You are on page 1of 17

1

www.alukah.net
2
www.alukah.net
‫مقدمة‬
‫ارتبط تقدم البحث العلمي وحتصيل املعرفة العلمية بضرورة وجود منهج للبحث والتحصيل‪ ،‬فإن‬
‫غاب املنهج خضع البحث للعشوائية وأضحت املعرفة غري علمية‪ .‬ولو مل يستفد اإلنسان من احملاوالت‬
‫اليت قام هبا جتاه أحداث الطبيعة حيث يستبعد حماوالته الفاشلة يف الفهم والتفسري ويبقى على احملاوالت‬
‫الناجحة‪ ،‬لكانت عصور ما قبل التاريخ هي اليت تظللنا حىت اليوم‪ ،‬ولضاعت معامل أي تقدم ميكن أن‬
‫حترزه اإلنس انية‪ ،‬فالتق دم رهن ب املنهج والطريق ة‪ .‬ويس هل علين ا أن نالح ظ ارتب اط تط ور العلم نظري ًا‬
‫وتكنولوجي ًا وتق دم ت راث املعرف ة االنس انية واتس اع جماالهتا بن وع املنهج املس تخدم يف التحق ق منهم ا‬
‫وحتصيلهما‪ .‬فما انتكست مسرية البحث العلمي إال بسبب النقص يف تطبيق املناهج العلمية أو لتخلف‬
‫أدوات تلك املناهج عن قياس الظاهرة موضوع البحث‪ .‬ومن املعروف «أن املعرفة الواعية مبناهج البحث‬
‫العلمي متكن العلماء الباحثني من اتقان البحث وتاليف كثري من اخلطوات املتعثرة أو اليت ال تفيد شيئًا »‪.‬‬
‫وال خيتلف الع امل عن اإلنسان الع ادي عن دما يس لك طريق ًا لتحصيل املعرفة إال يف أنه يتب ع برناجمًا‬
‫حمددًا يؤدي به اىل الكشف عن احلقيقة‪ ،‬مستندًا يف ذلك اىل جمموعة قواعد عامة هتيمن على سري العقل‬
‫وحتدد عملياته حىت يصل اىل نتيجة معلومة‪ .‬ويعمل العامل وهو مقتنع بأن ما يدرسه من وقائع ليست‬
‫معطيات عشوائية‪ ،‬ولكن ينتظمها اطار عام كحبات العقد‪ ،‬ومن مث عليه أن حياول اكتشاف هذه الوقائع‬
‫يف اطار الظاهرة اليت تكتنفها‪ ،‬وعليه أيض ًا – يف مرحلة تالية أن حياول الكشف عن القانون الذي ينتظم‬
‫جمموعة من الظواهر املرتابطة يف اطار نظرية واحدة‪. 1‬‬
‫وتتم مقاربة هذه الدراسة من خالل حمورين‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬مفهوم املنهج التحليلي‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬كيفية تطبيق املنهج التحليلي‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد حممد قاسم‪ ،‬املدخل إىل مناهج البحث العلمي‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1999‬م‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.52 -51‬‬

‫‪3‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫المحور األول‬
‫مفهوم المنهج التحليلي‬

‫أوال‪ :‬تعريف المنهج التحليلي وعالقته بالمناهج األخرى‬

‫‪ -1‬التعريف بالمنهج‬

‫مل يتوق ف الق رآن عن د بعث ال روح العلمي ة والفكري ة يف حي اة املس لمني‪ ،‬وإمنا جتاوز ذل ك إىل توجي ه‬
‫املسلمني لطرق التفكري ومناهج البحث‪.‬‬

‫المنهج في لغة العرب‪:‬‬

‫م أخوذ من م ادة (َنَه َج )‪ ،‬والَّنْه ج‪ :‬الطري ق‪ ،‬وهنج يل األم ر‪ :‬أوض حه‪ ،‬وفالن هنج س بيل فالن‪ :‬س لك‬
‫مسلكه‪ ،‬واجلمع‪ُ :‬نُه ج‪ ،‬ومناهج‪ .‬وعلى هذا‪ :‬فاملنهج يف اللغة يعين‪ :‬الطريق الواضح‪ ،‬أو اخلطة املرسومة للسري‬
‫عليها‪.1‬‬

‫والمنهج في االستعمال القرآني‪:‬‬

‫وردت اإلشارة إليه يف موضع واحد عند حديث القرآن عن الكتب السابقة‪ ،‬وموقف القرآن منها‪،‬‬
‫وموقف النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬من أهل الكتاب‪ ،‬حيث يقول تعاىل‪َ﴿ :‬و َأْنَز ْلَنا ِإَلْي َك اْلِكَت اَب ِب اْلَح ِّق‬
‫ُمَص ِّد ًقا ِلَم ا َبْيَن َيَد ْيِه ِم َن اْلِكَتاِب َو ُمَهْيِم ًن ا َعَلْي ِه َف اْح ُك ْم َبْيَنُه ْم ِبَم ا َأْنَز َل الَّل ُه َو اَل َتَّتِب ْع َأْه َو اَءُه ْم َعَّم ا َج اَءَك‬

