Professional Documents
Culture Documents
كانت أوربا تتلقى آثار الثقافة العربية اإلسالمية بوسائل وطرق كثيرة ومن أهمها وأعظمها أثرً ا :
-1طريق األندلس ،حيث أقام العرب هناك جامعات زاهرة قصدها طالب العلم من أوربا ،ونشر
هؤالء الطالب في بالدهم ما تعلموه من العرب ،كما انتفع األوربيون بدور الكتب الكثيرة التي كانت
منتشرة في أسبانيا ،مما ساعد على إحياء العلوم في أوربا فيما بعد .
-2طريق صقلية ،حيث ظل المسلمون في هذه البالد زهاء 130سنة ،فأصبحت المركز الثاني لنشر
الثقافة اإلسالمية في أوربا .
-3طريق الشرق ،فقد كانت الحروب الصليبية ( 1291-1099م) والحج إلى بيت المقدس مدعاة
الختالط األوربيين بالعرب فنقلوا عنهم الكثير من علومهم ومعارفهم وفنونهم وصناعاتهم ،كما حصلوا
على كثير من الكتب العربية ،فساعد ذلك على ظهور روح البحث ،ودراسة علوم األقدمين وآدابهم
وفنونهم .
وقد أكد علماء الغرب المنصفون أن األوربيين تناولوا مشعل العلم من أيدى المسلمين حين اتصلوا بهم
واطلعوا على حضارتهم ،فاستضاءوا بعد ظلمة ،وبلغوا به بعد ذلك ما بلغوه من هذا التقدم العلمي
العظيم الذي يعيشون فيه اليوم ،ولوال هذا االطالع وهذا االحتكاك لظلت أوربا ،ربما لقرون عديدة
أخرى تعيش في الظالم والجهالة التي رانت عليها في العصور الوسطى .وقد أجمل المؤرخ الفرنسي
جوستاف لوبون في كتابه )حضارة العرب(( )1تأثير حضارة اإلسالم في الغرب وأرجع فضل حضارة
أوربا الغربية إليها وقال) :إن تأثير هذه الحضارة بتعاليمها العلمية واألدبية واألخالقية عظيم( وال يتأتى
للمرء معرفة التأثير العظيم الذي أثره العرب في الغرب اال إذا تصور حالة أوربا في الزمن الذي دخلت
فيه الحضارة .وأضاف لوبون :بأن عهد الجهالة قد طال في أوربا العصور الوسطى وأن بعض العقول
المستنيرة فيها لما شعرت بالحاجة إلى نفض الجهالة عنها ،طرقت أبواب العرب يستهدونهم ما يحتاجون
إليه ألنهم كانوا وحدهم سادة العلم في ذلك العهد .
في األدب :
قامت صلة وثيقة بين طائفة من عباقرة الشعر في أوربا بأسرها ،خالل القرن الرابع عشر الميالدي وما
بعده ،وموضوعات األدب العربي والثقافة اإلسالمية على وجه اليقبل التشكيك .ونخص بالذكر من
هؤالء بوكاشيو وبترارك ودانتي وهم من أعالم النهضة االيطالية ،وشسر الكاتب االنجليزي الشهير ،
1
وسرفانيتس األسباني ،وإلى هؤالء يرجع األثر والتأثير البارز في قيام النهضة األوربية في أوربا .
أما في مجال القصة األوربية فنجد أن هذه القصة تأثرت في نشأتها بما كان عند العرب من فنون
القصص في العصور الوسطى وهي :المقامات ،وأخبار الفروسية ،وأمجاد الفرسان مغامراتهم إلحراز
المجد أو في سبيل الحب .
ولم تنقطع الصلة بين األدب اإلسالمي واآلداب األوربية الحديثة حتى اليوم .ويكفي لبيان األثر الذي أبقاه
األدب اإلسالمي في آداب األوربيين أننا ال نجد أديبا واحدا من نوابغ األدباء عندهم قد خال شعره أو نثره
من اإلشارة إلى بطل إسالمي ،أو نادرة إسالمية .ومن هؤالء :شكسبير ،أديسون ،بايرون ،سودى ،
كولردج ،شيلي من أدباء اإلنجليز ،ومن أدباء األلمان ،جيته ،هرور ،وليسنج ،ومن أدباء فرنسا :
فولتير ،الفونتين .وقد صرح الفونتين باقتدائه في أساطيره التي ألفها بكتاب كليلة ودمنة الذي عرفه
األوربيون عن طريق المسلمين .
تأ ُّثر النصارى باللغة العربية
اكتسب بعض الصليبيين الذين أتوا من أوروبا ،وعاشوا بالبالد اإلسالميّة اللغة العربيّة ،وعند عودتهم إلى
بالدهم لم ينسوا هذه اللغة ،ونقلوها إلى أبناء مجتمعاتهم األوروبيّة ،ونتج عن ذلك زيادة أعداد األوروبيين
المتحدثين باللغة العربية ،وزاد عدد المقبلين على تعلمها ،وهذا ما أ ّدى إلى اتخاذها لغة رس ميّة في بعض
األماكن األوروبيّة ،ففي صقلية كانت اللغ ة العرب ّي ة واح دة من بين اللغ ات الثالث في الدول ة وهي اللغ ة
اليونانيّة والالتينيّة.
2