Professional Documents
Culture Documents
التعاقد كآلية لتحقيق التنمية الجهوية
التعاقد كآلية لتحقيق التنمية الجهوية
~~0
مقدمة :
تعتبر السياسة الجهوية إحدى الركائز األساسية في تجسيد وممارسة الحكامة الجيدة في شتى
مجاالت تدبير الشأن العام .وفي هذا الصدد ،تعد كل التوجيهات الملكية بمثابة خارطة الطرق
لتطوير مفهوم الجهة كمكسب دستوري ،وأداة أساسية لتدعيم ١لالمركزية والديمقراطية المحلية
في بالدنا ،وتقليص الفوارق واالختالالت بن المدن والقرى ،وبين مناطق المملكة ،والعمل
بمفهوم جديد للسلطة والتدبير.
ويطرح هذا اإلطار المؤسساتي الجديد إعادة النظر في النموذج التنموي ،وفي اعداد التراب
الوطني ككل ،سواء من حيث المرتكزات ،أومن حيث المضمون وأدوات التدخل ،وكذا من حيث
الوسائل اإلجرائية والتنفيذية .وذا كانت التنمية الترابية مفهوما متقدما لتفعيل الجهوية ،مواكبة
وتزامنا مع تطور عالقة الدولة بمجاالتها الترابية مع ما يرافق ذلك من تحديا ت ،فإنها تصطدم
بمجاالت أكثر تعقيدا (المجال الترابى ومستويا ت التدخل :الوطني ،الجهوي و المحلي)،
تتداخل فيها االعتبار المفاهيمي و المنهجي (مفهوم التنمية الترابية وتحديد مقاربة التدخل )،
واإلطار المؤسساتي (سياسية ١لالتمركز و١لالمركزية ،والجهوية) ،والفاعل التنموي والفرقاء
(الدولة ،الجماعات الترابية ،الخواص ،مكونات المجتمع المدني) ،مما يتطلب البحث عن
تصورات وآليات تدبير جديدة .وبالنظر للوضع الراهن لممارسة التنمية الترابية لمهامها
التأطيرية والتنموية ،يتعن التساؤل عن طبيعة أشكال التدخل ،وكذا األدوات المنهجية والتمويلية
والمؤسساتية التي من شأنها ترسيخ الالمركزية وتشجيع االلتقائية في تدخالت السلطات
العمومية ،وبالتالي إنشاء العمل بالسياسة التعاقدية بين الدولة والجهة ،من جهة ،والشراكة بين
1 مختلف الفاعلين الترابيين ،من جهة أخرى.
ولقد كان للتجربة المغربية الطويلة الممتدة على مدى الثالثين سنة الماضية في مجال العالقات
التعاقدية بين الدولة وبعض المؤسسات والمنشآت العامة ،إضافة نوعية هامة حيث مكنت عقود
البرامج المبرمة بين الدولة و المؤسسات والمنشآت العامة من ترشيد أمثل لتسيري هذه الهيئات
ومن تحسين أدائها التقني واالقتصادي والمالي .وفضال عن ذلك ،ساهم القانون رقم -00
1الدكتور محمد عتيق (مركز اآلداب والعلوم اإلنسانية ،القطب الجامعي آيت ملول ) ندوة علمية حول الحكامة والتنمية الترابية بالمغرب
يومي 04،05أبريل 2018
~~1
69المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى منذ دخوله حيز التنفيذ
بتاريخ 18دجنبر ، 2003في ترسيخ هذه الممارسة في إطار تنفيذ السياسات الحكومية
القطاعية من خالل توضيح أفضل لألهداف االستراتيجية المسندة للمؤسسات والمنشآت العامة
وتحسين أسلوب حكامتها وكذا الرفع من أدائها .وهكذا عرف التعاقد دينامية جديدة مكنت من
تحسني الهندسة العامة للعقود من خالل تحديد أفضل التزامات الطرفين التي أصبحت أكثر دقة
لربطها بأهداف مرقمة وقابلة للتقييم .كما تمت تقوية آليات التتبع وتدعيمها بتقييم دوري ومنتظم
لتنفيذ االلتزامات التعاقدية ووقعها على الوضعية العامة للهيئات المعنية .
وفي هذا الصدد ،وتماشيا مع المبدأ الدستوري الذي يقيض بربط المسؤولية بالمحاسبة «2ووفقا
للتوجهات الحكومية ،فإن نشاط المؤسسات والمنشآت العامة يجب أن يكون موضوع سياسة
تعاقدية متعددة السنوات مع الدولة وذلك قصد إدراجه ضمن األولويات الحكومية وتحديد
األهداف المنوطة بهذه المؤسسات والمنشآت العامة وكذا اإلنجازات المنتظرة .كما أن العالقة
التعاقدية مع هذه الهيئات من شأنها أن تساهم في تعزيز حكامتها والرفع من أداءها مع تعزيز
آليات تقييم إنجازاتها على ضوء أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية المسطرة وبالتالي
تحسين جودة الخدمات المقدمة وترشيد النفقات .وهكذا فإن التعاقد بين الدولة والمؤسسات
والمنشآت العامة والجماعات الترابية يمكن هذه األخيرة من تحديد أهدافها االستراتيجية
والعملية.
وفي إطار تدخل المؤسسات و المنشآت العامة على المستوى الجهوي ،فإن التعاقد يوفر اإلطار
المناسب لتعزيز مساهمتها في تفعيل أكبر لسياسة القرب من أجل تنمية محلية مستدامة
ومتناسقة .إضافة إلى ذلك ،فإن اإلطار التعاقدي يعطي األولوية للنشاطات الكفيلة بترشيد آليات
تسيري المؤسسات و المنشآت العامة وتقليص تكاليف استغاللها وتدعيم إجراءات التدبري
المشترك لإلمكانيات المتاحة وذلك من أجل ترشيد استعمالها وتحسني تنسيق اإلنجازات .ويعتبر
إعداد العقود متعددة السنوات فرصة لدراسة مشاريع استثمار المؤسسات و المنشآت العامة
للتأكد خاصة من مدى توافقها مع األهداف المحددة لها وتنزيل السياسات العامة وتنفيذ األولويات
الحكومية ،وكذلك التحقق من مدى مردوديتها وتأثريها على تحسين جودة الخدمات بالنظر
2
تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ص 23،بتاريخ .2016
~~2
لمتطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية ومدى مالءمتها للقدرة التمويلية للمؤسسة وخاصة فيما
يتعلق بأهداف ضبط نسب االستدانة .وفي هذا اإلطار ،ينبغي دراسة إمكانية اللجوء إلى الشراكة
بين القطاع العام والقطاع الخاص لتمويل وإنجاز أو استغالل مشاريع االستثمار وذلك لالستفادة
من قدرات االبتكار والتمويل المتوفرة لدى القطاع الخاص .كما تهدف السياسة التعاقدية إلى
ترشيد تحويالت الدولة المالية لفائدة المؤسسات و المنشآت العامة والتحكم في مستواها عبر
ترشيد النفقات وتعزيز الموارد الذاتية وتنويع مصادر التمويل وكذا ربط التحويالت المذكورة
بالمستوى الفعلي للحاجيات وباإلمكانات المتوفرة.
وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار ،هو تنامي اللجوء إلى األسلوب التعاقدي ما بين األشخاص
المعنوية العامة ،بعدما كان هذا المبدأ من قبل ،من المبادئ غير القابلة للتطبيق على أرض
الواقع لعدة أسباب مختلفة .إال أن هذه اإلمكانية أصبحت متاحة أمام مختلف األشخاص المعنوية
العامة (الدولة ،الجماعات الترابية ،المؤسسات العمومية ،) . . .هذا األسلوب التعاقدي الذي
نجد أن من بين مزاياه كونه أنه سهل وبسيط ،وما يبرر قول ذلك هو التراجع النسبي للقرار
اإلداري االنفرادي لصالح التقنيات التفاوضية ،فالتسيير بالدوريات وباألوامر التسلسلية أصبح
يتقلص شيئا فشيئا ،ليترك المجال للتعاقد ،إذ أن التشاور أصبح أكثر فأكثر قاعدة أساسية في
المعاملة اإلدارية والسياسية خصوصا والتعاقد كذلك يشكل الوسيلة الطبيعية التجسيد الشراكة
والتعاون ما بين مختلف األشخاص المعنوية العامة .إذن فهذا التوجه العام يشكل مؤشرا قاطعا
على أن الالمركزية اإلدارية تعرف تطورا عميقا على مستوى طبيعتها الداخلية ،حيث نمر من
المركزية تقليدية تتأسس على متدخلين فقط ،وهما ممثل السلطة المركزية والمنتخب إلى مفهوم
جديد الالمركزية عصرية ترتكز على عدة متدخلين ( اإلدارة الجماعات الترابية ،الجمعيات
المجتمع المدني والخواص ،المتدخلون االقتصاديون .) . . .وبالتالي تكمن أهمية دراسة
موضوع التعاقد في الوقوف على المقاربة الجديدة التي تنهجها الدولة في معالجة وتدبير الشأن
المحلي ،وكذلك على طبيعة العالقة التي تربط الجماعات الترابية والدولة في تبينها لهذه
المقاربة ،خصوصا مع المرسوم الجديد لالتمركز اإلداري بشكل منسجم والتوجه التنظيمي
الجديد الذي أطره دستور 2011والقائم على الجهوية المتقدمة .كما تكمن أهميتها العملية في
تحديد تدخالت ومسؤوليات كل من الدولة والجماعات الترابية .ومن هذا المنطلق نجد أن هناك
~~3
إشكالية تطرح نفسها بإلحاح وتجعل الباحث يتساءل "إلى أي حد ساهمت آلية التعاقد إلى تحقيق
التنمية الجهوية؟"
المبحث األول :اإلطار القانوني أللية التعاقد وأسباب تبني هاته االلية
3
-دستور المملكة المغربية الصادر بموجب استفتاء فاتح يوليوز ، 2011الجريدة الرسمية .عدد 5952مكرر بتاريخ ( 17يونيو ، ) 2011في .
. 3600
4
-المتمثلة في القانون التنظيمي رقم 14 . 111المتعلق بالجهات ،والقانون التنظيمي رقم 14 . 112المتعلق بالعماالت واألقاليم ،قانون التنظيمي رقم
14 . 113المتعلق بالجماعات ،والصادر بتنفيذها -على التوالي -الظهير الشريف رقم ، 1 . 15 . 83الظهير رقم ، 1 . 15 . 84الظهير الشريف
رقم ، 1 . 15 . .85بتاريخ 20من رمضان 7 ( 1436يوليوز ، ) 2015الجريدة الرسمية .عدد 8380م .ص 6585وما بعدها .
- 5صدرت عبر مراحل خالل الثالث السنوات التي تليها ،أي . 2018 - 2017 - 2016
~~4
أرضية عمل مناسبة لتحقيق االهداف المنتظرة من هذه الجماعات الترابية بكل حرية و استقاللية
.6
فقد تحدثت العديد من الدراسات عن بعض الصور القانونية التي تبرز حرية الفعل الموكولة
للجماعات الترابية بعد صدور دستور ،2011خصوصا السلطة التنظيمية التي تعتبر مقوما
ذاتيا للتعبير عن استقاللية تنظيم المجال الترابي .فقد أخذت السلطة التنظيمية قوة تنظيمية
ودستورية ،حيث برزت كأهم االختصاصات التي اعترف بها الدستور المغربي الحالي عبر
إشارات واضحة تحيل على نضج التدبير بالجماعات الترابية .لكن في المقابل نجد صعوبة في
التطرق إلى الحرية التعاقدية للجماعات الترابية ،وهو األمر البديهي نظرا للقيود التي تجعل
الحديث عن الحرية التعاقدية يالمس وجود عدة نقاشات نظرية وفقهية وأخرى قانوني وواقعية
خاصة بالدول الموحدة المعروفة بصرامة النظام القانوني وصالبة التأطير القانوني للوحدات
الترابية .فحرية التعاقد تعززت مع بروز وتطور مبدأ التدبير الحر الذي فتح هامشا أكبر
لمناقشته بشكل أفضل .بل يمكن القول أن حرية التعاقد تشكل وجها قانونيا مميزا للتدبير الحر،
لكونها تتعلق بقدرة الهيئات الترابية المنتخبة على التعاقد بكل حرية من أجل تحقيق األهداف
الملقاة على عاتقها .إذن ،البد من التركيز على فعلية استخدام و استثمار هذه الوسائل القانونية
على النحو الذي يزكي االستقاللية اإلدارية والمالية لهذه الوحدات والمتمثلة في فعلية ممارسة
السلطة التنظيمية المحلية المخولة لهذه الجماعات الترابية .
وعندما نتحدث عن مفهوم التعاقد فليس هو نفس المعنى بالنسبة لمفهوم العقود اإلدارية ،فالتقنية
األولى بصددها أمام أشخاص معنوية عامة تتعاقد فيما بينها قصد تحقيق مصلحة عامة ،
وتنظيمها قواعد القانون العام ،ويتم ذلك بمقتضى اتفاقية شراكة أو تعاون يتم بمقتضاها تحديد
حقوق وواجبات األطراف المتعاقدة في حين أن التقنية الثانية ،أي العقود اإلدارية ،كما هو
معلوم ،ينبغي أن يكون أحد أطرافها المتعاقدة ،شخصا من األشخاص المعنوية العامة التي
تمثل السلطة العامة ،في حين الطرف اآلخر يمثل شخصا معنوي خاصا ،وقد تكون األهداف
والمصالح في العقود اإلدارية غير متساوية ما بين األطراف المتعاقدة ،فغالبا ما تكون الغاية
-6خليد المرابط ( ،الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ،)2015المجلة المغربية لإلدارة
المحلية و التنمية ،عدد ، 143نونبر – دجنبر ،2018ص. 215
~~5
األساسية لألشخاص المعنوية الخاصة هو تحقيق الربح أكثر مما هي تهدف إلى تحقيق المصلحة
العامة .ونجد أن الغرض من التعاقد في أغلب األحيان يرمي إلى التخفيف من سلطة الهيئات
المركزية على الهيئات الالمركزية من جهة ،وتوزيع المهام وكذا مشاركة أطراف مختلفة في
نفس المشروع من جهة أخرى .
