You are on page 1of 34

‫‪ 28‬ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻦ اﻟﺨﺸﻮع  اﻟﺼﻼة‬

‫‪28‬‬
‫ﻓﺎﺋﺪة ﻋﻦ‬
‫اﻟﺨﺸﻮع  اﻟﺼﻼة‬
‫حقوق الطبع والنرش لكل مسلم‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصـالة والسـالم عىل رسول اهلل‪.‬‬


‫الخش�وع‬ ‫فـه�ذه ُخالص�ات مـجموع�ة عن‪ُ :‬‬
‫العلم�ي بمجموعة زاد‬ ‫ُّ‬ ‫الفريق‬
‫ُ‬ ‫يف الصلاة‪ ،‬قام‬
‫عدة ُخ َطب‬ ‫وإعادة صياغتِها من َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باس�تخراجها‬
‫املنجد ‪-‬حفظه‬ ‫وحمارضات للش�يخ حممد صال�ح ِّ‬
‫اهلل‪ -‬يف ه�ذا املوضوع‪ ،‬باإلضافة إىل كتابِه الناف ِع‬
‫للخشوع يف الصالة»‪ ،‬فنسأل‬ ‫ِ‬
‫املفيد‪ 33« :‬س�ب ًبا ُ‬
‫اهلل أن ينف�ع هب�ذه امل�ادة وأخواهت�ا‪ ،‬وأن جيزي‬
‫شها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إعدادها و َن رْ ِ‬ ‫َ‬
‫وأعان يف‬ ‫َ‬
‫شارك‬ ‫خريا َّ‬
‫كل َمن‬ ‫ً‬

‫‪3‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫«الخش�وع» يف ال ُّلغة‪ :‬االنخفاض‪ُّ ،‬‬


‫والس�كون‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وال ُّطمأنينة‪ ،‬والتذ ُّلل‪ُ ،‬‬
‫واخل ُضوع‪ ،‬لكن اخلُ ُضوع‬ ‫‪1‬‬

‫والخشوع يكون يف ال َق ْلب‬


‫يكون يف ال َب َدن غال ًبا‪ُ ،‬‬
‫َص�‪ ،‬كما ق�ال تع�اىل‪:‬‬
‫�دن والص�وت وال َب رَ‬
‫وال َب َ‬
‫(ﭑ ﭒ) [القل�م‪ ،]43 :‬وق�ال‪( :‬ﮪ‬
‫[ط�ه‪]108 :‬‬ ‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)‬
‫أي‪َ :‬س َكنَت(((‪.‬‬

‫«الخش�وع» رش ًعا‪ :‬قي�ام القلب بني َ‬


‫يدي‬ ‫معنى ُ‬
‫والذ ِّل‪ .‬وقي�ل‪ :‬تذ ُّلل القلوب‬
‫ال�ر ِّب باخلضوع ُّ‬
‫َّ‬ ‫‪2‬‬

‫لعلاَّ م ال ُغ ُيوب‪.‬‬
‫فهو معنً�ى َي ْل َت ِئ ُم ِمن التعظي�م‪ ،‬واملح َّبة‪ُّ ،‬‬
‫والذ ِّل‬
‫((( ينظر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)71/8‬ومدارج السالكين البن القيِّم (‪.)516/1‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫اخلوف من اهلل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واحلامل علي�ه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫واالنكس�ار(((‪،‬‬
‫و ُمراق َب ُته(((‪.‬‬
‫فه�و باختصار‪« :‬هيئ� ٌة يف النفس‪ ،‬يظهر منها يف‬
‫وتواض ٌع»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫سكون‬ ‫ِ‬
‫اجلوار ِح‬

‫وخارجه�ا‪ ،‬لكنَّ�ه‬
‫َ‬ ‫ش�وع يك�ون يف الصلاة‬
‫ُ‬ ‫الخ‬
‫ُ‬
‫يدي اهلل‬‫الوقوف بني َ‬
‫َ‬ ‫لتضمنها‬
‫ُّ‬ ‫بالصالة أ ْل َصق؛‬ ‫‪3‬‬

‫والسجود‪.‬‬
‫والركوع ُّ‬ ‫ِّ‬
‫والذكر وتالوة القرآن ُّ‬

‫ِ‬
‫اجلوارح‪،‬‬ ‫الخش�وع حم ُّله القل�ب‪ ،‬و َث َمرته على‬ ‫ُ‬
‫القلب َتبِ َعه ُخ ُ‬
‫شوع مجي ِع‬ ‫ُ‬ ‫خشع‬
‫َ‬ ‫وهي ُت ْظ ِه ُره‪ ،‬فإذا‬ ‫‪4‬‬

‫اجلوارح واألعضاء؛ أل َّنه َملِ ُكها وهي تابع ٌة له‪.‬‬ ‫ِ‬

‫(( ( ينظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)518 ،517 ،516/1‬‬


‫((( ينظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪.)418/6‬‬
‫((( تفسير القرطبي (‪.)374/1‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫الخش�وع املحم�ود؛ َّ‬


‫ألن اخل�وف إذا‬ ‫فه�ذا هو ُ‬
‫سكن القلب أوجب ُخشوع الظاهر؛ فال ِ‬
‫يمل ُك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صاح ُبه دف َعه(((‪.‬‬

‫الخش�وع املذموم‪ :‬تك ُّلفه‪ُ ،‬‬


‫ومطأطأة الرأس‬ ‫من ُ‬
‫ٍ‬
‫حقيقة‬ ‫ليظهر بمظهر اإلجالل دون‬ ‫أمام الناس‪،‬‬ ‫‪5‬‬
‫َ‬
‫قلب َّي ٍة‪.‬‬
‫ش�وع‬
‫َ‬ ‫ول�ذا ق�ال ُحذيف�ة ‪« :‬إ َّياك�م ُ‬
‫وخ‬
‫النِّف�اق»‪ ،‬فقيل له‪ :‬وما ُخش�وع النِّف�اق؟ قال‪:‬‬
‫خاش ًعا والقلب ليس بخاشع»‪،‬‬‫اجلسد ِ‬
‫َ‬ ‫«أن ترى‬
‫عمر بن اخلطاب ‪ ‬رجلاً طأطأ رقبته‬ ‫ورأى ُ‬
‫يف الصلاة‪ ،‬فق�ال‪« :‬يا صاح�ب الرقب�ة‪ ،‬ارفع‬
‫((( ينظر‪ :‬تفس�ير القرطبي (‪ ،)103/12 ،375/1‬ومدارج الس�الكين (‪،)517/1‬‬
‫وكتاب الذُّ لّ واالنكسار للعزيز الجبَّار البن رجب (ص‪.)32‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫الرقاب‪ ،‬إ َّنام ُ‬


