Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
يحتل البحث العلمي في الوقت الراهن ،مكانا ً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر المؤسسات األكاديمية هي المراكز
الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية
لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
-حيث تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطالب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة
علمية سليمة في إطار واضح المعالم ،يبرهن على قدرة الطالب على إتباع األساليب الصحيحة للبحث وإصدار األحكام
النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة األساسية للدراسة األكاديمية.
يفترض في كل دراسة ذات توجيه أكاديمي اإللمام باإلطار المنهجي والقدرة الكبيرة على احتواء الظاهرة محل الدراسة ،
ومحل التحليل والمعاينة العلمية الدقيقة ،وذلك بغرض الوصول إلى نتائج تقترب من الحقيقة المطلقة أو شبه المطلقة ،
تلك النتائج التي تعتبر الخالصة التنفيذية ألي بحث ،والتي تتبع مراحله خطوة بخطوة ،باتساق يضمه الرابط العضوي
بين كل منها ،وفي إطار المنهج الذي هو ملكة اإلحاطة والتمكن من الدرس يتولد المصطلح الحاضن للظاهرة ،وسيبقى
على حالة من االرتياب مالم يضبطه النقد حين يشك في ماهيته ووجوده ويعقد مقارنة بينه وبين غيره ،حتى يسلبه
المشوبات التي تكتنفه ،ويتم ضبطه ضبطا صحيحا .
قد يتعدد المنهج ألن زوايا التناول تختلف ،كما أن الرؤية ليست واحدة في جميع الحاالت ،والصلة بين زاوية التناول أو
الرؤية من جهة ،والمنهج من جهة أخرى تشكل جدال كبيرا ،ذلك أن االتفاق ينبغي أن يحصل بينهما ،فيتحدد المنهج
بتحدد الرؤية ،وإذا كان الرابط بينهما هو الظاهرة المدروسة ،فإنها سابقة بالضرورة في زاوية التناول وشكله ،الحقة
بالضرورة في المنهج ،على اعتبار أن تحديد شكل التناول والرؤية يتعمق من خالل المقاربة المستمرة والدرس الطويل ،
فيتضح التصور العام الذي يخول إستيعابـ
الظاهرة ،هذا االستيعاب الذي يظل مرهونا بخطوة أخرى مكملة هي اختيار مايوافقه ويالئمه من المناهج .
وفي آخر هذه الجولة التي تستنطق مستويين من النظرية واإلجراء ،البد من تحصيل الفائدة الموثقة التي تكون عبر كتابة
التقرير النهائي للبحث ،وفي هذا الجانب كانت خاتمة بحثنا الذي أراد أن يوجه إلى هذه الخطوة بوصفها الواجهة التي
تظهر تكوين شخصية الباحث ،ولكونها تشكل خالصة الجهد الذي يقوم به انطالقا من تصور عام ،هو المنهج المتبع ،
واألدوات الالزمة للبحث ،وتصور خاص يمثل العالمة الفارقة التي يمكن أن يضيفها للبحث العلمي .
هو عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى (الباحث) ،من أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى
(موضوع البحث) ،بإتباع طريقة علمية منظمة تسمى (منهج البحث) ،بغية الوصول إلى حلول مالئمة للعالج أو إلى
نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى (نتائج البحث) .
البحث العلمي هو الطريقة الوحيدة للمعرفةـ حول العالم
البحث العلمي هو البحث لفهم حقيقة واقعية بعبارات القوانين والمبادئ العامة.
البحث العلمي االجتماعي ذو طبيعة متماسكة،ـ تتصل فيه المقدماتـ بالنتائج ،كما ترتبط فيه النتائج بالمقدمات،ـ لذا فإن من
الضروري أن يقوم الباحث منذ اختياره للمشكلة بوضع تصميم منهجي دقيق لكافة الخطوات التي يشتمل عليها البحث.
فمن حيث الموضوع يستلزم البحث وجود ظاهرة أو مشكلة معينة تتحدى تفكير الباحث و تدفعه إلى محاولة الكشف عن
جوانبها الغامضة .ومن الممكن أن تكون الظاهرة المدروسة ظاهرة سوية أو ظاهرة مرضية ،كدراسة نظام الزواج في
المجتمعات الريفية أو الحضرية ،أو مشكلة الطالق ،أو جناح األحداث ،أو البطالة بين المتعلمين.
ومن الضروري أن يتجه البحث إلى تحقيق أهداف عامة وغير شخصية .صحيح أن كل بحث يبدأ بشعور الباحث بمشكلة
معينة ،غير أن من الضروري أن تكون المشكلة ذات قيمة علمية ،أو داللة اجتماعية عامة .ومن حيث المنهج يستلزم كل
بحث استخدام المنهج العلمي في الدراسة ،و يتطلب ذلك إتباع خطوات المنهج العلمي ،و االلتزام بالحياد و الموضوعية،
واالستعانة باألدوات والمقاييس التي تعين على دقة النتائج ،و االقتصار على دراسة الوقائع المحسوسة بالصورة التي
توجد عليها ال كما ينبغي أن تكون .و يترتب على استخدام المنهج العلمي أن نتائج البحث تكون قابلة لالختيار والتحقق
بحيث اختار باحث آخر نفس المشكلة ،واتبع نفس الخطوات ،واستخدم نفس المناهج واألدوات التي استخدمت في البحث
أمكنه أن يحصل على نفس النتائج.
