Professional Documents
Culture Documents
مح نظ تخ قرار
مح نظ تخ قرار
2
الفصل األول :مفهوم القرار و خصائصه.
قد يبدو للوهلة األولى أن الق اررات هي من قبيل الظواهر التي ال تحتاج إلى الوقوف على
العناصر التي يتضمنها مفهومها ذلك أنها جزء ال يتج أز من حياة األفراد و المنظمات و كذا
المؤسسات ،و أن نصيبا كبي ار منها يتخذ تقريبا بطريقة ال إرادية كونها روتينية و متكررة.
مع ذلك تعد الق اررات من المجاالت المهمة التي يجب القيام بضبط معناها لغة و اصطالحا
و العمل على استعراض مجمل التعاريف التي تم إنتاجها في منظور العلوم التي اهتمت بها
بوصفها مجال علمي.
و أما األهمية التي تكتسيها الق اررات و المنوه عنها أعاله فهي تتحدد وفق طبيعة ما يترتب
عليها من تبعات بالنسبة لألفراد و خصوصا المنظمات.
إن الجماعات و المنظمات و المؤسسات يتجسد فيها المعنى الحقيقي لصناعة القرار عندما
يقصد به بذل مجهود مشترك في سبيل تحقيق أهداف أو العمل على إيجاد حلول لمشكالت
طارئة.
لذلك فإن المسؤولية التي تقع على كاهل قادتها يتجسد من خالل تحري الجودة فيها.
كان يجب في مستهـ ـل هذا العم ـل الوقوف على ما للقـ ـرار من معنى و من ثم ولوج ما يحمله
من خصائص و ما يكتسيه من أهمية ،بحيث تم التطـرق إلى ذلك في هذا الفصل في مبحـث
أول حدد مفهـوم القرار ،و مبحث ثان كان الهدف منه هو إظهار خصائص و أهمية القرار.
إن األهمية التي يكتسيها القرار في حياة األفراد و المنظمات تجعل من الضروري أن يتم
ضبط المفهوم من خالل تعريفه لغة و اصطالحا ليتبع ذلك بإظهار الفرق بين اتخاذ القرار و
صناعته.
3
المطلب األول :تعريف القرار.
لقد تم إنتاج تعاريف عدة بشأن القرار بالنظر إلى األهمية التي يكتسيها في حياة األفراد و
المنظمات باختالفها فثمة تعاريف من وجهة نظ ـر سياسية ،و أخرى تتعلــق بالنشاط اإلداري،
و كذلك تلك الق اررات التي تم تعريفها من الجانب القانوني.
ما يمكن استنتــاجه من األدبيــات المهتمــة بالق ـرار هو إنتاج أكثر من تعريف واحد من جهة،
ومن جهة ثانية نجد بأن مضمون التعاريف يحمل تقريبا نفس المعنى.
أوال-المعنى اللغوي للقرار :ينتمي لفظ "القرار" بالمفرد و الذي جمعــه "قـ ـ اررة" إلى المصدر
"ق ـ ــر" فيقال "الق ـ ـرار" بمعنى "مستق ـ ــر ثابت" ،و من ذلك يصبح أهل الق ـ ـرار "أهل الحضر و
المستقرون" .و من ال قرار له يحمل معنى "غير الثابت" و أيضا "من ال يستقر على رأي".
القرار هو في اللغة كذلك "الرأي يمضيه من يملك إمضاءه ،وهو أمر يصدر عن صاحب
النفوذ" (.)1
من حيث اللغة يقال بأن فـ ـالنا قرر أي أنه " سكن و اطمأن ،و قــرر األمــر رضى عنه و
أمض ـاه ،و تقــرر األمر أي ثبت و استق ــر ،و القرار ما انتهى إليه األمر" (.)2
يمكننا كذلك أن نســوق بشأن ضبـط المعنى اللغـوي للق ـرار ذلك التع ـ ـ ـريف الذي ذهب إلى أن
الق ـرار يقصد به "اختي ــار الطريق أو المسلك أو المنهـ ــج أو الحل األفضل-األحسن ،من بين
عدة طرق أو مسالك أو مناهج أو حلول متكافئة ،كما يعني القرار كذلك الوصول إلى الغاية
أو تحقيق الهدف" (.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قاموس المعاني ،تاريخ اإلطالع ( )2019/11/27نقال عن الرابط التاليhttp :www.almaany.com.:
( )2محمد حافظ حجازي ،دعم الق اررات في المنظمات( ،دون مكان النشر ،و دار النشر ،و سنة النشر) ،ص .105
( )3عمار عوابدي ،نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة و القانون اإلداري ،الجزائر :المؤسسة الجزائرية للطباعة ،1988 ،ص ص .18-17
4
ثانيا -التعريف اإلصطالحي للقرار :يمكن القول بأن تعريف القرار قد ساهم فيه بشكل عام
نوعين من العل ــوم كما يلي:
-1علــم اإلدارة العامة :الذي يمكن أن يدرج ضمنه ما يسمى بالقرار التنظيمي ،و هو مج ـ ـال
يرى أصحابه بأن القـرار "عملية اختيـار بديل من مجموعة بدائل للتوصل إلى البديل المناسب
بشأن موضوع معين"( ،)1ذلك أن القرار في اإلدارات و المنظمات عبارة عن:
يمكننا أن نسوق تعاريف أخرى للقرار في نطاق علم اإلدارة لنعتبره "اختيار ألحسن البدائ ـ ـ ـ ــل
المتاح ـة بعد دراسة النتائج المتوقعة من كل بديل و أثرها في تحقي ـ ـق األهداف المطلوبة" ،و
أيضا أنه عبارة عن "اختيار أنسب و ليس أمثل البدائل المتاحة أمام القرار ،إلنجـ ـ ـ ـ ــاز الهدف
أو األهداف المرجوة ،أو حل المشكلة التي تنتظر الحـ ـ ـل المناسب" و هو كذلك "العمل الذي
يقوم به المدير لتقرير و حسم الموقف و المسائل مع استخدام الحكم الشخصي"(.)3
-2علم القانون :إنه المجال الذي ينظر فيه إلى القرار كونه "عمل قانوني نهائي يصدر من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد هللا رابح سرير ،القرار اإلداري ،الجزائر :شركة دار األمة ،2011 ،ص .15
( )2حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،اتخاذ الق اررات التنظيمية في منظمات األعمال ،عمان :دار األيام للنشر و التوزيع ،2014 ،ص .27
5
سلطة إدارية عامة ،بإرادتها المنفردة إلحداث آثار قانونية معينة"(.)1
إن الجمع بين العلمين يتيح إنتاج تعريف شامل للقرار يرى بأن هذا األخير هو "اختيار إرادة
منفردة لبديل مناسب في ضوء بعض المتغيرات لتترتب آثار قانونية معينة"(.)2
و ألجل إبراز عملية اإلختيار التي ينجزها متخ ـذ الق ـ ـ ـ ـرار بمناسبة المفاضلة بين مجموعة من
البدائل ،و أيضا بالنظ ــر إلى ضرورة التأكيـ ــد على التمييـ ــز بين القرار و الفع ــل المترتب عليه
يمكن القول بأن القرار هو:
ثالثا-عناصر القرار :من التعاريف التي حاولت أن تحصر القرار كعملية يمكن استخالص
جملة من العناصر التي تتألف منها كما يلي (:)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،مرجع سابق ،ص .105
( )3حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .29
6
-1الجهة المتخذة للقرار :يمكن للق ـ ـ ـرار أن يكون فرديا بحيث يتخـ ـذه فرد واحد ،أو أن يكون
جماعيا بمعنى أنه يتم اتخاذه من طرف جماعة من أفراد.
-2الموقف الذي يتطلب القرار :يتعلق األمر بحدث يستدعي اتخاذ قرار بحيث يتمثل المبدأ
في هذا المجال في ضرورة وجود ظرف يستوجب القرار ،و الظرف المشار إليه إما أن يكون
مشكلة تتطلب حال أو فرصة يجب اقتناصها.
-3مجموعة بدائل :يمكن القول بأنها عبارة عن مجموعة من الحلول المقترحة لحل المشكلة
أو أنها الخيارات المطروحة أمام متخذ القرار.
-4عملية اإلختيار :خالل السيرورة التقريرية يجري ما يسمى بالمفاضلة بين بديلين أو أكثر
بشكل يهتدي به متخذ القرار إلى الحل الذي يراه األكثر مالءمة للمشكلة الطارئة.
-5التحليل و الدراسة :ينم القرار عن الوعي عند اتخاذه خصوصا حينما يعمد صاحبه إلى
دراسة و تحليل البدائل التي توصل إلى رصدها.
-6تكاليف و عوائد القرار :كثي ار ما يتحدث عن تكلفة القرار خصوصا إذا تم ربطها بالنتائج
التي تفضي إليها العملية المتصلة به ،فباإلمكان أن تكون التكلف ـ ـة مرتفعة و العوائد ضئيلة،
بينما الصورة المثلى هي أن تكون التكلفة أقل مع تحقيق أقصى المنافع.
-7القابلية للتنفيذ :من أهم سمات نجاح عملية اتخاذ القرار أن يتم إفراز قرار قابل للتنفيذ و
إال جاز الحكم بالفشل على هكذا عملية.
-8وجود هدف :يسعى القرار دائما إلى تحقيق هدف تم رسمه من قبل.
7
المطلب الثاني :صناعة القرار و اتخاذ القرار.
كثي ار ما يتحدث عن الق اررات مسبوقة بلفظة صناعة فيقال" :صناعة الق اررات" ،و في نفس
الوقت ورد باألدبيات المتخصصة تسمية "اتخاذ القرار" ،لذا وجب التفريق بين التسميتين وهو
ما سيعنى به هذا المطلب من خالل توضيح معنى كل منهما.
-1المعنى المتعلق بالجهـ ـد المشترك :حيث ال يتم التركي ـز عند الحديث عن القـ ـرار بصياغة
"الصناعة" على المستـوى المتعلق بالفـرد ،بل سيكون اإلهتمام ب "الجه ـ ـد المشترك لعناص ـ ـر
التنظيم في المؤسسة لعالج المشكالت ،و تصميم السياسات ،و رسم الخطة و البرامج"(.)1
و عليه فإن:
بالنتيجة فإن مكونات النظام المتمثلة في أفراد يشتركون فيما يبذلونه من جهود ،إضافة إلى
مجموعة من العناصر المادية هي من أهم الشروط التي تتوفر عليها صناعة القرار كعملية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد هللا رابح سرير ،مرجع سابق ،ص ص .17-16
8
-2المعنى المتصل بمراحل إنتاج القرار :فالشائع عند الحديث عن صناعة القرار أن يشار
إلى مختلف المراحل التي تستغرقها هذه العملية التي يعمد فيها إلى "تحـ ـ ـ ـويل المدخالت إلى
المخرجات عبر النشاطات التحويلية"(.)1
في هذا المجال يمكن ذكر مساهمة (هربرت سايمون) بوصفه أهم من كتب عن القـ ـ ـ اررات إذ
ج أز عملية صناعتها إلى ثالث مراحل حيث يشرع في أوالها في حصر جميـ ـ ـع البدائل و ما
تستدعيه من تصرفات ممكنة ،تليها مرحلة وضع النتائج المترتبة على كل بديل ،انتهاء إلى
مرحلة إجـراء تقييم لكل مجمـوعة من النتـائج (( .)2هنري منتزبرج) بدوره نج ــده قد توسـ ـ ــع في
محتوى صناعة القرار و ذلك ما لخصناه في الجدول أدناه (:)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،مرجع سابق ،ص .106
(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.158.
(3) Ibid.
9
تقييم نتائج الحلول. الفترة األولى
يتضح بذلك بأن صناعة القرار تتألف من مراحل "تبدأ بتحديد المشكلة و تنتهي بتنفيـ ـ ـذ الحل
و تقييمه"( ، )1مرو ار بطرح عديد البدائل و تقييمها قبل أن يعمد إلى اختيار أحد البدائل.
تتسم عملية صناعة القرار بالشمول و باحتوائها على م ارح ـ ــل تنتهي باختيار أحد البدائل التي
تم طرحها وذلك ما يدعى "اتخـاذ القـ ـ ـرار" الذي يمكن اعتباره "اختيار لبديل واحد من بين عدة
بدائل من أجل تحقيق نتيجة محددة"( ،)2كونه "يمتلك درجة عالية من الرشاد في ظل ظ ــروف
يحيط بها الشك و الغموض و الخوف من المستقبل"(.)3
يمكن القول بأن اتخاذ القرار هو التوصل إلى إيجاد البديل الذي تتوفر فيه جملة من الشـروط
من بينها أن الفوائد و المنافع التي يضمنها بالنسبة للموقف أو المشكلة المطروحة تغطـ ــي ما
به من عيوب كما أنها تفوق ما كلفـ ــه من وقت ،و جهد ،و مال ،و كل ما تم تجنيده كم ـ ـوارد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .34
10
في سبيل اإلهتـ ـداء إليه .بذلك فإنه "في ض ـوء نتائ ـج التقييـ ـ ـم و المفاضلة بين البدائ ـل ،يمكـ ـن
تحديد البديل الذي يك ـون مجم ـوع فوائده أو مزاياه أكبر من مجم ـوع تكاليفه أو عيوبه ،بدرج ـة
تفوق الفرق بينهما بالنسبة ألي بديل آخر(.)1
ثمة من رأى بأن عمليتي اتخاذ القرار و حل المشكالت تشتركان في تضمنهما لمرحلة "إجراء
تقييم للبدائل أو الحلول المتنوعة في ضوء معايير مختارة بهدف الوصول إلى قرار نهائي"(.)2
فهما يستخدمان ألداء نفس المعنى كــون المقصود من العمليــة التقريرية إنما هو حل مشكلـ ــة
ما( .)3و أما الفرق بينهما فهو:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد عبد هللا عبدالرحيم ،حل المشاكل و صنع القرار ،مركز تطوير الدراسات العليا و البحوث ،جامعة القاهرة ،كلية الهندسة ،2008 ،ص .11
( )2لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي" ،اتخاذ القرار و عالقته بكفايات الذكاء اإلنفعالي لدى القيادات التربوية الجامعية" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،جامعة
سانت كلمنتس العالمية برنامج التعلم المفتوح ،فرع العراق .2011/2010 ،ص .26
( )3ثابت عبد الرحمان إدريس ،نظم المعلومات اإلدارية في المنظمات المعاصرة ،اإلبراهيمية :الدار الجامعية ،2007 ،ص .285
11
المبحث الثاني :خصائص القرار و أهميته بالنسبة للمنظمات.
جاء فيما سبق بأن اتخاذ القرار يشترك مع حل المشكلة في بعض من العناصر سيما ما
تعلق بإيجاد البدائل قبل اختيار أحدها ،مع هذا فإن القرار يتمي ـ ـز بعدد من الخصائص التي
تجعل منه عملية حيوية و مهمة بالنسبة لألفراد و المنظمات.
يحتوي القرار خصائص كانت و ال تزال تشكل موضوعا إلنت ـ ــاج النظريات ال سيم ـ ـا بعد
تلك اإلنتقادات التي تم توجيهها إلى النموذج العقالني الذي نادى به الكالسيك.
تتمثل أهم خصائص القرار فيما يلي:
ال يكون القرار صائبا في كل الحاالت بمعنى أن المشكلة التي دفعت إلى اختيار واح ــد من
البدائل المتاحة لم تتم معالجتها بنجاح مما جعل "مختلف النظريات حول اتخاذ القرار تكون
منشغلة في جل أبحاثها ب :الخطأ" ،فهي تتساءل "لماذا يخطأ األفراد بسهولة و يتخذون في
الغالب القرار األقل عقالنية؟"( .)1و يأتي الجواب ليوحي أن ثمة جانب غير عقالني يتدخل
في هكذا عملية و يتعلق األمر بالعاطفة.
بالفعل يمكن القول بأن "أغلبية الباحثين يتفقون ليجعلوا من العاطفة خاصية ذات أهمية في
اتخاذ القرار الحدسي"( ،)2و أن اإلهتمام بهذا الجانب يرجع إلى أكثر قليال من عشريتين ،إذ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Giovanni GUERRA, "Contexte et consultation dans la prise de décision", Revue Connexions, n° :101, janvier 2014,
p.106. Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-connexions-2014-1.page-105.htm).
(2) Jean-François COGET, Cristophe HAAG, Annabel-Mauve BONNEFOUS, "Le rôle de l’émotion dans la prise de
décision intuitive :zoom sur les réalisateurs-décideurs en période de tournage", Revue Management, vol :12, février 2009,
p.118. Consultée le : 26/12/2019 sur : (https://www.cairn.info/revue-management-2009-2.page-118.htm).
12
نجد في هذا الصدد أن (داماسيو) مثال قد اعتبر سنة 1994بأن:
من جهته نرى أن (الزاروس) قد اعتبر سنة 1991أن العاطفة تتألف من الدوافـع و المناف ـع
و عوامـل البيئة ليصبح كل قرار منفردا بمميزات خاصة ،ذلك ما يمكـن تفسيره كون "كل فـ ـ ـرد
يمتلك منافعا خاصة به ،و قيما شخصية مما يؤدي في إطار المنظمة إلـى مضاعفة القـ اررات
و الخيارات الفـردية ،مما يفضي إلى تعقيد التسيير الفعال و الناجح"(.)2هذا بخاصة حين تقف
العواطف وراء تحقيق النجاعة أو اإلخفاق في المنظمات(.)3
لقد سبقت اإلشارة في معرض الحديث عن تحديد الفرق الموجود بين صناعة القرار و اتخاذ
القرار ،إلى أن الصناعة التقريرية تحمل معنى وجود تسلسل لمحطات و مراحل تنطلق أوالها
من اإلحسـاس بالحاجة إلى القـ ـرار نظ ار لحـ ـدوث مشكلة مثال ،ليتبع ذلك بالقيام بجم ـ ــع أنواع
شتى من المعلومات مع تحليلها و استعمالها في صياغة البدائل و ما يترتب عليها كنتائـ ـج،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Delphine VAN HOOREBEKE, "L’émotion et la prise de décision", Lavoisier : Revue française de gestion, n° :182, 2008,
p.34.Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-française-de-gestion-2008-2-page-33.htm).
(2) Ibid.
(3) Mathias BAITAN, Organiser l’entreprise, vers une poursuite de l’organisation optimale, Lausanne : Presses
polytechniques et universitaires romandes, 2018, p.173.
13
ثم اإلنتهاء إلى اختيار أحد البدائل .إنها محطات تدل على أن القـ ـرار "ينبني تدريجيا بإدماج
المعرفة و الفعل عن طريق إجراء تحقيق في الوضعية التي تواجـ ـه قائد المنظمة"( .)1ال سيما
و أن "القرار يبقى في قلب عملية التسيير و هو بذلك يشكل هوية القائد"(.)2
كثي ار ما يكون الشخص المقــدم على حل مشكلة ما أو المقبل على اختيار واحد من البدائـ ـ ـل
المطروحة أمامه بمعزل عن اآلخرين ،و ذلك إذا تعلق األمر بالق اررات ذات الصل ـ ــة بشؤونه
الخاصة أو تلك المتخذة في إطار تنظيمي .لكن حقيقة السيرورة التقريرية تنفي الطرح السابق
إذ أن "متخذ القرار ( )...هو في الوقت نفسه في خضم شبكات إتصالية"(.)3
مع نى ذلك أن مختلف الشبكات التي يتواصل فيها الف ــرد تعمل ال مح ــالة على التأثي ـ ـر فيه و
فيما يتخذه من ق اررات و بذلك "يمكن القول بأن أكثر األفراد عزلـ ـة هو من الناحية النفسي ـ ـة و
اإلجتماعي ـة مرتب ـط بأسرته و زمالئـ ـه في العم ـل ،و اإلدارة ،إلى غير ذلك" ( .)4بالنتيجـ ـة فإنه
من المستعصي أن يتم التحديد بشكل دقيق ما هي المؤثرات الفردية و الجماعية في القرار.
اكتسب القـ ـرار أهميـ ـة بالغ ـة في العصر الحديث خاصة بعد أن أصبح ـت المنظمات ذات
طابع تجاري تستخدم موارد عدة و معدات ضخمة ،وتشغل رؤوس أموال كبيرة ،فاتخاذ القرار
أضحى بمثابة المحرك الحقيقي لنشاط المنظمات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Benoit JOURNE, Nathalie RAULET-CROSET," La décision comme activité managériale située, une approche
pragmatiste", Lavoisier: Revue française de gestion, n° :225, 2012, p.109. Consultée le : 26/12/2019 sur :
(https://www.cairn.info/revue-française-de-gestion-2012-6-page-109.htm).
(2) Ibid.
(3) Jean-Michel HEITZ, "La décision : ses fondements et ses manifestations", RIMHE : Revue interdisciplinaire
Management Homme et Entreprise, n° :5, 2013. Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-rimhe-
2013-1-page-106.htm).
(4) Ibid.
14
يمكن القول بأن السيرورة التقريرية تلعب دو ار في تغيير ما تعرفه المنظمات من وضعيات
ذلك أنها سيرورة "ال تعمل فقط على أساس معطيات موضوعية خارجية إذ أن بيانات أخرى
يتم بناؤها أثناء سريانها"( .)1فالقرار ليس فقط حل للمشكالت الحاصلة فهو أيضا:
لقد أطلقت أوصاف كثيرة على القرار كوظيفة تعرفها المنظمات و من ذلك أنه "من المهام
الجوه ـرية في العمل اإلداري" ،و أنه بمثابـ ـة "قلب اإلدارة و محـ ـور العمليـ ـة اإلدارية"( ،)3فبه
يقاس مستوى النجاح الذي تحققه المنظمات من خالل ما يتمت ـ ــع متخذو القـ ـ ـ اررات بها من
مقدرة على التوصل إلى الخيارات المناسبة ،هذا و يزيد من أهمية القرار ما:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jacques ROJOT, "Qu’est-ce-que décider dans une organisation ?", in : Les organisations états des savoirs, dir :
Jean-Michel SAUSSOIS, Auxerre : Sciences Humaines Editions, 2016, p.223.
(2) Ibid.
( )3راضية عروف ،عبود زرقين "،استراتيجية التمكين كمدخل لتفعيل و تحقيق جودة الق اررات بالمنظمات" ،مجلة اإلقتصاد الصناعي الصادرة بباتنة،
عدد ،10جامعة الحاج لخضر ،جوان ،2016ص .162
15
جوانب التنظيم اإلداري ،و ال تقل أهمية عن
عملية التنفيذ و ترتبط بها ارتباطا و ثيقا ،و
أن أي تفكير في العملية اإلدارية ينبغي أن
يركز على أسس و أساليب اتخاذ الق اررات
كما يركز على أسس و إجراءات تنفيذها" (.)1
إضافة إلى ذلك يمكن إظهار ما للقرار من أهمية من خالل الجوانب التالية:
أوال-األهمية العلمية :يتحدث عن الق اررات كونها صناعة تتشكل من مراحل تبدأ بالتمكن من
معرفة المشكلــة المطروحة بالتحــديد انتهاء إلى التوصل إلى اعتم ــاد البديل األحس ـ ــن ،و ذلك
مرو ار عبر جمع البيانات ،وثم معالجتها و استخراج البدائل بما فيها النتائج المترتبة على كل
بديل ،فاألمر يتعلق بعمل فني يتطلب التوفيق فيه إتقان أدواته (.)2
ثانيا-األهمية العملية :يتسنى الوقــوف على هذه األهمي ــة من خ ــالل وظائ ــف ثالث تؤديهـ ــا
الق اررات ،تتمثل أوالها في توضيحها لسلوك المديرين حيال المؤثرات الخارجية و الداخلية ،و
ثانيها تتصل بمدى مقدرة هؤالء المديرين على أداء الوظائف المسن ــدة إليهم ،بينما الثالثة هي
في عالقة و دعم دور الرقابة على النشاطات اإلدارية.
ثالثا-األهمية من منظور القانون اإلداري :و هو األمر الذي يكفلــه النج ــاح في استخـ ـ ـ ـ ــدام
القرار كأداة قانونية (.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1راضية عروف ،عبود زرقين ،المقال المذكور سابقا ،ص ص .162،163
( )2آالء جرار" ،اتخاذ الق اررات اإلدارية" ،تاريخ اإلطالع ( )2020/01/22نقال عن الرابط التاليwww.mawdoo3.com :
16
خالصة الفصل األول:
يشكل القرار مظه ار مهما من حياة األفراد و كذا المنظم ـات باختالفها ،و يمكن القـ ـول بأن
التعاريف التي تم إنتاجها بصدد هذا الموضوع تحمل تقريبا نفس المعنى بالرغم من كثرتها.
من حيث اللغة يفي ـد القرار الثبات و اإلستقرار ،و أما المقص ـود به من منظ ـ ـ ـور عل ـ ـ ـم اإلدارة
العامة هو عملية اختيار بديل من ضمن مجموعة من البدائل للتوصل إلى األنسب منها .في
هذا اإلطار يتعلق األمر بالقرار التنظيمي .بالنسبة لعلم القانون القرار عبارة عن عمل قانوني
نهائي يصدر عن سلطة إدارية عامة بشكل يحدث آثا ار قانونية معينة.
يتألف القرار من عدد من العناصر فهناك جهة تضطلع باتخاذه في شكل فردي أو جماعي،
كما أن ثمة الموقف الذي يستوجب البت فيه ،ذلك ما يتطلب صياغة مجموعة بدائل يرجى
من ورائها حل المشكلة .إن القول بالبدائل يوحي إلى المفاضلة بين عدد من الحل ـ ـ ـول لينتهي
األمر إلى إفراز المالئم منها ،شرط أال تترتب عليه تكلفة عالية و أن يتسم بالقابلية للتنفيذ.
يجب التفريق بين صناعة القرار و اتخاذه فالعملية األولى يشار فيها إلى ذلك الجهد المشترك
الذي يبذل في إطار تنظيمي عن طريق استغـ ـ ـ ـراق مراحل مختلفة تتمث ـ ـل في إحص ــاء البدائل
الممكنة ،مرو ار بوضع نتائج البدائل وصوال إلى تقييم هذه األخيرة .العملية الثانية تتلخص في
اختيار البديل الذي تتوفر فيه إمكانية لحل المشكلة موضوع القرار.
يحمل القرار عددا من الخصائص لعل أهمها يتمثل في كون إيجاد الحل للمشكالت ترافقـ ـ ـ ـ ـه
العاطفة التي قد تؤدي إلى إفشال القرار نظ ار لعدم عقالنيته .أما الخاصية الثانية فهي تتعلق
بالتدرج الذي تمر به العملية التقريرية .و أما آخر الخصائص فنجدها تفند ذلك الطرح الذي
مفاده أن متخذ القـ ـ ـرار يكون مع ـ ـزوال عن مختلف الشبك ـ ـات التي يتواصل فيها عـ ـ ـادة و التي
تعمل ال محالة على التأثير في ق ارراته.
يمكن القول بأن القرار يحمل أهمية أكيدة إن على الصعيد العلمي من حيث إظهاره للمقدرة
على التعرف على المشكالت و إيجاد الحلول لها ،و أيضا من الجانب العملـ ـ ـي الذي يعني
تمكـ ـ ـن المديرين من أداء وظائفه ـ ـم ،و في األخير تظه ــر أهميته من جانب القان ـ ـون اإلداري
المعبر عن النجاح في استخدام القرار كأداة قانونية.
17
الفصل الثاني :اتخاذ القرار في النظرية الكالسيكية
18
الفصل الثاني :اتخاذ القرار في النظرية الكالسيكية.
الق اررات مهمة في حياة المنظمات كما هو الحال بالنسبة لألفراد ،فهي موج ـودة في جميع
العمليات التي تدخل في تشغيلها مهما كانت بسيطة مما دفع بعديد الباحثيـ ـ ـ ـن إلى استكشاف
هذا الجانب ووضع القواعد المتعلقة به ،ال سيما ما يمت بالصلة إلى الطرق التي تتخذ وفقها
الق اررات.
يمكن القول بأن اإلهتمام بالق اررات كان لصيقا و متزامنا و التنظير في حق ـ ـل المنظمات الذي
شرع فيه خالل العشرية األولى من القرن العشرين بصدور مؤلف(فردريك تايلور) الذي وضع
فيه المبادئ العلمية لإلدارة سنة ،1911وهو من الرواد المصنفين ضمن النظرية الكالسيكية
التي تضم باحثين آخرين كل وفق مقاربته في دراسة المنظمات و منه الق اررات.
يتطرق هذا الفصل إلى ذكر أبرز المنظرين المصنفين ضمن النظرية الكالسيكية عن ط ـ ـريق
استعراض مقارباتهم و أفكارهم في هذا المجال و ذلك في مبحث أول .هذا و سيعنى المبحث
الثاني بمسألة العقالنية في نظر الكالسيك و كذا أهم اإلنتقادات التي تعرضوا لها.
بالرغم من أن الكالسيك لم يدرسوا صناعة القرار بحد ذاتها إال أنه باإلمكان استخالص
وجهة نظـ ـرهم إزاءها من خالل ما أنتجـ ـوه كأفكار ،فالجدير بالذك ـ ـر في هذا اإلط ـ ـار هو أن
هدف المنظ ـ ـرين الكالسيك قد تمث ـ ــل في تزويد مسيري المؤسسات باألدوات الكفيلة بتحسين
فعاليتهم ،سيما و أن المفكرين هؤالء كانوا يعتقدون بأن كل مشكلة إال و لها حل يكفي فقط
إيجاده( .)1لقد عبر المنظرون الكالسيك عن آرائهم بخصوص تسيير المنظمات كل بحسب
المدخل الخاص به و ذلك ما سيتم تناوله في هذا المبحث من خالل تخصيص مطلب لكل
واحد من الرواد الكالسيك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Organisation et gestion de l’entreprise, Alger : Berti Edition, 2007,
p.204.
19
المطلب األول :فريدريك تايلور و مبادئه العلمية.
لم يقتصر دور (فريدريك ونسلـو تايلور) على وضع مب ـادئ علمي ـة مؤط ـرة لكيفيـ ـة إنج ـ ـاز
األعمال داخل المصانع األمريكية بل أن اإلعتقاد السائد بشأنه يذهب إلى كونه أول من قدم
نظرية متكاملة في مجال المنظمات( ،)1و ذلك "تحديدا في عام 1911م ،و هي السن ـ ــة التي
قام فيها ( )...بنشر كتابه الشهير مبادئ اإلدارة العلمية"(.)2
لقد بني تنظيم العمل وفق النمط العلمي الذي وضعه (تاي ــلور) على ضرورة توحيـ ـد الكيفي ـ ــة
التي ينجز وفقها العمل ،واعتماد التحليل العلمي بغرض إيجاد الطريقة المثلى لذلك( )3يضاف
هذا إلى تحلي ـل المه ـام إلى أج ـزاء بسيط ـ ـ ـة و كذا تقسيم العمل بشكل أفقي إلى أجزاء صغيرة
تخضع للوصف الدقيــق لمكوناتها و بشكل عمــودي بهدف الفصل بين المهــام التخطيطية و
تلك التنفيذية .
أما أهم مبدأ في نظرية (تايلور) فيتمثل في اختيـ ـار العمال على أساس علمي بالتركيـ ـز على
ما يمتلكونه من مهارات و قدرات و صفات شخصية و ذلك تجسيدا لشعار "الرجل المناسب
في المكان المناسب"( ،)4و هو المبدأ الذي رافقته آلية تناسب األجور المدفوعة مع المست ـوى
الذي تم تحقيقه من حيث اإلنتاجية.
لقد ساهم باحثون آخرون في إرساء المبادئ المشار إليها كل بحسب مقاربته و يمكن في هذا
الصدد ذكر (فرانـك و ليلي ـان جلبريث) اللذان "قاما بدراسة حركات العمل بهـدف التخل ـص من
الحركات غير الضرورية".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.25.
( )2حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .101
(3) Michel FOUDRIAT, sociologie des organisations, Paris : Pearson Education, 2007, p.77.
20
باإلمكان كذلك اإلشارة إلى ما أنج ـزه (هنــري جان ــت) به ــدف تطـوير الرقابة باستخدام أسلوب
الخرائط التي حملت اسمه.
لقد سبق اإلشارة إلى أن النظرية الكالسيكية بصفة عامة لم تهت ـ ـ ـم بالق اررات بحد ذاتها بل أن
اهتمامها قد انصب على تسيير المؤسسات ،و هو الشأن نفسه بالنسبة لنظريـة اإلدارة العلمية
التي كانت لها مساهمتها بالرغم من ذلك في عملية اتخاذ القرار بما احتوته من مبادئ عملت
على اإلنقاص من اإلرتجال في هذا المجال خصوصا عن طريق استبدال الحدس و التخمين
باألسلوب العلمي ،و أيضا اللجوء إلى األسس العلمية في اختيار و تدريب العاملين ،و كذلك
من خالل تقسيم العمل و تجزئته و التمييز بين أعمال اإلدارة و مهام العمال(.)1
تتمثل مساهمة نظرية اإلدارة العلمية في عملية اتخاذ القرار فيما يلي:
-1إن اإلعتبار بأن كل الخي ـ ـ ـارات المطروحة في العملية التقريرية معروفة يعد دليال على أن
اإلدارة "تمتلك المعايير و لديها القدرة على تقييمها في ظل وجود المدير كامل الرشد"( ،)2لذلك
فإن المنظمة ليست بحاجــة إلى اإلنفتــاح على بيئتها الخارجيــة كون ضبــط العمليــات الجاريـ ـة
بداخلها متاح للمسيرين .و من ذلك فإن القرار المتخذ يتصف دوما كونه األمثل.
-2ترى نظرية اإلدارة العلمية بأن متخذ القرار فرد واحد و يتعلق األمر بمسير المنظمة الذي
يحدد الهدف المرجو الوصول إليه ،كما أنه يمتلك جميع المعلومات التي يحتاج إليها في ذلك
هذا إلى جانب استخدامه للطرق العلمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .102
21
المطلب الثاني :نظرية المبادئ اإلدارية.
هذه النظرية تشير إلى أعمال(هنري فايول) الفرنسي الذي كان ممارسا لمهنته في الميدان
قبل أن يضع جملة من القواعد على ضوء تجربته تماما مثلما فعل (تايلور) ،إذ أنه " استهـ ـ ـل
مشواره المهني كمهندس للمناجم و أمضى كل حياته المهنية من 1888إلى 1918كمسي ــر
في مؤسسة (كومنتري-فورشامبولت-ديكازفيل) قبل أن ينتهي به األمر إلى ترؤسها"(.)1
هو كذلك معاصر ل(تايلور) إذ تظهر تأثيرات الحقبــة التي عاشا فيها في األفكار التي عبـ ـ ـ ـ ار
عنها.
لكن أوجه الشبه بينهما تقف عند هذا الحد إذ على عكس (تايلور) نرى بأن (فايول) قد باشـ ـر
أعماله كمهندس و تقلد المسؤوليات مما أثر في فكره ،فنظريته لإلدارة "رك ـ ـ ـ ـزت على المنظمة
ككل على خـ ـالف سابقتـ ـها التي اهتم ــت بمستوى اإلدارة اإلشرافي ــة ،و بالتحـ ــديد على إنتاجية
العاملين" (.)2
أوال-محتوى النظرية:
و من ذلك اعتقاد (فايول) بأن جل األعمال المنجزة (،)3 تدعى كذلك "نظرية العملية اإلدارية"
بالمؤسسات إنما تنتمي إلى واحدة من الفئات الست المتمثلة في الجانب التقني ،و التجاري،
و المالــي ،و األمنــي ،و المحاسبي ،و اإلداري .فنشــاطات اإلنتــاج و التح ــويل و التصنيـ ــع
تدخل ضمن الفئة التقنية ،بينما يتصل الشراء و البيع و التبادل بالفئة التجارية(.)4
لقد أولى (فايول) الوظيفة اإلدارية أكبر عناية جعلته يلح على إدراجها في الب ارمـ ـ ــج التعليمية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.42.
( )2حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .104
22
إلى جانب الكفاءات التقنية( ،)1كما أقدم على تطوير هذه الوظيفة بحيث أضحى يتحدث عما
أسماه ب"األدوات اإلدارية" التي كانت بالنسبة للفترة التي عاش فيها بمثابة مناهـ ـ ـج جديدة لم
تكن معهودة ،و يتعلق األمر باستحداث الهياكل التنظيمية و بطاقات وصفية لمناصب العمل
و خصوصا إشارته إلى أهمية وضع نظم للمعلومات(.)2
هذا فإن اتفق(فايول) مع (تايلور) بشأن تقسيم العمل و وجوب توفر مكان لكل شخص و أن
كل شخص في مكانه ،فهو يخالفه حينما يرى ضــرورة أن يأخذ العام ــل األوام ـ ـ ـر من رئي ـ ـ ـس
واحد فقط(.)3
إضافة إلى (فايول) يذكر ضمن هذه النظرية رواد و منظرون آخرون على غرار (موني) و
(ريلي) اللذان يعود إليهما الفضل في تصنيف و تحليل المبادئ اإلدارية،إلى جانب (أورويك)
الذي اعتقد بأن من بين عوامل فاعلية القيادة اإلدارية الدور الذي يؤديه تفويض السلط ـ ـة ،و
(جوليك) "الذي وضع األنشط ـة اإلدارية السبعة التالية :التخطيط ،التنظيم ،التعيين ،التوجي ــه،
التنسيق ،إصدار التقارير و العمليات المالية و المحاسبية"(.)4
لم تتناول نظرية المبادئ اإلدارية عملية اتخاذ القرار بحد ذاتها لكن األفكـ ــار التي جاءت بها
كان لها الدور الكبير في إثرائها من خالل جملة المبادئ التي أثارها (فايول) و غيره من رواد
هذه النظـ ـرية و من ذلك مثال ضـ ـرورة تحديد المسؤوليات في اتخـ ـاذ الق ـ ـرار بما يوفره التسلسل
اله ــرمي ،تغليب مصلحة المنظم ــة على تلك الشخصية ،خلق التـ ـوازن بين مب ــدأي المركزية و
الالمركزية في اتخاذ القرار ،مع مراعاة أال تتنازل اإلدارات العليا عن القـ ـ اررات ذات العالق ـ ــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Marie-Georges FILLEAU, Clotilde MAEQUES-RIPOULL, Les théories de l’organisation et de l’entreprise, Paris :
Ellipse Editions, 1999, p.58.
(3) Ibid.p.36.
