You are on page 1of 186

‫ة في فقهِ القلوبِ‬

‫الخلصا ة‬
‫) طبع بموافقة وزارة العإلما تاريخ ‪19/11/2007‬‬
‫رقم ) ‪(97070‬‬

‫إعإداد‬
‫الباحث في القرآن والسنة‬

‫عإلي بن نايف الشحود‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬والصلةا والسلما على سيد النأبياء والمرسلين ‪،‬‬


‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬ومن تبعهما بإحسان إلى يوما الدين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فإنأه كما للبدن فقه فكذلك للقلوب فقه ولكنأه من نأوع آخر ‪ ،‬ولبيان أهمية ذلك‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلما ‪ » :‬أللل ل إوإانن إفى اللجلسإد مم ل‬
‫ضلغةة إلذا‬
‫ل‬ ‫صللح اللجلسمد مكللهم ‪ ،‬ل إوإالذا فللسلد ل‬
‫ت فللسلد اللجلسمد مكلهم ‪ .‬أللل لوإهلى اللقل م‬
‫ب‬ ‫ت ل‬
‫صللح ل‬
‫ل‬
‫«أخرجه البخاري برقما)‪. (52‬‬
‫وقد كتب في هذا الموضوع الكثير ‪ ،‬وهذه خلصته ‪ ،‬وقد قسمته‬
‫للموضوعات التالية ‪:‬‬
‫خلللق القلللب ‪ -2‬منأزلللة القلللب ‪ -3‬صلللحا القلللب ‪ -4‬حيللاةا القلللب ‪6- -5‬‬
‫فتوحل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل للات القلل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل للب ‪1‬‬
‫‪ -6‬أقساما القلوب ‪ -7‬غذاء القلوب ‪ -8‬فقه أعمال القلوب ‪ -9‬صفات‬
‫القلب السليما ‪ -10‬فقه سكينأة القلب ‪ -11‬فقه طمأنأينأة القلب ‪ -12‬فقه‬
‫سرور القلب ‪ -13‬فقه خشوع القلب ‪ -14‬فقه حياء القلب ‪ -15‬أسباب‬
‫مرض القلب والبدن ‪ -16‬مفسدات القلب ‪ -17‬مداخل الشيطان إلى القلب‬
‫‪ -18‬علمات مرض القلب وصحته ‪ -19‬فقه أمراض القلوب وعلجها‬
‫‪ -20‬أدوية أمراض القلوب‬
‫وقد قمت بعزو اليات لمكانأها من كتاب ال تعالى ‪ ،‬وقمت بتخريج‬
‫الحاديث والحكما عليها إذا لما تكن في الصحيحين أو أحدهما وغالبها يدور‬
‫بين الصحة والحسن‬
‫لذا أرجو من المولى سبحانأه وتعالى أن يكون كتابنأا )هذا ( بابا لصلحا‬

‫‪2‬‬
‫القلوب وصقلها‬
‫طلمئإلن‬ ‫قال تعالى ‪} :‬النإذيلن آلممنأولا لوتل ل‬
‫طلمئإلن مقملومبمهما بإإذلكإر اللإه أللل بإإذلكإر اللإه تل ل‬
‫ب{ُ )‪ (28‬سورةا الرعد‬ ‫القمملو م‬
‫جمع إواعداد‬
‫الباحث في القرآن والسنأة‬
‫علي بن نأايف الشحود‬
‫حمص في ‪ 27‬شوال ‪ 1428‬هل الموافق ل ‪ 7/11/2007‬ما‬

‫‪‬‬

‫‪3‬‬
‫ق القلب ‪- 1‬‬
‫خل ة‬

‫قال ال تعلالى‪) :‬لواللنلهم أللخلرلجمكللما إمللن مبطملوإن أمنمهللاتإمكلما لل تللعلمملولن لشلليةئا لولجلعللل لمكلمما‬
‫صالر لواللللفئإلدةال للعلنمكلما تللشمكمرولن )‪] (78‬النأحل‪.[78 :‬‬ ‫النسلملع لواللللب ل‬
‫ب ليلعإقلمللولن بإهلللا أللو‬ ‫وق للال ال ل تعللالى‪) :‬أللفلل للما ليإسلليمروا إفللي اللللر إ‬
‫ض فلتلمكللولن لهلم للما مقلمللو ب‬
‫ب النتإل للي إف للي‬ ‫إ‬
‫صل للامر لولكل للن تللعلمل للى القمللم للو م‬‫لآلذابن ليلسل للممعولن بإهل للا فلإننأهلل للا لل تللعلم للى اللللب ل‬
‫صمدوإر )‪] ((46‬الحج‪.[46 :‬‬ ‫ال ل‬
‫الل تبللارك وتعللالى خلللق النأسللان‪ ،‬والنأسللان للله ظللاهر وبللاطن‪ ،‬وفللي بللاطنأه أكللثر‬
‫العضاء وأهمها كالقلب والكبد والمعدةا‪.‬‬
‫ولفظ القلب يطلق على معنيين‪:1‬‬
‫أحدهما‪ :‬اللحما الصنأوبري الشكل‪ ،‬المودع في الجانأب اليسر مللن الصللدر‪ ،‬وهللو‬
‫لحما مخصوص وفي باطنأه تجويف‪ ،‬وفي ذلك التجويف دما أسود هو منأبع الروحا‬
‫ومعدنأه‪ ،‬يدخل فيه الدما‪ ،‬ثما يدفعه بواسطة العروق لتغذية البدن‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬لطيفللة ربانأيللة روحانأيللة‪ ،‬لهللا بللذلك القلللب الجسللمانأي تعلللق‪ ،‬وتلللك اللطيفللة‬
‫هي حقيقة النأسان‪ ،‬وهو المدرك العالما العارف من النأسان‪.‬‬
‫وهللو المخللاطب والمطللالب‪ ،‬والمثللاب والمعللاقب‪ ،‬ولهللذه اللطيفللة علقللة مللع القلللب‬
‫الجسمانأي‪.‬‬
‫أما الروح‪ :‬فهللو جسللما لطيللف منأبعلله تجويللف القلللب الجسللمانأي‪ ،‬ينأتشللر بواسللطة‬
‫العروق إلى سائر أجزاء البدن‪.‬‬
‫وجريللانأه فللي البللدن‪ ،‬وفيضللان أنألوار الحيللاةا والحللس‪ ،‬والسللمع والبصللر والشللما منأهللا‬
‫على أعضائها‪ ،‬يضاهي فيضان النأور من السراج الذي يدار في زوايا البيت‪.‬‬

‫‪ - 1‬إحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪ (206‬وكتاب الكليات ل لبى البقاء الكفومى ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص‬
‫‪(738‬‬

‫‪4‬‬
‫وسريان الروحا‪ ،‬وحركته في باطن النأسان‪ ،‬يشبه حركة السراج في جوانأب البيت‬
‫بتحريك محركه‪.‬‬
‫أما النفس ‪ :2‬فتطلللق علللى ذات النأسللان‪ ،‬وهللي اللطيفللة الللتي هللي نأفللس النأسللان‬
‫وذاته‪ ،‬وتطلق على المعنأى الجامع لقوةا الغضب والشهوةا في النأسان‪.‬‬
‫أممما العقممل‪ :3‬فهللو مللا يعقللل النأسللان عمللا يشللينأه ويدنأسلله مللن القل لوال والفعللال‬
‫وضده الجنأون‪.‬‬
‫فيطلق ويراد بله العلللما بحقلائق الملور‪ ،‬فيكلون عبللارةا علن صللفة العلللما اللذي محلله‬
‫القلب‪.‬‬
‫ويطلق ويراد به تلك اللطيفة المدرك للعلوما فيكون هو القلب‪.‬‬
‫ولمللا خلللق ال ل ع لنز وج لنل النأسللان ابتله وامتحنألله‪ ،‬بمللا يعللرف بلله صللدقه وكللذبه‪،‬‬
‫وطاعته ومعصيته وطيبه وخبثه‪.‬‬
‫فمممزج فممي خلقتممه وتركيبممه أربممع شمموائب‪ ،‬فلممذلك اجتمممع عليممه أربعممة أنممواع مممن‬
‫الوصاف وهي‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫الصفات السبعية‪ ..‬والبهيمية‪ ..‬والشيطانأية‪ ..‬والربانأية‪..‬‬
‫وكل ذلك مجموع في قلبه‪.‬‬
‫فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع‪ ،‬من العداوةا والبغضللاء‪،‬‬
‫والتهجما على النأاس بالشتما والضرب والقتل‪.‬‬
‫وهو ملن حيلث سللطت عليلله الشللهوةا يتعلاطى أفعللال البهلائما‪ ،‬مللن الشلره والحللرص‬
‫والنأكاحا والشبق وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ - 2‬إحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪(207‬‬


‫‪ - 3‬لقاءات الباب المفتوحا ‪) -‬ج ‪ / 24‬ص ‪ (2‬وفتاوى السلما سؤال وجواب ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص‬
‫‪ (4228‬ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪(228‬‬
‫‪ - 4‬إحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪(213‬‬

‫‪5‬‬
‫وهللو مللن حيللث اختصاصلله عللن البهللائما بللالتمييز‪ ،‬مللع مشللاركته لهللا فللي الغضللب‬
‫والشهوةا‪ ،‬حصلت فيه شيطانأية‪ ،‬فصار شري اةر يستعمل التمييز فلي استنأباط وجلوه‬
‫الش للر‪ ،‬ويتوص للل إل للى الغل لراض ب للالمكر والخ للداع‪ ،‬ويظه للر الش للر ف للي مع للرض‬
‫الخير‪ ،‬وهذه أخلق الشياطين‪.‬‬
‫ومن حيث أنأه في نأفسه أمر ربانأي‪ ،‬فإنأه يدعي لنأفسه الربوبية‪ ،‬ويحب الستيلء‬
‫والسلتعلء فلي كلل شليء‪ ،‬ويحلب السلتبداد فلي الملور كلهلا‪ ،‬والتفلرد بالرياسلة‪،‬‬
‫والنأسلل عن ربقة العبودية والتواضع‪.‬‬
‫ويدعي لنأفسه العلما والمعرفة والحاطة بحقائق المور‪.‬‬
‫والحاطة بجميع الحقائق‪ ،‬والسللتيلء بلالقهر علللى جميللع الخلئلق مللن أوصللاف‬
‫الربوبية‪ ،‬وفي النأسان حرص على ذلك‪.‬‬
‫وكل إنأسان فيه شوب من هذه الوصاف الربعة‪.‬‬
‫فمعرفة القلب‪ ،‬وحقيقة أوصافه أصلل اللدين‪ ،‬وأسلاس طريق السالكين‪) :‬لولمللن لللما‬
‫ليلجلعإل اللنهم لهم منأوةار فللما لهم إملن منأورر )‪] ((40‬النأور‪.[40 :‬‬
‫والقلب يغرق فيما يستولي عليه من محبوب أو مكروه أو مخوف‪.‬‬
‫فالمحبوب يطلبه‪ ،‬والمكروه يدفعه‪ ..‬والخوف يحذره‪.‬‬
‫والرجاء يتعلق بالمحبوب‪ ..‬والخوف يتعلق بالمكروه‪.‬‬
‫ول يأتي بالحسنأات والمحبوبات إلل ال‪ ،‬ول يذهب بالسلليئات والمكروهللات إلل الل‬
‫‪ ،‬والل ل أعل للما حي للث يجع للل رس للالته‪ ،‬ق للال تع للالى ‪ ) :‬إوإان يمسسل ل ل ن‬
‫ك اللل لهم بإ م‬
‫ضل لرر فللل‬ ‫ل ل لل ل ل‬
‫صيب بإ إه مللن يلشاء إمللن إعبلاإدهإ‬ ‫ضللإإه ي إ‬ ‫إ‬ ‫لكاإش ل‬
‫ف لهم إنل مهلو ل إوإالن ميإرلد ل‬
‫ل‬ ‫م ل ل م‬ ‫ك بإلخليرر فللل لارند لفل ل م‬
‫لومهلو اللغمفومر النرإحيمما )‪] ((107‬يونأس‪.[107 :‬‬

‫‪‬‬

‫‪6‬‬
7
‫‪5‬منزلة القلب ‪2-‬‬

‫ك لإذلكلرى لإلملن لكالن لهم لقل ب‬


‫ب أللو ألللقى النسلملع لومهلو لشإهيبد )‬ ‫قال ال تعالى‪) :‬إنن إفي لذلإ ل‬
‫‪] ((37‬ق‪.[37 :‬‬
‫وقال النأبي صلى ال عليه وسلما ‪ » :‬أللل ل إوإانن إلمكلل لمإلرك إحةمى‪ ،‬أللل ل إوإانن إحلمى اللنإه‬
‫ت‬‫صلللح اللجلسلمد مكلللهم ‪ ،‬ل إوإالذا فللسللد ل‬
‫ت ل‬ ‫ضللغةة إلذا ل‬
‫صلللح ل‬ ‫لملحللاإرممهم ‪،‬أللل ل إوإانن إفللى اللجلسلإد مم ل‬
‫ل‬
‫ب « متفق عليه)‪.(6‬‬ ‫فللسلد اللجلسمد مكلهم أللل لوإهلى اللقل م‬
‫ضل النأسان‪ ،‬وشرفه على كثير من خلقه‪ ،‬باسللتعداده لمعرفللة‬ ‫ال تبارك وتعالى ف ن‬
‫ال ل سللبحانأه‪ ،‬الللتي هللي فللي الللدنأيا جمللاله وكمللاله‪ ،‬وفخ لره وسللعادته وأنأسلله‪ ،‬وفللي‬
‫الخرةا عدته وذخره‪.‬‬
‫إوانأما استعد للمعرفة بقلبه‪ ،‬ل بجارحة ملن جلوارحه‪ ،‬فلالقلب هلو العللالما بلال‪ ،‬وهللو‬
‫المتقرب إلى ال‪ ،‬وهو العامل ل‪ ،‬وهو الساعي إلى ال‪ ،‬وهو العالما بما عنأد ال‪،‬‬
‫إوانأما الجوارحا أتباع له وخدما وآلت‪.‬‬
‫يسللتخدمها القلللب ويسللتعملها اسللتعمال المالللك للعبللد‪ ،‬واسللتخداما ال ارعللي للرعيللة‪،‬‬
‫واستخداما النأسان لللة‪.‬‬
‫فالقلب هو المقبول عنأد الل‪ ،‬إذا سللما ملن غير الل‪ ،‬وهلو المحجلوب علن الل‪ ،‬إذا‬
‫صار مستغرقاة بغير ال‪.‬‬
‫وهللو الللذي يسللعد بللالقرب مللن اللل‪ ،‬فيفلللح إذا زكللاه‪ ،‬وهللو الللذي يخيللب ويشللقى إذا‬
‫دنأسه ودساه‪.‬‬
‫وهو المطيع في الحقيقة ل تعالى‪ ،‬إوانأما الذي ينأتشر على الجلوارحا مللن العبللادات‬

‫‪ - 5‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (5066‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪ (500‬و‬
‫إحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪(205‬‬
‫‪()6‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(52‬ومسلما برقما )‪.(4178‬‬

‫‪8‬‬
‫والخلق أنأواره وآثاره‪.‬‬
‫وبحسب ما فيه من النأور والظلما‪ ،‬تظهر محاسن الظلاهر ومسلاويه‪ ،‬إذ كلل إنألاء‬
‫بما فيه ينأضح‪ ،‬والقلوب كالقدور تغلي بما فيها‪.‬‬
‫وصلحا العالما وفساده يكون بحسب حركة النأسان في الحياةا‪ ،‬إذ هو قلب العلالما‬
‫ولبلله‪ ،‬وصلللحا بللدن النأسللان وفسللاده قللائما علللى صلللحا القلللب وفسللاده كمللا قللال‬
‫النأبي صلى ال عليه وسلما في الحديث السابق ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫والقلب هو الذي إذا عرفه النأسان فقد عرف نأفسه‪ ،‬إواذا عرف نأفسه عرف رنبله‪،‬‬
‫وهللو الللذي إذا جهللله النأسللان فقللد جهللل نأفسلله‪ ،‬ومللن جهللل نأفسلله فقللد جهللل رنب لله‪،‬‬
‫ومن عرف ربه فقد عرف كل شيء‪ ،‬ومن جهل ربه فقد جهل كل شيء‪.‬‬
‫ومن جهل قلبه فهلو بغي ره أجهلل‪ ،‬وأكلثر الخلق جاهلون بقللوبهما وأنأفسلهما وربهلما‪،‬‬
‫وقلد حيلل بينأهلما وبيلن أنأفسلهما‪ ،‬فإن الل يحلول بيلن الملرء وقلبله كملا قال سلبحانأه‪:‬‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫إن إ‬ ‫نإ‬
‫)ليا ألليلها الذيلن لآلمنأموا الستلإجيبموا للله لوإللنرمسلوإل إلذا لدلعلامكلما للملا ميلحإييمكللما لوالعلمملوا ألنن الللهل‬
‫ليمحومل لبليلن اللملرإء لولقلبإإه لوألننأهم إلليإه تملحلشمرولن )‪] ((24‬النأفال‪.[24 :‬‬
‫وحيلولته‪ :‬بأن يمنأعه سبحانأه عن مشاهدته ومراقبته‪ ،‬ومعرفة أسمائه وصفاته‪.‬‬
‫وكيفيللة تقلبلله بيلن إصلبعين مللن أصلابع الرحملن‪ 8،‬أنأله كيلف يهللوي مللرةا إللى أسللفل‬

‫‪ - 7‬انأظر مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 9‬ص ‪(295‬والحاوي للفتاوي للسيوطي ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(357‬‬
‫إوايقاظ الهمما شرحا متن الحكما ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (2‬و إحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(431‬‬
‫والفتاوى الحديثية لبن حجر الهيتمي ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(677‬‬
‫ومعنأاه ‪ :‬من عرف نأفسه بالعجز والفتقار والتقصير والذلة والنأكسار عرف ربه بصفات الجللة‬
‫والجمالة على ما ينأبغي لهما ‪ ،‬فأداما مراقبته حتى يفتح له باب مشاهدته فيكون من أخصائه الذين‬
‫أفرغ عليهما سجال معرفته وألبسهما صوافي خلفته ؟ ‪.‬‬
‫ن‬
‫ص ليمقومل لأننأ هم لسإملع لرمسولل الل ه ‪-‬صلى ال عليه وسلما‪ -‬ليمقومل ‪:‬‬
‫إ‬ ‫‪ - 8‬عن لعلبإد اللنإه لبإن لعلمإرو لبإن اللعا إ‬
‫إر‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫» إنن مقملو إ‬
‫ث ليلشامء «‪ .‬ثمنما‬
‫صلرفمهم لحلي م‬‫صابإإع النرلحلمإن لكلقلرب لواحد مي ل‬‫صلبلعليإن ملن أل ل‬
‫ب لبنأى آلدلما مكللها لبليلن إ ل‬ ‫ل‬
‫ك «‪.‬‬ ‫إ‬
‫ت‬
‫ل ل‬ ‫ع‬ ‫طا‬
‫ل‬ ‫لى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫نأا‬ ‫ب‬‫لو‬‫م‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫ب‬ ‫إ‬ ‫لو‬
‫م‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ف‬‫ر‬‫ل‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ما‬
‫ن‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫»‬ ‫وسلما‪-‬‬ ‫عليه‬ ‫ال‬ ‫‪-‬صلى‬ ‫ه‬‫إ‬ ‫ن‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫لقالل لرمسومل‬
‫ل ل م لل ل‬ ‫م م ل ل م‬

‫‪9‬‬
‫سللافلين‪ ،‬وينأخفللض إلللى رتبللة الشللياطين‪ ،‬وكيللف يرتفللع أخللرى إلللى أعلللى علييللن‪،‬‬
‫ويرتقي إلى عالما الملئكة المقربين‪.‬‬
‫وحاجة القلب إلى معرفة ال وأسمائه وصفاته وأفعاله أعظما من حاجة البدن إلللى‬
‫الطعاما والشراب‪.‬‬
‫بللل نأسللبة حاجللات القلللب إلللى اليمللان‪ ،‬ومعرفللة ال ل ع لنز وج لنل‪ ،‬وحاجللات البللدن‬
‫للطعاما والشراب كالذرةا بالنأسبة للجبل‪ ،‬والقطرةا بالنأسبة للبحر‪.‬‬
‫وقد خلق ال عزز وجزل في كل إنسان ثلثا أوانن أساسية وهي‪:‬‬
‫الدماغ‪ ...‬والقلب‪ ..‬والمعدةا‪.‬‬
‫فالدماغ آنأية العقل والعلما‪ ..‬والقلب آنأية اليملان والتوحيلد‪ ..‬والمعلدةا آنأية الطعلاما‬
‫والشراب‪ ..‬فلكل آنأية غذاء‪ ..‬ولك غذاء ثمرةا‪.‬‬
‫فالقلب محل اليمان والتصديق‪ ،‬واليقين والتعظيللما لللرب العللالمين‪ ،‬والخللوف منألله‪،‬‬
‫والتوكل عليه‪ ،‬ومحبته والنأس به‪ ،‬ومعرفته‪ ،‬والنأقياد له‪ ،‬والتسليما له سبحانأه‪.‬‬
‫ولذا صار القلب محل نأظر ال من العبد‪ ،‬كملا قلال النألبي صللى الل عليله وسللما‬
‫صللوإرمكلما لوأللمللوالإمكلما لولإكللن ليلنأظملمر إللى مقلملوبإمكلما لوأللعلملالإمكلما «‪.‬‬ ‫ن‬
‫‪ » :‬إنن اللهل لل ليلنأظممر إللى م‬
‫أخرجه مسلم)‪.(9‬‬
‫وأصل للل العلل للما الل للذي يل للورث العمل للل‪ ..‬ويل للوجب خشل للوع القلل للب‪ ..‬وخشل لليته لربل لله‪..‬‬
‫ومحبتلله للله‪ ..‬والقللرب منألله‪ ..‬والنأللس بلله‪ ..‬والقبللال عليلله‪ ..‬ولللزوما طللاعته‪ ..‬هللو‬
‫العل للما ب للال‪ ..‬وه للو معرف للة أس للمائه وص للفاته‪ ..‬وآلئ لله ونأعم لله‪ ..‬وص للفات جلل لله‬
‫وجمللاله‪ ..‬ثللما معرفللة وعللده ووعيللده‪ ..‬ومللاذا أعللد الل مللن النأعيللما للمتقيللن‪ ..‬ومللاذا‬
‫أعد من العذاب للمجرمين‪.‬‬
‫ثما يتلوه العلما بأحكاما ال‪ ..‬وما يحبه ويرضاه من العبد من قول أو عمل أو حللال‬
‫صحيح مسلما برقما )‪( 6921‬‬
‫‪ ()9‬أخرجه مسلما برقما )‪ 6707‬و ‪.(6708‬‬

‫‪10‬‬
‫أو اعتقاد‪ ..‬ويستقيما على ذلك إلى أن يموت‪.‬‬
‫ومن فاته هذا العلما النأافع‪ ،‬وقع في الربع التي استعاذ منأها النأبي صلى ال‬
‫ر‬ ‫إ‬ ‫عليه وسلما بقوله‪ » :‬اللنهنما إإلنأى ألمعومذ بإ ل إ إ ر‬
‫ك ملن علما لل ليلنأفلعم لوملن لقلب لل ليلخلشعم‬ ‫م‬
‫س لل تللشلبعم لوإملن لدلعلورةا لل ميلستللجا م‬
‫وإملن لنألف ر‬
‫)‪(10‬‬
‫ب للها « أخرجه مسلم ‪.‬‬ ‫ل‬
‫وال تبارك وتعالى خلق النأسان في أحسن تقويما ‪ ..‬خلق القلب للنأسان يعلما‬
‫‪11‬‬

‫به الشياء‪ ..‬وخلق العين يرى بها الشياء‪ ..‬وخلق الذن يسمع بها الصوات‪..‬‬
‫وخلق العقل يعقل به الشياء‪..‬‬
‫كما خلق سبحانأه كل عضلو ملن أعضلائه لملر ملن الملور وعملل ملن العملال‬
‫فالي للد للبط للش‪ ،‬والرج للل للس للعي‪ ،‬واللس للان للنأط للق‪ ،‬والف للما للك للل‪ ،‬والنأ للف للش للما‪،‬‬
‫وكذلك سائر العضاء الظاهرةا والباطنأة‪ ،‬لكل وظيفة وحكمة‪.‬‬
‫فإذا اسلتعمل النأسلان العضلو فيملا خلق له‪ ،‬وأعلند لجلله فذلك هو الحلق‪ ،‬وكلان‬
‫ذلك خي اةر وصلحاة لذلك العضو ولربه‪ ،‬وللشيء الذي استعمل فيه‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ف للذلك خسل لران‪ ،‬وص للاحبه‬
‫إواذا ل للما يس للتعمل العض للو ف للي حق لله‪ ،‬ب للل ت للرك بط للا ة‬
‫مغبون‪ ،‬إوان استعمل في خلف ما خلق له فهو الضلل والهلك‪ ،‬وصلاحبه ملن‬
‫الذين بدلوا نأعمة ال كف اةر‪.12‬‬
‫وسيد العضاء‪ ،‬ورأسها وملكها هو القلب‪ ،‬والفكر للقلب كالصغاء للذن‪.‬‬
‫وصلح القلب وحقه والذي خلق من أجله‪ ،‬هو أن يعقل الشياء‪:‬‬
‫فيعرف ربه ومعبوده وفاطره‪ ..‬وما ينأفعله وملا يضلره‪ ..‬وملا يصللحه وملا يفسلده‪..‬‬
‫ويعرف أسباب النأجاةا وأسباب الهلك‪ ..‬ويميز بين هذا وهذا‪ ..‬ويختار مللا ينأفعلله‬

‫‪ ()10‬أخرجه مسلما برقما )‪.(7081‬‬


‫‪ - 11‬قال تعالى ‪ } :‬لقللد لخ للقلنأا ا لإلنألسالن إفي أللحلسإن تللقإويرما{ُ )‪ (4‬سورةا التين‬
‫‪ - 12‬قال تعالى ‪} :‬ألللما تللر إللى النإذيلن لبند لمولا نأإلعلمةل اللإه مكلف ةار لوأللحللولا قللولمهملما لدالر اللبلواإر{ُ )‪ (28‬سورةا‬
‫إبراهيما‬

‫‪11‬‬
‫وما يصلحه‪ ..‬ويعتصما بال‪ ..‬ول يلتفت إلى ما سواه‪.‬‬
‫والنأللاس متفللاوتون فللي الخلللق‪ ..‬ومتفللاوتون فللي عقلهللما الشللياء‪ ..‬مللن بيللن كامللل‬
‫ونأاقص‪ ،‬وفيما يعقلونأه من بين قليل وكثير‪ ..‬وجيد ورديء‪.‬‬
‫إواذا آمن العبد بال أكرم ال قلبه بعشر كرامات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الحياة‪:‬‬
‫كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬أللولم للن لكللالن لمليتةللا فلأللحليليلنأللاهم لولجلعللنأللا ل لهم منأللوةار ليلمإشللي بإ لإه إفللي‬
‫ك مزليللن إلللكلاإفإريلن لملا لكلانأموا‬‫س لكلملن لمثللمهم إفلي الظللململاإت لليللس بإلخلاإررج إملنأهللا لكللذإل ل‬ ‫الننأا إ‬
‫ليلعلمملولن )‪] ( (122‬النأعاما‪.[122 :‬‬
‫ضللا لمليتللةة فلإهللى للهم ‪ ، . « ..‬وكللذلك الل علنز وجلنل خلللق القلللب‪،‬‬
‫‪13‬‬
‫و» لمللن أللحليللا أللر ة‬
‫وجعل فيه نأور اليمان‪ ،‬فل يجوز أن يكون لغيره فيه نأصيب‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬الشفاء‪:‬‬
‫صمدولر قللورما مملؤإمإنأيلن )‪] (14‬التوبة‪.[14 :‬‬ ‫إ‬
‫كما قال سبحانأه‪) :‬لوليلشف م‬
‫فالعسل شفاء البدان‪ ..‬واليمان شفاء القلوب‪ ..‬والعلما شفاء من الجهل‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬الطهارة‪:‬‬
‫فالصللائغ إذا امتحللن الللذهب مللرةا ل يللدخله النأللار‪ ،‬وكللذلك ال ل إذا امتحللن قلللوب‬
‫صللواتلهملما إعلنأللد لرمسللوإل اللنلإه مأولئإل ل‬
‫ك‬ ‫المللؤمنأين ل يللدخلهما النأللار‪) :‬إنن النلإذيلن ليمغ ل‬
‫ضللولن أل ل‬
‫النإذيلن المتللحلن اللنهم مقملولبهملما إللتنلقلوى لهملما لملغإفلرةاب لوأللجبر لعإظيبما )‪] ((3‬الحجرات‪.[3 :‬‬
‫الرابعة‪ :‬الهداية‪:‬‬
‫كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬لولمل للن ميل للؤإملن بإللاللنإه ليلهل لإد لقللبل لهم لوالللن لهم بإمكل للل لشل لليرء لعإليل لبما )‪((11‬‬
‫]التغابن‪.[11 :‬‬
‫الخامسة‪ :‬ثبوت اليمان‪:‬‬

‫‪ - 13‬سنأن أبى داود برقما )‪ ( 3075‬وهو صحيح‬

‫‪12‬‬
‫فكما أن الورقة إذا كتب فيها قرآن لما يجز إحراقها‪ ،‬فكذلك قلب المؤمن إذا كتللب‬
‫فيه اليمان لما يجز إحراقه‪) :‬لل تلإجمد قللوةما ميلؤإممنأولن إباللنإه لوالليللوإما الللإخلإر ميللوالدولن لمللن‬
‫لحللاند اللنل لهل لولرمسللولهم لولل للو لكللانأموا لآلبللالءمهلما أللو أللبلنأللالءمهلما أللو إلخل للوالنأهملما أللو لعإشلليلرتلهملما مأولئإل ل ل‬
‫ك‬
‫ب إفللي مقلمللوبإإهمما ا لإليلمللالن لوألنيل للدمهلما بإل لمرورحا إملنأل لهم لوميل للدإخلمهملما لجننأللارت تللجل لإري إمل للن تللحتإهلللا‬ ‫لكتلل ل ل‬
‫إ‬ ‫ك إحللز ن إ‬ ‫ضوا لعلنأهم مأولئإل ل‬ ‫إ ن‬ ‫إإ إ‬
‫ب اللله أللل إنن حللز ل‬
‫ب‬ ‫م‬ ‫اللللنألهامر لخالديلن فيلها لرضلي اللهم لعلنأهملما لولر م‬
‫اللنإه مهمما المملفلإمحولن )‪] ((22‬المجادلة‪.[22 :‬‬
‫السادسة‪ :‬السكينة‪:‬‬
‫كما قال سبحانأه‪) :‬مهلو النإذي أللنألزلل النسإكيلنأةل إفي مقملوإب المملؤإمإنأيلن لإليلزلدامدوا إإيلماةنأا لمللع‬
‫ض لولكالن اللنهم لعإليةما لحإكيةما )‪] ((4‬الفتح‪.[4 :‬‬ ‫إإيلمانأإإهلما وإللنإه مجمنأومد النسلماواإت واللللر إ‬
‫ل ل‬ ‫ل‬
‫السابعة‪ :‬اللفة‪:‬‬
‫ض لجإميةعلا لملا أللنلفل ل‬
‫ت‬ ‫ت لملا إفلي اللللر إ‬ ‫كمللا قلال سللبحانأه‪) :‬لوأللنل ل‬
‫ف لبليللن مقلملوبإإهلما لللو أللنأفللقل ل‬
‫ف لبليلنأهملما إننأهم لعإزيبز لحإكيبما )‪] ((63‬النأفال‪.[63 :‬‬ ‫لبليلن مقملوبإإهلما لولإكنن اللنهل أللن ل‬
‫الثامنة‪ :‬الطمأنينة‪:‬‬
‫طلمئإللن مقللملومبهملما بإلإذلكإر اللنلإه أللل بإلإذلكإر اللنلإه تل ل‬
‫طلمئإللن‬ ‫كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬النلإذيلن لآلمنأملوا لوتل ل‬
‫ب )‪] ((28‬الرعد‪.[28 :‬‬
‫المقملو م‬
‫التاسعة‪ :‬المحبة‪:‬‬
‫ب إلليمكلمما ا لإليلملالن لولزنيلنألهم إفلي مقلملوبإمكلما لولكلنرهل إلليمكلمما‬ ‫إ ن‬
‫كملا قال سلبحانأه‪) :‬لولكلنن الل هل لحنبل ل‬
‫ك مهمما ال نارإشمدولن )‪] ((7‬الحجرات‪.[7 :‬‬ ‫صليالن مأولئإ ل‬ ‫المكلفر والفمسو ل إ‬
‫ق لوالع ل‬ ‫ل ل م‬
‫العاشرة‪ :‬الزينة والحفظ من السوء‪:‬‬
‫ب إلليمكلمما ا لإليلملالن لولزنيلنألهم إفلي مقلملوبإمكلما لولكلنرهل إلليمكلمما‬ ‫إ ن‬
‫كملا قال سلبحانأه‪) :‬لولكلنن الل هل لحنبل ل‬
‫ك مهمما ال نارإشمدولن )‪] ((7‬الحجرات‪.[7 :‬‬ ‫صليالن مأولئإ ل‬ ‫المكلفر والفمسو ل إ‬
‫ق لوالع ل‬ ‫ل ل م‬

‫‪‬‬

‫‪13‬‬
14
‫‪ 14‬صالحا القلب ‪3-‬‬

‫ت لعلليإهللما‬ ‫قال ال تعالى‪) :‬إننألما المملؤإممنأولن النإذيلن إلذا مذإكلر اللنهم لوإجل ل‬
‫ت مقملومبهملما ل إوإالذا تملإلي ل‬
‫لآلياتمهم لازلدتلهملما إإيلماةنأا لولعللى لرلبإهلما ليتللونكملولن )‪] ( (2‬النأفال‪.[2 :‬‬
‫نإ إ‬ ‫نإ‬ ‫إ ر‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬ما ألصا إ‬
‫ب ملن ممصليلبة إنل بإلإلذإن اللله لولمللن يمللؤإملن بإلالله ليلهلد لقللبلهم‬ ‫ل ل ل‬
‫لواللنهم بإمكلل لشليرء لعإليبما )‪] ((11‬التغابن‪.[11 :‬‬
‫أصل كل خير وسعادةا للعبد كمال حياته وكمال نأوره‪ ،‬فالحياةا والنأور مللادةا الخيللر‬
‫كله في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫فبالحيللاةا تكللون قللوته وسللمعه وبص لره‪ ،‬وحيللاؤه وعفتلله‪ ،‬وشللجاعته وصللبره‪ ،‬وسللائر‬
‫أخلقه الفاضلة‪ ،‬ومحبته للحسن‪ ،‬وبغضه للقبيح‪.‬‬
‫وكلمللا قللويت حيللاته‪ ،‬قللويت فيلله هللذه الصللفات‪ ،‬إواذا ضللعفت حيللاته‪ ،‬ضللعفت فيلله‬
‫هذه الصفات‪.‬‬
‫وحياؤه ملن القبائلح هلو بحسلب حيلاته فلي نأفسه‪ ،‬فلالقلب الحلي إذا عرضت عليله‬
‫القبائح نأفر منأها بطبعه‪ ،‬وأبغضها ولما يلتفت إليها‪ ،‬بخلف القلللب الميللت فللإنأه ل‬
‫يفرق بين الحسن والقبيح‪ ،‬وكذلك القلب المريض بالشهوةا‪ ،‬فإنأه لضعفه يميل إلى‬
‫ما يعرض له من ذلك فيعطب‪.‬‬
‫وكذلك إذا قلوي نألور القللب إواشلراقه انأكشلفت لله صلور المعلوملات وحقائقهلا عللى‬
‫ما هي عليه‪.‬‬
‫فاستبان حسن الحسن بنأوره وآثره بحياته‪ ،‬وكذلك قبح القبيح‪.‬‬
‫والق لرآن نأللور تستضلليء بلله القلللوب وتشللرق بلله‪ ،‬وروحا تحيللا بلله القلللوب‪ ،‬فللالمؤمن‬
‫حي أكرمه ال بالنأور الذي يبصر به الحق من الباطل‪.‬‬

‫‪ - 14‬فتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(919‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص‬
‫‪(3876‬‬

‫‪15‬‬
‫والكافر ميت القلب‪ ،‬مغمور في ظلمة الجهل‪ ،‬والكافر لنأصرافه عن طاعللة اللل‪،‬‬
‫وجهللله بمعرفتلله وتوحيللده‪ ،‬وش لرائعه وسللنأنأه‪ ،‬وتللرك العمللل بمللا يللؤد بلله إلللى نأجللاته‬
‫وسعادته‪ ،‬بمنأزلة الميت الذي ل ينأفع نأفسه ول يدفع عنأها مكروه‪.‬‬
‫فإذا هداه ال للسلما‪ ،‬وجعل قلبه حياة بعد موته‪ ،‬ومشرقاة ومستنأي اةر بعد ظلمته‪،‬‬
‫فصار يعرف مضار نأفسه ومنأافعها‪ ،‬ويعمل في خلصها من سخط ال وعقابه‪،‬‬
‫وأبصر الحق بعد عماه عنأه‪ ،‬وعرفه بعد جهله به‪ ،‬واتبعه بعد إعراضه عنأه‪،‬‬
‫وحصل له نأور يستضيء به‪ ،‬ويمشي به في النأاس كما قال سبحانأه‪) :‬أللولملن‬
‫س لكلملن لمثللمهم إفي الظللملماإت‬
‫لكالن لمليةتا فلأللحليليلنأاهم ولجلعللنأا لهم منأوةار ليلمإشي بإإه إفي الننأا إ‬
‫ل‬
‫إ‬ ‫إ‬
‫ك مزليلن لللكافإريلن لما لكانأموا ليلعلمملولن )‪] ((122‬النأعاما‪.[122 :‬‬ ‫لليلس بإلخاإررج إملنألها لكلذل ل‬
‫إ‬
‫وحياةا القلب واستنأارته تحصل بالستجابة ل والرسول صلى ال عليه وسلما ‪،‬‬
‫وما يدعونأا إليه ال والرسول من العلما واليمان كما قال سبحانأه‪) :‬ليا ألليلها النإذيلن‬
‫لآلمنأموا الستلإجيبموا إللنإه لوإللنرمسوإل إلذا لدلعامكلما إللما ميلحإييمكلما لوالعلمموا ألنن اللنهل ليمحومل لبليلن‬
‫اللملرإء لولقلبإإه لوألننأهم إلليإه تملحلشمرولن )‪] ((24‬النأفال‪.[24 :‬‬
‫وحياةا القلب وصحته ل تحصل إل بأن يكون مدركاة للحق‪ ..‬مريداة له‪ ..‬مؤث اةر له‬
‫على غيره‪ ..‬فاللهما أرنأا الحق حقاة وارزقنأا اتباعه‪.‬‬
‫والقلب فيه قوتان‪:‬‬
‫قوةا العلما والتمييز‪ ..‬وقوةا الرادةا والمحبة‪.‬‬
‫وكمال القلب وصلحه باستعمال هاتين القوتين فيما ينأفعه‪.‬‬
‫فكمال استعمال قوةا العللما فلي إدراك الحلق ومعرفتله‪ ،‬والتمييلز بينأه وبيلن الباطلل‪،‬‬
‫وباستعمال قوةا الرادةا والمحبة في طلب الحق ومحبته‪ ،‬إوايثاره على الباطل‪.‬‬
‫فمللن لللما يعللرف الحللق فهللو ضللال‪ ..‬ومللن عرفلله وآثللر غي لره عليلله فهللو مغضللوب‬
‫عليه‪ ..‬ومن عرفه واتبعه فهو منأعما عليه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فالمسلمون أخص بالحق؛ لنأهما عرفوه واتبعوه‪.‬‬
‫واليهود أخص بالغضب؛ لنأهما أمة عنأاد‪ ،‬عرفوا الحق فلما يتبعوه‪.‬‬
‫والنأصارى أخص بالضلل؛ لنأهما أمة جهل‪ ،‬عرفوا الحق وضلوا عنأه‪.‬‬
‫وقد أمرنأا ال عنز وجنل بطلب الهداية إلى طريق الحق‪ ،‬وهو طريق المنأعما عليهللما‬
‫ط‬ ‫ط المس لتلإقيما )‪ (6‬إ‬
‫ص ل لار ل‬ ‫بمعرفللة الحللق والعمللل بلله بقللوله سللبحانأه‪) :‬اله لإدلنأا ال ل‬
‫ص ل لار ل م ل ل‬
‫ض للالليلن )‪] ((7‬الفاتحل للة‪،6 :‬‬
‫ض للوإب لعلليإهل للما لولل ال ن‬ ‫النل لإذيلن أللنألعلمل ل ل‬
‫ت لعلليإهل للما لغليل لإر اللملغ م‬
‫‪15‬‬
‫‪.[7‬‬
‫وكللل إنأسللان خاسللر فللي هللذه الحيللاةا‪ ،‬إل مللن كملللت قللوته العلميللة باليمللان بللال‪،‬‬
‫وقوته العملية بالعمل بطاعة ال تعالى‪ ،‬فهذا كماله في نأفسه‪.‬‬
‫ثللما كنمللل غيل لره بوصلليته للله بللذلك‪ ،‬وأمل لره إيللاه بلله‪ ،‬والصللبر علللى ذلللك‪ ،‬كمللا قللال‬
‫صل لإر )‪ (1‬إنن ا لإللنألسل للالن لإفل للي مخلسل لرر )‪ (2‬إنل النل لإذيلن لآلممنأل لوا لولعإململ لوا‬ ‫سل للبحانأه‪) :‬لواللع ل‬
‫صلبإر )‪] ((3‬العصر‪.[3-1 :‬‬ ‫صلوا إبال ن‬ ‫صلوا إباللح ل‬ ‫ال ن إ إ‬
‫ق لوتللوا ل‬ ‫صاللحات لوتللوا ل‬
‫وهاتان القوتان ل تتعطلن في القلب‪.‬‬
‫بللل إن اسللتعمل العبللد قللوته العلميللة فللي معرفللة الحللق إواد اركلله‪ ،‬إوال اسللتعملها فللي‬
‫معرفة ما يليق به وينأاسبه من الباطل‪.‬‬
‫وكذا قوته الرادية‪ ،‬إن استعملها فللي العملل بلالحق‪ ،‬إوال اسلتعملها فلي ضللده‪ .‬ول‬
‫س للعادةا للقل للب ول ل للذةا ول نأعي للما ول ص لللحا إل ب للأن يك للون الل ل ه للو إله لله وف للاطره‬
‫‪16‬‬
‫ومعبوده وحده ل شريك له‪.‬‬
‫فكلل مخلوق‪ ،‬وكل حي‪ ،‬سوى ال سبحانأه‪ ،‬من ملك أو إنأس أو جن أو حيوان أو‬
‫نأبللات فهللو فقيللر إلللى ربلله فللي جلللب مللا ينأفعلله‪ ،‬ودفللع مللا يض لره‪ ،‬ول يتللما ذلللك إل‬

‫ك لملع النإذيلن أللنألعلما اللهم لع لليإهما‬


‫‪ -‬وهما الذين عنأاهما ال تعالى بقوله ‪}:‬لولمن ميإطإع اللهل لوالنرمسولل فلأملولئإ ل‬
‫‪15‬‬

‫ك لرإفيةقا{ُ )‪ (69‬سورةا النأساء‬ ‫صالإإحيلن لولحمسلن مأولئإ ل‬


‫ص لديإقيلن لواللشهللداء لوال ن‬
‫لم لن الننأبإلييلن لوال ل‬
‫‪ - 16‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(2579‬العبد بين اللما والحزن‬

‫‪17‬‬
‫‪17‬‬
‫بتصوره للنأافع والضار‪.‬‬
‫والمنأفعة من جنأس النأعيما واللذةا‪ ،‬والمضرةا من جنأس اللما والعذاب‪.‬‬
‫فل بزد للعبد من أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬معرفة ما هو المحبوب المطلوب الذي ينأتفع به‪ ،‬ويلتذ بإدراكه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬معرفة المعين الموصل المحصل لذلك المقصود‪.‬‬
‫وبإزاء ذلك أمران آخران‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬مكروه بغيض ضار‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬معين دافع له عنأه‪.‬‬
‫فهذه الربعة ضرورية لكل عبد‪ ،‬بل لكل حيوان‪.‬‬
‫إواذا ثبل للت ذلل للك فل للال تعل للالى هل للو الل للذي يجل للب أن يكل للون هل للو المقصل للود المل للدعو‬
‫والمطلللوب الللذي ي لراد وجهلله‪ ،‬ويبتلغللى قربلله‪ ،‬ويطلللب رضللاه‪ ،‬وهللو المعيللن علللى‬
‫حصول ذلك‪.‬‬
‫وعبوديللة مللا س لواه‪ ،‬واللتفللات إليلله‪ ،‬والتعلللق بلله‪ ،‬هللو المكللروه الضللار‪ ،‬والل ل هللو‬
‫المعين على دفعه‪ ،‬فهو سبحانأه الجامع لهذه المور الربعة دون سواه‪.‬‬
‫فهو المعبود المحبوب المراد‪ ..‬وهو المعين لعبده على وصوله إليه وعبادته له‪..‬‬
‫والمكروه البغيض إنأما يكون بمشيئته وقدره‪ ..‬وهو المعين لعبده على دفعه عنأه‪.‬‬
‫وال تبارك وتعالى خلق الخلق لعبادته الجامعللة لمعرفتلله‪ ،‬والنأابللة إليلله‪ ،‬ومحبتلله‪،‬‬
‫والخلص له‪.‬‬
‫فبل للذكره سل للبحانأه تطمئل للن قلل للوبهما‪ ،18‬وتسل للكن نأفوسل للهما‪ ،‬وبرؤيتل لله فل للي الخل للرةا تقل للر‬
‫عيونأهما‪ ،‬ويتما نأعيمهما‪.‬‬
‫فل يعطيهللما سللبحانأه فللي الخللرةا شلليئاة خيل اةر لهللما‪ ،‬ول أحللب إليهللما‪ ،‬ول أقلر لعيلونأهما‬
‫‪ - 17‬قال تعالى ‪}:‬ليا ألليلها الننأامس لأنأتممما الفمقللراء إللى اللنإه لواللنهم مهلو اللغنأإلي اللحإميمد{ُ )‪ (15‬سورةا فاطر‬
‫‪ - 18‬قال تعالى ‪..}:‬أللل بإإذلكإر اللإه تل ل إ‬
‫ب{ُ )‪ (28‬سورةا الرعد‬ ‫طلمئلن المقملو م‬

‫‪18‬‬
‫من النأظر إليه‪ ،‬وسماع كلمه منأه‪ ،‬ورضوانأه عليهما‪.19‬‬
‫ولما يعطهما في الدنأيا شيئاة خي اةر لهما‪ ،‬ول أحب إليهما‪ ،‬ول أقر لعيلونأهما مللن اليمللان‬
‫‪20‬‬
‫به‪ ،‬ومحبته والشوق إلى لقائه‪ ،‬والنأس بقربه‪ ،‬والتنأعما بذكره وعبادته‪.‬‬
‫وحاجة العبلاد إللى ربهلما فلي عبلادتهما إيلاه أعظلما ملن حلاجتهما إليله فلي خلقله لهلما‪،‬‬
‫ورزقه إياهما‪ ،‬ومعافاةا أبدانأهما‪.‬‬
‫فإن العبادةا هي الغاية المقصودةا لهما‪ ،‬ول صلحا ول سعادةا لهما بدون ذلك‪.‬‬
‫وال تبارك وتعالى يريد من خلقه أن يعرفوا أطيب مللا فللي الللدنأيا‪ ..‬وأطيللب مللا فللي‬
‫ل‪.‬‬
‫الخرةا‪ ..‬فيقبلون عليه علماة وعم ة‬
‫ويعرفوا شر ما في الدنأيا‪ ..‬وشر ما في الخرةا‪ ..‬فيحذروه ويجتنأبوه‪.‬‬
‫والصللل هللو القلللب‪ ،‬فللإن كللان صللالحاة صلللحت أعمللال الجلوارحا‪ ،‬إوان كللان فاسللداة‬
‫فسدت أعمال الجوارحا‪.‬‬
‫والعين تبصر في ضوء الشمس صورةا الشيء ل حقيقة الشيء‪ ،‬امتحانأاة وابتلةء‪،‬‬
‫ولكن ل يعرف الحقيقة إل القلب‪ ،‬ويعرف القلب ذلك إذا كان فيه نأور اليمان‪.‬‬
‫فكملا تحتلاج العيلن إللى الضلوء الخلارجي لمعرفة الشلياء ورؤيتهلا‪ ،‬فكلذلك القلب‬
‫ل يعل للرف حقيقل للة الشل لليء إل بنأل للور اليمل للان‪ ،‬ومل للن اسل للود قلبل لله ل يعل للرف حقيقل للة‬
‫الشياء‪ ،‬بل يعرف صور الشياء‪.‬‬
‫إواذا استنأار القلب بنأور اليمان أنأاب إلى ال‪ ،‬فللأح ن‬
‫ب الطاعللات وكلره المعاصللي‪،‬‬

‫ضلرةاب )‪ (22‬إللى لرلبلها لنأاإظلرةاب )‪]ُ{ (23‬القيامة‪[24-22/‬‬ ‫‪ - 19‬قال تعالى ‪}:‬وجوه يومئإرذ لنأا إ‬
‫م م ب لل ل‬
‫ى لقالل لقالل لرمسومل اللنإه ‪ -‬صلى ال‬ ‫إ‬
‫ر‬
‫مل ل‬‫د‬ ‫خ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫د‬ ‫إ‬
‫عي‬ ‫س‬
‫ل‬ ‫بى‬ ‫إ‬ ‫ل‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫لل‬‫ع‬ ‫(‬ ‫‪6549‬‬ ‫)‬ ‫برقما‬ ‫‪ - 20‬ففي صحيح البخارى‬
‫ك ‪ .‬فلليمقومل لهلل‬ ‫ك لرنبلنأا لولسلعلدلي ل‬ ‫عليه وسلما ‪ » -‬إنن اللنهل ليمقومل لللهإل اللجننأ إة ليا أللهلل اللجننأ إة ‪ .‬ليمقوملولن لنبلي ل‬
‫ك ‪ .‬فلليمقومل أللنأا أملعإطيمكلما‬ ‫طليتللنأا لما للما تملعإط أللحةدا إملن لخلإق ل‬
‫ضى لوقللد أللع ل‬ ‫إ‬
‫لرضيتملما فلليمقوملولن لولما للنأا لل لنألر ل‬
‫ضلواإنأى فللل أللسلخطم‬ ‫ك فلليمقومل أمإحلل لع لليمكلما إر ل‬ ‫ضمل إملن لذلإ ل‬ ‫ر‬
‫ى لشلىء أللف ل‬ ‫ب لوأل ل‬ ‫ك ‪ .‬لقالموا ليا لر ل‬‫ضلل إملن لذلإ ل‬ ‫أللف ل‬
‫لع لليمكلما لبلعلدهم أللبةدا « ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وبنأللور القلللب تللبين قيمللة المل لوال والشللياء‪ ،‬وقيمللة اليمللان والعمللال‪ ،‬ول يبقللى‬
‫ق بالدنأيا‪ ،‬بل يكون تعلقه بالخرةا‪.‬‬
‫للعبد تعل ب‬
‫ونأور اليمان في القلب يرسخ حقيقة الوعد والوعيد‪.‬‬
‫إواذا ج للاءت حقيق للة الوع للد والوعي للد زدنأ للا ف للي الطاع للات‪ ،‬ونأفرنأ للا م للن المعاص للي‪،‬‬
‫وزهدنأا في الدنأيا‪ ،‬ورغبنأا في الخرةا‪.‬‬
‫ونأور القلب في الدنأيا يكون مستو ةرا‪ ،‬وفي الخرةا يكون ظاه اةر للمؤمنأين‪.‬‬
‫وبامتثال أوامر ال‪ ،‬وفعل كل سنأة‪ ،‬يزداد نأور القلب‪ ،‬وبمخالفة السنأن يزيد ظلما‬
‫القلب‪ ،‬وتثقل الطاعات‪.‬‬
‫ومحبة ال نأور في القلب والوجه‪ ..‬ومحبة غير ال ظلما في القلب والوجه‪.‬‬
‫وكللل مللن أقلنر ب ل )ل إللله إل الل وأن محمللداة رسللول اللل( جللاء النأللور فللي قلبلله‪ ،‬إواذا‬
‫جاء نألور الهدايلة فلي القللب سلهل تطلبيق أواملر الل‪ ،‬والكثلار منأهلا‪ ،‬والتللذذ بهلا‪،‬‬
‫ودعوةا النأاس إليها‪ ،‬والصبر على كل ذلك‪.‬‬
‫ونأللور الهدايللة فللي القلللب‪ :‬أن يللتيقن العبللد أن المعطللي والمللانأع‪ ،‬والمع لنز والمللذنل‪،‬‬
‫والنأافع والضانر‪ ،‬والمحيي والمميت فقط هو ال وحده ل شريك له‪.‬‬
‫وحاجل للات القلل للب كل للثيرةا كل للالبحر‪ ،‬وحاجل للات البل للدن كل للالقطرةا‪ ،‬لن القلل للب محل ل للل‬
‫اليمان‪ ،‬واليمان ليس له حدد‪ ،‬وباليمان يسعد النأسان في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫واليمللان يزيللد فللي القلللوب بكللثرةا الطاعللات‪ ،‬والنأظللر فللي اليللات الكونأيللة‪ ،‬واليللات‬
‫القرآنأية‪ ،‬والجهد للدين‪ ،‬وتحصل بذلك الهداية‪.‬‬
‫ولك ل لنن الباطل للل ل يل للزول إل بالتضل للحية بكل للل شل لليء مل للن أجل للل إعلء كلمل للة ال ل ل‬
‫بالموال‪ ،‬والنأفس‪ ،‬والشهوات‪ ،‬والجاه‪ ،‬والوقات‪.‬‬
‫ولمل للا تركل للت المل للة التضل للحية بل للذلك نأقل للص اليمل للان‪ ،‬وقلل للت الطاعل للات‪ ،‬وكل للثرت‬

‫‪20‬‬
‫المعاصي‪ ،‬فجاء البلء والفساد والعقاب‪.21‬‬
‫فالشيطان يزين للنأسان الشهوات التي عاقبتهلا الهلك‪ ،‬والنأبيلاء يأمرون النألاس‬
‫باليمان والعمال الصالحة التي عاقبتها الفلحا‪.‬‬
‫وزينأ ل للة القلل للب باليم ل للان‪ ،‬وزينأ ل للة الجل ل لوارحا بالعم ل للال‪ ،‬وزينأ ل للة النأس ل للان الداخلي ل للة‬
‫والخارجية تكمل بالخلق الحسنأة‪ ،‬اللتي وصلف الل بهللا نألبيه محمللداة صللى الل‬
‫ق لعإظيرما )‪] ((4‬القلما‪.[4 :‬‬
‫ك للعلى مخلم ر‬
‫عليه وسلما بقوله‪ ) :‬ل إوإاننأ ل‬
‫وليس في الوجود شيء غير ال سللبحانأه يسللكن إليلله القللب‪ ،‬ويطمئللن بله‪ ،‬ويلأنأس‬
‫به‪ ،‬ويتلذذ بالتوجه إليه‪.‬‬
‫ومللن عبللد غيللر الل ل سللبحانأه‪ ،‬وحصللل للله بلله نأللوع لللذةا ومنأفعللة‪ ،‬فمضل لرته بللذلك‬
‫أضعاف أضعاف منأفعته‪ ،‬وهو بمنأزلة أكل الطعاما المسموما اللذيذ‪.‬‬
‫وكما أن السموات والرض لو كان فيهما آلهة إل ال لفسلدتا‪ ،22‬فكلذلك القلب إذا‬
‫كان فيه معبود غير ال تعالى‪ ،‬فسد فساداة ل يرجى صلحه‪ ،‬إل بأن يخللرج ذلللك‬
‫المعبود من قلبه‪ ،‬ويكون ل وحده هو إلهه ومعبوده ومحبوبه‪.‬‬
‫وفقلر العبلد إللى أن يعبلد الل وحلده ل شلريك لله‪ ،‬ليلس له نأظير فيقلاس به‪ ،‬ولكلن‬
‫يشلبه ملن بعلض الوجلوه حاجلة الجسلد إللى الطعلاما والشلراب والنأفلس‪ ،‬لكلن بينأهملا‬
‫فروق كثيرةا‪.‬‬
‫فإن حقيقة العبد قلبه وروحه‪ ،‬ول صلحا له ول سعادةا إل بإلهه الحق الذي ل إللله‬
‫إل هو‪.‬‬

‫‪ - 21‬قال تعالى ‪}:‬مقلل إإن لكالن آلبامؤمكلما لوأللبلنأآَمؤمكلما ل إوإالخلوامنأمكلما لوأللزلوامجمكلما لولعإشيلرتممكلما لوأللملوابل القتللرلفتمممولها‬
‫إإ‬ ‫ر إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ب إ لليمكما لم لن الله لولرمسولإه لوإجلهاد في لسإبيله فلتللرنب م‬
‫صولا‬ ‫ضلولنألها أللح ن‬ ‫لوتإلجالرةاب تللخلشلولن لكلسالدلها لولملساكمن تللر ل‬
‫لحنتى ليلأتإلي اللهم بإأللمإرإه لواللهم لل ليلهإدي القللولما اللفاإسإقيلن{ُ )‪ (24‬سورةا التوبة‬
‫صمفولن{ُ )‪(22‬‬ ‫ش عنما ي إ‬
‫ب اللعلر إ ل ل‬ ‫‪ - 22‬قال تعالى ‪ }:‬للو لكالن إفيإهلما آلإهلةب إنل اللنهم لفللسلدلتا فلمسلبلحالن اللنإه لر ل‬
‫سورةا النأبياء‬

‫‪21‬‬
‫فل يطمئن إل بذكره‪ ..‬ول يسلكن إل بمعرفتله وحبله‪ ..‬وللو حصل له ملن اللذات‬
‫والسرور بغيره ما حصل فل يدوما له ذلك‪.‬‬
‫وكثي اةر ما يكون ذلك الذي يتنأعما به هو أعظما أسباب ألمه ومضرته‪.‬‬
‫وأما إلهه الحق فل بند له منأه في كل وقت‪ ،‬وفي كل حال‪ ،‬وأينأما كان‪.‬‬
‫فنأفللس اليمللان بلله‪ ،‬ومحبتلله وعبللادته‪ ،‬إواجلللله وذكلره‪ ،‬هللو غللذاء النأسللان وقللوته‪،‬‬
‫وصلحه وقوامه‪.23‬‬
‫أم ل للا م ل للن ق ل للال‪ :‬إن عب ل للادةا الل ل ل وذكل ل لره وش ل للكره تكلي ل للف ومش ل للقة لمج ل للرد البتلء‬
‫والمتحان‪ ،‬أو لجل مجلرد التعللويض بلالثواب المنأفصللل‪ ،‬كالمعاوضلة بالثملان‪،‬‬
‫أو لمجللرد رياضللة النأفللس وتهللذيبها‪ ،‬ليرتفللع عللن درجللة البهيللما مللن الحي لوان‪ ،‬فهللذا‬
‫قول من قنل نأصيبه ملن العلما والتحقيق‪ ،‬وملن ذو إ‬
‫ق حقائق اليمان وحلوته‪.‬‬
‫بل عبادته سبحانأه ومعرفته وتوحيده وشكره قرةا عين النأسان‪ ،‬وأفضللل لللذةا للللروحا‬
‫والقلب والجنأان‪.‬‬
‫وليس المقصود بالعبادات والوامر المشلقة والكلفلة بالقصلد الول‪ ،‬إوان وقلع ذللك‬
‫ضمنأاة وتبعاة في بعضها لسباب اقتضته ل بند منأها‪.‬‬
‫فأواممره سبحانأه‪ ،‬وحلقه الذي أوجبه على عباده‪ ،‬وشرائعه التي شللرعها لهللما‪ ،‬هللي‬
‫ق للرةا العي للون‪ ،‬ول للذةا القل للوب‪ ،‬ونأعي للما الرواحا وس للورها‪ ،‬وبه للا ش للفاؤها وس للعادتها‪،‬‬
‫وفلحها‪ ،‬وكمالهللا فللي معاشللها ومعادهللا كمللا قللال سللبحانأه‪ } :‬ليللا ألليهلللا الننأللامس قلللد‬
‫ص لمدوإر لومهلةدى لولرلحلم لةب لإلممللؤإمإنأيلن )‬
‫ظلةب إم للن لرلبمك للما لوإش للفابء لإلمللا إفللي ال ل‬
‫لجللالءتلمكلما لملوإع ل‬
‫ك لفلليلفلرمحلوا مهللو لخليلبر إمنمللا ليلجلممعللولن )‪ُ{ (58‬‬ ‫ضإل اللنلإه لوبإلرلحلمتإلإه فلبإللذلإ ل‬‫‪ (57‬مقلل بإفل ل‬
‫]يونأس‪[58-57:‬‬
‫ولما يسما ال عنز وجنل أواملره ووصلاياه وشلرائعه تكليفلةا‪ ،‬إوانأملا سلماها روحلاة ونأللو ةرا‪،‬‬

‫‪- 23‬انأظر مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(25‬‬

‫‪22‬‬
‫وهللدى وحيللاةا‪ ،‬ورحمللة وشللفاء‪ ،‬وعهللداة ووصللية‪ ،‬ونأحللو ذلللك‪ ،‬ومللا ذكللر فللي القلرآن‬
‫مللن ذكللر التكليللف فإنأمللا ورد فللي جللانأب النأفللي كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬لل يلكلل م ن‬
‫ف الل لهم‬ ‫م‬
‫ت لرنبلنأللا لل تملؤاإخ للذلنأا إلن لنأإسلليلنأا أللو‬ ‫ت لولعلليهلللا لمللا الكتللس للب ل‬ ‫لنألفةسللا إنل مولس للعلها لهلللا لمللا لكلس للب ل‬
‫ص ةار لكلما لحلملتلهم لعللى النإذيلن إملن قللبإللنأللا لرنبلنأللا لولل تملحلمللنأللا‬ ‫إ‬
‫طلألنأا لرنبلنأا لولل تللحملل لعلليلنأا إ ل‬
‫أللخ ل‬
‫صللرلنأا لعللى القلللوإما‬ ‫ت لملولللنألا لفالنأ م‬ ‫ف لعننألا لوالغإفللر للنألا لوالرلحلملنألا أللنأل ل‬ ‫طاقلةل للنألا بإلإه لوالعل م‬
‫لما لل ل‬
‫اللكاإفإريلن )‪] ((286‬البقرةا‪.[286 :‬‬
‫وأجل نأعيما في الجنأة‪ ،‬وأفضللله وأعله علللى الطلق‪ ،‬هللو النأظللر إلللى وجلله اللنرب‬
‫جنل جلله‪ ،‬وسماع خطابه‪.‬‬
‫فلالمؤمنأون ملع كملال تنأعمهلما بملا أعطاهما ربهلما فلي الجنأة‪ ،‬للما يعطهلما ربهلما شليئاة‬
‫أح ن‬
‫ب إليهما من النأظر إليه‪.‬‬
‫إوانأمللا كللان ذلللك أحللب إليهللما‪ ،‬لن مللا يحصللل لهللما بلله مللن اللللذةا والنأعيللما‪ ،‬والفل لرحا‬
‫والسلرور‪ ،‬وقلرةا العيلن‪ ،‬فلوق ملا يحصلل لهلما ملن التمتلع بالكلل والشلرب‪ ،‬والحللور‬
‫العين‪ ،‬ول نأسبة بين اللذتين والنأعمتين البتة‪.‬‬
‫وكما أنأه ل نأسبة لنأعيما ما في الجنأة‪ ،‬إلى نأعيما النأظللر إلللى وجلله العلللى سللبحانأه‪،‬‬
‫فكذلك ل نأسبة لنأعيما الدنأيا إلى نأعيما محبته ومعرفته والشوق إليه‪ ،‬والنأس به‪.‬‬
‫ن‬ ‫نإ‬ ‫لعلن ألإبى لسإعيرد المخلدإرل‬
‫ى لقالل لقالل لرمسومل الله ‪ -‬صلى الل عليلله وسلللما ‪ » -‬إنن الللهل‬
‫ك ‪ .‬فليقلملومل لهللل ر إ‬ ‫ليمقومل لللهإل اللجننأإة ليا أللهلل اللجننأإة ‪ .‬ليمقوملولن لنبلي ل‬
‫ضلليتملما‬ ‫ل‬ ‫ك لرنبلنأا لولسللعلدلي ل ل‬
‫طليتللنأللا لمللا لللما تملعلإط أللحلةدا إمللن لخلإقل ل‬
‫ك ‪ .‬فلليقلملومل أللنأللا‬ ‫ضللى لوقلللد أللع ل‬
‫فلليمقوللملولن لولمللا للنأللا لل لنألر ل‬
‫ك فلليقمللومل أمإح للل‬ ‫ض لمل إم للن لذإل ل ل‬ ‫ر‬ ‫ك ‪ .‬قلللالموا ليللا لر ل‬ ‫ض للل إم للن لذإل ل ل‬ ‫إ‬
‫ى لش للىء أللف ل‬ ‫ب لوأل ل‬ ‫أملعطيمك للما أللف ل‬
‫ضلواإنأى فللل أللسلخطم لعلليمكلما لبلعلدهم أللبةدا « ‪.‬متفق عليه)‪.(24‬‬ ‫لعلليمكلما إر ل‬
‫والمخلوق كله‪ ،‬كبيره وصغيره‪ ،‬قويه وضعيفه‪ ،‬ليس عنأده للعبد نأفع ول ضلر‪ ،‬ول‬

‫‪()24‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(7518‬ومسلما برقما )‪(7318‬‬

‫‪23‬‬
‫عطاء ول منأع‪ ،‬ول هدى ول ضلل‪ ،‬ول نأصر ول خذلن‪ ،‬ول خفض ول رفع‪ ،‬ول‬
‫عز ول ذل‪.‬‬
‫بل ال الواحد القهار هو الذي يملك كل ذلك وحده دون سواه‪.‬‬
‫والعبللد ضللعيف مضللطر إلللى مللن يللدفع عنألله عللدوه بنأص لره‪ ،‬إوالللى مللن يجلللب للله‬
‫منألافعه برزقله‪ ،‬فل ب ند له ملن نأاصلر ورازق‪ ،‬والل وحلده هو الذي ينأصلر ويلرزق‪،‬‬
‫ق مذو القمنوإةا اللمإتيمن {ُ )‪ (58‬سورةا الذاريات‪.‬‬ ‫}إنن اللنهل مهلو النرناز م‬
‫ومن كمال إيمللان العبلد أن يعلللما أن الل إذا منسلله بسللوء‪ ،‬لللما يرفعلله عنألله غيلره‪ ،‬إواذا‬
‫نأاله بنأعمة‪ ،‬لما يرزقه إياها سواه‪.‬‬
‫وهللذا يقتضللي مللن العبللد التوكللل علللى اللل‪ ،‬والسللتعانأة بلله‪ ،‬ودعللاؤه وس لؤاله وحللده‬
‫دون سواه‪ ،‬ومحبته وعبادته‪ ،‬لحسانأه إلى عبيده‪ ،‬إواسباغ نأعمه عليهما‪.‬‬
‫فإذا أحبوه وعبدوه وتوكلوا عليه‪ ،‬فتح ال لهما من لذيذ منأاجاته‪ ،‬وعظيما اليمان‬
‫به‪ ،‬والنأابة إليه‪ ،‬ما هو أحب إليهما من قضاء حاجاتهما‪ ) :‬إوإان يمسس ل ن‬
‫ك اللهم‬ ‫ل ل لل ل ل‬
‫ب بإإه لملن‬ ‫ك بإلخليرر فللل ارند لإفل ل إ إ إ‬
‫ضله ميصي م‬ ‫ل‬ ‫ف لهم إنل مهلو ل إوإالن ميإرلد ل‬‫ضرر فللل لكاإش ل‬
‫بإ م‬
‫ليلشامء إملن إعلباإدإه لومهلو اللغمفومر النرإحيمما )‪] ((107‬يونأس‪[107:‬‬
‫ب لمكلما ل إوإالن ليلخمذلمكلما فللملن لذا النإذي‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫صلرمكمما اللهم فللل لغال ل‬ ‫وقال ال سبحانأه‪) :‬إلن ليلنأ م‬
‫صمرمكلما إملن لبلعإدإه لولعللى اللنإه لفلليتللونكإل المملؤإممنأولن )‪] ((160‬آل عمران‪[160 :‬‬ ‫ليلنأ م‬
‫وتعلق العبد بما سوى ال تعالى مضرةا عليه‪ ،‬إذا أخذ منأه فللوق القللدر ال ازئللد علللى‬
‫حاجته‪ ،‬غير مستعين به على طاعته‪.‬‬
‫فإذا نأال من الطعاما والشراب والنأكاحا واللباس فوق حاجته ضره ذلك‪.‬‬
‫ولو أحب العبد ما سوى ال ما أحب‪ ،‬فل بند أن ميسلبه ويفارقه‪ ،‬فإن أحبه لغير‬
‫ال فل بند أن تضره محبته‪ ،‬ويعذب بمحبوبه‪ ،‬إما في الدنأيا أو في الخرةا‪ ،‬أو‬
‫فيهما معةا‪ ،‬وهذا هو الغالب كما قال سبحانأه‪) :‬فللل تملعإجلب ل‬
‫ك أللملوالمهملما لولل أللوللمدمهلما‬

