You are on page 1of 91

‫التصميم واالخراج الفني‬

‫‪1‬‬

‫ايهاب السقاف ‪771604086 :‬‬


‫الكاتب يف سطور‪:‬‬
‫رائد عبد المولى السقاف‬
‫‪ -‬باحث متخصص بالتسويق‪.‬‬
‫‪ -‬حاصــل علــى شــهادة فــي التســويق معتمــدة مــن مؤسســة‬
‫التمويــل الدوليــة التابعــة للبنــك الدولــي‪.‬‬
‫‪ -‬مــدرب معتمــد لبرنامــج بزنــس أيــدج ‪ -‬لمجموعــة البنــك‬
‫الدولــي‪.‬‬
‫‪ -‬نائب رئيس جمعية التسويق اليمنية‪.‬‬
‫‪ -‬دبلــوم المهــارات اإلداريــة واالشــرفية مــن جامعــة‬
‫كاليفورنيــا‪.‬‬
‫‪ -‬حاصــل علــى شــهادة مــن جامعــة كاليفورنيــا فــي إدارة‬
‫المشــاريع‪.‬‬
‫‪ -‬عدة دبلومات متخصصة في التسويق‪.‬‬
‫‪ -‬صاحب حقوق فكرية لعدة مشاريع تسويقية‪.‬‬
‫لعبة الكبار‬
‫فن صناعة الحاجات‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬


‫رقم اإليداع بدار الكتب بصنعاء (‪)165‬‬
‫كتب ذات صلة‬
‫الكاتب‬ ‫اسم الكتاب‬
‫دوك ديتون‬ ‫أسرار بيع مايكروسوفت‬
‫ستيفن وبيتر سيلي‬ ‫التسويق المبسط‬
‫أريك شولتز‬ ‫لعبة التسويق‬
‫غاري هاميل‬
‫ريادة الثورة في األعمال‬
‫كيفن جي كالتشي‬
‫روبرت شولمان‬ ‫التسويق خرافة‬
‫هاري بيكوويث‬ ‫اللمسات الخفية‬
‫بول سميث‬ ‫أفضل اإلجابات ألصعب األسئلة‬
‫عيسى ملد عون‬ ‫سلوك المستهلك‬
‫فهرس الكتاب‬
‫الباب األول ‪ :‬فن صناعة الحاجات‬
‫‪9‬‬ ‫مدخل‬
‫‪11‬‬ ‫صناعة مفاهيم جديدة‬
‫‪11‬‬ ‫المستهلك غير رشيد!‬
‫‪11‬‬ ‫تطور حاجات المستهلك‬
‫‪12‬‬ ‫التركيز على الالوعي‬
‫‪12‬‬ ‫الحاجة المشبعة ال تشكل دافعاً‬
‫‪13‬‬ ‫التحرر من قيود البيروقراطية‬
‫‪13‬‬ ‫إكتشاف الفرص‬
‫‪13‬‬ ‫لماذا تصنع الحاجات؟؟‬
‫‪15‬‬ ‫شامبو «المحجبات»‬
‫‪16‬‬ ‫كيف يفكر الكبار؟؟‬
‫‪17‬‬ ‫كيف تعرف حاجات المستهلك؟؟‬
‫‪18‬‬ ‫قصة قصيرة «السريع‪ ..‬يلتهم» البطيء!‬

‫‪20‬‬ ‫إكتشف لماذا يشترون منتجك؟؟‬


‫‪21‬‬ ‫نريد األقوى‪ ..‬ونشتري األجمل!‬
‫‪23‬‬ ‫قصة «مذهلة» للفنان محمد عبده‪..‬‬
‫‪24‬‬ ‫بطل العالم للكاراتيه‬
‫تابع فهرس الكتاب‬

‫‪25‬‬ ‫شفرة الحالقة‪« ..‬جيليت»‬


‫‪25‬‬ ‫قصة أجمل وأغلى و‪ ..‬أفشل إعالن!‬
‫‪28‬‬ ‫التفكير‪ . .‬داخل الصندوق‬
‫‪29‬‬ ‫فخ تسويقي‬
‫‪30‬‬ ‫اللعب في المكان الخطأ!‬
‫‪31‬‬ ‫هل يعرف المستهلك حاجاته؟؟‬
‫‪32‬‬ ‫منتجات ‪ . .‬صنعت حاجات‬
‫‪35‬‬ ‫«التموضع»‪ ..‬سر تسويقي!‬
‫‪38‬‬ ‫هكذا تفكر شركات هذا العصر‪..‬‬
‫‪41‬‬ ‫شركات تجيد لعبة الكبار‪..‬‬
‫‪45‬‬ ‫مفاهيم غذائية جديدة‪..‬‬
‫‪51‬‬ ‫«بيبسي» تبيع آخر مصنع لها!‬
‫‪52‬‬ ‫ما لم تفعله «كوكا كوال» في أمريكا!‬
‫‪56‬‬ ‫انقالب ‪ . .‬يقوده خبراء تسويق!‬
‫‪57‬‬ ‫قصة انقالب «الفياجرا»!‬
‫‪60‬‬ ‫صناعة الحاجة في قطاع التكنولوجيا‬
‫تابع فهرس الكتاب‬

‫‪66‬‬ ‫كنت أسداً أم غزا ًال‪ . .‬ال فــرق!‬


‫‪69‬‬ ‫مفهوم جديد لـ «المال»!‬
‫الباب الثاني ‪ :‬المشهد التسويقي في اليمن‬
‫‪74‬‬ ‫شكر‪ . .‬وإهداء‬
‫‪75‬‬ ‫كيف تفكر الشركات في اليمن؟؟‬
‫‪80‬‬ ‫نوادر تسويقية‬
‫‪82‬‬ ‫الترويج لمنتج «انتهت صالحيته»!‬
‫‪87‬‬ ‫شركة‪ ..‬كانت تفكر!!‬
‫‪88‬‬ ‫بدون تعليق!‬
‫‪89‬‬ ‫الخالصة‬
‫الباب االول‬
‫فن صناعة احلاجات‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫مدخــل‬
‫تغيير راديكالي‪..‬‬

‫تغيــرت االتجاهــات التســويقية فــي كل‬


‫المجــاالت‪ ،‬نتيجــة القفــزات المتســارعة فــي‬ ‫‪9‬‬
‫التكنولوجيــا واالتصــاالت‪ ،‬وازدادت شــدة التنافــس‬
‫بيــن الشــركات‪ ،‬وترتــب علــى ذلــك تغيــر فــي‬
‫حاجــات ورغبــات المســتهلك فكانــت جهــود‬
‫الشــركات التســويقية تنصــب فــي دراســة وبحــث‬
‫حاجــات ورغبــات المســتهلك ثــم تتســابق الشــركات‬
‫لتلبيتهــا‪ ،‬ففــرض هــذا الواقــع المتســارع فــي نمــو‬
‫المنتجــات حركــــة تغييــر راديكاليــة «متطرفــة» على‬
‫الشــركات‪ ،‬لــذا أصبحــت تمــارس أدوارا تســويقية‬
‫حديثــة جــداً‪ ،‬ال يجيدهــا إال الكبــار‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فانحصــرت اللعبــة علــى الكبــار فقــط‪،‬‬


‫لحاجاتهــا إلمكانيــــات فكريــة وماليــة كبيــرة‪،‬‬
‫إضافــة إلــى تقنيــة عاليــة تنفــذ مــــن خاللهــا‬
‫«تقنيــات القيمــة المضافــة» التــي تســتدعي حاجــات‬
‫المســتهلك‪ ،‬وهــو فــن صناعــة الحاجــات والرغبــات‬
‫فهــذه القدرة‪/‬اللعبــة مــــن قبـــل الشــركات هــي‬
‫‪10‬‬
‫الفيصــل بيــن الشــركات العاديــة «التقليديــة»‬
‫وبــــين الشــركات الرائــدة التــي تنتــج للمســتقبل‪،‬‬
‫وهــو الحاســم والــــذي يضــع حــداً لمحاولــة منافســة‬
‫الشــركات ال ُقطريــة «المحليــة» للشــركات العابــرة‬
‫للقــارات‪.‬‬

‫إن لعبــة الكبــار تقــوم علــى فلســفة‬


‫تســويقية مدروســة مــن أهــــم أفكارهــا‪:‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫صناعة مفاهيم جديدة‪..‬‬


‫يعتمــد الكبــار علــى صنــع وتكريــس مفاهيــم ومعـــايير جديــــدة للمنتــج أو‬
‫القطــاع الــذي يريــدون تســويقه ‪-‬الســيارات مثــا ًال‪.‬‬

‫فالمفهــوم التقليــدي لهــا بأنهــا وســيلة نقــل‪ ،‬أمــا الكبــار يغيــرون مفهــوم‬
‫الســيارة إلــى وســيلة للمتعــة والراحــة أو مكــــان لمزاولــة العمــــل كمكتــب‬
‫متنقــل بمــا يتيــح إمكانيــة االتصــال بالعالــم عــن طريــق ربطهــا باألقمــار‬
‫الصناعيــة كمــا فعلــت ســيارات «كاديــاك» علــى ســبيل المثــال‪.‬‬

‫املستهلك غري رشيد!!‬


‫تبــدو لعبــة الكبــار جليــة فــي نظرتهــم للمســتهلك علــى انــه «غيــر رشــيد»‪،‬‬ ‫‪11‬‬
‫لــذا فإنهــم يصنعــون حاجــات تتناســب مــع نظــــرتهم لــــه‪ ،‬وهــذا مــا‬
‫اســتفادت منــه شــركة «سامســونج» عندمــا دخلــت ســــوق التلفون الســيار؟‬
‫فهــي تنتــج كل يــوم أجهــزة حديثــة ومطـــورة بإضافــات ومميــزات جديــدة‬
‫يدفــع قيمتهــا المســتهلك‪-‬الذي تعــرف ســلوكه ‪ -‬والــذي هــو دائــم التغييــر‬
‫والبحــث عــن الجديــد تــاركاً مــــا فــي يــده‪ ،‬فهــذه النظــرة للمســتهلك هــي‬
‫التــي جعلــت «نوكيــا» فــي وقــت مــن االوقــات األولــى فــي العالــم فــي ســوق‬
‫التلفــون الســيار ‪.‬‬

‫تطور حاجات املستهلك‬


‫تكمــن لعبــة الكبــار فــي معرفتهــم آليــة تطــور حاجــات اإلنســان‪ ،‬بعــد‬
‫دراســتهم «ســلم الحاجــات» المنســوبة للعالــم «ماســــلو»‪ ،‬فيتعاملــون مــع‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫كل مرحلة من ســلم الحاجات علـــى حـــده ‪،‬فســيولوجياً ‪،‬اجتماعياً ونفســياً‪...‬‬


‫الــخ فالكبــار يتميــزون بإيجــــاد هــذه الحاجــات والعمــل علــى تطويرهــا‬
‫وإشــباعها‪.‬‬

‫الرتكيز على الالوعي‬


‫يلعــب الكبــار بـــ «الالوعــي»‬
‫مــن دمــاغ المســتهلك ‪،‬لــذا‬
‫فــــإن نظرتهــم للمنتــج تختلــف‬
‫عــن نظــرة غيرهــم‪ ،‬فمثــ ً‬
‫ا عنــد‬
‫تــــسويقهم للســيارة‪ ،‬يلعبــون‬
‫بالمنافــع غيــر المحسوســة‪،‬‬
‫أي أنهــم يــــسوقون مــــا يمكــن‬
‫أن تقدمــه للمســتهدف‪ :‬مكانــة‬ ‫‪12‬‬
‫نظرة الكبار للمنتج تختلف عن نظرة غيرهم‬
‫اجتماعيــة ‪،‬شــعور بالقــوة‪ ،‬التميــز‬
‫‪،‬الخصوصيــة‪ ...‬ألنهــم يعرفــون «لمــاذا نريــد المنتــج األقــوى ‪ ..‬وعنــد‬
‫الشــراء نختــار األجمــل؟»‬
‫نترك ما نحتاجه ‪ ..‬ونشتري ما نرغب به‪.‬‬

‫الحاجة املشبعة ال تشكل دافعاً‬


‫لعبــة الكبــار‪ . .‬تبــرز فــي معرفتهــم بــأن الحاجــة المشــبعة ال تشــكل دافعـاً‬
‫للشــراء‪ ،‬لذلــك فهــم يــدر كــون جيــداً أين ملعبهــم ‪،‬ممــا يجعلهــم يتعاملون‬
‫مــع األفــكار والمعلومــات كـــ «ثــروة» ينفقــــون علــــى جمعهــا وتحليلهــا‬
‫الكثيــر مــن المــال وتعــد فــي حســاباتهم مــن أصــــول الشــركة الثابتــة‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫التحرر من قيود البريوقراطية‬


‫لعبــة الكبــار‪ . .‬فــي حيويتهــا وشــــبابها وتحررهــا مــــن قيــــود البيروقراطية‬
‫جعلهــا أكثــر إبداع ـاً ‪،‬وهنــا ســر قوتهــا‪ ...‬لهــذا تراهــن علــى قدرتهــا فــي‬
‫التغيــر الراديكالــي «جذريــة» ‪،‬وهــذه هــي لعبتهــا فــي هــذا العصــر‪.‬‬

‫اكتشاف الفرص‬
‫لعبــة الكبــار‪ ..‬فــي اكتشــاف الفــرض‪ ،‬ألنهــم يدرســون متغيــرات المســتقبل‬
‫فيســتفيدون منهــا ‪،‬فهــم يـــسبقون غيرهــم فــي تقديــم خدمــات ومنتجــات‬
‫جديــدة يقبــل عليهــا المســتهلك رغــم أنـــه ال يعــرف حاجتــه لهــا قبــل‬
‫وجودهــا‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫ملاذا تصنع الحاجات؟؟‬


‫عندمــا إهتــم الخبــراء فــي دراســــة التغييــرات والتحــوالت و العــادات‬
‫والمفاهيــم واآلراء‪ ،‬أســهموا فــي الدفــع باتجــاه هــذا التحــول بوســائلهم‬
‫فكثيــر مــن الســلوكيات التــي كانــت مرفوضــة في بعــض المجتمعــات صارت‬
‫مــع الوقــت مقبولــة! ! لهــذا يســتثمر الخبــراء هــذه التحــوالت فيعملــون على‬
‫إشــباع الرغبــات المتولــدة الجديــدة مــــع تأطيرهــا وبلورتهــا ‪ ،‬حتــى يتــم‬
‫التطبيــع مـــع هــــذه المنتجــات أو الخدمــات‪.‬‬

‫وكثيــراً مــن التحــوالت التــي كانــت نتيجــة لســهولة االتصــاالت اإلنســانية‬


‫التــي أوصلتنــا إلــى مرحلــة مــا يســمى بـــ «العولمــة» فقــــد أصبــح العالــم‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬
‫ليــس قريــة صغيــرة أو بيــت صغيــر‪ ،‬وإنمــا غرفــة صغيــرة ! ! وذلــك نتاج ـاً‬
‫لتطــور تكنولوجيــا االتصــاالت بأشــكالها‪ :‬االنترنــت‪ ،‬الفضائيــات ‪،‬التلفــون‬
‫الســيار ‪،‬االندمــاج الســكاني نتيجــة للهجــرات الداخليــة ‪،‬قوانيــن منظمــات‬
‫التجــارة‪...‬‬

‫نجمــت عــن هــذه الثــورة اإلتصاليــة إرهاصــات لعــادات وتقاليــــد جديــدة‪،‬‬


‫لــم تلبــث أن صــارت بعــد اندمــاج ثقافــي واجتماعــي مــــن أساســيات كل‬
‫أســرة‪.‬‬
‫وكل مــا يقــوم بــه الخبــراء هــو التقــاط إشــارات ‪،‬ثــم تحويلهــا إلــى حاجــات‬
‫وينتــج عنــه تغيير فــي الســلوك االســتهالكي والترفيهـــــي واألذواق ‪،‬فتصنع‬
‫الشــركات مــا تعتقــد أنــه يلبــي هــذه الرغبــات‪‎‬‏المتولــدة وتفرضــه علــى‬
‫الواقــع باالتهــا اإلعالميــة‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫وهنــاك مؤسســات ضخمــة تعمــل‬
‫علــى تكويــن ثقافــة عالمية مشــتركة‬
‫للــذوق والجمــال ‪،‬بحيــث تعمــل علـــى‬
‫تطبيــــق معاييــر الجمــال والــذوق‬
‫حتــى يتســنى لهــا تســويق منتجاتهــا‬
‫للعالــم ‪،‬لتلبيــة الحاجــات المتجــددة‬
‫هنــاك مؤسســات ضخمــة تعمــل علــى تكويــن ثقافــة‬
‫عالميــة مشــتركة للــذوق والجمــال‪..‬‬
‫الناتجــة للمتغيــرات ســالفة الذكــر‬
‫لهــذا تصنــع الحاجــات‪.‬‬
‫وتبــدأ هــذه الصناعــة عندمــا يتضخــم هــذا الســوق ويشــبع وتكثر الشــركات‬
‫المتنافســة ‪،‬وهنــا يبــدأ دور اإلبــداع التســويقي أي تبــدأ لعبــة الكبار‪..‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫«شامبو» املحجبات!!‬
‫تجــاوزت إحــدى شــركات الشــامبو الشــركات التقليديــة األخــرى ‪،‬لكثــرة‬
‫المنتجــات التقليديــة المتنافســة‪ ،‬ونتيجــــة لتناقــص الحصــص الســوقية‬
‫‪،‬فبــدأت البحــث عــن حاجــة‬
‫غيــر مشــبعة ‪،‬أي المنتــج الــذي‬
‫يحتاجــه المســتهلك وال يدركــــه‬
‫فكونــت شــامبو يســتهدف فئــة‬
‫مــن النســاء يظــــل شــــعرهن‬
‫مغطــى لســاعات‪.‬‬

‫الحاجــة‪ :‬شــعر قــوي غيــر‬


‫مكســر ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫السبب‪ :‬تغطيته لفترة طويلة‪.‬‬
‫الهدف‪ :‬رغبة للشراء عن طريق المنقذ (شامبو‪...‬؟)‬
‫الفكــرة التســويقية بــث ونشــر مخــاوف فــي عقــول النســاء الالتــي يغطيــن‬
‫شــعرهن لفتــرة طويلــة بــأن هــذا يســبب تقصــف وتكســر للشــعر فتتحــول‬
‫إلــى دافــع للشــراء‪:‬‬
‫ال تستحمي إال بشامبو؟؟ ‪...‬‬
‫ألنه يحمي شعرك من التقصف‪.‬‬
‫وبعد صناعة القلق وإيجاد رغبة شرائية ينزل المنتج‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫كيف يفكر الكبار‬


‫كيف نشأت قناة «سي إن إن»؟؟‬

‫عزيــزي القــارئ‪ ..‬قــدٍّر واحتــرم التعــدد والتنــوع فــي العــادات والرغبــات‬


‫واألذواق ‪،‬فكلمــا تعــددت نظرتنــا تطــــورت وزادت قدرتنــا فــي بنــاء قابليــة‬
‫واســتجابة لمــا ننتجــه‪ ،‬والبــد مــن االســتفادة مــن المعلومــات واألحــداث‬
‫المختلفــة المنفــردة والــــسلوكيات‪‎‬‏ واالتجاهــات الغريبة ونظرة المســتهلك‬
‫إلــى العالــم‪ ،‬وكل مــا لــه صلــة للوصــول إلــى الرغبــات‪.‬‬

‫فمــا الــذي جعــل اليابــان تصنــع خارطــة العالم بشــكل مختلــف عــن المتعارف‬
‫عليــه؟ حيــث صممتهــا بمــا يجعــل اليابــان فــي مركــز العالــم أي فــي األعلــى‬
‫وكل مــا دونهــا فــي األســفل‪ ..‬فقــط ألنهــا بحاجــة لتقديــر الــذات كحافــز‬ ‫‪16‬‬
‫لصنــع حضــارة تقودهــا هــي‪.‬‬
‫وعلــى ضـــــوء هــذه الحاجــة تتحــرك لتحقيــق أهدافهــا الواضحــة‪ ،‬فينبغــي‬
‫التوقــــف عن «التفكيــر المعلــب» واالنتقال‬
‫إلــى مســتوى مختلــف‪.‬‬

‫وهــذا كان ســر نجــاح «تيــد تيرنــر» عندمــا‬


‫أطلــق قنــاة «ســــي إن إن» اإلخبارية طوال‬
‫‪ 24‬ســاعة؟؟‬
‫فلــم يتوقــع أحــد لهــذه الفكـــــرة النجــاح‬
‫ألن طبيعــة النــاس ال تميــل إلــى متابعــــة‬
‫أخبـــار العنــــف والسياســة بشــكل مستمر‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫هــذا المنطــق التقليــدي غيــر المــدروس عــــائق أمـــام أي فكــرة مبدعــة‪ ،‬لــم‬
‫يــرد ســماعها مؤســس القنــاة التــي شــكلت تحــول فــي المجــال اإلعالمــي‪،‬‬
‫حيــث أصبحــت مــن كبريــات المؤسســات اإلعالميــة فــي العالـم‏ وبعيــداً عــن‬
‫هــــذا المجــال‪‎..‬‏ولكنــه مبــدع!‬
‫فــإذا كانــت لديــك فكــرة مبدعة وجريئــة؟ ال تستشــر كثيراً ألن الكل سيشــير‬
‫عليــك بتــرك الفكــرة‪ ،‬ليــس لســبب منطقي بــل الن الفكــرة جديدة!!‬

