You are on page 1of 54

‫المملكة المغربية‬

‫جامعة عبدالمالك السعدي‬


‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‬
‫‪ -‬طنجة ‪-‬‬

‫ماستر تدبير الشأن العام المحلي‬

‫مادة‪ :‬التنمية الترابية و الجهوية‬


‫عرض حول‪:‬‬

‫التعاقد كآلية لتحقيق التنمية‬


‫الجهوية‬

‫تحت إشراف االستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة الباحثين‪:‬‬


‫‪ ‬زكرياء جوهار‬
‫د‪ .‬عبدالكبير يحيا‬
‫‪ ‬بشرى العمراني‬

‫السنة الجامعية‪2020- 2019:‬‬

‫~‪~0‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعتبر السياسة الجهوية إحدى الركائز األساسية في تجسيد وممارسة الحكامة الجيدة في شتى‬
‫مجاالت تدبير الشأن العام‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تعد كل التوجيهات الملكية بمثابة خارطة الطرق‬
‫لتطوير مفهوم الجهة كمكسب دستوري‪ ،‬وأداة أساسية لتدعيم ‪١‬لالمركزية والديمقراطية المحلية‬
‫في بالدنا‪ ،‬وتقليص الفوارق واالختالالت بن المدن والقرى‪ ،‬وبين مناطق المملكة‪ ،‬والعمل‬
‫بمفهوم جديد للسلطة والتدبير‪.‬‬

‫ويطرح هذا اإلطار المؤسساتي الجديد إعادة النظر في النموذج التنموي‪ ،‬وفي اعداد التراب‬
‫الوطني ككل‪ ،‬سواء من حيث المرتكزات‪ ،‬أومن حيث المضمون وأدوات التدخل‪ ،‬وكذا من حيث‬
‫الوسائل اإلجرائية والتنفيذية‪ .‬وذا كانت التنمية الترابية مفهوما متقدما لتفعيل الجهوية‪ ،‬مواكبة‬
‫وتزامنا مع تطور عالقة الدولة بمجاالتها الترابية مع ما يرافق ذلك من تحديا ت‪ ،‬فإنها تصطدم‬
‫بمجاالت أكثر تعقيدا (المجال الترابى ومستويا ت التدخل ‪ :‬الوطني‪ ،‬الجهوي و المحلي)‪،‬‬
‫تتداخل فيها االعتبار المفاهيمي و المنهجي (مفهوم التنمية الترابية وتحديد مقاربة التدخل )‪،‬‬
‫واإلطار المؤسساتي (سياسية ‪١‬لالتمركز و‪١‬لالمركزية‪ ،‬والجهوية)‪ ،‬والفاعل التنموي والفرقاء‬
‫(الدولة‪ ،‬الجماعات الترابية‪ ،‬الخواص‪ ،‬مكونات المجتمع المدني)‪ ،‬مما يتطلب البحث عن‬
‫تصورات وآليات تدبير جديدة‪ .‬وبالنظر للوضع الراهن لممارسة التنمية الترابية لمهامها‬
‫التأطيرية والتنموية‪ ،‬يتعن التساؤل عن طبيعة أشكال التدخل‪ ،‬وكذا األدوات المنهجية والتمويلية‬
‫والمؤسساتية التي من شأنها ترسيخ الالمركزية وتشجيع االلتقائية في تدخالت السلطات‬
‫العمومية‪ ،‬وبالتالي إنشاء العمل بالسياسة التعاقدية بين الدولة والجهة‪ ،‬من جهة‪ ،‬والشراكة بين‬
‫‪1‬‬ ‫مختلف الفاعلين الترابيين‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬

‫ولقد كان للتجربة المغربية الطويلة الممتدة على مدى الثالثين سنة الماضية في مجال العالقات‬
‫التعاقدية بين الدولة وبعض المؤسسات والمنشآت العامة‪ ،‬إضافة نوعية هامة حيث مكنت عقود‬
‫البرامج المبرمة بين الدولة و المؤسسات والمنشآت العامة من ترشيد أمثل لتسيري هذه الهيئات‬
‫ومن تحسين أدائها التقني واالقتصادي والمالي ‪.‬وفضال عن ذلك‪ ،‬ساهم القانون رقم ‪-00‬‬

‫‪ 1‬الدكتور محمد عتيق (مركز اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬القطب الجامعي آيت ملول ) ندوة علمية حول الحكامة والتنمية الترابية بالمغرب‬
‫يومي ‪ 04،05‬أبريل ‪2018‬‬
‫~‪~1‬‬
‫‪69‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى منذ دخوله حيز التنفيذ‬
‫بتاريخ ‪ 18‬دجنبر ‪، 2003‬في ترسيخ هذه الممارسة في إطار تنفيذ السياسات الحكومية‬
‫القطاعية من خالل توضيح أفضل لألهداف االستراتيجية المسندة للمؤسسات والمنشآت العامة‬
‫وتحسين أسلوب حكامتها وكذا الرفع من أدائها ‪.‬وهكذا عرف التعاقد دينامية جديدة مكنت من‬
‫تحسني الهندسة العامة للعقود من خالل تحديد أفضل التزامات الطرفين التي أصبحت أكثر دقة‬
‫لربطها بأهداف مرقمة وقابلة للتقييم‪ .‬كما تمت تقوية آليات التتبع وتدعيمها بتقييم دوري ومنتظم‬
‫لتنفيذ االلتزامات التعاقدية ووقعها على الوضعية العامة للهيئات المعنية ‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬وتماشيا مع المبدأ الدستوري الذي يقيض بربط المسؤولية بالمحاسبة‪ «2‬ووفقا‬
‫للتوجهات الحكومية‪ ،‬فإن نشاط المؤسسات والمنشآت العامة يجب أن يكون موضوع سياسة‬
‫تعاقدية متعددة السنوات مع الدولة وذلك قصد إدراجه ضمن األولويات الحكومية وتحديد‬
‫األهداف المنوطة بهذه المؤسسات والمنشآت العامة وكذا اإلنجازات المنتظرة ‪.‬كما أن العالقة‬
‫التعاقدية مع هذه الهيئات من شأنها أن تساهم في تعزيز حكامتها والرفع من أداءها مع تعزيز‬
‫آليات تقييم إنجازاتها على ضوء أهداف التنمية االقتصادية واالجتماعية المسطرة وبالتالي‬
‫تحسين جودة الخدمات المقدمة وترشيد النفقات‪ .‬وهكذا فإن التعاقد بين الدولة والمؤسسات‬
‫والمنشآت العامة والجماعات الترابية يمكن هذه األخيرة من تحديد أهدافها االستراتيجية‬
‫والعملية‪.‬‬

‫وفي إطار تدخل المؤسسات و المنشآت العامة على المستوى الجهوي‪ ،‬فإن التعاقد يوفر اإلطار‬
‫المناسب لتعزيز مساهمتها في تفعيل أكبر لسياسة القرب من أجل تنمية محلية مستدامة‬
‫ومتناسقة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن اإلطار التعاقدي يعطي األولوية للنشاطات الكفيلة بترشيد آليات‬
‫تسيري المؤسسات و المنشآت العامة وتقليص تكاليف استغاللها وتدعيم إجراءات التدبري‬
‫المشترك لإلمكانيات المتاحة وذلك من أجل ترشيد استعمالها وتحسني تنسيق اإلنجازات‪ .‬ويعتبر‬
‫إعداد العقود متعددة السنوات فرصة لدراسة مشاريع استثمار المؤسسات و المنشآت العامة‬
‫للتأكد خاصة من مدى توافقها مع األهداف المحددة لها وتنزيل السياسات العامة وتنفيذ األولويات‬
‫الحكومية‪ ،‬وكذلك التحقق من مدى مردوديتها وتأثريها على تحسين جودة الخدمات بالنظر‬
‫‪2‬‬
‫تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ص ‪ 23،‬بتاريخ ‪.2016‬‬

‫~‪~2‬‬
‫لمتطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية ومدى مالءمتها للقدرة التمويلية للمؤسسة وخاصة فيما‬
‫يتعلق بأهداف ضبط نسب االستدانة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬ينبغي دراسة إمكانية اللجوء إلى الشراكة‬
‫بين القطاع العام والقطاع الخاص لتمويل وإنجاز أو استغالل مشاريع االستثمار وذلك لالستفادة‬
‫من قدرات االبتكار والتمويل المتوفرة لدى القطاع الخاص‪ .‬كما تهدف السياسة التعاقدية إلى‬
‫ترشيد تحويالت الدولة المالية لفائدة المؤسسات و المنشآت العامة والتحكم في مستواها عبر‬
‫ترشيد النفقات وتعزيز الموارد الذاتية وتنويع مصادر التمويل وكذا ربط التحويالت المذكورة‬
‫بالمستوى الفعلي للحاجيات وباإلمكانات المتوفرة‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار‪ ،‬هو تنامي اللجوء إلى األسلوب التعاقدي ما بين األشخاص‬
‫المعنوية العامة‪ ،‬بعدما كان هذا المبدأ من قبل‪ ،‬من المبادئ غير القابلة للتطبيق على أرض‬
‫الواقع لعدة أسباب مختلفة‪ .‬إال أن هذه اإلمكانية أصبحت متاحة أمام مختلف األشخاص المعنوية‬
‫العامة (الدولة ‪ ،‬الجماعات الترابية ‪ ،‬المؤسسات العمومية ‪ ،) . . .‬هذا األسلوب التعاقدي الذي‬
‫نجد أن من بين مزاياه كونه أنه سهل وبسيط‪ ،‬وما يبرر قول ذلك هو التراجع النسبي للقرار‬
‫اإلداري االنفرادي لصالح التقنيات التفاوضية‪ ،‬فالتسيير بالدوريات وباألوامر التسلسلية أصبح‬
‫يتقلص شيئا فشيئا‪ ،‬ليترك المجال للتعاقد‪ ،‬إذ أن التشاور أصبح أكثر فأكثر قاعدة أساسية في‬
‫المعاملة اإلدارية والسياسية خصوصا والتعاقد كذلك يشكل الوسيلة الطبيعية التجسيد الشراكة‬
‫والتعاون ما بين مختلف األشخاص المعنوية العامة‪ .‬إذن فهذا التوجه العام يشكل مؤشرا قاطعا‬
‫على أن الالمركزية اإلدارية تعرف تطورا عميقا على مستوى طبيعتها الداخلية‪ ،‬حيث نمر من‬
‫المركزية تقليدية تتأسس على متدخلين فقط‪ ،‬وهما ممثل السلطة المركزية والمنتخب إلى مفهوم‬
‫جديد الالمركزية عصرية ترتكز على عدة متدخلين ( اإلدارة الجماعات الترابية‪ ،‬الجمعيات‬
‫المجتمع المدني والخواص‪ ،‬المتدخلون االقتصاديون ‪ .) . . .‬وبالتالي تكمن أهمية دراسة‬
‫موضوع التعاقد في الوقوف على المقاربة الجديدة التي تنهجها الدولة في معالجة وتدبير الشأن‬
‫المحلي‪ ،‬وكذلك على طبيعة العالقة التي تربط الجماعات الترابية والدولة في تبينها لهذه‬
‫المقاربة‪ ،‬خصوصا مع المرسوم الجديد لالتمركز اإلداري بشكل منسجم والتوجه التنظيمي‬
‫الجديد الذي أطره دستور ‪ 2011‬والقائم على الجهوية المتقدمة‪ .‬كما تكمن أهميتها العملية في‬
‫تحديد تدخالت ومسؤوليات كل من الدولة والجماعات الترابية ‪ .‬ومن هذا المنطلق نجد أن هناك‬
‫~‪~3‬‬
‫إشكالية تطرح نفسها بإلحاح وتجعل الباحث يتساءل "إلى أي حد ساهمت آلية التعاقد إلى تحقيق‬
‫التنمية الجهوية؟"‬

‫ولمحاولة لإلجابة عن االشكالية الرئيسية ومختلف االسئلة المتفرعة عنها ‪:‬‬

‫ما معنى التعاقد‬

‫كيف يتم التعاقد‬

‫هل آلية التعاقد ضمن االختصاصات الذاتية او المشتركة او المنقولة‬

‫ماهي تحديات توجه التعاقد واالكراهات التي تحد التنمية الجهوية‬

‫ارتأينا االعتماد على مبحثين أساسيين‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار القانوني أللية التعاقد وأسباب تبني هاته االلية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬رهانات تحقيق تنمية ترابية وفق الية التعاقد‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلطار القانوني آللية التعاقد‬


‫يعتبر البناء القانوني للجماعات الترابية الذي جاءت به الوثيقة الدستورية ‪ 3‬و القوانين التنظيمية‬
‫الترابية الصادرة في يوليوز ‪ 4 2015‬و مراسيمها التطبيقية ‪ 5‬بمثابة المنظومة المتكاملة التي‬
‫تحاول إنضاج مختلف الجوانب النظرية والتطبيقية لمسار الالمركزية في بالدنا‪ .‬فقد حاول‬
‫المشرع عبرها خلق نوع االنسجام لتكون هذه المقتضيات بمثابة الوسائل القانونية التي تشكل‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬دستور المملكة المغربية الصادر بموجب استفتاء فاتح يوليوز ‪ ، 2011‬الجريدة الرسمية ‪ .‬عدد ‪ 5952‬مكرر بتاريخ ( ‪ 17‬يونيو ‪ ، ) 2011‬في ‪.‬‬
‫‪. 3600‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المتمثلة في القانون التنظيمي رقم ‪ 14 . 111‬المتعلق بالجهات ‪ ،‬والقانون التنظيمي رقم ‪ 14 . 112‬المتعلق بالعماالت واألقاليم ‪ ،‬قانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 14 . 113‬المتعلق بالجماعات ‪ ،‬والصادر بتنفيذها ‪ -‬على التوالي ‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ ، 1 . 15 . 83‬الظهير رقم ‪ ، 1 . 15 . 84‬الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ ، 1 . 15 . .85‬بتاريخ ‪ 20‬من رمضان ‪ 7 ( 1436‬يوليوز ‪ ، ) 2015‬الجريدة الرسمية ‪ .‬عدد ‪ 8380‬م ‪ .‬ص‪ 6585‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ - 5‬صدرت عبر مراحل خالل الثالث السنوات التي تليها ‪ ،‬أي ‪. 2018 - 2017 - 2016‬‬

‫~‪~4‬‬
‫أرضية عمل مناسبة لتحقيق االهداف المنتظرة من هذه الجماعات الترابية بكل حرية و استقاللية‬
‫‪.6‬‬

‫فقد تحدثت العديد من الدراسات عن بعض الصور القانونية التي تبرز حرية الفعل الموكولة‬
‫للجماعات الترابية بعد صدور دستور ‪ ،2011‬خصوصا السلطة التنظيمية التي تعتبر مقوما‬
‫ذاتيا للتعبير عن استقاللية تنظيم المجال الترابي‪ .‬فقد أخذت السلطة التنظيمية قوة تنظيمية‬
‫ودستورية‪ ،‬حيث برزت كأهم االختصاصات التي اعترف بها الدستور المغربي الحالي عبر‬
‫إشارات واضحة تحيل على نضج التدبير بالجماعات الترابية ‪ .‬لكن في المقابل نجد صعوبة في‬
‫التطرق إلى الحرية التعاقدية للجماعات الترابية ‪ ،‬وهو األمر البديهي نظرا للقيود التي تجعل‬
‫الحديث عن الحرية التعاقدية يالمس وجود عدة نقاشات نظرية وفقهية وأخرى قانوني وواقعية‬
‫خاصة بالدول الموحدة المعروفة بصرامة النظام القانوني وصالبة التأطير القانوني للوحدات‬
‫الترابية ‪ .‬فحرية التعاقد تعززت مع بروز وتطور مبدأ التدبير الحر الذي فتح هامشا أكبر‬
‫لمناقشته بشكل أفضل ‪ .‬بل يمكن القول أن حرية التعاقد تشكل وجها قانونيا مميزا للتدبير الحر‪،‬‬
‫لكونها تتعلق بقدرة الهيئات الترابية المنتخبة على التعاقد بكل حرية من أجل تحقيق األهداف‬
‫الملقاة على عاتقها‪ .‬إذن ‪ ،‬البد من التركيز على فعلية استخدام و استثمار هذه الوسائل القانونية‬
‫على النحو الذي يزكي االستقاللية اإلدارية والمالية لهذه الوحدات والمتمثلة في فعلية ممارسة‬
‫السلطة التنظيمية المحلية المخولة لهذه الجماعات الترابية ‪.‬‬

‫وعندما نتحدث عن مفهوم التعاقد فليس هو نفس المعنى بالنسبة لمفهوم العقود اإلدارية ‪ ،‬فالتقنية‬
‫األولى بصددها أمام أشخاص معنوية عامة تتعاقد فيما بينها قصد تحقيق مصلحة عامة ‪،‬‬
‫وتنظيمها قواعد القانون العام ‪ ،‬ويتم ذلك بمقتضى اتفاقية شراكة أو تعاون يتم بمقتضاها تحديد‬
‫حقوق وواجبات األطراف المتعاقدة في حين أن التقنية الثانية ‪ ،‬أي العقود اإلدارية ‪ ،‬كما هو‬
‫معلوم ‪ ،‬ينبغي أن يكون أحد أطرافها المتعاقدة ‪ ،‬شخصا من األشخاص المعنوية العامة التي‬
‫تمثل السلطة العامة ‪ ،‬في حين الطرف اآلخر يمثل شخصا معنوي خاصا‪ ،‬وقد تكون األهداف‬
‫والمصالح في العقود اإلدارية غير متساوية ما بين األطراف المتعاقدة ‪ ،‬فغالبا ما تكون الغاية‬

‫‪ -6‬خليد المرابط‪ ( ،‬الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ‪ ،)2015‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية و التنمية ‪ ،‬عدد ‪ ، 143‬نونبر – دجنبر ‪ ،2018‬ص‪. 215‬‬

‫~‪~5‬‬
‫األساسية لألشخاص المعنوية الخاصة هو تحقيق الربح أكثر مما هي تهدف إلى تحقيق المصلحة‬
‫العامة ‪ .‬ونجد أن الغرض من التعاقد في أغلب األحيان يرمي إلى التخفيف من سلطة الهيئات‬
‫المركزية على الهيئات الالمركزية من جهة‪ ،‬وتوزيع المهام وكذا مشاركة أطراف مختلفة في‬
‫نفس المشروع من جهة أخرى ‪.‬‬

‫ان معالجة موضوع التعاقد كآلية لتحقيق التنمية الجهوية تقتضي منا وضع تعريف جامع‬
‫للموضوع و ضبطه في (المطلب االول) الحرية التعاقدية للجماعات الترابية حسب القوانين‬
‫التنظيمية و كذلك أسباب تبني اليات التعاقد بين الدولة و الجماعات الترابية في (المطلب الثاني)‬
‫‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬الحرية التعاقدية للجماعات الترابية حسب القوانين التنظيمية‬


‫يشكل التعاقد بين اإلدارة المركزية والمصالح الالممركزة أداة لتعزيز عملية التركيز اإلداري‬
‫والالمركزية اإلدارية وذلك عن طريق إدخال عالقات تدبيرية جديدة مرتكزة على نجاعة األداء‬
‫وتوسيع مبادرات الفاعليين المحليين ‪ ،‬وأساس هذا التعاقد يكمن من خالل تحديد محتوى‬
‫والتزامات أطراف العقد‪.‬‬

‫فالتعاقد يشكل أداة رئيسية لتحديد نوعية العالقات بين الدولة والجماعات الترابية وبين الجماعات‬
‫الترابية ومختلف الفاعليين المحليين ‪ ،‬وذلك بإدخال عالقات تدبيرية جديدة ترتكز على تحسين‬
‫األداء والنتائج من خالل إبرام عقود تؤدي في نهاية المطاف إلى نجاعة األداء وتحسين عيش‬
‫المواطن‪. 7‬‬