‫‪24‬‬
‫إننألما ميإريمد اللنهم لإميلعلذلبهملما بإلها إفي اللحلياإةا اللدلنأليا لوتللزله ل‬
‫ق أللنأفممسهملما لومهلما لكاإفمرولن )‪((55‬‬
‫]التوبة‪[55:‬‬
‫فكل من أحب شيئاة سوى ال تعالى‪ ،‬ولما تكن محبته له ل تعللالى ول لكلونأه معينألاة‬
‫له على طاعته‪ ،‬عذب به في الدنأيا قبل يوما القيامة‪.‬‬
‫فإذا كان يوما القيامة ونلى الحكما العدل سبحانأه كنل محب ما كان يحبه في الدنأيا‪،‬‬
‫فكان معه إما منأعماة أو معذبةا‪.‬‬
‫فالمؤمن الذي يحب المؤمنأين‪ ،‬يكون معهما في الجنأة‪ ،25‬والكافر الذي اجتملع ملع‬
‫الكفللار علللى غيللر طاعللة ال ل ورسللوله‪ ،‬يجمللع ال ل بينأهللما يل لوما القيامللة فللي النأللار‪،‬‬
‫ويعللذب كلل منأهللما بصللاحبه‪ ،‬ويلعللن بعضللهما بعض لاة كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬الللإخنلمء‬
‫ض لعمددو إنل الممتنإقيلن )‪] ((67‬الزخرف‪.[67 :‬‬ ‫ضهملما إللبلع ر‬ ‫إر‬
‫ليلولمئذ لبلع م‬
‫فكللل مللن أحل ن‬
‫ب شلليئاة سللوى ال ل فالضللرر حاصللل للله بمحبللوبه‪ ،‬إن وجللد إوان فقللد‪،‬‬
‫فإنأه إن فقده عذب بفراقه‪ ،‬وتألما على قدر تعلق قلبه به‪.‬‬
‫إوان وجده كان ما يحصل له من اللما قبل حصوله‪ ،‬ومللن النأكللد والتعللب فلي حلال‬
‫حصللوله‪ ،‬ومللن الحسللرةا عليلله بعللد فللوته‪ ،‬أضللعاف أضللعاف مللا فللي حصللوله مللن‬
‫اللذةا‪.‬‬
‫واعتماد العبد على المخلوق‪ ،‬وتوكله عليه‪ ،‬يوجب له الضرر من جهته هو ول‬
‫بند‪ ،‬عكس ما أنمله منأه‪ ،‬فل بند أن ميلخذلل من الجهة التي قدر أن مينأصر منأها‪،‬‬
‫وميذما من حيث قدر أن ليلحمد كما قال سبحانأه‪) :‬لواتنلخمذوا إملن مدوإن اللنإه لآلإهلةة‬
‫ضلدا )‪((82‬‬ ‫لإيمكومنأوا لهما إع لاز )‪ (81‬لكنل سيلكفمرون بإإعبالدتإإهما ويمكومنأون ع لليإهما إ‬
‫ل ل ل‬ ‫لل م ل ل ل ل ل‬ ‫مل‬ ‫ل‬
‫]مريما‪[:‬‬

‫س لبإن لمالإرك ألنن لرمجلة لسأللل الننأبإنى ‪ -‬صلى ال عليه‬ ‫‪- 25‬ففي صحيح البخارى برقما )‪ ( 6171‬لعلن أللنأ إ‬
‫صللرةا لولل‬ ‫إ إ‬
‫ت للها ملن لكثيإر ل‬
‫ت للها « ‪ .‬لقالل لما أللعلدلد م‬ ‫وسلما ‪ -‬لمنتى النسالعةم ليا لرمسولل اللنإه لقالل » لما أللعلدلد ل‬
‫ت«‪.‬‬ ‫ب اللنهل لولرمسولهم ‪ .‬لقالل » أللنأ ل‬
‫ت لملع لملن أللحلبلب ل‬ ‫صلدقلرة ‪ ،‬لولإكلنأى أمإح ل‬
‫صلورما لولل ل‬
‫ل‬

‫‪25‬‬
‫فالمشرك يرجو بشركه النأصر تارةا‪ ..‬والعز تلارةا‪ ..‬والسللعادةا تلارةا‪ ..‬والحملد تلارةا‪..‬‬
‫والثنأاء تارةا‪ ..‬وأنأى له ذلك‪.‬‬
‫فصلحا القلب وسعادته وفلحه في عبادةا ال وحده‪ ،‬والستعانأة به وحده‪:‬‬
‫)فللل تللدعم لملع اللنإه إلةها لآلخلر فلتلمكولن إملن المملعنذإبيلن )‪] ((213‬الشعراء‪[213:‬‬
‫وهلك القلب وشقاؤه‪ ،‬وضرره العاجل والجل‪ ،‬في عبادةا المخلوق والستعانأة‬
‫به‪ ،‬فاحذر ذلك‪) :‬لل تللجلعلل لملع اللنإه إ لةها لآلخلر فلتللقمعلد لملذمموةما لملخمذوةل )‪((22‬‬
‫]السراء‪.[22 :‬‬
‫وال عنز وجنل غنأي كريما‪ ،‬عزيز رحيما‪ ،‬فهو محسن إلى عبده مع غنأاه عنأه‪ ،‬يريللد‬
‫به الخير‪ ،‬ويكشف عنأه الضر‪ ،‬ل لجلب منأفعة إليه من العبد‪ ،‬ول لدفع مضرةا‪.‬‬
‫بل رحمة منأه إواحسانأاة ومحبة له‪ ،‬وهو سبحانأه لما يخلق خلقه ليتكثر بهما من‬
‫قلة‪ ،‬ول ليعتز بهما من ذلة‪ ،‬ول ينأفعوه أو يدفعوا عنأه أو يرزقوه‪ :‬كما قال‬
‫ت الإجنن وا لإل لنألس إنل إلليلعمبمدوإن )‪ (56‬لما أمإريمد إملنأهملما إملن إرلز ر‬
‫ق‬ ‫سبحانأه ‪) :‬لولما لخللق م‬
‫ل‬
‫ق مذو القمنوإةا اللمإتيمن )‪((58‬‬ ‫طإعمموإن )‪ (57‬إنن اللنهل مهلو النرناز م‬ ‫لولما أمإريمد أللن مي ل‬
‫]الذاريات‪[58-56:‬‬
‫ومللاذا يملللك العبللد الفقيللر حللتى يعطللي؟‪ ..‬ومللاذا يعلللما مللن الخلللق حللتى يواسللي‬
‫غيره؟‪ ..‬وماذا يملك من العمر حتى يبقى؟‪.‬‬
‫إن العبد المخلوق ل يعلما مصلللحتك حلتى يعرفله الل تعللالى إياهللا‪ ،‬ول يقللدر علللى‬
‫تحصيلها لك حتى يقدره ال تعالى عليها‪ ،‬ول يريللد ذلللك حلتى يخللق الل فيلله إرادةا‬
‫ومشيئة لذلك‪.‬‬
‫فعاد المر كله لمن ابتدأ منأه‪ ،‬فهو الذي بيده الخير كله‪ ،‬واليه يرجع المللر كللله‪،‬‬
‫فتعلللق القلللب بغيلره ضللرر محللض ل منأفعللة فيلله‪ ،‬ومللا يحصللل بللذلك مللن المنأفعللة‬
‫فه للو س للبحانأه الللذي قللدرها ويس للرها وأوصلللها إليللك‪ ،‬وغ للالب الخلللق إنأمللا يري للدون‬

‫‪26‬‬
‫قضللاء ح لوائجهما منأللك‪ ،‬إوان أض لنر ذلللك بللدينأك ودنأيللاك‪ ،‬فهللما إنأمللا يريللدون قضللاء‬
‫حوائجهما ولو بمضرتك‪.‬‬
‫والل لنر ل‬
‫ب تبل للارك وتعل للالى إنأمل للا يريل للد لل للك المصل لللحة‪ ،‬ويريل للد الحسل للان إليل للك لل للك ل‬
‫لمنأفعته‪ ،‬ويريد دفع الضرر عنأك‪ ،‬فكيف تعلق أملك ورجاءك وخوفك بغيره؟‬
‫وال سبحانأه رفيع الدرجات‪ ،‬الذي تعالت ذاته أن ميتقللرب إليلله إل بالعمللل الصللالح‬
‫الزكل للي الطل للاهر‪ ،‬وهل للو الخلص الل للذي يرفل للع درجل للات أصل للحابه ويقربهل للما إليل لله‪،‬‬
‫ويجعلهما فوق خلقه‪.‬‬
‫والللوحي للرواحا والقلللوب‪ ،‬بمنأزلللة الرواحا للجسللاد‪ ،‬فكمللا أن الجسللد بل روحا ل‬
‫يحيل للا ول يعيل للش‪ ،‬فكل للذلك الل للروحا والقلل للب بل للدون روحا الل للوحي ل يصل لللح ول يفلل للح‪:‬‬
‫ص لليلن لل لهم الل للديلن لولل للو لكل لإرهل اللك للاإفمرولن )‪ (14‬لرإفيل لعم الل لندلرلجاإت مذو‬ ‫)فل للالدعوا اللنل له ملخإل إ‬
‫لم‬ ‫م‬
‫ق )‪((15‬‬ ‫ش ميلإقللي الللرولحا إمللن أللملإرإه لعللى لمللن ليلشلامء إمللن إعلبللاإدإه لإميلنألإذلر ليللولما التنلل إ‬
‫اللعللر إ‬
‫]غافر‪.[15 ،14 :‬‬
‫إن من لللما يكللن فلي قلبله نأللور اليمللان‪ ،‬يللرى العللزةا بلالموال والشللياء‪ ،‬ل باليمللان‬
‫والعمال‪ ،‬وبذلك يحرما من العمال الصالحة‪ ،‬ويتعلق قلبه بالفانأية‪.‬‬
‫وكلما ضعف اليمان نأقص الدين‪ ،‬فتوجه النأاس إلللى غيلر اللل‪ ،‬والعمللل بل يقيللن‬
‫كالجس للد بل روحا ل فائ للدةا في لله‪ ،‬واليقي للن أن نأعتق للد أن جمي للع الف للوز والفلحا‪ ،‬ف للي‬
‫الدنأيا والخرةا‪ ،‬بيد ال وحده ل شريك له‪.‬‬
‫إواذا كللانأت القلللوب متوجهللة إلللى اللل‪ ..‬والجسللاد مزينأللة بالسللنأن‪ ،‬فتحللت للنأسللان‬
‫أبلواب الهدايللة والسللعادةا فلي اللدنأيا والخللرةا‪) :‬ليلا ألليهللا النلإذيلن لآلمنأملوا اتنقملوا اللنلهل لومقولملوا‬
‫إ ن‬ ‫إ‬ ‫قلوةل سلإديةدا )‪ (70‬ي إ‬
‫صلللح لمكللما أللعلملالمكلما لوليلغفللر لمكللما مذمنألولبمكلما لولمللن ميطلإع الللهل لولرمسلولهم‬
‫م ل‬ ‫ل ل‬
‫إ‬
‫فلقللد لفالز فللوةاز لعظيةما )‪] (71‬الحزاب‪.[:‬‬
‫إواذا أحللب الل عبللدةا‪ ،‬هللداه إليلله‪ ،‬وأدخللله بيتلله‪ ،‬وأشللغله فيمللا يحللب‪ ،‬واسللتعمل قلبلله‬

‫‪27‬‬
‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫وجلوارحه فيمللا يحللب‪) :‬الللهم ليلجتلبإللي إلليله لمللن ليلشللامء لوليلهلدي إلليله لمللن مينأيل م‬
‫ب )‪((13‬‬
‫]الشورى‪.[13 :‬‬

‫‪‬‬

‫‪28‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ -4‬حياة القلب‬

‫صالإةحا إملن لذلكرر أللو أملنألثى لومهلو مملؤإمبن لف لمنألحيإليننأهم لحلياةاة‬ ‫إ‬
‫قال ال تعالى‪) :‬لملن لعملل ل‬
‫طليلبةة لوللنألجإزليننأهملما أللجلرمهلما بإأللحلسإن لما لكامنأوا ليلعلمملولن )‪] ((97‬النأحل‪.[97 :‬‬ ‫ل‬
‫وقال ال تعالى‪) :‬ليا ألليلها النإذيلن لآلمنأموا الستلإجيبموا لإلنإه لوإللنرمسوإل إلذا لدلعامكلما لإلما ميلحإييمك للما‬
‫لوالعلمم لوا ألنن اللنلهل ليمحللومل لبلي للن اللم للرإء لولقلبإ لإه لوألننأ لهم إللي لإه تملحلش لمرولن )‪] ((24‬النأفللال‪:‬‬
‫‪.[24‬‬
‫حيللاةا القلللب ونأعيملله وسللروره وبهجتلله باليمللان بللال‪ ،‬ومعرفتلله ومحبتلله‪ ،‬والنأابللة‬
‫إليه‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬وعبادته‪ ،‬وطاعته وطاعة رسوله صلى ال عليه وسلما‪.‬‬
‫فللإنأه ل حيللاةا أطيللب مللن هللذه الحيللاةا‪ ،‬ول نأعيللما فللوق نأعيمهللا إل نأعيللما الجنأللة الللذي‬
‫يجتمع فيه كمال اليمان‪ ،‬وكمال النأعيما‪.‬‬
‫إواذا كانأت حياةا القلب حياةا طيبة تبعته حياةا الجوارحا‪ ،‬فطابت كما طاب‪.‬‬
‫وقد جعلل الل الحيلاةا الطيبة لهلل معرفتله ومحبتله وعبلادته كملا قلال سلبحانأه فلي‬
‫الية السابقة‬
‫وحياة القلب تكون بثلثة أشياء‪:‬‬
‫قصر المل‪ ..‬وتدبر القرآن‪ ..‬وتجنأب مفسدات القلب‪.‬‬
‫فأما قصر المل‪ ،‬فهو العلما بقرب الرحيل‪ ،‬وسرعة انأقضاء مدةا الحياةا‪ ،‬وهللو مللن‬
‫أنأفع المور للقلب‪.‬‬

‫‪ - 26‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 10‬ص ‪ (104‬ومجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 10‬ص ‪ (109‬وفتاوى‬


‫يسألونأك ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (198‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (9355‬وفتاوى‬
‫الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 9‬ص ‪ (2688‬إواحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪(358‬وآفات‬
‫على الطريق كامل ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (341‬وففروا إلى ال ‪) - 1‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (122‬ومدارج السالكين‬
‫‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(4‬وتنأبيه الغافلين‪ ،‬الصدار ‪) - 2‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (36‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج‬
‫‪ / 1‬ص ‪(2703‬‬

‫‪29‬‬
‫فإنأه يبعثه على تدارك الياما‪ ،‬وانأتهاز الفرص التي تمر منر السحاب‪ ،‬ويثير‬
‫عزمات القلب إلى دار البقاء والخلود‪ ،‬ويزهده في الدنأيا‪ ،‬ويرغبه في الخرةا كما‬
‫صلبلر مأوملو اللعلزإما إملن اللرمسإل لولل تللستللعإجلل لهملما لكألننأهملما‬
‫صبإلر لكلما ل‬ ‫قال سبحانأه‪) :‬لفا ل‬
‫ك إنل القللومما‬‫ليلولما ليلرلولن لما ميولعمدولن للما ليللبثموا إنل لسالعةة إملن لنألهارر لبللغب فلهللل ميلهل م‬
‫اللفاإسمقولن )‪] ((35‬الحقاف‪.[35 :‬‬
‫وأما تدبر القرآن‪ ،‬فهو تحديق نأاظر القلب إلى معانأيه‪ ،‬وجمع الفكر على تدبره‬
‫وتعقله‪ ،‬وهو المقصود بإنأزاله‪ ،‬ل مجرد تلوته بل فهما ول تدبر‪ ،‬كما قال‬
‫ك لإليندنبمروا لآلياتإإه لولإليتللذنكلر مأوملو الللللباإب )‪((29‬‬ ‫سبحانأه‪) :‬إكلتا ب‬
‫ب أللنألزللنأاهم إللي ل‬
‫ك مملبالر ب‬
‫]ص‪.[29 :‬‬
‫فليللس شلليء أنأفللع للعبللد فللي معاشلله ومعللاده‪ ،‬وأقللرب إلللى نأجللاته مللن تللدبر القلرآن‪،‬‬
‫وجمع الفكر فيه علللى معللانأي آيلاته‪ ،‬فإنأهللا تطللع العبلد عللى معلالما الخيلر والشلر‪،‬‬
‫وتدله على مفاتيح كنأوز السعادةا والعلوما النأافعة‪ ،‬وتثبت قواعللد اليمللان فللي قلبلله‪،‬‬
‫وتريه صور الدنأيا والخرةا‪ ،‬والجنأة والنأار‪.‬‬
‫وتحضل لره بيللن المللما السللابقة‪ ،‬وتريلله أيللاما ال ل فيهللما‪ ،‬وتشللهده عللدل الل ل وفضللله‪،‬‬
‫وتعرفه ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله‪ ،‬وما يحبه ال وما يبغضه‪.‬‬
‫وتري لله طريللق أه للل الجنأ للة‪ ،‬وأه للل النأ للار‪ ،‬وم ارت للب أه للل الس للعادةا‪ ،‬وأه للل الش للقاوةا‪،‬‬
‫وتطلعه على تفاصيل المر والنأهي‪ ،‬والشرع والقدر‪ ،‬والحلل والحلراما‪ ،‬والللترغيب‬
‫والترهيب‪ ،‬والمواعظ والصبر وغيرها‪.‬‬
‫وأمللا مفسللدات القلللب فكللثرةا الخلطللة‪ .‬والتمنأللي‪ ..‬والتعلللق بغيللر اللل‪ ..‬وكللثرةا الشللبع‬
‫وكثرةا النأوما‪ ..‬فهذه الخمسة أكبر مفسدات القلب‪.‬‬
‫فللالقلب السللليما يسللير إلللى ال ل تعللالى والللدار الخللرةا‪ ،‬وهللذه الخمسللة تطفللئ نأللوره‪،‬‬
‫وتضعف قلواه‪ ،‬قاطعللة لله علن الوصللول إللى مللا خللق لله‪ ،‬وجعلل نأعيمله وسلعادته‬

‫‪30‬‬
‫وابتهاجه ولذته في الوصول إليه‪.‬‬
‫فل للإنأه ل نأعيل للما للقلل للب ول لل للذةا‪ ،‬ول ابتهل للاج ول كمل للال‪ ،‬إل بمعرفل للة الل ل ل ومحبتل لله‪،‬‬
‫والطمأنأينأل للة بل للذكره‪ ،‬والف ل لرحا والبتهل للاج بقربل لله‪ ،‬والشل للوق علل للى لقل للائه‪ ،‬فهل للذه جنأتل لله‬
‫العاجلة‪.‬‬
‫كما أنأه ل نأعيما له في الخرةا‪ ،‬ول فوز ول فلحا إل بجوار ربلله فللي دار النأعيللما فللي‬
‫الجنأة الجلة‪.‬‬
‫فللله جنأتللان‪ :‬ل يللدخل الثانأيللة منأهمللا حللتى يللدخل الولللى‪ ،‬وهللذه الشللياء الخمسللة‬
‫قاطعة عن هذا‪ ،‬حائلة بين القلب وبينأه‪.‬‬
‫ولحياة القلب علمات أهمها‪:‬‬
‫وجل القلب من ال سبحانأه‪ ،‬وشدةا خوفه منأه‪ ،‬كما قال سبحانأه‪) :‬إننألما‬
‫ت لع لليإهلما لآلياتمهم لازلدتلهملما‬ ‫ت مقملومبهملما ل إوإالذا تملإلي ل‬‫المملؤإممنأولن النإذيلن إلذا مذإكلر اللنهم لوإج ل ل‬
‫إإيلماةنأا لولعللى لرلبإهلما ليتللونكملولن )‪] ((2‬النأفال‪[2:‬‬
‫ومنها‪ :‬القشعريرةا في البدن‪ ،‬ولين الجلود والقلوب عنأد سماع القرآن كما قال ال‬
‫سبحانأه‪) :‬اللنهم لنأنزلل أللحلسلن اللحإديإث إكلتاةبا ممتللشابإةها لملثانأإلي تللقلشإعلر إملنأهم مجملومد النإذيلن‬
‫ك مهلدى اللنإه ليلهإدي بإإه لملن‬ ‫ليلخلشلولن لرنبهملما ثمنما تلإليمن مجملومدمهلما لومقملومبهملما إللى إذلكإر اللنإه لذإل ل‬
‫ضلإإل اللنهم فللما لهم إملن لهارد )‪] ((23‬الزمر‪.[23 :‬‬ ‫ليلشامء لولملن مي ل‬
‫ومنها‪ :‬خشوع القلب عنأد ذكر ال سبحانأه كما قال ال عنز وجنل‪) :‬ألللما ليلأإن إللنإذيلن‬
‫ق لولل ليمكونأمل لوا لكالنل لإذيلن مأوتلم لوا‬ ‫لآلمنأمل لوا أللن تللخلشل للع مقلمللومبهملما إلل لإذلكإر اللنل لإه لولمللا لنأل للزلل إمل للن اللحل ل ل‬
‫ت مقلمللومبهملما لولكثإي لبر إملنأهمللما لفاإس لمقولن )‪((16‬‬ ‫طللالل لعلليإه لمما اللللم لمد فلقللسل ل‬ ‫ب إم للن قللب لمل فل ل‬ ‫إ‬
‫الكتلللا ل‬
‫]الحديد‪.[16 :‬‬
‫ومنأها‪ :‬الذعان للحق والخبات له كما قال ال سبحانأه‪) :‬لولإليلعللما النإذيلن مأوتموا‬
‫ت لهم مقملومبهملما ل إوإانن اللنهل للهاإد النإذيلن لآلمنأموا‬ ‫ك فلميلؤإمنأموا بإإه فلتملخبإ ل‬ ‫ق إملن لرلب ل‬ ‫الإعللما ألننأهم اللح ل‬

‫‪31‬‬
‫ص لاررط مملستلإقيرما )‪] ((54‬الحج‪.[54 :‬‬
‫إللى إ‬
‫ومنها‪ :‬كثرةا النأابة إلى ال كما قال ال سبحانأه‪) :‬لملن لخإشلي النرلحلملن إباللغليإب‬
‫لولجالء بإلقلرب ممإنأيرب )‪] (33‬ق‪.[33 :‬‬
‫ومنها‪ :‬السكينأة والوقار كما قال ال سبحانأه‪) :‬مهلو النإذي أللنأللزلل النسلإكيلنأةل إفلي مقلملوإب‬
‫ن‬ ‫الممل للؤإمإنأيلن لإليل للزلدامدوا إإيلماةنأللا لمل للع إإيلمللانأإإهلما ولإلنل لإه مجمنأللومد النسل للماواإت واللللر إ‬
‫ض لولكللالن اللل لهم‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫لعإليةما لحإكيةما )‪] ((4‬الفتح‪.[4 :‬‬
‫ومنها‪ :‬خفقللان القلللب بحللب المللؤمنأين كمللا قللال الل سللبحانأه‪) :‬لوالنلإذيلن لجللامءوا إمللن‬
‫لبلعإدإهلما ليمقوملولن لرنبلنأا الغإفلر للنأا لإوإللخلوانأإلنألا النلإذيلن لسللبمقولنأا إبا لإليلملاإن لولل تللجلعللل إفللي مقملوبإلنأللا‬
‫ف لرإحيبما )‪] ((10‬الحشر‪.[10 :‬‬ ‫ك لرمءو ب‬ ‫إغلل لإلنإذيلن لآلمنأموا لرنبلنأا إننأ ل‬
‫صمموا بإلحلبإل اللنإه‬ ‫ومنها‪ :‬سلمة القلب من الحقاد كما قال ال سبحانأه)والعتل إ‬
‫ل‬
‫ف لبليلن مقملوبإمكلما‬‫لجإميةعا لولل تلفلنرقموا لوالذمكمروا نأإلعلمةل اللنإه لعلليمكلما إلذ مكلنأتملما أللعلداةء فلألل ل‬
‫ن‬
‫ك ميلبليمن‬‫صلبلحتملما بإنأإلعلمتإإه إلخلواةنأا لومكلنأتملما لعللى لشلفا محلفلررةا إملن الننأاإر فلأللنأقللذمكلما إملنألها لكلذإل ل‬ ‫فلأل ل‬
‫اللنهم لمكلما لآلياتإإه للعلنمكلما تللهتلمدولن )‪] ((103‬آل عمران‪.[103 :‬‬
‫إواذا مات قلب العبد تعطلت جوارحه عن الطاعة والعبادةا‪ ..‬ولما يؤد حلق الل مللن‬
‫الطاعللة والعبوديللة‪ ..‬ولللما يعمللل بكتللاب رلب لله‪ ..‬ول بسللنأة رسللوله صلللى ال ل عليلله‬
‫وسلما ‪ ..‬وعالدى الرحمن‪ ..‬وواللى الشيطان‪.‬‬
‫وأكل رزق ال ولما يشكره‪ ..‬ودفن الموتى ولما يعتبر‪ ..‬وعلما أن الموت حق ولما‬
‫يستعد له‪ ..‬وأقبل على الدنأيا يعمرها ويجمعها وينأافس في جمع حطامها‪..‬‬
‫ن‬ ‫ويتعذب بذلك ليله ونأهاره كله)فللل تملعإجلب ل‬
‫ك أللملوالمهملما لولل أللوللمدمهلما إننألما ميإريمد اللهم‬
‫ق أللنأفممسهملما لومهلما لكاإفمرولن )‪] ((55‬التوبة‪.[55 :‬‬ ‫إلميلعلذلبهملما بإلها إفي اللحلياإةا اللدلنأليا لوتللزله ل‬
‫ومحركات القلوب إلى ال عزز وجزل ثلثة ‪:27‬‬
‫‪ - 27‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (89‬ومجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (95‬وفتاوى يسألونأك ‪-‬‬
‫)ج ‪ / 6‬ص ‪ (283‬وفتاوى السلما سؤال وجواب ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (5523‬والتخويف من النأار ‪-‬‬

‫‪32‬‬
‫المحبة‪ ..‬والخوف‪ ..‬والرجاء‪.‬‬
‫فالمحبة أقواها‪ ،‬ويحركها في القلب كثرةا ذكر المحبوب‪ ،‬ومطالعة آلئه ونأعمائه‪،‬‬
‫فيسير إلى محبوبه الذي يرى كل نأعمة منأه‪.‬‬
‫والخوف‪ ،‬المقصود منأه المنأع والزجر عن الخروج عن الطريق‪.‬‬
‫ويحرك لله ف للي القل للب مطالع للة آي للات الوعي للد والزج للر‪ ،‬والع للرض والحس للاب والنأ للار‬
‫وأهوالها‪ ،‬والعقوبات التي حلت بالمجرمين‪.‬‬
‫أمل للا الرجل للاء‪ ،‬فيقل للود النأسل للان إلل للى الطريل للق‪،‬ويحركل لله فل للي القلل للب مطالعل للة الكل لرما‬
‫والحسان‪ ،‬والحلما والعفو‪ ،‬والعطاء والملن‪.‬‬
‫وقلوب العباد كلهم بيد ال ‪:28‬‬
‫فمن أقبل على ال أقبل ال بقلوب عباده إليه فأحبوه‪.‬‬
‫ومن أعرض عن ال أعرض ال بقلوب عباده عنأه‪.‬‬
‫]مريللما‪:‬‬ ‫)إنن النلإذيلن لآلمنأم لوا لولعإملم لوا ال ن‬
‫صللاإللحاإت لس لليلجلعمل لهملمما النرلحلم لمن مولدا )‪((96‬‬
‫‪.[96‬‬

‫‪‬‬

‫)ج ‪ / 1‬ص ‪ (17‬ومدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(42‬‬


‫إ‬ ‫نإ‬
‫ب المقملوإب ثللب ل‬
‫ت‬ ‫س لقالل لكالن لرمسومل الله ‪-‬صلى ال عليه وسلما‪ -‬ميلكثمر أللن ليمقولل » ليا مملقل ل‬ ‫‪ - 28‬لعلن أللنأ ر‬

‫ت بإإه فلهللل تللخا م‬


‫ف لع لليلنأا لقالل » لنألعلما إنن‬ ‫ت ليا لرمسولل اللنإه آلمننأا بإ ل‬
‫ك لوبإلما إجلئ ل‬ ‫ك «‪ .‬فلمقل م‬‫لقلإبى لعللى إدينأإ ل‬
‫ف ليلشامء «مسنأد أحمد}‪ ُ{6/251‬برقما )‪(26887‬‬ ‫صابإإع اللنإه ميلقلمبلها لكلي ل‬ ‫إ‬
‫صمبلعليإن ملن أل ل‬
‫ب لبليلن أل ل‬ ‫المقملو ل‬
‫وسنأن الترمذى برقما )‪ ( 2290‬صحيح‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪29‬‬
‫‪ -5‬فتوحات القلب‬

‫قال ال تعالى‪) :‬لوالنإذيلن لجالهمدوا إفيلنأا للنألهإدليننأهملما مسمبللنأا ل إوإانن اللنهل للملع المملحإسإنأيلن )‪(69‬‬
‫( ]العنأكبوت‪.[69 :‬‬
‫ت مملعاإولي لةل لخإطيةبللا ليقمللومل‬ ‫ولع لإن الب لإن إش للهارب قلللالل قلللالل محلملي لمد لب لمن لعلب لإد النرلحلم لإن لس لإملع م‬
‫ت الننأبإنى ‪ -‬صلى ال عليه وسلما ‪ -‬ليمقومل » لمللن يملإرإد اللنلهم بإلإه لخليل ةار ميفلقللهلهم إفللى‬ ‫لسإملع م‬
‫اللديإن ‪ ،‬ل إوإاننألما أللنأا لقاإسبما لواللنهم ميلعإطى ‪ ،‬لوللن تل لازلل له إذإه المنملةم لقائإلملةة لعللى أللملإر اللنلإه لل‬
‫ضلرمهلما لملن لخالفلهملما لحنتى ليلأتإلى أللممر اللنإه « متفق عليه)‪.(30‬‬ ‫لي م‬
‫القلب إذا خل من الهتملاما باللدنأيا‪ ،‬وتعللق بالخرةا‪ ،‬وتلأهب للقلدوما عللى الل علنز‬
‫وجنل‪ ،‬فذلك أول فتوحه‪ ،‬وتباشير فجره‪.‬‬
‫فعنأللد ذلللك يتحللرك قلللب العبللد لمعرفللة مللا يرضللى بلله ربلله منألله‪ ،‬فيفعللله ويتقللرب بلله‬
‫إليه‪ ،‬وينأبعث لمعرفة ما يسخطه منأه فيجتنأبه‪.‬‬
‫ف للإذا تمك للن العب للد ف للي ذل للك‪ ،‬فت للح الل ل ل لله ب للاب النأ للس ب للالخلوةا والوح للدةا‪ ،‬ومحب للة‬
‫المللاكن الخاليللة الللتي تهللدأ فيهللا الصلوات والحركللات‪ ،‬فل شلليء أشللوق إليلله مللن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فإنأهللا تجمللع عليلله قللوى قلبلله إوارادتلله إواقبللاله علللى ربلله‪ ،‬وتسللد عليلله البلواب الللتي‬
‫تفرق همه‪ ،‬وتمزق شمله‪.‬‬
‫ثللما يفتللح للله بللاب حلوةا العبللادةا‪ ،‬بحيللث ل يكللاد يشللبع منأهللا‪ ،‬ويجللد فيهللا مللن اللللذةا‬
‫والراحة أضعاف ما كان يجده في لذةا اللهو واللعب‪ ،‬ونأيل الشهوات‪.‬‬
‫ثما يفتح له بلاب حلوةا اسلتماع كلما الل فل يشلبع منألله‪ ،‬إواذا سلمعه هلدأ قلبله كملا‬
‫يهدأ الصبي إذا أعطي ما هو شديد المحبة له‪.‬‬

‫‪ - 29‬مدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪ (32‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(17‬‬
‫‪()30‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(71‬ومسلما برقما )‪.(2436‬‬

‫‪34‬‬
‫ثما يفتح له باب شهود عظمة المتكلما به وجلله‪ ،‬وكمال نأعوته وصفاته‪ ،‬ومعللانأي‬
‫خطابه‪ ،‬بحيث يستغرق قلبه في ذلك‪.‬‬
‫ثما يفتح له باب الحياء من ال عنز وجنل‪ ،‬وهو أول شواهد المعرفة‪ ،‬وهو نأللور يقللع‬
‫في القلب‪ ،‬يريله ذللك النأللور أنألله واقللف بيللن يلدي ربله علنز وجلنل‪ ،‬فيسللتحي منألله فللي‬
‫خلواته وجلواته‪.‬‬
‫ويرزقه ال عنأد ذلك دواما المراقبة للرقيب‪ ،‬ودواما التطلع إلللى ربلله‪ ،‬حللتى كللأنأه يلراه‬
‫ويشل للاهده فل للوق سل للماواته ‪ ،‬نأل للاظ اةر إلل للى خلقل لله‪ ،‬سل للامعاة لص ل لواتهما‪ ،‬مطلع ل لاة علل للى‬
‫حركاتهما‪.‬‬
‫فإذا استولى هذا على العبد‪ ،‬غطى عليله كلثي اةر مللن الهملوما بالللدنأيا ومللا فيهلا‪ ،‬فهللو‬
‫في وجود بين يدي ربه ووليه‪ ،‬والنأاس في وجود آخر‪.‬‬
‫ثما يفتح له باب الشلعور بمشلهد القيوميلة لربه عللى جميلع الكائنألات‪ ،‬فيلرى سلائر‬
‫التقلبات الكونأية‪ ،‬وتصاريف الوجود بيده سبحانأه وحده‪.‬‬
‫فيشهده ذلك ربه العظيما‪ ،‬مالك النأفع والضر‪ ،‬والخلق والرزق‪ ،‬والحياء والماتلة‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ويرضى به ربلاة وملدب ةرا‪ ،‬وعنألد ذللك إذا وقلع نأظ ره عللى شليء‬
‫فيتخذه وحده وكي ة‬
‫من المخلوقات دله على خالقه وبارئه‪.‬‬
‫فإذا استمر له ذلك‪ ،‬فتح عليله بلاب القبلض والبسلط‪ ،‬فيقبلض عليلله حلتى يجلد أللما‬
‫القبللض لقل لوةا وارده‪ ،‬وتفيللض أنأل لوار المعرفللة والمحبللة والخلص م للن قلبلله‪ ،‬كم للا‬
‫يفيض نأور الشمس من جرمها‪.‬‬
‫وكلما سار إلى ربله ملن الطريلق الموصلل إليله‪ ،‬زادت الهدايلة فلي قلبه‪ ،‬وزاد نألور‬
‫اليمان‪ ،‬وانأشرحا صدره‪ ،‬ووجد اللذةا في طاعة موله‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ول‬
‫فللإذا اسللتمر علللى حللاله‪ ،‬واقفل لاة ببللاب مللوله‪ ،‬ل يلتفللت عنألله يمينأل لاة ول شللما ة‬
‫يجيب غير من يدعوه إليله‪ ،‬ويعللما أنأله للما يصلل بعلد‪ ،‬رجلا أن يفتلح لله فتلح آخر‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫هو فوق ما كان فيه‪.‬‬
‫فيسللتغرق قلبلله فللي أنأل لوار مشللاهدةا جلل اللل‪ ،‬بعللد ظهللور أنأل لوار الوجللود الحللق‪،‬‬
‫ويبقللى قلبلله سللابحاة فللي بحللر مللن أنألوار آثللار الجلل والجمللال لربلله‪ ،‬فتنأبللع النألوار‬
‫من باطنأه‪ ،‬كما ينأبع الماء من العين‪ ،‬ويجد قلبه عالياة صاعداة إلى من ليس فوقه‬
‫شيء‪.‬‬
‫ثما يرقيله الل تبللارك وتعلالى فيشللهد قلبله أنألوار الكلراما‪ ،‬بعللد مللا شللهد أنألوار الجلل‬
‫والعظمة لموله‪.‬‬
‫فيسللتغرق فللي نأللور مللن أنألوار أشللعة الجمللال والكلراما‪ ،‬والنأعللاما والحسللان‪ ،‬فيللذوق‬
‫المحب ل للة الخاصل ل للة‪ ،‬الملهبل ل للة للرواحا والقلل ل للوب‪ ،‬الباعث ل للة لحس ل للن العب ل للادةا‪ ،‬ولل ل للذةا‬
‫المنأاجاةا‪.‬‬
‫فيبقى القلب مأسو اةر في يد حبيبه العزيز الكريما‪ ،‬ووليه الغفور الرحيما‪ ،‬ممتحنأاة‬
‫بحبه‪ ،‬مستسلماة لطاعته‪ ،‬متلذذاة بعبادته‪ ،‬مستغرقاة في جلله وجماله‪ ،‬وهذا غاية‬
‫ضمل اللنإه ميلؤإتيإه لملن ليلشامء لواللنهم مذو الفل ل‬
‫ضإل اللعإظيإما )‬ ‫مراد الرب من عبده‪) :‬لذلإ ل‬
‫ك فل ل‬
‫‪] ((4‬الجمعة‪.[4 :‬‬
‫والنأللاس مفتونأللون ممتحنألون بملا يفنأللى‪ ،‬مللن الملوال والشلياء‪ ،‬والصللور والرئاسلة‪،‬‬
‫معذبون بذلك قبل حصوله‪ ،‬وحال حصوله‪ ،‬وبعد حصوله‪.‬‬
‫وأشرفهما منأزلة‪ ،‬وأعلهما مرتبة‪ ،‬من يكللون مفتونألاة بلالحور العيللن‪ ،‬أو عللاملة علللى‬
‫تمتعه في الجنأة‪ ،‬بالكل والشرب والجماع واللباس‪.‬‬
‫وهذا المحب قد ترقى في درجات المحبة على غيره‪ ،‬ينأظرون إليه فللي الجنأللة كمللا‬
‫ينأظللرون إلللى الكللوكب الللدري الغللابر فللي الفللق‪ ،‬لعلللو درجتلله عنأللد ربلله‪ ،‬وقللرب‬
‫منأزلته من حبيبه‪.‬‬
‫ى ألنن لرمسللولل اللنلإه ‪-‬صلللى الل عليلله وسلللما‪ -‬قلللالل ‪ » :‬إنن‬
‫رٍ لعللن ألبإللى لسلإعيرد المخللدإرل‬

‫‪36‬‬
‫ى اللغللابإلر‬ ‫إ إ‬ ‫إ‬
‫ب الللدلر ن‬ ‫أللهللل اللجننألة لليتلل لارلءلولن أللهللل المغللرف مللن فلللوإقإهلما لكلمللا تلتلل لارلءلولن اللكللولك ل‬
‫ك‬‫ضلإل لمللا لبليلنأهمللما «‪ .‬قلللالموا ليلا لرمسلولل اللنلإه تإلل ل‬ ‫إ‬
‫ق ألإو اللملغلإرإب لتللفا م‬ ‫ق إمللن اللملشلإر إ‬‫إملن المفم إ‬
‫لملنألاإزمل الللنأبإليلاإء لل ليلبلممغهللا لغليمرمهللما‪ .‬لقالل » لبللى لوالنلإذى لنألفإسلى بإليلإدإه إرلجلابل آلمنأملوا إباللنإه‬
‫صندقموا المملرلسإليلن «‪ .‬متفق عليه)‪.(31‬‬ ‫لو ل‬
‫وهذا العبد معية ال معه‪ ،‬فإن المرء مع من أحب‪ ،‬ولكل عمل جزاء‪ ،‬وجزاء‬
‫المحبة المحبة‪) :‬مقلل إلن مكلنأتملما تمإحلبولن اللنهل لفاتنبإمعوإنأي ميلحبإلبمكمما اللنهم لوليلغإفلر لمكلما مذمنأولبمكلما‬
‫لواللنهم لغمفوبر لرإحيبما )‪] ((31‬آل عمران‪.[31 :‬‬
‫فهللذا العبلد ل يلزال ربله يرقيله طبقلاة بعللد طبللق‪ ،‬ومنأللزلة بعللد منأللزل‪ ،‬إلللى أن يوصللله‬
‫إليلله‪ ،‬ويمكللن للله بيللن يللديه‪ ،‬أو يمللوت فللي الطريللق‪ ،‬فيقللع أجلره علللى اللل‪ ،‬وللله مللا‬
‫نأوى‪.‬‬
‫والقل للوب بي للد ال لل‪ ،‬يقلبه للا كي للف يش للاء‪ ،‬وله للا إقب للال إوادب للار‪ ،‬ف للإذا أقبل للت نأش للطت‬
‫ل‪.‬‬
‫للفرائض والسنأن‪ ،‬وتلذذت بذلك‪ ،‬ونأافست في الخير‪ ،‬وسارعت إليه قولة وفع ة‬
‫إواذا أدبرت وضعفت نألزمها على القل الفرائض والواجبات‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪ ()31‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(3256‬ومسلما برقما )‪ ،(7322‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ 32‬أقساما القلوب ‪6-‬‬

‫قللال ال ل تعللالى‪) :‬أللللما لي للأإن لإلنلإذيلن لآلممنأ لوا أللن تللخلشللع مقلمللومبهملما إل لإذلكإر اللنلإه لولمللا لنأ للزلل إم للن‬
‫ت مقللملومبهملما‬ ‫طللالل لعلليإهلمما اللللملمد فلقللسل ل‬ ‫ب إمللن قللبلمل فل ل‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫اللحل ل‬
‫ق لولل ليمكومنألوا لكاللذيلن مأوتملوا الكتلللا ل‬
‫لولكإثيبر إملنأهملما لفاإسمقولن )‪] ((16‬الحديد‪.[16 :‬‬
‫ك فلإهللي لكالإحلجلالرإةا أللو أللشللد قللسللوةاة ل إوإانن‬ ‫ت مقملومبمكلما إمللن لبلعلإد لذإلل ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬ثمنما قللس ل‬
‫ق فلليلخ لمرمج إملنأ لهم اللمللامء ل إوإانن‬‫إم للن الإحلجللالرإةا للمللا ليتلفلنج لمر إملنأ لهم اللللنأهلللامر ل إوإانن إملنأهلللا للمللا لينش لقن م‬
‫إملنألها للما ليلهبإطم إملن لخلشليإة اللنإه لولما اللنهم بإلغاإفرل لعنما تللعلمملولن )‪] ((74‬البقرةا‪.[74 :‬‬
‫‪33‬‬
‫تنقسم قلوب العباد إلى ثلثة أقسام‬
‫صحيح‪ ..‬وسقيما‪ ..‬وميت‪.‬‬
‫فالقلب الصحيح هو السليما الذي قد صارت السلمة صفة ثابتللة لله‪ ،‬قللد سلللما مللن‬
‫كل شهوةا تخالف أمر ال ونأهيه‪ ،‬ومن كل شبهة تعارض خبره‪.‬‬
‫فسلما من عبودية ما سواه‪ ،‬وسلما من تحكيما غير رسوله‪ ،‬وسلما من أن يكون لغير‬
‫ال فيه شرك بوجه ما‪.‬‬
‫بللل قللد خلصللت عبللوديته ل ل تعللالى إرادةا ومحبللة‪ ،‬وتللوكلة إوانأابللة‪ ،‬وخشللية إواخبات لاة‬
‫وخوفاة ورجاء‪.‬‬
‫ب أحللب فللي اللل‪ ،‬إوان أبغللض أبغللض فللي اللل‪ ،‬إوان‬ ‫وخلللص عمللله للل‪ ،‬فللإلن أحل ل ن‬
‫أعط للى أعط للى ل لل‪ ،‬إوان منأ للع منأ للع ل لل‪ ،‬ول يكفي لله ه للذا ح للتى يس لللما م للن النأقي للاد‬
‫والتحكيما لكل من عدا رسول ال صلى ال عليه وسلما ‪.‬‬

‫‪- 32‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ 780‬و ‪2224‬و ‪4486‬و ‪4610‬و ‪ (5066‬وموسوعة‬
‫فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(19‬‬
‫‪- 33‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(1418‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص‬
‫‪ (4009‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪ (4010‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة‬
‫‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(5510‬‬

‫‪38‬‬
‫فهذا أزكى القلوب‪ ،‬وهو القلب السليما الذي ل ينأجو يوما القيامة إل من أتى ال‬
‫به‪) :‬ليلولما لل ليلنأفلعم لمابل لولل لبمنأولن )‪ (88‬إنل لملن أللتى اللنهل بإلقلرب لسإليرما )‪(89‬‬
‫]الشعراء‪.[89 ،88 :‬‬
‫والقلب الثاني‪ :‬القلب الميت الذي ل حياةا به‪ ،‬فهو ل يعرف ربه‪ ،‬ول يعبده بللأمره‬
‫وما يحبه ويرضاه‪.‬‬
‫بل هو واقف مع شهواته ولذاته‪ ،‬ولو كان فيها سخط ربلله وغضللبه‪ ،‬فهللو ل يبللالي‬
‫إذا فللاز بشللهوته وحظلله‪ ،‬رضللي ربلله أما سللخط‪ ،‬فهللو متعبللد لغيللر ال ل حب لاة وخوف لاة‬
‫ل‪.‬‬
‫ورجاةء‪ ،‬ورضاة وسخطةا‪ ،‬وتعظيماة وذ ة‬
‫إلن أح ن‬
‫ب أحب لهواه‪ ..‬إوان أبغض أبغض لهواه‪ ..‬وهواه أحب إليه وآثر عنأده من‬
‫رضا موله‪.‬‬
‫فللالهوى إمللامه‪ ..‬والشللهوةا قائللده‪ ..‬والجهللل سللائقه‪ ..‬والغفلللة مركبلله‪ ..‬والسلليئات‬
‫تجارته‪ ..‬والمعاصي بضاعته‪ ..‬والمحرمات سلعته‪.‬‬
‫ل يستجيب لللدارع ول نأاصلح‪ ،‬ويتبلع كللل شلليطان مريللد‪ ..‬ملن النألس والجللن‪ ،‬فهلذا‬
‫طارن‬ ‫أخبث القلوب وأنأجسها وأركسها‪.) :‬ﮂالنإذيلن ميلجلاإدملولن إفلي لآليللاإت اللنلإه بإلغليلإر مسلل ل‬
‫طلبلعم اللنلهم لعللى مكللل لقللإب ممتللكلبلرر‬ ‫ك لي ل‬‫أللتامهلما لكمبلر لملقةتا إعلنألد اللنإه لوإعلنألد النلإذيلن لآلمنأملوا لكللذإل ل‬
‫لجنبارر )‪] ((35‬غافر‪.[35 :‬‬
‫والقلب الثالثا‪ :‬قلب له حياةا وبه علة‪ ،‬فهو السقيما‪.‬‬
‫فله مادتان‪ :‬تمده هذه مرةا‪ ..‬وهذه أخرى‪ ،‬وهو لما غلب عليه منأهما‪.‬‬
‫ففيلله مللن محبللة الل تعللالى‪ ،‬واليمللان بلله‪ ،‬والخلص للله‪ ،‬والتوكللل عليلله‪ ،‬مللا هللو‬
‫مادةا حياته ونأجاته‪.‬‬
‫وفيلله مللن محبللة الشللهوات إوايثارهللا‪ ،‬والحللرص علللى تحصلليلها‪ ،‬والحسللد والكللبر‬
‫والعجب‪ ،‬وحب العللو والفسلاد فلي الرض بالرياسلة‪ ،‬والظللما‪ ،‬ملا هلو ملادةا هلكله‬

‫‪39‬‬
‫وعطبه‪.‬‬
‫وهو ممتحن بين داعيين‪:‬‬
‫دارع يللدعوه إلللى ال ل والللدار الخللرةا‪ ،‬ودارع يللدعوه إلللى العاجلللة‪ ،‬وهللو إنأمللا يجيللب‬
‫أقربهما منأه باةبا‪ ،‬وأعلهما صوةتا‪ ،‬وأكثرها حضو ةرا‪.‬‬
‫فالقلب الول حدي مخبت واع لين‪ ،‬والثانأي يابس ميت‪ ،‬والثالث مريض‪.‬‬
‫فإن كان له مذكر فهو إلى السلمة أدنأى‪ ،‬إوان لما يكن له مذكر فهو إلللى العطللب‬
‫أدنأى‪ ،‬وهوصيد من يسبق إليه‪.‬‬
‫وقد جمع ال بين هذه القلوب الثلثة في قوله سبحانأه‪) :‬لإليلجلعلل لما ميلإقي‬
‫ظالإإميلن لإفي إشلقا ر‬ ‫طان إفتلنأةة لإلنإذين إفي مقملوبإإهما مرض واللقاإسيإة مقملوبهما إوإانن ال ن‬
‫ق‬ ‫م مل ل‬ ‫ل لل ب ل ل‬ ‫ل‬ ‫النشلي ل م ل‬
‫ك فلميلؤإممنأوا بإإه فلتملخبإ ل‬
‫ت لهم‬ ‫ق إملن لرلب ل‬‫لبإعيرد )‪ (53‬وإلليلعللما النإذيلن مأوتموا الإعللما ألننأهم اللح ل‬
‫ل‬
‫ر‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫مقملومبهملما ل إوإانن اللهل للهاد الذيلن لآلمنأموا إللى ص لارط مملستلقيما )‪] ((54‬الحج‪.[54 ،53 :‬‬ ‫ن‬
‫فالقلب الصحيح السليما ليس بينأله وبيلن قبلول الحلق ومحبتله إوايثلاره سلوى إد اركله‪،‬‬
‫فهو الدراك للحق‪ ،‬ثما النأقياد له والقبول‪.‬‬
‫والقلب الميت القاسي ل يقبل الحق ول ينأقاد له‪.‬‬
‫والقلللب المريللض إن غلبللت عليلله صللحته التحللق بللالقلب السللليما‪ ،‬إوان غلللب عليلله‬
‫مرضه التحق بالقلب الميت القاسي‪.‬‬
‫وك للل م للا يلقي لله الش لليطان ف للي الس للماع م للن اللف للاظ‪ ..‬وف للي القل للوب م للن الش للبه‬
‫والشكوك‪ ..‬فتنأة لهذين القلبين‪ ..‬وقوةا للقلب الحي السليما‪ ..‬لنأه يرد ذلك ويكرهه‬
‫ويبغضه‪ ..‬ويعلما أن الحق في خلفه‪.‬‬
‫ويستدل على معرفة ما في القلوب بحركة اللسان‪ ،‬فإن القلوب كالقدور تغلللي بمللا‬
‫فيها‪ ،‬وألسنأتها مغارفها‪.‬‬
‫فلسان المرء يغرف لك من قلبه‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫حلل للو وحل للامض‪ ..‬وعل للذب وأجل للاج‪ ..‬وحل للار وبل للارد‪ ..‬وطيل للب وخل للبيث‪ ..‬وحسل للن‬
‫وقبيح‪ ..‬وحق وباطل‪ ..‬وخير وشر‪.‬‬
‫فالقلب السليما هو الذي سلما من الشرك والغل‪ ..‬ومن الحقد والحسد‪ ..‬ومن الشللح‬
‫والبخل‪ ..‬ومن الكبر والعلو‪ ..‬ومن حب الدنأيا‪ ..‬وحب الرياسة‪.‬‬
‫فسلما من كل آفة تبعده عن ال‪ ،‬وسلما من كل شبهة تعارض خبره‪ ،‬وسلما من كللل‬
‫شهوةا تعلارض أملره‪ ،‬وسللما ملن كللل إرادةا ت ازحلما ملراده‪ ،‬وسللما ملن كللل قلاطع يقطلع‬
‫عن ال والدار الخرةا‪.‬‬
‫ول تتم له سلمته مطلققا حتى يسلم من خمسة أشياء‪:‬‬
‫م للن ش للرك ينأ للاقض التوحي للد‪ ..‬وم للن بدع للة تخ للالف الس للنأة‪ ..‬وم للن ش للهوةا تخ للالف‬
‫المر‪ ..‬ومن غفلة تنأاقض الذكر‪ ..‬ومن هوى ينأاقض الخلص‪.‬‬
‫والقلوب بالنسبة للستجابة للحق تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬قلوب مستجيبة للحق‪ ،‬فهذه بأرفع المنأازل في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬قلوب معرضة عن الحق‪ ،‬والعراض مراتب‪:‬‬
‫فل للالعراض مرتبل للة‪ ...‬والتكل للذيب مرتبل للة فوقهل للا‪ ..‬ثل للما السل للتهزاء مرتبل للة فوقهل للا‪..‬‬
‫والمرتبللة الس لوأ مللن ذلللك هللي الصللد عنألله كمللا قللال ال ل سللبحانأه‪) :‬الن لإذيلن لكفلل لمروا‬
‫صل للدوا لعل للن لسل لإبيإل اللنل لإه إزلدلنأ للامهلما لعل للذاةبا فلل للو ل‬
‫ق اللعل للذاإب بإلم للا لك للانأموا ميلفإسل لمدولن )‪((88‬‬ ‫لو ل‬
‫]النأحل‪.[88 :‬‬
‫وال جل جلله جعل القلوب على ثلثة أقسام‪:‬‬
‫مخبتة‪ ..‬ومريضة‪ ..‬وقاسية‪.‬‬
‫فالقلوب المخبتة‪ :‬هي التي تنأتفع بالقرآن‪ ،‬وتزكو به‪.‬‬
‫والخبات‪ :‬سكون الجوارحا على وجه التواضع والخشوع ل‪.‬‬
‫ومن آثار الخبات‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫وجللل القلللوب لللذكر الل سللبحانأه‪ ،‬والصللبر علللى أقللداره‪ ،‬والخلص فللي عبللوديته‪،‬‬
‫طامن إفتللنألةة إللنلإذيلن إفللي‬
‫والحسان إلى خلقه كما قال سلبحانأه‪) :‬إلليلجلعللل لملا ميلإقللي النشللي ل‬
‫ق لبإعيلرد )‪ (53‬لولإليلعلللما النلإذيلن‬ ‫ض واللقاإسليإة مقلملومبهملما إوإانن الظنلالإإميلن لإفلي إشللقا ر‬ ‫إإ‬
‫ل‬ ‫مقملوبهلما لملر ب ل‬
‫ت للهم مقللملومبهملما ل إوإانن اللنلهل لهلللاإد النلإذيلن‬‫ك فلميلؤإممنألوا بإلإه فلتملخبإل ل‬‫ق إمللن لرلبل ل‬
‫مأوتملوا الإعلللما ألننألهم اللحل ل‬
‫ص لاررط مملستلإقيرما )‪] ((54‬الحج‪.[54 ،53 :‬‬ ‫لآمنأموا إللى إ‬
‫ل‬
‫فالقلب المخبلت ضلد القاسلي والمريللض‪ ،‬وهلو سلبحانأه اللذي جعللل بعللض القلللوب‬
‫مخبةتا إليه‪ ،‬وبعضها قاسةيا‪ ،‬وجعل للقسوةا آثاةرا‪ ،‬وللخبات آثاةرا‪.‬‬
‫أمللا القلللوب القاسللية الحجريللة‪ ،‬فهللي الللتي ل تقبللل مللا يبللث فيهللا‪ ،‬ول ينأطبللع فيهللا‬
‫الحق‪ ،‬ول ترتسما فيها العلوما النأافعة‪ ،‬ول تلين لعطاء العمال الصالحة‪.‬‬
‫فالقسلوةا يبللس فللي القلللب يمنأعلله مللن النأفعللال‪ ،‬وغلظللة تمنأعلله مللن التللأثر بلالنأوازل‪،‬‬
‫فل يتأثر لغلظه وقساوته‪ ،‬ل لصبره واحتماله‪.‬‬
‫ومن آثار قسوة القلب‪:‬‬
‫تحريف الكلما عن مواضعه‪ ..‬وعدما قبول الحق‪ ..‬والصلد عنأه‪ ..‬ونأسلليان مللا ذلكللر‬
‫ت مقللملومبمكلما إمللن‬‫به‪ ،‬وهو ترك ما أمره ال به علةما وعملة كما قللال سللبحانأه‪) :‬ثملنما قللسل ل‬
‫ك فلإهلي لكالإحلجالرإةا أللو أللشلد قللسلوةاة ل إوإانن إملن الإحلجالرإةا للما ليتلفلنجمر إملنأهم اللللنألهامر ل إوإانن‬ ‫لبلعإد لذإل ل‬
‫ن‬ ‫إ نإ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إملنأهلللا للمللا لينش لقن م‬
‫ق فلليلخ لمرمج ملنأ لهم اللمللامء ل إوإانن ملنأهلللا للمللا ليلهبإ لطم م للن لخلش للية الل له لولمللا الل لهم‬
‫بإلغاإفرل لعنما تللعلمملولن )‪] ((74‬البقرةا‪.[74 :‬‬
‫أما القلوب المريضة فهي اللتي يكللون الحللق ثابتلةلا فيهلا‪ ،‬لكللن ملع ضلعف وانأحلل‬
‫ض‬ ‫طامن إفتللنأل لةة لإلنل لإذيلن إف للي مقلم للوبإإهلما لمل للر ب‬
‫كم للا ق للال س للبحانأه‪) :‬لإليلجلعل للل لم للا ميلإق للي النشل للي ل‬
‫]الحج‪.[53 :‬‬ ‫ق لبإعيرد )‪((53‬‬ ‫ظاإلإميلن لإفي إشلقا ر‬ ‫واللقاإسيإة مقملوبهما إوإانن ال ن‬
‫م مل ل‬ ‫ل ل‬
‫فللذكر سللبحانأه القلللب المريللض وهللو الضللعيف المنأحللل الللذي ل تثبللت فيلله صللورةا‬
‫الحق‪ ،‬ثما القلب القاسي اليابس الذي ل يقبلها ول تنأطبع فيه‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فهذان القلبان شقيان معذبان‪.‬‬
‫ثما ذكر القلب المخبت المطمئن إليه‪ ،‬وهو الذي ينأتفع بالقرآن ويزكو به‪.‬‬
‫وهذا الختبار والمتحان مظهر لمختلف ما في القلوب الثلثة‪.‬‬
‫فالقاسللية والمريضللة ظهللر خبؤهللا مللن الشللك والكفللر‪ ،‬والمخبتللة ظهللر خبؤهللا مللن‬
‫اليمان والهدى‪ ،‬وزيادةا محبة الرب‪ ،‬وبغض الكفر والشرك‪.‬‬
‫والقلللب عضللو مللن أعضللاء النأسللان‪ ،‬وهللو أشللرف أعضللائه‪ ،‬وكللل عضللو كاليللد‬
‫ضا ضعيةفا‪ ،‬أو يكون حةيا قوةيا‪.‬‬
‫ل‪ ،‬إما أن يكون جامةدا يابةسا‪ ،‬أو يكون مري ة‬
‫مث ة‬
‫فالقلوب كذلك ثلثة‪:‬‬
‫قلللب قللا ر‬
‫س بمنأزلللة اليللد اليابسللة‪ ..‬وقلللب مللائع رقيللق جل لةدا‪ ..‬وقلللب رقيللق صللاف‬
‫صلب‪.‬‬
‫فالول ل ينأفعل بمنأزلة الحجر‪ ،‬والثانأي بمنأزلة الماء‪ ،‬وكلهما نأاقص‪.‬‬
‫وأص للح القلللوب القلللب الرقيللق الصللافي الص لللب‪ ..‬فه للو يللرى الح للق م للن الباطللل‬
‫بصفائه‪ ..‬ويقبله ويؤثره برقته‪ ..‬ويحفظه ويحارب عدوه بصلبته‪.‬‬
‫وهذا أحب القلوب إلى ال‪ ،‬وهو القلب المستقيما المخبت المطمئن‪) :‬لوإلمكلل أمنمرة‬
‫لجلعللنأا لملنألسةكا إلليلذمكمروا السلما اللنإه لعللى لما لرلزقلهملما إملن لبإهيلمإة اللللنألعاإما فلإلهممكلما إلهب لواإحبد‬
‫صابإإريلن‬‫ت مقملومبهملما لوال ن‬ ‫لفلهم أللسلإمموا لولبلشإر المملخبإإتيلن )‪ (34‬النإذيلن إلذا مذإكلر اللنهم لوإجل ل‬
‫صللإةا لوإمنما لرلزلقلنأامهلما ميلنأإفمقولن )‪] ((35‬الحج‪،34 :‬‬ ‫صالبهملما لوالممإقيإمي ال ن‬ ‫لعللى لما أل ل‬
‫‪.[35‬‬
‫وأبغض القلوب إلى ال القلب القاسي‪ ،‬والقلب القاسي والمريض كلهما منأحللرف‬
‫صللدلرهم إل ل إ‬
‫للسلللإما فلهمللو‬ ‫ن‬
‫عن العتدال‪ ،‬هذا بمرضه‪ ،‬وهذا بقسللوته‪) :‬ألفللمللن لشللرلحا الللهم ل‬
‫ضلللرل ممبإيلرن )‬ ‫علللى منأللورر إمللن رلبلإه فلوليلبل لإللقاإسليإة مقللملوبهما إمللن إذلكلإر اللنلإه مأولئإل ل إ‬
‫ك فللي ل‬ ‫م مل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫‪] ((22‬الزمر‪.[22 :‬‬

‫‪43‬‬
‫وهل ل للؤلء أصل ل للحاب القلل ل للوب المريضل ل للة والقاسل ل للية‪ ،‬المعرضل ل للون عل ل للن ديل ل للن الل ل لل‪،‬‬
‫المعارضون له‪ ،‬أل يتدبرون كتاب ال‪ ،‬ويتأملونأه حق التأمل؟‪.‬‬
‫فللإنأهما لللو تللدبروه لدلهنللما علللى كللل خيللر‪ ،‬وحللذرهما مللن كللل شللر‪ ،‬ولمل قلللوبهما مللن‬
‫اليمل للان‪ ،‬وأفئل للدتهما مل للن اليقل للان‪ ،‬ولوصل لللهما إلل للى المطل للالب العاليل للة‪ ،‬والم ل لواهب‬
‫الغالية‪ ،‬ولبين لهما الطريق الموصلة إللى الل إواللى جنأتله‪ ،‬والطريق الموصللة إللى‬
‫العذاب‪ ،‬وبأي شيء تحذر؟‪.‬‬
‫ولعرفهل للما بربهل للما سل للبحانأه‪ ،‬وبأسل للمائه وصل للفاته إواحسل للانأه‪ ،‬ولشل للوقهما إلل للى الث ل لواب‬
‫الجزيل‪ ،‬ورهبهما من العقاب الوبيل‪.‬‬
‫أما قلوبهما مقفلة على ما فيها من الشر‪ ،‬فل يدخلها خير أبةدا‪) :‬ألفللل ليتللدنبمرولن‬
‫القم للآرلن أللما لعللى مقملورب أللقلفالملها )‪] ((24‬محمد‪.[24 :‬‬
‫اللهما مصرف القلوب صرف قلوبنأا على طاعتك‪ ،‬وارزقنأا حسن تلوةا كتابك‪،‬‬
‫وحسن العمل بشرعك‪ ،‬وصدق الخلص في عبادتك‪) :‬لرنبلنأا لآلمننأا بإلما أللنألزل ل‬
‫ت‬
‫لواتنلبلعلنأا النرمسولل لفالكتملبلنأا لملع النشاإهإديلن )‪] ((53‬آل عمران‪.[53 :‬‬

‫‪‬‬
‫‪ 34‬غذاء القلوب ‪7-‬‬

‫طلمئإ للن مقلمللومبهملما بإ لإذلكإر اللن لإه أللل بإ لإذلكإر اللن لإه تل ل‬
‫طلمئإ للن‬ ‫قللال ال ل تعللالى‪) :‬الن لإذيلن لآلمنأم لوا لوتل ل‬
‫ب )‪] ((28‬الرعد‪.[28 :‬‬ ‫المقملو م‬
‫وقال ال تعالى‪) :‬لومنألنألزمل إملن القم للآرإن لما مهلو إشلفابء لولرلحلمةب لإلمملؤإمإنأيلن لولل ليإزيمد‬
‫ظاإلإميلن إنل لخلسا ةار )‪] ((82‬ارلسراء‪.[82 :‬‬ ‫ال ن‬

‫‪- 34‬آفات على الطريق كامل ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (195‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص‬
‫‪ (3521‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (4888‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص‬
‫‪(24‬‬

‫‪44‬‬
‫ال عزز وجزل جعل للقلوب نوعين من الغذاء‪:35‬‬
‫الول‪ :‬الطعاما والشراب الحسي‪ ،‬وللقلب منأه خلصته وصفوه‪ ،‬ولكل عضو منألله‬
‫بحسب استعداده وقبوله‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬غلذاء روحلانأي معنألوي‪ ،‬خارج علن الطعلاما والشلراب ملن السلرور والفلرحا‪،‬‬
‫والبتهاج واللذةا‪ ،‬والعلوما والمعارف‪.‬‬
‫وبهللذا الغللذاء كللان سللماوةيا علوةيللا‪ ،‬وبالغللذاء المشللترك كللان أرضلةيا سللفلةيا‪ ،‬وق لوامه‬
‫بهذين الغذاءين‪.‬‬
‫وللقل للب ارتب للاط بك للل واح للدةا م للن الحل لواس الخم للس‪ ،‬ول لله غ للذاء يص للل إلي لله منأه للا‬
‫كحاسة السمع والبصر‪ ،‬وحاسللة اللمللس والشللما والللذوق‪ ،‬وارتبللاطه بحاسلتي السللمع‬
‫والبصلر أشلد ملن ارتبلاطه بغيرهملا‪ ،‬ووصللول الغلذاء منأهملا إليله أكملل وأقلوى ملن‬
‫سائر الحواس‪.‬‬
‫وانأفعللاله عنأهمللا أشللد مللن انأفعللاله عللن غيرهمللا‪ ،‬واقللترانأه فللي القلرآن بهمللا أكللثر مللن‬
‫اقترانأه بغيرهما‪.‬‬
‫بل ل يكاد يقرن إل بهما أو بأحدهما كما قال سبحانأه‪) :‬لواللنهم أللخلرلجمكلما إملن مب م‬
‫طوإن‬
‫صالر لواللللفئإلدةال للعلنمكلما تللشمكمرولن )‬ ‫إ‬
‫أمنملهاتمكلما لل تللعلممولن لشليةئا لولجلعلل لمكمما النسلملع لواللللب ل‬
‫‪] ((78‬النأحل‪.[78 :‬‬
‫وتللأثر القلللب بمللا يلراه ويسللمعه‪ ،‬أعظللما مللن تللأثره بمللا يلمسلله ويللذوقه ويشللمه‪ ،‬ولن‬
‫هذه الثلثة هي أهما طرق العلما وهي السمع والبصر والعقل‪.‬‬
‫وتعلللق القلللب بالسللمع والبصللر‪ ،‬وارتبللاطه بهمللا‪ ،‬وتللأثره بهمللا ل يخفللى‪ ،‬لكللن مللا‬
‫يدركه بحاسة السمع من العلما والهدى أعما وأشمل‪ ،‬وما يدركه بحاسة البصللر أتللما‬
‫وأكمل‪.‬‬

‫‪- 35‬مدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 5‬ص ‪(17‬‬

‫‪45‬‬
‫فللس للمع العمل لوما والش للمول‪ ،‬والحاط للة ب للالموجود والمع للدوما‪ ،‬والحاض للر والغ للائب‪،‬‬
‫والحسي والمعنأوي‪ ،‬وللبصر التماما والكمال‪.‬‬
‫وهذه الحواس الخمس لها أشباحا وأرواحا‪ ،‬وأرواحها حظ القلب ونأصيبه منأها‪.‬‬
‫فمللن النأللاس مللن ليللس لقلبلله منأهللا نأصلليب إل كنأصلليب الحيوانأللات البهيميللة منأهللا‪،‬‬
‫ب ألنن أللكثللرمهلما ليلسللممعولن أللو ليلعإقللملولن إلن مهللما‬ ‫فهو بمنأزلتها كما قال سبحانأه‪) :‬أللما تللحلس م‬
‫ضلل لسإبيةل )‪] ((44‬الفرقان‪[44 :‬‬ ‫إنل لكاللللنألعاإما لبلل مهلما أل ل‬
‫ولهللذا نأفللى الل تبللارك وتعلالى علن الكفللار السلمع والبصللر والعقللل‪ ،‬لعلدما انأتفللاعهما‬
‫ب لل‬ ‫بهللا كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬ولقل للد لذ للأرلنأللا لإلجهلننأ للما لكثإي ل ةار إم للن الإج للن وا لإللنأ ل إ‬
‫س لهمللما مقلمللو ب‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ك لكاللللنأعلاماإ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ليلفقلمهولن بإلها لولهملما أللعميبن لل ميلبصمرولن بإلها لولهملما لآلذابن لل ليلسلممعولن بإلها مأولئ ل‬
‫ل‬
‫ك مهمما اللغاإفملولن )‪] ((179‬العراف‪.[179 :‬‬ ‫ضلل مأولئإ ل‬ ‫لبلل مهلما أل ل‬
‫فهل للما يسل للمعون ويبصل للرون بل للالحواس الظل للاهرةا‪ ،‬وبهمل للا قل للامت عليهل للما الحجل للة‪ ،‬ول‬
‫يسلمعون ول يبصلرون بلالحواس الباطنأة‪ ،‬اللتي هلي سلماع القلب‪ ،‬اللتي هلي روحا‬
‫حاسللة السللمع‪ ،‬الللتي هللي حللظ القلللب‪ ،‬ولللو سللمعوه مللن هللذه الجهللة‪ ،‬لحصلللت لهللما‬
‫الحياةا الطيبة في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫وتعلق السمع الظاهر الحسي بالقلب‪ ،‬أشد من تعلق البصر به‪ ،‬وآثاره علللى قلللب‬
‫النأسان أسلرع وأشلد‪ ،‬فربملا غشلي عللى النأسلان إذا سلمع كلةملا يسلره أو يسلوؤه‪،‬‬
‫أو ص للوةتا لذيل لةذا طيةب للا منأاسل لةبا‪ ،‬ول يحص للل ل لله ذل للك م للن رؤي للة الش للياء بالبص للر‬
‫الظاهر إل نأادةرا‪.‬‬
‫فللإذا كللان المسللموع معنأللى شلريةفا بصللوت لذيللذ‪ ،‬حصللل للقلللب حظلله ونأصلليبه مللن‬
‫إدراك المعنأللى‪ ،‬وابتهللج بله أتللما ابتهلاج عللى حسلب إد اركله لله‪ ،‬كملا يحصلل للقللب‬
‫عنأد سماع آيات القرآن المرتلة‪.‬‬
‫وللروحا حظها ونأصيبها من للذةا الصلوت ونأغمتله وحسلنأه‪ ،‬فيحصل لهلا الرتيلاحا‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫ويتما البتهاج‪ ،‬وتتضاعف اللذةا‪ ،‬حتى ربمللا فلاض البتهلاج والسللرور علللى البلدن‬
‫والجوارحا وعلى الجليس‪.‬‬
‫ويكاد القلب لكمال للذته‪ ،‬وتللوفر غللذائه‪ ،‬أن يفللارق هلذا العلالما‪ ،‬ويللج عالةملا آخلر‪،‬‬
‫ويجد له لذةا وحالة ل يعهدها في شيء غيره البتة‪.‬‬
‫وذلك لمحة من حال أهل الجنأة في الجنأة‪.‬‬
‫فيا له من غذاء ما أصلحه‪ ..‬وما أنأفعه‪ ..‬وما أيسره‪.‬‬
‫والقلب يتأثر بالسماع بحسب ما فيه من المحبة‪ ،‬فلإذا امتل مللن محبللة اللل‪ ،‬سللمع‬
‫كلما محبوبه‪ ،‬وتأثر به وانأتفع به‪.‬‬
‫وقلوب البشر على ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬من اتصف قلبه بصلفات نأفسله‪ ،‬بحيلث صلار قلبه نأفةسلا محضلة‪ ،‬فغلبلت‬
‫عليه آفات الشهوات والهواء‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫فهذا حظه من السماع الدينأي كحظ البهائما‪ ،‬ل يسمع إل دعاةء ونأداةء‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬فغلبت عليه‬
‫الثاني‪ :‬من اتصفت نأفسه بصفات قلبه‪ ،‬فصارت نأفسه قلةبا مح ة‬
‫المعرفة والمحبة‪ ،‬والعقل واللب‪.‬‬
‫وعشللق صللفات الكمللال‪ ،‬فاسللتنأارت نأفسلله بنأللور قلبلله‪ ،‬واطمللأنأت إلللى ربهللا‪ ،‬وقللرت‬
‫عينأها بعبوديته‪ ،‬وصار نأعيمها في حبه وقربه‪.‬‬
‫فهللذا حظلله مللن السللماع مثللل أو قريللب مللن حللظ الملئكللة‪ ،‬وسللماعه غللذاء قلبلله‬
‫وروحه‪ ،‬وقرت عينأه‪.‬‬
‫الثممالثا‪ :‬مللن للله منأزلللة بيللن منأزلللتين‪ ،‬وقلبلله بللاق علللى فطرتلله الولللى‪ ،‬لكللن مللا‬
‫تصرف في نأفسه تصرةفا أحالها إليه‪ ،‬ول قويت النأفللس علللى القللب فأحللالته إليهلا‪،‬‬