( )4حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .105
23
بالسياسات العامة .و تجدر في األخير اإلشارة إلى إيالئه األهمية لروح الف ـ ـريق كواحد من
العوامل الضامنة إلصـدار ق اررات صائبة(.)1
هذه النظرية تنسب إلى (ماكس فيبر) العالم األلمان ـ ــي الذي عاش بين سنة 1864و سنة
1920و يعرف عنه ممارسته لمهنة التدريس لمادة القانون بجامعة "برلين" و كذلك اإلقتصاد
بجامعة "فريبورغ" و جامعة "هيدلبيرغ".
لقد جرت العادة على اعتباره ضمن مؤسسي علم اإلجتماع( ،)2كما دفع اهتمامه بالسلطـ ـة إلى
جعله ممن كان له إسه ـام كبير في نظرية التنظي ـم فقد ذهب إلى أن السلطــة تتفـ ــرع إلى ثالثة
نمــاذج أولها يتمثــل في المنظمــة التقليدية التي تستقي أسسها من العادات ،أما تلك الكارزمي ــة
فهي تعتمـ ـد على الصفـ ـات الشخصيـ ـة للمسيـ ـرين الذين ينالـ ـون الوالء من لدن مرؤوسيهم على
أساس ذلك ،بينما تنال السلطة شرعيتها في المنظمـة العقالنية و الشرعية من خالل اعتبارات
موضوعية كالشهادات مثال ،إضافة إلى وجود قواعد مكتوبة(.)3
وضع (فيب ــر) نموذجا نظريا به ــدف المساعدة على فه ــم المنظمات الت ـ ـي أطل ــق عليها تسميــة
"البيروقراطيات" التي من بين مميزاتها أنها "تدار بطريق ــة غير شخصية في ظل وجــود هيك ــل
تنظيمي تتبع فيه قواعد معينة"(.)4
اعتبر (فيبر) البيروقراطية بأنها منظمة على أساس تسلسل رئاسي محدد بشكل واضح بحيث
أن ما بها من وظائف تكون مبينة على منوال ال يجعل الموظفين يتأخرون عن أداء مهامهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .105
( )4حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .106
24
كما تكون مسؤولياتهم مقيدة بفعل القواعد التي تسود هذا النظام الذي يوفر إمكانية التنبؤ بما
سيط أر في المستقبل(.)1
بهذا تظهر البيروقراطية كنموذج أمثل لتسيير المنظمات اإلدارية ذات الحجم الكبير بتوفيرها
للكفاءة و الفعالية خصوصا بفضل آلية اختيار الموظفين وفق أسلوب المسابقات الذي يحقق
العدالة و المساواة و بفضل السلطة التي تخولها الوظائف للرؤساء بشكل يجعـ ـ ـل المرؤوسين
يقبلون أوامرهم و توجيهاتهم(.)2
بالنظر إلى أن األمر يتعل ــق بنظرية قد بنيت على أساس خصائص مثل التسلسل الرئاس ـ ـ ــي،
و تقسيــم العمل و التخصص فيه ،مع العمل وفق القواعد و التعليمات المكتوبة ،و اإلعتم ـ ــاد
على عالقات رسمية بين اإلدارة و الموظفين ،و بالخصوص اختيار الموظفين و ترقيتهم بناء
على الجدارة و المؤهالت الفنية ،فإنه يستفاد منها في مجال اتخاذ القرار:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Marie-Georges FILLEAU, Clotilde MAEQUES-RIPOULL, Op.cit.pp.64-65.
(2)Ibid.p.65.
( )3حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .107
25
المبحث الثاني :فروض النظرية الكالسيكية.
تم التطرق أع ـاله إلى أهم الرواد الذين صنــفوا ضمــن المنظ ـرين في مجــال المنظمـ ــات من
حيث انتمائهم إلى الفكر الكالسيكي أو التقليدي ،و قد تمت اإلشارة في مع ـ ـرض الحديث عن
إسهاماتهم إلى عدم اهتمامهم باتخاذ القرار كسيرورة بحيث يعزى ذلك إلى كونهم قد انطلقـ ـ ـ ـوا
من فروض طبعت نظرتهم إلى هذه العملية.
أوال-تمتع متخذ القرار بعقالنية تامة :لقد ساد في أوساط الكالسيــك اإلعتقاد الذي مفـ ــاده أن
متخذي القرار ال سيما في المجال اإلقتصادي (منتجين و مستهلكين) يتمتعون بعقالنية تامة،
فهم يتصرفون في كل األحوال على منوال يخدم مصالحهم ،بحكم امتالكهم ألهـ ــداف واضحة
فالمنتجون يسعون إلى تعظيم الربح بينما ينحى المستهلكون إلى إشباع حاجاتهم.
يظهر من هذه األلفاظ بأن األمر ذا صلة بما يسمى ب "النم ــوذج الرشيد في اتخ ـ ــاذ الق اررات"
حيث من خالله اعتقد (آدم سميث) بأن "المدير متخ ـذ القرار قادر على اتخ ـاذ ق اررات تحقـ ـق
أقصى منفعة اقتصادية تسعى المنظمة لها"(.)1
لتعريف العقالنية يتسنى القول بأنه "حينما يكون أمام وضعية خيار لواحد من ضمن عدد من
البدائل فإن متخذ القرار العقالني سيخت ــار البديـل الذي يظ ـن بأنه سيفض ـ ـي إلى أحس ـن نتيجة
شاملة"( .)2و يشار إلى العقالنية في اتخاذ القرار كونها تبنى على المنطق للتوصل إلى الحــل
األمثل لمشكلة مع توفر المعلومات و تقييم دقيق للبدائل المحتملة لحل المشكلة(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .143
(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd., Paris : MA éditions, 2016, p.159.
( )3حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .143
26
اعتقد (ماكس فيبر) بشأن العقالنية بأنها متصلة بالعمل على تجسيد أهداف المنظمة بكفاءة،
و يضيف (هربرت سايمون) إلى ذلك أن األمر يتعلق ب"نمط سلوكي يالئم تحقيق األهـ ــداف
التنظيمية ضمن حدود تفرضها مجموعة من الظروف و القيود"(.)1
ثانيا-امتالك متخذ القرار للمعلومات :اعتقد رواد المدرســة الكالسيكية بأن متخذ القـ ـرار في
المنظمات يمتلك معلومات كاملة و تامة بشأن عناصر القـ ـرار و ما سينتـ ـج عنه من تبعات،
فهي معـلومات يمكن ولوجها متى كانت الحاجة إليها دون أن يترتب على ذلك تكلفة ،إذ من
خاللها يكون بإمكان متخذ القرار معرفة:
ثالثا-اعتبار المنظمة بمثابة متخذ قرار أوحد :بما أن األهداف و الغايات معروفة و مدركة
من طرف قائد المنظمة الذي تتوفر لديه المعلومات كلها بشأن جميـ ـ ـ ـع الخيارات مع تفاصيل
النتائج المنجرة عنها ،و بالنظر إلى إدراكه لمصلح ــة منظمتــه و طبيعــة المنفعـ ــة التي تطمح
نيلها نتيجة ألفعالها ،فإنه ال يمكن تصور وجود نزاع بشأن األهداف و الغايات بين األفراد و
الجماعات ،مما جعل النظرية الكالسيكية تعتبر المنظمة كمتخذ قرار أوحد .و في حال تعدد
متخذو القرار فهم سيتقاسمون حتما نفس األهداف و نفس نظام للمفاضلة بين البدائل(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .143
(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.161.
27
المطلب الثاني :اإلنتقادات الموجهة إلى الكالسيك في مجال اتخاذ القرار.
لقد وجهت جملة من اإلنتقادات إلى المفكرين الكالسيك بشأن نظرتهم إلى اتخاذ القـرار ،إذ
يعد (هربرت ألكسندر سايمون) في هذا الصدد أهم مصدر لها بمعية مجموعـة الباحثين الذين
أشرف عليهم ضمن "معهد كرنيــجي للتكنولوجيا" في الخمسينات و بداية الستينــات من القـ ــرن
العشرين(.)1
أوال-فيما يتعلق بالسيرورة التقريرية :لقــد اختـ ــزل الكالسيك عملية اتخــاذ الق ـرار في مرحلــة
اإلختيار ،إذ نجدها قد "اهتمت بوصف متخذ القرار أثناء قيامه باإلختيار" و هي ال تعدو أن
تكون المرحلة األخيرة ضمن عملية مكونة من عدة مراحل قد جردت منها(.)2
ثانيا-بخصوص وجود حل أمثل :اعتقد (سايمون) بأن متخ ـذ الق ـ ـرار ال يسعه أن يتوصل إلى
إيجاد الحل األمثل مثلما دعا إلى ذلك الكالسيك الذين تأثروا في ذلك بعلماء اإلقتصاد" ،فال
القدرات المعرفية ،و ال المعلومات ،وال حتى الوقت كافي التخاذ قرار أمثل" (.)3
لعل أهم التبعات المترتبة على البحث عن أمثـل قـرار هي تلك التي يجسدها طول فترة إنتاجه
كونه "يفترض إمكانية التعـ ـرف على كافة الحلـ ـول الممكنة للمشكلة و نتائجهـ ـا المستقبلية أوال،
ثم التقييم الذي يتم إجراؤه لحين الوصول إلى الحل األمثل"(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Erhard FRIEDBERG, " Rationalité et analyse des organisations ", Idées économiques et sociales, n° :165, 2011,
consulté le : 04/04/2020, sur : www.cairn.info.
( )2ليلى لراري" ،محاضرات في نظرية القرار" ،قالمة ،قسم علوم التسيير ،كلية العلوم اإلقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة 8ماي ،2018 ،1945ص
تاريخ اإلطالع ،)2020/04/03( :على الرابط 6http ://dspace.univ.guelma.dz
(3) Mathieu FARRIERE, " Les principales critiques de la théorie du choix rationnel ", Idées économiques et sociales,
n° :165, 2011, consulté le : 04/04/2020 sur : www.cairn.info.
( )4حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .148
28
ثالثا-بشأن قدرات متخذ القرار :ثمة إمكانيات و قـدرات يفترض أن تتوفر لدى متخذ القـرار
عند سعيه إلى إنتاج قرار أمثل ،تتمثل هذه القدرات فيما يلي:
-1القدرة على جمع كل المعلومات و معالجتها :قلما تتوفــر كل المعــلومات للفــرد المقب ــل
على اتخاذ الق ـرار ،فهي إما معلومات يصع ـب الحصول عليها من مص ـدرها األول كونها
تمر على عدد من الوسطاء الذين يعملون على صناعتها و بثها مع ما يصاحب ذلك من
تعديل لمضمونها ،أو أن طبيعتها "يلفها الغموض و هي بذلك بحاجة إلى التأويل"(.)1
و ما يزيد من صعوبة الحصــول على معلومات تامة و كاملة هو قص ـور القدرات العقليــة
لإلنسان على التسـريع من وتيـ ـرة معالج ـة المعلومات ذات الحج ـم الكبير ذلك ما يؤدي إلى
ارتكاب أخطاء خالل عملية المفاضلة بين البدائل (.)2
-2التمكن من إيجاد الحل األمثل :ليس بوسع أي كان التوصل إلى إيجاد الخي ـ ـار األمثل
ذلك راجع إلى محدودية القدرات اإلنسانية على إعمال الفكر و معالجة المعلومات.
حتى يتسنى الحديث عن إيجاد قـرار أمثل يجب أن يكون بمستطاع متخــذ القـ ـرار أن يفكـ ــر
وفق منوال يرسم لديه صورة شاملة لكل العمليات التي تتدخل في السيرورة التقريرية( .)3لذا
فإن متخذ القرار "ال يقوم بتقييم كافة البدائل الممكنة لحل المشكلة ،و لكنه يخت ــار البدي ــل
األول الذي يتوافـق مع معيار اتخاذ القرار في حينه"(.)4
هذا فإن الكالسيك قد تخيلوا متخذ القرار بمعزل عن عواطفه التي تلعب دو ار ال يستهان به
في تشكيل مالمح القرار األمثل بالنسبة إليه.
رابعا-تأثير البيئة المحيطة بالقرار :تعمل الطبيعة المعقدة للبيئة المحيطة بالقرار على الزيادة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Erhard FRIEDBERG, Op.cit.p.17.
(2) Ibid.
(3) Ibid.p.18.
( )4حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .148
29
من محدودية القــدرات العقليــة لإلنسان إلنتاج قرار أمثل ،فالفكــر الكالسيكي قد تجاهــل البيئ ــة
الداخلي ــة التي ال يقتصــر محتـ ـواها على التنظيــم الرسم ــي فقط بل أن ثمــة تنظيــم غير رسمــي
مع ـروف عنه تشكيله لنم ـط آخر للسلط ـة ،كما تجاه ـل في نفس الوق ـت البيئ ـة الخارجيـ ـة التي
تنفتح عليها المنظمة التي ستتأثر بذلك بكل الق اررات التي تتخذ خارج حدودها(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .149
30
خالصة الفصل الثاني:
إنه من األهمية أن يتطرق الدارس لنظريات اتخاذ القرار إلى المدرسة الكالسيكية بالرغم
من أن روادها لم يهتموا تحديدا بهذا المجال ،لكن يمكن استشفاف وجهة نظرهم بخصوص
الموضوع.
يعتبر (فردريك ونسلو تايلور) أول من قدم تنظي ار متكامال في مجال المنظمات حينما صدر
له كتابه سنة 1911بما احتواه من مبادئ لإلدارة العلميــة كتوحيد طريقة إنجـ ـ ــاز العمل ،و
تحليل المهام إلى أجزاء بسيطة و أيضا السعي إلى تناسب مستوى األجور مع اإلنتاجية التي
تم تحقيقها .هي مبادئ ساهم باحثون آخرون في إرسائها و إثرائها و يتعلق األمر على سبيل
المثال بكل من (فرانك جلبريث) و (ليليان جلبريث) و كذا (هنري جانت).
من حيث مساهمة هذه النظرية في مسألة اتخاذ القرار فنجدها قد استبدلت الحدس و التخمين
باألسلوب العلمي و جعلت القرار بيد فرد واحد قادر على تحديد الهدف المرجو تحقيقه على
أساس المعلومات التي يمتلكها.
نظرية المبادئ اإلدارية تنتمي إلى نفس الفكر مع وجود اختالفات ،فقد عمل (هن ــري فايـول)
على تطوير الوظيفة اإلدارية وفق مناهج جديدة مع اعتقاده بضرورة تحديد المسؤوليات في
اتخاذ القرار.
أما نظرية(ماكس فيبر) للبيروقراطية فقد أعطـت نمـوذجا أمثال لتسييـر المنظمات ذات الحجم
الكبير ،و أما بشأن اتخ ـ ـاذ القـ ـرار فنراها قد تضمنت في جزئيتها المتصلـ ـة بالتسلسل الرئاس ـي
تحقيقا لتحديد المسؤوليات.
من جانب الفرضيات التي انطلقت منها النظرية الكالسيكية يظهر بأنها تميل إلى تمتع متخذ
القرار بعقالنية تامة ،وتوفره على معلومات كاملة.
إن أغلب اإلنتقادات التي وجهت إلى الفكر الكالسيكي قد أعابت اختزاله للعملية التقريرية في
مرحلة اختيار البديل األمثل الذي يتعذر التوصل إليه في الواقـ ـع نظ ار للقصـ ـور المع ـ ـ ـرفي و
المعلوماتي لدى متخذ القرار الذي يتأثر ال محالة بالبيئتين الداخلية و الخارجية.
31
الفصل الثالث :اتخاذ القرار في النظرية السلوكية
32
الفصل الثالث :اتخاذ القرار في النظرية السلوكية.
توصف النظرية السلوكيـ ـة كونهــا تمثل البداية الحقيقيــة للتنظير في مجال اتخاذ الق ـرار ،إذ
و كما جاء في الفصل السابق لم يهتم الكالسيك باتخاذ القرار كعملية تشتمل على مراحل بما
أنهم اعتقدوا بمقدرة متخذ القرار األوحد في المنظمة على التوصل إلى الحل األمثل.
وقد تعرضت فرضية تحلي متخذ القرار بعقالنية تامة للنقد مما أدى إلى إعـ ـادة نظـ ـر عميقـ ـة
في دراسة القرار بالمنظمات.
لعل أهم باحث كان وراء بناء نظ ـرية متكاملة للق ـرار هو (هربــرت سايم ــون) الذي دعا إلى ما
أسماه بالعقالنية المحدودة في إطار النظرية السلوكية التي تم تصنيف أعماله ضمنها بمعية
عدد من الباحثين الذين حذو حذوه في هذا المجال.
سيعنى هذا الفصل في مبحث أول باستع ـراض مضمــون النظ ـرية السلوكيــة ،بينما يخصص
مبحث ثان ألهم األفكار التي أنتجها (هربرت سايمون).
جاءت النظرية السلوكية التخ ــاذ القـ ـرار في أعق ـاب تلك الكالسيكية التي تعرض ــت لجملة
من اإلنتقادات ،و يعد (هربرت سايمون) أهم ممثل لها بالنظـ ــر إلى المؤلفات التي أنتجها هو
أو بمعية باحثين آخرين.
ارتبط ـت النظرية السلوكية التخاذ الق ـرار باألفكار التي أنتجـها (هربــرت ألكسندر سايم ــون)
الذي ولد بتاريخ 1916/06/15:و توفــي في ،2001/02/09:و المع ــروف عنه كونــه
رجــل اقتصاد أمريكي وعالم في السياسة و علم النفس المعرفي ،و علوم الحاسوب ،و كذلك
اإلدارة العامة(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1منتدى المعرفة ،تاريخ االطالع )2020/04/08(:على الرابطwww.marefa.org :
33
ثمة تسميات ثالث تشير إلى نفس المحتوى المعبـر عن أفكار (سايمـون) و عدد من الباحثين
الذين ساروا على ذات نهجه في إطار نفس التيار الفكري .فإذا قلنا ب"نظ ـرية القـ ـ ـرار" و كذا
"النظرية السلوكية" ،أو "مدرسة الكارنجي" التي حملت اسم الجامعة التي اشتغـلت بها ثلة من
المنظرين في هذا المجال ،فإننا نقصد بذلك نفس النظرية(.)1
من بين الرواد الذين ساهموا في إثراء نظرية اتخاذ القرار وفق المنظور السلوكي يتسنى ذكر
كل من( :شستر برنارد) و (جيمس مارتش) و خصوصا (هربرت ألكسندر سايمون).
أوال-أهم األفكار التي نادت بها النظرية السلوكية :يتعلق األمر بنظرية قد حملت أفكا ار عدة
يمكن تقديمها فيما يلي:
-1أول أفكار هذه النظرية تمثلت في اعتبار اإلنسان بمثابة محور العملية اإلنتاجية و أنه
الكفيل لوحده بتحقيق الكفاية اإلنتاجية ،لذلك وجب التركيز على الجوانب السلوكية للقرار
اإلداري و أبعاده النفسية و اإلجتماعية.
-2من جهة أخرى نرى بأن هذه النظرية قد انتقدت التوجه الذي اعتقد بأن المنظمات إنما
هي عبارة عن أنظمة مغلقة ،فهم يظنون بأنها بالعكس مفتوحة على بيئتها.
-3فيما يتصل بمسألة العقالنية فإن النظ ـرية السلوكية تقول ب"العقالنيــة الشخصية" بعكس
المدرسة الكالسيكية التي دعت إلى "العقالنية الموضوعية" ،و نجدها على أساس ذلك قد
قدمت نموذجا التخ ــاذ القـ ـرار أسمته ب"النمــوذج اإلداري" حيث حمل متخذ الق ـ ـرار تسمية
"الرجل اإلداري".
-4أضاف (سايمون) معيا ار نوعيا لمفهوم العقالنية الذي أضحى بذلك يحمل تصنيفين هما
العقالنية من ناحية سلوك األفراد ،و العقالنية من الجانب التنظيمي ،و بدمج اإلثنين يتم
الحصول على ستة أنواع كما يلي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.159.
34
أ-العقالنية الموضوعية :إنه سلوك يسعى انطالقا من الواقع الموضوعي إلى تعظيم
المنفعة .يبنى هذا النوع على أساس وجود معلومات كافية بخصوص البدائل و ما
يترتب عليها كنتائج.
ب-العقالنية الشخصية :هو سلوك لتحقيق المنفعة في حالة معينة و اعتمادا على المتاح
من المعلومات ،مع اعتبار القيود على متخذ القرار.
ج-العقالنية التقنية :تطلق هذه التسمية على الوضعية التي يقدم فيها الرجل اإلداري على
تطوير المعرفة العلمية و التقنية و استخدامها لتحقيق أهداف المنظمة.
د-العقالنية التنظيمية :من خاللها يعمل الرجل اإلداري على تجسيد أهداف المنظمة.
ه-العقالنية الفردية :تعكس سلوك متخذ القرار سعيا لتحقيق أهدافه الشخصية.
و-العقالنية اإلدارية :تعبر عن السلوك الذي يعتمد على استخدام أفضل الطرق اإلدارية
في توجيه عمل األفراد في المنظمة.
ثانيا-اإلهتمام بالسلوك اإلنساني :يالحظ تبني هذه النظرية لمقاربة مغايرة تمثلت في "إعادة
تنظيم فرضيات المدرسة الكالسيكية من خالل اإلهتمام بالسلوكيات الفعلية التي يأتيها متخذو
القـ اررات في الواقع"( ،)1إذ مكنت الدراسات التي أنجزها (سايم ـون) في موضوع المنظمات منذ
أواخ ـ ـر الثالثينات من الق ـرن العشرين من مالحظ ـة ما اعتب ـره تباعـ ـدا بين "الرج ـل اإلقتصادي
الذي تحدثت عنه النظرية اإلقتصادية و السلوك الحقيقي لألعوان"(.)2
إن الفضل يعود إلى هذه النظرية في جعل السلوك البشري بمثابة نتيج ـ ـة لتبني خيار ما ،فقد
رأينا من قبل بأن مسألة السلوك لم تنل اهتم ـ ــام النظرية الكالسيكية التي عمل ـت عـ ـوض ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ليلى لراري ،مرجع سابق ص.6
35
على إصالح الطريقة التي كان ينجز وفقها العمل( .)1لذلك فقد أولت النظرية السلوكية العناية
بالجوانب المتعلقة بسلوك األشخــاص ضمن المنظمات سيما ما اتصــل بما يؤثر في مواقفه ــم
من عوامل اجتماعية(.)2
في هذا الصدد اعتبر (سايمون) بأن السلوك التنظيمي يستقي مضمونه من الق اررات المتخذة
ضمن المنظمات و أن ما يوجد بداخل هذه األخيرة من قواعد ،و تسلسل رئاسي ،و مقاييس
مختلفــة ،و تقاليــد هي كلها عوامـل تـؤدي وظيفــة المقلل من تعقيــد العملية التقري ـرية لألفـ ـراد و
تلعب دور المنسق بين أعضاء المنظمة(.)3
و بما أن النظرية السلوكية أضحت تعتبر المنظمة بمثابة نظــام مفتـ ــوح على أنظمــة داخلية و
خارجية ذات طابع اقتصادي ،و اجتماعي ،و قانوني ،و حكومي ،فنجدها قد جعلت بق ـ ــاء و
استم اررية المنظمة رهنا بقدرتها على التكيف و تغيرات البيئات المشار إليها ،وذلك ما يتسنى
عن طريق توجيه الق اررات إلى هذا الهدف(.)4
أنتجت النظرية السلوكية إطــا ار فكريا التخ ـ ــاذ القرار اإلداري إذ جعلت منه محور العملية
اإلدارية ،و نراها قد ركزت في ذلك على البحث في السلوك اإلنساني كفرد و أيضا بوصفه
عضو في جماعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Erhard FRIEDBERG, Op.cit.p.15.
(3) Massimo BALDUCCI, " L’influence de administrative behavior de H. Simon sur l’étude des organisations et sur la
théorie du public choice ", Revue française d’administration publique, n° :131, 2009, consulté le : 09/04/2020 sur le lien :
www.cairn.info.
( )4حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .113
36
يمكن اإلقتراب من هذا الفكر من خالل النقاط التالية:
أوال-مميزات الرجل اإلداري :يعرف عن هذه النظرية وضعها لجملة من المميزات يتصف بها
الرجل اإلداري الذي يتخذ الق اررات ضمن المنظمات و هي:
-1ال يسع الرجل اإلداري أن يحصل على بديل مثالي بالنظر إلى عدم توفر معلومات
كافية لديه.
-2يعمل الرجل اإلداري على البحث عن بديل مقبول باإلستعانة بالمعلومات المتوفرة لديه.
-3يعتمد في اتخاذه لق ارراته على العقالنية المحدودة و اإلمكانيات المتاحة في اختيار أحد
البدائل.
ثانيا-خطوات صناعة القرار في النظرية السلوكية :تركـ ـز اهتم ـام هذه النظـ ـرية من خـ ـ ـ ـالل
أفكار (هربرت سايمون) على حسن التقدير في سبيــل التوصــل إلى إنتــاج ق اررات فعالـة و هو
ما يتحقــق من خالل اتباع جملــة من الخط ـوات تتمثل في تحــديد المشكلــة التي تتطلب اتخاذ
القرار ،ثم تحليل الموقف ،يتبع ذلك بتحديد البدائل ،مع التفكي ـر في النتائـ ـج المترتبـة على كل
بديل ،وصوال إلى اختيار واحد من البدائل المطروحة(.)1
يتسنى التفصيل في هذه الخطوات من خالل المراحل التالية:
-1التشخيص :الذي يدخل في خطوة تحديدي المشكلة إذ هي مرحلة يتم فيها بلورة فكرة عن
البيئة و عن مختلف المواقف التي يستخدم فيها القرار.
-2التصمي ـم :و يدخل في خطوات تحليل الموقف ،و تحــديد البدائــل ،و التفكيــر في النتائج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد هللا رابح سرير ،مرجع سابق ،ص .57
37
التي تترتب على كل بديل ،فهي مرحلة يعمد فيها إلى تحديد الخيارات المعروفة مع تقديم
تحليل مناسب لكل واحد منها.
-3اإلختيار :هي مرحلة يقوم فيها متخذ القرار باختيار البديل المرضي من بين مجموعة
من البدائل.
-4مرحلة التنفيذ :هذه المرحلة توضع فيها البرامج التي تكفل تنفيذ البديل الذي تم اختياره.
ثالثا-شروط التوصل إلى القرار الواقعي :تتلخص الشروط التي تمكن من إنتاج قرار واقعي
في ضــرورة التركيــز على فهــم الموقــف الذي يستوجب اتخــاذ القـ ـ ـرار و هو ما يتم من خالل
الوقوف على تفاصيل المسألة ،يجب أن تعطى األهمية لآلراء التي ال يميل إليها متخذ القرار
إذ بمناقشتها يتسنى فهم ما يحدث و كذا الوقوف على مختلف األساليب إليجاد الحل.
إن اختيار الحل الصحيح يتطلب البحث عن عدد من الحلول إذ من الواقعي أن يكتفى فقط
بحل يعالج الموقف و ليس حال أمثال ،لذلك من األهمية أن يحقق رضا متخذه(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد هللا رابح سرير ،مرجع سابق ،ص .57
38
المبحث الثاني :نموذج "سايمون" و إعادة صياغة العقالنية.
يعتبر (هربرت ألكسندر سايمون) أهم منظر في إطار النظـ ـرية السلوكية التخاذ القرار فقد
لقد وضع (هربرت سايم ـون) نموذجا التخ ـاذ الق ـرار من خالل الرجل اإلداري الذي يخالف
ذاك اإلقتصادي في النظرية الكالسيكية ،ليصبح الق ـرار بذلك رهنا بشخصية متخـ ـ ـذه و أيضا
تماشيا و السياق الذي أنتج ضمنه(.)1
تجدر اإلشارة إلى أن أولى أفكار (سايمون) قد عبر عنها مؤلفه الصادر سنة 1945و الذي
حمل عنوان" :السلوك اإلداري ،دراسة في آليات صناعة القرار في المنظمات اإلدارية" ،و قد
نال صاحبه جائزة نوبل في اإلقتصاد سنة 1978نظير ما حتواه من أفكار جديدة(.)2
أوال-فرضية العقالنية المحدودة :يتعلق األمر بنموذج نظري لعملية اتخاذ القرار مبني على
مراحل ثالث هي:
-1البحث عن المعلومات :هي مرحلة يتم فيها الوقوف على مشكلة تستوجب إيجاد حل و
البحث عن المعلومات الضرورية في سبيل ذلك.
-2وضع النمط :ذلك يشير إلى عمليات مثل تحليل المعلومات ،و تحديد و تقييم الحلول
الممكنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit. p.207.
39
باإلعتماد على هذا النموذج النظري يوضح (سايمون) بأن العقالنية المطلقة التي نادى بها
الكالسيك هي في الحقيقة ضرب من الالواقعية و ذلك ألسباب يتمثل أهمها فيما يأتي:
-1عدم اكتمال المعلومات :ال يسع متخذ القرار أن يحصل على جميع المعلومات الممكنة
كما أن المتوفر يشوبه عدم التأكد ،مما ال يساعد على رسم صورة يقينية عن مستقبل
كل المتغيرات.
-2قصور قدرات األفراد :فمعالجة المتاح من المعلومات تستوجب التمتع بقدرات عقلية و
جسمية أكبر مما يتوفر لدى األفراد ،فعند مجاوزة كمية معينة من المعلومات لن يسع
أي شخص أن يفرق بين جميع أوجه المشكلة.
-3وجود متخذي القرار في تبعية متبادلة :لن يكون بإمكان متخذ القرار إجراء تقييم لما
سيؤول إليه البديل الذي رسا عليه اختياره ،فالتبعات المنجرة عنه رهن بخيارات األفراد
اآلخرين الذين يفكرون هم كذلك بشأن ذات المشكلة(.)1
ثانيا-العناصر التي يرتكز عليها الق ارر :باإلعتماد على العقالنية المحدودة التي بمقتضاها
تم التخلي عن نموذج الرجل اإلقتصادي الذي أسس عليه الكالسيك تصورهم للقـ ـ ـ اررات فقد
استخلص (سايمون) مجموعة من العناصر المتظافرة لتكوين نموذج الرجل اإلداري و يتعلق
األمر ب :مستوى الطموح ،و القيمة المتوقع ـ ــة للمكافآت ،و البحـ ـث المتواصل ،و مست ـ ـ ـوى
الرضا .تجـدر اإلشارة إلى أن هذه العناصر قد توصل إليها (هربرت سايمون) بمعية (جيمس
مارتش) .
هذه العناصر تعمل في ترابطها على ضبط عملية اتخاذ القرار و تعبر عنها مسلمات هي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.pp.206-207.
40
-3كلما زاد مستوى القيم المتحققة كلما زاد مستوى الرضا.
-4كلما زاد مستوى القيم و المنافع كلما زاد مستوى الطموح.
-5كلما زاد الطموح كلما انخفض مستوى الرضا(.)1
لقد سعى باحثون في مجال نظريات المنظمات إلى إنتاج أبحاث بهدف مواصلة و تطوير
ما قام به (هربرت سايمون) ،حيث يذكر في هذا الصدد أعمال كل من (ريتشارد سييرت) و
(جيمس مارتش) التي يحتويها كتابهما الصادر في 1963بعنوان ":نظرية سلوك المنشآت"
و الذي أعيد نشره سنة .)2(1992
الكتاب عبارة عن "مقاربة سياسية للمؤسسة (المؤسسة كائتالف سياسي) و مقاربة ديناميكية
(و جماعية) للعقالنية المح ـدودة من خ ـالل مفه ـوم التعل ـم التنظيمي"( .)3ذلك يعنــي ضـ ــرورة
التخلي عن اعتبار المؤسسة بمثابة عون فردي يعمل على تحقيــق أعلى مست ــويات أهداف ــه
دون الخضوع ألية ضغوط ،بل يجب النظر إليها كمجموعة تضـ ـ ـم المالك ،و المسيرين ،و
الزبناء ،الموردين ،و المستخدمين.
من بين أهم عناصر هذا اإلقتراب يمكن ذكر اعتبار حدود المنظمات كونها متذبذبة زمنيا و
وظيفيا ،بحيث إذا لـ ــزم األمـر اتخاذ قـ ـ ـ ـرار يتصل بموقع مح ـل تجاري ضمن نسيــج عم ارنـ ــي
سيتطلب ذلك ضم الزبائن إلى حدوده كأعضاء ،بينما لو أن القرار يتعلـ ـق بعدد المستخدمين
فإنه سيتم اللجوء إلى ما تنص عليه القوانين في هذا الصدد(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1علي محمد ابراهيم الكردي" ،نظريات اتخاذ القرار" ،تاريخ اإلطالع )2020/04/07 (:على الرابطwww.kenanaonline.com :
(2) Olivier FAVEREAU, " Une influence limitée sur les économistes " Revue française de gestion, n° :139, 2002, p.203,
consulté le : 12/04/2020, sur le lien : www.cairn.info.
(3) Ibid.p.204.
(4) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.182.
41
من بين ما يترتب كنتائج على هذا التفكير يمكن ذكر ما يلي:
-1تعتبر المنظمة ذات طبيعة معقدة بضمها لجماعات تعمل على تحقيـ ــق منافعها الخاصة
مما يجعل عملية اتخاذ القرار متوقفة على محصلة التوافقات و الوساطات و المفاوضات
بين مختلف الجماعات.
-3ال تتوفر المنظمات على أهداف خاصة بها ألن األفراد هم فقط من يمتلكون أهدافا.
-4تخضع إجراءات اتخاذ الق اررات لتأثير الجماعات و هي رهن بعمليات التعلم الجماعي.
-5المؤسسة عبارة عن مجموعة من الوحدات ذات أهداف و قواعد اشتغال خاصة بها،
مما يستدعي اتخاذ ق اررات تسعى إلى إرضاء كل الوحدات.
-6يتوقف البحث عن الحلول عند أول خيار مرضي مع إمكانية أال يكون ذلك بالضرورة
حال أمثال(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.207.
42
خالصة الفصل الثالث:
جاءت النظرية السلوكية بإضافات جديدة إلى عملية اتخـ ـاذ الق ـرار بما احت ــوته من باحثيـ ـن
اشتغلوا ضمن "مدرسة كارنجي" نسبة إلى الجامعة التي ارتبطت بها ،إذ من بين أه ـم روادها
يمكن ذكر كل من(:شيستر برنارد) و (جيمس مارتش) و (هربرت سايمون).
من حيث األفكار يشار إلى أن هذه النظرية قد اعتبرت اإلنسان محو ار للعملية اإلنتاجية لذلك
وجب وفق ذلك التركيز على الجوانب السلوكية للقرار ،مع ضرورة النظـ ــر إلى المنظمة كونها
نظام مفتوح ،و أن العقالنية في مفهومها هي ذات طبيعة شخصية.
لقد أعيد تنظيم فرضيات النظرية الكالسيكية من خالل نموذج الرجل اإلداري الذي ال يتسنى
له الحصول على معلومات كاملة مما ال يمكنه من التوصل إلى حل أمثـ ـل فهو فقط مرضي
بسبب عقالنيته المحدودة.
تمر العملية التقريرية في النظرية السلوكية عبر تحليل الموقف و رصـ ـد البدائ ـ ـ ـل و ما يترتب
عليها كنتائج ليتم في األخير اختيار أحدها ،لذلك يصبح من األهمية أن يفه ـ ـم الموقف الذي
يستوجب اتخاذ القرار ضمانا لطابعه الواقعي.
تكتسي أفكار (هربرت سايمون) أهمية في هذا السياق خصوصا ما تعلـ ـق بنموذجـ ـه للعقالنية
المحدودة المبني على مراحل ثالث هي البحث عن المعلومات و تحليلـ ـها ،و تقييـ ـم الحلـ ـ ـول
الممكنة على أساسها و اختيار الحل األكثر إرضاء .هذا مع تأكيده بأن العقالنية المطلقة في
الفكر الكالسيكي تفتقر إلى الواقعية بالنظر إلى عدم اكتمال المعلومات لدى متخذ القرار ،و
قصوره على معالجتها على وجه الخصوص.
لقد اعتقد (سايمون) بأن ثمة عناصر تتظافر لتكوين نمـ ــوذج الرجــل اإلداري و يتعل ـق األم ـر
بمستوى طموح متخذ الق ـ ـرار ،و قيمة ما يتوقعـ ـه من مكافآت ،و تواصل بحثه ،و كذا مستوى
رضاه.
ثمة أبحاث طورت من أفكار (سايمون) مثل أعمال (ريشارد سييرت) و(جيمس مارتش) التي
انتهت إلى أن المنظمة هي ائتالف سياسي تتوقف ق ارراته على ما يجري من مفاوضات بين
مختلف الجماعات المكونة له.
43
الفصل الرابع :أنواع القرارات
44
الفصل الرابع :أنواع الق اررات.
ثمة نقطة مشتركة بين الق اررات باختالف المواقف و المشكالت التي تتطلبها و المنظمـ ـات
و الهياكل التي تؤطرها و هي تتمثل في تشابه المراحل التي تستغرقها عملية اتخاذ القرار من
تحليل الموقف يليه جمع المعلومات و معالجتهــا ،و وضــع الخيارات و دراسـة نتائجها انتهاء
إلى اختيار أحد الحلول.
لكن المشكالت تتعدد بحسب المواقف و أن دواعي إنتاج الحلول ال تأتي بنفس المتطلبات و
ال بذات التعقيد ،يضاف ذلك إلى طبيعة األفراد و الجماعات و المنظمات التي تعم ـ ــل على
عملية اإلنتاج تلك فهي مختلفة بالضرورة.
إن ما سبق يدعو إلى استنتاج مفاده وجود أنواع مختلفة للق اررات و هو األمر الذي يستوج ــب
إيجاد معايير لتصنيفها و إنه من الصعوبة اعتماد تصنيف موحد كونها تتنوع بتعدد الباحثين
الذين درسوا هذا الموضوع و من ذلك تعدد المداخل و المقاربات.
سيعرض هذا الفصل أنواع الق اررات مع مراعاة أربعة أنواع من المظاهر هي :المظهر الزمني
يليه ذلك المتصل بنطاق سريانه ،ثم مدى هيكلته ،انتهاء إلى درجة تأكـ ــده من عدمها ،حيث
سيتطرق المبحث األول إلى أنواع الق اررات بحسب المستويات و األساليب التي تتخذ وفقها و
سيعنى المبحث الثاني بمسألة التأكد في تصنيف الق اررات.