ان معالجة موضوع التعاقد كآلية لتحقيق التنمية الجهوية تقتضي منا وضع تعريف جامع
للموضوع و ضبطه في (المطلب االول) الحرية التعاقدية للجماعات الترابية حسب القوانين
التنظيمية و كذلك أسباب تبني اليات التعاقد بين الدولة و الجماعات الترابية في (المطلب الثاني)
.
فالتعاقد يشكل أداة رئيسية لتحديد نوعية العالقات بين الدولة والجماعات الترابية وبين الجماعات
الترابية ومختلف الفاعليين المحليين ،وذلك بإدخال عالقات تدبيرية جديدة ترتكز على تحسين
األداء والنتائج من خالل إبرام عقود تؤدي في نهاية المطاف إلى نجاعة األداء وتحسين عيش
المواطن. 7
إضافة إلى تبني سياق “تحديث تدبير الجماعات” عبر االنتقال من منطق “الوسائل” الذي يركز
على صرف االعتمادات المالية وفق اإلجراءات القانونية المتبعة فقط دون االهتمام بانعكاس هذه
االعتمادات على أرض الواقع ،إلى منطق “النتائج” الذي يستهدف النجاعة و المردودية حيث
يلتزم الشريك االقتصادي الخاص بضمان تحقيق أهداف تنموية محددة عبر توظيف أكثر
عقالنية للموارد المالية والتقنية .
-7خليد المرابط ( ،الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ، )2015مرجع سابق ،ص224
~~6
إذا كانت السلطة التنظيمية هي مقوم قانوني ذي طابع ذاتي يعبر عن استقاللية تنظيم المجال
الترابي عبر أخذ عدد من القرارات بشكل انفرادي ،وبالقدر الذي تسمح به النصوص والقوانين
الجاري بها العمل ،فحرية التعاقد هي وجه قانوني ثاني للتدبير الحر يتعلق بقدرة الهيئات
الترابية المنتخبة على التعاقد بكل حرية من أجل تحقيق األهداف الملقاة على عاتقها 8 .
سنتحدث في هذا المطلب عن مبدأ حرية التعاقد في (الفرع االول ) وسنتناول التعاقد على
مستوى الجماعات الترابية في (الفرع الثاني).
فبعدما كان التعاقد أساس العالقات البينية التي تجمع األفراد ،وبعدما تطور -في ظلها -بشكل
تدريجي ليصبح أحد أهم عناصر قانون االلتزامات منذ الظهير الشريف الصادر في9رمضان
12( 1331أغسطس ) 1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود وتعديالته األخيرة ،9بدأ
مبدأ التعاقد يحوز مكانة متصاعدة بين األشخاص المعنوية العمومية كذلك .لكن المنطلق
األساسي الذي تعتمده حرية التعاقد عند األفراد كأحد الحقوق الجوهرية للمتعاقد في القانون
~~7
المدني الحرية التعاقدية 10يصعب تكييفه مع طبيعة الشخص العام ؛ فإذا كان الفرد محكوم
بقوة االلتزام نفسه والذي يجعله يقوم مقام القانون حسب منطوق الفصل 230من قانون
االلتزامات والعقود ، 11فاألمر يختلف عندما يكون الشخص العام هو الطرف المتعاقد لكونه
مقيد بإطار قانوني خاص به.
فحرية التعاقد التي يتمتع بها الشخص المتعاقد هي حرية أصلية مرتبطة بكيانه والشخصية
المعنوية التي هي أساس وجوده ،وهي ما يضمن له الحق في ممارسته للحريات التي تتفرع
عنها باقي التصرفات واألفعال من حق التملك ،وحق المبادرة ،وحق التعاون ؛ إذا يجري على
تعاقد هذه األشخاص ما يجري على مختلف أعمالها القانونية .فحرية التعاقد ذات قدسية في
القانون الخاص والذي يعترف بهذه الحرية طيلة مراحل التعاقد و بضرورة حضور االرادة
الخاصة للمتعاقد واستمرارها ،من األعداد ومرورا بالتشكيل إلى غاية التنفيذ .12
أما على مستوى األشخاص العامة ،فقد عرفت التجربة الفرنسية تناول موضوع التعاقد وأرست
قاعدة التعاقد كحرية لها ،لكن دون التطرق إلى جانب الصور التعاقدية ومضامين التعاقد و
تفصيالته .فقد أكدت العديد من األبحاث أن الجماعات الترابية تملك سلطة واسعة للتعاقد ،فهي
حسب أحدهم مضمونة للجماعات الترابية بشكل غير مباشر عبر القواعد الدستورية الضامنة
لحرية المبادرة ،وحق التملك ،وكذا مبدأ التدبير الحر ،ولكن وبصفة مباشرة عبر المادة 4
المعبرة عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن ،13فهي في نظره هي القاعدة بالرغم
من محدوديتها العملية .فهذا الربط في مجال الحقوق مرتكز على أهمية إعطاء الحق لألفراد
والتجمعات البشرية المكونة للجماعة والممثلة عبر هياكلها الختيار التصرف القانوني األنسب
لهم ،كلما تعلق األمر بفتح المجال لنوع من الشراكة والتعاون مع باقي المؤسسات .فالمالحظ هو
أن المنطق الذي اعتمده الفقه الفرنسي يروم إضفاء منطق الحرية التعاقدية المعترف به
- 10ظهير شريف رقم 1 . 11 . 140صادر في 16من رمضان 17 ( 1432أغسطس ، ) 2011الجريدة الرسمية عدد 5980بتاريخ 23شوال
22 ( 1432سبتمبر ، ) 2011ص . 4678 .
-11الفصل 230من قانون االلتزامات والعقود المغربي أن « :االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى مشئيها ،وال
يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون .
12خليد المرابط ( ،الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ، )2015مرجع سابق ،ص
13
-Voir dans ce sens , Ch , Brechon - Moulenes , Liberte contractuelle des personnes publiques » , p . 644 . Cité par :
Ajjoub 40 , 14 Notion de liberte contractuelle en droit administratif francais , these en mai 2016 , p . 21 .
~~8
لألشخاص المعنوية الخاصة على حرية تعاقد الجماعات الترابية ،مع اإلشارة إلى بعض مكامن
االختالف التي تميز حرية هذه األخيرة ،والتي تأتي نتيجة التقييدات الذي تخضع له بالنظر
لخصوصيتها كأشخاص معنوية خاضعة للقانون العام .وباختصار ،يمكن تبرير صعود هذه
الحرية التعاقدية لألشخاص العامة بسببين إثنين :أول بهم تطور اإلجراء التعاقدي لألشخاص
العامة بهدف تحقيق االختصاصات الموكولة لها ،والتي تطورت بتطور قوانين الالمركزية،
ومبرر ثاني راجع للحرية االقتصادية 14والتي اقتنع بها المدبرون السياسيون والنخب المحلية،
وكذا فقهاء القانون عبر اجتهادهم في تعميم قواعد التعاقد المعمول بها من قبل الخواص لتكون
قابلة للتطبيق بالنسبة لألشخاص العامة .هذا ،ويزكي هذا التوجه الفقهي ما أبرزه بعض الباحثين
بخصوص أهمية الحرية التعاقدية المعترف بها للجماعات الترابية بناء على عدة مبادئ؛ غير
المباشرة كحق المبادرة وحق الملكية وكذا مبدأ حرية التدبير ،والمباشرة المستمدة أساسا من
حقوق والمواطن وفق ما أورده بالتدقيق أحد الباحثين ،والذي خصص لها بحثا كامال ،15السيما
ما يزكي توسيع دائرة التعاقد الموكولة للجماعات الترابية وهو ما يتقاطع -أيضا – ما روح
الفكرة التي كرسها الفقيه « بوكايانيس » حول األساسي االجتماعي و القيمة االنسانية «
للتجمعات البشرية » التي تمثلها الجماعات الترابية وحقها في التعامل مع باقي االشخاص
باعتبارها حرية التصرف ،وعبرها يمكن أن تتمتع بالحرية التامة للتعاقد الذي يحقق حاجات هذه
التجمعات البشرية.
وهو ما يجعل الحرية التعاقدية تأخذ نصيبها من الجدل الفقهي أصالة هذه الحرية واستقاللية
الجماعات الترابية في ممارستها من عدمه لدرجة انقسام أراء الفقهاء تجاهها .فبينما يرى جزء
منه أن الحرية التعاقدية المعترف بها للجماعات الترابية تظل منقوصة لكونها تفتقر إلى وجود
سلطان اإلرادة 16و استقالليتها رغم االعتراف باألهلية القانونية والشخصية المعنوية .وتبرير
-14وهو التوجه الذي كرسة المغرب منذ االستقالل ،وتعزز بعض فترة التسعينيات من خالل سياسة الخوصصة والمناطق دمع القطاع الخاص لتدبير
التجارية الحرة ،والتدبير المفوض . . .وغير ها من اإلجراءات التي تعكس صعود وتطور التعاقد مع القطاع الخاص لتدبير بعض المرافق العمومية .
15
M . Mahouachi , la Liberte contractuelle des collectivities territoriales , These , PU , d ' Aix - Marseille ,
2001 . Cite par: , Ajjoub Muhannad , p . 21 .
- 16و يقصد بمبدأ سلطان اإلرادة أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد وإذا قيد نفسه بالموافقة على العقد فهل يكون عن اقتناع و اختبار تأمين .للمزيد
أنظر :عبد القادر العرعاري ،ص 46 .
~~9
ذلك بكونها أشخاص معنوية ثانوية تابعة للدولة ،ومقيدة باالختصاصات الممنوحة لها وبتحقيق
المصلحة العامة وبذلك فهي ال تتوفر على اختصاص تعاقدي ال يصل إلى درجة الحرية
التعاقدية كما هي ممارسة بالنسبة لألشخاص الخاصة.
هذا ،ويرى قسم أخر من الفقه أن الحرية التعاقدية ال عالقة لها بسلطان اإلرادة ،بل هي
مرتبطة يتوفر األهلية القانونية التي تمنحها إمكانية التعاقد بكل حرية ،والذي تعززت بمبدأ
التدبير الحر الذي يمنح للجماعات الترابية هامشا مهما لفتح مجال التعاقد لتحقيق األهداف التي
تصبو إليها.
ومن أجل الخروج بخالصة واضحة في هذا الشأن يبدو جليا أن الدولة الموحدة تحاول تكريس
البعد الثانوي للجماعات الترابية ،سواء من حيث هيمنة الدولة لطرف أول في العالقة مع
المواطنين او فيما يخص رسم دائرة االختصاص الموكول لهذه الوحدات الترابية بهدف تحقيق
أهداف خاصة خاضعة لسلطة الدولة كفاعل محوري .وهذا الرأي تعززه عدد من االجتهادات
الفقهية القاضية بضبط الحرية التعاقدية للجماعات الترابية وتقنينها أو باألحرى تقييدها؛ حيث لم
يركن الفقه الفرنسي إلى القاعدة التي تحكم بان « كل ما هو غير ممنوع يبقي مسموح به » بل
تبنى على نقيض ذلك أن « كل ما هو غير مسموح به يظل ممنوعا » ،وهو ما يعني أن التعاقد
مبني على أساس االختصاص وليس كحق.
إذن ،فالمالحظ هو تطور هذه الحرية التعاقدية في القانون المغربي الذي عزز مجال التعاقدات
سواء فيما يخص العالقات التعاقدية التقليدية مع القطاع الخاص ( الصفقات العمومية ،تدبير
المرافق المحلية) أو فيما يخص العالقات التعاقدية مع األشخاص العامة السيما في نطاق
االختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية ،فهذه األصناف المتنوعة للتعاقد
تشكل أرضية متينة لتكريس حرية تصرف الهيئات المنتخبة وتقوية قدراتها التدبيرية من أجل
ضبط االختيارات التي تراها أصلح للسكان على مستوى ترابي محدد ؛ وهو ما ينسجم بشكل
جيد مع مبدأ التمثيلية التي تعني انتداب المواطنين لم يمثلهم داخل دائرة صناعة القرار المحلي
عبر مختلف المجالس الترابية ومستوياتها.
~ ~ 10
الفرع الثاني :التعاقد على مستوى الجماعات الترابية
لقد تعززت الحرية التعاقدية بسند قانوني مهم يتمثل في واجب تفعيل مبدأ التدبير الحر .وذلك
عبر عدد من المقتضيات القانونية التي تقعد لحق الجماعات الترابية في حرية التصرف عبر
مختلف اآلليات التعاقدية .فالجماعات الترابية كهيئات عامة مستقلة إداريا وماليا لها كامل الحرية
في التعاقد من أجل تحقيق األهداف المراد تحقيقها ،وبمعنى آخر يجب أن تكون لهذه المقتضيات
القوة القانونية لتتبع الجماعات الترابية بحقها لممارسة االختصاص التعاقدي في إطار القوانين
القانونية المؤطرة لعملها هذا .فلقد أضحى العقد من بين أهم الوسائل التي تلجأ إليها األشخاص
العامة ومن بينها الجماعات الترابية ،من أجل أداء مهامها؛ فإلى جانب القرار اإلداري
االنفرادي ،وبالنظر لتزايد الحاجة إلى تعزيز آلية التعاقد ونقله من مجرد إجراء ثانوي ،خلصت
الجماعات الترابية إلى ظهور حاجات يقتضي إشباعها ضرورة استعمال الوسيلة التعاقدية. 17
فال غرو إن أكدنا أنه لم يعد تعاقد األشخاص العامة مجرد أداة تقليدية للتدخل لتحقيق بعض
األهداف المرتبطة بصرف الموارد السيما من خالل صرف النفقات العمومية ،بل هو مرتبط
باختبارات جوهرية و استراتيجية لتحقيق األنشطة التي تقررها ،فالتعاقد أصبح ممارسة حديثة
تحاول تجاوز الصعوبات التدبيرية للشخص العام عن طريق التعاقد سواء مع أشخاص عامة لها
مجال اختصاصات مشترك معها أو تتقاطع في أهدافها العامة معها ،أو مع األشخاص الخاصة
وكذا بعض الهيئات المدنية والمهنية بالرغم من التراجع الذي أصبحت تعرف تجاه القطاع هذه
المقاوالت الخاصة ،18نتيجة اختالف المقاصد التعاقدية بينها خاصة هدف المصلحة العامة
بالنسبة لألشخاص العامة وهدف الربح بالنسبة لألشخاص الخاصة ،وكذا ضابية العالقة في
إطار التعاقد مع الهيئات المدنية والمهنية .وبشكل عام ،يبقى األمر المحوري في تطور المجال
التعاقدية ومقارباته الحديثة هو االستناد على اسس التدبير الحر ،حيث إن حرية التعاقد تجعل
المدبر المحلي يحدد سبل االختبار التي يعتبرها ناجعة وقادرة على تحقيق األهداف التي له
-17احمد بوسيدي ،الوسائل القانونية للتدبير الحر للجماعات الترابية ،مجلة المنبر القانوني ،العدد 4أبريل ، 2013ص 143 ،
18
- Salih Hamdaoui ,Vocation économique de la Region a la lumiere de la loi organique 111 - 14 , these en
Droit public,Faculté de droit , Salé , Université Med . V Rabat , 2017 , p . 291
~ ~ 11
مسؤولية تحقيقها أمام المواطن الذي انتخبه طول مدة انتداب معينة ،مع مراعاة المقتضيات
القانونية المؤطرة لها.
