Professional Documents
Culture Documents
1
مدخــل
تغيير راديكالي..
فالمفهــوم التقليــدي لهــا بأنهــا وســيلة نقــل ،أمــا الكبــار يغيــرون مفهــوم
الســيارة إلــى وســيلة للمتعــة والراحــة أو مكــــان لمزاولــة العمــــل كمكتــب
متنقــل بمــا يتيــح إمكانيــة االتصــال بالعالــم عــن طريــق ربطهــا باألقمــار
الصناعيــة كمــا فعلــت ســيارات «كاديــاك» علــى ســبيل المثــال.
اكتشاف الفرص
لعبــة الكبــار ..فــي اكتشــاف الفــرض ،ألنهــم يدرســون متغيــرات المســتقبل
فيســتفيدون منهــا ،فهــم يـــسبقون غيرهــم فــي تقديــم خدمــات ومنتجــات
جديــدة يقبــل عليهــا المســتهلك رغــم أنـــه ال يعــرف حاجتــه لهــا قبــل
وجودهــا.
13
«شامبو» املحجبات!!
تجــاوزت إحــدى شــركات الشــامبو الشــركات التقليديــة األخــرى ،لكثــرة
المنتجــات التقليديــة المتنافســة ،ونتيجــــة لتناقــص الحصــص الســوقية
،فبــدأت البحــث عــن حاجــة
غيــر مشــبعة ،أي المنتــج الــذي
يحتاجــه المســتهلك وال يدركــــه
فكونــت شــامبو يســتهدف فئــة
مــن النســاء يظــــل شــــعرهن
مغطــى لســاعات.
فمــا الــذي جعــل اليابــان تصنــع خارطــة العالم بشــكل مختلــف عــن المتعارف
عليــه؟ حيــث صممتهــا بمــا يجعــل اليابــان فــي مركــز العالــم أي فــي األعلــى
وكل مــا دونهــا فــي األســفل ..فقــط ألنهــا بحاجــة لتقديــر الــذات كحافــز 16
لصنــع حضــارة تقودهــا هــي.
وعلــى ضـــــوء هــذه الحاجــة تتحــرك لتحقيــق أهدافهــا الواضحــة ،فينبغــي
التوقــــف عن «التفكيــر المعلــب» واالنتقال
إلــى مســتوى مختلــف.
هــذا المنطــق التقليــدي غيــر المــدروس عــــائق أمـــام أي فكــرة مبدعــة ،لــم
يــرد ســماعها مؤســس القنــاة التــي شــكلت تحــول فــي المجــال اإلعالمــي،
حيــث أصبحــت مــن كبريــات المؤسســات اإلعالميــة فــي العالـم وبعيــداً عــن
هــــذا المجــال..ولكنــه مبــدع!
فــإذا كانــت لديــك فكــرة مبدعة وجريئــة؟ ال تستشــر كثيراً ألن الكل سيشــير
عليــك بتــرك الفكــرة ،ليــس لســبب منطقي بــل الن الفكــرة جديدة!!
تنشــأ الرغبــات وتظهــر عندمــا نعرفهــا وال نملكهــا أو نشــعر بوجودهــا وال
نســتطيع امتالكهــا ،وتتطــور إلــى دافــع إلشــباعها.
فيكــون دور الشــركات البحــث عــن هــذه الحاجــة ،كفـــرص إلشــباعها بعــد
تحويلهــا لرغبــات.
عنــد أول مؤشــر علــى حاجــة الجمهــور للمنتــج أخــذت قـــراراً ســريعاً ودخلــت
ا فــي وقـــت قياســي ،ويكمــن ســر هــذا المجــال وحققــت نجاحــاً مذهــ ً
نجاحهــم فــي توصلهــم إلــى معلومــــات تســويقية تؤكــد أن المســتهلك ال
يشــترى خدمــة االتصــال ،بــل يشــترى نظــرة المجتمــع لمــن يملــك جهــازاً
فاخــراً ،أي :يشــتري تقديــر األخــر!!.
وهــذا ســر «نوكيــا» المتميــز ،هــذه الشــركة القادمــــة مــن قطــاع آخــر
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
مختلــف ،فــي الوقــت الــذي تأخــرت فيـــه «موتــــوروال» الســباقة فــي هــذا
المجــال بســنوات كثيــرة ،إضافــة إلــى توصلهــم إلــى إمكانيــة التأثيــر علــى
حاجــات المســتهلك وإمكانيــة تطويــر رغباتــه.
السريع يلتهم البطيء هل تعرف ماذا تبيع؟!»
هذا مـا تقوله لنا «نوكيا».
وقــد أدركــت «موتوروال»-متأخــرة -بالتعــاون مــع «مســتر كارد» علــى
تطويــر الجهــاز ليقــوم بوظيفــة بطاقــــة االئتمــان ،إلجــراء التعامــات
البنكيــة والتســوق ،وذلــك بعــرض الهاتــف أمــام جهــاز ال ســلكي معــرّف
علــى الســيار لتتــم المعاملــة.
ولمعرفتهــم بــان الــذي نحلــم بــه ونتمنــاه ،ليــس مــا نشــتريه . .لذلــك
يضعــون إعالناتهــم بنــاء علــى هــذه النظــرة ،فــإذا راقبنــا إعالنــات منتجــات
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وهنــا تكمــن أهميــة معرفــة الحاجــات ويمكــن توضيــح ذلــك أكثــر مــن
خــال هــذا التســاؤل:
هل تعرف ماذا تبيع؟
نتيجــة هــذا الســؤال اســتفزت أحــد كبــار صانعــي العطــور ،علــىاعتبــار أنــه
خبيــر فــي عملــه الــذي ورثــه أبـاً عــن جــد ،رغــم ان وضعــه الحالــي ال يســر،
ا لقــب تاجــر «قديــم!» ..فقــط ويوشــك علــى الخــروج مــن الســوق حامــ ً
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
ألنــه كان ال يعــرف مــاذا يبيــــع ،حيـــث كان يصــر علــى جــودة العطــر ،ويتكئ
عليهــا رغــم أن هنــاك أمــوراً تســويقية مهمــة لــم يســتوعبها فكانــت
القاضيــة علـــى مســتقبله التجــاري ...والقصــة األولــى التــي ســنذكرها هنــا
نمــوذج لمــن يعــرف مــاذا يبيــع.
قبــل فتــرة حينمــا همــت إحــدى الشــركات فــي إنتــاج عطـــر ،بــدأت أول مــا
بــدأت بــأن أنفقــت المالييــن فــي البحــث عــن اســم لــه معنــى خــاص لــدى
المســتهدفين ،وبعــد جهــد توصلــوا لعقــد اتفاقيــــة شــراكة بيــن صاحــب
االســم وهــو «فنــان العــرب» محمــد عبــــده ،الــذي ســاهم ليكــون شــريكاً
باســم أغنيتــه «مذهلــة» ليـــصير اســماً تجاريــاً للعطــر فتحققــت نتائــج
«مذهلــة حقــا!!» فــي تســويق هـــذا العطــر و كســبت المالييــن..
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وصــف هــذا اإلعــان بأنــه جميــل ورائــع لكــن شــركة « كــوكا كــوال»
أوقفــت اإلعــان لعــدم تحقيقــه أي هــدف ،بعــد قيــاس تأثيــره علــى زيــادة
المبيعــات!! واســتبدل بإعــان بســيط ،لكنــــه أجــــدى واســتطاع تحقيــق
األهــداف التســويقية.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
27
ال يكفــي جمــال اإلعــان للمشــاهد بــل يجــب أن يحقــق األهــداف المتوقعــة منــه...
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
أج ــاب بعضه ــم« :يحت ــاج العمي ــل إل ــى عرب ــات جـيـ ــدة التصني ــع تجره ــا
خيـــول مدربـــة لتقديـــم خدمـــات أفضـــل».
فكلمــا مــرت الســنين يعتقــد هــؤالء بــأن مجــال عملـــهم وتفكيرهــم فقــط
ح ــول إس ــطبل خيوله ــم . .له ــذا ،ال ي ــرون التطــ ــور إال ف ــي ح ــدود زي ــادة
مهــارة خيــــولهم وســرعتها! وال يفهمــــون المتغيــرات فالنتيجــة الحتميــة:
خروجه ــم م ــن الس ــوق قب ــل خيوله ــم.