‫ن‬ ‫‪36‬‬
‫‪ -‬قال تعالى ‪} :‬لولمثلمل النإذيلن لكفلمرولا لكلمثلإل النإذي ليلنأإع م‬
‫ق بإلما لل ليلسلمعم إل مدلعاء لونأإلداء م‬
‫صدما مبلكبما‬
‫ي فلهملما لل ليلعإقملولن {ُ )‪ (171‬سورةا البقرةا‬
‫معلم ب‬
‫‪47‬‬
‫فبين النأفس والقلب منأازلت ووقائع‪.‬‬
‫تدال النأفس عليه تارةا‪ ..‬ويدال عليها تارةا‪ ..‬والحرب سجال‪.‬‬
‫فهللذا حظلله مللن السللماع حللظ بيللن الحظيللن‪ ،‬فللإن صللادفه وقللت دولللة القلللب كللان‬
‫حظه منأه قوةيا‪ ،‬إوان صادفه وقت دولة النأفس كان ضعيةفا‪.37‬‬
‫ومللن هنأللا يقللع التفللاوت فللي الفقلله عللن اللل‪ ،‬والفهللما عنألله‪ ،‬والبتهللاج بلله‪ ،‬وحصللول‬
‫النأعيما واللذةا بسماع كلمه‪.‬‬
‫وخلصة غذاء القلوب يمكن الحصول عليه من أربعة أبواب ‪:‬‬
‫الول‪ :‬الكلما فللي عظمللة اللل‪ ،‬وعظمللة أسللمائه وصللفاته وأفعللاله والتحللدث بللذلك‪،‬‬
‫والنأظر في اليات الكونأية‪ ،‬واليات القرآنأية‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬الكلما ف للي آلء الل ل ونأعم لله‪ ،‬ورؤي للة إحس للانأه وجم للاله إواك ارم لله والتح للدث‬
‫]الضحى‪.[11 :‬‬ ‫ث )‪((11‬‬ ‫بذلك كما قال سبحانأه‪) :‬لوألنما بإنأإلعلمإة لرلب ل‬
‫ك فللحلد ل‬
‫الثالثا‪ :‬معرفللة وعللد الل لعبللاده المتقيللن بالجنأللة‪ ،‬وذكللر منأازلهللا وقصللورها‪ ،‬ورؤيللة‬
‫مللا فيهللا مللن النأعيللما واللللذات‪ ،‬والتنأعللما برؤيللة الللرب جللل جلللله‪ ،‬وسللماع كلملله‪،‬‬
‫والتحدث بذلك بين النأاس‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬معرفة وعيد ال لمن عصاه‪ ،‬وتذكر النأار وما فيهللا مللن السلعير والسللموما‪،‬‬
‫والقمللع والحلراق‪ ،‬وعنأللد ذلللك تللرق القلللوب وتمتلللئ بللالخوف والوجللل مللن معصللية‬
‫الرب‪ ،‬وتقبل على ربها بلباس اليمان والتقوى‪.‬‬
‫وحاجات النأسان قبل الموت كالقطرةا‪ ،‬وحاجات النأسان بعد الموت كالبحر‪.‬‬
‫وحاجات البدن في الدنأيا كالقطرةا‪ ،‬وحاجات القلب كالبحر‪.‬‬
‫وليللس للقلللوب سللرور ول لللذةا ول نأعيللما إل باليمللان بللال ومحبتلله‪ ،‬والتقللرب إليهللا بمللا‬
‫يحبه‪ ،‬وليس في الدنأيا نأعيما يشبه نأعيما الخرةا إل نأعيما اليمان بال والمعرفة به‪.‬‬

‫‪- 37‬مدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 5‬ص ‪(19‬‬

‫‪48‬‬
‫ومن كان محةبا لغير ال في الدنأيا‪ ،‬فهو معذب في الدنأيا والخلرةا‪ ،‬فلإن نأال ملراده‬
‫عذب به‪ ،‬إوان لما ينأله فهو في العذاب والحسرةا والحزن‪.‬‬
‫وكل من استقاما على الدين‪ ،‬واجتهد للدين‪ ،‬ظهرت شعب اليمان في حياته‪ ،‬من‬
‫التوكل والخشية‪ ،‬والخوف والرجلاء‪ ،‬والمحبلة والنأابللة‪ ،‬والسلتعانأة بلال فللي جميلع‬
‫القوال والعمال الظاهرةا والباطنأة‪.‬‬
‫وفاز بالسعادةا في الدنأيا‪ ..‬ودخل الجنأة في الخرةا‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪38‬فقه أعإمال القلوب ‪8-‬‬

‫ك ومل لن يع ل‬
‫ظل للما لشل للعائإلر الللن لإه فلإننأهلللا إمل للن تللقل للوى المقلمللوإب )‪((32‬‬ ‫إ‬
‫قللال الل ل تعللالى‪) :‬لذلل ل ل ل ل ل م ل‬
‫]الحج‪.[32 :‬‬
‫ش اللنهل لوليتنلقإه فلمأولئإ ل‬
‫ك مه مما الفللائإمزولن )‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لولملن ميإطإع اللنهل لولرمسولهم لوليلخ ل‬
‫‪] ((52‬النأور‪.[52 :‬‬
‫الوامللر تنأللزل فللي كللل لحظللة مللن ذات الل تبللارك وتعللالى‪ ،‬والعمللال تصللدر مللن‬
‫ذات النأسان‪ ،‬فإذا تطابقت الواملر والعملال‪ ،‬فلهلذا النأسللان السللعادةا فلي اللدنأيا‬
‫والخللرةا‪ ،‬إواذا خللالفت أعمللال النأسللان أوامللر الللرب‪ ،‬شللقي هللذا النأسللان فللي الللدنأيا‬
‫والخرةا‪.‬‬
‫والعمال التي تصدر من النسان نوعان‪:‬‬
‫أعمال القلوب‪ ..‬وأعمال الجوارحا‪.‬‬

‫‪ - 38‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (67‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(875‬‬
‫وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (1291‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(2575‬‬
‫وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (3138‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(3823‬‬
‫وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (3936‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(27‬‬

‫‪49‬‬
‫وأعمال القلوب من أصول اليمان وقواعد الدين‪:‬‬
‫كاليمللان والتوحيللد‪ ..‬ومحبللة الل ورسللوله‪ ..‬والتوكللل علللى اللل‪ ..‬إواخلص الللدين‬
‫له‪ ..‬واليقين على ذاته وأسمائه وصفاته‪ ..‬والخوف منأه‪ ..‬والرجاء له‪ ..‬والخشللية‬
‫منأل لله‪ ..‬والخشل للوع لل لله‪ ..‬والتل للذلل والتضل للرع بيل للن يل للديه‪ ..‬والصل للبر علل للى حكمل لله‪،‬‬
‫والستعانأة به ونأحو ذلك‪.‬‬
‫فهممذه العمممال جميعهمما واجبممة علممى جميممع الخلممق‪ ،‬والنمماس فيهمما علممى ثلثا‬
‫درجات كما هم في أعمال البدان على ثلثا درجات‪:39‬‬
‫ظالما لنأفسه‪ ..‬ومقتصد‪ ..‬وسابق بالخيرات‪.‬‬
‫فالظالم لنفسه‪ :‬هو العاصي بترك مأمور‪ ،‬أو فعل محظور‪.‬‬
‫والمقتصد‪ :‬المؤدي للواجبات‪ ،‬التارك للمحرمات‪.‬‬
‫والسابق بالخيرات‪ :‬المتقرب إلى ربه بملا يقلدر عليله ملن فعلل واجلب ومسلتحب‪،‬‬
‫التارك للمحرما والمكروه‪ ،‬الذاكر لربه في كل حين‪.‬‬
‫وأعمللال القللوب‪ ،‬وأعملال الجلوارحا‪ ،‬كلهمللا مطلللوب‪ ،‬لكللن الول أساسلي للثلانأي‪،‬‬
‫والثانأي مظهره وعلمته‪ ،‬لكنأه ل يقبل بدونأه‪.‬‬
‫إوانأما خص ال أعمال القلوب بالتحصيل دون أعمال الجوارحا‪ ،‬لن أعمال‬
‫الجوارحا تابعة لعمال القلوب‪ ،‬فلول إرادةا القلب لما تحصل أفعال الجوارحا ولهذا‬
‫صلل لما إفي ال ل‬
‫صمدوإر )‬ ‫قال سبحانأه‪ ) :‬ألفللل ليلعلمما إلذا مبلعثإلر لما إفي القممبوإر )‪ (9‬لومح ل‬
‫‪ (10‬إنن لرنبهملما بإإهلما ليلولمئإرذ للخإبيبر )‪] ( (11‬العاديات‪.[11-9 :‬‬
‫وجعل ال القلوب الصل في المدحا كما قال سبحانأه‪) :‬إننألما المملؤإممنأولن النإذيلن إلذا‬
‫مذإكلر اللنهم لوإجل ل‬
‫ت مقملومبهملما ل إوإالذا تملإلي ل‬
‫ت لعلليإهلما لآلياتمهم لازلدتلهملما إإيلماةنأا لولعللى لرلبإهلما ليتللونكملولن )‬
‫‪ - 39‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪ (368‬ومجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 10‬ص ‪ (6‬إواحياء علوما‬
‫الدين ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪ (152‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (2432‬وموسوعة خطب‬
‫المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(2906‬‬

‫‪50‬‬
‫‪] ((2‬النأفال‪.[2 :‬‬
‫وجعلها الصل في الذما كما قلال سلبحانأه‪ ) :‬ل إوإالن مكلنأتمللما لعللى لسلفلرر لولللما تلإجلمدوا لكاتإةبللا‬
‫فلإرهابن ملقبوضةب فلإن ألإمن بعضمكما بعضا لفليؤلد النإذي اؤتمإملن ألمللالنأتله وليتنل إ ن‬
‫ق الللهل لرنبلهم‬ ‫ل ل ل ملل‬ ‫ل ل م ل ل ل ل ل م ل ل ل ة مل‬
‫ن‬
‫لولل تللكتممم لوا النش للهالدةال لولم للن ليلكتملمهلللا فل لإننأهم لآثإ لبما لقلبم لهم لوالل لهم بإلمللا تللعلململلولن لعإلي لبما )‪((283‬‬
‫]البقرةا‪.[283 :‬‬
‫وقد خلق ال عنز وجنل القلوب‪ ،‬وجعلها محلة لمعرفته ومحبته إوارادته‪ ،‬فهي‬
‫عرش المثل العلى الذي هو معرفة ال ومحبته إوارادته كما قال سبحانأه‪:‬‬
‫)لإلنإذيلن لل ميلؤإممنأولن إبالللإخلرإةا لمثلمل النسلوإء لولإلنإه اللمثلمل اللللعللى لومهلو اللعإزيمز اللحإكيمما )‬
‫‪] ((60‬النأحل‪.[60 :‬‬
‫والقلمب إن لمم يكمن أطهمر الشمياء وأنزههمما وأطيبهما‪ ،‬لمم يصملح لسمتواء المثمل‬
‫العلمممى عليمممه معرفمممة ومحبمممة إوارادة‪ ،‬إوال اسمممتوى عليمممه مثمممل المممدنيا السمممفل‬
‫ومحبتها إوارادتها‪ ،‬حتى تعود القلوب على قلبين‪:‬‬
‫قلب هو عرش الرحمن‪ :‬ففيلله النأللور والحيللاةا‪ ،‬والفلرحا والسللرور‪ ،‬والبهجللة وذخللائر‬
‫الخير‪.‬‬
‫وقلممب هممو عممرش الشمميطان‪ :‬فهنأللاك الضلليق والظلمللة‪ ،‬والمللوت والحللزن‪ ،‬والهللما‬
‫والغما‪.‬‬
‫والنأور الذي يدخل القلب إنأما هو من آثار المثل العلى‪ ،‬فللذلك ينأفسللح وينأشلرحا‪،‬‬
‫إواذا لما تكن فيه معرفة ال ومحبته فحظه الظلمة والضيق‪.‬‬
‫والتوحيل للد واليم للان والخلص ش للجرةا فل للي القل للب‪ ،‬فروعهل للا العم للال الص للالحة‪،‬‬
‫وثمرها طيب الحياةا في الدنأيا‪ ،‬والنأعيما المقيما في الخرةا‪.‬‬
‫والشللرك والكللذب والريللاء شللجرةا فللي القلللب فروعهللا العمللال السلليئة‪ ،‬وثمرهللا فللي‬
‫الدنأيا الخوف والهما والغما‪ ،‬وفي الخرةا عذاب الجحيما‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫فشللجرةا اليمللان أصلللها ثللابت فللي قلللب المللؤمن علةمللا واعتقللاةدا‪ ،‬وفرعهللا مللن الكلللما‬
‫الطيل للب‪ ،‬والعمل للل الصل للالح‪ ،‬والخلق المرضل للية‪ ،‬والداب الحسل للنأة‪ ،‬فل للي السل للماء‬
‫دائةما‪ ،‬يصعد إلى ال منأه من العمال والقوال اللتي تخرجهللا شللجرةا اليمللان‪ ،‬مللا‬
‫ب اللنلهم لمثلةل‬‫ضللر ل‬
‫ف ل‬ ‫ينأتفلع بله المللؤمن‪ ،‬وينأفللع غيلره كمللا قلال سللبحانأه‪) :‬أللللما تلللر لكليل ل‬
‫ت لوفللرمعهلللا إفللي النسللماإء )‪ (24‬تمللؤإتي أممكلهللا مكلنل‬ ‫صللملها ثللابإ ب‬ ‫طليبةة لكلشجررةا ل ر‬
‫طليلبة أل ل‬ ‫لل‬
‫إ‬
‫لكللمةة ل ل‬
‫س للعلنهمللما ليتلللذنكمرولن )‪] ((25‬إبراهيللما‪:‬‬ ‫ب اللنلهم اللللمثللالل إللننألا إ‬ ‫إحيرن بإإلذإن لرلبهللا لولي ل‬
‫ضلإر م‬
‫‪.[25 ،24‬‬
‫وأما شجرةا الكفر فهي شلجرةا خبيثلة المأكلل والمطعلما كشلجرةا الحنأظلل ونأحوهلا‪ ،‬ل‬
‫عروق تمسكها‪ ،‬ول ثمرةا صالحة تنأتجها‪.‬‬
‫كذلك كلمة الكفر والمعاصي ليس لها ثبوت نأافع في القلب‪ ،‬ول تثمر إل كل‬
‫قول خبيث‪ ،‬وعمل خبيث‪ ،‬يضر صاحبه ول ينأفعه‪ ،‬ول يصعد إلى ال منأه عمل‬
‫ت إملن فللو إ‬
‫ق‬ ‫صالح كما قال سبحانأه‪) :‬لولمثلمل لكإللمرة لخإبيثلرة لكلشلجلررةا لخإبيثلرة الجتمثن ل‬
‫ض لما للها إملن قل لاررر )‪] (26‬إبراهيما‪.[26 :‬‬ ‫اللللر إ‬
‫والقلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن ال بقدر تعلقها بها‪.‬‬
‫والقلوب آنأية ال في أرضه‪ ،‬وأحبها إليه ألينأها وأرقها وأصفاها‪.‬‬
‫إواذا زهدت القلوب في موائد الدنأيا‪ ،‬قعدت على موائد الخرةا‪ ،‬إواذا رضلليت بموائللد‬
‫الدنأيا فاتتها تلك الموائد الغالية‪.‬‬
‫ول تدخل محبة ال في قلب فيه حب الدنأيا‪ ،‬إواذا أحب ال عبةدا اصلطنأعه لنأفسلله‪،‬‬
‫واستخلصلله لعبللادته‪ ،‬فشللغل هملله بلله‪ ،‬ولسللانأه بللذكره‪ ،‬وجلوارحه بخللدمته‪ ،‬وصللرف‬
‫قلبه عما سواه‪.‬‬
‫والقلللب يعمللل‪ ،‬والبللدن يعمللل‪ ،‬والقلللب يمللرض كمللا يمللرض البللدن‪ ،‬وشللفاؤه بالتوبللة‬
‫والحميللة‪ ..‬والقلللب يصللدأ كمللا تصللدأ الملرآةا‪ ،‬وجلؤه بالللذكر‪ ..‬والقلللب يعللرى كمللا‬

‫‪52‬‬
‫يعرى الجسما‪ ،‬وزينأته بالتقوى‪..‬‬
‫والقلل للب يجل للوع ويظمل للأ كمل للا يجل للوع البل للدن ويظمل للأ‪ ،‬وطعل للامه وش ل لرابه العلل للما بل للال‬
‫والمعرفة‪ ،‬والمحبة والتوكل‪ ،‬والنأابة والعبادةا‪.‬‬
‫والوصول إلى المطلوب المحبوب موقوف على ثلثة أمور‪:‬‬
‫هجر العوائد‪ ..‬وقطع العلئق‪ ..‬إوازالة العوائق‪.‬‬
‫فالعوائد‪ :‬ما ألفه النأاس واعتادوه من الرسوما والعادات التي جعلوها بمنأزلة الشلرع‬
‫المتبللع‪ ،‬بللل هللي عنأللد بعضللهما أعظللما مللن الشللرع‪ ،‬وهللذه الرسلوما قللد اسللتولت علللى‬
‫طوائف من بنأي آدما من الملوك والولةا والفقهاء والعامة والخاصة‪.‬‬
‫ينأكللرون علللى مللن خالفهللا‪ ،‬وربمللا كفللروه أو بللدعوه‪ ،‬أو ضللللوه أو قتلللوه‪ ،‬واتخللذها‬
‫النأاس سنأةنأا‪ ،‬ومهجر لجلها الكتاب والسنأة‪.‬‬
‫وأما العلئق‪ :‬فهي كل ما تعلق به القللب مللن دون الل مللن ملذ الللدنأيا وشللهواتها‬
‫ورياساتها‪ ،‬وصحبة النأاس‪ ،‬والتعلق بهما‪.‬‬
‫ول سللبيل إلللى قطعهللا إل بقل لوةا التعلللق بللالمطلوب العلللى‪ ،‬فللإن النأفللس ل تللترك‬
‫مألوفها ومحبوبها إل لمحبوب هو أحب إليها منأه‪.‬‬
‫وأما العوائق‪ :‬فهللي أنألواع المخالفللات الللتي تعللوق القلللب عللن سلليره إلللى الل وهللي‬
‫ثلثة‪ :‬الشرك‪ ،‬والبدعة‪ ،‬والمعصية‪.‬‬
‫واليمان مبني على أصلين‪:‬‬
‫أحممدهما‪ :‬تصللديق الخللبر عللن ال ل ورسللوله‪ ،‬وبللذل الجهللد فللي رد الشللبهات الللتي‬
‫توحيها شياطين الجن والنأس في معارضته‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬طاعللة أمللر الل ورسللوله‪ ،‬ومجاهللدةا النأفللس فللي دفلع الشللهوات الللتي تحللول‬
‫بين العبد وبين كمال الطاعة‪.‬‬
‫فالشبهات والشهوات أصل فساد العبد وشقائه في معاشه ومعاده‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫كم للا أن الص لللين الولي للن‪ :‬تص للديق الخ للبر‪ ،‬وطاع للة الم للر‪ ،‬أص للل فلحا العب للد‬
‫وسعادته في معاشه ومعاده‪.‬‬
‫وكل عبد له قوتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬قوةا الدراك والنأظر‪ ،‬وما يتبعها من العلما والمعرفة والكلما‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قوةا الرادةا والحب‪ ،‬وما يتبعهما من النأية والعزما والعمل‪.‬‬
‫فالشبهات تؤثر فساةدا في القوةا العلمية النأظرية ما لما يداوها بدفعها‪.‬‬
‫والشهوات تؤثر فساةدا في القوةا الرادية العملية ما لما يداوها بإخراجها‪.‬‬
‫ومللن تملاما حكملة الل تعلالى أنأله يبتللي هلذه النأفلوس بالشللقاء والتعلب فللي تحصلليل‬
‫ل‪ ،‬ولللو تفرغللت هللذه‬
‫مراداتهللا وشللهواتها‪ ،‬فل تتفللرغ للخللوض فللي الباطللل إل قلي ة‬
‫النأفوس لكانأت أئمة تدعو إلى النأار‪.‬‬
‫وهذا حال من تفرغ منها كمما همو مشماهد بالعيمان‪ ،‬فمإن داء الوليمن والخريمن‬
‫أمران‪:‬‬
‫اتبللاع الشللهوات المانأعللة مللن متابعللة المللر‪ ..‬والخللوض بالشللبهات المانأعللة مللن‬
‫النأقياد للمر‪.‬‬
‫وهللذا شلأن النأفللوس الباطللة اللتي للما تخللق لنأعيللما الخلرةا‪ ،‬ول تلزال سلاعية فللي نأيللل‬
‫شللهواتها‪ ،‬فللإذا نأالتهللا فإنأمللا هللي فللي خللوض بالباطللل الللذي ل يجللدي عليهللا إل‬
‫ضللولن‬ ‫الضللرر العاجلل والجللل‪ ،‬فاحللذر هللؤلء ومجالسللهما‪ ) :‬إوإالذا ألرليل ل ن إ‬
‫ت اللذيلن ليمخو م‬ ‫ل ل‬
‫طامن‬ ‫ن‬
‫ك الشللي ل‬‫ضلوا إفللي لحلإديرث لغليلإرإه ل إوإانمللا ميلنأسللينأ ل‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫إفللي لآلياتإلنأللا فللأللعإر ل‬
‫ض لعلنأهمللما لحتلنلى ليمخو م‬
‫ظالإإميلن )‪] ((68‬النأعاما‪.[68 :‬‬ ‫فللل تللقعلد بعلد اللذلكرى مع القلوإما ال ن‬
‫ل لل ل‬ ‫م لل‬
‫ومن رزقه ال قلةبا سليةما‪ ،‬رأى الحق حةقا واتبعه‪ ،‬ورأى الباطل باطلة واجتنأبه‪.‬‬
‫فإذا رأى النأاس متوكلين على تجارتهما‪ ،‬وصحة أبدانأهما‪ ،‬توكل على ال‪ ) :‬إنن‬
‫اللنهل لباإلغم أللمإرإه قللد لجلعلل اللنهم إلمكلل لشليرء قللد ةار )‪] ((3‬الطلق‪.[3 :‬‬

‫‪54‬‬
‫إواذا رآهما يذلون أنأفسهما في طلب الرزق اشتغل بما لربه عليه‪ ،‬لعلمه أن رزقه‬
‫ض إنل لعللى اللنإه إرلزقملها لوليلعلمما مملستلقلنرلها‬ ‫سيأتيه‪) :‬ولما إملن لدانبرة إفي اللللر إ‬
‫ل‬
‫]هود‪.[6 :‬‬ ‫إ‬ ‫ر‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫د‬
‫لومملستللولدلعلها مكل في كلتاب ممبيرن )‪((6‬‬
‫إواذا رآه للما يتحاس للدون ف للي دنأي للاهما ت للرك ذل للك له للما‪ ،‬لعلم لله أن نأص لليبه م للن ال للرزق‬
‫ق‬ ‫ب إبال ل‬
‫صللد إ‬ ‫نإ ن‬ ‫سيصل إليه‪ ،‬ولن يأخذه غيره‪) :‬فلملن أل ل إ‬
‫ب لعللى الل ه لولكلذ ل‬ ‫ظللمما منمللن لكللذ ل‬ ‫ل‬
‫إلذ لجالءهم أللليلس إفي لجهلننألما لمثلةوى لإللكافإريلن )‪] ((32‬الزخرف‪.[32 :‬‬
‫إ‬
‫إواذا رأى النأللاس يطلبللون العللزةا والمكانأللة عنأللد المخلللوق بالمللال والجللاه والمنأاصللب‪،‬‬
‫طلب المكانأة عنأد ربه بالتقوى كما قلال سلبحانأه‪) :‬إنن أللكلرلممكللما إعلنأللد اللنلإه ألتلقلللامكلما إنن‬
‫اللنهل لعإليبما لخإبيبر )‪] ((13‬الحجرات‪.[13 :‬‬
‫إواذا رأى النأاس يركضون وراء شهواتهما‪ ،‬أجهلد نأفسله فلي دفع الهلوى حتى تسلتقر‬
‫ف لمقللالما لرلبلإه لولنأهللى الننألفللس لعلإن الهلللوى )‬ ‫على طاعة ال عنز وجنل‪) :‬لوألنمللا لمللن لخلا ل‬
‫‪ (40‬فلإنن اللجننأةل إهلي اللملألوى )‪] ((41‬النأازعات‪.[41 ،40 :‬‬
‫إواذا رأى الخل للق ك للل ل لله محب للوب‪ ،‬ف للإذا وص للل إل للى الق للبر ف للارقه محب للوبه‪ ،‬جع للل‬
‫محبللوبه حسللنأاته الللتي ل تفللارقه‪ ):‬اللمللامل لواللبمنأللولن إزيلنأل لةم اللحليللاإةا الل للدلنأليا لواللباإقليللا م‬
‫ت‬
‫ك ثللواةبا لولخليبر أللمةل )‪] (46‬الكهف‪.[46 :‬‬ ‫ت لخليبر إعلنألد لرلب ل‬
‫صاإللحا م‬
‫ال ن‬

‫‪‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ 40‬صافات القلب السليم ‪9-‬‬

‫قلال الل تعلالى‪) :‬ليللولما لل ليلنأفللعم لمللابل لولل لبنأمللولن )‪ (88‬إنل لمللن ألتللى اللنلهل بإلقللرب لسلإليرما )‬
‫‪] ((89‬الشعراء‪.[89-87 :‬‬
‫ت‬ ‫وقللال الل ل تعللالى‪) :‬إننألمللا المملؤإممنأللولن اللن لإذيلن إلذا مذإكل للر اللنل لهم لوإجلل ل ل‬
‫ت مقلمللومبهملما ل إوإالذا تملإليل ل ل‬
‫صلللةال لوإمنمللا‬ ‫لعلليإهللما لآليللاتمهم لازلدتلهمللما إإيلماةنأللا لولعلللى لرلبإهللما ليتللونكللملولن )‪ (2‬النلإذيلن ميإقيممللولن ال ن‬
‫لرلزلقلنأامهلما ميلنأإفمقولن( ]النأفال‪.[3 ،2 :‬‬
‫القلب السليما الذي ينأجو من علذاب الل يلوما القياملة‪ ،‬هو القلب الذي قد سللما ملن‬
‫مرض الشهوات‪ ،‬وسلما من مرض الشبهات‪ ،‬الذي قد سلما لربه‪ ،‬وسلما لملره‪ ،‬ولللما‬
‫تبق فيه منأازعة لمره‪ ،‬ول معارضة لخبره‪.‬‬
‫فهو سليما مما سوى ال وأمره‪ ،‬ل يريد إل ال‪ ،‬ول يفعل إل ما أمره ال عنز وجنل‪.‬‬
‫فللال وحللده غللايته‪ ..‬وأم لره وشللرعه وسلليلته‪ ..‬ل تعترضلله شللبهة تحللول بينألله وبيللن‬
‫تصديق خبره‪ ..‬ول شهوةا تحول بينأه وبين متابعة رضاه‪.‬‬
‫ومتى كان قللب العبلد كللذلك فهللو سللليما ملن الشلرك‪ ،‬وسللليما ملن البلدع‪ ،‬وسلليما مللن‬
‫المعاصي‪ ،‬وسليما من الغي‪ ،‬وسليما من الباطل‪.‬‬
‫فالقلب السليما هو الذي سلما لعبودية ربه حةبللا وخوفةللا‪ ،‬ورجللاةء وطمةعللا‪ ،‬وسلللما لملره‬
‫وسلما لرسوله تصديةقا وطاعة‪ ،‬واستسلما لقضاء ال وقدره‪ ،‬فلللما يتهملله ولللما ينأللازعه‪،‬‬
‫ولما يتسخط لقداره‪.‬‬
‫فأسلما لربه وموله انأقياةدا وخضوةعا‪ ،‬وذلة وعبودية‪.‬‬
‫وسلللما جميللع أحلواله وأقلواله‪ ،‬وأعمللاله الظللاهرةا والباطنأللة‪ ،‬لمللا جللاء عللن رسللول الل‬
‫صلى ال عليه وسلما ‪.‬‬

‫‪ - 40‬موسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(32‬‬

‫‪56‬‬
‫وسالما أولياء الل وحزبله المفلحيلن‪ ،‬اللذابين علن دينأله وسللنأة نألبيه صلللى الل عليله‬
‫وسلما ‪ ،‬والقائمين بها‪ ،‬والداعين إليها‪.‬‬
‫وعل للادى أعل للداءه المخل للالفين لكتل للاب ال ل ل وسل للنأة نأل للبيه صل لللى ال ل ل عليل لله وسل لللما ‪،‬‬
‫الخارجين عنأهما‪ ،‬الداعين إلى خلفهما‪.‬‬
‫والمللؤمن حللي‪ ،‬والكللافر ميللت‪ ،‬والميللت ل يللؤمر بصلللةا ول صللياما حللتى تنأفللخ فيلله‬
‫روحا اليمان‪ ،‬إوان كان سيحاسب على تركه اليمان والعمال يوما القيامة‪.‬‬
‫فإذا حيي قلبه باليمان‪ ،‬صار قابلة ومستعةدا لقبول الوامر والنأواهي‪.‬‬
‫فللالمؤمن حللي‪ ،‬والحللي إمللا صللحيح‪ ،‬إوامللا مريللض‪ ،‬فصللاحب القلللب السللليما هللو‬
‫الصحيح‪ ،‬وصاحب القلب المريض هو السقيما‪.‬‬
‫والمرض قسمان ‪:41‬‬
‫مرض شبهة‪ ..‬ومرض شهوة‪.‬‬
‫ضا‬ ‫ن‬ ‫فالول كما قال سبحانأه عن المنأافقين‪) :‬إفي مقملوبإإهلما لملر ب‬
‫ض فل لازلدمهمما اللهم لملر ة‬
‫ب ألإليبما بإلما لكانأموا ليلكإذمبولن )‪] ((10‬البقرةا‪.[10 :‬‬ ‫لولهملما لعلذا ب‬
‫والثاني‪ :‬كما قال سبحانأه‪) :‬ليا نأإلسالء الننأبإلي للستمنن لكأللحرد إملن اللنألساإء إإن اتنقلليتمنن فللل‬
‫ض لومقللن قللوةل لملعمروةفا )‪((32‬‬ ‫طلملع النإذي إفي لقلبإإه لملر ب‬ ‫ضلعلن إبالقللوإل فللي ل‬
‫تللخ ل‬
‫]الحزاب‪.[32 :‬‬
‫وشفاء هذين المرضين في القرآن كما قال سبحانأه‪) :‬إلذ لجالءتلهممما اللرمسمل إملن لبليإن‬
‫ألليإديإهلما لوإملن لخلإفإهلما ألنل تللعمبمدوا إنل اللنهل لقالموا للو لشالء لرلبلنأا للللنألزلل لمللئإلكةة فلإننأا بإلما‬
‫أملرإسلتملما بإإه لكاإفمرولن )‪] ((14‬فصلت‪.[44 :‬‬
‫ويحصل تأثر القلب بالقرآن أو بالمواعظ أو غيرها بأربعة أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬المؤثر كالقرآن مثلة يسمعه أو يقرؤه‪.‬‬
‫‪ - 41‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 10‬ص ‪ (95‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص‬
‫‪ (2753‬ومجلة مجمع الفقه السلمي ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪(14774‬‬

‫‪57‬‬
‫الثاني‪ :‬المحل القابل‪ ،‬وهو القلب الحي الذي يعقل عن ال‪.‬‬
‫الثالثا‪ :‬وجود الشرط‪ ،‬وهو الصغاء‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬انأتفاء المانأع‪ ،‬وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنأى الخطاب‪.‬‬
‫فإذا تمت هذه الشروط‪ ،‬حصل الثر‪ ،‬وهو النأتفاع والتذكر والستقامة‪.‬‬
‫ك لإذلكلرى لإلملن لكالن لهم لقل ب‬
‫ب أللو ألللقى النسلملع لومهلو‬ ‫كما قال سبحانأه‪) :‬إنن إفي لذلإ ل‬
‫لشإهيبد )‪] ((37‬ق‪.[37 :‬‬
‫ك لإذلكلرى( هذا هو المؤثر‪.‬‬ ‫)إنن إفي لذإل ل‬
‫ب( هذا هو المحل‪.‬‬ ‫)لإلملن لكالن لهم لقل ب‬
‫)أللو ألللقى النسلملع( وهذا هو الشرط وهو الصغاء‪.‬‬
‫)لومهلو لشإهيبد( وهذا انأتفاء المانأع‪.‬‬
‫وقلب النأسان له أربعة أبواب‪ ،‬وكلها تصب في القلب وهي‪:‬‬
‫اللسان‪ ..‬والذن‪ ..‬والعين‪ ..‬والدماغ‪.‬‬
‫فما يتكلما به اللسان يتأثر به القلب‪ ،‬فإذا تكلما باليمان‪ ،‬وتلوةا القرآن‪ ،‬تأثر بللذلك‬
‫قلبه‪ ،‬وزاد إيمانأه‪.‬‬
‫والذن بللاب إلللى القلللب‪ ،‬فللإذا سللمع كلمللات اليمللان والق لرآن تللأثر بهللا قلبلله‪ ،‬وزاد‬
‫إيمانأه‪.‬‬
‫والعيلن بلاب إللى القللب‪ ،‬فالنأظر إللى المخلوقلات‪ ،‬وعظيلما صلنأع البلاري يلؤثر فلي‬
‫القلللب‪ ،‬وتعلللما اليمللان بللالنأظر للكللاملين فللي اليمللان‪ ،‬فكلمللا نأظللروا إلللى المخلللوق‬
‫زاد إيمانأهما بالخالق سبحانأه‪.‬‬
‫أما نأاقص اليمان فينأظر إلى المخلوق ويغرق فيلله‪ ،‬فينأقلص إيمللانأه‪ ،‬لنألله اشلتغل‬
‫ض لولمللا تملغنأإللي‬
‫بلله ولللما يتعللداه إلللى خللالقه‪) :‬مق لإل النأظم لمروا لمللالذا إفللي النس للماواإت واللللر إ‬
‫ل ل‬
‫ت لواللنأمذمر لعلن قللورما لل ميلؤإممنأولن )‪] ((101‬يونأس‪.[101 :‬‬ ‫الللليا م‬

‫‪58‬‬
‫وكلم للا تفك للر ال للدماغ ف للي عظم للة ال لل‪ ،‬وعظي للما إحس للانأه‪ ،‬ت للأثر ب للذلك القل للب‪ ،‬وزاد‬
‫إيمانأه‪.‬‬
‫والقلب السليم هو ما سلم من ستة أدواء‪:‬‬
‫فهو سلليما ملن الشرك‪ ..‬سلليما ملن الجهلل‪ ..‬سلليما ملن الكلبر‪ ..‬سلليما ملن الغفللة‪..‬‬
‫سليما من حب الدنأيا‪ ..‬سليما من سيئ الخلق‪.‬‬
‫فهللو قلللب طللاهر زكللي‪ ،‬مملللوء باليمللان والتوحيللد والعلللما‪ ،‬والتواضللع لربلله‪ ،‬ولللزوما‬
‫ذكره‪ ،‬يحب ال والدار الخرةا‪ ،‬متجمل بمكارما الخلق‪.‬‬
‫فهذا القلب السليما إذا نأظر ال إليه‪  ،‬وأحبه واجتباه‪ ،‬وأعانأه على كل خير‪،‬‬
‫ومنأع عنأه كل سوء‪ ،‬وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء‪) :‬لوالنإذيلن لجالهمدوا إفيلنأا‬
‫للنألهإدليننأهملما مسمبللنأا ل إوإانن اللنهل للملع المملحإسإنأيلن )‪] ( (69‬العنأكبوت‪.[69 :‬‬
‫إواذا تأكللد المسلللما مللن صللحة قلبلله وسلللمته‪ ،‬فهللو مطللالب بالمحافظللة عليلله بمللا‬
‫يحفللظ عليلله قللوته باليمللان وأوراد الطاعللات‪ ،‬إوالللى حميللة مللن المللؤذي الضللار‪،‬‬
‫وذلك باجتنأاب الثاما والمعاصي والمحرمات‪.‬‬
‫إوالللى اسللتفراغ الملواد الفاسللدةا الللتي تعللرض للله بالتوبللة النأصلوحا والسللتغفار‪ ،‬إوالللى‬
‫شللغله بكللل مللا يللورث القلللب إيماةنأللا‪ ،‬ويزيللده مللن العلللما النأللافع‪ ،‬والعمللل الصللالح‪،‬‬
‫والدعوةا إلى ال‪ ،‬فكل ذلك أغذية له‪.‬‬
‫والقلب السليم‪ :‬هللو الللذي سلللما مللن الغللل والحقللد‪ ،‬والحسللد والشللح‪ ،‬وسلللما مللن كللل‬
‫آفللة تبعللده عللن اللل‪ ،‬وسلللما مللن كللل شللبهة تعللارض خللبره‪ ،‬وسلللما مللن كللل شللهوةا‬
‫تعللارض أملره‪ ،‬وسلللما مللن كللل إرادةا ت ازحللما ملراده‪ ،‬وسلللما مللن كللل قلاطع يقطعلله عللن‬
‫ال‪.‬‬
‫فهذا القلب السليما في جنأة معجلة في الدنأيا‪ ،‬وفي جنأة في البرزخ‪ ،‬وفللي جنأللة يلوما‬
‫المعاد‪ ،‬حيث كمال النأعمة‪ ،‬وكمال النأعيما‪ ،‬ورؤية المنأعما جل جلله‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ول تتم سلمته مطلققا حتى يسلم من خمسة أشياء‪:‬‬
‫م للن ش للرك ينأ للاقض التوحي للد‪ ..‬وم للن بدع للة تخ للالف الس للنأة‪ ..‬وم للن ش للهوةا تخ للالف‬
‫المر‪ ..‬ومن غفلة تنأاقض الذكر‪ ..‬ومن هوى ينأاقض التجريد‪.‬‬
‫وهللذه الخمسللة حجللب عللن اللل‪ ،‬ولهللذا اشللتدت حاجللة العبللد بللل ضللرورته إلللى أن‬
‫يسللأل الل أن يهللديه الصلراط المسللتقيما كللل يلوما‪ ،‬بللل فللي كللل صلللةا‪ ،‬بللل فللي كللل‬
‫ركعة‪.‬‬
‫والقلب يتعلق به أحكاما ملن جهلة خلقه وشلكله‪ ..‬وملن جهلة اللوارد عليله ملن الل‪،‬‬
‫وم للن النأف للس‪ ،‬والش لليطان‪ ..‬وم للن جه للة المطل للوب منأ لله م للن العب للادةا وطاع للة الل ل‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫طا للله‪ ،‬وليللس كللالقلب القاسللي الللذي ل‬
‫وخيللر القلللوب مللا كللان داعةيللا للخيللر ضللاب ة‬
‫يقبل لله‪ ،‬فه للذا قل للب حج للري‪ ،‬ول كالم للائع الخ للرق ال للذي يقب للل‪ ،‬ولك للن ل يحف للظ ول‬
‫يضبط‪.‬‬
‫والفرق بين سلمة القلب‪ ،‬والبله والتغفل‪:‬‬
‫أن سلمة القللب تكللون ملن عللدما إرادةا الشلر بعللد معرفتله‪ ..‬فيسللما قلبله ملن إرادتلله‬
‫وقصده ل ملن معرفتله والعللما به‪ ..‬وهلذا بخلف البلله والغفللة‪ ..‬فإنأهلا جهلل وقللة‬
‫معرفة‪ ..‬وهذا ل يحمد إذ هو نأقص‪.‬‬
‫فالكمال أن يكون القلب عارةفا بالخير‪ ،‬مريةدا له‪ ،‬عارةفا بالشر‪ ،‬سليةما من إرادته‪.‬‬
‫وأصل أعمال القلوب المأمور بها‪:‬‬
‫اليمللان‪ ..‬والحسللان‪ ..‬والتق للوى‪ ..‬والتوكللل‪ ..‬والخ للوف‪ ..‬والرجللاء‪ ..‬والنأابللة‪..‬‬
‫والتسليما ونأحوها‪.‬‬
‫وأص للل ذل للك كل لله الص للدق‪ ،‬فك للل عم للل ص للالح ظ للاهر وب للاطن فمنأش للؤه الص للدق‪،‬‬
‫وأضداد ذلك من أعمال القلوب المنأهي عنأها هي‪:‬‬

‫‪60‬‬
‫الري ل ل للاء‪ ..‬والعج ل ل للب‪ ..‬والك ل ل للبر‪ ..‬والفخ ل ل للر‪ ..‬والخيلء‪ ..‬والبط ل ل للر‪ ..‬والش ل ل للر‪..‬‬
‫والعجز‪ ..‬والكسل‪ ..‬والجبن‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫وأصل ذلك كله الكذب‪ ،‬فكل عمل فاسد ظاهر وباطن فمنأشؤه الكذب‪.‬‬
‫وال عنز وجنل يعاقب الكذاب‪ ،‬بلأن يقعلده ويثبطه علن مصلالحه ومنألافعه‪ ،‬ويلثيب‬
‫الصادق‪ ،‬بأن يوفقه للقياما بمصالح دينأه ودنأياه وآخرته‪.‬‬
‫فمللا اسللتجلبت مصللالح الللدنأيا والخللرةا بمثللل الصللدق‪ ،‬ول اسللتجلبت مضللار الللدنأيا‬
‫والخرةا ومفاسدهما بمثل الكذب‪.‬‬
‫ولهذا رغلب الل عبلاده المللؤمنأين بالصلدق‪ ،‬وأمرهلما بللزوما أهلل الصلدق فللي القلول‬
‫والعمل كما قال سبحانأه‪ ) :‬ليا ألليلها النإذيلن لآلمنأموا اتنقموا اللنهل لومكونأملوا لمللع ال ن‬
‫صللاإدإقيلن )‬
‫‪] ((119‬التوبة‪.[119 :‬‬
‫ولهللذا كللان الصللدق أسللاس الللبر‪ ،‬والكللذب أسللاس الفجللور‪ ،‬كمللا قللال النأللبي صلللى‬
‫ق ليلهإدى إللى البإلر ‪ ،‬ل إوإانن البإنر ليلهإدى إللى اللجننألإة ‪ ،‬ل إوإانن‬ ‫صلد ل‬‫ال عليه وسلما ‪ » :‬إنن ال ل‬
‫ب ليلهلإدى إ لللى الفممجللوإر ‪ ،‬ل إوإانن الفممجللولر‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ق لحنتى ليمكولن صلديةقا ‪ ،‬ل إوإانن اللكذ ل‬ ‫صمد م‬ ‫النرمجلل للي ل‬
‫ب إعلنأل للد الللن لإه لكل لنذاةبا « ‪ .‬متفممق‬
‫ب ‪ ،‬لحتنللى ميلكتل ل ل‬
‫إ‬ ‫إ‬
‫ليلهل لدى إلللى الننأللاإر ‪ ،‬ل إوإانن النرمجل للل لليلكل لذ م‬
‫عليه)‪.(42‬‬
‫وأول مللا يسللري الكللذب مللن النأفللس إلللى اللسللان فيفسللده‪ ،‬ثللما يسللري إلللى الج لوارحا‬
‫فيفسد عليها أعمالها‪ ،‬كما أفسد على اللسان أقواله‪.‬‬
‫فيعما الكذب أقواله‪ ،‬وأعماله‪ ،‬وأحواله‪.‬‬
‫فيستحكما عليه الفساد‪ ،‬ويترامى داؤه إلى الهلكة‪ ،‬إن لما يتداركه ال بللدواء الصللدق‬
‫ب للنألا إمللن‬ ‫الذي يقلع تلك المادةا من أصلها‪) :‬لرنبلنألا لل تمإز ل‬
‫غ مقملولبلنألا لبلعللد إلذ له لدليتللنأا لولهل ل‬
‫ب )‪] ((8‬آل عمران‪.[8 :‬‬ ‫ت اللونها م‬ ‫ك لرلحلمةة إننأ ل‬
‫ك أللنأ ل‬ ‫لمدلنأ ل‬

‫‪ (1)42‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(6094‬واللفظ له‪ ،‬ومسلما برقما )‪.(6803‬‬

‫‪61‬‬


62
‫‪ 43‬فقه سكينة القلب ‪10-‬‬

‫قال ال تعالى‪) :‬مهلو النإذي أللنألزلل النسإكيلنأةل إفللي مقللملوإب الممللؤإمإنأيلن لإليللزلدامدوا إإيلماةنألا لمللع‬
‫ض لولكالن اللنهم لعإليةما لحإكيةما ﴿‪] (﴾4‬الفتح‪:‬‬ ‫إإيلمانأإإهلما وإللنإه مجمنأومد النسلماواإت واللللر إ‬
‫ل ل‬ ‫ل‬
‫‪.[4‬‬
‫ت النشلجلرإةا فللعلإلما لمللا‬ ‫ضلي اللنهم لعإن المملؤإمإنأيلن إلذ ميلبايإمعولنأ ل‬
‫ك تللح ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لقللد ر إ‬
‫ل‬
‫إفي مقملوبإإهلما فلأللنألزلل النسإكيلنأةل لعلليإهلما لوأللثالبهملما فلتلةحا قلإريةبا )‪] ((18‬الفتح‪.[18 :‬‬
‫السللكينأة‪ :‬هللي الطمأنأينأللة والوقللار والسللكون الللذي ينأزللله ال ل فللي قلللب عبللده‪ ،‬عنأللد‬
‫اضطرابه من شدةا المخاوف‪.‬‬
‫فل ينأزع للج مم للا ي للرد علي لله‪ ،‬وي للوجب ل لله زي للادةا اليم للان‪ ،‬وقل لوةا اليقي للن والثب للات‪.‬‬
‫ولهذا أخبر الل علنز وجلنل عللن إنأزالهللا علللى رسلوله صللى الل عليلله وسلللما وعلللى‬
‫الم للؤمنأين ف للي مواض للع القل للق والض للطراب‪ ،‬كيل لوما الهج للرةا إذ ه للو وص للاحبه ف للي‬
‫الغ للار‪ ،‬والع للدو ف للوق رؤوس للهما‪ ،‬وكيل لوما حنأي للن حي للن ولل لوا م للدبرين م للن ش للدةا ب للأس‬
‫الكفار‪ ،‬وكيوما الحديبية حين اضطربت قلوبهما من تحكما الكفار عليهما‪.‬‬
‫والسكينة اسم لثلثة أشياء‪:‬‬
‫أولهمما‪ :‬س للكينأة بنأ للي إسل لرائيل ال للتي أعطوه للا ف للي الت للابوت‪ ،‬فف للي أي مك للان ك للان‬
‫التابوت اطمأنأوا إليه وسكنأوا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬التي تنأطق عل لسان المحدثين‪ ،‬ليسللت شلليةئا يملللك‪ ،‬إنأمللا هللي شلليء مللن‬
‫لطائف صنأع الحق‪ ،‬تلقى على لسان المحدث الحكمة‪.‬‬
‫فالسللكينأة إذا نأزلللت عل للى القلللب اطم للأن بهللا‪ ،‬وس للكنأت إليه للا الجل لوارحا وخشللعت‪،‬‬
‫وأنأطقت اللسان بالصواب والحكمة‪ ،‬وحالت بينأه وبين قللول الخنأللا والفحللش واللغللو‬
‫وكل باطل‪.‬‬

‫‪ - 43‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪ (230‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(36‬‬

‫‪63‬‬
‫وربما ينأطق من في قلبه السكينأة بكلما لما يكن عن فكرةا منأه ول روية‪ ،‬ويسللتغربه‬
‫هو من نأفسه‪.‬‬
‫وأكثر ما يكون هذا عنأد الحاجة‪ ،‬وصلدق الرغبلة ملن السلائل والمجلالس‪ ،‬وصلدق‬
‫الرغبة منأه هو إلى ال‪ ،‬وحضرته مع تجرده من الهواء‪.‬‬
‫الثالثممة‪ :‬السللكينأة الللتي نأزلللت علللى قلللب النأللبي صلللى الل ل عليلله وسلللما وقلللوب‬
‫المؤمنأين‪.‬‬
‫وهذه السكينأة تشتمل على النأور‪ ..‬والقوةا‪ ..‬والروحا‪.‬‬
‫فبللالروحا الللذي فيهللا حيللاةا القلللب‪ ..‬وبللالنأور الللذي فيهللا اسللتنأارته إواشلراقه‪ ..‬وبللالقوةا‬
‫ثباته وعزمه ونأشاطه‪.‬‬
‫فللالنأور يكشللف للعبللد عللن دلئللل اليمللان‪ ،‬ويميللز للله بيللن الحللق والباطللل‪ ،‬والهللدى‬
‫والضلل‪ ،‬والغي والرشد‪ ..‬والحياةا توجب كمال يقظته وفطنأته‪ ..‬والقوةا توجب للله‬
‫الص للدق وص للحة المعرف للة‪ ..‬وقهل للر داع للي الغل للي‪ ..‬وضل للبط النأفل للس عل للن جزعهل للا‬
‫وهلعهللا‪ ..‬واسترسللالها فللي النأقللائص والعيللوب‪ ..‬ولكللي يللزداد بالسللكينأة إيماةنأللا مللع‬
‫إيمانأه‪.‬‬
‫واليمان يثمر له النأور والحيلاةا والقلوةا‪ ،‬فإذا حصللت هذه الثلثة بالسلكينأة‪ ،‬سلكن‬
‫إليها العاصي‪ ،‬وهو الللذي سللكونأه إلللى المعصللية والمخالفللة‪ ،‬لعللدما سللكينأة اليمللان‬
‫في قلبه‪ ،‬صار سكونأه إليها عوض سكونأه عن الشهوات والمخالفات‪.‬‬
‫فيجد في هلذه السلكينأة مطلللوبه‪ ،‬وهلي الللذةا اللتي كللان يطلبهلا فلي المعصللية‪ ،‬فلإذا‬
‫نأزلت عليه السكينأة اعتاض بلذتها وروحها ونأعيمها عن لللذةا المعصللية‪ ،‬وصللارت‬
‫لللذته روحانأيللة قلبيللة‪ ،‬بعللد أن كللانأت لللذته جسللمانأية بهيميللة‪ ،‬وسللكن خللوفه‪ ،‬وذهللب‬
‫همه وغمه‪.‬‬
‫فالسكينة‪ :‬هي طمأنينة القلب واسممتقراره‪ ..‬وأصمملها فممي القلممب‪ ..‬ويظهممر أثرهمما‬

‫‪64‬‬
‫على الجوارح‪ ..‬والناس فيها متفاوتون‪:‬‬
‫فس للكينأة النأبي للاء عليه للما الص لللةا والس لللما أخ للص مراتبه للا وأعله للا‪ ،‬وذل للك مث للل‬
‫السللكينأة الللتي نأزلللت علللى إبراهيللما الخليللل صلللى الل عليلله وسلللما حيللن ألقللي فللي‬
‫النأار التي أضرمها له أعداؤه‪.‬‬
‫فلله عظمة وطمأنأينأة تلك السكينأة التي أنأزلها ال على قلبه‪.‬‬
‫وكذلك السكينأة اللتي حصللت لموسللى صلللى الل عليله وسللما وقللد غشليه فرعللون‬
‫وجنأوده من ورائهما‪ ،‬والبحر أمامهما‪.‬‬
‫فلله ما ألذ تلك السلكينأة اللتي أنأزلهلا الل عللى قللب موسلى صللى الل عليله وسللما‬
‫حين ضرب البحر‪ ،‬وحين عبر البحر‪ ،‬وحين رأى أعداءه يغرقون في البحر‪.‬‬
‫وكذلك السكينأة التي حصلت له وقت تكليما ال له عنأد الشجرةا‪.‬‬
‫وكذلك السكينأة التي حصلت له وقد رأى العصا ثعباةنأا مبيةنأا أماما فرعون وملئه‪.‬‬
‫وكللذلك السللكينأة الللتي نأزلللت عليلله وقللد رأى حبللال السللحرةا وعصلليهما كأنأهللا حيللات‬
‫تس للعى‪ ،‬ف للأوجس ف للي نأفس لله خيف للة‪ ،‬ث للما ألق للى عص للاه ال للتي ابتلع للت تل للك العص للي‬
‫والحبال‪.‬‬
‫فلله عظمة تلك السكينأة حين رأى فعل ربه بعدوه‪ ،‬ونأصره لنأبيه‪.‬‬
‫وكذلك السكينأة التي حصلت لنأبينأا محمد صلى ال عليلله وسلللما فللي الغللار‪ ،‬وقللد‬
‫أشرف عليه أعداؤه‪ ،‬فصرفهما ال عنأه‪.‬‬
‫فلله كما لذةا تلك السكينأة التي رأى فيها حفظ وليه من كيد أعدائه‪.‬‬
‫وكللذلك السللكينأة الللتي نأزلللت عليلله صلللى ال ل عليلله وسلللما فللي م لواقفه العظيمللة‪،‬‬
‫وأعداء ال قد أحاطوا به في يوما بدر‪ ،‬ويوما الخنأدق‪ ،‬ويوما حنأين‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫فهذه السكينأة أمر فوق عقول البشر‪ ،‬وهي آية عظيمة على صدق النأبياء‪.‬‬
‫وأمل للا سل للكينأة أتبل للاع النأبيل للاء‪ ،‬فتكل للون للمل للؤمنأين بحسل للب متل للابعتهما‪ ،‬وهل للي سل للكينأة‬

‫‪65‬‬
‫اليمان واليقين‪.‬‬
‫وهي سكينأة تسكن القلوب عن الريب والشك‪ ،‬ولهذا أنأزلها ال على المؤمنأين في‬
‫أصعب المواطن أحوج ما كانأوا إليها كما قال ال سبحانأه‪) :‬مهلو النإذي أللنألزلل‬
‫النسإكيلنأةل إفي مقملوإب المملؤإمإنأيلن إلليلزلدامدوا إإيلماةنأا لملع إإيلمانأإإهلما لوإللنإه مجمنأومد النسلمالواإت‬
‫ض لولكالن اللنهم لعإليةما لحإكيةما )‪] ((4‬الفتح‪.[4 :‬‬ ‫واللللر إ‬
‫ل‬
‫ولما علما ال ملا فلي قللوب الملؤمنأين ملن الضلطراب والقللق‪ ،‬وذللك حيلن منأعتهلما‬
‫قريللش مللن دخللول بيللت ال ل عللاما الحديبيللة‪ ،‬وعلللما مللا فيهللا مللن اليمللان والصللدق‬
‫والخيللر‪ ،‬وحلب الل ورسلوله ثبتهلا بالسللكينأة وأنأزلهلا عليهللما كمللا قلال سللبحانأه‪) :‬لقلللد‬
‫ت النش للجلرإةا فللعإل للما لمللا إفللي مقلمللوبإإهلما فل لأللنألزلل‬ ‫ض للي اللنلهم لع لإن المم للؤإمإنأيلن إلذ ميلبايإمعولنأ ل ل‬
‫ك تللح ل ل‬ ‫رإ‬
‫ل‬
‫النسإكيلنأةل لعلليإهلما لوأللثالبهملما فلتلةحا قلإريةبا )‪] ((18‬الفتح‪.[18 :‬‬
‫ومنأها السكينأة التي يجلدها العبد عنألد القيلاما بوظلائف العبوديلة‪ ،‬وهلي التي تلورث‬
‫الخشللوع والخضللوع‪ ،‬وجمعيللة القلللب علللى اللل‪ ،‬بحيللث يللؤدي عبللوديته بقلبلله وبللدنأه‬
‫قانأةتا ل عز وجل‪.‬‬
‫والخشوع نأتيجة هذه السكينأة‪ ،‬وثمرتها‪ ،‬وخشوع الجوارحا نأتيجة خشوع القلب‪.‬‬
‫والسباب المؤدية إلى السكينأة سببها استيلء مراقبلة العبلد لربلله جللل جلللله حللتى‬
‫كأنأه يراه‪.‬‬
‫وكلما اشتدت هذه المراقبة أوجبت له ملن الحيلاء والسلكينأة‪ ،‬والمحبلة والخضلوع‪،‬‬
‫والخوف والرجاء‪ ،‬ما ل يحصل بدونأها‪ ،‬فالمراقبة أساس العمال القلبية كلها‪.‬‬
‫وقد جمع النأبي صلى الل عليلله وسلللما أصلول أعمللال القلللوب وفروعهللا كلهللا فلي‬
‫كلمة واحلدةا‪ ،‬وهلي قلوله‪» :‬الحسللان‪ :‬أللن تللعمبللد اللنلهل لكألننأل ل‬
‫ك تلل لارهم ‪ ،‬فللإلن لللما تلمكللن تلل لارهم‬
‫ك « متفق عليه)‪.(44‬‬ ‫فلإننأهم لي لار ل‬

‫‪ ()44‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(50‬واللفظ له‪ ،‬ومسلما برقما )‪.(9‬‬

‫‪66‬‬
‫وكل عبد محتاج إلى السكينأة عنألد الوسلاوس المعترضلة‪ ،‬وعنأد الخط رات السيئة‪،‬‬
‫ليثبت قلبه ول يزيغ‪ ،‬وعنأد المخاوف ليثبت قلبه ويسكنأه جأشه‪ ،‬وعنأد الف رحا‪ ،‬لئل‬
‫يطمح به مركبه فيجاوز الحد‪ ،‬وعنأد هجوما السباب المؤلمة‪ ،‬لئل ييأس ويقنأط‪.‬‬
‫ولهل ل للذا أنأل ل للزل الل ل ل السل ل للكينأة علل ل للى رسل ل للوله وعلل ل للى المل ل للؤمنأين فل ل للي مواقل ل للع القلل ل للق‬
‫والضطراب‪ ،‬كيوما الهجرةا حينأما أحاط المشركون بالغلار‪ ،‬كملا قلال الل سلبحانأه‪:‬‬
‫صل للرهم الللن لهم إلذ أللخلرلجل لهم اللن لإذيلن لكفلل لمروا ثلللانأإلي اثللنأليل لإن إلذ مهلمللا إفللي‬
‫صل لمروهم فلقلل للد لنأ ل‬
‫ن‬
‫)إل تللنأ م‬
‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اللغللاإر إلذ يقمللومل إل إ إ‬
‫صللاحبإه لل تللحللزلن إنن الللهل لملعلنأللا فللأللنألزلل الللهم لسلكيلنأتلهم لعلليله لوألنيللدهم‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ن‬ ‫نإ إ‬ ‫إ‬ ‫إ نإ‬
‫بإمجنأمللورد لللما تللرلولهللا لولجلعللل لكللملةل اللذيلن لكفللمروا اللسللفللى لولكللملةم اللله هللي المعلليللا لوالللهم‬
‫لعإزيبز لحإكيبما ﴿‪] (﴾40‬التوبة‪.[40 :‬‬
‫وكيوما حنأين حين ولى المؤمنأون مدبرين من شدةا بأس الكفار‪ ،‬كما قال سللبحانأه‪:‬‬
‫)ثلم لنما أللنأل للزلل اللنل لهم لسل لإكيلنأتلهم لعلللى لرمسللوإلإه لولعلللى الممل للؤإمإنأيلن لوأللنأل للزلل مجنأمللوةدا لل للما تللرلولهللا‬
‫ك لج لازمء اللكاإفإريلن ﴿‪] (﴾26‬التوبة‪.[26 :‬‬ ‫ب النإذيلن لكفلمروا لولذإل ل‬ ‫ن‬
‫لولعذ ل‬
‫وكيوما الحديبية حين اضطربت قلوب المؤمنأين من تحكما الكفار عليهما‪) :‬مهلو‬
‫النإذي أللنألزلل النسإكيلنأةل إفي مقملوإب المملؤإمإنأيلن لإليلزلدامدوا إإيلماةنأا لملع إإيلمانأإإهلما لوإللنإه مجمنأومد‬
‫ض لولكالن اللنهم لعإليةما لحإكيةما ﴿‪] (﴾4‬الفتح‪.[4 :‬‬ ‫النسلماواإت واللللر إ‬
‫ل ل‬
‫وأما سكينأة الوقار فهي نأوع من السكينأة‪ ،‬وسكينأة الوقار كالضياء لتلللك السللكينأة‪،‬‬
‫كما يحصل الضياء عن الشمس‪.‬‬
‫وسكينة الوقار لها ثلثا درجات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬سللكينأة الخشللوع عنأللد القيللاما للخدمللة رعايللة وتعظيةمللا وحضللوةرا‪ ،‬فالخشللوع‬
‫فللي العبللادةا يكللون برعايللة حقوقهللا الظللاهرةا والباطنأللة‪ ،‬وتعظيللما الخدمللة إواجللهللا‪،‬‬
‫وذلك تبع لتعظيما المعبود إواجلله ووقاره‪.‬‬
‫فعل للى ق للدر تعظيم لله ف للي قل للب العب للد إواجلل لله‪ ،‬يك للون تعظيم لله لخ للدمته إواجلل لله‬

‫‪67‬‬
‫ورعايته لها‪.‬‬
‫وحضللور القلللب فيهللا بمشللاهدةا المعبللود كللأنأه ي لراه‪ ،‬ويتقللدما مللن مقللاما اليمللان إلللى‬
‫مقللاما الحسللان كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬أللللما ليللأإن لإلنلإذيلن لآلممنألوا أللن تللخلشللع مقللملومبهملما إللإذلكإر‬
‫طلالل لعلليإهلمما‬‫ب إمللن قللبلمل فل ل‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫اللنلإه لولملا لنأللزلل إمللن اللحل ل‬
‫ق لولل ليمكونأملوا لكاللذيلن مأوتملوا الكتللا ل‬
‫ت قمملومبهملما لولكإثيبر إملنأهملما لفاإسمقولن ﴿‪] (﴾16‬الحديد‪.[16 :‬‬ ‫اللللممد فلقللس ل‬
‫الثانية‪ :‬السكينة عند المعاملة‪:‬‬
‫وتحصل بمحاسبة النأفس‪ ،‬وملطفة الخلق‪ ،‬ومراقبة الحق سبحانأه‪.‬‬
‫فمحاسبة النأفس حتى تعلرف ملا لهلا وملا عليهلا‪ ،‬وزكاتهلا وطهارتهلا موقلوف عللى‬
‫محاسبتها‪.‬‬
‫وبمحاسبة النأفس‪ ،‬يطلع عللى عيوبهلا ونأقائصلها‪ ،‬فيمكنأله السلعي فلي إصللحها‪.‬‬
‫وملطف للة الخلللق بمع للاملتهما بم للا يحللب أن يعللاملوه بلله م للن اللطللف‪ ،‬ول يعللاملهما‬
‫بللالعنأف والشللدةا والغلظللة‪ ،‬فللإن ذلللك ينأفرهللما عنألله‪ ،‬ويغريهللما بلله‪ ،‬ويفسللد عليلله قلبلله‬
‫ووقته وحاله مع ال‪.‬‬
‫فليس للقلب شيء أنأفع من معاملة النأاس باللطف واللين‪ ،‬والحلما والرحمة‪.‬‬
‫فإن معاملة النأاس بذلك ثمرته‪:‬‬
‫إمل للا أجنأل للبي تكسل للب مل للودته ومحبتل لله‪ ..‬إوامل للا صل للاحب وحل للبيب فتسل للتديما صل للحبته‬
‫ومودته‪ ..‬إواما عدو ومبغض فتطفئ بلطفك جمرته وتستكفي شره‪.‬‬
‫أما مراقبة ال سبحانأه‪ ،‬فهي الموجبة لكل صلحا‪ ،‬وخير عاجل أو آجل‪ ،‬ومراقبة‬
‫الحق سبحانأه توجب إصلحا النأفس‪ ،‬واللطف بالخلق‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬السكينأة التي تثبت الرضلا بالقسلما‪ ،‬وتمنألع ملن الشطح‪ ،‬وتوقلف صلاحبها‬
‫عنأد حده من رتبة العبودية‪.‬‬
‫فهللذه الرتبللة تللوجب لصللاحبها أن يرضللى بالمقس لوما‪ ،‬ول تتطلللع نأفسلله إلللى غي لره‪،‬‬

‫‪68‬‬
‫وهي من أعظما مواهب الحق جل وعل‪ ،‬ومن أجلل عطاياه‪.‬‬
‫ولهذا لما يجعلها ال في القرآن إل لرسوله وللمؤمنأين‪ ،‬والسلكينأة كأنأهللا رداء ينألزل‪،‬‬
‫فيثبت القلوب الطائرةا‪ ،‬ويهدئ النأفعالت الثائرةا‪.‬‬
‫اللهللما يللا مقلللب القلللوب ثبللت قلوبنأللا علللى دينأللك‪ ..‬وصللرفها فللي طاعتللك‪ ..‬واهللدنأا‬
‫لحسن القوال والعمال‪ ..‬إنأك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيما‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪69‬‬
‫فقه طمأنينة القلب ‪- 11 45‬‬

‫طلمئإللن مقللملومبهملما بإلإذلكإر اللنلإه أللل بإلإذلكإر اللنلإه تل ل‬


‫طلمئإللن‬ ‫قللال الل تعللالى‪) :‬النلإذيلن لآلمنأملوا لوتل ل‬
‫ب ﴿‪] (﴾28‬الرعد‪.[28 :‬‬ ‫المقملو م‬
‫طمئإننألةم ﴿‪ ﴾27‬ارإجإعللي إلللى رلبلإك ار إ‬
‫ضلليةة‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬ ‫وقللال الل تعللالى‪) :‬ليللا ألنيتمهلللا الننألفلمس المم ل ل‬
‫ضنيةة ﴿‪] (﴾28‬الفجر‪.[28 ،27 :‬‬ ‫مر إ‬
‫لل‬
‫الطمأنينة‪ :‬سكون القلب إلى الشيء‪ ،‬وعدما اضطرابه وقلقه‪.‬‬
‫فالصدق مثلة يطمئن إليه قلب السامع‪ ،‬والكذب يوجب له اضط ارةبا وارتياةبا‪.‬‬
‫وذكللر الل ل هللو القل لرآن‪ ،‬وبلله تحصللل طمأنأينأللة القلللوب‪ ،‬فللإن القلللب ل يطمئللن إل‬
‫باليمان واليقين‪ ،‬ول سبيل إلى حصول اليمان واليقين إل من القرآن‪.‬‬
‫والفرق بين السكينة والطمأنينة‪:‬‬
‫أن الطمأنينمممة‪ :‬سل للكون القلل للب مل للع ق ل لوةا المل للن‪ ،‬والسل للكينأة تصل للول علل للى الهيبل للة‬
‫الحاص لللة ف للي القل للب فتخم للدها ف للي بع للض الحي للان‪ ،‬فيس للكن القل للب ف للي بع للض‬
‫الوقات‪.‬‬
‫أما سكون أهل الطمأنأينأة فهو دائما‪ ،‬ويصحبه المن والراحة بوجود النأس‪.‬‬
‫والطمأنأينأة أعما‪ ،‬فإنأها تكون في العلللما والخللبر بله واليقيلن والظفلر بلالمعلوما‪ ،‬ولهلذا‬
‫اطمأنأت القلوب بالقرآن‪ ،‬لما حصل لها اليمان به‪.‬‬
‫وأمللا السللكينأة فهللي ثبللات القلللب عنأللد هجلوما المخللاوف عليلله وسللكونأه‪ ،‬وزوال قلقلله‬
‫واضطرابه‪.‬‬

‫‪ - 45‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪ (329‬ومجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪(426‬وفتاوى الشبكة‬
‫السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (10117‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 5‬ص‬
‫‪ (2102‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 9‬ص ‪ (1061‬وبريقة محمودية في شرحا طريقة‬
‫محمدية وشريعة نأبوية ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (404‬وغذاء اللباب في شرحا منأظومة الداب ‪) -‬ج ‪/ 1‬‬
‫ص ‪ (114‬ومدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 5‬ص ‪(50‬‬