‫الخشوع‬ ‫رقبتك! ليس ُ‬
‫الخشوع يف ِّ‬
‫يف القلوب»(((‪.‬‬

‫و«خشوع النِّفاق»‪:‬‬ ‫ال َف ْرق بني ُ‬


‫«خشوع اإليامن» ُ‬
‫َّ‬ ‫‪6‬‬
‫«أن ُخش�وع اإليمان ه�و ُخش�وع القل�ب هلل‪،‬‬
‫والوق�ار واملهابة واحلياء‪،‬‬ ‫بالتعظي�م واإلجالل َ‬
‫الو َجل‬ ‫م�ن‬ ‫ة‬‫ً‬ ‫�‬‫م‬ ‫َِس� القل�ب هلل َكْس� ًة م ِ‬
‫لتئ‬ ‫فينك رِ‬
‫َ‬ ‫رْ ُ َ‬
‫�هود نِ َع�م اهلل‬
‫وش ُ‬ ‫�ب واحلي�اء‪ُ ،‬‬ ‫حل ّ‬
‫واخلَ َج�ل وا ُ‬
‫القلب ال حمال�ة‪ ،‬ف َي ْت َب ُعه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فيخش�ع‬ ‫وجنايات�ه هو‪،‬‬
‫ُخشوع اجلوارح‪.‬‬
‫وأ َّما ُخشوع النِّفاق‪ ،‬فيبدو عىل اجلوارح تصنُّ ًعا‬
‫وتك ُّل ًفا‪ ،‬والقلب غري خاشع»(((‪.‬‬
‫(( ( ينظر‪ :‬تفسير القرطبي (‪ ،)103/12 ،375/1‬ومدارج السالكين (‪.)517/1‬‬
‫(( ( كتاب الرُّ وح البن القيِّم (ص‪.)232‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫الخش�وع يف الصلاة معن�اه‪ُ :‬ح ُض�ور القلب بني‬ ‫ُ‬


‫ضا ل ُق ْربه‪ ،‬ف َيسْ�كُن لذلك‬ ‫يدي اهلل تعاىل‪ ،‬مسْ� َتح رِ‬ ‫َ‬ ‫‪7‬‬
‫ْ ً‬ ‫ُ‬
‫قلبه‪ ،‬وتطمئن نفس�ه‪ ،‬و َتسْ�كُن حركاته‪ ،‬وينكسرِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫قارا وإيام ًنا به وبلقائه‪ ،‬و َي ِق ُّل‬
‫ً‬
‫يدي ربه ُذ اًّل وافتِ‬
‫بين َ ِّ‬
‫مجيع‬ ‫ي�دي رب�ه‪ ،‬مسْ� َتح رِ‬
‫ضا َ‬ ‫ْ ً‬ ‫التفات�ه‪ ،‬متأ ِّد ًب�ا بني َ ِّ ُ‬
‫م�ا يقول�ه ويفعل�ه يف صالته‪ ،‬م�ن أول صالته إىل‬
‫الرد َّية‪.‬‬
‫واألفكار َّ‬
‫ُ‬ ‫الوساوس‬
‫ُ‬ ‫آخرها‪ ،‬فتنتفي بذلك‬
‫وهذا ُروح الصالة‪ ،‬واملقصود منها‪ ،‬وهو الذي‬
‫ش�وع فيها وال‬
‫َ‬ ‫ُيك َتب للعبد‪ ،‬فالصالة التي ال ُخ‬
‫حضور قلب ‪-‬وإن كانت جمزئ� ًة ُمثا ًبا عليها‪،-‬‬
‫َ‬
‫فإن الثواب عىل َح َسب ما َي ْع ِقل القلب منها(((‪.‬‬
‫َّ‬
‫ق�ال اب� ُن ع َّباس ‪ ‬يف قول�ه تعاىل‪( :‬ﭕ‬
‫(( ( ينظر‪ :‬تفسير السعدي (ص ‪.)547 ،51‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫«مبِت�ون‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [املؤمن�ون‪ :]2 :‬خُ‬
‫ِ‬
‫أذلاَّ ء»‪ ،‬وقال احلسن وقتادة‪« :‬خائفون»‪ ،‬وقال‬
‫ِ‬
‫«متواضعون»‪ ،‬وقال جماهد‪« :‬هو غض‬ ‫مقاتل‪:‬‬
‫البرص وخفض الصوت»(((‪.‬‬

‫السكون (ال ُّطمأنينة)‬ ‫يتضمن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫الخشوع يف الصالة‬ ‫ُ‬


‫نق�ر َن ْق َر‬
‫فم�ن َ‬‫وال�ذ ّل)‪َ :‬‬ ‫(التواض�ع ُّ‬
‫ُ‬ ‫واخلض�وع‬ ‫‪8‬‬

‫وده‪ ،‬وكذل�ك َمن مل‬ ‫خيش�ع يف س�ج ِ‬ ‫ال ُغ�راب مل َ‬


‫ُ ُ‬
‫ينخ ِفض‬ ‫ويستقر قبل أن َ‬
‫َّ‬ ‫الركوع‬
‫رأسه من ُّ‬ ‫يرفع َ‬
‫الس�كون هو ال ُّطمأنين�ة ب َعينها‪،‬‬ ‫مل َيسْ�كُن‪َّ ،‬‬
‫ألن ُّ‬
‫خيشع‬ ‫فمن مل يطمئ َّن مل َي ْسكُن‪ ،‬و َمن مل َي ْسكُن مل َ‬ ‫َ‬
‫وده‪ ،‬و َمن مل خيش�ع كان‬ ‫وع�ه وال يف س�ج ِ‬ ‫يف ر ُك ِ‬
‫ُ ُ‬
‫آثِماً عاص ًيا(((‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تفسير البغوي (‪.)408/5‬‬
‫((( ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)558 ،554/22‬وكتاب اإليمان (ص ‪.)26‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫عظيم شأ ُنه‬ ‫أمر‬ ‫وهو‬ ‫النافع‪،‬‬ ‫م‬ ‫ْ‬


‫ل‬ ‫الخشوع من ِ‬
‫الع‬ ‫ُ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فقده‪ ،‬فهو أول ما ير َفع من ِ‬
‫الع ْلم‪ ،‬كام قال‬ ‫رسيع ُ‬
‫ُْ‬ ‫ٌ‬ ‫‪9‬‬

‫شداد بن أوس و ُعبادة بن الصامت ‪ ،‬قال‬ ‫َّ‬


‫خاش ًعا»(((‪ ،‬وقال ُعبادة‪:‬‬ ‫ش�داد‪« :‬حتى ال ترى ِ‬ ‫َّ‬
‫«إِ ْن ِش ْئ َت لأَ ُ َح ِّد َثن ََّك بِ َأ َّو ِل ِع ْل ٍم ُي ْر َف ُع ِم َن الن ِ‬
‫َّاس‪:‬‬
‫�ك َأ ْن َت ْد ُخ َل َم ْس ِج َد جمَ ا َع ٍة َفال‬ ‫وش ُ‬ ‫الخش�وع‪ ،‬ي ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫خاش ًعا»(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َت َرى فِ ِيه َر ُجلاً‬
‫«فالع ْلم النافع هو‬ ‫ِ‬ ‫احلافظ اب ُن رجب ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫فأوجب هلا الس�كينة واخلشية‬ ‫َ‬ ‫بارش القلوب‪،‬‬ ‫ما َ‬
‫واالنكس�ار له‪ ،‬وإذا‬ ‫ِ‬ ‫والتواضع‬
‫ُ‬ ‫واإلخبات هلل‪،‬‬
‫مل يب�ارش القلب ذلك من ِ‬
‫العلْ�م‪ ،‬وإ َّنام كان عىل‬ ‫ُ‬
‫ال ِّلس�ان؛ فهو ُح َّج�ة اهلل عىل اب�ن آدم يقو ُم عىل‬
‫النسائي في «الكبرى» (‪.)5878‬‬
‫ُّ‬ ‫((( رواه‬
‫(( ( رواه الترمذي (‪.)2653‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫وصف اهلل تعاىل‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫وغريه ‪ ...‬وهلذا املعنى‬ ‫صاحبِه‬
‫يف كتابه العلام َء باخلش�ية‪ ،‬كما قال تعاىل‪( :‬ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [فاط�ر‪ ،]28 :‬وق�ال‪:‬‬
‫(ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ) [الزمر‪.(((»]9 :‬‬

