪Haykel Ben Mahfoudh, Méthodologie du cas pratique : la cosultation, in : Ferhat‬‬
‫‪Horchani (sous la direction de) préc., p. 39 .‬‬
‫مح ّمد محفوظ‪ ،‬استشارة‪ ،‬منشور في‪ :‬فرحات الحرشاني (تحت إشراف)‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪77‬؛ عبد الفتّاح عمر‬
‫وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪18‬؛ مح ّمد كمال شرف الدّين و كمال نﭭرة‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.24‬‬
‫مالحظة‪ :‬أوردنا أعاله كمرجع مقالة هيكل بن محفوظ‪ .‬في هذه المرجع مشكل أوردناه في هامش من الفقرة عدد‬
‫‪.60‬‬
‫‪ 762‬انظر الفقرة عدد ‪ 64‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 763‬انظر الفقرة عدد ‪.22‬‬
‫‪Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, préc., p. 127. 764‬‬
‫‪ 765‬مح ّمد كمال شرف الدّين و كمال نﭭرة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬االستشارة القانونيّة‬ ‫‪446‬‬

‫غرة جانفي ‪.2011‬‬ ‫مؤرخ في ّ‬ ‫"اكترى (أ) أصال تجاريّا ً من (ب) بمقتضى عقد ّ‬
‫أن قيمة األصل‬ ‫ومنذ أن دخل (أ) إلى المح ّل وشرع في استغالله اكتشف ّ‬
‫سبب‬‫التّجاري ال تتناسب مع ما هو موجود بالحسابات التّجاريّة التي تعدّ لهذا ال ّ‬
‫غير صحيحة (أي غير متماشية مع القيمة الحقيقيّة لألصل)‪.‬‬
‫أن الفاعل هو (ب)؛‬ ‫ويدّعي (أ) أنّه يملك حججا ً تبيّن ما سبق ذكره‪ ،‬كما تبيّن ّ‬
‫ص ّحة هو الذي دفعه إلى قبول معلوم كراء‬ ‫أن عدم ال ّ‬‫ويدّعي أيضا ً [أي (أ)] ّ‬
‫مجحف‪.‬‬
‫الطرف المقابل‬ ‫بسبب ك ّل ما تقدّم امتنع (أ) عن تسديد معيّن الكراء رغم التجاء ّ‬
‫إلى تهديده برفع األمر إلى المحاكم‪.‬‬
‫يسألك (أ)‪:‬‬
‫ّأوالً‪ ،‬إن كان بإمكانه الوصول إلى حكم بعدم سالمة االرتباط بينه وبين (ب)؟‬
‫ثانياً‪ ،‬ما الذي سيترتّب عن ذلك؟"‪.‬‬
‫المقدّمة (في رؤوس أقالم)‬
‫الرضا‪ ،‬فالتّغرير‪ ،‬فالتّغرير الذي يحدث غلطا في‬ ‫• تقديم الموضوع (عيوب ّ‬
‫القيمة‪.‬‬
‫• عرض الوقائع‪.‬‬
‫تخليصها من الحدث التّالي‪ :‬التجاء (ب) إلى التّهديد برفع األمر إلى المحاكم ‪ /‬قد‬
‫نص االستشارة‪ ،‬في اإلكراه وفي الفصل ‪52‬‬ ‫نف ّكر‪ ،‬بعد قراءة هذا الحدث في ّ‬
‫أن الحدث وقع بعد إبرام‬ ‫من مجلّة االلتزامات والعقود ‪ /‬لكن حين نتثبّت‪ ،‬نجد ّ‬
‫ي للمسائل التي أثارها‬ ‫العقد‪ ،‬ومن ث ّم ال تأثير له على اتّجاه الح ّل القانون ّ‬
‫المستشير ‪ /‬بعبارة واحدة‪ :‬نحن أمام حدث ال ينبغي عرضه في هذا الجزء من‬
‫المقدّمة‪.‬‬
‫القانوني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫• طرح المشكل‬
‫هل ث ّم تغرير أحدث غلطا في القيمة ؟ وإن كان الجواب باإليجاب‪ :‬ما تأثيره‬
‫على العقد‪.‬‬
‫• اإلعالن عن التّخطيط‪.‬‬
‫الجوهر (في رؤوس أقالم)‬
‫‪ )I‬وجود التّغرير المحدث لغلط في القيمة‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة األولى‪.766‬‬

‫‪ 766‬ينبغي‪ ،‬لكي يمكن القيام بهذا اإلعالن (وعموما باالستشارة على النّحو الذي سيرد)‪ ،‬مراجعة العمل التّالي‬
‫‪447‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أ) التّغرير يوجد بوجود أمور مرتبطة بمعاقّد المغَرر به‬


‫‪767‬‬
‫اإلعالن عن تخطيط (أ)‬
‫‪ /1‬العمل (الفعل ‪ +‬القصد)‬
‫– حسب مجلّة االلتزامات والعقود‪ ،‬التّغرير عمل‪ ،‬والعمل فعل وقصد ‪.‬‬
‫‪768‬‬

‫– البحث في الوقائع‪ :‬هل لدينا ما تشترطه المجلّة‪ ،‬أي فعل ومعه قصد؟‬
‫إن النّصوص تشترط أن يصدر العمل‬ ‫– سيكون الجواب باإليجاب‪ ،‬عندها نقول ّ‬
‫عن أشخاص معيّنين (هذا ينقلنا إلى النّقطة الموالية)‪.‬‬
‫‪ /2‬العامل (أحد المتعاقدين)‬
‫– حسب المجلّة‪ ،‬التّغرير ما يصدر عن أشخاص معيّنين‪.769‬‬
‫– البحث في الوقائع‪ :‬هل لدينا ما تشترطه المجلّة ؟‬
‫إن النّصوص تشترط أيضا‬ ‫– بعد البحث سيكون الجواب باإليجاب‪ ،‬عندها نقول ّ‬
‫المغرر به (هذا ينقلنا إلى النّقطة الموالية)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أمورا مرتبطة بالمتعاقد‬
‫ب) التّغرير يوجد بوجود أمور مرتبطة بالمتعاقد المغَرر به‬
‫‪770‬‬
‫اإلعالن عن تخطيط (ب)‬
‫‪ /1‬حصول غلط‬
‫– حسب المجلّة‪ ،‬التّغرير هو ما أحدث غلطا ‪.‬‬
‫‪771‬‬

‫– البحث في الوقائع‪ :‬هل لدينا ما تشترطه المجلّة ؟‬


‫إن النّصوص تشترط أيضا‬ ‫– بعد البحث سيكون الجواب باإليجاب‪ ،‬عندها نقول ّ‬
‫أن ينصبّ الغلط على محا ّل معيّنة (هذا ينقلنا إلى النّقطة الموالية)‪.‬‬
‫‪ /2‬مح ّل الغلط‬
‫شيء‪.‬‬ ‫– مح ّل الغلط حسب الوقائع هو قيمة ال ّ‬
‫– فهمان قدّما للمجلّة‪:772‬‬

‫وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام الذي نحن بصدده‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد‬
‫‪ 191‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 767‬ينبغي‪ ،‬لكي يمكن القيام بهذا اإلعالن‪ ،‬مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام الذي نحن‬
‫بصدده‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 191‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 768‬نحن هنا بصدد الكبرى‪ ،‬وتنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام‪ :‬عبد المجيد‬
‫ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 193‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 769‬نحن هنا بصدد الكبرى‪ ،‬وتنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام‪ :‬عبد المجيد‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 210‬وما بعدها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪770‬ينبغي‪ ،‬لكي يمكن القيام بهذا اإلعالن‪ ،‬مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام الذي نحن‬
‫بصدده‪ :‬عبد المجيد ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 219‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 771‬نحن هنا بصدد الكبرى‪ ،‬وتنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام‪ :‬عبد المجيد‬
‫ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 220‬وما بعدها‪.‬‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬االستشارة القانونيّة‬ ‫‪448‬‬

‫األول (يوسف الكناني)‪ :‬التّغرير الذي يحدث غلطا في القيمة كلُّه يبطل‪.‬‬
‫الفهم ّ‬
‫الفهم الثّاني ("دوپال" ‪ ،Duplat‬ونحن في كتابنا أحكام الغلط الوارد في‬
‫الهامش)‪:‬‬
‫ّ‬
‫حسب مجلة االلتزامات والعقود‪ ،‬هنالك‪:‬‬
‫ي" يساوي ثلث أو أق ّل من ثلث الفرق بين "القيمة‬ ‫من جهة‪ ،‬غبن "موضوع ّ‬
‫الحقيقيّة والقيمة المذكورة بالعقد"‪ .‬هذا الغبن يحدثه غلط‪.‬والغلط يحدثه تغرير‪.‬‬
‫والجميع ال يوجب فسخا‪:‬‬
‫الفصل ‪:57‬‬

‫تغرير‬
‫غلط‬
‫غبن‬
‫(= ⅓ أو‬
‫أق ّل من ⅓)‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬هنالك غبن "موضوعي" (أحدثه غلط أحدثه تغرير) فاق‬
‫الثّلث‪ .‬هذا الغبن يمكن أن يوجب فسخا‪:‬‬
‫الفصل ‪:60‬‬

‫تغرير‬
‫غلط‬
‫غبن‬
‫(أكثر من‬
‫⅓)‬

‫أن المحكمة (التي ستنظر في النّزاع) ستفهم المجلّة على النّحو ّ‬


‫األول‪،‬‬ ‫– لو ّ‬
‫عندها سيكون للتّغرير تأثير معيّن على العقد (إبطال العقد)؛‬
‫أ ّما لو فهمت المحكمة المجلّة على النّحو الثّاني‪ ،‬فعندها ينبغي أن نبحث عن‬
‫نسبة الغبن في الوقائع‪.‬‬
‫الوقائع ال تسلمنا شيئا هنا‪ .‬إذن ينبغي فتح فرضيّتين‪:‬‬
‫المكتري غبن بما يساوي أو يق ّل عن الثّلث‪ ،‬عندها عقد الكراء صحيح‪.‬‬

‫‪ 772‬نحن هنا بصدد الكبرى‪ ،‬وتنبغي مراجعة العمل التّالي وتطويع ما جاء فيه ليناسب المقام‪ :‬عبد المجيد‬
‫ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬أحكام الغلط ‪( ...‬م س)‪ ،‬الفقرة عدد ‪ 256‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪449‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المكتري غبن بما يزيد عن الثّلث‪ ،‬عندها عقد الكراء باطل‪.‬‬


‫(هذا ينقلنا إلى الفقرة الثّانية)‬
‫‪ )II‬تأثير التّغرير المحدث لغلط في القيمة‬
‫اإلعالن عن تخطيط الفقرة (ما ورد في آخر ب من الفقرة األولى نعاود‬
‫استحضاره لنعلن عن تخطيط الفقرة الثّانية)‪.‬‬
‫أ) عقد الكراء باطل نسبيّا‬
‫– يكون كذلك في صورتين‪ :‬لو لم يقع تبنّي موقف "دوپال" (‪)Duplat‬‬
‫وموقفنا‪ ،‬أو لو وقع تبنّي موقف "دوپال" وموقفنا وكان الغبن يساوي الثّلث أو‬
‫يزيد عليه‪.‬‬
‫صورة الموافقة لوقائع االستشارة –‬ ‫ي تسقط – في ال ّ‬ ‫– دعوى البطالن النّسب ّ‬
‫شيء المتعاقد عليه (الفقرة الثّانية من الفصل‬ ‫ي سنة من تاريخ حوز ال ّ‬ ‫بمض ّ‬
‫‪.)331‬‬
‫– حين ننظر إلى الوقائع المعروضة علينا ال نعثر على معطيات تتعلّق بوقت‬
‫تحوز المكتري للمح ّل‪ .‬إذن فتح فرضيّتين‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪ /1‬الفرضيّة األولى‪ :‬حوز المح ّل ت ّم منذ أق ّل من سنة‬
‫– إن وجد المكتري نفسه في هذا الفرض‪ ،‬يمكنه القيام بدعوى في البطالن‬
‫ي لعقد الكراء‪.‬‬ ‫النّسب ّ‬
‫ي حسب الفصل ‪ 336‬من مجلّة االلتزامات والعقود‪ :‬أن يردّ‬ ‫– أثر البطالن النّسب ّ‬
‫ك ّل متعاقد ما تلقّاه (يردّ المكتري القيمة الحقيقيّة للمنفعة‪ ،‬أي يقضى ضدّه بما‬
‫المسوغ جملة معيّنات الكراء التي تلقّاها)‪.‬‬‫ّ‬ ‫يس ّمى بغرامة االنتفاع؛ ويرد ّ‬
‫المتسوغ‬
‫ّ‬ ‫مستمر وال نعرف إن كان‬ ‫ّ‬ ‫– وقائع االستشارة ناقصة‪ :‬فنحن أمام عقد‬
‫قد دفع بعض معيّنات الكراء ث ّم امتنع عن مواصلة الدّفع‪ ،‬أم أنّه امتنع من البدء‬
‫عن الدّفع‪.‬‬
‫إذن فرضيّتين (داخل الفرضيّة األولى)‪:‬‬
‫لو كنّا في الفرضيّة األولى‪ ،‬فالمكتري سيستعيد ما دفعه ويدفع القيمة الحقيقيّة‬
‫للمنفعة التي تلقّاها‪.‬‬
‫لو كنّا في الفرضيّة الثّانية‪ ،‬فالمكتري سيدفع القيمة الحقيقيّة للمنفعة التي حصل‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ /2‬الفرضيّة الثّانية‪ :‬حوز المح ّل ت ّم منذ أكثر من سنة‬
‫العناصر اخلاصّة يف املنهجيّة‪ :‬االستشارة القانونيّة‬ ‫‪450‬‬

‫– لو كنّا في هذه الفرضيّة‪ ،‬فيمكن للمكتري القيام بدعوى في بطالن العقد‬


‫سك اآلخر بسقوطها‪ ،‬وترفض في الحالة المعاكسة‪:‬‬ ‫(الدّعوى تقبل لو لم يتم ّ‬
‫الفصل ‪ 385‬من مجلّة االلتزامات والعقود)‪.‬‬
‫شم المكتري عناء القيام بدعوى قد ترفض‪ ،‬يكون األفضل بالنّسبة‬ ‫– لتفادي تج ّ‬
‫لمسوغ على القيام بدعوى في‬ ‫إليه أن يواصل عدم دفع معيّنات الكراء ليجبر ا ّ‬
‫التّنفيذ‪ ،‬عندها يدفع المكتري بالبطالن‪ ،‬والدّفع بالبطالن ال يسقط (الفصل ‪335‬‬
‫من مجلّة االلتزامات والعقود)‪.‬‬
‫أثر الدّفع‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬القضاء بالبطالن دون الزمه (االسترداد)‪.773‬‬
‫هذا يعني أنّه‪:‬‬
‫المتسوغ قد دفع بعض معيّنات الكراء ث ّم امتنع عن مواصلة الدّفع‪ ،‬فلن‬ ‫ّ‬ ‫لو كان‬
‫يستردّ ما دفعه ولن يدفع قيمة ما تلقّاه‪.‬‬
‫للمسوغ قيمة المنفعة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتسوغ لم يدفع شيئا‪ ،‬فلن يردّ‬
‫ّ‬ ‫ولو كان‬
‫اإلتيان بما ينقل إلى (ب)‪.‬‬
‫ب) عقد الكراء صحيح‬
‫أن المحكمة تتبنّى ما تبنّاه "دوپال"‬‫– يكون عقد الكراء صحيحا كما رأينا‪ :‬لو ّ‬
‫(‪ )Duplat‬في كتابه وما تبنّيناه في كتابنا‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ :‬إذا اتّفق أن كان‬
‫الغبن في الوقائع يساوي أو يق ّل عن الثّلث‪.‬‬
‫للمتسوغ القيام لطلب تعويض الخسارة (الفصل ‪57‬‬ ‫ّ‬ ‫صورة يمكن‬‫– في هذه ال ّ‬
‫من مجلّة االلتزامات والعقود)‪.‬‬
‫ي خمس عشرة سنة (الفصل ‪ 402‬من مجلّة‬ ‫– تسقط هذه الدّعوى بمض ّ‬
‫المتسوغ الوقت للقيام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االلتزامات والعقود)‪ .‬إذن ما زال أمام‬
‫الخاتمة‬
‫حوصلة النّتائج‪.‬‬

‫‪ 773‬انظر ما قيل في الفقرة عدد ‪ 182‬في إطار التّعليق على الفصل ‪.335‬‬
‫فِهرس املراجع‬
‫‪ .1‬المراجع باللغة العربيّة‬

‫‪ .1 .1‬المراجع الخاصّة‬

‫أحمد شلبي‪ ،‬كيف تكتب بحثا أو رسالة‪ .‬دراسة منهجيّة لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدّكتوراه‪،‬‬
‫مكتبة النّهضة المصريّة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪.1992 ،21‬‬

‫أندريه – جاك ديشين‪ ،‬استيعاب ال ّنصوص وفهمها‪ ،‬ترجمة‪ :‬هيثم لَمع‪ ،‬المؤسّسة الجامعيّة للدّراسات والنّشر‬
‫والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1411 ،1‬هـ‪ 1991 /‬م‪.‬‬

‫ص والتّعليق عليه‪ ،‬مؤسّسة ّ‬


‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ 1402 ،‬هـ‪ 1982 /‬م‪.‬‬ ‫عواد معروف‪ ،‬ضبط النّ ّ‬ ‫ب ّ‬
‫شار ّ‬

‫جان پيار فرانيير‪ ،‬كيف تنجح في كتابة بحثك‪ ،‬ترجمة‪ :‬هيثم اللمع‪ ،‬المؤسّسة الجامعيّة للدّراسات والنّشر‬
‫والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1414 ،2‬هـ‪ 1994 /‬م‪.‬‬

‫ص‪ .‬دراسة للتّحليل النّ ّ‬


‫صي في النّقد المعاصر‪ .‬إجراءات ومنهجيّات‪ ،‬الهيئة المصريّة‬ ‫حاتم الصكر‪ ،‬ترويض النّ ّ‬
‫العا ّمة للكتاب‪.1990 ،‬‬
‫ّ‬
‫المؤلف‪ ،‬ب‪ .‬م‪ .‬ن‪ ،.‬ط ‪ 1423 ،2‬هـ‪ 2003 /‬م‪.‬‬ ‫حلمي مح ّمد الحجّار‪ ،‬المنهجيّة في القانون‪ ،‬نشر‬

‫حلمي مح ّمد الحجّار‪ ،‬المنهجيّة في ح ّل النّزاعات ووضع الدّراسات القانون ّية ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقيّة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪ 1431 ،1‬هـ‪ 2010 /‬م‪.‬‬

‫سارة التّونسي ّ‬
‫الزواري‪ ،‬ب‪ .‬م ‪.‬ن‪.1998 ،‬‬ ‫سارة التّونسي ّ‬
‫الزواري‪ ،‬منهجيّة الكتابة الفلسفيّة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫سعيد أحمد بيّومي‪ ،‬لغة الحكم القضائي‪ .‬دراسة تركيبيّة دالليّة‪ ،‬دار الكتب القانونيّة ودار شتات للنّشر‬
‫والبرمجيّات‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫صالح طليس‪ ،‬المنهجيّة في دراسة القانون‪ ،‬منشورات زين الحقوقيّة‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪.2010 ،1‬‬

‫عبد الفتّاح عمر وسناء الدّرويش ونائلة شعبان وسليم اللغماني‪ ،‬لبنات في منهجيّة القيام بالمواضيع القانونيّة‪،‬‬
‫كلّيّة العلوم القانونيّة والسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫عبد الهادي الفضلي‪ ،‬أصول البحث‪ ،‬الجامعة العالميّة للعلوم اإلسالميّة‪ ،‬ب‪.‬م‪.‬ن‪( 1996 ،‬له طبعة أخرى‪:‬‬
‫مؤسّسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬قم – إيران‪ ،‬د ت‪.).‬‬
‫عكاشة مح ّمد عبد العال وسامي بديع منصور‪ ،‬المنهجيّة القانونيّة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقيّة‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬‬
‫(انظر أيضا طبعة ‪.)2009‬‬
‫علي ضوي‪ ،‬منهجيّة البحث القانوني‪ ،‬نشر المؤلّف‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ط ‪.2003 ،3‬‬

‫فرحات حرشاني (تحت إشراف)‪ ،‬منهجيّة إعداد االمتحانات والمناظرات في القانون العا ّم‪ ،‬مركز النّشر‬
‫الجامعي‪ ،‬تونس‪.2008 ،‬‬
‫فِهرس املراجع‬ ‫‪454‬‬

‫مح ّمد البدوي‪ ،‬المنهجيّة في البحوث والدّراسات األدبيّة‪ ،‬دار المعارف ّ‬


‫للطباعة والنّشر‪ ،‬سوسة – تونس‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫مح ّمد الغنّوشي والحبيب كتيتة‪ ،‬منهجيّة المقال الفلسفي في الباكالوريا‪ ،‬منشورات دار المعارف ّ‬
‫للطباعة وال ّنشر‪،‬‬
‫سوسة‪ /‬تونس‪ ،‬د ت‪.‬‬

‫مح ّمد علي عارف جعلوك‪ ،‬أصول التّأليف واإلبداع‪ .‬كيف تقرأ‪ .‬كيف تكتب‪ .‬كيف تنشر‪ ،‬دار ّ‬
‫الراتب الجامعيّة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪.2000 ،1‬‬