‫‪ - 1‬أيب احلسني بن زكريا بن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬كتاب (النون)‪ ،‬والقاموس احمليط للفريوز أبادي باب اجليم فصل‬
‫النون‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ .‬يقول ابن عباس‪ -‬رضي اهلل عنهما‪ :-‬شرعة ومنهاجا‪ .‬سبيال‬
‫‪2‬‬
‫ِم َن اْلَح ِّق ِلُك ٍّل َجَعْلَنا ِم ْنُك ْم ِش ْر َعًة َو ِم ْنَه اًج ا﴾‬
‫وسّنة‪ ،‬فاملنهاج‪ :‬السبيل أي الطريق الواضح‪ ،‬والشرعة والشريعة مبعىن واحد‪ ،‬وشّر ع‪ :‬سّن ‪.‬‬
‫المنهج في بعض استعماالت السنة النبوية‪:‬‬

‫جاء مبعىن الواضح الذي ينبغي السري عليه‪ ،‬يقول صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬تكون النبوة فيكم م‪6‬ا شاء اهلل‬
‫أن تكون‪ ،‬ثم يرفعها اهلل إذا شاء أن يرفعه‪66‬ا‪ ،‬ثم تكون خالف‪66‬ة على منه‪66‬اج النبوة‪ .1)...‬أي يس لك اخللف اء‬
‫مسالك النيب‪ ،‬وينهجون هنجه‪ ،‬ويسريون على طريقته‪.‬‬

‫المنهج في االصطالح‪:‬‬

‫ويع رف ال دكتور عب د الرمحان ب دوي املنهج بأن ه "الطري ق املؤدي إىل الكش ف عن احلقيق ة يف العل وم‬
‫بواس طة طائف ة من القواع د العام ة‪ ،‬هتيمن على س ري العق ل‪ ،‬وحتدد عمليات ه الفكري ة‪ ،‬ح ىت يص ل إىل نتيج ة‬
‫معلومة"‪.2‬‬

‫وعرفه البعض بأنه‪« :‬فّن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة إّم ا من أجل الكشف عن احلقيقة‬
‫حني نكون هبا جاهلني‪ ،‬أو الربهنة عليها لآلخرين حني نكون هبا عارفني »‪.3‬‬

‫‪ -2‬تعريف المنهج التحليلي‬


‫التحلي‪66‬ل لغ‪66‬ة‪ :‬يع ين التفكيك والتجزئ ة‪ .‬اص‪66‬طالحا‪ :‬يعرفه الدكتور مص طفى الناص ر (تفكيك الكل اىل‬
‫اجلزء) واملقصود التفكيك العقلي لكل اىل أجزائه املكونة له‪ ،‬وعناصره املقيمة بشأنه مبينا طبيعة الفكر البشري‬
‫الذي ينظر اىل الكل‪ ،‬وله نظرة لألمور عامة وممارسة التحليل متكنه من جتزئة الظاهرة ودراستها بعمق‪.‬‬
‫إذن فه و عب ارة عن منهج منطقي يس تخدم يف البحث العلمي‪ .‬فعملي ة التحلي ل مرحل ة أساس ية يف جمال‬
‫البحوث فلكل باحث أسلوب حتليل خاص به‪ ،‬يبنيه بناء على حتديد جمموعة من الفرضيات اليت يقوم بتحليلها‬
‫من أجل بناء إطار حتليلي مالئم للظاهرة املدروسة‪.4‬‬

‫‪ -3‬عالقة المنهج التحليلي بالمناهج األخرى‬

‫‪ - 2‬سورة املائدة‪ ،‬اآلية‪.48 :‬‬


‫‪ - 1‬احلديث بتمامه يف مسند أمحد بن حنبل عن النعمان بن بشري ج‪ ،3‬طبعة بريوت‪ ،‬ص‪.134 :‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1977‬م‪ ،‬وكالة املطبوعات ‪ -‬الكويت‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪ - 4‬احملاضرة السابعة‪ -‬املناهج الفرعية‪ -‬املنهج التحليلي‪ ،‬ص‪.2 :‬‬