من بين المعايير الشائعة التي تصنف الق اررات على أساسها يذكر ما يتصل بعامل الزمن
الذي يستغرق ـه تطبيقه ـا و كذلك المدى الذي تطاله آثارها فقد يتمثل ذلك في المنظم ـ ـ ـة برمتها
أو جزء منها ،هذا و يضاف إلى ذلك درجة تكرار مناسبات اتخاذها.
45
المطلب األول :مستوى الق اررات كمعيار لتصنيفها.
إن الق ـول بالمستويات التي تتخ ـذ فيها القـ ـ اررات هو حديث عن أهميـ ـة هذه األخي ـرة قيـ ــاسا
بالجهة المتخذة لها مضافا إليها المدة الزمنية التي يستغرقها تنفيذها و أيضا نطاق هذا التنفيذ
ذلك ما يفضي إلى تنوع الق اررات إلى:
أوال-الق اررات اإلستراتيجية :إنها تسمية تنبئ عن الجهة التي تختص بهذا النوع من الق اررات
في المنظمات و كذا الزمن المتعلق بتنفيذها .يمكن توضيح طبيعتها من خالل مؤشرات هي:
-1هو نوع من ا لق اررات يتم رسمه من طرف المستويات العليا بالمنظمات بالنظر إلى أنها
تتصل بالمستقبل من حيث أخذها بعين اإلعتبار للمدى الطويل(.)1
()2 -2يتخذ هذا النوع من الق اررات لتحديد األهداف و الموارد و السياسات المتعلقة بالمنظمة
لذلك هو نوع يكتسي أهمية من حيث ارتباطه بمستقبل المنظمة.
-3من األمثلة عن هذا النوع من الق اررات "تلك المتعلقة بالتنبؤ طويل األجل للمبيعات و
وضع الخطط التشغيلية طويلة األجل ،و تخطيط الموارد البشرية )...(،طرح منتجات
جديدة بأسعار منخفضة أو زيادة الحصة السوقية"(.)3
-4هي ق اررات التتكرر بنفس الشكل ،كما يستحيل القيام بمراجعتها بعد الشروع في تنفيذها
نظ ار للتكلفة العالية المنجرة عن ذلك(.)4
ثانيا-الق اررات اإلدارية :تسمى كذلك بالتكتيكية و يمكن اإلشارة إليها من حيث:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.196.
( )3حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .271
46
المتوسط و هي من حيث وظيفتها تأتي دعما للق اررات اإلستراتيجية.
-2اختصاص هذا النوع بترجمة الخطط ،و بناء الهيكل التنظيمي ،و تفويض الصالحيات.
-3يتعلق األمر بق اررات ذات أهمية بالنسبة للمنظمات لكن بقدر أقل من تلك اإلستراتيجية
من حيث الخطورة.
ثالثا-الق اررات التشغيلية :التي تسمى بالتنفيذية و المعروف عنها اتصافها ب:
-1كما تدل تسميتها هي ق اررات تتخذ على مستوى اإلدارة التشغيلية بالمنظمة.
-2من حيث مداها الزمني تتسم بتغطيتها لفترة قصيرة من الوقت ،و هي محدودة التأثير.
-3هي ق اررات تختص "بتنفيذ األعمال و المهام المحددة بواسطة اإلدارة العليا و الوسطى،
و تحديد معايير للمنافسة و استخدام الموارد المتاحة ،و تحقيق الرقابة على التشغيل و
األداء اليومي"(.)1
هناك معيار مغاير يتسنى تصنيف الق اررات على أساسه و يتمثل في كونها متكررة أو ال
مما يؤدي إلى إمكانيــة جدولة بعضــها و تعــذر ذلك بالنسبة للبعض اآلخر ،فتتن ــوع الق اررات
وفق ذلك إلى:
أوال-الق اررات المجدولة :التي يشار إليها كذلك بكونها مهيكلة فثمة مواصفات تطبع هذا النوع
بحيث يمكن إجمالها في:
-1وجود عالقة سببية بين عدد محدود من العوامل التي تطبع وضعية ما مع الق اررات
المتخذة فيها(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ثابت عبد الرحمان إدريس ،المرجع السابق ،ص ,286
47
-2يتعلق األمر بوضعية تتكرر على فترات منتظمة.
-3بما أن نفس األسباب تؤدي إلى اتخاذ نفس الق اررات فإنه من السهل أن يعاد إنتاج
العملية عدة مرات.
-4من أشهر الوضعيات التي يتخذ فيها هذا النوع من الق اررات هناك تسيير المخزون ،أو
معالجة مشكلة انضباط عضو في منظمة.
ثانيا-الق اررات غير المجدولة :يتصل األمر بق اررات غير مهيكلة بمعنى غياب روتين معين
بشأنها الفتقارها لتشابه موضوعاتها و تماسكها ،فهي تتميز ب:
-1وجود وضعيات تتصف بكثرة العوامل التي يجب اتخاذها بعين اإلعتبار مع ما ينجر
عن ذلك من تنوع اإلحتماالت بشأنها.
-2استحالة اعتماد الطريقة نفسها اليجاد الحلول ألن الوضعيات التي تتطلب اتخاذ القرار
ال تتجدد بنفس المعطيات.
-3من بين الحاالت التي تستوجب اتخاذ هذا النوع من الق اررات إطالق عملية عامة للشراء
المعروف عنها اتسامها بالتعقيد و عدم إمكانية حصر جميع المعطيات المؤطرة لها(.)1
ثالثا-الق اررات المبرمجة و الق اررات غير المبرمجة :هي طريقة في التمييز بين الق اررات تعود
إلى فكر (هربرت سايمون)( ،)2فيتم التفريق وفـ ـق ذلك بين ق اررات مبرمج ـة بمعنى أنها روتينية
و متكررة و معتمدة على الخبرات الشخصية لمتخـ ـذها ،بينما يعرف بشأن تلك غير المبرمجة
عدم تكرارها و تطلبها لتفكير طويل و استهالكها لبيانات و معلومات كافية و دقيقة.
بتعميق معنى القرار المبرمج يمكن القول بأنه نوع قابل "إلعادة اإلنتاج( )...باتباع برنام ـ ــج،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.
(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.159.
48
أي سلسلة من التعليمات التي تمكن من الوصول إلى نفس القرار بتوفر نفس الظروف"(.)1
من حيث األمثلة عن الق اررات المبرمجة يدخل في هذا المجال منح ترخيص لموظف ليتغيب
عن العمل ،أو صــرف عالوة .بينما يدخــل ضمن الق ـ اررات غير المبرمجة على سبيــل المث ــال
وضع سلعة جديدة باألسواق.
الجدول الموالي يجري مقارنة بين الق اررات المبرمجة و تلك غير المبرمجة.
الجدول رقم 02:مقارنة بين الق اررات المبرمجة و الق اررات غير المبرمجة.
المصدر :حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،اتخاذ الق اررات التنظيمية في منظمات األعمال ،عمان :دار األيام للنشر و التوزيع ،2014 ،ص .274
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.
49
المبحث الثاني :معياري توفر المعلومات و األساليب القيادية.
تصنف الق اررات تبعا لمعيار توفر المعلومات من حيث المقــدرة على استشف ـاف المنـ ـ ـحى
الذي ستتخذه نتائجهـا في المستقبل و بقدر تضمنها لعنصر المخاطرة بالنظر إلى توفر أو
نقص أو انعدام البيانات بشأنها .إلى جانب ذلك يعد النمط القيادي في المنظمة كأهم معيار
لترتيب أنواع الق اررات.
لعل أشهر معيار يعتمد عليه من طرف األدبيات في تصنيف الق ـ ـ اررات يتعلــق بإمكانية
معرفة مآالت هذه األخيرة بالنظر إلى توفر البيانات و المعلومات بشكل يكفي لرسم صورة
واضحة لها ،أو أن المعلومات تلك ناقصة أو منعدمة بما يجعل عملية صياغة احتم ــاالت
النتائج المترتبة على البدائل تتضمن مخاطرة.
أوال-حالة التأكد وانعدام المخاطرة :هي حالة يشار فيها إلى توف ـر معرف ـة دقيقـ ـ ـة و كاملة بما
يترتب كنتائج على الق اررات المتخذة إذ أن البعض منها يمكن فيه جمع الكفاية من البيانات و
المعل ـومات على نحو يجع ـل تصور النتائـ ـج مضمونا و متوقعا كــون القيــم التي ترتكـ ــز عليها
عناصر هذا النوع من الق اررات تتطور بشكل متوقع ،فهي مؤكدة(.)1
ثانيا-حالة عدم التأكد و وجود المخاطرة :هناك حالة ال يتمكن فيها متخذ القـرار من معرف ـ ـة
مجموع التداعيات التي ستنجر عن ق ارراته بخاصة إذا جرى ذلك ضمن بيئة معقـدة و فاق ـ ـ ــدة
لإلستقرار أي أن البي ــانات و المعلومات المتعلقة بها غائبة أو ناقصة و هي بذلك مدعاة إلى
إنتاج ق اررات في إطار من المخاطرة( .)2في هذه الوضعية يكون الحديث عن حالة عدم تأكد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.
50
يقاس التأكد من عدمه بمدى المقدرة على رصد مختلف احتماالت القرار المتخذ ،بحيث يشار
إلى ذلك بالقابلية لإلحتمال من خالل توفر اإلمكانية لوضع قائمة بالمعايير المالئمة و تقدير
مختلف القيم الممكنة في المستقبل بالنسبة لكل واحدة من هذه المتغيرات(.)1
من ضمن أشهر التطبيقات في هذا المجال يمكن ذكر األساليب المستعملة للمنطق الرياضي
على غ ارر البرمجة الخطية ،و شجرة القرار.
يشير النمط القيادي إلى الطريقة التي يتبعه ـا قائد المنظم ـة في اتخ ـاذه لق ارراته و في ذلك
يتعلق األمر بالتوجه المستبد الذي من خالله ينفرد مدير المنظمة بجميع المراحل التي تدخل
في صناعة القرار ،بداية من استشعار المشكلة إلى غاية اختيار واحد من بين البدائ ـ ــل التي
تم طرحها ،و كذلك التوجه الديمقراطي الذي فيه يعمد المدير إلى إشراك مرؤوسيه في واحدة
من مراحل صناعة الق ارر أو في عدد منها.
بناء على هذا المعيار تتنوع الق اررات إلى:
أوال-الق اررات الفردية :مثلما توحي إلى ذلك هذه التسمية يتعلق األمر بنوع من الق اررات ينفرد
فيها شخص واحد بكل مراحل السيرورة التقريرية إلى غاية إنتاج القرار ،يحدث ذلك ألن ثمة
عوامل تفرض نمطا معينا من القيادة كطبيعة المنظمة أو شخصية قائ ــدها ،و كذا الظـ ـروف
المحيطة بالقرار .و على العموم هناك ق اررات يناسبها النمط الفردي(.)2
يمكن تعريفها من الناحية اإلصطالحية على أنها هي تلك التي "تتخذ من قبل المدير متخذ
القرار دون مشاركة الموظفين .و هذا يعني أن تح ـديد المشكلة و تحديد البدائ ـل الممكنـ ـة و
اختيار أحدها قد تم بجهود فردية من قبل المدير"(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.
( )2محمد عبد هللا عبد الرحيم ،السلوك اإلنساني في المنظمات ،ط ،3القاهرة :الشركة العربية للنشر و التوزيع ،1994 ،ص .314
( )3حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .278
51
هناك حاالت و وضعيات تفرض أو يستحسن فيها أن تتخذ الق اررات من طرف قائد المنظمة
لوحده ،و هي تتمثل فيما يلي:
ثانيا -الق اررات الجماعية :بالرغم من أن الق اررات الفردية ناجعة من جانب سرعتها في إنتاج
الحلول للمشكالت مقارنة بالوقت الطويل الذي تستغرقه تلك الجماعية إال أن هذه األخيرة ال
تقل إيجابية من حيث تنوع خبرات األفراد المشاركين في إنتاجها.
تعرف الق اررات الجماعية كونها تتخذ عن طريق مشاركة أعض ـ ــاء المنظمة في ذلك على أن
المقصود بالمشاركة يحمل معنى مساهمــة األعضاء ذوي العالقـ ــة بالقـ ـ ـرار و كذا من يعنيهم
القرار خارج إطار المنظمة(.)2
من ضمن أهم الظروف التي تستوجب اتخاذ الق اررات الجماعية يمكن اإلشارة إلى:
-01المعلومات التي يحتاج إليها في اتخاذ القرار ال تتركز لدى فرد واحد بل هي موزعة
على أكثر من شخص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .278
52
-03البيئة المحيطة بالقرار يسودها عامل عدم التأكد مما يستدعي تظافر الجهود إليجاد
حل متسم باإلبداع.
53
خالصة الفصل الرابع:
ال يوجد نوع واحد فقط من الق اررات فهي تتعدد بحسب الحاالت و المشكالت التي تتطلب
إيجاد الحلول و تماشيا كذلك مع اإلطار التنظيمي الذي يتفاعل فيه متخذ القرار ،مضافا إلى
ذلك طبيعة البيئة المحيطة بالعملية التقريرية.
ثمة معايير عدة تساعد في تصنيف الق اررات و يذكر منها ذلك المتصل بمستويات اتخاذها و
الذي على أساسه تتنوع الق اررات إلى تلك اإلستراتيجية التي تغطي المدى الطويل و هي بذلك
تتخ ـذ في المستويات العلي ـا لإلدارة ،فهي ترس ـم معال ـم المستقبل ،ثم الق اررات اإلدارية التي تعـد
من اختصاص المستويات الوسط ـى من المنظم ـات و تتعل ـق بالمدى المتوسط ،في حين تتخذ
الق اررات التشغيلية أو التنفيذية في المستويات التشغيلية و هي تهتم بالمدى الزمني القصير.
من حيث معي ـار تكرارها نتح ـدث عن الق ـ اررات المج ـدولة التي توصف كونها مهيكلة و تتكرر
على فترات منتظمة ،بينما الق اررات غير المجدولة أو غير المهيكلة تتدخل فيها عوامـ ـل كثيرة
تعمل على إنتاج أكثر من احتمال واحد مما يجعل اعتماد طريقة إليجاد الحلول.
في هذا الصدد يكون الحديث عن الق اررات المبرمجة و تلك غير المبرمجة للتفرقة بين الن ـ ـوع
الروتيني المتكرر و ذلك غير المتكرر و الذي يتطلب إعمال الفكر.
ثمة معيار بارز في تبويب أنواع الق اررات ينصب اإلهتمام من خالله على إمكانية معرفة ما
سيترتب عليها كنتائــج ،فهناك حاالت يطبع ـها التأك ـد و انع ـ ـدام المخاطرة بما يتوفر فيها من
معرفة بما سيحصل مستقبال لكن هناك حاالت يغيب فيها التأكد و يرتفع مستوى المخاطرة.
أشهر معيار في تصنيف الق اررات يتمثل في األنماط القيادية التي تشرف على عملية اتخاذها
ففي إطارها نجد ق اررات تسمى بالفردية ألن قائد المنظمة انفرد بكامل مراحل العملي ــة ،و تلك
الجماعية التي فيها يتم إشراك أعضاء المنظمة في إحدى مراحل صناعتها.
54
الفصل الخامس :مراحل عملية صنع القرار.
55
الفصل الخامس :مراحل عملية صنع القرار.
لقد سبقت اإلشارة من قبل إلى أن القرار يصنع ضمن عملية مجزأة إلى مراحل بداية من
مستوى الشعور بالمشكلة ،مرو ار بكل ما له عالقة بإيجاد البيانات و المعلومات و إخضاعها
لجملة من العمليات المتتابعة و الضرورية إلنتاج قرار ذا جودة من جمع و معالجة و ترتيب
و تخزين إلى غير ذلك.
مع ذلك تجدر اإلشارة إلى وجود عوامل تتخلل المراحل المشار إليها و تتدخل في سيرورتها
و تؤثر فيها إيجابا أو سلبا ،و هي قد تغير من طبيعة القرار المتخـ ــذ لتجعله يزيد من تعقيد
المشكلة التي في األصل جاء لحلها.
من ضمن العوامل التي تؤثر في الق اررات يمكن ذكر مجموعتين أولهما تشكلها كل الظروف
الداخلية للمنظمة بما في ذلك شخصية متخذ القرار نفسه ،بينما تتمثل ثانيهما في البيئة التي
تحيط بها.
قسم هذا الفصل إلى مبحثين إذ سيتطرق أولهما للعوامل التي تعمل على التأثير في الق اررات
حين اتخاذها ،أما المبحث الثاني فسيعنى بمسألة إيجاد البدائل و اختيار واحد منها.
تتعرض المنظمات لما يصدر من تأثيرات عن العديد من العوامل الموجودة ضمن بيئتها
الخارجية ،فلكونها أنظمة مفتوحة تصبح ق ارراتها من أهم ما يمسه هذا التأثير.
لكن التأثير ال يتوقف فقط على عوامل البيئة الخارجية فما يجري داخل المنظمات كفيل هو
كذلك بأن يترك بصمته على ما يتخذ من ق اررات.
تتضمن البيئة الداخلية للمنظمات عددا من العوامل التي قد تعمل على خلق تحديات أمام
ما يتخذ من ق اررات بشكل يعيق اشتغالها أو يضع صعوبات أمام إيجاد حلول للمشكالت بها،
56
تتمثل هذه العوامل فيما يلي:
أوال-حجم السلطة و ثقل الدور المنوط بمتخذ القــــــــرار :عادة ما يتمتع قائ ـ ـد المنظمة أو أي
متخذ للقـرار بها بسلطة واسعة مع ما يصاح ــب ذلك من صالحي ــات و مسؤوليات تعمل على
تسهيل العملية التقريرية بالنسبة إليه ،لكن إذا كان الدور الذي يؤديه أكبر بفعل المهام الملقاة
على عاتقه ،فإن الزمن المتوفر لديه قد ال يكفيه لمعالجة المشكالت المتعلقة بكل مهمة.
إذا أضيفت المسؤوليات و الصالحيات المنوه عنها أعاله إلى عوامل كحجم المنظمة و عدد
فإن ذلك سيمثل تحديا حقيقيا أمام متخــذ الق ـرار بحيث سيعمل الحج ــم الكبير ()1 العاملين فيها
على إطالة وقت إيصال المعلومات إليه بخاصة في أوقات األزمات.
ثانيا-التنظيم و طبيعته :يتعلق األمر بنوع المنظمة التي يتخذ فيها الق ـرار بحيث يقاس ذلك
بواسطة عدد من المؤشرات على غرار الهيكل التنظيمي ،إذ من خالل عدد مستوياته نستنتج
مثال إذا كنا بصــدد منظمة بيروقراطية ميكانيكية أو تلك من النوع العضوي ،فما يتداول عن
هذا النوع هو استجابته السريعة لتقلبات البيئة الخارجية بالنظر إلى قل ـ ـة المستويات اإلدارية
به و من ذلك انسياب البيانات و المعلومات إلى متخذ القرار في أقل وقت.
من الجانب التنظيمي يتسنى كذلك أن نذكر:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1فتيحة بلحاج " ،األسس النظرية و العلمية في اتخاذ القرار" ،المجلة الجزائرية للعولمة و السياسات اإلقتصادية ،الصادرة بالجزائر ،عدد ،07جامعة الجزائر3
،2016ص.275
( )2لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي ،مرجع سابق ،ص .32
57
ثالثا -الظروف الداخلية :يدخل في هذا الجانب كل ما يحيط بعملية اتخاذ القرار بالمنظمة
بخاصة ما تعلق بنموذج العالقات اإلنسانية السائد بها و درجة تضمنـ ــه للثقــة بين القائد و
األعضاء مع ما ينتج عن ذلك من إشراكهم في عملية اتخاذ القرار.
يشار في هذا الصدد كذلك إلى مدى تمتع األفراد بالقدرات و اإلمكانيات التي تجعلهم يعون
المشكالت عند حدوثها ،و هو ما يتوفر بفضل مستوى التدريب الذي يستفيدون منه و مدى
حصولهم على مستلزمات التنفيذ المادية و المعنوية(.)1
رابعا-شخصية و نفسية متخذ القرار :للفرد الذي يتخذ القرار تأثير كبير على عملية إنتاج
الق اررات و مدى نجاعة الحلول المرصودة للمشكالت .يمكن اإلشارة إلى ذلك من خالل:
-1نمط شخصية متخذ القرار :فلنوع شخصية متخذ القرار بما تتضمنه من مكونات تأثير
في كيفية إدراك الضغوط و تحديد طبيعة اإلستجابة و مدى إدراك المشكالت ،فنمـ ــط
الشخصية يشير مثال إلى النوع المتفائل مقابل ذلك المتشائم.
-2تأثير األوضاع الخاصة :ذلك يتصل بظروف متخذ القرار في منزله مع عائلته و أقاربه
و جيرانه ،إذ أن ما تنتجه هذه الحلقات من توتر بإمكانه أن يؤثر في أنماط سلوكه ،و
من ذلك في نوعية القرار الذي سيتم إنتاجه داخل المنظمة.
-3الصفات النفسية :هي جملة من العوامل المتصلة بنفسية متخذ القرار و هي تتنوع إلى
كل ما له عالقة بالدوافع ،و القيم ،و اإلتجاهات ،و القدرات العقلية ،و الثقة بالنفس.
يتضمن محيط متخذ القرار عوامل تؤثر في طبيعة الق اررات التي تنتجها المنظمات بحيث
يتم احتساب هذه العوامل فيما يرسم من استراتيجيات و خطط بشكل يكفل تماشي الق اررات و
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1فتيحة بلحاج ،المقال المذكور سابقا ،ص .275
58
متطلبات البيئة الخارجية المتكونة أساسا من الظروف اإلقتصادية ،و السياسية ،و أيضا كل
ما تعلق باإلعتبارات اإلجتماعية.
تتمثل هذه العوامل في اآلتي:
أوال-تأثيرات المجتمع :يمارس المجتمع جملة من التأثيرات في الق اررات الصادرة عن األفـ ـ ـراد
و الجماعات ،فال يمكن تصور قرار ناجع صادر خارج المعايير التي يسير وفقها أي مجتمع
و يمكن التمييز في هذا الصدد بين التأثي ـر الممارس بواسط ـة المعايي ـر التي تحتويهـ ـا القيم و
العادات و كذلك بفع ـل "الق اررات التي تتخ ـذها المنظم ـات األخرى في المجتم ــع س ـ ـ ـ ـواء كانت
منافسة للتنظيم أو متعاملة معه"(.)1
إضافة إلى ذلك هناك تنظيمات و جماعات و هياكل تمارس ضغـ ــوطا على متخ ــذ القـ ـرار إذ
يذكر في هذا المجال الجمعيات التي تمارس الضغط على أصعـ ـدة مثلما هو الش ـ ـأن بالنسبة
للدفاع عن حقوق المستهلكين و حماية البيئة .كما أن العالقات مع أفراد األسرة و الجيران و
الحي و المنطقة من شأنها أن تؤثر فيما يتخذ كق اررات.
ثانيا-الظروف اإلقتصادية :تعمل الحالة اإلقتصادية على خلق ظ ــروف إما أن تكون مواتية
لممارسة بعض النشاطات أو أنها تعيقها بالنظر إلى أن الحالة اإلقتصادية غير المالئمة من
شأنها أن تخلق توت ار نفسيا بسبب الصعوبات للحصول على رؤوس األموال ،أو اليد العاملة.
ثالثا-الضغوط السياسية و القانونية :من الناحية السياسية يمثل اإلستقرار العامل األهم من
حيث التأثير في ق اررات المنظمات و المؤسسات ،فغيابــه يضفــي نوعا من ع ــدم التأك ــد على
العملية التقريرية بسبب نقص أو تذبذب المعلومات.
من الجانب القانوني يكون متخذ القرار ملزما بمجاراة التشريعات السارية المفع ـ ـول سيما ما
تعلق بالمحافظة على الصالح العام(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1فتيحة بلحاج ،المقال المذكور سابقا ،ص .275
( )2لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي ،مرجع سابق ،ص .32
59
المبحث الثاني :عملية اإلختيار و وجود البدائل.
في هذا المستــوى يتسنى القــول بأن اتخ ـاذ القرار هو في األساس مرحلة أخيرة من ضمن
عملي ـة مركبــة و معقــدة تتكون من عناصــر عدة و تدعى صناعة الق ـ ـرار ،بحيث تتمثل أهــم
مرحلة في إيجاد بدائل هي في الحقيقة بمثابة حلول محتملة للموقف أو المشكلة التي وجــب
فيها إيجاد القرار المناسب ،و أما الفعل الحيوي في كل هذه العملية فهو يتعلق باختيار بديل
مالئم.
اتفق المنظرون في مجال المنظمات و نظرية الق اررات بشأن البحث عن البدائل و الحلول
و ذلك في إطار اتفاقهــم كذلك بخصــوص م ــرور عملية صن ـ ــع القرار بمجموعة من المراحل،
مع أن هناك اختــالف من باحـ ـث إلى آخر فيما يتعلــق بالتسمية التي منحـها كل واحــد لجزئية
البدائل و أيضا كيفية ترتيب المراحل التي تمر بها صناعة القرار.
أوال-بعض التسميات المعتمدة في التنظير :اختلفت النم ـاذج التي وضعها الباحثـ ــون بشأن
الق اررات و تباينت بذلك التسميات التي منحوها للبدائل كما يلي:
-1دعيت البدائل كونها أفعال بمناسبة وضع (برنارد) لخطوات تم ـر بها عملية اتخاذ الق ـرار
في سنة 1936إذ جعل ذلك في مراحل ثالث تبدأ بالتأكد من الحقيقة أو المشكلة ،لتليها
أخرى تتمثل في اختيار الفعل المناسب للمشكلة ،ثم مرحلة يتم فيها إقناع اآلخرين بتنفيذ
الفعل الذي وقع عليه اإلختيار .نفس التسمية استعملها (بروس) عنـدما حدد سنة 1953
ثالث خطوات التخاذ القرار بدءا باإلستجابة للظـ ـروف البيئية ،ثم إيج ـ ـاد األفعال الممكنة
للتعامل معها ،و في األخير اختيار البديل الذي يتحقق به الهدف(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .196
60
-2استعمل (بيتر دركر) تسمية مغايرة نجدها في نموذج له التخاذ القرار يعود لعام 1954
و فيه أشار إلى الحلول البديلة التي يتم تطويرها قبل تنفيذ القرار الذي تم اتخاذه ،و ذلك
في أربع خطوات تتمحـور أوالها حول تعريف المشكلة و التوقعات(.)1
ثانيا-مميزات البدائل :يشار إلى البدائل بتسميات عدة كالقول بأنها بمثابة حلول ،أو أفعال
أو خيارات ،و هي تتصف بعدد من المميزات هي:
-1توفر كل بديل على معنى خاص به ،فهو مستقل عن باقي البدائل خصوصا عندما
يتعلق األمر بتطبيقه.
أ-البدائل الحقيقية :هو نوع معرف كلية و يتسنى تطبيقه على الفور.
ج-بدائل واقعية :يتعلق األمر بحلول يتم تخيلها و ال يوجد ما يمنع تحققها في أي وقت،
بعكس تلك غير الواقعية التي تستعمل إلثبات التناقضات.
د-البدائل الكلية :يعني أنها ليست بالحلول الجزئية فعند تنفيذها ال يمكن اإلستعانة بأي
بدائل أخرى(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .196
(" )2نظرية الق اررات" ،من منشورات الجامعة اإلفتراضية السورية ،2018 ،تاريخ اإلطالع )2020/04/24 (:على الرابطhttps://pedia.svuonline.org.:
61
المطلب الثاني :عملية اختيار البديل.
إن اختيار بديل من بين عدد من البدائل أو األفعال أو الحلول يمثل مضمون اتخاذ القرار
الذي يعد مرحلة أخيرة إلى جانب مراحل أخرى تشكل ما يسمى بعملية صناعة القرار.
ثمة تساؤالت تتبادر إلى ذهن متخذ القرار حينما ينتهي به األمر إلى مرحلة اختيار واحد من
البدائل فهي ليست بالعملية السهلة مما سيؤدي به إلى التساؤل:
هذه التساؤالت توحي إلى ض ـرورة تبن ــي منهجية تس ــاعد على اختيار البديل المالئم من بين
الخيارات المتوفرة إذ يتأتى ذلك بواسطة تحليل القرار و اتباع جملة من المعايير وفق ما يلي:
أوال-البحث عما يمكن أن يترتب كآثار :يت ـرتب على الق ـ اررات جملة من اآلثار تظهــر على
مستويات عدة و بحسب فترات زمنية متعلقة بالمدى القصير أو المتوسط أو الطويل ،و هي
آثار يمكن أن تطال نشاطات أخرى و أجزاء مختلفة في المنظمة.
بإمكان البديل الذي يتم تفضيله أن يؤثر كذلك في ثقافة المنظمة و في عدد من اإلعتبارات
المعنوية على غرار العالقات بين األعضاء(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1جمال الدين لعويسات ،اإلدارة و عملية اتخاذ القرار ،الجزائر :دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ،2005 ،ص .10
62
ثانيا-الوصول إلى المعلومات :إن اختيار أحد البدائل إنما يتم على أساس توفر المعلومات
بالنوعية و الكمية المطلوبتين بخاصة و أن هذين العاملين تحد منهما قدرة متخذ القرار على
معالجة كميات ال متناهية من البيانات و المعلومات حتى باستعمال تكنولوجيا اإلعالم(.)1
ثالثا-عناصر شخصية متخذ القرار :تتدخ ـل شخصية متخ ـذ الق ـرار في اختي ـار البديل الذي
يظن هو بأنه المالئم و ذلك على أساس عناصر معينة عملت التجربة على تشكيلها ،لذلك
قد يرى شخص في موقف معين بأنه ال يوجد حل آخر ،بينما سيعتق ـد شخ ـص مغاير بوجـود
حلول أخرى ممكنة.
رابعا-المعايير التي تدخل في المفاضلة بين البدائل :هي معايير يعتبرها متخذ القرار عندما
يقدم على المفاضلة بين عدة حلول أو أفعال بشكل سيجعــل الحل المفضــل متوف ار على عدد
كبير منها ،و هي تتمثل فيما يلي:
-3الحصول على نتائج إيجابية بداية من أول تنفيذ للبديل الذي يتم تفضيله.
-4أن يتوفر البديل على كفاءة عالية من حيث تحقيقه لما رسم من أهداف بأقل قدر من
الموارد التنظيمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.202.
( )2حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص ص .221-219
63
خالصة الفصل الخامس:
تتعرض عملية اتخاذ الق اررات لتأثير عوامل داخلية و أخرى خارجية ،فمن ضمن المؤثرات
الداخلية يذكر حجم السلطة التي يتمتع بها متخذ القرار و أيضا نوع الدور الذي يؤديه ،و ال
يتوقف األمر على ذلك إذ التنظيم هو بدوره يحتوي مؤثرات على العملية التقريرية من خالل
عناصر كالهيكل التنظيمي و التنظيم الرسمي و ذلك غير الرسمي ،و طبيعة المشكلة محل
القرار و طبيعة نظام اإلتصاالت و درجة تطبيق المركزية و الالمركزية.
يضاف إلى ذلك نوعية العالقات اإلنسانية و درجة وعي األفراد بما يحدث من مشكالت ،زد
إلى ذلك شخصية و نفسي ـة متخ ـذ الق ـرار و أوضاع ـه الخاصة ،و قيمه و اتجاهاته و قدراتـ ـه
العقلية.
من جانب العوامل الخارجية تذكر تأثيرات المجتمع و ما يفرضه من معايير و ما يضمه من
جماعات تمارس الضغط على الق اررات ،زد إلى ذلك الظروف اإلقتصادية و السياسية و كذا
المقتضيات القانونية.
يعد اختيار أحد البدائل جوهر اتخاذ القرار على أنه يجب أن يتوفر على عدد من المميزات
كأن يحمل معنى خاص به ،و أن يشير إلى مساهمة ممكنة في القرار اإلجمالي.
ثمة أنواع للبدائل التي قد تكون حقيقية و معرفة كلية أو مثالية غير مكتملة ،و أخرى واقعية
قابلة للتحقيق ،و بدائل كلية.
ثمة عوامل ترافق اختيار البديل و هي جديرة بأن تؤخذ بعين اإلعتبار على غـ ـ ـ ـرار ما يترتب
عليه من آثار على المدى القصير و المتوسط و الطويل قد تمس أجزاء مختلفة في المنظمة
و أبعاد كالثقافة ،هذا و تعتبـ ـر نوعية و كمي ـة المعلومات من األهمية ،إضافة إلى شخصيـ ـة
متخذ القرار و تجربته.
هناك معايير يجب أن تتوفر في البديل الذي يتم اختياره تتمثل في قدرتــه على حـ ـ ـل المشكلة
محل القرار و تحقيقه لنتائج إيجابية و توفره على كفاءة عالية في تحقيق األهداف المرسومة
باستعمال قدر أقل من موارد المنظمة.
64
الفصل السادس :دراسة حاالت تطبيقية في اتخاذ
القرار.
65
الفصل السادس :دراسة حاالت تطبيقية في اتخاذ القرار.
يعد تسيير شؤون األفراد من بين أهم المجاالت التي تصنـع فيها الق اررات بخاصة و أنها
تمس بأكثر من صعيد في حياتهم كذلك السياسي و اإلجتماعي ،و اإلقتصادي ،و الثقافي،
الصحي ،أو األمني إلى غير ذلك من الميادين التي تتأطر فيها حاجاتهم بصفتهم مواطنين.
هي كذلك حاجات يتم إشباعها عن طريق إنتاج ق اررات حكومية ضمن سياسات عمومية ليتم
فيما بعد تنفيذها من طرف مختلف اإلدارات و المرافق العامة التي ترعى شؤون المواطنين.
هذا و يجب اإلشارة إلى أن حاجات المواطنين ال تقع كلها على نفس المستوى أو في النطاق
نفسه ففيها ما هو وطني و ما هو محلي ،لذا فإن تلبيتــها يخضــع إلى ما يرسم كسياسات و
مشاريع على المستوى الحكومي أو إلى المعالجة على المستوى المحلي.
إن رصد العملية التقريرية لتسيير شؤون األف ـراد تكتسي أهمية أكيــدة من خالل تتب ــع المراحل
التي تم التطرق إليها في الفصول السابقة من تع ــرف على المشكلــة ،و جمــع للمعلومات ،و
وضع البدائل ،و اختيار واحد منها و ذلك بخصوص القرار الحكومي الذي سيكون موضوع
مبحث أول ،و القرار المحلي الذي سيتم التطرق إليه في مبحث ثاني.
يرتبط تسيير شؤون األفراد على المستوى الحكومي بما يسمى بالسياسة العامة التي تفي ــد
التفكير في ميادين مختلفة تتصل بالشأن اإلقتصادي ،و اإلجتماعي ،و الثقافي ،و الصحي،
و األمني و مجاالت أخرى كثيرة.
بما أن السياسة العامة هي في عالقة مع النظام السياسي فإن اإلحاطة بها كمفهوم تعتبر
مهمة تلفها الصعوبة بحيث يعزى ذلك إلى تعدد الوظائف التي تقوم بها األنظمة السياسية(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،مقدمة في دراسة السياسة العامة ،عنابة :دار العلوم للنشر و التوزيع ،2014 ،ص .15
66
أوال-تعريف السياسة العامة :هناك تعاريف كثيرة بشأن هذا الموضوع فقد اعتبرت مثال بأنها
"العالقة بين الوحدة الحكومية و بيئتها"( ،)1لذلك نجدها من هذا المنظور تتضمن كل ما تقدم
عليه الحكومة من خيارات و نشاطات رسمية لمعالجة المشكالت التي يعرفها المجتمع إذ يتم
ذلك عن طريق إصدار قوانين و مراسيم و تعليمات(.)2
من حيث اإلتجاهات يالحظ وجود تباين بين مدخلين هما:
-1السياسة العامة عبارة عن أفعال و أنشطة تقوم بها الحكومة مواجهة للمشكالت و تحقيق
األهداف و هي بذلك تتخذ شكل إجابة أو حل لمواجهة مشكلة معينة.
-2باإلمكان أن تتمثل السياسة العامة في المخرجات التي تصدر عن النظام السياسي حيث
يكــون ذلك استج ـابة للمدخ ـالت و هي في هذا اإلطار ستع ـرف بأنها تلك " النشاطات و
التوجيه ـات الناجم ـة عن العمليات الحكومية ،استجابة للمط ـالب الموجه ـ ـة من قبل النظام
السياسي"(.)3
ثانيا-السياسة العامة كقرار حكومي :ثمة جدل بين المهتمين بموضوع السياسة العامـ ـة فيما
يتعلق بإمكانية اعتبارها بمثابة ق اررات تصدر عن الحكومة فهناك من يميزها عن الق ـرار مثل
ما ذهب إليه التعريف الذي أنتجه (جيمس أندرسون) حين اعتبر بأن السياسة العامة "برنامج
عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع"
فلم ترد في ذلك لفظة قرار(.)4
و هناك من جهة أخرى من نظر إليها على أنها ق ـ اررات على غرار (سلــوى شع ـ ـ ـ ـراوي جمعة)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عدنان عبد األمير مهدي الزبيدي" ،تقويم السياسة العامة :دراسة نظرية" ،المركز الديمقراطي العربي ،تاريخ اإلطالع ( ،)2020/05/01على الرابط:
https://democraticac.de.