‫مح ّمد كمال شرف الدّين و كمال نﭭرة‪ ،‬منهجيّة التّمارين القانونيّة‪ ،‬كلّيّة الحقوق والعلوم السّياسيّة بتونس‪،‬د ت‪.‬‬
‫مح ّمد محفوظ‪ ،‬منهجيّة قانونيّة‪ .‬دراسة وتطبيقات في‪ :‬التّعليق على ّ‬
‫نص قانوني‪ ،‬االستشارة القانونيّة‪ ،‬دراسة‬
‫لمختص‪ ،‬تونس‪.2010 ،‬‬
‫ّ‬ ‫الالّئحة القانونيّة‪ ،‬المقالة القانونيّة‪ ،‬منشورات مج ّمع األطرش للكتاب ا‬

‫الرسائل الجامعيّة‪ ،‬دار الفجر لل ّنشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪.2000 ،3‬‬
‫مح ّمد منير حجاب‪ ،‬األسس العلميّة لكتابة ّ‬

‫مح ّمد يوسف نجم‪ّ ،‬‬


‫فن المقالة‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬
‫صحفيّة‪ ،‬أبوللو‪ ،‬القاهرة‪ 1409 ،‬هـ ‪ 1989 /‬م‪.‬‬ ‫محمود شريف‪ّ ،‬‬
‫فن المقالة األدبيّة الموضوعيّة ال ّ‬
‫سقّا وعلي السّباعي‪ ،‬إنشاء المقاالت‪ ،‬المطبعة ّ‬
‫الرحمانيّة بمصر‪.1925 ،‬‬ ‫محمود عابدين‪ ،‬مصطفى ال ّ‬
‫محي الدّين الكالعي‪ ،‬طريقة المقال‪ :‬قواعد منهجيّة ونماذج مطبّقة في تحليل ال ّن ّ‬
‫ص والمقالة الفلسفيّة‪ ،‬دار مح ّمد‬
‫علي الحا ّمي لل ّنشر‪ ،‬صفاقس‪ ،‬ط ‪.2005 ،2‬‬
‫محيي مح ّمد مسعد‪ ،‬كيفيّة كتابة األبحاث العلميّة والقانونيّة وإعداد المحاضرات‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫االسكندريّة‪.2009 ،‬‬

‫وتطوره في األدب المعاصر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1982 ،‬‬


‫ّ‬ ‫مرسي أبو ذكرى‪ ،‬المقال‬
‫وفن‪ ،‬دار الكندي للنّشر والتّوزيع‪ ،‬إربد – األردن‪،‬‬
‫منصور نعمان وغسّان ذيب النّمري‪ ،‬البحث العلمي‪ .‬حرفة ّ‬
‫ط ‪ 1418 ،1‬هـ‪ 1998 /‬م‪.‬‬

‫مهدي فضل هللا‪ ،‬أصول كتابة البحث وقواعد التّحقيق‪ ،‬دار ّ‬


‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.1998 ،2‬‬

‫هند بن صالح‪ ،‬دراسة منهجيّة في اإلنشاء والتّحليل لتالميذ الباكالوريا‪ ،‬دار مح ّمد علي الحا ّمي لل ّنشر‪ ،‬صفاقس‪،‬‬
‫‪.1988‬‬
‫وسام حسين غياض‪ ،‬المنهجيّة في علم القانون‪ ،‬دار المواسم ّ‬
‫للطباعة والنّشر والتّوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.2007 ،1‬‬

‫‪ .2 .1‬المراجع العا ّمة‬

‫ابن المقفّع‪ ،‬األدب ال ّ‬


‫صغير واألدب الكبير‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫ابن زرعة‪ ،‬منطق ابن زرعة (العبارة‪ ،‬القياس‪ ،‬البرهان)‪ ،‬تحقيق وضبط وتعليق‪ :‬جيرار جيهامي ورفيق‬
‫العجم‪ ،‬دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1994 ،1 .‬‬

‫ابن قيّم الجوزيّة‪ ،‬كتاب معاني األدوات والحروف المنسوب البن قيّم الجوزيّة‪ ،‬تحقيق ودراسة خالد مح ّمد‬
‫حسين قماطي‪ ،‬المكتب الوطني للبحث والتّطوير‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ط‪.2004 ،1 .‬‬
‫‪455‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫أبو الفتح ضياء الدّين نصر هللا بن مح ّمد بن مح ّمد بن عبد الكريم الموصلي بن األثير (الوفاة‪ 637 :‬هـ)‪ ،‬المثل‬
‫السّائر في أدب الكاتب وال ّشاعر‪ .‬تحقيق‪ :‬مح ّمد محيي الدّين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬بيروت‪.1995 ،‬‬
‫ّ‬
‫األدلة في األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬مح ّمد حسن مح ّمد‬ ‫أبو المظ ّفر منصور بن مح ّمد بن عبد الجبّار السّمعاني‪ ،‬قواطع‬
‫حسن إسماعيل ال ّشافعي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ 1418 ،‬هـ – ‪ 1997‬م‪.‬‬
‫الرحاب الحديثة‪ ،‬بيروت‪.2009 ،‬‬
‫أبو بكر العزاوي‪ ،‬اللغة والحِّ جاج‪ ،‬مؤسّسة ّ‬

‫أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الجرجاني‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر ‪[ )2010‬الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬البيان والتّبيين‪ .‬تحقيق فوزي عطوي‪ ،‬دار صعب‪ ،‬بيروت‪.1968 ،‬‬
‫أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪ ،‬كتاب الحيوان‪ .‬تحقيق‪ :‬عبد السّالم مح ّمد هارون‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪.1969 ،3‬‬
‫صناعتين‪ :‬الكتابة وال ّ‬
‫شعر‪ ،‬تحقيق علي مح ّمد البجاوي ومح ّمد‬ ‫أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن سهل العسكري‪ ،‬ال ّ‬
‫أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬المكتبة العصريّة‪ ،‬بيروت‪ 1406 ،‬هـ ‪ 1986/‬م‪.‬‬
‫أبو هالل الحسن بن عبد هللا بن مهران العسكري‪ ،‬ديوان المعاني‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ ،‬أصول المرافعات المدنيّة والتّجاريّة‪،‬د ن‪ ،‬تونس‪.2005 ،‬‬
‫أحمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة في المعاني والبيان والبديع‪ ،‬تحقيق وشرح مح ّمد التّونجي‪ ،‬مؤ ّ‬
‫سسة المعارف‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1420 ،1‬هـ ‪ 1999 /‬م‪.‬‬
‫صاص‪ ،‬الفصول في األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عجيل جاسم النّشمي‪ ،‬وزارة األوقاف‬‫الرازي الج ّ‬‫أحمد بن علي ّ‬
‫وال ّ‬
‫شؤون اإلسالميّة‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪ 1405 ،1‬هـ‪.‬‬
‫أحمد بن علي القلقشندي‪ ،‬صبح األعشى في صناعة اإلنشا (ت ‪ 1418‬م)‪ ،‬تحقيق د‪ .‬يوسف علي طويل‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬دمشق‪( 1987،‬له طبعة أخرى من تحقيق‪ :‬عبد القادر زكار‪ ،‬وزارة الثّقافة‪ ،‬دمشق‪.)1981 ،‬‬
‫األزهر الز ّناد‪ ،‬دروس البالغة العربيّة‪ .‬نحو رؤية جديدة‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬الدّار البيضاء – بيروت‪ ،‬ط‬
‫‪.1992 ،1‬‬

‫األزهر الزناد‪ ،‬نسيج ال ّن ّ‬


‫ص‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدّار البيضاء‪.1993 ،‬‬
‫أسعد الدّين التّفتازاني‪ ،‬مختصر المعاني‪ ،‬دار الفكر‪،‬د م‪ 1411 ،‬هـ‪.‬‬
‫سر‬
‫األمير أبي مح ّمد عبد هللا بن مح ّمد بن سعيد بن سنان الخفاجي (و ‪ 423‬هـ ‪ 1032 /‬م – ت ‪ 466‬هـ)‪ّ ،‬‬
‫الفصاحة‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ 1402 ،‬هـ ‪ 1982 /‬م‪.‬‬
‫فن توجيه الفكر‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد القادر قنيني‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪،‬‬
‫أنطوان أرنولد وبيير نيكول‪ ،‬المنطق أو ّ‬
‫الدّار البيضاء – المغرب‪ /‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪.2007 ،1‬‬
‫الزركشي‪ ،‬ال ّنكت على مقدّمة ابن ال ّ‬
‫صالح‪،‬‬ ‫بدر الدّين أبي عبد هللا مح ّمد بن جمال الدّين عبد هللا بن بهادر ّ‬
‫الرياض‪ 1419 ،‬هـ – ‪ 1998‬م‪.‬‬
‫تحقيق‪ :‬د‪ .‬زين العابدين بن مح ّمد بال فريج‪ ،‬أضواء السلف – ّ‬
‫پيير جيرو‪ ،‬األسلوبيّة‪ ،‬ترجمة منذر عيّاشي‪ ،‬مركز اإلنماء الحضاري‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪.1994 ،2‬‬

‫تقي الدّين أبي بكر علي بن عبد هللا الحموي األزراريالوالدة‪ 768 :‬هـ‪ /‬الوفاة‪837 :‬هـ)‪ ،‬خزانة األدب وغاية‬
‫األرب‪ .‬تحقيق‪ :‬عصام شعيتو‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ّ ،‬‬
‫الطبعة األولى‪.1987 ،‬‬
‫فِهرس املراجع‬ ‫‪456‬‬

‫وسر البراعة‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّ‬


‫شاملة‪http://www.shamela.ws :‬‬ ‫ّ‬ ‫الثّعالبي‪ ،‬سحر البالغة‬
‫ّ‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪[ )2010‬الكتاب مرقم آليّا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫الث ّعالبي‪ ،‬لباب اآلداب‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّشاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر‬
‫‪[ )2010‬الكتاب مرقّم آليّا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫سبحاني التّبريزي‪ ،‬تهذيب األصول‪ ،‬تقريرا ً لبحث آية هللا العظمى ال ّ‬
‫سيّد روح هللا الموسوي الخميني‪،‬‬ ‫جعفر ال ُّ‬
‫انتشارات دار الفكر‪ ،‬قم‪ 1367 ،‬هـ ش‪.‬‬
‫جميل عبد المجيد‪ ،‬البديع بين البالغة العربيّة واللسانيّات ال ّن ّ‬
‫صيّة‪ ،‬الهيئة المصريّة العا ّمة للكتاب‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1998‬‬

‫حسين علي المنتظري‪ ،‬نهاية األصول‪ ،‬تقريرا ً ألبحاث آية هللا العظمى ال ّسيّد حسين البروجردي الطباطبائي‪،‬‬
‫المطبعة‪ :‬القدس‪ ،‬قم المقدّسة‪.1415 ،‬‬
‫خالد ميالد‪ ،‬البالغة‪ ،‬المعهد األعلى للتّربية والتّكوين المستمر – ال ّ‬
‫شعبة‪ :‬اللغة واآلداب العربيّة (مرحلة أولى)‪،‬د‬
‫م‪،‬د ت‪.‬‬
‫الخطيب القزويني‪ ،‬اإليضاح في علوم البالغة‪ ،‬تحقيق ال ّ‬
‫شيخ بهيج غزاوي‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،4‬‬
‫‪ 1419‬هـ ‪ 1998 /‬م‪.‬‬
‫االلكتروني‪:‬‬ ‫معرفيّة‪،‬الموقع‬ ‫تداوليّة‬ ‫مقاربة‬ ‫الخطابيّة‪:‬‬ ‫العائديّة‬ ‫توبي‪،‬‬ ‫لحسن‬ ‫ذ‪.‬‬
‫‪ 24( http://www.arabization.org.ma‬سبتمبر ‪.)2010‬‬
‫ردة هللا بن ردة بن ضيف هللا ّ‬
‫الطلحي‪ ،‬داللة السّياق‪ ،‬جامعة أ ّم القرى‪ ،‬م ّكة‪ 1424 ،‬هـ‪.‬‬
‫رفيق خليل عطوي‪ ،‬صناعة الكتابة‪ .‬علم البيان – علم المعاني – علم البديع‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪.1998‬‬

‫ّ‬
‫المنظمة العربيّة‬ ‫روبير مارتان‪ ،‬في سبيل منطق للمعنى‪ ،‬ترجمة وتقديم ّ‬
‫الطيّب الب ّكوش وصالح الماجري‪،‬‬
‫للتّرجمة‪ .‬توزيع‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربيّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.2006 ،1‬‬
‫سمير خير الدّين‪ ،‬القواعد المنطقيّة (دروس بيانيّة في شرح المنطق وتطبيقاته)‪ ،‬معهد المعارف الحكميّة‪،‬‬
‫بيروت‪.2006 ،‬‬
‫ص‪ .‬مقاالت في الجمهور والتّأويل ( ‪The reader in‬‬ ‫سوزان روبين سليمان وإنجي كروسمان‪ ،‬القارئ في ال ّن ّ‬
‫‪the text. Essays on Audience and interpretation, by Susan Suleimen and Inge‬‬
‫‪ ،) Crossman‬ترجمة‪ :‬حسن ناظم وعلي حاكم صالح‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتّحدة‪ ،‬د م‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫شحّات مح ّمد أبو ستيت‪ ،‬دراسات منهجيّة في علم البديع‪ ،‬د ن‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪.1994 ،1‬‬

‫صالح بن إبراهيم الحسن‪ ،‬الكتابة العربيّة من النّقوش إلى الكتاب المخطوط‪ ،‬دار الفيصل الثّقافيّة‪ّ ،‬‬
‫الرياض‪،‬‬
‫‪ 1424‬هـ ‪ 2003 /‬م‪.‬‬
‫صولي‪ ،‬أدب الكتاب‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّ‬
‫شاملة‪ 24( http://www.shamela.ws :‬سبتمبر‬ ‫ال ّ‬
‫‪[ )2010‬الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫الرائع‪ ،‬اإلبداع الفكري‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط ‪ 1424 ،1‬هـ – ‪ 2003‬م‪.‬‬ ‫طارق مح ّمد السويدان‪ّ ،‬‬
‫فن اإللقاء ّ‬
‫طاهر الجزائري الدّمشقي‪ ،‬توجيه ال ّنظر إلى أصول األثر‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الفتّاح أبو غدة‪ ،‬مكتبة المطبوعات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬حلب‪1416 ،‬هـ – ‪ 1995‬م‪.‬‬
‫‪457‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫عادل فاخوري‪ ،‬منطق العرب من وجهة نظر المنطق الحديث‪ ،‬دار ّ‬


‫الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.1993 ،3‬‬

‫الرحيم بن الحسن األسنوي أبو مح ّمد‪ ،‬التّمهيد في تخريج الفروع على األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬مح ّمد حسن‬
‫عبد ّ‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1400 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫هيتو ‪ ،‬مؤسّسة ّ‬
‫ص‪ .‬دراسة في مقدّمات النّقد العربي القديم‪ ،‬إفريقيا ال ّ‬
‫شرق‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫الر ّزاق بالل‪ ،‬مدخل إلى عتبات النّ ّ‬
‫عبد ّ‬
‫‪.2000‬‬
‫الرؤوف المناوي‪ ،‬فيض القدير‪ ،‬المكتبة التّجاريّة الكبرى‪ ،‬مصر‪ 1356 ،‬هـ‪.‬‬
‫عبد ّ‬
‫‪3‬‬

‫الروحاني‪ ،‬الهادي‪ ،‬د م‪ 1416 ،‬هـ‪.‬‬ ‫صاحب الحكيم‪ ،‬منتقى األصول‪ ،‬تقريرا ً ألبحاث ال ّ‬
‫سيّد مح ّمد الحسيني ّ‬ ‫عبد ال ّ‬
‫عبد الفتّاح حسن البجّة‪ .‬أساليب تدريس مهارات اللغة العربيّة وآدابها‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪ .‬اإلمارات‬
‫العربيّة المتّحدة‪.2001 ،‬‬
‫عبد القادر بقشي‪ ،‬الت ّ ّ‬
‫ناص في الخطاب النّقدي والبالغي‪ .‬دراسة نظريّة وتطبيقيّة‪ ،‬إفريقيا ال ّ‬
‫شرق‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫فن البديع‪ ،‬دار ال ّ‬
‫شروق‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1403 ،1‬هـ ‪ 1983 -‬م‪.‬‬ ‫عبد القادر حسين‪ّ ،‬‬

‫الزروقي‪ ،‬أحكام الغلط‪ .‬دراسة في المنهجيّة التّشريعيّة‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪.2010 ،‬‬
‫عبد المجيد ّ‬

‫الز ّروقي‪ ،‬الحجّة العقليّة ومجلّة االلتزامات والعقود (دراسة تحليليّة للعالقة بين األحكام القانونيّة)‪،‬‬
‫عبد المجيد ّ‬
‫ي‪ ،‬تونس‪،2006 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الجامع‬ ‫شر‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫مركز‬ ‫‪،‬‬‫‪2006‬‬ ‫–‬ ‫‪1906‬‬ ‫‪.‬‬ ‫والعقود‬ ‫االلتزامات‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫مجل‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫مائو‬ ‫كتاب‬ ‫منشور في‪:‬‬
‫ص ‪.133 – 59‬‬
‫ي‪ :‬العقد والقانون نموذجاً‪ ،‬منشور في كتاب‪ :‬خمسون عاما ً من فقه القضاء‬
‫الز ّروقي‪ ،‬المسار التّأويل ّ‬
‫عبد المجيد ّ‬
‫ي‪ ،‬تونس‪ ،2010 ،‬ص ‪. 894 – 733‬‬ ‫ي‪ ،2009 – 1959 .‬مركز النّشر الجامع ّ‬ ‫المدن ّ‬
‫الز ّروقي‪ ،‬مقدّمة للقانون (درس غير منشور)‪ ،‬كلّيّة العلوم القانونيّةوالسّياسيّة واالجتماعيّة بتونس‪،‬‬
‫عبد المجيد ّ‬
‫السّنة الجامعيّة ‪.2010 – 2009‬‬
‫عبد الهادي الفضلي‪ ،‬دروس في أصول فقه اإلمامية‪ ،‬مؤسّسة أ ّم القرى للتّحقيق والنّشر‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1420 ،1‬هـ‪.‬‬
‫عبد الهادي الفضلي‪ ،‬مذ ّكرة المنطق‪ ،‬مؤسّسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬قم – إيران‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ ،‬استراتيجيّات الخطاب‪ .‬مقاربة لغويّة تداوليّة‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتّحدة‪،‬‬
‫بيروت‪.2004 ،‬‬
‫ص واألسلوبيّة بين النّظريّة والتّطبيق‪ ،‬منشورات اتّحاد الكتّاب العرب‪ ،‬د م‪.2000 ،‬‬
‫عدنان بن ذريل‪ ،‬النّ ّ‬

‫علي الجارم ومصطفى أمين‪ ،‬البالغة الواضحة‪ .‬البيان والمعاني والبديع‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬ط ‪ 1423 ،1‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 2002‬م‪.‬‬
‫الرافد في علم‬
‫سيّد عدنان القطيفي)‪ّ ،‬‬
‫سيّد علي السّيستاني لل ّسيّد منير ال ّ‬
‫علي الحسيني السّيستاني (تقرير بحث ال ّ‬
‫المؤرخ العربي‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1414 ،1‬هـ‪ 1994 /‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األصول‪ ،‬دار‬
‫علي بن مح ّمد اآلمدي أبو الحسن‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬سيّد الجميلي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪ 1404 ،1‬هـ‪.‬‬
‫فِهرس املراجع‬ ‫‪458‬‬

‫علي بن مح ّمد البزدوي الحنفي‪ ،‬أصول البزدوي – كنز الوصول الى معرفة األصول‪ ،‬مطبعة جاويد بريس‪،‬‬
‫كراتشي‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫علي بوملحم‪ ،‬في األسلوب األدبي‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.1995 ،2‬‬
‫علي رضا‪ ،‬اإلنشاء السّهل‪ ،‬دار ال ّ‬
‫شرق العربي‪ ،‬بيروت ‪ -‬حلب‪ ،‬ط ‪ ،3‬د ت‪.‬‬
‫عمارة ناصر‪ ،‬اللغة والتّأويل‪ .‬مقاربات في الهرمينوطيقا الغربيّة والتّأويل العربي اإلسالمي‪ ،‬منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬الجزائر ‪ /‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت ‪ /‬الدّار العربيّة للعلوم – ناشرون‪ ،‬ط ‪ 1428 ،1‬هـ ‪ 2007 /‬م‪.‬‬
‫الغزالي‪ ،‬معيار العلم في المنطق‪ .‬شرحه أحمد شمس الدّين‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1410 ،1‬هـ –‬
‫‪ 1990‬م‪.‬‬
‫فاطمة ال َحمياني‪ ،‬حروف المعاني بين المناطقة والنّحاة من القرن الثّالث إلى القرن التّاسع للهجرة‪ ،‬منشورات‬
‫بالرباط‪ ،‬ط ‪.2006 ،1‬‬‫كلّيّة اآلداب والعلوم اإلنسانيّة ّ‬
‫فضل حسن عبّاس‪ ،‬البالغة‪ .‬فنونها وأفنانها (علم المعاني)‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬إربد‪ ،‬ط ‪ 1417 ،4‬هـ‪ 1998 /‬م‪.‬‬

