You are on page 1of 10

‫مقدمة‪.

‬‬
‫املبحث األول‪ :‬م ـ ــاهية البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬خصائص البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أنواع البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬أمهيته‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬ماهية مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املنهج العلمي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تطور الفكر وظهور املنهج العلمي‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تنوع البحث العلمي‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬عالقته بالعلوم االجتماعية بصفة عامة والعلوم القانونية خاصة‪.‬‬
‫خـ ــات ــمة‪.‬‬
‫مـقـدم ــة‪:‬‬
‫تعترب عملية دراسة مناهج البحث العلمي الصحيحة أمر ضروري على كل باحث أو طالب حيث يتزود كل منهما ويتسلح‬
‫منذ البداية بطرق ومناهج البحث العلمية الصحيحة األمر الذي يقوى ويعمق لديهم القدرة على االكتشاف والتفسري والفهم‬
‫والتنظيم واستعمال املعلومات واملعارف بطرق سليمة لذا جيب على الباحث أو العامل العلمي املتخصص أن يلتزم هبا ويسري‬
‫على هديها خالل القيام ببحوثه العلمية يف ميدان ختصصه كما تربز أمهية املنهج يف األحباث العلمية بل وليس هناك حبث دون‬
‫منهج دقيق يتناول دراسة املشكلة وحيدد أبعادها وجوانبها ومسبباهتا وتأثرها مبا حييط هبا من ظواهر وذلك وفقا للقواعد‬
‫واألحكام اليت تتم هبا دراسة املشكلة أو الظاهرة على ضوئها ويتم التحكم يف حركتها أو توجيهها توجيها سليما يتماشى‬
‫ودراسة املشكلة سواء بتعديلها أو إضافة شيء جديد هلا أو بإضافة دراسة حتليلية بغرض القضية حمل البحث والدراسة‪.‬‬
‫ومن هنا نطرح التساؤل اآليت‪ :‬ماهو البحث العلمي؟ وما مفهوم مناهج البحث العلمي؟‬
‫وتعترب مقومات وأجزاء موضوع مناهج البحث العلمي قضية علمية ومنهجية أولية وأصيلة ألية دراسة أو حبث‪ ،‬ومن املقومات‬
‫والعناصر األساسية ملناهج البحث العلمي وخصائصه وأنواعه وكذا أمهيته وهذا ما سنتناوله يف حبثنا هذا مث نتطرق إىل مفهوم‬
‫مناهج البحث العلمي وتطوره مع الفكر اإلنساين وتنوعه وعالقته بالعلوم االجتماعية والقانونية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬البحث العلمي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية البحث العلمي‪.‬‬
‫لتحديد مفهوم البحث العلمي جيب التطرق إىل حتديد مفهوم العلم أوال مث حتديد مفهوم البحث العلمي‪.‬‬
‫‪-‬العلم لغة‪ :‬معناه إدراك الشيء حبقيقته أي كما هو دون زيادة أو نقصان‪.‬‬
‫‪-‬اصطالحا‪ :‬هو مجلة احلقائق أو الوقائع والنظريات اليت تزخر هبا املؤلفات العلمية أو هو املعرفة املنسقة اليت تنشأ‬
‫عن املالحظة والدراسة والتجربة الكتشاف احلقيقة بصورة قاطعة ويقينية‪.‬‬
‫وهناك بعض املفاهيم واملصطلحات اليت تقرتب من مفهوم واصطالح العلم وتكاد ختتلط به مثل املعرفة‪.‬‬
‫والثقافة والفن ويستحسن االطالع عليها وحماولة معرفة التمييز والتفريق بينها وبني مفهوم العلم حىت يتم تعريف وحتديد مفهوم‬
