You are on page 1of 25

‫معاين األذكار‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول اهلل‪ ،‬وعىل آله وصحبه‬
‫ومن وااله‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫�ف لطي�ف‪ ،‬يف مع�اين األذكار‬ ‫خمت�ر خفي�ف‪ ،‬و ُمق َت َط ٌ‬


‫ٌ‬ ‫فه�ذا‬
‫الذاكر به عىل‬
‫ُ‬ ‫المجتَب�اة من األحادي�ث النبوية؛ لِ َ‬
‫يق�ف‬ ‫الرشعي�ة‪ُ ،‬‬
‫وجنانُه؛ حيث ال‬ ‫لهج به لس�انه‪ ،‬ف ُيص َقل بالذكر قل ُب�ه َ‬
‫َمعرف�ة م�ا َي َ‬
‫أنجى له ِمن عذاب اهلل ِمن ِذ ِ‬
‫كر اهلل‪.‬‬ ‫يش َء أنفع لقلب العبد‪ ،‬وال َ‬
‫بالذاك�ر أن َي ُغ َ‬
‫ف�ل قل ُبه عن معاين م�ا َيلهج به؛ فإن‬ ‫وال حيس� ُن ّ‬
‫مرشوع حلياة القل�ب‪ ،‬فإذا غفل‬
‫ٌ‬ ‫موضوع لرف الغفل�ة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الذك�ر‬
‫َ‬
‫الري ُن َقس�ا و َم ِر َض وتواردت عليه‬
‫القلب عام ُجعل حلياته و َعاله َّ‬
‫ُ‬
‫اآلفات ِ‬
‫والعلل‪.‬‬ ‫ُ‬

‫القلب فتُذهله عن معاين ما جيري‬


‫َ‬ ‫فلام كانت الغفل ُة الني تعرتي‬
‫به لسانُه آف ًة من آفاته‪ ،‬وعل ًة توجب َس َق َمه ومرضه‪ ،‬نَشطنا لوض ِع‬
‫ِ‬
‫األصل‪ ،‬وتذكري ًا لنا وإلخواننا بام‬ ‫المختر؛ تنبيه ًا عىل ه�ذا‬
‫هذا ُ‬
‫ينبغي أن نتحىل به إذا َقعدنا ُ‬
‫نذكر اهلل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫معاين األذكار‬

‫ف�إذا َذك�ر العب�دُ رب� ُه بلس�انه‪ ،‬و َع َقل قل ُب�ه عن اهلل ورس�وله‪،‬‬
‫البدن ك ُّله‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصالح ‪ -‬صار‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫رشع هلا من‬ ‫اجلوارح ملِا ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ونَشطت‬
‫ج َع ب�ني ذلك و َث َب َت‬
‫ذاك�ر ًا هلل‪ ،‬بالقول واالعتق�اد والعمل‪ ،‬و َمن َ َ‬
‫هل ِذ ِ‬
‫كر اهلل َح ّق ًا‪.‬‬ ‫َعليه فهو ِمن َأ ِ‬

‫‪8‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:¬àdõæeh ôcòdG ᫪gCG‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫العيل‬ ‫إن م�ن أعظ�م ما َتيا ب�ه الروح وتس�عدُ ‪ :‬ذ َ‬
‫ك�ر خالقه�ا ِّ‬ ‫ّ‬
‫عراجها ال�ذي فيه تَرت ّقى‪ِ ،‬‬
‫وزينتُه�ا التي هبا ّ‬
‫تتحىل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األع�ىل‪ ،‬فهو م ُ‬
‫وعُدّ ُتا التي هبا تتقوى‪.‬‬

‫ق�ال تع�اىل‪( :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬


‫ﰃ ﰄ) [األحزاب‪.[42-41 :‬‬

‫وقال تعاىل‪( :‬ﭲﭳﭴﭵﭶ) [اجلمعة‪.[10 :‬‬

‫إن ذك�ر اهلل عز وج�ل هو الدواء الذي ُيطه�ر القلب‪ ،‬والنعم ُة‬
‫العظم�ى‪ ،‬والمنح� ُة الك�رى‪ ،‬به تُس�تدفع النقم‪ُ ،‬‬
‫وتل�ب النعم‪،‬‬
‫وتُنال أع�ىل الدرجات‪ ،‬إنه ُق�وت القلوب‪ ،‬و ُق�رة العيون‪ ،‬وحيا ُة‬
‫الروح‪ ،‬وروح احلياة‪.‬‬

‫متى فارق القلوب صارت األجس�اد هلا قبور ًا‪ ،‬وهو السالح‬
‫ال�ذي يقاتَ�ل به ق ّط�اع الطري�ق‪ ،‬والماء ال�ذي ُيطفأ ب�ه التهاب‬
‫احلري�ق‪ ،‬وال ُق�وت الذي َتيا به القلوب‪ ،‬والس�بب الواصل بني‬
‫المؤمنني وعال ِم الغيوب‪ ،‬به َيس�تدفعون اآلفات‪ ،‬ويستكشفون‬