‫إضافة إلى تبني سياق “تحديث تدبير الجماعات” عبر االنتقال من منطق “الوسائل” الذي يركز‬
‫على صرف االعتمادات المالية وفق اإلجراءات القانونية المتبعة فقط دون االهتمام بانعكاس هذه‬
‫االعتمادات على أرض الواقع‪ ،‬إلى منطق “النتائج” الذي يستهدف النجاعة و المردودية حيث‬
‫يلتزم الشريك االقتصادي الخاص بضمان تحقيق أهداف تنموية محددة عبر توظيف أكثر‬
‫عقالنية للموارد المالية والتقنية ‪.‬‬

‫‪ -7‬خليد المرابط‪ ( ،‬الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ‪ ، )2015‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪224‬‬

‫~‪~6‬‬
‫إذا كانت السلطة التنظيمية هي مقوم قانوني ذي طابع ذاتي يعبر عن استقاللية تنظيم المجال‬
‫الترابي عبر أخذ عدد من القرارات بشكل انفرادي ‪ ،‬وبالقدر الذي تسمح به النصوص والقوانين‬
‫الجاري بها العمل ‪ ،‬فحرية التعاقد هي وجه قانوني ثاني للتدبير الحر يتعلق بقدرة الهيئات‬
‫الترابية المنتخبة على التعاقد بكل حرية من أجل تحقيق األهداف الملقاة على عاتقها ‪8 .‬‬

‫سنتحدث في هذا المطلب عن مبدأ حرية التعاقد في (الفرع االول ) وسنتناول التعاقد على‬
‫مستوى الجماعات الترابية في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬مبدأ حرية التعاقد‬


‫إن حرية التعاقد‪ ،‬وفق ما هو متعارف بشأنه عند رجال القانون و دارسيه تعلق بشكل كبير‬
‫بمجال القانون المدني الذي أسس قاعدة ذهبية تلخص المفهوم الواسع للحرية العقدية والمعروفة‬
‫بقاعدة « العقد شريعة المتعاقدين »‪ .‬لكن وبعد تطور العقد اإلداري ذي الطابع الخاص والمفتقد‬
‫لهذا التوازن في مرحلة اولى بدأت مرحلة تعاقدية للهيئات العامة تساوي في بعض المجاالت‬
‫هذه القاعدة الجوهرية في التعاقد‪ ،‬وهو يدفع للتساؤل عن مدى نضح قواعد تعاقدية تكرس‬
‫الحرية للهيئات العامة خاصة ذات الطابع الترابي باعتبارها وحدات ترابية ثانوية في النظام‬
‫القانوني للدولة خاصة الموحدة ‪ ،‬أو بمعنى آخر ‪ :‬هل تسري هذه مقومات حرية التعاقد على‬
‫مختلف األشخاص الذاتية والمعنوية ؟ أم هناك تقييد محدد خاصة ‪ :‬بالنسبة للجماعات الترابية ؟‬
‫ال سيما وأنها الطابع العمومي والمقيدة بنصوص تشريعية وتنظيمية خاصة وبالنظر لخضوعها‬
‫لرقابة إدارية محددة في هذا الشأن ‪.‬‬

‫فبعدما كان التعاقد أساس العالقات البينية التي تجمع األفراد ‪ ،‬وبعدما تطور ‪ -‬في ظلها ‪ -‬بشكل‬
‫تدريجي ليصبح أحد أهم عناصر قانون االلتزامات منذ الظهير الشريف الصادر في‪9‬رمضان‬
‫‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ ) 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود وتعديالته األخيرة ‪ ،9‬بدأ‬
‫مبدأ التعاقد يحوز مكانة متصاعدة بين األشخاص المعنوية العمومية كذلك ‪ .‬لكن المنطلق‬
‫األساسي الذي تعتمده حرية التعاقد عند األفراد كأحد الحقوق الجوهرية للمتعاقد في القانون‬

‫‪ -8‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪224‬‬


‫‪ - 9‬ظهير شريف رقم ‪ 1 . 11 . 140‬صادر في ‪ 16‬من رمضان ‪ 17 ( 1432‬أغسطس ‪ ، ) 2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5980‬بتاريخ ‪ 23‬شوال‬
‫‪ 22 ( 1432‬سبتمبر ‪ ، ) 2011‬ص ‪. 4678 .‬‬

‫~‪~7‬‬
‫المدني الحرية التعاقدية ‪ 10‬يصعب تكييفه مع طبيعة الشخص العام ؛ فإذا كان الفرد محكوم‬
‫بقوة االلتزام نفسه والذي يجعله يقوم مقام القانون حسب منطوق الفصل ‪ 230‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ، 11‬فاألمر يختلف عندما يكون الشخص العام هو الطرف المتعاقد لكونه‬
‫مقيد بإطار قانوني خاص به‪.‬‬

‫فحرية التعاقد التي يتمتع بها الشخص المتعاقد هي حرية أصلية مرتبطة بكيانه والشخصية‬
‫المعنوية التي هي أساس وجوده‪ ،‬وهي ما يضمن له الحق في ممارسته للحريات التي تتفرع‬
‫عنها باقي التصرفات واألفعال من حق التملك ‪ ،‬وحق المبادرة ‪ ،‬وحق التعاون ؛ إذا يجري على‬
‫تعاقد هذه األشخاص ما يجري على مختلف أعمالها القانونية ‪ .‬فحرية التعاقد ذات قدسية في‬
‫القانون الخاص والذي يعترف بهذه الحرية طيلة مراحل التعاقد و بضرورة حضور االرادة‬
‫الخاصة للمتعاقد واستمرارها‪ ،‬من األعداد ومرورا بالتشكيل إلى غاية التنفيذ ‪.12‬‬

‫أما على مستوى األشخاص العامة‪ ،‬فقد عرفت التجربة الفرنسية تناول موضوع التعاقد وأرست‬
‫قاعدة التعاقد كحرية لها‪ ،‬لكن دون التطرق إلى جانب الصور التعاقدية ومضامين التعاقد و‬
‫تفصيالته‪ .‬فقد أكدت العديد من األبحاث أن الجماعات الترابية تملك سلطة واسعة للتعاقد‪ ،‬فهي‬
‫حسب أحدهم مضمونة للجماعات الترابية بشكل غير مباشر عبر القواعد الدستورية الضامنة‬
‫لحرية المبادرة‪ ،‬وحق التملك‪ ،‬وكذا مبدأ التدبير الحر‪ ،‬ولكن وبصفة مباشرة عبر المادة ‪4‬‬
‫المعبرة عن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن‪ ،13‬فهي في نظره هي القاعدة بالرغم‬
‫من محدوديتها العملية‪ .‬فهذا الربط في مجال الحقوق مرتكز على أهمية إعطاء الحق لألفراد‬
‫والتجمعات البشرية المكونة للجماعة والممثلة عبر هياكلها الختيار التصرف القانوني األنسب‬
‫لهم‪ ،‬كلما تعلق األمر بفتح المجال لنوع من الشراكة والتعاون مع باقي المؤسسات‪ .‬فالمالحظ هو‬
‫أن المنطق الذي اعتمده الفقه الفرنسي يروم إضفاء منطق الحرية التعاقدية المعترف به‬

‫‪ - 10‬ظهير شريف رقم ‪ 1 . 11 . 140‬صادر في ‪ 16‬من رمضان ‪ 17 ( 1432‬أغسطس ‪ ، ) 2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5980‬بتاريخ ‪ 23‬شوال‬
‫‪ 22 ( 1432‬سبتمبر ‪ ، ) 2011‬ص ‪. 4678 .‬‬

‫‪ -11‬الفصل ‪ 230‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي أن ‪ « :‬االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى مشئيها ‪ ،‬وال‬
‫يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون ‪.‬‬
‫‪12‬خليد المرابط‪ ( ،‬الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل القوانين التنظيمية لسنة ‪ ، )2015‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‬
‫‪13‬‬
‫‪-Voir dans ce sens , Ch , Brechon - Moulenes , Liberte contractuelle des personnes publiques » , p . 644 . Cité par :‬‬
‫‪Ajjoub 40 , 14 Notion de liberte contractuelle en droit administratif francais , these en mai 2016 , p . 21 .‬‬

‫~‪~8‬‬
‫لألشخاص المعنوية الخاصة على حرية تعاقد الجماعات الترابية‪ ،‬مع اإلشارة إلى بعض مكامن‬
‫االختالف التي تميز حرية هذه األخيرة‪ ،‬والتي تأتي نتيجة التقييدات الذي تخضع له بالنظر‬
‫لخصوصيتها كأشخاص معنوية خاضعة للقانون العام‪ .‬وباختصار‪ ،‬يمكن تبرير صعود هذه‬
‫الحرية التعاقدية لألشخاص العامة بسببين إثنين ‪ :‬أول بهم تطور اإلجراء التعاقدي لألشخاص‬
‫العامة بهدف تحقيق االختصاصات الموكولة لها‪ ،‬والتي تطورت بتطور قوانين الالمركزية‪،‬‬
‫ومبرر ثاني راجع للحرية االقتصادية ‪14‬والتي اقتنع بها المدبرون السياسيون والنخب المحلية‪،‬‬
‫وكذا فقهاء القانون عبر اجتهادهم في تعميم قواعد التعاقد المعمول بها من قبل الخواص لتكون‬
‫قابلة للتطبيق بالنسبة لألشخاص العامة‪ .‬هذا‪ ،‬ويزكي هذا التوجه الفقهي ما أبرزه بعض الباحثين‬
‫بخصوص أهمية الحرية التعاقدية المعترف بها للجماعات الترابية بناء على عدة مبادئ؛ غير‬
‫المباشرة كحق المبادرة وحق الملكية وكذا مبدأ حرية التدبير‪ ،‬والمباشرة المستمدة أساسا من‬
‫حقوق والمواطن وفق ما أورده بالتدقيق أحد الباحثين‪ ،‬والذي خصص لها بحثا كامال‪ ،15‬السيما‬
‫ما يزكي توسيع دائرة التعاقد الموكولة للجماعات الترابية وهو ما يتقاطع ‪ -‬أيضا – ما روح‬
‫الفكرة التي كرسها الفقيه « بوكايانيس » حول األساسي االجتماعي و القيمة االنسانية «‬
‫للتجمعات البشرية » التي تمثلها الجماعات الترابية وحقها في التعامل مع باقي االشخاص‬
‫باعتبارها حرية التصرف‪ ،‬وعبرها يمكن أن تتمتع بالحرية التامة للتعاقد الذي يحقق حاجات هذه‬
‫التجمعات البشرية‪.‬‬

‫وهو ما يجعل الحرية التعاقدية تأخذ نصيبها من الجدل الفقهي أصالة هذه الحرية واستقاللية‬
‫الجماعات الترابية في ممارستها من عدمه لدرجة انقسام أراء الفقهاء تجاهها‪ .‬فبينما يرى جزء‬
‫منه أن الحرية التعاقدية المعترف بها للجماعات الترابية تظل منقوصة لكونها تفتقر إلى وجود‬
‫سلطان اإلرادة‪ 16‬و استقالليتها رغم االعتراف باألهلية القانونية والشخصية المعنوية‪ .‬وتبرير‬

‫‪ -14‬وهو التوجه الذي كرسة المغرب منذ االستقالل ‪ ،‬وتعزز بعض فترة التسعينيات من خالل سياسة الخوصصة والمناطق دمع القطاع الخاص لتدبير‬
‫التجارية الحرة ‪ ،‬والتدبير المفوض ‪ . . .‬وغير ها من اإلجراءات التي تعكس صعود وتطور التعاقد مع القطاع الخاص لتدبير بعض المرافق العمومية ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪M . Mahouachi , la Liberte contractuelle des collectivities territoriales , These , PU , d ' Aix - Marseille ,‬‬
‫‪2001 . Cite par: , Ajjoub Muhannad , p . 21 .‬‬

‫‪ - 16‬و يقصد بمبدأ سلطان اإلرادة أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد وإذا قيد نفسه بالموافقة على العقد فهل يكون عن اقتناع و اختبار تأمين ‪ .‬للمزيد‬
‫أنظر ‪ :‬عبد القادر العرعاري ‪ ،‬ص ‪46 .‬‬

‫~‪~9‬‬
‫ذلك بكونها أشخاص معنوية ثانوية تابعة للدولة‪ ،‬ومقيدة باالختصاصات الممنوحة لها وبتحقيق‬
‫المصلحة العامة وبذلك فهي ال تتوفر على اختصاص تعاقدي ال يصل إلى درجة الحرية‬
‫التعاقدية كما هي ممارسة بالنسبة لألشخاص الخاصة‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ويرى قسم أخر من الفقه أن الحرية التعاقدية ال عالقة لها بسلطان اإلرادة‪ ،‬بل هي‬
‫مرتبطة يتوفر األهلية القانونية التي تمنحها إمكانية التعاقد بكل حرية‪ ،‬والذي تعززت بمبدأ‬
‫التدبير الحر الذي يمنح للجماعات الترابية هامشا مهما لفتح مجال التعاقد لتحقيق األهداف التي‬
‫تصبو إليها‪.‬‬

‫ومن أجل الخروج بخالصة واضحة في هذا الشأن يبدو جليا أن الدولة الموحدة تحاول تكريس‬
‫البعد الثانوي للجماعات الترابية ‪ ،‬سواء من حيث هيمنة الدولة لطرف أول في العالقة مع‬
‫المواطنين او فيما يخص رسم دائرة االختصاص الموكول لهذه الوحدات الترابية بهدف تحقيق‬
‫أهداف خاصة خاضعة لسلطة الدولة كفاعل محوري‪ .‬وهذا الرأي تعززه عدد من االجتهادات‬
‫الفقهية القاضية بضبط الحرية التعاقدية للجماعات الترابية وتقنينها أو باألحرى تقييدها؛ حيث لم‬
‫يركن الفقه الفرنسي إلى القاعدة التي تحكم بان « كل ما هو غير ممنوع يبقي مسموح به » بل‬
‫تبنى على نقيض ذلك أن « كل ما هو غير مسموح به يظل ممنوعا »‪ ،‬وهو ما يعني أن التعاقد‬
‫مبني على أساس االختصاص وليس كحق‪.‬‬

‫إذن ‪ ،‬فالمالحظ هو تطور هذه الحرية التعاقدية في القانون المغربي الذي عزز مجال التعاقدات‬
‫سواء فيما يخص العالقات التعاقدية التقليدية مع القطاع الخاص ( الصفقات العمومية ‪ ،‬تدبير‬
‫المرافق المحلية) أو فيما يخص العالقات التعاقدية مع األشخاص العامة السيما في نطاق‬
‫االختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية ‪ ،‬فهذه األصناف المتنوعة للتعاقد‬
‫تشكل أرضية متينة لتكريس حرية تصرف الهيئات المنتخبة وتقوية قدراتها التدبيرية من أجل‬
‫ضبط االختيارات التي تراها أصلح للسكان على مستوى ترابي محدد ؛ وهو ما ينسجم بشكل‬
‫جيد مع مبدأ التمثيلية التي تعني انتداب المواطنين لم يمثلهم داخل دائرة صناعة القرار المحلي‬
‫عبر مختلف المجالس الترابية ومستوياتها‪.‬‬

‫~ ‪~ 10‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التعاقد على مستوى الجماعات الترابية‬
‫لقد تعززت الحرية التعاقدية بسند قانوني مهم يتمثل في واجب تفعيل مبدأ التدبير الحر‪ .‬وذلك‬
‫عبر عدد من المقتضيات القانونية التي تقعد لحق الجماعات الترابية في حرية التصرف عبر‬
‫مختلف اآلليات التعاقدية‪ .‬فالجماعات الترابية كهيئات عامة مستقلة إداريا وماليا لها كامل الحرية‬
‫في التعاقد من أجل تحقيق األهداف المراد تحقيقها‪ ،‬وبمعنى آخر يجب أن تكون لهذه المقتضيات‬
‫القوة القانونية لتتبع الجماعات الترابية بحقها لممارسة االختصاص التعاقدي في إطار القوانين‬
‫القانونية المؤطرة لعملها هذا‪ .‬فلقد أضحى العقد من بين أهم الوسائل التي تلجأ إليها األشخاص‬
‫العامة ومن بينها الجماعات الترابية‪ ،‬من أجل أداء مهامها؛ فإلى جانب القرار اإلداري‬
‫االنفرادي‪ ،‬وبالنظر لتزايد الحاجة إلى تعزيز آلية التعاقد ونقله من مجرد إجراء ثانوي‪ ،‬خلصت‬
‫الجماعات الترابية إلى ظهور حاجات يقتضي إشباعها ضرورة استعمال الوسيلة التعاقدية‪. 17‬‬

‫فال غرو إن أكدنا أنه لم يعد تعاقد األشخاص العامة مجرد أداة تقليدية للتدخل لتحقيق بعض‬
‫األهداف المرتبطة بصرف الموارد السيما من خالل صرف النفقات العمومية‪ ،‬بل هو مرتبط‬
‫باختبارات جوهرية و استراتيجية لتحقيق األنشطة التي تقررها‪ ،‬فالتعاقد أصبح ممارسة حديثة‬
‫تحاول تجاوز الصعوبات التدبيرية للشخص العام عن طريق التعاقد سواء مع أشخاص عامة لها‬
‫مجال اختصاصات مشترك معها أو تتقاطع في أهدافها العامة معها‪ ،‬أو مع األشخاص الخاصة‬
‫وكذا بعض الهيئات المدنية والمهنية بالرغم من التراجع الذي أصبحت تعرف تجاه القطاع هذه‬
‫المقاوالت الخاصة ‪ ،18‬نتيجة اختالف المقاصد التعاقدية بينها خاصة هدف المصلحة العامة‬
‫بالنسبة لألشخاص العامة وهدف الربح بالنسبة لألشخاص الخاصة‪ ،‬وكذا ضابية العالقة في‬
‫إطار التعاقد مع الهيئات المدنية والمهنية‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬يبقى األمر المحوري في تطور المجال‬
‫التعاقدية ومقارباته الحديثة هو االستناد على اسس التدبير الحر‪ ،‬حيث إن حرية التعاقد تجعل‬
‫المدبر المحلي يحدد سبل االختبار التي يعتبرها ناجعة وقادرة على تحقيق األهداف التي له‬

‫‪ -17‬احمد بوسيدي ‪ ،‬الوسائل القانونية للتدبير الحر للجماعات الترابية ‪ ،‬مجلة المنبر القانوني ‪ ،‬العدد ‪ 4‬أبريل ‪ ، 2013‬ص ‪143 ،‬‬
‫‪18‬‬
‫‪- Salih Hamdaoui ,Vocation économique de la Region a la lumiere de la loi organique 111 - 14 , these en‬‬
‫‪Droit public,Faculté de droit , Salé , Université Med . V Rabat , 2017 , p . 291‬‬

‫~ ‪~ 11‬‬
‫مسؤولية تحقيقها أمام المواطن الذي انتخبه طول مدة انتداب معينة‪ ،‬مع مراعاة المقتضيات‬
‫القانونية المؤطرة لها‪.‬‬