‫العلم حتديدا جامعا مانعا واضحا‪ ..‬وللعلم أهداف ووظائف ميكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬االكتشاف والتفسري مثل اكتشاف القوانني العلمية للظواهر الطبيعية عن طريق املالحظة وإجراء التجارب لتفسري هذه‬
‫الظواهر والواقع‪.‬‬
‫‪ -‬التنبؤ أي التوقع العلمي لتطور وسري األحداث والظواهر الطبيعية كالطقس‪.‬‬
‫‪ -‬التحكم والضبط عن طريق السيطرة على النتائج وتوجيهها إىل الواجهة املرغوب فيها كالتحكم يف مسار األهنار ومياه‬
‫البحار والتحكم يف األمراض وضبط السلوك اإلنساين وتوجيهه إىل اخلري واألفضل‪.‬‬
‫مفهوم البحث العلمي‪:‬وردت له عدة تعريفات منها‪:‬‬
‫‪ -‬هو وسيلة لإلستعمال واإلستقصاء املنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو عالقات‬
‫جديدة‪..‬على أن يُتبع يف هذا الفحص واإلستعالم الدقيق خطوات املنهج العلمي‪ .‬واختيار الطريقة واألدوات الالزمة للبحث‬
‫ومجع البيانات ‪.‬‬
‫‪ -‬البحث هو استقصاء دقيق يهدف إىل اكتشاف حقائق وقواعد ميكن التحقق منها مستقبال‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬خصائص البحث العلمي‪:‬ـ‬

‫للبحث العلمي خصائص عدة تستخلص من التعريفات السابقة أمهها‪:‬‬


‫‪ -‬البحث العلمي حبث منظم ومضبوط بعيد عن الصدفة بل هو نشاط عقلي دقيق وخمطط وموثوق النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬حبث نظري ألنه يستخدم النظر إلدراك النسب والعالقات بني األشياء وخيضع للتجريب واالختبار‪.‬‬
‫‪ -‬حبث جترييب يقوم على أساس إجراءات والتجارب على الفرضيات ألنه بدون هذا ال يعد حبثا علميا فالبحث العلمي يؤمن‬
‫ويغرتف بالتجارب‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث تفسريي ألنه يستخدم املعرفة العلمية لتفسري الظواهر واألمور واألشياء عن طريق مفاهيم مرتابطة تسمى‬
‫النظريات‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي حبث حركي وجتديدي ينطوي دائما على جتديد وإضافات يف املعرفة عن طريق استبدال متواصل ومستمر‬
‫للمعرفة القدمية مبعارف أحدث وأدق‪.‬‬
‫‪ -‬البحث العلمي ميتاز بالعمومية ألن املعلومات واملعارف ال تكتسب صفتها العلمية إال إذا كانت حبوثا معممة ويف متناول أي‬
‫شخص مثل االكتشافات الطبية ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع البحث العلمي‪.‬ـ‬
‫تنقسم وتتنوع البحوث والدراسات العلمية إىل عدة أنواع على أساس كيفية معاجلتها للحقائق والظواهر وعلى أساس النتائج‬
‫العلمية اليت تتوصل إليها البحوث والدراسات العلمية وكذلك على أساس مدى وقدر املعلومات احملصلة واملتوفرة حول‬
‫املوضوع حمل البحث والدراسة العلمية ونذكر منها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬البحث العلمي التنقييب االكتشايف‪ :‬يرتكز على مجيع املعلومات واحلقائق اليت تساعد اإلنسان على معرفة جوهر القضية‬
‫والباحث فيه ليس ملزما فيه بالوصول إىل نتائج ميكن تعميمها وإمنا هو مطالب بالتأكيد عن دقة املعلومات وصحتها وترتيبها‬
‫وتصنيفها‪ ،‬مثل‪ :‬البحث التنقييب الذي يقوم به الطالب الكتشاف جمموعة مراجع واملصادر املتعلقة مبوضوع أو فكرة معينة‬
‫والبحث الذي يقوم به املؤرخ للبحث عن سرية إنسانية لشخصية تارخيية‪ ،‬مثل‪ :‬العالمة‪ ،‬بن رشد‪ ،‬وهذا النوع من البحوث‬