‫‪9‬‬
‫معاين األذكار‬

‫وت�ون عليه�م المصيب�ات‪ ،‬إذا أظ ّل ُ‬


‫هم الب�الء فإليه‬ ‫الكُرب�ات‪َ ،‬‬
‫مفزعهم‪ ،‬وهو رياض‬
‫ُ‬ ‫ملجؤه�م‪ ،‬وإذا نزلت هبم النوازل فإلي�ه‬
‫جنته�م التي فيه�ا يتقلب�ون‪ ،‬ورؤوس أموال س�عادتم التي هبا‬
‫َيتج�رون‪ ،‬يدع القلب احلزين ضاحك ًا مرسور ًا‪ ،‬و ُيوصل الذاكر‬
‫إىل المذك�ور وجيعل�ه ذاك�ر ًا مذك�ور ًا‪ ،‬ويرف�ع درجت�ه وجيعل�ه‬
‫مشكورا مأجور ًا)‪.(1‬‬

‫طه�ر القل�ب‪ ،‬و ُيصفي النف�س‪ ،‬ويرف�ع الدرجات‪،‬‬


‫والذك�ر ُي ّ‬
‫و ُينجي من عذاب اهلل‪ ،‬وال يشء هو أنفع لقلب العبد من ذكر اهلل‪.‬‬

‫‪« :‬ذهب الذاكرون باخلري كله»‪.‬‬ ‫قال أبو بكر‬

‫ع�ذاب اهللِ من‬


‫ِ‬ ‫‪« :‬م�ا يش ٌء أنجى من‬ ‫وق�ال مع�ا ُذ ب� ُن ٍ‬
‫جبل‬
‫ِ‬
‫ذكر اهللِ»‪.‬‬

‫‪« :‬لكل يشء َج�الء‪ ،‬وإن جالء القلوب‬ ‫وق�ال أب�و الدرداء‬
‫ذكر اهلل عز وجل»‪.‬‬

‫أكثر ذكر اهلل بريء من النفاق»‪.‬‬


‫‪َ « :‬من َ‬ ‫وقال كعب بن مالك‬

‫وق�ال عبيد ب�ن عم�ري‪ :‬إن أعظمكم ه�ذا اللي�ل أن تكابدوه‪،‬‬


‫وج ُبنت�م ع�ن الع�دو أن تقاتلوه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫وبخلت�م ع�ىل امل�ال أن تنفق�وه‪َ ،‬‬
‫فأكثروا من ذكر اهلل عز وجل‪.‬‬

‫وذكر الناس داء‪.‬‬ ‫كر اهلل تعاىل شفاء‪،‬‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫وقال مكحول‪ :‬ذ ُ‬
‫)‪ (1‬انظر‪ :‬مدارج السالكني (‪.)423/2‬‬

‫‪10‬‬
‫معاين األذكار‬

‫وملا شكا رجل إىل احلسن البري قسو ًة يف قلبه‪ ،‬قال له‪« :‬أذبه‬
‫بذكر اهلل»)‪.(1‬‬
‫وربام يأيت العبد يوم القيامة بسيئات أمثال اجلبال‪ ،‬فيجد لسانه‬
‫قد هدمها من كثرة ذكر اهلل تعاىل وما اتصل به)‪.(2‬‬
‫«الذكر للقلب ُ‬
‫مثل‬ ‫ُ‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪-‬رمحه اهلل‪:-‬‬
‫الماء للسمك‪ ،‬فكيف يكون ُ‬
‫حال السمك إذا فارق الماء؟»)‪.(3‬‬ ‫ِ‬

‫)‪ (1‬انظر‪ :‬الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص‪.)7180‬‬


‫)‪ (2‬اجلواب الكايف (ص‪.)161‬‬
‫)‪ (3‬الوابل الصيب (ص‪.)42‬‬

‫‪11‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪l ¬d ¢ù«d ˆG ôcPp‬‬


‫‪:Ohófi óM‬‬

‫‪« :‬إن اهلل تع�اىل مل يف�رض ع�ىل عب�اده‬ ‫يق�ول اب�ن عب�اس‬
‫فريض� ًة إال جع�ل هلا حدّ ًا معلوم� ًا ثم عذر أهله�ا يف حال العذر‬
‫غ�ري الذكر‪ ،‬ف�إن اهلل تعاىل مل جيعل ل�ه حد ًا ينتهي إلي�ه‪ ،‬ومل يعذر‬
‫أح�د ًا يف ترك�ه إال مغلوب ًا عىل تركه فق�ال‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ) [النس�اء‪ ،[103 :‬باللي�ل والنه�ار‪ ،‬يف ال�ر‬
‫والبحر‪ ،‬ويف الس�فر واحلرض‪ ،‬والغنى والفقر‪ ،‬والسقم والصحة‪،‬‬
‫والرس والعالنية‪ ،‬وعىل كل حال»)‪.(1‬‬

‫فالذك�ر هو العب�ادة املطلوبة بال حدّ تنته�ي إليه (ﯺ ﯻ‬


‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [األحزاب‪.[41 :‬‬

‫ختت�ص ب�ه (ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ‬


‫ّ‬ ‫وب�ال وق�ت‬
‫ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ) [طه‪. [130 :‬‬