‫فالحرية التعاقدية باألساس جزء من القدرة التدبيرية للهيئة العمومية المعنية ‪ ،‬وهي تصرف ذي‬
‫أساس مادي يجب أن تتحقق فيه شروط المسؤولية الذاتية ‪ ،‬خارج تدخل أية جهاز آخر يؤثر في‬
‫اختياراته ‪ .‬والتدليل على ذلك ‪ ،‬واستئناسا بالتجربة الفرنسية ‪ ،‬نشير أنه قد برز في وقت بعيد‬
‫بالتجربة الفرنسية التي ربطت مبدأ التدبير الحر بمجال تنظيم المرافق العمومية المحلية ؛ عبر‬
‫االعتراف بحق الجماعات الترابية في تحديد كيفيات التعاقد كآلية قانونية بيدها ‪ ،‬والتدخل عبره‬
‫وفق ما ترتئيه مصلحتها عند النظر في االختيارات التعاقدية المخولة لها بموجب القوانين‬
‫والنصوص القانونية ‪ .‬وهو ما أقره قرار المحكمة الدستورية عدد ‪ 316 - 92‬بتاريخ ‪ 20‬يناير‬
‫‪ ،1993‬والذي اعترف فيه للجماعات الترابية بالحرية التعاقدية كأحد الصالحيات المرتبطة‬
‫بالتدبير الحر‪ .‬فهو أقر أن للجماعات الترابية الحرية في اختيار مدة التعاقد عند رغبتها في‬
‫تفويض تدبير المرافق المحلية‪ ،‬بل إنه اعتبر ذلك أحد ضمانات شفافية تدبير المرفق العمومي‬
‫المعنى‪ ،‬عبر عدم وجود تقييد مسبق يحد من االختالالت الممكن رصدها عند التعاقد‪ ،‬الصالح‬
‫شركات دون غيرها ‪ .‬هذا‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن األمر ليس متروكا دون تقييد‪ ،‬بل هناك تقنين‬
‫بالقدر ال يعيق حق االختيار كوجود مذكرات توجيهية وغيرها‪ ،‬وهو األمر الذي يمكن استجالِؤه‬
‫من خالل إصدار توجيهات أخرى لصالح عقلنة المدة المخصصة للتفويض بشكل عام ‪ ،‬من قبيل‬
‫عدم السماح بمنح التفاوض لمدة غير محدودية على سبيل المثال‪.‬‬

‫| وفي هذا اإلطار‪ ،‬وبعد ما تمت اللجوء إلى هذا النوع من التعاقد مع الخواص لمدة طويلة في‬
‫غياب تام ألي نص قانوني‪ ،19‬بدت الحاجة ماسة الستصدار قانون يهم مجال التدبير المفوض‬
‫وذلك ما كان سنة ‪ 2006‬عبر صدور قانون ‪ 54 – 05‬يؤطر تفويض تدبير المرافق‬
‫العمومية‪ ،‬بما فيها المحلية‪ ،‬فهذا لم يكن الهدف من ورائه ملء الفراغ القانوني فقط‪ ،‬بل وأيضا‬
‫تقنين هذه الحرية التعاقدية وضبط الياتها لتكون لصالح جودة المرافق العمومية المحلية‪ ،‬وكذا‬
‫لضمان إطار قانوني عبره يتم التوافق للتوصل إلى التوازن التعاقدي الواجب توفره بين هيئتين‬
‫ليس لهما نفس األهداف‪.‬‬
‫‪-19‬وذلك من خالل تجربة تعاقد جماعات من مدينة الدار البيضاء مع شركة ليدك ‪ ، 1997‬وكذا شركة ريضال بمدينة الرباط سنة ‪1998‬‬

‫~ ‪~ 12‬‬
‫وهو ما يعني أن المبدأ التعاقدي‪ ،‬كاختصاص أصيل مسنود بمبدأ التدبير الحر‪ ،‬هو خاضع‬
‫للترسانة القانونية التي تؤطر العمل بها‪ ،‬وما يحمله ذلك من ضمانات تعزز احترام المصلحة‬
‫العامة وعدم تجاوزها عند التفاوض لتدبير المرافق المحلية أو غيرها‪ ،‬وبمعنى تقنين الممارسة‬
‫عبر تأطير الصياغة العامة والخطوط العريضة الموجهة لمسألة التعاقد‪ ،‬دون أن تنصرف إلى‬
‫صلب التعاقد بشكل يهدد التدبير الحر كمبدأ دستوري‪ ،‬فالرغبة في التقنين ال تسمح بالتضييق‬
‫على اإلجراءات التعاقدية إلى بالقدر الذي يضمن حدا أدنى من العقلنة في المساطر والمساعدة‬
‫على توحيدها‪ .‬ففي هذا السياق‪ ،‬استفادت التجربة المغربية من نظيرتها الفرنسية من خالل‬
‫التنصيص على حق السلطة الحكومية في تسهيل اإلجراءات التي من ضمان حسن سير المرافق‬
‫العمومية ‪.20‬‬

‫فمبدأ التعاقدية على هذا النحو مرتبطة بحق التدخل الموكول لشخص المعنوي العام في اطار‬
‫اختصاص محدد بالقانون‪ ،‬وهو ما يطلق عليه ب « القدرة على التدخل ضمن مجال محدد »‪.‬‬
‫فالشكل التعاقدي يتطلب إمكانية الجماعات الترابية اختيار األسلوب األنسب إلحداث وتدبير‬
‫المرفق العمومية‪ ،‬والتي تهم عددا من المرافق والتجهيزات العمومية التي أوردتها المادة ‪ 83‬من‬
‫القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬والذي يقيد السلطات التنفيذية بضرورة التصويت باألغلبية ‪21‬‬
‫وذلك تفاديا لشطط رؤساء المجالس عند تدبير هذه المرافق والمرتبطة بالحياة اليومية وخدمات‬
‫القرب‪ .22‬فهذا التقيد يزداد صرامة حينما يتعلق األمر بنطاق تتولى تنظيمه إلى جانب هيئات‬
‫أخرى ‪ ،23‬وهو ما يجعل تدخل صرامة الجماعات وفق هذا األساس مجرد تنفيذ لهذه المرافق‪،‬‬
‫عكس التعاقدات الحديثة التي تظهر استقاللية أكبر للتدبير الموكول للجماعات الترابية ‪.24‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬نصت المادة ‪ 112‬من القانون التنظيمي للجماعات أنه ‪ « :‬يمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أن تتخذ بموجب قرار جميع اإلجراءات الالزمة‬
‫لحسن سير المرافق ا لعمومية الجماعية ‪ ،‬مع مراعاة الصالحيات المخولة لمجالس الجماعات ورؤسائها بموجب هذا القانون التنظيمي ‪ .‬وتشمل هذه‬
‫اإلجراءات ما يلي ‪ :‬تنسيق مخططات تنمية المرافق العمومية ‪ :‬على المستوى الوطني ‪ ،‬التنسيق في مجال تحديد التسعيرة المتعلقة بخدمات المرافق‬
‫العمومية الج ماعية ‪ ،‬وضع معايير موحدة و أنظمة مشتركة للمرافق العمومية المحلية أو الخدمات التي تقدمها ‪ ،‬تنظيم النقل و السير بالمجال الحضرية ‪،‬‬
‫الوساطة بين المتدخلين قصد حل الخالفات فيما بينهم ‪ ،‬وضع مؤشرات تمكن من تقييم مستوى أداء الخدمات المقدمة من لدن وتحديد ها ‪ ،‬تحديد طرق‬
‫تقديم الدعم للجماعات ومجموعاتها من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة من لدن المرافق العمومية الجماعية تقديم المساعدة التقنية للجماعات في‬
‫مجال مرافقة تسيير المرافق العمومية المحلية المفروض تدبيرها‪ ،‬جمع المعطيات والمعلومات الضرورية ‪ ،‬ووضعها رهن اإلشارة لتتبع تدبير المرافق‬
‫العمومية الجماعية‪.‬‬
‫‪ -21‬نصت المادة ‪ 43‬القانون التنظيمي للجماعات أنه ‪ « :‬تتخذ المقررات باألغلبية المطلقة لألصوات المعبر عنها ماعدا القضايا بعده ‪ ،‬التي يشترط‬
‫العتمادها األغلبية المطلقة لألعضاء المزاولين مهامهم ‪ :‬أهمها المرافق الجماعية‪.‬‬
‫‪ - 22‬وفق ما اشارت اليه المادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي للجماعات‪.‬‬
‫‪ - 23‬فقد أثارت الفقرة الثانية أنه يمكن أن تقوم الجماعة بموازة مع الفاعلين اخرين من القطاع العام و الخاص باحداث وتدبير بعض المرافق المحددة‬
‫على سبيل الحصر ‪ ،‬والتي كالتالي‪ :‬أسواق البيع بالجملة ‪ ،‬و الذبح ونقل اللحوم ‪ ،‬اسواق بيع السمك‪.‬‬
‫‪Mohammed El Yagoubi , Contractualisation et decentralisation au Maroe » , in Reflections. , p . 389 - 24‬‬

‫~ ‪~ 13‬‬
‫فكون الالمركزية إطار لتوحيد الرؤى التنموية بين الدولة الجماعات الترابية على مستوى ترابي‬
‫معين جعل مجال التعاقد يأخذ نصيبا أوفر من عمل الجماعات الترابية‪ ،‬خصوصا االختصاصات‬
‫المشتركة مع الدولة ‪ ،25‬غير أن هذا التعاقد يبقى من الناحية الموضوعية موكوال للطرف‬
‫القوي والقادر على التمويل والمتمثل في أجهزة الدولة ‪ .26‬وهو ما جعل المشرع يضع‬
‫شروطا واضحة لتفعيل هذه التقنية ‪ ،‬والتي تتجلى فيما يلي ‪ :‬شرط اولي متعلق بمبدأ التعاقد الذي‬
‫يمنح إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة الترابية‪ ،‬ثم شرط نوعي و عملي متعلق بجودة‬
‫وفعالية مضمون و محل هذا التعاقد‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أهمية التعاقد االتفاقي الذي أصبح يفرض نفسه نتيجة االنفتاح على‬
‫مختلف الفاعلين المحليين‪ ،‬سواء كانوا عموميين أو خواص؛ والتي تكون في شكل اتفاقيات‬
‫ثنائية أو متعددة االطراف‪ ،‬بهدف تسهيل عمل الجماعات الترابية(مثال األرشيف) فهي ‪ ،‬وإن‬
‫اتسمت بدرجة قانونية اقل مقارنة بالقوة القانونية للشكل التعاقدي‪ ،‬إال أنه تعكس هامشا أكبر من‬
‫الحرية والمبادرة مقارنة مجال المرافق؛ إذ تعتبر إجراءاتها غاية في البساطة لكونها تنصرف‬
‫إلى نشاط محدد في الزمان‪ ،‬سواء كانت في شكل اتفاقيات أو في شكل مؤسسات للتعاون؛ إذ يتم‬
‫التنصيص على نهاية اإلجراء في كل حالة من الحاالت المنصوص عليه في مقتضيات‬
‫األحداث‪ ،27‬كما أن تدخلها ال يتم إال في حدود المهام المحددة مسبقا لها‪.28‬‬

‫فالحرية التعاقدية‪ ،‬وإن كانت تأخذ عدة صور فهي تتمايز بحسب درجة الحرية المسموح بها‬
‫وهامش التصرف المرتبط بها وكذا بحسب المجال المعني بالتعاقد‪ ،‬فهي تقرن بالبعد المالي‬
‫تصبح أكثر تقنينا من غيرها‪ ،‬وهو أمر معقول لتفادي التجاوزات المالية للجماعات الترابية وكذا‬
‫رغبة في توحيد آليات العمل‪ ،‬ويمكن أن نوضح هذا األمر بالقوة التعاقدية عبر إحداث شركات‬
‫التنمية المحلية والتي أصبحت تمثل حرية تعاقدية واضحة لكونها تعطي الحق للجماعة في إعداد‬
‫‪ - 25‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 77‬من القانون التنظيمي للجماعات ‪ ،‬والمادة ‪ 78‬من القانون التنظيمي لألقاليم والعماالت المادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي‬
‫للجهات ‪.‬‬
‫‪ - 26‬خليد المرابط ( دينامية السياسة الترابية على ضوء مبداي التدرج والتمايز بالمغرب ‪ :‬محاولة لتدقيق المفاهيم واستشراق لمجاالت التطبيق) ‪ ،‬المجلة‬
‫المغرية لإلدارة المحلية و التنمية عدد ‪ ، 135 - 134‬ماي غشت ‪ ، 2017‬ص ‪. 342 .‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ -‬مثال ذلك ‪ ،‬ما نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 138‬من قانون التنظيمي للجماعات أنه ‪ :‬تحل مؤسسة التعاون بين الجماعات في الحاالت التالية‪:‬‬
‫بحكم القانون بعد مرور سنة بعد تكوينها دون ممارسة أي نشاط من األنشطة التي أسست من اجلها ؟ بعد إنجاز الغرض الذي أسست من اجلها‪ ،‬بناء على‬
‫اتفاق جميع مجالس الجهات المكونة للمجموعة‪ ،‬بناء على طلب معلل ألغلبية مجالس الجهات المكونة للمجموعة‪.‬‬
‫‪ - 28‬المادة ‪ : 139‬تحل مؤسسة التعاون بين الجماعات ‪ ،‬في حدود المهام المسندة إليها ‪ ،‬محل الجماعات المكونة لها الحقوق و االلتزمات المترتبة على‬
‫االت فاقيات والعقود التي تم إبرامها من طرف الجماعات قبل إحداث المؤسسة أو انضمام جماعة أخرى إليها‪ ،‬وفي إدارة المرافق العمومية الجماعية‬
‫المخول تدبيرها لكل شخص من أشخاص القانون العام او الخاص‪.‬‬

‫~ ‪~ 14‬‬
‫ميثاق المساهمين و الحق في اختيار من يمثلها بالمجلس اإلداري للشركة‪ ،‬والتي تضاف إلى‬
‫الشروط القانونية المتعلقة بنصيب مالي ال يقل عن ‪ 34‬من رأسمال الشركة وتمثيلية أكثر‬
‫مقارنة بالخواص ضمن المجلس اإلداري‪.29‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يمكن القول إن عمل الجماعات الترابية وفق ما تطرقنا إليه ال يؤسس لحرية‬
‫أصلية لممارسة اختصاصاتها بكل حرية‪ ،‬فال األسس التاريخية والفكرية تسمح بذلك وال اإلطار‬
‫المؤسساتي يمنحها هذه الحرية ‪ .‬فمبدأ التدبير الحر رغم حموالته الفكرية والنظرية لم يسلم من‬
‫الصرامة التشريعية و التي تجعل مقومات العمل به مقيدة بمقتضيات قانونية وتنظيمية صارمة‪.‬‬
‫وال أدل على ذلك من صعوبة اإلقرار بحرية تعاقدية كاملة أو حرية تعاقدية مطلقة‪ .‬بل إن عمل‬
‫األشخاص العامة عامة غالبا ما يكون وفق إطار قانوني مسبق يراعي في مختلف جوانبه‬
‫التطبيقية المصلحة العامة والتي تترجم بصرامة واضحة سواء على مستوى احتفاظ التشريع‬
‫بحق ضبط المجال القانوني الموكول لها‪ ،‬أو تعلق األمر بالمجال التطبيقي الذي غالبا ما يكون‬
‫لصالح الدولة باعتبارها راعية هذه المصلحة ووحدتها على مستوى تراب الدولة الواحدة‪.‬‬
‫فالجماعات الترابية انتقلت في مجاالت كانت لها في الريادة كالسلطة التنظيمية إلى مستوى فعل‬
‫ثانوي مقارنة بالدولة؛ فبعد أن كانت تمارس باستقالل عن السلطة المركزية أضحت تمارس في‬
‫حدود ما تجود به عليها هذه األخيرة‪ ،‬كما أنها لن تتمتع بحرية تعاقدية مستقلة‪ ،‬والتي ال تعكس‬
‫في حقيقتها إال ممارسة سلطة تقديرية المسموح بها لهذه األشخاص العمومية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آلية التعاقد لمواكبة وتجسيد التنمية الجهوية‬


‫أما فيما يخص التعاقد فهو نمط مؤسساتي وتدبيري يندرج في إطار تحديث طرق العمل وترشيد‬
‫النفقات وكذا وضع الجماعة الترابية أمام مسؤولياتها‪ .‬فالمادة ‪ 93‬تنص على أنه « يمكن للجهة‪،‬‬
‫بمبادرة منها‪ ،‬و اعتمادا على مواردها الذاتية‪ ،‬أن تتولى تمويل أو تشارك في تمويل إنجاز مرفق‬
‫أو تجهيز أو تقديم خدمة عمومية ال تدخل ضمن اختصاصاتها الذاتية بشكل تعاقدي مع الدولة إذا‬
‫تبين أن هذا التمويل يساهم في بلوغ أهدافها ‪ ،30‬يتعلق األمر إذن بإعادة النظر في العالقات‬

‫‪ - 29‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 131‬من القانون التنظيمي للجماعات على أنه ‪ « :‬ال يمكن أن تقل مساهمة الجماعة أو مؤسسات التعاون بين‬
‫الجماعات أو مجموعات الجماعات الترابية في رأسمال شركة التنمية المحلية عن نسبة ‪ . % 34‬وفي جميع األحوال ‪ ،‬يجب أن تكون أغلبية رأسمال‬
‫الشركة في ملك أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام ‪».‬‬
‫‪ - 30‬المادة ‪ 93‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫بين الدولة والمنتخبين بشكل جذري إذ أن هذه العالقة ستصبح مبنية على التشاور والتشارك بناء‬
‫على مبدأ التعاقد مما سيحدث تحوال في السياسة العامة سواء على مستوى إطاره أو طبيعته‪.‬‬
‫وبالتالي فال داعي لتبيان العالقة الجدلية بين الجهوية المتقدمة والتعاقدية‪ ،‬فبجعل الجهة كفاعل‬
‫مؤثر تتمتع بحرية التقرير والتسيير مما سيعزز حرية التدبير الذاتي فإن الالمركزية أعطت‬
‫الشرعية المبدأ التعاقد انطالقا من الفصل ‪ 92‬للقانون التنظيمي ‪ 14 - 111‬من أجل تنسيق‬
‫عمل السلطات العمومية والجهة حيث يمكن لهذه األخيرة وبطلب منها أن تمارس االختصاصات‬
‫المشتركة بين الجهة والدولة بشكل تعاقدي»‪ ،‬مما سيعطي بدون شك شحنة ودفعة قوية للتسيير‬
‫الذاتي للجهة‪ .‬بل يشكل نقطة عبور من الالمركزية الوظيفية إلى المركزية جهوية حقيقية‬
‫شريطة أال تضع الدولة قيودا من خاللها تؤسس لرقابة مقنعة‪ ،‬غير أنه يمكننا أن نتساءل عن‬
‫مضمون صيغة أو وصفة التعاقد التي قد تفضي إلى تضخم للمشاريع تتجاوز العمليات المسطرة‬
‫وال ُم ُهيكلة مسبقا‪ .‬بل أكثر من هذا اإلمكانيات المالية الموجهة فعليا لالمركزية وكذا التنظيمات‬
‫والترتيبات الميزاناتية المفروضة من طرف الدولة نظرا لألزمة المالية باإلضافة إلى الفوارق‬
‫بين الجهات فيما يخص قدرتها‪ ،‬السيما في شقها السياسي والتقني‪ ،‬على تحديد وتنفيذ التخطيط‬
‫موضوع التعاقد‪ ،‬كلها عوامل قد تحد في واقع األمر من مفهوم مبدأ التعاقد‪.31‬‬

‫وعليه سنقسم هذا المطلب الى ( الفرع االول) التعاقد آلية المركز( الدولة) لمواكبة وتجسيد‬
‫التنمية الجهوية وفي ( الفرع الثاني) التعاقد آلية الالمركزية(الجماعات الترابية) لمواكبة‬
‫وتجسيد التنمية الجهوية‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬على مستوى المركز( الدولة)‬