أما من حيث الهدف فإن البحث يهدف إلى تقديم إضافة جديدة ،وهذه اإلضافاتـ تختلف من بحث إلى آخر .فقد يسعى باحث
وراء حقيقة علمية جديدة لم يسبقه إليها أحد ،في الوقت الذي يسعى فيه باحث آخر إلى التحقق من صدق بعض النتائج التي
توصل إليها غيره من الباحثين.
و ليس من الضروري في كل بحث أن يوفق الباحث في الوصول إلى الحقيقة فقد يضع فروضا ً معينة يحاول التحقق من
صحتها ثم يثبت له بطالنها و ليس في ذلك ما يقلل من قيمة البحث ،فالعلم يستفيد من الفروض الصحيحة والفروض الغير
صحيحة ،وكلما أثبت البحث خطأ فرض من الفروض ،كلما اقترب الباحثون من الحقيقة.
و يعرف البحث العلمي في علم االجتماع على أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة ,وذلك
عن طريق االستقصاء الشامل و الدقيق لجميع الشواهد و األدلة التي يمكن التحقق منها ,والتي تتصل بهذه المشكلة
المحددة .من الممكن تعريف البحث بأنه ( الدراسة العلمية المنظمة لظاهرة معينة باستخدام المنهج العلمي للوصول إلى
حقائق يمكن توصيلها و التحقق من صحتها ).
أهمية البحث العلمي في علم االجتماع:
يعيش العالم اليوم في حالة سباق محموم الكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفةـ الدقيقة المستمدة من العلوم التي تقود إلى
التقدم والرقي واالزدهار،فالمعرفة العلمية-بال شك-تمثل مفتاحا ً للنجاح والتطور نحو األفضل،حيث تعتبر المعرفة
ضرورية لإلنسان،ألن معرفة الحقائق تساعده على فهم المسائل والقضايا التي تواجه في حياته العملية،إذ بفضل
المعلومات التي يحصل عليها اإلنسان يستطيع أن يتعلم كيف يتخطى العقبات التي تحول دون بلوغه األهداف
المنشودة،ويعرف كيف يسطر االستراتيجيات التي تتيح له القدرة على تدارك األخطاء واتخاذ إجراءات جديدة تمكنه من
تحقيق أمانيه في الحياة،وهو يستطيع غير ذلك أن يحقق ما يرغب فيه مستعينا ً بذكائه ومعرفته للكشف على العديد من
الظواهر التي يجهلها.
ويحتل البحث العلمي اإلجتماعي في الوهن الراهن،مكانا ً بارزاً في تقدم النهضة العلمية وتطورها،من خالل مساهمة
الباحثين بإضافتهم المبتكرة في رصيد المعرفة اإلنسانية،حيثـ تعتبر المؤسسات األكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا
النشاط االجتماعي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي االجتماعي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى
الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمةـ على أكمل وجه.
ونظراً ألن البحث العلمي في علم االجتماع يعد من أهم وأعقد أوجه النشاط الفكري،فإن الجامعاتـ تبذل جهوداً جبارة في
تدريب الطالب على إتقانه أثناء دراستهم الجامعيةـ لتمكنهم من اكتساب مهارات بحثية تجعلهم قادرين على إضافة معرفة
جديدة إلى رصيد الفكر اإلنساني،كماـ تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطالب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم
المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم،يبرهن على قدرة الطالب على إتباع األساليب
الصحيحة للبحث وإصدار األحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة األساسية
للدراسة األكاديمية.
يمكن القول :إنه في وقتنا الحاضر أصبح البحث العلمي واحداً من المجاالت الهامة التي تجعل الدول تتطور بسرعة هائلة
وتتغلب على كل المشكالتـ التي تواجهها بطرق علمية ومرجع ذلك أن تأثير البحث العلمي في حياة اإلنسان ينبع من
مصدرين هما:
األول :يتمثل في االنتفاع بفوائد تطبيقية ..حيث تقوم الجهات المسؤولة بتطبيق هذه الفوائد التي نجمت عن األبحاث التي تم
حفظها باستخدام المدونات وتسهيل نشرها بالطبع والتوزيع وطرق المخاطباتـ السريعة التي قضت على الحدود الجغرافية
والحدود السياسية.
يتمث ل في األسلوب العلمي في البحث الذي يبنى عليه جميع المكتشفاتـ والمخترعات ..هذا األسلوب الذي يتوخى الثانيَّ :
الحقيقة في ميدان التجربة والمشاهدة وال يكتفي باستنباطها من التأمل في النفس أو باستنباطها من أقوال الفالسفة ()3
وتتجلى أهمية البحث العلمي أكثر وأكثر في هذا العصر المتسارع ..الذي يُرفع فيه شعار البقاء لألقوى ..والبقاء لألصلح!