‫‪5‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫يذكر املنهج التحليلي دائما مقرتنا باملنهج الرتكييب‪ ،‬فالتحليل والرتكيب عمليتان عقليتان تقوم عليهما‬
‫معظم املن اهج األخ رى‪ .‬وال رتكيب ه و اع ادة ت أليف اجلزئي ات املعرفي ة والعلمي ة وتركيبه ا‪ .‬فه و وال رتكيب‬
‫متالزم ان‪ ،‬والع رض والوص ف عمليت ان تس بقانه والنق د واملقارن ة خطوت ان تعقبان ه فه و انطالق ة ملراح ل متتالي ة‬
‫ومتكاملة من العمل فهو ليس غاية يف حد ذاته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مضمون المنهج التحليلي‬
‫أ‪ -‬يسمى املنهج التحليلي لتصنيف البيانات وتبويبها اىل وصف املضمون احملتوى الظاهر والصريح للمادة قيد‬
‫التحليل وال يقتصر على اجلوانب املوضوعية‪ ،‬امنا الشكلية أيضا‪.‬‬
‫ب‪ -‬يعتم د على تك رارات وردت أول ظه ور مجل أو كلم ات أو مص طلحات أو رم وز أو أش كال املع اين‬
‫املتضمنة يف مادة التحليل بناء على ما يقوم به الباحث من حتديد موضوعي لفئات التحليل ووحداته‪.‬‬
‫ت‪ -‬جيب أن يتم يز باملوض وعية وخيض ع للمتطلب ات املنهجي ة كالص دق والثب ات ح ىت ميكن األخ ذ باألحك ام‬
‫نتائجه على أهنا قابلة للتعميم‪.‬‬
‫ث‪ -‬ينبغي أن يك ون التحلي ل منتظم ا‪ ،‬وأن يعتم د أس س األس لوب الكمي يف عملي ات التحلي ل هبدف القي ام‬
‫بالتحليل الكيفي على أسس موضوعية‪.‬‬
‫ج‪ -‬جيب أن تتكون نتائج التحليل املضمون مطابقة يف حالة اعادة الدراسة التحليلية لذات األداة وللمادة (قيد‬
‫التحليل) لضمان ثبات النتائج – االتساق عرب الزمن‪ -‬أو عرب تطبيقها واقرتاب نتائجها من قبل حمللني آخرين‬
‫(التحكيم اخلارجي)‪.‬‬
‫ح‪ -‬ترتبط نتائج حتليل املضمون مع ما ورد من نتائج وصفية وحتليلية ونظرية‪ ،‬بإطار عام وشامل‪ ،‬ليتم وفقها‬
‫تفسري الظاهرة أو املشكلة‪ ،‬أي أنه يف هذه احلالة يعد مكمال إلجراءات منهجية أخرى تسبقه أو تلحقه يف إطار‬
‫الدراسة الشاملة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬آليات التحليل وشخصية المحلل‬
‫‪ -1‬أليات التحليل‬
‫‪ -‬العلم الواسع باملوضوع واالحاطة به‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم يف لغة البحث األساسية‪.‬‬
‫‪ -‬التمتع بفطنة وذكاء اىل األجزاء املكونة لألفكار وتكتسب هذه املهارة بالرتويض واملراس‪.‬‬
‫‪ -‬فسح اجملال للفكر وترك األحكام املسبقة واخللفيات‪.‬‬
‫‪ -‬ال مينع االستعانة باألعمال السابقة بشرط عدم الوقوع يف التبعية والتقليد‪.‬‬
‫‪ -‬التمرس على التفكيك والتجزئة املناسبة للموضوع‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ -2‬شخصية المحلل‬
‫‪ -‬قوة الشخصية اليت حترر الفكر‪ ،‬واالستقالل‬
‫‪ -‬عدم النقل وترديد األقوال‬
‫‪ -‬خالل التحليل تقاس شخصية الباحث وتبني معتقداته وتتضح قناعته‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الباحث إذا مل حيلل فهو متقدم مادة خام وجيمع املعلومات فقط‬
‫المحور الثاني‬
‫كيفية تطبيق المنهج التحليلي‬

‫أوال‪ :‬خطوات وأنواع المنهج التحليلي‬


‫‪ -1‬خطوات المنهج التحليلي‬
‫أ‪ -‬حتديد مشكلة البحث أو موضوع‬
‫ب‪ -‬صياغة الفروض افرتاض وجود عالقة بني املتغريات‬
‫ت‪ -‬حتديد جمتمع البحث‪ :‬املادة أو املواد اليت سوف ختضع للبحث والدراسة‬
‫ث‪ -‬أخذ العينة‪ :‬مثال موقف الصحافة من االنتخابات‬
‫ج‪ -‬حتديد رمز التحليل للعينة مثال جريدة اخلرب‪ ،‬الشعب‪ ،‬اجملاهد‬
‫‪2‬‬

‫‪ -2‬أنواع المنهج التحليلي‬


‫ال ُيستخدم املنهج التحليلي مبعزل عن املناهج األخرى؛ لذا جند أنه يقرتن يف املسمى بكثري من املناهج‬
‫العلمية األخرى‪ ،‬وسنوضح أبرز أنواع املنهج التحليلي فيما يلي‪:‬‬
‫المنهج الوصفي التحليلي‪:‬‬
‫تتمَّثل خطوات املنهج الوصفي التحليلي يف رصد الظاهرة حمل الدراسة‪ ،‬وِم ْن َّمَث يشرع الباحث يف توصيفها؛‬
‫من خالل املعلوم ات والبيان ات املتاح ة بش كل مب دئي‪ ،‬ومن مث وض ع األس ئلة أو فرض يات البحث العلمي‪ ،‬مث‬
‫التعمق يف الدراسة‪ ،‬والتعرف على مسببات املشكلة‪ ،‬وحتليل النتائج‪ ،‬ووضع احللول؛ من خالل رؤية الباحث‪.‬‬
‫المنهج المقارن التحليلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.4 -3 :‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.5 -4 :‬‬

‫‪7‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫ظه رت احلاج ة للمنهج املق ارن التحليلي يف تل ك الف رتة‪ ،‬وال يت تتف اوت فيه ا ال دول من حيث مس توى التق دم‪،‬‬
‫وجند أن هن اك ظ واهر وإش كاليات تتف اوت يف ح َّدهتا بني دول وأخ رى‪ ،‬وهن اك من يتغَّلب عليه ا بس رعة‪،‬‬
‫وأخرى تقبع حتت نرياهنا‪ ،‬وال تستطيع التخلص منها‪ ،‬ومن مث يستخدم ذلك املنهج يف املقارنة بني اإلشكاليات‬
‫يف أكثر من دولة‪ ،‬واالستفادة من طرق العالج اليت اتبعتها الدول املتقدمة‪ ،‬ومن خالل التحليالت الدقيقة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫المنهج الفلسفي التحليلي‪:‬‬
‫يع د املنهج الفلس في التحليلي أنسب املن اهج يف تفس ري الظ واهر املعنوي ة‪ ،‬ومن بني ذل ك مفه وم الع دل واإلميان‬
‫واجلمال والوجود واخلري والشر‪ ،‬ويساهم ذلك يف التوصل ألنسب التفسريات يف تلك النوعية من الدراسات‬
‫العلمية‪.‬‬
‫المنهج االستكشافي التحليلي‪:‬‬
‫يستخدم املنهج االستكشايف التحليلي يف حالة رغبة أحد الباحثني يف تصميم اخرتاع جديد‪ ،‬وعماد ذلك املنهج‬
‫هو التجربة واخلطأ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهمية المنهج التحليلي وتطبيقه في العلوم اإلسالمية‬