‫الدولة لم يعد بإمكانها إعالن إرادتها بصفة أحادية حيث أن النظام التعاقدي في ميدان التخطيط‬
‫أو التصميم وضع حدا للحلول الموحدة المطبقة على الجميع في ميدان التسيير والتدبير وأوضح‬
‫في نفس الوقت الطابع التمايزي الذي تتطلبه معالجة المشاكل الترابية‪ ،‬لكن هذا ال يعني نهاية‬
‫دور الدولة نظرا لهذه العالقة الجديدة التي تهدف لروابط قانونية بل الدولة تلجأ للقانون كأداة‬
‫استراتيجية التسيير وتدبير الشأن العام‪.‬‬

‫‪ -31‬محمد نبيه ‪ ،‬الجهوية المتقدمة بين الالمركزية و الالتمركز (الجانب القانوني والمحاسبي)‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،2019‬الرباط‪ ،‬ص ‪.161‬‬

‫~ ‪~ 16‬‬
‫فصعوبة تحديد التسلسل الهرمي لكل الفاعلين على المستوى المحلي واإلقليمي والجهوي وكذا‬
‫لمصالحهم‪ ،‬يقتضي أكثر فأكثر طرقا ضابطة خاصة تؤمن وبطريقة غير قسرية وتحكمية تنسيق‬
‫عمل كل هؤالء الفاعلين وكذا الترابط المنطقي ألهدافهم وإستراتيجيتهم‪ .‬فعوض آليات التبعية في‬
‫المرحلة السابقة حلت عالقات تساوي بين الدولة والجهة‪ .‬لذا يتوجب على الدولة أن تتمرن على‬
‫تقنية التفاوض المباشر‪ ،‬ولعل هذا ما يستنتج من المادة ‪ 88‬وما بعدها من القانون التنظيمي‬
‫للجهة‪.32‬‬

‫كما أن التعاقدية تشكل قطيعة مع طرق التسيير التقليدية للشأن العام حيث إن العقود المتفاوض‬
‫بشأنها تُقابل وتُعارض في نفس الوقت اإلجراءات األحادية للسلطة‪ .‬هذه الوضعية الجديدة للدولة‬
‫ناتجة عن االنتقال من المجال التنظيمي كما نص عليه الفصل ‪ 71‬من الدستور فيما يخص تدبير‬
‫الشأن المحلي إلى النهج التعاقدي والذي يرمز إلى فتور مركزية الدولة على المستوى القانوني‬
‫‪ ،33‬ولعل هذا ما سيدفع باإلدارة لالتجاه نحو إعطاء المساطر التعاقدية طابعا بيروقراطيا‬

‫‪ -32‬نبيه محمد ‪،‬نفس مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪161‬‬


‫‪ - 33‬تنص المادة ‪ 71‬من دستور ‪: 2011‬‬
‫يختص القا نون‪ ،‬باإلضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور‪ ،‬بالتشريع في الميادين التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير‪ ،‬وفي فصول أخرى من هذا الدستور‪.‬‬

‫‪-‬نظام األسرة والحالة المدنية‪.‬‬

‫‪-‬مبادئ وقواعد المنظومة الصحية‪.‬‬

‫‪-‬نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها‪.‬‬

‫‪-‬العفو العام‪.‬‬

‫‪-‬الجنسية ووضعية األجانب‪.‬‬

‫‪-‬تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها‪.‬‬

‫‪ -‬التنظيم القضائي وإحداث أصناف جديدة من المحاكم‪.‬‬

‫‪-‬المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪-‬نظام السجون‪.‬‬

‫‪-‬النظام األساسي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬الضمانات األساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين‪.‬‬

‫‪-‬نظام مصالح وقوات حفظ األمن‪.‬‬

‫‪-‬نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية‪.‬‬

‫~ ‪~ 17‬‬
‫لتعويض الحد من امتيازاتها الناتج عن هذه التعاقدية ‪ ،‬ألنه بالضرورة وااللتزام التعاقدية تفرض‬
‫موازين قوى أخرى السيما في مجال التصميم في مجالي المخطط على المستوى الوطني‬
‫والمخطط على المستوى الجهوي‪.‬‬

‫في هذا اإلطار نجد أن الروابط المتبادلة بين المخطط على المستوى الوطني والمخطط على‬
‫المستوى الجهوي‪ ،‬تقتضي بأن المخطط الوطني يسعى إلى ايجاد تناسق وترابط منطقي بين‬
‫مختلف القطاعات‪ .‬وكذلك مختلف التوازنات االقتصادية الكبرى حيث إن التصميم الجهوي عليه‬
‫أن يحشد كل الطاقات وأن يستعين بالخصوص بالمقاوالت الصغرى والمتوسطة وإدماجها في‬
‫نظام تمويلي وحتى معلوماتي‪.‬‬

‫‪ -‬النظام االنتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر االنتخابية‪.‬‬

‫‪-‬النظام الضريبي‪ ،‬ووعاء الضرائب‪ ،‬ومقدارها وطرق تحصيلها‪.‬‬

‫‪ -‬النظام القانوني إلصدار العملة ونظام البنك المركزي‪.‬‬

‫‪-‬نظام الجمارك‪.‬‬

‫‪ -‬نظام االلتزامات المدنية والتجارية‪ ،‬وقانون الشركات والتعاونيات‪.‬‬

‫‪ -‬الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماعية‪.‬‬

‫‪-‬نظام النقل‪.‬‬

‫‪ -‬عالقات الشغل‪ ،‬والضمان االجتماعي‪ ،‬وحوادث الشغل‪ ،‬واألمراض المهنية‪.‬‬

‫‪-‬نظام البنوك وشركات التأمين والتعاضديات‪.‬‬

‫‪-‬نظام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪.‬‬

‫‪-‬التعمير وإعداد التراب‪.‬‬

‫‪ -‬القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة‪.‬‬

‫‪-‬نظام المياه والغابات والصيد‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني‪.‬‬

‫‪ -‬إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام‪.‬‬

‫‪-‬تأميم المنشآت ونظام الخصخصة‪.‬‬

‫للبرلمان‪ ،‬باإلضافة إلى الميادين المشا ر إليها في الفقرة السابقة‪ ،‬صالحية التصويت على قوانين تضع إطارا لألهداف األساسية لنشاط الدولة‪ ،‬في الميادين‬
‫االقتصادية واالجتماعية والبيئية والثقافية‪،.‬تتمم المادة ‪ 71‬من دستور ‪.2011‬‬

‫~ ‪~ 18‬‬
‫هذا النسق يقتضي إنشاء برنامج تدبيري يركز على النتائج عن طريق إبرام عقود مبنية على‬
‫األهداف واإلمكانيات‪ .‬وفي واقع األمر‪ ،‬عوض حصر دور الجهة في وضعية منفذ عادي ال أقل‬
‫وال أكثر‪ ،‬يجب إدخال وتفعيل آليات للتدبير ترتكز على التزامات متبادلة بين الدولة والجهة‪،‬‬
‫للوصول إلى هذه النتيجة يبدو أنه من الضروري‪:‬‬

‫• توسيع الحوار المؤسساتي بين الدولة والجماعات الترابية وعلى رأسها الجهة من أجل بنائه‬
‫على عالقات متوازنة أي جعلها أكثر وضوحا وأكثر شفافية وأكثر توازنا وإدراج هذه العالقات‬
‫في إطار مستقر وتفاوضي بكل ما في الكلمة من معنى‪.‬‬

‫• بناء مشروع موحد للتنمية في نقطة تقاطع أو التقاء أولويات الدولة وأولويات الجهة‪.‬‬

‫في هذا الصدد يجب إبرام عقود التصميم الجهوية مع الدولة لضمان اإلمكانيات المادية‬
‫الضرورية وإظهار التضامن الوطني ليس فقط بين الدولة والجهة ولكن كذلك بين مختلف‬
‫الجهات ‪ .‬لهذا الغرض يجب ‪:‬‬

‫على الجهات أن تكون شريكا بحكم القانون في التصميم الوطني؛‬

‫تحضير التصاميم الجهوية في نفس الوقت الذي يحضر فيه التصميم الوطني وأن تكون له نفس‬
‫المدة ؛‬

‫الحيثيات واآلراء المتعلقة بالتصاميم الجهوية يجب أن تجمع من قبل لكي يتم ادماجها عند تحديد‬
‫أهداف وإمكانيات التصميم الوطني ؛‬

‫أن تؤدي الشراكة إلى تعبئة موارد الجهة وضمان تدخل كل الفاعلين االقتصاديين وكذا كل‬
‫المنظمات المنبثقة عن المجتمع المدني‪ .‬و خلق إطار شفاف وتشاوري للتخطيط مع متابعة وتقييم‬
‫تدخالت المنظمات المنبثقة عن المجتمع المدني‬

‫تبسيط مساطر الميزانية؛‬

‫االستخدام األمثل للخدمات وإجراءات القرب‪.‬‬

‫~ ‪~ 19‬‬
‫كذلك االختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة بحيث تنقل ما يلزمها من موارد مالية وذلك‬
‫تفعيال ألحكام الدستور خاصة الفقرة االولى من الفصل ‪ 141‬وتحدد هذه االختصاصات‬
‫اعتمادا على مبدأ التفريع وهو من المبادئ الدستورية المنصوص عليها في ( الفصل ‪ 140‬من‬
‫الدستور ) وقد أصبح التدبير الجهة يعتمد على هذا المبدأ كما سبقت اإلشارة بغية إعادة توزيع‬
‫االختصاصات بين الدولة والجهات والجماعات الترابية األدنى‪ ،‬ويقوم هذا المبدأ على التوزيع‬
‫الشريف لالختصاصات والموارد عمال بالمبدأ االصيل في االلتزام بناء على نص قانوني واضح‬
‫وتعاون وتعاقد شريف‪ .‬مما يعني مراعاة مبدا التدرج والتمايز وبناءا على هذا المبدأ فان ما ال‬
‫تستطيع البلديات والقرويات القيام به يسند لمجالس األقاليم وما ال تستطيع هذه األخيرة انجازه‬
‫تقوم به مجالس الجهات وما تعجز عنه هذه المجالس بمستوياتها الثالث تقوم به الدولة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬على مستوى الالمركزية (الجماعات الترابية)‬


‫يشكل الفصالن ‪ 136‬و ‪ 140‬من دستور ‪ 2011‬خريطة طريق للجهوية كما تشكل القوانين‬
‫التنظيمية مخططا توجيهي لوضع المفهوم الجديد للجهوية حيز التطبيق‪ .‬أما التنمية فقد اختار‬
‫المشرع عبر القوانين التنظيمية الثالث أن تتم على أسس تشاركية تكاملية‪ .34‬ويهدف هذا‬
‫األسلوب إلى تحقيق احتياجات المجتمع باالستغالل األمثل لجميع الموارد حيث يمكننا من معرفة‬
‫المقارنة بين تكلفة ومنفعة اإلنفاق العام وهذا األسلوب يقوم على عناصر ثالثة هي ‪ :‬التخطيط‬
‫والبرمجة واإلدارة باألهداف‪.35‬‬

‫بحيث يعد التخطيط الترابي على أنه « مجموع القرارات والتدابير التي تتخذها الجماعات‬
‫الترابية لبلوغ أهداف تنموية معينة ومحددة في مدة زمنية تبعا للمدة االنتخابية والموضوعة في‬
‫إطار القواعد القانونية والتنظيمية التي تحددها السلطة المركزية‪ .‬وهو يمثل األهداف التي تسعى‬
‫الجماعات الترابية إلى تحقيقها على المدى القصير والمتوسط الطويل‪ .‬ففي إطار خريطة‬
‫الطريق ‪ ،‬يعطي الدستور مكانة رئيسية للجهة للعب مكانة الصدارة حيث يشكل التدبير الحر‬
‫والتضامن ومشاركة السكان أساسا لريادتها حيث يخول لها الفصل ‪ 143‬من الدستور أن تلعب‬
‫دورا رئيسيا في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪ ،‬والتصاميم الجهوية إلعداد التراب‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪136‬و ‪ 140‬من دستور‪.2011‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -‬محمد نبيه ‪ ،‬نفس مرجع سابق ‪،‬ص ‪.168‬‬

‫~ ‪~ 20‬‬
‫الوطني » بأن المادة ‪ 78‬الفقرة الثانية من القانون التنظيمي ‪ 113.14‬تنص على أن الجهة‬
‫تحدد « برنامج األعمال التنموية المقرر إنجازها ‪ ،‬أما الفقرة الثالثة فتؤكد على أن هذا البرنامج‬
‫يجب أن يتم إعداده « بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية ووفق منهج تشاركي »‬
‫المادة ‪ 87‬من القانون التنظيمي والمتعلقة باالختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة تنص‬
‫على أن الجماعة تمارس « تنمية االقتصاد المحلي وإنعاش الشغل » وتضيف المادة ‪ 88‬بأن‬
‫االختصاصات المشتركة تمارس بشكل تعاقدي » معنى هذا أن الجهة ال يمكن أن تتحرك بمعزل‬
‫عن الدولة ألن المسطرة التعاقدية تفضي إلى مراقبة الدولة‪ .‬هذه المراقبة نص عليها المرسوم‬
‫رقم ‪ 2 - 16 - 301‬المؤرخ في ‪ 29‬يونيو ‪ 2016‬الذي يحدد وبدون أي غموض في مادته‬
‫السادسة على أنه « يتم إعداد برنامج عمل الجماعة‪ ،‬بناء على « وضع وترتيب األولويات‬
‫التنموية للجماعة انطالقا من سياسات واستراتيجيات الدولة وانسجاما مع توجهات برنامج‬
‫التنمية الجهوية وبرنامج تنمية اإلقليم »‪ .36‬إذن هنالك ما هو منوط بالجماعة ويتعلق األمر‬
‫بالتنمية بمختلف أوجهها االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والثقافية ومن أجل هذا تقوم الجماعة باتخاذ‬
‫التدابير الالزمة لضمان » هذه التنمية وتوفر كل ما لديها من إمكانيات وكل ما يمكن من‬
‫إجراءات لضمان الوصول ونجاح هذا الهدف‪.‬‬

‫هذا وقد وضع المشرع ترسانة من النصوص لهذا الهدف منها بالطبع القانون التنظيمي للجهة‬
‫السيما الفصول ‪ 91 - 89 - 80‬وكذا مرسوم المحاسبة العمومية للجهات الصادر في ‪23‬‬
‫نوفمبر ‪ 2017‬فمن بين االختصاصات التي يخولها الفصل ‪ 89‬من القانون التنظيمي للجهة‬
‫لعب دور مهم على وجه الخصوص فيما يسمى بالتنمية المستدامة بناء على التصميم الجهوي‬
‫إلعداد التراب الذي يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية المستدامة والمنسجمة بالمجاالت الحضرية‬
‫والقروية »‪ ،‬إذ أنه يهدف إلى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة المجال‬
‫وتأهيله وفق رؤية استراتيجية واستشرافية بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬ولهذه الغاية ‪| .37‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 2 - 16 - 301‬الصادر في ‪23‬رمضان ‪ ،1437‬الموافق ل ‪ 14‬يوليوز ‪ 2016‬بتحديد مسطرة اعداد برنامج عمل الجماعة ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪6482‬ص ‪.‬‬
‫‪ -37‬المرسوم رقم ‪ 2 - 17 - 449‬الصادر في ‪ 4‬ربيع االول ‪ ،1439‬الموافق ل ‪ 23‬نوفبر ‪ 2017‬بسن نظام المحاسبة العمومية للجهات و مجموعاتها ‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪،6626‬ص‪.‬‬

‫~ ‪~ 21‬‬
‫إذن فالتنمية المحلية التي سبق وان أشرنا إليه تمارس في محيط جغرافي محلي محدود‪ ،‬حيث‬
‫إن المفهوم الترابي محدد كما أنها تعتمد على تعبئة الطاقات المحلية وكذا اإلدارة المحلية‪ ،‬في‬
‫حين أن التنمية المستدامة تدخل عناصر خارج الجهة ألن األهداف قد تتجاوز محيط الجماعة أو‬
‫اإلقليم كما أن الطاقات المحلية ال تكفي في هذه الحالة مما يستدعي االعتماد على طاقات مادية‬
‫ومعنوية خارجية في اإلطار التشاركي‪.‬‬

‫إذن التنمية المستدامة تعتمد على مفهوم التعاقدية مع كل الفاعلين حيث إن تقنية التعاقدية‬
‫أصبحت آلية طبيعية لتجسيد الشراكة التي هي من بين نتائج تقوية اختصاصات الجهة وكذا‬
‫استقاللها الذاتي ‪ .‬فالمادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي تشير إلى أنه « يتم تفعيل برنامج التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين »‪.38‬‬

‫كما أن تكامل مجهودات المجتمع المدني مع مجهودات الدولة والجماعات الترابية وكذا القطاع‬
‫الخاص سيمكن ال محالة من إنجاح جل المشاريع التنموية ومن االستجابة النتظارات الساكنة‬
‫وذلك من خالل تفعيل آليات الشراكة والتعاون وإعادة بناء العالقات على أسس جديدة تبتعد عن‬
‫االساليب التقليدية في إدارة الشأن العام الترابي‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬االختصاصات الذاتية للجهة‬


‫تحيل االختصاصات الذاتية في عالقتها بالجهات ‪ ،‬إلى االختصاصات التي اوكلها القانون على‬
‫سبيل الحصر للجهات ؛ إما على المستويات االقتصادية أو المجالية أو المالية أو البشرية ‪ ،‬بما‬
‫يعزز من استقاللها الذاتي في ممارسة الشؤون المحلية ‪ .‬وتتفرع االختصاصات الذاتية للجهات‬
‫إلى مستويين اثنين من االختصاصات ‪ :‬االختصاص المرتبط بالتنمية الجهوية ‪ ،‬واالختصاص‬
‫في مجال إعداد التراب ‪.‬‬

‫‪ -38‬محمد نبيه ‪ ،‬نفس مرجع سابق ‪،‬ص‪. 208‬‬

‫~ ‪~ 22‬‬
‫وإذا كان القانون قد حاول رصد وتعداد وتأطير االختصاصات العائدة للجهة في مجال التنمية‬
‫الجهوية‪ ،‬وباألوجه المتعددة لهذه األخيرة‪ :‬إن على المستويات االقتصادية والبشرية والمجالية‬
‫والثقافية والبيئية‪ ،‬وكذا في إطار الصيغ الخاصة بالتعاون الدولي ‪.39‬‬

‫اختصاصات الجهة في مجال التنمية الجهوية تفيد التنمية الجهوية بصورة عامة‪ ،‬مجموعة‬
‫الجهود المبذولة من طرف الفاعلين المحليين‪ ،‬وأيضا الفاعلين الخارجيين أكانوا من الوطن‬
‫كالدولة ممثلة في سلطاتها العمومية‪ ،‬والفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪ ،‬أو من خارجه في‬
‫إطار صيغ التعاون الدولي‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق هدف التنمية في مستواها الجهوي ‪.40‬‬

‫يستدعي تناول برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬استحضار الجوانب القانونية واإلجرائية الخاصة بإعداده‬
‫وتتبعه وتقييمه‪ ،‬وذلك وفق اإلجرائية المرحلية التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬يناط بالمجلس الجهوي تحت إشراف رئيسه مهمة إعداد برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬ويتم اإلعداد‬
‫خالل السنة األولى من مدة انتداب المجلس؛‬

‫‪ -‬يحدد برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬ولمدة ست ( ‪ ) 6‬سنوات‪ ،‬األعمال التنموية المقرر برمجتها أو‬
‫إنجازها بتراب الجهة‪ ،‬اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها‪ ،‬وفق المقاربة التشاركية‪ ،‬وبتنسيق مع‬
‫والي الجهة‪ ،‬مما يمكن من تحقيق هدف التنمية الجهوية المستدامة؛‬