إذ أصبح محرك النظام العالمي الجديد هو البحث العلمي والتطوير!..
ولم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين القابعين في أبراج عاجية! حيث يؤكد (بكر،
1417هـ) (على أهمية البحث العلمي والدور الف ّع ال الذي يلعبه في تطوير المجتمعات اإلنسانية المعاصرة على اختالف
مواقعهاـ في سلم التقدم الحضاري ،وال يختلف اثنان في أهميته لفتح مجاالتـ اإلبداع والتميز لدى أفراد وشعوب هذه
المجتمعات ،وتزويدها بإمكانية امتالك أسباب النماء على أسس قويمة(.)4
والحق أن البحث العلمي يسهم في العملية التجديدية التي تمارسها األمم والحضارات لتحقيق واقع عملي يحقق سعادتها
ورفاهيتها ،فهو أي البحث العلمي يعمل على (إحياء المواضيع (واألفكار) القديمة وتحقيقها تحقيقا ً علميا ً دقيقاً ،وبالتالي
تطويرها للوصول إلى اكتشافات جديدة ..واجتماعيا ً ،يسمح البحث العلمي بفهم جديد للماضي في سبيل انطالقة جديدة
للحاضر ورؤية استشرافية للمستقبل( ..) 5وهكذا البحث العلمي يناطح الماء والهواء في أهميته للحياة اإلنسانية!
في كتاب له بعنوان عالم بال فاقةـ world without wantيقول باول هوفمان مخاطبا قارئ الكتاب" :أنا وأنت عضوان
من أفراد األقلية المتمتعة باالمتيازات .وكوننا نستطيع القراءة ،يجعلنا عضوين في هذه األقلية .وإذا استطاع كل فرد في
العالم ـ قادر على ذلك ـ أن يقرأ هذا الكتاب ،لظللنا جميعا أقلية)7( ".
أقول هذا ألشير إلى أمرين اثنين ،األول هو الظروف المأساوية التي تعيشها بلداننا النامية ،والثاني هو مسؤوليتنا كمثقفين
حيال هذه البلدان.
ويبدو لي أن العمل بوصية سقراط الشهيرة "اعرف نفسك!" ربما يكون هو أول ما نحتاج إليه في هذا المقام ،ذلك أن
معرفتنا بالواقع االقتصادي واالجتماعي والسياسي والثقافي الفعلي لمجتمعاتنا،ـ وأيضا لموقع هذه المجتمعاتـ على خارطة
التطور البشري ،يعتبر شرطا الزما لكل من تشخيص المرض ،ووصف العالج الناجع له في آن واحد .وإذا ما استبعدنا
التفسيرات العرقية العنصرية التي ال مكان لها في العلم ،فإن تنفيذ وصية سقراط يقتضي القبول والعمل بوصية ابن رشد
التي تنص على أنه "إذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها ،وكان االعتبار ليس شيئا أكثر
من :استنباط المجهول من المعلوم ،واستخراجه منه ،وهذا هو القياس ،أو بالقياس ،فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات
بالقياس العقلي" ،) 8( .والتي تنص أيضا على ضرورة "أن يستعين المتأخر بالمتقدم" ،بما في ذلك االستعانة بالغير "سواء
أكان ذلك الغير مشاركا لنا أو غير مشارك في الملّة")9( .
إن الترجمة المعاصرة لكالم ابن رشد ،هي أن العلم والمنهج العلمي هما ممرنا اإلجباري نحو التقدم .بيد أن هذا الممر
اإلجباري ليس طريقا معبدة ،خالية من الشواكل /اإلشكاالت التي البد من تشخيصها أوال وقبل كل شيء.
1
إن التسليم بعلمية العلوم االجتماعية ،ال يلغي عمليا اإلشكالية التي تنتصب أمام الباحث مثل أبي الهول ،قائلة له "اكشف
عن س ّري وإالّ التهمت مذهبك" على حد تعبير بليخانوف ( ،)10أال وهي إشكالية العالقة بين الذات والموضوع ،أو بتعبير
آخر إشكالية الموضوعية Objektivismusفي العلوم االجتماعية والناجمة عن كون
الباحث هو نفسه جزء من المشهد االجتماعي الذي يقوم بدراسته ،وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان ،أن يكون المرء باحثا
محايدا وبريئا ،ألنه يمثل هنا كال من الخصم والحكم في آن واحد وهو ما ترتب عليه:
-انطباع العلوم االجتماعية بالطابع األيديولوجي،
-تباين انعكاس الواقع في الوعي تبعا لتبدل الزمان والمكان،
-التداخل البنيوي بين الذات والموضوع في الظاهرة االجتماعية،
-الحاجة إلى إجراءات منهجية معينة لمعالجة هذه اإلشكالية ،واالقتراب -إن لم يكن الوصول -إلى النتيجة العلمية
المطلوبة.