تط ــوراً» ه ــؤالء يتمي ــزون ع ــن س ــابقيهم بثالث ــة أش ــياء:
-1يعرفون أنهم يبيعون «وسيلة مواصالت» وليس خيول.
-2يراقب ــون الحاج ــات المتج ــددة( ويعمل ــون عل ــى االس ــتفادة م ــن تط ــور
التكنولوجي ــا لتلبي ــة رغب ــات زبائنه ــم.
-3إنه ــم يلعب ــون م ــع الكب ــار ..فش ــركتهم حتمــاً تطــ ــورت إل ــى صناع ــة
الس ــيارات.
فخ تسويقي!!
تقـــع كثيـــر مـــن الشـــركات التـــي ال تديرهـــا عقـــول تســـويقية ،فـــي فـــخ
29
التعام ــل م ــع المس ــتهلك عل ــى أن ــه رش ــيد ،وأن ــه يش ــترى المنت ــج عل ــى
أس ــاس م ــن العق ــل والمنط ــق والوع ــي بص ــورة كليـــ ــة ,ويهـــ ــتم كثي ــراً
ب ــأن يك ــون س ــعر المنت ــج يتناس ــب م ــع جودت ــه ل ــذا تبــ ــالغ ف ــي صن ــع
جــودة عاليــة تكلفهــا الكثيــر وتنســى أن ســــبب تجــاوز شــركات الســيارات
الياباني ــة للش ــركات األمريكي ــة -رغ ــم تفــ ــوق وج ــودة س ــيارات الش ــركات
األمريكي ــة -ه ــو تقديمه ــا منتجــ ــات بج ــودة «كافي ــة» وليس ــت عالي ــة»!!
فه ــذا أت ــاح له ــا تقدي ــم منت ــج جي ــد ،بس ــعر مناســ ــب ،عكــ ــس الش ــركات
األمريكيـــة التـــي تســـعى لتقـــدم منتـــج بجـــودة احتمـــــال الخطـــأ فيهـــا
صغيـــرة!! وهـــذا يكلفهـــا الكثيـــر وكان ســـبب تخلفهـــا!!
ولـــم تقـــع الشـــركات الكوريـــة واليابانيـــة فـــي هـــذا الفـــخ التســـويقي،
ألنهـــا تعـــرف أن أهـــم األســـباب التـــي يشـــتري مـــن أجلهـــا المســـتهلك
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وه ــذا س ــر ش ــراء س ــاعة «رولك ــس» أو «س ــيكو» بعش ــرة أضع ــاف قيم ــة
س ــاعة أخ ــرى يمك ــن أن ت ــؤدي نفــ ــس خدم ــة التعري ــف بالوق ــت.
وهنا تبرز ..لعبة الكبار!
قصة «كومباك»
تابع ــت ش ــركة «كومب ــاك» للكمبيوت ــر ،تحركـــ ــات وق ــرارات «أي.ب ــي.إم»
التسويقية،الســـيما فـــي األســـعار وكانـــت «أي.بـــي.إم» تنتـــج أجهـــزة
كمبيوتــر ذات جــودة متميــزة تراهــن عليهــا ،فما كان منــــها إال متابعتــــها،
دون أي اهتمـــــام بالتغيـــرات والتطـــورات التكنولوجيـــة ،ودون إعطـــاء أي
اهتمـــام بالمســـتهلك وال بالشـــركات الجديـــدة كالعبيـــن جـــدد.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
الفائدة التسويقية:
31
هل يعرف املستهلك حاجاته؟؟
الالعبـــون الكبـــار فـــي مجـــال التســـويق
يدركـــون بـــأن المســـتهلك ال يســـتطيع
أن يجيـــب إذا ســـئل عـــن المنتـــج الـــذي
يحتاجـــه ،إذا لـــم يكـــن يعرفـــه مـــن
قب ــل ،أو ل ــم يك ــن موج ــوداً .لذل ــك ه ــم
يقومــون بهــــذا الــدور ،ألنهــم . .يعرفــون
مـــاذا نريـــد.
والشـــاهد علـــى ذلـــك لـــم يكـــن
المس ــتهلك ي ــدرك أهمي ــة أن يك ــون التلفزي ــون مل ــون عندم ــا كان ــت كل
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
مشروب الطاقة:
ه ــذا المنت ــج اس ــتثمر الجه ــد والحرك ــة اللذي ــن يتطلبهم ــا نم ــط الحي ــاة
المعاصــرة ،ونتيجــة للتحــرك القلــق ليــل نهــار ،مــــن أجــــل تــــوفير حاجــات
العصـــر االســـتهالكية ،ولـــدت الشـــركة المنتجـــة ،فـــي أول نـــزول لهـــذا
المنت ــج ،إمكاني ــة المس ــتهلك الحص ــول عل ــى طاق ــة متج ــددةم ــن انج ــاز
أكث ــر وأكب ــر ..ونتيج ــة لتول ــد ه ــذه الحاج ــة ،نجح ــت الش ــركة ف ــي ببي ــع
ه ــذا المنت ــج «الس ــاحر» -كم ــا ت ــروج ل ــه! -الــ ــذي ول ــد قناع ــة نفس ــية
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
غسالة صامتة!!
هن ــا ش ــركة مرموق ــة ف ــي تكنولوجي ــا المن ــازل جعل ــت صــ ــناعتها للحاج ــات
مفت ــاح تفوقه ــا وتميزه ــا ع ــن اآلخري ــن فأنتج ــت غس ــالة منزلي ــة تعم ــل
دون أدنـــى ضجيـــج ،وقـــد كان إعالنهـــا لهـــذا المنتـــج رائعـــاً واســـتطاع
توليـــد رغبـــة شـــرائية للمنتـــج.
األجم ــل ف ــي اإلع ــان منظ ــر الطف ــل وه ــو نــ ــائم بعمــ ــق أمــ ــام الغس ــالة
«الصامتـــة»!!
ه ــذا المش ــهد يق ــدم إيح ــا ًء ويوص ــل رس ــالة ناجح ــة ج ــداً ،ي ــدل ك ــم كان
الطف ــل ناج ــح ف ــي تصرف ــه ،نتيج ــة ه ــدوء الغس ــالة.
ألن ــه يخف ــف ع ــن آالم ومش ــقة المتابع ــة لرطوب ــة وبل ــل حفاظ ــة طفله ــا.
وفك ــرة ه ــذه الصناع ــة ه ــي :تغي ــر ل ــون ش ــريط خارج ــي ف ــي الحفاظ ــة
ف ــي حال ــة تبلل ــه ،لهــ ــذا ال يحت ــاج إل ــى الفت ــح المس ــتمر للحفاظ ــة.
كاوية بالبخار
هــذا منتــج جديــد وبســيط ،يقــوم علــى صناعــة رغبــات نحــوه ،وهــو كاويــة
عل ــى بخ ــار أي ال يعتم ــد عل ــى ح ــرارة س ــطحه مثــ ــل الكاوي ــة التقليدي ــة
ولك ــن يق ــوم عل ــى ب ــخّ بخ ــار علــ ــى المالب ــس ويك ــوي بش ــكل جي ــد دون
مخاط ــر ح ــرق المالب ــس ،أو ت ــرك اث ــر عل ــى المالب ــس ف ــي حال ــة نس ــيان
الكاوي ــة عل ــى المالب ــس.
34
وكان ــت فك ــرة التموض ــع بالم ــكان الت ــي تري ــده ،هــ ــو شــ ــغلها الش ــاغل
فم ــن الطبيع ــي ف ــي بداياته ــا أن تك ــون رس ــالتها اإلعالني ــة بم ــا يك ــرس
ه ــذا اله ــدف ،وت ــدور ه ــذه الرس ــائل اإلعالني ــة ح ــول كــ ــون ماركاته ــا:
اقتصاديــة ،ســيارة آمنــة ،قويــة ،أســعارها فــي متنــاول الطبقــة الوســطى...
ال ــخ ،فم ــن خ ــال ه ــذه الرس ــالة يتض ــح ب ــأن الم ــكان أو التموض ــع الت ــي
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
تري ــد أن تُ ــرى فيـ ــه ،هــ ــو أن منتجهــ ــا يس ــتهدف الش ــريحة أو الطبق ــة
األق ــل ث ــرا ًء أي أن منتجه ــا للش ــريحة الوس ــطى.
