You are on page 1of 5

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫سلسلة أجوبة العامل اجلليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمري حزب التحرير‬
‫على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فكري"‬
‫جواب سؤال‬
‫ما المقصود بذات اهلل؟‬
‫إىل ام سلمى‬
‫السؤال‪:‬‬
‫شيخنا وأمرينا العامل اجلليل حفظكم اهلل ورعاكم وأنعم عليكم بالصحة والعافية وفتح على أيديكم بالنصر والتمكني‪،‬‬
‫الس ؤال‪ :‬لقد قلنا يف نظ‪FF‬ام اإلس‪FF‬الم يف موض ‪FF‬وع طريق اإلميان (إن ذات اهلل وراء الك ‪FF‬ون واإلنس ‪FF‬ان واحلي ‪FF‬اة) ما معىن ه‪FF‬ذا‬
‫الكالم؟! وهل هلل س ‪FF‬بحانه ذات‪ ،‬وما معىن كلمة ذات‪ ،‬وما حكم من ينكر وجودها ويكتفي ب ‪FF‬القول أؤمن باهلل وص ‪FF‬فاته‬
‫دون اعتقاد أن له ذاتاً‪.‬‬
‫أم سلمى العامري – اليمن‬
‫‪ ‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫وعليكم السالم ورمحة اهلل وبركاته‪،‬‬
‫يف البداية بارك اهلل فيك على دعائك الطيب لنا‪ ،‬وحنن ندعو لك باخلري‪ ،‬وإليك اجلواب‪:‬‬
‫أعيد النص الذي أخذت منه اجلملة املسئول عنها من كتاب (نظام اإلسالم ص ‪ )10‬وهو‪:‬‬

‫باهلل تع‪FF‬اىل فإنَّهُ ال مُيْ ِكنُ‪FF‬هُ ِإ ْدراك ما ه‪Fَ F‬و َف‪Fْ F‬و َق ِح ِّس‪ِ F‬ه وف‪َ F‬‬
‫‪F‬وق‬ ‫اإلميان ِ‬
‫ِ‬ ‫‪F‬ول إىل‬ ‫‪F‬تعمال اإلنس‪FF‬ان الع ْ‪F‬ق‪F‬ل يف الوص‪ِ F‬‬
‫َ َ ُ‬
‫‪F‬وب اس‪ِ F‬‬ ‫[ور ْغم وج‪ِ F‬‬
‫ُ َُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حمدود‬
‫َ‬ ‫‪F‬ذلك ك ‪FF F‬ا َن‬
‫َّاها‪ ،‬ول ‪َ F F‬‬ ‫حِب‬
‫ت ُ‪Fُ F F‬دود ال َتَت َع‪FF F‬د َ‬ ‫ت ومَنَ ْ‬
‫حمدود‪ ،‬وحمدودةٌ ُق َّوتُ ‪FF F‬هُ َم ْه َما مَسَ ْ‬
‫ٌ‬ ‫ِإل‬ ‫‪F‬ك َّ‬
‫َألن العق ‪Fَ F F‬ل ا نس ‪FF F‬اينَّ‬ ‫عقل ‪Fِ F F‬ه‪ ،‬وذل ‪َ F F‬‬
‫َألن اهللَ وراءَ‬ ‫إدراك َح ِقي َقتِ‪Fِ F F‬ه‪َّ ،‬‬
‫ج ‪FF‬ز عن ِ‬ ‫ِإ ِ ِ ِ‬
‫ص‪َF F F‬ر العق‪Fُ F F‬ل دو َن دراك ذات اهلل‪ ،‬وَأ ْن َي ْع َ‪ْ َ F‬‬
‫ِ‬
‫ومن هنا ك‪FF F‬ا َن ال بُ‪Fَّ F F‬د م ْن َأ ْن َي ْق ُ‬
‫ْ ِ‬
‫اإلد َراك‪ْ ،‬‬
‫‪F‬اجزاً َع ْن‬ ‫‪F‬اة‪ ،‬ول‪F‬ذلك ك‪F‬ا َن ع ِ‬ ‫‪F‬ان واحلي ِ‬ ‫‪F‬ون واإلنس ِ‬ ‫‪F‬درك حقيق‪F‬ةَ ما وراء الك ِ‬ ‫‪F‬اة‪ ،‬والعق‪F‬ل يف اإلنس ِ‬