‫وب�ال ح�ال تس�تثنى من�ه (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬


‫ﮛ) [آل عمران‪.[191 :‬‬

‫)‪ (1‬تفسري ابن كثري (‪.)386/6‬‬

‫‪12‬‬
‫معاين األذكار‬

‫الذاكرين اهللَ كث�ري ًا والذاكرات‪ُ ،‬ختمت‬


‫وبالثنا ُء اجلمي�ل عىل ّ‬
‫صفات المس�لمني والمس�لامت والمؤمنني والمؤمنات‪ ،‬يف قوله‬
‫تع�اىل‪( :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬
‫ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ‬
‫ﯞﯟﯠ) [األحزاب‪.[35 :‬‬
‫وغدو ًا‬
‫ّ‬ ‫ق�ال ابن عب�اس‪« :‬يذك�رون اهلل يف أدب�ار الصل�وات‪،‬‬
‫وعش� ّي ًا‪ ،‬ويف المضاج�ع‪ ،‬وكلام اس�تيقظ من نومه‪ ،‬وكل�ام غدا أو‬
‫ذكر اهلل تعاىل»)‪.(1‬‬
‫راح من منزله َ‬

‫)‪ (1‬األذكار للنووي (ص‪.)10‬‬

‫‪13‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪?Gk Òãc ˆG øjôcGòdG øe óÑ©dG ¿ƒµj ≈àe‬‬

‫عن أيب سعيد اخلدري وأيب هريرة عن رسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬


‫ِ‬
‫ركعتني مجيع ًا‬ ‫صل‪-‬‬ ‫من ال ىّل ِ‬
‫ي�ل فص ىّليا ‪-‬أو ىّ‬ ‫الر ُ‬
‫جل أهل ُه َ‬ ‫َ‬
‫أيق�ظ ىّ‬ ‫«إذا‬
‫ِ‬
‫اكرات»)‪.(1‬‬ ‫اكرين اهلل كثري ًا ىّ‬
‫والذ‬ ‫كتبا يف ىّ‬
‫الذ‬
‫َ‬
‫الصالح ‪-‬رمح�ه اهلل‪ -‬عن ال َق�در الذي‬ ‫وس�ئل أب�و عمرو ب�ن َّ‬
‫يص�ري به العب�د من الذاكري� َن اهلل كث�ري ًا والذاكرات‪ ،‬فق�ال‪« :‬إذا‬
‫ُ‬
‫واظب ع�ىل األذكار المأثورة المثبتة صباح ًا ومس�ا ًء يف األوقات‬‫َ‬
‫ال وهن�ار ًا‪ ،‬كان م�ن الذاكري�ن اهلل كثري ًا‬
‫واألح�وال المختلف�ة لي� ً‬
‫والذاكرات»)‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رواه أب�و داود (‪ )1309‬وابن ماجة (‪ )1335‬وصححه األلباين يف صحيح أيب‬
‫داود وغريه‪.‬‬
‫)‪ (2‬األذكار للنووي (ص‪.)11‬‬

‫‪14‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:≥Ñ°SCG ôcòdG πgCG‬‬

‫الذك�ر أكر‪ ،‬وأجره أعظم‪ ،‬وأهله أس�بق؛ ك�ام ورد يف حديث‬


‫دون»‪ ،‬قالوا‪ :‬وما‬
‫المف�ر َ‬
‫ىّ‬ ‫«س�بق‬
‫َ‬ ‫أيب هري�رة عن النبي ﷺ قال‪:‬‬
‫اكرات»)‪.(1‬‬
‫ُ‬ ‫اكرون اهللَ كثري ًا ىّ‬
‫والذ‬ ‫َ‬ ‫رسول اهللِ؟ قال‪ :‬ىّ‬
‫«الذ‬ ‫َ‬ ‫المفر َ‬
‫دون يا‬ ‫ّ‬
‫ب�«المف�ردون» يف احلدي�ث‪ :‬الذاك�رون اهلل كثري ًا‬
‫ّ‬ ‫فالمقص�ود‬
‫المو َلع�ون بالذكر‬‫والذاك�رات؛ ك�ام فرسه رس�ول اهلل ﷺ‪ ،‬وه�م ُ‬
‫المتفرغون له‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفر َد بمعنى انفر َد ِبه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يقال‪ :‬فر َد برأيه وأفر َد ّ‬
‫ّاس‪ ،‬وخ�ال بمراعاة‬ ‫ُ‬
‫الرج�ل إذا تف ّقه واعت�زل الن َ‬ ‫ف�ر َد‬ ‫َ‬
‫وقي�ل‪ّ :‬‬
‫األمر والنهي)‪.(2‬‬
‫«واألظه�ر َّ‬
‫أن المرا َد‬ ‫ُ‬ ‫وق�ال احلافظ ابن رج�ب ‪-‬رمح�ه اهلل‪:-‬‬
‫ِ‬
‫االنفراد‬ ‫الذ ِ‬
‫ك�ر‪َ ،‬‬
‫دون‬ ‫وهو كث�ر ُة ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‪َ ،‬‬ ‫باالنف�راد االنفرا ُد هب�ذا‬
‫ِ‬
‫المخالطة»)‪.(3‬‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫القرن أو ِ‬ ‫احلس‪ ،‬إ ّما ِ‬
‫عن‬ ‫ّ ِّ‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم (‪.)2676‬‬