( )2رياض بوريش" ،السياسات العامة من منظور حكومي" ،الحوار المتوسطي ،الصادرة بقسنطينة ،العدد ،5جامعة منتوري ،2013 ،ص .136
( )3عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،المرجع السابق ،ص .20
67
التي ذهبت في تعريف لها إلى أن السياسة العامة عبارة عن " مجموعة الق اررات التي تتخذها
الحكومة لمواجهة مشكلة ما ،تهم قطاعا عريضا من المواطنين سواء بشكـ ـ ـل وقائي أو بشكل
عالجي" ،في نفس السياق نجد (ميش ـال ليسكي) يجعل من السياسة العامة "ق اررات الحكومة
المصممة للتعامل مع المشاكل اإلجتماعية ،حيث يكون للعقل الحكـ ـومي تأثي ار على ق ارراتـ ـها
المستقبلية ،و ليس فقط على األطراف المعنية مباشرة بالمشكلة"(.)1
على العموم يتسنى إطالق تسمية الق اررات الحكومية على األعمال التي تقوم بها الحكومة في
إطار اإلختصاص الذي يمنحه إياها الدستور و تصدر عن رئيس الدولة ،و الوزير األول ،و
مجلس الوزراء(.)2
ثالثا-عناصر السياسة العامة :يستفــاد من ســرد العناصر التي تتكــون منها السي ــاسة العام ـ ــة
الوقوف على النشاطات التي تدخل في صلب عملية اتخاذ القرار ،فاألمر يتعلق أوال بحاجات
األفراد و المجتمع التي ترد إلى النظام السياسي كمدخالت تستـوجب إنتاج جملة من الق ـ اررات
السياسية التي تصــدر عن الحكومة في أشكال مختلفة مثل األوامر أو القواع ـ ـ ـ ـد التنظيمية ،و
التي تنتج عنها المخرجات السياسية المتضمنة للق اررات الملزمة(.)3
لقد جاء أعاله بأن رسم السياسة العامة يلتقي مع اعتماد الق اررات التي يعتقد بأنها ستعالج
المشكلة المطروحة و هذا التوجه ذهب إليه بعض من الباحثين المهتمين بهذا المجال.
سيتم التطرق هنا إلى عملية اتخاذ القرار من طرف الحكومة و ذلك في إطار السياسة العامة
التي وضعت من طرف السلطات السياسية و سيعمد من خالل ذلك إلى إظهار المراحل التي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،المرجع السابق ،ص .25
( )3عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،المرجع السابق ،ص ص .27-26
68
تمر بها هذه العملية مع األخذ بالرأي الذي يميل إلى اعتبار هذه األخيرة بمثاب ـة الق اررات التي
تنتجها الحكومة لمعالجة المشكالت.
أوال-وجود مشكلة تتطلب اتخاذ قرار :يتعلق األمر بمرحلة يستشعر فيها النظام السياسي بأن
ثمة مشكلة في واحد من المجاالت الكثيرة التي تدخل في صلب مسؤولياته و التي يعبـ ــر فيها
عن وجود نقص في حاجات المواطنين اقتصاديا و اجتماعيا ،و سياسيا ،و ثق ـافيا ،و صحيـ ـا
أو أمنيا إل ى غير ذلك من الميادين التي تق ــع تحت مسؤولية أي نظام سياسي.
ثمة ط ـرق ووسائل عدة يتسنى للنظ ـام السياسي من خالل ـها بأن يح ـاط علما بوج ـود مشكلة إذ
يتأت ـى ذلك عن ط ـريق اتص ـاالته بش ـركاء من المي ـادين المختلف ـة المذكورة آنفا و يتعل ـق األمر
باألحزاب السياسية ،و النقابات ،و جماعات المصالح ،و أجهزة الرأي العام(.)1
تتضمن هذه المرحلة عمليات تنتهي إلى التحقق من وجود مشكلة فعلية كما يلي:
-1التعرف على المشكلة بأكثر من طريقة بحيث يتمثل أهمها باتخاذها للمظهر المباشر و
الواضح و المؤكد بشكل يدفع بالحكومة إلى ضرورة إيجاد حل.
ثانيا-جمع البيانات و المعلومات عن المشكلة :بعد إثبات و جود مشكلة تتطلب إيجاد حل
مناسب لها تتمثل الخطوة المواليــة في ضــرورة تحديد طبيعتها و حجمها و كذا ضبــط الحي ــز
المكاني الذي تشغله و خصوصا األسباب التي تقف وراءها.
هناك وسائل مختلفة يتسنى من خاللها جمع البيانات و المعلومات عن المشكلة وهي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،المرجع السابق ،ص .65
69
-1اللجوء إلى أدوات جمع البيانات و المعل ـومات من مص ـدرها باستخدام أساليب على غرار
المالحظة ،و اإلستقصاء ،و اإلستبيان ،و اإلحصاء.
-2اإلصغاء إلى وجهات النظر المختلفة عن طريق إجراء مشاورات مع كل األطراف التي
تعنيها المشكلة.
-3القيام بالتحريات و إج ـراء تحقيقات ميدانية بتشكيل لج ـان برلمانية ،أو و ازرية ،أو ف ـ ــرق
للخبراء.
ثالثا-وضع خيارات مختلفة لحل المشكلة :تستغـ ـ ــل البيانات و المعلومات التي تم الحصول
عليها بواسطة الطرق و الوسائل المختلفة المشار إليها ليعترف المسؤولون الحكوميون بوجود
مشكلة تستوجب التوصل إلى حل في شكل خيارات أو بدائل ،فهذه العملية يش ــرع فيها عادة
بإدراج وجود المشكلة في جدول أعمال اجتماع الحك ـومة ،و تتبع بعملية التـداول التي " هـ ـي
مرحلة طرح و استكش ـاف البدائل الممكنة من الفعاليات المختلفة وفقا لرؤيتـها ألبعاد المشكلة
و اآلثار المترتبة عليها(.)1
رابعا-تقييم الخيارات المطروحة :يمر مجمل الحلول المحتملة التي تمت صياغتها عبر عدد
من العمليات التي تتنوع إلى النقاش و التشــاور و التفـ ــاوض ضمن الحكـ ــومة بمؤسساتها من
جهة ليمتد ذلك إلى الفاعلين السياسيين على غرار األحزاب من خالل ما تعق ــده من ملتقيات
و مؤتمرات ،مع إشراك وسائل اإلعالم و اإلتصال.
خامسا-اعتماد أفضل الحلول :يتعلق األمر بحل تم تفضيله كونه توف ـر على المميزات التي
أفرزها التقييم مقارنة بحلول أخرى ،فقد اختير ليصبح مشروعا لقانون تقترحه الحكومة.
سادسا-تنفيذ الحل المختار :بعد اختبار الحل الذي جمع عدد من المميزات كتدني تكلفته و
ضمانه للسرعة في تطبيقه ،يعمد إلى تنفيذه الفعلي بعد صدور نص قانوني يتضمنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد النور ناجي ،مبروك ساحلي ،المرجع السابق ،ص .67
70
المبحث الثاني :القرار المحلي.
لقد تم التطرق إلى عملية اتخاذ القرار من طـرف الحكومة إذ المغزى من ذلك هو إيجاد
إجابات و حلول للمشكالت التي تقع على المستوى الوطني و إشباعا لحاجات األفـ ـ ـراد من
جميع مناحي حياتهم.
بالمقابل هناك مطالب تنتمي بفعل طبيعتها إلى مستوى مختلف عن ذلك الوطني و هي بذلك
تتميز بالخصوصية فهي محلية و متصلة بإقليم محلي معين.
تتعلق الجماعة المحلية (أو اإلقليمية) بمدى األخذ بمبدأ المركزية و الالمركزية في تسيير
شؤون المواطنين ،فما يسمى بنظام الالمركزية اإلدارية نجده يقوم:
هناك ركائز يقوم عليها النظام اإلداري الالمركزي و تتمث ـل في اعت ـراف السلطات المركـ ـ ـزية
بوجود مصالح و حاجات ذات طابع محلي تختلف عن تلك الوطنية و من ذلك ضرورة أن
تنشأ هياكــل و أجه ـزة محلية عن ط ـريق اإلنتخــاب أو التعييــن أو بالدمــج بين الوسيلتين مع
تمتعها باإلستقاللية اإلدارية التي تكفـل لها تسيير تلك المصالح ،مع ضرورة أن تخضع هذه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نور الدين حاروش ،و آخرون ،الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة ،الجزائر :دار األمة للطباعة و النشر و التوزيع ،2017 ،ص .11
71
الهياكل المحلية إلى رقابة و توجيه تتم ممارستهما من طرف اإلدارة المركزية(.)1
أوال-التمتع بالشخصية المعنوية :إنها صفة تمكن الوحـ ـدات المحليـ ـة من التصـ ـرف باسم ــها
لدى الجه ـ ـات القضائية و هي بذلك تستطيع أن تبادر برف ـ ـع قضايا أمام العدالة كما يصـ ـوغ
للمواطنين و ألطراف أخرى أن ترفع قضايا ضدها.
لكونها نتيجة أساسية لتطبيق الالمركزية اإلدارية فإن الجماعات المحليـ ـة تتمت ـ ـع باإلستقاللية
اإلدارية التي من أه ـم مظاهـ ـرها أن لديها موظفيـ ـن ينتمون إليها كما أنها تع ـ ـد ميزانية خاصة
بها .مع هذا فإنه من الضروري أن تتطابق أعمال الجماعات المحلية مع القوانين التي يسير
وفقها البلد.
ثانيا-اإلضطالع بصالحيات خاصة :يخول المشرع للجماعات المحلية صالحيات خاصة بها
و ذلك عن طريق إص ـدار قوانيـ ـن تعم ـل على تأطي ـر نشاطات تسعــى من خاللها إلى تحقيـق
النفع العام ،و ذلك في إطار التكامل و المجهودات الوطنية التي تقوم بها المؤسسات األخرى
و على رأسها الدولة .تجدر اإلشارة كذلك إلى أن الجماعات المحلية ال تتمتع بالسيادة بشكل
يمكنها مثال من إستحداث أجهزة جديدة خاصة بها.
ثالثا-ممارسة سلطة اتخاذ القرار :تتمتع المجالس بسلطة اتخــاذ الق اررات ضمـ ـ ـ ــن الجماعات
المحلية عن طريق إجراء مداوالت ألعضائها المنتخبين في كثير من الحاالت ،لتنفذ فيما بعد
من طرف هيئة تنفيذية منبثقة عن المجلس.
بخصوص نموذج الجماعات المحلية في الجزائر فإن هذه األخيرة تعرف مستويين هما البلدية
و الوالية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نور الدين حاروش ،و آخرون ،المرجع السابق ،ص .12
72
المطلب الثاني :آليات اتخاذ القرار في المجلس الشعبي البلدي.
سوف يتم التركيز على البلدية بوصفها الممثل القاعدي للجماعات المحليــة إلظه ـ ــار أهم
اآلليات التي تتخذ وفقها الق اررات ضمن هياكلها مع تطبيق ذلك على حالـ ـة الجزائر أين يمر
ذلك عبر تداول أعضاء المجلس البلدي المجتمعين.
أوال-إجراءات دعوة المجلس الشعبي البلدي لإلنعقاد :يجتمع المجلس في دورات عادية و
أخرى غير عادية في مقر البلدية ،و تجري عملية الدعوة إلى انعقاد اإلجتماع وفق القواعد
التالية:
-1تكون الدعوة إلى اجتماع المجلس البلدي من طرف رئيسه أو ثلثي أعضائه أو الوالي.
-3يعود الحق في تحديد محتوى جدول أعمال اإلجتماع إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي
بعد استشارة نوابه بحضور األمين العام للبلدية و أيضا رؤساء اللجــان الدائمة إذا تطلب
األمر ذلك(.)1
ثانيا-مراحل سير دورة المجلس الشعبي البلدي :يمر اجتماع المجلس الشعبي البلدي في
الجزائر بمراحل هي:
-1مرحلة افتتاح الجلسة :يشرف عليها رئيس المجلس الشعبي البلدي و ذلك بعد ربع ساعة
على األكثــر من التوقيــت المحــدد في الدعــوة ،و يعــرض جدول األعم ــال على األعضاء
الحاضرين للمصادقة و ذلك بعد أن يقوم بإتاحة الفرصة لألعضاء ليضيفوا نقاطا أخرى.
-2مرحلة المناقشة :يدير رئيس المجلس البلدي المناقشة و يمنح فيها الكلمة للمتدخلين من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية" ،مرسوم تنفيذي رقم 105-13مؤرخ في 5جمادى األولى عام 1434الموافق 17مارس 2013يتضمن النظام
الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي البلدي"( ،الجريدة الرسمية) ،العدد ،15الصادرة بتاريخ 17مارس ،2013ص .10
73
األعضاء و ذلك وفقا لقائم ـة أع ـدت من قبل ،و بعد استنفــاذ مضمون جـ ـ ـدول األعم ـ ـال
يمنح رئيس الجلسة الكلمة لمن يرغــب في التدخـل في مواضيع أخرى.
-3عملية التصويت :تكون النقاط المدرجة بجدول األعمال في شكل مقترحات حين تعرض
على المجلس البلدي للمناقشة و لكي تصبح قابلة للتنفيذ و تكتسي الطابع القانوني يجب
أن يصادق عليها عن طريق عرضها للتصويت من طرف أعضاء المجلس الحاضرين و
يكون ذلك برفع األيدي.
في هذا اإلطار يقوم رئيس الجلسة بمساعدة أمينها بعد أصوات األعضاء الحاضرين عند
التصويت بتحديد الموافقين و غير الموافقين و كذا الممتنعين.
ثالثا-األشكال التقنية لتحرير مداوالت المجلــس الشعبي البلدي :يقــوم أمين الجلســة بإع ـ ــداد
محضر يضم أهم ما تم التعبير عنه من آراء من طرف المتدخلين و يقدم لإلمضاء عليه من
طرف كل األعضاء الحاضرين قبل رفع الجلسة.
تستخرج مداوالت من المحضر الذي تم تحريره بمعــدل واحدة لكل نقطــة أو مشروع أو مقتــرح
تمت الموافقة عليه أثناء التصويت.
تدون المداوالت في سج ـل خاص بحيث تحمـ ـل كل مداولة رقم تسجيل يكونه السنة المعني ـة و
رقم تسلسلي متواصل متبوع بموضوع المداولة(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية" ،مرسوم تنفيذي رقم 105-13مؤرخ في 5جمادى األولى عام 1434الموافق 17مارس 2013يتضمن النظام
الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي البلدي" ،المرجع السابق ،ص .13
74
خالصة الفصل السادس:
تخضــع شؤون األفـ ـراد للتسيير على المستوى الوطني و أيضا على الصعيد المحلي فتلك
التي تتوالها الحكومة نجدها ترتبط بما يسمى بالسياسة العامـ ـ ـة و التي تعـ ـرف كونها تتضمن
النشاطات التي تقوم بها الحكومة لمعالجة المشكالت التي يعرفها المجتمع بإصدار قوانين و
مراسيم و تعليمات.
إن إمكانية اعتبار السياسة العامة بمثابة ق اررات لم ينل قبول كل المهتمين بهذا المجال فثمة
من يميزها عن الق اررات في حين يعتبرها آخرون كمجموعة ق اررات تنف ـذها الحكومة لمواجهـ ـة
مشكلة ما.
يمر القرار الحكومي عبر مراحل تتمثل أوالها في استشعار النظام السياسي لوجود مشكلة في
مجال ما و ذلك بواسطة ما يتوفر لديه من معلومات من خالل اتصاله باألحزاب السياسية و
النقابات و جماعات المصالح .المرحلة الموالية تتعلق بجمع المعلومات عن المشكلة باللجوء
إلى تقنيات كالمالحظة ،و اإلستقصاء و اإلستبيان ،أو عقد مشاورات مع األط ـراف المعنيـ ـ ـة
بالمشكلة أو تنصيب لجان تحقيق برلمانية و و ازرية.
يعمد بعد ذلك إلى وضع خيارات عدة كفيلة بحل المشكلة مع إخضاعها للتقييـ ـم باللج ـ ـوء إلى
النق ـاش و التش ـاور و التفاوض بين مؤسسات الحك ـومة و جمل ـة من الفاعلين ،مثل األحـ ـزاب
السياسية .في آخر المطاف يتم اعتماد أفضل الحلول.
في حال اتخاذ قرار محلي سيتعلق األمر بالجماعات المحلية تلك الهياكل الناتجة عن تطبيق
الالمركزية في تسيير ش ـؤون المواطنين ،فمعــروف عن المبــدأ كونه يعمــل على إف ـ ـ ـراز هيئات
محلية تتمتع بالشخصية المعنوية و صالحيات خاصة ،و قدرة على اتخاذ ق اررات عن طريق
المداوالت.
في هذا الصدد يعد المجلس الشعبي البلدي في الجزائر مثاال لتطبي ـق الالمركزية اإلداريـ ـة إذ
تتخذ به الق اررات عن طريق إجـ ـراء مناقشات بخصوص مقترحات يتقدم بها أعضاء المجلس
لتصبح قابلة للتنفيذ بعد التصويت عليها.
75
المحور الثاني :نظم المعلومات اإلدارية
76
الفصل األول :مفهوم و أهمية المعلومات.
يقوم القرار على المعلومات المتوفرة حتى في تدبير الحياة الخاصة لألفراد فمجرد الخروج
صباحا من المنزل قد ينقلب إلى مشكلة ما لم تكن لدينا معطيات بشأن أوضاع الطقس ،التي
على أساسها سنتخـ ــذ ق اررات تخص نــوع اللباس الذي سنرتديه و وسيلة النق ـ ــل التي سنستقلها
إلى غير ذلك من األوجه التي سيسير وفقه يوم كامل.
فإذا كانت المعطيات التي تم جمعها قديمة ،أو ناقصة ،فحتما لن يكون ذلك اليوم مريحا بل
مليئا بالمنغصات.
إن ما يجري على مستوى حياة فرد واحد تعيشه كذلك المنظمات هذه األخيرة التي يتخذ فيها
و في محيطها آالف و ماليين الق اررات في مجاالت ذات الصلة بحياة األفراد و الجماعات،
فهذا العدد الهائل من الق اررات يتغذى على ما يرد إليها من بيانات و مؤشرات و معطيات و
معلومات بأحجام و نوعيات متباينة.
فكلما توفرت معلومات ذات جودة أدى ذلك إلى إنتاج ق اررات قادرة على معالجة المشكالت
من طرف األفراد و الجماعات.
سيعالج هذا الفصل موضوع المعلومات من جانب مفهومها في المبحث األول و من حيث
أهميتها كما سيرد في المبحث الثاني.
كثي ار ما تك ـون المنظمات في أمس الحاج ـة إلى معلومات و كذا بيـ ـانات من تلك التي ت ــرد
إليها سواء من بيئتها الداخلية أو من تلك الخارجية بحيث يشترط فيها أن تكون على قدر من
الكفاية و الوفرة و كذلك السرعة للتمكن من القيام بجل العمليات من اتخ ــاذ للق ـ ـرار و تخطيط
و تنسيق و رقابة إلى غير ذلك وفق الج ــودة المرج ـ ــوة .و في إطار ذلك نج ــد بأن األف ـ ـراد قد
درجوا على ولوج أنواع مختلفة من المعلومات ذات أشكال متباينة إلنجاز األعمـ ـال المنوطـ ـة
77
بهم ،و ما تجـ ـدر اإلشارة إليه هو أن المعلومات تكتسـ ـي األهمية بحيث أن نقصها أو عـ ـ ـدم
وضوحها قد يتسبب في إفشال كل العمليات التي تجري ضمن المنظمات.
تستعمل المعلومات باألساس إلنتاج الق اررات المتعلقة بالحياة الخاصة لألفراد أو ما يدخل
ضمن انتمائهم إلى الجماعات و المنظمات ،إنها تدل على تلك المادة الخام التي توظف في
سبيل إيجاد الحلول للمشكالت.
يمكن اإلقتراب من المعلومات لغة و اصطالحا و في عالقتها بالبيــانات و بالنظر إلى ما لها
من خصائص فيما يلي:
أوال-تعريف المعلومات :من حيث اللغة و المصطلح تعرف المعلومات على النحو اآلتي:
-1من حيث اللغة :اشتقت كلمة معلومة و معلومات من الجذر "علم" الذي تدل اشتقاقاته
على وظائف العقل.
-2اصطالحا :يرتبط تعريف المعل ـ ــومات من الناحية اإلصطالحيــة بتمييــزها عن البي ــانات
فنقول بأنها "عب ــارة عن البيانات بعد أن تم تشغيل ــها و تقييمها و تفسي ــرها بشكـ ــل يسمح
باإلستفادة منها مباشرة"(.)1
ثانيا-عالقة المعلومات بالبيانات :من الجانب اللغوي تنحدر اللفظتان من ذات الجذر و هو
"الحقائق"( ،)2لكنهما مختلفتان بالرغم من أنه قد درج على استخدامهما بنفس المعنى.
تعرف البيانات بأنها "عبـ ـارة عن تعبيرات لغ ـوية أو رياضية أو رم ـزية أو مجموعة منها و تم
التعارف على استخدامها لتمثل األفراد و األشياء و األحداث و المفاهيم"(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،مرجع سابق ،ص .182
78
فعندما تخضع البيانات للمعالج ـة تتح ـول إلى معلومات يستفاد منها عند اتخ ـاذ الق ـرار كونها
عبارة عن مادة خام ،مشكلة من "الكلم ـات ،و الرم ـوز ،و األرقام ،الجداول اإلحصائية التي
تستخدم للحصول على المعلومات"(.)1
-1توصف المعلومات كونها سائلة فهي تتسم بالقابلية للتشكيل و إعادة الصياغة بحيث
يتسنى تقديمها وفق أنماط مختلفة كالقوائم ،و األشكال البيانية...إلخ.
-4توجد المعلومات بكميات كثيرة إال أن منتجيها يعملون على خلق الندرة فيها لجعل آلية
العرض و الطلب تدر عليهم عوائد مالية مرتفعة.
-5ال يمكن الجزم كون كل المعلومات يقينية فالقليل منها من يتوفر على هذه الميزة.
إن الق اررات التي تتخذ في المنظمات نراها تخدم مجاالت مختلفة و يتم إنتاجها بهدف حل
مشكالت عدة ،دون النسيان بأن الق اررات مرتبطة بآجال زمنيــة متباينة ،و إذا علمنا بأنها في
ذلك تستهلك البيانات و المعلومات فأكيد أن هذه األخيرة ستكون متماشية و طبيعة الق اررات.
أوال-أنواع المعلومات :ال تستقر المعلومات على نوع واحد فاستعماالتها كثيرة و بذلك يكون
كل مجال بحاجة إلى صنف معين منها .يمكن أن تصنف المعلومات كاآلتي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سليم حسنية"،نظم إدارة المعلومات" ،من منشورات الجامعة اإلفتراضية السورية ،2018 ،ص ،15تاريخ اإلطالع،)2020/05/12( :على الرابط
https://pedia.svuonline.org
79
-1المعلومات اإلستراتيجية :تدل تسميتها على ذلك النوع المتعلق بوضع المخططات و كذا
السياسات لتغطي المدى الطويل و لتمس بالمنظمة برمتها .يمكن أن يخص هذا الصنف
من المعلومات ما يتصل باإلتجاهات اإلقتصادية ،و سياسات الحكومة ،و تطور القوانين
و ما تعرفه التكنولوجيا من تغير(.)1
-2المعلومات التكتيكية :هو ن ـوع من المعلومات يستف ـاد منه في إنجاز األعمـ ـال الطويلة و
القصيرة المدى و عادة ما تختص بالتخطيط و الرقابة .و يدخل في هذا الحيز كل ما له
عالقة بتغير األسعار مثال و أرقام المبيعات.
-3المعلومات التشغيلية :يدخل هذا النوع في تشغيل المنظمات لذلك نجدها مرتبطة باألجل
اليومي و بممارسة التخطيط و الرقابة.
ثانيا-معايير جودة المعلومات :ال تتوفر جميــع المعلومات على الج ـودة التي تضمــن إنت ــاج
ق اررات تحقق مبتغى مستخدميها فثمة معايير معينة يجب أن تتصف بها كي يستفاد منها في
اإلطار المخصص لها .من بين المعايير المطلوبة في المعلومات يمكن ذكر ما يأتي:
-1إيجادها في التوقيت المطلوب ،فمن الضروري أن تكــون المعلومات مناسبــة زمني ــا حين
يطلبها مستخدموها خصوصا و أن جمع البيانات من مصادر مختلفة و القيام بمعالجتها
هي عمليات تستغرق وقتا كبي ار قد يف ــوت فرصة اإلستف ــادة منها إن لم يت ــم التحكـ ــم فيها
حين الحاجة إليها.
-2من األهمية أيضا أن تتصف المعلومات المتوفـ ـرة بالدقة و الخل ـ ـو من األخطاء التي قد
تحدث أثناء عمليات جمع البيانات و معالجتها و تخزينها.
-3المعيار المهم كذلك يتمثل في مالءمة المعلومات للموقف الذي تستخدم فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،المرجع السابق ،ص .188
80
-4من الضروري أن تكون المعلومات خالية من الغموض و منسقة فيما بينها.
-5ضرورة أن تتضمن المعلومات إمكانية استخدامها مرات أخرى متى كانت الحاجة إليها.
لقد تم التأكيد أكثر من مرة فيما سبق على ما للمعلومات من دور حيوي في حياة األفراد
و بالنسبة لمجمل الوظائف التي يؤدونها ضمن المنظمات ،إذ أن نجاح و نجاعة كل واحدة
من الوظائف مهما كانت بسيطة نجده يرتبط بالقدر الذي تتوفر به المعلومات و كذا طبيعة
هذه األخيرة.
يتسنى إرجاع ما تكتسيه المعلومات من أهمية إلى كون ـ ــها بمثاب ـة م ـورد ال غنــى عنه إلى
جانب المورد البشري ،و كل ما له صلة بالموارد المادية( .)1يمكن القول بأن المعلومات تؤدي
دو ار حيويا تماما كالذي للدم بالنسبة للكائن الح ــي حسب ما ذهب إليه (فايرهولم) حينما أشار
إلى أن "تدفــق المعلومات هو السبيل للحياة و البق ـ ــاء و اإلستمرار بالنسبة للمنظمات ،شأنها
في ذلك شأن تدفق الدم في جسم اإلنسان كضرورة للحياة"(.)2
أوال-أهمية المعلومات من خالل اإلستفادة منها في اشتغال المنظمات :تكتس ــي المعلومات
في هذا الصدد أهمية كبيرة من حيث استعمالها و استغاللها لتشغيــل المنظمات ،فهي تع ــد
موردا هاما يدخل في مختلف الوظائف إذ يظهر ذلك من خالل ما يلي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ثابت عبد الرحمان إدريس ،مرجع سابق ،ص ,79
81
-1تستعمل المعلومات لدى القيام بوظيفة التخطيط بخاصة ما تعلق بالعمليات الجزئية التي
تتطلبها على غرار تحديد األهداف ،و تقييم الوضع الراهن.
-2ال تخلو المعلومات من الدور المهم في مجال التنظيم إذ أن المسير يحتاج إليها في
عمليات تقسيم العمل ،و إنشاء الوحدات التنظيمية ،و رسم نطاق اإلشراف ،و وضع
خطوط السلطة و تفويضها.
-3في مجال التوجيه تظهر أهمية المعلومات لدى جعل أعضاء المنظمة يحققون ما تم
رسمه كأهـداف و معرفـة سبل التأثيـر في سلوكياتهم بشكل يفهمـون من خاللـه طبيعـة
العمل المطلوب منهم.
-4وظيفة الرقابة هي كذلك تستهلك المعلومات ألنها تنطوي على ضرورة "التأكد من سير
األمور وفقا للخطــة المرسومة و التعليمات و القواعــد و تحديد نقــاط الضعــف و العمـل
على تقويمها و منع تكرارها"(.)1
-5يظهر الدور الحيوي للمعلومات حين التعرف على مكونات البيئة الخارجية بما تحتويه
من فرص و تهديدات.
ثانيا-أهمية المعلومات في عملية صنع القرار :تحت ـاج كل مرحل ـة من تلك التي تدخ ـ ـ ـل في
صناعة القرار إلى المعلومات بحيث تستهلك كل واحدة منها كميات كبيرة و بخاصة من تلك
التي تتصف بالدقة ،ذلك أن إنتاج قرار جيد إنما يعزى بنسبة تقدر ب 90من المائة إلى دقة
المعلومات المستخدمة(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .307
82
تتحدد أهمية المعلومات في مراحل صناعة القرار فيما يلي:
-1بالنسبة لمرحلة تحديد المشكلة :كثي ار ما تعبر المشكلة عن خروج عن األهداف التي تم
رسمها من طرف المنظمة بحيث تتخذ شكل انحراف عن الصورة المستقبلية التي يرجـى
بلوغــها ،ولما كان من الحي ــوي أن يوضــع حد لإلنحـ ـراف الذي تمت مالحظت ــه لمواصلة
السير نحو الهدف المنشود وجب القيام بتشخيص للوضع الحالي بدقة بغية الوقوف على
األسباب المؤدية إلى اإلنحراف ،وذلك ما يتوفر بفضل المعلومات.
-2بالنسبة لمرحلة وضع البدائل :تعتبر البدائل بمثابة الحلول الممكنة لحل مشكلة ما حيث
سيتم اختيار واحد منها ليصبح ق ار ار معتمدا و قابال للتنفيذ ،لكن وضع البدائل ال يتسنى
بمعزل عن المعلومات إليجاد و تطوير البدائل على اختالفها و تنوعها.
-3بالنسبــة لتحليــل البدائل :يتصل تحليــل البدائل في األساس بتحــديد ما سيت ـرتب على كل
منها كنتائج خصوصا ما تعلق بالمخاطر التي ستنجر عن تنفيذها ،و بطبيعة الحال فإن
هكذا عملية لن تتأتى إن لم تتوفر معلومات وافية كما ونوعا.
-4بالنسبة الختيار أحد البدائل :هذه المرحلة يتم فيها التوصل إلى قناعة بأن أحد الخيارات
تتوفر فيه شروط إيجاد حل للمشكلة المطروحة في زمن قصير و بأقـ ـل التكاليـ ـف ،و في
هذا الص ـدد فإن المعلومات تساعــد متخــذ القـ ـرار "من خالل تمكينه التعرف على مساهمة
كل بدي ــل في حل المشكلــة ،تقييــم ج ــدوى كل بدي ــل ،تقيي ــم جودة كل بدي ــل ،التعرف على
كفاءة كل بديل من خالل تحديد الموارد المطلوبة لتنفيذ البديل"(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،المرجع السابق ،ص .309
83
المطلب الثاني :ما يبرر الحاجة إلى المعلومات.
يحتاج األفراد و المنظمات دائما إلى المعلومات في جميع حركاتهم و أفعالهم و ق ارراتهم و
إال وقعوا في التعارض مع المستجدات التي تحصل في كال البيئتين الداخلية و الخارجية .لذا
نجد أن المبررات التي تقف وراء الحاجة إلى المعلومات تنتمي إلى التغيرات التي تحصل في
البيئتين المشار إليهما.
أوال-ارتباط الحاجة إلى المعلومات بتغيرات البيئة الداخلية :تعرف البيئة الداخليـ ـة للمنظمات
تغيرات تفرضها التفاعالت بين األفراد و الجماعات كما تقف وراءها مؤث ـ ـرات خارجي ـة ،فحين
ينوي المسير التعرف على الدينامية التي تعيشها منظمته يجد نفسه مدعوا إلى جمع البيانات
و المعطيات و المعلومات بخصوص ذلك.
في سبيل الحصول على المعلومات من مصادر داخلية يمكن القول بأن:
ثانيا-الحاجة إلى المعلومات في ظل عوامل البيئة الخارجية :تنبع الحاجـ ـ ــة إلى المعلومات
بالنسبة للمنظمات عندما يتعلق األمر بتأثير العوامل التي تتضمنها البيئة الخارجية من تلك
الرغبة في تحقيق النجاح و البقاء و كذلك الميزة التنافسية ،فالتغيرات في القوى السياسية و
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
)1( Gérard TCHOUASSI,"Les besoins en informations dans les entreprises", Revue congolaise de gestion, n° :24,2017,
pages 63 à 92, consulté le :(02/06/2020), sur le lien :www.cairn.info.
84
القانونية و التشريعية و اإلقتصادية و اإلجتماعية و الثقافية و التكنولوجية و كذا الطبيعية
تجعـل من الحتمية أن يكون ثمة تكيف معها.
تتمثل مصادر المعلومات من البيئة الخارجية للمنظمات في األساس في البيانات التي تجمع
من العمالء و ك ذا المؤسسات بنوعيها الوطني و الدولي ،و جمي ــع الجهــات التي تشتغـ ــل في
مجال التزويد بالمعلومات المختلفة(.)1
من بين أبرز التغيرات التي تعرفها البيئة الخارجية للمنظمات يذكر ما يأتي:
-1توجه اإلقتصاد نحو العولمة :إن هذا التغيـ ـر الذي يه ـم منظمات األعمـ ـال بشكل خاص
يربط نجاح هذه األخيرة بمدى مقدرتها على القيام بنشاطاتها على المستوى العالمي ،مما
يزيد من الحاجة إلى المعلومات عن العمالء و المنافسين و الفرص و المخاطر(.)2
-2تأثير تكنولوجيا المعلومات و المعرفة في اإلقتصاد :يتعلق األمر بتحول شهده النصف
الثاني من الق ـرن العشرين حيث تعاظمــت مكانــة تكن ــولوجيا المعل ــومات و نظمها بشكل
جعل الشركات تستثمر بنسبة 70من المائة في صناعات الخدمات على غرار التمويل
و التأمين و كل ما له صلة بالعقار و هي كلها مجاالت يتطلب الرفع من إنتاجيتها أن
يعتمد على مستوى عالي من الجودة بالنسبة للمعلومات.
-3تغير طبيعة المشروعات :بما أن المش ـروعات أضحــت اليوم تتضمــن جانبــا كبيـ ـ ـ ار من
المعرفة إضافة إلى اتسامها أكثر بالطابع الخدماتي بخاصة و أن منظمات األعمال لم
تعد تشتغل بمعزل عن المنافسين ،فإن مسايرة التحوالت في شكل و طبيعة المشروعات
أضحى يتطلب إضفاء نوع من المرونة على المنظمات بالحصول على المعلومات(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Gérard TCHOUASSI, Op.cit.
85
خالصة الفصل األول:
تمثل المعلومات موردا هاما و حقيقيا بالنسبة لألفراد و كذا المنظمات التي تستخدمها في
اشتغالها ،و من حيث التعريف اإلصطالحي نجدها تعبر عن مختلف البيانات التي تعرض ـت
للمعالج ـة ليتسن ـ ـى استغاللها كونها مادة خام.
تتضمن المعلومات خصائص عديدة فهي في مقام أول تتصف بالسيـ ـولة و القابليـ ـة للتشكيل
تماشيا و استخداماتها ،هي كذلك سهلة النقل و اإلدماج مع بعضها البعض إلنتاج مجموعة
جديدة ،كما أنها توج ـد بكمي ـات كبي ـرة بالرغم من أن ممتلكي ـها و منتجيـ ـها يعملـ ـون على خلق
الندرة بشأنها.
إن الحديث عن المعلومات هو كذلك إشارة إلى ما لها من أن ـ ـ ـ ـواع بحسب استعماالتها بحيث
نجد تلك اإلستراتيجية التي تدخل في صياغة مخططات تمتد إلى المدى الطويل و تمس بكل
المنظمة ،بينما يستعـ ـان بالمعلومات التكتيكية في إنجـ ـاز األعمال الطويلة و القصيرة الم ـدى،
و أما المعلومات التشغيلية فهي كما تدل على ذلك تسميتها نجدها ترتبط باألجـ ـ ـل اليومي و
بممارسة التخطيط و الرقابة.
ال يستفاد من كل المعلومات بنفس المستوى من الجودة فثمة معايير يشتـ ــرط توف ــرها ألج ـ ـ ـل
ذلك مثل أن يتحصل عليها في الوقت المطلوب ،و خلوها من األخطاء و مالءمتها للموقف
المتطلب لها ،مع إمكانية استغاللها متى كانت الحاجة إليها.
ال يمكن للمنظمات اإلستغناء عن المعلومات فهي تدخل في كثير من الوظائف على غ ـ ـ ـ ـرار
التخطيط و التنظيم و التوجيه و الرقابة ،و التعرف على مكونات البيئة الخارجية .و لعل أهم
مجال تستخدم فيه المعلومات هو صنع القرار إلى حد أن جودة الق ـ ـرار تتوقـ ـف بنسبة تسعيـ ـن
من المائة على دقة المعلومات التي تم اإلعتماد عليها .فكل مرحلة من هذه العمليـ ـ ـة تستهلك
المعلومات لتحديد المشكلة ،و وضع البدائل و تحليلها ،وصوال إلى اختيار واحد منها.
ثمة عوامل تبرر الحاجة إلى المعلومات فتغيرات البيئة الداخلية للمنظمات دعوة إلى امت ــالك
معلومات كافية عن تفاعالت األفراد و الجماعات ،و الشيء نفسه يالحظ بخصوص البيئ ـ ـ ـة
الخارجية التي تتضمن عوامل تؤثر في نجاح و بقاء المنظمات.
86
الفصل الثاني :مصادر و معايير نظم المعلومات
اإلدارية
87
الفصل الثاني :مصادر و معايير نظم المعلومات اإلدارية.
يحتاج متخذ القرار في المنظمة في سبيل التوصل إلى اعتماد أحد البدائل إلى معلومات
تتوفر على خصائص الدقة و المالءمة و الحصول عليها في التوقيت المناسب و بالكميات
المطلوبة.
لكن التطورات الحاصلة في البيئات الداخلية و الخارجية للمنظمات و كذا في األساليب التي
تشتغل وفقها هذه األخيرة قد جعلــت الوسائــل التقليدية لجمــع البيانات و معالجتها و ما يتب ــع
ذلك من ترتيب و تخزين للمعلومات قاصرة عن إيصالها إلى المستويات و األقسام التنظيمية
وقت الحاجة إليها بخاصة إذا تعلق األمر بالكميات الكبيرة و المتنوعة منها.
لذلك نرى بأن الثورة التكنولوجية الحاصلة في مج ـال المعل ـومات قد مكنت من إيجاد وسائ ـ ـل
تكفـ ـل معالج ـة البيانات تماشــيا للمستــويات اإلدارية التي تحتـ ـ ــاجها و تبعا للظروف المحيطة
بعملية التسيير ،ذلك ما يتسنى بفضل نظم المعلومات اإلدارية.
تعتبر نظم المعلومات اإلدارية من أهم و أحدث الوسائل التكنولوجية التي يستعين بها األفراد
بالمنظمات ألداء وظائفهم ال سيما ما تعلق باتخاذ القرار.
سيعنى هذا الفصل بالتطرق إلى المصادر التي تعتمد عليها هذه النظم في تغذيتها بالبيانات
و المعطيات ،إضافة إلى إظهار ما يجب أن يتوفر فيها كمعايير ،و ذلك بعد بيان مفهومها.
تلعب نظم المعلومات اإلدارية دو ار ذا أهمية بالنسبة للمنظمات باختالف أنواعها ال سيما
في هذا العصر الذي تطورت فيه مهام المنظمات و شهد تغير في طبيعة المشروعات بشكل
جعل المعرفة تمثل الجزء األكبر من المنتجات و ضاعف من التنافس على الوصول في أقل
زمن ممكن إلى أجود المعلومات.
