You are on page 1of 172

‫المحور األول‪ :‬نظريات اتخاذ القرار‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القرار و خصائصه‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القرار و خصائصه‪.‬‬

‫قد يبدو للوهلة األولى أن الق اررات هي من قبيل الظواهر التي ال تحتاج إلى الوقوف على‬
‫العناصر التي يتضمنها مفهومها ذلك أنها جزء ال يتج أز من حياة األفراد و المنظمات و كذا‬
‫المؤسسات‪ ،‬و أن نصيبا كبي ار منها يتخذ تقريبا بطريقة ال إرادية كونها روتينية و متكررة‪.‬‬

‫مع ذلك تعد الق اررات من المجاالت المهمة التي يجب القيام بضبط معناها لغة و اصطالحا‬
‫و العمل على استعراض مجمل التعاريف التي تم إنتاجها في منظور العلوم التي اهتمت بها‬
‫بوصفها مجال علمي‪.‬‬

‫و أما األهمية التي تكتسيها الق اررات و المنوه عنها أعاله فهي تتحدد وفق طبيعة ما يترتب‬
‫عليها من تبعات بالنسبة لألفراد و خصوصا المنظمات‪.‬‬

‫إن الجماعات و المنظمات و المؤسسات يتجسد فيها المعنى الحقيقي لصناعة القرار عندما‬
‫يقصد به بذل مجهود مشترك في سبيل تحقيق أهداف أو العمل على إيجاد حلول لمشكالت‬
‫طارئة‪.‬‬
‫لذلك فإن المسؤولية التي تقع على كاهل قادتها يتجسد من خالل تحري الجودة فيها‪.‬‬

‫كان يجب في مستهـ ـل هذا العم ـل الوقوف على ما للقـ ـرار من معنى و من ثم ولوج ما يحمله‬
‫من خصائص و ما يكتسيه من أهمية‪ ،‬بحيث تم التطـرق إلى ذلك في هذا الفصل في مبحـث‬
‫أول حدد مفهـوم القرار‪ ،‬و مبحث ثان كان الهدف منه هو إظهار خصائص و أهمية القرار‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم القرار‪.‬‬

‫إن األهمية التي يكتسيها القرار في حياة األفراد و المنظمات تجعل من الضروري أن يتم‬
‫ضبط المفهوم من خالل تعريفه لغة و اصطالحا ليتبع ذلك بإظهار الفرق بين اتخاذ القرار و‬
‫صناعته‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف القرار‪.‬‬

‫لقد تم إنتاج تعاريف عدة بشأن القرار بالنظر إلى األهمية التي يكتسيها في حياة األفراد و‬
‫المنظمات باختالفها فثمة تعاريف من وجهة نظ ـر سياسية‪ ،‬و أخرى تتعلــق بالنشاط اإلداري‪،‬‬
‫و كذلك تلك الق اررات التي تم تعريفها من الجانب القانوني‪.‬‬

‫ما يمكن استنتــاجه من األدبيــات المهتمــة بالق ـرار هو إنتاج أكثر من تعريف واحد من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية نجد بأن مضمون التعاريف يحمل تقريبا نفس المعنى‪.‬‬

‫أوال‪-‬المعنى اللغوي للقرار‪ :‬ينتمي لفظ "القرار" بالمفرد و الذي جمعــه "قـ ـ اررة" إلى المصدر‬
‫"ق ـ ــر" فيقال "الق ـ ـرار" بمعنى "مستق ـ ــر ثابت"‪ ،‬و من ذلك يصبح أهل الق ـ ـرار "أهل الحضر و‬
‫المستقرون"‪ .‬و من ال قرار له يحمل معنى "غير الثابت" و أيضا "من ال يستقر على رأي"‪.‬‬
‫القرار هو في اللغة كذلك "الرأي يمضيه من يملك إمضاءه‪ ،‬وهو أمر يصدر عن صاحب‬
‫النفوذ" (‪.)1‬‬

‫من حيث اللغة يقال بأن فـ ـالنا قرر أي أنه " سكن و اطمأن‪ ،‬و قــرر األمــر رضى عنه و‬
‫أمض ـاه‪ ،‬و تقــرر األمر أي ثبت و استق ــر‪ ،‬و القرار ما انتهى إليه األمر" (‪.)2‬‬

‫يمكننا كذلك أن نســوق بشأن ضبـط المعنى اللغـوي للق ـرار ذلك التع ـ ـ ـريف الذي ذهب إلى أن‬
‫الق ـرار يقصد به "اختي ــار الطريق أو المسلك أو المنهـ ــج أو الحل األفضل‪-‬األحسن‪ ،‬من بين‬
‫عدة طرق أو مسالك أو مناهج أو حلول متكافئة‪ ،‬كما يعني القرار كذلك الوصول إلى الغاية‬
‫أو تحقيق الهدف" (‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قاموس المعاني‪ ،‬تاريخ اإلطالع (‪ )2019/11/27‬نقال عن الرابط التالي‪http :www.almaany.com.:‬‬

‫(‪ )2‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬دعم الق اررات في المنظمات‪( ،‬دون مكان النشر‪ ،‬و دار النشر‪ ،‬و سنة النشر)‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫(‪ )3‬عمار عوابدي‪ ،‬نظرية الق اررات اإلدارية بين علم اإلدارة العامة و القانون اإلداري‪ ،‬الجزائر‪ :‬المؤسسة الجزائرية للطباعة‪ ،1988 ،‬ص ص ‪.18-17‬‬

‫‪4‬‬
‫ثانيا‪ -‬التعريف اإلصطالحي للقرار‪ :‬يمكن القول بأن تعريف القرار قد ساهم فيه بشكل عام‬
‫نوعين من العل ــوم كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬علــم اإلدارة العامة‪ :‬الذي يمكن أن يدرج ضمنه ما يسمى بالقرار التنظيمي‪ ،‬و هو مج ـ ـال‬
‫يرى أصحابه بأن القـرار "عملية اختيـار بديل من مجموعة بدائل للتوصل إلى البديل المناسب‬
‫بشأن موضوع معين"(‪ ،)1‬ذلك أن القرار في اإلدارات و المنظمات عبارة عن‪:‬‬

‫"حالة تستوجب التعامل معها‪ ،‬و قد تكون هذه الحالة‬


‫مشكلة تواجه المنظمة و تستدعي العمل على حلها‪،‬‬
‫أو فرصة متاحة أمام المنظمة يجدر بها أن تغتنمها‬
‫و عليه‪ ،‬فإن القرار التنظيمي بهذا السياق يمثل تصرفا‬
‫أو استجابة تصدر عن الجهة المسؤولة في المنظمة‬
‫و المعنية بحل هذه المشكلة أو اغتنام تلك الفرصة‪،‬‬
‫سواء كانت هذه الجهة فردا أو جماعة"(‪.)2‬‬

‫يمكننا أن نسوق تعاريف أخرى للقرار في نطاق علم اإلدارة لنعتبره "اختيار ألحسن البدائ ـ ـ ـ ــل‬
‫المتاح ـة بعد دراسة النتائج المتوقعة من كل بديل و أثرها في تحقي ـ ـق األهداف المطلوبة"‪ ،‬و‬
‫أيضا أنه عبارة عن "اختيار أنسب و ليس أمثل البدائل المتاحة أمام القرار‪ ،‬إلنجـ ـ ـ ـ ــاز الهدف‬
‫أو األهداف المرجوة‪ ،‬أو حل المشكلة التي تنتظر الحـ ـ ـل المناسب" و هو كذلك "العمل الذي‬
‫يقوم به المدير لتقرير و حسم الموقف و المسائل مع استخدام الحكم الشخصي"(‪.)3‬‬

‫‪-2‬علم القانون‪ :‬إنه المجال الذي ينظر فيه إلى القرار كونه "عمل قانوني نهائي يصدر من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬الجزائر‪ :‬شركة دار األمة‪ ،2011 ،‬ص ‪.15‬‬

‫(‪ )2‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬اتخاذ الق اررات التنظيمية في منظمات األعمال‪ ،‬عمان‪ :‬دار األيام للنشر و التوزيع‪ ،2014 ،‬ص ‪.27‬‬

‫(‪ )3‬عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.20-19‬‬

‫‪5‬‬
‫سلطة إدارية عامة‪ ،‬بإرادتها المنفردة إلحداث آثار قانونية معينة"(‪.)1‬‬

‫إن الجمع بين العلمين يتيح إنتاج تعريف شامل للقرار يرى بأن هذا األخير هو "اختيار إرادة‬
‫منفردة لبديل مناسب في ضوء بعض المتغيرات لتترتب آثار قانونية معينة"(‪.)2‬‬

‫و ألجل إبراز عملية اإلختيار التي ينجزها متخ ـذ الق ـ ـ ـ ـرار بمناسبة المفاضلة بين مجموعة من‬
‫البدائل ‪ ،‬و أيضا بالنظ ــر إلى ضرورة التأكيـ ــد على التمييـ ــز بين القرار و الفع ــل المترتب عليه‬
‫يمكن القول بأن القرار هو‪:‬‬

‫"التزام بتصرف واع قابل للتنفيذ بأقل ما يمكن من‬


‫التكاليف و أقصى العوائد‪ ،‬يصدر عن فرد أو‬
‫مجموعة من األفراد في المنظمة اتجاه حل المشكلة‬
‫أو اغتنام فرصة أو التعامل مع موقف معين في‬
‫ظل وجود أكثر من حل أو بديل يتم المفاضلة بينها‬
‫بعد الدراسة و التحليل بهدف اختيار بديل واحد من‬
‫بينها باعتباره الحل األمثل أو األكثر مالءمة بالنسبة‬
‫(‪.)3‬‬ ‫للمنظمة من أجل تحقيق هدف أو مجموعة من األهداف"‬

‫ثالثا‪-‬عناصر القرار‪ :‬من التعاريف التي حاولت أن تحصر القرار كعملية يمكن استخالص‬
‫جملة من العناصر التي تتألف منها كما يلي (‪:)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫(‪ )3‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫(‪ )4‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.32-30‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-1‬الجهة المتخذة للقرار‪ :‬يمكن للق ـ ـ ـرار أن يكون فرديا بحيث يتخـ ـذه فرد واحد‪ ،‬أو أن يكون‬
‫جماعيا بمعنى أنه يتم اتخاذه من طرف جماعة من أفراد‪.‬‬

‫‪-2‬الموقف الذي يتطلب القرار‪ :‬يتعلق األمر بحدث يستدعي اتخاذ قرار بحيث يتمثل المبدأ‬
‫في هذا المجال في ضرورة وجود ظرف يستوجب القرار‪ ،‬و الظرف المشار إليه إما أن يكون‬
‫مشكلة تتطلب حال أو فرصة يجب اقتناصها‪.‬‬

‫‪-3‬مجموعة بدائل‪ :‬يمكن القول بأنها عبارة عن مجموعة من الحلول المقترحة لحل المشكلة‬
‫أو أنها الخيارات المطروحة أمام متخذ القرار‪.‬‬

‫‪-4‬عملية اإلختيار‪ :‬خالل السيرورة التقريرية يجري ما يسمى بالمفاضلة بين بديلين أو أكثر‬
‫بشكل يهتدي به متخذ القرار إلى الحل الذي يراه األكثر مالءمة للمشكلة الطارئة‪.‬‬

‫‪-5‬التحليل و الدراسة‪ :‬ينم القرار عن الوعي عند اتخاذه خصوصا حينما يعمد صاحبه إلى‬
‫دراسة و تحليل البدائل التي توصل إلى رصدها‪.‬‬

‫‪-6‬تكاليف و عوائد القرار‪ :‬كثي ار ما يتحدث عن تكلفة القرار خصوصا إذا تم ربطها بالنتائج‬
‫التي تفضي إليها العملية المتصلة به‪ ،‬فباإلمكان أن تكون التكلف ـ ـة مرتفعة و العوائد ضئيلة‪،‬‬
‫بينما الصورة المثلى هي أن تكون التكلفة أقل مع تحقيق أقصى المنافع‪.‬‬

‫‪-7‬القابلية للتنفيذ‪ :‬من أهم سمات نجاح عملية اتخاذ القرار أن يتم إفراز قرار قابل للتنفيذ و‬
‫إال جاز الحكم بالفشل على هكذا عملية‪.‬‬

‫‪-8‬وجود هدف‪ :‬يسعى القرار دائما إلى تحقيق هدف تم رسمه من قبل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صناعة القرار و اتخاذ القرار‪.‬‬

‫كثي ار ما يتحدث عن الق اررات مسبوقة بلفظة صناعة فيقال‪" :‬صناعة الق اررات"‪ ،‬و في نفس‬
‫الوقت ورد باألدبيات المتخصصة تسمية "اتخاذ القرار"‪ ،‬لذا وجب التفريق بين التسميتين وهو‬
‫ما سيعنى به هذا المطلب من خالل توضيح معنى كل منهما‪.‬‬

‫أوال‪-‬المقصود بصناعة القرار‪.‬‬

‫يمكن حصر معنى صناعة القرار في وجهين كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬المعنى المتعلق بالجهـ ـد المشترك‪ :‬حيث ال يتم التركي ـز عند الحديث عن القـ ـرار بصياغة‬
‫"الصناعة" على المستـوى المتعلق بالفـرد‪ ،‬بل سيكون اإلهتمام ب "الجه ـ ـد المشترك لعناص ـ ـر‬
‫التنظيم في المؤسسة لعالج المشكالت‪ ،‬و تصميم السياسات‪ ،‬و رسم الخطة و البرامج"(‪.)1‬‬

‫و عليه فإن‪:‬‬

‫"صناعة القرار تنسب إلى التنظيم أو المؤسسة و‬


‫األفراد بمختلف أسالكهم متواجدين داخل التنظيم‬
‫يؤثرون فيه و يتأثرون به‪ ،‬لذا فعملية صنع القرار‬
‫عبارة عن نظام متكامل العناصر يبتدئ من إثارة‬
‫المشكلة‪ ،‬مرو ار بجمع المعلومات‪ ،‬اتخاذ القرار ثم‬
‫تنفيذ القرار"(‪.)2‬‬

‫بالنتيجة فإن مكونات النظام المتمثلة في أفراد يشتركون فيما يبذلونه من جهود‪ ،‬إضافة إلى‬
‫مجموعة من العناصر المادية هي من أهم الشروط التي تتوفر عليها صناعة القرار كعملية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.17-16‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -2‬المعنى المتصل بمراحل إنتاج القرار‪ :‬فالشائع عند الحديث عن صناعة القرار أن يشار‬
‫إلى مختلف المراحل التي تستغرقها هذه العملية التي يعمد فيها إلى "تحـ ـ ـ ـويل المدخالت إلى‬
‫المخرجات عبر النشاطات التحويلية"(‪.)1‬‬

‫في هذا المجال يمكن ذكر مساهمة (هربرت سايمون) بوصفه أهم من كتب عن القـ ـ ـ اررات إذ‬
‫ج أز عملية صناعتها إلى ثالث مراحل حيث يشرع في أوالها في حصر جميـ ـ ـع البدائل و ما‬
‫تستدعيه من تصرفات ممكنة‪ ،‬تليها مرحلة وضع النتائج المترتبة على كل بديل‪ ،‬انتهاء إلى‬
‫مرحلة إجـراء تقييم لكل مجمـوعة من النتـائج (‪( .)2‬هنري منتزبرج) بدوره نج ــده قد توسـ ـ ــع في‬
‫محتوى صناعة القرار و ذلك ما لخصناه في الجدول أدناه (‪:)3‬‬

‫الجدول رقم‪ 01:‬مراحل صناعة القرار في منظور (هنري منتزبرج)‪.‬‬

‫محتوى كل فترة‬ ‫فترات المرحلة‬ ‫النشاط المنجز بها‬ ‫ترتيب المرحلة‬


‫تسجيل الحاجة إلى قرار‬ ‫الفترة األولى‬
‫التعرف على الحاجة إلى قرار‪.‬‬ ‫األولى‬
‫تشخيص الحالة و جمع‬ ‫الفترة الثانية‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫البحث عن الحلول‬ ‫الفترة األولى‬

‫تصميم التعديالت على‬ ‫تطوير الحلول‬ ‫الثانية‬


‫الحلول الجاهزة‪ ،‬أو صياغة‬ ‫الفترة الثانية‬
‫حلول على المقاس‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.158.‬‬

‫‪(3) Ibid.‬‬

‫‪9‬‬
‫تقييم نتائج الحلول‪.‬‬ ‫الفترة األولى‬

‫تقييم الحلول المختارة‪.‬‬ ‫الفترة الثانية‬


‫اختيار الحل للتطبيق‬ ‫الثالثة‬
‫الترخيص بتنفيذ الحل‬ ‫الفترة الثالثة‬
‫المعتمد‪.‬‬

‫يتضح بذلك بأن صناعة القرار تتألف من مراحل "تبدأ بتحديد المشكلة و تنتهي بتنفيـ ـ ـذ الحل‬
‫و تقييمه"(‪ ، )1‬مرو ار بطرح عديد البدائل و تقييمها قبل أن يعمد إلى اختيار أحد البدائل‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬معنى اتخاذ القرار‪.‬‬

‫تتسم عملية صناعة القرار بالشمول و باحتوائها على م ارح ـ ــل تنتهي باختيار أحد البدائل التي‬
‫تم طرحها وذلك ما يدعى "اتخـاذ القـ ـ ـرار" الذي يمكن اعتباره "اختيار لبديل واحد من بين عدة‬
‫بدائل من أجل تحقيق نتيجة محددة"(‪ ،)2‬كونه "يمتلك درجة عالية من الرشاد في ظل ظ ــروف‬
‫يحيط بها الشك و الغموض و الخوف من المستقبل"(‪.)3‬‬

‫يمكن القول بأن اتخاذ القرار هو التوصل إلى إيجاد البديل الذي تتوفر فيه جملة من الشـروط‬
‫من بينها أن الفوائد و المنافع التي يضمنها بالنسبة للموقف أو المشكلة المطروحة تغطـ ــي ما‬
‫به من عيوب كما أنها تفوق ما كلفـ ــه من وقت‪ ،‬و جهد‪ ،‬و مال‪ ،‬و كل ما تم تجنيده كم ـ ـوارد‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫(‪ )3‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪10‬‬
‫في سبيل اإلهتـ ـداء إليه‪ .‬بذلك فإنه "في ض ـوء نتائ ـج التقييـ ـ ـم و المفاضلة بين البدائ ـل‪ ،‬يمكـ ـن‬
‫تحديد البديل الذي يك ـون مجم ـوع فوائده أو مزاياه أكبر من مجم ـوع تكاليفه أو عيوبه‪ ،‬بدرج ـة‬
‫تفوق الفرق بينهما بالنسبة ألي بديل آخر(‪.)1‬‬

‫ثمة من رأى بأن عمليتي اتخاذ القرار و حل المشكالت تشتركان في تضمنهما لمرحلة "إجراء‬
‫تقييم للبدائل أو الحلول المتنوعة في ضوء معايير مختارة بهدف الوصول إلى قرار نهائي"(‪.)2‬‬
‫فهما يستخدمان ألداء نفس المعنى كــون المقصود من العمليــة التقريرية إنما هو حل مشكلـ ــة‬
‫ما(‪ .)3‬و أما الفرق بينهما فهو‪:‬‬

‫"يكمن في إدراك الحل‪ ،‬ففي عملية حل المشكلة‬


‫يبقى الفرد من غير إجابة شافية‪ ،‬و يحاول أن‬
‫يصل إلى حل عملي و معقول للمشكلة‪ ،‬و في‬
‫عملية اتخاذ القرار قد يبدأ الفرد بحلول ممكنة‬
‫و تكون مهمته الوصول إلى أفضل هذه الحلول‬
‫المحققة للهدف"(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد عبد هللا عبدالرحيم‪ ،‬حل المشاكل و صنع القرار ‪ ،‬مركز تطوير الدراسات العليا و البحوث‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية الهندسة‪ ،2008 ،‬ص ‪.11‬‬

‫(‪ )2‬لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي‪" ،‬اتخاذ القرار و عالقته بكفايات الذكاء اإلنفعالي لدى القيادات التربوية الجامعية"‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة‬
‫سانت كلمنتس العالمية برنامج التعلم المفتوح‪ ،‬فرع العراق‪ .2011/2010 ،‬ص ‪.26‬‬

‫(‪ )3‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬نظم المعلومات اإلدارية في المنظمات المعاصرة‪ ،‬اإلبراهيمية‪ :‬الدار الجامعية‪ ،2007 ،‬ص ‪.285‬‬

‫(‪ )4‬لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص القرار و أهميته بالنسبة للمنظمات‪.‬‬

‫جاء فيما سبق بأن اتخاذ القرار يشترك مع حل المشكلة في بعض من العناصر سيما ما‬
‫تعلق بإيجاد البدائل قبل اختيار أحدها‪ ،‬مع هذا فإن القرار يتمي ـ ـز بعدد من الخصائص التي‬
‫تجعل منه عملية حيوية و مهمة بالنسبة لألفراد و المنظمات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خصائص القرار‪.‬‬

‫يحتوي القرار خصائص كانت و ال تزال تشكل موضوعا إلنت ـ ــاج النظريات ال سيم ـ ـا بعد‬
‫تلك اإلنتقادات التي تم توجيهها إلى النموذج العقالني الذي نادى به الكالسيك‪.‬‬
‫تتمثل أهم خصائص القرار فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬القرار يتضمن دوما جانبا عاطفيا‪.‬‬

‫ال يكون القرار صائبا في كل الحاالت بمعنى أن المشكلة التي دفعت إلى اختيار واح ــد من‬
‫البدائل المتاحة لم تتم معالجتها بنجاح مما جعل "مختلف النظريات حول اتخاذ القرار تكون‬
‫منشغلة في جل أبحاثها ب‪ :‬الخطأ"‪ ،‬فهي تتساءل "لماذا يخطأ األفراد بسهولة و يتخذون في‬
‫الغالب القرار األقل عقالنية؟"(‪ .)1‬و يأتي الجواب ليوحي أن ثمة جانب غير عقالني يتدخل‬
‫في هكذا عملية و يتعلق األمر بالعاطفة‪.‬‬
‫بالفعل يمكن القول بأن "أغلبية الباحثين يتفقون ليجعلوا من العاطفة خاصية ذات أهمية في‬
‫اتخاذ القرار الحدسي"(‪ ،)2‬و أن اإلهتمام بهذا الجانب يرجع إلى أكثر قليال من عشريتين‪ ،‬إذ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Giovanni GUERRA, "Contexte et consultation dans la prise de décision", Revue Connexions, n° :101, janvier 2014,‬‬
‫‪p.106. Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-connexions-2014-1.page-105.htm).‬‬

‫‪(2) Jean-François COGET, Cristophe HAAG, Annabel-Mauve BONNEFOUS, "Le rôle de l’émotion dans la prise de‬‬
‫‪décision intuitive :zoom sur les réalisateurs-décideurs en période de tournage", Revue Management, vol :12, février 2009,‬‬
‫‪p.118. Consultée le : 26/12/2019 sur : (https://www.cairn.info/revue-management-2009-2.page-118.htm).‬‬

‫‪12‬‬
‫نجد في هذا الصدد أن (داماسيو) مثال قد اعتبر سنة ‪ 1994‬بأن‪:‬‬

‫" العواطف ضرورية إلتخاذ القـرار (‪ )...‬فالذاكرة‬


‫يتم دعمها بواسطة معالم عاطفية‪ .‬إذ القرار المدرك‬
‫عاطفيا كونه يحمل ضر ار سيرافقه آليا شعور بعدم‬
‫الراحة على مستوى الجسم‪ ،‬فيتم التخلي عنه لصالح‬
‫ع ـدد مح ـدود من البدائ ـل‪ .‬لكن إذا توفـ ـر إحس ـ ـ ـاس‬
‫بعاطفة إيجابية فإن البديل سيسجل و يحتفظ به" (‪.)1‬‬

‫من جهته نرى أن (الزاروس) قد اعتبر سنة ‪ 1991‬أن العاطفة تتألف من الدوافـع و المناف ـع‬
‫و عوامـل البيئة ليصبح كل قرار منفردا بمميزات خاصة‪ ،‬ذلك ما يمكـن تفسيره كون "كل فـ ـ ـرد‬
‫يمتلك منافعا خاصة به‪ ،‬و قيما شخصية مما يؤدي في إطار المنظمة إلـى مضاعفة القـ اررات‬
‫و الخيارات الفـردية‪ ،‬مما يفضي إلى تعقيد التسيير الفعال و الناجح"(‪.)2‬هذا بخاصة حين تقف‬
‫العواطف وراء تحقيق النجاعة أو اإلخفاق في المنظمات(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪-‬القرار بناء تدريجي‪.‬‬

‫لقد سبقت اإلشارة في معرض الحديث عن تحديد الفرق الموجود بين صناعة القرار و اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬إلى أن الصناعة التقريرية تحمل معنى وجود تسلسل لمحطات و مراحل تنطلق أوالها‬
‫من اإلحسـاس بالحاجة إلى القـ ـرار نظ ار لحـ ـدوث مشكلة مثال‪ ،‬ليتبع ذلك بالقيام بجم ـ ــع أنواع‬
‫شتى من المعلومات مع تحليلها و استعمالها في صياغة البدائل و ما يترتب عليها كنتائـ ـج‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Delphine VAN HOOREBEKE, "L’émotion et la prise de décision", Lavoisier : Revue française de gestion, n° :182, 2008,‬‬
‫‪p.34.Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-française-de-gestion-2008-2-page-33.htm).‬‬

‫‪(2) Ibid.‬‬

‫‪(3) Mathias BAITAN, Organiser l’entreprise, vers une poursuite de l’organisation optimale, Lausanne : Presses‬‬
‫‪polytechniques et universitaires romandes, 2018, p.173.‬‬

‫‪13‬‬
‫ثم اإلنتهاء إلى اختيار أحد البدائل‪ .‬إنها محطات تدل على أن القـ ـرار "ينبني تدريجيا بإدماج‬
‫المعرفة و الفعل عن طريق إجراء تحقيق في الوضعية التي تواجـ ـه قائد المنظمة"(‪ .)1‬ال سيما‬
‫و أن "القرار يبقى في قلب عملية التسيير و هو بذلك يشكل هوية القائد"(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬يخضع القرار لمؤثرات فردية و جماعية‪.‬‬

‫كثي ار ما يكون الشخص المقــدم على حل مشكلة ما أو المقبل على اختيار واحد من البدائـ ـ ـل‬
‫المطروحة أمامه بمعزل عن اآلخرين‪ ،‬و ذلك إذا تعلق األمر بالق اررات ذات الصل ـ ــة بشؤونه‬
‫الخاصة أو تلك المتخذة في إطار تنظيمي‪ .‬لكن حقيقة السيرورة التقريرية تنفي الطرح السابق‬
‫إذ أن "متخذ القرار (‪ )...‬هو في الوقت نفسه في خضم شبكات إتصالية"(‪.)3‬‬
‫مع نى ذلك أن مختلف الشبكات التي يتواصل فيها الف ــرد تعمل ال مح ــالة على التأثي ـ ـر فيه و‬
‫فيما يتخذه من ق اررات و بذلك "يمكن القول بأن أكثر األفراد عزلـ ـة هو من الناحية النفسي ـ ـة و‬
‫اإلجتماعي ـة مرتب ـط بأسرته و زمالئـ ـه في العم ـل‪ ،‬و اإلدارة‪ ،‬إلى غير ذلك" (‪ .)4‬بالنتيجـ ـة فإنه‬
‫من المستعصي أن يتم التحديد بشكل دقيق ما هي المؤثرات الفردية و الجماعية في القرار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية القرار بالنسبة للمنظمات‪.‬‬

‫اكتسب القـ ـرار أهميـ ـة بالغ ـة في العصر الحديث خاصة بعد أن أصبح ـت المنظمات ذات‬
‫طابع تجاري تستخدم موارد عدة و معدات ضخمة‪ ،‬وتشغل رؤوس أموال كبيرة‪ ،‬فاتخاذ القرار‬
‫أضحى بمثابة المحرك الحقيقي لنشاط المنظمات‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Benoit JOURNE, Nathalie RAULET-CROSET," La décision comme activité managériale située, une approche‬‬
‫‪pragmatiste", Lavoisier: Revue française de gestion, n° :225, 2012, p.109. Consultée le : 26/12/2019 sur :‬‬
‫‪(https://www.cairn.info/revue-française-de-gestion-2012-6-page-109.htm).‬‬

‫‪(2) Ibid.‬‬

‫‪(3) Jean-Michel HEITZ, "La décision : ses fondements et ses manifestations", RIMHE : Revue interdisciplinaire‬‬
‫‪Management Homme et Entreprise, n° :5, 2013. Consultée le : 26/12/2019 sur :(https://www.cairn.info/revue-rimhe-‬‬
‫‪2013-1-page-106.htm).‬‬

‫‪(4) Ibid.‬‬

‫‪14‬‬
‫يمكن القول بأن السيرورة التقريرية تلعب دو ار في تغيير ما تعرفه المنظمات من وضعيات‬
‫ذلك أنها سيرورة "ال تعمل فقط على أساس معطيات موضوعية خارجية إذ أن بيانات أخرى‬
‫يتم بناؤها أثناء سريانها"(‪ .)1‬فالقرار ليس فقط حل للمشكالت الحاصلة فهو أيضا‪:‬‬

‫" اختيار لكيفية صياغة المشكلة‪ .‬بعبارة أخرى ال يمكن‬


‫اعتبــار سيــرورة الخي ــارات بمع ــزل عن وضعي ــة القي ــام‬
‫باإلختيار‪ ،‬فهما في تفاعــل بينهما‪ .‬فالفاع ــل بواسط ــة‬
‫إتيانه للفعل ينشئ ما يدور بالعالم و يغيره" (‪.)2‬‬

‫لقد أطلقت أوصاف كثيرة على القرار كوظيفة تعرفها المنظمات و من ذلك أنه "من المهام‬
‫الجوه ـرية في العمل اإلداري"‪ ،‬و أنه بمثابـ ـة "قلب اإلدارة و محـ ـور العمليـ ـة اإلدارية"(‪ ،)3‬فبه‬
‫يقاس مستوى النجاح الذي تحققه المنظمات من خالل ما يتمت ـ ــع متخذو القـ ـ ـ اررات بها من‬
‫مقدرة على التوصل إلى الخيارات المناسبة‪ ،‬هذا و يزيد من أهمية القرار ما‪:‬‬

‫"تشهده المنظمات الحديثة من مشكلة تعدد و تعقد‬


‫أهدافها‪ ،‬وجود التعارض بين هذه األهداف أحيانا‪،‬‬
‫فاتخ ــاذ الق اررات تشمـ ــل من الناحية العملية كاف ـ ــة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jacques ROJOT, "Qu’est-ce-que décider dans une organisation ?", in : Les organisations états des savoirs, dir :‬‬
‫‪Jean-Michel SAUSSOIS, Auxerre : Sciences Humaines Editions, 2016, p.223.‬‬
‫‪(2) Ibid.‬‬

‫(‪ )3‬راضية عروف‪ ،‬عبود زرقين‪ "،‬استراتيجية التمكين كمدخل لتفعيل و تحقيق جودة الق اررات بالمنظمات"‪ ،‬مجلة اإلقتصاد الصناعي الصادرة بباتنة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،10‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬جوان ‪ ،2016‬ص ‪.162‬‬

‫‪15‬‬
‫جوانب التنظيم اإلداري‪ ،‬و ال تقل أهمية عن‬
‫عملية التنفيذ و ترتبط بها ارتباطا و ثيقا‪ ،‬و‬
‫أن أي تفكير في العملية اإلدارية ينبغي أن‬
‫يركز على أسس و أساليب اتخاذ الق اررات‬
‫كما يركز على أسس و إجراءات تنفيذها" (‪.)1‬‬

‫إضافة إلى ذلك يمكن إظهار ما للقرار من أهمية من خالل الجوانب التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬األهمية العلمية‪ :‬يتحدث عن الق اررات كونها صناعة تتشكل من مراحل تبدأ بالتمكن من‬
‫معرفة المشكلــة المطروحة بالتحــديد انتهاء إلى التوصل إلى اعتم ــاد البديل األحس ـ ــن‪ ،‬و ذلك‬
‫مرو ار عبر جمع البيانات‪ ،‬وثم معالجتها و استخراج البدائل بما فيها النتائج المترتبة على كل‬
‫بديل‪ ،‬فاألمر يتعلق بعمل فني يتطلب التوفيق فيه إتقان أدواته (‪.)2‬‬

‫ثانيا‪-‬األهمية العملية‪ :‬يتسنى الوقــوف على هذه األهمي ــة من خ ــالل وظائ ــف ثالث تؤديهـ ــا‬
‫الق اررات‪ ،‬تتمثل أوالها في توضيحها لسلوك المديرين حيال المؤثرات الخارجية و الداخلية‪ ،‬و‬
‫ثانيها تتصل بمدى مقدرة هؤالء المديرين على أداء الوظائف المسن ــدة إليهم‪ ،‬بينما الثالثة هي‬
‫في عالقة و دعم دور الرقابة على النشاطات اإلدارية‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬األهمية من منظور القانون اإلداري‪ :‬و هو األمر الذي يكفلــه النج ــاح في استخـ ـ ـ ـ ــدام‬
‫القرار كأداة قانونية (‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬راضية عروف‪ ،‬عبود زرقين‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ص ‪.162،163‬‬

‫(‪ )2‬آالء جرار‪" ،‬اتخاذ الق اررات اإلدارية"‪ ،‬تاريخ اإلطالع (‪ )2020/01/22‬نقال عن الرابط التالي‪www.mawdoo3.com :‬‬

‫(‪ )3‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫خالصة الفصل األول‪:‬‬

‫يشكل القرار مظه ار مهما من حياة األفراد و كذا المنظم ـات باختالفها‪ ،‬و يمكن القـ ـول بأن‬
‫التعاريف التي تم إنتاجها بصدد هذا الموضوع تحمل تقريبا نفس المعنى بالرغم من كثرتها‪.‬‬
‫من حيث اللغة يفي ـد القرار الثبات و اإلستقرار‪ ،‬و أما المقص ـود به من منظ ـ ـ ـور عل ـ ـ ـم اإلدارة‬
‫العامة هو عملية اختيار بديل من ضمن مجموعة من البدائل للتوصل إلى األنسب منها‪ .‬في‬
‫هذا اإلطار يتعلق األمر بالقرار التنظيمي‪ .‬بالنسبة لعلم القانون القرار عبارة عن عمل قانوني‬
‫نهائي يصدر عن سلطة إدارية عامة بشكل يحدث آثا ار قانونية معينة‪.‬‬
‫يتألف القرار من عدد من العناصر فهناك جهة تضطلع باتخاذه في شكل فردي أو جماعي‪،‬‬
‫كما أن ثمة الموقف الذي يستوجب البت فيه ‪ ،‬ذلك ما يتطلب صياغة مجموعة بدائل يرجى‬
‫من ورائها حل المشكلة‪ .‬إن القول بالبدائل يوحي إلى المفاضلة بين عدد من الحل ـ ـ ـول لينتهي‬
‫األمر إلى إفراز المالئم منها‪ ،‬شرط أال تترتب عليه تكلفة عالية و أن يتسم بالقابلية للتنفيذ‪.‬‬
‫يجب التفريق بين صناعة القرار و اتخاذه فالعملية األولى يشار فيها إلى ذلك الجهد المشترك‬
‫الذي يبذل في إطار تنظيمي عن طريق استغـ ـ ـ ـراق مراحل مختلفة تتمث ـ ـل في إحص ــاء البدائل‬
‫الممكنة‪ ،‬مرو ار بوضع نتائج البدائل وصوال إلى تقييم هذه األخيرة‪ .‬العملية الثانية تتلخص في‬
‫اختيار البديل الذي تتوفر فيه إمكانية لحل المشكلة موضوع القرار‪.‬‬
‫يحمل القرار عددا من الخصائص لعل أهمها يتمثل في كون إيجاد الحل للمشكالت ترافقـ ـ ـ ـ ـه‬
‫العاطفة التي قد تؤدي إلى إفشال القرار نظ ار لعدم عقالنيته‪ .‬أما الخاصية الثانية فهي تتعلق‬
‫بالتدرج الذي تمر به العملية التقريرية‪ .‬و أما آخر الخصائص فنجدها تفند ذلك الطرح الذي‬
‫مفاده أن متخذ القـ ـ ـرار يكون مع ـ ـزوال عن مختلف الشبك ـ ـات التي يتواصل فيها عـ ـ ـادة و التي‬
‫تعمل ال محالة على التأثير في ق ارراته‪.‬‬
‫يمكن القول بأن القرار يحمل أهمية أكيدة إن على الصعيد العلمي من حيث إظهاره للمقدرة‬
‫على التعرف على المشكالت و إيجاد الحلول لها‪ ،‬و أيضا من الجانب العملـ ـ ـي الذي يعني‬
‫تمكـ ـ ـن المديرين من أداء وظائفه ـ ـم‪ ،‬و في األخير تظه ــر أهميته من جانب القان ـ ـون اإلداري‬
‫المعبر عن النجاح في استخدام القرار كأداة قانونية‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اتخاذ القرار في النظرية الكالسيكية‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اتخاذ القرار في النظرية الكالسيكية‪.‬‬

‫الق اررات مهمة في حياة المنظمات كما هو الحال بالنسبة لألفراد‪ ،‬فهي موج ـودة في جميع‬
‫العمليات التي تدخل في تشغيلها مهما كانت بسيطة مما دفع بعديد الباحثيـ ـ ـ ـن إلى استكشاف‬
‫هذا الجانب ووضع القواعد المتعلقة به‪ ،‬ال سيما ما يمت بالصلة إلى الطرق التي تتخذ وفقها‬
‫الق اررات‪.‬‬
‫يمكن القول بأن اإلهتمام بالق اررات كان لصيقا و متزامنا و التنظير في حق ـ ـل المنظمات الذي‬
‫شرع فيه خالل العشرية األولى من القرن العشرين بصدور مؤلف(فردريك تايلور) الذي وضع‬
‫فيه المبادئ العلمية لإلدارة سنة ‪ ،1911‬وهو من الرواد المصنفين ضمن النظرية الكالسيكية‬
‫التي تضم باحثين آخرين كل وفق مقاربته في دراسة المنظمات و منه الق اررات‪.‬‬
‫يتطرق هذا الفصل إلى ذكر أبرز المنظرين المصنفين ضمن النظرية الكالسيكية عن ط ـ ـريق‬
‫استعراض مقارباتهم و أفكارهم في هذا المجال و ذلك في مبحث أول‪ .‬هذا و سيعنى المبحث‬
‫الثاني بمسألة العقالنية في نظر الكالسيك و كذا أهم اإلنتقادات التي تعرضوا لها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬رواد النظرية الكالسيكية و أفكارهم‪.‬‬

‫بالرغم من أن الكالسيك لم يدرسوا صناعة القرار بحد ذاتها إال أنه باإلمكان استخالص‬
‫وجهة نظـ ـرهم إزاءها من خالل ما أنتجـ ـوه كأفكار‪ ،‬فالجدير بالذك ـ ـر في هذا اإلط ـ ـار هو أن‬
‫هدف المنظ ـ ـرين الكالسيك قد تمث ـ ــل في تزويد مسيري المؤسسات باألدوات الكفيلة بتحسين‬
‫فعاليتهم‪ ،‬سيما و أن المفكرين هؤالء كانوا يعتقدون بأن كل مشكلة إال و لها حل يكفي فقط‬
‫إيجاده(‪ .)1‬لقد عبر المنظرون الكالسيك عن آرائهم بخصوص تسيير المنظمات كل بحسب‬
‫المدخل الخاص به و ذلك ما سيتم تناوله في هذا المبحث من خالل تخصيص مطلب لكل‬
‫واحد من الرواد الكالسيك‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Organisation et gestion de l’entreprise, Alger : Berti Edition, 2007,‬‬
‫‪p.204.‬‬

‫‪19‬‬
‫المطلب األول‪ :‬فريدريك تايلور و مبادئه العلمية‪.‬‬

‫لم يقتصر دور (فريدريك ونسلـو تايلور) على وضع مب ـادئ علمي ـة مؤط ـرة لكيفيـ ـة إنج ـ ـاز‬
‫األعمال داخل المصانع األمريكية بل أن اإلعتقاد السائد بشأنه يذهب إلى كونه أول من قدم‬
‫نظرية متكاملة في مجال المنظمات(‪ ،)1‬و ذلك "تحديدا في عام ‪1911‬م‪ ،‬و هي السن ـ ــة التي‬
‫قام فيها (‪ )...‬بنشر كتابه الشهير مبادئ اإلدارة العلمية"(‪.)2‬‬

‫أوال‪-‬مبادئ اإلدارة العلمية‪:‬‬

‫لقد بني تنظيم العمل وفق النمط العلمي الذي وضعه (تاي ــلور) على ضرورة توحيـ ـد الكيفي ـ ــة‬
‫التي ينجز وفقها العمل‪ ،‬واعتماد التحليل العلمي بغرض إيجاد الطريقة المثلى لذلك(‪ )3‬يضاف‬
‫هذا إلى تحلي ـل المه ـام إلى أج ـزاء بسيط ـ ـ ـة و كذا تقسيم العمل بشكل أفقي إلى أجزاء صغيرة‬
‫تخضع للوصف الدقيــق لمكوناتها و بشكل عمــودي بهدف الفصل بين المهــام التخطيطية و‬
‫تلك التنفيذية ‪.‬‬
‫أما أهم مبدأ في نظرية (تايلور) فيتمثل في اختيـ ـار العمال على أساس علمي بالتركيـ ـز على‬
‫ما يمتلكونه من مهارات و قدرات و صفات شخصية و ذلك تجسيدا لشعار "الرجل المناسب‬
‫في المكان المناسب"(‪ ،)4‬و هو المبدأ الذي رافقته آلية تناسب األجور المدفوعة مع المست ـوى‬
‫الذي تم تحقيقه من حيث اإلنتاجية‪.‬‬
‫لقد ساهم باحثون آخرون في إرساء المبادئ المشار إليها كل بحسب مقاربته و يمكن في هذا‬
‫الصدد ذكر (فرانـك و ليلي ـان جلبريث) اللذان "قاما بدراسة حركات العمل بهـدف التخل ـص من‬
‫الحركات غير الضرورية"‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.25.‬‬

‫(‪ )2‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬

‫‪(3) Michel FOUDRIAT, sociologie des organisations, Paris : Pearson Education, 2007, p.77.‬‬

‫‪(4) Ibid. p.89.‬‬

‫‪20‬‬
‫باإلمكان كذلك اإلشارة إلى ما أنج ـزه (هنــري جان ــت) به ــدف تطـوير الرقابة باستخدام أسلوب‬
‫الخرائط التي حملت اسمه‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬مساهمة نظرية اإلدارة العلمية في عملية اتخاذ القرار‪:‬‬

‫لقد سبق اإلشارة إلى أن النظرية الكالسيكية بصفة عامة لم تهت ـ ـ ـم بالق اررات بحد ذاتها بل أن‬
‫اهتمامها قد انصب على تسيير المؤسسات‪ ،‬و هو الشأن نفسه بالنسبة لنظريـة اإلدارة العلمية‬
‫التي كانت لها مساهمتها بالرغم من ذلك في عملية اتخاذ القرار بما احتوته من مبادئ عملت‬
‫على اإلنقاص من اإلرتجال في هذا المجال خصوصا عن طريق استبدال الحدس و التخمين‬
‫باألسلوب العلمي‪ ،‬و أيضا اللجوء إلى األسس العلمية في اختيار و تدريب العاملين‪ ،‬و كذلك‬
‫من خالل تقسيم العمل و تجزئته و التمييز بين أعمال اإلدارة و مهام العمال(‪.)1‬‬

‫تتمثل مساهمة نظرية اإلدارة العلمية في عملية اتخاذ القرار فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬إن اإلعتبار بأن كل الخي ـ ـ ـارات المطروحة في العملية التقريرية معروفة يعد دليال على أن‬
‫اإلدارة "تمتلك المعايير و لديها القدرة على تقييمها في ظل وجود المدير كامل الرشد"(‪ ،)2‬لذلك‬
‫فإن المنظمة ليست بحاجــة إلى اإلنفتــاح على بيئتها الخارجيــة كون ضبــط العمليــات الجاريـ ـة‬
‫بداخلها متاح للمسيرين‪ .‬و من ذلك فإن القرار المتخذ يتصف دوما كونه األمثل‪.‬‬

‫‪-2‬ترى نظرية اإلدارة العلمية بأن متخذ القرار فرد واحد و يتعلق األمر بمسير المنظمة الذي‬
‫يحدد الهدف المرجو الوصول إليه‪ ،‬كما أنه يمتلك جميع المعلومات التي يحتاج إليها في ذلك‬
‫هذا إلى جانب استخدامه للطرق العلمية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.103-102‬‬

‫‪21‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نظرية المبادئ اإلدارية‪.‬‬

‫هذه النظرية تشير إلى أعمال(هنري فايول) الفرنسي الذي كان ممارسا لمهنته في الميدان‬
‫قبل أن يضع جملة من القواعد على ضوء تجربته تماما مثلما فعل (تايلور)‪ ،‬إذ أنه " استهـ ـ ـل‬
‫مشواره المهني كمهندس للمناجم و أمضى كل حياته المهنية من ‪ 1888‬إلى ‪ 1918‬كمسي ــر‬
‫في مؤسسة (كومنتري‪-‬فورشامبولت‪-‬ديكازفيل) قبل أن ينتهي به األمر إلى ترؤسها"(‪.)1‬‬
‫هو كذلك معاصر ل(تايلور) إذ تظهر تأثيرات الحقبــة التي عاشا فيها في األفكار التي عبـ ـ ـ ـ ار‬
‫عنها‪.‬‬

‫لكن أوجه الشبه بينهما تقف عند هذا الحد إذ على عكس (تايلور) نرى بأن (فايول) قد باشـ ـر‬
‫أعماله كمهندس و تقلد المسؤوليات مما أثر في فكره‪ ،‬فنظريته لإلدارة "رك ـ ـ ـ ـزت على المنظمة‬
‫ككل على خـ ـالف سابقتـ ـها التي اهتم ــت بمستوى اإلدارة اإلشرافي ــة‪ ،‬و بالتحـ ــديد على إنتاجية‬
‫العاملين" (‪.)2‬‬

‫أوال‪-‬محتوى النظرية‪:‬‬

‫و من ذلك اعتقاد (فايول) بأن جل األعمال المنجزة‬ ‫(‪،)3‬‬ ‫تدعى كذلك "نظرية العملية اإلدارية"‬
‫بالمؤسسات إنما تنتمي إلى واحدة من الفئات الست المتمثلة في الجانب التقني‪ ،‬و التجاري‪،‬‬
‫و المالــي‪ ،‬و األمنــي‪ ،‬و المحاسبي‪ ،‬و اإلداري‪ .‬فنشــاطات اإلنتــاج و التح ــويل و التصنيـ ــع‬
‫تدخل ضمن الفئة التقنية‪ ،‬بينما يتصل الشراء و البيع و التبادل بالفئة التجارية(‪.)4‬‬
‫لقد أولى (فايول) الوظيفة اإلدارية أكبر عناية جعلته يلح على إدراجها في الب ارمـ ـ ــج التعليمية‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.42.‬‬