‫أح�وال الناس يف الصلاة ُمتباين�ة‪ :‬فمنهم َمن‬


‫خيرج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫نهم‬ ‫ش�وعه عنان السماء‪ِ ،‬‬
‫وم‬ ‫ِ‬ ‫يب ُلغ ُ‬
‫بخ‬ ‫‪10‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫من الصالة مل ِ‬
‫يعقل منها شي ًئا‪.‬‬
‫وهم يف الصالة عىل مراتب مخس‪:‬‬

‫فرط‪ :‬وهو الذي َ‬


‫انتقص‬ ‫األول‪ :‬مرتبة الظامل لنفسه ا ُمل ِّ‬
‫من ُوضوئها ومواقيتها وحدودها وأركاهنا‪.‬‬
‫((( الذُّ لّ واالنكسار للعزيز الجبَّار (ص‪.)45‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫الثاين‪َ :‬من حُيافِظ عىل مواقيتها وحدودها وأركاهنا‬


‫الظاهرة ووضوئها‪ ،‬لكن قد ض َّيع جماهدة نفسه‬
‫ِ‬
‫الوساوس واألفكار‪.‬‬ ‫الو ْس َوسة‪ ،‬فذهب مع‬
‫يف َ‬

‫الثال�ث‪َ :‬م�ن حاف�ظ على حدوده�ا وأركاهنا‪،‬‬


‫نفس�ه يف دف�ع الوس�اوس واألف�كار‪،‬‬ ‫وجاه�د َ‬
‫َ‬
‫سق منه‬‫عدوه؛ لئَّل�اَّ َي رْ ِ‬
‫بمجاه َدة ِّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫مش�غول‬ ‫فهو‬
‫ٍ‬
‫وجهاد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫صالة‬ ‫صالته‪ ،‬فهو يف‬
‫َ‬
‫أكم�ل حقوقها‬ ‫الراب�ع‪َ :‬من إذا ق�ا َم إىل الصالة‬
‫وأركاهن�ا وحدوده�ا‪ ،‬واس�تغرق قل َب�ه مراعا ُة‬
‫ِ‬
‫وحقوقها؛ لئلاَّ يض ِّيع منها ش�ي ًئا‪ ،‬بل‬ ‫ِ‬
‫حدوده�ا‬
‫مرصوف إىل إقا َمتِها كام ينبغي‪ ،‬وإكاملهِ ا‬
‫ٌ‬ ‫مهه ك ُّله‬
‫ُّ‬
‫شأن الصالة وعبود َّي ُة‬
‫وامتامها‪ ،‬قد استغرق قل َبه ُ‬ ‫ِ‬

‫ر ِّبه تبارك وتعاىل فيها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫اخلام�س‪َ :‬من إذا قام إىل الصالة قا َم إليها كذلك‪،‬‬


‫ولكن مع هذا قد َ‬
‫أخذ قل َبه ووض َعه بني َيدي ر ِّبه ع َّز‬
‫وج�ل‪ ،‬ناظرا بقلبه إليه‪ِ ،‬‬
‫مراق ًبا له‪ ،‬ممتل ًئا من حم َّبته‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫اضم َح َّلت‬ ‫وقد‬ ‫ويش�اهده‪،‬‬ ‫يراه‬ ‫كأنه‬ ‫‪،‬‬ ‫�ه‬‫و َع َظمتِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تلك الوس�اوس واخلَ َط�رات‪ ،‬وارتفعت ُح ُج ُبها‬
‫بين�ه وبني ر ِّب�ه‪ ،‬فهذا بين�ه وبني غيره يف الصالة‬
‫أفضل وأعظم مما بني السماء واألرض‪ ،‬وهذا يف‬
‫قرير العني به‪.‬‬
‫وجل ُ‬‫عز َّ‬ ‫ٌ‬
‫مشغول بر ِّبه َّ‬ ‫صالته‬
‫�ب‪ ،‬والثالث‬ ‫حماس ٌ‬ ‫�ب‪ ،‬والثاين َ‬ ‫فالقس�م األول معا َق ٌ‬
‫ثاب‪ ،‬واخلامس ُم َق َّر ٌب من ر ِّبه؛‬ ‫مك َّف ٌر عنه‪ ،‬والرابع ُم ٌ‬
‫فمن‬ ‫الصالة‪،‬‬ ‫يف‬ ‫عينه‬ ‫ة‬ ‫ق�ر‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫أل َّن ل�ه نصيبا ممن ج ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً َّ ُ‬
‫الدنيا َّقرت عينُه ب ُقربه من ر ِّبه‬
‫َّقرت عينُه بصالت�ه يف ُّ‬
‫وقرت عينُه أيض ًا به يف ُّ‬
‫الدنيا(((‪.‬‬ ‫وجل يف اآلخرة‪َّ ،‬‬ ‫عز َّ‬ ‫َّ‬
‫(( ( ينظر‪ :‬الوابل الصيِّب البن القيِّم (ص‪.)23‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ٌ‬
‫موقف بني َيديه‬ ‫�د بني َيدي اهلل تعاىل ِ‬
‫موقف�ان‪:‬‬ ‫للعب ِ‬
‫َْ‬
‫فمن قا َم‬
‫وموقف بين َيديه يو َم لقائ�ه‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫يف الصلاة‪،‬‬ ‫‪11‬‬
‫ومن‬ ‫اآلخر‪َ ،‬‬
‫بحق املوقف األول ُه ِّو َن عليه املوقف َ‬ ‫ِّ‬
‫�د َد عليه ذلك‬‫اس�تهان هبذا املوقف ومل يو ِّفه ح َّقه ُش ِّ‬
‫املوقف‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝ‬
‫فالخش�وع يف‬‫ﭞ ﭟ ﭠ) [اإلنس�ان‪(((]27-26 :‬؛ ُ‬
‫العبد موق َفه يف اآلخرة‪.‬‬ ‫الصالة هيون عىل ِ‬
‫ِّ‬

‫والخشوع‬ ‫الصال ُة أع َظ ُم أركان ِّ‬


‫الدين العمل َّية‪ُ ،‬‬
‫ُروح الصلاة و ُل ُّبها‪ ،‬فهو للصالة بمنزلة ُّ‬
‫الروح‬ ‫‪12‬‬

‫حضور ك َب َد ٍن‬
‫ٍ‬ ‫من اجلسد‪ ،‬فصال ٌة بال ُخشو ٍع وال‬
‫ت ال ُروح فيه(((‪.‬‬ ‫مي ٍ‬
‫ِّ‬
‫((( الفوائد البن القيِّم (ص‪.)200‬‬
‫(( ( ينظر‪ :‬مدارج السالكين (‪ ،)523/1‬والوابل الصيِّب (ص‪.)10‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫املؤمنني ا ُمل ْفلِحني‬