فالحرية التعاقدية باألساس جزء من القدرة التدبيرية للهيئة العمومية المعنية ،وهي تصرف ذي
أساس مادي يجب أن تتحقق فيه شروط المسؤولية الذاتية ،خارج تدخل أية جهاز آخر يؤثر في
اختياراته .والتدليل على ذلك ،واستئناسا بالتجربة الفرنسية ،نشير أنه قد برز في وقت بعيد
بالتجربة الفرنسية التي ربطت مبدأ التدبير الحر بمجال تنظيم المرافق العمومية المحلية ؛ عبر
االعتراف بحق الجماعات الترابية في تحديد كيفيات التعاقد كآلية قانونية بيدها ،والتدخل عبره
وفق ما ترتئيه مصلحتها عند النظر في االختيارات التعاقدية المخولة لها بموجب القوانين
والنصوص القانونية .وهو ما أقره قرار المحكمة الدستورية عدد 316 - 92بتاريخ 20يناير
،1993والذي اعترف فيه للجماعات الترابية بالحرية التعاقدية كأحد الصالحيات المرتبطة
بالتدبير الحر .فهو أقر أن للجماعات الترابية الحرية في اختيار مدة التعاقد عند رغبتها في
تفويض تدبير المرافق المحلية ،بل إنه اعتبر ذلك أحد ضمانات شفافية تدبير المرفق العمومي
المعنى ،عبر عدم وجود تقييد مسبق يحد من االختالالت الممكن رصدها عند التعاقد ،الصالح
شركات دون غيرها .هذا ،وتجدر اإلشارة أن األمر ليس متروكا دون تقييد ،بل هناك تقنين
بالقدر ال يعيق حق االختيار كوجود مذكرات توجيهية وغيرها ،وهو األمر الذي يمكن استجالِؤه
من خالل إصدار توجيهات أخرى لصالح عقلنة المدة المخصصة للتفويض بشكل عام ،من قبيل
عدم السماح بمنح التفاوض لمدة غير محدودية على سبيل المثال.
| وفي هذا اإلطار ،وبعد ما تمت اللجوء إلى هذا النوع من التعاقد مع الخواص لمدة طويلة في
غياب تام ألي نص قانوني ،19بدت الحاجة ماسة الستصدار قانون يهم مجال التدبير المفوض
وذلك ما كان سنة 2006عبر صدور قانون 54 – 05يؤطر تفويض تدبير المرافق
العمومية ،بما فيها المحلية ،فهذا لم يكن الهدف من ورائه ملء الفراغ القانوني فقط ،بل وأيضا
تقنين هذه الحرية التعاقدية وضبط الياتها لتكون لصالح جودة المرافق العمومية المحلية ،وكذا
لضمان إطار قانوني عبره يتم التوافق للتوصل إلى التوازن التعاقدي الواجب توفره بين هيئتين
ليس لهما نفس األهداف.
-19وذلك من خالل تجربة تعاقد جماعات من مدينة الدار البيضاء مع شركة ليدك ، 1997وكذا شركة ريضال بمدينة الرباط سنة 1998
~ ~ 12
وهو ما يعني أن المبدأ التعاقدي ،كاختصاص أصيل مسنود بمبدأ التدبير الحر ،هو خاضع
للترسانة القانونية التي تؤطر العمل بها ،وما يحمله ذلك من ضمانات تعزز احترام المصلحة
العامة وعدم تجاوزها عند التفاوض لتدبير المرافق المحلية أو غيرها ،وبمعنى تقنين الممارسة
عبر تأطير الصياغة العامة والخطوط العريضة الموجهة لمسألة التعاقد ،دون أن تنصرف إلى
صلب التعاقد بشكل يهدد التدبير الحر كمبدأ دستوري ،فالرغبة في التقنين ال تسمح بالتضييق
على اإلجراءات التعاقدية إلى بالقدر الذي يضمن حدا أدنى من العقلنة في المساطر والمساعدة
على توحيدها .ففي هذا السياق ،استفادت التجربة المغربية من نظيرتها الفرنسية من خالل
التنصيص على حق السلطة الحكومية في تسهيل اإلجراءات التي من ضمان حسن سير المرافق
العمومية .20
فمبدأ التعاقدية على هذا النحو مرتبطة بحق التدخل الموكول لشخص المعنوي العام في اطار
اختصاص محدد بالقانون ،وهو ما يطلق عليه ب « القدرة على التدخل ضمن مجال محدد ».
فالشكل التعاقدي يتطلب إمكانية الجماعات الترابية اختيار األسلوب األنسب إلحداث وتدبير
المرفق العمومية ،والتي تهم عددا من المرافق والتجهيزات العمومية التي أوردتها المادة 83من
القانون التنظيمي للجماعات ،والذي يقيد السلطات التنفيذية بضرورة التصويت باألغلبية 21
وذلك تفاديا لشطط رؤساء المجالس عند تدبير هذه المرافق والمرتبطة بالحياة اليومية وخدمات
القرب .22فهذا التقيد يزداد صرامة حينما يتعلق األمر بنطاق تتولى تنظيمه إلى جانب هيئات
أخرى ،23وهو ما يجعل تدخل صرامة الجماعات وفق هذا األساس مجرد تنفيذ لهذه المرافق،
عكس التعاقدات الحديثة التي تظهر استقاللية أكبر للتدبير الموكول للجماعات الترابية .24
20
-نصت المادة 112من القانون التنظيمي للجماعات أنه « :يمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أن تتخذ بموجب قرار جميع اإلجراءات الالزمة
لحسن سير المرافق ا لعمومية الجماعية ،مع مراعاة الصالحيات المخولة لمجالس الجماعات ورؤسائها بموجب هذا القانون التنظيمي .وتشمل هذه
اإلجراءات ما يلي :تنسيق مخططات تنمية المرافق العمومية :على المستوى الوطني ،التنسيق في مجال تحديد التسعيرة المتعلقة بخدمات المرافق
العمومية الج ماعية ،وضع معايير موحدة و أنظمة مشتركة للمرافق العمومية المحلية أو الخدمات التي تقدمها ،تنظيم النقل و السير بالمجال الحضرية ،
الوساطة بين المتدخلين قصد حل الخالفات فيما بينهم ،وضع مؤشرات تمكن من تقييم مستوى أداء الخدمات المقدمة من لدن وتحديد ها ،تحديد طرق
تقديم الدعم للجماعات ومجموعاتها من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة من لدن المرافق العمومية الجماعية تقديم المساعدة التقنية للجماعات في
مجال مرافقة تسيير المرافق العمومية المحلية المفروض تدبيرها ،جمع المعطيات والمعلومات الضرورية ،ووضعها رهن اإلشارة لتتبع تدبير المرافق
العمومية الجماعية.
-21نصت المادة 43القانون التنظيمي للجماعات أنه « :تتخذ المقررات باألغلبية المطلقة لألصوات المعبر عنها ماعدا القضايا بعده ،التي يشترط
العتمادها األغلبية المطلقة لألعضاء المزاولين مهامهم :أهمها المرافق الجماعية.
- 22وفق ما اشارت اليه المادة 83من القانون التنظيمي للجماعات.
- 23فقد أثارت الفقرة الثانية أنه يمكن أن تقوم الجماعة بموازة مع الفاعلين اخرين من القطاع العام و الخاص باحداث وتدبير بعض المرافق المحددة
على سبيل الحصر ،والتي كالتالي :أسواق البيع بالجملة ،و الذبح ونقل اللحوم ،اسواق بيع السمك.
Mohammed El Yagoubi , Contractualisation et decentralisation au Maroe » , in Reflections. , p . 389 - 24
~ ~ 13
فكون الالمركزية إطار لتوحيد الرؤى التنموية بين الدولة الجماعات الترابية على مستوى ترابي
معين جعل مجال التعاقد يأخذ نصيبا أوفر من عمل الجماعات الترابية ،خصوصا االختصاصات
المشتركة مع الدولة ،25غير أن هذا التعاقد يبقى من الناحية الموضوعية موكوال للطرف
القوي والقادر على التمويل والمتمثل في أجهزة الدولة .26وهو ما جعل المشرع يضع
شروطا واضحة لتفعيل هذه التقنية ،والتي تتجلى فيما يلي :شرط اولي متعلق بمبدأ التعاقد الذي
يمنح إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة الترابية ،ثم شرط نوعي و عملي متعلق بجودة
وفعالية مضمون و محل هذا التعاقد.
هذا ،و تجدر اإلشارة إلى أهمية التعاقد االتفاقي الذي أصبح يفرض نفسه نتيجة االنفتاح على
مختلف الفاعلين المحليين ،سواء كانوا عموميين أو خواص؛ والتي تكون في شكل اتفاقيات
ثنائية أو متعددة االطراف ،بهدف تسهيل عمل الجماعات الترابية(مثال األرشيف) فهي ،وإن
اتسمت بدرجة قانونية اقل مقارنة بالقوة القانونية للشكل التعاقدي ،إال أنه تعكس هامشا أكبر من
الحرية والمبادرة مقارنة مجال المرافق؛ إذ تعتبر إجراءاتها غاية في البساطة لكونها تنصرف
إلى نشاط محدد في الزمان ،سواء كانت في شكل اتفاقيات أو في شكل مؤسسات للتعاون؛ إذ يتم
التنصيص على نهاية اإلجراء في كل حالة من الحاالت المنصوص عليه في مقتضيات
األحداث ،27كما أن تدخلها ال يتم إال في حدود المهام المحددة مسبقا لها.28
فالحرية التعاقدية ،وإن كانت تأخذ عدة صور فهي تتمايز بحسب درجة الحرية المسموح بها
وهامش التصرف المرتبط بها وكذا بحسب المجال المعني بالتعاقد ،فهي تقرن بالبعد المالي
تصبح أكثر تقنينا من غيرها ،وهو أمر معقول لتفادي التجاوزات المالية للجماعات الترابية وكذا
رغبة في توحيد آليات العمل ،ويمكن أن نوضح هذا األمر بالقوة التعاقدية عبر إحداث شركات
التنمية المحلية والتي أصبحت تمثل حرية تعاقدية واضحة لكونها تعطي الحق للجماعة في إعداد
- 25وهو ما نصت عليه المادة 77من القانون التنظيمي للجماعات ،والمادة 78من القانون التنظيمي لألقاليم والعماالت المادة 80من القانون التنظيمي
للجهات .
- 26خليد المرابط ( دينامية السياسة الترابية على ضوء مبداي التدرج والتمايز بالمغرب :محاولة لتدقيق المفاهيم واستشراق لمجاالت التطبيق) ،المجلة
المغرية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ، 135 - 134ماي غشت ، 2017ص . 342 .
27
-مثال ذلك ،ما نصت الفقرة الثانية من المادة 138من قانون التنظيمي للجماعات أنه :تحل مؤسسة التعاون بين الجماعات في الحاالت التالية:
بحكم القانون بعد مرور سنة بعد تكوينها دون ممارسة أي نشاط من األنشطة التي أسست من اجلها ؟ بعد إنجاز الغرض الذي أسست من اجلها ،بناء على
اتفاق جميع مجالس الجهات المكونة للمجموعة ،بناء على طلب معلل ألغلبية مجالس الجهات المكونة للمجموعة.
- 28المادة : 139تحل مؤسسة التعاون بين الجماعات ،في حدود المهام المسندة إليها ،محل الجماعات المكونة لها الحقوق و االلتزمات المترتبة على
االت فاقيات والعقود التي تم إبرامها من طرف الجماعات قبل إحداث المؤسسة أو انضمام جماعة أخرى إليها ،وفي إدارة المرافق العمومية الجماعية
المخول تدبيرها لكل شخص من أشخاص القانون العام او الخاص.
~ ~ 14
ميثاق المساهمين و الحق في اختيار من يمثلها بالمجلس اإلداري للشركة ،والتي تضاف إلى
الشروط القانونية المتعلقة بنصيب مالي ال يقل عن 34من رأسمال الشركة وتمثيلية أكثر
مقارنة بالخواص ضمن المجلس اإلداري.29
وفي األخير ،يمكن القول إن عمل الجماعات الترابية وفق ما تطرقنا إليه ال يؤسس لحرية
أصلية لممارسة اختصاصاتها بكل حرية ،فال األسس التاريخية والفكرية تسمح بذلك وال اإلطار
المؤسساتي يمنحها هذه الحرية .فمبدأ التدبير الحر رغم حموالته الفكرية والنظرية لم يسلم من
الصرامة التشريعية و التي تجعل مقومات العمل به مقيدة بمقتضيات قانونية وتنظيمية صارمة.