‫كيف تعرف حاجات املستهلك؟؟‬


‫تعريــف الحاجــة‪ :‬إنهــا األساســيات التــي يشــترك فيهـــا النــــاس جميعــاً‬
‫وتتفــاوت من شــخص آلخر مـــن حيـــث تشــبعهم أو معرفتهم لتلــك الحاجة‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫وســلم الحاجــات كمــا وضعهــا «ماســــلو» التــي تتطــور مــن أدنــى الهــرم‬
‫وتبدأ من‪:‬‬
‫‪-1‬الحاجــات الفســيولوجية‪ :‬مــن غــذاء‬
‫و ملبــس ‪. . .‬‬
‫‪ -2‬الحاجــات االجتماعيــة‪ :‬االســتقرار فــي‬
‫بيئــــة اجتماعيــــة آمنــة‪...‬‬
‫‪ -3‬الحاجــات النفســية‪ :‬المتمثلــة فــي تقديــر‬
‫الــذات والحاجــة إلــى الرضــا عــن الــذات ‪.‬‬
‫سلم الحاجات كما وضعها «ماســلو»‬
‫وهكــذا تتطــور الحاجــات اإلنســانية بالتــدرج‪,‬‬
‫فمــن الصعــب أن تجــد شــخص لــم يشــبع حاجتــه الفســيولوجية‪ ،‬ويبحــث‬
‫عـــــن حاجات نفســية‪ ،‬وقد اســتوعبت الشركات المحترفــــة هــــذه الحاجات‪،‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وبــدأت فلســفتها التســويقية منهــا‪.‬‬

‫تنشــأ الرغبــات وتظهــر عندمــا نعرفهــا وال نملكهــا أو نشــعر بوجودهــا وال‬
‫نســتطيع امتالكهــا‪ ،‬وتتطــور إلــى دافــع إلشــباعها‪.‬‬
‫‪‎‬فيكــون دور الشــركات البحــث عــن هــذه الحاجــة‪ ،‬كفـــرص إلشــباعها بعــد‬
‫تحويلهــا لرغبــات‪.‬‬

‫فالحاجات المشبعة‪« ..‬ال تشكل دافعاً ورغبة للشراء»‏‬


‫‪‎‬‏‬
‫‪‎‬‬
‫قصة قصرية‬
‫«السريع‪ . .‬يلتهم البطيء»‬
‫يحكــى أن شــركة لصنــع اإلطــارات وأوراق الطباعــة والمنتجــات الكيميائيــة‬ ‫‪18‬‬
‫كانــت تــدار بعقليــة معاصــرة وتبحــث باســتمرار عــــن فــرص اســتثمارية‪،‬‬
‫وكانــت لهــا قراءتهــا الخاصــة للمســتقبل والتطــورات الحضاريــة‪ ،‬الســيما‬
‫فــي تقنيــة االتصــال الــذي لــه أثــره فــي تغييــر العــادات وأنمــاط الحيــاة‪.‬‬
‫أتكلم عن تجربة نوكيا ‪ ..‬قبل سقوطها‪ ,‬التي كانت سباقة في تقنية ‪GSM‬‬

‫كرســت الشــركة جهودهــا علــى نظــرة المســتهلك للقــادم الجديــد «خدمــة‬


‫االتصــال الالســلكي» ومــدى حاجاتــه للمنتــج وكـــان لمديريهــا نزعــة نحــو‬
‫المعرفــة ومتابعــــة التغيــرات فــي نمــط حيــاة المجتمعــات‪ ،‬ومــن خــال‬
‫دراســاتهم‪ ،‬وجــدوا فرصــة اســتثمارية فــي هــذا القطــاع رغــم أنهــا لــم‬
‫تكــن فــي مجــال نشــاطهم‪.‬‬
‫سر نجاح الشركة‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫عنــد أول مؤشــر علــى حاجــة الجمهــور للمنتــج أخــذت قـــراراً ســريعاً ودخلــت‬
‫ا فــي وقـــت قياســي‪ ،‬ويكمــن ســر‬ ‫هــذا المجــال وحققــت نجاحــاً مذهــ ً‬
‫نجاحهــم فــي توصلهــم إلــى معلومــــات تســويقية تؤكــد أن المســتهلك ال‬
‫يشــترى خدمــة االتصــال‪ ،‬بــل يشــترى نظــرة المجتمــع لمــن يملــك جهــازاً‬
‫فاخــراً‪ ،‬أي‪ :‬يشــتري تقديــر األخــر!!‪.‬‬

‫وهــذه كانــت فلســفة وجــــود هــــذه الشــركة‪ ،‬و إســتراتيجيتها التســويقية‪،‬‬


‫إنهــا «شــركة نوكيــا» التــي نجحــت بفلســفة تســويقية مبنيــة علــى المنافــع‬
‫غيــر المحسوســة للجهــاز ألنهــا عرفــت ماذا‬
‫تبيــع‪ ،‬ولكنهــا الحقـاً ســلمت الرايــة لـــ (أبل)‬
‫و( سامســونج)‪ ,‬عندمــا لم تواكــب التطورات‬
‫بنظام االندرويد‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫أي تبيــع مــا يحتاجــه المســتهلك مــن تقدير‬
‫المجتمــع ونظــرة المجتمــع المتميــزة‬
‫شــركة نوكيــا مــن صنــع اإلطــارات وأوراق الطباعــة إلــى‬
‫لصاحــب جهــاز أنيــق وجديــد أي تبيــع‬
‫خدمــة االتصال الالســلكي‬
‫أهـــــواء و أمــال وأحــام‪!!..‬‬

‫وهــذه الفلســفة التســويقية تفســر اإلنتــاج المتســارع لموديــات نوكيــا‪،‬‬


‫بقيمــة مضافــة فــكل إنتــاج يظهــر و معــه خدمــــة جديــــدة مثــل‪ :‬كاميــرا‪. .‬‬
‫تطبيقات ‪ . .‬وســائط‪ . .‬وبلوتوث‪ . .‬و إمكانية اســتقبال البريد اإللكتروني‪....‬‬

‫وهــذا ســر «نوكيــا» المتميــز‪ ،‬هــذه الشــركة القادمــــة مــن قطــاع آخــر‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫مختلــف‪ ،‬فــي الوقــت الــذي تأخــرت فيـــه «موتــــوروال» الســباقة فــي هــذا‬
‫المجــال بســنوات كثيــرة‪ ،‬إضافــة إلــى توصلهــم إلــى إمكانيــة التأثيــر علــى‬
‫حاجــات المســتهلك وإمكانيــة تطويــر رغباتــه‪.‬‬
‫السريع يلتهم البطيء هل تعرف ماذا تبيع؟!»‬
‫هذا مـا تقوله لنا «نوكيا»‪.‬‬
‫وقــد أدركــت «موتوروال»‪-‬متأخــرة‪ -‬بالتعــاون مــع «مســتر كارد» علــى‬
‫تطويــر الجهــاز ليقــوم بوظيفــة بطاقــــة االئتمــان‪ ،‬إلجــراء التعامــات‬
‫البنكيــة والتســوق‪ ،‬وذلــك بعــرض الهاتــف أمــام جهــاز ال ســلكي معــرّف‬
‫علــى الســيار لتتــم المعاملــة‪.‬‬

‫اكتشف ملاذا يشرتون منتجك؟؟‬


‫لماذا يشتري الجمهور التلفون السيار؟‬ ‫‪20‬‬
‫للــرد علــى هــذا الســؤال نفــذت شــركة «جالــوب» فــي عــام ‪ ،1995‬دراســة‬
‫للحاجــات لخدمــة الســيار فــي أمريــكا‪.‬‬
‫فظهــرت نتائــج نســفت توقعــات الشــركات التــي ال تحتـــرم المعلومــات‬
‫التســويقية‪ ،‬بــل تتخــذ قرارهــا علــى ضــوء افتراضــات‪ ،‬وال تتابــع التحــوالت‬
‫فــي ثقافــة المجتمــع فدفعــت ضريبــة كبيــرة ‪.‬‬

‫‪‎‬حيــث أشــارت النتائــج أن ‪ %60‬يقتنــــون هــــذا الجهــاز للتفاخــر ولتوصيــل‬


‫رســالة عــن ذوقهــم ومكانتهــم‪ ،‬مــن هنــا بـــدأت لعبــة التســويق فــي هــذا‬
‫القطــاع‪.‬‬

‫حيث كان عدد المستخدمين في أمريكا سنة ‪ 5.7 ،1992‬مليون فقط‪.‬‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫أهم أسباب تأخر انتشار التلفون السيار في األسواق العالمية‪:‬‬


‫‪ - 1‬كبر حجم األجهزة في المرحلة األولى‪.‬‬
‫‪ -2‬ارتفاع تكاليف فاتورة الخدمة‪.‬‬
‫‪ -3‬األهــم‪ ،‬اعتقــاد وافتــراض العامليــن فــي هــذا المجــال‪ ،‬أن المســتهلك‬
‫قــد ال يحتــاج كثيــراً لهــذه الخدمــة‪ ،‬ألنــه يســتخدم الثابــت لحاجتــه‪ ،‬وأن‬
‫رجــال األعمــال فقــط وحدهــم هــم ســــوق لهــذا الجهــاز «افتــراض»‪.‬‬

‫وبــداء دور خبــراء التســويق‪ ،‬الذيــن يتســابقون ليــس إلنتــاج الجهــاز‬


‫بــل لمعرفــة مــا يحتاجــه المســتهلكون ويـــبذلون جهــوداً فــي صناعــة‬
‫حاجــات متجــددة عــن طريــق ابتــكار تطبيقــات ووظائــف جديــدة‬
‫يمكــن دمجهــا فــي الســيار حتــى يصبــح جهــاز متعــدد الخدمــات ‏ أي‬ ‫‪21‬‬
‫تبــذل جهــوداً تســويقية إلخــراج مفهــــوم جديـــد لهــــذه الصناعــة مــن‬
‫االتصــال إلــى متعــدد الوســائط‪ ،‬وذلــك بإضافــة خدمــة نقــل وتبــادل‬
‫الوســائط‪ ،‬البريــد االلكترونــي‪،‬‏ ألعــــاب الكترونيــــة‪ ،‬التســوق ‪...‬الــخ ‪.‬‬

‫نريد األقوى‪ ..‬ونشرتي األجمل!!‬


‫‪‎‬‏إن نجــاح الكبــار فــي لعبتهــم التــــسويقية‪ ،‬تكمــــن فــي فهمهــــم لرغباتنــا‬
‫النفســية واالجتماعيــة كمســتهلكين‪ ،‬وليــس نتيجــة للحاجــة المباشــرة‬
‫والمنفعــة المحسوســة والمنطقيــة فقــط‪.‬‬

‫ولمعرفتهــم بــان الــذي نحلــم بــه ونتمنــاه‪ ،‬ليــس مــا نشــتريه ‪ . .‬لذلــك‬
‫يضعــون إعالناتهــم بنــاء علــى هــذه النظــرة‪ ،‬فــإذا راقبنــا إعالنــات منتجــات‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫تكنولوجيــة‪ :‬ســيار‪ ،‬ســيارة‪ ،‬كهربائيــات‪ .. .‬نكتشــف أنهــا تركــز علــى الجمــال‬


‫والــذوق واألناقــة‪ ...‬إضــــافة إلــى حاجــــات المســتهلك‪ ،‬وليــس علــى قــوة‬
‫ومتانــة واقتصاديــة المنتــج الـــذي نريــده‪...‬‬

‫إن كل اإلعالنات تدغدغ االستهالك الخيالي والنفسي‪ ..‬لهذا ال‬


‫تألوا جهداً في دراسة ما يمكن أن يحتاجه المستهلك‪.‬‬

‫كيــف اســتفادت إحــدى الشــركات مــن اندمــاج املــرأة يف‬


‫ســوق العمــل؟؟‬
‫‪ -‬شــركة مــواد غذائيــة اكتشــفت حاجــة النـــاس إلــى خدمــــة التوصيــل‬
‫إلــى المنــازل نتيجــة التحــوالت فــي حيــاة األمريكييــن فــي عصــر الصناعــة‬
‫‪22‬‬
‫واندمــاج المــرأة فــي ســوق العمــل وخروجهــا مــــن البيــت‪ ،‬وهــذا االكتشــاف‬
‫جعلهــا أكبــر شــركة فــي هــذا القطــاع فقـــــط ألنهــا الســباقة والصانعــة‬
‫لحاجــات المســتهلك األمريكــي لهــذه الخدمــة‪ ،‬فأصبحــت مــن أكبــر‬
‫الشــركات العالميــة فــي توصـــيل األكل إلــى المنــازل‪.‬‬

‫وهنــا تكمــن أهميــة معرفــة الحاجــات ويمكــن توضيــح ذلــك أكثــر مــن‬
‫خــال هــذا التســاؤل‪:‬‬
‫هل تعرف ماذا تبيع؟‬
‫نتيجــة هــذا الســؤال اســتفزت أحــد كبــار صانعــي العطــور‪ ،‬علــى‪‎‬‏اعتبــار أنــه‬
‫خبيــر فــي عملــه الــذي ورثــه أبـاً عــن جــد‪ ،‬رغــم ان وضعــه الحالــي ال يســر‪،‬‬
‫ا لقــب تاجــر «قديــم!»‪ ..‬فقــط‬ ‫ويوشــك علــى الخــروج مــن الســوق حامــ ً‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ألنــه كان ال يعــرف مــاذا يبيــــع‪ ،‬حيـــث كان يصــر علــى جــودة العطــر‪ ،‬ويتكئ‬
‫عليهــا رغــم أن هنــاك أمــوراً تســويقية مهمــة لــم يســتوعبها فكانــت‬
‫القاضيــة علـــى مســتقبله التجــاري‪ ...‬والقصــة األولــى التــي ســنذكرها هنــا‬
‫نمــوذج لمــن يعــرف مــاذا يبيــع‪.‬‬

‫قصة «مذهلة» للفنان محمد عبده‪..‬‬


‫العاملــون المحترفــون فــي مجــال الجمــال والعطــور يدركــون جيــداً مــاذا‬
‫يبيعــون‪ ،‬قــال كبيرهــم «فــي‬
‫المصنــع نصنــع العطــــور وفــي‬
‫المعــرض نبيــع األحــام واألشــواق‬
‫ورغبــة البعــض للشــعور بالتميــز»‪،‬‬
‫لهــذا جعلــوا كل همهــم‬ ‫‪23‬‬
‫وجهدهــم منصــب علــى تصميــم‬
‫جــذاب للعلبــة ولغالفهــا واختيــار‬
‫الفنان محمد عبــده ساهم ليكون شريكاً‬ ‫اســم جميــل للعطــر‪ ..‬وليــس علــى‬
‫باسم أغنيته «مذهلة»‬
‫جــودة العطــر‪.‬‬

‫قبــل فتــرة حينمــا همــت إحــدى الشــركات فــي إنتــاج عطـــر‪ ،‬بــدأت أول مــا‬
‫بــدأت بــأن أنفقــت المالييــن فــي البحــث عــن اســم لــه معنــى خــاص لــدى‬
‫المســتهدفين‪ ،‬وبعــد جهــد توصلــوا لعقــد اتفاقيــــة شــراكة بيــن صاحــب‬
‫االســم وهــو «فنــان العــرب» محمــد عبــــده‪ ،‬الــذي ســاهم ليكــون شــريكاً‬
‫باســم أغنيتــه «مذهلــة» ليـــصير اســماً ‪‎‬تجاريــاً للعطــر فتحققــت نتائــج‬
‫«مذهلــة حقــا!!» فــي تســويق هـــذا العطــر و كســبت المالييــن‪..‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪‎‬‏ فقط« ألنها‪ ...‬تعرف ماذا تبيع!!‬

‫بطل العالم للكاراتيه‪..‬‬


‫يحكــى أن بطــل العالــم للكاراتيــه أســس مركــزاً للتدريــب علــى فنــون القتال‬
‫وبــدأ حملتــه التســويقية برســالة «كيــف تدافــع عــــن نفســك؟ كيــف تعيــش‬
‫«قويــاً وبأمان»؟‬

‫وبعــد فتــرة قصيــرة اشــترك‪‎‬معــه الكثيــرون‪ ،‬وظلــت رســالته اإلعالنيــة كمــا‬


‫هــي‪ ،‬ومــع مــرور الوقـــت‪‎‬تناقــص عــدد المشــتركين ألنهــم لــم يجــدوا كثيراً‬
‫مــن الشــيء الــــذي اشــتركوا مــن أجلــه أو «الشــيء‬
‫الذي اشتروه»‪‎.‬‏‬

‫‏‪‎‬‏فبــدأ يقلــق علــى مركــزه وبعــد فتــرة قــرر أن ينفــذ‬ ‫‪24‬‬


‫بحثــاً تســويقياً حــول‪ :‬لمــاذا ازداد إقبــال النــاس‬
‫علـــى المركــز فــي البدايــة‪ ،‬ثــم‪‎‬‏انســحبوا؟! فكانــت‬
‫نتيجــة البحــث أن أوليــاء أمــور المشــتركين يريــدون‬
‫مــن أبنائهــم التعلــم مــن هــذا المركــز قيــم الطاعــة‬
‫واالنقيــاد‪ ،‬وقضــاء وقــت فــي مــكان آمــن أخالقيــاً ‪..‬‬
‫هــذا مــا أرادو شــراءه‪ ،‬لكنــه كان يبيــع لهــم شــيئاً‬
‫أخــر‪ ،‬ويــروج لشــيء أخــر‪.‬‬

‫ا ذريعـاً‪ ،‬ولــم يشــفع لــه‬


‫ونتيجــة عــدم معرفتــه مــاذا يبيــع‪ ،‬فقــد فشــل فشـ ً‬
‫أنــه بطــل عالمــي!! فشــروط النجــاح اليــوم‪ :‬أن يكــون « مســوقاً عالميـاً»‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫شفرة الحالقة‪« ..‬جيليت»‬


‫صنعــت شــفرة جيليــت الثنائيــة‪ ،‬بعــد ســبعين عام ـاً مــن صناعــة الشــفرة‬
‫المفــردة‪ ،‬واآلن صنعــت ثالثيــة ورباعيــة خــال شــهور‪ ،‬فظهــور منتجــات‬
‫جديــدة يشــكل ثــورة بديلــة لمنتجــات تنقــرض‪.‬‬

‫هل تتذكرون الفيديو البيجر التلكس‪ ...‬الخ؟!‬

‫إن عصرنــا يتميــز بالنمــو المتســارع فــي الصناعــة والمعلومــات‪ ،‬ولهــذا‬


‫تنتهــي ســريعا دورة حيــاة المنتــج‪.‬‬

‫قصة أجمل وأغلى و‪ ..‬افشل إعالن!‬


‫إعالن كلف الماليين بطله «روبرتو كارلوس نجم البرازيل في كرة القدم؟‬ ‫‪25‬‬

‫فكرة اإلعالن «األول»‪:‬‬


‫(مشــهد لطفــل يشــرب «كــوكا كــوال» يطلــب منـــه روبرتــو كارلــوس قليـ ً‬
‫ا‬
‫مــن الكــوكا كــوال‪ ..‬فيشــرب روبرتــو‪ ،‬ولــم يســتطع مكافــأة هــذا الطفــل إال‬
‫بخلــع فانيلتــه وإعطائهــا لــه كأكبــر هديــــة مــن العــب عالمــي‪ )..‬انتهــى‪.‬‬

‫وصــف هــذا اإلعــان بأنــه جميــل ورائــع لكــن شــركة « كــوكا كــوال»‬
‫أوقفــت اإلعــان لعــدم تحقيقــه أي هــدف‪ ،‬بعــد قيــاس تأثيــره علــى زيــادة‬
‫المبيعــات!! واســتبدل بإعــان بســيط‪ ،‬لكنــــه أجــــدى واســتطاع تحقيــق‬
‫األهــداف التســويقية‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فكرة اإلعالن «الثاني»‪:‬‬


‫(مشــهد مجموعــة مــن النــاس يشــربون «كــوكا كــوال» بأوقــات مختلفــة فــي‬
‫أكثــر مــن لقطــة)‪:‬‬
‫‪ -‬على شاطئ في الصيف‪.‬‬
‫‪ -‬أثناء تناول أسرة الغداء في منزلها‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة شباب بعد مزاولتهم للرياضة) انتهى‪.‬‬

