Professional Documents
Culture Documents
قوة اسم يسوع
قوة اسم يسوع
ترمجة
أشكر سيادة املطران يوحنا منصور اجلزيل االحرتام ميرتوبوليت الالذقية وتوابعها على تقدميه الكرمي هلذا
الكتاب.
واألم الرئيسة مكرينا ورهبانيتها يف دير السيدة العذارء – بلمانا على تكرمهم بإصدار هذا الكتاب.
المترجم
تقديم
أحد تالميذه 6يا رب علّمنا أن نصلّي كما علَّم يوحنا أيضاً تالميذه.
الرب يصلّي وملا فرغ قال له ُ
كان ُّ
فقال هلم 6مىت صلّيتم فقولوا" 6أبانا الذي يف السماوات" (مىت 4 ،4و .)1الصالة علم وتدريب.
وكما علّمهم الرب بالكالم علّمهم أيضاً باملثال "صعد إىل اجلبل ليصلّي" "انفرد عنهم وابتدأ يصلّي".
فلكي تصلّي عليك أوالً أن تسحب نفسك وعقلك من مشاكل العامل واهتماماته .مث تستحضر احلضرة
فأنت واقف يف حضرة الثالوث الق ّدوس ،وبعد ذلك اطلب خبشوع وحرارة الروح القدس "أيها امللك
اإلهلية َ
دنس" "...والروح القدس يشفع فينا ٍ
بأنات ال توصف". وطهرنا من كل ٍاسكن فينا ِّ
السماوي ...هلّم و ْ
قال الرب يسوع" 6مىت صلّيت فادخل إىل خمدعك وأغلق بابك وصلّي إىل أبيك الذي يف اخلفاء ،فأبوك
يفسرها اآلباء ادخل إىل قلبك،
الذي يرى يف اخلفاء جيازيك عالنيةً" (مىت " .):،:ادخل إىل خمدعك" ّ
كل ٍ
دنس ،انزع منه أوساخ األهواء كلها وامأله من احملبة ،حىت طهره من ِّ
ولكي تستطيع أن تعود إىل قلبك ّ
ٍ
عندئذ جتد يف قلبك الفرح والسالم .طهارة القلب تعطيك الفرح وتدفعك إىل الصالة. حمبة األعداء،
"م ْن حيبين حيبه أيب وإليه يأيت وعنده نصنع منزالً" يف القلب
القلب الطاهر هو هيكل للثالوث القدوس َ
احملب الطاهر جتد اهلل وتسجد له بالروح واحلق.
ّ
اخرت
أرضي وكل اهتمام عاملي .يقول القديس كربيانوس" 6لكي تصلّي ْ
"أغلق بابك" أبعد عنك كل فكر ّ
أحبب األماكن املنفردة" ويتساءل الذهيب الفم" 6هل مينعنا الرب عن الصالة اجلماعية مع فخامتها؟
و ْ
فيقول 6ال ميكن أن مينعها وهو الذي وعد بفاعلية الصالة اجلماعية /إن اجتمع اثنان أو ثالثة أكون يف
وسطهم." /
الرب بقوله "ادخل إىل خمدعك وأغلق بابك" أراد أن يق ّدم الشروط احلقيقية للصالة اجلماعية ،وعلّم
إن ّ
اإلنسان ،الذي مل يكن إال الصالة اجلماعية الصالة يف اخلفاء .اطلب العزلة أي عزلة النفس وليس
كنت ال تشتهي اجملد الدنيوي وال
أبعدت عنك االهتمامات الدنيوية ،أو َ
َ أنت يف عز ٍلة وانفراد إ ْن
اجلسدَ .
ٍ
عندئذ تستطيع أن تكون يف كنت تنسى اإلهانات،
كنت تتجنب اخلصومات ،إن َ
فخفخة العامل ،إن َ
وحدةٍ حىت يف وسط اجلماهري.
وبره" .اهلل يريد منا يف صلواتنا أن نطلبه هو ونطلب خرياته السماوية قبل كل
"اطلبوا أوالً ملكوت اهلل ّ
وجمده.
وصمت .فاخلشوع يصنع من قلب اإلنسان هيكالً حياً هلل يسطع فيه نوره ُ ٍ شيء .نطلبه خبشوع
ومدرباً
املطران كاليستوس وير وضع خرباته الروحية يف كتابه "قوة اسم يسوع" ليكون هذا الكتاب معلّماً ّ
الرب.
ويشرق فيهم نور وجه ّ
ُ للذين يفتشون عن اهلل لريموا عند قدميه خطاياهم ببكاء وتوبة
واألب بولس يازجي نقل إىل العربية هذا الكتاب راجياً أن يكون مشجعاً ألبنائنا على ممارسة الصالة
ممارسة صحيحة وحارة وليقيموا بواسطتها إلفة مع اهلل فيمتلئون من الروح القدس ويُغمرون بالنور اإلهلي.
آمني.
يوحنا
أهم األشياء وأصعبها يف فن الصالة هو أن نستطيع أن نصمت .والصمت ليس باملعىن السليب -
كفاصل بني الكالم أو توقف زمين بني الكلمات -ولكن ،مبعىن إجيايب جداً ،أي وقفة صالة ،يقظة
ووعي؛ سهر؛ وقبل كل شيء إنتباه وإصغاء .بالواقع فقط الراهب اهلادئ ،أو كل من يتوصل إىل السكون
وإىل اهلدوء أو الصمت الداخليني ،هو من يقدر أن يصغي فعالً ،ألنه عندها يسمع صوت الصالة داخل
قلبه ويدرك أن هذا الصوت ليس منه ولكنه صوت شخص آخر يتكلم داخله.
عالقة الصمت بالصالة ستصري واضحة بعد أن نقرأ التعريفات والتحديدات األربعة التالية للصالة.
التحديد األول مأخوذ من قاموس أكسفورد املختصر ( The Concice Oxford
يعرف الصالة بأهنا "طلب من اهلل ...أو نص نتلوه لكي نصلي" .فالصالة هنا
،)Dictionaryالذي ّ
عرب عنه
توصف بشكلها البدائي األويل ،كلحظة طلب وتضرع إىل اهلل ليهبنا بعض احلاجات ،أو كأمر يُ َّ
ببعض الكلمات .هذا املستوى هو مستوى الصالة اخلارجية وليس الداخلية .وقالئل منا يقدرون أن
يكتفوا مبثل هذه الصالة.
التحديد الثاين للصالة مأخوذ من أب روحي روسي من هناية العصر السابق ،وهذا التحديد للصالة
أكثر عمقاً من السابق" 6يف صالتك" ،يقول الناسك األسقف ثيوفانس (" ،)91-4141أساس كل
شيء هو أن تقف أمام اهلل وذهنك يف قلبك ،وأن تقف هكذا دائماً بال انقطاع ليالً هناراً حىت هناية
عمرك"(.)1
الصالة هنا حبسب هذا التعريف ال تعين حصراً كلمات طلب .وميكنها أن تتم دون أي كلمة .ليست
عمالً يف حلظة ما ،بقدر ما هي حالة وموقف مستمران .أن تصلي يعين أن تقف أمام اهلل ،أن تأيت يف
عالقة مباشرة وشخصية معه .أن تعرف وتدرك على كل مستويات كيانك ،من العقل الباطين إىل الذهن،
ونعمق عالقاتنا الشخصية مع
ومما دون الوعي إىل ما فوقه ،أنك توجد يف اهلل وأن اهلل فيك .لكي نؤّكد ّ
اآلخرين ليس من الضروري دائماً أن نطلب أو أن نستخدم الكالم؛ فإنه كلما عرف واحدنا اآلخر وأحبه
أكثر قلّت احلاجة إىل الكالم لكي يتفاهم معه .هذا بالذات ما حيصل يف عالقتنا الشخصية مع اهلل.
يف التحديدين السابقني متَّ التشديد والرتكيز على الناحية البشرية ،أي على ما يعمله اإلنسان يف الصالة
وليس ما يعمله اهلل .لكن يف العالقة الشخصية اليت تقوم بيننا وبني اهلل ،الطرف الذي يلعب الدور
األساسي ويأخذ املبادرة يف احلوار والعمل هو اإلله السماوي وليس اإلنسان .وهذا يصري واضحاً متاماً يف
حتديدنا الثالث التايل ،واملأخوذ عن القديس غريغوريوس السينائي ()441:؛ يف مقطع له عن الصالة
يتكلم على الطرق السابقة مث يصل بالنهاية إىل القول" 6وملَ نطيل يف الكالم؟ الصالة هي من اهلل ،الذي
يعمل ويهيء كل شيء يف كل إنسان"( .)4الصالة من اهلل أي ال أبدأ أنا بالصالة وإمنا أشارك؛ وقبل أن
تكون الصالة عمالً مين هي عمل من اهلل داخلي 6كما يقول بولس الرسول" 6لست أنا أحيا وإمنا املسيح
يف" (غالطية .)1:61
حييا َّ
أسلوب الصالة القلبية حتدده بدقة كلمات يوحنا املعمدان عن املسيح "له أن يزيد ويل أن أنقص" (يوحنا
.)4:64هبذا املعىن "نصلي" يعين أن "نصمت"" .أنت عليك أن تصمت؛ اترك صالتك تتكلم -
وباألحرى اترك اهلل يتكلم" .الصالة احلقيقية تعين أن ننقطع حنن عن الكالم وأن نغوص يف قلوبنا مصغني
هناك إىل صوت اهلل غري املنطوق بكلمات؛ الصالة تعين أن نتوقف عن أن ننشط وحدنا وأن ندخل يف
حميط نشاط اهلل .قبل بداية القداس اإلهلي عندما تكون كل املرحلة التحضريية للقداس قد انتهت وكل
شيء صار جاهزاً للقداس ،يتقدم الشماس مقرتباً من الكاهن ويقول" 6ها وقت لعمل الرب" -أي وقت
لينشط فيه اهلل ( .)1هذا بالذات هو موقف املؤمن يف الصالة ،ليس فقط بالقداس اإلهلي وإمنا يف كل
صالة فردية أو مجاعية.