‫‪F‬ان ال ي ُ‬ ‫واإلنسان واحلي ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكون‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ألن اإلميا َن إمَّنَا ه‪Fَ F‬و‬
‫اهلل؟ َّ‬ ‫ذات ِ‬ ‫إدراك ِ‬ ‫‪F‬اجز عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫باهلل عقالً م ْ‪F‬ع َّ‬ ‫يقال هنَا‪ :‬كي‪F‬ف آمن اإلنس‪F‬ا ُن ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َأن عقلَ‪F‬هُ ع ٌ ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫إدراك ذات اهلل‪ .‬وال ُ ُ‬
‫وهذه املخلوقات داخلةٌ يف ح ِ‬ ‫وجود خملوقاتِِه‪ ،‬وهي الكو ُن واإلنسا ُن واحلياةُ‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫‪F‬دود ما‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫إميا ٌن بِوجود اهلل َو ُو ُ‬
‫جودهُ ُم ْد َر ٌ‪F‬ك ْ‬
‫‪F‬الق هَل ‪FF‬ا‪ ،‬وه‪FF‬و اهلل تع‪FF‬اىل‪ .‬ول‪FF‬ذلك ك‪FF‬ا َن اإلميا ُن بِوج‪ِ F‬‬
‫‪F‬ود ِ‬ ‫ِِ‬
‫اهلل عقلي‪F‬اً ويف‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪F‬ود خ‪َ ٍ F‬‬ ‫إياها وج‪َ F‬‬
‫من إدراك‪FF‬ه َ‬ ‫وأدرك ْ‬ ‫َ‬ ‫يُ ْد ِر ُك‪FF‬هُ‪ْ ،‬‬
‫فَأد َر َك َ‪F‬ه‪F‬ا‪،‬‬
‫‪F‬اة‪ ،‬فه‪Fَ F‬و وراءَ العق‪Fِ F‬ل‪ .‬والعق‪Fُ F‬ل ال‬ ‫واإلنسان واحلي‪ِ F‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكون‬ ‫يل‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِإ‬ ‫حدود ِ خِبِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ألن ذاتَهُ وراءَ‬ ‫العقل‪ ،‬الف إدراك ذات اهلل فَ نَّهُ ُم ْستَح ٌ‬
‫ِ‬ ‫اإلدراك‪ .‬وهذا القصور نفسه جيب أ ْن يكو َن من م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلميان‪.)...‬‬ ‫قويات‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ ُُ ُ‬ ‫عن هذا‬‫يدرك حقيقةَ ما وراءَهُ ل ُقصو ِر ِه‪ْ F‬‬ ‫ميكن أ ْن َ‬ ‫ُ‬
‫ولبيان معىن (ذات اهلل) فإين قبل اجلواب أوضح لك كيف يفهم مدلول اللفظ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عند معرفة م‪FF‬دلول اللفظ يعمد إىل املعىن اللغ‪FF‬وي أي إىل احلقيقة (اللغوية‪ F‬مث العرفية س‪FF‬واء أك‪FF‬انت العامة عند الع‪FF‬رب‬