‫‪ -‬يلزم أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الجهة وتحديد‬
‫ألولوياتها‪ ،‬وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة بالسنوات الثالث األولى‪ ،‬وأن يأخذ‬
‫باالعتبار مقاربة النوع ؛‬

‫‪ -‬يلزم أن يواكب برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة‪ ،‬وأن يعمل‬
‫على بلورتها على المستوى الجهوي‪ ،‬وأن يراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي‬
‫‪ -39‬سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب ‪،‬الطبعة ‪ ،2017‬الرباط‪ ،‬ص ‪.32-31‬‬
‫‪ - 40‬التنمية الجهوية هي الية ذاتية مرهونة بموارد وإمكانات الجهة الذاتية ‪ ،‬ولو أن انطالقها ودعمها البداية ‪ ،‬يمكن ان يكون من خارج الجهة وبوازع‬
‫من الدولة خاصة بالنسبة للجهات الفقيرة ‪ ،‬وتتطلب تواجد فاعلين محليين ( اجتماعيين ‪ /‬اقتصاديين ‪ ،‬ثقافيين وسياسيين ) ‪ ،‬لهم صلة وثيقة بالجهة بحكم‬
‫االنتماء والهوية واالستشراف ي والمستقبلي و المصلحة كذلك ‪ ،‬هؤالء الفاعلين المحليين بمقدورهم النهوض بالجهة من حيث هي إمكاناته يجب‬
‫‪.‬‬
‫استغاللها ‪ ،‬وامطار عيش وجب تحسينه ‪ ،‬وانتماء ترابي يؤسس للهوية‬

‫~ ‪~ 23‬‬
‫إلعداد التراب‪ ،‬وااللتزامات األخرى المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات الترابية األخرى‪،‬‬
‫وهيأتها والمقاوالت العمومية والقطاعات االقتصادية واالجتماعية للجهة‪ .‬ويتم تفعيل برنامج‬
‫التنمية الجهوية‪ ،‬عند االقتضاء في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين ‪.41‬‬

‫‪ -‬يلزم مراعاة مضامين برنامج التنمية الجهوية من طرف الجهة‪ ،‬عند وضع الميزانية في الجزء‬
‫المتعلق بالتجهيز وفي حدود الموارد المرصودة لذلك؛‬

‫‪ -‬يمكن تحسين برنامج التنمية الجهوية ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ‪. 42‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاصات المشتركة‬


‫تمارس الجهة االختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة‪ ،‬االختصاصات التي يتبين أن نجاعة‬
‫ممارستها يكون بشكل مشترك‪ ،‬وتمارس هذه االختصاصات بشكل تعاقدي إما بمبادرة من‬
‫الدولة أو بطلب من الجهة كما يمكن أن تتم ممارستها بشكل طبقا للمبدأي التدرج والتمايز‬
‫وتشمل المجاالت التالية ‪:‬‬

‫التنمية االقتصادية؛‬

‫التنمية القروية؛‬

‫التنمية االجتماعية؛‬

‫البيئة؛‬

‫الثقافة؛‬

‫السياحة‪43‬‬

‫‪ -41‬سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪ -42‬المادة ‪ 87‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪.‬‬
‫‪ -43‬المادة ‪ 91‬و‪ 92‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 14.111‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫~ ‪~ 24‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االختصاصات المنقولة‬
‫تحدد االختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة على مبدأ التفريع‪ ،‬ومبدأ والتدرج والتمايز بين‬
‫الجهات وتشمل بصفة المجاالت التالية‪:‬‬

‫✓التجهيزات والبنيات التحتية ذات البعد الجهوي؛‬

‫✓الصناعة؛‬

‫✓الصحة؛‬

‫✓التجارة؛‬

‫✓التعليم؛‬

‫✓الثقافة؛‬

‫✓الرياضة؛‬

‫✓ الطاقة والماء والبيئة‪.44‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬رهانات تحقيق تنمية جهوية وفق الية التعاقد‬


‫ال يخفى على كل متتبع للشأن العام المحلي عالميا ومحليا مدى أهمية المجال الترابي كنقطة‬
‫انطالق للسياسات والبرامج التنموية بكل تجلياتها في ظل ما أصبح يصطلح عليه اليوم عالميا‬
‫بالحكم المحلي‪ ،‬والذي يعني حكم الناس ألنفسهم بأنفسهم‪ ،‬ويختلف مداه من بلد آلخر‪.‬‬

‫وفي واقعنا المغربي اعتمدت بالدنا نظاما ال مركزيا يقوم على منح الجماعات الترابية دورا‬
‫أساسيا في تدبير الشأن المحلي بما يخدم الناس ويعيد االعتبار للتنمية‪ ،‬خاصة وأن هذا الدور‬
‫سيتعزز أكثر في إطار الجهوية المتقدمة الذي هو بدوره أحد الطرق لتدبير تراب الدولة والذي‬
‫ال تقدم عليه سوى الدول الراسخة والمتمكنة والمتأكدة من عمق ومتانة وحدتها الترابية‪ ،‬وهو‬
‫استعداد منطقي لعمل فيدرالي مستقبال‪ ،...‬وعليه فإن هذا الحكم تجسده اليوم " الجماعات‬

‫‪ -44‬المادة ‪ 94‬و‪ 95‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 14.111‬المتعلق بالجهات‪.‬‬

‫~ ‪~ 25‬‬
‫الترابية " وفقا للدستور الجديد ‪ 2011‬و القوانين األخرى التنظيمية والعادية والتي تكرس‬
‫مبادئ الالمركزية‪ ،‬كطريقة من طرق إدارة تراب الدولة وحقق مكاسب وكانت عليه مؤاخذات‪..‬‬
‫وإذا كنا متأكدين من أن التنمية ال يمكن أن تتحقق إال من األسفل بدءا من القاعدة وحسب طبيعة‬
‫وخصائص ساكنة كل منطقة‪ ،‬فإن هذا يعني أن اإلطار المالئم والمناسب للتنمية رسميا وشعبيا‬
‫هو " الجماعة الترابية "‪ .45‬وما خالف ذلك يضعنا أمام جملة من المخاطر المتفاوتة‪ ،‬منها ما‬
‫يتعلق بطريقة تدبير الدولة لترابها على مستوى التقسيم وفلسفته ومنظوره والخلفية التي تتحكم‬
‫فيه‪ ،‬ومنها ما يهم التدبير الترابي في محله‪ ،‬وهذا األخير هو الذي يهمنا بالدرجة األولى سواء‬
‫على مستوى المفاهيم المؤطرة للجماعات الترابية وطرق تدبيرها‪ ،‬أو على مستوى الثغرات‬
‫الواردة بالقوانين المنظمة للجماعات الترابية والتي قد يترتب عن إعمالها مخاطر بشأن التدبير‬
‫الترابي‪ ،‬كما أن تشخيص واقع التدبير الترابي ومراقبته من طرف الهيئات المختصة على‬
‫رأسها المجالس الجهوية للحسابات تحت إشراف المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬أظهر أن هناك‬
‫مخاطر ال تهم فقط االختالالت التدبيرية والتسييرية ‪،‬بل تعدتها إلى االعتراف بوجود إكراهات‬
‫وصعوبات مرتبطة بترجمة وظائف الجماعات إلى أنشطة وأهداف‪ ،‬وجب التغلب عليها وفق‬
‫مرتكزات النموذج التنموي الجديد ‪ .‬وعليه فإن هذا المبحث سنخصصه لبعض االثار التي يخلفها‬
‫التعاقد من خالل التدبير الترابي لما هو كائن ولما يجب أن يكون بما يخدم عملية التنمية‪ ،‬وذلك‬
‫وفق المطلبين التاليين‪:‬‬

‫المطلب االول‪ :‬اثار التعاقد في التنسيق و التأهيل لتحقيق التنمية الجهوية‬


‫المطلب الثاني‪ :‬تحديات تفعيل الية التعاقد و افاقه لمواكبة مسار التنمية الجهوية‬

‫‪ -45‬الدكتور المهدي الفحصي قراءة في مداخالت ندوة حول موضوع " التدبير اإلداري والمالي للجماعات" يومي‪ 5 :‬و‪ 6‬ماي‬
‫‪ 2017‬باكادير‬

‫~ ‪~ 26‬‬
‫المطلب االول‪ :‬اثار التعاقد في التنسيق و التأهيل لتحقيق التنمية الجهوية‬

‫‪46‬‬
‫‪ ،‬فال‬ ‫يعد ميثاق الالتمركز ضرورة أساسية الستكمال الحلقات الفاعلة في التنمية الترابية‬
‫طالما قيل إن الالمركزية في المغرب تسير أسرع من الالتمركز ذلك أن التنمية المتكاملة‬
‫والمندمجة ال يمكن أن تتم إال بتوزيع واضح لالختصاص وتصور موحد لألهداف وتعاضد في‬
‫الوسائل والموارد ‪ .8‬كما أن التنمية الترابية الموكولة " للجماعات الترابية " ليست بالعملية‬
‫السهلة‪ ،‬فإشكالية التدبير الترابي في الدول النامية ال زال يعتريها الكثير من الغموض‪ ،‬وتجابهها‬
‫العديد من العراقيل‪ ،‬لذا‪ ،‬يطرح موضوع التدبير اإلداري وفق الية التعاقد في الدول النامية‬
‫اليوم‪ ،‬على أنه أحد التحديات الكبرى التي تواجه الدولة و جماعاتها الترابية‪ ،‬وتجازوه‬
‫يتوقف على توفر عدة شروط منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي من جهة‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫تدبيري وتسييري من جهة ثانية لتشكل هذه الشروط في مجموعها " الحكامة التدبيرية الناجعة‬
‫"الكفيلة بتحقيق النتائج اإليجابية على أرض الواقع‪ ،‬وهو ما يتطلب من الناحية العملية إيجاد‬
‫توزيع واضح للمهام بشكل عام بين الجماعات الترابية تتولى فيه مثال العماالت واألقاليم تدبير‬
‫المجال “اإلجتماعي”‪ ،‬والجهات مهمة تنفيذ السياسات العامة للدولة على مستوى التنمية‬
‫‪47‬‬
‫في حين‬ ‫اإلقتصادية والثقافية والبيئية والتخطيط وإعداد التراب في اطار “برامج عقود‪”.‬‬
‫تعمل الجماعات الحضرية والقروية على تقديم خدمات “القرب” داخل مجال نفوذها‪ .‬وال سيما‬
‫من حيث التنسيق بين الجماعة الترابية ومع باقي الفاعلين وكذلك دور هذه االلية التعاقدية في‬
‫تأهيل الجماعة الترابية ‪.‬‬

‫سنتحدث في هذا المطلب عن مقاربة تحسين الية التعاقد وافاق النموذج التنموي الجديد (الفرع‬
‫االول ) وسنتناول دور التنسيق بين الجماعة الترابية و مع باقي الفاعلين في (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ص ‪ 23،‬بتاريخ ‪.2016‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Mohammed El Yaagoubi, Pour un état territorial équilibré, un processus en évolution,‬‬
‫‪REMALD, N 133, mars-avril ,2017, P 34.‬‬
‫~ ‪~ 27‬‬
‫الفرع االولى ‪ :‬دور تأهيل الجماعة الترابية كفاعل في التنمية‬
‫إن االختصاصات الذاتية المدعمة والمعززة باختصاصات قابلة للنقل وأخرى استشارية‪،48‬‬
‫يجعل التعاقد من االليات المهمة لتفعيل هذه االختصاصات‪ ،‬خصوصا مع ما نلمسه من حرص‬
‫المشرع على إعطاء داللة جديدة لالمركزية الجماعية ‪.‬فالمشرع يريد الجماعة أن تتحول الى‬
‫مقاولة حقيقية بالمعنى الشريف للكلمة‪ .‬وفي هذا السياق اكد المرحوم الحسن الثاني في الخطاب‬
‫‪49‬‬
‫على أنه“‬ ‫الذي ألقاه أمام المشاركين في اشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات الترابية‬
‫يجب ان نتصدى لتسيير الجماعات الترابية بعين المقاول “ ‪.‬من جهة أخرى أن هناك عالقة‬
‫طبيعية بين الالمركزية والتعاقد ألن الوسيلتين ترتكزان على مبادئ مشتركة مثل االستقاللية‬
‫والمسؤولية‪ .‬باعتبار التعاقد يرتكز على قبول أو موافقة الطرف كنتيجة للتفاوض يدافع فيه كل‬
‫طرف عن مصالحه ويقتضي التزامات محددة أو متبادلة للموقعين على العقد يجعله نسبيا يحد‬
‫من التداخل ويجعل االلتزامات والحقوق أكثر وضوحا واألهداف التنموية أكثر قدرة على‬
‫التحقيق في ظل تظافر الجهود ‪.‬إن التحدي الذي تعرفه آلية التعاقد مرتبط أساسا بالتركيز المفرط‬
‫للدولة والمتجسد في ممارسة وصاية المالءمة من خالل المصادقة القبلية‪ ،‬فرغم اإلصالحات‬
‫التي جاء بها المفهوم الجديد لسلطة في التخفيف من التدخالت المباشرة للدولة لصالح التدخالت‬
‫غير المباشرة بما فيها التعاقد‪ .‬وفي كون الجماعة الترابية لها إمكانية التصويت والوضع‬
‫والتحديد والتقرير في مجموعة من المجاالت التنموية‪ ،‬فالزالت المحدودية بارزة في كونها ال‬
‫‪50‬‬
‫بمعنى أن الجماعة‬ ‫تملك إمكانية التنفيذ إال بعد استصدار مصادقة السلطة الرقابية ‪10‬‬
‫الترابية لكي نتعاقد مع الدولة ال بد لها من مصادقة هذه االخيرة بشكل غير مباشر‪ ،‬وهذا ما‬
‫يفرغ مفهوم التعاقد من معناه الحقيقي ‪.‬كما أن محدودية استقالل ميزانية الجماعة الترابية‬
‫واعتمادها بشكل كبير على امدادات الدولة وارتفاع مصاريف التميز الراجعة أساسا لخلل على‬
‫مستوى سياسة تشغيل الموظفين العمومين الجماعين ال تترك هامشا كبيرا لالستثمار‪ ،‬وحتى‬

‫‪ 48‬الجياللي شبيه‪ :‬دراسة نقدية في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬مقالة منشورة على الرابط االلكتروني التالي‪:‬‬
‫‪ https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2016/05/24/404818.html‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪.2017‬‬

‫‪ 49‬الال مركزية وعدم التركيز‪ :‬أعمال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية‪ 21-19 ،‬أكتوبر ‪ ،1998‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ 1999,،‬ص‪322:‬‬

‫‪ -50‬من أجل مزيد من التفاصيل‪ ،‬راجع عبد اللط يف برحو‪ :‬مالية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية المحلية‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،70‬الطبعة األولى‪ ،2011 ،‬ص ‪.149‬‬

‫~ ‪~ 28‬‬
‫نكون أمام تعاقد ناجح البد من تطوير هذه االلية ليس فقط بالرفع وتضخيم اتفاقيات التعاقد بل‬
‫يجب أن يرافق هذه التقنية تطور في مستوى التنمية الترابية‪.‬‬

‫ول ضمان جودة أكثر في تسيير المرافق العمومية التابعة للجماعات وتقديم خدمات أكثر جودة‪،‬‬
‫واألهم إعتماد تقنيات مستحدثة للتعامل مع إشكاليات التنمية المحلية ‪.‬هذا باإلضافة إلى تحقيق‬
‫النجاعة الطاقية وحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة وإرساء اندماج اجتماعي داخل‬
‫المجاالت الحضرية‪.51‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬دور التنسيق بين الجماعة الترابية و مع باقي الفاعلين‬


‫ان السياسة التعاقدية تمنح ليونة أكبر لعمل ونشاط السلطات العمومية‪ ،‬من خالل تمكينها من‬
‫تبني سياسة تحدد بشكل أدق الحاجيات والمتطلبات واإلنخراط في أنشطة ومشاريع تشاورية‬
‫وتعاقدية تستفيد من تمويل مشترك‪ ،‬وتستهدف تحسين مستوى وجودة الخدمات وكذا تطوير‬
‫‪52‬‬
‫بمثابة شريك للدولة‬ ‫فعالية الهيئات الترابية واإلدارات العمومية ‪.‬فباعتبار الجماعات الترابية‬
‫إلى جانب المؤسسات العمومية يحتم وال شك أن تقوم هذه الجماعات بأدوار كبيرة ومتنوعة في‬
‫جميع المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪.‬غير أنه بالرجوع إلى تجربة الجماعات‬
‫الترابية طيلة األربع عقود التي خلت نجد‪ ،‬أنها مازالت تعاني من إكراهات كبيرة وصعوبات‬
‫عميقة‪ ،‬نتيجة عوامل متداخلة ‪.‬فاإلطار المؤسساتي غلب عليه التسيير التقليدي نتيجة سوء‬
‫التنظيم وتبذير اإلمكانيات وطاقات الجماعة عوض استثمارها في مجاالت منتجة‪ ،‬ولم يخرج‬
‫المجال العمراني عن هذه االختالالت‪ ،‬إذ شهدت بعض المدن توسعا مضطردا في البناء‬
‫العشوائي وانتشار مدن الصفيح والسكن غير الالئق‪ .‬كما أن توجه الجماعات الترابية للدخول‬
‫في شراكات مع الفاعلين الخواص تفرضه عديد العوامل التي ترتبط أساسا بالنواحي المادية‬
‫والتقنية‪ ،‬بالنظر إلى محدودية الموارد المالية وضعف القدرات التقنية لديها مما يعيق تمويل‬
‫ودراسة وتنفيذ المشاريع التنموية خاصة الكبرى منها والمهيكلة‪ .‬والتي تتطلب إمكانيات مالية‬

‫‪ 51‬رشيدة مسعودي ‪ -‬رشان دليلة فرشان ‪ ،‬تنمية الرأسمال االجتماعي‪ :‬مستقبل استد امة المدن الذكية‪ ،‬منشورات المركز الديمقراطي العربي‬
‫للدراسات االستراتيجية و السياسية واالقتصادية‪ -‬المانيا ‪ ،2019 -‬ص ‪.273‬‬

‫‪ -52‬للتوسع في مفهوم الحكامة الديموقراطية أنظر‪:‬‬


‫· ‪BELLINA Séverine, MAGRO Hervé, DE VILLEMEUR Violaine (dir.), La Gouvernance démocratique : Un nouveau‬‬
‫‪.paradigme pour le développement ?, Editions Karthala, Coll. Hommes et sociétés, 2008, 608 p‬‬

‫~ ‪~ 29‬‬
‫وتقنية و بشرية تفتقدها غالبية الجماعات خاصة القروية منها‪،‬مما جعلها عاجزة بشكل كبير عن‬
‫اإلضطالع بالمهام التنموية في مقابل التزايد الملحوظ لدور القطاع الخاص في المجاالت‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية والبيئية على المستوى الوطني‪.‬كما تفرضه أيضا السلبيات التي تطبع‬
‫التدبير العمومي بشكله “التقليدي” من غياب للشفافية وتمركز للسلطة المالية وغياب اإلهتمام‬
‫بالمردودية‪ ،‬فضال عن غياب ثقافة المحاسبة والتقييم والتدقيق والمراقبة المالية داخل‬
‫‪53‬‬
‫الجماعات‪.‬‬