التحديد الرابع نأخذه من القديس غريغوريوس السينائي ،فيه يظهر هذا الطابع العميق للصالة بشكل
جتل للمعمودية"( .)1عمل الرب الأجلى من حيث أهنا بالعمق نشاط اهلل فينا" .صالة" ،يقول لنا" ،هي ٍّ
يظهر فقط يف املعتمدين ،الرب حاضر ويعمل يف كل إنسان ،وذلك ألن كل إنسان ُخلِ َق على صورة اهلل
سر
اسودت ،بعد سقوط اإلنسان يف اخلطيئة .هذه الصورة تستعيد مجاهلا يف ّ ومثاله .لكن الصورة ّ
املعمودية الذي بواسطته يدخل الرب يسوع والروح القدس ويقطنان هناك فيما يسميه اآلباء "املخبأ
العميق والسري للقلب".
أنت". ِ
"يف ما هو بداييت هناك هناييت" ( .)T.S. Eliotهدف الصالة ميكن أن يُوجز بالعبارة "ص ْر ما َ
قت على الصورة الكرمية (صورة ِ أي ِص ْر بوعي وإدراك إىل ما قد ِّ
نت عليه ومن أجله سرياً .فأنت ُخل َ
كو َ
أنت 6وبشكل أدق ،عُ ْد إىل ذاتك؛ اكتشف من ال ينقطع عن ِ
اهلل) وقد جتددت باملعمودية .ص ْر ما َ
كنت
امتلك من أنت خاصته .هذه هي دعوة اهلل لكل من يريد أن يصلي؛ "ما َ
تكليمك من داخلك؛ ْ
ستطلبين إن مل تكن قد وجدتين" (باسكال).
ولكن كيف سنبدأ؟ كيف سنتعلم أن نصمت لكي نبدأ نصغي؟! أي بدل أن نوجه كلمات إىل اهلل أن
نسمع ما يوجهه هو إلينا؟! كيف سننتقل من صالة الكلمات إىل الصالة الصامتة؟! من الصالة الصائرة
"باحملاولة" إىل تلك "العفوية" (كما يسميها األسقف ثيوفانس) ،من "صاليت" إىل صالة املسيح داخلي؟!
أحد األساليب لبداية هذه السفرة إىل الداخل هو استدعاء اسم يسوع.
الرب يسوع"...
"أيها ُ
ليس بالطبع األسلوب الوحيد للصالة.
ال ميكن أن توجد عالقة صحيحة بني شخصني إن مل تقم باألساس على احلرية املتبادلة والعفوية بينهما،
يصح أيضاً يف عالقتنا مع اهلل بالصالة الداخلية.
وهذا ّ
ال توجد قوانني ثابتة ال تتبدل ومفروضة حبتمية على كل من يريد أن يصلي .كما أنه ال يوجد أيضاً
أسلوب خارجي وطرق طبيعية أو روحية يفرضها اهلل كثمن بديل حلضوره .نعمته تُوهب دائماً كهدية جمانية
ثمن بأي جمهود شخصي أو بأي أسلوب أو طريقة .اللقاء بني اهلل واإلنسان يف ملكوت
وال ميكن أن تُ َّ
القلب يتم بأساليب خمتلفة ومتنوعة ال ُحتصى وال تنتهي .فآباء كثريون يف تارخينا األرثوذكسي قلّما يذكرون
صالة يسوع وقد ال يذكرون شيئاً البتة (.)7
صالة يسوع تشكل لعدد كبري من األرثوذكسيني ،عرب العصور ،العتبة األساسية والطريق امللكية ،وليس
فقط ملسيحيي الشرق( 6)1ففي تالقي الكنيسة الشرقية مع الغربية خالل السنوات الستني األخرية ،بَ َهَر
تقليدنا األرثوذكسي العامل الغريب ،ولكن أكثر اجلوانب اليت لفتت إنتباه الغربيني واستقطبت إعجاهبم
كانت صالة يسوع ،الصالة القلبية؛ ومل يوجد كتاب آخر نال إعجاهبم ككتاب "سائح روسي على
دروب الرب" .هذا الكتاب ،الذي يكشف الكثري عن صالة يسوع ،والذي كان جمهوالً تقريباً يف روسيا ما
قبل الثورة ،هذا نال رواجاً كبرياً يف العامل األرثوذكسي ،ومن العام 491:بدأت تظهر له ترمجات خمتلفة،
صارت اآلن عديدة جداً (.)9
نلخص ذلك يف األسباب األربعة التالية بشكل أساسي 6أوالً يف بساطتها؛ ثانياً يف لرمبا ميكن أن ّ
مشوليتها؛ ثالثاً يف قوة اسم يسوع؛ ورابعاً يف الرياضة الروحية اليت تتم بتكرارها جبَلَ ٍد وثبات .وسوف نتكلم
كل منها بالتفصيل. على ٍّ
البساطة
استدعاء اسم يسوع صالةٌ متتاز خاصة بالبساطة ،إهنا قريبة وممكنة لكل مسيحي ،ولكن مع بساطتها
التخشع .كل من يرغب بأن يردد صالة يسوع لساعات أو لفرتات طويلة كل
ّ سر
تقود إىل أعمق أعماق ّ
يوم -أو أكثر من ذلكَ ،م ْن يُرد أن يرافق صالته حبركات جسدية وطبيعية كربطها مع تن ّفسه أو غري ذلك
املدربني هم نادرون
ليدربه .مثل هؤالء املختربين و ِّ ٍ
شخص آخر متمرن ّ حيتاج بال شك ألب روحي ،أي إىل
ختوف ،فقط
يردد هذه الصالة بدون أي ّ
مبدرب كهذا ميكنه أن ّ
بالواقع يف أيامنا .ولكن َم ْن ليس له صلة ِّ
مخس عشرة دقيقة
عليه أن حي ّدد الوقت بفرتات قصرية -يف البداية كل فرتة عليها أالّ تزيد عن عشر إىل َ
كل مرة – وبالطبع دون أن يتدخل حبركة جسده الطبيعية النظامية والعادية.
ملمارسة صالة يسوع ليس هناك من حاجة إىل شروط ُمسبقة أو تدريب خاص قبل ذلك .للمبتدئ،
يكفي أن نقول ما يلي 6ابدأ .لكي تتعلم السري عليك أن تقوم بأول خطوة .لكي تتعلم السباحة يتوجب
يف البداية أن ترمي نفسك يف املاء .كذلك األمر يف صالة يسوع 6ابدأ بلفظ اسم يسوع بوعي وعبادة
ردد اسم يسوع
تردد اسم يسوع وإمنا ف ّكر فقط بيسوعّ .
وحمبة .ألصق ذهنك به .كرره .ال تف ّكر أنك ّ
ببطء وبساطة وهدوء (.)4:
األسلوب اخلارجي للصالة يتعلّمه اإلنسان بسهولة .بشكل أساسي ،الشكل اخلارجي هلا يتألف من
الرب يسوع املسيح ،يا ابن اهلل ،ارمحين" .لكن ال توجد عبارة ثابتة واحدة فقط.فكثرياً ما
الكلمات "أيها ّ
ُختتصر ،ونقدر أن نردد "أيها الرب يسوع املسيح ،ارمحين" أو "أيها الرب يسوع" أو أيضاً "يا يسوع" ،وإن
كانت اللفظة األخرية نادرة يف تقليدنا .ميكننا أن نطيل العبارة بإضافة "أنا اخلاطئ" يف هنايتها .وهكذا
نش ّدد على روح التوبة .بعض املرات ندخل فيها ابتهاالً للعذراء أو القديسني .ولكن األساسي واجلوهري
حر بإجياد العبارة اليت يشاؤها ويراها
والذي ال مثيل له هو حضور اإلسم اإلهلي "يسوع" .كل واحد منا ّ
تتجاوب معه ومع حاجاته أكثر .العبارة اليت نعتمد عليها ميكن من وقت آلخر أن نبدهلا؛ لكن دون أن
يصري ذلك باستمرار 6ألنه وكما يقول القديس غريغوريوس السينائي "الشجرة اليت تُنزع وتُزرع مرات عديدة
ال تُش ّكل لنفسها جذوراً"(.)44
نردد هبا هذه الصالة .بشكل عام
مرونة مشاهبة ميكننا أن منارسها يف موضوع الظروف اخلارجية اليت ّ
يوجد أسلوبان "العفوي" و "احملدد" .بالعفوي نقصد تالوة وترداد الصالة يف ساعات العمل واخلدمات
اليومية .نستطيع أن نردد اسم يسوع مرات عديدة يف الساعات املختلفة من النهار ،تلك الساعات اليت
كانت ستبقى روحياً ضائعة 6مثالً عندما ننشغل بعمل روتيين يدوي أو أتوماتيكي ،مثل حلظات اإلرتداء،
الغسيل ،أو أي عمل يدوي كالعمل يف البستان أو أعمال احلياكة ،بينما نتمشى أو نسري أو نقود ،بينما
مهم .عندما ال نقدر أن ننام
ننتظر الباص .أيضاً يف حلظة ما قبل الشروع يف عمل أو حديث صعب أو ّ
أو عندما نستيقظ وقبل أن ننهض من النوم .جانب هام يعطي لصالة يسوع فرادة هو بساطتها اليت متكننا
من ترداد الصالة يف حلظات يكون فيها ذهننا متعباً مثقالً وتصري آنذاك الصلوات األخرى والنصوص
صعبة اإلستخدام .إهنا صالة تساعد جداً يف حلظات اإلضطراب والتعب واإلرهاق.