ونجحـــت هـــذه الشـــركة فـــي تحقيـــق أهدافهـــا ،و أصبحـــت «مـــن أكبـــر
الشـــركات فـــي العالـــم ،ألنهـــا اســـتطاعت أن تصنـــع لنفســـها هويـــــة
ووضعيـــة فـــي أذهـــان الجمهـــور .
السر التسويقي
يب ــدأ عندم ــا فك ــرت بصن ــع س ــيارة تس ــتهدف الش ــريحة الغني ــة والطبق ــة
األعلـــى دخــ ً
ـا فأصبحـــت أمـــام مشـــكلة تســـويقية ،بـــأن رؤيـــة الجمهـــور
36
لماركاته ــا بأنه ــا لطبق ــة أو لفئ ــة مح ــدودة ،وأن المارك ــة الجدي ــدة مهم ــا
كان ــت مذهل ــة ورائع ــة وعل ــى مس ــتوى عال ــي ج ــداً ،ف ــإن النظ ــرة له ــا ل ــن
تك ــون حس ــب مس ــتوى المنت ــج ،ألن الس ــنوات الت ــي ُكرس ــت ،والملي ــارات
الت ــي أنفق ــت للتموض ــع قــ ــد حق ــق أث ــره ،فكي ــف تتص ــرف الش ــركة وكي ــف
تتخ ــذ قراره ــا؟
بع ــد اجتماع ــات مكثف ــة ،واستش ــارات كثي ــرة ،اتخ ــذت قــ ــراراً ش ــجاعاً ه ــو
إنت ــاج س ــيارة جدي ــدة تس ــتهدف فئ ــة جديــ ــدة ،ل ــم تعهده ــا م ــن قب ــل.
بعـــد االتفـــاق واتخـــاذ قـــرار إنتـــاج الســـيارة الفارهـــة التـــي تســـتهدف
طبق ــة األثري ــاء ،كان الق ــرار التس ــويقي ،وه ــو ع ــدم ذكـ ــر اس ــم الش ــركة
ذات الشـــهرة العالميـــة ذات المكانـــة « التموضـــع» المعيـــن فـــي ذهـــن
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
الجمهـــور.
37
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وهن ــاك قص ــة أخ ــرى تؤك ــد عل ــى أهمي ــة التموض ــع ،عندم ــا أراد أحده ــم
ش ــراء س ــاعة «رولك ــس» فذه ــب إل ــى األس ــواق التجاري ــة الت ــي تتواج ــد
بهـــا أكبـــر المـــاركات العالميـــة فوجـــد وكالـــة «رولكـــس» ،وكان ثمـــن
الســـاعة فـــي الوكالـــة أربعـــة ألـــف
دوالر ،فأج ــل ق ــرار الش ــراء ،وبينم ــا
كان يتجـــول فـــي إحـــدى الشـــوارع
الفرعيـــــة وجـــد محـــل لبيـــع
الســـاعات ووجـــد أن ســـعر نفـــس
ســاعة الــــرولكس ثالثــة آالف دوالر.
وكان هن ــاك ف ــي مص ــر مرك ــزاً تجاريــاً اُنف ــق علي ــه الكثي ــر وبذل ــت جه ــود
كبي ــرة إلنجاح ــه لك ــن دون جدوى..ألنه ــا كان ــت ف ــي الم ــكان الخط ــأ.
وهن ــا أهمي ــة كبي ــرة لذك ــر قص ــة القطتي ــن م ــن الكت ــاب الرائ ــع «م ــن أكل
قطعـــة جبنـــي؟؟» .فعندمـــا لـــم تجـــد القطتـــان الجبـــن الـــذي اعتادتـــا أن
تج ــداه ف ــي مكان ــه ،اتخذت ــا ق ــراراً غي ــر مــ ــدروس ،مبن ــي علــ ــى فرضي ــات
-كم ــا تفع ــل كثي ــر م ــن الش ــركات الت ــي ال تق ــدر المعلوم ــة المدروس ــة-
والقــرار يتمثــل ببــذل جهــد كــــبير وحفـــر الجــدار المجــاور ،علــى افتــراض
أن يكــون احدهــم قــد وضــع الجبــن خلــــف الجــدار ..فبدأتــا ببــذل مجهــود
خ ــارق ،وأنفقن ــا علي ــه الكثي ــر ،ولك ــن ل ــم يش ــفع لهم ــا ذل ــك الجه ــد وتل ــك
الخس ــائر ف ــي تحقي ــق اله ــدف ..ألنهم ــا -بالتأكي ــد -ل ــم يج ــدا الجب ــن!!.
39
وبالع ــودة إل ــى المرك ــز التج ــاري ف ــي –المث ــال الس ــابق -رغ ــم مــ ــا أنف ــق
علي ــه ،فش ــل بع ــد ش ــهور م ــن االفتت ــاح ،لس ــبب تــ ــسويقي بس ــيط وه ــو
ع ــدم تحدي ــد إس ــتراتيجية التموضــ ــع ،أي ل ــم تقـ ــرر الش ــركة م ــا هويته ــا؟
م ــن تس ــتهدف م ــن الجمه ــور؟ هـ ــل الطبقــ ــة الوس ــطى أو الطبق ــة ذات
الق ــدرة الش ــرائية العالي ــة؟ ف ــأرادت ال ــكل ..فضيع ــت ال ــكل!!
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
40
ويظهـــر مـــن خـــال قراءتنـــا لمـــا قامـــت بـــه ونبـــدأ بعـــرض مميـــزات
«كلوركـــس» :يبيـــض ..يعقـــم ..يزيـــل البقـــع..
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وفع ـ ً
ـا ،ف ــإذا راقبن ــا رس ــائلها اإلعالني ــة الحديث ــة ن ــدرك أنهـ ــا ل ــم تقتص ــر
علــى «إزالــة أصعــب البقــع» بــــل شــملت التبيــــيض والتعقيم،...ولكــن بعد
أن فرض ــت وجوده ــا كالع ــب جيــ ــد تقريب ـاً ف ــي ه ــذا الس ــوق الكبي ــر ،ف ــي
الوق ــت ال ــذي تكت ــظ في ــه رف ــوف البق ــاالت بعش ــرات المنتج ــات المنافس ــة.
43
لعب ــة الكب ــار ..تب ــرز ف ــي قدرته ــم عل ــى اس ــتثمار التغي ــرات الحاصل ــة ف ــي
نم ــط حي ــاة المس ــتهلكين ،نتيجــ ــة لنمــ ــو الوع ــي الصح ــي،واالندم ــاج
االجتماع ــي نتيج ــة االنتق ــال م ــن الب ــدو إل ــى الحض ــر.
الش ــركات العاب ــرة للق ــارات العامل ــة ف ــي مج ــال المنظف ــات ،تعمــ ــل عل ــى
تطوي ــر معايي ــر النظاف ــة وصناع ــة أس ــباب جدي ــدة لتمي ــز منتجاته ــا ،ول ــو
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
كان ه ــذا التمي ــز وهمي ـاً ف ــي إنت ــاج الجدي ــد ،مـ ــع صناع ــة توجه ــات تجع ــل
العمي ــل يش ــعر برغب ــة ف ــي المنت ــج.
ومرحليـــاً ،ثـــم انتقلـــت إلـــى الشـــريحة التـــي مـــن أهـــم معـــــايير شـــراها
للصابـــون ،إزالـــة البقـــع .. .حتـــى وصلـــت الشـــريحة فـــي هـــذه المرحلـــة
بعـــد أن تحركـــت فـــي كل االتجاهـــات ،ولبـــت رغبـــات وحاجــــات الجميـــع.
ويع ــود س ــر نجاحه ــا إل ــى «ف ــن صناع ــة الحاج ــات» وتعــ ــد أكـبـ ــر ش ــركة
معلن ــة ف ــي العال ــم.
وعندمــا بــدأت حديث ـاً بالترويــج لـــ «آريــــال» المصاحــب لـ«داونــي» الــذي
يجع ــل مالبس ــك أكث ــر نعوم ــة ،ويس ــهل علي ــك الك ــي دون جه ــد.
وه ــذه الحاج ــة ل ــم تك ــن مح ــركاً ودافعــ ـاً للش ــراء ،ألن الحاج ــة أص ـ ً
ـا غي ــر
موج ــودة ..وق ــد ب ــدأت ف ــي صناع ــة ه ــذه الحاج ــة وه ــذا ه ــو موضوعن ــا:
ق ــدرة الكب ــار ف ــي صناع ــة الحاج ــات.