‫يستعمل بصفة خاصة يف معاجلة املشاكل اإلجتماعية والسياسية واإلقتصادية‪ .‬ألن هذه املشاكل مثل األمراض اليت يعاجلها‬
‫الطبيب فال ميكن وصف أي دواء ناجح يشفي املريض إال إذا قام الطبيب بفحص املريض ومعاينته والتأكد من أن حقيقة‬
‫املرض معروفة لديه‪ ،‬والشرطي مثال يبحث عن كل ماله عالقة بالقضية حىت تتجمع لديه مجيع األدلة والشواهد اليت تثبت له‬
‫ماذا جرى فعال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬البحث التفسريي النقدي‪:‬‬
‫وهذا النوع مكمل للنوع األول فإذا كانت احلقائق هي اهلدف األساسي للباحث يف النمط األول‪ ،‬فإن اهلدف األساسي‬
‫للباحث يف النمط الثاين هو الوصول إىل نتيجة معينة عن طريق استعمال املنطق واألفكار املتجمعة لدى الباحث وبصريح‬
‫العبارة فإن الباحث يهتم برتتيب املعلومات وحتليلها‪ ،‬وتوضيح نقاط القوة والضعف اليت تتوافر يف أية قضية يدرسها الباحث أو‬
‫يقوم ببحثها‪ ،‬كما أن الباحث يسعى إلبراز الطريقة املثلى‪ ،‬ملعاجلة املشكلة حلل معني على آخر‪ ،‬ويتعلق هذا النوع من البحوث‬
‫عادة بتفسري احلقائق ال الظواهر‪ ،‬للوصول إىل نتائج مثل‪ :‬البحث عن النظرية السلبية والراحبة لتفسري القاعدة القانونية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬البحث الكامل‪:‬‬
‫وهذا النوع الثالث من هذه األحباث الذي جيمع بني النوعني السابقني باإلضافة إىل كونه يعتمد على احلقائق والطرق اليت‬
‫تساهم يف حل املشكل املطروح مث اختبار النتائج ويشرتط فيه‪:‬‬
‫‪ -‬وجود مشكلة تتطلب حل‪.‬‬
‫‪ -‬وجود الدليل الذي يتضمن آراء اخلرباء يف املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬التحليل العلمي الدقيق للدليل لتقدير مدى مالءمته للحل وترتيبه من أجل الوصول إىل حقائق وحجج ثابتة وقاطعة‪.‬‬
‫‪ -‬احلل القاطع واحملدد واملشكلة‪.‬‬
‫‪- 4‬البحث العلمي االستطالعي‪ :‬البحث االستطالعي أو الدراسة العلمية الكشفية الصياغية االستطالعية‪ ،‬وهو يهدف إىل‬
‫التعرف على املشكلة فقط‪ ،‬وتقوم احلاجة إىل هذا النوع من البحوث عندما تكون املشكلة أو موضوع البحث جديد مل يسبق‬
‫اكتشافه من قبل أو عندما تكون املعلومات أو املعارف املتحصل عليها حول املشكلة أو املوضوع قليلة وضعيفة‪.‬‬
‫‪-5‬البحث الوصفي والتشخيص‪:‬‬
‫هو حبث يهدف إىل حتديد مساحة وصفات وخصائص ومقومات ظاهرة معينة حتديدا كميا وكيفيا‪.‬‬
‫‪-6‬البحث التجرييب‪ :‬يتحدد مفهوم هذا النوع من البحوث العلمية وهو البحث التجرييب عن طريق التعرف على املنهج‬
‫التجرييب وهو حبث يقوم أساسا على املالحظة والتجارب الدقيقة إلثبات صحة فروض وذلك باستخدام قوانني عامة لتفسري‬
‫وضبط وحل املشكالت والظواهر علميا‪.‬‬
‫هذه هي أهم أنوا ع البحوث بصفة نسبية ومرنة وميكن القول أن جل أنواع البحوث العلمية تتكامل وتتساند للوصول إىل‬
‫أحباث علمية كاملة وشاملة وقوية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬أهميته‪.‬‬
‫إن احلاجة إىل الدراسات والبحوث والتعلم هلي اليوم أشد منها يف أي وقت مضي فالعلم والعامل يف سباق حمموم للوصول إىل‬
‫أكرب قدر ممكن من املعرفة الدقيقة املستمدة من العلوم اليت تكفل الراحة والرفاهية لإلنسان وتضمن له التفوق على غريه‪ ،‬وإذ‬