هذه الحقائق تدفع إلى اإلقتراب من هذه الوسائل التكنولوجيــة من الجانب المفاهيمي لتعريفه ــا
و بيان عناصرها و خصائصها.
88
المطلب األول :حول مصطلح نظم المعلومات اإلدارية.
يمكن التطرق إلى نظم المعلومات اإلدارية لتعريفها و إظهار عناصرها من خالل ما يلي:
أوال-تعريف نظم المعلومات اإلدارية :لقد أطلق الباحثون في هذا المجال تسميات عدة على
هذه النظم المساعدة على اتخاذ الق اررات في المنظمات ،فنجد مثال من يطلق عليها تسمية:
"نظام معالجة المعلومات" و آخر يدعوها" :نظام معالجة البيانات" أو "إدارة موارد المعلومات"
و كذا من يختصرها إلى "نظام المعلومات".
لقد أنتج كم كبير من التعاريف بخصوص نظم المعلومات اإلدارية بحيث نجدها تختلف تبعا
للزاوية التي اختارها كل باحث في هذا المجال ،سنجد مثال أن (روبرت ريكس) قد ذهب إلى
أنها "مجموع منظم من الموارد :أجهزة ،برمجيات ،أفراد ،معطيات ،إجراءات تسمح باقتنـ ـ ـاء،
معالجة و تخزين و نشر المعلومات في شكل معطيات ،نصوص ،و صور ،و أصوات...
داخل المنظمات"(.)1
لدينا تعريف أورده كل من (لورانس) و (وليام) اعتقدا فيه بأن نظ ــام المعل ــومات اإلدارية هو
" ذلك التفاعل بين األفراد و األجهزة بهدف جمع و تحليل المعلومات ،صمم للتزويد بالبيانات
الروتينية و لمعالجة و توفير المعلومات للمساعدة في اتخاذ القرار".
أما (لودون و لودون) فقد اعتب ار نظم المعلومات كونها:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Robert REIX, Systèmes d’information et management des organisations, 4ème édition, Paris : Vuibert, 2002, p.75.
89
معاونة المديرين و العاملين في المنظمة على تحليل
المشكالت ،و التصـور المرئـي للموضوعات المعقدة
و تنمية المنتجات الجديدة"(.)1
ثانيا-عناصر نظم المعلومات اإلدارية :تتكون نظم المعلومات اإلدارية من عناصر يمكن
ذكرها فيما يأتي:
-3المورد البشري بما يضمه من تخصصات في مجال نظم المعلومات اإلدارية التي يدخل
فيها المصممون ،و محللو البرامج ،و موزعو المعلومات(.)2
-4جملة الوظائف اإلدارية بأنواعها المتمثلة في التخطيط اإلستراتيجي ،و الرقابة اإلدارية،
و رقابة التشغيل على النظام.
-5بما أن عملية صنع الق اررات تتغذى على المعلومات فإن دور نظم المعلومات اإلدارية
يتجلى في إمداد صانع القرار بما يحتاج إليه منها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ثابت عبد الرحمان إدريس ،مرجع سابق ،ص ص .123-122
90
المطلب الثاني :أهداف نظم المعلومات اإلدارية.
يستع ـان بنظم المعلومات اإلدارية في المنظمات لتحقي ـق عدد من األهـ ـ ـداف التي يمكن
تقسيمها إلى عامة و خاصة كما يلي:
أوال-األهداف الشاملة :يمكن أن تجمل األهداف التي تدخل في هذا اإلطار ضمن األوجـ ـه
التالية:
-1إن الغاية من تبني نظم للمعلومات اإلدارية تتمثل في اإلستفادة من تلك المقدرة التي لها
في حصر مصادر البيانات و المعلومات بشكل يؤدي إلى التعرف على مواطن النقص
التي يجب العمل على تغطيتها.
-2تكون نظم المعلومات اإلدارية متكاملة و متخصصة و ذات قدرة على تناول البيانات و
المعلومات المتوفرة ،و هي تقدم خدمات معلوماتية مختلفة في مجال تخصصها.
-3تعتبر وظيفة إنشاء ملفات رئيسية و أخرى فرعية متعلقة بكل األنشطة التي فيها يستعــان
بهذه النظم المعلوماتية اإلدارية من أهم الوسائل الضامنة لتح ـ ـ ـ ـ ـديد البيانات و المعلومات
المختلفة المستعملة و غير المستعملة.
-4اإلمكانية المتاحة لإلستفادة من التقارير اإلحصائية التي تقدمها نظـ ـم المعلومات اإلدارية
بشأن المنظمة المستعملة لها ،فباستطاعة هكذا نظم أن تحدد نقاط القوة ألجل تنميتها و
كذا مواطن الضعف التي يجب معالجتها .بذلك " تتمكن المنظمــة من استغالل الف ـ ــرص
البيئية و مواجهة التهديدات"(.)1
-5إمكانية خلق التفاعل بين أجزاء المنظمات من خالل الربط بين النظم الفرعية بها بشكل
يضمن تبادل البيانات و المعلومات بينها و هو ما يسهــل من عمليات التنسي ـ ـ ـق بين ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار" ،مقرر نظم المعلومات اإلدارية" ،قسم إدارة الموارد البشرية ،جامعة الشام الخاصة ،ص ،53تاريخ اإلطالع ،)2020/06/13( :على
https://aspu.edu.sy/laravel.filemanager/file/18.الرابط:
91
يؤدى بها من وظائف و نشاطات ،ذلك ما يعمل على وضع أه ـداف النظ ـ ـ ـم الفرعية في
نفس مستوى الهدف العام الذي ترجو كل منظمة أن تحققه(.)1
ثانيا-األهداف الجزئية :بما أن أقسام و مستويات و وظائف و أنشطة مختلفة في المنظم ـات
تستخدم فيها نظم المعلومات اإلدارية بأشكال متباينة فإن األهداف الخاصة بها تأتي متماشية
معها حسب ما يلي:
-1األهداف ذات العالقة باتخاذ القرار :في هذا اإلطار يرجى من ورائها تجنيب المنظمات
أن تصنع ق اررات روتينية إلى جانب ضمان الزيادة في فعالية الق اررات.
-2األهداف المرتبطة بخدمات المعلومات :في هذا اإلطار تؤمن نظم المعلومات اإلدارية
مساعدة قيمة للمنظمات من خالل متابعة النمو المرتقب في نوعية خدمات المعلومات
و تجميع و توفير كافة الوثائق و المعلومات الصادرة في مجال تخصصها.
-3أهداف تطـ ـوير النظام :إضافة إلى اإلستخدام األساسي لنظ ـ ـ ـم المعلومات اإلدارية الذي
من خالله يرجى إمداد مختلف النشاطات في المنظمات بالمعلومات ،فإنه عالوة على
ذلك يعمد إلى وضع الخطط الضرورية الالزمة للمحافظة الدائمـ ـ ـ ـة على المنظمات و
صيانتها و مراعاة جميع التغيرات التي قد تنشأ بعد إقامة نظام المعلومات.
-4األهداف الخاصة بالتقليل من األخطاء البشرية :تساع ـد نظـ ـم المعلومات اإلدارية على
الرفـع من القدرة اإلنتاجية لألفراد و الخفض من األخطاء عن طريق التقليل من معدالت
تدخل البشر في نشاطات المنظمات.
-5األهداف الخاصة بتطوير األفراد المستخدمين لها :هي أهداف تمت بالصلة إلى التكفل
التام بتطوير األفراد المستخدمين لنظم المعلومات اإلدارية و الرفع من مستوى أدائهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار ،المرجع السابق.
92
المبحث الثاني :نظم المعلومات اإلدارية :خصائصها و مصادر تغذيتها
بالبيانات.
أظهرت نظم المعلومات اإلدارية جدارتها على صعيد مساعدة مسيري المنظمات باختالفها
على أداء األنشطة و الوظائف المنوطــة بهم فهي تقــدم لإلنسان خــدمات ال يمك ـن اإلستغن ــاء
عنها في العصر الحالي.
ثمة جوانب تضف ـي سم ـة الكف ـاءة على هذه النظ ـم من جانب الخصائص التي تتصف بها و
كذا نوعية المصادر التي تتحصل منها على البيانات و المعطيات.
تتوف ـر نظ ـم المعلومات اإلدارية على جملــة من الخصائص التي يمكــن اعتب ــارها بمثاب ـ ــة
المعايير المحددة لمدى كفاءتها و فعاليتها ،و هي الخصائص التي تظهر فيما يلي:
أوال-من حيث تصميم نظم المعلومات :تصمم نظم المعلومات و تبنى على منوال يجعل من
اإلستفادة منها أم ار مستساغا و يكون ذلك وفق اعتبارات هي:
-1التكامل :و يسمى أيضا بالترابط كداللة على رب ـط نظ ـم المعلومات التطبيقية و الوظيفية
معا بشكل يجعل المنظمة تستفيد من معلومات نافعة تقدمها عمليات و أنشطة متماسكة
و متكاملة " ،بمعنى تكامل األنظمة الفرعية لنظام المعلومات اإلداري بحيث يكون نشاط
أي نظام فرعي مكمال ألنشطة النظم الفرعية األخرى"(.)1
-2التوازن :تتجسد خاصية التوازن بالنسبة لنظم المعلومات اإلدارية من خالل إفادة األفراد
المستخدمين لها بما يلزمهم من معلومات لتحقيق األهداف التي سطروها ،و هو التوازن
الذي تظهره المعلومات الدقيقة مقابل التكلفة التي يتطلبها الحصول عليها(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار ،المرجع السابق ،ص .31
93
-3التصميم الفعـال :تظه ـر فعالي ـة تصميم نظ ـم المعلومات اإلدارية من خــالل الشــروط التي
تؤخذ بعين اإلعتبار في ذلك إذ يجب على المصمم أن يكون على دراية بعناصر البيئة
التي ستحيط بالنظام ،و طبيعة الهيكل التنظيمي و أيضا الوظائف التي يحتويها.
ثانيا-من حيث اإلستفادة من البيانات :يعد معيار ولوج البيانات بسهولة و بسرعة لإلستفادة
منها على نحو كامل من بين أبرز المؤشرات على نظم المعلومات اإلدارية ذات الج ــودة ،إذ
في ظله يمكن التطرق إلى:
-1مسار البيانات المشتركة :يتعلق األمر باستخدام ملفات البيانات الرئيسية التي تنبع منها
التقارير و المخرجات المصممة لإلستجابة الحتياجات المستخدمين ،فهي بيانات تجم ــع
و تسجل مرة واحدة وفق اتباع مسارات مشتركة تفاديا للتكرار.
-2اإلستجابة في أقصر وقت :تعمل األجهزة المتصلة بالحاسوب الذي يحفظ البيانات على
اإلستجابة في وقت قصير للطلبات التي تستقبلها.
-3استخدام نظم إدارة قواعد البيانات :هي قواعد قادرة على تداول أحجام كبيرة من البيانات
ضمن نظم المعلومات اإلدارية كما أنها تسمح ألكثر من مستخدم واحد من ول ــوج ما فيها
من بيانات.
ثالثا-من حيث تمتع المعلومات بالحماية و السرية :عند تصميــم نظــم المعلـ ـ ــومات اإلدارية
يسمح فقط لعدد معين من المستخدمين أن يلجوا قواعد البيانات و المعلومات التي خزنت بها
ذلك ما توف ـره أنظمة مخصصة تعمـ ـل على ح ـرمان األشخاص غير المرخصين من اإلطالع
على المعلومات كونهم ال يمتلكون كلمات السر مثال .هذا و يعد من الحيوية أن تحفظ النسخ
األصلية للبرمجيات في مكان آمن (.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار ،المرجع السابق ،ص .32
94
المطلب الثاني :مصادر تغذية نظم المعلومات اإلدارية بالبيانات.
تتغذى نظم المعلومات اإلدارية بمعطيات و بيانات تختلف من حيث طبيعتها و كميتها و
من ناحية المصادر التي تتدفق منها إلى المنظمات عبر أنظمة المعلومات .في هذا الصدد
يتسنى التمييز بين أنواع للمعلومات من حيث اتجاه تدفقها كاآلتي:
أوال-المعلومات المتجهة نحو األعلى :هي معلومات تصدر عن المستوى التشغيلي صعودا
نحو المستويات العليا و بذلك نجدها تؤدي وظيفة وصف العمليات التي تجري بشكل يومي
في المستويات الدنيا للبنيان التنظيمي و يستعان بها لتغذية عملية اتخاذ القرار.
ثانيا-المعلومات المتجهة نحو األسفل :هذا النوع من المعلومات يأخذ اإلتجاه المعاكس من
المستويات العليــا نحو الدنيا في المنظمــات ،و بذلك نجدها تعبر عن كل ما هو مخطط ــات
استراتيجية و تعليمات و توجيهات.
ثالثا-المعلومات المتحركة بشكل أفقي :يتعلــق األم ــر بالمعلومات التي تســري بين الوح ــدات
التنظيميــة الواقعــة في نفس المستــوى التسلسلي و الهــدف منها هو تحقيــق التنسيق و التكامل
بين فرق العمل و الوحدات اإلدارية و اإلدارات(.)1
تكتسي المعلومات بالنسبة للمنظمات أهمية حقيقية فهي ثروة تتحدد وفقها كف ـ ـاءة اشتغالها
كما هو الحال بالنسبة لألصــول األخــرى المادية منها وغير المادية ،فبالنسبة لتغذيــة أنظمـ ــة
المعلومات اإلدارية لن تتحقق قيمة األصول الرقمية الالمادية التي تشكلها المعلومات إال إذا
توفرت المقدرة لدى المؤسسة على "جمعها ،و مراقبتها ،و حمايتهـا ،و تثمينه ـا ،و استغاللها،
من خالل نظامها للمعلومات"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ثابت عبد الرحمان إدريس ،مرجع سابق ،ص .106
(2) Malika PASTOR," Comment gérer le patrimoine informationnel de l’entreprise", It social, consulté le )17/06/2020(, sur :
https://itsocial.fr/enjeux-it/enjeux-strategie/gouvernance/dsi_comment-gerer-le-patrimoine-informationnel-de-
lentreprise.
95
تتحدد المصادر التي تتحصل منها أنظمة المعلومات اإلدارية على البيانات و المعطيات
من خالل طبيعة الحاجة إلى المعلومات التي يمكن التمييز بصددها بين نقطتين هما:
أوال-تلبية الحاجات المحلية :بما أن مدي ـر العمليات مطالب بالقيام بالتوق ـ ـ ـ ــع و الرقاب ــة فهو
بحاجة إلى معلومات تفيده في إيجاد الحلول لمشكالت تسمى بالمحليــة ،فعلى سبيــل المثـ ــال
على "مسؤول معالجة الطلبيات أن يتمكن من معرفة متوسط عدد الطلبيات الواجب معالجتها
و توزيــع عمليــات إعــداد الطلبيات على األفراد ،و التحقق من مدى احت ـ ـرام آجال اإلعداد و
شروط النوعية"( .)1ألجل ذلك يلزم مدير العمليات أن يستعين بنموذجين إداريين هما:
-1نموذج توقعي يمكنه من معرفة تطور الكميات الواجب توريدها بحسب اختالف المواسم.
ثانيا-اإلدماج في نموذج شامل :يتعلق األمر بالمستويات الهيكلية الثالثة الموجودة بأغل ـ ـب
المنظمات حيث يتخصص كل مستوى منها بمهام و صالحيات تجعلها بحاجة إلى معلومات
معينة بكميات و مصادر خاصة ،ذلك ما يمكن تمييزه وفق ما يلي:
-1المستوى اإلستراتيجي المعني بتحديد الخيارات األساسية نجده يستخ ـ ـ ـدم أنظمة معلوماتية
معقدة تتغذى على معلومات مركبة صادرة عن أنظمة معلوماتية جزئية كأن يستعان في
نفس الوقت بمخرجات نظام معلومات اإلنتاج و نظام التسويق.
-2المستوى التكتيكي الذي يعنى بمراقبة توزيع الموارد المخصصة لتجسيد الهدف المرسوم
في المستوى اإلستراتيجي و الذي يستغرق وقتا أقل لإلستجابة لطلبات المستوى األعلى
وهو مجهز بنظام لتصفية المعلومات و تنقيتها حين صعودها إلى األعلى إذ تتحدد وفق
ذلك الخيارات اإلستراتيجية(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Robert REIX, Op.cit. p.132.
(2) Ibid.p.134.
96
-3المست ـوى العملياتي هو ذلك المكلـف بمتابعة مدى تنفيذ العمليات كما يعمل على تزويـ ـ ــد
المستويات اإلدارية األعلى بالمعلومات في شكل ملخص ،يعرف عن هذا المستوى كونه
يستهلك معلومات ذات مدة حياة قصيرة ،مقارنة بتلك المستعملة في باقي المستويات(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Robert REIX, Op.cit. p.134.
97
خالصة الفصل الثاني:
مكنت التطورات التكنولوجية التي شهدها مجال المعلومات من إيجاد وسائل تعمـ ـل على
معالجة البيانات وفق حاجات كل مستوى إداري و تسمى بنظم المعلومات اإلدارية.
لقد أنتج ـت بشأنها تعاريف عديدة ،إذ هي عبارة عن مجموعة من المـ ـ ـوارد المنظمة و الت ـي
تضم أجهزة ،و برمجيات ،و أفراد و معطيات و كذا إجراءات تسمح بالحصول على بيـ ـ ـانات
و معالجتها و تخزينها و نشرها ،في شكل معطيات و نصوص و صور .يظهر من ذلك بأن
نظ ـم المعلومات اإلدارية تحتـ ـوي عناصر هي األج ـزاء المادية كالح ـ ـواسيب ،تليها البرمجيات،
ثم العنصر البشري من مصممين و مستعملين ،باإلضافة إلى جملـ ـة الوظائ ـ ـ ـف اإلدارية من
تخطيط و رقابة و اتخاذ قرار.
يمكن التمييز بخصوص أهداف نظم المعلومات اإلدارية بين تلك الشاملة مثل المقـ ـ ـدرة على
حصر مص ـادر البي ـانات ،و الكف ـاءة في تحديد نقاط القوة و مواطن الضعف ،و األه ـ ـ ـ ـ ـداف
الجزئية على غرار تلك المتعلقة باتخاذ القرار.
أما من جانب الخصائص التي يمكن اعتبارها بمثابة المعايير المح ـ ـ ـ ـددة لمدى كفاءتها يمكن
اإلشارة إلى أن نظم المعلومات اإلدارية تتصف بالتكامل بين النظم التطبيقية و الوظيفية ،و
كذلك التوازن بين توفير المعلومات الدقيقة و التكلفة التي يتطلبها الحصول عليها .كما يمكن
اإلستفادة من نظم المعلومات اإلدارية من حيث تفاديها للتكرار كونها تجمع البيانات و تعمل
على تسجيلها باتباع مسارات مشتركة .و أما أهم معيار تتوفر عليه نظم المعلومات اإلدارية
فهو ضمانها لحماية المعلومات و سريتها بالنسبة لألشخاص غير المرخص لهم بولوجها.
بالنسبة لمصادر البيانات و المعلومات التي تتحصل عليها نظـ ـم المعلـ ـومات اإلداريـ ـ ـ ـة فهي
تتماشى و طبيعة الحاجة إلى المعلومات في المستويات الثالث للتنظيم الهيكلي المتمثلة في
المستوى اإلستراتيجي و التكتيكي و العملياتي.
98
الفصل الثالث :مراحل نظم المعلومات اإلدارية
99
الفصل الثالث :مراحل نظم المعلومات اإلدارية.
يجني مستعملو نظم المعلومات اإلدارية فوائد كثيرة كونها تسهل من أداء النشاطات ضمن
المنظمات بفضل ما توفره من المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب.
في الواقع يتعلق األمر بنظم كفيلة بتحقيق اقتصاد في الجه ـود التي يجب أن تبـ ــذل في جمـ ـع
البيانات و المعطيات من مصادرها و ما يتبع ذلك من عمليات معالجة و ترتيب و تبويب و
تخزين وصوال إلى تقديمها في صيغتها النهائية ألنواع شتى من المستخدمين .إن هذه المي ـ ـزة
تنطوي على تكنولوجيا معلوماتية متطورة هي التي جعلت من كل العمليات المشار إليها أم ـ ار
ممكنا.
لم تعرف نظم المعلومات اإلدارية دائما بنفس الوجه الذي نراها عليه اليوم فقد مرت بتطورات
عديدة تزامنــت و التقــدم الذي عاشته تكنولوجيا المعلومات و ذلك منذ اعتمــادها في الستينات
من القرن العشرين.
في هذا الفصل سينصب اإلهتمام في مبحث أول على مفهـ ــوم تكنولوجيا المعـلومات و الدور
الذي تؤديه نظم المعلومات اإلدارية .بينما يستعرض المبحث الثاني أهم المراحل التي مرت
بها هذه النظم.
لقد تزامن تصميم و بناء نظم المعلومات اإلدارية مع تطور التكنولوجيا و ما يستخدم من
تقنيات مختلفة فيها و ذلك ما يتيح لهذه األنظمة أن تؤدي أدوا ار مهمة في المنظمات.
تعبر نظم المعلومات اإلدارية عما تستخدمه من التكنولوجيا لذلك يتسنى القـ ــول بأنهما في
نوع من العالقة الوطيدة كون تقدم نظم المعلومات إنما يعبر عن تطور التكنولوجيا ال سميا
تلك المتعلقة بالمعلومات.
100
أوال-مفهوم التكنولوجيا و تكنولوجيا المعلومات :باإلمكان تحديد مفهوم التكنولوجيا بشكل
عام و كذا تكنولوجيا المعلومات من خالل ما يلي:
-1تعريف التكنولوجيا :إن لفظة تكنولوجيا مركبة من حيث اللغة من مقطعين هما "تكنو"
الذي يفيد باللغة اليونانية معنى "الفن" أو "صناعة يدوية"( ، )1و أيضا "استعمال العلم
النظري في مجال ما" ،و هو كذلك يعبر عن العلم الذي يهت ـ ـم بدراسة األساليب التي
تؤدى وفقها مهنة ما(.)2
المقطع الثاني "لوجي" يؤدي معنى "الدراسة" أو "العلم" و على هذا األساس تؤدي كلمة
تكنولوجيا معنى "الدراسة الرشيدة للفنون".
اصطالحا تفيد التكنولوجيا معنى "اآلالت و المعدات و التقنيات و المعارف العلمي ـ ـة و
األفكار و الوسائل التي يعتمد عليها اإلنسان لتحقيق حاجاته في بيئة اجتماعية تاريخية
معينة"(.)3
-2تعريف تكنولوجيا المعلومات :المالحظ اليوم هو دخول تكنولوجيا المعلومات حياة الناس
في كل مناحيها إذ أضحت من بين األدوات الرئيسية التي يستثمر فيها اإلنسان.
نجد في األساس بأن تكن ـولوجيا المعل ـومات كمصطلح قد نتـ ـج عن الم ـزج بين تكنولوجيـ ـا
التخ ـزين و اإلسترجاع من جهة و تكن ـولوجيا اإلتص ـاالت من جهة أخرى .فهذه الوسائــل
يجري استعمالها بهدف إنتاج المعلومات و التمكن من جمعها و تخزينها ،و كذا ما يتبع
ذلك من عمليات كمعالجة المعلومات و نشرها و استرجاعها ،و هو ما يتطلب اإلستعانة
بالحاسب اإللكتروني ،و التكنولوجيا السلكية و الالسلكية ،و األدوات اإللكترونية الدقيقة،
هذا و تستوج ـب تكنولوجيا المعلومات أيضا "اقتنـ ـاء المعلومات و تخزينها و تجهيزها في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1فضيل دليو ،التكنولوجيا الجديدة لإلعالم و اإلتصال ،عمان :دار الثقافة للنشر و التوزيع ،2010 ،ص .20
( )2حنان يوسف ،تكنولوجيا اإلتصال و مجتمع المعلوماتية ،القاهرة :أطلس للنشر و اإلنتاج اإلعالمي ،2006 ،ص .10
101
مختلف صورها و أوعية حفظها ،سواء كانت مطبوعة أم مصورة أم مسموعة أم مرئية أم
ممغنطة أم معالجة بالليزر"(.)1
ثانيا-عالقة تكنولوجيا المعلومات بنظم المعلومات اإلدارية :تعد تكنولوجيا المعلومات بمثابة
اإلطار الذي يضم علم الحاسوب الموظــف لصالــح نظم المعلــومات ،و الشبكــات ،باإلضافـ ــة
إلى اإلتصاالت و تطبيقاتها في مختلف مجاالت العمل اإلنساني للمنظمة.
لكن إظهار العالقة بين الجانبين ليس بالسهولة المتوقعة بالنظر إلى وجود تباين في وجهــات
النظر بين المهتمين بهذا الشأن ،فالمالحظ هو وجود توجهين عامين هما:
-1التوجه الجزئي الذي يعتبر تكنولوجيا المعلومات كنظام فرعي ضمن نظام المعلومات.
-2التوجه الكلي الذي يرى بالعكس بأن تكنولوجيا المعلومات أوسع و تضم باإلضافة إلى
نظم المعلومات ،تقنيات معالجة البيانات و اإلتصاالت و األفراد و المنظمات(.)2
كثي ار ما يستخـدم مصطلح تكنولوجيا المعلومات للداللة على نظام المعلومات ،بالرغم من أن
مدلول نظم المعلومات أوسع من ذلك المتعلق بتكنولوجيا المعلومات.
يمكن القول بأن تكنولوجيا المعلومات هي الجان ـ ـ ــب التكنولوجي من نظــام المعل ــومات و الذي
يمثل المكونات المادية ،و البرمجيات و قواعد البيانات ،و الشبكات و الوسائط األخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسن رضا النجار" ،تكنولوجيا اإلتصال ،المفهوم و التطور" ،المؤتمر الدولي لإلعالم الجديد تكنولوجيا جديدة لعالم جديد ،البحرين 9-7 ،أفريل.2009 ،
( )2حسن حميد عبد هللا " ،دور نظم المعلومات اإلدارية و اإلدارة المعرفية في بناء القدرة التنافسية للمنظمات اإلنتاجية ،دراسة تطبيقية في الشركة العامة
للصناعات الكهربائية" ،أطروحة دكتوراه في تخصص إدارة األعمال ،غير منشورة ،جامعة سانت كليمنتس العالمية ،فرع العراق.2012،
102
المطلب الثاني :دور نظم المعلومات اإلدارية.
تؤدي نظم المعلومات اإلدارية أربعة أنواع من األدوار التي يتسنى التطرق إليها فيما يلي:
أوال-جمع المعلومات :أو اكتساب المعلومات و جمعها باستعمال طرق شتى مثلما هو الحال
بالنسبة للكتابة عند تحرير الطلبيات على سبيل المثال ،و كذلك المشافهة عند إج ـ ـراء مكالمة
هاتفية ،أو الشكل المختلط الذي يجمع بين وسائل مختلفة(.)1
في هذا المجال يمكن القول بأن التط ـ ـور الحاصل على مستوى التك ـنولوجيا قد أثر في م ـدى
استعمال هذه الطرق بحيث تم التخلي عن الكتابة كوسيلة قد تتسبب في وق ـ ـوع أخطاء مقابل
إدخال البيانات بشكل مباشر في نظم المعلومات.
ثانيا-التخزين :تطلق هذه التسمية على العملية التي من خاللها يعمد النظام إلى االحتفاظ
بالمعلومات ،و هي تكتسي أهمية حيوية بالنسبة للمنظمات حيث مكن التط ــور التكنولوجــي
الحاصل في مجال الحواسيب و تكنولوجيا المعلومات بصفة عامــة من إنت ـ ــاج وسائ ــل ذات
أحجام صغيرة قادرة على تخزين كميات ضخمة من البيانات و المعلومات(.)2
ثالثا-المعالجة :من خالل هذا الن ـوع من العمليات يقوم نظام المعلومات بتحـ ـويل المعلومات
التي تم جمعها إلى أشكال أخرى من المعلومات يمكن أن يستفيد منها مستخدمون مختلفون،
و من خالل هذا النوع من العمليات تصبح أنظمة المعلومات اإلدارية بمثابة أنظمة إنتاج يتم
بموجبها تحويل البيانات إلى معلومات.
رابعا-المخرجات :من خالل هذا الدور تصبح المعلومات المعالجة تحت تصرف المستعملين
إذ يتحقق ذلك عند تقديمها وف ـ ـق أشكال مختلفة كتابيا في حال التقارير ،و مشافهـة بمناسبة
تقديم اإلجابات اآللية عن طريق األنظمة الصوتية ،أو مباشرة على الشاشات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Systèmes d’information organisationnels, Paris : Pearson Education,
2005, p.35.
103
لقد عرفت المخرجات هي األخرى تطو ار كما في حال التخزين بحيث تم التخل ـ ــي عن اللجوء
إلى التقارير المكتوبة ليحل محلها األسلوب المباشر باستعمال الشاشات مع إمكانية التفاع ـ ـل
مع المعلومات.
104
المبحث الثاني :أهم المراحل التي مرت بها نظم المعلومات اإلدارية.
لقد كان العتماد الحاسوب في العمليـ ــات اإلدارية و في تسيير المنظمات بشكل عام األثر
الكبير في مسار نظم المعلومات اإلدارية ،إذ يمكن القول بأن تكنولوجيا اإلعالم اآللـ ـ ــي التي
عرفت تسارعا في تطورها منذ السنوات األولى من ستينات القرن العشرين قد أدت إلى تقـ ـدم
نظم المعلومات اإلدارية بدورها و انتشار استخدامها في مجاالت عدة.
من الناحية الزمنية يمكن القول بأن التطورات األولى لنظم المعلومات اإلدارية قد ظهـ ـرت
على مرحلتين شهدت فيهما تكنولوجيا الحواسيب كبير تقدم أدى إلى استخدامها في اإلدارة ،و
إلى إنتاج أولى البحوث العلمية في مجال المعلومات المؤتمتة.
أوال-مرحلة سنوات الستينات :هي مرحلة تبدأ مع مطلع الستينات من القــرن العش ـ ـ ـرين هذه
السنوات التي عرفت الشروع في استخدام نظم تشغيل البيانات هذه األخيرة التي كان الهدف
منها هو أتمتة عملية تشغيل البيانات تحقيقا للكفاءة في هذا المجال.
و لما كان لتقدم تكنولوجيا الحواسيب تأثير في استخدام نظم المعلومات اإلدارية فقد عاشت
السنوات التي سبقت فترة الستينات حدثا حامل لرمزية كبيرة بالنسبة لتاريخ نظ ـ ـم المعلومات،
ففي سنة 1954تم استعم ـال أول حاسوب في إدارة مؤسسة في الواليات المتحـ ـدة األمريكية
إيذانا ب" استعمال التطورات الحديثة في اإلعالم اآللي بهدف إدخ ــال األتمتة على العمليات
اليدوية لمعالجة البيانات"(.)1
على إثر ذلك انتشر اعتماد هذه الوسيلة في المؤسسات بين سنتي 1954و 1960بغرض
معالجة البيانات في مجال المحاسبة .لكن مسيري المؤسسات في تلك الفترة كانوا بحاجة إلى
نظام معلوماتي موحد كفيل بإمداد المنظمات برمتها ببيانات تمت معالجتها(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 6.
105
بالرغم من أن تسمية "نظم المعلومات اإلدارية" لم تكن متداولة بعد في أوساط المسيرين إال
أن إدراكهم لضرورة إيجاد نظام معلوماتي يستخـ ــدم في المساعدة في عمليــة اتخــاذ الق اررات
كان يدفعهم إلى المطالبة بهكذا تكنولوجيا.
ثانيا-مرحلة سنوات السبعينات :هذه المرحلة شهــدت الشــروع في استخ ــدام نظــم المعلومات
اإلدارية على نطاق واسع فقد أتاح استخدامها اإلستفادة من قدر كبير من البيانات المتراكمة
في المرحلة السابقة بغرض الزيادة من فعالية اإلدارة و إشباع حاجتها من المعلومات.
يمكن عرض أهم التطورات التي حصلت في هذه العشرية من خالل نقطتين كما يلي:
-1عرفت سنوات السبعينات توسيعا للدور المنتظـر من نظـ ـ ـ ـم المعلومات فبعد أن كان في
البداية محصو ار فقط في جعل عملية معالجـ ـ ـة البيانات تتم بشكل أوتوماتيكي ،أضحــت
استعماالته المختلفة تمنحه أدوا ار أكثر تعقيدا ألسباب هي:
أ-تغير الهدف من استخدام نظم المعلومات بحيث أصبح األمر يتعلق بالقدرة على "توفير
المعلومات المناسبة في الوقت المناسب لفائدة الشخص المناسب"(.)1
ج-شروع الجامعات ال سيما في الواليات المتحدة األمريكية في تدريس اإلعالم اآللي و ما
يتعلق بنظم المعلومات في تخصصات اإلدارة و التسيير.
-2تسارع وتي ـرة اإلصدارات العلميـة في مجــال نظــم المعلــومات و ذلك إيذانا بتح ــديد عدد
من المفاهيم التي كانت من قبل غامضة ،إذ أن أول عمل علمي هو الكتاب الذي نشـ ـره
( بلومنتال) سنة 1969بعنوان "إدارة أنظمة المعلومات" ،ليتبعه سنة 1973الكتاب الذي
وضعه (لومواني) بعنوان " نظم المعلومات في المنظمات"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 9.
106
أما العمل التنظيري الذي سعى إلى جعل البحث في نظم المعلومات بمثابة تخصص قائم
بذاته فهو يعود إلى (ديفيس) الذي أرسى قواعده سنة .1974
هذا و يمكن اإلشارة إلى التقدم المهم في هذا التخصص و الذي مثلته األبح ـ ـ ــاث التي تم
نش ـ ـرها بشأن أنظمة دعم الق اررات من طرف (قــوري) و (سك ـ ــوت مورتون) بداية من سنة
.)1(1971
واصلت نظم المعلومات اإلدارية تطورها بعد انقضاء سنوات الستينات و السبعينات اللتان
عرفتا تأسيسا من ناحية المفاهيم و استقالال عن التخصصات األخرى ،و هي التطورات التي
تواصلت و تعمقت في العشريات التالية حتى أنتجت النظم المعلوماتية المعروفة اليوم.
يمكن التمييز في هذا الصدد ما بين:
أوال-سنوات الثمانينات :استمرت في هذه الفترة وتيرة التطوير التي عرفتها نظـ ـ ـم المعلومات
في العشرين سنة الماضية كما حصلت مستجدات بحيث يتسنى التطرق إلى ذلك في اآلتي:
-1لم تتوقف نظم المعلومات عن تحقيق استقالليتها في مجال البحث فقد فتحت الجامعات
المزيد من المراكز البحثية و البرامج التعليمية في هذا المجال.
-2نالت المعلومات في ثمانينات القرن العشرين مكانة خاصة بوصفها مورد يضاهي موارد
كثيرة ال تقل أهمية في مجاالت كالزراعة و التصنيع لما لها من تأثي ـر في الق ـ ـ اررات ،إذ
على ضوء ذلك أصبح ينظر إلى نظم المعلومات كونها " قاعدة عمالقـ ــة للبيانات قادرة
على أن تضمن لفائدة المسيرين المعلومة المثلى المرغوبة"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 10.
107
-3أحرزت نظم دعم القرارات المزيد من اإلعتراف بوصفها مجال قائم بذاته.
-4ظهر التركيز على أتمتة المكاتب لتسهيل اإلتصاالت و تحقيق إنتاجية أكثر.
-5مع نهاية الثمانينات شرع في استخدام ما يعرف باسم نظم المعلومات اإلستراتيجية التي
وظفت ألجل الزيادة من القدرة التنافسية لمنظمات األعمال ،و في إطار ذلك تم التركيز
على عنصري الذكاء و المعرفة.
ثانيا-من سنوات التسعينات إلى الوقت الحالي :لقد دفعت الحاجة إلى معالجة أكبر كميات
ممكنة من البيانات و إنجاز األعمال في أقل زمن ممكن خصوصا في ظل المنافسة الشرسة
بين الشركات على المستوى العالمي إلى البحث عن نظم معلومات أكثر تقـ ـ ــدما و استقاللية
عن تدخل اإلنسان ،فطبعت المرحلة الممتدة من التسعينات إلى الوقت الحاضر بما يلي:
-1عرفت بداية التسعينات استخدام النظم الخبيرة في اإلدارة المعروف عنها اعتمادها على
الذكاء اإلصطناعي ،فوفــق هذا المنظــور "يمكن برمج ــة الحاسوب ألداء أعمال منطقية
بالطريقة نفسها التي يؤديها اإلنسان ،فالذكاء اإلصطناعي يمثل أكبر تطبيقات الحاسوب
رقيا و تقدما ،و هي محاكاة السلوك اإلنساني في حل المشكالت(.)1
-2في الوقت الحاضر تلعب النظ ــم المبني ـ ــة على المعرفة دو ار حيويا في تقديم اإلستشارات
و قد تحقق ذلك بفضل "قاعدة معرفية كبيرة تعتمد على تقانة الشبكات العصبونية حيث
يستشير المستخدم النظام و يطلب منه النصيحة"(.)2
أما أهم تطور في الوقت الحالي يتمثل في الثورة التي أحدثتها وسيلة اإلنترنت بإنتاج ما
أصبح يعــرف بنظ ــم المعلومات العالميــة التي تستعملها الشركات ذات الفــروع المتوزعـ ــة
عبر العالم و هي تعمل كنظام موحد و متناسق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سليم حسنية ،مرجع سابق ،ص .30
108
خالصة الفصل الثالث:
تكفل نظم المعلومات تحقيق اإلقتصاد في الجهود التي يجب أن تبذل في جمع البيانات
من مصادرها و إخضاعها للمعالجة ،و هو ما يدل على استخدام تكنولوجيا معلومات تزامن
تطورها مع تصميم النظم المعلوماتية.
لذلك يمكن القول بأن مصطلح تكنولوجيا المعلومات يفيد المزج بين تطور تقنيات التخزين و
اإلسترجاع ،و كذلك تكنولوجيا اإلتصاالت.
تظهر وفق ذلك العالقة الوطي ـدة بين تكنولوجيا المعل ـومات و النظ ـ ـم المعلوماتية بالرغـ ـ ـم من
وجود اختالف بين الباحثين في هذا المجال ،فتكنولوجيا المعلومات ما هي سوى تعبي ــر عن
الجانب التكنولوجي لنظم المعلومات.