‫انطالقا من هذه المعطيات يتبين لنا أن الحاجة أصبحت أكتر إلحاحا في تغيير مقاربة الدولة‬
‫للجماعات الترابية ‪ .‬وما يجذر به الذكر ‪،‬هو اإلشارة الى أن مشروع القانون ‪ 04.04‬المتعلق‬
‫بالسكن والتعمير‪ ،54‬قد تطرق في هذا الصدد إلى ضرورة تشجيع أسلوب التعاقد بين الدولة‬
‫والجماعات الترابية في مجال تهيئة المناطق المخصصة للسكن االجتماعي بمقتضى وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬كما اقترح كذلك أن تتخذ مجالس الجماعات كل التدابير الالزمة بتشاور مع االدارة من‬
‫أجل تنفيد واحترام مقتضيات وثائق التعمير‪ ،‬ورغم ذلك فإن واضعي المشروع لم يغيروا‬
‫تصورهم في شأن تدخل الجماعات في ميدان التخطيط العمراني على وجه الخصوص‪.55‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رهانات تحقيق تنمية جهوية وفق الية التعاقد‬


‫إن الجهويــة المتقدمــة مدخــل ضــروري إلصالح شــامل وطمــوح للدولــة‪ .‬وإن تعـددت‬
‫المجاالت التـي سيشـملها هـذا اإلصالح‪ ،‬واآلجال المعقولـة التـي تطلبها تنزيلـه‪ ،‬أمـام التطـور‬
‫المتسـارع للمحيـط الوطنـي والدولـي‪ ،‬يتطلبـان عقلنـة الزمـن والمـوارد وانخـراط وتعبئـة كل‬
‫الفاعليـن حـول أهـداف مشـتركة ومحـددة بدقـة تتمثـل فـي خلـق الثـروات والتوزيـع المنصـف‬
‫لهـا بيـن المجاالت الترابيـة ومختلـف فئـات السـاكنة ‪.‬ذلــك أن عــدم ضبــط تواريــخ محــددة‬
‫‪53‬‬
‫أحمد بوعشيق‪“ ،‬عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ :‬سياسة عمومية حديثة لتمويل التنمية المستدامة بالمغرب”‪ ،‬مساهمة في‬
‫المؤتمر الدولي للتنمية اإلدارية ” نحو أداء متميز في القطاع الحكومي”‪ ،‬الرياض المملكة العربية السعودية‪ ،‬ص‪2009 ،1‬‬

‫تقرير الوزارة المنتدبة لدى الوزير األول المكلفة باإلسكان والتعمير‪ :‬مشروع مدونة التعمير ورش استراتيجي إلصالح االختالالت‬ ‫‪54‬‬

‫المجالية بتاريخ ‪ 09‬ماي ‪.2007‬‬


‫‪ -55‬سواء في خطاب الملك محمد السادس‪ ،‬أو في خطاب الراحل الحسن الثاني الذي قال في إحدى المناسبات " يجب حذف مصطلح الوصاية من‬
‫قاموسنا " والمسؤولون المباشرون هنا‪ ،‬هم الوالة والعمال‪ ،‬بعد نقل وصاية الدولة على الجماعات المحلية إلى هؤالء‪ ،‬وهذا الموضوع كان محط نقاش‬
‫في عدة مناسبات‪ ،‬منها الملتقى الوطني للجماعات المحلية بأكدير في ‪ 12‬دجنبر ‪. 2006‬‬

‫~ ‪~ 30‬‬
‫إلنجاز وتبيــن النتائــج واآلثار‪ ،‬وعــدم تحديــد المــوارد بدقــة‪ ،‬عامــالن أساسـيان يؤديـان‪،‬‬
‫إذا لـم يتـم تقديرهمـا حـق قدرهمـا‪ ،‬وتجاهـل أهميتهمـا فـي إعـداد السياسـات وبرامـج العمـل‪،‬‬
‫سيفسـر كعجـز مـن قبـل السـلطات العموميـة علـى مواجهـة كلفـة إضافيـة يتحملهـا المجتمـع‬
‫بأكملـه‪ ،‬ممـا قـد يؤدي إلى تغيير حقائـق الواقـع‪ ،‬بـل وقـد يـؤدي إلـى اعتبـار مسـألة إرجـاء‬
‫القـرارات إلـى تواريـخ غيـر محـددة أمـرا عاديـا وطبيعيـا ‪.‬والحـال أن بعـض اإلشكاليات التي‬
‫تؤدي إلـى‬ ‫ال تحتمـل التأجيـل وتكتسـي طابعـا اسـتعجاليا‪ ،‬بسبب االنتظارية والجمـود‬
‫اسـتفحالها‪ ،‬إلـى حـد أنهـا قـد تتحـول إلـى عقبـات كبـرى فـي مسلسـل التنميـة‪ ،‬بـل إنهـا قـد‬
‫تشـكل أحيانـا خطـرا يتهـدد "السـلم والتماسـك االجتماعي"‪ .56‬إن حجــم الحاجيــات وتعددهــا‪،‬‬
‫إضافــة إلــى الجهــود التنمويــة الضروريــة فــي مختلــف المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافيـة والبيئيـة‪ ،‬تصطـدم بعقبـة كبـرى تتمثـل فـي المحدوديـة النسـبية لمـوارد الدولـة‬
‫والجماعـات الترابيـة فـي مواجهـة هـذه الحاجيـات‪ .‬ذلـك أن إكراهـات الميزانيـة‪ ،‬المشـار إليهـا‬
‫أعـاله‪ ،‬تتـرك هامشـا ضيقـا للتحـرك مـن أجـل االستجابة المباشـرة والشـاملة للتحديـات‬
‫والرهانـات المرتبطـة بمختلـف القطاعـات والمجاالت التابعــة لمســؤولية الدولــة‪ ،‬وكلهــا‬
‫تكتســي نفــس األهمية‪ .‬إضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬فــإن تلــك اإلكراهات تحد مــن تحقيـق تطـورات‬
‫دالـة‪ ،‬بسـبب عـدم ترتيـب األولويات والحاجيـات وانعـدام رؤيـة مندمجـة للمشـاكل المطروحـة‬
‫الممكنـة‪.‬‬ ‫ولحلولهـا‬
‫هذا باإلضافة‪ ،‬إلى عدم شمولية بعض المخططات المنجزة لمختلف ميادين تدخل الجماعات‬
‫وتغييبها الرؤية االستراتيجية بعيدة المدى‪ ،‬وعدم تحيينها من خالل وضع تصور واضح‬
‫لألهداف المزمع تحقيقها من طرق الجماعة‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار المعطيات الجديدة‬
‫‪57‬‬
‫المرتبطة بوضعية الجماعة خاصة على المستوى المالي‬
‫كلها إكراهات تحتم على الجماعات الترابية تبني مقاربة تدبيرية أكثر تقدما تقطع مع التسيير‬
‫الكالسيكي للمجال‪ ،‬وتنمية وظائف التفكير االستراتيجي القائم على االستشراف والبرمجة طويلة‬

‫وتفرق‬
‫ّ‬ ‫‪" 56‬كثيرا ما تردّدت على مسامعنا في السنوات الماضية‪ ،‬عبارة «السلم االجتماعي» وضرورة التمسّك به والحفاظ عليه‪ ،‬اتّقاء للفتنة‬
‫الصفوف‪ .‬فكلّما اشتدّت حدّة غضب الشرائح العريضة من الشعب إزاء تالعب ح ّكامهم بالمسؤولية المنوطة بعهدتهم‪ ،‬وفق العقد الذي‬
‫يربطهم بناخبيهم‪ ،‬إال ّ وتعلَّلُوا بأولوية الحفاظ على السلم االجتماعي وأمن البلد‪ .‬هذا‪ ،‬حتّى على حساب استشراء الفساد ولوبياته‪ ،‬والتفريط‬
‫في سيادة الو طن وتخريب اقتصاد البالد وتوسيع دائرة الفقر‪ ،‬وزرع الخوف في قلوب المواطنين من بعضهم البعض ومن المجهول اآلتي‪.‬‬
‫فهل صحيح ّ‬
‫أن ك ّل هذه المصائب هي الثمن ال ُمقد َُّرعلى الشعب دفعُه للظفر بالسلم االجتماعي ؟‪"..‬‬
‫‪ 57‬تقرير المجلس الجهوي للحسابات بمراكش ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪101‬‬
‫~ ‪~ 31‬‬
‫االمد‪ .58‬واالنخراط في منطق الذكاء و التسويق الترابي خاصة مع تنصيص القانون التنظيمي‬
‫للجهات في المادة ‪ 80‬منه‪ ،‬على أن من مهام الجهة “العمل على تحسين جاذبية مجالها الترابي‬
‫وتقوية تنافسيته االقتصادية‪”.59‬‬

‫وعليه فإن هذا المطلب سنخصصه إلكراهات أجرأة تنزيل آلية التعاقد (الفرع األول) من جهة ‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى مقاربة تحسين هذه االلية وفق النموذج التنموي الجديد (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬إكراهات أجرأة و تنزيل ألية التعاقد‬

‫تتضمن المفاهيم المرتبطة بالتدبير اإلداري الترابي كثيرا من المصطلحات‪ ،‬منها ما هو تقليدي‪،‬‬
‫ومنها ما هو مستحدث‪ ،‬ومنها ما هو مرتبط بتطوير المقتضيات القديمة في صيغة جديدة‪ ،‬وتعود‬
‫صعوبة تطبيق بعض المقتضيات إما لعمومتيها‪ ،‬أو لصعوبة فهمها‪ ،‬أو لسوء استعمالها‪ ،‬وذلك‬
‫راجع إلى التركيز على اآلليات التدبيرية الجديدة كآليات تطبيقية‪ ،‬دون تحديد فلسفتها‪ ،‬ومفهومها‬
‫بما يكفي‪ ،‬ولم يتم التنبيه إلى أن فلسفة تنظيم الشأن المحلي تتم على أساس تعاقدي ( مقتضيات‬
‫الميثاق كما تم تعديله كمفهوم سياسي وقانوني) وليس فقط تنظيم قانوني‪ ،‬مثل‪ :‬الديموقراطية‬
‫المحلية – الحكامة الترابية – التشارك – الشراكة‪ -‬الشأن المحلي – مقاربة النوع‪ -‬رفع‬
‫‪60‬‬
‫وتقديم الملتمسات ‪ -‬الحق في المعلومة‪ -‬المجتمع المدني‪ ،‬وحتى سياق إصالح‬ ‫العرائض‬
‫الالمركزية كان دائما يخضع لظروف سياسية وينبني على عدة مفاهيم ومقاربات‪ :‬التخطيط‬
‫التشاركي‪ ،‬االتقائية‪ ،‬التضامن‪ ،‬تجانس األغلبية‪ ،‬الجماعة المواطنة‪ ،‬الجماعة المقاولة‪ ،‬المساءلة‬
‫والمحاسبة‪ .‬كما بقيت مقتضيات أخرى مستبعدة أو غامضة أو عالقة‪ ،‬لم يتم االستجابة إليها‪ ،‬أو‬
‫أنتجتها المستجدات وتحتاج للتوضيح والتفسير‪ ،‬أو التعديل بالزيادة أو الحذف واإللغاء‪ ،‬إنها‬

‫‪58‬‬
‫حنان القادري‪ ،‬المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي على ضوء تقرير اللجنة االستشارية للجهوية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية‬
‫واالدارية‪ ،‬العدد ‪ ،2011 ،1‬ص‪195‬‬

‫‪ 59‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.83‬بتاريخ ‪ 7‬يوليو ‪ ،2015‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 6585‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪.2015‬‬

‫‪ 60‬القانون التنظيمي رقم ‪ 44.14‬شروط وكيفية ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية‬

‫~ ‪~ 32‬‬
‫مفاهيم وقيم وليس مجرد كلمات نزين بها الخطاب‪ ،‬مفاهيم حديثة لها مرجعتيها وفلسفتها‪ ،‬كرؤية‬
‫استراتيجية‪ ،‬وليس مجرد ترف فكري أو معرفي‪ ،‬او مواضيع لالستئناس‪ ،‬أو موضة للتباهي‬
‫بأننا دخلنا عصر التنمية والحداثة من بابه الترابي‪ ،‬خاصة وأننا دخلنا في تنمية ترابية في إطار‬
‫جد متقدم قد يتجاوز ما توفره هذه القوانين الدستورية والتنظيمية والعادية‪ .‬فالطرح الجهوي‬
‫المتقدم يستلزم كذلك طرحا متقدما لمعنى إدارة التراب المحلي ليتجاوز مجرد إصالح‬
‫الالمركزية فالتراب أصبح مدسترا‪ ،‬كما كان السائد هو أن الدستور يخاطب الكبار لكن اآلن‬
‫يخاطب حتى األفراد ويمنحهم الحق في التشخيص واالقتراح ورفع العرائض‪ ..‬ولكن التدبير‬
‫منتقد كثيرا والتنمية ال زالت بعيدة المنال‪.‬‬

‫هذه اإلشارة الهدف منها إثارة مستلزمات التدبير الترابي الجيد‪ ،‬وقد حاولت المراجعات المتتالية‬
‫لالمركزية إصالحها في عدة محطات‪ ،‬بهدف تصحيح ما أبان عنه التشخيص من اختالالت‬
‫قصد تطوير تجربة التنمية الترابية والتدبير الترابي ببالدنا‪ ،‬وخاصة المقتضى الديموقراطي‬
‫والرقابة ألن األول يفيد التوسيع لنطاق التدبير‪ ،‬والثاني يضيقه مما يغيب تحقيق التوازن‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المقتضى الديموقراطي والحكامة السياسية في التدبير الجماعي وتدبير التنمية الترابية‬
‫المقتضى الديموقراطي يتجلى في النظرة التي نختزلها عن الديموقراطية المحلية‪ .‬فبالرجوع‬
‫إلى الدستور بعبارة أوضح‪ ،‬الدستور (المادة ‪ 61)146‬ينص على الجماعات الترابية كمؤسسة‪،‬‬
‫يسير المواطنون شؤونهم من خاللها بشكل ديموقراطي وهو ما تنص عليه كذلك المادة األولى‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪62111.14‬بخصوص شروط تدبير الجهة لشؤونها بكيفية ديموقراطية‬
‫‪63‬وتمثيليتها في تلك المجالس‪ ،‬لكن في الواقع ال نجد مواكبة ميدانية لهذا التنصيص‪ ،‬وإلى‬
‫الخطاب السياسي‪ ،‬وتصريحات القادة والمسؤولين والباحثين والفاعلين‪ ،‬وفي جميع قوانين وبنود‬
‫الميثاق الجماعي السابق وحتى في القوانين التنظيمية الجديدة‪ ،‬نجد الكل متفقا على كون‬
‫الجماعات المحلية سابقا والترابية اليوم مؤسسة ديموقراطية‪ .‬وال أعني هنا مناقشة األمور‬
‫‪61‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( 1432‬يوليو ‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬يوليو‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬

‫‪ -62‬ظهير شريف رقم ‪1.15.83‬صادر في ‪ 20‬من رمضان ‪ 7( 1436‬يوليو ‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ ،2015‬ص ‪.6585‬‬
‫‪ -63‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫~ ‪~ 33‬‬
‫التفصيلية والتسييرية‪ ،‬فقد يكون فعال بعضها ديموقراطي واآلخر غير كذلك‪ ،‬ولكن نطرح‬
‫المسألة من حيث المفهوم والمبدأ‪.‬‬

‫ورغم التنصيص الدستوري فإن صالحيات الجماعات المحلية ال يمكنها أن تتعدى في جميع‬
‫األحوال‪ ،‬إلى الصالحيات السياسية‪ ،‬إنه تناقض بين تسيير الشأن الترابي والتنمية الترابية من‬
‫طرف السكان‪ ،‬وبين ما هو مسموح لها به فعال‪ ،‬خاصة إذا ما استحضرنا ورش الجهوية‬
‫المتقدمة ونحن نعلم أن الجماعات الترابية أحد روافدها التي بدورها يجب أن تكون متقدمة‬
‫بحيث تبدو هنا هذه الجهوية جد مقلصة وضيقة‪ ،‬ما دام أن المبادرة السياسية محدودة‪ ،‬ألن كلمة‬
‫تسيير شؤونهم بأنفسهم‪ ،‬تعني بشكل صريح ممارسة الصالحيات السياسية المحلية‪ ،‬أي اتخاذ‬
‫القرار السياسي المحلي في التنمية الترابية‪ ،‬فكلمة الديمقراطية المحلية‪ ،‬هي كلمة سياسية بال‬
‫شك‪ .‬إن التقييد السياسي المفرط يحد من أية مبادرة لتنمية حقيقية مهما بذلت من جهود‪ ،‬ألن‬
‫كلمة التدبير والتنمية والبرمجة والتخطيط وبرنامج عمل والتداول‪ ...‬هي قرارات سياسية قبل‬
‫كل شيء‪ .‬كما الفائدة من الرقي الدستوري والتنظيمي للتراب؟ الكل مدستر ولم يعد الدستور‬
‫يخاطب فقط الكبار لكن النتائج ضعيفة وصلنا إلى السقف ولم يعد أمامنا سوى التفعيل‪.‬‬

‫إن كل ما يتصل بالشأن الترابي تنظيما وممارسة‪ ،‬ذو طبيعة سياسية‪ ،‬مثال‪ :‬التقطيع االنتخابي‪،64‬‬
‫التسجيل في اللوائح‪ ،‬الترشيح لالنتخابات‪ ،‬تهيئ البطائق‪ ،‬الحملة االنتخابية وتخصيص يوم‬
‫لالقتراع من أجل المشاركة السياسية للمواطنين في اختيار من يمثله في المجالس الجماعية عبر‬
‫اإلدالء بأصواتهم بكل حرية‪ ،‬تشكيل المجالس‪ ،‬األغلبية والمعارضة‪ ،‬التداول في المجالس‪،‬‬
‫مراقبة المعارضة لألغلبية‪ ...‬بل اعترفت المجالس الجهوية للحسابات أن التحكيم السياسي هو‬
‫السائد في تدبير عمل الجماعات وليس الشفافية أو تطبيق القانون‪ ،‬أال تعتبر هذه العمليات‬
‫سياسية؟ كيف يمكن للمجالس الجماعية أن تضع خططا وبرامجا‪ ...‬دون أن يكون لها تصور‬
‫ورؤية سياسيين مستقلين إلى أقصى درجة ممكنة؟‬

‫بالمقابل‪ ،‬يمنع عليها النظر في األمور السياسية‪ ،‬عن أية حكامة تدبيرية هنا نتحدث؟ إن التنمية‬
‫هي بالجملة قرار سياسي‪ ،‬وفي غياب القرار السياسي المحلي‪ ،‬يصبح معه الحديث عن حكامة‬

‫‪ 64‬ظهير شريف رقم ‪ 1.13.74‬صادر في ‪ 18‬من رمضان ‪ 27( 1434‬يوليو ‪ )2013‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 131.12‬المتعلق بمبادئ تحديد الدوائر‬
‫الترابية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫~ ‪~ 34‬‬
‫التدبير بكل تجلياتها حديث بدون روح‪ ،‬وأن أهمية التنصيص الدستوري والقانوني للتدبير‪ ،‬ال‬
‫تستتبعه بالضرورة نفس األهمية على أرض الواقع‪ ،‬وهنا سنعيش و ْهم الحكامة التدبيرية مهما‬
‫حاولنا إصالح نظامنا الترابي‪.‬‬