‫كريم زكي حسام الدّين‪ ،‬التّحليل الدّاللي‪ .‬إجراءاته ومناهجه‪ ،‬دار غريب للنّشر والتّوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫سيّد كمال الحيدري بقلم‪ :‬محمود‬
‫كمال الحيدري‪ ،‬القطع‪ .‬دراسة في ح ّجيته وأقسامه وأحكامه‪ .‬تقرير ألبحاث ال ّ‬
‫نعمة الجيّاشي‪ ،‬دار فراقد‪ ،‬إيران‪ 1428 ،‬هـ ‪ 2006 /‬م‪.‬‬
‫كمال الحيدري‪ ،‬المذهب الذّاتي في نظريّة المعرفة‪ ،‬دار فراقد‪ ،‬إيران‪ 1426 ،‬هـ‪ 2005 /‬م‪.‬‬
‫محسن الحكيم‪ ،‬حقائق األصول (وهي تعليقة على "كفاية" األستاذ األعظم المح ّقق الخراساني)‪ ،‬مكتبة بصيرتي‪،‬‬
‫قم‪ ،‬ط ‪ 1408 ،5‬هـ‪.‬‬
‫مح ّمد أبو زهرة‪ ،‬الخطابة‪ .‬أصولها – تاريخها في أزهر عصورها عند العرب‪ ،‬دار الفكر العربي‪ .‬القاهرة‪ ،‬دت‪.‬‬
‫مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬علوم البالغة (البديع والبيان والمعاني)‪ ،‬المؤسّسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‬
‫– لبنان‪.2003 ،‬‬
‫مح ّمد أحمد قاسم ومحي الدّين ديب‪ ،‬علوم البالغة‪ ،‬المؤسّسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس – لبنان‪.2003 ،‬‬
‫ص"‪ ،‬جامعة منّوبة‪ .‬كلّيّة‬
‫شاوش‪ ،‬أصول تحليل الخطاب في ال ّنظريّة النّحويّة العربيّة‪ .‬تأسيس "نحو النّ ّ‬‫مح ّمد ال ّ‬
‫اآلداب– منّوبة‪ /‬المؤسّسة العربيّة للتّوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬ط ‪.2001 ،1‬‬
‫مح ّمد العمري‪ ،‬البالغة العربيّة‪ .‬أصولها وامتداداتها‪ ،‬أفريقيا ال ّ‬
‫شرق‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬
‫ص عند العرب‪ ،‬المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪.1999 ،1‬‬
‫مح ّمد المبارك‪ ،‬استقبال النّ ّ‬
‫صدر‪ ،‬األسس المنطقيّة لالستقراء‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ،‬ط ‪ 1406 ،5‬هـ‪/‬‬
‫مح ّمد باقر ال ّ‬
‫‪ 1986‬م‪.‬‬
‫صدر‪ ،‬المعالم الجديدة لألصول‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ 1410 ،‬هـ ‪ 1989 /‬م‪.‬‬
‫مح ّمد باقر ال ّ‬
‫صدر لل ّسيّد محمود الشاهرودي)‪ ،‬بحوث في علم األصول‪،‬‬
‫سيّد مح ّمد باقر ال ّ‬
‫صدر (تقرير بحث ال ّ‬
‫مح ّمد باقر ال ّ‬
‫مؤسّسة دار المعارف‪ ،‬د م‪ 2005 ،‬م‪.‬‬
‫صدر‪ ،‬قم‪1421 ،‬‬
‫شهيد ال ّ‬ ‫صدر‪ ،‬دروس في علم األصول‪ ،‬مركز األبحاث والدّراسات التّخ ّ‬
‫صصيّة لل ّ‬ ‫مح ّمد باقر ال ّ‬
‫هـ‪.‬‬
‫صدر‪ ،‬مقدّمات في التّفسير الموضوعي للقرآن‪ ،‬دار شامخ‪ ،‬د م‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫مح ّمد باقر ال ّ‬
‫‪459‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مح ّمد بن أحمد بن أبي سهل السّرخسي أبو بكر‪ ،‬أصول السّرخسي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬المحصول في علم األصول‪ ،‬تحقيق‪ :‬طه جابر فيّاض العلواني‪ ،‬جامعة‬
‫مح ّمد بن عمر بن الحسين ّ‬
‫الرياض‪ ،‬ط ‪ 1400 ،1‬هـ‪.‬‬
‫اإلمام مح ّمد بن سعود اإلسالميّة‪ّ ،‬‬
‫مح ّمد تقي بهجت‪ ،‬مباحث األصول‪ ،‬انتشارات شفق‪ ،‬قم‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫مح ّمد جعفر الشوشتري‪ ،‬منتهى الدّراية‪ ،‬مؤسّسة دار الكتاب (الجزائري) ّ‬
‫للطباعة وال ّنشر‪ ،‬النّجف‪ ،‬ط ‪،6‬‬
‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫الرضوي اللنگرودي‪ ،‬جواهر األصول‪ ،‬تقريرا ً لبحث ال ّسيّد الخميني‪ ،‬مؤسّسة تنظيم ونشر آثار‬
‫مح ّمد حسن ّ‬
‫محرم الحرام ‪ – 1418‬خرداد ‪.1376‬‬
‫ّ‬ ‫االمام الخميني‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫مح ّمد حماسة عبد اللطيف‪ ،‬النّحو والدّاللة‪ .‬مدخل لدراسة المعنى النّحوي الدّاللي‪ ،‬دار ال ّ‬
‫شروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪.2000‬‬

‫ص‪ .‬مدخل إلى انسجام الخطاب‪ ،‬المركز الثّقافي العربي‪ ،‬بيروت – الدّار البيضاء‪ ،‬ط‬ ‫مح ّمد ّ‬
‫خطابي‪ ،‬لسانيّات ال ّن ّ‬
‫‪.1991 ،1‬‬
‫ص والتّنا ّ‬
‫صيّة‪ ،‬مركز اإلنماء العربي‪ ،‬حلب‪ ،‬ط ‪.1998 ،1‬‬ ‫مح ّمد خير البقاعي‪ ،‬دراسات في النّ ّ‬

‫مح ّمد رضا الگلپايگاني‪ ،‬إفاضة العوائد‪ .‬تعليق على درر الفوائد‪ .‬تأليف‪ :‬آية هللا العظمى الحاج ال ّ‬
‫شيخ عبد‬
‫الكريم الحائري اليزدي‪ ،‬دار القرآن الكريم‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1410 ،1‬هـ‪.‬‬
‫مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬أصول الفقه‪ ،‬مؤسّسة العلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1990 ،2‬م‪.‬‬
‫مح ّمد رضا المظفّر‪ ،‬المنطق‪ ،‬دار التّعارف للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪ 1414 ،‬هـ‪ 1995 /‬م‪.‬‬
‫مح ّمد سعيد الحكيم‪ ،‬المحكم في أصول الفقه‪ ،‬مؤسّسة المنار‪ ،‬د م‪ 1414 ،‬هـ – ‪ 1994‬م‪.‬‬
‫صادق (ع)‪ ،‬د م‪ ،‬ط‪ 1412 ،1 .‬هـ‪.‬‬
‫الروحاني‪ ،‬زبدة األصول‪ ،‬مدرسة اإلمام ال ّ‬
‫مح ّمد صادق ّ‬
‫مح ّمد طاهر آل ال ّشيخ راضي‪ ،‬بداية الوصول في شرح كفاية األصول‪ ،‬أشرف على طبعه وتصحيحه‪ :‬مح ّمد‬
‫عبد الحكيم الموسوي البكاء‪ ،‬أسرة آل ال ّ‬
‫شيخ راضي‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1425 ،1‬هـ – ‪ 2004‬م‪.‬‬
‫مح ّمد عوض مح ّمد‪ ،‬محاضرات عن ّ‬
‫فن المقالة األدبيّة‪ ،‬جامعة الدّول العربيّة‪ ،‬معهد الدّراسات العربيّة العالية‪،‬د‬
‫م‪.1959 ،‬‬

‫مح ّمد كمال شرف الدّين‪ ،‬قانون مدني‪ .‬النّظريّة العا ّمة – األشخاص – إثبات الحقوق‪ ،‬المطبعة ّ‬
‫الرسميّة‬
‫للجمهوريّة التّونسيّة‪ ،‬تونس‪.2002 ،‬‬
‫ص وداللته (محاور اإلحالة الكالم ّية)‪ ،‬منشورات وزارة الثّقافة‪ ،‬دمشق‪.1998 ،‬‬
‫مريم فرنسيس‪ ،‬بناء النّ ّ‬
‫مصطفى الخميني‪ ،‬تحريرات في األصول‪ ،‬مؤسّسة تنظيم ونشر آثار اإلمام الخميني‪ ،‬د م‪ ،‬ط ‪ 1418 ،1‬هـ ق–‬
‫‪ 1376‬هـ ش‪.‬‬
‫النّويري‪ ،‬نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬مصدر الكتاب‪ :‬موقع المكتبة ال ّ‬
‫شاملة‪http://www.shamela.ws :‬‬
‫(‪ 24‬سبتمبر ‪[ )2010‬الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]‪.‬‬
‫الرياضي‪ .‬حساب القضايا والمحموالت‪ ،‬دار الهادي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1423 ،2‬‬
‫هادي فضل هللا‪ ،‬مدخل إلى المنطق ّ‬
‫هـ‪ 2003 /‬م‪.‬‬
‫فِهرس املراجع‬ 460

.‫ م‬2003 / ‫ هـ‬1423 ،2 ‫ ط‬،‫ بيروت‬،‫ دار الهادي‬،‫ مقدّمات في علم المنطق‬،‫هادي فضل هللا‬
ّ ‫ نحو نموذج سيميائي لتحليل ال ّن‬.‫ البالغة واألسلوبيّة‬،"‫هنريش بليت‬
،‫ ترجمة وتقديم وتعليق مح ّمد العمري‬،‫ص‬
.1999 ،‫ بيروت‬،‫شرق‬ ّ ‫إفريقيا ال‬

.‫ م‬1998 / ‫ هـ‬1418 ،‫ د م‬،‫ مكتبة السّائح‬،‫ البالغة العربيّة وأساليب الكتابة‬،‫ياسين األيّوبي ومحيي الدّين ديب‬

ّ ‫ مكتبة‬،‫ طرق االستدالل ومقدّماتها عند المناطقة واألصوليّين‬،‫يعقوب بن عبد الو ّهاب الباحسين‬
،‫الرشد‬
.2001 ،‫الرياض‬
ّ
.1994 /‫ هـ‬1414 ،1 ‫ ط‬،‫ الدّوحة‬،‫ دار الحكمة‬،‫صورات والتّصديقات‬
ّ ّ‫ الت‬.‫صوري‬
ّ ‫ المنطق ال‬،‫يوسف محمود‬
.‫ م‬1994 /‫ هـ‬1414 ،1 ‫ ط‬،‫ القاهرة‬،‫ دار األمين‬،‫ نظريّة النّقد األدبي الحديث‬،‫يوسف نور عوض‬

‫ المراجع بغير اللغة العربيّة‬.2

‫ المراجع الخاصّة‬.1 .2

A. Baron, De la rhétorique ou de la composition oratoire et littéraire, Lib.


Polytechnique d’Aug. Dec., Bruxelles, 2e éd, 1853.

A. Chassang et Ch. Senninger, La dissertation littéraire générale, Lib. Hachette,


Paris, 1955.

Ahmed Hosny, Méthodologie de la compréhension et de l’explication de textes avec


des exercices corrigés, Centre de Publication Universitaire, Tunis, 2000.
Alain Sériaux, Le commentaire de textes juridiques. Arrêts et jugements, ellipses,
Paris, 1997.
Alain Sériaux, Le commentaire de textes juridiques. Lois et règlements, ellipses,
Paris, 1997.
Aline Nishimita, Les épreuves orales aux concours de la fonction publique, Gualino,
Paris, 3e éd., 2008.
André Dunes, Documentation juridique, Dalloz, Paris, 1977.
André Perdriau, La pratique des arrêts civils de la cour de cassation. Principes et
méthodes de rédaction, Litec, Paris, 1993.
André-Jacques Deschênes, La compréhension et la production de textes.
Monographie de psychologie, Presses de l’Université du Québec, 1988.

Anne-Marie Lefebvre, La dissertation sur un sujet littéraire, Albin Michel, Paris,


1992.
Anne-Sophie Constant et Aldo Lévy, Réussir mémoire et thèses en L. M. D.,
Gualino éditeur, Paris, 2006.
461 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Axel Preiss et Jean Pierre Aubrit, L’explication littéraire et le commentaire


composé, Collection : Critica, cérès éd., Tunis, 1998.

Axel Preiss, La dissertation littéraire, Armand Colin, Paris, 2 e éd., 1989.


Bryan A. Garner, The elements of legal style, Oxford University Press, New York,
2nd ed.2002.
Caroline Gendreau, Gisele Laprise et Marie-Michele Larose ; sous la direction de
Mireille Beaudet et Diane Labreche ; avec la collaboration de Helene Barabe... [et
al.], Guide de rédaction juridique, Coopérative étudiante de la Faculté de droit de
l'Université de Montréal, Montréal, 1994.
Catherine d’Hoir-Lauprêtre, Le cas pratique en droit commercial, ellipses, Paris,
2001.
Charles R. Calleros, Charles R, Legal method and writing, Aspen Law & Business,
New York, 3rd ed., 1998.
Christian Atias, Épistémologie juridique, P.U.F., Paris, 1985.
Christian Atias, Science des légistes. Savoir des juristes, Presses Universitaires
d’Aix-Marseille, 1993.
Christian Boutry [...et al.], Cas pratiques d'introduction au droit de l’entreprise: 108
exercices et cas avec corrigés, CLET, Paris, 2 e éd., 1988.
Christian Gavalda et Etienne Michelle, Travaux dirigés de droit des affaires, Litec,
Paris, 1994.
Christine Bertrand et Jean-Pierre Massias, Exercices corrigés. Droit administratif,
L.G.D.J., Paris, 3e éd., 2004.
Christine Bertrand et Jean-Pierre Massias, Exercices corrigés. Droit administratif,
L.G.D.J.,Paris, 2004.
Cicéron, De l’orateur, Texte établi, traduit et annoté par François Richard, Librairie
Garnier Frères, Paris, s.d.
Claude Garcin (sous la dir. de), Travaux dirigés. Droit pénal général, L’Hermès,
Paris, 1re éd., 1994.
Claude Leclercq et Pierre-Henri Chalvidan, Travaux dirigés de droit constitutionnel.
Documents – Dissertation – commentaires de textes, Litec, Paris, 9e éd., 2002.
Claude Leclercq, Jean-Pierre Lukaszewics et André Chaminade, Travaux dirigés de
droit administratif. Dissertation – Cas pratiques – Commentaire d’arrêts, litec, Paris,
3e éd., 1991.
Cyrille Charbonneau et Frédéric-Jérôme Pansier, Cinquante exercices en
introduction au droit, ellipses, Paris, 2002.
‫فِهرس املراجع‬ 462

Daniel Bergez, L'Explication de texte littéraire,Bordas, Paris, 1989.


Daniel Gardner, Guide de la dissertation juridique, Faculté de droit,
Université Laval, Québec, 1995.
Dannelle D. Steven et Antonia J. Levi, Introduction to rubrics : an Assesment Tool
to save Grading Time, Convey Effective Feedback and Promote Student Learning.
Stylus Publishing, Sterling (Virginia), 2005.

David Bonnet, L’essentiel de la méthodologie juridique, ellipses, Paris, 2006.


Denis Baril, Technique de l’expression écrite et orale, Dalloz, Paris, 2008.
Denis Huisman, L’art de la dissertation philosophique, Société d’Édition
d’Enseignement Supérieur, Paris, 6e éd. 1965.
Didier Lluelles, Guide des références pour la rédaction juridique, 6 e éd. 2000 revisée
et augmentée d'une annexe americaine, Themis, Montréal, 2000.
Dominique Chassé et Richard Prégent, Préparer et donner un exposé, Presses
internationales polytechniques, Montréal – Québec – Canada, 2e éd, 2007.

Dominique Maingueneau, Analyser les textes de communication, Armand Colin,


Paris, 2005.
E. S. de la Marnieerre, Éléments de méthodologie juridique, Librairie de journal des
notaires et des avocats, Paris, 1976.
Edith Jaillardon et Dominique Roussillon, Outils pour la recherche juridique:
méthodologie de la thèse de doctorat et du mémoire de master en droit, Ed. des
Archives contemporaines. Agence universitaire de la francophonie, Paris –
Montréal, 2007.
Édith Jaillardon et Dominique Roussillon, Outils pour la recherche juridique.
Méthodologie de la thèse de doctorat et du mémoire de master en droit, éd. des
archives contemporaines, Paris, s. d.

Eric Geerkens, Paul Delnoy, Aurélie Bruyère et Anne-Lise Sibiny, Méthodologie


juridique. Méthodologie de la recherche documentaire juridique, Larcier, Bruxelles,
2009.
F. Frigues, Principes et méthodes de la dissertation d’histoire, P.U.F., Paris, 1995.
Ferhat Horchani (sous la direction de), Méthodologie de la préparation des examens
et des concours en droit public, Centre de Publication Universitaire, Tunis, 2008.
Florence Benoit et Olivier Benoit, Pratique de l’écrit juridique et judiciaire.
Consultation juridique – Note juridique – Acte judiciaire – Correspondance
professionnelle – Fondamentaux du style et de la langue française, Éditions Francis
Lefebvre, Paris, 2009.
463 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Francine Girard, Apprendre à communiquer en public, La Lignée, Mont Saint-


Hilaire (Québec), 2e éd. rev. et corr., 1985.

François-Michel Schroder, Le nouveau style judiciaire, Dalloz, 1978.


Frédéric Debove (sous la coordination de), L’épreuve écrite juridique,
Montchrestien, Paris, 2004.
Frédéric Zenati, La jurisprudence, Dalloz, Paris, 1991.
Gabriel Roujou de Boubée et Marc Seconds (sous la dir. de), L’épreuve pratique de
droit pénal au C.R.F.P.A., ellipses, Paris, 2003.
Gérard Cornu, Linguistique juridique, Montchrestien, Paris, 2 e éd., 2000.
Gilles Armand, Droit administratif. Cas pratiques, Dissertation, Commentaires
d’arrêts, L.G.D.J., Paris, 2007.
Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, 100 commentaires d’arrêts en droit civil,
L.G.D.J., Paris, 3e éd., 2008.
Gilles Goubeaux et Philippe Bihr, Les épreuves écrites en droit civil, L.G.D.J., Paris,
9eéd., 2001.
Gilles Mathieu, Problèmes et méthodologie du plan, R.R.J., 1996-4.
Gisele Laprise, Développement des habiletés du juriste. Principes de rédaction
juridique: plan de cours et exercices: Coop droit, Université de Montréal, Montréal,
2000.
Gisele Laprise, Les outils du raisonnement et de la rédaction juridiques. Cahier
d'exercices, Editions Themis, Montréal, 2000.
Grant Wiggins, Educative Assessment : Designing Assessments to Inform and
Improve Student Performance, Jossey-Bass, San Francisco, 1998.

Helene S. Shapo, Marilyn R. Walter and Elisabeth Fajans, Writing and analysis in
the law, Fondation Press, New York, 2003.
Henri Capitant, Comment il faut faire sa thèse de Doctorat en Droit, Dalloz, Paris, 2e
éd., 1928.
Henri Lamour, Technique de la dissertation, P.U.F., Paris, 1990.
Henri Mazeaud, Méthodes de travail, Monchrestien, Paris, 1993.
Hugues Fulchiron et Cyril Nourissat (sous la dir. De), Travaux dirigés de droit
international privé : cas pratiques, commentaires d'arrêts, commentaire de texte,
dissertations, note de synthèse, Litec, Paris, 2e éd., 2003.
‫فِهرس املراجع‬ 464

Hugues Fulchiron (sous la dir. De), Travaux dirigés de droit international privé : cas
pratiques, commentaires d'arrêts, commentaire de texte, dissertations, note de
synthèse, Litec., Paris, 2001.
Isabelle Defrénois-Souleau, Je veux réussir mon droit. Méthodes de travail et clés du
succès, Armand Colin, Paris, 5e éd., 2004.
J. Rivero, Pour la leçon en équipe, D. 1976, chron. 25.
Jean Carbonnier, Notes sur des notes d’arrêts, D. 1970, chron. 138.
Jean-Claude Masclet et Jean-Paul Valette, Méthodologie du droit constitutionnel.
Dissertation – commentaire de texte, - Commentaire de décision du Conseil
constitutionnel – Cas pratique – Calcul électoral, ellipses, Paris, 2007.
Jean-Emmanuel Ray, Les Epreuves de droit: dissertation, exposé, cas pratique,
commentaire d'arrêt, Seuil, Paris, 1997.
Jean-François Casil, Retour sur les conditions d’existence de revirement de
jurisprudence en droit privé, R.R.J., 2004-2.
Jean-François van Drooghenbroek, François Balot et Geoffrey Willems, Leçons de
méthodologie juridique, Larcier, Bruxelles, 2009.

Jean-Louis Moralis, Le cas pratique en droit civil, ellipses, Paris, 2006.