وال أدل على ذلك من صعوبة اإلقرار بحرية تعاقدية كاملة أو حرية تعاقدية مطلقة .بل إن عمل
األشخاص العامة عامة غالبا ما يكون وفق إطار قانوني مسبق يراعي في مختلف جوانبه
التطبيقية المصلحة العامة والتي تترجم بصرامة واضحة سواء على مستوى احتفاظ التشريع
بحق ضبط المجال القانوني الموكول لها ،أو تعلق األمر بالمجال التطبيقي الذي غالبا ما يكون
لصالح الدولة باعتبارها راعية هذه المصلحة ووحدتها على مستوى تراب الدولة الواحدة.
فالجماعات الترابية انتقلت في مجاالت كانت لها في الريادة كالسلطة التنظيمية إلى مستوى فعل
ثانوي مقارنة بالدولة؛ فبعد أن كانت تمارس باستقالل عن السلطة المركزية أضحت تمارس في
حدود ما تجود به عليها هذه األخيرة ،كما أنها لن تتمتع بحرية تعاقدية مستقلة ،والتي ال تعكس
في حقيقتها إال ممارسة سلطة تقديرية المسموح بها لهذه األشخاص العمومية.
- 29تنص الفقرة الثالثة من المادة 131من القانون التنظيمي للجماعات على أنه « :ال يمكن أن تقل مساهمة الجماعة أو مؤسسات التعاون بين
الجماعات أو مجموعات الجماعات الترابية في رأسمال شركة التنمية المحلية عن نسبة . % 34وفي جميع األحوال ،يجب أن تكون أغلبية رأسمال
الشركة في ملك أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام ».
- 30المادة 93من القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات.
~ ~ 15
بين الدولة والمنتخبين بشكل جذري إذ أن هذه العالقة ستصبح مبنية على التشاور والتشارك بناء
على مبدأ التعاقد مما سيحدث تحوال في السياسة العامة سواء على مستوى إطاره أو طبيعته.
وبالتالي فال داعي لتبيان العالقة الجدلية بين الجهوية المتقدمة والتعاقدية ،فبجعل الجهة كفاعل
مؤثر تتمتع بحرية التقرير والتسيير مما سيعزز حرية التدبير الذاتي فإن الالمركزية أعطت
الشرعية المبدأ التعاقد انطالقا من الفصل 92للقانون التنظيمي 14 - 111من أجل تنسيق
عمل السلطات العمومية والجهة حيث يمكن لهذه األخيرة وبطلب منها أن تمارس االختصاصات
المشتركة بين الجهة والدولة بشكل تعاقدي» ،مما سيعطي بدون شك شحنة ودفعة قوية للتسيير
الذاتي للجهة .بل يشكل نقطة عبور من الالمركزية الوظيفية إلى المركزية جهوية حقيقية
شريطة أال تضع الدولة قيودا من خاللها تؤسس لرقابة مقنعة ،غير أنه يمكننا أن نتساءل عن
مضمون صيغة أو وصفة التعاقد التي قد تفضي إلى تضخم للمشاريع تتجاوز العمليات المسطرة
وال ُم ُهيكلة مسبقا .بل أكثر من هذا اإلمكانيات المالية الموجهة فعليا لالمركزية وكذا التنظيمات
والترتيبات الميزاناتية المفروضة من طرف الدولة نظرا لألزمة المالية باإلضافة إلى الفوارق
بين الجهات فيما يخص قدرتها ،السيما في شقها السياسي والتقني ،على تحديد وتنفيذ التخطيط
موضوع التعاقد ،كلها عوامل قد تحد في واقع األمر من مفهوم مبدأ التعاقد.31
وعليه سنقسم هذا المطلب الى ( الفرع االول) التعاقد آلية المركز( الدولة) لمواكبة وتجسيد
التنمية الجهوية وفي ( الفرع الثاني) التعاقد آلية الالمركزية(الجماعات الترابية) لمواكبة
وتجسيد التنمية الجهوية.
-31محمد نبيه ،الجهوية المتقدمة بين الالمركزية و الالتمركز (الجانب القانوني والمحاسبي) ،الطبعة االولى ،2019الرباط ،ص .161
~ ~ 16
فصعوبة تحديد التسلسل الهرمي لكل الفاعلين على المستوى المحلي واإلقليمي والجهوي وكذا
لمصالحهم ،يقتضي أكثر فأكثر طرقا ضابطة خاصة تؤمن وبطريقة غير قسرية وتحكمية تنسيق
عمل كل هؤالء الفاعلين وكذا الترابط المنطقي ألهدافهم وإستراتيجيتهم .فعوض آليات التبعية في
المرحلة السابقة حلت عالقات تساوي بين الدولة والجهة .لذا يتوجب على الدولة أن تتمرن على
تقنية التفاوض المباشر ،ولعل هذا ما يستنتج من المادة 88وما بعدها من القانون التنظيمي
للجهة.32
كما أن التعاقدية تشكل قطيعة مع طرق التسيير التقليدية للشأن العام حيث إن العقود المتفاوض
بشأنها تُقابل وتُعارض في نفس الوقت اإلجراءات األحادية للسلطة .هذه الوضعية الجديدة للدولة
ناتجة عن االنتقال من المجال التنظيمي كما نص عليه الفصل 71من الدستور فيما يخص تدبير
الشأن المحلي إلى النهج التعاقدي والذي يرمز إلى فتور مركزية الدولة على المستوى القانوني
،33ولعل هذا ما سيدفع باإلدارة لالتجاه نحو إعطاء المساطر التعاقدية طابعا بيروقراطيا
-الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير ،وفي فصول أخرى من هذا الدستور.
-العفو العام.
-نظام السجون.
~ ~ 17
لتعويض الحد من امتيازاتها الناتج عن هذه التعاقدية ،ألنه بالضرورة وااللتزام التعاقدية تفرض
موازين قوى أخرى السيما في مجال التصميم في مجالي المخطط على المستوى الوطني
والمخطط على المستوى الجهوي.
في هذا اإلطار نجد أن الروابط المتبادلة بين المخطط على المستوى الوطني والمخطط على
المستوى الجهوي ،تقتضي بأن المخطط الوطني يسعى إلى ايجاد تناسق وترابط منطقي بين
مختلف القطاعات .وكذلك مختلف التوازنات االقتصادية الكبرى حيث إن التصميم الجهوي عليه
أن يحشد كل الطاقات وأن يستعين بالخصوص بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة وإدماجها في
نظام تمويلي وحتى معلوماتي.
-نظام الجمارك.
-نظام النقل.
-تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني.
للبرلمان ،باإلضافة إلى الميادين المشا ر إليها في الفقرة السابقة ،صالحية التصويت على قوانين تضع إطارا لألهداف األساسية لنشاط الدولة ،في الميادين
االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية،.تتمم المادة 71من دستور .2011
~ ~ 18
هذا النسق يقتضي إنشاء برنامج تدبيري يركز على النتائج عن طريق إبرام عقود مبنية على
األهداف واإلمكانيات .وفي واقع األمر ،عوض حصر دور الجهة في وضعية منفذ عادي ال أقل
وال أكثر ،يجب إدخال وتفعيل آليات للتدبير ترتكز على التزامات متبادلة بين الدولة والجهة،
للوصول إلى هذه النتيجة يبدو أنه من الضروري:
• توسيع الحوار المؤسساتي بين الدولة والجماعات الترابية وعلى رأسها الجهة من أجل بنائه
على عالقات متوازنة أي جعلها أكثر وضوحا وأكثر شفافية وأكثر توازنا وإدراج هذه العالقات
في إطار مستقر وتفاوضي بكل ما في الكلمة من معنى.
• بناء مشروع موحد للتنمية في نقطة تقاطع أو التقاء أولويات الدولة وأولويات الجهة.
في هذا الصدد يجب إبرام عقود التصميم الجهوية مع الدولة لضمان اإلمكانيات المادية
الضرورية وإظهار التضامن الوطني ليس فقط بين الدولة والجهة ولكن كذلك بين مختلف
الجهات .لهذا الغرض يجب :
تحضير التصاميم الجهوية في نفس الوقت الذي يحضر فيه التصميم الوطني وأن تكون له نفس
المدة ؛
الحيثيات واآلراء المتعلقة بالتصاميم الجهوية يجب أن تجمع من قبل لكي يتم ادماجها عند تحديد
أهداف وإمكانيات التصميم الوطني ؛
أن تؤدي الشراكة إلى تعبئة موارد الجهة وضمان تدخل كل الفاعلين االقتصاديين وكذا كل
المنظمات المنبثقة عن المجتمع المدني .و خلق إطار شفاف وتشاوري للتخطيط مع متابعة وتقييم
تدخالت المنظمات المنبثقة عن المجتمع المدني
~ ~ 19
كذلك االختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة بحيث تنقل ما يلزمها من موارد مالية وذلك
تفعيال ألحكام الدستور خاصة الفقرة االولى من الفصل 141وتحدد هذه االختصاصات
اعتمادا على مبدأ التفريع وهو من المبادئ الدستورية المنصوص عليها في ( الفصل 140من
الدستور ) وقد أصبح التدبير الجهة يعتمد على هذا المبدأ كما سبقت اإلشارة بغية إعادة توزيع
االختصاصات بين الدولة والجهات والجماعات الترابية األدنى ،ويقوم هذا المبدأ على التوزيع
الشريف لالختصاصات والموارد عمال بالمبدأ االصيل في االلتزام بناء على نص قانوني واضح
وتعاون وتعاقد شريف .مما يعني مراعاة مبدا التدرج والتمايز وبناءا على هذا المبدأ فان ما ال
تستطيع البلديات والقرويات القيام به يسند لمجالس األقاليم وما ال تستطيع هذه األخيرة انجازه
تقوم به مجالس الجهات وما تعجز عنه هذه المجالس بمستوياتها الثالث تقوم به الدولة.
بحيث يعد التخطيط الترابي على أنه « مجموع القرارات والتدابير التي تتخذها الجماعات
الترابية لبلوغ أهداف تنموية معينة ومحددة في مدة زمنية تبعا للمدة االنتخابية والموضوعة في
إطار القواعد القانونية والتنظيمية التي تحددها السلطة المركزية .وهو يمثل األهداف التي تسعى
الجماعات الترابية إلى تحقيقها على المدى القصير والمتوسط الطويل .ففي إطار خريطة
الطريق ،يعطي الدستور مكانة رئيسية للجهة للعب مكانة الصدارة حيث يشكل التدبير الحر
والتضامن ومشاركة السكان أساسا لريادتها حيث يخول لها الفصل 143من الدستور أن تلعب
دورا رئيسيا في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية ،والتصاميم الجهوية إلعداد التراب
34
-الفصل 136و 140من دستور.2011
35
-محمد نبيه ،نفس مرجع سابق ،ص .168
~ ~ 20
الوطني » بأن المادة 78الفقرة الثانية من القانون التنظيمي 113.14تنص على أن الجهة
تحدد « برنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها ،أما الفقرة الثالثة فتؤكد على أن هذا البرنامج
يجب أن يتم إعداده « بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية ووفق منهج تشاركي »
المادة 87من القانون التنظيمي والمتعلقة باالختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة تنص
على أن الجماعة تمارس « تنمية االقتصاد المحلي وإنعاش الشغل » وتضيف المادة 88بأن
االختصاصات المشتركة تمارس بشكل تعاقدي » معنى هذا أن الجهة ال يمكن أن تتحرك بمعزل
عن الدولة ألن المسطرة التعاقدية تفضي إلى مراقبة الدولة .هذه المراقبة نص عليها المرسوم
رقم 2 - 16 - 301المؤرخ في 29يونيو 2016الذي يحدد وبدون أي غموض في مادته
السادسة على أنه « يتم إعداد برنامج عمل الجماعة ،بناء على « وضع وترتيب األولويات
التنموية للجماعة انطالقا من سياسات واستراتيجيات الدولة وانسجاما مع توجهات برنامج
التنمية الجهوية وبرنامج تنمية اإلقليم » .36إذن هنالك ما هو منوط بالجماعة ويتعلق األمر
بالتنمية بمختلف أوجهها االقتصادية ،االجتماعية والثقافية ومن أجل هذا تقوم الجماعة باتخاذ
التدابير الالزمة لضمان » هذه التنمية وتوفر كل ما لديها من إمكانيات وكل ما يمكن من
إجراءات لضمان الوصول ونجاح هذا الهدف.
هذا وقد وضع المشرع ترسانة من النصوص لهذا الهدف منها بالطبع القانون التنظيمي للجهة
السيما الفصول 91 - 89 - 80وكذا مرسوم المحاسبة العمومية للجهات الصادر في 23
نوفمبر 2017فمن بين االختصاصات التي يخولها الفصل 89من القانون التنظيمي للجهة
لعب دور مهم على وجه الخصوص فيما يسمى بالتنمية المستدامة بناء على التصميم الجهوي
إلعداد التراب الذي يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة والمنسجمة بالمجاالت الحضرية
والقروية » ،إذ أنه يهدف إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال
وتأهيله وفق رؤية استراتيجية واستشرافية بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية
الجهوية ،ولهذه الغاية | .37
36
-المرسوم رقم 2 - 16 - 301الصادر في 23رمضان ،1437الموافق ل 14يوليوز 2016بتحديد مسطرة اعداد برنامج عمل الجماعة ،الجريدة
الرسمية عدد 6482ص .
-37المرسوم رقم 2 - 17 - 449الصادر في 4ربيع االول ،1439الموافق ل 23نوفبر 2017بسن نظام المحاسبة العمومية للجهات و مجموعاتها ،
الجريدة الرسمية عدد ،6626ص.