‫كانت الدول املتقدمة تويل أمهية كبرية للبحث العلمي هذا ألهنا تعترب البحوث دعامة أساسية القتصادها وتطورها وحضارهتا‬
‫الذاتية وبالتايل حتقيق رفاهية شعوهبا واحملافظة على مكانتها الدولية وأمنها القومي‪.‬‬
‫ويعترب البحث العلمي مبناهجه وإجراءاته من أمور الضرورية ألي حقل من حقول املعرفة فقد أصبح اإلملام هبذه املناهج املختلفة‬
‫والقواعد الواجب اتباعها بدءا من حتديد مشكلة البحث ووضعها بشكل إجرائي ومرورا باختبار منهج وأسلوب جلمع‬
‫املعلومات وانتهاءا بتحليل املعلومات واستخالص النتائج من األمور األساسية يف العلوم الطبيعية واالجتماعية واالنسانية‪.‬‬
‫لذلك أصبحت منهجية البحث العلمي من األمور املسلم هبا يف املؤسسات األكادميية ومراكز البحوث وذلك ملاهلا من فضل يف‬
‫تطوير وتقدم مجيع ميادين العلوم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬من ــاهج البحث العلمي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهومـ مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫ابتداء من عصر النهضة األوربية أصبح للمنهج معىن مفاده أنه طائفة من القواعد العامة املصوغة من أجل الوصول إىل احلقيقة‬
‫يف العلم وهو وسيلة لتحقيق هدف وطريقة حمددة لتنظيم النشاط ومن التعاريف اليت قبلت فيه‪.‬‬
‫املناهج‪ :‬مجع منهج واملنهج لغة يعين طريقة أو نظام كما يعين كيفية او فعل أو تعليم شيء معني وفقا لبعض املباديء بصورة‬
‫مرتبة ومنسقة ومنظمة ومبعناها االصطالحي يقصد به الطريق األقصر واألسلم للوصول إىل اهلدف املنشود‪.‬‬
‫ويعين أيضا أنه الطريق املؤدي للكشف على احلقيقة يف العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة هتيمن على سري العقل وحتدد‬
‫عملياته حىت يصل إىل نتيجة معلومة ‪.‬‬
‫هو الطريقة أو الكيفية العقالنية املتبعة لتقصي احلقائق وإدراك املعارف أو هو الصيغة أو األسلوب املتبع يف ترتيب األفكار‬
‫وعقلنة الفرضيات وإخضاعها لإلمتحان والتحليل مبا يضمن التوصل إىل نتائج معرفية جديدة او هو فن التنظيم الصحيح‬
‫لألفكار من أجل الكشف على احلقيقة حينما نكون هبا جاهلني أو الربهنة عليها حني نكون هبا عاملني كما عرفه «توماس‬
‫كون» أنه الطريقة العقالنية املنضبطة لتلقي املعارف وشرح مراحل الدورة العلمية وحصرها يف حمطات أربع‪.‬‬
‫‪ -1‬حمطة االفرتاض‪ :‬اليت تشكل انطالق البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬حمطة املالحظة والتأمل‪ :‬اليت تدخل فيها افرتضات الساحة العلمية‪.‬‬
‫‪ -3‬حمطة الدراسة والتمحيص‪ :‬وهي صلب البحث العلمي‪.‬‬
‫وتقوي نتائجها ويستقر فيها املنظور العلمي اجلديد‪.‬‬
‫‪ -4‬حمطة التحقيق‪ :‬وهي اليت ختتم هبا الدورة العلمية ِّ‬

‫المطلب الثاني‪:‬مراحلـ التطور الفكري ومناهج البحث العلمي‪.‬‬


‫أغلب الدارسني واحملللني االجتماعيني مييلون إىل تقسيم مراحل تطور الفكر اإلنساين إىل ثالث مراحل كربى‪:‬‬
‫‪ - 1‬مرحلة التفكري البدائي‪ :‬تعترب هذه املرحلة أول عهد يدخل فيه اإلنسان بتجمعات بشرية وميارس فيه احلياة االجتماعية‬
‫بدافع الفطرة والغريزة للدفاع عن النفس والتصدي لتحديات الطبيعة‪.‬‬
