You are on page 1of 12

‫فوج‪3 :‬‬ ‫‪‬‬

‫القسم ‪26‬‬ ‫‪‬‬


‫مقياس علم اإلجتماع‬ ‫‪‬‬
‫بحث حول‬
‫البحث العلمي‬ ‫‪.1‬‬

‫من اعداد الطالبة‬


‫شيماء بن عيا‬ ‫‪.2‬‬
‫‪١‬د‬
‫بوترعة‬ ‫‪o‬‬
‫خـــطة البحث‬
‫مقدمــــة‬
‫‪--‬المبحث األول ‪ :‬تعريف البحث العلمي في علم االجتماع‬
‫المطلب ‪: 1‬البحث العلمي من حيث الموضوع‬
‫المطلب ‪: 2‬البحث العلمي من حيث الهدف‬
‫‪--‬المبحث الثاني ‪ :‬أهمية البحث العلمي‬
‫المطلب ‪: 1‬أهداف البحث العلمي‬
‫المطلب ‪ : 2‬البحث العلمي وتأثيره على اإلنسان‬
‫‪--‬المبحث الثالث ‪ :‬صعوبات البحث في العلوم االجتماعية ‪:‬‬
‫المطلب ‪ : 1‬تحديد مفهوم صعوبة البحث‬
‫المطلب ‪: 2‬تحديد مفهوم المشكلةـ في نظر الباحثين‬
‫المطلب ‪: 3‬طبيعة المشكالت التي تواجه الباحث‬
‫‪--‬خــــاتمة‬
‫‪ --‬قائمة المصادر والمراجع‬

‫مقدمة‬

‫يحتل البحث العلمي في الوقت الراهن‪ ،‬مكانا ً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر المؤسسات األكاديمية هي المراكز‬
‫الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ‪،‬بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية‬
‫لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه‪.‬‬
‫‪ -‬حيث تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطالب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة‬
‫علمية سليمة في إطار واضح المعالم‪ ،‬يبرهن على قدرة الطالب على إتباع األساليب الصحيحة للبحث وإصدار األحكام‬
‫النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة األساسية للدراسة األكاديمية‪.‬‬
‫يفترض في كل دراسة ذات توجيه أكاديمي اإللمام باإلطار المنهجي والقدرة الكبيرة على احتواء الظاهرة محل الدراسة ‪،‬‬
‫ومحل التحليل والمعاينة العلمية الدقيقة ‪ ،‬وذلك بغرض الوصول إلى نتائج تقترب من الحقيقة المطلقة أو شبه المطلقة ‪،‬‬
‫تلك النتائج التي تعتبر الخالصة التنفيذية ألي بحث ‪ ،‬والتي تتبع مراحله خطوة بخطوة ‪ ،‬باتساق يضمه الرابط العضوي‬
‫بين كل منها ‪ ،‬وفي إطار المنهج الذي هو ملكة اإلحاطة والتمكن من الدرس يتولد المصطلح الحاضن للظاهرة ‪ ،‬وسيبقى‬
‫على حالة من االرتياب مالم يضبطه النقد حين يشك في ماهيته ووجوده ويعقد مقارنة بينه وبين غيره ‪ ،‬حتى يسلبه‬
‫المشوبات التي تكتنفه ‪ ،‬ويتم ضبطه ضبطا صحيحا ‪.‬‬
‫قد يتعدد المنهج ألن زوايا التناول تختلف ‪ ،‬كما أن الرؤية ليست واحدة في جميع الحاالت ‪ ،‬والصلة بين زاوية التناول أو‬
‫الرؤية من جهة ‪ ،‬والمنهج من جهة أخرى تشكل جدال كبيرا ‪ ،‬ذلك أن االتفاق ينبغي أن يحصل بينهما ‪ ،‬فيتحدد المنهج‬
‫بتحدد الرؤية ‪ ،‬وإذا كان الرابط بينهما هو الظاهرة المدروسة ‪ ،‬فإنها سابقة بالضرورة في زاوية التناول وشكله ‪ ،‬الحقة‬
‫بالضرورة في المنهج ‪ ،‬على اعتبار أن تحديد شكل التناول والرؤية يتعمق من خالل المقاربة المستمرة والدرس الطويل ‪،‬‬
‫فيتضح التصور العام الذي يخول إستيعابـ‬
‫الظاهرة ‪ ،‬هذا االستيعاب الذي يظل مرهونا بخطوة أخرى مكملة هي اختيار مايوافقه ويالئمه من المناهج ‪.‬‬
‫وفي آخر هذه الجولة التي تستنطق مستويين من النظرية واإلجراء ‪ ،‬البد من تحصيل الفائدة الموثقة التي تكون عبر كتابة‬
‫التقرير النهائي للبحث ‪ ،‬وفي هذا الجانب كانت خاتمة بحثنا الذي أراد أن يوجه إلى هذه الخطوة بوصفها الواجهة التي‬
‫تظهر تكوين شخصية الباحث ‪ ،‬ولكونها تشكل خالصة الجهد الذي يقوم به انطالقا من تصور عام ‪ ،‬هو المنهج المتبع ‪،‬‬
‫واألدوات الالزمة للبحث ‪ ،‬وتصور خاص يمثل العالمة الفارقة التي يمكن أن يضيفها للبحث العلمي ‪.‬‬

‫تعريف البحث العلمي في علم االجتماع‬

‫هو عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى (الباحث) ‪ ،‬من أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى‬
‫(موضوع البحث) ‪ ،‬بإتباع طريقة علمية منظمة تسمى (منهج البحث) ‪ ،‬بغية الوصول إلى حلول مالئمة للعالج أو إلى‬
‫نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى (نتائج البحث) ‪.‬‬
‫البحث العلمي هو الطريقة الوحيدة للمعرفةـ حول العالم‬
‫البحث العلمي هو البحث لفهم حقيقة واقعية بعبارات القوانين والمبادئ العامة‪.‬‬
‫البحث العلمي االجتماعي ذو طبيعة متماسكة‪،‬ـ تتصل فيه المقدماتـ بالنتائج‪ ،‬كما ترتبط فيه النتائج بالمقدمات‪،‬ـ لذا فإن من‬
‫الضروري أن يقوم الباحث منذ اختياره للمشكلة بوضع تصميم منهجي دقيق لكافة الخطوات التي يشتمل عليها البحث‪.‬‬