45
وبعــد هــذا ،هــل عرفنــا الســر الــذي تميــز بــه مســحوق «آريــــال» مــع انــه
لي ــس ذا أهمي ــة ف ــي ج ــودة المنت ــج ب ــل ..مج ــرد وه ــم!! إنه ــا الحبيب ــات
الزرق ــاء !!. .الت ــي أوج ــدت قناع ــة ل ــدى المس ــتهلك بتمي ــز المنت ــج.
هكـــذا تغامـــر بتزويـــد الســـوق بمـــا تتصـــور أنـــه بحاجـــة إليـــه ،وال تقـــف
عنــد هــذا ،بــل تتحــرك للوصــول إلــى أذواق الجيــل القــادم بآليــــة تضعهــا
ه ــي ،بإكس ــابهم ع ــادات غذائي ــة ت ــدوم.
وهن ــا نم ــوذج لطريق ــة تفكي ــر الش ــركات العاب ــرة للقــ ــارات ،ودوره ــا ف ــي
تطويــر مفاهيــم جديــدة للغــذاء والصحــة كعامــل يمكــن أن تراهــن عليــه
أثنـــاء اقتحامهـــا لألســـواق الناشـــــئة وقدرتهـــا فـــي االســـتجابة للحاجـــات
المتول ــدة.
ويظه ــر المق ــال المنش ــور بصحيف ــة «جيرمــ ــي جران ــت» قــ ــدرة الكات ــب
المحتـــرف فـــي التســـويق ,علـــى تحقيـــق أهـــداف الـــــشركات العابـــرة
للق ــارات ،المق ــال بعن ــوان«( :مونــ ــسانتو» تبتكــ ــر زيــ ــت صح ــي وتنتظ ــر
الزبائـــن!!) يقـــول فيـــه:
قب ــل ش ــهرين ب ــدأ جن ــي محص ــول غي ــر ع ــادي ،مــ ــن الس ــهول الواس ــعة
ف ــي والي ــة «أي ــوا» ،وه ــو ن ــوع جدي ــد م ــن حب ــوب الــ ــصويا الت ــي يت ــم
تصنيعه ــا إل ــى زي ــت ف ــول الصوي ــا «ال يحت ــوي عل ــى دهــ ــون ض ــارة».
ويعتب ــر المنت ــج الجدي ــد مبتك ــر ،ألن ــه ال يحت ــاج إل ــى عملي ــة هدرج ــة وه ــي
عملي ــة تس ــتخدم تقليديــاً إلبق ــاء الزي ــت مس ــتقراً ،وتحاف ــظ عل ــى حي ــاة
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وق ــدرة المقال ــة ف ــي تنمي ــة الوع ــي الصح ــي ل ــدى المس ــتهلك ه ــو مح ــور
لعب ــة الكب ــار ف ــي غ ــزو األس ــواق.
قضيــة حتميــــة ترصــد لــه الميزانيــات الضخمــة التــي قــد تفــوق ميزانيــة
البنيـــة التحتيـــة.
األم ــر ال ــذي جع ــل ش ــركات المش ــروبات الغازي ــة تح ــث الس ــير ف ــي ه ــذا
االتجــاه ،وتتابــع باســتمرار التطــورات في الســلوك الغــــذائي للمســتهلكين,
وال تكـــون محايـــدة أو مراقبـــة لهـــذا التحـــــول ،بـــــل مؤثـــرة وموجهـــة
للس ــلوك المتج ــدد ،حت ــى تجي ــر هــ ــذا التحــ ــول لصالحه ــا ،لقدرته ــا عل ــى
تلبي ــة ه ــذه الحاج ــة.
فه ــي قائم ــة عل ــى بن ــاء منحن ــى جدي ــد ل ــدورة حي ــاة منتجه ــا ،حت ــى تم ــدد
مـــن عمـــر منتجاتهـــا فـــي عصـــر أصبـــح عمـــر المنتجـــات أقصـــر مـــن أي
49
مرحل ــة.
فكلم ــا وص ــل المنح ــى لمرحل ــة اس ــتقرار صن ــع منحن ــى جديــ ــد ،فيعي ــدون
تجدي ــد حي ــاة منتجاته ــم ،فق ــط بصناع ــة متج ــددة للرغب ــات والحاج ــات،
ه ــذا م ــا تق ــوم ب ــه الش ــركات العمالق ــة.
شركة «بيبسي»
صنع ــت منت ــج «داي ــت» ال ــذي يس ــتجيب لحاج ــة الجمه ــور -خ ــاص للحمي ــة
«الريجيـــم» -ويعملـــون علـــى زيـــادة أســـباب تناولهــــــا
ليزيد المستهلكين:
الجه ــود المبذول ــة م ــن قب ــل الش ــركات ,ف ــي متابعــ ــة الع ــادات الغذائي ــة
المتغيـــرة وتلبيتهـــا للحاجـــات المتجـــددة ،جعـــل مـــن الشـــركة ســـباقة
ف ــي توفي ــر منت ــج جدي ــد ،وأس ــهم ف ــي بق ــاء الش ــركة ف ــي الطليع ــة بي ــن
الش ــركات المنافس ــة ،فق ــط ألنه ــا س ــاهمت ف ــي تعزي ــز اله ــم المتول ــد
نتيج ــة اإلف ــراط ف ــي ش ــرب الس ــكريات ،والمبالغ ــة ف ــي اس ــتخدم وس ــائل
النقـــل المريحـــة فـــي كل التنقـــات ،والجلـــوس لســـاعات طـــوال أمـــام
التلفزيـــون أو االنترنـــت ...كل هـــذه مجتمعـــة أوجـــدت جمهـــور مريـــض 50
أو خائـــف مـــن المـــرض! ! ومـــن هنـــا بـــدأت «بيبســـي» و «كـــوكا كـــوال»
لعب ــة الكب ــار!!
اشرب « دايت»!!
لمريـــض الســـكري :مـــن حقـــك شـــرب بيبســـي دايـــت قـــد تحـــرم مـــن
الكثيـــر . .إال مـــن «بيبســـي دايـــت»!!
زم ــان كان مرض ــى الس ــكري محروم ــون أكث ــر ..م ــع « بيبس ــي» ال تح ــرم
نفس ــك م ــن ش ــيء!!
أصبحت هذه رسائلهم اإلعالنية
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
عندم ــا أصبح ــت الرش ــاقة م ــن أه ــم معايي ــر ومقايي ــس الجم ــال ،وامتن ــع
المهتمي ــن بالرش ــاقة والحمي ــة م ــن تن ــاول المش ــروبات الس ــكرية ،ج ــاءت
«بيبس ــي» برس ــالة« :إال ..بيبس ــي!!» لذل ــك س ــيطرت بيبس ــي عل ــى جمي ــع
الش ــرائح.
ق ــد يك ــون ه ــذا الس ــؤال س ــطحياً ..فم ــوارد الش ــركة ناتج ــة عــ ــن بي ــع
العالمـــة التجاريـــة ،وبيـــع حقـــوق العالمـــة فـــي العالـــم ،ونتيجـــة ارتفـــاع
أســهم الشــركة بشــكل مســتمر ،فقــــد ارتفعــــت قيمــــة عالمتهــا وصــارت
هـــي المـــورد األكبـــر والقيمـــة األعلـــى مـــن جميـــع أصـــول وممتلـــكات
الشـــركة.
وكان م ــن أه ــم أس ــباب تس ــويق المنت ــج -العصي ــر -نتيجــ ــة
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
ش ــركة آيس ــكريم أنتج ــت آيس ــكريم يحت ــوي عل ــى نس ــبة بس ــيطة ج ــداً
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
م ــن الده ــون ،وبنف ــس الم ــذاق ،وذل ــك اس ــتجابة لتط ــور مفاهي ــم الغ ــذاء
عن ــد الجمه ــور ،ولك ــي تحج ــز لنفس ــها م ــكان ف ــي قائم ــة الناجحي ــن.
وشــركة أنتجــت نــوع مــن الكوفــي الجاهــز «هـــاف كاف» تســتهدف العــدد
المتزايـــد مـــن المســـتهلكين الذيـــن يرغبـــون التقليـــــل مـــن الكافييـــن،
حيـــث نســـبة النقـــص مـــن الكافييـــن ،%50مـــع الحفـــاظ علـــى نفـــس
الطع ــم ونف ــس النكه ــة للمنت ــج .وذل ــك نتيج ــة جه ــود تس ــويقية قائم ــة
عل ــى معرف ــة أذواق وحاج ــات المس ــتهلك المتج ــددة.