2
لقد أحال أفالطون ( 347 - 427ق.م ) .عدم مطابقة الوعي للواقع (غياب الموضوعية) ،إلى خلل يتمثل بـ :إمّا
اضطراب في الحواس ،أو اضطراب في العقل ،وبينما يجد الخلل األول عالجه عند الطبيب ،يجد الخلل الثاني عالجه
باتباع قواعد المنطق.
ورأى اإلمام الغزالي (ت 1111م) أن األمر ال يتعلق بخلل منطقي ،ولكن بدوافع نفسية سابقة على كل تدبير ،كالحقد
والطموح وحب التميز والميل إلى العيش الرغد ،وبخواص عقلية كالبله والتكاسل ،وأخيرا بغواية الشيطان
أما ابن خلدون (ت 1406م ) ،فقد كان أكثر شمولية في رؤيته لما أسماه أسباب تطرق الكذب إلى الخبرالتاريخي (وهو ما
يعادل غياب الموضوعية) ،وقد حدد هذه األسباب بـ:
- 1التشيع لآلراء والمذاهب،
- 2الذهول عن المقاصد،
- 3توهم الصدق،
- 4الجهل بتطبيق األحوال على الوقائع،
- 5تقرب الناس لصاحب التجلّة بالثناء والمدح،
- 6الجهل بطبائع األحوال في العمران.
وبدوره فإن فرنسيس بيكون ( )1626 - 1516قد سلّم بإمكانية المرء الوصول إلى المعرفة الصحيحة ،ولكن بشرط
تطهير العقل من المفاهيم المسبقة واألحكام المبتسرة التي تهدده بشكل مستمر ،والتي أطلق عليها صفة "األوثان" وحددها
بـ:
- 1عادات العقل التي تميز الجنس البشري،
- 2عادات العقل التي تميز شخصا بعينه ،أو جماعة بعينها،
- 3النقص وعدم الدقة في اللغة،
وأخيرا - 4 ،القبول األعمى لآلراء.
أما كارل ماركس ( ) 1883 - 1817فقد أعاد عدم توصل من سبقه من المفكرين األلمان إلى المعرفة العلمية إلى أنه "لم
يخطر على بال أحد من هؤالء الفالسفة ،أن يبحث في عالقة الفلسفة األلمانية بالواقع األلماني" .ومن هنا
انطبعت كتاباتهم بالطابع األيديولوجي ذي الوعي الزائف ،وذلك بحكم ارتباط ذلك الوعي بالطبقة الحاكمة ومصالحها
السائدة والمعممة.
ووجد ماكس فيبر ( ) 1920 - 1864العلة في غياب الموضوعية ،بخضوع الباحثين لمنظومة القيم السائدة ،ولذلك رفع
شعار "التحرر من القيم" .ومن الواضح هنا تأثر ماكس فيبر بنظرية األوثان عند فرانسس بيكون التي سبق ذكرها.
وقسم كارل مانهايم ( ) 1947 - 1893األيديولوجيا إلى عامة وخاصة ،معتبرا أن كل شخص مسكون بجرثومة
األيديولوجيا ،وبالتالي فهو -أي الشخص -يرى الظواهر من الزاوية التي يتيحها له موقعه االجتماعي والطبقي .ورأى أن
حل إشكالية الموضوعية في البحث السوسيولوجي يكمن في البحث عمّا أسماه "المثقف الحر" المتحرر من االنتماء الطبقي
وبالتالي األيديولوجي .والذي يمكنه أن يتحرك بكل حرية Klassenlose Schwebende Intelligenzوفي مختلف
االتجاهات.
وعلى العكس من كارل مانهايم فإن انطوان غرامشي ( )1937 - 1891علّق آماله في الموضوعية على المثقف
العضوي Organische Intelligentالغارق حتى أذنيه في هموم وقضايا مجتمعه ،والملتزم أساسا بقضية الطبقات
والفئات المظلومة والمضطهدة.
وإذا كانت إشكالية الموضوعية على هذا النحو المعقد ،فما هو سبيل الباحث في العلوم االجتماعية إذن للوصول إلى
المعرفة العلمية؟ إن الكاتب يقترح على الباحث السوسيولوجي ،التقيد بالقواعد المنهجية التالية التي يمكن أن تقربه كثيرا
من جادة الموضوعية:
- 1أن يتبع الباحث قواعد المنهج العلمي ،والسيما الجدلي ،في كل خطوات البحث المعروفة على المستويين النظري
والتطبيقي،
- 2أن يكون الباحث جزءا من ثقافة المجتمع الذي يبحثه ،على قاعدة "أهل مكة أدرى بشعابها"ـ وعارفا باللغة الشعبية
ال ّد ارجة ،و بالرموز واإلشارات المستخدمة في مجتمع المبحوثين ،وكذلك بالقدرة على كشف كشف المسكوت عنه ،وقراءة
ماوراء كلماتـ المبحوث.
- 3أن يتحلى الباحث باليقظة الوجدانية وااللتزام الخلقي في سعيه لمعرفة الحقيقة حول موضوع بحثه)11( .