من حيث األدوار التي تؤديها نظم المعلومات فهي تتمثل في جمع المعلومات و تخزينها ،و
القيام بتحويل المعلومات إلى أشكال أخرى للمعلومات عن طريق عملية المعالجة ،انتهاء إلى
تقديم المعلومات في شكل مخرجات.
لقد تطورت نظم المعلومات في الوقت الحالي إلى درجة لم تعد المنظمات في غنى عنها لما
توفره من خدمات حيوية ،فهي قد مرت بمراحل تعود إلى سنوات الستينات من القرن العشرين
حيث شرع في استخدام تشغيل البيانات على نحو أضفى طابعا آليا على هذه العملية .و أما
عشرية السبعينات فقد رمزت إلى توسيع دور نظم المعلومات خصوصا بإنتاج الجيـ ـ ـل الثالث
من الحواسيب تحقيقا لسرعة أكبر في معالجة كميات ضخمة من البيانات.
هذا و تجدر اإلشارة إلى تزايد اهتمام األوساط الجامعية بهذا المجال مما أدى إلى مضاعفة
اإلصدارات العلمية.
في سنوات الثمانينات أصبحت نظم دعم الق اررات مجاال قائما بذاته ،و هي الفترة التي شرع
فيها استخدام نظم المعلومات اإلستراتيجية .و في ظل المنافسة التي أضحت تعرفها سنوات
التسعينات فإن الشركات العالمية قد اتجهت إلى استخدام نظم معلومات أكثر استقاللية مثل
النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي ،و القادرة على تقديم استشارات.
109
الفصل الرابع :أنواع نظم المعلومات
110
الفصل الرابع :أنواع نظم المعلومات.
عرف استعمال نظم المعلومات انتشا ار واسعا في العصر الحالي بعد أن شهد هذا المجال
تطورات جعلت من اإلستعانة بهذه الوسائل عملية سهلة بالنسبة لكل المنظمات .فالنظم هذه
لم تصبح متاحة فحسب بل أننا نجدها تتنوع إلى أكثر من صنف واحد.
المالحظ هو ارتباط تنوع نظم المعلومات بالتطورات التي طرأت على المنظمات التي يعرف
عنها تمايزها من حيث أشكال ـها و مهامها و أدوارها ،فبعد أن تعل ـق األم ـر باإلستعانة بنظ ـ ـم
المعلومات في وظيفة بحد ذاتها فقد أضحت المنظمات تستخـ ـدم أصن ـافا عدة منها في نفس
الوقت.
ألجل ذلك أصبحنا نرى نظما معلوماتية تختلف باختالف نشاطات و أحجام المنظمات ،كما
أن هناك نظم خاصة بكل مستوى إداري ،و بكل من العمليات التي تؤدى بها إذ من أشهـرها
نجد اتخاذ القرار.
سيتم التطرق في هذا الفصل من خالل مبحث أوحد إلى خصائص المستويات التي تتضمنها
المنظمات بصفة عامة و أنواع نظم المعلومات التي يختص بها كل مستوى تنظيمي.
شهدت نظم المعلومات تطورات كبيرة و متسارعة تماشيا و اتساع مهام المنظمات و تعقـد
أشكالها إذ لم يعد يكفي اإلستعانة بنظام معلوماتي واحد فقط لتجسيد األهـ ـداف المرسومة بل
أصبح من الضروري أن تتظافر استخدامات أنواع عديدة منها.
يرجع التباين في أنواع المهام التي تؤدى في المنظمات إلى المجاالت الوظيفية المعروفـ ـة
من تسويق و إنتاج ،و محاسبة وموارد بشرية ،كما يمكن إعزاء التباين إلى المستوى اإلداري
و التنظيمي المعني بالمهمة.
من هذا المنطلق يتسنى تصنيف المستويات اإلدارية و التنظيمية في المنظمات إلى:
111
أوال-المستوى التشغيلي :و الذي يمكن تسميته بالعملياتي إذ يتعلق األمر بالمستوى القاعدي
حيث تسـ ـود األنشطــة الروتينية المستهلكة لكميــات كبيرة من البيانات مقابــل نصيــب أقـ ــل من
المعلومات.
بالنظر إلى مواصفات هذا المستوى التنظيمي فإن نظم المعلومات التي تستخدم فيه تختص
بعملية مراقبة مختلف األنشطة التي يتم تأديتها و هي تضم مجموعتين كما يلي:
-1نظم المحاسبة اإللكترونية :يتعلق األمر بمجموعة من النظ ـ ـ ـ ـ ـم التي يرجى من استعمالها
تحقيق الزيادة في "السرعة في إنجاز المعامالت المحاسبية و المالية عن طريق استخدام
الحاسوب مما يعمل على إدخال البيانات و معالجتها و استرجاعها داخل المنظمة"(.)1
-2نظم معالجة المعامالت :في هكذا نظــم يستخــدم الحاســوب في تسجيــل المب ـ ــادالت التي
تجري بشكل يومي و هي بذلك ضرورية بالنسبة للنشاطات التي يتم تأديتها.
ثانيا-مستوى اإلدارة :إنه المستوى الذي يتوسط هيكلة المنظمات بحيث يسمى كذلك باإلدارة
الوسطى ،الذي تؤدى به مهام مثل تخطيط الوظائف و المراقبة و اتخاذ الق اررات.
بالنظر إلى طبيعة النشاطات التي يقوم بها هذا المستوى اإلداري تستخدم فيه نظم للمعلومات
على غرار نظم المعلومات اإلدارية التي يستفاد منها لدعم الق اررات اإلدارية ،كما يستعـان بها
في تخطيط الوظائف و "اتخاذ الق اررات عن طريق تقديم ملخص روتيني يه ـ ـدف إلى السرعة
في إعداد التقارير المطلوبة"(.)2
ثالثا-المستوى اإلستراتيجي :إنه المستوى الذي تصنــع به سياسة المنظمـة بشكـ ــل تغطــي به
المدى الطويل ،هو كذلك المستوى الذي تحدد به األهداف اإلستراتيجية و ما يتناسق مع هذه
األخيرة من سياسات.
من جهة النظم المعلوماتية التي يحتاج إليها هذا المستوى فهي من تلك التي تدعم التخطيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسن حميد عبد هللا ،مرجع سابق ،ص .40
112
الطويل المدى ،كما أنه يشترط فيها ضرورة األخذ في اإلعتبار لمكونات البيئتين الداخلية و
الخارجية المحيطة بالمنظمة ،كما يجب أن تتوفر على المقدرة على إيجاد الحل ـ ــول للمسائل
اإلستراتيجية المطروحة لدى اإلدارة العليا(.)1
تتعدد نظم المعلومات التي تستعملها المنظمات كونها تضم مستويات تنظيمية تؤدى بها
وظائف مختلفة.
أوال-نظم معالجة المعامالت :تحمل كذلك تسمية نظم المعلومات المحاسبية و نظم معالجة
البيانات ،أو أنظمة معالجة العمليات.
-1يتعلـق األمر بنظـام يتغذى على البيانات األولية المتمثلة في األحداث التي تجري ضمن
المنظمة أو بين هذه األخيرة و البيئة المحيطة بها(.)2
-2شرع العمل بهذا النوع من النظم المعلوماتية منذ نهاية القرن التاسع عشر الذي شهد في
الدول المتقدمة استخدام أولى اآلالت الميكانيكية للحاسبات ،مرو ار بظهور الحاسوب في
منتصف القرن العشرين ،لتتطور هذه النظم في تسعينات ذات القرن لتصبح قادرة على
معالجة المعامالت الداخلية و الخارجية.
-3يتمثل دور هذه األنظمة في توثيق المعامالت التي تجري داخل المنظمة و أيضا بين
هذه األخيرة و بيئتها الخارجية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسن حميد عبد هللا ،مرجع سابق ،ص .39
113
ثانيا-نظم أتمتة المكاتب :و يمكن تسميتها بنظم آلية المكتب ،أو نظم معلومات المكاتب.
-1تتلقى المكاتب البيانات التي تحتاجها من خالل هذه النظم المعلوماتية و هي تعمل على
تحويلها إلى معلومات تقدمها إلى مستويات أخرى و من خالل ذلك تساهــم في صناعــة
الق اررات(.)1
-2لقد تطورت هذه النظم في الفترة ما بين السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين نظ ار
لحاجة المشتغلين في الوظائف اإلدارية إليها ،لذلك فقد شرع في اإلدخال إلى األقسام و
كذا المكاتب ألجهزة ميكانيكية و كهربائية و إلكترونية.
-3يقوم هذا النوع من األنظمة بدعم العاملين في اإلدارات من ناحية اإلتصال عن طريق
استخدام البريد اإللكتروني ،و المحادثة ،و مؤتمرات الفيديو(.)2
ثالثا-نظم التقارير اإلدارية :التي تدعى كذلك نظم المعلومات اإلدارية و سميت بنظم تقارير
المعلومات.
-1يع ــرف عنها لعبها لدور تزويد مستعمليـ ـها بالمعلومات عن المنظمـ ـة ،أو عن بعض من
المج ـاالت التي تنشـط بها ،فهي تعلمهم بما حدث و بما هو جار في الوقت الحال ـي ،و
كذلك ما يمكن أن يستج ـد في المستقبل ،لذلك فإنها معلومات تدخل في اتخاذ الق اررات(.)3
-3يقوم هذا النــوع من النظــم بإنتاج تقــارير على أساس البيانات الصــادرة عن نظ ــم معالجة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،مرجع سابق ،ص .208
114
المعامالت .تحوي التقارير المنتجة "معلومات مختصرة روتينية أو معلومات استثنائية
عن نشاطات المنظمة"(.)1
رابعا-نظم دعم الق اررات :يتميز هذا النوع من النظم المعلوماتية بما يلي:
-1وجدت إلسناد المدير أو مجموعة من المدراء عند قيامهم بمهامهم في إطار نفس الفريق
الذي يسع ـى إلى حل المشك ـالت شبه المبرمج ـة و غير المبرمج ـة ،سيما أولئك المنتميـ ـن
إلى اإلدارة الوسطى و تلك العليا.
-2شــرع في استخــدامها بداية من سن ـوات السبعينات التي شهدت تطــور حوسبة منظمات
األعمال و كذلك المنظمات المنتمية إلى القطاع العام.
-3توفر هذه النظم معلومات في شكــل نمــاذج تحــاكي الواقــع الذي تنشـ ــط ضمنه المنظمة،
فهي ال تحــل محل مستخدميها في صناعــة الق اررات بل أنها تقــدم جملـ ــة من التسهيالت
المولدة لمعلومات يحتاج إليها عند اتخاذ القرار.
-1يمكن اختصــار استراتيجية المنظمــات خصوصا منها الشركات المشتغلــة في المج ـ ــال
اإلقتصادي و التجاري في السعي إلى تحقيق الميزة التنافسية.
-3تقدم هذه النظم معلومات عن كل ما يكتسي الطابع اإلسترتيجي من عمليات إدارية ،و
المنتجات ،و الخدمات ،و اإلمكانات التي يجب تجنيدها تحقيقا للميزة التنافسية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سليم حسنية ،المرجع السابق ،ص .38
115
سادسا-نظم معلومات اإلدارة العليا :من بين مميزات هذا النوع من النظم:
-1يتعلق األمر بنظم معلوماتية يستفاد منها في توفيرها لمعلومات عديدة بخصوص جل
النشاطات التي يجري تأديتها في المنظمات .لذلك نجدها تعتمد على الحاسوب.
-2تلبي هذه النظم حاجات مديري اإلدارة العليا من المعلومات التي تدخل في اتخاذ القرار
في مجاالت التخطيط اإلستراتيجي ،و الرقابة اإلدارية ،و مستجدات البيئة الخارجية ،و
كل التغيرات التي تمس بالتكنولوجيا و اإلدارة و اإلقتصاد.
سابعا-النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي :هو نوع من النظم المعلوماتية الذي
يعرف عنه تفاعل مستعمله من خالله مع ما يتوفر عليه من إمكانات استداللية ليتوصل إلى
حل ـول لمشكالته .و المقص ـود باإلمكانات اإلستداللية التي يتضمنها نظـ ـ ـام المعلومات الخبير
قيام أشخاص خبراء في مجال ما عند تصميم النظام بتغذيته بما لديهم من خبرات علمية عن
طريق عملية التخزين ليتسنى لكل مستخدم ولوجها عند الطلب(.)1
من هذا المنطلق تظهر عالقة هذه النظم الخبيرة بالذكاء اإلصطناعي الذي يمكن تعريفه بأنه
"النشــاط الذي بمقتضاه يمكن تزويد الحاسبــات اآلليــة بالقــدرة على ممارسة سلـ ــوك يعتبـ ــر من
قبيل الذكاء إذا مارسه اإلنسان"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1محمد حافظ حجازي ،مرجع سابق ،ص .212
116
خالصة الفصل الرابع:
أصبحت اإلستعانة بنظم المعلومات سمة غالبة على منظمات العصر الحالي ،بل أصبح
كل مستوى تنظيمي داخل المنظمة ذاتها يعرف استعمال نظام معلومات يالئمه و يتماشى و
طبيعة المعلومات و البيانات التي يحتاج إليها.
فالمستوى التشغيلي قد درج على استغالل نظام معلوماتي يوفر كميات كبيرة من البيانات .و
أما المستوى الذي يتوسط هيكلة المنظمات فهو بحاجة إلى نظم معلومات توفر له الدعم لما
يتخذ به من ق اررات .بينما نرى أن المستوى اإلستراتيجي الذي تدل تسميته على اشتغاله برسم
سياسة المنظمة على الم ـدى الطويل يستخ ـدم نظ ـم معلومات داعم ـة للتخطيط الطويل الم ـ ـدى
بما توفره من معلومات عن كال البيئتين الداخلية و الخارجية.
إن تعدد المستويات التنظيمية بالمنظمات مع تماي ـز طبيع ـة البيانات و المعلـ ـ ـ ـومات التي هي
بحاجة إليها قد أدى إلى إيجاد أنواع مختلفة لنظم المعلومات .فنظم معالجة المعامالت التي
تتغذى على البيانات األولية التي تمثلها كل األحداث التي تسجل في المنظمة هي من أقـ ـدم
النظم التي استخدمت في توثيق العمليات التي تجري ضمن المنظمات .و يستف ـ ـاد من نظ ـ ـم
أتمتة المكاتب من خالل تحويلها لما تستقبله من بيانات إلى معلومات تتغذى عليها نشاطات
المستويات األخرى .هذا و تعمل نظم التقارير اإلدارية على إنتاج تقارير في شكل معلومات
مختصرة و روتينية تتعلق بنشاطات المنظمة.
لكن أهم نوع من النظم المعلوماتية هو ذاك الذي يعمل على دعم ق اررات المديرين عن طريق
إفادتهم بنماذج محاكية للواقع الذي تشتغل ضمنه المنظمات .و نفس األهمية تظهر بالنسبة
لنظم المعامالت اإلستراتيجية التي توفر معلومات من شأنها أن تساعد على تحقيـ ـق الميـ ـ ـ ـزة
التنافسية ،و كذا نظم معلومات اإلدارة العليا التي توفر لمديري هذا المستوى معلومات تستغل
في اتخاذ الق اررات المتصلة بالتخطيط اإلستراتيجي.
و في األخير فإن النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي نجـ ـدها تمنـ ـح لمستخدميها
إمكانية التفاعل مع ما تختزنه من خبرات تساعدهم في حل مشكالتهم.
117
الفصل الخامس :قواعد إدخال و استرجاع المعلومات
118
الفصل الخامس :قواعد إدخال و استرجاع المعلومات.
يتم تغذية نظم المعلومات بالبيانات و المعطيات و المعلومات التي ترد إليها من مصادر
مختلفة منها ما هو داخلي و ما هو آت من البيئة الخارجية للمنظمة.
وقد اتضح اآلن بأن الوسيلة التكنولوجية التي تمثلها نظم المعلومات تقدم خدمات حيوية لمن
يشتغلون ضمن المنظمات أو يشغلونها خصوصا إذا تعلق األمر بنشاطات غاية في األهمية
على غرار اتخاذ القرار.
فاإلمكانيات البشرية قاصرة عن جمع بيانات بأحجام متفاوتة و بكميات ضخمة ثم معالجتـ ـها
و تخزينها في مخازن أو قواعد للبيانات.
لكن وظيفة نظم المعلومات ال تتوقف فقط عند إدخال و تخـ ـزين المعلومات بل يستفيـ ــد منها
مستخدموها عند طلب معلومات بعينها في وقت معين و الحصول عليها بالكمية المطلوبة و
في أسرع وقت ممكن ،و ذلك ما يطلق عليه تسمية اإلسترجاع.
سيتطرق هذا الفصل في مبحث أوحد إلى تبيان مفهوم عمليتي اإلدخال و اإلسترجاع اللتان
تخضع لهما المعلومات مع إظهار القواعد الضابطة لهما.
لعل أبرز مظاهر األهميـ ـ ــة التي تكتسيها نظــم المعلومات هما العمليتان الحيويتان اللتان
يتم من خاللهما التعامل مع البيانات و المعلومات وفق حاجات المستخدمين ،و يتعلق األمر
بإدخالها إلى النظم المعلوماتية أو استرجاعها منها لإلستفادة منها.
تتولى نظم المعلومات القيام بأدوار أربعة تتمثل في تسجيل مدخـ ــالت يتم الحصول عليها
بصفة عامة من البيئتين الداخلية و الخارجية بالنسبة للمنظمة المستخدمة لها ،ثم التخ ـ ـزين و
المعالجة وصوال في األخير إلى إنتاج المخرجات.
119
في هذه الجزئية سيتم التطرق إلى مفهوم عمليتين تكتسيان األهمية في مجال تعامل األنظمة
المعلوماتية مع المعلومات ،و يتعلق األمر بما يلي:
أوال-إدخال المعلومات :من المعروف أن نظم المعلومات تتغذى على ما يجمع من معلومات
مع ما يتبع ذلك من خطـ ـ ـوات تدخــل ضمن الدور األول الذي تؤديه هذه النظم و المتمثل في
تسجيل المدخالت.
األمر له عالقة في هذا الدور األول بجمع المعلومات ،ثم حجزها أو بمعنى آخر إدخالها إلى
نظام المعلومات( ، )1مع العلم بأن هذا الحجــز للمعلومات يفيــد إدخ ــالها "بشكل مباشر ضمن
نظام المعلومات من طرف المستعمل النهائي لها"(.)2
توضع المعلومات التي يتم إدخالها في قواعد للبيانات التي يمكن اعتبارها بمثابة مخازن لكل
البيانات "التي تصف كل األحداث و العمليات الجارية في المنظمة و تكون مخزنة في شكل
ملفات يدوية أو إلكترونية"(.)3
تخضع المعلومات التي يتم إدخالها إلى النظم المعلوماتية لعمليات تهدف إلى إضفاء المزيد
من الليونة في تخزينها و معالجتها فيما بعد(.)4
بما أن نظم المعلومات تستخدم فيها الحواسيب فإن إدخال المعلومات إليها يمر عبر وسائل
و أدوات يمكن اإلشارة إليها فيما يلي:
-1لوحة المفاتيح :التي أخذ تصميمها عن اآلالت الكاتبة و بذلك نجدها تحتوي على نفس
مفاتيح هذه األخيرة(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "Identifiez les 4 fonctions du système d'informations", consulté le )07/08/2020°, sur: www.openclassroom.com.
( )3فايز أبو عامرية ،ناصر جرادات ،محمد ديرية " ،دور استخدام نظم المعلومات على األداء في منشآت الحجر و الرخام في فلسطين" ،مجلة
اإلقتصاد و التنمية البشرية ،العدد ،2017 ،2ص ،113تاريخ اإلطالع ( ،)2020/08/07على الرابطwww.asjp.cerist.dz:
120
-2الفأرة :يتعلق األمر باألداة المستعملة بكثرة في عملية إدخال المعلومات و تكون على
شكل يد موصولة بالحاسوب بواسطة سلك ،وقد تكون غير موصولة به بهذه الكيفية(.)1
-3شاشات اللمــس :سميت كذلك كونها تشتغــل بلمسها مباشرة من ط ــرف الشخص الذي
يقوم بإدخال المعلومات و ذلك دون اإلستعانة بالضرورة بلوحة المفاتيح أو الفأرة.
-4أدوات التعرف على الحروف بأسلوب مرئي :يدخــل في هذا السياق ما يسمى برمـ ــوز
األعمدة التي أصبحنا نلتقي بها اليوم بشكل كبير بمناسبة اقتناء مشتريات أو اإلنتفاع
بالخدمات التي يقدمها كثير من المرافق .ترمز أعمدة هذه الوسيلة إلى معلومات على
غرار الوقت ،و التاريخ ،و المكان ،و مواصفات المنتوج(.)2
-5أدوات ذات الحبر الممغنط للتعرف على الحروف :تعد هذه األدوات من التكنولوجيات
الحديثة المستخدمة في إدخال المعلومات ،إذ تستخـ ـ ــدم بالخصوص في البنوك لتسجيل
المعامالت بواسطة الصكوك.
-7أنظمة رقمنة األصوات :إذ تعمل هذه الوسائل على إدخال الصوت البشري إلى النظام
بعد إخضاعه للرقمنة ،و بذلك يتسنى مقارنته باألصوات المخزنة لمعرفة مدى تطابقه
مع إحداها من عدمه.
ثانيا-استرجاع المعلومات :ثمة اتفاق بشأن إدراج وسائل استرجاع المعلومات ضمن النظم
الفرعيــة ألنظمــة المعلومات و هي تعمــل باألساس على تخ ـزين و استــرجاع المعل ــومات بما
يتماشى و حاجة مستخدميها(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ثابت عبد الرحمان إدريس ،المرجع السابق ،ص .347
121
و يشار إلى اإلسترجاع كونه "عملية بحث في البيانات المخزنة بهدف انتقاء و ضعها ثم
استخدامها في عمليات المعالجة ،أو في إعداد التقارير"(.)1
يقصد به كذلك "البحث عن عناصر بيانات معينة و استدعائها عند الحاجة إليها"(.)2
بالنظر إلى التطور التكنولوجي الذي شهدته النظم المحوسبة فإن ما يسمى بالمنطق البولياني
يوفر معلومات دقيقة كونه عبارة عن:
من حيث التن ــوع يمكن الق ــول بأن نظ ــم است ــرجاع المعلومات تق ــع عم ــوما في أربع ـ ــة أصناف
تماشيا و الطريقة المستعملة في الوصول إلى المعلومات ،و أيضا كيفية استج ـواب األنظمـ ـ ــة
المعلوماتية ،إلى غير ذلك .و هي تتمثل في(:)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(" )1نظم المعلومات" ،جامعة األندلس بسوريا ،تاريخ اإلطالع ،)2020/07/25(:على الرابطwww.au.edu.sy. :
www.repository.ush.sd. ) (2الحارث عبد المنعم أحمد حمد النيل" ،نظم المعلومات اإلدارية" ،تاريخ اإلطالع ،)2020/08/03 (:على الرابط:
( )3أحمد علي" ،المكتبة الرقمية :األسس ،المفاهيم و التحديات التي تواجه المكتبات الرقمية العربية" ،مجلة جامعة دمشق ،العدد 1و ،2المجلد ،2011 ،27
www.damascusuniversity.edu.sy. ص ،639تاريخ اإلطالع ،)2020/08/13 (:على الرابط:
)" (4أنواع نظم استرجاع المعلومات و مكوناتها" ،تاريخ اإلطالع )2020/08/10( :على الرابطwww.uomustansiriyah.edu.iq.:
122
-3النظم المحلية السترجاع المعلومات.
ثمة قواعد أو شروط تتحكم في نجاح كال عمليتي إدخال و استرجاع المعلومات و سيتم
التطرق إلى ذلك في هذا المطلب من خالل ما يلي:
أوال-قواعد إدخال المعلومات :هناك متطلبات يتم العمل وفقها عند القيام بإدخال البيانات أو
المعلومات إلى النظام ،فيجب أوال التثبت من المعلومات المراد إدخالها و هو ما يتحقق عن
طريق جمعها و تحديدها ،بعد ذلك يتسنى تعيين الجهة التي ستوكل إليها عمليـ ــة اإلدخال إذ
أن هذه العملية التقنية و الفنية ال يجدر إسنادها إلى شخص غير مختص بالمجال.
و أما الشرط األهم فهو يتمثل في ضرورة السهر على بقاء المعلومات و البيانات صحيحة و
مواكبة للمستجدات و هو ما يتطلب القيام بتحديثها باستمرار(.)1
من جانب آخر يجب عند القيام بعملية اإلدخال توخي المحافظة على المعلومات على أحسن
وجه بحيث يتأتى ذلك عند توفر عاملين هما:
-1أن تكون المعلومات متوفرة لدى طلبها في المرة األولى و بسهولة لذلك من الضرورة
بمكان أن يعمد لدى إدخالها إلى تنظيمها و ضمان إمكانية الوصول إليها.
-2اختيار أجود التجهيزات نوعا و كفاءة لضمان بقاء المعلومات المدخلة ألطول مدة
زمنية ممكنة(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عتيقة بن طاطة" ،مطبوعة في مقياس نظام معلومات الموارد البشرية" ،قسم علوم التسيير ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة
اسطمبولي ،معسكر ،2008/2007 ،ص ،28تاريخ اإلطالع )2020/08/14( :على الرابطwww.dspace.univ-mascara.dz.:مصطفى
123
ثانيا-قواعد استرجاع المعلومات :إن التمكن من استرجاع المعلومات يعني أن هذه األخيرة
قد تم إدخالها إلى قاعدة البيانات بحيث يتسنى القيام بطلبها كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
و كما أن شــروطا تتحكــم في عملية إدخال المعلومات فاسترجاعها هو أيضا يستوجب توف ـ ــر
ظروف تقنية و فنية و ضرورة اتباع جملة من قواعد يذكر منها(:)1
-3أن يتم االسترجاع وفق السرعة التي تضمن اإلنتفاع األمثل من المعلومات.
يجب اتباع جملة من الخطوات عند استرجاع المعلومات إذ يذكر في هذا الصدد(:)2
-1وضع الهدف المراد تحقيقه من القيام باسترجاع المعلومات حتى تكون هذه األخيرة
متوفرة بحسب الكمية و النوعية المطلوبتين.
-2اختيار قواعد المعلومات و البيانات تبعا للحاجة إليها و كذا على أساس ضوابط مثل
طبيعة الموضوع ،و القاعدة التي تتضمن المعلومات المطلوبة ،و لغة اإلسترجاع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عتيقة بن طاطة ،المرجع السابق ،ص .28
124
خالصة الفصل الخامس:
تقدم نظم المعلومات خدمات كثيرة و حيوية لمستخدميها بفضل التكنولوجيا المتطورة التي
تشغلها ،فهي تمد أعضاء المنظمات بالبيانات و المعلومات التي يحتاج ـ ـ ـون إليها و ذلك في
الوقت المناسب و بالكميات المطلوبة.
ذلك ما يتأتى بفضل عمل يتين تخضع لهما المعلومات و تتمثالن في اإلدخال و اإلسترجاع،
إذ تنطوي العملية األولى على جمع المعلومات و حجزها ضمن قواعد البيانات باستخدام ما
يحتويه الحاسوب من أدوات ،على غرار لوحة المفاتيح ،و الفأرة ،و شاشات اللمس ،و أدوات
التعرف على الحروف بأسلوب مرئي ،و األدوات ذات الحبر الممغنط إلى غير ذلك.
و أما العملية الثانية التي تسمى باإلسترجاع فثم ـة اتف ـاق فيما يتعل ـق بجعلها من ضمن النظم
الفرعية ألنظمة المعلومات ،و هي تفيد استدعاء بيانات و معلومات معينة عند الحاجة إليها.
تتضم ـن نظ ـم اإلسترجاع أربع ـة أنواع هي نظ ـم البحث باإلتصال المباشر ،و النظم التعاونية
السترجاع المعل ـومات ،إلى جانب النظــم المحليــة السترجاع المعلومات ،باإلضافــة إلى نظ ــم
البحث في قواعد البيانات على األقراص المدمجة.
يجب مراعاة عدد من القواعد عند القيام بإدخال المعلومات كضرورة التحقق من هذه األخيرة،
و إسناد العملية إلى الجهة التي تتوفر على الكفاءة التقنية و الفنية في هذا المجال.
لكن أهــم معيــار يرجــى التحقق من توفره هو السهر على اتصاف المعلومات بالدق ــة باستمرار
عن طريق تحديثها بشكل دوري .و في سبيــل ضمان محافظ ـة المعل ـومات على جـ ـ ـودتها من
الضروري أن يتم تنظيمها عند إدخالها ،إلى جانب استعمال أحسن التجهيزات التكنولوجية.
من جانبها نجد أن عملية االسترجاع تنط ـ ـ ــوي أيضا على جملة من القواعـ ـد التي من ضمنها
يتسنى التطرق إلى وجوب التقيد بالتصميم الذي وض ـع لنظام المعلومات ،و أن تتم العمليـ ـ ـ ـة
بقدر حاجة المنظمة إلى المعلومات ،إلى جانب ضمان السرعة و الدقة و الموضوعية.
125
الفصل السادس :تنسيق تبادل المعلومات في قطاعات
المؤسسة
126
الفصل السادس :تنسيق تبادل المعلومات في قطاعات المؤسسة.
من بين أبرز الموارد التي تبحث عنها المنظمات و تستهلكها و تخزنها و ترسـ ـ ــم خططا
بغية توفير األمن لها نجد المعلومات ،التي أصبح من المتفق عليه دخولها في كل نشاطات
األفراد و الجماعات.
يصبح الطابع الحيــوي للمعلــومات جليا أكثر عندما يتصل األمر بالمؤسسة التي تنش ـ ـط في
المجال االقتصادي ال سيما التنافسي منه ،إذ أن التوقف عن تغذية قطاع منها بالمعلومات
أو حتى التأخر في توفيرها من شأنه أن يؤثر سلبا في اشتغال المؤسسة كلها ،و ربما حك ــم
عليها ذلك باإلختفاء.
يدل ذلك على ضرورة استمرار تبادل المعلومات بين أقسام المؤسسة و مصالحها ووظائفها
من جهة ،و لكن و كذلك ضمان حصول كل التقسيمات المشار إليها على المعلومات ذاتها
كما و نوعا ،و في الزمن المطلوب ،عن طريق التنسيق من جهة أخرى.
ذلك ما تدعمه نظم المعلومات بوجهها الشامل و كذلك بما يتفرع عنها من أنظمة.
في هذا الفصل سينصب االهتمام في مبحث أول على أهمية المعلومات بالنسبة للمؤسسات
و على الضرورة التي يكتسيها تبادلها بين قطاعات هذه األخي ـ ـرة ،بينما سيت ـ ـولى مبحث ثان
رصد طرق التنسيق التي تعتمدها المؤسسات عندما تتبادل قطاعاتها المعلومات فيما بينها.
تحتاج المؤسسات في مختلف العمليات و األنشطة التي تجري بها إلى معلومات بالق ـ ـ ـدر
الذي يسمح بقيامها و استمرارها و في الزمن الذي تظهر فيه حاجتـ ـ ــها إليها ،مع هذا يتسنى
اإلشارة إلى اإلختالف في طبيعة المعلومات التي تستهلكها مختلف قطاعات المؤسسة.
المطلب األول :المقصود بالمؤسسة.
تفــرض الطبيعـة االجتماعية لإلنسان أن ينزع هذا األخير إلى القيـ ـام بعملية تنسيق مع
127
أفراد آخرين بين األنشطة و األعمال التي ينجزونها ضمن ما يسمى بالمؤسسة هذا الكيان
الذي عادة ما يطلق على:
يظهر التنسي ـق المشار إليه في شكــل "تضاف ـر عدد من الناس يعمل ـون على تحقي ـق هدف
واحد ،و على رأسمال مادي و معنوي يسمح بإنتاج السلع أو الخدمات المنوي إنتاجها"(.)2
من الجانب اإلصطالحي يمكن القول بأن لفظة مؤسسة تنطوي على بعدين كما يلي:
أوال-بعد نظمي :يظهر هذا البعد لدى اعتبار المؤسسة بمثابة "نظام يتكون من مجموعة من
األنظمة الفرعية التي يعتمد كل جزء منها على اآلخر ،و تتداخل العالقات بينها و بين البيئة
الخارجية لتحقيق هذه األهداف"(.)3
ثانيا-بعد اقتصادي :و هو البع ـد الذي تتضمنه تعـ ـاريف عدة على غـ ـرار ذلك الذي يعتب ــرها
"مجموعة من عناصر اإلنتاج البشرية المادية و المالية التي تستخدم و تسير و تنظم بهدف
إنتاج سلع و خدمات مرجعة للبيع و هذا بكيفية فعالة بواسطة وسائل مختلفة"(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(" )1المؤسسة" ،تاريخ اإلطالع ،)2020/08/28 ( :على الرابطwww.ar.wikipedia.org. :
) (2فردريك معتوق ،معجم العلوم االجتماعية ،بيروت :أكاديميا إنترناشيونال ،1998-1993 ،ص ,198
( )3سميرة عميش" ،مطبوعة محاضرات مقياس اقتصاد المؤسسة" ،قسم العلوم التجارية ،كلية العلوم االقتصادية ،و التجارية ،و علوم التسيير ،جامعة محمد
www.elearning.univ-bechar.de. بوضياف ،المسيلة ،2016/2015 ،ص ،3تاريخ اإلطالع ،)2020/08/27 ( :على الرابط:
128
من حيث الخصائص يمكن القول بأن المؤسسة ذات البعد االقتصادي تتصف بما يلي(:)1
في إطار اإلشارة إلى عمل المؤسسات على تلبية حاجات المجتمع يظهر بأن تعددها يؤدي
إلى تنوع المؤسسات التي تنشط في المجال االقتصادي ،و يكون ذلك وفق معيارين هما(:)2
أوال-معيار طبيعة النشاط الممارس :فوفق هذا المعيار يؤخذ بنوع النشاط الذي تمارسه كل
مؤسسة لوضعها في تصنيف كما يلي:
-1مؤسسات صناعية :و يتعلق األمر بتلك التي تعمل على تح ــويل مـ ـواد أولية إلى سل ـ ــع
موجهة لإلستعمال و اإلستهالك إما ألنها نهائية أو أنها ستدخل ضمن عملية إنتاجية
أخرى.
-2مؤسسات تجارية :كما تدل على ذلك تسميتها هي مؤسسات تمتهن الشراء و البيع دون
القيام بأي عملية تحويلية للسلع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سميرة عميش ،المرجع السابق ،ص .3
( " )2مدخل للمؤسسة" ،تاريخ اإلطالع ،)2020/08/28 ( :على الرابطwww.sadekalii.blogspot.com. :
129
-3مؤسسات خدماتية :هو نوع من المؤسسات المشتغلة في مجال تقديم أنواع مختلفة من
الخدمات.
ثانيا-معيار الطبيعة القانونية :من هذا المنطلق تصنف المؤسسات إلى مجموعتين كبيرتين
هما:
-1مؤسسات عمومية :يعرف عنها تحكم الدولة كليا في رأسمالها مع ما ينجر عن ذلك من
تولي السلطات العمومية عملية تسييرها.
-2مؤسسات خاصة :يدخل في هذا المضمار المؤسسات التي ينشئها ويمتلكها األفراد و ال
تساهم الدولة بذلك في رأسمالها.
تتكون المؤسسات بصفــة عامة من قطاعات مختلفة تعمل في تجــاورها و تعام ــل بعضها
مع بعض على منح الشكل النهائــي لها ،ذلك أن الكيفيات التي تنتظـ ـم وفقها المؤسسات من
شأنها أن تقدم صورة عن الطريقة التي على أساسها تم تقسيم األنشطة و األسلوب المتبع في
التنسيق فيما بينها(.)1
تشير القطاعات التي تحتويها المؤسسات إلى الوظائف التي تؤدى بها إذ تجدر اإلشارة إلى
أن (هنري فايول) قد ميز بين الوظائف ذات الطابع التقني ،و ذلك التجاري ،و المال ـ ــي ،و
األمني ،و المحاسبي و اإلداري(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "Fonctionnement et organisation de l'entreprise", consulté le : (30/08/2020) sur : www.fr.wikipedia.org.
130
ثمة متغيرات تتحكم في تقسيم األنشطة و أسلوب التنسيق كما يظهر في الجدول التالي:
أوال-الحجم :بحيث يحتاج الكبير منها إلى هيكلة تختلف عن تلك الخاصة بالحجم الصغير.
ثانيا-نوع النشاط :إن التخصص الذي تشتغل فيه المؤسسة من شأنه أن يفرض تبني نمط
معين للهيكلة.
ثالثا-عمر المؤسسة :تختلف الهيكلة التي تتبناها مؤسسة حديثة النش ـ ـ ــأة عن التي تختـارها
مؤسسة ناضجة.
رابعا-أسلوب اإلدارة :الذي ينبئ عن نــوع الثقافــة السائــدة بمؤسســة ما خصوصا ما تعلـ ــق
بتركيز الق اررات من عدمه(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Mathias BAITAN, Op.cit. p.44.
131
تتجه المؤسسات عموما إلى تبني واحدة من أنواع الهيكلة التالية:
أوال-الهيكلة الوظيفية :من خالل هذا النوع تختار المؤسسة تنظيما يوافق ما يؤدى بها من
"وظائف كاإلنتاج ،و التسويق ،و البحث و التطـ ـوير و المحاسبة"( ، )1و هي أيضا هيكل ـ ـ ـ ــة
تفرض عالقات تسلسلية رئاسية واضحة و كذا تحك ــم أفراد متخصصين في كيفيـ ـ ــات إنجاز
العمل.
ثانيا-الهيكلة التقسيمية :فهناك عوامل تدفع بالمؤسسة إلى تبني هذه الهيكلة كالقطاع الذي
تنشط فيه ،فتصنيع منتجات تكنولوجية يجعلها تخلـ ــق تقسيمات بعدد هذه األخيرة ،و أن تعدد
األسواق التي تبيع فيها هذه المنتجات يدفعها إلى هيكلة تحاكي مناطق جغرافية(.)2
رابعا-الهيكلة المؤقتة :إذ أن المشاريع المؤقتة قد فرضت ضرورة اإلستعانة بهياكل تنظيمية
مؤقتة تضم أفرادا ذوي كفاءات مختلفة يتعاونون ظرفيا لتجسيد هدف مشترك(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Mathias BAITAN, Op.cit. p.44.
