Professional Documents
Culture Documents
1
المؤلف :جميل حمداوي
العنوان :مفاهيم الديدكتيك العامة
الطبعة األولى2018:م
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
منشورات حمداوي الثقافية ،تطوان ،الهاتف0672354338:
jamilhamdaoui@yahoo.fr
اإليداع القانوني:
ردمك:
2
اإلهـــــداء
3
الفــهــــرس
اإلهــــــداء
الفهرس 4..............................................................................
المقدمـــة 5............................................................................
المبحث األول :المفهوم 7 .........................................................
المبحث الثاني :التمثالت11........................................................
المبحث الثالث :المثلث البيداغوجي22............................................
المبحث الرابع :الوساطة الديدكتيكية25..........................................
المبحث الخامس :التعاقد الديدكتيكي29..........................................
المبحث السادس :النقل الديدكتيكي35 ...........................................
المبحث السابع :الفضاء الديدكتيكي38 ..........................................
المبحث الثامن :الصراع السوسيو -معرفي40..................................
المبحث التاسع :الخريطة الذهنية43..............................................
المبحث العاشر :السيناريو البيداغوجي49.......................................
المبحث الحادي عشر :التقطيع الديدكتيكي54...................................
المبحث الثاني عشر :النموذج الديدكتيكي55....................................
المبحث الثالث عشر :الوضعية الديدكتيكية59..................................
المبحث الرابع عشر :التعلم ونظرياته76........................................
الخاتمــــة132........................................................................
ثبت المصادر والمراجع134.......................................................
4
المقدمــــة
يتناول هذا الكتاب مجموعة من الدروس والمحاضرات التي تندرج ضمن
مادة الديدكتيك ،أو مادة التربية الخاصة.ومن ثم ،يتوجه الكتاب إلى
المكونين واألساتذة والطلبة المهتمين بقضايا التربية والتعليم بصفة خاصة.
ومن ثم ،يجمع هذا الكتاب التربوي المبسط والميسر مجموعة من المفاهيم
والمصطلحات المتعلقة بالديدكتيك ،أو علم التدريس ،أو فن التعليم .ويعني
هذا أن الكتاب تعريف مجمل بمفاهيم علم الديدكتيك المتعددة والمتنوعة،
ورصد مختلف تصوراتها النظرية والتطبيقية ،بالتوقف عند تمفصالتها
العلمية والمرجعية ،والتركيز على أسسها الفكرية واإلجرائية ،ودراسة
مدلوالتها المتنوعة و المتشعبة ،واستكشاف قضاياها المختلفة ،واستقصاء
مرجعياتها التاريخية والمعرفية والسياقية.
ومن هنا ،فلقد انصب كتابنا هذا على تناول مجموعة من المفاهيم
الديدكتيكية العامة كمفهوم المفهوم ،ومفهوم التعلم ،ومفهوم الوضعية،
ومفهوم العائق ،ومفهوم الوساطة ،ومفهوم الفضاء الديدكتيكي ،ومفهوم
التقطيع الديدكتيكي ،ومفهوم السيناريو البيداغوجي ،ومفهوم النموذج
التربوي ،ومفهوم التعاقد الديدكتيكي ،ومفهوم الصراع السوسيو -معرفي،
ومفهوم المثلث الديدكتيكي ،ومفهوم التمثالت الديدكتيكية...
وقد توسلنا ،في كتابنا اإلبستمولوجي هذا ،بلغة عربية سهلة ومبسطة
وواضحة ،مع االبتعاد قدر اإلمكان عن الحشو واإلطناب وركاكة اللغة
من أجل أن يستفيد منه الجميع.لذلك ،قسمناه إلى مجموعة من المباحث
المترابطة لتسهيل عملية التنقيب والبحث واالستكشاف على الدارسين
والمدرسين والباحثين والطلبة على حد سواء ،والسيما الذين يسعون
جادين إلى تجميع المعلومات والبيانات والمعطيات التي تتعلق بمفاهيم
الديدكتيك العامة.
5
وفي األخير ،أسأل هللا عز وجل أن يلقى هذا الكتااب المتواضاع استحساانا
لدى المتلقي .وأشكر هللا وأحمده على علماه ونعماه وفضاا له الكثيار التاي
ال تعد وال تحصى .وهللا ولي التوفيق.
6
توطئة البد منها:
يشتمل علم الديدكتيك ( ،)Didactiqueأو التربية الخاصة ،أو العملية
التعليمية-التعلمية على مجموعة من المفاهيم والتصورات والدوال
األساسية التي تسعف الباحث في بناء معرفته في مجال التدريس والتكوين
والتعليم.ومن ثم ،فهناك مجموعة من المفاهيم الديدكتيكية الرئيسة التي
اليمكن أن يستغني عنها الباحث التربوي في تناول القضايا والمواضيع
والظواهر الديدكتيكية .ومن بين هذه المفاهيم التي ينبغي التوقف عندها
المفاهيم التالية:
7
ويستند المفهوم إلى مجموعة من الخصائص والمميزات التي تفرده عن
باقي الدوال والتصورات األخرى ،ويمكن تحديدها فيما يلي:
التجريد :هو أن يقوم الذهن بإدراك الخصا ص الثابتة المشتركة بين
طا فة من األشياء ،أو عبار عن تصور أو تمثل مجرد عام .وهو يشتمل
على عدد معين من الصفات المستخلصة أو المجرد من تمثل.أي:
الصفات التي يتشرك فيها مجموعة من أفراد العينة الواحد أو جنس
واحد عام .فمفهوم القلم يتضمن مجموعة من الصفات ككونه مصنوعا
من ماد البالستيك مثال ،ومنتهيا بريشة ثابتة ،ومشتمال على مستودع
الحبر .وتستخلص هذه المواصفات من مجموعة من أقالم الحبر
المعروفة.
إذاً ،يمثل المفهوم ف ة من األشياء تشترك في هذه الصفات والخصا ص
والقواسم المشتركة .ومن هنا ،فالمفهوم عبار عن تصور
( )Compréhension ou Connotationيطلق على مجموع الصفات
التي يجمع بينها التصور.أما ماصدق) (Extensionالتصور ،فهو
مجموع األفراد الذين يصدق عليهم.والتصور عالقة بين ما صدق
ومفهوم .ومن هنا ،فالمفهوم عبار عن صفات ودوال ذهنية مجرد
تنطبق على مجموعة من األشياء واألفراد والكا نات الحية والجامد .1
التعميم :يقصد به تطبيق المفهوم على كل األفراد التي تشترك في
الخصا ص نفسها.
التضمن :هو مجموعة الصفات والخصائص التي تعيين معنيى الحيد أو
المفهييوم ،وتكشييف محتييواه ومضييمونه.وللتمثيل ،فكلميية إنسييان حييد ،أو اسييم
كليييي ،أو مفهيييوم يتضيييمن عيييدة معييياني قائمييية فيييي اليييذهن :حييييوان نييياطق،
اجتماعي ،تقني ،إلخ ...أميا الشيمول ،فهيو مجموعية األفيراد التيي يمكين أن
- 1بول موي :المنطق وفلسفة العلوم ،ترجمة :فؤاد حسن زكريا ،دار نهضة مصر،
القاهرة ،د.ت ،ص.31 :
8
يصدق عليها الحد أو االسم الكلي طبقا للصورة التيي حيددنا بهيا مضيمونه،
فإذا كان التضمن يتعلق بالصيفات ،فيإن الشيمول هيو طائفية األفيراد كعليي،
وعثمييان ،ومصييطفى ،ومحمييد ،وزهير...ويسييمى الشييمول عنييد المناطقيية
بالماصدق.2
الخاصية الذهنية :ويعني هذا أن الذهن يقوم بتجريد المفاهيم والمعاني.
خاصية التصور:ويقصد بالتصورات تلك األلفاظ أو المعاني والمفاهيم
العامة 3التي يجري عليها االستدالل ،مثل :إنسان ،ومحفظة ،وكرسي،
وتلميذ ،وفان...ومن هنا ،فالتصورات ،سواء أكانت بسيطة أم مركبة ،هي
التي نعبر عنها في اللغة باأللفاظ ،وفي المنطق بالحدود ،فكل لفظ يدل على
معنى محدد.وإذا كانت التصورات نتاج عالم المثل حسب أفالطون ،فإنها
مرتبطة ،عند أرسطو ،بالواقع المحسوس؛ حيث ينتجها العقل اإلنساني
عبر عمليتين عقليتين هما :التجريد والتعميم( 4مثل :اإلنسان عاقل
وناطق).
إذاً ،تتحييدد المفيياهيم 5والحييدود بتبيييان العييرل ميين الثابييت ،ويكييون ذلييك
بيييالتعريف الجيييامع الميييانع .والينصيييب التعرييييف إال عليييى األسيييماء الكليييية
كإنسان ،وحديد ،وشيجر....أما األسيماء الجزئيية ،فالتيدل إال عليى موجيود
مفرد ومشخص ،كعثمان ،وعلي ،ومحمد...
- 2الماصدق( )L’éxtensionهم األفراد الذين يصدق عليهم التضمن ،أو هو كل ما ينطبق
عليه المفهوم ،تاليا هو الفرد أو مجموعة األفراد أو الجزئيات التي يصدق عليها المفهوم
(اللفظ).وللتمثيل :ماصدق لفظ معدن :الفضة ،والذهب ،والحديد ،والنحاس ،والرصاص،
والقصدير...وتدل ما على الذي ،وصدق على كلمة تدل.
وماصدق لفظ حيوان :اإلنسان ،الطير ،الزواحف ،النمر...
- 3المفهوم تصور مشترك ينطبق على عدد غير معين من األفراد والصور.
- 4التجريد هو أن يقوم الذهن بإدراك الخصائص الثابتة المشتركة بين طائفة من األشياء.في
حين ،يقصد بالتعميم تطبيق المفهوم على كل األفراد التي تشترك في الخصائص نفسها.
- 5المفهوم ( )Compréhensionهو مايدركه العقل من حقائق األشياء.
9
وعليه ،فالمفهوم هو ما يدركه العقل من حقائق األشياء .وهو أيضا تصور
مشترك ينطبق على عدد غير معين من األفراد والصور.
ومن جهة أخرى ،يعني المصطلح ( )Termeذلك المعنى المشترك ،وهو
جزء من المفهوم .ويتميز بطابعه االتفاقي الخاص الذي يتغير من كينونة
بشرية ومجتمعية إلى أخرى .ويعني هذا أن المصطلح خاضع للعالقة
االعتباطية بين الدال والمدلول .وهو كذلك بمثابة المفاتيح واألدوات
العلمية اإلجرائية التي يستعين بها الباحث لتفكيك موضوع ما أو بنائه من
جديد.
وإذا كانت المفاهيم عامة ومجردة ،فإن المصطلحات خاصة وقابلة للتمثل
والتطبيق واالستيعاب بسرعة .وللمصطلح وظائف رئيسة كتوصيف العلم
ونقله وتأسيسه .ولكل لعلم مصطلحاته الخاصة .
أما فيما يخص التعريف ،فهو مصطلح منطقي ذهني يقوم على الفصل
والنوع .فعندما نقول :اإلنسان حيوان ناطق ،فلقد جئنا بصفة مانعة وهي
النطق التي التتوفر في الحيوان ،ويسمى هذا بالفصل.وقد يتوفر النوع
على بعض الصفات التي التدخل في جوهر اإلنسان ،واليوصف بها،
فالتخرج عن أن تكون خاصة به كالضحك ،أو من األعراض العامة التي
يشترك فيها اإلنسان مع غيره كالمشي واألكل وما إلى ذلك ،واليعتد بها
كثيرا في تعريف األشياء تعريفا تاما ،فالتعريف التام عند األرسطيين اليتم
إال بالجنس والفصل.
ويسمى االسم الكلي القابل للتعريف عند المناطقة نوعا ،وهو معنى عيام أو
حقيقيية واحييدة مشييتركة تنطبييق علييى أفييراد يختلفييون عيين بعضييهم بييذواتهم،
مثييل :اإلنسييان .وعنييدما نقييول :اإلنسييان حيييوان ،فقييد انتقلنييا إلييى معيييار
الجنس.وفي هذا ،يتشترك اإلنسان مع القردة ،والنمل ،والطيور...
10
ويسيييمى الجننننس والننننوع والفصنننل والخاصنننة والعنننرض العنننام بالكلييييات
الخميييس ،أو المحميييوالت الخمس.ويتمثيييل اليييذاتي فيييي النيييوع ،والجييينس،
والفصل.أما العرل ،فيتمثل في الخاصة والعرل العام.
- 6ابن يعيش محمد :مفاهيم أساسية في علم النفس االجتماعي ،مطبعة تطوان ،المغرب،
الطبعة األولى سنة 2015م ،ص.231:
11
كان الباحث السوسيولوجي إميل دوركايم ( )Émile Durkheimسباقا
إلى استعمال مفهوم التمثالت االجتماعية ،7وبالضبط عند حديثه عن
التنشئة االجتماعية والتربية األخالقية ،وقد استعمله أيضا السوسيولوجي
سيرج موسكوفيتشي ( )Serge Moscoviciسنة 1961م في كتابه
(التحليل النفسي :صورته وجمهوره) .8بيد أن جان بياجيه ( Jean
)Piagetقد وظفه بكثرة في الحقلين السيكولوجي والتربوي ضمن
تصوره المتعلق بالبنيوية التكوينية.9
وبعد ذلك ،استعمله كثير من الباحثين في مجالي التربية والتدريس ،إما
بطريقة مختصرة مختزلة ،وإما بطريقة مفصلة مسهبة ،وإن تنظيرا ،وإن
تطبيقا.
المطلب الثاني :مفهوم التمثالت
تعني التمثالت تلك المعارف العامية العادية التي يكتسبها الفرد ،وهو
يتكيف مع الطبيعة ويتأقلم معها للتعلم منها .ومن ثم ،تتقابل التمثالت مع
المعرفة العلمية اليقينية .وإذا كانت التمثالت قائمة على الظن والتخمين
واالحتمال وبادىء الظن ،فإن المعرفة العلمية يقينية قائمة على التجريب
والبرهان واالستدالل.
وتتحقق التمثالت عبر التشكيل والفنون الجميلة واألعمال اليدوية ،ومن
خالل الصور واأليقونات السيميائية والمشخصة ،و بتجريد المدركات
الحسية .وتتحول اللغة واألشياء معا إلى صور وتمثالت مجردة افتراضية،
يلتقطها الذهن البشري أو العقل المعرفي ليحولها إلى صور مفهومة
7
; - Durkheim, L’éducation morale, 1902-1903, PUF, nouv.éd.1963
Éducation et sociologie, 1922. PUF, nouv.éd.1966.
8
-Moscovici S., 1961, la psychanalyse, son image et son public.
Presse Universitaire de France : Paris.
9
-Piaget, J. (1996). Le structuralisme. Paris : Presses universitaires de
France.
12
ومعلومات ومعارف وبيانات متنوعة أو واضحة ،يخزنها الدماغ البشري
في الذاكرة ،أو يخضعها لإلدراك ،والوعي ،والتفسير ،والتحليل،
والمعالجة المعرفية.
ويدل التمثل ،في المعنى السيكولوجي " ،10على استحضار موضوع
غائب إلى الذهن ،موضوع غير واقعي أو يتعذر إدراكه بكيفية مباشرة ،
ولكن وعيه أو تصوره ذهنيا ممكن ،وقد يشمل التمثل عدة صور.وهو
كالصورة يمكن تركيبه بواسطة الفاعلية الذهنية.كما يمكنه أن يستدعي
موضوعا غائبا...ورغم أن هذا المفهوم يستخدم في عدة علوم فإنها تكاد
تتفق على اعتباره نتاج عملية تفاعل بين المعطى النفسي والمعطى
االجتماعي ،سواء تعلق األمر بتمثل الذات أو الموضوع أو تمثل اآلخر،
كما تتفق مختلف الدراسات على اعتبار أن التمثل يقوم بدور الوسيط
( )Médiateurفي التفاعالت التي تتم على مستوى الفرد صورة الذات أو
على مستوى التفاعل بين األفراد أو بين الجماعات االجتماعية أو على
مستوى المجتمع بشكل عام.
ويعد التمثل أحد الميكانيزمات التي تساعد الفرد على التكيف والتواصل
مع جماعته المرجعية.لذلك قد تكون بعض التمثالت الشائعة في الثقافة
11
التي تتداولها وسائل اإلعالم وسيلة من وسائل ربط الفرد بجماعته"...
ومن جهة أخرى " ،يعتمد التمثل باعتباره عملية ذهنية تركيبية -على
جهاز نفسي بشري يستمد معطياته من الواقع انطالقا من المعلومات التي
يتلقاها الفرد من عدة مصادر كالحواس والخبرات التي تجتمع لديه
10
-Denis, M. (1999). Représentation mentale. In H. Bloch, R.
Chemana, E. Depet, A. Gallo, P. Lecomte, J.-F. Le Ny, J. Postel et M.
Reuchlin (dir.), Grand dictionnaire de la psychologie (p. 779-780).
Paris : Larousse-Bordas.
- 11أحمد أوزي :المعجم الموسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى سنة 2006م ،ص.114-113:
13
وتختزنها ذاكرته ،ومن المعلومات التي يستقيها عن طريق العالقات التي
يربطها بغيره من األفراد أو الجماعات.ومجموع هذه المعلومات أو
الخبرات تصنف وتنظم في شكل نسق ذهني عام ومتماسك بكيفية تسمح
للفرد فهم العالم المحيط به أو أحد محتوياته ،مما يجعل الفرد قادرا على
التأثير فيه والتكيف معه.ومهما كان نصيب التمثل من الصحة أو الخطأ
فهو يتم وفق تشكالت نفسية واجتماعية محددة التنفصل عن
بعضها.والتمثل يشمل ظاهرتين سيكولوجيتين هما مضمون الفاعلية
الذهنية من جهة ،والعمليات الذهنية الخاصة المرتبطة بهذه الفعالية من
12
جهة ثانية"...
ومن هنا ،فالتمثالت عبارة عن قيم ومعتقدات وأفكار ومفاهيم وصور
وخلفيات وإحاالت يؤمن بها الفرد تمثال واقتناعا وتطبيقا ،بترسيخها
وتخزينها شعوريا والشعوريا ،مع توظيفها في الوقت المالئم لالنفتاح على
الذات من جهة ،أو فهم الواقع الخارجي الموضوعي من جهة أخرى.
المطلب الثالث :مكونات التمثالت
يستند التمثل ( )Représentationإلى مكونات ثالثة ،يمكن حصرها
فيما يلي:
عملية التمثل نفسها التي تتمثل في الكتابة واستخدام الرموز والصيغ
اللفظية في ترجمة التمثالت واستعمالها وتمثلها ،والتعبير عن المدركات
الذهنية ،وتحويلها إلى معارف حسية؛
الموضوع المتمثل ( ،)Représentéويكون باستحضار الذات
واألشياء والموضوعات المدركة ،وتحويلها إلى قوالب معرفية ومدركات
مفهومة يمكن التعبير عنها أو استعمالها؛
15
ومن هنا ،فلقد أصبح مفهوم التمثل من اآلليات الجوهرية التي يعتمد عليها
علم الديدكتيك ،على أساس أن المتعلم يتعلم بالتمثالت التي تتحقق عنده بما
اكتسبه من موارد ومواقف وقدرات وكفايات ودرايات ومهارات سابقة
بغية استضمارها واستدماجها في أثناء تواجده أمام وضعيات صعبة
تتطلب منه أن يجد لها حال مالئما .13و يدل توظيف المتعلم لتمثالته
الصحيحة على مدى كفاءته وصحة مؤهالته .ومن هنا ،تقوم التمثالت
بدور الوساطة في التعلم واالكتساب وتحصيل الكفايات والقدرات التعلمية.
فضال عن دور المماثلة والتكيف والتأقلم مع البيئة أو المحيط التعلمي عن
طريق المالءمة والمشابهة واالستيعاب والتمثل والمواجهة المعرفية.
عالوة على ذلك ،تعني التمثالت مواضيع التعلم واالكتساب الذهني ،أو
هي بمثابة وسائل التعلم واكتساب المعرفة .ومن ثم ،فالتمثالت من آليات
التعليم والتعلم في آن معا .وتعد التمثالت بالنسبة للمدرس وسيلة لتحليل
الواقع الصفي للمتعلمين من أجل بناء التعلمات وتدبيرها وتقويمها .وقد
يكون التمثل باستحضار مواضيع وأشياء غائبة ،وقد يكون أيضا بإدراك
مواضيع حاضرة باستحضار أشياء غير حاضرة .وقد أثبت جان ميني
( )Jean Migneضرورة " انطالق التعليم من تمثالت التالميذ باعتبارها
تصورات قبلية حول مختلف موضوعات المعرفة ( )...وضرورة تغيير
دور األستاذ من مرسل للمعارف إلى منشط للمجموعة التي تتكون منه
14
ومن تالميذه".
13
- Sarrazy, B. (2002). Représentation versus modèle implicite dans
l’analyse des phénomènes d’enseignement : analyse didactique et
épistémologique des enjeux praxéologiques de cette distinction. In J.
Ardoino et G. Mialaret (dir.), L’année de la recherche en sciences de
l’éducation 2002. Des représentations (p. 91-125). Vauchrétien :
Presses de La Botellerie.
- 14العربي اسليماني :المعين في التربية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،المغرب،
الطبعة األولى سنة 2018م ،ص.327:
16
وتعني التمثالت الديدكتيكية أيضا إدراك المعاني المجردة ،ومواجهة
الوضعيات والمواقف الحياتية الصعبة والشائكة .كما أنها عبارة عن
تصورات ذهنية وتعلمية حول شيء أو موضوع معين .وبالتالي،
فالتمثالت هي تلك المعاني التي يخلقها العقل البشري من أجل إدراك العالم
الخارجي وتمثله ،أو هي عبارة عن عمليات ذهنية يقوم بها العقل إلدراك
المعاني المجردة .ومن هنا ،فالتمثالت عبارة عن صور ومواقف سلوكية
يتمثلها الفرد المتعلم في وضعيات معينة للمواجهة واالستجابة تجاه
مثيرات داخلية وخارجية في أثناء االحتكاك بالعالمين الداخلي والخارجي .
وتعني التمثالت الديدكتيكية كذلك "مجموع المعارف والتصورات التي
يمتلكها المتعلم ،في وقت محدد ،حول األشياء واألحداث والقوانين
والمفاهيم.وتتكون بفعل تعلمات وخبرات سابقة مرتبطة أساسا بالمحيط
المباشر للطفل ،ونتيجة للتفاعل المستمر مع محيطه الطبيعي
واالجتماعي.فهي بفعل ما يسمى بآلية الترسيخ ،تصبح جزءا من بنيته
الفكرية والذهنية والوجدانية والمهارية.
وتكون هذه البنية القاعدية سابقة لوضعية التعلم ،ويمكن اعتبارها معارف
أولية ،مهيكلة بشكل ما ،وناتجة عن تصورات لواقع أو تجارب عاشها
الطفل أو خضع لها.فهي تمثل ما يمكن تسميته بالشعور معرفي.وبهذه
الصفة ،فهي التبرز إال تحت تأثير تحريضي ناتج عن وضعية مثيرة،
15
عفوية أو مفتعلة".
ومن هنا ،فالتمثالت وسيلة من وسائل التعلم والتكوين واكتساب الخبرات
واستحضار األشياء من جديد .وقد تكون هذه التمثالت ذهنية وفطرية
ومكتسبة على حد سواء .ومن ثم ،فهي تلك الصور التي نسبغها على
- 15التومي عبد الرحمن وملوك محمد :المقاربة بالكفايات :بناء المناهج وتخطيط
التعلمات ،مطبوعات الهالل ،وجدة ،المغرب ،طبعة 2006م ،ص.87:
17
العالم الخارجي ،بمختلف عناصره ومكوناته وفئاته ،في شكل تصورات ،
وأفكار ،ورموز ،واتجاهات ،وميول ،ومواقف ،وأحكام...16
وقد تعني التمثالت الديدكتيكية كذلك تحويل المدركات المجردة إلى
مدركات حسية ،والعكس صحيح أيضا ،أو هي عبارة عن تلك الصورة
اإلدراكية التي يرسمها المتعلم للعالم الظاهر الذي يعيش فيه ،وهو
مشخص أمام أعينه .وغالبا ،ما تكون تلك التمثالت عبارة عن حقائق
وأفكار غير مكتملة تحتاج إلى شرح ،وتوضيح ،وتحليل ،وبرهان،
واستدالل...ومن هنا ،فقد تكون التمثالت التي يدركها المتعلم حول الذات
أو المواضيع الخارجية إما تمثالت صحيحة ويقينية ،وإما تمثالت زائفة
ومشوهة وغير حقيقية...
ومن هنا ،يتبين لنا أن التمثالت من آليات التعلم على مستوى السيكولوجيا
الذهنية أو المعرفية .17وتعد أيضا بمثابة وساطة تعلمية تسعف المتعلم في
استحضار المكتسبات السابقة لمواجهة المواضيع الجديدة أو المواقف
الصعبة .ويكتسب المتعلم هذه التمثالت من خبراته الذاتية ،ومن محيطه
الخارجي ،ومن معرفته الخاصة ،وثقافته المحلية ،والوطنية ،والقومية،
والكونية...
عالوة على ذلك ،فاالنطالق من تمثالت المتعلمين "لبناء معارف ومفاهيم
جديدة أمر ضروري من الناحية البيداغوجية والديدكتيكية؛ ألنها تلقي
الضوء على طبيعة التصورات الذهنية القبلية لدى المتعلم ،والتي تدخل في
16
-Janvier, C. (1994). Contextualisation et représentation dans
l’utilisation des mathématiques. In C. Garnier, N. Bednarz et I.
Ulanovskaya (dir.), Après Vygotski et Piaget : perspectives sociale et
constructiviste. Écoles russe et occidentale (p. 129-147). Bruxelles :
De Boeck.
17
-Goldin, G.A. et Janvier, C. (1998). Representations and the
psychology of mathematics education. The Journal of Mathematical
Behavior, 17(1), 5-24.
18
تفاعل مستمر خالل عملية بناء المفاهيم الجديدة.ويمكن أن تتخذ التمثالت
في سياق وضعية تعلمية أوضاعا مختلفة ،فقد تكون صحيحة ،فتشكل
أساسا للمعرفة الجديدة ،وفي هذه الحالة يتم تعزيزها وإغناؤها ودعمها،
وقد تكون خاطئة ،فيتم تصحيحها وإعادة بنائها من أجل استيعابها وبناء
معرفة صحيحة منظمة ومدمجة في البنية المعرفية للمتعلم.ويمكن أن
تشكل عوائق كبيرة تحول دون فهم وضعية التعلم.وفي هذه الحالة ينبغي
18
تتبع تطورها وتغييرها كليا إلحداث قطيعة إبستمولوجية معها".
وللتمثالت أيضا دور إيجابي مهم ومثمر في تطوير مقاربة الكفايات
وإرساء بيداغوجيا اإلدماج؛ ألنها تساعد المتعلم على استحضار موارده
ومواقفه وقدراته وكفاياته ودراياته وتجاربه لمواجهة الوضعيات الصعبة
والمعقدة والمركبة التي يجابهها في حياته الدراسية أو الطبيعية أو المهنية.
وقد تسعف التمثالت المتعلم في بناء التعلمات من بداية الدرس حتى نهايته.
كما تقوم بدور تواصلي فعال داخل الفضاء الدراسي ،قد تجعل المتعلم
يعدل تمثالته أو يصححها أو يقومها ذاتيا وجماعيا و تبادليا .
المطلب السادس :مواقف مختلفة من التمثالت
يمكن الحديث عن مواقف متباينة من التمثالت المعرفية والديدكتيكية.
فهناك من يعد التمثالت أداة إيجابية لبناء التعلمات الديدكتيكية كما عند جان
بياجيه) (Piagetوإنهيلدر( ،)Inhelderمثال .19فمن خالل التمثالت
المتشابهة أو المستحضرة ،يستطيع المتعلم التكيف مع المواقع أو المحيط
الخارجي باستحضار ما تعلمه واكتسبه من خبرات وتجارب ذاتية
وموضوعية .والشيء نفسه نجده عند روجرز كزافيي ( Xavier
- 18عبد الرحمن التومي :الجامع في ديدكتيك اللغة العربية ،مطبعة المعارف ،الرباط،
المغرب ،الطبعة الثانية سنة 2016م ،ص.21:
19
- Piaget et Inhelder .B (1948) : La représentation de l’espace chez
l’enfant, P.U.F, Paris.
19
20)Roegiersصاحب بيداغوجيا اإلدماج الذي يرى أن التمثالت تسعف
المتعلم في إدماج موارده المكتسبة لحل الوضعيات الصعبة والمعقدة
والمركبة .ومن هنا ،نقول :إننا نتعلم من خالل تمثالتنا التي ترسخت في
أذهاننا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،أو بطريقة واعية أو الشعورية.
وقد نتعلم انطالقا من تمثالتنا الفطرية والمكتسبة ،أو بفضل تمثالتنا كما
يرى ذلك غانيي(.21)Gagné
وفي المقابل ،هناك من يعدها عائقا إبستمولوجيا سلبيا كغاستون باشالر
( ،)Gaston Bachelardعلى أساس أن المعرفة العلمية اليقينية
والحقيقية اليمكن إرساؤها إال بإحداث قطيعة إبستمولوجية مع التمثالت
والمعتقدات والمعارف السابقة الموروثة المبنية على الظن واالحتمال
والتخمين والشك .وهكذا ،يعد باشالر التمثالت الموروثة بمثابة عائق
معرفي ،يمكن التخلص منه أيما تخلص من أجل تكوين معرفة علمية
صحيحة وبناءة .فال يمكن -علميا -بناء معارفنا واستدالالتنا واستقراءاتنا
وأقيستنا الرياضية والمنطقية والعلمية على مجموعة من اآلراء الشخصية
والتمثالت الواهية ،والمعتقدات العامة أو الخاصة ،أو االنطباعات
المشتركة والحدوس المشوهة؛ لكونها آراء ذاتية شخصية نابعة من
الوجدان والقلب والعاطفة ،ومرتبطة بالمنافع البشرية والمصالح
اإليديولوجية .بينما الحقيقة العلمية نموذج للمعرفة الموضوعية التي تقوم
على الحجاج االستداللي ،والتماسك المنطقي ،والمعرفة الحقة ،
واالستنتاج المتماسك نظريا وتطبيقيا.وفي هذا ،يقول باشالر ":الرأي نوع
من التفكير السيئ ،بل إنه ليس تفكيرا على اإلطالق.إنه يترجم الحاجات
إلى معارف من خالل تعيينه لألشياء وفق منفعتها ،ومن ثم ،يحرم نفسه
20
-ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les acquis.