- 4يقول برتراند رسل" :للعلم منذ أيام العرب وظيفتان :فهو أوال ،يجعل في طوقنا أن نعلم األشياء ،وثانيا يجعل في
مقدورنا أن نفعل األشياء" ( ،) 12ومن الطبيعي أن يتضمن هدف أي بحث سوسيولوجي هاتين الوظيفتين معا.
- 5إن الخياط الماهر -كما يقولون -هو من يعيد القياس سبع مرات قبل أن يبدأ بالقص ،وهو أمر ينطبق على
الباحث الجاد ،الذي عليه أن يضع ما يسمى بـ "لمشرع التصوري" للبحث ،والمتضمن عادة على :تحديد المشكل
واإلشكالية ،أهداف البحث ،نوع الدراسة ،المنهج الذي سيتبعه الباحث لتحقيق أغراض البحث المتضمنة في المشروع
التصوري.
- 6المزاوجة الخالقة بين ثنائيات :النظرية -التجربة /الممارسة ،االستقراء -االستنتاج ،المنهج الكمي -المنهج الكيفي/
م الفهم وهي مزاوجة تقتضيها الطبيعة الخاصة بالظواهر االجتماعية بالذات ،حيث يتعايش فيه المجرد مع
الملموس،والجوهر مع العرض وما يمكن قياسه مع ما ال يمكن قياسه.
- 7الظواهر االجتماعية ،ظواهر معقدة ،تنطوي على جوانب متعددة (نفسية ،ثقافية ،اقتصادية ،سياسية ،اجتماعية الخ)
وال بد لتغطية كل هذه الجوانب من استخدام أكثر من منهج واحد ،وذلك باللجوء إلى ما يسمى بالبحث المتعدد الفروع.
- 8لما كان التاريخ هو مخبر علم االجتماع ،فإن على الباحث أن يولي أهمية خاصة لتاريخ الظاهرة التي يدرسها:
كيف ظهرت إلى الوجود؟ ومتى؟ ،كيف تطورت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه إبان فترة البحث؟ وعالقتها بالظواهر
األجتماعية والطبيعية ذات الصلة.
- 9التحديد الدقيق لنوع الدراسة ،والذي ال يعدو بنظرنا أن يكون أحد األربعة التالية:
-تحديد الصفات العامة للظاهرة عبر المنهج االستطالعي الوصفي،
-الكشف عن العالقة العلية بين المتغيرات . Variablenذلك أن ظاهرة ما يمكن أن تكون سببا ألثر ،أو أثرا لسبب ،أو
أثرا وسببا في آن واحد.
-الكشف عن األسباب المسؤولة عن وجود و/أو عن تحول ،و /أو عن اختفاء الظاهرة المعنية.
-الكشف عن آراء ودوافع ومواقف الناس حيال قضايا اجتماعية بعينها.
- 10تقديم حلول عملية لمشاكل واقعية ،األمر الذي يقتضي من الباحث:
-أن ينطلق البحث من الواقع العياني الملموس،
-أن يكون مستندا إلى اإلرث النظري السابق ،المتعلق بنفس موضوع البحث،
-أن يكون موضوع البحث ينطوي على بعد إشكالي نظري أو عملي جوهري تجعله جديرا بالبحث ،وهذا يعني حسب
روبرت ميرتون االّ تكون المشكلة التي يختارها الباحث من النوع الصغير والسطحي الذي ال طائل تحته ،وال من النوع
الكبير المتضخم الذي يقع فوق قدرة الباحث أو الباحثين بل أن يكون من النوع المتوسط القابل للمعالجةـ والبحث.
3
إذا كان هدف البحث /الدراسة هو الوقوف على العالقة بين المتغيرات ،أو الكشف عن األسباب الكائنة وراء تكون
وحركة الظاهرة موضوع البحث ،فإن الباحث الجاد عادة ما يلجأ إلى وضع الفرضيات Hypothesenالتي تكون
بمثابة الفانوس الذي ينير طريقه وجدير بالذكر هنا أن بعض العلماء يعترضون على اللجوء إلى هذه الفرضيات ،التي من
المفروض أن تكون فرضيات علمية معتبرين إياها استباقا ال مبرر له للنتائج الحقيقية التي من المفروض
أن يوصل إليها البحث ،أي أنهم يعتبرون الفرضية نوعا من المصادرة على المطلوب.
واقع الحال أن هذه اإلشكالية تتقاطع مع إشكالية العالقة بين الذات والموضوع التي سبقت اإلشارة إليها ،والتي أكدت
اإلبستمولوجيا الحديثة Epistemologieالتداخل بين هذين العنصرين من عناصر الظاهرة االجتماعية على ما ذكره جان
بياجه سابقا .فالعلم لم يعد يمثل حقائق ناجزة ،تكتشف مرة واحدة وإلى األبد ،إنه عملية بناء مستمرة ،تستند من جملة ما
تستند على أن ثمة نظاما وانسجاما في كافة أشكال الحركة ،وإن هذا النظام مضطرد وال يجمعه جامع مع العشوائية و/أو
اإلرادية ،ولذلك فإن التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه األمور أمر مشروع شريطة أالّ يحل هذا التنبؤ (الفرضية) محل الحقيقة
العلمية المؤكدة ،التي ال يمكن الوصول إليها إال عبر البحث /المنهج العلمي .إن الفرضية هي مجرد جواب افتراضي
مسبق على تساؤالت البحث ،وينبغي أن يكون هذا الجواب قابالً للتكذيب -كما يقول كارل بوبر -إلى أن تتم المصادقة
عليه بالبرهان وليس بالبيان أو بالعرفان.