132
المبحث الثاني :األدوات المتدخلة في تنسيق تبادل المعلومات بين أجزاء
المؤسسة.
ال يتسنى للمؤسسة أن تزاول نشاطاتها و أن تـؤدى بها مختلف المهــام التي تختص بها
دونما استهالك للمعلومات بالكميات و األنواع التي تحتاج إليها في ذلك ،خصوصا و أنها
كما جاء من قبل تنقسم إلى أجزاء و قطاعات يخت ـ ــص كل واحد منها بمجال محدد و هي
بذلك تستخدم معلومات خاصة بها.
إن أول مصدر للمعلومات التي تحتاج إليها المؤسسة يتمثل في بيئتها الداخلية حيث يعمل
كل قطاع على اإلستفــادة من المعلومات التي حصلت عليها القطاعات األخرى ،فنتح ـ ــدث
بذلك عن عملية تبادل المعلومات بين مختلف القطاعات و هو األمر الذي يستدعي إجراء
تنسيق خالل العملية التبادلية.
يعد تبادل المعلومات داخل المؤسسات أهم مبدأ لضمان تحقيق هذه األخيرة ألهدافها و
تجسيد استراتيجياتها ،ذلك أن "تبادل المعلومات ضروري إلنجاز العديد من النشاطات داخل
المؤسسة"(.)1
يجب التنويه كذلك بأن تبادل المعلومات بشار إليه بتسمية "اإلتصـ ـال الداخلي" الذي يعرف
بأنه " مجموع المبادئ و الممارسات التي تمكن من تب ـادل الرسائل ،و األفك ـار و القيـ ـم بين
أعضاء المنظمة نفسها"(.)2
لقد تم اإلهتداء منذ عشريات إلى ما لإلتصال الداخلي من أثر على ما تحققه المؤسسات من
نتائج على صعيد النجاعة و الفعالية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
)1( Gérard TCHOUASSI, Op.cit.
(2) Christian MICHON, "Management et communication interne : les six dimensions qu'il faut considérer", Communication et
organisation, n°:5, 1994, consulté le:)02/09/2020(, sur: http://journals.operation.org/communicationorganisations/1713.
133
لقد لوحظ عن كثب النتائج اإليجابية التي تنجر عن االهتمام و اإلعتناء باإلتصال الداخلي
للمؤسسات الذي فرضه التخصص في الوظائف(.)1
من حيث الفوائد التي تجنى من هذه العملية التبادلية يتسنى القول بأنها تتمثل في(:)2
أوال-وضوح عملية متابعة إنجاز النشاطات :يسمح تبادل المعلومات بين أقسام المؤسسة و
قطاعاتها باكتساب نظرة شاملة عن مجموع النشاطات التي هي بصدد اإلنجاز و أيضا أخذ
فكرة عن مدى تقدم العمل.
ثانيا-إقامة تعاون مرن بين القطاعات :لعل الميزة الرئيسية لتقاسم المعلومات في المؤسسة
تتمثل في إمكانية إقامة تعاون بين األقسام خصوصا الحيوية منها ،مما يساعــد على تجن ــب
سوء الفهم و األخطاء.
رابعا-تحيين المعلومات :اكتساب معلومات محينة أو تجديد رصيد المعلومات التي تحوزها
قطاعات المؤسسة يعد أهم ميزة إيجابية لتبادل المعلومات داخل المؤسسة.
خامسا-دعم روح الفريق :من بين أهم النتائج المترتبة على اكتساب مصلحة أو قسم داخل
المؤسسة لمعلومات ال تتوفر لدى أقسام أخرى هو اإلحساس بعدم المساواة ،لذا يمكن القـ ــول
بأن تبادل المعلومات سوف يغرس الشعور بالمساواة بين األقسام و هو العامل الذي سيفضي
في المحصلة إلى إنتاج روح الفريق الواحد الذي يمتلك أعضاؤه نفس المعلومات سعيا إلنجاز
نفس الهدف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Christian MICHON, Op. Cit.
(2) "Les 6 vertus du partage d'informations en entreprise", consulté le :(31/08/2020), sur : www.go.sellsy.com.
134
سادسا-اقتصاد الوقت و تحقيق اإلنتاجية :إن اإلنسجام الذي سينتج عن تبـ ــادل المعلومات
سيمكن قطاعات المؤسسة من تقاسم الخبرة و المعرفة المتراكمة وهو ما سيؤدي إلى استجابة
المؤسسة برمتها بالسرعة و الوتيرة نفسها لطلبات الزبائن و المنتفعين من خدماتها.
ال يمكن للمؤسسة أن تشتغل على النحو الذي خطط له و أن تتوصل إلى تجسيد ما رسم
لها من أهداف ما لم تحقق عددا من الشروط التي يذكر من بينها ولوج المعلومات مع تمكين
كل قطاعات المؤسسة منها ،بحيث يتم ذلك بواسطة التنسيـ ـ ــق الذي يفيد باألساس كل ما ه ـو
تقاسم متبادل للمعلومات.
إن األسلوب المستخدم عادة في المؤسسات قصد تبادل المعلومات بخاصة حين إبالغها إلى
اإلدارة العليا يتمثل في التقارير التي تعرف كونها "وسيلة اتصالية عن طريقها يتلقى المديرون
المعل ـومات التي يعتم ـدون عليها في رسـ ـم ووضـ ـع الخط ـط و اختيـ ــار أسلوب العمل المناسب
داخل مؤسساتهم"(.)1
لكن هذا الشكل التقليدي من تبادل المعلومات صع ـ ـ ـودا من المستوى التشغيلي للمؤسسة نحو
مستوى اإلدارة نجده يمد فقط المسيرين بالمعلومات التي يحتاجون إليها لتغذية اتخاذ الق اررات
مثال ،و يبقى التساؤل مشروعا بشأن الحالة التي تصل عليها المعلومات ،خصوصا إذا علم
بأن " حالة المعلومة تعمل على هيكلــة طبيع ـ ــة و نتيجة نشاطات مختلف مستويات التسلسل
الرئاسي"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الحارث عبد المنعم أحمد حمد النيل ،مرجع سابق ،ص .135
(2) Patrick COHENDET, Jean-Luc GAFFARD, " Coordination, incitation et création de connaissance", Management
international, n°:16, 11-19, consulté le:)04/09/2020(, sur: https://doi.org/10.7202/1012389ar.
135
يمكن التمييز من حيث أدوات تنسيق تبادل المعلومات بين فئتين هما:
أوال-أدوات تقليدية غير تكنولوجية :يتعلــق األمــر بوسيلتين تلجــأ إليهما المؤسسات بشكــل
تقليدي و هما بذلك ال تتصالن بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا ،و يمكن في هذا اإلطار
ذكر ما يلي:
-1العقود التأسيسية للمؤسسات :هي عبارة في األساس عن وثائق تعمل على تصحيح ما
يوجد حتما كاختالل في كمية و طبيعة المعلومات التي تحوزها أهم مكونات المؤسسات
على غ ـرار المسيرين ،و العمــال ،و المساهمين ،و مختل ــف األقسام ،فهدف العقود ليس
"خلق المعرفة ،بل المساعدة على نشــر المعلومات الموجودة و الضرورية للسي ــر الحسن
للمؤسسة"(.)1
-2ثقافة المؤسسة :تلعب الثقافة الموجودة داخل كل مؤسسة أو ما يسمى بالثقافة التنظيمية
دو ار ال يستهان به في الدفع إلى إيصال المعلومات إلى جميع القطاعات و األقسام من
عدمه ،فاألفراد ال يشعرون بضرورة تبادل المعلومات إال إذا ترافق ذلك برغب ــة قوي ــة في
القيام بذلك.
و أما العامل الذي يعمل على إفراز الرغبة في تقاسم المعلومات داخل المؤسسة فيتمثل
في نوعية ثقافتها ،ذلك أن "اإلتصال الداخل ــي الق ــوي هو في مقام أول ظاهرة عاطفية،
تفترض وجود ثقافة داخلية قوية"(.)2
ثانيا-أدوات تكنولوجية :التي كما تدل على ذلك تسميتها تتمثل في وسائل حديثة تتوفر على
التقنيات المتقدمة القادرة على تسهيل عملية تبادل المعلومات داخل المؤسسة و أيضا تحقيق
التنسيق في ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Patrick COHENDET, Jean-Luc GAFFARD, Op. Cit. p.12.
(2) Renaud De MARICOURT, "Communication interne et culture d'entreprise au Japon", Communication et organisation,
n°5, 1994, consulté le : (04/09/2020), sur : http://journals.openedition.org/communicationorganisation/17119.
136
تتمثل األدوات التكنولوجية بصفة عامة في شكلين هما:
-1تكنولوجيات اإلتصال الحديثة :التي تذكر من ضمنها و باألساس الوسائل التي تستخدم
اإلعالم اآللي من حاسبات ،و كمبيوتر ،و خصوصا وسيلة اإلنترنت.
-2نظم المعلومات :التي أضحت في الوقت الحالــي من المك ــونات العادي ــة في المؤسسات
بالنظر إلى الفائدة التي تجنى منها حين تعاملها مع المعلومات .فهذا الن ــوع من األدوات
يعرف عنه كونه يتصف "بالتكامل و الربط بين مجاالت وظيفية مختلفـ ــة :كالتسويق ،و
التصنيع ،و الشراء ،و التمويل ،و األفراد"(.)1
تتميز نظم المعلومات أيضا بعملها على تحقيق التنسيق بين مختلف أقسام المؤسسات
و ذلك "عن طريق تبادل المعلومات و الوثائق المرافقة لمختلف التدفقات"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1هشام بن حميدة ،محفوظ عرابي " ،دور نظام المعلومات اإلدارية في الرفع من فعالية اتخاذ القرار ،دراسة استطالعية الطارات المؤسسة الوطنية للسيارات
الصناعية" ،مجلة االقتصاد و التنمية البشرية ،العدد ،2مجلد ،6جامعة البليدة ،2تاريخ اإلطالع ،)2020/08/18 ( :على الرابط:
www.asjp.cerist.dz
( ) 2فايز أبو عامرية ،ناصر جرادات ،محمد ديرية ،المقال المذكور سابقا ،ص .115
137
خالصة الفصل السادس:
تشكل المعلومات عنص ار هاما بالنسبة لألنشطة التي تقام بالمؤسسات بخاصة إذا كانت
هذه األخيرة تشتغل في المجال االقتصادي ،إذ يظهر الجانب الحيوي لتبادل المعلومات بين
القطاعات التي تتشكل منها المؤسسات.
تجدر اإلشارة إلى أن تعريف المؤسس ـة يكتس ـي بعدا نظمي ـا من حيث ضمها ألنظمـ ـ ـ ـة فرعية
يعتمد بعضها على البعض اآلخر ،و كذلك بعدا اقتصاديا تكونه عناصر بشرية ،و مادية ،و
مالية يتم توظيفها في إنتاج السلع و الخدمات.
يترتب على ما سبق ذكره ذلك التنوع الذي تعرفه المؤسسات إلى تلك الصناعية ،و التجارية،
و الخدمية ،و الفالحية ،و العمومية ،و الخاصة.
ألجل القيـ ـام بنشاطاتها نجـ ـد بأنه يتم تنظيـ ـ ـم كل مؤسسة من قطاعات مختلفة على أساس ما
تحتويه من وظائـ ـف كتلك المتصلة بالتقنيـ ـة ،و التجـ ـارة ،و المالية ،و األمن ،و المحاسبة ،و
اإلدارة مع وجود تباين من مؤسسة إلى أخرى بحكم متغيرات كالحجم ،و نوع النشاط ،و عمر
المؤسسة ،و األسلوب المتبع في اإلدارة.
في إشارة قريبة من تبادل المعلومات بين مختلف القطاعات المكونة للمؤسسة يمكن الحديث
عما يدعى "اإلتصال الداخلي" الذي يسمح بتبادل الرسائل و األفكار و القيم ،و الذي يحمل
نقاطا إيجابية مثل تمكين الجميع من اكتساب نظرة شاملة عما يؤدى من نشاطات ،و تعاون
مرن بين القطاعات ،و إرساء عالقة شخصية مع المنتفعين من خدمات المؤسسة ،و تجديد
المعلومات ،و دعم روح الفريق ،باإلضافة إلى االقتصاد في الوقت.
ال يكفي القيام فقط بتبادل المعلومات بين القطاعات التي تتكون منها المؤسسة فمن األهمية
أن تكون ثمة مزاوجة بين هذه العملية و ما يجري من تنسيق في ذلك ،سيما و أنه يفيد تقاسم
نفس المعلومات من حيث الحجم ،و النوعية بفضل تجنيد أدوات كالعقود التأسيسية ،و ثقافـ ـة
المؤسسة ،و تكنولوجيا اإلتص ـ ـ ـال الحديثة ،و نظم المعلومات.
138
الفصل السابع :دور نظم المعلومات اإلدارية في تنفيذ
عناصر العملية اإلدارية.
139
الفصل السابع :دور نظم المعلومات اإلدارية في تنفيذ عناصر
العملية اإلدارية.
يكتسي العمل اإلداري أهمية ال يستهان بها في حيـ ـ ــاة الناس ف ـرادى كانوا أو منظمين في
إطار جماعي ،أكان ذلك متعلقا باإلدارة العامة أو بإدارة األعمال .إن األمر يتصل بمجال له
دخل في تقديم خدمات لألفراد و إشباع حاجاتهم في جل مناحي معيشتهم من لحظة مولدهم
إلى غاية تنظيم إجراءات دفنهم حين وفاتهم.
ذلك أنه يسعنا مالحظة دخول اإلدارة كعملية في اشتغال المنظمات و المؤسسات و المرافق
بنوعيها الحكومي و غير الحكومي لتوفير الخدمات المنتظرة منها.
و بالنظر إلى كون العمل اإلداري إنما هو عبارة عن وظائـ ـف و عناصر متجاورة و متتابعة
يتم تنفيذها وفق فنيات و برامج معروفة ،فإن تحقيق النجاح في ذلك يتطلب توفير شروط من
مثل المعلومات الالزمة و المالئمة.
معنى ذلك أن توفير المعلومات لتنفيذ العناصر اإلدارية بالكمية و النوعية المطلوبتين و عن
طريق استخدام الوسائل التكنولوجية من شأنه أن يحقق نجاح أو فشل العملية اإلدارية.
سيعنى هذا الفصل من خالل المبحث األول بولوج مفهوم العملية اإلدارية انطالقا من تعريف
اإلدارة ،و إظهار الفرق بين اإلدارة العامة و إدارة األعمال ،و إتمـ ـ ــام ذلك بإبراز أهم عناصر
العملية اإلدارية.
بينما يبين مبحث ثان الطبيعة الحيوية للمعلومات التي يتم تشغيلها في العملية اإلداريــة ،قبل
دراسة ما لنظم المعلومات اإلدارية من دور في تنفيذ عناصر العملية اإلدارية.
لقد أثارت اإلدارة كعملية اهتمام الباحثين بعد أن شغل ـ ــت بال مؤسسي و بناة الدول عبر
العصور ،فهي حتى في هذا العصر تتحكم إذا كانت متقدمة و منظمة وفق منوال حسن في
استمرار تلك الدول أو اندثارها.
140
المطلب األول :مفهوم العملية اإلدارية.
تعد لفظة "اإلدارة" من تلك التي نستخدمها في حياتنا اليومية بكثرة فهي تتصل بمصالحنا
و انشغاالتنا التي يدخل مراعاتها و إشباعها في صلب مهام عدد من المنظمات و المرافق.
يراد من كلمة اإلدارة من حيث اللغة "إدارة الشيء بمعنى تعاطاه ،و اإلدارة اإلسم و المصدر
من أدار ،و من يتولى جهة معينة من البالد"(.)1
أما من ال جانب اإلصطالحي فثمة تعاريف كثيرة تم إنتاجها بشأنــها تماشيا و الزاوية التي تم
من خاللها تناولها ،فمثال (بيتر دراكر) نجده يعتبرها "وظيفة و معرفة ،و عمل يتم إنجازه ،و
يطبق المديرون هذه المعارف لتنفيذ هذه الوظائف و تلك األعمال"(.)2
بينما نجد (فريدريك تايلور) الذي أنتج فك ار تنظيميا مفاده ضرورة تقسيم العمل و التخصص
فيه ،قد اعتبر بأن اإلدارة هي " المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يعملوه ،ثم التأكد من
أنهم يقومون بعملهم بأحسن طريقة و أرخصها"(.)3
في حين اعتقد (هنري فايول) بأنها إنجاز عدد من المهام على غرار التخطيط ،و التنظيم ،و
إعطاء األوامر ،و القيام بالتنسيق ،و إيالء األهمية للرقابة.
إذا تعلق األمر باإلدارة العامة سنجد أن تحديد معناها اإلصطالحي قد أدى إلى إنت ـ ـ ـاج عدد
كبير من التعاريف ،مثل القول بأنها "إنجاز العمل الحكومي عن طريق تنسيق جهود األفراد
كي يتمكنوا من العمل معا إلنجاز الواجبات المطلوبة منهم" ،أو أنها " تنظيم و تدبير األفراد
و المواد و اإلشراف عليهم لتحقيق األهداف الحكومية"(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رشيد زرواتي ،يامنة ترايكية " ،التنمية اإلدارية في الدوائر الحكومية الجزائرية دراسة ميدانية في بلدية برج بوعريريج" ،مجلة اإلحياء ،العدد ،1المجلد ،15
كلية العلوم اإلسالمية ،جامعة باتنة ،1ص ،234تاريخ اإلطالع )2020/09/07( :على الرابطwww.asjp.cerist.dz :
( )3نورالدين حاروش ،رفيقة حروش ،علم اإلدارة من المدرسة التقليدية إلى الهندرة ،عمان :دار األيام للنشر و التوزيع ،2015 ،ص .17
141
هذا و إلى جانب اإلدارة العامة يتسنى التطرق إلى إدارة األعمال التي يمكن تعريفها بإظهار
الفرق بينها و اإلدارة العامة كما يلي:
أوال-من حيث مجال تطبيقها :يختلف كال الشكلين لإلدارة من حيث المجال الذي يطبق فيه
كل نوع منهما ،حيث أن اإلدارة العامة تطبق في المؤسسات المنتمية إلى الحكومة بشكل أو
بآخر فهي "ترتبط بسياسات و تشريعات الدولة بشكل مباشر"( .)1بينما تخضع إدارة األعمال
للقانون الخاص بعيدا عن اإلرتباط بالدولة و بسياساتها.
ثانيا-من حيث طبيعة الهدف المرجو تحقيقه :بما أن اإلدارة العامة نراها مرتبطة مباش ـ ـرة
بالدولة و سياساتها ينجر عن ذلك أن الهدف الذي ترجو تحقيقه هو من حيث الطبيعة نفس
ذلك الذي ترسمه الدولة تجسيدا للخدمة العامة ،بعيدا عن تحقيق الربح و تعظيمه.
ثالثا-من حيث البيئة المحيطة :تتسم البيئة التي تحيط باإلدارة العامة باإلحتكار لصالح هذه
األخيرة بالنظر إلى أنها تعبي ــر عن سياسات الدولة و أعمالها التي ال يج ـ ــوز ألطراف أخرى
االضطالع بها سوى في حاالت معينة.
بينما يحيط بإدارة األعمال التي نجدها تسعى أساسا إلى تحقيق الربح بيئة تنافسية.
رابعا-من حيث استقرار القيادة و تعرضها للمساءلة و المراقبة :يؤطر كـ ـ ــال نوع ـ ــي اإلدارة
من طرف قيادة تعمــل على تحقيق األهداف المسطرة لكن ثمة اختالف بينهما إذ يتميــز قادة
إدارات األعمال باستقرارهم بعكس اإلدارة العامة التي تعيش عدم االستقرار( .)2زيادة إلى ذلك
فإن القادة على مستوى اإلدارة العامة كثي ار ما يتعرضون للمساءلة و ألنواع شتى من الرقابـ ــة
التي تم ارسها عليهم اإلدارة المركزية و عدد من السلطات كتلك التشريعية و القضائية كونهم
يتصرفون في المال العام ،و ال يعرف المشرفون على إدارات األعمال سوى رقابة ضيقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نورالدين حاروش ،رفيقة حروش ،المرجع السابق ،ص .25
142
خامسا-من حيث الفئات المستفيدة من النشاطات و الخدمات :بالنظر إلى ارتبـ ـ ـ ــاط اإلدارة
العامة بالدولة التي تتوجه نشاطاتها ورعايتها و خدماتها إلى كل الفئات في المجتمع فإن هذه
األخيرة يستفيد من خدماتها "الجمهور بكل قطاعاته و فئاته"( ،)1لكن خدمات إدارة األعمـال ال
توجه إال لفائدة القطاعات التي تمسها أهدافها.
ثمة اتفاق في أوساط المهتمين بميدان اإلدارة لجعل عناصر هذه األخــيرة بمثابة جملة ما
يؤدى بها من وظائف( ،)2حيث يستوجب توفرها في كل إدارة و كل منظمة كونها "تؤثر على
التنظيم ككل ألنها تشكل الركيزة األساسية لقيام أي تنظيم و تكوينه"( .)3فهذا (هنـ ـ ـ ـري فايول)
نراه قد ذكر منها خمسة و تتمثل في :التنظيم ،التنسيق ،الرقابة ،والتوجيه ،و التخطيط(.)4
أوال-التخطيط :تنطوي هذه الوظيفة األساسية ضمن العمل اإلداري على تعاريف كثيرة ،حيث
منها ما يعتبر بأنها متصلة بالمستقبل الذي يتم التحضير له مسبقا عن طريق وضع "الخطة
أو الخطط المستندة على أنسب األساليب لتحقيق األهداف المحددة ،و بأفضل صورة ممكنة،
خالل فترة زمنية معينة في ضوء الظروف المتوقع أنها تسود مستقبال"(.)5
باإلضافة إلى برمجة األعمال المستقبلية فإن التخطيط يتضمن كذلك وضع عدد من القوانين
الكفيلة بأن ترشد األفراد في أدائهم ألعمالهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نورالدين حاروش ،رفيقة حروش ،المرجع السابق ،ص .27
( )3بركة بالغماس ،نصيرة زروال" ،تأثير عناصر العملية اإلدارية على انضباط المورد البشري داخل التنظيم" ،مجلة التنمية و إدارة الموارد البشرية ،العدد ،5
المجلد ،2017 ،2ص ،428اطبع عليه في ،)2020/10/30( :على الرابطwww.asjp.cerist.dz. :
(4) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.43.
( )5ياسر محمد علي الهبول" ،الوظائف األساسية لإلدارة" ،اطلع عليه في )2020/10/30( :على الرابط:
http://sites.google.com/site/yasserhabboul/it-1/life/
143
ثانيا-التنظيم :من خالل هذا العنصر يعمد إلى ضبط األعمال و األنشطة و المهام الواجب
إنجازها بما يحقق الهدف الذي رسمته المنظمة ،لتقسم بعد ذلك في شكل اختصاصات ت ـ ـ ـوزع
على الوحدات اإلدارية مرفقة بما يالئمها من سلطة و مسؤوليات( ،)1فلن يكون بإمكان الق ـ ـادة
اإلداريين أن يمارسوا مسؤولياتهم و لن يكون بمقدور األف ارد أن يتعاونوا على إنج ــاز ما يسنـ ــد
إليهم من عمل جماعي مشترك إذا غاب عنصر التنظيم.
ثالثا-القيادة و التوجيه و اإلشراف :يتعلق األمر بأهم مسؤولية يقوم بها الق ـ ـادة و المشرفون
و المسؤولون اإلداريون في المنظمات ،فهذه الوظيفة تنطوي على "إرشاد المرؤوسين في أثناء
أدائهم للعمل ،فتعطى لهم التعليمات الضرورية للتنفيذ"(.)2
تتضمن هذه الوظيفة اإلدارية المهام التالية:
-1تقديم التوجيهات و التعليمات المتصلة بالطريقة التي يجب أن تؤدى وفقها النشاطات،
لذلك فإنه من الحيوي أن تتصف التعليمات بالوضوح و الواقعية.
-2العمل على أن تحافظ التوجيهات و التعليمات على مضمونها األصلي دون تشويش أو
تشويه ،مع مراعاة إسدائها في وقت مناسب.
رابعا-الرقابة :تكتسي هذه الوظيفة اإلدارية أهمية حقيقية بالنسبة للمنظمات خصوصا منها
الكبيرة الحجم و تلك المتصفة بالهيكلة المعقدة لما لها من دور في الوقـوف على مدى تحقيق
األهداف المرسومة.
تضمن الرقابة الفعلية الممارسة على النشاطات و المهام ما يلي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نو ارلدين حاروش ،رفيقة حروش ،المرجع السابق ،ص .21
144
-2استباق األحداث بمجرد ظهور عدد من المؤشرات.
يستخدم في تنفيذ العملية اإلدارية بما تضمه من عناصر كالتخطيط و التنظيم و التوجيه
و الرقابة معلومات يشترط فيها أن تتالءم و العناصر المشار إليها كما و نوعا ،فكل عنصر
يتمتع بنوع من الخصوصية.
لذلك تظهر أهمية نظم المعلومات اإلدارية من حيث مقدرتها على توفير المعلومات الالزمة
للعملية اإلدارية بمختلف عناصرها ،كما يتجلى دورها في تنفيذها.
ال يكون إنجاز مختلف عناصر العملية اإلدارية و وظائفها صحيحا و دقيقا ما لم تتوف ـ ــر
المعلومات المناسبة و بالقدر الكافي و المطلوب ،فال يمكن أن نتخيل وجود التخطيط و كذا
التنظيم ،و التوجيه و الرقابة بمعزل عن حصول الجهــات القائمة عليها على الكمية الالزمة
من المعلومات ،فهي بحاجة دائمة إلى المعلومات.
أوال-دواعي حاجة التخطيط إلى المعلومات :كثي ار ما يعرف التخطيط كونه عبارة عن وضع
برنامج ممتد على فترة زمنية قادمة سعيا إلى تحقيق جملة من األهداف ،إذ يعمد من خ ـ ـ ـالل
ذلك إلى التحضير للمستقبل من خالل عملية تنبئية.
ألجل ذلك يكون القائم على التخطيط مدعوا إلى اإلجابة عن جملة من التساؤالت ذات عالقة
بأزمنة ثالثة كما يلي:
145
-2تكوين صورة عن الوضع الراهن من خالل اإللمام بما يشتمـ ـ ـل عليه من إمكانيات و
مصادر القوة و مواطن الضعف(.)1
تتطلب العمليات الثالث المنوه عنها أعاله الحصول على البيانات و المعلومات المناسبة و
بالعدد الكافي بالشكل الذي يمكن من استخدام األساليب اإلحصائية.
ثانيا-التنظيم و حاجته إلى المعلومات :يستعان بعنصر التنظيم لتجسيد الهدف الذي رسمته
المنظمة حيث يتأتى ذلك من خالل توزي ـع النشاطات و المه ـام و الصالحيات و المسؤوليات
و أيضا عبر رصد عدد من الموارد التي ترتب و توزع.
لذلك و بغية تحقيق مختلف العمليات التي يتألف منها التنظيم فإنه يلجأ إلى وضع العالقات
العمودية و األفقية بين المستويات و الوحدات اإلدارية ضمن ما يطلق عليه تسمية الهيك ـ ـ ــل
التنظيمي الذي يشار إليه كونه "هو البناء أو اإلطار الذي يحدد اإلدارات و األجزاء الداخلية
للمنظمــة ،والالزمــة لتحقيــق األهــداف ،و أيضا خطــوط السلطة و مواقع اتخاذ القرار و تنفيذ
الق اررات اإلدارية"(.)2
ال يتسنى تقسيم و توزيع األعمال و األنشطة ،و تكليف األفراد بالمهام و المسؤوليات و كذا
إسناد السلطات ما لم تتوفر البيانات و المعلومات عن طبيعة المنظمة و الهدف الذي تسعى
إلى تحقيقه ،و خصوصا عن هؤالء األفراد من حيث تكوين ـهم و تمتعهم بالك ـ ـفاءات المطلوبة
و أيضا استعداداتهم الفيزيولوجية و النفسية.
ثالثا-ال وجود للقيادة و التوجيه و اإلشراف في غياب المعلومات :فلعــل المسؤولية األب ـ ـ ــرز
التي يضطلع بها المشرف اإلداري تتمثل في الوقوف على مدى التزام األف ـ ـ ـ ـراد بما قدم إليهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1والء عضيبات" ،مقومات التخطيط" ،تاريخ اإلطالع ،)2020/11/05( :على الرابطhttps://e3rabi.com.:
( )2يحي إبراهيم المدهون" ،محاضرات في إدارة المؤسسات اإلعالمية" ،قسم اإلعالم و تكنولوجيا اإلتصال ،جامعة غرب كردفان ،السودان ،2018 ،ص .18
تاريخ اإلطالع ،)2020/11/05( :على الرابطhttps://philarchive.org/archive/ALM-17. :
146
كتوجيهات و تعليمات سعيا إلى تحقيق أهداف المنظمة و هو ما يتحقق بواسطة اإلتصال
الذي من خالله تنتقل المعلومات ذهابا و إيابا بين الجانبين المتصلين ،بخاصة إذا علمنا أن
الرؤساء اإلداريين يخصصون ما يقرب من 80من المائة من وقتهم لممارسة اإلتصال مع
محيطهم(.)1
رابعا-ضرورة توفر المعلومات لممارسة رقابة ناجحة :ال يكتفى في ممارسة الرقابة اإلدارية
بالوقوف على طبيعة ما تم إنجازه من عمل ،فعالوة على ذلك من الضروري أن تتوفر نظرة
استشرافية لمستقبل العمل من حيث مدى التوصل من خالله إلى تحقيق األهداف المسطرة.
زد إلى ذلك أن تحقيق رقابة فعالة يتطلب تصميمها "وفقا للخطط و المواقع التنظيمية( )...و
وفقا لكل مدير و مسؤولياته على حدة ،و أن تحدد بدقة اإلستثناءات و النقاط الحرجة"(.)2
المطلب الثاني :معالم دور نظم المعلومات في تنفيذ عناصر العملية اإلدارية.
تظهر فائدة نظم المعلومات اإلدارية من خالل ما تتضمنه من مزايا و ما توفره كخدمات
لمستخدميها بخاصة في إطار تنظيمي ،فعناصر العملية اإلدارية األربع التي سبقت اإلشارة
إليها نجدها تتأثر في تنفيذها حين يستعان بالنظم المعلوماتية.
أوال-دور النظم المعلوماتية في تنفيذ التخطيط :بما أنه يلجأ إلى استخدام نظ ـ ــم المعلومات
بهدف إمداد مستخدمها بالبيانات و المعطيات و المعلومات التي يطلبها في الزمن المناسب
فإن وظيفة التخطيط بأنواعها أحوج ما تكون إلى هذه الوسيلة ،فهي وظيفة تدخل في صميم
عمل الرؤساء اإلداريين الذين يحتاجون إلى المعلومات اإلستراتيجية التي تدخل في صياغة
األهداف الطويلة المدى ،و من هنا يكتسي نظام المعلومات "أهمية كبيرة ( )...لما يوفره من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Frédérique ALEXANDRE-BAILLY, et autres, comportements humains et management, Paris : Pearson Education,
2006, p.105.
( )2كامل علي متولي عمران ،التخطيط و الرقابة ،مركز تطوير الدراسات العليا و البحوث ،كلية الهندسة ،جامعة القاهرة ،تاريخ اإلطالع ،)2020/11/05( :على
الرابطwww.Pathways.cu.edu.eg. :
147
معلومات لنظام القيادة( )...لرسم الخطط و اإلستراتيجيات و األهداف و السياسات"(.)1
ثانيا-دور نظم المعلومات في بناء التنظيم :ينطوي عنصر التنظيم على عدد من الق اررات
التي من خاللها يعمد المديرون إلى تصحيح طريقـ ـ ــة هيكلة منظماتهم على أساس ما ي ـ ـ ـ ـ ـرد
إليهم من معلومات من كال البيئتين الداخلية و الخارجية.
لكن حتى اعتماد نظم للمعلومات من طرف المنظمات هو مدعاة إلى السعي إلى العمل على
تهيئة الشروط الهيكلية التي تتيح استيعاب هذه النظم(.)2
ثالثا-دور نظم المعلومات في التوجيه :يشير هذا العنصر المهم في العملية اإلدارية إلى ما
يؤديه الرؤساء اإلداريون من عمل ،فهم من خالل ذلك يتخذون الق اررات باإلعتماد على جملة
المعلومات التي توفرها لهم النظم المعلوماتية.
لكن أهم دور تؤديه النظم المعلوماتية نجده يتجلى في توسطها لنظام القيادة و نظ ـ ـم التشغيل
بما يضمن اضطالع المديرين بوظيفة التوجيه.
رابعا-دور نظم المعلومات في الرقابة :لقد سبقــت اإلشارة إلى أن الرقابــة ال تتمث ــل فقط في
مجرد الوقوف على مدى إنجــاز األهداف المسطرة ،بل هي تتعدى ذلك إلى التنب ــؤ بالمنحى
الذي ستتخذه في المستقبل .و في هذا الصدد فإن ما توفره نظ ـ ــم المعلومات من بيانات من
شأنه أن يحفظ الوصف الذي تم تسجيلــه سابقا للم ارحــل التي مرت بها المنظمة مما يسه ــل
من الوقوف على األخطاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1هدى بن محمد ،عبد النور موساوي" ،أثر نظم المعلومات على األداء اإلداري ،دراسة ميدانية آلراء العاملين في شركات التأمين في الجزائر" ،مجلة العلوم
www.asjp.cerist.dz. اإلنسانية ،العدد ،37جامعة قسنطينة ،2012 ،1ص ،217تاريخ اإلطالع ،)2020/11/10( :على الرابط:
( )2سعاد بوفروخ ،رشيد عدوان" ،فعالية و كفاءة نظم و تكنولوجيا المعلومات في صناعة القرار ،دراسة حالة مؤسسة نفطال بباتنة" ،مجلة العلوم اإلنسانية ،العدد
www.asjp.cerist.dz. ،48جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،2017 ،ص ،567تاريخ اإلطالع ،)2020/11/10( :على الرابط:
148
خالصة الفصل السابع:
يحتل العمل اإلداري مكانة ال يستهان بها في حياة األفراد حيث نجده متضمنا في جميع
مناحي حياتهم مما دفع إلى االهتمام به من طرف الباحثين ،و ذلك ما أدى إلى إنتاج عدد
كبير من التعاريف في هذ المجال.
لذلك يكون من الضروري إجراء تمييز بين اإلدارة العامة التي تفيد اصطالحا إنجاز األعمال
الحكومية ،و إدارة األعمال التي ال ترتبط بسياسات الدولة و إنما تسعى إلى تحقيق الربح و
تعظيمه ضمن بيئة تنافسية.
تتكون العملية اإلدارية من عناصر أربعة هي التخطيط الذي يعرف عنه اتصاله بالمستقبل،
ثم التنظيم الذي يعمد من خالله إلى توزيع السلطات و الصالحيات بين مختلف الوحدات و
المستويات في المنظمات ،يليه التوجيه و اإلشراف الذي ينم عن وظيفة مهمة ت ـ ـ ـؤدى ضمن
الوسط المنظم و التي تضطلع بها فئة المديرين و الرؤساء ،انتهاء إلى الرقابة التي ال تعني
فقط الوقوف على مدى تحقيق األهداف المرسومة بل نجدها تنطوي كذلك على تحليل عدد
من المؤشرات في إطار استباق الكيفية التي سيتطور إليها إنجاز األهداف.
من هذا الجانب تظهر أهمية المعلومات و حيوية جمعـ ـ ـها و تخ ـزينها و اإلستع ـانة بها عن
طريق استخدام نظم المعلومات اإلدارية ،بما أن عناصر العملية اإلدارية تستهلك البيانات و
المعطيات و المعلومات.
بالفعل تلعب النظم المعلوماتية دو ار أكيدا في تنفيذ التخطيط الذي يتغـ ـ ـ ـذى على المعلومات
اإلستراتيجية حين يتعلق األمر برسم األهداف الطويلة المدى ،و هو الشأن ذاته حين اللجوء
إلى ضبط الهيكل اإلداري لجعله يتماشى و المستجدات التي يعرفها كال البيئتين الداخلية و
الخارجية ،بينما ال يتسنى تنفيذ التوجيه و اإلشراف و الرقابة على الوجه األحسن في غياب
نظم المعلومات.
149
الفصل الثامن :دور نظم المعلومات اإلدارية في إدارة
الموارد البشرية.
150
الفصل الثامن :دور نظم المعلومات اإلدارية في إدارة الموارد البشرية.
أضحت المنظمات تتعامل مع األفراد المشتغلين بها كونهم موردا ذا أهمية كما هو الحال
بالنسبة للموارد األخرى الموظفة في نشاطاتها ،و ذلك بعد أن كان العمال في نظر المدارس
التي صاغت نظريات التنظيم أوائل القرن العشرين مجرد آالت يسهل برمجتها أو اإلستغن ـ ــاء
عنها عندما ال تفي غرض العملية اإلنتاجية.
لكن أبحاثا و نظريات جديدة أظهرت ما لألفراد المستخدمين بالمنظمات من دور في إضافة
قيمة إلى هذه األخيرة إذا أحسنت إدارتهم و تسييرهم و االهتمام بآليات استقطابهم ،و تكوينهم
و تدريبهـم و تنمية خبراتهم و معارفهم.
لذلك أصبحت إدارة الموارد البشرية من التخصصات العلمية التي تنجز ضمنها األبح ـ ـاث في
مجال تنظيم األفراد في المنظمات باختالفها ،كما يعد من الوظائ ـف التي ال يمكـ ـن اإلستغناء
عنها في الوقت الحالي.
لقد سجل تطور كبير في إدارة الموارد البشرية إذ اليوم يعتمد في ذلك على أنظمة معلوماتية
توفـ ـر البيانات و المعلومات الدقيقة عن عديد األوجه المتعلقة بمختلف أوضاع األفراد داخـ ـ ـل
المنظمات ،و ذلك في التوقيت الذي تطلب فيه بالتحديد.