‫وللكتاب والدارسني تطورات خمتلفة حول هذه املرحلة فمنهم من يصورها أمجل املراحل اإلنسانية اليت متتاز باملساواة والبساطة‬
‫واهلدوء والتعاون مع اآلخرين وعلى عكس هذا يصورها البعض على أهنا أبشع مراحل اإلنسانية أفراد متوحشون ال جيتمعون‬
‫إالَّ لالقتتال والفتك ببعضهم القوي يهلك الضعيف وبني هاتني الصورتني تغلب اإلنسان البدائي وواجه الطبيعة بفكره الغرائزي‬
‫الذي ال يعرف للعيش سريا فلجأ إىل السحر والكهنة تارة وإىل عبادة األوثان تارة أخرى‪.‬‬
‫‪- 2‬مرحلة التفكري الديين‪ :‬عندما عجزت غرائز اإلنسان على قيادته يف سبيل الرشاد تطلع إىل السماء فتلقى بشائر الرمحة‬
‫ونزلت عليه الرسل بالديانات فبينت له سبل النجاح وفتحت أمامه آفاق التطور والرقي فأدرك قوانني الطبيعة واكتشف عللها‬
‫وأسباهبا وفرق بني الفضيلة والرذيلة وغاص يف حبور العلم فأيقن احلساب واملنطق والطب واحلكمة وبرع يف فنون الشعر‬
‫فسوى والذي‬
‫واألدب واخلطابة فأقام املراكز العمرانية الضخمة وشيد املباين واملدن والقصور باسم القادر املقتدر«الذي خلق َّ‬
‫قدَّر فهدى»‪.‬‬
‫ويعترب ابن خلدون مؤسس املنهج العلمي حبيث اقرتن امسه باملنهج العلمي للبحث يف العلوم االنسانية لعدة قرون قبل بروز‬
‫علماء الغرب مثل إميل دوركامي‪ ،‬أوغست كونت‪ ،‬فهو يعد حبق أبو املنهجية العلمية يف حقول العلوم اإلنسانية وواضع أركاهنا‬
‫وقواعدها فالتاريخ الذي كان قبله أدبا وأساطريا‪ ،‬أصبح مع ابن خلدون علم مشيع ينري ربوع الفكر اإلنساين ويرتقي إىل مرتبة‬
‫سيد العلوم زيادة على أنه هو مؤسس علم العمران البشري أو ما يعرف اليوم بعلم اإلجتماع…‬
‫‪- 3‬املرحلة الوضعية‪ :‬هي املرحلة العلمية املعاصرة اليت كرست الثورة العلمية هلا يف أوربا وهي تستند إىل املنهج التجرييب الذي‬
‫أرسى قواعده العامل الربيطاين "فرنسني بيكون" يف كتابه القانون اجلديد وتوىل الفيلسوف الفرنسي "أوغست كونت"‪ ،‬صياغة‬
‫هذه النظرية وهي تتجه إىل إقرار قواعد التجربة العلمية وتستبعد من جمال دراستها العلل واألسباب اليت تكمن وراء الظواهر‬
‫وندرس األشياء املادية املوجودة وتستفيد منها القواعد والقوانني وقد جاءت هذه النظرية كرد فعل مباشرة الستبداد الكنيسة‬
‫فحررت العقل من مجيع القيود الدينية‪ ،‬وإقصاء العامل الديين هنائيا من جمال الفكر والعلم ولقد طغت هذه النظرية على مجيع‬
‫أوجه احلياة االجتماعية وتفرعت منها اجتاهات تنظر حقول املعرفة يف نطاق العلوم اإلنسانية ومنها النظرية الوضعية القانونية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تنوع مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫ملناهج البحث العلمي أنواع كثرية ومتنوعة ليس متفق على حصر عددها حيث تطول وتضيق قائمة تصنيف مناهج البحث‬
‫العلمي من عامل إىل آخر فالبعض يركز على أنواع املناهج الرئيسية واألصلية والبعض اآلخر يوسع يف عدد املناهج لذا جيب‬
‫علينا التعرض لكافة التقسيمات والتصنيفات املختلفة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التقسيمات والتصنيفات التقليدية ملناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫‪- 1‬املنهج التحليلي واملنهج الرتكييب واملنهج التحليلي االكتشايف أو منهج االخرتاع يستهدف إىل الكشف عن احلقيقة أما املنهج‬