4
أما بالنسبة للمهام الملقاة على عاتق علم االجتماع ،فإن مفعول مقولة العام والخاص والوحيد الجدلية يتعدى تحديد موضوع
العلم إلى تحديد منهجه ومهامه ،وسوف نتوقف هنا أوال ،عند مهام علم االجتماع العام ،وثانيا عند مهام علم االجتماع في
البلدان النامية التي ينتمي إليها وطننا العربي.
إن المهامـ األساسية لعلم االجتماع العام -حسب رؤيتنا الخاصة -تتمثل باآلتي:
-دراسة االتجاه العام لعملية التطور االجتماعي في هذا القرن ( ،)13والسيما قضايا التطور التكنولوجي ومستقبل
اإلنسان ،ظاهرة الدول المتقدمة والدول ناقصة التطور :لماذا؟ وإلى متى؟ وإلى أين؟ وكيف؟
النظام العالمي الجديد بين صراع الحضارات وحوار وتعاون هذه الحضارات ،األبعاد السياسية االقتصادية والثقافية
واالجتماعية للعولمة ، Globalisationالديمقراطية بين اإلنسان ذو البعد الواحد ،واإلنسان متعدد األبعاد ( وهذا على
سبيل المثال ال الحصر).
-دراسة أشكال اضطهاد اإلنسان ألخيه اإلنسان ،والسيما اضطهاد القوي للضعيف ،والغني للفقير ،والمسلح لألعزل،
والرجل للمرأة ،والكبير للصغير ،ومن يملك لمن ال يملك ،واألكثرية لألقلية ،واألقلية لألكثرية الخ.
-دراسة التوزيع غير العادل للسلطة والثروة على المستوى العالمي،
-األبعاد االقتصادية واالجتماعية التي ستترتب مستقبال على تدمير البيئة الطبيعية ،وعلى االرتفاع المتزايد لحرارة الكرة
األرضية،
-ظاهرة التورم الحضري وتآكل الحياة الريفية،
-رصد السيكولوجيا الشعبية ،والرأي العام العالمي ،فيما يخص قضايا :الحرية ،والعدالة ،والتفرقة العنصرية واإلرهاب،
والتعصب القومي والديني ،وانتهاك حقوق اإلنسان،والحروب ،واإلنتاج الحربي المتصاعد وفرض الحصار االقتصادي
على بعض الشعوب والدول ،والديمقراطية...الخ،
-القيام بدراسات مستقبلية تتعدى ما هو كائن إلى ما يمكن أو ما ينبغي أن يكون،
-دراسة حالة االغتراب اإلنساني ،الفردي منه والجماعي،
-دراسة اآلثار اإليجابية والسلبية لالنتماء واالنقسام الديني والمذهبي على عملية التطور االجتماع.
هذا مع العلم أن مثل هذه المهام تحتاج إلى تعاون دولي بين الجامعات ومراكز البحوث ،كما وتحتاج إلى هيئات
مختصة (ربما تكون تابعة لألمم المتحدة) ،وتمويل كبير ال تستطيعه الدول الفقيرة ،وأهم من كل هذا إنها بحاجة
إلى الحياد والنزاهة والموضوعية ،من قبل كل من له عالقة بالموضوع.
5
وفيما يخص علم اجتماع البلدان النامية ،فإن ما يحدد مهامهـ هو ما يبرر وجوده كعلم متميز ،أي ظاهرة البلدان النامية،
وقضاياها النوعية التي تتمثل بما يمكن أن نجمله بالتاءات األربع وهي :التبعية ،التخلف ،التحرر ،التنمية ،والتي يمكن
اختزالها في محورين اثنين ،محور التبعية -التخلف (المرض) ،ومحور التحرر -التنمية (العالج) .ويعتبر المؤشر
األوضح للتخلف في البلدان النامية هيمنة االنقسام العمودي في المجتمع ،والمتمثل باالنقسام (القومي ،الديني ،الطائفي،
القبلي ،الجهوي) على االنقسام األفقي (الطبقي -االقتصادي) وهو ما يخلق صعوبات جمّة أمام عملية البحث العلمي في
هذه البلدان ،إضافة -بطبيعة الحال -إلى عوامل أخرى داخلية وخارجية( .ويبين المخطط الملحق بهذه الدراسة (ص )11
جملة العناصر المؤثرة في عملية التغير االجتماعي في البلدان النامية عموما ومنها وطننا العربي).