سيعنى هذا الفصل في مبحث أول بمفهوم إدارة الموارد البشرية قبل التط ــرق إلى ما تتضمنه
هذه العملية من أوجه متعددة ،في حين سيتضمن المبحث الثاني تعريفا لنظم معلومات إدارة
الموارد البشرية مع إظهار ما لها من دور في القيام بالعملية المشار إليها.
تعد إدارة الموارد البشرية من المواضيع التي استرسل فيها الباحثون و الممارسون ذلك أن
هذا الموضوع يكتسي أهمية حيوية في اشتغال المنظمات و المؤسسات ،بعد أن تم اإلهتداء
إلى ما يمكن أن يضيفه المورد البشري من قيمة إذا ما نال العناية الالزمة من لدن المديرين.
151
المطلب األول :مفهوم إدارة الموارد البشرية.
إن المطلع على األدبيات المهتمة بموضوع الموارد البشرية سيقف على تسميات و أيضا
معاني شتى ،لذلك و ألجل اإلقتراب من هذا المجال من جانب المفهوم وجب اتباع الخطوات
التالية:
أوال-المعنى اللغوي و اإلصطالحي للموارد البشرية :تعرف الموارد البشرية لغة و اصطالحا
كما يلي:
-1من حيث اللغة :يقال في اللغة العربية "أورد الشخص الشيء :أحضره ،جلبه" ،و بذلك
تؤدي لفظة مورد معنى ":مصدر و منبع مثل موارد طبيعية ،و موارد الطاقة أو المياه".
تفيد هذه الكلمة كذلك معنى "مصدر رزق ،كل ما من شأنه أن يسد الحاجات اإلنسانية
سواء أكان شيئا ماديا أو خدمة تؤدى"(.)1
-2من الناحية اإلصطالحية :يتعلق األمر باألفراد الذين تشغلهم المنظمات و تستفيد بذلك
من مؤهالتهم و خبراتهم و معارفهم كرأسمال يتم استثماره في األنشطة التي تقوم بها ،إذ
تضاف إلى الموارد األخرى التي يتم استخدامها كاألموال و اآلالت و مختلف المواد في
سبيل إنتاج السلع أو ضمان تقديم خدمات(.)2
يمكن القول بأن المقصود بالمورد البشري هو "في األساس طاقة ذهنية و قدرة عقلية و
مصــدر المعلــومات و األفك ــار و اإلبتكارات ال بد من استثماره و توظيف قدراته بشكل
إيجابي"(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(" )1تعريف و معنى الموارد البشرية" معجم المعاني في الجامع ،معجم عربي عربي ،المعاني ،تاريخ اإلطالع ،)2020/11/16( :على الرابط:
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/.
( )2محمد الفاتح محمود بشير المغربي ،إدارة الموارد البشرية ،القاهرة :دار النشر للجامعات ،2013 ،ص .26
(" )3تعريف الموارد البشرية" ،المكتبة الشاملة ،تاريخ اإلطالع ،)2020/11/19( :على الرابطwww.greatlibrary;com. :
152
ثانيا-تعريف إدارة الموارد البشرية :ثمة مصادر تستعمل تعبير "تسيير الموارد البشرية" الذي
يفيد:
لقد أنتج الباحثون تعاريف عديدة لإلقتراب من معنى إدارة الم ـ ـوارد البشرية إذ يتسنى في هذا
الصدد اإلشارة إلى ما أورده (شولر) سنة 1981حين اعتبرها بمثابة "مجموعة من الوظائف
و األنشطة التي تستخدم إلدارة المورد البشري بأسلوب بعيد عن التميز و بشكل فعال لخدمة
الفرد و المنظمة و المجتمع في بيئة معينة" ،و يمكن اإلستشهاد بما رآه (بول) سنة 1990
حيث ذهب إلى القول بأنها "عملية استقطاب األفراد و تطــويرهم و المحافظــة عليهم في إطار
تحقيق أهدافها و كذا تحقيق أهدافهم" .و باإلمكان كذلك اإلشارة إلى ما أورده (بريسكو) في
1992أين اعتقد بأنها " وظيفة إدارية أساسية في المنظمة شأنها شأن بقية الوظائف التنفيذية
األخرى كوظيفة اإلنتاج و التسويق"(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1منير نوري ،الوجيز في تسيير الموارد البشرية ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية ،2011 ،ص .7
( )2نعيمة يحياوي" ،سلسلة محاضرات في إدارة الموارد البشرية" ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الحاج لخضر ،باتنة ،ص ،4تاريخ اإلطالع:
www.economie.univ-batna.dz. ( ،)2020/11/17على الرابط:
153
المطلب الثاني :األوجه المتعددة إلدارة الموارد البشرية.
تظهر إدارة الموارد البشرية و كأنه تصعب اإلحاطة بها لما لها من معاني مختلفة و هنا
يمكن اإلشارة إلى أوجهها العديدة التي تتمثل فيما يلي:
أوال-إدارة الموارد البشرية كتخصص :في هذا المقام نكون أمام تخصــص موضــوعه يتضمن
نقاطا من مثل الكيفيات التي يتم بها الحصول على المستخدمين ،عالوة على طرق تحفيزهم
إضافة إلى الوسائل التي تكفل ضبط المورد البشري في المنظمات( .)1إن األمر يتصل بحقل
"يعنى بالعنصر البشري تحديدا في دائرة العمل ،أي في كافة الشؤون المتعلقة بالموظفين"(.)2
و في هذا الصدد فإن هذا المجال التخصصي يتطرق إلى القضايا المتصلة بالمستحقـ ـات ،و
ما تعلق بتوظيف األفراد مع ما يتبع ذلك من وسائل اإلنتقاء كالمقابالت .إنها عمليات تؤدى
من لدن أشخاص ذوي اإلختصاص في هكذا مجال بمعية عدد من المسؤولين على المستوى
التنفيذي في المنظمات أين يستفاد من خبراتهم " لتقديم أفضل اإلقتراحات و األفكار الخاصة
بتغيير السياسات الخاصة بالموظفين"(.)3
ثانيا-إدارة الموارد البشرية كوظيفة :إن المطلع على األدبيات التي عالج ـ ـت موضوع إدارة
الموارد البشرية سيخلـص إلى كونها وظيفة كما هو الحال بالنسبة لمجاالت كالمالية ،و بذلك
نستطيع القول بأنها "الوظيفة التي تقوم بشؤون اإلستخدام األمثل للمـ ـوارد البشرية على جميع
المستويات بالمؤسسة بغية المساعدة على تحقيق أهداف هذه المؤسسة"(.) 4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Alain HERICHER, Vivien BLANCHET, "Gestion des ressources humaines", dans : Vivien Blanchet éd, Dictionnaire du
commerce équitable. Versailles, Editions Quae, "hors collection", 2012, p.139-146. Consulté le: )23/11/2020(, sur:
www.cairn.info.
( )2أسامة خميس " ،ما هو تخصص الموارد البشرية" ،موقع موضوع ،تاريخ اإلطالع ،)2020/11/24( :على الرابطwww.mawdoo3.com. :
154
ثالثا-إدارة الموارد البشرية كممارسات :تشير الممارسات المنوه عنها هنا إلى تلك العمليات
الرسمية التي تعرفها المؤسسات و المنظمات إذ يتضمن ذلك جميع المسائل المتعلقة بشؤون
عديدة هي:
-1تسيير المستخدمين :و يدخل في هذا الجانب ما تعلق بتأطير الحياة المهنية لألفراد منذ
أول انضمامهم إلى المؤسسة الموظفة لهم ،حيث يشمل ذلك كل المسائل ذات العالق ـ ـ ــة
بالتوظيف ،و اآلليات المرتبطة بدفع الرواتب ،و تنظيم العمل ،و وضع اللوائح ،و كذلك
الشأن بالنسبة لإلجراءات األمنية.
-2العالقات االجتماعية :هو الجانب الذي يتضمن كل ما له عالقة باإلتصال الداخل ـ ــي و
العضوية في النقابات العمالية.
-3إجراءات إدماج الموظفين و العمال :بحيث تسطر برامج يراد من خاللها تسهيل عملية
إدماج األفراد بشكل كلي في مؤسساتهم و يتسن ــى ذلك من خــالل الدورات التدريبية ،و
التحفيز و خلق الدافعية(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Alain HERICHER, Vivien BLANCHET, Op.cit.
155
المبحث الثاني :نظم إدارة الموارد البشرية :تعريفها و دورها.
لقد باشرت المنظمات استخدام نظم المعلومات في إدارة الموارد البشرية بعد إيالء األهمية
لها إذ استثمرت في هذا الجانب لدواعي تحقيق اإلستفادة التامة من خبرات و مؤهالت األفراد
و بدافع الرغبة في استيفاء متطلبات تحقيق التميز في ظل بيئة تنافسية.
إن األهمية التي تحملها نظم معلومات إدارة الموارد البشرية قد دفعت بالدارسين المهتمين
بهذا الموضوع إلى إنتاج تعاريف عدة و إحصاء أكثر من هدف ،و هو ما سنحاول اإلشــارة
إليه كمايلي:
أوال-تعريف نظم معلومات إدارة الموارد البشرية :يالحظ لدى مطالعة التعاريف التي أنتجت
في هذا الصدد ذهاب الباحثين إلى اعتبار هذا النوع من النظم المعلوماتية بمثابة نظام فرعي
لنظم معلومات التسيير ،مع تمييزه عن باقي نظم المعلومات الوظيفية من حيث احتوائه لعدد
كبير من التطبيقات(.)1
يمكن إضافة سمات أخرى في تعريف هذه النظم المعلوماتية كاآلتي:
-1من حيث الوسائل التي تستعملها :تعتمد هذه النظم على اإلعالم اآللي و الحواسيب بما
توفره من سرعة و دقة و إمكانيات كبيرة في تخزين البيانات و المعلومات و معالجتها.
-2من حيث طبيعة اإلستخدام :الهدف من اللجوء إلى اإلستع ـانة بهذه النظ ـم يتمثـ ــل أساسا
في تسهيل جمع البيانات و المعلومات المتعلقة باألفراد الذين تشغلهم المنظمات و ذلك
من مصادر داخلية أو خارجية ،لتخضع فيما بعد لعمليات هي التبـ ـ ـويب و المعالجة و
التحليل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار ،المرجع السابق ،ص .75
156
-3من حيث كيفية استخدام المعلومات التي توفرها :تساعد هذه األنظمة المعلوماتية على
إنجاز المهام بتحقيق أعلى مستويات الفعالية ،بخاصة ما تعلق بتلك المستهلكة لكميات
كبيرة من المعلومات على غرار التخطيط و اتخاذ الق اررات(.)1
ثانيا-الفترات التي مرت بها نظم معلومات إدارة الموارد البشرية :مرت هذه النظــم بفتـ ـ ـ ـرات
ثالث تماشيا و التقدم الذي عرفته الحواسيب ،كاآلتي:
-1فترة سنوات الستينات و السبعينات :التي يمكن اعتبارها بداية إيالء األهمية لهذه النظم
المعلوماتية ،و التي توصف كونها بداية بطيئة.
-2فترة الثمانينات :إنها الفترة التي عرفت حقا استخدام نظم معلومات إدارة الموارد البشرية
لكن هذا اإلستخدام نجده مقتص ار على عدد قليل من العمليات مثل تخ ـزين و است ـ ـرجاع
المعلومات بكميات محدودة ،إال أن التطور المتسارع الذي شهدته الحواسيب قد مكن بعد
ذلك من تخزين كميات أكبر من المعلومات و القيام بعمليات حسابية أعقد(.)2
-3فترة التسعينات :عرفت هذه العشرية من القرن العشرين بانتشار الحواسيب الشخصية و
ظهور برمجيات مخصصة إلدارة الموارد البشرية ،مما أدى إلى المزيد من التطـ ــور في
مجال نظم معلومات إدارة الموارد البشرية.
ثالثا-األهداف المتوخاة من استخدام هذه النظم :لقد دعت الحاجة إلى إدارة الموارد البشرية
وفق أحسن الطرق و اإلستفادة من كفاءة و خبرة عناصرها على الوجه األكمل إلى اإلستعانة
بما توصل إليه مجال اإلعالم اآللي من تطور ،وذلك تحقيقا لعدد من األهــداف التي يتسن ــى
جمعها فيما يلي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1عبد المجيد عطار ،وهيبة بوربعين " ،نظم المعلومات في تنمية الموارد البشرية ،بين الكفاءة و الفاعلية" ،مركز النور للدراسات ،تاريخ اإلطالع:
( )2020/11/14على الرابطhttps://www.alnoor.se/article.asp?id=320228. :
157
-1األهداف المتعلقة بالوظائف :حيث تقدم نظم معلومات إدارة الموارد البشرية خدمـات في
مجال الوظائف من خالل توصيفها بشكل كامل مع بيان المتطلبات المتصلة بها و كذا
المؤهالت التي يشترط توفرها في األفراد المشتغلين بها.
-2األهداف المتعلقة بحاجات المنظمات من الموارد البشرية :تساعد هذه النظم المعلوماتية
على اإللمام بحاجات المنظمة من الموظفين و العمــال مع مقابل ـة ذلك بما يتوف ـ ـ ــر من
عناصر مؤهلة داخل المنظمات و خارجها .في هذا الصدد يمكن لهذه النظم أن تق ـدم
معلومات وافية عن الكفاءات التي يمكن استقطابها.
-3األهداف المتعلقة بالموظفين :في هذا المجال يمكن لنظم المعلومات هذه أن تساعد في
إدارة كل ما تعلق بالظروف المهنية لألفراد ضمن المنظمة كوضع الملفات التي تحتوي
البيانات الشخصية من جنس ،و سن ،و مستوى تعليمي ،و الحالة االجتماعية ،ع ـ ـالوة
على تنظيم مجمل العمليات اإلجرائية المتصلة باألفراد كالتعيين ،و العطل مثال.
هي تستخدم أيضا لإلستفادة من البيانات التي توفرها بمناسبة تنمية مهارات العمال.
المطلب الثاني :الدور الذي تؤديه نظم معلومات إدارة الموارد البشرية.
يفرض تشغيل العنصر البشري تحديات على نظم المعلومات إذ أن المنظمــات ال يمكن ـها
أن تعتبر ما يحمله األفراد من خبرات و كفاءات و مهارات ضمن ممتلك ـاتها مثلما هو الحال
بالنسبة للموارد األخرى ،فانتماء الموظفين و العمال للمؤسسات نجده يخضع لشروط مضمنة
في عقود العمل ،مما يؤدي إلى الضغط على نظم معلومات إدارة الموارد البشرية ألداء دورها
على أحسن وجه على صعيد التوظيف ،و تسيير األجراء و كذلك ضمان متابعة تدفـ ـ ــق مورد
هو في تطور مستمر كما أنه غير قابل للمراقبة سوى بشكل جزئي(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Robert REIX, Op.cit., p.167.
158
يتمثل دور نظم معلومات إدارة الموارد البشرية في األوجه التالية:
أوال-في تخطيط الموارد البشرية :تلعب هذه النظم المعلوماتية دو ار حيويا في تخطيط الموارد
البشرية باعتمادها على الوسائل التكنــولوجية كالحواسيب و على البرمجيـات المتخصصة ،إذ
يتسنى إعداد خطط متعلقة بالمدى القصير و المتوسط و الطويل كفيلة بتوفير معرف ــة مسبقة
عن طبيعة الحاجة إلى اليد العاملة ،و طلبات التشغيل المتوفرة ،و تطوير خط ـط ق ــادرة على
تغطية الحاجات من الموارد البشرية(.)1
ثانيا-في عملية التوظيف :تظهر فعالية نظم معلومات إدارة الموارد البشرية من حيث ما لها
من مقدرة على إحصاء ما يرد من طلبات التشغيل و معالجتها و متابعتها ،كما أنها تعد من
الوسائل الضامنة لتحقيق الشفافية لدى دراسة هذه الطلبات.
ثالثا-في تقييم األداء :يطال التقييم األشخاص و المنظمات إذ يسمح المتوفر من البيانات و
المعلومات برسم صورة عن كل فرد من حيث تطوره إلى النجــاح في المهمة التي أوكلت إليه
في الوقت الح ـالي ،و ما رصد من حاجات إلى التدريب على أساس نقــاط القــوة و الضعــف،
و يسمح كذلك بالوقوف على ما تتوفر عليه المنظمات من مهارات.
رابعا-إعداد برامج التدريب :إن الخدمة التي تقدمها النظم المعلوماتية في هذا المجال تتمثل
في تبا دل المعارف و الخبرات و تقاسمها باستعمال الشبكات المعلوماتية التي تسمــح بالقيــام
بالعمل الجماعي.
خامسا-الوقوف على تطور أداء األفراد :من بين الوظائف التي تؤديها نظم معلومات إدارة
الموارد البشرية نجد تسجيل جميع حيثيات التحاق األفراد بالمنظمات بل و ما يتعلق بما قبل
هذه المرحلة أين يتم البحث عن مؤهالت و خبرات معينة في قواعد بيانات مخصصة لذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قصي علي عمار ،مرجع سابق ،ص .84
159
فتسجل كل الظروف التي الزمت مسارهم المهني من شأنه التمكين من الوقوف على طبيعة
قدراتهم و كفاءاتهم.
سادسا-في إنجاز العمليات المتصلة بالرواتب و األجور :في هذا الصدد توفر هذه الوسيلة
الدقة في إعداد القوائم المتعلقة بالرواتب و كذلك السرعة في إنجازها.
160
خالصة الفصل الثامن:
توصف الموارد البشرية بكونها حيوية في المنظمات على غرار باقي الموارد مما ح ـ ـ ــذى
بالباحثين إلى إيالئها أهمية كبيرة تتجلى في التعاريف التي تم إنتاجها .بالفعل يشير المورد
البشري إلى الخبرات و الكفاءات و القدرات الذهنية و كذا المعارف التي تتطلبها النشاطات
الجارية بالمنظمات .في هذا الصدد تؤدي إدارة الموارد البشرية دو ار ال يستهان به من خالل
استقطاب األفراد و اإلستفادة من خبراتهم و تطويرها .لذلك تتعدد أوجه إدارة الموارد البشرية
حيث بوصفها تخصص نجدها تبحث في طرق الحصول على المستخدمين ،و في كيفيات
تحفيزهم ،و أيضا في مناهج ضبطهم.
من جهة أخرى تظهر إدارة الموارد البشرية كوظيفة تعنى بشؤون اإلستخدام األمثل لألفراد ،و
أما بوصفها ممارسات رسمية فهي تشير إلى تسيير المستخدمين ،و العالقات االجتماعية و
إجراءات إدماج الموظفين و العمال.
إن المكانة التي تحتلها الموارد البشرية بالنسبة للمنظمات قد دفعت بهذه األخيرة إلى مباشـ ـ ـرة
عملية استخدام نظم معلوماتية فرعية لنظم معلومات التسيير إذ ترجع اإلنطالقة إلى ستينات
القرن العشرين قبل أن تشهد هذه الوسائل تطو ار كبي ار منذ منتصف سنوات التسعينات.
ثمة أهداف عدة تقف وراء هذا اإلستخدام فإلى جانب الرغبة في اإلستفادة من الخدمات التي
تقدمها في مجال توصيف الوظائف ،هناك ضرورة اإللمام بحاجات المنظمات من العمال ،و
كذلك الحصول على المساعدة في إدارة ما تعلق بالظروف المهنية لألفراد.
إن الدور الذي تلعبه نظم معلومات إدارة الموارد البشرية متعدد األوجه سيما و أن األمر ذو
صلة بمورد يختلف عن باقي الموارد من حيث عدم قدرة المنظمات على اعتباره ملكا لها.
ففي مجال تخطيط الموارد البشرية تساعد هذه النظم على توفير معرفة مسبقة عن احتياجات
المنظمات إلى الموظفين و العمال و ما يتوفر من طلبات التشغيل ،و ضمان الشفافيـ ـ ـ ـة في
دراستها .و أما على صعيد تقييم األداء فهي تقدم بيانات عن نسبة تطور كل فرد في مهمته
مع بيان حاجته إلى التدريب .توفر هذه النظم كذلك الفرصة للبحث في قواع ـ ـد البيانات عن
161
أفراد ذوي مهارات معينة ،إضافة إلى دورها في ضمان الدق ـة و السرع ـة في إع ـداد القوائـ ـم
المتعلقة بالرواتب.
162
الفصل التاسع :متطلبات المعلومات و جمع البيانات
التخاذ القرارات.
163
الفصل التاسع :متطلبات المعلومات و جمع البيانات التخاذ الق اررات.
تتغذى الق اررات على المعلومات و البيانات إذ تعمل هذه األخيرة على تحديد طبيعة القرار
المتخذ من ناحية توفره على معايير الجودة ،و أن غيابها أو توفرها لكن بكميات غير كافية،
أو عدم تناسب نوع القرار المرجو اتخاذه و نوعية المعلومات التي توصل إليها متخذ القـ ـ ـرار
هي عوامل من شأنها أن تنتج ق اررات غير ذات جودة.
يضاف إلى ذلك ما يوجد من تمايز بين الق اررات تبعا للمستويات التنظيمية التي اتخذت فيها
و بالنظر إلى أن المنظمات تتنوع بفعل اإلختالف الموجود في أحجامها و نمـ ـ ـط هيكلتها ،و
كذا طبيعة النشاطات التي تؤدى بها ،فهي جميعها عوامل تدل على حاجة كل قـ ـ ـرار لتوفير
نوع معين من المعلومات و بالكميات المطلوبة.
لكن المعلومات هي في األصل بيانات جمعت من مصادر مختلفة و تم إخض ـ ـاعها لسلسة
من العمليات لمعالجتها حتى يستفاد منها عند مباشرة السيرورة التقريرية.
في هذا الفصل سيعمد في مبحث أول إلى ولوج موضوع أبرز المتطلبات التي يجب توفيرها
في المعلومات المستخدمة في عملية اتخاذ القرار ،في حين سيعرض مبحث ثاني إلى طرق
جمع البيانات.
تختلف متطلبات المعلومات التي تتغذى عليها عملية صناعة القرار حيث يتماشى ذلك و
جملة من الحيثيات ،من جهة أخرى يمكن الحديث عن القيم ـ ـ ـة التي يمكن منحها للمعلومات
للتمكن من اإلستفادة منها على وجه حسن.
164
المطلب األول :متطلبات المعلومات بالنسبة للمستويات التنظيمية.
إن المعلومات الجاري توظيفها في العملية التقريرية ال تتساوى من حيث الطبيعة و الكمية
و كذا الشكل الذي تقدم به بالنسبة لكل أنواع الق اررات ،و أيضا من حيث الجهة المقبلة على
صناعة الق اررات ،إذ يالحظ وجود اختالف على هذا الصعيد .و في هذا الصدد يشار إلى ما
يوجد من اختالف في طبيعة المعلومات التي يحتاج إليها كل مستوى تنظيمي.
أوال-متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى اإلستراتيجي :لقد أشرنا أعاله بأن هذا المستوى
يشغل الموقع األعلى بالنسبة للتسلسل الرئاسي ألي منظمة و هو يسمى أيضا باإلدارة العليا،
و أما من حيث طبيعة الق اررات التي تتخذ به فاألمر يتعلق بتلك الطويلة المـ ـ ـدى بمعنى التي
تتصل بمستقبل المنظمة ،لذا فإن المعلومات التي يجــري توظيفها في هذا اإلطــار تك ـ ــون من
قبيل تلك التي "يتم استخدامها كوسيلة إلحداث التغيير أو التطوير المرغوب في المنظمة"(.)1
ثم أنها تتصف بقلة تكرارها و باختصارها و ضعف دقتها مما يمكن القيادة من استيعابها(.)2
أما من حيث المصادر التي يستمد منها هذ المستوى المعلومات التي يحتاج إليها فإنها تتنوع
إلى تلك الداخلية التي تتعلق بالحجم المستقبلي للطلب ،و ما تم تحقيقه فعليا كمبيعات ،و ما
يتوفر من حيث الموارد و مختلف اإلمكانيات ،إلى غير ذلك من عناصر القـ ـ ـوة أو الضعف،
بينما يتمثل ما يرد إلى المستوى المذكور من البيئة الخارجية للمنظمة في "التقارير الحكومية،
و الدراسات الديمغرافية ،و الممارسات التجارية ،و استقصاءات السوق و منظمات البحوث و
الدراسات ،و وسائل اإلعالم العامة"(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1ثابت عبد الرحمان إدريس ،مرجع سابق ،ص .108
( )2عبد هللا حمود سراج" ،أهمية خصائص المعلومات في بناء اختيار ق اررات المنظمة" ،مجلة العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،العدد ،04جامعة سطيف،
www.asjp.cerist.dz. ،2005ص ،134تاريخ اإلطالع ،)2020/12/12( :على الرابط:
165
ثانيا-متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى التكتيكي :يشار كذلك إلى هذا المستـ ــوى كونه
اإلدارة الوسطى ،كما يعرف عن الق اررات التي تتخذ به كونها من النـ ـوع الشبه روتيني و أن
المدة الزمنية التي تختص بها هي أقل من تلك المتعلقة بالمستوى التنظيمي اإلستراتيجي .من
حيث متطلبات المعلومات المستخدمة من طرف هذا المستوى فاألمر يتصل بكمية كبيرة من
"البيانات الداخلية التفصيلية عن الحسابات و المبيعات و المخزون ،و اإلنتاج و جداوله و
الشراء ،و حجم المبيعات ،و عدد و نوع العاملين"(.)1
إلى جانب ذلك يحتاج متخذ القرار في هذا المستوى التنظيمي إلى معلومات تتصف بدرجة
متوسطة أو عالية من الدقة ،و أن تكون مفصلة و حديثة و كذلك متكررة (.)2
ثالثا-متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى التشغيلي :حيث تواج ــد المستويات الدني ـ ـا التي
تختص بالقيام باألنشطة اليومية الروتينية المتعلقة بمدة زمنية أقل بكثير مما عليه الوضع في
المستويات التنظيمية األخرى .لذا فإن هذا المستوى يتطلب توافر معلـومات على جانب كبير
من الدقة مع تميزها بدرجة أكبر من حيث التكرار ،كما يعرف عن هكذا مستوى استخ ـ ــدامه
لمعلومات جد مفصلة و متعلقة مباشرة بموضوع القرار(.)3
المطلب الثاني :قياس جودة الق اررات على أساس قيمة المعلومات.
كثي ار ما يوصف القرار الذي تم اتخاذه كونه يشتمل على مقاييس الجودة مع العلم أن هذه
األخيرة إنما تقاس على أساس المعلومات التي دخلت في السيرورة التقريرية .لذا فقد عمد إلى
إفراد جانب كبير للبحث في مسألة ما تتضمنه المعلومات كقيمة حيث تم التوصل إلى إنتاج
أدبيات كثيرة اهتمت بهذا الجانب الذي يكتسي أهمية أكيدة في صناعة القرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1ثابت عبد الرحمان إدريس ،مرجع سابق ،ص .110
( )2عبد هللا حمود سراج ،المقال المذكور سابقا ،ص .134
166
أوال-تعريف قيمة المعلومات :ليس ثمة اتفاق بخصوص هذه المسألة بين الدارسين إذ يمكن
اإلشارة بصفة عامة إلى وجود اتجاهين في هذا المجال كما يلي:
-1اتجاه يعمل على تحديد قيمة المعلومات قياسا باستخراج المعلومة من طرف الجهة التي
تتخذ القرار ،فكلما وثقت هذه الجهة في المعلومة المستخدمة كونها استخرجتها بنفسـ ــها،
زادت قيمة المعلومة تلك.
-2اتجاه يقيس قيمة المعلومات بناء على مدى الثقة بالشخص أو الجهة التي استخرجتها،
فكلما توفرت معرفة كافية بهذه الجهة ،أو أن طبيعة اإلثباتات تكفي للوثوق بالمعلومات
تلك ،كلما زادت قيمة هذه األخيرة(.)1
ثانيا-مداخل تحديد قيمة المعلومات :يستوجب تحديد قيمة المعلومات أن يستعان بجملة من
المداخل كونها عملية تنطوي على عدد من الصعوبات بخاصة إذا تعلق األمر بالجديدة منها
فمتخذ القرار مطالب بمعرفة تكلفة الوصول إلى المعلومات المطلوبة ،و مدى نفعــها في حــل
المشكلة ،و أن يعمل في ظل ما يفرض عليه من قيود كنقص الموارد ،و ضيق الوقت.
تتمثل المداخل المشار إليها فيما يلي:
-1مدخل القيمة االقتصادية :يعتمد هذا المدخل في تحديده لقيمة المعلومات على درجة ما
يتوفر عليه القرار الذي بني على أساسها من نتائج إيجابية ،و بذلك فإنه مدخل يفترض
بأن المعلومات ال تتضمن قيمة ذاتية بل هي رهن بالنتيجة التي أفضى إليها القرار(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شمس ضيات خلفاوي" ،قيمة المعلومات في اتخاذ الق اررات" ،ملتقى الباحثين السياسيين العرب ،تاريخ اإلطالع ،)2020/12/08(:على الرابط:
www.arabprf.com.
167
-2مدخل منفعة المعلومات :بعكس المدخل المشار إليه آنفا فإن ذلك المبني على منفعة
المعلومات يقول باحتواء هذه األخيرة على قيمة ذاتية تتحدد بناء على ما تحتـ ـ ـويه من
خصائص داخلية ،و على هذا النح ـو فإن الجهة المستخدمة للمعلومات تجـ ـري عملية
تحديد لقيمتها على أساس الخصائص تلك باإلشارة إلى أبعادها اإليجابية و السلبية.
-3مدخل اقتصاديات المعلومات :يعتمد هذا المدخل في تحديده لقيمة المعلومات على
سلوك الجهة المتخذة للقرار إذ تبنى على قيمة هذا األخير .و في سبيل الوصول إلى
هذه النتيجة يستعان باألساليب العلمية التي تساعد على إجراء تحليل لكل ما يتعلق
بالمسائل االقتصادية الخاصة بالمعلومات .إن هكذا مدخل يتطلب "المعرفة بق ـ ـواعد
الق اررات و بالنتائج االقتصادية المترتبة على البدائل المختارة ،فضال عن تحديد بيئة
العمل تحديدا دقيقا"(.)1
تكتسي البيانات أهمية كبيرة بالنسبة لجميع العمليات التي تحتاج إليها و تستخدمها فهي و
إن لم تتم معالجتها تحمل في ثناياها المادة الخام األساسية التي يعمــد إلى جمعها من شت ــى
المصادر و بأساليب مختلفة.
نظ ار لإلستخدامات المختلفة للبيانات و في ميادين كثيرة وجب الوقوف على المعنى الذي
تحمله و كذلك مميزاتها و أنواعها.
أوال-تعريف البيانات :إن التعاريف التي تم إنتاجها في هذا المجال كثيرة بالنظر إلى أهمية
هذا الجانب المتصل بحياة األفراد و كذا المنظمات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شمس ضيات خلفاوي ،المقال المذكور سابقا.
168
ثمة من نظر إلى البيانات كونها "حقائق و أرقام مشوشة و غير مرتبة و مزدحمة بحيث ال
يمكن استخراج أي حكمة ،أو قاعدة منها قبل أن يتم معالجتها".
كما ينظر إليها أيضا كونها "عبارة عن األعداد و األحرف و األبجدية و الرموز التي تقوم
بتمثيل الحقائق و المفاهيم بشكل مالئم يمكن من إيصالها و ترجمتها و معالجتها".
و أما فيما تعلق بالمعلوماتية فالبيانات تصبح " هي المدخالت إلى جهاز الكمبيوتر بهـ ـ ــدف
تشغيلها و معالجتها داخل الجهاز و الحصول على المخرجات في صور المعلومات"(.)1
يظهر من هذه التعاريف و من أخرى االتفاق العام الموجود حول اعتبار البيانات كمجموعة
من الرموز و الحروف و الصور واألرقـ ـام ذات العالقة بموضوع معين ،و أنها "دون معنى،
أو ذات معنى بسيط بسبب عدم توفر السياق الذي يمكن من خالله تقييمها أو فهمها"(.)2
ثانيا-أصناف البيانات :تنقسم البيانات بصفة عامة إلى صنفين كما يلي:
-1البيانات النوعية :و يتعلق األمر بتلك البيانات التي تكتفي بوصف موضوع معين دون
أن تستخدم فيها األعداد ،حيث ينقسم هذا الصنف إلى البيانات اإلسمية التي تعتمد في
اإلشارة إلى المواضيــع على ما يمتلكــه هذا األخير من خصائص ،إلى جانبه ـ ــا نجد ما
يدعى البيانات الترتيبية التي تقدم ترتيبا لعناصر الموضوع(.)3
-2البيانات الرقمية :تدل هذه التسمية على طبيعة هذا الصنف الذي تستعمل فيه األعداد
للتعبير عن المجال المعني بجمع البيانات ،و هو يضم قسمين حيث يتعلق أولهما بتلك
الفترية أي التي يعمد فيها إلى قياس الذكاء مثال في مجاالت على غرار العلوم التربوية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( " )1الفرق بين البيانات و المعلومات" ،مدونة عبد الكريم خيطاس ،دليل اإلداري و المسير المالي في الجزائر ،تاريخ اإلطالع ،)2020/12/15( :على الرابط:
https://khitasabdelkarim.wordpress.com.
( )2حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .303
(" )3جمع البيانات تصنيفها و ترميزها" ،تاريخ اإلطالع ،)2020/12/14( :على الرابطhttps://nitrosystem.net. :
169
و النفسية و االجتماعية ،و أما القسم الثاني فيشار إليه بتسمية البيانات النسبية التي
يقصد بها مثال في حال منح قيمة صفرية لظاهرة ما أنها حقيقية.
هناك طرق مختلفة لجمع البيانات التي يرجى استخدامها في السيرورة التقريرية و كذلك
في إنجاز البحوث و إعداد التقارير.
-1المصادر األولية :و يتعلق األمر بتلك البيانات التي عمل متخذ القرار على جمعها
بنفسه من مصادرها و هي تهم موضوع القرار بحد ذاته.
-2المصادر الثانوية :و هي البيانات التي تم جمعها من طرف أفراد أو منظمات أخرى
إذ جرى استخدامها في مشكالت أو مواضيع أخرى ،و يعمد إلى توظيفها في الق ـ ـ ـ ـرار
الجاري اتخاذه(.)1
ثانيا-الطرق التي تجمع بها البيانات :تجمع البيانات التي تستخدم من طرف األشخاص و
المنظمات باعتماد طرق و أدوات كما يلي:
-1جمع البيانات من مصادرها :بمعنى اإلنتقال إلى أماكن تواجد البيانات ألجل جمعها
باستخدام إحدى الطريقتين التاليتين:
أ-إجراء مسح شامل :تدل تسمية هذه الطريقة على شمول عملية الجمع للمجتمع الذي
سيمسه الق ـرار بكليته مع ما يترتب على ذلك من حصر لكل البيانات و المعطيات
المرغوب جمعها بالنسبة لإليجابيات ،لكن مع ارتف ـاع التكاليف من حيث الجهـ ـد ،و
الوقت ،و المال من جانب سلبيات هذه الطريقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1حسين أحمد الطراونة ،محمد ياسين موسى ،مرجع سابق ،ص .325
170
ب-القيام بالمعاينة :كثي ار ما يلجأ إلى هذه الطريقة في البحوث اإلحصائية بخاصة في
حال تعذر إجراء ذلك على مجتمع الدراسة برمته ،لذلك يتم اختيار عينة تمثيلية له.
-2أدوات جمع البيانات :يتسنى حصر أنواع األدوات المستعملة في جمع البيانات في
صنفين هما:
أ-األدوات ذات الطابع المباشر :يتم عن طريق هذا النوع من األدوات اإلقتراب من
مصادر البيانات بغرض جمعها باستعمال أساليب اإلستبيان ،و المقابلة ،و أيضا
المالحظة.
ب-األساليب غير المباشرة :إذ تستخدم في هذه الحالة وسائط مثل إرسال اإلستمارات
إلى المصدر باستعمال وسائل كالرسائل ،أو الهاتف ،أو اإلنترنت(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(" )1جمع البيانات تصنيفها و ترميزها" ،مرجع سابق.
171
خالصة الفصل التاسع:
ال توجد إمكانية التخاذ ق اررات في غياب البيانات و المعلومات بخاصة و أن هذه األخيرة
تؤثر في جودة الق اررات و تحدد شكلها ،و في هذا الصدد هناك متطلبات خاصة بالمعلومات
التي يجب أن تتوفر بالنسبة للمستويات التنظيمية ،إذ يستخدم المستوى اإلستراتيجي الذي فيه
تصنع الق اررات الطويلة المدى التي تمس بمستقبل المنظمات معلومات تتصف بقلة تكرارها و
اختصارها و عدم دقتها و هي أيضا معلومات ترد من كال البيئتين الداخلية و الخارجية.
بينما يستعين المستوى التكتيكي بكميات كبيرة من البيانات التفصيلية الداخلية لتتغذى عليها
الق اررات الشبه روتينية.
هذا و يوظف المستوى التشغيلي معلومات شديدة الدقة و متكررة تستعمل في نشاطاتها ذات
الطابع اليومي الروتيني.
تقاس المعلومات بما تتوفر عليه كقيمة هذه األخيرة التي تبنى على عنصر الثقة التي يمنحها
إياها مستخدمها ،أو على أساس الثقة بالجهة التي استخرجتها.
من حيث المداخل يتسنى تقييم المعلومات من الجانب االقتصادي على أساس ما تنتهي إليه
من نتائج إيجابية ،كما تقيم من حيث احتوائها على قيمة ذاتية ،أو من ناحية سلوك الط ـ ـ ـرف
الذي يتخذ القرار.
تجدر اإلشارة إلى أن المعلومات تمر بمرحلة أولية سابقة لعملية المعالجة حين تكون عبـ ـ ـ ـارة
عن بيانات مختلفة على شكل حقائق و أرقام ،و رموز ،و أحرف ،أي أنها ذات طابع نوعي
عندما تصف ظاهرة ما ،أو هي رقمية حين تضفي الشكل الكمي على الموضوع قيد البحث.
ثمة طرق عدة لجمع البيانات من المصادر األولية و الثانوية إذ يتم ذلك بإجراء مسح شامل
للمجتمع الذي تنتج عنه البيانات ،أو اإلكتفاء بأخذ عينة تمثيلية له .أما من جانـ ـ ـب األدوات
فاألمر يتنوع إلى استخدام أسلوب اإلستبيان ،و المقابلة ،و المالحظة ،و إرسال اإلستمارات
باستعمال وسائل مختلفة.
172