‫فحقق هذا اإلعالن الهدف منه لعدة أسباب ‪:‬‬


‫‪ -1‬ربــط بيــن الظمــأ و «كــوكا كــوال» ‪ ..‬أي كلمــــا شــــعر الشــخص بالظمــأ‬
‫ذكــر «كــوكا كــوال» (المثيــر‪ /‬االســتجابة)‪.‬‬
‫‪ -2‬نمــا ســلوك غذائــي بتواجــده أثنــاء تنــاول الطعــام وأهميــة كــوكا كــوال‬
‫فــي كل المناســبات‪.‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪ -3‬سجل رغبة عند المستهلك بان «كوكا كوال» تروي العطش‪.‬‬
‫هنــا تكمــن أهميــة ربــط المنتــج بالحاجــات وتنميــة ســلوك غذائــي لــدى‬
‫المســتهلك‪ ،‬فــا يكفــي جمــال اإلعــان للمشــاهد بــل يجــب أن يحقــق‬
‫األهــداف المتوقعــة منــه‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪27‬‬

‫ال يكفــي جمــال اإلعــان للمشــاهد بــل يجــب أن يحقــق األهــداف المتوقعــة منــه‪...‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫التفكري‪ ..‬داخل الصندوق!‬


‫ُطرحــت أســئلة تســويقية‪ ،‬لمجموعــة مديريــن فــي قطــاع العربــــات التــي‬
‫تجره ــا خي ــول‪.‬‬

‫س‪ /‬ما هو المنتج الخاص بقطاعكم الذي ‪ -‬سيحتاجه‬


‫عميلكم مستقب ً‬
‫ال؟‬

‫أج ــاب بعضه ــم‪« :‬يحت ــاج العمي ــل إل ــى عرب ــات جـيـ ــدة التصني ــع تجره ــا‬
‫خيـــول مدربـــة لتقديـــم خدمـــات أفضـــل»‪.‬‬

‫هـــذه اإلجابـــة تقـــدم دالالت ومؤشـــرات عـــن عقليـــة أصـــــحابها الذيـــن‬


‫‪28‬‬
‫يفكـــرون داخـــل اإلطـــار وال يســـتطيعون أن يخرجـــوا منـــه‪.‬‬

‫فكلمــا مــرت الســنين يعتقــد هــؤالء بــأن مجــال عملـــهم وتفكيرهــم فقــط‬
‫ح ــول إس ــطبل خيوله ــم‪ . .‬له ــذا‪ ،‬ال ي ــرون التطــ ــور إال ف ــي ح ــدود زي ــادة‬
‫مهــارة خيــــولهم وســرعتها! وال يفهمــــون المتغيــرات فالنتيجــة الحتميــة‪:‬‬
‫خروجه ــم م ــن الس ــوق قب ــل خيوله ــم‪.‬‬

‫التفكري‪ ..‬خارج الصندوق!‬


‫قل ــة م ــن المديري ــن أجاب ــوا‪« :‬أن العمي ــل يحت ــاج وس ــيلة مواص ــات أكث ــر‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫تط ــوراً» ه ــؤالء يتمي ــزون ع ــن س ــابقيهم بثالث ــة أش ــياء‪:‬‬
‫‪ -1‬يعرفون أنهم يبيعون «وسيلة مواصالت» وليس خيول‪.‬‬
‫‪ -2‬يراقب ــون الحاج ــات المتج ــددة( ويعمل ــون عل ــى االس ــتفادة م ــن تط ــور‬
‫التكنولوجي ــا لتلبي ــة رغب ــات زبائنه ــم‪.‬‬
‫‪ -3‬إنه ــم يلعب ــون م ــع الكب ــار‪ ..‬فش ــركتهم حتمــاً تطــ ــورت إل ــى صناع ــة‬
‫الس ــيارات‪.‬‬

‫مستقبل ما تبيعه يتوقف على معرفتك‪« ..‬من يحتاجه!»‬

‫فخ تسويقي!!‬
‫تقـــع كثيـــر مـــن الشـــركات التـــي ال تديرهـــا عقـــول تســـويقية‪ ،‬فـــي فـــخ‬
‫‪29‬‬
‫التعام ــل م ــع المس ــتهلك عل ــى أن ــه رش ــيد‪ ،‬وأن ــه يش ــترى المنت ــج عل ــى‬
‫أس ــاس م ــن العق ــل والمنط ــق والوع ــي بص ــورة كليـــ ــة‪ ,‬ويهـــ ــتم كثي ــراً‬
‫ب ــأن يك ــون س ــعر المنت ــج يتناس ــب م ــع جودت ــه ل ــذا تبــ ــالغ ف ــي صن ــع‬
‫جــودة عاليــة تكلفهــا الكثيــر وتنســى أن ســــبب تجــاوز شــركات الســيارات‬
‫الياباني ــة للش ــركات األمريكي ــة ‪-‬رغ ــم تفــ ــوق وج ــودة س ــيارات الش ــركات‬
‫األمريكي ــة‪ -‬ه ــو تقديمه ــا منتجــ ــات بج ــودة «كافي ــة» وليس ــت عالي ــة»!!‬
‫فه ــذا أت ــاح له ــا تقدي ــم منت ــج جي ــد‪ ،‬بس ــعر مناســ ــب‪ ،‬عكــ ــس الش ــركات‬
‫األمريكيـــة التـــي تســـعى لتقـــدم منتـــج بجـــودة احتمـــــال الخطـــأ فيهـــا‬
‫صغيـــرة!! وهـــذا يكلفهـــا الكثيـــر وكان ســـبب تخلفهـــا!!‬
‫ولـــم تقـــع الشـــركات الكوريـــة واليابانيـــة فـــي هـــذا الفـــخ التســـويقي‪،‬‬
‫ألنهـــا تعـــرف أن أهـــم األســـباب التـــي يشـــتري مـــن أجلهـــا المســـتهلك‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫المنتـــج‪ ،‬يلعـــب الجانـــب النفســـي للمســـتهلك دور حاســـماً فـــي اتـخــــاذ‬


‫ق ــرار الش ــراء‪ ،‬مث ــل نظ ــرة المس ــتهلك لنفس ــه‪ ،‬والرس ــالة الت ــي يمك ــن أن‬
‫يوصله ــا المنت ــج ت ــدل عل ــى مكان ــة صاحبه ــا‪ ،‬أي يتجاهل ــون الجان ــب غي ــر‬
‫المحسوســـة مـــن فوائـــد المنتـــج‪.‬‬

‫وه ــذا س ــر ش ــراء س ــاعة «رولك ــس» أو «س ــيكو» بعش ــرة أضع ــاف قيم ــة‬
‫س ــاعة أخ ــرى يمك ــن أن ت ــؤدي نفــ ــس خدم ــة التعري ــف بالوق ــت‪.‬‬
‫وهنا تبرز‪ ..‬لعبة الكبار!‬

‫اللعب يف املكان الخطأ!!‬


‫‪30‬‬
‫اعتقــدت بعــض الشــركات أنهــا يمكــن أن تعــــرف حاجــــة الجمهــور دون‬
‫دراســة ومتابعــــة (وذلــــك كمراقبــــة الشــركات المنافســة‪ )..‬فوقعــت فــي‬
‫الف ــخ!‬

‫قصة «كومباك»‬
‫تابع ــت ش ــركة «كومب ــاك» للكمبيوت ــر‪ ،‬تحركـــ ــات وق ــرارات «أي‪.‬ب ــي‪.‬إم»‬
‫التسويقية‪،‬الســـيما فـــي األســـعار وكانـــت «أي‪.‬بـــي‪.‬إم» تنتـــج أجهـــزة‬
‫كمبيوتــر ذات جــودة متميــزة تراهــن عليهــا‪ ،‬فما كان منــــها إال متابعتــــها‪،‬‬
‫دون أي اهتمـــــام بالتغيـــرات والتطـــورات التكنولوجيـــة‪ ،‬ودون إعطـــاء أي‬
‫اهتمـــام بالمســـتهلك وال بالشـــركات الجديـــدة كالعبيـــن جـــدد‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فكانـــت األســـواق تســـتقبل عـــدة شـــركات جديـــدة معروفـــة‪ ،‬ولكنهـــا‬


‫تمكنـــت مـــن إنتـــاج أجهـــزة جيـــدة‪ ،‬وبأســـعار معقولــــة‪ ،‬حســـب توقعـــات‬
‫المســـتهلك فكانـــت النتيجـــة ضربـــة قاضيـــة لــــ «كومبـــاك»‪.‬‬

‫الفائدة التسويقية‪:‬‬

‫المشــهد التســويقي الــذي يفتــرض أن تتابعـــه وتدرســــه‪ ،‬هــــو التطــورات‬


‫فــي التكنولوجيــا ودخــول الشــركات الصغيــرة المبدعــة‪ ،‬ولكــن «كومبــاك»‬
‫لعبــت المبــاراة لعــب خطــأ والنتيجــــة‪ ..‬الفشــل!!‬

‫‪31‬‬
‫هل يعرف املستهلك حاجاته؟؟‬
‫الالعبـــون الكبـــار فـــي مجـــال التســـويق‬
‫يدركـــون بـــأن المســـتهلك ال يســـتطيع‬
‫أن يجيـــب إذا ســـئل عـــن المنتـــج الـــذي‬
‫يحتاجـــه‪ ،‬إذا لـــم يكـــن يعرفـــه مـــن‬
‫قب ــل‪ ،‬أو ل ــم يك ــن موج ــوداً‪ .‬لذل ــك ه ــم‬
‫يقومــون بهــــذا الــدور‪ ،‬ألنهــم‪ . .‬يعرفــون‬
‫مـــاذا نريـــد‪.‬‬
‫والشـــاهد علـــى ذلـــك لـــم يكـــن‬
‫المس ــتهلك ي ــدرك أهمي ــة أن يك ــون التلفزي ــون مل ــون عندم ــا كان ــت كل‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫أجهــزة التلفزيــــون عاديــــة‪ ،‬ولكــن عندمــا تعــرف علــى التلفزيــون الملــون‬


‫عن ــد الجي ــران‪ ،‬شــ ــعر بالف ــرق واألهمي ــة الكبي ــرة لألل ــوان‪ ،‬وكذل ــك كن ــا‬
‫نش ــاهد التلفزي ــون مس ــتمتعين بم ــا يقدم ــه دون عن ــاء أو ش ــعور لحاجتن ــا‬
‫للريـمـ ــوت كنت ــرول ‪-‬لع ــدم وج ــود ه ــذه التقني ــة ‪ -‬ولك ــن عندم ــا وجـ ــدت‬
‫تلفزيونـــات بالريمـــوت أصبـــح مـــن المســـتحيل االســـتغناء عنـــه‪ .‬هكـــذا‬
‫تصنـــع الحاجـــات‪.‬‬
‫وإذا احتجن ــا إل ــى مث ــال آخ ــر‪« :‬ه ــل كن ــت تش ــعر بحاجت ــك جه ــاز تلفزي ــون‬
‫يمكن ــك م ــن ع ــدم مش ــاهدة اإلعالن ــات الممل ــة قب ــل ظه ــور المنت ــج؟؟‬
‫الجواب‪ :‬بالطبع ال‪ ..‬ال‪!!..‬‬

‫منتجات‪ . .‬صنعت حاجات‬


‫‪32‬‬
‫ه ــذه منتج ــات ل ــم يك ــن ي ــدرك المس ــتهدف بأن ــه يحت ــاج إليه ــا ألن ــه ال‬
‫يعرفه ــا‪.‬‬

‫مشروب الطاقة‪:‬‬

‫ه ــذا المنت ــج اس ــتثمر الجه ــد والحرك ــة اللذي ــن يتطلبهم ــا نم ــط الحي ــاة‬
‫المعاصــرة‪ ،‬ونتيجــة للتحــرك القلــق ليــل نهــار‪ ،‬مــــن أجــــل تــــوفير حاجــات‬
‫العصـــر االســـتهالكية‪ ،‬ولـــدت الشـــركة المنتجـــة‪ ،‬فـــي أول نـــزول لهـــذا‬
‫المنت ــج‪ ،‬إمكاني ــة المس ــتهلك الحص ــول عل ــى طاق ــة متج ــددة‪‎‬م ــن انج ــاز‬
‫أكث ــر وأكب ــر‪ ..‬ونتيج ــة لتول ــد ه ــذه الحاج ــة‪ ،‬نجح ــت الش ــركة ف ــي ببي ــع‬
‫ه ــذا المنت ــج «الس ــاحر» ‪ -‬كم ــا ت ــروج ل ــه! ‪ -‬الــ ــذي ول ــد قناع ــة نفس ــية‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫لل ــذي يتناول ــه فينعك ــس عل ــى نش ــاطه‪.‬‬

‫غسالة صامتة!!‬
‫هن ــا ش ــركة مرموق ــة ف ــي تكنولوجي ــا المن ــازل جعل ــت صــ ــناعتها للحاج ــات‬
‫مفت ــاح تفوقه ــا وتميزه ــا ع ــن اآلخري ــن فأنتج ــت غس ــالة منزلي ــة تعم ــل‬
‫دون أدنـــى ضجيـــج‪ ،‬وقـــد كان إعالنهـــا لهـــذا المنتـــج رائعـــاً واســـتطاع‬
‫توليـــد رغبـــة شـــرائية للمنتـــج‪.‬‬

‫مشـــهد إعالنـــي ‪( :‬طفـــل تتســـخ مالبســـه فيخـــاف مـــن غضـــب والدتـــه‬


‫فيدخ ــل البي ــت خلس ــة ويض ــع مالبس ــه ف ــي الغس ــالة مــ ــع الصاب ــون‪ ,‬ث ــم‬
‫‪33‬‬
‫يش ــغل الغس ــالة‪ ..‬ول ــم تس ــمعها أم ــه‪ ،‬رغــ ــم قربه ــا منه ــا‪ ...‬ث ــم ين ــام‬
‫بعمـــق!!)‬

‫األجم ــل ف ــي اإلع ــان منظ ــر الطف ــل وه ــو نــ ــائم بعمــ ــق أمــ ــام الغس ــالة‬
‫«الصامتـــة»!!‬
‫ه ــذا المش ــهد يق ــدم إيح ــا ًء ويوص ــل رس ــالة ناجح ــة ج ــداً‪ ،‬ي ــدل ك ــم كان‬
‫الطف ــل ناج ــح ف ــي تصرف ــه‪ ،‬نتيج ــة ه ــدوء الغس ــالة‪.‬‬

‫حفاظات أطفال ‪ ...‬فريدة من نوعها!‬


‫وبنف ــس الفلس ــفة التس ــويقية تتح ــرك ش ــركة كب ــرى ف ــي مجـــ ــال ه ــذه‬
‫الصناع ــة لتتج ــاوز المنافس ــين م ــن خ ــال صناع ــة حاج ــة ماس ــة للمنت ــج‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ألن ــه يخف ــف ع ــن آالم ومش ــقة المتابع ــة لرطوب ــة وبل ــل حفاظ ــة طفله ــا‪.‬‬
‫وفك ــرة ه ــذه الصناع ــة ه ــي ‪ :‬تغي ــر ل ــون ش ــريط خارج ــي ف ــي الحفاظ ــة‬
‫ف ــي حال ــة تبلل ــه‪ ،‬لهــ ــذا ال يحت ــاج إل ــى الفت ــح المس ــتمر للحفاظ ــة‪.‬‬

‫كاوية بالبخار‬
‫هــذا منتــج جديــد وبســيط‪ ،‬يقــوم علــى صناعــة رغبــات نحــوه‪ ،‬وهــو كاويــة‬
‫عل ــى بخ ــار أي ال يعتم ــد عل ــى ح ــرارة س ــطحه مثــ ــل الكاوي ــة التقليدي ــة‬
‫ولك ــن يق ــوم عل ــى ب ــخّ بخ ــار علــ ــى المالب ــس ويك ــوي بش ــكل جي ــد دون‬
‫مخاط ــر ح ــرق المالب ــس ‪ ،‬أو ت ــرك اث ــر عل ــى المالب ــس ف ــي حال ــة نس ــيان‬
‫الكاوي ــة عل ــى المالب ــس‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫مطاعم «برجر كنج»‬


‫اســـتطاعت أن تلبـــي رغبـــات شـــريحة‬
‫عريضــة م ّلـــت أكـــل الوجبــات الجاهــزة‬
‫ذات المـــذاق الواحـــد وأصبحـــت تفكـــر‬
‫كانـــت رســالتها اإلعالنيــة‪« :‬ال تزعجنــا!! الطلبــات‬ ‫بالتغييـــر وال تجـــده‪ ،‬شـــعرت بهـــا‬
‫الخاصــة نلبيهــــا» و علــى ذوقــك‪ !..‬علــى كيفــك‪.»!..‬‬
‫«برجـــر كنـــج» لقربهـــا مـــن عمالئهـــا‬
‫ولدراســــتها للحاجــات المتجــددة‪ ،‬وأعــدت وجبــات بطعــم مختلــف وكانـــت‬
‫رســـالتها اإلعالنيـــة‪« :‬ال تزعجنـــا!! الطلبـــات الخاصـــة نلبيهـــــا» و علـــى‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ذوقـــك‪ !..‬علـــى كيفـــك‪.»!..‬‬

‫« جيليت سنسر» أمواس الحالقة متعددة الشفرات‬


‫رك ــزت عل ــى أه ــم حاج ــة للذي ــن يس ــتخدمون مكائ ــن الحالق ــة وتوصل ــت‬
‫علـــى أن حمايـــة الذقـــن هـــي الحاجـــة األساســـية‪ ،‬فكانـــت رســـالتها‬
‫اإلعالني ــة‪« :‬يجن ــب ذقن ــك م ــن القط ــع ال ــذي تتع ــرض لـ ــه أثن ــاء الحالق ــة‬
‫عنـــد اســـتخدام األمـــواس العاديـــة»‬

‫التموضع‪ . .‬سر تسويقي!!‬


‫‪35‬‬
‫وهـــي الصـــورة التـــي تريـــد الشـــركات أن تُـــرى عليهــــا فـــي عيـــون‬
‫مســـتهدفيها‪ .‬وســـتتضح الفكـــرة مـــن خـــال مـــا يلـــي‪:‬‬
‫‪ -‬بذلـــت شـــركة ســـيارات جهـــــود مدروســـــة‪ ،‬ونفـــذت اســـتراتيجيات‬
‫تس ــويقية تحق ــق رؤي ــة ووضعي ــة تريده ــا ف ــي أعـــ ــين المس ــتهدفين أو‬
‫مـــا يصنـــع الصـــورة الذهنيـــة التـــي تريـــد‪.‬‬

‫وكان ــت فك ــرة التموض ــع بالم ــكان الت ــي تري ــده‪ ،‬هــ ــو شــ ــغلها الش ــاغل‬
‫فم ــن الطبيع ــي ف ــي بداياته ــا أن تك ــون رس ــالتها اإلعالني ــة بم ــا يك ــرس‬
‫ه ــذا اله ــدف‪ ،‬وت ــدور ه ــذه الرس ــائل اإلعالني ــة ح ــول كــ ــون ماركاته ــا‪:‬‬
‫اقتصاديــة‪ ،‬ســيارة آمنــة‪ ،‬قويــة‪ ،‬أســعارها فــي متنــاول الطبقــة الوســطى‪...‬‬
‫ال ــخ‪ ،‬فم ــن خ ــال ه ــذه الرس ــالة يتض ــح ب ــأن الم ــكان أو التموض ــع الت ــي‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫تري ــد أن تُ ــرى فيـ ــه‪ ،‬هــ ــو أن منتجهــ ــا يس ــتهدف الش ــريحة أو الطبق ــة‬
‫األق ــل ث ــرا ًء أي أن منتجه ــا للش ــريحة الوس ــطى‪.‬‬

‫ونجحـــت هـــذه الشـــركة فـــي تحقيـــق أهدافهـــا‪ ،‬و أصبحـــت «مـــن أكبـــر‬
‫الشـــركات فـــي العالـــم‪ ،‬ألنهـــا اســـتطاعت أن تصنـــع لنفســـها هويـــــة‬
‫ووضعيـــة فـــي أذهـــان الجمهـــور ‪.‬‬

‫السر التسويقي‬
‫يب ــدأ عندم ــا فك ــرت بصن ــع س ــيارة تس ــتهدف الش ــريحة الغني ــة والطبق ــة‬
‫األعلـــى دخــ ً‬
‫ـا فأصبحـــت أمـــام مشـــكلة تســـويقية‪ ،‬بـــأن رؤيـــة الجمهـــور‬
‫‪36‬‬
‫لماركاته ــا بأنه ــا لطبق ــة أو لفئ ــة مح ــدودة‪ ،‬وأن المارك ــة الجدي ــدة مهم ــا‬
‫كان ــت مذهل ــة ورائع ــة وعل ــى مس ــتوى عال ــي ج ــداً‪ ،‬ف ــإن النظ ــرة له ــا ل ــن‬
‫تك ــون حس ــب مس ــتوى المنت ــج‪ ،‬ألن الس ــنوات الت ــي ُكرس ــت‪ ،‬والملي ــارات‬
‫الت ــي أنفق ــت للتموض ــع قــ ــد حق ــق أث ــره‪ ،‬فكي ــف تتص ــرف الش ــركة وكي ــف‬
‫تتخ ــذ قراره ــا؟‬