‫(‪ )2‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫(‪ )3‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪(4) Jacques ROJOT, Op.cit.p.43.‬‬

‫‪22‬‬
‫إلى جانب الكفاءات التقنية(‪ ،)1‬كما أقدم على تطوير هذه الوظيفة بحيث أضحى يتحدث عما‬
‫أسماه ب"األدوات اإلدارية" التي كانت بالنسبة للفترة التي عاش فيها بمثابة مناهـ ـ ـج جديدة لم‬
‫تكن معهودة‪ ،‬و يتعلق األمر باستحداث الهياكل التنظيمية و بطاقات وصفية لمناصب العمل‬
‫و خصوصا إشارته إلى أهمية وضع نظم للمعلومات(‪.)2‬‬
‫هذا فإن اتفق(فايول) مع (تايلور) بشأن تقسيم العمل و وجوب توفر مكان لكل شخص و أن‬
‫كل شخص في مكانه‪ ،‬فهو يخالفه حينما يرى ضــرورة أن يأخذ العام ــل األوام ـ ـ ـر من رئي ـ ـ ـس‬
‫واحد فقط(‪.)3‬‬
‫إضافة إلى (فايول) يذكر ضمن هذه النظرية رواد و منظرون آخرون على غرار (موني) و‬
‫(ريلي) اللذان يعود إليهما الفضل في تصنيف و تحليل المبادئ اإلدارية‪،‬إلى جانب (أورويك)‬
‫الذي اعتقد بأن من بين عوامل فاعلية القيادة اإلدارية الدور الذي يؤديه تفويض السلط ـ ـة‪ ،‬و‬
‫(جوليك) "الذي وضع األنشط ـة اإلدارية السبعة التالية‪ :‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التعيين‪ ،‬التوجي ــه‪،‬‬
‫التنسيق‪ ،‬إصدار التقارير و العمليات المالية و المحاسبية"(‪.)4‬‬

‫ثانيا‪-‬دور النظرية في اتخاذ القرار‪:‬‬

‫لم تتناول نظرية المبادئ اإلدارية عملية اتخاذ القرار بحد ذاتها لكن األفكـ ــار التي جاءت بها‬
‫كان لها الدور الكبير في إثرائها من خالل جملة المبادئ التي أثارها (فايول) و غيره من رواد‬
‫هذه النظـ ـرية و من ذلك مثال ضـ ـرورة تحديد المسؤوليات في اتخـ ـاذ الق ـ ـرار بما يوفره التسلسل‬
‫اله ــرمي‪ ،‬تغليب مصلحة المنظم ــة على تلك الشخصية‪ ،‬خلق التـ ـوازن بين مب ــدأي المركزية و‬
‫الالمركزية في اتخاذ القرار‪ ،‬مع مراعاة أال تتنازل اإلدارات العليا عن القـ ـ اررات ذات العالق ـ ــة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Marie-Georges FILLEAU, Clotilde MAEQUES-RIPOULL, Les théories de l’organisation et de l’entreprise, Paris :‬‬
‫‪Ellipse Editions, 1999, p.58.‬‬

‫‪(2) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit. p.35.‬‬

‫‪(3) Ibid.p.36.‬‬

‫(‪ )4‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪23‬‬
‫بالسياسات العامة‪ .‬و تجدر في األخير اإلشارة إلى إيالئه األهمية لروح الف ـ ـريق كواحد من‬
‫العوامل الضامنة إلصـدار ق اررات صائبة(‪.)1‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نظرية البيروقراطية‪.‬‬

‫هذه النظرية تنسب إلى (ماكس فيبر) العالم األلمان ـ ــي الذي عاش بين سنة ‪ 1864‬و سنة‬
‫‪ 1920‬و يعرف عنه ممارسته لمهنة التدريس لمادة القانون بجامعة "برلين" و كذلك اإلقتصاد‬
‫بجامعة "فريبورغ" و جامعة "هيدلبيرغ"‪.‬‬
‫لقد جرت العادة على اعتباره ضمن مؤسسي علم اإلجتماع(‪ ،)2‬كما دفع اهتمامه بالسلطـ ـة إلى‬
‫جعله ممن كان له إسه ـام كبير في نظرية التنظي ـم فقد ذهب إلى أن السلطــة تتفـ ــرع إلى ثالثة‬
‫نمــاذج أولها يتمثــل في المنظمــة التقليدية التي تستقي أسسها من العادات‪ ،‬أما تلك الكارزمي ــة‬
‫فهي تعتمـ ـد على الصفـ ـات الشخصيـ ـة للمسيـ ـرين الذين ينالـ ـون الوالء من لدن مرؤوسيهم على‬
‫أساس ذلك‪ ،‬بينما تنال السلطة شرعيتها في المنظمـة العقالنية و الشرعية من خالل اعتبارات‬
‫موضوعية كالشهادات مثال‪ ،‬إضافة إلى وجود قواعد مكتوبة(‪.)3‬‬

‫أوال‪-‬أسس نظرية البيروقراطية‪:‬‬

‫وضع (فيب ــر) نموذجا نظريا به ــدف المساعدة على فه ــم المنظمات الت ـ ـي أطل ــق عليها تسميــة‬
‫"البيروقراطيات" التي من بين مميزاتها أنها "تدار بطريق ــة غير شخصية في ظل وجــود هيك ــل‬
‫تنظيمي تتبع فيه قواعد معينة"(‪.)4‬‬
‫اعتبر (فيبر) البيروقراطية بأنها منظمة على أساس تسلسل رئاسي محدد بشكل واضح بحيث‬
‫أن ما بها من وظائف تكون مبينة على منوال ال يجعل الموظفين يتأخرون عن أداء مهامهم‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪(2) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit. p.36.‬‬

‫‪(3) Ibid. p.35.‬‬

‫(‪ )4‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪24‬‬
‫كما تكون مسؤولياتهم مقيدة بفعل القواعد التي تسود هذا النظام الذي يوفر إمكانية التنبؤ بما‬
‫سيط أر في المستقبل(‪.)1‬‬
‫بهذا تظهر البيروقراطية كنموذج أمثل لتسيير المنظمات اإلدارية ذات الحجم الكبير بتوفيرها‬
‫للكفاءة و الفعالية خصوصا بفضل آلية اختيار الموظفين وفق أسلوب المسابقات الذي يحقق‬
‫العدالة و المساواة و بفضل السلطة التي تخولها الوظائف للرؤساء بشكل يجعـ ـ ـل المرؤوسين‬
‫يقبلون أوامرهم و توجيهاتهم(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪-‬عالقة نظرية البيروقراطية باتخاذ القرار‪:‬‬

‫بالنظر إلى أن األمر يتعل ــق بنظرية قد بنيت على أساس خصائص مثل التسلسل الرئاس ـ ـ ــي‪،‬‬
‫و تقسيــم العمل و التخصص فيه‪ ،‬مع العمل وفق القواعد و التعليمات المكتوبة‪ ،‬و اإلعتم ـ ــاد‬
‫على عالقات رسمية بين اإلدارة و الموظفين‪ ،‬و بالخصوص اختيار الموظفين و ترقيتهم بناء‬
‫على الجدارة و المؤهالت الفنية‪ ،‬فإنه يستفاد منها في مجال اتخاذ القرار‪:‬‬

‫"من خالل تأكيدها على ضرورة اتباع مبدأ التسلسل‬


‫الهرمي الذي يعني تحديد مسؤولية اتخاذ الق اررات تبعا‬
‫ألهميتها‪ .‬و تقسيم العمل و التخصص الوظيفي و ما‬
‫يترتب على ذلك من مهام و صالحيات و مسؤوليات‬
‫ذات صلة باتخاذ القرار و اتصاالت تحمل في طياتها‬
‫المعلومات الضروريـ ـة لها‪ ،‬و أن تبق ـ ـى العـ ـالقات بين‬
‫اإلدارة و العامليـ ـ ـن رسميـ ـ ـة لكي ال تؤث ـ ـر العالقـ ـ ـ ـات‬
‫الشخصية في اتخاذ الق اررات(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Marie-Georges FILLEAU, Clotilde MAEQUES-RIPOULL, Op.cit.pp.64-65.‬‬

‫‪(2)Ibid.p.65.‬‬

‫(‪ )3‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬

‫‪25‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فروض النظرية الكالسيكية‪.‬‬

‫تم التطرق أع ـاله إلى أهم الرواد الذين صنــفوا ضمــن المنظ ـرين في مجــال المنظمـ ــات من‬
‫حيث انتمائهم إلى الفكر الكالسيكي أو التقليدي‪ ،‬و قد تمت اإلشارة في مع ـ ـرض الحديث عن‬
‫إسهاماتهم إلى عدم اهتمامهم باتخاذ القرار كسيرورة بحيث يعزى ذلك إلى كونهم قد انطلقـ ـ ـ ـوا‬
‫من فروض طبعت نظرتهم إلى هذه العملية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الفروض التي صاغها الكالسيك‪.‬‬

‫ينطلق الفكر الكالسيكي من مجموعة من الفروض المشتركة بين المنظرين الممثلين له و‬


‫يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬تمتع متخذ القرار بعقالنية تامة‪ :‬لقد ساد في أوساط الكالسيــك اإلعتقاد الذي مفـ ــاده أن‬
‫متخذي القرار ال سيما في المجال اإلقتصادي (منتجين و مستهلكين) يتمتعون بعقالنية تامة‪،‬‬
‫فهم يتصرفون في كل األحوال على منوال يخدم مصالحهم‪ ،‬بحكم امتالكهم ألهـ ــداف واضحة‬
‫فالمنتجون يسعون إلى تعظيم الربح بينما ينحى المستهلكون إلى إشباع حاجاتهم‪.‬‬
‫يظهر من هذه األلفاظ بأن األمر ذا صلة بما يسمى ب "النم ــوذج الرشيد في اتخ ـ ــاذ الق اررات"‬
‫حيث من خالله اعتقد (آدم سميث) بأن "المدير متخ ـذ القرار قادر على اتخ ـاذ ق اررات تحقـ ـق‬
‫أقصى منفعة اقتصادية تسعى المنظمة لها"(‪.)1‬‬
‫لتعريف العقالنية يتسنى القول بأنه "حينما يكون أمام وضعية خيار لواحد من ضمن عدد من‬
‫البدائل فإن متخذ القرار العقالني سيخت ــار البديـل الذي يظ ـن بأنه سيفض ـ ـي إلى أحس ـن نتيجة‬
‫شاملة"(‪ .)2‬و يشار إلى العقالنية في اتخاذ القرار كونها تبنى على المنطق للتوصل إلى الحــل‬
‫األمثل لمشكلة مع توفر المعلومات و تقييم دقيق للبدائل المحتملة لحل المشكلة(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd., Paris : MA éditions, 2016, p.159.‬‬

‫(‪ )3‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪26‬‬
‫اعتقد (ماكس فيبر) بشأن العقالنية بأنها متصلة بالعمل على تجسيد أهداف المنظمة بكفاءة‪،‬‬
‫و يضيف (هربرت سايمون) إلى ذلك أن األمر يتعلق ب"نمط سلوكي يالئم تحقيق األهـ ــداف‬
‫التنظيمية ضمن حدود تفرضها مجموعة من الظروف و القيود"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬امتالك متخذ القرار للمعلومات‪ :‬اعتقد رواد المدرســة الكالسيكية بأن متخذ القـ ـرار في‬
‫المنظمات يمتلك معلومات كاملة و تامة بشأن عناصر القـ ـرار و ما سينتـ ـج عنه من تبعات‪،‬‬
‫فهي معـلومات يمكن ولوجها متى كانت الحاجة إليها دون أن يترتب على ذلك تكلفة‪ ،‬إذ من‬
‫خاللها يكون بإمكان متخذ القرار معرفة‪:‬‬

‫"كل األفعال و كل السلوكيات المحتملة و المرتقبة التي‬


‫تتضمن ـها مسبق ـا‪ ،‬مع اعتب ـار الطاب ـع المعقـ ـ ـد للتبعات‬
‫المحتملة التي ستنجر عن كل فعل و كل سلوك و أخذ‬
‫صــورة كليــة و متزامنــة‪ ،‬و تطبيــق نظامــه القيمي على‬
‫مجموعة النتائج الخاصة بكل فعل و سلوك محتمل"(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬اعتبار المنظمة بمثابة متخذ قرار أوحد‪ :‬بما أن األهداف و الغايات معروفة و مدركة‬
‫من طرف قائد المنظمة الذي تتوفر لديه المعلومات كلها بشأن جميـ ـ ـ ـع الخيارات مع تفاصيل‬
‫النتائج المنجرة عنها‪ ،‬و بالنظر إلى إدراكه لمصلح ــة منظمتــه و طبيعــة المنفعـ ــة التي تطمح‬
‫نيلها نتيجة ألفعالها‪ ،‬فإنه ال يمكن تصور وجود نزاع بشأن األهداف و الغايات بين األفراد و‬
‫الجماعات‪ ،‬مما جعل النظرية الكالسيكية تعتبر المنظمة كمتخذ قرار أوحد‪ .‬و في حال تعدد‬
‫متخذو القرار فهم سيتقاسمون حتما نفس األهداف و نفس نظام للمفاضلة بين البدائل(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬

‫‪(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.161.‬‬

‫‪(3) Ibid. p. 160.‬‬

‫‪27‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلنتقادات الموجهة إلى الكالسيك في مجال اتخاذ القرار‪.‬‬

‫لقد وجهت جملة من اإلنتقادات إلى المفكرين الكالسيك بشأن نظرتهم إلى اتخاذ القـرار‪ ،‬إذ‬
‫يعد (هربرت ألكسندر سايمون) في هذا الصدد أهم مصدر لها بمعية مجموعـة الباحثين الذين‬
‫أشرف عليهم ضمن "معهد كرنيــجي للتكنولوجيا" في الخمسينات و بداية الستينــات من القـ ــرن‬
‫العشرين(‪.)1‬‬

‫يمكن هيكلة هذه اإلنتقادات كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬فيما يتعلق بالسيرورة التقريرية‪ :‬لقــد اختـ ــزل الكالسيك عملية اتخــاذ الق ـرار في مرحلــة‬
‫اإلختيار‪ ،‬إذ نجدها قد "اهتمت بوصف متخذ القرار أثناء قيامه باإلختيار" و هي ال تعدو أن‬
‫تكون المرحلة األخيرة ضمن عملية مكونة من عدة مراحل قد جردت منها(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪-‬بخصوص وجود حل أمثل‪ :‬اعتقد (سايمون) بأن متخ ـذ الق ـ ـرار ال يسعه أن يتوصل إلى‬
‫إيجاد الحل األمثل مثلما دعا إلى ذلك الكالسيك الذين تأثروا في ذلك بعلماء اإلقتصاد‪" ،‬فال‬
‫القدرات المعرفية‪ ،‬و ال المعلومات‪ ،‬وال حتى الوقت كافي التخاذ قرار أمثل" (‪.)3‬‬
‫لعل أهم التبعات المترتبة على البحث عن أمثـل قـرار هي تلك التي يجسدها طول فترة إنتاجه‬
‫كونه "يفترض إمكانية التعـ ـرف على كافة الحلـ ـول الممكنة للمشكلة و نتائجهـ ـا المستقبلية أوال‪،‬‬
‫ثم التقييم الذي يتم إجراؤه لحين الوصول إلى الحل األمثل"(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Erhard FRIEDBERG, " Rationalité et analyse des organisations ", Idées économiques et sociales, n° :165, 2011,‬‬
‫‪consulté le : 04/04/2020, sur : www.cairn.info.‬‬

‫(‪ )2‬ليلى لراري‪" ،‬محاضرات في نظرية القرار"‪ ،‬قالمة‪ ،‬قسم علوم التسيير‪ ،‬كلية العلوم اإلقتصادية و التجارية و علوم التسيير‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ ،2018 ،1945‬ص‬
‫تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/04/03( :‬على الرابط ‪6http ://dspace.univ.guelma.dz‬‬

‫‪(3) Mathieu FARRIERE, " Les principales critiques de la théorie du choix rationnel ", Idées économiques et sociales,‬‬
‫‪n° :165, 2011, consulté le : 04/04/2020 sur : www.cairn.info.‬‬

‫(‪ )4‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪28‬‬
‫ثالثا‪-‬بشأن قدرات متخذ القرار‪ :‬ثمة إمكانيات و قـدرات يفترض أن تتوفر لدى متخذ القـرار‬
‫عند سعيه إلى إنتاج قرار أمثل‪ ،‬تتمثل هذه القدرات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬القدرة على جمع كل المعلومات و معالجتها‪ :‬قلما تتوفــر كل المعــلومات للفــرد المقب ــل‬
‫على اتخاذ الق ـرار‪ ،‬فهي إما معلومات يصع ـب الحصول عليها من مص ـدرها األول كونها‬
‫تمر على عدد من الوسطاء الذين يعملون على صناعتها و بثها مع ما يصاحب ذلك من‬
‫تعديل لمضمونها‪ ،‬أو أن طبيعتها "يلفها الغموض و هي بذلك بحاجة إلى التأويل"(‪.)1‬‬
‫و ما يزيد من صعوبة الحصــول على معلومات تامة و كاملة هو قص ـور القدرات العقليــة‬
‫لإلنسان على التسـريع من وتيـ ـرة معالج ـة المعلومات ذات الحج ـم الكبير ذلك ما يؤدي إلى‬
‫ارتكاب أخطاء خالل عملية المفاضلة بين البدائل (‪.)2‬‬

‫‪ -2‬التمكن من إيجاد الحل األمثل‪ :‬ليس بوسع أي كان التوصل إلى إيجاد الخي ـ ـار األمثل‬
‫ذلك راجع إلى محدودية القدرات اإلنسانية على إعمال الفكر و معالجة المعلومات‪.‬‬
‫حتى يتسنى الحديث عن إيجاد قـرار أمثل يجب أن يكون بمستطاع متخــذ القـ ـرار أن يفكـ ــر‬
‫وفق منوال يرسم لديه صورة شاملة لكل العمليات التي تتدخل في السيرورة التقريرية(‪ .)3‬لذا‬
‫فإن متخذ القرار "ال يقوم بتقييم كافة البدائل الممكنة لحل المشكلة‪ ،‬و لكنه يخت ــار البدي ــل‬
‫األول الذي يتوافـق مع معيار اتخاذ القرار في حينه"(‪.)4‬‬
‫هذا فإن الكالسيك قد تخيلوا متخذ القرار بمعزل عن عواطفه التي تلعب دو ار ال يستهان به‬
‫في تشكيل مالمح القرار األمثل بالنسبة إليه‪.‬‬

‫رابعا‪-‬تأثير البيئة المحيطة بالقرار‪ :‬تعمل الطبيعة المعقدة للبيئة المحيطة بالقرار على الزيادة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Erhard FRIEDBERG, Op.cit.p.17.‬‬

‫‪(2) Ibid.‬‬

‫‪(3) Ibid.p.18.‬‬

‫(‪ )4‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪29‬‬
‫من محدودية القــدرات العقليــة لإلنسان إلنتاج قرار أمثل‪ ،‬فالفكــر الكالسيكي قد تجاهــل البيئ ــة‬
‫الداخلي ــة التي ال يقتصــر محتـ ـواها على التنظيــم الرسم ــي فقط بل أن ثمــة تنظيــم غير رسمــي‬
‫مع ـروف عنه تشكيله لنم ـط آخر للسلط ـة‪ ،‬كما تجاه ـل في نفس الوق ـت البيئ ـة الخارجيـ ـة التي‬
‫تنفتح عليها المنظمة التي ستتأثر بذلك بكل الق اررات التي تتخذ خارج حدودها(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫‪30‬‬
‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬

‫إنه من األهمية أن يتطرق الدارس لنظريات اتخاذ القرار إلى المدرسة الكالسيكية بالرغم‬
‫من أن روادها لم يهتموا تحديدا بهذا المجال‪ ،‬لكن يمكن استشفاف وجهة نظرهم بخصوص‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫يعتبر (فردريك ونسلو تايلور) أول من قدم تنظي ار متكامال في مجال المنظمات حينما صدر‬
‫له كتابه سنة ‪ 1911‬بما احتواه من مبادئ لإلدارة العلميــة كتوحيد طريقة إنجـ ـ ــاز العمل‪ ،‬و‬
‫تحليل المهام إلى أجزاء بسيطة و أيضا السعي إلى تناسب مستوى األجور مع اإلنتاجية التي‬
‫تم تحقيقها‪ .‬هي مبادئ ساهم باحثون آخرون في إرسائها و إثرائها و يتعلق األمر على سبيل‬
‫المثال بكل من (فرانك جلبريث) و (ليليان جلبريث) و كذا (هنري جانت)‪.‬‬
‫من حيث مساهمة هذه النظرية في مسألة اتخاذ القرار فنجدها قد استبدلت الحدس و التخمين‬
‫باألسلوب العلمي و جعلت القرار بيد فرد واحد قادر على تحديد الهدف المرجو تحقيقه على‬
‫أساس المعلومات التي يمتلكها‪.‬‬
‫نظرية المبادئ اإلدارية تنتمي إلى نفس الفكر مع وجود اختالفات‪ ،‬فقد عمل (هن ــري فايـول)‬
‫على تطوير الوظيفة اإلدارية وفق مناهج جديدة مع اعتقاده بضرورة تحديد المسؤوليات في‬
‫اتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما نظرية(ماكس فيبر) للبيروقراطية فقد أعطـت نمـوذجا أمثال لتسييـر المنظمات ذات الحجم‬
‫الكبير‪ ،‬و أما بشأن اتخ ـ ـاذ القـ ـرار فنراها قد تضمنت في جزئيتها المتصلـ ـة بالتسلسل الرئاس ـي‬
‫تحقيقا لتحديد المسؤوليات‪.‬‬
‫من جانب الفرضيات التي انطلقت منها النظرية الكالسيكية يظهر بأنها تميل إلى تمتع متخذ‬
‫القرار بعقالنية تامة‪ ،‬وتوفره على معلومات كاملة‪.‬‬
‫إن أغلب اإلنتقادات التي وجهت إلى الفكر الكالسيكي قد أعابت اختزاله للعملية التقريرية في‬
‫مرحلة اختيار البديل األمثل الذي يتعذر التوصل إليه في الواقـ ـع نظ ار للقصـ ـور المع ـ ـ ـرفي و‬
‫المعلوماتي لدى متخذ القرار الذي يتأثر ال محالة بالبيئتين الداخلية و الخارجية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اتخاذ القرار في النظرية السلوكية‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اتخاذ القرار في النظرية السلوكية‪.‬‬

‫توصف النظرية السلوكيـ ـة كونهــا تمثل البداية الحقيقيــة للتنظير في مجال اتخاذ الق ـرار‪ ،‬إذ‬
‫و كما جاء في الفصل السابق لم يهتم الكالسيك باتخاذ القرار كعملية تشتمل على مراحل بما‬
‫أنهم اعتقدوا بمقدرة متخذ القرار األوحد في المنظمة على التوصل إلى الحل األمثل‪.‬‬
‫وقد تعرضت فرضية تحلي متخذ القرار بعقالنية تامة للنقد مما أدى إلى إعـ ـادة نظـ ـر عميقـ ـة‬
‫في دراسة القرار بالمنظمات‪.‬‬

‫لعل أهم باحث كان وراء بناء نظ ـرية متكاملة للق ـرار هو (هربــرت سايم ــون) الذي دعا إلى ما‬
‫أسماه بالعقالنية المحدودة في إطار النظرية السلوكية التي تم تصنيف أعماله ضمنها بمعية‬
‫عدد من الباحثين الذين حذو حذوه في هذا المجال‪.‬‬
‫سيعنى هذا الفصل في مبحث أول باستع ـراض مضمــون النظ ـرية السلوكيــة‪ ،‬بينما يخصص‬
‫مبحث ثان ألهم األفكار التي أنتجها (هربرت سايمون)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬محتوى النظرية السلوكية‪.‬‬

‫جاءت النظرية السلوكية التخ ــاذ القـ ـرار في أعق ـاب تلك الكالسيكية التي تعرض ــت لجملة‬
‫من اإلنتقادات‪ ،‬و يعد (هربرت سايمون) أهم ممثل لها بالنظـ ــر إلى المؤلفات التي أنتجها هو‬
‫أو بمعية باحثين آخرين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بالنظرية السلوكية‪.‬‬

‫ارتبط ـت النظرية السلوكية التخاذ الق ـرار باألفكار التي أنتجـها (هربــرت ألكسندر سايم ــون)‬
‫الذي ولد بتاريخ‪ 1916/06/15:‬و توفــي في‪ ،2001/02/09:‬و المع ــروف عنه كونــه‬
‫رجــل اقتصاد أمريكي وعالم في السياسة و علم النفس المعرفي‪ ،‬و علوم الحاسوب‪ ،‬و كذلك‬
‫اإلدارة العامة(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬منتدى المعرفة‪ ،‬تاريخ االطالع‪ )2020/04/08(:‬على الرابط‪www.marefa.org :‬‬

‫‪33‬‬
‫ثمة تسميات ثالث تشير إلى نفس المحتوى المعبـر عن أفكار (سايمـون) و عدد من الباحثين‬
‫الذين ساروا على ذات نهجه في إطار نفس التيار الفكري‪ .‬فإذا قلنا ب"نظ ـرية القـ ـ ـرار" و كذا‬
‫"النظرية السلوكية"‪ ،‬أو "مدرسة الكارنجي" التي حملت اسم الجامعة التي اشتغـلت بها ثلة من‬
‫المنظرين في هذا المجال‪ ،‬فإننا نقصد بذلك نفس النظرية(‪.)1‬‬
‫من بين الرواد الذين ساهموا في إثراء نظرية اتخاذ القرار وفق المنظور السلوكي يتسنى ذكر‬
‫كل من‪( :‬شستر برنارد) و (جيمس مارتش) و خصوصا (هربرت ألكسندر سايمون)‪.‬‬

‫أوال‪-‬أهم األفكار التي نادت بها النظرية السلوكية‪ :‬يتعلق األمر بنظرية قد حملت أفكا ار عدة‬
‫يمكن تقديمها فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬أول أفكار هذه النظرية تمثلت في اعتبار اإلنسان بمثابة محور العملية اإلنتاجية و أنه‬
‫الكفيل لوحده بتحقيق الكفاية اإلنتاجية‪ ،‬لذلك وجب التركيز على الجوانب السلوكية للقرار‬
‫اإلداري و أبعاده النفسية و اإلجتماعية‪.‬‬

‫‪-2‬من جهة أخرى نرى بأن هذه النظرية قد انتقدت التوجه الذي اعتقد بأن المنظمات إنما‬
‫هي عبارة عن أنظمة مغلقة‪ ،‬فهم يظنون بأنها بالعكس مفتوحة على بيئتها‪.‬‬

‫‪-3‬فيما يتصل بمسألة العقالنية فإن النظ ـرية السلوكية تقول ب"العقالنيــة الشخصية" بعكس‬
‫المدرسة الكالسيكية التي دعت إلى "العقالنية الموضوعية"‪ ،‬و نجدها على أساس ذلك قد‬
‫قدمت نموذجا التخ ــاذ القـ ـرار أسمته ب"النمــوذج اإلداري" حيث حمل متخذ الق ـ ـرار تسمية‬
‫"الرجل اإلداري"‪.‬‬

‫‪-4‬أضاف (سايمون) معيا ار نوعيا لمفهوم العقالنية الذي أضحى بذلك يحمل تصنيفين هما‬
‫العقالنية من ناحية سلوك األفراد‪ ،‬و العقالنية من الجانب التنظيمي‪ ،‬و بدمج اإلثنين يتم‬
‫الحصول على ستة أنواع كما يلي‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.159.‬‬

‫‪34‬‬
‫أ‪-‬العقالنية الموضوعية‪ :‬إنه سلوك يسعى انطالقا من الواقع الموضوعي إلى تعظيم‬
‫المنفعة‪ .‬يبنى هذا النوع على أساس وجود معلومات كافية بخصوص البدائل و ما‬
‫يترتب عليها كنتائج‪.‬‬

‫ب‪-‬العقالنية الشخصية‪ :‬هو سلوك لتحقيق المنفعة في حالة معينة و اعتمادا على المتاح‬
‫من المعلومات‪ ،‬مع اعتبار القيود على متخذ القرار‪.‬‬

‫ج‪-‬العقالنية التقنية‪ :‬تطلق هذه التسمية على الوضعية التي يقدم فيها الرجل اإلداري على‬
‫تطوير المعرفة العلمية و التقنية و استخدامها لتحقيق أهداف المنظمة‪.‬‬

‫د‪-‬العقالنية التنظيمية‪ :‬من خاللها يعمل الرجل اإلداري على تجسيد أهداف المنظمة‪.‬‬

‫ه‪-‬العقالنية الفردية‪ :‬تعكس سلوك متخذ القرار سعيا لتحقيق أهدافه الشخصية‪.‬‬

‫و‪-‬العقالنية اإلدارية‪ :‬تعبر عن السلوك الذي يعتمد على استخدام أفضل الطرق اإلدارية‬
‫في توجيه عمل األفراد في المنظمة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬اإلهتمام بالسلوك اإلنساني‪ :‬يالحظ تبني هذه النظرية لمقاربة مغايرة تمثلت في "إعادة‬
‫تنظيم فرضيات المدرسة الكالسيكية من خالل اإلهتمام بالسلوكيات الفعلية التي يأتيها متخذو‬
‫القـ اررات في الواقع"(‪ ،)1‬إذ مكنت الدراسات التي أنجزها (سايم ـون) في موضوع المنظمات منذ‬
‫أواخ ـ ـر الثالثينات من الق ـرن العشرين من مالحظ ـة ما اعتب ـره تباعـ ـدا بين "الرج ـل اإلقتصادي‬
‫الذي تحدثت عنه النظرية اإلقتصادية و السلوك الحقيقي لألعوان"(‪.)2‬‬
‫إن الفضل يعود إلى هذه النظرية في جعل السلوك البشري بمثابة نتيج ـ ـة لتبني خيار ما‪ ،‬فقد‬
‫رأينا من قبل بأن مسألة السلوك لم تنل اهتم ـ ــام النظرية الكالسيكية التي عمل ـت عـ ـوض ذلك‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ليلى لراري‪ ،‬مرجع سابق ص‪.6‬‬

‫‪(2) Mathieu FARRIERE, Op.cit.p.37.‬‬

‫‪35‬‬
‫على إصالح الطريقة التي كان ينجز وفقها العمل(‪ .)1‬لذلك فقد أولت النظرية السلوكية العناية‬
‫بالجوانب المتعلقة بسلوك األشخــاص ضمن المنظمات سيما ما اتصــل بما يؤثر في مواقفه ــم‬
‫من عوامل اجتماعية(‪.)2‬‬
‫في هذا الصدد اعتبر (سايمون) بأن السلوك التنظيمي يستقي مضمونه من الق اررات المتخذة‬
‫ضمن المنظمات و أن ما يوجد بداخل هذه األخيرة من قواعد‪ ،‬و تسلسل رئاسي‪ ،‬و مقاييس‬
‫مختلفــة‪ ،‬و تقاليــد هي كلها عوامـل تـؤدي وظيفــة المقلل من تعقيــد العملية التقري ـرية لألفـ ـراد و‬
‫تلعب دور المنسق بين أعضاء المنظمة(‪.)3‬‬
‫و بما أن النظرية السلوكية أضحت تعتبر المنظمة بمثابة نظــام مفتـ ــوح على أنظمــة داخلية و‬
‫خارجية ذات طابع اقتصادي‪ ،‬و اجتماعي‪ ،‬و قانوني‪ ،‬و حكومي‪ ،‬فنجدها قد جعلت بق ـ ــاء و‬
‫استم اررية المنظمة رهنا بقدرتها على التكيف و تغيرات البيئات المشار إليها‪ ،‬وذلك ما يتسنى‬
‫عن طريق توجيه الق اررات إلى هذا الهدف(‪.)4‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل صنع القرار في إطار النظرية السلوكية‪.‬‬

‫أنتجت النظرية السلوكية إطــا ار فكريا التخ ـ ــاذ القرار اإلداري إذ جعلت منه محور العملية‬
‫اإلدارية‪ ،‬و نراها قد ركزت في ذلك على البحث في السلوك اإلنساني كفرد و أيضا بوصفه‬
‫عضو في جماعة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Erhard FRIEDBERG, Op.cit.p.15.‬‬

‫(‪ )2‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 55‬‬

‫‪(3) Massimo BALDUCCI, " L’influence de administrative behavior de H. Simon sur l’étude des organisations et sur la‬‬
‫‪théorie du public choice ", Revue française d’administration publique, n° :131, 2009, consulté le : 09/04/2020 sur le lien :‬‬
‫‪www.cairn.info.‬‬

‫(‪ )4‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪36‬‬
‫يمكن اإلقتراب من هذا الفكر من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬مميزات الرجل اإلداري‪ :‬يعرف عن هذه النظرية وضعها لجملة من المميزات يتصف بها‬
‫الرجل اإلداري الذي يتخذ الق اررات ضمن المنظمات و هي‪:‬‬

‫‪-1‬ال يسع الرجل اإلداري أن يحصل على بديل مثالي بالنظر إلى عدم توفر معلومات‬
‫كافية لديه‪.‬‬

‫‪-2‬يعمل الرجل اإلداري على البحث عن بديل مقبول باإلستعانة بالمعلومات المتوفرة لديه‪.‬‬

‫‪-3‬يعتمد في اتخاذه لق ارراته على العقالنية المحدودة و اإلمكانيات المتاحة في اختيار أحد‬
‫البدائل‪.‬‬

‫‪-4‬يراعي الرجل اإلداري مختلف العوامل المحيطة بالمشكلة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬خطوات صناعة القرار في النظرية السلوكية‪ :‬تركـ ـز اهتم ـام هذه النظـ ـرية من خـ ـ ـ ـالل‬
‫أفكار (هربرت سايمون) على حسن التقدير في سبيــل التوصــل إلى إنتــاج ق اررات فعالـة و هو‬
‫ما يتحقــق من خالل اتباع جملــة من الخط ـوات تتمثل في تحــديد المشكلــة التي تتطلب اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬ثم تحليل الموقف‪ ،‬يتبع ذلك بتحديد البدائل‪ ،‬مع التفكي ـر في النتائـ ـج المترتبـة على كل‬
‫بديل‪ ،‬وصوال إلى اختيار واحد من البدائل المطروحة(‪.)1‬‬
‫يتسنى التفصيل في هذه الخطوات من خالل المراحل التالية‪:‬‬

‫‪-1‬التشخيص‪ :‬الذي يدخل في خطوة تحديدي المشكلة إذ هي مرحلة يتم فيها بلورة فكرة عن‬
‫البيئة و عن مختلف المواقف التي يستخدم فيها القرار‪.‬‬

‫‪-2‬التصمي ـم‪ :‬و يدخل في خطوات تحليل الموقف‪ ،‬و تحــديد البدائــل‪ ،‬و التفكيــر في النتائج‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪37‬‬
‫التي تترتب على كل بديل‪ ،‬فهي مرحلة يعمد فيها إلى تحديد الخيارات المعروفة مع تقديم‬
‫تحليل مناسب لكل واحد منها‪.‬‬

‫‪-3‬اإلختيار‪ :‬هي مرحلة يقوم فيها متخذ القرار باختيار البديل المرضي من بين مجموعة‬
‫من البدائل‪.‬‬

‫‪-4‬مرحلة التنفيذ‪ :‬هذه المرحلة توضع فيها البرامج التي تكفل تنفيذ البديل الذي تم اختياره‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬شروط التوصل إلى القرار الواقعي‪ :‬تتلخص الشروط التي تمكن من إنتاج قرار واقعي‬
‫في ضــرورة التركيــز على فهــم الموقــف الذي يستوجب اتخــاذ القـ ـ ـرار و هو ما يتم من خالل‬
‫الوقوف على تفاصيل المسألة‪ ،‬يجب أن تعطى األهمية لآلراء التي ال يميل إليها متخذ القرار‬
‫إذ بمناقشتها يتسنى فهم ما يحدث و كذا الوقوف على مختلف األساليب إليجاد الحل‪.‬‬
‫إن اختيار الحل الصحيح يتطلب البحث عن عدد من الحلول إذ من الواقعي أن يكتفى فقط‬
‫بحل يعالج الموقف و ليس حال أمثال‪ ،‬لذلك من األهمية أن يحقق رضا متخذه(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نموذج "سايمون" و إعادة صياغة العقالنية‪.‬‬

‫يعتبر (هربرت ألكسندر سايمون) أهم منظر في إطار النظـ ـرية السلوكية التخاذ القرار فقد‬

‫كان ألفكاره المساهمة الكبرى في بناء هذه النظرية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نموذج "سايمون" التخاذ القرار‪.‬‬

‫لقد وضع (هربرت سايم ـون) نموذجا التخ ـاذ الق ـرار من خالل الرجل اإلداري الذي يخالف‬
‫ذاك اإلقتصادي في النظرية الكالسيكية‪ ،‬ليصبح الق ـرار بذلك رهنا بشخصية متخـ ـ ـذه و أيضا‬
‫تماشيا و السياق الذي أنتج ضمنه(‪.)1‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن أولى أفكار (سايمون) قد عبر عنها مؤلفه الصادر سنة ‪ 1945‬و الذي‬
‫حمل عنوان‪" :‬السلوك اإلداري‪ ،‬دراسة في آليات صناعة القرار في المنظمات اإلدارية"‪ ،‬و قد‬
‫نال صاحبه جائزة نوبل في اإلقتصاد سنة ‪ 1978‬نظير ما حتواه من أفكار جديدة(‪.)2‬‬

‫يتمحور نموذج (سايمون) حول النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬فرضية العقالنية المحدودة‪ :‬يتعلق األمر بنموذج نظري لعملية اتخاذ القرار مبني على‬
‫مراحل ثالث هي‪:‬‬

‫‪-1‬البحث عن المعلومات‪ :‬هي مرحلة يتم فيها الوقوف على مشكلة تستوجب إيجاد حل و‬
‫البحث عن المعلومات الضرورية في سبيل ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬وضع النمط‪ :‬ذلك يشير إلى عمليات مثل تحليل المعلومات‪ ،‬و تحديد و تقييم الحلول‬
‫الممكنة‪.‬‬

‫‪-3‬اإلختيار‪ :‬حيث يعتمد الحل األكثر إرضاء‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit. p.207.‬‬

‫‪(2) Massimo BALDUCCI, Op.cit.p.542.‬‬

‫‪39‬‬
‫باإلعتماد على هذا النموذج النظري يوضح (سايمون) بأن العقالنية المطلقة التي نادى بها‬
‫الكالسيك هي في الحقيقة ضرب من الالواقعية و ذلك ألسباب يتمثل أهمها فيما يأتي‪:‬‬

‫‪-1‬عدم اكتمال المعلومات‪ :‬ال يسع متخذ القرار أن يحصل على جميع المعلومات الممكنة‬
‫كما أن المتوفر يشوبه عدم التأكد‪ ،‬مما ال يساعد على رسم صورة يقينية عن مستقبل‬
‫كل المتغيرات‪.‬‬

‫‪-2‬قصور قدرات األفراد‪ :‬فمعالجة المتاح من المعلومات تستوجب التمتع بقدرات عقلية و‬
‫جسمية أكبر مما يتوفر لدى األفراد‪ ،‬فعند مجاوزة كمية معينة من المعلومات لن يسع‬
‫أي شخص أن يفرق بين جميع أوجه المشكلة‪.‬‬

‫‪-3‬وجود متخذي القرار في تبعية متبادلة‪ :‬لن يكون بإمكان متخذ القرار إجراء تقييم لما‬
‫سيؤول إليه البديل الذي رسا عليه اختياره‪ ،‬فالتبعات المنجرة عنه رهن بخيارات األفراد‬
‫اآلخرين الذين يفكرون هم كذلك بشأن ذات المشكلة(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬العناصر التي يرتكز عليها الق ارر‪ :‬باإلعتماد على العقالنية المحدودة التي بمقتضاها‬
‫تم التخلي عن نموذج الرجل اإلقتصادي الذي أسس عليه الكالسيك تصورهم للقـ ـ ـ اررات فقد‬
‫استخلص (سايمون) مجموعة من العناصر المتظافرة لتكوين نموذج الرجل اإلداري و يتعلق‬
‫األمر ب‪ :‬مستوى الطموح‪ ،‬و القيمة المتوقع ـ ــة للمكافآت‪ ،‬و البحـ ـث المتواصل‪ ،‬و مست ـ ـ ـوى‬
‫الرضا‪ .‬تجـدر اإلشارة إلى أن هذه العناصر قد توصل إليها (هربرت سايمون) بمعية (جيمس‬
‫مارتش) ‪.‬‬
‫هذه العناصر تعمل في ترابطها على ضبط عملية اتخاذ القرار و تعبر عنها مسلمات هي‪:‬‬

‫‪-1‬كلما انخفض الرضا كلما زاد البحث عن قيم و مكاسب متوقعة‪.‬‬


‫‪-2‬كلما زاد البحث عن القيم و المكاسب كلما زاد مستوى القيم و المنافع المتحققة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.pp.206-207.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪-3‬كلما زاد مستوى القيم المتحققة كلما زاد مستوى الرضا‪.‬‬
‫‪-4‬كلما زاد مستوى القيم و المنافع كلما زاد مستوى الطموح‪.‬‬
‫‪-5‬كلما زاد الطموح كلما انخفض مستوى الرضا(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهم المقاربات المطورة ألبحاث "سايمون"‪.‬‬

‫لقد سعى باحثون في مجال نظريات المنظمات إلى إنتاج أبحاث بهدف مواصلة و تطوير‬
‫ما قام به (هربرت سايمون)‪ ،‬حيث يذكر في هذا الصدد أعمال كل من (ريتشارد سييرت) و‬
‫(جيمس مارتش) التي يحتويها كتابهما الصادر في ‪ 1963‬بعنوان‪ ":‬نظرية سلوك المنشآت"‬
‫و الذي أعيد نشره سنة ‪.)2(1992‬‬
‫الكتاب عبارة عن "مقاربة سياسية للمؤسسة (المؤسسة كائتالف سياسي) و مقاربة ديناميكية‬
‫(و جماعية) للعقالنية المح ـدودة من خ ـالل مفه ـوم التعل ـم التنظيمي"(‪ .)3‬ذلك يعنــي ضـ ــرورة‬
‫التخلي عن اعتبار المؤسسة بمثابة عون فردي يعمل على تحقيــق أعلى مست ــويات أهداف ــه‬
‫دون الخضوع ألية ضغوط‪ ،‬بل يجب النظر إليها كمجموعة تضـ ـ ـم المالك‪ ،‬و المسيرين‪ ،‬و‬
‫الزبناء‪ ،‬الموردين‪ ،‬و المستخدمين‪.‬‬

‫من بين أهم عناصر هذا اإلقتراب يمكن ذكر اعتبار حدود المنظمات كونها متذبذبة زمنيا و‬
‫وظيفيا‪ ،‬بحيث إذا لـ ــزم األمـر اتخاذ قـ ـ ـ ـرار يتصل بموقع مح ـل تجاري ضمن نسيــج عم ارنـ ــي‬
‫سيتطلب ذلك ضم الزبائن إلى حدوده كأعضاء‪ ،‬بينما لو أن القرار يتعلـ ـق بعدد المستخدمين‬
‫فإنه سيتم اللجوء إلى ما تنص عليه القوانين في هذا الصدد(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬علي محمد ابراهيم الكردي‪" ،‬نظريات اتخاذ القرار"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ )2020/04/07 (:‬على الرابط‪www.kenanaonline.com :‬‬

‫‪(2) Olivier FAVEREAU, " Une influence limitée sur les économistes " Revue française de gestion, n° :139, 2002, p.203,‬‬
‫‪consulté le : 12/04/2020, sur le lien : www.cairn.info.‬‬

‫‪(3) Ibid.p.204.‬‬

‫‪(4) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème ed, Paris : MA éditions, 2016, p.182.‬‬

‫‪41‬‬
‫من بين ما يترتب كنتائج على هذا التفكير يمكن ذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬تعتبر المنظمة ذات طبيعة معقدة بضمها لجماعات تعمل على تحقيـ ــق منافعها الخاصة‬
‫مما يجعل عملية اتخاذ القرار متوقفة على محصلة التوافقات و الوساطات و المفاوضات‬
‫بين مختلف الجماعات‪.‬‬

‫‪ -2‬ال تفض الصراعات بشكل شامل بل بمعالجة مجزأة للمشكالت‪.‬‬

‫‪ -3‬ال تتوفر المنظمات على أهداف خاصة بها ألن األفراد هم فقط من يمتلكون أهدافا‪.‬‬

‫‪-4‬تخضع إجراءات اتخاذ الق اررات لتأثير الجماعات و هي رهن بعمليات التعلم الجماعي‪.‬‬

‫‪ -5‬المؤسسة عبارة عن مجموعة من الوحدات ذات أهداف و قواعد اشتغال خاصة بها‪،‬‬
‫مما يستدعي اتخاذ ق اررات تسعى إلى إرضاء كل الوحدات‪.‬‬

‫‪-6‬يتوقف البحث عن الحلول عند أول خيار مرضي مع إمكانية أال يكون ذلك بالضرورة‬
‫حال أمثال(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.207.‬‬

‫‪42‬‬
‫خالصة الفصل الثالث‪:‬‬

‫جاءت النظرية السلوكية بإضافات جديدة إلى عملية اتخـ ـاذ الق ـرار بما احت ــوته من باحثيـ ـن‬
‫اشتغلوا ضمن "مدرسة كارنجي" نسبة إلى الجامعة التي ارتبطت بها‪ ،‬إذ من بين أه ـم روادها‬
‫يمكن ذكر كل من‪(:‬شيستر برنارد) و (جيمس مارتش) و (هربرت سايمون)‪.‬‬
‫من حيث األفكار يشار إلى أن هذه النظرية قد اعتبرت اإلنسان محو ار للعملية اإلنتاجية لذلك‬
‫وجب وفق ذلك التركيز على الجوانب السلوكية للقرار‪ ،‬مع ضرورة النظـ ــر إلى المنظمة كونها‬
‫نظام مفتوح‪ ،‬و أن العقالنية في مفهومها هي ذات طبيعة شخصية‪.‬‬
‫لقد أعيد تنظيم فرضيات النظرية الكالسيكية من خالل نموذج الرجل اإلداري الذي ال يتسنى‬
‫له الحصول على معلومات كاملة مما ال يمكنه من التوصل إلى حل أمثـ ـل فهو فقط مرضي‬
‫بسبب عقالنيته المحدودة‪.‬‬
‫تمر العملية التقريرية في النظرية السلوكية عبر تحليل الموقف و رصـ ـد البدائ ـ ـ ـل و ما يترتب‬
‫عليها كنتائج ليتم في األخير اختيار أحدها‪ ،‬لذلك يصبح من األهمية أن يفه ـ ـم الموقف الذي‬
‫يستوجب اتخاذ القرار ضمانا لطابعه الواقعي‪.‬‬
‫تكتسي أفكار (هربرت سايمون) أهمية في هذا السياق خصوصا ما تعلـ ـق بنموذجـ ـه للعقالنية‬
‫المحدودة المبني على مراحل ثالث هي البحث عن المعلومات و تحليلـ ـها‪ ،‬و تقييـ ـم الحلـ ـ ـول‬
‫الممكنة على أساسها و اختيار الحل األكثر إرضاء‪ .‬هذا مع تأكيده بأن العقالنية المطلقة في‬
‫الفكر الكالسيكي تفتقر إلى الواقعية بالنظر إلى عدم اكتمال المعلومات لدى متخذ القرار‪ ،‬و‬
‫قصوره على معالجتها على وجه الخصوص‪.‬‬
‫لقد اعتقد (سايمون) بأن ثمة عناصر تتظافر لتكوين نمـ ــوذج الرجــل اإلداري و يتعل ـق األم ـر‬
‫بمستوى طموح متخذ الق ـ ـرار‪ ،‬و قيمة ما يتوقعـ ـه من مكافآت‪ ،‬و تواصل بحثه‪ ،‬و كذا مستوى‬
‫رضاه‪.‬‬
‫ثمة أبحاث طورت من أفكار (سايمون) مثل أعمال (ريشارد سييرت) و(جيمس مارتش) التي‬
‫انتهت إلى أن المنظمة هي ائتالف سياسي تتوقف ق ارراته على ما يجري من مفاوضات بين‬
‫مختلف الجماعات المكونة له‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع القرارات‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع الق اررات‪.‬‬