Bruxelles : De Boeck Université.2003.
21
-Gagné R.M (1994) : les principes fondamentaux de
l’apprentissage : Application à l’enseignement, TRad par Robert
Brian et Raymond Paquin, HRW Ltés Montréal.
20
من معرفتها.إننا ال نستطيع أن نؤسس أي شيء كيفما كان انطالقا من
الرأي .ولذلك ،يجب القضاء عليه أوال .إن التفكير العلمي يمنعنا من تكوين
رأي بخصوص مسائل ال نفهمها ،أي بخصوص مسائل ال نعرف كيفية
صياغتها بشكل واضح .إذ ينبغي في البداية معرفة كيفية طرح المشاكل.
وهذا المعنى الذي تتخذه المشكلة هو الذي يمنح العقل العلمي خاصيته
22
الحقيقية".
وهكذا ،يرفض غاستون باشالر االعتماد على الرأي الشخصي والتمثالت
الموروثة؛ ألن ذلك ال يجدي ،بأي حال من األحوال ،في ميدان المعارف
العلمية .لذلك ،يستبدله بالحقيقة اليقينية القائمة على البرهان العقالني
نظرية وتطبيقا .وما يريد أن يقوله باشالر ،فيما ذهب إليه من آراء ،أننا
نتعلم ضد تمثالتنا.
ومن جهة أخرى ،يمكن الحد من التمثالت الواهية العامية التي تسيء إلى
المعرفة العلمية الموضوعية ببيداغوجيا التعديل والتصويب والتصحيح ،
أو ببيداغوجيا اإللغاء والتشطيب والحذف.
ويمكن الحديث كذلك عن موقف وسطي ثالث ،يعطي أهمية للتمثالت في
بناء المعرفة الديدكتيكية والتربوية ،بشرط أن تكون موافقة لشروط
المعرفة العلمية الصحيحة ومواضعاتها الصارمة والدقيقة والمضبوطة.
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن التمثل عملية عقلية وذهنية
ومعرفية ،يستعين بها المتعلم إلدراك الذات والموضوع واآلخر ،وتساعده
على التعلم بالوساطة وفق االستحضار المتشابه ، 23أو االستحضار
المتماثل ،أو استحضار الغائب لمواجهة الجديد .ومن ثم ،تعد المقاربة
22
- Bachelard: la formation de l’esprit scientifique, ED.Vrin 1970,
pp: 13-14.
23
-Greer, B. et Harel, G. (1998). The role of isomorphisms in
mathematical cognition. The Journal of Mathematical
Behavior, 17(1), 5-24.
21
بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج من الطرائق التربوية التي تعتمد ،بشكل
واضح ودقيق ،على مفهوم التمثالت في إرساء التعلمات تخطيطا،
وتدبيرا ،وتقويما.
22
وتحفيزي ليس إال .ومن هنا ،لم تعد المعرفة ملكا للمدرس ،بل هي من
مكتسبات المتعلم .أي :أضحت المعرفة مجموعة من الموارد التي يمتلكها
المتعلم ،وتتكون هذه المعرفة من مهارات ،ومعارف ،ودرايات ،ومواقف،
وإنجازات ،وإتقانات ،وكفايات معرفية وثقافية ومنهجية .ومن ثم ،فالكفاية
هي مجموعة من المعارف المختلفة التي يستعملها المتعلم ،ويحركها حين
يواجه موقفا أو وضعية سياقية جديدة.
أما المتعلم ،فهو البطل الحقيقي في سيرورة التعلم؛ إذ يساعده المدرس
على حل الوضعيات السياقية المتدرجة في البساطة والتعقيد ،مع توظيف
قدر ممكن من مكتسباته الكفائية والمنهجية ،واستعمال موارده بطريقة
الئقة وهادفة .بمعنى أن كفاياته معرفية ووجدانية وحسية حركية .ويعني
هذا أن هذه المقاربة تنمي الفكر المهاري لدى المتعلم ،وتقوي إدراكاته
المنهجية والتواصلية .في حين ،يهتم التدريس السلوكي بتعليم شرطي آلي
محدود .ومن ثم ،فهو تعليم قياسي وكمي .بينما تساعد المقاربة الكفائية
المتعلم على البحث المنهجي اعتمادا على الذات ،وحل المشاكل
المستعصية ،ومواجهة الظروف الصعبة والمعقدة ،والتأهب دائما لالعتماد
على النفس لحل جميع المشاكل المختلفة التي يواجهها في محيطه
الخارجي .ويعني هذا أن هذه المقاربة طريقة دينامكية تساعد على اكتساب
الفكر المهاري والتعلم المنهجي للوصول إلى هدف ناجع.
23
وتشكل هذه األقطاب الديدكتيكية الثالثة (المدرس ،والمعرفة ،والمتعلم) ما
يسمى بالمسار التعليمي -التعلمي( )Un processusحسب جان هوساي
( )Jean Houssayeالذي دافع عنه سنة 1986م .24وقد أثبت هوساي أن
الفعل التربوي يرتكز على عناصر مترابطة ثالثة هي :المدرس،
والمعرفة ،والمتعلم .ومن ثم ،ينبني هذا الفعل التربوي والديدكتيكي على
ثالثة مسارات رئيسة هي:
فعل التعليم ( )Enseignerالذي يجمع بين المتعلم والمعرفة .وهنا،
نتحدث عن ديدكتيك التعليم؛
فعل التكوين( )Formerالذي يجمع بين المدرس والمتعلم .وهنا،
نتحدث عن التربية والتكوين ،أو ما يسمى بالبيداغوجيا؛
فعل التعلم ( )Apprendreالذي يجمع بين المتعلم والمعرفة.
وهنا،نتحدث عن نظريات التعلم.
ومن جهة أخرى ،هناك أنواع من العالقات المختلفة ،كالعالقة الديدكتيكية
القائمة على ثنائية المدرس والمعرفة ،ضمن ما يسمى بالنقل الديدكتيكي
(.)la transposition didactique
أما العالقة التي تجمع المدرس والمتعلم ،فهي عالقة بيداغوجية
وتربوية( ،)la relation pédagogiqueمادامت ترتكز على مختلف
التقنيات التي تتعلق بالتعليم.
وتتميز العالقة الموجودة بين المتعلم والمعرفة بأنها عالقة تعلم واكتساب.
كما أنها عالقة وثيقة بسيكولوجيا التعلم بصفة عامة ،وسيكولوجيا المعرفة
بصفة خاصة.
ومن هنا ،نتحدث عن ثالثة علوم رئيسة تسهم في إثراء الفعل التربوي،
وهي :الديدكتيك (المدرس والمعرفة) ،والبيداغوجيا (المدرس والتلميذ)،
والسيكولوجيا (المتعلم والمعرفة).
وعليه ،البد من التحكم في األقطاب الديدكتيكية الثالثة بشكل تفاعلي
نسقي ،دون االهتمام بعنصر واحد على على حساب عنصر آخر ،ويشكل
24
-Jean Houssaye, Le triangle pédagogique. Théorie et pratiques
de l'éducation scolaire, Peter Lang, Berne, 2000 (3e Éd., 1re Éd.
)1988
24
هذا ما يسمى باالنحرافات ( . )des dérivesوهنا ،يمكن الحديث عن
أنواع ثالثة من االنحراف :
االنحراف المقرراتي الذي يعني التركيز على المقرر والمحتويات
والمضامين على حساب العناصر األخرى كالمتعلم والمعرفة.وهذا هو
السائد في التعليم التقليدي أوالكالسيكي؛
االنحراف السيكولوجي الذي يتمثل في التركيز على المتعلم ،دون
االهتمام بالعناصر التفاعلية األخرى؛
االنحراف الوسيطي الذي يعنى بتقديس المدرس ،دون النظر إلى
أهمية العالقات التفاعلية ،أو االهتمام بالمعرفة.
وهكذا ،يبدو لنا أن المثلث البيداغوجي والديدكتيكي 25ينبني على عناصر
تربوية ثالثة متشابكة ومتفاعلة ،من الصعب فصلها عن بعضها البعض،
وإالسيشكل ذلك ما يسمى باالنحراف البيداغوجي الذي قد يؤثر على
العملية -التعليمية التعلمية على جميع األصعدة والمستويات.
25
-Jean Houssaye, Le triangle pédagogique. Théorie et pratiques de
l'éducation scolaire, Peter Lang, Berne, 2000 (3e Éd., 1re Éd. 1988).
26
-Piaget, J. La genèse du nombre chez l’enfant. Lausanne :
Delachaux et Niestlé, 1966 et 1991.
27
- Vergnaud., G. Le rôle de l’enseignant à la lumière des concepts
de schème et de champ conceptuel, in Artigue, M. et al. (eds) Vingt
ans de didactique des mathématiques en France. La Pensée Sauvage
édition, p.177 à 191,1994..
25
اليمكن للمتعلم أن يتزود بالمعارف والمعلومات والموارد والقدرات
والكفايات إال بواسطة مدرس وسيط يقدم للمتعلم مجموعة من الوضعيات
الصعبة والمعقدة والمركبة إليجاد الحلول المناسبة ،وفك غموضها
والتباسها .ومن هنا ،تحيل الوساطة على التفاعالت الصفية من جهة ،وعلم
النفس االجتماعي من جهة أخرى.
ومن هنا ،يرتكز التعليم التقليدي الموسوعي على المدرس باعتباره
صاحب سلطة معرفية مطلقة ،يقدمها للتلميذ جاهزة عن طريق مجموعة
من األسئلة التي تستوجب الحفظ والتقليد والتكرار .ولقد كان التلميذ مرتكنا
إلى مدرسه ،ال يستطيع أن يواجه ما يتعرل له من المواقف المستجدة ،أو
يلبي طلبات المقاوالت الحديثة ؛ ألنه ال يملك الكفاءات والمهارات المهنية
و المنهجية و التواصلية والذهنية واللغوية ،بل يقف مكتوف اليدين عاجزا
عن التأقلم والتكيف مع مستجدات الواقع االقتصادي الجديد؛ ألن معارفه
نظرية مجردة غير وظيفية ،تنقصها الممارسة والخبرة التجريبية.
وفي التعليم الموسوعي أيضا ،يكون االهتمام بالكم على حساب الكيف،
ويلتجئ المدرس إلى التحفيز السلوكي الميكانيكي اعتمادا على ثنائية
الحافز واالستجابة لتوجيه دفة القسم؛ مما ينتج عنه ردود أفعال التالميذ
السلبية ،ونفورهم من القسم لغياب األنشطة الذاتية والخبرات الفردية.
وبالتالي ،ينكمشون على أنفسهم انطواء أو خوفا أو خجال أو جهال بما
يعطى لهم من دروس ومعارف كمية ،يصعب اإلحاطة بها في سنة كاملة.
أما التعليم بالكفايات القائم على علم النفس المعرفي ،فهو تعليم قائم على
استكشاف القدرات الكفائية لدى المتعلم عبر أداءات وإنجازات طوال
سيرورة التعلم ،ووضعه في وضعيات معقدة أو أقل تعقيدا الختبار أدائه
السلوكي ،وتقويم كفاءاته وقدراته في التعامل مع مشاكل الواقع المحيطة
به.
26
و يراعي هذا التعليم الفوارق الفردية ،وينكب على ظاهرة الالتجانس من
خالل دراسة كل حالة فردية ،ودعم كل متعلم بمجموعة من المهارات
الكفائية ،وتحفيزه على إبراز قدراته وميوله واستعداداته ،سواء في حلقة
واحدة أم في حلقات متعددة متواصلة ؛ألن المقياس -هنا -ليس هو الدرس
الذي ينتهي داخل حصة زمنية محددة كما في التعليم التقليدي الموسوعي،
بل الحلقة الديدكتيكية المتوالية التي تمتد عبر حصتين فأكثر .
ويقدم التعليم الكفائي المقرر الدراسي في شكل مجزوءات ووحدات
دراسية ووضعيات مركبة ،تصغر بدورها في إطار مقاطع وحلقات
وخبرات مؤشرة في كفايات نوعية أو شاملة أو ممتدة قصد التدرج بالمتعلم
لتحقيق كفايات عليا كلية ونهائية .ويركز هذا النوع من التعليم على الكيف
والمتعلم ؛ ألن المدرس مجرد وصي أو مرشد أو وسيط ليس إال .وتصبح
الدروس خبرات وممارسة كيفية ومهارات وقدرات معرفية ووجدانية
وحركية .أي :إن المتعلم هو الذي يكون نفسه بنفسه ،ويتعلم كيف يبحث
ويفكر ،وينظم ما يبحث عنه منهجيا ووظيفيا .ويروم التعليم بالكفايات عند
محمد الدريج" بناء الكفايات لدى التلميذ ،على اعتبار أن الكفايات هي
قدرات شاملة ودينامية (نشطة) التي اليمكن اختزالها في الئحة تحليلية من
المحتويات ،إنها تشكيلة ( تركيبة) ذكية من المعارف والمهارات
واالتجاهات .فأن نكون أكفاء ال يعني أن نملك جملة من المعلومات
والمهارات ،فأن نكون أكفاء يعني أساسا أن نكون قادرين على تجنيد تلك
المعلومات والمهارات ،وتوظيفها في مواقف معينة ولحل مشكالت .أي:
أن نكون فعالين ومنتجين في وضعيات محددة.
لذلك ،يصير بناء الكفايات بهذا المعنى أمرا معقدا وأمرا ذاتيا وشخصيا.
فيكون من أولويات نشاط المدرسين مساعدة المتعلمين،لكن على المتعلمين
27
مساعدة أنفسهم في التعلم والتكوين الذاتي .لذلك ،فإن التعليم بالمجزوءات
يستدعي المتعلم كمسؤول ،ويتعامل معه كمدبر لتكوينه.28".
وهكذا ،تتأسس المقاربة بالكفايات على المتعلم ال على المدرس كما هو
حال التعليم الكالسيكي .بمعنى أن الدرس يتحول إلى مجموعة من
الوضعيات المعقدة والمشاكل المركبة التي ينبغي على المتعلم مواجهتها
من خالل الموارد التي يمتلكها ؛ حيث يوظفها بطريقة مالئمة ومناسبة من
أجل تحقيق الكفاية األساسية والهدف األنجع .ومن ثم ،فالمدرس في هذا
التصور مرشد وموجه ووسيط ليس إال ،يهيئ الوضعيات الجديدة،
ويقترح المشاكل المعقدة والمركبة التي ينبغي أن يحلها المتعلم .ويعني هذا
أن الدرس يتحول إلى مجموعة من الوضعيات المتدرجة من البساطة إلى
التعقيد ؛ حيث تكون واضحة ،ودالة ،وهادفة ،وبناءة ،ومحفزة على العمل
واالجتهاد والنجاح .وهنا ،ليس المدرس مالكا للمعرفة ،بل هو مجرد
محضر لألسئلة والوضعيات المشكلة .
و" ال يكون دور المدرس في الطرائق التي تتبنى البيداغوجيا المعرفية هو
تزويد المتعلم بالمعلومات أو المعارف الجاهزة من خالل التركيز على
المضامين ،بل بالعكس يصبح دوره هو خلق وضعيات تعلمية تجعل
المتعلم يطلع على كيفية تعلمه كيف يبحث عن المعلومات ،كيف يحللها ،
كيف يصوغ استراتجيات تفكيره أثناء البرهنة والتحليل واالستنتاج
أواالكتشاف .
ويعد فيورشتاين( ) Feuersteinأحد المنظرين لبيداغوجيا الوساطة
( )Mediation؛ حيث يصبح دور المدرس هو مساعدة المتعلم ليس
إال ،سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ،بتوجيه أسئلة للمتعلم حول كيفية
تفكيره ،وتبيان األسلوب الذي اعتمده في حل مشكلة معينة ،أو عن
29
ويدرس القانون المدني العالقات الموجودة بين األطراف المتعاقدة ،سواء
أكانوا ماديين أم معنويين .ومن ثم ،فهو من مشموالت القانون الخاص إلى
جانب قانون التجارة ،وقانون الدولي الخاص ،والقانون الجنائي الخاص،
وقانون التعمير ،وقانون البحار ،والقانون الجوي ،والقانون البيئي ،وقانون
العمل...
ويعد القانون المدني أقدم القوانين اإلنسانية ،مادام هذا القانون يدرس
الحقوق الشخصية أو االلتزامات القائمة على العالقة التي تجمع بين الدائن
والمدين في إطار العقد ،أو اإلرادة المنفردة ،أو العمل غير المشروع ،أو
العمل النافع ،أو القانون.
ويدرس أيضا الحقوق العينية القائمة على حق الملكية بسلطاته الثالث
كاالستعمال ،واالستغالل ،والتصرف .فضال عن الحقوق المتفرعة عنه
كاالنتفاع ،واالستعمال ،والسكنى ،وحق االحتكار .كما تشمل
أيضا ً الحقوق العينية التبعية التي توجد تابعة لحق الشخص كالرهن
الرسمي ،والرهن الحيازي ،وحق االمتياز ،وحق االختصاص.
ويدرس القانون المدني كذلك األحوال الشخصية التي تتعلق بالعالقة
الموجودة بين الفرد وأسرته من زواج ،وطالق ،ووصية ،وإرث ،ونسب،
وقرابة ،و األهلية ،والوالية على المال وغيرها الموضوعات المدنية
األخرى.
ويعد العقد ( )Contratمن أهم مواضيع قانون االلتزامات والعقود ،أو
القانون المدني.ومن ثم ،يكون العقد بين طرفين وأكثر ،وتترتب عليه آثار
وأحكام معينة .
ويستند العقد إلى مجموعة من األركان الرئيسة كالرضا بين الطرفين
على تنفيذ العقد ،والتعبير عن إرادة التعاقد بالتفاول بكل حرية واختيار،
دون إكراه أو إلزام ضمني أوصريح .وقد يكون العقد شفويا أو مكتوبا.
30
وينتج عن ذلك التفاول مسؤولية تعاقدية ،والتزام بتنفيذ العمل ،أو تنفيذ
بنود العقد كليا أو جزئيا ،إذا كان االتفاق يتضمن ذلك.
ومن األركان األخرى للعقد اإليجاب والقبول؛ فاليمكن تنفيذ العقد إطالقا،
إذا لم يتفق الطرفان على الموافقة والقبول بشكل إيجابي ،ويعبر عن ذلك
بالصيغة القانونية .ومن عيوب ذلك الرضا أو اإليجاب والقبول الغلط،
والتدليس ،واإلكراه ،واالستغالل .عالوة على ركن آخر يتمثل في محل
العقد أو موضوعه الذي يكمن في تحقيق العملية القانونية ،كأن يكون
موضوع التعاقد هو البيع أو اإليجار أو الشراء إلخ...أما محل االلتزام،
فيكمن في اإلنجاز أو األداء الذي يجب على المدين أن يقوم به لصالح
الدائن .أي :أن يقوم بعمل ما أو يمتنع عن عمل.ويجيب عن السؤال
الرئيس :بماذا التزم المدين؟
وهناك الركن األخير الذي يتمثل في السبب أو الدافع الذي يكون وراء
التعاقد أو االلتزام ،وينبغي أن يكون التعاقد مشروعا ،واليمنعه القانون
بأي حال من األحوال.
وقد تكون العقود ملزمة لطرفين كعقد البيع ،أو ملزمة لطرف واحد كعقد
القرل ،أو عقد الهبة ،أو عقد الصدقة ،أو عقد الجائزة...وقد تكون
المسؤولية عقدية عندما يمتنع الملتزم عن تنفيذ العقد جزئيا أو كليا .وهنا،
يتحمل الطرف الملتزم مسؤولية خطئه بعدم تنفيذه شروط العقد .ويكون
الحكم للعقد ،مادام العقد شريعة المتعاقدين .وإذا كان الخطأ ناتجا عن
اإلضرار بالغير ،فيسمى هذا بالمسؤولية التقصيرية التي يحم فيها القانون.
هذا ،ويقصد بالعقد الديدكتيكي( 30)Le contrat didactiqueذلك التعاقد
أو االتفاق المبرم بين طرفين أو أكثر.أي :بين المدرس والمتعلم؛ حيث
30
-Brousseau, G. (1990). Le contrat didactique et le concept de
milieu : dévolution. Recherches en didactique des
mathématiques, 9(3), 309-336.
31
يضع المدرس المتعلم أمام وضعية مشكلة بسيطة أو صعبة ومعقدة
ومركبة من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها .ويعني هذا أن المتعلم مطالب
بتنفيذ التعليمة التي وضعها المدرس ،وقد تحوي تلك الوضعية -المشكلة
عوائق ديدكتيكية ظاهرة أو خفية .ومن ثم ،فالتعاقد الديدكتيكي هو التزام
تربوي وديدكتيكي باإلجابة عن مختلف األسئلة التي يضعها المدرس
لتلميذه للتثبت من قدراته الكفائية ومهاراته المستضمرة ،ومدى اكتسابه
لمختلف الموارد التي تلقاها إبان حصص التدريس .وقد استعمل المصطلح
من قبل الديدكتيكي الفرنسي غوي بروسو ( 31) Guy Brousseauفي
كتابه (نظرية الوضعيات الديدكتيكية) سنة 1998م.
إذاً ،ينبني هذا التصور على احترام العقود؛ ألن العقد شريعة المتعاقدين.
ويعني هذا أن المتعلمين والمعلمين داخل الوسط الديكتيكي عليهم أن
يحترموا العقود والمواثيق في تنفيذ األنشطة ،واحترام الوقت المخصص
لذلك.ويرتكز هذا التصور أيضا على تحديد مجموعة من األهداف العامة
والخاصة ،واختيار وسائل العمل الناجعة ،وتبيان عمليات التنفيذ
والممارسة واإلنجاز ،وانتقاء فضاءات العمل التشاركي ،واالنطالق من
التقويم اإليجابي الهادف والبناء ،وتوزيع المسؤوليات والمهام واألدوار
بشكل ديمقراطي عادل.
ويعني العقد الديدكتيكي -حسب روجرز كزافيي(-)Rogiers Xavier
ذلك التفاعل بين الذات والعمل الذي " يفضي إلى اتخاذ قرار بإنجاز
العمل ،ويخلق شكال من التعاقد الضمني أو الصريح بين مقترح الوضعية
(المدرس) ومن يحلها ( التلميذ).ويتعلق األمر في هذا الصدد بتجسيد لما
أسماه شوفالر ( )Chevallardوبروسو( )Brousseauعقدا ديدكتيكيا
يربط المدرس بتالمذته في إطار التعلم المدرسي .إن هذا العقد رهين
31
-Brousseau G. (1998). Théorie des situations didactiques.
Grenoble, La Pensée sauvage.
32
بسلسلة كاملة من العوامل ،مثل نمط تنظيم الفصل وتحفيز التلميذ والطاقة
التي يتوفر عليها واإلفادة التي سيحققها من خالل إنجازه...إلخ .وعلى هذا
المستوى ،يتموقع كل حيز للتفاول المتواجد بخصوص حل الوضعية؛
إنه تفاول بشأن التعلمات والمعلومات وشروط تحقيق الوضعية؛ ويتعلق
األمر في هذه الحالة بالوضعية عندما نعتبرها عقدا وقرارا للمرور إلى
العمل؛ وكما هو الحال في أي عقد ،ينظر إلى الوضعية في اآلن نفسه على
أنها إكراه ،وبشكل خاص على أنها فرصة أمام التلميذ لكي يكتسب
معارف وإتقانات جديدة لكي يحقق إفادات أخرى على المستوى الدراسي
أو على مستوى آخر .وتبقى عدة متغيرات ممكنة ،إذ يمكن قبول العقد
بحرية ،أي إن المدرس يمنح التلميذ حرية االختيار في أن يلتزم بالوضعية
أوال ،كما يترك له حرية اختيار أوجه العمل (عمل فردي ،عمل في إطار
مجموعة ،عمل بمراجع أو بدونها ،)...أو على خالف ذلك ،يمكن أن يكون
العقد إلزاميا بشكل ضمني في إطار التعلم ،حيث يبقى للتلميذ هامش من
32
حرية التصرف أو ينعدم لديه".
ويتحمل المدرس مسؤولية مجموعة من األخطاء ،وهي أخطاء معرفية ،
وأخطاء تربوية ،وأخطاء ديدكتيكية ،وأخطاء إدارية ...ويعني هذا أن
المدرس قد يرتكب أخطاء كثيرة في أثناء حصة الدرس؛ إما لكونه لم يتلق
تدريبا في مراكز التكوين التربوي ،وإما ألنه لم يحسن التدبير في نقل
المعلومات إلى التالميذ بمراعاة أسس الديداكتيك ،واحترام معطيات
البيداغوجيا ،وإما لكونه لم يصرح باألهداف والكفايات ،ولم يراع الميثاق
المبرم أو ذلك العقد الديدكتيكي الذي يجمع المدرس بالمتعلم ،أو لم يحترم
خطوات التدرج في بناء الدرس انطالقا من الوضعية البدئية حتى
الوضعية النهائية ،مرورا بالوضعية الوسيطة ،وإما ألنه لم يوظف الوسائل
- 32روجير كزافيي :التدريس بالكفايات ،وضعيات إلدماج المكتسبات ،ترجمة عبد الكريم
غريب ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة
األولى 2007م ،ص.24-23:
33
الديدكتيكية والطرائق البيداغوجية توظيفا حسنا ،وإما لكونه لم ينجح في
عملية التواصل والتبليغ؛ حيث كان عاجزا عن نقل المعارف والتقنيات
والدرايات إلى متعلميه بطريقة واضحة وسلسلة ومفيدة وهادفة وبناءة.
ويمكن التمثيل للتعاقد الديكتيكي بهذا النموذج التوضيحي على النحو
التالي:
تقويم تنفيذ التعاقد مكان زمن اإلمكانيات طرفا التعاقد موضوع أهداف
التعاقد التعاقد التعاقد التعاقد التعاقد
35
وهكذا أصبح اإلعداد القبلي للمادة المعرفية موضوع التعلم ،اليتوقف عند
حد النقل الديدكتيكي لها بقدر ما يتم البحث عن أهم العمليات الذهنية
33
الواجب استهدافها لدى الطفل ،حتى يحدث فعل التعلم وبناء المعارف".
ومن هنا ،يمكن الحديث عن أنواع عدة من المعرفة المنقولة ديدكتيكيا،
ويمكن حصرها فيما يلي:
المعرفة العالمة :وهي المعرفة العلمية األكاديمية والجامعية التي تتميز
بالعمق والتخصص والدقة والصعوبة .ومن ثم ،فهي تلك المعرفة التي
يتلقاها الطلبة في الجامعات والمعاهد العليا؛
المعرفة المدرسية :هي تلك المعرفة المحولة إلى معارف بيداغوجية،
بمراعاة األسس النفسية واالجتماعية والبيولوجية للمتعلم.وغالبا ،ما نجدها
في الكتب والمناهج والمقررات والبرامج المدرسية.وتتسم هذه المعرفة
بالتبسيط والتسهيل والتيسير وفق المقاربات والتصورات البيداغوجية
المرتبطة بالمتعلم وقدراته في االستيعاب واالكتساب؛
المعرفة المدرسة :هي تلك المعرفة التي يحولها المدرس إلى المتعلم
بطرائق ديدكتيكية مناسبة وفعالة وميسرة ومبسطة .ويعني هذا أن المدرس
يقوم بدور كبير في تبسيط المعارف المدرسية ،والسيما العلمية منها،
لتصل إلى المتلقي بأيسر السبل؛
المعرفة المكتسبة :يقوم المتعلم بتحويل المعرفة المدرسة إلى معرفة
تعلمية وفق قدراته الذاتية ،ضمن ما يسمى بالمعرفة المكتسبة ،أو المعرفة
المخزنة .
- 33محمد كجي( :التعلم وتربية الذهن على االشتغال) ،سيكولوجية الطفل ،مقاربات
معرفية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة2008م،
ص.82:
36
ما يتحدث علماء التربية عن النقل الديدكتيكي في المواد العلمية،وغالبا
ومن أهم العلماء الذين اهتموا بذلك. والسيما الرياضيات،والتجريبية
)Chevallard( وشوفاالر،34 )Philippe Perrenoud( فيليب بيرنو
و( من المعرفة العالمة، )في دراساته وأبحاثه كـ(برامج النقل الديدكتيكي
،36)Conne, F( دون أن ننسى فرانسوا كون.35)إلى المعرفة المدرسة
وتبيريان،)Martinand( ومارتينان،)Arsac, G( وأرساك
،39)Durey( ودوري،38)Caillot, M( وكايو،37)Tiberghien(
...41)Raisky( وريسكي40)Joshua( وماري ألبيرت جوسيا
34
-Perrenoud, Ph. (1986) Vers une lecture sociologique de la
transposition didactique, Genève, Faculté de psychologie et des
sciences de l’éducation ; (1990) La géographie scolaire entre deux
modèles de transposition didactique, Genève, Faculté de psychologie
et des sciences de l’éducation ; (1992) La souris et la tortue. Deux
usages sociaux de l’informatique et leur transposition didactique à
l’école primaire, in A. Vieke (dir.) Intégration de l’informatique en
classe, Genève, Service informatique de l’enseignement primaire, pp.
51-65.
35
- Chevallard, Y. (1991) La transposition didactique. Du savoir
savant au savoir enseigné, Grenoble, La Pensée Sauvage (2e édition
revue et augmentée, en coll. avec Marie-Alberte Joshua, 1re édition
1985).