Jean-Louis Sourioux et Pierre Lerat, L’analyse de texte. Méthode générale et
applications au droit, Dalloz, Paris, 3e éd, 1992.
Jean-Paul Meyronneinc, Les métiers du droit, Le Monde éditions, Paris, 1994.
Jean-Pierre Gridel, La dissertation et le cas pratique en droit privé, Dalloz, Paris, 3 e
éd, 1993.
Jérôme Bonnard, Méthodes de travail de l’étudiant en droit, Hachette, Paris, 2002.
John C. Dernbach [et al.], A practical guide to legal writing and legal method,
Littleton, Colo. : F.B. Rothman, 2nd. ed., 1994.
Lamia Amel Ammari, Le rôle de l’image dans la compréhension d’un texte sur
l’hygiène dentaire en contexte bilingue, Mémoire élaboré en vue de l’obtention du
diplôme de Magistère 1. Option : Sciences du Langage, Université Mohamed
Boudiaf-M’sila, Faculté des Lettres et des Sciences Sociales. Département de
Français. École Doctorale de Français, 2007 - 2008.

Laurent Fourcaut, Le Commentaire composé, Nathan, Paris, 1992.


Lennart Björk, Ingegerd Blomstrand, Frédéric Regard et Sylvie Regard, Thinking
and writing. Process in english. Manuel d’expression écrite, ellipses, Paris, 2007.
465 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Leon Fletcher, How to design and deliver speeches, Allyn and Bacon, Boston, 8th
ed., 2003.

Marc Bruschi, Le commentaire de contrats, ellipses, Paris, 2001.


Marc Lemieux, La récente popularité du plan en deux parties, R.R.J. 1987-3.
Marc Seconds (sous la dir. de), La dissertation de droit pénal, droit civil et droit
public, ellipses, Paris, 2005.
Marcel Audibert, Essai sur le juriste, Librairies techniques, Paris, 1960.
Marie-Michele Larose, Développement des habiletés du juriste, Université de
Montréal, Montréal, 2002.
Marjorie Brusorio, Méthode du commentaire d’article, détaillée étape par étape,
Université de Toulon,http://www.cpuniv.com (24 septembre 2010).
Mary E. Huba et Jann E. Freed, Learner-Centerd Assessment on college Campuses :
Shifting the focus to learning, Allyn and Bacon, Boston, 2000.

Michel Deyra et Christine Bertrand, Note de synthèse, Gualino, Paris, 6e éd., 2008.
Michel Deyra, L’essentiel de la note de synthèse, Gualino, Paris, 2008.
Michel Vivant, Le plan en deux parties, ou de l’apprentissage considéré comme un
art, in : Études offertes à Pierre Catala. Le droit privé français à la fin du XXe siècle.
Éd. Litec, Paris, 2001.
Michèle Harichaux et Caroline Watine-Drouin, La note de synthèse, Montchrestien,
Paris, 2008.
Nelly Labère, Rédiger avec style, Studyrama, France, 2008.

Nicolas Molfessis, Le renvoi d’un texte à un autre, in : Les mots de la loi, publié
sous la dir. de Nicolas Molfessis, Economica, Paris, 1999, p. 55 et s.
Odile Challe (sous la dir. de), Langue française spécialisée en droit, Economica,
Paris, 2007.
Odile de David Beauregard-Berthier, Méthodes de travail en droit administratif,
Gualino éditeur, Paris, 1998.
Pascal Ancel , Travaux dirigés d'introduction au droit et droit civil. Méthodologie
juridique appliquée, Litec., Paris, 1994.
Pascale Gonod (sous la dir. de), Méthodologie et sujets corrigés, Dalloz, 2007.
Pascale Gonod (sous la direction de), Annales droit administratif 2008.
Méthodologie et sujets corrigés, Dalloz, Paris, 2007.
‫فِهرس املراجع‬ 466

Patrick Courbe et Chantal Dijon-Gallais, Guide des études de droit, Dalloz, Paris,
1991.
Patrick Janin, Méthodologie du droit administratif, ellipses, Paris, 2007.
Patrick Mistretta, La dissertation de droit pénal à l’entrée de l’E.N.M., ellipses,
Paris, 2005.
Paul-A. Crepeau et Jean Roy, La dissertation juridique, Faculté de droit de
l'Universite de Montréal ,Montréal, 1968.
Peter Kenny, A Hand Book of Public Speeking for scientists and Engineers, Adam
Hilger, Bristol (Grande Bretagne), 1982.

Pierre André Lecocq, Travaux dirigés. Droit administratif, ellipses, Paris, 1998.
Pierre Brunel, La dissertation de littérature générale et comparée, Armand Colin,
Paris, 1996.
Quintilien, Institution oratoire. Texte revu et traduit avec introduction et notes par
Henri Bornecque, éd. Garnier Frères, s.d., Paris.
Raymond Gassin, Une méthodologie de thèse de doctorat en droit, R.R.J. 1996-4.
Richard K. Neumann, Legal reasoning and legal writing: structure, strategy, and
style, Aspen Law & Business, New York, 3rd ed., 1998.
Robert Anholt, Dazzle’Em with style : the Art of Oral Scientific Presentation, W.H.
Freeman, New York, 1994.

Roger Bénichoux, Guide de la communication médicale et scientifique : comment


écrire, comment dire (en français et en anglais), Sauramps, Montpellier (France),3 e
éd., 1997.

Roger Mendegris et Georges Vermelle, Le commentaire d’arrêt en droit privé.


Méthodes et exemples, Dalloz, Paris, 7e éd., 2004.
Sarah Bros et François-Xavier Grignon-Derenne, Méthodes d’exercices juridiques.
Commentaire d’arrêt. Cas Pratique. Consultation. Dissertation. Synthèse de
documents, Éditions Francis Lefebvre, Paris, 2007.

Serge Guinchard, Comment devenir avocat, Montchrestien, Paris, 6 e éd., 2008.


Serge Guinchard, Michèle Harichaux et Renaud de Tourdonnet, Internet pour le
droit, Montchrestien, Paris, 2e éd., 2001.
Service de Pédagogie Universitaire des Facultés Universitaires Notre-Dame de la
Paix de Namur, Le (power) point sur les logiciels de présentation, Réseau, n° 55
(aout 2004), http://www.det.fundp.ac.be/spu/arch_reseau.htm (1 er octobre 2010).
467 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Simone Dreyfus et Laurence Nicolas-Vullierme, La thèse et le mémoire de


doctorat : Étude méthodologique (Sciences juridiques et politiques), Cujas, Paris, 3 e
éd., 2000.

Simone Dreyfus, La thèse et le mémoire de doctorat en droit, Lib. Armand Colin,


Paris, 1971.
Simone Dreyfus, La thèse et le mémoire de doctorat : Étude méthodologique, Cujas,
Paris, 2e éd., 1983.
Sophie Druffin-Bricca et Laurence-Caroline Henry, Exercices corrigés. Introduction
au droit, L.G.D.J., Paris, 2e éd., 2008.
Sophie Le Ménahèse-Lefay, Parcours méthodique. La dissetation, éd. du temps,
Paris, 1999.
Stéfanie Damarey, Les épreuves de droit public. Droit constitutionnel – Droit
administratif – Finances publique, ellipses, Paris, 2001.
Stéphane Villeneuve, Les logiciels de présentation en pédagogie : efficacité de
l’utilisation des logiciels de présentation en pédagogie universitaire, Revue
internationale des technologies en pédagogie universitaire 1 (1), 2004,
http://www.profetic.org/revue (1er octobre 2010).

Susane Grenier et Sylvie Bérard (sous la direction de Sophie Malavoy). Guide


pratique de la communication scientifique : comment captiver son auditoire,
Association francophone pour le savoir – Acfas, Montréal 2002.

Sylvie Guichard, La dissertation littéraire et le commentaire composé, Nathan, 1990.


Thierry Lamorlette et Corine Lamorlette, Étude de cas. Droit fiscal, Economica,
Paris, 1987.
Treillard, Conseils de construction juridique, s.l., Poly. écrit dans les années 1965-
1970.
Vincent Cattoir-Jonville (sous la dir. de), Travaux dirigés de droit constitutionnel,
ellipses, Paris, 2002.
Yann Tanguy, La recherche documentaire en droit, P.U.F., Paris, 1991.
Yves Crozet, La dissertation économique aux examens et concours, Nathan, 1990.

‫ المراجع العا ّمة‬.2 .2

A. Berrendonner, Connecteurs pragmatiques et anaphores, Cahiers de linguistique


française, Université de Genève, n° 5,1983, p. 215-246.
‫فِهرس املراجع‬ 468

A. Grésillon, Fonctions du langage et genèse du texte, In : L. Hay (dir.). La


naissance du texte, Corti, Paris, 1989, p. 177-192.
Abdeljelil Temimi, Dynamique de gestion et Liberté d’expression à l’Université de
Tunis : La Faculté des lettres et sciences humaines et l’Institut supérieur de
documentation (I.S.D.) comme exemples, In Abdeljelil Temimi (Sous la direction
de), Liberté d’expression et production du savoir dans les universités et centres de
recherche arabes, Publications de la Fondation Temimi pour la recherche
scientifique et l’information, Zaghouan, 2000.
Abdelmagid Zarrouki, L’erreur, mode d’emploi ou l’erreur sans peine, R.R.J., 2008-
4, p. 1885 et s.
Abdelmagid Zarrouki, Le raisonnement a contrario : étude de méthodologie
juridique comparée (à paraître dans: Revue de droit international et de droit
comparé).

Ad. Franck, Esquisse d’une histoire de la logique, Librairie classique de L. Hachette,


Paris, s. d.
Adolphe Nysenholc et Thomas Gergely, Information et persuation. Argumenter, De
Boeck Université, Bruxelles, 2 e éd., 2000.
Alain Nossereau, L'argumentation en communication, Synthèse de l'intervention de
Philippe Breton, enseignant à la Sorbonne et chercheur au laboratoire Cultures et
Sociétés du CNRS de Strasbourg, lors du colloque national du 25 au 28 août 2003 à
Paris, intitulé : « Pour une refondation des enseignements de communication des
organisations ? ». http://www.educnet.education.fr.
André Lalande, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, P.U.F., Paris, 3e
éd., 1993.

Antoine Arnold et Pierre Nicole, La Logique ou l’art de penser (ouvrage paru en


1662 et connu sous le nom de Logique de Port-Royal). Notes et postface de Charles
Jourdain, Collection Tel, Éditions Gallimard, Paris, 1992.
Antoine Compagan, Qu'est-ce qu'un auteur ? http://www.fabula.org/compagnon/
auteur6.php (24 septembre 2010).
Antoine Compagnon, La notion de genre, http://www.fabula.org/compagnon/
genre10.php (24 septembre 2010).
Antoine Compagnon, La seconde main ou le travail de la citation, Collection Critica,
Cérès. éd., Tunis, 1997.

B. Combettes, Pour une grammaire textuelle, Duculot, Bruxelles, 1983.


Bernard Vallette, Le Roman. Initiation aux méthodes d'analyse, Nathan, Paris, 1992.
469 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

Buffon (1707 - 1788), Discours sur le style : prononcé à l'Académie française / par
M. de Buffon (le jour de sa réception : 25 août 1753). [Document électronique.
Source:http://www. gallica. Fr (24 septembre 2010)]
Catherine Fuchs, Linguistique (notions de base), Encyclopædia Universalis 2010.
Catherine Fuchs, Linguistique. Le langage au carrefour des disciplines,
Encyclopædia Universalis 2010.

Catherine Kerbrat-Orecchioni, Sémantique, Encyclopædia Universalis 2010.


Céline Beaudet(Université de Sherbrooke), Clarté, lisibilité, intelligibilité des
textes : un état de la question et une proposition pédagogique, Recherches en
rédaction professionnelle, vol. 1, no 1, hiver 2001.

Ch. Perelman, Logique juridique. Nouvelle rhétorique, Dalloz, Paris, 2 e éd., 1979.
Ch. Renouvier, Traité de logique générale et de logique formelle, Librairie Armand
Colin, Paris, 1912.
Chaïm Perelman et Lucie Olbrechts-Tyteca, Traité de l’argumentation. La nouvelle
rhétorique, éd de l’Université de Bruxelles, 1992.
Charles Nodier, Questions de littérature légale : Du plagiat, de la supposition
d’auteurs, des supercheries qui ont rapport aux livres. Ouvrage qui peut servir de
suite au dictionnaire des anonymes et à toutes les bibliographie, Barba, Libraire,
Palais Royal, Paris, 1812.

Christian Boix (sous la direction de), Argumentation, manipulation, persuation,


L’Harmattan, Paris, 2007.
Christian Vandendorpe (sous la dir. de), Le Plagiat, Presses Universitaires
d’Ottawa, 1992.
D. Slatka, "L'ordre du texte", Études de Linguistique Appliquée, n° 19, 1975. p. 30-
42.
D. Viehweger, Savoir illocutoire et interprétation des textes, In : M. Charolles, S.
Fisher & J. Jayez, (dir.), Représentations et interprétations, Presses universitaires de
Nancy, Nancy, 1990, p. 41-51.
Dems Simard, Postmodernité, herméneutique et culture: Les défis culturels de la
pédagogie, Thèse présentée à la Faculté des Études Supérieures de l'Université Laval
pour l'obtention du grade de Philosophiae Doctor (Ph. D.), Faculté des Sciences de
l’Éducation. Universrsité Laval, Québec, Juin 1999.
Dominique Folscheid et Jean-Jacques Wunenburger, Méthodologie philosophique,
P.U.F., Paris, 1992.
‫فِهرس املراجع‬ 470

E. Benveniste, Problèmes de linguistique générale, Gallimard, Paris, 1976.


E. Goblot, Traité de logique, Librairie Armand Colin, Paris, 1918.
Élisabeth Le, Structure discursive comparée d'écrits argumentatifs en français et en
anglais. De leur linéarité, Thèse présentée à la Faculté des études supérieures en vue
de l’obtention du grade de Philosophiae Doctor (Ph.D.) en linguistique, Université
de Montréal. Département de linguistique et de traduction. Faculté des arts et des
sciences, mars 1996.
F. Rastier, Arts et sciences du texte, P.U.F., Paris, 2001.
Friedrich-August Wolf, in : Friedrich D. E. Schleiermacher, Herméneutique,
Traduction et introduction de Marianna Simon. Avant propos de Jean Starobinski,
Labor et fides, Genève, 1987.
Gérard Genette, Palimpsestes. La littérature au second degré, Éd. du Seuil, Paris,
1982.
Gérard Legrand, Dictionnaire de philosophie, Bordas, Paris, 1983.
Heinrich F. Plett, Rhétorique et stylistique, in : Théorie de la littérature, Collection
Hélène Maurel-Indart, Du plagiat, P.U.F., 1999.
J. Moeschler & A. Reboul, Pragmatique du discours, Armand Colin, Paris, 1998.
J. Boutet et D. Maingueneau, Sociolinguistique et analyse de discours : façons de
dire, façons de faire, Langage & société 2005/4, n° 114, p. 15-47.
J. Guilhaumou, Science du texte et analyse de discours. Enjeux d’une
interdisciplinarité, Langage & société 2006/2, n° 116, p. 149-151.
J.-D. Bredin, Remarques sur la doctrine, Mélanges offerts à Pierre Hébraud, P.U.
Toulouse, 1985.
J.-F. Richard, sous le mot : raisonnement (philo. géné.), Encyclopédie philosophique
universelle. Les notions philosophiques, P.U.F., Paris, 1 re éd., 1990.
J.-M. Adam & M. Bonhomme, L'argumentation publicitaire. Rhétorique de l'éloge et
de la persuasion, Nathan, Paris, 1997.
J.-M. Adam, "Linguistique textuelle". In P. Charaudeau, & D. Maingueneau (dir.).
Dictionnaire d'analyse du discours, Seuil, Paris, 2002, p. 345-346.
J.-M. Adam, Éléments de linguistique textuelle, Mardaga, Bruxelles-Liège, 1990.
J.-M. Adam, J.-B. Grize, & M. A. Bouacha (dir.). Texte et discours : catégories pour
l'analyse, Éditions Universitaires de Dijon, Dijon, 2004.
J.-M. Adam, Le texte narratif, Nathan, Paris, 1994.
J.-M. Adam, Les textes : types et prototypes, Nathan, Paris, 2001.
471 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

J.-M. Adam, Les textes : types et prototypes. Récit, description, argumentation,


explication et dialogue, Armand Colin, Paris, 2005.
J.-M. Adam, Linguistique textuelle. Des genres de discours aux textes, Nathan,
Paris ,1999.
J.-M. Quérard, Les Supercheries littéraires dévoilées: galerie des écrivains français
de toute l'Europe qui se sont déguisés sous des anagrammes, des astéronymes, des
cryptonymes, des initialismes, des noms littéraires, des pseudonymes facétieux, G.-
P. Maisonneuve et Larose, Paris, 1964.

J.-P. Bronckart, Activités langagières, textes et discours, Delachaux et Niestlé,


Lausanne-Paris (1996).
Jacques Derrida, La dissémination, Collection "Tel Quel", Seuil, Paris, 1972.
Jacques Ghestin et Gilles Goubeaux avec le concours de Muriel Fabre-Magnan,
Traité de droit civil. Introduction générales, L.G.D.J., Paris, 4e éd., 1994.

Jean Carbonnier, Droit civil. Les obligations, P.U.F., Paris, 22e éd., 2000.
Jean de la Fontaine, Fables. Illustration par André Collot, La Belle Édition, Paris, s.
d.
Jean Largeault, Méthode, Encyclopædia Universalis, 2010.
Jean Starobinski, Les Mots sous les mots : Les anagrammes de Ferdinand de
Saussure, Gallimard, 1971.
Jean-Claude Anscombre et Oswald Ducrot, L’argumentation dans la langue,
Margada, Bruxelles - Liège, 3e éd., 1997.
Jean-François Jeandillou, Esthétique de la mystification : Tactique et stratégie
littéraires, Éd. de Minuit, Paris, 1994.
Jean-Louis Bergel, Méthodologie juridique, P.U.F., Paris, 1 re éd., 2001.
Jean-Louis Bergel, Théorie générale du droit, Dalloz, Paris, 2 e éd., 1989.
Jean-Michel Adam, Noël Cordonier, « L'analyse du discours littéraire. Éléments
pour un état des lieux », in : Le Français aujourd'hui,n° 109, mars 1995, p. 35 et s.
John Stuart Mill, Système de logique déductive et inductive. Exposé des principes
de la preuve et des méthodes de recherche scientifique, Traduit de la sixième édition
anglaise, 1865, par Louis Peisse, Félix Alcan, Paris, 1889.
Lewis Carroll, Alice au pays des merveilles, 1865.
Lewis Carroll, De l’autre côté du miroire, 1872.
Louis Liard, Logique, Masson et Cie, Paris, 4e éd., 1897.
‫فِهرس املراجع‬ 472

M. Bakhtine, Esthétique et théorie du roman, Gallimard, Paris, 1978.


M. Meyer, Langage et littérature, P.U.F., Paris, 1992.
M. Miaille, Une introduction critique au droit, Maspero, Paris, 1976.
M. Riegel, J.-C. Pellat & R. Rioul, Grammaire méthodique du français, P.U.F.,
Paris, 1994.
Mallarmé, Œuvres complètes, Pléiade, 1945.
Marie-Laure Mathieu-Isorche, Le raisonnement juridique, P.U.F., Paris, 2001.
Mathieu Valette & Monique Slodzian, Sémantique des textes et Recherche
d’Information, Rev. franç. de linguistique appliquée, 2008, XIII-1 (119-133).
Maurice Blanchot, Le Livre à venir, Gallimard, Paris, 1959.
Maurice Delcroix et Fernand Hallyn, Méthodes du texte. Introduction aux études
littéraires,Duculot, Paris, 1987.
Maurice Grevisse et André Goosse, Le bon usage, De Boek et Larcier, Bruxelles,
2008.
Maurice Laugaa, La Pensée du pseudonyme, P.U.F., Paris, 1986.
Max Weber, Le savant et le politique. Préface de Raymond Aron, Librairie Plon,
Paris, 1959.
Mélika Ouelbani, Intoduction à la logique, Collection M/ Sciences humaines, Centre
de Publication Universitaire, Tunis, 2000.
Mélika Ouelbani, Jeux de langage et société, Colloque : Langage, action et société.
Organisé par : L’U. R. « Genèse de l’empirisme logique » et l’Institut Goethe,
Tunis, 24 et 25 octobre 2008 (non publié).
Michel Schneider, Voleurs de mots : Essai sur le plagiat, la psychanalyse et la
pensée, Gallimard, Paris, 1985.
Mikel Dufrenne, Style, Encyclopædia Universalis 2010.
Mohamed Tahar Mansouri, Les amphies du silence, Irtihal Editions, Tunis, 2012.
Myriam Hemmi, Manuel, grammaire, textes, Revue de didactologie des langues-
cultures 2002/1, n° 125.
Neil Maccormick, Raisonnement juridique et théorie du droit, P.U.F., Paris, 1996.
Nicole Delbecque (éd), Linguistique cognitive. Comprendre comment fonctionne le
langage (ouvrage collectif), Éd Duculot, Bruxelles, 2002.
Nietzsche, Humain, trop humain, Mercure de France, 1910.
Nietzsche, Par-delà bien et mal, Collection Folio/ Essais, Gallimard, Paris, 1971.
473 ‫ التّعبري عن التّفكري‬:‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‬

O. Ducrot & J.-M. Schaeffer (dir.), Nouveau Dictionnaire encyclopédique des


sciences du langage, Seuil, Paris, 1995.
O. Ducrot, Présupposés et sous-entendus (réexamen), Stratégies discursives, Presses
Universitaires de Lyon, Lyon, 1977.
Ogden C. K., Richards I. A, T., The meaning of meaning, Routledge and Kegan
Paul, London, 1923.
Olivier Soutet, Linguistique, P.U.F., Paris, 1re éd., 2005.
Otto Pfersman et Gérard Timsit, Raisonnement juridique et interprétation,
Publications de La Sorbonne, Paris, 2001.
P. Charaudeau & D. Maingueneau, Dictionnaire d'analyse du discours, Seuil, Paris,
2002.
Pascal, De l’autorité en matière de philosophie. De l’esprit géométrique. Entrtien
avec M. De Sacy, Félix Alcan, Paris, 1886.