وهنـــاك خصوصيـــة هـــذه الصناعـــة ،التـــي تتمثـــل فـــي مـــا تنفقـــه مـــن
أمـــوال طائلـــة مـــن أجـــل الوصـــول إلـــى تركيبـــة علميـــة.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
الش ــركات ف ــي ه ــذا القط ــاع حج ــم إنفاقه ــا عل ــى منت ــج واح ــد كبي ــر ج ــداً،
ل ــذا ف ــإن خس ــارتها تعن ــي خروجه ــا م ــن الس ــوق أس ــرع م ــن غيره ــا.
وفع ـ ً
ـا ،كان المس ــوقون عن ــد مس ــتوى ثق ــة هــ ــذه الش ــركات وأس ــهموا
فـــي صناعـــة اتجاهـــات ومفاهيـــم جديـــدة للمـــرض.
55
ان أول مــا قامــت بــه ليــس الجلــوس مـــع خبــراء الطــب والصيادلــة لتــدارس آليــة
تنفيــذ واكتشــاف تركيـبـــة العــاج ،بــل اجتمعــت أو ًال مــع خبــراء التســويق
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
56
فبـــدأ التســـويق بتغطيـــة إعالنيـــة وإعالميـــة ،تكـــرس مخـــاوف ومخاطـــر
الكوليســـترول .. .وبعدهـــا مباشـــرة تعلـــن الشـــركة نـــزول المنتـــج.
وه ــذا يمك ــن أن يس ــاعدنا ف ــي تفس ــير أس ــباب الــ ــضجة المث ــارة ح ــول:
(الجم ــرة الخبيث ــة . .جن ــون البق ــر ..أنفلون ــزا الطي ــور ..والبقي ــة تأت ــي)!!...
فأتخ ــذ ق ــراراً -يع ــد انقالبــاً عل ــى الس ــبب ال ــذي صن ــع ألجل ــه -بتس ــويقه
كعـــاج جنســـي! فحقـــق نجاحـــاً كبيـــراً فبفعـــل اإلعـــان الـــذي أقنـــع
المســتهلك بحاجتــه للمنتــج ،وإمكانيــة إعــادة الشــباب و إظهــار الفحولــة!!
لي ــس لي ــوم أو ليل ــة واح ــدة فق ــط كم ــا تمن ــى الش ــاعر العرب ــي قديمــاً..
ـال ط ــواااال!!
وإنم ــا للي ـ ٍ
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
دراجات بد ً
ال عن السيارات!!
كــم كانــت شــركة «هونــدا» الكوريــة رائعــــة عنـــدما أرادت دخــول ســوق
ف ــي إح ــدى ال ــدول األس ــيوية!
ف ــأول ش ــيء قام ــت ب ــه ،دراس ــة اتجاه ــات المس ــتهدف «المجتمـ ــع» نح ــو
الدراجـــات الناريـــة -كانـــت النتيجـــة نظـــرة المجتمـــع ســـلبية نحـــو مـــن
يرك ــب الدراج ــات وكان ــت محص ــورة عل ــى طبق ــة العاطلي ــن أو المجرمي ــن
أو الفاش ــلين ف ــي المجتم ــع -فقدم ــت خط ــة تس ــويقية غاي ــة ف ــي الروع ــة
عملــت بشــكل كبيــر علــى تغييــر هـــذه النظــــرة ،ومـــن الجهــود اإلعالنيــة
الت ــي قام ــت به ــا:
وهك ــذا أوج ــدت مفاهي ــم إيجابي ــة نح ــو راكــ ــب الدراج ــة ،حت ــى أصبح ــت
نظــرة المجتمــع مقبولــة ،وتكونــت قيــم اقتصاديــة لتوفيــر هــذه الوســيلة
للبت ــرول ،فتحولــ ــت االتجاه ــاتالس ــلبية إل ــى إيجابي ــة ،و تحس ــنت نظ ــرة
الجمه ــور نح ــو الدراج ــات وكان ــت رس ــائلهم اإلعالني ــة :
للناجحين . .وسيلتهم في التنقل!
وهن ــاك دور آخ ــر ي ــراه البع ــض ،وه ــو أن التكنولوجي ــا وس ــيلة لتحقي ــق م ــا
ظه ــر م ــن رغب ــات ،م ــن خ ــال اس ــتجابتها لحاج ــات تظه ــر ف ــي المجتم ــع
ال ــذي تول ــد في ــه ه ــذه التكنولوجي ــا ،فيبـ ــدأ دور خب ــراء التس ــويق الذي ــن
يعملــون علــى توجيــه هــذه الرغبــــات مـــن خــال مجموعــة مــن األنشــطة
التس ــويقية إل ــى دواف ــع لش ــراء المنت ــج.
وال يتســـنى كل مـــا ســـبق ،إال فـــي مجتمـــع لديـــه قـــدرة شـــرائية ممـــــا
يفـــرض اســـتحقاقاً علـــى الـــدول المتقدمـــة العمـــل علـــى رفـــع الكفـــــاءة
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وق ــد اس ــتفادت ال ــدول الصناعي ــة الجدي ــدة مــ ــن التطــ ــور التكنولوج ــي
ً
مثـــا: بإســـتراتيجيات مختلفـــة
-الصيـــن :اســـتخدمت التطـــورات التكنولوجيـــا فـــي إنتـــاج ســـلع بأقـــل
تكلفـــة.
-الياب ــان :اس ــتفادت م ــن ه ــذه التط ــورات ف ــي إنت ــاج س ــلع ذات ج ــودة
عالي ــة ،وق ــد ب ــدأت بدف ــع ضريب ــة ه ــذه اإلس ــتراتيجية ،حي ــث ظهــ ــر ذل ــك
ف ــي خس ــارة كبي ــرة لش ــركات ياباني ــة عمالق ــة مث ــل «س ــوني».
-كوري ــا :حاول ــت االس ــتفادة م ــن تطــ ــور التكنولوجي ــا ف ــي إنت ــاج س ــلع
بتصاميـــم جذابـــة وجـــودة جيـــدة.
60
ف ــإن م ــا تق ــوم ب ــه «إل ج ــي» و «سامس ــونج و «باناس ــونيك» ف ــي ه ــذا
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وقف ــت «إل ج ــي» ف ــي اآلون ــة األخي ــرة إل ــى م ــا يعانيــ ــه إنس ــان العص ــر
م ــن ضي ــق الوق ــت ،وع ــدم قدرت ــه عل ــى االس ــتمتاع ومش ــاهدة القن ــوات
الفضائي ــة الت ــي يحبه ــا أو متابعــ ــة المباري ــات ,األف ــام ،الن ــدوات... ،
وقد كان اإلعالن التلفزيوني لـ«إل جي» الكورية علــى هــذا النحو:
مبــاراة كــرة القــدم . .يســتعد العـــب مانشســتر يونايتــــد «كــوري» لتنفيــذ
ضربـــة جـــزاء ..وهنـــاك أب وابنـــه يتابعـــان المبـــاراة عبـــر التلفزيـــون. .
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
فيق ــوم األب بإيق ــاف الص ــورة ويضغ ــط زر اإليق ــاف.
ثـــم يســـأل أبنـــه« :فـــي أي اتجـــاه تعتقـــد أن «بـــارك جـــي» ســـيصوب
الكـــرة؟؟
عنده ــا يصي ــح االب ــن بص ــوت مرتف ــع :أب ــي :..كيــ ــف توق ــف الص ــورة! ! إن
ب ــث المب ــاراة مباش ــر؟!
و لـــم يعـــره األب أي اهتمـــام ( ألنـــه يشـــاهد عبـــر التقنيـــــة «»TIVOS
الجديـــدة مـــن «إل جـــي» التـــي تتيـــح للمشـــاهد إيقـــاف المشـــاهدة فـــي
الوقـــت الـــذي يناســـبه ويتجـــاوز اإلعالنـــات المملـــة.