‫ثمة نقطة مشتركة بين الق اررات باختالف المواقف و المشكالت التي تتطلبها و المنظمـ ـات‬
‫و الهياكل التي تؤطرها و هي تتمثل في تشابه المراحل التي تستغرقها عملية اتخاذ القرار من‬
‫تحليل الموقف يليه جمع المعلومات و معالجتهــا‪ ،‬و وضــع الخيارات و دراسـة نتائجها انتهاء‬
‫إلى اختيار أحد الحلول‪.‬‬

‫لكن المشكالت تتعدد بحسب المواقف و أن دواعي إنتاج الحلول ال تأتي بنفس المتطلبات و‬
‫ال بذات التعقيد‪ ،‬يضاف ذلك إلى طبيعة األفراد و الجماعات و المنظمات التي تعم ـ ــل على‬
‫عملية اإلنتاج تلك فهي مختلفة بالضرورة‪.‬‬

‫إن ما سبق يدعو إلى استنتاج مفاده وجود أنواع مختلفة للق اررات و هو األمر الذي يستوج ــب‬
‫إيجاد معايير لتصنيفها و إنه من الصعوبة اعتماد تصنيف موحد كونها تتنوع بتعدد الباحثين‬
‫الذين درسوا هذا الموضوع و من ذلك تعدد المداخل و المقاربات‪.‬‬

‫سيعرض هذا الفصل أنواع الق اررات مع مراعاة أربعة أنواع من المظاهر هي‪ :‬المظهر الزمني‬
‫يليه ذلك المتصل بنطاق سريانه‪ ،‬ثم مدى هيكلته‪ ،‬انتهاء إلى درجة تأكـ ــده من عدمها‪ ،‬حيث‬
‫سيتطرق المبحث األول إلى أنواع الق اررات بحسب المستويات و األساليب التي تتخذ وفقها و‬
‫سيعنى المبحث الثاني بمسألة التأكد في تصنيف الق اررات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تنوع الق اررات و فق مستويات اتخاذها و درجة تكرارها‪.‬‬

‫من بين المعايير الشائعة التي تصنف الق اررات على أساسها يذكر ما يتصل بعامل الزمن‬
‫الذي يستغرق ـه تطبيقه ـا و كذلك المدى الذي تطاله آثارها فقد يتمثل ذلك في المنظم ـ ـ ـة برمتها‬
‫أو جزء منها‪ ،‬هذا و يضاف إلى ذلك درجة تكرار مناسبات اتخاذها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مستوى الق اررات كمعيار لتصنيفها‪.‬‬

‫إن الق ـول بالمستويات التي تتخ ـذ فيها القـ ـ اررات هو حديث عن أهميـ ـة هذه األخي ـرة قيـ ــاسا‬
‫بالجهة المتخذة لها مضافا إليها المدة الزمنية التي يستغرقها تنفيذها و أيضا نطاق هذا التنفيذ‬
‫ذلك ما يفضي إلى تنوع الق اررات إلى‪:‬‬

‫أوال‪-‬الق اررات اإلستراتيجية‪ :‬إنها تسمية تنبئ عن الجهة التي تختص بهذا النوع من الق اررات‬
‫في المنظمات و كذا الزمن المتعلق بتنفيذها‪ .‬يمكن توضيح طبيعتها من خالل مؤشرات هي‪:‬‬

‫‪-1‬هو نوع من ا لق اررات يتم رسمه من طرف المستويات العليا بالمنظمات بالنظر إلى أنها‬
‫تتصل بالمستقبل من حيث أخذها بعين اإلعتبار للمدى الطويل(‪.)1‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫‪-2‬يتخذ هذا النوع من الق اررات لتحديد األهداف و الموارد و السياسات المتعلقة بالمنظمة‬
‫لذلك هو نوع يكتسي أهمية من حيث ارتباطه بمستقبل المنظمة‪.‬‬

‫‪-3‬من األمثلة عن هذا النوع من الق اررات "تلك المتعلقة بالتنبؤ طويل األجل للمبيعات و‬
‫وضع الخطط التشغيلية طويلة األجل‪ ،‬و تخطيط الموارد البشرية‪ )...(،‬طرح منتجات‬
‫جديدة بأسعار منخفضة أو زيادة الحصة السوقية"(‪.)3‬‬

‫‪-4‬هي ق اررات التتكرر بنفس الشكل‪ ،‬كما يستحيل القيام بمراجعتها بعد الشروع في تنفيذها‬
‫نظ ار للتكلفة العالية المنجرة عن ذلك(‪.)4‬‬

‫ثانيا‪-‬الق اررات اإلدارية‪ :‬تسمى كذلك بالتكتيكية و يمكن اإلشارة إليها من حيث‪:‬‬

‫‪-1‬اتخاذها من طرف المستويات الوسطى في المنظمات فهي تأخذ في الحسبان المدى‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.196.‬‬

‫(‪ )2‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪,285‬‬

‫(‪ )3‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.271‬‬

‫‪(4) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.196.‬‬

‫‪46‬‬
‫المتوسط و هي من حيث وظيفتها تأتي دعما للق اررات اإلستراتيجية‪.‬‬

‫‪-2‬اختصاص هذا النوع بترجمة الخطط‪ ،‬و بناء الهيكل التنظيمي‪ ،‬و تفويض الصالحيات‪.‬‬

‫‪-3‬يتعلق األمر بق اررات ذات أهمية بالنسبة للمنظمات لكن بقدر أقل من تلك اإلستراتيجية‬
‫من حيث الخطورة‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬الق اررات التشغيلية‪ :‬التي تسمى بالتنفيذية و المعروف عنها اتصافها ب‪:‬‬

‫‪-1‬كما تدل تسميتها هي ق اررات تتخذ على مستوى اإلدارة التشغيلية بالمنظمة‪.‬‬

‫‪-2‬من حيث مداها الزمني تتسم بتغطيتها لفترة قصيرة من الوقت‪ ،‬و هي محدودة التأثير‪.‬‬

‫‪-3‬هي ق اررات تختص "بتنفيذ األعمال و المهام المحددة بواسطة اإلدارة العليا و الوسطى‪،‬‬
‫و تحديد معايير للمنافسة و استخدام الموارد المتاحة‪ ،‬و تحقيق الرقابة على التشغيل و‬
‫األداء اليومي"(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تصنيف الق اررات قياسا لدرجة تكرارها‪.‬‬

‫هناك معيار مغاير يتسنى تصنيف الق اررات على أساسه و يتمثل في كونها متكررة أو ال‬
‫مما يؤدي إلى إمكانيــة جدولة بعضــها و تعــذر ذلك بالنسبة للبعض اآلخر‪ ،‬فتتن ــوع الق اررات‬
‫وفق ذلك إلى‪:‬‬

‫أوال‪-‬الق اررات المجدولة‪ :‬التي يشار إليها كذلك بكونها مهيكلة فثمة مواصفات تطبع هذا النوع‬
‫بحيث يمكن إجمالها في‪:‬‬

‫‪-1‬وجود عالقة سببية بين عدد محدود من العوامل التي تطبع وضعية ما مع الق اررات‬
‫المتخذة فيها(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪,286‬‬

‫‪(2) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.197.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪-2‬يتعلق األمر بوضعية تتكرر على فترات منتظمة‪.‬‬

‫‪-3‬بما أن نفس األسباب تؤدي إلى اتخاذ نفس الق اررات فإنه من السهل أن يعاد إنتاج‬
‫العملية عدة مرات‪.‬‬

‫‪-4‬من أشهر الوضعيات التي يتخذ فيها هذا النوع من الق اررات هناك تسيير المخزون‪ ،‬أو‬
‫معالجة مشكلة انضباط عضو في منظمة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬الق اررات غير المجدولة‪ :‬يتصل األمر بق اررات غير مهيكلة بمعنى غياب روتين معين‬
‫بشأنها الفتقارها لتشابه موضوعاتها و تماسكها‪ ،‬فهي تتميز ب‪:‬‬

‫‪-1‬وجود وضعيات تتصف بكثرة العوامل التي يجب اتخاذها بعين اإلعتبار مع ما ينجر‬
‫عن ذلك من تنوع اإلحتماالت بشأنها‪.‬‬

‫‪-2‬استحالة اعتماد الطريقة نفسها اليجاد الحلول ألن الوضعيات التي تتطلب اتخاذ القرار‬
‫ال تتجدد بنفس المعطيات‪.‬‬

‫‪-3‬من بين الحاالت التي تستوجب اتخاذ هذا النوع من الق اررات إطالق عملية عامة للشراء‬
‫المعروف عنها اتسامها بالتعقيد و عدم إمكانية حصر جميع المعطيات المؤطرة لها(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪-‬الق اررات المبرمجة و الق اررات غير المبرمجة‪ :‬هي طريقة في التمييز بين الق اررات تعود‬
‫إلى فكر (هربرت سايمون)(‪ ،)2‬فيتم التفريق وفـ ـق ذلك بين ق اررات مبرمج ـة بمعنى أنها روتينية‬
‫و متكررة و معتمدة على الخبرات الشخصية لمتخـ ـذها‪ ،‬بينما يعرف بشأن تلك غير المبرمجة‬
‫عدم تكرارها و تطلبها لتفكير طويل و استهالكها لبيانات و معلومات كافية و دقيقة‪.‬‬

‫بتعميق معنى القرار المبرمج يمكن القول بأنه نوع قابل "إلعادة اإلنتاج(‪ )...‬باتباع برنام ـ ــج‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.‬‬

‫‪(2) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.159.‬‬

‫‪48‬‬
‫أي سلسلة من التعليمات التي تمكن من الوصول إلى نفس القرار بتوفر نفس الظروف"(‪.)1‬‬
‫من حيث األمثلة عن الق اررات المبرمجة يدخل في هذا المجال منح ترخيص لموظف ليتغيب‬
‫عن العمل‪ ،‬أو صــرف عالوة‪ .‬بينما يدخــل ضمن الق ـ اررات غير المبرمجة على سبيــل المث ــال‬
‫وضع سلعة جديدة باألسواق‪.‬‬

‫الجدول الموالي يجري مقارنة بين الق اررات المبرمجة و تلك غير المبرمجة‪.‬‬

‫الجدول رقم‪ 02:‬مقارنة بين الق اررات المبرمجة و الق اررات غير المبرمجة‪.‬‬

‫أمثلة‬ ‫اإلجراء المتبع‬ ‫درجة التأكد‬ ‫طبيعة المشكلة‬


‫مرتفعة ألن كافة محدد و واضح‬ ‫روتينية‬
‫اإلعالن عن‬ ‫مسبقا و يتمثل‬ ‫مخرجات القرار‬ ‫متكررة‬
‫مناقصة‪.‬‬ ‫في وجود‬ ‫يجب أن تكون‬ ‫الق اررات المبرمجة‬
‫مجموعة من‬ ‫معروفة‪.‬‬
‫القواعد الخاصة‬
‫باتخاذ القرار‪.‬‬
‫طرح منتجات‬ ‫اإلبداع و‬ ‫متجددة أو متكررة منخفضة بسبب‬
‫جديدة من قبل‬ ‫الحدس بسبب‬ ‫طبيعة الق اررات‬ ‫بفترات متباعدة‪.‬‬ ‫الق اررات غير‬
‫عدم وجود قواعد الشركة‪.‬‬ ‫و عدم توفر‬ ‫المبرمجة‬
‫أو إجراءات‬ ‫كافة المعلومات‬
‫محددة مسبقا‬ ‫المطلوبة‬
‫التخاذ القرار‪.‬‬ ‫التخاذها‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬اتخاذ الق اررات التنظيمية في منظمات األعمال‪ ،‬عمان‪ :‬دار األيام للنشر و التوزيع‪ ،2014 ،‬ص ‪.274‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.‬‬

‫‪49‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬معياري توفر المعلومات و األساليب القيادية‪.‬‬

‫تصنف الق اررات تبعا لمعيار توفر المعلومات من حيث المقــدرة على استشف ـاف المنـ ـ ـحى‬
‫الذي ستتخذه نتائجهـا في المستقبل و بقدر تضمنها لعنصر المخاطرة بالنظر إلى توفر أو‬
‫نقص أو انعدام البيانات بشأنها‪ .‬إلى جانب ذلك يعد النمط القيادي في المنظمة كأهم معيار‬
‫لترتيب أنواع الق اررات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تنوع الق اررات وفق درجة التأكد فيها‪.‬‬

‫لعل أشهر معيار يعتمد عليه من طرف األدبيات في تصنيف الق ـ ـ اررات يتعلــق بإمكانية‬
‫معرفة مآالت هذه األخيرة بالنظر إلى توفر البيانات و المعلومات بشكل يكفي لرسم صورة‬
‫واضحة لها‪ ،‬أو أن المعلومات تلك ناقصة أو منعدمة بما يجعل عملية صياغة احتم ــاالت‬
‫النتائج المترتبة على البدائل تتضمن مخاطرة‪.‬‬

‫يمكن على أساس ذلك التمييز بين‪:‬‬

‫أوال‪-‬حالة التأكد وانعدام المخاطرة‪ :‬هي حالة يشار فيها إلى توف ـر معرف ـة دقيقـ ـ ـة و كاملة بما‬
‫يترتب كنتائج على الق اررات المتخذة إذ أن البعض منها يمكن فيه جمع الكفاية من البيانات و‬
‫المعل ـومات على نحو يجع ـل تصور النتائـ ـج مضمونا و متوقعا كــون القيــم التي ترتكـ ــز عليها‬
‫عناصر هذا النوع من الق اررات تتطور بشكل متوقع ‪ ،‬فهي مؤكدة(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬حالة عدم التأكد و وجود المخاطرة‪ :‬هناك حالة ال يتمكن فيها متخذ القـرار من معرف ـ ـة‬
‫مجموع التداعيات التي ستنجر عن ق ارراته بخاصة إذا جرى ذلك ضمن بيئة معقـدة و فاق ـ ـ ــدة‬
‫لإلستقرار أي أن البي ــانات و المعلومات المتعلقة بها غائبة أو ناقصة و هي بذلك مدعاة إلى‬
‫إنتاج ق اررات في إطار من المخاطرة(‪ .)2‬في هذه الوضعية يكون الحديث عن حالة عدم تأكد‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.‬‬

‫(‪ )2‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪50‬‬
‫يقاس التأكد من عدمه بمدى المقدرة على رصد مختلف احتماالت القرار المتخذ‪ ،‬بحيث يشار‬
‫إلى ذلك بالقابلية لإلحتمال من خالل توفر اإلمكانية لوضع قائمة بالمعايير المالئمة و تقدير‬
‫مختلف القيم الممكنة في المستقبل بالنسبة لكل واحدة من هذه المتغيرات(‪.)1‬‬
‫من ضمن أشهر التطبيقات في هذا المجال يمكن ذكر األساليب المستعملة للمنطق الرياضي‬
‫على غ ارر البرمجة الخطية‪ ،‬و شجرة القرار‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬معيار النمط القيادي‪.‬‬

‫يشير النمط القيادي إلى الطريقة التي يتبعه ـا قائد المنظم ـة في اتخ ـاذه لق ارراته و في ذلك‬
‫يتعلق األمر بالتوجه المستبد الذي من خالله ينفرد مدير المنظمة بجميع المراحل التي تدخل‬
‫في صناعة القرار‪ ،‬بداية من استشعار المشكلة إلى غاية اختيار واحد من بين البدائ ـ ــل التي‬
‫تم طرحها‪ ،‬و كذلك التوجه الديمقراطي الذي فيه يعمد المدير إلى إشراك مرؤوسيه في واحدة‬
‫من مراحل صناعة الق ارر أو في عدد منها‪.‬‬
‫بناء على هذا المعيار تتنوع الق اررات إلى‪:‬‬

‫أوال‪-‬الق اررات الفردية‪ :‬مثلما توحي إلى ذلك هذه التسمية يتعلق األمر بنوع من الق اررات ينفرد‬
‫فيها شخص واحد بكل مراحل السيرورة التقريرية إلى غاية إنتاج القرار‪ ،‬يحدث ذلك ألن ثمة‬
‫عوامل تفرض نمطا معينا من القيادة كطبيعة المنظمة أو شخصية قائ ــدها‪ ،‬و كذا الظـ ـروف‬
‫المحيطة بالقرار‪ .‬و على العموم هناك ق اررات يناسبها النمط الفردي(‪.)2‬‬
‫يمكن تعريفها من الناحية اإلصطالحية على أنها هي تلك التي "تتخذ من قبل المدير متخذ‬
‫القرار دون مشاركة الموظفين‪ .‬و هذا يعني أن تح ـديد المشكلة و تحديد البدائ ـل الممكنـ ـة و‬
‫اختيار أحدها قد تم بجهود فردية من قبل المدير"(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.198.‬‬

‫(‪ )2‬محمد عبد هللا عبد الرحيم‪ ،‬السلوك اإلنساني في المنظمات‪ ،‬ط ‪ ،3‬القاهرة‪ :‬الشركة العربية للنشر و التوزيع‪ ،1994 ،‬ص ‪.314‬‬

‫(‪ )3‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫‪51‬‬
‫هناك حاالت و وضعيات تفرض أو يستحسن فيها أن تتخذ الق اررات من طرف قائد المنظمة‬
‫لوحده‪ ،‬و هي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪-01‬ضغط الوقت المخصص التخاذ القرار‪.‬‬

‫‪-02‬طبيعة المنظمة التي تنحى إلى تفضيل النمط األوتوقراطي‪.‬‬

‫‪-03‬توفر المعلومات لدى قائد المنظمة‪.‬‬

‫‪-04‬الطبيعة السرية للمعلومات التي تستخدم في العملية التقريرية‪.‬‬

‫‪-05‬أعضاء المنظمة غير مؤهلين للمشاركة في اتخاذ القرار(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ -‬الق اررات الجماعية‪ :‬بالرغم من أن الق اررات الفردية ناجعة من جانب سرعتها في إنتاج‬
‫الحلول للمشكالت مقارنة بالوقت الطويل الذي تستغرقه تلك الجماعية إال أن هذه األخيرة ال‬
‫تقل إيجابية من حيث تنوع خبرات األفراد المشاركين في إنتاجها‪.‬‬
‫تعرف الق اررات الجماعية كونها تتخذ عن طريق مشاركة أعض ـ ــاء المنظمة في ذلك على أن‬
‫المقصود بالمشاركة يحمل معنى مساهمــة األعضاء ذوي العالقـ ــة بالقـ ـ ـرار و كذا من يعنيهم‬
‫القرار خارج إطار المنظمة(‪.)2‬‬

‫من ضمن أهم الظروف التي تستوجب اتخاذ الق اررات الجماعية يمكن اإلشارة إلى‪:‬‬

‫‪-01‬المعلومات التي يحتاج إليها في اتخاذ القرار ال تتركز لدى فرد واحد بل هي موزعة‬
‫على أكثر من شخص‪.‬‬

‫‪-02‬المنظمة يسود فيها تطبيق النمط الديمقراطي‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.279‬‬

‫‪52‬‬
‫‪-03‬البيئة المحيطة بالقرار يسودها عامل عدم التأكد مما يستدعي تظافر الجهود إليجاد‬
‫حل متسم باإلبداع‪.‬‬

‫‪-04‬يتسنى اإلعتماد على مؤهالت أفراد الجماعة المشاركين في صناعة القرار‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫خالصة الفصل الرابع‪:‬‬

‫ال يوجد نوع واحد فقط من الق اررات فهي تتعدد بحسب الحاالت و المشكالت التي تتطلب‬
‫إيجاد الحلول و تماشيا كذلك مع اإلطار التنظيمي الذي يتفاعل فيه متخذ القرار‪ ،‬مضافا إلى‬
‫ذلك طبيعة البيئة المحيطة بالعملية التقريرية‪.‬‬
‫ثمة معايير عدة تساعد في تصنيف الق اررات و يذكر منها ذلك المتصل بمستويات اتخاذها و‬
‫الذي على أساسه تتنوع الق اررات إلى تلك اإلستراتيجية التي تغطي المدى الطويل و هي بذلك‬
‫تتخ ـذ في المستويات العلي ـا لإلدارة‪ ،‬فهي ترس ـم معال ـم المستقبل‪ ،‬ثم الق اررات اإلدارية التي تعـد‬
‫من اختصاص المستويات الوسط ـى من المنظم ـات و تتعل ـق بالمدى المتوسط‪ ،‬في حين تتخذ‬
‫الق اررات التشغيلية أو التنفيذية في المستويات التشغيلية و هي تهتم بالمدى الزمني القصير‪.‬‬
‫من حيث معي ـار تكرارها نتح ـدث عن الق ـ اررات المج ـدولة التي توصف كونها مهيكلة و تتكرر‬
‫على فترات منتظمة‪ ،‬بينما الق اررات غير المجدولة أو غير المهيكلة تتدخل فيها عوامـ ـل كثيرة‬
‫تعمل على إنتاج أكثر من احتمال واحد مما يجعل اعتماد طريقة إليجاد الحلول‪.‬‬
‫في هذا الصدد يكون الحديث عن الق اررات المبرمجة و تلك غير المبرمجة للتفرقة بين الن ـ ـوع‬
‫الروتيني المتكرر و ذلك غير المتكرر و الذي يتطلب إعمال الفكر‪.‬‬
‫ثمة معيار بارز في تبويب أنواع الق اررات ينصب اإلهتمام من خالله على إمكانية معرفة ما‬
‫سيترتب عليها كنتائــج ‪ ،‬فهناك حاالت يطبع ـها التأك ـد و انع ـ ـدام المخاطرة بما يتوفر فيها من‬
‫معرفة بما سيحصل مستقبال لكن هناك حاالت يغيب فيها التأكد و يرتفع مستوى المخاطرة‪.‬‬
‫أشهر معيار في تصنيف الق اررات يتمثل في األنماط القيادية التي تشرف على عملية اتخاذها‬
‫ففي إطارها نجد ق اررات تسمى بالفردية ألن قائد المنظمة انفرد بكامل مراحل العملي ــة‪ ،‬و تلك‬
‫الجماعية التي فيها يتم إشراك أعضاء المنظمة في إحدى مراحل صناعتها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مراحل عملية صنع القرار‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬مراحل عملية صنع القرار‪.‬‬

‫لقد سبقت اإلشارة من قبل إلى أن القرار يصنع ضمن عملية مجزأة إلى مراحل بداية من‬
‫مستوى الشعور بالمشكلة‪ ،‬مرو ار بكل ما له عالقة بإيجاد البيانات و المعلومات و إخضاعها‬
‫لجملة من العمليات المتتابعة و الضرورية إلنتاج قرار ذا جودة من جمع و معالجة و ترتيب‬
‫و تخزين إلى غير ذلك‪.‬‬

‫مع ذلك تجدر اإلشارة إلى وجود عوامل تتخلل المراحل المشار إليها و تتدخل في سيرورتها‬
‫و تؤثر فيها إيجابا أو سلبا‪ ،‬و هي قد تغير من طبيعة القرار المتخـ ــذ لتجعله يزيد من تعقيد‬
‫المشكلة التي في األصل جاء لحلها‪.‬‬

‫من ضمن العوامل التي تؤثر في الق اررات يمكن ذكر مجموعتين أولهما تشكلها كل الظروف‬
‫الداخلية للمنظمة بما في ذلك شخصية متخذ القرار نفسه‪ ،‬بينما تتمثل ثانيهما في البيئة التي‬
‫تحيط بها‪.‬‬

‫قسم هذا الفصل إلى مبحثين إذ سيتطرق أولهما للعوامل التي تعمل على التأثير في الق اررات‬
‫حين اتخاذها‪ ،‬أما المبحث الثاني فسيعنى بمسألة إيجاد البدائل و اختيار واحد منها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫تتعرض المنظمات لما يصدر من تأثيرات عن العديد من العوامل الموجودة ضمن بيئتها‬
‫الخارجية‪ ،‬فلكونها أنظمة مفتوحة تصبح ق ارراتها من أهم ما يمسه هذا التأثير‪.‬‬
‫لكن التأثير ال يتوقف فقط على عوامل البيئة الخارجية فما يجري داخل المنظمات كفيل هو‬
‫كذلك بأن يترك بصمته على ما يتخذ من ق اررات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تأثير العوامل الداخلية في عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫تتضمن البيئة الداخلية للمنظمات عددا من العوامل التي قد تعمل على خلق تحديات أمام‬
‫ما يتخذ من ق اررات بشكل يعيق اشتغالها أو يضع صعوبات أمام إيجاد حلول للمشكالت بها‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫تتمثل هذه العوامل فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬حجم السلطة و ثقل الدور المنوط بمتخذ القــــــــرار‪ :‬عادة ما يتمتع قائ ـ ـد المنظمة أو أي‬
‫متخذ للقـرار بها بسلطة واسعة مع ما يصاح ــب ذلك من صالحي ــات و مسؤوليات تعمل على‬
‫تسهيل العملية التقريرية بالنسبة إليه‪ ،‬لكن إذا كان الدور الذي يؤديه أكبر بفعل المهام الملقاة‬
‫على عاتقه‪ ،‬فإن الزمن المتوفر لديه قد ال يكفيه لمعالجة المشكالت المتعلقة بكل مهمة‪.‬‬
‫إذا أضيفت المسؤوليات و الصالحيات المنوه عنها أعاله إلى عوامل كحجم المنظمة و عدد‬
‫فإن ذلك سيمثل تحديا حقيقيا أمام متخــذ الق ـرار بحيث سيعمل الحج ــم الكبير‬ ‫(‪)1‬‬ ‫العاملين فيها‬
‫على إطالة وقت إيصال المعلومات إليه بخاصة في أوقات األزمات‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬التنظيم و طبيعته ‪ :‬يتعلق األمر بنوع المنظمة التي يتخذ فيها الق ـرار بحيث يقاس ذلك‬
‫بواسطة عدد من المؤشرات على غرار الهيكل التنظيمي‪ ،‬إذ من خالل عدد مستوياته نستنتج‬
‫مثال إذا كنا بصــدد منظمة بيروقراطية ميكانيكية أو تلك من النوع العضوي‪ ،‬فما يتداول عن‬
‫هذا النوع هو استجابته السريعة لتقلبات البيئة الخارجية بالنظر إلى قل ـ ـة المستويات اإلدارية‬
‫به و من ذلك انسياب البيانات و المعلومات إلى متخذ القرار في أقل وقت‪.‬‬
‫من الجانب التنظيمي يتسنى كذلك أن نذكر‪:‬‬

‫‪-1‬القوى المؤثرة في الموقف اإلداري من تنظيم رسمي أو ذلك غير الرسمي‪.‬‬

‫‪-2‬طبيعة المشكلة التي يتخذ بشأنها القرار و درجة تعقدها‪.‬‬

‫‪-3‬صنف القرار و أهميته بالنسبة للمنظمة‪.‬‬

‫‪-4‬طبيعة نظام اإلتصاالت بالمنظمة‪.‬‬

‫‪-5‬مدى انتهاج المركزية و الالمركزية اإلدارية(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتيحة بلحاج‪ " ،‬األسس النظرية و العلمية في اتخاذ القرار"‪ ،‬المجلة الجزائرية للعولمة و السياسات اإلقتصادية‪ ،‬الصادرة بالجزائر‪ ،‬عدد ‪ ،07‬جامعة الجزائر‪3‬‬
‫‪ ،2016‬ص‪.275‬‬
‫(‪ )2‬لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪57‬‬
‫ثالثا‪ -‬الظروف الداخلية‪ :‬يدخل في هذا الجانب كل ما يحيط بعملية اتخاذ القرار بالمنظمة‬
‫بخاصة ما تعلق بنموذج العالقات اإلنسانية السائد بها و درجة تضمنـ ــه للثقــة بين القائد و‬
‫األعضاء مع ما ينتج عن ذلك من إشراكهم في عملية اتخاذ القرار‪.‬‬
‫يشار في هذا الصدد كذلك إلى مدى تمتع األفراد بالقدرات و اإلمكانيات التي تجعلهم يعون‬
‫المشكالت عند حدوثها‪ ،‬و هو ما يتوفر بفضل مستوى التدريب الذي يستفيدون منه و مدى‬
‫حصولهم على مستلزمات التنفيذ المادية و المعنوية(‪.)1‬‬

‫رابعا‪-‬شخصية و نفسية متخذ القرار‪ :‬للفرد الذي يتخذ القرار تأثير كبير على عملية إنتاج‬
‫الق اررات و مدى نجاعة الحلول المرصودة للمشكالت‪ .‬يمكن اإلشارة إلى ذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -1‬نمط شخصية متخذ القرار‪ :‬فلنوع شخصية متخذ القرار بما تتضمنه من مكونات تأثير‬
‫في كيفية إدراك الضغوط و تحديد طبيعة اإلستجابة و مدى إدراك المشكالت‪ ،‬فنمـ ــط‬
‫الشخصية يشير مثال إلى النوع المتفائل مقابل ذلك المتشائم‪.‬‬

‫‪-2‬تأثير األوضاع الخاصة‪ :‬ذلك يتصل بظروف متخذ القرار في منزله مع عائلته و أقاربه‬
‫و جيرانه‪ ،‬إذ أن ما تنتجه هذه الحلقات من توتر بإمكانه أن يؤثر في أنماط سلوكه‪ ،‬و‬
‫من ذلك في نوعية القرار الذي سيتم إنتاجه داخل المنظمة‪.‬‬

‫‪-3‬الصفات النفسية‪ :‬هي جملة من العوامل المتصلة بنفسية متخذ القرار و هي تتنوع إلى‬
‫كل ما له عالقة بالدوافع‪ ،‬و القيم‪ ،‬و اإلتجاهات‪ ،‬و القدرات العقلية‪ ،‬و الثقة بالنفس‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تأثير العوامل الخارجية في عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫يتضمن محيط متخذ القرار عوامل تؤثر في طبيعة الق اررات التي تنتجها المنظمات بحيث‬
‫يتم احتساب هذه العوامل فيما يرسم من استراتيجيات و خطط بشكل يكفل تماشي الق اررات و‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتيحة بلحاج‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.275‬‬

‫‪58‬‬
‫متطلبات البيئة الخارجية المتكونة أساسا من الظروف اإلقتصادية‪ ،‬و السياسية‪ ،‬و أيضا كل‬
‫ما تعلق باإلعتبارات اإلجتماعية‪.‬‬
‫تتمثل هذه العوامل في اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪-‬تأثيرات المجتمع‪ :‬يمارس المجتمع جملة من التأثيرات في الق اررات الصادرة عن األفـ ـ ـراد‬
‫و الجماعات‪ ،‬فال يمكن تصور قرار ناجع صادر خارج المعايير التي يسير وفقها أي مجتمع‬
‫و يمكن التمييز في هذا الصدد بين التأثي ـر الممارس بواسط ـة المعايي ـر التي تحتويهـ ـا القيم و‬
‫العادات و كذلك بفع ـل "الق اررات التي تتخ ـذها المنظم ـات األخرى في المجتم ــع س ـ ـ ـ ـواء كانت‬
‫منافسة للتنظيم أو متعاملة معه"(‪.)1‬‬
‫إضافة إلى ذلك هناك تنظيمات و جماعات و هياكل تمارس ضغـ ــوطا على متخ ــذ القـ ـرار إذ‬
‫يذكر في هذا المجال الجمعيات التي تمارس الضغط على أصعـ ـدة مثلما هو الش ـ ـأن بالنسبة‬
‫للدفاع عن حقوق المستهلكين و حماية البيئة‪ .‬كما أن العالقات مع أفراد األسرة و الجيران و‬
‫الحي و المنطقة من شأنها أن تؤثر فيما يتخذ كق اررات‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬الظروف اإلقتصادية‪ :‬تعمل الحالة اإلقتصادية على خلق ظ ــروف إما أن تكون مواتية‬
‫لممارسة بعض النشاطات أو أنها تعيقها بالنظر إلى أن الحالة اإلقتصادية غير المالئمة من‬
‫شأنها أن تخلق توت ار نفسيا بسبب الصعوبات للحصول على رؤوس األموال‪ ،‬أو اليد العاملة‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬الضغوط السياسية و القانونية‪ :‬من الناحية السياسية يمثل اإلستقرار العامل األهم من‬
‫حيث التأثير في ق اررات المنظمات و المؤسسات‪ ،‬فغيابــه يضفــي نوعا من ع ــدم التأك ــد على‬
‫العملية التقريرية بسبب نقص أو تذبذب المعلومات‪.‬‬
‫من الجانب القانوني يكون متخذ القرار ملزما بمجاراة التشريعات السارية المفع ـ ـول سيما ما‬
‫تعلق بالمحافظة على الصالح العام(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتيحة بلحاج‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.275‬‬

‫(‪ )2‬لبنى ناطق عبد الوهاب القيسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪59‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عملية اإلختيار و وجود البدائل‪.‬‬

‫في هذا المستــوى يتسنى القــول بأن اتخ ـاذ القرار هو في األساس مرحلة أخيرة من ضمن‬
‫عملي ـة مركبــة و معقــدة تتكون من عناصــر عدة و تدعى صناعة الق ـ ـرار‪ ،‬بحيث تتمثل أهــم‬
‫مرحلة في إيجاد بدائل هي في الحقيقة بمثابة حلول محتملة للموقف أو المشكلة التي وجــب‬
‫فيها إيجاد القرار المناسب‪ ،‬و أما الفعل الحيوي في كل هذه العملية فهو يتعلق باختيار بديل‬
‫مالئم‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أهمية وضع البدائل‪.‬‬

‫اتفق المنظرون في مجال المنظمات و نظرية الق اررات بشأن البحث عن البدائل و الحلول‬
‫و ذلك في إطار اتفاقهــم كذلك بخصــوص م ــرور عملية صن ـ ــع القرار بمجموعة من المراحل‪،‬‬
‫مع أن هناك اختــالف من باحـ ـث إلى آخر فيما يتعلــق بالتسمية التي منحـها كل واحــد لجزئية‬
‫البدائل و أيضا كيفية ترتيب المراحل التي تمر بها صناعة القرار‪.‬‬

‫تتمثل التسميات المختلفة للبدائل و كذا بعض مميزاتها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬بعض التسميات المعتمدة في التنظير‪ :‬اختلفت النم ـاذج التي وضعها الباحثـ ــون بشأن‬
‫الق اررات و تباينت بذلك التسميات التي منحوها للبدائل كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬دعيت البدائل كونها أفعال بمناسبة وضع (برنارد) لخطوات تم ـر بها عملية اتخاذ الق ـرار‬
‫في سنة ‪ 1936‬إذ جعل ذلك في مراحل ثالث تبدأ بالتأكد من الحقيقة أو المشكلة‪ ،‬لتليها‬
‫أخرى تتمثل في اختيار الفعل المناسب للمشكلة‪ ،‬ثم مرحلة يتم فيها إقناع اآلخرين بتنفيذ‬
‫الفعل الذي وقع عليه اإلختيار‪ .‬نفس التسمية استعملها (بروس) عنـدما حدد سنة ‪1953‬‬
‫ثالث خطوات التخاذ القرار بدءا باإلستجابة للظـ ـروف البيئية‪ ،‬ثم إيج ـ ـاد األفعال الممكنة‬
‫للتعامل معها‪ ،‬و في األخير اختيار البديل الذي يتحقق به الهدف(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬

‫‪60‬‬
‫‪-2‬استعمل (بيتر دركر) تسمية مغايرة نجدها في نموذج له التخاذ القرار يعود لعام ‪1954‬‬
‫و فيه أشار إلى الحلول البديلة التي يتم تطويرها قبل تنفيذ القرار الذي تم اتخاذه‪ ،‬و ذلك‬
‫في أربع خطوات تتمحـور أوالها حول تعريف المشكلة و التوقعات(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬مميزات البدائل‪ :‬يشار إلى البدائل بتسميات عدة كالقول بأنها بمثابة حلول‪ ،‬أو أفعال‬
‫أو خيارات‪ ،‬و هي تتصف بعدد من المميزات هي‪:‬‬

‫‪-1‬توفر كل بديل على معنى خاص به‪ ،‬فهو مستقل عن باقي البدائل خصوصا عندما‬
‫يتعلق األمر بتطبيقه‪.‬‬

‫‪-2‬يشير البديل إلى مساهمة ممكنة في القرار اإلجمالي‪.‬‬

‫‪-3‬يمكن الحديث عن عدة أنواع من البدائل إذ يذكر من ضمنها‪:‬‬

‫أ‪-‬البدائل الحقيقية‪ :‬هو نوع معرف كلية و يتسنى تطبيقه على الفور‪.‬‬

‫ب‪-‬بدائل مثالية‪ :‬هو نوع غير مكتمل و ال يمكن تطبيقه‪.‬‬

‫ج‪-‬بدائل واقعية‪ :‬يتعلق األمر بحلول يتم تخيلها و ال يوجد ما يمنع تحققها في أي وقت‪،‬‬
‫بعكس تلك غير الواقعية التي تستعمل إلثبات التناقضات‪.‬‬

‫د‪-‬البدائل الكلية‪ :‬يعني أنها ليست بالحلول الجزئية فعند تنفيذها ال يمكن اإلستعانة بأي‬
‫بدائل أخرى(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬

‫(‪" )2‬نظرية الق اررات"‪ ،‬من منشورات الجامعة اإلفتراضية السورية‪ ،2018 ،‬تاريخ اإلطالع‪ )2020/04/24 (:‬على الرابط‪https://pedia.svuonline.org.:‬‬

‫‪61‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عملية اختيار البديل‪.‬‬

‫إن اختيار بديل من بين عدد من البدائل أو األفعال أو الحلول يمثل مضمون اتخاذ القرار‬
‫الذي يعد مرحلة أخيرة إلى جانب مراحل أخرى تشكل ما يسمى بعملية صناعة القرار‪.‬‬
‫ثمة تساؤالت تتبادر إلى ذهن متخذ القرار حينما ينتهي به األمر إلى مرحلة اختيار واحد من‬
‫البدائل فهي ليست بالعملية السهلة مما سيؤدي به إلى التساؤل‪:‬‬

‫"كيف يتم اإلختيار؟ هل نختار أقرب الحلول إلى‬


‫النجاح؟ أم نختار ذلك البديل الذي ينجم عند أقل‬
‫قدر ممكن من األعراض الجانبية غير المرغوبة؟‬
‫أم أقلها خطورة من الناحية الماليـ ـ ــة؟ أم ذلك الذي‬
‫يبدو متم ــاشيا مع الق ـ ـ ـ اررات السابقة؟ أم أن هناك‬
‫معايير أخرى ممكنة؟"(‪.)1‬‬

‫هذه التساؤالت توحي إلى ض ـرورة تبن ــي منهجية تس ــاعد على اختيار البديل المالئم من بين‬
‫الخيارات المتوفرة إذ يتأتى ذلك بواسطة تحليل القرار و اتباع جملة من المعايير وفق ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬البحث عما يمكن أن يترتب كآثار‪ :‬يت ـرتب على الق ـ اررات جملة من اآلثار تظهــر على‬
‫مستويات عدة و بحسب فترات زمنية متعلقة بالمدى القصير أو المتوسط أو الطويل‪ ،‬و هي‬
‫آثار يمكن أن تطال نشاطات أخرى و أجزاء مختلفة في المنظمة‪.‬‬
‫بإمكان البديل الذي يتم تفضيله أن يؤثر كذلك في ثقافة المنظمة و في عدد من اإلعتبارات‬
‫المعنوية على غرار العالقات بين األعضاء(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬جمال الدين لعويسات‪ ،‬اإلدارة و عملية اتخاذ القرار‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،2005 ،‬ص ‪.10‬‬

‫(‪ )2‬عبد هللا رابح سرير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪62‬‬
‫ثانيا‪-‬الوصول إلى المعلومات‪ :‬إن اختيار أحد البدائل إنما يتم على أساس توفر المعلومات‬
‫بالنوعية و الكمية المطلوبتين بخاصة و أن هذين العاملين تحد منهما قدرة متخذ القرار على‬
‫معالجة كميات ال متناهية من البيانات و المعلومات حتى باستعمال تكنولوجيا اإلعالم(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪-‬عناصر شخصية متخذ القرار‪ :‬تتدخ ـل شخصية متخ ـذ الق ـرار في اختي ـار البديل الذي‬
‫يظن هو بأنه المالئم و ذلك على أساس عناصر معينة عملت التجربة على تشكيلها‪ ،‬لذلك‬
‫قد يرى شخص في موقف معين بأنه ال يوجد حل آخر‪ ،‬بينما سيعتق ـد شخ ـص مغاير بوجـود‬
‫حلول أخرى ممكنة‪.‬‬

‫رابعا‪-‬المعايير التي تدخل في المفاضلة بين البدائل‪ :‬هي معايير يعتبرها متخذ القرار عندما‬
‫يقدم على المفاضلة بين عدة حلول أو أفعال بشكل سيجعــل الحل المفضــل متوف ار على عدد‬
‫كبير منها‪ ،‬و هي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬قدرة البديل على حل المشكلة محل القرار مقارنة بالبدائل األخرى‪.‬‬

‫‪-2‬توقع نتائج ذات جدوى من البديل الذي سيتم اختياره‪.‬‬

‫‪-3‬الحصول على نتائج إيجابية بداية من أول تنفيذ للبديل الذي يتم تفضيله‪.‬‬

‫‪-4‬أن يتوفر البديل على كفاءة عالية من حيث تحقيقه لما رسم من أهداف بأقل قدر من‬
‫الموارد التنظيمية‪.‬‬

‫‪-5‬ضرورة أن يكون البديل الذي تم تفضيله قابال للتجربة لمدة مؤقتة(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Jean-François SOUTERAIN, Philippe FARCET, Op.cit.p.202.‬‬

‫(‪ )2‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.221-219‬‬

‫‪63‬‬
‫خالصة الفصل الخامس‪:‬‬

‫تتعرض عملية اتخاذ الق اررات لتأثير عوامل داخلية و أخرى خارجية‪ ،‬فمن ضمن المؤثرات‬
‫الداخلية يذكر حجم السلطة التي يتمتع بها متخذ القرار و أيضا نوع الدور الذي يؤديه‪ ،‬و ال‬
‫يتوقف األمر على ذلك إذ التنظيم هو بدوره يحتوي مؤثرات على العملية التقريرية من خالل‬
‫عناصر كالهيكل التنظيمي و التنظيم الرسمي و ذلك غير الرسمي‪ ،‬و طبيعة المشكلة محل‬
‫القرار و طبيعة نظام اإلتصاالت و درجة تطبيق المركزية و الالمركزية‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك نوعية العالقات اإلنسانية و درجة وعي األفراد بما يحدث من مشكالت‪ ،‬زد‬
‫إلى ذلك شخصية و نفسي ـة متخ ـذ الق ـرار و أوضاع ـه الخاصة‪ ،‬و قيمه و اتجاهاته و قدراتـ ـه‬
‫العقلية‪.‬‬
‫من جانب العوامل الخارجية تذكر تأثيرات المجتمع و ما يفرضه من معايير و ما يضمه من‬
‫جماعات تمارس الضغط على الق اررات‪ ،‬زد إلى ذلك الظروف اإلقتصادية و السياسية و كذا‬
‫المقتضيات القانونية‪.‬‬
‫يعد اختيار أحد البدائل جوهر اتخاذ القرار على أنه يجب أن يتوفر على عدد من المميزات‬
‫كأن يحمل معنى خاص به‪ ،‬و أن يشير إلى مساهمة ممكنة في القرار اإلجمالي‪.‬‬
‫ثمة أنواع للبدائل التي قد تكون حقيقية و معرفة كلية أو مثالية غير مكتملة‪ ،‬و أخرى واقعية‬
‫قابلة للتحقيق‪ ،‬و بدائل كلية‪.‬‬
‫ثمة عوامل ترافق اختيار البديل و هي جديرة بأن تؤخذ بعين اإلعتبار على غـ ـ ـ ـرار ما يترتب‬
‫عليه من آثار على المدى القصير و المتوسط و الطويل قد تمس أجزاء مختلفة في المنظمة‬
‫و أبعاد كالثقافة‪ ،‬هذا و تعتبـ ـر نوعية و كمي ـة المعلومات من األهمية‪ ،‬إضافة إلى شخصيـ ـة‬
‫متخذ القرار و تجربته‪.‬‬
‫هناك معايير يجب أن تتوفر في البديل الذي يتم اختياره تتمثل في قدرتــه على حـ ـ ـل المشكلة‬
‫محل القرار و تحقيقه لنتائج إيجابية و توفره على كفاءة عالية في تحقيق األهداف المرسومة‬
‫باستعمال قدر أقل من موارد المنظمة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬دراسة حاالت تطبيقية في اتخاذ‬
‫القرار‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬دراسة حاالت تطبيقية في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫يعد تسيير شؤون األفراد من بين أهم المجاالت التي تصنـع فيها الق اررات بخاصة و أنها‬
‫تمس بأكثر من صعيد في حياتهم كذلك السياسي و اإلجتماعي‪ ،‬و اإلقتصادي‪ ،‬و الثقافي‪،‬‬
‫الصحي‪ ،‬أو األمني إلى غير ذلك من الميادين التي تتأطر فيها حاجاتهم بصفتهم مواطنين‪.‬‬
‫هي كذلك حاجات يتم إشباعها عن طريق إنتاج ق اررات حكومية ضمن سياسات عمومية ليتم‬
‫فيما بعد تنفيذها من طرف مختلف اإلدارات و المرافق العامة التي ترعى شؤون المواطنين‪.‬‬
‫هذا و يجب اإلشارة إلى أن حاجات المواطنين ال تقع كلها على نفس المستوى أو في النطاق‬
‫نفسه ففيها ما هو وطني و ما هو محلي‪ ،‬لذا فإن تلبيتــها يخضــع إلى ما يرسم كسياسات و‬
‫مشاريع على المستوى الحكومي أو إلى المعالجة على المستوى المحلي‪.‬‬
‫إن رصد العملية التقريرية لتسيير شؤون األف ـراد تكتسي أهمية أكيــدة من خالل تتب ــع المراحل‬
‫التي تم التطرق إليها في الفصول السابقة من تع ــرف على المشكلــة‪ ،‬و جمــع للمعلومات‪ ،‬و‬
‫وضع البدائل‪ ،‬و اختيار واحد منها و ذلك بخصوص القرار الحكومي الذي سيكون موضوع‬
‫مبحث أول‪ ،‬و القرار المحلي الذي سيتم التطرق إليه في مبحث ثاني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬القرار الحكومي‪.‬‬