36
-Conne, F. (1986) La transposition didactique à travers
l’enseignement des mathématiques en première et deuxième années
de l’école primaire, Lausanne, Conne/Couturier-Noverra ; (1992) Un
grain de sel à propos de la transposition didactique, Education et
Recherche, n° 1, pp. 57-71 ; Conne, F. (1996) Savoir et connaissance
dans la perspective de la transposition didactique, in Brun, J.
(dir.) Didactique des mathématiques, Lausanne, Delachaux et Niestlé,
pp. 275-338.
37
-Arsac, G., Chevallard, Y., Martinand, J.-L., Tiberghien, A. (dir.)
(1994) La transposition didactique à l’épreuve, Grenoble, La Pensée
Sauvage Éditions.
37
يبين لنا أن النقل الديدكتيكي هو الذي يسهم في تحويل الوضعيات،وهكذا
العلمية العالمة إلى وضعيات ديدكتيكية تعلمية بأيسر السبل والطرائق
الديدكتيكية المناسبة التي تدفع المتعلم إلى إظهار قدراته التعلمية في
.مواجهة الوضعيات اإلدماجية المدرسة
وإذا انتقلنا أيضا إلى المدرسة الغربية الكالسيكية ،فقد كان الفصل
الدراسي بمثابة مقاعد أو كراسي دراسية مصطفة ،تتوجه نحو السبور
المعلقة في وسط الجدار األمامي .لكن هذا الفضاء الدراسي بدوره كان
فضاء رتيبا عمودي الطابع .بمعنى أن المدرس كان مالك المعرفة
المطلقة ،يوزعها على التالميذ في اتجاه عمودي من األعلى نحو األسفل.
وعليه ،فقد كان الفضاء الدراسي الكالسيكي فضاء صفيا عموديا،
تصطف فيه المقاعد إما بشكل فردي ،وإما بشكل ثنا ي ،وإما بشكل
متعدد.
43
-Mugny, G. (Ed.) (1985). Psychologie sociale du développement
cognitif. Berne : Peter Lang.
44
- W.Doize et G.Mugny B (1981) : Le développement social de
l’intelligence, Paris, InterEditions.
45
- Gilly, M. (1995). Approches socio-constructives du
& ’développement cognitif de l’enfant d’âge scolaire. In G. Gaonach
C. Golder (Eds.), Manuel de Psychologie pour l’enseignement
(pp.130-167). Paris : Hachette.
46
Vygotsky, L. S. (1978). Mind in society. Cambridge, MA: Harvard
University Press. Vygotski, L.S (1985c/1933). Le problème de
l'enseignement et du développement mental à l'âge scolaire. In B.
;)Shneuwly & J.P. Bronckart (Eds.), Vygotski aujourd'hui (pp. 95-117
Paris : Delachaux & Niestlé.
41
الذاتية الفردية داخل منظومة ديدكتيكية جماعية .وبذلك ،يتحقق التعلم
بتجاوز الالتوازن الفردي إلى التوازن الجماعي.
ويعني هذا كله أن التفاعالت والصراعات المعرفية ذات الطابع
االجتماعي قد تساعد على التعلم اإليجابي ،47وتطوير آلياته التكوينية
واالكتسابية .ومن ثم ،يدخل المتعلم في صراع معرفي ضد المدرس
والمتعلمين اآلخرين على أساس أن أفكاره وتمثالته يقينية وصحيحة،
ولكن يستطيع أن يغير تمثالته بعد أن يتأكد من صحة آراء زمالئه
اآلخرين ،فيقوم بتعديل تعلماته أو تصحيحها أو إلغائها ،وبناء تمثالت
معرفية وتعلمية جديدة .وبهذا ،تشدد سيكولوجيا التعلم على أهمية المحيط
والبيئة االجتماعية وصراعاتها في توليد تعلم إيجابي هادف ومثمر ،يسهم
في تطوير القدرات الكفائية لدى المتعلم وفق أسس علمية جديدة.
ويعني الصراع السوسيو -معرفي مواجهة مشكلة أو وضعية معقدة
ومركبة داخل وسط تعلمي متعدد ،أو فضاء دراسي متنوع ،يتشكل من
عدة متعلمين يتنافسون فيما بينهم ثقافيا ومجتمعيا وتربويا ،سواء أكان ذلك
التننافس إيجابيا أم سلبيا.
ويعني هذا كله أن هذا الصراع السوسيو -معرفي قد يكون في صالح
المتعلم عندما يكون واعيا بقدرات اآلخرين في عملية المواجهة
الديدكتيكية.ومن ثم ،يتخذ ذلك الصراع المعرفي وظيفة تعليمية وتعلمية
وتكوينية على حد سواء ،بتحفيز جميع المتعلمين على التنافس والصراع
اإليجابي لتملك القدرات الكفائية والذكائية المختلفة ،بحل الوضعيات -
المشكالت التي يقدمها المدرس لجماعة الفصل .ومن هنا ،اليتحقق التعلم
بطريقة فردية كما كان سائدا في تصورات جان بياجيه ،بل يتحقق أيضا
باالندماج في جماعة القسم أو صف المتعلمين بغية التنافس والتميز
47
- Perret-Clermont, A.N. (1979). La construction de l'intelligence
dans l'interaction sociale. Berne : Peter Lang.
42
وتحصيل وسائل النجاح .فضال عن اختيار المتعلم للحل الصحيح للوضعية
المعطاة بمقارنته بمختلف الحلول التي قدمها اآلخرون لتلك الوضعية
نفسها داخل الصف الدراسي.
ومن هنا ،يتحقق الصراع السوسيو -معرفي ،أو ذلك الصراع الموجود بين
المتعلمين داخل الفضاء الديدكتيكي ،بسبب اختالف وجهات النظر تجاه
حلول الوضعيات الصعبة والمركبة .واليمكن الحديث عن هذا الصراع إال
من أجل فهم عملية التعلم ضمن سياقات ذات طابع جماعي واجتماعي.
ومن هنا ،يشارك المتعلمون في بناء التعلمات والمعارف وفق منطق
التنافس المعرفي ،وإظهار القدرات والكفاءات التي تميز البعض عن
اآلخرين.ويعكس هذا الصراع المعرفي الصراع المجتمعي والطبقي
والعلمي والثقافي بشكل من األشكال.ومن ثم ،البد للمدرس من مراعاة هذا
الصراع ،وتفهمه بشكل جيد الستغالله في بناء التعلمات الدراسية،
وتحضير الوحدات التعلمية.
وخالصة القول ،البد للمدرس من رصد التفاعالت الديناميكية الموجودة
داخل الفضاء الديدكتيكي بين المتعلمين ،ومحاولة فهم التنافس الموجود
بين المتعلمين من أجل إثبات تميزهم ،وإظهار مختلف القدرات والكفاءات
العملية والمهنية واالحترافية ،وتوظيف ذلك لبناء التعلمات على أساس
وجود تمايز ثقافي واجتماعي ومعرفي .وهنا ،يركز المدرس على التعلم
الجماعي ،أو تقسيم المتعلمين وفق الجماعات التعلمية .وعلى المدرس
كذلك أن يستثمر آثار الصراع السوسيو -معرفي في سياق قائم على تبادل
المعارف والخبرات والتجارب والتعلمات.
43
أرسطو من جهة ،وبعلم النفس المعرفي الذي تبلور في سنوات الخمسين
من القرن الماضي ،وبالخصوص في سنوات السبعين من جهة ثانية،
وبالعالم النفسي البريطاني طوني بوزان ( ) Tony Buzanمن جهة
ثالثة.48
ومن ثم ،فالخطاطة الذهنية نتاج األبحاث والدراسات التي أجريت في
الفلسفة ،والسيكولوجيا المعرفية ،والتواصل ،واإلعالميات ...وهي بمثابة
إطار توصيفي يبين الطريقة التي يشتغل بها الفكر في بناء المعارف
والمعلومات والمعارف.وبالتالي ،فهي بمثابة الموسوعة الذهنية التي تقيم
العالقة بين المفهوم والفكرة والمعلومات .ويعني هذا كله أن الخريطة
الذهنية هي التي تسعف الباحث أو المتعلم في تحليل المضامين وتفريعها
وتنظيمها وترتيبها وتشعيبها وتوسيعها أو تلخيصها .ومن ثم ،فهي ترتبط
بالدماغ العصبي وفصيه يمنة ويسرة.
48
Tony Buzan et Barry Buzan, Mind mapʼ : dessine-moi
l'intelligence, Paris, Éditions ; d'Organisation, 2003
Tony Buzan et Chris Griffiths, Le mind mapping au service du
manager, Paris, Eyrolles Ed. D’Organisation, 2011.
44
45
عالوة على ذلك ،فهي تصف عمليات التخزين والتمثل واإلدراك،
ومعالجة البيانات والمعلومات والمعطيات وفق سياقاتها الواقعية والذهنية
والخيالية واإلدراكية .وتتضمن مجموعة من المفاهيم ،والمصطلحات،
والصور ،والمتخيالت ،والمدركات ،واألفكار ،والفضاءات
السياقية...والهدف من ذلك كله هو مساعدة الفرد على التكيف مع المحيط
بفهمه وتفسيره ،أو الدخول في تواصل لفظي أو غير لفظي مع اآلخرين.
أضف إلى ذلك أن الخريطة الذهنية مجال معرفي مهم وواسع ،تشتغل
عليه البيولوجيا ،واألنتروبولوجيا ،واللسانيات ،والسيكولوجيا ،والتربية،
والديدكتيك ،واألدب ...وبالتالي ،فهي عالم من الخطاطات ،والصور،
والتخيالت ،واألحالم ،والمجردات ،والتصورات ،والمفاهيم ،والتمثالت،
والحدوس ،والمدركات ،واألطر ،والمدونات ،والمعارف الخلفية،
والسيناريوهات...
إذاً ،فالخريطة المعرفية هي خطاطة فضائية وجغرافية ذهنية وعلمية
تصف الدماغ البشري أو الحيواني أو اآللي ،بالتوقف عند طرائق تنظيم
المعلومات والمعارف في الذهن البشري .ومن ثم ،تهدف الخريطة الذهنية
إلى فهم العمليات الذهنية والعقلية في بناء المعارف والمعلومات ،وتفسير
ذلك في ضوء علم النفس المعرفي .واليعني ذلك رسم خريطة جغرافية
للذهن فحسب ،بل يمكن االستعانة بالوصف والتأويل والسرد في شرح هذه
الخريطة الذهنية التي ترد في شكل تمثالت ،وصور ،وتخيالت...
ويعني هذا كله أن الخريطة الذهنية تساعدنا على فهم مختلف الطرائق التي
تسهم في بناء المعلومات والمعارف الذهنية والعصبية والدماغية
فيزيولوجيا ،وبيولوجيا ،وسيكولوجيا ،ومعرفيا...
ويمكن االستعانة بالخريطة الذهنية في مجالي البيداغوجيا والديدكتيك من
أجل فهم عمليات اإلدراك واالكتساب واالستيعاب واالنتباه والتمثل
والتخيل لدى المتعلم .ويتحقق ذلك بتحويل أفكار ومعلومات الكتب
46
المدرسية إلى خطاطات وخرائط وصور بصرية ملونة تساعد المتعلم على
فهم آليات بناء الفكر ذهنيا .بمعنى أن الخريطة الذهنية تنظم مختلف
المعلومات المدرسية ،وتبسطها بشكل واضح وبين وجلي.
وأكثر من هذا يمتلك كل متعلم خريطة ذهنية في دماغه العصبي ،وتساعده
هذه الخريطة على تمثل مدركات الذات والعالم الخارجي .كما يستطيع،
من خالل هذه الخريطة ،بناء تعلمات الدرس ،بتحويل المعطيات التعلمية
إلى ملخصات موجزة ،أو نقلها في شكل خطاطات متشعبة لتيسير سبل
التعلم واالكتساب واالختزال والتخزين.عالوة على توظيف تمثالته
التعلمية ،واستحضار ما اكتسبه من موارد ،وما خزنه من خبرات
وتجارب لمواجهة الوضعيات الحياتية والطبيعية ،باستخدام العصف
الذهني ،واستعمال آليات التفكير المختلفة من تخيل ،وتصور ،وتذكر،
وانتباه ،وتركيز ،وتجريد ،وتشخيص ،وتمثيل ،وتخزين ،وحفظ،
واستظهار ،واسترجاع .فضال عن توظيف جميع حواسه في بناء الدرس
لفظيا وإيمائيا وإشاريا وبصريا .واليمكن للدرس الديدكتيكي أن يحقق
أهدافه إال إذا وظفنا الخطاطات والعالمات والمجسمات في فهم التعلمات
وتخزينها وتوظيفها مرة أخرى .
ومن وظائف الخريطة الذهنية كذلك أنها تساعد المتعلم على استحضار
التعلمات في شكل تمثالت إيجابية لحل الوضعيات اإلدماجية ومعالجتها ،
وخلق الروابط المنطقية الممكنة بين الظواهر والوضعيات المعطاة ،وفهم
التعلمات وتفسيرها وتأويلها وفق السياقات المعرفية المخزنة ،واستدعاء
المكتسبات والموارد واإلحاالت المعرفية للتحكم في المسائل والوضعيات
-المشكالت .فضال عن تدوين المعلومات وترتيبها وتنظيمها وتلخيصها
وتوضيحها بغية خلق تواصل لفظي وغير لفظي فعال ومفيد وبناء ومثمر.
وهكذا ،يتبين لنا ،مما سلف ذكره ،أن الخريطة الذهنية من آليات التعلم
الديدكتيكي ،وأداة من أدوات بناء التعلمات بشكل ذهني وعصبي ودماغي.
47
كما أنها تسعف المتعلم في استيعاب دروسه ،ومراجعة الوحدات التعلمية،
وتمثل المكتسبات في حل مشاكل التمارين والمسائل والوضعيات الجزئية
واإلدماجية واإلشهادية.
48
المبحث العاشر :السيناريو البيداغوجي والديدكتيكي
السيييناريو( ) Scénarioكلميية إيطالييية تعنييي العييرل الوصييفي لكييل
المناظر واللقطات والمشاهد والحوارات التي سيينبني عليهيا الفييلم بطريقية
مفصلة عليى الورقية مين التقطييع حتيى التركييب والمونتياج .وتسيتمد فكيرة
السيناريو من قصاصات الصحف ،أو من مضامين بعض المسيرحيات ،أو
من القصص ،أو من الروايات سواء أكانت قديمة أم حديثة ،أو من أرشيف
المحكميية ،أو ميين التيياريخ ،أو ميين وقييائع اجتماعييية وسياسييية وثقافييية ،أو
49
تقتبس من التراث األجنبي أو العالمي أو اإلنساني.
وإذا كان الفيلم عبارة عن قصة مصورة ومشخصة حركيا تروى للجمهور
علييى الشاشيية الصييغيرة أو الكبيييرة ،أو هييو فيين سييرد القصيية بالصييور ،فييإن
السيناريو هو التخطيط للفيلم على الورق .أي :إنه تخطييط للقصية السيردية
الحكائية في شكل لقطات ومقاطع ومشاهد وبكرات وحوارات على الورقة
لكييي تكييون قابليية للتشييخيص والتمثيييل والتمسييرح الييدرامي فييي األس يتوديو
اليييداخلي أو الخيييارجي .كميييا أن السييييناريو قصييية سيييردية تكتيييب بطريقييية
مشخصة بالحركات والنقل المرئي البصري.
ومن هنا ،فالسيناريو عبارة عين شيريط سيردي ووصيفي يهيدف إليى تقيديم
األحداث والشخصيات والفضياء الزمكياني ،وتزوييد المشياهد بالمعلوميات
الضرورية كلها ،ونقلها عبر مكونات الحبكة السردية .وهنياك نوعيان مين
السيييناريو :سننيناريو خننا يتعلييق بالسييينما ،وسننيناريو عننام يوجييه إلييى
المسرح واإلذاعة وغير ذلك من االختصاصات اإلعالمية.
وماان هنااا ،يلتجااىء الماادرس إلااى الساايناريو البيااداغوجي ماان أجاال تااأطير
أنشااطة المااتعلم ،والتخطاايط للمراحاال التعلميااة ماان البدايااة حتااى النهايااة،
51
تعيين الشخصيات المتعلمة التي تنجز األحداث من خالل مواصفات
معينة ومحدد بدقة.
توظيااف المااؤثرات الصااوتية والحركيااة واإليقاعيااة بغيااة بناااء درس
تعلمي ناجا.
االساااتعانة بالاااديكور واإلكسساااوارات علاااى مساااتوى تااادبير الفضااااء
الدراسي.
كتابة الحوارات البسيطة العادية المقتضبة.
تحديد مد الدرس وفق استعمال الزمن المخطط للدرس.
تخصيص عشر دقا ق للبداية ،وعشردقا ق للنهاياة ،وأربعاين دقيقاة
للمقطع الدراسي الوسطي ،أو حسب مد كل درس على حد .
جدولااة الساايناريو البيااداغوجي علااى الااورق بشااكل هندسااي مخطااط،
بمراعااا جميااع المكونااات التااي ذكرناهااا سااالفا لحاجااة الم ادرس والم اؤطر
والمتعلم والمدير إلى نسخة من السيناريو البيداغوجي من أجل فهام الحبكاة
التعلميااة فااي جميااع جوانبهااا ،وتمثاال العماال جياادا فااي ضااوء عناصاارها
البارز .
واآلن ،إليكم سيناريو بيداغوجي لدرس التعبير واإلنشاء في التعليم األولي
في موضوع ( الطفل والنظافة) وفق المقاطع الديدكتيكية الثالثة:
يستمعون للحكاية. تبدأ المربية بتسميع حكاية الولد النظيف ،ثم التسميع
من الصور ألدوات ومواد عرض مجموعة
يتطلع األطفال إلى الصور بتحفز.
و والفرشا ، الصابون، : التنظيف
السنون،والغاسول ،وقفاز الغسل ...وصور طفل
يتسابق األطفال مجيبين أن لديهم مثل هذه األدوات ينظف أسنانه ،و آخر يستحم...
والمواد في منازلهم. يا أطفالي ،من لديه مثل هذه األشياء؟ الفهم
-هذا كريم -كريم في الحمام – كريم يستحم.
52
يسمون بعضها بأسما ها الصحيحة {الصابون } ... -من هذا؟ -أين هو؟ -ماذا يفعل؟
-ننظف أسناننا بالفرشا والسنون. تعرفهم باألسماء التي لم يتوصلوا إليها .
ننظف مالبسنا بالماء ومسحوق الغسيل. بماذا ننظف جسمنا؟ بماذا ننظف أسناننا؟
مجموعة من األطفال يشخصون حكاية الولد التشخيص من يقوم بدور كريم و ينظف أسنانه مثله؟
النظيف {لعب األدوار}.
االستثمار بماذا تنظف وزرتك؟ بماذا تغسل يديك؟...
يردد المتعلمون الحديث.
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم)النظافة من الترسيخ
أنا الفتى النظيف مهذب لطيف. اإليمان(.
...
وهكذا ،يتبين لنا ،في األخير ،أن السيناريو البيداغوجي هو تخطيط مسبق
للعملية التعليمية-التعلمية من أجل تحقيق مجموعة من األهداف الخاصة ،
والسعي بجدية إلى تثبيت الكفايات النوعية لدى المتعلم ،وترسيخها وفق
مشاهد ولقطات ومقاطع تعلمية منطقية متسلسلة ومتدرجة من البداية حتى
النهاية ،تنطلق من لحظة تقديم المشكلة إلى لحظة معالجتها وحلها
وتقويمها .ومن هنا ،فالسيناريو البيداغوجي والديدكتيكي هو تخطيط ورقي
وتوصيف إجرائي لمختلف العمليات التي يمر بها الدرس الهادف
53
والكفائي ،في شكل مشاهد ومقاطع محددة بإيقاعاتنها الزمانية والمكانية
والشخوصية والتواصلية والحوارية والبصرية.
54
........................................................................... الكفاية
المستهدفة ...........................................................................
...........................................................................
تقويم الطرائق األهداف األنشطة الديدكتيكية الوسائل
اإلجرائية المدرس المتعلم الديدكتيكية البيداغوجية ودعم
تقويم المقطع
قبلي التمهيدي
تقويم المقطع
تكويني التكويني
تقويم المقطع
إجمالي النهائي
55
تركيبية لمجموعة من السمات والمواصفات لظاهرة ما ،قد تكون مجردة
وعامة ،وتصنيفها ضمن نموذج فكري وعقلي ومنطقي متسق.
وللتمثيل ،حينما ندرس الظواهر الديدكتيكية ،فإننا ندرسها بطريقة مثالية
عامة ،بالتركيز على خصائصها ومميزاتها المجردة والمشتركة في
عمومها لقولبتها ضمن نموذج مفهومي ووصفي ما .أضف إلى ذلك أن
النموذج الديدكتيكي هو نتيجة لمجموعة من المقارنات والعمليات الوصفية
لظاهرة ديدكتيكية ما .ومن هنا ،فالنموذج العالقة له بالقيمة ،بل يرتبط
بمنظومة من الخصائص واألوصاف والسمات المشتركة الناتجة عن
مالحظة ظاهرة ما.
وبتعبير آخر ،يعني النموذج تجريد أو تحويل الظاهرة الديدكتيكية المدركة
والمالحظة إلى نموذج ذهني مجرد في شكل خصائص ومكونات وسمات
مشتركة مجردة وعامة.أي :االنتقال من المحسوس إلى المجرد المثالي.
فحينما يرصد المالحظ ظاهرة مدركة ما ومعزولة ،فإنه يختزلها في
مجموعة من المكونات والخصائص والسمات العامة والمجردة لبناء
نمطها المثالي والمفهومي.
إذاً ،فالنموذج أداة تصورية وإجرائية أساسية ،أو هو بمثابة منهاج ،أو
مقياس ،أو نموذج تركيبي يستخدم لوصف الوقائع الديدكتيكية وتقييمها.
ويعني هذا أن النموذج هو أداة للفهم وإدراك الظواهر التربوية والتعليمية
إدراكا مباشرا وبدهيا وواضحا .ويرى أنتوني غيدنز( )Giddensأن "
األنماط المثالية هي نماذج مفهومية وتحليلية يمكن استخدامها لفهم العالم.
وقلما توجد هذه النماذج في العالم الواقعي.وربما التوجد على اإلطالق.
وفي أغلب الحاالت تتضح جوانب أو مالمح قليلة منها في الواقع .غير أن
هذه النماذج االفتراضية قد تكون مفيدة جدا ،عندما نحاول فهم األوضاع
56
الفعلية في العالم بمقارنتها بواحد من هذه األنماط المثالية.وفي هذا السياق،
51
تكون األنماط المثالية بمثابة نقطة مرجعية ثابتة"...
إذاً ،فالنموذج هو تشييد فكري اليعكس الواقع التجريبي المرصود فحسب،
بل يسمح بتحليل مكوناته وخصائصه .ويتحقق النموذج بالربط بين عدد
من الظواهر ،بتصنيفها وتنظيمها وترتيبها ضمن نموذج فكري منسجم
ومتسق.
وعليه ،يعد النموذج بمثابة قالب للتوصيف والتجريد والتقعيد والتصنيف
والنمذجة ،وتحويل الواقع الديدكتيكي إلى قوانين وبناءات لها قيمة كشفية
كبيرة جدا .أي :يقوم النموذج المثال على ربط النظرية بالواقع بغية تحديد
األشكال والمفاهيم المجردة ،وصوال إلى تصنيف نوعي ،وتبيان للمكونات
الجوهرية ،وتحديد للسمات الثانوية ،وتصنيف لألنماط .ومن هنا،
فإن"النظام المنطقي للمفاهيم من جانب ،والترتيب التجريبي لما هو خاضع
للتصور في إطار الزمان والمكان ،إلى جانب الترابط السببي من جانب
آخر ،كل ذلك سيبدو مترابطا إلى درجة أن محاولة اإلساءة إلى الواقع،
لتؤكد فيه القابلية الفعلية للبناء ،ستبدو محاولة اليمكن مقاومتها"52.
وهكذا ،يستهدف النموذج الديدكتيكي فهم الظواهر التربوية والديدكتيكية
فهما حقيقيا ،وتوصيفها تجريدا وتقعيدا وتصنيفا .ومن هنا ،يمكن الحديث
عن نموذج التعليم من جهة ،ونموذج للتعلم من جهة أخرى .ويعني هذا
وصف سيرورة التدريس التي يتوالها المدرس في مختلف مراحلها،
ووصف سيرورة التعلم التي يقوم بها المتعلم في مختلف خطواتها
اإلجرائية .وبهذا ،يكون النموذج التربوي هو الذي يصف مسارات التعليم
والتعلم على حد سواء .وإذا كانت الطريقة ( )Méthodeعبارة عن
- 51أنتوني غدينز :علم االجتماع ،ترجمة :فايز الصياغ ،منشورات المنظمة العربية
للترجمة ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 2005م ،ص.71:
- 52كاترين كوليو تيلين :ماكس فيبر والتاريخ ،ترجمة :جورج كتورة ،المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة 1994م ،ص.119:
57
ممارسة إجرائية وتطبيقية ،فإن النموذج) )Modèleعبارة عن تصور
بنيوي نظري .ومن هنا ،يعنى النموذج التربوي بتقسيم الدرس إلى مقاطع
التعلمات ،ورصد أنشطة التعلم ،وتبيان أشكال التعلمات ،وتحديد أساليب
التعلم.
ومن هنا ،يرتكز النموذج الديدكتيكي على فهم المثلث البيداغوجي ،وتبيان
النموذج المثالي في عملية التدريس ،كأن يرتكز هذا النموذج على تحديد
األهداف العامة والخاصة واإلجرائية من جهة ،وتعيين مجموعة من
الكفايات النوعية والمستهدفة والنهائية والممتدة .ثم ،اختيار مجموعة من
الموارد في شكل قدرات وكفايات ودرايات ومواقف ومعارف لتبليغها
للمتعلم ،مع تقديم مجموعة من الدروس في شكل دعم وتوليف ضمن ما
يسمى باإلدماج الجزئي.وبعد ذلك ،يقدم للمتعلم وضعيات صعبة ومركبة
ومعقدة للتثبت من مدى تحقق الكفاءة لديه ضمن ما يسمى ببيداغوجيا
اإلدماج.ويعني ذلك أن يدمج المتعلم ما اكتسبه من موارد في حل
الوضعيات التي يواجهها في الفضاء الدراسي ،أو في المحيط الخارجي.
ومن هنا ،يمكن الحديث عن النموذج الديدكتيكي المعرفي الموسوعي
المرتبط بالمدرسة التقليدية أو الكالسيكية .عالوة على النموذج الديدكتيكي
الهادف القائم على فلسفة األهداف السلوكية ،والنموذج الديدكتيكي الكفائي
الذي يعتمد على المقاربة بالكفايات وبيداغوجيا اإلدماج .ومن جهة أخرى،
يمكن الحديث عن نماذجة ديدكتيكية أخرى كالنموذج اإلبداعي ،والنموذج
الملكاتي ،والنموذج اإلعالمي الترابطي...
وفي األخير ،يمكن الحديث عن نماذج بيداغوجية وتربوية وديدكتيكية
متنوعة ،يمكن حصرها فيما يلي:
النموذج الديدكتيكي التلقيني كما في المدرسة التقليدية؛
النموذج الديدكتيكي الحواري كما في التربية الحديثة؛
58
النموذج الديدكتيكي الهادف القائم على بيداغوجيا األهداف؛
النموذج الديدكتيكي الكفائي القائم على المقاربة بالكفايات؛
النموذج الديدكتيكي الهربارتي القائم على التمهيد ،وبناء الدرس،
والربط المنطقي بين مراحل الدرس ،واالستنتاج ،والتطبيق؛
النموذج اإلدماجي القائم على تنفيذ الوضعيات اإلدماجية؛
النموذج الديدكتيكي التنشيطي القائم على التنشيط الفردي والجماعي؛
النموذج الديدكتيكي اإلبداعي الذي يهدف إلى جعل المتعلم مبدعا في
أسرته ومدرسته ومجتمعه؛
النموذج الديدكتيكي الملكاتي القائم على الذكاءات المتعددة؛
النموذج الديدكتيكي الترابطي( )Connectivitéالقائم على توظيف
اإلعالميات الرقمية في التدريس.
59
والشيء .53ولكننا نجد ،في اللغات األجنبية ،حضورا لهذا المفهوم بشكل
واضح ومحدد؛ حيث نجد ،في معجم أكسفورد اإلنجليزي ،أن الوضعية
( )Situationتعني " معظم الظروف واألشياء التي تقع في وقت خاص،
وفي مكان خاص".54
وتقترن الوضعية بداللة أخرى ،وهي السياق الذي هو" عبارة عن وضعية
يقع فيها شيء ،وتساعدك -بالتالي -على فهمه".55
أما معجم روبير( ، )Robertفيرى أن الوضعية هي " أن تكون في مكان
أو حالة حيث يوجد الشيء أو يتموقع" . 56أي :إن الوضعية هي التموقع
المكاني أو الحالي في مكان أو وضع ما ،بينما يحدد السياق في هذا المعجم
على أنه " مجموعة من الظروف التي تحيط بالحدث".57
ويمكن أن نفهم من هذا كله أن الوضعية هي مجموعة من الظروف
المكانية والزمانية والحالية التي تحيط بالحدث ،وتحدد سياقه .وقد تتداخل
الوضعية مع السياق ،والظروف ،والعوائق ،والمواقف ،والمشكالت،
والصعوبات ،والمسائل ،واالختبارات ،والمحكات ،والحالة ،والواقع،
والدعامة ،واإلطار ،واإلشكالية…إلخ.
وتعرف الوضعية ،في مجال التربية والديدكتيك ،بأنها" وضعية ملموسة
تصف ،في الوقت نفسه ،اإلطار األكثر واقعية ،والمهمة التي يواجه التلميذ
- 53ابن منظور :لسان اللسان ،الجزء الثاني ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى،
،1993ص743:؛ والمعجم الوسيط ألحمد حسن الزيات وآخرين ،المكتبة اإلسالمية،
إستانبول ،تركيا ،ص.1039 :
54
- A.Regarder: Oxford advanced learners, Dictionary Oxford
university press 2000; p: 1109.