هذه الصالة "العفوية" هي اجلسر الذي يساعدنا على عبور اهلوة الفاصلة بني صلواتنا "احملددة" -يف
"ساعات الصالة" ،إن كان يف خمدعنا أو يف الكنيسة -وبني مشاغلنا اليومية احلياتية" .صلوا على الدوام"
صر الرسول بولس (4تسالونيكي )4761؛ لكن كيف حيصل ذلك مع كل االهتمامات واملشاغل
يؤكد ويُ ّ
اليت لدينا؟! األسقف ثيوفانس جييب" 6األيدي بالعمل والروح يف القلب حنو اهلل" (.)41
عندما نبدأ برتديد الصالة القلبية بشكل معتاد وبالالشعور نشعر أينما كنا باحلضور اإلهلي -ليس فقط
أمام املذبح أو يف الربية كنساك ،وإمنا أيضاً يف املطبخ ،يف املعمل ويف املكتب .ونصري هكذا نظري
لفرنديوس الذي "كان متحداً بقلبه باهلل خالل فرتة النهار واألشغال أكثر مما يف حلظات وساعات عمله
الروحي".
"إهنا خدعة كبرية أن تظن أن ساعة صالتك خمتلفة عن أي ساعة أخرى من يومك ،إذ حنن مدعوون أن
نتحد باهلل يف ساعات العمل كما يف حلظات الصالة" (.)44
احلر والعفوي لصالة يسوع يتقوى ويكتمل برتداد الصالة بشكل منتظم بأوقات "حمددة"،
هذا الرتداد ّ
ونتفرغ لألمر ،تاركني كل انشغال آخر خارجي .ويف
أي عندما نركز كل انتباهنا يف تكرار هذه الصالة ّ
هذه الصلوات "احملددة" أيضاً ال توجد نواميس أو قوانني حمددة تأسرنا وإمنا تنوع ومرونة .ليس من
املطلوب أي وقفة معينة .يف التقليد األرثوذكسي ترداد اسم يسوع ميكن أن يتم وحنن جالسون ،وميكن أن
يتم وحنن واقفون أو راكعون ،ولرمبا يف حاالت مرضية أو ظروف تعب وإهناك وحنن متمددون .بشكل عام
حندق بأيقونة أمامنا مضاءة
جو من العتمة أو وحنن مغلقون أعيننا ،وليس وحنن ِّ
نردد اسم يسوع يف ّ
ّ
بشموع أو بقنديل أمامها .الراهب القديس سلوان اآلثوسي ( )4941-41::اعتاد أن خيفي الساعة
أوالً بعيداً يف درٍج لكي ال يسمع دقاهتا ،وبعدها كان يُنزل قلنسوته الرهبانية حىت يسرت هبا عينيه ويس ّد
أذنيه (.)41
لكن العتمة ميكنها أن جتلب لنا نعاساً .فإن نعسنا وحنن نردد الصالة جالسني أو ساجدين ،ميكننا أن
نقف قليالً ،ونرسم إشارة الصليب مع كل ترداد منحنني حىت تلمس أصابعنا األرض كسجدة صغرية،
ميكننا أيضاً أن نقوم بسجدة كبرية ساجدين حىت تلمس جبهتنا األرض .عندما نردد صالة يسوع وحنن
جالسون ليكن الكرسي مناسباً ،ال يساعد أن يكون مرحياً جداً ،يُفضَّل أالّ يكون له مساند لليد أو
للظهر .ميكننا أيضاً أن نردد الصالة وحنن باسطون أيدينا هبيئة صليب.
املسبحة ،Komboskiniعادة فيها 4::حبة ،تُستخدم مع ترداد اسم يسوع ،ليس فقط لكي
نع ّد مرات الصالة ولكن بشكل أساسي لكي تساعدنا على الرتكيز ولكي تنتظم صالتنا بإيقاع معني.
تعداد مرات الصالة ال يهم إن كان مبسبحة أو بأسلوب آخر .باحلقيقة أنه يف كتاب "سائح روسي على
دروب الرب" ،السائح القديس أعطى أمهية كبرية لعدد املرات اليت يكرر هبا الصالة وبدقتها كل يوم ،وبدأ
من 4:::حىت وصل إىل ::::مث أيضاً إىل 41:::مرة يف اليوم .يف الكتاب يبدو أن السائح كان
يردد به الصالة بدقة وبأمانة ،ال أكثر وال أقل .اإلحلاح على دقة العدد بشكل عام
لديه كقانون عدد حم ّدد ّ
غري مألوف ،على األرجح يف الكتاب يُراد التشديد ليس على العدد حب ّد ذاته ولكن باألحرى على موقف
السائح 6السائح أراد أن ميتحن طاعته ومهَّته ونشاطه يف تطبيق القانون الذي وضعه له أبوه الروحي دون
تردد
أي تعديل أو تغيري .هبذا اخلصوص ُمميّزة هي نصيحة األسقف ثيوفانس" 6ال يشغلك عدد املرات اليت ّ
حي .إطرد
هبا صالة يسوع .ليكن مهك الوحيد أن خترج صالتك هذه من قلبك كما ينفجر املاء من نبع ّ
من داخلك كل فكر عن العدد" (.)41
هذه الصالة ميكننا ممارستها يف اجلماعة ،لكن املعتاد أن نكون على انفراد .الكلمات ميكن تردادها إما
بلفظها بصوت مسموع أو بالقلب .يف التقليد األرثوذكسي عندما تكون مسموعة تكون كرتداد وليس
كرتتيل ،جيب أال تكون ممارستها بعجلة أو ُمتعِبة أو ُجم ِهدة .الكلمات ،علينا أن نلفظها دون أي اجتهاد
خاص أو بعناية زائدة عن اللزوم ،على العكس جيب أن خترج الصالة حبرية وتأخذ إيقاعها ()Rithme
الطبيعي حبيث "ترتل" هي داخلنا ،مع الوقت ،بلحنها اخلاص هبا ،الستارتس (أب روحي باللغة الروسية)
برثينيوس من كييف يُشبِّه تدفق الصالة من القلب هبدير وخرير مياه اجلدول الطبيعي (.)4:
من كل ما سبق ،نتأكد أن صالة يسوع ممكنة يف كل زمن ولكل عمر ،ولكل إنسان يف أي مكان وأي
ِ
للمخترب واملتقدِّم ،ممكنة مع اآلخرين كما على انفراد ،مفيدة وقت كان .إهنا صالة مناسبة للمبتدئ كما
لِ َم ْن يف الربية كما لِ َم ْن يف املدينة ،يف مناطق هدوء مطلق كما يف وسط بيئة صاخبة .فصالة يسوع ممكنة
دائماً.
الشمولية
الهوتياً ،وكما يقول السائح الروسي ،صالة يسوع "ختفي داخلها كامل احلقائق اإلجنيلية" "إهنا تلخيص
وسر
التجسد ّ
ّ سر
لكل اإلجنيل" ( .)47هذه العبارة احملدَّدة حتتوي على أهم عمدتني يف اإلميان املسيحيّ ،
الثالوث األقدس .فهي تتكلم يف البداية على طبيعيت املسيح -اإلله التام واإلنسان التام 6على طبيعته
البشرية عندما نستدعيه بامسه البشري "يسوع" ،االسم الذي أعطته إياه أمه العذراء مرمي بعد والدته يف
بيت حلم .وتتكلم على طبيعته اإلهلية عندما ندعوه رباً قائلني" 6أيها الرب" و "يا ابن اهلل" .يف جزئها
جلي -إىل األقانيم الثالثة .فبينما تتجه إىل االبن ،األقنوم الثاين،
الثاين تتطرق -وإن كان بشكل غري ٍّ
تذكر أيضاً اآلب ،ألهنا تدعو يسوع "ابن اهلل"؛ والروح القدس أيضاً بنفس الدرجة وارد يف هذه الصالة،
رب إالّ بالروح القدس" (4كور .)4641وهكذا إذن ،إن صالة
ألنه "ال أحد يستطيع أن يقول يسوعُ ٌ
يسوع تتضمن كل الرتياذلوجية وكل اخلريستولوجية* (ما خيتص بالثالوث األقدس من عقائد وبطبيعيت
املسيح).
ليتورجياً ،أيضاً ،ما تتضمنه ال يقل عما خيص الناحية العقائدية ،فهي حتتوي على أهم حلظتني من
"حلظات" العبادة املسيحية ،حلظات تأمل جمد اهلل وطلبه مبحبة ،وحلظات التوبة والشعور باخلطأ وعدم
اإلستحقاق .ففي هذه الصالة هناك حركة دائرية وصاعدة ونازلة .يف النصف األول نتجه حنو اهلل" 6أيها
الرب يسوع املسيح "...ويف النصف الثاين نعود إىل ذواتنا خبشوع" 6ارمحين أنا اخلاطئ"" .هؤالء ،كل من
ذاق هبات الروح القدس" ،يقول يف مقاالته القديس مكاريوس الكبري" ،ميلكون يف الوقت ذاته الوعي
حبقيقتني 6األوىل ،هي الشعور بالفرح والتعزية ،والثانية هي الشعور باخلوف والنوح على الذات" (.)41
وهذه هي احلقيقة املزدوجة لصالة يسوع.
"عظيم هو اسم ابن اهلل وغري حمدود ويضبط العامل بأسره" هذا ما يؤكده كتاب الراعي هلرماس ( .)49ال
ميكننا أن نفهم عمق صالة يسوع يف التقليد األرثوذكسي ودورها يف احلياة الروحية إن مل نشعر ولو قليالً
مبعىن وبقوة ونعمة اسم يسوع .فإن كانت صالة يسوع ذات فاعلية مميّزة من سائر الصلوات األخرى
فذلك يعود السم يسوع الذي حتويه.