‫‪70‬‬
‫والطمأنينة على ثلثا درجات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬طمأنأينأة القلب بذكر الل علنز وجلنل‪ ،‬وهللي طمأنأينألة الخللائف إللى الرجلاء‪،‬‬
‫فالخلائف إذا طلال عليلله الخلوف واشللتد بله‪ ،‬وأراد الل علنز وجلنل أن يريحله ويحمللل‬
‫عنأه‪ ،‬أنأزل عليه السكينأة‪ ،‬فاستراحا قلبه إلى الرجاء واطمأن به‪.‬‬
‫وطمأنأينأة الضجر إلى الحكلما‪ ،‬فإن ملن أدركله الضلجر ملن قلوةا التكلاليف‪ ،‬وأعيلاه‬
‫المللر‪ ،‬ل سلليما مللن يق لوما بللدعوةا النأللاس إلللى الخيللر وتعليمهللما‪ ،‬وجهللاد أعللداء ال ل‬
‫ونأحو ذلك‪ ،‬فل بند أن يدركه الضجر‪ ،‬ويضعف صبره‪.‬‬
‫فإذا أراد الل أن يريحه ويحملل عنأله‪ ،‬أنألزل الل عليله سلكينأته‪ ،‬فاطملأن إللى حكمله‬
‫الدينأي‪ ،‬وحكمه القدري‪.‬‬
‫وبحسب مشاهدةا العبد لهما تكون طمأنأينأته وراحته‪ ،‬بل لذته‪.‬‬
‫فإذا اطمأن إللى حكمله اللدينأي عللما أنأله دينأله الحلق‪ ،‬وهلو صلراطه المسلتقيما‪ ،‬وهلو‬
‫نأاصره ونأاصر أهله وكافيهما‪.‬‬
‫إواذا اطمللأن إللى حكملله الكلونأي‪ ،‬عللما أنألله لللن يصليبه إل ملا كتلب الل لله‪ ،‬وأنأله مللا‬
‫شاء كان‪ ،‬وما لما يشأ لما يكن‪ ،‬فل وجه للجزع والقلق إل ضعف اليمان واليقين‪.‬‬
‫فكل محذور‪ ،‬وكل مخوف‪ ،‬إن لما يقدر فل سبيل إلى وقوعه‪ ،‬إوان قلملدر فل سللبيل‬
‫إلى صرفه‪ ،‬بعد أن أبرما تقديره العليما القدير‪.‬‬
‫وأما طمأنأينأة المبتلى إلى المثوبة‪ ،‬فلإن المبتللى إذا قلويت مشلاهدته للمثوبلة سلكن‬
‫قلبه‪ ،‬واطمأن قلبه بمشاهدةا العوض‪.‬‬
‫إوانأما يشتد عليه البلء إذا غاب عنأه ملحظة الثواب على البلء‪.‬‬
‫وقد تقوى ملحظة الثواب حتى يستلذ بالبلء ويلراه نأعمله‪ ،‬كالللدواء الكريله يلتللذ بله‬
‫لملحظة نأفعه‪.‬‬
‫الثانيممة‪ :‬طمأنأينأللة الللروحا إلللى الطريللق الموصللل إلللى المطلللوب‪ ،‬ومعرفللة عيللوب‬

‫‪71‬‬
‫النأفل للس‪ ،‬وآفل للات العمل للال‪ ،‬ومعرفل للة المطلل للوب المقصل للود بالسل للير‪ ،‬وهل للو معرفل للة‬
‫السماء والصفات‪ ،‬واليمان والتوحيد‪.‬‬
‫فتسكن النأفس لذلك‪ ،‬وتطمئن إليه‪ ،‬كما يطمئن الجائع الشديد الجوع إلى ما عنأده‬
‫من الطعاما‪ ،‬ويسكن إليه قلبه‪.‬‬
‫الثالثممة‪ :‬طمأنأينأللة القلللب إلللى لطللف ال ل عنأللد شللهوده ذات ال ل وأسللمائه وصللفاته‬
‫وأفعللاله‪ ،‬فلللول الطمأنأينأللة لمحقلله الشللهود‪ ،‬فقللد خلنر موسللى صلللى الل عليلله وسلللما‬
‫صعةقا للما تجللى رلبله للجبل‪.‬‬
‫وتدكدك الجبللل وسللاخ فللي الرض مللن تجليله سلبحانأه‪ ،‬وكللذلك القللب السلليما يللرى‬
‫الحق سبحانأه وحده قائةما بذاته‪ ،‬ويرى كل شيء قائةما به‪.‬‬
‫وال عنز وجنل قد فاوت بين قوى القلوب أشد من تفاوت قوى البدان‪.‬‬
‫والطمأنأينأللة إلللى الل ل سللبحانأه حقيقللة تللرد منألله سللبحانأه علللى قلللب عبللده‪ ،‬تجمعلله‬
‫عليه‪ ،‬وترد قلبه الشارد إليه‪ ،‬حتى كأنأه جلالس بيلن يديه‪ ،‬يسلمع به‪ ،‬ويبصلر به‪،‬‬
‫ويتحرك به‪ ،‬ويبطش به‪.‬‬
‫فتسلري تلللك الطمأنأينألة فللي نأفسله وقلبلله ومفاصللله‪ ،‬وقلواه الظلاهرةا والباطنألة تجللذب‬
‫روحه إلى ال‪ ،‬ويلين جلده ومفاصله وقلبه إلى خدمته والتقرب إليه‪.‬‬
‫ول يحصل ذلك إل بال وبذكره‪ ،‬وهو كلمه الذي أنأزله على رسوله كما قال‬
‫طمئإلن مقملوبهما بإإذلكإر اللنإه أللل بإإذلكإر اللنإه تل ل إ‬ ‫نإ‬
‫طلمئلن المقملو م‬
‫ب‬ ‫م مل‬ ‫سبحانأه‪) :‬الذيلن لآلمنأموا لوتل ل ل‬
‫﴿‪] (﴾28‬الرعد‪.[28 :‬‬
‫وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة‪:‬‬
‫أن تطمئن في باب معرفة أسماء ال وصفاته إلى خبره الذي أخبر به عن نأفسه‪،‬‬
‫وأخبرت به عنأه رسله‪.‬‬
‫فتتلقاه بالقبول والتسليما والذعان‪ ،‬وانأشراحا الصللدر لله‪ ،‬وفلرحا القلللب بلله‪ ،‬فل يلزال‬

‫‪72‬‬
‫القلب في أعظما القلق والضطراب‪ ،‬حلتى يخلالط اليملان بأسلماء الرب وصلفاته‬
‫وتوحيده وعلوه على عرشه‪ ،‬وتكلمه بالوحي‪ ،‬بشاشة قلبه‪.‬‬
‫فيطمئللن إليلله‪ ،‬ويفلرحا بلله‪ ،‬ويليللن لله قلبلله‪ ،‬حلتى كللأنأه شللاهد المللر كمللا أخلبرت بلله‬
‫الرسل صلوات ال وسلمه عليهما أجمعين‪.‬‬
‫فل يبالي بعد ذلك بأي مخالف‪ ،‬فهذه أول درجات الطمأنأينأة‪.‬‬
‫ثما ل يزال يقوى كلما سللمع آيللة متضللمنأة لصللفة مللن صلفات ربله‪ ،‬فهللذه الطمأنأينألة‬
‫أصل أصول اليمان‪ ،‬التي قاما عليها بنأاؤه‪.‬‬
‫ثللما يطمئللن إلللى خللبره بمللا بعللد المللوت مللن أمللور الللبرزخ‪ ،‬ومللا بعللدها مللن أه لوال‬
‫القيامة حتى كأنأه يشاهد ذلك كله عياةنأا‪.‬‬
‫وهذا حقيقة اليقيلن اللذي وصلف الل بله أهللل اليملان بقللوله‪) :‬لوالنلإذيلن ميلؤإمنأمللولن بإلمللا‬
‫ك لوإبالللإخلرإةا مهلما ميوإقمنأولن )‪] (4‬البقرةا‪.[4 :‬‬
‫ك لولما أملنأإزلل إملن قللبلإ ل‬
‫أملنأإزلل إللي ل‬
‫فل يحصل اليمان بالخرةا حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر ال به عنأها‪.‬‬
‫والطمأنينة إلى أسماء الرب تعالى وصفاته نوعان‪:‬‬
‫طمأنأينأة إلى اليمان بهلا إواثباتهلا واعتقادهلا‪ ..‬وطمأنأينأللة إلللى ملا تقتضلليه وتلوجبه‬
‫من أثار العبودية‪.‬‬
‫فالطمأنأينأة إلى القدر إواثباته واليمان به‪ ،‬يقتضي الطمأنأينأة إلى مواضللع القللدار‬
‫الللتي لللما يللؤمر العبللد بللدفعها ول قللدرةا للله علللى دفعهللا‪ ،‬فيسلللما لهللا ويرضللى بهللا‪ ،‬ول‬
‫يسخط ول يشكو‪ ،‬ول يضطرب إيمانأه‪.‬‬
‫فل يأسللى علللى مللا فللاته‪ ،‬ول يفلرحا بمللا آتللاه ربلله‪ ،‬لن المصلليبة فيلله مقللدرةا قبللل أن‬
‫صلليلبرة إنل بإلإلذإن‬
‫تصللل إليلله وقبللل أن يخلللق كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬مللا ألصللاب إمللن م إ‬
‫م‬ ‫ل ل ل‬
‫اللنإه لولملن ميلؤإملن إباللنإه ليلهإد لقللبهم لواللنهم بإمكلل لشليرء لعإليبما ﴿‪] (﴾11‬التغابن‪.[11 :‬‬
‫وهكذا سائر الصفات كالسمع والبصر‪ ،‬والمحبة والعلللما‪ ،‬والرضللا والغضللب‪ ،‬فهللذه‬

‫‪73‬‬
‫طمأنأينأة اليمان‪.‬‬
‫صللا ونأصلةحا‪،‬‬
‫وأما طمأنأينأة الحسللان‪ :‬فهلي الطمأنأينألة إلللى أملر الل امتثلالة إواخل ة‬
‫فل يقدما عللى أملره إرادةا ول هلوى ول تقليلةدا‪ ،‬فل يسلكن إللى شلبهة تعلارض خبره‪،‬‬
‫ول إلى شهوةا تعارض أمره‪.‬‬
‫وعلمات هذه الطمأنينة‪:‬‬
‫أن يطمئلن ملن قللق المعصلية وانأزعاجهلا‪ ،‬إللى سلكون التوبلة وحلوتهلا وفرحتهلا‪،‬‬
‫وكل عا ر‬
‫ص في قلبه الخلوف والقللق‪ ،‬ولكلن سلكر الشلهوةا والغفللة يلواري عنأله ذللك‬
‫الخوف والقلق‪.‬‬
‫ولكللل شللهوةا سللكر يزيللد علللى سللكر الخمللر‪ ،‬وكللذلك الغضللب للله سللكر أعظللما مللن‬
‫سكر الشراب‪.‬‬
‫وكللذلك يطمئللن مللن قلللق الغفلللة والعلراض‪ ،‬إلللى سللكون القبللال علللى الل وحلوةا‬
‫ذكره‪ ،‬وتعلق الروحا بحبه ومعرفته‪.‬‬
‫إواذا اطمللأنأت النأفللس وترحلللت مللن الشللك إلللى اليقيللن‪ ..‬ومللن الجهللل إلللى العلللما‪..‬‬
‫ومن الغفلة إلى الذكر‪ ..‬فقد باشرت روحا الطمأنأينأة‪.‬‬
‫وأصللل ذلللك كللله ومنأشللؤه مللن اليقظللة‪ ،‬فهللي أول مفاتيللح الخيللر‪ ،‬فللإن الغافللل عللن‬
‫الستعداد للقاء ربه‪ ،‬والللتزود لمعللاده‪ ،‬بمنأزللة النألائما‪ ،‬بلل أسلوأ حلالة منألله‪ ،‬كمللا قلال‬
‫ب لل ليلفقلهلملولن بإهلللا‬ ‫س لهمللما مقللملو ب‬ ‫سللبحانأه‪) :‬ولقلللد لذ للأرلنأللا إللجهلننأللما لكثإيل ةار إمللن الإجللن وا لإللنأل إ‬
‫ل‬ ‫ل‬
‫إ‬
‫ك لكاللللنألعلاما لب لل مه لما‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫لولهملما أللعميبن لل ميلبصمرولن بهللا لولهمللما لآلذابن لل ليلسللممعولن بهللا مأولئل ل‬
‫ك مهمما اللغاإفملولن ﴿‪] (﴾179‬العراف‪.[179 :‬‬ ‫ضلل مأولئإ ل‬
‫أل ل‬
‫ت لواتنلبلعلنأا النرمسولل لفالكتملبلنأا لملع النشللاإهإديلن ﴿‪(﴾53‬ل ]آل‬ ‫اللهما‪) :‬لرنبلنأا لآلمننأا بإلما أللنألزل ل‬
‫عمران‪.[53 :‬‬

‫‪‬‬

‫‪74‬‬
‫‪46‬فقه سرور القلب ‪12-‬‬

‫ك لفلليلفلرمحوا مهلو لخليبر إمنما ليلجلممعللولن‬ ‫ضإل اللنإه لوبإلرلحلمتإإه فلبإلذلإ ل‬ ‫قال ال تعالى‪) :‬مقلل بإفل ل‬
‫﴿‪] (﴾58‬يونأس‪.[58 :‬‬
‫ضل للإإه لوليلستللبإشل لمرولن إبالنل لإذيلن لل للما‬
‫وقللال الل ل تعللالى‪) :‬فلإرإحيل للن بإلمللا لآتلللامهمما اللنل لهم إمل للن فل ل‬
‫ف لعلليإهل للما لولل مهل للما ليلحلزمنأ للولن ﴿‪] (﴾170‬آل‬ ‫ليللحقمل لوا بإإهل للما إمل للن لخلإفإهل للما ألنل لخل للو ب‬
‫عمران‪.[170 :‬‬
‫الل ل عل لنز وجل لنل أمللر عب للاده بللالفرحا بفض للله ورحمت لله‪ ،‬وذل للك تللابع للفل لرحا والس للرور‬
‫بصاحب الفضل والرحمة‪.‬‬

‫‪ - 46‬لقاءات الباب المفتوحا ‪) -‬ج ‪ / 122‬ص ‪ (5‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 9‬ص‬
‫‪ (6258‬والموسوعة الفقهية ‪ 45-1‬كاملة ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪ (7827‬ومدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص‬
‫‪ (54‬و مدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (29‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(144‬‬
‫وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (3885‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(44‬‬

‫‪75‬‬
‫فإن من فرحا بما يصل إليه من جواد كريللما‪ ،‬محسللن بللر‪ ،‬يكللون فرحلله بمللن أوصللل‬
‫ذلك إليه أولى وأحرى‪.‬‬
‫والفل لرحا‪ :‬ل للذةا تق للع ف للي القل للب ب للإدراك المحب للوب‪ ،‬ونأي للل المش للتهى‪ ،‬والس لللمة م للن‬
‫المكروه‪.‬‬
‫فيتولد من ذلك حالة تسمى الفرحا والسرور‪.‬‬
‫كما أن الحزن والغلما ملن فقلد المحبلوب‪ ،‬وحصلول المكلروه‪ ،‬فيتوللد ملن ذللك حاللة‬
‫تسمى الحزن والغما‪.‬‬
‫ول شيء أحق أن يفلرحا العبلد بله مللن فضلل الل ورحمتلله اللتي تتضلمن الموعظللة‪،‬‬
‫وشللفاء الصللدور مللن أدواء الجهللل والظلللما‪ ،‬والغللي والسللفه‪ ،‬وهللو أشللد ألةمللا لهللا مللن‬
‫أدواء البدن‪ ،‬ويشتد ألمها به عنأد مفارقة الدنأيا‪ ،‬فهنأاك يحضرها كل مللؤلما محللزن‪.‬‬
‫ومللا آتاهللا مللن ربهللا مللن الهللدى‪ ،‬الللذي يتضللمن ثلللج الصللدور بللاليقين‪ ،‬وطمأنأينأللة‬
‫القلب به‪ ،‬وسلكون النأفلس إليله‪ ،‬فلذلك خير ملن كلل ملا يجملع النألاس ملن أعلراض‬
‫الدنأيا وزينأتها‪.‬‬
‫فهذا ليس بموضع فرحا‪ ،‬لنأه عرضة للفات‪ ،‬ووشيك الزوال‪.‬‬
‫وقد جاء الفرح في القرآن على نوعين‪:‬‬
‫فرحا مطلق‪ ..‬وفرحا مقيد‪.‬‬
‫فالمطلق جاء في الذما كقوله سبحانأه عن قارون‪) :‬إنن لقامرولن لكالن إملن قللوإما‬
‫صلبإة مأوإلي القمنوإةا‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ممولسى فللبلغى لعلليإهلما لولآتلليلنأاهم ملن المكمنأوإز لما إنن لملفاتلحهم لتلمنأومء إبالمع ل‬
‫ب الفلإرإحيلن ﴿‪] (﴾76‬القصص‪.[76 :‬‬ ‫إلذ لقالل لهم قللوممهم لل تللفلرلحا إنن اللنهل لل ميإح ل‬
‫والمقيد نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬فرحا مقيلد باللدنأيا‪ ،‬ينأسلي صلاحبه فضل الل ورحمتله فهلو ملذموما كملا قال‬
‫ب مكللل لشلليرء لحتنلى إلذا فلإرمحلوا‬ ‫إ‬
‫سبحانأه‪) :‬لفلنما لنأمسوا لما مذلكمروا بإه فلتللحلنأا لعلليإهلما أللبللوا ل‬

‫‪76‬‬
‫بإلما مأوتموا أللخلذلنأامهلما لبلغتلةة فلإلذا مهلما مملبلإمسولن ﴿‪] (﴾44‬النأعاما‪.[44 :‬‬
‫الثللانأي‪ :‬فلرحا مقيللد بفضللل الل ورحمتلله‪ ،‬فهللو محمللود كللالفرحا بلال ورسللوله‪ ،‬والفلرحا‬
‫ضل لإل اللنل لإه لوبإلرلحلمتإل لإه فلبإل للذلإ ل‬
‫ك‬ ‫باليم للان والسللنأة والقل لرآن كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬مقل للل بإفل ل‬
‫لفلليلفلرمحوا مهلو لخليبر إمنما ليلجلممعولن ﴿‪] (﴾58‬يونأس‪.[58 :‬‬
‫والفرق بين الفرحا والستبشار‪ ،‬أن الفرحا بالمحبوب بعد حصوله‪ ،‬والستبشار‬
‫يكون بالمحبوب قبل حصوله‪ ،‬إذا كان على ثقة من حصوله كما قال سبحانأه‪:‬‬
‫ضإلإه لوليلستللبإشمرولن إبالنإذيلن للما ليللحقموا بإإهلما إملن لخلإفإهلما‬
‫)فلإرإحيلن بإلما لآلتامهمما اللنهم إملن فل ل‬
‫ف لعلليإهلما لولل مهلما ليلحلزمنأولن ﴿‪] (﴾170‬آل عمران‪.[170 :‬‬ ‫ألنل لخلو ب‬
‫فللالفرحا أعلللى وأعظللما نأعيللما القلللب ولللذته وبهجتلله‪ ،‬والف لرحا والسللرور نأعيملله‪ ،‬والهللما‬
‫والحزن عذابه‪.‬‬
‫والسرور‪ :‬اسلما لستبشلار جلامع يظهلر أثلره عللى اللوجه‪ ،‬فلإنأه تلبرق منألله أسللارير‬
‫الوجه‪.‬‬
‫والستبشار‪ :‬مأخوذ من البشرى‪ ،‬والبشارةا‪ :‬أول خبر صادق سللار‪ ،‬سللميت بللذلك‬
‫لنأها تؤثر في بشرةا الوجه بالنأور والسرور‪.‬‬
‫والبشرى نوعان‪:‬‬
‫بشرى سارةا‪ ..‬وبشرى محزنأة‪.‬‬
‫فالولى‪ :‬تكسب الوجه نأضرةا وبهجة‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬تكسبه سواةدا‪ ،‬وعبوةسا‪.‬‬
‫والبش للرى إذا أطلقللت كللانأت للس للرور‪ ،‬إواذا قيللدت ك للانأت بحس للب م للا تقيللد بلله م للن‬
‫الحوال‪.‬‬
‫والسرور على ثلثا مراتب‪:‬‬
‫الولمممى‪ :‬سل للرور ذوق طعل للما اليمل للان‪ ،‬والقبل للال علل للى الل لل‪ ،‬والنأل للس بل لله‪ ،‬وحلوةا‬

‫‪77‬‬
‫منأاجاته‪ ،‬والتلذذ بعبادته‪.‬‬
‫ففللي القلللب شللعث ل يلملله إل القبللال علللى اللل‪ ،‬وفيلله وحشللة ل يزيلهللا إل النأللس‬
‫بال‪ ،‬وفيه حزن ل يذهبه إل السلرور بمعرفلة الل‪ ،‬وصلدق معلاملته‪ ،‬وفيله قللق ل‬
‫يسكنأه إل اللتجاء إليه‪ ،‬والفرار منأه إليه‪.‬‬
‫وفيلله نأي لران حس لرات ل يطفئهللا إل الرضللا بللأمره ونأهيلله‪ ،‬والتسللليما لقضللائه وقللدره‪،‬‬
‫وفيه فاقة ل يسدها إل محبته‪ ،‬والنأابة إليه‪ ،‬ودواما ذكره‪.‬‬
‫الثانيمممة‪ :‬سل للرور شل للهود العبل للد آلء ربل لله ونأعمل لله‪ ،‬وجمل للاله وجللل لله‪ ،‬فيقبل للل علل للى‬
‫الطاعات مسروةرا‪ ،‬لنأه يراها غذاةء لقلبه‪ ،‬وسروةار له‪ ،‬وقرةا عين في حقه‪ ،‬ونأعيةمللا‬
‫لروحه‪ ،‬يلتذ بها‪ ،‬ويتنأعما بملبستها‪ ،‬أعظما مما يتنأعما بملبسة الطعاما والشراب‪.‬‬
‫فاللذات القلبيلة الروحانأيلة أقلوى وأتلما ملن اللذات الجسلمية‪ ،‬فل يجلد فلي العبادات‬
‫كلفة‪ ،‬بل يسر بها‪ ،‬ويتلذذ بتكرارها والكثار منأها‪.‬‬
‫الثالثممة‪ :‬سللرور سللماع الجابللة‪ ،‬وهللو سللماع انأقيللاد القلللب والللروحا والجل لوارحا لمللا‬
‫سمعته الذان‪ ،‬ويزيل بقايا الوحشة التي سببها ترك النأقياد التاما‪.‬‬
‫وهللو إذا دعللا ربلله سللبحانأه فسللمع ربلله دعللاءه سللماع إجابللة‪ ،‬وأعطللاه مللا سللأله أو‬
‫أعطلاه خيل ةار منأله‪ ،‬حصلل لله بلذلك سللرور يمحللو مللن قلبله آثلار مللا كللان يجللده ملن‬
‫وحشة البعد‪.‬‬
‫فللعطاء والجابة سرور وأنأس وحلوةا في قلب العبد‪.‬‬
‫وللمنأع وحشة ومرارةا وضيق‪.‬‬
‫والفرحا أعلى أنأواع نأعيما القلب وللذته وبهجتله‪ ،‬ول للذةا له ول سلرور إل بأن يكلون‬
‫ربه معبوده ومحبوبه ومطلوبه‪.‬‬
‫والفرحا بالشيء فوق الرضا به‪ ،‬فإن الرضا طمأنأينألة وسللكون وانأشلراحا‪ ،‬والفلرحا للذةا‬
‫ض‪ ،‬وليس كل ار ر‬
‫ض فرةحا‪.‬‬ ‫وبهجة وسرور‪ ،‬فكل فرحا ار ر‬

‫‪78‬‬
‫والفل لرحا ص للفة كم للال‪ ،‬وله للذا يوص للف ال للرب جللل جلللله بللأعلى أنأل لواعه وأكمله للا‪،‬‬
‫كفرحه سبحانأه بتوبة التائب أعظما ملن فرحلة الواجلد لراحلتلله‪ ،‬اللتي عليهلا طعلامه‬
‫وشرابه‪ ،‬في الرض المهلكة‪ ،‬بعد فقده لها‪ ،‬كما قال النأبي صلى ال عليلله وسلللما‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪ » :‬للنل لهم أللشل للد فللرةحللا بإتللولبل لإة لعلبل لإدإه الممل للؤإمإن إمل للن لرمجل لرل إفللى أللر ر‬
‫ض لدإونيل لة لملهللكل لة لملعل لهم‬
‫ش‬ ‫طل م‬ ‫طللبلها لحنتى أللدلرلكهم اللع ل‬ ‫ت فل ل‬‫ظ لوقللد لذلهلب ل‬ ‫طلعاممهم لولش لارمبهم فللنأالما لفالستلليقل ل‬ ‫لارإحلتمهم لعلليلها ل‬
‫ضللع للأرلسلهم لعلللى‬ ‫ت‪ .‬فللو ل‬ ‫ت إفيلإه فلأللنأللامما لحتلنلى ألممللو ل‬ ‫ثملنما قلللالل أللرإجلعم إلللى لملكللاإنأى النلإذى مكلنأل م‬
‫طلعاممهم لولش لارمبهم لفاللنهم أللشلد فللرةحا‬‫ظ لوإعلنألدهم لارإحلتمهم لولعلليلها لازمدهم لو ل‬ ‫ت لفالستلليقل ل‬‫لساإعإدإه إلليممو ل‬
‫بإتللولبإة اللعلبإد المملؤإمإن إملن لهلذا بإ لارإحلتإإه لولازإدإه «‪ .‬متفق عليه)‪.(47‬‬
‫والفرق بين فرحا القلب‪ ،‬وفرحا النأفس ظاهر‪.‬‬
‫فإن الفرحا بال ومعرفته ومحبته ومحبة كلمه ودينأه من القلب كما قال ال‬
‫ضإل اللنإه لوبإلرلحلمتإإه فلبإلذلإ ل‬
‫ك لفلليلفلرمحوا مهلو لخليبر إمنما ليلجلممعولن ﴿‬ ‫سبحانأه‪) :‬مقلل بإفل ل‬
‫‪] (﴾58‬يونأس‪.[58 :‬‬
‫فهذا فرحا القلب وهو من اليمان‪ ،‬ويثاب عليه العبد‪.‬‬
‫والفرحا يكون على قدر المحبة‪ ..‬وعلى قدر المعرفة‪.‬‬
‫فللالفرحا بللال وأسللمائه وصللفاته ورسللوله وسللنأته وكلملله محللض اليمللان وصللفوته‬
‫ولبه‪ ،‬ولله عبوديلة عجيبلة‪ ،‬وأثلر فلي القللب ل يعلبر عنأله‪ ،‬والفلرحا بلذلك أفضلل ملا‬
‫يعطاه العبد‪ ،‬بل هو أجلل عطاياه‪.‬‬
‫والفرحا في الخرةا بال ولقائه‪ ،‬بحسب الفرحا به‪ ،‬ومحبته في الدنأيا‪.‬‬
‫فهذا شأن فرحا القلب‪.‬‬
‫وللله ف لرحا آخللر‪ ،‬وهللو فرحلله بمللا مللن ال ل بلله عليلله مللن معللاملته‪ ،‬والخلص للله‪،‬‬
‫والتوكل عليه‪ ،‬والثقة به‪ ،‬وحسن عبادته‪.‬‬

‫‪ ()47‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(6309‬ومسلما برقما )‪ ،(2747‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وللله فرحللة أخللرى عظيمللة الشللأن‪ ،‬وهللي الفرحللة الللتي تحصللل للله بالتوبللة‪ ،‬فللإن لهللا‬
‫فرحة عجيبة ل نأسبة لفرحة المعصية إليها البتة‪.‬‬
‫وسللر هللذا الفلرحا‪ ،‬إنأمللا يعلملله مللن علللما سلر فلرحا الللرب تعللالى بتوبللة عبللده أشللد مللن‬
‫فرحا العبد الذي أضل راحلته في أرض فلةا ثما وجدها‪.‬‬
‫وفوق ذلك فرحة أعظما من هذا كله‪ ،‬وهي فرحته عنأد مفارقته الدنأيا إلى ال‪ ،‬إذا‬
‫أرسل ال إليه الملئكة فبشروه بلقائه‪ ،‬وقال له ملك الموت‪ :‬أخرجي أيتها الروحا‬
‫الطيبة كانأت في الجسد الطيب‪ ،‬أبشري بروحا وريحان‪ ،‬ورب غير غضبان‪،‬‬
‫طلمئإننأةم ﴿‬
‫فترجع الروحا الطيبة إلى ربها راضية مرضية‪) :‬ليا ألنيتملها الننألفمس المم ل‬
‫ضنيةة ﴿‪ ﴾28‬لفالدمخإلي إفي إعلباإدي ﴿‪﴾29‬‬ ‫ضيةة مر إ‬‫إ إ‬ ‫إ‬
‫‪ ﴾27‬الرإجعي إللى لرلبك لار ل ل ل‬
‫لوالدمخإلي لجننأإتي ﴿‪] (﴾30‬الفجر‪.[30-27 :‬‬
‫ومن بعدها أنواع من الفرح‪:‬‬
‫منهمما‪ :‬ص لللةا الملئك للة ال للذين بي للن الس للماء والرض عل للى روح لله‪ ،‬وفت للح أبل لواب‬
‫السماء لها‪ ،‬وصلةا ملئكة السماء عليهلا‪ ،‬وكيللف يقلدر فرحهلا‪ ،‬وقللد اسلتؤذن لهلا‬
‫على ربها ووليها فوقفت بين يديه‪ ،‬وأذن لها بالسجود فسجدت‪.‬‬
‫ثللما يللذهب إلللى الجنأللة فيللرى مقعللده فيهللا‪ ،‬ومللا أعللد الل للله‪ ،‬ويلقللى أهللله وأصللحابه‬
‫فيستبشرون به ويفرحون‪.‬‬
‫وهل للذا كلل لله قبل للل الفل لرحا الكل للبر يل لوما حشل للر الجسل للاد‪ :‬بجلل للوس المل للؤمن فل للي ظل للل‬
‫العللرش‪ ..‬وش لربه مللن الحللوض‪ ..‬وأخللذه كتللابه بيمينألله‪ ..‬وثقللل مي ازنألله‪ ..‬وبيللاض‬
‫وجهه‪ ..‬إواعطائه النأور التاما‪ ..‬وقطعه جسر جهنأما‪ ..‬وانأتهائه إلى باب الجنأة‪.‬‬
‫وقد أزلفت له في الموقف كما قال سبحانأه‪) :‬لوأملزإلفلإت اللجننأةم إللممتنإقيلن لغليلر لبإعيرد ﴿‬
‫‪] (﴾31‬ق‪.[31 :‬‬
‫وتلقاه خزنأتها بالسلما والترحيب والبشارةا والكراما‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وقدومه عل منأازله وقصوره وأزواجه‪.‬‬
‫والنأعيما الذي لما تره عين‪ ،‬ولما تسمعه أذن‪ ،‬ولما يخطر على قلب بشر‪.‬‬
‫فلله ما أعظما هذا النأعيما‪ ،‬وما أشد فرحا العبد به‪ ..‬وما أخسر من أضاعه‪.‬‬
‫وبعللد ذلللك ف لرحا آخللر ل يقللدر قللدره‪ ،‬تتلشللى هللذه الف لراحا والمس لرات عنأللده‪ ،‬وهللو‬
‫رؤيللة المللؤمنأين لربهللما‪ ،‬وسلللمه عليهللما‪ ،‬ورضللاه عنأهللما‪ ،‬وتكليملله إيللاهما كمللا قللال‬
‫ضللرةاب ﴿‪ ﴾22‬إ لللى لرلبهلللا لنأللاإظلرةاب ﴿‪] (﴾23‬القيامة‪:‬‬ ‫سبحانأه‪) :‬وجوه يومئإلرذ لنأا إ‬
‫م م ب لل ل‬
‫‪.[23 ،22‬‬

‫‪‬‬

‫‪81‬‬
‫‪- 13‬‬ ‫‪48‬‬
‫فقه خشوع القلب‬

‫قال ال تعالى‪) :‬ألللما ليللأإن لإلنلإذيلن لآلمنأملوا أللن تللخلشللع مقلملومبهملما إللإذلكإر اللنلإه لولملا لنأللزلل إمللن‬
‫طالل لعلليإهمما اللللممد فلقللسل ل‬
‫ت مقللملومبهملما‬ ‫ب إملن قللبمل فل ل‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫اللح ل‬
‫ق لولل ليمكونأموا لكالذيلن مأوتموا الكلتا ل‬
‫لولكإثيبر إملنأهملما لفاإسمقولن ﴿‪] (﴾16‬الحديد‪.[16 :‬‬
‫صلللتإإهلما لخاإشلمعولن ﴿‬ ‫إ‬ ‫نإ‬
‫وقال ال تعالى‪) :‬قللد أللفللح المملؤإمنأمللولن ﴿‪ ﴾1‬اللذيلن مهللما فللي ل‬
‫‪] (﴾2‬المؤمنأون‪.[2 ،1 :‬‬
‫ال تبارك وتعالى هو الواحد القهار‪ ،‬ذو الجللبروت والملكللوت والكبريللاء والعظمللة‪،‬‬
‫الللذي خضللعت رقللاب العبللاد لعظمتلله‪ ،‬وخشللعت الص لوات لهيبتلله‪ ،‬وذل القويللاء‬
‫لعزته‪ ،‬وافتقرت جميع الخلئق إليه‪.‬‬
‫والخشوع‪ :‬قياما القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل‪.‬‬
‫ومحلل لله القلل للب‪ ،‬وثمرتل لله علل للى الج ل لوارحا‪ ،‬فل للإن حسل للن أدب الظل للاهر عنأ ل لوان أدب‬
‫الباطن‪ ،‬والكمال الخارجي ثمرةا الكمال الداخلي‪.‬‬
‫فالخشوع معنى يلتئم من‪:‬‬
‫التعظيما للرب‪ ..‬والمحبة له‪ ..‬والذل له‪ ..‬والنأكسار بين يديه‪.‬‬
‫والخشوع أربعة أنواع‪:‬‬
‫الول‪ :‬اتضاع القلب والجوارحا وانأكسارها لنأظر الرب إليها‪ ،‬وهو مقاما الرب على‬
‫عبده بالطلع والقدرةا والربوبية‪ ،‬فخوفه من هذا المقاما يوجب له خشوع القلللب ل‬
‫محالللة‪ ،‬وكلمللا كللان أشللد استحضللا ةار لعظمللة الللرب وجلللله وجمللاله إواحسللانأه كللان‬

‫‪ - 48‬مجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 7‬ص ‪ (29‬ومجموع الفتاوى ‪) -‬ج ‪ / 11‬ص ‪ (590‬وفتاوى الشبكة‬
‫السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (3456‬وفتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 5‬ص ‪(387‬‬
‫والرسالة القشيرية ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (68‬وقوت القلوب ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (327‬وبريقة محمودية في‬
‫شرحا طريقة محمدية وشريعة نأبوية ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ (215‬ومدارج السالكين ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪ (31‬و‬
‫موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (257‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(48‬‬

‫‪82‬‬
‫أشد خشوةعا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التذلل للمر‪ ،‬بتلقيه بذلة القبول والنأقياد والمتثال‪ ،‬مع إظهار الضللعف‬
‫والفتقللار إلللى الهدايللة للمللر قبللل الفعللل‪ ،‬والعانأللة عليلله حللال الفعللل‪ ،‬وقبللوله بعللد‬
‫الفعل‪.‬‬
‫والستسلما للحكما القدري‪ ،‬بعدما تلقيه بالتسخط والكراهة والعتراض‪.‬‬
‫الثالثا‪ :‬ترقللب آفللات النأفللس وآفللات العمللل‪ ،‬وذلللك بانأتظللار ظهللور نأقللائص نأفسللك‬
‫وعملك وعيوبهما لك‪.‬‬
‫فذلك يجعل القلب خاشلةعا لمطالعلة عيلوب نأفسله وأعمللاله ونأقائصللهما‪ ،‬مللن الكلبر‬
‫والعجب والرياء‪ ،‬وقلة اليقين‪ ،‬وتشتت النأية‪ ،‬وعدما إيقاع العمللل علللى الللوجه الللذي‬
‫ترضاه لربك‪ ،‬ورؤية فضل كل ذي فضل عليك‪.‬‬
‫وذلللك بللأداء حقللوق النأللاس‪ ،‬وعللدما مطللالبتهما بحقللوق نأفسللك‪ ،‬وتعللترف بفضلللهما‪،‬‬
‫وتنأسى فضل نأفسك عليهما‪.‬‬
‫ال اربمممع‪ :‬ضل للبط النأفل للس بالل للذل والنأكسل للار عل للن البسل للط والدلل الل للذي تقتضل لليه‬
‫المكاشللفة‪ ،‬وأن يخفللى أحل لواله عللن الخلللق جهللده‪ ،‬كخشللوعه وذللله وانأكسللاره‪ ،‬لئل‬
‫ي ارهللا النأللاس‪ ،‬فيعجبلله اطلعهللما عليهللا‪ ،‬ورؤيتهللما لهللا‪ ،‬فيفسللد عليلله وقتلله وقلبلله‬
‫وحاله مع ال‪ ،‬فل شيء أنأفع للصادق من التحقق بالمسكنأة والفاقة والذل‪.‬‬
‫وأن ل يرى الفضل والحسان إل من ال‪ ،‬فهو المالن به بل سبب منأللك‪ .‬والشلهقة‬
‫التي تعرض أحياةنأا عنأد سماع القرآن أو عنأد ذكر ال لها أسباب منأها‪:‬‬
‫أن يلوحا لله عنألد سلماع القلرآن والللذكر درجلة ليسلت لله فيرتلاحا لهللا‪ ،‬فيشللهق‪ ،‬فهلذه‬
‫شهقة شوق‪.‬‬
‫أو يلوحا له ذنأب ارتكبه فيشهق خوةفا‪ ،‬فهذه شهقة خشية‪.‬‬
‫أو يلل لوحا للله نأقللص فللي العمللل ل يقللدر علللى دفعلله فيحللدث حزةنأللا‪ ،‬فيشللهق شللهقة‬

‫‪83‬‬
‫حزن‪.‬‬
‫أو يلوحا له كمال محبوبه‪ ،‬ويرى الطريق إليه مسدودةا‪ ،‬فيشهق شهقة أسف‪.‬‬
‫أو يذكره ذلك بمحبوبه‪ ،‬ويرى الطريق إليه مفتوةحا‪ ،‬فيشهق شهقة فرحا وسرور‪.‬‬
‫أو يللذكره ذلللك جلل ربلله وجمللاله‪ ،‬إواحسللانأه إواك ارملله‪ ،‬فيللرى الخلئللق كلهللا تحللت‬
‫قهره‪ ،‬مدينأين لفضله إواحسلانأه‪ ،‬فيشلهق لملا يلرى ملن كملال عظملة اللرب‪ ،‬وجميلل‬
‫ن‬ ‫صل للدإقين والم ن إ‬
‫ضللا لحلسل لةنأا‬ ‫صل للدلقات لوأللقلر م‬
‫ضل لوا اللل لهل قللر ة‬ ‫إحسللانأه إل للى عبللاده‪) :‬إنن المم ن ل ل م‬
‫ف لهملما لولهملما أللجبر لكإريبما ﴿‪] (﴾18‬الحديد‪.[16 :‬‬
‫ضالع م‬ ‫مي ل‬
‫إنأه عتاب مؤثر من المولى الكريما الرحيما‪ ،‬واسلتبطاء للسلتجابة الكامللة ملن تللك‬
‫القلوب التي أفاض عليها من فضله‪.‬‬
‫فبعللث إليهللا الرسللول يللدعوها إلللى اليمللان بربهللا‪ ،‬وأنأللزل عليهللا اليللات البينأللات‪،‬‬
‫ليخرجها من الظلمات إلى النأور‪.‬‬
‫وأراها من آياته في الكون والخلق ما يبصر ويحذر‪.‬‬
‫إنألله عتللاب فيلله الللود‪ ،‬وفيلله الحللض‪ ،‬وفيلله الستجاشللة إلللى الشللعور بجلل اللل‪،‬‬
‫والخشل للوع لل للذكره‪ ،‬وتلقل للي مل للا نأ للزل مل للن الحل للق بمل للا يليل للق بجلل الل ل مل للن الخشل للية‬
‫والطاعة والستسلما‪ ،‬مع رائحة التنأديد والستبطاء في السؤال‪.‬‬
‫إوالل للى جل للانأب الحل للض والسل للتبطاء‪ ،‬تحل للذير مل للن عاقبل للة التبل للاطؤ والتقل للاعس عل للن‬
‫الستجابة‪ ،‬وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بللدون جلء‪،‬‬
‫وما تنأتهلي إليله ملن القسلوةا بعلد الليلن‪ ،‬حيلن تغفلل علن ذكلر الل‪ ،‬وحيلن ل تخشع‬
‫للحق‪.‬‬
‫وليس وراء قسوةا القلوب إل الفسق والخروج‪) :‬ألللما ليلأإن إللنإذيلن لآلمنأموا أللن تللخلشلع‬
‫ب إملن قللبمل‬ ‫إ‬ ‫نإ‬ ‫مقملومبهملما لإإذلكإر اللنإه لولما لنألزلل إملن اللح ل‬
‫ق لولل ليمكونأموا لكالذيلن مأوتموا الكلتا ل‬
‫ت مقملومبهملما لولكإثيبر إملنأهملما لفاإسمقولن ﴿‪] (﴾16‬الحديد‪.[16 :‬‬ ‫طالل لعلليإهمما اللللممد فلقللس ل‬ ‫فل ل‬

‫‪84‬‬
‫إن القلب البشري سريع التقلب‪ ،‬كثير النأسيان‪ ،‬وفيه نأللور الفطللرةا‪ ،‬فللإذا طللال عليلله‬
‫الملد بل تلذكير ول تلذكر تبللد وقسلا‪ ،‬وأظللما وأعتلما‪ ،‬فل بلند ملن تلذكير هذا القلب‬
‫حتى يذكر ويخشع‪.‬‬
‫ول بند من الطرق عليه حتى يشف ويرق‪ ،‬ول بند من اليقظة الدائمة كي ل يصيبه‬
‫التبلد والقساوةا‪.‬‬
‫ولكن ل بأس من قلللب خمللد وجمللد‪ ،‬وقسلا وتبلللد‪ ،‬فلإنأه يمكلن أن تلدب فيلله الحيلاةا‪،‬‬
‫وأن يشرق فيه النأور‪ ،‬وأن يخشع لذكر ال‪.‬‬
‫فل للال عل لنز وجل لنل يحيل للي الرض بعل للد موتهل للا‪ ،‬فل للتزخر بالنأبل للات والزهل للار‪ ،‬وتخل للرج‬
‫الحبوب والثمار‪ ،‬وتصبح الرض مخضلرةا بعللد أن كللانأت مغلبرةا‪) :‬ليلا ألليهلللا الننأللامس‬
‫طفللرة ثملنما إمللن لعلقللرة‬ ‫إلن مكلنأتملما إفي لرليرب إملن اللبلعإث فلإننأا لخللقلنألامكلما إمللن تمل لاررب ثملنما إمللن منأ ل‬
‫ضللغرة مملخلنقللرة لولغليلإر مملخلنقللرة لإمنألبليللن لمكللما لومنأإقللر إفلي اللللرلحلاإما لملا لنألشلامء إللى‬ ‫ثملنما إمللن مم ل‬
‫أللجلرل مملسللمى ثملنما منألخإرمجمكللما إطلفةل ثملنما إلتللبلممغلوا ألمشلندمكلما لوإملنأمكللما لمللن ميتلللونفى لوإملنأمكللما لمللن‬
‫ض لهاإمللدةاة فللإلذا‬ ‫إ إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ميللرلد إلللى أللرلذإل المعمم لإر للكليلل ليلعلللما مللن لبلع لد عل لرما لش لليةئا لوتلللرى اللللر ل‬
‫ت إملن مكلل لزلورج لبإهيرج ﴿‪] (﴾5‬الحج‪.[5 :‬‬ ‫ت لوأللنألبتل ل‬ ‫أللنألزللنأا لعلليلها اللمالء الهتلنز ل‬
‫ت لولرلب ل‬
‫وكللذلك القلللوب حيللن يشلاء اللل‪ ،‬وفلي هلذا القلرآن ملا يحيللي القللوب باليمللان‪ ،‬كمللا‬
‫ض لبلعل للد لملوتإهلللا قلل للد لبنيننأللا لمكل لمما‬ ‫ن‬
‫تحيللا الرض بالمللاء‪) :‬العلممل لوا ألنن اللل لهل ميلحيإللي اللللر ل‬
‫اللللياإت للعلنمكلما تللعإقملولن ﴿‪] (﴾17‬الحديد‪.[17 :‬‬
‫والل للذي أحيل للا الرض بعل للد موتهل للا‪ ،‬قل للادر علل للى أن يحيل للي الم ل لوات بعل للد مل للوتهما‪،‬‬
‫فيجازيهما بأعمالهما‪.‬‬
‫واللذي أحيلا الرض بعلد موتهلا بملاء المطر‪ ،‬قلادر عللى أن يحيلي القللوب الميتلة‬
‫بما أنأزله من الحق على رسوله‪.‬‬
‫فمتى يجيء الوقت الذي تلين فيه القلوب‪ ،‬وتخشلع للذكر الل الذي هو القلرآن؟‪..‬‬

‫‪85‬‬
‫ومتى تنأقاد لوامره وزواجره؟‪.‬‬
‫ومتى يخشع القلب لربه‪ ،‬وما أنأزله من الكتاب والحكمة؟‪.‬‬
‫ومللتى نأللترقى مللن سللمعنأا وعصللينأا إلللى سللمعنأا وأطعنأللا؟‪ .‬ونأقللدما أوامللر الللرب علللى‬
‫محبوبات النأفس؟‪ ..‬ونأؤثر الحياةا العالية على الشهوات الفانأية؟‪.‬‬
‫قال تعالى‪ ):‬إننألما لكالن قللولل المملؤإمإنأيلن إلذا مدمعوا إللى اللنإه لولرمسولإإه لإليلحمكلما لبليلنأهملما أللن‬
‫ك مهمما المملفلإمحولن ﴿‪] (﴾51‬النأور‪[51 :‬‬ ‫طلعلنأا لومأولئإ ل‬
‫ليمقولموا لسإملعلنأا لوأل ل‬
‫أل مللا أحللوج القلللوب فللي كللل وقللت إلللى أن تللذكر بمللا أنأزللله اللل‪ ،‬وتنأطللق بالحكمللة‬
‫والموعظة‪ ،‬لئل تحصل لها الغفلة والقسوةا وجمود العين‪) :‬لنألحمن أللعلمما بإلما ليمقوملولن‬
‫ف لوإعيإد ﴿‪] (﴾45‬ق‪.[45 :‬‬ ‫ت لعلليإهلما بإلجنبارر فللذلكلر إبالقم للآرإن لملن ليلخا م‬
‫لولما أللنأ ل‬

‫‪‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ 49‬فقه حياء القلب ‪14-‬‬

‫قال ال تعالى‪) :‬ألللما ليلعللما بإألنن اللنهل ليلرى ﴿‪] (﴾14‬العلق‪.[14 :‬‬
‫ق‬‫س لواإحللدرةا لولخلل ل‬ ‫وقللال الل تعلالى‪) :‬لياألليهلللا الننألامس اتنقملوا لرنبمكلمما النلإذي لخلقلمكللما إمللن لنألفل ر‬
‫ث إملنأهملم للا إرلج للاةل لكثإيل ل ةار لونأإلس للاةء لواتنقمل لوا اللنل لهل النل لإذي تللس للالءملولن بإل لإه‬
‫إملنأه للا لزولجه للا ولبل ل ن‬
‫ل ل ل ل‬
‫لواللللرلحالما إنن اللهل لكالن لعلليمكلما لرقيةبا ﴿‪] (﴾1‬النأساء‪.[1 :‬‬
‫إ‬ ‫ن‬

‫ضلعب لولسللبمعولن مشللعلبةة‪ ،‬أو بإ ل‬


‫ضلعب‬ ‫وقللال النأللبي صلللى الل عليلله وسلللما ‪» :‬اإليلمللامن بإ ل‬
‫طلةم اللذى لعلإن الطنري إ‬
‫ق‪،‬‬ ‫إ‬
‫لوسللتولن مشللعلبةة‪ ،‬فلأللف ل‬
‫ضلم للها قلللومل ل إل هل إلل المل‪ ،‬لوأللدلنأالهلا إما ل‬
‫لوالللحليامء مشلعلبةب إملن اإليلماإن « أخرجه مسلم)‪.(50‬‬
‫الحياء‪ :‬رؤية اللء‪ ،‬ورؤية التقصير‪ ،‬فيتولد بينأهما حالة تسمى الحياء‪.‬‬
‫والحيللاء خلللق عظيللما ل يللأتي إل بخيللر‪ ،‬وكللان رسللول الل صلللى الل عليلله وسلللما‬
‫أشد حياء من العذراء في خدرها‪ ،‬فإذا رأى شيةئا يكرهه عرف في وجهه صلى ال‬
‫عليه وسلما ‪.‬‬
‫وحقيقة الحياء‪ :‬خلق يبعث على ترك القبائح‪ ،‬ويمنأللع مللن التفريلط فللي الطاعللات‬
‫والمحاسن‪ ،‬يتولد من امتزاج التعظيما بالمودةا‪.‬‬
‫وعلللى حسلب قلوةا حيلاةا القللب تكلون فيله قلوةا خللق الحيللاء‪ ،‬وقلللة الحيللاء ملن مللوت‬
‫القلب والروحا‪.‬‬
‫ومن استحى من ال مطيةعا‪ ،‬استحى ال منأه وهو مذنأب‪ ،‬لكرامته عليه‪ ،‬فيستحي‬
‫أن يرى من وليه ومن يكرما عليه ما يشينأه عنأده‪.‬‬
‫والحياء خلق جميل‪ ،‬خص ال به النأسان دون جميع الحيوان‪.‬‬
‫وهو أفضل الخلق وأجلها وأعظمها قدةرا‪ ،‬وأكثرها نأفةعا‪.‬‬

‫‪ - 49‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (780‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(51‬‬
‫‪ ()50‬أخرجه مسلما برقما )‪.(35‬‬

‫‪87‬‬
‫بللل هللو خاصللة النأسللانأية‪ ،‬فمللن ل حيللاء فيلله ليللس معلله مللن النأسللانأية إل اللحللما‬
‫والدما وصورتهما الظاهرةا‪.‬‬
‫ولللول خلللق الحيللاء لللما يقللر الضلليف‪ ..‬ولللما يللوف بالعهللد‪ ..‬ولللما تللؤد أمانأللة‪ ..‬ولللما‬
‫ض لحد حاجة‪ ..‬ول ستر له علورةا‪ ..‬ول آثر الجميلل عللى القبيلح ملن القلوال‬
‫تق ل‬
‫والعمال‪ ..‬ول امتنأع من فاحشة‪.‬‬
‫وكثير من النأاس لول الحياء الذي فيه لللما يللؤد شلليةئا مللن المللور المفروضللة عليلله‪،‬‬
‫ولما يرع لمخلوق حةقا‪ ،‬ولما يصل له رحةما‪ ،‬ول بر له والةدا‪.‬‬
‫فإن الباعثا على هذه الخصال الحميدة‪:‬‬
‫إما ديني‪ :‬وهو رجاء عاقبتها الحميدةا‪.‬‬
‫إواما دنيوي علوي‪ :‬وهو حياء فاعلها من الخلق‪.‬‬
‫فلول الحياء إما من الخالق أو من الخلئق لما يفعلها صاحبها‪.‬‬
‫س إمدن ككلإم النسبزوإة‪ :‬إكذا كلمدم‬ ‫إ‬
‫قال النأبي صلى ال عليه وسلما ‪» :‬إزن ممزما أددكركك الزنا س‬
‫ت« أخرجه البخاري)‪.(51‬‬ ‫صكندع كما إشدئ ك‬
‫سكتمدحإي كفا د‬
‫تك د‬
‫فالرادع عن فعل القبيح إنما هو الحياء‪ ،‬فمن لم يسممتح فممإنه يصممنع ممما يشمماء‪،‬‬
‫ولكل إنسان آمران وزاجران‪:‬‬
‫آمر وزاجر من جهة الحياء‪ ..‬وآمر وزاجر من جهة الهوى والطبيعة‪.‬‬
‫فمن لما يطع آمر الحياء وزاجره‪ ،‬أطاع آمر الهوى والشهوةا كما قال سبحانأه‪:‬‬
‫صللةال لواتنلبمعوا النشهللواإت فللسلو ل‬
‫ف ليلقللولن لغليا‬ ‫ضامعوا ال ن‬ ‫ف إملن لبلعإدإهلما لخل ب‬
‫ف أل ل‬ ‫)فللخل ل‬
‫﴿‪] (﴾59‬مريما‪.[59 :‬‬
‫وحياء البشر على عشرة أوجه‪:‬‬
‫حيللاء جنأايللة‪ ..‬وحيللاء تقصللير‪ ..‬وحيللاء إجلل‪ ..‬وعلللى حسللب معرفللة العبللد بربلله‬

‫‪ ()51‬أخرجه البخاري برقما )‪.(3484‬‬

‫‪88‬‬
‫يكل للون حيل للاؤه منأل لله‪ ..‬وحيل للاء كل لرما‪ ..‬وحيل للاء حشل للمة‪ ..‬وحيل للاء استصل للغار للنأفل للس‬
‫واحتقار لها‪ ..‬وحياء محبة‪ ..‬وهو حياء المحب من محبوبه‪.‬‬
‫وحيللاء عبوديللة‪ ..‬وهللو حيللاء ممللتزج مللن محبللة وخللوف‪ ،‬ومشللاهدةا عللدما صلللحا‬
‫عبل للوديته لمعبل للوده سل للبحانأه‪ ،‬وأن قل للدره أعلل للى وأجل للل منأهل للا‪ ،‬فعبل للوديته لل لله تل للوجب‬
‫استحياءه منأه ل محالة‪.‬‬
‫وحياء الشرف والعزةا‪ ..‬وهو حياء النأفس العظيمة الكللبيرةا‪ ،‬إذا صللدر منأهللا مللا هللو‬
‫دون قدرها من بذل أو عطاء أو إحسان‪ ،‬فإنأه يستحي مع بلذله حيلاء شرف نأفلس‬
‫وعزةا‪.‬‬
‫وحيلاء الملرء ملن نأفسله‪ ..‬وهلو حيلاء النأفلوس الش ريفة العزيزةا الرفيعلة ملن رضلاها‬
‫لنأفسها بالنأقص‪ ،‬وقنأاعتها بالدون‪ ،‬فيجد نأفسه مستحةيا من نأفسه‪.‬‬
‫وه للذا أكمللل م للا يك للون مللن الحيللاء‪ ،‬فللإن العبللد إذا اسللتحى م للن نأفسلله‪ ،‬فهللو بللأن‬
‫يستحي من غيره أجدر‪.‬‬
‫والحياء على ثلثا درجات‪:‬‬
‫الدرجة الولى‪ :‬حيللاء يتولللد مللن علللما العبللد بنأظللر الحللق إليلله‪ ،‬وذلللك يجللذبه إلللى‬
‫احتمل للال أعبل للاء الطاعل للة‪ ،‬ويحملل لله علل للى اسل للتقباحا الجنأايل للة‪ ،‬وأرفل للع منأل لله درجل للة‬
‫الستقباحا الحاصل عن المحبة‪ ،‬فاستقباحا المحب أتما من استقباحا الخائف‪.‬‬
‫وهذا الحياء يكف العبد أن يشتكي لغير ال‪ ،‬فيكون قد شكى ال إلى خلقه‪.‬‬
‫الثانيممة‪ :‬حي للاء يتول للد م للن النأظ للر ف للي عل للما الق للرب م للن ال لل‪ ،‬في للدعوه إل للى رك للوب‬
‫المحبة‪ ،‬وال قريب من أوليائه وأهل طاعته‪ ،‬وكلما ازداد العبد حةبا ازداد قرةبا‪.‬‬
‫والقرب نوعان‪:‬‬
‫قربلله سللبحانأه مللن داعيلله بالجابللة‪ ..‬وقربلله مللن عابللده بالثابللة‪ ،‬وهللؤلء هللما أهللل‬
‫طاعته‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫ب لدلعلوةال‬ ‫ك إعلباإدي لعلنأي فلإإلنأي قلإري ب‬
‫ب أمإجي م‬ ‫فالول‪ :‬كقوله سبحانأه‪ ) :‬ل إوإالذا لسألل ل‬
‫النداإع إلذا لدلعاإن لفلليلستلإجيبموا إلي لولميلؤإمنأموا إبي للعلنهملما ليلرمشمدولن ﴿‪] (﴾186‬البقرةا‪:‬‬
‫‪.[186‬‬
‫ب كما كيسكوسن ادلكعدبممسد إمممدن كربمممإه‬
‫والثاني‪ :‬كما قال النأبي صلى ال عليه وسلما ‪» :‬أدقكر س‬
‫ساإجدد‪ ،‬كفأدكإثسروا الندكعاكء« أخرجه مسلم)‪.(52‬‬
‫كوسهكو ك‬
‫الثالثة‪ :‬حيللاء يتولللد مللن انأجللذاب الللروحا والقلللب مللن الكائنأللات‪ ،‬وعكللوفه علللى رب‬
‫البريات‪ ،‬فهو في حضرةا قربه مشاهةدا لربله‪ ،‬إواذا وصلل القلب إليله غشليته الهيبلة‬
‫والجلل لموله‪.‬‬
‫فل يخطللر ببللاله فللي تلللك الحللال سللوى الل وحللده‪ ،‬فهللو سللبحانأه ليللس للله غايللة ول‬
‫نأهاية ل في وجوده‪ ،‬ول في مزيد جوده‪.‬‬
‫فهو الول الذي ليس قبله شيء‪ ..‬وهو الخر الذي ليلس بعلده شليء‪ ..‬ول نأهايلة‬
‫لحمده وعطائه‪ ..‬ول نأهاية لعظمته وجلله‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وكلملا ازداد له طاعلة زاده لمجلده وكرمله‬
‫وكلما ازداد العبلد شلك ةار زاده الل فضل ة‬
‫مثوبة‪.‬‬
‫وأهل الجنأة في مزيد دائما بل انأتهاء‪ ،‬فإن نأعيمهما متصل بمن ل نأهاية لفضله ول‬
‫لعطائه‪ ،‬ول لمزيده ول لوصافه‪ ،‬فتبارك ال رب العالمين‪ ،‬الرزاق ذو القوةا‬
‫المتين‪) :‬إنن لهلذا لإرلزقملنأا لما لهم إملن لنألفارد ﴿‪] (﴾54‬ص‪.[54 :‬‬
‫اللهما إنأا نأسألك الجنأة وملا قرب إليهلا ملن قلول وعملل‪ ..‬ونأعلوذ بلك ملن النألار وملا‬
‫قرب إليها من قول وعمل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪ ()52‬أخرجه مسلما برقما )‪.(482‬‬

‫‪90‬‬
‫أسباب مرض القلب والبدن ‪15-‬‬

‫قال ال تعالى‪) :‬ليا لبإنأي لآلدلما مخمذوا إزيلنأتلمكلما إعلنألد مكلل لملسإجرد لومكلموا لوالشلربموا لولل‬
‫ب المملسإرإفيلن ﴿‪] (﴾31‬العراف‪.[31 :‬‬ ‫تملسإرفموا إننأهم لل ميإح ل‬
‫ب لل‬ ‫وق للال الل ل تع للالى‪) :‬ولقلل للد لذ للأرلنأ للا إللجهلننأل للما لكثإيل ل ةار إمل للن الإجل للن وا لإللنأل ل إ‬
‫س لهمل للما مقلمللو ب‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ك‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ليلفقلهمللولن بإهل للا لولهمل للما أللعميل لبن لل ميلبصل لمرولن بهل للا لولهمل للما لآلذابن لل ليلسل للممعولن بهل للا مأولئل ل ل‬
‫ك مهمما اللغاإفملولن ﴿‪] (﴾179‬العراف‪.[179 :‬‬ ‫ضلل مأولئإ ل‬ ‫لكاللللنألعاإما لبلل مهلما أل ل‬
‫مرض البدن‪ :‬خروجله علن اعتلداله الطبيعي لفسلاد يعرض له‪ ،‬يفسلد به إد اركله‪،‬‬
‫وحركته الطبيعية‪.‬‬
‫فإمللا أن يللذهب إد اركلله بالكليللة كللالعمى والصللمما‪ ،‬إوامللا أن ينأقللص إد اركلله لضللعف‬
‫فللي اللت‪ ،‬إوامللا أن يللدرك الشللياء علللى خلف مللا هللي عليلله كمللا يللدرك الحلللو‬
‫مةرا‪ ،‬والطيب خبيةثا‪.‬‬
‫وأمللا فسللاد حركتلله الطبيعيللة فمثللل أن تضللعف قللوته الهاضللمة‪ ،‬أو الماسللكة‪ ،‬أو‬
‫الدافعة‪ ،‬أو الجاذبة‪.‬‬
‫فيحصللل للله مللن اللللما بحسللب خروجلله عللن العتللدال‪ ،‬وسللبب هللذا الخللروج عللن‬
‫العتدال‪:‬‬
‫إما فساد في الكمية‪ ..‬إواما فساد في الكيفية‪.‬‬
‫فالول‪ :‬إما لنأقص فلي الملادةا فيحتلاج إللى زيادتهلا‪ ،‬إواملا لزيلادةا فيهلا فيحتلاج إللى‬
‫نأقصها‪.‬‬
‫والثمماني‪ :‬إمللا بزيللادةا الح لرارةا‪ ،‬أو الللبرودةا‪ ،‬أو الرطوبللة‪ ،‬أو اليبوسللة‪ ،‬أو نأقصللانأها‬
‫عن القدر الطبيعي‪.‬‬
‫فيداوى بمقتضى ذلك‪.‬‬
‫والصحة تقوم على ثلثة أصول‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫حفظ القوةا‪ ..‬والحمية عن المؤذي‪ ..‬واستفراغ المواد الفاسدةا‪.‬‬
‫ونأظر الطبيب دائر على هذه الصول الثلثة‪.‬‬
‫إواذا معل للرف هل للذا فل للالقلب محتل للاج إلل للى مل للا يحفل للظ عليل لله قل للوته‪ ..‬وهل للو اليمل للان‬
‫والطاعل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل ل للات‪.‬‬
‫ومحتللاج إلللى حميللة مللن الضللار المللؤذي‪ ..‬وذلللك باجتنأللاب الثللاما والمعاصللي‪..‬‬
‫وأنأواع المخالفات‪.‬‬
‫ومحتللاج إلللى اسللتفراغه مللن كللل مللادةا فاسللدةا تعللرض للله‪ ،‬وذلللك بالتوبللة النأص لوحا‬
‫ولزوما الستغفار‪.‬‬
‫ومرض القلب‪ :‬هو نأوع فساد يحصل له‪ ،‬يفسد بله تصللوره للحللق‪ ،‬إوارادتلله لله‪ ،‬فل‬
‫يللرى الحللق حقةللا‪ ،‬أو يل لراه خلف مللا هللو عليلله‪ ،‬أو ينأقللص إد اركلله للله‪ ،‬وتفسللد بلله‬
‫إرادته له‪.‬‬
‫فيبغض الحق النأافع‪ ،‬أو يحب الباطل الضار‪ ،‬أو يجتمعان له وهو الغالب‪.‬‬
‫ولمللا كللان البللدن المريللض‪ ،‬يللؤذيه مللا ل يللؤذي الصللحيح‪ ،‬مللن يسللير الحللر والللبرد‬
‫والحركل للة‪ ،‬فكل للذلك القلل للب إذا كل للان فيل لله مل للرض آذاه أدنأل للى شل لليء مل للن الشل للبهة أو‬
‫الشهوةا‪ ،‬وحتى ل يقوى على دفعها إذا وردا عليه‪.‬‬
‫والقلب الصحيح يطرقه أضعاف ذلك فيدفعه بقوته وصحته‪.‬‬
‫إواذا أظل للما القل للب رأى المخل للوق يفع للل‪ ،‬إواذا اس للتنأار القل للب باليم للان رأى الفاع للل‬
‫الحقيقي هو ال وحده‪.‬‬
‫وبقدر قوةا اليقين على عظمة اللل‪ ،‬تكلون قلوةا اليمللان‪ ،‬ثلما تكلون قلوةا العمللال‪ ،‬ثلما‬
‫حصول البركات‪.‬‬
‫وأعظم أسباب مرض القلب هي‪:‬‬
‫الغفلة عن ال‪ ..‬والغفلة عن أوامر ال‪ ..‬والغفلة عن اليوما الخر‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫فالغفلة عن ال سببها قلة ذكره‪ ،‬وتعلق القلب بغيره من المحبوبات‪.‬‬
‫والغفلللة عللن أوامللر ال ل سللببها عللدما الرغبللة فيهللا‪ ،‬إوايثللار الشللهوات عليهللا‪ ،‬وتعلللق‬
‫القلب بالهوى والشيطان‪.‬‬
‫والغفلة عن اليوما الخر سببها قلة المذكر بالموت والحشر‪ ،‬والجنأة والنأار‪.‬‬
‫إواذا تمت الغفلة بأركانأها الثلثة‪ ..‬ثقلت على العبد الطاعات‪ ..‬وشمرت النأفس‬
‫للمعاصي‪ ..‬وآثرت الدنأيا على الخرةا‪ ..‬وقدمت الشهوات على أوامر ال‪..‬‬
‫وتجاوزت العدل إلى السراف‪ ..‬وقدمت مراد النأفس على مراد الرب كما قال‬
‫صللةال لواتنلبمعوا النشهللواإت فللسلو ل‬
‫ف‬ ‫ضامعوا ال ن‬ ‫ف إملن لبلعإدإهلما لخل ب‬
‫ف أل ل‬ ‫سبحانأه‪) :‬فللخل ل‬
‫ليلقللولن لغليا ﴿‪] (﴾59‬مريما‪.[59 :‬‬
‫فغذاء البدن بالطيبات‪ ،‬وغذاء القلب باليمان والعمال الصالحة‪.‬‬
‫ولما كانأت أعمال القلب‪ ،‬وأعمال البدن مستمرةا‪ ،‬فل بند من الغذاء اليومي لهما‪.‬‬
‫فالبدن يصح على أكل الطيبات‪ ..‬ويعتل يأكل الخبائث‪.‬‬
‫فكللذلك القللب يزكللو ويصللح بمعرفللة الطيللب مللن القللول‪ ..‬وهللو معرفللة الل بأسللمائه‬
‫وصل للفاته‪ ..‬ومعرفل للة جللل لله وعظمتل لله‪ ..‬ومعرفل للة نأعمل لله وآلئل لله‪ ..‬ومعرفل للة وعل للده‬
‫ووعيده‪ ..‬ومعرفة دينأه وشرعه‪.‬‬
‫ويفسد القلب بالجهل بذلك‪ ،‬واتباع الهوى‪ ،‬وطاعة الشيطان‪ ،‬والعلراض عللن الل‬
‫ورسوله ودينأه‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪93‬‬
‫مفسدات القلب ‪16-‬‬