55
-Ibid, p : 247.
56
- Paul Robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992, p : 378.
57
-Ibid, p : 1820 .
60
من أجل تشغيل المعارف المفاهيمية والمنهجية الضرورية لبلورة الكفاية
والبرهنة عليها" .58أي :إن الوضعية واقعية ملموسة ،يواجهها التلميذ
بقدراته ومهاراته وكفاءاته بحلها .ومن ثم ،فليست الوضعيات سوى التقاء
عدد من العوائق والمشاكل في إطار شروط وظروف معينة .إن الوضعية-
حسب محمد الدريج " -تطرح إشكاال عندما تجعل الفرد أمام مهمة عليه
أن ينجزها ،مهمة ال يتحكم في كل مكوناتها وخطواتها ،وهكذا يطرح
التعلم كمهمة تشكل تحديا معرفيا للمتعلم ،بحيث يشكل مجموع القدرات
والمعارف الضرورية لمواجهة الوضعية وحل اإلشكال ،ما يعرف
بالكفاية".59
- 58بيير ديشي :تخطيط الدرس لتنمية الكفايات ،ترجمة :عبد الكريم غريب ،منشورات عالم
التربية ،مطبعة دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى2003 ،م ،ص.181:
- 59محمد الدريج :نفسه ،ص.60 :
61
نعد التلميذ للحياة والواقع لمواجهة التحديات والصعوبات التي يفرضها
عالمنا اليوم ،و يتعلم الحياة عن طريق الحياة ،وأال يبقى رهين النظريات
المجردة البعيدة عن الواقع الموضوعي ،أو حبيس الفصول الدراسية
واألقسام المغلقة والمسيجة بالمثاليات والمعلومات التي تجاوزها الواقع ،أو
التي أصبحت غير مفيدة لإلنسان .أي :تنبني فلسفة الوضعيات على أسس
البراجماتية ،كالمنفعة ،واإلنتاجية ،والمردودية ،والفعالية ،واإلبداعية،
والفائدة المرجوة من المنتج ،وهو تصور الفلسفة الذرائعية لدى جيمس
جويس ،وجون ديوي ،وبرغسون ،والثقافة األنجلو سكسونية بصفة عامة.
وخالصة القول :ترتبط الكفايات بمواجهة المشاكل المركبة والوضعيات
المعقدة .والمقصود بأن تكون كفئا ومؤهال .أي :أن تكون إنسانا ناجحا
ومتمكنا من أسباب النجاح.
ومن مواصفات الوضعية أنها مركبة تشتمل على مجموعة من الموارد
والمواقف المختلفة .كما أنها ذات هدف معين .وهي كذلك تفاعلية على
أساس أن المتعلم يتسلح بمجموعة من القدرات المستضمرة للتفاعل مع
المحيط .ومن ثم ،تنفتح على مجموعة من الحلول الواقعية والممكنة
والمحتملة .وهي محفزة على النجاح والتفوق والتميز .ومن جهة أخرى،
ينبغي أن تكون الوضعية مدعمة باألسناد والوثائق والتعليمات
والنصوص ،ومعايير التقويم ،ومؤشرات التصحيح.
62
المطلب الثاني :الوضعية -المشكلة
تنتج الوضعية المسألة عن تفاعل بين ذات ،سواء أكان ذلك شخصا
واحدا أم مجموعة من األشخاص ،وموضوع معين،أو معلومات مبنية تبعا
لعمل يتعين إنجازه؛ " إال أنه يوجد في هذا اإلطار وسيط مقترح للوضعية
إن جاز التعبير ،فهو يتدخل كوسيط بين الدعامة والقائم بالحل ،أي التلميذ.
وبإمكاننا التعرف إلى أربع مراحل أساسية في هذا التفاعل ،وهي:
بروز حاجة معيشة أو مبنية لنية إنجاز أو الدفع إلى إنجاز عمل تبعا
لمعلومات معينة (المرحلة األولى)؛
تنظيم المدرس لمجموعة هذه المعلومات من أجل أهداف تعلمية
(المرحلة الثانية)؛
إبرام عقد مع التلميذ لكي يمر إلى إنجاز العمل (المرحلة الثالثة)؛
60
إنجاز العمل في حد ذاته (المرحلة الرابعة)".
وللوضعيات أهمية كبيرة في اختبار المناهج الدراسية ،وتقييم المدرسة
المعاصرة ،والتمييز بين التقليدية منها والجديدة ،ومعرفة المدرسة
المنغلقة من المدرسة الوظيفية والمنفتحة .وعليه ،فإن الوضعيات هي محك
الكفاءة والمردودية ،وإبراز للقدرات والمهارات والمواهب المضمرة
والظاهرة .إنها تربية على حل المشاكل المستعصية ،واقتراح الحلول
المناسبة والممكنة ،والتحفيز على التعلم الذاتي ،وتجاوز الطرائق التقليدية
القائمة على التلقين والحفظ ،وتقديم المعرفة والمحتويات بواسطة المدرس
إلى التلميذ السلبي.
ومن المعلوم أن التربية بالوضعيات هي التي تفرز الكفاءات والقدرات
العقلية المتميزة .فهي التي تربط المدرسة بالواقع وسوق الشغل ،وليس
- 61حسن بوتكالي (:مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو) ،الكفايات في التدريس بين
التنظير والممارسة ،مطبعة أكدال ،الرباط ،الطبعة األولى سنة ،2004ص.24:
64
وال يمكن فهم الوضعيات إال إذا وضعناها في سياقها االجتماعي
والتاريخي؛ فلقد استلزم التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر ،منذ
منتصف القرن العشرين ،توفير أطر مدربة أحسن تدريب لتشغيل اآللة
بكل أنماطها؛ مما دفع المجتمع الغربي ليعيد النظر في المدرسة وطبيعتها
ووظيفتها ،بربطها بالواقع والحياة وسوق الشغل قصد محاربة البطالة،
وأسباب الفشل المدرسي ،وإيجاد حل للالمساواة االجتماعية .ويعني هذا
ربط المدرسة بالمقاولة والحياة المهنية والعولمة والقدرة التنافسية
المحمومة .أي :على المدرسة أن تنفتح على الواقع والمجتمع معا
لتغييرهما ،وإمدادهما باألكفاء واألطر المدربة الماهرة والمتميزة؛ فال
قيمة للمعارف والمحتويات الدراسية ،إذا لم تقترن بما هو وظيفي ومهني
وتقني وحرفي .إذاً ،فكل هذه العوامل هي التي كانت وراء عقلنة المناهج
التربوية ،وجعلها فعالة ناجعة ذات مردودية تأطيرية وإبداعية.
وقد حاولت دول العالم الثالث ،بما فيها الدول العربية ( المغرب،
والجزائر ،و تونس ،وسلطنة عمان -مثال ،)...-أن تتمثل هذا النموذج
التربوي القائم على المقاربة بالكفايات ،وتمثل الوضعيات اإلدماجية
لمسايرة المستجدات العالمية ،واإلنصات إلى متطلبات السوق الليبرالية
بغية الحد من البطالة ،وتفادي الثورات االجتماعية ،والحد من ظاهرة
الهجرة بكل أنواعها ،مع تبيئتها في مدارسها لخلق الجودة والعقالنية،
وتحصيل المردودية الفعالة .وبذلك ،أصبحت التربية تابعة للسياسة
االقتصادية للدولة وظروفها االجتماعية والتمويلية .وفي هذا الصدد ،يقول
نيكو هيرت ( ":)Nico Hirttما هو إذا عالم اليوم هذا ؟ يتميز محيطنا
االقتصادي بعنصرين اثنين :أوال تقلب بالغ ،وثنائية اجتماعية قوية .ينجم
عن احتدام الصراعات التنافسية ،وإعادة الهيكلة ،وإغالق المصانع،
وترحيل وحدات اإلنتاج ،واللجوء المتسارع إلى اختراعات تكنولوجية
زائلة أكثر فأكثر(سواء في مجال اإلنتاج أم في مجال االستهالك) .وفي
هذا السياق ،تتمثل إحدى أهم مساعي أرباب العمل في المرونة .أي:
65
مرونة سوق العمل ،ومرونة العامل المهنية واالجتماعية ،ومرونة أنظمة
التربية والتكوين ،وقابلية تكيف المستهلك.
مازالت سوق العمل حاليا منظمة بشكل قوي على أسس المؤهالت .أي:
على أساس الشهادات .وتمثل الشهادة جملة معارف ومهارات معترف بها،
تخضع لمفاوضات جماعية ،وتخول حقوقا بشأن األجور وشروط العمل أو
الحماية االجتماعية .وإلتاحة دوران أكثر ليونة لليد العاملة ،بات أرباب
العمل يسعون لتدمير هذا الثنائي المتصلب :مؤهالت -شهادات ،واستبداله
بالثنائي كفايات -شهادات مبنية على وحدات تكوين( مصوغات أو
62
مجزوءات ").Modulaire
ويتمثل سياق الوضعيات في االنفصال بين النظرية والتطبيق ،أو في غربة
المدرسة عن الواقع و سوق الشغل.
- 62نيكو هرت (:بصدد المقاربة عبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال أكفاء أم إلى مواطنين
نقديين؟) ،الكفايات في التدريس بين النظرية والممارسة ،مطبعة أكدال،الرباط،الطبعة
األولى سنة 2004م ،ص.50 -49:
63
- Astolfi, j, p : ( Placer les élèves en situation – problème ? ), dans
Probio revue, 16, 4, Bruxelles : Association des professeurs de
biologie (ASBL) ,1993.
66
توصف ضمن لغة واضحة ومفهومة من قبل التلميذ.
تتطلب الوضعية معارف وقدرات ومهارات ،تسهم في تكوين الكفاية
في شتى مستوياتها المعرفية والحركية والوجدانية.
تتشابه مع وضعية حقيقية يمكن أن تواجه األفراد خارج المدرسة،
ضمن الحياة المهنية ،أو الحياة الخاصة.
ينبغي أن يكون المشكل الذي يعد للتلميذ مشكال حقيقيا ،ال يكون فيه
الحل بديهيا.
خبراته. التلميذ تشكل الوضعية فرصة يثري فيها
تحدد الوضعية وفق المستوى المعرفي للتلميذ.
إذاً ،يواجه المتعلم وضعية تتطلب حل مشكلة ما ،إما بشكل فردي ،وإما
بشكل جماعي ،بالتفكير في حيثيات المشكلة بمراعاة سياقها التداولي،
وتدبرها بشكل جيد ،ثم اقتراح الحلول المناسبة والممكنة لمعالجة هذه
المشكلة .ومن ثم " ،يحقق التعلم بحل المشكالت نتائج أفضل من نشاط
االستكشاف ،في إيصال مفهوم دقيق؛ ألنه يقترح وضعية -مشكلة
معقدة،تستلزم أن يقوم التلميذ بتعلمات متعددة ،متداخلة ومتمحورة حول
هذه الوضعية في اآلن نفسه .وهي ليست نشاطا يستغرق دقائق أو ساعات
معدودة ،وإنما يتطلب عدة أيام ،وأسابيع ،أو حتى عدة أشهر ...وتعتمد هذه
64
المقاربة حاليا في التعليم العالي بالخصوص".
ويرتبط البحث الذي يقوم به المتعلم بفرضية أو مشكلة ما ،تستوجب
البحث والتنقيب معا ،وجمع المادة إليجاد حل لها.
ويلتجئ المتعلم إلى أنشطة اإلدماج بعد اكتساب الموارد ،وبعد عمليات
التوليف والتركيب والدعم والمراجعة من أجل مواجهة وضعية واحدة أو
مجموعة من الوضعيات الصعبة بغية تثبيت كفاية ما تمهيدا وتطبيقا.
- 64انظر :بيداغوجيا اإلدماج ،ص.86:
67
وبتعبير آخر ،يستدمج المتعلم كل موارده المكتسبة لتوظيفها لحل
الوضعية.أي :إن" نشاط اإلدماج هو نشاط ديدكتيكي يتوخى استدراج
التلميذ لتحريك المكتسبات التي كانت موضوع تعلمات منفصلة ،فهي -
إذا ً -لحظات تعلمية تقوم على إعطاء معنى لتلك المكتسبات.
ويمكن أن نلجأ إلى أنشطة اإلدماج في أية لحظة من التعلم ،والسيما في
نهاية بعض التعلمات التي تشكل كال داال ،أي :عندما نريد ترسيخ كفاية،
أو تحقيق الهدف النهائي لإلدماج.
وتتغير أنشطة اإلدماج هاته ،فأثناء التعلمات االعتيادية ،قد تكون أنشطة
قصيرة (ال تتجاوز دقائق معدودات) لوضع مكتسبات عديدة ضمن سياق.
65
وفي نهاية التعلم ،تصير المدة مهمة :قد تمتد من ساعة إلى عدة أيام".
وعليه ،ينبني نشاط اإلدماج على فعالية المتعلم باعتباره بطال رئيسا في
عملية بناء التعلمات ،وحل الوضعيات المشكالت .كما يستلزم اإلدماج من
المتعلم أن يعبئ كل موارده المستضمرة ،بشكل من األشكال ،لحل
الوضعية المطروحة عليه .كما أن نشاط المتعلم نشاط ذو معنى ،ومرتبط
بوضعية جديدة ،وموجه نحو كفاية أو نحو هدف إدماج نهائي.
ومن أمثلة األنشطة اإلدماجية نشاط حول حل المشكالت ،ونشاط خاص
بوضعية تواصل ،ومهمة معقدة تنجز في سياق معطى ،وإنتاج حول
موضوع معين ،وزيارة ميدانية ،وأعمال تطبيقية ومختبرية ،وابتكار عمل
فني ،وتدريب عملي ،وإنجاز مشروع بيداغوجي أو مشروع القسم...
ويرتكز نشاط اإلدماج على تحديد الكفاية المستهدفة ،وتحديد التعلمات التي
نريد دمجها ،واختيار وضعية ما تكون دالة وجديدة تراعي مستوى
المتعلم ،وتتيح فرصة إلدماج ما نريد أن يتعلمه التلميذ ،ووضع صيغ
التطبيق ،مثل :ما يقوم به المتعلم ،وما يقوم به المدرس ،وإعداد الوسائل
72
ويمكن الحديث عن أنواع من العوائق في مجال التدريس ،وهي العوائق
اإلبستمولوجية ،والعوائق الديدكتيكية ،والعوائق التي تتعلق بتحقيق
األهداف والكفايات.
وتنبني الوضعية المسألة على الهدف العائق.أي :مواجهة العائق وتجاوزه
انطالقا من الموارد المكتسبة التي استضمرها المتعلم بغية إدماجها لحل
الوضعية -المشكلة .إذاً ،يضع المدرس هدفا ،ويتمثل هذا الهدف في طرح
مشكلة أو عائق ينبغي تجاوزه وإيجاد حل له .ويسمى هذا الهدف بالهدف
العائق ،وهو يصدر عن المواجهة بين منطقين:
" منطق األهداف المحددة من لدن الخبير (المدرس ،وأخصائيو
المحتويات) ،والتي تنتج عن تحليل المحتويات؛
ومنطق تحليل الصعوبات التي تعترل المتعلم لكي يتجاوز ويتوصل إلى
الدرايات المراد تكوينها انطالقا من تمثالته الخاصة.
وتحاول األهداف المعيقات أن توفق بين هذين المنطقين :منطق الخبير
ومنطق المتعلم:
من جهة ،يدرس الهدف بطريقة معينة ،حيث يشكل التعلم تقدما فكريا لدى
التالميذ؛
ومن جهة أخرى ،يدرس الهدف بشكل يمكن من االشتغال على معيق قابل
للتجاوز من قبل المتعلم.
70
يتعلق األمر-إذا ً -بنوع من التفاول بخصوص الهدف".
وتختلف طبيعة الوضعية -المسألة من فرد إلى آخر ،ومن لحظة إلى
أخرى ،فقد تكون صعبة ومعقدة عند فرد ما ،وسهلة ومتداولة عند فرد
آخر ،وقد تكون مشكلة ما في لحظة معينة ،والتكون كذلك في لحظة
76
المعرفيييية والوجدانيييية والحسيييية الحركيييية ،أو إشيييباع حاجياتيييه البيولوجيييية
والنفسية والعقلية ،أو من أجل تحقيق طموحه ،أو من أجل إثبيات ذاتيه ،أو
من أجل تحقيق التوازن أو التكيف مع البيئة ،أو المحيط.
ومييين ثيييم ،ينصيييب العليييم عليييى اكتسييياب األفكيييار ،والتشيييبع بيييالقيم ،وتعليييم
المهيييارات ،وحيييل الوضيييعيات-المشيييكالت ،وإبيييداع النصيييوص واألشيييكال
والنظريات ،واكتشاف المجهول...
وال يتحقق التعلم كذلك إال بوضيع الميتعلم أو اإلنسيان أميام وضيعية مشيكلة
معقدة أو صعبة أو مركبة من أجل إيجاد جواب أو حل لها.
إذاً ،فالتعلم ،في مفهومه الواسع ،عبارة عن خبرات يكتسيبها الكيائن الحيي،
بتفاعله واحتكاكه المستمر ببيئته ومحيطهوواقعه المجالي والموضوعي.
واليييتعلم كيييذلك هيييو البحيييث عييين مختليييف الطرائيييق واألسييياليب والمنييياهج
والتقنيييات التييي يسييتطيع بهييا اإلنسييان أن يلبييي حاجياتييه النامييية والمسيتجدة
باستمرار.وبذلك ،يعد اإلنسان الكائن األكثر حاجة إلى التعلم لتحقيق تيالؤم
أفضل مع المحيط الذي يعيش فيه ،وأيضا من أجل إشباع حاجياته المتعددة
والمستجدة والملحة والمتكررة والمستمرة.
و ليييس الييتعلم فعييال فطريييا طبيعيييا عاديييا ،بييل هييو فعييل اكتسييابي قييائم عليى
المران والتدريب والتجريب والتكرار،ويكون استجابة لدافع أو حاجيية مين
حاجيات اإلنسان البيولوجية ،أو النفسية ،أو الفكرية ،أو الثقافية...
ويحتياج الييتعلم كيذلك إلييى بيذل المجهييود مين أجييل اكتسياب خبييرات جديييدة،
واكتشيياف المجهييول ،وبنيياء المعييارف والعييادات الجديييدة .ويتحقييق الييتعلم
باكتسيياب المهييارات ،والتييزود بالمعلومييات واألفكييار والبيانييات ،ومجابه ية
المواقف والوضعيات ،وحل المشاكل التي يستلزمها الواقع واألحداث.
77
ومن ثيم ،فهنياك فيرق كبيير بيين العيادة واليتعلم .فالعيادة عمليية سيهلة بيدون
مشقة ،قد تساعد المتعلم على إدراك بعض األشياء ،لكن التعلم يحتياج إليى
جهد وصبر مشقة ومران من أجل التزود باألفكار ،وتمثيل القييم وتشيربها،
وامتالك التقنيات ،والتعرف إلى المناهج والنظريات والمعارف...
أضف إلى ذلك أن التعلم عبيارة عين عمليية نفسيية بامتيياز ،تخضيع آللييات
وقييوانين وشييروط محييددة ،تنشييأ عنهييا عييادات مختلفيية قييد تكييون صييالحة أو
طالحيية ،والتربييية هييي وحييدها الكفيليية بييالتمييز بييين الصييالح والطييالح.ومن
هنا ،فالتعلم هو اكتساب لمجموعة من العيادات العقليية والذهنيية والفكريية،
والعادات الوجدانية واالنفعالية ،والعادات الحسية -الحركية.
أميا الفيرق بيين اليذكاء واليتعلم ،فالييذكاء هيو القيدرة عليى اليتعلم واالكتسيياب
وإدراك األشيييياء وفهمهيييا وتفسييييرها وتأويلهيييا .أميييا اليييتعلم ،فوظيفييية مييين
الوظائف األساسية للذكاء ،وبه تنكشيف الفيوارق البيداغوجيية والديدكتيكيية
بين المتعلمين ،وبيه يتمييز اليذكاء البشيري عين اليذكاء الحييواني.ومن هنيا،
ترتبط سرعة التعلم وبطؤه بطبيعة الذكاء ونوعه ودرجته ومعدله.
المطلب الثاني :شروط التعلم وأهميته
ينبني اليتعلم عليى مجموعية مين الشيروط األساسيية .ويمكين حصيرها فيميا
يلي:
النضنننج البيولنننوجي :اليمكييين أن يتحقيييق اليييتعلم ليييدى اإلنسيييان إال بنميييو
جسييمه ،وتصييلب عضييالته ،وامييتالك اللغيية ،واكتسيياب الجهيياز الصييوتي،
ونضج بنيته الجسدية جزئيا أو كليا.
ومن هنا ،يرتبط تعلم الكتابة بقوة اليدين.ويرتبط تعلم الرياضة بقوة الجسد.
ويييرتبط تعلييم السييباحة بتصييلب العضييالت ،واكتسيياب بعييض المهييارات،
ونضج األعضاء والساقين ،والتدريب على التنفس الصحيح ،والتوفر عليى
قوة األعصاب والعظام...
78
النضج العقلي :ويعني هذا أن التعلم مرتبط ارتباطا شديدا بالنمو العقلي
والييذكائي.فاليمكن أن نطالييب الطفييل ،فييي السيينوات األولييى ،بكتابيية إنشيياء
فلسفي قائم على التجريد ،بينما الطفل لم يتجاوز مرحلة اإلدراك الحسي.
ويعنييي هييذا ضييرورة مراعيياة النمييو العقلييي لييدى الطفييل ،وتحديييد الفتييرة
العمرييية ونييوع الييذكاء المناسييب لتلييك الفتييرة المرصييودة.ومن ثييم ،اليكتفيي
التعلم بماهو بيولوجي ووراثي فقط ،بيل البيد مين اميتالك خصيائص عقليية
منطقية ورياضية لفهم العالقات بين العناصر تماثال ،وتقابال ،واستنتاجا.
الدافـــعية:ييرتبط اليدافع إليى اليتعلم بمجموعية مين الحاجيات.فيالحيوان
يتعلم من أجل إشباع رغبيات بيولوجيية كاألكيل ،وإرواء العطيش ،وتحقييق
الرغبة الجنسية .في حين ،يسعى اإلنسان إلى تحقيق رغبات أخرى ،مثل:
تحقييييق اليييذات ،والسيييعي مييين أجيييل االميييتالك ،وإشيييباع الرغبيييات الفكريييية
والثقافية والعلمية ،والبحث عن التوازن النفسي والديني والروحي...
موضننوع الننتعلم:يييرتبط الييتعلم باكتسيياب المهاراتالمتنوعيية والمختلفيية،
وتعليييم التقنييييات والطرائيييق ،واليييتمكن مييين اسيييتخدام المنييياهج واألسييياليب،
واكتسيياب األفكييار والمعييارف القديميية والجديييدة ،والتشييبع بييالقيم والمواقييف
والتمييثالت ،وتعلييم الحركييات ،واكتشيياف المعلييوم ،والييتحكم فييي المجهييول،
وحل الوضعيات والمشاكل ،وإيجاد األجوبة للمسائل العويصة والمعقدة...
سياق التعلم :يتأسس التعلم على حل مجموعة من الوضعيات الصعبة
والمعقدة التي ترتبط بسياق ما .وتحمل تلك الوضعيات والمواقف عوائق
ومشاكل تتطلب حلوال ناجعة من المتعلم.
وترد الوضعية التعليمية السياقية في شكل مسألة معقدة وصعبة ،تستلزم
حلوال مناسبة ومالئمة .وكلما وجد المتعلم حلوال لهذه الوضعيات المركبة
والصعبة والمعقدة ،كان المتعلم كفئا ومؤهال وذكيا .وبالتالي ،استحق
التنويه واإلشادة به.
79
وللتعلم أهمية كبرى في حياة اإلنسان .فهي عملية أساسية في نماء اإلنسيان
وارتقائييه ،بيييالتكيف ميييع الطبيعييية واسييتغاللها وتغييرهيييا .وبالتيييالي ،يتمييييز
اإلنسييان عيين بيياقي الكائنييات األخييرى بخاصييية الييتعلم القييائم علييى المييران،
واالكتساب ،والتجريب ،والتدريب.
وبهذا التعلم ،يستطيع اإلنسان بناء مدنيته وحضارته وكتابية تاريخيه .وهيذا
مييا جعييل البيياحثين يهتمييون بدراسيية الييتعلم ،والبحييث عيين قوانينييه وآلياتييه
المتنوعيية والمختلفة.لييذا ،انقسييموا إلييى تيييارات سيييكولوجية متنوعيية ،وإلييى
مدارس نفسية مختلفة ،واتجاهات منهجية متضاربة.
المطلب الثالث:التعلم في منظور المدرسة السلوكيـــة
ظهرت المدرسة السلوكية ضمن النطاق األنجلوسكسوني بغية فهم
مجموعة من الظواهر النفسية والسلوكية ،والسيما ما يتعلق بالتربية،
والتعليم ،والتكوين ،والتعلم.وقد لقيت هذه المدرسة انتشارا كبيرا في
منتصف القرن العشرين ،ومازالت تمارس تأثيرها في الساحة التعليمية
والتربوية إلى يومنا هذا ،على أساس أنها أكبر مدرسة سيكولوجية تعنى
بمجال التعلم لدى المتمدرس بطريقة علمية موضوعية وتجريبية.
يمثييل المدرسيية السييلوكية مجموعيية ميين البيياحثين كيياألمريكيين واطسييون
(1878-1958()Watsonم) ،وسكينر (1904-1990( )Skinnerم)،
وثورنييدايك (1874-1949()Thorndikeم) ،...والطبيييب الفيزيولييوجي
الروسي بافلوف (... ،)1849-1963()Pavlov
وقييد تييأثرت هييذه المدرسيية بالوضييعية العلمييية وفلسييفة الواليييات المتحييدة
األمريكية فيي بدايية القيرن العشيرين .وقيد ركيزت عليى فكيرتين أساسييتين
همييا :السييلوك المالحييظ والبيئيية ،مييع إقصيياء الييذات والعواطييف الشييعورية
والعمليات الذهنية والعقلية والفكرية الداخلية.
80
الغرل من هذه المدرسية هيو دراسية السيلوك الخيارجي لإلنسيان السيوي،
بربطيييه بيييالمثير( )Stimilusواالسيييتجابة ( .)Réponseويعنيييي هيييذا أن
السيييلوك اإلنسييياني هيييو نتييياج لليييتعلم ،أو هيييو رد فعيييل عليييى مجموعييية مييين
المنبهات التي تأتينا من العالم الخارجي.
ومييين هنيييا ،فقيييد ظهيييرت السيييلوكية سييينة 1913م فيييي الوالييييات المتحيييدة
األمريكيييية ميييع واطسيييون اليييذي أوجيييد مصيييطلح السيييلوكية سييينة 1913م
( )Behaviorلدراسة مجميل السيلوكيات الموجيودة عنيد مختليف الكائنيات
الحية ،في ارتباط تام بالبيئة ،أو المحيط الخارجي.
ومن ثم ،فقد استبعدت هذه المدرسة كل ماهو داخليي ،سيواء أكيان شيعورا
أم الشعورا .ويعني هذا أن السيلوكية مدرسية سييكولوجية تجريبيية وعلميية
بامتيييياز ،هيييدفها دراسييية السيييلوك الخيييارجي المالحيييظ فيييي عالقييية بيييالمثير
واالستجابة.لذا ،فقد أجرييت تجاربهيا األوليى عليى الحيوانيات ،مين كيالب،
وفئران ،وقطط ،وحمام ،بغية تطبيقها على اإلنسان .وبتعبير آخر ،التكتفي
السلوكية بدراسة السلوك عند المتعلم فحسب ،بيل تيدرس ،عبير المالحظية
الواصفة ،الكيفية التي بها يتحكم المتعلم في المعرفة ،بعيد أن يحقيق الهيدف
اإلجرائي المطلوب.
81
وقد ارتبطت النظرية السلوكية بالتشريط التعلمي ()Conditionnement
عند بافلوف انطالقا من ثنائية المثير واالستجابة [.]SR
ولييم تقتصيير السييلوكية علييى نظرييية المثييير واالسييتجابة البسيييطة كمييا عنييد
بافلوف فحسب ،بل تطورت مع بييداغوجيا األهيداف التيي اهتميت بتسيطير
مجموعييييية مييييين األهيييييداف السيييييلوكية المعرفيييييية والوجدانيييييية والحسيييييية
الحركية.عالوة على التعلييم المبيرمج ()Enseignement programmé
الذي استفاد من تقنيات المدرسة السلوكية ،والتعلييم الحاسيوبي اليذي اميتح
إوالياته النظرية والتطبيقية مين المدرسية السيلوكية .دون أن ننسيى اسيتفادة
بيداغوجيا الكفايات من هذه النظرية مع تطويرها.
وللتوضيح أكثر ،فاإلنسان يصيدر سيلوكه الخيارجي المالحيظ والمرصيود،
حينما يرتبط ذلك بمحفز واستجابة .ميثال ،حينميا يحيس اإلنسيان بيالعطش ،
يسمى هذا حافزا ،فإنه يتجه نحو المكان اليذي يوجيد فييه المياء ،يسيمى هيذا
بالسلوك الخارجي ،فيشرب ،ويسمى هذا استجابة .وينطبق هذا على حافز
الجييوع وحييافز الييتعلم وحييافز الخييوف وغيرهييا ميين المثيييرات الخارجييية
المدركة.
وإذا كانييت المدرسيية الشييعورية تييدرس الشييعور الييداخلي ،فييإن السييلوكية
التعنى إال بمالحظة السلوك الخارجي القابيل للدراسية والرصيد والتجرييب
والتوصيف.