يف العهد القدمي ( ،)1:كما يف حضارات أخرى قدمية كثرية ،يوجد تطابق عميق وأساسي بني نفس
اإلنسان وامسه .كل شخصية وميزاهتا تنطوي حتت امسه .أن تعرف اسم شخص ما فهذا ينوب عن معرفته
بالذات وكأنك بذلك تتعرف إليه حقاً؛ وتبين معه عالقة حمددة -ولرمبا نوعاً من السيادة عليه -هلذا ذاك
املالك الغريب الذي صارع يعقوب عند بئر جمرى يعقوب رفض أن يكشف له عن امسه (تك .)19641
املوقف نفسه جنده يف جواب املالك ل منوحِ 6ملَ سؤالك عن امسي ،وامسي عجيب؟" (قضاة .)41644
تغيري يف االسم يعين أيضاً تغيرياً جذرياً يف منحى احلياة ،كما ب ّدل أبرام امسه وصار ابراهيم (تك ،)1647
أو أيضاً يعقوب صار "اسرائيل" (تك .)11641بنفس األسلوب تب ّدل اسم شاول عند ارتداده إىل
بولس (أ ع .)9644والراهب يف خدمة الرسامة الرهبانية يأخذ امساً جديداً ،عادة ليس من اختياره ،لكي
يظهر التغيري اجلذري احلاصل.
يف التقليد العربي ،أن تقوم بشيء باسم آخر ،أو أن تدعو وتتوسط باسم شخص ما ،هي أمور ذات
أمهية كبرية .عندما تتوسط باسم ٍ
أحد ما كأنك جتعله حاضراً .فعندما يُذكر االسم ،هذا االسم على الفور
يستدعي نفسه ،هلذا استدعاء اسم ما له هذه األمهية ( .)14كل ما ينطبق على اسم بشري ينطبق أكثر
وبال قياس على االسم اإلهلي .جمد اهلل وقوته حاضران يف امسه ويعمالن باستدعائه .اسم اهلل هو
كم ْن يتقدم
كم ْن يرمتي يف نعمته و َ
فم ْن يستدعي اسم الرب بإرادته وبانتباه هو َ
"عمانوئيل" أي اهلل معناَ .
للرب كآلة وضحية حية يف يدي اهلل .إىل هذه الدرجة كان الشعور بعظمة اسم اهلل عند اليهود حيث
العلي
"الرباعي" مل يكن يُلفظ بشكل مسموع حىت يف العبادة يف اجملمع 6هلذه الدرجة هو مؤثّر لفظ اسم ّ
(.)11
أناس تعافوا من
تو ٌ هذا املفهوم لالسم يف العهد القدمي عرب منه إىل العهد اجلديد .فشياطني طُِرَد ْ
كرم هذه القوة كما يليق وتُعطى قيمتها احلقيقية.
أوجاعهم باسم الرب يسوع ،ألن االسم هو قوة عندما تُ َّ
هناك آيات كثرية أخرى ذات أمهية وتوضح قوة االسم اإلهلي ،كما يف الصالة الربّانية" 6ليتقدس امسك"،
أو يف صالة يسوع الوداعية" 6كل ما تطلبونه من اآلب بامسي يكون لكم" (يوحنا .)446:وصيته
معمدين إياهم باسم اآلب واالبن والروح القدس" (مىت
األخرية لتالميذه كانت" 6اذهبوا وبشروا كل األممِّ ،
)49611؛ مصارحة بطرس الرسول أنه ال خالص إالّ "باسم يسوع الناصري" (أع )41-4:61؛
السري اجلديد الذي كل ر ٍ
كبة" (فيلييب )4:61؛ االسم ِّ كلمات بولس الرسول" 6لكي جتثو باسم يسوع ُّ
سيُعطى لنا على حصاة بيضاء يف األيام األخرية (رؤيا .)4761
هذه الرجولة وهذا القرار واإلميان تأخذ شكالً خاصاً هو التكرار ،وقبل كل شيء ،الواعي واليقظ
واملستمر .الرب يسوع أوصى تالميذه قائالً" 6فإن صليتم فال تكثروا الكالم عبثاً" (مىت .)76:فتكرار
متجمع ال يكون "عبثاً" ،التكرار املستمر لصالة يسوع له
صالة يسوع ،عندما يتم بانتباه ووعي وبداخل ِّ
وجيمع صالتنا وثانياً جيعلها داخلية وأكثر عمقاً.
يوحد ّ
نتيجة مضاعفة 6فأوالً ّ
تجميع الذات
ما أن نبدأ حماولتنا اجل ّدية بالصالة "بالروح واحلق" ،حىت ندرك ونعي على الفور مقدار تفككنا وتشتتنا
الداخلي ،وفقدان الوحدة الداخلية .فرغم كل اجتهادنا بالوقوف أمام اهلل ،فإن أفكارنا ال هتدأ عن السعي
بقلق وبال هدف هنا وهناك ،كما تدور الذبابة بشكل ضائع (األسقف ثيوفانس) أو كقفزات القرود من
غصن آلخر دون مسعى أو هدف (راما كريسنا) .تأمل يعين ،قبل كل شيء ،أنه توجد هناك حيث أنت،
لكننا عادة عاجزون عن إيقاف أفكارها من الضياع حيثما صدف ،يف كل زمان وكل مكان .نتذ ّكر
املاضي ،منتد حنو املستقبل ،خنطط ملا سنعمله فيما بعد؛ بشر وأماكن حيضرون أمامنا كسلسلة ال هناية هلا
وال تتوقف .ليس لنا القدرة على جتميع ذاتنا هناك حيث جيب أن نوجد ،هنا أمام اهلل وأمام حضرته .حنن
بالواقع غري قادرين على عيش حقيقة اللحظة اآلتية؛ احلاضر املباشر .هذا التفكك الداخلي هو إحدى
نتائج السقوط املأساوية .الناس الناجحون يف حياهتم ،كما لوحظ حسناً ،هم من يعملون شيئاً واحداً كل
أمر كهذا صعباً حىت يف األعمال
مرة .ولكن أن تعمل كل شيء يف دوره ليس أمراً سهالً .فإن كان ٌ ّ
اخلارجية فهو أصعب بكثري يف الصالة الداخلية.
يتوجب علينا إذن؟! كيف سنتعلم أن نعيش يف اللحظة والواقع والزمن؟ كيف سيمكننا أن منتلك ماذا ّ
حلظتنا ووقتنا ،أن ال نضيّع هذه الفرص؟ يف هذا املضمار بالذات تكمن فرادة املساعدة اليت تق ّدمها صالة
يسوع .ترداد صالة يسوع باستمرار ميكنه أن يوصلنا؛ بنعمة الرب ،من التشتت السابق ،إىل الوحدة
"يتوجب عليك أن تربط ذهنك ِ
اح َم أفكارك" ،يقول األسقف ثيوفانسّ ، ف تدافُ َع وتز ُ
الداخلية" .لكي تُوق َ
بفكرة واحدة ،أو باالسم الواحد [اسم يسوع]" (.)1:
اآلباء النساك ،بشكل خاص برصنوفيوس ويوحنا ،مييّزون أسلوبني يف حرب األفكار .األسلوب األول هو
لألقوياء و"الكاملني" .هؤالء يقدرون أن جييبوا على أفكارهم ويتص ّدوا هلا ،أي أن يواجهوها ويدخلوا يف
ومضر لألغلبية منّا ،وقد يقود إىل عواقب غري مفيدة. ّ لكن أسلوباً كهذا هو صعب حساب معهاّ .
فاحملاولة أن ننزع فكراً ونستبدل به آخر بقوة إرادتنا ،غالباً ما تزيد ختيالتنا فقط وتزيد خميلتنا قوًة .ختيالتنا
الرد عليها مباشرة حماولني
عندما نضغط عليها متيل للعودة بشكل أقوى .فبدل أن نقاوم أفكارنا مبحاورهتا و ّ
حنول ونلصق انتباهنا بشيء آخر .بدل أن ننظر إىل
طردها بإرداتنا ،يستحسن ويكون من األحكم أن ِّ
الرد عليها ،األفضل أن ننظر إىل فوق ،إىل الرب يسوع
أسفل إىل خميالتنا املضطربة وأن جنتهد جاهدين يف ّ
تفوق قوة أفكارنا ،اليت ال ميكننا أن نبددها
وأن نسلّم ذواتنا إىل يديه ،مستدعني امسه .ونعمة امسه سوف ُ
نفرغ
بقوتنا الفرديّة .مسلكيتنا ومنهجيتنا الروحية جيب أن تكون إجيابية ال سلبية .فعوض أن حناول أن ّ
ذهننا من األفكار السيئة ،من األفضل أن منأله باألفكار الصاحلة" .ال حتاور األفكار اليت تأتيك من
الشياطني" ،ينصحنا القديسان برصنوفيوس ويوحنا "ألنه هذا بالذات ما يبتغيه أولئك األشرار ،أن
التفت إىل الرب لكي ينصرك عليهم باسطاً أمامه ضعفك ،ألنه هو القادر أن يطردهم
يشغلوك .عُ ْد و ْ
ويفنيهم" (.)17
صالة يسوع إذن ،هي أسلوب عملي لكي حنيد هبا عن األفكار اليت تزعجنا .ال ميكننا أن مننع األفكار
نفع من أن نقول
مبجرد أن نريد ذلك .هل هناك ٌ والصور عنّا يف الصالة ،ال ميكننا إيقاف جريهاّ .
ألنفسنا" 6توقّف عن التنفس"" ،ذهن ِّ
مفكر ال ميكنه التوقّف عن التفكري" يقول القديس مرقس الناسك
وتشوشه بال انقطاع مثل اختالط أصوات العصافري يف الصباح.
( ،)11األفكار سوف تزمحه باستمرار ِّ
حنول انتباهنا عنها" ،رابطني" ذهننا
فإن كان يتع ّذر علينا أن نوقف كل تلك األصوات ،فإنه مبقدورنا أن ِّ
الذي ال يتوقف عن التفكري "بفكرة واحدة أو باالسم الوحيد" -اسم يسوع .حبسب القديس ذياذوخس
(القرن اخلامس)" ،عندما نكون قد أغلقنا كل خمارج ذهننا بذكر اهلل ،عندها فكرنا يطلب منّا بالضرورة
فكرة لينشط هبا ،فلنعطه عندها ،النشاط الوحيد احلقيقي له ،ترداد اسم يسوع" (" .)19مجِّع ذهنك
املسيب هنا وهناك بذكر اسم يسوع" ( .)4:يقول القديس فيلوثيوس السينائي (القرن التاسع والعاشر).