‫أم ك‪FF‬انت اخلاصة ‪ -‬االص‪FF‬طالح) ف‪FF‬إن تع‪FF‬ذرت احلقيقة فيعمد إىل اجملاز‪ ...‬وبتتبع ه‪FF‬ذه املع‪FF‬اين بالنس‪FF‬بة ملعىن (ذات) يت‪FF‬بني ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬املعىن اللغوي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ج‪FF F F‬اء يف خمت‪FF F F‬ار الص‪FF F F‬حاح (ص‪ )109 :‬ملؤلفه حممد بن أيب بكر بن عبد الق ‪FF F‬ادر ال ‪FF F‬رازي املت ‪FF F‬وىف ‪660‬هـ‪[ :‬ذُو مبعىن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‪ْ F‬فتَه إىل األلف والالم‪ .‬وال‬ ‫ت به َم ْع ِرفَ‪F‬ةً أ َ‬
‫ص‪ْ F‬ف َ‬
‫ض‪ْ F‬فتَه إىل نَك‪F‬رة وإن َو َ‬ ‫ت به نَك‪F‬رة َأ َ‬ ‫ص‪ْ F‬ف َ‬
‫ض‪F‬افاً ف‪F‬إن َو َ‬
‫صاحب فال يك‪F‬ون إال ُم َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ض ‪َ F‬مر وال إىل َزيْ‪FF‬د وحنوه‪ .‬تق‪FF‬ول م‪FF‬ررت َبر ُج‪Fٍ F‬ل ذي م‪FF‬ال وب ‪Fْ F‬امَرأة ذات م‪FF‬ال وب ‪Fَ F‬ر ُجلَني َذ َو ْي م ‪FF‬ال بفتح‬ ‫جيوز إض‪FF‬ا َفتُه إىل ُم ْ‬
‫ِ‬
‫ص ‪F‬بَاح فهو ظَ‪FْF‬رف َز َم‪FF‬ان‪ ]...‬وهك‪FF‬ذا‬ ‫ات َم‪Fّ F‬ر ٍة وذَا َ‬‫وَأش ِه ُدوا ذَ َو ْي عَ ْد ٍل م ْن ُك ْم﴾‪ ...‬وأما ق‪FF‬وهلم ذَ َ‬
‫ال‪FF‬واو‪ .‬ق‪FF‬ال اهلل تع‪FF‬اىل ﴿ ْ‬
‫فإن ذات يف اللغة ال تأيت مضافة لألعالم فال يقال ذات زيد مثالً‪ .‬ولكن ميكن أن يقال (ذو زيد) ومعن‪FF‬اه (ه‪F‬ذا زي‪FF‬د) كما‬
‫ذووي مثل‬
‫ّ‬ ‫ي" ك‪FF‬ذا يف األصل وعب‪FF‬ارة الص‪FF‬حاح ولو نس‪FF‬بت إليه لقلت‪F‬‬ ‫ذو ّ‬
‫ج‪FF‬اء يف لس‪FF‬ان الع‪FF‬رب‪([ :‬قوله "واإلض‪FF‬افة إليها ّ‬
‫ٍ‬ ‫ِإ‬
‫عص‪FF‬وي‪ )...‬وروى َأمحد بن ب‪FF‬راهيم ُأس‪FF‬تاذ ثعلب عن الع‪FF‬رب ه‪FF‬ذا ذو َزيْ‪FF‬د ومعن‪FF‬اه ه‪FF‬ذا زي‪ٌ F‬د َأي ه‪FF‬ذا ص‪ُ F‬‬
‫‪F‬احب ه‪FF‬ذا االسم‬
‫الذي هو زيد‪]...‬‬
‫[‪...‬وقَ ‪ْ F F‬د َت‪Fْ F F‬ر َج َم الَْبْي َه ِق ُّي يِف اَأْلمْسَ ِاء‬
‫ب‪ -‬وجتيء ذات مبعىن من أج‪FF F F‬ل‪ :‬ج‪FF F F‬اء يف فتح الب‪FF F F‬اري ش‪FF F F‬رح ص‪FF F F‬حيح البخ‪FF F‬اري‪َ :‬‬
‫‪F‬ات ِإاَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يث َأيِب ال‪FF‬دَّرد ِاء اَل َت ْف َق‪FF‬ه ُ‪F‬ك َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات ما ‪F‬ج‪F‬اء يِف ال‪Fَّ F‬ذ ِ‬ ‫وال ِّ ِ‬
‫َّاس يِف َذات اللَّه َو ِر َجالُ‪FF‬هُ ث َق‪ٌ F‬‬ ‫ت الن َ‬
‫‪F‬ل الْف ْ‪F‬ق‪F‬ه َحىَّت مَتُْق َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ات‪َ ...‬و َ‪F‬ح‪F‬د ُ‬ ‫ص‪َ F‬ف َ َ َ‬ ‫َ‬