‫بع ــد اجتماع ــات مكثف ــة‪ ،‬واستش ــارات كثي ــرة‪ ،‬اتخ ــذت قــ ــراراً ش ــجاعاً ه ــو‬
‫إنت ــاج س ــيارة جدي ــدة تس ــتهدف فئ ــة جديــ ــدة‪ ،‬ل ــم تعهده ــا م ــن قب ــل‪.‬‬
‫بعـــد االتفـــاق واتخـــاذ قـــرار إنتـــاج الســـيارة الفارهـــة التـــي تســـتهدف‬
‫طبق ــة األثري ــاء‪ ،‬كان الق ــرار التس ــويقي‪ ،‬وه ــو ع ــدم ذكـ ــر اس ــم الش ــركة‬
‫ذات الشـــهرة العالميـــة ذات المكانـــة « التموضـــع» المعيـــن فـــي ذهـــن‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫الجمهـــور‪.‬‬

‫وســـبب الســـرية‪ ،‬لخلـــط أو لعـــدم الوضـــوح الـــذي ســـــيكون فـــي ذهـــن‬


‫الجمه ــور للمنت ــج الجدي ــد‪ ،‬الرتب ــاط ه ــذه الش ــركة بتموض ــع معي ــن‪ ،‬أي‬
‫أنهـــا متخصصـــة إلنتـــاج ســـيارة لمســـتهدف آخـــرا!‬
‫السيارة «لكزس» والشركة األم‪ « :‬تويوتا»‪..‬‬

‫هكذا تفكر شركات هذا العصر‪..‬‬

‫‪37‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وهن ــاك قص ــة أخ ــرى تؤك ــد عل ــى أهمي ــة التموض ــع‪ ،‬عندم ــا أراد أحده ــم‬
‫ش ــراء س ــاعة «رولك ــس» فذه ــب إل ــى األس ــواق التجاري ــة الت ــي تتواج ــد‬
‫بهـــا أكبـــر المـــاركات العالميـــة فوجـــد وكالـــة «رولكـــس» ‪ ،‬وكان ثمـــن‬
‫الســـاعة فـــي الوكالـــة أربعـــة ألـــف‬
‫دوالر‪ ،‬فأج ــل ق ــرار الش ــراء‪ ،‬وبينم ــا‬
‫كان يتجـــول فـــي إحـــدى الشـــوارع‬
‫الفرعيـــــة وجـــد محـــل لبيـــع‬
‫الســـاعات ووجـــد أن ســـعر نفـــس‬
‫ســاعة الــــرولكس ثالثــة آالف دوالر‪.‬‬

‫بينمــا كان يتجــول فــي إحــدى الشــوارع الفرعيــــة وجــد‬


‫أن ســعر نفــس ســاعة الــــرولكس ثالثــة آالف دوالر‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫المشـــكلة‬ ‫هنـــا تبـــدأ‬
‫ا لتســـو يقية ! !‬
‫‪‎‬نتيج ــة م ــا خط ــر عل ــى بال ــه ح ــول المنت ــج‪ ،‬فق ــد شــ ــك بوجـ ــود تقلي ــد‪،‬‬
‫أو أن تكـــون أســـعار الوكالـــة مبالـــغ فيهـــا‪ ،‬كونهـــم فـــي مركـــز تجـــاري‬
‫كبيــر‪ ..‬وهكــذا ظهــرت خطــــورة وأهميــــة «التموضــــع» بالمــكان الصــح‪،‬‬
‫فـــأي منتـــج يســـتهدف شـــريحة ذات قـــدرات شـــرائية كبيـــرة ينبغـــي أن‬
‫يكــون بالمــكان المناســب بالوســــيلة اإلعالنيــة المناســبة للشــريحة التــي‬
‫يريده ــا باألناق ــة والجم ــال الت ــي تحق ــق الوضعي ــة الت ــي يريده ــا‪ . .‬ال ــخ‬

‫الجهد الكبري‪ ..‬ال يعني شيئاً إذا كان يف مكان خطأ!!‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وكان هن ــاك ف ــي مص ــر مرك ــزاً تجاريــاً اُنف ــق علي ــه الكثي ــر وبذل ــت جه ــود‬
‫كبي ــرة إلنجاح ــه لك ــن دون جدوى‪..‬ألنه ــا كان ــت ف ــي الم ــكان الخط ــأ‪.‬‬

‫وهن ــا أهمي ــة كبي ــرة لذك ــر قص ــة القطتي ــن م ــن الكت ــاب الرائ ــع «م ــن أكل‬
‫قطعـــة جبنـــي؟؟»‪ .‬فعندمـــا لـــم تجـــد القطتـــان الجبـــن الـــذي اعتادتـــا أن‬
‫تج ــداه ف ــي مكان ــه‪ ،‬اتخذت ــا‪ ‎‬ق ــراراً غي ــر مــ ــدروس‪ ،‬مبن ــي علــ ــى فرضي ــات‬
‫‪ -‬كم ــا تفع ــل كثي ــر م ــن الش ــركات الت ــي ال تق ــدر المعلوم ــة المدروس ــة‪-‬‬
‫والقــرار يتمثــل ببــذل جهــد كــــبير وحفـــر الجــدار المجــاور‪ ،‬علــى افتــراض‬
‫أن يكــون احدهــم قــد وضــع الجبــن خلــــف الجــدار‪ ..‬فبدأتــا ببــذل مجهــود‬
‫خ ــارق‪ ،‬وأنفقن ــا علي ــه الكثي ــر‪ ،‬ولك ــن ل ــم يش ــفع لهم ــا ذل ــك الجه ــد وتل ــك‬
‫الخس ــائر ف ــي تحقي ــق اله ــدف ‪ ..‬ألنهم ــا ‪-‬بالتأكي ــد‪ -‬ل ــم يج ــدا الجب ــن!!‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫فهذا يعنى أن الجهود مهما بذلت‪ ،‬إذا كانت في الملكان‬


‫الخطأ ال تعني شيئا‪.‬‬

‫وبالع ــودة إل ــى المرك ــز التج ــاري ف ــي –المث ــال الس ــابق‪ -‬رغ ــم مــ ــا أنف ــق‬
‫علي ــه‪ ،‬فش ــل بع ــد ش ــهور م ــن االفتت ــاح‪ ،‬لس ــبب تــ ــسويقي بس ــيط وه ــو‬
‫ع ــدم تحدي ــد إس ــتراتيجية التموضــ ــع‪ ،‬أي ل ــم تقـ ــرر الش ــركة م ــا هويته ــا؟‬
‫م ــن تس ــتهدف م ــن الجمه ــور؟ هـ ــل الطبقــ ــة الوس ــطى أو الطبق ــة ذات‬
‫الق ــدرة الش ــرائية العالي ــة؟ ف ــأرادت ال ــكل‪ ..‬فضيع ــت ال ــكل!!‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪40‬‬

‫بسبب عدم تحديد إستراتيجية التموضــع‪ ...‬أرادت الكل‪ ..‬فضيعت الكل!!‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫شركات تجيد لعبة الكبار‪..‬‬


‫لماذا نجحت «كلوركس»؟‬
‫يمكن أن يكون هذا السؤال منطقياً لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ألنن ــا نحي ــا ف ــي عال ــم جديــ ــد ومتط ــور تج ــاوز عــ ــصر الصناع ــة‪ ،‬أي أن‬
‫صناع ــة منت ــج بج ــودة عاليـ ــة أصب ــح بس ــهولة وبأق ــل تكلف ــة‪.‬‬
‫‪ -2‬ألن صناع ــة المنظف ــات ليس ــت‬
‫م ــن الصناع ــات المعق ــدة‪.‬‬

‫ل ــذا‪ ،‬يمكنن ــا أن نعك ــس الس ــؤال‪:‬‬


‫لمـــــاذا لـــم تنجـــح المنتجـــــات‬
‫المنافســـة؟ ومـــا الـــذي عملتـــه‬ ‫‪41‬‬
‫تعملـــه‬ ‫ولـــم‬ ‫«كلوركـــس»‬
‫الشـــركات المنافســـة؟‬
‫نجـــاح منظفـــات «كلوركـــس»‬
‫تكمـــن فـــي معرفتهـــا حاجـــات‬
‫نجــاح منظفــات «كلوركــس» تكمــن فــي معرفتهــا‬
‫حاجــات ورغبــات المســتهلك إ‬ ‫ورغب ــات المس ــتهلك إضاف ــة إل ــى‬
‫قدراتهــا التــــسويقية في صــــناعة‬
‫الحاجـــات وإســـهامها فـــي تطويـــر معاييـــر النظافـــة‪.‬‬

‫ويظهـــر مـــن خـــال قراءتنـــا لمـــا قامـــت بـــه ونبـــدأ بعـــرض مميـــزات‬
‫«كلوركـــس»‪ :‬يبيـــض‪ ..‬يعقـــم‪ ..‬يزيـــل البقـــع‪..‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫إستراتيجية تسويق «كلوركس»‬


‫قام ــت «كلورك ــس» بدراس ــة الس ــوق والمنتجــ ــات المنافس ــة وأتض ــح أن‬
‫هن ــاك منظف ــات تلب ــي للمس ــتهلك حاجتــ ــه للتبيــ ــيض‪ ،‬ومنتج ــات تلب ــي‬
‫حاجتــه للتعقيــم‪ ..‬رغــم أن نســبة كبيــرة ال تــــشعر بأهميــة وجــود منتجــات‬
‫لتعقي ــم المالب ــس مم ــا يع ــرف أن ــه ال توج ــد فرص ــة تس ــويقية لمنتج ــات‬
‫التعقي ــم أي ل ــم تصن ــع بع ــد الحاج ــة «ه ــذا ف ــي بداي ــات كلورك ــس»‪.‬‬
‫ه ــذه المعطي ــات جعل ــت «كلورك ــس» تتخ ــذ ق ــراراً بإس ــتراتيجية تس ــويقية‬
‫جدي ــدة «إس ــتراتيجية التموض ــع» أو «اللع ــب ف ــي الم ــكان الصحي ــح» أي‬
‫فـــي المـــكان الشـــاغر فمنحهـــا ذلـــك التفـــرد وجعلـــــها صاحبـــة خدمـــة‬
‫جديــدة لــم يســبق اليهــا احــد‪ ،‬فــــ «التموضــــع» جعلهــا تنفــرد فــي مجــال‬
‫متخص ــص وتحق ــق الري ــادة في ــه‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫أثبتـــت الدراســـة أن المســـتهلك مشـــبع نســـبياً مـــن ناحيـــة التبييـــض‪،‬‬


‫وليـــس لديـــه حاجـــة كبيـــرة للتعقيـــم فاختـــارت التســـويق لـمقـــــدرتها‬
‫وانفرادهــا بـــ «إزالــة أصعــب البقــع» فكانــت صاحبــة الــــصدارة فــي إزالــة‬
‫أصعـــب البقـــع مـــن المالبـــس البيضـــاء‪.‬‬

‫وهنـــا تجـــدر اإلشـــارة إلـــى أن هـــذه اإلســـتراتيجية «مرحليـــة»‪ ،‬وأن‬


‫ّ‬
‫تتخـــل عـــن المســـتهدفين المحتاجيـــن لتبييـــض‬ ‫«كلوركـــس» لـــم‬
‫والتعقيـــم‪ ،‬ولكـــن بعـــد أن حققـــت الكثيـــر مـــن النجـــاح فـــي المرحلـــة‬
‫األولـــى فـــي تاريخهـــا‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وفع ـ ً‬
‫ـا‪ ،‬ف ــإذا راقبن ــا رس ــائلها اإلعالني ــة الحديث ــة ن ــدرك أنهـ ــا ل ــم تقتص ــر‬
‫علــى «إزالــة أصعــب البقــع» بــــل شــملت التبيــــيض والتعقيم‪،...‬ولكــن بعد‬
‫أن فرض ــت وجوده ــا كالع ــب جيــ ــد تقريب ـاً ف ــي ه ــذا الس ــوق الكبي ــر‪ ،‬ف ــي‬
‫الوق ــت ال ــذي تكت ــظ في ــه رف ــوف البق ــاالت بعش ــرات المنتج ــات المنافس ــة‪.‬‬

‫ولـــوال هـــذه اإلســـتراتيجية لخرجـــت مـــن الســـوق‪ ،‬بعــــد ذلــــك تحولـــت‬


‫للس ــيطرة عل ــى س ــوق التعقي ــم والتبيي ــض لحص ــد مزي ــد مــ ــن النج ــاح‬
‫ولكـــن بفلســـفة تســـويقية واضحـــة‪.‬‬
‫وه ــذا ال يعن ــي أنن ــا أغفلن ــا دور وأهميــ ــة تــ ــسويقها لعالمته ــا التجاري ــة‬
‫ولكـــن تركيزنـــا فـــي هـــذا الكتـــاب حـــول أهميـــة صناعـــة الحاجـــات‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫كيف تعرف أو تصنع لعبة الكبار؟؟‬


‫ً‬
‫قليـــا عزيـــزي‬ ‫الكبـــار يراهنـــون علـــى التميـــز ولـــو كان وهميـــاً!! لنقـــف‬
‫القـــارئ ‪ -‬مـــع صابـــون «آريـــال»‪.‬‬

‫لعب ــة الكب ــار‪ ..‬تب ــرز ف ــي قدرته ــم عل ــى اس ــتثمار التغي ــرات الحاصل ــة ف ــي‬
‫نم ــط حي ــاة المس ــتهلكين‪ ،‬نتيجــ ــة لنمــ ــو الوع ــي الصح ــي‪‎،‬‏واالندم ــاج‬
‫االجتماع ــي نتيج ــة االنتق ــال م ــن الب ــدو إل ــى الحض ــر‪.‬‬

‫الش ــركات العاب ــرة للق ــارات العامل ــة ف ــي مج ــال المنظف ــات‪ ،‬تعمــ ــل عل ــى‬
‫تطوي ــر معايي ــر النظاف ــة وصناع ــة أس ــباب جدي ــدة لتمي ــز منتجاته ــا‪ ،‬ول ــو‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫كان ه ــذا التمي ــز وهمي ـاً ف ــي إنت ــاج الجدي ــد‪ ،‬مـ ــع صناع ــة توجه ــات تجع ــل‬
‫العمي ــل يش ــعر برغب ــة ف ــي المنت ــج‪.‬‬

‫نبدأ هنا بقدرات «بروكتر وجامبل» في تسويق «آريال»‬


‫إستراتيجية صابون «آريال»‪:‬‬
‫عمل ــت «آري ــال» عل ــى قي ــاس المعايي ــر الهام ــة لش ــراء أي صاب ــون غس ــيل‬
‫فوج ــدت األرق ــام التالي ــة‪:‬‬
‫‪ -‬رائحة عطرة ‪.% 15‬‬
‫‪ -‬تبيض المالبس البيضاء ‪.%25‬‬
‫‪ -‬إزالة أصعب البقع ‪.% 25‬‬
‫‪ -‬تنظيف أصعب األوساخ ‪.% \.35‬‬
‫‪44‬‬

‫فم ــن سياس ــتها التس ــويقية المرحلي ــة ف ــي‬


‫تحقيـــق الهـــدف‪ ،‬التركيـــــز علـــى شـــريحة‪،‬‬
‫وتبـــدأ باألكبـــر واألهـــم ثـــم التـــي تليهـــا‪.‬‬
‫فـــي كل مرحلـــة تعمـــل علـــى تعزيـــز‬
‫الحاج ــات الموج ــودة وتنميه ــا كمس ــتجيبة‬
‫وحيـــدة فـــي الملعـــب لهـــذه الشـــريحة‪.‬‬

‫فب ــدأت بالتس ــويق عل ــى أن تقني ــة منتجه ــا‬


‫عملــت «آريــال» علــى قيــاس المعاييــر‬ ‫خـــاص ليحقـــق أعلـــى جـــودة تنظيـــف‬
‫الهامــة لشــراء أي صابــون غســيل‬
‫ألصع ــب األوس ــاخ‪ ،‬فـ ــسجلت نجاحــاً نس ــبياً‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ومرحليـــاً‪ ،‬ثـــم انتقلـــت إلـــى الشـــريحة التـــي مـــن أهـــم معـــــايير شـــراها‬
‫للصابـــون‪ ،‬إزالـــة البقـــع‪ .. .‬حتـــى وصلـــت الشـــريحة فـــي هـــذه المرحلـــة‬
‫بعـــد أن تحركـــت فـــي كل االتجاهـــات‪ ،‬ولبـــت رغبـــات وحاجــــات الجميـــع‪.‬‬
‫ويع ــود س ــر نجاحه ــا إل ــى «ف ــن صناع ــة الحاج ــات» وتعــ ــد أكـبـ ــر ش ــركة‬
‫معلن ــة ف ــي العال ــم‪.‬‬

‫وعندمــا بــدأت حديث ـاً بالترويــج لـــ «آريــــال» المصاحــب لـ«داونــي» الــذي‬
‫يجع ــل مالبس ــك أكث ــر نعوم ــة‪ ،‬ويس ــهل علي ــك الك ــي دون جه ــد‪.‬‬
‫وه ــذه الحاج ــة ل ــم تك ــن مح ــركاً ودافعــ ـاً للش ــراء‪ ،‬ألن الحاج ــة أص ـ ً‬
‫ـا غي ــر‬
‫موج ــودة‪ ..‬وق ــد ب ــدأت ف ــي صناع ــة ه ــذه الحاج ــة وه ــذا ه ــو موضوعن ــا‪:‬‬
‫ق ــدرة الكب ــار ف ــي صناع ــة الحاج ــات‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫وبعــد هــذا‪ ،‬هــل عرفنــا الســر الــذي تميــز بــه مســحوق «آريــــال» مــع انــه‬
‫لي ــس ذا أهمي ــة ف ــي ج ــودة المنت ــج ب ــل‪ ..‬مج ــرد وه ــم!! إنه ــا الحبيب ــات‬
‫الزرق ــاء‪ !!. .‬الت ــي أوج ــدت قناع ــة ل ــدى المس ــتهلك بتمي ــز المنت ــج‪.‬‬

‫مفاهيم غذائية جديدة‪..‬‬


‫تنفـــق الشـــركات الغذائيـــة المالييـــن إلغـــراء عمالئهـــا بتنـــاول غذائهـــا‬
‫بخصائص ــه الجدي ــدة ال ــذي أنتجت ــه بعناي ــة‪ ،‬نتيج ــة متابعتـ ــها لالختالف ــات‬
‫والتغي ــرات فـــي أذواق المس ــتهلكين‪ :‬بعـــد مراقبته ــم لمـــا يشـــترونه‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫هكـــذا تغامـــر بتزويـــد الســـوق بمـــا تتصـــور أنـــه بحاجـــة إليـــه‪ ،‬وال تقـــف‬
‫عنــد هــذا‪ ،‬بــل تتحــرك للوصــول إلــى أذواق الجيــل القــادم بآليــــة تضعهــا‬
‫ه ــي‪ ،‬بإكس ــابهم ع ــادات غذائي ــة ت ــدوم‪.‬‬

‫وهن ــا نم ــوذج لطريق ــة تفكي ــر الش ــركات العاب ــرة للقــ ــارات‪ ،‬ودوره ــا ف ــي‬
‫تطويــر مفاهيــم جديــدة للغــذاء والصحــة كعامــل يمكــن أن تراهــن عليــه‬
‫أثنـــاء اقتحامهـــا لألســـواق الناشـــــئة وقدرتهـــا فـــي االســـتجابة للحاجـــات‬
‫المتول ــدة‪.‬‬

‫وفــي تطلعاتهــا إلــى األســواق الجديــدة‪ ،‬تــــراهن علـــى اآللــــة اإلعالميــة‬


‫الكبيــرة وقدرهــا علــــى كســر الحواجــز الثقافيـــة واالجتماعيــة‪ .‬وهنــا مقالــة‬
‫‪46‬‬
‫تتنــاول وتتبنــى بطريقــة غـيـــر مباشــــرة مفاهيــم غذائيــة جديــدة‪.‬‬

‫ويظه ــر المق ــال المنش ــور بصحيف ــة «جيرمــ ــي جران ــت» قــ ــدرة الكات ــب‬
‫المحتـــرف فـــي التســـويق‪ ,‬علـــى تحقيـــق أهـــداف الـــــشركات العابـــرة‬
‫للق ــارات‪ ،‬المق ــال بعن ــوان‪«( :‬مونــ ــسانتو» تبتكــ ــر زيــ ــت صح ــي وتنتظ ــر‬
‫الزبائـــن!!) يقـــول فيـــه‪:‬‬
‫قب ــل ش ــهرين ب ــدأ جن ــي محص ــول غي ــر ع ــادي‪ ،‬مــ ــن الس ــهول الواس ــعة‬
‫ف ــي والي ــة «أي ــوا»‪ ،‬وه ــو ن ــوع جدي ــد م ــن حب ــوب الــ ــصويا الت ــي يت ــم‬
‫تصنيعه ــا إل ــى زي ــت ف ــول الصوي ــا «ال يحت ــوي عل ــى دهــ ــون ض ــارة»‪.‬‬
‫ويعتب ــر المنت ــج الجدي ــد مبتك ــر‪ ،‬ألن ــه ال يحت ــاج إل ــى عملي ــة هدرج ــة وه ــي‬
‫عملي ــة تس ــتخدم تقليديــاً إلبق ــاء الزي ــت مس ــتقراً‪ ،‬وتحاف ــظ عل ــى حي ــاة‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫المـــواد المخبـــوزة‪ ،‬ومنتجـــات الوجبـــات الســـريعة‪ ،‬واألغذيـــة المصنعـــة‬