‫إننا نعتقد أن طبيعة المنع السياسي‪ ،‬أو الرقابة السياسية على القرار المحلي‪ ،‬يتنافى مع الحكامة‬
‫الديمقراطية‪ ،65‬ويجب إعادة النظر فيه‪ ،‬وذلك بإدخال إصالح عميق على قوانين الجماعات‬
‫الترابية لتقرر في مصيرها بنوع من االستقاللية التدبيرية‪ ،‬بعد ذلك يمكن الحديث عن الحكامة‬
‫الترابية‪ ،‬ولكن قبل ذلك ال بد من التأهيل االقتصادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والسياسي‪ ،‬والثقافي‪ ،...‬ألنه‬
‫ال ينبغي أن تؤدي هذه االستقاللية‪ ،‬إلى تنكر الدولة لوحداتها‪ .‬طبعا االستئناس بالتجارب محبذ‪،‬‬
‫ولكن التطبيق يجب أن يكون ضمن الواقع المغربي‪ ،‬خاصة بالنسبة للجماعات الترابية الفقيرة‪،‬‬
‫فالتكامل هو المطلوب‪ ،‬والوحدة هي المنشودة‪ ،‬ضمن منظور تنموي شمولي يراعي‬
‫الخصوصيات ويحترم الهويات‪ ،‬ويحارب األنا‪ ،‬ويقوي الوحدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المقتضيات المتعلقة بالرقابة‬


‫وهي مرتبطة بالمقتضى الديموقراطي تحليلها يتجاوز مجرد النصوص وتوزيع االختصاصات‪.‬‬
‫فاالستعمال السيئ لها يعيق تطوير التدبير المحلي للتنمية‪ ،‬والرقابة المبالغ فيها أو غير الدقيقة‪،‬‬
‫تحمل بين طياتها ترجيح كفة على أخرى‪ ،‬وهي عبء ثقيل يرهق كنف المجالس الجماعية‪ ،‬لذا‬
‫حولتها أروبا إلى الرقابة البعدية‪ ،‬ومن المفترض فيها العمل على تقويم السلوكيات المختلة‬
‫للمسؤولين المحليين‪ ،‬ومواكبة العمل الجماعي‪ ،‬وذلك على أساس مقاربة يحل فيها منطق الدولة‬
‫المواكبة‪ ،‬محل منطق اإلدارة الوصية واالنتقال من المقاربة القطاعية لتدخل مصالح الدولة فوق‬
‫تراب الجماعات‪ ،‬إلى المقاربة التعاقدية والتشاورية حول مشاريع تنموية مندمجة‪ .‬وليس‬
‫استعمالها كآلية لالستغالل السلبي واالبتزاز أحيانا‪ ،‬كفرض أتاوى ومساهمات إلقامة حفالت‬
‫وتنظيم مهرجانات ال تستفيد منها الجماعة الترابية في شيء‪.‬‬

‫‪ - -65‬للتوسع في مفهوم الحكامة الديموقراطية أنظر‪:‬‬


‫· ‪BELLINA Séverine, MAGRO Hervé, DE VILLEMEUR Violaine (dir.), La Gouvernance démocratique : Un nouveau‬‬
‫‪.paradigme pour le développement ?, Editions Karthala, Coll. Hommes et sociétés, 2008, 608 p‬‬

‫~ ‪~ 35‬‬
‫وبهذا المعنى يصبح للوصاية تأثير سلبي على تنمية الجماعات الترابية‪ ،‬في تناقض مع القانون‬
‫والخطاب السياسي‪ ،66‬أي في ظل عالقات غير سليمة وغير شفافة وغير ديمقراطية‪ ،‬األمر‬
‫الذي يفضي إلى تبديد الثقة بين المنتخبين والسلطات المحلية‪.‬‬

‫ومهما كثر الحديث عن الحكامة التدبيرية كأداة للتنمية‪ ،‬ومهما كثر الحديث عن كون‬
‫الجماعات الترابية تدير شؤونها بشكل ديموقراطي‪ ،‬ومهما تحدثنا عن برامج التنمية الترابية‪،‬‬
‫ومهما تحدثنا عن حرية المجالس في وضع جدول أعمالها‪ ،‬من برامج عمل‪ ،‬وما تتداوله من‬
‫نقاش‪ ،‬ومهما ذكرنا بكون رئيس المجلس هو المنفذ لمقررات المجلس‪ ،‬فإنه يجب أن نتذكر‬
‫الفصل ‪ 145‬من الدستور وحمولته الصريحة والضمنية‪ ،‬الذي يقول بأن الوالة والعمال‬
‫يساعدون رؤساء هذه المجالس على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪ ،‬وهم بذلك حقيقة‬
‫يؤمنون تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها‪ ،‬ويمارسون المراقبة‬
‫اإلدارية‪ .‬ناهيك عن عدة نصوص تنظيمية متفرقة ترهن تطبيق الدستور نفسه‬

‫فماذا لو لم تتالءم سياسة مجالس معينة مع ما يراه ممثل السلطة المركزية العامل والوالي؟‪ ،‬ثم‬
‫ماذا عن الجماعات الفقيرة التي تعيش على مساعدات الدولة والضريبة على القيمة المضافة؟‬

‫ينبغي إعادة النظر ليس فقط في توزيع الصالحيات وتحديد االختصاصات بشكل دقيق وواضح‬
‫بين الدولة والجماعات الترابية ولكن أيضا توضيح بناء على أي أسس فكرية وفلسفية وسياسية‬
‫وقانونية تقوم هذه العالقة بما يؤهل الجماعات الترابية ويخدم التنمية الجهوية‪ ،‬فالمطلوب هو‬
‫التطبيق السليم لقواعد الرقابة بما يخدم التنمية الترابية والساكنة‪ ،‬وليس بتوظيفها عصا في‬
‫عجلة‪ ،‬والرقابة المقصودة هي الرقابة بأبعادها القانونية واإلدارية والمالية‪ ،‬التي ينبغي أن‬
‫تمارس بهدف الحفاظ على المصلحة العامة للساكنة المحلية‪ ،‬والوقوف ضد أي خلل يعرقل‬
‫السير العادي للمجالس الجماعية أو يخرق القانون‪.‬‬

‫إن ما يجعل اإللحاح على ضرورة عقلنة ممارسة الرقابة على المجالس الجماعية هو الحرص‬
‫على تطبيق الدستور والقوانين المؤطرة للتدبير الترابي الجماعي‪ ،‬فال يعقل أن يرهن أو يعلق‬
‫تطبيق مقتضيات جد هامة من المواد األساسية بآجال صدور نصوص تنظيمية ومراسيم لمدة‬
‫‪ -66‬سواء في خطاب الملك محمد السادس‪ ،‬أو في خطاب الراحل الحسن الثاني الذي قال في إحدى المناسبات " يجب حذف مصطلح الوصاية من‬
‫قاموسنا " والمسؤولون المباش رون هنا‪ ،‬هم الوالة والعمال‪ ،‬بعد نقل وصاية الدولة على الجماعات المحلية إلى هؤالء‪ ،‬وهذا الموضوع كان محط نقاش‬
‫في عدة مناسبات‪ ،‬منها الملتقى الوطني للجماعات المحلية بأكدير في ‪ 12‬دجنبر ‪. 2006‬‬

‫~ ‪~ 36‬‬
‫طويلة قد تصل إلى نصف دورة المجالس وقد ال تصدر بالمرة فتفقد النصوص األصلية معناها‬
‫ورهاناتها مع مرور الوقت‪.‬‬

‫األمر الذي يتطلب توجها “ذكيا”‪ ،‬يبدع في إيجاد الحلول إلشكاليات التنمية المحلية في إطار‬
‫منطق جديد للتعامل مع المجال الترابي باعتباره “منتوج” يحتاج للتسويق لدى المستثمرين‬
‫‪67‬‬
‫بإبراز مميزاته وخصائصه بما يسهم في إنعاش اإلستثمار الجهوي‬

‫وعليه ‪ ،‬يستدعي األمر مقاربة جديدة لتحسين االليات التدبيرية وتحقيق تنمية جهوية مندمجة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مقاربة تحسين الية التعاقد وافاق النموذج التنموي الجديد‬

‫إن " بناء النموذج التنموي المغربي " تم على مر عقود عديدة وعلى مراحل شتى ‪ ،‬وشمل‬
‫مستويات متعددة‪ ،‬منها اإلصالحات االقتصادية والمؤسساتية والقانونية واالجتماعية‪ ،‬و هو ما‬
‫أفرز النموذج الحالي بإيجابيات وسلبياته المتعددة ‪ ،‬التي ساهمت بشكل مباشر في بنائه‬
‫الحكومات المتعاقبة على السلطة‪ "...‬بداية مع الدستور المغربي ‪ 2011‬والدليل المنهجي للتعاقد‬
‫من أجل تدبير حكيم وأخيرا مع باقي الفاعلين السياسيين واألكاديميين‬

‫الفقرة االولى‪ :‬الدستور المغربي ‪ 2011‬والدليل المنهجي للتعاقد‬


‫لقد انخرط المغرب منذ عدة سنوات في مشروع تحديث واسع يهدف على وجه الخصوص إلى‬
‫عصرنة البالد وتعزيز وثيرة التنمية وتحسين ظروف عيش السكان‪ .‬وقد توجت هذه الدينامية‬
‫من خالل اعتماد الدستور ‪ 2011‬الذي ينص على تعزيز آليات تخليق الحياة العامة وذلك بربط‬
‫المسؤولية بمقتضيات الرقابة والمحاسبة‪ .‬كما نص الدليل المنهجي للتـــعـــاقـــــد بين الدولة‬
‫والمؤسسات والمنشآت العامة عبر فصوله الثالثة ‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ ‬رهانات التعاقد بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة‬

‫‪ 67‬آمال بلشقر‪ ،‬التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬مجلة دراسات و وقائع دستورية وسياسية‪ ،‬لعدد ‪،2013، 9‬‬
‫ص‪.72‬‬
‫‪ 68‬دليل منهجي للتعاقد بين الدولة والمؤسسات والمنشآت العامة ص‪11:‬‬
‫~ ‪~ 37‬‬
‫‪ ‬مراحل التعاقد‬
‫‪69‬‬
‫‪ ‬نموذج العقد‬

‫‪ 69‬نفس المرجع ص‪15،16:‬‬


‫~ ‪~ 38‬‬
~ 39 ~
~ 40 ~
‫وجدير بالذكر أن نستحضر جملة من التوصيات التي نص عليها هذا الدليل المنهجي بغية‬
‫إضفاء الطابع التعاقدي على التدبير و ربطه بالحكامة الجيدة ‪:‬‬

‫‪ 1‬النهوض بالتنزيل الترابي للسياسات والتدخالت العمومية‪ ،‬عبر اإلسراع بتنفيذ ميثاق‬
‫الالتمركز اإلداري واستكمال تفعيل الهيئات وصناديق التمويل المنصوص عليها في اإلطار‬
‫النصوص القانونية المنظمة للجهوية‪ .‬كما ينبغي إضفاء الطابع التعاقدي على العالقة بين‬
‫المستوى المركزي والمحلي‪ ،‬وذلك بهدف تحسين فعالية األداء‪.‬‬

‫‪ 2‬سن إجبارية التعاون بين مختلف المؤسسات وإضفاء الطابع التعاقدي على هذا التعاون‪ ،‬ال‬
‫سيما بين الجهات الحكومية وغير الحكومية‪ .‬وإن بعض الممارسات من قبيل حجب المعلومات‬
‫ونقص التعاون‪ ،‬تضر بالسير الجيد لمؤسسات الدولة وتؤثر سلبا على أدائها‪ ،‬كما تؤدي إلى‬
‫فقدان المواطن للثقة في المرفق العام؛‬

‫‪ 3‬من بين الممارسات الجيدة التي عادة ما يُحال إليها‪ ،‬ت ّم تحديد سبعة عوامل أساسيّة للنجاح‬
‫خاص ة في ترجيح نجاح السياسات العموميّة‪ .‬وهذه العوامل هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تلعب دورا حاسما بكيفيّة‬
‫المواطنَة والتشاور‪ ،‬والتلقائية‪ ،‬والشفافية‪ ،‬والمساءلة والتّعاقد‪ ،‬واليقظة‪ ،‬وتدبير‬
‫ِ‬ ‫المشاركة‬
‫المخاطر‪ ،‬والتقييم والتحسين المستمر‪ .‬وتكتسي هذه العوامل األساسية للنجاح أهمية بارزة‬
‫تتفاوت‪ ،‬بحسب مراحل دورة حياة السياسة العموميّة‪ .‬لذلك‪ّ ،‬‬
‫فإن هذه المرجعية تقتر ُح نمذجة‬
‫مبسطة لدورة الحياة هذه‪ ،‬كما تقترح تحليل مختلف عوامل النجاح الرئيسية التي تم تحديدها تبعا‬
‫لمراحلها‪.‬‬

‫‪» 4‬من أجل ميثاق اجتماعي جديد‪ :‬ضوابط يجب احترامها وأهداف ينبغي التعاقد بشأنها«‪،‬‬

‫~ ‪~ 41‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تدخالت بعض الفاعلين السياسيين واألكاديميين‬
‫يتفق معظم الفاعلين السياسيين واألكاديميين من استقراء عدة مداخالت ونقاشات وتقارير أيام‬
‫دراسية‪70‬على ضرورة التركيز على خمسة مرتكزات أساسية في بلورة نموذج تنموي مندمج‬
‫قادر على مواكبة‪-‬تحوالت‪-‬و‪-‬تطورات‪-‬بالدنا‪.‬‬

‫‪ -1‬المرتكز المؤسساتي الذي سيمكن من تقوية دور المؤسسات إلسناد النموذج االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي الذي تطمح إلى تطويره بالدنا في إطار المقتضيات الدستورية‬
‫ودولة الحق والقانون وحماية الحقوق والحريات‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬ال بد من العمل على‬
‫تجاوز األزمة المزمنة للمنظومة التمثيلية‪ ،‬وخاصة السلبيات التي أفرزها نمط االقتراع‬
‫الالئحي ألزيد من ‪ 15‬سنة مما ساهم في ضعف أداء المؤسسات المنتخبة واستفحال‬
‫الفساد االنتخابي باستعمال المال أو اإلحسان المقيت‪ .‬ولن يتم ذلك إال بالمراجعة الشاملة‬
‫للمنظومة االنتخابية بما يسهم في تجديد النخب السياسية‪ ،‬التي ينبغي أن تكون منفتحة‬
‫على الكفاءات وعلى الفئات الشابة‪ ،‬التي من شأنها تغيير الواقع الحالي للعديد من‬
‫المؤسسات التمثيلية‪ ،‬التي أثبتت جفاف تسييرها وعقم تعاملها مع واجباتها ووظائفها‬
‫وعجزها عن التأطير‪ ،‬ويتطلب هذا ترسيخ تمثيلية القرب‪ ،‬إذ نؤكد أن االقتراع الفردي‬
‫من شأنه أن يكرس التواصل المستمر والجاد بين المنتخبين والمواطنين‪.‬‬

‫كما ينبغي تمكين الفاعل السياسي من اآلليات الضرورية لتطوير أدائه التأطيري‪.‬‬
‫‪ -2‬المرتكز االقتصادي الذي سيتيح استرجاع المبادرة الوطنية في مجال التدبير المالي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬خاصة وأن المغرب في حاجة اليوم إلى صياغة نمط من التنمية ال يراهن فقط‬
‫على العوامل الخارجية والعولمة‪ ،‬ولكن البالد في حاجة إلى نمط تنمية يحرك قوى اإلنتاج‬
‫الوطنية ويقوي القدرة الشرائية من أجل تنمية السوق الداخلية‪ ،‬نمط يفتح إمكانيات جديدة أمام‬
‫ولوج الشركات الصغرى والمتوسطة لمصادر التمويل‪ ،‬مع ضرورة االبتكار في مجال‬
‫أدوات التمويل‪ .‬وإننا ندق ناقوس الخطر من أن التمادي في السياسة النقدية والمصرفية‬
‫المالية الحالية‪ ،‬قد يؤدي إلى مزيد من عوامل اإلفالس المقاوالتي‪ ،‬وبالتالي من فقدان‬

‫‪70‬‬
‫المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق ‪ /‬تطوان أيام ‪ 12‬و ‪ 13‬أبريل ‪. 2019‬‬

‫~ ‪~ 42‬‬
‫مناصب الشغل‪ ،‬مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر للمستوى المعيشي لألسر المغربية‪ ،‬وتفاقم‬
‫عجز صناديق االحتياط االجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل‪ .‬ولذلك‪ ،‬ال بد من التوجه نحو‬
‫االستثمارات المنتجة لمناصب الشغل من أجل خلق حركية اقتصادية قادرة على الدفع بمسار‬
‫التنمية إلى‪-‬ااألمام‪.‬‬

‫‪ -3‬المرتكز االجتماعي الذي يمكن من ضمان الحقوق االقتصادية واالجتماعية المتصلة‬


‫بالشغل والتعليم والصحة‪ ،‬والتي أصبحت الهاجس الرئيسي‪ ،‬خاصة بعد التراكمات المهمة‬
‫التي حققها المغرب على صعيد الحقوق السياسية والمدنية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬من الضروري‪،‬‬
‫بل من المستعجل اتخاذ المبادرات الجريئة إلحداث مناصب الشغل‪ ،‬وكذا تشجيع اقتصاد‬
‫إجتماعي استثماري منتج ‪ ،‬لكسب المعركة‪ -‬ضد‪ -‬الهشاشة‪-‬و‪ -‬اإلقصاء‪-‬االجتماعي‪.‬‬

‫كما أنه من المستعجل أيضا القطع مع اإلنتظارية والتحلي بالجرأة الالزمة إلصالح المنظومة‬
‫التربوية في شموليتها بما يمكن من تعبئة الطاقات والوسائل المالية والفكرية والموارد البشرية‬
‫من أجل منظومة تعليمية ال طبقية حديثة ومتناسقة مع متطلبات التنمية‪ ،‬وهنا ال يعقل نهائيا‬
‫السكوت عمن يريد االحتفاظ بالتعليم العمومي‪ ،‬على حاله شكال ومضمونا‪ ،‬بينما يوجه أبناءه إلى‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬لضمان تعليم عصري متنوع اللغات ومنفتح على العالم‪ ،‬نحن كاشتراكيين‬
‫‪71‬نطالب بالمساواة بين أبناء الوطن الواحد في التعليم‪ ،‬ليتلقى أبناء الفقراء نفس التعليم الذي‬
‫يتلقاه أبناء األغنياء‪ ،‬بنفس المضامين المنفتحة على تعلم اللغات األجنبية والفكر النقدي‬
‫والعقالنية‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال بد من معالجة اختالالت المنظومة الصحية بتوفير خدمات صحية جيدة‬
‫وفي متناول الجميع عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على اإلنصاف والعدالة‬
‫الترابية‪.‬‬
‫‪ ، -4‬المرتكز المجتمعي الذي يشكل عامال حاسما في عملية التحديث والتقدم ويجعل المشروع‬
‫التنموي القائم على مقاربة النوع خطوة إضافية في طريق النهوض الفعلي بأوضاع النساء‬
‫وضمان حقوقهن االقتصادية واالجتماعية‪ .‬وينبغي للمشروع التنموي أيضا أن يتمتع باآلليات‬

‫‪ 71‬ذ إدريس لشكر المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق ‪ /‬تطوان أيام ‪ 12‬و ‪ 13‬أبريل ‪. 2019‬‬

‫~ ‪~ 43‬‬
‫اإلدماجية الضرورية الموجهة لألشخاص في وضعية إعاقة والمسنين وغيرهم من الفئات‬
‫المجتمعية‪ ،‬بما يجسد قيم اإلنصاف والمساواة والتضامن‪.‬‬

