‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تعد إدارة النقدية من املوضوعات الحرجة و الشائكة التي تواجه املدير املالي و يرجع ذلك إلى عدم‬
‫وجود معايير واضحه ومحددة يمكن االستناد إليها إلدارة النقدية‪ .‬وسوف يتم التطرق إلى موضوع إدارة‬
‫النقدية من خالل التطرق إلى الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ماهية التدفقات النقدية‬
‫‪ -2‬مفهوم إدارة التدفقات النقدية‪.‬‬
‫‪ -3‬أسباب االحتفاظ بالنقدية‬

‫املحاضرة األولي‪ :‬ماهية التدفقات النقدية وإدارتها‬

‫املطلب األول ‪ :‬مفهوم التدفقات النقدية ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬تعريف التدفق‪ :‬هو عبارة عن كمية السلع والنقود املحولة خالل مدة معينة‪ )T0( ،‬إلى (‪ )T1‬بين‬
‫عونين اقتصاديين‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تعريف التدفق النقدي ‪ :‬يقصد بالتدفق النقدي كل عملية تعبر عن دفع أو استالم األموال‪ .‬ومهما‬
‫كانت التدفقات النقدية سواء كانت داخلة‪ ،‬والتي هي عبارة عن عمليات التحصيل أو القبض مثل‬
‫تسديدات الزبائن ‪ ،‬القروض البنكية‪ ،‬املساهمون ومساهمات الدولة‪ ،‬أو تدفقات خارجة والتي هي كل‬
‫عملية تسديدات أو دفع مثل دفع أجور العمال‪ ،‬تسديدات القروض‪ ،‬فإنها تتعلق مباشرة بالخزينة أي أنها‬
‫تنطلق منها وتعود إليها‪ ،‬وهنا تندمج كل املقبوضات واملدفوعات‪.‬‬
‫تعتبر إدارة النقدية إحدى أهم وظائف اإلدارة املالية كونها تتعامل مع األصول النقدية وشبه النقدية‬
‫بصورة مباشرة والتي تمثل إن جاز التعبير العصب املحرك للمنشأة وحط الدفاع األول الذي تعتمد عليه‬
‫املنشاة في مواجهة إلتزاماتها واستمرار نشاطها‬
‫إذ بدون توفر النقدية لديها بالكم والتوقيت املناسبين يضع املنشاة في موقف صعب قد يتسبب بتوقف‬
‫نشاطها وتكبدها خسائر كبيرة‬
‫يقصد بالنقدية األرصدة النقدية التي تحتفظ بها املنشاة في خزينتها أو في حسابها الجاري لدى البنوك التي‬
‫تتعامل معها املنشاة ‪.‬‬
‫بينما يقصد باألصول شبه النقدية ( اإلستثمارات املؤقتة) األصول واألوراق املالية التي يمكن تحويلها إلى‬
‫نقد بسرعة ‪،‬مثل سندات الحزانة وبعض االوراق املالية املضمونة من قبل الحكومة وغيرها من األدوات‬
‫االستثمارية‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬مفهوم السيولة النقدية وأهميتها ‪:‬‬

‫‪1‬‬
 ‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫تعبر السيولة النقدية عن قدرة املنشاة على الدفع أو جعل الوسائل املتاحة من أصول املنشأة بشكل‬
‫سائل من أجل تغطية اإللتزامات التي تواجه املنشأة حالل فترة قصيرة األجل أو بحسب (‪ )hansen‬هي‬
‫جاهزية املوجودات لتغطية االلتزامات التي تحصل بشكل يومي أو في وقت قصير بشكل مباشر‬
‫أي أن مفهوم السيولة النقدية يعبر عن نقطتين أساسيتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬يعبر عن مدى توفر نقدية جاهزة لدى املنشأة ملواجهة التزاماتها التي تحصل خالل وقت قصير‬
‫الثانية ‪ :‬يعبر عن جاهزية اصول املنشأة _ اإلستثمارات املؤقتة _ للتحول إلى نقد سائل ملواجهة تلك‬
‫االلتزامات التي تحصل خالل وقت قصير‬
‫إن أهمية السيولة النقدية تأتي من أنها وسيلة لضمان استمرار عمل املنشأة ووسيلة لتحقيق الربح وبناء‬
‫سمعة مالية جيدة وهي مفتاح لكسب ثقة املتعاملين مع املنشأة كما تعتبر وسيلة قد تجنب املنشأة‬
‫خسائر رأسمالية ناجمة عن البيع االضطراري لبعض األصول واألوراق املالية ملواجهة االلتزامات‬
‫ولعل ما حدث ويحدث في أسواق املال العاملية اليوم دليال" واضحا" على مدى أهمية توفر السيولة‬
‫النقدية لدى املنشآت إذ أن عدم توفر هذه السيولة دفع بعض هذه املنشآت إلى اشهار إفالسها أو تقليص‬
‫حدود نشاطها وهذا بدوره يدل على أهمية اإلدارة املالية في املنظمات املعاصرة وخصوصا" إدارة النقدية‬
‫لدرجة تبعث على القول ولو بشكل نسبي إن نجاح املنظمات في ظل األوضاع اإلقتصادية الراهنة يعتمد‬
‫على نجاح اإلدارة املالية في أداء وظائفها وخصوصا" في إدارة النقدية ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تصنيف التدفقات النقدية‬