‫)‪ (2‬انظر‪ :‬النهاية (‪.)425/3‬‬
‫)‪ (3‬جامع العلوم واحلكم (‪.)512/2‬‬

‫‪15‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:™aQCG ôcòdG πgCG‬‬

‫إن أه�ل الذك�ر ليس�وا س�ابقني للب�رش فحس�ب‪ ،‬ب�ل ه�م يف‬
‫مق�ام المباه�اة والمضاهاة للمالئكة الكرام؛ ف�إن أهل الذكر من‬
‫المؤمن�ني يف مكانة رفيعة عالي�ة‪ ،‬حتى لقد باهى اهلل هبم مالئكته‪،‬‬
‫أن اهللَ يباهي‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫رشف ّ‬ ‫قال ابن القيم ‪-‬رمحه اهلل‪« :-‬ويكفي يف‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫أن‬‫صحيح مسل ٍم)‪ (1‬عن معاوي َة ‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بأهله؛ كام يف‬ ‫مالئكت ُه‬
‫أصحابه فقال‪« :‬ما أجلسكم؟» قالوا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حلقة من‬ ‫خرج عىل‬ ‫ِ‬
‫اهلل ﷺ َ‬
‫نذك�ر اهللَ ونحمد ُه عىل ما هدانا لإلس�ال ِم وم� َّن ِبه علينا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫جلس�نا‬
‫ذلك؟» قالوا‪ :‬آهللِ ما أجلس�نا ّإال َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫قال‪« :‬آهللِ ما أجلس�كم ىّإل َ‬
‫جربيل فأخربين‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪« :‬أما ىّإين مل أستحلفكم هتم ًة لكم‪ ،‬ولكن أتاين‬
‫بكم المالئك َة»)‪.(2‬‬
‫أن اهللَ يباهي ُ‬
‫َّ‬

‫)‪ (1‬صحيح مسلم (‪.)2701‬‬


‫)‪ (2‬مدارج السالكني (‪.)400/2‬‬

‫‪16‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:≥KhCG äGOÉÑ©dÉH ôcòdG á∏°Up‬‬

‫وجوهر العبادات‪ ،‬وهو أس�اس كثري‬ ‫إن الذكر ُل ّ‬


‫ب الطاعات‪َ ،‬‬
‫م�ن الفرائض والش�عائر الظاهرة؛ إن�ه يكون قبلها تيئ�ة ألدائها‪،‬‬
‫ويك�ون معها كجزء من أعامهل�ا وأركاهنا‪ ،‬ويكون بعد الفراغ منها‬
‫ختام ًا هلا‪.‬‬

‫الذكر بالنداء وترديده‪ ،‬وذكر الميض إىل‬


‫ُ‬ ‫فالصالة مث ً‬
‫ال يسبقها‬
‫المس�جد‪ ،‬وذكر دخول المس�جد؛ وذلك لتكون م�ع اهلل‪ ،‬وتتهيأ‬
‫للدخول عليه يف الصالة‪.‬‬

‫وكذا يف الصيام؛ فإن اهلل يقول‪( :‬ﯟﯠﯡ‬


‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [البقرة‪.[185 :‬‬

‫ذك�ر اهلل وإعالن التوحي�د‪ ،‬واالس�تجاب ُة لرب‬


‫واحل�ج مب�دأه ُ‬
‫األرض والس�اموات‪ ،‬والط�واف والس�عي ذكر وتكب�ري وتليل‪،‬‬
‫ورم�ي اجل�امر إن�ام ُرشع إلقام�ة ذكر اهلل ع�ز وجل‪ ،‬وخت�ام احلج‬
‫وصي�ة بالذكر‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [البقرة‪.[200 :‬‬

‫‪17‬‬
‫معاين األذكار‬

‫ويف اجله�اد أم�ر بالذك�ر‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ) [األنفال‪. [45 :‬‬