6
واستنادا إلى الحالة الخاصة التي تتميز بها بلداننا النامية ،فإننا نضع أمام الباحثين السوسيولوجيين في هذه البلدان والسيما
في وطننا العربي المهام المحددة التالية ،بوصفها مهام خاصة بعلم اجتماع البلدان النامية بصورة أساسية:
-دراسات نظرية وتطبيقية لتحديد مضمون المفاهيم السوسيولوجية المرتبطة بوجود البلدان النامية ناقصة التطور
(التخلف ،التبعية ،التنمية ،المجتمع المتعدد األنماط اإلنتاجية ،التطور الالمتكافئ ،الرأسمالية الوطنية ،البلدان النامية ،بلدان
الشمال وبلدان الجنوب ،المركز واألطراف...الخ)،
-الكشف عن آليات إعادة إنتاج التخلف في البلدان النامية،
-بحث الدور الذي يلعبه كل من الدين والقومية والتقاليد الموروثة في عملية التغير االجتماعي في الوطن العربي،
-دراسة التداخل بين االنقسامين العمودي واألفقي ،وآثارها السلبية واإليجابية على عملية التطور والتنمية والتبعية في
الوطن عامة والمنطقة التي يعيش فيها الباحث خاصة،
-دراسة الخواص االقتصادية واالجتماعية والسياسية والثقافية واأليديولوجية لمرحلة االنتقال من مجتمع ما قبل رأسمالي
إلى مجتمع رأسمالي أو اشتراكي أو مختلط،
-بحث دور القوات المسلحة في الحياة السياسية في المجتمعات النامية،
-بحث دور المثقفين في عملية الحراك االجتماعي في البلدان النامية ،وكذلك دور الزعامات الكارزمية،
-بحث اآلثار االجتماعية واالقتصادية للتصنيع والتقنية المستوردة،
-بحث ظاهرة البطريركية (سيطرة الرجل) والدور االقتصادي واالجتماعي للمرأة،
-بحث ظاهرة تورم المدن والسيما العواصم ،والهجرة من الريف إلى المدن،
-بحث دور وسائل اإلعالم واإلعالن ،وخاصة الكومبيوتر والفضائيات في التنشئة االجتماعية ،وتشكيل الوعي الفردي
والجماعي،
-بحث المظاهر المختلفة للتبعية الثقافية والسيما في مراحل ومناهج التعليم المختلفة،
-ظاهرة االنفجار الديمغرافي ،سلبياتها وإيجابياتها،
-العائد االقتصادي للتنمية االجتماعية ،والعائد االجتماعي للتنمية االقتصادية .....-الخ.
7
إذا كانت إشكاالتـ وصعوبات البحث العلمي في مجال العلوم االجتماعية ،تواجه كل الباحثين في كل البلدان ،إال أنها في
البلدان النامية تكتسي طابعا حادا ،يجد تبريره وتفسيره في:
-العراقيل الثقافية المتعلقة بجهل المبحوثين عامة والريفيين واألميين منهم خاصة بمعاني المفاهيم والمقوالت
والمصطلحات السوسيولوجية ،المتعلقة بالبحث،
-معالجة الباحثين للظواهر االجتماعية في البلدان النامية بنفس الطرق واألدوات والمناهج المستخدمةـ في البلدان المتطورة
والتي غالبا ما يكونون قد تلقوا تعليمهم وتأهيلهم فيها،
-وجود هوّ ة ثقافية بين الباحث (الذي غالبا ما يكون من فئة األفندية) والمبحوث والسيما في المناطق الريفية،
-بعض األعراف والتقاليد المحافظة التي تواجه كال من الباحث والمبحوث ،والتي تحول دون حرية الباحث في اختيار
موضوعى البحث ،وفي مقابلة المبحوثين ،وفي توجيه األسئلة ،وفي إعالن نتائج البحث وذلك في ظل بعض
-المحرمات المتمثلة خاصة بمثلث :الدين والجنس والفئة الحاكمة (السلطة).
إن طرحنا لهذه الصعوبات واإلشكاالت المتعلقة بعملية البحث العلمي في البلدان النا مية ،ومنها وطننا العربي ،يجب أال
يعني أننا نشكك بقيمة أو فائدة هذا البحث ،وإنما أردنا فقط أن نشير إلى مدى التحدي الذي يواجه الباحثين السوسيولوجيين
في البلدان النامية ،والذي ينبغي أن يخلق لديهم استجابة خالقة تتناسب ومقدار هذا التحدي.
ويخيل للكاتب أن انطالق الباحث من المبادئ المنهجية التالية ،كفيل بأن يذلل أمامه كل ما يمكن أن يعترضه من
صعوبات وإشكاالت:
-االنطالق من هموم الناس ومشاكلهمـ الحقيقية،
-االلتزام بالشرف المهني المتمثل بالموضوعية والحياد والنزاهة،
-وااللتزام الصارم بقواعد المنهج العلمي في كافة مراحل وخطوات البحث.
إن محاولة لوضع أي قائمة تامة وصادقة لكل الفروع التي يمكن إدراجها تحت اسم العلوم اإلنسانية ،ربما ستكون عملية
متهورة .فضال عن ذلك ال يوجد تعريف واضح ومقبول عالميا للفروع التي يحتوي عليها قطاع العلوم االجتماعية .