‫‪ -1‬أهمية المنهج التحليلي‬


‫التحلي ل يعت رب آلي ة تفس ريية حيث ميكن الب احث من التعم ق واالن دماج يف ص لب املوض وع مث‬ ‫‪-‬‬
‫التحكم فيه‪.‬‬
‫يوصله الباحث اىل االجابة على األسئلة واالستفسارات اليت تبدو له غامضة يف أول األمر‪ ،‬فيزيل‬ ‫‪-‬‬
‫غموض ها ويعتم د على األفك ار املنغلق ة على الفهم فيف ك انغالقه ا‪ ،‬ول دى الول وج يف املوض وع‬
‫وحتليله‪ ،‬والغوص فيه وتفكيكه يتضح املقصود منه ويتجلى للفكر ما فيه مثال‪ :‬حتليل آيات القرآن‬
‫الذي يعد فرعا من فروع العلوم الشرعية مبا يسمى بعلم التفسري‬
‫ان انعدام التحليل أو ضعفه يؤدي به اىل االحنراف‪.2‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -2‬تطبيق المنهج التحليلي في العلوم اإلسالمية‬


‫صنف الدكتور رشدي فكار املناهج مطلقا إىل ثالثة هي‪:‬‬

‫المنهج التاريخي‪ :‬وقد قسمه بدوره إىل قسمني من حيث االستعمال‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ -‬أوال‪ " :‬املنهج التارخيي كطريقة حبث "‪ :‬وهـو الذي ُيعىن بالتأريخ للعلوم مجيعها‪ ،‬عرب التساؤالت الثالثة‪:‬‬
‫كيف نشأ؟ وكيف تطور؟ مث كيف آل؟‬

‫‪ -‬ثانيا‪ " :‬املنهج التارخيي كقدرة شرح "‪ :‬وهذا خيص الدراسات التارخيية‪ ،‬وقد ميز فيه بني ثالثة مستويات‪:‬‬

‫‪/https://www.mobt3ath.com - 1‬‬
‫‪ - 2‬احملاضرة السابعة‪ -‬املناهج الفرعية‪ -‬املنهج التحليلي‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪9‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫أ‪ -‬منهج الم ‪66‬ؤرخ‪ :‬ال ذي يعتم د على كيفي ة االحتف اظ بالتسلس ل واالسرتس ال لألفع ال واألفك ار ع رب‬
‫التاريخ‪ ،‬فهو منهج رصدي‪.‬‬
‫ب‪ -‬منهج ع‪66 6‬الم الت‪66 6‬اريخ‪ :‬ال ذي يه دف إىل تص حيح الت اريخ وغربلت ه مما عل ق ب ه من تغميض املؤرخني‬
‫وتذوقاهتم وانتماءاهتم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬فلسفة التاريخ‪ :‬اليت ُتعىن ب " تعليل الواقع واألحداث الصحيحة"‪.‬‬
‫‪ -2‬المنهج السسيولوجي‪ :‬وخيتصره يف ثالثة اجتاهات هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬البنيوية الوظيفية‪.‬‬

‫ب‪ -‬اجلدلية املادية‪.‬‬


‫ت‪ -‬اجلدلية األمربيقية ) الواقعية ( ‪.‬‬
‫‪ -3‬المنهج التحليلي‪ :‬وهو يهتم بدراسة العلوم اليت تعتمد على قواعد وأنسقة يف التحليل ‪.‬‬
‫هذا وقد اقرتح الدكتور رشدي فكار‪ ،‬هذه املناهج الثالثة خاصة‪ ،‬للتطبيق يف اإلسالميات‪ ،‬وذلك أن‬
‫(املنهج التارخيي كقدرة شرح) ميكن أن ُيغطي اإلطار احلضاري للمجتمع اإلسالمي‪ ،‬منذ النشأة حىت اليوم‪،‬‬
‫وأم ا (املنهج السيس يولوجي) ‪-‬خاص ة (اجلدلي ة األمربيقي ة)‪ -‬فه و ص احل لدراس ة (اجملتمع ات اإلس المية)‪ .‬وأم ا‬
‫(املنهج التحليلي) فيستعمل يف العلوم اإلسالمية القاعدية أو النسقية‪ .‬ولذلك ميكن استئناس هذا املنهج أساسا‬
‫يف غالبية العلوم الفقهية‪ ،‬واحلديثية والتفسريية‪ ،‬وما حول ذلك‪ ،‬ألهنا علوم حتتكم إىل قاعدة قرآنية أو سنة‪ ،‬أو‬
‫نسق يف االجتهاد لألئمة األربعة ‪.‬‬