‫األخـــرى لمـــدة أطـــول‪ ،‬وبـــد ًال مـــن ذلـــك فإنـــه ينتـــج مـــا يطلـــق عليـــه‬
‫حب ــوب ف ــول الــ ــصويا قلي ــل «اللينولي ــك» الت ــي تقتض ــي أق ــل ح ــد م ــن‬
‫عمليـــة الهدرجـــة‪.‬‬

‫وتســـاعد فـــي الوقـــت نفســـه علـــى إزالـــة أحمـــاض الدهـــون الصلبـــة‬


‫والده ــون المش ــبعة م ــن األغذي ــة‪ ،‬وال يوج ــد وق ــت مناس ــب أفض ــل م ــن‬
‫ه ــذا لمجموع ــة «مونس ــانتو» لتطوي ــر المختب ــرات التقني ــة الحيوي ــة ف ــي‬
‫إنت ــاج زي ــت صح ــي‪ ،‬فالمخ ــاوف متزاي ــدة م ــن الس ــمن واألم ــراض الناجم ــة‬
‫م ــن زي ــادة الكولس ــترول‪ ،‬له ــذا تزاي ــد تــ ــدافع الــ ــشركات الغذائي ــة ف ــي‬
‫البح ــث ع ــن مكون ــات جدي ــدة تس ــاعدها إلنت ــاج زي ــوت صحي ــة لك ــي تنج ــح‬
‫‪47‬‬
‫فـــي الوصـــول إلـــى المســـتهلكين الواعيـــن باألمـــور الصحيـــة‪ ،‬والمنتـــج‬
‫صــــمم الســتعادة «الثقــــة المفقــودة مــــع المســتهلكين»‪.‬‬
‫فبقراءة عاجلة لهذا الجزء من المقال نعرف لماذا ركز على‪:‬‬
‫‪ - 1‬وصف دقيق للمبتكر الجديد كمنتج صحي‪.‬‬
‫‪ -2‬ض ــرب عل ــى وت ــر حس ــاس ل ــدى المس ــتهلك‪ ،‬ولي ــس أي مس ــتهلك ب ــل‬
‫الواع ــي باألم ــور الصحي ــة‪.‬‬
‫‪ -3‬منتــج ال تصنعــه الشــركات ال ُقطريــة‪ ،‬وإنــــما الشــركات العابــرة للقــارات‬
‫التــي تســتحوذ علــى الســوق بشــكل أســرع وأســهل‪.‬‬
‫‪ -4‬منتج فريد ليس له منافس في مميزاته‪.‬‬

‫والـــدور الـــذي تلعبـــه المقالـــة فـــي صناعـــة مفاهيـــم جديـــدة للغـــــذاء‪،‬‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وق ــدرة المقال ــة ف ــي تنمي ــة الوع ــي الصح ــي ل ــدى المس ــتهلك ه ــو مح ــور‬
‫لعب ــة الكب ــار ف ــي غ ــزو األس ــواق‪.‬‬

‫خطـــورة الموضـــوع تواجههـــا الشـــركات ال ُقطريـــة التـــي تزحـــــف ببـــطء‬


‫شــديد‪ ،‬فلــم يعــد لهــا خيــــار‪ ,‬إمــــا التغيــر والتطــــور‪ ،‬أو االنســحاب بهدوء!!‬
‫وينبغـــي أن تتذكـــر دائمـــاً وتضـــع هـــذه العبـــارة عنــــد مدخـــل شـــركتك‪:‬‬
‫«المنتج ــات الت ــي تبتع ــد عن ــا جغرافيــاً‪ ،‬يج ــب أن ننظ ــر لهــ ــا عل ــى أنه ــا‬
‫منتجـــات منافســـة ألننـــا فـــي زمـــن جديـــد»‪.‬‬

‫شركات تصنع الحاجات «مواد غذائية»‬


‫‪48‬‬
‫فالصناع ــات االس ــتهالكية تمـ ــر بمرحلــ ــة ضع ــف كفرصــ ــة اس ــتثمارية‪،‬‬
‫حي ــث تص ــل إل ــى مرحل ــة ال تس ــتطيع أن ترف ــض ش ــروط مؤسس ــة بي ــع‬
‫تجزئ ــة‪ ،‬ف ــكل ي ــوم تح ــدد «ول مـ ــارت العالمي ــة» ـ ش ــركة بي ــع تجزئ ــة‪-‬‬
‫مواصف ــات خاص ــة م ــن المصان ــع الت ــي تتعامــ ــل معه ــا‪ ،‬كش ــرط لتبن ــي‬
‫منتجـــات تلـــك المصانـــع وتصريـــف منتجاتهـــا‪ ،‬نتيجـــة لتضخـــم الســـوق‬
‫من المنتجات المتنافسة‪.‬‬
‫لهـــذا أصبـــح التســـويق‬
‫وصناعـــة الحاجـــات أمـــراً‬
‫ليـــس‬ ‫اســـتراتيجياً‪،‬‬
‫مطروحـــاً كخيـــار تناقشـــه‬
‫إدارة الشـــركة بـــل يعـــد‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫قضيــة حتميــــة ترصــد لــه الميزانيــات الضخمــة التــي قــد تفــوق ميزانيــة‬
‫البنيـــة التحتيـــة‪.‬‬

‫األم ــر ال ــذي جع ــل ش ــركات المش ــروبات الغازي ــة تح ــث الس ــير ف ــي ه ــذا‬
‫االتجــاه‪ ،‬وتتابــع باســتمرار التطــورات في الســلوك الغــــذائي للمســتهلكين‪,‬‬
‫وال تكـــون محايـــدة أو مراقبـــة لهـــذا التحـــــول‪ ،‬بـــــل مؤثـــرة وموجهـــة‬
‫للس ــلوك المتج ــدد‪ ،‬حت ــى تجي ــر هــ ــذا التحــ ــول لصالحه ــا‪ ،‬لقدرته ــا عل ــى‬
‫تلبي ــة ه ــذه الحاج ــة‪.‬‬

‫فه ــي قائم ــة عل ــى بن ــاء منحن ــى جدي ــد ل ــدورة حي ــاة منتجه ــا‪ ،‬حت ــى تم ــدد‬
‫مـــن عمـــر منتجاتهـــا فـــي عصـــر أصبـــح عمـــر المنتجـــات أقصـــر مـــن أي‬
‫‪49‬‬
‫مرحل ــة‪.‬‬

‫فكلم ــا وص ــل المنح ــى لمرحل ــة اس ــتقرار صن ــع منحن ــى جديــ ــد‪ ،‬فيعي ــدون‬
‫تجدي ــد حي ــاة منتجاته ــم‪ ،‬فق ــط بصناع ــة متج ــددة للرغب ــات والحاج ــات‪،‬‬
‫ه ــذا م ــا تق ــوم ب ــه الش ــركات العمالق ــة‪.‬‬

‫شركة «بيبسي»‬
‫صنع ــت منت ــج «داي ــت» ال ــذي يس ــتجيب لحاج ــة الجمه ــور‪ -‬خ ــاص للحمي ــة‬
‫«الريجيـــم»‪ -‬ويعملـــون علـــى زيـــادة أســـباب تناولهــــــا‬
‫ليزيد المستهلكين‪:‬‬

‫مــع « بيبســي» دايــت ‪ ..‬ال‬


‫تحــرم نفســك مــن شــيء!!‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪ -‬بعضهم يشربها ليحافظ على الجمال واألناقة والرشاقة‪.‬‬


‫‪ -‬البعض للصحة وطول العمر‪.‬‬
‫‪ -‬وبعضهم لمرض السكري‪.‬‬
‫‪....... -‬‬

‫الجه ــود المبذول ــة م ــن قب ــل الش ــركات‪ ,‬ف ــي متابعــ ــة الع ــادات الغذائي ــة‬
‫المتغيـــرة وتلبيتهـــا للحاجـــات المتجـــددة‪ ،‬جعـــل مـــن الشـــركة ســـباقة‬
‫ف ــي توفي ــر منت ــج جدي ــد‪ ،‬وأس ــهم ف ــي بق ــاء الش ــركة ف ــي الطليع ــة بي ــن‬
‫الش ــركات المنافس ــة‪ ،‬فق ــط ألنه ــا س ــاهمت ف ــي تعزي ــز اله ــم المتول ــد‬
‫نتيج ــة اإلف ــراط ف ــي ش ــرب الس ــكريات‪ ،‬والمبالغ ــة ف ــي اس ــتخدم وس ــائل‬
‫النقـــل المريحـــة فـــي كل التنقـــات‪ ،‬والجلـــوس لســـاعات طـــوال أمـــام‬
‫التلفزيـــون أو االنترنـــت‪ ...‬كل هـــذه مجتمعـــة أوجـــدت جمهـــور مريـــض‬ ‫‪50‬‬
‫أو خائـــف مـــن المـــرض! ! ومـــن هنـــا بـــدأت «بيبســـي» و «كـــوكا كـــوال»‬
‫لعب ــة الكب ــار!!‬

‫اشرب « دايت»!!‬
‫لمريـــض الســـكري‪ :‬مـــن حقـــك شـــرب بيبســـي دايـــت قـــد تحـــرم مـــن‬
‫الكثيـــر‪ . .‬إال مـــن «بيبســـي دايـــت»!!‬
‫زم ــان كان مرض ــى الس ــكري محروم ــون أكث ــر‪ ..‬م ــع « بيبس ــي» ال تح ــرم‬
‫نفس ــك م ــن ش ــيء!!‬
‫‪‎‬‏ أصبحت هذه رسائلهم اإلعالنية‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪‎‬‏عندم ــا أصبح ــت الرش ــاقة م ــن أه ــم معايي ــر ومقايي ــس الجم ــال‪ ،‬وامتن ــع‬
‫المهتمي ــن بالرش ــاقة والحمي ــة م ــن تن ــاول المش ــروبات الس ــكرية‪ ،‬ج ــاءت‬
‫«بيبس ــي» برس ــالة‪« :‬إال‪ ..‬بيبس ــي!!» لذل ــك س ــيطرت بيبس ــي عل ــى جمي ــع‬
‫الش ــرائح‪.‬‬

‫بيبسي» تبيع آخر مصنع لها»!!!‬


‫ق ــد يفه ــم ه ــذا العن ــوان ف ــي غي ــر عص ــر التس ــويق ال ــذي نعيش ــه ب ــأن‬
‫الشــركة أفلســت!! ولكــن نحــن فــي عصــر تغيــر فيــه تعريــــف إدارة المــال‪،‬‬
‫حيـــث كان يعنـــي «جهـــود بيـــع وتجـــارة» فأصبـــح اآلن «فــــن وتســـويق»‬ ‫‪51‬‬
‫وه ــذا م ــا تفهم ــه الش ــركات الكب ــرى‪ ،‬فم ــا قام ــت بـ ــه بيبس ــي ي ــدل عل ــى‬
‫تطــور منطقــي للمســتوى الكــــبير فــي نموهــا وقدرتهــا علــى إدارة المــال‬
‫بحكم ــة واحت ــراف‪.‬‬

‫ألنهـــا تعـــرف أن عالمـــة «بيبســـي» هـــي رأســـمال الشـــركة‪ ،‬والعالمـــة‬


‫التجاري ــة ه ــي مص ــدر دخ ــل الش ــركة‪ ..‬ولي ــس المنت ــج!! هــ ــكذا كرس ــت‬
‫كل جهوده ــا لبن ــاء ه ــذه العالم ــة وتطويره ــا ورف ــع قيمته ــا وتحرره ــا م ــن‬
‫المصان ــع وتبعات ــه س ــيمكنها م ــن تحقي ــق اله ــدف الــ ــذي تنش ــده‪ ،‬فكي ــف‬
‫تحص ــل الش ــركة عل ــى الم ــوارد وهـ ــي ال تملــ ــك مصنع ـاً؟‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ق ــد يك ــون ه ــذا الس ــؤال س ــطحياً‪ ..‬فم ــوارد الش ــركة ناتج ــة عــ ــن بي ــع‬
‫العالمـــة التجاريـــة‪ ،‬وبيـــع حقـــوق العالمـــة فـــي العالـــم‪ ،‬ونتيجـــة ارتفـــاع‬
‫أســهم الشــركة بشــكل مســتمر‪ ،‬فقــــد ارتفعــــت قيمــــة عالمتهــا وصــارت‬
‫هـــي المـــورد األكبـــر والقيمـــة األعلـــى مـــن جميـــع أصـــول وممتلـــكات‬
‫الشـــركة‪.‬‬

‫ما لم تفعله «كوكا كوال» يف أمريكا!!‬


‫عصي ــر‪« :‬مين ــت مي ــد» بالفواك ــه‪ ...‬مش ــهور ف ــي أمريكــ ــا‪ ،‬تنتج ــه «ك ــوكا‬
‫ك ــوال»‪ ،‬عندم ــا أرادت الش ــركة تس ــويق المنت ــج ف ــي بريطاني ــا‬
‫ولديهــا معطيــات مســبقة كشــركة عريقــــة باختــاف األذواق‬
‫‪52‬‬
‫وخصوصي ــة المجتم ــع البريطان ــي‪ ،‬ل ــم تج ــازف بإن ــزال نف ــس‬
‫المنتـــج‪ ،‬بـــل نفـــذت دراســـات لمعرفـــة الســـلوك الغذائـــي‬
‫للمس ــتهلك البريطان ــي‪ ،‬ال ــذي ال يتقبله ــا حت ــى تك ــون لدي ــه‬
‫رغب ــة ش ــرائية‪.‬‬

‫وبعـــد جهـــد تســـويقي‪ ،‬صنعـــت منتجـــاً خاصـــاً يناســـب‬


‫المجتم ــع البريطان ــي‪ ،‬فأنتج ــت عصي ــراً غي ــر مرك ــز ‪ -‬كال ــذي‬
‫ف ــي أمري ــكا‪ -‬ب ــل عصي ــر ط ــازج‪ !.. .‬فنج ــح المش ــروب ألن ــه‬
‫راع ــى رغب ــات المس ــتهلك‪ ،‬ف ــكان م ــن أه ــم أس ــباب النج ــاح‪.‬‬

‫وكان م ــن أه ــم أس ــباب تس ــويق المنت ــج ‪-‬العصي ــر‪ -‬نتيجــ ــة‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫التغيـــرات الســـلوكية ‪-‬كمـــا أشـــرنا ســـابقاً‪ -‬والـــذي ظهـــر بتخفيـــف‬


‫البريطانيي ــن م ــن تن ــاول المش ــروبات الغازي ــة كاحتياط ــات صحي ــة‪ ،‬مم ــا‬
‫أســـتدعى مـــن «كـــوكا كـــوال» اســـتيعاب ذلـــك‪ ،‬ظهـــر تغيـــر فـــي نمـــط‬
‫حي ــاة البريطانيي ــن وكذل ــك ظه ــور مش ــروبات تحت ــوي عل ــى قليــ ــل م ــن‬
‫الس ــكر‪ ..‬وم ــا تق ــوم ب ــه «ك ــوكا ك ــوال» يب ــرز طريقــ ــة تفكي ــر الش ــركات‬
‫الغذائيـــة الكبـــرى الحتـــواء األســـواق‪.‬‬

‫«كوكا كوال زد»!!‬


‫وهـــذا مـــا جعـــل كـــوكا كـــوال تغيـــر وتعـــدل االســـم مــــن « كـــوكا كـــوال‬
‫دايـــت» إلـــى» كـــوكا كـــوال زد»‪ ،‬بعـــد أن ظهـــرت لهـــا دراســـات لنفســـية‬
‫‪53‬‬
‫أن هن ــاك عام ــل اطمئن ــان عاطف ــي ف ــي اللغ ــة إذا أصبح ــت «ك ــوال زد»!!‬
‫والمعنـــى الجديـــد يعنـــي‪ :‬نســـبة الســـكر صفـــر‪.‬‬

‫وفـــي هـــذا الســـياق قامـــت شـــركة «يونيليفـــر» بإنتـــاج مشـــروب زبـــادي‬


‫يحتــوي علــى دهــون نباتيــة وهــي التــي تســتخرج مــن اللــوز والــذرة التــي‬
‫تعمــل علــى تخفيــض الكولســترول اســتجابة لتغييــرات ســلوك المســتهلك‬
‫ولزي ــادة أس ــباب ش ــراء المنت ــج وإليج ــاد حاجــ ــة غي ــر مش ــبعة‪ ،‬إضاف ــة إل ــى‬
‫اس ــتثمار حال ــة المخ ــاوف الصحي ــة المتزاي ــدة ل ــدى المس ــتهلك‪ ،‬وهك ــذا‬
‫تحرك ــت الش ــركات ف ــي نف ــس الس ــياق‪.‬‬

‫ش ــركة آيس ــكريم أنتج ــت آيس ــكريم يحت ــوي عل ــى نس ــبة بس ــيطة ج ــداً‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫م ــن الده ــون‪ ،‬وبنف ــس الم ــذاق‪ ،‬وذل ــك اس ــتجابة لتط ــور مفاهي ــم الغ ــذاء‬
‫عن ــد الجمه ــور‪ ،‬ولك ــي تحج ــز لنفس ــها م ــكان ف ــي قائم ــة الناجحي ــن‪.‬‬

‫وشــركة أنتجــت نــوع مــن الكوفــي الجاهــز «هـــاف كاف» تســتهدف العــدد‬
‫المتزايـــد مـــن المســـتهلكين الذيـــن يرغبـــون التقليـــــل مـــن الكافييـــن‪،‬‬
‫حيـــث نســـبة النقـــص مـــن الكافييـــن ‪ ،%50‬مـــع الحفـــاظ علـــى نفـــس‬
‫الطع ــم ونف ــس النكه ــة للمنت ــج‪ .‬وذل ــك نتيج ــة جه ــود تس ــويقية قائم ــة‬
‫عل ــى معرف ــة أذواق وحاج ــات المس ــتهلك المتج ــددة‪.‬‬

‫كيف تفكر شركات األدوية ؟؟‬


‫‪54‬‬
‫إستراتيجيتها وقاعدتها التسويقية‪:‬‬
‫«إعادة تعريف مفهوم المرض!!»‬
‫ف ــي إط ــار جه ــد منظ ــم‪ ،‬تعم ــل ش ــركات األدوي ــة علـ ــى صناع ــة حاج ــات‬
‫ملح ــة‪ ،‬إلنتاجه ــا الجدي ــد م ــن األدوي ــة والمستحـ ــضرات الطبي ــة‪.‬‬
‫تصنـــع رغبـــات ملحـــة لمنتجاتها‪،‬العتبـــارات هامــــة‪ ،‬أن صناعـــة األدويـــة‬
‫‪-‬كغيره ــا‪ -‬إذا ل ــم تع ــر ال ــدور التس ــويقي أهميــ ــة عظيم ــة‪ . .‬خرج ــت م ــن‬
‫الســـوق!!‬

‫وهنـــاك خصوصيـــة هـــذه الصناعـــة ‪ ،‬التـــي تتمثـــل فـــي مـــا تنفقـــه مـــن‬
‫أمـــوال طائلـــة مـــن أجـــل الوصـــول إلـــى تركيبـــة علميـــة‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫الش ــركات ف ــي ه ــذا القط ــاع حج ــم إنفاقه ــا عل ــى منت ــج واح ــد كبي ــر ج ــداً‪،‬‬
‫ل ــذا ف ــإن خس ــارتها تعن ــي خروجه ــا م ــن الس ــوق أس ــرع م ــن غيره ــا‪.‬‬

‫ومـــن هـــذه المعطيـــات الهامـــة‪ ،‬تأتـــي أهميـــة دور شـــركات األدويـــة‬


‫الكبيـــرة الضخمـــة‪ ،‬المؤثـــرة فـــي قـــرارات المنظمـــات الدوليـــة الصحيـــة‪،‬‬
‫حي ــث ال تتجاوزه ــا أثن ــاء التش ــريعات الطبيــ ــة‪ ،‬نتيج ــة نفوذه ــا‪ ،‬فأصبح ــت‬
‫تهت ــم ج ــداً بالتس ــويق‪ ،‬ودعــ ــم خب ــراء التس ــويق بالنصي ــب األكب ــر ف ــي‬
‫نفقاتهـــا‪.‬‬

‫وفع ـ ً‬
‫ـا‪ ،‬كان المس ــوقون عن ــد مس ــتوى ثق ــة هــ ــذه الش ــركات وأس ــهموا‬
‫فـــي صناعـــة اتجاهـــات ومفاهيـــم جديـــدة للمـــرض‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫ان أول مــا قامــت بــه ليــس الجلــوس مـــع خبــراء الطــب والصيادلــة لتــدارس آليــة‬
‫تنفيــذ واكتشــاف تركيـبـــة العــاج‪ ،‬بــل اجتمعــت أو ًال مــع خبــراء التســويق‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫عندمـــا همـــت شـــركة عالميـــة لألدويـــة إلنتـــاج دواء لتخفيـــض نســـبة‬