‫تصنف التدفقات النقدية حسب عدة معايير من بينها خاصية التدفق ونشأة التدفق‪.‬‬
‫أوال‪ -‬تصنيف التدفقات النقدية حسب خاصيتها ‪:‬‬
‫‪ -1‬التدفقات حسب درجة التأكد‪ :‬كل تدفق داخل أو خارج يتميز بمتغيرين أساسيين هما املبلغ وتاريخ‬
‫الدخول أو الخروج ‪ ،‬وحسب هذين املتغيرين نحصل على أربعة أصناف من التدفقات وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تدفقات متأكد من مبلغها ‪.‬‬
‫‪ -‬تدفقات متأكد من تاريخ استحقاقها ‪.‬‬
‫‪ -‬تدفقات متأكد من مبلغها وتاريخ استحقاقها‬
‫‪ -‬تدفقات غير متأكد من مبلغها وال من تاريخ استحقاقها ‪.‬‬
‫وهذا يمكن توضيحه بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪2‬‬
 ‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫شكل (‪ :)1‬تصنيف التدفقات حسب درجة التأكد‬

‫مؤكد‬ ‫‪A‬‬
‫‪B‬‬
‫التاريخ‬
‫‪C‬‬ ‫‪D‬‬
‫غري مؤكد‬
‫غير مؤكد‬ ‫غير مؤكد‬

‫املبلغ‬

‫‪ -2‬التدفقات حسب درجة التحكم‪:‬‬

‫توجد تدفقات يمكن ألمين الخزينة أن يؤثر عليها وهي تدفقات األصول‪ ،‬وهناك تدفقات ال‬
‫يستطيع التأثير عليها وهي تدفقات الخصوم ‪ .‬وتدفقات األصول هي التي تقوم املؤسسة بتدبيرها من أجل‬
‫تحمل العجز املتوقع‪ ،‬أما تدفقات الخصوم هي عكس األولى‪ ،‬وهي تلك التي تتحملها املؤسسة ‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن تستعملها لتحسين الحاالت الصعبة للخزينة‪.‬‬

‫‪-3‬التدفقات حسب األجل املعتمد‪:‬‬

‫وهي تدفقات أكيدة وأخرى غير أكيدة‪ ،‬فالعمليات التي يكون استحقاقها قريبا والتي يمكن التعبير‬
‫عنها بقبض أو سحب خالل الفترة املعتبرة‪ ،‬فإنها تكون قد نفذت أو على األقل ملتزم بتنفيذها‪ ،‬أما‬
‫العمليات التي يكون استحقاقها بعيدا فيكون عادة غير ملزم بتنفيذها‪ ،‬لكن في الواقع العمليات قريبة‬
‫االستحقاق هي تلك التي يصعب تحديد درجة تأكدها‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬تصنيف التدفقات النقدية حسب نشأتها‪:‬‬
‫تتمثل التدفقات النقدية حسب نشأتها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬التدفقات النقدية الناتجة عن دورة االستغالل‪ :‬وهي التدفقات الحقيقية لإليرادات واملصاريف التي‬
‫ينتج عنها تدفقات نقدية سواء مقبوضات أو مدفوعات‪ ،‬حيث تنتج األولى عن عمليات البيع والثانية عن‬
‫عمليات الشراء واملصاريف‪.‬‬

‫‪3‬‬
 ‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫‪ -2‬التدفقات النقدية خارج االستغالل ‪:‬‬