فبدل أن نوقف أفكارنا بقوتنا الذاتية ،نُسلِّم طاقات ونشاط فكرنا إىل "ذكر امسه".
حبسب إفاغريوس البنطي (" ،)449+الصالة هي طرح لألفكار" ( ،)44وهذا ال يعين اصطداماً قاسياً،
إن ترداد اسم يسوع يساعدنا على طرح وترك وال ضغطاً جنونياً ،وإمنا حركة هادئة ليّنة للتحرر منهاَّ .
خياالتنا اليت ال قيمة هلا وعلى أن نستبدل هبا تذكار ربنا يسوع املسيح وإن كان علينا عندما نصلي أالّ
تتدخل يف صالتنا ،فعلينا بالتأكيد أالّ نزيدها ونشجعها.
متعمد كل تلك األفكار اليت ّ
نطرد بعنف ّ
الصالة القلبية ليست جتميعاً للذهن مبعىن تأملي مثالً يف بعض اجلوانب من حياة املسيح ،أو يف بعض
األمثال واحلكم اإلجنيلية .وأكثر من ذلك ،فهي ليست أيضاً حواراً داخلياً يف مسائل عقائدية أو الهوتية،
كما هو مثالً معىن كلمة " -omoousionمسا ٍو يف اجلوهر" ،أو عقائد وعبارات جملمع خلقيدونية.
نفرق ونفصل بني الصالة القلبية ،صالة يسوع ،وبني طرق الغوص الداخلي من هذه الناحية جيب أن ّ
التأمل وجتميع الذهن والرتكيز الدارج يف الغرب منذ زمن املرتدين الربوتستانت (أغناطيوس لويوال ،فرانسوا
و ّ
دوسال ،الفونسوس ليفووري ...اخل).
وجممعة
موحدة لذاتنا ِّ
الرتداد املستمر واملتواصل السم يسوع بوعي ونقاء جيعل هذه الصالة من جهة أوىل ِّ
لذهننا ،ومن جهة ثانية جيعلها تصري أكثر عمقاً وأكثر داخلية ،باألحرى تصري جزءاً منّا ومن داخلنا -
كل الوقت .فتصري هذه
أي ليست فرضاً أو شيئاً نقوم به يف حلظات وأوقات ما ،وإمنا نصري حنن صالةً َّ
الصالة حالةً وليست حادثةً .هذه هي الصالة احلقيقية لإلنسان ،أي الصالة اليت كلماهتا ومعانيها
متطابقة بالكلية مع مصلِّيها.
يعرب عنه الدائم الذكر بول إفذوكيموف (" 6)497: -49:4يف السراديب واملغاور املسيحية
هذا ما ّ
القدمية ،الرمسة اليت شاعت كانت صورة اإلمرأة املصلية ( )Oransاليت ترمز للحالة الوحيدة احلقيقية
للنفس البشرية .ليس كافياً أن نصلي 6جيب علينا أن نصري صال ًة -صالة متجسدة .ال يكفي أن منجد
اهلل يف فروض وأوقات حمدَّدة وإمنا جيب أن تصري كل حياتنا وكل تصرف ومسلك لنا وكل حتية ال بل حىت
البسمة ...كلها أن تصري تسبحة وجمداً هلل ،ذبيحة تسبيح ،تقدمة ،صالة .جيب أن نقدم هلل ليس مما منلك
وإمنا كل ذاتنا"( .)41هذا ما حيتاج له العامل اليوم ،ليس أناساً يرددون صلوات بتواتر كثيف أو ضعيف
وإمنا أناساً هم صالة.
لون الصالة اليت وصفها إفذوكيموف هنا ،ميكن أن حن ّدده بشكل أدق ب "الصالة القلبية" .الصالة يف
متدرجة
التقليد األرثوذكسي ،كما ويف أديان ومذاهب أخرى ،تُصنَّف يف درجات خمتلفة ،هي مستويات ّ
أكثر مما هي مراحل متعاقبة 6صالة الشفاه (لفظية) ،صالة الذهن (عقالنية) ،صالة القلب (أو الذهنية
بالقلب) .ترداد اسم يسوع ،صالة يسوع ،تبدأ كما كل صالة أخرى ،من مستوى الشفاه ،واليت فيها
متعمدة وجدية
الكلمات تتعاقب صادرة من اللسان ،مرتافقة مع إرادة حرة ،وبنفس الوقت مع حماولة َّ
لرتكيز الذهن يف معاين الكلمات اليت يلفظها اللسان .مع الوقت ومبعونة الرب ،صالتنا هذه تنمو وتصبح
أكثر عمقاً وداخلية .تبدأ مشاركة الذهن تصري أقوى بينما تضعف أمهية الكلمات واللفظات أمامها .ولرمبا
وقت ما تتوقف بالكلية هذه اللفظات .ونبدأ برتديد اسم يسوع هبدوء دون أي حركة يف الشفاه .عندمايف ٍ
حيصل ذلك نكون ،بنعمة الرب ،قد ارتقينا من املستوى األول إىل الثاين .هذا ال يعين أن الرتداد باللفظ
سيتوقف كلياً ،ستوجد دائماً حلظات حىت "املتقدمون" واملختربون ملراحل أمسى سيشتهون أن يلفظوا اسم
خيص الروح كلنا
يسوع بصوت مسموع .ومن منّا بالفعل ،يستطيع أن يظن نفسه "متقدماً" ،مبا ّ
"مبتدئون".
لكن الدخول إىل العمق سفرته ال تتوقف عند هذا املستوى ،فاإلنسان أكثر بكثري من ذهن وعقل .فعدا
عن إمكانياته العقلية والذهنية هناك مشاعره ،ميوله ،حساسيته ،باإلضافة لكل مشاعره الباطنية والغريزية
املوجودة يف شخصيته .كل هذه األبعاد يوجد هلا دور وعمل يف الصالة .ألن كل اإلنسان مدعو للصالة
النشاف ،هكذا على الصالة أن تتغلغل من اخلارج ،من العقل،
والعبادة .فكما تتغلغل نقطة احلرب يف ورقة ّ
إىل الداخل لتحتضن كل جزء من كياننا.
بكالم أدق ،هذا يعين أننا مدعوون لنتقدم ونرتقي إىل املستوى األكمل ،من الثاين إىل الثالث ،من
الصالة "الذهنية" إىل الصالة "القلبية" ،حيث يرتكز الذهن يف القلب .كلمة "قلب" هنا ،نقصدها مبعناها
السامي (عربي-شرقي) الكتايب وليس باملعىن احلديث للكلمة ،ف "قلب" يعين لنا أكثر من حركات
وعواطف وتأثرات .وإمنا كامل الشخصية اإلنسانية .القلب هو املعىن األساسي العميق للكائن البشري،
اإلنسان الداخلي" ،ذاتنا احلقيقية العميقة ،اليت ال تكتمل إال عرب التضحية واملوت"( ،)4:وحب ّد تعبري
وحسب وإمنا أيضاً مركز الروح ،ليس الروح فقط
ْ " ،B.Vgsheslavtsevالقلب ليس هو مركز النفس
وإمنا اجلسد أيضاً ،ليس فقط مركزاً لإلدراك وإمنا أيضاً لغري املدرك ،إنه بعبارة واحدة" ،املركز املطلق"(.)47
ُ
حبسب هذا التفسري ،القلب هو أكثر من عضو يف اجلسد ،عضو القلب هو رمز خارجي للقوى الروحية
واإلدراكية الالحمدودة يف اإلنسان ،املخلوق على صورة اهلل ومثاله.
لكي ينجح سفرنا إىل الداخل ،ولكي نصل إىل الصالة احلقيقية ،من الضروري أن ندخل إىل هذا "املركز
املطلق" ،أي أن خنرج من الذهن وننحدر حنو القلب ،بشكل أبسط حنن ال خنرج من الذهن وإمنا ننحدر
مع الذهن إىل القلب ،فاهلدف والغاية ليست صالةً للقلب ،وإمنا صالة ذهنية يف القلب" ،صالة للذهن
يف القلب" ،ألن اإلمكانيات العقالنية واإلدراكية والوعي هي هدايا إهلية وجيب أن تشرتك بدورها يف
تسبحته وخدمته .هذه ال "وحدة العقل بالقلب" تعيد الوحدة الداخلية اليت تفككت عند السقوط ،فتعيد
اإلنسان من جديد إىل كماله األول واكتماله .صالة القلب هي عودة إىل الفردوس ،هي إلغاء للسقوط
بشكل من األشكال ،هي عودة إىل احلالة املثالية الفردوسية اليت ما قبل السقوط ،أي تعود باإلنسان من
حالته اآلنية الساقطة ال "ما دون طبيعية" إىل تلك "الطبيعية" واليت كانت قبل اخلطيئة .فهي واقع
إسختولوجي ،هي ذوق مسبق للموعودات واآلتيات ،الشيء الذي ال ميكن امتالكه يف دهرنا احلاضر
بكليته.