هـــل لبـــى هـــذا الجهـــاز رغبـــات مســـتهلك هـــذا العصـــر؟ هـــل عمــــــل
62
اإلعـــان علـــى تحفيـــز المســـتهلك لشـــراء هـــذا المنتـــج؟ هـــل ســـتنجح
الشـــركة بجعـــل هـــذا المنتـــج مـــن أساســـيات كل البيـــوت؟
يبدو ذلك!!
وه ــل كان ــت لدين ــا حاج ــة قب ــل معرف ــة ظه ــور ه ــذا المنت ــج أو ه ــل كن ــا
نتش ــوق إل ــى امت ــاك مث ــل ه ــذا التلفزي ــون أوهن ــاك حاج ــة ل ــم نكـــ ــن
ن ــدرك أهميته ــا ألنن ــا ل ــم نعرفه ــا!؟
تمي ــزت الش ــركة بتقدي ــم منت ــج يس ــهم ف ــي مزي ــد م ــن رفاهيتن ــا ويصن ــع
حاج ــة ل ــم تك ــن موج ــودة.
«..فــي العصــر الــذي نعيــش فيــه ،ليــس هنــاك شــيء أهــــم مــــن البحــث
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
والتطوي ــر ،إضاف ــة إل ــى أهمي ــة أن نكـــون قادري ــن علـــى تطوي ــر الجي ــل
التالــي قبــل أن يفعلهــا «منافســونا» .هــذا مــا قالـــه رئـــيس «سامســونج».
ورغـــم ذلـــك ،فليـــس لهمـــا خيـــار ســـوى اقتحـــام هـــذا النشـــاط بآلياتـــه
المتط ــورة ،وس ــوف تعتم ــدان عل ــى وضعهم ــا الجدي ــد نس ــبياً ف ــي ه ــذه
الســـوق.
63
وأكب ــر تح ــدي يواج ــه الش ــركات العامل ــة ف ــي ه ــذا المج ــال ،إن ــزال منت ــج
ال تســـتطيع أن تتأكـــد أن المســـتهلك يحتاجـــه ،وهـــذا نتيحـــه صعوبـــة
إجـــراء أبحـــاث فـــي الســـوق لمنتـــج جديـــد فـــي ســـوق متســـارع ،التطـــور
في ــه يف ــوق ق ــدرة المس ــتهلك عل ــى اس ــتيعابه أو االس ــتفادة مــ ــن القيم ــة
المضاف ــة ،إل ــى درج ــة ال ي ــدرك المس ــتهلك م ــاذا يري ــد م ــن إضاف ــات ف ــي
ه ــذه التقني ــات ،فتدف ــع الش ــركات ضريب ــة وخس ــارة كبي ــرة لع ــدم قدرته ــا
عل ــى التوق ــع الصحي ــح للرغبــ ــات.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
فيكـــ ــون الس ــبب الحاس ــم ف ــي نم ــو ش ــركات ف ــي ه ــذا المج ــال وتأخ ــر
أخــ ــرى ،ألن ــه يتوق ــف عل ــى ق ــدرة الش ــركة ف ــي معرف ــة م ــا س ــوف يقب ــل
عليــــــه الجمهـــور مـــن تقنيـــات مضافـــة علـــى الســـيار مثــــل :الكاميـــرا،
البلوتــوث ،شاشــتين ،البريــد االلكترونــي ،تصفــح مواقــع انترنــــت... ،الــخ!!
فــي كثيــر مــن الصناعــات غيــر التقنيـــــة ,يمكــن الوصــــول إلــى الحاجــات
والرغبــات ســريعاً ،والشــركات هــي الموجهــة بكيفيــــة اســتفادة المســتهلك
مـــن هـــذا المنتـــج ،أمــــا فـــي قطـــــا ع التقنيــــــات ،فأصبحـــت المشـــكلة
تس ــويقية وليس ــت صناعي ــة فيقـــ ــول مــ ــدير سامس ــونج ،بإمكاني ــة إن ــزال
جهـــاز ســـيار يمكنـــك مـــــن مشـــاهدة التلفزيـــون عبـــر شاشـــته ولكـــن
مشــكلتها فــي عــدم معرفتنــا حاجــــة المســتهلك إلــى مشــاهدة التلفزيــون
64
عب ــر شاش ــة صغي ــرة!!
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
65
خاتمة..
وفـــي نفـــس الصبـــاح يســـتيقظ أســـد باكـــراً ،وهـــو يـــدرك أنـــه إن أراد
النج ــاة يج ــب أن يرك ــض أس ــرع م ــن أبط ــأ غ ــزال وإال م ــات م ــن الج ــوع.
إن الحي ــاة وطبيع ــة البيئ ــة الت ــي نعيش ــها والمرحل ــة الت ــي وجدن ــا فيه ــا
تفـــرض علينـــا شـــروط اللعبـــة وقوانيـــن البقـــاء والنجـــاح ،فمـــا نريـــد أن
66
نحقق ــه وم ــا نحل ــم ب ــه معق ــود بس ــنن تحت ــم علينـ ــا تس ــخير عناصره ــا
واس ــتيعاب المتغي ــرات للوصــ ــول إل ــى «قان ــون الحص ــاد».
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وم ــن أه ــم المتغي ــرات المؤث ــرة عل ــى النج ــاح ،م ــا نعتق ــده ع ــن أنفس ــنا
وم ــدى نظرتن ــا لذاتن ــا ،وأعتق ــد أن ه ــذا م ــا فهمت ــه «الياب ــان» عنــ ــدما
صنعـــت خارطـــة للعالـــم هـــي محورهـــا ،وهـــي نقطـــة لقيـــاس ومعرفـــــة
مواق ــع ال ــدول األخ ــرى ،فعلق ــت ه ــذه الخارط ــة بأحج ــام ضخم ــة ،كأنه ــا
تق ــول «لليابانيين»أنت ــم األفض ــل . .أنت ــم األذك ــى ..أنت ــم مــ ــن س ــيضع
الحضـــارة الجديـــدة!!».
فتخي ــل المس ــتوى اإليجاب ــي ال ــذي س ــينعكس عل ــى هـ ــذه األم ــة المعت ــزة
بإمكانياته ــا وقوته ــا البش ــرية كأه ــم ث ــروة تس ــتثمر في ــه.
67
فهـــل مـــا فعلتـــه اليابـــان هـــو نقطـــة البدايـــة للكيفيـــة التـــي يفكـــر
فيه ــا «الكب ــار» ،وم ــدى اعتماده ــم عل ــى فلس ــفات واضح ــة لمش ــاريعهم
الحضاري ــة الت ــي نتب ــوأ فيه ــا م ــكان غي ــر مش ــرف ،وأعتق ــد أن م ــا وصل ــت
إليــه الشــركات فــي عالمنــا العربــي ،يعــود إلــى عــدم وجــود رؤيــة واضحــة
وه ــي اس ــتحقاق طبيع ــي للتخل ــف الع ــام.
فالمنافس ــة الطاحن ــة الي ــوم ،تس ــتدعي ن ــوع جدي ــد مــ ــن التفكي ــر ،حي ــث
تفتـــش لهـــا الشـــركة عـــن موضـــع قـــدم فـــي هـــذا الســـوق المتفجـــر
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
نس ــبة صم ــود الش ــركات وبقائه ــا تتض ــاءل ،فالش ــركات الت ــي تجي ــد لعب ــة
الكب ــار ه ــي الق ــادرة عل ــى البق ــاء ،ألنه ــا تصن ــع بش ــكل مس ــتمر «منح ــى
جديــد» يعمــل علــى إطالــة بقائهــا وهــذا مــا جعــل شــركه «فــورد» تُسّــخر
ميزاني ــة ضخم ــة لتطوي ــر منتجه ــا ،فأضاف ــت منظ ــم اس ــتقبال اإلنترن ــت
والفيديــو داخــل الســيارة ،لمــاذا أدركــت أن هنــاك مفهــوم جديــد يتشــكل
لمعن ــى الس ــيارة فجعل ــت له ــا دور ف ــي لعب ــة الكب ــار بدعمه ــا ف ــي اتج ــاه
المفهـــوم الجديـــد فأصبحـــت ليســـت وســـيلة نقـــل فقـــط ..بـــل أشـــياء
وأش ــياء.