‫ولعل هذا االقرتاح الذي قدمه الدكتور رشدي فكار غري جامع‪ ،‬فثمة حبوث إسالمية‪ ،‬قد ال جتد مكاهنا‬
‫بني املناهج الثالثة‪.‬‬
‫فأين نضـع (البحوث التحقيقية) مثال؟ وهي على رأس أولويات البحث العلمي يف الدراسات اإلسالمية‪،‬‬
‫فال هي (تارخيي ة) باملفهوم ال ذي أعط اه للمنهج الت ارخيي جبمي ع أقس امه‪ ،‬وال هي (سوس يولوجية) وال (حتليلية)‬
‫باملفاهيم اليت قدمها ألقسام هذه وتلك‪.1‬‬
‫وأين نضع (البحوث اجلمعية) و(الدراسات املقارنة) و(الدراسات التارخيية السكونية)؟‬
‫فال منهج مما قدمه ميكن أن يستوعب مثل هذه البحوث‪.‬‬

‫‪ - 1‬فريد األنصاري‪ ،‬أجبديات البحث يف العلوم الشرعية‪ ،‬منشورات الفرقان‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬ذو القعدة‬
‫‪ /1417‬أبريل ‪ ،1997‬ص‪.64 -63 :‬‬

‫‪10‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫‪ -‬التصنيف المقترح في إطار العلوم الشرعية‪:‬‬
‫يقول األستاذ فريد األنصاري‪ :‬وحنن ههنا‪ ،‬نقرتح أن ُتصنف مناهج البحث يف إطار العلوم الشرعية إىل‬
‫أربع ة ُم راعني يف ذل ك طبيع ة الدراس ات اإلس المية وخصوص ياهتا وهـي‪ :‬املنهج الوص في‪ ،‬واملنهج الت وثيقي‪،‬‬
‫واملنهج احلواري‪ ،‬مث املنهج التحليلي‪.1‬‬
‫المنهج التحليلي‪:‬‬
‫وه و منهج يق وم على دراس ة اإلش كاالت العلمي ة املختلف ة‪ ،‬تفكيك ا‪ ،‬أو تركيب ا‪ ،‬أو تقوميا ف إذا ك ان‬
‫اإلش كال تركيب ة منغلق ة‪ ،‬من ال رتاث‪ ،‬أو الفك ر اإلس المي املعاص ر‪ ،‬ق ام املنهج التحليلي بتفكيكه ا‪ ،‬وإرج اع‬
‫العناصر إىل أصوهلا‪ .‬أما إذا كان اإلشكال عناصر مشتتة‪ ،‬فإن املنهج يقوم بدراسة طبيعتها ووظائفها‪ ،‬لريكب‬
‫منها نظرية ما‪ ،‬أو أصوال ما‪ ،‬أو قواعد معينة‪ ،‬كما ميكن أن يقوم املنهج التحليلي على تقومي إشكال ما‪ ،‬أي‬
‫نقده‪ . 2‬ويتلخص املنهج التحليلي يف عمليات ثالث قد جتتمع كلها أو بعضها يف العمل الواحد وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬التفس‪66‬ير‪ :‬وه و ع رض األعم ال العلمي ة‪ ،‬على س بيل التأوي ل‪ ،‬والتعلي ل وه و عم ل علمي جلي ل؛ ذل ك أن‬
‫الرتاث االسالمي اليوم حمتاج فيما هو حمتاج اليه‪ ،‬اىل فهم صحيح ملقاصده‪ ،‬من خالل مصطلحاته ونظرياته‪،‬‬
‫وهذا ليس باألمر اليسري‪ ،‬بل إنه ملن الضروري أن تعد لذلك الرسائل‪ ،‬والبحوث‪ ،‬إذ أن تأويل قضايا الرتاث‪،‬‬
‫وتعليلها‪ ،‬حىت تتضح مشكالهتا‪ ،‬وتنكشف مبهماهتا‪ ،‬يعترب من أوىل األولويات‪ ،‬يف املشروع الرتاثي‪ ،‬بعد حتقيق‬
‫النص وص مباش رة‪ .‬وعلي ه فإن ه من املمكن أن نتص ور العملي ة التفس ريية‪ ،‬على مس تويني‪ :‬األول بس يط والث اين‬
‫مركب‪.‬‬
‫أما املستوى البسيط فهو شرح القضايا العلمية‪ ،‬بتحليل نصوصها وتأويل مشتبهاهتا حبمل بعضها على‬
‫بعض‪ ،‬تقييدا‪ ،‬وإطالقا‪ ،‬أو ختصيصا‪ ،‬وتعميما‪ ،‬لضم املؤتلف‪ ،‬وفصل املختلف‪ ،‬وإمنا يتم ذلك كله‪ ،‬بناء على‬
‫استقراء نصوص اإلشكال وإحصائها‪ ،‬حىت تنجلي حقيقة املصطلح‪ ،‬شرحا وتعريفا‪ ،‬إذا كان املوضوع دراسة‬
‫مصطلحية‪ ،‬أو حقيقة النظرية العلمية‪ ،‬أو القاعدة العلمية‪ ،‬إذا كان املوضوع كذلك‪.‬‬
‫وأم ا املس توى املركب فه و حماول ة تعلي ل الظ واهر‪ ،‬بإرج اع القض ايا إىل أص وهلا‪ ،‬ورب ط اآلراء بأس باهبا‪،‬‬
‫وعللها‪.‬‬
‫ب‪ -‬النقد‪ :‬إن النقد هو عملية تقومي‪ ،‬وتصحيح‪ ،‬وترشيد؛ وعليه‪ ،‬فإنه ال يكون مبعىن النقض‪ ،‬بل هو حماكمة‬
‫إىل قواعد متفق عليها‪ ،‬أو إىل نسق كلي‪.‬‬
‫ذلك أن نقد فهم ما‪ ،‬آلية قرآنية‪ ،‬أو آيات أو أحاديث‪ ،‬أو نقد اجتهاد ما‪ ،‬جزئيا كان أو كليا‪ ،‬يف أي‬
‫جماالت العل وم الش رعية‪ ،‬إمنا ه و عملي ة حماكم ة وتق ومي‪ ،‬هتدف إىل التص حيح والرتش يد من خالل بي ان م واطن‬
‫اخلط أ والص واب‪ .‬بن اء على مق اييس متف ق على جله ا‪ ،‬أو كله ا‪ ،‬كقواع د فهم النص وص الش رعية أو قواع د‬
‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.96 :‬‬