‫وهي التدفقات الناتجة عن العمليات التي ال ترتبط بنشاط املؤسسة كالتنازل عن بعض االستثمارات‬
‫أو بيع أصل من أصول املؤسسة‪ ،‬وهذه األخيرة تعتبر كمقبوضات‪ ،‬أما املدفوعات فهي التي ترتبط‬
‫بعمليات االستثمار‪.‬‬

‫يمكن مالحظة أن هذه التدفقات ال يمكن التحكم فيها على مستوى الخزينة ألنها تدفقات طويلة أو‬
‫متوسطة األجل‪ ،‬بينما التدفقات النقدية قصيرة األجل فهي من التدفقات الضرورية في تسيير الخزينة من‬
‫حيث تمويلها لتغطية العجز أو توظيف الفائض‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مفهوم إدارة التدفقات النقدية‬

‫أوال‪ :‬تعريف إدارة النقدية‬
‫يمكن تعريف إدارة النقدية على أنها مجموعة اإلجراءات املنظمة لعملية الرقابة على املوجود منها‬
‫وتخطيط االحتياجات املستقبلية منها ضمانا لوجودها عند الحاجة إليها وكذا ضمانا لكفاءة استخدامها‬
‫بشكل يوازن بين هدفي الربحية والسيولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهداف إدارة النقدية‪:‬‬

‫تهدف سياسة إدارة النقدية إلى ما يلي‪:‬‬

‫ّ‬
‫‪ -‬تسديد التزامات املؤسسة في آجالها املحددة‪ :‬إن التحكم الجيد في حجم النقدية يمكن املؤسسة من‬
‫الوفاء بما عليها في آجالها وهو ما يمكنها من كسب ثقة املتعاملين معها وكذا يمكن املؤسسة من االبتعاد‬
‫عن احتمال العسر املالي‪ .‬ويتم تحقيق هذا الهدف من خالل‪:‬‬

‫أ‪ -‬التنبؤ الدقيق بالتدفقات النقدية الداخلة والخارجة‪.‬‬

‫ب‪ -‬توفيرالتمويل لالحتياجات املتوقعة وغير املتوقعة‪،‬‬

‫إن تحقيق هذا الهدف يدفع املؤسسة لزيادة رصيدها من النقدية بمعنى السعي لزيادة نسبة‬
‫السيولة لديها وهو ما يتعارض مع مبدأ الربحية‪.‬‬
‫تقليل حجم األرصدة النقدية املعطلة‪ :‬إن احتفاظ املنشأة بأرصدة نقدية كبيرة سيزيد من ارتفاع‬
‫التكاليف ويحملها تكلفة إضافية قد ال تكون مبررة وذلك إلمكانية استثمارها في مجاالت أخرى تحقق‬
‫عوائد للمنشأة‪.‬‬

‫‪4‬‬
 ‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫يؤدي تحقيق هذا الهدف إلى زيادة ربحية املؤسسة لكن في نفس الوقت نجده يتعارض مع هدف‬
‫السيولة املشار إليه سابقا‪.‬‬
‫مما سبق يمكن القول أن املؤسسة تسعى من وراء سياسة إدارة النقدية إلى التوفيق بين ضرورة عدم‬
‫االنزالق في حالة العجز النقدي وما يتبع ذلك من نتائج سلبية قد تؤدي باملنظمة إلى حالة اإلفالس وبين‬
‫ضرورة عدم احتفاظها بنقدية زائدة عن حاجتها وما يعنيه ذلك من عدم كفاءة في استغالل املوارد املتاحة‬
‫بسبب تجميد النقدية بدال من تحقيق عوائد من استثمارها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دو افع اإلحتفاظ بالنقدية‬

‫أ‪ -‬دافع إتمام املعامالت ‪:‬‬

‫تحتاج املنشأة للنقدية من أجل إتمام تعامالتها اليومية وإلدارة نشاطها مثل دفع أجور العاملين‪ ،‬شراء‬
‫املستلزمات املختلفة‪ ،‬سداد املصروفات املختلفة‪ .‬ومن ناحيه اخرى فقد يحدث تأخير في تحصيل‬
‫التدفقات النقدية الداخلة مما يدفع املنشأة لضرورة اإلحتفاظ بالنقدية إلى ان تتم التدفقات النقدية‬
‫الداخلة‪ .‬ولهذا الغرض فإنها تحدد مبلغ مبدئي للنقدية و الذي يتم إستخدامة من اجل اتمام تلك‬
‫املعامالت املختلفة‪.‬‬
‫وعندما يصل رصيد النقدية إلى الصفر او إلى رصيد الحد األدنى من النقدية فإن املنشأه عليها أن تعيد‬
‫النظر في رصيد النقدية و زيادته‪.‬‬