‫البحث العلمي في علم االجتماع من حيث الموضوع ‪:‬‬

‫فمن حيث الموضوع يستلزم البحث وجود ظاهرة أو مشكلة معينة تتحدى تفكير الباحث و تدفعه إلى محاولة الكشف عن‬
‫جوانبها الغامضة‪ .‬ومن الممكن أن تكون الظاهرة المدروسة ظاهرة سوية أو ظاهرة مرضية‪ ،‬كدراسة نظام الزواج في‬
‫المجتمعات الريفية أو الحضرية‪ ،‬أو مشكلة الطالق‪ ،‬أو جناح األحداث‪ ،‬أو البطالة بين المتعلمين‪.‬‬
‫ومن الضروري أن يتجه البحث إلى تحقيق أهداف عامة وغير شخصية‪ .‬صحيح أن كل بحث يبدأ بشعور الباحث بمشكلة‬
‫معينة‪ ،‬غير أن من الضروري أن تكون المشكلة ذات قيمة علمية‪ ،‬أو داللة اجتماعية عامة‪ .‬ومن حيث المنهج يستلزم كل‬
‫بحث استخدام المنهج العلمي في الدراسة‪ ،‬و يتطلب ذلك إتباع خطوات المنهج العلمي‪ ،‬و االلتزام بالحياد و الموضوعية‪،‬‬
‫واالستعانة باألدوات والمقاييس التي تعين على دقة النتائج‪ ،‬و االقتصار على دراسة الوقائع المحسوسة بالصورة التي‬
‫توجد عليها ال كما ينبغي أن تكون‪ .‬و يترتب على استخدام المنهج العلمي أن نتائج البحث تكون قابلة لالختيار والتحقق‬
‫بحيث اختار باحث آخر نفس المشكلة‪ ،‬واتبع نفس الخطوات‪ ،‬واستخدم نفس المناهج واألدوات التي استخدمت في البحث‬
‫أمكنه أن يحصل على نفس النتائج‪.‬‬

‫البحث العلمي في علم االجتماع من حيث الهدف ‪:‬‬

‫أما من حيث الهدف فإن البحث يهدف إلى تقديم إضافة جديدة‪ ،‬وهذه اإلضافاتـ تختلف من بحث إلى آخر‪ .‬فقد يسعى باحث‬
‫وراء حقيقة علمية جديدة لم يسبقه إليها أحد‪ ،‬في الوقت الذي يسعى فيه باحث آخر إلى التحقق من صدق بعض النتائج التي‬
‫توصل إليها غيره من الباحثين‪.‬‬
‫و ليس من الضروري في كل بحث أن يوفق الباحث في الوصول إلى الحقيقة فقد يضع فروضا ً معينة يحاول التحقق من‬
‫صحتها ثم يثبت له بطالنها و ليس في ذلك ما يقلل من قيمة البحث‪ ،‬فالعلم يستفيد من الفروض الصحيحة والفروض الغير‬
‫صحيحة‪ ،‬وكلما أثبت البحث خطأ فرض من الفروض‪ ،‬كلما اقترب الباحثون من الحقيقة‪.‬‬
‫و يعرف البحث العلمي في علم االجتماع على أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة‪ ,‬وذلك‬
‫عن طريق االستقصاء الشامل و الدقيق لجميع الشواهد و األدلة التي يمكن التحقق منها‪ ,‬والتي تتصل بهذه المشكلة‬
‫المحددة‪ .‬من الممكن تعريف البحث بأنه ( الدراسة العلمية المنظمة لظاهرة معينة باستخدام المنهج العلمي للوصول إلى‬
‫حقائق يمكن توصيلها و التحقق من صحتها )‪.‬‬
‫أهمية البحث العلمي في علم االجتماع‪:‬‬

‫يعيش العالم اليوم في حالة سباق محموم الكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفةـ الدقيقة المستمدة من العلوم التي تقود إلى‬
‫التقدم والرقي واالزدهار‪،‬فالمعرفة العلمية‪-‬بال شك‪-‬تمثل مفتاحا ً للنجاح والتطور نحو األفضل‪،‬حيث تعتبر المعرفة‬
‫ضرورية لإلنسان‪،‬ألن معرفة الحقائق تساعده على فهم المسائل والقضايا التي تواجه في حياته العملية‪،‬إذ بفضل‬
‫المعلومات التي يحصل عليها اإلنسان يستطيع أن يتعلم كيف يتخطى العقبات التي تحول دون بلوغه األهداف‬
‫المنشودة‪،‬ويعرف كيف يسطر االستراتيجيات التي تتيح له القدرة على تدارك األخطاء واتخاذ إجراءات جديدة تمكنه من‬
‫تحقيق أمانيه في الحياة‪،‬وهو يستطيع غير ذلك أن يحقق ما يرغب فيه مستعينا ً بذكائه ومعرفته للكشف على العديد من‬
‫الظواهر التي يجهلها‪.‬‬
‫ويحتل البحث العلمي اإلجتماعي في الوهن الراهن‪،‬مكانا ً بارزاً في تقدم النهضة العلمية وتطورها‪،‬من خالل مساهمة‬
‫الباحثين بإضافتهم المبتكرة في رصيد المعرفة اإلنسانية‪،‬حيثـ تعتبر المؤسسات األكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا‬
‫النشاط االجتماعي ‪،‬بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي االجتماعي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى‬
‫الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمةـ على أكمل وجه‪.‬‬
‫ونظراً ألن البحث العلمي في علم االجتماع يعد من أهم وأعقد أوجه النشاط الفكري‪،‬فإن الجامعاتـ تبذل جهوداً جبارة في‬
‫تدريب الطالب على إتقانه أثناء دراستهم الجامعيةـ لتمكنهم من اكتساب مهارات بحثية تجعلهم قادرين على إضافة معرفة‬
‫جديدة إلى رصيد الفكر اإلنساني‪،‬كماـ تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطالب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم‬
‫المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم‪،‬يبرهن على قدرة الطالب على إتباع األساليب‬
‫الصحيحة للبحث وإصدار األحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة األساسية‬
‫للدراسة األكاديمية‪.‬‬