‫‪ -5‬المرتكز الثقافي الذي من شأنه المحافظة على التعدد والتنوع في إطار وحدة الهوية الوطنية‬
‫وفسح المجال أمام مساهمة أقوى وأنجع للتعبيرات واللغات المحلية في الثقافة الوطنية‪ .‬ويجب‬
‫التأكيد‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬على الحق في الحرية‪ ،‬وضرورة تعزيز اإلبداع الحر وثقافة االختالف‬
‫وروح التعايش واالنفتاح على اآلخر‪.72‬‬

‫كما نجد وجهات نظر أخرى لفاعليين سياسيين تؤكد واستلهاما من إعالن الملك محمد‬
‫السادس خالل افتتاحه للسنة التشريعية لسنة ‪ 2017‬في شهر أكتوبر ومن الخطب السامية‪،‬‬
‫يطرح اإلتحاد الدستوري‪ 73‬مشروع النموذج االقتصادي الجديد‪ ،‬من خالل طرح المنهجية التالية‬
‫وتتلخص في دراسة المحاور‬

‫‪ .1‬المحور السياسي ‪2‬المحور االقتصادي ‪ 3‬المحور االجتماعي‬


‫هذا المشروع هو بناء هيكلي المشروع ضم (حوالي ‪ 66‬إقتراح وإجراء ) يتطلب ثالثة‬
‫مراحل‪:‬‬

‫‪.1‬االقتراحات البديلة للنموذج‬


‫‪.2‬البرمجة العملية المناسبة‬
‫‪.3‬التمويل المطلوب‬
‫‪.3‬التنفيذ المحكم بالتوقيت والجودة‬
‫‪.4‬التقييم والمحاسبة‬

‫‪72‬كلمة ذ إدريس لشكر المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق ‪ /‬تطوان أيام ‪ 12‬و ‪ 13‬أبريل ‪. 2019‬‬

‫‪ 73‬د‪ .‬حسن عبيـــابة عن حزب اإلتحاد الدستوري منشور بجريدة أنفاس اإللكترونية بتاريخ ‪ 14‬نوفمبر‪2018‬‬
‫~ ‪~ 44‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــة‪:‬‬
‫عموما فالتعاقد بين الجماعات الترابية وباقي المتدخلين االخرين من االشخاص المعنوية العامة‬
‫سيعزز دور هذه الجماعات الترابية ويجعل منها وسيلة لضبط وتيرة التنمية وانجاز المشاريع‬
‫الكبرى التي تحتاج االعتمادات مالية قد ال تستطيع الجماعات الترابية بصفة منفردة توفيرها في‬
‫حين تصبح هذه االمكانيات متاحة عبر توحيد تد خالتها مع الفاعلين األخرين ‪ .‬وما يمكن قوله‬
‫في هذا االطار انه يبقى الحديث عن آلية تعاقدية حقيقية محدودة في ظل جماعات الترابية ذات‬
‫إطار قانوني يحمل عبارات فضفاضة واختصاصات متداخلة ‪ ،‬ووسائل مالية تقنية غير كافية ‪،‬‬
‫الوجود ‪.‬‬ ‫وفي غياب عنصر بشري كفئ يبلور المؤهالت على أرض الواقع ويخرجها إلى حيز‬

‫وإذا كان االستثمار هو حجر الزاوية لكل إقالع تنموي مستدام‪ ،‬يروم تحقيق العدالة االجتماعية‪،‬‬
‫وخلق الثروة‪ ،‬وبلوغ نسب نمو جد معقولة‪ ،‬تستجيب لتوفير فرص الشغل‪ ،‬وتدبير الندرة‪،‬‬
‫والحفاظ على الموارد المالية آنيا ومستقبليا‪ ،‬فكل هذا وغيره‪ ،‬يقتضي النجاعة والفعالية في‬
‫التسيير والتدبير‪ ،‬عبر دعامات قانونية ومرتكزات بشرية‪ ،‬مالية‪ ،‬قضائية‪ ،‬علمية‪ ،‬عقارية‬
‫وإدارية‪:‬‬
‫‪ o‬تفعيل المقتضيات والمبادئ الدستورية و القانونية‪ ،‬و من أهمها‪ :‬ربط المسؤولية بالمحاسبة‬
‫في ظل التنصيص على الحكامة الجيدة‪ ،‬و إعمال التدبير الحر داخل المجالس‪ ،‬و مبدأي‬
‫التفريع و التمايز؛ والتعاون و التضامن بين الجهات و التعاضد عند تنزيل البرامج و‬
‫المشاريع التنموية داخل المجاالت الترابية؛‬
‫‪ o‬توفر رؤساء الجهات على الكفاءات الالزمة لتدبير المجالس الجهوية‪ ،‬وتأهيل باقي الموارد‬
‫البشرية؛‬
‫‪ o‬الخضوع المستمر للتدقيق و المراقبة من قبل الجهات المختصة‪ ،‬و العمل بالتوصيات و‬
‫التقارير المرفوعة بغية ترشيد النفقات‪ ،‬و السهر على التدبير بالمشاريع؛‬
‫‪ ‬إحداث مرصد مالي جهوي يُعنى بجمع ونشر كافة المعلومات المتعلقة بمالية‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬خاصة منها الميزانيات؛‬

‫~ ‪~ 45‬‬
‫‪ ‬تكوين قضاء مختص في مجاالت االستثمار واألعمال‪ ،‬للفصل في النزاعات بين‬
‫المستثمرين من جهة‪ ،‬وبينهم و بين اإلدارة من جهة أخرى‪ ،‬والتمسك باستقاللية‬
‫ق السلط؛‬
‫الجهاز القضائي عن با ِ‬
‫‪ ‬تشجيع البحث العلمي‪ ،‬وربط ُمدخالته ب ُمخرجات إنعاش مناخ االستثمار؛‬
‫‪ ‬تيسير ولوج المستثمرين إلى العقار‪ ،‬وتبسيط مساطر انتقاله وتداوله مع تثمين‬
‫العقار العمومي؛‬
‫‪ ‬تخليق الحياة العامة‪ ،‬وتفعيل الحكامة الرشيدة؛‬
‫‪ ‬إيالء العناية الالزمة في تدبير الصفقات العمومية‪ ،74‬وترسيخ مبدأ الشفافية‬
‫والنزاهة؛‬
‫‪ ‬تفعيل دور مجلس المنافسة‪ ،‬كهيئة مستقلة مكلفة بتنظيم المنافسة من أجل ضمان‬
‫الشفافية و تكافؤ الفرص بغية تقعيد مبدأ اإلنصاف و محاربة الريع واالحتكار‪.‬‬

‫و مجمل القول‪ ،‬يبقى الرهان أجرأة العمليات المساعدة على إنجاح األوراش التنموية داخل‬
‫الجهات‪ ،‬و لن يتأتى ذلك إال من خالل التنزيل العملي للجهوية المتقدمة في ظل الالمركزية‬
‫الترابية و الالتمركز اإلداري‪ ،‬بغية تعزيز األدوار المحلية للمنتخبين و األطر التقنية و اإلدارية‬
‫مع تنسيق تام و تحديد لالختصاصات بين السلطات الالممركزة و مختلف المتدخلين‪ .‬و في ظل‬
‫المقتضيات الدستورية و القانونية‪ ،‬فإنه بات من الضروري عدم إغفال أدوار القطاع الخاص و‬
‫هيئات المجتمع المدني في تدبير المجال و استغالل الثروات‪ ،‬السيما مع المبدأ الدستوري‬
‫المتمثل في الحق في الحصول على المعلومة‪ ،‬و االلتزام بالشفافية و تكافؤ الفرص و المنافسة‬
‫الشريفة‪ ،‬مع الحرص المتواصل على التوزيع العادل للثروة‪ ،‬و تحقيق العدالة االجتماعية‪ ،‬وفق‬
‫مقاربة تشاركية تعزز مبدأ المواطنة الحقة‪،‬‬
‫و تبتغي آلياتها خدمة الصالح العام‪.‬‬
‫مما ال شك فيه ‪ ،‬أن المأسسة الحقيقية للفعل العمومي القائم على معايير ومؤشرات "الحكامة‬
‫‪75‬‬
‫‪ ،‬وله من أن ينطلق من قواعد تدبيرية حديثة ‪ ،‬تعيد للتدبير العمومي فعاليته وترتقي‬ ‫الجيدة"‬

‫‪74‬‬
‫راجع مرسوم رقم ‪ 2.13.656‬بتغيير المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية‬

‫~ ‪~ 46‬‬
‫باإلدارة العمومية إلى المستوى المقاولة الناجحة ‪ ،‬بحيث لم يعد مقبوال في ظل زمن العولمة‬
‫االرتهان إلى الوسائل التقليدية القائم على مركزية القرار وتدخل المركز في كل صغيرة وكبيرة‬
‫‪ ،‬بل ينبغي إعادة توزيع المهام اإلدارية و التنفيذية ‪ ،‬مع المدبرين المحليين األكثر قربا لهموم‬
‫وانشغاالت المواطنين ‪ ،‬ألن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات المتقدمة و رأس المال‬
‫المعرفي‪ ،‬هي أكثر األصول قيمة في إقتصاد المعرفة أو اإلقتصاد الجديد‪ ،‬القائم على توظيف‬
‫تقنيات اإلتصاالت المتطورة‪ ،‬الرقمنة‪،‬اإلبتكار‪ ،‬واإلستثمار في البحث و التعليم و نماذج اإلدارة‬
‫‪76‬‬
‫‪ .‬و إعطاء الحرية في تسطير وتنفيذ البرامج العمومية على المستوى المحلي ‪،‬‬ ‫الجيدة‬
‫بشراكة مع كافة الفرقاء المؤسساتيين واالجتماعيين ‪ ،‬الشيء الذي يجعل من عقود البرامج ‪،‬‬
‫وسيلة ناجعة للتدبير العمومي الالمتمركز ‪ ،‬و أداة لتطوير السياسات العمومية و البرامج‬
‫اإلستراتيجية التي انخرطت فيها بالدنا ‪.‬‬

‫‪ 75‬نحو بناء منظومة للحكامة الجيدة على المستوى الترابي" دراسة بطلب من مجلس المستشارين بتاريخ ماي ‪2015‬‬
‫‪76‬‬
‫إقتصاد المعرفة‪ ،‬دراسات إقتصادية‪ ،‬منشورات صندوق النقد العربي‪ ،‬العدد ‪ ،2019 - 51‬ص ‪.8‬‬

‫~ ‪~ 47‬‬
‫الئحة المراجع المعتمدة ‪:‬‬

‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ ‬سعيد جفري‪ ،‬الجماعات الترابية بالمغرب ‪،‬الطبعة ‪ ،2017‬الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬محمد نبيه ‪ ،‬الجهوية المتقدمة بين الالمركزية و الالتمركز (الجانب القانوني‬
‫والمحاسبي)‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،2019‬الرباط‪.‬‬
‫المقاالت ‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ ‬خليد المرابط‪ ( ،‬الحرية التعاقدية و الفعلية للسلطة التنظيمية للجماعات الترابية في ظل‬
‫القوانين التنظيمية لسنة ‪)2015‬‬
‫‪ ‬المنبر القانوني ‪ ،‬العدد ‪ 4‬أبريل ‪2013‬‬
‫‪ ‬احمد بوسيدي ‪ ( ،‬الوسائل القانونية للتدبير الحر للجماعات الترابية » ‪ ،‬المنبر القانوني‬
‫‪ ،‬العدد ‪ 4‬أبريل ‪2013‬‬
‫‪ ‬خليد المرابط ( دينامية السياسة الترابية على ضوء مبداي التدرج والتمايز بالمغرب ‪:‬‬
‫محاولة لتدقيق المفاهيم واستشراق لمجاالت التطبيق) ‪ ،‬المجلة المغرية لإلدارة المحلية‬
‫و التنمية عدد ‪ ، 135 - 134‬ماي غشت ‪2017‬‬
‫‪ ‬حنان القادري‪ ،‬المقاربة الجديدة لتقييم التدبير الترابي على ضوء تقرير اللجنة‬
‫االستشارية للجهوية‪ ،‬مجلة المنارة للدراسات القانونية واالدارية‪ ،‬العدد ‪2011 ،1‬‬

‫‪ ‬آمال بلشقر‪ ،‬التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬مجلة دراسات‬

‫ووقائع دستورية وسياسية‪ ،‬لعدد ‪2013 ،9‬‬

‫‪ ‬إقتصاد المعرفة‪ ،‬دراسات إقتصادية‪ ،‬منشورات صندوق النقد العربي‪ ،‬العدد ‪-51‬‬
‫‪ ‬مسعودي رشيدة‪ -‬فرشان دليلة‪ ،‬تنمية الرأسمال االجتماعي‪ :‬مستقبل استدامة المدن‬
‫الذكية‪ ،‬منشورات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية و السياسية‬
‫واالقتصادية‪ -‬المانيا‪.2019 -‬‬
‫~ ‪~ 48‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬ ‫‪.III‬‬
‫‪ ‬دستور المملكة المغربية الصادر بموجب استفتاء فاتح يوليوز ‪ ، 2011‬الجريدة‬
‫الرسمية ‪ .‬عدد ‪ 5952‬مكرر بتاريخ ( ‪ 17‬يونيو ‪ ، ) 2011‬في ‪3600 .‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29( 1432‬يوليو ‪)2011‬‬
‫بتنفيذ نص الدستور‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬يوليو ‪ ،2011‬ص‬
‫‪.3600‬‬
‫‪ ‬القانون التنظيمي رقم ‪ 14 . 111‬المتعلق بالجهات ‪،‬‬
‫‪ ‬والقانون التنظيمي رقم ‪ 14 . 112‬المتعلق بالعماالت واألقاليم ‪،‬‬
‫‪ ‬قانون التنظيمي رقم ‪ 14 . 113‬المتعلق بالجماعات ‪ ،‬والصادر بتنفيذها ‪ -‬على‬
‫التوالي‬
‫‪ - ‬ظهير شريف رقم ‪ 1.15.85‬صادر في ‪ 20‬من رمضان ‪ 7( 1436‬يوليو‬
‫‪ )2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬جريدة رسمية‬
‫عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ ،2015‬ص ‪.6660‬‬
‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1 - 06 - 15‬الصادر في محروم ‪ ، 1427‬الموفق لـ ‪ 14‬فبراير‬
‫‪ ، 2006‬بتنفيذ القانون رقم ( ‪ ) 54 - 05‬المتعلق بالتدابير المفوض للمرافق العامة ‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪. 5404‬‬

‫‪ ‬ظهير شريف رقم ‪ 1 . 11 . 140‬صادر في ‪ 16‬من رمضان ‪17 ( 1432‬‬


‫أغسطس ‪ ) 2011‬المنطوق‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5980‬بتاريخ ‪ 23‬شوال ‪1432‬‬
‫( ‪ 22‬سبتمبر ‪ ، ) 2011‬ص ‪4678 .‬‬

‫‪ ‬المرسوم رقم ‪ 2 - 16 - 301‬الصادر في ‪23‬رمضان ‪ ،1437‬الموافق ل ‪14‬‬


‫يوليوز ‪ 2016‬بتحديد مسطرة اعداد برنامج عمل الجماعة ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪.6482‬‬

‫~ ‪~ 49‬‬
‫‪ ‬المرسوم رقم ‪ 2 - 17 - 449‬الصادر في ‪ 4‬ربيع االول ‪ ،1439‬الموافق ل ‪23‬‬
‫نوفبر ‪ 2017‬بسن نظام اامحاسبة العمومية للجهات و مجموعاتها ‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪.6626‬‬
‫‪ ‬الفصل ‪ 230‬من قانون االلتزامات و العقود المغربي‪.‬‬
‫الندوات‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬
‫‪ ‬مداخالت ندوة حول موضوع " التدبير اإلداري والمالي للجماعات" يومي‪ 5 :‬و‪ 6‬ماي‬
‫‪ 2017‬باكادير‬
‫دراسات و تقارير‪:‬‬ ‫‪.V‬‬
‫‪ ‬احمد بوعشيق‪“ ،‬عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ :‬سياسة عمومية حديثة‬
‫لتمويل التنمية المستدامة بالمغرب”‪ ،‬مساهمة في المؤتمر الدولي للتنمية اإلدارية ” نحو‬
‫أداء متميز في القطاع الحكومي”‪ ،‬الرياض المملكة العربية السعودية‪ ،‬ص‪2009 ،1‬‬
‫‪ ‬المؤتمر الوطني للمحاميات والمحامين االتحاديين المنعقد بمدينة المضيق ‪ /‬تطوان أيام‬
‫‪ 12‬و ‪ 13‬أبريل ‪.2019‬‬
‫‪ " ‬نحو بناء منظومة للحكامة الجيدة على المستوى الترابي" دراسة بطلب من مجلس‬
‫المستشارين بتاريخ ماي ‪2015‬‬
‫‪ ‬تقرير المجلس الجهوي للحسابات بمراكش ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪101‬‬

‫~ ‪~ 50‬‬
:‫المراجع باللغة الفرنسية‬

I. Ouvrages :
 Ch , Brechon - Moulenes , Liberte contractuelle des personnes
publiques » , Cité par : Ajjoub 40 , 14 Notion de liberte
contractuelle en droit administratif francais , these en mai 2016.

 101Alain Ménéménis, L’ordonnance sur les contrats de


partenariat: innovation ou occasion manquée, AJDA ,
2004.

II. Thèses :
 Salih Hamdaoui ,Vocation économique de la Region a la
lumiere de la loi organique 111 - 14 , these en Droit
public, Faculté de droit , Salé , Université Med . V
Rabat, 2017

III. ARTICLES
 Mohammed El Yagoubi, Contractualisation et
décentralisation au Maroc», in Reflections.

 Mohammed El Yaagoubi, Pour un état territorial


équilibré, un processus en évolution, REMALD, N 133,
mars-avril ,2017.

~ 51 ~
‫فهرس‬

‫مقدمة ‪1 .................................................................................................................. :‬‬


‫المبحث األول‪ :‬اإلطار القانوني آللية التعاقد ‪4 .......................................................................‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬الحرية التعاقدية للجماعات الترابية حسب القوانين التنظيمية ‪6 ................................‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬مبدأ حرية التعاقد ‪7 .....................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التعاقد على مستوى الجماعات الترابية ‪11 ..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬آلية التعاقد لمواكبة وتجسيد التنمية الجهوية ‪15 ................................................‬‬
‫الفرع االول‪ :‬على مستوى المركز( الدولة) ‪16 ......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬على مستوى الالمركزية (الجماعات الترابية) ‪20 .................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬االختصاصات الذاتية للجهة ‪22 .......................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاصات المشتركة ‪24 ...........................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االختصاصات المنقولة ‪25 .............................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬رهانات تحقيق تنمية جهوية وفق الية التعاقد‪25 .................................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬اثار التعاقد في التنسيق و التأهيل لتحقيق التنمية الجهوية ‪27 ...................................‬‬
‫الفرع االولى ‪ :‬دور تأهيل الجماعة الترابية كفاعل في التنمية ‪28 ................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬دور التنسيق بين الجماعة الترابية و مع باقي الفاعلين‪29 ........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رهانات تحقيق تنمية جهوية وفق الية التعاقد‪30 ..................................................‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬إكراهات أجرأة و تنزيل ألية التعاقد ‪32 .............................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المقتضى الديموقراطي والحكامة السياسية في التدبير الجماعي وتدبير التنمية الترابية ‪33 ..‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المقتضيات المتعلقة بالرقابة‪35 ........................................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مقاربة تحسين الية التعاقد وافاق النموذج التنموي الجديد ‪37 .....................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬الدستور المغربي ‪ 2011‬والدليل المنهجي للتعاقد ‪37 .............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تدخالت بعض الفاعلين السياسيين واألكاديميين ‪42 ................................................‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــة‪45 .............................................................................................. :‬‬

‫~ ‪~ 52‬‬
~ 53 ~

You might also like