‫‪18‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:á櫵°Sh áæ«fCɪW ôcòdG‬‬

‫يقول اهلل تعاىل‪( :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ‬


‫إخبار من اهلل عن المؤمنني‬
‫ٌ‬ ‫ﰑ ﰒ ﰓ) [الرع�د‪ ،[28 :‬فهذا‬
‫بأهنم تطمئن قلوهبم بذكره «أي يزول قلقها واضطراهبا‪ ،‬وترضها‬
‫أفراحه�ا ولذاتا‪ ،‬وحري أن ال تطمئن ليشء س�وى ذكره‪ ،‬فإنه ال‬
‫أل�ذ للقلوب وال أحىل‪ ،‬من حمبة خالقها واألُنس به ومعرفته‪،‬‬
‫يشء ّ‬
‫وعىل قدر معرفتها باهلل وحمبتها له‪ ،‬يكون ذكرها له»)‪.(1‬‬
‫ِ‬
‫اضطراب�ه‬ ‫ال�يش ِء‪ ،‬وع�د ُم‬ ‫ِ‬
‫القل�ب إىل ّ‬ ‫ُ‬
‫س�كون‬ ‫ف�(ال ّطمأنين� ُة‬
‫ٌ )‪(2‬‬
‫والكذب ريبة»‬ ‫دق طمأنين ٌة‪،‬‬
‫«الص ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫المعروف ّ‬
‫ُ‬ ‫األثر‬
‫وقلقه‪ .‬ومن ُه ُ‬
‫إلي�ه قلب الس�امعِ‪ ،‬وجيدُ عنده س�كون ًا ِ‬
‫إليه‪.‬‬ ‫�دق يطمئ�ن ِ‬ ‫الص ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أي ّ‬
‫يوجب ل� ُه اضطراب ًا وارتياب� ًا‪ ،‬ومن ُه قول� ُه ﷺ‪ُّ :‬‬
‫«الرب ما‬ ‫ُ‬ ‫والك�ذب‬
‫ُ‬
‫إليه القلب»)‪ (3‬أي سكن ِ‬
‫إليه َ‬
‫وزال عن ُه اضطراب ُه وقلق ُه))‪.(4‬‬ ‫اطمأن ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫)‪ (1‬تفسري السعدي (ص‪.)417‬‬


‫ً‬
‫)‪ (2‬رواه الرتمذي (‪ )2518‬عن احلسن بن عيل مرفوعا‪ ،‬وصححه األلباين‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أمح�د (‪ )17288‬وحس�نه األلب�اين يف صحي�ح الرتغي�ب والرتهي�ب‬
‫)‪.)1734‬‬
‫)‪ (4‬مدارج السالكني (‪.)479480/2‬‬

‫‪19‬‬
‫معاين األذكار‬

‫ّبي ﷺ‬ ‫ٍ‬
‫اخلدري ّأهنام ش�هدا عىل الن ِّ‬
‫ِّ‬ ‫س�عيد‬ ‫وعن أيب هرير َة وأيب‬
‫وجل ىّإل ح ىّفتهم المالئك ُة‬
‫يذك�رون اهللَ ع َّز َّ‬
‫َ‬ ‫أنّ� ُه قال‪« :‬ل يقعدُ قو ٌم‬
‫الس�كين ُة وذكره�م اهلل فيم�ن‬
‫الرمح� ُة ونزل�ت عليه�م ىّ‬
‫وغش�يتهم ىّ‬
‫عند ُه»)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم (‪.)2700‬‬

‫‪20‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:᪩fh ácôH ôcòdG‬‬

‫يق�ول اهلل ع�ز وج�ل‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬


‫ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [إبراهي�م‪ ،[7 :‬وروى‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪َّ :‬‬
‫«إن‬ ‫ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك قال‪ :‬قال‬ ‫أنس ِ‬
‫مس�لم (‪ )2734‬عن ِ‬
‫يرشب‬ ‫َ‬
‫ي�أكل األكل َة فيحم�د ُه عليها‪ ،‬أو‬ ‫اهللَ ل�ريىض ع�ن ِ‬
‫العبد أن‬
‫َ‬
‫الرشب َة فيحمد ُه عليها»‪.‬‬
‫ىّ‬

‫إن ه�ذا مع كل طع�ام يأكله أو رشاب يرشبه‪ ،‬يذك�ر َمن َرزقه‬


‫فيلهج له باحلمد والش�كر‪ ،‬مس�تحرض ًا عظمة‬
‫وأطعم�ه وس�قاه؛ َ‬
‫المنعم سبحانه‪.‬‬
‫والركة حاصلة بالذكر بمنع ما يمحقها‪ ،‬والسالمة من تسلط‬
‫بن‬ ‫ِ‬
‫جاب�ر ِ‬ ‫الش�يطان‪ ،‬ومش�اركته للم�رء يف طعام�ه ورشاب�ه؛ فعن‬
‫فذكر اهللَ‬ ‫الر ُ‬
‫جل بيت ُه‬ ‫يقول‪« :‬إذا َ‬‫ّبي ﷺ ُ‬ ‫ِ‬
‫عبد اهللِ أ ّن ُه‬
‫َ‬ ‫دخل ىّ‬ ‫س�مع الن َّ‬
‫َ‬
‫عش�اء‪،‬‬ ‫مبيت لكم ول‬ ‫�يطان ل َ‬
‫ُ‬ ‫الش‬ ‫ِ‬
‫طعامه قال ىّ‬ ‫ِ‬
‫دخوله وعندَ‬ ‫عن�دَ‬
‫َ‬
‫المبيت‪،‬‬
‫َ‬ ‫يطان أدركتم‬‫الش ُ‬ ‫ِ‬
‫دخوله قال ىّ‬ ‫دخل فلم يذكر اهللَ عندَ‬ ‫وإذا َ‬
‫والعشاء»)‪.(1‬‬ ‫المبيت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫طعامه قال أدركتم‬ ‫وإذا مل يذكر اهللَ عندَ‬
‫َ‬
‫)‪ (1‬رواه مسلم (‪.)2018‬‬

‫‪21‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪ ˆG ∫ƒ``°SQ á«``°Uh ¬fEG‬ﷺ ‪™FGô``°T ¬«∏Y äÌc ø``Ÿ‬‬