‫أهداف البحث العلمي ‪:‬‬

‫يهدف البحث العلمي االجتماعي إلى‪:‬‬


‫‪ .1‬البحث عن المعلومات والحقائق ومن ثم اكتشافها‪.‬‬
‫‪ .2‬إيجاد معرفة وتكنولوجيا جديدة‪.‬‬
‫‪ . 3‬استنباط مفاهيم ونظريات جديدة لدراسة الظواهر المختلفة‪.‬‬
‫وكماأصبحت الحاجة إلى البحث العلمي االجتماعي في وقتنا الحاضر أشد منها في أي وقت مضى‪ ،‬حيث أصبح العالم في‬
‫سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفةـ الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية لإلنسان وتضمن له‬
‫التفوق على غيره‪.‬‬
‫وبعد أن أدركت الدو ُل المتقدمة أهمية البحث العلمي االجتماعي وعظم الدور الذي يؤديه في التقدم والتنمية‪ ..‬أولته الكثير‬
‫من االهتمام وق َّد مت له كل ما يحتاجه من متطلبات سواء كانت مادية أو معنوية‪ ،‬حيث إن البحث العلمي يُعتبر الدعامة‬
‫األساسيةـ لالقتصاد والتطور‪.‬‬
‫والبحث العلمي في علم االجتماع يُعد ركنا ً أساسيا ً من أركان المعرفة اإلنسانية في ميادينها كافة كما يُعد أيضا ً السمة‬
‫البارزة للعصر الحديث‪ ,‬فأهمية البحث العلمي ترجع إلى أن األمم أدركت أن عظمتها وتفوقها يرجعان إلى قدرات أبنائها‬
‫العلمية والفكرية والسلوكية‪.‬‬
‫ومع أن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة وتغطي أكثر من مجال علمي وتتطلب األموال الطائلة‪ ،‬إال أن الدول‬
‫المدركة لقيمة البحث العلمي ترفض أي تقصير نحوه‪ ،‬ألنها تعتبر البحوث العلمية دعائم أساسية لنموها وتطورها‪.‬‬
‫وأيضا ً فإن اإللمام بمناهج البحث العلمي وإجراءاته أصبح من األمور الضرورية ألي حقل من حقول المعرفة‪،‬ـ بدءاً من‬
‫تحديد مشكلةـ البحث ووصفها بشكل إجرائي واختيار منهج وأسلوب جمع المعلومات وتحليلها واستخالص النتائج‪ ..‬وتزداد‬
‫أهمية البحث العلمي بازدياد اعتماد الدول عليه‪ ،‬وال سيما المتقدمة منها لمدى إدراكها ألهميته في استمرار تقدمها‬
‫وتطورها‪ ،‬وبالتالي تحقيق رفاهية شعوبها والمحافظة على مكانتها‪ .‬فالبحث العلمي يساعد على إضافة المعلومات الجديدة‬
‫ويساعد على إجراء التعديالت الجديدة للمعلومات السابقة بهدف استمرار تطورها (‪)1‬‬
‫ويفيد البحث العلمي في تصحيح بعض المعلومات عن المجتمع الذي نعيش فيه وعن الظواهر التي نحياها وعن األماكن‬
‫الهامة والشخصيات وغيرها‪ ,‬ويفيد أيضا ً في التغلب على الصعوبات التي قد نواجهها سواء كانت سياسية أو بيئية أو‬
‫اقتصادية أو اجتماعية وغير ذلك (‪)2‬‬
‫كما يفيد البحث العلمي اإلنسان في تقصي الحقائق التي يستفيد منها في التغلب على بعض مشاكله‪،‬ـ كاألمراض واألوبئة‪،‬‬
‫أو في معرفة األماكن األثرية‪ ،‬أو الشخصياتـ التاريخية‪ ،‬أو في التفسير النقدي لآلراء والمذاهب واألفكار‪ ,‬وفي حل‬
‫المشاكل االقتصادية والصحية والتعليمية والتربوية والسياسية وغيرها‪ ,‬ويفيد في تفسير الظواهر الطبيعية والتنبؤ بها عن‬
‫طريق الوصول إلى تعميمات وقوانين عامة كلية‪.‬‬

‫البحث العلمي وتأثيره على اإلنسان ‪:‬‬

‫يمكن القول‪ :‬إنه في وقتنا الحاضر أصبح البحث العلمي واحداً من المجاالت الهامة التي تجعل الدول تتطور بسرعة هائلة‬
‫وتتغلب على كل المشكالتـ التي تواجهها بطرق علمية ومرجع ذلك أن تأثير البحث العلمي في حياة اإلنسان ينبع من‬
‫مصدرين هما‪:‬‬
‫األول‪ :‬يتمثل في االنتفاع بفوائد تطبيقية‪ ..‬حيث تقوم الجهات المسؤولة بتطبيق هذه الفوائد التي نجمت عن األبحاث التي تم‬
‫حفظها باستخدام المدونات وتسهيل نشرها بالطبع والتوزيع وطرق المخاطباتـ السريعة التي قضت على الحدود الجغرافية‬
‫والحدود السياسية‪.‬‬
‫يتمث ل في األسلوب العلمي في البحث الذي يبنى عليه جميع المكتشفاتـ والمخترعات‪ ..‬هذا األسلوب الذي يتوخى‬ ‫الثاني‪َّ :‬‬
‫الحقيقة في ميدان التجربة والمشاهدة وال يكتفي باستنباطها من التأمل في النفس أو باستنباطها من أقوال الفالسفة (‪)3‬‬
‫وتتجلى أهمية البحث العلمي أكثر وأكثر في هذا العصر المتسارع‪ ..‬الذي يُرفع فيه شعار البقاء لألقوى‪ ..‬والبقاء لألصلح!‬
‫إذ أصبح محرك النظام العالمي الجديد هو البحث العلمي والتطوير‪!..‬‬
‫ولم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين القابعين في أبراج عاجية! حيث يؤكد (بكر‪،‬‬
‫‪1417‬هـ) (على أهمية البحث العلمي والدور الف ّع ال الذي يلعبه في تطوير المجتمعات اإلنسانية المعاصرة على اختالف‬
‫مواقعهاـ في سلم التقدم الحضاري‪ ،‬وال يختلف اثنان في أهميته لفتح مجاالتـ اإلبداع والتميز لدى أفراد وشعوب هذه‬
‫المجتمعات‪ ،‬وتزويدها بإمكانية امتالك أسباب النماء على أسس قويمة(‪.)4‬‬
‫والحق أن البحث العلمي يسهم في العملية التجديدية التي تمارسها األمم والحضارات لتحقيق واقع عملي يحقق سعادتها‬
‫ورفاهيتها‪ ،‬فهو أي البحث العلمي يعمل على (إحياء المواضيع (واألفكار) القديمة وتحقيقها تحقيقا ً علميا ً دقيقاً‪ ،‬وبالتالي‬
‫تطويرها للوصول إلى اكتشافات جديدة‪ ..‬واجتماعيا ً‪ ،‬يسمح البحث العلمي بفهم جديد للماضي في سبيل انطالقة جديدة‬
‫للحاضر ورؤية استشرافية للمستقبل(‪ ..) 5‬وهكذا البحث العلمي يناطح الماء والهواء في أهميته للحياة اإلنسانية!‬

‫صعوبات البحث في العلوم االجتماعية ‪:‬‬

‫تحديد مفهوم صعوبة البحث ‪:‬‬


‫تعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات البحث ألنها تؤثر في جميع الخطوات التي تليها‪ ،‬ويمكن تحديد مفهومها بأنها‪ :‬عبارة‬
‫عن موقف غامض‪ ،‬أو موقف يعتريه الشك‪ ،‬أو ظاهرة تحتاج إلى تفسير‪ ،‬أو هي قضية تم االختالف حولها‪ ،‬وتباينت‬
‫وجهات النظر بشأنها‪ ،‬ويقتضي إجراء عملية البحث في جوهرها‪ ،‬أو هي كل قضية ممكن إدراكها أو مالحظتها ويحيط‬
‫بها شيء من الغموض‪ ،‬ومع محاوالت تبسيط مفهوم المشكلة‪ ،‬وتحديده يمكن القول أنها "حاجة لم تشبع أو وجود عقبة أمام‬
‫إشباع حاجتنا‪ ،‬أو هي سؤاالً محيراً أو رغبة في الوصول إلى حل الغموض أو إشباع النقص"‪ .‬أو هي طريقة السلوك التي‬
‫تمثل تعديا ً على كل أو بعض المعايير والقيم االجتماعية‪ .‬فإنه البد من اإلقرار بأن اإلشكالية البحثية ليست بهذه البساطة‪،‬‬
‫ألنها تمثل إشكالية معرفية‪ ،‬وموضوعها هو العالقات بين األحداث‪ ،‬تلك التي تظهر في صيغة انحرافات اجتماعية‪.‬‬
‫تحديد مفهوم المشكلة في نظر الباحثين ‪:‬‬