‫َ‬
‫ِ‬
‫صفات‬ ‫الخشوع يف الصالة من‬ ‫ُ‬
‫الوص�ف‬
‫ُ‬ ‫الدني�ا واآلخ�رة‪ ،‬ب�ل ُق ِّ‬
‫�د َم ه�ذا‬ ‫يف ُّ‬ ‫‪13‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪ ،‬يف‬ ‫وج ِع َ�ل بعد‬ ‫ِ‬
‫على بق َّي�ة أوصافهم‪ُ ،‬‬
‫قول�ه تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ) [املؤمن�ون‪]2-1 :‬؛ فالصلاة‬
‫الخش�وع‪:‬‬ ‫ِ‬
‫أحوال ُ‬ ‫وع هلل‪ ،‬وأوىل‬ ‫ش�وع ُ‬
‫وخ ُض ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُخ‬
‫ألن املص يِّ‬
‫ِّل� ُيناجي ر َّبه‪،‬‬ ‫يك�ون يف الصلاة؛ َّ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫فيخشع له‪ ،‬وهذا‬ ‫َ‬ ‫يدي ر ِّبه‬
‫نفسه أ َّنه بني َ‬ ‫ر‬ ‫فيش ِ‬
‫ْ�ع‬
‫ُ ُ َ‬
‫من كامل األ َدب مع ر ِّبه تعاىل(((‪.‬‬

‫الخش�وع يف الصالة من أسباب دخول اجلنَّة؛ كام‬


‫ُ‬
‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫‪14‬‬

‫ﭘ ﭙ) [املؤمن�ون‪ ،]2-1 :‬ث�م قال يف ختام‬


‫((( ينظر‪ :‬التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (‪.)9/18‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫اآليات‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [املؤمنون‪.]11-10 :‬‬
‫وذك�ر اهلل تعاىل‪( :‬اخلاش�عني واخلاش�عات) يف‬ ‫َ‬
‫عباده األخيار‪ ،‬الذي َن (ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫جمُ َلة ِ‬
‫ﯟ ﯠ) [األحزاب‪.]35 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫�ن ُم ْس�ل ٍم َي َت َو َّض ُأ َف ُي ْحس ُ‬
‫�ن‬ ‫ويف احلدي�ث‪« :‬ما م ْ‬
‫�وء ُه‪ُ ،‬ث َّم َي ُقو ُم َف ُي َص يِّل َر ْك َع َتينْ ِ ‪ُ ،‬م ْقبِ ٌل َع ِ‬
‫ليهام‬ ‫ُو ُض َ‬
‫الجنَّ ُة»(((‪.‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫لاَّ‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫؛‬ ‫بِ َقلبِ ِه ووج ِه ِ‬
‫ه‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َ َ ْ‬

‫الذنوب؛‬ ‫الخشوع يف الصالة من أسباب مغفرة ُّ‬ ‫ُ‬


‫�ن َت َو َّض َأ َن ْح َو ُو ُضوئِي َهذا‪،‬‬ ‫«م ْ‬ ‫كام يف احلديث‪َ :‬‬ ‫‪15‬‬

‫يهام َن ْف َس ُه؛ ُغ ِف َر َل ُه ما‬


‫ث فِ ِ‬ ‫ُث َّم َصلىَّ َر ْك َع َتينْ ِ الَ حُ َ‬
‫ي ِّد ُ‬
‫َت َق َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(((‪.‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)234‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)159‬ومسلم (‪.)226‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫لف�ظ‪« :‬م�ا ِم ِن ْام ِر ٍئ ُم ْس�لِ ٍم حَ ْت ُرُ‬


‫ُض� ُه َصال ٌة‬ ‫ويف ٍ‬

‫وءه�ا َو ُخش�و َعها‬ ‫ض‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫�ن‬ ‫س‬‫م ْك ُتوب� ٌة‪َ ،‬فيح ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫وب‪،‬‬ ‫ت َك َّف َار ًة لمِا َق ْب َلها ِم ْن ُّ‬
‫الذ ُن ِ‬ ‫َو ُر ُكو َعها؛ إِلاَّ كا َن ْ‬
‫الد ْه َر ُك َّل ُه»(((‪.‬‬‫ك َّ‬ ‫ت َكبِ َريةً‪َ ،‬و َذلِ َ‬‫ما لمَ ْيأ ِ‬
‫ْ‬
‫ذكر َ‬
‫فضل‬ ‫أن‬ ‫بعد‬ ‫قال‬ ‫آخر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫ويف‬
‫َ‬ ‫‪‬‬

‫الوضوء‪َ ...« :‬فإِ ْن ُه َو قا َم َف َصلىَّ ‪َ ،‬ف َح ِم َد اهللَ َو َأ ْثنَى‬ ‫ُ‬


‫م َد ُه بِا َّل ِذي ُه َو َل ُه َأ ْه ٌ‬
‫�ل‪َ ،‬و َف َّر َغ َق ْل َب ُه لهلِ؛ إِلاَّ‬ ‫ع َلي ِ‬
‫�ه َو جَ َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ف ِم ْن َخطِي َئتِ ِه َك َه ْي َئتِ ِه َي ْو َم َو َل َد ْت ُه ُأ ُّم ُه»(((‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫ا ْن رَ َ‬
‫ِ‬
‫اخلاشعني؛ فهي‬ ‫كل ٍ‬
‫أحد إال‬ ‫الصالة ش�ا َّق ٌة عىل ِّ‬
‫س�هل ٌة عليهم خفيف ٌة‪ ،‬بل هي ُق َّ�ر ُة ٍ‬
‫عني هلم عىل‬
‫‪16‬‬

‫احلقيق�ة‪ ،‬كما ق�ال تع�اىل‪( :‬ﮰ ﮱ‬


‫((( رواه مسلم (‪.)228‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)832‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫[البق�رة‪:‬‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ)‬
‫‪.]46-45‬‬
‫وخش�ي َة اهلل ورج�ا َء م�ا عنده‪،‬‬ ‫ش�وع َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫«ألن ُ‬
‫الخ‬
‫�د ُره؛ لرت ُّقبِ�ه‬ ‫وج�ب ل�ه فِ ْع َله�ا ُم رَ ِ‬
‫نش ًح�ا َص ْ‬ ‫ُي ِ‬
‫للثواب‪ ،‬وخش� َيتِه من العق�اب‪ .‬بخالف َمن مل‬
‫داعي له يدعوه إليها‪ ،‬وإذا‬ ‫يك�ن كذلك؛ فإ َّنه ال َ‬
‫فع َلها صارت ِمن أثقل األشياء عليه»(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫اخلاش�عني؛ «خلُ ُل ِّو‬ ‫فالصلاة َك رُ َ‬
‫ُب�ت على غير‬
‫قلوهب�م من حم َّب�ة اهلل تع�اىل وتكبيره وتعظيمه‬
‫ضور‬
‫ف�إن ُح َ‬ ‫والخش�و ِع ل�ه‪ ،‬وق َّلة رغبتهم فيه؛ َّ‬
‫ُ‬
‫وخش�و َعه فيه�ا وتكمي َله هلا‪،‬‬
‫العب�د يف الصالة ُ‬
‫((( تفسير السعدي (ص‪.)51‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫واس�تفرا َغه ُو ْس َعه يف إقامتها وإمتامها؛ عىل َق ْدر‬