‫قللال ال ل تعللالى‪) :‬لل تللجلع للل لم للع اللنلإه إلهةللا لآلخ للر فلتللقمع للد لم للذمموةما لملخ لمذوةل ﴿‪(﴾22‬‬
‫]السراء‪.[22 :‬‬
‫ضلولن لعلهللد اللنلإه إمللن لبلعلإد إميثللاإقإه لوليلق ل‬
‫طمعلولن لملا أللمللر‬ ‫نإ‬
‫وقال ال تعالى‪) :‬لواللذيلن ليلنأقم م‬
‫ك لهملمما اللنلعلنألةم لولهمللما مسلومء اللنداإر ﴿‬‫ض مأولئإل ل‬‫صللل وميلفإسلمدولن إفللي اللللر إ‬ ‫ن إإ‬
‫اللهم به أللن ميو ل ل‬
‫‪] (﴾25‬الرعد‪.[25 :‬‬
‫مفسدات القلوب كثيرة ويجمعها خمسة أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬كثرة مخالطة الناس‪:‬‬
‫فللامتلء القلللب مللن دخللان أنأفللاس بنأللي آدما حللتى يسللود‪ ،‬يللوجب للله تشللتةتا وتفرقةللا‪،‬‬
‫وهةمللا وغةمللا‪ ،‬إواضللاعة مصللالحه‪ ،‬والشللتغال عللن مصللالحه بهللما‪ ،‬وتقسللما فكلره فللي‬
‫أودية مطالبهما ومجالسهما‪.‬‬
‫فماذا يبقى منأه ل والدار الخرةا؟‪.‬‬
‫وكما جلبت خلطة النأاس من نأقمة‪ ،‬ودفعت من نأعمة؟‪.‬‬
‫وكل للل المشل للتركين فل للي تحصل لليل غل للرض‪ ،‬يتل ل لوادون مل للا دامل ل لوا متسل للاعدين علل للى‬
‫حصللوله‪ ،‬فللإذا انأقطللع ذلللك الغللرض‪ ،‬أعقللب نأدامللة وحزةنأللا‪ ،‬وانأقلبللت تلللك المللودةا‬
‫ضا‪ ،‬ولعنأة من بعضهما لبعض إل ما شاء ال‪.‬‬
‫بغ ة‬
‫ومحكم القول في أمر الخلطة‪:‬‬
‫أن يخللالط النأسللان الخلللق فللي الخيللر كالجمعللة والجماعللة‪ ..‬والعيللاد والحللج‪..‬‬
‫والللدعوةا والمللر بللالمعروف والنأهللي عللن المنأكللر‪ ..‬والعلللما والجهللاد‪ ..‬والنأصلليحة‬
‫وبذل المعروف‪ ..‬ويعتزلهما في الشر‪ ..‬وفضول المباحات‪.‬‬
‫فللإن دعللت الحاجللة إلللى خلطتهللما فللي الشللر‪ ،‬فليحللذر أن ي لوافقهما‪ ،‬وليصللبر علللى‬
‫أذاهما‪ ،‬فإنأهما ل بد أن يؤذوه‪ ،‬والصبر على أذاهما خير وأحسن عاقبة‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫إوان دعللت الحاجللة إلللى خلطتهللما فللي فضللول المباحللات‪ ،‬فليجتهللد أن يقلللب ذلللك‬
‫المجلللس إلللى مجلللس طاعللة ل ل إن أمكنألله‪ ،‬فللإن عجللز عللن ذلللك فليسللل قلبلله مللن‬
‫بينأهما كسل الشعرةا من العجين‪.‬‬
‫وليكن فيهما حاض ةار غائةبا‪ ،‬قريةبا بعي ةدا‪ ،‬ينأظلر إليهلما ول يبصلرهما‪ ،‬ويسلمع كلمهلما‬
‫ول يعيلله‪ ،‬لنألله قللد أخللذ قلبلله مللن بينأهللما‪ ،‬ورقللى بلله إلللى المل العلللى‪ ،‬مللع الرواحا‬
‫العلوية الزكية‪ ،‬ول ينأال هذا إل بتوفيق ال وعونأه‪.‬‬
‫المفسد الثاني‪ :‬ركوبه بحر التمني‪.‬‬
‫وهلو بحلر ل سلاحل له‪ ،‬وهلو البحلر اللذي يركبه مفلاليس العلالما‪ ،‬وبضلاعة ركلابه‬
‫مواعيللد الشلليطان‪ ،‬والخيللالت‪ ،‬والمللانأي الكاذبللة‪ ،‬وتلللك بضللاعة كللل نأفللس مهينأللة‬
‫خسيسة سفلية‪.‬‬
‫والناس متفاوتون في ذلك‪ ،‬وكل بحسب حاله‪:‬‬
‫فإمللن متلملرن للقللدرةا والسلللطان‪ ..‬وللضللرب فللي الرض‪ ..‬والتطلواف فللي البلللدان‪..‬‬
‫أو متم ل ل لرن للم ل ل لوال والثمل ل للان‪ ..‬أو للنأس ل ل لوةا والمل ل للردان‪ ..‬أو للعل ل للب واللهل ل للو‪ ..‬أو‬
‫للشهوات واللذات‪.‬‬
‫وصللاحب الهمللة العاليللة‪ ،‬أمللانأيه تحلوما حللول العلللما واليمللان‪ ،‬والعمللل الللذي يقربلله‬
‫إلى ال‪ ،‬ويكون سبباة للفوز بالجنأة‪.‬‬
‫فالقلوب جوالة منأها ما يطوف حول العرش‪ ..‬ومنأها ما يطوف حول الحش‪.‬‬
‫والذي يتمنألى الخير‪ ،‬ربملا جعلل الل أجلره كلأجر فاعله‪ ،‬كالقائلل‪ :‬للو أن للي ملالة‬
‫لعملت فيه بعمل فلن الذي يتقى ال في ماله‪ ،‬ويصل فيه رحمه‪.‬‬
‫وكما تمنأى النأبي صللى الل عليله وسللما أن يكلون متمتةعلا وقلد قرن‪ ،‬فأعطلاه الل‬
‫ث لواب الق لران بفعللله‪ ،‬وث لواب التمتللع الللذي تمنأللاه بللأمنأيته‪ ،‬فجمللع للله بيللن الجريللن‪،‬‬
‫وال غنأي كريما‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫الثالثا‪ :‬التعلق بغير ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وهللذا أعظللما مفسللدات القلللب علللى الطلق‪ ..‬فليللس عليلله أضللر مللن ذلللك‪ ..‬ول‬
‫أقطع له عن مصالحه وسعادته منأه‪ ..‬فليحذره العبد‪.‬‬
‫فإنأه إذا تعلق بغير الل وكلله الل إللى ملا تعلق به‪ ،‬وخلذله ملن جهلة ملا تعللق بله‪،‬‬
‫وفاته تحصيل مقصوده من ال عنز وجنل بتعلقه بغيره‪ ،‬والتفاته إلى ما سواه‪.‬‬
‫فهو ل على نأصيبه من ال حصل‪ ،‬ول إلى ما أمله ممن تعلق به وصل‪.‬‬
‫فأعظما النأاس خذلةنأا من تعلق بغير ال‪.‬‬
‫وأساس الشرك وقاعدته التي بنألي عليهللا التعللق بغيلر اللل‪ ،‬وصلاحب ذلللك مللذموما‬
‫مخذول كما قال سبحانأه‪) :‬لل تللجلعلل لملع اللنإه إلةها لآلخلر فلتللقمعلد لمللذمموةما لملخلمذوةل ﴿‬
‫‪] (﴾22‬السراء‪.[22 :‬‬
‫الرابع‪ :‬الطعام‪.‬‬
‫والمفسد للقلب من الطعام نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما يفسده لعينأه وذاته كالمحرمات وهي نأوعان‪:‬‬
‫محرما لحق ال كالميتة والدما ولحما الخنأزير‪ ،‬وكل ذي نأاب مللن السللباع‪ ،‬وكللل ذي‬
‫مخلب من الطير‪.‬‬
‫ومحل لرما لح للق العب للاد كالمس للروق والمغص للوب والمنأه للوب‪ ،‬وم للا أخ للذ بغي للر رض للا‬
‫صاحبه‪ ،‬إما قهةرا‪ ،‬إواما حيلة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما يفسده بقدره وتعدي حده كالسراف فللي الحلل‪ ،‬والشللبع المفللرط‪ ،‬فللإنأه‬
‫يشغله علن الطاعلات‪ ،‬ويشلغله بمزاوللة مؤونألة البطنأة حتى يظفر بهلا‪ ،‬فإذا ظفر‬
‫بها‪ ،‬شغله بمزاولة تصريفها والتأذي بثقلها‪ ،‬وقوي عليه مواد الشهوةا‪ ،‬ووسع عليلله‬
‫طلرق مجلاري الشليطان‪ ،‬والشليطان يجلري ملن ابلن آدما مجلرى اللدما‪ ،‬فكلثرةا الكلل‬
‫يوسع طرق الشيطان في النأسان‪ ،‬والصوما يضيق مجاريه‪ ،‬ويسد عليه طرقه‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الخامس‪ :‬كثرة النوم‪:‬‬
‫فكللثرةا النأل لوما تميللت القلللب‪ ،‬وتثقللل البللدن‪ ،‬وتضلليع الوقللات‪ ،‬وتللورث كللثرةا الغفلللة‬
‫والكسل‪.‬‬
‫والنأوما درجات‪ ،‬فمنأه المكروه جةدا‪ ،‬ومنأه الضار غير النأافع للبدن‪.‬‬
‫وأنفممع النمموم‪ :‬مللا كللان عنأللد شللدةا الحاجللة إليلله‪ ،‬ونأ لوما أول الليللل أنأفللع وأحمللد مللن‬
‫آخره‪ ،‬ونأوما وسط النأهار أنأفع من طرفيه‪.‬‬
‫وكلمللا قللرب النأ لوما مللن الطرفيللن قللل نأفعلله‪ ،‬وكللثر ضللرره‪ ،‬ول سلليما نأ لوما العصللر‪،‬‬
‫والنأوما أول النأهار إل لسهران‪.‬‬
‫ويكلره النألوما بيللن صلللةا الصللبح وطلللوع الشللمس‪ ،‬فللإنأه وقللت غنأيمللة‪ ،‬ووقللت نأللزول‬
‫الرزاق والبركات‪ ،‬وأول النأهار ومفتاحه‪ ،‬ومنأه ينأشأ النأهار‪.‬‬
‫وأعللدل النألوما وأنأفعلله نألوما نأصللف الليللل الول‪ ،‬وسدسلله الخيللر‪ ،‬وهللو مقللدار ثمللان‬
‫ساعات‪.‬‬
‫وهللذا أعللدل النأل لوما عنأللد الطبللاء‪ ،‬ومللا زاد عليلله‪ ،‬أو نأقللص منألله‪ ،‬أثللر عنأللدهما فللي‬
‫الطبيعة‪.‬‬
‫ومللن النأ لوما الللذي ل ينأفللع‪ ،‬النأ لوما أول الليللل عقيللب غللروب الشللمس‪ ،‬وهللو مكللروه‬
‫شرةعا وطبةعا‪.‬‬
‫وكما أن كثرةا النأوما مورثة لهذه الفات‪ ،‬فمدافعته وهجره مورث لفات عظاما‪ ،‬من‬
‫س للوء المل لزاج ويبس لله‪ ،‬وانأحل لراف النأف للس‪ ،‬وجف للاف الرطوب للات المعينأ للة عل للى الفه للما‬
‫ضللا متلفللة ل ينأتفللع صللاحبها بقلبلله ول بللدنأه معهللا‪ ،‬ومللا قللاما‬
‫والعمللل‪ ،‬ويللورث أم ار ة‬
‫الوجود إل بالعدل‪.‬‬
‫وشياطين النس والجن يقتحمون النفس البشرية بسلحين‪:‬‬
‫ف إملن لبلعإدإهلما لخل ب‬
‫ف‬ ‫أحدهما‪ :‬سلحا الشهوات‪ ،‬لفساد سلوكه فيغوى‪) :‬فللخل ل‬

‫‪97‬‬
‫ف ليلقللولن لغليا ﴿‪] (﴾59‬مريما‪.[59 :‬‬ ‫صللةال لواتنلبمعوا النشهللواإت فللسلو ل‬ ‫ضامعوا ال ن‬ ‫أل ل‬
‫ب‬ ‫الثاني‪ :‬سلللحا الشللبهات‪ ،‬لفسللاد فك لره فيضللل‪) :‬مه لو الن لإذي أللنأ للزلل عللي ل ل إ‬
‫ك الكتلللا ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫ت فلألنما الذيلن فللي قمللملوبهلما لزليلغب‬ ‫ت مهنن أملما الإكلتاإب لوأملخمر ممتللشابإلها ب‬ ‫إملنأهم لآليا ب‬
‫ت مملحلكلما ب‬
‫ن‬ ‫إإ‬ ‫إ إ إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫فلليتنبإمعللولن لمللا تللشللالبهل ملنأ لهم البتلغللالء الفتللنأ لة لوالبتلغللالء تلللأإويله لولمللا ليلعل لمما تلللأإويلهم إنل الل لهم‬
‫لوال نارإسل لمخولن إفللي الإعلل لإما ليمقولمللولن لآلمننأللا بإل لإه مكل لدل إمل للن إعلنأل لإد لرلبلنأللا لولمللا ليل لنذنكمر إنل مأولمللو‬
‫الللللباإب ﴿‪] (﴾7‬آل عمران‪.[7 :‬‬
‫وقد حثا ال المؤمنين على مجاهدة هؤلء العداء بسلحين أمضى وأقوى‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬سلحا الصبر‪ ،‬وبه يجتث شجرةا الشهوات والهواء‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اليقين الذي يحطما الشبهات والوهاما كما قال سبحانأه‪) :‬لولجلعللنأا إملنأهملما‬
‫صلبمروا لولكامنأوا إآَبللياتإلنأا ميوإقمنأولن ﴿‪] (﴾24‬السجدةا‪.[24 :‬‬ ‫إ‬
‫ألئنمةة ليلهمدولن بإأللمإرلنأا لنما ل‬
‫واللذنأوب والخطايلا‪ ،‬والمعاصللي والسليئات‪ ،‬تلوجب للقلب ح رارةا ونأجاسلة وضلعةفا‪،‬‬
‫فيرتخي القلب‪ ،‬وتضطرما فيه نأار الشهوةا وتنأجسه‪.‬‬
‫فالخطايا والذنأوب للقلب بمنأزلة الحطب الذي يمد النأار ويوقدها‪.‬‬
‫ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نأار القلب‪ ،‬وضعف عن الطاعة‪.‬‬
‫والماء يغسل الخبث‪ ،‬ويطفئ النأار‪.‬‬
‫فإن كان بارةدا أورث الجسما صلبة وقوةا‪ ،‬فلإن كللان معلله ثلللج وبللرد كللان أقللوى فللي‬
‫التبريد وصلبة الجسما وشدته‪ ،‬فكان أذهب لثر الخطايا‪.‬‬
‫فالنأجاسة التي تزول بالماء هي ومزيلها حسيان‪.‬‬
‫وأث للر الخطايللا الللتي ت للزول بالتوبللة والسللتغفار ه للي ومزيله للا معنأويللان‪ ،‬وص لللحا‬
‫القلل للب ونأعيمل لله وحيل للاته ل يتل للما إل بهل للذا‪ ..‬وهل للذا كمل للا قل للال ال ل ل تبل للارك وتعل للالى‪:‬‬
‫ض مق ل للل مه ل لو ألةذى فلل للالعتلإزلموا اللنألسل للالء إفل للي اللمإحي ل ل إ‬
‫ض لولل‬ ‫ك لع ل لإن اللمإحي ل ل إ‬
‫)لوليلس ل لألملولنأ ل‬
‫ل‬
‫ث أللملرمكلمما اللن هم إنن اللنلهل ميإحل ل‬
‫ب‬ ‫طهن لرلن فلللأمتومهنن إمللن لحليل م‬ ‫تللقلرمبومهنن لحنتى لي ل‬
‫طهملرلن فلإلذا تل ل‬

‫‪98‬‬
‫طهلإريلن ﴿‪] (﴾222‬البقرةا‪.[222 :‬‬ ‫ب الممتل ل‬ ‫التننواإبيلن لوميإح ل‬
‫ى لكلم للا‬ ‫وق للال النأ للبي ص لللى الل ل علي لله وس لللما ‪ » :‬اللنهمل لنما لباإعل للد لبلينأإللى لولبليل للن لخ ل‬
‫طالي للا ل‬
‫ض‬ ‫ب الللبلي ل م‬ ‫طاليا لكلما ميلنأنقى الثنلو م‬ ‫ق لواللملغإرإب ‪ ،‬اللنهمنما لنأقلإنأى إملن اللخ ل‬ ‫ت لبليلن اللملشإر إ‬ ‫لبالعلد ل‬
‫ى إباللماإء لوالثنلإج لواللبلرإد « ‪ .‬متفق عليه)‪.(53‬‬ ‫س ‪ ،‬اللنهمنما الغإسلل لخ ل‬
‫طاليا ل‬ ‫إملن الندلنأ إ‬
‫وهذا يدل على شدةا حاجة البدن والقلب إلى ما يطهرهما ويبردهما ويقويهما‪.‬‬
‫وكملا أن النأجلو يثقلل البلدن ويلؤذيه باحتباسله‪ ،‬فكلذلك اللذنأوب تثقلل القلب وتلؤذيه‬
‫باحتباسها فيه‪.‬‬
‫فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب‪ ،‬وخروجهما فيه راحة البدن والقلب‪.‬‬
‫صلهلليرب قلللالل لسلإملع م‬
‫ت أللنأةسللا ليقمللومل لكللالن الننأبإللى ‪ -‬صلللى الل‬ ‫إ‬
‫و لعللن لعلبلد اللعإزيلإز لبلإن م‬
‫عليه وسلما ‪ -‬إلذا لدلخلل اللخلللء لقالل » اللنهمنما إإلنأى ألمعومذ بإ ل‬
‫ك إملن المخمبلإث لواللخلبللائإإث «‬
‫‪ .‬متفق عليه)‪.(54‬‬
‫فالمللاء والغسللل ل ازلللة الوسللاخ والدران عللن البللدن‪ ،‬والتوبللة والسللتغفار ل ازلللة‬
‫الثاما والذنأوب التي تراكمت على القلب‪.‬‬
‫فالول به جمال الظاهر‪ ،‬والثانأي به جمال الباطن والظاهر‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪ ()53‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(744‬ومسلما برقما )‪.(598‬‬


‫‪ ()54‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(142‬ومسلما برقما )‪.(375‬‬

‫‪99‬‬
‫‪55‬مداخل الشيطان إلى القلب ‪17-‬‬

‫ك المملسلتلإقيلما ﴿‪ ﴾16‬ثمنما‬ ‫إ‬


‫قلال الل تعلالى‪) :‬قللالل فلبإلملا أللغللوليتلإنأي للللقمعللدنن لهمللما‬
‫طل‬ ‫صل لار ل‬
‫لولعلن لشللمائإلإإهلما لولل تلإجلمد أللكثللرمهللما‬
‫لللتإليننأهملما إملن لبليإن ألليإديإهلما لوإملن لخلإفإهلما لولعلن ألليلمانأإإهلما‬
‫لشاإكإريلن ﴿‪] (﴾17‬العأراف‪.[17 ،16 :‬‬
‫وق للال الل ل تعللالى‪) :‬ليإعل لمدمهلما لوميلملنأيإهل للما لولمللا ليإعل لمدمهمما النشل للي ل‬
‫طامن إنل مغل لمروةار ﴿‪﴾120‬‬
‫إ‬ ‫مأولئإ ل‬
‫صا ﴿‪] (﴾121‬النأساء‪.[121 ،120 :‬‬ ‫ك لملألوامهلما لجهلننأمما لولل ليإجمدولن لعلنألها لمحي ة‬
‫سبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملةكلا‪ ،‬وسلبب الخلاطر الداعي إللى الشر‬
‫يسمى شيطاةنأا‪.‬‬
‫واللطللف الللذي يتهيللأ بلله القلللب لقبللول إلهللاما الخيللر يسللمى توفيقةللا‪ ،‬والللذي يتهيللأ بلله‬
‫لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء وخذلةنأا‪.‬‬
‫والملللك عبللارةا عللن خلللق خلقلله ال ل مللن نأللور‪ ،‬شللأنأه إفاضللة الخيللر‪ ،‬إوافللادةا العلللما‪،‬‬
‫وكشف الحق‪ ،‬والوعد بالخير‪ ،‬وكمال الطاعة‪ ،‬والمر بلالمعروف‪ ،‬وقلد خلقله الل‬
‫وسخره لذلك‪.‬‬
‫والشلليطان عبللارةا عللن خلللق خلقلله ال ل مللن نأللار‪ ،‬وشللأنأه ضللد عمللل الملللك‪ ،‬فعمللله‬
‫الوعللد بالشللر‪ ،‬والمللر بالفحشللاء والمنأكللر‪ ،‬والتخويللف عنأللد الهللما بللالخير بللالفقر‪،‬‬
‫إوايقللاع العللداوةا والبغضللاء بيللن النأللاس‪ ،‬والمللر بالسللوء‪ ،‬وتزييللن المعاصللي للعبللاد‪،‬‬
‫طالن لمك للما لع لمددو لفاتنإخ لمذوهم لع لمدلوا إننألمللا لي للدمعو‬
‫وهللو عللدو بنأللي آدما قاطبللة‪) :‬إنن النش للي ل‬
‫صلحاإب النسإعيإر ﴿‪] (﴾6‬فاطر‪.[6 :‬‬ ‫إ‬ ‫إ إ‬
‫حلزلبهم لليمكونأموا ملن أل ل‬
‫والقلب بأصل الفطرةا صالح لقبول آثار الملك‪ ..‬ولقبول آثار الشيطان‪ ..‬صلةحا‬

‫‪ - 55‬فتاوى الشبكة السلمية معدلة ‪) -‬ج ‪ / 10‬ص ‪ (1555‬إواحياء علوما الدين ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص‬
‫‪ (234‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪ (60‬والزواجر عن اقتراف الكبائر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص‬
‫‪(219‬‬

‫‪100‬‬
‫متساوةيا‪.‬‬
‫ويترجللح أحللد الجللانأبين علللى الخللر باتبللاع الهللوى‪ ،‬والنأغمللاس فللي الشللهوات‪ ،‬أو‬
‫العراض عنأها ومخالفتها‪.‬‬
‫ف للإن اتب للع النأس للان مقتض للى الغض للب والش للهوةا‪ ،‬ظه للر تس لللط الش لليطان بواس للطة‬
‫الهل للوى‪ ،‬وصل للار القلل للب عل للش الشل لليطان ومعل للدنأه‪ ،‬لن الهل للوى مرعل للى الشل لليطان‬
‫ومرتعه‪.‬‬
‫إوان جاهد الشهوات ولما يسلطها على نأفسه‪ ،‬وتشبه بأخلق الملئكة‪ ،‬صللار قلبلله‬
‫مستقر الملئكة ومهبطهما‪.‬‬
‫ومهمللا غلللب علللى القلللب ذكللر الللدنأيا بمقتضلليات الهللوى‪ ،‬وجللد الشلليطان مجللالة‬
‫فوسوس‪.‬‬
‫ومهما انأصرف القلب إلى ذكر ال تعالى ارتحل الشيطان‪ ،‬وضاق مجاله‪ ،‬وأقبللل‬
‫الملك‪ ،‬وألهما فعل الخير‪.‬‬
‫والتطللارد بيللن جنأللدي الملئكللة والشللياطين دائللما‪ ،‬إلللى أن ينأفتللح القلللب لحللدهما‬
‫فيستوطن ويستمكن‪ ،‬ويكون اجتياز الثانأي اختلةسا‪.‬‬
‫ول يمحو وسوسة الشليطان ملن القللب إل ذكلر ملا سلوى ملا يوسلوس به‪ ،‬لنأله إذا‬
‫خطر في القلب شيء‪ ،‬انأعدما منأه ما كان فيه من قبل‪.‬‬
‫فينأبغللي للعبللد أن يشللتغل بللدفع العللدو عللن نأفسلله‪ ،‬ل بالسل لؤال عللن أصللله ونأسللبه‬
‫ومسكنأه‪.‬‬
‫وأن يعللرف سلللحا عللدوه‪ ،‬ليللدفعه عللن نأفسله‪ ،‬وسلللحا الشليطان الهللوى والشللهوات‪،‬‬
‫ف للعالمين‪.‬‬ ‫وذلك كا ر‬
‫فل للالقلب كالحصل للن‪ ،‬والشل لليطان عل للدو يريل للد أن يقتحل للما الحصل للن ويل للدخله‪ ،‬فيملكل لله‬
‫ويستولي عليه‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫ول يق للدر النأس للان عل للى حف للظ الحص للن م للن الع للدو إل بح ارس للة أبل لواب الحص للن‬
‫ومداخله‪ ،‬ومواضع ثلمه‪.‬‬
‫فمن أبوابه العظيمة‪ :‬الغضب والشهوةا‪ ،‬فالغضب غول العقللل‪ ،‬إواذا ضللعف جنأللد‬
‫العقل‪ ،‬هجما جنأد الشيطان‪ ،‬فأفسد القصر ومن فيه‪.‬‬
‫ومهما غضب النأسان‪ ،‬لعب الشيطان به‪ ،‬وفجر شهواته فيما يغضب ال‪.‬‬
‫صللا علللى كللل‬
‫ومللن أب لوابه العظيمللة‪ :‬الحسللد والحللرص‪ ،‬فمهمللا كللان النأسللان حري ة‬
‫شلليء‪ ،‬أعمللاه حرصلله‪ ،‬وأصللمه عللن اليمللان‪ ،‬وأقعللده عللن الطاعللات‪ ،‬وزيللن للله‬
‫الكفر والفسوق والعصيان‪.‬‬
‫وممممن أبممموابه العظيممممة‪ :‬الطمل للع فل للي النأل للاس‪ ،‬إواذا غلل للب عليل لله الطمل للع زيل للن لل لله‬
‫الشلليطان‪ ،‬وحبللب إليلله التصللنأع والللتزين لمللن طمللع فيلله بللأنأواع الريللاء والتلللبيس‪،‬‬
‫حتى يصير المطموع فيه معبوده‪ ،‬فل يلزال يتفكللر فللي حيلللة التللودد والتحبللب إليلله‬
‫ولو على حساب دينأه‪.‬‬
‫ومن أبوابه العظيمة‪ :‬الللدراهما والللدنأانأير‪ ،‬وسللائر أصللنأاف الم لوال مللن العللروض‬
‫والدواب والعقار والشياء‪.‬‬
‫فكل ما يزيد على قدر القوت والحاجة‪ ،‬فهو مستقر الشيطان‪ ،‬فلإن مللن معلله قللوته‬
‫فهو فارغ القلب‪.‬‬
‫فلو وجد مائة دينأار مثلة على طريق‪ ،‬انأبعث من قلبه عشللر شللهوات‪ ،‬تحتلاج كللل‬
‫شللهوةا إلللى مائللة دينأللار أخللرى‪ ،‬فل يكفيلله مللا وجللد‪ ،‬فيزيللد فللي الطلللب‪ ،‬ويزيللد فللي‬
‫النأفاق‪ ،‬وذلك أمر ل آخر له‪.‬‬
‫ومن أبوابه العظيمة‪ :‬العجلللة وتللرك التثبللت فللي المللور‪ ،‬حللتى يقللع فيمللا ل يحمللد‬
‫عقباه‪.‬‬
‫وممممن أبممموابه العظيممممة‪ :‬البخل للل وخل للوف الفقل للر‪ ،‬ليمنأل للع بل لله الصل للدقات والزك ل لوات‬

‫‪102‬‬
‫والحسان إلى العباد‪ ،‬لتكثر الجرائما والسرقات‪.‬‬
‫ومن آفات البخل‪ :‬الحرص على ملزمة السواق لجمع الملال‪ ،‬والسلواق مسلرحا‬
‫الشياطين‪ ،‬تزين لهلها الكذب والغش والحتيال‪.‬‬
‫ومن أبوابه العظيمة‪ :‬حب التزين في الثاث والثياب‪ ،‬والمراكب والمساكن‪.‬‬
‫فللإن الشلليطان إذا رأى ذلللك غالةبللا علللى قلللب النأسللان بللاض فيلله وفللرخ‪ ،‬فل ي لزال‬
‫يدعوه إلللى عملارةا اللدار وتزيينأهللا وتوسلليعها‪ ،‬ويللدعوه إللى اللتزين بالثيلاب والللدواب‬
‫والم اركللب‪ ،‬وتجديللد الوانأللي والثللاث‪ ،‬ويستسللخره فيهللا طللول عم لره‪ ،‬ويشللغله بهللا‬
‫عما خلق له‪ ،‬من طاعة ال وعبادته والدعوةا إليه‪.‬‬
‫ول ي لزال يغريلله ويزيللن للله‪ ،‬حللتى ينأقللله مللن صللف المحسللنأين المتقيللن إلللى صللف‬
‫المسرفين والمبذرين والمترفين‪.‬‬
‫ومن أبوابه المهلكة‪ :‬التعصللب للمللذاهب والقبائللل والهلواء والشللخاص‪ ،‬والحقللد‬
‫على الخصوما‪ ،‬والنأظر إليهما بعين الزدراء والستخفاف والحتقار‪.‬‬
‫وذلك مما يهلك العباد والفساق جميةعا‪.‬‬
‫ف للالطعن ف للي النأ للاس‪ ،‬والش للتغال ب للذكر عي للوبهما ونأقص للهما‪ ،‬وأك للل لح للومهما‪ ،‬م للن‬
‫صفات السباع المهلكة‪.‬‬
‫ومن أبوابه كذلك سوء الظن بالمسلمين‪ ،‬فيغريه الشيطان بغيبتلله فيهلللك‪ ،‬ويقصللر‬
‫فللي القيلاما بحقله‪ ،‬أو يتلوانأى فلي إك ارملله‪ ،‬وينأظلر إليله بعيلن الحتقللار‪ ،‬ويلرى نأفسله‬
‫خي ةار منأه‪ ،‬وكل ذلك من المهلكات‪.‬‬
‫وممممن أبممموابه العظيممممة‪ :‬الس ل لراف فل للي إضل للاعة الم ل لوال بالشل للهوات‪ ،‬إواضل للاعة‬
‫الوقللات بالباطللل‪ ،‬إواضللاعة العقللول بللالعلوما السللافلة‪ ،‬إواضللاعة الحسللنأات بجمللع‬
‫الحطاما الفانأي‪.‬‬
‫والملئكلة والشلياطين تتلوارد عللى القللوب‪ ،‬وتحلوما حلول أبوابهلا‪ ،‬فلإن أصلابه هذا‬

‫‪103‬‬
‫من جانأب‪ ،‬أصابه الخر من جانأب آخر‪.‬‬
‫فإذا نأزل به الشيطان‪ ،‬فلدعاه إللى الهلوى‪ ،‬نألزل به المللك فصلرفه عنأله‪ ،‬إوان جذبه‬
‫شيطان إلى شر‪ ،‬جذبه شيطان آخلر إللى غيلره‪ ،‬إوان جلذبه ملللك إللى خيلر‪ ،‬جلذبه‬
‫ملك آخر إلى خير غيره‪.‬‬
‫فتللارةا يكللون القلللب متنأازةعللا بيللن ملكيللن‪ ..‬وتللارةا بيللن شلليطانأين‪ ،‬وتللارةا بيللن ملللك‬
‫وشيطان‪.‬‬
‫والقلوب في التقلب والثبات على الخير والشر ثلثة‪:‬‬
‫أحممدها‪ :‬قلللب معمللر بللالتقوى‪ ،‬وطهللر عللن خبللائث الخلق‪ ،‬تنأقللدحا فيلله خل لواطر‬
‫الخير‪ ،‬المفتوحة فيه أبواب الملئكة‪ ،‬المسدودةا عنأه أبواب الشياطين‪ ،‬يرى الحق‬
‫ويحبه‪ ،‬ويعمل به‪ ،‬ويدعو إليه‪ ،‬ويصبر عليه‪ ،‬وينأفر مما سوى ذلك‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬قل للب مخ للذول مش للحون ب للالهوى‪ ،‬م للدنأس ب للالخلق المذموم للة‪ ،‬والقبائ للح‬
‫والخبائث‪ ،‬المفتوحا فيه أبواب الشياطين‪ ،‬المسدود عنأه أبواب الملئكة‪.‬‬
‫ومبللدأ الشللر فيلله‪ ،‬أن ينأقللدحا فيلله خللاطر الهللوى فيللأنأس بلله ويسللتجيب للله‪ ،‬فيللرى‬
‫الباطل ويحبه‪ ،‬ويعمل به‪ ،‬ويدعو إليه‪ ،‬ويصبر عليه‪ ،‬وينأفر مما سواه‪.‬‬
‫الثالثا‪ :‬قلللب تبللدو فيلله خلواطر الهللوى فتللدعوه إلللى الشلر‪ ،‬فيلحقله خلاطر اليمللان‬
‫والهدى‪ ،‬فيدعوه إلى الخير والهدى‪.‬‬
‫فتنأبعللث النأفللس بشللهواتها إلللى نأصللرةا خللاطر الشللر فتقللوى الشللهوةا‪ ،‬وتحسللن التمتللع‬
‫والتنأعللما‪ ،‬فينأبعللث العقللل إلللى خللاطر الخيللر‪ ،‬فيللدفع عللن وجهلله الشللهوةا‪ ،‬ويقبحهللا‬
‫ويقبللح فعلهللا‪ ،‬وينأسللبها إلللى الجهللل‪ ،‬ويشللبهها بالبهيمللة والسللبع فللي تهجمهللا علللى‬
‫الشر‪ ،‬وقلة اكتراثها بالعواقب‪.‬‬
‫فتميل النأفس إلى نأصح العقل‪ ،‬فيحمل الشيطان حمللة عللى العقلل‪ ،‬فيقلوي داعللي‬
‫الهللوى‪ ،‬ثللما يحمللل الملللك علللى الشلليطان‪ ،‬فعنأللد ذلللك تسللتجيب النأفللس إلللى قللول‬

‫‪104‬‬
‫الملك‪.‬‬
‫ول تزال الحزاب والجنأود متوالية عليه‪ ،‬حتى يظفر به أقواهما وأصبرهما‪.‬‬
‫وقللد جعللل ال ل للشلليطان دخللولة فللي جللوف العبللد‪ ،‬ونأفللوةذا إلللى قلبلله وصللدره‪ ،‬فهللو‬
‫يجري منأه مجرى الدما‪ ،‬ويتجول على سائر أعضائه وجوارحه‪.‬‬
‫وقد وكل بالعبد فل يفارقه إلى الممات‪.‬‬
‫ولعللن لعلبلإد اللنلإه لبلإن لملسلمعورد قلللالل قلللالل لرمسللومل اللنلإه ‪-‬صلللى الل عليلله وسلللما‪ » -‬لمللا‬
‫إملنأمكلما إملن أللحرد إلن لوقللد مولكلل بإإه قلإريمنأهم إملن الإجلن «‪ .‬لقالموا ل إوإانيا ل‬
‫ك ليا لرمسولل اللنلإه قلللالل »‬
‫ى إلن ألنن اللنهل أللعالنأإنأى لعلليإه فلأللسللما فللل ليلأمممرإنأى إلن بإلخليرر «‪ .‬أخرجه مسلم)‪.(56‬‬ ‫ل إوإانيا ل‬
‫وقد وصف ال عنز وجنل الشيطان بأعظما صلفاته‪ ،‬وأشلدها خطلةرا‪ ،‬وأقواهلا تلأثيةرا‪،‬‬
‫وأعمها فساةدا‪ ،‬وهي الوسوسة التي هي مبادئ الرادةا‪.‬‬
‫فللإن القلللب يكللون فارةغللا مللن الشللر والمعصللية فيوسللوس إليلله الشلليطان‪ ،‬ويخطللر‬
‫الللذنأب ببللاله‪ ،‬ويشللهيه للله‪ ،‬فيصللير شللهوةا‪ ،‬ويزينأهللا للله ويحسللنأها‪ ،‬ويخيلهللا للله فللي‬
‫خيلال تميلل نأفسله إليله‪ ،‬فيصلير إرادةا‪ ،‬وينأسليه علمله بضلررها‪ ،‬ويطلوي عنأله سلوء‬
‫عاقبتها‪ ،‬فل يرى إل صورةا المعصية فقط‪ ،‬وينأسيه ما وراء ذلك‪.‬‬
‫فتصللير الرادةا عزيمللة جازمللة‪ ،‬فيشللتد الحللرص عليهللا مللن القلللب‪ ،‬فيبعللث الجنأللود‬
‫في الطلب‪ ،‬فيبعث الشيطان معهما مدةدا لهما وعوةنأا‪.‬‬
‫فإن فتروا حركهما‪ ،‬إوان سكنأوا أزعجهما كما قال سبحانأه‪) :‬ألللما تللر ألننأا أللرلسللنأا‬
‫النشلياإطيلن لعللى اللكاإفإريلن تلمؤلزمهلما أللاز ﴿‪] (﴾83‬مريما‪.[83 :‬‬
‫فأصل كل معصية الوسوسة‪ ،‬ولهذا وصفه ال بها‪ ،‬وحذرنأا‪) :‬مقلل ألمعومذ بإلر ل‬
‫ب‬
‫س﴿‬‫س اللخننأا إ‬ ‫س ﴿‪ ﴾3‬إملن لشلر الولسوا إ‬ ‫س ﴿‪ ﴾2‬إلإه الننأا إ‬ ‫س ﴿‪ ﴾1‬لمإلإك الننأا إ‬ ‫الننأا إ‬
‫ل ل‬
‫س ﴿‪ ﴾5‬إملن الإجننأإة والننأا إ‬ ‫صمدوإر الننأا إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬
‫س ﴿‪] (﴾6‬النأاس‪:‬‬ ‫ل‬ ‫‪ ﴾4‬الذي ميلولسإومس في م‬

‫‪ ()56‬أخرجه مسلما برقما )‪.(2814‬‬

‫‪105‬‬
‫‪.[6-4‬‬
‫فالذي يوسوس في صدور الناس نوعان‪:‬‬
‫إنأس‪ ..‬وجن‪.‬‬
‫ضا يوسوس إلى النأسي‪.‬‬
‫فالجنأي يوسوس في صدور النأاس‪ ..‬والنأسي أي ة‬
‫والوسوسة‪ :‬اللقللاء الخفللي فللي القللب‪ ،‬وهللذا مشللترك بيللن الجللن والنأللس كمللا قلال‬
‫إ‬ ‫ك لجلعللنأا لإمكللل لنأبإلري لعلمدلوا لشللياإطيلن ا لإللنأ إ‬‫سبحانأه‪) :‬لولكللذلإ ل‬
‫س لوالإجللن ميلوحي لبلع م‬
‫ضلهملما‬
‫ف القلللوإل مغلمروةار لولللو لشلالء لرلبل ل‬
‫ك لملا فللعلملوهم فلللذلرمهلما لولملا ليلفتللمرولن ﴿‬ ‫ض مزلخ مر ل‬ ‫إللى لبلع ر‬
‫‪] (﴾112‬النأعاما‪.[112 :‬‬
‫فشللياطين النأللس والجللن يشللتركون فللي الللوحي الشلليطانأي‪ ،‬ويشللتركون كللذلك فللي‬
‫الوسوسة‪ ،‬ويشتركون كذلك في الفساد والفساد‪.‬‬
‫وكمللا أن الملئكللة ليللس لهللما عمللل إل عبللادةا الل ل وطللاعته‪ ،‬فهللما يسللبحون الليللل‬
‫والنأهار ل يفترون‪ ،‬ول يعصون ال ما أمرهما‪ ،‬ويفعلون ما يؤمرون‪.‬‬
‫فكللذلك الشلليطان وذريتلله ليللس لهللما هللما ول عمللل إل إضلللل بنأللي آدما‪ ،‬إواغل لوائهما‬
‫ابتلء من ال‪ ،‬ليعلما من يطيعه ممن يطيع عدوه‪.‬‬
‫وحيل للل الشل لليطان‪ ،‬ومكل لره‪ ،‬وكيل للده‪ ،‬وخطل لواته فل للي تحقيل للق مل للا يريل للد‪ ،‬مل للن أعجل للب‬
‫العجب‪.‬‬
‫فإذا أقبلل عللى النأسلان بجنألوده وعسلاكره‪ ..‬فوجلد القلب فلي حصنأه جالةسلا عللى‬
‫كرسي مملكته‪ ..‬أمره نأافذ‪ ،‬وجنأده قد أحاطوا به‪ ..‬يحرسونأه ويدافعون عنأه‪.‬‬
‫فل يتمكن الشيطان وجنوده من الهجوم عليه إل بمخارة بعض أمرائه‪ ،‬وأخص‬
‫جنممده وهممي النفممس‪ ،‬فزينمموا لهمما الشممهوات والمحبوبممات‪ ،‬حممتى اسممتولت علممى‬
‫القلب‪ ،‬ومكنت للشياطين من الستيلء على ثغور المملكة‪:‬‬
‫العين‪ ..‬والذن‪ ..‬واللسان‪ ..‬والفما‪ ..‬واليد‪ ..‬والرجل‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وأمر الشيطان جنأوده بالمرابطة على هذه الثغور‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ادخلوا منأهلا إللى القلب لتقتللوه أو تثخنألوه‪ ،‬ول تمكنألوا أحلداة يدخل منأهلا إللى‬
‫القلب‪ ،‬فيخرجكما منأه‪ ،‬ويفسده عليكما‪.‬‬
‫وامنأع لوا ثغللر العيللن أن يكللون نأظرهللا اعتبللاةرا‪ ،‬بللل اجعلللوه تفرةجللا وتلهةيللا‪ ،‬وبللالعين‬
‫تنأالون بغيتكما من بنأي آدما‪.‬‬
‫فابللذروا فللي القلللوب بللذور الشللهوةا‪ ،‬ثللما اسللقوه بمللاء المنأيللة‪ ،‬ثللما إعللدوه وملنأللوه حللتى‬
‫تقوى عزيمته‪ ،‬فيقع في المعصية فيهلك‪.‬‬
‫ثما امنأعوا ثغر الذن أن يدخل منأه ما يفسد عليكما أمركما‪.‬‬
‫واجتهللدوا أل يللدخل منألله إل الباطللل واللهللو‪ ،‬فللإنأه خفيللف علللى النأفللس‪ ،‬تسللتحليه‬
‫وتستملحه وتطرب له‪.‬‬
‫إوايللاكما أن يللدخل مللن هللذا الثغللر شلليء مللن كلما ال ل ورسللوله‪ ،‬لئل يفسللد عليكللما‬
‫أمركما‪ ،‬ويحرق سلعتكما‪.‬‬
‫فإن دخل شيء فأفسدوه عليه بإدخال ضده عليه أو تهويله‪.‬‬
‫ثما امنأعوا ثغر اللسان أن يدخل منأه ما ينأفع القلب‪ ،‬من ذكر الل واسللتغفاره وتلوةا‬
‫كتابه‪ ،‬ونأصح عباده‪ ،‬والدعوةا إليه‪.‬‬
‫وزينأ لوا للله الكلما بمللا يض لره ول ينأفعلله‪ ،‬إمللا بللالتكلما بالباطللل‪ ،‬إوامللا بالسللكوت عللن‬
‫الحق‪.‬‬
‫فالرب للاط‪ ..‬الرب للاط‪ ..‬الرب للاط‪ ..‬عل للى ه للذا الثغ للر أن يتكل للما بح للق‪ ،‬أو يمس للك ع للن‬
‫باطل‪.‬‬
‫وهللذا الثغللر هلو الثغللر العظلما‪ ،‬اللذي أهلللك منألله الشليطان بنأللي آدما‪ ،‬وأكبهلما عللى‬
‫منأاخرهما في النأار‪.‬‬
‫واقعدوا لبنأي آدما بكل رصد‪ ..‬وبكل طريق‪ ..‬وبكل منأاسبة‪) :‬لقالل فلبإلما أللغلوليتلإنأي‬

‫‪107‬‬
‫ك المملستلإقيلما ﴿‪ ﴾16‬ثمنما لللتإليننأهملما إملن لبليإن ألليإديإهلما لوإملن لخلإفإهلما‬
‫طل‬ ‫للللقعلدنن لهما إ‬
‫ص لار ل‬ ‫مل‬ ‫م‬
‫لولعلن ألليلمانأإإهلما لولعلن لشلمائإإلإهلما لولل تلإجمد أللكثللرمهلما لشاإكإريلن ﴿‪] (﴾17‬العأراف‪:‬‬
‫‪.[17 ،16‬‬
‫ت لرمسولل اللنإه ‪-‬صلى ال عليه وسلللما‪ -‬ليقمللومل »‬ ‫ولعلن لسلبلرةال لبإن ألإبى لفاإكره لقالل لسإملع م‬
‫ك‬‫ق اإللسللإما فلقللالل تملسللإمما لوتلللذمر إديلنأل ل‬ ‫طإري إ‬ ‫طمرإقإه فلقللعلد لهم بإ ل‬‫طالن قللعلد إللبإن آلدلما بإأل ل‬ ‫إنن النشلي ل‬
‫ق الإهلجلرإةا فلقلللالل تمهلللاإجمر لوتلللدعم‬ ‫صاهم فلأللسللما ثمنما قللعلد لهم بإ ل‬
‫طإري إ‬ ‫ك فللع ل‬ ‫ك لوآلباإء ألإبي ل‬‫لوإديلن آلبائإ ل‬
‫صلاهم فلهللالجلر ثمنما‬ ‫ل إ‬ ‫ك إوإاننأملا مثللمل المهلاإجإر لكمثللإل الفللر إ إ‬
‫س فلى الطللول فللع ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫مل‬ ‫ك لولسلمالء ل ل ل ل‬ ‫ضل‬ ‫أللر ل‬
‫س لواللمللاإل فلتملقاتإلمل فلتملقتللمل فلتملنألكلمح‬‫ق الإجهلللاإد فلقلللالل تملجاإهلمد فلهملو لجلهلمد الننألفل إ‬
‫ل‬ ‫قللعللد للهم بإ ل‬
‫طإريل إ‬
‫صلاهم فللجالهللد «‪ .‬فلقلللالل لرمسلومل اللنلإه ‪-‬صللى الل عليلله وسلللما‪-‬‬ ‫اللم لألرةام لوميلقلسمما اللمامل فللع ل‬
‫ك لكالن لحلقا لعللى اللنإه لعنز لولجنل أللن ميلدإخلهم اللجننأةل لولملن قمتإلل لكللالن لحقلللا‬ ‫» فللملن فللعلل لذإل ل‬
‫ق لكالن لحلقا لعللى اللنإه أللن يمللدإخلهم اللجننألةل‬ ‫لعللى اللنإه لعنز لولجنل أللن ميلدإخلهم اللجننأةل ل إوإالن لغإر ل‬
‫صلتلهم لدانبتملهم لكللالن لحقلللا لعلللى اللنلإه أللن ميللدإخلهم اللجننألةل «‪ .‬أخرجممه أحمممد والنسممائي‬ ‫أللو لوقل ل‬
‫)‪.(57‬‬
‫والسبل التي يسلكها النسان أربعة‪:‬‬
‫اليمين‪ ..‬والشمال‪ ..‬والماما‪ ..‬والخلف‪.‬‬
‫وأي سبيل سلكها النأسان من هذه وجد الشيطان عليها رصةدا له‪.‬‬
‫فإن سلكها العبد في طاعة وجد الشيطان عليها يثبطه عنأها‪ ،‬ويبطئه ويعوقه‪.‬‬
‫إوان سلكها في معصية وجده عليها حاملة له وخادةما‪ ،‬ومعيةنأا ومزيةنأا‪.‬‬
‫ثلما الزملوا ثغلر اليللدي والرجللل‪ ،‬فامنأعوهلا أن تبطلش بملا يضلركما أو تمشلي فيله‪،‬‬
‫وقيللدوها عللن العمللال الصللالحة‪ ،‬وحركوهللا لتمشللي فللي كللل شللر وفسللاد‪ ،‬وتبطللش‬

‫‪()57‬أخرجه أحمد برقما )‪ ،(16054‬و سنأن النأسائى برقما )‪( 3147‬صحيح =الطول ‪ :‬حبل يشد به‬
‫قائمة الدابة =وقصت ‪ :‬كسرت عنأقه انأظر السلسلة الصحيحه رقما )‪.(2937‬وأخرجه النأسائي برقما )‬
‫‪ ،(3134‬وهذا لفظه‪ ،‬صحيح سنأن النأسائي رقما )‪.(2973‬‬

‫‪108‬‬
‫بكل صالح تقي‪.‬‬
‫واعلم ل لوا أن أكل للبر أع ل لوانأكما النأفل للس المل للارةا‪ ،‬فاسل للتعينأوا بهل للا علل للى حل للرب النأفل للس‬
‫المطمئنأة‪.‬‬
‫فللإذا قللويت النأفللس المللارةا‪ ،‬فاسللتنأزلوا القلللب مللن حصللنأه‪ ،‬واعزلللوه عللن مملكتلله‪،‬‬
‫وولوا مكانأه النأفس المارةا‪ ،‬فإنأها ل تأمر إل بما تهوونأه وتحبونأه‪.‬‬
‫واستعينوا على بني آدم بجنديين عظيمين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬جنأد الغفلة‪ ،‬فأغفلوا قلوب بنأي آدما عن ال‪ ،‬وعن أوامر ال‪ ،‬وعن الدار‬
‫الخرةا‪ ،‬فإن القلب إذا غفل عن ال تعالى تمكنأتما منأه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬جنأد الشهوةا‪ ،‬فزينأوا الشهوات فلي قللوب بنألي آدما‪ ،‬وحسلنأوها فلي أعينأهلما‪،‬‬
‫فللإن رأيتللما جماعللة اجتمع لوا علللى ذكللر اللل‪ ،‬ولللما تقللدروا علللى تفريقهللما‪ ،‬فاسللتعينأوا‬
‫عليهما ببنأي جنأسهما من النأس البطالين‪.‬‬
‫وانأتهزوا فرصة الشهوةا والغضب‪ ،‬فل تصطادوا بنأي آدما في أعظما من هذين‬
‫الوطنأين‪ ،‬فإنأي أخرجت أبويهما من الجنأة بالشهوةا‪ ،‬وألقيت العداوةا بين أولدهما‬
‫ظننأهم لفاتنلبمعوهم إنل فلإريةقا إملن المملؤإمإنأيلن ﴿‬
‫ق لعلليإهلما إلبإليمس ل‬
‫صند ل‬
‫بالغضب‪) :‬لولقللد ل‬
‫‪] (﴾20‬سبأ‪.[20 :‬‬
‫فالمداخل التي يأتي الشيطان من قبلها إلى النسان ثلثة‪:‬‬
‫الشهوةا‪ ..‬والغضب‪ ..‬والهوى‪.‬‬
‫فالشل للهوةا بهيميل للة‪ ،‬وبهل للا يصل للير النأسل للان ظالةمل للا لنأفسل لله‪ ،‬ومل للن نأتائجهل للا الحل للرص‬
‫والبخل‪.‬‬
‫والغضب سبعية‪ ،‬وهللو آفللة أعظللما مللن الشلهوةا‪ ،‬وبالغضللب يصلير النأسللان ظالةملا‬
‫لنأفسه ولغيره‪ ،‬ومن نأتائجه العجب والكبر‪.‬‬
‫والهوى شيطانأية‪ ،‬وهو آفة أعظما من الغضب‪ ،‬وبللالهوى يتعلدى ظلملله إلللى خلالقه‬

‫‪109‬‬
‫بالشرك والكفر‪ ،‬ومن نأتائجه الكفر والبدعة والمعصية‪.‬‬
‫وأكل للثر ذنأل للوب الخلل للق بهيميل للة‪ ،‬لعجزهل للما عل للن غيرهل للا‪ ،‬ومنأهل للا يل للدخلون إلل للى بقيل للة‬
‫القساما‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ 58‬عإلمات مرض القلب وصاحته ‪18-‬‬

‫ت مسولرةاب فلإملنأهملما لملن ليمقومل ألليمكلما لازلدتلهم لهإذإه إإيلماةنأا فلألنما‬ ‫قال ال تعالى‪ ) :‬ل إوإالذا لما أملنأإزل ل‬
‫النل لإذيلن لآلممنأل لوا فل لازلدتلهلم للما إإيلماةنأللا لومهل للما ليلستللبإشل لمرولن ﴿‪ ﴾124‬لوألنمللا النل لإذيلن إفللي مقلمللوبإإهلما‬
‫ض فل لازلدتلهمللما إرلجةسللا إلللى إرلجإس لإهلما لولمللاتموا لومه للما لكللاإفمرولن ﴿‪(﴾125‬ل ]التوبللة‪:‬‬ ‫لم للر ب‬
‫‪.[125 ،124‬‬
‫ت‬ ‫وقللال ال ل تعللالى‪ ) :‬ل إوإالذا إقي للل لهم للما تللعللاللوا إلللى لمللا أللنأ للزلل اللن لهم ل إوإالللى النرمسللوإل لألرلي ل ل‬
‫صمدوةدا ﴿‪] (﴾61‬النأساء‪.[61 :‬‬ ‫صلدولن لعلنأ ل‬ ‫إإ‬
‫ك م‬ ‫المملنأافقيلن لي م‬
‫خلللق ال ل تبللارك وتعللالى كللل عضللو مللن أعضللاء البللدن لفعللل خللاص بلله‪ ،‬وجعللل‬
‫كماله في حصول ذلك الفعل منأه‪.‬‬
‫ومرضه أن يتعذر عليه الفعل الذي خلق له‪ ،‬حتى ل يصدر منأله‪ ،‬أو يصلدر مللع‬
‫نأوع من الضطراب والنأقص‪.‬‬
‫فم للرض الي للد أن يتع للذر عليه للا البط للش‪ ،‬وم للرض العي للن أن يتع للذر عليه للا النأظللر‬
‫والرؤيللة‪ ،‬ومللرض اللسللان أن يتعللذر عليلله النأطللق‪ ،‬ومللرض البللدن أن تتعللذر عليلله‬
‫حركته الطبيعية‪ ،‬أو يضعف عنأها‪.‬‬

‫‪ - 58‬آفات على الطريق كامل ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(79‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(1464‬‬
‫وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (4446‬وموسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪(5066‬‬
‫وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(68‬‬

‫‪110‬‬
‫ومرض القلب أن يتعذر عليه ما خلق له من المعرفة بال‪ ،‬ومحبته‪ ،‬والشوق إلللى‬
‫لقائه‪ ،‬والنأابة إليه‪ ،‬إوايثار ذلك على جميع شهواته‪.‬‬
‫فلو عرف العبد كل شيء ولما يعرف ربه فكأنأه لما يعرف شيةئا‪.‬‬
‫ولللو نأللال كللل حللظ مللن حظللوظ الللدنأيا ولللذاتها وشللهواتها‪ ،‬ولللما يظفللر بمحبللة الل ل‬
‫والشوق إليه‪ ،‬والنأس به‪ ،‬فكأنأه لما يظفر بلذةا ول نأعيما ول قرةا عين‪.‬‬
‫بل إذا كان قلب العبد خالقيا عن ذلك‪ ،‬عادت تلك الحظوظ واللذات عممذاقبا لممه ول‬
‫بزد‪ ،‬فيصير معذقبا بنفس ما كان منعقما به من جهتين‪:‬‬
‫من جهة حسرةا فوته‪ ،‬وأنأه حيل بينأه وبينأه مع شدةا تعلق روحه به‪.‬‬
‫ومن جهة فوت ما هو خير له وأنأفع وأدوما‪ ،‬حيث لما يحصل له‪.‬‬
‫وكل من عرف ال عنز وجنل أحبه‪ ،‬وأخلص لله العبلادةا‪ ،‬وللما يلؤثر عليله شليةئا ملن‬
‫المحبوبات‪.‬‬
‫فم للن آث للر علي لله ش لليةئا م للن المحبوب للات فقلب لله مري للض ول بل لند‪ ،‬كم للا أن المع للدةا إذا‬
‫اعتادت أكل الخبيث وآثرته على الطيب‪ ،‬سقطت عنأها شهوةا الطيب‪.‬‬
‫وقد يملرض قللب النأسلان ويشلتد مرضله‪ ،‬ول يعلرف به صلاحبه‪ ،‬لنأشلغاله عنأله‪،‬‬
‫بل قد يموت وصاحبه ل يشعر بموته‪.‬‬
‫وعلمة ذلك‪:‬‬
‫أن ل تؤلمه جراحات القبائح‪ ..‬ول يوجعه جهله بالحق‪.‬‬
‫فإن القلب إذا كان فيه حياةا تلألما بلورود القبيللح عليله‪ ،‬وتلألما بجهلله بلالحق بحسللب‬
‫حياته‪.‬‬
‫وقللد يشللعر بمرضلله‪ ،‬ولكللن يشللتد عليلله تحمللل م لرارةا الللدواء والصللبر عليهللا‪ ،‬فهللو‬
‫يللؤثر بقللاء ألملله علللى مشللقة الللدواء‪ ،‬فلإن دواءه فللي مخالفللة الهللوى‪ ،‬وذلللك أصللعب‬
‫شيء على النأفس‪ ،‬وليس لها أنأفع منأه‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وت للارةا ي للوطن نأفس لله عل للى الص للبر‪ ،‬ث للما ينأفس للخ عزم لله‪ ،‬لض للعف علم لله وبص لليرته‬
‫وصبره‪.‬‬
‫والقلب يبصلر الحلق كملا تبصر العيلن الشلمس‪ ،‬والحلق إذا لحا وتلبين‪ ،‬للما يحتلج‬
‫إلى شاهد يشهد به‪ ،‬كما أن الجساما إذا تجلت أماما العين لما تحتج إلى شاهد‪.‬‬
‫والحللق هللو الللذي كللانأت عليلله الجماعللة الولللى‪ ،‬مللن عهللد النأللبي صلللى الل عليلله‬
‫وسلما وأصحابه‪ ،‬والجماعة ما وافق الحق إوان كنأت وحدك‪ ،‬إواذا فسدت الجماعة‬
‫فعليل للك بمل للا كل للانأت عليل لله الجماعل للة قبل للل أن تفسل للد إوان كنأل للت وحل للدك‪ ،‬فإنأل للك أنأل للت‬
‫الجماعة حينأئذ فالزما الحق‪.‬‬
‫فالعصر إذا كان فيه إملاما علارف بالسلنأة دارع إليهلا‪ ،‬فهلو الحجلة‪ ،‬وهلو الجملاع‪،‬‬
‫وهو اللسواد العظما‪ ،‬وهو سبيل المؤمنأين التي من فارقها واتبع سواها وله ال مللا‬
‫إ‬ ‫إ‬ ‫تولى‪ ،‬وأصله جهنأما وساءت مصيةرا‪) :‬ولملن ميلشاإق إ‬
‫ق النرمسولل ملن لبلعد لما تللبنيلن للهم‬ ‫ل‬
‫تم إ‬ ‫الهلدى ويتنبإع لغلير سإبيإل المؤإمإنأين منأولإه ما تللونلى ومنأ إ إ‬
‫صللي ةار‬ ‫صلله لجهلننأللما لولسللالء ل ل‬
‫مل ل ل ل ل ل ل‬ ‫م لل ل ل ل‬
‫﴿‪] (﴾115‬النأساء‪.[115 :‬‬
‫ومللن علمللات أمل لراض القلللوب عللدولها عللن الغذيللة النأافعللة الموافقللة لهللا إلللى‬
‫الغذية الضارةا‪ ..‬وعدولها عن دوائها النأافع إلى دائها الضار‪.‬‬
‫والقلب الصحيح يؤثر النأافع الشافي على الضار المؤذي‪ ،‬والقلب المريض بضللد‬
‫ذلك‪ ،‬يؤثر الضار المهلك على النأافع الشافي‪.‬‬
‫وأنأفع الغذية غذاء اليمان‪ ..‬وأنأفع الدوية دواء القرآن‪ ..‬وكل منأهما فيه الغذاء‬
‫والدواء‪ ،‬والشفاء والرحمة‪.‬‬
‫ومن علمات صحة القلب أن يرتحل علن اللدنأيا حلتى ينألزل بلالخرةا‪ ،‬ويحللل فيهللا‬
‫حتى يبقى كأنأه من أهلها وأبنأائها‪ ،‬جاء إلى هذه الدار غريةبلا يأخلذ حلاجته ويعلود‬
‫إلى وطنأه فلعلن لعلبإد اللنإه لبلإن معلمللر ‪ -‬رضلى الل عنأهملا ‪ -‬قللالل أللخللذ لرمسلومل اللنلإه ‪-‬‬

‫‪112‬‬
‫ب ‪ ،‬أللو لعللابإمر‬ ‫ك لغإريل ب‬ ‫صلللى الل عليلله وسلللما ‪ -‬بإلملنأإكبإللى فلقلللالل » مكللن إفللى الللدلنأليا لكألننأل ل‬
‫ت‬‫ص لبلح ل‬ ‫ت فللل تللنأتلإظلإر ال ن‬
‫صللبالحا ‪ ،‬ل إوإالذا أل ل‬ ‫لسلإبيرل « ‪ .‬لولكلالن البلمن معلمللر ليقملومل إلذا أللملسللي ل‬
‫ك ‪ ..‬أخرجه‬ ‫ك لإلملوتإل ل‬‫ك ‪ ،‬لوإمللن لحلياتإل ل‬ ‫ضل ل‬ ‫ك لإمر إ‬ ‫إ إ إ‬ ‫إ‬
‫فللل تللنأتلظلإر اللملسللالء ‪ ،‬لومخللذ مللن صلنحت ل ل ل‬
‫البخاري)‪.(59‬‬
‫وكلمللا صللح القلللب مللن مرضلله‪ ،‬ترحللل إلللى الخللرةا‪ ،‬وقللرب منأهللا حللتى يصللير مللن‬
‫أهلها‪ ،‬يعمل بأعمالها‪ ،‬ويجنأي من ثمارها‪.‬‬
‫وكلما مرض القلب واعتل‪ ،‬آثر الدنأيا واستوطنأها‪ ،‬حتى يصير من أهلها‪.‬‬
‫ومن علملات صلحة القللب‪ ،‬أنأله ل يلزال يضلرب عللى صلاحبه‪ ،‬حلتى ينأيلب إللى‬
‫ال‪ ،‬ويخبت إليلله‪ ،‬ويتعللق بله تعللق المحلب المضلطر إلللى محبلوبه اللذي ل حيلاةا‬
‫له ول نأعيما ول سرور إل برضاه وقربه والنأس به‪.‬‬
‫ومللن علملات صللحته كلذلك أن ل يفلتر عللن ذكلر ربله‪ ،‬ول يسلأما ملن خلدمته‪ ،‬ول‬
‫يأنأس بغيره إل بمن يدله عليه‪ ،‬ويذكره به‪.‬‬
‫ومللن علمللات صللحته أنألله إذا فللاته فللرض مللن ف ارئللض اللل‪ ،‬أو فللاته ورده‪ ،‬وجللد‬
‫لفواته ألةما عظيةما‪ ،‬أعظما من تألما الحريص بفوات ماله وفقده‪.‬‬
‫ومللن علمللات صللحته أنألله يشللتاق إلللى الخدمللة والعبللادةا‪ ،‬كمللا يشللتاق الجللائع إلللى‬
‫الطعللاما أو الشل لراب‪ ،‬وأنألله إذا دخللل فللي الصلللةا ذهللب عنألله هملله وغملله بالللدنأيا‪،‬‬
‫واشتد عليه خروجه منأها‪ ،‬ووجد فيها راحته ونأعيمه‪.‬‬
‫ومللن علملات صللحته أن يكلون همله واحلةدا‪ ،‬وأن يكلون فللي الل‪ ،‬وأن يكللون أشلح‬
‫بوقته أن يذهب ضائةعا من أشد النأاس شةحا بماله‪.‬‬
‫وأن يكون اهتماما العبد بتصحيح العمل أعظما منأه بالعمل‪.‬‬
‫فيحرص فيه على الخلص والمتابعة والحسان‪ ،‬ويشهد ملع ذللك منألة الل عليله‬

‫‪ ()59‬أخرجه البخاري برقما )‪.(6416‬‬

‫‪113‬‬
‫فيه‪ ،‬وتقصيره في حق ال جل جلله‪.‬‬
‫فللالقلب السللليما الصللحيح هللو الللذي هملله كللله فللي اللل‪ ،‬وحبلله كللله للل‪ ،‬وقصللده للله‪،‬‬
‫وبللدنأه لله‪ ،‬وأعمللاله لله‪ ،‬ونأللومه للله‪ ،‬ويقظتلله للله‪ ،‬وحللديثه للله‪ ،‬والحللديث عنألله أشللهى‬
‫إليه من كل حديث‪ ،‬وأفكاره تحوما حول مراضيه‪ ،‬ومحابه سبحانأه‪.‬‬
‫وكلما وجد من نأفسه تقاعةسا أو التفاةتا إلى غيره تل عليها‪) :‬ليا ألنيتملها الننألفمس‬
‫ضنيةة ﴿‪ ﴾28‬لفالدمخإلي إفي إعلباإدي‬ ‫ضيةة مر إ‬
‫إ إ‬ ‫إ‬ ‫الم ل إ‬
‫طلمئننأةم ﴿‪ ﴾27‬الرإجعي إللى لرلبك لار ل ل ل‬ ‫م‬
‫﴿‪ ﴾29‬لوالدمخإلي لجننأإتي ﴿‪] (﴾30‬الفجر‪.[30-27 :‬‬
‫ف للإذا انأص للبغ القل للب بي للن ي للدي إله لله ومعب للوده الح للق بص للبغة العبودي للة‪ ،‬ص للارت‬
‫العبودية صفة له‪ ،‬وأتى بها تودةدا وتحبةبا وتقرةبا‪.‬‬
‫فكلما عرض له أمر من ربه أو نأهي قال‪ :‬لبيك وسعديك‪ ،‬والملنأة لك‪ ،‬والحمد فيه‬
‫عائللد إليللك‪) :‬لآلمل للن النرمسللومل بإلمللا أملنأل لإزلل إلليل لإه إمل للن لرلبل لإه لوالمملؤإممنأللولن مكل لدل لآلمل للن بإللاللنإه‬
‫ق لبليل للن أللحل لرد إمل للن مرمسل لإلإه لوقلل للالموا لسل لإملعلنأا لوأل ل‬
‫طلعلنأ للا‬ ‫لولمللئإلكتإل لإه لومكتمبإل لإه لومرمسل لإلإه لل منأفلل للر م‬
‫ك الم إ‬
‫صيمر ﴿‪] (﴾285‬البقرةا‪.[285 :‬‬ ‫ك لرنبلنأا ل إوإاللي ل ل‬ ‫مغلف لارلنأ ل‬
‫إوان أصابه قدر قال‪ :‬أنأت ربلي العزيز الرحيلما‪ ،‬وأنألا الفقيلر العلاجز الضلعيف‪ ،‬ل‬
‫صبر لي إن لما تصبرنأي‪ ،‬ول ملجأ لي منأك إل إليك‪.‬‬
‫إوان أصللابه مللا يكلره قللال رحمللة أهللديت إلللي‪ ،‬إوان صللرف عنألله مللا يحللب قللال شل ةار‬
‫صرف عنأي‪.‬‬
‫فكل ما مسه به من السراء والضراء‪ ،‬اهتللدى بهللا طريقةللا إليله‪ ،‬وانأفتللح لله منأله بلاب‬
‫يدخل منأه عليه‪.‬‬
‫والقلب الصحيح‪ :‬هو الذي عرف الحق واتبعه‪ ،‬وعرف الباطل واجتنأبه‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وارزقنأا اجتنأابه‪.‬‬
‫فاللهما أرنأا الحق حةقا‪ ،‬وارزقنأا اتباعه‪ ،‬وأرنأا الباطل باط ة‬
‫ومرض القلوب نوعان‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫مرض شبهات وشكوك‪ ..‬ومرض شهوات وفسوق‪.‬‬
‫وصحة القلب الكاملة تتم بشيئين‪:‬‬
‫كمال معرفته بال وعلمه ويقينأه‪ ..‬وكمال إرادته وحبه لما يحبه ال ويرضاه‪.‬‬
‫ف للإن ك للان عنأ للد النأس للان ش للبهات تع للارض م للا أخ للبر الل ل ب لله‪ ،‬ف للي أص للول ال للدين‬
‫وفروعه‪ ،‬كان علمه منأحرةفا‪ ..‬إوان كانأت إرادته ومحبته مائلة لشيء من معاصي‬
‫ال‪ ،‬كان ذلك انأح ارةفا في إرادته‪ ،‬وهما متلزمان ل ينأفك أحدهما عن الخر‪.‬‬
‫فل تغل للب عل للى العب للد الش للبهات إل بفس للاد علم لله ب للال‪ ،‬وجهل لله بع للدله وقض للائه‪،‬‬
‫وحكمته وشرعه وجزائه‪.‬‬
‫ول تغل للب علي لله الش للهوات إل بفس للاد نأفس لله‪ ،‬وغلب للة ش للهوات ال للدنأيا علي لله‪ ،‬وغلب للة‬
‫رياساتها وحظوظها على ما عنأد ال والدار الخرةا‪.‬‬
‫إوانأما يكون فقط أحدهما أبرز من الخر‪.‬‬
‫ب‬‫ضا لولهملما لعلذا ب‬ ‫ن‬ ‫فمن الول قوله سبحانأه‪) :‬إفي مقملوبإإهلما لملر ب‬
‫ض فل لازلدمهمما اللهم لملر ة‬
‫ألإليبما بإلما لكانأموا ليلكإذمبولن ﴿‪] (﴾10‬البقرةا‪.[10 :‬‬
‫ومن الثانأي قوله سبحانأه‪) :‬ليا نأإلسالء الننأبإلي للستمنن لكأللحرد إملن اللنألسللاإء إإن اتنقلليتملنن فللل‬
‫ض لومقلل للن قلل للوةل لملعمروفة للا ﴿‪(﴾32‬‬ ‫طلمل للع النل لإذي إف للي لقلبإل لإه لمل للر ب‬
‫ضل للعلن بإ للالقللوإل فللي ل‬
‫تللخ ل‬
‫]الحزاب‪.[32 :‬‬
‫والقلللب مكللان اليمللان والتقللوى‪ ،‬كمللا أن المعللدةا مكللان الطعللاما والشلراب‪ ،‬واليمللان‬
‫في القلب يحرك البدن لطاعلة الل‪ ،‬كملا أن الطعلاما فلي المعلدةا يملد البلدن بالغلذاء‬
‫الذي به تتما صحته وتكمل حركته‪.‬‬
‫فالقلب يحتاج إلى غذاء اليمان‪ ،‬والبدن يحتاج إلى أكل الطيبات‪ ،‬وكلهما لزما‬
‫للنأسان‪ ،‬وكماله باجتماعهما‪ ،‬وهلكه بفقدهما‪.‬‬
‫ولهذا أمرنأا ال عنز وجنل بهذا وهذا فقال سبحانأه‪) :‬ليا ألليلها النإذيلن لآلمنأموا مكلموا إملن‬

‫‪115‬‬
‫طليلباإت لما لرلزلقلنأامكلما لوالشمكمروا لإلنإه إلن مكلنأتملما إنياهم تللعمبمدولن ﴿‪] (﴾172‬البقرةا‪.[172 :‬‬
‫ل‬
‫والقلل للب منأل للزل الملئكل للة‪ ،‬ومهبل للط أثرهل للما‪ ،‬والصل للفات الرديئل للة فيل لله مثل للل الغضل للب‬
‫والشهوةا المحرمة‪ ،‬والحقد والحسد‪ ،‬والكللبر والعجلب‪ ،‬وأخواتهللا كلهللا كلب نأابحللة‪،‬‬
‫فأنأى تدخله الملئكة وهو مشحون بالكلب؟‪.‬‬
‫وحراما على قلب أن يدخله النأور‪ ،‬وهو مظلما فيه شيء مما يكره ال عنز وجنل‪.‬‬
‫وعلل القلب كثيرةا مؤلمة أشد من ألما البدن‪.‬‬
‫ل‪ ..‬فإن كان المرض داء البخللل‪ ..‬فعلجله بلذل‬
‫وعلجها‪ :‬أن ينأظر إلى العلة أو ة‬
‫المال‪ ..‬ولكن ل يسرف‪ ،‬أو يبذر‪ ،‬ول يقتر‪.‬‬
‫ومعرفة الوسط تكون بأن تنأظر إلى نأفسك‪.‬‬
‫فلإن كللان إمسلاك الملال وجمعله‪ ،‬أللذ عنأللدك مللن بلذله لمسللتحقه‪ ،‬فلاعلما أن الغللالب‬
‫عليك البخل‪ ،‬فعالج نأفسك بالبذل‪.‬‬
‫إوان كللان البللذل ألللذ عنأللدك وأخللف عليللك مللن المسللاك‪ ،‬فقللد غلللب عليللك التبللذير‪،‬‬
‫فارجع إلى المواظبة على المساك‪.‬‬
‫ول ت لزال ت ارقللب نأفسللك‪ ،‬حللتى تنأقطللع علقللة قلبللك بالمللال‪ ،‬فل تبللالي مللن قلتلله أو‬
‫كثرته‪ ،‬ول تميل إلى بذله ول إمساكه‪.‬‬
‫فكل قلب صار كذلك فقد جاء ال سليةما‪.‬‬
‫إواذا أراد ال بعبد خيل ةار بص ره بعيلوب نأفسله‪ ..‬إواذا علرف العيلوب أمكنأله العلج‪..‬‬
‫وما أنأزل ال داء إل أنأزل له دواء‪ ..‬علمه من علمه وجهله من جهله‪.‬‬
‫وعلج أدواء القلوب معلوما موجود‪ ،‬وهو أن تعرف فاطرها ومعبودها وتطيع‬
‫أمره‪ ..‬وتحب ما يحب‪ ..‬وتحذر مما يكره‪ ..‬وذلك كله في كتاب ال وسنأة‬
‫ت لآلياتمهم‬ ‫صل ل‬‫رسوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬لوللو لجلعللنأاهم قم للآرةنأا أللعلجإمليا للقالموا للولل فم ل‬
‫ألأللعلجإمدي لولعلربإدي مقلل مهلو لإلنإذيلن لآلمنأموا مهةدى لوإشلفابء لوالنإذيلن لل ميلؤإممنأولن إفي لآلذانأإإهلما‬