~ ~ 21
إذن فالتنمية المحلية التي سبق وان أشرنا إليه تمارس في محيط جغرافي محلي محدود ،حيث
إن المفهوم الترابي محدد كما أنها تعتمد على تعبئة الطاقات المحلية وكذا اإلدارة المحلية ،في
حين أن التنمية المستدامة تدخل عناصر خارج الجهة ألن األهداف قد تتجاوز محيط الجماعة أو
اإلقليم كما أن الطاقات المحلية ال تكفي في هذه الحالة مما يستدعي االعتماد على طاقات مادية
ومعنوية خارجية في اإلطار التشاركي.
إذن التنمية المستدامة تعتمد على مفهوم التعاقدية مع كل الفاعلين حيث إن تقنية التعاقدية
أصبحت آلية طبيعية لتجسيد الشراكة التي هي من بين نتائج تقوية اختصاصات الجهة وكذا
استقاللها الذاتي .فالمادة 83من القانون التنظيمي تشير إلى أنه « يتم تفعيل برنامج التنمية
الجهوية ،عند االقتضاء ،في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين ».38
كما أن تكامل مجهودات المجتمع المدني مع مجهودات الدولة والجماعات الترابية وكذا القطاع
الخاص سيمكن ال محالة من إنجاح جل المشاريع التنموية ومن االستجابة النتظارات الساكنة
وذلك من خالل تفعيل آليات الشراكة والتعاون وإعادة بناء العالقات على أسس جديدة تبتعد عن
االساليب التقليدية في إدارة الشأن العام الترابي.
~ ~ 22
وإذا كان القانون قد حاول رصد وتعداد وتأطير االختصاصات العائدة للجهة في مجال التنمية
الجهوية ،وباألوجه المتعددة لهذه األخيرة :إن على المستويات االقتصادية والبشرية والمجالية
والثقافية والبيئية ،وكذا في إطار الصيغ الخاصة بالتعاون الدولي .39
اختصاصات الجهة في مجال التنمية الجهوية تفيد التنمية الجهوية بصورة عامة ،مجموعة
الجهود المبذولة من طرف الفاعلين المحليين ،وأيضا الفاعلين الخارجيين أكانوا من الوطن
كالدولة ممثلة في سلطاتها العمومية ،والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين ،أو من خارجه في
إطار صيغ التعاون الدولي ،وذلك من أجل تحقيق هدف التنمية في مستواها الجهوي .40
يستدعي تناول برنامج التنمية الجهوية ،استحضار الجوانب القانونية واإلجرائية الخاصة بإعداده
وتتبعه وتقييمه ،وذلك وفق اإلجرائية المرحلية التالية :
-يناط بالمجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه مهمة إعداد برنامج التنمية الجهوية ،ويتم اإلعداد
خالل السنة األولى من مدة انتداب المجلس؛
-يحدد برنامج التنمية الجهوية ،ولمدة ست ( ) 6سنوات ،األعمال التنموية المقرر برمجتها أو
إنجازها بتراب الجهة ،اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها ،وفق المقاربة التشاركية ،وبتنسيق مع
والي الجهة ،مما يمكن من تحقيق هدف التنمية الجهوية المستدامة؛
-يلزم أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الجهة وتحديد
ألولوياتها ،وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث األولى ،وأن يأخذ
باالعتبار مقاربة النوع ؛
-يلزم أن يواكب برنامج التنمية الجهوية ،التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة ،وأن يعمل
على بلورتها على المستوى الجهوي ،وأن يراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي
-39سعيد جفري ،الجماعات الترابية بالمغرب ،الطبعة ،2017الرباط ،ص .32-31
- 40التنمية الجهوية هي الية ذاتية مرهونة بموارد وإمكانات الجهة الذاتية ،ولو أن انطالقها ودعمها البداية ،يمكن ان يكون من خارج الجهة وبوازع
من الدولة خاصة بالنسبة للجهات الفقيرة ،وتتطلب تواجد فاعلين محليين ( اجتماعيين /اقتصاديين ،ثقافيين وسياسيين ) ،لهم صلة وثيقة بالجهة بحكم
االنتماء والهوية واالستشراف ي والمستقبلي و المصلحة كذلك ،هؤالء الفاعلين المحليين بمقدورهم النهوض بالجهة من حيث هي إمكاناته يجب
.
استغاللها ،وامطار عيش وجب تحسينه ،وانتماء ترابي يؤسس للهوية
~ ~ 23
إلعداد التراب ،وااللتزامات األخرى المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات الترابية األخرى،
وهيأتها والمقاوالت العمومية والقطاعات االقتصادية واالجتماعية للجهة .ويتم تفعيل برنامج
التنمية الجهوية ،عند االقتضاء في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين .41
-يلزم مراعاة مضامين برنامج التنمية الجهوية من طرف الجهة ،عند وضع الميزانية في الجزء
المتعلق بالتجهيز وفي حدود الموارد المرصودة لذلك؛
-يمكن تحسين برنامج التنمية الجهوية ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ. 42
التنمية االقتصادية؛
التنمية القروية؛
التنمية االجتماعية؛
البيئة؛
الثقافة؛
السياحة43
~ ~ 24
الفقرة الثالثة :االختصاصات المنقولة
تحدد االختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة على مبدأ التفريع ،ومبدأ والتدرج والتمايز بين
الجهات وتشمل بصفة المجاالت التالية:
✓الصناعة؛
✓الصحة؛
✓التجارة؛
✓التعليم؛
✓الثقافة؛
✓الرياضة؛
وفي واقعنا المغربي اعتمدت بالدنا نظاما ال مركزيا يقوم على منح الجماعات الترابية دورا
أساسيا في تدبير الشأن المحلي بما يخدم الناس ويعيد االعتبار للتنمية ،خاصة وأن هذا الدور
سيتعزز أكثر في إطار الجهوية المتقدمة الذي هو بدوره أحد الطرق لتدبير تراب الدولة والذي
ال تقدم عليه سوى الدول الراسخة والمتمكنة والمتأكدة من عمق ومتانة وحدتها الترابية ،وهو
استعداد منطقي لعمل فيدرالي مستقبال ،...وعليه فإن هذا الحكم تجسده اليوم " الجماعات
~ ~ 25
الترابية " وفقا للدستور الجديد 2011و القوانين األخرى التنظيمية والعادية والتي تكرس
مبادئ الالمركزية ،كطريقة من طرق إدارة تراب الدولة وحقق مكاسب وكانت عليه مؤاخذات..
وإذا كنا متأكدين من أن التنمية ال يمكن أن تتحقق إال من األسفل بدءا من القاعدة وحسب طبيعة
وخصائص ساكنة كل منطقة ،فإن هذا يعني أن اإلطار المالئم والمناسب للتنمية رسميا وشعبيا
هو " الجماعة الترابية " .45وما خالف ذلك يضعنا أمام جملة من المخاطر المتفاوتة ،منها ما
يتعلق بطريقة تدبير الدولة لترابها على مستوى التقسيم وفلسفته ومنظوره والخلفية التي تتحكم
فيه ،ومنها ما يهم التدبير الترابي في محله ،وهذا األخير هو الذي يهمنا بالدرجة األولى سواء
على مستوى المفاهيم المؤطرة للجماعات الترابية وطرق تدبيرها ،أو على مستوى الثغرات
الواردة بالقوانين المنظمة للجماعات الترابية والتي قد يترتب عن إعمالها مخاطر بشأن التدبير
الترابي ،كما أن تشخيص واقع التدبير الترابي ومراقبته من طرف الهيئات المختصة على
رأسها المجالس الجهوية للحسابات تحت إشراف المجلس األعلى للحسابات ،أظهر أن هناك
مخاطر ال تهم فقط االختالالت التدبيرية والتسييرية ،بل تعدتها إلى االعتراف بوجود إكراهات
وصعوبات مرتبطة بترجمة وظائف الجماعات إلى أنشطة وأهداف ،وجب التغلب عليها وفق
مرتكزات النموذج التنموي الجديد .وعليه فإن هذا المبحث سنخصصه لبعض االثار التي يخلفها
التعاقد من خالل التدبير الترابي لما هو كائن ولما يجب أن يكون بما يخدم عملية التنمية ،وذلك
وفق المطلبين التاليين:
-45الدكتور المهدي الفحصي قراءة في مداخالت ندوة حول موضوع " التدبير اإلداري والمالي للجماعات" يومي 5 :و 6ماي
2017باكادير
~ ~ 26
المطلب االول :اثار التعاقد في التنسيق و التأهيل لتحقيق التنمية الجهوية
46
،فال يعد ميثاق الالتمركز ضرورة أساسية الستكمال الحلقات الفاعلة في التنمية الترابية
طالما قيل إن الالمركزية في المغرب تسير أسرع من الالتمركز ذلك أن التنمية المتكاملة
والمندمجة ال يمكن أن تتم إال بتوزيع واضح لالختصاص وتصور موحد لألهداف وتعاضد في
الوسائل والموارد .8كما أن التنمية الترابية الموكولة " للجماعات الترابية " ليست بالعملية
السهلة ،فإشكالية التدبير الترابي في الدول النامية ال زال يعتريها الكثير من الغموض ،وتجابهها
العديد من العراقيل ،لذا ،يطرح موضوع التدبير اإلداري وفق الية التعاقد في الدول النامية
اليوم ،على أنه أحد التحديات الكبرى التي تواجه الدولة و جماعاتها الترابية ،وتجازوه
يتوقف على توفر عدة شروط منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي من جهة ،ومنها ما هو
تدبيري وتسييري من جهة ثانية لتشكل هذه الشروط في مجموعها " الحكامة التدبيرية الناجعة
"الكفيلة بتحقيق النتائج اإليجابية على أرض الواقع ،وهو ما يتطلب من الناحية العملية إيجاد
توزيع واضح للمهام بشكل عام بين الجماعات الترابية تتولى فيه مثال العماالت واألقاليم تدبير
المجال “اإلجتماعي” ،والجهات مهمة تنفيذ السياسات العامة للدولة على مستوى التنمية
47
في حين اإلقتصادية والثقافية والبيئية والتخطيط وإعداد التراب في اطار “برامج عقود”.
تعمل الجماعات الحضرية والقروية على تقديم خدمات “القرب” داخل مجال نفوذها .وال سيما
من حيث التنسيق بين الجماعة الترابية ومع باقي الفاعلين وكذلك دور هذه االلية التعاقدية في
تأهيل الجماعة الترابية .
سنتحدث في هذا المطلب عن مقاربة تحسين الية التعاقد وافاق النموذج التنموي الجديد (الفرع
االول ) وسنتناول دور التنسيق بين الجماعة الترابية و مع باقي الفاعلين في (الفرع الثاني).
46
-تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ص 23،بتاريخ .2016
47
Mohammed El Yaagoubi, Pour un état territorial équilibré, un processus en évolution,
REMALD, N 133, mars-avril ,2017, P 34.
~ ~ 27
الفرع االولى :دور تأهيل الجماعة الترابية كفاعل في التنمية
إن االختصاصات الذاتية المدعمة والمعززة باختصاصات قابلة للنقل وأخرى استشارية،48
يجعل التعاقد من االليات المهمة لتفعيل هذه االختصاصات ،خصوصا مع ما نلمسه من حرص
المشرع على إعطاء داللة جديدة لالمركزية الجماعية .فالمشرع يريد الجماعة أن تتحول الى
مقاولة حقيقية بالمعنى الشريف للكلمة .وفي هذا السياق اكد المرحوم الحسن الثاني في الخطاب
49
على أنه“ الذي ألقاه أمام المشاركين في اشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات الترابية
يجب ان نتصدى لتسيير الجماعات الترابية بعين المقاول “ .من جهة أخرى أن هناك عالقة
طبيعية بين الالمركزية والتعاقد ألن الوسيلتين ترتكزان على مبادئ مشتركة مثل االستقاللية
والمسؤولية .باعتبار التعاقد يرتكز على قبول أو موافقة الطرف كنتيجة للتفاوض يدافع فيه كل
طرف عن مصالحه ويقتضي التزامات محددة أو متبادلة للموقعين على العقد يجعله نسبيا يحد
من التداخل ويجعل االلتزامات والحقوق أكثر وضوحا واألهداف التنموية أكثر قدرة على
التحقيق في ظل تظافر الجهود .إن التحدي الذي تعرفه آلية التعاقد مرتبط أساسا بالتركيز المفرط
للدولة والمتجسد في ممارسة وصاية المالءمة من خالل المصادقة القبلية ،فرغم اإلصالحات
التي جاء بها المفهوم الجديد لسلطة في التخفيف من التدخالت المباشرة للدولة لصالح التدخالت
غير المباشرة بما فيها التعاقد .وفي كون الجماعة الترابية لها إمكانية التصويت والوضع
والتحديد والتقرير في مجموعة من المجاالت التنموية ،فالزالت المحدودية بارزة في كونها ال
50
بمعنى أن الجماعة تملك إمكانية التنفيذ إال بعد استصدار مصادقة السلطة الرقابية 10
الترابية لكي نتعاقد مع الدولة ال بد لها من مصادقة هذه االخيرة بشكل غير مباشر ،وهذا ما
يفرغ مفهوم التعاقد من معناه الحقيقي .كما أن محدودية استقالل ميزانية الجماعة الترابية
واعتمادها بشكل كبير على امدادات الدولة وارتفاع مصاريف التميز الراجعة أساسا لخلل على
مستوى سياسة تشغيل الموظفين العمومين الجماعين ال تترك هامشا كبيرا لالستثمار ،وحتى
48الجياللي شبيه :دراسة نقدية في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،مقالة منشورة على الرابط االلكتروني التالي:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2016/05/24/404818.htmlاطلع عليه بتاريخ 25يوليوز .2017
49الال مركزية وعدم التركيز :أعمال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية 21-19 ،أكتوبر ،1998المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية 1999,،ص322:
-50من أجل مزيد من التفاصيل ،راجع عبد اللط يف برحو :مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية المحلية ،منشورات المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،عدد ،70الطبعة األولى ،2011 ،ص .149
~ ~ 28
نكون أمام تعاقد ناجح البد من تطوير هذه االلية ليس فقط بالرفع وتضخيم اتفاقيات التعاقد بل
يجب أن يرافق هذه التقنية تطور في مستوى التنمية الترابية.