‫‪:ΩÓ°SE’G‬‬

‫رشائع‬ ‫رسول اهللِ َّ‬


‫إن‬ ‫َ‬ ‫ال قال‪ :‬يا‬ ‫َّ‬
‫أن رج ً‬ ‫برس‬ ‫فعن ِ‬
‫عبد اهللِ ِ‬
‫بن ٍ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫بيشء أتش� ّب ُث ِبه‪ .‬قال‪« :‬ل ُ‬
‫يزال‬ ‫عيل فأخرين‬ ‫اإلس�ال ِم قد كثرت َّ‬
‫ذكر اهللِ»)‪.(1‬‬
‫لسانك رطب ًا من ِ‬
‫َ‬

‫ق�ال ال ِّطيب�ي‪« :‬رطوب ُة اللس�ان عبارة عن س�هولة جريانه‪ ،‬كام‬


‫أن ُيبس�ه عب�ارة عن ضدّ ه‪ ،‬ثم إن جريان اللس�ان حينئذ عبارة عن‬
‫مداومة الذكر»)‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬رواه الرتمذي (‪ ،)3375‬وصححه األلباين‪.‬‬


‫)‪ (2‬دليل الفاحلني (‪.)237/7‬‬

‫‪22‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:Ö∏≤dG IÉ«M ôcòdG‬‬

‫قال‪ :‬قال‬ ‫فف�ي صحي�ح البخ�اري )‪ (6407‬عن أيب موس�ى‬


‫احلي‬
‫مثل ِّ‬‫يذكر ر ىّب� ُه ُ‬
‫يذكر ر ىّب ُه وا ىّل�ذي ل ُ‬
‫«مث�ل ا ىّل�ذي ُ‬
‫ُ‬ ‫ّب�ي ﷺ‪:‬‬
‫الن ُّ‬
‫ِ‬ ‫والمي ِ‬
‫«مثل البيت ا ىّلذي ُ‬
‫يذكر اهلل‬ ‫ت» ورواه مس�لم )‪ (779‬ولفظه‪ُ :‬‬ ‫ىّ‬
‫ت»‪.‬‬ ‫مثل احلي واملي ِ‬
‫فيه ُ‬‫والبيت ا ىّلذي ل يذكر اهلل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيه‬
‫ِّ ىّ‬ ‫ُ‬
‫وإذا كان القلب ح ّي ًا‪ ،‬كان عامر ًا باإليامن؛ كام قال تعاىل‪( :‬ﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ) [الزمر‪.[23:‬‬

‫ومن قس�ا قلبه من ذكر اهلل مات قلبه‪ ،‬فويل له؛ (ﭜ ﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [الزم�ر‪ ،[22 :‬وجاء رجل للحس�ن يش�كو إليه‬
‫قس�وة قلب�ه فقال‪« :‬أذبه بالذك�ر»‪ ،‬وهذا ألن القلب كلام اش�تدت‬
‫به الغفلة‪ ،‬اشتدت به القسوة‪ ،‬فإذا ذكر اهلل ذابت تلك القسوة)‪.(1‬‬

‫وق�ال ابن القي�م ‪-‬رمحه اهلل‪« :-‬وال ري�ب أن القلب يصدأ كام‬

‫)‪ (1‬الوابل الصيب (ص‪.)71‬‬

‫‪23‬‬
‫معاين األذكار‬

‫يص�دأ النح�اس والفض�ة وغريمها‪ ،‬وج�الؤه بالذكر؛ فإن�ه َجيلوه‬


‫حتى َيدعه كالمرآة البيضاء‪ ،‬فإذا تُرك صدئ‪.‬‬
‫وص�دأ القل�ب بأمري�ن‪ :‬بالغفل�ة والذنب‪ ،‬وجالؤه بش�يئني‪:‬‬
‫َ‬
‫باالستغفار والذكر‪.‬‬
‫الصدَ ُأ مرتاكب ًا عىل قلبه‪،‬‬
‫أغلب أوقات�ه كان ّ‬
‫َ‬ ‫فم�ن كانت الغفلة‬
‫بحسب غفلته»)‪.(1‬‬
‫وصدؤه َ‬

‫)‪ (1‬الوابل الصيب (ص‪.)40‬‬

‫‪24‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:OhóM ÓH QƒLCG ôcòdG‬‬

‫عن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬من سبح اهلل يف دبر‬ ‫عن أيب هريرة‬
‫كل ص�الة ثالث� ًا وثالثني‪ ،‬ومح�د اهلل ثالث ًا وثالثني‪ ،‬وك�رب اهلل ثالث ًا‬
‫وثالثني‪ ،‬فتلك تس�ع وتس�عون‪ ،‬وق�ال يف متام املائ�ة‪ :‬ل إله إل اهلل‬
‫وح�ده ل رشيك له‪ ،‬له امللك ول�ه احلمد وهو عل كل يشء قدير‪،‬‬
‫غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»)‪.(1‬‬
‫وه�ذا يعن�ي أن الذك�ر يمح�و اهلل ب�ه الذن�وب و ُيذهبه�ا عن‬
‫صاحبها وإن كانت مثل زبد البحر‪.‬‬
‫هيجانه ومتو ِ‬
‫جه)‪.(2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجهه عندَ‬ ‫هو ما يعلو عىل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫البحر‪َ :‬‬ ‫وزبدُ‬
‫ق�ال‪ :‬ق�ال رس�ول اهلل ﷺ‪« :‬ألن أقول‪:‬‬ ‫وع�ن أيب هري�رة‬
‫س�بحان اهلل واحلم�د هلل وال إل�ه إال اهلل واهلل أك�ر‪ ،‬أح�ب إيل مم�ا‬
‫طلعت عليه الشمس»)‪.(3‬‬
‫أحب إ َّيل من أن‬ ‫ِ‬ ‫يكون المراد َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أن هذه الكلامت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حيتمل أن‬ ‫قيل‪:‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم (‪.)597‬‬