‫‪116‬‬
‫ك ميلنأالدلولن إملن لملكارن لبإعيرد ﴿‪] (﴾44‬فصلت‪.[44 :‬‬
‫لولقبر لومهلو لعلليإهلما لعةمى مأولئإ ل‬

‫‪‬‬

‫‪117‬‬
‫‪60‬فقه أمراض القلوب وعإلجاها ‪19-‬‬

‫ب ألإلي لبما بإلمللا‬


‫ضللا لولهم للما لع للذا ب‬ ‫ن‬ ‫قللال ال ل تعللالى‪) :‬إفللي مقلمللوبإإهلما لم للر ب‬
‫ض فل لازلدمه لمما الل لهم لملر ة‬
‫لكانأموا ليلكإذمبولن ﴿‪] (﴾10‬البقرةا‪.[10 :‬‬
‫ك لملع النإذيلن ليلدمعولن لرنبهملما إباللغلداإةا لواللعإشللي ميإريلمدولن‬ ‫صبإلر لنألفلس ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لوا ل‬
‫ك لعلنأهملما تمإريمد إزيلنأةل اللحلياإةا اللدلنأليا لولل تمإطلع لملن أللغلفللنأا لقللبهم لع للن‬ ‫لولجهلهم لولل تللعمد لعليلنأا ل‬
‫طا ﴿‪] (﴾28‬الكهف‪.[28 :‬‬ ‫إذلكإرلنأا لواتنلبلع لهلواهم لولكالن أللممرهم فممر ة‬
‫مرض القلب‪ :‬هو نأوع فساد يحصل له‪ ،‬ويفسد به تصوره إوارادته‪.‬‬
‫ففس للاد تصللوره يك للون بالش للبهات الللتي تعللرض للله‪ ،‬حللتى ل يللرى الح للق‪ ،‬أو يل لراه‬
‫خلف ما هو عليه‪.‬‬
‫وفساد إرادته يكون ببغض الحق النأافع‪ ،‬وحب الباطل الضار‪.‬‬
‫فلهللذا يفسللر المللرض تللارةا بالشللك كمللا قللال سللبحانأه عللن المنأللافقين‪) :‬إفللي مقلمللوبإإهلما‬
‫ضا( ]البقرةا‪.[10 :‬‬ ‫ن‬
‫ض فل لازلدمهمما اللهم لملر ة‬
‫لملر ب‬
‫وتارةا يفسر بالشهوةا كما قال سبحانأه‪) :‬ليا نأإلسالء الننأبإلي للستمنن لكأللحرد إملن اللنألساإء إإن‬
‫ض لومقلللن قلللوةل لملعمروفةللا ﴿‬ ‫طلمللع النلإذي إفلي لقلبإلإه لمللر ب‬
‫ضللعلن بإلالقللوإل فللي ل‬
‫اتنقلليتمنن فللل تللخ ل‬
‫‪] (﴾32‬الحزاب‪.[32 :‬‬
‫والمريللض يللؤذيه مللا ل يللؤذي الصللحيح‪ ،‬والمللرض فللي الجملللة يضللعف النأسللان‪،‬‬
‫ويجعل قوته ضعيفة ل تطيق ما يطيقه القوي‪.‬‬
‫والمرض يقوى بمثل سببه ويزول بضده‪ ،‬فإذا حصل للمريض مثللل سللبب مرضلله‬
‫زاد مرضه‪ ،‬وزاد ضعف قوته‪ ،‬حتى ربما هلك‪.‬‬
‫ومرض القلب‪ :‬ألما يحصل في القللب كلالغيظ ملن علدو اسلتولى عليلك‪ ،‬فإن ذللك‬
‫يؤلما القلب‪.‬‬

‫‪ - 60‬موسوعة خطب المنأبر ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ (2256‬وموسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(73‬‬

‫‪118‬‬
‫وكذلك الشك والجهل يؤلما القلب‪ ،‬وشفاء العي السؤال‪.‬‬
‫والمرض دون الموت‪ ،‬فالقلب يموت بالجهل المطلق‪ ،‬ويمرض بنأوع مللن الجهللل‪،‬‬
‫فللقلب موت ومرض‪ ،‬وحياةا وشفاء‪ ..‬كالبدن تمامةا‪.‬‬
‫وحيللاةا القلللب ومللوته‪ ،‬ومرضلله وشللفاؤه‪ ،‬أعظللما مللن حيللاةا البللدن ومللوته‪ ،‬ومرضلله‬
‫وشفائه‪.‬‬
‫فلهللذا مريللض القلللب إذا ورد عليلله شللبهة أو شللهوةا قللوت مرضلله‪ ،‬إوان حصلللت للله‬
‫حكمة وموعظة كانأت من أسباب صلحه وشفائه‪.‬‬
‫والقرآن شلفاء لملا فلي الصدور‪ ،‬وملن فلي قلبله أملراض الشلبهات والشلهوات‪ ،‬ففلي‬
‫القرآن من البينأات ما يزيل الحق من الباطل‪.‬‬
‫فيزيل أمراض الشبهة المفسدةا للعلما والتصور والدراك‪ ،‬بحيث يرى الشياء على‬
‫ما هي عليه‪.‬‬
‫وفيلله مللن الحكمللة‪ ،‬والموعظللة الحسللنأة‪ ،‬والقصللص الللتي فيهللا عللبرةا‪ ،‬مللا يللوجب‬
‫صلحا القلب‪ ،‬فيرغب فيما ينأفعه‪ ،‬ويحذر ما يضره‪.‬‬
‫فللالقلب يتغللذى مللن اليمللان والقل لرآن بمللا يزكيلله ويشللفيه‪ ،‬كمللا يتغللذى البللدن مللن‬
‫الطعاما والشراب بما ينأميه ويقومه‪ ،‬فزكاةا القلب مثل نأماء البدن‪.‬‬
‫والقلب يحتاج أن يتربى فينأملو ويزيلد‪ ،‬حتى يكملل ويصللح‪ ،‬كملا يحتلاج البلدن أن‬
‫يربى بالغذية المصلحة له‪ ،‬ول بند مع ذلك من منأع ما يضره‪.‬‬
‫فالصللدقة مثلة تزكللي القلللب‪ ،‬وكللذلك تللرك الفلواحش والمعاصللي يزكللو بهللا القلللب‪،‬‬
‫فإنأها بمنأزلة الخلط الرديئة في البدن‪.‬‬
‫فللإذا اسللتفرغ البللدن مللن الخلط الرديئللة‪ ،‬اسللتراحا البللدن ونأمللا‪ ،‬وكللذلك القلللب إذا‬
‫تللاب مللن الللذنأوب‪ ،‬كللان اسللتف ارةغا مللن تخليطللاته‪ ،‬حيللث خلللط عملة صللالةحا وآخللر‬
‫سيةئا‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫فللإذا تللاب العبللد مللن الللذنأوب والمعاصللي‪ ،‬تخلصللت قل لوةا القلللب إوارادتلله للعمللال‬
‫الصالحة‪ ،‬واستراحا القلب من تلك المواد الفاسدةا التي كانأت فيه‪.‬‬
‫فصلللحا القلللب فللي العللدل وهللو التوحيللد واليمللان‪ ،‬وفسللاده فللي الظلللما وهللو الشللرك‬
‫والكفر‪.‬‬
‫ولهذا جميع الذنأوب يكون العبد فيها ظالةما لنأفسه‪ ،‬وظالماة لغيره‪.‬‬
‫والعمل له أثر في القلب‪ ،‬من نأفع وضر‪ ،‬وصلحا وفساد‪ ،‬قبل أثره في الخارج‪.‬‬
‫وصحة القلب وصلحه في العدل‪ ،‬ومرضه من الزيغ والنأحراف والظلما‪.‬‬
‫والظلم كله من أمراض القلوب بأنواعه الثلثة‪:‬‬
‫الظلما في حق الرب‪ ..‬والظلما في حق النأفس‪ ..‬والظلما في حق الخلق‪.‬‬
‫وأصللل صلللحا القلللب هللو حيللاته واسللتنأارته كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬أللولم للن لكللالن لمليتةللا‬
‫س لكلم للن لمثللملهم إفللي الظللململلاإت للي للس‬
‫فلأللحليليلنأللاهم ولجلعللنأللا ل لهم نأمللوةار ليلمإشللي بإ لإه إفللي الننأللا إ‬
‫ل‬
‫ك مزليلن إلللكاإفإريلن لما لكانأموا ليلعلمملولن ﴿‪] (﴾122‬النأعاما‪.[122 :‬‬ ‫بإلخاإررج إملنألها لكلذإل ل‬
‫ومممن أمممراض القلمموب الحسممد‪ :‬وهللو البغللض والك ارهللة لمللا ي لراه مللن حسللن حللال‬
‫المحسود‪.‬‬
‫والحسد نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬كراهة النأسان للنأعمة على غيره مطلةقا‪ ،‬وهذا هللو الحسللد المللذموما‪ ،‬إواذا‬
‫ضللا فللي قلبلله‪،‬‬
‫أبغللض ذلللك فللإنأه يتللألما ويتللأذى بوجللود مللا يبغضلله‪ ،‬فيكللون ذلللك مر ة‬
‫ويلتللذ بللزوال النأعمللة عنألله‪ ،‬إوان لللما يحصللل للله نأفللع بزوالهللا‪ ،‬لكللن نأفعلله زوال اللللما‬
‫الذي كان في نأفسه‪.‬‬
‫الثمماني‪ :‬أن يكل لره فضللل ذلللك الشللخص عليلله‪ ،‬فيحللب أن يكللون مثللله‪ ،‬أو أفضللل‬
‫منأه‪ ،‬فهذا حسد‪ ،‬وهو الذي يسمى الغبطة والمنأافسة‪.‬‬
‫وه للذا إوان ك للان مباحل لةا‪ ،‬إل أن الس للالما م للن ه للذه الم للور أرف للع درج للة مم للن عنأ للده‬

‫‪120‬‬
‫منأافسة وغبطة‪.‬‬
‫ويعرض لكل قلب مرضان عظيمان وهما‪:‬‬
‫مرض الرياء‪ ..‬ومرض الكبر‪.‬‬
‫ك لنألستلإعيمن )‪] (5‬الفاتحة‪.[5 :‬‬‫ك لنألعمبمد ل إوإانيا ل‬
‫فدواء مرض الرياء بل‪) :‬إنيا ل‬
‫ك لنألستلإعيمن )‪] (5‬الفاتحة‪.[5 :‬‬ ‫ودواء مرض الكبر بل‪) :‬إنيا ل‬
‫ك لنألعمبمد ل إوإانيا ل‬
‫ف للإذا ع للوفي المس لللما م للن م للرض الري للاء بإي للاك نأعبللد‪ ..‬وم للن م للرض الك للبر بإيللاك‬
‫نأسللتعين‪ ..‬ومللن مللرض الجهللل والضلللل باهللدنأا الصلراط المسللتقيما‪ ..‬فقللد عللوفي‬
‫ملن أم ارضله وأسلقامه‪ ..‬وكلان ملن المنأعلما عليهلما‪ ،‬غير المغضلوب عليهلما‪ ..‬وهلما‬
‫الللذين عرفل لوا الحللق وعللدلوا عنألله‪ ..‬ول الضللالين‪ ..‬وهللما الللذين جهلل لوا الحللق ولللما‬
‫يعرفوه‪.‬‬
‫وزكاةا القلب موقوفة على طهارته‪ ،‬كما أن زكاةا البدن موقوفة عللى اسلتفراغه ملن‬
‫طاإن لولمللن‬ ‫أخلطلله الرديئللة الفاسللدةا‪) :‬ليللا ألليهلللا النلإذيلن لآلمنأملوا لل تلتنبإمعلوا مخطمللواإت النشللي ل‬
‫ضل لمل اللنل لإه لعلليمكل للما‬
‫طاإن فلل لإننأهم ليل للأمممر إبالفللحلش للاإء لوالمملنألكل لإر لولل للولل فل ل‬
‫ليتنبإل للع مخطمل للواإت النشل للي ل‬
‫لولرلحلمتمهم لما لزلكا إملنأمكلما إملن أللحلرد أللبلةدا لولإكلنن اللنلهل ميلزلكللي لمللن ليلشلامء لواللنلهم لسلإميعب لعإليلبما )‬
‫‪] ((21‬النأور‪.[21 :‬‬
‫صل ل لنلى )‪((15‬‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫وق ل للال سل للبحانأه‪) :‬قلل ل للد أللفلل ل للح لمل ل للن تللزكل للى )‪ (14‬لولذلكل ل للر السل ل للما لرلبل ل له فل ل‬
‫]العألى‪.[15 ،14 :‬‬
‫فأص للل م للا تزك للو ب لله الرواحا والقل للوب ه للو التوحي للد واليم للان‪ ،‬ال للذي بهم للا يزك للو‬
‫القلب‪ ،‬وينأشرحا الصدر‪.‬‬
‫فللإن ذلللك يتضللمن نأفللي إلهيللة مللا سللوى الحللق مللن القلللب‪ ،‬وذلللك طهللارته‪ ،‬إواثبللات‬
‫إلهيته سبحانأه‪ ،‬وهو أصل كل زكاةا ونأماء‪.‬‬
‫فللإن الللتزكي إوان كللان أصللله النأمللاء والزيللادةا والبركللة‪ ،‬فللإنأه كللذلك يحصللل بإ ازلللة‬

‫‪121‬‬
‫الشر‪.‬‬
‫فلهذا صار التزكي ينأتظما المرين جميةعا‪.‬‬
‫فملن غلض بص ره عملا حلرما الل علنز وجلنل‪ ،‬عوضله الل تعلالى ملن جنأسله ملا هو‬
‫خير منأه‪ ،‬فمن أمسك نأور بصره عن المحرمللات‪ ،‬أطللق الل نأللور بصلليرته وقلبلله‪،‬‬
‫فرأى به ما لما يره من أطلق بصلره‪ ،‬وللما يغضله علن محلارما الل تعلالى‪ ،‬وهلذا أمر‬
‫يحسه النأسان من نأفسه‪.‬‬
‫والقلللوب تمللرض كمللا تمللرض البللدان‪ ،‬وتعتريهللا الفللات كمللا تعللتري العضللاء‬
‫والجوارحا‪.‬‬
‫وكما أن للبدان غذاةء ودواةء‪ ،‬فكذلك للقلوب غذاء ودواء‪.‬‬
‫وعلملة صلحة القللب قبلوله ملا ينأفعله ويغلذيه ملن اليملان‪ ،‬ومعرفلة ربه‪ ،‬ومعرفلة‬
‫أسمائه وصفاته وأفعاله‪ ،‬وحب الطاعات والعمال الصللالحة‪ ،‬والعلراض والنأفللرةا‬
‫عما سوى ذلك‪.‬‬
‫وعلم للة فس للاد القل للب‪ ،‬ع للدوله ع للن الغذي للة النأافع للة إل للى الغذي للة الض للارةا‪ ،‬م للن‬
‫الكذب والنأفلاق والريلاء‪ ،‬والحقلد والحسلد‪ ،‬والعجلب والكلبر‪ ،‬والجهلل والظللما‪ ،‬ونأحلو‬
‫ذلك من حب المعاصي والفواحش والمنأكرات‪.‬‬
‫صره بعيوب نأفسه‪ ،‬فإذا عرف العيوب أمكنأه العلج‪،‬‬ ‫ر‬
‫إواذا أراد ال بعبد خي ةار ب ل‬
‫ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنأفسهما‪ ،‬بسبب موت قلوبهما أو مرضها أو‬
‫نأقص إدراكها‪ ،‬بحيث ل تميز بين القبيح والمليح وما يزينأها وما يشينأها‪ ،‬وما‬
‫ب ليلعإقملولن بإلها أللو‬ ‫ينأفعها وما يضرها‪) :‬أللفللما ليإسيمروا إفي اللللر إ‬
‫ض فلتلمكولن لهملما مقملو ب‬
‫صمدوإر‬‫ب النإتي إفي ال ل‬ ‫إ‬
‫صامر لولكلن تللعلمى المقملو م‬ ‫لآلذابن ليلسلممعولن بإلها فلإننألها لل تللعلمى اللللب ل‬
‫)‪] ((46‬الحج‪.[46 :‬‬
‫والل علنز وجلنل خلللق طبيعللة الغضللب مللن النأللار‪ ،‬وغرزهللا فللي النأسللان‪ ،‬فللإذا صلند‬

‫‪122‬‬
‫النأسان عن غرض من أغراضه‪ ،‬اشلتعلت نألار الغضللب‪ ،‬وثلارت ثو ارةنألا يغللي بله‬
‫دما القلب‪ ،‬وينأتشر في العروق‪ ،‬ويرتفع إلى أعالي البدن كما ترتفع النأار‪.‬‬
‫وقل لوةا الغضللب محلهللا القلللب‪ ،‬ومعنأاهللا‪ :‬غليللان دما القلللب بطلللب النأتقللاما‪ ،‬إوانأمللا‬
‫تت للوجه ه للذه القل لوةا عنأ للد ثورانأه للا إل للى دف للع المؤذي للات قب للل وقوعه للا‪ ،‬إوال للى التش للفي‬
‫والنأتقاما بعد وقوعها‪.‬‬
‫والنأتقاما قوت هذه القوةا وشهوتها ول تسكن إل به‪.‬‬
‫والسباب المهيجة للغضب هي‪:‬‬
‫الزه للو‪ ..‬والعج للب‪ ..‬والمل لزاحا‪ ..‬واله للزل‪ ..‬واله للزء‪ ..‬والتعيي للر‪ ..‬والغ للدر‪ ..‬وش للدةا‬
‫الحرص على فضول المال والجللاه‪ ..‬ونأحوهللا مللن الخلق الرديئلة‪ ..‬ول خلص‬
‫من الغضب مع بقاء هذه السباب‪.‬‬
‫فل بزد من إزالة هذه السباب المهلكة بأضدادها المنجية‪:‬‬
‫فتميلت الزهلو بالتواضلع‪ ..‬وتميلت العجب بمعرفتلك بنأفسلك‪ ..‬وتزيلل الفخر بأنألك‬
‫من جنأس عبدك‪ ..‬إوانأما الفخر بالفضائل‪.‬‬
‫والفخر والعجب والكبر أكبر الرذائل‪ ،‬وأشدها هلكاة للعبد‪.‬‬
‫وأمللا الملزاحا فللتزيله بالمهمللات الدينأيللة الللتي تسللتوعب العمللر‪ ،‬مللن الللذكر والعبللادةا‪،‬‬
‫والعلما والدعوةا‪.‬‬
‫وأما الهزل فتزيله بالجد فلي طللب الفضلائل‪ ،‬والخلق الحسلنأة‪ ،‬والعللوما الشلرعية‬
‫التي تبلغك إلى سعادةا الخرةا‪.‬‬
‫وأما الهزء فتزيله بالتكرما عن إيذاء النأاس‪ ،‬وبصيانأة النأفس عن أن ميسته أز بها‪.‬‬
‫وأما التعيير فتزيله بالحذر عن القول القبيح‪ ،‬وصيانأة النأفس عن مملر الجواب‪.‬‬
‫وأمللا شللدةا الحللرص فللتزال بالقنأاعللة بقللدر الضللرورةا‪ ،‬طلةبللا لعللز السللتغنأاء‪ ،‬وترفةعللا‬
‫عن ذل الحاجة‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫فهذا حسم لمواد الغضب‪ ،‬وقطع لسبابه‪ ،‬حتى ل يهيج‪ ،‬فيهلك صاحبه‪:‬‬
‫فللإذا جللرى سللبب هيجللانأه‪ ،‬فعنأللد ذلللك يجللب الصللبر والتثبللت‪ ،‬حللتى ل يقللع مللا ل‬
‫تحمد عقباه‪.‬‬
‫إوانأما يعالج الغضب عنأد هيجانأه بمعجون العلما‪ ..‬والعمل‪ ..‬والصبر‪.‬‬
‫أما العلما فيعلما العبد فضل كظما الغيظ‪ ،‬والعفو والحللما‪ ،‬وملا فلي ذللك ملن الثلواب‪،‬‬
‫فتمنأعه شدةا الحرص على الثواب من التشفي والنأتقاما‪ ،‬فيسللكن غضللبه‪ ،‬ويخللوف‬
‫نأفسه بعقاب ال‪ ،‬ويقول‪ :‬قدرةا ال علي أعظما من قدرتي على هذا النأسان‪.‬‬
‫ويحللذر نأفسلله عاقبللة العللداوةا والنأتقللاما‪ ،‬وتشللمر العللدو لمقللابلته والسللعي فللي هللدما‬
‫أغ ارضلله‪ ،‬ويفك للر بقب للح صللورته عنأللد الغضللب‪ ،‬وأنأ لله كللالكلب الضللاري‪ ،‬والس للبع‬
‫العادي‪.‬‬
‫أما الحليما الهادي فهو كالنأبياء والولياء في علمه وحلمه‪ ،‬وكالقمر في نأوره‪.‬‬
‫ويقل للول لنأفسل لله‪ :‬ت للأنأفين مل للن الحتمل للال الن‪ ،‬ول ت للأنأفين م للن خل للزي يل لوما القيامل للة‪،‬‬
‫وتحذرين من أن تصغري في أعين النألاس‪ ،‬ول تحلذرين ملن أن تصلغري عنألد الل‬
‫والملئكة‪ ،‬وأنأه يوشك أن يكون غضب ال عليه أعظما من غضبه‪.‬‬
‫وأما العمل‪ ،‬فإنه يقول من أصابه الغضب‪:‬‬
‫أعل للوذ ب للال مل للن الش لليطان الرجيل للما‪ ،‬فل للإن لل للما يل لمزلل ب للذلك ف للاجلس إن كنأل للت قائةمل للا‪،‬‬
‫واضطجع إن كنأت جالةسا‪ ،‬فإن لما يزل بذلك فليتوضأ بالماء البارد وليصللل‪ .‬وأمللا‬
‫الصبر فيتذكر عاقبته‪ ،‬وثوابه الجزيل في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫وأما الحقد‪ ،‬فإن الغضب إذا لزما كظمه‪ ،‬لعجز عن التشللفي فللي الحللال‪ ،‬رجللع إلللى‬
‫البل ل للاطن واحتقل ل للن فيل ل لله‪ ،‬فصل ل للار حق ل ل لةدا ينأشل ل للأ عنأل ل لله الحسل ل للد للنأسل ل للان‪ ،‬وهج ل ل لره‪،‬‬
‫والستصغار له‪ ،‬وذمه‪ ،‬والستهزاء بله‪ ،‬إوايلذاؤه‪ ،‬ومنأعله حقله ملن قضاء ديلن‪ ،‬أو‬
‫صلة رحما‪ ،‬أو رد مظلمة‪ ،‬وكل ذلك حراما‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫والحسد من نتائج الحقمد‪ ،‬والحقمد ممن نتائمج الغضمب‪ ،‬والحسمد يأكمل الحسمنات‬
‫كما تأكممل النممار الحطممب‪ ،61‬ول حسممد إل علممى نعمممة‪ ،‬فممإذا أنعممم المم علممى أخيممك‬
‫بنعمة فلك فيها حالتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن تكره تلك النأعمة وتحب زوالها‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أن ل تحب زوالها عنأه‪ ،‬ول تكلره وجودهلا‪ ،‬ولكلن تشتهي لنأفسلك مثلهلا‪،‬‬
‫فالولى حراما‪ ،‬والثانأية جائزةا‪.‬‬
‫وأشللد أسللباب الحسللد العللداوةا والبغضللاء‪ ،‬فمللن آذاه شللخص وخللالفه أبغضلله قلبلله‪،‬‬
‫وغضب عليه وحقد عليه‪ ،‬وانأتقما منأه إن قدر‪.‬‬
‫ومنأها التعزز‪ ،‬فإن أصاب أحد أقرانأه ولية أو مالة أو علةما ثقل عليه‪ ،‬وخللاف أن‬
‫يتكبر عليه‪ ،‬ول يطيق تكبره فيحسده‪.‬‬
‫ومن أسباب الحسلد الكلبر‪ ،‬وهلو أن يكلون فلي طبعله أن يتكلبر عليله‪ ،‬ويستصلغره‬
‫ويستخدمه‪ ،‬فإذا نأال نأعمة خاف أل يحتمل تكبره ويترفع عن متابعته‪.‬‬
‫ومنأها العجب‪ ،‬فيتعجب أن يفلوز برتبة عالية ملن دونأله‪ ،‬وهلو أقلل منأله فيملا يلرى‬
‫فيحسده‪.‬‬
‫ومنأهللا الخللوف مللن فللوت المقاصللد‪ ،‬ومنألله ت ازحللما الضلرات علللى مقاصللد الزوجيللة‪،‬‬
‫وتزاحما الخوةا على نأيل المنأزلة في قلب البوين‪.‬‬
‫ومنأهللا حللب النأف لراد بالرياسللة‪ ،‬وطلللب الجللاه لنأفسلله‪ ،‬كمللن يحللب أن يكللون عللديما‬
‫النأظير‪ ،‬ليس مثله أحد‪ ،‬ليقال أنأه فريد عصره‪.‬‬
‫ومنأهللا خبللث النأفللس وشللحها بللالخير لعبللاد اللل‪ ،‬فيضلليق ذرةعللا إذا سللمع بأحللد نأللال‬
‫نأعمة‪ ،‬ويفرحا بإدبار أحوال النأاس‪ ،‬نأعوذ بال من ذلك الخلق الشيطانأي‪.‬‬
‫ومنأشأ جميع ذلك حب اللدنأيا‪ ،‬فلإن الدنأيا هلي التي تضليق عللى الملتزاحمين‪ ،‬أملا‬

‫‪ - 61‬سنأن أبى داود برقما )‪ (4905‬حديث حسن‬

‫‪125‬‬
‫الخللرةا فل ضلليق فيهللا‪ ،‬ومجللال المسللارعة والمسللابقة إلللى الخيلرات مفتلوحا لجميللع‬
‫العباد‪.‬‬
‫وال عنز وجنل يحدث فللي قلللب مللن يشلاء مللن عبلاده مللا شللاء‪ ،‬ويطلعلله علللى أمللور‬
‫تخفللى علللى غي لره‪ ،‬وقللد يمسللكها عنألله بالغفلللة عنأهللا‪ ،‬ويواريهللا عنألله بللالغين الللذي‬
‫يغشللى قلبلله‪ ،‬وهللو أرق الحجللب‪ ..‬أو بللالغيما‪ ،‬وهللو أغلللظ منألله‪ ..‬أو بللالران‪ ،‬وهللو‬
‫أشدها‪.‬‬
‫فالول‪ :‬وهو الغين يقع للنأبياء والرسل‪ ،‬كما قال النألبي صللى الل عليله وسللما ‪:‬‬
‫سممتكدغإفسر الكمم‪ ،‬إفممي ادلكيممدوإم‪ ،‬إماكئممكة كمممزرنة« أخرجممه‬
‫»إزنمممسه لكسيكغمماسن كعلكمممى كقدلإبممي‪ ،‬ك إوإابنممي ل د‬
‫مسلم)‪.(62‬‬
‫والثاني‪ :‬وهو الغيما‪ ،‬يكون للمؤمنأين‪.‬‬
‫والثالثا‪ :‬وهو الران‪ ،‬يكون لمن غلبت عليه الشقوةا‪ ،‬كما قال سبحانأه‪) :‬لكنل لبلل‬
‫لارلن لعللى مقملوبإإهلما لما لكانأموا ليلكإسمبولن )‪] ((14‬المطففين‪.[14 :‬‬
‫والحجب التي تحول بين القلب وبين ال عشرة‪:‬‬
‫الول‪ :‬حجلاب التعطيللل والكفللر‪ ،‬وهلو أغلظهلا‪ ،‬فل يتهيللأ لصللاحب هلذا الحجلاب‬
‫أن يعرف ال‪ ،‬ول يصل إ ليه البتة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬حجاب الشرك‪ ،‬وهو أن يعبد مع ال غيره‪.‬‬
‫الثالثا‪ :‬حجاب البدعة القولية‪ ،‬كحجاب أهل الهواء‪.‬‬
‫ال اربممع‪ :‬حجللاب البدعللة العمليللة‪ ،‬كحجللاب أهللل السلللوك المبتللدعين فللي طرقهللما‬
‫المخالفة للسلف الصالح‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬حجللاب أهللل الكبللائر الباطنأللة‪ ،‬كحجللاب أهللل الكللبر والعجللب‪ ،‬والريللاء‬
‫والحسد‪ ،‬والفخر والخيلء‪ ،‬ونأحوها‪.‬‬

‫‪ ()62‬أخرجه مسلما برقما )‪.(2702‬‬

‫‪126‬‬
‫السادس‪ :‬حجاب أهل الكبائر الظللاهرةا‪ ،‬وهللؤلء حجللابهما أرق وأخلف مللن حجللاب‬
‫أهل الكبائر الباطنأة مع كثرةا عبادتهما وزهدهما كالخوارج‪ ،‬وكبائر هؤلء أقرب إلى‬
‫التوبة من كبائر أهل الكبائر الباطنأة‪.‬‬
‫السابع‪ :‬حجاب أهل الصغائر‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬حجاب أهل الفضلت والتوسع في المباحات‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬حجاب أهل الغفلة عن استحضار ما خلقلوا للله‪ ،‬ومللا أريلد منأهللما‪ ،‬ومللا لل‬
‫عليهما من دواما ذكره وشكره وعبوديته‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬حجاب المجتهدين السالكين المستمرين في السير عن المقصود‪.‬‬
‫فهذه عشرةا حجب تحول بين القلب وبين ال سبحانأه وتعالى‪.‬‬
‫وهذه الحجب تنشأ من أربعة عناصر‪:‬‬
‫عنأصر النأفس‪ ..‬وعنأصر الشيطان‪ ..‬وعنأصر الهوى‪ ..‬وعنأصر الدنأيا‪.‬‬
‫فل يمكن كشف هذه الحجب مع بقاء أصولها وعنأاصرها في القلب البتة‪.‬‬
‫وهللذه الربعللة تفسللد القللول والعمللل والقصللد أن يصللل إلللى القلللب‪ ،‬ومللا وصللل إلللى‬
‫القلب قطعت عليه الطريق أن يصل إلى الرب‪.‬‬
‫فإن حاربها العبد‪ ،‬وخلص العمل إلى قلبله دار فيله‪ ،‬وطللب النأفلوذ ملن هنألاك إللى‬
‫اللل‪ ،‬فللإنأه ل يسللتقر دون الوصللول إليلله‪) :‬لوألنن إلللى لرلب ل ل‬
‫ك المملنأتلهلللى )‪] ((42‬النأجللما‪:‬‬
‫‪.[42‬‬
‫فللإذا وصللل إلللى ال ل ع لنز وج لنل أثللابه عليلله مزيلةدا مللن اليمللان واليقيللن‪ ،‬وجمللل بلله‬
‫ظللاهره وبللاطنأه‪ ،‬فهللداه بلله لحس للن الخلق والعم للال‪ ،‬وصللرف عنألله بلله س لليئ‬
‫الخلق والعمال‪.‬‬
‫وأقاما ال سبحانأه من ذلك العمل جنأةدا يحارب به قطاع الطريق للوصول إليه‪.‬‬
‫فيحارب الدنأيا بالزهد فيها‪ ،‬إواخراجها من قلبه‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫ويحللارب الشلليطان بللترك السللتجابة لللداعي الهللوى‪ ،‬فللإن الشلليطان مللع الهللدى ل‬
‫يفارقه‪.‬‬
‫ويحارب الهوى بتحكيما المر الشرعي المطلق‪ ،‬والوقوف مع الهدى‪.‬‬
‫ويحارب النأفس بقوةا الخلص‪ ،‬وتقديما مراد ال على مرادها‪.‬‬
‫إوان دار العمللل فللي القلللب‪ ،‬ولللما يجللد منأف لةذا إلللى اللل‪ ،‬وثبللت عليلله النأفللس فأخللذته‬
‫وصيرته جنأةدا لها‪ ،‬فصالت به وعلت وطغت‪) :‬لولما أملبلرئم لنألفإسي إنن الننألفلس لللنمللالرةاب‬
‫إباللسوإء إنل لما لرإحلما لرلبي إنن لرلبي لغمفوبر لرإحيبما )‪] ((53‬يوسف‪.[53 :‬‬

‫‪‬‬
‫‪63‬أدوية أمراض القلوب ‪20-‬‬

‫ظل لةب إمل للن لرلبمكل للما لوإشل للفابء لإلمللا إفللي‬
‫قللال الل ل تعللالى‪) :‬ليللا ألليهلللا الننأللامس قلل للد لجللالءتلمكلما لملوإع ل‬
‫صمدوإر لومهةدى لولرلحلمةب إللمملؤإمإنأيلن )‪] ((57‬يونأس‪.[57 :‬‬ ‫ال ل‬
‫وق للال الل ل تع للالى‪) :‬لومنألنأل للزمل إمل للن القمل ل للآرإن لم للا مهل للو إشل للفابء لولرلحلمل لةب لإلممل للؤإمإنأيلن لولل ليإزيل لمد‬
‫ظالإإميلن إنل لخلسا ةار )‪] ((82‬السراء‪.[82 :‬‬ ‫ال ن‬
‫تنقسم أدوية أمراض القلوب إلى قسمين‪:‬‬
‫أدوية طبيعية‪ ..‬وأدوية شرعية‪.‬‬
‫ومرض القلب نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬ملرض ل يتلألما بله صلاحبه فلي الحلال كملرض الجهلل‪ ،‬وملرض الشبهات‬
‫والشللهوات والشللكوك‪ ،‬وهللذا النأللوع هللو أشللد النأللوعين ألةمللا‪ ،‬ولكللن لفسللاد القلللب ل‬
‫يحس باللما‪ ،‬ولن سكر الجهل والهوى يلحول بينأله وبيللن إدراك الللما‪ ،‬وهللو متلوارر‬
‫عنأه لشتغاله بضده‪.‬‬

‫‪ - 63‬موسوعة فقه القلوب ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(80‬‬

‫‪128‬‬
‫وهذا أخطر المرضين وأصعبهما‪ ،‬وعلجه إلى الرسلل وأتبلاعهما‪ ،‬فهلما أطبلاء هلذا‬
‫المرض‪ ،‬ول شفاء منأه إل باتباع ما جاءوا به من الهدى‪.‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬مللرض مللؤلما للله فللي الحللال كللالهما والغللما‪ ،‬والحللزن والغيللظ ونأحوهللا‪،‬‬
‫وهذا المرض قد يلزول بأدويلة طبيعيلة كإ ازللة أسبابه‪ ،‬أو بالملداواةا بملا يضلاد تللك‬
‫السباب‪ ،‬وما يدفع موجبها مع قيامها‪.‬‬
‫فقلب النأسان يتألما بما يتألما به بدنأه‪ ،‬ويشقى بما يشقى به البدن‪ ،‬وأمراض القلب‬
‫التي تزول بالدوية الطبيعية من جنأس أمراض البدن‪ ،‬وهللذه قللد ل تللوجب وحللدها‬
‫شقاءه وعذابه بعد الموت‪.‬‬
‫وأما أمراض القلب التي ل تزول إل بالدوية اليمانأية النأبويللة‪ ،‬فهللي الللتي تللوجب‬
‫للله الشللقاء والعللذاب الللدائما‪ ،‬إن لللما يتللداركها بالدويللة المضللادةا لهللا‪ ،‬فللإذا اسللتعمل‬
‫تلك الدوية حصل له الشفاء‪.‬‬
‫فللالغيظ مثلة مللؤلما للقلللب‪ ،‬ودواؤه فللي شللفاء غيظلله‪ ،‬فللإن شللفاه بحللق اشللتفى‪ ،‬إوان‬
‫شفاه بظلما وباطلل زاد مرضله‪ ،‬واسلتحق العقوبلة عليله‪ ،‬كملن شلفى ملرض العشلق‬
‫بالفجور بالمعشوق‪.‬‬
‫وكللذلك الهللما والغللما والحللزن مللن أمل لراض القلللب‪ ،‬وشللفاؤها بأضللدادها مللن الفل لرحا‬
‫والسرور والنأس‪.‬‬
‫فإن كان بحق شفي القلب‪ ،‬وصح وبرئ من مرضه‪ ،‬إوان كلان بباطللل تلوارى ذلللك‬
‫ضا أصعب وأخطر‪.‬‬
‫واستتر‪ ،‬وأعقب أم ار ة‬
‫وكذلك الجهل مرض مؤلما للقلب‪ ،‬فمن النأاس من يداويه بعلوما ل تنأفع‪ ،‬بللل تزيللده‬
‫ضا إلى مرضه‪ ،‬إوانأما شفاؤه وصحته بالعلوما اليمانأية النأافعة‪.‬‬
‫مر ة‬
‫وكذلك الشاك المرتاب فلي الشلليء‪ ،‬يتللألما قلبله حلتى يحصللل لله العللما واليقيلن بله‪،‬‬
‫ولما كان ذلك يوجب له حرارةا‪ ،‬قيل لمن حصل له اليقين ثللج صلدره‪ ،‬وحصلل له‬

‫‪129‬‬
‫برد اليقين‪.‬‬
‫فمن أمراض القلوب مللا يللزول بالدويللة الطبيعيلة‪ ،‬ومنأهلا ملا ل يللزول إل بالدويللة‬
‫الشرعية اليمانأية‪.‬‬
‫والقلب له حياةا وموت‪ ..‬ومرض وشفاء‪ ..‬وذلك أعظما مما للبدن‪.‬‬
‫وجممماع أمممراض القلمموب هممي أمممراض الشممبهات‪ ،‬وأمممراض الشممهوات‪ ،‬والقممرآن‬
‫شفاء للنوعين‪ ،‬وجميع السقام‪:‬‬
‫ففيلله مللن اليللات والللبراهين القطعيللة مللا يللبين الحللق مللن الباطللل‪ ..‬فللتزول أملراض‬
‫الشبه المفسدةا للعلما والتصور والدراك‪ ..‬بحيث يرى الشياء على ما هي عليه‪.‬‬
‫وفيه إثبات التوحيد‪ ..‬إواثبات الصفات‪ ..‬إواثبات المعاد‪ ..‬إواثبات النأبلوات‪ ..‬وفللي‬
‫ذلك كله شفاء من الجهل‪.‬‬
‫وهللو الشللفاء علللى الحقيقللة مللن أدواء الشللبه والشللكوك‪ ،‬ولكللن ذلللك موقللوف علللى‬
‫فهمه ومعرفة المراد منأه‪.‬‬
‫فمللن رزقلله الل ل تعللالى ذلللك أبصللر الحللق والباطللل عياةنأللا بقلبلله‪ ،‬كمللا يللرى الليللل‬
‫والنأهللار‪ ،‬وعلللما أن مللا عللداه مللن كتللب النأللاس بيللن عل لوما ل ثقللة بهللا‪ ،‬وبيللن ظنأللون‬
‫كاذبة ل تغنأي ملن الحلق شليةئا‪ ،‬وبيلن أملور صلحيحة ل منأفعلة للقلب فيهلا‪ ،‬وبيلن‬
‫علوما صحيحة قد وعروا الطريق إلى تحصيلها‪.‬‬
‫وأمللا شللفاؤه لمللرض الشللهوات‪ ..‬فللذلك بمللا فيلله مللن الحكمللة والموعظللة الحسللنأة‪..‬‬
‫ب للالترغيب وال للترهيب‪ ..‬والتزهي للد ف للي ال للدنأيا‪ ..‬وال للترغيب ف للي الخ للرةا‪ ..‬والمث للال‬
‫والقصص التي فيها أنأواع العبر والستبصار‪.‬‬
‫فيرغب القلب السليما إذا أبصر ذللك فيملا ينأفعله فلي معاشله ومعلاده‪ ،‬ويرغلب عملا‬
‫ضللا للغللي‪ ،‬ويعللود للفطللرةا الللتي فط لره ال ل‬
‫يض لره‪ ،‬فيصللير القلللب محةبللا للرشللد مبغ ة‬
‫عليها‪ ،‬كما يعود البدن المريض إلى صحته‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫ويتغللذى القلللب مللن اليمللان والقل لرآن بمللا يزكيلله ويقللويه‪ ،‬ويؤيللده ويفرحلله‪ ،‬ويسل لره‬
‫وينأشطه كما يتغذى البدن بما ينأميه ويقويه‪.‬‬
‫وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى‪ ،‬فينأمو ويزيد حتى يكمل ويصلح‪.‬‬
‫فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالغذية المصللحة له‪ ،‬والحميلة عملا يضلره‪،‬‬
‫فل ينأمللو إل بإعطللائه ملا ينأفعلله‪ ،‬ومنألع مللا يضلره‪ ،‬فكلذلك القللب ل يزكللو ول ينأملو‬
‫ول يتما صلحه إل بذلك‪ ،‬ول سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إل من القرآن‪.‬‬
‫ونأجاسل للة الفل لواحش والمعاصل للي فل للي القلل للب بمنأزلل للة الخلط الرديئل للة فل للي البل للدن‪،‬‬
‫وبمنأزلة الخبث في الذهب والفضة‪.‬‬
‫فكمللا أن البللدن إذا اسللتفرغ مللن الخلط الرديئللة‪ ،‬تخلصللت القل لوةا الطبيعيللة منأهللا‬
‫فاستراحت‪ ،‬فعملت عملها بل معوق ول ممانأع فنأما البدن‪.‬‬
‫فكذلك القلب إذا تخلص من الذنأوب بالتوبة‪ ،‬فقد استفرغ مللن تخليطلله‪ ،‬فتخلصللت‬
‫قوةا القلب إوارادته للخير‪ ،‬فاستراحا من تلك الجواذب الفاسدةا‪ ،‬والملواد الرديئة فزكلا‬
‫القلللب ونأمللا‪ ،‬وقللوي واشللتد‪ ،‬وجلللس علللى سل لرير ملكلله‪ ،‬ونأفللذ حكملله فللي رعيتلله‪،‬‬
‫فسمعت له وأطاعت‪ ،‬فصلحت المملكة‪.‬‬
‫فزكاةا القلب موقوفة على طهارته‪ ،‬كما أن زكاةا البدن موقوفلة عللى استفراغه ملن‬
‫أخلطه الرديئة الفاسدةا كما قال سبحانأه‪) :‬ليلا ألليهللا النلإذيلن لآلمنأملوا لل تلتنبإمعلوا مخطمللواإت‬
‫ضلمل‬ ‫طاإن فللإننأهم ليللأمممر إبالفللحلشللاإء لوالمملنألكلإر لولللولل فل ل‬
‫طاإن لولمللن ليتنبإللع مخطمللواإت النشللي ل‬ ‫النشللي ل‬
‫ن‬ ‫إ ن‬ ‫ر‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬
‫اللله لعلليمكللما لولرلحلمتملهم لمللا لزلكللا ملنأمكللما مللن أللحلد أللب لةدا لولك لنن الللهل ميلزلكللي لمللن ليلشللامء لوالللهم‬
‫لسإميعب لعإليبما )‪] ((21‬النأور‪.[21 :‬‬
‫ب لملن لدنسلالها )‪] ((10‬الشللمس‪:‬‬ ‫وقال سبحانأه‪) :‬قللد أللفللح لملن لزنكالها )‪ (9‬لوقللد لخا ل‬
‫‪.[10 ،9‬‬
‫والنأسان إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله‪ ،‬أكسبه ذلك تحريةفا للحق عن مواضعه‪،‬‬

‫‪131‬‬
‫فللإنأه إذا قبللل الباطللل أحبلله ورضلليه‪ ،‬فللإذا جللاء الحللق بخلفلله رده وكللذبه إن قللدر‬
‫على ذلك إوال حرفه‪.‬‬
‫فهذا إواخوانأه من الذين لما يرد ال أن يطهر قلوبهما‪ ،‬فإنأها لو طهرت لما‬
‫أعرضت عن الحق‪ ،‬وتعوضت بالباطل عن كلما ال ورسوله‪ ) :‬يا ألليلها النرمسومل‬
‫ك النإذيلن ميلساإرمعولن إفي المكلفإر إملن النإذيلن لقالموا لآلمننأا بإأللفلواإهإهلما لوللما تملؤإملن‬ ‫لل ليلحمزلنأ ل‬
‫ك ميلحلرمفولن‬ ‫مقملومبهملما لوإملن النإذيلن لهامدوا لسنمامعولن لإللكإذإب لسنمامعولن لإقللورما لآلخإريلن للما ليلأمتو ل‬
‫ضإعإه ليمقوملولن إلن مأوإتيتملما لهلذا فلمخمذوهم ل إوإالن للما تملؤتللوهم لفالحلذمروا لولملن‬‫اللكإلما إملن بعإد موا إ‬
‫ل ل لل‬ ‫ل‬
‫طهللر مقملولبهملما‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ك الذيلن للما ميإرد اللهم أللن مي ل‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ك لهم ملن الله لشليةئا مأولئ ل‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫ميإرإد اللهم فتللنأتلهم لفللن تللمل ل‬
‫ب لعإظيبما )‪] ((41‬المائدةا‪.[41 :‬‬
‫ي لولهملما إفي الللإخلرإةا لعلذا ب‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫لهملما في اللدلنأليا خلز ب‬
‫أما القلب الطلاهر‪ ،‬فلكملال حيلاته ونألوره وتخلصله ملن الدران والخبلائث ل يشبع‬
‫من القرآن‪ ،‬ول يتغذى إل بحقائقه‪ ،‬ول يتداوى إل بأدويته‪.‬‬
‫وأمللا القلللب الللذي لللما يطه لره ال ل تعللالى‪ ،‬فللإنأه يتغللذى مللن الغذيللة الللتي تنأاسللبه‪،‬‬
‫بحس للب م للا في لله م للن النأجاس للة‪ ،‬ف للإن القل للب النأج للس كالب للدن العلي للل المري للض‪ ،‬ل‬
‫تلئمه الغذية التي تلئما الصحيح‪.‬‬
‫وطهللارةا القللب موقوفللة علللى إرادةا الل تعللالى الللذي يعلللما مللا فللي القلللوب‪ ،‬ويعلللما مللا‬
‫يصلح له منأها وما ل يصلح‪ ،‬ومن للما يطهلر الل قلبله فل ب لد أن ينألاله الخلزي فلي‬
‫الدنأيا‪ ،‬والعذاب في الخرةا‪ ،‬بحسب نأجاسة القلب وخبثه‪.‬‬
‫فالجنأة دار الطيبين ل يدخلها خبيث‪ ،‬ول مللن فيلله شلليء مللن الخبلث‪ ،‬فمللن تطهلر‬
‫في الدنأيا باليمان والعمال الصالحة‪ ،‬ولقي ال طاه ةار من نأجاساته دخلها بغيللر‬
‫معوق؛ لنأه جاء ربه بقلب سليما‪ ،‬وعمل سليما‪.‬‬
‫ومللن لللما يتطهللر فللي الللدنأيا‪ ،‬فللإن كللانأت نأجاسللته عينأيللة كالكللافر لللما يللدخلها بحللال‪،‬‬
‫إوان ك للانأت نأجاس للته كس للبية عارض للة دخله للا بع للد م للا يتطه للر ف للي النأ للار م للن تل للك‬

‫‪132‬‬
‫النأجاسة‪ ،‬ثما يخرج منأها إلى الجنأة بعد طهارته‪.‬‬
‫وكل للذلك المؤمنأل للون إذا جل للاوزوا الصل لراط حبس ل لوا علل للى قنأطل للرةا بيل للن الجنأل للة والنأل للار‬
‫فيهذبون وينأقون‪ ،‬ثما يؤذن لهما في دخول الجنأة‪.‬‬
‫والل ل جللل جلللله بحكمتلله جعللل الللدخول عليلله موقوفةللا علللى الطهللارةا‪ ،‬فل يللدخل‬
‫المصلى عليه حتى يتطهر‪ ،‬وكذلك جعل الدخول إلى جنأتلله موقوفةللا علللى الطيللب‬
‫والطهارةا‪ ،‬فل يدخلها إل كل طيب طاهر‪.‬‬
‫والذنأوب والخطايا توجب للقلب حرارةا ونأجاسةة وضعةفا‪ ،‬فيرتخي القلب‪ ،‬وتضطرما‬
‫فيه نأار الشهوةا وتنأجسه‪.‬‬
‫فالخطايا والذنأوب للقلب بمنأزلة الحطب الذي يمد النأار ويوقدها‪.‬‬
‫ولذلك كلما كثرت الخطايا اشتدت نأار القلب‪ ،‬واشتد ضعفه‪.‬‬
‫والماء يغسل الخبث‪ ،‬ويطفئ النأار‪.‬‬
‫فإن كان بارةدا أورث الجسما صلبة وقلوةا‪ ،‬إوان كللان معلله ثلللج وبللرد كللان أقللوى فللي‬
‫التبريد وصلبة الجسما وشدته‪ ،‬فكان أذهب لثر الخطايا والذنأوب‪.‬‬
‫فللالقلب والبللدن بأشللد الحاجللة إلللى مللا يطهرهمللا ويبردهمللا ويقويهمللا‪ ،‬ولللذلك كللان‬
‫النأللبي صلللى ال ل عليلله وسلللما يقللول فللي دعللاء السللتفتاحا فللي الصلللةا‪ » :‬اللنهملنما‬
‫ق لواللملغلإرإب ‪ ،‬اللنهملنما لنأقلنأإللى إمللن‬ ‫ت لبليللن اللملشلإر إ‬ ‫ى لكلمللا لبالع للد ل‬
‫طاليللا ل‬‫لباإعللد لبلينأإللى لولبلي للن لخ ل‬
‫ى إباللمللاإء‬‫طاليللا ل‬ ‫س ‪ ،‬اللنهمل لنما الغإسل للل لخ ل‬ ‫ض إمل للن الل لندلنأ إ‬ ‫طاليللا لكلمللا ميلنأقنللى الثلن للو م‬
‫ب الللبليل ل م‬ ‫اللخ ل‬
‫لوالثنلإج لواللبلرإد « ‪ .‬متفق عليه)‪.(64‬‬
‫وقلوب البشر لها آفات وعلل‪ ،‬وأمرض وأسقاما‪.‬‬
‫والحسللد مللن الملراض العظيمللة الللتي تصلليب القلللوب‪ ،‬ول تللداوي أملراض القلللوب‬
‫إل بالعلما والعمل‪.‬‬

‫‪ ()64‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(744‬واللفظ له‪ ،‬ومسلما برقما )‪.(598‬‬

‫‪133‬‬
‫فللالعلما النأللافع لمللرض الحسللد‪ ،‬هللو أن يعللرف النأسللان أن الحسللد ضللرر عليلله فللي‬
‫الدنأيا والدين‪.‬‬
‫أما في الدين فهو أنأك سخطت قضاء ال تعالى‪ ،‬وكرهت نأعمته التي قسلمها بيلن‬
‫عبللاده‪ ،‬وعللدله الللذي أقللامه فللي ملكلله بحكمتلله‪ ،‬فاسللتنأكرت وكرهللت واستبشللعت مللا‬
‫قضاه ال وقلدره واختاره لعبده‪.‬‬
‫وهذه جنأاية كبرى على التوحيد واليمان والدين‪.‬‬
‫وأما كونأه ضرةار عليك في الدنأيا‪ ،‬فهو أنأك تتألما في الدنأيا‪ ،‬أو تتعللذب بله‪ ،‬فالللذين‬
‫تحسدهما ل يخليهلما الل ملن نأعللما يفيضلها عليهللما‪ ،‬فل تلزال تتللألما بكلل نأعملة ت ارهلا‪،‬‬
‫وتتعذب بكل بلية تصرف عنأهما‪ ،‬فتبقى مغموةما محروةملا‪ ،‬قلد نألزل بللك مللا تشلتهيه‬
‫لعدائك‪.‬‬
‫فهللذه هللي الدويللة العلميللة‪ ،‬فللإذا فكللر النأسللان فيهللا بللذهن صللا ر‬
‫ف‪ ،‬انأطفللأت نأللار‬
‫الحسللد مللن قلبلله‪ ،‬وعلللما أنألله مهلللك لنأفسلله‪ ،‬ومفلرحا عللدوه‪ ،‬ومسللخط ربلله‪ ،‬ومنأغللص‬
‫عيشه‪.‬‬
‫وأمللا العمللل النأللافع فيلله‪ ،‬فهللو أن يحكللما الحسللد‪ ،‬ويكلللف نأفسلله نأقيضلله‪ ،‬فللإن حمللله‬
‫الحسد على القدحا في محسوده‪ ،‬كلف لسانأه المدحا له‪ ،‬والثنأاء عليه‪.‬‬
‫إوان حمله الحسد على التكبر عليه‪ ،‬ألزما نأفسه التواضع له‪ ،‬والعتذار إليه‪.‬‬
‫إوان بعثه على كف النأعاما عليه‪ ،‬ألزما نأفسه الزيلادةا فلي النأعلاما عليله‪ ،‬فلإذا علرف‬
‫المحسود ذلك طلب قلبه وأحبه‪ ،‬وجاءت الموافقة التي تقطع مادةا الحسد‪.‬‬
‫فهللذه أهللما أدويللة الحسللد‪ ،‬وهللي نأافعللة جلةدا‪ ،‬إل أنأهللا مللرةا علللى القلللوب جلةدا‪ ،‬ولكللن‬
‫النأفع في الدواء المر‪ ،‬فمن لما يصبر على مرارةا الدواء‪ ،‬لما ينأل حلوةا الشفاء‪.‬‬
‫ومن أمراض القلوب حب الدنأيا فكةرا‪ ..‬وطلةبا‪ ..‬وتمتةعللا‪ ،‬والعلراض عللن الخللرةا‪،‬‬
‫ومللن اتخللذ الللدنأيا رةبللا اتخللذته عبلةدا‪ ،‬والعاقللل مللن يرضللى منأهللا بالقليللل مللع سلللمة‬

‫‪134‬‬
‫الدين‪ ،‬كما رضي أهل الدنأيا بقليل الدين مع سلمة الدنأيا‪.‬‬
‫ومن أحب شيةئا أكثر من ذكلره‪ ،‬وبقلدر ملا يحلزن النأسلان للدنأيا يخلرج هلما الخلرةا‬
‫من قلبه‪.‬‬
‫وبقدر ما يحزن العبد للخرةا يخرج هما الدنأيا من قلبه‪.‬‬
‫ضلنرتان‪ ..‬فبقللدر مللا ترضللى إحللداهما تسللخط الخللرى‪ ،‬وبقللدر مللا‬
‫فالللدنأيا والخللرةا م‬
‫تعمر إحداهما تهدما الخرى‪ ..‬وبقدر ما تقدما إحداهما تؤخر الخرى‪.‬‬
‫وطلالب الدنأيا مثلل شلارب ملاء البحلر‪ ،‬كلملا ازداد شلرةبا ازداد عطةشلا‪ ،‬حتى يقتلله‬
‫الشرب‪.‬‬
‫والدنأيا سريعة الفنأاء‪ ،‬تعلد بالبقلاء ثما تخللف فلي الوفلاء‪ ،‬تنأظلر إليهلا فت ارهلا سلاكنأة‬
‫مسللتقرةا‪ ،‬وهللي سللائرةا سللي ةار عنأيفةللا‪ ،‬وهللي كالظللل فللإنأه متحللرك سللاكن‪ ،‬متحللرك فللي‬
‫الحقيقة ساكن في الظاهر‪.‬‬
‫والدنأيا كالرض إن مشيت عليها حملتك‪ ،‬إوان حملتها على رأسك قتلتك‪.‬‬
‫وهللي دار ضلليافة سللبلت عللى المجتللازين ل علللى المقيميللن‪ ..‬ودار عاريللة ل دار‬
‫ملك‪ ..‬ودار فنأاء ل دار بقاء‪ ..‬ودار زوال والخرةا هي دار القرار‪.‬‬
‫والعاقل من صرف همه عنأها حتى ل يتألما عنأد فراقها‪ ،‬ويأخذ منأها بقللدر الحاجلة‬
‫ما يستعين به على عبادةا ربه‪.‬‬
‫وأما الشهوات فيقمع منأها ما خرج عللن طاعللة الشلرع والعقللل‪ ،‬ول يتبلع كللل شللهوةا‪،‬‬
‫ول يترك كل شهوةا‪ ،‬بل يتبع العدل‪ ،‬وخير المور أوسطها‪.‬‬
‫ول يللترك كللل شلليء فللي الللدنأيا‪ ،‬ول يطلللب كللل شلليء مللن الللدنأيا‪ ،‬بللل يعلللما مقصللود‬
‫كل ما خلق من الدنأيا‪ ،‬ويأخذ منأه قدر حاجته‪.‬‬
‫فيأخذ من القوت ما يقوى به البدن على العبادةا‪ ..‬ويأخذ من المسكن ما يكن مللن‬
‫الحللر والللبرد‪ ..‬ويحفللظ الهللل والمللال مللن اللصللوص‪ ..‬ويسللتقل مللن المركللب مللا‬

‫‪135‬‬
‫يحملل لله لحاجل للاته مل للن غيل للر إسل لراف ول مخيلل للة‪ ..‬ويلبل للس مل للن الكسل لوةا مل للا يسل للتر‬
‫عورته‪ ..‬ويتجمل به في صلته‪ ،‬ويتزين به في العيد ولقاء الضيوف‪.‬‬
‫حتى إذا فرغ القلب من شغل البدن أقبل على الل بكليتله‪ ،‬واشللتغل بالللذكر والفكللر‬
‫والطاعات في جل وقته‪ ،‬وكل ميسر لما خلق له‪ ،‬وال شكور حليما‪.‬‬
‫ومن أمراض القلب‪ :‬الحرص والطمع‪.‬‬
‫فالمللال وسلليلة إلللى مقصللود صللحيح‪ ،‬ويصلللح أن يكللون آلللة ووسلليلة إلللى مقاصللد‬
‫فاسدةا‪ ،‬فهو بحسب استخدامه يكون محموةدا أو مذموةما‪.‬‬
‫ولما كانأت الطباع مائلة إلى اتباع الشهوات القاطعة عن سبيل اللل‪ ،‬وكللان المللال‬
‫مسهلة وآلة إليها‪ ،‬عظما الخطر فيما يزيد على قدر الكفاية من المال‪.‬‬
‫فعلللى العبللد القنأاعللة‪ ،‬فللإن تشللوف إلللى الكللثير أو طللول أمللله فللاته عللز القنأاعللة‪،‬‬
‫وتدنأس ل محالة بالطمع وذل الحرص‪.‬‬
‫وجل ل لره الح ل للرص والطم ل للع إل ل للى مس ل للاوئ الخلق‪ ،‬وارتك ل للاب المنأكل ل لرات الخارق ل للة‬
‫للمروءات‪ ،‬والوقوف بأبواب اللئاما‪.‬‬
‫وقد جبل الدمي على الحرص والطمع‪ ،‬ول يمل جوف ابن آدما إل التراب‪.‬‬
‫ودواء الحرص والطمع‪:‬‬
‫القتصاد في المعيشة‪ ..‬والرفق في النأفاق‪ ..‬والرضا بما قسما ال له‪.‬‬
‫فإذا تيسر للعبد في الحال ما يكفيه‪ ،‬فل يضلطرب لجلل المسلتقبل‪ ،‬ويعينأله عللى‬
‫ذلللك قصللر المللل‪ ،‬واليقيللن بللأن الللرزق الللذي قللدر للله ل بلند أن يللأتيه إوان لللما يشللتد‬
‫حرصه‪ ،‬وأن يعرف ما في القنأاعة من عللز السللتغنأاء‪ ،‬ومللا فللي الحللرص والطمللع‬
‫من الذل‪.‬‬
‫وبللذلك تنأبعللث رغبتلله فللي القنأاعللة‪ ،‬لنألله فللي الحللرص ل يخلللو مللن تعللب‪ ،‬وفللي‬
‫الطمع ل يخلو من ذل‪ ،‬وكلهما مذموما‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫وينأظر في أحواله المتنأعمين من اليهود والنأصارى وأراذل النأاس‪.‬‬
‫ثما ينأظر في أحوال النأبياء والوليللاء‪ ،‬ويخيللر نأفسله بيللن أن يكللون مشللابةها لراذل‬
‫النأللاس‪ ،‬أو مقتللدةيا بللأعز الخلللق عنأللد اللل‪ ،‬ويفهللما مللا فللي جمللع المللال مللن الخطللر‪،‬‬
‫ومللا فيلله مللن خللوف السللرقة والنأهللب‪ ،‬والضللياع والفسللاد‪ ،‬ومللا فللي خلللو اليللد مللن‬
‫الراحة والمن والفراغ‪.‬‬
‫وبهللذه المللور يقللدر علللى التخلللص مللن الحللرص والطمللع‪ ،‬وعلللى اكتسللاب خلللق‬
‫القنأاعة‪.‬‬
‫والمللال إن كللان مفقللوةدا فينأبغللي أن يكللون حللال العبللد القنأاعللة وقلللة الحللرص‪ ،‬إوان‬
‫ك للان موج للوةدا فينأبغ للي أن يك للون ح للاله اليث للار والس للخاء‪ ،‬واص للطنأاع المع للروف‪،‬‬
‫والتباعد عن الشح والبخل‪ ،‬فإن الجود والسخاء من أخلق النأبياء والفضلء‪.‬‬
‫ومن أمراض القلب‪ :‬البخل والشح‪.‬‬
‫وسببهما حب المال‪ ،‬ولحب المال سببان‪:‬‬
‫أحمدهما‪ :‬حللب الشللهوات الللتي ل وصللول إليهللا إل بالمللال مللع طللول المللل‪ ،‬إوان‬
‫كان قصير المل ولكن له أولد‪ ،‬أقاما الولد مقاما طول المل‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يحب عين المال‪ ،‬فمن النأاس من يملك ما يكفيه بقية عمره وهو شيخ‬
‫بل ولد‪ ،‬ومعه أموال كثيرةا‪ ،‬ول تسمح نأفسه بإخراج الزكاةا‪ ،‬ول بملداواةا نأفسله منأهلا‬
‫عنأللد المللرض‪ ،‬بللل صللار محةبللا لهللا‪ ،‬عاش لةقا لهللا‪ ،‬يلتللذ بوجودهللا فللي يللده‪ ،‬ويكنأزهللا‬
‫تحت الرض أو في مكان أمين‪ ،‬وهو يعلما أنأه يموت فتضيع أو يأخذها غيره‪.‬‬
‫ومع هذا فل تسمح نأفسه بأن يأكل أو يتصدق أو يعالج نأفسه منأها‪.‬‬
‫وهذا مرض للقلب عظيما‪ ..‬عسير العلج‪ ..‬ل سيما في كبر السن‪.‬‬
‫فعلج ك للل عل للة ف للي القل للب بمض للادةا س للببها‪ ..‬فتعال للج ح للب الش للهوات بالقنأاع للة‬
‫باليسللير وبالصللبر‪ ..‬ويعالللج طللول المللل بكللثرةا ذكللر المللوت‪ ..‬ويعالللج التفللات‬

‫‪137‬‬
‫القلب إلى الولد بأن خالقه خلق معه رزقه‪.‬‬
‫ومل للن الدويل للة النأافعل للة‪ :‬كل للثرةا التأمل للل فل للي أحل لوال البخلء‪ ،‬ونأفل للرةا الطبل للع عنأهل للما‪،‬‬
‫واستقباحه لهما‪ ،‬والتفكر في مقاصد المال‪ ،‬وأنأه لماذا خلق؟‪.‬‬
‫وما هو ثواب إنأفاقه في سبيل ال ومرضاته؟‪.‬‬
‫ف للإذا ع للرف النأس للان ه للذا‪ ،‬وع للرف أن الب للذل خي للر ل لله م للن المس للاك ف للي ال للدنأيا‬
‫ل‪.‬‬
‫والخرةا‪ ،‬هاجت رغبته في البذل إن كان عاق ة‬
‫فإن هاجت شهوةا المساك‪ ،‬قمعها برؤية ثمرةا النأفاق وثوابه‪ ،‬وحسن عاقبته‪.‬‬
‫ومن أمراض القلب‪ :‬الرياء والسمعة‪.‬‬
‫والرياء‪ :‬مشتق من الرؤية‪ ،‬والسمعة‪ :‬مشتقة من السماع‪.‬‬
‫والرياء‪ :‬أصله طلب المنأزلة فلي قللوب النأللاس بلإيرائهما خصلال الخيلر‪ ،‬والملراءى‬
‫به كثير‪ ،‬وهو كل ما يتزين به العبد للنأاس‪.‬‬
‫والرياء يحصل بستة أشياء هي‪:‬‬
‫البدن‪ ..‬واللباس‪ ..‬والقول‪ ..‬والعمل‪ ..‬والتباع‪ ..‬والشياء‪.‬‬
‫وكذلك أهل الدنأيا يراؤون بهذه السباب‪.‬‬
‫فالريل للاء فل للي الل للدين بالبل للدن يكل للون بإظهل للار النأحل للول والصل للفار ليل للوهما بل للذلك شل للدةا‬
‫الجتهاد‪ ،‬وعظما الحزن على أمر الدين‪.‬‬
‫والريللاء بالهيئللة والللزي بشللعث الل لرأس‪ ،‬إواطل لراق ال لرأس فللي المشللي‪ ،‬ولبللس غليللظ‬
‫الثياب‪ ،‬وترك تنأظيف الثياب‪ ،‬وترك الثوب مخرةقا‪ ،‬كل ذلك ي ارئللي بلله ليظهللر أنألله‬
‫متبع للسنأة‪.‬‬
‫وأمللا الريللاء بللالقول فيكللون بللالوعظ والتللذكير‪ ،‬والنأطللق بالحكمللة‪ ،‬وحفللظ الخبللار‬
‫والثار لجل البروز في المحاورةا‪ ،‬إواظها ةار لغريزةا العلما‪ ،‬وتحريك الشفتين بالذكر‬
‫في محضر النأاس‪ ،‬ونأحو ذلك‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫وأما المراءاةا بالعمل فكمراءاةا المصلي مللن حلوله بطلول القيلاما والركلوع والسلجود‪،‬‬
‫إواطراق الرأس‪ ،‬وكذلك بالصوما والصدقة‪ ،‬إواطعاما الطعاما ونأحو ذلك‪.‬‬
‫وأمللا الم لراءاةا بالصللحاب والللزوار كالللذي يتكلللف أن يسللتزير عالةمللا مللن العلمللاء‬
‫ليقللال إن العللالما فلةنأللا قللد زار فلةنأللا‪ ،‬أو عابل لةدا مللن العبللاد‪ ،‬ليقللال إن أهللل الللدين‬
‫يتبركون بزيارته‪ ،‬ونأحو ذلك‪.‬‬
‫فالريللاء محبللط للعمللال‪ ،‬وسللبب للمقللت عنأللد الل تعللالى‪ ،‬وهللو مللن كبللائر الللذنأوب‬
‫والمهلكات‪.‬‬
‫ومللا هللذا وصللفه فجللدير بالعاقللل التشللمير عللن سللاق الجللد فللي إزالتلله‪ ،‬وذلللك بقلللع‬
‫عروقه واستئصال أصوله‪.‬‬
‫وأصللله‪ :‬حللب المنأزلللة والجللاه عنأللد النأللاس‪ ،‬والفلرار مللن ألللما الللذما‪ ،‬والطمللع فيمللا فللي‬
‫أيدي النأاس‪.‬‬
‫فيعلللما أن طلللب المنأزلللة والجللاه عنأللد ال ل بالطاعللة‪ ،‬أعظللما وأولللى مللن طلبهللا عنأللد‬
‫النأاس بالرياء والنأفاق‪.‬‬
‫ويعل للما أن الل ل تع للالى ه للو المس للخر للقل للوب ب للالمنأع والعط للاء‪ ،‬وأن الخل للق كله للما‬
‫مضطرون إليه سبحانأه‪ ،‬فل رازق إل ال‪ ،‬ومن طمع في الخلق لما يخمل من الذل‬
‫والخيبة‪ ،‬إوان وصل إللى الملراد للما يخلمل علن المنألة والمهانألة‪ ،‬فكيف يترك ملا عنألد‬
‫ال لذلك‪.‬‬
‫وأما ذمهما فلما يحذر منأه؟‪ ..‬ول يزيده ذمهما شيةئا ما لما يكتبله الل عليله‪ ،‬ول يعجلل‬
‫أجله‪ ،‬ول يؤخر رزقه‪ ،‬ول يجعله من أهل النأار إن كان من أهل الجنأة‪.‬‬
‫وما يعرض من الريلاء أثنألاء العبلادةا ل بلند أنأله يشلمر للدفعه وقهلره‪ ،‬بذكر وم ارعلاةا‬
‫باطن العبادةا وظاهرها‪.‬‬
‫ففي إسرار العمال فائدةا الخلص والنأجاةا من الرياء‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫وفي الظهار فائدةا القتداء‪ ،‬وترغيب النأاس في الخير‪ ،‬ولكن فيه آفة الرياء‪.‬‬
‫والسللر أحللرز العمليللن‪ ،‬ولكللن فللي الظهللار فائللدةا القتللداء‪ ،‬وفللي كللل خيللر‪ ،‬وذلللك‬
‫يختللف بلاختلف الحلوال والعمللال والشللخاص‪) :‬النلإذيلن ميلنأإفقلملولن أللمللوالهملما إباللنليلإل‬
‫ف لعلليإه للما لولل مه للما ليلحلزنأمللولن )‬ ‫لوالننأهلللاإر إس ل لار لولعللنأإلي لةة لفلهمللما أللجمرمه للما إعلنأ للد لرلبإه للما لولل لخ للو ب‬
‫‪] ((274‬البقرةا‪.[274 :‬‬
‫ص للدلقاإت فلنأإإعنمللا إه للي ل إوإالن تملخمفولهللا لوتملؤمتولهللا الفمقل ل لارلء‬ ‫وقللال ال ل سللبحانأه‪) :‬إلن تملب لمدوا ال ن‬
‫فلهملو لخليبر لمكلما لوميلكفلمر لعلنأمكلما إمللن لسلليلئاتإمكلما لواللنلهم بإلملا تللعلململولن لخبإيلبر )‪] ((271‬البقلرةا‪:‬‬
‫‪.[271‬‬
‫ومن أعظما أمراض القلوب‪ :‬الكبر والعجب‪.‬‬
‫والكبر ينأقسما إلى ظاهر وباطن‪.‬‬
‫فالبللاطن هللو خلللق فللي النأفللس‪ ،‬والظللاهر هللو أعمللال تصللدر عللن الج لوارحا‪ ،‬وهللي‬
‫ثمرات ذلك الخلق‪.‬‬
‫وعلمة المتكبر‪:‬‬
‫إن حللاج أح لةدا أنأللف أن يللرد عليلله‪ ..‬إوان وعظلله أح لبد اسللتنأكف مللن القبللول‪ ..‬إوان‬
‫وعللظ علنأللف فللي النأصللح‪ ..‬إوان مرد عليلله شلليء مللن قللوله غضللب‪ ..‬إوان علللما لللما‬
‫يرف للق ب للالمتعلمين‪ ..‬واس للتذلهما وامتل للن عليه للما‪ ..‬إوان رأى لم للن دونأ لله تكريمل لاة حق للد‬
‫عليه‪.‬‬
‫ويحللب قيللاما النأللاس للله أو بيللن يللديه‪ ..‬ول يمشللي إل ومعلله غيل لره يمشللي خلفلله‪..‬‬
‫ويحب أن يثنأى عليه في المجالس‪ ..‬وأن يصدر في المجالس‪.‬‬
‫فهذا داء الكلبر‪ ،‬وفيله يهللك الخلواص ملن الخلق‪ ،‬وقلملا ينأفلك عنأله الزهلاد والعلبلاد‬
‫والعلماء والولةا فضلة عن عواما الخلق‪.‬‬
‫ول يتك للبر إل م للن اس للتعظما نأفس لله‪ ،‬ول يس للتعظمها إل وه للو يعتق للد له للا ص للفة م للن‬