‫َر ْغ َبتِه يف اهلل تعاىل»(((‪.‬‬

‫ف�رغ قل َب�ه‬‫الخش�وع يف الصلاة َمل�ن َّ‬ ‫حيص�ل ُ‬‫ُ‬


‫َ‬ ‫‪17‬‬
‫وآثرها عىل‬ ‫واش�تغل هبا عَّم�اَّ عداه�ا‪َ ،‬‬ ‫للصالة‪،‬‬
‫تكون‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وحينئ�ذ‬ ‫وأقامه�ا على َو ْج ِهها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫غريه�ا‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ (((‬
‫النبي ‪:‬‬ ‫عني ‪ ،‬كام قال ُّ‬ ‫راح� ًة له و ُق َّرة‬
‫ت ُقر ُة عينِي فيِ الص ِ‬ ‫ِ‬
‫الة»(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫«و ُجع َل ْ َّ َْ‬ ‫َ‬
‫الصالةَ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫لال‪َ ،‬أ ِ‬
‫ق‬ ‫وكان ‪ ‬يقول‪« :‬يا بِ ُ‬
‫َّ‬
‫َأ ِر ْحنا بهِ ا»(((‪.‬‬
‫والروح ب�اهلل‪ ،‬و ُق ْر ُبه والتن ُّعم‬ ‫ففيه�ا «ا ِّت ُ‬
‫صال القلب ُّ‬
‫كتاب الصالة البن القيِّم (ص‪.)140‬‬ ‫(( (‬
‫ينظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪.)461/5‬‬ ‫((( ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫رواه النسائي (‪،)3939‬‬ ‫((( ‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫رواه أبو داود (‪،)4985‬‬ ‫((( ‬

‫‪19‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫والوق�وف بني َيديه‪،‬‬


‫ُ‬ ‫ه�اج ُبمناجاتِه‪،‬‬
‫ُ‬
‫ْ�ره‪ ،‬واالبتِ‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬
‫بذ‬
‫واستعامل مجيع ال َب َدن و ُقواه وآالتِه يف عبود َّيته»(((‪.‬‬
‫ُ‬

‫النب�ي ‪‬‬ ‫أن‬


‫الخش�وع‪َّ :‬‬ ‫م�ن ع َظ�م ِ‬
‫أم�ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫�وة القلب وعد ِم‬ ‫يس�تعيذ باهلل تعاىل من َق ْس َ‬ ‫ُ‬ ‫كان‬ ‫‪18‬‬

‫ك ِم ْن‬ ‫ش�وعه؛ فكان يقول‪« :‬ال َّل ُه َّم إِنيِّ َأ ُعو ُذ بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُخ‬
‫س الَ‬ ‫ب الَ يخَ ْ َش ُع‪َ ،‬و ِم ْن َن ْف ٍ‬ ‫ِع ْل ٍم الَ َينْ َف ُع‪َ ،‬و ِم ْن َق ْل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫جاب لهَ ا»(((‪.‬‬ ‫َت ْش َب ُع‪َ ،‬وم ْن َد ْع َوة الَ ُي ْس َت ُ‬

‫الخش�وع يف الصالة‪،‬‬‫العلماء يف ُحكم ُ‬


‫ُ‬ ‫اختل�ف‬
‫واجب�ات الصالة‪ ،‬أو م�ن فضائلِها‬
‫ِ‬ ‫ه�ل هو من‬ ‫‪19‬‬
‫وم َك ِّم هِ‬
‫التا‪ ،‬عىل قو َلني‪:‬‬ ‫ُ‬
‫مجه�ور الفقه�اء إىل أ َّنه ُس�نَّ ٌة من ُس�نَن‬
‫ُ‬ ‫فذه�ب‬
‫َ‬
‫((( زاد المعاد (‪.)185/4‬‬
‫((( رواه مسلم (‪.)2722‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ِ‬
‫صالة َم�ن ُيفكِّ�ر ٍ‬
‫بأمر‬ ‫الصلاة‪ ،‬بدلي�ل ِصح ِ‬
‫�ة‬ ‫َّ‬
‫ني�وي؛ إ ْذ مل يقول�وا ب ُبطالنهِ�ا إذا كان ضاب ًط�ا‬
‫ٍّ‬ ‫ُد‬
‫أفعالهَ ا‪.‬‬
‫القول بالوجوب‪ ،‬منهم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫العلماء‬ ‫واختار ُ‬
‫بعض‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وشيخ اإلسالم اب ُن تيم َّية‪،‬‬ ‫والقرطبي‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫الغزا ُّيل‪،‬‬
‫وغريهم(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واب ُن الق ِّيم‪،‬‬
‫بدلي�ل قولِ�ه تع�اىل‪( :‬ﮰ ﮱ ﯓﯔ‬
‫ِ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ) [البق�رة‪]45 :‬؛ «وه�ذا‬
‫َّ‬
‫وال�ذ ُّم ال يكون إال‬ ‫يقتيض ذ َّم ِ‬
‫غري اخلاش�عني ‪...‬‬
‫غري اخلاشعني‬ ‫كان‬ ‫وإذا‬ ‫م‪،‬‬ ‫حمر‬ ‫ِ‬
‫فعل‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬
‫واجب‬ ‫ل ِ‬
‫ك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ترَْ‬
‫الخشوع»(((‪.‬‬ ‫مذمومني َّ‬
‫دل ذلك عىل وجوب ُ‬ ‫َ‬
‫((( ينظ�ر‪ :‬إحياء علوم الدِّ ين (‪ ،)159/1‬وتفس�ير القرطبي (‪ ،)104/12‬ومجموع‬
‫الفتاوى (‪ ،)553/22‬ومدارج السالكين (‪ ،)526 - 521 ،132/1‬والموسوعة‬
‫الفقهيَّة (‪.)117/19‬‬
‫(( ( مجموع الفتاوى (‪.)553/22‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ف وما ُكتِ‬
‫ب‬‫َ‬ ‫�ل َل َينَْص�رَ ِ ُ َ‬ ‫ويف احلدي�ث‪« :‬إِ َّن َّ‬
‫الر ُج َ‬
‫�ه‪ُ ،‬ت ْس� ُعها‪ُ ،‬ث ْمنُها‪ُ ،‬س� ْب ُعها‪،‬‬‫َل�ه إِلاَّ عْش�رْ صالتِ ِ‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ُس ْد ُسها‪ ،‬خمُ ُْسها‪ُ ،‬ر ْب ُعها‪ُ ،‬ث ُل ُثها‪ ،‬نِ ْص ُفها»(((‪.‬‬
‫وقال اب ُن ع َّباس ‪« :‬ليس لك من صالتك‬
‫إال ما َع َق ْل َت منها»(((؛ َّ‬
‫فدل هذا عىل أ َّنه ال ُي ْع َت ُّد‬
‫وخشع فيها لر ِّبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫له فيها إال بام َ‬
‫عقل منها‬

‫َمن مل َ‬
‫خيشع يف صالته‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫�د له فيه�ا يف الث�واب إال بام َع َق َ‬
‫�ل منها‬ ‫فلا ُي ْع َت ُّ‬
‫وخش�ع‪ ،‬وقد ع َّلق اهلل فالح املص ِّلني ُ‬
‫بالخشوع‬ ‫َ‬
‫يف صالهت�م‪ ،‬كما ق�ال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [املؤمنون‪]2-1 :‬؛ َّ‬
‫فدل‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ابن حبَّان (‪،)1889‬‬
‫وصححه ُ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪، )796‬‬
‫الس�نَّة النبويَّة‬
‫(( ( ينظ�ر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)217 /32 ،612 ،603/22‬ومنهاج ُّ‬
‫(‪ ،)217/6 ،195/5‬ومدارج السالكين (‪.)521 ،132/1‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫أن َمن مل خيشع فليس من أهل الفالح‪ ،‬ولو‬ ‫عىل َّ‬