Patrick Charaudeau, Grammaire du sens et de l’expression, Hachette, Paris, 1992.


Patrick Vassart (Études pub. par), Arguments d’autorité et arguments de raison en
droit, Centre national de recherches de logique, Bruxelles, Éd. Nemesis, 1988.
Paul Bénichou, L’écrivain et ses travaux, cérès éd., Tunis, 1998.

Paul Delnoy, Éléments de méthologie juridique, Larcier, Bruxelles, 2006.


Paul Ricœur, Ontologie, Encyclopædia Universalis, 2010.
Philippe Jestaz et Christophe Jamin, La doctrine, Dalloz , Paris, 2004.
Pierre Bourdieu, Questions de sociologie, Cérès éd., Tunis, 1993.
Pierre Coirier, Daniel Gaonac’h et Jean-Michel Passerault, Psycholinguistique
textuelle. Approche cognitive de la compréhension et de la production des textes,
Armand Colin, Paris, 1996.
Pierre Pescatore, Introduction à la science du droit, Office des imprimés de l’État,
Luxembourg, 1960.
Pierre-André Côté, Interprétation des lois, Centre de recherche en droit public de la
Faculté de Droit de l’Université de Montréal, Les éditions Yvon Blais Inc., Québec,
2e éd., 1990.
Platon, Phèdre, Traduction, notices et notes par Émile Chambry, Garnier-
Flammarion, Paris, 1964.
Platon, Protagoras (Traduction, introduction et commentaires de Monique Trédé et
Paul Demont), Classiques de la philosophie, Librairie générale française, 1993.
‫فِهرس املراجع‬ 474

R. De Beaugrande & W. Dressler, Introduction to Text Linguistics, Longman,


London-New York, 1981.
R. Jakobson, Questions de poétique, Seuil, Paris, 1973.
Robert Blanché, sous le mot : raisonnement, Encyclopædia Universalis, 2010.
Robert Blanché, Structures intellectuelles. Essai sur l’organisation systématique des
concepts, Lib. Philo. J. Vrin, Paris, Seconde éd, 1969.
Roland Barthe, Théorie du texte, Encyclopædia Universalis 2011.
S. Carter-Thomas, La cohérence textuelle, L'Harmattan, Paris, 2000.
Sir William Hamilton Bart, Lectures on metaphysics and logic, William Blackwood
and sons, Edinburgh and London, s. d.

Slaheddine Mellouli, Introduction à l’étude du droit, Publications de l’Imprimerie


Officielle de la République Tunisienne, Tunis, 2000.
Suzanne Mainville, Exploration d'une méthodologie du diagnostic des difficultés
dans le cadre d'un cours de méthodologie de la recherche en éducation, Thèse
présentée à la Faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de
Philosophiæ Doctor (Ph.D.) en éducation, option fondements de l'éducation,
Université de Montréal. Département d'études en éducation et d'administration de
l'éducation. Faculté des sciences de l'éducation, avril 1997.
Suzete Silve, Étude comparative de quelques connecteurs pragmatiques dans des
textes écrits en français avec leur traduction en portugais brésilien, Thèse présentée
à la faculté des études supérieures en vue de l'obtention du grade de Philosophiae
Doctor (Ph.D.) en linguistique option traduction, Université de Montréal.
Département de linguistique et traduction. Faculté des arts et des sciences, Juin,
1999.
Valéry, Œuvres, Pléiade, 1957-1960.
W. Labov, Le parler ordinaire, Minuit, Paris, 1978.
‫فِهرس األعالم واملصطلحات‬
‫إ‬ ‫أ‬
‫إدخال الغير في الدّعوى ‪358 .....................‬‬ ‫أ‪ .‬بارون ‪130 ,48 ,47 ,24 ,5 ..................‬‬

‫أ‬ ‫ا‬
‫أرسطو ‪,162 ,128 ,81 ,47 ,25 ,8 ,1 ......‬‬ ‫ابن المقفّع ‪454 ,108 .............................‬‬
‫‪393 ,330 ,310‬‬ ‫ابن خلدون ‪31 .......................................‬‬
‫أسباب ال ّ‬
‫طعن ‪372 ,253 ..........................‬‬ ‫ابن رشد ‪100 ........................................‬‬
‫ابن رشيق ‪236 .....................................‬‬
‫ا‬ ‫ابن عربي ‪136 ......................................‬‬
‫ات ّساق ‪283 ,282 ,267 ,266 ..................‬‬
‫استبدال ‪286 ,282 ,109 ,108 ,68 ...........‬‬ ‫ات ّصال القضاء‪430 ,423 .........................‬‬
‫استخدام للنّصّ ‪318 ................................‬‬
‫استدراك‪355 ........................................‬‬
‫استدالل‪396 ,341 ,312 ,169 ,33 ,26 .....‬‬
‫إ‬
‫استشهاد ‪147 .......................................‬‬ ‫إثراء ‪327 ,33 ,26 ................................‬‬
‫استعارة ‪109 ........................................‬‬ ‫إثنيني ‪80 ,60 .......................................‬‬
‫استقراء ‪33 ..........................................‬‬ ‫ق ‪354 ....................................‬‬‫إحالة الح ّ‬
‫استقرار العالقات االقتصاديّة ‪190 ...............‬‬ ‫إحالة الدّين ‪354 ....................................‬‬
‫استقرار المعامالت ‪361 ...........................‬‬ ‫إحالة العقد ‪369 ,367 ,366 .....................‬‬
‫استنباط ‪33 ,31 ....................................‬‬ ‫إحالة مقاميّة ‪280 ..................................‬‬
‫اسكتلندا ‪290 ........................................‬‬ ‫صيّة ‪280 ....................................‬‬
‫إحالة ن ّ‬

‫أ‬ ‫أ‬
‫أسلوب ‪309 ,93 ,8 ...............................‬‬ ‫أحمد التّيجاني ‪177 .................................‬‬
‫أسلوبيّة ‪132 ........................................‬‬
‫أسماء اإلشارة ‪284 ,266 ........................‬‬ ‫ا‬
‫اختصار ‪246 ,245 ,146 ,145 ................‬‬
‫ا‬ ‫اختصاص حكمي ‪372 .............................‬‬
‫اشتراط الكتب ‪247 .................................‬‬
‫اشتراط لمصلحة الغير ‪350 .......................‬‬ ‫أ‬
‫أخالق ‪25 .............................................‬‬
‫إ‬
‫إشكاليّة ‪,192 ,185 ,182 ,171 ,169 ,168‬‬ ‫إ‬
‫‪,201 ,200 ,199 ,198 ,197 ,196‬‬
‫‪309 ,254 ,207 ,202‬‬ ‫إخوان الصّفا ‪154 ..................................‬‬

‫أ‬ ‫آ‬
‫أشكلة ‪193 ,192 ,173 ...........................‬‬ ‫آداب ‪156 ,7 ........................................‬‬
‫فِهرس املصطلحات واألعالم‬ ‫‪478‬‬

‫االشتراط لمصلحة الغير ‪355 ,350 .............‬‬ ‫إ‬


‫اإلعفاء الجزئي ‪435 ,424 .......................‬‬
‫اإلعفاء من المسؤوليّة ‪422 ......................‬‬ ‫إشهار ‪43 ............................................‬‬
‫األعمال الت ّحضيريّة ‪,356 ,352 ,348 ,347 .‬‬
‫‪434 ,399 ,360 ,359‬‬ ‫أ‬
‫األفعال الكالميّة ‪307 ...............................‬‬
‫الس يايس ‪253 ..................................‬‬ ‫أصول الفقه ‪,257 ,149 ,105 ,104 ,78 .....‬‬
‫الاقتصاد ّ‬
‫‪459 ,399 ,338 ,263‬‬
‫األلفاظ المشتركة ‪122 .............................‬‬
‫اإلنجاب االصطناعي ‪405 .........................‬‬
‫البدل ‪443 ,301 ,274 ,142 ....................‬‬ ‫إ‬
‫البطالن الجزئي ‪351 ...............................‬‬ ‫إطالة ‪144 ,126 ,105 ............................‬‬
‫البطالن المطلق ‪419 ,189 .......................‬‬
‫البطالن النّسبي ‪,348 ,347 ,338 ,189 ......‬‬
‫‪449 ,419‬‬ ‫أ‬
‫البلديّات ‪334 ,329 ................................‬‬ ‫أطروحة ‪,169 ,158 ,156 ,145 ,60 ,9 .....‬‬
‫طباعيّة‪367 ,332 ,311 ................‬‬ ‫البنية ال ّ‬ ‫‪,231 ,223 ,202 ,201 ,181 ,171‬‬
‫ّ‬
‫البنية الكليّة ‪308 ...................................‬‬ ‫‪414 ,333 ,323 ,309 ,240 ,233‬‬
‫البنية اللغويّة ‪367 ,332 ,312 ..................‬‬
‫البنية المنطقيّة ‪368 ,335 ,333 ,312 ........‬‬ ‫إ‬
‫الت ّاجر ‪331 ..........................................‬‬
‫الت ّأمين على الحياة ‪356 ,353 ,352 ...........‬‬ ‫إطالق ‪438 ...........................................‬‬
‫الت ّأمين على المسؤوليّة ‪353 .....................‬‬
‫الت ّجديد بتغيير المدين ‪354 ........................‬‬ ‫أ‬
‫الت ّجديد في سبك األلفاظ ‪127 .....................‬‬
‫ّحول القضائي ‪409 ,407 ......................‬‬ ‫الت ّ‬ ‫أعمال تحضيريّة ‪399 ..............................‬‬
‫الت ّحيّل ‪349 ..........................................‬‬
‫طي‪370 ,226 ,57 .................‬‬ ‫الت ّخطيط الخ ّ‬ ‫إ‬
‫الت ّخلّص‪,226 ,138 ,136 ,95 ,94 ,93 ,92‬‬
‫إغراء ‪142 ,25 .....................................‬‬
‫‪349 ,251 ,237‬‬
‫طي ‪81 ,57 ...........................‬‬ ‫الت ّرتيب الخ ّ‬
‫التزام ‪365 ,259 ,248 ...........................‬‬ ‫أ‬
‫التزامات ‪358 ,357 ,182 .......................‬‬ ‫أغراض النّصّ ‪370 ,368 ,335 ,333 ,312‬‬
‫الت ّضا ّم ‪,306 ,305 ,300 ,286 ,285 ,284 .‬‬ ‫أفالطون ‪162 ,66 ,64 ,1 ........................‬‬
‫‪308‬‬
‫الت ّضا ّم العقلي ‪305 ,300 .........................‬‬
‫الت ّضا ّم النّفسي ‪306 ,305 ,300 ................‬‬
‫إ‬
‫الت ّعريف ‪,221 ,185 ,180 ,131 ,64 ,29 ...‬‬ ‫إقالة ‪213 ,11 .......................................‬‬
‫‪,333 ,327 ,257 ,229 ,228 ,227‬‬
‫‪388‬‬ ‫ا‬
‫الت ّعريف الحقيقي ‪228 .............................‬‬
‫الت ّعريف المعجمي ‪228 ............................‬‬ ‫اقتصاد ‪7 ..............................................‬‬
‫الت ّعريفات ‪260 ,257 ,227 ,67 ................‬‬
‫الت ّعقيد اللفظ ّي‪125 .................................‬‬ ‫أ‬
‫الت ّعقيد المعنوي ‪144 ,126 .......................‬‬
‫الت ّعويض ‪,425 ,423 ,357 ,214 ,213 ,62‬‬ ‫أكاديمي‪156 ,61 ...................................‬‬
‫‪,433 ,430 ,429 ,428 ,427 ,426‬‬
‫‪440 ,439‬‬ ‫ا‬
‫الت ّغرير ‪,212 ,197 ,196 ,194 ,193 ,192‬‬
‫اإلحالة اإلشاريّة ‪304 ..............................‬‬
‫‪,447 ,446 ,252 ,251 ,250 ,245‬‬
‫االحتجاج بالبطالن‪348 ............................‬‬
‫‪449 ,448‬‬
‫االختصاص الت ّرابي ‪372 ..........................‬‬
‫الت ّغريض ‪308 ,289 ,288 ,287 ...............‬‬
‫االختصاص الحكمي ‪373 ,372 ..................‬‬
‫الت ّفصيل ‪,291 ,238 ,188 ,173 ,131 ,2 ...‬‬
‫اإلرادة االستعماليّة ‪303 ,268 ...................‬‬
‫‪383 ,308‬‬
‫اإلرادة الج ّديّة ‪303 ,268 .........................‬‬
‫الت ّفويت ‪417 ,369 ,366 ,348 ................‬‬
‫األسلوب العلمي‪136 ,133 .......................‬‬
‫‪479‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫الدّعوى المدنيّة ‪426 ...............................‬‬ ‫الت ّقديم والت ّأخير ‪125 ...............................‬‬
‫الدّفع بالبطالن ‪346 ................................‬‬ ‫الت ّكرير ‪308 ,305 ,286 ,284 .................‬‬
‫الدّكتورا ‪171 ,158 ,10 ,9 ......................‬‬ ‫الت ّمشّي الت ّزامني ‪83 ...............................‬‬
‫الدّاللة ‪,257 ,164 ,149 ,126 ,125 ,79 ...‬‬ ‫الت ّمشّي الت ّصنيفي ‪83 ..............................‬‬
‫‪,360 ,347 ,286 ,272 ,269 ,265‬‬ ‫الت ّمشّي الت ّعارضي ‪83 ..............................‬‬
‫‪459‬‬ ‫الت ّمشّي الجدلي‪83 ..................................‬‬
‫الدّاللة الت ّصديقيّة ‪269 .............................‬‬ ‫الت ّمشّي ال ّزمني ‪83 .................................‬‬
‫الدّاللة الت ّصوريّة ‪269 .............................‬‬ ‫الت ّمشّي المباعّد ‪83 .................................‬‬
‫الدّاللة المعجميّة ‪164 ..............................‬‬ ‫المقارب ‪83 ................................‬‬
‫ّ‬ ‫الت ّمشّي‬
‫الدّوائر المجتمعة ‪,421 ,409 ,408 ,374 ....‬‬ ‫الت ّناص ‪298 ,297 .................................‬‬
‫‪,434 ,430 ,429 ,428 ,426 ,423‬‬ ‫الت ّنفيذ الجزئي‪347 .................................‬‬
‫‪440 ,439 ,438 ,435‬‬ ‫الت ّنقيط ‪142 ,141 ..................................‬‬
‫الدّولة االت ّحاديّة ‪173 ..............................‬‬ ‫الت ّواصل ‪,276 ,274 ,261 ,49 ,25 ,15 ,4 .‬‬
‫الرازي ‪459 ,455 ,301 ,136 .................‬‬ ‫ّ‬ ‫‪292‬‬
‫الرأسماليّة ‪250 ,247 ,118 .....................‬‬ ‫ّ‬ ‫الثّمن‪419 ,363 ,349 ,249 ,248 ............‬‬
‫الرسم العقاري ‪416 ................................‬‬ ‫ّ‬ ‫الجاحظ ‪455 ,154 ,144 ,131 ,12 ,11 .....‬‬
‫الروابط الشّكليّة ‪312 ,269 ,262 ..............‬‬ ‫ّ‬ ‫الجامعة ‪,157 ,130 ,44 ,42 ,41 ,31 ,1 ....‬‬
‫الروابط المنطقيّة ‪323 ,322 ,138 ,93 .......‬‬ ‫ّ‬ ‫‪453 ,441 ,401 ,309 ,261 ,158‬‬
‫الزركشي ‪455 ,148 ,147 ,103 ...............‬‬ ‫ّ‬ ‫الجرجاني ‪455 ,300 ,130 ,124 ,123 ......‬‬
‫الزواج‪,181 ,101 ,100 ,70 ,69 ,68 .......‬‬ ‫ّ‬ ‫الجزائي يوقف المدني ‪438 .......................‬‬
‫‪212 ,186‬‬ ‫الجمل االعتراضيّة ‪142 ,126 ...................‬‬
‫الزوجة ‪411 ,213 ,69 ...........................‬‬ ‫ّ‬ ‫الجملة الخبريّة ‪378 ,268 ,207 ................‬‬
‫سابقة القضائيّة ‪404 .............................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الجنس البعيد ‪227 ..................................‬‬
‫سرد ‪257 ,130 ...................................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الجنس القريب ‪227 ................................‬‬
‫سرقة ‪405 ,298 ,113 .........................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الح ّد األصغر ‪381 ,380 ,379 ,378 ,377 ...‬‬
‫سالمة من الت ّعقيد ‪125 ..........................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الح ّد األكبر ‪380 ,378 ,377 .....................‬‬
‫سالمة من الغرابة ‪122 ..........................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الح ّد األوسط ‪,381 ,380 ,379 ,378 ,377 ..‬‬
‫سمع ‪123 ............‬‬‫سالمة من الكراهة في ال ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫‪,393 ,391 ,390 ,389 ,384 ,382‬‬
‫سالمة من تتابع اإلضافات ‪127 ................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫‪394‬‬
‫سالمة من تنافر الحروف ‪123 .................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الحذف ‪,283 ,282 ,142 ,131 ,125 ,116 .‬‬
‫سالمة من تنافر الكلمات مجتمعة ‪124 ........‬‬ ‫ال ّ‬ ‫‪307‬‬
‫سالمة من ضعف الت ّأليف ‪125 .................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الحريّة ‪,188 ,187 ,186 ,181 ,90 ,85 .....‬‬ ‫ّ‬
‫سالمة من عدم ال ّدقّة‪122 .......................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫‪250 ,249‬‬
‫سالمة من كثرة الت ّكرار ‪127 ...................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الحريري ‪154 .......................................‬‬
‫سالمة من مخالفة القياس ‪123 ................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الحقوق العينيّة ‪369 ,366 ........................‬‬
‫سلخ ‪398 ,318 ,275 ...........................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الحكم الجزائي ‪,431 ,430 ,426 ,423 ,422‬‬
‫سلطة العدليّة ‪411 ,408 ,371 ................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫‪437‬‬
‫الحكم النّهائي ‪425 ,415 .........................‬‬
‫أ‬ ‫الخاتمة الصّغيرة‪237 ..............................‬‬
‫الخبير ‪428 ,418 ,417 ..........................‬‬
‫ألسنيّة ‪257 ,256 ..................................‬‬ ‫ط الواضح‪147 ,144 ..........................‬‬ ‫الخ ّ‬
‫ألسنيّة النّص ‪257 ,256 ..........................‬‬ ‫الخطأ الجزائي ‪426 ,425 ........................‬‬
‫الخطأ الشّخص ‪439 ,435 ,431 ,428 ........‬‬
‫ا‬ ‫الخطأ المدني ‪430 ,426 ,425 ..................‬‬
‫الخطاب الت ّفسيري ‪153 ............................‬‬
‫سهل الممتنع ‪127 ................................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الخطاب الحّ جاجي ‪153 ,25 ......................‬‬
‫سؤال المقدّر ‪306 ................................‬‬‫ال ّ‬ ‫الخطاب العلمي ‪176 ,134 ,133 ................‬‬
‫سياسة الت ّشريعيّة ‪335 ..........................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الخطاب الوصفي ‪153 .............................‬‬
‫سيناريوهات البيداغوجيّة ‪15 ...................‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الخطابة‪458 ,137 ,136 ,59 ,30 ,8 .........‬‬
‫الشّخص المعنوي ‪161 ............................‬‬
‫الدّا ّل ‪263 ............................................‬‬
‫الشّرط الجزائي ‪214 ,213 .......................‬‬ ‫الدّائرة الت ّجاريّة ‪373 ...............................‬‬
‫الشرطة ‪142 ........................................‬‬ ‫الدّائن ‪357 ,354 ,213 ...........................‬‬
‫الشّعر ‪267 ,257 ,30 .............................‬‬ ‫الدّعاوى الحوزيّة ‪373 ............................‬‬
‫الشّفعة ‪248 ,173 .................................‬‬ ‫الدّعوى العموميّة ‪438 ,425 ....................‬‬
‫األول من القياس ‪26 .......................‬‬‫الشّكل ّ‬
‫فِهرس املصطلحات واألعالم‬ ‫‪480‬‬

‫الفاصل ‪143 ,141 .................................‬‬ ‫الشّكل المدرسي‪34 .................................‬‬