‫‪11‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االس تنباط أو قواع د اجلرح والتع ديل‪ ...‬وي دخل يف ذل ك األنس اق الكلي ة للعلوم الش رعية‪ ،‬كالنس ق األص ويل‪،‬‬
‫بالنس بة للدراس ات األص ولية‪ ،‬أي املنهج الع ام‪ ،‬املب ين علي ه العلم‪ ،‬كأص ول االس تنباط‪ ،‬وترتيبه ا‪ ،‬ه ذا أيض ا من‬
‫املقاييس املعتمدة يف‪ 1‬عملية التقومي‪ .‬فبواسطة هذه الضوابط وأمثاهلا نستطيع أن نقول‪ :‬هذا خطأ وهذا صواب‪.‬‬
‫وباإلمكان اجلمع‪ ،‬يف املنهج التحليلي‪ ،‬بني طريقيت التفسري والنقد؛ وذلك بعرض األعمال العلمية شرحا‬
‫وتعليال‪ ،‬مث نقدها على سبيل التزامن أو على سبيل الرتاخي‪ ،‬واملقصود بالرتاخي ههنا‪ ،‬أن يكون العمل النقدي‪،‬‬
‫الحقا بالعمل التفسريي‪ ،‬كأن يكون هذا فصال أوال‪ ،‬أو بابا‪ ،‬أو قسما أوال‪ ،‬ويكون اآلخر فصال ثانيا‪ ،‬أو بابا‬
‫ثانيا‪ ،‬أو قسما ثانيا‪ ،‬أو حنو ذلك‪ .‬وأما التزامن فاملقصود به أن يندمج النقد مع التفسري‪ ،‬يف عملية واحدة‪ ،‬كأن‬
‫تع رض الفك رة ش رحا وتعليال‪ ،‬مث تنتق د بع د ذل ك مباش رة‪ ،‬وتن اقش‪ ،‬لبي ان احلق والباط ل فيه ا‪ ،‬هك ذا يف ك ل‬
‫أبواب البحث‪.‬‬
‫ج‪ -‬االستنباط‪ :‬واملراد به االستنتاج االجتهادي‪ ،‬والتجديد العلمي‪ .‬فكل عمل يهدف اىل وضع نظرية علمية‬
‫ما‪ ،‬أو تركيبها‪ ،‬أو بناء قاعدة يف الفقه أو األصول أو التفسري‪ ،...‬أو تأصيل فتوى‪ ،‬أو جمموعة من الفتاوى‪،‬‬
‫يدخل ضمن الطريقة االستنباطية من املنهج التحليلي‪.‬‬
‫وعليه فإنه باإلمكان أن نصنف صور االستنباط اىل نوعني‪:‬‬
‫‪ -‬النوع األول‪ :‬االستنباط اجلزئي‪ ،‬وهو االجتهاد املتعلق بقضايا جزئية‪ ،‬يف أحد اجملاالت العلمية‪ ،‬على‬
‫أساس االبتكار والتجديد‪ ،‬كالقيام ببحث خيلص فيه اىل صياغة قاعدة‪ ،‬أو قواعد علمية ما أو وضع مصطلح‪،‬‬
‫أو مصطلحات‪ ،‬جملموعة من املفاهيم اجلديدة املستنبطة‪ ،‬أو دراسة إشكال من اإلشكاالت النظرية‪ ،‬اليت مل يقطع‬
‫فيها بقول فصل بعد‪ ،‬أو طرحه ألول مرة‪ ،‬وإصدار رأي أو آراء حوله‪ ،‬بناء على احلجج‪ ،‬والرباهني العلمية‪.‬‬
‫فمن اإلش كاالت ال يت م ازالت يف حاج ة اىل جتدي د النظ ر واالجته اد‪ ،‬مثال يف علم أص ول الفق ه ت رتيب أدل ة‬
‫التش ريع‪ ،‬وقض ية (النس خ) خاص ة فيم ا يتعل ق بنس خ الس نة للكت اب‪ ،‬وك ذلك خ رب اآلح اد‪ ،‬وقيمت ه التش ريعية‪،‬‬
‫وبعض املص ادر كاملص احل املرس لة‪ ،‬واالستحس ان‪ ،‬وس د ال ذرائع‪ ،‬خاص ة فيم ا يتعل ق مبنهجي ة االس تعمال‬
‫وض وابطه‪ ...‬أم ا اإلش كاالت املبتك رة‪ ،‬فك ل قض ية علمي ة مل يس بق طرقه ا من قب ل‪ ،‬مث دعت اليه ا حاج ة‬
‫حض ارية‪ ،‬فتط رح بص يغة جدي دة متام ا‪ ،‬أو بص يغة قدمية‪ ،‬كم ا ص نع ال دكتور حس ن ال رتايب يف كتيب ه «جتدي د‬
‫أصول الفقه اإلسالمي» حيث قدم مفهوما جديدا للقياس مساه «القياس الواسع» بعدما أشار اىل بعض عوائق‬
‫«القياس احملدود» بتعبريه‪ .‬هذا العمل وإن مل يرتق اىل درجة البحث العلمي مبعناه الدقيق‪ ،‬من حيث الدراسة‪،‬‬
‫فهو على األقل طرح جديد لإلشكال‪.‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬االستنباط الكلي‪ :‬وهو االجتهاد املتكامل األجزاء‪ ،‬الشمويل النظرة‪ ،‬الذي يهدف اىل‬
‫(تركيب)‪ ،‬أو (وضع) نظرية علمية‪ .‬أما (الرتكيب) فهو مجع املادة العلمية‪ ،‬من الرتاث‪ ،‬وسبكها يف نسق جيعل‬
‫منها وحدة متكاملة‪ ،‬بشرط أال تكون النظرية قد عرفت‪ ،‬عند أحد القدماء‪ ،‬أي سبق الوعي هبا عنده فتحدث‬
‫‪ - 1‬فريد األنصاري‪ ،‬أجبديات البحث يف العلوم الشرعية‪ ،‬ص‪.99 -98 :‬‬