‫‪F‬اف ْذِإ‬ ‫َأج ِ‪F‬ل َأو مِب َع ‪F‬ح ِّ‪F‬ق وِم ْثلُ‪FF‬ه َق‪FF‬و ُل ح َّس‪F‬ا َن‪( :‬وِإ َّن َأخا اَأْلح َق‪ِ F‬‬ ‫ِ‬ ‫مِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأنَّهُ ُمْن َقط‪Fٌ F‬ع َولَ ْف‪ُ F‬‬
‫َ َ ْ‬ ‫ورة َْعىَن م ْن ْ‪ ْ ْ F‬ىَن َ َ ُ ْ َ‬ ‫اَأْلح‪F‬اديث الْ َم‪ْ F‬ذ ُك َ‬
‫َ‪F‬‬ ‫ظ ذَات‬
‫ات اِإْل لَِه َو َي ْع ِد ُل)‪ ]...‬فهي يف قول حسان أي ألجل اهلل أو من أجل اهلل‪.‬‬ ‫اه ُد يِف ذَ ِ‬‫قَام فِي ِهم جُي ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫ج‪ -‬وتأيت مبعىن جهة أو جانب كما يف التفاسري‪:‬‬
‫‪ -‬تفسري الطربي املتوىف ‪310‬هـ من كتابه (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)‬
‫ب َ‪F‬ه ُؤ اَل ِء الْ ِفْتيَ‪Fِ F‬ة يِف َرقْ‪Fَ F‬دهِتِ ْم‬
‫‪F‬ل َثنَ‪F‬اُؤ هُ‪َ :‬ونُ َقلِّ ُ‬
‫‪F‬ول َ‪F‬ج َّ‬ ‫الشم ِ‬
‫ال﴾ [الكه‪FF‬ف‪َ ]18 :‬ي ُق‪ُ F‬‬ ‫ات ِّ َ‬‫ات الْيَ ِمي ِن َو َذ َ‬‫[‪َ .‬و َق ْولُهُ‪َ ﴿ :‬و ُن َقلُِّب ُه ْم َذ َ‬
‫ب اَأْلمْيَ ِن‪ ،‬و َمَّر ًة لِْل َجْن ِ‬
‫ب اَأْليْ َس ِر‪])...‬‬ ‫َمَّر ًة لِْل َجْن ِ‬
‫َ‬
‫‪ -‬الكتاب‪ :‬التحرير والتنوير "حترير املعىن السديد وتنوير العقل اجلديد من تفسري الكتاب اجمليد"‬
‫املؤلف‪ :‬حممد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر بن عاشور التونسي (املتوىف‪1393 :‬هـ)‬
‫ص ‪َ F‬ف ِة لِموص ‪ٍ F‬‬ ‫مِه‬ ‫(‪ .‬ووقَ ‪FF‬ع يِف َكاَل ِم ِهم م َ ِإ ِ ِ ِإ‬
‫وف يَ ‪Fُ F‬د ُّل َعلَْي‪Fِ F‬ه ال ِّس ‪F‬يَ ُ‬
‫اق‬ ‫َغرْيِ َ ‪FF‬ا‪ ،‬جُيْ ُرونَ ‪FF‬هُ جَمْ ‪Fَ F‬رى ال ِّ َ ْ ُ‬
‫اَأْلزم‪ِ F‬‬
‫‪F‬ان َوِإىَل‬ ‫ض ‪F‬افاً ىَل اجْل َه‪FF‬ات َو ىَل ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ َ‬
‫ف [‪َ ،]18‬علَى تَْأ ِو ِيل ِج َه ٍة‪)...‬‬ ‫سور ِة الْ َك ْه ِ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫الشمال﴾ يِف‬ ‫ِ‬ ‫َك َق ْولِِه َت َعاىَل ‪َ ﴿ :‬و ُن َقلُِّب ُه ْم َ‬
‫ذات الْيَمي ِن َو َ‬
‫ذات ِّ‬
‫د‪ -‬وجتيء مبعىن طاعة اهلل‪ :‬أخ ‪FF F‬رج احلاكم يف املس ‪FF F‬تدرك‪ :‬عن س ‪FF F‬ليمان بن حممد بن كعب بن عج ‪FF F‬رة عن زينب بنت أيب‬
‫‪F‬اس إىل رس ‪FF‬ول اهلل ﷺ فق ‪FF‬ام فينا خطيبا‬
‫علي بن أيب ط ‪FF‬الب الن ‪ُ F‬‬
‫س ‪FF‬عيد عن أيب س ‪FF‬عيد اخلدري رضي اهلل عنه ق ‪FF‬ال‪ :‬ش ‪FF‬كى َّ‬