‫‪140‬‬
‫صفات الكمال‪.‬‬
‫وجماع ذلك يرجع إلى أمرين‪:‬‬
‫كمال دينأي‪ ..‬وكمال دنأيوي‪.‬‬
‫فال للدينأي ه للو العل للما والعم للل‪ ..‬وال للدنأيوي ه للو النأس للب‪ ،‬والم للال‪ ،‬والجم للال‪ ،‬والقل لوةا‪،‬‬
‫والذكاء‪ ،‬وكثرةا النأصار ونأحو ذلك‪.‬‬
‫فللالكبر اسلتعظاما النأفللس‪ ،‬ورؤيللة قلدرها فللوق قلدر الغيللر‪ ،‬وهللذا الشللعور البللاطن لله‬
‫موجب واحد‪ ،‬وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر‪ ،‬فإنأه إذا أعجب بنأفسه أو بعلملله‬
‫أو بعمله‪ ،‬أو بشيء من أسبابه‪ ،‬استعظما نأفسه وتكبر‪.‬‬
‫ف للالعجب ي للورث ك للبر الب للاطن‪ ،‬وك للبر الب للاطن يثم للر التك للبر الظ للاهر ف للي القل لوال‬
‫ب لمكللما إنن النلإذيلن ليلسلتللكبإمرولن لعللن‬ ‫والعمللال والحلوال‪) :‬لوقلللالل لرلبمكلمما الدمعللوإنأي أللسلتلإج ل‬
‫إعلبالدإتي لسليلدمخملولن لجهلننألما لداإخإريلن )‪] ((60‬غافر‪.[60 :‬‬
‫و لعللن لعلملإرو لبلإن مشللعليرب لعللن ألإبي إه لعللن لج لدإه لعلإن الننأبإللى ‪-‬صللى الل عليله وسللما‪-‬‬
‫صللوإر اللرلجلاإل ليلغلشللامهمما الللذلل‬ ‫ن إ‬ ‫إ إ‬
‫لقالل » ميلحلشمر الممتللكلبمرولن ليلولما القليالملة أللمثللالل اللذلر فللى م‬
‫إم للن مك للل لملكللارن فلميلسللامقولن إلللى إس للجرن إفللى لجهلننأ للما ميلس لنمى بمللوللس تللعلمللومهلما لنأللامر الللنأليللاإر‬
‫صالرإةا أللهإل الننأاإر إطيلنأإة اللخلباإل «‪ .‬أخرجه أحمد والترمذي )‪.(65‬‬ ‫إ‬
‫ميلسقللولن ملن مع ل‬
‫ولما كان الكبر من المهلكات‪ ،‬ول يخلو أحد من الخلق عن شيء منه‪ ،‬إوازالتممه‬
‫واجبة‪ ،‬وهو ل يزول بمجرد التمني‪ ،‬بل بالمعالجة‪ ،‬واسممتعمال الدويممة القامعممة‬
‫له‪ ،‬وذلك يتم بأمرين‪:‬‬
‫أحممدهما‪ :‬استئص للال أص للله‪ ،‬وقل للع ش للجرته م للن مغرس للها ف للي القلللب‪ ،‬وذل للك بللأن‬
‫يعرف نأفسه‪ ،‬ويعرف ربه تعالى‪ ،‬ويكفيه ذلك في إزالة الكبر‪.‬‬
‫فللإنأه مهمللا عللرف نأفسلله حللق المعرفللة‪ ،‬علللما أنألله أذل مللن كللل ذليللل‪ ،‬وأقللل مللن كللل‬
‫‪()65‬الترمذي برقما )‪ ( 2680‬وأخرجه أحمد برقما )‪ (6677‬حسن‪.‬‬
‫وأخرجه الترمذي برقما )‪ ،(2492‬وهذا لفظه‪ ،‬صحيح سنأن الترمذي رقما )‪.(2025‬‬

‫‪141‬‬
‫قليل‪ ،‬وأنأه ل يليق به إل التواضع والذلة والمهانأة‪.‬‬
‫إواذا عرف ربه علما أنأه ل تليق العظمة والكبرياء إل بال وحده ل شريك له‪.‬‬
‫ثما يتواضع ل بالفعل‪ ،‬ولسائر الخلق بالمواظبة على أخلق المتواضعين‪.‬‬
‫وأما علج التكبر بالسباب المذكورةا السابقة‪:‬‬
‫فيعلما نأسبه الحقيقي‪ ،‬ويذكر أباه وجلده‪ ،‬فلإن أبلاه القريب نأطفلة قذرةا‪ ،‬وجلده البعيلد‬
‫تراب ذليل‪.‬‬
‫ومل للن تكل للبر بجمل للاله فل للدواؤه أن ينأظل للر إلل للى بل للاطنأه نأظل للر العقلء‪ ،‬ول ينأظل للر إلل للى‬
‫الظاهر نأظر البهائما‪ ،‬ومهما نأظر في باطنأه رأى من القبائح ما يكدر عليه تعللززه‬
‫بالجمال‪.‬‬
‫فالقذار في جميع أجزائه‪:‬‬
‫البلول فلي مثللانأته‪ ..‬والرجيلع فلي أمعللائه‪ ..‬والمخلاط فلي أنأفله‪ ..‬والللبزاق فلي فيله‪..‬‬
‫والدما فلي عروقله‪ ..‬والصلديد تحلت بشلرته‪ ..‬والصلنأان تحلت إبطله‪ ..‬والوسللخ فلي‬
‫أذنأيه‪ ..‬ورائحة العرق تنأبعث من جلده‪.‬‬
‫فهل لحد أن يتكبر بعد هذا؟‪.‬‬
‫وأمل للا التكل للبر بل للالقوةا واليل للدي‪ ،‬فيمنأعل لله منأل لله علمل لله بمل للا سل لللط عليل لله مل للن العلل للل‬
‫والم لراض‪ ،‬وأنألله لللو اعتللل عللرق واحللد مللن بللدنأه‪ ،‬لصللار أعجللز مللن كللل عللاجز‪،‬‬
‫وأذل من كل ذليل‪.‬‬
‫ثللما إنألله ل يطيللق شللوكة‪ ،‬ول يقللاوما بقللة‪ ،‬ول يللدفع عللن نأفسلله ذبابللة‪ ،‬فل ينأبغللي أن‬
‫يفتخر بقوته وهذه حاله‪.‬‬
‫ثما إن قوي النأسان فل يكون أقوى من حمار أو بقرةا أو جمل‪.‬‬
‫وأي افتخار في صفة يسبقك فيها البهائما؟‪ ..‬ويأكل بها القوي الضعيف؟‪.‬‬
‫أما الغنأى وكثرةا المال‪ ،‬وفي معنأاه كثرةا التباع والنأصلار‪ ،‬فكلل ذللك تكلبر خارج‬

‫‪142‬‬
‫عن ذات النأسان‪.‬‬
‫وهذا أقبح أنأواع الكبر‪.‬‬
‫فلإن المتكلبر بملاله كلأنأه متكلبر بفرسله وداره‪ ،‬وللو ملات فرسله وانأهلدمت داره لعلاد‬
‫ل‪.‬‬
‫ذلي ة‬
‫والمتك للبر بمعرف للة الس لللطان وتمكينأ لله ل لله عل للى وج للل‪ ،‬فل للو تغي للر علي لله ك للان أذل‬
‫الخلق‪.‬‬
‫أما الكلبر بلالعلما‪ ،‬فهللو أعظللما الفلات‪ ،‬وأغللب الدواء‪ ،‬وأبعلدها علن قبلول العلج‬
‫إل بجهد جهيد‪ ،‬وتعب شديد‪ ،‬لن قدر العلما عظيللما عنأللد اللل‪ ،‬عظيللما عنأللد النأللاس‪،‬‬
‫وللعلما طغيان في النأفوس كطغيان المال‪.‬‬
‫ولللن يقللدر العللالما علللى دفللع الكللبر إل أن يعلللما أن حجللة الل علللى أهللل العلللما آكللد‪،‬‬
‫وأنأه يحتمل من الجاهل ما ل يحتملل عشلره ملن العلالما‪ ،‬إذ ملن عصلى الل تعلالى‬
‫عن معرفة وعلما فجنأايته أفحش وذنأبه أعظما من الجاهل‪.‬‬
‫وأن يعلرف كلذلك أن الكلبر ل يليلق إل بلال المللك العزيلز الجبلار المتكلبر وحلده‪،‬‬
‫وأنألله إذا تكللبر صللار ممقوتةللا عنأللد اللل‪ ،‬لن اللئللق بللالمخلوق الضللعيف العللاجز‬
‫التذلل والخضوع ل الكبر‪.‬‬
‫وأمللا التكلبر بلالورع والعبللادةا فلذلك فتنألة عظيملة عللى العبلاد‪ ،‬وسلبيله أن يللزما قلبله‬
‫التواضلع لسلائر الخلق‪ ،‬ويعللما أن ملن تقلدما عليله بلالعلما ل ينأبغلي أن يتكلبر عليله‬
‫كيفما كان‪ ،‬لما عرفه من فضيلة العلما‪.‬‬
‫والعجب ملن أملراض القللوب‪ ،‬وهلو يدعو إللى الكلبر‪ ،‬ويلدعو إللى نأسليان اللذنأوب‬
‫إواهمالها‪ ،‬لظنأه أنأه مستغرن عن تفقدها‪ ،‬وما يتللذكره منأهللا يستصللغره ول يسللتعظمه‬
‫فل يتداركه‪ ،‬بل يظن أنأه يغفر له‪.‬‬
‫وأمللا العبللادات والعمللال فللإنأه يسللتعظمها ويسللتعلي بهللا‪ ،‬ويمللن علللى الل بفعلهللا‪،‬‬

‫‪143‬‬
‫وينأسى نأعمة ال عليه بالتوفيق لها‪ ،‬والتمكين منأها‪ ،‬ثللما إذا أعجللب بهللا عمللي عللن‬
‫آفاتها‪ ،‬والعمال ما لما تكن خالصة ل‪ ،‬نأقية من الشوائب‪ ،‬قلما تنأفع‪.‬‬
‫والمعجب يغتر بنأفسه وبرأيه‪ ،‬ويأمن مكر ال وعذابه‪ ،‬ويظن أنأه عنأد ال بمكلان‪،‬‬
‫وأن له عنأد ال ملنأة وحةقا بأعماله التي هي نأعمة من نأعمه‪.‬‬
‫ويخرجلله العجللب إلللى أن يثنأللي علللى نأفسلله ويحمللدها ويزكيهللا‪ ،‬إوان أعجللب بعلملله‬
‫و أريلله وعقللله منأعلله ذلللك مللن السللتفادةا‪ ،‬ومللن الستشللارةا والس لؤال‪ ،‬فيسللتبد بنأفسلله‬
‫و أريلله‪ ،‬ويسللتنأكف عللن س لؤال مللن هللو أعلللما منألله‪ ،‬ويسللتجهل غي لره‪ ،‬ويصللر علللى‬
‫خطئه‪.‬‬
‫فإن كان في أمر دنأيوي أخفق فيه‪ ،‬إوان كان في دين هلك به‪.‬‬
‫وم للن أعظ للما آف للات العج للب أنأ لله يف للتر ع للن الس للعي‪ ،‬لظنأ لله أنأ لله ق للد ف للاز‪ ،‬وأنأ لله ق للد‬
‫استغنأى‪ ،‬وهو الهلك الصريح الذي ل شبهة فيه‪.‬‬
‫وعلج العجب‪:‬‬
‫أن مل للن أعجل للب ببل للدنأه فل للي جمل للاله وهيئتل لله‪ ..‬وقل للوته وصل للحته‪ ..‬وحسل للن صل للوته‬
‫وصورته‪ ..‬أن يعلما أن ذلك كله نأعمة من ال تعالى عليه‪ ..‬وواجب النأعللما الشللكر‬
‫للمنأعللما‪ ..‬وأن يعلللما أن النأعللما عرضللة للللزوال كللالنأفس‪ ..‬وعلجلله بمللا ذكرنأللاه فللي‬
‫الكل للبر‪ ..‬وأن يعلل للما أن الوجل للوه الحسل للان‪ ..‬والبل للدان النأاعمل للة سل للوف تتمل للزق فل للي‬
‫التراب‪ ..‬وسوف تنأتن في القبور حتى تستقذرها الطباع‪.‬‬
‫وعلج العجب بالعقل والفطنأة والذكاء‪.‬‬
‫أن يعلللما أن ذلللك نأعمللة مللن الل ل فليشللكر الل ل عليهللا‪ ..‬ويتفكللر أنألله بللأدنأى مللرض‬
‫يصيب دماغه يوسوس ويجن‪ ،‬ويضحك منأه الخلق‪.‬‬
‫وعلج العجب بالنأسب الشريف‪.‬‬
‫أن يعلللما أنألله مهمللا خللالف آبللاءه فللي أفعللالهما وأخلقهللما‪ ،‬وظللن أنألله يلحللق بهللما فقللد‬

‫‪144‬‬
‫جهل‪ ،‬فليتشرف بما شرفوا به من اليمان والخلق والتقوى‪.‬‬
‫ومن أعجب بكثرةا العدد من الولد والخدما والغلمان والنأصار‪.‬‬
‫فعلجلله‪ :‬أن يتفكللر فللي ضللعفه وضللعفهما‪ ،‬وأنأهللما كلهللما عبيللد عجللزةا‪ ،‬ل يملكللون‬
‫لنأفسهما نأفةعا ول ضةرا‪.‬‬
‫ثما كيف يعجب بهؤلء وهما سيفترقون عنأه إذا مات‪ ،‬ويهربون منأه يوما القيامة؟‪.‬‬
‫ومن أعجب بالمال وافتخر به فعلجه‪ :‬أن يتفكر في آفات المال‪ ،‬وكثرةا حقللوقه‪،‬‬
‫وعظما غوائله‪ ،‬وينأظر إلى فضيلة الفقلراء‪ ،‬وسلبقهما إللى الجنألة يلوما القياملة‪ ،‬ويعللما‬
‫أن المال غاد ورائح ل أصل له‪ ،‬وأن في اليهود والكفار والفسللاق واللئللاما مللن يزيللد‬
‫عليلله فللي المللال‪ ،‬وغايللة المللال بل إيمللان أن يكللون كقللارون الللذي خسللف ال ل بلله‬
‫وبداره الرض‪.‬‬
‫ومن أعجب ب أريله الخطأ فعلجه‪ :‬أن يعللما أن جميلع أهلل البلدع والضللل‪ ،‬إنأملا‬
‫أصروا عليها‪ ،‬لعجبهما بآَرائهما‪ ،‬وتعصبهما لها‪.‬‬
‫وعلج هل للذا العجل للب أشل للد مل للن علج غيل لره‪ ،‬لن صل للاحب الل لرأي الخطل للأ جاهل للل‬
‫بخطئه‪ ،‬ولو عرفه لتركه‪ ،‬ول يعالج الداء الذي ل يعللرف‪ ،‬والجهللل داء ل يعللرف‪،‬‬
‫فعسرت مداواته جةدا‪.‬‬
‫فعلجه أبةدا أن يكون متهةما لرأيه ل يغتر به‪ ،‬إل أن يشهد له قاطع من كتللاب أو‬
‫سنأة أو دليل عقلي صحيح‪.‬‬
‫ومن أمراض القلب‪ :‬الغرور‪.‬‬
‫والغرور‪ :‬هو سكون النأفللس إلللى ملا يوافلق الهلوى‪ ،‬ويميللل إليلله الطبلع‪ ،‬عللن شلبهة‬
‫وخدعة من الشيطان‪.‬‬
‫فمللن اعتقللد أنألله علللى خيللر إمللا فللي العاجللل أو فللي الجللل عللن شللبهة فاسللدةا فهللو‬
‫مغرور‪ ،‬وأكثر النأللاس مغلرورون‪ ،‬إوان اختلفللت أصلنأاف غرورهلما‪ ،‬وأشلدهما غللروةار‬

‫‪145‬‬
‫الكفار‪ ..‬والعصاةا‪ ..‬والفساق‪.‬‬
‫فالكفار منأهما من غرته الحياةا الدنأيا‪ ،‬ومنأهما من غنره بال اللغرور كما قال‬
‫ق فللل تلمغنرننأمكمما اللحلياةام اللدلنأليا لولل ليمغنرننأمكلما إباللنإه‬
‫سبحانأه‪) :‬ليا ألليلها الننأامس إنن ولعلد اللنإه لح د‬
‫ل‬
‫اللغمرومر )‪] ((5‬فاطر‪.[5 :‬‬
‫فالللذين غرتهللما الحيللاةا الللدنأيا قللالوا‪ :‬النأقللد خيللر مللن النأسلليئة‪ ،‬والللدنأيا نأقللد‪ ،‬والخللرةا‬
‫نأسيئة‪ ،‬فهي إذاة خير‪ ،‬فل بند من إيثارها‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬اليقين خير من الشللك‪ ،‬ولللذات الللدنأيا يقيللن‪ ،‬ولللذات الخللرةا شللك‪ ،‬فل نألترك‬
‫اليقين بالشلك‪ ..‬فانأظر كيلف صلاغ لهلما الشيطان هذه المقلدمات التي جرهلما بهلا‬
‫إلى النأار؟‬
‫وعلج هذا الغرور والجهل باليمان والتصديق بما جاء عن ال ورسوله‪.‬‬
‫وأمللا غللرور الكفللار بلال فقللولهما‪ :‬إنألله لللو كللان لل معللاد فنأحللن أحللق بلله مللن غيرنأللا‪،‬‬
‫ل‪) :‬لوقلللالموا لنألح لمن أللكثللمر أللم للواةل لوأللوللةدا لولمللا لنألح لمن‬
‫ظللا فيلله وأسللعد حللا ة‬
‫ونأحللن أوفللر ح ة‬
‫بإمملعنذإبيلن )‪] ((35‬سبأ‪.[35 :‬‬
‫وأمللا غللرور العصللاةا مللن المللؤمنأين فهللو قللولهما‪ :‬إن ال ل كريللما‪ ،‬إوانأللا نأرجللو عفللوه‪،‬‬
‫واتكالهما على ذلك‪ ،‬إواهمالهما العمال‪ ،‬وظنأهما أن الرجاء مقاما محمود في الدين‪،‬‬
‫وأن رحم للة الل ل واس للعة وكرم لله عمي للما‪ ،‬وربم للا ك للان رج للاؤهما مس للتنأةدا إل للى ص لللحا‬
‫الباء‪ ،‬وعلو مرتبتهما‪.‬‬
‫والمغرورون من البشر أصناف‪ ،‬والصناف فرق ودرجات‪:‬‬
‫فأولهم‪ :‬أهل العلما‪ ،‬والمغترون منأهما فرق‪:‬‬
‫ففرقة أحكموا العلوما الشرعية والعقلية واشتغلوا بها‪ ،‬وأهملوا تفقد الجوارحا وحفظهللا‬
‫من المعاصي‪ ،‬إوالزامها الطاعات‪ ،‬واغتروا بعلمهلما‪ ،‬وظنألوا أنأهلما عنألد الل بمكلان‪،‬‬
‫ولو كانأوا مقصرين في العمل‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫وفرقة أحكموا العلما والعمل‪ ،‬فواظبلوا عللى الطاعلات الظلاهرةا‪ ،‬وتركلوا المعاصلي‪،‬‬
‫إل أنأهللما لللما يتفقللدوا قلللوبهما‪ ،‬ليمح لوا عنأهللا الصللفات المذمومللة عنأللد ال ل مللن الكللبر‬
‫والحسد والرياء‪ ،‬وطلب الرياسة والشهرةا في البلد والعباد‪ ،‬فهللؤلء زينألوا ظلواهرهما‬
‫وأهملوا بواطنأهما‪.‬‬
‫وفرقة علموا أن هذه الخلق مذمومة من جهة الشلرع‪ ،‬إل أنأهللما لعجبهلما بأنأفسللهما‬
‫يظنأون أنأهما منأفكون عنأها‪ ،‬وأنأهما أرفع عنأد الل مللن أن يبتليهلما بلذلك‪ ،‬إوانأملا يبتللى‬
‫بلله العل لواما دون مللن بلللغ مبلغهللما فللي العلللما‪ ،‬ثللما إذا ظهللرت عليهللما مخايللل الكللبر‬
‫والرياسلة‪ ،‬وطللب العللو والشلرف قالوا‪ :‬ملا هلذا كلبر‪ ،‬إوانأملا هلو طللب علز الدين‪،‬‬
‫إواظهللار شللرف العلللما‪ ،‬ونأصللرةا ديللن اللل‪ ،‬ونأسللي هللؤلء مللا عليلله النأللبي صلللى الل‬
‫عليه وسلما وأصحابه من التواضع والتبذل‪ ،‬والقنأاعة ولين الجانأب‪.‬‬
‫ونأسي المغرور من هؤلء أن عدوه الذي حذره ال منأه هللو الشلليطان‪ ..‬وأنألله يفلرحا‬
‫بمللا يفعللله ويسللخر بلله‪ ..‬وينأسللى أن النأللبي صلللى الل ل عليلله وسلللما بمللاذا نأصللر‬
‫الدين؟‪ ..‬وبماذا أرغما الكافرين؟‪ ..‬وبماذا جذب قلوب العالمين؟‪.‬‬
‫وفرقل للة أخل للرى أحكم ل لوا العلل للما والعمل للل‪ ،‬وطهل للروا الج ل لوارحا‪ ،‬وزينأوهل للا بالطاعل للات‪،‬‬
‫واجتنأبل لوا المعاصللي‪ ،‬وتفقللدوا أخلق النأفللس‪ ،‬وصللفات القلللب مللن الريللاء والحسللد‬
‫والك للبر وطل للب العل للو‪ ،‬وجاه للدوا أنأفس للهما عل للى الت للبري منأه للا‪ ،‬وقلعل لوا م للن القل للوب‬
‫منأابتها القوية‪.‬‬
‫ولكنأهما بعد مغرورون‪ ،‬إذ بقيت في زوايا القلب من خفايا مكايلد الشليطان وخللداع‬
‫النأفس ما دق وغمض مدركه‪ ،‬فلما يفطنأوا لها وأهملوها‪.‬‬
‫فالعالما قلد يفعلل كلل ذللك‪ ،‬ويغفللل عللن المراقبلة للخفايللا‪ ،‬فلتراه يسللهر ليللله‪ ،‬ويتعلب‬
‫في نأهاره في جمع العلوما وترتيبها‪ ،‬وتحسين ألفاظها ونأشرها‪ ،‬وهو يللرى أن بللاعثه‬
‫الحرص على إظهار دين ال ونأشر شريعته‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫ولعممل بمماعثه الخفممي‪ :‬هللو طلللب الللذكر‪ ،‬وانأتشللار الصلليت فللي الط لراف‪ ،‬وكللثرةا‬
‫الرحلللة إليلله مللن الفللاق‪ ،‬وانأطلق اللسللنأة عليلله بالثنأللاء‪ ،‬والمللدحا بالزهللد والللورع‬
‫والعلما‪.‬‬
‫فنأسأل ال السلمة‪ ،‬وحسن الخلص‪ ،‬وحسن العمل‪ ،‬ابتغاء وجهه سبحانأه‪.‬‬
‫وفرقللة اشللتغلوا بعلللما الكلما‪ ،‬وفنأللون الجللدل والمنأللاظرات‪ ،‬والمجادلللة فللي اله لواء‪،‬‬
‫فتقطعت أعمارهما في تعلما الجدل‪ ،‬وهذيانأات المبتدعة‪ ،‬وأهمللوا أنأفسلهما وقللوبهما‪،‬‬
‫حتى عميت عليهما ذنأوبهما وخطاياهما الظاهرةا والباطنأة‪.‬‬
‫وأحدهما يظن أن اشتغاله بالجدل أولى وأقرب وأفضل عنأد ال‪.‬‬
‫ومجموعللة أخللرى اشللتغلوا بللالوعظ والتللذكير‪ ،‬وأعلهللما رتبللة مللن يتكلللما فللي أخلق‬
‫النأفل للس‪ ،‬وصل للفات القلل للب مل للن الخل للوف والرجل للاء‪ ،‬والصل للبر والشل للكر‪ ،‬والخلص‬
‫واليقيللن‪ ،‬وهللما مغللرورون‪ ،‬يظنأللون أنأهللما إذا تكلم لوا بهللذه الصللفات‪ ،‬ودعل لوا الخلللق‬
‫إليها‪ ،‬فقد صاروا موصوفين بهذه الصفات‪ ،‬وهما منأفكللون عنأهلا عنألد الل‪ ،‬إل عللن‬
‫قدر يسير ل ينأفك عنأه عواما المسلمين‪.‬‬
‫وغللرور هللؤلء أشللد الغللرور‪ ،‬لنأهللما معجبللون بأنأفسللهما غايللة العجللاب‪ ،‬ويظنأللون‬
‫أنأهما ما تبحروا في علما المحبة إل وهما محبون ل‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫فالمسللكين بهللذه الظنأللون يللرى أنألله مللن ال ارضللين بقضللاء الل وهللو مللن السللاخطين‪،‬‬
‫ويللرى أنألله مللن المتللوكلين علللى ال ل وهللو مللن المتكليللن علللى العللز والجللاه والمللال‬
‫والسباب‪ ،‬ويرى أنأه من المخلصين وهو من المرائين‪.‬‬
‫وفرقة أخرى عدلوا عن المنأهاج الشرعي فلي اللوعظ والتعليلما‪ ،‬فاشلتغلوا بالطاملات‬
‫والشللطح‪ ،‬وتلفيللق الكلمللات طلةبللا للغلراب‪ ،‬وشللغفوا بطيللارات النأكللت والسللجع فللي‬
‫اللف ل للاظ‪ ،‬وغرض ل للهما أن يك ل للثر النأ ل للاس ح ل للولهما‪ ،‬ويك ل للثر ف ل للي مجالس ل للهما الزع ل للاق‬
‫والصراخ‪ ،‬ولو على أغراض فاسدةا‪ ،‬فهؤلء شياطين النأس قد ضلوا وأضللوا علن‬

‫‪148‬‬
‫سواء السبيل‪ ،‬وما يفسدونأه أكثر مما يصلحونأه‪.‬‬
‫وطائفة أخرى قنأعلوا بحفلظ كلما الزهلاد وأحلاديثهما فلي ذما اللدنأيا‪ ،‬وتكلملوا بله عللى‬
‫المنأابر وفي السواق ومجامع النأاس‪.‬‬
‫وكل منأهما يظن أنأه تميز بهذا القدر‪ ،‬وأنأله قلد أفللح ونألال الغرض‪ ،‬وصلار مغفللوةار‬
‫لله‪ ،‬وأملن عقلاب الل‪ ،‬ملن غيلر أن يحفلظ ظلاهره وبلاطنأه علن الثلاما‪ ،‬لكلونأه يظلن‬
‫أن حفظه لكلما أهل الدين يكفيه‪ ،‬وغرور هؤلء أظهر من غرور من قبلهما‪.‬‬
‫وطائفللة اسللتغرقوا أوقللاتهما فللي علللما الحللديث فللي سللماعه‪ ،‬وجمللع الروايللات الكللثيرةا‬
‫منأه‪ ،‬وطلب السانأيد الغريبة العالية‪.‬‬
‫فهمل للة أح للدهما أن يل للدور فل للي البلد‪ ،‬ويل للرى الش لليوخ ليقل للول‪ :‬أنأل للا أروي عل للن فلن‪،‬‬
‫وفلن‪ ،‬وفلن‪ ،‬وفلن‪.‬‬
‫فهؤلء أكثرهما مغرور ليلس معله إل النأقلل‪ ،‬يحفلظ السللانأيد والروايلات‪ ،‬ويظلن أنأله‬
‫يكفيه العمل بما يروى ويحفظ‪ ،‬ويلتركون العللما الذي يحصلل به علج القلب ملن‬
‫معرفللة الل ل وأسللمائه وصللفاته وأفعللاله‪ ،‬ووعللده ووعيللده‪ ،‬والعلللما الللذي يحصللل بلله‬
‫معرفة الدين وأحكامه والعمل به‪.‬‬
‫ويشللتغلون بكللثرةا السللانأيد‪ ،‬وتعللدد الطللرق‪ ،‬وطلللب العللالي منأهللا‪ ،‬همللة أحللدهما أن‬
‫يقول‪ :‬معي من السنأاد ما ليس مع غيري‪.‬‬
‫وهل نأزل الوحي إل للعلما والعمل والتعليما للدين؟‪.‬‬
‫فما أشد غرور هؤلء‪ ،‬والمة تحتاج من هؤلء من كان تقةيا عاملة بعلمه‪.‬‬
‫وطائفة أخرى اشتغلوا بعلما النأحو واللغللة والشللعر وغريللب اللغللة‪ ،‬وزعملوا أنأهللما مللن‬
‫علمللاء المللة‪ ،‬إذ قل لواما الللدين بالكتللاب والسللنأة‪ ،‬وقل لواما الكتللاب والسللنأة بعلللما اللغللة‬
‫والنأحو‪ ،‬فأفنأى هؤلء أعمارهما في طلب ذلك‪.‬‬
‫فهللؤلء كمللن يفنأللي عمل لره فللي تعلللما الخللط وتحسللين الكتابللة‪ ،‬ويزعللما أن العلل لوما ل‬

‫‪149‬‬
‫يمكن حفظها إل بالكتابة‪ ،‬وكان يكفيه معرفة أصل الخط والباقي زيادةا‪.‬‬
‫فهؤلء مغرورون أضاعوا أوقاتهما وأوقات غيرهما‪ ،‬واشتغلوا في غير ما خلقلوا للله‪،‬‬
‫فيكفيهما من اللغة معرفة الغريب في القرآن والسنأة‪ ،‬ومللن النأحللو مللا يتلعلق بلالقرآن‬
‫والحديث‪.‬‬
‫فأم للا التعم للق في لله إل للى درج للات ل تتنأ للاهى‪ ،‬فه للو فض للول مس للتغنأى عنأ لله‪ ،‬يض لليع‬
‫الوقات‪ ،‬ويشغل عن أداء الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫والصنأف الثانأي‪ :‬أرباب العبادةا والعمل‪.‬‬
‫والذين غرهم الشيطان منهم فرق كثيرة‪:‬‬
‫فمنأهما من غلروره فللي الصللةا‪ ..‬ومنأهلما مللن غلروره فللي تلوةا القلرآن‪ ..‬ومنأهلما ملن‬
‫غروره في الحج أو الصياما أو الذكار‪ ..‬ومنأهما من غروره في الوضوء‪ ..‬ومنأهللما‬
‫من غروره في الزهد‪.‬‬
‫وكل عامل غالةبا ل يخلو من غرور إل من رحما ال‪.‬‬
‫فمنأه للما فرق للة أهملل لوا الف ارئ للض‪ ،‬واش للتغلوا بالنأواف للل والفض للائل‪ ،‬وربم للا تعمقل لوا ف للي‬
‫الفضل للائل حل للتى وصل لللوا إلل للى حل للد العل للدوان والسل للرف‪ ،‬كمل للن غلبل لله الوسل لواس فل للي‬
‫الوضوء والغسل‪.‬‬
‫وفرقللة أخللرى غلللب عليهللا الوسل لواس فللي الصلللةا‪ ،‬فل يللدعه الشلليطان يعقللد نأيللة‬
‫صحيحة‪ ،‬بل يشوش عليلله حلتى تفللوته الجماعللة أو الركعلة‪ ،‬ويخللرج الصللةا عللن‬
‫وقتها‪ ،‬إوان كنبر شككه الشيطان في صحة نأيته‪.‬‬
‫ومنألله مللن تغلللب عليلله الوسوسللة فللي إخلراج حللروف الفاتحللة وسللائر الذكللار مللن‬
‫مخارجهللا‪ ،‬فل ي لزال يحتللاط ويللردد التشللديدات ل يهملله غي لره‪ ،‬ذاهلة عللن معللانأي‬
‫اليللات‪ ،‬والتعللاظ بهللا وفهمهللا‪ ،‬وهللذا مللن أقبللح أنألواع الغللرور‪ ،‬فللإن الل لللما يكلللف‬
‫عباده في تلوةا القرآن إل بما جرت به عادتهما في الكلما‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫وطائفللة اغللتروا بتلوةا القلرآن يهللذونأه هلةذا‪ ،‬وربمللا ختمللوه فللي اليلوما والليلللة مرتيللن‪،‬‬
‫يتل للوه ه للذا المغ للرور‪ ،‬وقلب لله ف للي أوديل للة الم للانأي يتج للول‪ ،‬فه للو مغ للرور يظ للن أن‬
‫المقصود من إنأزال القرآن الهمهمة مع الغفلة عن تدبره والعمل بموجبه‪.‬‬
‫وفرقللة أخللرى اغللتروا بالص لوما‪ ،‬وربمللا صللاموا الللدهر‪ ،‬أو صللاموا اليللاما الش لريفة‪،‬‬
‫لكن صاما الظاهر منأهما دون الباطن‪.‬‬
‫فلأطلقوا ألسلنأتهما فللي كلل شليء ملن الهللذيان والغيبللة‪ ،‬وملللؤوا بطلونأهما بلالحراما عنأللد‬
‫الفطار‪ ،‬وقعدوا عن الدعوةا إلى الحق‪ ،‬ونأشر الهداية‪.‬‬
‫وكللذلك الحللج غرهللما الشلليطان فحجلوا بل ازرد حلراما‪ ،‬وعليهللما مللن المظللالما والللديون مللا‬
‫عليهما‪ ،‬وأشغلهما بالرفث والفسوق والخصاما‪.‬‬
‫وفرقة أخرى أخذت فلي طريلق الحسلبة‪ ،‬والملر بلالمعروف‪ ،‬والنأهلي علن المنأكلر‪،‬‬
‫ينأكرون على النأاس ما ظهلر مللن المعاصلي‪ ،‬وينأسلون مللا فللي بلواطن أنأفسلهما مللن‬
‫المنأكرات التي تأكل ما جمعوه من الحسنأات‪.‬‬
‫وفرق للة زه للدت ف للي الم للال‪ ،‬وقنأع للت م للن اللب للاس والطع للاما بال للدون‪ ،‬وم للن المس للاكن‬
‫بالمسللاجد‪ ،‬وظنأللت أنأهللا أدركللت رتبللة الزهللاد‪ ،‬وهللما مللع ذلللك راغبللون فللي الرياسللة‬
‫والجاه‪ ،‬إما بالعلما‪ ،‬إواما بالوعظ أو بمجرد الزهد‪.‬‬
‫وهكذا في كل عمل للشيطان منأه نأصيب‪.‬‬
‫ومنأهللما فرقللة غرهللما الشلليطان‪ ،‬وجعللل لهللما زةيللا وهيئللة ومنأطقةللا وحركللات وم ارسللما‪،‬‬
‫واختار لهما أدعيلة باطللة‪ ،‬وحللالت مشلينأة كالتمللاوت والسلماع والتنأفلس إلللى غيلر‬
‫ذلك من الشمائل والهيئات المشينأة التي غرهما بها الشيطان‪.‬‬
‫وفرقللة منأهللما ادعللت علللما المعرفللة ومشللاهدةا الحللق‪ ،‬ومجللاوزةا المقامللات والحلوال‪،‬‬
‫والملزم للة ف للي عي للن الش للهود والكش للف والوج للد‪ ،‬وغيره للا م للن الطام للات واله للذيان‬
‫والبهتللان‪ ،‬حلتى ظلن بعضلهما أن ملا هلما عليلله مللن الباطلل أعللى مللن عللما الوليللن‬

‫‪151‬‬
‫والخريل للن‪ ،‬وينأظل للر هل للؤلء إلل للى الفقهل للاء والعلمل للاء والمحل للدثين والمفس ل لرين بعيل للن‬
‫الزدراء‪ ،‬فضلة عن العواما‪ ،‬فكما يفرحا الشيطان بمثل هؤلء؟‪.‬‬
‫وفرقللة أخللرى وقعللت فللي الباحللة‪ ،‬وطللووا بسللاط الشلرع‪ ،‬ورفضلوا الحكللاما‪ ،‬وسللووا‬
‫بين الحلل والحراما‪.‬‬
‫فبعضهما يزعما أن ال مستغرن عن عمله فإلللما يتعب نأفسه؟‪.‬‬
‫وقال بعضهما‪ :‬كلف العباد ما ل يطيقون من تطهير القلللوب مللن الشللهوات وحللب‬
‫الدنأيا وذلك محال‪.‬‬
‫فلله كما أضل الشيطان من البشر بمثل هذه الخواطر والفكار؟‪.‬‬
‫الصنف الثالثا‪ :‬أرباب الموال‪.‬‬
‫والمغترون منهم فرق‪:‬‬
‫ففرقة منأهما يحرصون على بنأاء المساجد والمدارس والقنأاطر‪ ،‬وما يظهلر للنأللاس‪،‬‬
‫ويكتبللون أسللماءهما عليهللا‪ ،‬ليتخلللد ذكرهللما ويللدعى لهللما‪ ،‬ويظنأللون أنأهللما يغفللر لهللما‬
‫بذلك‪ ،‬وهما مغرورون حيث بنأوها مللن أملوال محرمللة‪ ،‬فهلما قلد تعرضلوا لسلخط الل‬
‫في كسبها‪ ،‬وتعرضوا لسخطه في إنأفاقها‪ ،‬وكتابة السماء تنأافي الخلص‪ ،‬وال‬
‫صا صواةبا‪ ،‬وال أعلما بما في صدور العالمين‪.‬‬
‫ل يقبل من العمل إل ما كان خال ة‬
‫ضلا‬
‫وربما اكتسبت هذه الفرقة الملال ملن الحلل‪ ،‬وأنأفقلت عللى المسلاجد‪ ،‬وهلي أي ة‬
‫مغ للرورةا إم للا بالري للاء‪ ،‬وح للب الثنأ للاء‪ ،‬أو بالسل لراف ال للذي زينأ لله الش لليطان بزخرف للة‬
‫المساجد ونأقشها‪ ،‬والتي تشغل المصلين‪ ،‬وتخطف أبصارهما‪.‬‬
‫والمقصللود مللن الصلللةا الخشللوع‪ ،‬وحضللور القلللب‪ ،‬وهللذه الزخرفللة تشللغلهما عللن‬
‫ذلك‪ ،‬وتحبط ثواب أعمالهما‪ .‬ووبال ذلك كللله يرجلع إليله‪ ،‬وهللو مللع ذلللك يغللتر بله‪،‬‬
‫ويرى أنأه من الخيرات‪.‬‬
‫وطائفل ل للة أخ ل للرى مل للن الغنأ ل للياء ينأفق ل للون المل ل لوال فل للي الصل للدقات علل للى الفقل ل لراء‬

‫‪152‬‬
‫والمساكين‪ ،‬ويطلبون بذلك المحافل الجامعة‪ ،‬ويرون إخفاء الفقير لما يأخذ منأهما‬
‫جنأاية عليهما‪ ،‬وكف ارةنأا لحسانأهما إليه‪.‬‬
‫ويكرهون التصدق في السر طلةبا لمحمدةا النأاس‪ ،‬وعلو الجاه عنأدهما‪.‬‬
‫وفرقة أخرى من الغنأياء اشتغلوا بحفلظ‪ ،‬الملوال إوامسللاكها بحكللما البخللل‪ ،‬ثلما هلما‬
‫يشتغلون بالعبللادات البدنأيلة اللتي ل يحتلاج فيهلا إللى النأفقلة كصلياما النأهللار‪ ،‬وقيللاما‬
‫الليل‪ ،‬وختما القرآن ونأحو ذلك‪.‬‬
‫وهما مغرورون بذلك‪ ،‬لن البخل المهلك قد استولى على قلوبهما‪.‬‬
‫وفرقللة أخللرى غلبهللما البخللل‪ ،‬فل تسللمح نأفوسللهما إل بللأداء الزكللاةا فقللط‪ ،‬ثللما إنأهللما‬
‫يخرجون من المال الخبيث الرديء الذي يرغبلون عنأله‪ ،‬ويطلبلون ملن الفقلراء ملن‬
‫يخل للدمهما‪ ،‬ويل للتردد فل للي حاجل للاتهما‪ ،‬وكل للل ذلل للك مل للن مفسل للدات النأيل للة‪ ،‬ومحبطل للات‬
‫العمال‪.‬‬
‫وفرقللة أخللرى مللن أربللاب الملوال والفقلراء وعلواما الخلللق اغللتروا بحضللور مجللالس‬
‫الللذكر‪ ،‬واعتقللدوا أن ذلللك يغنأيهللما ويكفيهللما‪ ،‬واتخللذوا ذلللك عللادةا‪ ،‬ويظنأللون أن لهللما‬
‫على مجرد سماع الوعظ دون التعاظ أجلةرا‪ ،‬وهللما مغللرورون‪ ،‬لن فضللل مجللالس‬
‫الذكر لكونأها مرغبة في الخير‪ ،‬فإن لما يهيج المجلس الرغبلة فلي العملل فل خيلر‬
‫فيه‪.‬‬
‫فهللذه وسلائل الشليطان وملداخله إلللى القللب وهللي كللثيرةا‪ ،‬فليلس فلي النأسلان صلفة‬
‫مذمومة إل وهي سلحا للشيطان‪ ،‬ومدخل من مداخله‪ ،‬ومطلية من مطاياه‪.‬‬
‫وعلجها على وجه العموم بثلثة أمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬اللجوء إلى ال بالدعاء وسؤاله إبعاد الشيطان عنأه‪.‬‬
‫إ‬ ‫إ إ نإ إ‬ ‫ك إم للن النش للي ل‬
‫طاإن لنأ للزغب لفالس لتلعلذ بللالله ننأ لهم مه للو النس لميعم‬ ‫قللال ال ل تعللالى‪ ) :‬ل إوإانمللا ليلنألزلغننأ ل ل‬
‫اللعإليمما )‪] ((36‬فصلت‪.[36 :‬‬

‫‪153‬‬
‫الثاني‪ :‬العنأاية فلي إ ازللة هلذه الصلفات المذمومللة مللن القللوب‪ ،‬وقلعهلا منأهلا‪ ،‬فلإن‬
‫الشلليطان مثللل الكلللب فللي التسلللط علللى النأسللان‪ ،‬فلإذا كللان النأسللان متصلةفا بهللذه‬
‫الصفات الذميمة من الغضللب والحسللد والحلرص ونأحوهلا‪ ،‬كللان بمنأزللة ملن يكللون‬
‫بين يديه خبز ولحما‪ ،‬فإن الكلب ل محالة يتهور عليه ويتوثب‪ ،‬ويشق دفعه‪.‬‬
‫إوان لما يكن متصةفا بها لما يطمع فيه‪ ،‬لنأه ل داعي له هنأاك‪ ،‬ويكون دفعه أسللهل‬
‫ما يكون‪.‬‬
‫وتزال تلك الصفات بضدها‪ ..‬فيزال الغضب بالرضللا‪ ..‬ويلزال الكللبر بالتواضللع‪..‬‬
‫ويزال الطمع بالورع‪ ..‬ويزال الحسد بمعرفة أن النأعما فضل الل يلؤتيه ملن يشلاء‪..‬‬
‫وهو أعلما بمن يصلح لها‪ ..‬ويزال البخل بالنأفاق‪ ..‬وهكذا‪.‬‬
‫الثالثا‪ :‬ذكر ال تعالى والفكر‪ ،‬فكلما ألما بقلوبهما شيء من تلك الصفات‬
‫المذمومة ذكروا ال وتفكروا في حقه‪ ،‬وفيما أمر به‪ ،‬وفيما نأهى عنأه‪ ،‬فعنأد ذلك‬
‫ف إملن‬ ‫تحصل لهما البصيرةا كما قال سبحانأه‪) :‬إنن النإذيلن اتنقللوا إلذا لمنسهملما ل‬
‫طائإ ب‬
‫صمرولن )‪] ((201‬العراف‪.[201 :‬‬ ‫طاإن تللذنكروا فلإلذا مهما ملب إ‬
‫النشلي ل‬
‫ل م‬ ‫م‬
‫والغين على القلب ألطف شيء وأرقه‪.‬‬
‫ص للحلبةب ‪ -‬ألنن لرمسللولل اللن لإه ‪-‬صلللى ال ل عليلله‬ ‫ت ل لهم م‬ ‫ولع لإن الللغ للر المملزنأإ للى ‪ -‬لولكللالنأ ل‬
‫وسلللما‪ -‬قلللالل » إننأ لهم لميلغللامن لعلللى لقلبإللى ل إوإالنأللى لللسلتللغإفمر اللنلهل إفللى اللي للوإما إمالئ لةل لم لنررةا «‪.‬‬
‫أخرجه مسلم)‪.(66‬‬
‫والران من أغلظ الحجب على القلب وأكثفها‪ ،‬فإذا كثرت الذنأوب والمعاصللي عنأللد‬
‫العبل للد‪ ،‬وت ل لوالى الل للذنأب بعل للد الل للذنأب‪ ،‬أحل للاطت تلل للك الل للذنأوب والمعاصل للي بل للالقلب‬
‫وتغشته‪ ،‬فيموت القلب إذا غمرته تلك العمال الخبيثة‪.‬‬
‫ولع للن ألبإللى مهلرلي للرةال لع للن لرمسللوإل اللنلإه ‪-‬صلللى ال ل عليلله وسلللما‪ -‬قلللالل » إنن اللعلب للد إلذا‬

‫‪ ()66‬أخرجه مسلما برقما )‪.(2702‬‬

‫‪154‬‬
‫إ‬ ‫ت إفلى لقلبإلإه منألكتللةب لسللولدامء فللإلذا مهللو لنأللز ل‬
‫طأل لخإطيلئةة منأإكتل ل‬
‫ب مسلقلل لقلمبلهم‬
‫ع لوالسلتللغفللر لوتلللا ل‬ ‫أللخ ل‬
‫ل إوإالن لعللالد إزيللد إفيهلللا لحتلنلى تللعلمللو لقللبلهم لومهللو الل نارمن النلإذى لذلكللر اللنلهم ) لكلن لبللل لارلن لعلللى‬
‫مقملوبإإهلما لما لكانأموا ليلكإسمبولن( «‪ .‬أخرجه الترمذي )‪.(67‬‬
‫فالذنأب بعد الذنأب يغطي القلب حتى يصير كالران عليه كما قال سبحانأه‪) :‬لكنل‬
‫لبلل لارلن لعللى قمملوبإإهلما لما لكانأموا ليلكإسمبولن )‪] ((14‬المطففين‪.[14 :‬‬
‫فللالغين ألطللف شلليء وأرقلله‪ ..‬والل لران أن يسللود القلللب مللن الللذنأوب‪ ..‬والطبللع أن‬
‫يطبع على القلب‪ ،‬وهو أشد من الران‪ ..‬والقفال أشد من الطبللع‪ ..‬وهللي أن يقفللل‬
‫على القلب فل يصل إليه شيء كمللا قلال سللبحانأه‪) :‬ألفللل ليتلللدنبمرولن القمل للآرلن أللما لع لللى‬
‫مقملورب أللقلفالملها )‪] ((24‬محمد‪.[24 :‬‬
‫وجميع أمراض القلوب إنأما تنأشأ من جانأب النأفلس‪ ،‬وملن جانأب الشليطان‪ ،‬ولكلل‬
‫منأهما على القلب آثار وأضرار‪ ..‬ولكل منأهما علمات‪ ،‬ولكل منأهما دواء‪.‬‬
‫ول تزكو القلوب إل بثلثة أمور‪:‬‬
‫تزكيللة القلللوب بالتوحيللد واليمللان‪ ..‬والتزكيللة بفعللل الواجبللات وتللرك المحرمللات‪..‬‬
‫والتزكية بفعل النأوافل المشروعة‪.‬‬
‫فإذا زكت القلوب ذكرت ربها في كل حين‪ ،‬وعبدته بكل جارحة‪ ،‬وأطاعته في‬
‫كل أمر‪ ،‬وتخلقت بأحسن الخلق‪ ،‬مع ال باليمان وأحسن العمال‪ ،‬ومع‬
‫الخلق بأحسن المعاملت والمعاشرات‪) :‬لولل تلإزمر لواإزلرةاب إولزلر أملخلرى ل إوإالن تللدعم‬
‫ممثللقلةب إللى إحلملإلها لل ميلحلملل إملنأهم لشليبء لوللو لكالن لذا قملرلبى إننألما تملنأإذمر النإذيلن ليلخلشلولن‬
‫صللةال وملن تللزنكى فلإننأما يتللزنكى لإلنألفإسإه إوإاللى اللنإه الم إ‬ ‫إ إ‬
‫صيمر )‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫لرنبهملما باللغليب لوأللقامموا ال ن ل ل‬
‫‪] ((18‬فاطر‪.[18 :‬‬

‫‪()67‬أخرجه الترمذي برقما )‪ ،(3334‬وقال حسن صحيح وهو كما قال ‪.‬وأخرجه ابن ماجه برقما )‬
‫‪ ،(4244‬صحيح سنأن ابن ماجه رقما )‪.(3422‬‬

‫‪155‬‬
===================

156
‫‪ -1‬عإلجا مرض القلب من استيلء النفس عإليه‬

‫قللال الل تعللالى‪) :‬لولمللا أملبللرئم لنألفإسللي إنن الننألفللس لللنمللالرةاب إباللسللوإء إنل لمللا لرإحللما لرلبللي إنن‬
‫لرلبي لغمفوبر لرإحيبما )‪] ((53‬يوسف‪.[53 :‬‬
‫ف لملقالما لرلبإه لولنألهى الننألفلس لعإن الهللوى )‪ (40‬فلإنن‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لوألنما لملن لخا ل‬
‫اللجننأةل إهلي اللملألوى )‪] ((41‬النأازعات‪.[41 ،40 :‬‬
‫إن جميع أمراض القلوب إنأما تنأشأ من جانأب النأفس‪.‬‬
‫فالمواد الفاسدةا كلهلا تنأصلب إليهلا‪ ،‬ثما تنأبعلث منأهلا إللى العضلاء‪ ،‬وأول ملا تنألال‬
‫القلب‪.‬‬
‫وقللد اسللتعاذ النأللبي صلللى الل عليلله وسلللما مللن شللرها عموةمللا‪ ،‬ومللن شللر مللا يتولللد‬
‫منأها من العمال‪ ،‬ومن شر ما يترتب على ذلك من المكاره والعقوبات‪.‬‬
‫ق رضللى ال ل عنألله قلللالل ليللا لرمسللولل اللنلإه مملرنأإللى‬ ‫ولع للن ألبإللى مهلرليللرةال ألنن أللبللا لبلك لرر ال ل‬
‫ص للدي ل‬
‫ت‪ .‬قلل للالل » مقل لإل اللنهمل لنما فلل للاإطلر النسل للملواإت‬ ‫ت ل إوإالذا أللملسل للي م‬ ‫إ ر‬
‫بإلكللمل للات ألقلم للولمهمنن إلذا أل ل‬
‫صل للبلح م‬
‫ن‬
‫ت‬‫ب مكل للل لشل للىرء لولمإليلكل لهم أللشل لهلمد أللن لل إلل لهل إل أللنأل ل ل‬‫ض لعللالإلما اللغليل لإب لوالنشل للهالدإةا لر ن‬ ‫والللر إ‬
‫ل‬
‫إ إإ‬ ‫ك إملن لشلر لنألفإسلى لولشللر النشللي ل‬ ‫ألمعومذ بإ ل‬
‫ت ل إوإالذا‬ ‫طاإن لوشللركه «‪ .‬قللالل » مقلهللا إلذا أل ل‬
‫صللبلح ل‬
‫ك «‪ .‬أخرجه البخاري في الدب المفرد والترمذي )‪.(68‬‬ ‫ضلجلع ل‬ ‫ت لم ل‬ ‫ت ل إوإالذا أللخلذ ل‬ ‫أللملسلي ل‬
‫والنأفس قاطعة بين القللب وبيلن الوصلول إللى الرب‪ ،‬فإنأه ل يدخل عليله سلبحانأه‬
‫ول يوصل إليه إل بعد إماتتها وزجرها ومخالفتها‪.‬‬
‫فإن الناس على قسمين‪:‬‬
‫قسما ظفرت به نأفسه فملكته وأهلكته‪ ،‬وصار طوةعا لها‪ ،‬ينأفذ أوامرها‪.‬‬
‫وقسما ظفروا بنأفوسهما فقهروها‪ ،‬فصارت طوةعا لهما‪ ،‬منأقادةا لوامرهما‪.‬‬

‫‪()68‬أخرجه البخاري في الدب المفرد برقما )‪ ،(1239‬وهذا لفظه‪ ،‬صحيح الدب المفرد رقما )‪.(914‬‬
‫صحيح وأخرجه الترمذي برقما )‪ ،(3529‬صحيح سنأن الترمذي رقما )‪.(2792‬‬

‫‪157‬‬
‫فالنأفس تدعو إلى الطغيان‪ ،‬إوايثار الحياةا الدنأيا‪ ..‬والرب يللدعو عبللده إلللى طللاعته‬
‫وخوفه‪ ،‬ونأهي النأفس عن الهوى‪ ،‬والقلب بين الداعيين‪.‬‬
‫يميل إلى هذا الداعي مرةا‪ ..‬إوالى هذا مرةا‪ ..‬وهذا موضع المحنأة والبتلء‪.‬‬
‫والنفس واحدة باعتبار ذاتها‪ ،‬وثلثا باعتبار صفاتها‪:‬‬
‫نأفس مطمئنأة‪ ..‬ونأفس لوامة‪ ..‬ونأفس أمارةا بالسوء‪.‬‬
‫فالنأفس إذا سلكنأت إللى الل واطمللأنأت بلذكره‪ ،‬وأنألابت إليلله‪ ،‬واشلتاقت إليلله‪ ،‬وأنأسلت‬
‫طلمئإننأةم‬
‫بقربه‪ ،‬فهي المطمئنأة‪ ،‬وهي التي يقال لها عنأد الموت‪) :‬ليا ألنيتملها الننألفمس المم ل‬
‫ضنيةة )‪ (28‬لفالدمخإلي إفي إعلباإدي )‪ (29‬لوالدمخلإللي‬ ‫ضيةة مر إ‬
‫إ إ‬ ‫إ‬
‫)‪ (27‬الرإجعي إللى لرلبك لار ل ل ل‬
‫لجننأإتي )‪] ((30‬الفجر‪.[30-27 :‬‬
‫وحقيقة الطمأنينة‪ :‬السكون والستقرار‪ ،‬فهللي اللتي قللد سللكنأت إلللى ربهللا وطللاعته‬
‫وأمره وذكره‪ ،‬ولما تسكن إلى أحرد سواه‪.‬‬
‫فقللد اطمللأنأت إلللى محبتلله وعبللوديته وذك لره‪ ..‬واطمللأنأت إلللى أم لره ونأهيلله وخللبره‪..‬‬
‫واطمأنأت إلى لقائه ووعده‪ ..‬واطمأنأت إلى قضلائه وقلدره‪ ..‬واطمللأنأت إللى كفللايته‬
‫وحسللبه‪ ..‬واطمللأنأت إلللى التصللديق بحقللائق أسللماء الل وصللفاته‪ ..‬واطمللأنأت بللأن‬
‫الل ل وح للده ربه للا إوالهه للا ومعبوده للا ومليكه للا‪ ..‬ومال للك أمره للا كل لله‪ ..‬وأن مرجعه للا‬
‫إليلله‪ ..‬وأنألله ل غنأللى لهللا عنألله طرفللة عيللن‪ ..‬واطمللأنأت إلللى الرضللى بللال رةبللا‪..‬‬
‫ل‪.‬‬
‫وبالسلما ديةنأا‪ ..‬وبمحمد رسو ة‬
‫والنأفللس المللارةا بالسللوء هللي الللتي بضللد ذلللك تللأمر صللاحبها بالسللوء‪ ..‬وبمللا تهلواه‬
‫من شهوات الغي والباطل‪ ..‬فهي ملأوى كلل سلوء‪ ..‬إوان أطاعهلا العبلد قلادته إللى‬

‫كللل قبيللح‪ ..‬وسللاقته إلللى كللل مكللروه‪ ..‬وهللي الللتي ذكرهللا ال ل بقللوله‪) :‬لولمللا أملب للرئم‬
‫لنألفإس للي إنن الننألفل للس لللنم للالرةاب إباللس للوإء إنل لم للا لرإحل للما لرلب للي إنن لرلب للي لغفمللوبر لرإحيل لبما )‪((53‬‬
‫]يوسف‪.[53 :‬‬

‫‪158‬‬
‫وعل للادةا النأفل للس ودأبهل للا المل للر بالسل للوء إل إذا رحمهل للا الل لل‪ ،‬وجعلهل للا زاكيل للة تل للأمر‬
‫صللاحبها بللالخير‪ ،‬فلذلك مللن رحمللة الل ل منأهللا‪ ،‬فإنأهللا بللذاتها أمللارةا بالسللوء‪ ،‬لنأهللا‬
‫فللي الصللل خلقللت جاهلللة ظالمللة إل مللن رحملله اللل‪ ،‬والعللدل والعلللما طللارئ عليهللا‬
‫بإلهاما ربها وفاطرها لها ذلك‪.‬‬
‫فإذا ال لما يلهمها رشدها‪ ،‬بقيللت علللى ظلمهلا وجهلهللا‪ ،‬فللما تكلن أمللارةا إل بملوجب‬
‫الجهل والظلما‪.‬‬
‫فلول فضل ال ورحمته على المؤمنأين ما زكت منأهما نأفس واحدةا كما قال‬
‫طاإن لولملن ليتنبإلع مخطملواإت‬ ‫سبحانأه‪) :‬ليا ألليلها النإذيلن لآلمنأموا لل تلتنبإمعوا مخطملواإت النشلي ل‬
‫ضمل اللنإه لعلليمكلما لولرلحلمتمهم لما لزلكا‬
‫طاإن فلإننأهم ليلأمممر إبالفللحلشاإء لوالمملنألكإر لوللولل فل ل‬
‫النشلي ل‬
‫إملنأمكلما إملن أللحرد أللبةدا لولإكنن اللنهل ميلزلكي لملن ليلشامء لواللنهم لسإميعب لعإليبما )‪] ((21‬النأور‪:‬‬
‫‪.[21‬‬
‫وسبب الظلما إما جهل‪ ..‬إواما حاجة‪.‬‬
‫والنأفلس فلي الصلل جاهللة‪ ،‬والحاجلة لزملة لهلا‪ ،‬فللذلك كلان أمرهلا بالسلوء لزةملا‬
‫لها إن لما تدركها رحمة ال وفضله‪.‬‬
‫فإذا أراد ال بها خي ةار جعل فيها ما تزكو به من اليمان والعمال الصالحة‪.‬‬
‫إوان لما يرد بها ذلك تركها على حالها التي خلقت عليها من الجهل والظلما‪.‬‬
‫أما النأفس اللوامة فهي اللؤما كما أخبر ال عنأها بقوله‪) :‬لا أملقإسمما بإليلوإما الإقليالمإة )‪(1‬‬
‫س اللننوالمإة )‪] ((2‬القيامة‪.[2 ،1 :‬‬
‫ولل أملقإسمما إبالننألف إ‬
‫ل‬
‫فكل نفس تلوم نفسها يوم القيامة‪:‬‬
‫تلوما المحسن نأفسه أن ل يكون ازداد إحسللاةنأا‪ ..‬وتللوما المسلليء نأفسلله أن ل يكللون‬
‫رجع عن إساءته‪.‬‬
‫والمؤمن ما تراه إل يلوم نفسه على كل حالته‪:‬‬

‫‪159‬‬
‫يلومهللا علللى كللل مللا يفعللل‪ ،‬ويلومهللا علللى تللرك مللا أمللر ال ل بلله‪ ..‬ويلومهللا علللى‬
‫تل للأخيره ونأقصل لله إن فعلل لله‪ ،‬ويلومهل للا علل للى فعل للل مل للا نأهل للى الل ل عنأل لله وعلل للى كل للثرته‬
‫إواعلنأه‪.‬‬
‫والنأفللس قللد تكللون تللارةا لوامللة‪ ..‬وتللارةا أمللارةا بالسللوء‪ ..‬وتللارةا مطمئنأللة‪ ،‬بلل فللي اليلوما‬
‫الواحللد‪ ،‬والسللاعة الواحللدةا‪ ،‬يحصللل منأهللا هللذا وهللذا‪ ،‬والحكللما للغللالب عليهللا مللن‬
‫أحوالها‪.‬‬
‫فكونأهلا مطمئنألة وصلف ملدحا لهلا‪ ..‬وكونأهلا أملارةا بالسلوء وصلف ذما لهلا‪ ،‬وكونأهلا‬
‫لوامللة ينأقسللما إلللى المللدحا والللذما بحسللب مللا تلل لوما عليلله مللن تللرك واجللب‪ ،‬أو فعللل‬
‫محرما‪.‬‬
‫ومرض القلب باستيلء النفس المارة عليه له علجان هما‪:‬‬
‫محاسبة النأفس‪ ..‬ومخالفة النأفس‪.‬‬
‫وهلك القلب من إهمال محاسبتها‪ ،‬ومن موافقتها واتباع هواها‪.‬‬
‫والنأفللس مللع صللاحبها كالش لريك فللي المللال بينأهمللا شللروط وعهللود‪ ،‬فكللذلك النأفللس‬
‫حتى تزكو ل بند أن يتفق معها على شروط‪.‬‬
‫يشارطها أولة على حفظ الجوارحا السبعة التي حفظها هو رأس المال‪ ،‬والربللح بعللد‬
‫ذلك وهي‪ :‬العين‪ ،‬والذن‪ ،‬والفما‪ ،‬واللسان‪ ،‬والفرج‪ ،‬واليد‪ ،‬والرجل‪.‬‬
‫وهل للذه هل للي م اركل للب العط للب والنأج للاةا‪ ،‬فمنأهل للا عط للب م للن عط للب بإهماله للا وع للدما‬
‫حفظها‪ ،‬ونأجا من نأجا بحفظها ومراعاتها‪.‬‬
‫فحفظها أساس كل خير‪ ،‬إواهمالها أساس كل شر‪.‬‬
‫صاإرإهلما لوليلحفلظموا فممرولجهملما لذإل ل‬
‫ك أللزلكى لهمللما‬ ‫قال تعالى ‪ ):‬مقلل إللمؤإمإنأين يمغ ل إ‬
‫ضوا ملن أللب ل‬ ‫مل ل ل‬
‫ن‬
‫صلنأمعولن )‪] ((30‬النأور‪.[30 :‬‬ ‫إنن اللهل لخإبيبر بإلما لي ل‬
‫ظللن فممرولجهملنن لولل‬ ‫صلاإرإهنن لوليلحفل ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬ومقلل لإلمؤإملنألاإت يلغض ل إ‬
‫ضللن مللن أللب ل‬ ‫ل م‬ ‫مل‬ ‫ل‬

‫‪160‬‬
‫ضل لإرلبلن بإمخممإرإهل لنن لعل للى مجمي للوبإإهنن لولل ميلبل لإديلن‬ ‫ظهلل للر إملنأهل للا لوللي ل‬ ‫ميلبل لإديلن إزيلنأتلهمل لنن إنل لم للا ل‬
‫إزيلنأتلهملنن إنل إلمبمعللولتإإهنن أللو لآلبللائإإهنن أللو لآلبللاإء مبمعللولتإإهنن أللو أللبلنأللائإإهنن أللو أللبلنأللاإء مبمعللولتإإهنن أللو‬
‫إلخ للوانأإإهنن أللو لبنأإللي إلخ للوانأإإهنن أللو لبنأإللي أللخ للواتإإهنن أللو نأإلسللائإإهنن أللو لمللا لمللك ل ل‬
‫ت ألليلمللامنأهمنن ألإو‬
‫ظهللمروا لعلللى لعللولارإت‬ ‫التلنلابإإعيلن لغليلإر مأولإللي ا لإللرلبلإة إمللن اللرلجللاإل ألإو الطللفلإل النلإذيلن لللما لي ل‬
‫ضلإرلبلن بإلأللرمجلإإهنن لإميلعلللما لمللا ميلخإفيللن إمللن إزيلنأتإإهلنن لومتوبملوا إلللى اللنلإه لجإميةعللا‬ ‫اللنألسللاإء لولل لي ل‬
‫ألليلها المملؤإممنأولن للعلنمكلما تملفلإمحولن )‪] ((31‬النأور‪.[30 :‬‬
‫صلر لوالفملؤالد مكلل‬ ‫ف ما لليس ل ل إ إ‬
‫ك بإه علبما إنن النسلملع لواللب ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لولل تللق م ل ل‬
‫ك لكالن لعلنأهم لملسئموةل )‪] ((36‬السراء‪.[36 :‬‬ ‫مأولئإ ل‬
‫صللإلح‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫نإ‬
‫وقللال الل تعللالى‪) :‬ليللا ألليهلللا اللذيلن لآلمنأملوا اتنقملوا الللهل لومقولملوا قلللوةل لسلديةدا )‪ (70‬مي ل‬
‫لمك للما أللعلمللالمكلما لوليلغإف للر لمك للما مذمنأللولبمكلما لولم للن ميإط لإع اللنلهل لولرمسللولهم فلقل للد فلللالز فل للوةاز لعإظيةمللا )‬
‫‪] ((71‬الحزاب‪.[70 :‬‬
‫فل للإذا شل للارط العبل للد نأفسل لله علل للى حفل للظ هل للذه الجل لوارحا انأتقل للل منأهل للا إلل للى مطالعتهل للا‬
‫ومراقبتهللا‪ ،‬فل يهملهللا لئل ترتللع فللي الخيانأللة‪ ،‬ومللتى أحللس بالنأقصللان بللادر إلللى‬
‫محاسبتها وتذكيرها بما شارطها عليه‪.‬‬
‫فإن أحلس بالخسلران اسلتدرك منأهللا مللا يسلتدركه الشلريك ملن شلريكه‪ ،‬مللن الرجلوع‬
‫عليله بملا مضلى‪ ،‬والقيلاما بالحفظ والمراقبلة فلي المسلتقبل‪ ،‬ول مطمع له فلي فسلخ‬
‫عقد الشركة مع هذا الخائن والستبدال بغيره فإنأه ل بند له منأه‪.‬‬
‫فليجتهللد فللي مراقبتلله ومحاسللبته‪ ،‬وليحللذر مللن إهمللاله‪ ،‬ويعينألله علللى هللذه المراقبللة‬
‫والمحاس للبة‪ ،‬معرفت لله أنأ لله كلم للا اجته للد فيه للا اليل لوما اس للتراحا منأه للا غل لةدا‪ ،‬إذا ص للار‬
‫الحساب إلى غيره يوما القيامة‪.‬‬
‫ويعينأه كذلك معرفته أن ربح هذه التجارةا سكنأى الفردوس‪ ،‬والنأظر إلى وجه الرب‬
‫سبحانأه‪ ،‬والفوز برضوانأه‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫وخسارتها دخول النأار والحجاب عن الرب تعالى‪ ،‬والتعرض لسخطه‪.‬‬
‫ت إمللن‬‫س لمللا لعإملل ل‬ ‫فإذا تيقن هذا هان عليه الحساب اليلوما وغلةدا‪) :‬ليللولما تلإجلمد مكللل لنألفل ر‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫لخليرر ملحض ار وما عإمل ل إ‬
‫ت ملن مسورء تللولد للو ألنن لبليلنألها لولبليلنأهم أللملةدا لبعي ةدا لوميلحللذمرمكمما الللهم‬ ‫م لة ل ل ل‬
‫ف إبالإعلباإد )‪] ((30‬آل عمران‪.[30 :‬‬ ‫لنألفلسهم لواللنهم لرمءو ب‬
‫ومحاسبة النفس لها مرحلتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬محاسبتها قبل العمل‪.‬‬
‫فللإذا تحركللت النأفللس لعمللل مللن العمللال‪ ،‬وهللما بلله العبللد‪ ،‬فلينأظللر هللل ذلللك العمللل‬
‫مقدور له أما غير مقدور له؟‪.‬‬
‫فإن لما يكن مقدوةار لما يقدما عليه‪ ،‬إوان كان مقدوةار له‪ ،‬نأظلر هلل فعلله خير له ملن‬
‫تركه؟‪ ..‬أو تركه خير له من فعله؟‪.‬‬
‫فللإن كللان الثللانأي تركلله‪ ،‬إوان كللان الول وقللف ونأظللر هللل البللاعث عليلله إرادةا وجلله‬
‫ال وثوابه‪ ،‬أو إرادةا الجاه والثنأاء والمال من المخلوق؟‪.‬‬
‫فللإن كللان الثللانأي لللما يقللدما عليلله‪ ،‬إوان أفضللى بلله إلللى مطلللوبه‪ ،‬لئل تعتللاد النأفللس‬
‫الشلرك‪ ،‬ويخللف عليهللا العمللل لغيلر الل‪ ،‬فبقلدر مللا يخلف عليهللا ذلللك‪ ،‬يثقللل عليهللا‬
‫العمل ل تعالى‪.‬‬
‫إوان ك ل للان الول وق ل للف ونأظ ل للر ه ل للل ه ل للو مع ل للان علي ل لله‪ ،‬ول ل لله أعل ل لوان يس ل للاعدونأه‬
‫وينأصرونأه‪ ،‬إذا كان العمل محتاةجا إلى ذلك أما ل؟‪.‬‬
‫فلإن للما يكلن لله أعلوان أمسلك عنأله كملا أمسلك النألبي صللى الل عليله وسللما علن‬
‫الجهاد‪ ،‬بمكة حتى صار له شوكة وأنأصار في المدينأة‪.‬‬
‫إوان وجد نأفسه معاةنأا فليقدما عليه فإنأه منأصور‪.‬‬
‫ول يفوت النأجاحا والفوز والفلحا إل من فوت خصلة من هذه الخصال‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬محاسبة النأفس بعد العمل‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫وتكون بمحاسبتها على طاعة قصرت فيها في حق ال تعالى‪.‬‬
‫وحق ال في الطاعة ستة أمور وهي‪:‬‬
‫الخلص في العمل‪ ..‬والنأصيحة فيه ل‪ ..‬ومتابعة الرسول فيه‪ ..‬وشهود مشهد‬
‫الحسان فيه‪ ..‬وشهود منأة ال عليه فيه‪ ..‬وشهود تقصيره فيه بعد ذلك كله‪.‬‬
‫ويحاسبها كذلك على كل عمل كان تركه خي ةار له من فعله‪ ،‬وعلى كللل أمللر مبللاحا‬
‫أو معتاد لما فعله؟‪ ،‬وهل أراد به ال والدار الخرةا؟‪ ،‬أو أراد به الدنأيا وعاجلها؟‪.‬‬
‫وصلحا القلب بمحاسبة النأفس‪ ،‬وفساده بإهمالها والسترسال معها‪.‬‬
‫صللا تلداركه‬
‫وجمللاع ذلللك أن يحاسلب نأفسله أولة علللى الف ارئللض‪ ،‬فلإن تللذكر فيهللا نأق ة‬
‫إما بقضاء أو إصلحا أو الكثار من النأوافل‪.‬‬
‫ثللما يحاسللبها علللى المنأللاهي‪ ،‬فللإن عللرف أنألله ارتكللب منأهللا شلليةئا‪ ،‬تللداركه بالتوبللة‬
‫والستغفار والحسنأات الماحية‪.‬‬
‫ثللما يحاسللب نأفسلله كللذلك علللى الغفلللة‪ ،‬فللإن كللان قللد غفللل عمللا خلللق للله‪ ،‬تللداركه‬
‫بالذكر والقبال على ال تعالى‪.‬‬
‫ثللما يحاسللبها علللى مللا تكلللما بلله لسللانأه‪ ،‬أو مشللت إليلله رجله‪ ،‬أو بطشللت يللداه‪ ،‬أو‬
‫سمعته أذنأاه‪ ،‬ماذا أردت بهذا؟‪ ..‬ولما فعلته؟‪ ..‬وعلى أي وجه فعلته؟‪.‬‬
‫فكل عبد سيسأل عن الخلص والمتابعة في كل عمل‪) :‬مقلل إننألما أللنأا لبلشبر إملثلممكلما‬
‫صاإلةحا لولل‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫إ‬
‫ميولحى إلني ألننألما إلهممكلما إلهب لواحبد فللملن لكالن ليلرمجوا للقالء لرلبه لفلليلعلملل لعلمةل ل‬
‫ميلشإرلك بإإعلبالدإةا لرلبإه أللحةدا )‪] ((110‬الكهف‪.[110 :‬‬
‫إواذا كان العبد مسؤولة ومحاسةبا على كل شيء‪ ،‬فهو حقيق أن يحاسب نأفسه قبل‬
‫أن ينأللاقش الحسللاب‪) :‬ليللا ألليهلللا النلإذيلن لآلمنأملوا اتنقملوا اللنلهل لولتللنأظمللر لنألفلبس لمللا قللندلم ل‬
‫ت إللغلرد‬
‫لواتنقموا اللنهل إنن اللنهل لخإبيبر بإلما تللعلمملولن )‪] ((18‬الحشر‪.[18 :‬‬
‫وأنأفللع مللا للقلللب النأظللر فللي حللق الل ل علللى العبللد‪ ،‬فللإن ذلللك يللورثه مقللت نأفسلله‪،‬‬