‫فلحني‪.‬‬ ‫اع ُت َّد له هبا ثوابا لكان من ا ُمل ِ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫وس�قوط‬ ‫وأم�ا االعتِ�داد هب�ا يف أح�كا ِم ُّ‬
‫الدني�ا‬ ‫َّ‬
‫ش�وع وتع ُّق ُلها‬‫ُ‬ ‫غل�ب عليه�ا ُ‬
‫الخ‬ ‫َ‬ ‫القض�اء‪ :‬فإن‬
‫واألذكار عقيبها‬
‫ُ‬ ‫السنَ ُن‬‫اع ُت َّد هبا إمجا ًعا‪ ،‬وكانت ُّ‬
‫جوابر و ُمك َّمالت لنَ ْق ِصها‪.‬‬
‫َ‬
‫الخشوع فيها وعد ُم تع ُّقلِها‪:‬‬ ‫عليه عد ُم ُ‬ ‫وإن غلب ِ‬
‫ْ َ‬
‫وجوب إعا َدتهِ ا‪ ،‬وأكثر‬ ‫ِ‬ ‫اختل�ف الفقها ُء يف‬
‫َ‬ ‫فقد‬
‫الفرض‬
‫َ‬ ‫الفقه�اء عىل عد ِم وجوب اإلعادة َّ‬
‫وأن‬
‫ورجحه اإلمام اب ُن الق ِّيم(((‪.‬‬ ‫يس ُقط بذلك‪َّ ،‬‬

‫أقل فهذا أكمل؛‬ ‫ساوس يف الصالة ك َّلام كانت َّ‬ ‫الو ِ‬ ‫َ‬
‫�ن َت َو َّض َأ َن ْح َو ُو ُضوئِي َهذا‪،‬‬
‫«م ْ‬
‫كام يف احلديث‪َ :‬‬
‫‪21‬‬

‫(( ( ينظر‪ :‬مدارج السالكين (‪.)526 - 521/1‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫يهام َن ْف َس ُه؛ ُغ ِف َر َل ُه ما‬


‫ث فِ ِ‬‫ي ِّد ُ‬ ‫ُث َّم َصلىَّ َر ْك َع َتينْ ِ الَ حُ َ‬
‫َت َق َّد َم ِم ْن َذ ْنبِ ِه»(((‪.‬‬
‫والو ْس�واس إذا كان قليًل�اً ؛ فلا ُي ْبطِل الصالة‬ ‫َ‬
‫با ِّتفاق أه�ل العلم‪ ،‬لكن ين ُق�ص األجر‪ ،‬ويجُبرَ‬
‫الر ُج َل‬‫النق�ص بالنوافل‪ ،‬كام يف احلدي�ث‪« :‬إِ َّن َّ‬
‫ش َصالتِ ِه‪ُ ،‬ت ْس ُعها‪،‬‬ ‫ب َل ُه إِلاَّ ُع ُرْ‬ ‫َ‬
‫ف وما ُكتِ‬
‫َل َينْصرَ ِ ُ َ‬
‫خ ُسها‪ُ ،‬ر ْب ُعها‪ُ ،‬ث ُل ُثها‪،‬‬
‫ُث ْمنُها‪ُ ،‬س ْب ُعها‪ُ ،‬س ْد ُس�ها‪ ،‬مُْ‬
‫نِ ْص ُفها»(((‪.‬‬
‫بعض‬‫فذهب ُ‬‫َ‬ ‫أما إذا كان غال ًبا عىل أكثر الصالة‪:‬‬
‫ِ‬
‫طلان الصلاة وأوجب�وا إعا َدهت�ا‪،‬‬ ‫العلماء إىل ُب‬
‫الفرض‬
‫َ‬ ‫وأكثرهم عىل عد ِم وجوب اإلعادة َّ‬
‫وأن‬
‫والنب�ي ‪ ‬مل يأ ُمر بإعادة‬ ‫ُّ‬ ‫يس� ُقط بذل�ك‪،‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)159‬ومسلم (‪.)226‬‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ابن حبَّان (‪،)1889‬‬
‫وصححه ُ‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪، )796‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫�هو‪ ،‬ومل‬ ‫الس‬ ‫ِ‬


‫بس�جود‬ ‫أمره‬
‫َّ ْ‬ ‫صالة الس�اهي‪ ،‬وإ َّنام َ‬
‫اختيار شيخ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وكثريه‪ ،‬وهو‬ ‫السهو‬‫يفرق بني قليل َّ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم ابن تيم َّية وتلميذه ابن الق ِّيم‪.‬‬
‫لك�ن ال نزاع أ َّنه ال يث�اب عىل ٍ‬
‫يشء من الصالة‬ ‫ُ‬
‫ضور قلبه وخضوعه(((‪.‬‬ ‫إال ب َق ْدر ُح ِ‬

‫الخشوع يف الصالة قسامن‪:‬‬


‫األسباب التي ُتعني عىل ُ‬
‫ُ‬
‫‪22‬‬
‫(قوة‬
‫ويقويه َّ‬
‫ش�وع ِّ‬ ‫َ‬ ‫الخ‬
‫وجد ُ‬‫األول‪َ :‬ج ْل�ب ما ُي ِ‬
‫باجتهاد العب�د يف أن َي ْع ِقل ما يقو ُله‬
‫ِ‬ ‫ِض�)‪:‬‬ ‫املق َت يِ‬
‫والدع�اء‪،‬‬ ‫ويفعل�ه‪ ،‬ويتد َّب�ر الق�راءة ِّ‬
‫والذكْ�ر ُّ‬
‫ويستعني‬
‫ُ‬ ‫و َي ْس َت ْح رِض أ َّنه ُم ٍ‬
‫ناج هلل تعاىل كأ َّنه يراه‪،‬‬
‫باهلل تعاىل عىل ذلك‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬مجم�وع الفت�اوى (‪ ،)611 ،603/22‬واالختي�ارات الفقهيَّة (ص‪،)59‬‬
‫السنَّة النبويَّة (‪ ،)195/5‬ومدارج السالكين (‪.)132/1‬‬
‫ومنهاج ُّ‬

‫‪25‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ِ‬
‫الشاغل‬ ‫(ض ْعف‬ ‫والثاين‪ :‬دفع ما ُي ْض ِع ُفه ويزي ُله َ‬
‫العارض)‪ :‬باالجتهاد يف َد ْفع ما َيشْ� َغل‬ ‫وزوال ِ‬
‫ِ‬
‫كالوس�اوس‬ ‫القل�ب ع�ن مقص�ود الصلاة‪،‬‬
‫واألفكار واخلَ َطرات(((‪.‬‬
‫فعىل املصليِّ معرف ُة األس�باب اجلالبة ُ‬
‫للخش�وع‬
‫لتحصيلها‪ ،‬واألسباب الم ِ‬
‫شغ َلة عنه لتالفيها‪.‬‬ ‫ُ‬