كل َم ْن حقق ولو البعض القليل -رغم نواقصه وضعفه -من "الصالة القلبية" يكون قد بدأ فعالً
العبور الذي سبق وذكرناه -االنتقال من حماولة الصالة إىل الصالة العفوية ،من الصالة اليت أنا أتلوها إىل
الصالة اليت خترج وحدها ،أو بتعبري أفضل الصالة اليت يقوهلا املسيح داخلي .وهذا ألن القلب له معىن
مضاعف يف احلياة الروحية ،فهو يف الوقت ذاته مركز الكيان البشري ومكان لقاء اإلنسان باهلل .هو يف ٍ
آن
و ٍ
احد مكان معرفة الذات ،حيث يكتشف اإلنسان فيه ذاته كما هو ،وأيضاً هو املكان الذي فيه يتجاوز
ذاته وحيث يدرك ذاته وطبيعته كمعبد للثالوث األقدس ،حيث الصورة تأيت يف ٍ
لقاء وجهاً لوجه مع مثاهلا
السر الذي يفصل
ويتعرف عليه ويعرب احلاجز وحدود ّ
األصلي .يف أعماق داخله وقلبه جيد اإلنسان كيانه ّ
بني املخلوق وخالقه" .هناك أعماق مستورة وخمبأة يف القلب" على حد تعبري القديس مكاريوس املصري
" ...هناك اهلل مع مالئكته ،النور واحلياة هناك هي ،هناك املدن السماوية ،امللكوت ،الرسل ،كنوز النعمة،
كل شيء هناك" (.)41
يف .فليست
فالصالة القلبية إذن حتدد املكان الذي فيه "عملي" يتطابق بالواقع مع نشاط شخص آخر ّ
املتعمدة إىل الصالة العفوية
هي بعد صالة إىل يسوع وإمنا صالة يسوع ذاته .هذا االنتقال من الصالة ّ
جندها بشكل واضح ومؤثّر يف كتاب "سائح روسي على دروب الرب" " 6وباكراً يف صباح أحد األيام
شعرت وكأن الصالة أيقظتين" ()49؛ إىل ذلك احلني كان السائح يقول الصالة ،من اآلن بدأت الصالة
خترج وحدها ،وحىت يف نومه وذلك ألن صالته صارت متّحدة بصالة اهلل داخله.
َّقراء كتاب السائح الروسي رمبا يأخذون من مطالعتهم له الفكرة أن االنتقال من الصالة اللفظية إىل تلك
أمر سهل ومسألة أسلوب ميكانيكي .السائح ،كما يبدو ،جنح يف الوصول إىل هذه الدرجة
القلبية هي ٌ
يوضح أن خربته وجتربته هذه ،وإن مل تكن السامية للصالة القلبية خالل فرتة أسابيع قليلة .جيب أن ّ
الفريدة من نوعها والوحيدة ،كانت حالة استثنائية .عادة الصالة القلبية هذه يصل إليها غالبية النساك -
إ ْن وصلوا -بعد أتعاب نسكية وجهادات طويلة .هناك اخلطر ،أنه عندما يبدأ أحدنا برتداد صالة يسوع،
يظن ويتخيّل أيضاً أنه قد
مرات كثرية ّ
يظن على الفور أنه بدأ ينتقل من الصالة اللفظية إىل تلك القلبيةّ .
جنح يف الوصول إىل الصالة الصامتة بينما هو يف الواقع ال يصلي مطلقاً ،وإمنا قد سقط يف نوع من الفراغ،
صائراً فريسةً ألفكاره أو منزلقاً يف نوع من السهو أو الغفوة واحللم يف املنام .لكي ال نسقط يف مثل هذه
املتعمدة واملقصودة وأن جنتهد يف ترداد املخاطر ،يوصينا معلِّموا هذه الصالة أن ّ
نلح ونثابر يف الصالة َّ
صالة يسوع مشدِّدين على أمهية جتميع كل انتباهنا على كلمات الصالة بدل التفكري بالقلب .هي ذي
مثالً نصيحة األب الروحي إيوسيف ( )4919+من منطقة Nea skitiيف اجلبل املقدس آثوس6
"عمل صالة يسوع هو أن تغصب ذاتك على تردادها بفمك باستمرار وبال انقطاع ...وأن تنتبه فقط إىل
رددها دائماً وباللسان وبصوت مسموع ...هناك حاجة
الكلمات "يا ريب يسوع املسيح ارمحين"ّ ...
لغصب الذات وحملاولة مستمرة إىل أن تعتاد يف البداية" (.)14
الصالة القلبية عندما تُعطى لنا ،تأيت كهبة من اهلل الذي يوزع كيفما وعندما يشاء .وليست حاصل
حتصيل ألسلوب أو طريقة ما .القديس اسحق السوري (القرن السابع) ،يوضح ندرة هذه املوهبة ،إذ
يقول" 6بالكاد واحد بني عشرة آالف ميكن أن نعتربه أهالً ملوهبة وهبة الصالة الدائمة" ،مث يضيف" 6أما
عن األسرار اليت هي وراء الصالة النقية ،فبالكاد يوجد واحد يف كل جيل بشري اقرتب من معرفتها"
(.)11
واحد بني عشرة آالف ،وواحد يف جيل 6بالواقع إنه إنذار وأمر يؤثّر فينا ويزعزعُنا ،لكنه جيب أالّ يُضعف
عزائمنا ،درب الدخول إىل أعماقنا دائماً مفتوح وللجميع .واجلميع على ح ّد السواء عليهم أن يسلكوه،
شيء من خربة ومذاق أسرار القلب كل بقدر مستطاعه يف هذه احلياة ،وسيحصلون بالتأكيد على ٍ
ٌّ
أخص سيتعلمون ولو بشكل ومبقدار متواضع
ّ العميقة مهما كان ذلك قليالً؛ من ناحية أخرى وبشكل
ماذا تعنيه الصالة احلقيقية.
تمارين وطرق جسدية
اجلسد ليس جسماً مادياً مطلوباً منّا غلبته ،أو كتلةً ماديةً املرجو جتاهلها ،على العكس اجلسد يلعب
وجه يف خدمة دوراً مهماً وإجيابياً جداً يف احلياة الروحية وهو ُحملَّى ُ
و"من ّقط" مبواهب وحماسن ميكنها أن تُ َّ
الصالة.
املتجسد،
ّ إذا كان هذا ينطبق على أية صالة ،فكم باحلري على صالة يسوع ،كوهنا استدعاء البن اهلل
بتجسده اقرتن ليس فقط بنفس وإرادة وذهن بشريني وإمنا أيضاً أخذ
الكلمة الذي "صار جسداً" .املسيح ّ
روحنَها الرب
فحول البشرة إىل نبع للقداسة ال يتوقف .كيف إذن ميكن هلذه البشرة اليت َ جسداً بشرياًَّ .
يسوع أن تلعب دوراً مساعداً يف صالة يسوع وبالصالة الذهنية يف القلب؟.
وبالتفصيل ،هذا األسلوب والرياضة البدنية بشكل أساسي تتألف من ثالث نقاط أساسية6
)4الوضع اخلارجي 6القديس غريغوريوس السينائي ينصح باجللوس على مقعد منخفض ارتفاعه عن
األرض حوايل 11سم؛ الرأس واألكتاف منحنيان والعينان متجهتان إىل مكان القلب .ويزعم أن هذا
الوضع يصري ضرورياً وحتمياً بعد مرور بعض الوقت .آباءٌ آخرون يطلبون أكثر من ذلك ،أن نضع رأسنا
بني ركبتينا متمثلني بإيليا النيب يف جبل الكرمل (.)14
)1ضبط التن ّفس 6التنفس جيب أن يصري أهدأ وأبطأ وبالوقت نفسه أن يرتبط مع "ريتم" الصالة
(إيقاعها) ،عادة مع الشهيق نلفظ "يا ريب يا يسوع املسيح ،يا ابن اهلل" ،ومع الزفري "ارمحين أنا اخلاطئ".
وهناك بالطبع أساليب أخرى ممكنة .توزيع أقسام الصالة ميكنه أيضاً أن يُضبط مع دقات القلب.
درب على جتميع فكره يف منطقة حم ّددة من جسمه،
)4غوص داخلي 6كما املبتدئ يف ألعاب اليوغا يُ َّ
كذلك اهلدوئي ،يرّكز فكره يف منطقة القلب .فبينما يتنفس بالشهيق حياول أن جيعل ذهنه "يغوص" مع
اهلواء الداخل إىل أعماقه ليبحث عن مكان القلب .تفاصيل وشروحات أطول يف هذا املوضوع ال تُقدَّم يف
وجمرب ِ
وخمترب متمرن ِّ
كتابات خوفاً من سوء فهمها .تفاصيل هذه املسرية كثرية لدرجة جتعل إرشاد شخص ِّ
ضرورياً جداً.
املبتدئ ،بدون مرشد كهذا ،حماوالً أن يبحث عن مكان القلب ،يقع يف خطر أن ينحدر قليالً عن
موضعه احلقيقي ،هناك إىل األحشاء اليت هي مركز ونبع الشهوات اجلسدانية اليت تدنِّس الذهن والقلب
(.)11
من البديهي أنه ،عندما نتدخل يف الوظائف واحلركات اجلسدية الطبيعية ،عندها حنتاج النتباه كثري ،كما
أي استخدام بدين خاطئ أو ضغط غري صحيح قد يؤدي إىل
يف حركة التنفس أو يف دقات القلبُّ .
الضرر باجلسد والعطب بقوى اإلنسان اإلدراكية ذاهتا .هلذا أهم أمر هو وجود مرشد خبري .عندما ال
وموجه كهذا ،من البديهي أنه على املبتدئ أن يقتصر على األسلوب البسيط لرتداد الصالة
يوجد قائد ِّ
مرات كثرية قد يالحظ ،بدون أية حماولة خاصة
دون أن يعري أي انتباه إىل ربطها بتنفسه أو بدقات قلبهّ .
من جهته ،أن كلمات الصالة تتماشى مع نَ َف ِسه أو دقات قلبه ،وإن مل حيصل شيء كهذا فال يوجد
بالواقع أي سبب للقلق ولكن فليتابع صالته الذهنية براحة وحرية.
سهل للبعض
بالطبع األساليب والرياضات البدنية السابقة تبقى دائماً أمراً مساعداً ،أمراً ظهر باخلربة أنه يُ ِّ
عمل الصالة ،لكن هذا ال يعين أنه ُحمتَّم ومفروض على اجلميع .صالة يسوع ميكن أن ُمتارس بشكلها
األمسى دون أي أسلوب بدين مما سبق ذكره .القديس غريغوريوس باالماس ( )4419 -419:بينما
اعترب االعتماد على تلك األساليب شيئاً ذا ركيزة حىت الهوتية ،بنفس الوقت واجه مثل هذه األساليب
كأمر ثانوي وليس أساسياً وخاصة للمبتدئني ( .)11هلذا عند كل اآلباء واملعلمني اهلدوئيني ،األساسي
ليس ضبط التنفس أو دقات القلب وإمنا االنتباه الداخلي والشعور السري حبضور الرب يسوع.