‫في كتاب له بعنوان عالم بال فاقةـ ‪ world without want‬يقول باول هوفمان مخاطبا قارئ الكتاب‪" :‬أنا وأنت عضوان‬
‫من أفراد األقلية المتمتعة باالمتيازات ‪ .‬وكوننا نستطيع القراءة‪ ،‬يجعلنا عضوين في هذه األقلية‪ .‬وإذا استطاع كل فرد في‬
‫العالم ـ قادر على ذلك ـ أن يقرأ هذا الكتاب‪ ،‬لظللنا جميعا أقلية‪)7( ".‬‬
‫أقول هذا ألشير إلى أمرين اثنين‪ ،‬األول هو الظروف المأساوية التي تعيشها بلداننا النامية‪ ،‬والثاني هو مسؤوليتنا كمثقفين‬
‫حيال هذه البلدان‪.‬‬
‫ويبدو لي أن العمل بوصية سقراط الشهيرة "اعرف نفسك!" ربما يكون هو أول ما نحتاج إليه في هذا المقام‪ ،‬ذلك أن‬
‫معرفتنا بالواقع االقتصادي واالجتماعي والسياسي والثقافي الفعلي لمجتمعاتنا‪،‬ـ وأيضا لموقع هذه المجتمعاتـ على خارطة‬
‫التطور البشري‪ ،‬يعتبر شرطا الزما لكل من تشخيص المرض‪ ،‬ووصف العالج الناجع له في آن واحد‪ .‬وإذا ما استبعدنا‬
‫التفسيرات العرقية العنصرية التي ال مكان لها في العلم‪ ،‬فإن تنفيذ وصية سقراط يقتضي القبول والعمل بوصية ابن رشد‬
‫التي تنص على أنه "إذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها‪ ،‬وكان االعتبار ليس شيئا أكثر‬
‫من‪ :‬استنباط المجهول من المعلوم‪ ،‬واستخراجه منه‪ ،‬وهذا هو القياس‪ ،‬أو بالقياس‪ ،‬فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات‬
‫بالقياس العقلي"‪ ،) 8( .‬والتي تنص أيضا على ضرورة "أن يستعين المتأخر بالمتقدم"‪ ،‬بما في ذلك االستعانة بالغير "سواء‬
‫أكان ذلك الغير مشاركا لنا أو غير مشارك في الملّة"‪)9( .‬‬
‫إن الترجمة المعاصرة لكالم ابن رشد‪ ،‬هي أن العلم والمنهج العلمي هما ممرنا اإلجباري نحو التقدم‪ .‬بيد أن هذا الممر‬
‫اإلجباري ليس طريقا معبدة‪ ،‬خالية من الشواكل ‪ /‬اإلشكاالت التي البد من تشخيصها أوال وقبل كل شيء‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫إن التسليم بعلمية العلوم االجتماعية‪ ،‬ال يلغي عمليا اإلشكالية التي تنتصب أمام الباحث مثل أبي الهول‪ ،‬قائلة له "اكشف‬
‫عن س ّري وإالّ التهمت مذهبك" على حد تعبير بليخانوف (‪ ،)10‬أال وهي إشكالية العالقة بين الذات والموضوع‪ ،‬أو بتعبير‬
‫آخر إشكالية الموضوعية ‪ Objektivismus‬في العلوم االجتماعية والناجمة عن كون‬