‫)‪ (2‬مرقاة المفاتيح (‪.)54/4‬‬
‫)‪ (3‬رواه مسلم (‪.)2695‬‬

‫‪25‬‬
‫معاين األذكار‬

‫ّب عىل‬
‫واب المرتت َ‬ ‫أن ال ّث َ‬ ‫ُ‬
‫واحلاص�ل َّ‬ ‫يك�ون يل الدّ نيا فأتصدّ َق هبا‪،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ثواب من تصدّ َق بجمي ِع الدّ نيا)‪.(1‬‬ ‫ِ‬
‫قول هذا الكال ِم ُ‬
‫أكثر من‬

‫)‪ (1‬تفة األحوذي (‪.)40/10‬‬

‫‪26‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:ßØMh áeÓ°S ôcòdG‬‬

‫ٍ‬
‫شديدة‬ ‫ٍ‬
‫وظلمة‬ ‫مطر‬ ‫قال‪ :‬خرجنا يف ِ‬
‫ليلة ٍ‬ ‫ٍ‬
‫خبيب‬ ‫بن‬ ‫عن ِ‬
‫عبد اهللِ ِ‬
‫ليصيل لن�ا فأدركنا ُه فقال‪ :‬أص ّليت�م؟ فلم أقل‬ ‫َ ِ‬
‫رس�ول اهلل ﷺ ّ َ‬ ‫نطل�ب‬
‫ُ‬
‫ثم قال قل‪.‬‬ ‫ثم قال قل‪ .‬فلم أقل شيئ ًا‪َّ ،‬‬
‫شيئ ًا‪ ،‬فقال قل‪ .‬فلم أقل شيئ ًا‪َّ ،‬‬
‫والمعو ِ‬
‫ذتني‬ ‫ّ‬ ‫هو اهلل أحدٌ‬
‫أقول؟ قال «ق�ل‪ :‬قل َ‬ ‫رس�ول اهللِ ما ُ‬
‫َ‬ ‫فقلت يا‬
‫ُ‬
‫كل ٍ‬ ‫تكفيك من ِّ‬ ‫ثالث مر ٍ‬
‫يشء»)‪.(1‬‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫تصبح َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫وحني‬
‫َ‬ ‫حني متس‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عن�ك َّ‬
‫يك�ون‬ ‫وحيتم�ل أن‬ ‫س�وء‪.‬‬ ‫كل‬ ‫َ‬ ‫تدف�ع‬
‫ُ‬ ‫ق�ال ال ّط ُّ‬
‫يب�ي‪ :‬أي‬
‫عام سواها)‪.(2‬‬ ‫َ‬
‫تغنيك ّ‬ ‫المعنى‪:‬‬
‫رسول اهللِ ﷺ‪« :‬ما من ٍ‬
‫عبد‬ ‫ُ‬ ‫ان قال‪ :‬قال‬ ‫عثامن بن ع ّف َ‬
‫َ‬ ‫وعن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومساء ِّ ٍ‬
‫مع‬ ‫كل ليلة‪ :‬بس ِم اهلل ا ّلذي ال ُّ‬
‫يرض َ‬ ‫صباح ِّ‬
‫كل يو ٍم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يقول يف‬
‫َ‬
‫ثالث‬ ‫العليم‬ ‫�ميع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الس ُ‬ ‫وهو ّ‬ ‫الس�امء َ‬‫األرض وال يف ّ‬ ‫اس�مه يش ٌء يف‬
‫يرض ُه يش ٌء»)‪.(3‬‬ ‫ٍ‬
‫مرات مل ّ‬ ‫ّ‬
‫)‪ (1‬رواه أب�و داود (‪ )5082‬والرتم�ذي (‪ )3575‬والنس�ائي (‪ )5428‬وحس�نه‬
‫األلباين‪.‬‬
‫)‪ (2‬مرقاة المفاتيح (‪.)29/7‬‬
‫)‪ (3‬رواه أب�و داود (‪ )5088‬والرتم�ذي (‪ )3388‬وصححه‪ ،‬وابن ماجة (‪)3869‬‬
‫وصححه األلباين‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫معاين األذكار‬

‫فبالذك�ر َحيف�ظ اهلل عبده من كل س�وء؛ فيحفظ علي�ه قلبه من‬


‫الرض‪.‬‬
‫تسلل الشياطني إليه‪ ،‬وحيفظ عليه نفسه وبدنه من نوازل ّ ّ‬

‫‪28‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪o‬‬
‫‪p Io Ìc ˆG ÖM áeÓY‬‬
‫‪:√ôcP‬‬