يف ال 41:عاماً األخرية ،اآلباء والكتّاب األرثوذكس أعاروا أمهية أقل من السابق هلذه الطرق .نصيحة
األسقف أغناطيوس )41:7 -41:7( Brianchinaninovمؤثرة6
"ننصح أخوتنا األحباء أال حياولوا أن يعتادوا هذه األساليب ،وإن مل يصلوا إليها وحدهم .كثريون،
وخربوا رئاهتم ومل يرحبوا شيئاً .جوهر املوضوع هو احتاد
حماولني أن يتعلموها بالسعي ،هدموا صحتهمّ ،
الذهن بالقلب خالل الصالة وهذه الوحدة نكسبها بنعمة الرب يف الوقت املناسب الذي يراه هو.
أسلوب أبسط ال يقل عنها أمهية ،وهو ترداد هذه الصالة مع وقفة أو
ٌ استبدل هبا
َ األساليب السابقة قد
نرددها مع نَ َف ٍ
س هادئ وبطيء وبذهن ملتصق بكلمات الصالة .هبذا اسرتاحة صغرية يف هناية كل مرة ِّ
األسلوب املساعد نستطيع بسهولة أن حنقق درجة مقبولة من االنتباه" (.)1:
تردد صالة يسوع /4::/مرة خيص سرعة ترداد الصالة ،يتابع األسقف أغناطيوس نصيحته" 6لكي ِّ
مبا ّ
تردد
عجلة حتتاج لنصف ساعة .لكن بعض النساك حيتاجون ويتطلبون وقتاً أكثر .ال ِّ ٍ بانتباه وبدون
صلواتك بعجلة ،الواحدة تلو األخرى .توقف قليالً بني الواحدة والتالية ،هكذا تساعد ذهنك على
التجمع والرتكيز .تردادك للصالة دون فواصل ووقفات يع ّكر الذهن .تن ّفس بانتباه ،هبدوء وبطء" (.)17
ّ
املبتدئون ،عادة ،مييلون لرتداد الصالة بشكل أسرع ،لرمبا 1:دقيقة لل 4::مرة.
تشابه مذهل جنده بني نصائح اآلباء اهلدوئيني وبني أساليب ممارسي اليوغا والصوفية اهلندية (.)11
لتقليديْن مستقلَ ْني أو منفصلني؟ وإن كان
فألي درجة هذا التشابه هو نتاج الصدفة ،أو تطور متشابه َ
هناك عالقة بني تلك الصوفيات واهلدوئيني املسيحيني ( -إذ أن بعض التشاهبات تنفي افرتاض الصدفة
سبباً هلا) ،-فأي طرف هو الذي استعار ِم َن اآلخر؟! إنه بالفعل موضوع مفتوح للبحث والدراسة .وإن
تبت يف املوضوع ،فإن أمراً مهماً جيب أالّ يُنسى وهو أنه مع هذه
كانت الدالئل املتوفرة حىت اليوم قليلة ال ّ
التشاهبات توجد أيضاً فروقات .كل الصور هلا أطر وكل أطر األيقونات تشرتك بصفات عامة واحدة.
خيص صالة
ولكن الصور اليت فيها قد تكون خمتلفة بالكلية .وما يهمنا هو الصورة وليس اإلطار .فيما ّ
يسوع ،األساليب البدنية هي مبثابة األُطر ،بينما ذكر اسم يسوع هو الصورة داخل ذلك اإلطار .إطار
حيول انتباهنا عن املضمون
هذه الصالة يتشابه بالفعل مع أساليب خارج املسيحية ،إال أن هذا جيب أالّ ِّ
الفريد واخلاص بصالة يسوع .اجلوهر يف صالة يسوع ليس "كيفية" اجللوس أو الرتداد والتكرار حب ّد ذاته،
"م ْن" نتكلم .هنا نتجه حنو كلمة اهلل املتجسدة بالذات خملصنا يسوع املسيح ابن اهلل وابن
وإمنا هو إىل َ
العذراء مرمي.
وجود أساليب ورياضات بدنية مرتافقة مع صالة يسوع جيب أالّ تُعمينا عن حقيقة هذه الصالة .صالة
يسوع ليست "رياضة" لكي تساعدنا على جتميع ذاتنا وليست يوغا مسيحية أو ماندرا مسيحية [املاندرا6
دعاء يستخدمه اهلنود يف عبادهتم بشكل تكرار وترداد لعبارة خمتصرة وقصرية شريفة] ،وإن كان كثريون قد
ذهبوا إىل هذا التفسري .إهنا على العكس صالة تتجه أوالً حنو شخص آخر ،حنو اهلل الذي صار إنساناً،
الرب يسوع املسيح خملصنا وفادينا .إذن صالة يسوع تبعد بعداً شاسعاً عن أي أسلوب ترداد فردي
ت عن هذا البعد فقدت معناها. داخلي مغلق .هي من ب ٍ
عد ونوعية وطبيعة خمتلفة ،وإن فُ ِ
صلَ ْ ُ
يرددها يؤمن بيسوع كابن اهلل.
أول بعد أساسي لصالة يسوع هو "اإلميان" .الصالة تفرتض أن من ِّ
حي بالرب يسوع ،مبَ ْن هو ومبا صنع ألجلنا .لكن إن كان إميان غالبيتنا متزعزعاً،
فخلف الرتداد إميان ّ
أعن قلّة
ويتواجد مع شكوك ،فنحن حنتاج دائماً أن نصرخ مع والد ذلك املصروع" 6أؤمن يا رب لكن ْ
إمياين" (مرقس ،)1169لكن على األقل جيب أن توجد الرغبة يف اإلميان ،أن يتواجد شيء من اخلشوع
أو بذرة حمبة ليسوع املسيح الذي ما زلنا نعرفه قليالً جداً.
البعد الثاين لصالة يسوع هو بعد "شركة" ،فنحن ال نستدعي الرب كأفراد منفصلني ،معتمدين حصراً
على قوانا الذاتية ،وإمنا ندعو بامسه كأعضاء جسده وشركاء يف شركة الكنيسة .كبار اآلباء والكتَّاب مثل
القديسني برصنوفيوس ،غريغوريوس السينائي واألسقف ثيوفانس كانوا يفرتضون من البديهي أن من
ينصحوهم هبذه الصالة هم من املعتمدين والذين يشاركون يف حياة الكنيسة األسرارية ،االعرتاف واملناولة.
أبداً مل يعتربوا هذه الصالة كبديل هلذه األسرار ،على العكس كانوا يعتربون َّ
أن َم ْن حييا يف الكنيسة هو من
عليه أن ميارس صالة يسوع أو َم ْن مارسها فعالً حبق.
ولكن اليوم ،يف زمن البحث والتفكك الكنسي ،يوجد فعالً كثريون ِممَّن ميارسون صالة يسوع وهم
بعيدون كل البعد عن حياة الكنيسة ودون أن يكونوا أعضاءً فعالني فيها ،وليس من املستبعد أنه ليس
لديهم إميا ٌن واضح وأكيد بالرب يسوع أو بأي مبدأ آخر .هل سنحاكمهم؟! هل سنمنعهم من ترداد
صالة يسوع؟! بالطبع ال ،ما داموا يبحثون بالفعل عن نبع احلياة .الرب يسوع مل يرفض أحداً سوى
املرائني .ولكن بالوقت ذاته بكل بساطة ومع معرفتنا لعدم استحقاقنا ولضعفنا حنن ،نشعر أيضاً أننا
مسؤولون وندرك أن هذا الوضع شاذ وغري صحيح ،ويتوجب علينا أن نعلمهم بذلك.
نهاية المسيرة
هناية املطاف واملقصد املنشود لصالة يسوع ،كما لكل الصلوات عامة ،هي أن تتحد صالتنا مع الصالة
اليت يقوهلا فينا الرب ،ورئيس الكهنة العظيم .أي مبعىن آخر أن تصري حياتنا حياته ،ونَ َفسنا واحداً مع
النَ َفس اإلهلي الذي يضبط املسكونة .فالغاية النهائية ميكن حتديدها حسناً بالعبارة اآلبائية "تألّه".
األرمشندريت سرجيوس بولفاكوف يقول" 6عندما حيضر اسم يسوع يف القلب البشري جيلب معه قوة
التألّه" ( .)19ويقول القديس أثناسيوس الكبري" 6لقد صار اإلله الكلمة إنساناً ليصري اإلنسان إهلاً"
( .)1:هذا الذي هو إله بالطبيعة تقبَّل و َّاختذ جسداً لكي نقتبل حنن بدورنا وبنعمته ألوهيته ،ولنصري
املتجسد هو أسلوب
ّ التوجه بصالة يسوع حنو الكلمة اإلله "مشاركي الطبيعة اإلهلية" (1بطرس ّ .)164
السر الذي بواسطته يصل اإلنسان إىل التشبّه باهلل.
سر التألّه داخلناّ ،
لتحقيق ّ
عندما جتعلنا الصالة القلبية نتحد بالرب يسوع ،تساعدنا لنشارك بدورنا يف إسكان الثالوث األقدس
فينا .وبقدر ما تصري الصالة جزءاً منا ندخل يف حركة احملبة الكائنة بني اآلب واالبن والروح القدس .عن
هذه احملبة كتب القديس اسحق السوري الكلمات الرائعة التالية6
"احملبة ،هي امللكوت الذي كلمنا عنه املسيح رمزياً عندما وعد تالميذه/ 6أنتم ستأكلون وتشربون على
املائدة معي يف ملكويت ،/ماذا سيأكلون هناك غري احملبة ؟! ...إن وصلنا إىل احملبة نكون قد أهنينا السفر
ووصلنا إىل آخر اإلحبار إىل تلك اجلزيرة حيث يوجد اآلب واالبن والروح القدس" (.)14
سر التألّه البشري غالباً ما يأخذ شكالً خارجياً هو رؤية النور اإلهلي غري املخلوق.
