‫االحتباس الحراري (تعريفه و أسبابه و نتائجه)‬

‫بداية االحتباس الحراري‬

‫منذ ظهور اإلنسان على كوكب األرض قبل مليو َني عام وحتى‬
‫القرن الخامس عشر لم يتغيّر الكثير على مناخ األرض الذي حافظ‬
‫على درجات حرارته بسبب عدم تأثير اإلنسان الكبير خالل تلك‬
‫المرحلة‪ ،‬ولكن مع تطوّ ر عقل اإلنسان وبداية عصر االختراعات‬
‫الثورة الصناعيّة في‬ ‫منذ القرن الخامس عشر وحتى اآلن‪ ،‬وظهور ّ‬
‫أوروبا‪ ،‬بدأ مناخ العالم بالتغيّر تدريجيا ً ليظهر ما يُعرف باالحتباس‬
‫الحراريّ أو االحترار العالميّ ‪ .‬أصبحت المُشكالت تتراكم فوق هذا الكوكب لدرجة أ ّنها ُته ّدد‬
‫سالمة الحياة على كوكب األرض‪ ،‬ولم يت ّم حتى اليوم تطبيق الحلول الالزمة إلنقاذ الكوكب من‬
‫ال ّدمار‪ .‬وترتبط مشاكل هذا الكوكب بشكل أساسيّ بالتطوّ ر التكنولوجيّ والصناعيّ والسياسيّ‬
‫ثة بشكل‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬فاألرض لم تعُد تحتمل المزيد من التلوّ ث أو ما يضرّ بها؛ فقد أصبحت ملوّ ً‬
‫كبير جداً‪ ،‬وقد يأتي الوقت الذي ال تعُد األرض مكانا ً يُمكن العيش عليه‪.‬‬

‫تعريف االحتباس الحراري‬

‫يمكن تعريف االحتباس الحراري‬
‫(باإلنجليزية‪ )Global warming :‬بأ َّنه‬
‫الطبقة‬ ‫ارتفاع درجة الحرارة تدريج ّيا ً في ّ‬
‫ال ُّسفلى القريبة من سطح األرض والقريبة من‬
‫الغالف الجويّ المُحيط باألرض بسبب ارتفاع‬
‫نسبة غاز ثاني ُأكسيد الكربون‪ ،‬والميثان‪،‬‬
‫وغاز ُأكسيد ال ّنيتروز‪ ،‬وغاز‬
‫الكلورفلوركربون الذي يُع ّد من أخطر‬
‫الغازات أل ّنه يُسبّب تآكل طبقة األوزون‪،‬‬
‫وبعض الغازات اُألخرى في الغالف الجويّ‬
‫ال ّناتجة عن نشاطات اإلنسان الصِّناعيّة والتلوّ ث ال ّناجم عنها‪ ،‬خاص ًّة بعد ّ‬
‫الثورة الصناعيّة‪ ،‬ممّا‬
‫ّأثر بشكل واضح على المناخ‪ ،‬و ُتسمَّى هذه الغازات بالغازات ال ّدفيئة‪ ،‬والتي ُتعتبر العامل األول‬

‫‪1‬‬
 ‫لحدوث االحتباس الحراريّ بسبب امتصاصها ألشعّة ال ّ‬
‫شمس‪ ،‬وزيادة نسبتها في الجو فتعمل‬
‫على رفع درجة الحرارة بسبب امتصاصها لألشعّة تحت الحمراء ‪ ]١[.‬يُمكن تشبيه ظاهرة‬
‫االحتباس الحراريّ بما َيحدث داخل البيت البالستيكيّ ‪ ،‬حيث تدخل أشعة ال ّ‬
‫شمس إلى داخل البيت‬
‫البالستيكيّ وترفع درجة حرارته‪ ،‬إال أنّ البالستيك يمنع نفاذها مرّ ة أخرى أو رجوعها‬
‫شمس‪ ،‬إذ ُتع ّد المصدر الرئيس النبعاث ّ‬
‫الطاقة الحراريّة على‬ ‫ومُعادلتها بالجوّ الخارجيّ ‪ .‬كذلك ال ّ‬
‫سطح األرض‪ ،‬فهي تبعث أشعّتها على شكل خطوط عمودية إلى سطح األرض‪ ،‬وتنفذ من خالل‬
‫طبقات الغالف الجويّ على شكل أشعة مرئيّة قصيرة الموجات وأشعة غير مرئية طويلة‬
‫الموجات وهي األشعة تحت الحمراء وبعض األشعة فوق البنفسيجيّة‪ .‬بعض هذه األشعة تمتصّها‬
‫طبقات الغالف الجويّ ‪ ،‬لكن األشعة طويلة الموجات يمتصّها سطح األرض و ُتسبّب ارتفاع‬
‫درجة حرارة األرض‪ ،‬ثم َتبعث األرض هذه الحرارة مرّ ة ُأخرى إلى طبقات الغالف الجويّ‬
‫على شكل موجات طويلة‪ ،‬فتمتصّها غازات الغالف الجويّ وال تسمح بنفاذها إلى الفضاء‬
‫الخارجيّ ‪ ،‬ممّا يُسبّب ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات وسطح الكرة األرضية بشكل عا ّم‬
‫عن المُع ّدل الطبيعيّ ‪.‬‬