‫الباحث هو نفسه جزء من المشهد االجتماعي الذي يقوم بدراسته‪ ،‬وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان‪ ،‬أن يكون المرء باحثا‬
‫محايدا وبريئا‪ ،‬ألنه يمثل هنا كال من الخصم والحكم في آن واحد وهو ما ترتب عليه‪:‬‬
‫‪ -‬انطباع العلوم االجتماعية بالطابع األيديولوجي‪،‬‬
‫‪ -‬تباين انعكاس الواقع في الوعي تبعا لتبدل الزمان والمكان‪،‬‬
‫‪ -‬التداخل البنيوي بين الذات والموضوع في الظاهرة االجتماعية‪،‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى إجراءات منهجية معينة لمعالجة هذه اإلشكالية‪ ،‬واالقتراب ‪ -‬إن لم يكن الوصول ‪ -‬إلى النتيجة العلمية‬
‫المطلوبة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫لقد أحال أفالطون ( ‪ 347 - 427‬ق‪.‬م‪ ) .‬عدم مطابقة الوعي للواقع (غياب الموضوعية)‪ ،‬إلى خلل يتمثل بـ‪ :‬إمّا‬
‫اضطراب في الحواس‪ ،‬أو اضطراب في العقل‪ ،‬وبينما يجد الخلل األول عالجه عند الطبيب‪ ،‬يجد الخلل الثاني عالجه‬
‫باتباع قواعد المنطق‪.‬‬
‫ورأى اإلمام الغزالي (ت ‪ 1111‬م) أن األمر ال يتعلق بخلل منطقي‪ ،‬ولكن بدوافع نفسية سابقة على كل تدبير‪ ،‬كالحقد‬
‫والطموح وحب التميز والميل إلى العيش الرغد‪ ،‬وبخواص عقلية كالبله والتكاسل‪ ،‬وأخيرا بغواية الشيطان‬
‫أما ابن خلدون (ت ‪ 1406‬م )‪ ،‬فقد كان أكثر شمولية في رؤيته لما أسماه أسباب تطرق الكذب إلى الخبرالتاريخي (وهو ما‬
‫يعادل غياب الموضوعية)‪ ،‬وقد حدد هذه األسباب بـ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التشيع لآلراء والمذاهب‪،‬‬
‫‪ - 2‬الذهول عن المقاصد‪،‬‬
‫‪ - 3‬توهم الصدق‪،‬‬
‫‪ - 4‬الجهل بتطبيق األحوال على الوقائع‪،‬‬
‫‪ - 5‬تقرب الناس لصاحب التجلّة بالثناء والمدح‪،‬‬
‫‪ - 6‬الجهل بطبائع األحوال في العمران‪.‬‬
‫وبدوره فإن فرنسيس بيكون (‪ )1626 - 1516‬قد سلّم بإمكانية المرء الوصول إلى المعرفة الصحيحة‪ ،‬ولكن بشرط‬
‫تطهير العقل من المفاهيم المسبقة واألحكام المبتسرة التي تهدده بشكل مستمر‪ ،‬والتي أطلق عليها صفة "األوثان" وحددها‬
‫بـ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عادات العقل التي تميز الجنس البشري‪،‬‬
‫‪ - 2‬عادات العقل التي تميز شخصا بعينه‪ ،‬أو جماعة بعينها‪،‬‬
‫‪ - 3‬النقص وعدم الدقة في اللغة‪،‬‬
‫وأخيرا‪ - 4 ،‬القبول األعمى لآلراء‪.‬‬
‫أما كارل ماركس (‪ ) 1883 - 1817‬فقد أعاد عدم توصل من سبقه من المفكرين األلمان إلى المعرفة العلمية إلى أنه "لم‬
‫يخطر على بال أحد من هؤالء الفالسفة‪ ،‬أن يبحث في عالقة الفلسفة األلمانية بالواقع األلماني"‪ .‬ومن هنا‬
‫انطبعت كتاباتهم بالطابع األيديولوجي ذي الوعي الزائف‪ ،‬وذلك بحكم ارتباط ذلك الوعي بالطبقة الحاكمة ومصالحها‬
‫السائدة والمعممة‪.‬‬
‫ووجد ماكس فيبر (‪ ) 1920 - 1864‬العلة في غياب الموضوعية‪ ،‬بخضوع الباحثين لمنظومة القيم السائدة‪ ،‬ولذلك رفع‬
‫شعار "التحرر من القيم"‪ .‬ومن الواضح هنا تأثر ماكس فيبر بنظرية األوثان عند فرانسس بيكون التي سبق ذكرها‪.‬‬
‫وقسم كارل مانهايم (‪ ) 1947 - 1893‬األيديولوجيا إلى عامة وخاصة‪ ،‬معتبرا أن كل شخص مسكون بجرثومة‬
‫األيديولوجيا‪ ،‬وبالتالي فهو ‪ -‬أي الشخص ‪ -‬يرى الظواهر من الزاوية التي يتيحها له موقعه االجتماعي والطبقي‪ .‬ورأى أن‬
‫حل إشكالية الموضوعية في البحث السوسيولوجي يكمن في البحث عمّا أسماه "المثقف الحر" المتحرر من االنتماء الطبقي‬
‫وبالتالي األيديولوجي‪ .‬والذي يمكنه أن يتحرك بكل حرية ‪ Klassenlose Schwebende Intelligenz‬وفي مختلف‬
‫االتجاهات‪.‬‬
‫وعلى العكس من كارل مانهايم فإن انطوان غرامشي (‪ )1937 - 1891‬علّق آماله في الموضوعية على المثقف‬
‫العضوي ‪ Organische Intelligent‬الغارق حتى أذنيه في هموم وقضايا مجتمعه‪ ،‬والملتزم أساسا بقضية الطبقات‬
‫والفئات المظلومة والمضطهدة‪.‬‬
‫وإذا كانت إشكالية الموضوعية على هذا النحو المعقد‪ ،‬فما هو سبيل الباحث في العلوم االجتماعية إذن للوصول إلى‬
‫المعرفة العلمية؟ إن الكاتب يقترح على الباحث السوسيولوجي‪ ،‬التقيد بالقواعد المنهجية التالية التي يمكن أن تقربه كثيرا‬
‫من جادة الموضوعية‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يتبع الباحث قواعد المنهج العلمي‪ ،‬والسيما الجدلي‪ ،‬في كل خطوات البحث المعروفة على المستويين النظري‬
‫والتطبيقي‪،‬‬
‫‪ - 2‬أن يكون الباحث جزءا من ثقافة المجتمع الذي يبحثه‪ ،‬على قاعدة "أهل مكة أدرى بشعابها"ـ وعارفا باللغة الشعبية‬
‫ال ّد ارجة‪ ،‬و بالرموز واإلشارات المستخدمة في مجتمع المبحوثين‪ ،‬وكذلك بالقدرة على كشف كشف المسكوت عنه‪ ،‬وقراءة‬
‫ماوراء كلماتـ المبحوث‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يتحلى الباحث باليقظة الوجدانية وااللتزام الخلقي في سعيه لمعرفة الحقيقة حول موضوع بحثه‪)11( .‬‬
‫‪ - 4‬يقول برتراند رسل‪" :‬للعلم منذ أيام العرب وظيفتان‪ :‬فهو أوال‪ ،‬يجعل في طوقنا أن نعلم األشياء‪ ،‬وثانيا يجعل في‬
‫مقدورنا أن نفعل األشياء" (‪ ،) 12‬ومن الطبيعي أن يتضمن هدف أي بحث سوسيولوجي هاتين الوظيفتين معا‪.‬‬
‫‪ - 5‬إن الخياط الماهر ‪ -‬كما يقولون ‪ -‬هو من يعيد القياس سبع مرات قبل أن يبدأ بالقص‪ ،‬وهو أمر ينطبق على‬
‫الباحث الجاد‪ ،‬الذي عليه أن يضع ما يسمى بـ "لمشرع التصوري" للبحث‪ ،‬والمتضمن عادة على‪ :‬تحديد المشكل‬
‫واإلشكالية‪ ،‬أهداف البحث‪ ،‬نوع الدراسة‪ ،‬المنهج الذي سيتبعه الباحث لتحقيق أغراض البحث المتضمنة في المشروع‬
‫التصوري‪.‬‬
‫‪ - 6‬المزاوجة الخالقة بين ثنائيات‪ :‬النظرية ‪ -‬التجربة ‪ /‬الممارسة‪ ،‬االستقراء ‪ -‬االستنتاج‪ ،‬المنهج الكمي ‪ -‬المنهج الكيفي‪/‬‬
‫م الفهم وهي مزاوجة تقتضيها الطبيعة الخاصة بالظواهر االجتماعية بالذات‪ ،‬حيث يتعايش فيه المجرد مع‬
‫الملموس‪،‬والجوهر مع العرض وما يمكن قياسه مع ما ال يمكن قياسه‪.‬‬
‫‪ - 7‬الظواهر االجتماعية‪ ،‬ظواهر معقدة‪ ،‬تنطوي على جوانب متعددة (نفسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اجتماعية الخ)‬
‫وال بد لتغطية كل هذه الجوانب من استخدام أكثر من منهج واحد‪ ،‬وذلك باللجوء إلى ما يسمى بالبحث المتعدد الفروع‪.‬‬
‫‪ - 8‬لما كان التاريخ هو مخبر علم االجتماع‪ ،‬فإن على الباحث أن يولي أهمية خاصة لتاريخ الظاهرة التي يدرسها‪:‬‬
‫كيف ظهرت إلى الوجود؟ ومتى؟‪ ،‬كيف تطورت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه إبان فترة البحث؟ وعالقتها بالظواهر‬
‫األجتماعية والطبيعية ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ - 9‬التحديد الدقيق لنوع الدراسة‪ ،‬والذي ال يعدو بنظرنا أن يكون أحد األربعة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد الصفات العامة للظاهرة عبر المنهج االستطالعي الوصفي‪،‬‬