68
ولنف ــس الس ــبب رص ــدت س ــيارة «كادي ــاك» ميزاني ــة ضــ ــخمة لتطوي ــر
نجــاح مبيعــات المنتجــات أو الخدمــات ،ال يقــوم فقــط علــى جــودة المنتــج أو
مــدى صحــة األيديولوجيــات ،بـــل علـــى القــــدرات والخبــرات التســويقية.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
حتـــى اإلبـــداع لـــم يصبـــح عامـــل الحســـم فـــي بـــروز النجـــوم فـــي كل
الح ــاالت ب ــل تط ــور دور ش ــركات العالق ــات العامــ ــة ف ــي صن ــع المش ــاهير.
69
هك ــذا أصب ــح التس ــويق مح ــور النج ــاح وت ــدور ف ــي فلكــ ــه كل المؤث ــرات
األخ ــرى مث ــل الج ــودة ،الس ــعر التوزي ــع ...ال ــخ.
وم ــع تس ــارع التط ــور التكنولوج ــي ،وتزاي ــد المنافس ــة ،إضاف ــة إل ــى تغي ــر
نمـــط حيـــاة المســـتهلك بســـبب الفضـــاء المفتـــوح ،وانتشـــار القنـــوات
الفضائيـــة وســـهولة التواصـــل بيـــن المجتمعـــات والمجـــرة مـــن الريـــف
إل ــى الم ــدن .وال ننس ــي اإلنترن ــت ,العام ــل األه ــم لتواصــ ــل الش ــعوب...
كل ه ــذه العوام ــل مجتمع ــة صنع ــت حاج ــات جديــ ــدة ل ــدى المس ــتهلك
تراقبهـــا الشـــركات لتطويرهـــا وتلبيتهـــا.
فصناع ــة الحاج ــات نظري ــة متط ــورة ،غي ــرت مفهــ ــوم التس ــويق التقلي ــدي
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
ال ــذي يبح ــث الكتش ــاف حاج ــات المس ــتهلك نح ــو المنت ــج ال ــذي يري ــده ،أو
اكتش ــاف المعايي ــر الت ــي يش ــتري م ــن اجله ــا المنت ــج ،لتلبيته ــا وتحقيقه ــا،
إل ــى اإلس ــهام ف ــي صناع ــة حاجــ ــات ل ــم يكــ ــن يدركه ــا المس ــتهلك أو
يع ــرف أن ــه محت ــاج إليه ــا.
ه ــذا م ــا عملت ــه وفك ــرت ب ــه «نوكي ــا» ،عندم ــا اكتش ــفت باك ــراً الحاج ــات
والرغبـــات التـــي يحلـــم بهـــا المســـتهلك وهـــي تعمـــل فـــي قطـــاع آخـــر
بعي ــد ع ــن قط ــاع االتص ــاالت.
فنحـــن فـــي عصـــر يعتمـــد علـــى المعلومـــات فـــي اتخـــاذ القـــرار ولــــيس
عل ــى الفرضي ــات ،فالمفه ــوم الجدي ــد للقيم ــة «الم ــال» يتع ــدى المنتج ــات
70
والخدمــات إلــى المعلومــات ،والحقوق الفكريــــة ,فبقــــدر قناعــــة الشــركات
بالمعلوم ــات تسّ ــخر اإلمكاني ــات للدراس ــات الــ ــسوقية ،وتكتش ــف كثي ــر
مـــن المعطيـــات المتعلقـــة بالحصـــص الســـوقية المتغيـــرة ،وحاجـــات
المس ــتهلك ووالء المس ــتهلك...الخ؛ لتتمك ــن م ــن اتخ ــاذ ق ــرار تس ــويقي
مبن ــى عل ــى معلوم ــات تتي ــح له ــا تحقي ــق أهدافه ــا ،وحت ــى تتجن ــب التعل ــم
والتطـــور علـــى طريقـــة المحاولـــة والخطـــاء ،وبحيـــث تســـتدرك الخســـائر
المترتب ــة ع ــن ع ــدم معرفته ــا وأس ــباب قل ــة حصته ــا الس ــوقية.
كم ــا حص ــل لش ــركة تنت ــج الحلي ــب ،عندم ــا ش ــعرت أن مبيعاتــ ــها ب ــدأت
تتقلــص ،اعتمــدت كعادتهــا علــى الفرضيــات للوقــوف علــى الســبب ،فتــارة
افترض ــت أن مش ــكلتها باألس ــعار ،فتعامل ــت م ــع ه ــذه الفرضي ــة كحقيق ــة،
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
فغي ــرت سياس ــتها الس ــعرية ،ولم ــا ظل ــت المش ــكلة قائم ــة ،افترض ــت أن
الخل ــل ف ــي تج ــار التجزئ ــة ,وأن م ــا يحصل ــون علي ــه م ــن هام ــش رب ــح ف ــي
المنتج ــات المنافس ــة أكث ــر ،وعندم ــا اس ــتمرت المش ــكلة ،افترض ــت ب ــأن
الجــودة وطعــم المنتــج المنافــس هــــو الســبب ، ....وبعــد خس ــائر كبيــرة،
ووق ــت طوي ــل ،أدرك ــت ب ــأن م ــن أه ــم أس ــباب قل ــة المبيع ــات س ــهولة
فت ــح الحلي ــب المناف ــس بطريق ــة س ــهلة ال يحت ــاج إل ــى أي أدوات مس ــاعدة
للفت ــح.
فبدراس ــة بس ــيطة ف ــي معايي ــر تفضي ــل المس ــتهلك لمنت ــج م ــا ،يمكـــ ــن
أن تكتشف المشكلة.
ولكـــن غيـــاب الوعـــي التســـويقي كثقافـــة ،كان
المانـــع األكبـــر إضافـــة إلـــى ثقافـــة المؤسســـين
71
للشـــركات التـــي هـــي أصـــل المشـــكلة.
فلهــم منــي جزيــل الشــكر مــع أزكــى األمنيــات بمزيـــد مـــن النجاحــات
الباهــرة..
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
مقدمة
يقــول الدكتــور نبيــل علــي« :ثقافتنــا تنبــذ االختــاف والتعــدد فــي الــرأي
وتنحــاز إلــى التشــابه واالتفــاق فــي الــرأي ولــو كان نفاقـــاً ،فترســخت قيــم
ســلبية ،وأخــذت شــرعيتها مــن التـــاريخ العــــربي والثقافــة التقليديــة».
والمفتــرض أن نســتثمر أي اختــاف أو رأي آخــر كقــوة دفـــع إلــى التغيــري 75
والتطويــر ،أي االســتفادة مــن قانــون التدافــع.
والســبب اآلخــر عــدم تبلــور التســويق كأســلوب وآليــة علميــة للوصــول إلــى
األهــداف المنشــودة ،بشــكل يمكــن أن يســتوعب فيــه كثيــراً مــن المفاهيــم
والنظريات.
ولكــن مــا نلمســه مــن متغيــرات دوليــة تفــرض علينــا لعــب دور فــي هــذا
المضمــار ،واألمــر ليــس فيــه مجــال الختيــار أولويــات خاصــة فــي واقعنــا.
فنحــن جــزء مــن عالــم ألغيــت فيــه الخصوصيــات فــي كل شــيء إبتــدا ًء
بالثقافــة ,مــروراً بالسياســة وانتهــاء باالقتصــاد.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
ولقــد أعــرب أحــد المهتميــن بالتســويق عــن هــذه الفكــــرة بقولــه «ولــى
زمــن إذا صنــع رجــل أفضــل جهــاز لصيد الفئران ،أو أحســن مســحوق غســيل،
وهــو فــي دار وســـط غابـــة ..لبحــث عنــــه المســتهلكون ودقــوا بابه!!».
76
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وإذا لــم نعتــن بالعميــل فلســوف يأتــي مــن يعتنــي بــه ،حتــى أصبــح
المســتهلك هــو الملك المتوج ،إضــــافة إلــى االتفاقات الدوليــــة «العولمة»
التــي فتحــت األبــواب.
لهــذا نحــاول فــي هــذه المواقــف التســويقية التــي ســميت مجــازاً (نــوادر)
(ألنهــا ممارســات يفتــرض أن تكــون علميــة ولكــن واقـــع الحــال يؤكــد غيــر
ذلــك) تحريــك الميــاه ،أســتفز بــه األشــخاص األكثــر خبــرة فــي العمــل
اإلعالمــي والثقافــي إليجــاد «تدافــع» يعمــل علــى الوصــول إلــى حــراك 77
تســويقي.
ويجــب النظــر إلــى الشــركات العابــرة للقــارات والمنتجــات التــي تبعــد عنــا
جغرافيـاً علــى إنهــا قريبــة.