‫الكوليســـترول فـــي الـــدم‪ ،‬كان أول مـــا قامـــت بـــه ليـــس الجلـــوس مــــع‬
‫خبــراء الطــب والصيادلــة لتــدارس آليــة تنفيــذ واكتشــاف تركيـبـــة العــاج‪،‬‬
‫ب ــل اجتمع ــت أو ًال م ــع خب ــراء التس ــويق و طرح ــت مش ــكلتها التس ــويقية‬
‫للمنت ــج ال ــذي ل ــم يوج ــد أص ـ ً‬
‫ـا!!‬
‫وهنـــا بـــدأت لعبـــة التســـويق‪ ..‬بوضـــع ســـيناريو صناعـــة الحاجـــات لـــدى‬
‫المســـتهلك‪ ،‬ورغـــم إدراك الشـــركة أن كوليســـترول الـــدم ليـــس مرضـــاً‪،‬‬
‫فهـــو يهبـــط دون أي عـــاج‪ ،‬بقليـــل مـــن الحركـــة والرياضـــة‪ ،‬أو إتبـــاع‬
‫س ــلوك غذائ ــي صح ــي‪ ،‬و لك ــن ه ــذه الش ــركات وج ــدت لتبق ــى‪ ...‬وج ــدت‬
‫لصناعـــة المـــال!‬

‫‪56‬‬
‫فبـــدأ التســـويق بتغطيـــة إعالنيـــة وإعالميـــة‪ ،‬تكـــرس مخـــاوف ومخاطـــر‬
‫الكوليســـترول‪ .. .‬وبعدهـــا مباشـــرة تعلـــن الشـــركة نـــزول المنتـــج‪.‬‬
‫وه ــذا يمك ــن أن يس ــاعدنا ف ــي تفس ــير أس ــباب الــ ــضجة المث ــارة ح ــول‪:‬‬
‫(الجم ــرة الخبيث ــة‪ . .‬جن ــون البق ــر‪ ..‬أنفلون ــزا الطي ــور‪ ..‬والبقي ــة تأت ــي‪)!!...‬‬

‫انقالب‪ . .‬يقوده خرباء تسويق!‬


‫م ــا ال ــذي أض ــاف إل ــى حج ــم ش ــركة «فاي ــزر» األمريكي ــة شــ ــهرة وأم ــوا ًال‪،‬‬
‫ســـوى دارســـة نفذتهـــا الشـــركة لحاجـــة المســـتهلك‪ ،‬عززتهـــا بالترويـــج‬
‫والتســـويق الضخـــم‪ ،‬فأصبـــح اقتنـــاء المنتـــج ســـلوكاً شـــرائياً ال يحتـــاج‬
‫لوصفـــة طبيـــة لـــدى كثيـــر مـــن المســـتهلكين‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫قصة انقالب «الفياجر ا»!‬


‫أنتج ــت ش ــركة «فاي ــزر» عالجــاً يس ــاعد عل ــى زي ــادة ق ــوة نب ــض القل ــب‪،‬‬
‫لضـــخ الـــدم للجســـم كعـــاج إلحـــدى الحـــاالت المرضيـــة فـــي القلـــب‪،‬‬
‫فبعـــد أن جربـــت العـــاج علـــى مجموعـــة‬
‫م ــن المرض ــى‪ ،‬اس ــتجاب القل ــب للع ــاج‪،‬‬
‫إضافـــة إلـــى ظهـــور تأثيـــره علـــى أجـــزاء‬
‫أخـــرى مـــن المجموعـــة هـــو «العــــضو‬
‫الجنس ــي»‪ ..‬وهنـ ــا حص ــل االنق ــاب!!‬

‫فقــد بــدأ دور الكبــار مــن رجــال التســويق‪،‬‬


‫ألن المعطيــات التســويقية تؤكــد أن ‪:‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ -‬هن ــاك أن ــواع م ــن األدوي ــة يمك ــن أن تعم ــل عل ــى ع ــاج مش ــكلة الض ــخ‬
‫ف ــي القل ــب‪.‬‬
‫‪ -‬األدوية المؤثرة على عضو الرجل الجنسي نادرة‪.‬‬
‫‪ -‬هناك حاجة كبيرة تسويقياً لعالج «العجز الجنسي»‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية صناعة الحاجة حيث يصبح سلوكاً دائماً أمــر ممكن جداً‪.‬‬

‫فأتخ ــذ ق ــراراً ‪-‬يع ــد انقالبــاً عل ــى الس ــبب ال ــذي صن ــع ألجل ــه‪ -‬بتس ــويقه‬
‫كعـــاج جنســـي! فحقـــق نجاحـــاً كبيـــراً فبفعـــل اإلعـــان الـــذي أقنـــع‬
‫المســتهلك بحاجتــه للمنتــج‪ ،‬وإمكانيــة إعــادة الشــباب و إظهــار الفحولــة!!‬
‫لي ــس لي ــوم أو ليل ــة واح ــدة فق ــط كم ــا تمن ــى الش ــاعر العرب ــي قديمــاً‪..‬‬
‫ـال ط ــواااال!!‬
‫وإنم ــا للي ـ ٍ‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫دراجات بد ً‬
‫ال عن السيارات!!‬
‫كــم كانــت شــركة «هونــدا» الكوريــة رائعــــة عنـــدما أرادت دخــول ســوق‬
‫ف ــي إح ــدى ال ــدول األس ــيوية!‬

‫ف ــأول ش ــيء قام ــت ب ــه‪ ،‬دراس ــة اتجاه ــات المس ــتهدف «المجتمـ ــع» نح ــو‬
‫الدراجـــات الناريـــة‪ -‬كانـــت النتيجـــة نظـــرة المجتمـــع ســـلبية نحـــو مـــن‬
‫يرك ــب الدراج ــات وكان ــت محص ــورة عل ــى طبق ــة العاطلي ــن أو المجرمي ــن‬
‫أو الفاش ــلين ف ــي المجتم ــع‪ -‬فقدم ــت خط ــة تس ــويقية غاي ــة ف ــي الروع ــة‬
‫عملــت بشــكل كبيــر علــى تغييــر هـــذه النظــــرة‪ ،‬ومـــن الجهــود اإلعالنيــة‬
‫الت ــي قام ــت به ــا‪:‬‬

‫مشهد «‪ :»1‬طبيب يصل إلى عمله بدراجة نارية‪.‬‬ ‫‪58‬‬


‫مشهد «‪ :»2‬مدير شركة يستخدم دراجة نارية في التنقل‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وهك ــذا أوج ــدت مفاهي ــم إيجابي ــة نح ــو راكــ ــب الدراج ــة‪ ،‬حت ــى أصبح ــت‬
‫نظــرة المجتمــع مقبولــة‪ ،‬وتكونــت قيــم اقتصاديــة لتوفيــر هــذه الوســيلة‬
‫للبت ــرول‪ ،‬فتحولــ ــت االتجاه ــات‏الس ــلبية إل ــى إيجابي ــة‪ ،‬و تحس ــنت نظ ــرة‬
‫الجمه ــور نح ــو الدراج ــات وكان ــت رس ــائلهم اإلعالني ــة ‪:‬‬
‫للناجحين‪ . .‬وسيلتهم في التنقل!‬

‫كيف تصنع الحاجات؟؟‬


‫هنـــاك محـــوران متكامـــان لصناعـــة مجتمـــع اســـتهالكي شـــره نحـــو‪‎‬‬
‫‏الجديـــد‪ ،‬يتجـــاوز عـــادات وقيـــم اقتصاديـــة محورهـــا الرشـــد ‪:‬‬
‫‪ -‬التكنولوجيـــا بقدراتهـــا القائمـــة لصنـــع منتجـــات جديـــدة تـــدور حـــول‬
‫القيم ــة المضاف ــة للمنت ــج‪ ،‬ويت ــم تنفيــ ــذ منتج ــات بم ــا يتوق ــع أو يفت ــرض‬
‫‪59‬‬
‫ب ــأن المس ــتهلك يحتاج ــه‪.‬‬
‫‪ -‬ق ــدرات وخب ــرة رج ــال التس ــويق ف ــي صــ ــنع وتحري ــك رغب ــات ش ــرائية‬
‫لتلـــك المنتجـــات‪.‬‬

‫وهن ــاك دور آخ ــر ي ــراه البع ــض‪ ،‬وه ــو أن التكنولوجي ــا وس ــيلة لتحقي ــق م ــا‬
‫ظه ــر م ــن رغب ــات‪ ،‬م ــن خ ــال اس ــتجابتها لحاج ــات تظه ــر ف ــي المجتم ــع‬
‫ال ــذي تول ــد في ــه ه ــذه التكنولوجي ــا‪ ،‬فيبـ ــدأ دور خب ــراء التس ــويق الذي ــن‬
‫يعملــون علــى توجيــه هــذه الرغبــــات مـــن خــال مجموعــة مــن األنشــطة‬
‫التس ــويقية إل ــى دواف ــع لش ــراء المنت ــج‪.‬‬
‫وال يتســـنى كل مـــا ســـبق‪ ،‬إال فـــي مجتمـــع لديـــه قـــدرة شـــرائية ممـــــا‬
‫يفـــرض اســـتحقاقاً علـــى الـــدول المتقدمـــة العمـــل علـــى رفـــع الكفـــــاءة‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫العلميـــة لتســـتوعب المنتجـــات التكنولوجيـــة‪.‬‬

‫وق ــد اس ــتفادت ال ــدول الصناعي ــة الجدي ــدة مــ ــن التطــ ــور التكنولوج ــي‬
‫ً‬
‫مثـــا‪:‬‬ ‫بإســـتراتيجيات مختلفـــة‬
‫‪ -‬الصيـــن‪ :‬اســـتخدمت التطـــورات التكنولوجيـــا فـــي إنتـــاج ســـلع بأقـــل‬
‫تكلفـــة‪.‬‬
‫‪ -‬الياب ــان‪ :‬اس ــتفادت م ــن ه ــذه التط ــورات ف ــي إنت ــاج س ــلع ذات ج ــودة‬
‫عالي ــة‪ ،‬وق ــد ب ــدأت بدف ــع ضريب ــة ه ــذه اإلس ــتراتيجية‪ ،‬حي ــث ظهــ ــر ذل ــك‬
‫ف ــي خس ــارة كبي ــرة لش ــركات ياباني ــة عمالق ــة مث ــل «س ــوني»‪.‬‬
‫‪ -‬كوري ــا‪ :‬حاول ــت االس ــتفادة م ــن تطــ ــور التكنولوجي ــا ف ــي إنت ــاج س ــلع‬
‫بتصاميـــم جذابـــة وجـــودة جيـــدة‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫صناعة الحاجة يف قطاع التكنولوجيا‬


‫عندمـــا وصلـــت الصناعـــات إلـــى مرحلـــة الشـــيخوخة‪ ,‬وأصبـــح الســـوق‬
‫مشـــبعاً بالمنتجـــات‪ ،‬وأصبحـــت إســـتراتيجية الشـــركات‪ ،‬العمـــل فـــي‬
‫إنت ــاج م ــا يمك ــن أن يس ــهم ف ــي زي ــادة رفاهي ــة المجتمع ــات وإش ــباعها‬
‫م ــن ناحي ــة‪ :‬الراح ــة األم ــن االس ــتقرار‪ ،‬ومنطلقهــ ــا التس ــويقي‪ ،‬صناع ــة‬
‫الحاج ــات‪ ،‬فرص ــدت ميزاني ــة ضخم ــة للتس ــويق‪ ،‬فأصب ــح م ــا تنفق ــه عل ــى‬
‫الدراس ــات والتس ــويق يعـ ــبر عــ ــن هـ ــذا التح ــول‪.‬‬

‫ف ــإن م ــا تق ــوم ب ــه «إل ج ــي» و «سامس ــونج و «باناس ــونيك» ف ــي ه ــذا‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫المضمــار يــدور حــول مراقبتهــا لعــادات المســتهلك االجتماعيــة والثقافيــة‬


‫وحاجت ــه إل ــى المعرف ــة‪ ،‬وم ــا ط ــرأ علي ــه م ــن تس ــارع نم ــط الحي ــاة‪ ،‬حي ــث‬
‫أصب ــح الم ــرء ف ــي تنق ــل دائ ــم لتأمي ــن تكالي ــف مجتمع ــة االس ــتهالكي‪،‬‬
‫ولك ــي يحق ــق الح ــد األدن ــى م ــن األم ــان اإلجتماع ــي والفس ــيولوجي‪.‬‬

‫وقف ــت «إل ج ــي» ف ــي اآلون ــة األخي ــرة إل ــى م ــا يعانيــ ــه إنس ــان العص ــر‬
‫م ــن ضي ــق الوق ــت‪ ،‬وع ــدم قدرت ــه عل ــى االس ــتمتاع ومش ــاهدة القن ــوات‬
‫الفضائي ــة الت ــي يحبه ــا أو متابعــ ــة المباري ــات‪ ,‬األف ــام‪ ،‬الن ــدوات‪... ،‬‬

‫فعملـــت علـــى إنتـــاج تلفزيـــون يتيـــح‬


‫لصاحبـــه مشـــاهدة البرنامـــج أو الفيلـــم‬
‫‪61‬‬
‫الــذي يريــده فــي الوقـــت الــــذي يناســــبه‬
‫أي تقـــــول للمســـتهلك‪« :‬مـــن حقـــك أن‬
‫تســـتمتع بمشـــاهدة مـــــا تحـــب‪ ..‬فـــي‬
‫الوقـــت الـــذي تحـــب!!» وأنزلـــت المنتـــج‬
‫وعرضـــت هـــذا اإلعـــان الـــذي يعـــزر‬
‫الرغبـــات ويصنـــع الدوافـــع القتنـــاء هـــذا‬
‫المنتـــج‪.‬‬

‫وقد كان اإلعالن التلفزيوني لـ«إل جي» الكورية علــى هــذا النحو‪:‬‬
‫مبــاراة كــرة القــدم‪ . .‬يســتعد العـــب مانشســتر يونايتــــد «كــوري» لتنفيــذ‬
‫ضربـــة جـــزاء‪ ..‬وهنـــاك أب وابنـــه يتابعـــان المبـــاراة عبـــر التلفزيـــون‪. .‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فيق ــوم األب بإيق ــاف الص ــورة ويضغ ــط زر اإليق ــاف‪.‬‬
‫ثـــم يســـأل أبنـــه‪« :‬فـــي أي اتجـــاه تعتقـــد أن «بـــارك جـــي» ســـيصوب‬
‫الكـــرة؟؟‬

‫عنده ــا يصي ــح االب ــن بص ــوت مرتف ــع‪ :‬أب ــي ‪ :..‬كيــ ــف توق ــف الص ــورة! ! إن‬
‫ب ــث المب ــاراة مباش ــر؟!‬
‫و لـــم يعـــره األب أي اهتمـــام ( ألنـــه يشـــاهد عبـــر التقنيـــــة «‪»TIVOS‬‬
‫الجديـــدة مـــن «إل جـــي» التـــي تتيـــح للمشـــاهد إيقـــاف المشـــاهدة فـــي‬
‫الوقـــت الـــذي يناســـبه ويتجـــاوز اإلعالنـــات المملـــة‪.‬‬

‫هـــل لبـــى هـــذا الجهـــاز رغبـــات مســـتهلك هـــذا العصـــر؟ هـــل عمــــــل‬
‫‪62‬‬
‫اإلعـــان علـــى تحفيـــز المســـتهلك لشـــراء هـــذا المنتـــج؟ هـــل ســـتنجح‬
‫الشـــركة بجعـــل هـــذا المنتـــج مـــن أساســـيات كل البيـــوت؟‬
‫يبدو ذلك!!‬

‫وه ــل كان ــت لدين ــا حاج ــة قب ــل معرف ــة ظه ــور ه ــذا المنت ــج أو ه ــل كن ــا‬
‫نتش ــوق إل ــى امت ــاك مث ــل ه ــذا التلفزي ــون أوهن ــاك حاج ــة ل ــم نكـــ ــن‬
‫ن ــدرك أهميته ــا ألنن ــا ل ــم نعرفه ــا!؟‬

‫تمي ــزت الش ــركة بتقدي ــم منت ــج يس ــهم ف ــي مزي ــد م ــن رفاهيتن ــا ويصن ــع‬
‫حاج ــة ل ــم تك ــن موج ــودة‪.‬‬
‫«‪..‬فــي العصــر الــذي نعيــش فيــه‪ ،‬ليــس هنــاك شــيء أهــــم مــــن البحــث‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫والتطوي ــر‪ ،‬إضاف ــة إل ــى أهمي ــة أن نكـــون قادري ــن علـــى تطوي ــر الجي ــل‬
‫التالــي قبــل أن يفعلهــا «منافســونا»‪ .‬هــذا مــا قالـــه رئـــيس «سامســونج»‪.‬‬

‫تحديات أمام «سامسونج» و «إل جي»‬


‫تعمــل شــركتا «سامســونج» و «إل جــي» فــي التركيــز علــى تقنيــة الســيار‪،‬‬
‫عل ــى الرغ ــم م ــن اعترافهم ــا بصعوب ــة المنافس ــة‪ ،‬وكب ــر حج ــم المغام ــرة‬
‫ف ــي ه ــذا القط ــاع‪ ،‬ك ــون األس ــواق أصبح ــت مش ــبعة بالبضائ ــع‪.‬‬

‫ورغـــم ذلـــك‪ ،‬فليـــس لهمـــا خيـــار ســـوى اقتحـــام هـــذا النشـــاط بآلياتـــه‬
‫المتط ــورة‪ ،‬وس ــوف تعتم ــدان عل ــى وضعهم ــا الجدي ــد نس ــبياً ف ــي ه ــذه‬
‫الســـوق‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫وأكب ــر تح ــدي يواج ــه الش ــركات العامل ــة ف ــي ه ــذا المج ــال‪ ،‬إن ــزال منت ــج‬
‫ال تســـتطيع أن تتأكـــد أن المســـتهلك يحتاجـــه‪ ،‬وهـــذا نتيحـــه صعوبـــة‬
‫إجـــراء أبحـــاث فـــي الســـوق لمنتـــج جديـــد فـــي ســـوق متســـارع‪ ،‬التطـــور‬
‫في ــه يف ــوق ق ــدرة المس ــتهلك عل ــى اس ــتيعابه أو االس ــتفادة مــ ــن القيم ــة‬
‫المضاف ــة‪ ،‬إل ــى درج ــة ال ي ــدرك المس ــتهلك م ــاذا يري ــد م ــن إضاف ــات ف ــي‬
‫ه ــذه التقني ــات‪ ،‬فتدف ــع الش ــركات ضريب ــة وخس ــارة كبي ــرة لع ــدم قدرته ــا‬
‫عل ــى التوق ــع الصحي ــح للرغبــ ــات‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فيكـــ ــون الس ــبب الحاس ــم ف ــي نم ــو ش ــركات ف ــي ه ــذا المج ــال وتأخ ــر‬
‫أخــ ــرى‪ ،‬ألن ــه يتوق ــف عل ــى ق ــدرة الش ــركة ف ــي معرف ــة م ــا س ــوف يقب ــل‬
‫عليــــــه الجمهـــور مـــن تقنيـــات مضافـــة علـــى الســـيار مثــــل‪ :‬الكاميـــرا‪،‬‬
‫البلوتــوث‪ ،‬شاشــتين‪ ،‬البريــد االلكترونــي‪ ،‬تصفــح مواقــع انترنــــت‪... ،‬الــخ!!‬

‫فــي كثيــر مــن الصناعــات غيــر التقنيـــــة‪ ,‬يمكــن الوصــــول إلــى الحاجــات‬
‫والرغبــات ســريعاً‪ ،‬والشــركات هــي الموجهــة بكيفيــــة اســتفادة المســتهلك‬
‫مـــن هـــذا المنتـــج‪ ،‬أمــــا فـــي قطـــــا ع التقنيــــــات‪ ،‬فأصبحـــت المشـــكلة‬
‫تس ــويقية وليس ــت صناعي ــة فيقـــ ــول مــ ــدير سامس ــونج‪ ،‬بإمكاني ــة إن ــزال‬
‫جهـــاز ســـيار يمكنـــك مـــــن مشـــاهدة التلفزيـــون عبـــر شاشـــته ولكـــن‬
‫مشــكلتها فــي عــدم معرفتنــا حاجــــة المســتهلك إلــى مشــاهدة التلفزيــون‬
‫‪64‬‬
‫عب ــر شاش ــة صغي ــرة!!‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫‪65‬‬

‫فــي قطــــا ع التقنيـــــات‪،‬أصبحت المشــكلة تســويقية‬


‫وليســت صناعيــة‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫خاتمة‪..‬‬

‫كنت أسداً أم غزا ً‬


‫ال‪ ..‬ال فرق!‬
‫كل صب ــاح يس ــتيقظ «غ ــزال» باك ــراً‪ ،‬وه ــو يعــ ــرف أنــ ــه إن أراد النج ــاة‪،‬‬
‫ينبغـــي أن يركـــض أســـرع مـــن أســـرع أســـد!‬

‫وفـــي نفـــس الصبـــاح يســـتيقظ أســـد باكـــراً‪ ،‬وهـــو يـــدرك أنـــه إن أراد‬
‫النج ــاة يج ــب أن يرك ــض أس ــرع م ــن أبط ــأ غ ــزال وإال م ــات م ــن الج ــوع‪.‬‬