‫الفائدة العمليّة ‪225 ,221 ,203 .................‬‬ ‫الشّهادة‪248 .........................................‬‬
‫الفائدة النّظريّة ‪225 ,221 ,203 ................‬‬ ‫الشّيوع ‪214 .........................................‬‬
‫الفردانيّة ‪334 ,190 ...............................‬‬ ‫الصّفة ‪299 ,130 ,33 ............................‬‬
‫الفعل االجنازي ‪259 ......................................‬‬ ‫الصّيغ اإلنشائيّة ‪368 ,333 ,137 ..............‬‬
‫الفعل القولي‪259 ...................................‬‬ ‫الضّرر المادّي ‪429 ,425 ,213 .................‬‬
‫الفعل المضارع ‪164 ...............................‬‬ ‫الضّرر المعنوي‪429 ...............................‬‬
‫الفقه ‪,263 ,257 ,149 ,105 ,104 ,79 ,78‬‬ ‫الضمان االجتماعي ‪373 ...........................‬‬
‫‪,398 ,375 ,374 ,342 ,341 ,338‬‬ ‫الضّمائر ‪303 ,284 ,282 ,266 ................‬‬
‫‪459 ,403 ,399‬‬ ‫الضّمير ‪,303 ,302 ,261 ,134 ,125 ,4 ....‬‬
‫الفكرة العا ّمة ‪327 ,183 ,170 ........................‬‬ ‫‪304‬‬
‫الفكرة المركزيّة ‪237 ,231 ,207 ,201 ......‬‬ ‫ب ‪297 ............................................‬‬‫ط ّ‬ ‫ال ّ‬
‫القارئ ‪,82 ,51 ,50 ,48 ,42 ,24 ,13 ,1 ...‬‬ ‫طبيعة القانونيّة ‪184 ,70 .......................‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪,134 ,122 ,107 ,106 ,103 ,94 ,83‬‬ ‫طالق ‪302 ,213 ,190 ,186 ..................‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪,205 ,204 ,203 ,141 ,138 ,135‬‬ ‫ظلم ‪264 ............................................‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪,235 ,231 ,230 ,226 ,224 ,222‬‬ ‫العا ّميّة ‪123 ..........................................‬‬
‫‪,289 ,276 ,272 ,261 ,241 ,236‬‬ ‫العدالة ‪250 ,249 ,190 ,186 ..................‬‬
‫‪,326 ,325 ,298 ,296 ,295 ,290‬‬ ‫العدالة الت ّعاقديّة ‪250 ,249 ,190 ...............‬‬
‫‪456 ,414 ,344‬‬ ‫العرف ‪,71 ,63 ,62 ,61 ,60 ,59 ,58 ,24 .‬‬
‫القاضي ‪,395 ,394 ,286 ,161 ,69 ,25 ....‬‬ ‫‪397 ,371 ,204 ,138 ,117 ,80 ,77‬‬
‫‪,431 ,424 ,423 ,415 ,405 ,396‬‬ ‫العسكري‪455 ,150 ,127 ,126 ,125 ,121‬‬
‫‪438 ,437‬‬ ‫العطف ‪,192 ,188 ,187 ,172 ,131 ,130 .‬‬
‫القاعدة القانونيّة ‪,403 ,395 ,392 ,161 ....‬‬ ‫‪,306 ,305 ,302 ,301 ,300 ,299‬‬
‫‪443‬‬ ‫‪307‬‬
‫القانون الجزائي ‪182 ,130 ......................‬‬ ‫الرسمي ‪363 .................................‬‬ ‫العقد ّ‬
‫القانون الخاص ‪182 ...............................‬‬ ‫العالقة ‪,187 ,181 ,141 ,116 ,92 ,77 .....‬‬
‫القانون الدّولي الخاصّ ‪246 ......................‬‬ ‫‪,305 ,285 ,284 ,282 ,191 ,188‬‬
‫الروماني ‪253 .............................‬‬‫القانون ّ‬ ‫‪,438 ,437 ,434 ,433 ,424 ,357‬‬
‫القانون الصّرفي ‪123 ..............................‬‬ ‫‪439‬‬
‫طبيعي ‪197 ,194 ,192 ..............‬‬ ‫القانون ال ّ‬ ‫العلّة الغائيّة ‪358 ,346 ,345 ...................‬‬
‫القانون العا ّم ‪,356 ,331 ,214 ,188 ,182 .‬‬ ‫العلوم ال ّ‬
‫طبيعيّة ‪26 ..................................‬‬
‫‪453‬‬ ‫العلوم القانونيّة ‪,241 ,198 ,160 ,156 ......‬‬
‫القانون العدلي الخاصّ ‪371 ,253 ..............‬‬ ‫‪457 ,453‬‬
‫القانون الفرنسي ‪399 ,51 .......................‬‬ ‫العمل اإلداري ‪182 .................................‬‬
‫القانون المدني ‪,246 ,213 ,145 ,58 ,41 ...‬‬ ‫العمل الت ّحضيري ‪227 ,218 .....................‬‬
‫‪356 ,346‬‬ ‫العمل القانوني ‪,347 ,250 ,248 ,247 ,246‬‬
‫القانون المدني المصري ‪356 ....................‬‬ ‫‪359 ,348‬‬
‫القانون المقارن ‪,240 ,226 ,224 ,223 .....‬‬ ‫العموم ‪,302 ,205 ,194 ,129 ,61 ,43 .....‬‬
‫‪327‬‬ ‫‪348 ,347 ,308 ,305 ,303‬‬
‫القانون الوضعي‪,225 ,197 ,194 ,192 .....‬‬ ‫الغبن ‪450 ,449 ,448 ............................‬‬
‫‪333‬‬ ‫الغرامة الت ّهديديّة ‪213 .............................‬‬
‫القتل على وجه الخطأ ‪429 .......................‬‬ ‫الغلط‪,182 ,181 ,175 ,173 ,118 ,85 ,70‬‬
‫القدّيس بازيل ‪330 .................................‬‬ ‫‪,197 ,196 ,194 ,192 ,186 ,183‬‬
‫القدّيس توماس ‪330 ...............................‬‬ ‫‪,230 ,228 ,224 ,215 ,207 ,198‬‬
‫القراء ‪137 ,129 ,103 ,42 ,34‬‬ ‫‪,346 ,337 ,252 ,251 ,250 ,245‬‬
‫ّ‬
‫‪,421 ,419 ,418 ,417 ,416 ,348‬‬
‫القرارات المبدئيّة ‪408 ............................‬‬
‫‪457 ,448 ,447 ,442‬‬
‫سكنيّة ‪350 .............................‬‬
‫القروض ال ّ‬
‫القزويني ‪456 ,131 ,125 ,122 ,121 ,115‬‬ ‫الغلط المادّي ‪421 ,418 ...........................‬‬
‫الغلط المانع ‪419 ,417 ............................‬‬
‫القسمة ‪,332 ,119 ,95 ,86 ,80 ,68 ,67 ..‬‬
‫للرضا ‪417 ..........................‬‬‫الغلط المفسد ّ‬
‫‪418 ,380 ,369 ,366‬‬
‫الغلط في الثّمن ‪419 ................................‬‬
‫القضاء ‪,230 ,222 ,214 ,213 ,195 ,40 ..‬‬
‫الغلط في الحساب ‪421 .............................‬‬
‫‪,371 ,365 ,354 ,353 ,342 ,341‬‬
‫‪,398 ,396 ,395 ,375 ,374 ,372‬‬ ‫الغلط في النّوع ‪419 ................................‬‬
‫الغلط في طبيعة العقد ‪419 ........................‬‬
‫‪,423 ,410 ,409 ,407 ,406 ,404‬‬
‫‪481‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫المسح اإلجباري ‪417 ,416 ......................‬‬ ‫‪,438 ,437 ,431 ,430 ,425 ,424‬‬
‫المسودة‪221 ,218 ,168 ........................‬‬ ‫ّ‬ ‫‪457 ,450 ,443‬‬
‫المسؤوليّة الت ّعاقديّة ‪214 .........................‬‬ ‫القضاء الخاصّ ‪371 ...............................‬‬
‫المسؤوليّة الت ّقصيريّة ‪439 ,438 ,435 .......‬‬ ‫القضاء العدلي ‪372 ................................‬‬
‫المسؤوليّة الجزائيّة ‪437 ,431 ..................‬‬ ‫القواعد القانونيّة العا ّمة ‪358 .....................‬‬
‫المسؤوليّة الشّخصيّة ‪369 ........................‬‬ ‫القياس االقتراني ‪389 ,376 ......................‬‬
‫المسؤوليّة الشّيئيّة ‪,433 ,431 ,428 ,423 ..‬‬ ‫القياس الجزمي ‪376 ................................‬‬
‫‪439 ,438 ,435‬‬ ‫القياس الحملي ‪,379 ,376 ,375 ,248 .......‬‬
‫المسؤوليّة العقديّة ‪440 ,439 ,429 ...........‬‬ ‫‪444 ,410 ,404 ,388‬‬
‫المسؤوليّة المدنيّة ‪437 ,431 ...................‬‬ ‫القياس العكسي ‪351 ...............................‬‬
‫المسؤوليّة عن الخطأ الشّخصي ‪,431 ,428 ..‬‬ ‫الكتاب المقدّس ‪165 ................................‬‬
‫‪439 ,435‬‬ ‫الكتب الت ّعليميّة ‪129 ................................‬‬
‫المسؤوليّة عن الفعل الشّخصي ‪439 ,438 ....‬‬ ‫الكتب الت ّكميلي ‪416 ................................‬‬
‫المسؤوليّة عن حفظ الشّيء ‪439 ,429 ........‬‬ ‫الكلمات المهجورة ‪128 ............................‬‬
‫المسؤوليّة عن فعل األشياء ‪215 ................‬‬ ‫الكناية ‪116 ..........................................‬‬
‫المسؤوليّة عن فعل الشّيء ‪406 .................‬‬ ‫الما ّديّة الت ّاريخيّة ‪31 ...............................‬‬
‫المشترط ‪,355 ,354 ,353 ,352 ,351 ......‬‬ ‫المتكلّّم ‪291 ,290 ,282 ,262 ,8 ..............‬‬
‫‪358 ,357 ,356‬‬ ‫المثلّث الدّاللي ‪163 .................................‬‬
‫المشرع ‪,367 ,353 ,352 ,342 ,333 ,252‬‬ ‫ّ‬ ‫المجاز ‪116 ,44 ,43 ..............................‬‬
‫‪436 ,435 ,431 ,430 ,395 ,370‬‬ ‫المجتمع‪,264 ,225 ,203 ,164 ,154 ,137‬‬
‫المشكل القانوني ‪,414 ,412 ,405 ,221 .....‬‬ ‫‪292 ,273 ,272‬‬
‫‪446 ,445 ,444 ,443 ,442‬‬ ‫المجلّة الجزائيّة ‪437 ...............................‬‬
‫المصلحة الخاصّة ‪183 ............................‬‬ ‫المجلّة المدنيّة ‪,356 ,346 ,334 ,333 ,330‬‬
‫المصلحة العا ّمة ‪332 ,331 ......................‬‬ ‫‪406 ,368‬‬
‫المعرفة الخلفيّة‪308 ,296 ,295 ,290 ,289‬‬ ‫المحاكم اإلداريّة ‪371 ..............................‬‬
‫المعنى االسمي ‪264 ,263 ........................‬‬ ‫المحاكم ذات االختصاص الحكمي العا ّم ‪372 ...‬‬
‫المعنى الحرفي ‪264 ,263 ........................‬‬ ‫المحاكم ذات االختصاص الحكمي المقيّد ‪373 .‬‬
‫المعنى الصّريح ‪359 ...............................‬‬ ‫سنات المعنويّة ‪114 ..........................‬‬ ‫المح ّ‬
‫ظاهر ‪361 ,359 ........................‬‬ ‫المعنى ال ّ‬ ‫المحكمة ‪,374 ,373 ,372 ,347 ,342 ,42 .‬‬
‫المعنى العرفي الخاصّ ‪133 ......................‬‬ ‫‪,404 ,402 ,401 ,400 ,398 ,395‬‬
‫المفعول الت ّعليقي ‪373 .............................‬‬ ‫‪,411 ,409 ,408 ,407 ,406 ,405‬‬
‫المفعول المتأ ّخر ‪125 ..............................‬‬ ‫‪,417 ,416 ,415 ,414 ,413 ,412‬‬
‫المقارنة ‪,282 ,189 ,188 ,187 ,115 ,92 .‬‬ ‫‪,423 ,422 ,421 ,420 ,419 ,418‬‬
‫‪307 ,284‬‬ ‫‪,430 ,429 ,427 ,426 ,425 ,424‬‬
‫المقاصد ‪360 ........................................‬‬ ‫‪,441 ,439 ,436 ,435 ,434 ,432‬‬
‫المقالة االجتماعيّة ‪154 ...........................‬‬ ‫‪450 ,448 ,442‬‬
‫المقالة األدبيّة ‪,155 ,154 ,80 ,63 ,51 ......‬‬ ‫المحكمة االبتدائيّة ‪,427 ,425 ,422 ,373 ...‬‬
‫‪459 ,454‬‬ ‫‪429‬‬
‫المقالة الت ّاريخيّة ‪155 .............................‬‬ ‫المحكمة األوروبيّة لحقوق اإلنسان ‪342 .......‬‬
‫المقالة الت ّأ ّمليّة ‪155 ................................‬‬ ‫المحكمة الجناحيّة ‪422 ............................‬‬
‫المقالة الذّاتيّة ‪155 ,154 .........................‬‬ ‫طب ‪290 ,262 ,66 ,50 ,48 ,4 .........‬‬ ‫المخا َ‬
‫المقالة الذّاتيّة‪ /‬الموضوعيّة ‪155 ,154 ........‬‬ ‫طط الصّغير ‪234 ..............................‬‬ ‫المخ ّ‬
‫المقالة الشّخصيّة ‪154 .............................‬‬ ‫ططات النّموذجيّة‪212 ........................‬‬ ‫المخ ّ‬
‫المقالة الفلسفيّة ‪158 ,155 ......................‬‬ ‫المدلول ‪269 ,268 ,263 ,136 .................‬‬
‫المقالة الموضوعيّة ‪,157 ,156 ,155 ,154 .‬‬ ‫المدلول الت ّصديقي ‪269 ............................‬‬
‫‪158‬‬ ‫ّصوري ‪269 ............................‬‬ ‫المدلول الت ّ‬
‫المقالة النّقديّة ‪155 ................................‬‬ ‫المدين ‪358 ,354 ,213 ..........................‬‬
‫المقالة الوصفيّة ‪154 ..............................‬‬ ‫المساواة في القانون المدني ‪213 ................‬‬
‫المقالة في علم االجتماع ‪155 ....................‬‬ ‫المستوى التّداولي ‪308 ,306 ,289 ,131 .....‬‬
‫المقدّمة الصّغرى ‪,379 ,378 ,377 ,376 ....‬‬ ‫المستوى الدّاللي‪,306 ,305 ,289 ,286 .....‬‬
‫‪,404 ,403 ,395 ,394 ,393 ,392‬‬ ‫‪308‬‬
‫‪410‬‬ ‫المستوى المعجمي ‪311 ,308 ,304 ,284 ...‬‬
‫املقدّمة الكربى ‪,393 ,392 ,382 ,376 ,249 ,34‬‬ ‫المستوى النّحوي ‪,299 ,284 ,282 ,280 ....‬‬
‫‪410 ,404 ,398 ,395 ,394‬‬ ‫‪307 ,305‬‬
‫فِهرس املصطلحات واألعالم‬ ‫‪482‬‬

‫إ‬ ‫الملكيّة العقّاريّة ‪363 ,331 .......................‬‬


‫المنطق العام‪,41 ,32 ,31 ,30 ,27 ,26 ......‬‬
‫إنشاء‪,311 ,295 ,287 ,277 ,123 ,122 ...‬‬ ‫‪339‬‬
‫‪454 ,401 ,369 ,366 ,332 ,313‬‬ ‫الموانع المؤبّدة ‪101 ...............................‬‬
‫إنشائيّة ‪307 ,154 .................................‬‬ ‫الموانع المؤقّتة ‪101 ...............................‬‬
‫الموصوف ‪299 ,130 .............................‬‬
‫أ‬ ‫الموضعة ‪367 ,331 ,310 .......................‬‬
‫النّحو ‪,78 ,73 ,42 ,41 ,33 ,31 ,16 ,8 ,7‬‬
‫أنطوان أرنولد ‪,86 ,82 ,81 ,80 ,71 ,1 ......‬‬ ‫‪,154 ,128 ,127 ,125 ,103 ,96 ,90‬‬
‫‪455 ,391 ,117‬‬ ‫‪,239 ,226 ,219 ,218 ,192 ,190‬‬
‫أنطوان كومپانيون ‪,277 ,132 ,109 ,14 .....‬‬ ‫‪,329 ,322 ,307 ,290 ,287 ,257‬‬
‫‪310 ,296 ,293 ,292‬‬ ‫‪,448 ,446 ,417 ,393 ,372 ,363‬‬
‫أهليّة‪355 ............................................‬‬ ‫‪459‬‬
‫أهليّة األداء ‪355 ....................................‬‬ ‫النّحو العربي ‪257 ..................................‬‬
‫أهليّة الوجوب‪355 .................................‬‬ ‫النّزاهة ‪250 ,44 ...................................‬‬
‫النّظام العا ّم ‪354 ....................................‬‬
‫إ‬ ‫النّظام القانوني ‪215 ,184 ,161 ,35 ..........‬‬
‫النّظام القضائي ‪395 ...............................‬‬
‫إيحاء‪228 ............................................‬‬
‫النّقد األدبي ‪460 ,291 ............................‬‬
‫امييل ڤارسون ‪59 .........................................‬‬
‫النّقطة والفاصل ‪142 ...............................‬‬
‫الهمذاني ‪154 .......................................‬‬
‫ب‬ ‫الواقعة القانونيّة ‪246 ,85 ........................‬‬
‫باشالر ‪176 ..........................................‬‬ ‫الوصل ‪,305 ,301 ,284 ,283 ,131 ,130 .‬‬
‫بالتيمور ‪132 ........................................‬‬ ‫‪307‬‬
‫بالزاك ‪109 ,105 ,104 ..........................‬‬ ‫الوفاء الجزئي ‪347 .................................‬‬
‫برامج الت ّعليم ‪16 ....................................‬‬ ‫الوفاء الكلّي ‪347 ...................................‬‬
‫برهنة‪408 ,333 ,325 ,171 ,168 ...........‬‬ ‫الوفاء مع الحلول ‪354 .............................‬‬
‫بطالن‪450 ,347 ,346 ,340 ,213 ,183 ...‬‬ ‫الوقف الت ّا ّم ‪142 ....................................‬‬
‫بند تحديد المسؤوليّة ‪214 ,213 ................‬‬ ‫الوقف النّاقص ‪141 ................................‬‬
‫بند تعاقدي ‪213 .....................................‬‬
‫بنية النّص ‪,340 ,332 ,323 ,322 ,311 .....‬‬ ‫آ‬
‫‪367‬‬
‫آليس ‪,281 ,209 ,208 ,123 ,104 ,74 .....‬‬
‫بنية النّصّ ‪367 ,332 ,322 ,311 .............‬‬ ‫‪282‬‬
‫بنية نحويّة ‪374 ....................................‬‬
‫بودلير ‪320 ,164 ..................................‬‬
‫بورديو ‪176 ,61 ...................................‬‬ ‫ا‬
‫بيار بورديو ‪176 ...................................‬‬ ‫امتحان ‪,147 ,85 ,13 ,12 ,11 ,10 ,8 ......‬‬
‫بيع ‪331 ,142‬‬ ‫‪,219 ,198 ,184 ,161 ,156 ,148‬‬
‫بيلي‪113 ,108 .....................................‬‬ ‫‪276‬‬
‫بينيشو ‪165 ..........................................‬‬ ‫انتحال ‪108 ..........................................‬‬
‫بيير نيكول ‪86 ,82 ,81 ,80 ,1 .................‬‬
‫أ‬
‫پ‬
‫أندريه – جاك ديشين ‪,126 ,49 ,20 ,19 ......‬‬
‫پاسكال ‪205 ,144 ,134 ,126 ,116 ,108 .‬‬ ‫‪,317 ,298 ,295 ,289 ,277 ,135‬‬
‫پروست ‪165 ........................................‬‬ ‫‪453 ,443‬‬
‫پالنيول ‪60 ...........................................‬‬
‫پو ‪320‬‬
‫پيار بورديو ‪176 ,61 .............................‬‬
‫ا‬
‫پيار پيسكاتور ‪376 .................................‬‬ ‫انسجام ‪459 ,293 ,266 ,257 ,103 ,4 .....‬‬
‫پيار لورا ‪362 ,329 ,310 ,308 ...............‬‬
‫‪483‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫تناقض ‪,349 ,325 ,231 ,181 ,130 ,33 ..‬‬ ‫ت‬