‫يرتبط تسيير شؤون األفراد على المستوى الحكومي بما يسمى بالسياسة العامة التي تفي ــد‬
‫التفكير في ميادين مختلفة تتصل بالشأن اإلقتصادي‪ ،‬و اإلجتماعي‪ ،‬و الثقافي‪ ،‬و الصحي‪،‬‬
‫و األمني و مجاالت أخرى كثيرة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم السياسة العامة‪.‬‬

‫بما أن السياسة العامة هي في عالقة مع النظام السياسي فإن اإلحاطة بها كمفهوم تعتبر‬
‫مهمة تلفها الصعوبة بحيث يعزى ذلك إلى تعدد الوظائف التي تقوم بها األنظمة السياسية(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬مقدمة في دراسة السياسة العامة‪ ،‬عنابة‪ :‬دار العلوم للنشر و التوزيع‪ ،2014 ،‬ص ‪.15‬‬

‫‪66‬‬
‫أوال‪-‬تعريف السياسة العامة‪ :‬هناك تعاريف كثيرة بشأن هذا الموضوع فقد اعتبرت مثال بأنها‬
‫"العالقة بين الوحدة الحكومية و بيئتها"(‪ ،)1‬لذلك نجدها من هذا المنظور تتضمن كل ما تقدم‬
‫عليه الحكومة من خيارات و نشاطات رسمية لمعالجة المشكالت التي يعرفها المجتمع إذ يتم‬
‫ذلك عن طريق إصدار قوانين و مراسيم و تعليمات(‪.)2‬‬
‫من حيث اإلتجاهات يالحظ وجود تباين بين مدخلين هما‪:‬‬

‫‪-1‬السياسة العامة عبارة عن أفعال و أنشطة تقوم بها الحكومة مواجهة للمشكالت و تحقيق‬
‫األهداف و هي بذلك تتخذ شكل إجابة أو حل لمواجهة مشكلة معينة‪.‬‬

‫‪-2‬باإلمكان أن تتمثل السياسة العامة في المخرجات التي تصدر عن النظام السياسي حيث‬
‫يكــون ذلك استج ـابة للمدخ ـالت و هي في هذا اإلطار ستع ـرف بأنها تلك " النشاطات و‬
‫التوجيه ـات الناجم ـة عن العمليات الحكومية‪ ،‬استجابة للمط ـالب الموجه ـ ـة من قبل النظام‬
‫السياسي"(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪-‬السياسة العامة كقرار حكومي‪ :‬ثمة جدل بين المهتمين بموضوع السياسة العامـ ـة فيما‬
‫يتعلق بإمكانية اعتبارها بمثابة ق اررات تصدر عن الحكومة فهناك من يميزها عن الق ـرار مثل‬
‫ما ذهب إليه التعريف الذي أنتجه (جيمس أندرسون) حين اعتبر بأن السياسة العامة "برنامج‬
‫عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع"‬
‫فلم ترد في ذلك لفظة قرار(‪.)4‬‬
‫و هناك من جهة أخرى من نظر إليها على أنها ق ـ اررات على غرار (سلــوى شع ـ ـ ـ ـراوي جمعة)‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عدنان عبد األمير مهدي الزبيدي‪" ،‬تقويم السياسة العامة‪ :‬دراسة نظرية"‪ ،‬المركز الديمقراطي العربي‪ ،‬تاريخ اإلطالع (‪ ،)2020/05/01‬على الرابط‪:‬‬
‫‪https://democraticac.de.‬‬

‫(‪ )2‬رياض بوريش‪" ،‬السياسات العامة من منظور حكومي"‪ ،‬الحوار المتوسطي‪ ،‬الصادرة بقسنطينة‪ ،‬العدد ‪ ،5‬جامعة منتوري‪ ،2013 ،‬ص ‪.136‬‬

‫(‪ )3‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫(‪ )4‬رياض بوريش‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪67‬‬
‫التي ذهبت في تعريف لها إلى أن السياسة العامة عبارة عن " مجموعة الق اررات التي تتخذها‬
‫الحكومة لمواجهة مشكلة ما‪ ،‬تهم قطاعا عريضا من المواطنين سواء بشكـ ـ ـل وقائي أو بشكل‬
‫عالجي"‪ ،‬في نفس السياق نجد (ميش ـال ليسكي) يجعل من السياسة العامة "ق اررات الحكومة‬
‫المصممة للتعامل مع المشاكل اإلجتماعية‪ ،‬حيث يكون للعقل الحكـ ـومي تأثي ار على ق ارراتـ ـها‬
‫المستقبلية‪ ،‬و ليس فقط على األطراف المعنية مباشرة بالمشكلة"(‪.)1‬‬
‫على العموم يتسنى إطالق تسمية الق اررات الحكومية على األعمال التي تقوم بها الحكومة في‬
‫إطار اإلختصاص الذي يمنحه إياها الدستور و تصدر عن رئيس الدولة‪ ،‬و الوزير األول‪ ،‬و‬
‫مجلس الوزراء(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬عناصر السياسة العامة‪ :‬يستفــاد من ســرد العناصر التي تتكــون منها السي ــاسة العام ـ ــة‬
‫الوقوف على النشاطات التي تدخل في صلب عملية اتخاذ القرار‪ ،‬فاألمر يتعلق أوال بحاجات‬
‫األفراد و المجتمع التي ترد إلى النظام السياسي كمدخالت تستـوجب إنتاج جملة من الق ـ اررات‬
‫السياسية التي تصــدر عن الحكومة في أشكال مختلفة مثل األوامر أو القواع ـ ـ ـ ـد التنظيمية‪ ،‬و‬
‫التي تنتج عنها المخرجات السياسية المتضمنة للق اررات الملزمة(‪.)3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل اتخاذ قرار حكومي‪.‬‬

‫لقد جاء أعاله بأن رسم السياسة العامة يلتقي مع اعتماد الق اررات التي يعتقد بأنها ستعالج‬
‫المشكلة المطروحة و هذا التوجه ذهب إليه بعض من الباحثين المهتمين بهذا المجال‪.‬‬
‫سيتم التطرق هنا إلى عملية اتخاذ القرار من طرف الحكومة و ذلك في إطار السياسة العامة‬
‫التي وضعت من طرف السلطات السياسية و سيعمد من خالل ذلك إلى إظهار المراحل التي‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫(‪ )2‬عمار عوابدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫(‪ )3‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.27-26‬‬

‫‪68‬‬
‫تمر بها هذه العملية مع األخذ بالرأي الذي يميل إلى اعتبار هذه األخيرة بمثاب ـة الق اررات التي‬
‫تنتجها الحكومة لمعالجة المشكالت‪.‬‬

‫يمر اتخاذ قرار حكومي بمراحل هي‪:‬‬

‫أوال‪-‬وجود مشكلة تتطلب اتخاذ قرار‪ :‬يتعلق األمر بمرحلة يستشعر فيها النظام السياسي بأن‬
‫ثمة مشكلة في واحد من المجاالت الكثيرة التي تدخل في صلب مسؤولياته و التي يعبـ ــر فيها‬
‫عن وجود نقص في حاجات المواطنين اقتصاديا و اجتماعيا‪ ،‬و سياسيا‪ ،‬و ثق ـافيا‪ ،‬و صحيـ ـا‬
‫أو أمنيا إل ى غير ذلك من الميادين التي تق ــع تحت مسؤولية أي نظام سياسي‪.‬‬
‫ثمة ط ـرق ووسائل عدة يتسنى للنظ ـام السياسي من خالل ـها بأن يح ـاط علما بوج ـود مشكلة إذ‬
‫يتأت ـى ذلك عن ط ـريق اتص ـاالته بش ـركاء من المي ـادين المختلف ـة المذكورة آنفا و يتعل ـق األمر‬
‫باألحزاب السياسية‪ ،‬و النقابات‪ ،‬و جماعات المصالح‪ ،‬و أجهزة الرأي العام(‪.)1‬‬
‫تتضمن هذه المرحلة عمليات تنتهي إلى التحقق من وجود مشكلة فعلية كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬التعرف على المشكلة بأكثر من طريقة بحيث يتمثل أهمها باتخاذها للمظهر المباشر و‬
‫الواضح و المؤكد بشكل يدفع بالحكومة إلى ضرورة إيجاد حل‪.‬‬

‫‪-2‬اكتشاف وجود مشكلة بواسطة تقارير استخباراتية‪.‬‬

‫‪-3‬محتوى التقارير التي تفيد بعدم رضا المواطنين‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬جمع البيانات و المعلومات عن المشكلة‪ :‬بعد إثبات و جود مشكلة تتطلب إيجاد حل‬
‫مناسب لها تتمثل الخطوة المواليــة في ضــرورة تحديد طبيعتها و حجمها و كذا ضبــط الحي ــز‬
‫المكاني الذي تشغله و خصوصا األسباب التي تقف وراءها‪.‬‬
‫هناك وسائل مختلفة يتسنى من خاللها جمع البيانات و المعلومات عن المشكلة وهي‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪69‬‬
‫‪-1‬اللجوء إلى أدوات جمع البيانات و المعل ـومات من مص ـدرها باستخدام أساليب على غرار‬
‫المالحظة‪ ،‬و اإلستقصاء‪ ،‬و اإلستبيان‪ ،‬و اإلحصاء‪.‬‬

‫‪-2‬اإلصغاء إلى وجهات النظر المختلفة عن طريق إجراء مشاورات مع كل األطراف التي‬
‫تعنيها المشكلة‪.‬‬

‫‪-3‬القيام بالتحريات و إج ـراء تحقيقات ميدانية بتشكيل لج ـان برلمانية‪ ،‬أو و ازرية‪ ،‬أو ف ـ ــرق‬
‫للخبراء‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬وضع خيارات مختلفة لحل المشكلة‪ :‬تستغـ ـ ــل البيانات و المعلومات التي تم الحصول‬
‫عليها بواسطة الطرق و الوسائل المختلفة المشار إليها ليعترف المسؤولون الحكوميون بوجود‬
‫مشكلة تستوجب التوصل إلى حل في شكل خيارات أو بدائل‪ ،‬فهذه العملية يش ــرع فيها عادة‬
‫بإدراج وجود المشكلة في جدول أعمال اجتماع الحك ـومة‪ ،‬و تتبع بعملية التـداول التي " هـ ـي‬
‫مرحلة طرح و استكش ـاف البدائل الممكنة من الفعاليات المختلفة وفقا لرؤيتـها ألبعاد المشكلة‬
‫و اآلثار المترتبة عليها(‪.)1‬‬

‫رابعا‪-‬تقييم الخيارات المطروحة‪ :‬يمر مجمل الحلول المحتملة التي تمت صياغتها عبر عدد‬
‫من العمليات التي تتنوع إلى النقاش و التشــاور و التفـ ــاوض ضمن الحكـ ــومة بمؤسساتها من‬
‫جهة ليمتد ذلك إلى الفاعلين السياسيين على غرار األحزاب من خالل ما تعق ــده من ملتقيات‬
‫و مؤتمرات‪ ،‬مع إشراك وسائل اإلعالم و اإلتصال‪.‬‬

‫خامسا‪-‬اعتماد أفضل الحلول‪ :‬يتعلق األمر بحل تم تفضيله كونه توف ـر على المميزات التي‬
‫أفرزها التقييم مقارنة بحلول أخرى‪ ،‬فقد اختير ليصبح مشروعا لقانون تقترحه الحكومة‪.‬‬

‫سادسا‪-‬تنفيذ الحل المختار‪ :‬بعد اختبار الحل الذي جمع عدد من المميزات كتدني تكلفته و‬
‫ضمانه للسرعة في تطبيقه‪ ،‬يعمد إلى تنفيذه الفعلي بعد صدور نص قانوني يتضمنه‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد النور ناجي‪ ،‬مبروك ساحلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪70‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القرار المحلي‪.‬‬

‫لقد تم التطرق إلى عملية اتخاذ القرار من طـرف الحكومة إذ المغزى من ذلك هو إيجاد‬
‫إجابات و حلول للمشكالت التي تقع على المستوى الوطني و إشباعا لحاجات األفـ ـ ـراد من‬
‫جميع مناحي حياتهم‪.‬‬
‫بالمقابل هناك مطالب تنتمي بفعل طبيعتها إلى مستوى مختلف عن ذلك الوطني و هي بذلك‬
‫تتميز بالخصوصية فهي محلية و متصلة بإقليم محلي معين‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الجماعة المحلية‪.‬‬

‫تتعلق الجماعة المحلية (أو اإلقليمية) بمدى األخذ بمبدأ المركزية و الالمركزية في تسيير‬
‫شؤون المواطنين‪ ،‬فما يسمى بنظام الالمركزية اإلدارية نجده يقوم‪:‬‬

‫" على أساس توزيـ ـع الوظيفـ ـة اإلدارية بين طرفين‬


‫رئيسيين و هما‪ :‬الحكومة المركزية في العاصمة‬
‫و بين أف ـ ـ ـراد اإلدارة المحلي ـ ــة‪ ،‬المجـ ــالس‪ ،‬ف ـ ــي‬
‫المقاطعات أو األقاليم أو المحافظات‪ ،‬أو الواليات‬
‫قد تكون منتخبة كلية‪ )...(،‬هذه المجالس(‪)...‬‬
‫تحوز على الشخصية المعنوية و اإلستقالل المالي"(‪.)1‬‬

‫هناك ركائز يقوم عليها النظام اإلداري الالمركزي و تتمث ـل في اعت ـراف السلطات المركـ ـ ـزية‬
‫بوجود مصالح و حاجات ذات طابع محلي تختلف عن تلك الوطنية و من ذلك ضرورة أن‬
‫تنشأ هياكــل و أجه ـزة محلية عن ط ـريق اإلنتخــاب أو التعييــن أو بالدمــج بين الوسيلتين مع‬
‫تمتعها باإلستقاللية اإلدارية التي تكفـل لها تسيير تلك المصالح‪ ،‬مع ضرورة أن تخضع هذه‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نور الدين حاروش‪ ،‬و آخرون‪ ،‬الخدمة العمومية المحلية كمؤشر للتنمية المستدامة‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار األمة للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،2017 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪71‬‬
‫الهياكل المحلية إلى رقابة و توجيه تتم ممارستهما من طرف اإلدارة المركزية(‪.)1‬‬

‫يتحدد مفهوم الجماعات المحلية بواسطة ثالثة معايير هي‪:‬‬

‫أوال‪-‬التمتع بالشخصية المعنوية‪ :‬إنها صفة تمكن الوحـ ـدات المحليـ ـة من التصـ ـرف باسم ــها‬
‫لدى الجه ـ ـات القضائية و هي بذلك تستطيع أن تبادر برف ـ ـع قضايا أمام العدالة كما يصـ ـوغ‬
‫للمواطنين و ألطراف أخرى أن ترفع قضايا ضدها‪.‬‬
‫لكونها نتيجة أساسية لتطبيق الالمركزية اإلدارية فإن الجماعات المحليـ ـة تتمت ـ ـع باإلستقاللية‬
‫اإلدارية التي من أه ـم مظاهـ ـرها أن لديها موظفيـ ـن ينتمون إليها كما أنها تع ـ ـد ميزانية خاصة‬
‫بها‪ .‬مع هذا فإنه من الضروري أن تتطابق أعمال الجماعات المحلية مع القوانين التي يسير‬
‫وفقها البلد‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬اإلضطالع بصالحيات خاصة‪ :‬يخول المشرع للجماعات المحلية صالحيات خاصة بها‬
‫و ذلك عن طريق إص ـدار قوانيـ ـن تعم ـل على تأطي ـر نشاطات تسعــى من خاللها إلى تحقيـق‬
‫النفع العام‪ ،‬و ذلك في إطار التكامل و المجهودات الوطنية التي تقوم بها المؤسسات األخرى‬
‫و على رأسها الدولة‪ .‬تجدر اإلشارة كذلك إلى أن الجماعات المحلية ال تتمتع بالسيادة بشكل‬
‫يمكنها مثال من إستحداث أجهزة جديدة خاصة بها‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬ممارسة سلطة اتخاذ القرار‪ :‬تتمتع المجالس بسلطة اتخــاذ الق اررات ضمـ ـ ـ ــن الجماعات‬
‫المحلية عن طريق إجراء مداوالت ألعضائها المنتخبين في كثير من الحاالت‪ ،‬لتنفذ فيما بعد‬
‫من طرف هيئة تنفيذية منبثقة عن المجلس‪.‬‬

‫بخصوص نموذج الجماعات المحلية في الجزائر فإن هذه األخيرة تعرف مستويين هما البلدية‬
‫و الوالية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نور الدين حاروش‪ ،‬و آخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪72‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آليات اتخاذ القرار في المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬

‫سوف يتم التركيز على البلدية بوصفها الممثل القاعدي للجماعات المحليــة إلظه ـ ــار أهم‬
‫اآلليات التي تتخذ وفقها الق اررات ضمن هياكلها مع تطبيق ذلك على حالـ ـة الجزائر أين يمر‬
‫ذلك عبر تداول أعضاء المجلس البلدي المجتمعين‪.‬‬

‫أوال‪-‬إجراءات دعوة المجلس الشعبي البلدي لإلنعقاد‪ :‬يجتمع المجلس في دورات عادية و‬
‫أخرى غير عادية في مقر البلدية‪ ،‬و تجري عملية الدعوة إلى انعقاد اإلجتماع وفق القواعد‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪-1‬تكون الدعوة إلى اجتماع المجلس البلدي من طرف رئيسه أو ثلثي أعضائه أو الوالي‪.‬‬

‫‪-2‬تكون الدعوات إلى اجتماع المجلس مكتوبة و مدونة في سجل المداوالت‪.‬‬

‫‪-3‬يعود الحق في تحديد محتوى جدول أعمال اإلجتماع إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫بعد استشارة نوابه بحضور األمين العام للبلدية و أيضا رؤساء اللجــان الدائمة إذا تطلب‬
‫األمر ذلك(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬مراحل سير دورة المجلس الشعبي البلدي‪ :‬يمر اجتماع المجلس الشعبي البلدي في‬
‫الجزائر بمراحل هي‪:‬‬

‫‪-1‬مرحلة افتتاح الجلسة‪ :‬يشرف عليها رئيس المجلس الشعبي البلدي و ذلك بعد ربع ساعة‬
‫على األكثــر من التوقيــت المحــدد في الدعــوة‪ ،‬و يعــرض جدول األعم ــال على األعضاء‬
‫الحاضرين للمصادقة و ذلك بعد أن يقوم بإتاحة الفرصة لألعضاء ليضيفوا نقاطا أخرى‪.‬‬

‫‪-2‬مرحلة المناقشة‪ :‬يدير رئيس المجلس البلدي المناقشة و يمنح فيها الكلمة للمتدخلين من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪" ،‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 105-13‬مؤرخ في ‪ 5‬جمادى األولى عام ‪ 1434‬الموافق ‪ 17‬مارس ‪ 2013‬يتضمن النظام‬
‫الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي البلدي"‪( ،‬الجريدة الرسمية)‪ ،‬العدد ‪ ،15‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ ،2013‬ص ‪.10‬‬

‫‪73‬‬
‫األعضاء و ذلك وفقا لقائم ـة أع ـدت من قبل‪ ،‬و بعد استنفــاذ مضمون جـ ـ ـدول األعم ـ ـال‬
‫يمنح رئيس الجلسة الكلمة لمن يرغــب في التدخـل في مواضيع أخرى‪.‬‬

‫‪-3‬عملية التصويت‪ :‬تكون النقاط المدرجة بجدول األعمال في شكل مقترحات حين تعرض‬
‫على المجلس البلدي للمناقشة و لكي تصبح قابلة للتنفيذ و تكتسي الطابع القانوني يجب‬
‫أن يصادق عليها عن طريق عرضها للتصويت من طرف أعضاء المجلس الحاضرين و‬
‫يكون ذلك برفع األيدي‪.‬‬
‫في هذا اإلطار يقوم رئيس الجلسة بمساعدة أمينها بعد أصوات األعضاء الحاضرين عند‬
‫التصويت بتحديد الموافقين و غير الموافقين و كذا الممتنعين‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬األشكال التقنية لتحرير مداوالت المجلــس الشعبي البلدي‪ :‬يقــوم أمين الجلســة بإع ـ ــداد‬
‫محضر يضم أهم ما تم التعبير عنه من آراء من طرف المتدخلين و يقدم لإلمضاء عليه من‬
‫طرف كل األعضاء الحاضرين قبل رفع الجلسة‪.‬‬
‫تستخرج مداوالت من المحضر الذي تم تحريره بمعــدل واحدة لكل نقطــة أو مشروع أو مقتــرح‬
‫تمت الموافقة عليه أثناء التصويت‪.‬‬
‫تدون المداوالت في سج ـل خاص بحيث تحمـ ـل كل مداولة رقم تسجيل يكونه السنة المعني ـة و‬
‫رقم تسلسلي متواصل متبوع بموضوع المداولة(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪" ،‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 105-13‬مؤرخ في ‪ 5‬جمادى األولى عام ‪ 1434‬الموافق ‪ 17‬مارس ‪ 2013‬يتضمن النظام‬
‫الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي البلدي"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪74‬‬
‫خالصة الفصل السادس‪:‬‬

‫تخضــع شؤون األفـ ـراد للتسيير على المستوى الوطني و أيضا على الصعيد المحلي فتلك‬
‫التي تتوالها الحكومة نجدها ترتبط بما يسمى بالسياسة العامـ ـ ـة و التي تعـ ـرف كونها تتضمن‬
‫النشاطات التي تقوم بها الحكومة لمعالجة المشكالت التي يعرفها المجتمع بإصدار قوانين و‬
‫مراسيم و تعليمات‪.‬‬
‫إن إمكانية اعتبار السياسة العامة بمثابة ق اررات لم ينل قبول كل المهتمين بهذا المجال فثمة‬
‫من يميزها عن الق اررات في حين يعتبرها آخرون كمجموعة ق اررات تنف ـذها الحكومة لمواجهـ ـة‬
‫مشكلة ما‪.‬‬
‫يمر القرار الحكومي عبر مراحل تتمثل أوالها في استشعار النظام السياسي لوجود مشكلة في‬
‫مجال ما و ذلك بواسطة ما يتوفر لديه من معلومات من خالل اتصاله باألحزاب السياسية و‬
‫النقابات و جماعات المصالح‪ .‬المرحلة الموالية تتعلق بجمع المعلومات عن المشكلة باللجوء‬
‫إلى تقنيات كالمالحظة‪ ،‬و اإلستقصاء و اإلستبيان‪ ،‬أو عقد مشاورات مع األط ـراف المعنيـ ـ ـة‬
‫بالمشكلة أو تنصيب لجان تحقيق برلمانية و و ازرية‪.‬‬
‫يعمد بعد ذلك إلى وضع خيارات عدة كفيلة بحل المشكلة مع إخضاعها للتقييـ ـم باللج ـ ـوء إلى‬
‫النق ـاش و التش ـاور و التفاوض بين مؤسسات الحك ـومة و جمل ـة من الفاعلين‪ ،‬مثل األحـ ـزاب‬
‫السياسية‪ .‬في آخر المطاف يتم اعتماد أفضل الحلول‪.‬‬

‫في حال اتخاذ قرار محلي سيتعلق األمر بالجماعات المحلية تلك الهياكل الناتجة عن تطبيق‬
‫الالمركزية في تسيير ش ـؤون المواطنين‪ ،‬فمعــروف عن المبــدأ كونه يعمــل على إف ـ ـ ـراز هيئات‬
‫محلية تتمتع بالشخصية المعنوية و صالحيات خاصة‪ ،‬و قدرة على اتخاذ ق اررات عن طريق‬
‫المداوالت‪.‬‬
‫في هذا الصدد يعد المجلس الشعبي البلدي في الجزائر مثاال لتطبي ـق الالمركزية اإلداريـ ـة إذ‬
‫تتخذ به الق اررات عن طريق إجـ ـراء مناقشات بخصوص مقترحات يتقدم بها أعضاء المجلس‬
‫لتصبح قابلة للتنفيذ بعد التصويت عليها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬نظم المعلومات اإلدارية‬

‫‪76‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم و أهمية المعلومات‪.‬‬

‫يقوم القرار على المعلومات المتوفرة حتى في تدبير الحياة الخاصة لألفراد فمجرد الخروج‬
‫صباحا من المنزل قد ينقلب إلى مشكلة ما لم تكن لدينا معطيات بشأن أوضاع الطقس‪ ،‬التي‬
‫على أساسها سنتخـ ــذ ق اررات تخص نــوع اللباس الذي سنرتديه و وسيلة النق ـ ــل التي سنستقلها‬
‫إلى غير ذلك من األوجه التي سيسير وفقه يوم كامل‪.‬‬
‫فإذا كانت المعطيات التي تم جمعها قديمة‪ ،‬أو ناقصة‪ ،‬فحتما لن يكون ذلك اليوم مريحا بل‬
‫مليئا بالمنغصات‪.‬‬
‫إن ما يجري على مستوى حياة فرد واحد تعيشه كذلك المنظمات هذه األخيرة التي يتخذ فيها‬
‫و في محيطها آالف و ماليين الق اررات في مجاالت ذات الصلة بحياة األفراد و الجماعات‪،‬‬
‫فهذا العدد الهائل من الق اررات يتغذى على ما يرد إليها من بيانات و مؤشرات و معطيات و‬
‫معلومات بأحجام و نوعيات متباينة‪.‬‬
‫فكلما توفرت معلومات ذات جودة أدى ذلك إلى إنتاج ق اررات قادرة على معالجة المشكالت‬
‫من طرف األفراد و الجماعات‪.‬‬

‫سيعالج هذا الفصل موضوع المعلومات من جانب مفهومها في المبحث األول و من حيث‬
‫أهميتها كما سيرد في المبحث الثاني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم المعلومات‪.‬‬

‫كثي ار ما تك ـون المنظمات في أمس الحاج ـة إلى معلومات و كذا بيـ ـانات من تلك التي ت ــرد‬
‫إليها سواء من بيئتها الداخلية أو من تلك الخارجية بحيث يشترط فيها أن تكون على قدر من‬
‫الكفاية و الوفرة و كذلك السرعة للتمكن من القيام بجل العمليات من اتخ ــاذ للق ـ ـرار و تخطيط‬
‫و تنسيق و رقابة إلى غير ذلك وفق الج ــودة المرج ـ ــوة‪ .‬و في إطار ذلك نج ــد بأن األف ـ ـراد قد‬
‫درجوا على ولوج أنواع مختلفة من المعلومات ذات أشكال متباينة إلنجاز األعمـ ـال المنوطـ ـة‬

‫‪77‬‬
‫بهم‪ ،‬و ما تجـ ـدر اإلشارة إليه هو أن المعلومات تكتسـ ـي األهمية بحيث أن نقصها أو عـ ـ ـدم‬
‫وضوحها قد يتسبب في إفشال كل العمليات التي تجري ضمن المنظمات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المعلومات و البيانات‪.‬‬

‫تستعمل المعلومات باألساس إلنتاج الق اررات المتعلقة بالحياة الخاصة لألفراد أو ما يدخل‬
‫ضمن انتمائهم إلى الجماعات و المنظمات‪ ،‬إنها تدل على تلك المادة الخام التي توظف في‬
‫سبيل إيجاد الحلول للمشكالت‪.‬‬

‫يمكن اإلقتراب من المعلومات لغة و اصطالحا و في عالقتها بالبيــانات و بالنظر إلى ما لها‬
‫من خصائص فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬تعريف المعلومات‪ :‬من حيث اللغة و المصطلح تعرف المعلومات على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬من حيث اللغة‪ :‬اشتقت كلمة معلومة و معلومات من الجذر "علم" الذي تدل اشتقاقاته‬
‫على وظائف العقل‪.‬‬

‫‪-2‬اصطالحا‪ :‬يرتبط تعريف المعل ـ ــومات من الناحية اإلصطالحيــة بتمييــزها عن البي ــانات‬
‫فنقول بأنها "عب ــارة عن البيانات بعد أن تم تشغيل ــها و تقييمها و تفسي ــرها بشكـ ــل يسمح‬
‫باإلستفادة منها مباشرة"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬عالقة المعلومات بالبيانات‪ :‬من الجانب اللغوي تنحدر اللفظتان من ذات الجذر و هو‬
‫"الحقائق"(‪ ،)2‬لكنهما مختلفتان بالرغم من أنه قد درج على استخدامهما بنفس المعنى‪.‬‬
‫تعرف البيانات بأنها "عبـ ـارة عن تعبيرات لغ ـوية أو رياضية أو رم ـزية أو مجموعة منها و تم‬
‫التعارف على استخدامها لتمثل األفراد و األشياء و األحداث و المفاهيم"(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫(‪ )3‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪,86‬‬

‫‪78‬‬
‫فعندما تخضع البيانات للمعالج ـة تتح ـول إلى معلومات يستفاد منها عند اتخ ـاذ الق ـرار كونها‬
‫عبارة عن مادة خام‪ ،‬مشكلة من "الكلم ـات‪ ،‬و الرم ـوز‪ ،‬و األرقام‪ ،‬الجداول اإلحصائية التي‬
‫تستخدم للحصول على المعلومات"(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪-‬خصائص المعلومات‪ :‬للمعلومات خصائص يتسنى إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬توصف المعلومات كونها سائلة فهي تتسم بالقابلية للتشكيل و إعادة الصياغة بحيث‬
‫يتسنى تقديمها وفق أنماط مختلفة كالقوائم‪ ،‬و األشكال البيانية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪-2‬من السهل أن تنقل المعلومات لتقديمها لمستهلكيها‪.‬‬

‫‪-3‬يمكن إدماج المعلومات في بعضها البعض لتكوين مجموعة جديدة‪.‬‬

‫‪-4‬توجد المعلومات بكميات كثيرة إال أن منتجيها يعملون على خلق الندرة فيها لجعل آلية‬
‫العرض و الطلب تدر عليهم عوائد مالية مرتفعة‪.‬‬

‫‪-5‬ال يمكن الجزم كون كل المعلومات يقينية فالقليل منها من يتوفر على هذه الميزة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع المعلومات و معايير جودتها‪.‬‬

‫إن الق اررات التي تتخذ في المنظمات نراها تخدم مجاالت مختلفة و يتم إنتاجها بهدف حل‬
‫مشكالت عدة‪ ،‬دون النسيان بأن الق اررات مرتبطة بآجال زمنيــة متباينة‪ ،‬و إذا علمنا بأنها في‬
‫ذلك تستهلك البيانات و المعلومات فأكيد أن هذه األخيرة ستكون متماشية و طبيعة الق اررات‪.‬‬

‫أوال‪-‬أنواع المعلومات‪ :‬ال تستقر المعلومات على نوع واحد فاستعماالتها كثيرة و بذلك يكون‬
‫كل مجال بحاجة إلى صنف معين منها‪ .‬يمكن أن تصنف المعلومات كاآلتي‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سليم حسنية‪"،‬نظم إدارة المعلومات"‪ ،‬من منشورات الجامعة اإلفتراضية السورية‪ ،2018 ،‬ص ‪ ،15‬تاريخ اإلطالع‪،)2020/05/12( :‬على الرابط‬
‫‪https://pedia.svuonline.org‬‬

‫‪79‬‬
‫‪-1‬المعلومات اإلستراتيجية‪ :‬تدل تسميتها على ذلك النوع المتعلق بوضع المخططات و كذا‬
‫السياسات لتغطي المدى الطويل و لتمس بالمنظمة برمتها‪ .‬يمكن أن يخص هذا الصنف‬
‫من المعلومات ما يتصل باإلتجاهات اإلقتصادية‪ ،‬و سياسات الحكومة‪ ،‬و تطور القوانين‬
‫و ما تعرفه التكنولوجيا من تغير(‪.)1‬‬

‫‪-2‬المعلومات التكتيكية‪ :‬هو ن ـوع من المعلومات يستف ـاد منه في إنجاز األعمـ ـال الطويلة و‬
‫القصيرة المدى و عادة ما تختص بالتخطيط و الرقابة‪ .‬و يدخل في هذا الحيز كل ما له‬
‫عالقة بتغير األسعار مثال و أرقام المبيعات‪.‬‬

‫‪-3‬المعلومات التشغيلية‪ :‬يدخل هذا النوع في تشغيل المنظمات لذلك نجدها مرتبطة باألجل‬
‫اليومي و بممارسة التخطيط و الرقابة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬معايير جودة المعلومات‪ :‬ال تتوفر جميــع المعلومات على الج ـودة التي تضمــن إنت ــاج‬
‫ق اررات تحقق مبتغى مستخدميها فثمة معايير معينة يجب أن تتصف بها كي يستفاد منها في‬
‫اإلطار المخصص لها‪ .‬من بين المعايير المطلوبة في المعلومات يمكن ذكر ما يأتي‪:‬‬

‫‪-1‬إيجادها في التوقيت المطلوب‪ ،‬فمن الضروري أن تكــون المعلومات مناسبــة زمني ــا حين‬
‫يطلبها مستخدموها خصوصا و أن جمع البيانات من مصادر مختلفة و القيام بمعالجتها‬
‫هي عمليات تستغرق وقتا كبي ار قد يف ــوت فرصة اإلستف ــادة منها إن لم يت ــم التحكـ ــم فيها‬
‫حين الحاجة إليها‪.‬‬

‫‪-2‬من األهمية أيضا أن تتصف المعلومات المتوفـ ـرة بالدقة و الخل ـ ـو من األخطاء التي قد‬
‫تحدث أثناء عمليات جمع البيانات و معالجتها و تخزينها‪.‬‬

‫‪-3‬المعيار المهم كذلك يتمثل في مالءمة المعلومات للموقف الذي تستخدم فيه‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬

‫‪80‬‬
‫‪-4‬من الضروري أن تكون المعلومات خالية من الغموض و منسقة فيما بينها‪.‬‬

‫‪-5‬ضرورة أن تتضمن المعلومات إمكانية استخدامها مرات أخرى متى كانت الحاجة إليها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية المعلومات و ما يبرر الحاجة إليها‪.‬‬

‫لقد تم التأكيد أكثر من مرة فيما سبق على ما للمعلومات من دور حيوي في حياة األفراد‬
‫و بالنسبة لمجمل الوظائف التي يؤدونها ضمن المنظمات‪ ،‬إذ أن نجاح و نجاعة كل واحدة‬
‫من الوظائف مهما كانت بسيطة نجده يرتبط بالقدر الذي تتوفر به المعلومات و كذا طبيعة‬
‫هذه األخيرة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أهمية المعلومات‪.‬‬

‫يتسنى إرجاع ما تكتسيه المعلومات من أهمية إلى كون ـ ــها بمثاب ـة م ـورد ال غنــى عنه إلى‬
‫جانب المورد البشري‪ ،‬و كل ما له صلة بالموارد المادية(‪ .)1‬يمكن القول بأن المعلومات تؤدي‬
‫دو ار حيويا تماما كالذي للدم بالنسبة للكائن الح ــي حسب ما ذهب إليه (فايرهولم) حينما أشار‬
‫إلى أن "تدفــق المعلومات هو السبيل للحياة و البق ـ ــاء و اإلستمرار بالنسبة للمنظمات‪ ،‬شأنها‬
‫في ذلك شأن تدفق الدم في جسم اإلنسان كضرورة للحياة"(‪.)2‬‬

‫يمكن إظهار ما للمعلومات من أهمية من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬أهمية المعلومات من خالل اإلستفادة منها في اشتغال المنظمات‪ :‬تكتس ــي المعلومات‬
‫في هذا الصدد أهمية كبيرة من حيث استعمالها و استغاللها لتشغيــل المنظمات‪ ،‬فهي تع ــد‬
‫موردا هاما يدخل في مختلف الوظائف إذ يظهر ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪,79‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -1‬تستعمل المعلومات لدى القيام بوظيفة التخطيط بخاصة ما تعلق بالعمليات الجزئية التي‬
‫تتطلبها على غرار تحديد األهداف‪ ،‬و تقييم الوضع الراهن‪.‬‬

‫‪-2‬ال تخلو المعلومات من الدور المهم في مجال التنظيم إذ أن المسير يحتاج إليها في‬
‫عمليات تقسيم العمل‪ ،‬و إنشاء الوحدات التنظيمية‪ ،‬و رسم نطاق اإلشراف‪ ،‬و وضع‬
‫خطوط السلطة و تفويضها‪.‬‬

‫‪-3‬في مجال التوجيه تظهر أهمية المعلومات لدى جعل أعضاء المنظمة يحققون ما تم‬
‫رسمه كأهـداف و معرفـة سبل التأثيـر في سلوكياتهم بشكل يفهمـون من خاللـه طبيعـة‬
‫العمل المطلوب منهم‪.‬‬

‫‪-4‬وظيفة الرقابة هي كذلك تستهلك المعلومات ألنها تنطوي على ضرورة "التأكد من سير‬
‫األمور وفقا للخطــة المرسومة و التعليمات و القواعــد و تحديد نقــاط الضعــف و العمـل‬
‫على تقويمها و منع تكرارها"(‪.)1‬‬

‫‪-5‬يظهر الدور الحيوي للمعلومات حين التعرف على مكونات البيئة الخارجية بما تحتويه‬
‫من فرص و تهديدات‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬أهمية المعلومات في عملية صنع القرار‪ :‬تحت ـاج كل مرحل ـة من تلك التي تدخ ـ ـ ـل في‬
‫صناعة القرار إلى المعلومات بحيث تستهلك كل واحدة منها كميات كبيرة و بخاصة من تلك‬
‫التي تتصف بالدقة‪ ،‬ذلك أن إنتاج قرار جيد إنما يعزى بنسبة تقدر ب‪ 90‬من المائة إلى دقة‬
‫المعلومات المستخدمة(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.307‬‬

‫(‪ )2‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪,80‬‬

‫‪82‬‬
‫تتحدد أهمية المعلومات في مراحل صناعة القرار فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬بالنسبة لمرحلة تحديد المشكلة‪ :‬كثي ار ما تعبر المشكلة عن خروج عن األهداف التي تم‬
‫رسمها من طرف المنظمة بحيث تتخذ شكل انحراف عن الصورة المستقبلية التي يرجـى‬
‫بلوغــها‪ ،‬ولما كان من الحي ــوي أن يوضــع حد لإلنحـ ـراف الذي تمت مالحظت ــه لمواصلة‬
‫السير نحو الهدف المنشود وجب القيام بتشخيص للوضع الحالي بدقة بغية الوقوف على‬
‫األسباب المؤدية إلى اإلنحراف‪ ،‬وذلك ما يتوفر بفضل المعلومات‪.‬‬

‫‪ -2‬بالنسبة لمرحلة وضع البدائل‪ :‬تعتبر البدائل بمثابة الحلول الممكنة لحل مشكلة ما حيث‬
‫سيتم اختيار واحد منها ليصبح ق ار ار معتمدا و قابال للتنفيذ‪ ،‬لكن وضع البدائل ال يتسنى‬
‫بمعزل عن المعلومات إليجاد و تطوير البدائل على اختالفها و تنوعها‪.‬‬

‫‪ -3‬بالنسبــة لتحليــل البدائل‪ :‬يتصل تحليــل البدائل في األساس بتحــديد ما سيت ـرتب على كل‬
‫منها كنتائج خصوصا ما تعلق بالمخاطر التي ستنجر عن تنفيذها‪ ،‬و بطبيعة الحال فإن‬
‫هكذا عملية لن تتأتى إن لم تتوفر معلومات وافية كما ونوعا‪.‬‬

‫‪ -4‬بالنسبة الختيار أحد البدائل‪ :‬هذه المرحلة يتم فيها التوصل إلى قناعة بأن أحد الخيارات‬
‫تتوفر فيه شروط إيجاد حل للمشكلة المطروحة في زمن قصير و بأقـ ـل التكاليـ ـف‪ ،‬و في‬
‫هذا الص ـدد فإن المعلومات تساعــد متخــذ القـ ـرار "من خالل تمكينه التعرف على مساهمة‬
‫كل بدي ــل في حل المشكلــة‪ ،‬تقييــم ج ــدوى كل بدي ــل‪ ،‬تقيي ــم جودة كل بدي ــل‪ ،‬التعرف على‬
‫كفاءة كل بديل من خالل تحديد الموارد المطلوبة لتنفيذ البديل"(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.309‬‬

‫‪83‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ما يبرر الحاجة إلى المعلومات‪.‬‬

‫يحتاج األفراد و المنظمات دائما إلى المعلومات في جميع حركاتهم و أفعالهم و ق ارراتهم و‬
‫إال وقعوا في التعارض مع المستجدات التي تحصل في كال البيئتين الداخلية و الخارجية‪ .‬لذا‬
‫نجد أن المبررات التي تقف وراء الحاجة إلى المعلومات تنتمي إلى التغيرات التي تحصل في‬
‫البيئتين المشار إليهما‪.‬‬

‫أوال‪-‬ارتباط الحاجة إلى المعلومات بتغيرات البيئة الداخلية‪ :‬تعرف البيئة الداخليـ ـة للمنظمات‬
‫تغيرات تفرضها التفاعالت بين األفراد و الجماعات كما تقف وراءها مؤث ـ ـرات خارجي ـة‪ ،‬فحين‬
‫ينوي المسير التعرف على الدينامية التي تعيشها منظمته يجد نفسه مدعوا إلى جمع البيانات‬
‫و المعطيات و المعلومات بخصوص ذلك‪.‬‬
‫في سبيل الحصول على المعلومات من مصادر داخلية يمكن القول بأن‪:‬‬

‫"البطاقيات الخاصة بالمؤسسة تخبرنا عن نشاطات‬


‫مختلف المصالح بها و كذا اإلحصائيات التي ربما‬
‫تكون قد أنجزتها‪ ،‬ألجل تحليل اإلختالفات من فترة‬
‫إلى أخرى فيما يتصل بالمبيعات و حوادث العمل و‬
‫المخططات"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬الحاجة إلى المعلومات في ظل عوامل البيئة الخارجية‪ :‬تنبع الحاجـ ـ ــة إلى المعلومات‬
‫بالنسبة للمنظمات عندما يتعلق األمر بتأثير العوامل التي تتضمنها البيئة الخارجية من تلك‬
‫الرغبة في تحقيق النجاح و البقاء و كذلك الميزة التنافسية‪ ،‬فالتغيرات في القوى السياسية و‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1( Gérard TCHOUASSI,"Les besoins en informations dans les entreprises", Revue congolaise de gestion, n° :24,2017,‬‬
‫‪pages 63 à 92, consulté le :(02/06/2020), sur le lien :www.cairn.info.‬‬

‫‪84‬‬
‫القانونية و التشريعية و اإلقتصادية و اإلجتماعية و الثقافية و التكنولوجية و كذا الطبيعية‬
‫تجعـل من الحتمية أن يكون ثمة تكيف معها‪.‬‬
‫تتمثل مصادر المعلومات من البيئة الخارجية للمنظمات في األساس في البيانات التي تجمع‬
‫من العمالء و ك ذا المؤسسات بنوعيها الوطني و الدولي‪ ،‬و جمي ــع الجهــات التي تشتغـ ــل في‬
‫مجال التزويد بالمعلومات المختلفة(‪.)1‬‬
‫من بين أبرز التغيرات التي تعرفها البيئة الخارجية للمنظمات يذكر ما يأتي‪:‬‬

‫‪-1‬توجه اإلقتصاد نحو العولمة‪ :‬إن هذا التغيـ ـر الذي يه ـم منظمات األعمـ ـال بشكل خاص‬
‫يربط نجاح هذه األخيرة بمدى مقدرتها على القيام بنشاطاتها على المستوى العالمي‪ ،‬مما‬
‫يزيد من الحاجة إلى المعلومات عن العمالء و المنافسين و الفرص و المخاطر(‪.)2‬‬

‫‪-2‬تأثير تكنولوجيا المعلومات و المعرفة في اإلقتصاد‪ :‬يتعلق األمر بتحول شهده النصف‬
‫الثاني من الق ـرن العشرين حيث تعاظمــت مكانــة تكن ــولوجيا المعل ــومات و نظمها بشكل‬
‫جعل الشركات تستثمر بنسبة ‪ 70‬من المائة في صناعات الخدمات على غرار التمويل‬
‫و التأمين و كل ما له صلة بالعقار و هي كلها مجاالت يتطلب الرفع من إنتاجيتها أن‬
‫يعتمد على مستوى عالي من الجودة بالنسبة للمعلومات‪.‬‬

‫‪-3‬تغير طبيعة المشروعات‪ :‬بما أن المش ـروعات أضحــت اليوم تتضمــن جانبــا كبيـ ـ ـ ار من‬
‫المعرفة إضافة إلى اتسامها أكثر بالطابع الخدماتي بخاصة و أن منظمات األعمال لم‬
‫تعد تشتغل بمعزل عن المنافسين‪ ،‬فإن مسايرة التحوالت في شكل و طبيعة المشروعات‬
‫أضحى يتطلب إضفاء نوع من المرونة على المنظمات بالحصول على المعلومات(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Gérard TCHOUASSI, Op.cit.‬‬