‫فس‪FF‬معته يق‪FF‬ول‪( :‬أيها الن‪FF‬اس ال تش‪FF‬كو عليا فواهلل إنه ألخشن يف ذات اهلل ويف س‪FF‬بيل اهلل) ه‪FF‬ذا ح‪FF‬ديث ص‪FF‬حيح اإلس‪FF‬ناد ومل‬
‫خيرجاه‪ ...‬تعليق احلافظ الذهيب يف التلخيص‪ :‬صحيح‬
‫وواضح من املع ‪FF F‬اين اللغوية أهنا ال تنطبق على املواضع املذكورة يف نص النظ‪FF F‬ام املذكور يف الس‪FF F‬ؤال‪ ،‬واحلقيقة العرفية عند‬
‫العرب بالنسبة هلذه الكلمة ال تكاد تبتعد عنها‪ .‬وإذن يعمد إىل احلقيقة العرفية اخلاصة "االصطالح"‪...‬‬
‫‪ -2‬املعىن االص‪FF‬طالحي‪ :‬إنه بت‪FF‬دبر ه‪FF‬ذا األمر يت‪FF‬بني أن املعىن االص‪FF‬طالحي هو املنطبق هن‪FF‬ا‪ ،‬فكلمة (ذات) اص‪FF‬طالحاً تعين‬
‫النفس "احلقيقة"‪:‬‬
‫أ‪ -‬لقد اس‪FF‬تعملها البخ‪FF‬اري هبذا املع‪FF‬ىن‪ ...‬فقد عقد البخ‪FF‬اري يف ص‪FF‬حيحه باب ‪F‬اً مساه‪( :‬ب‪FF‬اب ما ي‪FF‬ذكر يف ال‪FF‬ذات والنع‪FF‬وت‬
‫وأسامي اهلل‪ )...‬وقد ورد عن هذا الباب يف فتح الباري شرح صحيح البخاري البن حجر ما يلي‪:‬‬
‫ات اللَّ ِه َونُعُوتِِه ِم ْن جَتْ‪ِ F‬وي ِز‬ ‫وت وَأس ِامي اللَّ ِه عَّز وج َّل)‪َ ،‬أي ما ي ْذ َكر يِف ذَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫[فتح الباري ( َقولُه باب ما ي ْذ َكر يِف َّ ِ‬
‫َْ ُ ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫الذات َوالنُّعُ َ َ‬ ‫ْ َُ ُ َ ُ ُ‬
‫هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َكَأمْسَاِئِه َْأو َمْنعِ ِه لِ َع َدم ُو ُرود الن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص‪ُ F‬ل َا ِإىَل‬ ‫يث ذُو َوه َي َكل َ‪F‬م ةٌ يَُت َو َّ‬ ‫ب‪( :‬ه َي تَ‪ْF‬أن ُ‬ ‫ات َف َق َال ال‪FَّF‬راغ ُ‬ ‫الذ ُ‬ ‫َّص بِه‪ ،‬فَ ََّأما َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِإطْاَل ِق َذل َ‬
‫ِ‬ ‫اف ِإىَل الظَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص‪ِ F‬‬
‫ض ‪F‬افاً‬ ‫ض ‪َ F‬م ِر َو ُتَثىَّن َوجُتْ َم‪Fُ F‬ع َواَل يُ ْس ‪َF‬ت ْع َم ُل َش ‪ْ F‬يءٌ مْن َها ِإاَّل ُم َ‬ ‫اه ِر ُدو َن الْ ُم ْ‬ ‫ض‪ُ F‬‬ ‫اع َوتُ َ‬ ‫‪F‬اس َواَأْلْن‪Fَ F‬و ِ‬ ‫ف بَِأمْسَاء ْ‬
‫اَأْلجنَ ‪ِ F‬‬ ‫الْ َو ْ‬
‫س‬‫الن ْف ِ‬ ‫ف َوالاَّل م‪ ‬وأجروها مجرى َّ‬ ‫ِ‬ ‫ات لِع ِ الش ِ‬ ‫وقَ ِد اسَتعاروا لَ ْف َظ َّ ِ‬