‫الرتكييب أو التأليفي الذي يقوم برتكيب وتأليف احلقائق اليت مت اكتشافها أو اخرتاع بواسطة املنهج التحليلي وذلك هبدف‬
‫تعليمها ونشرها لآلخرين‪:‬‬
‫‪-2‬املنهج التلقائي واملنهج العقلي التأملي‪:‬‬
‫واملنهج التلقائي هو ذلك الذي يسري فيه العقل سريا طبيعيا حنو املعرفة أو احلقيقة دون حتديد سابق ألساليب وأصول وقواعد‬
‫منظمة ومقصودة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التقسيمات احلديثة ملناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫‪-1‬تقسيم هويين‪:‬‬
‫إن أنواع مناهج البحث العلمي عند هويين هي‪:‬‬
‫أ‪-‬املنهج الوصفي‪.‬‬
‫ب‪-‬املنهج التارخيي‪.‬‬
‫ج‪ -‬املنهج التجرييب‬
‫د‪ -‬املنهج الفلسفي‪.‬‬
‫هـ‪ -‬املنهج التنبؤي‪.‬‬
‫و‪ -‬املنهج االجتماعي‪.‬‬
‫ي‪ -‬املنهج اإلبداعي‪.‬‬
‫‪ -2‬تقسيم ماركيز وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬املنهج األنرتوبولوجي‪.‬‬
‫ب‪ -‬املنهج الفلسفي‪.‬‬
‫ج‪ -‬منهج دراسة حالة‪.‬‬
‫د‪ -‬املنهج التارخيي‪.‬‬
‫هـ‪ --‬منهج املسح‪.‬‬
‫و‪ -‬املنهج التجرييب‪.‬‬
‫‪-3‬تقسيم جرد وسكيتش‪:‬‬
‫وتصنف أنواع املناهج عند كل من جود وسكتس إىل األنواع التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬منهج التارخيي‪.‬‬
‫ب‪ -‬املنهج الوصفي‪.‬‬
‫ج‪-‬منهج املسح الوصفي‪.‬‬
‫د‪ -‬املنهج التجرييب‪.‬‬
‫هـ‪-‬منهج دراسة احلالة والدراسات اإلكلينية‪.‬‬
‫و‪-‬منهج دراسات النمو والتطور والوراثة‪.‬‬
‫ومن هنا نصل إىل مناهج البحث العلمي الكربى واألصلية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬املنهج االستداليل‪.‬‬
‫‪ -2‬املنهج التجرييب‪.‬‬
‫‪ -3‬املنهج اجلديل (الديالكتيكي)‪.‬‬
‫‪ -4‬املنهج التارخيي‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬عالقة علم المناهج بالعلوم اإلدارية (االجتماعية والقانونية)‪.‬‬


‫تعترب العلوم االجتماعية (علم االجتماع –علم السياسة‪-‬علم النفس‪-‬علم االقتصاد‪-‬علم التنظيم) تعترب هذه العلوم السابقة‬
‫ميدان أصيال وأساس يف ميدان مناهج البحث العلمي مثل بقية العلوم األخرى الطبيعية والرياضية والطبية ولكن ختتلف طرق‬
‫وأساليب استخدام طرق املناهج العلمية يف العلوم االجتماعية وبدأ تطبيق املناهج العلمية يف البحث عليها حيث عارض بعض‬
‫العلماء والفالسفة استخدام املناهج العلمية يف هذه العلوم وحصرها يف العلوم التجريبية وأهم الفوراق اليت من اجلها استبعد‬
‫العلوم االجتماعية عن طريق املناهج العلمية هي‪:‬‬
‫• عدم وضوح ودقة املصطلحات املستعملة يف العلوم االجتماعية فهي مطاطية مرنة يف حني جند السمة املستعملة يف العلوم‬
‫الطبيعية أن مصطلحاهتا ثابتة وجامدة األمر الذي يكسبها الدقة والوضوح‪.‬‬
‫• تعقد الظواهر االجتماعية وتشابكها ألن الظاهرة ترتبط بكثري من العوامل اجلانبية وكله متشاهبة ومتداخلة ويصعب فك‬
‫أجزاءها وبالتايل ال نصل إىل نتائج مضبوطة‪.‬‬
‫• صعوبة إجراء التجارب على الظواهر االجتماعية وصعوبة الوصول إىل قوانني اجتماعية ثابتة نظرا لشدة تغري الظواهر‬
‫االجتماعية املستمرة‪.‬‬
‫• صعوبة حذف العامل النفسي الذايت يف الدراسات االجتماعية لكون اإلنسان هو عنصر من عناصر الظاهرة املدروسة فهو‬