‫(‪ )2‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.102-101‬‬

‫(‪ )3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.104-103‬‬

‫‪85‬‬
‫خالصة الفصل األول‪:‬‬

‫تمثل المعلومات موردا هاما و حقيقيا بالنسبة لألفراد و كذا المنظمات التي تستخدمها في‬
‫اشتغالها‪ ،‬و من حيث التعريف اإلصطالحي نجدها تعبر عن مختلف البيانات التي تعرض ـت‬
‫للمعالج ـة ليتسن ـ ـى استغاللها كونها مادة خام‪.‬‬
‫تتضمن المعلومات خصائص عديدة فهي في مقام أول تتصف بالسيـ ـولة و القابليـ ـة للتشكيل‬
‫تماشيا و استخداماتها‪ ،‬هي كذلك سهلة النقل و اإلدماج مع بعضها البعض إلنتاج مجموعة‬
‫جديدة‪ ،‬كما أنها توج ـد بكمي ـات كبي ـرة بالرغم من أن ممتلكي ـها و منتجيـ ـها يعملـ ـون على خلق‬
‫الندرة بشأنها‪.‬‬
‫إن الحديث عن المعلومات هو كذلك إشارة إلى ما لها من أن ـ ـ ـ ـواع بحسب استعماالتها بحيث‬
‫نجد تلك اإلستراتيجية التي تدخل في صياغة مخططات تمتد إلى المدى الطويل و تمس بكل‬
‫المنظمة‪ ،‬بينما يستعـ ـان بالمعلومات التكتيكية في إنجـ ـاز األعمال الطويلة و القصيرة الم ـدى‪،‬‬
‫و أما المعلومات التشغيلية فهي كما تدل على ذلك تسميتها نجدها ترتبط باألجـ ـ ـل اليومي و‬
‫بممارسة التخطيط و الرقابة‪.‬‬
‫ال يستفاد من كل المعلومات بنفس المستوى من الجودة فثمة معايير يشتـ ــرط توف ــرها ألج ـ ـ ـل‬
‫ذلك مثل أن يتحصل عليها في الوقت المطلوب‪ ،‬و خلوها من األخطاء و مالءمتها للموقف‬
‫المتطلب لها‪ ،‬مع إمكانية استغاللها متى كانت الحاجة إليها‪.‬‬
‫ال يمكن للمنظمات اإلستغناء عن المعلومات فهي تدخل في كثير من الوظائف على غ ـ ـ ـ ـرار‬
‫التخطيط و التنظيم و التوجيه و الرقابة‪ ،‬و التعرف على مكونات البيئة الخارجية‪ .‬و لعل أهم‬
‫مجال تستخدم فيه المعلومات هو صنع القرار إلى حد أن جودة الق ـ ـرار تتوقـ ـف بنسبة تسعيـ ـن‬
‫من المائة على دقة المعلومات التي تم اإلعتماد عليها‪ .‬فكل مرحلة من هذه العمليـ ـ ـة تستهلك‬
‫المعلومات لتحديد المشكلة‪ ،‬و وضع البدائل و تحليلها‪ ،‬وصوال إلى اختيار واحد منها‪.‬‬
‫ثمة عوامل تبرر الحاجة إلى المعلومات فتغيرات البيئة الداخلية للمنظمات دعوة إلى امت ــالك‬
‫معلومات كافية عن تفاعالت األفراد و الجماعات‪ ،‬و الشيء نفسه يالحظ بخصوص البيئ ـ ـ ـة‬
‫الخارجية التي تتضمن عوامل تؤثر في نجاح و بقاء المنظمات‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر و معايير نظم المعلومات‬
‫اإلدارية‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر و معايير نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫يحتاج متخذ القرار في المنظمة في سبيل التوصل إلى اعتماد أحد البدائل إلى معلومات‬
‫تتوفر على خصائص الدقة و المالءمة و الحصول عليها في التوقيت المناسب و بالكميات‬
‫المطلوبة‪.‬‬
‫لكن التطورات الحاصلة في البيئات الداخلية و الخارجية للمنظمات و كذا في األساليب التي‬
‫تشتغل وفقها هذه األخيرة قد جعلــت الوسائــل التقليدية لجمــع البيانات و معالجتها و ما يتب ــع‬
‫ذلك من ترتيب و تخزين للمعلومات قاصرة عن إيصالها إلى المستويات و األقسام التنظيمية‬
‫وقت الحاجة إليها بخاصة إذا تعلق األمر بالكميات الكبيرة و المتنوعة منها‪.‬‬
‫لذلك نرى بأن الثورة التكنولوجية الحاصلة في مج ـال المعل ـومات قد مكنت من إيجاد وسائ ـ ـل‬
‫تكفـ ـل معالج ـة البيانات تماشــيا للمستــويات اإلدارية التي تحتـ ـ ــاجها و تبعا للظروف المحيطة‬
‫بعملية التسيير‪ ،‬ذلك ما يتسنى بفضل نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬
‫تعتبر نظم المعلومات اإلدارية من أهم و أحدث الوسائل التكنولوجية التي يستعين بها األفراد‬
‫بالمنظمات ألداء وظائفهم ال سيما ما تعلق باتخاذ القرار‪.‬‬
‫سيعنى هذا الفصل بالتطرق إلى المصادر التي تعتمد عليها هذه النظم في تغذيتها بالبيانات‬
‫و المعطيات‪ ،‬إضافة إلى إظهار ما يجب أن يتوفر فيها كمعايير‪ ،‬و ذلك بعد بيان مفهومها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫تلعب نظم المعلومات اإلدارية دو ار ذا أهمية بالنسبة للمنظمات باختالف أنواعها ال سيما‬
‫في هذا العصر الذي تطورت فيه مهام المنظمات و شهد تغير في طبيعة المشروعات بشكل‬
‫جعل المعرفة تمثل الجزء األكبر من المنتجات و ضاعف من التنافس على الوصول في أقل‬
‫زمن ممكن إلى أجود المعلومات‪.‬‬
‫هذه الحقائق تدفع إلى اإلقتراب من هذه الوسائل التكنولوجيــة من الجانب المفاهيمي لتعريفه ــا‬
‫و بيان عناصرها و خصائصها‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حول مصطلح نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫يمكن التطرق إلى نظم المعلومات اإلدارية لتعريفها و إظهار عناصرها من خالل ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬تعريف نظم المعلومات اإلدارية‪ :‬لقد أطلق الباحثون في هذا المجال تسميات عدة على‬
‫هذه النظم المساعدة على اتخاذ الق اررات في المنظمات‪ ،‬فنجد مثال من يطلق عليها تسمية‪:‬‬
‫"نظام معالجة المعلومات" و آخر يدعوها‪" :‬نظام معالجة البيانات" أو "إدارة موارد المعلومات"‬
‫و كذا من يختصرها إلى "نظام المعلومات"‪.‬‬
‫لقد أنتج كم كبير من التعاريف بخصوص نظم المعلومات اإلدارية بحيث نجدها تختلف تبعا‬
‫للزاوية التي اختارها كل باحث في هذا المجال‪ ،‬سنجد مثال أن (روبرت ريكس) قد ذهب إلى‬
‫أنها "مجموع منظم من الموارد‪ :‬أجهزة‪ ،‬برمجيات‪ ،‬أفراد‪ ،‬معطيات‪ ،‬إجراءات تسمح باقتنـ ـ ـاء‪،‬‬
‫معالجة و تخزين و نشر المعلومات في شكل معطيات‪ ،‬نصوص‪ ،‬و صور‪ ،‬و أصوات‪...‬‬
‫داخل المنظمات"(‪.)1‬‬
‫لدينا تعريف أورده كل من (لورانس) و (وليام) اعتقدا فيه بأن نظ ــام المعل ــومات اإلدارية هو‬
‫" ذلك التفاعل بين األفراد و األجهزة بهدف جمع و تحليل المعلومات‪ ،‬صمم للتزويد بالبيانات‬
‫الروتينية و لمعالجة و توفير المعلومات للمساعدة في اتخاذ القرار"‪.‬‬
‫أما (لودون و لودون) فقد اعتب ار نظم المعلومات كونها‪:‬‬

‫"مجموعة من المكونات أو العناصر المترابطة و المتفاعلة‬


‫معا‪ ،‬و التي تتولى مهام جمع (أو استرجاع) و تشغيل‪ ،‬و‬
‫تخزين‪ ،‬و توزيع المعلومات الالزمة لدعم عمليات اتخاذ‬
‫الق اررات و التنسيق و الرقابة في المنظمة‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬
‫فإن نظم المعلومات يمكن أيضا أن تلعب دو ار هاما في‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Robert REIX, Systèmes d’information et management des organisations, 4ème édition, Paris : Vuibert, 2002, p.75.‬‬

‫‪89‬‬
‫معاونة المديرين و العاملين في المنظمة على تحليل‬
‫المشكالت‪ ،‬و التصـور المرئـي للموضوعات المعقدة‬
‫و تنمية المنتجات الجديدة"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬عناصر نظم المعلومات اإلدارية‪ :‬تتكون نظم المعلومات اإلدارية من عناصر يمكن‬
‫ذكرها فيما يأتي‪:‬‬

‫‪-1‬األجزاء المادية التي تضم التجهيزات الهندسية و الوسائل الفنية للحواسيب‪.‬‬

‫‪-2‬البرمجيات و التطبيقات التي تستعمل الستخدام الحواسيب و تدخل في تشغيل البيانات‬


‫و الحصول على المعلومات‪.‬‬

‫‪-3‬المورد البشري بما يضمه من تخصصات في مجال نظم المعلومات اإلدارية التي يدخل‬
‫فيها المصممون‪ ،‬و محللو البرامج‪ ،‬و موزعو المعلومات(‪.)2‬‬

‫‪-4‬جملة الوظائف اإلدارية بأنواعها المتمثلة في التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬و الرقابة اإلدارية‪،‬‬
‫و رقابة التشغيل على النظام‪.‬‬

‫‪ -5‬بما أن عملية صنع الق اررات تتغذى على المعلومات فإن دور نظم المعلومات اإلدارية‬
‫يتجلى في إمداد صانع القرار بما يحتاج إليه منها‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.123-122‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪90‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫يستع ـان بنظم المعلومات اإلدارية في المنظمات لتحقي ـق عدد من األهـ ـ ـداف التي يمكن‬
‫تقسيمها إلى عامة و خاصة كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬األهداف الشاملة‪ :‬يمكن أن تجمل األهداف التي تدخل في هذا اإلطار ضمن األوجـ ـه‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪-1‬إن الغاية من تبني نظم للمعلومات اإلدارية تتمثل في اإلستفادة من تلك المقدرة التي لها‬
‫في حصر مصادر البيانات و المعلومات بشكل يؤدي إلى التعرف على مواطن النقص‬
‫التي يجب العمل على تغطيتها‪.‬‬

‫‪-2‬تكون نظم المعلومات اإلدارية متكاملة و متخصصة و ذات قدرة على تناول البيانات و‬
‫المعلومات المتوفرة‪ ،‬و هي تقدم خدمات معلوماتية مختلفة في مجال تخصصها‪.‬‬

‫‪-3‬تعتبر وظيفة إنشاء ملفات رئيسية و أخرى فرعية متعلقة بكل األنشطة التي فيها يستعــان‬
‫بهذه النظم المعلوماتية اإلدارية من أهم الوسائل الضامنة لتح ـ ـ ـ ـ ـديد البيانات و المعلومات‬
‫المختلفة المستعملة و غير المستعملة‪.‬‬

‫‪-4‬اإلمكانية المتاحة لإلستفادة من التقارير اإلحصائية التي تقدمها نظـ ـم المعلومات اإلدارية‬
‫بشأن المنظمة المستعملة لها‪ ،‬فباستطاعة هكذا نظم أن تحدد نقاط القوة ألجل تنميتها و‬
‫كذا مواطن الضعف التي يجب معالجتها‪ .‬بذلك " تتمكن المنظمــة من استغالل الف ـ ــرص‬
‫البيئية و مواجهة التهديدات"(‪.)1‬‬

‫‪-5‬إمكانية خلق التفاعل بين أجزاء المنظمات من خالل الربط بين النظم الفرعية بها بشكل‬
‫يضمن تبادل البيانات و المعلومات بينها و هو ما يسهــل من عمليات التنسي ـ ـ ـق بين ما‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪" ،‬مقرر نظم المعلومات اإلدارية"‪ ،‬قسم إدارة الموارد البشرية‪ ،‬جامعة الشام الخاصة‪ ،‬ص ‪ ،53‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/06/13( :‬على‬
‫‪https://aspu.edu.sy/laravel.filemanager/file/18.‬الرابط‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫يؤدى بها من وظائف و نشاطات‪ ،‬ذلك ما يعمل على وضع أه ـداف النظ ـ ـ ـم الفرعية في‬
‫نفس مستوى الهدف العام الذي ترجو كل منظمة أن تحققه(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬األهداف الجزئية‪ :‬بما أن أقسام و مستويات و وظائف و أنشطة مختلفة في المنظم ـات‬
‫تستخدم فيها نظم المعلومات اإلدارية بأشكال متباينة فإن األهداف الخاصة بها تأتي متماشية‬
‫معها حسب ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬األهداف ذات العالقة باتخاذ القرار‪ :‬في هذا اإلطار يرجى من ورائها تجنيب المنظمات‬
‫أن تصنع ق اررات روتينية إلى جانب ضمان الزيادة في فعالية الق اررات‪.‬‬

‫‪-2‬األهداف المرتبطة بخدمات المعلومات‪ :‬في هذا اإلطار تؤمن نظم المعلومات اإلدارية‬
‫مساعدة قيمة للمنظمات من خالل متابعة النمو المرتقب في نوعية خدمات المعلومات‬
‫و تجميع و توفير كافة الوثائق و المعلومات الصادرة في مجال تخصصها‪.‬‬

‫‪-3‬أهداف تطـ ـوير النظام‪ :‬إضافة إلى اإلستخدام األساسي لنظ ـ ـ ـم المعلومات اإلدارية الذي‬
‫من خالله يرجى إمداد مختلف النشاطات في المنظمات بالمعلومات‪ ،‬فإنه عالوة على‬
‫ذلك يعمد إلى وضع الخطط الضرورية الالزمة للمحافظة الدائمـ ـ ـ ـة على المنظمات و‬
‫صيانتها و مراعاة جميع التغيرات التي قد تنشأ بعد إقامة نظام المعلومات‪.‬‬

‫‪-4‬األهداف الخاصة بالتقليل من األخطاء البشرية‪ :‬تساع ـد نظـ ـم المعلومات اإلدارية على‬
‫الرفـع من القدرة اإلنتاجية لألفراد و الخفض من األخطاء عن طريق التقليل من معدالت‬
‫تدخل البشر في نشاطات المنظمات‪.‬‬

‫‪-5‬األهداف الخاصة بتطوير األفراد المستخدمين لها‪ :‬هي أهداف تمت بالصلة إلى التكفل‬
‫التام بتطوير األفراد المستخدمين لنظم المعلومات اإلدارية و الرفع من مستوى أدائهم‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نظم المعلومات اإلدارية‪ :‬خصائصها و مصادر تغذيتها‬
‫بالبيانات‪.‬‬

‫أظهرت نظم المعلومات اإلدارية جدارتها على صعيد مساعدة مسيري المنظمات باختالفها‬
‫على أداء األنشطة و الوظائف المنوطــة بهم فهي تقــدم لإلنسان خــدمات ال يمك ـن اإلستغن ــاء‬
‫عنها في العصر الحالي‪.‬‬
‫ثمة جوانب تضف ـي سم ـة الكف ـاءة على هذه النظ ـم من جانب الخصائص التي تتصف بها و‬
‫كذا نوعية المصادر التي تتحصل منها على البيانات و المعطيات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خصائص نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫تتوف ـر نظ ـم المعلومات اإلدارية على جملــة من الخصائص التي يمكــن اعتب ــارها بمثاب ـ ــة‬
‫المعايير المحددة لمدى كفاءتها و فعاليتها‪ ،‬و هي الخصائص التي تظهر فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬من حيث تصميم نظم المعلومات‪ :‬تصمم نظم المعلومات و تبنى على منوال يجعل من‬
‫اإلستفادة منها أم ار مستساغا و يكون ذلك وفق اعتبارات هي‪:‬‬

‫‪-1‬التكامل‪ :‬و يسمى أيضا بالترابط كداللة على رب ـط نظ ـم المعلومات التطبيقية و الوظيفية‬
‫معا بشكل يجعل المنظمة تستفيد من معلومات نافعة تقدمها عمليات و أنشطة متماسكة‬
‫و متكاملة ‪" ،‬بمعنى تكامل األنظمة الفرعية لنظام المعلومات اإلداري بحيث يكون نشاط‬
‫أي نظام فرعي مكمال ألنشطة النظم الفرعية األخرى"(‪.)1‬‬

‫‪-2‬التوازن‪ :‬تتجسد خاصية التوازن بالنسبة لنظم المعلومات اإلدارية من خالل إفادة األفراد‬
‫المستخدمين لها بما يلزمهم من معلومات لتحقيق األهداف التي سطروها‪ ،‬و هو التوازن‬
‫الذي تظهره المعلومات الدقيقة مقابل التكلفة التي يتطلبها الحصول عليها(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪-3‬التصميم الفعـال‪ :‬تظه ـر فعالي ـة تصميم نظ ـم المعلومات اإلدارية من خــالل الشــروط التي‬
‫تؤخذ بعين اإلعتبار في ذلك إذ يجب على المصمم أن يكون على دراية بعناصر البيئة‬
‫التي ستحيط بالنظام‪ ،‬و طبيعة الهيكل التنظيمي و أيضا الوظائف التي يحتويها‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬من حيث اإلستفادة من البيانات‪ :‬يعد معيار ولوج البيانات بسهولة و بسرعة لإلستفادة‬
‫منها على نحو كامل من بين أبرز المؤشرات على نظم المعلومات اإلدارية ذات الج ــودة‪ ،‬إذ‬
‫في ظله يمكن التطرق إلى‪:‬‬

‫‪-1‬مسار البيانات المشتركة‪ :‬يتعلق األمر باستخدام ملفات البيانات الرئيسية التي تنبع منها‬
‫التقارير و المخرجات المصممة لإلستجابة الحتياجات المستخدمين‪ ،‬فهي بيانات تجم ــع‬
‫و تسجل مرة واحدة وفق اتباع مسارات مشتركة تفاديا للتكرار‪.‬‬

‫‪-2‬اإلستجابة في أقصر وقت‪ :‬تعمل األجهزة المتصلة بالحاسوب الذي يحفظ البيانات على‬
‫اإلستجابة في وقت قصير للطلبات التي تستقبلها‪.‬‬

‫‪-3‬استخدام نظم إدارة قواعد البيانات‪ :‬هي قواعد قادرة على تداول أحجام كبيرة من البيانات‬
‫ضمن نظم المعلومات اإلدارية كما أنها تسمح ألكثر من مستخدم واحد من ول ــوج ما فيها‬
‫من بيانات‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬من حيث تمتع المعلومات بالحماية و السرية‪ :‬عند تصميــم نظــم المعلـ ـ ــومات اإلدارية‬
‫يسمح فقط لعدد معين من المستخدمين أن يلجوا قواعد البيانات و المعلومات التي خزنت بها‬
‫ذلك ما توف ـره أنظمة مخصصة تعمـ ـل على ح ـرمان األشخاص غير المرخصين من اإلطالع‬
‫على المعلومات كونهم ال يمتلكون كلمات السر مثال‪ .‬هذا و يعد من الحيوية أن تحفظ النسخ‬
‫األصلية للبرمجيات في مكان آمن (‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪94‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر تغذية نظم المعلومات اإلدارية بالبيانات‪.‬‬

‫تتغذى نظم المعلومات اإلدارية بمعطيات و بيانات تختلف من حيث طبيعتها و كميتها و‬
‫من ناحية المصادر التي تتدفق منها إلى المنظمات عبر أنظمة المعلومات‪ .‬في هذا الصدد‬
‫يتسنى التمييز بين أنواع للمعلومات من حيث اتجاه تدفقها كاآلتي‪:‬‬

‫أوال‪-‬المعلومات المتجهة نحو األعلى‪ :‬هي معلومات تصدر عن المستوى التشغيلي صعودا‬
‫نحو المستويات العليا و بذلك نجدها تؤدي وظيفة وصف العمليات التي تجري بشكل يومي‬
‫في المستويات الدنيا للبنيان التنظيمي و يستعان بها لتغذية عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬المعلومات المتجهة نحو األسفل‪ :‬هذا النوع من المعلومات يأخذ اإلتجاه المعاكس من‬
‫المستويات العليــا نحو الدنيا في المنظمــات‪ ،‬و بذلك نجدها تعبر عن كل ما هو مخطط ــات‬
‫استراتيجية و تعليمات و توجيهات‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬المعلومات المتحركة بشكل أفقي‪ :‬يتعلــق األم ــر بالمعلومات التي تســري بين الوح ــدات‬
‫التنظيميــة الواقعــة في نفس المستــوى التسلسلي و الهــدف منها هو تحقيــق التنسيق و التكامل‬
‫بين فرق العمل و الوحدات اإلدارية و اإلدارات(‪.)1‬‬

‫تكتسي المعلومات بالنسبة للمنظمات أهمية حقيقية فهي ثروة تتحدد وفقها كف ـ ـاءة اشتغالها‬
‫كما هو الحال بالنسبة لألصــول األخــرى المادية منها وغير المادية‪ ،‬فبالنسبة لتغذيــة أنظمـ ــة‬
‫المعلومات اإلدارية لن تتحقق قيمة األصول الرقمية الالمادية التي تشكلها المعلومات إال إذا‬
‫توفرت المقدرة لدى المؤسسة على "جمعها‪ ،‬و مراقبتها‪ ،‬و حمايتهـا‪ ،‬و تثمينه ـا‪ ،‬و استغاللها‪،‬‬
‫من خالل نظامها للمعلومات"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪(2) Malika PASTOR," Comment gérer le patrimoine informationnel de l’entreprise", It social, consulté le )17/06/2020(, sur :‬‬

‫‪https://itsocial.fr/enjeux-it/enjeux-strategie/gouvernance/dsi_comment-gerer-le-patrimoine-informationnel-de-‬‬
‫‪lentreprise.‬‬

‫‪95‬‬
‫تتحدد المصادر التي تتحصل منها أنظمة المعلومات اإلدارية على البيانات و المعطيات‬
‫من خالل طبيعة الحاجة إلى المعلومات التي يمكن التمييز بصددها بين نقطتين هما‪:‬‬

‫أوال‪-‬تلبية الحاجات المحلية‪ :‬بما أن مدي ـر العمليات مطالب بالقيام بالتوق ـ ـ ـ ــع و الرقاب ــة فهو‬
‫بحاجة إلى معلومات تفيده في إيجاد الحلول لمشكالت تسمى بالمحليــة‪ ،‬فعلى سبيــل المثـ ــال‬
‫على "مسؤول معالجة الطلبيات أن يتمكن من معرفة متوسط عدد الطلبيات الواجب معالجتها‬
‫و توزيــع عمليــات إعــداد الطلبيات على األفراد‪ ،‬و التحقق من مدى احت ـ ـرام آجال اإلعداد و‬
‫شروط النوعية"(‪ .)1‬ألجل ذلك يلزم مدير العمليات أن يستعين بنموذجين إداريين هما‪:‬‬

‫‪-1‬نموذج توقعي يمكنه من معرفة تطور الكميات الواجب توريدها بحسب اختالف المواسم‪.‬‬

‫‪-2‬تقارير عن تنفيذ مختلف العمليات و ما إذا كان من الضروري إجراء تعديالت‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬اإلدماج في نموذج شامل‪ :‬يتعلق األمر بالمستويات الهيكلية الثالثة الموجودة بأغل ـ ـب‬
‫المنظمات حيث يتخصص كل مستوى منها بمهام و صالحيات تجعلها بحاجة إلى معلومات‬
‫معينة بكميات و مصادر خاصة‪ ،‬ذلك ما يمكن تمييزه وفق ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬المستوى اإلستراتيجي المعني بتحديد الخيارات األساسية نجده يستخ ـ ـ ـدم أنظمة معلوماتية‬
‫معقدة تتغذى على معلومات مركبة صادرة عن أنظمة معلوماتية جزئية كأن يستعان في‬
‫نفس الوقت بمخرجات نظام معلومات اإلنتاج و نظام التسويق‪.‬‬

‫‪-2‬المستوى التكتيكي الذي يعنى بمراقبة توزيع الموارد المخصصة لتجسيد الهدف المرسوم‬
‫في المستوى اإلستراتيجي و الذي يستغرق وقتا أقل لإلستجابة لطلبات المستوى األعلى‬
‫وهو مجهز بنظام لتصفية المعلومات و تنقيتها حين صعودها إلى األعلى إذ تتحدد وفق‬
‫ذلك الخيارات اإلستراتيجية(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Robert REIX, Op.cit. p.132.‬‬

‫‪(2) Ibid.p.134.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪-3‬المست ـوى العملياتي هو ذلك المكلـف بمتابعة مدى تنفيذ العمليات كما يعمل على تزويـ ـ ــد‬
‫المستويات اإلدارية األعلى بالمعلومات في شكل ملخص‪ ،‬يعرف عن هذا المستوى كونه‬
‫يستهلك معلومات ذات مدة حياة قصيرة‪ ،‬مقارنة بتلك المستعملة في باقي المستويات(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Robert REIX, Op.cit. p.134.‬‬

‫‪97‬‬
‫خالصة الفصل الثاني‪:‬‬

‫مكنت التطورات التكنولوجية التي شهدها مجال المعلومات من إيجاد وسائل تعمـ ـل على‬
‫معالجة البيانات وفق حاجات كل مستوى إداري و تسمى بنظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬
‫لقد أنتج ـت بشأنها تعاريف عديدة ‪ ،‬إذ هي عبارة عن مجموعة من المـ ـ ـوارد المنظمة و الت ـي‬
‫تضم أجهزة‪ ،‬و برمجيات‪ ،‬و أفراد و معطيات و كذا إجراءات تسمح بالحصول على بيـ ـ ـانات‬
‫و معالجتها و تخزينها و نشرها‪ ،‬في شكل معطيات و نصوص و صور‪ .‬يظهر من ذلك بأن‬
‫نظ ـم المعلومات اإلدارية تحتـ ـوي عناصر هي األج ـزاء المادية كالح ـ ـواسيب‪ ،‬تليها البرمجيات‪،‬‬
‫ثم العنصر البشري من مصممين و مستعملين‪ ،‬باإلضافة إلى جملـ ـة الوظائ ـ ـ ـف اإلدارية من‬
‫تخطيط و رقابة و اتخاذ قرار‪.‬‬
‫يمكن التمييز بخصوص أهداف نظم المعلومات اإلدارية بين تلك الشاملة مثل المقـ ـ ـدرة على‬
‫حصر مص ـادر البي ـانات‪ ،‬و الكف ـاءة في تحديد نقاط القوة و مواطن الضعف‪ ،‬و األه ـ ـ ـ ـ ـداف‬
‫الجزئية على غرار تلك المتعلقة باتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما من جانب الخصائص التي يمكن اعتبارها بمثابة المعايير المح ـ ـ ـ ـددة لمدى كفاءتها يمكن‬
‫اإلشارة إلى أن نظم المعلومات اإلدارية تتصف بالتكامل بين النظم التطبيقية و الوظيفية‪ ،‬و‬
‫كذلك التوازن بين توفير المعلومات الدقيقة و التكلفة التي يتطلبها الحصول عليها‪ .‬كما يمكن‬
‫اإلستفادة من نظم المعلومات اإلدارية من حيث تفاديها للتكرار كونها تجمع البيانات و تعمل‬
‫على تسجيلها باتباع مسارات مشتركة‪ .‬و أما أهم معيار تتوفر عليه نظم المعلومات اإلدارية‬
‫فهو ضمانها لحماية المعلومات و سريتها بالنسبة لألشخاص غير المرخص لهم بولوجها‪.‬‬

‫بالنسبة لمصادر البيانات و المعلومات التي تتحصل عليها نظـ ـم المعلـ ـومات اإلداريـ ـ ـ ـة فهي‬
‫تتماشى و طبيعة الحاجة إلى المعلومات في المستويات الثالث للتنظيم الهيكلي المتمثلة في‬
‫المستوى اإلستراتيجي و التكتيكي و العملياتي‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مراحل نظم المعلومات اإلدارية‬

‫‪99‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مراحل نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫يجني مستعملو نظم المعلومات اإلدارية فوائد كثيرة كونها تسهل من أداء النشاطات ضمن‬
‫المنظمات بفضل ما توفره من المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب‪.‬‬
‫في الواقع يتعلق األمر بنظم كفيلة بتحقيق اقتصاد في الجه ـود التي يجب أن تبـ ــذل في جمـ ـع‬
‫البيانات و المعطيات من مصادرها و ما يتبع ذلك من عمليات معالجة و ترتيب و تبويب و‬
‫تخزين وصوال إلى تقديمها في صيغتها النهائية ألنواع شتى من المستخدمين‪ .‬إن هذه المي ـ ـزة‬
‫تنطوي على تكنولوجيا معلوماتية متطورة هي التي جعلت من كل العمليات المشار إليها أم ـ ار‬
‫ممكنا‪.‬‬

‫لم تعرف نظم المعلومات اإلدارية دائما بنفس الوجه الذي نراها عليه اليوم فقد مرت بتطورات‬
‫عديدة تزامنــت و التقــدم الذي عاشته تكنولوجيا المعلومات و ذلك منذ اعتمــادها في الستينات‬
‫من القرن العشرين‪.‬‬

‫في هذا الفصل سينصب اإلهتمام في مبحث أول على مفهـ ــوم تكنولوجيا المعـلومات و الدور‬
‫الذي تؤديه نظم المعلومات اإلدارية‪ .‬بينما يستعرض المبحث الثاني أهم المراحل التي مرت‬
‫بها هذه النظم‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نظم المعلومات اإلدارية‪ :‬التكنولوجيا و الدور‪.‬‬

‫لقد تزامن تصميم و بناء نظم المعلومات اإلدارية مع تطور التكنولوجيا و ما يستخدم من‬
‫تقنيات مختلفة فيها و ذلك ما يتيح لهذه األنظمة أن تؤدي أدوا ار مهمة في المنظمات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تكنولوجيا نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫تعبر نظم المعلومات اإلدارية عما تستخدمه من التكنولوجيا لذلك يتسنى القـ ــول بأنهما في‬
‫نوع من العالقة الوطيدة كون تقدم نظم المعلومات إنما يعبر عن تطور التكنولوجيا ال سميا‬
‫تلك المتعلقة بالمعلومات‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫أوال‪-‬مفهوم التكنولوجيا و تكنولوجيا المعلومات‪ :‬باإلمكان تحديد مفهوم التكنولوجيا بشكل‬
‫عام و كذا تكنولوجيا المعلومات من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬تعريف التكنولوجيا‪ :‬إن لفظة تكنولوجيا مركبة من حيث اللغة من مقطعين هما "تكنو"‬
‫الذي يفيد باللغة اليونانية معنى "الفن" أو "صناعة يدوية"(‪ ، )1‬و أيضا "استعمال العلم‬
‫النظري في مجال ما"‪ ،‬و هو كذلك يعبر عن العلم الذي يهت ـ ـم بدراسة األساليب التي‬
‫تؤدى وفقها مهنة ما(‪.)2‬‬
‫المقطع الثاني "لوجي" يؤدي معنى "الدراسة" أو "العلم" و على هذا األساس تؤدي كلمة‬
‫تكنولوجيا معنى "الدراسة الرشيدة للفنون"‪.‬‬
‫اصطالحا تفيد التكنولوجيا معنى "اآلالت و المعدات و التقنيات و المعارف العلمي ـ ـة و‬
‫األفكار و الوسائل التي يعتمد عليها اإلنسان لتحقيق حاجاته في بيئة اجتماعية تاريخية‬
‫معينة"(‪.)3‬‬

‫‪-2‬تعريف تكنولوجيا المعلومات‪ :‬المالحظ اليوم هو دخول تكنولوجيا المعلومات حياة الناس‬
‫في كل مناحيها إذ أضحت من بين األدوات الرئيسية التي يستثمر فيها اإلنسان‪.‬‬
‫نجد في األساس بأن تكن ـولوجيا المعل ـومات كمصطلح قد نتـ ـج عن الم ـزج بين تكنولوجيـ ـا‬
‫التخ ـزين و اإلسترجاع من جهة و تكن ـولوجيا اإلتص ـاالت من جهة أخرى‪ .‬فهذه الوسائــل‬
‫يجري استعمالها بهدف إنتاج المعلومات و التمكن من جمعها و تخزينها‪ ،‬و كذا ما يتبع‬
‫ذلك من عمليات كمعالجة المعلومات و نشرها و استرجاعها‪ ،‬و هو ما يتطلب اإلستعانة‬
‫بالحاسب اإللكتروني‪ ،‬و التكنولوجيا السلكية و الالسلكية‪ ،‬و األدوات اإللكترونية الدقيقة‪،‬‬
‫هذا و تستوج ـب تكنولوجيا المعلومات أيضا "اقتنـ ـاء المعلومات و تخزينها و تجهيزها في‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فضيل دليو‪ ،‬التكنولوجيا الجديدة لإلعالم و اإلتصال‪ ،‬عمان‪ :‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،2010 ،‬ص ‪.20‬‬

‫(‪ )2‬حنان يوسف‪ ،‬تكنولوجيا اإلتصال و مجتمع المعلوماتية‪ ،‬القاهرة‪ :‬أطلس للنشر و اإلنتاج اإلعالمي‪ ،2006 ،‬ص ‪.10‬‬

‫(‪ )3‬فضيل دليو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.23-22‬‬

‫‪101‬‬
‫مختلف صورها و أوعية حفظها‪ ،‬سواء كانت مطبوعة أم مصورة أم مسموعة أم مرئية أم‬
‫ممغنطة أم معالجة بالليزر"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬عالقة تكنولوجيا المعلومات بنظم المعلومات اإلدارية‪ :‬تعد تكنولوجيا المعلومات بمثابة‬
‫اإلطار الذي يضم علم الحاسوب الموظــف لصالــح نظم المعلــومات‪ ،‬و الشبكــات‪ ،‬باإلضافـ ــة‬
‫إلى اإلتصاالت و تطبيقاتها في مختلف مجاالت العمل اإلنساني للمنظمة‪.‬‬
‫لكن إظهار العالقة بين الجانبين ليس بالسهولة المتوقعة بالنظر إلى وجود تباين في وجهــات‬
‫النظر بين المهتمين بهذا الشأن‪ ،‬فالمالحظ هو وجود توجهين عامين هما‪:‬‬

‫‪-1‬التوجه الجزئي الذي يعتبر تكنولوجيا المعلومات كنظام فرعي ضمن نظام المعلومات‪.‬‬

‫‪-2‬التوجه الكلي الذي يرى بالعكس بأن تكنولوجيا المعلومات أوسع و تضم باإلضافة إلى‬
‫نظم المعلومات‪ ،‬تقنيات معالجة البيانات و اإلتصاالت و األفراد و المنظمات(‪.)2‬‬

‫كثي ار ما يستخـدم مصطلح تكنولوجيا المعلومات للداللة على نظام المعلومات‪ ،‬بالرغم من أن‬
‫مدلول نظم المعلومات أوسع من ذلك المتعلق بتكنولوجيا المعلومات‪.‬‬
‫يمكن القول بأن تكنولوجيا المعلومات هي الجان ـ ـ ــب التكنولوجي من نظــام المعل ــومات و الذي‬
‫يمثل المكونات المادية‪ ،‬و البرمجيات و قواعد البيانات‪ ،‬و الشبكات و الوسائط األخرى‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسن رضا النجار‪" ،‬تكنولوجيا اإلتصال‪ ،‬المفهوم و التطور" ‪ ،‬المؤتمر الدولي لإلعالم الجديد تكنولوجيا جديدة لعالم جديد‪ ،‬البحرين‪ 9-7 ،‬أفريل‪.2009 ،‬‬

‫(‪ )2‬حسن حميد عبد هللا‪ " ،‬دور نظم المعلومات اإلدارية و اإلدارة المعرفية في بناء القدرة التنافسية للمنظمات اإلنتاجية‪ ،‬دراسة تطبيقية في الشركة العامة‬
‫للصناعات الكهربائية"‪ ،‬أطروحة دكتوراه في تخصص إدارة األعمال‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬جامعة سانت كليمنتس العالمية‪ ،‬فرع العراق‪.2012،‬‬

‫‪102‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫تؤدي نظم المعلومات اإلدارية أربعة أنواع من األدوار التي يتسنى التطرق إليها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬جمع المعلومات‪ :‬أو اكتساب المعلومات و جمعها باستعمال طرق شتى مثلما هو الحال‬
‫بالنسبة للكتابة عند تحرير الطلبيات على سبيل المثال‪ ،‬و كذلك المشافهة عند إج ـ ـراء مكالمة‬
‫هاتفية‪ ،‬أو الشكل المختلط الذي يجمع بين وسائل مختلفة(‪.)1‬‬
‫في هذا المجال يمكن القول بأن التط ـ ـور الحاصل على مستوى التك ـنولوجيا قد أثر في م ـدى‬
‫استعمال هذه الطرق بحيث تم التخلي عن الكتابة كوسيلة قد تتسبب في وق ـ ـوع أخطاء مقابل‬
‫إدخال البيانات بشكل مباشر في نظم المعلومات‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬التخزين‪ :‬تطلق هذه التسمية على العملية التي من خاللها يعمد النظام إلى االحتفاظ‬
‫بالمعلومات ‪ ،‬و هي تكتسي أهمية حيوية بالنسبة للمنظمات حيث مكن التط ــور التكنولوجــي‬
‫الحاصل في مجال الحواسيب و تكنولوجيا المعلومات بصفة عامــة من إنت ـ ــاج وسائ ــل ذات‬
‫أحجام صغيرة قادرة على تخزين كميات ضخمة من البيانات و المعلومات(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬المعالجة‪ :‬من خالل هذا الن ـوع من العمليات يقوم نظام المعلومات بتحـ ـويل المعلومات‬
‫التي تم جمعها إلى أشكال أخرى من المعلومات يمكن أن يستفيد منها مستخدمون مختلفون‪،‬‬
‫و من خالل هذا النوع من العمليات تصبح أنظمة المعلومات اإلدارية بمثابة أنظمة إنتاج يتم‬
‫بموجبها تحويل البيانات إلى معلومات‪.‬‬

‫رابعا‪-‬المخرجات‪ :‬من خالل هذا الدور تصبح المعلومات المعالجة تحت تصرف المستعملين‬
‫إذ يتحقق ذلك عند تقديمها وف ـ ـق أشكال مختلفة كتابيا في حال التقارير‪ ،‬و مشافهـة بمناسبة‬
‫تقديم اإلجابات اآللية عن طريق األنظمة الصوتية‪ ،‬أو مباشرة على الشاشات‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Systèmes d’information organisationnels, Paris : Pearson Education,‬‬
‫‪2005, p.35.‬‬

‫‪(2) Ibid. p. 36.‬‬

‫‪103‬‬
‫لقد عرفت المخرجات هي األخرى تطو ار كما في حال التخزين بحيث تم التخل ـ ــي عن اللجوء‬
‫إلى التقارير المكتوبة ليحل محلها األسلوب المباشر باستعمال الشاشات مع إمكانية التفاع ـ ـل‬
‫مع المعلومات‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهم المراحل التي مرت بها نظم المعلومات اإلدارية‪.‬‬

‫لقد كان العتماد الحاسوب في العمليـ ــات اإلدارية و في تسيير المنظمات بشكل عام األثر‬
‫الكبير في مسار نظم المعلومات اإلدارية‪ ،‬إذ يمكن القول بأن تكنولوجيا اإلعالم اآللـ ـ ــي التي‬
‫عرفت تسارعا في تطورها منذ السنوات األولى من ستينات القرن العشرين قد أدت إلى تقـ ـدم‬
‫نظم المعلومات اإلدارية بدورها و انتشار استخدامها في مجاالت عدة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬بدايات اعتماد األتمتة في التسيير‪.‬‬

‫من الناحية الزمنية يمكن القول بأن التطورات األولى لنظم المعلومات اإلدارية قد ظهـ ـرت‬
‫على مرحلتين شهدت فيهما تكنولوجيا الحواسيب كبير تقدم أدى إلى استخدامها في اإلدارة‪ ،‬و‬
‫إلى إنتاج أولى البحوث العلمية في مجال المعلومات المؤتمتة‪.‬‬

‫أوال‪-‬مرحلة سنوات الستينات‪ :‬هي مرحلة تبدأ مع مطلع الستينات من القــرن العش ـ ـ ـرين هذه‬
‫السنوات التي عرفت الشروع في استخدام نظم تشغيل البيانات هذه األخيرة التي كان الهدف‬
‫منها هو أتمتة عملية تشغيل البيانات تحقيقا للكفاءة في هذا المجال‪.‬‬
‫و لما كان لتقدم تكنولوجيا الحواسيب تأثير في استخدام نظم المعلومات اإلدارية فقد عاشت‬
‫السنوات التي سبقت فترة الستينات حدثا حامل لرمزية كبيرة بالنسبة لتاريخ نظ ـ ـم المعلومات‪،‬‬
‫ففي سنة ‪ 1954‬تم استعم ـال أول حاسوب في إدارة مؤسسة في الواليات المتحـ ـدة األمريكية‬
‫إيذانا ب" استعمال التطورات الحديثة في اإلعالم اآللي بهدف إدخ ــال األتمتة على العمليات‬
‫اليدوية لمعالجة البيانات"(‪.)1‬‬
‫على إثر ذلك انتشر اعتماد هذه الوسيلة في المؤسسات بين سنتي ‪ 1954‬و ‪ 1960‬بغرض‬
‫معالجة البيانات في مجال المحاسبة‪ .‬لكن مسيري المؤسسات في تلك الفترة كانوا بحاجة إلى‬
‫نظام معلوماتي موحد كفيل بإمداد المنظمات برمتها ببيانات تمت معالجتها(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 6.‬‬

‫‪(2) Ibid. p. 7.‬‬

‫‪105‬‬
‫بالرغم من أن تسمية "نظم المعلومات اإلدارية" لم تكن متداولة بعد في أوساط المسيرين إال‬
‫أن إدراكهم لضرورة إيجاد نظام معلوماتي يستخـ ــدم في المساعدة في عمليــة اتخــاذ الق اررات‬
‫كان يدفعهم إلى المطالبة بهكذا تكنولوجيا‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬مرحلة سنوات السبعينات‪ :‬هذه المرحلة شهــدت الشــروع في استخ ــدام نظــم المعلومات‬
‫اإلدارية على نطاق واسع فقد أتاح استخدامها اإلستفادة من قدر كبير من البيانات المتراكمة‬
‫في المرحلة السابقة بغرض الزيادة من فعالية اإلدارة و إشباع حاجتها من المعلومات‪.‬‬
‫يمكن عرض أهم التطورات التي حصلت في هذه العشرية من خالل نقطتين كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬عرفت سنوات السبعينات توسيعا للدور المنتظـر من نظـ ـ ـ ـم المعلومات فبعد أن كان في‬
‫البداية محصو ار فقط في جعل عملية معالجـ ـ ـة البيانات تتم بشكل أوتوماتيكي‪ ،‬أضحــت‬
‫استعماالته المختلفة تمنحه أدوا ار أكثر تعقيدا ألسباب هي‪:‬‬

‫أ‪-‬تغير الهدف من استخدام نظم المعلومات بحيث أصبح األمر يتعلق بالقدرة على "توفير‬
‫المعلومات المناسبة في الوقت المناسب لفائدة الشخص المناسب"(‪.)1‬‬

‫ب‪-‬ظهور جيل ثالث من الحواسيب السريعة و المعالجة لكميات كبيرة من البيانات‪.‬‬

‫ج‪-‬شروع الجامعات ال سيما في الواليات المتحدة األمريكية في تدريس اإلعالم اآللي و ما‬
‫يتعلق بنظم المعلومات في تخصصات اإلدارة و التسيير‪.‬‬

‫‪-2‬تسارع وتي ـرة اإلصدارات العلميـة في مجــال نظــم المعلــومات و ذلك إيذانا بتح ــديد عدد‬
‫من المفاهيم التي كانت من قبل غامضة‪ ،‬إذ أن أول عمل علمي هو الكتاب الذي نشـ ـره‬
‫( بلومنتال) سنة ‪ 1969‬بعنوان "إدارة أنظمة المعلومات"‪ ،‬ليتبعه سنة ‪ 1973‬الكتاب الذي‬
‫وضعه (لومواني) بعنوان " نظم المعلومات في المنظمات"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 9.‬‬

‫‪(2) Ibid. p. 10.‬‬

‫‪106‬‬
‫أما العمل التنظيري الذي سعى إلى جعل البحث في نظم المعلومات بمثابة تخصص قائم‬
‫بذاته فهو يعود إلى (ديفيس) الذي أرسى قواعده سنة ‪.1974‬‬
‫هذا و يمكن اإلشارة إلى التقدم المهم في هذا التخصص و الذي مثلته األبح ـ ـ ــاث التي تم‬
‫نش ـ ـرها بشأن أنظمة دعم الق اررات من طرف (قــوري) و (سك ـ ــوت مورتون) بداية من سنة‬
‫‪.)1(1971‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التوجه نحو تعاظم البعد التقني‪.‬‬

‫واصلت نظم المعلومات اإلدارية تطورها بعد انقضاء سنوات الستينات و السبعينات اللتان‬
‫عرفتا تأسيسا من ناحية المفاهيم و استقالال عن التخصصات األخرى‪ ،‬و هي التطورات التي‬
‫تواصلت و تعمقت في العشريات التالية حتى أنتجت النظم المعلوماتية المعروفة اليوم‪.‬‬
‫يمكن التمييز في هذا الصدد ما بين‪:‬‬

‫أوال‪-‬سنوات الثمانينات‪ :‬استمرت في هذه الفترة وتيرة التطوير التي عرفتها نظـ ـ ـم المعلومات‬
‫في العشرين سنة الماضية كما حصلت مستجدات بحيث يتسنى التطرق إلى ذلك في اآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬لم تتوقف نظم المعلومات عن تحقيق استقالليتها في مجال البحث فقد فتحت الجامعات‬
‫المزيد من المراكز البحثية و البرامج التعليمية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪-2‬نالت المعلومات في ثمانينات القرن العشرين مكانة خاصة بوصفها مورد يضاهي موارد‬
‫كثيرة ال تقل أهمية في مجاالت كالزراعة و التصنيع لما لها من تأثي ـر في الق ـ ـ اررات‪ ،‬إذ‬
‫على ضوء ذلك أصبح ينظر إلى نظم المعلومات كونها " قاعدة عمالقـ ــة للبيانات قادرة‬
‫على أن تضمن لفائدة المسيرين المعلومة المثلى المرغوبة"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 10.‬‬

‫‪(2) Ibid. p. 17.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪-3‬أحرزت نظم دعم القرارات المزيد من اإلعتراف بوصفها مجال قائم بذاته‪.‬‬

‫‪-4‬ظهر التركيز على أتمتة المكاتب لتسهيل اإلتصاالت و تحقيق إنتاجية أكثر‪.‬‬

‫‪-5‬مع نهاية الثمانينات شرع في استخدام ما يعرف باسم نظم المعلومات اإلستراتيجية التي‬
‫وظفت ألجل الزيادة من القدرة التنافسية لمنظمات األعمال‪ ،‬و في إطار ذلك تم التركيز‬
‫على عنصري الذكاء و المعرفة‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬من سنوات التسعينات إلى الوقت الحالي‪ :‬لقد دفعت الحاجة إلى معالجة أكبر كميات‬
‫ممكنة من البيانات و إنجاز األعمال في أقل زمن ممكن خصوصا في ظل المنافسة الشرسة‬
‫بين الشركات على المستوى العالمي إلى البحث عن نظم معلومات أكثر تقـ ـ ــدما و استقاللية‬
‫عن تدخل اإلنسان‪ ،‬فطبعت المرحلة الممتدة من التسعينات إلى الوقت الحاضر بما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬عرفت بداية التسعينات استخدام النظم الخبيرة في اإلدارة المعروف عنها اعتمادها على‬
‫الذكاء اإلصطناعي‪ ،‬فوفــق هذا المنظــور "يمكن برمج ــة الحاسوب ألداء أعمال منطقية‬
‫بالطريقة نفسها التي يؤديها اإلنسان‪ ،‬فالذكاء اإلصطناعي يمثل أكبر تطبيقات الحاسوب‬
‫رقيا و تقدما‪ ،‬و هي محاكاة السلوك اإلنساني في حل المشكالت(‪.)1‬‬

‫‪-2‬في الوقت الحاضر تلعب النظ ــم المبني ـ ــة على المعرفة دو ار حيويا في تقديم اإلستشارات‬
‫و قد تحقق ذلك بفضل "قاعدة معرفية كبيرة تعتمد على تقانة الشبكات العصبونية حيث‬
‫يستشير المستخدم النظام و يطلب منه النصيحة"(‪.)2‬‬
‫أما أهم تطور في الوقت الحالي يتمثل في الثورة التي أحدثتها وسيلة اإلنترنت بإنتاج ما‬
‫أصبح يعــرف بنظ ــم المعلومات العالميــة التي تستعملها الشركات ذات الفــروع المتوزعـ ــة‬
‫عبر العالم و هي تعمل كنظام موحد و متناسق‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سليم حسنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫خالصة الفصل الثالث‪:‬‬