‫‪438‬‬
‫تنصيص ‪,259 ,258 ,230 ,133 ,58 ,25 ..‬‬ ‫تأخير ‪344 ,287 ...................................‬‬
‫‪421 ,420 ,293 ,278 ,260‬‬ ‫تاريخ ‪,160 ,154 ,145 ,103 ,61 ,32 ......‬‬
‫تنفيذ العقد ‪214 ,213 .............................‬‬ ‫‪,340 ,330 ,270 ,253 ,205 ,165‬‬
‫تواضع ‪134 .........................................‬‬ ‫‪,414 ,411 ,365 ,354 ,353 ,345‬‬
‫‪449 ,416‬‬
‫تأمين على الحياة ‪353 ,350 .....................‬‬
‫ث‬ ‫تأويل ‪,246 ,187 ,164 ,103 ,35 ,19 .......‬‬
‫ثمن ‪333 ,330 .....................................‬‬ ‫‪,287 ,286 ,270 ,266 ,259 ,253‬‬
‫‪,394 ,358 ,340 ,311 ,310 ,294‬‬
‫ج‬ ‫‪,408 ,405 ,403 ,398 ,396 ,395‬‬
‫‪443 ,436 ,431 ,418‬‬
‫جاك دريدا ‪227 ,205 .............................‬‬ ‫تبرع ‪357 ,352 ,350 ,349 ....................‬‬ ‫ّ‬
‫جبائي‪333 ,330 ...................................‬‬ ‫تجاور‪370 ,101 ,100 ...........................‬‬
‫جدل ‪293 ,34‬‬ ‫تجزئة المسؤوليّة ‪435 ,423 ....................‬‬
‫ج ّديّة ‪366 ,270 ,181 ,129 ,116 ,71 ......‬‬ ‫تحديد بالشّرط ‪356 .................................‬‬
‫جريدة ‪331 ,329 ,109 ..........................‬‬ ‫تحديد باللقب ‪359 ,347 ..........................‬‬
‫جمال عبد النّاصر ‪107 ............................‬‬ ‫تحريف العقد ‪361 ..................................‬‬
‫جمع المتماثالت ‪,77 ,76 ,70 ,58 ,57 ,53 .‬‬ ‫تحليل الخطاب ‪458 ,257 ,5 .....................‬‬
‫‪95 ,91‬‬ ‫تحليل قرار ‪398 .....................................‬‬
‫جملة إنشائيّة‪307 ..................................‬‬ ‫تحول قضائي ‪409 ..................................‬‬ ‫ّ‬
‫جملة خبريّة ‪307 ,199 ,192 ,191 ,172 ...‬‬ ‫تخصيص باللقب ‪353 ,352 ......................‬‬
‫جهالة‪417 ...........................................‬‬ ‫تخصيص بالوصف ‪352 ,351 ...................‬‬
‫جهل ‪144 ............................................‬‬ ‫خطي ‪335 ,60 ............................‬‬ ‫تخطيط ّ‬
‫جوپرسون ‪73 .......................................‬‬ ‫تداولي ‪307 ,276 ..................................‬‬
‫جوستنيان ‪330 .....................................‬‬ ‫تداوليّة ‪,306 ,305 ,303 ,300 ,273 ,132 .‬‬
‫جون ‪ -‬پول جيللي ‪,334 ,333 ,331 ,329 ...‬‬ ‫‪457 ,456 ,311‬‬
‫‪335‬‬ ‫ترابط ‪340 ,293 ,260 ,95 .....................‬‬
‫جون‪ -‬پيار ڤريدال ‪212 ............................‬‬ ‫تسرع ‪144 ...........................................‬‬ ‫ّ‬
‫جون ستيوارت ميل ‪391 ,189 ,71 ,69 ......‬‬ ‫تصديق ‪28 ...........................................‬‬
‫جون‪-‬لويس سوريو ‪362 ,329 ,310 ,308 .‬‬ ‫تضا ّم ‪286 ............................................‬‬
‫جوهر ‪,97 ,78 ,63 ,62 ,58 ,52 ,48 ,47 .‬‬ ‫تعريف ‪,172 ,168 ,155 ,67 ,56 ,29 ,24 .‬‬
‫‪,203 ,200 ,183 ,170 ,155 ,121‬‬ ‫‪,207 ,197 ,188 ,185 ,181 ,177‬‬
‫‪,343 ,328 ,325 ,322 ,270 ,228‬‬ ‫‪,229 ,228 ,227 ,226 ,225 ,221‬‬
‫‪444 ,417 ,401 ,344‬‬ ‫‪,260 ,259 ,257 ,250 ,247 ,246‬‬
‫جيرار جينات ‪132 ,109 .........................‬‬ ‫‪335 ,333 ,331 ,268‬‬
‫جيل ڤوبو ‪,253 ,226 ,212 ,188 ,160 ,60‬‬ ‫تعريف القانون من حيثيّة غاياته ‪185 ,177 ..‬‬
‫‪339 ,254‬‬ ‫تعريف بالت ّشبيه ‪228 ...............................‬‬
‫ٌ‬
‫بالرسم ‪227 .....................‬‬
‫تعريف بالح ّد أو ّ‬ ‫ٌ‬
‫ح‬ ‫تعريف بالمثال ‪228 ................................‬‬ ‫ٌ‬
‫تعريف بالمرادف ‪228 .............................‬‬ ‫ٌ‬
‫حادث المرور ‪405 .................................‬‬ ‫تعقيب ‪426 ,374 ...................................‬‬
‫حادث طريق ‪439 ,428 ...........................‬‬ ‫تعليم اإلنتاج ‪15 .....................................‬‬
‫حّ جاج‪33 ,25 .......................................‬‬ ‫تغرير ‪448 ,446 ,251 ...........................‬‬
‫سلطة ‪,341 ,62 ,51 ,45 ,42 ,40 ...‬‬ ‫حجّة ال ّ‬ ‫تقادم ‪349 ............................................‬‬
‫‪443 ,398‬‬ ‫تقدمي ‪,125 ,89 ,86 ,74 ,57 ,53 ,14 ,13‬‬
‫حجّة عادلة ‪416 ....................................‬‬
‫‪,224 ,205 ,188 ,173 ,170 ,153‬‬
‫ح ّجيّة ‪438 ,437 ,423 ,358 ,79 .............‬‬
‫‪,345 ,344 ,329 ,327 ,287 ,226‬‬
‫ح ّجيّة الجزائي على المدني ‪438 ,437 .........‬‬
‫‪,418 ,414 ,360 ,358 ,350 ,346‬‬
‫ح ّجيّة المدني على المدني ‪438 ..................‬‬
‫‪446 ,443 ,432‬‬
‫حذف ‪,286 ,282 ,205 ,146 ,142 ,34 ......‬‬
‫تقنية اإلحالة ‪374 ...................................‬‬
‫‪415 ,374 ,306‬‬ ‫تقييد ‪437 ,295 ,281 ,147 ....................‬‬
‫حريّة ‪,248 ,247 ,215 ,109 ,44 ,10 ......‬‬ ‫ّ‬ ‫تكرار ‪266 ,239 ,238 ,125 ,93 .............‬‬
‫‪439 ,438 ,431 ,370 ,249‬‬
‫فِهرس املصطلحات واألعالم‬ ‫‪484‬‬

‫رواية ‪258 ,133 ,132 ...........................‬‬ ‫حسن الت ّخلّص ‪226 ,136 ........................‬‬
‫روجيه ماندغريز ‪375 .............................‬‬ ‫حسن النّيّة ‪215 .....................................‬‬
‫سو ‪330 ,249 ..................................‬‬ ‫رو ّ‬ ‫حفظ الشّيء ‪439 ,435 ,431 ,429 ...........‬‬
‫روالن بارت ‪297 ,280 ,262 ,257 ...........‬‬ ‫حقّ األولويّة ‪248 ...................................‬‬
‫رياضيّات‪16 .........................................‬‬ ‫حقّ البناء ‪334 ,330 ..............................‬‬
‫رياضيّة ‪320 ........................................‬‬ ‫حقّ الصّيد ‪213 .....................................‬‬
‫ريپار ‪60 .............................................‬‬ ‫حقّ الملكيّة ‪,334 ,333 ,331 ,330 ,329 ...‬‬
‫‪335‬‬
‫س‬ ‫حقّ شخصي ‪213 ...................................‬‬
‫حقّ عيني ‪213 ......................................‬‬
‫سارتر ‪165 ..........................................‬‬ ‫حقوق اإلنسان ‪330 ................................‬‬
‫سببيّة ‪325 ,284 ...................................‬‬ ‫حقوق عينيّة‪366 ....................................‬‬
‫س پينوزا ‪60 .............................................‬‬ ‫طرقات ‪353 ,342 ......................‬‬ ‫حوادث ال ّ‬
‫سرقة ‪108 ...........................................‬‬ ‫ق‪354 ....................................‬‬‫حوالة الح ّ‬
‫ّ‬
‫سرقة أدبيّة ‪108 .....................................‬‬ ‫حوالة الدّين ‪354 ...................................‬‬ ‫ّ‬
‫سقراط ‪66 ,65 ,64 ................................‬‬ ‫حوز ‪449 .............................................‬‬
‫سلخ ‪318 ,278 ....................................‬‬
‫سلطان اإلرادة ‪,246 ,190 ,181 ,173 ,118‬‬ ‫خ‬
‫‪340 ,249 ,247‬‬
‫سلطة الحجّة ‪62 ,45 ..............................‬‬ ‫خبر ‪377 ,301 ,200 ,199 ,192 ,173 ,79‬‬
‫سليم اللغماني ‪,194 ,192 ,188 ,170 ,160‬‬ ‫خبريّة ‪307 ,199 ,192 ,191 ,172 ...........‬‬
‫‪,325 ,321 ,238 ,233 ,222 ,219‬‬ ‫خطاب حّ جاجي ‪14 ..................................‬‬
‫‪453 ,445 ,328 ,327‬‬ ‫خ ّ‬
‫طاط ‪147 ...........................................‬‬
‫سناء الدّرويش ‪,192 ,188 ,170 ,160 ......‬‬
‫‪,321 ,238 ,233 ,222 ,219 ,194‬‬ ‫د‬
‫‪453 ,445 ,328 ,327 ,325‬‬
‫سياق ‪,260 ,258 ,165 ,164 ,126 ,56 ....‬‬ ‫دافع ما ال يلزمه ‪215 ..............................‬‬
‫‪,274 ,273 ,272 ,271 ,266 ,264‬‬ ‫دانتي ‪310 ............................................‬‬
‫‪408 ,403 ,295 ,291 ,289 ,276‬‬ ‫دائرة الشّغل ‪373 ...................................‬‬
‫سيسرون ‪243 ,189 ,94 ,34 ,12 ............‬‬ ‫دستور ‪337 ,330 ..................................‬‬
‫دفع بالبطالن‪349 ...................................‬‬
‫دفع ما ال يلزم ‪33 ,26 .............................‬‬
‫ش‬ ‫داللة ‪456 ,324 ,269 ,266 ,257 ,163 ....‬‬
‫شاتوبرييون ‪108 ....................................‬‬ ‫دلي ٌل مستنبط به ‪3 ...................................‬‬
‫شارل نودييه‪108 ...................................‬‬ ‫دليل مستنبط منه ‪3 .................................‬‬
‫شبكة ‪339 ,317 ,313 ,308 ,19 ..............‬‬ ‫دوپال ‪450 ,449 ,448 ............................‬‬
‫شركة الت ّأمين ‪,422 ,365 ,354 ,353 ,352‬‬ ‫دوغمائيّة‪135 .......................................‬‬
‫‪430 ,429 ,425 ,423‬‬ ‫دوماس ‪109 .........................................‬‬
‫شفعة ‪331 ...........................................‬‬ ‫ديدرو ‪108 ...........................................‬‬
‫شفوي ‪239 ,87 ,8 ................................‬‬ ‫ديدمونة ‪132 .........................................‬‬
‫شكسبير ‪132 ........................................‬‬ ‫ديموقراطيّة ‪25 ......................................‬‬
‫شاليرماخر ‪294 ....................................‬‬
‫ذ‬
‫ص‬ ‫ذ ّمة‪431 ,357 ......................................‬‬
‫صغرى ‪,385 ,384 ,382 ,381 ,380 ,34 .....‬‬ ‫ذئب ‪43‬‬
‫‪,398 ,395 ,390 ,389 ,388 ,387‬‬
‫‪403‬‬ ‫ر‬
‫صنف قانوني ‪444 ,442 ,398 ,394 .........‬‬
‫صيدليّة صينيّة ‪202 ................................‬‬ ‫الصاحل‪364 ....................................‬‬
‫رب البيت ّ‬
‫ّ‬
‫رتيب ‪8 ................................................‬‬
‫رسالة ‪,263 ,147 ,136 ,135 ,133 ,15 ....‬‬
‫ض‬ ‫‪453 ,366 ,365 ,293 ,277‬‬
‫ضريبة ‪333 ,330 .................................‬‬ ‫رضاعة ‪69 ...........................................‬‬
‫ضعف الت ّعليل ‪406 .................................‬‬ ‫رقيّة حسن ‪284 ,283 ,282 ,261 .............‬‬
‫‪485‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫غ‬ ‫ضمير المخاطب‪134 ...............................‬‬

‫غبن ‪448 .............................................‬‬


‫غلط ‪,196 ,194 ,193 ,192 ,183 ,182 ....‬‬
‫ط‬
‫‪,417 ,252 ,251 ,250 ,245 ,197‬‬ ‫طباق ‪114 ............................................‬‬
‫‪448 ,447 ,420 ,419‬‬ ‫طبيعة العقد ‪419 ,251 ............................‬‬
‫غلط جماعي ‪183 ...................................‬‬ ‫طريقة طعن عاديّة‪373 ............................‬‬
‫غلط فردي ‪183 .....................................‬‬
‫غلط في ذات المبيع ‪420 ..........................‬‬ ‫ع‬
‫غلط مادّي ‪417 .....................................‬‬
‫غلط مانع ‪420 ,417 ..............................‬‬ ‫عبد الفت ّاح عمر ‪,192 ,188 ,170 ,160 ......‬‬
‫غموض ‪126 ,29 ..................................‬‬ ‫‪,321 ,238 ,233 ,222 ,219 ,194‬‬
‫‪453 ,445 ,328 ,327 ,325‬‬
‫عدّة ‪,201 ,186 ,145 ,144 ,101 ,20 ,16‬‬
‫ف‬ ‫‪,340 ,306 ,302 ,298 ,225 ,203‬‬
‫فاليري ‪320 ,296 ..................................‬‬ ‫‪415 ,411 ,408‬‬
‫فرانسوا جيني ‪408 .................................‬‬ ‫عدل الت ّنفيذ ‪416 ....................................‬‬
‫فرضيّة البحث ‪231 .................................‬‬ ‫عطيل ‪132 ...........................................‬‬
‫فرضيّة العمل‪231 ..................................‬‬ ‫عقّار ‪367 ............................................‬‬
‫فسخ ‪367 ,365 ,346 ,213 ....................‬‬ ‫عقد ‪,349 ,338 ,286 ,270 ,182 ,142 ,1‬‬
‫فصاحة ‪131 ,130 ,124 ,122 .................‬‬ ‫‪,362 ,359 ,357 ,353 ,352 ,350‬‬
‫فصاحة النّصّ ‪131 ,130 .........................‬‬ ‫‪,439 ,370 ,369 ,368 ,367 ,363‬‬
‫فصل المتخالفات ‪58 ,53 ..........................‬‬ ‫‪450 ,449 ,448 ,446‬‬
‫فعل الشّيء ‪434 ,433 ,424 ,406 ............‬‬ ‫عقد الت ّأمين ‪353 ,352 ............................‬‬
‫فقه القضاء ‪,405 ,404 ,230 ,195 ,40 ,10‬‬ ‫عقد بعوض ‪357 ,352 ,350 ,349 ............‬‬
‫‪457 ,410 ,409 ,407 ,406‬‬ ‫عقود نقل البضائع ‪351 ............................‬‬
‫فقه قضاء ‪409 ,406 ,405 ,340 ..............‬‬ ‫سببيّة ‪424 ,269 .........................‬‬ ‫عالقة ال ّ‬
‫فلسفة ‪297 ,73 ,7 ................................‬‬ ‫عالقة بعديّة ‪260 ...................................‬‬
‫فولتير ‪205 ,129 ,124 ,108 ..................‬‬ ‫عالقة قبليّة ‪260 ....................................‬‬
‫فيتﭭنشتاين ‪293 ,133 ..............................‬‬ ‫عالمة االستفهام ‪143 ,142 ......................‬‬
‫فيزياء ‪33 ,32 ......................................‬‬ ‫عالمة االنفعال ‪142 ................................‬‬
‫فيلسوف ‪270 ........................................‬‬ ‫عالمتا الت ّنصيص ‪142 .............................‬‬
‫فينيلون ‪134 ,49 ......................................‬‬ ‫علّة ‪300 ,251‬‬
‫علم اجتماع ‪7 ........................................‬‬
‫علم اقتصاد ‪7 ........................................‬‬
‫ڤ‬ ‫علم االجتماع ‪226 ,158 ,155 ..................‬‬
‫ڤرايس ‪270 ,19 ....................................‬‬ ‫علم االقتصاد ‪158 ..................................‬‬
‫ﭭيستان ‪251 .........................................‬‬ ‫علم األلفاظ ‪265 .....................................‬‬
‫علم الت ّاريخ ‪31 ......................................‬‬
‫ڥ‬ ‫عّل احلجج ‪398 ,341 ,313 ,23 ....................‬‬
‫علم الفقه ‪79 .........................................‬‬
‫ڥيليپ بيهر ‪,254 ,253 ,226 ,188 ,160 ....‬‬ ‫علم القانون ‪454 ,404 ,181 ,158 ,31 ......‬‬
‫‪339‬‬ ‫علم النّفس ‪,295 ,288 ,277 ,226 ,19 ,15‬‬
‫‪298‬‬
‫ق‬ ‫علم النّفس العرفاني ‪298 ,295 ,277 ,15 ...‬‬
‫علم تاريخ ‪32 ........................................‬‬
‫قانون االستهالك ‪341 .............................‬‬
‫علوم الحجج ‪443 ,403 ,401 ,341 ...........‬‬
‫قانون االلتزامات ‪367 .............................‬‬
‫علوم إنسانية ‪156 ..................................‬‬
‫قانون الشّركات ‪194 ...............................‬‬
‫علي الحسيني السّيستاني ‪457 ,375 .............‬‬
‫قانون املاليّة‪253 .........................................‬‬
‫علي بن أبي طالب ‪4 ................................‬‬ ‫ّ‬
‫قانون تعمير ‪335 ,333 ,331 ...................‬‬
‫عمل قانوني ‪362 ,359 ,351 ,350 ...........‬‬
‫قانون دستوري ‪32 .................................‬‬ ‫عيوب اإلرادة ‪230 .................................‬‬
‫قانون دولي ‪32 .....................................‬‬ ‫الرضا ‪446 ,224 ,190 ,85 ............‬‬ ‫عيوب ّ‬
‫قانون مدني ‪459 ,371 ,32 .....................‬‬
‫الرفض‪408 ,372 ...........................‬‬ ‫قرار ّ‬
‫فِهرس املصطلحات واألعالم‬ ‫‪486‬‬

‫ماالرمي ‪320 ,164 ...............................‬‬ ‫قرار النّقض ‪408 ,406 ...........................‬‬