‫‪ -‬الكشف عن العالقة العلية بين المتغيرات ‪ . Variablen‬ذلك أن ظاهرة ما يمكن أن تكون سببا ألثر‪ ،‬أو أثرا لسبب‪ ،‬أو‬
‫أثرا وسببا في آن واحد‪.‬‬
‫‪ -‬الكشف عن األسباب المسؤولة عن وجود و‪/‬أو عن تحول‪ ،‬و‪ /‬أو عن اختفاء الظاهرة المعنية‪.‬‬
‫‪ -‬الكشف عن آراء ودوافع ومواقف الناس حيال قضايا اجتماعية بعينها‪.‬‬
‫‪ - 10‬تقديم حلول عملية لمشاكل واقعية‪ ،‬األمر الذي يقتضي من الباحث‪:‬‬
‫‪ -‬أن ينطلق البحث من الواقع العياني الملموس‪،‬‬
‫‪ -‬أن يكون مستندا إلى اإلرث النظري السابق‪ ،‬المتعلق بنفس موضوع البحث‪،‬‬
‫‪ -‬أن يكون موضوع البحث ينطوي على بعد إشكالي نظري أو عملي جوهري تجعله جديرا بالبحث‪ ،‬وهذا يعني حسب‬
‫روبرت ميرتون االّ تكون المشكلة التي يختارها الباحث من النوع الصغير والسطحي الذي ال طائل تحته‪ ،‬وال من النوع‬
‫الكبير المتضخم الذي يقع فوق قدرة الباحث أو الباحثين بل أن يكون من النوع المتوسط القابل للمعالجةـ والبحث‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫إذا كان هدف البحث ‪ /‬الدراسة هو الوقوف على العالقة بين المتغيرات‪ ،‬أو الكشف عن األسباب الكائنة وراء تكون‬
‫وحركة الظاهرة موضوع البحث‪ ،‬فإن الباحث الجاد عادة ما يلجأ إلى وضع الفرضيات ‪ Hypothesen‬التي تكون‬