‫تكفل نظم المعلومات تحقيق اإلقتصاد في الجهود التي يجب أن تبذل في جمع البيانات‬
‫من مصادرها و إخضاعها للمعالجة‪ ،‬و هو ما يدل على استخدام تكنولوجيا معلومات تزامن‬
‫تطورها مع تصميم النظم المعلوماتية‪.‬‬
‫لذلك يمكن القول بأن مصطلح تكنولوجيا المعلومات يفيد المزج بين تطور تقنيات التخزين و‬
‫اإلسترجاع‪ ،‬و كذلك تكنولوجيا اإلتصاالت‪.‬‬
‫تظهر وفق ذلك العالقة الوطي ـدة بين تكنولوجيا المعل ـومات و النظ ـ ـم المعلوماتية بالرغـ ـ ـم من‬
‫وجود اختالف بين الباحثين في هذا المجال‪ ،‬فتكنولوجيا المعلومات ما هي سوى تعبي ــر عن‬
‫الجانب التكنولوجي لنظم المعلومات‪.‬‬
‫من حيث األدوار التي تؤديها نظم المعلومات فهي تتمثل في جمع المعلومات و تخزينها‪ ،‬و‬
‫القيام بتحويل المعلومات إلى أشكال أخرى للمعلومات عن طريق عملية المعالجة‪ ،‬انتهاء إلى‬
‫تقديم المعلومات في شكل مخرجات‪.‬‬
‫لقد تطورت نظم المعلومات في الوقت الحالي إلى درجة لم تعد المنظمات في غنى عنها لما‬
‫توفره من خدمات حيوية‪ ،‬فهي قد مرت بمراحل تعود إلى سنوات الستينات من القرن العشرين‬
‫حيث شرع في استخدام تشغيل البيانات على نحو أضفى طابعا آليا على هذه العملية‪ .‬و أما‬
‫عشرية السبعينات فقد رمزت إلى توسيع دور نظم المعلومات خصوصا بإنتاج الجيـ ـ ـل الثالث‬
‫من الحواسيب تحقيقا لسرعة أكبر في معالجة كميات ضخمة من البيانات‪.‬‬
‫هذا و تجدر اإلشارة إلى تزايد اهتمام األوساط الجامعية بهذا المجال مما أدى إلى مضاعفة‬
‫اإلصدارات العلمية‪.‬‬
‫في سنوات الثمانينات أصبحت نظم دعم الق اررات مجاال قائما بذاته‪ ،‬و هي الفترة التي شرع‬
‫فيها استخدام نظم المعلومات اإلستراتيجية‪ .‬و في ظل المنافسة التي أضحت تعرفها سنوات‬
‫التسعينات فإن الشركات العالمية قد اتجهت إلى استخدام نظم معلومات أكثر استقاللية مثل‬
‫النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي‪ ،‬و القادرة على تقديم استشارات‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع نظم المعلومات‬

‫‪110‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أنواع نظم المعلومات‪.‬‬

‫عرف استعمال نظم المعلومات انتشا ار واسعا في العصر الحالي بعد أن شهد هذا المجال‬
‫تطورات جعلت من اإلستعانة بهذه الوسائل عملية سهلة بالنسبة لكل المنظمات‪ .‬فالنظم هذه‬
‫لم تصبح متاحة فحسب بل أننا نجدها تتنوع إلى أكثر من صنف واحد‪.‬‬
‫المالحظ هو ارتباط تنوع نظم المعلومات بالتطورات التي طرأت على المنظمات التي يعرف‬
‫عنها تمايزها من حيث أشكال ـها و مهامها و أدوارها‪ ،‬فبعد أن تعل ـق األم ـر باإلستعانة بنظ ـ ـم‬
‫المعلومات في وظيفة بحد ذاتها فقد أضحت المنظمات تستخـ ـدم أصن ـافا عدة منها في نفس‬
‫الوقت‪.‬‬
‫ألجل ذلك أصبحنا نرى نظما معلوماتية تختلف باختالف نشاطات و أحجام المنظمات‪ ،‬كما‬
‫أن هناك نظم خاصة بكل مستوى إداري‪ ،‬و بكل من العمليات التي تؤدى بها إذ من أشهـرها‬
‫نجد اتخاذ القرار‪.‬‬
‫سيتم التطرق في هذا الفصل من خالل مبحث أوحد إلى خصائص المستويات التي تتضمنها‬
‫المنظمات بصفة عامة و أنواع نظم المعلومات التي يختص بها كل مستوى تنظيمي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المستويات التنظيمية و نظم المعلومات المناسبة لها‪.‬‬

‫شهدت نظم المعلومات تطورات كبيرة و متسارعة تماشيا و اتساع مهام المنظمات و تعقـد‬
‫أشكالها إذ لم يعد يكفي اإلستعانة بنظام معلوماتي واحد فقط لتجسيد األهـ ـداف المرسومة بل‬
‫أصبح من الضروري أن تتظافر استخدامات أنواع عديدة منها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مستويات المنظمات المستخدمة لنظم المعلومات‪.‬‬

‫يرجع التباين في أنواع المهام التي تؤدى في المنظمات إلى المجاالت الوظيفية المعروفـ ـة‬
‫من تسويق و إنتاج ‪ ،‬و محاسبة وموارد بشرية‪ ،‬كما يمكن إعزاء التباين إلى المستوى اإلداري‬
‫و التنظيمي المعني بالمهمة‪.‬‬
‫من هذا المنطلق يتسنى تصنيف المستويات اإلدارية و التنظيمية في المنظمات إلى‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫أوال‪-‬المستوى التشغيلي‪ :‬و الذي يمكن تسميته بالعملياتي إذ يتعلق األمر بالمستوى القاعدي‬
‫حيث تسـ ـود األنشطــة الروتينية المستهلكة لكميــات كبيرة من البيانات مقابــل نصيــب أقـ ــل من‬
‫المعلومات‪.‬‬
‫بالنظر إلى مواصفات هذا المستوى التنظيمي فإن نظم المعلومات التي تستخدم فيه تختص‬
‫بعملية مراقبة مختلف األنشطة التي يتم تأديتها و هي تضم مجموعتين كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬نظم المحاسبة اإللكترونية‪ :‬يتعلق األمر بمجموعة من النظ ـ ـ ـ ـ ـم التي يرجى من استعمالها‬
‫تحقيق الزيادة في "السرعة في إنجاز المعامالت المحاسبية و المالية عن طريق استخدام‬
‫الحاسوب مما يعمل على إدخال البيانات و معالجتها و استرجاعها داخل المنظمة"(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬نظم معالجة المعامالت‪ :‬في هكذا نظــم يستخــدم الحاســوب في تسجيــل المب ـ ــادالت التي‬
‫تجري بشكل يومي و هي بذلك ضرورية بالنسبة للنشاطات التي يتم تأديتها‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬مستوى اإلدارة‪ :‬إنه المستوى الذي يتوسط هيكلة المنظمات بحيث يسمى كذلك باإلدارة‬
‫الوسطى‪ ،‬الذي تؤدى به مهام مثل تخطيط الوظائف و المراقبة و اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫بالنظر إلى طبيعة النشاطات التي يقوم بها هذا المستوى اإلداري تستخدم فيه نظم للمعلومات‬
‫على غرار نظم المعلومات اإلدارية التي يستفاد منها لدعم الق اررات اإلدارية‪ ،‬كما يستعـان بها‬
‫في تخطيط الوظائف و "اتخاذ الق اررات عن طريق تقديم ملخص روتيني يه ـ ـدف إلى السرعة‬
‫في إعداد التقارير المطلوبة"(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬المستوى اإلستراتيجي‪ :‬إنه المستوى الذي تصنــع به سياسة المنظمـة بشكـ ــل تغطــي به‬
‫المدى الطويل‪ ،‬هو كذلك المستوى الذي تحدد به األهداف اإلستراتيجية و ما يتناسق مع هذه‬
‫األخيرة من سياسات‪.‬‬
‫من جهة النظم المعلوماتية التي يحتاج إليها هذا المستوى فهي من تلك التي تدعم التخطيط‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسن حميد عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫الطويل المدى‪ ،‬كما أنه يشترط فيها ضرورة األخذ في اإلعتبار لمكونات البيئتين الداخلية و‬
‫الخارجية المحيطة بالمنظمة‪ ،‬كما يجب أن تتوفر على المقدرة على إيجاد الحل ـ ــول للمسائل‬
‫اإلستراتيجية المطروحة لدى اإلدارة العليا(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظم المعلومات و أنواعها‪.‬‬

‫تتعدد نظم المعلومات التي تستعملها المنظمات كونها تضم مستويات تنظيمية تؤدى بها‬
‫وظائف مختلفة‪.‬‬

‫أوال‪-‬نظم معالجة المعامالت‪ :‬تحمل كذلك تسمية نظم المعلومات المحاسبية و نظم معالجة‬
‫البيانات‪ ،‬أو أنظمة معالجة العمليات‪.‬‬

‫‪-1‬يتعلـق األمر بنظـام يتغذى على البيانات األولية المتمثلة في األحداث التي تجري ضمن‬
‫المنظمة أو بين هذه األخيرة و البيئة المحيطة بها(‪.)2‬‬

‫‪-2‬شرع العمل بهذا النوع من النظم المعلوماتية منذ نهاية القرن التاسع عشر الذي شهد في‬
‫الدول المتقدمة استخدام أولى اآلالت الميكانيكية للحاسبات‪ ،‬مرو ار بظهور الحاسوب في‬
‫منتصف القرن العشرين‪ ،‬لتتطور هذه النظم في تسعينات ذات القرن لتصبح قادرة على‬
‫معالجة المعامالت الداخلية و الخارجية‪.‬‬

‫‪-3‬يتمثل دور هذه األنظمة في توثيق المعامالت التي تجري داخل المنظمة و أيضا بين‬
‫هذه األخيرة و بيئتها الخارجية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسن حميد عبد هللا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫(‪ )2‬سليم حسنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪113‬‬
‫ثانيا‪-‬نظم أتمتة المكاتب‪ :‬و يمكن تسميتها بنظم آلية المكتب‪ ،‬أو نظم معلومات المكاتب‪.‬‬

‫‪-1‬تتلقى المكاتب البيانات التي تحتاجها من خالل هذه النظم المعلوماتية و هي تعمل على‬
‫تحويلها إلى معلومات تقدمها إلى مستويات أخرى و من خالل ذلك تساهــم في صناعــة‬
‫الق اررات(‪.)1‬‬

‫‪-2‬لقد تطورت هذه النظم في الفترة ما بين السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين نظ ار‬
‫لحاجة المشتغلين في الوظائف اإلدارية إليها‪ ،‬لذلك فقد شرع في اإلدخال إلى األقسام و‬
‫كذا المكاتب ألجهزة ميكانيكية و كهربائية و إلكترونية‪.‬‬

‫‪-3‬يقوم هذا النوع من األنظمة بدعم العاملين في اإلدارات من ناحية اإلتصال عن طريق‬
‫استخدام البريد اإللكتروني‪ ،‬و المحادثة‪ ،‬و مؤتمرات الفيديو(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬نظم التقارير اإلدارية‪ :‬التي تدعى كذلك نظم المعلومات اإلدارية و سميت بنظم تقارير‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫‪-1‬يع ــرف عنها لعبها لدور تزويد مستعمليـ ـها بالمعلومات عن المنظمـ ـة‪ ،‬أو عن بعض من‬
‫المج ـاالت التي تنشـط بها‪ ،‬فهي تعلمهم بما حدث و بما هو جار في الوقت الحال ـي‪ ،‬و‬
‫كذلك ما يمكن أن يستج ـد في المستقبل‪ ،‬لذلك فإنها معلومات تدخل في اتخاذ الق اررات(‪.)3‬‬

‫‪-2‬ظهر هذا النوع من النظم في سنوات الستينات من القرن العشرين‪.‬‬

‫‪ -3‬يقوم هذا النــوع من النظــم بإنتاج تقــارير على أساس البيانات الصــادرة عن نظ ــم معالجة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫(‪ )2‬سليم حسنية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫(‪ )3‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.210‬‬

‫‪114‬‬
‫المعامالت‪ .‬تحوي التقارير المنتجة "معلومات مختصرة روتينية أو معلومات استثنائية‬
‫عن نشاطات المنظمة"(‪.)1‬‬

‫رابعا‪-‬نظم دعم الق اررات‪ :‬يتميز هذا النوع من النظم المعلوماتية بما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬وجدت إلسناد المدير أو مجموعة من المدراء عند قيامهم بمهامهم في إطار نفس الفريق‬
‫الذي يسع ـى إلى حل المشك ـالت شبه المبرمج ـة و غير المبرمج ـة‪ ،‬سيما أولئك المنتميـ ـن‬
‫إلى اإلدارة الوسطى و تلك العليا‪.‬‬

‫‪-2‬شــرع في استخــدامها بداية من سن ـوات السبعينات التي شهدت تطــور حوسبة منظمات‬
‫األعمال و كذلك المنظمات المنتمية إلى القطاع العام‪.‬‬

‫‪ -3‬توفر هذه النظم معلومات في شكــل نمــاذج تحــاكي الواقــع الذي تنشـ ــط ضمنه المنظمة‪،‬‬
‫فهي ال تحــل محل مستخدميها في صناعــة الق اررات بل أنها تقــدم جملـ ــة من التسهيالت‬
‫المولدة لمعلومات يحتاج إليها عند اتخاذ القرار‪.‬‬

‫خامسا‪-‬نظم المعامالت اإلستراتيجية‪ :‬يمكن اإلشارة إلى أنها تتميز باآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬يمكن اختصــار استراتيجية المنظمــات خصوصا منها الشركات المشتغلــة في المج ـ ــال‬
‫اإلقتصادي و التجاري في السعي إلى تحقيق الميزة التنافسية‪.‬‬

‫‪-2‬استهل في استعمال هذه النظم المعلوماتية منذ ثمانينات القرن العشرين‪.‬‬

‫‪-3‬تقدم هذه النظم معلومات عن كل ما يكتسي الطابع اإلسترتيجي من عمليات إدارية‪ ،‬و‬
‫المنتجات‪ ،‬و الخدمات‪ ،‬و اإلمكانات التي يجب تجنيدها تحقيقا للميزة التنافسية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سليم حسنية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪115‬‬
‫سادسا‪-‬نظم معلومات اإلدارة العليا‪ :‬من بين مميزات هذا النوع من النظم‪:‬‬

‫‪-1‬يتعلق األمر بنظم معلوماتية يستفاد منها في توفيرها لمعلومات عديدة بخصوص جل‬
‫النشاطات التي يجري تأديتها في المنظمات‪ .‬لذلك نجدها تعتمد على الحاسوب‪.‬‬

‫‪-2‬تلبي هذه النظم حاجات مديري اإلدارة العليا من المعلومات التي تدخل في اتخاذ القرار‬
‫في مجاالت التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬و الرقابة اإلدارية‪ ،‬و مستجدات البيئة الخارجية‪ ،‬و‬
‫كل التغيرات التي تمس بالتكنولوجيا و اإلدارة و اإلقتصاد‪.‬‬

‫سابعا‪-‬النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي‪ :‬هو نوع من النظم المعلوماتية الذي‬
‫يعرف عنه تفاعل مستعمله من خالله مع ما يتوفر عليه من إمكانات استداللية ليتوصل إلى‬
‫حل ـول لمشكالته‪ .‬و المقص ـود باإلمكانات اإلستداللية التي يتضمنها نظـ ـ ـام المعلومات الخبير‬
‫قيام أشخاص خبراء في مجال ما عند تصميم النظام بتغذيته بما لديهم من خبرات علمية عن‬
‫طريق عملية التخزين ليتسنى لكل مستخدم ولوجها عند الطلب(‪.)1‬‬
‫من هذا المنطلق تظهر عالقة هذه النظم الخبيرة بالذكاء اإلصطناعي الذي يمكن تعريفه بأنه‬
‫"النشــاط الذي بمقتضاه يمكن تزويد الحاسبــات اآلليــة بالقــدرة على ممارسة سلـ ــوك يعتبـ ــر من‬
‫قبيل الذكاء إذا مارسه اإلنسان"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬محمد حافظ حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫خالصة الفصل الرابع‪:‬‬

‫أصبحت اإلستعانة بنظم المعلومات سمة غالبة على منظمات العصر الحالي‪ ،‬بل أصبح‬
‫كل مستوى تنظيمي داخل المنظمة ذاتها يعرف استعمال نظام معلومات يالئمه و يتماشى و‬
‫طبيعة المعلومات و البيانات التي يحتاج إليها‪.‬‬
‫فالمستوى التشغيلي قد درج على استغالل نظام معلوماتي يوفر كميات كبيرة من البيانات‪ .‬و‬
‫أما المستوى الذي يتوسط هيكلة المنظمات فهو بحاجة إلى نظم معلومات توفر له الدعم لما‬
‫يتخذ به من ق اررات‪ .‬بينما نرى أن المستوى اإلستراتيجي الذي تدل تسميته على اشتغاله برسم‬
‫سياسة المنظمة على الم ـدى الطويل يستخ ـدم نظ ـم معلومات داعم ـة للتخطيط الطويل الم ـ ـدى‬
‫بما توفره من معلومات عن كال البيئتين الداخلية و الخارجية‪.‬‬
‫إن تعدد المستويات التنظيمية بالمنظمات مع تماي ـز طبيع ـة البيانات و المعلـ ـ ـ ـومات التي هي‬
‫بحاجة إليها قد أدى إلى إيجاد أنواع مختلفة لنظم المعلومات‪ .‬فنظم معالجة المعامالت التي‬
‫تتغذى على البيانات األولية التي تمثلها كل األحداث التي تسجل في المنظمة هي من أقـ ـدم‬
‫النظم التي استخدمت في توثيق العمليات التي تجري ضمن المنظمات‪ .‬و يستف ـ ـاد من نظ ـ ـم‬
‫أتمتة المكاتب من خالل تحويلها لما تستقبله من بيانات إلى معلومات تتغذى عليها نشاطات‬
‫المستويات األخرى‪ .‬هذا و تعمل نظم التقارير اإلدارية على إنتاج تقارير في شكل معلومات‬
‫مختصرة و روتينية تتعلق بنشاطات المنظمة‪.‬‬
‫لكن أهم نوع من النظم المعلوماتية هو ذاك الذي يعمل على دعم ق اررات المديرين عن طريق‬
‫إفادتهم بنماذج محاكية للواقع الذي تشتغل ضمنه المنظمات‪ .‬و نفس األهمية تظهر بالنسبة‬
‫لنظم المعامالت اإلستراتيجية التي توفر معلومات من شأنها أن تساعد على تحقيـ ـق الميـ ـ ـ ـزة‬
‫التنافسية‪ ،‬و كذا نظم معلومات اإلدارة العليا التي توفر لمديري هذا المستوى معلومات تستغل‬
‫في اتخاذ الق اررات المتصلة بالتخطيط اإلستراتيجي‪.‬‬
‫و في األخير فإن النظم الخبيرة المعتمدة على الذكاء اإلصطناعي نجـ ـدها تمنـ ـح لمستخدميها‬
‫إمكانية التفاعل مع ما تختزنه من خبرات تساعدهم في حل مشكالتهم‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬قواعد إدخال و استرجاع المعلومات‬

‫‪118‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬قواعد إدخال و استرجاع المعلومات‪.‬‬

‫يتم تغذية نظم المعلومات بالبيانات و المعطيات و المعلومات التي ترد إليها من مصادر‬
‫مختلفة منها ما هو داخلي و ما هو آت من البيئة الخارجية للمنظمة‪.‬‬
‫وقد اتضح اآلن بأن الوسيلة التكنولوجية التي تمثلها نظم المعلومات تقدم خدمات حيوية لمن‬
‫يشتغلون ضمن المنظمات أو يشغلونها خصوصا إذا تعلق األمر بنشاطات غاية في األهمية‬
‫على غرار اتخاذ القرار‪.‬‬
‫فاإلمكانيات البشرية قاصرة عن جمع بيانات بأحجام متفاوتة و بكميات ضخمة ثم معالجتـ ـها‬
‫و تخزينها في مخازن أو قواعد للبيانات‪.‬‬
‫لكن وظيفة نظم المعلومات ال تتوقف فقط عند إدخال و تخـ ـزين المعلومات بل يستفيـ ــد منها‬
‫مستخدموها عند طلب معلومات بعينها في وقت معين و الحصول عليها بالكمية المطلوبة و‬
‫في أسرع وقت ممكن‪ ،‬و ذلك ما يطلق عليه تسمية اإلسترجاع‪.‬‬

‫سيتطرق هذا الفصل في مبحث أوحد إلى تبيان مفهوم عمليتي اإلدخال و اإلسترجاع اللتان‬
‫تخضع لهما المعلومات مع إظهار القواعد الضابطة لهما‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إدخال المعلومات و استرجاعها‪ :‬المفهوم و القواعد‪.‬‬

‫لعل أبرز مظاهر األهميـ ـ ــة التي تكتسيها نظــم المعلومات هما العمليتان الحيويتان اللتان‬
‫يتم من خاللهما التعامل مع البيانات و المعلومات وفق حاجات المستخدمين‪ ،‬و يتعلق األمر‬
‫بإدخالها إلى النظم المعلوماتية أو استرجاعها منها لإلستفادة منها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم إدخال و استرجاع المعلومات‪.‬‬

‫تتولى نظم المعلومات القيام بأدوار أربعة تتمثل في تسجيل مدخـ ــالت يتم الحصول عليها‬
‫بصفة عامة من البيئتين الداخلية و الخارجية بالنسبة للمنظمة المستخدمة لها‪ ،‬ثم التخ ـ ـزين و‬
‫المعالجة وصوال في األخير إلى إنتاج المخرجات‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫في هذه الجزئية سيتم التطرق إلى مفهوم عمليتين تكتسيان األهمية في مجال تعامل األنظمة‬
‫المعلوماتية مع المعلومات‪ ،‬و يتعلق األمر بما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬إدخال المعلومات‪ :‬من المعروف أن نظم المعلومات تتغذى على ما يجمع من معلومات‬
‫مع ما يتبع ذلك من خطـ ـ ـوات تدخــل ضمن الدور األول الذي تؤديه هذه النظم و المتمثل في‬
‫تسجيل المدخالت‪.‬‬
‫األمر له عالقة في هذا الدور األول بجمع المعلومات‪ ،‬ثم حجزها أو بمعنى آخر إدخالها إلى‬
‫نظام المعلومات(‪ ، )1‬مع العلم بأن هذا الحجــز للمعلومات يفيــد إدخ ــالها "بشكل مباشر ضمن‬
‫نظام المعلومات من طرف المستعمل النهائي لها"(‪.)2‬‬
‫توضع المعلومات التي يتم إدخالها في قواعد للبيانات التي يمكن اعتبارها بمثابة مخازن لكل‬
‫البيانات "التي تصف كل األحداث و العمليات الجارية في المنظمة و تكون مخزنة في شكل‬
‫ملفات يدوية أو إلكترونية"(‪.)3‬‬
‫تخضع المعلومات التي يتم إدخالها إلى النظم المعلوماتية لعمليات تهدف إلى إضفاء المزيد‬
‫من الليونة في تخزينها و معالجتها فيما بعد(‪.)4‬‬
‫بما أن نظم المعلومات تستخدم فيها الحواسيب فإن إدخال المعلومات إليها يمر عبر وسائل‬
‫و أدوات يمكن اإلشارة إليها فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬لوحة المفاتيح‪ :‬التي أخذ تصميمها عن اآلالت الكاتبة و بذلك نجدها تحتوي على نفس‬
‫مفاتيح هذه األخيرة(‪.)5‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) "Identifiez les 4 fonctions du système d'informations", consulté le )07/08/2020°, sur: www.openclassroom.com.‬‬

‫‪(2) Pascal VIDAL, Philippe PLANEIX (coord), Op.cit. p. 35.‬‬

‫(‪ )3‬فايز أبو عامرية‪ ،‬ناصر جرادات‪ ،‬محمد ديرية‪ " ،‬دور استخدام نظم المعلومات على األداء في منشآت الحجر و الرخام في فلسطين"‪ ،‬مجلة‬
‫اإلقتصاد و التنمية البشرية‪ ،‬العدد ‪ ،2017 ،2‬ص ‪ ،113‬تاريخ اإلطالع (‪ ،)2020/08/07‬على الرابط‪www.asjp.cerist.dz:‬‬

‫‪(4) "Identifiez les 4 fonctions du système d'informations", Op.cit.‬‬

‫(‪ )5‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.344-343‬‬

‫‪120‬‬
‫‪-2‬الفأرة‪ :‬يتعلق األمر باألداة المستعملة بكثرة في عملية إدخال المعلومات و تكون على‬
‫شكل يد موصولة بالحاسوب بواسطة سلك‪ ،‬وقد تكون غير موصولة به بهذه الكيفية(‪.)1‬‬

‫‪-3‬شاشات اللمــس‪ :‬سميت كذلك كونها تشتغــل بلمسها مباشرة من ط ــرف الشخص الذي‬
‫يقوم بإدخال المعلومات و ذلك دون اإلستعانة بالضرورة بلوحة المفاتيح أو الفأرة‪.‬‬

‫‪-4‬أدوات التعرف على الحروف بأسلوب مرئي‪ :‬يدخــل في هذا السياق ما يسمى برمـ ــوز‬
‫األعمدة التي أصبحنا نلتقي بها اليوم بشكل كبير بمناسبة اقتناء مشتريات أو اإلنتفاع‬
‫بالخدمات التي يقدمها كثير من المرافق‪ .‬ترمز أعمدة هذه الوسيلة إلى معلومات على‬
‫غرار الوقت‪ ،‬و التاريخ‪ ،‬و المكان‪ ،‬و مواصفات المنتوج(‪.)2‬‬

‫‪-5‬أدوات ذات الحبر الممغنط للتعرف على الحروف‪ :‬تعد هذه األدوات من التكنولوجيات‬
‫الحديثة المستخدمة في إدخال المعلومات‪ ،‬إذ تستخـ ـ ــدم بالخصوص في البنوك لتسجيل‬
‫المعامالت بواسطة الصكوك‪.‬‬

‫‪-6‬أدوات المسح الرقمي‪ :‬تستخدم في رقمنة الصور باستعمال الحواسيب‪.‬‬

‫‪-7‬أنظمة رقمنة األصوات‪ :‬إذ تعمل هذه الوسائل على إدخال الصوت البشري إلى النظام‬
‫بعد إخضاعه للرقمنة ‪ ،‬و بذلك يتسنى مقارنته باألصوات المخزنة لمعرفة مدى تطابقه‬
‫مع إحداها من عدمه‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬استرجاع المعلومات‪ :‬ثمة اتفاق بشأن إدراج وسائل استرجاع المعلومات ضمن النظم‬
‫الفرعيــة ألنظمــة المعلومات و هي تعمــل باألساس على تخ ـزين و استــرجاع المعل ــومات بما‬
‫يتماشى و حاجة مستخدميها(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.347‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪.348-347‬‬


‫(‪ )3‬عمرو عبد الحليم ناصف‪ ،‬حمدي محمود الخلفاوي‪ "،‬نظم استرجاع المعلومات"‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،‬مصر‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/07/25(:‬على الربط‪:‬‬
‫‪www.librariansinmenofia.blogpot.com.‬‬

‫‪121‬‬
‫و يشار إلى اإلسترجاع كونه "عملية بحث في البيانات المخزنة بهدف انتقاء و ضعها ثم‬
‫استخدامها في عمليات المعالجة‪ ،‬أو في إعداد التقارير"(‪.)1‬‬
‫يقصد به كذلك "البحث عن عناصر بيانات معينة و استدعائها عند الحاجة إليها"(‪.)2‬‬
‫بالنظر إلى التطور التكنولوجي الذي شهدته النظم المحوسبة فإن ما يسمى بالمنطق البولياني‬
‫يوفر معلومات دقيقة كونه عبارة عن‪:‬‬

‫"عوامل منطقية تقوم بالمقارنة بين مصطلحين أو‬


‫أكثر‪ ،‬تعمل على استخراج المعلومات المطلوبة و‬
‫استرجاعها بشكل يضيق دائرة البحث أو يوسعها‪،‬‬
‫بغرض الوصول إلى أدق التفاصيل عن الموضوع‬
‫أو الموضــوعات التي يبحــث عنها الباحث‪ ،‬وســط‬
‫الك ــم الهائـ ــل من المعل ــومات المخ ــزونة في قواعد‬
‫البيانات‪ ،‬بمختلف و سائطها و أنواعها"(‪.)3‬‬

‫من حيث التن ــوع يمكن الق ــول بأن نظ ــم است ــرجاع المعلومات تق ــع عم ــوما في أربع ـ ــة أصناف‬
‫تماشيا و الطريقة المستعملة في الوصول إلى المعلومات‪ ،‬و أيضا كيفية استج ـواب األنظمـ ـ ــة‬
‫المعلوماتية‪ ،‬إلى غير ذلك‪ .‬و هي تتمثل في(‪:)4‬‬

‫‪-1‬نظم البحث باإلتصال المباشر‪.‬‬

‫‪-2‬النظم التعاونية السترجاع المعلومات‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪" )1‬نظم المعلومات"‪ ،‬جامعة األندلس بسوريا‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/07/25(:‬على الرابط‪www.au.edu.sy. :‬‬

‫‪www.repository.ush.sd.‬‬ ‫)‪ (2‬الحارث عبد المنعم أحمد حمد النيل‪" ،‬نظم المعلومات اإلدارية"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/03 (:‬على الرابط‪:‬‬

‫(‪ )3‬أحمد علي‪" ،‬المكتبة الرقمية‪ :‬األسس‪ ،‬المفاهيم و التحديات التي تواجه المكتبات الرقمية العربية"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬العدد ‪ 1‬و ‪ ،2‬المجلد ‪،2011 ،27‬‬
‫‪www.damascusuniversity.edu.sy.‬‬ ‫ص ‪ ،639‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/13 (:‬على الرابط‪:‬‬

‫)‪" (4‬أنواع نظم استرجاع المعلومات و مكوناتها"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ )2020/08/10( :‬على الرابط‪www.uomustansiriyah.edu.iq.:‬‬

‫‪122‬‬
‫‪-3‬النظم المحلية السترجاع المعلومات‪.‬‬

‫‪-4‬نظم البحث في قواعد البيانات على األقراص المدمجة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إدخال و استرجاع المعلومات‪ :‬القواعد‪.‬‬

‫ثمة قواعد أو شروط تتحكم في نجاح كال عمليتي إدخال و استرجاع المعلومات و سيتم‬
‫التطرق إلى ذلك في هذا المطلب من خالل ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬قواعد إدخال المعلومات‪ :‬هناك متطلبات يتم العمل وفقها عند القيام بإدخال البيانات أو‬
‫المعلومات إلى النظام‪ ،‬فيجب أوال التثبت من المعلومات المراد إدخالها و هو ما يتحقق عن‬
‫طريق جمعها و تحديدها‪ ،‬بعد ذلك يتسنى تعيين الجهة التي ستوكل إليها عمليـ ــة اإلدخال إذ‬
‫أن هذه العملية التقنية و الفنية ال يجدر إسنادها إلى شخص غير مختص بالمجال‪.‬‬
‫و أما الشرط األهم فهو يتمثل في ضرورة السهر على بقاء المعلومات و البيانات صحيحة و‬
‫مواكبة للمستجدات و هو ما يتطلب القيام بتحديثها باستمرار(‪.)1‬‬

‫من جانب آخر يجب عند القيام بعملية اإلدخال توخي المحافظة على المعلومات على أحسن‬
‫وجه بحيث يتأتى ذلك عند توفر عاملين هما‪:‬‬

‫‪-1‬أن تكون المعلومات متوفرة لدى طلبها في المرة األولى و بسهولة لذلك من الضرورة‬
‫بمكان أن يعمد لدى إدخالها إلى تنظيمها و ضمان إمكانية الوصول إليها‪.‬‬

‫‪-2‬اختيار أجود التجهيزات نوعا و كفاءة لضمان بقاء المعلومات المدخلة ألطول مدة‬
‫زمنية ممكنة(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عتيقة بن طاطة‪" ،‬مطبوعة في مقياس نظام معلومات الموارد البشرية" ‪ ،‬قسم علوم التسيير‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫اسطمبولي‪ ،‬معسكر‪ ،2008/2007 ،‬ص ‪ ،28‬تاريخ اإلطالع‪ )2020/08/14( :‬على الرابط‪www.dspace.univ-mascara.dz.:‬مصطفى‬

‫‪(2) "comment fonctionne un système d'information", Mak-Mooc, consulté le : (07/08/2020), sur:‬‬


‫‪www.makmook.wordpress.com.‬‬

‫‪123‬‬
‫ثانيا‪-‬قواعد استرجاع المعلومات‪ :‬إن التمكن من استرجاع المعلومات يعني أن هذه األخيرة‬
‫قد تم إدخالها إلى قاعدة البيانات بحيث يتسنى القيام بطلبها كلما دعت الحاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫و كما أن شــروطا تتحكــم في عملية إدخال المعلومات فاسترجاعها هو أيضا يستوجب توف ـ ــر‬
‫ظروف تقنية و فنية و ضرورة اتباع جملة من قواعد يذكر منها(‪:)1‬‬

‫‪-1‬ضرورة التقيد بالتصميم الذي وضع لنظام المعلومات‪.‬‬

‫‪-2‬أن يتم االسترجاع وفقا لحاجة المنظمة من المعلومات قيد االسترجاع‪.‬‬

‫‪-3‬أن يتم االسترجاع وفق السرعة التي تضمن اإلنتفاع األمثل من المعلومات‪.‬‬

‫‪-4‬تحري الدقة و الموضوعية‪.‬‬

‫يجب اتباع جملة من الخطوات عند استرجاع المعلومات إذ يذكر في هذا الصدد(‪:)2‬‬

‫‪-1‬وضع الهدف المراد تحقيقه من القيام باسترجاع المعلومات حتى تكون هذه األخيرة‬
‫متوفرة بحسب الكمية و النوعية المطلوبتين‪.‬‬

‫‪-2‬اختيار قواعد المعلومات و البيانات تبعا للحاجة إليها و كذا على أساس ضوابط مثل‬
‫طبيعة الموضوع‪ ،‬و القاعدة التي تتضمن المعلومات المطلوبة‪ ،‬و لغة اإلسترجاع‪.‬‬

‫‪-3‬ضبط المصطلحات و الواصفات التي تناسب غرض البحث‪.‬‬

‫‪-4‬إخضاع المعلومات المسترجعة للتقييم‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عتيقة بن طاطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫(‪ )2‬أحمد علي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.657-656‬‬

‫‪124‬‬
‫خالصة الفصل الخامس‪:‬‬

‫تقدم نظم المعلومات خدمات كثيرة و حيوية لمستخدميها بفضل التكنولوجيا المتطورة التي‬
‫تشغلها‪ ،‬فهي تمد أعضاء المنظمات بالبيانات و المعلومات التي يحتاج ـ ـ ـون إليها و ذلك في‬
‫الوقت المناسب و بالكميات المطلوبة‪.‬‬
‫ذلك ما يتأتى بفضل عمل يتين تخضع لهما المعلومات و تتمثالن في اإلدخال و اإلسترجاع‪،‬‬
‫إذ تنطوي العملية األولى على جمع المعلومات و حجزها ضمن قواعد البيانات باستخدام ما‬
‫يحتويه الحاسوب من أدوات‪ ،‬على غرار لوحة المفاتيح‪ ،‬و الفأرة‪ ،‬و شاشات اللمس‪ ،‬و أدوات‬
‫التعرف على الحروف بأسلوب مرئي‪ ،‬و األدوات ذات الحبر الممغنط إلى غير ذلك‪.‬‬
‫و أما العملية الثانية التي تسمى باإلسترجاع فثم ـة اتف ـاق فيما يتعل ـق بجعلها من ضمن النظم‬
‫الفرعية ألنظمة المعلومات‪ ،‬و هي تفيد استدعاء بيانات و معلومات معينة عند الحاجة إليها‪.‬‬
‫تتضم ـن نظ ـم اإلسترجاع أربع ـة أنواع هي نظ ـم البحث باإلتصال المباشر‪ ،‬و النظم التعاونية‬
‫السترجاع المعل ـومات‪ ،‬إلى جانب النظــم المحليــة السترجاع المعلومات‪ ،‬باإلضافــة إلى نظ ــم‬
‫البحث في قواعد البيانات على األقراص المدمجة‪.‬‬
‫يجب مراعاة عدد من القواعد عند القيام بإدخال المعلومات كضرورة التحقق من هذه األخيرة‪،‬‬
‫و إسناد العملية إلى الجهة التي تتوفر على الكفاءة التقنية و الفنية في هذا المجال‪.‬‬
‫لكن أهــم معيــار يرجــى التحقق من توفره هو السهر على اتصاف المعلومات بالدق ــة باستمرار‬
‫عن طريق تحديثها بشكل دوري‪ .‬و في سبيــل ضمان محافظ ـة المعل ـومات على جـ ـ ـودتها من‬
‫الضروري أن يتم تنظيمها عند إدخالها‪ ،‬إلى جانب استعمال أحسن التجهيزات التكنولوجية‪.‬‬
‫من جانبها نجد أن عملية االسترجاع تنط ـ ـ ــوي أيضا على جملة من القواعـ ـد التي من ضمنها‬
‫يتسنى التطرق إلى وجوب التقيد بالتصميم الذي وض ـع لنظام المعلومات‪ ،‬و أن تتم العمليـ ـ ـ ـة‬
‫بقدر حاجة المنظمة إلى المعلومات‪ ،‬إلى جانب ضمان السرعة و الدقة و الموضوعية‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬تنسيق تبادل المعلومات في قطاعات‬
‫المؤسسة‬

‫‪126‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬تنسيق تبادل المعلومات في قطاعات المؤسسة‪.‬‬

‫من بين أبرز الموارد التي تبحث عنها المنظمات و تستهلكها و تخزنها و ترسـ ـ ــم خططا‬
‫بغية توفير األمن لها نجد المعلومات‪ ،‬التي أصبح من المتفق عليه دخولها في كل نشاطات‬
‫األفراد و الجماعات‪.‬‬
‫يصبح الطابع الحيــوي للمعلــومات جليا أكثر عندما يتصل األمر بالمؤسسة التي تنش ـ ـط في‬
‫المجال االقتصادي ال سيما التنافسي منه‪ ،‬إذ أن التوقف عن تغذية قطاع منها بالمعلومات‬
‫أو حتى التأخر في توفيرها من شأنه أن يؤثر سلبا في اشتغال المؤسسة كلها‪ ،‬و ربما حك ــم‬
‫عليها ذلك باإلختفاء‪.‬‬
‫يدل ذلك على ضرورة استمرار تبادل المعلومات بين أقسام المؤسسة و مصالحها ووظائفها‬
‫من جهة‪ ،‬و لكن و كذلك ضمان حصول كل التقسيمات المشار إليها على المعلومات ذاتها‬
‫كما و نوعا‪ ،‬و في الزمن المطلوب‪ ،‬عن طريق التنسيق من جهة أخرى‪.‬‬
‫ذلك ما تدعمه نظم المعلومات بوجهها الشامل و كذلك بما يتفرع عنها من أنظمة‪.‬‬
‫في هذا الفصل سينصب االهتمام في مبحث أول على أهمية المعلومات بالنسبة للمؤسسات‬
‫و على الضرورة التي يكتسيها تبادلها بين قطاعات هذه األخي ـ ـرة‪ ،‬بينما سيت ـ ـولى مبحث ثان‬
‫رصد طرق التنسيق التي تعتمدها المؤسسات عندما تتبادل قطاعاتها المعلومات فيما بينها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حاجة قطاعات المؤسسة إلى المعلومات‪.‬‬

‫تحتاج المؤسسات في مختلف العمليات و األنشطة التي تجري بها إلى معلومات بالق ـ ـ ـدر‬
‫الذي يسمح بقيامها و استمرارها و في الزمن الذي تظهر فيه حاجتـ ـ ــها إليها‪ ،‬مع هذا يتسنى‬
‫اإلشارة إلى اإلختالف في طبيعة المعلومات التي تستهلكها مختلف قطاعات المؤسسة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المقصود بالمؤسسة‪.‬‬

‫تفــرض الطبيعـة االجتماعية لإلنسان أن ينزع هذا األخير إلى القيـ ـام بعملية تنسيق مع‬

‫‪127‬‬
‫أفراد آخرين بين األنشطة و األعمال التي ينجزونها ضمن ما يسمى بالمؤسسة هذا الكيان‬
‫الذي عادة ما يطلق على‪:‬‬

‫"العرف أو السلوك أو نمط مهم في المجتمع و خاصة‬


‫المنظم ــات الرسمي ــة للحكوم ــة و الخدمات العامة كما‬
‫هياكل و آليات النظام االجتماعي‪ ،‬و المؤسسات هي‬
‫الكائن الرئيسي للدراسة في العلوم االجتماعية مثل علم‬
‫السي ــاسة و عل ــم اإلنس ــان‪ ،‬و عل ـ ــم االقتصاد‪ ،‬و علـ ـ ــم‬
‫االجتماع و القانون"(‪.)1‬‬

‫يظهر التنسي ـق المشار إليه في شكــل "تضاف ـر عدد من الناس يعمل ـون على تحقي ـق هدف‬
‫واحد‪ ،‬و على رأسمال مادي و معنوي يسمح بإنتاج السلع أو الخدمات المنوي إنتاجها"(‪.)2‬‬

‫من الجانب اإلصطالحي يمكن القول بأن لفظة مؤسسة تنطوي على بعدين كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬بعد نظمي‪ :‬يظهر هذا البعد لدى اعتبار المؤسسة بمثابة "نظام يتكون من مجموعة من‬
‫األنظمة الفرعية التي يعتمد كل جزء منها على اآلخر‪ ،‬و تتداخل العالقات بينها و بين البيئة‬
‫الخارجية لتحقيق هذه األهداف"(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪-‬بعد اقتصادي‪ :‬و هو البع ـد الذي تتضمنه تعـ ـاريف عدة على غـ ـرار ذلك الذي يعتب ــرها‬
‫"مجموعة من عناصر اإلنتاج البشرية المادية و المالية التي تستخدم و تسير و تنظم بهدف‬
‫إنتاج سلع و خدمات مرجعة للبيع و هذا بكيفية فعالة بواسطة وسائل مختلفة"(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪" )1‬المؤسسة"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/28 ( :‬على الرابط‪www.ar.wikipedia.org. :‬‬

‫)‪ (2‬فردريك معتوق‪ ،‬معجم العلوم االجتماعية‪ ،‬بيروت‪ :‬أكاديميا إنترناشيونال‪ ،1998-1993 ،‬ص ‪,198‬‬

‫(‪ )3‬سميرة عميش‪" ،‬مطبوعة محاضرات مقياس اقتصاد المؤسسة" ‪ ،‬قسم العلوم التجارية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‪ ،‬و التجارية‪ ،‬و علوم التسيير‪ ،‬جامعة محمد‬
‫‪www.elearning.univ-bechar.de.‬‬ ‫بوضياف‪ ،‬المسيلة‪ ،2016/2015 ،‬ص ‪ ،3‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/27 ( :‬على الرابط‪:‬‬

‫(‪ )4‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫من حيث الخصائص يمكن القول بأن المؤسسة ذات البعد االقتصادي تتصف بما يلي(‪:)1‬‬

‫‪-1‬العمل من خالل تشغيل عوامل إنتاجية على إنتاج سلع و خدمات‪.‬‬

‫‪-2‬التمتع بشخصية قانونية مستقلة في مجاالت الحقوق و الواجبات و الصالحيات و‬


‫المسؤوليات‪.‬‬

‫‪-3‬قدرتها على اإلضطالع بالمهمة التي أوجدت ألجلها‪.‬‬

‫‪-4‬وجود تحديد و ضبط ألهدافها و البرامج المشغلة و استراتيجيتها‪.‬‬

‫‪-5‬التكيف مع ما تحمله بيئتها كمتغيرات‪.‬‬

‫‪-6‬أهميتها من الناحية االجتماعية بالنظر إلى ما تلبيه من حاجيات‪.‬‬

‫في إطار اإلشارة إلى عمل المؤسسات على تلبية حاجات المجتمع يظهر بأن تعددها يؤدي‬
‫إلى تنوع المؤسسات التي تنشط في المجال االقتصادي‪ ،‬و يكون ذلك وفق معيارين هما(‪:)2‬‬

‫أوال‪-‬معيار طبيعة النشاط الممارس‪ :‬فوفق هذا المعيار يؤخذ بنوع النشاط الذي تمارسه كل‬
‫مؤسسة لوضعها في تصنيف كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬مؤسسات صناعية‪ :‬و يتعلق األمر بتلك التي تعمل على تح ــويل مـ ـواد أولية إلى سل ـ ــع‬
‫موجهة لإلستعمال و اإلستهالك إما ألنها نهائية أو أنها ستدخل ضمن عملية إنتاجية‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪-2‬مؤسسات تجارية‪ :‬كما تدل على ذلك تسميتها هي مؤسسات تمتهن الشراء و البيع دون‬
‫القيام بأي عملية تحويلية للسلع‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سميرة عميش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.3‬‬

‫(‪ " )2‬مدخل للمؤسسة"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/28 ( :‬على الرابط‪www.sadekalii.blogspot.com. :‬‬

‫‪129‬‬
‫‪-3‬مؤسسات خدماتية ‪ :‬هو نوع من المؤسسات المشتغلة في مجال تقديم أنواع مختلفة من‬
‫الخدمات‪.‬‬

‫‪-4‬مؤسسات فالحية‪ :‬و هي التي يتمحور نشاطها حول المجال الفالحي‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬معيار الطبيعة القانونية‪ :‬من هذا المنطلق تصنف المؤسسات إلى مجموعتين كبيرتين‬
‫هما‪:‬‬

‫‪-1‬مؤسسات عمومية‪ :‬يعرف عنها تحكم الدولة كليا في رأسمالها مع ما ينجر عن ذلك من‬
‫تولي السلطات العمومية عملية تسييرها‪.‬‬

‫‪-2‬مؤسسات خاصة‪ :‬يدخل في هذا المضمار المؤسسات التي ينشئها ويمتلكها األفراد و ال‬
‫تساهم الدولة بذلك في رأسمالها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهم قطاعات المؤسسة‪.‬‬

‫تتكون المؤسسات بصفــة عامة من قطاعات مختلفة تعمل في تجــاورها و تعام ــل بعضها‬
‫مع بعض على منح الشكل النهائــي لها‪ ،‬ذلك أن الكيفيات التي تنتظـ ـم وفقها المؤسسات من‬
‫شأنها أن تقدم صورة عن الطريقة التي على أساسها تم تقسيم األنشطة و األسلوب المتبع في‬
‫التنسيق فيما بينها(‪.)1‬‬
‫تشير القطاعات التي تحتويها المؤسسات إلى الوظائف التي تؤدى بها إذ تجدر اإلشارة إلى‬
‫أن (هنري فايول) قد ميز بين الوظائف ذات الطابع التقني‪ ،‬و ذلك التجاري‪ ،‬و المال ـ ــي‪ ،‬و‬
‫األمني‪ ،‬و المحاسبي و اإلداري(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) "Fonctionnement et organisation de l'entreprise", consulté le : (30/08/2020) sur : www.fr.wikipedia.org.‬‬

‫‪(2) Mathias BAITAN, Op.cit. p.43.‬‬

‫‪130‬‬
‫ثمة متغيرات تتحكم في تقسيم األنشطة و أسلوب التنسيق كما يظهر في الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم‪ 03:‬المتغيرات المتدخلة في اختالف أشكال المؤسسات‪.‬‬