‫الخش�وع‬‫م�ن األس�باب التي ُتعين عىل َج ْلب ُ‬


‫ِ‬
‫للصلاة والته ُّي�ؤ هل�ا‪،‬‬ ‫وتقو َيتِ�ه‪ :‬االس�تعدا ُد‬ ‫‪23‬‬
‫ِ‬
‫والرتديد م�ع املؤ ِّذن‪ ،‬وأخذ‬ ‫ِ‬
‫الوضوء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بإحس�ان‬
‫أكل ما له رائحة‬ ‫ِ‬
‫واالبتع�اد عن ِ‬ ‫الزين�ة للصالة‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫بسكينة‬ ‫ِ‬
‫والتبكري إىل الصالة‪ ،‬وامليش إليها‬ ‫كرهية‪،‬‬
‫ِ‬
‫واالنشغال‬ ‫الصف األول‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫وانتظارها يف‬ ‫ٍ‬
‫ووقار‪،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)605/22‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫وذك�ر اهلل وق�راءة القرآن بين األذان‬ ‫بالدع�اء ِ‬


‫ُّ‬
‫والتراص فيها؛‬ ‫الصفوف‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫واإلقام�ة‪ ،‬وتس�وية ُّ‬
‫ألن الشياطني تتخ َّلل ال ُف َرج بني ُّ‬
‫الصفوف‪.‬‬ ‫َّ‬

‫الخشوع وتقو َيتِه‪:‬‬


‫من األسباب التي ُتعني عىل َج ْلب ُ‬
‫والسجود‪.‬‬ ‫ال ُّطمأنينة يف الصالة‪ ،‬وإمتا ُم ُّ‬
‫الركوع ُّ‬
‫‪24‬‬

‫النبي‬
‫أمر ُّ‬ ‫وال ُّطمأنينة م�ن أركان الصالة‪ ،‬وق�د َ‬
‫المسي َء صال َته(((‪ ،‬ويف احلديث‪:‬‬ ‫‪ ‬هبا ُ‬
‫�اس ِ َق� ًة‪ :‬ا َّل ِ‬
‫�ذي َي رْ ِ‬
‫ْس� ُق َصال َت ُه»‪،‬‬ ‫�و ُأ النَّ ِ سرَ‬ ‫َ‬
‫«أ ْس َ‬
‫ق�ال‪« :‬ال ُيتِ ُّم‬
‫ْس� ُق صال َت�ه؟ َ‬ ‫يْ�ف َي رْ ِ‬
‫قا ُل�وا‪َ :‬و َك َ‬
‫ُر ُكو َعها َوال ُس ُجو َدها»(((‪.‬‬
‫والذي ال ي ْطم ِئن يف صالته ال ي ِ‬
‫مكن أن َ‬
‫خيشع؛‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)757‬ومسلم (‪.)397‬‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ابن حبَّان (‪،)1888‬‬
‫((( رواه ُ‬

‫‪27‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ْ�ر ال ُغراب‬ ‫ب ُ‬
‫بالخش�وع‪ ،‬و َنق َ‬ ‫ألن السرُّ ع�ة َت ْذ َه ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ب الثواب!‬ ‫ُي ْذه ُ‬

‫من األس�باب الت�ي ُتعني عىل َج ْلب ُ‬


‫الخش�وع‪:‬‬
‫تذ ُّك�ر املوت يف الصالة‪ ،‬فيصِّل�يِّ صال َة ُم َو ِّدع ال‬ ‫‪25‬‬

‫وي يف احلديث‪« :‬إِذا‬ ‫ور َ‬ ‫غريه�ا‪ُ ،‬‬ ‫صل َ‬ ‫ي ُظ ُّن أ َّنه ُي يِّ‬
‫ت فيِ َصالتِ َ‬
‫ك َف َص ِّل َصال َة ُم َو ِّدعٍ»(((‪.‬‬ ‫ُق ْم َ‬

‫الخش�وع‪:‬‬ ‫من األس�باب الت�ي ُتعني عىل َج ْلب ُ‬


‫ف بين َيديه وكربيائِه‬ ‫يق ُ‬ ‫اس�تحضار ع َظم�ة من ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫‪26‬‬

‫ف‬‫املترص ُ‬ ‫س�بحانه‬ ‫ه‬‫ن‬‫َّ‬ ‫وأ‬ ‫من�ه‪،‬‬ ‫واحلياء‬ ‫�ه‪،‬‬ ‫وجاللِ‬


‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫يف أحوالِ�ه ك ِّلها‪ ،‬وأ َّنه س�بحانه جُييبه يف الفاحتة‪،‬‬
‫ِ‬
‫املقروءة أو املس�موعة يف الصالة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫وتد ُّب ُر‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(( ( رواه ابن ماجه (‪ ،)4171‬وضعَّ فه البوصيري‪،‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ِ‬
‫الصوت هبا‪ ،‬والتفا ُع ُل معها‪،‬‬ ‫وحتسين‬ ‫وترتي ُلها‬
‫ُ‬
‫�ور‬
‫الس َ‬ ‫ِ‬
‫أذكار الصلاة‪ ،‬والتنوي�ع بين ُّ‬ ‫وتد ُّب ُ�ر‬
‫الت�ي يقرؤه�ا‪ ،‬واألذكار واألدعي�ة املختلف�ة يف‬
‫والسجود وغريها‪ُ ،‬‬
‫فيخرج‬ ‫والركوع ُّ‬
‫االستفتاح ُّ‬
‫وقوي يقينُه بر ِّبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫من صالته وقد ازدا َد إيام ُنه‬

‫م�ن األس�باب التي ُتعين عىل َج ْلب ُ‬


‫الخش�وع‬
‫‪27‬‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ً‬
‫يقطع‬
‫َ‬ ‫والد ُن ُّو منها‪ ،‬حتى ال‬
‫ْت�ة ُّ‬
‫ •الصال ُة إىل ُس رْ‬
‫برصه عماَّ‬
‫تكف َ‬‫الش�يطان عليه صال َته‪ ،‬وهي ُّ‬‫ُ‬
‫الخشوع وعدم االلتِفات‪.‬‬ ‫ورا َءها‪ ،‬ف ُتعينه عىل ُ‬
‫ْس�ى َ‬
‫حال القيام؛ فهي‬ ‫ •وض�ع ال ُيمنى عىل ال ُي رْ َ‬
‫الذ ِّل واخلضوع هلل تعاىل‪ ،‬وهي‬‫م�ن عالمات ُّ‬
‫أقرب إىل ُ‬
‫الخشوع وأمنَع من ال َع َبث‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪29‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ •االس�تعاذ ُة ب�اهلل تعاىل م�ن الش�يطان الرجيم‬


‫أثناء‬
‫اهدته َ‬ ‫وم َ‬ ‫قبل الق�راءة يف أول الصلاة‪ ،‬جُ‬
‫العاص ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ثْامن ْب ُن َأ يِب‬
‫الصالة‪ ،‬و َّملا قال ُع ُ‬
‫ِ‬ ‫طان َق ْد َ‬
‫حال َب ْين َ َ ينْ َ‬
‫ب‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫الش ْي َ‬ ‫ول اهللِ‪ ،‬إِ َّن َّ‬
‫يا َر ُس َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫الت َو ِقرا َء يِت َي ْلبِ ُسها َعليَ َّ ؛ َ‬ ‫َص يِ‬
‫قال َل ُه َخنْ َز ٌب‪َ ،‬فإِذا َأ ْح َس ْس� َت ُه‬ ‫طان ُي ُ‬
‫«ذاك َش� ْي ٌ‬ ‫َ‬
‫س�ار َك َثال ًثا»‪،‬‬ ‫�و ْذ بِ�اهللِ ِمنْ� ُه‪ ،‬وا ْت ِف ْل َعلىَ َي ِ‬ ‫َف َت َع َّ‬
‫قال‪َ :‬ف َف َع ْل ُت َذلِ َك‪َ ،‬ف َأ ْذ َه َب ُه اهللُ َعنِّي(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫التشهد ينظر‬
‫ُّ‬ ‫الس�جود‪ ،‬ويف‬‫ •النظر إىل موضع ُّ‬
‫إىل أص ُب ِعه التي ُيشير هبا‪ ،‬واإلش�ار ُة هبا ُّ‬
‫أشد‬
‫عىل الشيطان من احلديد‪.‬‬
‫احلرص عىل األذكار الواردة بعد السلام من‬ ‫ • ِ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)2203‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫الصلاة؛ فإنهَّ ا ُتعني عىل تثبيت ِ‬