‫والجدير بالذكر ان زيادة رصيد النقدية يرتبط به نوعين أساسيين من التكلفة ‪:‬‬
‫(‪ )1‬تكلفة الفرصة البديلة و املتمثله في الفرص االستشارية الضائعه نتيجة االحتفاظ بالنقدية دون‬
‫إستثمار‬
‫(‪ )2‬التكاليف اإلدارية التي تتحملها املنشأة نتيجة تسييل بعض االصول او نتيجة الحصول على قرض‪.‬‬
‫وتتزايد التكلفة االولى مع زيادة رصيد النقدية اما التكلفة الثانية فإنها تتناقص مع زيادة االحتفاظ بالنقدية‬
‫( زيادة االحتفاظ بالنقدية يعني االحتياج االقل لتسييل بعض االصول)‪.‬‬
‫ب‪ -‬دافع اإلحتياط ‪:‬‬
‫تحتفظ املنشأة بالنقدية ألسباب إحتياطية حتى تستطيع ان تغطي ايه تقلبات غير متوقعة في مستوى‬
‫التدفقات النقدية املتوقع ‪ .‬و بشكل بديهي املنشات ذات املخاطر املرتفعه من املتوقع ان تحتفظ بنقدية‬
‫اعلى من املنشأت ذات املخاطر االقل‪.‬‬

‫‪5‬‬
 ‫املحور األول‪ :‬مفاهيم أساسية في إدارة التدفقات النقدية والخزينة‬

‫قدم كال من ‪ Miller & Orr‬نموذج التدفقات النقدية العشوائية و بشكل اكثر تحديدا التدفقات‬
‫النقدية الداخلة و الخارجة التي من املتوقع ان يحدث بها تقلبات عشوائية بشكل يومي‪ .‬و بناء عليه ‪،‬‬
‫يجب على املدير املالي ان يحدد ليس فقط ارصدة النقدية املثاليه و لكن عليه ان يحدد الحدود الدنيا و‬
‫العليا التي من املتوقع ان يتحرك خاللها رصيد النقدية‪ .‬االمر الذي يعني انه في كل مرة يصل رصيد‬
‫النقدية إلى واحد من هذه الحدود فإن على املنشأة ان تعيد النظر في مستوى رصيد النقدية‪.‬‬

‫باإلضافه إلى ذلك‪ ،‬فإن حجم النقدية الذي تحتفظ به املنشأة كإحتياطي يتوقف على عاملين أساسيين‬
‫وهما ‪:‬‬
‫أ‪ -‬كمية األموال املستثمرة في االصول سريعه التحول إلى النقدية حيث توجد عالقة عكسية بين حجم‬
‫االستثمارات في تلك األصول وبين حجم النقدية املحتفظ بها كإحتياطي‪.‬‬
‫ب‪ -‬مدى وجود سياسه السحب على املكشوف عند التعامل مع األزمات النقدية التي تتعرض لها املنشأة ‪.‬‬
‫‪ -3‬دافع املضاربة ‪:‬‬

‫قد تواجه املنشأة فرص استثمارية جيدة و املنشات التي ترغب في التربح من تلك الفرص قد تختار‬
‫االحتفاظ بارصدة نقدية اعلى لالستفادة من تلك الفرص‪ .‬باإلضافه إلى ان املنشأت ذات التدفقات‬
‫النقدية املتقلبه لديها الدافع لالحتفاظ بنقدية اعلى ‪ .‬فالخصم على اسعار بعض املواد الخام الذي قد‬
‫يعلن عنه املوردون قد يشجع املنشأة على شراء كميات كبيرة من تلك املواد و تخزينها قبل إنقضاء مدة‬
‫الخصم‪ .‬كذلك اإلنخفاض املتوقع في أسعار الفائدة قد يشجع البنك التجاري على زيادة اإلستثمار في‬
‫األوراق املالية ‪ .‬وبالطبع لن تستطيع املنشأة اإلستفادة من تلك الفرص بدون اإلحتفاظ برصيد نقدي كافي‪.‬‬

‫‪6‬‬