وميين هنييا ،فكلمييا كييان هنيياك مثييير أو حييافز أو منبييه خييارجي ،كانييت هنيياك
استجابة سيلوكية بمثابية رد فعيل عليى هيذا المنبيه البيئيي أو المحيطيي .وقيد
كان هذا القيانون السييكولوجي نتيجية مجموعية مين التجيارب التيي أجرييت
على الحيوانات في ظروف ووضعيات تجريبية مختلفة بغية معرفة عالقية
االرتباط الموجودة بين المثير المدروس واالستجابة المتوقعة.
82
وأكثر من هذا ،تهتم السلوكية بدراسة الوقائع الذهنية والوجدانية المالحظة
(الصييرا ،الضييحك ،)...وال تعنييى بدراسييية الحيياالت غييير المالحظييية أو
المدركة (الفرح ،والحزن ،والغضب.)...كما تدرس عناصر البيئة الحسية،
مثل :الحرارة ،وعدد األفراد...ومن هنا ،فالوضعيات البيئية هي التي تخلق
حوافر الفرد ،وتستدعي ردود أفعاله واستجاباته.
وإذا كان بافلوف قد اهتم بدراسة االنعكاس المشروط ،بدراسة ردود الفعيل
لدى الحيوان في عالقته بيالمحيط اليذي يوجيد فييه،فإن واطسيون " أراد أن
يبنييي نظرييية السييلوك اإلنسيياني علييى وحييدة بسيييطة هييي الفعييل الميينعكس،
ودرس الفعل المنعكس في الحيوانيات الدنيئية البسييطة والراقيية ،واعتبير
سلوك اإلنسان مجموعة من األفعال المنعكسة الشرطية المعقدة "74.
وعليه ،فقد كانت السلوكية تنظر إليى اليتعلم وفيق منظيور إشيراطي ،بيربط
التعلم بثنائية المثير واالستجابة
- 74عبد العزيز القوصي :علم النفس :أسسه وتطبيقاته التربوية ،مكتبة النهضة المصرية،
القاهرة ،مصر ،طبعة 1978م ،ص.76:
83
1874-( )Edward هييييييذا ،ويعييييييد إدوارد ثورنييييييدايك(Thorndike
1949م)من العلماء األمريكيين الذين يحسبون على التيار السلوكي ،وكيان
سييييباقا إلييييى وضييييع معادليييية المثييييير واالسييييتجابة إطييييارا مرجعيييييا للييييتعلم
وسيكولوجية السلوك ،مع طرح تصور ترابطي للتعلم .وقد عيرف بنظريية
الييتعلم بالمحاوليية والخطييأ .عييالوة علييى قييانون األثيير الييذي ارتييبط باسييمه.
ويُطلق أيضا على نظرية ثورنيدايك اسيم الترابطيية(Connexionnisme
) ،على أساس أن عمليية اليتعلم هيي نتياج اليربط بيين المثيير واالسيتجابة.
ومن ثم ،تتقوى عملية التعلم أوتضعف حسب قوة الترابط وضعفه.
وتعني نظرية المحاولة والخطيأ أن اإلنسيان ييتعلم بالخطيأ ،ونتيجية تكيرار
المحاوالت الكثيرة بغية الوصول إلى الهدف المطلوب .وتقوم هذه النظرية
التعلمية على مجموعة من المفاهيم األساسية هي:
التكننرار :يسيياعد المييتعلم علييى تجنييب الخطييأ بعييد القيييام بمجموعيية ميين
المحيياوالت فييي مييرات زمنييية متعييددة ،مييع تصييحيح االسييتجابات الخاطئيية
باالستجابات الصحيحة.
التدعيم أو التعزيز :يعني التقويم اإليجابي بالمكافأة لتشجيع المتعلم على
االستجابة.
االنطفنناء :إذا لييم يتحقييق التييدعيم ،يقييع االنطفيياء ،أو تراجييع المييتعلم عيين
االستجابة الفورية.
االسترجاع التلقائي :بعد عملية االنطفاء ،يمكن للمتعلم أن يسترجع قواه
بطريقة تلقائية.
التعميم :ما يتعلمه المتعلم من موارد يمكن أن يوظفها ويدمجها في أثناء
مواجهته لوضعيات متشابهة.
84
التمييز :يعني هذا المبدأ أن الميتعلم إذا فشيل فيي حيل المشيكلة الوضيعية
الجديييدة بنيياء علييى وضييعيات سييابقة مشييابهة ،فالبييد ميين االلتجيياء إلييى مبييدأ
التمييز للتفريق بين الموقف السابق والموقف الجديد.
العالقننات الزمانيننة :يقييوم الزمييان بييدور هييام فييي تقييويم التعلمييات ،فكلمييا
كانت االستجابة فوريية وفيي ميدة قصييرة كيان اليتعلم ناجحيا ،وكلميا طاليت
الفترة الزمنية ضعف التعلم واالكتساب.
وقد أحضر ثورندايك صندوقا للقطط ،ووضيع الطعيام خيارج البياب ليحفيز
القطييط ويطوعهييا علييى فييتح البيياب الحديييدي للظفيير بييذلك الطعييام .وبطبيعيية
الحييال ،ليين يتحقييق لييه ذلييك بسييهولة ومرونيية ويسيير إال بالضييغط علييى أداة
حديدية مساعدة ،تسنده في فتح باب القفص إلشباع رغبته البيولوجية.
ويالحظ أن القط يكرر محاوالته الخاطئية فيي فيتح البياب ميرات عيدة حتيى
يحصل له المرام والمبتغى والغاية ،فيخرج من قفصه الحديدي.
وقد رسم ثورندايك مبيانا إحصائيا تكراريا للتثبت من عدد المحاوالت التي
تسمح للقط بالخروج من القفص بسرعة .وقد تحسن أداء القيط بعيد( )117
محاولة خاطئة لمدة أسبوع .وتضاءلت المدة الزمنية التيي اسيتغرقها اليتعلم
لدى القط عن طريق المحاولة والخطإ.
85
وعليه ،تعني نظريية المحاولية والخطيأ أن اإلنسيان ييتعلم بالخطيأ ،ونتيجية
تكرار المحاوالت الكثيرة بغية الوصول إلى الهيدف المطليوب .وتقيوم هيذه
النظرية التعلمية على مجموعة من المفاهيم األساسية هي:
التكننرار :يسيياعد المييتعلم علييى تجنييب الخطييأ بعييد القيييام بمجموعيية ميين
المحيياوالت فييي مييرات زمنييية متعييددة ،مييع تصييحيح االسييتجابات الخاطئيية
باالستجابات الصحيحة.
86
التدعيم أو التعزيز :يعني التقويم اإليجابي بالمكافأة لتشجيع المتعلم على
االستجابة.
االنطفنناء :إذا لييم يتحقييق التييدعيم ،يقييع االنطفيياء ،أو تراجييع المييتعلم عيين
االستجابة الفورية.
االسترجاع التلقائي :بعد عملية االنطفاء ،يمكن للمتعلم أن يسترجع قواه
بطريقة تلقائية.
التعميم :ما يتعلمه المتعلم من موارد يمكن أن يوظفها ويدمجها في أثناء
مواجهته لوضعيات متشابهة.
التمييز :يعني هذا المبدأ أن الميتعلم إذا فشيل فيي حيل المشيكلة الوضيعية
الجديييدة بنيياء علييى وضييعيات سييابقة مشييابهة ،فالبييد ميين االلتجيياء إلييى مبييدأ
التمييز للتفريق بين الموقف السابق والموقف الجديد.
العالقننات الزمانيننة :يقييوم الزمييان بييدور هييام فييي تقييويم التعلمييات ،فكلمييا
كانت االستجابة فوريية وفيي ميدة قصييرة كيان اليتعلم ناجحيا ،وكلميا طاليت
الفترة الزمنية ضعف التعلم واالكتساب.
ومن خصائص هذه النظرية ارتباط المثير باالستجابة على مستوى اليتعلم،
ووجود دافع أساسيي لليتعلم ،ثيم تكيرار المحياوالت التعلميية بغيية الوصيول
إلى الهدف ،ثم إيجاد حل عن طريق الصدفة ،ثم تعمييم أثير الحيل الصيحيح
على باقي الوضعيات السياقية األخرى.
ويعني هذا كله أن نظرية ثورندايك قائمة على ثالثة قوانين كبرى هي:
قانون االستعداد الذي يتمثل في رغبية اإلنسيان أو الحييوان فيي اليتعلم ،
باالستعداد والتحضير والتهيؤ وتوفير جمييع اإلمكانيات النفسيية والعضيوية
إلنجاز المهمة عن طريق التشجيع والتحفيز والتطويع ،أو ميا يسيمى أيضيا
بقانون الدافعية؛
87
قانون األثر :ويعنيي أن يكيون للعميل أو اإلنجياز المشيروط أثيرا إيجابييا
فييي المنجييز ،كييأن يشييبع رغباتييه ،ويحقييق متمنياتييه ،ويرضييي طموحاتييه،
ويكون ذلك بالثواب والتشجيع والتقويم والمكافأة؛
قننانون الممارسننة :ال يتحقييق الييتعلم الترابطييي إال بالتييدريب المسييتمر،
والتمارين المتكررة ،والمحاوالت الخاطئة مين أجيل الظفير بالمبتغى.والبيد
أن يكون التمرين هادفيا وناجحيا وبنياء بامتيياز ،يسياعد الميتعلم عليى اليتعلم
وحل الوضعيات المشكالت.
وقد توصل ثورندايك إلى مجموعة من القوانين المتعلقية بنظريية المحاولية
والخطأ ،و هذه القوانين هي:
قانون التكرار الذي يقوي الروابط بين المثير واالستجابة؛
قانون األثر القائم على الثواب ،وقد قال به واطسون75؛
قنننانون التهينننؤ واالسنننتعداد الميييرتبط بالشيييعور بالرضيييا واالنزعييياج؛
قانون التمرين الذي يقوي االرتباطات التعلمية؛
قانون االنتماء الذي يقوي الرابطة بين المثير واالستجابة ،عندما تكيون
االستجابة الصحيحة أكثر انتماء إلى الموقف؛
قااانون االسااتقطاب الااذي يعنااي أن الااتعلم يتحقااق بطريقااة التاارابط
الميسر بدل التارابط المانعكس الصاعب ،كاأن ناتعلم معااني مفاردات
اللغااة الفرنسااية بالعربيااة أسااهل ماان تعلمهااا بالفرنسااية ،كااأن نااذكر
المفرد الفرنسية ثم نذكر معناها بالعربية .وهذا أفضل إذا طلب منا
أن نذكر معنى المفرد العربية بالفرنسية.
-أحمد عزت راجح:أصول علم النفس ،المكتب المصري الحديث ،اإلسكندرية ،مصر، 75
88
عالوة على وجود مجموعة من القوانين الثانوية ،مثل:
قنننانون االسنننتجابة المتعنننددة التيييي تسيييتلزم اسيييتجابات عيييدة ومتنوعييية؛
قننانون االتجنناه أو المنظومننة الييذي يعنييي مييدى تييأثر الييتعلم باتجاهييات
المتعلم وميوله ودوافعه ورغباته وقناعاته؛
قانون االستجابة بالمماثلة ،ويعني اليتعلم انطالقيا مين المواقيف السيابقة
المشابهة؛
قنننانون االنتقنننال الترابطننني اليييذي يعنيييي تعليييم المواقيييف فيييي ارتباطهيييا
بالمواقف التعلمية األخرى...76
ويمكن تطبيق النظرية السلوكية على الحيوانات ،واألفيراد األسيوياء ،وفيي
مجال سيكولوجيا الطفولة ،والسيكولوجيا االجتماعية...
ومن جهة أخرى ،تستند هذه المدرسة ،على المستوى اإلبستمولوجي ،على
الفكر العلمي الوضعي والموضوعي والتجريبي متيأثرة ،فيي ذليك ،بيالعلوم
الفيزيائيييية والفيزيولوجيييية والرياضيييية والطبيعيييية ،ميييع تطبييييق المييينهج
التجريبيييي القيييائم عليييى المالحظييية ،والفرضيييية ،والتجرييييب ،والتكيييرار،
والمقارنة ،والقانون ،والنظرية .دون أن ننسيى أن هيذه النظريية تقيوم عليى
مبدإ الحتمية العلمية ،وربط األسباب بالنتيائج ،وتمثيل الموضيوعية العلميية
في البحث التطبيقي.
وفي األخير ،فلقد ساهمت المدرسة السلوكية في إغناء مجال التعليم والتعلم
والتكييوين.ومن ثييم ،فييالتعلم ،فييي منظييور المدرسيية السييلوكية ،هييو أن يكييون
المييتعلم قيييادرا عليييى تقييديم الجيييواب المناسيييب ،أو يكييون قيييادرا عليييى حيييل
-عبد المجيد نشواتي ،علم النفس التربوي ،دار الفرقان للنشر والتوزيع ،عمان، 76
89
الوضعيات المعقدة والمركبية ،أو يكيون قيادرا عليى تقيديم الحليول المالئمية
والمناسبة لمختلف المشاكل التي تواجهه في المدرسة من جهة ،والحياة من
جهة أخرى.ومن ثم ،يتحقق التعلم الحقيقي عنيد الميتعلم بيالجمع بيين المثيير
واالستجابة وتكراره عبر الوحدات الدراسية والتعلمية.
أضف إلى ذلك يتحقق التعليم السلوكي بتحدييد األهيداف اإلجرائيية ،وتقيديم
الوضيييييعيات المتدرجييييية فيييييي السيييييهولة والصيييييعوبة لكيييييي يجييييييب عنهيييييا
المتعلم،وخلييق السييياقات الظرفييية والبيئييية التعليمييية المختلفيية للتثبييت ميين
مكتسيييبات الميييتعلم ،رصيييد مختليييف اسيييتجاباته المعرفيييية ،وتحدييييد مجميييل
المثيييرات الدافعيية نحييو الييتعلم ،وتبيييان نييوع طبيعيية السييلوك التعلمييي لييدى
التلميذ بشكل علمي ،وموضوعي ،وتجريبي.
وعليه ،فقد رفضت المدرسة السلوكية البنييات العقليية المتحكمية فيي اليتعلم
كما لدى السيكولوجيا المعرفية ،بل اعتبيرت السيلوك المالحيظ والمرصيود
هو أساس المعرفة النظرية والتطبيقيية.بمعنى أن هيدف المدرسية السيلوكية
هو تحليل السيلوك المعرفيي والتعلميي المالحيظ ليدى الميتعلم ووصيفه بدقية
علمية وقياسية ،في شكل أهداف سلوكية وإجرائية في آخر حصة تعليميية-
تعلمية .فما يهم السلوكية هو وصف األفعال السلوكية من قبيل:
-أن يكون التلميذ قادرا على رسم لوحة تشكيلية في وصف الطبيعة؛
-أن يكون المتعلم قادرا على قفز حاجز من خمسة أمتار؛
-أن يكون التلميذ قادرا على العد إلى المائة.
ومن هنا ،ينبنيي الفعيل السيلوكي عليى القيدرة زائيد فعيل الحركية .وال تبنيي
السلوكية أهدافها اإلجرائية والكفائية على األفعال العقلية والمعرفيية ،مثيل:
يتذكر ،ويفهم ،ويفكر... ،
وعليييى اليييرغم مييين إيجابييييات المدرسييية السيييلوكية ،فإنهيييا تهميييل جوانيييب
سيييكولوجية أخييرى تتعلييق بميياهو شييعوري ،والشييعوري ،ومعرفييي .كمييا
90
تسييقط فييي اآللييية الميكانيكييية التكرارييية.ثم ،إن الييتعلم ليييس مرتبطييا بثنائييية
المثير واالستجابة بالضرورة ،بل قد يكون التعلم نتاج الرغبية فيي التعبيير
عن المشاعر واألحاسيس الداخلية التي العالقة لها بالمحيط الخارجي.كميا
تملك الذات مؤهالت وراثية وعقلية وذكائيية تسيمح لهيا بيالتعلم واالكتسياب
أكثر مما يتيحها المحيط الخارجي.
المطلب الرابع :نظريات التعلم بعد المرحلة السلوكية
يمكن الحديث عن مجموعة من النظريات والتصورات التي اقترنت بالتعلم
في مرحلة ما بعد المدرسة السلوكية اإلشراطية ،ويمكن حصرها في
المدرسة الجشطلتية األلمانية ،واإلبستمولوجيا التكوينية لجان بياجي،
والسوسيوبنائية.
الفرع األول :الجشطلتية والتعلم باالستبصار
تعني الجشيطلتية ،فيي اللغية األلمانيية ،الشيكل ،أو الصييغة ،أو الهيئية ،أو
الصورة ،أو البنية ،أو النسق الكلي...
ومن ثم ،تعني الجشطلتية العليم بالكلييات اليذي ييدل عليى الجزئييات.بمعنى
أن الجشطلت عبارة عن نسق بنيوي كلي ،يتكون من مجموعة من البنييات
الجزئييية التييي لهييا دور أو وظيفيية داخييل هييذا النسييق الييذي يتسييم باالتسيياق
واالنسجام .وأي تغيير يحدث في أي جزء أو بنية داخل النسيق ،ييؤثر ذليك
،بيييدوره ،فيييي تغييييير النسيييق الكليييي ،سيييواء أكيييان ذليييك التغييييير جزئييييا أو
كليييا.ويعني هييذا كلييه أن المييرء يييتعلم األشييياء بنيويييا ونسييقيا ،ويييدركها فييي
كلياتها التي تتضمن جزئياتها الصغرى.
وقييد ظهييرت سيييكولوجيا الشييكل( ، )Psychologie de la formeأو
النظريييية الجشيييطلتية ( )Gestaltthéorieفيييي بيييرلين ،ميييا بيييين -1910
1920م .وترتبط بمجموعة من األسيماء هيي :فيرتيميير(،)Wertheimer
وكوهلر( ،)Köhlerوكوفكا(...)Koffka
91
وتيييدرس النظريييية الجشيييطلتية الظيييواهر السييييكولوجيا باعتبارهيييا وحيييدات
منظمة ضمن شيكل معيين .ويعنيي الجشيطالت الكيل المتكاميل األجيزاء ،أو
الصيغة اإلجماليية الكليية التيي تتضيمن ،فيي طياتهيا ،عناصيرها وأجزاءهيا
المكونة.
وتهتم الجشطلتية برصد األشكال في تمايزهيا وتنظيمهيا وتناسيقها وانتقالهيا
مييين وضيييعية إليييى أخيييرى .وتركيييز كثييييرا عليييى اإلدراك واليييذكاء عنيييد
الحيوان.وقد تشكلت هذه المدرسة السيكولوجية " في وقت أسرف فيه كثير
مين علميياء اليينفس فيي تحليييل الظييواهر النفسييية إليى عناصيير جزئييية .كييانوا
يحللون اإلدراك إلى إحساسات جزئية ،وعملية التعلم إلى روابط عصبية،
والشخصية إلى سمات مختلفة ،فكيان مين الطبيعيي أن ييؤدي ذليك إليى رد
فعييل شييديد .وقييد كييان ذلييك علييى يييد هييذه المدرسيية التييي تييرى أن الظييواهر
النفسييية وحييدات كلييية منظميية ،وليسييت مجموعييات ميين عناصيير وأجييزاء
متراصيية .فيياإلدراك أو الييتعلم أو بنيياء الشخصييية ليييس كييل منهييا كالحييائط
المكييون ميين قوالييب ملتصييقة ،بييل كالمركييب الكيميييائي انييدمجت عناصييره
بعضييها فييي بعييض .ولييو حللنييا المركييب إلييى عناصييره تالشييى المركييب
77
نفسه".
فمثال ،لو تأملنا شكل المربع ،فإننا نراه جملة ،وال نيراه عليى أنيه مجموعية
أضييالع ،وزوايييا ،ورؤوس ،بييل نييرى تلييك العناصيير كلهييا علييى أنهييا كييل،
الضلع ضلع مربيع ،والزاويية زاويية مربيع ،واليرأس رأس مربيع .وهكيذا،
دواليك.أي :إن صفات الجزء تكون مشتقة من صفة الكيل اليذي ينتميي إلييه
78
هذا الجزء.
- 77أحمد عزت راجح :أصول علم النفس ،المكتب المصري الحديث ،اإلسكندرية ،مصر،
الطبعة الثامنة ،1970 ،ص.44:
- 78عبد العزيز القوصي :نفسه ،ص.85:
92
-إدراك الجزئيات في طابعها الكلي-
واليمكن فهم القصيدة وتحليلها نقديا إال باستيعاب النسق الكلي .فكثيير مين
المعيياني الجزئييية اليمكيين فهمهييا إال بوضييعها داخييل سييياقها الييداللي الكلييي.
وينطبييق هييذا أيضييا علييى الصييورة ،فيينحن النييدرك منهييا إال طابعهييا الكلييي،
وتتضح أجزاؤها وعناصرها ضمن إطارها الهندسي الكلي.
وبنيياء علييى ماسييبق ،ترتكييز النظرييية الجشييطلتية علييى المجييال اإلدراكييي
الكلي لألجزاء .بمعنى أننا ندرك الكل فياألجزاء .وهيذا يقيرب النظريية مين
التيار البنيوي اليذي ييدرس النسيق فيي كليتيه وشيموليته.بمعنى أنيه يتضيمن
مجموعيية ميين العناصيير الجزئييية التييي تنتمييي إلييى هييذا الكييل عبيير عالقييات
بنيوية وظيفية قائمة على االختالف .وبالتالي ،يتولد المعنى مين خيالل هيذا
المختلييف ميين األجييزاء والعناصيير والعالقييات .وميين ثييم ،يعنييي الجشييطلت
الشكل ،أو الصيغة ،أو المجال ،أو النسيق الكليي اليذي يتمثيل فيي مجموعية
من األشكال والصيغ واألنساق المدركة .وبالتالي ،فللجشطلتية أبعاد ثقافية
مختلفة متنوعة .فهي تهتم باآلليات اإلدراكية ومعالجة المعلومات التي يقوم
93
بها الذهن أو العقل ،مع إعطاء نيوع مين االتسياق للظيواهر المدركية .ومين
ثم ،يتحقق التعلم لدى األفراد بإدراك ماهو كلي ،ثم يعقبه ماهو جزئي .أي:
يتضمن العلم الكليات التي تتضمن بدورها الجزئيات.
وقييد اسييتفادت هييذه النظرييية ميين فلسييفات الييوعي فييي القييرن السييابع عشيير
الميالدي ،بتمثل منهج المالحظة والتجريب العلمي في القرن التاسع عشر.
ومن ثم ،تركز النظرية على الشكل الذي يسمح لنا بإدراك األشياء الجزئية
األخرى.فالوعي يقيوم بيإدراك الكيل ثيم األجيزاء .ومين ثيم الكيل أسيمى مين
الجزء.
وإذا كانت السلوكية تعنى بخلق وضعيات بيئية تحفيزية أمام الفرد للتفاعيل
معهييا ،فييإن الجشييطلتية تركييز علييى كيفييية معالجيية الييوعي للمعلومييات.ومن
هنا ،تيؤمن الجشيطلتية أن اإلنسيان أو الحييوان ييتعلم باالسنتبطار واإلدراك
معييا.ويعني االستبصييار إدراك المجييال اإلدراكييي بسييهولة ،وتبييين مختلييف
الحلول لمعالجة الموقف.بمعنى أن االستبصار هو نوع من النشاط اليذكائي
الذهني المتوقد الذي يدفع المتعلم إلى فهم عناصر الوضعية وتفهمها بشيكل
جيييد .وبعييد تأمييل عميييق لمختلييف عناصيير الموقييف أو الوضييعية ،يتوصييل
المتعلم ،بشكل فجائي وسريع ،إلى الحل المناسب.
وللتمثيل ،إذا أعطيت لإلنسان مجموعة من المفاتيح لفيتح بياب مغليق ،فإنيه
لن يفتح الباب بشكل عشيوائي إال إذا كيان مغميض العينيين ،أميا إذا حررنيا
حواسييه ميين كييل عييائق ،فإنييه سيييالحظ القفييل ،وييينظم مجالييه اإلدراكييي ،ثييم
يتثبت من شكل القفل وصورته وهيئته ،ثم يبحث عين طبيعية المفتياح اليذي
يتشييابه مييع القفييل ،ثييم يييدخل المفتيياح المنتقييى فييي ذلييك القفل.آنييذاك ،تتحقييق
النتيجة اليقينية بفتح الباب على مصراعيه .ويعنيي هيذا أن االستبصيار هيو
تعلييم نيياتج عييين عملييية ذكائيييية محكميية للمجييال اإلدراكيييي الكلييي ،بتنظييييم
عناصره ،وإدراك جزئياته .وفي هذا الصدد ،أجرى كوهلر تجيارب عيدة
عليييى الحييييوان ،والسييييما فئييية القيييردة مييين الشيييامبانزي ،لبنييياء نظريتيييه
94
الجشييييطلتية ،فقييييد تصييييل إلييييى أن الحيييييوان يييييتعلم باالستبصييييار واإلدراك
كاإلنسان.
أما اإلدراك ،فهو عبارة عن عملية تأويل لمختليف بنييات النسيق الكليي ،أو
هييو انتقييال ميين مرحليية المحسييوس إلييى مرحليية التجريييد والتعميييم وبنيياء
القييييوانين والنظريييييات ،واسييييتنتاج القواعييييد الكلية.ويعتمييييد اإلدراك علييييى
مجموعيية ميين آليييات الييتعلم ،مثييل :قييانون التماثييل ،79وقييانون التشييابه،80
وقانون التقارب ،81وقيانون اإلغيالق ،82وقيانون الحجيم النسيبي ،83وقيانون
االستمرار.84
-79قانون التماثل هو إدراك األشياء المتقابلة على أساس أنها تتماثل وتتوحد.
-80قانون التشابه هو الذي يتأسس على إدراك تشابه األشياء والموضوعات في خصائص
موحدة ومعينة.
-81قانون التقارب يدل على تقارب األشياء وتجاورها حتى يسهل إدراكها بيسر.
-82قانون اإلغالق ،ويعني أن األشياء الناقصة وغير التامة يقوم اإلنسان بإتمامها وإغالقها
حتى يتم إدراكها.
-83قانون الحجم النسبي يتحقق بإدراك الصيغ الصغيرة كأشكال.في حين ،تدرك الصيغ
الكبيرة على أساس أنها أرضية لهذه األشكال.
-84قانون االستمرار ،وي عني أن األشياء والعناصر التي تتجه نحو اتجاه معين تدفعنا إلى
إدراكها على أنها ستستمر في ذلك االتجاهبشكل النهائي.
95
تلكييم ،إذاً ،نظييرة مقتضييبة ومختصييرة إلييى مفهييوم الييتعلم لييدى المدرسيية
الجشيطلتية التيي تحصيره فيي إدراك المجيال الكليي اليذي يتضيمن ،بيدوره،
إدراك الجزئيات.
ومن ثم ،فالجشطلتية نظرية بنيوية مجالية وإدراكية بامتياز ،ترى أن التعلم
يتحقق لدى الحيوان واإلنسان معا بإدراك النسق أو المجال الكليي .وبيذلك،
تتجيياوز المدرسيية السييلوكية التييي اهمييت بييربط السييلوك الخييارجي بثنائييية
المثير واالستجابة نحو سيكولوجيا معرفية وذهنية وإدراكية ومجالية ،تهيتم
بماهو معرفي وعقلي وذكائي داخلي.
الفرع الثاني:السيكولــوجيا التكوينية
ظهيييرت السييييكولوجيا التكوينيييية( ، )Epistémologie génétiqueأو
المقاربيية البنائييية ( ،)Constructivismeفييي منتصييف القييرن العشييرين،
متييأثرة فييي ذلييك بالبنيوييية اللسييانية ،و البنيوييية التكوينييية التييي تمثلهييا بيييير
بورديو ( )P.Bourdieuولوسيان كولدمان ( )Lucien Goldmannفي
سنوات الستين من القرن الماضي.
96
ويعيييرف جيييان بياجييييه (1896-1980(85)Jean Piagetم) بنظرياتيييه
المشهورة في التعليم والتعلم التي تندرج ضمن السيكولوجيا البنائيية ،ميادام
يتحدث عن تفاعل تماثلي وثيق بين البنية والمحيط .وقد اهتم كثييرا بتطيور
الطفل النمائي المعرفي والذكائي حتى مرحلية المراهقية .وبالتيالي ،يحسيب
أيضا على السيكولوجيا المعرفية(.)Psychologie cognitive
وميين ثييم ،فقييد قسييم جييان بياجيييه التطييور المعرفييي والييذهني والييذكائي لييدى
اإلنسييان إلييى أربييع مراحييل أساسييية ،تبييدأ ميين مرحليية الطفوليية إلييى مرحليية
المراهقة ،وقد حيددها فيي :المرحلية الحسيية -الحركيية (مين فتيرة المييالد
إلييى السيينتين) ،ومرحليية ماقبييل العمليييات الحسييية (ميين السيينتين إلييى سييبع
سنوات) ،ومرحلة العمليات المشخصة (مين سيبع إليى اثنتيي عشيرة سينة)،
ومرحلة العمليات الصورية (من اثنتي عشرة سنة إلى مافوق).
-85جان بياجيه (1896-1980م) هو االبن األكبر للسويسري آرثر بياجيه والفرنسية ريبيكا
جاكسون .كان عالم نفس وفيلسوفا سويسريا .وقد طور نظرية التطور المعرفي عند األطفال،
فيما يعرف اآلن بعلم المعرفة الوراثية.
97
وقد تمثل جان بياجيه ،في دراساته السيكولوجية المعرفية ،المالحظة
العلمية المنظمة في تجاربه المخبرية الواصفة ،في أثناء رصد مختلف
المراحل التي كان يمر بها طفله إلى أن وصل إلى فترة المراهقة.
كما استرشد أيضا بتعاليم فلسفة كانط األلماني حينما بين أن الطفل ،في
تعلمه ،ال يعتمد فقط على حواسه ،بل يشغل أيضا قدراته العقلية والفطرية
والمنطقية في اكتساب المعرفة .وبالتالي ،يعرف مجموعة من العمليات
المنطقية البديهية؛ مثل :السببية ،والزمان ،والمكان ،وديمومة األشياء...