‫بمثابة الفانوس الذي ينير طريقه وجدير بالذكر هنا أن بعض العلماء يعترضون على اللجوء إلى هذه الفرضيات‪ ،‬التي من‬
‫المفروض أن تكون فرضيات علمية معتبرين إياها استباقا ال مبرر له للنتائج الحقيقية التي من المفروض‬
‫أن يوصل إليها البحث‪ ،‬أي أنهم يعتبرون الفرضية نوعا من المصادرة على المطلوب‪.‬‬
‫واقع الحال أن هذه اإلشكالية تتقاطع مع إشكالية العالقة بين الذات والموضوع التي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬والتي أكدت‬
‫اإلبستمولوجيا الحديثة ‪ Epistemologie‬التداخل بين هذين العنصرين من عناصر الظاهرة االجتماعية على ما ذكره جان‬
‫بياجه سابقا‪ .‬فالعلم لم يعد يمثل حقائق ناجزة‪ ،‬تكتشف مرة واحدة وإلى األبد‪ ،‬إنه عملية بناء مستمرة‪ ،‬تستند من جملة ما‬
‫تستند على أن ثمة نظاما وانسجاما في كافة أشكال الحركة‪ ،‬وإن هذا النظام مضطرد وال يجمعه جامع مع العشوائية و‪/‬أو‬
‫اإلرادية‪ ،‬ولذلك فإن التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه األمور أمر مشروع شريطة أالّ يحل هذا التنبؤ (الفرضية) محل الحقيقة‬
‫العلمية المؤكدة‪ ،‬التي ال يمكن الوصول إليها إال عبر البحث ‪ /‬المنهج العلمي‪ .‬إن الفرضية هي مجرد جواب افتراضي‬
‫مسبق على تساؤالت البحث‪ ،‬وينبغي أن يكون هذا الجواب قابالً للتكذيب ‪ -‬كما يقول كارل بوبر ‪ -‬إلى أن تتم المصادقة‬
‫عليه بالبرهان وليس بالبيان أو بالعرفان‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أما بالنسبة للمهام الملقاة على عاتق علم االجتماع‪ ،‬فإن مفعول مقولة العام والخاص والوحيد الجدلية يتعدى تحديد موضوع‬
‫العلم إلى تحديد منهجه ومهامه‪ ،‬وسوف نتوقف هنا أوال‪ ،‬عند مهام علم االجتماع العام‪ ،‬وثانيا عند مهام علم االجتماع في‬
‫البلدان النامية التي ينتمي إليها وطننا العربي‪.‬‬
‫إن المهامـ األساسية لعلم االجتماع العام ‪ -‬حسب رؤيتنا الخاصة ‪ -‬تتمثل باآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة االتجاه العام لعملية التطور االجتماعي في هذا القرن (‪ ،)13‬والسيما قضايا التطور التكنولوجي ومستقبل‬
‫اإلنسان‪ ،‬ظاهرة الدول المتقدمة والدول ناقصة التطور‪ :‬لماذا؟ وإلى متى؟ وإلى أين؟ وكيف؟‬
‫النظام العالمي الجديد بين صراع الحضارات وحوار وتعاون هذه الحضارات‪ ،‬األبعاد السياسية االقتصادية والثقافية‬
‫واالجتماعية للعولمة ‪ ، Globalisation‬الديمقراطية بين اإلنسان ذو البعد الواحد‪ ،‬واإلنسان متعدد األبعاد ( وهذا على‬
‫سبيل المثال ال الحصر)‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة أشكال اضطهاد اإلنسان ألخيه اإلنسان‪ ،‬والسيما اضطهاد القوي للضعيف‪ ،‬والغني للفقير‪ ،‬والمسلح لألعزل‪،‬‬
‫والرجل للمرأة‪ ،‬والكبير للصغير‪ ،‬ومن يملك لمن ال يملك‪ ،‬واألكثرية لألقلية‪ ،‬واألقلية لألكثرية الخ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة التوزيع غير العادل للسلطة والثروة على المستوى العالمي‪،‬‬
‫‪ -‬األبعاد االقتصادية واالجتماعية التي ستترتب مستقبال على تدمير البيئة الطبيعية‪ ،‬وعلى االرتفاع المتزايد لحرارة الكرة‬
‫األرضية‪،‬‬
‫‪ -‬ظاهرة التورم الحضري وتآكل الحياة الريفية‪،‬‬
‫‪ -‬رصد السيكولوجيا الشعبية‪ ،‬والرأي العام العالمي‪ ،‬فيما يخص قضايا ‪ :‬الحرية‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والتفرقة العنصرية واإلرهاب‪،‬‬
‫والتعصب القومي والديني‪ ،‬وانتهاك حقوق اإلنسان‪،‬والحروب‪ ،‬واإلنتاج الحربي المتصاعد وفرض الحصار االقتصادي‬
‫على بعض الشعوب والدول‪ ،‬والديمقراطية‪...‬الخ‪،‬‬
‫‪ -‬القيام بدراسات مستقبلية تتعدى ما هو كائن إلى ما يمكن أو ما ينبغي أن يكون‪،‬‬
‫‪ -‬دراسة حالة االغتراب اإلنساني‪ ،‬الفردي منه والجماعي‪،‬‬
‫‪ -‬دراسة اآلثار اإليجابية والسلبية لالنتماء واالنقسام الديني والمذهبي على عملية التطور االجتماع‪.‬‬
‫هذا مع العلم أن مثل هذه المهام تحتاج إلى تعاون دولي بين الجامعات ومراكز البحوث‪ ،‬كما وتحتاج إلى هيئات‬
‫مختصة (ربما تكون تابعة لألمم المتحدة)‪ ،‬وتمويل كبير ال تستطيعه الدول الفقيرة‪ ،‬وأهم من كل هذا إنها بحاجة‬
‫إلى الحياد والنزاهة والموضوعية‪ ،‬من قبل كل من له عالقة بالموضوع‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وفيما يخص علم اجتماع البلدان النامية‪ ،‬فإن ما يحدد مهامهـ هو ما يبرر وجوده كعلم متميز‪ ،‬أي ظاهرة البلدان النامية‪،‬‬
‫وقضاياها النوعية التي تتمثل بما يمكن أن نجمله بالتاءات األربع وهي ‪ :‬التبعية‪ ،‬التخلف‪ ،‬التحرر‪ ،‬التنمية‪ ،‬والتي يمكن‬
‫اختزالها في محورين اثنين‪ ،‬محور التبعية ‪ -‬التخلف (المرض)‪ ،‬ومحور التحرر ‪ -‬التنمية (العالج)‪ .‬ويعتبر المؤشر‬
‫األوضح للتخلف في البلدان النامية هيمنة االنقسام العمودي في المجتمع‪ ،‬والمتمثل باالنقسام (القومي‪ ،‬الديني‪ ،‬الطائفي‪،‬‬
‫القبلي‪ ،‬الجهوي) على االنقسام األفقي (الطبقي ‪ -‬االقتصادي) وهو ما يخلق صعوبات جمّة أمام عملية البحث العلمي في‬
‫هذه البلدان‪ ،‬إضافة ‪ -‬بطبيعة الحال ‪ -‬إلى عوامل أخرى داخلية وخارجية‪( .‬ويبين المخطط الملحق بهذه الدراسة (ص ‪)11‬‬
‫جملة العناصر المؤثرة في عملية التغير االجتماعي في البلدان النامية عموما ومنها وطننا العربي)‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫واستنادا إلى الحالة الخاصة التي تتميز بها بلداننا النامية‪ ،‬فإننا نضع أمام الباحثين السوسيولوجيين في هذه البلدان والسيما‬
‫في وطننا العربي المهام المحددة التالية‪ ،‬بوصفها مهام خاصة بعلم اجتماع البلدان النامية بصورة أساسية‪:‬‬
‫‪ -‬دراسات نظرية وتطبيقية لتحديد مضمون المفاهيم السوسيولوجية المرتبطة بوجود البلدان النامية ناقصة التطور‬
‫(التخلف‪ ،‬التبعية‪ ،‬التنمية‪ ،‬المجتمع المتعدد األنماط اإلنتاجية‪ ،‬التطور الالمتكافئ‪ ،‬الرأسمالية الوطنية‪ ،‬البلدان النامية‪ ،‬بلدان‬
‫الشمال وبلدان الجنوب‪ ،‬المركز واألطراف‪...‬الخ)‪،‬‬
‫‪ -‬الكشف عن آليات إعادة إنتاج التخلف في البلدان النامية‪،‬‬
‫‪ -‬بحث الدور الذي يلعبه كل من الدين والقومية والتقاليد الموروثة في عملية التغير االجتماعي في الوطن العربي‪،‬‬
‫‪ -‬دراسة التداخل بين االنقسامين العمودي واألفقي‪ ،‬وآثارها السلبية واإليجابية على عملية التطور والتنمية والتبعية في‬
‫الوطن عامة والمنطقة التي يعيش فيها الباحث خاصة‪،‬‬
‫‪ -‬دراسة الخواص االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية واأليديولوجية لمرحلة االنتقال من مجتمع ما قبل رأسمالي‬
‫إلى مجتمع رأسمالي أو اشتراكي أو مختلط‪،‬‬
‫‪ -‬بحث دور القوات المسلحة في الحياة السياسية في المجتمعات النامية‪،‬‬
‫‪ -‬بحث دور المثقفين في عملية الحراك االجتماعي في البلدان النامية‪ ،‬وكذلك دور الزعامات الكارزمية‪،‬‬
‫‪ -‬بحث اآلثار االجتماعية واالقتصادية للتصنيع والتقنية المستوردة‪،‬‬
‫‪ -‬بحث ظاهرة البطريركية (سيطرة الرجل) والدور االقتصادي واالجتماعي للمرأة‪،‬‬
‫‪ -‬بحث ظاهرة تورم المدن والسيما العواصم‪ ،‬والهجرة من الريف إلى المدن‪،‬‬
‫‪ -‬بحث دور وسائل اإلعالم واإلعالن‪ ،‬وخاصة الكومبيوتر والفضائيات في التنشئة االجتماعية‪ ،‬وتشكيل الوعي الفردي‬
‫والجماعي‪،‬‬
‫‪ -‬بحث المظاهر المختلفة للتبعية الثقافية والسيما في مراحل ومناهج التعليم المختلفة‪،‬‬
‫‪ -‬ظاهرة االنفجار الديمغرافي‪ ،‬سلبياتها وإيجابياتها‪،‬‬
‫‪ -‬العائد االقتصادي للتنمية االجتماعية‪ ،‬والعائد االجتماعي للتنمية االقتصادية ‪.....-‬الخ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫إذا كانت إشكاالتـ وصعوبات البحث العلمي في مجال العلوم االجتماعية‪ ،‬تواجه كل الباحثين في كل البلدان‪ ،‬إال أنها في‬
‫البلدان النامية تكتسي طابعا حادا‪ ،‬يجد تبريره وتفسيره في‪:‬‬
‫‪ -‬العراقيل الثقافية المتعلقة بجهل المبحوثين عامة والريفيين واألميين منهم خاصة بمعاني المفاهيم والمقوالت‬
‫والمصطلحات السوسيولوجية‪ ،‬المتعلقة بالبحث‪،‬‬
‫‪ -‬معالجة الباحثين للظواهر االجتماعية في البلدان النامية بنفس الطرق واألدوات والمناهج المستخدمةـ في البلدان المتطورة‬
‫والتي غالبا ما يكونون قد تلقوا تعليمهم وتأهيلهم فيها‪،‬‬
‫‪ -‬وجود هوّ ة ثقافية بين الباحث (الذي غالبا ما يكون من فئة األفندية) والمبحوث والسيما في المناطق الريفية‪،‬‬
‫‪ -‬بعض األعراف والتقاليد المحافظة التي تواجه كال من الباحث والمبحوث‪ ،‬والتي تحول دون حرية الباحث في اختيار‬
‫موضوعى البحث‪ ،‬وفي مقابلة المبحوثين‪ ،‬وفي توجيه األسئلة‪ ،‬وفي إعالن نتائج البحث وذلك في ظل بعض‬
‫‪ -‬المحرمات المتمثلة خاصة بمثلث‪ :‬الدين والجنس والفئة الحاكمة (السلطة)‪.‬‬
‫إن طرحنا لهذه الصعوبات واإلشكاالت المتعلقة بعملية البحث العلمي في البلدان النا مية‪ ،‬ومنها وطننا العربي‪ ،‬يجب أال‬
‫يعني أننا نشكك بقيمة أو فائدة هذا البحث‪ ،‬وإنما أردنا فقط أن نشير إلى مدى التحدي الذي يواجه الباحثين السوسيولوجيين‬
‫في البلدان النامية‪ ،‬والذي ينبغي أن يخلق لديهم استجابة خالقة تتناسب ومقدار هذا التحدي‪.‬‬
‫ويخيل للكاتب أن انطالق الباحث من المبادئ المنهجية التالية‪ ،‬كفيل بأن يذلل أمامه كل ما يمكن أن يعترضه من‬
‫صعوبات وإشكاالت‪:‬‬
‫‪ -‬االنطالق من هموم الناس ومشاكلهمـ الحقيقية‪،‬‬
‫‪ -‬االلتزام بالشرف المهني المتمثل بالموضوعية والحياد والنزاهة‪،‬‬
‫‪ -‬وااللتزام الصارم بقواعد المنهج العلمي في كافة مراحل وخطوات البحث‪.‬‬
‫إن محاولة لوضع أي قائمة تامة وصادقة لكل الفروع التي يمكن إدراجها تحت اسم العلوم اإلنسانية ‪ ،‬ربما ستكون عملية‬
‫متهورة ‪ .‬فضال عن ذلك ال يوجد تعريف واضح ومقبول عالميا للفروع التي يحتوي عليها قطاع العلوم االجتماعية ‪.‬‬
‫ويمكننا في نفس الوقت االحتراس من أن كل المواضيع الدراسة الخاصة بالكائن البشري ‪ ،‬والتي يتم تناولها بكيفية‬
‫علمية ‪ ،‬هي بالضرورة فروعها للعلوم اإلنسانية ‪ ،‬وهكذا يمكن اإلقرار أنها تضم ‪ :‬األنثروبولوجيا ‪ ،‬علم اإلجرام ‪،‬‬
‫الديموغرافيا ‪ ،‬االقتصاد ‪ ،‬األنثولوجيا ‪ ،‬الجغرافيا ‪ ،‬التاريخ ‪ ،‬التاريخ ‪ ،‬الحضارات القديمة ‪ ،‬علم النفس ‪ ،‬علم النفس‬
‫االجتماعي ‪ ،‬اإلبداع الفني العالقات الصناعية ‪ ،‬علم السياسةـ ‪ ،‬العلوم اإلدارية ‪ ،‬علوم اللغة ‪ ،‬العلوم القانونية وعلم‬
‫االجتماع ‪.‬‬