‫ضافَةً َو َْأد َخلُوا َعلَْي َها اَأْلل َ‬ ‫وها ُم ْفَر َدةً َو ُم َ‬ ‫اسَت ْع َملُ َ‬‫َّيء َو ْ‬ ‫ْ‬ ‫الذ َنْي‬ ‫َ ْ َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك م ْن َكاَل م الْ َعَرب) ا ْنَت َهى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والْ َخ َّ ِ‬
‫س َذل َ‬ ‫اصة‪َ  ‬ولَْي َ‬ ‫َ‬
‫ف والاَّل ِم و َغلَّطَهم َأ ْكث‪FF‬ر الن ِ‬ ‫اسَت ْعمل ْ‪َF‬أه‪F‬ل الْكَاَل ِم ال َّ‪F‬ذ َ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُّح‪F‬اة َو َ‪F‬ج َّ‪F‬و َزهُ‬ ‫َ ُ ْ َُ َ‬ ‫ات ب ‪F‬اَأْلل َ‬ ‫سهُ َو َحقي َقتُهُ‪َ  ‬وقَد ْ َ َ ُ‬ ‫الش ْيء َن ْف ُ‬ ‫اض (ذَ ُ‬ ‫َوقَ َال عيَ ٌ‬
‫س‬ ‫هِب‬
‫َأن الْ ُ‪F‬م ‪Fَ F‬ر َاد َا َن ْف ُ‬ ‫َّم ِم ْن َّ‬
‫ي هَلَا َد ٌّال َعلَى َما َت َ‪F‬ق ‪FF‬د َ‬ ‫ض‪ُ F F F‬ه ْم َأِلن ََّها تَ‪ِ F F F‬ر ُد مِب َْعىن النَّفس َو َح ِقي َق‪Fِ F F‬ة ال َّش‪ْ F F F‬ي ِء‪َ ...‬وا ْس‪F F F‬تِ ْع َم ُ‬
‫ال الْبُ َخ‪FF F‬ا ِر ِّ‬ ‫َب ْع ُ‬
‫ني يِف َح ِّق اللَّ ِه َت َعاىَل ‪)...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫َّيء َعلَى طَ ِري َقة الْ ُمتَ َكلِّم َ‬ ‫ْ‬
‫ب‪ -‬وللعلم فإن ما ذكره ابن حجر عن أقوال الفقهاء أعاله‪( :‬الراغب‪ ،‬عياض) هو املذكور يف كتبهم على النحو التايل‪:‬‬
‫‪( -‬املفردات يف غريب القرآن) أليب القاسم احلسني بن حممد املعروف بالراغب األصفهاين (املتوىف‪502 :‬هـ)‪:‬‬
‫ص‪F F F‬ل به إىل الوصف بأمساء األجن ‪FF F‬اس واألن ‪FF F‬واع‪ ،‬ويض‪FF F‬اف إىل الظ‪FF F‬اهر دون املض ‪FF F‬مر وقد‬
‫(ذو على وجهني‪ :‬أح ‪FF F‬دمها‪ :‬يتو ّ‬
‫استعار أصحاب املعاين ال ّذات‪ ،‬فجعلوها عب‪F‬ارة عن عني الش‪FF‬يء‪ ،‬ج‪FF‬وهرا ك‪F‬ان أو عرض‪F‬ا‪ ،‬واس‪FF‬تعملوها مف‪FF‬ردة ومض‪F‬افة إىل‬
‫وخاص ته‪ ،‬وليس ذلك من كالم‬ ‫ّ‬ ‫والخاص ة‪ ،‬فق الوا‪ :‬ذات ه‪ ،‬ونفسه‬
‫ّ‬ ‫املض ‪FF F‬مر ب ‪FF F‬األلف والالم‪ ،‬وأجروها مج رى النّفس‬
‫واجلر‪ ،‬واجلم‪FF‬ع‪ ،‬والت‪FF‬أنيث‬
‫العرب‪ ...‬والثاين يف لفظ ذو‪ :‬لغة لطيّئ‪ ،‬يستعملونه‪ F‬استعمال ال‪FF‬ذي‪ ،‬وجيعل يف الرف‪FF‬ع‪ ،‬والنصب ّ‬
‫على لفظ واحد‪ ،‬حنو‪ :‬وبئري ذو حفرت وذو طويت أي‪ :‬اليت حفرت واليت طويت‪)...‬‬
‫‪( -‬مشارق األن‪F‬وار على ص‪F‬حاح اآلث‪F‬ار)‪ ،‬للقاضي أيب الفضل عي‪F‬اض بن موسى بن عي‪F‬اض اليحصيب الس‪F‬بيت املالكي املت‪F‬وىف‬