‫اخلصم واحلكم يف نفس القضية مما جيعل البحوث ال تتسم باحلياد واملوضوعية‪.‬‬
‫• بينما جيري أنصار استخدام املناهج العلمية يف حبث علوم االجتماعية غري ذلك وعلى رأسهم الفرنسي إميل دوركامي حيث‬
‫أكدوا أن للظاهرة االجتماعية وجود حقيقي وميكن دراستها على أهنا شيء من أشياء وأنه ميكن استبعاد العامل النفسي والذايت‬
‫يف هذه الدراسات‪ ،‬فالظاهرة ال تقهر الفرد بل ميكنه االستقالل يف قراراته غري أن ذلك ال يزال يثري جدال لوجود عوامل ثالثة‬
‫مؤثرة يف الباحث وهي (عامل اجملتمع‪ ،‬عامل مركز البحث العلمي‪ ،‬الذي ينتمي إليه الباحث‪ ،‬عامل يتعلق بالباحث نفسه‬
‫والوسط الثقايف‪ ،‬والديين‪.‬‬
‫إن االستفادة من معطيات العلوم االجتماعية يف دراسة القانون من أجل اكتشاف الظواهر وتفسريها والتنبؤ هبا ومن مثة فإن‬
‫علم القانون خيضع إىل مناهج البحث العلمي اليت تطبق على باقي العلوم االجتماعية مع نوع من التخصص والتكيف واملالءمة‬
‫وما يتناسب وخصوصيات العلوم القانونية كما أن مناهج البحث العلمي ختتلف قائمتها من علم آلخر يف عددها وأنواعها‬
‫وعلى العموم ميكن حصر مناهج البحث العلمي يف العلوم القانونية يف ‪:‬‬
‫‪ -‬املنهج االستداليل‪.‬‬
‫‪ -‬املنهج التجرييب‪.‬‬
‫‪ -‬املنهج التارخيي‪.‬‬
‫‪ -‬املنهج اجلديل‪.‬‬
‫خـاتـمة‪:‬‬
‫من خالل ما سبق ذكره نستنتج أن البحث العلمي مبختلف أساليبه وطرقه يقوم على منهج منظم للتفكري العقلي ملعاجلة‬
‫الظواهر حمل البحث والدراسة بل أن التقدم العلمي الراهن يرجع الفضل فيه الستخدام منهج البحث العلمي كوسيلة للتفكري‪،‬‬
‫كما أن االكتشافات الباهرة منذ عصر النهضة إىل يومنا هذا إمنا هي مرتبطة بالتحوالت يف مناهج البحث‪ ،‬وإن ما زاد يف‬
‫االضطراب يف حياتنا اليومية هو غياب االعتناء مبناهج البحث إذ أصبحت جل الدراسات والبحوث جمرد معلومات يتم‬
‫تدوينها دون االعتماد على منهج واضح للتفكري والتحليل‪ ،‬ومن مث كانت النتيجة غياب اإلبداع العلمي واالبتعاد عن تأثرياته‬
‫اإلجيابية على جوانب احلياة اخلاصة مبجتمعنا‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫‪- 1‬مناهج البحث العلمي وتطبيقاهتا يف ميدان العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬الدكتور‪ :‬عمار عوابدي‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫الساحة املركزية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.1999‬‬
‫‪- 2‬مناهج البحث العلمي‪ ،‬الدكتور حممد حممود الذنيات‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الساحة املركزية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪.1999‬‬
‫‪-3‬ملخص حماضرات املنهجية وفلسفة القانون‪ ،‬الدكتور فاضلي إدريس‪ ،‬معهد احلقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.11/1997-13‬‬
‫‪- 4‬املنهجية القانونية‪ ،‬الدكتور‪ :‬عكاشة حممد عبد العال‪ ،‬الدار اجلامعية للطباعة والنشر‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬
‫‪ -5‬الوجيز يف املنهجية والبحث العلمي‪ ،‬الدكتور فاضلي إدريس أستاذ كلية احلقوق جامعة اجلزائر‪ ،‬طبعة ‪2003-2002‬‬

You might also like