‫‪163‬‬
‫والزدراء عليهل للا‪ ،‬ويخلصل لله مل للن العجل للب ورؤيل للة العمل للل‪ ،‬ويفتل للح لل لله بل للاب الل للذل‬
‫والخضللوع والنأكسللار بيلن يلدي الل‪ ،‬واليللأس ملن نأفسله‪ ،‬وأن النأجلاةا ل تحصللل لله‬
‫إل بعفو ال ومغفرته ورحمته‪.‬‬
‫فإن من حقه سبحانأه أن يطلاع فل ميعصللى‪ ،‬وأن ميلذكر فل مينأسلى‪ ،‬وأن ميشلكر فل‬
‫ميكفر‪ ،‬وأن يعبد وحده دون سواه‪.‬‬
‫فملن نأظر فلي هذا الحلق الذي لربله عليله‪ ،‬عللما عللما اليقيلن أنأله غيلر ملؤرد له كملا‬
‫ينأبغي‪ ،‬وأنأه ل يسعه إل طلب العفو والمغفرةا‪ ،‬وأنأه إن أحيل على عمله هلك‪.‬‬
‫فه للذا مح للل نأظ للر أه للل المعرف للة ب للال تع للالى وبنأفوس للهما‪ ،‬وه للذا ال للذي أيأس للهما م للن‬
‫أنأفسهما‪ ،‬وعلق رجاءهما كله بعفو ال ورحمته‪.‬‬
‫قللال الل تعللالى‪) :‬قلللالل لرمجللإن إمللن النلإذيلن ليلخللامفولن أللنألعللما اللنلهم لعلليإهلمللا الدمخلملوا لعلليإهلمما‬
‫ب فلل لإلذا لدلخلتمممللوهم فلل لإننأمكلما لغللالإمبولن لولعلللى اللنل لإه فلتللونكلمل لوا إلن مكلنأتلم للما ممل للؤإمإنأيلن )‪((23‬‬
‫اللبللا ل‬
‫]المائدةا‪.[23 :‬‬
‫و لعللن لعائإلش ةل ألنن لرمسلولل اللن إه ‪ -‬صللى الل عليله وسللما ‪ -‬قللالل » لس لدمدوا لوقللاإربموا ‪،‬‬
‫ب الللعلملاإل أللدلوممهلللا إ لللى اللنلإه ‪،‬‬ ‫لوالعلمموا أللن للن ميلدإخلل أللحلدمكلما لعلململهم اللجننألةل ‪ ،‬لوألنن أللحل ن‬
‫ل إوإالن لقنل « متفق عليه)‪.(69‬‬
‫إواذا تأمل العبد حال أكثر النأاس وجدهما بضد ذلك‪ ،‬ينأظرون في حقهما عللى الل‪،‬‬
‫ول ينأظرون في حق ال عليهلما‪ ،‬وملن هنألا انأقطعلوا علن الل‪ ،‬وحجبلت قللوبهما علن‬
‫معرفته ومحبته‪ ،‬والشوق إلى لقائه‪ ،‬والتلذذ بذكره‪ ،‬والبتهاج بطللاعته‪ ،‬وهللذا غايللة‬
‫جهل النأسان بنأفسه وربه‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ثما نأظره هل قللاما بلله كمللا‬
‫فمحاسبة النأفس تكون بنأظر العبد في حق ال عليه أو ة‬
‫ينأبغي لجلل ال ثانأةيا‪ ،‬ثلما نأظ ره هل أداه فلي وقتله ثالةثا ثما نأظلره فلي تقصليره علن‬

‫‪ ()69‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(6464‬ومسلما برقما )‪ (2818‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫شكر ما أنأعما ال به عليه رابعةا‪.‬‬
‫وأفضللل الفكلر الفكلر فلي ذلللك‪ ..‬فلإنأه يسلير بلالقلب إللى اللل‪ ..‬ويطرحله بيلن يلديه‬
‫ذليلة خاضةعا‪ ..‬منأكس ةار كس ةار فيه جبره‪ ..‬ومفتقل ةار فقل ةار فيله غنألاه‪ ..‬وذليلة ذلة فيله‬
‫عزه‪.‬‬
‫ومعرفة العبد بحق ال عليه يجعله ل يدلي بعمل أصلة كائةنأا ما كان‪ ،‬ومن أدلللى‬
‫بعمله للما يصلعد إللى الل تعلالى‪ ،‬والل غنألي علن كلل ملا سلواه‪) :‬لولمللن لجالهللد فلإننألملا‬
‫ميلجاإهمد إللنألفإسإه إنن اللنهل للغنأإدي لعإن اللعالإميلن )‪] ((6‬العنأكبوت‪.[6 :‬‬
‫ظلمل لت نألفإسللى ظململلا لكثإيل ل ار ولل يلغإفل لر الل للذنأو ن‬
‫ت ‪ ،‬فلللالغإفلر إلللى‬ ‫ب إل أللنأل ل ل‬
‫ة ل ل م م ل‬ ‫ة‬ ‫» اللنهمل لنما إإلنأللى ل ل م ل‬
‫ت اللغمفومر النرإحيمما « ‪ .‬متفق عليه)‪.(70‬‬ ‫ك أللنأ ل‬‫ك ‪ ،‬لوالرلحلمإنأى إننأ ل‬
‫لملغإفلرةاة إملن إعلنأإد ل‬
‫=======================‬
‫عإلجا مرض القلب من وسوسة الشيطان ‪2-‬‬

‫إ‬ ‫إ إ نإ‬ ‫ك إملن النشلي ل‬


‫طاإن لنألزغب لفالستلعلذ بالله إننأهم مهلو النسميعم‬ ‫قال ال تعالى‪ ) :‬ل إوإانما ليلنألزلغننأ ل‬
‫اللعإليمما )‪] ((36‬فصلت‪.[36 :‬‬
‫ك إملن لهلم لازإت النشللياإطيإن )‪ (97‬لوألمعللومذ بإل ل‬
‫ك لر ل‬
‫ب‬ ‫ب ألمعومذ بإ ل‬ ‫وقال ال تعالى‪) :‬لومقلل لر ل‬
‫ضمروإن )‪] ((98‬المؤمنأون‪.[98 ،97 :‬‬ ‫أللن ليلح م‬
‫الشيطان عدو لجميع بنأي آدما‪ ،‬ولذلك جاء ذكره في الكتاب والسنأة أكثر من ذكر‬
‫النأفللس‪ ،‬وحللذر الل عبللاده منألله أكللثر مللن تحللذيره مللن النأفللس‪ ،‬وذلللك لعظيللما خطلره‪،‬‬
‫وكثرةا حيله‪ ،‬وشدةا عداوته وكثرةا جنأوده‪.‬‬
‫وشللر النأفللس وفسللادها ينأشللأ مللن وسوسللته‪ ،‬فهللي مركبلله‪ ،‬وموضللع شل لره‪ ،‬ومحللل‬
‫طاعته‪ ،‬ولذلك فهو ملزما لها‪ ،‬ويجري في ابن آدما مجرى الدما‪.‬‬
‫وقللد أمرنأللا الل علنز وجلنل بالسللتعاذةا منألله عنأللد قلراءةا القلرآن وغيرهللا‪ ،‬لشللدةا الحاجلة‬

‫‪ ()70‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(834‬ومسلما برقما )‪ ،(2705‬واللفظ له‪.,‬‬

‫‪165‬‬
‫إلى التعوذ منأه‪ ،‬ولما يأمر سبحانأه بالستعاذةا من النأفس في موضع واحد‪.‬‬
‫إوانأملا جاءت السلتعاذةا ملن شر النأفلس‪ ،‬وشلر الشليطان فلعللن ألبإلى لارإشلرد المحلب لارنأإللى‬
‫ت إمللن لرمسللوإل‬ ‫ت للهم لحللدثللنأا إمنمللا لسلإملع ل‬
‫صى فلقمل م‬ ‫ت علبلد اللنإه لبن عمإرو لبإن العا إ‬
‫ل‬ ‫ل لل‬ ‫لقالل ألتللي م ل‬
‫ب إلى لرمسومل اللنلإه‬ ‫صحيفلةة فللقالل لهلذا لما لكتل ل‬
‫اللنإه ‪-‬صلى ال عليه وسلما‪.-‬فلألللقى إلنى إ‬
‫ل‬
‫ق رضلى‬ ‫ت إفيهللا فللإلذا إفيهللا إنن أللبلا لبلكلرر ال ل‬
‫صللدي ل‬ ‫ظللر م‬‫‪-‬صلى ال عليله وسللما‪ -‬قللالل فللنأ ل‬
‫ت‪ .‬فلقللالل » ليا‬ ‫ت ل إوإالذا أللملسللي م‬
‫صللبلح م‬ ‫نإ ل إ‬
‫ال عنأه لقالل ليا لرمسلولل اللله لع لمنألى لملا ألقملومل إلذا أل ل‬
‫ن‬ ‫أللبللا لبلكلرر مقلإل اللنهملنما فلللاإطلر النسللمواإت والللر إ‬
‫ت‬ ‫ض لعللاإللما اللغليلإب لوالنشللهالدإةا لل إللهل إل أللنأل ل‬ ‫ل ل‬
‫إ‬ ‫إ‬
‫طاإن لولشللركه لوأللن‬ ‫ك إمللن لشللر لنألفسللى لومللن لشللر الشللي ل‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫إ‬ ‫ب مكللل لشللىرء لولمإليلكلهم ألمعللومذ بإل ل‬ ‫لر ن‬
‫ف لعلللى لنألفإسللى مسللوةءا أللو ألمج لنرهم إلللى مملس للإرما «‪ .‬أخرجه البخاري في الدب المفممرد‬ ‫أللقتللإر ل‬
‫والترمذي )‪.(71‬‬
‫فالشر كله إما أن يصدر من النأفس‪ ..‬أو يصدر من الشيطان‪.‬‬
‫وغ للايته‪ :‬إم للا أن تع للود عل للى العام للل‪ ،‬أو عل للى أخي لله المس لللما‪ ،‬فتض للمن الح للديث‬
‫السلتعاذةا ملن الشر وأسلبابه وغلايته‪ ،‬وبيلان مصلدري الشر‪ ،‬وغلايتيه اللتي يصل‬
‫إليهما‪.‬‬
‫وأمر ال علنز وجلنل بالستعاذةا ملن الشليطان عنألد ق راءةا القلرآن كملا قلال سلبحانأه‪:‬‬
‫طابن‬ ‫ت القمل للآرلن لفالسلتلإعلذ بإللاللنإه إمللن النشللي ل‬
‫طاإن النرإجيلإما )‪ (98‬إننألهم لليللس للهم مسلل ل‬ ‫)فللإلذا قلل للأر ل‬
‫لعللى النإذيلن لآلمنأموا لولعللى لرلبإهلما ليتللونكملولن )‪] ((99‬النحل‪.[99 ،98 :‬‬
‫فللالقرآن شللفاء لمللا فللي الصللدور‪ ،‬يللذهب مللا يلقيلله الشلليطان فيهللا مللن الوسللاوس‬
‫والشللهوات‪ ،‬والرادات الفاسللدةا‪ ،‬فللأمر الل العبللد أن يطللرد مللادةا الللداء‪ ،‬ويخلللي منألله‬
‫القلب‪.‬‬
‫والقرآن مادةا الهدى والعلما والخير في القلب‪ ،‬وكلمللا أحلس الشليطان بنأبللات الخيلر‬
‫‪()71‬أخرجه البخاري في الدب المفرد برقما )‪ ،(1239‬وهذا لفظه‪ ،‬صحيح الدب المفرد رقما )‪.(914‬‬
‫وأخرجه الترمذي برقما )‪ ،(3529‬صحيح سنأن الترمذي رقما )‪ .(2789‬صحيح‬

‫‪166‬‬
‫فللي القلللب سللعى فللي إفسللاده إواح ارقلله‪ ،‬فللأمر أن يسللتعيذ بللال علنز وجلنل منألله‪ ،‬لئل‬
‫يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن من المنأافع‪.‬‬
‫والملئكة تدنأو من قلارئ القلرآن‪ ،‬وتسلتمع لقراءتله‪ ،‬والشلليطان ضلد المللك وعلدوه‪،‬‬
‫فل للأمر القل للارئ أن يطلل للب مل للن الل ل تعل للالى مباعل للدته عنأل لله‪ ،‬حل للتى يحضل لره خل للاص‬
‫ملئكته‪.‬‬
‫وكللذلك الشلليطان يجلللب علللى القللارئ بخيللله ورجللله‪ ،‬حللتى يشللغله عللن النأتفللاع‬
‫بالقرآن‪ ،‬ويحول بينأه وبينأه‪ ،‬فأمر عنأد الشروع في القراءةا أن يستعيذ بال منأه‪.‬‬
‫وكللذلك الشلليطان يلقللي فللي قلراءةا القللارئ‪ ،‬ويلبللس عليلله‪ ،‬ولهللذا يغلللط القللارئ تللارةا‪،‬‬
‫ويخلط عليه تارةا‪ ،‬فأمر ال سبحانأه بالستعاذةا منأه عنأد قراءةا القرآن‪.‬‬
‫والل ل عل لنز وجل لنل ل يجعللل للكللافرين علللى المللؤمنأين سللبي ة‬
‫ل‪ ،‬لكللن قللد تصللدر مللن‬
‫المؤمنأين من المعاصي والمخالفلات اللتي تضلاد اليمللان‪ ،‬مللا يصلير بله للكلافرين‬
‫عليهللما سللبيل بحسللب تلللك المخالفللة‪ ،‬فهللما الللذين تسللببوا إلللى جعللل السللبيل عليهللما‪،‬‬
‫كما تسببوا إليه يوما أممحد بمعصية الرسول ومخالفته‪.‬‬
‫صولن بإمكلما فلإلن‬ ‫نإ‬
‫فالصل نأصر ال لمن أطاعه‪ ،‬وخذلن من عصاه‪) :‬الذيلن ليتللرنب م‬
‫ب لقالموا ألللما‬‫صي ب‬ ‫لكان لمكما فلتلبح إمن اللنإه لقالموا أللما لنأمكلن معمكما إوإالن لكان إلللكاإفإرين لنأ إ‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫لل ل ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬
‫لنألستللحإولذ لعلليمكلما لولنألملنألعمكلما إملن المملؤإمإنأيلن لفاللنهم ليلحمكمما لبليلنأمكلما ليلولما الإقليالمإة لوللن ليلجلعلل‬
‫اللنهم إلللكاإفإريلن لعللى المملؤإمإنأيلن لسإبيةل )‪] ((141‬النأساء‪.[141 :‬‬
‫ب لمكل للما ل إوإالن ليلخ لمذلمكلما فللم للن لذا الن لإذي‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫وقللال ال ل سللبحانأه‪) :‬إلن ليلنأ م‬
‫ص للرمكمما الل لهم فللل لغللال ل‬
‫صمرمكلما إملن لبلعإدإه لولعللى اللنإه لفلليتللونكإل المملؤإممنأولن )‪] ((160‬آل عمران‪.[160 :‬‬ ‫ليلنأ م‬
‫وال سبحانأه لما يجعل للشيطان على العبد سلطاةنأا‪ ،‬حتى جعل له العبد سبيلة‬
‫طا وقه ةار‬
‫إليه بطاعته والشرك به‪ ،‬فجعل ال حينأئذ للشيطان على النأسان تسل ة‬
‫بالغواء والضلل‪ ،‬بحيث يؤزهما إلى الكفر والشرك والمعاصي‪ ،‬ويزعجهما‬

‫‪167‬‬
‫إليها‪ ،‬ول يدعهما يتركونأها كما قال سبحانأه‪) :‬ألللما تللر ألننأا أللرلسللنأا النشلياإطيلن لعللى‬
‫اللكاإفإريلن تلمؤلزمهلما أللاز )‪] ((83‬مريما‪.[83 :‬‬
‫فالتوحيد واليمان‪ ،‬والخلص والتوكل على ال يمنأع سلطانأه كما قال ال‬
‫طابن لعللى النإذيلن لآلمنأموا لولعللى لرلبإهلما ليتللونكملولن )‪((99‬‬
‫سبحانأه‪) :‬إننأهم لليلس لهم مسل ل‬
‫]النأحل‪.[99 :‬‬
‫والشرك وفروعه من المعاصلي والمنأكلرات والفلواحش يلوجب سللطانأه عللى البشر‬
‫الذين تولوه‪ ،‬ودخلوا في طاعته‪ ،‬وانأضموا لحزبه‪.‬‬
‫فهل للؤلء الل للذين جعلل لوا للشل لليطان وليل للة علل للى أنأفسل للهما‪ ،‬فل للأزهما إلل للى المعاصل للي أةزا‪،‬‬
‫طامنأهم لعللى النإذيلن ليتللولنلولنأهم لوالنلإذيلن‬
‫وقادهما إلى النأار من حيث ل يشعرون‪) :‬إننألما مسل ل‬
‫مهلما بإإه مملشإرمكولن )‪] ((100‬النأحل‪.[100 :‬‬
‫وقد استولى الشيطان على كثير من قلوب البشر وأبدانأهما‪ ،‬أمرهما بللالكفر فكفللروا‪،‬‬
‫ظننأهم لفاتنلبمعوهم إنل فلإريةقا إملن‬ ‫ق لعلليإهلما إلبإليمس ل‬ ‫صند ل‬
‫وزين لهما المعاصي فعصوا‪) :‬لولقللد ل‬
‫المملؤإمإنأيلن )‪] ((20‬سبأ‪.[20 :‬‬
‫وجميع ذلك بقضاء من أزمة المور بيده‪ ،‬فمن وجد خيل ةار فليحمللد اللل‪ ،‬ومللن وجللد‬
‫غير ذلك فل يلومن إل نأفسه‪ ،‬وال حكيما عليما‪.‬‬
‫والشلليطان دأبلله وديللدنأه الوسوسللة‪ ،‬فللإذا ذكللر العبللد ربلله هللرب الشلليطان وخنأللس‬
‫واختفللى‪ ،‬فللإن ذكللر الل ل هللو مقمعتلله الللتي يقمللع بهللا كمللا يقمللع المفسللد والشل لرير‬
‫بالمقامع التي تروعه من سياط وحديد وعصي ونأحوها‪.‬‬
‫فللذكر الل ل عل لنز وجل لنل يقمللع الشلليطان ويللؤلمه ويللؤذيه‪ ،‬كالمقللامع الللتي تللؤذي مللن‬
‫ميضرب بها من البشر‪.‬‬
‫ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلة ضئيلة مضنأى‪ ،‬مما يعذبه المللؤمن ويقمعلله بلله‬
‫من ذكر ال وطاعته‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫فكلما اعترضه صلب عليله سلياط اللذكر والتللوجه والسلتغفار والطاعللة‪ ،‬فشليطانأه‬
‫معه في عذاب شديد‪.‬‬
‫أما شيطان الكافر فهو معه في راحة ودعة‪ ،‬ولهلذا يكلون قوةيلا عاتةيلا شلديةدا‪ ،‬لنأله‬
‫مطاع فيما يلأمر بله ملن المعاصلي والمنأكلرات‪ ،‬فملن للما يعلذب شليطانأه بلذكر الل‬
‫في الدنأيا وتوحيده واستغفاره وطاعته‪ ،‬عذبه شيطانأه في الخرةا بعذاب النأار‪.‬‬
‫فل بند لكل أحد أن يعذب شيطانأه‪ ..‬أو يعذبه شيطانأه‪ ..‬وأنأت أحدهما ول بد‪.‬‬
‫والشر نوعان‪:‬‬
‫شر من داخل النأفس‪ ..‬وشر من خارج النأفس‪.‬‬
‫وسورةا الفلق تضمنأت الستعاذةا من الشر الخارجي‪ ،‬وهو ظلما الغير له‪ ،‬كما قللال‬
‫ق )‪ (2‬وإمللن لشللر لغاإسل ر‬
‫ق إلذا‬ ‫ق )‪ (1‬إمللن لشللر لمللا لخلل ل‬ ‫ب اللفلل إ‬‫سللبحانأه‪) :‬قمللل ألمعللومذ بإللر ل‬
‫ل‬
‫ب )‪ (3‬لوإمل للن لشل للر الننأنفاثلللاإت إف للي المعقلل لإد )‪ (4‬لوإمل للن لشل للر لحاإسل لرد إلذا لحلسل للد )‪((5‬‬ ‫لوقلل ل ل‬
‫]الفلق‪.[5-1 :‬‬
‫والشر الخارجي الذي أمر العبد أن يستعيذ بال منه أربعة أقسام‪:‬‬
‫الول‪ :‬السللتعاذةا مللن كللل شللر فللي أي مخلللوق قللاما بلله الشللر مللن إنأسللان أو غيلره‬
‫من جن أو حيوان أو هامة أو دابة أو ريةحا أو صاعقة أو غيرها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬شللر الغاسللق إذا وقللب‪ ،‬وهللو الليللل إذا أظلللما‪ ،‬والقمللر علمتلله‪ ،‬وهللو محللل‬
‫سلطان الرواحا الشريرةا الخبيثة‪ ،‬وفيه تتسلط شياطين النأس والجن مللا ل تتسلللط‬
‫في النأهار‪ ،‬والفلق هو الصبح الذي يطرد الظلما‪.‬‬
‫الثممالثا‪ :‬شللر النأفاثللات فللي العقللد‪ ،‬وهللي الرواحا الش لريرةا‪ ،‬والنأفللس الخبيثللة‪ ،‬فللإذا‬
‫تكيفللت نأفسلله بللالخبث والشللر الللذي يريللده بالمسللحور‪ ،‬ويسللتعين عليلله بللالرواحا‬
‫الخبيثة‪ ،‬نأفث في تلك العقد فيقع السحر‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬شر الحاسد إذا حسد ملن النألس والجللن‪ ،‬وكلل عنألده حسلد‪ ،‬ولكللن الملؤمن‬

‫‪169‬‬
‫يدفعه‪ ،‬والحاسد عدو النأعما يتمنأى زوالها‪.‬‬
‫فسورةا الفلق تضمنأت الستعاذةا من هذه الشرور الخارجية الربعللة‪ ،‬ويسللمى ذلللك‬
‫كله شر المصائب‪.‬‬
‫أما سورةا النأاس فقد تضمنأت الستعاذةا من الشر الذي هو ظلما العبد لنأفسه‪ ،‬وهو‬
‫شر من داخل النأسان‪ ،‬ويسمى شر المعائب التي أصللها الوسوسلة كملا قال الل‬
‫س )‪ (3‬إم للن لش للر‬ ‫س )‪ (2‬إللإه الننأللا إ‬ ‫س )‪ (1‬لمإل لإك الننأللا إ‬
‫ب الننأللا إ‬‫سللبحانأه‪) :‬مق للل ألمعللومذ بإللر ل‬
‫س )‪ (5‬إملن الإجننألإة والننأللا إ‬ ‫صمدوإر الننأا إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬
‫س)‬ ‫ل‬ ‫س )‪ (4‬الذي ميلولسإومس في م‬ ‫س اللخننأا إ‬‫الولسوا إ‬
‫ل ل‬
‫‪] ((6‬النأاس‪.[6-1 :‬‬
‫والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب‪ ،‬ول ثالث لهما‪.‬‬
‫فممالول‪ :‬وهللو شللر المصللائب‪ ،‬ل يللدخل تحللت التكليللف‪ ،‬لنألله ليللس مللن كسللب‬
‫النأسان‪.‬‬
‫والثاني وهو شر المعائب‪ ،‬يلدخل تحللت التكليلف‪ ،‬ويطللب ملن العبلد الكلف عنألله‪،‬‬
‫وهو منأشأ العقوبات في الدنأيا والخرةا‪.‬‬
‫وال ل ع لنز وج لنل سللميع لسللتعاذةا عبللده‪ ،‬عليللما بمللا يسللتعيذ منألله‪ ،‬مللرةا يقللرن السللمع‬
‫بالعلما‪ ،‬ومرةا يقرنأه بالبصر‪ ،‬لقتضاء حال المستعيذ ذلك‪.‬‬
‫فالستعاذةا من الشيطان الذي نأعلما وجوده ول نأراه جاءت بلفظ السميع العليما كمللا‬
‫ض لعل لإن اللج للاإهإليلن )‪ (199‬ل إوإانم للا‬ ‫ق للال س للبحانأه‪) :‬مخل لإذ العلفل لو ولأمل لر بإللالعر إ‬
‫ف لوأللعل لإر ل‬ ‫مل‬ ‫ل ل ل مل‬
‫طاإن لنأل للزغب لفالسل لتلإعلذ بإ للاللنإه إننأل لهم لسل لإميعب لعإليل لبما )‪] ((200‬العل لراف‪:‬‬
‫ك إمل للن النشل للي ل‬
‫ليلنألزلغننأل ل ل‬
‫‪.[200‬‬
‫والستعاذةا من شر النأس الذين يرون بالبصار جاء بلفلظ السلميع البصلير كملا‬
‫ق للال س للبحانأه‪) :‬إنن النل لإذيلن ميلج للاإدملولن إف للي لآلي للاإت اللنل لإه بإلغليل لإر مسل لل ل‬
‫طارن ألتلللامهلما إلن إف للي‬
‫صلليمر )‪((56‬‬ ‫ص لمدوإرإهما إنل إكلب لر مللا مه لما بإبللاإلإغيإه لفاس لتلإعلذ بإللاللنإه إننأ له مه لو النس لإميع الب إ‬
‫م ل‬ ‫م ل‬ ‫ل‬ ‫ب ل ل ل‬ ‫ل‬ ‫م‬

‫‪170‬‬
‫]غافر‪.[56 :‬‬
‫وذلللك لينأبسللط المسللتعيذ‪ ،‬وليعلللما أن الل سللميع لسللتعاذته‪ ،‬مجيللب للله‪ ،‬عليللما بكيللد‬
‫عدوه‪ ،‬يراه ويبصره‪ ،‬فيقبل الداعي على الدعاء‪.‬‬
‫س )‪(1‬‬ ‫وقد اشتملت الضافات الثلث في قوله سبحانأه‪) :‬مقلل ألمعومذ بإلر ل‬
‫ب الننأا إ‬
‫س )‪ ((3‬على جميع قواعد اليمان‪ ،‬وتضمنأت معانأي‬ ‫س )‪ (2‬إلإه الننأا إ‬
‫لملإإك الننأا إ‬
‫أسماء ال الحسنأى‪.‬‬
‫فالضافة الولى‪) :‬بإلر ل‬
‫ب الننأا إ‬
‫س(إضافة الربوبية المتضمنأة لخلق العباد‬
‫وتدبيرهما‪ ،‬وتربيتهما إواصلحهما‪ ،‬وجلب ما ينأفعهما‪ ،‬ودفع ما يضرهما‪ ،‬وحفظهما‬
‫مما يفسدهما‪.‬‬
‫والضافة الثانية‪) :‬لمإلإك الننأا إ‬
‫س( إضافة الملك‪ ،‬فهو الملك المتصرف فيهما‪ ،‬وهما‬
‫عبيده ومماليكه‪ ،‬وهو المدبر لهما كما يشاء‪ ،‬النأافذ القدرةا فيهما‪ ،‬الذي له السلطان‬
‫التاما عليهما‪ ،‬فهو ملكهما الحق الذي إليه مفزعهما عنأد الشدائد والنأوائب‪ ،‬فليس لهما‬
‫ملك غيره يلجؤون إليه إذا دهمهما العدو‪ ،‬ويستنأصرونأه إذا نأزل العدو بساحتهما‪،‬‬
‫فهو الملك المر النأاهي‪ ،‬العزيز الجبار‪ ،‬الحكما العدل‪ ،‬القوي العظيما‪ ،‬الذي له‬
‫كل شيء‪ ،‬وبيده كل شيء‪.‬‬
‫والضافة الثالثة‪) :‬إلإه الننأا إ‬
‫س( إضافة اللهية إليهما‪ ،‬فهو إلههما الحق‪،‬‬
‫ومعبودهما الذي ل إله لهما سواه‪ ،‬ول معبود لهما غيره‪ ،‬فكما أنأه وحده ربهما‬
‫وملكهما‪ ،‬لما يشركه في ربوبيته ول في ملكه أحد‪ ،‬فكذلك هو وحده إلههما‬
‫ومعبودهما‪ ،‬فل يحل لهما أن يجعلوا معه شريةكا في إلهيته‪.‬‬
‫وقل ل للدما سل ل للبحانأه الربوبيل ل للة لعمومهل ل للا وشل ل للمولها لكل ل للل مربل ل للوب‪ ..‬وأخل ل للر اللوهيل ل للة‬
‫لخصوصللها‪ ،‬لنألله سللبحانأه إللله مللن عبللده ووحللده‪ ،‬إوان كللان فللي الحقيقللة ل إللله‬
‫سواه‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫ووس للط المل للك‪ ،‬لن المل للك ه للو المتص للرف بق للوله وأمل لره‪ ،‬فه للو المط للاع إذا أم للر‪،‬‬
‫فملكه سبحانأه من كمال ربوبيته‪ ،‬وكونأه إلههما الحق من كمال ملكه‪.‬‬
‫والمستعيذ‪ :‬هللو كللل مكلللف س لواء كللان نأبةيللا أو ملةكللا‪ ،‬أو إنأس لةيا أو جنأةيللا‪ ،‬لن كللل‬
‫عبد وكل مخلوق محتاج‪ ،‬والمحتاج ل ملجأ له إل ال اللذي خلقله‪ ،‬فل ملجلأ منأله‬
‫إل إليه سبحانأه‪.‬‬
‫والمستعاذ به‪ :‬هللو الل علنز وجلنل‪ ،‬فللإن المسللتعاذ بلله ل بلند أن يكللون قللاد ةار مطلقةللا‬
‫علللى الجللارةا والتعويللذ‪ ،‬عالةمللا بجميللع أح لوال المسللتعيذ‪ ،‬وذلللك ل يعلملله إل اللل‪،‬‬
‫فكل استعاذةا بغير ال شرك وخيبة‪.‬‬
‫أما المستعاذ منأه فكلثير كملا ورد فلي القلرآن والسلنأة ملن السلتعاذةا ملن الشيطان‪،‬‬
‫وشل للر م للا خل للق الل لل‪ ،‬وش للر الغاس للق‪ ،‬وشل للر النأفاث للات‪ ،‬وشل للر الحاسل للد إذا احس للد‪،‬‬
‫والجهالة‪ ،‬والسؤال عما ل يليق‪.‬‬
‫وفل للي السل للنأة السل للتعاذةا بل للال مل للن جهل للد البلء‪ ،‬ودرك الشل للقاء‪ ،‬وسل للوء القضل للاء‪،‬‬
‫وشماتة العداء‪.‬‬
‫والسل للتعاذةا مل للن اله للما والح للزن‪ ،‬والعج للز والكسل للل‪ ،‬وع للذاب الق للبر‪ ،‬وفتنأل للة المحي للا‬
‫والمم للات‪ ،‬وفتنأ للة المس لليح ال للدجال‪ ،‬وم للن ع للذاب جهنأ للما‪ ،‬وم للن ال للبرص والجنأ للون‬
‫والجوع ونأحو ذلك‪.‬‬
‫ولمللا كللان شللر الشلليطان جنأةيللا أو إنأسل لةيا أكللبر المللور المانأعللة مللن قل لراءةا القل لرآن‬
‫والدعوةا إليه‪ ،‬اختص بالذكر بالستعاذةا منأه عنأد قراءةا القرآن‪.‬‬
‫ومخلوقات ال تنقسم إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫الول‪ :‬شللر محللض كالنأللار إوابليللس باعتبللار ذاتهمللا‪ ،‬أمللا باعتبللار الحكمللة الللتي‬
‫خلقهما ال من أجلها فهي خير‪ ،‬وفيها من المنأافع ما ل يحصيه إل ال‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬خير محض كالجنأة والرسل والملئكة‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫الثالثا‪ :‬ما فيه خير وشر‪ ،‬ونأفع وضر‪ ،‬كعامة المخلوقات‪.‬‬
‫إ‬
‫ب لبللن‬ ‫والستعاذةا إنأما تكون من شر ما فيه شر فلعإن اللحاإرث لبلإن ليلعقلملو ل‬
‫ب ألنن ليلعقلملو ل‬
‫ص ليقملومل‬ ‫ت لسللعلد لبللن ألبإلى وقنلا ر‬
‫ل‬ ‫لعلبإد اللنإه لحندثلهم ألننألهم لسلإملع مبلسللر لبللن لسلإعيرد ليقملومل لسلإملع م‬
‫ت لرمسللولل اللنل لإه ‪-‬صلللى الل ل عليلله‬ ‫ت لحإكيل لرما اللسل للإمنيةل تلقمللومل لسل لإملع م‬ ‫لسل لإملع م‬
‫ت لخلولل لةل بإلنأل ل ل‬
‫وسلللما‪ -‬ليقمللومل » لم للن لنأ للزلل لملنأ لإزلة ثملنما قلللالل ألمعللومذ بإلكلإلمللاإت اللن لإه النتانمللاإت إم للن لش للر لمللا‬
‫ك «‪ .‬أخرجه مسلم)‪.(72‬‬ ‫ضلرهم لشلىبء لحنتى ليلرتلإحلل إملن لملنأإزإلإه لذلإ ل‬ ‫ق‪ .‬للما لي م‬‫لخل ل‬
‫والذي يوسوس في صدور الناس نوعان‪:‬‬
‫إنأس‪ ..‬وجن‪.‬‬
‫س )‪ (5‬إملن الإجننأإة والننأا إ‬
‫صمدوإر الننأا إ‬ ‫إ‬ ‫نإ‬
‫س )‪(6‬‬ ‫ل‬ ‫كما قال سبحانأه‪) :‬الذي ميلولسإومس في م‬
‫( ]النأاس‪.[6 ،5 :‬‬
‫ضللا يوسللوس للنأسللي‪ ،‬والوسوسللة‬
‫فالجنأي يوسوس في صدور النأس‪ ،‬والنأسي أي ة‬
‫اللقاء الخفي في القلب‪ ،‬وهذا مشترك بين النأس والجن‪ ،‬إوان كللان النأسللي يلقللى‬
‫بواسللطة الذن‪ ،‬والجنأللي ل يحتللاج لللذلك‪ ،‬لنألله يللدخل فللي ابللن آدما‪ ،‬ويجللري منألله‬
‫مجرى الدما‪.‬‬
‫ونأظيللر اشللتراكهما فللي هللذه الوسوسللة‪ ،‬اشللتراكهما فللي الللوحي الشلليطانأي كمللا قللال‬
‫إ‬ ‫ك لجلعللنأا لإمكلل لنأبإري لعمدلوا لشلياإطيلن ا لإللنأ إ‬ ‫سبحانأه‪) :‬لولكلذلإ ل‬
‫س لوالإجلن ميوحي لبلع م‬
‫ضهملما إلللى‬
‫ف القلللوإل مغلمروةار لولللو لشللالء لرلبل ل‬
‫ك لمللا فللعللملوهم فلللذلرمهلما لولمللا ليلفتللمرولن )‪((112‬‬ ‫لبلعل ر‬
‫ض مزلخلمر ل‬
‫]النأعاما‪.[112 :‬‬
‫فالشيطان يوحي إلى النأسي باطله‪ ،‬ويوحيه النأسي إلى إنأسي مثله‪.‬‬
‫فش ل للياطين النأ ل للس والج ل للن يش ل للتركون ف ل للي ال ل للوحي الش ل لليطانأي‪ ،‬ويش ل للتركون ف ل للي‬
‫الوسوسة‪.‬‬

‫‪ ()72‬أخرجه مسلما برقما )‪.(2708‬‬

‫‪173‬‬
‫ك إمللن لهلمل لازإت‬ ‫ب ألمعلومذ بإل ل‬‫نأسأل ال السلمة من شر هؤلء‪ ..‬وشر هؤلء‪) :‬لومقللل لر ل‬
‫ضمروإن )‪] (98‬المؤمنون‪.[98 ،97 :‬‬ ‫ب أللن ليلح م‬ ‫ك لر ل‬ ‫النشلياإطيإن )‪ (97‬لوألمعومذ بإ ل‬
‫ت اللنهملنما‬
‫صللم م‬
‫ك لخا ل‬ ‫ت لوبإل ل‬
‫ك أللنألبل م‬
‫ت ل إوإالليل ل‬‫ك تلللونكل م‬
‫ت لولعلليل ل‬‫ك آلملنأل م‬ ‫ت لوبإل ل‬
‫ك أللسلللم م‬ ‫» اللنهملنما لل ل‬
‫ن‬
‫ت لوالإج للن‬ ‫ت اللح للى الن لإذى لل ليممللو م‬ ‫ض للنإنأى أللنأ ل ل‬
‫ت أللن تم إ‬ ‫ك لل إل لهل إل أللنأ ل ل‬ ‫إإلنأللى ألمعللومذ بإإعنزتإ ل ل‬
‫لواإللنأمس ليممومتولن «‪ .‬متفق عليه)‪.(73‬‬

‫=======================‬

‫‪ ()73‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(7383‬ومسلما برقما )‪ ،(2717‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫شفاء القلوب والبدان ‪3-‬‬

‫ظل لةب إمل للن لرلبمكل للما لوإشل للفابء لإلمللا إفللي‬
‫قللال الل ل تعللالى‪) :‬ليللا ألليهلللا الننأللامس قلل للد لجللالءتلمكلما لملوإع ل‬
‫صمدوإر لومهةدى لولرلحلمةب لإلمملؤإمإنأيلن )‪] ((57‬يونأس‪.[57 :‬‬ ‫ال ل‬
‫وقال ال تعالى‪) :‬لومنألنألزمل إملن القم للآرإن لما مهلو إشلفابء لولرلحلمةب إللمملؤإمإنأيلن لولل ليإزيمد‬
‫ظالإإميلن إنل لخلسا ةار )‪] ((82‬السراء‪.[82 :‬‬ ‫ال ن‬
‫القرآن كتاب ال عنز وجنل‪ ،‬شفاء لملا فلي الصدور ملن أملراض الشلهوات الصلادةا‬
‫عن النأقياد للشرع‪ ،‬وأمراض الشبهات القادحة في العلما اليقينأي‪.‬‬
‫إواذا شفي العبد ملن أملراض الشلهوات‪ ،‬وأملراض الشبهات‪ ،‬زال سلقمه‪ ،‬فقلدما ملراد‬
‫ال ل علللى م لراد النأفللس‪ ،‬وصللار مللا يرضللي ال ل أحللب إلللى العبللد مللن شللهوةا نأفسلله‪،‬‬
‫ووصل القلب إلى أعلى درجات اليقين‪.‬‬
‫إواذا صللح القلللب مللن مرضلله‪ ،‬ورفللل بللأثواب العافيللة‪ ،‬تبعتلله الج لوارحا كلهللا‪ ،‬فإنأهللا‬
‫تصلح بصلحه‪ ،‬وتفسد بفساده‪.‬‬
‫ت لرمسلولل اللن إه ‪ -‬صللى الل‬ ‫ت اللنألعلملالن لبللن لبإشليرر ليقملومل لسلإملع م‬ ‫فلعلن لعاإمرر لقالل لسلإملع م‬
‫ت لل ليلعلممهلللا‬‫عليلله وسلللما ‪ -‬ليقمللومل » اللحللمل لبليل لبن لواللحل ل لارمما لبليل لبن ‪ ،‬لولبليلنأهململلا مملشل لنبلها ب‬
‫ض لإه ‪ ،‬لولم للن لوقل للع إفللى‬ ‫س ‪ ،‬فلم لإن اتنقلللى الملش لنبهاإت اس لتللب ألر إل لإديإنأإإه وإعر إ‬
‫ل ل‬ ‫ل ل‬ ‫م ل‬
‫إ إ‬
‫لكثي لبر م للن الننأللا إ ل‬
‫ك أللن ميلواإقلعهم ‪ .‬أللل ل إوإانن لإمكلل لملإرك إحةمللى ‪،‬‬ ‫اللشمبلهاإت لك لاررع ليلرلعى لحلولل الإحلمى ‪ ،‬ميوإش م‬
‫ت‬‫صل لللح ل‬ ‫ضل لإه لملحللاإرممهم ‪ ،‬أللل ل إوإانن إفللى اللجلسل لإد مم ل‬ ‫أللل إنن إحمللى الللن لإه إفللى ألر إ‬
‫ضل للغةة إلذا ل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ب « ‪ .‬متفممق‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ت فللسل للد اللجلسل لمد مكلل لهم ‪ .‬أللل لوهل للى اللقلل ل م‬ ‫صل لللح اللجلسل لمد مكلل لهم ‪ ،‬ل إوإالذا فللسل للد ل‬
‫ل‬
‫)‪(74‬‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ويحصل للمؤمنأين بالقرآن كل هدى‪ ..‬وكل رحمة‪.‬‬
‫فالهدى‪ :‬هو العلما بالحق والعمل به‪.‬‬

‫‪ ()74‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري برقما )‪ ،(52‬ومسلما برقما )‪.(1599‬‬

‫‪175‬‬
‫والرحممة‪ :‬هللي مللا يحصللل مللن الخيللر والحسللان‪ ،‬والث لواب العاجللل والجللل لمللن‬
‫اهتدى به‪.‬‬
‫إواذا حصل الهدى للعبد‪ ،‬وحللت الرحملة النأاشلئة عنأله‪ ،‬حصلللت السلعادةا والفلحا‪،‬‬
‫والربح والنأجاحا‪ ،‬والفرحا والسرور‪.‬‬
‫ضإل اللنإه لوبإلرلحلمتإإه فلبإلذلإ ل‬
‫ك‬ ‫ولذلك أمر ال عنز وجنل بالفرحا بذلك فقال‪) :‬مقلل بإفل ل‬
‫لفلليلفلرمحوا مهلو لخليبر إمنما ليلجلممعولن )‪] ((58‬يونأس‪.[58 :‬‬
‫فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحملة‪ ،‬وليللس ذللك لكلل أحلد‪ ،‬إوانأملا ذللك للملؤمنأين‬
‫به‪ ،‬المصدقين بآَياته‪ ،‬وأملا الظللالمون بعللدما التصلديق بله‪ ،‬أو علدما العملل بله‪ ،‬فل‬
‫يزيدهما إل خساةرا‪ ،‬إذ به تقوما عليهما الحجة‪.‬‬
‫والشل للفاء الل للذي تضل للمنأه القل ل لرآن‪ ،‬عل للاما لشل للفاء القلل للوب مل للن الشل للبه والجهل للالت‪،‬‬
‫والنأحرافات والراء الفاسدةا ونأحوها‪.‬‬
‫فهو مشتمل على العلما اليقينأي الذي تزول به كل شبهة وجهالة‪.‬‬
‫ومشتمل على الوعظ والتذكير الذي تزول به كل شهوةا تخالف أمر ال‪ ،‬ومشتمل‬
‫على شفاء البدان من أسقامها وآلمها‪.‬‬
‫فلالقرآن شلفاء للسلقاما القلبية‪ ،‬والسلقاما البدنأيلة‪ ،‬لنأله يحلث عللى اليملان والتوبلة‬
‫من الذنأوب‪ ،‬ويزجلر علن مسلاوئ الخلق‪ ،‬وأقبلح العملال‪ ،‬ويلأمر بالعلدل وعلدما‬
‫السراف‪ ،‬واجتنأاب الخبائث والمضرات‪.‬‬
‫وأهللل الهللدى واليمللان لهللما شلرحا الصللدر واتسللاعه وانأفسللاحه‪ ،‬وأهللل الضلللل لهللما‬
‫إ‬ ‫ن‬
‫ضلليق الصللدر والحللرج كمللا قللال سللبحانأه‪) :‬فللمللن ميلإرإد الللهم أللن ليهلدليهم ليلشللرلحا ل‬
‫صللدلرهم‬
‫صلنعمد إفللي النسللماإء‬
‫ضلليةقا لحلرةجلا لكألننألمللا لي ن‬ ‫إن‬ ‫إل ل إ إ‬
‫للسلللما لولمللن ميلإرلد أللن ميضللهم ليلجلعللل ل‬
‫صللدلرهم ل‬
‫ك ليلجلعمل اللنهم اللرلجلس لعللى النإذيلن لل ميلؤإممنأولن )‪] ((125‬النأعاما‪.[125 :‬‬ ‫لكلذلإ ل‬
‫فقلللب الكللافر ل يصللل إليلله شلليء مللن الخيللر‪ ،‬فيجعللل الل صللدره ضلليةقا حرةجلا‪ ،‬إذ‬

‫‪176‬‬
‫سمع ذكر ال اشمأز قلبه‪ ،‬إواذا ذكلر شلليء مللن عبلادةا الصلنأاما واللهللو ارتلاحا إلللى‬
‫ب الن لإذيلن لل ميلؤإمنأمللولن بإللالللإخلرإةا ل إوإالذا مذإك للر‬ ‫ذلللك‪ ) :‬ل إوإالذا مذإك للر اللن لهم لولحل للدهم الشل للمألنز ل‬
‫ت مقلمللو م‬
‫النإذيلن إملن مدونأإإه إلذا مهلما ليلستللبإشمرولن )‪] ((45‬الزمر‪.[45 :‬‬
‫ولمللا كللان القلللب محلة لليمللان والتوحيللد‪ ،‬والعلللما والمعرفللة‪ ،‬والمحبللة والسللكينأة‪،‬‬
‫والصدق والخلص ونأحوها‪ ،‬وكانأت هذه الشياء إنأما تدخل في القلب إذا اتسلع‬
‫لها‪.‬‬
‫فإذا أراد ال هداية عبد‪ ،‬وسع صدره وشرحه‪ ،‬فدخلت فيه وسكنأته‪.‬‬
‫إواذا أراد ضلللله‪ ،‬ضلليق صللدره وأحرجلله‪ ،‬فلللما يجللد محلة يللدخل فيلله‪ ،‬فيعللدل عنألله‬
‫إلى غيره ول يساكنأه‪.‬‬
‫وكل شيء فارغ إذا دخل فيه الشيء ضاق به‪ ،‬وكلما أفرغت فيله زيادةا ضلاق إل‬
‫القللب الليللن السلليما‪ ،‬فكلملا أفللرغ فيلله اليملان والعلللما‪ ،‬اتسلع وانأفسلح وانأشلرحا‪ ،‬وهللذا‬
‫من آيات قدرةا الرب عنز وجنل‪.‬‬
‫وشل لرحا الص للدر م للن أعظ للما أس للباب اله للدى‪ ،‬وض لليق الص للدر م للن أعظ للما أس للباب‬
‫الضلل‪ ،‬وشلرحا الصلدر لليملان والهلدى ملن أج لل النأعلما‪ ،‬كملا أن ضليق الصلدر‬
‫من أعظما النأقما‪.‬‬
‫وكلم للا دخ للل نأ للور العل للما واليم للان واله للدى ف للي القل للب انأفس للح وانأشل لرحا‪ ،‬والم للؤمن‬
‫منأشرحا الصدر في هذه الدار على ما نأاله من مكروهاتها‪ ،‬إواذا قوي اليمان كللان‬
‫على مكارهها أشرحا صد ةار منأه على شهواتها ومحابها‪.‬‬
‫فإذا فارقها كلان انأفسلاحا روحله‪ ،‬والشلرحا الحاصلل له بفراقهلا أعظلما بكلثير‪ ،‬كحلال‬
‫من خرج من سجن ضيق إلى فضاء واسع موافق له‪ ،‬فالدنأيا سجن المؤمن وجنأللة‬
‫الكافر‪.‬‬
‫فإذا بعث ال المؤمن يوما القيامة‪ ،‬رأى من انأشراحا صدره وسعته ما ل نأسبة لما‬

‫‪177‬‬
‫قبله إليه‪ ،‬فشرحا الصدر كما أنأه سبب الهداية‪ ،‬فهو أصل كل نأعمة‪ ،‬وأساس كل‬
‫خير‪ ،‬وقد طلب موسى من ربه أن يشرحا له صدره‪ ،‬لما علما أنأه ل يتمكن من‬
‫تبليغ رسالة ال إل بشرحا صدره فل‪) :‬لوليلسلر إلي أللمإري )‪ (26‬لوالحلملل معلقلدةاة إملن‬
‫إللساإنأي )‪ (27‬ليلفقلهموا قللوإلي )‪] ((28‬طه‪.[28-25 :‬‬
‫أما السباب التي تشرحا الصلدور فهلي نألور يقلذفه الل فلي القلب‪ ،‬فلإذا دخلله ذللك‬
‫النأور اتسع بحسب قوةا النأور وضعفه‪ ،‬إواذا فقد ذلك النأور أظلما وضاق‪ ،‬وهو هبة‬
‫من ال تعالى‪.‬‬
‫والمر كله ل‪ ،‬والخير كله بيديه‪ ،‬وليس مع العبد من نأفسه شيء‪ ،‬بللل الل واهللب‬
‫السللباب ومسللبباتها‪ ،‬يمنأحهللا مللن يشللاء‪ ،‬ويمنأعهللا مللن يشللاء‪ ،‬وهللو أعلللما حيللث‬
‫يجعل رسالته‪.‬‬
‫إواذا أراد الل ل بعب للده خيل لةرا‪ ،‬وفق لله لس للتفراغ وس للعه‪ ،‬وب للذل جه للده‪ ،‬فيم للا يحب لله الل ل‬
‫ويرضاه‪ ،‬وفي الرغبة إليه‪ ،‬وفي الرهبة منأه‪.‬‬
‫وبقل للدر قيل للاما الرغبل للة والرهبل للة فل للي القلل للب يحصل للل التوفيل للق للعبل للد‪ ،‬والرغبل للة فل للي‬
‫الطاعات‪ ،‬والحذر من المعاصي‪.‬‬
‫والرغبة والرهبة بيد ال ل بيد العبد‪ ،‬وهما مجرد فضل ال ومنأته‪.‬‬
‫يجعلهما ال في المحل الذي يصلح لهما‪ ،‬ويليق بهما‪ ،‬ويحبسلهما عملا ل يصللح‬
‫لهما‪ ،‬ول يليق بهما‪.‬‬
‫فإن قيل فما ذنأب من ل يصلح؟‪.‬‬
‫قيل‪ :‬أكثر ذنأوبه أنأه ل يصلح‪ ،‬لن صلحيته بما اختاره لنأفسه‪ ،‬وآثره وأحبلله مللن‬
‫الضلل والغي على بصيرةا من أمره‪.‬‬
‫فللآَثر ه لواه علللى حللق ربلله ومرضللاته‪ ،‬واسللتحب العمللى علللى الهللدى‪ ،‬وكللان كفللر‬
‫المنأعللما عليلله بصللنأوف النأعللما‪ ،‬وجحللد إلهيتلله‪ ،‬والشللرك بلله‪ ،‬والسللعي فللي مسللاخطه‪،‬‬

‫‪178‬‬
‫أحللب إليلله مللن شللكره وتوحيللده‪ ،‬والسللعي فللي مرضللاته‪ ،‬فهللذا مللن عللدما صلللحيته‬
‫لتوفيق خالقه ومالكه‪.‬‬
‫وأي ذنأب إواعراض فوق هذا؟‪.‬‬
‫فإذا أمسك الحكما العدل توفيقه عمن هذا شأنأه‪ ،‬كان قد علدل فيلله‪ ،‬وانأسللدت عليله‬
‫أبواب الهدايلة‪ ،‬وطلرق الرشلاد‪ ،‬فأظلما قلبه‪ ،‬فضلاق علن دخلول السللما واليملان‬
‫فيه‪.‬‬
‫فلو جاءته كل آية لما تزده إل ضللة وكف ةار وعنأاةدا كما قال سبحانأه‪) :‬إنن النإذيلن‬
‫ر‬ ‫ت لعلليإهلما لكلإلمةم لرلب ل‬
‫ب‬‫ك لل ميلؤإممنأولن )‪ (96‬لوللو لجالءتلهملما مكلل لآلية لحنتى ليلرموا اللعلذا ل‬ ‫لحقن ل‬
‫الللإليلما )‪] ((97‬يونأس‪.[97 ،96 :‬‬
‫ت‬‫ض لعلنأهلللا لولنأإسللي لمللا قللندلم ل‬ ‫إ إ‬ ‫وقال سبحانأه‪) :‬وملن أل ل إ‬
‫ظلمما منمللن مذلكللر إآَبلليلات لرلبله فللأللعلر ل‬ ‫لل‬
‫إ‬ ‫إ‬
‫ليلداهم إننأا لجلعللنأا لعللى مقملوبإإهلما ألكننأةة أللن ليلفقلمهوهم لوإفي لآلذانأإهلما لولق ةار ل إوإالن تللدمعهملما إللى الهملدى‬
‫لفللن ليلهتلمدوا إةذا أللبةدا )‪] ((57‬الكهف‪.[57 :‬‬
‫ومن شرحا ال صدره للسلما واليمان‪ ،‬وأنأار قلبله بالتوحيللد‪ ،‬وعلرف عظمللة ربله‪،‬‬
‫وجميللل إحسللانأه إوانأعللامه‪ ،‬صللار لقلبلله عبوديللة أخللرى‪ ،‬ومعرفللة خاصللة‪ ،‬وعلللما أنألله‬
‫عبد من كل وجه‪ ،‬وبكل اعتبار‪.‬‬
‫وعلللما أن الل ل تعللالى رب كللل شلليء ومليكلله‪ ،‬والمللر كللله بيللده‪ ،‬والحمللد كللله للله‪،‬‬
‫وأزمة المور كلها بيده‪ ،‬ومرجعها كلها إليه‪.‬‬
‫وأعظللما أسللباب شلرحا الصللدر التوحيللد‪ ،‬وعلللى حسللب كمللاله وقللوته وزيللادته يكللون‬
‫للسلللإما فلهمللو لعللى منألورر إمللن لرلبلإه‬
‫صللدلرهم لإ ل إ‬ ‫ن‬
‫انأشراحا صلدر صلاحبه‪) :‬ألفللمللن لشللرلحا الللهم ل‬
‫ضللرل ممإبيرن )‪] ((22‬الزمر‪.[22 :‬‬ ‫فلوليبل إلللقاإسيإة مقملوبهما إملن إذلكإر اللنإه مأولئإ ل إ‬
‫ك في ل‬ ‫م مل‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫فالتوحي للد م للن أعظ للما أس للباب شل لرحا الص للدر‪ ،‬والش للرك م للن أعظ للما أس للباب ض لليق‬
‫الصدر‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ومنأها نأور اليمان الذي يقذفه ال في قلب العبد‪ ،‬فيشرحا الصدر ويوسعه‪.‬‬
‫ومنأهللا العلللما‪ ،‬فللإنأه يشلرحا الصللدر ويوسللعه حللتى يكللون أوسللع مللن الللدنأيا‪ ،‬والجهللل‬
‫ي للورثه الضلليق والحص للر‪ ،‬فكلم للا اتس للع عل للما العبللد بللال وأس للمائه وص للفاته ودينأ لله‬
‫وشرعه انأشرحا صدره واتسع‪.‬‬
‫ومنأه للا النأاب للة إل للى الل ل س للبحانأه‪ ،‬ومحبت لله بك للل القل للب‪ ،‬والقب للال علي لله‪ ،‬والتل للذذ‬
‫بعبادته‪ ،‬فل شيء أشرحا لصدر العبد من ذلك‪.‬‬
‫وكلما كانأت المحبة ل أقوى وأشد‪ ،‬كان الصدر أفسح وأشرحا‪.‬‬
‫وم للن أعظ للما أسللباب ض لليق الصللدر العل لراض ع للن الل ل تع للالى‪ ..‬وتعل للق القلللب‬
‫بغيلره‪ ..‬والغفلللة عللن ذكلره‪ ..‬ومحبتلله سلواه‪ ..‬فلإن مللن أحلب غيلر الل عللذب بله‪..‬‬
‫وسجن قلبه في محبة ذلك الغير‪ ،‬فما في الرض أشقى منأه‪.‬‬
‫ومن أسباب شرحا الصلدر وشلفاء القللب الحسللان إلللى الخللق‪ ،‬ونأفعهللما بملا يمكنأله‬
‫من المال والجاه‪.‬‬
‫ف للالكريما المحس للن أشل لرحا النأ للاس ص للدةرا‪ ،‬وأطيبه للما نأفةس للا‪ ،‬والبخي للل أض لليق النأ للاس‬
‫صدةرا‪ ،‬وأعظمهما هةما‪ ،‬وأنأكدهما عيةشا‪.‬‬
‫ومن أسباب شرحا الصدر دواما ذكر ال على كل حال‪ ،‬وفي كل موطن‪.‬‬
‫ومنأهللا الشللجاعة‪ ،‬فللإن الشللجاع أشل لرحا النأللاس صللدةرا‪ ،‬وأوسللعهما صللدةرا‪ ،‬والجبللان‬
‫أضيق النأاس صد ةار ل فرحة له ول سرور‪.‬‬
‫وحال العبد في القبر كحال القلب في الصدر نأعيةما وعذاةبا‪ ،‬وسجةنأا وانأطلةقا‪.‬‬
‫ومنأها ترك فضول النأظر والكلما‪ ،‬والسللماع والمخالطللة‪ ،‬والكللل والنألوما‪ ،‬فللإن هلذه‬
‫الفضول إذا لما تترك‪ ،‬تستحيل آلةما وغموةما وهموةما في القلب‪ ،‬تحصلره وتحبسلله‬
‫ويتعذب بها‪.‬‬
‫فما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من هذه الفات بسهما؟‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫وما أنأكد عيشه؟‪ ..‬وما أسوأ حاله؟‪ ..‬وما أشد حصر قلبه؟‪.‬‬
‫وما أنأعما عيش من ضرب في كل خصلة من الخصال المحمودةا بسهما؟‪.‬‬
‫وكانأت همته دائرةا عليها حائمة حولها‪ ،‬فلهذا نأصيب وافر من قوله سبحانأه‪:‬‬
‫)إنن اللللب لارلر لإفي لنأإعيرما )‪] ((13‬النأفطار‪.[13 :‬‬
‫ولل ل للذلك نأصل ل لليب وافل ل للر مل ل للن قل ل للوله سل ل للبحانأه‪ ) :‬ل إوإانن الفمنجل ل للالر لإفل ل للي لجإحيل ل لرما )‪((14‬‬
‫]النأفطار‪.[14 :‬‬
‫وبينأهما مراتب متفاوتة ل يحصيها إل ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫والنأللبي صلللى ال ل عليلله وسلللما أكمللل الخلللق فللي كللل صللفة يحصللل بهللا انأش لراحا‬
‫الصدر‪ ..‬وأكملل الخلق متابعلة له أكملهلما انأشل ارةحا‪ ..‬وعللى حسب متلابعته ينألال‬
‫صللدلرهم إل ل إ‬
‫للسلللإما فلهمللو‬ ‫ن‬
‫العبد من انأشراحا صدره‪ ،‬وقرةا عينأه ما نأال‪) :‬ألفللملن لشلرلحا اللهم ل‬
‫ضلللرل ممبإيلرن )‬ ‫علللى منأللورر إمللن رلبلإه فلوليلبل لإللقاإسليإة مقللملوبهما إمللن إذلكلإر اللنلإه مأولئإل ل إ‬
‫ك فللي ل‬ ‫م مل‬ ‫ل‬ ‫ل ل‬ ‫ل‬
‫‪] ((22‬الزمر‪.[22 :‬‬
‫اللهما حبب إلينأا اليمان‪ ،‬وزينأه في قلوبنأللا‪ ،‬وكلره إلينألا الكفلر والفسللوق والعصلليان‪،‬‬
‫واجعلنأا من الراشدين‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪181‬‬
‫المصادر والمراجاع الهامة‬

‫‪ .1‬القرآن الكريم‬
‫‪ .2‬صحيح البخارى‬
‫‪ .3‬الدب المفرد للبخاري‬
‫‪ .4‬صحيح مسلم‬
‫‪ .5‬سنن أبى داود‬
‫‪ .6‬سنن الترمذى‬
‫‪ .7‬سنن النسائى‬
‫‪ .8‬مصنف ابن أبي شيبة مرقم ومشكل‬
‫‪ .9‬مسند أحمد‬
‫‪ .10‬السنن الكبرى للمام النسائي الرسالة‬
‫‪ .11‬المستدرك على الصحيحين للحاكم‬
‫‪ .12‬المعجم الكبير للطبراني‬
‫‪ .13‬السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي‬
‫‪ .14‬شعب اليمان للبيهقي‬
‫‪ .15‬سنن الدارمى‬
‫‪ .16‬مسند البزار ‪14-1‬‬
‫‪ .17‬مسند الحميدى‬
‫‪ .18‬سنن الدارقطنى‬
‫‪ .19‬صحيح ابن حبان‬
‫‪ .20‬مسند الشاميين للطبراني‬
‫‪ .21‬مجمع الزوائد للهيثمي مدقق‬
‫‪ .22‬موسوعة السنة النبوية‬
‫‪ .23‬عشرة النساء للنسائي مشكل‬
‫‪ .24‬مجموع الفتاوى‬
‫‪ .25‬فتاوى الزأهر‬
‫‪ .26‬فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫‪ .27‬مجموع فتاوى ابن تيمية‬
‫‪ .28‬لقاءات الباب المفتوح‬
‫‪ .29‬فتاوى يسألونك‬
‫‪ .30‬فتاوى السلم سؤال وجواب‬

‫‪182‬‬
‫‪ .31‬فتاوى واستشارات السلم اليوم‬
‫‪ .32‬فتاوى الشبكة السلمية معدلة‬
‫‪ .33‬فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫‪ .34‬الموسوعة الفقهية ‪ 45-1‬كاملة‬
‫‪ .35‬مجلة مجمع الفقه السلمي‬
‫‪ .36‬إحياء علوم الدين‬
‫‪ .37‬إيقاظ الهمم شرح متن الحكم‬
‫‪ .38‬الرسالة القشيرية‬
‫‪ .39‬حلية الولياء‬
‫‪ .40‬صفة الصفوة‬
‫‪ .41‬قوت القلوب‬
‫‪ .42‬عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين‬
‫‪ .43‬صفة صاحب الذوق السليم ومسلوب الذوق اللئيم‬
‫‪ .44‬أدب الدنيا والدين‬
‫‪ .45‬المدخل‬
‫‪ .46‬الداب الشرعية‬
‫‪ .47‬الزواجر عن اقتراف الكبائر‬
‫‪ .48‬بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية‬
‫‪ .49‬غذاء اللباب في شرح منظومة الداب‬
‫‪ .50‬لواقح النوار القدسية في بيان العهود المحمدية‬
‫‪ .51‬آفات على الطريق كامل‬
‫‪ .52‬ففروا إلى ا‬
‫‪ .53‬مدارج السالكين‬
‫‪ .54‬التبصرة ـ لبن الجوزأى‬
‫‪ .55‬تنبيه الغافلين‪ ،‬الصدار ‪2‬‬
‫‪ .56‬موسوعة خطب المنبر‬
‫‪ .57‬موسوعة فقه القلوب‬
‫‪ .58‬تلبيس إبليس لبن الجوزأي‬
‫‪ .59‬كتاب الكليات ـ لبى البقاء الكفومى‬
‫‪ .60‬الحاوي للفتاوي للسيوطي‬
‫‪ .61‬الفتاوى الحديثية لبن حجر الهيتمي‬
‫‪ .62‬المكتبة الشاملة ‪2‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ .63‬برنامج قالون‬
‫‪ .64‬كثير من مواقع النت‬

‫‪184‬‬
‫الفهرس العام‬

‫‪ -1‬خل ق‬
‫ق القلب‪4....................................................................‬‬
‫‪ -2‬منزلة القلب‪8..................................................................‬‬
‫الولى‪ :‬الحياة‪12.............................................................:‬‬
‫الثانية‪ :‬الشفاء‪12............................................................. :‬‬
‫الثالثة‪ :‬الطهارة‪13........................................................... :‬‬
‫الرابعة‪ :‬الهداية‪13........................................................... :‬‬
‫الخامسة‪ :‬ثبوت اليمان‪13..................................................:‬‬
‫السادسة‪ :‬السكينة‪13......................................................... :‬‬
‫السابعة‪ :‬اللفة‪13.............................................................:‬‬
‫الثامنة‪ :‬الطمأنينة‪14......................................................... :‬‬
‫التاسعة‪ :‬المحبة‪14........................................................... :‬‬
‫العاشرة‪ :‬الزينة والحفظ من السوء‪14.................................... :‬‬
‫‪ -3‬صلح القلب ‪15..............................................................‬‬
‫‪ -6‬أقسام القلوب ‪40..............................................................‬‬
‫‪ -7‬غذاء القلوب ‪47..............................................................‬‬
‫‪ -8‬فقه أعمال القلوب‪52.........................................................‬‬
‫‪ -9‬صفات القلب السليم ‪59.....................................................‬‬
‫‪ -10‬فقه سكينة القلب ‪66........................................................‬‬
‫‪ -11‬فقه طمأنينة القلب ‪73.....................................................‬‬
‫‪185‬‬
‫‪ -12‬فقه سرور القلب‪78........................................................‬‬
‫‪ -13‬فقه خشوع القلب ‪86.....................................................‬‬
‫‪ -14‬فقه حياء القلب ‪91.........................................................‬‬
‫‪ -14‬فقه حياء القلب ‪91.........................................................‬‬
‫‪ -15‬أسباب مرض القلب والبدن‪96...........................................‬‬
‫‪ -16‬مفسدات القلب‪99..........................................................‬‬
‫الول‪ :‬كثرة مخالطة الناس‪99.............................................:‬‬
‫المفسد الثاني‪ :‬ركوبه بحر التمني‪100................................... .‬‬
‫الثالث‪ :‬التعلق بغير ا تبارك وتعالى‪101.............................. .‬‬
‫الرابع‪ :‬الطعام‪101............................................................‬‬
‫الخامس‪ :‬كثرة النوم‪102....................................................:‬‬
‫‪ -17‬مداخل الشيطان إلى القلب ‪106..........................................‬‬
‫‪ -18‬علمات مرض القلب وصحته ‪116....................................‬‬
‫‪ -19‬فقه أمراض القلوب وعلجها ‪125.....................................‬‬
‫‪ -20‬أدوية أمراض القلوب‪136................................................‬‬
‫‪ - 1‬علج مرض القلب من استيلء النفس عليه‪166....................‬‬
‫‪ -2‬علج مرض القلب من وسوسة الشيطان‪174.......................‬‬
‫‪ -3‬شفاء القلوب والبدان‪185...............................................‬‬

‫‪186‬‬

You might also like