‫طبيعة المشكالتـ التي تواجه البحث ‪:‬‬

‫إن العلوم االجتماعية واإلنسانية على اختالف أنواعها وتعدد فروعها مثلها مثل العلوم الطبيعية ‪ ،‬فليست الطريقة العلمية‬
‫أو المنهج العلمي في البحث وقفا على العلوم الطبيعية والتطبيقية كما يظن البعض ‪ ،‬وإنما يمكن تطبيقها في العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية المختلفة ‪ ،‬ولكن االختالف في دقة النتائج يعود إلى طبيعة المشكالتـ التي تواجه البحث في العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية والتي منها ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعقد المشكالتـ االجتماعية اإلنسانية ألنها تتأثر بالسلوك اإلنساني المعقد ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬صعوبة الظبط التجريبي وعزل المتغيرات المتداخلة للظاهرة االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأثر الوضع التجريبي بالمراقبة والمالحظة التي يقوم بها البحث مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى تغيير في السلوك‬
‫لدى األفراد والمجتمعات موضوع الدراسة والبحث ‪ ،‬وصعوبة المالحظة أحيانا ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تغير الظواهر االجتماعية واإلنسانية بشكل سريع نسبيا ‪ ،‬فالثبات نسبي ‪ ،‬وهذا يقلل من فرصة تكرار التجربة في‬
‫ظروف مماثلة تماما ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم االجتماعية واإلنسانية وعدم اإلتفاق على تعريفات محددة لها ‪ ،‬وخضوع بعض‬
‫المشكالتـ االجتماعية واإلنسانية لمعايير أخالقية ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر االجتماعية واإلنسانية لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا ‪.‬‬
‫الخاتمة‬

‫إن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ‪ ،‬ذلك ألن المواضيع التي يتناولها‬
‫البحث العلمي بالدراسة ماهي إال محاولة جادة إليجاد حلول للمشكالتـ الكثيرة والمتعددة التي تواجهنا في الحياة اليومية ‪،‬‬
‫والتي تشكل عقبة في سبيل تحقيق التقدم والنجاح ‪ ،‬على مستوى كل األصعدة ‪ ،‬من ذلك تتأتى لنا األهمية البالغة والبارزة‬
‫للبحث والتنقيب ‪ ،‬ليس أي بحث ولكن ذلك الذي أعد وفق قواعد وأسس تؤكد صحة وسالمة النتائج والحلول التي خلص‬
‫إليها ‪.‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه ‪ ،‬هو أن المنهجية ليست مجرد قواعد وخطوات علمية ‪ ،‬أو مجرد مجموعة من التقنيات واألساليب‬
‫التي يجب أن يتبعها الباحث خالل إنجاز بحثه ‪ ،‬وإنما هي في جوهرها طريقة للتفكير السليم والمنطقي ‪ ،‬فأحرى بالطالب‬
‫والباحثين في ميدان العلمي الممنهج ‪ ،‬ونقصد بهذا تنظيم سير العقل بما يوافق القواعد العلمية ‪ ،‬ليكون لهم سندا وأساسا‬
‫ينطلقون منه في إنجاز أي بحث أو القيام بأي دراسة علمية ‪.‬‬
‫فالبحث العلمي ال يحقق الفائدة المرجوة منه إال إذا التزمنا في إنجازه بالمنهجية السليمة ‪ ،‬هذه األخيرة التي حاولنا عرض‬
‫أهم أسسها في هذا البحث المتواضع‬

‫وأخيرا نرجو كل الرجاء في أن نكون قد وفقنا ولو إلى حد مافي هذا المسعى ‪ ،‬وأن يكون عملنا هذا إضافة متواضعة في‬
‫حقل العلم والمعرفة ‪.‬‬
‫المراجع ‪:‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرحمن عبد هللا أحمد المقبول‪ :‬البحث التربوي أهميته‪ ,‬وممارسته‪ ،‬ومعوقاته‪ ،‬لدى المشرف من وجهة نظر‬
‫المشرفين التربويين ‪.‬‬

‫‪ - 2‬بول هوفمان‪ ،‬عالم بال فاقة‪ ،‬الدار القومية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سلسلة اخترنا لك‪ ،‬عدد ‪ ،177‬ص ‪.9‬‬

‫‪ - 3‬ابن رشد‪ ،‬فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من االتصال‪ ،‬القاهرة ‪ ،1972‬ص ‪.23‬‬

‫‪ - 4‬محمد الزعبي‪ ،‬علم االجتماع العام والبلدان النامية‪ ،‬بيروت ‪ 1991‬ط‪،2‬ص ‪.125 - 119‬‬

‫‪ - 5‬بيتلوف بليخانوف‪ ،‬في تطور النظرة الواحدية إلى التاريخ‪ ،‬موسكو ‪ ،1981‬ص ‪.108‬‬

‫‪ - 6‬برتراند رسل‪ ،‬أثر العلم في المجتمع‪ ،‬سلسلة حياة المجتمعات رقم ‪ ،3‬ص ‪20‬خـــطة البحث‬

You might also like