منتجــات جديــدة بقــدر مــا يعنــي التفكيــر فــي طــرق جديـــدة لتســويقها.
فهــذا الجهــد يلبــي حاجــة القــارئ وبشــكل مبســط فــي معرفـــة شــيء مــن
المشــهد التســويقي فــي بالدنــا.
مــن خــال هــذه النــوادر التســويقية ،يمكــن للقــارئ اســتيعاب كيــف تفكــر
الشــركات اليمنيــة ،أو هــي مؤشــــر لكيفيــــة إدارة وتســويق المنتجــات
المحليــة ،وتعكــس مســتوى المشــهد التســويقي فــي بالدنــا و بعــد عرضها،
يمكــن أن نســتنتج و نفهــم كيــف تســير األمــور وأثرهــا االقتصــادي علــى
البلــد وليــس علــى المســتثمر فقــط.
فقــط 30% ..مــن المعلنيــن هــم الذيــن لهــم هــدف تــــسويقي ،يســتوعبوا
المتغيــرات وينســجموا مــع قواعــد النجــاح الجديــدة.
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
نوادر تسويقية
إعالن تلفزيوني لمشروب عصير فواكه معلب:
المشهد األول:
(مجموعة شباب في رحله لمنطقه «ثلجية» باردة جداً)
المشهد الثاني:
(يشربون المنتج وهم يمرحون»بين الثلوج») ..ال يحتاج هذا اإلعالن
إلى تعليق أكثر!!
بم كان يفكر من وضع هذا اإلعالن؟
فمنتج العصير مرتبط بــ:
80
-1العطش -2االنتعاش -3تعويض السوائل بعد بذل مجهود.
هل الجليد والبرودة الشديدة لها صلة بطبيعة المنتج؟؟
81
فمثــل هــذه الحمــات التــي أنفــق عليهــا المالييــن ،إذا لــم تهــدف إلــى
تعزيــز الــوالء للمنتــج أو تســجيل اســتجابة لرغبــات وحاجــــات المســتهلك
فــإن القائميــن عليهـــا يســتفيدون مــــنه كاســتفادة «المجنون!» مــن عمود
اإلنــارة لالتــكاء ..وليــس لإلضــاءة! وهــذا الوصــف لصاحــب كتــاب «لعبــة
التســويق».
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
وللعلــم فــإن كثيــراً مــن البرامــج التســويقية التي تســتهدف محــات التجزئة
«خادعــة» ،ألنهــا تســجل مبيعــات كبيــرة لذلــك الشــهر فيحصــل أصحــاب
المحــات علــى هدايــا وجوائــز ،ويظهــر وذلــك فــي قلــة مبيعــات الشــهور
التــي تلــي البرامــج التســويقية ،المتــاء المخــازن بالمنتــج مــن فتــره البرامج
التســويقية.
83
فشــركات الـ«جــي .إس .إم» فــي دول العالــم تعــول علــى هــذه التطبيقــات
لزيــادة إيراداتهــا وتفعيــل الخدمــات ،بعــد دراســة أهم مــا يحتاجه المشــترك
منهــا ،ولكــن مــا حصــل مــع الشــركات هنــا كــــان بعيــداً كل البُعــد عــن
حاجــة المشــترك ،حيــث تفعيــل هــذه التطبيقــات ليــس حســب معرفــة مــا
يمكــن أن يســتفيد منــه المشــترك ،بعــد دراســة لمعرفــة ســلوك المشــترك
وثقافتــه .مــع لعــب دور فــي رفـــع وعـــي المســتهلك بثقافــة الــــ «جــى .اس.
إم»؛ فأخــر مــا يفكــر بـــه هـــو «المشــترك» لعــدم وجــود منافســة واقعيــة.
فــإن تفعيــل هــذا الكــم الهائــل هــو نتيجــة متابعــة كــــل شــركة لألخــرى،
فعينهــا علــى الشــركة المنافســة أي تكــرر مــا يســتجد!
عــن حاجــة المســتهلك؟ لهــذا لــم تســهم هــذه التطبيقــــات فــي رفــع معدل
فاتورة المســتهلك.
فالخاســر األكبــر هنــا هــي الشــركة ،ألنهــا تلعــب فــي مــكان بعيــد عــن
المســتهلك أي فــي المــكان الخطــأ.
84
تفعيــل هــذه التطبيقــات ليــس حســب معرفــة مــا يمكــن أن يســتفيد منــه
المشــترك ،بــل هــو نتيجــة متابعــة كــــل شــركة لألخــرى
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
كان لــي معهــم تجربــة تســويقية ناجحــة ،والتجربــة بــدأت بــأن طلــب منــي
فكــرة ترويجيــة إلحــدى منتجاتها-صابــون غــــسيل المالبــس -مــن أهــم
أهدافهــا:
-1زيادة مبيعات المنتج.
-2إثــارة اهتمــام المســتهدف بوجــود حبيبــات ملونــــة مضافــة ،للتميــز عــن
المنافسين ..إضــــافة ألهــــداف أخرى.
87
حيــث عرضــوا جوائــز قيمــة لحــل ســؤال المســابقة ،وكل مـــن يريــد الفــوز
بالجوائــز عليــه أن يشــتري المنتــج ويكتشــف اإلجابــة.
أســهم هــذا البرنامــج فــي زيــادة المبيعــات ،مــــع الوصــــول إلــى أهــداف
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
بدون تعليق!
هــل تذكــرون إعالنــاً تلفزيونيــاً لســيارة ذات عالمــة تجاريــة مشــهورة
جــداً ،يظهــر أب يقــود ســيارته الجميلــة مــع أبنــه ،فيمــرون بجانــب ورشــة
ســيارات ،فيســأل االبــن أبــاه مشــيراً إلــى الورشــة :مــا هــذا؟؟ فلــم يعــرف
األب اإلجابــة ،ألن الســيارة لــم تتعطــل مــن قبــل!!
ذكــرت هــذا اإلعــان فــي موقــف مشــابه ،ولكــن مــع الفــارق ،ففــي حــوار
بيــن وكيــل ســيارات فــي صنعــاء ،مــع أحــد الذيــن يملكــون ســيارة مــن هــذا
88
الوكيــل ،عندمــا ســأله صاحــب الســيارة:أين الورشــة ســيارتي تعطلــت؟؟
فــكان جــواب الوكيــل :لديــك ســيارة مــن عندنــا ،وال تعــرف الورشــة!! هنــاك
فــرق بيــن اإلعالنيــن!!
فــن صناعة الحاجات لعبة الكبار
الخالصة
السؤال الذي يطرح نفسه:
لماذا ال يوجد احتراف تسويقي في بالدنا؟
وهنــا إجابــات أو فرضيــات مبنيــة علــى الخبــرة العمليــة ،وتحتــاج إلــى دراســة
للتحقــق منها:
-1السوق شاغر والمنافسة بين المنتجات محدودة.
-2مســتوى دخــل المواطــن ال يغيــر دخــــول شــركات محترفــة تســهم فــي
إيجــاد حــراك تســويقي.
-3إدارات ليــس عندهــا ثقافــــة تســويقية ,ألن أكثــر الشــركات يديرهــا
الجيــل األول «المؤســس» ولــــيس لديهــم قناعــة بالتســويق.
-4عــدم وجــود آليــة لقيــاس مــدى نجــاح المشــروع التســويقي مــن عدمــه،
مــع عــدم االهتمــام بالنتائــج فمجــرد وجــود برنامــج تســويقي ،كمــا اتفــق، 89
يعــد إنجــازاً!
-5كثيــر مــن المجموعــات التجاريــة «أســرية» ،وترتــب عليــه أن مــا خســره
األخ األصغــر فــي شــركة يعوضــه األخ األكبــر فــي شــركة أخــرى.
-6هناك شركات ،إلى اآلن ليس لديها مدراء تسويق!!
في األخير...
أتمنــى أن ال أكــون قــد أضعــت وقــت القــارئ دون فائــدة،
وحتــى تكــون الفوائــد متبادلــة ،مــع توقعــي وجــود آراء
ووجهــات نظــــر مختلفــة للمواضيــع التــي طرحتهــا ،أتمنــى
التواصــل عبــر البريــد اإللكترونــي :
raed260@yahoo.com 90
التصميم واالخراج الفني
ايهاب السقاف 771604086 :