ول ضمان جودة أكثر في تسيير المرافق العمومية التابعة للجماعات وتقديم خدمات أكثر جودة،
واألهم إعتماد تقنيات مستحدثة للتعامل مع إشكاليات التنمية المحلية .هذا باإلضافة إلى تحقيق
النجاعة الطاقية وحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة وإرساء اندماج اجتماعي داخل
المجاالت الحضرية.51
51رشيدة مسعودي -رشان دليلة فرشان ،تنمية الرأسمال االجتماعي :مستقبل استد امة المدن الذكية ،منشورات المركز الديمقراطي العربي
للدراسات االستراتيجية و السياسية واالقتصادية -المانيا ،2019 -ص .273
~ ~ 29
وتقنية و بشرية تفتقدها غالبية الجماعات خاصة القروية منها،مما جعلها عاجزة بشكل كبير عن
اإلضطالع بالمهام التنموية في مقابل التزايد الملحوظ لدور القطاع الخاص في المجاالت
اإلقتصادية واإلجتماعية والبيئية على المستوى الوطني.كما تفرضه أيضا السلبيات التي تطبع
التدبير العمومي بشكله “التقليدي” من غياب للشفافية وتمركز للسلطة المالية وغياب اإلهتمام
بالمردودية ،فضال عن غياب ثقافة المحاسبة والتقييم والتدقيق والمراقبة المالية داخل
53
الجماعات.
انطالقا من هذه المعطيات يتبين لنا أن الحاجة أصبحت أكتر إلحاحا في تغيير مقاربة الدولة
للجماعات الترابية .وما يجذر به الذكر ،هو اإلشارة الى أن مشروع القانون 04.04المتعلق
بالسكن والتعمير ،54قد تطرق في هذا الصدد إلى ضرورة تشجيع أسلوب التعاقد بين الدولة
والجماعات الترابية في مجال تهيئة المناطق المخصصة للسكن االجتماعي بمقتضى وثائق
التعمير ،كما اقترح كذلك أن تتخذ مجالس الجماعات كل التدابير الالزمة بتشاور مع االدارة من
أجل تنفيد واحترام مقتضيات وثائق التعمير ،ورغم ذلك فإن واضعي المشروع لم يغيروا
تصورهم في شأن تدخل الجماعات في ميدان التخطيط العمراني على وجه الخصوص.55
تقرير الوزارة المنتدبة لدى الوزير األول المكلفة باإلسكان والتعمير :مشروع مدونة التعمير ورش استراتيجي إلصالح االختالالت 54
~ ~ 30
إلنجاز وتبيــن النتائــج واآلثار ،وعــدم تحديــد المــوارد بدقــة ،عامــالن أساسـيان يؤديـان،
إذا لـم يتـم تقديرهمـا حـق قدرهمـا ،وتجاهـل أهميتهمـا فـي إعـداد السياسـات وبرامـج العمـل،
سيفسـر كعجـز مـن قبـل السـلطات العموميـة علـى مواجهـة كلفـة إضافيـة يتحملهـا المجتمـع
بأكملـه ،ممـا قـد يؤدي إلى تغيير حقائـق الواقـع ،بـل وقـد يـؤدي إلـى اعتبـار مسـألة إرجـاء
القـرارات إلـى تواريـخ غيـر محـددة أمـرا عاديـا وطبيعيـا .والحـال أن بعـض اإلشكاليات التي
تؤدي إلـى ال تحتمـل التأجيـل وتكتسـي طابعـا اسـتعجاليا ،بسبب االنتظارية والجمـود
اسـتفحالها ،إلـى حـد أنهـا قـد تتحـول إلـى عقبـات كبـرى فـي مسلسـل التنميـة ،بـل إنهـا قـد
تشـكل أحيانـا خطـرا يتهـدد "السـلم والتماسـك االجتماعي" .56إن حجــم الحاجيــات وتعددهــا،
إضافــة إلــى الجهــود التنمويــة الضروريــة فــي مختلــف المجاالت االقتصادية واالجتماعية
والثقافيـة والبيئيـة ،تصطـدم بعقبـة كبـرى تتمثـل فـي المحدوديـة النسـبية لمـوارد الدولـة
والجماعـات الترابيـة فـي مواجهـة هـذه الحاجيـات .ذلـك أن إكراهـات الميزانيـة ،المشـار إليهـا
أعـاله ،تتـرك هامشـا ضيقـا للتحـرك مـن أجـل االستجابة المباشـرة والشـاملة للتحديـات
والرهانـات المرتبطـة بمختلـف القطاعـات والمجاالت التابعــة لمســؤولية الدولــة ،وكلهــا
تكتســي نفــس األهمية .إضافــة إلــى ذلــك ،فــإن تلــك اإلكراهات تحد مــن تحقيـق تطـورات
دالـة ،بسـبب عـدم ترتيـب األولويات والحاجيـات وانعـدام رؤيـة مندمجـة للمشـاكل المطروحـة
الممكنـة. ولحلولهـا
هذا باإلضافة ،إلى عدم شمولية بعض المخططات المنجزة لمختلف ميادين تدخل الجماعات
وتغييبها الرؤية االستراتيجية بعيدة المدى ،وعدم تحيينها من خالل وضع تصور واضح
لألهداف المزمع تحقيقها من طرق الجماعة ،مع األخذ بعين االعتبار المعطيات الجديدة
57
المرتبطة بوضعية الجماعة خاصة على المستوى المالي
كلها إكراهات تحتم على الجماعات الترابية تبني مقاربة تدبيرية أكثر تقدما تقطع مع التسيير
الكالسيكي للمجال ،وتنمية وظائف التفكير االستراتيجي القائم على االستشراف والبرمجة طويلة
وتفرق
ّ " 56كثيرا ما تردّدت على مسامعنا في السنوات الماضية ،عبارة «السلم االجتماعي» وضرورة التمسّك به والحفاظ عليه ،اتّقاء للفتنة
الصفوف .فكلّما اشتدّت حدّة غضب الشرائح العريضة من الشعب إزاء تالعب ح ّكامهم بالمسؤولية المنوطة بعهدتهم ،وفق العقد الذي
يربطهم بناخبيهم ،إال ّ وتعلَّلُوا بأولوية الحفاظ على السلم االجتماعي وأمن البلد .هذا ،حتّى على حساب استشراء الفساد ولوبياته ،والتفريط
في سيادة الو طن وتخريب اقتصاد البالد وتوسيع دائرة الفقر ،وزرع الخوف في قلوب المواطنين من بعضهم البعض ومن المجهول اآلتي.
فهل صحيح ّ
أن ك ّل هذه المصائب هي الثمن ال ُمقد َُّرعلى الشعب دفعُه للظفر بالسلم االجتماعي ؟"..
57تقرير المجلس الجهوي للحسابات بمراكش ،مرجع سابق ،ص 101
~ ~ 31
االمد .58واالنخراط في منطق الذكاء و التسويق الترابي خاصة مع تنصيص القانون التنظيمي
للجهات في المادة 80منه ،على أن من مهام الجهة “العمل على تحسين جاذبية مجالها الترابي
وتقوية تنافسيته االقتصادية”.59
وعليه فإن هذا المطلب سنخصصه إلكراهات أجرأة تنزيل آلية التعاقد (الفرع األول) من جهة ،
ومن جهة أخرى مقاربة تحسين هذه االلية وفق النموذج التنموي الجديد (الفرع الثاني) .
تتضمن المفاهيم المرتبطة بالتدبير اإلداري الترابي كثيرا من المصطلحات ،منها ما هو تقليدي،
ومنها ما هو مستحدث ،ومنها ما هو مرتبط بتطوير المقتضيات القديمة في صيغة جديدة ،وتعود
صعوبة تطبيق بعض المقتضيات إما لعمومتيها ،أو لصعوبة فهمها ،أو لسوء استعمالها ،وذلك
راجع إلى التركيز على اآلليات التدبيرية الجديدة كآليات تطبيقية ،دون تحديد فلسفتها ،ومفهومها
بما يكفي ،ولم يتم التنبيه إلى أن فلسفة تنظيم الشأن المحلي تتم على أساس تعاقدي ( مقتضيات
الميثاق كما تم تعديله كمفهوم سياسي وقانوني) وليس فقط تنظيم قانوني ،مثل :الديموقراطية
المحلية – الحكامة الترابية – التشارك – الشراكة -الشأن المحلي – مقاربة النوع -رفع
60
وتقديم الملتمسات -الحق في المعلومة -المجتمع المدني ،وحتى سياق إصالح العرائض
الالمركزية كان دائما يخضع لظروف سياسية وينبني على عدة مفاهيم ومقاربات :التخطيط
التشاركي ،االتقائية ،التضامن ،تجانس األغلبية ،الجماعة المواطنة ،الجماعة المقاولة ،المساءلة
والمحاسبة .كما بقيت مقتضيات أخرى مستبعدة أو غامضة أو عالقة ،لم يتم االستجابة إليها ،أو
أنتجتها المستجدات وتحتاج للتوضيح والتفسير ،أو التعديل بالزيادة أو الحذف واإللغاء ،إنها
58
حنان القادري ،المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي على ضوء تقرير اللجنة االستشارية للجهوية ،مجلة المنارة للدراسات القانونية
واالدارية ،العدد ،2011 ،1ص195
59القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83بتاريخ 7يوليو ،2015جريدة رسمية
عدد 6585بتاريخ 23يوليو .2015
60القانون التنظيمي رقم 44.14شروط وكيفية ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية
~ ~ 32
مفاهيم وقيم وليس مجرد كلمات نزين بها الخطاب ،مفاهيم حديثة لها مرجعتيها وفلسفتها ،كرؤية
استراتيجية ،وليس مجرد ترف فكري أو معرفي ،او مواضيع لالستئناس ،أو موضة للتباهي
بأننا دخلنا عصر التنمية والحداثة من بابه الترابي ،خاصة وأننا دخلنا في تنمية ترابية في إطار
جد متقدم قد يتجاوز ما توفره هذه القوانين الدستورية والتنظيمية والعادية .فالطرح الجهوي
المتقدم يستلزم كذلك طرحا متقدما لمعنى إدارة التراب المحلي ليتجاوز مجرد إصالح
الالمركزية فالتراب أصبح مدسترا ،كما كان السائد هو أن الدستور يخاطب الكبار لكن اآلن
يخاطب حتى األفراد ويمنحهم الحق في التشخيص واالقتراح ورفع العرائض ..ولكن التدبير
منتقد كثيرا والتنمية ال زالت بعيدة المنال.
هذه اإلشارة الهدف منها إثارة مستلزمات التدبير الترابي الجيد ،وقد حاولت المراجعات المتتالية
لالمركزية إصالحها في عدة محطات ،بهدف تصحيح ما أبان عنه التشخيص من اختالالت
قصد تطوير تجربة التنمية الترابية والتدبير الترابي ببالدنا ،وخاصة المقتضى الديموقراطي
والرقابة ألن األول يفيد التوسيع لنطاق التدبير ،والثاني يضيقه مما يغيب تحقيق التوازن.
الفقرة األولى :المقتضى الديموقراطي والحكامة السياسية في التدبير الجماعي وتدبير التنمية الترابية
المقتضى الديموقراطي يتجلى في النظرة التي نختزلها عن الديموقراطية المحلية .فبالرجوع
إلى الدستور بعبارة أوضح ،الدستور (المادة 61)146ينص على الجماعات الترابية كمؤسسة،
يسير المواطنون شؤونهم من خاللها بشكل ديموقراطي وهو ما تنص عليه كذلك المادة األولى
من القانون التنظيمي رقم 62111.14بخصوص شروط تدبير الجهة لشؤونها بكيفية ديموقراطية
63وتمثيليتها في تلك المجالس ،لكن في الواقع ال نجد مواكبة ميدانية لهذا التنصيص ،وإلى
الخطاب السياسي ،وتصريحات القادة والمسؤولين والباحثين والفاعلين ،وفي جميع قوانين وبنود
الميثاق الجماعي السابق وحتى في القوانين التنظيمية الجديدة ،نجد الكل متفقا على كون
الجماعات المحلية سابقا والترابية اليوم مؤسسة ديموقراطية .وال أعني هنا مناقشة األمور
61
-ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27من شعبان 29( 1432يوليو )2011بتنفيذ نص الدستور ،جريدة رسمية عدد 5964مكرر بتاريخ 30يوليو
،2011ص .3600
-62ظهير شريف رقم 1.15.83صادر في 20من رمضان 7( 1436يوليو )2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجماعات ،جريدة
رسمية عدد 6380بتاريخ 23يوليو ،2015ص .6585
-63المرجع نفسه.
~ ~ 33
التفصيلية والتسييرية ،فقد يكون فعال بعضها ديموقراطي واآلخر غير كذلك ،ولكن نطرح
المسألة من حيث المفهوم والمبدأ.
ورغم التنصيص الدستوري فإن صالحيات الجماعات المحلية ال يمكنها أن تتعدى في جميع
األحوال ،إلى الصالحيات السياسية ،إنه تناقض بين تسيير الشأن الترابي والتنمية الترابية من
طرف السكان ،وبين ما هو مسموح لها به فعال ،خاصة إذا ما استحضرنا ورش الجهوية
المتقدمة ونحن نعلم أن الجماعات الترابية أحد روافدها التي بدورها يجب أن تكون متقدمة
بحيث تبدو هنا هذه الجهوية جد مقلصة وضيقة ،ما دام أن المبادرة السياسية محدودة ،ألن كلمة
تسيير شؤونهم بأنفسهم ،تعني بشكل صريح ممارسة الصالحيات السياسية المحلية ،أي اتخاذ
القرار السياسي المحلي في التنمية الترابية ،فكلمة الديمقراطية المحلية ،هي كلمة سياسية بال
شك .إن التقييد السياسي المفرط يحد من أية مبادرة لتنمية حقيقية مهما بذلت من جهود ،ألن
كلمة التدبير والتنمية والبرمجة والتخطيط وبرنامج عمل والتداول ...هي قرارات سياسية قبل
كل شيء .كما الفائدة من الرقي الدستوري والتنظيمي للتراب؟ الكل مدستر ولم يعد الدستور
يخاطب فقط الكبار لكن النتائج ضعيفة وصلنا إلى السقف ولم يعد أمامنا سوى التفعيل.