‫مأمور عمومي ‪362 ,183 ........................‬‬ ‫قرار قضائي ‪408 ,375 ,308 ...................‬‬
‫ماندغريز ‪375 ,61 ................................‬‬ ‫قرار مبدئ ّي ‪409 ....................................‬‬
‫ماهية ‪388 ,331 ,133 ...........................‬‬ ‫قرار وقائع ‪409 ,408 .............................‬‬
‫ماو تسي تونغ ‪201 ................................‬‬ ‫قرارات الوقائع‪408 ................................‬‬
‫مبدأ الت ّأويل المحلّي ‪295 ,294 ..................‬‬ ‫قرينة مخصّصة ‪438 ,359 .......................‬‬
‫مبدأ سلطان اإلرادة ‪,246 ,181 ,173 ,118 .‬‬ ‫قسمة ‪366 ,80 ,67 ...............................‬‬
‫‪249 ,247‬‬ ‫قسيم ‪119 ,67 ......................................‬‬
‫متعاقد ‪449 ,352 ..................................‬‬ ‫قصّة ‪442 ,282 ,224 ,132 ,123 ............‬‬
‫مجلّة اإلجراءات الجزائيّة ‪438 ...................‬‬ ‫قصّة بوليسيّة ‪224 .................................‬‬
‫مجلّة األحوال الشّخصيّة ‪,338 ,337 ,69 .....‬‬ ‫قضاة ‪,407 ,395 ,392 ,374 ,373 ,11 .....‬‬
‫‪411 ,356 ,355 ,354 ,351‬‬ ‫‪414 ,412‬‬
‫مجلّة االلتزامات والعقود ‪,182 ,181 ,36 .....‬‬ ‫سويس‪107 ..................................‬‬ ‫قنال ال ّ‬
‫‪,337 ,286 ,251 ,250 ,248 ,199‬‬ ‫ّ‬
‫قوانين النحو ‪125 ..................................‬‬
‫‪,353 ,352 ,350 ,349 ,346 ,338‬‬ ‫قياس ‪,385 ,381 ,380 ,376 ,375 ,359 ..‬‬
‫‪,418 ,360 ,358 ,357 ,356 ,355‬‬ ‫‪392 ,391 ,389 ,388 ,387 ,386‬‬
‫‪,447 ,446 ,439 ,438 ,437 ,435‬‬ ‫قياس حملي ‪392 ,391 ,376 ,375 ...........‬‬
‫‪457 ,450 ,449 ,448‬‬ ‫قيمة ‪448 .............................................‬‬
‫مجلّة الت ّأمين ‪365 ,356 ,355 ,354 ,353 ..‬‬
‫مجلّة الت ّعمير ‪334 ,332 ..........................‬‬ ‫ك‬
‫مجلّة الشّغل ‪373 ...................................‬‬
‫طرقات ‪438 ................................‬‬ ‫مجلّة ال ّ‬ ‫كاپيتون ‪195 ,60 ...................................‬‬
‫مجلّة المرافعات المدنيّة والت ّجاريّة‪,373 ,357‬‬ ‫كاربونيي ‪392 ,240 ,195 ,68 ,61 ...........‬‬
‫‪416 ,398‬‬ ‫كارل كراوس ‪106 ..................................‬‬
‫مجلس الدّولة ‪330 .................................‬‬ ‫كانتيليان‪237 ,48 ,19 ,14 ,13 ,11 ..........‬‬
‫محاضرة ‪261 ,241 ,240 .......................‬‬ ‫كربى ‪,387 ,381 ,380 ,377 ,340 ,34‬‬
‫محاكم األصل ‪409 ,372 ,223 ..................‬‬ ‫‪403 ,398 ,395 ,390 ,389 ,388‬‬
‫محاكم الدّرجة األولى ‪372 ........................‬‬ ‫كتب رسمي ‪366 ....................................‬‬
‫محاكم ال ّدرجة الثّانية ‪373 ........................‬‬ ‫كراء ‪446 ,370 ,367 ,363 ,362 ............‬‬
‫محكمة‪,372 ,353 ,289 ,254 ,223 ,42 ...‬‬ ‫كسل‪144 .............................................‬‬
‫‪,406 ,402 ,396 ,395 ,374 ,373‬‬ ‫كمال نﭭرة ‪,445 ,221 ,204 ,170 ,161 .....‬‬
‫‪,416 ,415 ,414 ,409 ,408 ,407‬‬ ‫‪454‬‬
‫‪,422 ,421 ,420 ,419 ,418 ,417‬‬ ‫كورناي‪108 .........................................‬‬
‫‪,428 ,427 ,426 ,425 ,424 ,423‬‬ ‫كونديياك ‪228 .......................................‬‬
‫‪,434 ,433 ,432 ,431 ,430 ,429‬‬ ‫كوندييّاك ‪205 .......................................‬‬
‫‪441 ,438 ,436 ,435‬‬
‫محكمة اإلحالة ‪,428 ,426 ,425 ,424 ,423‬‬ ‫ل‬
‫‪438 ,432 ,431 ,430‬‬
‫محكمة االستئناف ‪,422 ,414 ,408 ,373 ...‬‬ ‫البرويار ‪205 ........................................‬‬
‫‪438 ,430 ,429 ,427 ,425 ,423‬‬ ‫الروميﭭوييار ‪82 ....................................‬‬
‫محكمة الت ّعقيب ‪,373 ,372 ,353 ,223 ......‬‬ ‫الفونتين ‪108 ........................................‬‬
‫‪,407 ,406 ,402 ,396 ,395 ,374‬‬ ‫المارتين‪109 ........................................‬‬
‫‪,419 ,416 ,415 ,414 ,409 ,408‬‬ ‫لسانيّات ‪459 ,257 ,103 ,15 ,4 ..............‬‬
‫‪,425 ,424 ,423 ,422 ,421 ,420‬‬ ‫لسانيّات النّص ‪459 ,257 ,103 ,15 ,4 ......‬‬
‫‪,435 ,434 ,432 ,430 ,429 ,427‬‬ ‫لوران ‪251 ...........................................‬‬
‫‪436‬‬ ‫لوسوارن‪251 .......................................‬‬
‫محكمة القانون ‪374 ,373 .......................‬‬ ‫لوك ‪165 .............................................‬‬
‫محكمة النّاحية ‪421 ,420 ,373 ................‬‬ ‫لياقة ‪176 .............................................‬‬
‫سيّاري ‪222 ,188 ........................‬‬ ‫مح ّمد ال ّ‬
‫صدر ‪,79 ,78 ,53 ,34 ,31 .....‬‬ ‫مح ّمد باقر ال ّ‬ ‫م‬
‫‪458 ,269 ,268 ,263 ,262‬‬
‫م‪ .‬ميياي ‪64 .........................................‬‬
‫مح ّمد كمال شرف الدّين ‪,204 ,170 ,161 ....‬‬
‫مارك بروشي ‪362 .................................‬‬
‫‪459 ,454 ,445 ,371 ,221‬‬
‫مارك لوميو‪82 ,61 ,60 ,58 ....................‬‬
‫ماكس فيبير ‪240 ...................................‬‬
‫‪487‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫مونتانيي‪242 ,165 ,108 ,14 ..................‬‬ ‫مخبر عنه ‪,207 ,200 ,192 ,191 ,173 .....‬‬
‫‪376‬‬
‫ن‬ ‫مختصرات ‪146 ,145 .............................‬‬
‫مخ ّ‬
‫ططات صغيرة ‪218 .............................‬‬
‫ناپليون‪162 ..........................................‬‬ ‫مذكّرة ‪457 ,416 ,391 ,181 ...................‬‬
‫نائلة شعبان ‪,194 ,192 ,188 ,170 ,160 ..‬‬ ‫مرسل ‪277 ,15 .....................................‬‬
‫‪,325 ,321 ,238 ,233 ,222 ,219‬‬ ‫مرسل إليه ‪15 .......................................‬‬
‫‪453 ,445 ,328 ,327‬‬ ‫مرض موت‪355 ,354 ............................‬‬
‫نحو الفقرة ‪311 .....................................‬‬ ‫مسرح ‪132 ..........................................‬‬
‫نحو النّص ‪458 ,280 ,260 ,257 ,256 ,5 .‬‬ ‫مسكن فردي ‪370 ...................................‬‬
‫نسخة تنفيذيّة ‪366 .................................‬‬ ‫مسؤوليّة‪437 ,430 ,425 ,423 ,422 ,365‬‬
‫نص أدبي ‪320 ......................................‬‬
‫ّ‬ ‫مسؤوليّة شخصيّة‪365 ............................‬‬
‫نص فلسفي‪321 ....................................‬‬ ‫ّ‬ ‫مسؤوليّة عن فعل الحيوان ‪365 .................‬‬
‫صيّة ‪280 ,276 ,261 ,258 ,132 ...........‬‬ ‫ن ّ‬ ‫مسؤوليّة عن فعل الغير ‪365 .....................‬‬
‫نقل الملكيّة ‪367 ,366 ............................‬‬ ‫مصادر االلتزام ‪246 ................................‬‬
‫نقل بعوض ‪367 ....................................‬‬ ‫مصاهرة ‪69 ..........................................‬‬
‫نيبوايي ‪113 ,108 .................................‬‬ ‫مطابقة‪318 ,303 ,131 ,114 ,102 ,27 ....‬‬
‫نيتشه ‪242 ,61 ,44 ,43 .........................‬‬ ‫معاجم ‪57 .............................................‬‬
‫معاهدة دوليّة ‪337 ..................................‬‬
‫ه‬ ‫معجم ‪,154 ,109 ,106 ,105 ,104 ,57 ,1 .‬‬
‫‪164‬‬
‫هاليداي ‪291 ,284 ,283 ,282 ,261 ........‬‬ ‫معماريّة النّصّ ‪298 ................................‬‬
‫هامسليف ‪258 ......................................‬‬ ‫معنى المعنى ‪359 ,337 ...........................‬‬
‫هايدغر ‪294 .........................................‬‬
‫معنى تصديقي ‪269 ,268 ,267 .................‬‬
‫هبة ‪356 ,355 ,351 .............................‬‬
‫تصوري ‪269 ,267 .........................‬‬ ‫ّ‬ ‫معنى‬
‫هزل ‪107 .............................................‬‬ ‫معنى سياقي ‪268 ,267 ...........................‬‬
‫هنري مازو ‪,212 ,167 ,164 ,82 ,60 ,51 .‬‬ ‫معنى لغوي ‪268 ,267 ............................‬‬
‫‪,411 ,318 ,253 ,239 ,224 ,220‬‬
‫معنى نفسي ‪267 ....................................‬‬
‫‪444 ,442 ,413‬‬
‫مفعول انتقالي ‪373 .................................‬‬
‫هوسرل ‪294 ........................................‬‬
‫مقابلة ‪114 ,57 ,1 .................................‬‬
‫هيغل ‪64 ..............................................‬‬ ‫مقاربة الموضوع ‪234 ,218 ,84 ,83 .........‬‬
‫هيئة األمر ‪164 .....................................‬‬ ‫مقاربةَ الموضوع ‪84 ...............................‬‬
‫هيئة اللفظ ‪164 .....................................‬‬ ‫سيرة ‪154 ..................................‬‬ ‫مقالة ال ّ‬
‫مقدّمة القانون‪371 ,185 .........................‬‬
‫و‬ ‫ملكيّة ‪370 ,367 ,363 ,335 ,333 ,330 ...‬‬
‫واجب اإلخالص ‪212 ..............................‬‬ ‫ملكيّة األرض ‪335 ,333 ,330 ..................‬‬
‫وارث ‪354 ...........................................‬‬ ‫مناظرات االنتداب‪156 .............................‬‬
‫ورثة ‪429 ,425 ....................................‬‬ ‫منطق ‪,393 ,391 ,339 ,229 ,81 ,31 ,27‬‬
‫وزير ‪182 ............................................‬‬ ‫‪457 ,456 ,454‬‬
‫وصل إضافي ‪283 ..................................‬‬ ‫منقول ‪388 ,110 ,41 .............................‬‬
‫وصل زمني‪283 ....................................‬‬ ‫مواصفات الجملة الفصيحة ‪124 .................‬‬
‫وصل سببي ‪283 ...................................‬‬ ‫مواصفات النّص العلمي ‪131 .....................‬‬
‫وصل عكسي ‪283 ..................................‬‬ ‫مواصفات النّص الفصيح ‪130 ...................‬‬
‫وصيّة ‪354 ..........................................‬‬ ‫موانع اإلرث ‪186 ...................................‬‬
‫الزواج ‪186 ,101 ,100 ,69 ,68 .....‬‬ ‫موانع ّ‬
‫وضوح الجملة ‪127 ................................‬‬
‫وفاة ‪366 .............................................‬‬ ‫موانع مؤبّدة ‪69 .....................................‬‬
‫وقت االمتحان ‪360 ,359 ,219 ,90 ...........‬‬ ‫موانع مؤقّتة‪69 .....................................‬‬
‫موت ‪366 ,355 ,354 ............................‬‬
‫موريس دوفرجي ‪107 .............................‬‬
‫ي‬ ‫موضعة النّصّ ‪309 .................................‬‬
‫يوسف الكناني ‪448 ................................‬‬ ‫موضوع النّصّ ‪,289 ,288 ,286 ,280 .......‬‬
‫‪311 ,305‬‬
‫فِهرس العناوين‬
‫المقدّمة _______________________________________________ ‪1‬‬
‫األول‪ :‬العناصر المشتركة في المنهجيّة __________________________‪17‬‬
‫الجزء ّ‬
‫األول‪ :‬االكتشاف ‪( invention‬فعل البحث عن المضمون أو الحجج) __________‪23‬‬
‫الفصل ّ‬
‫الفصل الثّاني‪ :‬الت ّرتيب ‪( disposition‬فعل تنظيم المضمون أو الحجج‪ :‬الت ّخطيط) _______‪47‬‬
‫ينجر عن التّرتيب ____________‪48‬‬ ‫ّ‬ ‫األول‪ ― .‬وضوح جوهر الموضوع‬ ‫المبحث ّ‬
‫ينجر عن التّرتيب الذي الحظ جهة واحدة‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثّاني‪ ― .‬وضوح جوهر الموضوع‬
‫في المرتَّب ____________________________________________‪52‬‬
‫شرط __________________________________‪52‬‬ ‫الفقرة األولى‪ ―.‬ال ّ‬
‫شرط _______________________________‪84‬‬ ‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬توابع ال ّ‬
‫طي ك ّل الموضوع ________________________‪85‬‬ ‫(أ) ترتيب أقسامه تغ ّ‬
‫(ب) ترتيب أقسامه متوازنة فيما بينها ________________________‪86‬‬
‫(ج) ترتيب أقسامه مترابطة ببعضها _________________________‪91‬‬
‫صب المضمون أو الحجج في صيغ) _________‪96‬‬
‫ّّ‬ ‫الفصل الثّالث‪ :‬الت ّعبير ‪( élocution‬فعل‬
‫األول‪ ― .‬التّعبير عن الخطوط الكبرى ِّ‬
‫للحجاج‪ :‬مسألة العناوين _______‪97‬‬ ‫المبحث ّ‬
‫الفقرة األولى‪ ―.‬عناوين ليس فيها تجاور _______________________‪100‬‬
‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬عناوين مطابقة لمحتوياتها ______________________‪102‬‬
‫الفقرة الثّالثة‪ ―.‬عناوين مقتضبة ____________________________‪105‬‬
‫الرابعة‪ ―.‬عناوين بسيطة ____________________________‪106‬‬ ‫الفقرة ّ‬
‫الفقرة الخامسة‪ ―.‬عناوين تشدّ االنتباه_________________________‪107‬‬
‫الفقرة السّادسة‪ ―.‬عناوين متماثلة ومتّسقة ومتوازية ________________‪118‬‬
‫للحجاج‪ :‬مسألة تحرير جوهر‬
‫صغرى ِّ‬ ‫المبحث الثّاني‪ ― .‬التّعبير عن الخطوط ال ّ‬
‫الموضوع ____________________________________________‪121‬‬
‫الفقرةاألولى‪ ―.‬بالغة الكالم ______________________________‪121‬‬
‫ي___________________________‪121‬‬ ‫(أ) الفصاحة أو المستوى النّ ّ‬
‫ص ّ‬
‫‪ .1‬فصاحة الكلمة __________________________________‪122‬‬
‫‪ .2‬فصاحة الجملة __________________________________‪124‬‬
‫ص __________________________________‪130‬‬ ‫‪ .3‬فصاحة النّ ّ‬
‫ي __________‪131‬‬ ‫ّ‬
‫(ب) المطابقة لما يقتضيه حال الخطاب أو المستوى التداول ّ‬
‫الخط ______________________________‪144‬‬ ‫ّ‬ ‫الفقرةالثّانية‪ ―.‬وضوح‬
‫الجزء ال ّثاني‪ :‬العناصر الخاصّة في المنهجيّة _________________________‪151‬‬
‫األول‪ :‬العناصر الخاصّة بالموضوع النّ ّ‬
‫ظري (المقالة القانونيّة) _____________‪154‬‬ ‫الفصل ّ‬
‫األول‪ ― .‬عرض منهجيّة المقالة ________________________‪159‬‬ ‫المبحث ّ‬
‫الفقرة األولى‪ ― .‬االكتشاف (‪159_____________________ )invention‬‬
‫(أ) صيغة الموضوع __________________________________‪159‬‬
‫(ب) مادّة الموضوع __________________________________‪167‬‬
‫(ج) إشكاليّة الموضوع ________________________________‪168‬‬
‫‪ .1‬استخراج اإلشكاليّة _______________________________‪168‬‬
‫‪ /1 .1‬ما اإلشكاليّة؟ _________________________________‪168‬‬
‫‪ /1 .1 .1‬الموضوع النّظر ّ‬
‫ي بدون مقولة (‪172____ )sujet sans citation‬‬
‫فِهرس العناوين‬ ‫‪492‬‬

‫‪ /1 .1 .1 .1‬الموضوع في صيغة غير االستفهام ( ‪sujet non‬‬


‫‪172___________________________________ )interrogatif‬‬
‫‪ /1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع ليس جملة ______________________‪172‬‬
‫‪ /1 .1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع مفهوم واحد ___________________‪173‬‬
‫‪ /2 .1 .1 .1 .1 .1‬الموضوع أكثر من مفهوم ع ِّطف الواحد على اآلخر بالواو‬
‫_____________________________________________‪187‬‬
‫‪ /2 .1 .1 .1 .1‬الموضوع جملة خبريّة _____________________‪191‬‬
‫‪ /2 .1 .1 .1‬الموضوع في صيغة استفهام (‪193____ )sujet interrogatif‬‬
‫ي مع مقولة (‪198_____ )sujet avec citation‬‬ ‫‪ /2 .1 .1‬الموضوع النّظر ّ‬
‫‪ /2 .1‬ما الذي ليس إشكاليّة؟ ___________________________‪200‬‬
‫‪ .2‬إبراز الفائدة من اإلشكاليّة ___________________________‪203‬‬
‫‪ .3‬البحث عن عناصر الجواب على اإلشكاليّة _________________‪207‬‬
‫الفقرة الثّانية‪ ― .‬التّرتيب (‪210______________________ )disposition‬‬
‫الحجاجيّة _________________‪210‬‬ ‫(أ) التّرتيب في مجموعات أو المراحل ِّ‬
‫(ب) التّرتيب داخل ك ّل مجموعة أو مقاربة الموضوع ______________‪217‬‬
‫الفقرة الثّالثة‪ ―.‬التّعبير (‪220________________________ )élocution‬‬
‫(أ) المقدّمة ________________________________________‪220‬‬
‫‪ .1‬أقوال في عناصر المقدّمة ___________________________‪221‬‬
‫‪ .2‬اقتراح في عناصر المقدّمة __________________________‪226‬‬
‫(ب) الجوهر ______________________________________‪236‬‬
‫‪ .1‬التّخطيط _____________________________________‪237‬‬
‫‪ .2‬العناوين ______________________________________‪237‬‬
‫‪ .3‬التّخلّص (‪237____________________________ )transition‬‬
‫(ج) الخاتمة _______________________________________‪238‬‬
‫المبحث الثّاني‪ ― .‬تجسيم منهجيّة المقالة _________________________‪243‬‬
‫الفصل الثّاني‪ :‬العناصر الخاصّة بالمواضيع الت ّطبيقيّة _______________________‪253‬‬
‫ص __________________‪253‬‬ ‫صة بدراسة ال ّن ّ‬ ‫األول‪ ― .‬العناصر الخا ّ‬ ‫المبحث ّ‬
‫ص _______________‪254‬‬ ‫ّ‬
‫الفقرة األولى‪ ―.‬العناصر المشتركة في دراسة الن ّ‬
‫(أ) االكتشاف (‪254_____________________________ )invention‬‬
‫ص _______________________________________‪256‬‬ ‫‪ .1‬النّ ّ‬
‫ص ___________________________________‪275‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬دراسة الن ّ‬
‫(ب) التّرتيب (‪317____________________________ )disposition‬‬
‫(ج) التّعبير (‪318______________________________ )élocution‬‬
‫ص ________________‪319‬‬‫صة في دراسة النّ ّ‬ ‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬العناصر الخا ّ‬
‫ي ___________________‪320‬‬ ‫صة في دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬ ‫(أ) العناصر الخا ّ‬
‫ي _____________________‪320‬‬ ‫‪ .1‬عرض منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ص الفقه ّ‬
‫‪ /1 .1‬االكتشاف (‪320_________________________ )invention‬‬
‫‪ /2 .1‬التّرتيب (‪326_________________________ )disposition‬‬
‫‪493‬‬ ‫املنهجيّة أو البالغة القانونيّة‪ :‬التّعبري عن التّفكري‬

‫‪ /3 .1‬التّعبير (‪326___________________________ )élocution‬‬


‫‪ /1 .3 .1‬المقدّمة __________________________________‪326‬‬
‫‪ /2 .3 .1‬الجوهر __________________________________‪328‬‬
‫‪ /3 .3 .1‬الخاتمة __________________________________‪329‬‬
‫ي _____________________‪329‬‬ ‫ص الفقه ّ‬ ‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ي _________________‪337‬‬ ‫ص القانون ّ‬ ‫صة في دراسة النّ ّ‬ ‫(ب) العناصر الخا ّ‬
‫ي ____________________‪337‬‬ ‫ّ‬ ‫القانون‬ ‫ص‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫دراسة‬ ‫‪ .1‬عرض منهجيّة‬
‫‪ / 1 .1‬االكتشاف (‪337_________________________ )invention‬‬
‫‪ /2 .1‬التّرتيب (‪343_________________________ )disposition‬‬
‫‪ /3 .1‬التّعبير (‪344___________________________ )élocution‬‬
‫ي ____________________‪345‬‬ ‫ص القانون ّ‬ ‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ي __________________‪362‬‬ ‫ص العقد ّ‬ ‫صة في دراسة النّ ّ‬ ‫(ج) العناصر الخا ّ‬
‫ي _____________________‪362‬‬ ‫ّ‬ ‫العقد‬ ‫ص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫دراسة‬ ‫ّة‬ ‫‪ .1‬عرض منهجي‬
‫ي _____________________‪362‬‬ ‫ص العقد ّ‬ ‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة النّ ّ‬
‫ّ‬
‫ي (التعليق على قرار) ___‪371‬‬
‫نص حكم قضائ ّ‬ ‫صة في دراسة ّ‬ ‫(د) العناصر الخا ّ‬
‫ي __________________‪371‬‬ ‫ّ‬ ‫قضائ‬ ‫حكم‬ ‫نص‬ ‫ّ‬ ‫دراسة‬ ‫ّة‬ ‫‪ .1‬عرض منهجي‬
‫ي ___________________‪415‬‬ ‫نص حكم قضائ ّ‬ ‫‪ .2‬تجسيم منهجيّة دراسة ّ‬
‫صة بدراسة حالة عمليّة ‪étude de cas pratique‬‬ ‫المبحث الثّاني‪ ― .‬العناصر الخا ّ‬
‫(االستشارة القانونيّة ‪441___________________ )consultation juridique‬‬
‫الفقرة األولى‪ ―.‬عرض منهجيّة دراسة الحالة العمليّة _______________‪441‬‬
‫الفقرة الثّانية‪ ―.‬تجسيم منهجيّة دراسة الحالة العمليّة ________________‪445‬‬
‫فّهرس المراجع ___________________________________________‪451‬‬
‫فّهرس األعالم والمصطلحات ___________________________________‪475‬‬
‫فّهرس العناوين ___________________________________________‪489‬‬

You might also like