‫أثر ُ‬
‫الخش�وع‬
‫يف القلب‪.‬‬
‫والتضرع إليه‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫ش�وع‪،‬‬
‫َ‬ ‫الخ‬ ‫ُ‬
‫س�ؤال اهلل تع�اىل ُ‬ ‫ •‬
‫واالستعان ُة به عىل ذلك‪.‬‬
‫هِ‬
‫صالتم‪ ،‬فقد كانوا‬ ‫الس َلف يف‬
‫التأمل يف حال َّ‬
‫ • ُّ‬
‫ِ‬
‫ألمر الصالة‪،‬‬ ‫أكثر الناس ُخش�و ًعا وتعظيًم�اً‬
‫َ‬
‫أحدهم وق�د ق�ام إىل صالتِه‬ ‫رأي�ت َ‬
‫َ‬ ‫ف�ـ «ل�و‬
‫واس�تفتح كالم‬
‫َ‬ ‫وقف يف حمرابه‬
‫َ‬ ‫وقرا َءتِه‪ ،‬ف ماَّل‬
‫خطر عىل قلبه َّ‬
‫أن ذلك املقام هو املقام‬ ‫س ِّيده؛ َ‬
‫فانخلع‬
‫َ‬ ‫لرب العاملني‪،‬‬
‫الناس ِّ‬
‫ال�ذي يقوم فيه ُ‬
‫وذهل عق ُله»(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫قل ُبه‬

‫«كان إِذا ق�ا َم َأ َح ُد ُه ْ‬


‫�م‬ ‫َ‬ ‫جماه�د ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ق�ال‬
‫((( حلية األولياء ألبي نُعَ يم (‪.)340/9‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫�د َبصرَ َ ُه إِلىَ شيَْ ٍء‪،‬‬ ‫ح َن َأ ْن َي ُش َّ‬


‫الر مْ َ‬ ‫اب َّ‬ ‫ُي َصليِّ ؛ يهَ ُ‬
‫حل ىَص‪َ ،‬أ ْو َي ْع َب َث بِشيَْ ٍء‪،‬‬ ‫ا‬
‫ْ ُ َ َ‬‫ب‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َأو ي ْل َت ِ‬
‫ف‬ ‫ْ َ‬
‫الد ْنيا إِلاَّ ِ‬ ‫ث َن ْف َس� ُه ِم ْن َش ْ�أ ِن ُّ‬
‫ناس ًيا‪ ،‬ما‬ ‫ي ِّد َ‬‫َأ ْو حُ َ‬
‫دا َم فيِ َصالتِ ِه»(((‪.‬‬

‫الخشوع‪ ،‬بدف ِع ما‬


‫من األس�باب التي ُتعني عىل ُ‬
‫ويرص ُفه و ُي ْش ِغل عنه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫يمنَ ُعه‬ ‫‪28‬‬

‫يِّ‬
‫املصل و ُيلهيه يف مكان صالته‪،‬‬ ‫ •إزالة ما َي ْش َغل‬
‫م�ن نق�وش وتصاوي�ر وزخ�ارف‪ ،‬وجتنُّ�ب‬
‫املتحدثين وجمال�س ال َّلغو‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الصلاة بج�وار‬
‫والتلف�از‪ ،‬ونح�و ذل�ك‪ .‬ويدخ�ل يف ذل�ك‪:‬‬
‫اجل�وال أو َو ْضعه عىل‬ ‫ِ‬
‫احل ْ�رص عىل إغلاق‬
‫َّ‬
‫الصامت‪.‬‬
‫((( تعظيم قدر الصالة البن نصر المروزي (‪ ،)188/1‬وتفسير الطبري (‪.)381/4‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ِ‬
‫الش�واغ ِل والتف ُّكر يف غري‬ ‫تفري�غ القلب م�ن‬
‫ُ‬ ‫ •‬
‫الصالة‪.‬‬
‫ •ألاَّ يصِّل�يِّ وق�د غلب�ه النُّع�اس‪ ،‬أو بحرضته‬
‫حمص�ور يريد قضاء‬ ‫ٌ‬ ‫طعا ٌم يش� َتهيه‪ ،‬وال وهو‬
‫ْض� ِة‬
‫احلاج�ة؛ ويف احلدي�ث‪« :‬ال َصلا َة بِ َح رْ َ‬
‫ثان»(((‪ ،‬وقال‬ ‫ال َّطع�امِ‪ ،‬وال ُه َو ُيدافِ ُع� ُه األَ ْخ َب ِ‬
‫�و ُي َصِّل�يِّ‬
‫�م َو ُه َ‬ ‫�س َأ َح ُد ُك ْ‬
‫‪« :‬إِذا َن َع َ‬
‫ب َعنْ ُه النَّ ْو ُم؛ َفإِ َّن َأ َح َد ُك ْم‬ ‫َف ْليرَ ْ ُق ْد‪َ ،‬ح َّت�ى َي ْذ َه َ‬
‫ناع ٌس‪ ،‬الَ َي ْد ِري َل َع َّل ُه َي ْس� َت ْغ ِف ُر‬ ‫إِذا صلىَّ وهو ِ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫َف َي ُس ُّ‬
‫ب َن ْف َس ُه»(((‪.‬‬
‫إعط�اء البدن ح َّقه من الن�وم والراحة‪ ،‬و َت ْرك‬
‫ُ‬ ‫ •‬
‫الس َهر إال حلاجة؛ حتى يقو َم للصالة نشي ًطا‪.‬‬‫َّ‬
‫((( رواه مسلم (‪.)560‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)212‬ومسلم (‪.)786‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ 28‬فائدة عن الخشوع يف الصالة‬

‫ • َت ْ�رك التثاؤب‪ ،‬وااللتف�ات يف الصالة‪ ،‬ورفع‬


‫البرص إىل السامء‪.‬‬
‫ •ترك التش ُّبه بالبهائم يف الصالة‪ ،‬فال ين ُقر كنقر‬
‫يفترش كالس�بع‪ ،‬وال ِ‬
‫يلتفت‬ ‫الغ�راب‪ ،‬وال ِ‬
‫َّ‬
‫كالث ْع َلب(((‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن جيع َلنا من اخلاشعني ا ُملخبِتني‪،‬‬


‫وح ْس ِن عبا َدتِه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ْر‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫وش‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫وأن يعينَنا عىل ِ‬
‫ذ‬ ‫ُ‬
‫رب العاملني‪.‬‬
‫واحلمد هلل ِّ‬

‫(( ( وينظر لمعرفة المزيد من األس�باب المعينة على الخش�وع مع أدلَّتها‪ :‬كتاب «‪33‬‬
‫سببًا للخشوع في الصالة»‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like