إن كل ما يتصل بالشأن الترابي تنظيما وممارسة ،ذو طبيعة سياسية ،مثال :التقطيع االنتخابي،64
التسجيل في اللوائح ،الترشيح لالنتخابات ،تهيئ البطائق ،الحملة االنتخابية وتخصيص يوم
لالقتراع من أجل المشاركة السياسية للمواطنين في اختيار من يمثله في المجالس الجماعية عبر
اإلدالء بأصواتهم بكل حرية ،تشكيل المجالس ،األغلبية والمعارضة ،التداول في المجالس،
مراقبة المعارضة لألغلبية ...بل اعترفت المجالس الجهوية للحسابات أن التحكيم السياسي هو
السائد في تدبير عمل الجماعات وليس الشفافية أو تطبيق القانون ،أال تعتبر هذه العمليات
سياسية؟ كيف يمكن للمجالس الجماعية أن تضع خططا وبرامجا ...دون أن يكون لها تصور
ورؤية سياسيين مستقلين إلى أقصى درجة ممكنة؟
بالمقابل ،يمنع عليها النظر في األمور السياسية ،عن أية حكامة تدبيرية هنا نتحدث؟ إن التنمية
هي بالجملة قرار سياسي ،وفي غياب القرار السياسي المحلي ،يصبح معه الحديث عن حكامة
64ظهير شريف رقم 1.13.74صادر في 18من رمضان 27( 1434يوليو )2013بتنفيذ القانون رقم 131.12المتعلق بمبادئ تحديد الدوائر
الترابية للجماعات الترابية.
~ ~ 34
التدبير بكل تجلياتها حديث بدون روح ،وأن أهمية التنصيص الدستوري والقانوني للتدبير ،ال
تستتبعه بالضرورة نفس األهمية على أرض الواقع ،وهنا سنعيش و ْهم الحكامة التدبيرية مهما
حاولنا إصالح نظامنا الترابي.
إننا نعتقد أن طبيعة المنع السياسي ،أو الرقابة السياسية على القرار المحلي ،يتنافى مع الحكامة
الديمقراطية ،65ويجب إعادة النظر فيه ،وذلك بإدخال إصالح عميق على قوانين الجماعات
الترابية لتقرر في مصيرها بنوع من االستقاللية التدبيرية ،بعد ذلك يمكن الحديث عن الحكامة
الترابية ،ولكن قبل ذلك ال بد من التأهيل االقتصادي ،واالجتماعي ،والسياسي ،والثقافي ،...ألنه
ال ينبغي أن تؤدي هذه االستقاللية ،إلى تنكر الدولة لوحداتها .طبعا االستئناس بالتجارب محبذ،
ولكن التطبيق يجب أن يكون ضمن الواقع المغربي ،خاصة بالنسبة للجماعات الترابية الفقيرة،
فالتكامل هو المطلوب ،والوحدة هي المنشودة ،ضمن منظور تنموي شمولي يراعي
الخصوصيات ويحترم الهويات ،ويحارب األنا ،ويقوي الوحدة.
~ ~ 35
وبهذا المعنى يصبح للوصاية تأثير سلبي على تنمية الجماعات الترابية ،في تناقض مع القانون
والخطاب السياسي ،66أي في ظل عالقات غير سليمة وغير شفافة وغير ديمقراطية ،األمر
الذي يفضي إلى تبديد الثقة بين المنتخبين والسلطات المحلية.
ومهما كثر الحديث عن الحكامة التدبيرية كأداة للتنمية ،ومهما كثر الحديث عن كون
الجماعات الترابية تدير شؤونها بشكل ديموقراطي ،ومهما تحدثنا عن برامج التنمية الترابية،
ومهما تحدثنا عن حرية المجالس في وضع جدول أعمالها ،من برامج عمل ،وما تتداوله من
نقاش ،ومهما ذكرنا بكون رئيس المجلس هو المنفذ لمقررات المجلس ،فإنه يجب أن نتذكر
الفصل 145من الدستور وحمولته الصريحة والضمنية ،الذي يقول بأن الوالة والعمال
يساعدون رؤساء هذه المجالس على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية ،وهم بذلك حقيقة
يؤمنون تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ،ويمارسون المراقبة
اإلدارية .ناهيك عن عدة نصوص تنظيمية متفرقة ترهن تطبيق الدستور نفسه
فماذا لو لم تتالءم سياسة مجالس معينة مع ما يراه ممثل السلطة المركزية العامل والوالي؟ ،ثم
ماذا عن الجماعات الفقيرة التي تعيش على مساعدات الدولة والضريبة على القيمة المضافة؟
ينبغي إعادة النظر ليس فقط في توزيع الصالحيات وتحديد االختصاصات بشكل دقيق وواضح
بين الدولة والجماعات الترابية ولكن أيضا توضيح بناء على أي أسس فكرية وفلسفية وسياسية
وقانونية تقوم هذه العالقة بما يؤهل الجماعات الترابية ويخدم التنمية الجهوية ،فالمطلوب هو
التطبيق السليم لقواعد الرقابة بما يخدم التنمية الترابية والساكنة ،وليس بتوظيفها عصا في
عجلة ،والرقابة المقصودة هي الرقابة بأبعادها القانونية واإلدارية والمالية ،التي ينبغي أن
تمارس بهدف الحفاظ على المصلحة العامة للساكنة المحلية ،والوقوف ضد أي خلل يعرقل
السير العادي للمجالس الجماعية أو يخرق القانون.
إن ما يجعل اإللحاح على ضرورة عقلنة ممارسة الرقابة على المجالس الجماعية هو الحرص
على تطبيق الدستور والقوانين المؤطرة للتدبير الترابي الجماعي ،فال يعقل أن يرهن أو يعلق
تطبيق مقتضيات جد هامة من المواد األساسية بآجال صدور نصوص تنظيمية ومراسيم لمدة
-66سواء في خطاب الملك محمد السادس ،أو في خطاب الراحل الحسن الثاني الذي قال في إحدى المناسبات " يجب حذف مصطلح الوصاية من
قاموسنا " والمسؤولون المباش رون هنا ،هم الوالة والعمال ،بعد نقل وصاية الدولة على الجماعات المحلية إلى هؤالء ،وهذا الموضوع كان محط نقاش
في عدة مناسبات ،منها الملتقى الوطني للجماعات المحلية بأكدير في 12دجنبر . 2006
~ ~ 36
طويلة قد تصل إلى نصف دورة المجالس وقد ال تصدر بالمرة فتفقد النصوص األصلية معناها
ورهاناتها مع مرور الوقت.
األمر الذي يتطلب توجها “ذكيا” ،يبدع في إيجاد الحلول إلشكاليات التنمية المحلية في إطار
منطق جديد للتعامل مع المجال الترابي باعتباره “منتوج” يحتاج للتسويق لدى المستثمرين
67
بإبراز مميزاته وخصائصه بما يسهم في إنعاش اإلستثمار الجهوي
وعليه ،يستدعي األمر مقاربة جديدة لتحسين االليات التدبيرية وتحقيق تنمية جهوية مندمجة .
الفرع الثاني :مقاربة تحسين الية التعاقد وافاق النموذج التنموي الجديد
إن " بناء النموذج التنموي المغربي " تم على مر عقود عديدة وعلى مراحل شتى ،وشمل
مستويات متعددة ،منها اإلصالحات االقتصادية والمؤسساتية والقانونية واالجتماعية ،و هو ما
أفرز النموذج الحالي بإيجابيات وسلبياته المتعددة ،التي ساهمت بشكل مباشر في بنائه
الحكومات المتعاقبة على السلطة "...بداية مع الدستور المغربي 2011والدليل المنهجي للتعاقد
من أجل تدبير حكيم وأخيرا مع باقي الفاعلين السياسيين واألكاديميين
68
رهانات التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة
67آمال بلشقر ،التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة ،مجلة دراسات و وقائع دستورية وسياسية ،لعدد ،2013، 9
ص.72
68دليل منهجي للتعاقد بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة ص11:
~ ~ 37
مراحل التعاقد
69
نموذج العقد
1النهوض بالتنزيل الترابي للسياسات والتدخالت العمومية ،عبر اإلسراع بتنفيذ ميثاق
الالتمركز اإلداري واستكمال تفعيل الهيئات وصناديق التمويل المنصوص عليها في اإلطار
النصوص القانونية المنظمة للجهوية .كما ينبغي إضفاء الطابع التعاقدي على العالقة بين
المستوى المركزي والمحلي ،وذلك بهدف تحسين فعالية األداء.
2سن إجبارية التعاون بين مختلف المؤسسات وإضفاء الطابع التعاقدي على هذا التعاون ،ال
سيما بين الجهات الحكومية وغير الحكومية .وإن بعض الممارسات من قبيل حجب المعلومات
ونقص التعاون ،تضر بالسير الجيد لمؤسسات الدولة وتؤثر سلبا على أدائها ،كما تؤدي إلى
فقدان المواطن للثقة في المرفق العام؛
3من بين الممارسات الجيدة التي عادة ما يُحال إليها ،ت ّم تحديد سبعة عوامل أساسيّة للنجاح
خاص ة في ترجيح نجاح السياسات العموميّة .وهذه العوامل هي:
ّ تلعب دورا حاسما بكيفيّة
المواطنَة والتشاور ،والتلقائية ،والشفافية ،والمساءلة والتّعاقد ،واليقظة ،وتدبير
ِ المشاركة
المخاطر ،والتقييم والتحسين المستمر .وتكتسي هذه العوامل األساسية للنجاح أهمية بارزة
تتفاوت ،بحسب مراحل دورة حياة السياسة العموميّة .لذلكّ ،
فإن هذه المرجعية تقتر ُح نمذجة
مبسطة لدورة الحياة هذه ،كما تقترح تحليل مختلف عوامل النجاح الرئيسية التي تم تحديدها تبعا
لمراحلها.
» 4من أجل ميثاق اجتماعي جديد :ضوابط يجب احترامها وأهداف ينبغي التعاقد بشأنها«،
~ ~ 41
الفقرة الثانية :تدخالت بعض الفاعلين السياسيين واألكاديميين
يتفق معظم الفاعلين السياسيين واألكاديميين من استقراء عدة مداخالت ونقاشات وتقارير أيام
دراسية70على ضرورة التركيز على خمسة مرتكزات أساسية في بلورة نموذج تنموي مندمج
قادر على مواكبة-تحوالت-و-تطورات-بالدنا.
-1المرتكز المؤسساتي الذي سيمكن من تقوية دور المؤسسات إلسناد النموذج االقتصادي
واالجتماعي والثقافي الذي تطمح إلى تطويره بالدنا في إطار المقتضيات الدستورية
ودولة الحق والقانون وحماية الحقوق والحريات .وفي هذا الصدد ،ال بد من العمل على
تجاوز األزمة المزمنة للمنظومة التمثيلية ،وخاصة السلبيات التي أفرزها نمط االقتراع
الالئحي ألزيد من 15سنة مما ساهم في ضعف أداء المؤسسات المنتخبة واستفحال
الفساد االنتخابي باستعمال المال أو اإلحسان المقيت .ولن يتم ذلك إال بالمراجعة الشاملة
للمنظومة االنتخابية بما يسهم في تجديد النخب السياسية ،التي ينبغي أن تكون منفتحة
على الكفاءات وعلى الفئات الشابة ،التي من شأنها تغيير الواقع الحالي للعديد من
المؤسسات التمثيلية ،التي أثبتت جفاف تسييرها وعقم تعاملها مع واجباتها ووظائفها
وعجزها عن التأطير ،ويتطلب هذا ترسيخ تمثيلية القرب ،إذ نؤكد أن االقتراع الفردي
من شأنه أن يكرس التواصل المستمر والجاد بين المنتخبين والمواطنين.
كما ينبغي تمكين الفاعل السياسي من اآلليات الضرورية لتطوير أدائه التأطيري.
-2المرتكز االقتصادي الذي سيتيح استرجاع المبادرة الوطنية في مجال التدبير المالي
واالقتصادي ،خاصة وأن المغرب في حاجة اليوم إلى صياغة نمط من التنمية ال يراهن فقط
على العوامل الخارجية والعولمة ،ولكن البالد في حاجة إلى نمط تنمية يحرك قوى اإلنتاج
الوطنية ويقوي القدرة الشرائية من أجل تنمية السوق الداخلية ،نمط يفتح إمكانيات جديدة أمام
ولوج الشركات الصغرى والمتوسطة لمصادر التمويل ،مع ضرورة االبتكار في مجال
أدوات التمويل .وإننا ندق ناقوس الخطر من أن التمادي في السياسة النقدية والمصرفية
المالية الحالية ،قد يؤدي إلى مزيد من عوامل اإلفالس المقاوالتي ،وبالتالي من فقدان
70
المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق /تطوان أيام 12و 13أبريل . 2019
~ ~ 42
مناصب الشغل ،مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر للمستوى المعيشي لألسر المغربية ،وتفاقم
عجز صناديق االحتياط االجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل .ولذلك ،ال بد من التوجه نحو
االستثمارات المنتجة لمناصب الشغل من أجل خلق حركية اقتصادية قادرة على الدفع بمسار
التنمية إلى-ااألمام.