‫‪12‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫عنها وكتب فيها‪ ،‬إال أنه مل يضعها يف قالب منهجي‪ ،‬أو أن صياغتها املنهجية قد ضاعت ومل يبق منها إال أمايل‬
‫هنا‪ ،‬وهناك‪ ،‬ميكن مجعها وإعادة تركيبها‪ .‬فمثل هذا عمل يدخل يف (طريقة اجلمع) من املنهج التوثيقي‪ .‬أما‬
‫الرتكيب املقصود ههنا‪ ،‬فهو مجع م ادة علمية‪ ،‬إلشكال مت حبثه‪ ،‬يف جمال علمي ما‪ ،‬من طرف غري واحد من‬
‫العلماء‪ ،‬إال أنه مل يبلغ درجة من النضج‪ ،‬متكن أحد القدماء من مجع أطرافه وتركيبها‪ .‬بيد أن الكثري كتب فيه‬
‫م ا تيس ر ل ه‪ ،‬مما أدى اىل ت راكم املادة العلمي ة‪ ،‬ف إذا ت بني بع د مجعه ا‪ ،‬وتفحص ها‪ ،‬أهنا مما ميكن تركيب ه يف نس ق‬
‫منهجي‪ ،‬وص ياغته يف نظرية متكامل ة‪ ،‬ركبت ذلك ال رتكيب وص يغت بتلك الص ياغة‪ ،‬وأض يفت اليها اللبنات‬
‫اليت قد يبدو خلو مواضعها أثناء عملية البناء‪ ،‬حىت تستوي نظرية قائمة كاملة!‬
‫وأما (الوضع) فهو اإلنشاء االبتدائي لنظرية علمية‪ ،‬يف جمال ما‪ ،‬أي ابتكارها كليا على أساس إشكال‬
‫جديد‪ .‬ذلك أن تطور الواقع بكل أشكاله‪ :‬اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا‪ ،...‬وتطور العلوم املختلفة‪ ،‬وغري ذلك‬
‫من التطورات‪ ،‬والتغريات‪ ،‬املتعلقة بالعصر‪ ،‬كل ذلك جيعل من الضروري التجديد يف العلوم الشرعية‪ ،‬جزئيا‬
‫وكليا‪ ،‬ملواكبة حاجيات األمة احلضارية‪ ،‬وإلقامة اجملتمع اإلسالمي السليم‪.‬‬
‫و(وض ع) النظري ة العلمي ة‪ ،‬يقتض ي أوال إحاط ة دقيق ة باجملال العلمي ال ذي ستؤس س في ه‪ ،‬كم ا يقتض ي‬
‫التحقق من احلاجة العلمية إليها‪ ،‬أي أهنا جتيب على إشكال حقيقي ال ومهي‪.‬‬
‫ويقول األستاذ فريد األنصاري‪« :‬الوضع هو إنشاء ابتدائي» ال يعين االنطالق من الفراغ‪ .‬إذ ال شيء يف‬
‫العلم ينطلق من الصفر‪ ،‬ذلك أن وضع األنساق النظرية‪ ،‬مهما كان جديدا فهو يكون بأدوات قدمية معروفة‪،‬‬
‫وحيتكم اىل قواعد العلم الذي وضعت فيه النظرية ويستمد مادته منه أساسا‪ ،‬ومن غريه من العلوم‪ .‬فلنفرتض أن‬
‫باحثا ما عزم على وضع نظرية جديدة يف منهج استنباط احلكم الشرعي مثال فهو بال شك سيعتمد على قواعد‬
‫أص ول الفق ه‪ ،‬وض وابطه‪ ،‬وأدلت ه‪ ،‬ومن اهج االس تدالل في ه‪ ،‬وغ ري ذل ك من الرتاكم ات العلمي ة‪ ،‬يف ه ذا اجملال‪،‬‬
‫فيختار ما خيتار‪ ،‬ويتبىن ما يتبىن‪ ،‬وينتقد ما ينتقد‪ ،‬ويتجاوز ما يتجاوز‪ ،‬أو ينحت ما ينحت‪ ،‬ويبتكر ما يبتكر‪،‬‬
‫مث يصوغ بعد ذلك نظريته تلك‪ ،‬ليحدد هلا موضعها يف حلقات الدراسات األصولية قدميا وحديثا‪.1‬‬