يف التقليد اهلدوئيّ ،
هذا النور الذي رآه القديسون يف الصالة مل يكن نوراً رمزياً ،وال نوراً خملوقاً حسياً؛ إنه بالذات األلوهة
والنور اإلهلي غري املخلوق الذي ملع وأضاء من املسيح يف التجلي على جبل ثابور والذي سوف يضيء
ويسطع يف كل املسكونة عند اجمليء الثاين .هناك عبارة شهرية ومجيلة للقديس باالماس عن هذا النور غري
ف" إىل السماء الثالثة (1كور 6)11641 ِ
املخلوق .يصف إذن القديس رؤية بولس الرسول عندما "اختُط َ
"بولس رأى نوراً ال حدود له ،من كل اجلهات .مل َير أحداً أو هناية البتّة هلذا النور الذي ظهر له وملع
حوله ،فقد كان مبثابة ٍ
مشس أعظم مبا اليقاس وأرحب من كل املسكونة .ويف وسط هذه الشمس انتصب
هو صائراً كعني بالكلية" (.)11
إىل مثل هذه املعاينات السامية للمجد اإلهلي نستطيع أن نصل بواسطة ترداد اسم يسوع ،الصالة القلبية
جتعل نور التجلّي يدخل ويتغلغل إىل كل حنايا حياتنا .الرتداد غري املنقطع هلذه الصالة كان له نتيجتان
املادي احمليط به ،إذ غدا كل
حتول عالقته مع العامل اخلارجي ّ
على السائح الروسي اجملهول االسمّ ،أوالمهاّ 6
سر احلضرة اإلهلية ،فيكتب6
شيء حوله شفافاً يكشف من ورائه َّ
عندما كنت أصلي من قليب ،كل شيء حويل كان يصري مجيالً ورائعاً .األشجار ،العشب ،الطيور،
األرض ،اهلواء ،والنور غدا كأنه يقول ويكشف يل أن كل ذلك هو من أجل اإلنسان ،وكلها تشهد على
حمبة اهلل للبشر ،وأن كل شيء يرفع تسبحةً هلل ويرتّل له ذوكصولوجيته .هكذا أدركت ما تعنيه "الفيلوكاليّا"
يف "صوت كل املخلوقات واملوجودات" ...كنت أشعر إذن مبحبة ملتهبة ومتأججة ليسوع ولكل شيء من
خالئق اهلل (.)14
حب ّد عبارة لألب " ،Bulgakovعندما يشع نور اسم يسوع من القلب عندها يضيء كل املسكونة"
(.)11
وحولت عالقة السائح ليس فقط والنتيجة الثانية هلذه الصالة على سائحنا كانتَّ ،
أن الصالة جدَّدت َّ
باخلالئق اليت حوله وإمنا بالناس الذين قربه6
"احلق أقول لكم ،كل ما فعلتموه مع أحد أخويت هؤالء الصغار فيب قد فعلتموه" (مىت .)1:611صالة
يسوع جتعلنا نرى املسيح يف كل إنسان وكل الناس يف املسيح.
فصالة يسوع إذن ليست أسلوباً للهرب واخلروج من العامل وال رفضاً للعامل ،على العكس هي جداً
إجيابية .ال تضمر رفضاً للعامل واخلليقة ،وإمنا تعطي لكل إنسان ولكل شيء يف اخلليقة قيمته وكرامته
وأمهيته احلقيقية .وكما تقول الدكتورة 6Nadejda Gorodetzky
"ميكننا أن نستخدم هذا االسم (اسم يسوع) يف كل مكان وزمان ،عندما نلتقي بآخرين؛ عندما نرى أي
شيء ،كتباً ،زهوراً؛ كلما ف ّكرنا وأينما نظرنا".
اسم يسوع ميكنه أن يصري مفتاحاً سرياً لكل العامل ،أداة ووسيلة للتضحية ولتقريب كل شيء وكل
إنسان كقربان .اسم خيتم كل العامل باخلامت اإلهلي .ولرمبا هكذا نستطيع أن نتكلم على "الكهنوت امللوكي"
كهنوت كل املؤمنني .عندما نتّحد مع رئيس كهنتنا العظيم (يسوع املسيح) ميكننا أن نبتهل إىل الروح
سراً إهلياً (.)1:
القدس 6اجعل صالتنا ّ
يصح على
"الصالة تعين عمالً ،نشاطاً .أصلّي ،يعين أعمل وأنشط بأقصى درجة" ( ،)17وهذا إن كان ّ
يصح على صالة يسوع .بينما هذه الطريقة من الصالة تبدو وكأهنا مناسبة للرهبان
كل صالة فباألكثر ّ
وللمتوحدين ( ،)11هي بنفس الوقت وبنفس املقدار صالة مناسبة لسائر املؤمنني ملتزوجني ،ألطباء
وأطباء نفسانيني ،لرجال العمل االجتماعي ،وجلايب الباص وللمعلم ...اخل .ترداد اسم يسوع عندما يتم
ويتعمق أكثر يف أعماله املختلفة ،وذلك دون أن ٍ
بشكل صحيح جيعل كالً منا ،كائناً من كان ،ينجح ّ
مرددها أكثر
يقطعنا أو يفصلنا عن اآلخرين وإمنا على العكس يوحدنا هبم .ألن هذه الصالة جتعل ِّ
إحساساً مبشاكل ومتاعب ومصاعب اآلخرين .صالة يسوع جتعل من مصلِّيها "إنساناً لآلخرين" ،أداة
صريه مركزاً حياً وفعلياً لإلتصال باآلخرين.
حية للسالم ،السالم اإلهلي ،تُ ّ
"والسبح هلل دائماً"
كلمة عن المؤلف
املطران كاليستوس وير (ُ ،)Timothy Wareولِ َد يف إنكلرتا سنة .4941درس اليونانية القدمية
والالتينية يف جامعة أوكسفورد وذلك خالل األعوام ،4911 -4911باإلضافة إىل الفلسفة والالهوت
وحصل من هذه اجلامعة يف العام 491:على شهادة الدكتوراة بأطروحة حول القديس مرقس الناسك
(القرن اخلامس).
ترّب ونشأ يف عائلة انكليكانية (بروتستانت متطرفني) .احتك مع األرثوذكسية ألول مرة
انكليزي األصلّ ،
يف العام ،4911يف بداية حياته اجلامعية ،عندما بدأ حيضر اخلدم اإلهلية والقداس اإلهلي يف كنائس
املهاجرين اليونان والروس األرثوذكسية ،املوجودة يف لندن.
وقربه إىل األرثوذكسية كان القداس اإلهلي ،كما تقيمه وحتياه كنيستنا ،وأيضاً تقليدها الرسويل
ما أماله ّ
الصايف وحياهتا النسكية الصوفية احليّة 6باألخص كيف ،يف الكنيسة األرثوذكسية ،الصالة والالهوت
أمر واحد ال يتجزأ.
واحلياة هي ٌ
بعد مرحلة انتظار دامت :سنوات ،قبلته الكنيسة األرثوذكسية يف لندن العام .4911سنة 49:1
ُشرطن مشاساً متسمياً "كاليستوس" .العام ُ 49::سيِّم كاهناً مث بنفس العام لبس اإلسكيم الرهباين يف
دير القديس يوحنا احلبيب يف جزيرة "بطمس".
يف اخلريف من نفس العام ،49::عاد األب كاليستوس إىل أوكسفورد وتسلّم رئاسة الرعية هناك.
مدرساً للعلوم الالهوتية والشرقية والتارخيية يف تلك
وبالوقت نفسه عُ ِّني أستاذاً يف جامعة أوكسفورد ِّ
اجلامعة .العام 497:صار عضواً يف College Rembrokeيف تلك املدينة.
إنه مؤلف كتاب "الكنيسة األرثوذكسية" ( The Orthodox Churchمرتجم إىل العربية6
تعرف إىل كنيستك).
سلسلة ّ
وهذا الكتاب متداول اآلن بلغات خمتلفة أخرى وله صدى وانتشار واسع جداً .أيضاً كتب مؤلفه
،Eustrotios Argentiعن حياة ونشاط هذا الالهويت الذي عاش يف القرن .41أيضاً مؤلفه
The Orthodox Wayالرؤية األرثوذكسية .كتبه ترتجم على الفور إىل أهم اللغات العاملية
املسيحية (الفرنسية -اليونانية -والعربية والصربية) ...املطران كاليستوس هو أحد مصدري اجمللة الالهوتية
Sobornostوهو نائب رئيس اجلمعية العلمية "القديسني ألفانوس وسرجيوس" اليت تصدِّر هذه اجمللة.
وهو أيضاً عضو يف اللجنة العقائدية "األرثوذكسية -أنكليكانية" منذ العام .4974
إنه أيضاً املسؤول عن إصدار امليناون والرتيوديون باللغة االنكليزية .يتابع دراساته وحبوثَهُ يف مواضيع عن
تاريخ الكنيسة األرثوذكسية وأيضاً يهتم اآلن برتمجة األجزاء اخلمسة لل "فيلوكاليا" إىل اللغة االنكليزية.
بعد عرض وطلب رئيس أساقفة انكلرتا سيادة املطران "ميثوديوس" اُختري األب كاليستوس أسقفاً من قبل
البطريركية املسكونية يف القسطنطينية .إنه أول أسقف من أصل انكليزي أرثوذكسي منذ عهد االنقسام!!
سيامته أسقفاً متت يف :حزيران 4911يف لندن.
كتابه الذي ترمجناه إىل العربية "قوة اسم يسوع" ،يعتمد باألساس على جمموعة حماضرات ألقاها يف
انكلرتا ويف الواليات املتحدة أمام حضور أرثوذكسي وفري .يف كتابه هذا ،كما يف كل نصوصه ومؤلفاته
يفسر وينقل هذا التقليد بالذات ،لكي ينقله
عامة ،يبقى أميناً وملتصقاً بالتقليد األرثوذكسي وحياول أن ّ
بدوره كما تسلّمه ،ولكن بأسلوب مناسب وقريب من إنسان الغرب كما من إنسان الشرق.