ومن ثم ،يرى بياجيه أن الذكاء ناتج عن الترابط البنيوي بين الخبرة
والنضج .ومن ثم ،فالذكاء عبارة عن عمليات عقلية ناضجة ،تساعد الطفل
على التكيف والتأقلم إيجابيا مع بيئته .ويعني هذا أن الطفل الذكي هو الذي
يستعمل مجموعة من اإلستراتيجيات العقلية والمنطقية للتعامل مع بيئته
تكيفا عبر طريقين هما :التمثيل (االستيعاب) من جهة ،والمالءمة
(المشابهة) من جهة أخرى.
ويقصد بالتمثيل استيعاب خبرات البيئة ،بالتحكم فيها أو تغييرها جزئيا أو
كليا لتحقيق نوع من التوازن مع الواقع الخارجي ،وهو بمثابة تعلم جديد.
عالوة على مالءمة الخبرات القديمة والمتشابهة مع الوقائع الجديدة في
أثناء التعامل مع البيئة .ويعني التوازن عند بياجيه انسجام الطفل عقليا
وجسديا مع متطلبات المحيط وبيئته.
ويضاف إلى هذا أن جان بياجيه حدد أربع مراحل نفسية وتربوية ،هي:
المرحلة الحسية الحركية ،وتمتد من لحظة الميالد حتى السنة الثانية؛
ومرحلة ما قبل العمليات ،وتبتدئ من السنة الثانية حتى السنة السابعة؛
ومرحلة العمليات المادية أو الحسية ،وتبتدئ من السنة السابعة حتى السنة
الحادية عشرة؛ ومرحلة التفكير المجرد ،وتبتدئ من السنة الثانية عشرة
إلى بداية فترة المراهقة .ويعني هذا أن الطفل ،في تعلمه ونموه العقلي
والجسدي ،ينتقل من المستوى المحسوس إلى المستوى المجرد.
98
وإذا كان الطفل مياال ،في تعلمه ،إلى ماهو حسي وحركي ومشخص
ومجسد ،فإن الفرد ،في فترة المراهقة ،يميل إلى التجريد والخيال
واإلبداع واالبتكار .ويعني هذا كله أن جان بياجي قد ركز ،في مختلف
دراساته ،على تبيان الكيفية التي بها يتطور التفكير عند الطفل ،من خالل
مروره بمجموعة من المراحل العمرية المختلفة ،وكيف يحقق نوعا من
التوازن مع الخارج ،عبر التفاعل البنيوي التكويني بين الذات والموضوع،
أو بين الذكاء والبيئة.
ولم تقتصر أبحاثه العلمية على دراسة سيكولوجيا الطفل فحسب ،بل درس
أيضا سيكولوجيا المراهقة مع شريكته إينهيلدر ( ،)Inhelderضمن
مقاربته النفسية التكوينية .وقد بين أن فترة المراهقة تتسم بالتجريد على
الصعيد الذهني والمنطقي والذكائي والمعرفي .ويعني هذا أن السيكولوجيا
التكوينية قد قاربت فترة المراهقة من منظور عقلي وذهني ومعرفي.
وركزت كثيرا على السيرورة النمائية الذكائية والعقلية .وبذلك ،كانت من
المدارس األولى التي مهدت للسيكولوجيا المعرفية في منتصف القرن
العشرين.86
وتتميز مرحلة المراهقة -عند جان بياجي -بخاصية التجريد ،والميل نحو
العمليييييات المنطقييييية ،واالبتعيييياد عيييين الفكيييير الحسييييي الملمييييوس العييييياني
( .)Concretويعني هيذا أن اليذكاء المنطقيي والرياضيي -عنيد المراهيق-
86
- Piaget J:La psychologie de l'enfant, Que sais-je? P.U.F, Paris,
1973.
99
ينتقييل ميين مرحليية العمليييات المشخصيية نحييو البنيياء الصييوري المنطقييي ،أو
ينتقييل ميين الطييابع الحسييي نحييو الطييابع الرمييزي المجرد.ويعييود ذلييك إلييى
السيرورة الطبيعية للنمو الذهني والمعرفي الذي يتماثيل -بنيوييا -ميع النميو
البيولييوجي ،وتطييور المحيييط والبيئيية .وبتعبييير آخيير ،يتطييور الييذكاء عنييد
المراهق باستخذام لغة الرموز واليذكاء المنطقيي ،وإيجياد الحليول المناسيبة
للوضعيات التي يطرحها المحيط الخارجي.
أضييف إلييى ذلييك أن الطفييل -فييي هييذه المرحليية -يكتسييب آليييات االسييتدالل
والبرهنيية واالفتييرال اسييتقراء واسييتنباطا ،ويحييل الوضييعيات الرياضييية
والمنطقية المعقدة ،ويميل إليى التفكيير الفلسيفي والنسيقي .ويجعليه هيذا كليه
فييي تييوازن تييام مييع الطبيعيية أوالبيئيية التييي تحيييط بييه ،مسييتخدما فييي ذلييك
مجموعة من العمليات ،مثيل :التكييف ،والتيأقلم ،والمماثلية ،واالسيتيعاب،
والتوافق ،والمواءمة ،واالنسجام...
وفي هذا الصدد ،ييرى جيان بيياجي أن" جمييع الكائنيات الحيية ليديها قابليية
فطريييية إليجييياد عالقييية توافيييق أو تكييييف ميييع البيئييية مييين خيييالل ميييا يسيييمى
بالتوازن .وهذا التوازن هو القابلية الفطريية لتهيئية قيدرات الفيرد وخبراتيه
لتحقيييق أكبيير قييدر ممكيين ميين التكيننف .ويمكيين تعريييف التييوازن بأنييه نجيياح
الفييرد فييي توظيييف إمكاناتييه مييع متطلبييات البيئيية حولييه .وتسييمى عملييية
االسييتجابة للبيئيية طبقييا للبنيياء المعرفييي للفييرد بعملييية التمثيننل ،والتييي تعتمييد
على نوع التفاعل بيين البنيى المعرفيية والبيئية الطبيعيية ،والبنيى المعرفيية
الماثلة فيي أي لحظية إنميا تشيمل ميا أمكين للكيائن الحيي اسنتيعابه وتمثليه .
ومن الواضح أنه إذا كان التمثيل هو العملية المعرفيية الوحييدة ،فلين يكيون
هنيياك نمييو عقلييي ،حيييث إن الطفييل سييوف يعتمييد فييي تمثيييل خبراتييه علييى
اإلطييار المحييدد لمييا هييو ماثييل فييي بنيتييه المعرفييية .لييذا ،فييإن العملييية الثانييية
تسمى المواءمنة ،والموائمية هيي العمليية التيي بواسيطتها تتكييف أو تتعيدل
البنى ا لمعرفية ويحدث من خاللهيا النميو المعرفيي .أي :إن عمليية التمثييل
100
تسيييمح للكيييائن الحيييي ليسيييتجيب للموقيييف اليييراهن فيييي ضيييوء المعرفييية أو
الخبرات السابقة لديه .وبسبب الخصائص الفريدة التيي ال يمكين االسيتجابة
لها في ضوء المعرفة السابقة وحدها ،فإنه يمكن القيول بيأن هيذه الخبيرات
الجديدة للفرد تسبب اضطرابا أو عدم توازن في بنائه المعرفيي فيي بيادىء
األمر .ثم ال تلبث أن تنسجم وتتزن ميع البنياء المعرفيي ،وبميا أن التيوازن
حاجة فطرية ،فإن البنى المعرفية تتغير لكي تتوائم مع خصائص الخبيرات
الجديييدة أو المواقييف الجديييدة .وبالتييالي ،يحييدث االتننزان المعرفنني .وهييذا
التناقض التدريجي في االعتماد على البيئة الطبيعيية والزييادة فيي اسيتخدام
القدرات أو البناء المعرفي هيو ميا يسيمى باالسيتدخال ،وميع اسيتدخال قيدر
أكبر من الخبرات ،يصبح التفكير أداة للتكيف مع البيئة "87.
وكييذلك ،تتميييز هييذه المرحليية بميييل المراهييق إلييى االنتبيياه ميين حيييث المييدة
والطول والعمق .كما يتبين ذلك بجالء حين متابعته لفيلم طوييل ،أو مبياراة
في كرة القدم ،أو قصية طويلية مسترسيلة .عيالوة عليى قدرتيه عليى التخييل
والتخييل والتذكر واإلبداع واالبتكار ،والميل إليى الشيرود وأحيالم اليقظية،
واإلكثار من الرحالت وحب المغامرة واالستطالع ،والتحرر مين البيرامج
الدراسيييية ،والمييييل إليييى القيييراءة الحيييرة ،والسييييما قيييراءة الكتيييب العلميييية
والدينية ،وقيراءة شيعر الغيزل ،وسيماع األغياني الشيبابية ليدى اليذكور ،أو
سماع األغاني الرومانسية عند اإلناث.
ويالحييظ أن عييالم الطفييل يختلييف عيين عييالم المراهييق ،فالعييالم األول عييالم
محدود وضيق ،ومسيج بالحسيية والتشيخيص واإلحيائيية .فيي حيين ،يتمييز
العيالم الثيياني بخاصييية التجريييد والتخييييل والتجياوز لمييا هييو حسييي وعقلييي.
-87فتحي مصطفى الزيات:األسس المعرفية للتكوين العقلي وتجهيز المعلومات ،دار الوفاء
للطباعة والنشر والتوزيع ،المنصورة ،مصر ،الطبعة األولى سنة 1995م ،ص– 185 :
.188
101
وفي هذا النطاق ،يقول أحمد أوزي أن " العالم العقلي للمراهق يختلف عن
العييالم العقلييي للطفييل ،إذ إن عييالم المراهقيية أكثيير تناسييقا وانتظامييا وأكثيير
معنوييية وتجريييدا ممييا يسييمح للمراهييق باالسييتمتاع بالنشيياط العقلييي وقضيياء
أوقييات طويليية فييي التفكييير والتأمييل فييي مسييائل معنوييية كييالخير والفضيييلة
والشييجاعة والعدالييية ومعنيييى الحيييياة .حتيييى إنيييه يمكييين القيييول بيييأن مرحلييية
المراهقة هي مرحلة الفلسفة المعقلنة ،بعيد أن كانيت فتيرة الطفولية األوليى
فت رة الفلسفة الساذجة والبسيطة .فاألسئلة الفلسفية التي يلقيهيا طفيل الرابعية
أو الخامسيية يجيبييه عنهييا اآلبيياء والمدرسييون فييي جميييع الحيياالت .بخييالف
األسئلة الفلسفية التي تشغل المراهيق فيي هيذه الفتيرة ،فهيي أسيئلة يطرحهيا
على نفسه ،ويبحث فيها بقدرته العقلية .ألنه لم يعد ذلك الطفل المتقبيل لكيل
شيء.إن المراهق يطيرح للنقياا العقليي المبيادىء الخلقيية التيي تلقاهيا مين
قبل ،ويتساءل عن ضرورتها.كما أنه يتساءل عن علل الكون والحياة وعن
الدين وقيمته الروحية واالجتماعية .وبقدر ما يناقش المراهق هيذه المسيائل
بالمنطق والعقل ،فإنه يؤكد ذاته ووجوده من خالل هذا التفكير الذي يشعره
بين رفاقه بقيمته .كما يعود إليى ذاتيه بعيد كيل نقياا يخوضيه وينتصير فييه
ليقييارن معرفتييه ووضييعه الفكييري بوضييع الطفوليية وسييذاجتها.لهذا ،يييرفض
من اآلن فصاعدا اعتباره طفال ،فهو عليى اسيتعداد لمناقشية األب واألسيتاذ
والصديق ،بل وتحدي هؤالء جميعا إذا لم يعترفوا له بالوجود والقيمة.
ومييين خيييالل تفاعيييل المراهيييق ميييع مختليييف أفيييراد مجتمعيييه واسيييتخدامه
لإلمكانيات والقدرات العقلية تتكون اتجاهاتيه وتتبليور .فمين خيالل مختليف
المواقف التي يخبرها في مجتمعه تتكيون اتجاهاتيه التيي تيتحكم فيي سيلوكه
وتوجهه .لهذا ،نجيد للمراهيق فيي هيذه الفتيرة وجهيات نظيره الخاصية التيي
88
يتحمس للدفاع عنها في مختلف المجالس واألندية".
-88أحمد أوزي :سيكولوجية المراهقة ،دار النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،طبعة
1986م ،ص.23:
102
وعليه ،تتسم هذه المرحلة بقيوة اإلدراك والمالحظية عنيد المراهيق ،ونميو
قدراتيييه العقليييية والمعرفيييية والكفائيييية ،واتسييياع دماغيييه اليييذهني والعصيييبي
والذكائي ،وقدرته عليى التمثيل واالسيتيعاب والحفيظ والبرهنية والتجرييب
والتخييل واإلبداع والتجريد.
وأهم ميزة يتصف بها جان بياجيه أنه نظم مراحل التعلم بشكل دقيق،
وحدد بداياتها ونهاياتها الزمنية بشكل علمي مقنن؛ مما جعل كثيرا من
األنظمة التربوية المعاصرة تسترشد بآراء جان بياجيه السديدة ،وتستهدي
بنظرياته الوجيهة في مجال التعليم والتعلم والتكوين.
ومن هنا ،فقد حدد جان بياجيه أربع مراحل نفسية وتربوية متعاقبة
ومتدرجة ومتوافقة ،هي:
المرحلة الحسية الحركية :تمتد من لحظة الميالد حتى السنة الثانية؛
مرحلة ما قبل العمليات :تبتدئ من السنة الثانية حتى السنة السابعة؛
مرحلة العمليات المادية أو الحسية :تبتدئ من السنة السابعة حتى السنة
الحادية عشرة؛
مرحلة التفكير المجرد :تبتدئ من السنة الثانية عشرة إلى بداية فترة
المراهقة.
ويتوافق التعليم األولي مع مرحلة ما قبل العمليات الحسية الحركية ،أو ما
يسمى بالتفكير الرمزي عن طريق اللغة والصور الذهنية .وإذا كانت
المرحلة األولى مرحلة فكرية حسية حركية ،تمتد من الميالد حتى نهاية
السنة الثانية ،ويعتمد فيها الطفل على مجموعة من السلوكيات الفطرية
الغريزية؛ مثل :المص والقبض وغيرهما ،ويتعلم من البيئة مجموعة من
السلوكيات والمهارات والتوافقات الحسية البسيطة ،ويتعامل مع األشياء
بطريقة حسية وإدراكية بسيطة غير مركزة أو واعية ،فإن المرحلة الثانية
103
من مراحل تطور الطفل تسمى بمرحلة التفكير الرمزي ،أو مرحلة ما قبل
العمليات العيانية أو الحسية .وتبدأ هذه المرحلة في النصف الثاني من
السنة الثانية حتى سنالسابعة تقريباً .وفي هذه المرحلة ،يبدأ الطفل في تعلم
اللغة ،والميل نحو التمثياللرمزي لألشياء ،وتكوين األفكار البسيطة
والصور الذهنية ،ويتحول تفكير الطفلتدريجيا ً من صورته الحركية إلى
صورة تفكير رمزي غير مجرد.
ومن هنا ،ال بد أن تراعي مؤسسات التعليم األولي وريال األطفال
الجوانب النفسية واالجتماعية والتربوية لدى المتعلم ،باالسترشاد بعلم
النفس وعلم االجتماع ،وتمثل الطرائق البيداغوجية الحديثة والنظريات
التربوية المعاصرة .وفي هذا اإلطار ،يقول غالي أحرشاو" :إذا كانت
األسرة هي التي تسهر على تربية الطفل خالل الفترة الممتدة من الوالدة
إلى سن الثالثة أو الرابعة ،فإن مؤسسات التعليم األولي هي التي تضطلع
بهذه المهمة في الفترة الممتدة من الثالثة أو الرابعة إلى حدود السادسة التي
تمثل سن االلتحاق بالسلك األول من التعليم االبتدائي.
إن التربية المقصودة هنا تتحدد في جميع أشكال رعاية الطفل االجتماعية
والنفسية والتربوية والمعرفية ،والتي تتوزع على هاتين الفترتين؛ بحيث
تتكفل األسرة بتنشئته ورعايته خالل الفترة األولى ،وتسهر مؤسسات
التعليم األولي على تهييئه وإعداده للتعليم االبتدائي أثناء الفترة الثانية.
فهي ،بالمعنى الذي يوجهها على امتداد هذه الفترة األخيرة ،عبارة عن
ممارسة بيداغوجية تحكمها مجموعة من االعتبارات الموضوعية
والمستجدات العلمية ،وتؤطرها جملة من األسس النظرية والمرجعيات
السيكولوجية ،وتشرطها سلسلة من المرتكزات البيداغوجية والدعامات
اإلجرائية .وهي بهذا التحديد ،حتى وإن كانت تشكل الميدان المعقد الذي
يستدعي مقاربة متعددة التخصصات ،تشمل بالخصوص علم النفس
والتربية واالجتماع ،فإنها عبارة عن ممارسة تربوية تحكمها مرجعية
104
سيكولوجية ذات توجه معرفي ،تتحدد على التوالي في سيكولوجية نمو
89
المعارف واكتسابها ،وفي سيكولوجية التدريس وتعلم الكفاءات".
ويعني هذا أنه ال بد من تبني بيداغوجيا تعلمية كفائية متنوعة فعالة
ونشيطة ،تتعامل مع أفضية لعبية متنوعة ،باعتماد األنشطة الثقافية والفنية
واألدبية والرياضية والموسيقية .فضال عن بيداغوجيا فارقية تهتم
بالفوارق الفردية ،وتعنى أيضا بالذكاءات المتعددة .أي :البد من االعتماد
على" بيداغوجيا تعددية ،يحكمها فضاء تربوي غني ومتنوع ،من حيث
وسائله البيداغوجية ،وموارده البشرية ،وغاياته التعليمية .بمعنى
البيداغوجيا التي تؤطرها رؤية إستراتيجية للواقع وإمكاناته وآفاقه،
90
ويجسدها خيار فكري مدرك لظروفه وأهدافه ومعوقاته".
وهكذا ،يتبين لنا أن جان بياجيه قد أرسى نظرياته في التعلم على أسس
السيكولوجيا المعرفية التي تهتم بآليات الذهن والمعرفة العقلية وتطور
الذكاء اإلنساني .كما تميز مشروعه العلمي بتقسيم التعلم إلى مجموعة من
المراحل الذهنية :مرحلة الحسية الحركية ،ومرحلة ماقبل العمليات
المشخصة ،ومرحلة العمليات المشخصة ،ومرحلة التجريد المنطقي.91
الفرع الثالث :البنـــائية االجتماعيـــة
92
ظهرت المدرسة البنائية االجتماعية ()l’approche sociocognitive
رد فعل على المدرسة البنائية لجان بياجيه ،على أساس أن هناك تفاعال
-89غالي أحرشاو :غالي أحرشاو :الطفل بين األسرة والمدرسة ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2009م ،ص.40:
-90غالي أحرشاو :الطفل بين األسرة والمدرسة ،ص.59:
91
- Piaget, La naissance de l'intelligence chez l'enfant, Paris,
Delachaux et Niestlé, 1936 ; La construction du réel chez l'enfant,
Paris, Delachaux et Niestlé, 1937
92
-BERTRAND, Y. Théories contemporaines de l'éducation, Paris,
Editions Nouvelles, Chronique Sociale.1998.
105
الروسي بين البنية والمجتمع .وقد تشكلت هذه المدرسة مع
فيكوتسكي( ،)Vygotskiوبرونور ( ،93)Brunerودواز وبيري
كليرمون ( ،94)Doise & Perret-Clermontوغابرييل مونيي
(...95)Gabriel Mugny
وترى هذه المدرسة أن التعلم ال تتحكم فيه المؤثرات البيولوجية والوراثية
فقط ،بل يخضع أيضا لعوامل ثقافية وتاريخية ومجتمعية .بمعنى إذا كان
جان بياجيه يعطي أهمية كبرى لما هو وراثي وعقلي وذكائي في مجال
التعلم ،فإن فيكوتسكي يقر بأهمية المجتمع في بناء تعلمات المتعلم
وتعزيزها وتطويرها .أي :يقر بأهمية التفاعل الموجود بين الذات
والمجتمع ،أو بأهمية التفاعل بين التلميذ والمدرس ،وبأهمية التفاعل بين
التلميذ والمجتمع.ومن هنا ،أهمية االنصهار واالندماج في المجتمع ،أو
االنتماء إلى فريق تربوي ما ،أو التوحد مع اآلخرين في جماعة ديناميكية
معينة .ويعني هذا أن السيكولوجيا اإلنسانية نتاج لماهو مجتمعي في شكل
رموز تفاعلية .وبتعبير خر ،يتحقق التفاعل بين الذات المتعلمة والمجتمع
بواسطة مجموعة من الرموز المتفقة عليها من أجل تحقيق تفاعل إيجابي
بناء وهادف.ومن ثم ،يقر فيكوتسكي أن الوظائف السيكولوجية العليا
93
BRUNER J. L'éducation, entrée dans la culture : les problèmes
de l'école à la lumière de la psychologie culturelle, Paris, éd.
Retz.1996.
94
- Willem Doise et Gabriel Mugny, Le développement social de
l'intelligence, Paris, InterÉditions, 1981. Willem Doise et Gabriel
Mugny, Psychologie sociale et développement cognitif, Paris, Armand
Colin, « U », 1997.
95
-Willem Doise et Gabriel Mugny, Le développement social de
l'intelligence, Paris, InterÉditions, 1981. Willem Doise et Gabriel
Mugny, Psychologie sociale et développement cognitif, Paris, Armand
Colin, « U », 1997.
106
لإلنسان اليمكن فصلها عن الوظائف االجتماعية في أبعادها التفاعلية
والرمزية.
وأكثر من هذا يرى فيكوتسكي أن التطور الثقافي لدى الطفل ليس راجعا
إلى المكونات البيولوجية والجينية والوراثية والفطرية والعقلية والفردية ،
بل يرجع ذلك إلى اندماج الطفل في جماعات بشرية ما.وبهذا ،يكون التعلم
مجتمعيا وليس فرديا.وتسعفنا هذه النظرية كثيرا في فهم تطور التعلم
واالكتساب لدى الطفل في مساره النمائي واالرتقائي والذكائي والمعرفي.
وتتمثل نظرية فيكوتسكي في أن التعلم هو بمثابة صيرورة استيعاب
لمختلف األنظمة الثقافية ووسائلها.أي :إن التعلم فعل ثقافي ومجتمعي
بامتياز .وبالتالي ،اليمكن للتعلم أن يتعلم باالعتماد على قدراته الوراثية
والعقلية فقط ،بل البد من االندماج في مجتمع من أجل اكتساب أنماطه
الثقافية .ويعني هذا أن المتعلم اليمكن له االستغناء عن المدرس من جهة،
وال عن جماعة األصدقاء والرفقاء من جهة أخرى .ومن هنا ،يتكون
الذكاء لدى الطفل عبر آليات سيكولوجية يمتحها الطفل من محيطه ،
مثل :اللغة التي يستعملها الطفل ،وهي ذات طابع مجتمعي ،ويوظفها
للتعبير عن منتجه الفكري والعقلي .ومن ثم ،ينفي الباحث ما يسمى
بالتمركز اللغوي ،أو تمركز الطفل على الذات ،فهذا كله نتاج المجتمع،
مادام الطفل يستعمل اللغة التي وجدها في المجتمع ،ثم يحولها إلى آلية
نفسية داخلية .في حين ،إن مصدرها مجتمعي ،وليس فرديا أو
داخليا.وبهذا ،يكون الذكاء نتاج تعلم خارجي مجتمعي وثقافي وتاريخي،
وليس نتاج ماهو وراثي أو بيولوجي .وبهذا ،يتعلم الطفل باالسترشاد
بشاب بالغ ،أو بمدرس كفء ،يزوده بمختلف الموارد التي تسعفه في
التعلم الذاتي ،واكتساب المعارف.96
96
- Lev Vygotski : Pensée et langage (1934) (traduction de Françoise
Sève, avant-propos de Lucien Sève), suivi de « Commentaires sur les
107
وهكذا ،يتبين لنا أن البنائية االجتماعية تجمع بين ماهو بنيوي ومجتمعي،
أو تجمع بين الذات والمجتمع في إطار عملية التفاعل المتبادل والرمزي.
المطلب الرابع :نظرية الذكاءات المتعـــددة
تعد نظريية اليذكاءات المتعيددة مين أهيم النظرييات السييكولوجية والتربويية
المعاصرة .وقد جاءت رد فعل على التصور البياجوي الذي يؤمن بأحادية
الييذكاء الرياضييي المنطقييي الييذي يعييد نمييوذج الفكيير اإلنسيياني ،وغلييو جييان
بياجي في النزعة العقالنية الموحدة للعقيل اإلنسياني بيالمفهوم اليديكارتي":
العقل أعدل قسمة متساوية بين البشر" .ناهيك عن استبعاده لعوامل الوسيط
والفوارق الفرديية .وعليى العكيس ،تيؤمن نظريية اليذكاءات المتعيددة -التيي
تبلييييورت فييييي سيييينوات الثمييييانين ميييين القييييرن الماضييييي مييييع هييييووارد
غاردنر( -)Howard Gardnerبوجود ذكاءات متعددة ومتنوعة ومستقلة
لدى المتعلم ،يمكن صقلها وشحذها عن طرييق التشيجيع والتحفييز والتعلييم
والتييدريب ،وتنمييية المواهييب والعبقريييات والمبييادرات .بمعنييى أن نظرييية
الذكاءات المتعيددة تيؤمن بعبقريية الميتعلم ،وقدرتيه عليى العطياء واإلنتياج
واالبتكار واإلبداع ،وحل المشاكل الصعبة ،ومواجهة الوضعيات المعقدة.
-98هاوارد غاردنر ( :حوار مع هوارد غاردنر حول الذكاءات المتعددة :من التأسيس العلمي
إلى التطبيق البيداغوجي) ،ترجمة وتقديم :عبد الواحد أوالد الفقيهي،
http://www.aljabriabed.net/n68_08lafkih.htm
109
متميزة .وبالتالي ،يختلف الذكاء من ثقافة إلى أخرى .فإذا كانت الثقافة
الغربية تؤمن بالذكاء الرياضي المنطقي ،فإن هناك ثقافات أخرى تؤمن
بالذكاء الفلسفي ،أو الذكاء الطبيعي ،أوالذكاء الفني ،أو الذكاء الجسمي
الحركي ،أو الذكاء الفضائي البصري...فالمتعلم قد يكون ضعيفا في
تخصص علمي ما ،لكنه قد يكون ناجحا وقويا في مجال علمي أو حياتي
آخر.
ومن هنا ،يتعلم الطفل حسب طبيعة ذكائه النمائي .وبالتالي ،يختلف التعلم
من ذكاء إلى آخر.وللذكاء دورهم مهم في اكتساب المعارف ،وتحصيل
المعلومات ،وتنظيم المدارك.
99
- Howard Gardner : Les formes de l’intelligence,ED Odel
Jacob,Paris,1997.
100
- Howard Gardner : Les Intelligences multiples, traduit par
PH.Evans-Clark, M.Muracciole et N.Weinwurzel, Retz, Paris, 1996.
110
وفي هذا الصدد ،يقول عبد الواحد أوالد الفقيهي ":منذ بداية القرن
الماضي ،تساءل العديد من الباحثين عن طبيعة الذكاء .ومن أهم المقاربات
التي سادت تاريخيا مقاربة القياس النفسي والتحليل العاملي.فإذا كان الكثير
من هؤالء العلماء قد تبنوا معامل الذكاء أو دافعوا عن وجود عامل عام
للذكاء .فهناك آخرون من رواد التحليل العاملي (ثورستون /Thurstone
وجيلفورد )Guilfordلم يقبلوا ذلك ،ودافعوا بالمقابل عن فكرة أن الذكاء
يتضمن عددا كبيرا من العوامل والمكونات .لكن على الرغم من مساهمة
التحليل العاملي في اكتشاف تعقد مكونات الذكاء وتعددها ،فإنه ظل حبيس
استخدام بنود االختبارات التي تعرضت النتقادات عدة ،كما أن النتائج التي
توصل إليها تعكس بشكل مباشر فرضيات رياضية تتخذ وسيلة لتحديد
عوامل الذكاء وتمييزها .بمعنى آخر ،إن رواد التحليل العاملي لم يتمكنوا
من الحسم في النقاا الذي ظل قائما حول الطبيعة الحقيقية للذكاء .ومع
تمكن العديد من الباحثين من االنزياح عن إرث القياس النفسي والتحليل
العاملي .ونهجوا طريقا آخر في الكشف عن تعدد الذكاء اإلنساني.إن
التعدد الذي تنطوي عليه الذكاءات يعني أن هناك عددا مستقال من القدرات
المختلفة ،ومجموعة متباينة من أوجه النشاط المعرفي اإلنساني ،يسميها
101
غاردنر بالذكاءات اإلنسانية المتعددة".
ويضاف إلى هذا أن نظرية الذكاءات المتعددة قد استخدمت ،في البداية،
في مجال السيكولوجيا ،ليتم تجريبها ،بعد ذلك ،في مجال التربية والتعليم
سعيا إلى ترقية العقل اإلنساني ،وتطوير بنياته المعرفية ،وصقل قدراته
الذهنية والعصبية والدماغية .عالوة على ذلك ،لم تكتشف بعد طاقات
الدماغ البشري وإمكانياته الزاخرة .وفي هذا السياق ،يقول عبد الواحد
أوالد الفقيهي ":خالل العقود األخيرة ،ستبرز وتتبلور توجهات -على
مستوى المنظمات الدولية واألبحاث العلمية -سعت إلى نقد التصور
األحادي للذكاء وتجاوزه ،وربطت تغيير األنظمة التعليمية وإصالحها
وتجديدها باستثمار تعدد الطاقات ،وغنى اإلمكانات اإلنسانية .ففي سنة
1972أعلن تقرير لليونيسكو أن للدماغ اإلنساني إمكانات لم يتم استعمالها
-101عبد الواحد أوالد الفقيهي :الذكاءات المتعددة :التأسيس العلمي ،منشورات مجلة علوم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى 2012م،ص.21:
111
بشكل واسع ،وأن مهمة التربية هي تشغيل هذه اإلمكانات غير المستعملة
وتحقيقها .وفي سنة 1979صدر عن نادي روما تقرير نص في مقدمته
على أن اإلنسان مازال يتوفر على كثير من الطاقات والموارد التي لم
تكتشف ،ولم تختبر بعد؛ ولذلك فهو يظل في حاجة دائمة إلى تعلم كيف
يكشف عن طاقاته الكامنة ،وكيف يستخدمها بصورة واعية وهادفة
102
وذكية".