ويمكننا في نفس الوقت االحتراس من أن كل المواضيع الدراسة الخاصة بالكائن البشري ،والتي يتم تناولها بكيفية
علمية ،هي بالضرورة فروعها للعلوم اإلنسانية ،وهكذا يمكن اإلقرار أنها تضم :األنثروبولوجيا ،علم اإلجرام ،
الديموغرافيا ،االقتصاد ،األنثولوجيا ،الجغرافيا ،التاريخ ،التاريخ ،الحضارات القديمة ،علم النفس ،علم النفس
االجتماعي ،اإلبداع الفني العالقات الصناعية ،علم السياسةـ ،العلوم اإلدارية ،علوم اللغة ،العلوم القانونية وعلم
االجتماع .
إن العلوم االجتماعية واإلنسانية على اختالف أنواعها وتعدد فروعها مثلها مثل العلوم الطبيعية ،فليست الطريقة العلمية
أو المنهج العلمي في البحث وقفا على العلوم الطبيعية والتطبيقية كما يظن البعض ،وإنما يمكن تطبيقها في العلوم
االجتماعية واإلنسانية المختلفة ،ولكن االختالف في دقة النتائج يعود إلى طبيعة المشكالتـ التي تواجه البحث في العلوم
االجتماعية واإلنسانية والتي منها :
أوال :تعقد المشكالتـ االجتماعية اإلنسانية ألنها تتأثر بالسلوك اإلنساني المعقد .
ثانيا :صعوبة الظبط التجريبي وعزل المتغيرات المتداخلة للظاهرة االجتماعية واإلنسانية.
ثالثا :تأثر الوضع التجريبي بالمراقبة والمالحظة التي يقوم بها البحث مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى تغيير في السلوك
لدى األفراد والمجتمعات موضوع الدراسة والبحث ،وصعوبة المالحظة أحيانا .
رابعا :تغير الظواهر االجتماعية واإلنسانية بشكل سريع نسبيا ،فالثبات نسبي ،وهذا يقلل من فرصة تكرار التجربة في
ظروف مماثلة تماما .
خامسا :الطبيعة المجردة لبعض المفاهيم االجتماعية واإلنسانية وعدم اإلتفاق على تعريفات محددة لها ،وخضوع بعض
المشكالتـ االجتماعية واإلنسانية لمعايير أخالقية .
سادسا :صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر االجتماعية واإلنسانية لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا .
الخاتمة
إن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ،ذلك ألن المواضيع التي يتناولها
البحث العلمي بالدراسة ماهي إال محاولة جادة إليجاد حلول للمشكالتـ الكثيرة والمتعددة التي تواجهنا في الحياة اليومية ،
والتي تشكل عقبة في سبيل تحقيق التقدم والنجاح ،على مستوى كل األصعدة ،من ذلك تتأتى لنا األهمية البالغة والبارزة
للبحث والتنقيب ،ليس أي بحث ولكن ذلك الذي أعد وفق قواعد وأسس تؤكد صحة وسالمة النتائج والحلول التي خلص
إليها .
وما ينبغي اإلشارة إليه ،هو أن المنهجية ليست مجرد قواعد وخطوات علمية ،أو مجرد مجموعة من التقنيات واألساليب
التي يجب أن يتبعها الباحث خالل إنجاز بحثه ،وإنما هي في جوهرها طريقة للتفكير السليم والمنطقي ،فأحرى بالطالب
والباحثين في ميدان العلمي الممنهج ،ونقصد بهذا تنظيم سير العقل بما يوافق القواعد العلمية ،ليكون لهم سندا وأساسا
ينطلقون منه في إنجاز أي بحث أو القيام بأي دراسة علمية .
فالبحث العلمي ال يحقق الفائدة المرجوة منه إال إذا التزمنا في إنجازه بالمنهجية السليمة ،هذه األخيرة التي حاولنا عرض
أهم أسسها في هذا البحث المتواضع
وأخيرا نرجو كل الرجاء في أن نكون قد وفقنا ولو إلى حد مافي هذا المسعى ،وأن يكون عملنا هذا إضافة متواضعة في
حقل العلم والمعرفة .
المراجع :
- 1عبد الرحمن عبد هللا أحمد المقبول :البحث التربوي أهميته ,وممارسته ،ومعوقاته ،لدى المشرف من وجهة نظر
المشرفين التربويين .
- 2بول هوفمان ،عالم بال فاقة ،الدار القومية ،القاهرة ،سلسلة اخترنا لك ،عدد ،177ص .9
- 3ابن رشد ،فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من االتصال ،القاهرة ،1972ص .23
- 4محمد الزعبي ،علم االجتماع العام والبلدان النامية ،بيروت 1991ط،2ص .125 - 119
- 5بيتلوف بليخانوف ،في تطور النظرة الواحدية إلى التاريخ ،موسكو ،1981ص .108
- 6برتراند رسل ،أثر العلم في المجتمع ،سلسلة حياة المجتمعات رقم ،3ص 20خـــطة البحث