‫أسباب حدوث االحتباس الحراري‬

‫هناك العديد من األسباب التي أ ّدت لحدوث ظاهرة‬

‫االحتباس الحراريّ ‪ ،‬وأهمّها ال ّنشاطات البشريّة‬
‫المُختلفة‪ ،‬مثل‪ ]١[:‬استخراج وحرق الفحم الحجريّ في‬
‫بداية انتشار الصّناعات‪ ،‬والتي أ ّدت إلى انبعاثات غاز‬
‫ثاني ُأكسيد الكربون بشكل كبير‪ .‬تطوّ ر استخدام الوقود‬
‫األحفوريّ إلى ال ّنفط والغاز بشكل كبير ج ّداً‪ ،‬مما أ َّدى‬
‫إلطالق المزيد من غازات ثاني ُأكسيد الكربون‪،‬‬
‫ّ‬
‫والطائرات‪ .‬استخدام غاز‬ ‫ً‬
‫وخاصة بعد اختراع السّيارات‬
‫الكلوروفلوروكربون في أنظمة ال ّتبريد والذي ساعد على اضمحالل طبقة األوزون‪ .‬قطع‬
‫األشجار وتقلّص ّ‬
‫الطبقة الخضراء على سطح األرض بفعل الكائن البشريّ ‪ .‬تم ّدد ّ‬
‫الزحف‬
‫العمرانيّ إلى المناطق الزراعيّة‪ ،‬وانخفاض رُقعة المساحة المزروعة‪ ،‬باإلضافة إلى بعض‬
‫األحداث الطبيعيّة التي تزيد من نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو‪ ،‬مثل‪ :‬البراكين‪ ،‬والرّياح‬
‫الشمسيّة‪ ،‬وحرائق الغابات‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫نتائج االحتباس الحراري‬

‫ُتعتبر مشكلة االحتباس الحراريّ أحد أبرز المُشكالت التي ُتواجه العالم في هذا الوقت‪ ،‬ويعود‬
‫أسباب االهتمام بهذه المُشكلة إلى األضرار‬
‫التي تنتج عنها‪ ،‬ومن هذه األضرار‪]٣[:‬‬
‫ارتفاع درجة حرارة كوكب األرض‪ ،‬ممّا‬
‫يُسبّب تم ّدد المياه وذوبان الجليد عند القُطبين‪،‬‬
‫األمر الذي يُه ّدد بارتفاع مُستوى مياه البحار‬
‫والمحيطات‪ ،‬وغرق الجزر المائيّة‪ ،‬والمدن‬
‫الساحليّة‪ ،‬وحدوث الفيضانات‪ .‬ارتفاع درجة‬
‫تصحُّ ر األراضي‬ ‫شتاء‪ ،‬ممّا يعمل على تقصير ُم ّدة فصل ال ّ‬
‫شتاء‪َ .‬‬ ‫حرارة الجوّ حتى في فصل ال ّ‬
‫والتصحُّ ر‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ونتيجة لذلك تحدث موجات الجفاف‬ ‫الزراعيّة‪ ،‬وفُقدان المحاصيل الزراعيّة‪،‬‬
‫وانقراض الكائنات الحيّة‪ ،‬كما أ َّنه يُسبّب انتشار األمراض المُعدية‪ .‬حدوث الحاالت المُتطرّفة في‬
‫المناخ‪ ،‬مثل أيام شديدة الحرارة‪ ،‬وأيام شديدة الجفاف‪ ،‬وزيادة عدد وش ّدة العواصف واألعاصير‬
‫وسرعة ال ّرياح‪ .‬تلوّ ث الهواء‪ ،‬ممّا يؤ ّدي إلى زيادة نسبة الوفيات ال ّناتجة عن أمراض الرّئة‪،‬‬
‫وتف ّ‬
‫شي الميكروبات الهوائيّة‪.‬‬

‫‪3‬‬