هذا ،وقد بلور هوارد غاردنر نظريته في الذكاءات المتعددة تنظيرا
وتطبيقا ،بعد أن اشتغل تجريبيا على مشروع الطيف التربوي منذ
1984م .وفي هذا الصدد ،يقول غاردنر ":إنمشروع الطيف هو مجهود
لتقييم مختلف أصناف الذكاءات لدى األطفال الصغار،ويمكن تكييفه
ليتالءم مع السنوات المبكرة .مبدئيا ليس لدي أي اعترال لتقييمالذكاءات
ما دام هذا التقييم يتم بطريقة عادلة ومنصفة ،وليس بواسطة
اختبارمعياري من صنف اختبارات "الورقة والقلم" .فإذا أردت – مثال-
تقييم الذكاءالفضائي لشخص ما فال تقدم له اختبارا ،بل علمه خط سير
جديد ،ثم الحظ بأيةسرعة سيصل إلى التحكم في اتجاه السير ،وكيف
سيقوم بتذكره.
هناك باحثون آخرون قاموا بتطوير اختبارات الذكاء ،ولست من أنصار
هذهاالختبارات ،لكني أحكم عليها حسب حالة كل اختبار .وأعتقد أننا
أمضينا وقتاطويال في تقييم األطفال وتصنيفهم ،ولم نمنحهم سوى وقتا
ضئيال لمساعدتهم .لذلك ،فالمبرر الوحيد ،بالنسبة إلي ،لتقييم الذكاءات هو
-102عبد الواحد أوالد الفقيهي :الذكاءات المتعددة :التأسيس العلمي ،منشورات مجلة علوم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى 2012م.
112
مساعدة المتعلمينللتعلم بشكل جيد ،وذلك بتوظيف الذكاءات األكثر تفوقا،
103
وتقوية الذكاءات التيهي في حاجة إلى ذلك ،في الوقت نفسه".
ويضيف الباحث شارحا مشروعه المسمى بالطيف التربوي بقوله ":إنه
برنامج تربوي يقدم لألطفال الصغار (بين 3و 6سنوات) بيئة
غنيةوخصبة من شأنها أن تثير عددا كبيرا من الذكاءات ،بحيث يمكن
لهؤالء األطفاالستكشاف هذا الوسط الذي يعتبر بمثابة متحف لهم أكثر مما
هو حجرة فصل عادي،ومن خالل مالحظة الطريقة التي يستثمرون بها
مختلف المواد والعناصر المحيطةبهم ،يمكن استنباط جانبيتهم في الذكاء.
هناك طبعا "مهام الطيف" األكثرشكلية والمخصصة لتحديد أصناف
الذكاءات القوية والذكاءات الضعيفة لطفل ما،سواء في ارتباطها مع
الذكاءات األخرى لدى نفس الطفل ،أم بمقارنتها معذكاءات األطفال
اآلخرين .لقد تم تحويل نتائج هذا التقييم إلى "جانبيةالطيف" ،والذي
يتضمن اقتراحات عملية حول األنشطة التي يجب مباشرتها مع الطفلحسب
جاذبيته الخاصة من حيث مكامن القوة والضعف.
أليس هناك خطر اإلخالل بالتوازن حين يتعلق األمر بتفضيل أو تشجيع
104
مجال للذكاء يوجد مسبقا وبقوة لدى طفل ما؟"
وهكذا ،فلقد ظهرت نظرية الذكاءات المتعددة منذ الثمانينيات من القرن
الماضي بالواليات المتحدة األمريكية مع هوارد غاردنر ،بعد أن جربها
صاحبها مدة عشرين سنة في مجال السيكولوجيا والبيداغوجيا إلى أن
-103هاوارد غاردنر ( :حوار مع هوارد غاردنر حول الذكاءات المتعددة :من التأسيس
العلمي إلى التطبيق البيداغوجي) ،ترجمة وتقديم :عبد الواحد أوالد الفقيهي،
http://www.aljabriabed.net/n68_08lafkih.htm
113
حققت نجاحا باهرا في المدرسة التربوية أكثر مما حققته في ميادين
ومجاالت وحقول معرفية أخرى.
الفرع الثالث :التصور النظري لنظرية الذكاءات المتعددة
يتحدث هوارد غاردنر عن مجموعة من الذكاءات المتعددة التي تتأثر بما
هو وراثي فطري يولد مع اإلنسان من جهة ،ومما هو مكتسب من البيئة
والوسط (األسرة ،والشارع ،والمدرسة ،والتربية ،والمجتمع .)...ويعني
هذا أن الذكاء وراثي ومكتسب معا .وبالتالي ،فليس هناك ذكاء واحد ،كما
يقول جان بياجي وعلماء مقاييس الذكاء المعرفي .وإذا فقد اإلنسان ذكاء
واحدا ،فإنه بال شك ،في هذه الحالة ،سيستخدم باقي ذكاءاته األخرى.
ومن ثم ،تختلف درجة الذكاء من شخص إلى آخر ،كما يختلف مفهوم
الذكاء من ثقافة إلى أخرى .وعليه ،تستند نظرية الذكاءات المتعددة إلى
القدرة على حل المشاكل ،و مواجهة وضعياتها البسيطة و المركبة ،ضمن
نسق ثقافي معين ،والقدرة على إيجاد مشاكل أخرى للتعلم والتدرب،
وإنتاج خدمات وأفكار وقيم جديدة وأصيلة .بمعنى أن هذه النظرية تؤهل
المتعلم ليتسلح بمجموعة من القدرات المهارية لحل المشكالت وإيجادها،
وتملك المهارة الذكائية ،مع اكتساب ملكة اإلبداع لمواجهة الوضعيات
والتحديات المعرفية والواقعية ،وتعويده على التعلم الذاتي ،واستخدام
قدراته الذكائية في مواجهة الظروف والمعوقات الذاتية والموضوعية.
وينطلق غاردنر من فرضية أساسية تقول بتعدد الذكاءات ،واستقاللها عن
بعضها البعض ،حيث يقول غاردنر ":بالنسبة لي توجد أدلة مقنعة على
أن اإلنسان يتوفر على كفايات ذهنية مستقلة نسبيا؛ سوف أسميها بشكل
مختصر" الذكاءات اإلنسانية"" .105ويعتمد وصف الذكاء عند هوارد
غاردنر على مجموعة من المعايير التي يحددها في مايلي:
-1التاريخ التطوري لكل ذكاء.
-2عزل الذكاء عند إصابة الدماغ.
114
-3وجود ذكاءات فائقة ومتميزة لدى فئات غير عادية.
-4المسار النمائي المتميز لكل ذكاء.
-5وجود عملية أساسية أو مجموعة عمليات محددة.
-6قابلية الترميز في نسق رمزي معين.
-7الدعم المستمد من علم النفس التجريبي.
-8سند نتائج القياس النفسي.106
ومن هنا ،يحدد غاردنر تسعة أنواع من الذكاء ،وهي :الذكاء الرياضي
المنطقي ،والذكاء اللغوي ،والذكاء الموسيقي ،والذكاء البصري
والفضائي ،والذكاء الجسمي الحركي ،والذكاء الطبيعي ،والذكاء الكوني،
والذكاء التفاعلي ،والذكاء الذاتي .فمن لم يكن ذكيا في مادة أو تخصص
معرفي ما ،فقد يكون ذكيا في مجاالت أخرى .وليس من الضروري أن
يكون الذكي هو الذي يعرف حل العمليات الرياضيات والمنطقية ،بل قد
يكون الذكي هو الذي يتقن الموسيقا ،ويبدع فيها مثال ،أو له قدرة على
اإلبداع اللغوي ،أو يملك الذكاء العاطفي أو االجتماعي...ومن ثم ،يختلف
الذكاء من ثقافة إلى أخرى حسب اختالف السياقات الرمزية والحضارية.
وتعد نظرية الذكاءات المتعددة نظرية سيكوبيداغوجية مهمة لتطوير
مجموعة من الذكاءات لدى المتعلم ،واالهتمام باألنشطة الفنية ،والبصرية،
والجسمية ،والحركية ،والطبيعية ،والكونية ،واللغوية...ومن ثم ،لم يعد
الذكاء مرتبطا كما في الثقافة الغربية بالرياضيات والعمليات المنطقية،
فالذكاء أوسع من الذكاء الرياضي المنطقي .لذا ،ينبغي تربويا تنمية الذكاء
التعليمي ،بمعرفة أنواع الذكاء لدى المتعلم ،وتبيان مواصفات هذا الذكاء،
ورصد مختلف التعثرات التي تمنع من إبراز ذكاء معين .ويعني هذا أن
نظرية الذكاءات المتعددة مفيدة في فهم اإلعاقات الخاصة وتفسيرها نفسيا
وبيولوجيا واجتماعيا ومعرفيا .ويضاف إلى ذلك أنها تنفعنا في تأسيس
بيداغوجيا فارقية جديدة ،تعترف بوجود ذكاء معين لدى كل تلميذ .فليس
116
في حين ،يتميز الذكاء التفاعلي بأنه ذكاء اجتماعي ،تتفاعل فيه الذات مع
اآلخر االجتماعي شخصا كان أو مؤسسة اجتماعية .ويوجد هذا الذكاء في
الفصوص الجبهية ،والفص الصدغي ،وخاصة في النصف األيمن،
والجهاز اللعبي .أما الذكاء الذاتي ،فيوجد في الفصوص الجبهية،
والفصوص الجدارية ،والجهاز اللعبي .ويستخدم هذا الذكاء في مجال علم
النفس ،واألنساق الدينية والعرفانية ،والرموز الذاتية...
أما الذكاء الطبيعي ،فيتعلق بكل مكونات الطبيعة من حيوانات ،ونباتات،
وصخور ،ومعادن ،وما يرتبط بالطبيعة كالعالج الطبيعي الشعبي ،ومواد
التجميل ،واالستهالك اليومي .ويوجد هذا الذكاء في الفص الجداري
األيسر .وهو مهم في التمييز بين األشياء الحية وغير الحية .ويتميز الذكاء
الوجودي بوجود نزعات التفلسف الكونية ،وممارسة الطقوس والعقائد
107
والرياضات الروحية والصوفية ،وإنتاج النظريات الفلسفية.
وهكذا ،يتبين لنا أن الذكاء أنواع مختلفة ومتعددة ،ويرتبط بمواقع دماغية
وعصبية معينة ،وأن هذه الذكاءات مستقلة باستقالل مواقعها .وبالتالي،
إذا أتلف ذكاء معين ،فثمة ذكاء آخر يعوضه .ومن ثم ،فنظرية الذكاءات
المتعددة طريقة مفيدة في إصالح المنظومة التربوية ،بتنمية الذكاءات
الموجودة لدى المتعلم ،وصقلها بالدربة والممارسة والتمكين وفق أحدث
الطرائق التربوية والسيكولوجية .ومن هنا ،تعمل النظرية المتعددة
الذكاءات على حل المشكالت ،وإيجاد مشكالت جديدة الكتساب معارف
جديدة ،وإبداع أفكار ومنتجات وقيم جديدة وأصيلة.
-115سالم سليمان حمد الجعافرة :العالقة بين الذكاءات المتعددة لدى الطلبة المعاقين سمعيا
ومتغيرات درجة اإلعاقة والجنس والعمر ،الجامعة االردنية ،األردن ،الطبعة األولى سنة
1983م.
-116جابر عبد الحميد جابر :الذكاءات المتعددة والفهم :تنمية وتعميق ،دار الفكر العربى
للطباعة والنشر2003م.
-117محمد عبد الهادي حسين :مدرسة الذكاءات المتعددة ،دار العلوم للتحقيق والطباعة
والنشر والتوزيع 600, 2005 -من الصفحات.
-118محمد عبد الهادي حسين :مدخل إلى نظرية الذكاءات المتعددة ،دار العلوم للتحقيق
والطباعة والنشر والتوزي ،الطبعة األولى 2008م.
-119محمد عبد الهادي حسين :الذكاءات المتعددة وتنمية الموهبة ،دار العلوم للتحقيق
والطباعة والنشر والتوزيع2006م 632،من الصفحات.
-120محمد عبد الهادي حسين:الذكاءات المتعددة :أنواع العقول البشرية ،دار العلوم للتحقيق
والطباعة والنشر والتوزيع2000،م.
-121محمد عبد الهادي حسين :ديناميكية التكيف العصبي وقة الذكاءات المتعددة ،دار العلوم
للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع. 2008
-122محمد عبد الهادي حسين:التفكير االبداعى فى ضوء نظرية الذكاء المتعلم ،دار العلوم
للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2008م.
120
سيناريوهات دروس الذكاءات المتعددة) ،123و(إيقاظ العبقرية داخل
فصولنا الدراسية) ،124و (الذكاءات المتعددة :مراجعات وامتحانات)، 125
و(االكتشاف المبكر لقدرات الذكاءات المتعددة بمرحلة الطفولة)،126
و(مباردة الذكاءات المتعددة ومجتمع التعلم الذكى) .127ونستحضر أيضا ما
كتبه كل من وليد محمد أبو المعاطي في كتابه (الذكاء المعرفي
واالنفعالي واالجتماعي وأساليب التعلم) ،128وحمدان ممدوح إبراهيم
الشامي فيكتابه (أثر برنامج تعليمى قائم على نظرية الذكاءات المتعددة
فى تحصيل الرياضيات لدى تالميذ الحلقة الثانية من التعليم األساسى
المنخفضين تحصيليا)،129وبدر محمد العدل في كتابه(فعالية برنامج
قائمعلى نظرية الذكاءات المتعددة) ،130وأحمد السيد علي في كتابه
-123محمد عبد الهادي حسين :دليلك العملى الى قوة سيناريوهات دروس الذكاءات
المتعددة ،دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع. 2008.
-124محمد عبد الهادي حسين :إيقاظ العبقرية داخل فصولنا الدراسية ،دار العلوم للتحقيق
والطباعة والنشر والتوزيع. 2008.
-125محمد عبد الهادي حسين :الذكاءات المتعددة :مراجعات وامتحانات ،دار العلوم للتحقيق
والطباعة والنشر والتوزيع. 2008.
-126محمد عبد الهادي حسين :االكتشاف المبكر لقدرات الذكاءات المتعددة بمرحلة
الطفولة ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع2005م 496،من الصفحات.
-127محمد عبد الهادي حسين :مبادرة الذكاءات المتعددة ومجتمع التعلم الذكى،دار العلوم
للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2008،م.
-128وليد محمد أبو المعاطي :الذكاء المعرفي واالنفعالي واالجتماعي واساليب التعلم،
جامعة المنصورة كلية التربية2005م 236،من الصفحات.
-129حمدان ممدوح إبراهيم الشامي :أثر برنامجتعليمى قائم على نظرية الذكاءات المتعددة
فى تحصيل الرياضيات لدى تالميذ الحلقة الثانية من التعليم األساسى المنخفضين تحصيليا،
جامعة القاهرة -كلية التربية. 2007.
-130بدر محمد العدل :فعالية برنامج قائم على نظرية الذكاءات المتعددة ،جامعة
المنصورة ،مصر ،كلية التربية2006م 290 ،من الصفحات.
121
(نظرية الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجاالت صعوبات التعلم (رؤية
مستقبلية))...131
الفرع الخامس :توظيف نظرية الذكاءات المتعددة في المدرسة
من المعلوم أن لنظرية الذكاءات المتعددة مجموعة من األهداف التربوية
والديدكتيكية التي يمكن تحقيقها .ويمكن حصرها في األهداف التالية:
تؤمن النظرية بتعدد الذكاءات لدى المتعلم؛ إذ يمكن الحديث عن الذكاء
اللغوي ،والذكاء الرياضي المنطقي ،والذكاء الطبيعي ،والذكاء التفاعلي،
والذكاء الذاتي ،والذكاء الوجودي ،والذكاء الموسيقي ،والذكاء الجسمي
الحركي ،والذكاء الفضائي البصري...؛
تساهم هذه النظرية في حل المشاكل المتعلقة بالفوارق الفردية؛
تسعى إلى تنمية العبقرية والموهبة وقدرات اإلنتاج واالبتكار واإلبداع؛
تكشف مواطن الضعف والقوة عند المتعلم ،وخاصة أنها تعالج مواطن
التعثر وصعوبات التعلم .ومن ثم ،إذا كانت نظريات الذكاء التقليدية تركز
على مواطن الضعف لدى المتعلم ،فإن نظرية الذكاءات المتعددة تهتم
بماهو إيجابي لدى المتعلم ،وتستكشف مالديه من قدرات ذكائية أخرى؛
تطوير الطرائق البيداغوجية والديدكتيكية؛
تنمية القدرات الذكائية ،وتطوير المهارات الكفائية لدى المتعلم من أجل
حل المشكالت ،والعمل على االبتكار واإلنتاج واإلبداع؛
استثمار القدرات الذكائية لدى المتعلمين في تعليمهم األكاديمي من
خالل أنشطة تعليمية في مجاالت هذه الذكاءات؛
-131السيد علي أحمد :نظرية الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجاالت صعوبات التعلم
(رؤية مستقبلية) ،جامعة الملك سعود ،الريال2005 ،م.
122
صالحية النظرية لتمثلها في برامج التدريس لألطفال العاديين وذوي
االحتياجات الخاصة؛
التركيز على األنشطة المختلفة للذكاءات المتعددةلكي يستفيد كل طفل
من النشاط الذي يوافق ذكاءاته؛
تسمح هذه النظرية لكل متعلم على حدة بتحقيق ذاته ،والتميز بالجوانب
التي ينفرد بها.
وعليه ،فليست" نظرية الذكاءات المتعددة – حسب هوارد غاردنر -غاية
في ذاتها ،بل هي أداة للمدرسينالمتبصرين الذين يسعون إلى تطوير قدرات
معينة لدى تالمذتهم .مثال :إذا كنانبتغي أن يكون األطفال متخلقين فيما
بينهم ،سنحتاج إلى تنمية ذكائهمالشخصي .باإلضافة إلى ذلك ،طبعا ،تمكن
هذه النظرية من تحسين تقديمالمواد الدراسية ،مثال :إذا كان على كل تلميذ
أن يتلقى مادة التاريخ أوالجغرافية ،فليس هناك أي مبرر كي يتعلم كل
واحد هذه المواد بالطريقة نفسها أويخضع للتقييم نفسه.
لقد مكن مشروع الطيف من تعيين جوانب التفوق المتميزة لدى العديد
مناألطفال ،وكان من الممكن أن تبقى مجهولة بدون ذلك؛ فأثناء القيام
بإحدىالتحريات مع فريقي في البحث صادفنا طفال في السادسة من عمره،
ينحدر من أسرةمفككة ،ويواجه خطرا كبيرا ناتجا عن الفشل الدراسي،
وبحكم أن نتائجه لمتتغير خالل حصص التحضيري ،فقد قررت مدرسته
إجباره على التكرار بعد شهرين منحضوره داخل فصلها .ومع ذلك ،فقد
كان الطفل ناجحا بشكل يفوق اآلخرين في فكتركيب مواد مستعملة
وإعادتها .بعد تصويره ،وهو يقوم بأنشطة عرضت سلسلة
اللقطاتالمصورة على معلمته ،وكم كان ذهول هذه األخيرة كبيرا جراء ما
رأت! إلى درجةأنها لم تذق راحة النوم لمدة ثالث ليال .منذ تلك اللحظة
123
غيرت بشكل جذرينظرتها حول الطفل ،وبدأت النتائج المدرسية لهذا
األخير تتحسن بشكل ملموس".132
124
الدرس،واستحضار ذكاءات المتعلمين عند تحضير الدروس .وقبل تصميم
الدرس ،ينبغي التفكير في المحتوى الموجود في الدرس أو الوحدة لكي
يتسنى انتقاء الذكاءات المناسبة إلدخالها ديدكتيكيا .وينبغي دوما ً األخذ
بعين االعتبار الطرائق التي يتعلم بها التالميذ ،ويرتاحون لها .وينبغي
التعاون مع المعلمين في تحضير الدروس ،ومناقشة اآلراء .وليس مهما ً
إدخال كل الذكاءات في أي درس أو وحدة ،فقد يتم أحيانا ً االكتفاء بإدراج
ثالثة ذكاءات أو أربعة ،وإذا لم يحتمل هذا الدرس يراعى ذلك في الدرس
القادم.133
ومن المعلوم أن نظرية الذكاءات المتعددة ليس هدفها الرئيس هو اكتشاف
العباقرة داخل الفضاء التربوي ،بل هو تبيان مواطن الضعف والقوة لدى
المتعلم فحسب .وفي هذا الصدد ،يقول غاردنر ":ليس هناك أبدا ارتباط
مباشر بين نظرية علمية وبرنامج تعليمي ،فكلنظرية علمية حول الذهن
اإلنساني تقترح العديد من التطبيقات التربويةالممكنة ،والتجربة وحدها
يمكن أن تدل على نوع التطبيقات التي يكون لها معنىأو تلك التي ال معنى
لها .وحتى أجيب بشكل دقيق عن السؤال ،ال أعتقد أنهينبغي تركيز
االهتمام على مجال خاص من القوة لدى الطفل .في الواقع ،إنمسعاي ليس
على اإلطالق تحويل األطفال إلى عباقرة في المجال الذي يتفوقونفيه ،بل
ينبغي فقط اكتشاف ما هي مجاالت القوة والضعف لديهم .وبعد ذلك،
تبقىلكل واحد ،انطالقا من تقييمه الخاص ،الحرية في أن يقرر ما إذا كان
يفضالالهتمام أكثر بجوانب القوة أو بجوانب الضعف للطفل ،أو يفضل
تجاهل النتائج .وبالمقابل ،ليس هناك أي مبرر لالعتقاد بأن الشخص الذي
يبدو ضعيف الذكاء فيلحظة ما ال يمكن أن يصبح متفوقا ،بل إن مالحظة
قصور في ذكاء ما من شأنه أنيدفع هذا الشخص كي يتصرف بحماس من
أجل تطوير ذلك الذكاء ،فهناك العديد مناألشخاص عوضوا نواقصهم
الظاهرية بالعمل الجاد ،بل وأحرزوا أحيانا تفوقا فيتلك المجاالت .وأكثر
-133أحمد أوزي :التعليم والتعلم بمقاربة الذكاءات المتعددة،ص.88-87:
125
من ذلك ،يمكنني أن أقدم مثاال شخصيا :فأنا دالتوني]مصاب بعمى لوني
يحول دون التمييز بين األحمر واألخضر] ،ولدي رؤية مجسادية
Stréoscopiqueناقصة ،وأحتاج إلى عدسات قوية مقومة ،ومع ذلك
اخترت أن أكرسأطروحتي للدكتوراه حول الفنون البصرية ،وقضيت وقتا
البصري. عنالعالم الكتابة في طويال
هكذا يبدو أن نظرية الذكاءات المتعددة ليست هي القائمة على الحتمية،
بل،باألحرى ،أن األفراد ،الذين يالحظون قصورا عاديا لديهم ،عول أن
يقوموابتعويض ذلك القصور ،يعتبرون ذلك عالمة تدفعهم إلى التنازل عن
مكامن تفوقهموإهمالها".134
وما أحوج مدارسنا العربية اليوم إلى تطبيق نظرية الذكاءات المتعددة
إلصالح منظوماتنا التربوية القائمة على تنمية الذكاء الواحد! فقد آن
األوان للبحث عن الذكاءات األخرى لدى المتعلم في ضوء فلسفة إبداعية
تنشيطية متعددة المقاربات.
126
إجرائية ،تعمل على تمهير المتعلم ،وجعله أمام وضعيات معقدة
لمواجهتها أوالتأقلم معها .كما أنها نظرية صالحة لمعالجة التعثر الدراسي،
ومحاربة العنف والشغب داخل الفضاءات التربوية التعليمية ،والقضاء
على التسرب والهدر والفشل الدراسي ،ومعالجات الكثير من معوقات
التعلم لدى المتعلمين العاديين ،أو من ذوي الحاجيات الخاصة .وأهم ميزة
تتسم بها النظرية أنها تنبني على فلسفة التشجيع والتحفيز وغرس الدافعية
في نفسية المتعلم .ومن جهة أخرى ،تستند إلى الطرائق البيداغوجية الفعالة
التي تشوق المعلم والمتعلم على حد سواء ،وتعمل على تقوية الطالب
والمتعلم معا...
وقد نجحت نظرية الذكاءات المتعددة بشكل جيد في مجال التربية
والديدكتيك .وفي هذا السياق ،يقول غاردنر ":إن نظريتي (حول الذكاءات
المتعددة) تؤثر بشكل كبير في الممارسة التربوية؛ ألنها تتفق مع المالحظة
الجماعية للمدرسين واآلباء ،والتي تكشف عن وجوداختالفات بين األطفال
على الصعيد المعرفي .فكلنا يتوفر على عناصر تفوقوجوانب قصور
متفاوتة في مختلف المجاالت العقلية ،لكن معظم الجهود في مجااللتربية ال
تعترف بوجود تلك الفوارق ،وتشجع نمط التفكير القائم على
اللغةوالمنطق ،وتلك بالضبط هي حالة التفكير الديكارتي/المنهجي العقالني
فيفرنسا .وعلى النقيض من ذلك ،تنطلق مقاربتي من الجانبيات العقلية
المختلفة.لذلك ،أقترح أن تأخذ التربية بعين االعتبار هذه الفوارق إلنجاز
تعليم بأعلىمستوى من الفعالية .فإذا أردنا توجيه التعليم إلى كل األطفال،
وليس فقطحصره على أولئك الذين يتوفرون على استعدادات منطقية
ولغوية ،ينبغي األخذبعين االعتبار االكتشافات التي توصلت إليها نظرية
الذكاءات المتعددة.
وأخيرا ،لم يكن للباحثين في حقل التربية موقف نقدي خاص تجاه النظرية،
بل إنبعضهم سعى فعال إلى تطويرها .كان ذلك هو هدف مجموعة من
127
طلبتي المرموقين،أمثال – -Tom Hatch – Mara Krechevsky
،Mindy Kornhaber – Bruce Torffوغيرهم"..135
وثمة انتقادات موجهة إلى هذه النظرية؛ إذ يشير غاردنر إلى بعضها
فيقول":معظم علماء النفس ،خاصة المحسوبين على القياس النفسي،
عارضوا هذه النظرية .ويمكن فهم موقفهم بسهولة ما دامت نظرية
الذكاءات المتعددة تهدد مواردعيشهم ،بل ومبرر وجودهم .لكن مقابل ذلك
هناك علماء متخصصون .كالبيولوجيينمثال ،وجدوا في النظرية ما يكفي
من األهمية .عالوة على ذلك ،كانت لنظريةالذكاءات المتعددة أصداء قوية
داخل الوسط التعليمي األمريكي ،فأثناء العقداألخير لم يحتل سوى عدد
محدود من األفكار التربوية نفس قيمة هذه النظريةبالواليات المتحدة .ولكن
ذلك ال يعني تأييدا لها بالضرورة ،فهناك الكثير منالتطبيقات تبقى سطحية،
كما أن جزءا من هذا التأييد كان في الواقع مجردتقليعة".136
ومن االنتقادات األخرى لهذه النظرية انعدام االختبارات واالمتحانات
الملموسة للتأكد من مدى نجاعة هذه النظرية واقعا وممارسة كما عند
علماء الذكاء الكالسيكيين .ومن ناحية أخرى ،مهما دافعنا عن الذكاءات
األخرى ،فيبقى الذكاء الرياضي المنطقي أس الذكاءات الموجودة .فهو
مرتكز التفوق والتمدن والتحضر ،مادام هذا الذكاء الحسابي آلة في خدمة
اإلنتاج واالقتصاد والتصنيع واالبتكار ،وتطوير بنيات المجتمع الغربي
الحديث ،فكيف يمكن مقارنته بالذكاء اللغوي أو الموسيقي أو الفلسفي؟
ويمكن الحديث أيضا عن ذكاء عاشر ،يمكن تسميته اليوم بالذكاء الرقمي
أو اإلعالمي الذي يمتلكه متعلمونا بشكل الفت لالنتباه .عالوة على ذلك،
هل يمكن أن تنجح نظرية الذكاءات المتعددة في مدارسنا العربية التي
تغيب فيها الموارد المادية والمالية والبشرية ،وتقل فيها السياسات
التعليمية الهادفة ،وتهمش فيها الكفاءات الحقيقية؟!
128
وخالصة القول :تعد نظرية الذكاءات المتعددة من أهم النظريات
السيكوبيداغوجية التي استطاعت تحقيق قطيعة معرفية مع النظريات
التربوية السابقة؛ ألنها تنبني على اإلنتاج ،واالبتكار ،واإلبداعية ،وتمثل
فلسفة التنشيط ،وخلق المواهب والمبادرات والعبقريات ،واستكشاف
ذكاءات المتعلمين ،واستثمارها في األنشطة والتمارين الكفائية التي تزود
المتعلم بالمهارات والقدرات لحل المشاكل ،وإيجاد مشكالت أخرى،
وإنتاج قيم وأفكار وخدمات جديدة حداثية وأصيلة .وماتزال نظرية
الذكاءات المتعددة قابلة للتطوير والتغيير واإلثراء كما يقول صاحبها
هوارد غاردنر ":أتمنى تطوير النظرية في اتجاهات مختلفة .لكن ما
يهمني بشكل أساسي أن نفهم كيف يمكن لطفل استعمال ذكائه أو ذكاءاته
بهدف التحكم الجيد في المواد الدراسية ،و يجد له مكانة داخل المجتمع
وتطويرها ..عالوة على ذلك أتوخى مستقبال اكتشاف ذكاءات أخرى،
وفهم الكيفية التي تشتغل بها .وأريد بطبيعة الحال أن أعرف بشكل جيد
كيف يتم التعبير عن الذكاء نفسه داخل مختلف األوساط الثقافية .وأود
كذلك معرفة كيف تتمكن الذكاءات المتعددة من االشتغال بيسر وسهولة،
وكيف يمكن تنميتها منفصلة عن بعضها ،وفي ارتباط بعضها البعض،
وكذا استكشاف العالقات الموجودة بين الذكاءات واالبتكار والقيادة.