‫مضمون المتغيرات‬ ‫طبيعة المتغيرات‬ ‫الرقم‬


‫قطاع النشاط‪-‬الزبائن‪-‬التكنولوجيا‪-‬الشعبة التقنية و‬ ‫خارجية‬ ‫‪01‬‬
‫االقتصادية‪-‬الوضعية التنافسية‪-‬الحجم و النضج‪.‬‬
‫التاريخ‪-‬القيم و الثقافة‪-‬اإلستراتيجية‪-‬الميزة التنافسية‪-‬‬ ‫داخلية‬ ‫‪02‬‬
‫سيرورة العمليات‪ -‬السياسات‪-‬الهياكل‪-‬الوسائل‪-‬‬
‫المناهج‪.‬‬

‫المصدر‪"Fonctionnement et organisation de l'entreprise", consulté le : (30/08/2020) sur : www.fr.wikipedia.org. :‬‬

‫يمكن القول كذلك بأن هيكلة المؤسسات هي نتيجة عوامل من بينها‪:‬‬

‫أوال‪-‬الحجم‪ :‬بحيث يحتاج الكبير منها إلى هيكلة تختلف عن تلك الخاصة بالحجم الصغير‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬نوع النشاط ‪ :‬إن التخصص الذي تشتغل فيه المؤسسة من شأنه أن يفرض تبني نمط‬
‫معين للهيكلة‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬عمر المؤسسة‪ :‬تختلف الهيكلة التي تتبناها مؤسسة حديثة النش ـ ـ ــأة عن التي تختـارها‬
‫مؤسسة ناضجة‪.‬‬

‫رابعا‪-‬أسلوب اإلدارة‪ :‬الذي ينبئ عن نــوع الثقافــة السائــدة بمؤسســة ما خصوصا ما تعلـ ــق‬
‫بتركيز الق اررات من عدمه(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Mathias BAITAN, Op.cit. p.44.‬‬

‫‪131‬‬
‫تتجه المؤسسات عموما إلى تبني واحدة من أنواع الهيكلة التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬الهيكلة الوظيفية‪ :‬من خالل هذا النوع تختار المؤسسة تنظيما يوافق ما يؤدى بها من‬
‫"وظائف كاإلنتاج‪ ،‬و التسويق‪ ،‬و البحث و التطـ ـوير و المحاسبة"(‪ ، )1‬و هي أيضا هيكل ـ ـ ـ ــة‬
‫تفرض عالقات تسلسلية رئاسية واضحة و كذا تحك ــم أفراد متخصصين في كيفيـ ـ ــات إنجاز‬
‫العمل‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬الهيكلة التقسيمية‪ :‬فهناك عوامل تدفع بالمؤسسة إلى تبني هذه الهيكلة كالقطاع الذي‬
‫تنشط فيه‪ ،‬فتصنيع منتجات تكنولوجية يجعلها تخلـ ــق تقسيمات بعدد هذه األخيرة‪ ،‬و أن تعدد‬
‫األسواق التي تبيع فيها هذه المنتجات يدفعها إلى هيكلة تحاكي مناطق جغرافية(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬الهيكلة المصفوفية‪ :‬لقد استدعت الظروف االقتصادية و التنظيمية استبدال المؤسسات‬


‫ذات الحجم الكبير بهيكلة حديثة تهدف إلى إضف ـاء الليون ـة في التسيير و ذلك بالتخفي ـ ـف من‬
‫الهيكلة الوظيفية الصرفة و مزاوجتها بتلك التقسيمية‪.‬‬

‫رابعا‪-‬الهيكلة المؤقتة‪ :‬إذ أن المشاريع المؤقتة قد فرضت ضرورة اإلستعانة بهياكل تنظيمية‬
‫مؤقتة تضم أفرادا ذوي كفاءات مختلفة يتعاونون ظرفيا لتجسيد هدف مشترك(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Mathias BAITAN, Op.cit. p.44.‬‬

‫‪(2) Ibid. p.46.‬‬

‫‪(3) Ibid. p.48.‬‬

‫‪132‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األدوات المتدخلة في تنسيق تبادل المعلومات بين أجزاء‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫ال يتسنى للمؤسسة أن تزاول نشاطاتها و أن تـؤدى بها مختلف المهــام التي تختص بها‬
‫دونما استهالك للمعلومات بالكميات و األنواع التي تحتاج إليها في ذلك‪ ،‬خصوصا و أنها‬
‫كما جاء من قبل تنقسم إلى أجزاء و قطاعات يخت ـ ــص كل واحد منها بمجال محدد و هي‬
‫بذلك تستخدم معلومات خاصة بها‪.‬‬
‫إن أول مصدر للمعلومات التي تحتاج إليها المؤسسة يتمثل في بيئتها الداخلية حيث يعمل‬
‫كل قطاع على اإلستفــادة من المعلومات التي حصلت عليها القطاعات األخرى‪ ،‬فنتح ـ ــدث‬
‫بذلك عن عملية تبادل المعلومات بين مختلف القطاعات و هو األمر الذي يستدعي إجراء‬
‫تنسيق خالل العملية التبادلية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إيجابيات تبادل المعلومات بين قطاعات المؤسسة‪.‬‬

‫يعد تبادل المعلومات داخل المؤسسات أهم مبدأ لضمان تحقيق هذه األخيرة ألهدافها و‬
‫تجسيد استراتيجياتها‪ ،‬ذلك أن "تبادل المعلومات ضروري إلنجاز العديد من النشاطات داخل‬
‫المؤسسة"(‪.)1‬‬

‫يجب التنويه كذلك بأن تبادل المعلومات بشار إليه بتسمية "اإلتصـ ـال الداخلي" الذي يعرف‬
‫بأنه " مجموع المبادئ و الممارسات التي تمكن من تب ـادل الرسائل‪ ،‬و األفك ـار و القيـ ـم بين‬
‫أعضاء المنظمة نفسها"(‪.)2‬‬
‫لقد تم اإلهتداء منذ عشريات إلى ما لإلتصال الداخلي من أثر على ما تحققه المؤسسات من‬
‫نتائج على صعيد النجاعة و الفعالية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1( Gérard TCHOUASSI, Op.cit.‬‬

‫‪(2) Christian MICHON, "Management et communication interne : les six dimensions qu'il faut considérer", Communication et‬‬
‫‪organisation, n°:5, 1994, consulté le:)02/09/2020(, sur: http://journals.operation.org/communicationorganisations/1713.‬‬

‫‪133‬‬
‫لقد لوحظ عن كثب النتائج اإليجابية التي تنجر عن االهتمام و اإلعتناء باإلتصال الداخلي‬
‫للمؤسسات الذي فرضه التخصص في الوظائف(‪.)1‬‬

‫من حيث الفوائد التي تجنى من هذه العملية التبادلية يتسنى القول بأنها تتمثل في(‪:)2‬‬

‫أوال‪-‬وضوح عملية متابعة إنجاز النشاطات‪ :‬يسمح تبادل المعلومات بين أقسام المؤسسة و‬
‫قطاعاتها باكتساب نظرة شاملة عن مجموع النشاطات التي هي بصدد اإلنجاز و أيضا أخذ‬
‫فكرة عن مدى تقدم العمل‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬إقامة تعاون مرن بين القطاعات‪ :‬لعل الميزة الرئيسية لتقاسم المعلومات في المؤسسة‬
‫تتمثل في إمكانية إقامة تعاون بين األقسام خصوصا الحيوية منها‪ ،‬مما يساعــد على تجن ــب‬
‫سوء الفهم و األخطاء‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬إرساء عالقة شخصية مع المنتفعين من خدمات المؤسسة‪ :‬إذ أن تبــادل المعلــومات‬


‫ينطوي كذلك على تقاسم كل البيانات المتصلة بالزبائن‪ ،‬و المنتفعين من خدمات المؤسسة‪.‬‬

‫رابعا‪-‬تحيين المعلومات ‪ :‬اكتساب معلومات محينة أو تجديد رصيد المعلومات التي تحوزها‬
‫قطاعات المؤسسة يعد أهم ميزة إيجابية لتبادل المعلومات داخل المؤسسة‪.‬‬

‫خامسا‪-‬دعم روح الفريق‪ :‬من بين أهم النتائج المترتبة على اكتساب مصلحة أو قسم داخل‬
‫المؤسسة لمعلومات ال تتوفر لدى أقسام أخرى هو اإلحساس بعدم المساواة‪ ،‬لذا يمكن القـ ــول‬
‫بأن تبادل المعلومات سوف يغرس الشعور بالمساواة بين األقسام و هو العامل الذي سيفضي‬
‫في المحصلة إلى إنتاج روح الفريق الواحد الذي يمتلك أعضاؤه نفس المعلومات سعيا إلنجاز‬
‫نفس الهدف‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Christian MICHON, Op. Cit.‬‬

‫‪(2) "Les 6 vertus du partage d'informations en entreprise", consulté le :(31/08/2020), sur : www.go.sellsy.com.‬‬

‫‪134‬‬
‫سادسا‪-‬اقتصاد الوقت و تحقيق اإلنتاجية‪ :‬إن اإلنسجام الذي سينتج عن تبـ ــادل المعلومات‬
‫سيمكن قطاعات المؤسسة من تقاسم الخبرة و المعرفة المتراكمة وهو ما سيؤدي إلى استجابة‬
‫المؤسسة برمتها بالسرعة و الوتيرة نفسها لطلبات الزبائن و المنتفعين من خدماتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تنسيق تبادل المعلومات بين قطاعات المؤسسة و أدواته‪.‬‬

‫ال يمكن للمؤسسة أن تشتغل على النحو الذي خطط له و أن تتوصل إلى تجسيد ما رسم‬
‫لها من أهداف ما لم تحقق عددا من الشروط التي يذكر من بينها ولوج المعلومات مع تمكين‬
‫كل قطاعات المؤسسة منها‪ ،‬بحيث يتم ذلك بواسطة التنسيـ ـ ــق الذي يفيد باألساس كل ما ه ـو‬
‫تقاسم متبادل للمعلومات‪.‬‬
‫إن األسلوب المستخدم عادة في المؤسسات قصد تبادل المعلومات بخاصة حين إبالغها إلى‬
‫اإلدارة العليا يتمثل في التقارير التي تعرف كونها "وسيلة اتصالية عن طريقها يتلقى المديرون‬
‫المعل ـومات التي يعتم ـدون عليها في رسـ ـم ووضـ ـع الخط ـط و اختيـ ــار أسلوب العمل المناسب‬
‫داخل مؤسساتهم"(‪.)1‬‬

‫لكن هذا الشكل التقليدي من تبادل المعلومات صع ـ ـ ـودا من المستوى التشغيلي للمؤسسة نحو‬
‫مستوى اإلدارة نجده يمد فقط المسيرين بالمعلومات التي يحتاجون إليها لتغذية اتخاذ الق اررات‬
‫مثال‪ ،‬و يبقى التساؤل مشروعا بشأن الحالة التي تصل عليها المعلومات‪ ،‬خصوصا إذا علم‬
‫بأن " حالة المعلومة تعمل على هيكلــة طبيع ـ ــة و نتيجة نشاطات مختلف مستويات التسلسل‬
‫الرئاسي"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الحارث عبد المنعم أحمد حمد النيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪(2) Patrick COHENDET, Jean-Luc GAFFARD, " Coordination, incitation et création de connaissance", Management‬‬
‫‪international, n°:16, 11-19, consulté le:)04/09/2020(, sur: https://doi.org/10.7202/1012389ar.‬‬

‫‪135‬‬
‫يمكن التمييز من حيث أدوات تنسيق تبادل المعلومات بين فئتين هما‪:‬‬

‫أوال‪-‬أدوات تقليدية غير تكنولوجية‪ :‬يتعلــق األمــر بوسيلتين تلجــأ إليهما المؤسسات بشكــل‬
‫تقليدي و هما بذلك ال تتصالن بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا‪ ،‬و يمكن في هذا اإلطار‬
‫ذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬العقود التأسيسية للمؤسسات‪ :‬هي عبارة في األساس عن وثائق تعمل على تصحيح ما‬
‫يوجد حتما كاختالل في كمية و طبيعة المعلومات التي تحوزها أهم مكونات المؤسسات‬
‫على غ ـرار المسيرين‪ ،‬و العمــال‪ ،‬و المساهمين‪ ،‬و مختل ــف األقسام‪ ،‬فهدف العقود ليس‬
‫"خلق المعرفة‪ ،‬بل المساعدة على نشــر المعلومات الموجودة و الضرورية للسي ــر الحسن‬
‫للمؤسسة"(‪.)1‬‬

‫‪-2‬ثقافة المؤسسة‪ :‬تلعب الثقافة الموجودة داخل كل مؤسسة أو ما يسمى بالثقافة التنظيمية‬
‫دو ار ال يستهان به في الدفع إلى إيصال المعلومات إلى جميع القطاعات و األقسام من‬
‫عدمه‪ ،‬فاألفراد ال يشعرون بضرورة تبادل المعلومات إال إذا ترافق ذلك برغب ــة قوي ــة في‬
‫القيام بذلك‪.‬‬
‫و أما العامل الذي يعمل على إفراز الرغبة في تقاسم المعلومات داخل المؤسسة فيتمثل‬
‫في نوعية ثقافتها‪ ،‬ذلك أن "اإلتصال الداخل ــي الق ــوي هو في مقام أول ظاهرة عاطفية‪،‬‬
‫تفترض وجود ثقافة داخلية قوية"(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪-‬أدوات تكنولوجية‪ :‬التي كما تدل على ذلك تسميتها تتمثل في وسائل حديثة تتوفر على‬
‫التقنيات المتقدمة القادرة على تسهيل عملية تبادل المعلومات داخل المؤسسة و أيضا تحقيق‬
‫التنسيق في ذلك‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Patrick COHENDET, Jean-Luc GAFFARD, Op. Cit. p.12.‬‬

‫‪(2) Renaud De MARICOURT, "Communication interne et culture d'entreprise au Japon", Communication et organisation,‬‬
‫‪n°5, 1994, consulté le : (04/09/2020), sur : http://journals.openedition.org/communicationorganisation/17119.‬‬

‫‪136‬‬
‫تتمثل األدوات التكنولوجية بصفة عامة في شكلين هما‪:‬‬

‫‪-1‬تكنولوجيات اإلتصال الحديثة‪ :‬التي تذكر من ضمنها و باألساس الوسائل التي تستخدم‬
‫اإلعالم اآللي من حاسبات‪ ،‬و كمبيوتر‪ ،‬و خصوصا وسيلة اإلنترنت‪.‬‬

‫‪ -2‬نظم المعلومات‪ :‬التي أضحت في الوقت الحالــي من المك ــونات العادي ــة في المؤسسات‬
‫بالنظر إلى الفائدة التي تجنى منها حين تعاملها مع المعلومات‪ .‬فهذا الن ــوع من األدوات‬
‫يعرف عنه كونه يتصف "بالتكامل و الربط بين مجاالت وظيفية مختلفـ ــة‪ :‬كالتسويق‪ ،‬و‬
‫التصنيع‪ ،‬و الشراء‪ ،‬و التمويل‪ ،‬و األفراد"(‪.)1‬‬
‫تتميز نظم المعلومات أيضا بعملها على تحقيق التنسيق بين مختلف أقسام المؤسسات‬
‫و ذلك "عن طريق تبادل المعلومات و الوثائق المرافقة لمختلف التدفقات"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬هشام بن حميدة‪ ،‬محفوظ عرابي‪ " ،‬دور نظام المعلومات اإلدارية في الرفع من فعالية اتخاذ القرار‪ ،‬دراسة استطالعية الطارات المؤسسة الوطنية للسيارات‬
‫الصناعية"‪ ،‬مجلة االقتصاد و التنمية البشرية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مجلد ‪ ،6‬جامعة البليدة ‪ ،2‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/08/18 ( :‬على الرابط‪:‬‬

‫‪www.asjp.cerist.dz‬‬

‫(‪ ) 2‬فايز أبو عامرية‪ ،‬ناصر جرادات‪ ،‬محمد ديرية‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪137‬‬
‫خالصة الفصل السادس‪:‬‬

‫تشكل المعلومات عنص ار هاما بالنسبة لألنشطة التي تقام بالمؤسسات بخاصة إذا كانت‬
‫هذه األخيرة تشتغل في المجال االقتصادي‪ ،‬إذ يظهر الجانب الحيوي لتبادل المعلومات بين‬
‫القطاعات التي تتشكل منها المؤسسات‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن تعريف المؤسس ـة يكتس ـي بعدا نظمي ـا من حيث ضمها ألنظمـ ـ ـ ـة فرعية‬
‫يعتمد بعضها على البعض اآلخر‪ ،‬و كذلك بعدا اقتصاديا تكونه عناصر بشرية‪ ،‬و مادية‪ ،‬و‬
‫مالية يتم توظيفها في إنتاج السلع و الخدمات‪.‬‬
‫يترتب على ما سبق ذكره ذلك التنوع الذي تعرفه المؤسسات إلى تلك الصناعية‪ ،‬و التجارية‪،‬‬
‫و الخدمية‪ ،‬و الفالحية‪ ،‬و العمومية‪ ،‬و الخاصة‪.‬‬
‫ألجل القيـ ـام بنشاطاتها نجـ ـد بأنه يتم تنظيـ ـ ـم كل مؤسسة من قطاعات مختلفة على أساس ما‬
‫تحتويه من وظائـ ـف كتلك المتصلة بالتقنيـ ـة‪ ،‬و التجـ ـارة‪ ،‬و المالية‪ ،‬و األمن‪ ،‬و المحاسبة‪ ،‬و‬
‫اإلدارة مع وجود تباين من مؤسسة إلى أخرى بحكم متغيرات كالحجم‪ ،‬و نوع النشاط‪ ،‬و عمر‬
‫المؤسسة‪ ،‬و األسلوب المتبع في اإلدارة‪.‬‬
‫في إشارة قريبة من تبادل المعلومات بين مختلف القطاعات المكونة للمؤسسة يمكن الحديث‬
‫عما يدعى "اإلتصال الداخلي" الذي يسمح بتبادل الرسائل و األفكار و القيم‪ ،‬و الذي يحمل‬
‫نقاطا إيجابية مثل تمكين الجميع من اكتساب نظرة شاملة عما يؤدى من نشاطات‪ ،‬و تعاون‬
‫مرن بين القطاعات‪ ،‬و إرساء عالقة شخصية مع المنتفعين من خدمات المؤسسة‪ ،‬و تجديد‬
‫المعلومات‪ ،‬و دعم روح الفريق‪ ،‬باإلضافة إلى االقتصاد في الوقت‪.‬‬
‫ال يكفي القيام فقط بتبادل المعلومات بين القطاعات التي تتكون منها المؤسسة فمن األهمية‬
‫أن تكون ثمة مزاوجة بين هذه العملية و ما يجري من تنسيق في ذلك‪ ،‬سيما و أنه يفيد تقاسم‬
‫نفس المعلومات من حيث الحجم‪ ،‬و النوعية بفضل تجنيد أدوات كالعقود التأسيسية‪ ،‬و ثقافـ ـة‬
‫المؤسسة‪ ،‬و تكنولوجيا اإلتص ـ ـ ـال الحديثة‪ ،‬و نظم المعلومات‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬دور نظم المعلومات اإلدارية في تنفيذ‬
‫عناصر العملية اإلدارية‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬دور نظم المعلومات اإلدارية في تنفيذ عناصر‬
‫العملية اإلدارية‪.‬‬

‫يكتسي العمل اإلداري أهمية ال يستهان بها في حيـ ـ ــاة الناس ف ـرادى كانوا أو منظمين في‬
‫إطار جماعي‪ ،‬أكان ذلك متعلقا باإلدارة العامة أو بإدارة األعمال‪ .‬إن األمر يتصل بمجال له‬
‫دخل في تقديم خدمات لألفراد و إشباع حاجاتهم في جل مناحي معيشتهم من لحظة مولدهم‬
‫إلى غاية تنظيم إجراءات دفنهم حين وفاتهم‪.‬‬
‫ذلك أنه يسعنا مالحظة دخول اإلدارة كعملية في اشتغال المنظمات و المؤسسات و المرافق‬
‫بنوعيها الحكومي و غير الحكومي لتوفير الخدمات المنتظرة منها‪.‬‬
‫و بالنظر إلى كون العمل اإلداري إنما هو عبارة عن وظائـ ـف و عناصر متجاورة و متتابعة‬
‫يتم تنفيذها وفق فنيات و برامج معروفة‪ ،‬فإن تحقيق النجاح في ذلك يتطلب توفير شروط من‬
‫مثل المعلومات الالزمة و المالئمة‪.‬‬
‫معنى ذلك أن توفير المعلومات لتنفيذ العناصر اإلدارية بالكمية و النوعية المطلوبتين و عن‬
‫طريق استخدام الوسائل التكنولوجية من شأنه أن يحقق نجاح أو فشل العملية اإلدارية‪.‬‬

‫سيعنى هذا الفصل من خالل المبحث األول بولوج مفهوم العملية اإلدارية انطالقا من تعريف‬
‫اإلدارة‪ ،‬و إظهار الفرق بين اإلدارة العامة و إدارة األعمال‪ ،‬و إتمـ ـ ــام ذلك بإبراز أهم عناصر‬
‫العملية اإلدارية‪.‬‬
‫بينما يبين مبحث ثان الطبيعة الحيوية للمعلومات التي يتم تشغيلها في العملية اإلداريــة‪ ،‬قبل‬
‫دراسة ما لنظم المعلومات اإلدارية من دور في تنفيذ عناصر العملية اإلدارية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬العملية اإلدارية‪ :‬المفهوم و العناصر‪.‬‬

‫لقد أثارت اإلدارة كعملية اهتمام الباحثين بعد أن شغل ـ ــت بال مؤسسي و بناة الدول عبر‬
‫العصور‪ ،‬فهي حتى في هذا العصر تتحكم إذا كانت متقدمة و منظمة وفق منوال حسن في‬
‫استمرار تلك الدول أو اندثارها‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العملية اإلدارية‪.‬‬

‫تعد لفظة "اإلدارة" من تلك التي نستخدمها في حياتنا اليومية بكثرة فهي تتصل بمصالحنا‬
‫و انشغاالتنا التي يدخل مراعاتها و إشباعها في صلب مهام عدد من المنظمات و المرافق‪.‬‬
‫يراد من كلمة اإلدارة من حيث اللغة "إدارة الشيء بمعنى تعاطاه‪ ،‬و اإلدارة اإلسم و المصدر‬
‫من أدار‪ ،‬و من يتولى جهة معينة من البالد"(‪.)1‬‬
‫أما من ال جانب اإلصطالحي فثمة تعاريف كثيرة تم إنتاجها بشأنــها تماشيا و الزاوية التي تم‬
‫من خاللها تناولها‪ ،‬فمثال (بيتر دراكر) نجده يعتبرها "وظيفة و معرفة‪ ،‬و عمل يتم إنجازه‪ ،‬و‬
‫يطبق المديرون هذه المعارف لتنفيذ هذه الوظائف و تلك األعمال"(‪.)2‬‬
‫بينما نجد (فريدريك تايلور) الذي أنتج فك ار تنظيميا مفاده ضرورة تقسيم العمل و التخصص‬
‫فيه‪ ،‬قد اعتبر بأن اإلدارة هي " المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يعملوه‪ ،‬ثم التأكد من‬
‫أنهم يقومون بعملهم بأحسن طريقة و أرخصها"(‪.)3‬‬
‫في حين اعتقد (هنري فايول) بأنها إنجاز عدد من المهام على غرار التخطيط‪ ،‬و التنظيم‪ ،‬و‬
‫إعطاء األوامر‪ ،‬و القيام بالتنسيق‪ ،‬و إيالء األهمية للرقابة‪.‬‬

‫إذا تعلق األمر باإلدارة العامة سنجد أن تحديد معناها اإلصطالحي قد أدى إلى إنت ـ ـ ـاج عدد‬
‫كبير من التعاريف‪ ،‬مثل القول بأنها "إنجاز العمل الحكومي عن طريق تنسيق جهود األفراد‬
‫كي يتمكنوا من العمل معا إلنجاز الواجبات المطلوبة منهم"‪ ،‬أو أنها " تنظيم و تدبير األفراد‬
‫و المواد و اإلشراف عليهم لتحقيق األهداف الحكومية"(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رشيد زرواتي‪ ،‬يامنة ترايكية‪ " ،‬التنمية اإلدارية في الدوائر الحكومية الجزائرية دراسة ميدانية في بلدية برج بوعريريج"‪ ،‬مجلة اإلحياء‪ ،‬العدد ‪ ،1‬المجلد ‪،15‬‬
‫كلية العلوم اإلسالمية‪ ،‬جامعة باتنة ‪ ،1‬ص ‪ ،234‬تاريخ اإلطالع‪ )2020/09/07( :‬على الرابط‪www.asjp.cerist.dz :‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫(‪ )3‬نورالدين حاروش‪ ،‬رفيقة حروش‪ ،‬علم اإلدارة من المدرسة التقليدية إلى الهندرة‪ ،‬عمان‪ :‬دار األيام للنشر و التوزيع‪ ،2015 ،‬ص ‪.17‬‬

‫(‪ )4‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫هذا و إلى جانب اإلدارة العامة يتسنى التطرق إلى إدارة األعمال التي يمكن تعريفها بإظهار‬
‫الفرق بينها و اإلدارة العامة كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬من حيث مجال تطبيقها‪ :‬يختلف كال الشكلين لإلدارة من حيث المجال الذي يطبق فيه‬
‫كل نوع منهما‪ ،‬حيث أن اإلدارة العامة تطبق في المؤسسات المنتمية إلى الحكومة بشكل أو‬
‫بآخر فهي "ترتبط بسياسات و تشريعات الدولة بشكل مباشر"(‪ .)1‬بينما تخضع إدارة األعمال‬
‫للقانون الخاص بعيدا عن اإلرتباط بالدولة و بسياساتها‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬من حيث طبيعة الهدف المرجو تحقيقه‪ :‬بما أن اإلدارة العامة نراها مرتبطة مباش ـ ـرة‬
‫بالدولة و سياساتها ينجر عن ذلك أن الهدف الذي ترجو تحقيقه هو من حيث الطبيعة نفس‬
‫ذلك الذي ترسمه الدولة تجسيدا للخدمة العامة‪ ،‬بعيدا عن تحقيق الربح و تعظيمه‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬من حيث البيئة المحيطة‪ :‬تتسم البيئة التي تحيط باإلدارة العامة باإلحتكار لصالح هذه‬
‫األخيرة بالنظر إلى أنها تعبي ــر عن سياسات الدولة و أعمالها التي ال يج ـ ــوز ألطراف أخرى‬
‫االضطالع بها سوى في حاالت معينة‪.‬‬
‫بينما يحيط بإدارة األعمال التي نجدها تسعى أساسا إلى تحقيق الربح بيئة تنافسية‪.‬‬

‫رابعا‪-‬من حيث استقرار القيادة و تعرضها للمساءلة و المراقبة‪ :‬يؤطر كـ ـ ــال نوع ـ ــي اإلدارة‬
‫من طرف قيادة تعمــل على تحقيق األهداف المسطرة لكن ثمة اختالف بينهما إذ يتميــز قادة‬
‫إدارات األعمال باستقرارهم بعكس اإلدارة العامة التي تعيش عدم االستقرار(‪ .)2‬زيادة إلى ذلك‬
‫فإن القادة على مستوى اإلدارة العامة كثي ار ما يتعرضون للمساءلة و ألنواع شتى من الرقابـ ــة‬
‫التي تم ارسها عليهم اإلدارة المركزية و عدد من السلطات كتلك التشريعية و القضائية كونهم‬
‫يتصرفون في المال العام‪ ،‬و ال يعرف المشرفون على إدارات األعمال سوى رقابة ضيقة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نورالدين حاروش‪ ،‬رفيقة حروش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪142‬‬
‫خامسا‪-‬من حيث الفئات المستفيدة من النشاطات و الخدمات‪ :‬بالنظر إلى ارتبـ ـ ـ ــاط اإلدارة‬
‫العامة بالدولة التي تتوجه نشاطاتها ورعايتها و خدماتها إلى كل الفئات في المجتمع فإن هذه‬
‫األخيرة يستفيد من خدماتها "الجمهور بكل قطاعاته و فئاته"(‪ ،)1‬لكن خدمات إدارة األعمـال ال‬
‫توجه إال لفائدة القطاعات التي تمسها أهدافها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عناصر العملية اإلدارية‪.‬‬

‫ثمة اتفاق في أوساط المهتمين بميدان اإلدارة لجعل عناصر هذه األخــيرة بمثابة جملة ما‬
‫يؤدى بها من وظائف(‪ ،)2‬حيث يستوجب توفرها في كل إدارة و كل منظمة كونها "تؤثر على‬
‫التنظيم ككل ألنها تشكل الركيزة األساسية لقيام أي تنظيم و تكوينه"(‪ .)3‬فهذا (هنـ ـ ـ ـري فايول)‬
‫نراه قد ذكر منها خمسة و تتمثل في‪ :‬التنظيم‪ ،‬التنسيق‪ ،‬الرقابة‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬و التخطيط(‪.)4‬‬

‫تتمثل عناصر اإلدارة بصفة عامة فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬التخطيط‪ :‬تنطوي هذه الوظيفة األساسية ضمن العمل اإلداري على تعاريف كثيرة‪ ،‬حيث‬
‫منها ما يعتبر بأنها متصلة بالمستقبل الذي يتم التحضير له مسبقا عن طريق وضع "الخطة‬
‫أو الخطط المستندة على أنسب األساليب لتحقيق األهداف المحددة‪ ،‬و بأفضل صورة ممكنة‪،‬‬
‫خالل فترة زمنية معينة في ضوء الظروف المتوقع أنها تسود مستقبال"(‪.)5‬‬
‫باإلضافة إلى برمجة األعمال المستقبلية فإن التخطيط يتضمن كذلك وضع عدد من القوانين‬
‫الكفيلة بأن ترشد األفراد في أدائهم ألعمالهم‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نورالدين حاروش‪ ،‬رفيقة حروش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫(‪ )3‬بركة بالغماس‪ ،‬نصيرة زروال‪" ،‬تأثير عناصر العملية اإلدارية على انضباط المورد البشري داخل التنظيم"‪ ،‬مجلة التنمية و إدارة الموارد البشرية‪ ،‬العدد ‪،5‬‬
‫المجلد ‪ ،2017 ،2‬ص ‪ ،428‬اطبع عليه في‪ ،)2020/10/30( :‬على الرابط‪www.asjp.cerist.dz. :‬‬

‫‪(4) Jacques ROJOT, théorie des organisations, 2ème éd, Paris : MA éditions, 2016, p.43.‬‬

‫(‪ )5‬ياسر محمد علي الهبول‪" ،‬الوظائف األساسية لإلدارة"‪ ،‬اطلع عليه في‪ )2020/10/30( :‬على الرابط‪:‬‬
‫‪http://sites.google.com/site/yasserhabboul/it-1/life/‬‬

‫‪143‬‬
‫ثانيا‪-‬التنظيم‪ :‬من خالل هذا العنصر يعمد إلى ضبط األعمال و األنشطة و المهام الواجب‬
‫إنجازها بما يحقق الهدف الذي رسمته المنظمة‪ ،‬لتقسم بعد ذلك في شكل اختصاصات ت ـ ـ ـوزع‬
‫على الوحدات اإلدارية مرفقة بما يالئمها من سلطة و مسؤوليات(‪ ،)1‬فلن يكون بإمكان الق ـ ـادة‬
‫اإلداريين أن يمارسوا مسؤولياتهم و لن يكون بمقدور األف ارد أن يتعاونوا على إنج ــاز ما يسنـ ــد‬
‫إليهم من عمل جماعي مشترك إذا غاب عنصر التنظيم‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬القيادة و التوجيه و اإلشراف‪ :‬يتعلق األمر بأهم مسؤولية يقوم بها الق ـ ـادة و المشرفون‬
‫و المسؤولون اإلداريون في المنظمات‪ ،‬فهذه الوظيفة تنطوي على "إرشاد المرؤوسين في أثناء‬
‫أدائهم للعمل‪ ،‬فتعطى لهم التعليمات الضرورية للتنفيذ"(‪.)2‬‬
‫تتضمن هذه الوظيفة اإلدارية المهام التالية‪:‬‬

‫‪-1‬تقديم التوجيهات و التعليمات المتصلة بالطريقة التي يجب أن تؤدى وفقها النشاطات‪،‬‬
‫لذلك فإنه من الحيوي أن تتصف التعليمات بالوضوح و الواقعية‪.‬‬

‫‪-2‬العمل على أن تحافظ التوجيهات و التعليمات على مضمونها األصلي دون تشويش أو‬
‫تشويه‪ ،‬مع مراعاة إسدائها في وقت مناسب‪.‬‬

‫‪-3‬ضرورة الوقوف على مدى التقيد بالتعليمات و التوجيهات المقدمة‪.‬‬

‫رابعا‪-‬الرقابة‪ :‬تكتسي هذه الوظيفة اإلدارية أهمية حقيقية بالنسبة للمنظمات خصوصا منها‬
‫الكبيرة الحجم و تلك المتصفة بالهيكلة المعقدة لما لها من دور في الوقـوف على مدى تحقيق‬
‫األهداف المرسومة‪.‬‬
‫تضمن الرقابة الفعلية الممارسة على النشاطات و المهام ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬قياس العمل المؤدى لمعرفة مدى التوصل إلى تحقيق األهداف‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نو ارلدين حاروش‪ ،‬رفيقة حروش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫(‪ )2‬ياسر محمد علي الهبول‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫‪-2‬استباق األحداث بمجرد ظهور عدد من المؤشرات‪.‬‬

‫‪-3‬اإلهتداء إلى كيفية إتمام العمل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العملية اإلدارية و دور نظم المعلومات في تنفيذ عناصرها‪.‬‬

‫يستخدم في تنفيذ العملية اإلدارية بما تضمه من عناصر كالتخطيط و التنظيم و التوجيه‬
‫و الرقابة معلومات يشترط فيها أن تتالءم و العناصر المشار إليها كما و نوعا‪ ،‬فكل عنصر‬
‫يتمتع بنوع من الخصوصية‪.‬‬
‫لذلك تظهر أهمية نظم المعلومات اإلدارية من حيث مقدرتها على توفير المعلومات الالزمة‬
‫للعملية اإلدارية بمختلف عناصرها‪ ،‬كما يتجلى دورها في تنفيذها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حاجة عناصر العملية اإلدارية إلى المعلومات‪.‬‬

‫ال يكون إنجاز مختلف عناصر العملية اإلدارية و وظائفها صحيحا و دقيقا ما لم تتوف ـ ــر‬
‫المعلومات المناسبة و بالقدر الكافي و المطلوب‪ ،‬فال يمكن أن نتخيل وجود التخطيط و كذا‬
‫التنظيم‪ ،‬و التوجيه و الرقابة بمعزل عن حصول الجهــات القائمة عليها على الكمية الالزمة‬
‫من المعلومات‪ ،‬فهي بحاجة دائمة إلى المعلومات‪.‬‬

‫تظهر حاجة عناصر العملية اإلدارية إلى المعلومات فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬دواعي حاجة التخطيط إلى المعلومات‪ :‬كثي ار ما يعرف التخطيط كونه عبارة عن وضع‬
‫برنامج ممتد على فترة زمنية قادمة سعيا إلى تحقيق جملة من األهداف‪ ،‬إذ يعمد من خ ـ ـ ـالل‬
‫ذلك إلى التحضير للمستقبل من خالل عملية تنبئية‪.‬‬
‫ألجل ذلك يكون القائم على التخطيط مدعوا إلى اإلجابة عن جملة من التساؤالت ذات عالقة‬
‫بأزمنة ثالثة كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬الحالة التي كانت عليها المنظمة في الماضي القريب‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪-2‬تكوين صورة عن الوضع الراهن من خالل اإللمام بما يشتمـ ـ ـل عليه من إمكانيات و‬
‫مصادر القوة و مواطن الضعف(‪.)1‬‬

‫‪-3‬بناء تصور تقريبي للتطورات التي قد تحصل في المستقبل‪.‬‬

‫تتطلب العمليات الثالث المنوه عنها أعاله الحصول على البيانات و المعلومات المناسبة و‬
‫بالعدد الكافي بالشكل الذي يمكن من استخدام األساليب اإلحصائية‪.‬‬

‫ثانيا‪-‬التنظيم و حاجته إلى المعلومات‪ :‬يستعان بعنصر التنظيم لتجسيد الهدف الذي رسمته‬
‫المنظمة حيث يتأتى ذلك من خالل توزي ـع النشاطات و المه ـام و الصالحيات و المسؤوليات‬
‫و أيضا عبر رصد عدد من الموارد التي ترتب و توزع‪.‬‬
‫لذلك و بغية تحقيق مختلف العمليات التي يتألف منها التنظيم فإنه يلجأ إلى وضع العالقات‬
‫العمودية و األفقية بين المستويات و الوحدات اإلدارية ضمن ما يطلق عليه تسمية الهيك ـ ـ ــل‬
‫التنظيمي الذي يشار إليه كونه "هو البناء أو اإلطار الذي يحدد اإلدارات و األجزاء الداخلية‬
‫للمنظمــة‪ ،‬والالزمــة لتحقيــق األهــداف‪ ،‬و أيضا خطــوط السلطة و مواقع اتخاذ القرار و تنفيذ‬
‫الق اررات اإلدارية"(‪.)2‬‬
‫ال يتسنى تقسيم و توزيع األعمال و األنشطة‪ ،‬و تكليف األفراد بالمهام و المسؤوليات و كذا‬
‫إسناد السلطات ما لم تتوفر البيانات و المعلومات عن طبيعة المنظمة و الهدف الذي تسعى‬
‫إلى تحقيقه‪ ،‬و خصوصا عن هؤالء األفراد من حيث تكوين ـهم و تمتعهم بالك ـ ـفاءات المطلوبة‬
‫و أيضا استعداداتهم الفيزيولوجية و النفسية‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬ال وجود للقيادة و التوجيه و اإلشراف في غياب المعلومات‪ :‬فلعــل المسؤولية األب ـ ـ ــرز‬
‫التي يضطلع بها المشرف اإلداري تتمثل في الوقوف على مدى التزام األف ـ ـ ـ ـراد بما قدم إليهم‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬والء عضيبات‪" ،‬مقومات التخطيط"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/05( :‬على الرابط‪https://e3rabi.com.:‬‬

‫(‪ )2‬يحي إبراهيم المدهون‪" ،‬محاضرات في إدارة المؤسسات اإلعالمية"‪ ،‬قسم اإلعالم و تكنولوجيا اإلتصال‪ ،‬جامعة غرب كردفان‪ ،‬السودان‪ ،2018 ،‬ص ‪.18‬‬
‫تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/05( :‬على الرابط‪https://philarchive.org/archive/ALM-17. :‬‬

‫‪146‬‬
‫كتوجيهات و تعليمات سعيا إلى تحقيق أهداف المنظمة و هو ما يتحقق بواسطة اإلتصال‬
‫الذي من خالله تنتقل المعلومات ذهابا و إيابا بين الجانبين المتصلين‪ ،‬بخاصة إذا علمنا أن‬
‫الرؤساء اإلداريين يخصصون ما يقرب من ‪ 80‬من المائة من وقتهم لممارسة اإلتصال مع‬
‫محيطهم(‪.)1‬‬

‫رابعا‪-‬ضرورة توفر المعلومات لممارسة رقابة ناجحة‪ :‬ال يكتفى في ممارسة الرقابة اإلدارية‬
‫بالوقوف على طبيعة ما تم إنجازه من عمل‪ ،‬فعالوة على ذلك من الضروري أن تتوفر نظرة‬
‫استشرافية لمستقبل العمل من حيث مدى التوصل من خالله إلى تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬
‫زد إلى ذلك أن تحقيق رقابة فعالة يتطلب تصميمها "وفقا للخطط و المواقع التنظيمية(‪ )...‬و‬
‫وفقا لكل مدير و مسؤولياته على حدة‪ ،‬و أن تحدد بدقة اإلستثناءات و النقاط الحرجة"(‪.)2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬معالم دور نظم المعلومات في تنفيذ عناصر العملية اإلدارية‪.‬‬

‫تظهر فائدة نظم المعلومات اإلدارية من خالل ما تتضمنه من مزايا و ما توفره كخدمات‬
‫لمستخدميها بخاصة في إطار تنظيمي‪ ،‬فعناصر العملية اإلدارية األربع التي سبقت اإلشارة‬
‫إليها نجدها تتأثر في تنفيذها حين يستعان بالنظم المعلوماتية‪.‬‬

‫أوال‪-‬دور النظم المعلوماتية في تنفيذ التخطيط‪ :‬بما أنه يلجأ إلى استخدام نظ ـ ــم المعلومات‬
‫بهدف إمداد مستخدمها بالبيانات و المعطيات و المعلومات التي يطلبها في الزمن المناسب‬
‫فإن وظيفة التخطيط بأنواعها أحوج ما تكون إلى هذه الوسيلة‪ ،‬فهي وظيفة تدخل في صميم‬
‫عمل الرؤساء اإلداريين الذين يحتاجون إلى المعلومات اإلستراتيجية التي تدخل في صياغة‬
‫األهداف الطويلة المدى‪ ،‬و من هنا يكتسي نظام المعلومات "أهمية كبيرة (‪ )...‬لما يوفره من‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Frédérique ALEXANDRE-BAILLY, et autres, comportements humains et management, Paris : Pearson Education,‬‬
‫‪2006, p.105.‬‬

‫(‪ )2‬كامل علي متولي عمران‪ ،‬التخطيط و الرقابة ‪ ،‬مركز تطوير الدراسات العليا و البحوث‪ ،‬كلية الهندسة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/05( :‬على‬
‫الرابط‪www.Pathways.cu.edu.eg. :‬‬

‫‪147‬‬
‫معلومات لنظام القيادة(‪ )...‬لرسم الخطط و اإلستراتيجيات و األهداف و السياسات"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬دور نظم المعلومات في بناء التنظيم‪ :‬ينطوي عنصر التنظيم على عدد من الق اررات‬
‫التي من خاللها يعمد المديرون إلى تصحيح طريقـ ـ ــة هيكلة منظماتهم على أساس ما ي ـ ـ ـ ـ ـرد‬
‫إليهم من معلومات من كال البيئتين الداخلية و الخارجية‪.‬‬
‫لكن حتى اعتماد نظم للمعلومات من طرف المنظمات هو مدعاة إلى السعي إلى العمل على‬
‫تهيئة الشروط الهيكلية التي تتيح استيعاب هذه النظم(‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬دور نظم المعلومات في التوجيه‪ :‬يشير هذا العنصر المهم في العملية اإلدارية إلى ما‬
‫يؤديه الرؤساء اإلداريون من عمل‪ ،‬فهم من خالل ذلك يتخذون الق اررات باإلعتماد على جملة‬
‫المعلومات التي توفرها لهم النظم المعلوماتية‪.‬‬
‫لكن أهم دور تؤديه النظم المعلوماتية نجده يتجلى في توسطها لنظام القيادة و نظ ـ ـم التشغيل‬
‫بما يضمن اضطالع المديرين بوظيفة التوجيه‪.‬‬

‫رابعا‪-‬دور نظم المعلومات في الرقابة‪ :‬لقد سبقــت اإلشارة إلى أن الرقابــة ال تتمث ــل فقط في‬
‫مجرد الوقوف على مدى إنجــاز األهداف المسطرة‪ ،‬بل هي تتعدى ذلك إلى التنب ــؤ بالمنحى‬
‫الذي ستتخذه في المستقبل‪ .‬و في هذا الصدد فإن ما توفره نظ ـ ــم المعلومات من بيانات من‬
‫شأنه أن يحفظ الوصف الذي تم تسجيلــه سابقا للم ارحــل التي مرت بها المنظمة مما يسه ــل‬
‫من الوقوف على األخطاء‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬هدى بن محمد‪ ،‬عبد النور موساوي‪" ،‬أثر نظم المعلومات على األداء اإلداري‪ ،‬دراسة ميدانية آلراء العاملين في شركات التأمين في الجزائر"‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫‪www.asjp.cerist.dz.‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،37‬جامعة قسنطينة ‪ ،2012 ،1‬ص ‪ ،217‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/10( :‬على الرابط‪:‬‬

‫(‪ )2‬سعاد بوفروخ‪ ،‬رشيد عدوان‪" ،‬فعالية و كفاءة نظم و تكنولوجيا المعلومات في صناعة القرار‪ ،‬دراسة حالة مؤسسة نفطال بباتنة"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬العدد‬
‫‪www.asjp.cerist.dz.‬‬ ‫‪ ،48‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،2017 ،‬ص ‪ ،567‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/10( :‬على الرابط‪:‬‬

‫‪148‬‬
‫خالصة الفصل السابع‪:‬‬

‫يحتل العمل اإلداري مكانة ال يستهان بها في حياة األفراد حيث نجده متضمنا في جميع‬
‫مناحي حياتهم مما دفع إلى االهتمام به من طرف الباحثين‪ ،‬و ذلك ما أدى إلى إنتاج عدد‬
‫كبير من التعاريف في هذ المجال‪.‬‬
‫لذلك يكون من الضروري إجراء تمييز بين اإلدارة العامة التي تفيد اصطالحا إنجاز األعمال‬
‫الحكومية‪ ،‬و إدارة األعمال التي ال ترتبط بسياسات الدولة و إنما تسعى إلى تحقيق الربح و‬
‫تعظيمه ضمن بيئة تنافسية‪.‬‬
‫تتكون العملية اإلدارية من عناصر أربعة هي التخطيط الذي يعرف عنه اتصاله بالمستقبل‪،‬‬
‫ثم التنظيم الذي يعمد من خالله إلى توزيع السلطات و الصالحيات بين مختلف الوحدات و‬
‫المستويات في المنظمات‪ ،‬يليه التوجيه و اإلشراف الذي ينم عن وظيفة مهمة ت ـ ـ ـؤدى ضمن‬
‫الوسط المنظم و التي تضطلع بها فئة المديرين و الرؤساء‪ ،‬انتهاء إلى الرقابة التي ال تعني‬
‫فقط الوقوف على مدى تحقيق األهداف المرسومة بل نجدها تنطوي كذلك على تحليل عدد‬
‫من المؤشرات في إطار استباق الكيفية التي سيتطور إليها إنجاز األهداف‪.‬‬
‫من هذا الجانب تظهر أهمية المعلومات و حيوية جمعـ ـ ـها و تخ ـزينها و اإلستع ـانة بها عن‬
‫طريق استخدام نظم المعلومات اإلدارية‪ ،‬بما أن عناصر العملية اإلدارية تستهلك البيانات و‬
‫المعطيات و المعلومات‪.‬‬
‫بالفعل تلعب النظم المعلوماتية دو ار أكيدا في تنفيذ التخطيط الذي يتغـ ـ ـ ـذى على المعلومات‬
‫اإلستراتيجية حين يتعلق األمر برسم األهداف الطويلة المدى‪ ،‬و هو الشأن ذاته حين اللجوء‬
‫إلى ضبط الهيكل اإلداري لجعله يتماشى و المستجدات التي يعرفها كال البيئتين الداخلية و‬
‫الخارجية‪ ،‬بينما ال يتسنى تنفيذ التوجيه و اإلشراف و الرقابة على الوجه األحسن في غياب‬
‫نظم المعلومات‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬دور نظم المعلومات اإلدارية في إدارة‬
‫الموارد البشرية‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬دور نظم المعلومات اإلدارية في إدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫أضحت المنظمات تتعامل مع األفراد المشتغلين بها كونهم موردا ذا أهمية كما هو الحال‬
‫بالنسبة للموارد األخرى الموظفة في نشاطاتها‪ ،‬و ذلك بعد أن كان العمال في نظر المدارس‬
‫التي صاغت نظريات التنظيم أوائل القرن العشرين مجرد آالت يسهل برمجتها أو اإلستغن ـ ــاء‬
‫عنها عندما ال تفي غرض العملية اإلنتاجية‪.‬‬
‫لكن أبحاثا و نظريات جديدة أظهرت ما لألفراد المستخدمين بالمنظمات من دور في إضافة‬
‫قيمة إلى هذه األخيرة إذا أحسنت إدارتهم و تسييرهم و االهتمام بآليات استقطابهم‪ ،‬و تكوينهم‬
‫و تدريبهـم و تنمية خبراتهم و معارفهم‪.‬‬
‫لذلك أصبحت إدارة الموارد البشرية من التخصصات العلمية التي تنجز ضمنها األبح ـ ـاث في‬
‫مجال تنظيم األفراد في المنظمات باختالفها‪ ،‬كما يعد من الوظائ ـف التي ال يمكـ ـن اإلستغناء‬
‫عنها في الوقت الحالي‪.‬‬
‫لقد سجل تطور كبير في إدارة الموارد البشرية إذ اليوم يعتمد في ذلك على أنظمة معلوماتية‬
‫توفـ ـر البيانات و المعلومات الدقيقة عن عديد األوجه المتعلقة بمختلف أوضاع األفراد داخـ ـ ـل‬
‫المنظمات‪ ،‬و ذلك في التوقيت الذي تطلب فيه بالتحديد‪.‬‬