‫حب اهللِ كثر ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيع ب ُن ٍ‬


‫بع�ض أصحابه‪ :‬عالم ُة ِّ‬ ‫أنس عن‬ ‫الر ُ‬ ‫ق�ال ّ‬
‫تب ش�يئ ًا ّإال‬ ‫ِ‬
‫الموصيل‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫فتح‬
‫أكثرت ذكر ُه‪ .‬وقال ٌ‬ ‫َ‬ ‫ذكره‪ ،‬فإن َّك لن َّ‬
‫من‬‫ع�ني‪ ،‬وقال غ�ريه‪ِ :‬‬ ‫ذك�ر اهللِ طرف� َة ٍ‬ ‫يغف�ل ع�ن ِ‬ ‫ُ‬ ‫المح�ب هللِ ال‬ ‫ُّ‬
‫إليه‪.‬‬‫االشتياق ِ‬
‫ِ‬ ‫نور‬ ‫ِ‬ ‫بالذ ِ‬
‫اش�تغل قلب ُه ولس�ان ُه ّ‬ ‫َ‬
‫قذف اهلل يف قلبه َ‬ ‫كر‪َ ،‬‬
‫المحب هللِ دوا ُم‬ ‫ِ‬
‫عالم�ة‬ ‫كان ُ‬
‫يقال‪ :‬من‬ ‫اجلني�د‪َ :‬‬ ‫ِ‬ ‫إبراهيم ب ُن‬ ‫وق�ال‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫وجل ّإال‬ ‫عز َّ‬ ‫بذك�ر اهللِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫بالقلب وال ّلس�ان‪ ،‬وق ّلام َ‬
‫ولع المر ُء‬ ‫ك�ر‬ ‫ّ‬
‫حب اهللِ‪.‬‬ ‫أفا َد من ُه َّ‬
‫الون من‬ ‫س�ئم الب ّط َ‬ ‫ِ‬
‫مناجاته‪ :‬إذا‬ ‫�لف ُ‬
‫يقول يف‬ ‫بعض الس ِ‬ ‫وكان ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫وذكرك‪ .‬وقال أبو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مناجاتك‬ ‫وك من‬ ‫بطالتهم‪ ،‬فلن يس�أ َم حم ّب َ‬
‫ذك�ر ر ّب ِه‪ ،‬وال يس�أ ُم من‬ ‫المح�ب هللِ ال خيل�و قلب� ُه من ِ‬ ‫ُّ‬ ‫المح�و ُّيل‪:‬‬
‫ّ‬
‫طاعته)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬جامع العلوم واحلكم (‪.)516/2‬‬

‫‪29‬‬
‫معاين األذكار‬

‫‪:áfÉYEGh ájOƒÑY ôcòdG‬‬

‫أباها ﷺ خادم ًا‪ ،‬واشتكت إليه ما تعانيه‬ ‫ملا س�ألت فاطمة‬


‫‪« :‬أال أد ُّلكام عىل ما‬ ‫م�ن أعامل البيت‪ ،‬ق�ال هلا ولزوجها ع�يل‬
‫هو خري لكام من خادم؟ إذا آويتام إىل فراشكام فسبحا ثالث ًا ثالثني‪،‬‬
‫وامح�دا ثالث� ًا وثالثني‪ ،‬وك�را أربع� ًا وثالثني؛ فإنه خ�ري لكام من‬
‫خادم»)‪.(1‬‬

‫ق�ال ابن القيم ‪-‬رمحه اهلل‪« :-‬الذكر يعطي الذاكر قوة‪ ،‬حتى‬
‫إن�ه ليفع�ل مع الذكر ما مل يظ�ن فعله بدونه‪ ،‬وقد ش�اهدت من‬
‫قوة ش�يخ اإلس�الم ابن تيمية يف َس�نَنه وكالم�ه وإقدامه وكتابه‬
‫أمر ًا عجيب ًا‪ ،‬فكان يكتب يف اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ‬
‫يف جع�ة وأكثر‪ ،‬وقد ش�اهد العس�كر م�ن قوته يف احل�رب أمر ًا‬
‫أن يس�بحا كل‬ ‫عظي ًام‪ ،‬وقد ع ّلم النبي ﷺ ابنته فاطمة وعلي ًا‬
‫ليل�ة إذا أخذا مضاجعه�ام ثالث ًا وثالثني وحيم�دا ثالث ًا وثالثني‬
‫ويك�را أربع ًا وثالثني ملا س�ألته اخلادم وش�كت إليه ما تقاس�يه‬
‫من الطحن والسعي واخلدمة‪ ،‬فع ّلمها ذلك وقال‪ :‬إنه خري لكام‬

‫)‪ (1‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫معاين األذكار‬

‫م�ن خادم‪ .‬فقيل إن من داوم عىل ذل�ك وجد قوة يف يومه تغنيه‬
‫عن خادم»)‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬الوابل الصيب (ص‪.)77‬‬

‫‪31‬‬

You might also like