‫إن الحي ــاة وطبيع ــة البيئ ــة الت ــي نعيش ــها والمرحل ــة الت ــي وجدن ــا فيه ــا‬
‫تفـــرض علينـــا شـــروط اللعبـــة وقوانيـــن البقـــاء والنجـــاح‪ ،‬فمـــا نريـــد أن‬
‫‪66‬‬
‫نحقق ــه وم ــا نحل ــم ب ــه معق ــود بس ــنن تحت ــم علينـ ــا تس ــخير عناصره ــا‬
‫واس ــتيعاب المتغي ــرات للوصــ ــول إل ــى «قان ــون الحص ــاد»‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وم ــن أه ــم المتغي ــرات المؤث ــرة عل ــى النج ــاح‪ ،‬م ــا نعتق ــده ع ــن أنفس ــنا‬
‫وم ــدى نظرتن ــا لذاتن ــا‪ ،‬وأعتق ــد أن ه ــذا م ــا فهمت ــه «الياب ــان» عنــ ــدما‬
‫صنعـــت خارطـــة للعالـــم هـــي محورهـــا‪ ،‬وهـــي نقطـــة لقيـــاس ومعرفـــــة‬
‫مواق ــع ال ــدول األخ ــرى‪ ،‬فعلق ــت ه ــذه الخارط ــة بأحج ــام ضخم ــة‪ ،‬كأنه ــا‬
‫تق ــول «لليابانيين»أنت ــم األفض ــل‪ . .‬أنت ــم األذك ــى‪ ..‬أنت ــم مــ ــن س ــيضع‬
‫الحضـــارة الجديـــدة!!»‪.‬‬

‫فتخي ــل المس ــتوى اإليجاب ــي ال ــذي س ــينعكس عل ــى هـ ــذه األم ــة المعت ــزة‬
‫بإمكانياته ــا وقوته ــا البش ــرية كأه ــم ث ــروة تس ــتثمر في ــه‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫فهـــل مـــا فعلتـــه اليابـــان هـــو نقطـــة البدايـــة للكيفيـــة التـــي يفكـــر‬
‫فيه ــا «الكب ــار»‪ ،‬وم ــدى اعتماده ــم عل ــى فلس ــفات واضح ــة لمش ــاريعهم‬
‫الحضاري ــة الت ــي نتب ــوأ فيه ــا م ــكان غي ــر مش ــرف‪ ،‬وأعتق ــد أن م ــا وصل ــت‬
‫إليــه الشــركات فــي عالمنــا العربــي‪ ،‬يعــود إلــى عــدم وجــود رؤيــة واضحــة‬
‫وه ــي اس ــتحقاق طبيع ــي للتخل ــف الع ــام‪.‬‬

‫فــا يعيــب إدارة الشــركات عـــدم نجاحهــا‪ ،‬فالمــــشكلة أن الشــركات تنجــح‪،‬‬


‫وال ت ــدري لم ــاذا نجح ــت وتفش ــل‪ . .‬وال ت ــدري لم ــاذا ؟!‬

‫فالمنافس ــة الطاحن ــة الي ــوم‪ ،‬تس ــتدعي ن ــوع جدي ــد مــ ــن التفكي ــر‪ ،‬حي ــث‬
‫تفتـــش لهـــا الشـــركة عـــن موضـــع قـــدم فـــي هـــذا الســـوق المتفجـــر‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫بالمنتجـــات‪ ،‬وفـــي عصـــر قلصـــت فيـــه وقصـــرت دورة حيـــاة المنتـــج‪.‬‬

‫نس ــبة صم ــود الش ــركات وبقائه ــا تتض ــاءل‪ ،‬فالش ــركات الت ــي تجي ــد لعب ــة‬
‫الكب ــار ه ــي الق ــادرة عل ــى البق ــاء‪ ،‬ألنه ــا تصن ــع بش ــكل مس ــتمر «منح ــى‬
‫جديــد» يعمــل علــى إطالــة بقائهــا وهــذا مــا جعــل شــركه «فــورد» تُسّــخر‬
‫ميزاني ــة ضخم ــة لتطوي ــر منتجه ــا‪ ،‬فأضاف ــت منظ ــم اس ــتقبال اإلنترن ــت‬
‫والفيديــو داخــل الســيارة‪ ،‬لمــاذا أدركــت أن هنــاك مفهــوم جديــد يتشــكل‬
‫لمعن ــى الس ــيارة فجعل ــت له ــا دور ف ــي لعب ــة الكب ــار بدعمه ــا ف ــي اتج ــاه‬
‫المفهـــوم الجديـــد فأصبحـــت ليســـت وســـيلة نقـــل فقـــط‪ ..‬بـــل أشـــياء‬
‫وأش ــياء‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ولنف ــس الس ــبب رص ــدت س ــيارة «كادي ــاك» ميزاني ــة ضــ ــخمة لتطوي ــر‬

‫نجــاح مبيعــات المنتجــات أو الخدمــات‪ ،‬ال يقــوم فقــط علــى جــودة المنتــج أو‬
‫مــدى صحــة األيديولوجيــات‪ ،‬بـــل علـــى القــــدرات والخبــرات التســويقية‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫نظــام اســتقبال لألقمــار الصناعيــة داخــــل «كاديــاك» فتغيــرت المفاهيــم‬


‫العتيق ــة لمع ــدن «س ــيارة»‪.‬‬

‫مفهوم جديد لـ «املال»!‬


‫الش ــك ب ــأن نج ــاح مبيع ــات المنتج ــات أو الخدم ــات‪ ،‬وحت ــى نمـ ــو وانتش ــار‬
‫األيديولوجيـــات و األفـــكار‪ ،‬ال يقـــوم فقـــط علـــى جـــودة المنتـــج أو مـــدى‬
‫صحــة األيديولوجيــات‪ ،‬بـــل علـــى القــــدرات والخبــرات التســويقية‪.‬‬

‫حتـــى اإلبـــداع لـــم يصبـــح عامـــل الحســـم فـــي بـــروز النجـــوم فـــي كل‬
‫الح ــاالت ب ــل تط ــور دور ش ــركات العالق ــات العامــ ــة ف ــي صن ــع المش ــاهير‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫هك ــذا أصب ــح التس ــويق مح ــور النج ــاح وت ــدور ف ــي فلكــ ــه كل المؤث ــرات‬
‫األخ ــرى مث ــل الج ــودة‪ ،‬الس ــعر التوزي ــع‪ ...‬ال ــخ‪.‬‬

‫وم ــع تس ــارع التط ــور التكنولوج ــي‪ ،‬وتزاي ــد المنافس ــة‪ ،‬إضاف ــة إل ــى تغي ــر‬
‫نمـــط حيـــاة المســـتهلك بســـبب الفضـــاء المفتـــوح‪ ،‬وانتشـــار القنـــوات‬
‫الفضائيـــة وســـهولة التواصـــل بيـــن المجتمعـــات والمجـــرة مـــن الريـــف‬
‫إل ــى الم ــدن‪ .‬وال ننس ــي اإلنترن ــت‪ ,‬العام ــل األه ــم لتواصــ ــل الش ــعوب‪...‬‬
‫كل ه ــذه العوام ــل مجتمع ــة صنع ــت حاج ــات جديــ ــدة ل ــدى المس ــتهلك‬
‫تراقبهـــا الشـــركات لتطويرهـــا وتلبيتهـــا‪.‬‬

‫فصناع ــة الحاج ــات نظري ــة متط ــورة‪ ،‬غي ــرت مفهــ ــوم التس ــويق التقلي ــدي‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ال ــذي يبح ــث الكتش ــاف حاج ــات المس ــتهلك نح ــو المنت ــج ال ــذي يري ــده‪ ،‬أو‬
‫اكتش ــاف المعايي ــر الت ــي يش ــتري م ــن اجله ــا المنت ــج‪ ،‬لتلبيته ــا وتحقيقه ــا‪،‬‬
‫إل ــى اإلس ــهام ف ــي صناع ــة حاجــ ــات ل ــم يكــ ــن يدركه ــا المس ــتهلك أو‬
‫يع ــرف أن ــه محت ــاج إليه ــا‪.‬‬

‫ه ــذا م ــا عملت ــه وفك ــرت ب ــه «نوكي ــا»‪ ،‬عندم ــا اكتش ــفت باك ــراً الحاج ــات‬
‫والرغبـــات التـــي يحلـــم بهـــا المســـتهلك وهـــي تعمـــل فـــي قطـــاع آخـــر‬
‫بعي ــد ع ــن قط ــاع االتص ــاالت‪.‬‬

‫فنحـــن فـــي عصـــر يعتمـــد علـــى المعلومـــات فـــي اتخـــاذ القـــرار ولــــيس‬
‫عل ــى الفرضي ــات‪ ،‬فالمفه ــوم الجدي ــد للقيم ــة «الم ــال» يتع ــدى المنتج ــات‬
‫‪70‬‬
‫والخدمــات إلــى المعلومــات‪ ،‬والحقوق الفكريــــة‪ ,‬فبقــــدر قناعــــة الشــركات‬
‫بالمعلوم ــات تسّ ــخر اإلمكاني ــات للدراس ــات الــ ــسوقية‪ ،‬وتكتش ــف كثي ــر‬
‫مـــن المعطيـــات المتعلقـــة بالحصـــص الســـوقية المتغيـــرة‪ ،‬وحاجـــات‬
‫المس ــتهلك ووالء المس ــتهلك‪...‬الخ؛ لتتمك ــن م ــن اتخ ــاذ ق ــرار تس ــويقي‬
‫مبن ــى عل ــى معلوم ــات تتي ــح له ــا تحقي ــق أهدافه ــا‪ ،‬وحت ــى تتجن ــب التعل ــم‬
‫والتطـــور علـــى طريقـــة المحاولـــة والخطـــاء‪ ،‬وبحيـــث تســـتدرك الخســـائر‬
‫المترتب ــة ع ــن ع ــدم معرفته ــا وأس ــباب قل ــة حصته ــا الس ــوقية‪.‬‬

‫كم ــا حص ــل لش ــركة تنت ــج الحلي ــب‪ ،‬عندم ــا ش ــعرت أن مبيعاتــ ــها ب ــدأت‬
‫تتقلــص‪ ،‬اعتمــدت كعادتهــا علــى الفرضيــات للوقــوف علــى الســبب‪ ،‬فتــارة‬
‫افترض ــت أن مش ــكلتها باألس ــعار‪ ،‬فتعامل ــت م ــع ه ــذه الفرضي ــة كحقيق ــة‪،‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فغي ــرت سياس ــتها الس ــعرية‪ ،‬ولم ــا ظل ــت المش ــكلة قائم ــة‪ ،‬افترض ــت أن‬
‫الخل ــل ف ــي تج ــار التجزئ ــة‪ ,‬وأن م ــا يحصل ــون علي ــه م ــن هام ــش رب ــح ف ــي‬
‫المنتج ــات المنافس ــة أكث ــر‪ ،‬وعندم ــا اس ــتمرت المش ــكلة‪ ،‬افترض ــت ب ــأن‬
‫الجــودة وطعــم المنتــج المنافــس هــــو الســبب‪ ، ....‬وبعــد خس ــائر كبيــرة‪،‬‬
‫ووق ــت طوي ــل‪ ،‬أدرك ــت ب ــأن م ــن أه ــم أس ــباب قل ــة المبيع ــات س ــهولة‬
‫فت ــح الحلي ــب المناف ــس بطريق ــة س ــهلة ال يحت ــاج إل ــى أي أدوات مس ــاعدة‬
‫للفت ــح‪.‬‬
‫فبدراس ــة بس ــيطة ف ــي معايي ــر تفضي ــل المس ــتهلك لمنت ــج م ــا‪ ،‬يمكـــ ــن‬
‫أن تكتشف المشكلة‪.‬‬
‫ولكـــن غيـــاب الوعـــي التســـويقي كثقافـــة‪ ،‬كان‬
‫المانـــع األكبـــر إضافـــة إلـــى ثقافـــة المؤسســـين‬
‫‪71‬‬
‫للشـــركات التـــي هـــي أصـــل المشـــكلة‪.‬‬

‫أدركــت بــأن مــن أهــم أســباب قلــة‬


‫المبيعــات ســهولة فتــح الحليــب‬ ‫ودور الشـــركات األســـرية ليـــس محايـــداً فـــي‬
‫هـــذه اإلشـــكالية‪ ،‬والـــذي ظهـــر جليـــاً فـــي عـــدم الفصـــل بيـــن الملكيـــة‬
‫واإلدارة فـــي الـــدول المتخلفـــة‪.‬‬
‫فالبقــاء ليــس فقــط لمــن يقــدم منتجــات حســب حاجــات المســتهلك‪ ،‬بــل‬
‫لمــن يبتكــر مــا ال يعــرف المســتهلك أنــــه يحتاجــه «موضــوع الكتــاب»‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫يف نهاية هذا الباب‪..‬‬


‫أتكـــئ فـــي المواضيـــع المطروحـــة والقصـــص التســـويقية علـــى حســـن‬
‫تقدي ــر وح ــدس الق ــارئ ال ــذي س ــيتمكن م ــن توظي ــف المفاهي ــم بش ــكل‬
‫إيجاب ــي يتناس ــب م ــع البيئ ــة المحلي ــة‪.‬‬ ‫‪72‬‬
‫فلنفكر معاً بطريقة عالمية‪ ..‬وننفذ بطريقة محلية‪..‬‬
‫الباب الثاني‬
‫املشهد التسويقي يف اليمن‬
‫شكر‪ ..‬وإهداء‬
‫أســتثمر هــذه الفرصــة لشــكر ُكل العامليــن علــى رقــي وتطويــر‬
‫مؤسســاتهم‪ ،‬بمهنيــة واحتــراف تسويقي‪...‬وأســهموا فــي الحــراك‬
‫التـــسويقي فــي بالدهــم‪ ،‬مـــن خــال تنفيــذ وتبنــي مشــاريع تســويقية‬
‫ناجحــة‪.‬‬

‫ألن إدارة المــال عندهــم تعنــى «التســويق بفــن» ‪ ..‬وليســت جهــوداً‬


‫عضليــة ومبيعــات‪.‬‬
‫وأخص بالشكر ك ً‬
‫ال من‪:‬‬
‫‪ -‬زياد عبدالمجيد (شركة مام) ‪.‬‬ ‫‪74‬‬
‫‪ -‬طارق عبدالواسع (شركة المتحدة للتأمين)‪.‬‬
‫‪ -‬شكري الفريس (شركة راحة)‪.‬‬
‫‪ -‬عصـام الحيقي (شركة آرتكس)‪.‬‬
‫‪ -‬بسـام شولـق (شركة فوكس)‪.‬‬
‫‪ -‬عبدالقادر ردمان(شركة الصناعة والتجارة)‪.‬‬

‫فلهــم منــي جزيــل الشــكر مــع أزكــى األمنيــات بمزيـــد مـــن النجاحــات‬
‫الباهــرة‪..‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫مقدمة‬

‫كيف تفكر الشركات يف اليمن؟؟‬


‫مــن الصعوبــة الكتابــة عــن التســويق فــي اليمــن لعــدة أســـباب‪ ،‬منهــا‬
‫ثقافيــة والتــي انعكســت علــى مــدى تفســيرنا للــرأي اآلخــر‪ ،‬واعتبــار أي رأي‬
‫مخالــف أو نقــد أو توضيــح بأنــه مؤامــرة وتشــهير‪ ،‬فثقافتنــا مبنيــة علــى‬
‫«التفســير التآمــري»‪.‬‬

‫يقــول الدكتــور نبيــل علــي‪« :‬ثقافتنــا تنبــذ االختــاف والتعــدد فــي الــرأي‬
‫وتنحــاز إلــى التشــابه واالتفــاق فــي الــرأي ولــو كان نفاقـــاً‪ ،‬فترســخت قيــم‬
‫ســلبية‪ ،‬وأخــذت شــرعيتها مــن التـــاريخ العــــربي والثقافــة التقليديــة»‪.‬‬
‫والمفتــرض أن نســتثمر أي اختــاف أو رأي آخــر كقــوة دفـــع إلــى التغيــري‬ ‫‪75‬‬
‫والتطويــر‪ ،‬أي االســتفادة مــن قانــون التدافــع‪.‬‬

‫والســبب اآلخــر عــدم تبلــور التســويق كأســلوب وآليــة علميــة للوصــول إلــى‬
‫األهــداف المنشــودة‪ ،‬بشــكل يمكــن أن يســتوعب فيــه كثيــراً مــن المفاهيــم‬
‫والنظريات‪.‬‬

‫ولكــن مــا نلمســه مــن متغيــرات دوليــة تفــرض علينــا لعــب دور فــي هــذا‬
‫المضمــار‪ ،‬واألمــر ليــس فيــه مجــال الختيــار أولويــات خاصــة فــي واقعنــا‪.‬‬
‫فنحــن جــزء مــن عالــم ألغيــت فيــه الخصوصيــات فــي كل شــيء إبتــدا ًء‬
‫بالثقافــة‪ ,‬مــروراً بالسياســة وانتهــاء باالقتصــاد‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫انتهــى زمــن كانــت فيــه منتجــات كل ســلعة ال تتعــدى عالمتيــن تجاريتيــن‪،‬‬


‫ومــن أتيحــت لــه فرصــة العمــل التجــاري أو الصناعــي كان مــن أصحــاب‬
‫رؤوس األمــوال الكبيــرة‪ ،‬حيــث تكــون نســبة نجاحــه أكيــدة‪ ،‬وحتــى علــى‬
‫الصعيــد الشــخصي‪ ،‬فقــد كانــت فــرص البــروز والتفــوق متاحــة‪ ،‬ال تحتــاج‬
‫إلــى جهــود فكريــة وعالقــات تســهم فــي بلــوغ المــرام‪.‬‬
‫كان لســان حــال تلــك المرحلة(نبيــع مــا يمكــن صناعتــه!!)‪ .‬أمــا لســان حــال‬
‫هــذه المرحلــة (نصنــع مــا يمكــن بيعــه!!) وهنــاك فــرق كبيــر‪!!..‬‬

‫ولقــد أعــرب أحــد المهتميــن بالتســويق عــن هــذه الفكــــرة بقولــه «ولــى‬
‫زمــن إذا صنــع رجــل أفضــل جهــاز لصيد الفئران‪ ،‬أو أحســن مســحوق غســيل‪،‬‬
‫وهــو فــي دار وســـط غابـــة‪ ..‬لبحــث عنــــه المســتهلكون ودقــوا بابه!!»‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫فالمتغيــرات والتطــورات التكنولوجيــة هــي العوامــل التــي صنعــت هــذا‬


‫الكــم مــن الخيــارات مــن المنتجــات المتعــددة‪ ،‬وجعلــــت المشــتري المحــور‬
‫الــذي تســعي الشــركات لتحقيــق رضــاه‪ ،‬فصــارت دفــة القيــادة فــي يديــه‪،‬‬
‫وليــس فــي يــدي البائــع فيحركهــم باالتجــاه الــذي يريــده هــو ال البائــع‪.‬‬

‫وإذا لــم نعتــن بالعميــل فلســوف يأتــي مــن يعتنــي بــه‪ ،‬حتــى أصبــح‬
‫المســتهلك هــو الملك المتوج‪ ،‬إضــــافة إلــى االتفاقات الدوليــــة «العولمة»‬
‫التــي فتحــت األبــواب‪.‬‬

‫لهــذا نحــاول فــي هــذه المواقــف التســويقية التــي ســميت مجــازاً (نــوادر)‬
‫(ألنهــا ممارســات يفتــرض أن تكــون علميــة ولكــن واقـــع الحــال يؤكــد غيــر‬
‫ذلــك) تحريــك الميــاه‪ ،‬أســتفز بــه األشــخاص األكثــر خبــرة فــي العمــل‬
‫اإلعالمــي والثقافــي إليجــاد «تدافــع» يعمــل علــى الوصــول إلــى حــراك‬ ‫‪77‬‬
‫تســويقي‪.‬‬

‫ويمكــن أن يكــون هــذا الجهــد دعــوة وتذكيــر للمســتثمرين فــي القطــاع‬


‫الصناعــي وكل القطاعــات‪ ،‬بــأن األمــر جــد ليــس بالهــزل‪« ،‬إذا لــم تضــع‬
‫نشــاطك بالمــكان الصحيــح الــذي يناســبك‪ ،‬ســيضعك المنافــس بالمــكان‬
‫الــذي يناســبه»‪.‬‬

‫‪‎‬‏ ويجــب النظــر إلــى الشــركات العابــرة للقــارات والمنتجــات التــي تبعــد عنــا‬
‫جغرافيـاً علــى إنهــا قريبــة‪.‬‬

‫المرحلــة الراهنــة لهــا قواعــد وشــروط خاصــة ـ ال يعنــي بالضــرورة ابتــكار‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫منتجــات جديــدة بقــدر مــا يعنــي التفكيــر فــي طــرق جديـــدة لتســويقها‪.‬‬
‫‏ فهــذا الجهــد يلبــي حاجــة القــارئ وبشــكل مبســط فــي معرفـــة شــيء مــن‬
‫المشــهد التســويقي فــي بالدنــا‪.‬‬