‫س ‪FF‬نة ‪544‬هـ‪ ،‬وقد ج ‪FF‬اء في ‪FF‬ه‪( :‬ال ‪FF‬ذال والي ‪FF‬اء فصل يف ذي وذا وذيت وذات وذه وذاك وق ‪FF‬ول البخ ‪FF‬اري ب ‪FF‬اب ما ج ‪FF‬اء يف‬
‫ال‪FF‬ذات ويف احلديث ذات ي‪FF‬وم أو ذات ليلة ويص‪FF‬لحوا ذات بينهم‪ ‬ف ذات الش يء نفسه‪ ‬وهو راجع إىل ما تق‪FF‬دم أي ال‪FF‬ذي‬
‫هو كذا‪ ...‬وقد استعمل الفقهاء واملتكلمون الذات باأللف والالم وغلطهم يف ذلك أكثر النحاة وقالوا ال جيوز أن تدخل‬
‫عليها األلف والالم ألهنا من املبهم‪FF‬ات وأج‪FF‬از بعض النح‪FF‬اة ق‪FF‬وهلم ال‪FF‬ذات‪ ‬وأنها كناية عن النفس وحقيقة الشيء‪ ...‬وأما‬
‫استعمال البخاري هلا فعلى ما تقدم من التفسري من أن املراد هبا الشيء نفسه على ما استعمله املتكلمون يف حق اهلل تعاىل‬
‫أال تراه كيف قال ما جاء يف الذات والنعوت يريد الصفات ففرق يف العبارة بينهما على طريقة املتكلمني‪ )...‬انتهى‬
‫ثاني ‪F‬اً‪ :‬مما س ‪FF‬بق يت ‪FF‬بني أن كلمة (ذات) يف االص ‪FF‬طالح تعين النفس‪ ،‬وه ‪FF‬ذا املعىن ليس من احلقيقة اللغوية أي ليس من كالم‬
‫الن ْفس‬
‫الع‪FF‬رب كما ج‪FF‬اء يف ق‪FF‬ول ال‪FF‬راغب أعاله‪ ،‬وإمنا هو يف احلقيقة العرفية اخلاصة (االص‪FF‬طالح)‪ .‬أي أن الذات بمعنى َّ‬
‫هي اصطالح وليست بالمعنى اللغوي‪ .‬وإضافة (النفس) هلل سبحانه أمر وارد‪:‬‬
‫(وخيوفكم اهلل من نفسه أن َت ْركب‪FF‬وا‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫‪ -‬جاء يف تفسري الطربي بالنسبة لآلية الكرمية‪َ ﴿ :‬ويُ َحذ ُر ُك ُم اللهُ َن ْف َس هُ﴾‪ ،‬أهنا تع‪FF‬ين‪ّ :‬‬
‫معاصيه)‪ .‬فنسبة النفس إىل اهلل واردة يف النصوص الشرعية فأن تستعمل (ذات اهلل)‪..‬‬
‫مبعىن (نفس اهلل) جائز‪..‬‬
‫‪ -‬وهك ‪FF‬ذا ف ‪FF‬إن املعىن اللغ ‪FF‬وي ال ينطبق على معىن "ذات اهلل" ال ‪FF‬واردة يف النص املذكور أعاله يف كتابنا (نظ ‪FF‬ام اإلس ‪FF‬الم)‪،‬‬
‫وإمنا يس‪FF‬تعمل املعىن االص‪FF‬طالحي‪ ..‬أي مبعىن نفس "حقيق‪FF‬ة" كما ج‪FF‬اء يف (فتح الب‪FF‬اري ش‪FF‬رح ص‪FF‬حيح البخ‪FF‬اري) املذكور‬
‫أعاله‪.‬‬
‫‪ -‬وعليه يك‪FF‬ون معىن عب‪FF‬ارة (ذات اهلل) يف املوض‪FF‬عني من كتابنا (نظ‪FF‬ام اإلس‪FF‬الم) ب‪FF‬املعىن االص‪FF‬طالحي (نفس اهلل "حقيقت‪FF‬ه")‬
‫وحنن ال ندرك ذات اهلل مبعىن نفسه "حقيقته" سبحانه‪ ،‬فذات اهلل هبذا املعىن هي وراء الكون واإلنسان واحلياة‪ ،‬أي أن اهلل‬