أما بالنسبة إلى الطرق المسدودة التي ينبغي تجنبها ،أرى واحدة هي
أهمها :ال ينبغي السعي من أجل المقارنة بين المجموعات بمصطلحات
الذكاء (كالمقارنة بين الرجال والنساء أو بين المجموعات العرقية ،إلخ)..
نظرا إلى المخاطر المترتبة على وقائع محرفة .وكمثال على ذلك ،أنه في
استراليا تم وضع الئحة لكل مجموعة عرقية ،من خالل جزء من األدوات
المدرسية المعتمدة من طرف إحدى الواليات .وداخل كل الئحة تم تحديد
الذكاءات التي تتفوق وتضعف فيها كل مجموعة بدون أي سند علمي.
اعتبرت ذلك انزالقا ،وأعلنت موقفي في برنامج بالتلفزة األسترالية .وفي
129
اليوم التالي ،مباشرة بعد تصريحي ،قام الوزير األول بإلغاء هذا "الخلط"
137
التربوي الذي يتأسس على الوهم العلمي".
تلكم-إذا ً -نظرة مقتضبة إلى نظرية الذكاءات المتعددة لدى هوارد غاردنر
مفهوما ،وتأريخا ،وتنظيرا ،وتصنيفا ،وتطبيقا ،وتقويما.
وخالصة القول ،يتبين لنا ،مما سبق ذكره ،أن التعلم هو القدرة على
االكتساب والمران والتدريب ،والقدرة على تحصيل المعارف والمعلومات
والقيم والمهارات.
وللتعلم عالقة وطيدة بالذكاء ،مادام التعلم هو نتاج القدرات الذكائية ،ونتاج
مجموعة من الملكات الفطرية التي يمتلكها اإلنسان .في حين ،يعد التعلم
نتيجة طبيعية لذلك الذكاء.
وبناء على ما سبق ،تختلف نظريات التعلم من مدرسة سيكولوجية إلى
أخرى .ومن ثم ،تربط المدرسة السلوكية عملية التعلم بثنائية الحافز أو
االستجابة ،أو الربط بينهما في إطار ترابطي قائم على تكرار المحاوالت،
على الرغم من وجود عنصر الخطإ ،كما يبدو ذلك جليا عند ثورندايك.
في حين ،ترى النظرية الجشطالتية األلمانية أن التعلم يكون بإدراك المجال
الكلي بكل جزئياته المتنوعة والمختلفة ،بشكل بنيوي نسقي معرفي
وذهني.
أما اإلبستمولوجيا التكوينية عند جان بياجي ،فترى أن التعلم نتيجة التوازن
بين الذكاء الوراثي والواقع الموضوعي.أي :ينتج التعلم عن طريق التماثل
130
بين البنيات العقلية والذهنية والذكائية من جهة ،والوضعيات الموضوعية
من جهة أخرى ،بواسطة عمليات التكيف والتأقلم واالستيعاب والتشابه.
بينما ترى المدرسة البنائية االجتماعية أن التعلم نتاج التحصيل
المجتمعي.بمعنى أن المجتمع هو الوسط الذي يكتسب منه الفرد كل
تعلماته وخبراته وتجاربه بشكل بنائي نسقي.
131
الخاتمة
وخالصة القول ،يتبين لنا مما سلف ذكره ،أن الديدكتيك علم تطبيقي
يتضمن مجموعة من المفاهيم اإلجرائية التي تساعد الباحث التربوي على
استيعاب محتويات التربية الخاصة ،واكتساب مضامينها المختلفة .ومن
ثم ،يقوم التعلم على مفهوم التمثالت الديدكتيكية التي تسهم في بناء تعلمات
المتعلمين ،ومجابهة الوضعيات اإلدماجية من أجل إيجاد الحلول المناسبة
لتلك الوضعيات المعقدة والمركبة.
وال يتحقق التعلم النموذجي والتربوي السليم إال في إطار المثلث
البيداغوجي القائم على التفاعل النسقي والبنيوي بين المدرس والمتعلم
والمعرفة .ومن جهة أخرى ،اليكون الدرس درسا هادفا وكفائيا مثمرا إال
في سياق التعاقد الديدكتيكي التفاوضي والتشاركي بين المدرس والمتعلم،
مع مراعاة الصراع السوسيو -معرفي.
أما التعلم ،فهو القدرة على االكتساب والمران والتدريب ،والقدرة على
تحصيل المعارف والمعلومات والقيم والمهارات .وللتعلم عالقة وطيدة
بالذكاء ،مادام التعلم هو نتاج القدرات الذكائية ،ونتاج مجموعة من
الملكات الفطرية التي يمتلكها اإلنسان .في حين ،يعد التعلم نتيجة طبيعية
لذلك الذكاء.
ومن ناحية أخرى ،يستند الديدكتيك إلى تقطيع الدروس والوحدات
التعلمية إلى ثالثة مقاطع وظيفية ،تتمثل في المقطع التمهيدي ،والمقطع
الوسطي،والمقطع النهائي .ويشكل هذا كله ما يسمى بالسيناريو
البيداغوجي الذي يتالءم مع نموذج ديدكتيكي أو بيداغوجي معين.
وفي األخير ،يمكن الحديث عن نماذج بيداغوجية وتربوية وديدكتيكية
متنوعة ،يمكن حصرها فيما يلي:
132
النموذج الديدكتيكي التلقيني كما في المدرسة التقليدية؛
النموذج الديدكتيكي الحواري كما في التربية الحديثة؛
النموذج الديدكتيكي الهادف القائم على بيداغوجيا األهداف؛
النموذج الديدكتيكي الكفائي القائم على المقاربة بالكفايات؛
النموذج الديدكتيكي الهربارتي القائم على التمهيد ،وبناء الدرس،
والربط المنطقي بين مراحل الدرس ،واالستنتاج ،والتطبيق؛
النموذج اإلدماجي القائم على تنفيذ الوضعيات اإلدماجية؛
النموذج الديدكتيكي التنشيطي القائم على التنشيط الفردي والجماعي؛
النموذج الديدكتيكي اإلبداعي الذي يهدف إلى جعل المتعلم مبدعا في
أسرته ومدرسته ومجتمعه؛
النموذج الديدكتيكي الملكاتي القائم على الذكاءات المتعددة؛
النموذج الديدكتيكي الترابطي( )Connectivitéالقائم على توظيف
اإلعالميات الرقمية في التدريس.
133
ثبت المصادر والمراجع
المعاجم:
-1إبراهيم مصطفى ،وأحمد حسن الزيات ،وحامد عبد القادر ،ومحمد
النجار :المعجم الوسيط،دار النشر :دار الدعوة ،تحقيق :مجمع اللغة
العربية.
-2ابن منظور :لسان العرب ،دار صبح بيروت ،لبنان /وأديسوفت ،الدار
البيضاء ،المغرب /الطبعة األولى سنة 2006م.
-3أحمد أوزي :المعجم الموسوعي لعلوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الطبعة األولى سنة 2006م.
-4عبد الكريم غريب :المنهل التربوي ،الجزء الثاني ،منشورات عالم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى
سنة 2006م.
134
-9أنتوني غدنز :علم االجتماع ،ترجمة فايز الصياغ ،مركز دراسات
الوحدة العربية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الرابعة2005 ،م.
-10بدر محمد العدل :فعالية برنامج قائم على نظرية الذكاءات
المتعددة،جامعة المنصورة ،مصر ،كلية التربية2006م.
-11بول موي :المنطق وفلسفة العلوم ،ترجمة :فؤاد حسن زكريا ،دار
نهضة مصر ،القاهرة ،د.ت.
-12بيداغوجيا اإلدماج ،ترجمة :لحسن بوتكالي ،منشورات مجلة علوم
التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة الثانية،
2009م.
-13بيير ديشي :تخطيط الدرس لتنمية الكفايات ،ترجمة :عبد الكريم
غريب ،منشورات عالم التربية ،مطبعة دارالنجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى2003 ،م.
-14التومي عبد الرحمن وملوك محمد :المقاربة بالكفايات :بناء المناهج
وتخطيط التعلمات ،مطبوعات الهالل ،وجدة ،المغرب ،طبعة 2006م.
-15التومي عبد الرحمن :الجامع في ديدكتيك اللغة العربية ،مطبعة
المعارف ،الرباط ،المغرب ،الطبعة الثانية سنة 2016م.
-16جابر عبد الحميد جابر :الذكاءات المتعددة والفهم :تنمية وتعميق،
دار الفكر العربى للطباعة والنشر2003م.
-17حسن الورياغلي :المصنفات السينمائية بين المقتضيات الفنية
والضوابط القانونية ،سليكي إخوان ،طنجة ،ط2005 ، 1م.
-18حمدان ممدوح إبراهيم الشامي :أثر برنامج تعليمى قائم على نظرية
الذكاءات المتعددة فى تحصيل الرياضيات لدى تالميذ الحلقة الثانية من
135
التعليم األساسى المنخفضين تحصيليا ،جامعة القاهرة -كلية التربية.
.2007
-19روجير كزافيي :التدريس بالكفايات ،وضعيات إلدماج المكتسبات،
ترجمة عبد الكريم غريب ،منشورات عالم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى 2007م.
-20سالم سليمان حمد الجعافرة :العالقة بين الذكاءات المتعددة لدى
الطلبة المعاقين سمعيا ومتغيرات درجة اإلعاقة والجنس والعمر،
الجامعة االردنية ،األردن ،الطبعة األولى سنة 1983م.
-21السيد علي أحمد :نظرية الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجاالت
صعوبات التعلم (رؤية مستقبلية) ،جامعة الملك سعود ،الريال،
2005م.
-22عبد العزيز القوصي :علم النفس :أسسه وتطبيقاته التربوية ،مكتبة
النهضة المصرية ،القاهرة ،مصر ،طبعة 1978م.
-23عبد المجيد نشواتي ،علم النفس التربوي ،دار الفرقان للنشر
والتوزيع ،عمان ،األردن ،طبعة 1984م.
-24عبد الواحد أوالد الفقيهي :الذكاءات المتعددة :التأسيس العلمي،
منشورات مجلة علوم التربية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى 2012م.
-25العربي اسليماني :المعين في التربية ،المطبعة والوراقة الوطنية،
مراكش ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2018م.
-26غالي أحرشاو :غالي أحرشاو :الطفل بين األسرة والمدرسة ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2009م.
136
-27فتحي مصطفى الزيات:األسس المعرفية للتكوين العقلي وتجهيز
المعلومات ،دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ،المنصورة ،مصر،
الطبعة األولى سنة 1995م.
-28كاترين كوليو تيلين :ماكس فيبر والتاريخ ،ترجمة :جورج كتورة،
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان ،الطبعة
األولى سنة 1994م.
-29محمد أمزيان :التربية المدرسية :من بيداغوجيا األهداف إلى
الدار البيضاء ،المغرب، بيداغوجيا المعرفة،مطبعة النجاح الجديدة،
1999م.
-30محمد أمزيان :الذكاءات المتعددة وتطوير الكفايات ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2004م.
-31محمد الدريج:الكفايات في التعليم ،منشورات سلسلة المعرفة للجميع،
الرباط ،المغرب ،شتنبر2004م.
-32محمد عبد الهادي حسين:الذكاءات المتعددة :أنواع العقول البشرية،
دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2000،م.
-33محمد عبد الهادي حسين :مدرسة الذكاءات المتعددة ،دار العلوم
للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع 2005م.
-34محمد عبد الهادي حسين :الذكاءات المتعددة وتنمية الموهبة ،دار
العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2006م.
-35محمد عبد الهادي حسين :ديناميكية التكيف العصبي وقة الذكاءات
المتعددة ،دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع. 2008.
137
-36محمد عبد الهادي حسين:التفكير االبداعى فى ضوء نظرية الذكاء
المتعلم ،دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2008م.
-37محمد عبد الهادي حسين :دليلك العملى الى قوة سيناريوهات دروس
الذكاءات المتعددة ،دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع.
.2008
-38محمد عبد الهادي حسين :إيقاظ العبقرية داخل فصولنا الدراسية،
دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع. 2008.
-39محمد عبد الهادي حسين :الذكاءات المتعددة :مراجعات وامتحانات،
دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع2008م.
-40محمد لبيب النجيحي :مقدمة في فلسفة التربية ،دار النهضة العربي
للطباعة والنشر ،بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى سنة1992م.
-41مصطفى محسن :مدرسة المسقبل ،سلسلة شرفات ،رقم،26 :
الرباط ،المغرب ،الطبعة األولى سنة 2009م.
-42وليد محمد أبو المعاطي :الذكاء المعرفي واالنفعالي واالجتماعي
وأساليب التعلم ،جامعة المنصورة كلية التربية2005م.
المراجع األجنبية:
43-Arsac, G., Chevallard, Y., Martinand, J.-L.,
Tiberghien, A. (dir.) (1994) La transposition didactique
à l’épreuve, Grenoble, La Pensée Sauvage Éditions.
– 44-Astolfi, j, p : (Placer les élèves en situation
problème ?), dans Probio revue, 16, 4, Bruxelles :
Association des professeurs de biologie (ASBL) ,1993.
45-Bachelard: la formation de l’esprit scientifique,
ED.Vrin 1970.
138
46-BERTRAND, Y. Théories contemporaines de
l'éducation, Paris, Editions Nouvelles, Chronique
Sociale.1998.
47-Brousseau G. (1998). Théorie des situations
didactiques. Grenoble, La Pensée sauvage.
48-Brousseau, G. (1990). Le contrat didactique et le
concept de milieu : dévolution. Recherches en
didactique des mathématiques, 9(3).
49-Bruce Campbell, les intelligences multiples : Guide
pratique, traduit par : Danièle Bellchumeur,
Chenelière, Montréal, 1999.
50-BRUNER J. L'éducation, entrée dans la culture :
les problèmes de l'école à la lumière de la
psychologie culturelle, Paris, éd. Retz.1996.
51-Caillot, M. (1996) La théorie de la transposition
didactique est-elle transposable ?, in Raisky, C. et
Caillot, M. (dir.) Au-delà des didactiques, le didactique.
Débats autour de concepts fédérateurs, Bruxelles, De
Boeck.
52-Chevallard, Y. (1991) La transposition didactique.
Du savoir savant au savoir enseigné, Grenoble, La
Pensée Sauvage (2e édition revue et augmentée, en coll.
avec Marie-Alberte Joshua, 1re édition 1985).
53-Conne, F. (1986) La transposition didactique à
travers l’enseignement des mathématiques en première
et deuxième années de l’école primaire, Lausanne.
54-Conne/Couturier-Noverra ; (1992) Un grain de sel à
propos de la transposition didactique, Education et
139
Recherche, n° 1, pp. 57-71 ; Conne, F. (1996) Savoir et
connaissance dans la perspective de la transposition
didactique, in Brun, J. (dir.) Didactique des
mathématiques, Lausanne, Delachaux et Niestlé, pp.
275-338.
55-Denis, M. (1999). Représentation mentale. In H.
Bloch, R. Chemana, E. Depet, A. Gallo, P. Lecomte, J.-
F. Le Ny, J. Postel et M. Reuchlin (dir.), Grand
dictionnaire de la psychologie (p. 779-780). Paris :
Larousse-Bordas.
56-Durey, A. et Martinand, J.-L. (1994) Un analyseur
pour la transposition didactique entre pratiques de
référence et activités scolaires, in Arsac, G., Chevallard,
Y., Martinand, J.-L., Tiberghien, A. (dir.) La
transposition didactique à l’épreuve, Grenoble, La
Pensée sauvage Éditions.
57-Durkheim, Éducation et sociologie, 1922. PUF,
nouv.éd.1966.
58-Durkheim, L’éducation morale, 1902-1903, PUF,
nouv.éd.1963.
59-Gagné R.M (1994) : les principes fondamentaux de
l’apprentissage : Application à l’enseignement, TRad
par Robert Brian et Raymond Paquin, HRW Ltés
Montréal.
60-Gilly, M. (1995). Approches socio-constructives du
développement cognitif de l’enfant d’âge scolaire. In G.
Gaonach’ & C. Golder (Eds.), Manuel de Psychologie
pour l’enseignement (pp.130-167). Paris : Hachette.
140
61-Goldin, G.A. et Janvier, C. (1998). Representations
and the psychology of mathematics education. The
Journal of Mathematical Behavior, 17(1), 5-24.
62-Greer, B. et Harel, G. (1998). The role of
isomorphisms in mathematical cognition. The Journal
of Mathematical Behavior, 17(1).
63-Howard Gardner : Les formes de l’intelligence, ED
Odel Jacob, Paris, 1997.
64-Howard Gardner : Les Intelligences multiples,
traduit par PH.Evans-Clark, M.Muracciole et
N.Weinwurzel, Retz, Paris, 1996.
65-Janvier, C. (1994). Contextualisation et
représentation dans l’utilisation des
mathématiques. In C. Garnier, N. Bednarz et I.
Ulanovskaya (dir.), Après Vygotski et Piaget :
perspectives sociale et constructiviste. Écoles russe et
occidentale (p. 129-147). Bruxelles : De Boeck.
66-Jean Houssaye, Le triangle pédagogique. Théorie
et pratiques de l'éducation scolaire, Peter Lang,
Berne, 2000 (3e Éd., 1re Éd. 1988)
67-Jean Houssaye, Le triangle pédagogique. Théorie et
pratiques de l'éducation scolaire, Peter Lang, Berne,
2000 (3e Éd., 1re Éd. 1988).
68-Joshua, S. (1996) Le concept de transposition
didactique n’est-il propre qu’au mathématiques ?, in
Raisky, C. et Caillot, M. (dir) Au-delà des didactiques,
le didactique. Débats autour de concepts fédérateurs,
Bruxelles, De Boeck.
141
69-Lev Vygotski : Pensée et langage (1934) (traduction
de Françoise Sève, avant-propos de Lucien Sève), suivi
de « Commentaires sur les remarques critiques de
Vygotski » de Jean Piaget, (Collection « Terrains»,
Éditions Sociales, Paris, 1985) ; Rééditions : La
Dispute, Paris, 1997.
70-Margolinas, C. (1998). Le milieu et le contrat,
concepts pour la construction et l’analyse de situations
d’enseignement. In R. Noirfalise (dir.), Analyse des
pratiques enseignantes et didactique des
mathématiques, cours, Actes de l’Université d’Été (p.
3-17). La Rochelle : IREM Clermont-Ferrand.
71-Moscovici S., 1961, la psychanalyse, son image et
son public. Presse Universitaire de France : Paris.
72-Mugny, G. (Ed.) (1985). Psychologie sociale du
développement cognitif. Berne: Peter Lang.
73-Oxford advanced learners, Dictionary Oxford
university press 2000.
74-Paul Robert : Le Petit Robert, Paris, éd, 1992.
75-Perrenoud, Ph. (1986) Vers une lecture sociologique
de la transposition didactique, Genève, Faculté de
psychologie et des sciences de l’éducation.
76- Perrenoud, Ph. (1990) La géographie scolaire entre
deux modèles de transposition didactique, Genève,
Faculté de psychologie et des sciences de l’éducation .
77-Perrenoud, Ph. (1992) La souris et la tortue. Deux
usages sociaux de l’informatique et leur
transposition didactique à l’école primaire, in A.
Vieke (dir.) Intégration de l’informatique en
142
classe, Genève, Service informatique de l’enseignement
primaire.
78-Perret-Clermont, A.N. (1979). La construction de
l'intelligence dans l'interaction sociale. Berne : Peter
Lang.
79-Piaget et Inhelder .B (1948) : La représentation de
l’espace chez l’enfant, P.U.F, Paris.
80-Piaget J:La psychologie de l'enfant, Que sais-je?
P.U.F, Paris, 1973.
81-Piaget, J. (1996). Le structuralisme. Paris : Presses
universitaires de France.
82-Piaget, J. La genèse du nombre chez l’enfant.
Lausanne : Delachaux et Niestlé, 1966 et 1991.
83-Piaget, La naissance de l'intelligence chez l'enfant,
Paris, Delachaux et Niestlé, 1936.
84- Piaget,La construction du réel chez l'enfant, Paris,
Delachaux et Niestlé, 1937
85-Raisky, C. (1996) Doit-on en finir avec la
transposition didactique ?, in Raisky, C. et Caillot, M.
(dir.) Au-delà des didactiques, le didactique. Débats
autour de concepts fédérateurs, Bruxelles, De Boeck.
86-ROEGIERS, X. Des situations pour intégrer les
acquis. Bruxelles : De Boeck Université.2003.
87-Sarrazy, B. (2002). Représentation versus modèle
implicite dans l’analyse des phénomènes
d’enseignement : analyse didactique et épistémologique
des enjeux praxéologiques de cette distinction. In J.
Ardoino et G. Mialaret (dir.), L’année de la recherche
en sciences de l’éducation 2002. Des
143
représentations (p. 91-125). Vauchrétien : Presses de
La Botellerie.
88-Thomas Armstrong : les intelligences multiples
dans votre classe, traduit de l’américain par : Jean
Blaquière, Chenelière, Montréal, 1999.
89-Tony Buzan et Barry Buzan, Mind mapʼ : dessine-
moi l'intelligence, Paris, Éditions d'Organisation, 2003 .
90-Tony Buzan et Chris Griffiths, Le mind mapping au
service du manager, Paris, Eyrolles Ed.
D’Organisation, 2011.
91-Vergnaud., G. Le rôle de l’enseignant à la lumière
des concepts de schème et de champ conceptuel, in
Artigue, M. et al. (eds) Vingt ans de didactique des
mathématiques en France. La Pensée Sauvage édition,
p.177 à 191,1994.
92-Vygotsky, L. S. Le problème de l'enseignement et
du développement mental à l'âge scolaire. In B.
Shneuwly & J.P. Bronckart (Eds.), Vygotski aujourd'hui
(pp. 95-117); Paris : Delachaux & Niestlé.
93-Vygotsky, L. S. (1978). Mind in society.
Cambridge, MA: Harvard University Press. Vygotski,
L.S (1985c/1933).
94-W.Doize et G.Mugny B (1981) : Le développement
social de l’intelligence, Paris, InterEditions.
95-Willem Doise et Gabriel Mugny, Le développement
social de l'intelligence, Paris, InterÉditions, 1981.
96-Willem Doise et Gabriel Mugny, Psychologie
sociale et développement cognitif, Paris, Armand Colin,
« U », 1997.
144
97-Willem Doise et Gabriel Mugny, Le développement
social de l'intelligence, Paris, InterÉditions, 1981.
Willem Doise et Gabriel Mugny, Psychologie sociale et
développement cognitif, Paris, Armand Colin, « U »,
1997.
المقـــاالت:
-98حسن بوتكالي (:مفهوم الكفايات وبناؤها عند فيليب پيرنو) ،الكفايات
في التدريس بين التنظير والممارسة ،مطبعة أكدال ،الرباط ،الطبعة
األولى سنة 2004م.
-99محمد كجي( :التعلم وتربية الذهن على االشتغال) ،سيكولوجية
الطفل ،مقاربات معرفية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،المغرب،
الطبعة األولى سنة2008م.
-100نيكو هرت (:بصدد المقاربةعبر الكفايات هل نحتاج إلى عمال
أكفاء أم إلى مواطنين نقديين؟) ،الكفايات في التدريس بين النظرية
والممارسة ،مطبعة أكدال،الرباط،الطبعة األولى سنة 2004م.
-101عبد الواحد أوالد الفقيهى (:نظرية الذكاءات المتعددة من التأسيس العلمي
إلى التوظيف البيداغوجى) مجلة علوم التربية ،المغرب ،المجلدالثالث ،العدد
الرابع والعشرون2003 ،م.
الــويبوغرافــيا:
-102هاوارد غاردنر ( :حوار مع هوارد غاردنر حول الذكاءات
المتعددة :من التأسيس العلمي إلى التطبيق البيداغوجي) ،ترجمة وتقديم:
عبد الواحد أوالد الفقيهي،
http://www.aljabriabed.net/n68_08lafkih.htm
145
السيـــرة العلـــمية:
147
-عضو اتحاد كتاب العرب.
-عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب.
-عضو اتحاد كتاب المغرب.
-له إسهامات نظرية في التربية ،وفن القصة القصير جدا ،وفان الكتاباة
الشاااذرية ،واألدب الرقماااي ،والمسااارح ،ومنااااه النقاااد األدباااي ،والكتاباااة
النسوية ،والبالغة الرحبة...
-باحث في الثقافة األمازيغية المغربية ،والسيما الريفية منها.
-خبير في البيداغوجيا والثقافة األمازيغية واألدب الرقمي.
-ترجمت مقاالته إلى اللغة الفرنسية و اللغة الكردية.
-نشاارت كتبااه بااالمغرب ،والجزا اار ،وتااونس ،وليبيااا ،واألردن ،ولبنااان،
والمملكة العربية السعودية ،واإلمارات العربية المتحد ،والعراق.
-شارك في مهرجانات عربية عد في كل من :الجزا ر ،وتونس ،وليبياا،
ومصر ،واألردن ،والسعودية ،والبحرين ،والعاراق ،واإلماارات العربياة
المتحد ،وسلطنة عمان...
-مستشااار فااي مجموعااة ماان الصااحف والمجااالت والجرا ااد والاادوريات
الوطنية والعربية.
-نشر أكثر من ألف وسبعين مقال علمي محكم وغير محكم ،وعددا كثيرا
من المقاالت اإللكترونية .وله أكثار مان ( )150كتااب ورقاي ،وأكثار مان
ماااا تي ( )200كتااااب إلكتروناااي منشاااور فاااي ماااوقعي (المثقاااف) وموقاااع
(األلوكة) ،وموقع (أدب فن).
-ومن أهم كتبه :محاضارات فاي لساانيات الانص ،وسوسايولوجيا الثقافاة،
وميااادين علاام االجتماااع ،وأسااس علاام االجتماااع ،والعااوالم الممكنااة بااين
148
النظرية والتطبيق ،واألدب الرقمي بين النظرية والتطبيق ،وفقه الناوازل،
ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي ،ومحطات العمل الديادكتيكي ،وتادبير
الحياااا المدرساااية ،وبياااداغوجيا األخطااااء ،ونحاااو تقاااويم ترباااوي جدياااد،
والشااذرات بااين النظريااة والتطبيااق ،والقصااة القصااير جاادا بااين التنظياار
والتطبيااق ،والروايااة التاريخيااة ،تصااورات تربويااة جديااد ،واإلسااالم بااين
الحداثة وما بعد الحداثة ،ومجزءات التكوين ،ومان سايميوطيقا الاذات إلاى
ساااايميوطيقا التااااوتر ،والتربيااااة الفنيااااة ،وماااادخل إلااااى األدب السااااعودي،
واإلحصاااء التربااوي ،ونظريااات النقااد األدبااي فااي مرحلااة مابعااد الحداثااة،
ومقومات القصة القصير جدا عند جمال الدين الخضيري ،وأنواع الممثل
في التيارات المسرحية الغربية والعربياة ،وفاي نظرياة الرواياة :مقارباات
جديد ،وأنطولوجيا القصة القصير جدا بالمغرب ،والقصيد الكونكريتية،
وماان أجاال تقنيااة جديااد لنقااد القصااة القصااير جاادا ،والساايميولوجيا بااين
النظرياااة والتطبياااق ،واإلخاااراق المسااارحي ،ومااادخل إلاااى الساااينوغرافيا
المسرحية ،والمسرح األمازيغي ،ومسرح الشباب بالمغرب ،والمدخل إلى
اإلخااراق المساارحي ،ومساارح الطفاال بااين التااأليف واإلخااراق ،ومساارح
األطفااال بااالمغرب ،ونصااوص مساارحية ،وماادخل إلااى السااينما المغربيااة،
ومناااه النقااد العربااي ،والجديااد فااي التربيااة والتعلاايم ،وببليوغرافيااا أدب
األطفاااال باااالمغرب ،ومااادخل إلاااى الشاااعر اإلساااالمي ،والمااادارس العتيقاااة
باااااااالمغرب ،وأدب األطفاااااااال باااااااالمغرب ،والقصاااااااة القصاااااااير جااااااادا
بالمغرب،والقصاااة القصاااير جااادا عناااد الساااعودي علاااي حسااان البطاااران،
وأعالم الثقافة األمازيغية...
-عناااااااوان الباحاااااااث :جميااااااال حماااااااداوي ،صاااااااندوق البرياااااااد،1799
الناظور ،62000المغرب.
-جميااال حماااداوي ،صاااندوق البرياااد ،10372البرياااد المركااازي ،تطاااوان
،93000المغرب.
149
0672354338: الهاتف النقال-
0536333488: الهاتف المنزلي-
Hamdaouidocteur@gmail.com: اإليميل-
Jamilhamdaoui@yahoo.
150
الغالف الخارجي
يجمع هذا الكتاب التربوي المبسط والميسر مجموعة من المفاهيم
والمصطلحات المتعلقة بالديدكتيك ،أو علم التدريس ،أو فن التعليم .ويعني
هذا أن الكتاب تعريف مجمل بمفاهيم علم الديدكتيك المتعددة والمتنوعة،
ورصد مختلف تصوراتها النظرية والتطبيقية ،بالتوقف عند تمفصالتها
العلمية والمرجعية ،والتركيز على أسسها الفكرية واإلجرائية ،ودراسة
مدلوالتها المتنوعة و المتشعبة ،واستكشاف قضاياها المختلفة ،واستقصاء
مرجعياتها التاريخية والمعرفية والسياقية.
الثمن60:درهما
151