‫سيعنى هذا الفصل في مبحث أول بمفهوم إدارة الموارد البشرية قبل التط ــرق إلى ما تتضمنه‬
‫هذه العملية من أوجه متعددة‪ ،‬في حين سيتضمن المبحث الثاني تعريفا لنظم معلومات إدارة‬
‫الموارد البشرية مع إظهار ما لها من دور في القيام بالعملية المشار إليها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬المفهوم و األوجه‪.‬‬

‫تعد إدارة الموارد البشرية من المواضيع التي استرسل فيها الباحثون و الممارسون ذلك أن‬
‫هذا الموضوع يكتسي أهمية حيوية في اشتغال المنظمات و المؤسسات‪ ،‬بعد أن تم اإلهتداء‬
‫إلى ما يمكن أن يضيفه المورد البشري من قيمة إذا ما نال العناية الالزمة من لدن المديرين‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم إدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫إن المطلع على األدبيات المهتمة بموضوع الموارد البشرية سيقف على تسميات و أيضا‬
‫معاني شتى‪ ،‬لذلك و ألجل اإلقتراب من هذا المجال من جانب المفهوم وجب اتباع الخطوات‬
‫التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬المعنى اللغوي و اإلصطالحي للموارد البشرية‪ :‬تعرف الموارد البشرية لغة و اصطالحا‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬من حيث اللغة‪ :‬يقال في اللغة العربية "أورد الشخص الشيء‪ :‬أحضره‪ ،‬جلبه"‪ ،‬و بذلك‬
‫تؤدي لفظة مورد معنى‪ ":‬مصدر و منبع مثل موارد طبيعية‪ ،‬و موارد الطاقة أو المياه"‪.‬‬
‫تفيد هذه الكلمة كذلك معنى "مصدر رزق‪ ،‬كل ما من شأنه أن يسد الحاجات اإلنسانية‬
‫سواء أكان شيئا ماديا أو خدمة تؤدى"(‪.)1‬‬

‫‪-2‬من الناحية اإلصطالحية‪ :‬يتعلق األمر باألفراد الذين تشغلهم المنظمات و تستفيد بذلك‬
‫من مؤهالتهم و خبراتهم و معارفهم كرأسمال يتم استثماره في األنشطة التي تقوم بها‪ ،‬إذ‬
‫تضاف إلى الموارد األخرى التي يتم استخدامها كاألموال و اآلالت و مختلف المواد في‬
‫سبيل إنتاج السلع أو ضمان تقديم خدمات(‪.)2‬‬
‫يمكن القول بأن المقصود بالمورد البشري هو "في األساس طاقة ذهنية و قدرة عقلية و‬
‫مصــدر المعلــومات و األفك ــار و اإلبتكارات ال بد من استثماره و توظيف قدراته بشكل‬
‫إيجابي"(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪" )1‬تعريف و معنى الموارد البشرية" معجم المعاني في الجامع‪ ،‬معجم عربي عربي‪ ،‬المعاني‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/16( :‬على الرابط‪:‬‬

‫‪https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/.‬‬

‫(‪ )2‬محمد الفاتح محمود بشير المغربي‪ ،‬إدارة الموارد البشرية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النشر للجامعات‪ ،2013 ،‬ص ‪.26‬‬

‫(‪" )3‬تعريف الموارد البشرية"‪ ،‬المكتبة الشاملة‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/19( :‬على الرابط‪www.greatlibrary;com. :‬‬

‫‪152‬‬
‫ثانيا‪-‬تعريف إدارة الموارد البشرية‪ :‬ثمة مصادر تستعمل تعبير "تسيير الموارد البشرية" الذي‬
‫يفيد‪:‬‬

‫"مجموعة من اإلجراءات و الق اررات و السياسات‪ ،‬التي‬


‫تمكن من الحصول في الوقت المرغوب على الموارد‬
‫البشرية بالكفاءات و التأهيل و المعارف و القدرات‬
‫المطلوبة‪ ،‬و تحفيزها و تطوير إمكانياتها لتتمكن من‬
‫القيام بالنشاطات أو الوظائف‪ ،‬و تحمل المسؤوليات‬
‫(‪.)1‬‬ ‫من أجل استمرار حياة المؤسسة و تطورها"‬

‫لقد أنتج الباحثون تعاريف عديدة لإلقتراب من معنى إدارة الم ـ ـوارد البشرية إذ يتسنى في هذا‬
‫الصدد اإلشارة إلى ما أورده (شولر) سنة ‪ 1981‬حين اعتبرها بمثابة "مجموعة من الوظائف‬
‫و األنشطة التي تستخدم إلدارة المورد البشري بأسلوب بعيد عن التميز و بشكل فعال لخدمة‬
‫الفرد و المنظمة و المجتمع في بيئة معينة"‪ ،‬و يمكن اإلستشهاد بما رآه (بول) سنة ‪1990‬‬
‫حيث ذهب إلى القول بأنها "عملية استقطاب األفراد و تطــويرهم و المحافظــة عليهم في إطار‬
‫تحقيق أهدافها و كذا تحقيق أهدافهم"‪ .‬و باإلمكان كذلك اإلشارة إلى ما أورده (بريسكو) في‬
‫‪ 1992‬أين اعتقد بأنها " وظيفة إدارية أساسية في المنظمة شأنها شأن بقية الوظائف التنفيذية‬
‫األخرى كوظيفة اإلنتاج و التسويق"(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬منير نوري‪ ،‬الوجيز في تسيير الموارد البشرية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2011 ،‬ص ‪.7‬‬

‫(‪ )2‬نعيمة يحياوي‪" ،‬سلسلة محاضرات في إدارة الموارد البشرية"‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير‪ ،‬جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬ص ‪ ،4‬تاريخ اإلطالع‪:‬‬
‫‪www.economie.univ-batna.dz.‬‬ ‫(‪ ،)2020/11/17‬على الرابط‪:‬‬

‫‪153‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األوجه المتعددة إلدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫تظهر إدارة الموارد البشرية و كأنه تصعب اإلحاطة بها لما لها من معاني مختلفة و هنا‬
‫يمكن اإلشارة إلى أوجهها العديدة التي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬إدارة الموارد البشرية كتخصص‪ :‬في هذا المقام نكون أمام تخصــص موضــوعه يتضمن‬
‫نقاطا من مثل الكيفيات التي يتم بها الحصول على المستخدمين‪ ،‬عالوة على طرق تحفيزهم‬
‫إضافة إلى الوسائل التي تكفل ضبط المورد البشري في المنظمات(‪ .)1‬إن األمر يتصل بحقل‬
‫"يعنى بالعنصر البشري تحديدا في دائرة العمل‪ ،‬أي في كافة الشؤون المتعلقة بالموظفين"(‪.)2‬‬
‫و في هذا الصدد فإن هذا المجال التخصصي يتطرق إلى القضايا المتصلة بالمستحقـ ـات‪ ،‬و‬
‫ما تعلق بتوظيف األفراد مع ما يتبع ذلك من وسائل اإلنتقاء كالمقابالت‪ .‬إنها عمليات تؤدى‬
‫من لدن أشخاص ذوي اإلختصاص في هكذا مجال بمعية عدد من المسؤولين على المستوى‬
‫التنفيذي في المنظمات أين يستفاد من خبراتهم " لتقديم أفضل اإلقتراحات و األفكار الخاصة‬
‫بتغيير السياسات الخاصة بالموظفين"(‪.)3‬‬

‫ثانيا‪-‬إدارة الموارد البشرية كوظيفة‪ :‬إن المطلع على األدبيات التي عالج ـ ـت موضوع إدارة‬
‫الموارد البشرية سيخلـص إلى كونها وظيفة كما هو الحال بالنسبة لمجاالت كالمالية‪ ،‬و بذلك‬
‫نستطيع القول بأنها "الوظيفة التي تقوم بشؤون اإلستخدام األمثل للمـ ـوارد البشرية على جميع‬
‫المستويات بالمؤسسة بغية المساعدة على تحقيق أهداف هذه المؤسسة"(‪.) 4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Alain HERICHER, Vivien BLANCHET, "Gestion des ressources humaines", dans : Vivien Blanchet éd, Dictionnaire du‬‬
‫‪commerce équitable. Versailles, Editions Quae, "hors collection", 2012, p.139-146. Consulté le: )23/11/2020(, sur:‬‬
‫‪www.cairn.info.‬‬

‫(‪ )2‬أسامة خميس‪ " ،‬ما هو تخصص الموارد البشرية"‪ ،‬موقع موضوع‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/11/24( :‬على الرابط‪www.mawdoo3.com. :‬‬

‫)‪ (3‬نفس المرجع‪.‬‬

‫)‪ (4‬منير نوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪154‬‬
‫ثالثا‪-‬إدارة الموارد البشرية كممارسات‪ :‬تشير الممارسات المنوه عنها هنا إلى تلك العمليات‬
‫الرسمية التي تعرفها المؤسسات و المنظمات إذ يتضمن ذلك جميع المسائل المتعلقة بشؤون‬
‫عديدة هي‪:‬‬

‫‪-1‬تسيير المستخدمين‪ :‬و يدخل في هذا الجانب ما تعلق بتأطير الحياة المهنية لألفراد منذ‬
‫أول انضمامهم إلى المؤسسة الموظفة لهم‪ ،‬حيث يشمل ذلك كل المسائل ذات العالق ـ ـ ــة‬
‫بالتوظيف‪ ،‬و اآلليات المرتبطة بدفع الرواتب‪ ،‬و تنظيم العمل‪ ،‬و وضع اللوائح‪ ،‬و كذلك‬
‫الشأن بالنسبة لإلجراءات األمنية‪.‬‬

‫‪-2‬العالقات االجتماعية‪ :‬هو الجانب الذي يتضمن كل ما له عالقة باإلتصال الداخل ـ ــي و‬
‫العضوية في النقابات العمالية‪.‬‬

‫‪-3‬إجراءات إدماج الموظفين و العمال‪ :‬بحيث تسطر برامج يراد من خاللها تسهيل عملية‬
‫إدماج األفراد بشكل كلي في مؤسساتهم و يتسن ــى ذلك من خــالل الدورات التدريبية‪ ،‬و‬
‫التحفيز و خلق الدافعية(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Alain HERICHER, Vivien BLANCHET, Op.cit.‬‬

‫‪155‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نظم إدارة الموارد البشرية‪ :‬تعريفها و دورها‪.‬‬

‫لقد باشرت المنظمات استخدام نظم المعلومات في إدارة الموارد البشرية بعد إيالء األهمية‬
‫لها إذ استثمرت في هذا الجانب لدواعي تحقيق اإلستفادة التامة من خبرات و مؤهالت األفراد‬
‫و بدافع الرغبة في استيفاء متطلبات تحقيق التميز في ظل بيئة تنافسية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫إن األهمية التي تحملها نظم معلومات إدارة الموارد البشرية قد دفعت بالدارسين المهتمين‬
‫بهذا الموضوع إلى إنتاج تعاريف عدة و إحصاء أكثر من هدف‪ ،‬و هو ما سنحاول اإلشــارة‬
‫إليه كمايلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬تعريف نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‪ :‬يالحظ لدى مطالعة التعاريف التي أنتجت‬
‫في هذا الصدد ذهاب الباحثين إلى اعتبار هذا النوع من النظم المعلوماتية بمثابة نظام فرعي‬
‫لنظم معلومات التسيير‪ ،‬مع تمييزه عن باقي نظم المعلومات الوظيفية من حيث احتوائه لعدد‬
‫كبير من التطبيقات(‪.)1‬‬
‫يمكن إضافة سمات أخرى في تعريف هذه النظم المعلوماتية كاآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬من حيث الوسائل التي تستعملها‪ :‬تعتمد هذه النظم على اإلعالم اآللي و الحواسيب بما‬
‫توفره من سرعة و دقة و إمكانيات كبيرة في تخزين البيانات و المعلومات و معالجتها‪.‬‬

‫‪-2‬من حيث طبيعة اإلستخدام‪ :‬الهدف من اللجوء إلى اإلستع ـانة بهذه النظ ـم يتمثـ ــل أساسا‬
‫في تسهيل جمع البيانات و المعلومات المتعلقة باألفراد الذين تشغلهم المنظمات و ذلك‬
‫من مصادر داخلية أو خارجية‪ ،‬لتخضع فيما بعد لعمليات هي التبـ ـ ـويب و المعالجة و‬
‫التحليل‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪156‬‬
‫‪-3‬من حيث كيفية استخدام المعلومات التي توفرها‪ :‬تساعد هذه األنظمة المعلوماتية على‬
‫إنجاز المهام بتحقيق أعلى مستويات الفعالية‪ ،‬بخاصة ما تعلق بتلك المستهلكة لكميات‬
‫كبيرة من المعلومات على غرار التخطيط و اتخاذ الق اررات(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬الفترات التي مرت بها نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‪ :‬مرت هذه النظــم بفتـ ـ ـ ـرات‬
‫ثالث تماشيا و التقدم الذي عرفته الحواسيب‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬فترة سنوات الستينات و السبعينات‪ :‬التي يمكن اعتبارها بداية إيالء األهمية لهذه النظم‬
‫المعلوماتية‪ ،‬و التي توصف كونها بداية بطيئة‪.‬‬

‫‪-2‬فترة الثمانينات‪ :‬إنها الفترة التي عرفت حقا استخدام نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‬
‫لكن هذا اإلستخدام نجده مقتص ار على عدد قليل من العمليات مثل تخ ـزين و است ـ ـرجاع‬
‫المعلومات بكميات محدودة‪ ،‬إال أن التطور المتسارع الذي شهدته الحواسيب قد مكن بعد‬
‫ذلك من تخزين كميات أكبر من المعلومات و القيام بعمليات حسابية أعقد(‪.)2‬‬

‫‪-3‬فترة التسعينات‪ :‬عرفت هذه العشرية من القرن العشرين بانتشار الحواسيب الشخصية و‬
‫ظهور برمجيات مخصصة إلدارة الموارد البشرية‪ ،‬مما أدى إلى المزيد من التطـ ــور في‬
‫مجال نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬األهداف المتوخاة من استخدام هذه النظم‪ :‬لقد دعت الحاجة إلى إدارة الموارد البشرية‬
‫وفق أحسن الطرق و اإلستفادة من كفاءة و خبرة عناصرها على الوجه األكمل إلى اإلستعانة‬
‫بما توصل إليه مجال اإلعالم اآللي من تطور‪ ،‬وذلك تحقيقا لعدد من األهــداف التي يتسن ــى‬
‫جمعها فيما يلي‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬عبد المجيد عطار‪ ،‬وهيبة بوربعين‪ " ،‬نظم المعلومات في تنمية الموارد البشرية‪ ،‬بين الكفاءة و الفاعلية"‪ ،‬مركز النور للدراسات‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪:‬‬
‫(‪ )2020/11/14‬على الرابط‪https://www.alnoor.se/article.asp?id=320228. :‬‬

‫(‪ )2‬قصي علي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬

‫‪157‬‬
‫‪-1‬األهداف المتعلقة بالوظائف‪ :‬حيث تقدم نظم معلومات إدارة الموارد البشرية خدمـات في‬
‫مجال الوظائف من خالل توصيفها بشكل كامل مع بيان المتطلبات المتصلة بها و كذا‬
‫المؤهالت التي يشترط توفرها في األفراد المشتغلين بها‪.‬‬

‫‪-2‬األهداف المتعلقة بحاجات المنظمات من الموارد البشرية‪ :‬تساعد هذه النظم المعلوماتية‬
‫على اإللمام بحاجات المنظمة من الموظفين و العمــال مع مقابل ـة ذلك بما يتوف ـ ـ ــر من‬
‫عناصر مؤهلة داخل المنظمات و خارجها‪ .‬في هذا الصدد يمكن لهذه النظم أن تق ـدم‬
‫معلومات وافية عن الكفاءات التي يمكن استقطابها‪.‬‬

‫‪-3‬األهداف المتعلقة بالموظفين‪ :‬في هذا المجال يمكن لنظم المعلومات هذه أن تساعد في‬
‫إدارة كل ما تعلق بالظروف المهنية لألفراد ضمن المنظمة كوضع الملفات التي تحتوي‬
‫البيانات الشخصية من جنس‪ ،‬و سن‪ ،‬و مستوى تعليمي‪ ،‬و الحالة االجتماعية‪ ،‬ع ـ ـالوة‬
‫على تنظيم مجمل العمليات اإلجرائية المتصلة باألفراد كالتعيين‪ ،‬و العطل مثال‪.‬‬
‫هي تستخدم أيضا لإلستفادة من البيانات التي توفرها بمناسبة تنمية مهارات العمال‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الدور الذي تؤديه نظم معلومات إدارة الموارد البشرية‪.‬‬

‫يفرض تشغيل العنصر البشري تحديات على نظم المعلومات إذ أن المنظمــات ال يمكن ـها‬
‫أن تعتبر ما يحمله األفراد من خبرات و كفاءات و مهارات ضمن ممتلك ـاتها مثلما هو الحال‬
‫بالنسبة للموارد األخرى‪ ،‬فانتماء الموظفين و العمال للمؤسسات نجده يخضع لشروط مضمنة‬
‫في عقود العمل‪ ،‬مما يؤدي إلى الضغط على نظم معلومات إدارة الموارد البشرية ألداء دورها‬
‫على أحسن وجه على صعيد التوظيف‪ ،‬و تسيير األجراء و كذلك ضمان متابعة تدفـ ـ ــق مورد‬
‫هو في تطور مستمر كما أنه غير قابل للمراقبة سوى بشكل جزئي(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪(1) Robert REIX, Op.cit., p.167.‬‬

‫‪158‬‬
‫يتمثل دور نظم معلومات إدارة الموارد البشرية في األوجه التالية‪:‬‬

‫أوال‪-‬في تخطيط الموارد البشرية‪ :‬تلعب هذه النظم المعلوماتية دو ار حيويا في تخطيط الموارد‬
‫البشرية باعتمادها على الوسائل التكنــولوجية كالحواسيب و على البرمجيـات المتخصصة‪ ،‬إذ‬
‫يتسنى إعداد خطط متعلقة بالمدى القصير و المتوسط و الطويل كفيلة بتوفير معرف ــة مسبقة‬
‫عن طبيعة الحاجة إلى اليد العاملة‪ ،‬و طلبات التشغيل المتوفرة‪ ،‬و تطوير خط ـط ق ــادرة على‬
‫تغطية الحاجات من الموارد البشرية(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬في عملية التوظيف‪ :‬تظهر فعالية نظم معلومات إدارة الموارد البشرية من حيث ما لها‬
‫من مقدرة على إحصاء ما يرد من طلبات التشغيل و معالجتها و متابعتها‪ ،‬كما أنها تعد من‬
‫الوسائل الضامنة لتحقيق الشفافية لدى دراسة هذه الطلبات‪.‬‬

‫ثالثا‪-‬في تقييم األداء‪ :‬يطال التقييم األشخاص و المنظمات إذ يسمح المتوفر من البيانات و‬
‫المعلومات برسم صورة عن كل فرد من حيث تطوره إلى النجــاح في المهمة التي أوكلت إليه‬
‫في الوقت الح ـالي‪ ،‬و ما رصد من حاجات إلى التدريب على أساس نقــاط القــوة و الضعــف‪،‬‬
‫و يسمح كذلك بالوقوف على ما تتوفر عليه المنظمات من مهارات‪.‬‬

‫رابعا‪-‬إعداد برامج التدريب‪ :‬إن الخدمة التي تقدمها النظم المعلوماتية في هذا المجال تتمثل‬
‫في تبا دل المعارف و الخبرات و تقاسمها باستعمال الشبكات المعلوماتية التي تسمــح بالقيــام‬
‫بالعمل الجماعي‪.‬‬

‫خامسا‪-‬الوقوف على تطور أداء األفراد‪ :‬من بين الوظائف التي تؤديها نظم معلومات إدارة‬
‫الموارد البشرية نجد تسجيل جميع حيثيات التحاق األفراد بالمنظمات بل و ما يتعلق بما قبل‬
‫هذه المرحلة أين يتم البحث عن مؤهالت و خبرات معينة في قواعد بيانات مخصصة لذلك‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قصي علي عمار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬

‫‪159‬‬
‫فتسجل كل الظروف التي الزمت مسارهم المهني من شأنه التمكين من الوقوف على طبيعة‬
‫قدراتهم و كفاءاتهم‪.‬‬

‫سادسا‪-‬في إنجاز العمليات المتصلة بالرواتب و األجور‪ :‬في هذا الصدد توفر هذه الوسيلة‬
‫الدقة في إعداد القوائم المتعلقة بالرواتب و كذلك السرعة في إنجازها‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫خالصة الفصل الثامن‪:‬‬

‫توصف الموارد البشرية بكونها حيوية في المنظمات على غرار باقي الموارد مما ح ـ ـ ــذى‬
‫بالباحثين إلى إيالئها أهمية كبيرة تتجلى في التعاريف التي تم إنتاجها‪ .‬بالفعل يشير المورد‬
‫البشري إلى الخبرات و الكفاءات و القدرات الذهنية و كذا المعارف التي تتطلبها النشاطات‬
‫الجارية بالمنظمات‪ .‬في هذا الصدد تؤدي إدارة الموارد البشرية دو ار ال يستهان به من خالل‬
‫استقطاب األفراد و اإلستفادة من خبراتهم و تطويرها‪ .‬لذلك تتعدد أوجه إدارة الموارد البشرية‬
‫حيث بوصفها تخصص نجدها تبحث في طرق الحصول على المستخدمين‪ ،‬و في كيفيات‬
‫تحفيزهم‪ ،‬و أيضا في مناهج ضبطهم‪.‬‬
‫من جهة أخرى تظهر إدارة الموارد البشرية كوظيفة تعنى بشؤون اإلستخدام األمثل لألفراد‪ ،‬و‬
‫أما بوصفها ممارسات رسمية فهي تشير إلى تسيير المستخدمين‪ ،‬و العالقات االجتماعية و‬
‫إجراءات إدماج الموظفين و العمال‪.‬‬
‫إن المكانة التي تحتلها الموارد البشرية بالنسبة للمنظمات قد دفعت بهذه األخيرة إلى مباشـ ـ ـرة‬
‫عملية استخدام نظم معلوماتية فرعية لنظم معلومات التسيير إذ ترجع اإلنطالقة إلى ستينات‬
‫القرن العشرين قبل أن تشهد هذه الوسائل تطو ار كبي ار منذ منتصف سنوات التسعينات‪.‬‬
‫ثمة أهداف عدة تقف وراء هذا اإلستخدام فإلى جانب الرغبة في اإلستفادة من الخدمات التي‬
‫تقدمها في مجال توصيف الوظائف‪ ،‬هناك ضرورة اإللمام بحاجات المنظمات من العمال‪ ،‬و‬
‫كذلك الحصول على المساعدة في إدارة ما تعلق بالظروف المهنية لألفراد‪.‬‬
‫إن الدور الذي تلعبه نظم معلومات إدارة الموارد البشرية متعدد األوجه سيما و أن األمر ذو‬
‫صلة بمورد يختلف عن باقي الموارد من حيث عدم قدرة المنظمات على اعتباره ملكا لها‪.‬‬
‫ففي مجال تخطيط الموارد البشرية تساعد هذه النظم على توفير معرفة مسبقة عن احتياجات‬
‫المنظمات إلى الموظفين و العمال و ما يتوفر من طلبات التشغيل‪ ،‬و ضمان الشفافيـ ـ ـ ـة في‬
‫دراستها‪ .‬و أما على صعيد تقييم األداء فهي تقدم بيانات عن نسبة تطور كل فرد في مهمته‬
‫مع بيان حاجته إلى التدريب‪ .‬توفر هذه النظم كذلك الفرصة للبحث في قواع ـ ـد البيانات عن‬

‫‪161‬‬
‫أفراد ذوي مهارات معينة‪ ،‬إضافة إلى دورها في ضمان الدق ـة و السرع ـة في إع ـداد القوائـ ـم‬
‫المتعلقة بالرواتب‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬متطلبات المعلومات و جمع البيانات‬
‫التخاذ القرارات‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬متطلبات المعلومات و جمع البيانات التخاذ الق اررات‪.‬‬

‫تتغذى الق اررات على المعلومات و البيانات إذ تعمل هذه األخيرة على تحديد طبيعة القرار‬
‫المتخذ من ناحية توفره على معايير الجودة‪ ،‬و أن غيابها أو توفرها لكن بكميات غير كافية‪،‬‬
‫أو عدم تناسب نوع القرار المرجو اتخاذه و نوعية المعلومات التي توصل إليها متخذ القـ ـ ـرار‬
‫هي عوامل من شأنها أن تنتج ق اررات غير ذات جودة‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك ما يوجد من تمايز بين الق اررات تبعا للمستويات التنظيمية التي اتخذت فيها‬
‫و بالنظر إلى أن المنظمات تتنوع بفعل اإلختالف الموجود في أحجامها و نمـ ـ ـط هيكلتها‪ ،‬و‬
‫كذا طبيعة النشاطات التي تؤدى بها‪ ،‬فهي جميعها عوامل تدل على حاجة كل قـ ـ ـرار لتوفير‬
‫نوع معين من المعلومات و بالكميات المطلوبة‪.‬‬

‫لكن المعلومات هي في األصل بيانات جمعت من مصادر مختلفة و تم إخض ـ ـاعها لسلسة‬
‫من العمليات لمعالجتها حتى يستفاد منها عند مباشرة السيرورة التقريرية‪.‬‬

‫في هذا الفصل سيعمد في مبحث أول إلى ولوج موضوع أبرز المتطلبات التي يجب توفيرها‬
‫في المعلومات المستخدمة في عملية اتخاذ القرار‪ ،‬في حين سيعرض مبحث ثاني إلى طرق‬
‫جمع البيانات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬متطلبات المعلومات المستخدمة في اتخاذ القرار‪.‬‬

‫تختلف متطلبات المعلومات التي تتغذى عليها عملية صناعة القرار حيث يتماشى ذلك و‬
‫جملة من الحيثيات‪ ،‬من جهة أخرى يمكن الحديث عن القيم ـ ـ ـة التي يمكن منحها للمعلومات‬
‫للتمكن من اإلستفادة منها على وجه حسن‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫المطلب األول‪ :‬متطلبات المعلومات بالنسبة للمستويات التنظيمية‪.‬‬

‫إن المعلومات الجاري توظيفها في العملية التقريرية ال تتساوى من حيث الطبيعة و الكمية‬
‫و كذا الشكل الذي تقدم به بالنسبة لكل أنواع الق اررات‪ ،‬و أيضا من حيث الجهة المقبلة على‬
‫صناعة الق اررات‪ ،‬إذ يالحظ وجود اختالف على هذا الصعيد‪ .‬و في هذا الصدد يشار إلى ما‬
‫يوجد من اختالف في طبيعة المعلومات التي يحتاج إليها كل مستوى تنظيمي‪.‬‬

‫يمكن اإلشارة إلى التفاوت المشار إليه فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى اإلستراتيجي‪ :‬لقد أشرنا أعاله بأن هذا المستوى‬
‫يشغل الموقع األعلى بالنسبة للتسلسل الرئاسي ألي منظمة و هو يسمى أيضا باإلدارة العليا‪،‬‬
‫و أما من حيث طبيعة الق اررات التي تتخذ به فاألمر يتعلق بتلك الطويلة المـ ـ ـدى بمعنى التي‬
‫تتصل بمستقبل المنظمة‪ ،‬لذا فإن المعلومات التي يجــري توظيفها في هذا اإلطــار تك ـ ــون من‬
‫قبيل تلك التي "يتم استخدامها كوسيلة إلحداث التغيير أو التطوير المرغوب في المنظمة"(‪.)1‬‬
‫ثم أنها تتصف بقلة تكرارها و باختصارها و ضعف دقتها مما يمكن القيادة من استيعابها(‪.)2‬‬
‫أما من حيث المصادر التي يستمد منها هذ المستوى المعلومات التي يحتاج إليها فإنها تتنوع‬
‫إلى تلك الداخلية التي تتعلق بالحجم المستقبلي للطلب‪ ،‬و ما تم تحقيقه فعليا كمبيعات‪ ،‬و ما‬
‫يتوفر من حيث الموارد و مختلف اإلمكانيات‪ ،‬إلى غير ذلك من عناصر القـ ـ ـوة أو الضعف‪،‬‬
‫بينما يتمثل ما يرد إلى المستوى المذكور من البيئة الخارجية للمنظمة في "التقارير الحكومية‪،‬‬
‫و الدراسات الديمغرافية‪ ،‬و الممارسات التجارية‪ ،‬و استقصاءات السوق و منظمات البحوث و‬
‫الدراسات‪ ،‬و وسائل اإلعالم العامة"(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫(‪ )2‬عبد هللا حمود سراج‪" ،‬أهمية خصائص المعلومات في بناء اختيار ق اررات المنظمة"‪ ،‬مجلة العلوم االقتصادية و علوم التسيير‪ ،‬العدد ‪ ،04‬جامعة سطيف‪،‬‬
‫‪www.asjp.cerist.dz.‬‬ ‫‪ ،2005‬ص ‪ ،134‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/12/12( :‬على الرابط‪:‬‬

‫)‪ (3‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪165‬‬
‫ثانيا‪-‬متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى التكتيكي‪ :‬يشار كذلك إلى هذا المستـ ــوى كونه‬
‫اإلدارة الوسطى‪ ،‬كما يعرف عن الق اررات التي تتخذ به كونها من النـ ـوع الشبه روتيني و أن‬
‫المدة الزمنية التي تختص بها هي أقل من تلك المتعلقة بالمستوى التنظيمي اإلستراتيجي‪ .‬من‬
‫حيث متطلبات المعلومات المستخدمة من طرف هذا المستوى فاألمر يتصل بكمية كبيرة من‬
‫"البيانات الداخلية التفصيلية عن الحسابات و المبيعات و المخزون‪ ،‬و اإلنتاج و جداوله و‬
‫الشراء‪ ،‬و حجم المبيعات‪ ،‬و عدد و نوع العاملين"(‪.)1‬‬
‫إلى جانب ذلك يحتاج متخذ القرار في هذا المستوى التنظيمي إلى معلومات تتصف بدرجة‬
‫متوسطة أو عالية من الدقة‪ ،‬و أن تكون مفصلة و حديثة و كذلك متكررة (‪.)2‬‬

‫ثالثا‪-‬متطلبات المعلومات بالنسبة للمستوى التشغيلي‪ :‬حيث تواج ــد المستويات الدني ـ ـا التي‬
‫تختص بالقيام باألنشطة اليومية الروتينية المتعلقة بمدة زمنية أقل بكثير مما عليه الوضع في‬
‫المستويات التنظيمية األخرى‪ .‬لذا فإن هذا المستوى يتطلب توافر معلـومات على جانب كبير‬
‫من الدقة مع تميزها بدرجة أكبر من حيث التكرار‪ ،‬كما يعرف عن هكذا مستوى استخ ـ ــدامه‬
‫لمعلومات جد مفصلة و متعلقة مباشرة بموضوع القرار(‪.)3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬قياس جودة الق اررات على أساس قيمة المعلومات‪.‬‬

‫كثي ار ما يوصف القرار الذي تم اتخاذه كونه يشتمل على مقاييس الجودة مع العلم أن هذه‬
‫األخيرة إنما تقاس على أساس المعلومات التي دخلت في السيرورة التقريرية‪ .‬لذا فقد عمد إلى‬
‫إفراد جانب كبير للبحث في مسألة ما تتضمنه المعلومات كقيمة حيث تم التوصل إلى إنتاج‬
‫أدبيات كثيرة اهتمت بهذا الجانب الذي يكتسي أهمية أكيدة في صناعة القرار‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬ثابت عبد الرحمان إدريس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫(‪ )2‬عبد هللا حمود سراج‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫(‪ )3‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫أوال‪-‬تعريف قيمة المعلومات‪ :‬ليس ثمة اتفاق بخصوص هذه المسألة بين الدارسين إذ يمكن‬
‫اإلشارة بصفة عامة إلى وجود اتجاهين في هذا المجال كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬اتجاه يعمل على تحديد قيمة المعلومات قياسا باستخراج المعلومة من طرف الجهة التي‬
‫تتخذ القرار‪ ،‬فكلما وثقت هذه الجهة في المعلومة المستخدمة كونها استخرجتها بنفسـ ــها‪،‬‬
‫زادت قيمة المعلومة تلك‪.‬‬

‫‪-2‬اتجاه يقيس قيمة المعلومات بناء على مدى الثقة بالشخص أو الجهة التي استخرجتها‪،‬‬
‫فكلما توفرت معرفة كافية بهذه الجهة‪ ،‬أو أن طبيعة اإلثباتات تكفي للوثوق بالمعلومات‬
‫تلك‪ ،‬كلما زادت قيمة هذه األخيرة(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬مداخل تحديد قيمة المعلومات‪ :‬يستوجب تحديد قيمة المعلومات أن يستعان بجملة من‬
‫المداخل كونها عملية تنطوي على عدد من الصعوبات بخاصة إذا تعلق األمر بالجديدة منها‬
‫فمتخذ القرار مطالب بمعرفة تكلفة الوصول إلى المعلومات المطلوبة‪ ،‬و مدى نفعــها في حــل‬
‫المشكلة‪ ،‬و أن يعمل في ظل ما يفرض عليه من قيود كنقص الموارد‪ ،‬و ضيق الوقت‪.‬‬
‫تتمثل المداخل المشار إليها فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬مدخل القيمة االقتصادية‪ :‬يعتمد هذا المدخل في تحديده لقيمة المعلومات على درجة ما‬
‫يتوفر عليه القرار الذي بني على أساسها من نتائج إيجابية‪ ،‬و بذلك فإنه مدخل يفترض‬
‫بأن المعلومات ال تتضمن قيمة ذاتية بل هي رهن بالنتيجة التي أفضى إليها القرار(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شمس ضيات خلفاوي‪" ،‬قيمة المعلومات في اتخاذ الق اررات"‪ ،‬ملتقى الباحثين السياسيين العرب‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/12/08(:‬على الرابط‪:‬‬
‫‪www.arabprf.com.‬‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪-2‬مدخل منفعة المعلومات‪ :‬بعكس المدخل المشار إليه آنفا فإن ذلك المبني على منفعة‬
‫المعلومات يقول باحتواء هذه األخيرة على قيمة ذاتية تتحدد بناء على ما تحتـ ـ ـويه من‬
‫خصائص داخلية‪ ،‬و على هذا النح ـو فإن الجهة المستخدمة للمعلومات تجـ ـري عملية‬
‫تحديد لقيمتها على أساس الخصائص تلك باإلشارة إلى أبعادها اإليجابية و السلبية‪.‬‬

‫‪-3‬مدخل اقتصاديات المعلومات‪ :‬يعتمد هذا المدخل في تحديده لقيمة المعلومات على‬
‫سلوك الجهة المتخذة للقرار إذ تبنى على قيمة هذا األخير‪ .‬و في سبيل الوصول إلى‬
‫هذه النتيجة يستعان باألساليب العلمية التي تساعد على إجراء تحليل لكل ما يتعلق‬
‫بالمسائل االقتصادية الخاصة بالمعلومات‪ .‬إن هكذا مدخل يتطلب "المعرفة بق ـ ـواعد‬
‫الق اررات و بالنتائج االقتصادية المترتبة على البدائل المختارة‪ ،‬فضال عن تحديد بيئة‬
‫العمل تحديدا دقيقا"(‪.)1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البيانات و طرق جمعها‪.‬‬

‫تكتسي البيانات أهمية كبيرة بالنسبة لجميع العمليات التي تحتاج إليها و تستخدمها فهي و‬
‫إن لم تتم معالجتها تحمل في ثناياها المادة الخام األساسية التي يعمــد إلى جمعها من شت ــى‬
‫المصادر و بأساليب مختلفة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلقتراب من البيانات كمفهوم‪.‬‬

‫نظ ار لإلستخدامات المختلفة للبيانات و في ميادين كثيرة وجب الوقوف على المعنى الذي‬
‫تحمله و كذلك مميزاتها و أنواعها‪.‬‬

‫أوال‪-‬تعريف البيانات‪ :‬إن التعاريف التي تم إنتاجها في هذا المجال كثيرة بالنظر إلى أهمية‬
‫هذا الجانب المتصل بحياة األفراد و كذا المنظمات‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شمس ضيات خلفاوي‪ ،‬المقال المذكور سابقا‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫ثمة من نظر إلى البيانات كونها "حقائق و أرقام مشوشة و غير مرتبة و مزدحمة بحيث ال‬
‫يمكن استخراج أي حكمة‪ ،‬أو قاعدة منها قبل أن يتم معالجتها"‪.‬‬
‫كما ينظر إليها أيضا كونها "عبارة عن األعداد و األحرف و األبجدية و الرموز التي تقوم‬
‫بتمثيل الحقائق و المفاهيم بشكل مالئم يمكن من إيصالها و ترجمتها و معالجتها"‪.‬‬
‫و أما فيما تعلق بالمعلوماتية فالبيانات تصبح " هي المدخالت إلى جهاز الكمبيوتر بهـ ـ ــدف‬
‫تشغيلها و معالجتها داخل الجهاز و الحصول على المخرجات في صور المعلومات"(‪.)1‬‬

‫يظهر من هذه التعاريف و من أخرى االتفاق العام الموجود حول اعتبار البيانات كمجموعة‬
‫من الرموز و الحروف و الصور واألرقـ ـام ذات العالقة بموضوع معين‪ ،‬و أنها "دون معنى‪،‬‬
‫أو ذات معنى بسيط بسبب عدم توفر السياق الذي يمكن من خالله تقييمها أو فهمها"(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪-‬أصناف البيانات‪ :‬تنقسم البيانات بصفة عامة إلى صنفين كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬البيانات النوعية‪ :‬و يتعلق األمر بتلك البيانات التي تكتفي بوصف موضوع معين دون‬
‫أن تستخدم فيها األعداد‪ ،‬حيث ينقسم هذا الصنف إلى البيانات اإلسمية التي تعتمد في‬
‫اإلشارة إلى المواضيــع على ما يمتلكــه هذا األخير من خصائص‪ ،‬إلى جانبه ـ ــا نجد ما‬
‫يدعى البيانات الترتيبية التي تقدم ترتيبا لعناصر الموضوع(‪.)3‬‬

‫‪-2‬البيانات الرقمية‪ :‬تدل هذه التسمية على طبيعة هذا الصنف الذي تستعمل فيه األعداد‬
‫للتعبير عن المجال المعني بجمع البيانات‪ ،‬و هو يضم قسمين حيث يتعلق أولهما بتلك‬
‫الفترية أي التي يعمد فيها إلى قياس الذكاء مثال في مجاالت على غرار العلوم التربوية‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ " )1‬الفرق بين البيانات و المعلومات"‪ ،‬مدونة عبد الكريم خيطاس‪ ،‬دليل اإلداري و المسير المالي في الجزائر‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/12/15( :‬على الرابط‪:‬‬
‫‪https://khitasabdelkarim.wordpress.com.‬‬

‫(‪ )2‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬

‫(‪" )3‬جمع البيانات تصنيفها و ترميزها"‪ ،‬تاريخ اإلطالع‪ ،)2020/12/14( :‬على الرابط‪https://nitrosystem.net. :‬‬

‫‪169‬‬
‫و النفسية و االجتماعية‪ ،‬و أما القسم الثاني فيشار إليه بتسمية البيانات النسبية التي‬
‫يقصد بها مثال في حال منح قيمة صفرية لظاهرة ما أنها حقيقية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق جمع البيانات‪.‬‬

‫هناك طرق مختلفة لجمع البيانات التي يرجى استخدامها في السيرورة التقريرية و كذلك‬
‫في إنجاز البحوث و إعداد التقارير‪.‬‬

‫أوال‪-‬مصادر البيانات‪ :‬هناك بصفة عامة نوعين من المصادر للبيانات و هما‪:‬‬

‫‪-1‬المصادر األولية‪ :‬و يتعلق األمر بتلك البيانات التي عمل متخذ القرار على جمعها‬
‫بنفسه من مصادرها و هي تهم موضوع القرار بحد ذاته‪.‬‬

‫‪-2‬المصادر الثانوية‪ :‬و هي البيانات التي تم جمعها من طرف أفراد أو منظمات أخرى‬
‫إذ جرى استخدامها في مشكالت أو مواضيع أخرى‪ ،‬و يعمد إلى توظيفها في الق ـ ـ ـ ـرار‬
‫الجاري اتخاذه(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪-‬الطرق التي تجمع بها البيانات‪ :‬تجمع البيانات التي تستخدم من طرف األشخاص و‬
‫المنظمات باعتماد طرق و أدوات كما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬جمع البيانات من مصادرها‪ :‬بمعنى اإلنتقال إلى أماكن تواجد البيانات ألجل جمعها‬
‫باستخدام إحدى الطريقتين التاليتين‪:‬‬

‫أ‪-‬إجراء مسح شامل‪ :‬تدل تسمية هذه الطريقة على شمول عملية الجمع للمجتمع الذي‬
‫سيمسه الق ـرار بكليته مع ما يترتب على ذلك من حصر لكل البيانات و المعطيات‬
‫المرغوب جمعها بالنسبة لإليجابيات‪ ،‬لكن مع ارتف ـاع التكاليف من حيث الجهـ ـد‪ ،‬و‬
‫الوقت‪ ،‬و المال من جانب سلبيات هذه الطريقة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬حسين أحمد الطراونة‪ ،‬محمد ياسين موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.325‬‬

‫‪170‬‬
‫ب‪-‬القيام بالمعاينة‪ :‬كثي ار ما يلجأ إلى هذه الطريقة في البحوث اإلحصائية بخاصة في‬
‫حال تعذر إجراء ذلك على مجتمع الدراسة برمته‪ ،‬لذلك يتم اختيار عينة تمثيلية له‪.‬‬

‫‪-2‬أدوات جمع البيانات‪ :‬يتسنى حصر أنواع األدوات المستعملة في جمع البيانات في‬
‫صنفين هما‪:‬‬

‫أ‪-‬األدوات ذات الطابع المباشر‪ :‬يتم عن طريق هذا النوع من األدوات اإلقتراب من‬
‫مصادر البيانات بغرض جمعها باستعمال أساليب اإلستبيان‪ ،‬و المقابلة‪ ،‬و أيضا‬
‫المالحظة‪.‬‬

‫ب‪-‬األساليب غير المباشرة‪ :‬إذ تستخدم في هذه الحالة وسائط مثل إرسال اإلستمارات‬
‫إلى المصدر باستعمال وسائل كالرسائل‪ ،‬أو الهاتف‪ ،‬أو اإلنترنت(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪" )1‬جمع البيانات تصنيفها و ترميزها"‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫خالصة الفصل التاسع‪:‬‬

‫ال توجد إمكانية التخاذ ق اررات في غياب البيانات و المعلومات بخاصة و أن هذه األخيرة‬
‫تؤثر في جودة الق اررات و تحدد شكلها‪ ،‬و في هذا الصدد هناك متطلبات خاصة بالمعلومات‬
‫التي يجب أن تتوفر بالنسبة للمستويات التنظيمية‪ ،‬إذ يستخدم المستوى اإلستراتيجي الذي فيه‬
‫تصنع الق اررات الطويلة المدى التي تمس بمستقبل المنظمات معلومات تتصف بقلة تكرارها و‬
‫اختصارها و عدم دقتها و هي أيضا معلومات ترد من كال البيئتين الداخلية و الخارجية‪.‬‬
‫بينما يستعين المستوى التكتيكي بكميات كبيرة من البيانات التفصيلية الداخلية لتتغذى عليها‬
‫الق اررات الشبه روتينية‪.‬‬
‫هذا و يوظف المستوى التشغيلي معلومات شديدة الدقة و متكررة تستعمل في نشاطاتها ذات‬
‫الطابع اليومي الروتيني‪.‬‬

‫تقاس المعلومات بما تتوفر عليه كقيمة هذه األخيرة التي تبنى على عنصر الثقة التي يمنحها‬
‫إياها مستخدمها‪ ،‬أو على أساس الثقة بالجهة التي استخرجتها‪.‬‬
‫من حيث المداخل يتسنى تقييم المعلومات من الجانب االقتصادي على أساس ما تنتهي إليه‬
‫من نتائج إيجابية‪ ،‬كما تقيم من حيث احتوائها على قيمة ذاتية‪ ،‬أو من ناحية سلوك الط ـ ـ ـرف‬
‫الذي يتخذ القرار‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن المعلومات تمر بمرحلة أولية سابقة لعملية المعالجة حين تكون عبـ ـ ـ ـارة‬
‫عن بيانات مختلفة على شكل حقائق و أرقام‪ ،‬و رموز‪ ،‬و أحرف‪ ،‬أي أنها ذات طابع نوعي‬
‫عندما تصف ظاهرة ما‪ ،‬أو هي رقمية حين تضفي الشكل الكمي على الموضوع قيد البحث‪.‬‬

‫ثمة طرق عدة لجمع البيانات من المصادر األولية و الثانوية إذ يتم ذلك بإجراء مسح شامل‬
‫للمجتمع الذي تنتج عنه البيانات‪ ،‬أو اإلكتفاء بأخذ عينة تمثيلية له‪ .‬أما من جانـ ـ ـب األدوات‬
‫فاألمر يتنوع إلى استخدام أسلوب اإلستبيان‪ ،‬و المقابلة‪ ،‬و المالحظة‪ ،‬و إرسال اإلستمارات‬
‫باستعمال وسائل مختلفة‪.‬‬

‫‪172‬‬

You might also like