كما أنه من المستعجل أيضا القطع مع اإلنتظارية والتحلي بالجرأة الالزمة إلصالح المنظومة
التربوية في شموليتها بما يمكن من تعبئة الطاقات والوسائل المالية والفكرية والموارد البشرية
من أجل منظومة تعليمية ال طبقية حديثة ومتناسقة مع متطلبات التنمية ،وهنا ال يعقل نهائيا
السكوت عمن يريد االحتفاظ بالتعليم العمومي ،على حاله شكال ومضمونا ،بينما يوجه أبناءه إلى
القطاع الخاص ،لضمان تعليم عصري متنوع اللغات ومنفتح على العالم ،نحن كاشتراكيين
71نطالب بالمساواة بين أبناء الوطن الواحد في التعليم ،ليتلقى أبناء الفقراء نفس التعليم الذي
يتلقاه أبناء األغنياء ،بنفس المضامين المنفتحة على تعلم اللغات األجنبية والفكر النقدي
والعقالنية.
وباإلضافة إلى ذلك ،ال بد من معالجة اختالالت المنظومة الصحية بتوفير خدمات صحية جيدة
وفي متناول الجميع عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على اإلنصاف والعدالة
الترابية.
، -4المرتكز المجتمعي الذي يشكل عامال حاسما في عملية التحديث والتقدم ويجعل المشروع
التنموي القائم على مقاربة النوع خطوة إضافية في طريق النهوض الفعلي بأوضاع النساء
وضمان حقوقهن االقتصادية واالجتماعية .وينبغي للمشروع التنموي أيضا أن يتمتع باآلليات
71ذ إدريس لشكر المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق /تطوان أيام 12و 13أبريل . 2019
~ ~ 43
اإلدماجية الضرورية الموجهة لألشخاص في وضعية إعاقة والمسنين وغيرهم من الفئات
المجتمعية ،بما يجسد قيم اإلنصاف والمساواة والتضامن.
-5المرتكز الثقافي الذي من شأنه المحافظة على التعدد والتنوع في إطار وحدة الهوية الوطنية
وفسح المجال أمام مساهمة أقوى وأنجع للتعبيرات واللغات المحلية في الثقافة الوطنية .ويجب
التأكيد ،في هذا الصدد ،على الحق في الحرية ،وضرورة تعزيز اإلبداع الحر وثقافة االختالف
وروح التعايش واالنفتاح على اآلخر.72
كما نجد وجهات نظر أخرى لفاعليين سياسيين تؤكد واستلهاما من إعالن الملك محمد
السادس خالل افتتاحه للسنة التشريعية لسنة 2017في شهر أكتوبر ومن الخطب السامية،
يطرح اإلتحاد الدستوري 73مشروع النموذج االقتصادي الجديد ،من خالل طرح المنهجية التالية
وتتلخص في دراسة المحاور
72كلمة ذ إدريس لشكر المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق /تطوان أيام 12و 13أبريل . 2019
73د .حسن عبيـــابة عن حزب اإلتحاد الدستوري منشور بجريدة أنفاس اإللكترونية بتاريخ 14نوفمبر2018
~ ~ 44
خاتمــــــــــــــــــــــــة:
عموما فالتعاقد بين الجماعات الترابية وباقي المتدخلين االخرين من االشخاص المعنوية العامة
سيعزز دور هذه الجماعات الترابية ويجعل منها وسيلة لضبط وتيرة التنمية وانجاز المشاريع
الكبرى التي تحتاج االعتمادات مالية قد ال تستطيع الجماعات الترابية بصفة منفردة توفيرها في
حين تصبح هذه االمكانيات متاحة عبر توحيد تد خالتها مع الفاعلين األخرين .وما يمكن قوله
في هذا االطار انه يبقى الحديث عن آلية تعاقدية حقيقية محدودة في ظل جماعات الترابية ذات
إطار قانوني يحمل عبارات فضفاضة واختصاصات متداخلة ،ووسائل مالية تقنية غير كافية ،
الوجود . وفي غياب عنصر بشري كفئ يبلور المؤهالت على أرض الواقع ويخرجها إلى حيز
وإذا كان االستثمار هو حجر الزاوية لكل إقالع تنموي مستدام ،يروم تحقيق العدالة االجتماعية،
وخلق الثروة ،وبلوغ نسب نمو جد معقولة ،تستجيب لتوفير فرص الشغل ،وتدبير الندرة،
والحفاظ على الموارد المالية آنيا ومستقبليا ،فكل هذا وغيره ،يقتضي النجاعة والفعالية في
التسيير والتدبير ،عبر دعامات قانونية ومرتكزات بشرية ،مالية ،قضائية ،علمية ،عقارية
وإدارية:
oتفعيل المقتضيات والمبادئ الدستورية و القانونية ،و من أهمها :ربط المسؤولية بالمحاسبة
في ظل التنصيص على الحكامة الجيدة ،و إعمال التدبير الحر داخل المجالس ،و مبدأي
التفريع و التمايز؛ والتعاون و التضامن بين الجهات و التعاضد عند تنزيل البرامج و
المشاريع التنموية داخل المجاالت الترابية؛
oتوفر رؤساء الجهات على الكفاءات الالزمة لتدبير المجالس الجهوية ،وتأهيل باقي الموارد
البشرية؛
oالخضوع المستمر للتدقيق و المراقبة من قبل الجهات المختصة ،و العمل بالتوصيات و
التقارير المرفوعة بغية ترشيد النفقات ،و السهر على التدبير بالمشاريع؛
إحداث مرصد مالي جهوي يُعنى بجمع ونشر كافة المعلومات المتعلقة بمالية
الجماعات الترابية ،خاصة منها الميزانيات؛
~ ~ 45
تكوين قضاء مختص في مجاالت االستثمار واألعمال ،للفصل في النزاعات بين
المستثمرين من جهة ،وبينهم و بين اإلدارة من جهة أخرى ،والتمسك باستقاللية
ق السلط؛
الجهاز القضائي عن با ِ
تشجيع البحث العلمي ،وربط ُمدخالته ب ُمخرجات إنعاش مناخ االستثمار؛
تيسير ولوج المستثمرين إلى العقار ،وتبسيط مساطر انتقاله وتداوله مع تثمين
العقار العمومي؛
تخليق الحياة العامة ،وتفعيل الحكامة الرشيدة؛
إيالء العناية الالزمة في تدبير الصفقات العمومية ،74وترسيخ مبدأ الشفافية
والنزاهة؛
تفعيل دور مجلس المنافسة ،كهيئة مستقلة مكلفة بتنظيم المنافسة من أجل ضمان
الشفافية و تكافؤ الفرص بغية تقعيد مبدأ اإلنصاف و محاربة الريع واالحتكار.
و مجمل القول ،يبقى الرهان أجرأة العمليات المساعدة على إنجاح األوراش التنموية داخل
الجهات ،و لن يتأتى ذلك إال من خالل التنزيل العملي للجهوية المتقدمة في ظل الالمركزية
الترابية و الالتمركز اإلداري ،بغية تعزيز األدوار المحلية للمنتخبين و األطر التقنية و اإلدارية
مع تنسيق تام و تحديد لالختصاصات بين السلطات الالممركزة و مختلف المتدخلين .و في ظل
المقتضيات الدستورية و القانونية ،فإنه بات من الضروري عدم إغفال أدوار القطاع الخاص و
هيئات المجتمع المدني في تدبير المجال و استغالل الثروات ،السيما مع المبدأ الدستوري
المتمثل في الحق في الحصول على المعلومة ،و االلتزام بالشفافية و تكافؤ الفرص و المنافسة
الشريفة ،مع الحرص المتواصل على التوزيع العادل للثروة ،و تحقيق العدالة االجتماعية ،وفق
مقاربة تشاركية تعزز مبدأ المواطنة الحقة،
و تبتغي آلياتها خدمة الصالح العام.
مما ال شك فيه ،أن المأسسة الحقيقية للفعل العمومي القائم على معايير ومؤشرات "الحكامة
75
،وله من أن ينطلق من قواعد تدبيرية حديثة ،تعيد للتدبير العمومي فعاليته وترتقي الجيدة"
74
راجع مرسوم رقم 2.13.656بتغيير المرسوم رقم 2.12.349المتعلق بالصفقات العمومية
~ ~ 46
باإلدارة العمومية إلى المستوى المقاولة الناجحة ،بحيث لم يعد مقبوال في ظل زمن العولمة
االرتهان إلى الوسائل التقليدية القائم على مركزية القرار وتدخل المركز في كل صغيرة وكبيرة
،بل ينبغي إعادة توزيع المهام اإلدارية و التنفيذية ،مع المدبرين المحليين األكثر قربا لهموم
وانشغاالت المواطنين ،ألن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات المتقدمة و رأس المال
المعرفي ،هي أكثر األصول قيمة في إقتصاد المعرفة أو اإلقتصاد الجديد ،القائم على توظيف
تقنيات اإلتصاالت المتطورة ،الرقمنة،اإلبتكار ،واإلستثمار في البحث و التعليم و نماذج اإلدارة
76
.و إعطاء الحرية في تسطير وتنفيذ البرامج العمومية على المستوى المحلي ، الجيدة
بشراكة مع كافة الفرقاء المؤسساتيين واالجتماعيين ،الشيء الذي يجعل من عقود البرامج ،
وسيلة ناجعة للتدبير العمومي الالمتمركز ،و أداة لتطوير السياسات العمومية و البرامج
اإلستراتيجية التي انخرطت فيها بالدنا .
75نحو بناء منظومة للحكامة الجيدة على المستوى الترابي" دراسة بطلب من مجلس المستشارين بتاريخ ماي 2015
76
إقتصاد المعرفة ،دراسات إقتصادية ،منشورات صندوق النقد العربي ،العدد ،2019 - 51ص .8
~ ~ 47
الئحة المراجع المعتمدة :
الكتب: .I
سعيد جفري ،الجماعات الترابية بالمغرب ،الطبعة ،2017الرباط.
محمد نبيه ،الجهوية المتقدمة بين الالمركزية و الالتمركز (الجانب القانوني
والمحاسبي) ،الطبعة االولى ،2019الرباط.
المقاالت : .II
خليد المرابط ( ،الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل
القوانين التنظيمية لسنة )2015
المنبر القانوني ،العدد 4أبريل 2013
احمد بوسيدي ( ،الوسائل القانونية للتدبير الحر للجماعات الترابية » ،المنبر القانوني
،العدد 4أبريل 2013
خليد المرابط ( دينامية السياسة الترابية على ضوء مبداي التدرج والتمايز بالمغرب :
محاولة لتدقيق المفاهيم واستشراق لمجاالت التطبيق) ،المجلة المغرية لإلدارة المحلية
و التنمية عدد ، 135 - 134ماي غشت 2017
حنان القادري ،المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي على ضوء تقرير اللجنة
االستشارية للجهوية ،مجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية ،العدد 2011 ،1
آمال بلشقر ،التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة ،مجلة دراسات
إقتصاد المعرفة ،دراسات إقتصادية ،منشورات صندوق النقد العربي ،العدد -51
مسعودي رشيدة -فرشان دليلة ،تنمية الرأسمال االجتماعي :مستقبل استدامة المدن
الذكية ،منشورات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية و السياسية
واالقتصادية -المانيا.2019 -
~ ~ 48
النصوص القانونية: .III
دستور المملكة المغربية الصادر بموجب استفتاء فاتح يوليوز ، 2011الجريدة
الرسمية .عدد 5952مكرر بتاريخ ( 17يونيو ، ) 2011في 3600 .
ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 27من شعبان 29( 1432يوليو )2011
بتنفيذ نص الدستور ،جريدة رسمية عدد 5964مكرر بتاريخ 30يوليو ،2011ص
.3600
القانون التنظيمي رقم 14 . 111المتعلق بالجهات ،
والقانون التنظيمي رقم 14 . 112المتعلق بالعماالت واألقاليم ،
قانون التنظيمي رقم 14 . 113المتعلق بالجماعات ،والصادر بتنفيذها -على
التوالي
- ظهير شريف رقم 1.15.85صادر في 20من رمضان 7( 1436يوليو
)2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات ،جريدة رسمية
عدد 6380بتاريخ 23يوليو ،2015ص .6660
ظهير شريف رقم 1 - 06 - 15الصادر في محروم ، 1427الموفق لـ 14فبراير
، 2006بتنفيذ القانون رقم ( ) 54 - 05المتعلق بالتدابير المفوض للمرافق العامة ،
الجريدة الرسمية ،عدد . 5404
~ ~ 49
المرسوم رقم 2 - 17 - 449الصادر في 4ربيع االول ،1439الموافق ل 23
نوفبر 2017بسن نظام اامحاسبة العمومية للجهات و مجموعاتها ،الجريدة الرسمية
عدد .6626
الفصل 230من قانون االلتزامات و العقود المغربي.
الندوات: .IV
مداخالت ندوة حول موضوع " التدبير اإلداري والمالي للجماعات" يومي 5 :و 6ماي
2017باكادير
دراسات و تقارير: .V
احمد بوعشيق“ ،عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص :سياسة عمومية حديثة
لتمويل التنمية المستدامة بالمغرب” ،مساهمة في المؤتمر الدولي للتنمية اإلدارية ” نحو
أداء متميز في القطاع الحكومي” ،الرياض المملكة العربية السعودية ،ص2009 ،1
المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق /تطوان أيام
12و 13أبريل .2019
" نحو بناء منظومة للحكامة الجيدة على المستوى الترابي" دراسة بطلب من مجلس
المستشارين بتاريخ ماي 2015
تقرير المجلس الجهوي للحسابات بمراكش ،مرجع سابق ،ص 101
~ ~ 50
:المراجع باللغة الفرنسية
I. Ouvrages :
Ch , Brechon - Moulenes , Liberte contractuelle des personnes
publiques » , Cité par : Ajjoub 40 , 14 Notion de liberte
contractuelle en droit administratif francais , these en mai 2016.
II. Thèses :
Salih Hamdaoui ,Vocation économique de la Region a la
lumiere de la loi organique 111 - 14 , these en Droit
public, Faculté de droit , Salé , Université Med . V
Rabat, 2017
III. ARTICLES
Mohammed El Yagoubi, Contractualisation et
décentralisation au Maroc», in Reflections.
~ 51 ~
فهرس
~ ~ 52
~ 53 ~