‫مــن خــال هــذه النــوادر التســويقية‪ ،‬يمكــن للقــارئ اســتيعاب كيــف تفكــر‬
‫الشــركات اليمنيــة‪ ،‬أو هــي مؤشــــر لكيفيــــة إدارة وتســويق المنتجــات‬
‫المحليــة‪ ،‬وتعكــس مســتوى المشــهد التســويقي فــي بالدنــا و بعــد عرضها‪،‬‬
‫يمكــن أن نســتنتج و نفهــم كيــف تســير األمــور وأثرهــا االقتصــادي علــى‬
‫البلــد وليــس علــى المســتثمر فقــط‪.‬‬

‫وحتــى نفهــم بعضهــا ونفســر بشــكل صحيــح يجــب أن نضيــف إلــى‬


‫المعطيــات الســابقة أن هنــاك بعــض شــركات ومصانــع ليــس فيهــا إدارة‬
‫تســويق‪ ،‬فهــي تعتمــد فــي تســيير نــــشاطها علــــى إدارة المبيعــات‪ ،‬ولهــا‬ ‫‪78‬‬
‫أســبابها‪ ،‬ســنذكرها بعــد وقفتنــا‪.‬‬

‫كمدخــل للموضــوع‪ ،‬ينبغــي الوقــوف مع دراســة نُفذت مــــن قبــل «الكاتب»‬


‫بالتعــاون مع صحيفة الوســيط اإلعالنية بعنــــوان‪:‬‬
‫(لماذا تعلن الشركات؟؟)‪:‬‬
‫وسيلة الدراسة اإلعالنية‪ :‬الصحف‪.‬‬
‫مكان الدراسة‪ :‬صنعاء‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وكانت نتيجة الدراسة‪:‬‬


‫‪% 20 -1‬مــن اإلعالنــات للحصــول علــى دعــــم مــــن الشــركات األم فــي‬
‫خــارج اليمــن‪.‬‬
‫‪ % 25 -2‬مــن اإلعالنــات‪ ,‬وســيلة لدعــم الـــصحف ألســباب حزبيــة أو قبليــة‪،‬‬
‫أو مصالــح شــخصية‪.‬‬
‫‪% 15 -3‬مــن اإلعالنــات لكســب رضــا الصحــف وذلــك لتجنــب فتــح ملفــات‬
‫الفســاد فــي تلـــــك الشــركات أو اســتجابة البتزازهــا‪.‬‬
‫‪ %10 -4‬مــن اإلعالنــات ألســباب تتعلــــق بنفـــسية أصحابهــا‪ ،‬الذيــن‬
‫يشــعرون بحاجتهــم للظهــور كبـــــارزين وناجحيــن‪ ،‬إمكانيــة إرضــاء غرورهم‬
‫حــول مكانتــــهم االجتماعيــة‪.‬‬
‫‪% 30-5‬من اإلعالنات فقط ألسباب تسويقية‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫وقــد هدفــت الدراســة إلــى جمـــع معلومــات تعيــن المهتميــن بالتســويق‬
‫والمســتثمرين فــي المشــاريع اإلعالنيــة لمعرفــة حجــم الســوق وحجــم‬
‫النشــاط التجــاري‪.‬‬

‫ومــن خــال نتيجــة الدراســة يتبيــن أن اإلعــان ال يقيــس حجــم الســوق‬


‫وال مســتوى النشــاط التجــاري‪ .‬وأن اإلعــان فــي بالدنــا ألســباب ليــس لهــا‬
‫عالقــة بالتســويق‪.‬‬

‫فقــط‪ 30% ..‬مــن المعلنيــن هــم الذيــن لهــم هــدف تــــسويقي‪ ،‬يســتوعبوا‬
‫المتغيــرات وينســجموا مــع قواعــد النجــاح الجديــدة‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫نوادر تسويقية‬
‫إعالن تلفزيوني لمشروب عصير فواكه معلب‪:‬‬
‫المشهد األول‪:‬‬
‫(مجموعة شباب في رحله لمنطقه «ثلجية» باردة جداً)‬

‫المشهد الثاني‪:‬‬
‫(يشربون المنتج وهم يمرحون»بين الثلوج»)‪ ..‬ال يحتاج هذا اإلعالن‬
‫إلى تعليق أكثر!!‬
‫بم كان يفكر من وضع هذا اإلعالن؟‬
‫فمنتج العصير مرتبط بــ‪:‬‬
‫‪80‬‬
‫‪ -1‬العطش ‪ -2‬االنتعاش ‪ -3‬تعويض السوائل بعد بذل مجهود‪.‬‬
‫هل الجليد والبرودة الشديدة لها صلة بطبيعة المنتج؟؟‬

‫أين األساسيات البديهية في وضع اإلعالن ؟؟‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫لإلعالن شروط وقواعد لكي يحقق أهدافه‪:‬‬


‫‪ -1‬يتضمــن توضيــح للســؤال‪ :‬لمــاذا يجـــــب أن يقتنــي المســتهلك المنتــج‬
‫«قــد تكــون حاجــات المســتهلك»‪.‬‬
‫‪ -2‬كيف يمكن أن يقتنع المستهلك بمزايا المنتج‪.‬‬
‫‪ _3‬بناء هوية المنتج‪.‬‬
‫‪ -4‬نظريــة المثيــر واالســتجابة‪ ،‬التــي يراهــن عليهــا خبــراء التســويق لمثــل‬
‫هــذه المنتجــات‪ :‬اإلثارة= العطــــش‪.‬‬
‫االستجابة= التصاق اسـم المنتج في ذهــن المستهدف أثناء العطش‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫بم كان يفكر من وضع هذا اإلعالن؟‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫الرتويج ملنتج «انتهت صالحيته»!!‬


‫حملــة ترويجيــة لمنتــج غذائــي ‪ -‬مـــع ّلب‪ -‬اســتخدمت كثيــر مـــن الوســائل‬
‫اإلعالنيــة للتعريــف بالبرنامــج‪ ،‬نســبة كبيــرة مــن الوســائل اإلعالنيــة ال‬
‫تصــل إلــى المســتهدف‪.‬‬
‫مثـ ً‬
‫ا‪ ،‬كان صــــاحب قــــرار الشــراء هـــي «المــرأة»؛ وكانـــت اإلعالنــات فــي‬
‫صحــف «سياســية»!!!‪.‬‬

‫ومــن الممارســات العجيبــة فــي هــذا البرنامــج التســويقي تعامــل القائميــن‬


‫عليــه بإســتراتيجية‪ ،‬كأنهــا تــروج لمنتــج كادت صالحيتــه أن تنتهــي؟؛‬
‫وليــس لــدى القائميــن علــى البرنامــج إال العمــل علــى بيــع أكبــر كميــة منــه‬
‫كهــدف نهائــي‪ ،‬وظهــر ذلــك مــن خــال الرســـائل اإلعالنيــة التــي حملهــا‬
‫اإلعــان‪ ،‬فهــو‪:‬‬ ‫‪82‬‬
‫‪ -‬ال يوصل أي رسالة مرتبطة بحاجة ورغبات المستهلك «بال رسالة»‪.‬‬
‫‪ -‬وسائل إعالنية ال تستهدف من بيده قرار الشراء‪.‬‬
‫‪ -‬ال يبرز أو يصنع هوية المنتج أو العالمة التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬ال يوجد أسباب موجبة الستهالكه‪.‬‬

‫فمثــل هــذه الحمــات التــي أنفــق عليهــا المالييــن‪ ،‬إذا لــم تهــدف إلــى‬
‫تعزيــز الــوالء للمنتــج أو تســجيل اســتجابة لرغبــات وحاجــــات المســتهلك‬
‫فــإن القائميــن عليهـــا يســتفيدون مــــنه كاســتفادة «المجنون!» مــن عمود‬
‫اإلنــارة لالتــكاء‪ ..‬وليــس لإلضــاءة! وهــذا الوصــف لصاحــب كتــاب «لعبــة‬
‫التســويق»‪.‬‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫وللعلــم فــإن كثيــراً مــن البرامــج التســويقية التي تســتهدف محــات التجزئة‬
‫«خادعــة»‪ ،‬ألنهــا تســجل مبيعــات كبيــرة لذلــك الشــهر فيحصــل أصحــاب‬
‫المحــات علــى هدايــا وجوائــز‪ ،‬ويظهــر وذلــك فــي قلــة مبيعــات الشــهور‬
‫التــي تلــي البرامــج التســويقية‪ ،‬المتــاء المخــازن بالمنتــج مــن فتــره البرامج‬
‫التســويقية‪.‬‬

‫اللعب يف املكان الخطأ‬


‫تــ ّفعل شــركات «جــي‪ .‬إس‪ .‬إم» تطبيقاتهــا باســتمرار‪ ،‬والـــتي تكلفها الكثير‬
‫مثــل‪ :‬الترجمــة الفوريــة‪ ،‬أحــوال الطقــس‪ ،‬أســعار العمــات آخــر خبــر ‪ ...‬الــخ‪،‬‬
‫حتــى وصلــت ألكثر مـــن مائـــة تطبيق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫فشــركات الـ«جــي‪ .‬إس‪ .‬إم» فــي دول العالــم تعــول علــى هــذه التطبيقــات‬
‫لزيــادة إيراداتهــا وتفعيــل الخدمــات‪ ،‬بعــد دراســة أهم مــا يحتاجه المشــترك‬
‫منهــا‪ ،‬ولكــن مــا حصــل مــع الشــركات هنــا كــــان بعيــداً كل البُعــد عــن‬
‫حاجــة المشــترك‪ ،‬حيــث تفعيــل هــذه التطبيقــات ليــس حســب معرفــة مــا‬
‫يمكــن أن يســتفيد منــه المشــترك‪ ،‬بعــد دراســة لمعرفــة ســلوك المشــترك‬
‫وثقافتــه‪ .‬مــع لعــب دور فــي رفـــع وعـــي المســتهلك بثقافــة الــــ «جــى ‪ .‬اس‪.‬‬
‫إم»؛ فأخــر مــا يفكــر بـــه هـــو «المشــترك» لعــدم وجــود منافســة واقعيــة‪.‬‬

‫فــإن تفعيــل هــذا الكــم الهائــل هــو نتيجــة متابعــة كــــل شــركة لألخــرى‪،‬‬
‫فعينهــا علــى الشــركة المنافســة أي تكــرر مــا يســتجد!‬

‫فكانــت النتيجــة أن تســويق وترويــج مثل هــذه الخدمــات‪ ،‬بعيـــــداً كل البعد‬


‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫عــن حاجــة المســتهلك؟ لهــذا لــم تســهم هــذه التطبيقــــات فــي رفــع معدل‬
‫فاتورة المســتهلك‪.‬‬

‫فالخاســر األكبــر هنــا هــي الشــركة‪ ،‬ألنهــا تلعــب فــي مــكان بعيــد عــن‬
‫المســتهلك أي فــي المــكان الخطــأ‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫تفعيــل هــذه التطبيقــات ليــس حســب معرفــة مــا يمكــن أن يســتفيد منــه‬
‫المشــترك‪ ،‬بــل هــو نتيجــة متابعــة كــــل شــركة لألخــرى‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫للنجاح شروط أخرى‪:‬‬


‫«مكــة كــوال»‪« ،‬زمــزم كــوال»‪ . .‬مشــروبات غازيــة راهنــت علــى حاجــة‬
‫المســتهلك «المســلم» لمنتجــات قريبــة منــه‪ ،‬بَنًـــت إســتراتيجيتها‬
‫التســويقية علــى هــذه العاطفــة‪.‬‬

‫بعــد جهــد كبيــر بــذل إليجــاد‬


‫منتــج بطعــم قريــب أو مقبــول مــن‬
‫طعــم المنتجــات المنافســة‪ ،‬فــكان‬
‫لهــا مــا أرادت ولــو نســبياً‪ ،‬وبــدأت‬
‫التســويق وفــق مــا توصلــت إليــه‬
‫مــن جــودة المنتــج فســعّرت‬
‫‪85‬‬
‫منتجهــا علــى أســاس جودتهــا‬
‫ومتكئــة علــى عاطفــة المســتهلك‪،‬‬
‫فقرارهــــا التســويقي المتعلــق‬
‫بالســعر لــم يكــن موفقــاً‪ ،‬ألنهــا‬
‫للنجاح شروط أخرى مختلفة غير العواطف!!‬ ‫تجاهلــت بشــكل كبيــر عقــود‬
‫مــن الترويــج والتســويق لعالمــات‬
‫قويـــة منافــــسة و لــم تعتقــد أنــه يمثــل قيمــة ماليــة كبيــرة‪.‬‬

‫والنتيجــة‪ ،‬تراجعهــا فــي األســواق بشــكل واضــــح‪ ..‬فللنجــاح شــروط أخــرى‬


‫مختلفــة غيــر العواطــف!!‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫ماذا يشرتي منك املستهلك؟‬


‫شــركة متخصصــة فــي تســويق منتجــات خاصــة بالحميــة‪ ،‬لهــا مســاحة‬
‫كبيــرة فــي إحــدى مراكــز التســوق الكبــرى‪ ،‬مشــكلتها التســويقية أنهــا‪ ..‬ال‬
‫تعــرف مــاذا تبيــع؟ وال تعــــرف مــاذا يشــتري منهــا المســتهلك؟‬

‫وظهــر ذلــك فــي وســائلها اإلعالنيــة‪ ،‬حيــث تعلــن أن منتجاتهـــــا خاصــة‬


‫لمرضــى الســكري!! اســتهدفت نســبة بســيطة أو قطــاع واحــد فقــط مــن‬
‫عــدة قطاعــات واســعة‪.‬‬

‫الذين يحتاجون لمنتجات الشركة قطاعات عديدة‪ ،‬ألسباب كثيرة منها‪:‬‬


‫‪ -1‬الحماية والوقاية من أمراض السمنة‪.‬‬
‫‪ -2‬الذين يريدون الحفاظ على رشاقتهم‪.‬‬ ‫‪86‬‬
‫‪ -3‬الذين يتوقعون أنهم عرضــة في المستقبل لمرض السكري‪.‬‬

‫فاإلعــان بــأن هــذه المنتجــات المتنوعــة لمرضــى الســكري فقــط‪ ،‬يعــد‬


‫خطــأ تســويقياً كبيــراً يضيــع فرصــة مبيعــات كبيــرة للشــركة‪.‬‬
‫فالمفتــرض أن تحتــوي الرســالة اإلعالنيــة علــى شــيء يســهم فــي تطويــر‬
‫ثقافــة الحميــة‪ ،‬فيســهم مباشــرة فــي زيــادة مبيعــات الشــركة‪ ،‬فلكــي تنجــح‬
‫ابحــث عــن‪ :‬مــاذا يشــتري منــك المســتهلك؟‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫شركة‪ ..‬كانت تفكر!!‬


‫كانــت يوم ـاً فــي بالدنــا تمــارس التســويق لمنتجاتهــا‪ ،‬باحتــراف أســهمت‬
‫فــي تحريــك المشــهد التســويقي «كمنــــافس عاقــــل»و أوجــدت تدافــع‬
‫يعمــل علــى تطــور المنافســين كــــسنة حتميــــة‪ ،‬وتعــدت فائدتهــا إلــى‬
‫تطويــر العامليــن فــي هــذا المجــال‪.‬‬

‫كان لــي معهــم تجربــة تســويقية ناجحــة‪ ،‬والتجربــة بــدأت بــأن طلــب منــي‬
‫فكــرة ترويجيــة إلحــدى منتجاتها‪-‬صابــون غــــسيل المالبــس‪ -‬مــن أهــم‬
‫أهدافهــا‪:‬‬
‫‪ -1‬زيادة مبيعات المنتج‪.‬‬
‫‪-2‬إثــارة اهتمــام المســتهدف بوجــود حبيبــات ملونــــة مضافــة‪ ،‬للتميــز عــن‬
‫المنافسين‪ ..‬إضــــافة ألهــــداف أخرى‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫وبعــد نقــاش حــول المنتــج وتميــزه ومكوناته‪..‬عرضــت عليهــم برنامــج‬


‫ترويجــي بســيط وهــو عبــارة عــن مســابقة تحقــق الهــدف مــن البرنامــج‪.‬‬

‫حيــث عرضــوا جوائــز قيمــة لحــل ســؤال المســابقة‪ ،‬وكل مـــن يريــد الفــوز‬
‫بالجوائــز عليــه أن يشــتري المنتــج ويكتشــف اإلجابــة‪.‬‬

‫فالمنتــج يحتــوي علــى مــادة خضــراء‪ ،‬لــم يكتشــفها المســتهلك بعــــد‪،‬‬


‫وأرادت الشــركة الترويــج لوجــود تلــك المــادة‪ ،‬و كــــان ســــؤال المســابقة‪:‬‬
‫مــا ألــوان مســحوق صابــون‪..‬؟‬

‫أســهم هــذا البرنامــج فــي زيــادة المبيعــات‪ ،‬مــــع الوصــــول إلــى أهــداف‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫التعريــف بالمــادة الخضــراء‪ ،‬ألن المســتهلك يعتقــــد أن المــواد الملونــة‬


‫زرقــاء فقــط‪ ،‬ولكــي يعــرف األلــوان األخــرى‪ ،‬كـــان يجــب عليــه أن يشــتري‬
‫المنتــج ليكتشــف اللــون األخــر‪.‬‬

‫بدون تعليق!‬
‫هــل تذكــرون إعالنــاً تلفزيونيــاً لســيارة ذات عالمــة تجاريــة مشــهورة‬
‫جــداً‪ ،‬يظهــر أب يقــود ســيارته الجميلــة مــع أبنــه‪ ،‬فيمــرون بجانــب ورشــة‬
‫ســيارات‪ ،‬فيســأل االبــن أبــاه مشــيراً إلــى الورشــة ‪ :‬مــا هــذا؟؟ فلــم يعــرف‬
‫األب اإلجابــة‪ ،‬ألن الســيارة لــم تتعطــل مــن قبــل!!‬

‫ذكــرت هــذا اإلعــان فــي موقــف مشــابه‪ ،‬ولكــن مــع الفــارق‪ ،‬ففــي حــوار‬
‫بيــن وكيــل ســيارات فــي صنعــاء‪ ،‬مــع أحــد الذيــن يملكــون ســيارة مــن هــذا‬
‫‪88‬‬
‫الوكيــل‪ ،‬عندمــا ســأله صاحــب الســيارة‪:‬أين الورشــة ســيارتي تعطلــت؟؟‬
‫فــكان جــواب الوكيــل‪ :‬لديــك ســيارة مــن عندنــا‪ ،‬وال تعــرف الورشــة!! هنــاك‬
‫فــرق بيــن اإلعالنيــن!!‬
‫فــن صناعة الحاجات‬ ‫لعبة الكبار‬

‫الخالصة‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه‪:‬‬
‫لماذا ال يوجد احتراف تسويقي في بالدنا؟‬
‫وهنــا إجابــات أو فرضيــات مبنيــة علــى الخبــرة العمليــة‪ ،‬وتحتــاج إلــى دراســة‬
‫للتحقــق منها‪:‬‬
‫‪ -1‬السوق شاغر والمنافسة بين المنتجات محدودة‪.‬‬
‫‪ -2‬مســتوى دخــل المواطــن ال يغيــر دخــــول شــركات محترفــة تســهم فــي‬
‫إيجــاد حــراك تســويقي‪.‬‬
‫‪ -3‬إدارات ليــس عندهــا ثقافــــة تســويقية‪ ,‬ألن أكثــر الشــركات يديرهــا‬
‫الجيــل األول «المؤســس» ولــــيس لديهــم قناعــة بالتســويق‪.‬‬
‫‪ -4‬عــدم وجــود آليــة لقيــاس مــدى نجــاح المشــروع التســويقي مــن عدمــه‪،‬‬
‫مــع عــدم االهتمــام بالنتائــج فمجــرد وجــود برنامــج تســويقي‪ ،‬كمــا اتفــق‪،‬‬ ‫‪89‬‬
‫يعــد إنجــازاً!‬
‫‪ -5‬كثيــر مــن المجموعــات التجاريــة «أســرية»‪ ،‬وترتــب عليــه أن مــا خســره‬
‫األخ األصغــر فــي شــركة يعوضــه األخ األكبــر فــي شــركة أخــرى‪.‬‬
‫‪ -6‬هناك شركات‪ ،‬إلى اآلن ليس لديها مدراء تسويق!!‬
‫في األخير‪...‬‬
‫أتمنــى أن ال أكــون قــد أضعــت وقــت القــارئ دون فائــدة‪،‬‬
‫وحتــى تكــون الفوائــد متبادلــة‪ ،‬مــع توقعــي وجــود آراء‬
‫ووجهــات نظــــر مختلفــة للمواضيــع التــي طرحتهــا‪ ،‬أتمنــى‬
‫التواصــل عبــر البريــد اإللكترونــي ‪:‬‬
‫‪raed260@yahoo.com‬‬ ‫‪90‬‬
‫التصميم واالخراج الفني‬
‫ايهاب السقاف ‪771604086 :‬‬

You might also like