‫(نفس ‪FF‬ه) س ‪FF‬بحانه خ‪FF‬ارج عن ه ‪FF‬ذه األم ‪FF‬ور الثالثة املدركة احملسوسة فال يقع يف جمال التفكري العقلي‪ F‬البش ‪FF‬ري أي ال يقع يف‬
‫ص َار َو ُه َو اللَّ ِط ُ‬
‫يف الْ َخبِ ُير﴾‪...‬‬ ‫ار َو ُه َو يُ ْد ِر ُك اَألبْ َ‬
‫صُ‬ ‫جمال إدراك حواسنا ﴿الَّ تُ ْد ِر ُكهُ اَألبْ َ‬
‫ثالث ‪F F‬اً‪ :‬أما س‪FF F‬ؤالك‪( :‬ما حكم من ينكر وجودها ويكتفي ب‪FF F‬القول أؤمن باهلل وص ‪FF‬فاته دون اعتق ‪FF‬اد أن له ذات‪F F‬اً)‪ ،‬فيب‪FF F‬دو أن‬
‫هن ‪FF‬اك التباس ‪F F‬اً عند قائل ه‪FF F‬ذا الق‪FF F‬ول‪ ،‬وذلك ألن االص‪FF F‬طالح على لفظ (ذات اهلل) مبعىن نفسه "وحقيقت ‪FF‬ه" ال ش‪FF F‬يء في‪FF F‬ه‪،‬‬
‫فإنك ‪FF‬ار أن له س ‪FF‬بحانه ذات‪F F‬اً هبذا املعىن أي أن له نفس‪F F‬اً وحقيقة ال ميكن أن يقوله من ي ‪FF‬درك املعىن على وجه ‪FF‬ه‪ ،‬خاصة أن‬
‫هذا املعىن موجود يف النصوص الشرعية مثل ﴿ َويُ َح ِّذ ُر ُك ُم اللَّهُ َن ْف َسهُ﴾‪...،‬‬
‫لكن عند التع ‪FF‬اريف الش ‪FF‬رعية يل ‪FF‬تزم التعريف دون إدخ ‪FF‬ال أم ‪FF‬ور أخ ‪FF‬رى علي ‪FF‬ه‪ ،‬فمثالً ح ‪FF‬ديث الرس ‪FF‬ول ﷺ ال ‪FF‬ذي أخرجه‬
‫َّاس فََأتَ‪FF‬اهُ ِجرْبِ ي‪Fُ F‬ل َف َق‪َ F‬‬
‫‪F‬ال َما اِإْل ميَ‪FF‬ا ُن؟‬ ‫‪F‬ال َ‪F‬ك‪F‬ا َن النَّيِب ُّ ﷺ بَ‪FF‬ا ِرزاً َي ْوم‪F‬اً لِلن ِ‬
‫البخ‪FF‬اري يف ص‪FF‬حيحه عن َأيِب ُز ْر َع‪F‬ةَ َع ْن َأيِب ُهَر ْي‪Fَ F‬رةَ قَ‪َ F‬‬
‫ث‪ »...‬وأخرجه مسلم‪ F‬كذلك‪.‬‬ ‫قَ َال‪« :‬اِإْل يما ُن َأ ْن تُْؤ ِمن بِاللَّ ِه وماَل ِئ َكتِ ِه و ُكتُبِ ِه وبِلِ َقاِئِه ورسلِ ِه وتُْؤ ِمن بِالْب ْع ِ‬
‫َُُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وبناء عليه فأنت إذا سئلت عن اإلميان قلت املذكور يف احلديث‪ ،‬وهك‪F‬ذا ما ورد من مع‪F‬ان ش‪F‬رعية كاحلديث عن اإلس‪F‬الم‬
‫يف حديث جربيل السابق وكذلك عن اإلحسان‪ .‬ومثل ذلك مجيع التعاريف الشرعية‪.‬‬
‫آمل أن يكون يف هذا اجلواب الكفاية‪ ،‬واهلل أعلم وأحكم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة‬
 
‫هـ‬1443 ‫ رجب اخلري‬04
‫م‬05/02/2022 ‫املوافق‬
https://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/ameer-hizb/ameer-cmo-site/80129.html
https://www.facebook.com/photo?
fbid=484916779862363&set=a.469598088060899&_rdc=1&_rdr

You might also like