‫‪ - 1‬فريد األنصاري‪ ،‬أجبديات البحث يف العلوم الشرعية‪ ،‬ص‪.100 -99 :‬‬

‫‪13‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ويف ختام هذه الدراسة سأعرض أهم النتائج اليت توصلت إليها‪:‬‬

‫املنهج التحليلي هو منهج يقوم على دراسة اإلشكاالت العلمية املختلفة‪ ،‬تفكيكا‪ ،‬أو تركيبا‪ ،‬أو‬
‫تقوميا‪ ،‬فهو إذن يتلخص يف عمليات ثالث‪ ،‬قد جتتمع كلها‪ ،‬أو بعضها يف العمل الواحد‪ ،‬وقد‬
‫تنفرد إحداها ببناء البحث‪ ،‬وهي حسب ال رتتيب املنطقي للبحث العلمي‪( :‬التفسري) وقد عربنا‬
‫عنه بالتفكيك‪ ،‬و(النقد)‪ ،‬وقد عربنا عنه بالتقومي‪ ،‬مث (االستنباط) وقد عربنا عنه بالرتكيب‪.‬‬
‫يقرتن املنهج التحليلي دائما باملنهج الرتكييب‪ ،‬فالتحليل والرتكيب عمليتان عقليتان تقوم عليهما‬
‫معظم املناهج األخرى‪.‬‬
‫ال ُيستخدم املنهج التحليلي مبعزل عن املناهج األخرى؛ لذلك يتنوع املنهج التحليلي يف البحث‬
‫العلمي إىل املنهج الوصفي التحليلي واملنهج املقارن التحليلي واملنهج الفلسفي التحليلي مث املنهج‬
‫االستكشايف التحليلي‪.‬‬
‫تكمن أمهي ة املنهج التحليلي باعتب ار التحلي ل آلي ة تفس ريية حيث ميكن الب احث من التعم ق‬
‫واالندماج يف صلب املوضوع مث التحكم فيه‪ ،‬وانعدامه أو ضعفه يؤدي به اىل االحنراف‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ ‬أيب احلسني بن زكريا بن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬كتاب (النون)‪ ،‬والقاموس‬
‫احمليط للفريوز أبادي باب اجليم فصل النون‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الرمحن بدوي‪ ،‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1977‬م‪ ،‬وكالة‬
‫املطبوعات – الكويت‪.‬‬
‫‪ ‬فريد األنصاري‪ ،‬أجبديات البحث يف العلوم الشرعية‪ ،‬منشورات الفرقان‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬ذو القعدة ‪ /1417‬أبريل ‪.1997‬‬
‫‪ ‬حممد حممد قاسم‪ ،‬املدخل إىل مناهج البحث العلمي‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1999‬م‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫المحتويات‬
‫مقدمة ‪4..............................................................................................‬‬
‫المحور األول ‪5......................................................................................‬‬
‫مفهوم المنهج التحليلي ‪5.............................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف المنهج التحليلي وعالقته بالمناهج األخرى ‪5.............................................‬‬
‫‪ -1‬التعريف بالمنهج ‪5...............................................................................‬‬
‫المنهج في لغة العرب‪5.............................................................................. :‬‬
‫والمنهج في االستعمال القرآني‪5.................................................................... :‬‬
‫المنهج في بعض استعماالت السنة النبوية‪5.......................................................... :‬‬
‫المنهج في االصطالح‪6............................................................................. :‬‬
‫‪ -3‬عالقة المنهج التحليلي بالمناهج األخرى ‪6........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مضمون المنهج التحليلي ‪6......................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬آليات التحليل وشخصية المحلل ‪7..............................................................‬‬
‫‪ -1‬أليات التحليل ‪7.................................................................................‬‬
‫‪ -2‬شخصية المحلل ‪7..............................................................................‬‬
‫المحور الثاني ‪8......................................................................................‬‬
‫كيفية تطبيق المنهج التحليلي ‪8.......................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬خطوات وأنواع المنهج التحليلي ‪8..............................................................‬‬
‫‪ -2‬أنواع المنهج التحليلي ‪8.........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية المنهج التحليلي وتطبيقه في العلوم اإلسالمية ‪9............................................‬‬
‫‪ -1‬أهمية المنهج التحليلي ‪9.........................................................................‬‬
‫‪ -2‬تطبيق المنهج التحليلي في العلوم اإلسالمية ‪9.....................................................‬‬
‫خاتمة‪14........................................................................................... :‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‪15........................................................................ :‬‬

‫‪16‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
17
www.alukah.net

You might also like